Professional Documents
Culture Documents
قال تعالى
و َ
ل، ن ال ْ َ
ق ْ عو َ م ُست َ ِن يَ ْ ذي َعَباِد ،ال ّ ِ
شْر ِ ) َ
فب َ ّ
ه( َ َ
سن َ ُح َ نأ ْ عو َفي َت ّب ِ ُ
) الزمر (
كتاب
نهاية إسرائيل والوليات المتحدة
المريكية
من ومتى وكيف
دراسة تحليلية في القران والسنة
والتوراة والنجيل
2
البداية
قبععل عععدة سععنوات ،كنععت قععد قععرأت كتععاب ) أحجععار علععى رقعععة
الشطرنج ( للدميرال الكندي ) وليام كار ( ،حيث يؤكععد المؤلععف
في هذا الكتاب بالشععواهد والدلععة ،سععيطرة اليهععود علععى واقعنععا
المعاصر .بعد قراءتي لهععذا الكتععاب ،وبععالنظر لمععا يجععري علععى
أرض الواقععع ،تملكتنععي حالععة مععن اليععأس والقنععوط .فأحلمنععا
ططععهوأمانينا ،إذا ما سار الناس من حولنععا ،علععى هععدي مععا ُيخ ّ
وينفذه اليهود – وهم سائرون وما زالوا – أصبحت هباًء منثععورا
،وستسعير المعور إلعى السعوأ يومعا بععد يعوم ،حعتى يعرث الع
الرض ومن عليها .
لم أكن أعلم آنذاك ،أن بعد كل هذا الكفر والظلم والفسععاد ،الععذي
استفحل في الرض ،وأخذ ينتشر في أرض السععلم والعروبععة ،
انتشار النار في الهشيم ،بعد أن ُمحيت آثار العيب والحرام ،من
مفردات قاموس أهلها ،ستظهر في آخر الزمان ،خلفععة راشععدة
على منهاج النبوة ُ ،تعيد هذه المة للحيععاة مععن جديععد ،فأحععاديث
ي الساعة ،لععم تكععن معروفععة للعامععة قبععل
الفتن وما يكون بين يد ّ
سنوات قليلعة ،ولعم تلععق أي اهتمععام كععون السعاعة بعيعدة عنعا –
حسععبما نحععب أن تكععون – كععل البعععد .ومععؤخرا بععدأ كععثير مععن
الدارسين والباحثين ،يخوضون غمار ما جاء فيها من أحاديث ،
منّبهين لظهععور الكععثير معن أشعراطها الصععغرى ،ومحعّذرين معن
قرب أشراطها الكبرى .
معرفععتي بوجععود تلععك الخلفععة ،الععتي سععتقطع الطريععق ،علععى
أصحاب المععؤامرة اليهوديععة العالميععة ،وتلغععي أحلمهععم بسععيادة
العالم ،من القدس ،كانت لي بمثابة الضوء في آخر النفق ،تلك
3
المعرفععة الجديععدة أعععادت لععي المععل ،بعععدما تملكنععي الكععثير مععن
اليأس والقنوط ،من أحوال أمععتي العجيبععة .اعععترتني حالععة مععن
الفضععول ،أردت معرفععة المزيععد ،حيععث سععاعدني حععبي القععديم
ي ،مععن كتععب علععىللمطالعة ،فعّدت لمطالعة كل ما يقععع بيععن يععد ّ
مختلف مواضيعها ،من عقيدة وفقه وسيرة وتاريخ ،فضل عععن
القرآن العظيم وتفسيره ،فتبين لي أن العلععم والمعرفععة ،يهتكععان
الكثير من أستار الجهععل بععأمور الحيععاة الخععرى ،ويععزداد المععرء
بهما إيمانا ويقينا وصلة بربه ،وثباتا علععى دينععه ،فععازددت حبععا
للمعرفة والمتابعة .
شملت مطالعاتي في تلك الثناء ،بعض الكتب التي تناولت سيرة
المهدي ،وأكثر ما حعاز علعى اهتمعامي معن هعذه الحعاديث ،معا
يتعلععق بالمهععدي وظهععوره ،والمعععارك الععتي سيخوضععها .وبعععد
تحليلي لتلك الحاديث ،ومحاولة الربط فيما بينها ،تبين لي بععأن
دولة إسرائيل الحالية ،لن تكون موجودة عند ظهور أمره ،وأن
المهدي سيدخل القدس ،وبلد الشام ككل بل حرب ،فتبععادر إلععى
ذهني بعض التساؤلت ،التي كان ل بد لي مععن الجابععة عليهععا ،
بدافع الفضول فععي البدايععة ،وأهمهععا كيععف اختفععت إسععرائيل قبععل
ظهور المهدي ؟ ومن الذي كان سببا في اختفائها ؟
كنت سابقا أعتقد – كمععا كععان ومععا زال – يعتقعد عامعة المسعلمين
اليعععوم ،أن الطريعععق إلعععى تحريعععر القعععدس ،سعععتكون بالوحعععدة
العربية ،وهذا بل شك ضرب من الخيال .أو بالعودة إلى السلم
وقيام الخلفة السلمية ،وهذا أيضا أمر بعيععد المنععال ،والواقععع
ل ينبئ بذلك ،واليهعود الن يسعيطرون علعى مجريعات المعور ،
أكثر مما نسيطر على زوجاتنا وأولدنا ،فهم يراقبون وُيحاربون
،أي جسععم مسععلم أو عربععي ،تحععول مععن حالععة السععكون إلععى
4
الحركععععة ،وكععععل المحععععاولت السععععلمية والقوميععععة العربيععععة
النهضوية ُ ،وئدت واشُتريت وبيعت في سوق النخاسة ،فل أمععل
في المنظور القريب ،حسب ما نراه على أرض الواقع .
وأما إسرائيل فعلى ما يبدو ،أنها ستبقى جاثمة فععوق صععدورنا ،
تمتص دماءنا ،وتعّد علينا أنفاسنا ونبضات قلوبنا ،لتثبت للعالم
أننا ما زلنا أحياء ؟! والعالم يععأتي وينظععر ويه عّز رأسععه موافقععا ،
ويمضي مطمئنا ،نعم إنهم ما زالوا أحياء .وكأن العالم ،ينتظععر
منععا أن نمععوت أو نفنععى ،فيسععتيقظ يومععا مععا ،فل فلسععطين ول
فلسطينيون ،ليرتاح معن تلععك المهمععة الثقيلععة والمضععنية ،الععتي
ُرميت على كاهله – وكأنه بل خطيئة اقترفتها يداه – كععي يرتععاح
من مراقبة طويلة ،لعملية احتضار شعب ُأدخل إلى قسععم العنايععة
الحثيثة ،منذ أكثر من 50عاما ،وما زال حيا .
وبالنظر إلى الواقع – قبل ثلث سنوات – ولغايععة هععذه اللحظععة ،
فإنك تراه يقععول بععأن إسععرائيل سععتبقى .ولكععن الحععاديث النبويععة
الشريفة ،ترفض ما يقععوله الواقععع وتؤكععد زوالهععا ،قبععل ظهععور
المهععدي والخلفععة السععلمية ،ولكععن كيععف ؟ ومععن ؟ ومععتى ؟ ،
وللجابة على هذه السئلة كان ل بععد مععن البحععث .ومععن هنععاك ،
وقبل ثلث سنوات تقريبا ،كانت البداية .
ما يملكه عاّمة المسلمين فععي بلدنععا مععن معتقععدات ،فيمععا يتعّلععق
بتحرير فلسطين ،يتمحور حول ثلثة عبارات تقريبا ،هي :أول
؛ عبارة " شععرقي النهععر وهععم غربيعه " المشععهورة لععدينا ،بيععن
فلسععطينيي الشععتات ،وثانيععا ؛ عبععارة " عبععادا لنععا " ،وثالثععا ؛
عبععارة " وليععدخلوا المسععجد " .والتفسععيرات المعاصععرة لهععذه
العبارات في مجملها ،حصرت التحرير بقيام الخلفة السلمية ،
5
حتى أصبحت من المور العقائدية ،ويؤمن بصععحتها الكععثير مععن
الناس ،إن لم يكن الغلبية العظمى .
أما حديث ل تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ،ويا مسلم يعا عبعد
ال ،الذي غالبا ما نتدواله ،فهو يتحدث عن مسلمين حقيقيين ،
لن يتوفروا في ظل هذه الجواء على المدى القريععب ،أو يتحعّدث
عن خلفععة إسععلمية ،وممععا أعلمععه أن الخلفععة السععلمية ،لععن
تكععون إل بظهععور المهععدي ،وخلف ذلععك لععم أجععد فععي السععنة
النبوية ،من الحاديث مععا يشععير إلععى هععذه الفععترة ،فهععي مغيبععة
تقريبا ،إل من حديث هنا ،أو هناك .
في النصف الثاني مععن عععام 1998م ،ومععن خلل البحععث الولععي
في العديد من المصادر ،أمسكت ببعععض الخيععوط ،الععتي قععادتني
بدورها إلى اليات ،التي تحكععي قصععة العلععو والفسععاد اليهععودي
فععي سععورة السععراء ،فطفقععت أسععبر معععاني ألفاظهععا وعباراتهععا
وتركيباتهععا اللغويععة ،فتحصععّلت علععى فهععم جديععد ليععات هععذه
السورة ،يختلف تماما عن معظم ما تم طرحه سابقا ،ومن خلل
هذا الفهم اسععتطعت الجابععة علععى معظععم تسععاؤلتي ،وتسععاؤلت
أخرى كانت ترد في ذهني ،بين حين وآخر ،أثنععاء كتععابتي لهععذا
البحث .
عادة ما كنععت أطععرح مععا توصععلت إليععه ،شععفاها أمععام الخريععن ،
وغالبا ما كانت أفكاري ُ ،تجابه بالمعارضة أحيانا بعلم ،وأحيانععا
من غير علم ،وغالبا ما كان النقععاش يأخععذ وقتععا طععويل ،وكععان
هناك الكثير ممن يرغبون بالمعرفة ،كل حسب دوافعععه وأسععبابه
الخاصعععة ،وكعععانت الغلبيعععة تفاجعععأ بمعععا أطرحعععه معععن أفكعععار ،
فالقناعات الراسععخة لععدى الغلبيععة ،ممععا سععمعوه مععن النععاس أو
6
وجدوه في الكتععب ،والواقععع الععذي يرونععه بععأم أعينهععم ،يخععالف
بصريح العبارة ما أذهب إليه .
والمشكلة أن المر جّد خطير ،فالواقع الجديد والمفععاجئ ،الععذي
سيفرض نفسه بعد عدة شهور ،عندما يأتي أمر ال ،ول ينطععق
الحجر والشجر بشيء ! كما كانوا يعتقدون ،سععيوقع النععاس فععي
الحيععرة والرتبععاك .وتتلطععم الفكععار والتسععاؤلت فععي الذهععان
تلطععم المععوج فععي يععوم عاصععف ؛ مععا الععذي جععرى ؟ ومععا الععذي
يجري ؟ وما الذي سيجري ؟
صععلتلععذلك وجععدت نفسععي ملزمععا بععإطلع النععاس ،علععى مععا تح ّ
عليه ،وعلى نطاق أوسع من دائرة الزملء والقارب .وبععالرغم
مععن محدوديععة قععدراتي وتواضعععها ،إل أنععي حععاولت جاهععدا ،أن
أصهر كل ما توصلت إليه ،مما عّلمني ربي ،في بوتقة واحععدة .
تمّثلت في هذا الكتاب ،الععذي بيععن أيععديكم ،فععي أول محاولععة لععي
للكتابة ،كمسععاهمة متواضعععة ،فععي الععدعوة إلععى الع ،ونصععرة
لكتابه الكريم ،قبل أن يوضع علععى المحععك ،عنععدما يتحّقععق أحععد
أعظععم النبععاء المسععتقبلية ،بشععكل مخععالف ،لمععا اعتععادوا أن
يسععمعوه ويقععرءوه ،مععن آراء وتفسععيرات ،كععثرت فععي الونععة
ي بنعي الخيرة ،تتناول ما ُتخبر عنه سورة السراء ،من إفسعاد ّ
إسرائيل .
كما وحاولت جاهدا أن أقدم هذا الكتاب ،في أسرع وقت ممكععن ،
بعد أن تأخرت سنتين وأكثر ،شغلتني فيها مشععاكل الحيععاة الععدنيا
ومصائبها ،عن إخراج هذا الكتاب إلععى حّيععز الوجععود ،ومععن ثععم
لسعى ليصاله ،إلى أكبر عدد من أمة السلم ،لعله يجععد فيهععم
7
من يلق السمع وهو شهيد ،فإن أصععبت فمععن الع ،وإن أخطععأت
فمن نفسي ،ول حول ول قوة إل بال .
هذا الكتاب سيكون بإذن ال ،متععوافرا باسععتمرار ،ضععمن موقععع
خاص به ،على شبكة النترنت ،وإن تعّذر الدخول إليه ،لسععبب
أو لخععر ،فبالمكععان الوصععول إليععه ،عععن طريععق محععرك بحععث
جوجل ) ( www.google.comبكتابة عنععوان الكتععاب كععامل ،
أو أحد العبارات الموجودة علععى صععفحة الغلف ،حيععث تسععتطيع
من خلل هذا الموقع :
.1الحصول على أحدث نسخة من الكتاب .
.2إبداء أي ملحظة أو استفسار .
.3متابعة أطروحات جديدة ،قد تصدر للمؤلف مستقبل .
8
تعقيب
من خلل ردود الفعال الولية لبعض الخوة ،سواء مععن قععرأ أو
من لم يقرأ الكتاب ،وجدنا أن الكثير من النععاس ،تخلععط مععا بيععن
أمرين ؛ المر الول :هعو كشعف الغيعب العذي ل يعلمعه إل الع ،
وهو ما ل نععدعيه فععي كتابنععا هععذا ،ونعععوذ بععال معن أن نععدعيه ؛
والمر الثاني :هو قراءة وبيان وتفصيل ،ما هو مكشوف أصل
في القرآن والسنة ،من علم الغيب ،مما أوحى سععبحانه وتعععالى
لرسوله عليه الصلة والسلم .
ب َل َيْعَلُمَها ِإلّ ُهَو ... ، ح اْلَغْي ِ
عْنَدُه َمَفاِت ُيقول سبحانه وتعالى ) َو ِ
ت َواْلَْر ِ
ض سعَمَوا ِ ن ِفععي ال ّ ) 59النعام ( ،ويقول ) ُقْل َل َيْعَلعُم مَع ْ
ن ) 65النمععل ( ،وقععد جععاء ن ُيْبَعُثو َ
ن َأّيا َشُعُرو َ
ل َوَما َي ْ ب ِإّل ا ُّ اْلَغْي َ
أسععلوب النفععي ومععن ثععم الثبععات فععي هععذين الموضعععين ليفيععد
الحصر ،أي حصر علم الغيب بال دون غيره ممن في السموات
والرض ،وهذا ما يعلمه عامة الناس ويرددونه عن ظهر قلب ،
وهذا مما ل خلف فيه ،ولكن السععؤال الععذي يطععرح نفسععه ،هععل
هذا الحصر مطلق ؟
فإن كانت الجابة بنعم ،فما القول فععي السععتثناء الععذي جععاء فععي
جَتِبععي ل َي ْ ن ا َّ ب َ ،وَلِك ّ عَلى اْلَغْي ِ طِلَعُكْم َل ِلُي ْ
ن ا ُّ
قوله تعالى ) َوَما َكا َ
عععاِلُم
شععاُء ) 179آل عمععران ( ،وفععي قععوله ) َ ن َي َ س عِلِه َم ع ْ ن ُر ُِم ع ْ
ضععى ِمععنْ ن اْرَت َ حععًدا )ِ (26إّل َمعع ِ غْيِبععِه َأ َ
عَلععى َظِهععُر َ ل ُي ْ ب َف َ اْلَغْيعع ِ
سوٍل 27) … ،الجن ( ،حيث استثنى سبحانه وتعععالى الرسععل َر ُ
ب
ن َأْنَبععاِء اْلَغْيع ِ ك ِمع ْ عليهم السلم من تلك القاعدة ،إذ يقععول ) ِتْلع َ
صِبْر
ن َقْبِل َهَذا َ ،فا ْ ك ِم ْ ت َوَل َقْوُم َ ت َتْعَلُمَها َأْن َ
ك َ ،ما ُكْن َ حيَها ِإَلْي َُنو ِ
حْيَنععا ِإَلْيعكَك َأْو َ
ن ) 49هععود ( ،ويقععول ) َوَكعَذِل َ ن اْلَعاِقَبعَة ِلْلُمّتِقيع َ ِإ ّ
9
ن
ن َ ،وَلِكع ْ ب َوَل اِْليَمععا ُ ت َتعْدِري َمععا اْلِكَتععا ُ ن َأْمِرَنا َ ،ما ُكْنع َ حا ِم ْ ُرو ً
ك َلَتْهعِدي ِإَلععى عَباِدَنععا َ ،وِإّنع َ
ن ِ شععاُء ِمع ْ ن َن َجَعْلَناُه ُنوًرا َنْهِدي ِبِه َمع ْ َ
س عَتِقيٍم ) 52الشععورى ( .ليتععبين لنععا ،أن ال ع سععبحانه ط ُم ْ ص عَرا ٍ
ِ
وتعالى أطلع على غيبه من شععاء مععن رسععله ،وبععذلك لععم يحجععب
علم الغيب بالكلية عن البشر ،والتيعان بالحصعر ثعم السعتثناء ،
يفيد بأن مرد العلم بالغيب أول وأخيرا هو علم الغيععوب ،وكععذب
وخاب من استقى علمه بالغيب من غيره .
أما ما ُكشف للرسل فهو بعض من علععم الع ،بمععا كععان ومععا هععو
كائن وما سيكون ،مما اقتضت الحكمة اللهية كشفه للناس عععن
طريععق الععوحي ،وكععثير مععن هععذا الغيععب ،مخطععوط فيمععا ورثتععه
البشرية من كتب النبياء ،وفضل عما جاء في القرآن من أنبععاء
الغيب ،فقد أخبر عليه الصلة والسلم بععالكثير مععن أنبععاء الغيععب
ماضيا وحاضرا ومستقبل ،وأفاضت الحععاديث النبويععة فععي ذكععر
ما سيقع في مستقبل المة من فتوحععات وفتععن وابتلءات ومحععن
وأشراط وأمارات للساعة .
وأما قوله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم ) ُقْل َل َأُقوُل َلُكْم عِْنِدي
ك ِ ،إنْ َأّتِبُع ِإّل ب َ ،وَل َأُقولُ َلُكْم ِإّني َمَل ٌ عَلُم اْلَغْي َ
ل َ ،وَل َأ ْ ن ا ِّ خَزاِئ َُ
ن) ل َتتََفّك عُرو َصععيُر َأَف َ
عَمععى َواْلَب ِ سَتِوي اَْل ْ ي ُ ،قْل َهْل َي ْ حى ِإَل ّ َما ُيو َ
ضّرا ِ ،إّل َما سي َنْفًعا َوَل َ ك ِلَنْف ِ 50النعام ( ،وقوله ُ ) :قْل َل َأْمِل ُ
خْيعِر َ ،وَمععا ن اْل َت ِمع َ سعَتْكَثْر ُب َ ،ل ْ عَلعُم اْلَغْيع َ
ت َأ ْل َ ،وَلْو ُكْنع ُ شاَء ا ُّ َ
شععيٌر ِلَقععْوٍم ُيْؤِمُنععونَ )188 ن َأَنععا ِإّل َنععِذيٌر َوَب ِ سععوُء ِ ،إ ْ ي ال ّ سععِن َ
َم ّ
العراف ( ،ل ينفي علمه عليه الصلة والسلم لبعععض الغيععب ،
وما قيععل لععه ذلععك إل ليجيععب مععن يسععأله عمععا لععم يعلععم مععن أنبععاء
الغيب ،أو ما ل حكمة في الخبار عنه مما علم .
10
تميزت النصعوص النبويعة العتي تتحعدث ععن أحعداث المسعتقبل ،
سواء في القرآن والسععنة أو فععي التععوراة والنجيععل ،بالتلميععح ل
بالتصريح ،فهي غالبا ما تصععف الشععخوص والزمععان والمععاكن
والظروف والنتائج ،باستخدام عدة أساليب لغويععة ،كالسععتعارة
والتشبيه واللتفات والعععتراض ومععا إلععى ذلععك ،ممععا هععو غيععر
مألوف لناس هذا الزمان ،وخير مثال علععى ذلععك هععو ذكععر اسععم
رسععولنا الكريععم عليععه الصععلة والسععلم فععي التععوراة والنجيععل ،
) أحمد ( بالمعنى ل باللفظ ،وأحمععد لغععة هععي اسععم التفضععيل مععن
) حمد ( ،ومعناهععا أحمععد النععاس أو أكععثر النععاس حمععدا ،مععع أن
اسمه -محمد -في الواقع جاء بنفس المعنى مع اختلف اللفظ .
والحكمة التي قد ل يدركها الكثير من النععاس ،معن عععدم وضععوح
النصوص النبوية ،هو بقاء نسععبة ضععئيلة مععن الشععك ،لحرمععان
الناس ذوي العلقة من الدافع لتعطيل مجريعات المعور ،إذ ل بعد
للسباب والمسببات أن تأخذ مجراها ،من حيث الزمان والمكععان
والشخوص ،حتى تتحقق النبوءات كما تم الخبار عنها .
ولنا في قصة فرعون مع موسى عليه السلم خير مثال علععى مععا
قد يفعله المجرمون لتعطيل أمر ال ،عندما أمر بذبح مواليد بني
إسرائيل كافة ،لمجرد رؤيا منععام علععم مععن تأويلهععا ،بععأن واحععدا
منهم سيكون سببا في تقويض أركان ملكه ،ورغم ما اتخذه مععن
إجراءات وتدبيرات احترازية لحرمان هذا الطفل مععن الحيععاة ،إل
أن مكر ال كان أعظم وأكبر ،وبالرغم من قععدرته سععبحانه علععى
منععع فرعععون مععن إيععذائه دون تععدخل بشععري ،إل أنععه أوحععى لم
موسى بأن تتخذ من السباب ،ما هو كفيل بتحقيق المراد اللهي
.
11
هذا ما كان من أحد المجرمين والعتاة لمجععرد رؤيععا منععام ،فمععاذا
لو أتاه نص صريح بععأن الععذي سععيقوض أركععان ملكععه ،هععو ذلععك
الطفل الذي سيأتي به اليم إلى قصره ،فهل كان فرعون سععيتخذه
ربيبا ،أم ماذا سيفعل به ؟
وللناس من أمععر النبععوءات الععواردة فععي القععرآن والسععنة مواقععف
شتى ،فمنهم من ل يرغب بالفهم ،ومنهم من ليس لععديه القععدرة
علععى الفهععم ،ومنهععم مععن يعتقععد بععأن ل جععدوى مععن البحععث فععي
أمرها ،ومنهم من يحاكمها بناء علعى أهعواءه وأحلمعه ،فيأخعذ
ما اتفق وينكر ما اختلف .ولذلك تجد بعض الناس ،عند الحديث
عن المستقبل ،يقول مستنكرا ل يعلم الغيب إل ال .
ونحن كمسلمين مطلوب منععا أن نععؤمن بععالغيب المخععبر عنععه فععي
ب ِفيعهِ ب َل َرْيع َ ك اْلِكَتععا ُ
القرآن والسنة ،لقوله تعالى ) الععم )َ (1ذِلع َ
لَة َومِمّععا صع َن ال ّ ب َوُيِقيُمععو َ ن ِباْلَغْي ِ
ن ُيْؤِمُنو َ ن ) (2اّلِذي َ ُهًدى ِلْلُمّتِقي َ
ن ) 3البقععرة ( ،وأعظععم الغيععب هععو وجععود الع ، َرَزْقَناُهْم ُيْنِفُقععو َ
ونحن وآباؤنا لم نعلم بوجود ال ولم نعرفععه حععق المعرفععة ،ولععم
نعلم باليوم الخععر ومععا سععيجري فيععه مععن بعععث وحسععاب وثععواب
وعقاب ،إل من خلل القرآن الموحى به من عنععد ال ع جععل وعل
إلى محمد عليه الصععلة والسععلم ،ومععا دمنععا آمنععا بععال وبععاليوم
الخر من خلل كتعابه ،فمععا لنعا ل نعؤمن بمعا سعواها معن أخبعار
الغيب مما حواه هذا القرآن العظيم بين جنباته .
عَلْيُكعْم
سوًل ِمْنُكعْم َيْتُلععو َ سْلَنا ِفيُكْم َر ُ يقول سبحانه وتعالى ) َكَما َأْر َ
حْكَمعَة َ ،وُيَعّلُمُكعْم َمعا َلعْمب َواْل ِ َءاَياِتَنا َ ،وُيَزّكيُكعْم َ ،وُيَعّلُمُكعُم اْلِكَتعا َ
ن ) 151البقرة ( ،لم ُيبعععث عليععه الصععلة والسععلم َتُكوُنوا َتْعَلُمو َ
فقط ليتلو علينا القرآن ،بل ُبعععث أيضععا لُيزكينععا وليعلمنععا الكتععاب
12
والحكمة ،وليعلمنا ما لم نكن نعلععم مععن قبععل ،لنخلععص مععن هععذه
الية وغيرها مععن اليععات الععتي جععاءت بنفععس النععص ،أن هنععاك
شيء اسمه الحكمة ،يراد لنا أن نتعلمه من القرآن والسنة ،لكل
مععا ورد فيهععا مععن تشععريعات وحععدود وأوامععر ونععواهي وأخبععار
الماضي والمستقبل ،قررها سبحانه في أواخر اليات وفي نهاية
القصص ،كل حسب موضوعه .
ومن مجمل اليات التي ورد فيهععا نبععوءات مسععتقبلية ،تععبين لنععا
حكمعا إلهيعة معن الخبعار وحسب ما تقرره تلعك اليععات أن هنعاك ِ
حكم اللهية عموما في أمرين : حصرت هذه ال ِ عنها ،وقد ُ
أول :أن معرفعة الخععبر قبعل تحققعه معن القععرآن أو السعنة ،هعي
بمثابة زف البشرى للذين آمنوا ،ونذير للذين كفروا ،من الععذين
يعايشععون ظععروف الحععدث المخععبر عنععه .وهععذا ممععا يمل نفععوس
المؤمنين بالمععل ،ويعطيهععم الععدافع للعمععل ،دون كلععل أو ملععل ،
ويلهمهععم الصععبر علععى مععا أصععابهم مععن السععقام والعلععل ،ويمل
نفععوس الكفعرة والمنكريععن الخععوف والعترقب والحعذر ،ويزيعدهم
تحديا وطغيانا وكفرا ،لدرجة أن يتحّدوا ال لينزل بهم ما يعععدهم
من العععذاب ،كمععا هععي عععادة الجبععابرة والظلمععة والمفسععدين فععي
الرض .
ثانيا :أن معاينة الحدث عند تحققه على أرض الواقع تمامععا كمععا
ورد في القرآن أو السنة ،سيكون بالضرورة سبب لزيادة إيمععان
المؤمنين بربهععم وكتبععه ،وزيععادة فععي اجتهععادهم بعبععادته ،وأمععا
للذين كفروا فهو زيادة في قهرهم وإذللهم ،رغم كععل مععا أخععذوه
من إجراءات احترازية درءا ومنعا لمر ال .
13
أما مععن يعّدعي بععأن ل حكمععة ول فععائدة مععن الخبععار عنهععا ،وأن
معرفتهعععا علعععى حقيقتهعععا يبععععث فعععي النفعععس اليعععأس والقنعععوط
والتواكل ،فأولئك يقولون على ال ما ل يعلمون ،لمخالفتهم لما
اقتضته الحكمة اللهية من الخبار عنهععا ،وي عّدعون بععأنهم أكععثر
حكمة وعلما من أحكم الحاكمين وأعلم العالمين .
وخلصة القول :أننا لم نكشف شيئا من الغيب ،وما قمنا بععه لععم
يتعدى حدود القراءة والتفكر والتدبر ،فيما أنزل رب العزة علععى
رسله وأنبيائه من أخبار الغيب ،وبذلنا ما وفقنا ال ع إلععى بععذله ،
من جهد في فهمهععا واسععتيعابها وتفصععيلها وتبسععيطها وتقععديمها
للناس بلغة يفهمونا ،وما لنا في ذلععك مععن فضععل ،إن الفضععل إل
ل.
وفي نهاية المر ،وبعد مخاض عسير ،كان هذا الكتععاب ،الععذي
نعرضه مجانععا ،ونحععاول جهععدنا إيصععاله للنععاس فععي شععتى بقععاع
الرض ،ونشكر كل من ساهم في نشره ،وغايتنعا سعواء أصعبنا
أو أخطانا ،هي نفع الناس فععي دينهععم ودنيععاهم ،وإنمععا العمععال
بالنّيات ولكل امرئ ما نوى .
وبضاعتنا في هذا الكتاب مستقاة ،من كتاب ال وسنة رسععوله ،
والناس أحرار في شرائها أو العراض ،فصانعها بشري متهم ،
حيث ل وحي يوحى ،بعد وفاة المصطفى عليه الصلة والسلم ،
ول نفرضها على أحد ،ولكن ل عليك إن اطلعت عليها ،فهي إن
لم تنفعك ،فلن تضرك في شيء ،مع يقيننا الشخصععي ،بأنهععا ل
تخلو من الفائدة ،بل فيها الكععثير ،كمععا أجمععع معظععم مععن حظععي
بقراءة هععذا الكتععاب ،وتععذكر أنععك حععر فيمععا اعتقععدت بشععأن هععذه
البضاعة .
14
أمععا بالنسععبة لمسععألة تحديععد موعععد مععن خلل العععد ،فهععو نتيجععة
لعملية ععّد فععي كلم الع ومععن كتععاب الع ،ومععا هععو بقععراءة فععي
فنجان ،أو نظر في النجععوم ،ومععا طرحنععا الفصعل الخعاص بهعذه
المسألة ،والتي قد تصيب وقد تخطععئ ،إل بعععد أن تولععدت لععدينا
قناعة ،بصرف النظر عن المواعيد المطروحة في ذلك الفصععل ،
تقععول بععأن نهايععة كعل معن إسعرائيل وأمريكعا ،قريبعة جعدا جععدا ،
ومجريات المور سعععتأخذ منحععى مغععايرا لمععا عليععه الحععال الن ،
وسيكون التغير سريعا ومفاجئا ومضععطردا ،بحيععث تأخععذ النععاس
حالة مستمرة من الخوف والترقب ربما تدوم لعدة سنين .
أما ما نود قوله لقّراء هذا الكتاب ،هو أن يأخذوا بأحسن مععا فععي
هذا الكتاب ،وأن يتركوا ما هو دونععه ،تماشععيا مععع مععا أخععبر بععه
أتباع رسله الكرام ،في حععق مععا أنزلععه عليهععم مععن الهععدي ،قععال
سعَنُه ،
ح َ
ن َأ ْ
ن اْلَقعْوَل َ ،فَيّتِبُعععو َ
سَتِمُعو َ
ن َي ْ عَباِد ،اّلِذي َ
شْر ِتعالى ) َفَب ّ
ب ) 18الزمر ( . ك ُهْم ُأْوُلوا اَْلْلَبا ِ
ل ،وُأْوَلِئ َ ن َهَداُهُم ا ُ
ك اّلِذي َ
ُأْوَلِئ َ
هذا ما قاله رب العزة في حق كتبه ،ومععا أنععزل فيهععا مععن الهععدي
على رسله ،فما بالك بقولنا في حق كتاب ،أنجزه عبد من عبععاد
ال ،ل ولن يصل إلى حد الكمال ،مهما بععذل مععن جهععد ،والعقععل
البشري له حدود وطاقات ،مهما بلغ من إبداع ،فإن أصععاب فععي
شيء أخطأ في أشياء ،وكل إنسان في نهاية المطععاف لديععة قععدر
من الحكمة ،ليميز الغث من السمين فيما قرأ أو سمع .
ونسأل ال أن يهدينا وإياكم سواء السبيل
16
زوال إسرائيل قبل ظهور المهدي
استفاضت كثير معن المؤلفعات لكبعار العلمعاء والئمعة ،فعي ذكعر
المهدي وسععيرته ،وأكععدت علععى حتميععة خروجععه آخععر الزمععان ،
ومن هؤلء على سبيل المثال ل الحصر ،ابععن حجععر والشععوكاني
والسيوطي والصابوني وغيرهم ،وهنععاك مععن أفععرد لععه بابععا ،أو
كععان لععه مقععال فععي كتععاب ،كالععذهبي وابععن تيميععه وابععن القيععم
والقرطععبي والععبرزنجي وغيرهععم .وهنععاك الكععثير مععن الكتععب
المتخصصة الحديثععة ،جمعععت أقععوال أولئك العلمععاء والئمععة فععي
المهدي وأحععداث آخععر الزمععان ،فمععن رغععب بالسععتزادة فليرجععع
إليها ،فهي متععوافرة بكععثرة فعي المكتبععات هععذه اليععام ،واللمععام
المسبق بالحاديث الواردة في المهدي ،سيساعد كثيرا فععي فهععم
ما استخلصته من أفكار في هذا الفصل .
وأما من ينكععر أحععاديث المهععدي ،فل التفععات لقععوله ،فالحععاديث
الصريحة وغير الصريحة ،التي أتت على ذكععر أخبععار المهععدي ،
بلغت حد التععواتر المعنععوي ،وقععد ورد فيهععا مععا ُيقععارب الربعيععن
حديثا .وما سنتناوله منها ،هو ما يخععص موضععوع هععذا الكتععاب
فقط .وأود أن أشير إلى أن ذكععر المهععدي قععد جععاء فععي التععوراة ،
حيث أن الترجمة العربية للنص التوراتي ُ ،تس عّميه ) بالق عّدوس (
في موضع ) وبالغصن ( في موضع آخععر ،وهععذا النععص موجععود
مع التعليق ،في فصل النبوءات التوراتية .وقععد تنبععأ بظهععوره )
سر النبوءات التوراتية ،وأشععار إليعه بألفععاظ نوستراداموس ( مف ّ
صريحة ،سنوردها في فصل لحق .
وللحقيقععة ،ومععن خلل اطلعععي علععى الكععثير ،مععن دراسععات
وأبحاث الغربيين ،التي تتناول النبوءات التوراتيععة والنجيليععة ،
17
الخاصة بأحداث النهاية ،تبّين لي بأن اليهود والنصععارى ،أكععثر
إيمانا ويقينا ،مععن عامععة المسععلمين ،بحتميععة ظهععور المهععدي ،
وانتصاره فععي كافععة حروبععه ،واتخععاذه للقععدس عاصععمة لملكععه ،
وامتداده لمساحات شاسعة مععن الراضععي .ولنهععم يعلمععون بععأن
النهاية قد اقتربت ،ويعتقدون بععأنه سععيقود تحالفععا عسععكريا ضععد
الغرب ،ينجم عنه دمار الحضارة الغربية برمتها ،فهم يتوقعون
ظهوره في أي لحظة ،ويخشون أن يظهععر وأن تقععوى شععوكته ،
وهم في غفلة من أمرهم ،فلععذلك تجععدهم ُيحععاولون تجنيععد العععالم
بأسره ،ضععد مععا ُيسعّمونه بالرهععاب السعلمي ،خوفععا مععن ذلععك
المصير المشؤوم الذي ينتظرهم ،عند ظهور أمره .
غربة السلم :
ك
شُ سّلَم ُ ) :يو ِ عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ ن َ ،قاَل َ :قاَل َر ُ ن َثْوَبا َ عْ َ
صعَعِتَها َ ،فَقعاَل عى اَْلَكَلعُة ِإَلعى َق ْ عَلْيُكعْم َ ،كَمعا َتعَدا َ عى َ ن َتَدا َ اُْلَمُم َأ ْ
ن َيْوَمِئٍذ َ ،قاَل َ :بْل َأْنُتْم َيعْوَمِئٍذ َكِثيعٌر َ ،وَلِكّنُكعْم حُ ن ِقّلٍة َن َْقاِئٌل َ :وِم ْ
ععُدّوُكمْ اْلمََهاَبعَةصعُدوِر َ ن ُ لع ِمع ْن ا ُّ عع ّ
سعْيِل َ ،وَلَيْنَز َ غَثاءٌ َكُغَثعاِء ال ّ ُ
لعع سوَل ا ِّ ن َ ،فَقاَل َقاِئٌل َ :يا َر ُ ل ِفي ُقُلوِبُكْم اْلَوْه َ ن ا ُّ ِمْنُكْم َ ،وَلَيْقِذَف ّ
ت ( رواه أبععو داود ب ال عّدْنَيا َوَكَراِهَي عُة اْلَم عْو ِ ح ّن ؟ َقاَل ُ : َوَما اْلَوْه ُ
ححه اللباني . وأخرجه أحمد ،وص ّ
لَم سع َ
سّلَم َقععاَل ِ ) :إنّ اِْل ْ عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ي َ ن الّنِب ّ عْ عَمَر َ ن ُ ن اْب ِعْ َ
جَدْينِ سع ِ ن اْلَم ْ
غِريًبا َكَما َبعَدَأ َ ،وُهعَو َيعْأِرُز َبْيع َ سَيُعوُد َ غِريًبا َ ،و َ َبَدَأ َ
حِرَهععا ( رواه مسععلم ،وأخرجععه الترمععذي جْ حّيعُة ِفععي ُ َكَمععا َتعْأِرُز اْل َ
وابن ماجه وأحمد والدارمي ،وصححه اللباني .
قبععل ظهععور المهععدي ستشععهد المععة السععلمية ،عصععرا حالععك
السواد ،من كععثرة الظلععم والجععور والفسععاد ،يتميععز بوجععود قلععة
18
مؤمنة صابرة متمسكة بدينها ،ل حول لها ول قوة ،تنتظر حتى
يأتي ال بأمر من عنده ،وكثرة طاغية فاسدة ومفسععدة متمسععكة
بدنياها ،هم غثاء كغثاء السيل .
جيش يغزو الكعبة بداية ظهور أمر المهدي
:
ص عّلى الُّ ع سوُل الِّ ع َ ت َ :قاَل َر ُ عْنَها َ ) ،قاَل ْ ل َي ا ُّ ضَ شُة َر ِ عاِئ َن َ عْ َ
ض، ن اْلَْر ِ ش اْلَكْعَبَة َ ،فِإَذا َكاُنوا ِبَبْيَداَء ِم ع ْ جْي ٌ سّلَم َ :يْغُزو َ عَلْيِه َو َ
َ
س عفُ خ َ ف ُي ْ سععوَل الِّع َكْي ع َ ت َ :يععا َر ُ خِرِه عْم ُ : ،قْلع ُ ف ِبَأّوِلِهْم َوآ ِس ُخ َُي ْ
س ِمْنُهعمْ َ ،قععاَل : ن َلْيع َ سعَواُقُهْم َ ،وَمع ْ خِرِهعْم َ ،وِفيِهعْم َأ ْ ِبعَأّوِلِهْم َوآ ِ
عَلعععى ِنّيعععاِتِهْم ( رواه ن َ خِرِهعععْم ُ ،ثعععّم ُيْبَعُثعععو َ ف ِبعععَأّوِلِهْم َوآ ِ سععع ُ
خ َُي ْ
البخاري ،وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد
وصححه اللباني .
لُعصعّلى ا ّ سععوُل الِّع َ ث َر ُ عَب َ
تَ : عْنَها َ ،قاَل ْ ل َ يا ُ ضَ شَة َر ِ عاِئ َن َ عْ َ
شعْيًئا ِفععي ت َ صعَنْع َ سععوَل الِّع َ سّلَم ِفي َمَناِمِه َ ) ،فُقْلَنا َ :يا َر ُ عَلْيِه َو َ
َ
ن ُأّمِتعي َيُؤّمعونَ سعا ِمع ْ ن َنا ًب ِإ ّجع ُ ن َتْفَعُلُه َ ،فَقعاَل :اْلَع َ ك َلْم َتُك ْ
َمَناِم َ
حّتععى ِإَذا َكععاُنوا ِباْلَبْي عَداِء تَ ، جَأ ِباْلَبْي ِش َقْد َل َن ُقَرْي ٍ جٍل ِم ْاْلَبْيتِ ِ ،بَر ُ
س، جَمعُع الّنععا َ ق َق عْد َي ْ طِري ع َن ال ّ ل ِإ ّسوَل ا ِّ ف ِبِهْم َ ،فُقْلَنا َ :يا َر ُ س َ خ ُِ
سعِبيِل َ ،يْهِلُكععو َ
ن ن ال ّ جُبععوُر َواْبع ُ صعُر َواْلَم ْ سَتْب َِقععاَل َ :نَععْم ِفيِهعْم اْلُم ْ
لعع عََلععى شععّتى َ ،يْبَعُثُهععْم ا ُّ صععاِدَر َ ن َم َ صععُدُرو َ حععًدا َ ،وَي ْ َمْهَلًكععا َوا ِ
ِنّياِتِهْم ( ،رواه مسلم ،وأخرجععه البخععاري والترمععذي والنسععائي
وابن ماجه وأحمد ،وصححه اللباني .
سعّلَم : عَلْيعِه َو َ صعّلى الُّع َ لع َ سععوُل ا ِّ ت َ :قععاَل َر ُ سعَلَمَة َقععاَل ْ
ن ُأّم َ عع َْ
ج عٍل
ت ِلَر ُن اْلَبْي ع َشععاِم َ ،يُؤّمععو َ ن ِقَب عِل ال ّ ن ِم ْ جيُئو َ ن ُأّمِتي َي ِش ِم ْ جْي ٌ ) َ
سعفَ خ ِ حَلْيَفعةِ ُ ن ِذي اْل ُ حّتى ِإَذا َكاُنوا ِباْلَبْيعَداِء ِمع ْ ل ِمْنُهْم َ ، َيْمَنُعُه ا ُّ
19
سعفُ ِبِهعمْخ َ ف ُي ْسوَل الِّ َكْيع َ ت َ :يا َر ُشّتى َ ،فُقل ُصاِدُرُهْم َ
ِبِهْم َ ،وَم َ
ن مِْنُه عْم َم عنْجِب عَر ِإ ّ
ن ُن ِمْنُهْم َم ْ
شّتى َ ،فَقاَل ِ :إ ّ
صاِدُرُهْم َ
جِميًعا َوَم َ َ
لًثا ( رواه أحمععد بهععذا النععص ،ورواتععه ثقععات ،إل واحععدا جِبَر َث َ
ُ
وثقه البعض وضعفه آخرون .
بداية ظهور المهدي ستكون في مكععة بععإذن الع ،وفععور معرفتععه
تسارع قلة مععن تلععك القلععة ،لمبععايعته علععى المععارة ،فيلجععأ إلععى
الحرم تهّربا ويعتصم به .ويظهر أمره شيئا فشيئا ،فُيبعععث إليععه
بجيش يغزو الكعبة ،فيخسف به فععي الصععحراء مععا بيععن المدينععة
ومكة .
هذه الحاديث الثلثة متوافقة من حيث النص والمضمون ،غيععر
ضععح مخععرج ذلععك الجيععش . أن الحديث الثالث ،أضاف عبععارة تو ّ
ومع أن أحد الرواة ضعفه ،إل أن تلك الضافة ) من قبل الشام (
تتفق والتفسير المنطقي ،للحداث الموصوفة في جملععة أحععاديث
هذا الفصل .
لنخلص إلى ما يلي :
أن جيشا سيغزو مكة . .1
وهذا الجيش معن أمعة محمعد عليعه الصعلة والسعلم ، .2
ويعجب رسول الع ويحععق لععه العجععب ،فمععا آل إليععه أمععر أمععة
السلم هذه اليام ،يثير مععا هععو أكععثر مععن العجععب والشععفقة ،
حتى في نفوس أعدائنا .
ومقصد هذا الجيش رجل من قريش يلجأ إلععى الحععرم ، .3
وغايته وأد بؤرة الخلفة السلمية في مهععدها ،خوفععا معن أن
تزلزل أركان عبدة الحياة الدنيا .
20
ُيخسف بهذا الجيععش فععي الصععحراء قبععل وصععوله إلععى .4
مكة .
ومخرج هذا الجيش من قبل الشام ؟! .5
عمران بيت المقدس يعقبه خراب المدينننة
المنورة :
عْمعَرانُ سعّلَم ُ ) : عَلْيعِه َو َلع َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ ن ُمَعاٍذ َقاَل َ :قاَل َر ُ عْ َ
حَمعِة ، خعُروجُ اْلَمْل َ ب ُ ب َيْثعِر َ خعَرا ُب َ ،و َ ب َيْثعِر َخعَرا ُ س َ ت الَمْقعِد ِ َبْيع ِ
خ عُرو ُ
ج طيِنّيةِ ُطْن ِ سع َ ح اْلُق ْ
طيِنّيِة ،وََفْت ُطْن ِ
سَ ح اْلُق ْ
حَمِة َفْت ُ ج اْلَمْل َ
خُرو ُ َو ُ
ح عّدَثُه َأْو َمْنِكِب عِه ُ ،ث عّم َقععاَل
خِذ اّلِذي َ عَلى َف ِ ب ِبَيِدِه َضَر َ جاِل ُ ،ثّم َ الّد ّ
ععٌد َيْعِنععي ُمَععاًذا ( . ك َقا ِك َهاُهَنععا َ ،أْو َكَمعا َأّنع َق َكَمعا َأّنع َ حّ ن هََذا َل َ ِإ ّ
رواه أبو داود ،وأخرجه أحمد ،وصححه اللباني .
تعمععر بيععت المقععدس فععي آخععر الزمععان ،برجوعهععا إلععى الحكععم
العربي ،واتخاذها عاصععمة للحكععم ،فيرسععل حاكمهععا جيععش إلععى
الكعبة ،عند ظهور أمر المهععدي ،فيخععرب المدينععة المنعّورة فععي
طريقه إلى مكة ،ومن ثم ُيخسف بجيشه ،قبل أن يصلها بالقرب
من ذي الحليفة ،وهي ميقات إحععرام أهععل المدينععة ،بينهععا وبيععن
المدينة ستة أميال أو سعبعة ،وبينهعا وبيعن مكععة مسععيرة عشعرة
أيام .
المهدي ل يغزو العراق وبلد الشام :
س عّلَم :
عَلْي عهِ َو َ
صّلى الُّ َ ل َ سوِل ا ِّ عْتَبَة ،قال َ :قاَل َر ُ ن ُ ن َناِفِع ْب ِ
عَْ
لع ُ ،ثعّمحَها ا ُّ س َفَيْفَت ُ
ل ُ ،ثّم َفاِر َ حَها ا ُّب َفَيْفَت ُ
جِزيَرَة اْلَعَر ِ ن َ ) َتْغُزو َ
حُه الُّ َ ،قععاَل : جاَل َفَيْفَت ُ
ن الّد ّل ُ ،ثّم َتْغُزو َ حَها ا ُّن الّروَم َفَيْفَت ُ َتْغُزو َ
21
ح الّروُم ( رواهحّتى ُتْفَت َ
ج َ
خُر ُ
جاَل َي ْ
جاِبُر َل َنَرى الّد ّ
َفَقاَل َناِفٌع َ :يا َ
مسلم وابن ماجه وأحمد ،وصححه اللباني .
وتجمع جزيرة العرب لقتال المهدي وصحبه ،فيغزونها فيفتحهععا
ال فتدين لهم ،ومن ثم يخرجون إلى إيععران فيفتحهععا الع فتعدين
لهععم ،ومععن ثععم يغععزون الععروم فيفتحهععا ال ع ،ومععن ثععم يخععرج
الدجال ،فيغزونه بمعية عيسى عليه السلم ،فيفتحه ال .
ولععو تععدبرت هععذا الحععديث ،سععتجد أن البلععدان الععتي سععيغزوها
المهععدي ،عنععدما يمسععك بزمععام المععور ،هععي بععالترتيب ؛ أول :
س أي إيران ،ثالثععا :ال عّروَم أي روسععيا ب ثانيا َ :فاِر َجِزيَرَة اْلَعَر َِ
جاَل ،والملحظ في هععذا الحععديث ، وأوروبا الشرقية ،رابعا :الّد ّ
عدم ورود ذكر فتح بلد الشام والعراق ،التي ل بد للمهععدي مععن
المععرور بهععا ،عنععد خروجععه لفتععح فععارس ،ولفتععح الععروم الععذين
سُيلقونه بالقرب من مدينة دمشق .
فلو كانت دولة إسرائيل قائمة في فلسععطين ،أليععس مععن الحععرى
بالمهدي ومن معه تحريرها ،فور خروجه من جزيرة العرب ؟!
يظهر بوضوح في هذا الحديث ،أن كل واحععد مععن هععذه المععور ،
أمارة لوقوع ما بعده ،كما هو الحال في الحععديث السععابق ،وكععل
منهما يتقاطع مع الخر فععي نقطععتين ،همععا ؛ أول :غععزو الععروم
ويقابلها خروج الملحمة ،وثانيا :غزو الععدجال ويقابلهععا خععروج
الدجال ،ويضيف الحديث الول ثلثة أحداث ،هععي عمععران بيععت
المقدس ،وخراب يثرب ،وفتح القسطنطينية .
حتمية نزول الخلفة في بيت المقدس :
س عّلَم َقععاَل َ ) :يععا
عَلْي عِه َو َ
لع َ
صّلى ا ُّل َ سوُل ا ِّ حَواَلَة عن َر ُ ن َ عن اْب ُ
ت
سَة َ ،فَقْد َدَنعع ْض اْلُمَقّد َت اَْلْر َلَفَة َقْد َنَزَل ْ
خَت اْل ِ
حَواَلَة ِإَذا َرَأْي َ
ن َاْب َ
22
ب ِإَلععى
عُة َي عْوَمِئٍذ َأْق عَر ُ
سععا َ
ظععاُم َ ،وال ّ
لَيععا َواُْلُمععوُر اْلِع َ
ال عّزَلِزُل َواْلَب َ
ك ( رواه أحمد ،وأخرجه أبو داود سَ ن َرْأ ِي َهِذِه ِم ْن َيَد ّس ِ ،م ْ الّنا ِ
والحاكم ،وصححه اللباني .
عنععد خععروج المهععدي إلععى بلد الشععام ،سععيتخذ القععدس عاصععمة
لخلفته ،تنعم المة السلمية خلل سنوات حكمه ،بإقامة الحق
والعدل ورفع الظلم والجور عن أمة السلم .
نستخلص من هذا الحديث ما يلي :
.1ل بد للخلفة من النزول في بيت المقدس آخر الزمان .
.2ونزولها هناك يعني بدء ظهور الفتععن والكععوارث الطبيعيععة ،
ومععن ثععم علمععات السععاعة الكععبرى ،بدايععة بظهععور الععدجال ،
ونزول عيسى عليه السلم ،في نهاية حكم المهدي .
.3وهنعععا ل بعععد لنعععا معععن أن نشعععير ،إلعععى أن عبعععارة ) نعععزول
الخلفة ( ،ربما تشمل الحكم العربي للقدس ،الععذي تكععثر فيععه
الفتن والحروب والقتتال ،والموصوف بالظلم والجععور ،قبععل
ظهور المهدي .
نطق الحجر والشجر :
سّلَم َ ،قععاَل ) :لَ عَلْيِه َو َل َصّلى ا ُّ ل َ سوَل ا ِّ ن َر ُ ن َأِبي ُهَرْيَرَة َ ،أ ّ عْ َ
ن، سعِلُمو َ ن اْلَيُهوَد َ ،فَيْقُتُلُهْم اْلُم ْ
سِلُمو َ حّتى ُيَقاِتَل اْلُم ْعُة َ سا َ
َتُقوُم ال ّ
جُر َأْوحَجِر َ ،فَيُقوُل اْل َ شَ
جِر َوال ّ حَن َوَراِء اْل َ ي ِم ْئ اْلَيُهوِد ّ خَتِب َ
حّتى َي ْ َ
خْلِفععي َفَتَعععاَل َفععاْقُتْلهُ ، ي َل َ ،هَذا َيُهععوِد ّ عْبَد ا ِّ
سِلُم َيا َشجَُر َ :يا ُم ْ ال ّ
جِر اْلَيُهععوِد ( .رواه مسععلم وأحمععد بنفععس شع َن َ ِإّل اْلَغْرَقعَد َفعِإّنُه ِمع ْ
النعععص ،وصعععححه اللبعععاني ،وأخرجعععه البخعععاري والترمعععذي
والنسائي وأبو داود وابن ماجه ،بنصوص أخرى .
23
هذا الحديث روي بعدة نصوص ،وهذا النععص أشععهرها وأكثرهععا
تداول بين العامة ،أما نطععق الحجععر والشععجر ،فهععو أمععر خععارج
عن المألوف والعادة ،ول ُيعقل أن تحصل تلك المعجزة فععي آخععر
الزمان ،قبل بدء ظهور أشراط الساعة الكبرى على القل ،حتى
بظهور المهدي .فنطق الحجر والشجر ،أكثر إعجععازا مععن نطععق
عيسى عليه السلم في المهد صبيا .فمن المنطقي أل يحدث هععذا
المععر ،قبععل ظهععور الحععداث غيععر المألوفععة للنععاس ،كأشععراط
الساعة الكبرى .ومن الرجح أن يتزامن هذا الحدث ،مع وجود
عيسى عليه السلم ،لكي يسععتقيم المععر ،فععالمعجزات غالبععا مععا
تأتي على أيدي الرسل ،وهذا ما تؤيده سورة السراء .
ي النهر وهم غربيه ( فل أساس لها من الصحة أما عبارة ) شرق ّ
،إذ لم أجد لها أصععل ،فععي أي معن كتععب الحععديث علعى اختلفهععا
وكثرتها ،ل في صحيحها ول فععي ضعععيفها .ول تعععدو أكععثر مععن
كونها ،عبارة أضعيفت إلععى الحعديث معن قبععل العامععة ،بععد قيععام
ي النهر .وبالرغم من ذلععك ُ ،يص عرّ دولة إسرائيل المعاصرة غرب ّ
البعض على أنهععا موجععودة فععي الحععاديث الضعععيفة .أمععا الزمععن
الفعلي المتوقع لتحقق هذه النبوءة ،هو وقت نزول عيسى عليععه
السلم ،وهرب الدجال ومن معه من اليهود إلى فلسطين ،حيععث
ُيقتل على أبواب القدس .
خلصة القول :
وبناءا على ما تقدم ،نقول أن زوال دولة إسععرائيل أمععر حتمععي ،
يتبعه زوال حلفائهعا معن الغعرب بالضعرورة ،قبعل ظهعور خلفعة
المهععدي ،وأن مععن سععيقوم بتحريرهععا هععو جيععش عربععي ،وأن
صاحب هذا الجيش سيتخذ مدينة القدس عاصمة لملكه ،ومن ثم
24
تععدين لععه بلد الشععام والعععراق ،وأن فععترة حكمععه أو حكععم مععن
يخلفه ،ستكون حافلة بالظلم والجور ،وعند ظهور أمر المهععدي
في مكة ،يبعث حاكم مدينة القدس جيشععا إلععى الجزيععرة ،ل قبععل
للمهدي وجماعته به ،فُيخرب المدينة المنورة ،لدى مروره بها
متجها إلى مكة ،فيخسف ال بهم الرض .
وآنذاك يظهر أمر المهدي ،فيهب إلععى قتععاله مععن رضععوا بالحيععاة
الدنيا واطمأنوا بها ،من أمة محمد عليه الصلة والسلم ،خوفا
من عودة دين أكل الزمان عليه وشرب ،يدعوا إلى إخراجهم من
غّيهععم وضععللهم ،وحرمععانهم ممععا يتل عّذذون بععه مععن الشععهوات
والحرمععات ،الععتي اسععتحّلوها واسععتباحوها فععي هععذا العصععر ،
فاستعبدتهم فل فكاك لهم منها ،ول يرضون عنها بديل .
فتكون أولى مواجهات المهدي ،مع جيعش آخعر ُ ،يجمعع لعه معن
جزيرة العرب ،فينتصر عليهم حربععا ،وبعععد أن يسععتتب لععه أمععر
الجزيرة يخرج إلى أهل الشام .فيتسلم مقاليد الحكم فيهععا تسععليما
خععذ مدينععة
عععن طيععب خععاطر ،أو استسععلما خوفععا ورهبععة ،ويت ّ
القدس عاصمة لخلفته ،ومععن ثععم يخععرج إلععى إيععران فيفتحهععا ،
ويعود إلى بلد الشام .
ومن ثم تكون الروم ) نصارى الشرق ( قد جمعت جيشا عرمرما
،قوامه قرابة المليون نفر ،فيخرج لملقاتهها ،فتقععع الملحمععة
الكبرى الفاصلة بين الحق والباطل ،بالقرب من دمشق ،فيكععون
النصر في النهايععة ،حليععف المهععدي ومععن معععه مععن المسععلمين .
ومن ثم يخرج إلى القسطنطينية ) استنبول ( ،فيفتحهععا بالتهليععل
والتكبير من غير قتال ،وقريبا من نهاية حكمععه يخععرج الععدجال ،
فيعيث في الرض فتنة وفسععادا ،وُيحصععر المهععدي وصععحبه فععي
25
الشام ،فينزل عيسى عليه السلم ،فيهرب الدجال ومن تبعه من
اليهود إلععى القععدس ،وهنععاك يلحقععون بععه فيقتلععه عليععه السععلم ،
ويتولى المسلمون أمر البقية الباقية من اليهود ،فينطععق الحجععر
والشجر ،فيبيدوهم عن بكرة أبيهم ،بإذن الع ،ولع المععر مععن
قبل ومن بعد ،وال أعلم .
هععذا مععا سععيكون مععن أمععر المهععدي ،بععإذن ال ع ،ق عّدمناه بشععكل
مختصر وموجز ،تناولنععا فيععه بعضععا مععن سععيرة المهععدي ،الععتي
تعرضت لفتوحاته آخعر الزمعان ،مسعتندين إلعى معا أوردنعاه معن
أحاديث صحيحة ،آخذين بعين العتبار ،أحاديث صحيحة أخرى
،لم يتسع المقام ليرادها .
أما موضوع هذا الكتاب ،فهو يبحث إجمال ،في حدثين عظيمين
مفاجئين ،قبل ظهور المهدي ،وفي وقت قريب جدا جدا ،وهمععا
؛ أول :نهايععة الدولععة اليهوديععة واختفائهععا إلععى البععد ،ثانيععا :
انهيار الحضارة الغربية العملقة ومظاهرها المختلفععة واختفائهععا
إلى البد .
ما ستجده في ثنايا هذا الكتاب :
ع الجابة على التساؤلت المطروحة علععى صععفحة الغلف ،فيمععا
يتعلق بالدولة اليهودية ،ومصيرها ومصير اليهود .
ع الجابة على كثير من التساؤلت التي تدور في أذهععان النععاس ،
وتوضععيح كععثير مععن القضععايا الخلفيععة التاريخيععة ،فيمععا يخععص
تاريخ وجغرافيععا بنععي إسععرائيل ،منععذ نشععأتهم الولععى حععتى قيععام
الساعة ،وخاصة فيما يتعلق بتواجدهم في فلسطين .
عع اسععتقراء وتحليععل مععا جععرى ويجععري علععى أرض الواقععع ،فععي
منطقتنا والعالم من حولنا .
26
ع فهم حقيقة الصراع الدائر بين الغرب والشرق ،وحقيقة العععداء
الغربي للمة العربية والسلمية ،والعذي بلعغ أشعّده فعي العقععود
الخيرة .
عمععة بالشععواهدع ع تفسععيرات منطقيععة للحععداث المسععتقبلية ،مد ّ
والدلة من القرآن والسنة والتوراة والنجيل والواقع ،ووضعها
ضمن سياق زمني منطقي .
27
مختصر لمجمل أقوال المفسرين
قبل أن نبدأ في البحار ،في معاني ومقاصد آيات سورة السراء
سععرين ،لنسععتعرض ،سنتجول قليل ،في بعض كتب قععدماء المف ّ
مجمل تفسيراتهم ،لهذه اليات ،ومجمل ما أوروده من روايععات
ي الولى والخرة وآثار ،عن الفساد والعلو في الرض ،ووعد ّ
،ومعععن هعععؤلء المفسعععرين :القرطعععبي وابعععن كعععثير والطعععبري
والبيضععاوي ،والبغععوي والنحععاس والثعععالبي ،وأبععي السعععود
والشوكاني وابن الجوزي ،والسيوطي والنسفي واللوسي .
تعريف بسورة السراء :
قال اللوسي في تفسيره " :سورة بني إسرائيل ) ،وهو السععم
التوقيفي لها ( وتسمى السراء وسبحان أيضا ،وهي كما أخععرج
ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير ،رضي ال تعالى عنهععم
مكية ،وكونهععا كععذلك بتمامهععا قععول الجمهععور .وقععد أخععرج ابععن
جرير عن ابن عباس رضي ال تعععالى عنهمععا ،أنععه قععال )) :إن
التوراة كلها في خمس عشععرة آيععة ،مععن سععورة بنععي إسععرائيل ،
وذكععر تعععالى فيهععا عصععيانهم وإفسععادهم ،وتخريععب مسععجدهم
واستفزازهم النبي ،وإرادتهععم إخراجععه مععن المدينععة ،وسععؤالهم
إياه عن الروح ،ثم ختمها جل شأنه ،بآيات موسى عليه السععلم
التسع ،وخطابه مع فرعون ،وأخععبر تعععالى أن فرعععون أراد أن
يسععتفزهم مععن الرض ،فأهلععك وورث بنععو إسععرائيل مععن بعععده ،
وفي ذلك تعريععض بهععم ،أنهععم سععينالهم مععا نععال فرعععون ،حيععث
أرادوا بالنبي ،ما أراد فرعون بموسى عليه السععلم وأصععحابه ،
ولمععا كععانت هععذه السععورة ،مصععدرة بقصععة تخريععب المسععجد
القصععى ،افتتحععت بععذكر إسععراء المصععطفى تشععريفا لععه – أي
28
المسجد القصى -بحلول ركابه الشريف فيه ،جبرا لما وقع مععن
تخريبه (( " .
اليات :
ن ِفععي ب َلُتْفسِعُد ّ سععراِئيلَ ِفععي اْلِكَتععععا ِ ضْيَنا ِإَلى َبِنععي إ ْ قال تعالى ) َوَق َ
ععُد ُأوَلُهَمععا جععاَء َو ْ عُلعّوا َكِبيعًرا )َ (4فعِإَذا َ ن ُ ن َوَلَتْعُلع ّ
ض َمّرَتْي ِ اَْلْر ِ
لَل العّدَياِر َوَكععانَ خَ سوا ِ جا ُ شِديٍد َف َ س َ عَباًدا َلَنا ُأوِلي َبْأ ٍ عَلْيُكْم ِ َبَعْثَنا َ
عَلْيِه عْم َوَأْم عَدْدَناكُْم ِب عَأْمَواٍل عًدا َمْفُعوًل )ُ (5ثّم َرَدْدَنععا َلُك عْم اْلَك عّرَة َ َو ْ
سععُكْم َوِإنْ سنُتْم َِلنُف ِ ح َسنُتْم َأ ْ ح َ ن َأ ْ
جَعْلَناُكْم َأْكَثَر َنِفيًرا )ِ (6إ ْ ن َو َ َوَبِني َ
خُلوا جعوَهُكْم َوِلَيعْد ُ سعوُءوا ُو ُ خعَرِة ِلَي ُ لِععُد ا ْ جعاَء َو ْ سْأتُْم َفَلَها َفعِإَذا َ َأ َ
سععى عَلْوا َتْتِبي عًرا ) ( 7عَ َ خُلوُه َأّوَل َمّرٍة َوِلُيَتّبُروا َما َ جَد َكَما َد َ سِ اْلَم ْ
صيًرا ) ح ِ ن َ جَهّنَم ِلْلَكاِفِري َ جَعْلَنا َ عْدَنا َو َ عْدُتْم ُ ن ُ حَمُكْم َوِإ ْ ن َيْر َ َرّبُكْم َأ ْ
شعُر اْلُمعْؤِمِنينَ اّلعِذينَ ي َأْقعَوُم َوُيَب ّ ن َيْهِدي ِلّلِتي ِه َ ن َهَذا اْلُقْرآ َ ِ ( 8إ ّ
ن َل ُيْؤِمُنععونَ ن اّل عِذي َ جًرا َكِبيًرا )َ (9وَأ ّ ن َلُهْم َأ ْت َأ ّ حا ِ صاِل َ
ن ال ّ َيْعَمُلو َ
عععاَءُه ن ِبالشّّر ُد َ سا ُ ع اِْلن َ عَذاًبا َأِليًما ) (10وََيْد ُ عَتْدَنا َلُهْم َ لخَِرِة َأ ْ ِبا ْ
سعِنينَ ععَدَد ال ّ جععوًل )َ … (11وِلَتْعَلُمععوا َ عُن َ سععا ُن اِْلن َ ِبععاْلخَْيِر َوَكععا َ
ل ) 12السراء ( صي ً صْلَناُه َتْف ِ يٍء َف ّ ش ْ ب َوُكّل َ سا َ ح َ َواْل ِ
بفنني ال ْك ِت َننا ِ ل ِ سننراِئي َ ض ني َْنا إ ِل َننى ب َن ِنني إ ْ ق َ و ََ
في اْل َ
وا عل ُ ّن ُ عل ُ ّول َت َ ْن َ ِ ْ ي َ ت ر
ّ مَ ض
ِ ر ْ ن ِ سد ُ ّ ف ِ ل َت ُ ْ
ك َِبيًرا )(4
ب :وأوحينععا إليهععم فععي سععراِئيَل ِفععي اْلِكَتععا ِ ضععْيَنا ِإَلععى َبِنععي إ ْ َوَق َ
التوراة ،وحيا مقضيا مبتوتا .
ن :لتفسععدن فععي الرض ،جععواب قسععم ض َمّرَتْيع ِ ن ِفي اَْلْر ِ سُد ّ َلُتْف ِ
محععذوف ،والمععراد بععالرض الجنععس ،أو أرض الشععام وبيععت
المقدس ،ومرتين إفسادتين .
29
عُلّوا َكِبيًرا :ولتسععتكبرن عععن طاعععة الع ،مععن قععوله أن ن ُ َوَلَتْعُل ّ
فرعععون عل فععي الرض ،والمععراد بععه البغععي والظلععم والغلبععة ،
لتسععتكبرن عععن طاعععة العع تعععالى ،أو لتغلبععن النععاس بععالظلم
والعدوان ،وتفرطن في ذلك إفراطا مجاوزا للحد ،وأصععل معنععى
العلععو الرتفععاع ،وهععو ضععد السععفل وتجععّوز بععه عععن التكععبر ،
والستيلء على وجه الظلم .
دا ل ََنا عَبا ًم ِعل َي ْك ُ ْ
عث َْنا َ
ما ب َ َ عدُ ُأوَل ُ
ه َ و ْ جاءَ َ ذا َ فإ ِ ََ
ر يا د ن ال َ
ل لَ خِ نوان س جا فَ د دي ن َ
ش س ُأوِلي بنأ ْ
ِ َ ّ ُ َ ٍ ِ ٍ َ
عوًل )(5 ف ُم ْدا َع ً و ْ ن َ كا َ و َ َ
ع عُد ُأوَلُهَمععا :والوعععد بمعنععى الموعععود ،مععراد بععه جععاَء َو َْف عِإَذا َ
العقععاب ،وفععي الكلم تقععدير ،أي فععإذا حعان وقععت حلععول العقععاب
الموعود ،وقيل الوعد بمعنى الوعيد ،وفيه تقدير أيضععا ،وقيععل
بمعنى الوعد الذي يراد بععه الععوقت ،أي فععإذا حععان موعععد عقععاب
أولى الفسادتين .
عَباًدا َلَنا :البعث بالتخلية وعدم المنع ) البيضععاوي ( عَلْيُكْم َِبَعْثَنا َ
،وقال الزمخشري " :خلينا بينهم وبيععن مععا فعلععوا ولععم نمنعهععم
وفيه دسيسة اعتزال " ،وقال ابععن عطيععة " :يحتمععل أن يكععون
ال تعالى ،أرسل إلى ملك أولئك العباد رسول ،يأمره بغزو بنععي
إسرائيل ،فتكون البعثة بأمر منه تعالى " .
ش عِديٍد :ذوي قععوة وبطععش فععي الحععروب ،والبععأس س َ ُأوِلععي َب عْأ ٍ
والبأساء في النكاية ،ومن هنا قيل ،إن وصععف البععأس بالشععديد
مبالغة .
لَل الّدَياِر :قال الجوهري " الجوس مصععدر ،وقولععك خَ سوا ِ جا ُ َف َ
جاسوا خلل الديار ،أى تخللوها كما يجوس الرجععل للخبععار أى
30
يطلبها " ،أي عاثوا وافسدوا وقتلوا وتخللوا الزقة بلغة جذام ،
بمعنععى الغلبععة والععدخول قهععرا ،وقععال الزجععاج " :طععافوا خلل
الديار ينظرون هل بقي احد لم يقتلوه " ،والجوس طلععب الشععيء
باستقصععاء ،وقععال اللوسععي " :والجمهععور علععى أن فععي هععذه
البعثة ،خرب هؤلء العبععاد بيععت المقععدس ،ووقععع القتععل الععذريع
والجلء والسر في بني إسرائيل ،وحرقت التوراة " .
عًدا َمْفُعوًل :قضاء كائنا ل خلف فيه ،وكان وعد عقابهم ن َو ْ َوَكا َ
ل بد أن يفعل ،أي ل بد من كونه ،مقضيا أي مفروغ منه .
ُ عل َيهننم وأ َ م ال ْ َ م َردَدَْنننا ل َ ُ
مْ ك ناَ ْ دَ د نمنكننّرةَ َ ْ ِ ْ َ ْ كنن ْ ُثنن ّ
فيًرا )(6 م أ َك ْث ََر ن َ ِ
ْ ُ ك نا
َ ْ ل ع
َ جَ و
َ َن ني ِ َ ب و ل وا
ِ ْ َ ٍ َ م بأ َ
عَلْيِهْم :ثم للعطف ،وتفيد التراخي في الزمن ُثّم َرَدْدَنا َلُكْم اْلَكّرَة َ
،يقول اللوسي " جعل َرَدَدنا ،موضع َنُرّد ،فعبر عن المستقبل
سعَفَل بالماضي " ،وُيضيف في تفسير قوله تععالى ) ُثعّم َرَدْدَنععاُه َأ ْ
ن ( ،أي رددنا النسان أسفل سافلين مععن النععار ،إل الععذين ساِفِلي َ َ
آمنععوا وعملععوا الصععالحات ،فلهععم أجععر غيععر ممنععون بعععد البعععث
والجزاء " ،وهذه الكرة بعد الجلوة الولى ،أي الرجعة والدولة
والغلبة ،على الذين ُبعثوا عليكم .
ن :أعطاهم ال الموال والولد . َوَأْمدَْدَناُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َ
جَعْلَنععاُكْم َأْكَثععَر َنِفيععًرا :والنفيععر أي القععوم الععذين يجتمعععون ، َو َ
ليصيروا إلى أعدائهم فيحاربوهم ،وهم المجتمعون للععذهاب إلععى
العدو ،أي أكثر رجال من عدوكم ،والنفير معن ينفعر معع الرجعل
من عشيرته .
31
م ُ تفس نك ُم وإن أ َس نأ ْ ُ لنحسنت ُم ِ َ إن أ َحسنت ُم أ َ
ْ َ ْ ْ َ ِ ِ ْ ْ ْ َ ِ ْ ْ َ
ءوا سننو ُ ة ل ِي َ ُ خننَر ِعنندُ اْل ِ و ْ جنناءَ َ ذا َ فننإ ِ َ هننا َ فل َ ََ
خل ُننو ُ
ه مننا دَ َ جد َ ك َ َسن ِ م ْ خُلوا ال ْ َ ول ِي َدْ ُ م َ هك ُ ْ جو َ و ُ ُ
وا ت َت ِْبيًرا )(7 َ لعَ ما روا ب َ ت يِ ل و ة ر م َ
ل و أَ
ْ َ َ ُ ّ ُ ٍ َ ّ ّ
سْأُتْم َفَلَها :وهذا الخطععاب قيععل ن َأ َ سُكْم َوِإ ْ
سنُتْم َِلنُف ِ ح َ سنُتْم َأ ْ ح َ ن َأ ْ
ِإ ْ
أنه لبني إسرائيل الملبثين ،لما ذكر فى هذه اليات ،وقيل لبني
إسرائيل الكائنين في زمععن محمععد صععلى الع عليععه وآلععه وسععلم ،
ومعناه إعلمهم ما حل بسلفهم فليرتقبوا مثل ذلععك ،وأن إحسععان
العمال وإساءتها مختص بهم ،والية تضمنت ذلك ،وفيها مععن
الترغيب بالحسان ،والترهيب من الساءة ،ما ل يخفى فتأمل .
خعَرِة :أى حضععر وقععت مععا وعععدوا مععن عقوبععة لِععُد ا ْ جاَء َو ْ َفِإَذا َ
المرة الخرة ،وجواب إذا محذوف تقديره بعثناهم لدللععة جععواب
إذا الولى عليه ،فالظاهر فععإذا جععاء وإذا جعاء للدللعة ،علعى أن
مجيععء وعععد عقععاب المععرة الخععرة ،لععم يععتراخ عععن كععثرتهم
واجتماعهم ،دللة على شدة شكيمتهم في كفععران النعععم ،وأنهععم
كلما ازدادوا عددا وعدة ،زادوا عدوانا وعععزة ،إلععى أن تكععاملت
أسباب الثروة والكثرة ،فاجأهم ال عز وجل علععى الغعّرة ،نعععوذ
بال سبحانه من مباغتة عذابه .
حذف جوَهُكْم :اللم لم كي ،وليسوءوا متعلق بفعل ُ سوُءوا ُو ُ ِلَي ُ
لدللة مععا سععبق عليععه ،وهععو جععواب إذا ،أي بعثنععاهم ليسععوءوا
وجوهكم ،أي ليجعل العبععاد المبعوثععون ،آثععار المسععاءة والكآبععة
بادية في وجوهكم ،إشارة إلى أنه جمع عليهم ألم النفس والبدن
.
32
جَد :اللم لم كي ،والضععمير للعبععاد أولععى البععأس سِخُلوا اْلَم ْ َوِلَيدْ ُ
الشديد ،والمسجد مسجد بيت المقععدس ،قععال اللوسععي " :فععإن
المراد به بيت المقععدس ،وداود عليععه السععلم ابتععدأ بنيععانه ،بعععد
قتععل جععالوت وإيتععائه النبععوة ،ولععم يتمّععه ،وأتّمععه سععليمان عليععه
السلم ،فلم يكن قبل داود عليه السلم مسععجد حععتى يععدخلوه أول
مرة ،ودفع بأن حقيقة المسجد الرض ل البناء ،أو يحمل قععوله
تعالى دخلوه على الستخدام ،والحق أن المسجد كان موجععودا ،
قبل داود عليه السلم كما قدمنا " .
خُلوُه َأّوَل َمّرٍة :كما دخلوه أي دخول كائنا ،كععدخولهم إيععاه َكَما َد َ
أول مرة ،قال اللوسي " :والمععراد مععن التشععبيه أنهععم يععدخلونه
بالسيف والقهر والغلبة والذلل ،وفيه أيضا أن هذا يبعععد قععول ،
من ذهب إلى أن أولى المرتيععن ،لععم يكععن فيهععا قتععال ول قتععل ول
نهب " .
عَلْوا َتْتِبيًرا :أي ليدمروا ويخربععوا والتبععار الهلك ، َوِلُيتَّبُروا َما َ
وليتبروا أي يدّمروا ويهلكوا ما غلبوا عليه من بلدكععم ،أو مععدة
علوهم ،أي ما علوا عليه من القطار وملكوه مععن البلد ،وقيععل
ما ظرفية والمعنى مدة علععوهم وغلبتهععم علععى البلد ،تتععبيرا أي
تععدميرا ُ ،ذك عَر المصععدر إزالععة للشععك وتحقيقععا للخععبر ،مععا علععوا
مفعول لتبروا ،أي لُيهلكوا كل شيء غلبوه واستولوا عليععه ،أو
بمعنى مدة علوهم .
عندَْنام ُ ت د ن ع
ُ ن إو م نُ ك م ح ر ي ن عسننى ربك ُنم أ َ
ْ ُْ ْ ْ َ ِ َ ْ َ َ ْ ْ َ ّ َ َ
صيًرا )(8 ح ِ ن َري َ ف ِ م ل ِل ْ َ
كا ِ هن ّ َج َعل َْنا َ ج َ و ََ
حَمُكعْم :لبقيععة بنععي إسععرائيل عسععى ربكععم ،إن ن َيْر َ
سى َرّبُكعْم َأ ْ ع َ َ
أطعتم في أنفسععكم واسععتقمتم أن يرحمكععم ،وهععذه العععودة ليسععت
33
برجوع دولة ،وإنما هععي بععأن يرحععم المطيععع منهععم ،وكععان مععن
الطاعة اتباعهم لعيسى ومحمد عليهما السلم .
صعععل ) ذلعععك لن المتقعععدمين معععن المفسعععرين اعتعععبروا أن تح ّ
المرتين ،كان قبل بعثهما عليهما السلم ( .
عْدَنا :وإن عدتم للفساد بعد الذي تقدم ،عععدنا عليكععم عْدُتْم ُ ن ُ َوِإ ْ
بالعقوبة فعاقبناكم في الدنيا ،بمثل ما عاقبناكم به في المرتين .
صععيًرا :أي محبوسععون فععي جهنععم ل ح ِ ن َ جَهّن عَم ِلْلَكععاِفِري َ جَعْلَنععا َ َو َ
يتخلصون منها .
قننرآن يهنندي ل ِل ِّتنني هنني أ َ
مو َُ قنن ْ ِ َ ذا ال ْ ُ ْ َ َ ْ ِ هنن َ ن َ إِ ّ
مل ُننننو َ
ن ع َ ن يَ ْ ذي َ ن ال ّنننن ِ مِني َ ؤ ِمنننن ْ شننننُر ال ْ ُ وي ُب َ ّ َ
َ َ
جًرا ك َِبيًرا )(9 مأ ْ ه ْن لَ ُ تأ ّ حا ِ صال ِ َ ال ّ
ي َأْقَوُم :أي إلععى الطريقععة الععتي هععي ن َيْهِدي ِلّلِتي ِه َ ن َهَذا اْلُقْرآ َ ِإ ّ
أصوب ،وقيل الكلمة التي هي أعدل .
ج عًرا َكِبي عًرا : ن َلُه عْم َأ ْت َأ ّ حا ِصععاِل َن ال ّ ن َيْعَمُلو َ ن اّلِذي َ شُر اْلُمْؤِمِني َ َوُيَب ّ
شععر بمععا اشععتمل عليععه مععن الوعععد بععالخير ،آجل وعععاجل أي ُيب ّ
للمععؤمنين الععذين يعملععون الصععالحات ،ويععراد بالتبشععير مطلععق
الخبععار ،أو يكععون المععراد منععه معنععاه الحقيقععي ،ويكععون الكلم
مشتمل علععى تبشععير المععؤمنين ببشععارتين ،الولععى مععا لهععم مععن
الثواب ،والثانية ما لعدائهم من العقاب .
م ن هن َ ل نا
َ د ن
تنَ ع
ْ خرة أ َ ِ لْ نا بن ن نو ُ م ْ
ؤ ي ل َ ن ذي ّ ل ا ن وأ َ
ُ ْ ْ ِ َ ِ َ ِ ُ َ ِ ّ َ
ما )(10 َ ع َ
ذاًبا أِلي ً َ
وهععو عععذاب جهنععم ،أي أعععددنا وهيأنععا لهععم ،فيمععا كفععروا بععه
وأنكروا وجوده من الخرة ،عذابا مؤلما وهو أبلغ مععن الزجععر ،
34
لما أن إتيان العذاب من حيث ل يحتسب أفظع وأفجع ،ولعل أهععل
الكتععاب داخلععون فععي هععذا الحكععم ،لنهععم ل يقولععون بععالجزاء
الجسماني ،ويعتقدون في الخرة أشياء ل أصل لها ،فلم يؤمنوا
بالخرة وأحكامها المشروحة ،في هذا القععرآن حقيقععة اليمععان ،
والعطف على أن لهم أجرا كبيرا ،فيكععون إعععداد العععذاب الليععم ،
للععذين ل يؤمنععون بععالخرة مبشععرا بععه ،كثبععوت الجععر الكععبير
شععر
للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ،ومصيبة العدو سرور ُيب ّ
به ،فكأنه قيل يبشر المؤمنين بثوابهم وعقاب أعدائهم ،ويجععوز
أن تكون البشارة مجازا مرسل ،بمعنععى مطلععق الخبععار الشععامل
للخبار بما فيه سرور للمؤمنين .
نوك َننا َ
ر َ عنناءَهُ ب ِننال ْ َ
خي ْ ِ ش نّر دُ َن ِبال ّ سا ُ لن َ عا ِْ وي َدْ ُ َ
جوًل )(11 ع ُن َ سا ُ لن َ ا ِْ
شّر :ويدعو النسان علعى معاله وولعده ونفسععه ن ِبال ّسا ُع اِْلن َ َوَيْد ُ
بالشر ،فيقول عند الغضب :اللهم العنه وأهلكه ونحوهما .
خْيِر :أي كععدعائه ربععه بععالخير ،أن يهععب لععه النعمععة عععاَءُه ِبععاْل َ
ُد َ
والعافية ،ولو استجاب ال دعاءه على نفسه لهلك ،ولكن ال ل
يستجيب بفضله .
جععوًل :بالعدعاء علعى معا يكععره أن ُيسعتجاب لعه عُ ن َ سعا ُن اِْلن َ َوَكا َ
فيه ،قاله جماعة من أهل التفسير ،وقال ابن عباس :ضععجرا ل
صبر له على السراء والضراء .
35
صيًل ): (12 ف ِصل َْناهُ ت َ ْ ء َ
ف ّ ي ٍ
ش ْل َ وك ُ ّ
َ
أي كل ما تفتقرون إليه فى أمر دينكم ودنياكم ،فصلناه تفصيل :
بيناه تبينا ل يلتبععس معععه بغيععره ،أي بينععاه بيانععا غيععر ملتبععس ،
فأزحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا .
أقنننوال المفسنننرين فننني المبعنننوثين أول
وثانيا
من تفسير القرطبي :
" بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ،هععم أهععل بابععل ،وكععان
عليهم بختنصر في المرة الولى ،حيععن كععذبوا إرميععاء وجرحععوه
وحبسوه ،قاله ابن عباس وغيعره ،وقعال قتعادة :أرسعل عليهعم
جالوت فقتلهم ،فهو وقومه أولععوا بععأس شععديد ،وقععال مجاهععد :
جاءهم جند من فارس ،يتجسسعون أخبعارهم ومعهعم بختنصعر ،
فوعى حديثهم من بين أصحابه ،ثم رجعوا إلى فععارس ولععم يكععن
قتال ،وهذا في المععرة الولععى فكععان منهععم جععوس خلل الععديار ل
قتل ،ذكره القشيري أبو نصر ،وذكر المهدوي :عن مجاهد أنه
جاءهم بختنصر ،فهزمه بنو إسرائيل ثم جععاءهم ثانيععة ،فقتلهععم
ودمرهععم تععدميرا ،ورواه ابععن أبععي نجيععح عععن مجاهععد ذكععره
النحاس ،وقال محمد بن إسحاق في خبر فيه طول :إن المهزوم
سنحاريب ملك بابل ،جاء ومعه ستمائة ألف راية تحت كل رايععة
ألف فارس ،فنزل حول بيت المقدس فهزمه ال تعالى ،فرجعععوا
إلععى بابععل ،ثععم مععات سععنحاريب بعععد سععبع سععنين ،واسععتخلف
بختنصر وعظمت الحداث في بني إسرائيل ،واستحلوا المحععارم
وقتلوا نبيهم شعيا ،فجععاءهم بختنصععر ودخععل هععو وجنععوده بيععت
المقدس ،وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم ،وقال ابن عباس وابن
36
مسعود :أول الفساد قتل زكريا ،وقال ابن إسحاق :فسادهم فععي
المرة الولى قتل شعيا نبي ال في الشجرة ،وذكر ابن إسععحاق :
أن بعض العلماء ،أخبره أن زكريا مات موتععا ،ولععم يقتععل وإنمععا
المقتول شعيا ،وقال سعيد بن جبير :في قوله تعععالى ) ثععم بعثنععا
عليكععم عبععادا لنععا أولععي بععأس شععديد فجاسععوا خلل الععديار ( هععو
سنحاريب من أهل نينوى بالموصععل ملععك بابععل ،وهععذا خلف مععا
قال ابن إسحاق ،فال أعلم وقيععل :إنهععم العمالقععة وكععانوا كفععارا
قاله الحسن .
من تفسير ابن كثير :
وقعععد اختلعععف المفسعععرون معععن السعععلف والخلعععف ،فعععي هعععؤلء
المسلطين عليهم من هم ،فعن ابن عبععاس وقتععادة :أنععه جععالوت
الجزري وجنوده ،سععلط عليهععم أول ثععم أديلععوا عليععه بعععد ذلععك ،
وقتل داود جالوت ،ولهذا قال ) ثم رددنا لكم الكرة عليهم ( الية
،وعن سعيد بن جبير :أنه ملععك الموصععل سععنحاريب وجنععوده ،
وعنه أيضا وعن غيره :أنه بختنصر ملك بابل ،وقععد وردت فععي
هذا آثععار كععثيرة إسععرائيلية ،لععم أر تطويععل الكتععاب بععذكرها ،لن
منها ما هو موضوع من وضععع بعععض زنععادقتهم ،ومنهععا مععا قععد
يحتمل أن يكون صععحيحا ،ونحععن فععي غنيععة عنهععا ولع الحمععد ،
وفيما قص ال علينا في كتابه غنية ،عما سواه من بقيععة الكتععب
قبله ،ولم يحوجنا ال ول رسععوله إليهععم ،وقععد أخععبر الع عنهععم
أنهم لما طغوا وبغوا سلط ال عليهم عدوهم ،فاسععتباح بيضععتهم
وسلك خلل بيععوتهم ،وأذلهععم وقهرهععم جععزاء وفاقععا ،ومععا ربععك
بظلم للعبيد ،فإنهم كانوا قد تمردوا ،وقتلععوا خلقععا مععن النبيععاء
والعلماء ،وقد روى ابن جرير :حدثني يونس بن عبد العلععى ،
37
حععدثنا ابععن وهععب ،أخععبرني سععليمان بععن بلل ،عععن يحيععى بععن
سعيد ،قال :سمعت سعيد بن المسععيب ،يقععول :ظهععر بختنصععر
على الشام فخرب بيت المقدس وقتلهم ،ثم أتى دمشق فوجد بها
دما يغلي على كبا ،فسعألهم معا هعذا العدم ؟ فقعالوا أدركنعا آباءنعا
على هذا ،وكلما ظهر عليه الكبا ظهر ،قال :فقتل على ذلك الدم
سبعين ألفعا معن المسعلمين وغيرهعم ،فسعكن وهعذا صعحيح إلعى
سعععيد بععن المسععيب ،وهععذا هععو المشععهور وأنععه قتععل أشععرافهم
وعلماءهم ،حتى أنه لم يبق من يحفظ التوراة ،وأخذ معه منهععم
خلقععا كععثيرا أسععرى مععن أبنععاء النبيععاء وغيرهععم ،وجععرت أمععور
وكوائن يطول ذكرها ،ولو وجدنا ما هو صععحيح أو مععا يقععاربه ،
لجاز كتابته وروايته وال أعلم .
من تفسير الطبري :
فكان أول الفسادين قتععل زكريععا ،فبعععث الع عليهععم ملععك النبععط ،
فخععرج بختنصععر حيععن سععمع ذلععك منهععم ،ثععم إن بنععي إسععرائيل
تجهزوا فغزوا النبط ،فأصابوا منهم واستنقذوا مععا فععي أيععديهم ،
قال ابن زيد :كان إفسادهم الععذي يفسععدون فععي الرض مرتيععن ،
قتل زكريا ويحيى بن زكريا ،سلط ال عليهم سابور ذا الكتاف ،
ملكا مععن ملععوك النبععط فععي الولععى ،وسععلط عليهععم بختنصععر فععي
الثانية .
عن حذيفة بن اليمان ،يقول :قال رسول ال :إن بنععي إسععرائيل
لما اعتدوا وعلوا وقتلوا النبياء ،بعععث ال ع عليهععم ملععك فععارس
بختنصر ،وكان ال قد مّلكه سععبع مئة سععنة ،فسععار إليهععم حععتى
دخل بيععت المقععدس ،فحاصععرها وفتحهععا ،وقتععل علععي دم زكريععا
ي بيععت
سبعين ألفا ،ثععم سععبى أهلهععا وبنععي النبيععاء ،وسععلب حلع ّ
38
المقععدس ،واسععتخرج منهععا سععبعين ألفععا ومئة ألععف عجلععة مععن
ي ،حتى أورده بابل ،قال حذيفة :فقلت يععا رسععول ال ع ،لقععد حل ّ
كان بيت المقدس عظيما عند ال ،قععال :أجععل بنععاه سععليمان بععن
داود ،من ذهب ودر وياقوت وزبرجد ،وكععان بلطععه بلطععة مععن
ذهب وبلطة من فضة وعمده ذهبا ،أعطاه ال ذلك ،وسخر لععه
الشياطين ،يأتونه بهذه الشياء في طرفة عين ،فسار بختنصععر
بهذه الشياء ،حتى نزل بها بابل ،فأقام بنوا إسععرائيل فععي يععديه
مئة سععنة ،تعععذبهم المجععوس وأبنععاء المجععوس ،فيهععم النبيععاء
وأبناء النبياء ،ثم إن ال رحمهم ،فأوحى إلععى ملععك مععن ملععوك
فارس ،يقععال لععه كععورش وكععان مؤمنععا ،أن سععر إلععى بقايععا بنععي
إسرائيل حتى تستنقذهم ،فسار كورش ببني إسرائيل وحلي بيععت
المقععدس ،حععتى رده إليععه فأقععام بنععوا إسععرائيل مطيعيععن ل ع مئة
سعععنة ،ثعععم إنهعععم ععععادوا فعععي المعاصعععي ،فسعععلط الععع عليهعععم
ابطيععانحوس ،فغععزا بأبنععاء مععن غععزا مععع بختنصععر ،فغععزا بنععي
إسرائيل حععتى أتععاهم بيععت المقععدس ،فسععبى أهلهععا وأحععرق بيععت
المقدس ،وقال لهم يا بني إسرائيل ،إن عدتم في المعاصي عدنا
عليكم بالسباء ،فعادوا في المعاصي ،فسعّير الع عليهععم السععباء
الثالث ملك رومية ،يقال لعه قعاقس بعن إسعبايوس ،فغزاهعم فعي
البر والبحر ،فسباهم وسبى حلععي بيععت المقععدس ،وأحععرق بيععت
المقدس بالنيران ،فقال رسول الع :هععذا مععن صععنعة حلععي بيععت
المقدس ،ويرده المهدي إلععى بيععت المقععدس ،وهععو ألععف سععفينة
وسبع مئة سفينة ،يرسى بهععا علععى يافععا ،حععتى تنقععل إلععى بيععت
المقدس ،وبها يجمع ال الولين والخرين " .
ثم اختلف أهل التأويععل ،فععي الععذين عنععى الع بقععوله أولععي بععأس
شديد ،فيما كان من فعلهم ،في المرة الولى في بني إسععرائيل ،
39
حين بعثوا عليهم ،ومن الذين بعععث عليهععم فععي المععرة الخععرة ،
وما كان من صععنعهم بهععم ،فقععال بعضععهم :كععان الععذي بعععث الع
عليهم في المرة الولى جالوت ،وهو من أهععل الجزيععرة ،وفيمععا
روي عن ابن عبععاس قععوله :بعععث الع عليهععم جععالوت ،فجععاس
خلل ديععارهم ،وضععرب عليهععم الخععراج والععذل ،فسععألوا الع أن
يبعث لهم ملكا ،يقاتلون في سبيل ال فبعث ال طالوت ،فقععاتلوا
جععالوت فنصععر ال ع بنععي إسععرائيل ،وقتععل جععالوت بيععدي داود ،
ورجع الع إلعى بنعي إسعرائيل ُملكهععم ،وقعال آخعرون :بععل بعععث
عليهم في المرة الولععى سععنحاريب ،وفيمععا روي عععن سعععيد بععن
المسيب يقول :ظهر بختنصر علععى الشععام فخععرب بيععت المقععدس
وقتلهم ،وقال آخرون :يعني بذلك قوما من أهل فارس ،قالوا :
ولم يكن في المرة الولى قتال ) ،ثم رددنععا لكععم … ( وفععي قععول
ابن عباس ،الععذي رواه عطيععة عنععه ،هععي إدالععة الع إيععاهم مععن
عدوهم جالوت حتى قتلوه ،وكان مجيء وعد المرة الخرة عنععد
قتلهم يحيى ،بعث عليهم بختنصر ،وخّرب بيت المقدس ،وأمععر
به أن تطرح فيه الجيف ،وأعانه على خرابه الروم ،فلما خربععه
ذهب معه بوجوه بني إسرائيل وأشرافهم ،وذهب بععدانيال وعليععا
وعزاريا وميشائيل ،وهؤلء كلهم من أولد النبياء .
وفيما روي عن سعيد بن جبير ،قال :بعث ال عليهم فععي المععرة
الولى سنحاريب ،قال :فرّد الع لهععم الكععرة عليهععم كمععا أخععبر ،
قال :ثم عصوا ربهم ،وعادوا لما نهوا عنه ،فبعععث عليهععم فععي
المرة الخرة بختنصر ،فقتل المقاتلععة وسععبى الذريععة ،وأخععذ مععا
وجد من الموال ،ودخلوا بيت المقدس ،كما قال ال عز وجعل ،
ودخلوه فتّبروه وخّربوه ،فرحمهععم فععرّد إليهععم ملكهععم ،وخّلععص
من كان في أيديهم من ذرية بنعي إسععرائيل ،وعععن مجاهععد قععال :
40
بعث ال ملك فارس ببابل جيشا ،وأمععر عليهععم بختنصععر ،فععأتوا
بني إسرائيل فدمروهم فكانت هذه الخرة ووعدها .وعععن قتععادة
قوله :فبعث ال عليهم في الخرة ،بختنصر المجوسي البابلي ،
أبغض خلق ال إليه ،فسبا وقتل وخّرب بيت المقدس ،وسععامهم
سوء العذاب ،وفيما روي عن ابن عبععاس قععال :فلمععا أفسععدوا ،
بعث ال عليهم في المرة الخرة ،بختنصر فخرب المساجد " .
من تفسير البغوي :
قال قتععادة :إفسععادهم فععي المععرة الولععى ،مععا خععالفوا مععن أحكععام
التوراة وركبوا المحارم ،وقال ابن إسحاق :إفسادهم فععي المععرة
الولى قتععل إشعععياء فععي الشععجرة وارتكععابهم المعاصععي ) ،بعثنععا
عليكم عبادا لنا ( ،قال قتادة :يعني جععالوت الجععزري وجنععوده ،
وهو الذي قتله داود ،وقال سعيد بن جبير :يعني سنحاريب مععن
أهل نينععوى ،وقععال ابععن إسعحاق :بختنصععر البععابلي وأصععحابه ،
وهو الظهر ) ،فإذا جاء وعد الخرة ( وذلك قصدهم قتل عيسى
عليععه السععلم ،حيععن رفععع ،وقتلهععم يحيععى بععن زكريععا عليهمععا
السلم ،فسلط عليهم الفرس والروم خردوش وطيطوس ،حععتى
قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم .
من تفسير الشوكاني :
والمرة الولى ،قتل شعياء ،أو حبس أرمياء ،أو مخالفة أحكععام
التوراة ،والثانية قتل يحيى بن زكريا ،والعزم على قتل عيسى ،
) عبادا لنا ( قيل هو بختنصر وجنوده ،وقيل جالوت ،وقيل جند
من فارس ،وقيععل جنععد مععن بابععل ،والمععرة الخععرة ،هععى قتلهععم
يحيى ابن زكريا ) ،وإن عدتم ( قال أهل السير ،ثم إنهععم عععادوا
إلى ما ل ينبغي ،وهو تكذيب محمد صلى ال عليه وآلعه وسعلم ،
41
وكتمان ما ورد مععن بعثععه فععى التععوراة والنجيععل ،فعععاد الع إلععى
عقوبتهم على أيدي العرب ،فجععرى علععى بنععي قريظععة والنضععير
وبنععي قينقععاع وخيععبر ،مععا جععرى مععن القتععل والسععبي ،والجلء
وضرب الجزية ،على من بقي منهم ،وضرب الذلة والمسكنة .
من تفسير اللوسي :
واختلف في تعييعن هعؤلء العبعاد فعي إفسعادهم الول ،فععن ابعن
عباس وقتادة ،هم جععالوت الجععزري وجنععوده ،وقععال ابععن جععبير
وابن إسحاق هم سنحاريب ملك بابل وجنوده ،وقيل هم العمالقععة
،وفععي العلم للسععهيلي ،هععم بختنصععر عامععل لهراسععف ،أحععد
ملوك الفرس الكيانية ،على بابل والروم وجنوده ،بعثعوا عليهعم
حين كذبوا أرميا وجرحوه وحبسوه ،قيل وهو الحق .
واختلف في تعيين هؤلء العبععاد المبعععوثين ،بعععد أن ذكععروا قتععل
يحيى عليه السلم فععي إفسععادهم الخيععر ،فقععال غيععر واحععد إنهععم
بختنصر وجنوده ،وتعقبه السهيلي وقال بأنه ل يصح ،لن قتععل
يحيى بعد رفع عيسى عليهما السلم ،وبختنصر كان قبل عيسععى
عليععه السععلم بزمععن طويععل ،وقيععل السععكندر وجنععوده ،وتعقبععه
أيضا وقال :بأن بين السكندر وعيسععى عليععه السععلم نحععوا مععن
ثلثمائة سنة ،ثم قال لكنه إذا قيل إن إفسادهم في المرة الخيععرة
بقتل شعيا ،جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصععر ومععن معععه ،
لنه كان حينئذ حيا ،والذي ذهب إليه اليهععود ،أن المبعععوث أول
بختنصر ،وكان في زمن آرميا عليه السلم ،وقد أنذرهم مجيئه
صريحا ،بعد أن نهاهم عن الفساد وعبادة الصنام ،كما نطق به
كتابه ،فحبسوه في بئر وجرحوه ،وكان تخريبه لبيت المقدس ،
في السنة التاسعة عشر من حكمه ،وبين ذلك وهبععوط آدم ثلثععة
42
آلف وثلثمائة وثماني وثلثين سنة ،وبقي خرابا سبعين سععنة ،
جععه وزيععره طيطععوس إلععى ثععم إن أسععبيانوس قيصععر الععروم ،و ّ
خرابه ،فخربه سنة ثلثععة آلف وثمانمععائة وثمانيععة وعشععرين ،
فيكون بيععن البعععثين عنععدهم أربعمععائة وتسعععون سععنة ،وتفصععيل
الكلم في ذلك في كتبهم ،وال تعالى أعلم بحقيقة الحال .
وقال اللوسي " :ونعم ما قيععل إن معرفععة القععوام المبعععوثين ،
بأعيانهم وتاريخ البعث ونحوه ،مما ل يتعلق بععه كععبير غععرض ،
إذ المقصود أنه لما كثرت معاصيهم ،سلط ال تعالى عليهععم مععن
ينتقععم منهععم مععرة بعععد أخععرى ،وظععاهر اليععات يقتضععي اتحععاد
المبعوثين أول وثانيا "
ونقول :نتفق مع اللوسي في بعض ما ذهب إليه ،ونختلف معه
في التقليل من شأن المبعوثين ،التي ما أخبر بهععا سععبحانه ،فععي
كتابه العزيز إّل لكبير غرض ،وهو إثبات أن هذا القران من لدن
لم الغيوب ،لمن هم في شك يلعبون من المسععلمين وغيرهععم ، عّ
فهذه النبوءة تحكععي واقعععا نعاصععره الن ،بكععل تفاصععيله ) َوُكعّل
ل ( ومعرفة وتحديد المرتين ،أمر فععي غايععة صي ً
صْلَناُه َتْف ِ
شيٍْء َف ّ
َ
الهمية .مع أن عبارته الخيرة – رحمه ال -في النص السابق
سععر
،التي أكد فيها " اتحاد المبعوثين أول وثانيا " ،وهععو المف ّ
الوحيد من القدماء ،الذي أشار صراحة إلى هذا المر ،أعطتني
دفعة كبيرة للمضي قدما في هععذا البحععث ،حيععث كنععت قععد تتبعععت
الضمائر الواردة في اليعات ،وتأكعدت معن هعذا المعر فعي بدايعة
البحث ،فقععد أّيععدت هععذه العبععارة ،جانبععا مععن الفكععار الععتي كنععت
أحملها ،فيمععا يتعلععق بهععذه النبععوءة ،بعععدما تععبّين لععي مععن خلل
ن فنععاء دولععةالحاديث النبوية ،التي ذكرتها في بداية البحععث ،أ ّ
إسععرائيل ،سععيكون قبععل قيععام الخلفععة السععلمية ،الععتي مععا زال
43
عامععة المسععلمين ،ينتظععرون ويععأملون قيامهععا ،للقضععاء عليهععم
وإنهاء وجودهم .وبما أن المبعوثين عليهم أول وثانيا متحدين ،
فذلك يعني أن معرفتنا لمن ُبعث عليهم أول ،ستقودنا بالضرورة
لمعرفة من سيبعث عليهم ثانيا ،وثالثعا للكشعف ععن الكععثير ممععا
أحععاط هععذه النبععوءة مععن غمععوض ،كععان سععببا فععي كععثير مععن
التفسيرات المغلوطة ،التي أوقعت ُأناس هذا العصر ،في الحيرة
والرتباك .
كان هذا عرضا لمجمل ما قاله المفسععرين ،أجّلهععم الع ورحمهععم
جميعا ،مع الخذ بعين العتبار أن أحدا منهععم ،لععم يعاصععر قيععام
دولة اليهود للمرة الثانية ،وكان أكععثرهم حداثععة ،هععو اللوسععي
الذي توفي سنة 1227هجععري ،والملحععظ مععن أقععوالهم ،أنهععم
أجمعوا على أن تحّقق المرتين ،كان قبل السلم ،ونسبة إحدى
المرتين ،إلى البعابليين وبقيعادة بختنصععر ) نبوخعذ نصعر ( علععى
الغلععب ،وهععو الحععدث المشععهور تاريخيععا بمععا ُيس عّمى ) السععبي
البابلي ( .
ومعظم ما تقّدم من روايات هي أخبار موقوفة ،على أصععحابها ،
وأصععلها أهععل التععوراة ،حيععث أنهععا المصععدر الوحيععد لمثععل هععذه
الروايععات ، ،والععتي امتلت التفاسععير منهععا ،وهععي ليسععت ممععا
ُيرجعع إليعه معن الحكعام ،العتي يجعب بهعا العمعل ،فُتتحعرى فعي
صحتها أو كذبها ،لذلك تساهل كثير معن المفسعرون فععي نقلهعا ،
وهي في بعض منها أقرب إلى الخرافة .
سععرين ،فقععد أعععاد أغلبهععم نسععخ أقععوال
أّما المعاصععرين مععن المف ّ
القدماء بشكل مختصر ،وأضافوها إلى كتبهم ،ولم يععأتوا بجديععد
إل واحدا ،هو الشيخ سعيد حوى رحمه ال ،حيث أعلمنععي أحععد
44
الزملء بذلك ،عندما عرضععت عليععه بعععض نتععائج هععذا البحععث ،
فقال لي بععأن إحععدى النتععائج الععتي خرجععت بهععا ،كععان الشععيخ قععد
طلعععت علععى تفسععيره لهععذه اليععات أوردهععا فععي تفسععيره ،وقععد ا ّ
مؤخرا ،فوجدت بأن الشيخ ،ق عّدمها كاحتمععال موسععوم بالشععك ،
ولكنا نطرحها علععى وجععه اليقيععن ،الععذي ل ُيخععالطه شععك ،بععإذن
ال .
أما أناس هذه اليام ،ممن علم أو لم يعلم ،فقد جاءوا بتفسيرات
وأقوال شتى في هذه اليات ،منهععا مععا وافععق تفسععيرات القععدماء
وأقععوالهم مععن جععانب ،وخالفهععا فععي جععوانب آخععرى ،ومنهععا مععا
خالفها جملة وتفصيل .
بعض مننن أسننباب الضننطراب والرتبنناك ،
في تفسير آيات سورة السراء ؟
هجر القرآن
القرآن في العادة ،ل ُيقرأ من قبل عاّمة المسلمين ،هذه اليععام ،
إل ما رحم ربي ،وإن ُقرء ،فهي قراءة بل تفّكر أو تدّبر ،حععتى
أصبحنا إذا سمعناه ،يصدر من أحد البيوت ،فععي ح عيّ أو شععارع
قريب ،تساءلنا فيما إذا كان أحدهم قد مات ،قععال تعععالى ) َوَي عْوَم
ل) س عِبي ً
سععوِل َت َمَع الّر ُخْذ ُعَلى َيَدْيِه َيُقوُل َياَلْيَتِني اّت َ ظاِلُم َض ال ّ َيَع ّ
ن الّذْكرِعْضّلِني َل )َ (28لَقْد َأ َ خِلي ً
لًنا َ خْذ ُف ََ (27يَوْيَلِتي َلْيَتِني َلْم َأّت ِ
سععوُل خُذوًل )َ (29وَقاَل الّر ُ ن َ سا ِلن َ ن ِل ِْ
طا ُ شْي َ
ن ال ّ جاَءِني َوَكا َ َبْعَد ِإْذ َ
جععوًرا ) 30الفرقععان ( . ن َمْه ُخ عُذوا َه عَذا اْلُق عْرآ َ ن َق عْوِمي اّت َ َي عَربّ ِإ ّ
وهجر القعرآن نبعوءة ،وقععد تحققعت فعي زماننعا هعذا ،وأّنعى لنعا
هذا ،فالتفكر والتدبر في أمور الحياة الدنيا ،أشغلنا وأغنانا عععن
الخرة ،التي ما خل من القرآن موضع ،إل وذّكرنا بهععا ،وهععذا
45
أخشى ما نخشاه ،لننا ل نريد أن نتذّكر ،لكيل نتأّلم من المصير
المرعب ،الذي نسجناه بأيدينا ،والذي إن تععذّكرناه ،لععم يغمععض
لنا جفن ،ولم ترقأ لنا عين .
تجمينند القننرآن وتعطيلننه وفصننله عننن
الواقع ،ماضيا وحاضرا ومستقبل
يذهب كثير من الناس ،من علماء وعاّمة ،إلععى أن فهععم القععرآن
واكتشاف مكنونععاته ،مقصععور علععى فئة معينععة مععن النععاس دون
غيرهم ،أو في زمان أو مكان دون آخععر .بععالرغم مععن أن هنععاك
الكثير من التفسيرات الخاطئة ،والروايات المضّللة أحيانععا ،فععي
حح لغايععة الن .ونحععن كتععب التفسععير القديمععة ،والععتي لععم تص ع ّ
باعتمادنا بشكل كّلي على تفسيرات القدماء ،حرمنععا أنفسععنا مععن
فهم كثير من اليات ،ذات الصععلة بواقعنععا المعاصععر ،والععتي مععا
كان لحد من المفسرين قديما ،القدرة على تفسيرها ،فععي زمععن
يسبق زماننا هذا ،ول نقصد هنا التعريض بأي حال من الحععوال
،بأي من المفسرين أجّلهم ال ،فكل له عععذره وأسععبابه ،ولكععن
نريد أن نؤكد من خلل هذا الكتاب أن القععرآن مععا زال حّيععا ،ومععا
زالت لديه القدرة ،على التيان بجديععد حععتى قيععام السععاعة ،ولععم
يكن فهم القرآن يوما ،ولن يكون محصععورا ،بزمععان أو مكععان ،
أو أشخاص دون غيرهم .
الغموض والبهام فنني نصننوص النبننوءات
المستقبلية
عععادة ل ُتسععتخدم النصععوص الصععريحة ،فععي الكتععب السععماوية ،
وفي السنة النبوية ،كأسلوب للخبار عععن مضععامين النبععوءات ،
فعادة معا ُيسعتعمل الوصعف والتشعبيه والتمثيعل .وهعذا هعو حعال
46
مجمل النبوءات المستقبلية ،تبقى بعض نصوصها عصععية علععى
سععر
الفهم ،حتى تتمكن من تجسيد نفسها على أرض الواقع ،لتف ّ
نفسها بنفسها .فلكتمال معالمها ،أسباب ومسببات ،ل بععد لهععا
من أخذ مجراها الطبيعي .وعادة ما تكون في جانب منها مبهمععة
،خاصة للطععرف صععاحب الععدور الكععبر ،بترجمععة أحععداثها علععى
أرض الواقع .
وفي المقابل تبقى بعض نصوصها سععهلة للهضععم والفهععم ،لمععن
جاءت في كتبهم ،إذا عاصععروها ،ولكععن بالَقعْدِر الععذي ل يسععمح
لهععم ،بالتععدخل فععي مجرياتهععا ،أو تعطيععل السععباب والمسععببات
المؤدية لتحّققها .ولتبقععى قععدرتهم علععى التععدخل مقّيععدة ،بمععا لععم
يعرفوه يقينا ،مما ُأبهم عليهم من نصوص النبوءة .ومثال ذلععك
ما جاء في كتب اليهععود والنصععارى ،مععن نصععوص تبشّععر بنبععوة
سيدنا محمد عليه الصلة والسلم .وبالرغم من كثرة النصععوص
التي أخبرت عنه ،لم يستطع اليهود الستدلل عليععه يقينععا ،قبععل
ظهور أمره ،وإل لقتلوه .وصععاحب النبععوة لععم يكععن يعلععم ،بععأنه
المقصود بنبععوءات أهععل الكتععاب ،قبععل أن يتنعّزل عليععه الععوحي ،
وحتى اسمه ) محمد ( عليه الصلة والسلم ،جاء مغايرا لسمه
) أحمد ( الموجود في كتبهم ،حيث جاء بالمعنى وليععس بععاللفظ .
سععر جميععع وبعععدما ُبعععث ،ومععع مععرور الزمععن ،بععدأ الواقععع ُيف ّ
النصوص التي كانت بحوزتهم شيئا فشيئا .أما قريش فمععا كععانت
ُتصّدق من نبوءات أهل الكتاب شيئا .
وحتى لو ُكشفت مضامين النبوءات ،عنععد اكتمععال معععالم القععدر ،
وقبل تحقععق الفصععل الخيععر منهععا ،كععان مععن الصعععب علععى ذوي
العلقة ،إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ،من أجل التأثير على
مجريات أحداثها ،أو منع تحّققها ،وخاصععة أن معظععم النبععوءات
47
إذا ُفسّرت ،وكان واقع الحال ل يتطابق مع التفسير ،وهععذا أمععر
طععبيعي جععدا ،فعععادة مععا ُيجععابه التفسععير بالنكععار والتكععذيب ،أو
التشكيك حتى ممن يعنيهم المر ،أو الظععن أن بالمكععان منعهععا ،
كما هو الحال عند بني إسرائيل ،الذين يعلمون هذه النبوءة علععم
اليقين ،وُيحععاولون جهععدهم منععع تحّققهععا ،كمععا حععاولوا جهععدهم
البحث ،ععن نبينععا عليععه الصععلة والسععلم ،لمنعع بعثععه وظهععور
أمره .وكما سيكون الحال مع كثير من الناس ،الععذين سععيقرأون
هذا الكتاب ،الذي نكشف فيه ملبسات تحّقق وعد الخععرة ،كمععا
لم تكن من قبل ،بعد أن تشابكت خيوطها ،واتصلت بإحكععام منععذ
سنين عدة ،ولكن الناس كانوا عنها غافلين .
فهم اللفاظ ومدلولتها
في كثير من الحيان نفهم ألفاظ القرآن ،بالمعنى الذي نسععتخدمه
به في حياتنا المعاصرة ،وربما يكون هذا السععتخدام مختلععف أو
مخععالف تمامععا ،لسععتخدام العععرب القععدماء -الععذين نععزل القععرآن
بلغتهم -لنفس اللفظ ،مما يتسّبب فعي سعوء التفسعير أو الفهعم .
صعَل ( ،فنحععن نسععتخدم هععذا فعلى سبيل المثال ،لنأخععذ كلمععة ) َف َ
اللفظ تقريبععا بمعنععى واحععد ؛ َقطعَع التيععار َ ،فعّرق مععا بيععن شععيئين
بشيء ثالث ،طرده من الوظيفة .أما العععرب القععدماء فقععد كععانوا
يستخدمونها بمعان شتى ،تفهم عادة من السعياق ،منهععا ؛ َقطعَع
ج ،ومععن هععذه المعععاني تسععتطيع تفسععير قععوله تعععالى خَر َ
قو َ وَفّر َ
جُنوِد ) 249البقععرة ( ،علععى أن طععالوت ت ِبععاْل ُ
طععاُلو ُ
ص عَل َ
) َفَلّما َف َ
خرج بالجنود .
وفي كثير من الحيان ،يحمل اللفظ الواحد في القععرآن ،مفهومععا
عامععا عريضععا ،وينععدرج تحتععه عععدة مفععاهيم خاصععة ُ ،يعّرفهععا
48
صلها القرآن في مواضع عديدة .ومن هذه اللفاظ على سبيل وُيف ّ
المثال ؛ الفساد والعلععو والفاحشععة والظلععم ،وهععذه كلهععا مفععاهيم
عامععة ،يختلععف تحديععد مواصععفاتها ومقاييسععها ،بععاختلف فهععم
الشععخص علععى سععبيل المثععال لماهّيععة اللفععظ .وإذا تركنععا الجابععة
للناس ،كٌل حسب رأيه ،ستجد أن هناك تعاريف عديدة ومتباينة
،أما القرآن فله تعريفه الخاص .
فلنأخذ لفظ الظلم ،يقول سبحانه وتعالى ) َوَما ُكّنا ُمْهِلِكي اْلُقععَرى
ن ) 59القصص ( ،فما هي ماهيععة هعذا الظلعم ، ظاِلُمو َ
ِإّل وََأْهُلَها َ
الذي يتحتم عليه إهلك القرى ؟ وكيف تسععتطيع القععرى أن تسععلم
من الهلك ،بما أن الظلم هو المقياس لذلك ،كما أخبر رب العزة
؟ ولفهم دللة هذا اللفظ ،يتحتم عليك أن ُتلّم بكل ُمتعّلقاته ،فععي
جميع اليات القرآنية ،التي ورد فيها ذكره ،لتخرج فععي النهايععة
بما ُيشبه المقياس ،الذي من خلله تستطيع تعريف هذا المفهوم
،بالمقياس اللهي له ،وليس بالمقاييس الشخصية للناس .
اليجاز الشديد
مثعععل قعععوله تععععالى ) فجاسعععوا خلل العععديار ( ،حيعععث وصعععف
سبحانه ،كل ما فعله أولئك العباد ،في المرة الولى بثلث كلمات
فقط ،أو بالحرى كلمة واحععدة هععي ) فجاسععوا ( ،وبععالرغم مععن
ذلك ،فإن هذه الكلمة ،وعند الطلع معانيها في المعجم ،ستجد
أنها تصعّور مشععهدا سععينمائيا كععامل ،وبععدون الطلع علععى تلععك
المعاني ،لن تمتلك القدرة على تخّيل ذلك المشهد .
الحذف وتقدير المحذوف
حذف كلمة أو عبارة من السياق ،لسبق الدللة عليها فيما تقدم
من نصوص ،مثل حذف جواب شرط إذا الخاص بوعد الخععرة ،
49
وتقععديره ) بعثنععاهم عليكععم ( فععي اليععة ) ، (7لدللععة قععوله تعععالى
) فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم ( في الية ) . (5
اللتفات
الحععديث عععن الغععائب ،ومععن ثععم النتقععال لتععوجيه الخطععاب إلععى
الحاضر ،والعكس بععالعكس ،بيععن حيععن وآخععر ،مثععل ) وقضععينا
إلى – الحديث هنا عن الغائب ) السابقين من بني إسرائيل ( …
ن في – الخطاب هنعا إلععى الحاضععر ) المعاصعرين معن بنعي لتفسد ّ
إسععرائيل ( . ( ..عععادة مععا يسععتخدم هععذا السععلوب ،فععي إخبععار
المستمع الحاضر عن حدث وقع في الماضي .والهدف من إنزال
هذه النبوءة في كتاب موسى ،وإعادة نسععخها فععي القععرآن ،هععو
كشف للغيب الذي ل يعلمه إل من أخبر عنه ،فيما أنزله من كتب
على ُرسله ،لعل الناس المعاصرين بربهم يؤمنون ،عنععد تحقععق
هذه النبوءة بكل تفاصععيلها ،كمععا جععاءت فععي الكتععب السععماوية .
لذلك جاء الخبار في القععرآن للنععاس كافععة ،وجععاء الخطععاب لععبي
صة ،لن المر يعنيهم أكثر من غيرهم ،فلعّلهععم إلععى إسرائيل خا ّ
ربهم يرجعون .
لقد أخبر سبحانه فععي اليععة ) (2أنععه آتععى موسععى الكتععاب ،وفععي
الية ) (4أخبر بأنه أنزل في ذلك الكتاب نص هذه النبوءة ،التي
سيشرع فيما يلي بالخبار عنها بكل تفاصععيلها ،كمععا جععاءت فععي
كتاب موسى ،حيث جععاء النععص آنععذاك مخاطبععا لبنععي إسععرائيل .
وإتيان النص بأسلوب المخاطبة لبني إسرائيل في القععرآن ،يفيععد
أن هناك جزء من هذه النبوءة سيتحقق مستقبل بعععد نععزول هععذه
اليات ،وأعيد النص لتذكير بني إسرائيل وتنبيههم وتحععذيرهم ،
50
من مغبة الفساد في الرض في المرة لثانية ،ممععا يععترتب عليععه
نفاذ الوعد الثاني ،كما نفذ الوعد الول .
طب فعععي هعععذه اليعععات ،هعععم بنعععوا إسعععرائيل ومعععع أن المخعععا َ
) المعاصععرين ( ،ولكععن يجععب أل ننسععى ،أن هنععاك مععن يقععرأ
ويسمع خطابه تعالى – لبني إسرائيل – من خلل القععرآن ،ممععن
هم من غير بني إسرائيل ،ول يعلمون من أمر هذه النبوءة شيئا
،فيما إذا كانت قد أنزلت عليهم في كتابهم أم ل ،فابتدأ عز وجل
القصععة بالخبععار عععن وجودهععا فععي كتععابهم ،لمععن ل يعلععم مععن
الجمهور بذلك ،من مستمع وقارئ لهذه القصة .لُيعيد الجمهور
إلى الجواء التي ُأنزلت فيهععا هععذه النبععوءة ،ليسعُهل فهمهععا مععن
قبلهععم .وليصععبحوا مسععاوين لبنععي إسععرائيل فععي معايشععة تلععك
الجواء ،التي يعرفونها كما يعرفون أبنائهم ،من خلل ما لديهم
مععن كتععب .لععذلك تجععده سععبحانه أحيانععا يتععوجه بالخطععاب إلععى
الجمهور ،تاركا ) خطاب بني إسرائيل ( ،ليضيف إليهم خبرا أو
تعقيبا ،على جزء معين من هذه النبوءة ،أو إيضاحا أو تفصععيل
،لم يرد في النص الصلي للنبوءة ،التي سبق أن ُأنزلت عليهم ،
أو تحقق بعد نزولها ،لزم إخبار الجمهور عنه في هععذه اليععات .
فالحكمة من الخبار بهععذه النبععوءة والكشععف عنهععا للبشععر ،هععي
صل اليمان بالقرآن ومععن أنزلععه ومععن ُأرسععل بععه ،كمععا عّقععب تح ّ
سبحانه بقوله في نهاية السورة ) ُقْل َءاِمُنععوا ِبعِه َأْو َل ُتْؤِمُنععوا )
107السراء ( .وسنبين إن شاء ال ع كععل موضععع ،حصععل فيععه
التفات ،لتصبح نصوص النبوءة أكععثر وضععوحا وأسععهل للفهععم .
وعدم معرفة ماهية اللتفات ومواضعه -أحد أوجععه البلغععة فععي
لغة العععرب – سععيجعل معن الصعععوبة بمععا كععان ،أن يفهععم النععاس
51
النصوص القرآنيععة بشععكل صععحيح ،وربمععا يقلععب المعنععى بشععكل
مخالف تماما .
الضمائر
متابعععة الضععمائر فععي هععذه اليععات ،بأنواعهععا الثلثععة ،المتكّلععم
طب والغائب ،وتحديد على من يعود كل منها .وهنا ل بععد والمخا َ
ن كل الضمائر الواردة فعي اليعات ) -4 أن نوضح ونؤكد ،على أ ّ
، ( 8ما عدا ضمائر المتكّلم التي تعود عليه سبحانه ،تعود على
أولئك العباد أولي البأس الشديد أنفسهم في مواضع ،وعلى بني
إسععرائيل فععي مواضععع أخععرى ،وهععي محصععورة فيهععم علععى
الطلق ،إذ لم يضف النص طرفا ثالثا .
العتراض
وهععو إضععافة جملععة إلععى السععياق ،كتعقيععب علععى خععبر قععد سععبق
ذكره ،زيادة في اليضاح والبانة ،وهو أحد أوجه البلغة أيضا
.وعدم وجود هذا التعقيب ،ربما ُيثير التساؤل في ذهن المستمع
،فُيضيف الراوي مععن تلقععاء نفسععه خععبرا جديععدا ،ليععدفع الحيععرة
عنععه ،ومنعععا لتععوارد الجتهععادات والتفسععيرات الخععاطئة فععي
مخيلته ،ولُيغني المستمع الحاجة إلععى السععؤال .فعععادة مععا تععأتي
الجملة المعترضة كإضافة ،لزالة الغموض واللبععس ،الععذي قععد
ينجم عن سوء تقدير المستمع ،ولزوم هذا التعقيب يعود لتقععدير
الراوي .
وقد وقع العتراض في نصوص النبوءة في موضعين ،في قوله
تعععالى " وكععان وعععدا مفعععول " ،للتعقيععب علععى الوعععد الول ،
لبيععان أن هععذا كععان قععد ُأنجععز أم لععم ُينجععز .وفععي قععوله تعععالى "
وليتّبروا معا علعوا تتعبيرا " للتعقيعب علعى العلعو الكعبير الخعاص
52
ببني إسرائيل ،لبيان وتأكيد أن هذا العلو ستتم إزالته مستقبل ل
محالة .
الهوى والعاطفة
نحن كمسلمين مرتبطون عاطفيا بالمسجد القصععى ،ومرتبطععون
عاطفيععا بععالبطولت السععلمية وأبطالهععا ،ومرتبطععون عاطفيععا
بالخلفععة السععلمية وخلفائهععا ،لنهععا تععوّفر لنععا شعععورا بععالعزة
والكرامة طالما افتقدناه ،ونحن بأمس الحاجة إليععه هععذه اليععام .
وفي المقابل نحن أبعد ما نكون عن السلم ،في حياتنا العملية ،
ولععو نظرنععا فععي أعمععاق أعماقنععا ،لوجععدنا أننععا نرفععض السععلم
كأسععلوب للحيععاة ،لن السععلم بكععل بسععاطة يرفععض كععل مظععاهر
سك بها الن معظععم المسععلمين ،ويسععون الحياة الدنيا ،التي يتم ّ
لبقائهععا ويحرصععون علععى إدامتهععا والسععتزادة منهععا مععا أمكنهععم
ذلك .
نص هذه النبععوءة موجععود فععي كتععب اليهععود ،فمععا الععذي قععام بععه
زعماؤهم العلمانيون والمتدينون ،عنععدما أرادوا أن يقيمععوا لهععم
دولة ؟ أخذوا من النبوءة الجزء الخاص بالعودة من الشتات ورد
سروها على أن ال أراد لهم ذلك ،بغععض النظععر عععن السبي ،وف ّ
فسادهم وإفسادهم ،وأخفوا النصععوص الععتي ُتح عّذر مععن العقوبععة
التي تنتظرهم ،لُيضفوا على عودتهم إلععى فلسععطين ،بعععدا دينيععا
توراتيععا ،وبالتععالي اسععتطاعوا كسععب التأييععد والععدعم المععادي
والمعنعععوي ،سياسعععيا واقتصعععاديا وعسعععكريا ،معععن اليهعععود
والنصارى على حد سواء .
نحععن أيضععا نملععك نععص النبععوءة نفسععها ،وملزمععون بتحريععر
القصى ،ولننا نشعععر بععالعجز وقصععر ذات اليععد ،قمنععا بإضععفاء
53
البعد الديني على عملية التحرير ،بحصرها بخلفة إسلمية غير
منظورة علععى المععدى القريععب ،واسععتبعدنا احتماليععة أن يتععم هععذا
المر ،خارج هذا الطار العععاطفي .وبعععد أن تقوقعنععا داخععل هععذا
جه .سر المعطيات حسب ما يتوافق مع هععذا التعو ّ الطار ،بدأنا ُنف ّ
حتى بلغ بنا المر ،إلى أن ُنحّمل النصوص القرآنية ما ل تحتمله
،لتوافق رغباتنا وأهوائنا وتطّلعاتنا كمنتسبين للسععلم .فأخععذنا
عبارة ) عبادا لنا ( ،وعبارة ) وليدخلوا المسجد ( وعبارة ) كما
دخلوه أول مرة ( ،وسلخناها عن جلدها ،وقمنععا بالسععهاب فععي
تفسير وتفصيل هذه العبارات ،وأهملنا بعض العبارات الخرى ،
سرنا بعضها الخر بشععكل ُينععاقض فحواهععا ،فعزلنععا العبععارات وف ّ
عن آياتها ،وعزلنا اليات عن بعضها ،وعزلنا مجموعة اليات
عن السورة ،وعزلنا السورة عن القععرآن ،وعزلنععا القععرآن ععن
كععل شععيء .فخرجنععا باسععتنتاجات وتحليلت وأصععدرنا أحكععام ،
حرمت الكععثير مععن النععاس مععن المعرفععة الحقيقععة ،الععتي تكتنفهععا
نصوص هذه النبعوءة ،الععتي تعم تفسععيرها ،بتغليعب معن الهععوى
والعاطفععة ،علععى النصععوص القرآنيععة والسععنة ،وعلععى العقععل
والمنطق والواقع والتاريخ والجغرافيا .
وبذلك أزاحت بعض التفسيرات ،التي حصرت تحريععر القصععى ،
بالخلفة السلمية عن غير قصد ،عععن كاهععل هععذا الجيععل عبععء
فكرة التحرير ،وأبعدت عن أذهان الناس شبح حرب قادمة ،مما
ساهم بشكل غير مباشر ،في تخدير أمة السلم لسنين طويلععة ،
لينُعم الناس بحياة آمنة مطمئنة ،ولكن للسف بعيدا عن الععدين .
فالخلفععة السععلمية علععى المععدى القريععب صعععبة التحقععق ،لن
مقومات قيامها ضمن الظروف الراهنة معدومة .والمععة بحاجععة
لمن ُينّبهها ل لمن ُيخّدرها … وقبععل طععرح هععذه الفكععرة الخطععرة
54
عن تحرير المسجد القصى … ونسععبها إلععى كتععاب ال ع … وأن
ال أراد ذلك … كان على رّواد هذه الفكععرة … أن يتجعّردوا مععن
عواطفهم وأهوائهم كليا عند تفسير آيات الع … فعالقرآن يطلععب
العقل سبيل للفهم ل العاطفة والهوى … لدرجة أنه جعل ) القلب
( موطنععا للعقععل بععدل مععن العاطفععة … وأن ُيفّكععروا ملّيععا قبععل أن
ُيقّدموها للناس … فنحن بحاجة لبناء مساجد في نفععوس النععاس
… فإن استطعنا القيام بذلك … فلن نحّرر المسجد القصععى فقععط
… بل سنحّرر العالم بأسره … وإن لم نستطع فععالحرى بنععا …
أن نعتزل ونفّر إلى رؤوس الجبال … بععأطلل المسععاجد المتبقيععة
في نفوسنا … حتى يأتي ال بأمره … !!!
طععر والبعيععد جععدا ،عمععا جععاء فععي النصععوص هععذا الطععرح الخ ِ
القرآنيععة ،سععيؤدي بالنععاس ل محالععة ،إلععى الوقععوع فععي الحيععرة
والرتباك ،ونشوء كثير من علمات الستفهام ،حععول مععن ق عّدم
هععذه التفسععيرات ،وحععول مصععداقية كتععاب الع نفسععه ،مععن قبععل
ضعاف اليمععان والعقععل والقلععب ،عنععدما تتحّقععق النبععوءة بشععكل
مغاير لتلك التفسيرات .
ربما ُيصّر الكععثير مععن الواقعيععون ،علععى أن الواقععع ُينععاقض ممععا
يطرحه هذا الكتاب .غيععر أن هععذا الواقععع سععيتغير بالتدريععج ،أو
بين عشية وضحاها ليتوافق مع أمر ال .وإن لم يتوافق ،فععأمر
ال فوق الواقع ،وكثيرا ما يأتي بغتة .وبالرغم من ذلك ،أعتقد
بأن كثير مععن المتغيععرات ،علععى المسععتوى القليمععي والعععالمي ،
سععتلوح فععي الفععق ،قبععل مجيععء أمععر الع ،وسععيلحظها كععل ذي
بصيرة .
55
صلناه تفصيل وكل شيء ف ّ
س عَراِئيَل َأْكَث عَر اّل عِذي
ص عَلى َبِني ِإ ْ ن َيُق ّ ن َهَذا اْلُقْرآ َقال تعالى ) ِإ ّ
ن ) 76النمل ( ،هذه اليععة الكريمععة تؤكععد أن هععذا خَتِلُفو َُهْم ِفيِه َي ْ
ص علععى بنععي القرآن ،فضل عن مخاطبته لكافة البشر ،جاء ليق ّ
ضح لهععم بشععكل خععاص ،كععثيرا ممععا إسرائيل ،أي لُيخاطبهم ويو ّ
اختلفععوا فيععه ،مععن أمععور الععدين والععدنيا والخععرة .فهععو يحكععي
تاريخهم ،ويعرض مواقفهم من أنبيععائهم ،ومشععاهد مععن كفرهععم
وعصععيانهم وعععدوانهم ،والعععذابات الععتي أنزلهععا العع بهععم ، ،
ويكشف طبائعهم ،ويفضح سرائرهم ،وُيفّند أقوالهم ،وُيحّذرهم
وُيحّذر منهم ،وُيبّين لهم حقيقة ما جاء به رسلهم وأنبيائهم مععن
وحي ،بعد أن طمسته وشّوهت معالمه أقلم أحبارهم .
يٍء شع ْويقول سبحانه في الية ) (12من سورة السراء َ ) ،وُكّل َ
ي مما سبق هذا القول من آيات ، ل ( ،أي أن كّل ش ّ صي ًصْلَناُه َتْف ِ
َف ّ
قّد بّينه سبحانه ،بيانا واضحا ل ُلبس فيه .وهذا القععول البليععغ ،
عندما تقرأه مرارا وتكرارا ،تجد أن له وقعا خاصععا فععي نفسععك ،
واليات العتي تسععبق هعذا القععول ،تخبرنععا عععن أمعر يتعلععق ببنعي
إسرائيل ،من حيث إفسادهم وعلععوهم وعقععابهم .وقععد جععاء هععذا
القول ) بالفعل ومفعوله المطلق للمبالغة في التأكيد ( مرة واحدة
في القرآن ،في هذا الموضع بالذات ،تعقيبا علععى مععا مجمععل مععا
ت عاّمععا كمععا فععي قععوله تعععالى ) ِكَتععا ٌ
ب جاء قبله من آيات ،ولم يأ ِ
ن ) 3فصععلت ( ،أو فععي عَرِبّيععا ِلَق عْوٍم َيْعَلمُععو َ
ت َءاَياُتُه ُقْرَءاًنا َصَل ْ
ُف ّ
حَمعةً عْلعٍم ُهعًدى َوَر ْ عَلى ِ صْلَناُه َ
ب َف ّ جْئَناُهْم ِبِكَتا ٍ
قوله تعالى ) َوَلَقْد ِ
ن ) 52العراف ( . ِلَقْوٍم ُيْؤِمُنو َ
56
وإن دّل هذا على شيء ،فإنما يّدل على أن ما تتح عّدث عنععه هععذه
صععله سععبحانه تفصععيل ، اليات ،أمر غاية في الهمية ،ولذلك ف ّ
ك أو تقّول ،وأن هذا التفصيل جاء لِعظم وأبانه بيانا ل يختمره ش ّ
هذا المر ،وأن معرفته بكل دقائقه وتفاصيله ،ل بد إل أن يكون
فيه الكثير ،من النفع والفائدة ،لمن ُيخاطبهم القرآن ،ومععا كعان
بيانه وتفصيله عبثا .ومععا كععان هععذا الفصععل ،إل للتعريععف بهععذه
الدقائق والتفاصيل ،وما جاء هذا الكتاب إل لتعميم الفععائدة علععى
الناس ،وال من وراء القصد .
لو أمعنت النظر في مجمل سورة السراء ،لوجدت أنهععا تنععاوبت
ما بين أسلوبي الخبار والمخاطبة ،ولو أمعنت النظر في مقدمة
طبة للمسلمين ،بصفة السورة ،ستجد أنها جاءت إخبارية وُمخا ِ
صة .
طبة لبني إسرائيل ،بصفة خا ّ عاّمة ،وإخبارية وُمخا ِ
والسؤال الول :لمععاذا ُأعيععد نععص النبععوءة بأسععلوب المخاطبععة ،
لبني إسرائيل في عصر أمة السلم ؟
مقدمععة السععورة ) اليععات ( 3-1جععاءت كتمهيععد ،فهععي تععذكر
المسجد القصى ،وتبين قدسّيته عند ال وبالتالي عند المسلمين
،وتذُكر كتاب موسى عليه السلم ،وتّذكر بني إسرائيل بما جععاء
فيه ،وبالذات عدم الشرك بال ،واّتخاذ وكلء من دونه ،ويم عنّ
ل عليهم ويذكرهم بنجاة أسلفهم من الطوفان ،وبنفس الععوقت ا ّ
يحّذرهم من الهلك ،من خلل ذكر نوح عليه السععلم ،وأّنععه مععا
كان لنوح ومن معه النجاة ،لول إقععراره بالعبوديععة ل ع ) عبععدًا (
أوًل ،وقيامه بالعبادة ل ) وشكورًا ثانيًا ( .
السععؤال الثععاني :لمععاذا التمهيععد ،وبهععذا الشععكل المرعععب لبنععي
إسرائيل ؟
57
هناك قول بأن كلتععا المرتيععن وقعتععا قبععل السععلم ،فلععو كععان هععذا
المر صععحيحا ،لتععوجب أن يكععون نععص النبععوءة كععامل بأسععلوب
الخبععار ،ولمععا كععان هنععاك داعععي لوجععوده أصععل ،فقععد أخبرنععا
سبحانه فععي مواضععع أخععرى فععي القععرآن ،بععأنه غضععب عليهععم ،
ولعنهم وضععرب عليهععم الذلععة والمسععكنة ،وتوعععدهم بععأن يبعععث
طعهم فععي عليهم ،من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة ،وق ّ
الرض أمما .
السؤال الثالث :ما هو المر الذي خرج عن كل مععا تق عّدم ،فععأراد
سبحانه لفت أنظارنا إليه ،مبينا أهميته ،ومنبها إليها ؟
بما أن المرتيععن متشععابهتين تمامععا ،فلععو فرضععنا جععدل أن القععول
السابق صحيح ،لكان من الحرى ،أن يأتي النععص فععي الحععديث
عن المرتيععن مجمل ،علععى سععبيل المثععال ،علععى النحععو التععالي ،
) … لتفسدن … مرتين ولتعلن علوا كععبيرا … فععإذا جععاء وعععد
كل منهما ،بعثنا عليكم عبادا لنا أولععي بععأس شععديد … فأسععاءوا
وجوهكم ودخلوا المسجد … وكان كّل مععن الوعععدين مفعععول …
وتّبروا ما علوا تتبيرا ( .
صععلت اليععات ،كعّل مععرة علععى صععلت وَف ّ
السععؤال الرابععع :لمععاذا َف َ
حدة ؟
الية الرابعة ،أجملت ثلثة شروط مععن شععروط المرتيععن ،وهععي
الرض ) المقّدسة ( والعلعو والفسعاد ،واليعة الخامسعة أفعردت
وأوجزت الحععديث عععن الوعععد ) العقععاب ( الول ،فععذكرت البعععث
والجوس وصفة العباد ،وجاءت الفعال كلهععا بصععيغة الماضععي .
صلت مظاهر العلو الثاني ،مععن لحظععة النشععوء والية السادسة ف ّ
حععتى اكتمععال مقومععاته ،مععن حيععث القععدرة العسععكرية والبشععرية
58
والقتصادية ،وجاءت الفعال كلها بصيغة الماضي ،مععع حملهععا
لصفة الستقبال .
السؤال الخامس :لماذا جاءت أفعال وعد الولى بصيغة الماضي
،ولماذا جاءت أفعال وعد الخرة بصيغة الستقبال ؟
السععؤال السععادس :لمععاذا جععاء التخييععر مععا بيععن الحسععان أو
الساءة ،بعد اكتمععال مظععاهر العلععو الثععاني ،وقبععل الحععديث عععن
ت عند الحديث عن وعد الولى ؟ عقاب وعد الخرة ،ولم يأ ِ
السؤال السابع :لماذا ُأخرجت كيفية مجيئهم ،عند مجيععء وعععد
الخرة من نص النبوءة ،ولماذا ُأفردت في نهاية السورة ؟
صععتهم مععع السععؤال الثععامن :لمععاذا ُأعيععد ذكععر بنععي إسععرائيل وق ّ
فرعون في نهاية السورة ،اليات ) ( 104 – 101؟
ن ننن م ل ً يَ ل ه د نن
ن بع ب رى ننن س ) سنننبحان ال ّنننذي أ َ
ْ ِ ْ ِ ِ ْ َ ِ ْ َ ِ ُ ْ َ َ
صننى ق َ د اْل َ ْ ج ِ سن ِم ْ حنَرام ِ إ ِل َننى ال ْ َ د ال ْ َج ِ س ِم ْال ْ َ
و
هن َ ن آَيات َِنا إ ِّنه ُ م ْ ه ِري َ ُ ول َ ُ
ه ل ِن ُ ِ ذي َباَرك َْنا َ
ح ْ ال ّ ِ
صيُر )(1 ع ال ْب َ ِ مي ُس ِال ّ
ُتشععير هععذه اليععة ،بععذكر المسععجد الحععرام ،إلععى نقطععة البدايععة ،
لنتشار رسالة السلم ،التي أنعم الع وأكععرم بهععا نععبيه ،محمععد
عليه الصلة والسلم .وبذكر المسجد القصى ُ ،تشير من طععرف
خفي ،إلى ما ورد فععي الحععديث الصععحيح ،إلععى أن مسععك الختععام
لهذه الرسالة ،آخر الزمان ،سععيكون بنععزول الخلفععة الراشععدة ،
وأميرها المهدي في بيت المقدس ،بإذن ال .وهععذا ممععا يععوحي
بأن قيام دولة إسرائيل ،هو أحد أشراط الساعة ،وأن نهايتهععا ،
علمة لقرب ظهور المهدي ونعزول الخلفعة فيهععا ،والع أعلععم .
وأهم ما جاءت به الية هو تعريععف المسععجد ،بوصععفه بالقصععى
59
أي البعد ،وبالعذي باركنعا حعوله ،وهعو المسعجد العذي سعيكون
موضوع ما يلي هذه الية من آيات .
دى ل ِب َِننني ه ً عل َْناهُ ُ ج َ
و َ ب َ سى ال ْك َِتا َ مو َ وآتي َْنا ُ ) َ
كيًل )(2 ُ ّ ل أَ سَراِئي َ
و َِ ني ِ دو ُ ن
ْ م
ِ ذوا خِ ّ تَ ت ل إِ ْ
في هذه الية ،يحّذر ال بني إسرائيل ،مععن الّتكععال علععى غيععره
ن اْلُمعععْؤمِِنينَ ..
ن ُدو ِ
ن َأْوِلَيعععاَء ِمععع ْن اْلَكعععاِفِري َ خعععْذ اْلُمْؤِمُنعععو َ) َل َيّت ِ
سُه ) 28آل عمععران ( ويختععم سععبحانه السععورة ، ل َنْف ََوُيحَّذُرُكْم ا ُّ
ن العّذّل ( ..أي لععم يتخععذ لععه حليفععا ي ِمع ْن َلُه َوِلع ّ بقوله ) َ ..وَلْم َيُك ْ
لضعف أو لذّلععة ،وهععذا تعريععض بععالعلو الحععالي لبنعي إسعرائيل ،
حيث كانوا أذّلء مضطهدين ،وبموالة الغرب أصبحوا سادة .
ويذّكرهم فيهععا بمععا أنزلععه عليهععم معن الهععدى ،ليكععون لهععم نععورا
يهتدون به ،ومن ضمنه هذه النبوءة ،التي أعادها إلى أذهععانهم
مخاطبا إيععاهم بمضععمونها ،وكمععا وردت فععي الكتععاب الععذي ُأنععزل
على موسى عليه السلم ،ويحّذرهم من اّتخاذ أولياء من دونعه ،
ن على حّد سواء . من النس والج ّ
فاختععاروا الععولء لغيععر ال ع ،وتمسععكنوا ،وحّققععوا مععآربهم منععذ
ططعوا لعه بمكرهعم ودهعائهم ، البدايععة بالفسععاد والفسعاد ،بمععا خ ّ
ونف عّذه غيرهععم ،مععن فتععن وحععروب سععبقت وهّيععأت الظععروف ،
وتسعّببت فععي قيععام دولتهععم فععي فلسععطين .ولمععا تمكنععوا اسععتعلوا
واسعتكبروا فيهعا ،اسعتمروا بالفسعاد والفسعاد ،وسعاموا أهلهعا
سوء العذاب ،فاستحّقوا غضب ال واستوجبوا العقاب ،فتوافق
أمرهم مع ذهب إليه النص القرآني ،ب عِذكر إفسععادهم فععي الرض
بمجملها أول ،ومن ثم جاء ِذكر علوهم الكبير الذي نشععهده هععذه
60
عُل عّوا ن ُ ن َوَلَتْعُل ّ
ض َمّرَتْي ِن ِفي اَْلْر ِ سُد ّاليام ،في قوله تعالى ) َلُتْف ِ
َكِبيًرا ( .
داعب ْن ًن َ ه ك َننا َ ح إ ِن ّن ُع ن ُننو ٍ من َ مل ْن َننا َ ح َ ن َ من ْ ة َ ) ذُّري ّ َ
كوًرا )(3 ش ُ َ
يقول ابن كععثير " :تقععديره يععا ذرّيععة مععن حملنععا مععع نععوح ،فيععه
جه لبنععي إسععرائيل ، تهييج وتنبيه على المنة " وهععذا النععداء مععو ّ
وبالضافة لما قاله ابن كثير ،نلمس تهديدا وتحععذيرا خفيععا لبنععي
إسععرائيل ،مععن وراء ذكععر نععوح عليععه السععلم ،فعععادة مععا كععان
ن عليهم بتذكيرهم بنعمة النجاة مععن فرعععون سبحانه وتعالى ،يم ّ
ععْونَ غَرْقَنعا آَل ِفْر َ جْيَنعاُكْم َوَأ ْ
حعَر َفَأْن َوقععومه َ ) ،وِإْذ َفَرْقَنعا ِبكعْم اْلَب ْ
ن ) 50البقرة ( إل فععي هععذا الموضععع ،وهععي المععرة ظُرو َ َوَأْنتُْم َتن ُ
ن عليهم فيها ،بأنهم سللة من حمععل الوحيدة في القرآن التي يم ّ
مع نوح عليه السلم ،أي من الذين أنجععاهم ال ع مععن الطوفععان ،
حثا لهم على اليمان به ،والعبادة والشكر له كما كان يفعل نععوح
ن ِفعل هؤلء هو الذي أنجاهم مععن الهلك والذين حملهم معه ،وأ ّ
،فإن لم يفعلوا كما فعلوا ،حّل بهم ما حّل بقوم نوح .وِذْكُر نوح
في هذا الموضع وتكرار ذكره ،في اليععة ) 17السععراء ( ) َوَك عمْ
خِبي عًرا عَبععاِدِه َ ب ِك ِب عُذُنو ِح َوَكَفى ِبَرّب َ ن َبْعِد ُنو ٍ ن ِم ْن اْلُقُرو ِ َأْهَلْكَنا ِم ْ
صيًرا ( دفعني إلى إلقاء نظرة على سورة نوح . َب ِ
ععَذا ٌ
ب ن َيعْأِتَيُهْم َن َقْبعِل َأ ْ
ك ِمع ْ ن َأنِذْر َقْوَمع َ ومنها قوله تعالى ) َ ...أ ْ
خُر َ ... (4) ...فَلعْم َيِزْدُهعْم جععاَء َل ُيعؤَ ّ لع ِإَذا َ جَل ا ِّ ن َأ َ
َأِليٌم )ِ ... (1إ ّ
ش عْوا
سَتْغ َصععاِبَعُهْم ِفععي آَذاِنِه عْم َوا ْ جَعُلوا َأ َ عاِئي ِإّل ِفَراًرا )َ … (6 ُد َ
سعِتْكَباًرا )َ … (7وُيْمعِدْدُكْم ِبعَأمَْواٍل سعَتْكَبُروا ا ْ صعّروا َوا ْ ِثَيععابَُهْم َوَأ َ
ن
جو َ جَعْل َلُكْم َأْنَهاًرا )َ (12ما َلُكْم َل َتْر ُ ت َوَي ْجّنا ٍ جَعْل َلُكْم َن َوَي ْ َوَبِني َ
61
ن َلعمْصعْوِني َواّتَبُعععوا َمع ْ ع َب ِإّنُهعْم َ
ح َر ّ ل َوَقاًرا )َ … (13قاَل ُنععو ٌ ِّ
سععاًرا )َ (21وَمَكعُروا َمْكعًرا ُكّبععاًرا ).. (22 خ َ َيِزْدهُ َماُلُه َوَوَلعُدُه ِإّل َ
ض ِمعع ْ
ن عَلععى اَْلْر ِ ب َل َتععَذْر َ ضععّلوا َكِثيععًرا َ … (24) ...ر ّ َوَقععْد َأ َ
ن ِإّل َتَباًرا ) 28نوح ( ظاِلِمي َ
ن َدّياًرا )َ ... (26وَل َتِزْد ال ّ اْلَكاِفِري َ
اقععرأ هععذه اليععات وتفّكععر وتععدّبر ) ..أول إنععذار ..ول تععأخير ..
فرار ..إصرار واستكبار ..إمداد بأموال وأولد ..وجنات وأنهار
..استهزاء وسخرية ..عصيان ..عبععادة القععوة والمععال ..المكععر
الكبير ..الضلل ..الكفر ..وأخيرا تبار ( ..
وهذا هو حععال بنععي إسععرائيل ..وهععذا هععو الفسععاد فععي الرض ..
ورّد ال عليه أوله إنععذار ..فععإن كععان هنععاك اسععتكبار وإصععرار ..
س عِه ، ن اْهَتَدى َفِإّنَما َيْهَتِدي ِلَنْف ِكان هناك تبار .يقول سبحانه ) َم ْ
خ عَرى َ ،ومَععا عَلْيَهععا َ ،وَل َت عِزُر َواِزَرٌة ِوْزَر ُأ ْضّل َ ضّل َفِإّنَما َي ِن َ َوَم ْ
سوًل ) 15السراء ( . ث َر ُ حّتى َنْبَع َن َ ُكّنا ُمَعّذِبي َ
والرسول قد ُبعث ،منذ ألف وأربعمائة وإحععدى وثلثععون عامععا ،
وقد أتاهم بالنذار في كتاب ربه ) ،وصحيفة النععذار ( الموجهععة
لتلك الفاعي في الجحر البيض ،وتلك الطفّيليععات فععي منتجعععات
المال العالمية ،التي تمتص بنهععم دمععاء الكععرة الرضععية ،وتلععك
الفئران المستأسدة في قدس القداس ،هي ) سورة بني إسرائيل
( ومن أول حرف فيها وحتى آخر حرف ،حيععث قععال فيهععا ) َوِإَذا
ك َقْرَي عًة َأَمْرَنععا ُمْتَرِفيَهععا ( ..وقععد سععاد دولععة الكفععر ن ُنْهِل ع َ
َأَرْدنَععا َأ ْ
ويسودها ،قطاع الطرق واللصوص والقتلة ،وأسععافل مجرميهععا
سُقوا ِفيَها ( ..فاغتالوا أصالتها ،وقدسّية أرضها ،ووقار ) َ ..فَف َ
شعععيخوختها ،وسعععكينة عّبادهعععا ،وحيعععاء حرائرهعععا ،وأحلم
عَلْيَهععا اْلَقعْوُل ، ( .. ق َ حع ّطفولتها ،وحتى طهارة مسععاجدها ) َ ..ف َ
62
جعوَهُكْم … ( ، سعوُءوا ُو ُ وهذا هععو ) قععول ( رب العععزة … ) ،لَِي ُ
وهذا هو ) فعله ( ) َ ..فَدّمْرَناَها َتْدِميًرا ) 16السراء ( وهععذا هععو
صععيًرا )17 خِبيعًرا َب ِ عَبععاِدِه َ ب ِ ك ِبعُذُنو ِ
) تعقيبععه ( ) … َوَكَفععى ِبَرّبع َ
خعْذلع اّلعِذي َلعْم َيّت ِ حْمعُد ِّ السراء ( وهذه هي ) خاتمته ( ) َوُقعْل اْل َ
ي ِم عنْ ال عّذّل ، ن َلُه َوِل ّك َ ،وَلْم َيُك ْ ك ِفي اْلُمْل ِ شِري ٌ ن َلُه َ َوَلًدا َ ،وَلْم َيُك ْ
َوَكّبْرُه َتْكِبيًرا ) 111السراء ( .
اقتصععرت مقدمععة السععورة علععى ثلث آيععات فقععط ،حملععت مععن
المعاني ما يشععحذ الفكععر والوجععدان ،ويعمععل علععى تهييععج العقععل
وتنبيهه من غفلته ،لستقبال واستيعاب ما سيأتي مععن عععرض ،
لنبععوءة سععتغير مجععرى التاريععخ فععي يععوم أو بضعععة أيععام .وهععذه
سهم في صميم النبوءة تعني كل من سمع برسالت السماء ،وتم ّ
معتقداتهم ،وأكثرهم تأّثرا هم أصععحاب الععديانات الثلث ،والععذي
ص عععودة اليهععود إلععى يمتلك كل منهم مخزونا عقائديا ،فيما يخ ع ّ
الرض المقدسععة ،يلتقععي مععع أحععدها ويتعععارض مععع الخععر فععي
التفاصيل والحداث .
ب، فنني ال ْك َِتنننا ِ ل ِ سراِئي َ ضي َْنا إ َِلى ب َِني إ ْ وق َ ) َ
في اْل َ
واعل ُ ّن ُ عل ُ ّ
ول َت َ ْ ن َ ِ ْ ي َ ت ر
ّ مَ ضِ ر ْ ن ِ سد ُ ّ ف ِ ل َت ُ ْ
ك َِبيًرا )(4
ب: في ال ْك َِتنا ِ ل ِ سراِئي َ ضي َْنا إ َِلى ب َِني إ ْ وق َ َ
ورد جععذر الفعععل قضععى فععي القععرآن ) (63مععرة ،ومشععتقات هععذا
الفعل حملت عدة معاني ،وعادة ما يأتي هذا الفعععل ،ليفيععد تمععام
العمل الوارد نصا في السياق ،أو المفهوم ضمنا ،كما فععي قععوله
س عَكُكْم ) 200البقععرة ( ،بمعنععى أنجزتععم ض عْيُتْم َمَنا ِ
تعععالى ) َف عِإَذا َق َ
مناسككم وانتهيتم منها ،وقععوله تعععالى فععي شععأن لععوط وقععومه )
63
ن )66 حي َ صعبِ ِ
ع ُم ْ
طععو ٌ ن َداِبعَر َهعُؤَلِء َمْق ُ
ك اَْلْمَر َ ،أ ّ َوَقضَْيَنا ِإَلْيِه َذِل َ
الحجر ( ،أي أخبرنععاه بععالمر ،علععى وجععه النتهععاء منععه ،إذ ل
جْل ِباْلُقْرَءانِ ،مِ ْ
ن رجعة عنه ،فل نقاش ول جدال فيه َ ) ،وَل َتْع َ
حُيعُه ) 114طععه ( ،أي مععن قبععل أن ُتخععبر ك َو ْضععى ِإَلْيع َ ن ُيْق َ َقْبعِل َأ ْ
بوحيه ،على وجه التمام .
ب ( أي أّنععا كّنععا سراِئيَل ِفي اْلِكَتععا ِ ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ
وقوله تعالى ) َوق َ
قد أخبرنا بني إسرائيل فععي كتععابهم -أي أن مضععمون هععذا الخععبر
موجود في كتابهم نصا حتى هععذه اللحظععة -بمععا سععيأتي تفصععيله
فيما يلي ،من شأن إفسادهم وعلوهم في الرض ،وهذا الخطاب
جه فععي الحقيقععة لمععن هععم مععن غيععر بنععي ،في هذه العبععارة ،مععو ّ
إسععرائيل ،ممععن ليععس لععديهم ،علععم أو اطلع علععى هععذا المععر ،
ليطلعهم ال على هذا المر ،وما كان ال ع لُيخععبر عنععه إل لعظيععم
شأن ،وذلععك مععن سععابق علععم علم الغيععوب ،بمععا سععيكون منهععم
مستقبل ،وليس ما قضاه عليهم بمعنى المر أو الحكععم ،فحاشععا
ل أن يأمر بالفساد في الرض أو أن يقضي به .
والكتاب المقصود هنا هو كتاب موسى عليه السلم ،المنصوص
عليععه فععي اليععة الثانيععة أعله ،وليععس التععوراة ،فكتععاب موسععى
شععيء والتععوراة شععيء آخععر .والععذي قععادني إلععى معرفععة تلععك
الحقيقة ،هو تساؤلي ،أول :عن سععبب عععدم ذكععر التععوراة بععدل
من الكتععاب ،وثانيععا :رغبععتي بععالطلع علععى نععص النبععوءة فععي
التوراة نفسها ،فيما لو وجد .وبعععد أن اسععتخرجت كافععة اليععات
القرآنية ،التي ُذكر فيهععا موسععى ،والععتي ُذكععرت فيهععا التععوراة ،
تبين لي أن ذكر التوراة ،لم يرتبط بععذكر موسععى علععى الطلق ،
وعدم الربط بينهمععا ل بععد لععه مععن سععبب ،وبيععان ذلععك ،والنععص
64
التوراتي للنبوءة في الترجمات العربية للتوراة اللتينية ،سيأتي
في فصل قادم ،إن شاء ال .
وا ن ُ ل ع
ُ ن ن ُ لعْ َ تَ ل و ن نْ ي َ ت ر م ض ر فنني اْل َ ن ِ سد ُ ّ ف ِ ل َت ُ ْ
ّ ّ ِ َ ْ ِ َ ّ
ك َِبيًرا :
هنا حصل التفات من الحديث عن الغائب ،وهم بني إسرائيل ككل
ب ( ،ومن سراِئيَل ِفي اْلِكَتععا ِ ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ ،في قوله تعالى ) َوَق َ
طب ،وهععم ثم عاد سبحانه ،لتوجيه الحديث إلععى الحاضععر الُمخععا َ
بنععي إسععرائيل ) المعاصععرين ( لرسععالة السععلم ،وذلععك بسععرد
النبعوءة ،بنفعس السعلوب والعبعارات ،العتي أنزلعت عليهعم فعي
كتععابهم ،قبععل 3آلف ،زمععن موسععى عليععه السععلم .فجععاءت
نصوصععها مخاطبععة لبنععي إسععرائيل ،ولكععن بألفععاظ عربيععة جزلععة
موجزة ،كمععا وأضععيف إليهععا تعقيبععات ،لتععبين وتؤكععد بعععض مععا
تحّقق منها ،قبل إنزالها في سععورة السععراء مععرة أخععرى ،علععى
ن ... سعُد ّ محمد عليه الصلة والسععلم .فبععدأت بقععوله تعععالى ) َلُتْف ِ
ن . ( ... َوَلَتْعُل ّ
ن سععبحانه ،مععا بيععن الفسععاد والعلععو فععي فععي هععذا الموضععع َق عَر َ
عُل عّوا
ن َوَلَتْعُل عنّ ُ ض َمّرَتْي ع ِن ِفععي اَْلْر ِ س عُد ّالمرتين ،في قععوله ) َلُتْف ِ
َكِبيًرا ) 4السراء ( ولم يوضح التفاصيل ،ولتكون لدينا القدرة ،
على معرفة شكل هذا الفساد وهذا العلو ،دعنا نمعن النظععر فععي
اليععات التاليععة ،حيععث اقععترن فيهععا المريععن مععععا ،فععي مواضععع
ن عَلَ ِفعي ععْو َ ن ِفْر َ أخعرى معن القعران الكريععم ،كقععوله تعععالى ) ِإ ّ
ن ) 4القصعععص ( ،وقعععوله سعععِدي َن اْلُمْف ِ
ن ِمععع ْ ض … ِإّنعععُه َكعععا َ اَْلْر ِ
ن
ف َكععا َ ظْر َكْيع َ عُلعّوا َفععان ُ ظْلًما َو ُ سُهْم ُسَتْيَقَنْتَها َأْنُف ُ
حُدوا ِبَها َوا ْ جَ) َو َ
ن ) 14النمل ( ،حيععث جععاءت هععذه اليععة ،تعقيبععا سِدي َ عاِقبَُة اْلُمْف ِ َ
65
على فرعون وقععومه لمععا علععو وأفسععدوا ،وجحععدوا بآيععات الع ،
فكان جزاءهم الهلك غرقا .
ن عُُلعّوا ِفععي ن َل ُيِريعُدو َ جَعُلَهععا ِللّعِذي َخعَرُة َن ْلِ ك العّداُر ا ْ وقععوله ) ِتْلع َ
ن ) 83القصععص ( توضععح هععذه ساًدا َواْلَعاِقَبُة ِلْلُمّتِقي َض َوَل َف َ اَْلْر ِ
ن جزاء من لم ُيرد العلععو والفسععاد ،سععواء كععان قععادرا الية ،بأ ّ
على ذلك أم لم يكن ،هو أن يكون لهم حسن ثواب الدنيا والخرة
،والعاقبة للمتقين بإذن ال ،وذلك تعقيبا علععى قععارون وصععنيعه
وما حعّل بععه وبكنععوزه ،حيععث قععال تعععالى فيمععا آتععاه ،مععن المععال
صعَبِة ُأوِلععي حُه َلَتُنععوُء ِباْلُع ْ
ن َمَفععاِت َ ن اْلُكُنوِز َما ِإ ّ والقوة ) َوآَتْيَناُه ِم ْ
اْلُقوِّة ) ، (76فجحد نعم ال ونسبها إلى نفسه ) َقععاَل ِإّنَمععا ُأوِتيُتعُه
ن الُقعُرونِ ن َقْبِلعِه ِمع ْك ِمع ْ
ل َقعْد َأْهَلع َ ن ا َّ عنِدي َأَوَلْم َيْعَلْم َأ ّ عْلٍم ِ عَلى َِ
خ عَر َ
ج جْمًعا ) ، (78فعل واسععتكبر ) َف َ شّد ِمْنُه ُقّوًة َوَأْكَثُر َ ن ُهَو َأ َ
َم ْ
سعْفَنا ِبعهِ َوِبعَداِرِه
خ َ عَلععى َقعْوِمِه ِفععي ِزيَنِتعِه ) ، (79فععأهلكه الع )َف َ َ
ض ) 81القصص ( ،ليجعله عبرة لغيره . اَْلْر َ
والملفت للنظر ،أن اقتران العلو بالفساد ،جععاء فععي أربععع آيععات
فقط من مجمل القرآن ،وكلهععا ذات علقععة ببنععي إسععرائيل ،وقععد
تقدم ذكرها أعله .
والقرآن كما نعلم ُأنزل للناس كافة ،منذ اليوم الول لبعثة نبينا ،
عليه أفضل الصلة وأتم التسليم ،وحتى يععرث ال ع الرض ومععن
عليها ،ومن ضمن هعؤلء بنعي إسعرائيل ،العذين عاصعروا هعذه
الرسالة وهذا القععرآن ،وقععد ذّكرهععم الع ومععا زال ُيعّذكرهم ،فععي
معجزته الخالعدة بمعا حصل لفرعون وقارون ،وهععم أشعّد النععاس
قربا لهم ،لما علوا وأفسدوا في الرض ،وأّنهم إن أصّروا علععى
ن ِإّل ظ عُرو َ الفساد في الرض ،مضت فيهم سنة الولين ) َفَهْل َيْن ُ
66
حِويلً ) لت ْ سّنِة ا ِّجَد ِل ُ ن َت ِ
ل َوَل ْ ل َتْبِدي ًسّنِة ا ِّجَد ِل ُ ن َت ِن َفَل ْ
سّنَة اَْلّوِلي َ ُ
س عْلَنا َقْبَل عكَ
ن َقْد َأْر َ سّنَة َم ْ 43فاطر ( ،وقال في سورة السراء ) ُ
ل ) (77لينالهم ما نال سععابقيهم ، حِوي ً سّنِتَنا َت ْجُد ِل ُ
سِلَنا َوَل َت ِ ن ُر ُِم ْ
ن ل منععاص لهععم للنجععاة مععن من العذاب فععي الععدنيا والخععرة ،وأ ّ
سخطه وغضبة ،إّل بالعودة إليه والنابة له ،ولكن هيهات لمععن
جععاَرِة َأْوحَ ك َفِهيَ َكاْل ِ ن َبْعِد َذِل َت ُقُلوُبُكْم ِم ْ س ْقيل في أسلفهم ) ُثّم َق َ
ن ) 74البقرة ( . عّما َتْعَمُلو َ ل ِبَغاِفٍل َ سَوًة … َوَما ا ُّ شدّ َق َْأ َ
علوّ بني إسرائيل في المرة الولى ،لم تتضح تفاصيله في سورة
السراء ،لكنها جلّية واضحة فععي مواضععع أخععرى مععن القععران ،
وسيأتي الحديث عنها في حينه ،أما ما نحععن بصععدده الن ،هععو
توضيح مفهوم العلّو ،ولدينا مثالين هما فرعون وقومه وقارون
ن العلّو المقصود هنا ،هو عل عّوهم كأّمععة وليععس وكنوزه ،وبما أ ّ
كععأفراد ،فالخيععار يقععع علععى علعّو فرعععون وقععومه ،وهععذه آيععات
تعرضععت لبعععض مععن مظععاهر هععذا العلععو ومقومععاته ،قععال تعععالى
صعَر َوَهعِذِه ك ِم ْ س ِلي ُمْلع ُ ن ِفي َقْوِمِه َقاَل َيا َقْوِم َأَلْي َ عْو ُ ) َوَناَدى ِفْر َ
ن ) 51الزخعرف ( وعلعى صعُرو َ ل ُتْب ِ حِتعي َأَف َ ن َت ْ جعِري ِمع ْ اَْلْنهَععاُر َت ْ
ن ِفععي ظععاِهِري َك اْلَيعْوَم َ لسان مؤمن آل فرعون ) َيععا َقعْوِم َلُكعْم اْلُمْلع ُ
عْونَت ِفْر َك آَتْي َ سى َرّبَنا ِإّن َ ض ) 29غافر ( ،وقال ) َوَقاَل ُمو َ اَْلْر ِ
حَيععاِة الععّدْنَيا ) 88يععونس ( ،وقععال لُه ِزيَنععًة َوَأْمععَواًل ِفععي اْل َ َوَم َ
ت
جّنععا ٍ ن َجنٌد ُمْغَرُقونَ )َ(24كْم َتَرُكوا ِم ْ حَر َرْهًوا ِإّنُهْم ُ ك اْلَب ْ
) َواْتُر ْ
ع َوَمَقععاٍم َكِري عٍم )َ (26وَنْعَم عٍة َكععاُنوا ِفيَهععا ن )َ (25وُزُرو ٍ عُيععو ٍَو ُ
ن ) 27الدخان ( وبالقليل من التدبر في اليات السابقة . َفاِكِهي َ
ن مقومععات علععو فرعععون ومله ،وهععم عليععة القععوم ، نجععد أ ّ
ويمثلهم فععي زماننععا ،رجععال الحكععم والقضععاء والدولععة ،ورجععال
السياسة والمال والقتصاد ،والوجهاء ورؤوس النععاس ،تتمثععل
67
فيما يلععي :ملععك مصععر والسععيادة علععى أهلهععا ،والقععوة والمنعععة
والظهعععور فعععي الرض ،وامتلك الزينعععة والمعععوال ،والجنعععات
والعيون ،والنهار الجاريععة ،والععزرع والمقععام الكريععم ،والنعععم
المختلفة .
ع مفهوم العلو :هو مظهر من مظاهر الحياة ،بمعنععى السععتعلء
والرتفاع والتكّبر والتجّبععر ،مععن خلل امتلك مقومععات ماديععة ،
كععالرض والمععال والقععوة ،ممععا ُيمّكععن الظلمععة والمفسععدون مععن
سيادة الناس وسياستهم ،والتحكم في تصريف شععؤونهم ،علععى
وجه من الظلم والبغي .
أما مفهوم الفساد ؛ فهو يتمّثل في بعععض مععا قيععل مععن آيععات فععي
ض َوِإّن عهُ ن َلَعععاٍل ِفععي اَْلْر ِ عوْ َ ن ِفْر َفرعون وملئه ،قال تعالى ) َوِإ ّ
ل ِفي اْلَْر ِ
ض عَ ن َ عْو َن ِفْر َ ن ) 83يونس ( ،وقال ) ِإ ّ سِرِفي َن اْلُم َْلِم ْ
حِ
ي س عَت ْ
ح َأْبَنععاَءُهْم َوَي ْ طاِئَفًة ِمْنهُْم ُيَذّب ُ
ف َ ضِع ُ سَت ْشَيًعا َي ْجَعَل َأْهَلَها ِ َو َ
ن ) 4القصععص ( ،وقععال ) ِإَلععى س عِدي َن اْلُمْف ِ
ن ِم ع ْسععاَءُهْم ِإّن عُه َكععا َِن َ
ن ) 46المؤمنععون ( ، عععاِلي َسَتْكَبُروا َوَكاُنوا َقْوًما َ ن َوَمَلِئِه َفا ْ عْو َ
ِفْر َ
ن )12 سععِقي َن َوَقععْوِمِه ِإّنُهععْم َكععاُنوا َقْوًمععا َفا ِ عععْو َوقععال ) ِإَلععى ِفْر َ
عصَععى )(21 ب َو َ لَيَة اْلُكْبعَرى )َ (20فَكعّذ َ النمل ( ،وقال ) َفَأَراُه ا ْ
شَر َفَناَدى )َ (23فَقعاَل َأَنعا َرّبُكعْم اَْلعَْلعى ) ح َسَعى )َ (22ف َ ُثّم َأْدَبَر َي ْ
ت َلُكععمْل َما عَِلمْ ُ ن َيا َأّيَها اْلَم َُعْو ُ 24النازعات ( ،وقال ) َوَقاَل ِفْر َ
عوُه ِإّنُهعْم طععا ُ
ف َقعْوَمُه َفَأ َ خ ّ سعَت َغْيِري ) 38القصععص ( ) َفا ْ ن ِإَلٍه َ ِم ْ
ن َق عْوَمُه َومَععا ععْو ُ ضعّل ِفْر َ ن ) 54الزخرف ( ) َوَأ َ سِقي َ َكاُنوا َقْوًما َفا ِ
َهَدى ) 79طه ( .
ومظاهر إفساده تتمثل فيما يلي :جْعُل أهل مصععر فرقععا وطععوائف
متنابععذة ،واستضعععاف طائفععة منهععم ) بنععي إسععرائيل ( ،بذبععح
68
أبنائهم واستحياء نسائهم ،والسراف في كل أمره ،والسععتكبار
والفسق ،وتكذيب الرسل ،ومعصية ال وجحود آياته ،واّدعععاء
الربوبية واللوهية ،واستخفاف الناس وإضللهم .
ع ع مفهععوم الفسععاد :استضعععاف النععاس وتفريقهععم وتصععنيفهم ،
وإثععارة الفتععن فيمععا بينهععم ،والقتععل وسععفك الععدماء ،وتكععذيب
الرسل ،وتكذيب آيععات الع وجحودهععا ،ومعصععية الع ورسععله ،
واستخفاف عقول الناس وتضععليلهم وإضععللهم ،وإنكععار ربوبيععة
ال ،وإنكار أحقيته في العبادة دون غيره .
وخلصععة القععول :هععذا هععو مفهععوم العلععو ،وهععذا هععو مفهععوم
الفسععاد ،الععذي تتحععدث عنهمععا سععورة السععراء ،لععذلك عنععد أي
ي من المرتين ،يجب أن تكون الحالة موضععوع محاولة لتعيين أ ّ
ن علععوالبحث ،مطابقة تماما لما كان عليه فرعععون وَمَلئه ،وكععأ ّ
وإفساد بنععي إسععرائيل ،صععورة فععي مععرآة لعلععو وإفسععاد فرعععون
وَمَلِئه ،ومععا علينععا إّل أن نبحععث ،فععي ماضععي بنععي إسععرائيل
ي حالة ترافق فيها مثععل هععذا العلععو ومثععل هععذا وحاضرهم ،عن أ ّ
الفساد ،كما هعو الحعال بالنسعبة لفرععون وقعومه .ولعن نعذهب
بعيدا ،فإحداهما موصوفة في القران الكريععم وبالتفصععيل أيضععا .
والخرى نشاهدها بأم أعيننا علعى أرض الواقعع ،منعذ أكعثر معن
خمسين عاما .
ض: ر في اْل َ ِ
ِ ْ
قععرن سععبحانه وتعععالى ،بيععن الفسععاد والعلععّو لكلتععا المرتيععن
بالرض ،ولفظ الرض هنا اسععم جنععس ،وجععاءت كععذلك لتشععمل
س عُدنّ
الجزء والكل والخاص والعام ،حيث قال في الية )َ ) (4لُتْف ِ
عُلّوا َكِبيًرا ( ولععم يح عّدد مكانععا بعينععه ،
ن ُ
ن َوَلَتْعُل ّ
ض َمّرَتْي ِ ِفي اَْلْر ِ
69
وعاد سبحانه وحّدد موقععع العقععاب فععي المرتيععن ،حيععن قععال فععي
خُلععوُه
جَد َ ،كمَععا َد َ
سع ِ
خُلوا اْلَم ْ
جوَهُكْم َ ،وِلَيْد ُ
سوُءوا ُو ُ
الية )ِ ) (7لَي ُ
َأّوَل َمّرٍة ( حيث ربط ما بين العقاب والمسجد ،لنفهم من ذلك أن
العقاب الموعود به بنو إسرائيل والمقصود هنا ،سينفذ فيهم في
المرتيععن ،خلل تواجععدهم فععي فلسععطين ) الرض المقدسععة ( ،
وُذكر المسجد للشارة إلى المكان .وهذا المسجد تم تعريفه ،في
جِد اَْلْقصَععى اّلعِذي سع ِ
بداية سورة السراء ،في قععوله تعععالى ) اْلَم ْ
حعْوَلُه ) (1وقععوله الععذي باركنععا حععوله ،أي مععا يليععه مععن َباَرْكَنععا َ
الرض ،ولم يقل باركنا فيه ،أي لم ُتحصر البركععة فععي المسععجد
فقط ،بل شملت ما حوله من الرض .
حصر في المرتيععن ،وأن ذكععر الفسععاد والملحظ أن ذكر الفساد ُ
سبق ذكر العلعّو ،وأن العلععو لععم ُيحصععر فععي المرتيععن ،بععل ُأفععرد
ووصف بالكبير .وبما أن التركيز هنا على المععرة الثانيععة ،فععذلك
يوحي بأن الفساد في المرتين متطابق ،وبأن تحصيلهم للعلععو ،
على القل في المرة الثانية ،سععيتأتى عععن طريععق الفسععاد ،وأن
العلو الثاني أكبر من الول ،لذلك تأخر ذكر العلو وصععفته ،عععن
كلمة مرتين للختلف .ذلك لن إفساد بني إسرائيل الُمتأّتي عععن
العل عّو ،اقتصععر علععى حععدود دولتهععم ،فععي فلسععطين فععي المععرة
الولى ،وهذا ما ُيثبته القرآن والتوراة .وأّما إفسععادهم وعل عّوهم
الخير في فلسطين ،والععذي نعيشععه الن ،سععبقه ورافقععه إفسععاد
وعلو ،شمل مشارق الرض ومغاربها .وال أعلم .
ن العقاب سععيحل بهععم فععي الرض المقدسععة ،يععترتب علععى وبما أ ّ
ذلك ،حتمية سبق وقوع الفساد والعلعّو فيهععا ،حععتى ولععو سععبق
منهم ،الفساد والعلو في الرض على عمومهععا ،أو تزامععن مععع
إفسععادهم وعلععوهم ،فععي الرض المقدسععة ،لععذلك جععاء الحععديث
70
مجمل في الية ) ، (4وهي الية الولى مععن قصععة الفسععادتين ،
فُذكر الفساد والعلو ،لشتراط وقوعهما في المرتين ،ولم يععأتي
ي من المرتين فيها .
بأي تفاصيل ل ّ
وخلصة القول :أن الرض التي سيتم فيها ،علو بنععي إسععرائيل
وإفسععادهم ،هععي الرض علععى عمومهععا فععي المععرة الثانيععة ،
وفلسطين بشكل خاص في المرتين .وأن عقععابهم فععي المرتيععن ،
سيكون في الرض المقدسععة خاصععة ،وزوال علععوهم فععي المععرة
الثانية ،من الرض على عمومها ،وال أعلم .
ن:مّرت َي ْ ِ
َ
المرة ،هي الفعلة الواحدة ،معن شعيء ُيمكعن تكعراره ،والجمعع
ِمرار ،واعتدنا أن نجمعها على مّرات .وقد أوضح سععبحانه بمععا
ح أنل يدع مجال للشك ،أنهما مّرتععان بصععريح اللفععظ .ول يص ع ّ
ُنضيف ثالثة ،ومن أفتى بثالثة ،فقد أفتى بغير علم .
وعنععدما تقععول :مععرة ،ومرتععان ،وثلث مععرات ،فععأنت فععي
الواقع َ ،تعّد فعلة واحدة تتكّرر ،ولها صفة الستمرار ،كععالعمرة
والحج مثل ،لتقول اعتمرت مععرة ،ومرتععان ،وثلث ،والعمععرة
لها شروط ومناسك خاصة بها ،تمّيزها عن غيرها كالحج مثل ،
ح أن َتعّد أفعال مختلفة على أنها مّرات ،كأن تقول مثل ، ول يص ّ
ج مععرة ،اعتمععرت مرتيععن أو حججععت عنععدما تعتمععر مععرة ،وتح ع ّ
ح أن ُتسعععّمي فعلعععة غيعععر مكتملعععة الشعععروط
مرتيعععن .ول يصععع ّ
والمواصفات ،على أنها مرة ،كعمرة بل طواف أو سعي .
ن المرتين تكععرار لفعلععة واحععدة ،تمتلععك نفعس وخلصة القول :أ ّ
الشروط والمواصفات ،وبما أن إفساد بني إسرائيل في الرض ،
بدأ منذ نشأتهم ،قبل حوالي ) (3آلف سنة ،واستمر لغاية هععذه
71
اللحظة ،كان مععن الضععروري لنععا ،أن نسععتنبط مععن هععذه اليععات
شععروطا ومواصععفات ،تجعععل مععن السععهولة بمععا كععان ،تحديععد
المرتيععن وبدقععة متناهيععة ،وتحديععد موقعهمععا مععن حيععث الزمععان
والمكان ،وأول شرط من الشروط هو الفساد المقععترن بععالعلو ،
والشرط الثاني أن يكون في الرض المقّدسة دون غيرها .
دا ُ َ ْ َ عد ُ ) َ
فإ ِ َ
عب َننا ًم ِ ْ ن كْ ي ل ع
َ نا
َ ث ع
َ َ ب ماَ ه
ُ ل أو و ْ ُ جاءَ َ ذا َ
خَل َ
ل سننوا ِ د َ س َ ل ََنننا ُأوِلنني بننأ ْ
جا ُ ف َ دي ٍ شنن ِ ٍ َ
عوًل )(5 ف ُم ْ دا َ ع ًو ْ ن َ كا َ و َ ر َ الدَّيا ِ
ما : ه َ عدُ ُأوَل ُ و ْ جاءَ َ ذا َ َ
فإ ِ َ
جاء أي مجيععء الععوقت المعيععن أو الموعععد المحعّدد ،والوعععد أي
الموعودين به من العقاب والهلك ،والمعنى إجمععال هععو مجيععء
زمن الستحقاق ،لنفاذ الوعد بالعقاب والهلك ،ومجيء الوعععد
ضععح هععذا متعّلق بتحقق الشروط الثلثة في الية السععابقة ،ويتو ّ
ععععًدا )59 جَعْلَنعععا ِلَمْهِلِكِهعععْم َمْو ِ المعنعععى ،فعععي قعععوله تععععالى ) َو َ
الكهف ( ،أي ربععط الهلك بموعععد معيععن ،ل يتععأخر ول يتقعّدم ،
خُرونَ سَتْأ ِجُلُهْم َل َي ْ جاَء َأ َ جٌل َفِإَذا َ كما في قوله تعالى ) َوِلُكّل ُأّمٍة َأ َ
ن) 34العععراف ( .وسععرعة مجيععء موعععد س عَتْقِدُمو َ
عًة َوَل َي ْ سععا َ
َ
الهلك وإبطاءه ،تعتمد على درجة الظلم ،وتجععد ذلععك فععي قععوله
ظَلُمععوا … ) 59الكهععف ( ، ك اْلُق عَرى َأْهَلْكَنععاُهْم َلّمععا َ تعالى ) َوِتْل ع َ
ن )59 ظععاِلُمو َ وقععوله ) … َوَمععا ُكّنععا ُمْهِلِكععي اْلُق عَرى ِإّل َوَأْهُلَهععا َ
القصص ( ،والظلم المقصود هنا هو الظلععم الممععي ،مععع تععوافر
الصرار .إذ كلمععا زادت درجععة الظلععم ،وزادت وتيععرة اقععترافه ،
كلما أسرع إلى المم قدرها المحتععوم ،لتمضععي فيهععا سععنن الع ،
التي ل تتحول ول تتبدل .
72
م: عل َي ْك ُ ْ
عث َْنا َبَ َ
سععوًل مِْنُهععْم )2 ن َر ُ ث ِفععي اُْلّمّييعع َ قععال تعععالى ) ُهععَو اّلععِذي َبَععع َ
ن )56 شععُكُرو َ ن َبْعِد مَْوِتُكْم َلَعّلُكْم َت ْ
الجمعة ( ،وقال ) ُثّم َبَعْثَناُكْم ِم ْ
ض )31 ث ِفععي اَْلْر ِ حعع ُ غَراًبععا َيْب َ
لعع ُ ث ا ُّالبقععرة ( ،وقععال ) َفَبَععع َ
عَبععاًدا َلَنععا )5
عَلْيُكعْم ِععُد ُأوَلُهَمععا َبَعْثَنععا َ جععاَء َو ْ المائدة ( َ ) ،فعِإَذا َ
السععراء ( ،ومععن خلل التععدبر فععي اليععات السععابقة ،نجععد أن
المبعوث من قبله سعبحانه ،ليعس لعه القعدرة علعى بععث نفسعه ،
وذلك على حالين :
الولععى :هععي وجععود الرادة اللهيععة وانعععدام الرادة البشععرية ،
فالرسل عليهم السلم بتلقي الرسالة عن طريق الوحي ،ينتقلون
من حال الغفلة والسكون إلععى حععال الهدايععة والععدعوة ،والمععوتى
ينتقلون بنفخ الروح فيهم من حال الموت إلى حال الحيععاة .وفععي
هععذه الحالععة يكععون التععدخل اللهععي ظععاهرا ،بإحععداث البعععث عععن
طريق إرسال الروح والوحي ،سواء كانت وسععيلة البعععث ماديععة
أو معنوية .
والثانية :هي وجععود كلتععا الرادتيععن ،مععع تعليععق الرادة الثانيععة
بالولى ،فالحياء يملكون الرادة فععي بعععث أنفسععهم ،لتصععريف
أمعععورهم الدنيويعععة ،ولكّنهعععا إرادة معلقعععة بالمشعععيئة أو الرادة
اللهية ،فما شاء ال كان ،وما لععم يشععأ لععم يكععن ،فععإن تععوافقت
الرادة البشرية للقيام بعأمر معا ،معع الرادة اللهيعة ،وقعع ذلعك
شععاُءونَ ِ ،إّل َأنْ المر وإن لم تتوافق لم يقع ،قال تعععالى ) َوَمععا َت َ
حِكيًمععا ) 30النسععان ( .وفععي هععذه عِليًما َ ن َ ل َكا َ
ن ا َّل ِ ،إ ّشاَء ا َُّي َ
الحالة يكون التدخل اللهي غير ظاهر ،حيث أنه يتم عععن طريععق
73
التمكيعععن ،بإزالعععة المعوقعععات والمثّبطعععات وإيجعععاد التسعععهيلت
والمحّفزات ،سواء كانت الوسائل مادية أو معنوية .
وفي كلتا الحالين يكون البعث من عند ال ،ولذلك نسب سععبحانه
بعععث أولئك العبععاد إلععى نفسععه ،لن ال ع س عُيمّكن لهععم السععباب
والسبل عند خروجهم ،لتحقيق وعععده فععي بنععي إسععرائيل .وأمععا
هؤلء العباد فسيخرجون من تلقععاء أنفسععهم ،ورغبععة منهععم فععي
ذلك ،بدفع من أسبابهم الخاصة .
ععّدًة ،
عّدوا َلعُه ُ ج َل َ خُرو َ
ونجد ذلك في قوله تعالى ) َوَلْو َأَراُدوا ال ُ
ن )46 ع عِدي َ
طُهْم َ ،وِقيَل اْقُع عُدوا َم عَع اْلَقا ِ
ل اْنِبَعاَثُهْم َفَثّب َ
ن َكِرَه ا ُّ
َوَلِك ْ
التوبة (
أي لو أرادوا الخروج ،لعّدوا عدة الخروج ،ولكنهععم لععم ُيع عّدوا
العّدة ،لن رغبة الخروج لديهم معدومة أصل .وبما أن إرادتهم
معدومة ،كععره الع انبعععاثهم ،فثّبطهععم كععي ل يخرجععوا مكرهيععن
حياءً أو ريععاًء ،خشععية تععأثيرهم السععلبي علععى الخععارجين .وفععي
ن من ُوجد لديه الرادة والرغبععة فععي الخععروج ،كععان المقابل ،فإ ّ
الولععى بإزالععة الُمثّبطععات ،وإحععاطته بععالُمحّفزات لتمكينععه مععن
النبعاث والخروج .
ع مفهوم البعث :هو انتقال ،أو انقلب ،أو تحول ،أو تغيععر مععن
حالة إلى أخرى ،نتيجة ُمسّبب خارجي ،مادي أو معنوي .
ن عملية البعث هنا ،معّلقة بالمشيئة اللهية ، وخلصة القول :أ ّ
وموعد البعث منوط بهذه المشععيئة ،وأن هععؤلء المبعععوثين ولععو
تولدت فيهم الرادة ،ومهما حاولوا النقضاض ،مرارا وتكععرارا
على بني إسرائيل ،للقضاء عليهععم وإفنععائهم ،فلععن يتمكنععوا مععن
ذلك ،حتى مجيء ذلك الموعد .
74
دا ل ََنا :
عَبا ً
ِ
معظم الناس هذه اليععام ،يعتقععدون اعتقععادا جازمععا ل شععك فيععه ،
بععأن هععؤلء العبععاد الُمشععار إليهععم ،فععي هععذه العبععارة ،هععم عبععاد
مؤمنين ،بل من أولياء ال المخلصين .ولبيان خطأ هذا المعتقععد
،سنناقش هذا المر من عدة وجوه ،وبما أن هذه العبارة ،أحععد
أهععم مرتكععزات الفهععم الخععاطئ ،للنبععوءة الععتي جععاءت بهععا آيععات
سورة السراء ،سنتاولها بالشرح والتفصيل ،بما يتناسععب مععع
حجم المساحة ،التي احتلتها في أذهان الناس :
أول :رأي المفسرين القدماء
هذه العبارة ،لم يكن فهععم معناهععا ومغزاهععا ،مشععكلة للمفسععرين
القدماء ،وهععم الكععثر قربععا وفهمععا ،للفععاظ العربيععة وتركيباتهععا
اللغوية ،ولو طالعت تفسيراتهم للعبععارة ،وآرائهععم فععي أصععحاب
البعث الول والثاني ،التي أجملناها في الفصل السابق ،لوجدت
ن أّنهم ،جزموا أّنهم بل استثناء ،لم يعيروها أدنى انتباه ،وبما أ ّ
ن تحقق الوعدين ،قععد تعّم قبععل السععلم ،فهععم علععى القععل ،لععمبأ ّ
يثبتوا لهم صفة اليمان ،حيث أن بني إسرائيل آنذاك ،كانوا من
أهل الكتاب ،وكل من حولهم كانوا من عبععدة الوثععان .بععل علععى
العكس من ذلك ،نجد أنهم بل استثناء ،كانوا قد أثبتوا لهم صفة
الكفر .
ثانيا :كلمة عباد نكننرة ،وإضننافتها للجننار
والمجرور ،لننم تعّرفهننا ،وبالتننالي لننم
توضح ماهية المعتقد
وردت هذه عبارة ) عبادا لنا ( في القرآن مرة واحدة فقط ،ولو
أمعّنا النظر في تركيبتها ،لوجدنا أّنه سبحانه نّكر هؤلء العباد ،
75
ولم ينسبهم إلى نفسه حتى بضمير متصععل ،كععأن يقععول عبادنععا ،
ن تنكيرهععم ،كععان وأضافها إلى الجاّر والمجرور ) لنا ( ،لنفهم أ ّ
غاية بحّد ذاته ،والضافة للجععاّر والمجععرور ،جععاءت هنععا لتفيععد
ملكية الع لهعم فقعط ،وليعس لهعا علقعة ببيعان ماهيعة المعتقعد .
وذلك ليعلم بني إسرائيل ،أن هذا البعث من عنععد ال ع ،وبتمكيععن
منه سبحانه ،فكل ما يجري على الرض بخيره وشّره ،ل يكون
إل بمشيئة ال جل وعل وتقدير منه .
ثالثا :الفرق بين العبودية والعبادة
لنعلم أن أصل العبودية الخضوع والذل ،كرها أكثر منها طواعية
،وأصل العبادة الطاعة والولء ،طواعية ورغبة ل كراهية فيها
.
وتجب العبودية ل علععى الخلئق ،بععدافع الربوبيععة أي الُملكيععة ،
بأحقية الخلق واليجاد ،واقرأ سورة الملك إن شئت فهبي تفصل
ب
ل َأْبِغي َرّبععا َوُهعَو َر ّ
المر ،ونجدها في قوله تعالى ) ُقْل َأغَْيَر ا ِّ
لعيٍء ) 164النعععام ( أي صععاحب كععل شععيء ،وقععوله ) َو ِّ ش ْ
ُكّل َ
ض َوَمععا َبْيَنُهَمععا ) 17المععائدة ( أي مالععك ت َواَْلْر ِ
سععَمَوا ِ
ك ال ُّمْلعع ُ
شيٍْء ) 102النعام ( مما ق ُكلّ َ خاِل ُ
للسموات والرض ،وقوله ) َ
يعقل ول يعقل ،والخلق هو الموجب لحقوق الربوبية والملكيعة ،
ض ِإّل آِتععي
ت َواَْلْر ِسعَمَوا ِ ن ِفعي ال ّ ن ُكّل َمع ْ
ولذلك قال جل شأنه ) ِإ ْ
عْبًدا ) 93مريم ( من الملئكة حععتى الععذّرة معن الععتراب ، ن َ حَم ِالّر ْ
رغما عن أنوفهم ل خيار لهم ،بأحقية ما سبق من خلقه إياهم .
ق بععدافع الشععراء أو مععا وينععدرج تحععت العبوديععة ،عبوديععة الععر ّ
شابه ،التي توجب الملكيععة وحععق التصععرف بكععل شععؤون العبععد ،
ومن هنا جاءت تسمية الرقيق بالعبد ،كما في قوله تعالى ) َوَقاَل
76
سَأْلهُ مَععا
ك َفا ْ
جْع ِإَلى َرّب َ سوُل َقالَ اْر ِ جاَءُه الّر ُ ك اْئُتوِني ِبِه َفَلّما َاْلَمِل ُ
ن عَِلي عٌم )50 ن َرّبععي ِبَكْي عِدِه ّن ِإ ّ ن َأْي عِدَيُه ّ
طْع ع َ
لِتععي َق ّ
س عَوِة ال َّبععالُ الّن ْ
ب الرسععول أي صععاحبه يوسف ( والملك هو ملك مصععر ،وهععو ر ّ
وسّيده ،والرسععول هععو نفععس الفععتى الععذي ،قععال ِ ) :إنّععي َأَراِنععي
خْمًرا ( ،وربوبية الَمِلك لهععذا الفععتى جععاءت بععدافع ملكيععة صُر َ ع ِ َأ ْ
الملك للفتى .
أما العبادة ،فهي تقديم فروض الطاعة والتقديس والولء ،لله
أو للهععة ،ول جبريععة فيهععا فالخيععار للمخلععوق ،فهععو يعبععد مععا
يشاء ،واللهة التي اتخذها الناس للعبادة كثيرة ومتنوعة ،قععال
سععيحَ ل ع َواْلمَ ِ
ن ا ِّ ن ُدو ِ حَباَرُهْم َوُرْهَباَنُهْم َأْرَباًبا ِم ع ْ خُذوا َأ ْتعالى ) اّت َ
حعًدا َ ،ل ِإَلعَه ِإّل ُهعَو ، ن َمْرَيَم َوَمععا ُأِمعُروا ِإّل ِ ،لَيْعُبعُدوا ِإَلًهععا َوا ِ اْب َ
ن ) 31التوبة ( ،أما الغايععة مععن خلععق الجعنّ شِرُكو َعّما ُي ْحاَنُه َ سْب َ
ُ
س
ن َواِْلنعع َ جّ
ت اْل ِخَلْق ُ والنس فهي عبادة ال ،لقوله تعالى ) َوَما َ
ن ) 56الذاريات ( . ِإّل ِلَيْعُبُدو ِ
وكلّ النععاس يمارسععون طقوسععا العبععادة ،سععواء كععانوا مععن أهععل
الكتب السماوية أو وثنيون أو ملحدون ،أما المؤمنون بال فهععم
من ُنسبت عبعادتهم لع ،وليعس معن ُنسععبوا بعذواتهم فقعط ،قععال
ن) عاِبعُدو َن َلُه َ حُصْبَغًة َوَن ْل ِ ن ا ِّ ن ِم َ سُ ح َ
ن َأ ْل َوَم ْ
صْبَغَة ا ِّ
تعالى ) ِ
138البقرة ( .
79
سادسا :كلمة عبنناد نكننرة ،ول ُيعّرفهننا إل
ما يأتي بعدها من سياق .
تشمل العبودية ،كل من في السماوات والرض ،وما بينهما من
الخلئق ،وتشععمل العبععادة ،كععل مععن يملععك العقععل والرادة مععن
خلقه ،ومنهم على سبيل المثال الملئكة والنععس والجععن ،وهععم
المطالبون والمكلفععون ،بععإفراده جععل وعل باللوهيععة والعبععادة ،
والمحاسبون عليها ،فإن جاءت كلمتي عباد أو عبيد ،معّرفة أو
غير معّرفة بأل التعريف ،أو بالضافة ،فهي تفيد جملة الخلق ،
ن اْلِعَبععاِد ) 48غععافر ( .ول تفيععد حَكَم َبْي ع َل َقْد َ
ن ا َّكقوله تعالى ) ِإ ّ
أي معنى آخر على الطلق ،إّل إذا ُأضيف إليها ما يفيد ذلك :
ن ) 81الصععافات ( لُيععبرز عَباِدَنععا اْلُمعْؤِمِني َ ن ِ كقوله تعالى ) ِإّنعُه ِمع ْ
ثفيهم سبحانه صفة اليمان ،فهعم عبعاده المعؤمنين ،وفيهعا حع ّ
على اليمان به .أو دل السياق على غير ذلك ،من نفي أو إثبات
شى خ َلصفة دون غيرها ،لتناسب الموقف ،كقوله تعالى ) ِإّنَما َي ْ
عَبععاِدِه اْلُعَلَمععاُء ) 28فععاطر ( لُيععبرز فيهععم صععفة العلععم ، ن ِ ل ع ِم ع ْ
ا َّ
وحصر خشية ال بمن يتصف بالعلم ،فهم عباده العلماء ،وفيها
عَباِدي َه عُؤلَِء َأْم ُه عْم
ضَلْلُتْم ِ
ث على طلب العلم ،وقوله ) َأَأْنُتْم َأ ْ ح ّ
س عِبيَل ) 17الفرقععان ( دل السععياق علععى ضععللهم ،فهععم ض عّلوا ال ّ َ
عبععاده الضععالين ،وفيهععا تحععذير مععن الضععلل ،وقععوله ) ُق عْل َيععا
سِهْم ) 53الزمر ( دل السععياق علععى عَلى َأْنُف ِ
سَرُفوا َ ن َأ ْ
عَباِدي اّلِذي َ ِ
إسرافهم ،فهم عبعاده المسعرفين ،وفيهعا تنفيعر معن السعراف ،
وكّلهم نسبهم ال إلى نفسه ،بإضافة ضععمير متصععل يعععود عليععه
سبحانه .
80
سابعا :التركيب اللغوي للعبارة ،جيء بننه
لتخصيص جزء مننن كننل بصننفة معينننة ،
وهي المراد إبرازها أصل .
ولتوضيح ذلك ،لحععظ الفععرق بيععن أن تقععول ) هععذا بيتنععا ( وذاك
ن هععذا الععبيت
ت لنا ( ،يفهم المستمع مععن العبععارة الولععى ؛ أ ّ ) بي ٌ
ُملك لكم وخاصُتكم وأّنكم ُمقيمون فيه ،وأّما الثانية ؛ فيفهم منها
ن ذلععك الععبيت ُ ،ملععك لكععم ،وأّنكععم غيععر مقيميععن فيععه ،
المستمع أ ّ
جرا .ومععن هنععا نجععد أن عبععارة ) بيععت وربما يكون فارغا أو مععؤ ّ
ن بيتكم هذا ،هو واحد من جملة بيععوت تملكونهععا ، لنا ( ،تعني أ ّ
ول تعني شيئا أخر على الطلق ،وأّنععك زدتععه تنكيععرا بمثععل هععذا
اللفظ .وأنك لو قلت ) ذاك بيت لنا ذو غرف كثيرة ( ،نفهععم أنععك
أبرزت فيه صععفة معينععة ،اختععص بهععا دون غيععره ،مععن الععبيوت
التي تملكونها ،وهي احتوائه علععى غعرف كعثيرة ،ومّيزتعه ععن
باقي بيوتكم ،التي في معظمها ذات غععرف قليلععة .وكععذلك المععر
بالنسبة لعبارة ) عبععادا لنععا ( ،الععتي جععاءت منّكععرة أيضععا لبععراز
صفتهم ) ،أولي بأس شديد ( ،التي يتميزون بها عععن غيرهععم ،
من جملة عباد ال مؤمنهم وكافرهم ،ولم يأتي السياق بتصععريح
أو تلميح عن ماهية معتقدهم .
ولتوضيح ذلك أكثر فأكثر ،نطرح هذا المثال ،فيععه أربعععة أقععوال
لرجل ُ ،يجيب رجل آخرا ،يريد عمال لمزرعته :
-1سأرسل لك ) أولدي ( غدا ،للعمل في مزرعتك .
-2سأرسل لك ) أولدا لي ( غدا ،للعمل في مزرعتك .
-3سأرسل لك ) أولدي ،أولي المهارة والخبرة فععي الفلحععة (
غدا ،للعمل في مزرعتك .
81
-4سأرسل لك ) أولدا لي ،أولي مهارة وخععبرة فععي الفلحععة (
غدا ،للعمل في مزرعتك .
فما المعنى الذي أفادته كل عبارة أعله ؟
-1أنه سيرسل جميع أولده ،مع عععدم توضععيحه لصععفتهم
أو ماهيتهم .
-2أنععه سيرسععل بعضععا مععن أولده ،مععع عععدم توضععيحه
لصفتهم أو ماهيتهم أيضا .
-3أنععه سيرسععل جميععع أولده ،وأن جميععع أولده لععديهم
مهارة وخبرة في الفلحة .
-4أنععه سيرسععل بعضععا مععن أولده ،وأن هععذا البعععض مععن
أولده فقط ،هو الذي يملك المهارة والخبرة في الفلحة ،أمععا
البقية فل .
وأخيرا تدبّر هذه اليات :
ضععا ) 118النسععاء ( ) أي صععيًبا َمْفُرو ًك َن ِ
عَباِد َ
ن ِ ن ِم ْ خَذ ّ) َوَقاَل َلّت ِ
أن من جملة العباد المنسوبين إلى ال هناك نصيب لبليس (
ن) ن اْلَغععاِوي َ
ك ِمع َ ن اّتَبَعع َن ِإّل َمع ِطا ٌ
سْل َ
عَلْيِهْم ُك َس َل َعَباِدي َلْي َ ن ِ ) ِإ ّ
42الحجر ( ) أي أن سلطان إبليععس محصععور فقععط علععى أتبععاعه
من الغاوين ،الذين هم من جملة العباد المنسوبين إلى ال (
عوُهْمعَبعععاٌد َأْمَثعععاُلُكْم َفعععاْد ُ
لععع ِ
ن ا ِّن ُدو ِن ِمععع ْ
عو َ ن َتعععْد ُن اّلعععِذي َ
) ِإ ّ
ن ) 194العراف ( ) أي أنتم وهم صاِدِقي َ
ن ُكْنُتْم َ جيُبوا َلُكْم ِإ ْ سَت ِ
َفْلَي ْ
،أي العابد والمعبود ،سواء في كونكم عباد (
ن َءاَمُنععوا ) 31إبراهيععم ( ) أي أن الخطععاب ي اّلععِذي َ ) ُقععْل ِلِعَبععاِد َ
لعبادي الذين آمنوا ،دون عبادي الذين كفروا (
82
ن َتِقّيا ) 63مريم ( ) أي ن َكا َعَباِدَنا َم ْ ن ِ ث ِم ْ جّنُة اّلِتي ُنوِر ُ ك اْل َ) ِتْل َ
وأن النار لمن لم يكن تقيا من عبادنا (
حمَْناغِفْر َلَنا َواْر َن َرّبَنا َءاَمّنا َفا ْ عَباِدي َيُقوُلو َ ن ِ ق ِم ْ ن َفِري ٌ ) ِإّنُه َكا َ
ن ) 109المؤمنععون ( ) أي وكععان هنععاك فريععق حِمي َ خْيُر الّرا ِ ت َ َوَأْن َ
من عبادي ،يقولون غير ذلك (
ت ِفععي خَل ْسّنَة الِّ اّلِتي َقْد َ سَنا ُ ك َيْنَفُعُهْم ِإيَماُنُهْم َلّما َرَأْوا َبْأ َ ) َفَلْم َي ُ
ن ) 85غععافر ( ) أي فععي مجمععل ك اْلَكععاِفُرو َ سععَر ُهَناِلعع َخ ِ عَبععاِدِه َو َ ِ
عباده ،والخاسرون منهم ،هم الكافرون دون المؤمنين (
س عَتِقيٍم ط ُم ْص عَرا ٍك لََتْهِدي ِإَلى ِ عَباِدَنا َوِإّن َ ن ِ شاُء ِم ْ ن َن َ) َنْهِدي ِبِه َم ْ
) 52الشورى ( ) أي وهناك من لم نهدي من عبادنا (
ن عَْبعًدا )93 حَمع ِ
ض ِإّل َءاِتععي الّر ْ ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِ ن ِفي ال ّ ن ُكّل َم ْ ) ِإ ْ
مريم ( ) مؤمنهم وكافرهم بل استثناء (
وفععي الحععديث الصععحيح الطويععل ،الععذي رواه مسععلم وأخرجععه
الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمععد ،جععاء مععا نصععه " … ِإْذ
حعٍد عَبععاًدا ِلععي َ ،ل َيعَدانِ َِل َ ت ِ ج ُخَر ْ سى ِ ،إّني َقْد َأ ْ عي َ ل ِإَلى ِ حى ا ُّ َأْو َ
لعث ا ُّ طوِر ) جبال القععدس ( َ ،وَيْبَعع ُ عَباِدي ِإَلى ال ّ حّرْز ِ ِبِقَتاِلِهْم َ ،ف َ
ن … " يععرد نفععس سعُلو َب َيْن ِ
حعَد ٍ ن ُكعّل َ ج َ ،وُهْم ِمع ْ جو َ ج َوَمْأ ُ جو َ َيْأ ُ
الععتركيب اللغععوي لعبععارة ) عبععادا لنععا ( ،وهععو ) عبععادا لععي (
والمقصودين به هم قبيلععتي يععأجوج ومععأجوج ،الععذين قععال فيهععم
ن ِفعي جوجَ ُ ،مْفسُِدو َ جوجَ َوَمْأ ُ ن َيْأ ُ ن ِ ،إ ّسبحانه ) َقاُلوا َياَذا اْلَقْرَنْي ِ
سّدا ) جَعَل َبْيَنَنا َوَبْينَُهْم َعَلى َأنْ َت ْ جا َ ، خْر ًك َ جَعُل َل َ ض َ ،فَهْل َن ْ اَْلْر ِ
94الكهف ( .
وخلصععة القععول :أن كلمععة ) عبععادا ( ،جععاءت نكععرة ،و كلمععة
) لنا ( لم تعّرفها ،وإنمععا جعاءت هنععا لتأكيععد الملكيععة فقعط ،وكعل
83
الخلق ملععك لع ،ليؤكععد سععبحانه لبنععي إسععرائيل ،أن هععذا البعععث
سععيكون مععن عنععده ،وبمععا أن هععؤلء العبععاد ملكععه ،فهععم رهععن
إشارته وطوع بنانه ،ويملك حق التصرف بشؤونهم ،فإن شععاء
بعث وإن شاء أمسك .وأكثر المعاني دقة لهععذه العبععارة ) عبععادا
لنا ( ،هو أنهم ) طائفة من خلقنععا ( ل أكععثر مععن ذلععك ول أقععل ،
وأهععم مععا يمّيععز هععؤلء الخلععق عععن غيرهععم ،أنهععم ) أولععي بععأس
شديد ( فقط ل غير .
وأن ورود لفظ ) عباد ( في القرآن ،لم يقتصععر علععى أوليععاء الع
وأحباؤه ،وإنما جاء هذا اللفظ فعي الخطعاب القرآنععي ،مّنعا علعى
العباد بنعمة خلقه إياهم ،ورفقه ولطفه بهم ،مطيعهم وعاصيهم
،والكلمات ) عبادي ،عبادنا ،وعباده ( عادة مععا تععأتي كتهيئة ،
لما سيأتي بعدها ،من صفة مميزة ،أو سياق يععدل علععى صععفة ،
وهي المراد إبرازها أصل ،فإن كانت صععفة محمععودة ،كاليمععان
والعلم فقد ُأبرزت تحببا بها ،وإن كانت صفة مذمومة ،كالضلل
والسراف ،فقد ُأبرزت تنفيرا منها .
وأما صفة البأس الشديد ،فقد ُأبععرزت تهديععدا وتحععذيرا وتخويفععا
لبني إسععرائيل ،مععن سععوء عععاقبتهم ،بوقععوعهم بيععن أيععدي مثععل
أولئك الخلق ،الذين لن يرقبوا فيهم إّل ول ذمة ،لعلهععم ينتهععون
ويرجعون ويرتدعون ،عّما هم عليه من فساد وإفساد واستعلء
في الرض .
د: س َ ُأوِلي بأ ْ
دي ٍ
ش ِ ٍ َ
وصف ال هععؤلء العبععاد ،بععأولي البععأس الشععديد ،والبععأس كمععا
قععدمه معظععم المفسععرون ،هععو القععوة والبطععش فععي الحععروب ،
حِديَد ِفيِه
والشّدة جاءت زيادة في المبالغة ،قال تعالى ) َوَأْنَزْلَنا اْل َ
84
س ) 25الحديد ( ،فانظر وتفكر في معععدن شِديٌد َوَمَناِفُع ِللّنا ِ س َ َبْأ ٌ
الحديد ،فهو يحمل في جوهره صفتان ،قلما تجععدهما فععي معععدن
أخر .وهما ؛ أوّل :أّنه يحافظ علععى طععبيعته ،مهمععا عظععم عليععه
الطرق واشتّد ،ول يحععترق أي يتحععول إلععى مععادة أخععرى ،مهمععا
ازدادت شدة النيران عليععه ،وإن انصععهر عععاد إلععى سععابق عهععده
عند البرودة ،وهعذه الصعفة إن وجعدت فععي البشعر ،فهعي الجلععد
والصبر عند وقوع البلء .وثانيععا :أّنععه عنععد تشععكيله وشععحذه ،
فهو قوي قاتل وقاطع ،لذلك قيل " ل يفل الحديععد إّل الحديععد " ،
وهذه الصععفة إن وجععدت فععي البشععر ،فهععي القععوة والبطععش عنععد
مواجهة العداء .
ل ) 84النساء ( نجععد شّد َتنِكي ًسا َوَأ َشّد َبْأ ً
ل َأ َوفي قوله تعالى ) َوا ُّ
ن البأس الشديد أّنه سبحانه قد وصف نفسه بذات الصفة ،وبما أ ّ
تعني القوة والبطش ،فأين تستعمل هذه القوة وهذا البطععش مععن
قبله سبحانه ؟ وفي أي المواقع والمواقف يصف رب العزة نفسه
بهاتين الصععفتين ؛ القععوة والبطععش ؟ دعنععا نتتبععع هععذه الصععفات
ش عِديٌد )12 ك َل َ
ش َرّب َ
ط َ ن َب ْ
والعلقة ما بينها ،في اليات التالية ) ِإ ّ
شععَة اْلُكْبععَرى ِإّنععا ُمنَتِقُمععونَ )16 ط َش اْلَب ْطعع ُ الععبروج ( ) َيععْوَم َنْب ِ
ن الشدة ارتبطت بالبطش ،والبطش بالنتقام . الدخان ( نجد أ ّ
ي عَِزي عٌز )ل َلَقِو ّ
ن ا َّ
ب ) 52النفال ( ) ِإ ّ شِديُد اْلِعَقا ِ ي َ ل َقِو ّ ن ا َّ) ِإ ّ
عِزيعٍز ُمْقَتعِدٍر ) 42القمععر ( ) َوَكعَذِل َ
ك خعَذ َ خْذَناُهْم َأ ْ 40الحج ( ) َفَأ َ
شعِديٌد )102 خعَذُه َأِليعٌم َ
ن َأ ْ
ظاِلَمعٌة ِإ ّ
ي َ خَذ اْلُقعَرى َوِهع َ ك ِإَذا َأ َ
خُذ َرّب َ
َأ ْ
عِزيٌز ُذو اْنِتَقععاٍم ) 4آل عمععران ( ، ل َ شِديٌد َوا ُّ ب َ عَذا ٌ هود ( ) َلُهْم َ
ن الشدة ارتبطت بالقوة ،والقوة بالعزة ،والعزة بالخععذ ، ونجد أ ّ
والخذ بالشدة ،والشدة بالعزة ،والعزة بالنتقام .
85
ومما تقدم نجععد أن الموقععف ،الععذي يسععتدعيه جععل وعل لظهععار
بأسه الشديد ،هو موقف النتقام ،وأن النتقام ل يتأتى إل ممععن
هو قوي وعزيز .
ن هؤلء العباد ،المبعوثين مععن قبلععه سععبحانه وخلصة القول :أ ّ
على بني إسرائيل ،اختارهم ال لتنفيذ مهمة ،وهي إنزال أبشععع
انتقام إلهي ممكن في بني إسرائيل ،لذلك تطلب المر أن يكونععوا
أولي بأس شديد ،ويتمتعععون بععالقوة والعععزة ،ذوي صععبر وجلععد
عند وقوع البلء ،وقوة وبطش عنععد اللقععاء ،بغععض النظععر عععن
إيمانهم أو كفرهععم ،زيععادة فععي التنكيععل وإمعانععا فععي الذلل لبنععي
إسرائيل ،وما عدا ذلك من صفات العبععاد ،ل تصععلح لتنفيععذ هععذه
المهمعععة .والفتوحعععات العععتي اتخعععذت الطعععابع السعععلمي قعععديما
وحديثا ،لم تحمل الطابع النتقامي بإهلك الحرث والنسل ،الذي
سيكون عليه المر الذي تصفة اليات .
ر:ل الدَّيا ِ خَل َ سوا ِ جا ُ
ف ََ
لم ترد كلمة ) جاسوا ( ،أو أي من مشتقات مصدرها ) جععوس (
في مجمل القرآن ،إّل مرة واحدة فقععط فععي هعذا الموضععع ،لععذلك
لجأت إلى معجم لسان العرب ،وهذا ممععا قيععل فيهععا " :الجععوس
هععو مصععدر جععاس جوسععا ،وجوسععان تععردد ،فجاسععوا خلل
الديار :ترددوا بينها للغارة والجوسان ؛ أي قتلوكم بين بيوتكم ؛
بمعنى يذهبون ويجيئون ؛ فطافوا خلل الديار ينظععرون هععل بقععي
أحد لم يقتلوه ؛ تخللوها فطلبوا ما فيها ،والجوسععان :الطوفععان
بالليل ،ورجل جّواس أي يجوس كل شيء يدوسه ،والجععوس :
طلب الشععيء باستقصععاء ،وكععل موضععع خععالطته ووطئتععه ،فقععد
جسته " .
86
ولععو جمعنععا كععل مععا قيععل فيهععا مععن معععاني ،وأعععدنا تشععكيل هععذه
المعاني وصياغتها ،لخرجنا بالمشهد التالي :
) أغاروا عليكم – ليل على الرجععح – ودخلععوا ديععاركم ،ووطئوا
أرضععكم ليقتلععوكم وينّكلععوا بكععم ،وتععرّددوا فيهععا ذهابععا وإيابععا ،
وطافوا خللها شرقا وغربا ،وتخّللوا أزقتكم واقتحموا بيععوتكم ،
بحثا وتقصّيا ،لعّلهم يجدوا منهم ،من بقي حيا ليقتلوه ( .
ن الع جّلععت قععدرته ،أوجععز فععي وصععف فعععل هععؤلء نلحظ هنععا أ ّ
العباد أّيما إيجاز ،ليصف كل ما فعلوه في كلمة واحدة فقط ،هي
كلمة ) جاسوا ( لتصف مشهدا كامل ،ولم تكععن الضععافة ) خلل
الععديار ( إّل لتوضععيح مععا كععان قععد جيععس .وهععذا ُيشععبه مشععهد
جععجالغععارات الوحشععية ،الععتي كععان يقععوم بهععا ،المريكععي المد ّ
بالسععلح النععاري ،علععى قععرى الهنععود الحمععر شععبه الُععّزل ،ومععا
ُيخلفه وراءه مععن دمععار ومآسععي ،مشععهد طالمععا حفلععت بععه أفلم
الغرب المريكي .
والعبارة جاءت لتصف ما قام به عباد البعععث الول عنععد بعثهععم ،
قال تعالى ) فجاسوا ( بصيغة الماضي ،أي أن الجوس ،قد وقع
في الماضي ،ولم يقل ) ليجوسوا ( بصيغة السععتقبال ،كمععا هععو
الحال في أفعال البعث الثاني ،التي ستقع في المستقبل .
وخلصة القول :أن هذا الجععوس قععد وقععع فععي الماضععي ،وكععان
حُرمععاتهم غايععة فععي البشععاعة ،واسععتباح فيععه هععؤلء العبععاد ُ
جميعها ،من أرض ومععال وعععرض ،فوقععع فيهععم القتععل والنهععب
والسبي .
87
عوًل : ف ُ م ْدا َ ع ًو ْ ن َ كا َ و ََ
هذا الخبر جاء كتعقيب على الوعد الول ،ليؤكععد سععبحانه تحقععق
المرة الولى ،بعلوها وإفسادها وبعثها ،قبل نزول هذه اليععات .
حيث جاءت صيغة اسم المفعول ) َمْفُعول ( مععن الفعععل ) َفَع عَل ( ،
للدللة علععى تمععام الفعععل ،بمعنععى وكععان وعععدا ) قععد ُفِععْل ( فيمععا
مضععى مععن الزمععان .ولععم تععأتي بععأي حععال مععن الحععوال بمعنععى
) مقضيا ( ،كما قّدمه معظم المفسرين القدماء ،ومنهم القرطبي
أجّله ال ،حيث قال فيها " وكان وعدا مفعول ،أي قضععاء كائنععا
ل خلف فيه " ،على اعتبار أن نفاذ الوعدين كان قبل السلم .
وقععد جععاءت هععذه العبععارة ،كجملععة معترضععة ،بحيععث لععو قمععت
بإسقاطها من السياق ،ومن ثم قرأت اليتين ) 4و ، ( 5كما يلي
… ) :بعثنا عليكم عبععادا لنععا أولععي بععأس شععديد ،فجاسععوا خلل
الديار .ثم رددنا لكم الكععرة عليهععم ،وأمععددناكم … ( لوجععدت أن
السياق لم يتأثر بحععذفها ،فخععبر نفععاذ الوعععد الول ،انتهععى عنععد
ذكر الجوس ،أي أن الجوس قد وقع بعد البعث .وجععاء التعقيععب
على الوعد ،بالجملععة المعترضععة ) وكععان وعععدا مفعععول ( لبيععان
وتأكيععد ،أن الوعععد بععالبعث الععذي تق عّدم ِذكععره ،قععد تحّقععق فعل ،
وكانت نتيجته هي الجععوس ،ومعن ثععم يبععدأ النععص بالخبععار عععن
الوعد الثاني .
حعِر ِ ،إْذ
ضعَرَة اْلَب ْ
حا ِ ت َن اْلَقْرَيعِة اّلِتععي َكععاَن ْعْسَأْلُهْم َقال تعالى ) َوا ْ
عا َ ،وَي عْوَم لَ ش عّر ً
سْبِتِهْم ُ
حيَتاُنُهْم َيوَْم َ ت ِإْذ َتْأِتيِهْم ِ
سْب ِن ِفي ال ّ َيْعُدو َ
ن )… (163 سعُقو َك َنْبُلوُهْم ِبَمععا َكععاُنوا َيْف ُ
ن َل َتْأِتيِهْم َ ،كَذِل َ
سبُِتو َ
َي ْ
ن )166 سِئي َخا ِعْنُه ُ ،قْلَنا َلُهْم ُكوُنوا ِقَرَدًة َ ن َما ُنُهوا َ عْ عَتْوا ََفَلّما َ
العراف ( وهذه الحادثة كما نعلم ،وقعت في بنععي إسععرائيل قبععل
88
ب
ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ مئات السنين ،والن انظر قوله تعالى ) َيَأّيَها اّلِذي َ
جوًهععا س ُو ُ
طِمع َ ن َن ْن َقْبعِل َأ ْ
صعّدًقا ِلَمععا َمَعُكعْم ِمع َْءاِمُنوا ِبَما َنّزْلَنععا ُم َ
ت َ ،وَكععانَ س عْب ِ
ب ال ّ حا َصع َعَلى َأْدَباِرَها َأْو َنْلَعَنُهْم َكَما َلَعّنععا َأ ْ
َفَنُرّدَها َ
ك ِبععهِ 48) .. شععَر َ ن ُي ْلعع َل َيْغِفععُر َأ ْن ا َّلعع َمْفُعععوًل )ِ (47إ ّ َأْمععُر ا ِّ
النساء (
جاءت الجملة المعترضة ) وكان أمر ال مفعول ( زيادة لليضاح
،ولتؤكععد بمععا ل يععدع مجععال للشععك أو الظععن ،لبنععي إسععرائيل
المعاصرين لرسالة السلم ،والمتشّككين منهععم والععذين خععانتهم
ذاكرتهم ،وغير المصّدقين بصحة هذا المر ،الذي كععان ال ع قععد
أجراه في أسلفهم ،أن هذا المععر وهععو المسععخ ،قععد مضععى فععي
أسلفهم حقيقععة ،فجععاء تعقيبععه تعععالى علععى مععا تقععدم ،مععن لعععن
ومسخ لسلفهم ،بقوله ) وكان أمر ال مفعول ( لزالة الشععك ،
ن ال قادر علععى تكععرار ذلععك المععر ،إن لععم يؤمنععوا بمععا ولتأكيد أ ّ
ُأنزل من القرآن على وجه التهديد والتحذير .
وخلصة القول :أن الوعد الول بالبعث ،كان قد مضى وانقضى
ن تعقيبه عز وجل بقوله ) وكان وعععدا قبل نزول هذه اليات ،وأ ّ
مفعععول ( ،جععاء لتععذكير اليهععود الحععاليين وتحععذيرهم ،وإنبععاء
المسلمين غير العالمين ،بوقوع ذلك في بني إسرائيل ،بععأنه قععد
وقع فعل ،وبشرى لهم بأن الوعد الثععاني ،سععيتحقق كمععا تحّقعق
الوعد الول ،وأن ال ل يخلف الميعععاد ،ومععا عليهععم إل الصععبر
والستمرار في كفاحهم ضد اليهود ،وحسن الظن بععال وبوعععده
صععيُبُهْم ِبمَععا
ن َكَف عُروا ُت ِ – وعد الخرة – قال تعالى ) َوَل َيَزاُل اّلِذي َ
ل ع ِإنّ عُد ا ِّي َو ْحّتى َيْأِت َ ن َداِرِهْم َ ، حّل َقِريًبا ِم ْ عٌة َ ،أْو َت ُ صَنُعوا َقاِر َ َ
ف اْلِميَعاَد ) 31الرعد ( . خِل ُ
ل َل ُي ْا َّ
89
عل َيه نم وأ َ
م ْ ُ ك نا
َ م ال ْك َنّرةَ َ ْ ِ ْ َ ْ َ ْ
د د ن م م َردَدَْنا ل َك ُن ْ ) ثُ ّ
فيًرا )(6 م أ َك ْث ََر ن َ ِ ْ ُ ك ناَ ْ ل ع ج و
َ َ َ َ ن نيِ ب و ل
ِ ْ َ ٍ َ َ وا م بأ َ
90
مجيئه من الدنيا إلعى الخعرة ،فتمنعى الكعرة ،وهعي الععودة معن
الخرة إلى الحياة الدنيا ،ليكون من المحسنين .
وخلصععة القععول :أن المقصععود هععو أن ُيوقععع اليهععود بععأولئك
العباد ،ما كان أولئك العباد قد ،أوقعوه فععي أسععلفهم مععن قبععل ،
مععن اسععتباحة للرض والمععال والعععرض ،بعععد اسععتكمال مظععاهر
العلو الثاني ،بالستقواء على أولئك العباد والعتداء عليهم .
م أ َك ْث َنَر
ْ ُ ك نا
ن َ نْ ل ع
َ ج
َ و
َ َ ن ن ني
ِ َ ب و ل
ْ ِ ْ َ ٍ َوا م وأ َمددَناك ُم ب نأ َ
َ ْ َ ْ
َنفيًرا :
وأمددنا في ) لسان العرب ( " مصدرها مدد ؛ ومّده غيره وأمعّده
؛ وأمددناهم بغيرنا ؛ والمدد هم العساكر الععتي تلحععق بالمغععازي ،
والمداد أن يرسل الرجل للرجل مددا ،تقول أمددنا فلنا بجيش ،
ف ) 125آل عمععران ( " س عِة آَل ٍ خْم َ قععال تعععالى ) ُيْم عِدْدُكْم َرّبُك عْم ِب َ
وفي المجمععل تعنععي الزيععادة والكععثرة ،فععي المسععاعدة العسععكرية
المقدمة من قبل الغيععر ،مععن مععال وأفععراد وعتععاد أثنععاء الحععرب .
عندما يكون الجيش أقرب للهزيمة منه إلى النصر .
والنفير هم القوم ينفرون معك ويتنافرون في القتال ،ومنه قععوله
س عِبيِل
سُكْم ِفي َ جاِهُدوا ِبَأْمَواِلُكْم َوَأنُف ِ خَفاًفا َوِثَقاًل َو َ تعالى ) انِفُروا ِ
ن ) 41التوبة ( . ن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ خْيٌر َلُكْم ِإ ْ
ل َذِلُكْم َ
ا ِّ
جاء في ) كتاب النبوءة والسياسة ( ،للكاتبة المريكية ) غريس
هالسعل ( " :لقعد أغرقنعا إسعرائيل بالسعلحة :جعلنعا معن دولعة
الثلثععة ملييععن يهععودي ،مععاردا عسععكريا أكععبر مععن أي دولععة
منفردة ،مثل ألمانيا أو إنكلترا أو فرنسا ،وأقععوى مععن 21دولععة
عربية مجتمعة ،عدد سكانها 150مليون نسمة "
91
" أن إسععرائيل ..هععي المسععتفيد الول بل منععازع مععن برنامععج
مسععاعداتنا ..تحصععل علععى ثلععث مجمععل المسععاعدات المريكيععة
الخارجية "
وتقول الكاتبة تعقيبا على انتصار إسرائيل في حرب " ، 1967
ط أحععد أي فضععل للوليععات المتحععدة ،لنهععا زودت إسععرائيل لم يع ِ
بالسلحة والتكنولوجيا والدولرات ،وحتى بالعناصععر العسععكرية
المريكيععة الععتي سععاعدت السععرائيليين ،فععي تلععك الحععرب .لقععد
ربحت إسرائيل لن الوليات المتحدة كانت تؤيدها بل حدود "
وتقول أيضا " أن نسبة العسكريين إلى المععدنيين فععي إسععرائيل ،
هي ) 1عسكري من كل 22مدني ( وهي أعلى نسبة فععي العععالم
"
وتقول أيضا على لسان الستاذ فععي الجامعععة العبريععة ) إسععرائيل
شاهاك ( " إن دافع الضرائب المريكي أرسل إلى إسرائيل ،فععي
عام 1985خمسة مليارات دولر " واستمرت أمريكا بدفع هععذه
القيمة سنويا لغاية الن ،فضل عن المساعدات المادية والعينيععة
الخرى " ،انتهى .
وفي قوله تعالى ) ثم رددنا لكم الكرة عليهم ،وأمععددناكم بععأموال
وبنيععن ،وجعلنععاكم أكععثر نفيععرا ( ثلثععة أفعععال ،جععاءت جميعهععا
بصععيغة الماضععي ،وهععي ) رددنععا لكععم ،أمععددناكم ،جعلنععاكم (
حّملععت جميعهععا أيضععا صععفة السععتقبال ،بمعنععى ) ونععرّد لكععم ، وُ
ونمّدكم ،ونجعلكم ( ولكن باختلف الزمان ،فهذه الفعال جععاءت
لتأخذ صععفة السععتقبال ،قبععل قيععام دولععة إسععرائيل ،فتفيععد معنععى
) ونععرّد لكععم ،ونم عّدكم ،ونجعلكععم ( ،ولتأخععذ بعععد قيععام دولععة
إسرائيل صفة الماضي ) ،رددنا لكم ،وأمددناكم ،وجعلناكم ( .
92
كان المفسرين القدماء أكثر قربا منا ،وأكثر فهما لمفردات اللغة
العربيععة ،ومععع ذلععك لععم يعطععوا هععذه اليععات حقهععا مععن التفسععير
والتفصيل ،مما ساهم في إخفاء هذا المر العظيم حتى هذه اليام
سععرت ،ومرّد ذلك أنهم لم يعاصروا الدولة الحالية لليهود .ولو ُف ّ
هععذه اليععات تفسععيرا دقيقععا كمععا الن ،لكشععفت هععذه النبععوءة
للمسلمين ،الكثير من الوقععائع ،ولكععان ضعّر هععذا الكشععف عنهععا
للمسلمين أكثر من نفعه ،ولكن لم يشأ ال ذلك رحمة بالمسلمين
ن
،حتى ل يتملكهم اليأس والقنوط والتسليم بالمر الواقع ،بما أ ّ
ق. ق وقوله ح ّ ال قد أخبر بذلك ،وهو الح ّ
ولععو حصععل أن علععم المسععلمون بتفاصععيل هععذه النبععوءة مسععبقا ،
فربما ترك معظم الفلسطينيون بلدهم ،مععع إطلق أول رصاصععة
حعَم ربععي ، من قبل برابرة هذا العصر ،إل مععن أوتععي الحكمععة وَر ِ
حِرَم المسلمون شرف الشععهادة ،ونيععل الذى فععي سععبيل الع ، وَل ُ
ح مِْثُلعُه ، س اْلَقعْوَم َقعْر ٌ ح َ ،فَقعْد َمع ّ سعُكْم َقعْر ٌ س ْ ن َيْم َلقوله تعالى ) ِإ ْ
خ عَذ
ن آَمُنععوا َ ،وَيّت ِ س َ ،وِلَيْعَلَم الُّ اّلِذي َ ن الّنا ِ ك اَْلّياُم ُنَداِوُلَها َبْي َ
َوِتْل َ
ن )140آل عمران ( ولقوله ) ظاِلِمي َب ال ّ ح ّ ل َل ُي ِ شَهَداَء َ ،وا ُّ ِمْنُكْم ُ
عنْ خّلُفوا َ ن َيَت َ
ب َ ،أ ْ عَرا ِ ن اَْل ْحْوَلُهْم ِم َ ن َ ن َِلْهِل اْلَمِديَنِة َ ،وَم ْ َما َكا َ
ك ِبعَأّنُهْم َ ،ل سعِه َ ،ذِلع َ ن َنْف ِعع ْ
سعِهْم َ غُبععوا ِبَأنُف ِلع َ ،وَل َيْر َ سععوِل ا ِّ َر ُ
لع َ ،وَل سعِبيِل ا ِّ صعٌة ِفععي َ خَم َ ب َ ،وَل َم ْ صع ٌ ظَمعٌأ َ ،وَل َن َ صععيُبُهْم َ ، ُي ِ
ل ِ ،إّل ُكِت ع َ
ب ع عُدّو َنْي ً
ن َ ن ِم ع ْظ اْلُكّفاَر َ ،وَل َيَنععاُلو َ طًئا َيِغي ُن َمْو ِ طُئو ََي َ
ن) سععِني َ ح ِ
جععَر اْلُم ْ ضععيُع َأ ْ لعع َل ُي ِ ن ا َّح ِ ،إ ّ صععاِل ٌعَمععٌل َ َلُهععْم ِبععِه َ ،
120التوبة ( .ولكن عععدم معرفععة الفلسععطينيون ،آنععذاك بحتميععة
قيام الدولة اليهودية ،أبقى المل بإمكانية منع إقامتها ،حّيا فععي
نفوس أهلها ،فبقي الكثير منهم فيها ،واستمر بععاب الجهععاد فععي
سبيل ال ،مشرعا على مصراعيه ،وبقي سجل شرف الشععهادة
93
في سبيل ال ،مفتوحا إلى يوم القيامععة ،لمععن يرغععب منهععم فععي
تدوين اسمه ،ولتكون منهم بإذن الع تلععك الطائفععة ،الععتي أخععبر
عنها رسول الحق عليه الصلة والسلم .
أما بالنسبة لليهود ،فهل ُكشفت لهم هععذه النبععوءة ؟ أقععول :نعععم
سععراِئيَل ِفععي ضععْيَنا ِإَلععى َبِنععي إ ْبل شععك ،ألععم يقععل سععبحانه ) َوَق َ
ب ( وكشفت لهم أيضا نبوءات أخرى ،ويعرفون تفاصععيلها اْلِكَتعا ِ
ب َتَماًمععا سععى اْلِكَتععا َكما يعرفون أبناءهم ،قال تعالى ) ُثّم آَتْيَنععا ُمو َ
حَم عةً َ ،لَعّلُه عْم يٍء َوُه عًدى َوَر ْ شع ْ
ل ِلُك عّل َ صي ً ن َ ،وَتْف ِ سَ ح َعَلى اّلِذي َأ ْ َ
ح مِ عنْ ن ) 154النعام ( ) وََكَتْبَنا َل عُه ِفععي اَْلْل عَوا ِ ِبِلَقاءِ َرّبِهْم ُيْؤِمُنو َ
خْذَها ِبُقّوٍة َوْأمُْر َقْوَمكَ يٍء َ ،ف ُ ش ْ
ل ِلُكّل َ صي ً ظًة َ ،وَتْف ِ عَ يٍء َمْو ِ ش ُْكّل َ
ن ) 145العععراف ( وقععد س عِقي َ
س عُأِريُكْم َداَر اْلَفا ِسِنَها َ ، ح َ خُذوا ِبَأ ْ َيْأ ُ
كشععفها الع لهععم ليعلععم مععا سععيكون منهععم ،فعلععم العقلء يزيععدهم
تواضعا وخضوعا وامتثععال ،وعلععم الععذين ل يعقلععون ) اليهععود (
زادهم جهل واستكبارا وطغيانععا وعصععيانا وعععدوانا ،وسنوضععح
لحقا ما كان منهم ،بناءا على معرفتهم لما جععاء فععي كتبهععم مععن
نبوءات ،بإذن ال .
أما لماذا ُكشفت الن ،نقععول :أن ل جععدوى مععن إخفاءهععا الن ،
سععر الواقععع فقد اكتملت معالم القععدر مععن ظععروف وملبسععات ،وف ّ
جزءا كبيرا من نصوصها ،وكععل شععيء أصععبح واضععحا للعيععان ،
عْدًل ) 115النعام ( وعلم سععبحانه معا صْدًقا َو َك ِ ت َكِلَمُة َرّب َ ) َوَتّم ْ
أراد أن يعلم ؛ مما كان من المسلمين ،واتخذ وسععيتخذ منهععم مععا
أراد أن يتخذ ،وما كان من اليهعود وسعيأخذ منهعم ،معا شعاء أن
جَهّن عَم ِلْلَكععاِفِري َ
ن جَعْلَنععا َ
يأخذ حطبا لنار جهنم ،وبئس المصير ) َو َ
صيًرا ) 8السراء ( .والكشععف عععن أسععئلة المتحععان والبلء ، ح ِ َ
لععن ُيغّيععر شععيئا ،فقععوائم النتععائج والشععهادات ُ ،تعلععن مععن علععى
94
شاشات التلفاز ،فقد نجح الكععثير مععن طلب الخععرة فععي امتحععان
ربهم ،على ) درجة شهيد بامتياز مععع مرتبععة الشععرف ( ،ولكععن
أكثر الناس ل يعلمون .
ونحن الن بانتظععار أن ُيصععدر رب العععزة ،نتععائج أولئك الوغععاد
السفلة ،بعد أن يمهرها بتوقيعه المبارك ،وكأّني أتخّيل الملئكة
ُيعّدونها ،في عجلة معن أمعر ربهعم ،لتكعون جعاهزة عنعد موععد
صععاَرُهْم َ ،كَمععا َلعْم ب َأْفِئَدَتُهعْم َوَأْب َالتسليم ،فتدّبر في قععوله ) َوُنَقّلع ُ
ن )… 110 طْغَيععاِنِهْم َيْعَمُهععو َُيْؤِمُنوا ِبِه َأّوَل َمّرٍة َ ،وَن عَذُرُهْم ِفععي ُ
ضععْوُه ، خَرِة َ ،وِلَيْر َ لِ ن ِبععا ْن َل ُيْؤِمُنععو َ صععَغى ِإَلْيععِه َأْفِئَدُة اّلععِذي َ
َوِلَت ْ
صعْدًقات َكِلَم عُة َربّ عكَ ِ ن َ … 113) ،وَتّمع ْ َوِلَيقَْتِرُفوا َما ُهْم ُمْقَتِرُفععو َ
س عِميُع اْلَعِلي عُم ) 115النعععام ( ، عْدًل َ ،ل ُمَب عّدَل ِلَكِلَمععاِتِه َوُه عَو ال ّ َو َ
وموعععدهم قريععب ،وعنععد مجيئه سععيكون البععاب مشععرعا لولئك
العباد بأمر ربهم ،لينقضوا عليهم ويزلزلوا أركععانهم ،ويكسععروا
ط فععي شععوكتهم ويقتلعوهععا مععن جععذورها ،والبعبععع المريكععي يغع ّ
سبات عميق ،ولن يمنعهم من أمر ال أحد كان .
ق ،فالذي أخبر عن ذلك ن عودة اليهود إلى فلسطين ح ّ ونقول :أ ّ
ن ال ع عليهععم ق ،بعععد أن م ع ّ ن إخراج أهلها منها ح ّ ق ،وأ ّ هو الح ّ
بالستضعاف بالرض ،كما استضعف الذين من قبلهم ،فُأورثوا
ق َ ) ،كَمععا الرض مععن بعععد ،فقععد َأخععرج رسععوله مععن قبععل بععالح ّ
ن) ن َلَكععاِرُهو َ ن اْلُمْؤِمِني َ ن َفِريًقا ِم ْ ق َوِإ ّ ح ّ
ك ِباْل َن َبْيِت َك ِم ْ ك َرّب َجَخَر َ
َأ ْ
5النفععال ( وفععي إحععدى سععننه الكونيععة لمععن ُيخععرج النععاس مععن
جّنُكعْم ِمعنْ خِر َ سعِلِهْم َلُن ْن َكَفعُروا ِلُر ُ ق ) َوَقععاَل اّلعِذي َ ديارهم قععال الحع ّ
ظععاِلِمينَ ) ن ال ّ حى ِإَلْيهِْم َرّبُهْم َلُنْهِلَك ّن ِفي ِمّلِتَنا َفَأْو َ َأْرضَِنا َأْو َلَتُعوُد ّ
13إبراهيم ( .
95
وهذه رسالة رب العزة ،إلى أمة محمد عليععه الصععلة والسععلم ،
سعْلِم َ ،وَأْنُتعمْ عوا ِإَلععى ال ّ
ل َتِهُنوا َ ،وَتْد ُ ومن سورة ) محمد ( َ ) :ف َ
ن َتَتَوّل عْوا
عَماَلُكْم )َ … (35وِإ ْ ن َيِتَرُكْم َأ ْل َمَعُكْم َ ،وَل ْ ن َ ،وا ُّ عَلْو َ اَْل ْ
غْيَرُكعْم ُثعّم َل َيُكوُنععوا َأْمَثععاَلُكْم ) ، (38وإن لععم نكععن ستَْبِدْل َقْوًمععا َ َي ْ
نستحق النتساب لّمة ) محمد ( عليه أفضل الصععلة والتسععليم ،
قول وعمل ،فسّنة الستبدال واقعة بنا ل محالة ،ومن المؤسف
أنها على وشك .
وخلصععة القععول :أنععه وبعععد نفععاذ الوعععد الول فيكععم ،مععن قبععل
هؤلء العباد ،وقتِلهم وقهِرهععم لكععم ،وزوال دولتكععم ،وتشععتتكم
فععي الرض بمععدة مععن الزمععن ،طععالت أو قصععرت -تفيععدها ث عّم -
سنأذن لكم بالعودة إلى الرض المقدسة ،وتهزموهم كما هزمععوا
أسلفكم ،وتعود لكم السطوة عليهععم ،وتلحقععوا بهععم مععا ألحقععوه
بأسلفكم ،وُنمّدكم بععالفراد المععدربين علععى القتععال والمسععاعدات
المالية والعسكرية ،ونجعلكم أكثر عددا وعتادا .وهذا مععن قبيععل
س ( بععإجراء القضععاء والقععدر ، ن الّنععا ِ ك اَْلّيععاُم ُن عَداِوُلَها بْي ع َ
) َوتِْل ع َ
وليس من قبيل المكافأة ،لبنععي إسععرائيل علععى إحسععانهم ونيلهععم
رضاه سبحانه ،كما يّدعون في تععوراتهم ،وكمععا ذهععب إلععى ذلععك
سرين . بعض المف ّ
96
م ُ ت فسك ُم وإن أ َسأ ْ ُ لن حسنت ُم ِ َ ) إن أ َحسنت ُم أ َ
َ ْ ْ ْ َ ِ ِ ْ ْ َ ْ ِ ْ ْ َ
ءوا سننو ُ ة ل ِي َ ُ خننَر ِ عنندُ اْل ِ و ْ جنناءَ َ ذا َ فننإ ِ َ هننا َ فل َ َ َ
خل ُننو ُ
ه مننا دَ َ جد َ ك َ َ سن ِ م ْ خُلوا ال ْ َ ول ِي َدْ ُ م َ هك ُ ْ جو َ و ُ ُ
وا ت َت ِْبيًرا )( 7 َ ل ع
َ ما روا ب َ ت ي ِ ل و ة ر م َ
ل و أَ
ْ َ َ ُ ّ ُ ٍ َ ّ ّ
م ُ تفس نك ُم وإن أ َس نأ ْ ُ لنحسنت ُم ِ َ إن أ َحسنت ُم أ َ
ْ َ ْ ْ َ ِ ِ ْ ْ ْ َ ِ ْ ْ َ
ها : فل َ َ َ
وهذا على سبيل التخيير ،ولنفي الجبريععة علععى مععن يملععك العقععل
والرادة ،ولععدفع الظلععم عععن نفسععه جعّل وعل ،حيععث قععال ) َمعنْ
لٍم ِلْلَعِبيِد )46 ظّ ك ِب َ
ساَء َفَعَلْيَها َوَما َرّب َ ن َأ َسِه َوَم ْ حا َفِلَنْف ِ صاِل ً عِمَل َ َ
فصلت ( ،وجععاءت فععي ظاهرهععا ،تحمععل الكععثير مععن الععترغيب ،
والكثير من الترهيب ،وفي باطنها التهديد والتحذير ممععا يليهععا ،
لكيل يكون لهم على ال حجة ،بأنه لععم يحعّذرهم وينععذرهم ،قبععل
إنزال عقاب وعد الخرة فيهم .أما دفع تهمة الفساد عن النفععس
،فليست بالماني ومعسول الكلم ،ولكن بالنظر إلى مععا اقععترفته
س ِبَأَماِنّيُكْم َوَل َأَماِنيّ َأْهِل اْلِكَتا ِ
ب اليادي ،حيث قال سبحانه ) َلْي َ
صيًرا ) ن الِّ َوِلّيا َولَ َن ِ ن ُدو ِ جْد َلُه ِم ْ جَز ِبِه َوَل َي ِ سوًءا ُي ْ ن َيْعَمْل ُ َم ْ
123النساء ( .
والتغيير من الفساد إلى الصلح ،ومن الساءة إلى الحسععان ،
ل يأتي عبثا بل يحتاج إلععى الكععثير مععن الجهععد والعمععل ،فالبدايععة
تكون بتحصيل العلم والمعرفة بال ،بالتفّكر والتدّبر فععي ملكععوت
السععماوات والرض ،ومععن ثععم اليمععان بوجععوده وقععدرته علععى
الخلق واليجاد ،ومععن ثععم رّد الجميععل لصععاحب الفضععل والمّنععة ،
بعععإقرار ربعععوبيته وملكيتعععه لنعععا ،ومعععن ثعععم الطاععععة والتسعععليم
والنصياع ،ومن ثم تحصيل المعرفععة بمععراده مععن الخلععق ،كمععا
97
س ِإّل ِلَيْعُبععُدونِ )56 ن َواِْلنعع َ جع ّت اْل ِ
خَلْقعع ُجععاء فععي كتععابه ) َوَمععا َ
الذاريات ( ،وبالتالي البحث الحثيث لمعرفععة مععا ُينععال بععه الرضععا
وُيدفع به الغضب ،ومن ثم العمل بما تعلم ،فإن لم يكن حبععا فععي
ملك الملوك ،ليكن ولًء لسععبق الفضععل ،وإن لععم يكععن طمعععا فعي
الجنة فخوفا من النار .
فععانظر بربععك إلععى ربععك مععا أعععدله ،أنعععم عليععك وأوجععدك أول ،
حمُْد وسيدخلك الجنة إلى البد ثانيا ،لتكون ممن قالوا ) َوَقاُلوا اْل َ
شاُء ث َن َ حْي ُجّنِة َ ن اْل َض َنَتَبّوُأ ِم َ
عَدُه َوَأْوَرَثَنا اَْلْر َ صَدَقَنا َو ْ ل اّلِذي َ ِّ
ن ) 74الزمر ( ،ل من الععذين قععالوا ) يََوْيَلَنععا َق عْد جُر اْلَعاِمِلي ََفِنْعَم َأ ْ
ن ) 97النبياء ( . ظاِلِمي َن َهَذا َبْل ُكّنا َ غْفَلٍة ِم ُْكّنا ِفي َ
س عِهْم َوِإَذا حّتى ُيَغّيُروا َمععا ِبَأنُف ِ ل َل ُيَغّيُر َما ِبَقْوٍم َن ا َّ قال تعالى ) ِإ ّ
ن ُدوِنعِه ِمعنْ َواٍل )11 ل َمَرّد َلُه َوَما َلُهعْم ِمع ْ سوًءا َف َ ل ِبَقْوٍم ُ َأَرادَ ا ُّ
الرعد ( ،فالتغيير يبدأ من العبد وينتهي عنده ،قععال تعععالى ) َوِإْذ
لع سععوُل ا ِّ ن َأّنععي َر ُ سى ِلَقْوِمِه َيَقْوِم ِلَم ُتْؤُذوَنِني َوَقْد َتْعَلُمو َ َقاَل ُمو َ
ن) سِقي َ ل ُقُلوَبُهْم َوالُّ َل َيْهِدي اْلَقْوَم اْلَفا ِ غ ا ُّ
غوا َأَزا َ ِإَلْيُكْم َفَلّما َزا ُ
5الصععف ( ،حيععث سععبق الزيععغ منهععم فععأزاغ الع قلععوبهم ،أفل
يستحق المر شيئا مععن العنععاء … ؟! فلنسععارع بتغييععر أنفسععنا ،
قبل أن تتغير جلودنا مرارا وتكرارا ،في نار جهنم .
ة: خَر ِ عدُ اْل ِ و ْ جاءَ َ ذا َ فإ ِ َ َ
فيما روي عنه عليه الصلة والسلم ،مما قال في دعاءه " أنععت
الول فليععس قبلععك شععيء ،وأنععت الخعر فليععس بعععدك شعيء " ،
خرة نقيض المتقدم والمتقدمععة ،ومععن معجععم مختععارخر وال ِ
وال ِ
خر بكسر الخاء بعد الول وهععو صععفة ،تقععول جععاءالصحاح :ال ِ
خرة والجمع أواخر . خرا أي أخيرا ،وتقديره فاعل ،والنثى آ ِ
آِ
98
وخلصة القول :أنها المرة الثانية فععي الععترتيب ،والخيععرة فععي
عععدد المععرات ،ول ثالثععة بعععدها ،وإنمععا هنععاك أخععرى ،ولكنهععا
ح أن نسعميها معرة ثالثعة ، تختلف في أنها ليسعت معرة ،ول يصع ّ
فهي ل تمتلك شروط المرتين السابقتين .
بعثناهم عليكم :
هذه العبارة ،غير موجودة أصل فععي نععص اليععة ،وهععي جععواب
حذفت ،لدللة جواب شععرط شرط إذا الخاص بوعد الخرة ،وقد ُ
إذا الخععاص بوعععد أولهمععا .ولتوضععيح عمععل ) إذا ( ومععا يعنيععه
شرطها وجوابها ،نقول نستعمل ) إذا ( عععادة ،إذا أردنععا تعليععق
فعععل معيععن ) ويسععمى جععواب شععرط إذا ( ،بفعععل آخععر ) ويسععمى
شرط إذا ( ،كأن تقول لزوجتك على سبيل المثال " :إذا حصلت
على ترقية في نهاية الشهر ،اشتريت لك ذلك الخععاتم " ،فالععذي
ذهبت إليه في الواقع ،هو أنك عّلقت عملية شراء الخاتم ،الععذي
رغبت فيه زوجتك ،بعملية حصولك علععى الترقيععة الموعععود بهععا
آخععر الشععهر ،فععإن لععم تكععن هنععاك ترقيععة ،فلععن تحصععل زوجتععك
المسكينة على الخاتم .فشرط ) إذا ( هو ) الحصول على الترقية
( ،وجواب الشرط هو ) شراء الخاتم ( .وبعبارة أخرى نقول أن
حصول زوجتك على الخاتم متعّلق بالحصول على الترقية .
وبإعادة عبارة ) بعثناهم عليكم ( المحذوفة ،يصععبح النععص كمععا
سععوُءوا
خععَرِة – بعثنععاهم عليكععم – ِلَي ُ
لِعععُد ا ْ
جععاَء َو ْ
يلععي ) َفععِإَذا َ
جَد ( .وعبععارة ) وليسععوءوا وجععوهكم ( سع ِ
خُلوا اْلَم ْ
جوَهُكْم َوِلَيْد ُ
ُو ُ
ليست جوابا للشرط ،لرتباطهعا بلم كعي ،حيعث جعاءت العبعارة
لتعليل البعث وتوضيح الغايععة منععه .وضععمير الغععائب ) هععم ( فعي
99
) بعثناهم ( يعود على العباد أنفسهم ،وضععمير المخععاطب ) كععم (
في ) عليكم ( ،يعود على بني إسرائيل .
وخلصة القول :أن هذه المرة هععي الخيععرة مععن المرتيععن ،وأن
تحّقق البعث متعّلق بمجيء الموعد المحّدد ،وبما أن الضمير في
كلمععة ) بعثنععاهم ( يعععود علععى نفععس العبععاد ،فععإن عبععاد البعععث
الثاني ،هم نفس عباد البعث الول .
م: هك ُ ْ
جو َ
و ُءوا ُ سو ُل ِي َ ُ
إسععاءة الععوجه ،أن ُيفِع عَل ِبالنسععان مععا َيْك عَره ،وأسععاءه نقيععض
سّره .وفي الواقع أن ِفعل الساءة ،لن يقع على الوجععوه بشععكل َ
مباشر ،وإنما على المظاهر والمقومععات الماديععة ،الععتي مّكنتهععم
مععن العلععو والسععتكبار والسععتعلء علععى النععاس ،لُيحرمععوا هععذه
الميزة بتبادل الدوار مع أولئك العبععاد .ويكسععبوا ميععزة جديععدة ،
هعععي الستضععععاف والعععذل والنخفعععاض ،بتبعععادل الدوار معععع
الفلسطينيين ،ومن ثم ليقع فيهم ،ما أنزلوه بالفلسطينيين طيلععة
مدة علوهم ،من قتل وأسر وتعذيب وسلب للراضي والممتلكات
شععفِ ،وإتلف وهدم ،على قاعدة الجزاء من جنس العمل َ ) ،وَي ْ
ن ) 14التوبعععة ( .وضعععمير الغعععائب ) واو صعععُدوَر َقعععْوٍم ُمعععْؤِمِني َ
ُ
الجماعة ( في ) ليسوءوا ( ،يعععود علععى نفععس العبععاد ،وضععمير
المخاطب )كم ( في ) وجوهكم ( ،يعود على بني إسرائيل .
والذي سيظهر على الوجه ،هو تعابير الستياء ،التي تنتععج فععي
الغععالب ،عععن مشععاعر تجيععش بهععا النفععس البشععرية ،كععاللم
والحسعععرة والغيعععظ والخعععزي والعععذل ،عنعععدما تتععععرض للذى
النفسي ،الذي غالبا ما يكون ناتج ،عن فقدان مادي لما هو جيد
،أو كسب ما هو سيئ ،أو كلهما ،وتعتمد درجة الستياء على
100
درجععة الفقععد أو الكسععب ،والععذي سععيفقده اليهععود ،هععو السععيادة
والغنى والقوة .
ونجععد وصععف لتعععابير وجععه ،يشعععر صععاحبه بسععوء ألععّم بععه ،
لحرمععانه مععن الععذكر ،بععولدة النععثى ،الععتي سععتجلب لععه العععار
جُه عُه ظ عّل َو ْ ح عُدُهْم ِبععاُْلْنَثى َشَر َأ َمستقبل ،في قوله تعالى ) َوِإَذا ُب ّ
ش عَر ِب عهِ سوِء َمععا ُب ّ ن ُ ن اْلَقْوِم ِم ْظيٌم )َ (58يَتَواَرى ِم َ سَوّدا َوُهَو َك ِ ُم ْ
… ) 59النحل ( ،ونجد وصف آخر لتعابير وجوه الذين اقععترفوا
السيئات ،عندما اسععتيقنوا أن ل مفععر ول عاصععم مععن أمععر الع ،
وأنهم سينالون جزاء سيئاتهم ،فتملّكتهم مشاعر اليأس والقنوط
س عّيَئةٍ جَزاُء َ ت َ سّيَئا ِسُبوا ال ّن َك َ من النجاة ،في قوله تعالى ) َواّلِذي َ
ت
شعَي ْ غ ِ صعٍم َكَأّنَمععا ُأ ْ
عا ِ ن َلع ِمع ْ ن ا ِّ ِبِمْثِلَها َوَتْرَهُقُهْم ِذّلٌة َمععا َلُهعْم ِمع َ
ب الّنععاِر ُهعْم ِفيَهععا حا ُصع َك َأ ْ
ظِلًمععا ُأوَلِئ َن الّلْيعِل ُم ْ
طًعععا ِمع َ جععوُهُهْم ِق َُو ُ
ن ) 27يونس ( خاِلُدو َ
َ
تععوحي عبععارة ) ليسععوءوا وجععوهكم ( ،أن مععا سععينزل بهععم مععن
عقععاب ،علععى أيععدي هععؤلء العبععاد ،شععديد الوقععع ،وبععالغ الثععر
والتأثير في نفوسهم ،مما سيعكس بالضرورة آثار المساءة على
وجوههم .لدرجة أنه سبحانه ،أورد نفس التعععبير ،فععي وصععفه
لحال الكفار عند رؤيتهععم لعععذاب جهنععم ،فععي قععوله تعععالى ) َفَلّمععا
ن َكَفعُروا َوِقيعَل َهعَذا اّلعِذي ُكْنُتعْم ِبعِه جععوُه اّلعِذي َت ُو ُ سععيَئ ْ
َرَأْوهُ ُزْلَفًة ِ
ن ) 27الملك ( .فالعقاب الذي سيحّل باليهود قريبععا ،ليععس عو ََتّد ُ
لعه نظيعر ،ول ُيمكعن أن يتعأتى هعذا العقعاب ،إل معن قبعل أنعاس
يملؤهم الحقد والكراهية ،ولديهم رغبة شديدة وملحة للنتقععام ،
من بني إسرائيل لسبب أو لخر .
101
ن َقَتعلَ سعَراِئيَل َأّنعهُ َمع ْ
عَلعى َبِنعي ِإ ْ ك َكَتْبَنععا َجِل َذِلع َن َأ ْ قال تعالى ) ِم ْ
جِميًعععاس َ ض َفَكَأّنَمععا َقَتعَل الّنععا َ
سععاٍد ِفععي اَْلْر ِ س َأْو َف َ سا ِبَغْيِر َنْفع ٍ َنْف ً
س عُلَنا
جععاَءْتُهْم ُر ُجِميًعععا َوَلَق عْد َ س َ حَيععا الّنععا َ حَياَهععا َفَكَأّنَمععا َأ ْ ن َأ ْ
َوَم ع ْ
ن )(32 سعِرُفو َ ض َلُم ْ
ك ِفععي اَْلْر ِ ن َكِثيًرا ِمْنُهْم َبْععَد َذِلع َ ت ُثّم ِإ ِّباْلَبّيَنا ِ
ض
ن ِفععي اْلَْر ِ سعَعْو َسععوَلُه َ ،وَي ْ لع َوَر ُ ن ا َّ حععاِرُبو َ ن ُي َ جَزاُء اّلِذي َ ِإّنَما َ
جُلُهعْم ِمع ْ
ن طعَع َأْيعِديِهْم َوَأْر ُصعّلُبوا َ ،أْو ُتقَ ّ ن ُيَقّتُلعوا َ ،أْو ُي َ ساًدا َ ،أ ْ َف َ
ي ِفععي ال عّدنَيا َوَلُه عْم ِفععي خْز ٌ ك َلُهْم ِ ض َذِل َن اَْلْر ِ لفٍ َ ،أْو ُينَفْوا ِم ْ خَ ِ
ظيٌم ) 33المائدة ( عِ ب َ عَذا ٌ خَرِة َ لِ اْ
تبين الية الولى ،عظم مكانة النفس البشرية عند ال ،إذ ليس
لحد كان ،إزهاق أرواح الناس سوى خالقها ،فهو الععذي يحيععي
ويميععت ،ومععن أزهععق روحععا بغيععر نفععس أي قصاصععا ،أو لمنععع
الفساد في الرض ،كإقامة الحدود الموجبععة للقتععل ،فكأنمععا قتععل
الناس جميعا ،ومن قام بهذا المععر ،خععارج نطععاق مععا تقعّدم مععن
موجبات القتل ،فقد أعلن حربه على ال .وأن مععن أعلععن حربععه
حصعر جعزاءه معن قبعل رب الععزة ، على ال ،في الية الثانية ُ ،
بأربعة خيارات ،تنّفذ فيه في الحياة الععدنيا ،مععن قبععل مععن أوكلععه
ال بذلك ،حسععبما يرتععأيه منفععذ الحكععم ،إذ ل جنععاح عليععه فيمععا
ُأنزل به من عقوبة .
والملحظ أن هذا البيان جاء عاّما ،ولكنععه ارتبععط ببنععي إسععرائيل
بشععكل خععاص ،ممععا يععوحي أن عقععابهم فععي المرتيععن ،شععمل
وسيشمل على ما يبدو هذه الخيارات مجتمعععه ،بالقتععل والصععلب
والتنكيل والسبي ،وبما أن النتيجععة النهائيععة لهععذا العقععاب ،هععي
زوال علوهم في فلسطين ،فهذا يعني رحيل من بقي حّيا فععرارا ،
عن فلسعطين نهائيعا ،يجعّر أذيعال الخيبعة والهزيمعة .وسعتفيض
قلوب كل اليهود في كافة أرجاء العععالم ،بمشععاعر الععذل والخععزي
102
والعار والهوان ، ،ممععا يععدعو القاصععي والععداني ،للشععماتة بهععم
وبمن يشّد على أيعديهم .وهععذا معا تؤكععده اليععات الكريمعة ،بعأن
جزاءهم سيكون من جنس عملهم .
جد َ :
س ِ خُلوا ال ْ َ
م ْ ول ِي َدْ ُ
َ
يعتقد الكثير من المسلمين هذه اليام ،أن ذكععر المسععجد فععي هععذا
الموضع ،يترتب عليه أن مععن سععيدخله ،وأن تحريععره مقصععورا
على حملة لواء السعلم ،أو بتععبير أدق أوليعاء الع وخاصعته ،
يوحدهم ويقودهم خليفة يفوقهم ولًء ل ولععدينه ،وفععي الذهععان
صورة ابن الخطاب ،رضعي الع وأرضعاه عنعه ،وصعلح العدين
رحمه ال ،ومن منا ل يتمنى ذلك .
ولكن يحضععرني هنععا قععول الشععاعر " :مععا كععل مععا يتمنععى المععرء
يدركه تجري الرياح بما ل تشتهي السفن " ،فلو عدنا بالععذاكرة
ي عمر وصلح الدين ،ستجد أنهما ل يتفّقععان مععع مععا ،إلى دخول ّ
جاء فععي سععورة السععراء ،لسععببين ،الول ؛ كععان الععدخول علععى
النصارى في المرتين ،والثاني ؛ أن الجوس للديار لم يقع فيهما
،وكذلك الساءة لوجوه اليهععود .بالضععافة إلععى أن الععدخول فععي
المرتين ،كان فتحا وليس عقابا لحد .
ن المسععألة ،هععي لفععظ المسععجد الععذي أورده تعععالى ، ويبععدو وكععأ ّ
للتعريف والتأكيد ،على أن الرض التي ُذكععرت فععي اليععة )(4ع ،
هي الرض التي تحوي المسجد أي مدينة القدس .
والسؤال هنا هل المساجد خاصة بالمسلمين فقط ؟ بكل تأكيد نعععم
،ولكن لفظ المسجد ل ! نحن نعلم أن حادثععة السععراء كععانت فععي
مكة ،وأن سورة السراء ُأنزلعت فيهعا أيضعا ،وأن الع سعبحانه
وتعالى لّما سّماه بالمسجد القصى ،لعم يكعن للمسعلمين فيععه ناقعة
103
ول بعير ،ولم يكعن قائمعا أصعل .وعبعادة السعجود لع كعانت قعد
سبقت ،منذ آدم عليه السلم ،إلى يومنا هذا ،فاقرأ قوله تعععالى
ن ُذّرّيعِة آَدَم َومِّمعنْ ن ِمع ْ ن الّنِبّييع َ عَلْيِهعْم ِمع ْلع َ ن َأْنَعَم ا ُّ
ك اّلِذي َ) ُأْوَلِئ َ
جَتَبْيَنا
ن َهَدْيَنا َوا ْ سَراِئيَل َوِمّم ْ ن ُذّرّيِة ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ ح َوِم ْ حَمْلنا َمَع ُنو ٍ َ
جًدا َوُبِكّيععا ) 58مريععم ( سع ّ
خعّروا ُ ن َ حَمععا ِت الّر ْ عَلْيِهعْم آَيععا ُ
ِإَذا تُْتَلى َ
تب ُأّمٌة َقاِئَمٌة َيْتُلونَ آَيا ِ ن َأْهِل اْلِكَتا ِ سَواًء ِم ْ سوا َ وقوله تعالى ) َلْي ُ
ن ) 113آل عمععران ( وكععل مكععان جُدو َ سع ُ ل ع آَنععاَء الّلْي عِل َوُه عْم َي ْ ا ِّ
اتخععذوه للسععجود ،س عّماه ال ع فععي القععرآن مسععجدا ،والمقصععود
المكان وليس البناء .
عَل عُم ِبِه عْم َقععاَل
عَلْيِهْم ُبْنَياًنا َرّبُه عْم َأ ْ
انظر قوله تعالى ) َفَقاُلوا اْبُنوا َ
جًدا ) 21الكهععف ( . سع ِعَلْيِه عْم َم ْ ن َ خ عَذ ّ
عَلى َأْمِرِهْم َلَنّت ِ غَلُبوا َ ن َ اّلِذي َ
ومع أن أصحاب الكهف ،كانوا من أتباع عيسععى عليععه السععلم ،
فإن الذين غلبععوا علععى أمرهععم فععي الواقععع ،أقععاموا عليهععم مكانععا
للعبادة .وجاءت تسمية القرآن له بالمسجد ،على اعتبارهم له ،
والقصععد مععن بنععائه ،أمععا أنععه مسععجد خععاص بالمسععلمين فل ،
والصععلة بالنسععبة للمسععلمين فععي هععذا المسععجد ،منه عيٌ عنهععا ،
خععذوه مكانععا سععماه القععرآن مسععجدا ،لنهععم ات ّ وبععالرغم مععن ذلععك ّ
للعبععادة ،الععتي أحععد أركانهععا السععجود .وضععمير الغععائب ) واو
الجماعة ( في ) وليدخلوا ( ،يعود على المبعوثين .
وخلصة القول :أن هؤلء المبعععوثين لععم يتععبين ،بنععص صععريح
ول بتلميح بأنهم معن خاصعة عبععاد الع .وأن الع نّكرهعم وقصعد
تنكيرهم ،لمر اقتضته الحكمة اللهية ،التي وضحنا جانبا منهععا
فيمععا سععبق .وأن معتقععدهم غيععر واضععح مععن حيععث اليمععان أو
الكفر ،وما زالت كل الحتمالت قائمة ،فربما يكونوا مؤمنين أو
مسلمين أو وثنيين أو ملحدين .ومن قال بعكس ذلععك فقععد جععانبه
104
الصععواب ،بل أدنععى شععك .والمععر الكععثر وضععوحا ،هععو اتحععاد
المبععععوثين أول وثانيعععا ،أي خروجهعععم معععن نفعععس الرض فعععي
المرتين ،مهما طععال الزمععن أو قصععر وتعععاقبت عليهععا الجيععال ،
بمعنى أن أصحاب البعث الثاني ،هم ورثععة الرض مععن أصععحاب
البعث الول .وأنهم أولي قوة وبطش في الحروب .وأن عبارة )
وليدخلوا المسجد ( جاءت لتؤكد دخولهم ،لقلب الرض المقدسة
،وسيطرتهم عليها بالكامل .
خُلوه أ َ
ة:مّر ٍل َو َُ ّ كَ َ
ما دَ َ
خُلوُه َأّوَل َمعّرٍة ( ،هععو تشععبيه للععدخول الثععاني قوله تعالى ) َكَما َد َ
بالول ،وفي العادة عندما يروي شخص لخر ،قصة وقععع فيهععا
ث يحتاج إلى وصف ،سواء كععان هععذا الحععدث ،قععد وقععع ِذكُر حد ٍ
ولععم يشععهده المسععتمع ،أو سععيقع فععي المسععتقبل ،فبععدل مععن أن
يستغرق الراوي ،في وصف هذا الحععدث وسععرد حيثيععاته ،علععى
حساب مجمل أحداث القصععة ،يعمععد الععراوي إلععى تشععبيه الحععدث
المععراد وصععفه ،بحععدث آخععر مععألوف ومعععروف مععن الماضععي أو
الحاضعععر ،لتقريعععب صعععفة الحعععدث موضعععوع الخطعععاب لعععذهن
المستمع ،ومن ثم يكمل سرد بقية الحداث .
ن ِإّل َ ،كَما َ ،يُقوُم اّلععِذي
ن الّرَبا َل َيُقوُمو َ
ن َيْأُكُلو َ
قال تعالى ) اّلِذي َ
س ) 275البقععرة ( حيععث شععبه سععبحانه ن اْلَم ع ّ
ن ِم ْ طا ُشْي َ
طُه ال ّ
خّب ُ
َيَت َ
قيام آكل الربا يوم القيامعة ،مجهعول الصعفة بالنسععبة لنععا ،وهعو
حدث سيقع مستقبل ،بقيام الممسوس أي المجنون ،وهو حععدث
ومشهد قد رأيناه ونراه في الماضي والحاضر ،مرارا وتكععرارا ،
ومعععروف ومععألوف لععذهن المسععتمع ،ونسععتطيع اسععترجاع ذلععك
المشهد من الذاكرة ،لنرى مشععهدا مؤلمععا ومخزيععا ،لكععل الربععا
105
عند بعثه ،يتميز به عن غيره ،فيقوم مفزوعا متحفزا مشوشا ،
ل يهدأ له بال ،ول تستكين له حال .
ولتوضيح المر أكععثر ،فلععو أن زوج مععدح زوجتععه -علععى سععبيل
المثال ُ -مبديا إعجابه بجمالها قائل ) :وجهك كالمريععخ ( ،فهععل
ستكون الزوجة قادرة ،على معرفة مدى حبه لها ،في حال ،لععم
تكن عالمة بماهية المريخ وصععفته ،معن حيععث الجمععال والقبععح .
وهععل أبععان هععذا التشععبيه ،بغيععر المععألوف والمعععروف للزوجععة ،
وظيفته في تعبير الزوج عن مدى حبه لها ،أم أنععه زادهععا حيععرة
واضطرابا وشّكا .لذلك ُيشّبهون جمال النساء ،إذا أريد المععدح ،
بععالقول ) :وجهععك كالبععدر ليلععة تمععامه ( وهععي صععورة معروفععة
ومألوفة لكل البشععر ،تسععتطيع النسععاء اسععترجاعها مععن الععذاكرة
وتخّيلها واستيعابها ،ومعرفة مدى حب زوجها لها .
واستخدام التشبيه في الية ) (7أفاد أمرين :
ن دخول المسجد أي بيت المقععدس حاصععل فععي المرتيععن ، أول ؛ أ ّ
ي مععن المرتيععن ،كععانت أو وهذا يدحض قول من ذهب ،إلى أن أ ّ
ستكون في غير بيت المقدس .
وثانيا ؛ تشابه صفة الدخول في المرتين الولى والخرة بالدخول
عنععوة .لقععوله تعععالى فععي وصععف الععدخول الول ) فجاسععوا خلل
الديار ( وهذا يدحض قول من ذهب ،إلى أن المرة الولععى كععانت
للمسلمين ،كون دخولهم إليها ،لم يحمل صفة الجوس .
ولكي يستقيم فهم هععذه العبععارة ،نععود أن ُنشععير إلععى أن الخطععاب
طب لبني إسرائيل ،لم ينقطع ،بل ما زال مّوجهععا إليهععم ،فالُمخععا َ
في قوله تعالى ) كما دخلوه أول مععرة ( هععم بنععو إسععرائيل .واقععرأ
خَرِة – بعثناهم عليكم – لِعُد ا ْ
جاَء َو ْ
هذه الصياغة للنص َ ) ،فِإَذا َ
106
خُلوُه – جَد َ ،كَما َد َ سِخُلوا – عليكم – اْلَم ْ جوَهُكْم َ ،وِلَيْد ُ سوُءوا ُو ُ ِلَي ُ
عليكععم – َأّوَل َم عّرٍة /انقطععاع الخطععاب والعععودة إلععى الجمهععور /
عَلْوا َتْتِبيًرا ( .
َوِلُيتَّبُروا َما َ
وهذا يعني أن المعرفة ،بصععفة الععدخول الول ،محصععورة ببنععي
إسرائيل فقط ،وهععذا يقودنععا إلععى أن معرفععة اليهععود المعاصععرين
صععلت لهععم ممععا المخاطبين ،لصفة هععذا الععدخول بالضععرورة ،تح ّ
لديهم من كتب تحكي تععاريخهم ،ومجمععل تععاريخهم القععديم موثععق
في التوراة ،ويعلم سبحانه أن آباءهم القدماء ،قععد وّثقععوا صععفة
الدخول في كتبهم ،فلذلك شبه الدخول الثاني لهععم بمععا يعرفععون .
وإن أردت معرفععة صععفته كمسععلم ،ل بععد لععك مععن الرجععوع إلععى
كتبهم ،وهذا الفهم يقودنا إلى مراجعة تاريخهم كععامل ،لنتع عّرف
على صفة الدخول الول ،كما وردت في اليععة ) ، ( 5وهععذا مععا
سنفعله في الفصول القادمة .
والحقيقة أن هذا الحدث المفجع والرهيب الذي نزل بهم ،كان له
بالغ الثر في نفوسهم ،حيث شّكل لهم الكثير مععن العقععد ،فضععل
عما كان لديهم في السععابق .جعلععت منهععم شعععبا مجرمععا حاقععدا ،
على البشرية جمعاء ،وعلى أولئك العباد ،الذين ساموهم سععوء
العذاب في المرة الولععى .ومععا جععاء التشععبيه هنععا ،إل لتععذكيرهم
بحدث يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ،ومععن لععم يعرفععه منهععم ،أو
خانته ذاكرته ،يستطيع الرجوع إلى توراتهم ،قال تعالى ) اّلِذي َ
ن
ن َفِريًقععا مِْنُهعمْ
ن َأْبَنععاَءُهْم َوِإ ّ
ب َيْعِرُفععوَنُه َكَمععا َيْعِرُفععو َ
آَتْيَناُهْم اْلِكَتععا َ
ن ) 146البقرة ( ،وجاء هععذا التشععبيه ق َوُهْم َيْعَلُمو َ ح ّن اْل ََلَيْكتُُمو َ
والتععذكير ،لنععذارهم وتحععذيرهم مععن مغبععة العععودة إلععى العلععو
والفساد ،وما ينتظرهم من خععزي عععذاب الععدنيا ،وهععول عععذاب
الخرة .
107
ن البعاحثين فعي هعذا الموضعوع حعديثا معن والعجيب في المر ،أ ّ
المسععلمين ،كععانوا قععد أهملععوا أكععبر وأعظععم موسععوعة تاريخيععة
سماوية ،موجودة بيععن أيععدينا ،أقصععد القععرآن الكريععم الععذي ) لَ
حِميعٍد )
حِكيعمٍ َ
ن َ
خْلِفِه َتنِزيعٌل ِمع ْ
ن َ
ن َيَدْيِه َوَل ِم ْ
ن بْي ِ
طُل ِم ْ
َيْأِتيِه اْلَبا ِ
42فصلت ( ،ولم يرجع إليها أحد ،مع أنه كععاد أل يععترك سععورة
من سورِه ،إل وأّرخ فيها لبني إسرائيل ،فعلوهم الول ونشععأته
وإفسادهم في الرض المقدسة ،ظاهر ماثعل للعيعان بمعا ل يعترك
مجععال ،للتق عّول أو الجتهععاد .وأمععا فيمععا يخععص عقععاب الوعععد
الول ،فقد وردت إشارات كافية في هذه اليات ،وفععي مواضععع
أخرى في القرآن ،تدّل على تحّققه قبل السلم .
وا ت َت ِْبيًرا : عل َ ْ
ما َ ول ِي ُت َب ُّروا َ َ
في الُمعجم " :قال ابن جني :ل يقال لععه ِتْبععر ،حععتى يكععون فععي
جاج :والتبار الهلك ،وتّبره تراب معدنه ،أو مكسورا ،قال الز ّ
سره وأذهبه ،وفي التنزيل سره وأهلكه ،وتّبره أي ك ّ تتبيرا أي ك ّ
ن ِإّل َتَبععاًرا ) 28نععوح ( قععال الزجععاج : ظععاِلِمي َالعزيععز ) َوَل َتعِزْد ال ّ
سعٍر ِتععبرا ،وفععي قععوله عععز معناه إل هلكا ،ولذلك سععمي كععل ُمك ّ
ن َذِلعكَ َكِثيعًرا )
س َوُقُروًنععا َبْيع َب العّر ّ حا َصع َ عاًدا َوَثُموَد َوَأ ْ وجل ) َو َ
ل َتّبْرَنععا َتْتِبي عًرا ) 39الفرقععان ( ض عَرْبَنا َل عُه اَْلْمَثععاَل َوُك ّ
ل ََ (38وُك ّ
سرته وفّتته فقد تّبرته " . قال :التتبير التدمير ،وكل شيء ك ّ
والمعنى العام للعبارة ،هو ) ولُيدّمروا مععا علععوا تععدميرا ( .وقععد
جاءت صيغة المفعول المطلععق ) تتعبيرا ( ،زيععادة فععي المبالغععة ،
وتأكيدا للفعل ) وليتبروا ( .وسواء كانت ) ما ( ظرفية ،أو اسم
موصول ،بمعنى ) الذي ( ،لتشمل المكان والزمان والكم .
108
وكما أشرنا في تفسير العبارة السععابقة ،فقععد حصععل انقطععاع فععي
الخطاب الموجه لبني إسرائيل ،ليصبح الحديث موجها للجمهور
،مضيفا تعقيبا حعول مصععير علعو بنعي إسعرائيل ،بدللععة ضعمير
الغعععائب المتصعععل ،واو الجماععععة فعععي كلمعععتي ) وليتعععبروا ( و
) علوا ( العائد على بني إسرائيل أنفسععهم .والعبععارة ) وليتّبععروا
مععا علععوا تتععبيرا ( جععاءت للتعقيععب علععى مععا فعلععه بنععي إسععرائيل
أنفسهم ،بمقومات هذا العلو ،مما كان سببا في زواله .لُيصععبح
المراد هو أن علو بني إسرائيل ،حمل فععي أحشععائه بععذرة دمععاره
منذ نشأته ،بعدم الولء لع ،وعععدم اكععتراثهم ِ ،بحّثععه لهععم علععى
الحسان وتحذيره لهم من الساءة .بل اعتمدوا على غيععر ال ع ،
في تحصيل هذا العلو ،وإدامتععه وحمععايته مععن الععزوال ،بالفسععاد
والفساد والثم والعدوان .
ليتععبّين لنععا أن الحععديث عععن الوعععد الثععاني ،انتهععى بقععوله ) كمععا
دخلوه أول مرة ( .وأن عبارة ) وليتّبروا ما علوا تتبيرا ( جاءت
تعقيبا على قوله تعالى في بدايععة القصععة ) ولتعلععن علععوا كععبيرا (
فععي اليععة ) ، (4ليؤكععد بمععا ل يععدع مجععال للشععك ،أن هععذا العلععو
صل عليه بني إسرائيل الموصوف بالكبير في الرض ،والذي تح ّ
ببعدهم عن ال ،سيصبح هباًء منثورا بما كسبته أيديهم .
ومن تعريفنعا السعابق لمفهعوم العلعو ،نجعد أن العلعو مظهعر معن
صععل بععامتلك المععال الععوفير ،مظاهر الحياة ،كما الغنى الذي يتح ّ
صل بععامتلك المععال القليععل ،ويتععم تحصععيله وكما الفقر الذي يتح ّ
من خلل امتلك مقومات مادية ،تتمّثل في السيادة علععى الرض
وأهلهععا ،وسياسععتهم والتحّكععم فععي مختلععف شععؤونهم ،والقععدرة
بامتلك القوة ،والغنى بامتلك المال والموارد المادية الخععرى .
والحقيقة أن اليهععود فععي هععذا العصععر ،لععم يقتصععر علععوهم علععى
109
فلسطين فحسب ،بل شمل أمريكا وبريطانيععا والكععثير مععن الععدول
الغربية َ .فُهما شععكل مععن أشععكال الفسععاد اليهععودي فععي الرض ،
وأداة للعدوان على الشعوب ،بأيدي اليهودية العالمية .
وبما أن العلو مظهر ،والمظععاهر ل ُتععدّمر تععدميرا ،وإنمععا تععزول
زوال بفقععدان أسععبابها ومقوماتهععا ،كمععا ُأزيععل علععو فرعععون ،
بتدمير ما امتلك من مقومات علوه ،في قوله تعالى ) َوَدمّْرَنا َمععا
ن )137 شعععو َن َوَقعععْوُمُه َوَمعععا َكعععاُنوا َيْعِر ُ
ععععْو ُ
صعععَنُع ِفْر َ
ن َي ْ
َكعععا َ
العععراف ( .ونلحععظ أن ال ع تبععارك وتعععالى لععم يععأت بالمصععدر
) علععوهم ( ،ليقععول ) وليتععبروا علععوهم تتععبيرا ( ،وإنمععا قععال
) وليتبروا ما ( .لن المقصود تدميره هنا ،ليس العلو بحّد ذاتععه
،وإنمععا تععدمير ) مععا ( عل عليععه أو بععه أو فيععه ،بنععوا إسععرائيل
بامتلكه والسيطرة عليه ،مما مّكنهم مععن الفسععاد فععي الرض ،
أي تععدمير كععل مععا يقععع تحععت كلمععة ) مععا ( ،ممععا يمتلكععونه مععن
مقومععات لعلععوهم .لتشععمل المكععان والزمععان والكععم لهععذا العلععو ،
الموصوفة بالتفصيل في اليتين ) 4و ، (6والععتي تتلخععص فيمععا
يلي :
• تدمير القوة العسكرية المتطورة ،والععتي مكنتهععم مععن العلععو
واستمراريته ،ورد الكرة على أعدائهم .
• ذهاب الموال والبنين والمععداد ،الععذي كععان يتععوفر لهععم فععي
حروبهم السابقة .
• استلب وتدمير المكنععة ،الععتي يتمتعععون فيهععا بععالعلو ،فععي
شتى بقاع الرض .
لذلك جاء التعقيب ،بعد نهايععة ذكععر عقععاب وعععد الخععرة بإسععاءة
الوجه ،وبدخول المسجد .وجاء هععذا التعقيععب ُمتععأخرا عنهمععا ،
110
لن زوال العلو بشكل نهععائي ،سععيكون كعاقبععة أو نتيجععة ،لنفععاذ
وعععد الخععرة فيهععم ،ويبععدوا لععي أن زوال العلععو اليهععودي فععي
العالم ،سيأتي على مراحل ،ليبدأ فععي فلسععطين ،ومععن ثععم يمتععد
لمريكا وبريطانيا وفرنسا والغرب إجمال ،بإذن ال .
وربما يذهب البعض إلى أن هذه العبارة ،جاءت للتعقيب على ما
فعله هؤلء العباد ،بعلو بنععي إسععرائيل فععي وعععد الخععرة ،علععى
اعتبار أن الضمير واو الجماعة في ) وليتّبروا ( عائد على العباد
.ولكن هذا غير صععحيح ،لن ذلععك يعنععي اسععتمرارية الخطععاب ،
فلو أن الخطاب لبني إسرائيل استمر ،لجاءت العبارة على النحو
التالي ) وليتّبروا ع ما علوتم ع تتبيرا ( ،هذا من جانب .
ومن جانب آخر ،لم ُيذكر في التعقيب شيء يخص وعد الخرة ،
بذكر كلمة وعد مثل ،كما جاء في التعقيب على الوعععد الولععى ،
بقوله ) وكان وعدا مفعول ( ،وإنما جاء التعقيب الخيععر ،علععى
بني إسرائيل ،المذكورين بالسم في الية الرابعة ،لعود ضععمير
الغائب واو الجماعة عليهم ،في كلمة ) وليتبروا ( ،وكذلك على
علععوهم الكععبير ،الموصععوف فععي اليععة الرابعععة أيضععا ،لتصععال
ضمير الغائب العائد عليهم ) واو ( ،في كلمة ) علوا ( .
ولععو فرضععنا جععدل اسععتمرارية الخطععاب ،فهععل ُيعقععل أن ُيععدّمر
صلوا عليه من مقومات العلو الصهيوني ،بعد المسلمون ،ما تح ّ
أن يكونععوا قععد أوقعععوا فيهععم ،القتععل والتنكيععل والسععبي والنفععي ،
وتّمت لهم السيطرة الكاملة على الرض بدخول القععدس ؟! طبعععا
ل .بععل علععى العكععس تمامععا ،سععيكونون بععأمس الحاجععة ،لمععا
صلوا عليه سالما من مال وعتععاد ،لسععتخدامه فععي المواجهععة تح ّ
الحقيقة المقبلة مع الغرب .
111
وخلصة القول :أن كل ما عل بنو إسرائيل عليه أو به أو فيععه ،
سيصله الدمار ل محالععة ،لعمععوم لفععظ العلععو ،حععتى علععوهم فععي
الغرب ،إذ أن الذي أبقى علوهم قائما ومسععتمرا فععي فلسععطين ،
هو علوهم في الغععرب .ولععذلك يصععبح دمععار الععدول الغربيععة أمععر
محتما ،ليزول علو بني إسرائيل فيها أيضا بشكل نهائي ،وبذلك
تنتفي تماما قدرتهم على العلو مرة أخرى ،إذ أن هذا العلو ،هو
علوهم الخيععر فععي الرض وأن أفعععالهم سععتكون سععببا فععي زوال
علوهم هذا ،وستجد مزيد من تفصيل هععذه العبععارة ،فععي الجععزء
الثالث من الكتاب .
خاتمة السورة :
والن لننتقل إلى خاتمة سورة السراء ،حيث ُذكر وعععد الخععرة
مرة أخرى .أما سبب مجيء هذه اليععات فععي آخععر السععورة فهععو
لسععببين :أول ؛ إظهععار العجععاز العععددي فععي القععرآن ،الععذي
سنظهره بإذن ال لحقا ،ثانيا ؛ للتعقيب على الوعععد الثععاني فععي
بني إسرائيل بعد نفاذه ،وما سيكون ممععن علمععوا بتفاصععيل هععذا
الوعد قبل نفاذه ،وما سيكون منهم بعد نفاذه ،تماما كما جاء به
القرآن .
جععاَء َوعْعُد ض َفعِإَذا َ سعُكُنوا اَْلْر َ سعَراِئيَل ا ْ ن َبْععِدِه ِلَبِنععي ِإ ْ) َوُقْلَنا ِمع ْ
ق َنعَزَل َوَمعا ح ّ ق َأنَزْلَنعاُه َوِبععاْل َح ّجْئَنا ِبكْم َلِفيًفا )َ (104وِبعاْل َ لخَِرِة ِ اْ
عَلععى ش عًرا َوَن عِذيًرا )َ (105وُقْرآًنععا َفَرْقَنععاُه ِلَتْق عَرَأُه َ ك ِإّل ُمَب ّس عْلَنا َ
َأْر َ
ل )ُ (106قْل آِمُنوا ِبِه َأْو َل ُتْؤِمُنععوا ث َوَنّزْلَناُه َتنِزي ً عَلى ُمْك ٍ الّناسِ َ
ن ِللَْْذَقععانِخعّرو َ عَلْيِهعْم َي ِن َقبِلعِه ِإَذا ُيْتَلععى َ ن ُأوُتععوا اْلِعْلعَم ِمع ْ ن اّلِذي َِإ ّ
عُد َرّبَنععا َلَمْفُعععوًل ) ن َو ْ
ن َكا َ ن َرّبَنا ِإ ْحا َ
سْب َ
ن ُ سجًّدا )َ (107وَيُقوُلو َ ُ
عا )(109 شو ً خُ ن َوَيِزيُدُهْم ُ ن َيْبُكو َ
لْذَقا ِ ن ِل َْ
خّرو َ َ (108وَي ِ
112
مختصننر مننا قيننل فنني هننذه اليننات ،فنني
تفسير اللوسي :
" ) جئنا بكم لفيفا ( ؛ أي مختلطين ،وفسره ابن عباس ) جميعا
( ،وبكم ؛ جاءت لتغليععب المخععاطبين علععى الغععائبين ) ،وبععالحق
أنزلناه وبالحق نزل ( ؛ عود إلى شرح حال القرآن الكريم ،فهععو
مرتبععط بقععوله تعععالى ) ،لئن اجتمعععت النععس والجععن ( ،وهكععذا
طريقة العرب في كلمها تأخذ في شيء ،وتستطرد منه إلى آخر
،ثم إلى آخر ثم إلى آخر ،ثم تعود إلى ما ذكرته أول ،والحععديث
شجون ،فضمير الغائب للقرآن ،وقد حملععه بعضععهم علععى هعذا ،
أو للوعععد المععذكور آنفععا ،أي وعععد الخععرة الععذي ُذكععر فععي اليععة
السابقة .
والمراد بععالحق الول ؛ علععى مععا قيععل الحكمععة اللهيععة المقتضععية
لنزاله ،وبالثاني ما اشتمل عليه من العقائد والحكام ونحوها ،
أي ما أنزلناه إل ملتبسا بععالحق المقتضععى لنزالععه ،ومععا نععزل إل
ملتبسا بالحق الععذي اشععتمل عليععه ،وقيععل الحععق فععي الموضعععين
المععر المحفععوظ الثععابت ) ،ومععا أرسععلناك إل مبشععرا ( ؛ للمطيععع
بالثواب ) ونذيرا ( ؛ وللعاصي من العقاب ،فل عليك إل التبشير
والنذار ل هداية الكفرة المقترحين .
) وقرءانا فرقناه ( ؛ أي أنزلناه منجمععا مفّرقععا ) علععى مكععث ( ؛
ن ،فإنه أيسر للحفظ وأعون على الفهم ) ،ونزلنععاه أي تؤدة وتأ ّ
تنععزيل ( ؛ علععى حسععب الحععوادث والمصععالح ،قععل للععذين كفععروا
) آمنوا به ( أي بالقرآن ) ،أو ل تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من
قبله ( ؛ أي العلماء الذين قرءوا الكتب السععالفة ،مععن قبععل َتن عّزل
القرآن وعرفوا حقيقة الععوحي ،وأمععارات النبععوة ،وتمكنععوا مععن
113
ق والُمبطل ،أو رأوا نعتك ونعت مععا تمييز الحق والباطل ،واُلمح ّ
أنزل إليك .
) إذا يتلى ( أي القرآن ) ،عليهععم يخععرون للذقععان ( ؛ يسععقطون
بسععرعة علععى وجععوههم ) سععجدا ( تعظيمععا لمععر الع تعععالى ،أو
شكرا لنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثتك ،وقععال صععاحب
الفرائد ،المراد المبالغة في التحامل على الجبهة والنععف ،حععتى
كععأنهم يلصععقون الذقععان بععالرض ،وهععو وجععه حسععن جععدا ،أي
يقعون على الرض عند التحقيق ،والمراد تصوير تلك الحالة .
) ويقولون ( ؛ أي في سجودهم أو مطلقا ) :سبحان ربنا ( عععن
خلف وعده ،أو عما يفعل الكفرة مععن التكععذيب ) ،إن كععان وعععد
ربنععا لمفعععول ( ) ،ويخععرون للذقععان يبكععون ( ؛ ك عّرَر الخععرور
للذقععان لختلف السععبب ،فععإن الول لتعظيععم أمععر الع تعععالى أو
الشكر لنجاز الوعد ،والثاني لما أّثر فيهم من مععواعظ القععرآن ،
أي ساجدين باكين من خشية ال تعالى ،ولما كان البكاء ناشئا ،
من الخشية الناشععئة مععن التفّكععر ،الععذي يتجعّدد ،جيععء بالجملععة
الفعليعععة ) يبكعععون ( المفيعععدة للتجعععدد ) ،ويزيعععدهم ( ؛ القعععرآن
بسععماعهم لععه ) ،خشععوعا ( لمععا يزيععدهم علمععا ويقينععا بععأمر الع
تعععالى ،علععى مععا حصععل عنععدهم مععن الدلععة " .مععن تفسععير
اللوسي .
فا :في ًم لَ ِ
جئ َْنا ِبك ْ
ِ
هذا ما قيل في ) لسان العرب ( فععي كلمععة لفيععف ) ُمجَتِمععع ملتععف
من كل مكان ( ،و اللفيععف ؛ ) القععوم يجتمعععون مععن قبععائل شععتى
ليس أصععلهم واحععدا ( ،واللفيععف ؛ ) مععا اجتمععع مععن النععاس مععن
جْمع العظيععم مععن أخلط شععتى فيهععم قبائل شتى ( ،واللفيف ؛ ) ال َ
114
الشععريف والععدنيء والمطيععع والعاصععي والقععوي والضعععيف ( .
جْمععع ل جميععع ، والملحععظ أن معععاني الكلمععة جععاءت بمعنععى َ
والحقيقة أن الذي تم علععى أرض الواقععع ،هععو المجيععء والجمععع
من أماكن شتى .وأن مجيئهم جميعا لن يتحقق ،لنهم يتمّتعععون
بصععفات طفيليععة ،ل تمّكنهععم مععن تععرك الععدول الغربيععة الغنيععة ،
والعودة إلى فلسطين .
أما اليعات ) ، (109-104وكمعا عقعب سعبحانه بععد ِذكعره لوععد
الخرة في بداية السورة .جاءت بعد ِذكره تعالى لوعععد الخعرة ،
فععي نهايععة السععورة ،تعقيبععا علععى إنزالععه هععذا الوعععد بنصععه فععي
القران ،كما ُأنزل في كتاب موسى عليه السععلم معن قبععل ،حيععث
ك ِإلّ
س عْلَنا َ
ق َن عَزَل َوَمععا َأْر َ
ح ّق َأنَزْلَنععاُه َوِبععاْل َ
ح ّ
قععال سععبحانه ) َوِبععاْل َ
ث
س عََلى ُمْك ٍ عَلى الّنا ِ شًرا َوَنِذيًرا )َ (105وُقْرآًنا َفَرْقَناُه ِلَتقَْرَأُه َ ُمَب ّ
ل ) (106أي وبالحق الذي أوجبته الحكمة اللهيععة ، َوَنّزْلَناُه َتنِزي ً
أنزلنا خبر هذا الوعد في القران ،الذي نّزله على عبععده تنععزيل ،
ق والصععدق والخععبر وفّرقه لُيقرأ على الناس علععى مكععث ،وبععالح ّ
اليقين جاء هذا القران ،بهذا الوعد -مما سيكون من شععأن بنععي
إسرائيل – بكل تفاصيله وملبساته ،بما ل يععدع مجععال للشععك أو
التقّول .
والحكمة اللهية التي اقتضت إنزاله ،كما جاء من نص اليععات ،
هي :
ف البشرى للمععؤمنين الصععابرين المرابطيععن المتمسععكين أول :ز ّ
حا ِ
ت صاِل َ
ن ال ّ ن َيْعَمُلو َن اّلِذي َ
شُر اْلُمْؤِمِني َ بدينهم المخلصين له ) َوُيب ّ
جًرا َكِبيًرا ) 9السراء ( ،بأن ال لن يخلف وعععده الععذي ن َلُهْم َأ ْ
َأ ّ
وعد ،وأن ما وعدهم ال ،ل محالة واقع ولو بعد حين ،ليحثهم
115
على التمسك بدينهم والتحلي بالصبر ،وعدم الستعجال لمر ال
والركععون لليععأس ،فكلمععا ادلهمععت الخطععوب بععالمؤمنين وضععاقت
السععبل – كمععا هععذه اليععام – كععان الفععرج ،قععاب قوسععين أو أدنععى
جععاَءُهمْ
ظّنععوا َأّنُه عْم َق عْد ُك عِذُبوا َ ، س عُل َ ،و َ س الّر ُ س عَتْيَئ َ
حّتععى ِإَذا ا ْ ) َ
جِرِمي عنَ ) ن اْلَق عْوِم اْلُم ْعْسَنا َ
شاُء َ ،وَل ُيَرّد َبْأ ُ ن َن َي َم ْجَ صُرَنا َ ،فُن َّن ْ
110يوسف ( .
وثانيععا :إنععذار لبنععي إسععرائيل ) الععذين ل يؤمنععون بععالخرة ( ،
والمكذبين والمتشّككين ممن غرتهععم الحيعاة ،وآمنععوا بمعا يقعوله
الواقع ،مع عدم قراءتهم لععه بشععكل صععحيح ،أكععثر مععن إيمععانهم
بال ،وما جاء في كتابه الععذي أنععزل ،مععن غضععب ال ع عليهععم ،
ن
ن َل ُيْؤِمُنو َن اّلِذي َوتحذيرا لهم من عقابه في الدنيا والخرة ) َوَأ ّ
عَذاًبا َأِليًما ) 10السراء ( . عَتْدَنا َلُهْم َ
لخَِرِة َأ ِْبا ْ
صععل اليمععان لمععن لععم يععؤمن بعععد ،وتجععّدد إيمععان وثالثععا :تح ّ
المؤمنين ،وزيادًة في اطمئنان قلوبهم ،عنععد نفععاذ هععذا الوعععد ،
كما جاءت صفته في القععرآن .حيععث قععال سععبحانه للنععاس كافععة ،
على وجه التبكيت والتهديد شععديد اللهجععة ُ ) ،قعْل آِمُنععوا ِبعِه َأْو َل
ن هععذا الوعععد ل ُتْؤِمُنوا … ( من أمر هذا الوعد وهذا القععرآن ،أ ّ
محالععة واقععع ،وإيمععانكم بععه وبععالقرآن وعععدمه سععواء .وأن مععن
كانوا قد علموه ،وسبق لهم اليمان به وتصديقهم له قبل تحققععه
ن َقبِلِه … ( ،ليمانهم بمععن أنزلععه ن ُأوُتوا اْلِعْلَم ِم ْ ن اّلِذي َ
ِ … ) ،إ ّ
صدق ما جاء في كتابه ،سيكون هذا حالهم ،عند تحققععه وبعععد و ِ
جًدا )َ (107وَيُقوُلععونَ سع ّ
لْذَقععانِ ُن ِل َْخّرو َعَلْيِهْم َي ِ
تحققه ) ِإَذا ُيْتَلى َ
عُد َرّبَنا َلَمْفُعوًل ) ، (108أي أنهععم إذا ُتل ع َ
ي ن َو ْن َكا َن َرّبَنا ِإ ْ
حا َسْب َ
ُ
عليهم ِذكر هذا الوعد ،عند وبعد تحققه ،خّروا للذقان سععجدا ،
قائلين ) :سبحان ربنا إن كععان وعععد ربنععا لمفعععول ( ،وسععيكون
116
هذا حععالهم مععرة تلععو مععرة ،كلمععا ُتليععت عليهععم آيععات هععذا الوعععد
عا ) (109ومععا أن شععو ً خُ ن َوَيِزيععُدُهْم ُ ن َيْبُكععو َ لْذَقععا ِ ن ِل َْخععّرو َ ) َوَي ِ
يقومعععوا ،حعععتى ل تكعععاد تحملهعععم أرجلهعععم ،وتغلعععب عليهعععم
مشاعرهم ،من شّدة التصديق وش عّدة اليمععان ،فيعععودوا ليقعععوا
ساجدين خاشعين ،لمن ل ُيخلف وعده .
عنندَْنا م ُ ت د ع ن إ و م ُ ك م ح ر ي ن عسى ربك ُم أ َ
ْ ُ ْ ُ ْ ْ َ ْ َ ِ َ َ ْ َ ّ ْ ) َ َ
صيًرا )( 8 ح ِ ن َ ري َ ف ِ كا ِ م ل ِل ْ َ هن ّ َ ج َعل َْنا َ ج َ و َ َ
م : ُ ك م ح ر ي ن عسى ربك ُم أ َ
ْ َ ْ َ َ ْ َ ّ ْ َ َ
بعد نفاذ الوعد الثاني ،يععوجه سععبحانه الخطععاب ،للبقيععة الباقيععة
من بني إسرائيل ،الذين نجوا من هذا العذاب ،ولم يطلهم عقاب
وعد الخرة ،لعّلهم يعتبرون مما حصل ،بعععد أن رأوا مععا رأوا ،
ما حّل في بني قومهم ،لما علععوا وأفسععدوا فععي الرض .فلعلهععم
يعععودون إلععى العع ،ويصععلحون أمععورهم ،فيتععوب العع عليهععم
حَها ، لِ ض َبْع عَد ِإصْ ع َ س عُدوا ِفععي اَْلْر ِ ويرحمهم .قال تعالى ) َوَل ُتْف ِ
ن )56 س عِني َح ِ ن اْلُم ْ ب ِمع ْ ل ع َقِري ع ٌ
حَمَة ا ِّ ن َر ْ طَمًعا ِ ،إ ّ خْوًفا َو َ عوُه َ َواْد ُ
العراف ( ،وعودتهم إلى الع تعنععي إعتنععاقهم للسععلم ،لقععوله
حْكمَةٍ ُث عّم ب َو ِ ن ِكَتا ٍ ن َلَما آَتْيُتُكْم ِم ْق الّنِبّيي َ ل ِميَثا َ خَذ ا ُّ تعالى ) َوِإْذ َأ َ
صُرّنُه َقاَل َأَأْقَرْرُتعْم ق ِلَما َمَعُكْم َلُتْؤِمُننّ ِبِه َوَلَتْن ُ صّد ٌ سوٌل ُم َ جاءَُكْم َر ُ َ
نشَهُدوا َوَأَنا َمَعُكْم ِم ْ صِري َقاُلوا َأْقَرْرَنا َقاَل َفا ْ عَلى َذِلُكْم ِإ ْ َوَأخَْذُتْم َ
ن يُْقَبعَل مِْنعهُ لِم ِديًنا َفَلع ْ سَ غْيَر اِْل ْن َيْبَتِغ َ ن )َ ) … (81وَم ْ شاِهِدي َ ال ّ
ن َبْعِد
ن َتاُبوا ِم ْ ن )ِ ) … (85إّل اّلِذي َ سِري َ خا ِ ن اْل َ خَرِة ِم ْ لِ َوُهَو ِفي ا ْ
حيٌم ) 89آل عمران ( .وهذا ما لم غُفوٌر َر ِ ل َ ن ا َّ حوا َفِإ ّ صَل ُ ك َوَأ ْ َذِل َ
يفعلوه سابقا ،ولن يفعلوه مستقبل ،فهم أعلنوا حربهم على ال
117
،قبععل أن يعلنوهععا علععى أي شععئ آخععر ،وهيهععات أن يتوبععوا ،
سَوًة … ) 74البقرة ( … شّد َق ْ
فقلوبهم كالحجارة ) … َأْو َأ َ
عدَْنا : م ُ عدْت ُ ْ ن ُ وإ ِ ْ َ
لذلك سيستمرون بالفساد ،وسععيعودون إليععه مععرة تلععو أخععرى ،
وهذا محمول على الشرط ،فإن عادوا للفساد بعد تحقععق الوعععد
الثاني ،عاد ال عليهم بالعقاب ،وستكون هذه العععودة باتبععاعهم
للدجال ،أكبر المفسدين في الرض ،وهي العودة النهائية لهم ،
ول تتفق مععن حيععث المواصععفات والشععروط مععع كونهععا مععرة مععن
المرتين ،وستكون نهايتهم على مشارف بيت المقدس بباب ) ُلّد
ي عيسى عليه السلم ومن معه من المسععلمين ،عنععد ( ،على يد ّ
هععروب الععدجال إليهععا ،كمععا روي فععي نفععس الحععديث الصععحيح
الطويل ،الذي أوردنا بعضا منععه فععي شععرحنا لعبععارة عبععادا لنععا ،
لعث ا ُّ ك ) أي الععدجال ( ِإْذ َبَعع َ جاء ما نصه " … َفَبْيَنَمععا ُهعَو َكعَذِل َ
ب ُلعّد َفَيْقُتُلعُه … " . حّتى ُيْدِرَكُه ِبَبا ِ طُلُبُه َ ن َمْرَيَم … َفَي ْ ح اْب َ
سي َ
اْلَم ِ
ن
جَهّن عَم ِلْلَكععاِفِري َ
جَعْلَنععا َ
ليعقّععب سععبحانه علععى ذلععك بقععوله ) … َو َ
صيًرا ) (8ول أسف ول رحمة … ح ِ َ
س(: ن الّنا ِ م ْ ل ِ حب ْ ٍو َ ه… َ ن الل ّ ِ م ْ ل ِ حب ْ ٍ ) إ ِّل ب ِ َ
سعَكَنةُ عَلْيِهْم الّذّلُة َواْلَم ْت َ ضِرَب ْقال تعالى في سورة البقرة ) … َو ُ
لع ، ت ا ِّن ِبآَيععا ِ ك ِبَأّنُهْم َكععاُنوا َيْكُفعُرو َ ل َ ،ذِل َ ن ا ِّب ِم ْ ض ٍ َ ،وَباُءوا ِبَغ َ
ن) صعْوا َوَكععاُنوا يَْعَتعُدو َ ع َ ك ِبَمععا َ ق َ ،ذِلع َ ح ّن ِبَغْيِر اْل َ
ن الّنِبّيي ََوَيْقُتُلو َ
، (61هذه الية توضح حكما إلهيا ُملزما ،كان فيمععا سععبق ،قععد
صدر بحق بني لسرائيل ،عند كفرهم وقتلهم النبيععاء ،ونلحععظ
عطفععت علععى الذلععة مباشععرة ،وأنهمععا تلزمععا فععي أن المسععكنة ُ
118
عَليِْه عْم الّذّل عةُ
ت َض عِرَب ْ
الوقوع تحت الضرب ،في قععوله تعععالى ) َو ُ
سَكَنُة ( .َواْلَم ْ
وفي سورة آل عمععران ُ ،أعيععد نفععس النععص السععابق ،فععي قععوله
حْبٍل
ل َو َ ن ا ِّ حْبٍل ِم ْ
ن َما ُثِقُفوا ِ ،إّل ِب َ عَلْيِهْم الّذّلُة َأْي َت َ ضِرَب ْ
تعالى ) ُ
س عَكَنُة ،عَلْيِه عْم اْلَم ْ
ت َ ضِرَب ْ
ل َ ،و ُ ن ا ِّ ب ِم ْ ض ٍس َ ،وَباُءوا ِبَغ َ ن الّنا ِ ِم ْ
ق، حع ّ ن اَْلنِبَياَء ِبَغْيِر َل َ ،وَيْقُتُلو َ ت ا ِّن ِبآَيا ِ ك ِبَأّنُهْم َكاُنوا َيْكُفُرو َ َذِل َ
ن ) ، (112ولكععن بفصععل الذّلععة عععن صْوا َوَكاُنوا َيْعَتُدو َ ع َ ك ِبَما َ َذِل َ
المسكنة ،مع ضرب كل منهما على حععدة أول ،ومععن ثععم إضععافة
س ( ،مععن ن الّنععا ِحْب عٍل ِمع ْ
ل ع َ ،و َن ا ِّ حْبٍل ِمع ْ الستثناء التالي ) ِإّل ِب َ
ضرب الذّلة دون المسكنة ثانيا .ومن هنعا نسعتطيع القعول ،بعأن
الذّلة سُترفع عنهم في حالتين :الحالععة الولععى بحبععل مععن الع ،
والحالة الثانية بحبل من النععاس ،وأن المسععكنة سععتبقى ملزمععة
لهم ،في حال رفعت الذّلة عنهم أم لم ُترفع .
جاء في معجم لسان العرب ،العّذل نقيععض الععّزة ،وقععوله تعععالى
ل ( ،بمعنععى سععويت عناقيععدها وُدّليععت أي طوُفَهععا َتعْذِلي ًَت ُق ُ) وُذّلَلع ْ
ضع له ،وأن المعنى الُمستفاد من الععّذل خ َ خّفضت ،وتذّلَل له أي َ ُ
هو الصغار والخضوع والنخفععاض ،والنقيععض لهععذة الصععفات ،
هو الستكبار والسطوة والرتفاع .
عَلْيِه عْم الّذّل عُة :أي ُألزمععوا الّذلععة والصععغار ،فل منعععة ت َ ض عِرَب َْو ُ
لهععم ،بمعنععى ل قععوة لهععم لمنععع الغيععر ،مععن اسععتباحة دمععائهم
وأموالهم وأهليهم .وثبتت فيهم هذه الصفة ،ولزمتهم على م عرّ
العصور ،ول خلص لهم منهععا ،والسععبب فععي ضععربها عليهععم ،
هععو اسععتحقاقهم لغضععب العع عليهععم ،لكفرهععم بآيععاته وقتلهععم
119
النبياء ،بالضافة لما كان مععن عصععيانهم لوامععره ،واعتععدائهم
على حدوده .
جدوا . و أينما : فوا ُ قِ ُ ث ما ن يأَ
ُ ِ َ َ ْ
هنا ل بد لنا من وقفة مع هذه العبععارة ،حيععث يقععول سععبحانه ) ،
حْب عٍل مِ ع ْ
ن ل ع َو َ
ن ا ِّ
حْبٍل ِم ْ
ن َما ُثِقُفوا ِ ،إّل ِب َ
عَلْيِهْم الّذّلُة َ ،أْي َ ت َضِرَب ْ ُ
س ( ،فالذلة ملزمة لهععم ،أينمععا أقععاموا أو ارتحلععوا ،وهععذه الّنا ِ
الذلععة سعُترفع عنهععم مرتيععن ،لُتسععتبدل بععالعلو ،أينمععا أقععاموا أو
ارتحلععوا ،علععى امتععداد سععطح كععوكب الرض ،فععالعلو اليهععودي
لمرتين ،حدث ععارض فعي تعاريخهم ومصعيره إلعى العزوال ،أو
حالة استثنائية ،سيعيشها عامة الشعععب اليهععودي لمرتيععن أينمععا
ُوجدوا ،وستزول هذه الحالة عن عامة الشعب اليهععودي كععذلك ،
عندما يأذن رب العزة بزوال علوهم ،في المرة الثانيعة ،وليععود
كل يهود العالم أفرادا وجماعععات ،فععي شععتى بقععاع الرض ،إلععى
حالة الذلة ،التي هي في الصل ،الحالة التي يستحقون بمنظور
رب العزة .
والسؤال الن ،لماذا كان هذا الفصل ،وهذا الستثناء ؟
س :السعتثناء هنعا يفيعد رفعع ن الّنعا ِ حْبعٍل ِمع ْلع َ ،و َ ن ا ِّ حْبٍل ِم ِْإّل ِب َ
حالععة الّذلععة ،لتصععبح حععالهم مععن ) الععذل والصععغار والخضععوع
والنخفعععاض ( ،إلعععى العكعععس تمامعععا ،أي ) الععععز والسعععتكبار
والسععطوة والرتفععاع ( ،وهععذا ممععا يفيععد معنععى العلععو ،وهععذا
السععتثناء يوضععح أن العلععو سععيكون علععى حععالين ،وأن العلععو
الول ،كان بحبل ال ،أي باتكالهم على ال ،في نشأته وتمكينه
مععن خلل الععوحي والنبععوة ،وأن العلععو الثععاني ،سععيكون بحبععل
120
الناس ،أي باتكالهم على الناس ،في نشععأته وتمكينععه مععن خلل
المساعدات المالية والعسكرية .
ن في جمال ودقة التعبير القرآني ،واستخدام كلمة ) حبععل ( وتمع ّ
في هذا المقام ،فالحبل ُيرفع به دلععو المععاء ،معن قعععر الععبئر إلععى
قمته ،فهو وسيلة لنتشال الشععيء ،مععن أدنععى حععالته وإيصععاله
إلى أعلها ،ومن قوله عليه الصلة والسلم ،لصاحب الناقععة "
اعقل وتوكل " ،نجععد أنععه وسععيلة ربععط لحكععام الشععيء وإبقععاءه
على حاله .
وهذا ما تحقق في الواقع ،فقد استطاع اليهود بعععد أن كععانوا فععي
القاع ،من تسلق الحبل المريكي البريطاني ،ليصعدوا إلععى قمععة
ي التمثال تمثال الحرية ،ومن ثم تناولوا الحبل ،وربطوه في قرن ّ
،وأخذوا طرفععه الخععر ،ولّفععوه سععياجا منعيععا حععول دولتهععم فععي
فلسطين .حتى أصبح عاّمة المريكيين عبيدا لليهععود ،يق عّدمون
لهععم القرابيععن الععتي نعلمهععا ،خشععية أن يسععحب اليهععود ،طععرف
الحبل الذي يمسكونه بإحكام ،فيهوي رأس التمثععال فععي البحععر .
وطععرف الحبععل الخععر ليععس ببعيععد عععن أولئك العبععاد ،فمععا زال
ينتظرهم ليسحبوه ،ليغرق التمثال وأهله .
ن الع قععد حعّذرهم مععن اتخععاذ وكلء غيععره ،فععي افتتاحيععة نعلععم أ ّ
ل ) . (2فععي العلععو الول ن ُدوِنععي وَِكي ً خُذوا ِم ْ السورة قائل ) َأّل َتّت ِ
لهم ،كانوا قد طلبوا العون معن الع ،لقامعة الدولعة فعي الرض
المقدسة ،وكان اتكععالهم علععى الع لدامععة وجودهععا ِ ) ،إْذ َقععاُلوا
س عِبيلِ ) 246البقععرة ( ،فآتععاهم ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفععي َي َلُهْم اْبَع ْ
ِلَنِب ّ
حْكعَم َوالّنُبعّوَة
ب َواْل ُسعَراِئيَل اْلِكَتعا َ
ال ما طلبوا ) َوَلَقعْد آَتْيَنعا َبِنعي ِإ ْ
ن ) 16الجاثيععة ( عَلععى اْلَعععاَلِمي َ
ض عْلَناُهْم َ
ت َوَف ّطّيَبا ِ ن ال ّ
َوَرَزْقَناُهْم ِم ْ
121
فجمع لهم الملععك والنبععوة ،فععي داود وسععليمان عليهمععا السععلم .
وأما في العلو الثاني ،كانوا قد طلبوا العون من ) بلفور ( لقامة
الدولة ،والتكال على بريطانيا ليجادهععا ،وعلععى أمريكععا لدامععة
عَلْيِهعْم
وجودهععا ،فكععان لهععم مععا أرادوا ُ ) ،ثعّم َرَدْدَنععا َلُكعْم اْلَكعّرَة َ
جَعْلَناُكْم َأْكَثَر َنِفيًرا ) 6السراء ( . ن َو ََوَأْمَدْدَناُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َ
ولو لم يأتي هععذا السععتثناء فععي سععورة آل عمععران ،وبقععي علععى
حاله كما هو في سورة البقرة ،لتناقض ذلك مع قوله تعععالى فععي
عُلعّوًا
ن ،وَلَتْعُلعنّ ُن ِفععي اَْلْرضِ َ ،مّرَتْيع ِ سُد ّسورة السراء َ ) ،لُتْف ِ
َكِبيَرًا ( ،سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .
سَكَنُة :أي الحاجة للغير والتسععول بل خجععل ، عَلْيِهْم اْلَم ْ
ت َ ضِرَب ْ َو ُ
فل كرامة ول عزة ول إبععاء لهععم ،فل يوجععد يهععودي -وإن كععان
غنيا -خاليا من زي الفقر والخضوع والمهانععة ) ،وهكععذا تكععون
الطفيليات ( ،بارعون في التسععلق علععى ظهععور غيرهععم بمكرهععم
ودهائهم ،لقضاء حاجاتهم الدنيوية الدنيئة .
مجيء اليهود من الشتات :
ن البعض ،بناءا على عبارة جئنا بكم لفيفا ،أن وعععد الخععرة يظ ّ
ما زال بعيدا عن التحقق ،كون تجّمع بني إسرائيل فععي فلسععطين
لم يكتمل بعد ،فالكثير منهم – تقريبا النصف – ما زال في الدول
ن فععي غيععر محّلععه ،وينعّم عععن عععدم معرفععة
الغربيععة ،وهععذا الظع ّ
بحقيقة الشخصية اليهودية .فاليهود المنتشععرون كععالجراد ،فععي
شرق العالم وغربععه ،لععن يهععاجروا إلععى فلسععطين ،إل فععي حالععة
واحدة إذا ُأجبروا على ذلك ُمكرهين ،أو ُدّمر العالم بأسره ،ولععم
يبق إل فلسطين ليهاجروا إليهععا ،وهععذا غيععر وارد فععي المنظععور
122
القريب ،ودمار إسرائيل القادم ،سيكون سابقا ،بل سببا لنهيار
العالم الغربي ودماره .
فاليهود كائنات طفيلية ،ل تستطيع العيش بمعععزل عععن الخريععن
من غير اليهود ،وحتى الدولة اليهودية تتصععف بنفععس الصععفة ،
فهي ل تستطيع البقاء والمحافظة على وجودها وكيانهععا ،بععدون
المسعععاعدة الخارجيعععة معععن العععدول الغربيعععة ،والتسعععّول العععدائم
والمسععتمر .وهععذه هععي المسععكنة الععتي ضععربها العع عليهععم ،
ولزمتهم على مّر تععاريخهم الطويععل ،فععي غنععاهم وفقرهععم وفععي
ذّلهععم وعلععوهم .ول أدّل علععى ذلععك التسععويق المععذّل والمخععزي
والمستمر ،للمحرقة النازية المبالغ فيها ،والععتي جعلععوا منهععا ،
ومععن تهمععة معععاداة السععامية ،مسععمار جحععا فععي حلععق الشعععوب
الغربية ،لبتزازها ونهب خيراتهععا وخاصععة ألمانيععا ،فهععم عالععة
على كل من آواهم ،وهذا ما يشهد بععه تععاريخهم ،وكععان سععببا –
بالضافة إلى غععدرهم ومكرهععم ومععؤامراتهم -فععي اضععطهادهم ،
من قتل ونهب ونفي وتهجير .
واليهود هم أول من ابتكر الربا ويعيشون بععه وعليععه ،والن هععم
يملكون معظم بيوت المال العالمية إن لم تكن كلها ،حتى البنععوك
المركزية المريكية والبريطانية ،وحق إصدار النقد فيهععا ،فهععل
مععن المعقععول أن يععتركوا العجععل الععذهبي ،ويغععادروا جنّععة إلههععم
بمحععض إرادتهععم ؟! طبعععا ل ،فهععذا ضععرب مععن الخيععال .لععذلك
ن تجّمعهععم فععي فلسععطين بكّلهععم أستطيع الجععزم – لمععا تقععدم – بععأ ّ
وكليلهم لن يكون ،وللعلم فإن معظم المهععاجرين اليهععود ،كععانوا
مععن بلععدان أوروبععا الشععرقية المعروفععة بفقرهععا ،وأمععا الغربيععون
فأعدادهم قليلة جدا .
123
فضل عن ذلك ،لم يأتي في مجمل معاني لفيفا ما ُيفيد ،تجّمع كل
اليهععود فععي فلسععطين ،كشععرط لتحّقععق وعععد الخععرة ،والمعنععى
المسععتفاد منهععا هععو الختلط فععي الصععول ،والجمععع مععن أمععاكن
صل ،فالععدول الععتي هععاجروا منهععا ،شععملت مختلفة ،وهذا قد تح ّ
معظم أرجاء المعمععورة ،وهععي غنّيععة عععن التعريععف ،وهععذا هععو
المراد .
أما فيما يخص السنن اللهية في القرى الظالمة ،فقد وردت فععي
ضععحها ،فل أسععرع مععن هععذا البحععث الكععثير مععن اليععات الععتي تو ّ
النتقام اللهي ليحل بها .وظلععم اليهععود وعلععوهم واسععتكبارهم ،
وعنجهّيتهم وعنصرّيتهم ،ومحععاربتهم ل ع ورسععوله وأوليععاؤه ،
وقتل البرياء العّزل ،وهدم البيوت ،واستلب الراضي واقتلع
أشجارها واستيطانها ،ومنعهم مساجد الع أن ُيععذكر فيهععا اسعمه
وتدنيسها ،فاق كل تصّور ،وأوجب عقابه سبحانه لهم منذ زمن
ظععم شععأنه ،ضععرب عُ
بعيد .ولول أن الحكيم العليم جّلععت قععدرته و َ
لهععم موعععد لععن ُيخلفععوه ،وأن أرضععه المقدسععة تزخععر بأوليععائه
الصالحين ،لنزل الن عليهم رجزا من السماء ،كما أنزله علععى
أسععلفهم ،لمجععرد تبععديلهم للقععول والهيئة عنععد دخععول القريععة ،
ن عقابهم سيكون مختلفا لعنهم ال بكفرهم قليل ما يؤمنون .ولك ّ
،رحمععة مععن ربععك بعبععاده الصععالحين هنععاك ،لكيل يسععوءهم
العععذاب ،فضععل عّمععا أسععاء لهععم أولئك الوغععاد .فليرتقبععوا إّنععا
خُرجاَء َل ُيَؤ ّ
جَل الِّ ِإَذا َ
ت ( ،و ) ِإنّ َأ َ
ل ٍ
ل َجَل ا ِّ
ن َأ َ
مرتقبون ) َفِإ ّ
ن ) 4نوح ( . َلْو ُكنُتْم َتْعَلُمو َ
تعنععي عمليععة ربععط نفععاذ وعععد الخععرة ،بتجّمععع كععل اليهععود فععي
فلسطين ،أن وعد الخرة ،لن يتحقق حتى قيام السععاعة ،وهععذا
مخالف لما نراه على أرض الواقع ،حيث وصععل الظلععم اليهععودي
124
أقصى مداه ،ومخالف أيضا لمععا تحكيععه النصععوص ،إذ أن هنععاك
عودة أخرى للفساد ،وهناك عقععاب آخععر ،سععينطق فيععه الحجععر
والشجر ،قبل قيام الساعة ،التي أصبحت أشراطها الكبرى على
البواب ،والناس في غفلة من أمرهم .
ما ُتخننبر عنننه اليننات فنني السننورة ،ليننس
وعننندا بنصنننر للمنننؤمنين ،وإنمنننا وعننند
استثنائي بعقاب بني إسرائيل :
عَلْيِهعْم ِإَلععى َيعْوِم اْلِقَيامَعِة َمعنْ
ن َك َلَيْبَعَثع ّ
ن َرّبع َ
قال تعالى ) َوِإْذ َتعَأّذ َ
ب ) 167الععععراف ( تقعععّرر هعععذه اليعععة سعععوَء اْلَععععَذا ِ سعععوُمُهْم ُ
َي ُ
الكريمة ،بأن ال سيبعث على بني إسرائيل ،من يسومهم سععوء
العذاب إلى قيععام السععاعة .إذًا هنععاك اسععتمرارية للبعععث ،وهنععاك
استمرارية للعذاب .وقد وقع العذاب فيهععم ،علععى أيععدي وثنيععون
ونصارى ومسلمون ،على مّر تععاريخهم الطويععل .ممععا يؤكععد أن
العععذاب الخععاص بوعععدي المرتيععن ،هععو حالععة اسععتثنائية خاصععة
مختلفععة ،عّمععا تق عّرره اليععة أعله ،وأن الععذين س عُيوقعونه بهععم
أناس استثنائيون أيضا ،وهذا السععتثناء جععاء لمععا يملكععونه مععن
صععفات ،علععى رأسععها صععفة البععأس الشععديد ،لن إفسععاد بنععي
إسرائيل المقترن بالعلو في كلتععا المرتيععن ،أعظععم مععن أي إفسععاد
سابق أو لحق ،مما يتطّلب بعث أناس هم أهععل ،لمععا يريععده الع
لبني إسرائيل ،من العذاب الشديد .
ُأنزلت نصوص هذه النبوءة علععى موسععى عليععه السععلم ،قبععل 3
آلف سنة تقريبا من الن ،وقبل 1600سنة من مجيععء السععلم
تقريبا ،وُكشععفت نصوصععها لبنععي إسععرائيل ،بعععد نكوصععهم عععن
الدخول إلى فلسطين ،وقبل سععنوات التحريععم والععتيه .وهععي فععي
125
الواقععع ،تحكععي حععالتين اسععتثنائيتين مععن تاريععخ بنععي إسععرائيل ،
ي فععي فلسععطين ،يشععترط فيهمععا يتحصّععل لهععم فيهمععا علععو أمم ع ّ
سبحانه ،الحسان وتجّنب الساءة ،فإن أحسنوا أحسن إليهععم ،
وإن أساءوا أزال علوهم ،وعّذبهم في الدنيا والخرة .ووعععدهم
بإطالة أمد هذا العلو إليهم ،طالما هم محسنون ،والساءة إليهم
بعقابهم وبإزالة هذا العلععو ،طالمععا هععم ُيسععيئون وُيصعّرون علععى
الساءة .
ولعلمععه المسععبق بإفسععادهم بعععد التمكععن مععن العلععو فيهععا فععي
المرتين ،أخبرهم سععبحانه بمععا سععيكون منهععم مسععتقبل ،مؤكععدا
سععم ،تستشعععر مععن خللععه التحعّدي اللهععي لهععم ،كععونهم ذلععك ِبَق َ
دائبون على تحّديه ،بمحاربة رسله وأولياءه وشععرائعه .وأنهععم
كلّما علوا في الرض ،سيفسععدون فيهععا ،بععالرغم مععن تحععذيرهم
هذا ،معلنيععن حربهععم عليععه سععبحانه .فينععالون غضععبه وسععخطه
صععل ذلععك منهععم ،
عليهععم ،ممععا يسععتوجب العقععاب .وعنععدما يتح ّ
وعدهم ربهم بأن يبعث عليهم في كل مرة ،عبادا لعه أولعي بعأس
شديد ،ليعيدونهم إلى موقعهم الحقيقي من العراب بين المم .
لنؤكد هنا على أن ما ُتخبر عنه سورة السراء حصرا ،هو وععد
بعقاب وعذاب لليهود لفسادهم واسععتعلئهم فععي الرض ،بغععض
النظر عن أي اعتبارات أخرى ،وفي التعقيب علععى هععذا الخععبر ،
ف البشععرى كععانت إحععدى الحكععم اللهيععة للخبععار عنععه ،هععي ز ّ
للمؤمنين .أما نصر المؤمنين ،من أهل فلسطين ،الذين نصروا
ال بصبرهم ورباطهم وثباتهم ،فالخبار عنه والوعد بععه ،جععاء
في مواضع أخرى من القرآن ،فل نخلط بين المرين .
126
من هننم هننؤلء العبنناد ،ولمنناذا هننم ،ومننا
الذي يجري في الحقيقة ؟
يؤكععد النععص القرآنععي ،فععي اليععات مععن ) ( 7-5مععن سععورة
السععراء ،أن العقععاب اللهععي لبنععي إسععرائيل ،سععيحّل بهععم علععى
خرهم ال جّلت قدرته ،من أجععل أيدي بشر .طائفة من خلقه ،س ّ
القيام بهذه المهمة العظيمة ،واختارهم لهععذه المهمععة لتصععافهم
بالبأس الشديد .وطبيعة هذه المهمة هي النتقام ،وهذا النتقععام
إلهععي الطععابع ،وصععفته شععديد الوقععع والتععأثير .وبالتععالي مععن
الضرورة بما كان ،أن يمتلك أولئك العباد ،مخزونا هععائل وكمّععا
جه لبنععي إسععرائيل لسععبب أو ضخما ،من الحقععد والكراهيععة المععو ّ
لخر ،مما أوجد لديهم رغبة شديدة وملحة فععي النتقععام منهععم ،
حععتى يتوافععق ذلععك مععع مقتضععى الرادة اللهيععة فععي النتقععام ،
وليتجلى ذلك العذاب في أبشع صوره ،كمععا لععو أنععه ُأنععزل عليهععم
من السماء .وتوحي اليات بععأن هنععاك علقععة عدائيععة ،مععا بيععن
اليهود وأولئك العباد ،نشأت منذ نهاية علععوهم الول ،وتج عّددت
مع بداية علوهم الثاني ،واستمرت وتزايدت مع مععرور الزمععن ،
وأن سبق العداء والعتداء اليهودي على أولئك العبععاد ،سععيكون
السبب في خروج أولئك العباد عليهععم .ولتوضععيح مععا خفععي بيععن
السطور ،في هععذا النعص القرآنعي الكريعم ،سععنقوم بطععرح مثعال
قريب إلى أذهاننا .
لنأخذ مثل ،الرادة أو الرغبة في الكل ،وهي عادة ل تأتي عبثا
صععل لسععببين :الشعععور بععالجوع ،أو لوجععود ،وفععي الغععالب تتح ّ
شعِره يأكععل فععي العععادة ،صفة الشراهة في النسان .والنسععان ال َ
دون الحاجة للشعور بالجوع ،ذلك لنها طبع ملزم لععه ،فتخّيععل
أن إنسانا كهذا ،كان جائعا فضل عن شراهته ،وعند نزوله مععن
127
إلى الشارع ،مّر بمطعععم ،فشععاهد مععن خلل الواجهععة الزجاجيععة
دجاجععة مشععوية ،فاسععتثارته بمنظرهععا وأسععالت لعععابه ،بالتأكيععد
ستتوّلد لديه رغبة شديدة ،في التهام تلك الدجاجة الشععهية علععى
الفععور ،للشعععور باللععذة والمتععة ،أثنععاء التهامهعا .وعنععدما هعّم
بالدخول ،تبّين له أن المطعم مغلق للستراحة ،وحسععب اللفتععة
الموجودة على الباب ،تعبين لعه أن المطعععم لعن ُيفتععح قبععل عشعر
دقائق .والذي حصل مع صاحبنا ،أنععه لععم يععترك المععر ويمضععي
في حال سبيله ،بل أخذ المر على أنه موضوع شخصي ،كععونه
ذو طبععع شععره ،وكععأن الدجاجععة اعتععدت عليععه بتعّرضععها لععه فععي
الطريق ،وطعنته في مقتل ،فاتخععذ قععرارا بالنتقععام منهععا ،لكععي
ُيزيح عععن كععاهله ،ذلععك الوضععع وذلععك الشعععور المععزري ،الععذي
فرضععته عليععه تلععك الدجاجععة ،بمععا سععّببته لععه مععن اسععتثارة
واسععتفزاز .ولكععن هععل يسععتطيع تنفيععذ رغبتععه فععي النتقععام مععن
الدجاجة ؟ كل ! … إذن ل مناص له إّل النتظار ،لحيععن مجيععء
الموعد المنتظر ،فقعّرر النتظععار ريثمععا يفتععح المطعععم … والن
تخيل سلوك ذلك النسان ،لحظة فتح الباب وحععتى لحظععة وقععوع
الدجاجة بين يديه … ! وتخيععل مععا الععذي سععيفعله بتلععك الدجاجععة
حتى ينتهي من أمرهععا … ! وتخيععل مععا بقععي مععن حطامهععا … !
وتخيل منظر الطاولة لحظععة النتهععاء منهععا … ! وتخيععل منظععره
لحظة تركه لساحة المعركة … وهو يشعر بنشوة النتصععار …
الذي حققه وباقتدار … على تلك الدجاجة المزعجة … !
أخبر سبحانه بأن عقابه لبني إسرائيل ،سيكون من فعل البشر ،
والسععلوك البشععري فععي بعععض مععن جععوانبه ،هععو مجموعععة مععن
الحوادث المتكررة .وما نحن بصدده في هذا المقام ،هو القانون
الفيزيائي ) لكل فعل رد فعل معاكس لععه بالتجععاه ( ،ولكععن ليععس
128
مساو له بالمقدار ،فرد الفعل في السلوك البشععري ،تتععدخل فيععه
عوامل كثيرة ،تغير معن مقعدار رد الفععل .ومعن قراءتنعا للنعص
القرآني وفهمنا له ،نجد أن هذا العقاب اللهي ،سععينفذ فععي بنععي
إسرائيل على أيدي بشر ،وسيكون غاية ،فععي البطععش والتنكيععل
والذلل .
وهععذا السععلوك البشععري ،ل يقععوم بععه إل مععن كععان يعتمععل فععي
صععدورهم ،رغبععة شععديدة فععي النتقععام .ورغبععة النتقععام لععدى
البشععر ،ل تنشععأ عبثععا ،فغالبععا مععا تكععون رّد فعععل لفعععل سععابق .
بمعنى أن الرغبة في النتقام لدى شخص ما ،تنتج عععادة لسععبق
العتععداء مععن قبععل شععخص آخععر ،فغالبععا مععا يتسععبب الشععخص
المعتِدي ،فععي إيقععاع الذى ،بالشععخص المعتعَدى عليععه ،سععواء
كان هذا العدوان جسديا أو نفسيا ،مما ُيشععكل خطععرا وتهديععدا ،
علععى كيععان المعت عَدى عليععه برّمتععه ،مععن حيععث المععن والسععلمة
النفسية والجسدية ،فُيشعّكل هععذا العععدوان اسععتفزازا واسععتثارة ،
تجعل المعتدى عليه ،يعيش حالة من التوتر والقلععق ،تععؤدي بععه
أخيرا إلى القيام برد العدوان ،بعععدوان أشععد قسععوة وأكععثر إيلمععا
وتنكيل ،حتى يتخّلص المعتَدى عليه من تلك الحالععة ،بالضععافة
إلى رد اعتباره أمام نفسه وأمام الخريععن ،ولععدرء خطععر تكععرار
العدوان من قبل المعتِدي نفسه أو من قبل غيره .
وفي كثير من الحيان ،يتكرر نفس السععلوك البشععري ،لشععخص
ما عند تعرضه لنفس المثير ،فععي أوقععات مختلفععة .وفععي أحيععان
كععثيرة يتشععابه سععلوك شععخص مععا ،لدرجععة التطععابق مععع سععلوك
شخص آخر ،تعرض لنفس الموقععف ،وإن اختلععف ،فععالختلف
إما أن يكون :
129
أول ؛ في درجة الشدة ،للفعل نفسه من ) شتم ،أو ضرب ،أو
إيذاء بليغ أو قتل ( .
ثانيا ؛ في درجة الشدة لرد الفعل من ) اكتئاب ،أو امتعععاض ،أو
شتم أو ضرب أو إيذاء بليغ أو قتل ( .
ثالثا ؛ في طبيعة الشخص المعتععدى عليععه ) فععإن كععان ذليل ربمععا
يكتئب ،وإن كان جبانا ربمععا يمتعععض ،وإن كععان قويععا فيععه ليععن
ربما يشتم أو يضرب ،وإن كان عزيزا وقويا ربما يؤذي أو يقتل
وينكل ( .
وبمععا أن السععلوك البشععري حععدث متكععرر ،فهععو قابععل للدراسععة
والمقارنة .وسورة السراء أعطت صورة من صور هذا السلوك
،لولئك العباد في التعامل مع بنععي إسععرائيل .وتصععوير السععلوك
البشععري ،يظهععر فععي مواضععع كععثيرة ،أثنععاء السععرد القرآنععي
للقصة ،الذي يعتمد التصوير بإيجععاز شععديد ،ليلقععي علععى كاهععل
القععارئ ،تخيععل بقيععة تفاصععيل القصععة ،الععتي اختفععت بسععبب
اليجاز ،وما كان المثال السابق إل ليضاح الجانب الخفي ،مما
تحكيه النصوص من أحداث غير ظععاهرة ،تغيعب فعي العععادة ععن
ذهن القارئ ،أثناء التلوة العادية لليات .
ما تحصل لدينا من ملمح لسلوك هؤلء العباد ،ومن أحداث من
خلل اليات ،هو ما يلي :
.1صفة البأس الشديد :اتصاف هؤلء العبععاد بععالقوة والبطععش
في الحروب .
:قيام بنععو إسععرائيل بالعتععداء علععى هععؤلء .2رّد الكّرة
صلهم على العلو الكبير .العباد ،بعد تح ّ
130
ظعععم الظلعععم والفسعععاد فعععي
:متعّلعععق بِع َ .3مجيعععء الوععععد
الرض ،فكلما ازدادت وتيرته كلما اقترب .
:الخععروج للغععزو والغععارة ،يقععترب كلمععا .4البعععث
ازدادت وتيعععرة السعععتفزاز والتهديعععد ،وتناقصعععت الُمعيقعععات
والموانع .
.5دخول المسجد :سلب مقومات العلو اليهودي في فلسطين
.
ظم النتقام وبشاعته ،باليععذاء والقتععل عَ ِ : .6إساءة الوجه
والتنكيل والتهجير والسبي .
تتبع وقارن ما بين معطيات السلوكين :
) (1صفة الشراهة ( (2سععبق رؤيععة الدجاجععة تسععبب فععي
الستفزاز والثععارة ( (3توّلععد الرادة والرغبععة فععي الكععل
( (4انتظار مجيء الموعد ) الذي حدده مدير المطعم ( ←
((5مجيععء الموعععد ( (6النبعععاث :فتععح البععاب وتمكيععن
الوصول ) موظفو المطعععم ( (← (7دخععول المطعععم ( (8
التلذذ والستمتاع بالتهام الدجاجة ( .
) (1صفة البأس الشديد ( (2سبق اليذاء والعتداء تسبب
فععي السععتفزاز والثععارة ( (3توّلععد الرادة والرغبععة فععي
النتقام ( (4انتظار مجيء الموععد ) العذي حعّدده سعبحانه (
(← (5مجيععء الوعععد ( (6النبعععاث :إزالععة المعوقععات
وتمكين الوصول ) العلي القدير ( (← (7دخول المسجد
((8النتقام بالتلذذ والستمتاع بالتنكيل ببني إسرائيل ( .
الملمح الخفية التي ظهرت من خلل المقارنة هي :
131
.1ضرورة اعتداء بني إسرائيل على أولئك العبععاد ،بإضععرارهم
وإيذائهم بشكل بالغ الثر .
.2توّلععد حالععة مععن التععوتر والقلععق والقهععر ،لععدى أولئك العبععاد
ُيخّلفها ذلك العدوان .
.3تولد الرادة والرغبة فعي النتقعام ،لعدى أولئك العبعاد ،بعرّد
الصاع صاعين ،لدفع الذى والضرر ،ورّد العتبار .
.4العمل والستعداد والنتظار ،ريثما تأتي اللحظععة المناسععبة ،
التي ُتمّكنهم من النقضاض .
والن لنطرح السئلة التالية :
.1من الشعب الذي يمتلك صفة الصبر والجلد عنععد وقععوع
البلء ،والقوة والبطش عند مواجهة العداء ؟
.2مععن الشعععب الععذي ُهععزم مععن قبععل اليهععود عنععد نشععوء
دولتهم ،والوحيد الذي استمر اليهود ،في إيذاءه والعتداء
عليه ،بشكل مباشر وغير مباشععر ،ومععا زالععوا حععتى يومنععا
هذا ،وسيستمرون في إيععذاءه حععتى ُيجععبروه علععى الخععروج
عليهم ؟
.3من الشعب الذي ُيظهر رغبة شديدة وملحة في النتقام
منهم ،والقضاء عليهم وإنهاء وجودهم ،وما بقي عليععه إل
أن ُيهيئ ال له ،أسباب الخروج والنبعاث ؟
.4من الشعب الذي ُبعث عليهم فعي المعرة الولعى ،ودّمعر
مملكتهم في فلسطين بالذات ؟ وأين تقع الرض الععتي خععرج
منها الن ؟
132
.5مععن الشعععب العزيععز والقععوي ،الععذي ل يقبععل الخضععوع
والذل والهوان ،ولديه القوة والقدرة ،ليفاجئهم ويكيل لهععم
الصععاع صععاعين ،وينععزل بهععم أبشععع انتقععام إلهععي ،وبتجعّل
واقتدار ؟
شروط ومواصفات المرة :
والن لنحعععاول اسعععتنباط الشعععروط والمواصعععفات ،العععتي يجعععب
توافرها في المرة الواحدة ،ليصبح لدينا مقياس ينأى بنععا ،عععن
التخبععط والعشععوائية والجتهععاد الخععاطئ ،نسععتطيع مععن خللععه ،
تقييم كل حالة من الحالت المعروضة بين أيععدينا ،لجعل التحقععق
وبدقة متناهية ،من كونها إحدى المرتين أم ل -:
أوجه التشابه بين المرتين :
.1المكان :الرض المقدسة -فلسطين .
.2صفة الفساد :أممي جماعي -القتل وسفك الدماء ،إخععراج
الناس من ديارهم ،محاربة ال وما جاء به رسله .
.3العلو :الستعلء -امتلك الرض والمال والقوة .
.4صفة المبعععوثين :أقويععاء وأعععزاء -يفضععلون المععوت علععى
الععذل والمهانععة ،ول يقبلععون بأقععل مععن رّد الصععاع صععاعين ،
ومخرجهم من نفس الرض ،في المرتين .
.5صفة العقاب :انتقام إلهي -الععدخول بالغلبععة قسععرا وقهععرا ،
وهدم مقومات الدولة ،وإفنععاء شعععبها ،والشععتات لمععن ينجععو
منهم .
علمات فارقة تميز كل مرة عن الخرى :
133
.1النشأة والسععتمرارية :تواكليععة -إحععداهما بالتواكععل
على ال ،والخرى بالتواكل على الناس .
.2المجيعععء :مختلعععف -دخعععول فلسعععطين كأمعععة فعععي
الولى ،دخولها كجماعات متفرقة من الشتات في الثانيععة
.
.3الوعد :الول -تحقق قبععل نععزول سععورة السععراء ،
والثاني -سيتحقق في مستقبل المة السلمية .
هننل مننن المكننن أن يبعننث اللننه الكفننرة
وُيسّلطهم على من شاء من عباده ؟
هذا السؤال كان قد أورده الزمخشري في الكشاف ،حيععث قععال :
" ) عبادا لنا ( ،وُقععرئ عبيععدا لنععا ،وأكععثر مععا ُيقعال عبعاد الع ،
وعبيد الناس ،سنحاريب وجنععوده وقيععل بختنصععر … فععإن قلععت
كيف جاز أن يبعث الع الكفععرة وُيسعّلطهم عليهععم ؟ قلععت :معنععاه
خلينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم ،علععى أن ال ع أسععند بعععث
ك ُن عَوّلي َبْع ع َ
ض الكفععرة إلععى نفسععه ،فهععو كقععوله تعععالى ) َوَك عَذِل َ
ن ) 129النعام ( " انتهى . سُبو َضا ِ ،بَما َكاُنوا َيْك ِ
ن َبْع ً
ظاِلِمي َ
ال ّ
أما المام أحمد فقد قال ردا على نفععس السععؤال " :هععذا السععؤال
ي ُ ،يوجب على ال تعععالى بزعمععه ،رعايععة إنما يتوجه على قدر ّ
سعئل هعذا السعؤال سعنيّ إذا ُ معا يتعوهمه بعقلعه مصعلحة ،وأمعا ال ُ
ن ) 23النبياء سَأُلو َعّما َيْفَعُل َوُهْم ُي ْ
سَأُل َأجاب عنه بقوله َ ) :ل ُي ْ
( " انتهى .
ول ننسى أن الكلم في المسألة أعله ،محمول علععى أن البعععثين
صل قبل نزول اليات ،حيث أجمعت كل الروايات على كفر قد تح ّ
المبعوثين ،فجاء الكلم رّدا ،على من قد ينكعر علعى الع ،بععث
134
الكفرة على فسقة أهععل الكتععاب ،ويحصععر ذلععك بععالمؤمنين وهمععا
وظنععا واتباعععا للهععوى ُ ،مقععّدرا بععأن فععي ذلععك كععل المصععلحة
ب العزة برأيه . والمنفعة ُ ،ملزما ر ّ
وبالضافة لما تقّدم ،نسوق بعععض الدلععة مععن القععرآن والسععنة ،
على تسليط ال الناس بعضععهم علععى البعععض ،دون بيععان ماهيععة
المعتقد من حيث اليمان أو الكفر ،وحتى نصرة الدين بالفجار :
ت اْلَْر ُ
ض س عَد ِ
ض َلَف َضهُْم ِبَبْع ع ٍ س َبْع َل الّنا َ قال تعالى ) َوَلْوَل َدْفُع ا ِّ
ن ) 251البقرة ( عَلى اْلَعاَلِمي َ ضٍل َ ل ُذو َف ْ ن ا ََّوَلِك ّ
صعَوامُِع ت َ ض َلُهّدَم ْضُهْم ِبَبْع ٍ س َبْع َ ل الّنا َ وقال أيضا ) َوَلْوَل َدْفُع ا ِّ
لع ن ا ُّ
ص عَر ّ
سُم الِّ َكِثي عًرا َوَلَيْن ُ
جُد ُيْذَكُر ِفيَها ا ْ سا ِت َوَم َصَلَوا ٌ َوِبَيٌع َو َ
عِزيٌز ) 40الحج ( ي َ ل َلَقِو ّ
ن ا َّصُرُه ِإ ّ ن َيْن ُ
َم ْ
سععوِل عْنُه ،عن َر ُ ي الُّ َ ضَ
ومما روى البخاري عن َأِبي ُهَرْيَرَة َر ِ
سعّلَم ،أنععه َقععاَل فععي معععرض حععديثه … ) : عَلْيعِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ل َ ا ِّ
جِر ( ،وأخرجه مسلم وأحمد جِل اْلَفا ِ
ن ِبالّر ُ ل َلُيَؤّيُد َهَذا الّدي َ ن ا َّ
َوِإ ّ
والدارمي .
فإذا كان الحكيععم العليععم ينصععر دينععه بالفجععار ،أفل ُيع عّذب الكفععار
بالكفار ؟!!
أولم ُيسّلط ال التتار على فسقة المسلمين قديما ،وُيسّلط التراك
والنصععارى واليهععود علععى فسععقة المسععلمين حععديثا ،أم أن هععذا
التسليط كان من عند غير ال ؟!!
والسؤال هل هناك منفعععة أو مصععلحة ُ ،ترتجععى مععن بعععث الريععح
والحجارة ،أو بعععث الطيععر والضععفادع ،علععى القععوام السععابقة ،
طالما أن الغاية هي عقاب الظلمة والمفسدين ؟!!
135
الخلصة :
.1أن إفساد بنو إسرائيل وعلوهم سيكون كأّمععة ،وبقيععام دولععة
لهم في فلسطين لمرتين فقط ،ل ثالث لهما .
.2أن البعث من عند الع ،وأنععه عقععاب وعععذاب لبنععي إسععرائيل
لفسادهم في الرض ،في الدرجة الولى ،بععالرغم مععن كععونه
نصرا للمستضعفين ،من أهل فلسطين ،الذين انتصروا لربهم
ودينهم .
.3أن هذا البعث متعّلق بموعد ،والمؤشر على قرب أجله ،هو
ازدياد وتيرة الظلم والفساد اليهودي .
.4أن غايععة هععذا البعععث ،هععي النتقععام مععن بنععي إسععرائيل فععي
الدرجة الولى ،وليس مكافأة لصلح المبعوثين .
.5أن الوعععد الول كععان قععد ُأنجععز فيمععا مضععى ،وقبععل مجيععء
السلم ،بل قبل عيسى عليه السلم .
.6أن تحقق الوعد الثاني ،اشُترط فيه قبل تحقّقه :
أول :مجيئهم من الشتات ؛
ثانيا :هزيمة اليهود للمبعوثين وإلحاق الذى بهم ؛
ثالثا :اعتماد اليهود على المساعدات المادية والبشرية ؛
رابعا :تفّوق اليهود عسكريا على أعدائهم .
.7أن للبعث الثاني سبب ،وهو سععبق العتععداء اليهععودي علععى
المبعععوثين ،وأن خععروج المبعععوثين عليهععم ،سععيكون لرفععع
الضرر والنتقام لنفسهم .
.8أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية ،هععم نفععس المبعععوثين
عليهم في المرة الولى .
136
.9أن هذا البعععث سععيكون ُمفععاجئا لهععم ،وهععم فععي قمععة علععوهم
وتجبرهم ،وسيأتيهم من حيث ل يحتسبوا ،وسيتم قتل اليهود
والتنكيل بهم ،ومن ثم دخول فلسطين والسيطرة عليهععا ،مععع
انعدام قدرة اليهود على صّد المبعوثين .
.10أن الدخول الول يعرفه اليهود ،كمعرفتهم لولدهم ،وليس
للمسلمين معرفة بصفته ،كونهم لم ُيعاصرونه ،إل مععن خلل
كتب اليهود .
.11أن تدمير مقومععات علععوهم فععي مشععارق الرض ومغاربهععا ،
أمر حتمي ،ولو بعد حين .
.12أن ماهية المعتقد للمبعوثين ُمبهمة ،فمن الجععائز أن يكونععوا
كفرة أو مسلمين أو مؤمنين أو من أولياء ال المخلصين ،في
كل المرتين ،أو في مرة دون الخععرى ،وأن أهعّم مععا ُيمّيزهععم
في كل المرتين ،هو اّتصافهم بالبأس الشديد .
137
تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل في القران
بعد مراجعععتي لمعظععم اليععات القرآنيععة ،الععتي تحكععي سععيرة بنععي
إسرائيل ،تبّين لععي الكععثير مععن الوقععائع المبهمععة فععي تععاريخهم ،
والمفاهيم المغلوطة ،التي كنت أحملها ويحملها عامة المسلمين
،والععتي سععيرد تفصععيلها فععي هععذا الفصععل إن شععاء ال ع .كنععت
سأقتصر بحثي في تاريخ بني إسرائيل ،لثبات تحقق وعد المرة
الولععى مععن علععو وإفسععاد وعقععاب ،ولكععن تععبين لععي مععن خلل
الحاديث العامة ،وعند طرحي لموضوع هذا البحععث ،أن كععثيرا
مععن النععاس ،يجهلععون تاريععخ بنععي إسععرائيل ،وخاصععة ماهّيععة
الحععداث الععتي حصععلت معهععم ،وموقعهععا مععن حيععث الزمععان
والمكععان ،والععتي ُذكععرت متفرقععة فععي القععرآن ،وبل ترتيععب فععي
أغلب الحيان ،ويجهلون أيضا حتى ترتيب أنبيعاء بنععي إسعرائيل
وتعاقبهم ،لذلك اضطررت لتعقب تاريخهم منذ البدايعة ،لمعا فيعه
من فائدة .
إبراهيم عليه السلم
حسععبما ورد عععن أهععل الكتععاب ،أن إبراهيععم عليععه السععلم ،كععان
ب َق عْوِمِه ِإّل جَوا َ
ن َمقيما في بلدة أور في جنوب العراق َ ) ،فَما َكا َ
ت
ن ِفععي َذِل عكَ لََيععا ٍ
ل ِمنْ الّناِر ِإ ّ جاُه ا ُّ
حّرُقوُه َفَأن َن َقاُلوا اْقُتُلوُه َأْو َ
َأ ْ
جرٌ ط َوَقاَل ِإّني ُمَهععا ِن َلُه ُلو ٌن ) 24العنكبوت ( َ ) ،فآَم َ ِلَقْوٍم ُيْؤِمُنو َ
جْيَنععاُه
حِكيعُم ) 26العنكبععوت ( َ ) ،وَن ّ ِإَلععى َرّبععي ِإّنعُه ُهعَو اْلَعِزيعُز اْل َ
ن ) 71النبياء ( ومععن ض اّلِتي َباَرْكَنا ِفيَها ِلْلَعاَلِمي َطا ِإَلى اَْلْر ِ َوُلو ً
ثم انتقل إبراهيم ولوط عليهما السلم ،وهو الوحيد الذي آمن له
من قومه ،إلى فلسطين .
138
وسكن لوط عليه السلم قرية ) سدوم وعمععورة ( حسععب تسععمية
التوراة ،في موضع البحر الميت حاليا ،واسععتمر إبراهيععم عليععه
السلم على الرجح ،إلى المدينععة المسعّماة باسععمه لغايععة الن –
وهععي الخليععل جنععوبي القععدس -وسععكن فيهععا ،وظععاهر النععص
القرآني ،يفيد بأنهما لم يكونا متزوجين ،ولععو كانععا مععتزوجين ،
لُذِكَر أهلهما عند النجاة ،كما اقترن ِذْكر الهل مع النبيععاء ،فععي
كل من حالت النجاة والهجرة ،التي وردت في القران ،كما فععي
جْيَنععاُه َوَأْهَلعهُ ِمعنْ جْبَنا َلعُه َفَن ّ
سعَت َن َقْبعُل َفا ْحا ِإْذ َناَدى ِم ْ الية ) َوُنو ً
طععا … ن ِفيَهععا ُلو ً ظيعِم ) 76النبيععاء ( ،واليععة ) َقععاَل ِإ ّ ب اْلَع ِ
اْلَكْر ِ
ن ) 32العنكبععوت ( ، ن اْلَغععاِبِري َت ِمع ْجَيّنُه َوَأْهَلُه ِإّل اْمَرَأَتعُه َكععاَن ْ
َلُنَن ّ
سعاَر ِبعَأْهِلِه ) 29القصعص ( جعَل َو َ سعى اَْل َ ضعى ُمو َ والية ) َفَلّما َق َ
ليفيد ذلك أنهما هاجرا منفردين وفي مقتبل العمععر ،وأن الععزواج
حصل بعد القامة ،وعلى الرجح ،من نفس القوام التي دخلععوا
عليها وعايشوهاكأفراد ،وال أعلم .
عَلععى ب لععي َ حْمعُد لِّع اّلعِذي َوَهع َ قال تعالى على لسان إبراهيم ) اْل َ
عاِء )39 سعععِميُع العععّد َ ن َرّبعععي َل َ ق ِ ،إ ّ حا َ
سععع َعيَل َوِإ ْسعععَما ِ اْلِكَبعععِر ِ ،إ ْ
إبراهيم ( ،ومرت سععنون طويلععة ،وبعععد أن تقعدم إبراهيععم عليععه
السلم في العمر ،وهبه ال جّل وعل إسماعيل أول من هععاجر ،
ق بإسععحاق فععي شععيخوخته ، فأسكنه وأمه في مكة ،ومن ثععم ُرِز َ
من سارة التي أصبحت عجعوزا ،ومعن ثعم ُوِلعَد يعقعوب لسعحاق
ش عْرَناَها ت َفَب ّ حَك ْ ضع ِعليهما السلم ،قال تعالى ) َواْمَرَأُت عُه َقاِئَم عٌة َف َ
ت َيَوْيَلَتععا َأَأِلعُد َوَأَنععا
ب )َ (71قععاَل ْ ق َيْعُقععو َحا َ سَن َوَراِء ِإ ْ ق َوِم ْ حا َسَ ِبِإ ْ
ب ) 72هود ( . جي ٌ عِيٌء َ ش ْن َهَذا َل َ خا ِإ ّ
شْي ًجوٌز َوَهَذا َبْعِلي َ عُ َ
139
مسنننألة بنننناء النننبيت الحنننرام والمسنننجد
القصى :
س َلّلعِذي ِبَبّكعَة ُمَباَرًكععا َوُهعًدى ضَع ِللّنععا ِ ت ُو ِ ن َأّوَل َبْي ٍ قال تعالى ) ِإ ّ
ن ) 96آل عمران ( . ِلْلَعاَلِمي َ
ت ْ ل ُ
ق ) : َ
ل قاَ ، ه ن ع ه ّ ل ال ي ض ر ر َ ذ بي عن أ َ
ُ ُ ْ َ ُ َ ِ ّ َ و َ ْ ِ
ل؟ و َ ل الل ّه أ َي مسننجد وضننع أ َ سو َ
ّ َ ْ ِ ٍ ُ ِ َ ّ ِ َ :يا َر ُ
قل ْت :ث ُنم أ َ
ي؟ ّ ّ مُ ُ ، حَرا ُ جدُ ال ْ َ س ِ م ْ ل :ال ْ َ قا َ َ
م كنن َ : ت ْ ل ُ
ق ، صى ْ
ق ل :ث ُم ال ْمسجدُ اْل َ قا َ َ
ْ ُ َ َ ْ ِ ّ
ل: قننا َ م َ ُ ث ، ن عو ب ر ل :أَ قا َ ما ؟ َ َ
ّ َ ُ َ ْ ه َ ن ب َي ْن َ ُ كا َ
ض ر ل ،واْل َ ّ ن ص َ
ف ُ ة ل َ ن ص ال َ
ك ن ْ ت َ ك ر د حيث ُما أ َ
ْ ُ َ َ ّ َ ْ َ ْ َ
جدٌ ( رواه البخنناري ،وأخرجننه سنن ِ م ْ ك َ َلنن َ
مسلم والنسننائي وابننن ماجننة وأحمنند .
جاء في شرح السننندي ،لنفننس المتننن
عض َ و ِ عند ابن ماجة ،ما نصه " :قوله ) ُ
أول ( بالبنننناء علنننى الضنننمة ) ،قنننال
أربعون عاما ( قالوا :ليس المننراد بننناء
إبراهينننم للمسنننجد الحنننرام ،وبنننناء
سليمان للمسجد القصى ،فإن بينهمننا
مدة طويلة بل ريب ،بل المننراد بناؤهننا
قبل هذين البناءين ،والله أعلم " .
ومن معاني ) الوضع ( ،في لسان العرب " والمواضع معروفة
،وواحدها موضع ،والموضع هو اسم المكان ،وفععي الحععديث :
ض عُع الجزيععة " ،فتوضععع الجزيععة " ينععزل عيسععى بععن مريععم فَي َ
ض عُع العلععم " أي يهععدمه ويلصععقه وتسقط ،وفي الحديث " :و َي َ
140
ضعَعًا أي اختلقععه وأوجععده ،ووضععع
ضعَع الشععيء َو ْ
بالرض ،وَو َ
الشيء في المكان ،أثبته فيه " .
141
ع ( بننأي حننال مننن الحننوال ضن َ
و ِ ت) ُ ولم تأ ِ
ي ( ،وذلك يفيد بأن الوضننع بمعنى ) ب ُن ِ َ
كان للقواعد فقننط .وقنند ُروي أن آدم
عليه السلم ،هو أول من بنى الكعبننة ،
واتخننذت مكان نا ً لعبننادة اللننه ،ومننن ثننم
تحول الموضع لعبادة الصنام ،وأزيلننت
معالم ذلك البناء ،بفعل الطوفان زمن
ننننوح علينننه السنننلم ،واختفنننت هنننذه
القواعد نتيجة تراكم التربة ،علننى م نّر
ع ( فنني كل ضنن َ
و ِ
السنننين .وإعننراب ) ُ
ض مبننني الموضننعين ،هننو فعننل مننا ٍ
للمجهننول ،أي أن فاعننل الوضننع غيننر
معلوم في النص ،وجاءت بمعنى تعيين
وتحدينند مكننان الننبيت ،وهننناك روايننات
بأن الملئكة كشفت لدم عن موضننعه ،
سنناحي عندما بناه لول مننرة .وبلغننة م ّ
الراضننننني ،نسنننننتطيع القنننننول أن
وضع ( ،جاءت بمعنى تحديد وإسقاط ) ُ
إحداثيات الموقع على الرض ،وتثننبيت
حدوده .
142
ول يختلف اثنان ،علننى أن مننن أعنناد بننناء
البيت الحرام ،هما إبراهيم وإسننماعيل
عليهمننا السننلم ،بدللننة قننوله تعننالى
ن َل َ ) وإذْ بوأ ْ
تأ ْ ن ال ْب َي ْن ِ مك َننا ََ َ م ن هيِ را ب
ِْ َ ل ِ نا َ َ ِ َ ّ
ن
في َ هْر ب َي ْت ِنني ِللطّننائ ِ ِ وط َ ّ شي ًْئا َ ك ِبي َ ر ْ
ش ِ تُ ْ
جوِد ) 26الحج ( ، س ُ ع ال ّ والّرك ّ ِ ن َ مي َ قائ ِ ِوال ْ َ َ
وأنننا أي كشننفنا وأظهرنننا لننه موضننعه ب ّ
ومكّناه منه وأذنا له في بنائه ،ومن ثم
كان البناء برفعننه فننوق القواعنند ،فنني
نمن ْ ع ند َ ِ وا ِ ق َ م ال ْ َ هي ن ُ ع إ ِب َْرا ِ ف ُوإ ِذْ ي َْر َ قوله ) َ
ل ) 127البقنننرة ( ، عي ُ ما ِ سننن َ وإ ِ ْ ت َ ال ْب َْيننن ِ
والغاية من بناءه هو جعله مكانا للعبادة
،بما تشمله من طننواف وقيننام وركننوع
وسنننجود ،لمنننن يسنننتجيبوا لرسنننالة
السننلم ،كمننا ورد فنني اليننة أعله ،
النننتي كنننان يحملهنننا إسنننماعيل علينننه
السننلم ،المقيننم فنني ذلننك المكننان
ن ه ك َننا َل إ ِن ّن ُعي َ ما ِ سن َب إِ ْ في ال ْك َِتا ِ واذْك ُْر ِ ) َ
سننوًل ن َب ِّيننا )54 ن َر ُ كننا َ و َ د َ عنن ِ و ْصنناِدقَ ال ْ َ َ
مريم ( .
يعقوب ويوسف عليهما السلم
جَتَبْيَنععا
ن َهعَدْيَنا َوا ْ
سعَراِئيَل َوِمّمع ْ
ن ُذّرّيِة ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ
قال تعالى ) َوِم ْ
جًدا َوُبِكّيعا ) 58مريعم ( ، سع ّ
خعّروا ُ ن َحَمعا ِت الّر ْ عَلْيِهْم آَيا ُ
ِإَذا ُتْتَلى َ
ويعقوب عليه السلم هو إسعرائيل ،والمقصعود ببنعي إسعرائيل ،
143
هم نسل يعقوب عليه السععلم ،وحسععب مععا ترويععه التععوراة ،أنععه
ترك مقام أبيه إسحاق في فلسطين ،وهاجر إلى خاله في العععراق
،ورعى عنده الغنم عدة سنين ،وتزوج اثنتين من بناته ،وعععاد
إلى فلسطين مععرة أخععرى ،وقععد ُرزق عليععه السععلم بععاثني عشععر
ابنا ،وأبرزهم يوسععف عليععه السععلم ،فععي قععوله تعععالى ) ِإْذ َقععاَل
س
شععْم َ شععَر َكْوَكًبععا َ ،وال ّ ع َحععَد َ ت َأ َ
ت ِإّنععي َرَأْيعع ُ
ف َِلِبيععِه َيععَأَب ِسعع ُُيو ُ
ن ) 4يوسف ( ،وقوله ) َوَرَفَع َأَب عَوْيهِ جِدي َسا ِ
َواْلقََمَر َ ،رَأْيُتُهْم ِلي َ
جًدا ) 100يوسععف ( .أي أجلععس أبععوه سع ّ
خّروا َلُه ُ ش َو َ عَلى اْلَعْر ِ َ
وأمه إلى جواره ،احتراما وتقديرا وتععوقيرا ،ومععن ثععم سععجد لععه
أخوته الحععد عشععر ،دون أبععويه ،ففععي اليععة ) (4كععانت الرؤيععا
الولى ،للحععد عشععر كوكبععا والشععمس والقمععر ،ومععن ثععم كععانت
الرؤيععا الثانيععة ،لسععجود الحععد عشععر كوكبععا ،دون الشععمس
والقمر ،وهذا ما تؤكده الية ) ، ( 100حيث ُرفععع البععوين إلععى
العرش ،ومن ثم وقع السجود من الخوة .
أما مكان سععكنى يعقععوب عليععه السععلم ،ومععن قععوله تعععالى علععى
ن اْلَب عْدِو ) 100يوسععف ( ،يتععبين لنععا جاَء ِبُكْم ِم ْ لسان يوسف ) َو َ
أنهم كانوا قد سععكنوا الصععحراء ،وعاشععوا حيععاة البععداوة ،ومععن
المعروف أن مهنة البدو ،هي تربية المواشي ،وتبادل منتجاتها
مععع أهععل الحضععر ،ومععن قععوله علععى لسععان أخععوة يوسععف أيضععا
س عَأْل اْلَقْرَي عَة اّلِتععي ُكّنععا ِفيَهععا َواْلِعي عَر اّلِتععي َأْقَبْلَنععا ِفيَهععا َوِإّنععا
) َوا ْ
ن ) 82يوسف ( والقرية ،هي مكان تواجد يوسف عليععه صاِدُقو ََل َ
السلم في مصر ،حيععث تركععوا الخ الشععقيق ليوسععف ،وقععولهم
هذا وترّددهم لكثر من مرة على مصر ،يدل على قربهععم منهععا ،
وقولهم ) َواْلِعيَر اّلِتعي َأْقَبْلَنعا ِفيَهعا ( يعدل أنهعم ذهبعوا إلعى مصعر
ورجعوا في قافلععة ،وأفرادهععا يقطنععون معهععم أو بععالقرب منهععم .
144
والرجح أن تكون هذه الصحراء ،التي كانوا يقيمون فيها قريبة
إلى مصر ،وربما تكون صحراء النقب ،جنوب فلسععطين ،وفععي
منطقععة بئر السععبع بالععذات ،حيععث سععكنى بععدو فلسععطين ،وهععو
الرجح وال أعلم .
النتقال إلى مصر :
وبعععد أن تبعّوأ يوسععف عليععه السععلم فععي مصععر منصععبا ،يععوازي
منصععب وزيععر الخزينععة ،أو الماليععة فععي عصععرنا الحععالي ،لععدى
فرعون مصر ،انتقل يعقوب وبنوه ،للحاق بععه فععي مصععر ،قععال
خُلععوا
ف آَوى ِإَلْيعِه َأَبعَوْيِه َوَقععاَل اْد ُسع َ عَلععى ُيو ُ خُلععوا َتعالى ) َفَلّمععا َد َ
ب َقعْد آَتْيَتِنععي مِعنْ ن )َ (100) … (99ر ّ لع آِمِنيع َشاَء ا ُّ ن َ ِمصَْر ِإ ْ
ث … ) 101يوسعععف ( ، حعععاِدي ِ
ن َتْأِويعععِل اَْل َ
عّلْمَتنعععي ِمععع ْ
ك َو َ اْلُمْلععع ِ
ودخلوها معّززين مكّرمين آمنين ،وقعوله ) آمنيعن ( يعوحي بعأن
ليس كل من دخل مصر آنذاك ،ليقيم فيه من الغرباء والععدخلء ،
سيكون آمنا على نفسه ،من الضطهاد والستعباد .
بعض مظاهر الحكم المصري :
قصة يوسف عليه السلم أشهر مععن أن تععّرف ،لععذلك سععنوردها
باختصار ،ونرّكز على بعض ما خفعي منهععا .حيعث كععانت مصععر
آنذاك إحدى ُكبريات الممالك القديمة ،بدللة قعوله تععالى ) َوَقععاَل
سععي … ) 54يوسععف ( ،وعلععى صعُه ِلَنْف ِخِل ْ
سَت ْ
ك اْئُتععوِني ِبعِه َأ ْ
اْلَمِل ُ
ن ِفععي ظععاِهِري َ
ك اْلَيعْوَم َ
لسان مؤمن آل فرعون ) َيععا َقعْوِم َلُكعْم اْلُمْلع ُ
ض ) 29غافر ( ،ونظام الحكععم فيهععا ملكععي وراثععي ،وكلمععة اَْلْر ِ
فرعون ربما تكون اسععم أو لقععب للملععك ،ويقععال أن الفراعنععة لععم
يكونوا ملوك مصر ،في زمن يوسف عليه السلم ،فسععواء كععان
هذا أو ذاك ،فنحن نصف الوضاع في مصر بشكل عام .
145
حيث يبدو أن المجتمع المصري ،كان يتأّلف من أربع طبقات -:
الطبقة الولى :العائلة الملكية ،التي هي في مصاف اللهععة مععن
حيث الحقوق والمتيازات .
الطبقة الثانية :الشراف من المصريين ،الموكل إليهععم العمععال
التنفيذية ،ويتمتعون بامتيازات استثنائية ،من وزراء وما شابه
،وهععم عليععة القععوم وسععماهم سععبحانه مل فرعععون ،فععي قععوله
لُه ِزيَنعًة َوَأمْعَواًل ِفععي ن َوَم َععْو َت ِفْر َك آَتْيع َ سى َرّبَنععا ِإّنع َ ) َوَقاَل ُمو َ
حَياِة الّدْنَيا ) 88يونس ( .ومنهم العزيز صععاحب يوسععف عليععه اْل َ
السععلم ،وهامععان الععذي كععان يشععغل مععا يشععبه ،منصععب رئيععس
ن اْبنِ ن َيا َهاَما ُ عْو ُ الوزراء في عصرنا هذا ،قال تعالى ) َوَقاَل ِفْر َ
ب ) 36غافر ( . سَبا َ حا َلَعّلي َأْبُلُغ اَْل ْ ِلي صَْر ً
وانضوى يوسف عليه السلم ضمن هععذه الطبقععة ،مععع أنععه كععان
س الحاجة لعلمععه وحكمتععه ،لدارة من الغرباء ،كونهم كانوا بأم ّ
شؤون البلد القتصادية ،في سنين الجفاف ، ،ل لشععيء آخععر .
بعد أن أصبح عليه السععلم مععن المقربيععن للملععك َ ) ،وَقععاَل اْلمَِلعكُ
ك اْلَيعْوَم َلعَدْيَنا مَِكيعنٌسي َفَلّما َكّلَمُه َقاَل ِإّن َ صُه ِلَنْف ِ
خِل ْ سَت ْ
اْئُتوِني ِبِه َأ ْ
ن ) 54يوسف ( حيث كان عبععدا مملوكععا لعذلك العزيععز ،العذي َأِمي ٌ
قال عنه يوسف عليه السععلم ،عنععدما ُروِوَد عععن نفسععه للوقععوع
س عنَح َفي الزنا ،بزوجة من أكرمه وأحسن مقامه ِ ) :إّن عُه َرّبععي َأ ْ
ن ) 23يوسععف ( أي لععن أظلععم نفسععي ظععاِلُمو َ ح ال ّ ي ِإّنُه َل ُيْفِل ُ
َمْثَوا َ
بمعصية ال ،ولن أظلم زوجك بنكران معروفه معي ،إذ قال لهععا
صَر ِلْمَرَأِتِه َأْكِرِمي ن ِم ْ شَتَراُه ِم ْزوجها عند شراءه ) َوَقاَل اّلِذي ا ْ
ب
خعَذُه َوَلعًدا ) 21يوسععف ( ،ولفععظ ر ّ ن َينَفَعَنا َأْو َنّت ِ سى َأ ْ ع ََمْثَواُه َ
في الية السابقة جاء بمعنى صاحب أو مالك ،ولفععظ العزيعز هعو
146
خععوطب لقب ُيطلق على الشراف ،ذوي المناصب الرفيعة ،وقد ُ
به يوسف عليه السلم ،من ِقَبل أخوته فععي اليععة ) . (88ويبععدو
أن المجتمع المصري كان منغلقا على نفسه ،ول يخالط الغربععاء
مععن منظععور الفوقيععة والسععتعلء ،ويخععاف الغربععاء ويخشععاهم
وبالتالي كان ينبذهم .
والطبقة الثالثة :عامة المصريين وهم يعملون بالوظائف العامععة
والخاصة ،وامتيازاتهم عادية ،وشملت هذه الطبقععة نسععبيا بنععي
إسرائيل ،في زمن يوسف عليه السلم .
والطبقة الرابعة :العبيد عن طريق الشراء وما شابه ،وأغلبهععم
من غير المصريين ،بل حقوق وبل امتيازات ،بل علععى العكععس
ليس لهم إل المهانععة والزدراء ،ويعملععون بقععوتهم اليععومي فععي
ي السععجن ، الزراعععة والبنععاء والخدمععة ،ومععن ضععمنها صععاحب ّ
وشملت بنععي إسععرائيل ،بعععد يوسععف عليععه السععلم ،حععتى زمععن
موسععى عليععه السععلم .والمخطععئ مععن هععؤلء العبيععد فععي حععق
المصريين ،كان مصععيره السععجن أو العععذاب الشععديد أو القتععل ،
وبدون محاكمة على الرجح ،وخاصة إذا كان خصععمه مصععريا ،
حتى ولو ُأتهم زورا وبهتانا .
وأمععا الموقععع الجغرافععي لعاصععمة الملععك ،وبدللععة هععذه اليععات
صعَر َوَهعِذِهك ِم ْ س ِلي ُمْلع ُن ِفي َقْوِمِه َقاَل َيا َقْوِم َأَلْي َ عْو ُ) َوَناَدى ِفْر َ
ن ) 51الزخرف ( َ ) ،واْتُر ْ
ك صُرو َ ل ُتْب ِ
حِتي َأَف َ ن َت ْ
جِري ِم ْ اَْلْنَهاُر َت ْ
ت َوعُُيونٍ ) جّنا ٍ ن َ ن )َ(24كْم َتَرُكوا ِم ْ جنٌد ُمْغَرُقو َ حَر َرْهًوا ِإّنُهْم ُاْلَب ْ
ن )27 ع َوَمَقاٍم َكِريٍم )َ (26وَنْعَمةٍ َكععاُنوا ِفيَهععا َفععاِكِهي َ َ (25وُزُرو ٍ
الدخان ( ،فهو يقع على مجرى نهر النيل ،في أخصب الراضي
147
المصرية ،أما سعكنى فرععون وآلعه ) أي ععائلته ( كعانت خعارج
المدينة ،بمعزل عن الشعب ،وقصره مقام على ضفاف النيل .
هل كان يوسف داعية إلى ال فععي مصععر ؟ نقععول نعععم ،وقععد بععدأ
حَب ِ
ي صععا ِ
ي السععجن ) َي َ الععدعوة فععي السععجن ،عنععدما قععال لصععاحب ّ
ح عُد اْلَقّهععاُر )َ (39مععا ل ع اْلَوا ِ خْي عٌر َأْم ا ُّن َ ب ُمَتَفّرُقععو َ ن َأَأْرَبععا ٌ
جِسع ْال ّ
سّمْيُتُموَها َأْنُتْم َوآَباُؤُكْم َ ،ما َأنَزَل ا ُّ
ل ن ُدوِنِه ِإّل َأسَماًء َ ن ِم َْتْعُبُدو َ
لع َأَمعَر َأّل َتْعُبعُدوا ِإّل ِإّيععاُه َ ،ذِلعكَ حْكعُم ِإّل ِّ ن اْل ُ
ن ِ ،إ ْ طا ٍسعْل َ
ن ُ ِبَها ِم ْ
ن ) 40يوسععف ( ، س َل َيْعَلُمععو َ ن َأْكَثععَر الّنععا ِ ن اْلَقّيععُم َ ،وَلِكعع ّ
الععّدي ُ
واستمرت دعوته حتى مماته ،قال تعععالى علععى لسععان مععؤمن آل
شّ
ك ت َ ،فَما ِزْلتُْم ِفي َ ن َقْبُل ِباْلَبّيَنا ِ ف ِم ْ س ُ جاَءُكْم ُيو ُ فرعون ) َوَلَقْد َ
سععوًل ، ن َبْعِدِه َر ُ
ث الُّ ِم ْ ن َيْبَع َ ك ُقْلُتْم َل ْحّتى ِإَذا َهَل َ جاَءُكْم ِبِه َ ، ِمّما َ
ب ) 34غععافر ( وهععو يعنععي ف ُمْرَتععا ٌ سعِر ٌ ن ُهعَو ُم ْ ل َم ْ ضّل ا ُّ ك ُي َِكَذِل َ
أهل مصر ،وكان يوسععف عليععه السععلم ،يععدعوا إلععى الع تعععالى
بالقسط ،فما أطععاعوه تلععك الطاعععة ،إل بمجععرد الععوزارة والجععاه
الدنيوي ،ولهذا قال مؤمن آل فرعون ) :فما زلتم في شععك ممععا
جاءكم به ،حتى إذا هلك ،قلتم لن يبعث ال من بعده رسععول ( ،
وطععال المععد بقععوم فرعععون وببنععي إسععرائيل ،فض عّلوا إل قليل ،
وكععان منهععم مععؤمن آل فرعععون الععذي كععان يكتععم إيمععانه ،وعلععى
لسانه جاءت هذه الية ،ومنهم أيضا أهل موسى عليه السلم .
أحوال بني إسرائيل فنني مصننر بعنند وفنناة
يوسننف عليننه السننلم وحننتى خروجهننم
منها :
بعد زوال سندهم لدى فرعون ،أصبح حالهم حال العبيد .وربمععا
يكون ذلك في زمن فرعون نفسه ،أو من َمَلععك بعععده ،بعععد وفععاة
148
يوسف عليه السلم ،لزوال المصلحة والنفع الذي تأّتى من علععم
يوسف ،وحكمته فععي الدارة والقتصععاد .واسععتمر حععالهم كععذلك
حتى خروجهم مع موسععى عليععه السععلم ،وحسععب مععا يُععروى أن
المدة ،ما بين دخولهم إلى مصر ،وخروجهم منها هي أربعمائة
سنة ،وال أعلم ،وحالهم في تلك الفترة الزمنية ،يصفه القرآن
شععَيًعا
جَعععَل َأْهَلَهععا ِ ض َو َل ِفععي اْلَْر ِ عَ ن َعععْو َ ن ِفْر َ بمععا يلععي ِ ) :إ ّ
سععاَءُهْم ِإّنعهُ َكععا َ
ن حيِ ِن َ سعَت ْ
ح َأْبَناَءُهْم َوَي ْ
طاِئَفًة ِمْنُهْم ُيَذّب ُف َ ضِع ُ ستَ ْ
َي ْ
ن آِل ِفْرعَ عْو َ
ن جْيَنععاُكْم ِم ع ْ
ن ) 4القصععص ( َ ) ،وِإْذ َن ّ س عِدي َن اْلُمْف ِ
ِم ع ْ
سععاَءُكْمحُيونَ ِن َ سعَت ْ ن َأْبَنععاَءُكْم َوَي ْ
حو َ
ب ُيعَذّب ُ
سععوَء اْلَععَذا ِ سععوُموَنُكْم ُ َي ُ
جْيَنععا َبِنععي
ظيٌم ) 49البقرة ( َ ) ،وَلَقعْد َن ّ عِن َرّبُكْم َ لٌء ِم َْوِفي َذِلُكْم َب َ
ن ) 30الععدخان ( ،وازداد العععذاب ب اْلُمِهيعع ِ ن اْلَعععَذا ِ سععَراِئيَل ِمعع ِْإ ْ
والضطهاد لهم ،ببعث موسى عليه السلم إلى فرعون وقومه .
موسى عليه السلم
والحكمة اللهية التي أرادها ال من بعث موسععى عليععه السععلم ،
هي ما ابتدر به رب العععزة سععورة القصععص ،بقععوله ) َوُنِري عُد َأ ْ
ن
جَعَلُهععْم َأِئّمععًة ،
ض َ ،وَن ْ
ضععِعُفوا ِفععي اَْلْر ِ سُت ْ نا ْ ن عَلععى اّلععِذي َ َنُمعع ّ
ععْونَ ض َ ،وُنعِري ِفْر َ ن َلُهعْم ِفعي اَْلْر ِ ن )َ (5وُنَمّك َ جَعَلُهْم اْلَواِرِثي َ
َوَن ْ
ن ) 6القصععص ( ح عَذُرو َ
جُنوَدُهَمععا ِمْنُه عْم َ ،مععا َكععاُنوا َي ْن َو ُ َوَهاَمععا َ
والقصععة بتمامهععا ،مفصععلة فععي سععورة القصععص وسععورة طععه ،
وقصة موسى معروفة ومألوفة لدينا ،حيععث ُولععد عليععه السععلم ،
وألقته أمه فععي النيععل ،خوفععا مععن ذبحععه ،فععالتقطه آل فرعععون ،
واعتنوا بععه .حععتى إذا بلععغ أشعّده ،قتععل مصععريا ،فععأتمر بععه مل
فرعون ،فغادر مصر متجها إلى مععدين ،ولععم يكععن قععد لقععي بلء
قبل ذلك ،فقد كان ربيبا منعّمععا فععي آل فرعععون ،ولععم يكععن عليععه
149
ي إليه بعد ،وإنما كان مسععلما ،علععى ديععن آبععائه
السلم ،قد ُأوح َ
إبراهيم إسحاق ويعقوب عليهم السلم .
مدَْين : الموقع الجغرافي ل َ
قيعل فيهعا فعي المععاجم :أنهعا تقعع " قعرب بحعر القلعزم ) البحعر
الحمر ( محاذية لتبوك ،وتقع بين وادي القععرى والشععام ،وقيععل
اتجاه تبوك بين المدينة والشام ،وقيل هي كفر سندة مععن أعمععال
طبريععة ،وقيععل بلععد بالشععام معلععوم تلقععاء غععزة ،وفععي ) البدايععة
والنهاية ( " :كان أهل مدين قوما عربا ،ومدين هي قريععة مععن
أرض معان ،من أطراف الشام ،مما يلي ناحية الحجععاز ،قريبععا
من بحيرة قوم لوط ،وكانوا بعد قوم لوط بمدة قريبة " .
والقول الخير هو أفضل ما قيععل فيهععا ،وهععو الرجععح فهععي تقععع
ي نهععر الردن ،فععي السععفح المطععل علععى فلسععطين ،قبالععة شععرق ّ
أريحا ،حيث المكان المسمى بععوادي شعععيب حاليععا ،والععذي يقععع
فيه مقام النبي شعيب عليععه السععلم ،فععي جبععال محافظععة البلقععاء
الردنية ،وهي أرض خصععبة تصععلح لزراعععة القثائّيععات ،وفيهععا
الشجار المثمععرة ،وعيععون المععاء ،ويؤيععد مععا ذهبنععا إليععه قععوله
ط مِْنُكعمْ
تعالى ،على لسان شعععيب مخاطبععا قععومه ) َوَمععا َقعْوُم ُلععو ٍ
ِبَبِعيٍد ) 89هود ( ،والمقصود هنا البعد المكاني ،حيععث المسععافة
بين قرية شعيب والبحر الميت ) بحيرة لوط ( ،ل تتجععاوز )(20
كم ،أما البعد الزماني بين لوط وشعيب ،فُيقعّدر بمئات السععنين ،
حيععث أن لععوط عاصععر إبراهيععم ،وشعععيب عاصععر موسععى عليهععم
السلم .
وكمععا ورد فععي الروايععات ،كععان أهععل مععدين ،يقطعععون السععبيل
ويخيفععون المععارة ،وهععم أصععحاب اليكععة أي الشععجار الملتفععة
150
والمتشابكة -وهي صفة موجودة أيضا في تلك المنطقة -وكانوا
من أسوء الناس معاملة ،يبخسون المكيععال والميععزان ويطففععون
فيهمععا ،يأخععذون بععالزائد ويععدفعون بالنععاقص ،فععآمن بشعععيب
ظّلعِة ِإّنعهُ
ب َيعْوِم ال ّ
ععَذا ُ خ عَذُهْم َ
بعضهم وكفر أكثرهم َ ) ،فَك عّذُبوُه َفَأ َ
جَفععةُخععَذْتُهْم الّر ْ
ظيععٍم ) 189الشعععراء ( ) َفَأ َ عِب َيععْوٍم َ
عععَذا َ
ن َ َكععا َ
ن ) 91العراف ( ،ولم تععدمر ديععارهم جاِثِمي َحوا ِفي َداِرِهْم َ َفَأصَْب ُ
بل بقيت على حالها ،ويقال أن ذلععك كععان فععي يععوم شععديد الحععر ،
فبعث ال ظلل من الغمام ،في بقعععة قريبععة مععن مكععان سععكناهم ،
فذهبوا ليستظلوا بها ،فنزل بهم العذاب ،وبقععي فععي القريععة مععن
آمن لشعيب عليه السلم من قومه وهم قلة .
مقام موسى في مدين :
ن … ( ،خرج موسى من مصر وحيععدا ، جَه ِتْلَقاَء َمْدَي َ) َوَلّما َتَو ّ
سِبيِل ) 22القصص ( ،ولععم سَواَء ال ّن َيْهِدَيِني َ سى َرّبي َأ ْ ع َ) َقاَل َ
يكن يملك من أمره ،إل حسن ظّنه بربععه ععز وجععل ،حععتى صععار
إلى مدين .فلبث موسى عليه السلم ) ( 10-8سنين في أهلها ،
لقوله تعالى على لسان شعععيب عليععه السععلم ) َقععاَل ِإّنععي ُأِريعُد َأ ْ
ن
ج َفعِإ ْ
ن جع ٍحَجَرِني َثَمععاِنيَ ِن َتعْأ ُ
عَلععى َأ ْ
ن َ
ي َهععاَتْي ِ حعَدى اْبَنَتع ّ ك ِإ ْ
ُأْنِكحَع َ
ك … ) 27القصص ( وتزوج فيها ورعى عْنِد َن ِ شًرا َفِم ْع ْ ت َ َأْتَمْم َ
الغنم ،وتعرف إلععى أهلهععا وعرفععوه ،وعععرف سععهولها وجبالهععا
ن…(. ن ِفي َأْهِل َمْدَي َسِني َ ت ِ ووديانها َ ) ،فَلِبْث َ
العودة إلى مصر :
ج عَل
سععى اَْل َ
ضععى ُمو َ
وبعد أن قضى المدة المطلوبة منه َ ) ،فَلّمععا َق َ
ساَر ِبَأْهِلِه ) 29القصص ( غادرها مع أهلععه ومععا تحصّععل عليععه َو َ
من أغنام ،تسّيره أقدار ربه .وكععان خععط مسععيره ،والع أعلععم ،
151
باتجاه الجنوب ،شرقي البحر الميت باتجاه مصعر ،حيعث انحعدر
بأهله إلى وادي عربععة ،جنععوب البحععر الميععت ،فضعّل الطريععق ،
ت عََلععى
جْئ َ
وهناك أتاه هاتف السماء ،لععذلك قععال تعععالى ) … ُثعّم ِ
سى ) 40طه ( ،إلى موضع الوحي ،في الوقت المقّدر . َقَدٍر َيُمو َ
فأوكله ال بحمل الرسالة إلى فرعون ،وأمره بالتوجه إلى مصر
،ومن هناك سار – بخط شبه مسععتقيم -مجتععازا صععحراء النقععب
جنوب فلسطين ،وصحراء سيناء باتجاه بوابة مصر البريععة مععن
الشرق ،ومن ثم سار جنوبا باتجاه القاهرة ،حيث إقامة فرعون
وقومه .
تحدينند الموقننع الجغرافنني ،للمكننان الننذي
أوحي فيه ،إلى موسى عليه السلم :
نزل الوحي إلى موسى مرتين ؛ الوحي الول :هو الذي ُكلف بععه
موسى بحمل الرسالة ،وما بعث به إلى فرعون وبني إسععرائيل ،
أثنععاء عععودته إلععى مصععر ،بعععد خروجععه مععن مععدين ،والععوحي
الثععاني :هععو الشععريعة الجديععدة الععتي ُكتبععت فععي اللععواح لبنععي
إسععرائيل ،بعععد خروجهععم مععن مصععر ،فععي الطريععق إلععى الرض
المقدسة ،ويعتقد الكثيرون أن الوحي نععزل علععى موسععى ،علععى
جبععل سععيناء الواقععع فععي صععحراء سععيناء المصععرية ،وهععذا غيععر
صحيح ،حيث لم يوجد أي نص في القرآن يفيد ذلك .والواقع أن
هذه تسمية الصحراء المصرية بصحراء سيناء ،استندت إلى معا
جاء فععي التععوراة ،مععع أن التععوراة لععم ُتحعّدد موقععع الصععحراء أو
الجبل .
وتذكر التوراة في سععفر الخععروج ،أن بنععي إسععرائيل مععروا علععى
التوالي ،بثلثة صحارى ،هي الواردة في النص التالي بالترتيب
152
:22 :15 " :ثم ارتحععل موسععى بإسععرائيل مععن البحععر الحمععر ،
جهوا نحو صحراء شور :27 ،ثم بلغوا إيليم … :1 :16ثّم وتو ّ
انتقلوا من إيليم حععتى أقبلععوا علععى صععحراء سععين ،الواقعععة بيععن
إيليم وسيناء " .
وجاء في نص آخر :1 :17 " :وتنقل بنوا إسرائيل على مراحل
،من صحراء سين … إلى أن خّيموا في رفيديم … :2 :19فقد
ارتحل السرائيليون من رفيديم إلى أن جاءوا إلى بريععة سععيناء ،
فنزلوا مقابل الجبل فصعد موسى للمثول أمام ال ع ،فنععاداه الععرب
من الجبل … : 20ونزل الرب على قمة جبل سيناء … "
وهذه النصوص ُتشير إلى أن جبل سيناء ،هو اسععم الجبععل الععذي
ُأوحي بجانبه إلى موسى ،وأن برية سيناء هي تسعمية ،للمكعان
الواقععع مقابععل جبععل سععيناء .وأن بريععة سععيناء هععي البعععد عععن
مصععر ،كونهععا كععانت آخععر الصععحارى الععتي م عّروا بهععا ،أثنععاء
مسععيرهم ،باتجععاه بوابععة الرض المقّدسععة شععرقي نهععر الردن ،
والترجمات العربية للتوراة ،ل ُتمّيز بين القفر ،أي الخلء غيععر
المأهول بالسّكان ،وبين الصحارى الرملية القاحلة .
ن طععوال وجاء في التوراة " :35 :16واقتات السرائيليون بالم ّ
أربعيععن سععنة ،حععتى جععاءوا إلععى تخععوم أرض كنعععان العععامرة
بالسععكان " .وهععذا النععص الكععاذب والمضععّلل ،يقععول أن المععنّ
والسلوى كانت تنّزل عليهم طيلة أربعين سنة ،قبل وصولهم إلى
مشارف فلسطين ،أي قبععل أن ُيطلععب منهععم الععدخول إلععى الرض
المقدسة ،وقبل أن يحكم عليهم بسنوات التحريم والتيه الربعين
ن والسلوى كانت تنعّزل عليهععم خلل مسععيرهم .والصحيح أن الم ّ
في الصحراء ،وهي مععدة قصععيرة ،أمععا سععنوات التحريععم والععتيه
153
الربعيععن – سععنوات الغضععب اللهععي -فلععم يكععن يتن عّزل عليهععم
شيء .
وتسععمية الصععحراء المصععرية بسععيناء ،وذكععر التععوراة أن بنععي
إسرائيل عاشوا فيها أربعين سنة يأكلون المن والسلوى .ضّللت
حتى اليهود أنفسهم ،الذين بحثوا ونقبععوا فيهععا طععويل ،عععن أي
أثععر لمقععامهم فيهععا ،ولكععن دون جععدوى ،ممععا اضععطر بعععض
البععاحثين اليهععود مععؤخرا ،إلععى تكععذيب معظععم روايععات التععوراة ،
ونشر الكثير من آرائهم ونتائج أبحاثهم في الصحف .
أما كلمة الطععور فقععد وردت فععي القععرآن ) (10مععرات (8) ،منهععا
بلفظ ) الطععور ( معّرفععة بععأل التعريععف ،بمعنععى الجبععل ،وواحععدة
ت
سعيَْناَء َتْنُبع ُ
طععوِر َ ن ُ ج ِمع ْخعُر ُ
جَرًة َت ْ
شع َ
بلفععظ ) طععور سععيناء ( ) َو َ
ن ) 20المؤمنععون ( ،وواحععدة بلفععظ ) طععور لِكِلي َ
صْبٍغ ِل ْ
ن َو ِِبالّدهْ ِ
طععورِ ن )َ (1و ُ ن َوالّزْيُتععو ِسينين ( بنفس المعنى السابق َ ) ،والّتي ِ
ن ) 2الععتين ( .وسععيناء وسععنين لغععة ،إذا لععم تمنععع مععن سععيِني َ
ِ
الصععرف ،أي لحقهععا التنععوين ج عّرا ونصععبًا ،فإنهععا تعنععي كععثرة
الشجر ،وإذا ُمنعت من الصرف ،كما هو الحال هنا فهععي اسععم ،
والكلمات ) طور وسيناء وسينين ( ألفععاظ أعجميععة ،وممععا تقععدم
نسععتطيع القععول بععأن ) طععور سععيناء ( اسععم لجبععل معععروف لبنععي
إسرائيل ،بمعنى ) جبل الغابة ( ،وهو في الحقيقة ،اسععم الجبععل
ي بجانبه إلى موسى ،حسب تسمية التععوراة لععه ،وقععد الذي أوح َ
عّرف هذا الجبل من خلل القرآن ،بأنه ُينبععت الععتين والزيتععون . ُ
والمقصود بكلمة ) الطور ( المعّرفة بألف ولم ،أينما جاءت فععي
القرآن ،هو طور سيناء أو سععينين ،والطععور هععو سلسععلة جبععال
فلسطين ،التي تربض على تللها مدينة القدس ،والتي هي فععي
154
الصل جبل واحد ،يمتد من مدينة نابلس شمال إلى مدينة الخليل
جنوبا .
س ِمع ْ
ن سععاَر ِبعَأْهِلِه ،آَنع َ جعلَ َو َ سععى اَْل َضععى مو َ قال تعالى ) َفَلّمععا َق َ
ت َنععاًرا َ ،لَعّلععي
سع ُطوِر َناًرا َ ،قععاَل َِلْهِلعِه اْمُكُثععوا ِ ،إّنععي آَن ْ ب ال ّجاِن َِ
ن )29 طُلو َ
صع َ ن الّنععاِر َ ،لَعّلُك عْم َت ْ
ج عْذَوٍة ِم ع ْ
خَب عٍر َ ،أْو َ
آِتيُك عْم ِمْنَهععا ِب َ
القصص ( قلنا أن موسى عليه السلم ،كان قد ضعّل طريقعه بعععد
خروجه من مععدين باتجععاه مصععر ، ،لقععوله عليععه السععلم ) َلَعّلععي
خَبٍر ( فوجععد نفسععه فععي أحععد الوديععة .ودخععوله إلععى آِتيُكْم ِمْنَها ِب َ
الوادي كان عن طريق انحداره ،بواد فرعي جنوب البحر الميععت
،وكان ذلك ليل ،وفي طقس بارد جععدا .وأثنععاء التخييععم هنععاك ،
كان يلتفت يمنة ويسرة ،بحثا عن الدفء والهداية ،فععآنس نععارا
معن جععانب الجبعل ،فعاتجه إليهععا بععد أن اسعتأذن أهلععه ،ليععأتيهم
بجذوة منها لجل الدفء ،أو يجد من يرشده إلى طريقه ،ولكنه
لم يجد نارا ،ولم يجد في المكان أحد .
نور ل نار :
) َفَلّما َأَتاَها … ( ،أي النار ،وقف تحتها ) ِفي اْلُبْقَع عِة اْلُمَباَرَك عةِ
جَرِة ) 30القصص ( وفي الواقع لم تكن نععارا ،بععل كععانت شَ
ن ال ّ
ِم ْ
نععور فعي شععجرة ،وهععي الشععجرة الموصععوفة فععي قععوله سععبحانه
غْرِبّيعٍة َ ،يَكععاُد َزْيُتَهعا
شعْرِقّيةٍ َوَل َ
جَرٍة ُ ،مَباَرَكٍة َ ،زْيُتوِنٍة َ ،ل َ شَ
) َ
سعُه َنعاٌر ) 35النعور ( ،وهعي ) شعجرة ( ، س ْ ضيُء َ ،وَلْو َلعْم َتْم َُي ِ
) وزيتونة ( ) ،ومباركة ( ،أي تقع في بقعة من الرض ،ينبت
فيها شجر الزيتععون ،وهععي أرض مباركععة ،وقععوله ) ل شععرقية
ول غربية ( ،أي ل فععي الجععانب الشععرقي مععن وادي عربععة ،ول
في الجانب الغربي منه ،فهي في منتصف الوادي تقريبا ،وقوله
155
) يكاد زيتها يضععيء ولععو لععم تمسسععه نععار ( ،أي لهععا وهععج مععن
نور ،وليس ذلك من اشتعال نار فيهععا ،فهععي مضععيئة مععن تلقععاء
نفسها ،وقععوله ) يكععاد زيتهعا يضعيء ( ،أي أن الضععاءة ناتجعة
عن زيت الشجرة ،فل يكون ذلك إل وهي مثمرة ،فالزيت يوجععد
في الثمر ،وتشكل الزيت في الثمر ،ل يكون إل فعي بدايعة فصعل
الشتاء ،ويؤيد ذلك طلب موسى عليه السلم للدفء ،ليتأكعد لنعا
أن دخوله إلى بطععن وادي عربععة ،كععان فععي فصععل الشععتاء ،وأن
ي من تحتهعا فعي الععوادي المقعدس ،هعي نفععس الشجرة التي نود َ
الشجرة الموصوفة فععي سععورة النععور ،ول أدري لمععاذا يتملكنععي
شعور قوي ،بأن هذه الشجرة قائمة في ذلك المكان إلععى اليععوم ،
في منطقة موحشة ومقفرة وغير مأهولة ،تضيء كلما أثمرت ،
في فصل الشتاء .
) َفَلّما َأَتاَها ( وقف حائرا أمامها ،يتفّكر في أمرها ،حيث أنه لععم
يجد ما جععاء يسعععى إليععه ،فل نععار ول نععاس ُيشعععلونها ،وأثنععاء
سععى ) 11طععه ( ) ِمعنْ شروده ،وفي سكون الليععل ُ ) ،نععوِدي َيُمو َ
ن ) 30القصععص ( ،أي مععن الجععانب اليمععن ئ اْلَواِدي اَْلْيَمع ِ شاطِ ِ َ
ن ) 52مريعم ( ،أي معن طعوِر اَْلْيَمع ِ ب ال ّ
جعان ِ ن َمن العوادي ِ ) ،مع ْ
ي )44 ب اْلَغْرِبع ّ
جععاِن ِ
الجانب اليمععن للجبععل ،وليععس اليسععر ِ ) ،ب َ
ي ،وهذا تحديد جغرافععي بععالغ الدقععة القصص ( ،أي الجبل الغرب ّ
لمكان الوحي .
أتاه النداء باسمه ممن يعرفععه ،وذلععك ممععا آنععس موسععى ،ليبعّدد
سكون ذلك الليل المععوحش ،ويقطععع عليععه شععروده وتععأمله ،ول
أخاله إل قد أجفل عليه السلم ،ولما التفت إلععى مصععدر النععداء ،
ك ( مطمئنا إياه ومعّرفا بنفسه خاطبه رب العزة قائل ) ِإّني َأنا َرّب َ
طعًوى )12طععه ( فععأمره س ُك ِبععاْلَواِدي اْلُمَقعّد ِك ِإّنع َ
خَلْع َنْعَلْيع َ
َ ) ،فععا ْ
156
بخلععع نعليععه – إذ هععو فععي حضععرة ملععك الملععوك – ليتجععه حععافي
القدمين ،سائرا في الجانب المقدس من الوادي ،صوب الجبل ،
جّيععا) 52مريععم ( أي كععان الكلم مناجععاة ، قععال تعععالى ) َوَقّرْبَنععاُه َن ِ
والمناجاة عادة تستدعي القرب .
نحن نعلععم أن الرض المباركععة والمقّدسععة هععي أرض فلسععطين ،
وبما أن الوادي الذي نزل فيه موسى واد مقّدس ،فل بعد لعه معن
يكون واقعععا فععي الرض المقّدسععة ،وبمععا أن الشععجرة نبتععت فععي
بقعة مباركة ،فل بد لها من أن تكون قائمة في الرض المباركععة
،وبما أن شجرة سورة النععور زيتونععة مباركععة ومضععيئة ،فلبععد
لها من أن تكون هي الشجرة ،التي رآها موسى فظن نورها نارا
،في بطن وادي عربة ،وال أعلم .
وعندما اقترب موسى ،بما فيه الكفاية لبدء المناجاة ،ناجاه ربه
ل ع َ ،ل
حى )ِ (13إّنِنععي َأَنععا ا ُّ سَتِمْع ِلَما ُيععو َ
ك َ ،فا ْ خَتْرُت َقائل ) َوَأنا ا ْ
لَة ِلععِذْكِري ) 14طععه ( فععأمره صعع َعُبععْدِني َ ،وَأِق عْم ال ّ ِإَل عَه ِإّل َأَنععا َفا ْ
ي
بتوحيده ،وإفراده بالعبادة ،وإقامة الصلة ،ومن ثم منحه آيت ّ
العصععا واليععد وكّلفععه بحمععل الرسععالة ،والععذهاب لععدعوة فرعععون
طَغى )24 ن ِإّنُه َعْو َ ب ِإَلى ِفْر َ
ودعوة بني إسرائيل إلى ال ) ،اْذَه ْ
طه( .وفي الصباح عاين موسى عليعه السععلم المكععان ،وحفظععه
عن ظهر قلب ،فهو المكان الذي تغّيععر فيععه مجععرى حيععاته عليععه
السلم ،ولم كععان يعلععم عليععه السععلم ،مععا يععدّبره رب العععزة مععن
أقدار ،ستأتي به إلى هذا المكان فععي قععادم اليععام ،عنععد خروجععه
بقومه من مصر ،متجها إلى بوابة الرض المقدسة ،حيث كععان
في أرض مدين .
157
موسى في مصر :
كنت أعتقد وربما يشاركني كثيرون أيضععا ،أن ُمقععام موسععى فععي
مصر ،ل يتجاوز عدة أيام أو عدة أشهر على أبعد تقدير ،ولكععن
تبين لععي أنععي كنععت مخطئا ،فالحععداث والوقععائع الععتي مععرت مععع
موسى عليه السلم كثيرة ،وتحتاج إلى سنوات عديععدة ،وأظنععه
مكث هناك ما ل يقل عن 30عاما ،يدعوا فرعون وقععومه وبنععي
ن َتَبعّوَأا ِلَقْوِمُكَمعا
خيعِه َأ ْ
سعى َوَأ ِحْيَنا ِإَلععى ُمو َ إسرائيل أيضا َ ) ،وَأْو َ
شْر اْلُمْؤمِِني َ
ن لَة َوَب ّ صَجَعُلوا ُبُيوَتُكْم ِقْبَلًة َوَأِقيُموا ال ّ ِبِمصَْر ُبُيوًتا َوا ْ
) 87يونس ( فلععو تفكععرت فععي اليععة الكريمععة ،لتععبينت أن طلبععه
سععبحانه ببنععاء الععبيوت ،وجعلهععا باتجععاه بيععت المقععدس ،وَأمْعِره
إياهم بإقامععة الصععلة فيهععا ،مععا كععان إل لطععول ُمقععام ،ولععو كععان
ُمقامهم قصيرا أو عارضا ،لما أمرهم بذلك .والجدل بين موسى
عليععه السععلم وفرعععون ،أخععذ زمنععا طععويل ،بععدءا باللقععاء الول
الذي عرض فيه موسى رسالته ،وما أّيدها به من آيات – العصا
واليد – ولقاء يوم الزينة حيععث التقععى موسععى بالسععحرة ،وبنععاء
ن ِإَلعهٍ غَْيعِري ت َلُكعْم ِمع ْ
ل َما عَِلْم ُن َياَأّيَها اْلَم َُ
عْو ُ الصرح ) َوَقاَل ِفْر َ
طِلعُع ِإَلععى
حا َلَعّلععي َأ ّصعْر ً
جَعل ِلععي َ ن َفا ْطي ِعَلى ال ّ ن َ َفَأْوِقْد ِلي َياَهاَما ُ
ن ) 38القصص ( . ن اْلَكاِذِبي َظّنُه ِم ْ سى َوِإّني َل ُ ِإَلِه ُمو َ
بناء الهرامات :
الصععرح هععو البنععاء الضععخم والمرتفععع ،وأعتقععد أن الهرامععات
الثلثة ،هي ما ُأمر هامان ببنائها ،من قبل فرعون ،لينظر إلععى
إله موسى .وفيما بعد اّتخذت تلك الصروح ،مقابر ومدافن .
حصععت مععادة بنععاء الهرامععات ،لتععبين أنهععا مععن الطيععن إذ لععو ُف ِ
طي عنِ ( ،
عَلععى ال ّ
ن َ
المشوي ،لدللة قوله تعالى ) َفَأْوِقْد ِلي َيَهاَمععا ُ
158
إذ يخععبر سععبحانه – ومععا إعلمععه لنععا بععذلك عبثععا -بععأنهم كععانوا
يستخدمون الطين في البناء ،وليس الحجععارة كمععا يعتقععد علمععاء
الثعععار ،العععذين حعععاولوا جاهعععدين لتفسعععير الليعععة المعقعععدة
والمستحيلة ،في رفع تلك الصخور ذات القطع الكبير ،إلى قمععة
الهرم حيث لم يكن لديهم رافعععات عملقععة .وهععذا الخععبر يكشععف
حقيقة ،ربما لم تخطر ببال علماء الثار من قبل ،ويجعل كيفيععة
البنععاء غايععة السععهولة ،حيععث كععان عبيععد فرعععون ومنهععم بنععي
إسرائيل ،ينقلون الطين – وليس الصخور والحجارة -ويضعععوه
فععي قععوالب مثبتععة علععى الهععرم نفسععه ،وكععل لبنععة فععي موقعهععا ،
وينتظرون الَلِبن حتى يتماسك ،لينزعوا القوالب ،وكلما أنجععزوا
مرحلة ،قاموا بتثبيت القوالب مرة أخرى ،على ما ت عّم إنجععازه ،
وبدءوا بنقل الطين ليفرغوه فيها ،وهكذا دواليععك ،حععتى يكتمععل
بناء الهرم .ومن الداخل ستجد أن قلب الهرم مفرغ ،وستجد أن
هنععاك سععراديب طويلععة غيععر نافععذة ،تتععوّزع بكافععة التجاهععات ،
والغاية منها توزيع الحرارة ،عنععد إشعععال النععار فعي قلععب الهععرم
ي الطين الجاف ،وهي عملية تحتاج إلى وقت طويععل نظريععا ، لش ّ
ولكن مع كععثرة العبيععد فععالمر مختلعف ،والليعة بسعيطة وليسعت
معقّدة ،ول توحي بععأن الفراعنععة كععانوا جبععابرة وأشععداء ،فبنععاة
الهرام هم العبيععد وليععس الفراعنععة أنفسععهم ،وربمععا يكععون شع ّ
ي
الطين قد تععم علععى مراحععل ،وليععس دفعععة واحععدة .وهععذه الفكععرة
صين لنفيها أو إثباتها ،وبذلك تكون الهرامات ، مطروحة للمخت ّ
رمزا من رموز الكفر والعصيان والتمرد والتحدي الفرعععوني لع
ورسوله ،ويكون أبو الهول هو إله المصريين القدماء ،قبععل أن
ُيعلن فرعون ربوبيته ،تحديا لموسى عليه السلم وربه .
159
وبالضافة إلى تلك الحداث ،التي وقعت أثناء تواجد موسى فععي
مصر ،ما وقع في قوم فرعون من البلء الذي أنزله ال ،وكلما
طوَفععانَ عَلْيِهعُم ال ّسعْلَنا َكشف عنهم بلء أرسل عليهم آخععر َ ) ،فَأْر َ
س عَتْكَبُروا
ت َفا ْل ٍصع َ ت ُمَف ّ ع َوال عّدَم َءاَيععا ٍ ض عَفاِد َ
َواْلجَ عَراَد َواْلُقّم عَل َوال ّ
ن ) 133العععراف ( .وسعتجد مععا معّر بقعوم جِرِميع ََوَكاُنوا َقْوًمعا ُم ْ
سععردت فرعون من وقائع ،أثناء تواجععد موسععى فععي مصععر ،قععد ُ
بإيجاز في اليات ) (136 – 103من سورة العراف ،واليات
) (90 – 85مععن سععورة النمععل ،ومواضععع أخععرى متفرقععة فععي
القرآن الكريم .
ع عْونَ َومَلَُه ت ِفْر َك آَتْي ع َ
سى َرّبَنا ِإّن ع َ وفي نهاية المطاف ) َوَقاَل ُمو َ
طِمسْ ك َرّبَنا ا ْ سِبيِل َ
ن َ عْضّلوا َ حَياِة الّدْنَيا َرّبَنا ِلُي ِ
ِزيَنًة َوَأْمَواًل ِفي اْل َ
حّتععى َيعَرْوا اْلَععَذا َ
ب ل ُيْؤِمُنععوا َ عَلى ُقُلععوِبِهْم َف َ
شُدْد َ عَلى َأْمَواِلِهْم َوا َْ
اَْلِليَم ) 88يونس ( أي الغرق ،فاستجيبت دعوة موسععى ،وهععذا
ت
ق َقععاَل آمَْنع ُ حّتى ِإَذا َأْدَرَكعُه اْلَغعَر ُ بالضبط ما حصل مع فرعون ) َ
ن )90 س عِلِمي َ
ن اْلُم ْ سَراِئيَل َوَأَنا ِم ع ْ ت ِبِه َبُنو ِإ ْ
َأّنُه َل ِإَلَه ِإّل اّلِذي آَمَن ْ
يعونس ( ولعو تمعنعت فعي قعوله ،لتعبينت أنعه لعم يعؤمن ،لقعوله
) الذي آمنت به بنو إسرائيل ( ،وأغلبيععة بنععي إسععرائيل لععم تكععن
تؤمن بال ،ولم يقل ال أو إله موسى تكبرا وعلوا .
فمععن أصعّر علععى المعصععية وانتهععاك حععدود الع بكافععة أشععكالها ،
والكفر بكافة أشكاله ،وعن علم بهععا وبعقوبتهععا ،ومّنععى النفععس
بقول ) ل إله إل ال ( عند المععوت معلنععا التوبععة ،أّنععه لععن يوفععق
بقولها آنذاك ،لن قولها ُيوجب الجنة ،وهي لععم تكتععب لهععؤلء .
ووجوب الجنة يحتععاج لععدفع الثمععن ،وتععوفير الثمععن اللزم لهععا ،
يحتاج إلى جعّد واجتهععاد وصععبر ل محععدود ،وأن مععن كععانت تلععك
الكلمة آخر عهده بالدنيا ُ ،كتبت لععه الجنعة ،ومععا أصععب تعذّكرها
160
وقولها ،أما هؤلء فإن تذّكروها ،تلعثموا بها فلم تععؤد معناهععا ،
شعًة َ ،أْو ح َ ن ِإَذا َفَعُلععوا َفا ِفل توبة مع إصرار ،قال تعععالى ) َواّلعِذي َ
سعَتْغفَُروا ِلعُذُنوِبِهْم َ ،وَمعنْ َيْغِفعرُ لع َ ،فا ْ سعُهْم َ ،ذَكعُروا ا َّ ظَلُموا َأْنُف َ
َ
عَلى َما َفَعُلوا َ ،وُه عْم َيْعَلُمععونَ )135 صّروا َ ل َ ،وَلْم ُي ِب ِإّل ا ُّالّذُنو َ
ن َيْعَمُلععو َ
ن ت الّتْوَبععُة ِ ،لّلععِذي َسعع ْ آل عمععران ( ،وقععال أيضععا ) َوَلْي َ
ت الْنَ َ ،وَل ت َ ،قاَل ِإّني ُتْب ُ حَدُهْم اْلَمْو ُ ضَر َأ َح َ حّتى ِإَذا َتَ ، سّيَئا ِ
ال ّ
ععَذاًبا َأِليمًععا )18 عَتعْدَنا َلُهعْم َ
ك َأ ْن َوُهعْم ُكّفععاٌر ُ ،أْوَلِئ َ
ن َيُموُتععو َاّلعِذي َ
النساء ( .
ومعظم مسلمي هذا العصر ،إل ما رحم ربععي ،وهععم قلععة ُيععّدون
علعععى أصعععابع اليعععد الواحعععدة ،فعععي بععععض البلعععدان المسعععماة
بالسععلمية ،سععلكوا هععذا المنهععج الععذي ح عّذر منععه رب العععزة ،
) جماعة كل شيء بحسابه ( ،والغلبية هم غثاء كغثاء السيل ،
فل فائدة فيهم أو ُترتجى منهم ،فإن لم يكفععر أحععدهم بععال أشععرك
في عبادته ،ومن لم يستجب ويطععع ،تععولى وعصععى .والوثععان
كثيرة هذه اليام ،واّتخذت أشكاًل عديدة .صحيح أنها ليست من
الحجر أو التمر ،ولكنها أدهى وأمّر ،فنحععن حاشععى لع أن نعبععد
الحجارة ،وكل ما نقّدسه فقط ،كرسي ورصيد في البنك وعمارة
،وتلفزيون وستاليت وخلوي ،وشقراء أو سمراء في سععّيارة .
وناهيععك عععن المعاصععي مععن أكععل ربععا ،وسععرقة وخيانععة وتععبرج
وزنا ،وقطع رحم ،وأكل لحم ،وشرب خمر ودم ،وشععتم وسععب
وذم .
خروج موسى ببني إسرائيل من مصر :
ض عِر ْ
ب سعِر بِعَبععاِدي َ ،فا ْسععى َأنْ َأ ْ
حْيَنا ِإَلععى ُمو َ
قال تعالى ) َوَلَقْد َأْو َ
شى ) 77طه ( ، خ َ ف َدَرًكا َوَل َت ْ
خا ُسا َ ،ل َت َحِر َيَب ًطِريًقا ِفي اْلَب ْ
َلُهْم َ
161
نتبين من ذلك أن خروج موسى بقععومه إلععى البحععر ،كععان بععوحي
مععن ربععه ،وإن لععم يخععب ظنععي فقععد اتجععه صععوب البحععر الحمععر
مباشععرة ،أقصععى الشععمال مععن خليععج السععويس ،وبعععد أن خععرج
بقععومه مععن البحععر ،اتجععه شععرقا وشععمال بخععط شععبه مسععتقيم ،
متجاوزا صحراء سيناء وصحراء النقب ،حيث المدخل الجنععوبي
لععوادي عربععة ،وسععار شععمال فععي بطععن الععوادي ،حععتى الجبععل
المعهود جنوب البحر الميت ،ليستقبل الوحي بناءا على الموعععد
المسبق ،الذي ضرب بينه وبين ربععه ،بعععد النجععاة مععن فرعععون
ع عُدّوُكمْ
جْيَنععاُكْم ِم عنْ َ
س عَراِئيلَ َق عْد َأن َ
وقععومه ،قععال تعععالى ) َيَبِنععي ِإ ْ
ن ) 80طه ( ،وهذه الية تدل علععى طوِر اَْلْيَم َب ال ّ
جاِن َ
عْدَناُكْم َ
َوَوا َ
عدم مكوثهم لفترة طويلة ،في أي من صحراء سيناء أو النقب ،
وأن وجهتهم كانت حيث المكان الموعود ،وكان موسى يستعجل
المسععير وهععم يبطئون ،وبعععد تلقيععه الععوحي ،ومععا كععان منهععم
معاصي في بطن الوادي ،صعد بقومه إلى المرتفعات الشععرقية ،
ودخل الردن عن طريق الوادي الذي نزل به في المرة السابقة ،
ملتفععا حععول مملكععة الدومييععن ومملكععة المععوآبيين شععرقي البحععر
الميت ،ليصل إلى مكان إقامته السابق ،حيث كععان سععفيرا لبنععي
إسرائيل – ولم يكن يعلم بذلك آنذاك -في مدين قرية شعيب عليه
السلم ،لُيَمّهد لهم طيب القامة فيها مستقبل .
ترتيب الحداث التي مننرت بموسننى وبننني
إسرائيل خلل تلك الرحلة الطويلة
الصاعقة والبعث بعد الموت :
رحلته مع بني إسرائيل ،في طريق العععودة إلععى مععدين ،اختلفععت
كثيرا عن سابقتها ،فقد كانت ترافقه في هذه الرحلة أّمة بأسرها
162
،بمععا لهععا ومععا عليهععا ،وأكثرهععا مععن غيععر المععؤمنين ،وغيععر
المطيعين ل تعالى وله عليععه السععلم ،فكععان المسععير فيهععا بطيئا
ن َق عْوِمهِ سى ِإّل ُذّرّيٌة مِ ع ْ ن ِلُمو َ
وشاقا وطويل ،قال تعالى ) َفَما آَم َ
ن َيْفِتَنُهعْم ) 83يععونس ( ،وقععال ن َوَمَلِئِهعْم َأ ْ عْو َ
ن ِفْر َف ِم ْ خْو ٍ عَلى َ َ
جْه عَرًة ، حّتى َنَرى الَّ ع َ ن َلكَ َ ،ن ُنْؤِم َ سى َ ،ل ْ أيضا ) َوِإْذ ُقْلُتْم َياُمو َ
ن )ُ (55ث عّم َبَعْثَنععاُكْم ِم عنْ َبْع عِد ظ عُرو َ عَقُة َ ،وَأْنُت عْم َتن ُصععا ِخ عَذْتُكْم ال ّ َفَأ َ
ن ) 56البقععرة ( ،وكععان قععولهم هععذا فععور ش عُكُرو ََم عْوِتُكْم َلَعّلُك عْم َت ْ
نجاتهم وخروجهم من البحر ،بعدما رأوا كل ما أجراه ال ،على
يععد موسععى مععن معجععزات ،تليععن لهععا قلععوب الجبععال وعقولهععا ،
فأماتهم ال ثم أحياهم ،ولو نظرت إلى قولهم في الية السابقة ،
واسععتخدام أداة الجععزم والتأبيععد ) لععن ( ،تجععد أن لععديهم إصععرار
سهم ،رغععم ي ومحجوب عن حوا ّ عجيب على الكفر ،بما هو غيب ّ
مشاهدتهم لليات والثار الدالة على وجوده ،وأنهععم ل يؤمنععون
إل بما تدركه الحواس من أشياء مادية ،وهذا ما جعلهععم يقعععون
فععي فتنععة العجععل الععذهبي بعععد هععذه الحادثععة ،وفععي فتنععة الععدجال
مستقبل ،بما لديه من فتن مادية ظععاهرة للعيععان َ ) ،فَقععاُلوا َأِرَنععا
جَل ِمنْ َبْعِد خُذوا اْلِع ْ ظْلِمِهْم ُ ،ثّم ،اّت َ عَقُة ِب ُ
صا ِ خَذْتُهْم ال ّجْهَرًة َفَأ َ ل َ ا َّ
طاًنا ُمِبيًنا )سْل َ
سى ُ ك َوآَتْيَنا ُمو َن َذِل َعْ ت َ ،فَعَفْوَنا َ جاَءْتُهْم اْلَبّيَنا َُما َ
153النساء ( ،وقد وقع هذا منهم ،قبل اتخاذهم للعجل .
ن والسنننلوى تفجينننر المننناء وننننزول المننن ّ
والتظليل بالسحاب أثناء المسير :
وبناًء على ما سععبق ،كععان خععط مسععير الرحلععة فععي معظمععه فععي
صحاري قاحلة ،وكععل مععا كععان بحععوزتهم مععن طعععام ومععاء أثنععاء
الخععروج ،كععانوا قععد اسععتنفدوه فععي أيععامهم الولععى ،قععال تعععالى
163
سععى ِإذْ حْيَنععا ِإَلععى ُمو َ طا ُأَمًمععا َ ،وَأْو َ سعَبا ً
شَرَة َأ ْع ْ ي َ طْعَناُهْم اْثَنَت ْ
) َوَق ّ
ت مِْنعهُ اْثَنَتععاسع ْ ج َجعَر َ ،فاْنَب َحَ ك اْل َصععا َ
ضِرب ِبَع َ نا ْ سَقاُه َقْوُمُه َأ ْسَت ْا ْ
عَلْيِه عمْ اْلَغمَععاَم ، ظّلْلَنا َشَرَبُهْم َ ،و َ س َم ْ عِلَم ُكّل ُأَنا ٍ عْيًنا َ ،قْد َ شَرَة َع َْ
ت َمععا َرَزْقَنععاُكْم َ ،وَمععا طّيَبا ِ
ن َ سْلَوى ُكُلوا ِم ْ ن َوال ّ عَلْيِهْم اْلَم ّ
َوَأنَزْلَنا َ
ن )160العراف ( ،ومن هععذه ظِلُمو َ سُهْم َي ْن َكاُنوا َأنُف َ ظَلُموَنا َوَلِك َْ
سععموا إلععى ) (12جماعععة ،لتيسععير اليععة الكريمععة ،نجععد أنهععم ُق ّ
ن عليهم ربهم ،سععبحانه عمععا يصععفون ،بععأن عملّيه القيادة ،وم ّ
وّفر لهم كل أسباب الراحة ،من ماء وغذاء ،وحععتى أنععه وقععاهم
من حر الشمس ،بأن جعل السحاب يظللهم ،أينمععا حلععوا وأينمععا
ارتحلععوا ،أثنععاء مسععيرهم باتجععاه الرض الُمقّدسععة ،وفععي تلععك
الثناء مّروا على عبععدة الصععنام ،فطلبععوا مععن موسععى أن يجعععل
حَر َ ،ف عَأَتْوا سَراِئيَل اْلَب ْ جاَوْزَنا ِبَبِني ِإ ْلهم ألهة كما لهؤلء ألهة ) َو َ
جَععْل َلَنععا ِإَلًهععاسى ا ْ صَناٍم َلُهْم َ ،قاُلوا َياُمو َ عَلى َأ ْ ن َ عَلى َقْوٍم َيْعُكُفو َ َ
ن ) 138العراف ( . جَهُلو َ َكَما َلُهْم َءاِلَهٌة َ ،قاَل ِإّنُكْم َقْوٌم َت ْ
ول يغب عن بالنا ،أن رحلة كهذه ،كانت تستوجب ما بيععن فععترة
وأخرى ،التخييم والقامة لبعض الوقت ،ومن ثم متابعة المسير
،وهكععذا دواليععك ،ولععم تتعععدى مععدد القامععة فععي أي مععن مراحععل
المسير ،سوى أيام أو أسابيع معدودة ،فهم لم يركنوا إلى مكععان
معين ،إذ كان هناك مواعدة للقاء في جانب الطععور اليمععن ،فعي
وادي عربععة ،وكععانت هععذه المواعععدة جماعيععة لموسععى ولبنععي
ن موسى عليه السلم ،وبعد أن قطع شوطا كععبيرا إسرائيل ،ولك ّ
في وادي عربععة ،اسععتعجل اللقععاء ،وعنععدما اقععترب مععن المكععان
المحععدد ،اسععتخلف أخيععه هععارون فععي قععومه ،وتركهععم ومضععى
مسرعا رغبًة منه في إرضاء ربه ،واعتذارا عععن التععأخير الععذي
تسّبب به قومه ،من جّراء مماطلتهم وتّذمرهم .
164
اللقاء الول لموسى بربه بعد الخروج مننن
مصننر ،واتخنناذ العجننل فنني بطننن وادي
عربة :
سععى )َ (83قععاَل ُه عْم ُأوَلِء ك َيُمو َ ن َقْوِم ع َ عْك َ جَل َعَ قال تعالى ) َوَما َأ ْ
ضععى ) (84وهنععاك كععان موسععى ب ِلَتْر َ ك َر ّ ت ِإَلْيع َ
جْل ُعِ عَلى َأَثِري َو َ َ
عليه السلم ،مشتاقا ومندفعا فطلب رؤية ربه ،وكأنه نسععي مععا
جععاَءكان من قومه ،فطلب من ربه مععا طلبععه قععومه منععه ) َوَلّمععا َ
ك َ ،قععاَل َلعنْ ظعْر ِإَلْيع َب َأِرِنععي َأن ُ سى ِلِميَقاِتَنا َوَكّلَمُه َرّبُه َ ،قاَل َر ّ ُمو َ
سْوفَ َتَراِني ، سَتَقّر َمَكاَنُه َف َ نا ْ جَبِل َ ،فِإ ْ ظْر ِإَلى اْل َ ن ان ُ َتَراِني َ ،وَلِك ْ
صعِعًقا َ ،فَلّمععا َأَفععا َ
ق سى َ خّر ُمو َ جَعَلُه َدّكا َ ،و َ جَبِل َ جّلى َرّبُه ِلْل َ َفَلّما َت َ
ن ) 143العععراف ( ك َوَأَنععا َأّوُل اْلُم عْؤِمِني َ ت ِإَلْي ع َ
ك ُتْب ع ُحاَن َس عْب َ
َقععاَل ُ
صعق قومه من قبل ،وبعععدما أفععاق ُ ،أعطيععت صعق موسى كما ُ ف ُ
لععه اللععواح ،الععتي تحمععل فععي ثناياهععا الشععريعة الجديععدة لبنععي
صععيلً ظًة َوَتْف ِ عَ يٍء َمْو ِ ش ْ ن ُكّل َ ح ِم ْ إسرائيل َ ) ،وَكَتْبَنا َلُه ِفي اَْلْلَوا ِ
س عُأِريُكْم َدارَ س عِنَها َ ح َخ عُذوا ِبَأ ْ
ك َيْأ ُخْذَها ِبُقّوٍة َوْأُمْر َقْوَم َ يٍء َف ُ ش ِْلُكّل َ
ن ) 145العراف ( . سِقي َ اْلَفا ِ
ومن ثم ،أخبره ربه بأن قومه ُفتنوا من بعععده ،بعبععادتهم للعجععل
ك
ن َبْعِد َ
ك ِم ْ الذهبي الذي ابتدعه السامري َ ) ،قاَل َفِإّنا َقْد َفَتّنا َقْوَم َ
ي ) 85طه ( ،وكانت عقوبة الشععرك بععال غايععة ساِمِر ّ ضّلُهْم ال ّ َوَأ َ
سعُكمْ ظَلْمُتعْم َأنُف َ
سى ِلَقْوِمِه َ ،يَقْوِم ِإّنُكعْم َ في القسوة َ ) ،وِإْذ َقاَل ُمو َ
خْي عرٌ س عُكْم َ ،ذِلُك عْم َ جَل َ ،فُتوُبوا ِإَلى َباِرِئُكْم َفععاْقُتُلوا َأنُف َ خاِذُكْم اْلِع ْ ِباّت َ
حيُم ) 54البقرة ب الّر ِ عَلْيُكْم ِ ،إّنُه ُهوَ الّتّوا ُ ب َ عْنَد َباِرِئُكْم َ ،فَتا َ َلُكْم ِ
( ،وتوحي هذه الية بأن المر كان ُملزمععا ،وقبععول التوبععة كععان
مشروطا بقتل النفس ،فمن رغب في التوبععة آنععذاك ممععن عبععدوا
العجل ،قتل نفسه حقيقة وُقبلت توبته ،ومن لم يقتل نفسه ،قال
165
ب مِعنْ
غضَع ٌ سعَيَناُلُهْم َ جعَل َ خعُذوا اْلِع ْ ن اّت َ ن اّلعِذي َفيهععم سععبحانه ِ ) ،إ ّ
ن )152 جععِزي اْلُمْفَتِريعع َ ك َن ْحَيععاِة الععّدْنَيا َوَكععَذِل َ
َرّبِهععْم َوِذّلععٌة ِفععي اْل َ
العراف ( .
وبالنظر في قوله تعالى ،علععى لسععان موسععى مخاطبععا السععامريّ
سَفّنهُ ِفععي
حّرَقّنُه ُثّم َلَنْن ِ
عاِكًفا َلُن َعَلْيِه َ
ت َ ظْل َ
ك اّلِذي َ ظْر ِإَلى ِإَلِه َ) َواْن ُ
حّرق وُرمي في سًفا ) 97طه ( ،نجد أن العجل الذهبي ،قد ُ اْلَيّم َن ْ
البحر ،وأقرب بحععر لمقععام بنععي إسععرائيل فععي وادي عربععة ،هععو
البحر الميت .
اللقاء الثاني والرجفة ونتق الجبل :
وبنععاًء علععى مععا كععان منهععم ،اختععار موسععى ) (70رجل مععن
سععى خَتاَر ُمو َ أفضلهم ،للعتذار عما فعله السفهاء من قومه ) َوا ْ
ب َلعْو جَفعُة َ ،قععاَل َر ّخعَذْتُهْم الّر ْ
ل ِلِميَقاِتَنا َ ،فَلّمععا َأ َ
جً ن َر ُسْبِعي َ َقْوَمُه َ
سعَفَهاُء ِمّنععا ِ ،إنْ ي َ ،أُتْهِلُكَنا ِبَما َفَعَل ال ّ
ن َقْبُل َوِإّيا َت َأْهَلْكَتُهْم ِم ْشْئ َِ
ت َوِلّيَنععاشععاُء َ ،أنْع َ
ن َت َ
شاُء َوَتْهعِدي َمع ْ ن َت َ
ضّل ِبَها َم ْ ك ُت ِ ي ِإّل ِفْتَنُت َ
ِه َ
ن ) 155العراف ( فشهدوا خْيُر اْلَغاِفِري َت َ حْمَنا َوَأْن َغفِْر َلَنا َواْر َ َفا ْ
الوحي بمعية موسى عليه السلم دون سماعه ،وشعروا بوجععود
خععالقهم وقععدرته ،ومقععدار حنقععه وغضععبه عليهععم ،بععأن زلععزل
الرض من تحت أرجلهم .
ي عشننر أخذ الميثاق ،وإلزام النقبنناء الثنن ّ
بالسهر على تطبيقه ،والحكم بمننا جنناء
فيه :
عرض عليهم الميثاق ليلتزموا به ،ويلزموا أتباعهم على وهناك ُ
القيام به ،ويتحملععوا مسععؤولية نقضععه ،فععترّددوا وأَبعْوا ،فرفععع
سبحانه فوقهم الجبل ،وأجبرهم على أخذه بالقوة ،ولععو أص عّروا
166
على الرفض لطبقععه عليهععم ،فقبلععوه علععى مضععض ،وكععان الع
أعلم بما يعتمل فعي صععدورهم ،ولكنععه غفععور رحيععم ،حيععث قععال
خُذوا َمععا آَتْيَنععاُكمْ طوَر ُ خْذَنا ميَثاَقُكْم َوَرَفْعَنا َفْوَقُكْم ال ّفيهم َ ) ،وِإْذ َأ َ
شعِرُبوا ِفعي ُقُلعوِبِهمْ صعْيَنا َ ،وُأ ْ ع َ سعِمْعَنا َو َ سعَمُعوا َ ،قعاُلوا َ ِبُقعّوٍة َوا ْ
ن ُكنُتعْم ُمعْؤمِِنينَ ) سَما َيْأُمُرُكْم ِبعِه ِإيَمععاُنُكْم ِإ ْاْلِعجَْل ِبُكْفِرِهْم ُ ،قْل ِبْئ َ
93البقععرة ( .فععاختير مععن السععبعين رجل ) (12نقيبععا ،بعععدد
السباط ) أي قبائل بني إسععرائيل ( وهععم الععذين ُتسععميهم التععوراة
بالقضاة .وهذا نص الميثاق الذي ُألزموا بالعمععل علععى تطععبيقه ،
خعَذ الُّع بالضافة إلى الوصايا الواردة في سورة النعععام ) َوَلَقعْد َأ َ
لُع شعَر َنِقيًبععا َ ،وَقععاَل ا ّ ع َي َ سَراِئيَل َ ،وَبَعْثَنا ِمْنُهعْم اْثَنع ْ ق َبِني ِإ ْ ِميَثا َ
س عِلي لَة َ ،وآَتْيُت عْم الّزَكععاَة َوآَمْنُت عْم ِبُر ُ صع َ ن َأَقْمُت عْم ال ّ
ِإّنععي َمَعُك عْم َ ،لِئ ْ
سعّيَئاِتُكْم عْنُكْم َ ن َ سًنا َُ ،لَكّفَر ّ ح َ ضا َ ل َقْر ً ضُتْم ا َّ
عّزْرُتُموُهْم َ ،وَأْقَر ْ َو َ
ن َكَفعَر َبْععَد َذِلعكَ حِتَها اْلَْنَهاُر َ ،فَمع ْ ن َت ْجِري ِم ْ ت َت ْجّنا ٍخَلّنُكْم ََ ،وَُلْد ِ
سِبيِل ) 12المائدة ( . سَواَء ال ّ ضّل َ ِمْنُكْم َ ،فَقْد َ
رفض المن والسننلوى وطلننب القثائيننات ،
والحكننم عليهننم بننالنزول فنني مننوطن
زراعتها :
كععانت مععدة المكععث بععادئ المععر فععي الصععحراء بسععيطة ،وذلععك
ن والسععلوى ، لتذّمرهم وعدم صبرهم على طعععام واحععد ،أي الم ع ّ
فحكم عليهم سبحانه بإكمال المسير ،المقّدر مسبقا ،بقوله علععى
ح عٍد َفععاْدعُطَعاٍم َوا ِ عَلى َ صِبَر َن َن ْ
سى َل ْلسان موسى ) َوِإْذ ُقْلُتْم َيُمو َ
ن َبْقِلَهععا َوِقّثاِئَهععا َوُفومَِهععا
ض ِمع ْ
ت اَْلْر ُ ج َلَنا ِمّمععا ُتْنِبع ُ
خِر ْك ُي ْ
َلَنا َرّب َ
خْي عرٌن اّلِذي ُهَو َأْدَنععى ِباّل عِذي ُه عَو َ سَتْبِدُلو َ
صِلَها َقاَل َأَت ْسَها َوَب َعدَ َِو َ
سَأْلُتْم ) 61البقرة ( ،وحيث أنععه قععال ن َلُكْم َما َ صًرا َ ،فِإ ّ
طوا ِم ْ اْهِب ُ
167
صعَر ( بععدون تنععوين ،فهععي غيععر صرًا ( منونًة ،ولم يقععل ) ِم ْ
) ِم ْ
مصر التي خرجوا منها ،وإنما جاءت هنععا بمعنععى ) بلععدًا ( نكععرة
ن لكعم معا سعألتم ( تعنعي أن هعذا البلعد وغير معّرفة ،وقوله ) فعإ ّ
يتمّيز ،بأن فيه مععا سععأله بنععي إسععرائيل مععن نععبيهم ،مععن عععدس
وبصل وغيره ،ولو تساءلنا عن موقععع هععذا البلععد ،القريععب مععن
الرض المقدسة ،الذي يتميز بخصوبة أراضيه ،ووفععرة ميععاهه
من ينابيع وآبار ،ويصععلح لزراعععة القّثائيععات ،بالتأكيععد سععتكون
الجابععة الرض الواقعععة ،شععرق نهععر الردن ،وفععي السععفوح
الغربية للجبال المطلة على فلسطين ،وبالتحديد قرية مدين الععتي
يعرفهععا موسععى ،ويعععرف مّيزاتهععا وخصائصععها ،وال ع أعلععم ،
والتي كان أهلها قد هلكوا بعذاب يوم الظّلة ،قبععل أو بعععد خععروج
موسى منها ،ليرثها بنوا إسرائيل مع القلععة المؤمنععة ،مععن قععوم
شعيب التي نجت من العذاب .
مقام فيها : دخول مدين وال ُ
شعْئُتمْ ث ِحيْ ع ُ
خُلوا َهعِذِه اْلَقْرَيعَة َفُكُلععوا ِمْنَهععا َ قال تعالى ) َوِإْذ ُقْلَنا اْد ُ
طاَيععاُكْم
خَ
ط عٌة َنْغِف عْر َلُك عْم َ
حّجًدا َوُقوُلععوا ِ سع ّب ُ خُلععوا اْلَبععا َ غ عًدا َواْد ُ
َر َ
ن ) 58البقرة ( ،وقال في آية أخرى ) َوِإْذ ِقيععَل سِني َح ِ سَنِزيُد اْلُم ْ
َو َ
طعةٌ حّ شعْئُتْم َوُقوُلععوا ِث ِ حْيع ُ
سعُكُنوا َهعِذِه اْلَقْرَيعَة َوُكُلععوا ِمْنَهععا َ َلُهْم ا ْ
سِنينَ )(161 ح ِسَنِزيُد اْلُم ْطيَئاِتُكْم َخِ جًدا َنْغِفْر َلُكْم َسّ ب ُ َواْدخُُلوا اْلَبا َ
عَلْيِهعمْسعْلَنا َ
غْيَر اّلعِذي ِقيعَل َلُهعْم َفَأْر َ ظَلُموا ِمْنُهْم َقْوًل َ ن َ َفَبّدلَ اّلِذي َ
ن ) 162العراف ( ،ولم يكععن ظِلُمو َ سَماِء ِبَما َكاُنوا َي ْ ن ال ّ جًزا ِم ِْر ْ
المقصود بهذه القرية ،الرض المقدسة ،كونهم دخلوها حربا ،
بعد موسى عليه السلم بأربعين عاما على القععل ،وهععذه القريععة
سكنت حقيقة ،بدخولها بل قتععال بمعيععة موسععى عليععه السععلم ، ُ
168
وقد بّدل الععذين ظلمععوا منهععم –أي الُعصععاة – القععول والهيئة عنععد
الدخول ،فأرسل عليهم سبحانه رجزا من السماء .
شعْئُتْم ( و قععوله لهععم فععي
ث ِ
حْيع ُوقوله قبل الدخول ) َوُكُلععوا ِمْنهععا َ
غًدا ( يععوحي بأنهععا سععكنى شْئُتْم َر َ
ث ِحْي ُ
النص الخر ) َفُكُلوا ِمْنَها َ
مؤقتة ،ولم يكن لديهم علم ،بأنه سيكون هناك ما بعدها ،وهو
الستعداد والتهيئة لدخول الرض المقدسة ،فأفشلوا أنفسهم في
الععدخول الول لتلععك القريععة ،فاسععتحقوا غضععب العع عليهععم ،
وأفشلوا أنفسهم عندما ُأمروا بالدخول الثاني بل حرب ،فأفشلهم
ال وأذهب ريحهم .وقعد قيلعت هعذه العبعارة ،لدم عليعه السعلم
شْئُتَما ) 35البقرة ( ،قبل دخوله ث ِحْي ُ
غًدا َ ل ِمْنَها َر َ
وزوجه ) َوُك َ
الجنة ،ولم يكن لديهما علم بأن القامة فيها مؤقتععة ،وأن هنععاك
مععا بعععدها ،وسععيحاطون بععه علمععا عنععد وقععوعه ،وفععي موعععده
المقدر المضمر في علععم الع ،ولكعن بعععد فعوات الوان .وإن لععم
تكن مدين ،هي القرية التي دخلها بنوا إسععرائيل وأقععاموا فيهععا ،
فهي قرية تقع في نفس المنطقة ،وال أعلم .
الخسف بقارون ،ورحلة موسى والفننتى ،
وذبح البقرة :
أقام بنو إسرائيل في مدين بمعية موسى -على معا يبععدو -سععنين
عديدة ،واطمأنوا بهععا وإليهععا ،وطععاب لهععم المقععام فيهععا ،حيععث
الزراعة وتربية المواشععي والتجععارة ،وهععذا هععو ديععدنهم ،ومععن
سى ِلقْوِمِهالحداث التي وقعت فيها ،قصة البقرة َ ) ،وِإْذ َقاَل ُمو َ
خُذَنا ُهُزًوا َقاَل َأعُععوُذ ِبععا ِّ
ل حوا َبَقَرًة َقاُلوا َأَتّت ِ
ن َتْذَب ُ
ل َيْأُمُرُكْم َأ ْ
ن ا َّ
ِإ ّ
ن ) 67البقرة ( ،وقصة سععفر موسععى حيععث جاِهِلي َن اْل َن ِم ْن أَُكو ََأ ْ
سى ِلَفَتاُه َل َأْبَرحُ
مجمع البحرين ،لللتقاء بالعالم َ ) ،وِإْذ َقاَل ُمو َ
169
حقًبععا ) 60الكهععف ( وقصععة ي ُضع َ ن َأْو َأْم ِ حَرْيع ِ
جَمَع اْلَب ْحّتى َأْبُلَغ َم ْ َ
علْيِه عْمسى َفَبَغععى َ ن ِمنْ َقْوِم ُمو َ ن َكا َ ن َقاُرو َ قارون المعروفة ِ ) ،إ ّ
صعَبِة ُأوِلععي اْلُقعّوِة ِإْذ
حُه َلَتُنععوُء ِباْلُع ْن َمَفععاِت َن اْلُكُنوِز َما ِإ ّ َوآَتيَْناُه ِم ْ
ن ) 76القصص ( . حي َب اْلَفِر ِح ّ ل َل ُي ِ ن ا َّح ِإ َّقاَل َلُه َقْوُمُه َل َتْفَر ْ
دسننة وتحريمهننا المننر بنندخول الرض المق ّ
عليهم وتيههم شرقي النهر :
وبعد مدة من مكثهععم فععي مععدين ،أمرهععم موسععى بععدخول الرض
المقدسععة ) فلسععطين ( ،ولععم تكععن هنععاك حاجععة للقتععال آنععذاك ،
فرفضوا وعصوا ،لقلة وانعدام إيمانهم ،وأخلععدوا إلععى الرض ،
وتذّرعوا بحجج واهية ليبّرروا اتكاليتهم وعجزهم ،فدعا موسى
حّرَمعةٌ ربه ليحكم بينه وبينهم ،فاستجاب له ربه َ ) ،قععاَل َفِإّنَهععا ُم َ
عَلععى اْلَق عْوِمس َ ض َفل َت عْأ َ ن ِفععي اَْلْر ِ
س عَنًة َيِتيُهععو َ
ن َ
عَلْيهِ عْم َأْرَبِعي ع َ
َ
ن ) 26المائدة ( ،فكان تحريم الدخول لمدة أربعيععن سععنة سِقي َاْلَفا ِ
ومن ثم التيه في الرض .
والتيه لغة الحيرة والضلل ،ورجل تائه وتّياه ،إذا كان جسورا
يركب رأسععه فععي المععور ،وفععي الحععديث :إنععك امععرؤ تععائه ،أي
متكععبر أو ضععال متحّيععر .والمععراد مععن ذلععك أنهععم ُتركععوا علععى
حرمععوا مععن قيععادة النبيععاء ،بععأن الع تخلععى عنهععم رؤوسععهم ،و ُ
وحرمهععم مععن رعععايته لهععم ،ورفععع عنهععم الععوحي وتركهععم بل
هداية ،بعد موت موسى عليه السلم ،على مدى 40سنة ،ولم
ُيقصد بالتيه الضياع والتشّرد المكاني ،في صحراء سيناء ،كمععا
كنا نعتقد سابقا .والصحيح أنهم حععافظوا علععى تواجععدهم ،كأمععة
مكونة مععن 12جماعععة شععرقي نهععر الردن ،وُأوكلععت قيععادة كععل
جماعة إلى أحععد النقبععاء الثنععي عشععر ،كععل حسععب السععبط الععذي
170
ينتمي إليه ،بعد انقطاع قيادة الوحي ،وهذا مما ينفي نبععوة فععتى
موسى المسمى بيوشع بن نون .وهنا تتضح الحكمععة مععن جععراء
إلقاء مسؤولية حفظ الميثاق وإقامته ،على النقباء الثنععي عشععر
بعد وفاة موسى وانقطاع الوحي والعناية اللهية .وهذا ما حاول
مؤّلفععو التععوراة إخفععاءه بتبععديل مواضععع الكلععم ،فجعلععوا المععن
والسلوى ،تتنّزل عليهم لمدة أربعين سنة في الصععحراء ،وهععي
عععدد سععنين التحريععم والععتيه ،الععتي كععانوا يععأكلون فيهععا البصععل
والعدس .
ويّدعي كتبة التوراة أن بني إسرائيل ،أثناء قدومهم إلععى الرض
المقدسة ،بمعية موسى عليه السلم ،قد قععاتلوا أقوامععا كععثيرة ،
شرق نهر الردن وانتصروا عليها ،ويّدعون أيضا أنهم هاجموا
الكنعانيين بعد موسى ،وهدموا أسوار مدينة أريحا بمعية يوشععع
بن نععون ،وأنهععم أقععاموا زمععن القضععاة غععرب النهععر .وهععذا كلععه
محض افتراء وتلفيق ،فكيف يقاتل من طلب منه مجععرد الععدخول
ولععم يععدخل ،ولفععظ الععدخول فععي القععرآن يععوحي بانتفععاء القتععال .
والحوار الذي دار بين موسى وقومه لدخولها ،تجد نصععه كععامل
في اليات ) (27 – 20المائدة .
زمن الخبننار بنننص نبننوءة الفسنناد والعلننو
في الرض :
وبعد مدة يسيره من الزمن من ذلك الحكم ،كشععف موسععى عليععه
السلم النقاب عن النبععوءة موضععوع هععذا الكتععاب ،وأخععبر عنهععا
قبععل أن ينتقععل إلععى جععوار ربععه .وتركهععم فععي غيهععم وطغيععانهم
يعمهون ،كمعا حكعم عليهعم ربهعم ،وُأوكعل المعر معن بععده إلعى
النقبععاء الثنععي عشععر أصععحاب الميثععاق ،ليحفظععوا التععوراة ،
171
وليحكموا بيععن النععاس بمععا جععاء فيهععا ،ومععن ذلععك اليععوم انتقلععت
مسؤولية حفظ التوراة والشريعة إلى أناس عاديين ،فبدأ ظهععور
حُكعُم
الحبار ،قال تعالى ) ِإّنا َأْنَزْلَنا الّتْوَراَة ِفيَهععا ُهعًدى َوُنععوٌر َ ،ي ْ
حَبععارُ
ن َواْلَ ْ
ن َهععاُدوا َ ،والّرّبععاِنّيو َ
سَلُموا ِ ،لّلعِذي َ ن َأ ْن اّلِذي َِبَها الّنِبّيو َ
شععَهَداَء )44 عَلْيععِه ُ لعع َ ،وَكععاُنوا َ
ب ا ِّ ن ِكَتععا ِ ظوا ِمعع ْ حِف ُسععُت ْ
ِبَمععا ا ْ
المائدة ( .
دسننة بعنند ملك لنندخول الرض المق ّ طلب ال ُ
نهاية سنوات التيه :
سعِبيِل الِّع َقععاَل َهعْل ث َلَنععا َمِلًكععا ُنَقاِتعْل ِفععي َ ي َلُهُم اْبَع ْ ) ِإْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ
عَلْيُكُم اْلِقَتاُل َأّل ُتَقاِتُلوا َقاُلوا َوَما َلَنا َأّل نَُقاِتَل ِفععي ب َ ن ُكِت َ سْيُتْم ِإ ْ
ع ََ
عَلْيِه عُم اْلِقَتععاُل
ب َن ِدَياِرَنا َوَأْبَناِئَنا َفَلّما ُكِت ع َ
جَنا ِم ْخِر ْ ل َوَقْد ُأ ْ سِبيِل ا ِّ َ
ن )(246 ظاِلِمي َ عِليٌم ِبال ّل َل ِمْنُهْم َوا ُّ َتَوّلْوا ِإّل َقِلي ً
وبعد انقضاء سنون التيه الربعون ،التي عاشوا خللهععا شععرقي
نهععر الردن ُ .بعععث فيهععم نبيععا ،يعّدعون أن اسععمه ) صععمويل ( .
وربما لتعرضععهم لضععيق العيععش والضععطهاد والغععزو ،مععن قبععل
الممالك المجاورة شرقي النهر ،طلبوا من هذا النععبي ،أن يبعععث
سَراِئيَل مِ عنْ َبْع عِد ن َبِني ِإ ْ ل ِم ْ لهم ملكا ،قال تعالى ) َأَلْم َتَر ِإَلى اْلَم َِ
لع ) سعِبيِل ا ِّ ث َلَنععا َمِلًكععا ُنَقاِتعْل ِفععي َ ي َلُهْم اْبَع ْ سى ِ ،إْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ ُمو َ
246البقرة ( بغية دخول الرض المقدسة الععتي كتععب ال ع لهععم ،
فُبعث لهم طالوت ملكا ،وأنزل ال لهم التابوت تحمله الملئكععة ،
آيععة لملكععه ،كععونهم ل يؤمنععون إل بمععا هععو محسععوس ،فأععّدهم
ظم صفوفهم ،واجتاز بهم نهر الردن ،فشربوا منه إل قليل . ون ّ
وكانت المواجهة مع الكنعانين – على الرجح فععي سععهول أريحععا
ت ( وقتععل داود -الععذي جععاُلو َ ل َوَقَتَل َداُووُد َ ن ا ِّ – ) َفَهَزُموُهْم ِبِإْذ ِ
172
كان من جنود طالوت -جالوت قائد الكنعانيين ،ودخلوا القدس .
ومن ثم انتقل الُملك لداود عليه السلم ،بغض النظر عن الكيفيععة
شاُء ) 251البقرة ( ، عّلَمُه ِمّما َي َ
حْكَمَة َ ،و َ
ل اْلُمْلكَ َواْل ِ
َ ) ،وآَتاُه ا ُّ
ونععص هععذه الحععداث كععامل ،تجععده فععي اليععات )(251 – 246
البقرة ،وكانت هذه أول معركة يقاتل فيها بنععو إسععرائيل ،وكععان
جيشهم يتألف من القلة المؤمنععة ،الععتي لععم تكععن قععد شععربت مععن
النهر ) نهر الردن ( ،وكان هذا هو الدخول الول لبني إسرائيل
إلى الرض المقدسة .
داود عليه السلم يؤسس أول دولة لليهود
في القدس :
حْك عَم َوالّنُب عّوَة
ب َواْل ُ
س عَراِئيلَ اْلِكَتععا َ
قععال تعععالى ) َوَلَق عْد آَتيَنععا َبِنععي ِإ ْ
ن ) 16الجاثيععة ( ، عَلى اْلَعععاَلِمي َضْلَناُهْم َ
ت َوَف ّ طّيَبا ِن ال ّ َوَرَزْقَناُهْم ِم ْ
هععذه اليععة تشععير إلععى أن هنععاك خمسععة أمععور اجتمعععت لبنععي
إسرائيل ،وهي الكتاب أي الشريعة التي تركها لهم موسى عليععه
السععلم ،والحكععم أي الملععك ،والنبععوة أي الععوحي ،والسعععة فععي
الرزق ،والتفضيل باختيارهم لحمل الرسععالة السععماوية فععي ذلععك
الزمان ،وقد اجتمعععت هععذه المععور الخمسععة فععي زمععن مملكتهععم
الولى فعي الرض المقدسعة ،حيعث كعان داود عليعه السعلم أول
ملوكها .
ملك داود عليه السلم :
معظم اليععات الععتي أخععبرت عععن داود وملكععه ،كععانت ترّكععز علععى
شخص داود ،حيث اّتصف عليه السلم بالورع والتقععوى وكععثرة
العبادة ،والعلم والقوة مع شيء من اللين في المعاملة ،وتوحي
شععَدْدَنا
بأن شغله الشاغل ،كان توطيد أركان دولته الحديثة َ ) ،و َ
173
ب ) 20ص ( ،وإعععداد مععا طععا ِ
خَص عَل اْل ِ
حْكَم عَة َوَف ْ
ُمْلَك عُه َوآَتْيَنععاُه اْل ِ
اسععتطاع مععن قععوة للععدفاع عععن دولتععه الصععغيرة ،الععتي كععانت
محصورة فععي بيععت المقععدس ومععا حولهععا ،مععن هجمععات القععوام
المجععاورة لهععا مععن الكنعععانيين ،ولععم يكععن يسعععى لتوسععيع رقعععة
الدولة ،كون المة السرائيلية آنذاك كانت قليلة -وهي لععم تكععثر
إل في العصر الحديث ،وبالتحديد بعععد الحععرب العالميععة الثانيععة ،
حيث ُرفع عنهم القتل -ولم تكن تسععتدعي امتلك مسععاحة كععبيرة
من أرض فلسطين .
صننفة الجبننن الملزمننة لليهننود ومعالجتهننا
بابتكار داود للدروع الحربية :
س عُكْم َفَه عْل
ن َبْأ ِ
صَنُكْم ِم ع ْ
ح ِس َلُكْم ِلُت ْ
صْنَعَة َلُبو ٍ عّلْمَناُه َ قال تعالى ) َو َ
ن ) 80النبياء ( ،والضمير ) كم ( في كلمتي ) لكم ( شاِكُرو َ َأْنُتْم َ
و ) بأسكم ( ،يعود على المخاطبين بالقرآن ،وهذا خبر يفيععد أن
داود عليه السلم ،هو أول من ابتكر الدروع الحربية الحديدية ،
وأول من استعملها هم بنو إسرائيل ،وهذا يكشف طبيعععة الجبععن
فيهم ،والحرص على الحيععاة ،والخععوف مععن المععوت ،وكرههععم
شَرُكوان اّلِذينَ َأ ْ حَياٍة َوِم ْعَلى َ س َ ص الّنا ِ حَر َ جَدّنُهْم َأ ْ
للقتال َ ) ،وَلَت ِ
) 96البقرة ( وصناعة داود لها يدل على معرفته بطبيعتهم تلك ،
خَلَها َأَبعًدا َمععا َدامُععوا ِفيَهععا
ن َنعْد ُفقد قالوا لموسى مععن قبععل ) ِإّنععا َلع ْ
ن ) 24المععائدة ( ، ع عُدو َل ِإّنععا َهاُهَنععا َقا ِك َفَقععاِت َ
ت َوَرّب ع َب َأْن ع َ
َفععاذَْه ْ
صععلة فععي نفوسععهم ، فععالجبن والتواكععل علععى الغيععر ،طبيعععة متأ ّ
وانظر إلى قولهم ) وربك ( وليس ) وربنا ( ،فهو رب موسععى ،
وليس بربهم ،فما كانوا مؤمنين ،لذلك قععال فيهععم موسععى عليععه
ن ) 25المائدة ( ،وكععان سِقي َن اْلَقْوِم اْلَفا ِق َبْيَنَنا َوَبْي َ
السلم ) َفاْفُر ْ
174
أغلبهم فاسقين وعصاة ومعتدين ،حتى فععي زمععن طععالوت وداود
ن اّلِذينَ َكَفعُروا وسليمان وعلى مر العصور ،حيث قال تعالى ) ُلِع َ
ن َمْرَيعَم َذِلعكَ ِبَمععاسععى اْبع ِ
عي َ ن َداُووَد َو ِ سععا ِعَلى ِل َسَراِئيَل َ ن َبِني ِإ ِْم ْ
ن ) 78المععائدة ( ،فكمععا تععأّذى موسععى عليععه عصَْوا َوَكاُنوا َيْعَتُدو َ َ
سى ِلَقْوِمِه َياَقْوِم ِلَم ُتعْؤُذوَنِني َوَقعْد َتْعَلمُععونَ السلم َ ) ،وِإْذ َقاَل ُمو َ
ل ع ُقُلععوَبُهْم َوالُّ ع َل َيْه عِديغ ا ُّ غوا َأَزا َل ِإَلْيُكْم َفَلّما َزا ُ
سوُل ا ِّ َأّني َر ُ
ن ) 5الصف ( تأّذى منهععم داود عليععه السععلم وهععو سِقي َ
اْلَقوَْم اْلَفا ِ
أول ملوكهم ،وتأّذى منهم عيسى عليه السلم وهو آخر أنبيائهم
،ومن وقع بينهما من النبياء .
شرب أغلبهم من النهر ،عند عبعورهم معع طعالوت إلعى ولم يكن ُ
فلسطين عطشا ،وإنما ليستثنيهم طالوت من الخروج في الجيش
للقتال ،وما زالوا يفتعلون الحجج للتهععرب مععن القتععال حععتى فععي
دولتهم الحاليعة ،فهعم يعدفعون بأبنعائهم إلعى المعدارس الدينيعة ،
لتجنيبهعععم الخدمعععة العسعععكرية .فعععابتكر عليعععه السعععلم العععدروع
الحديدية ليلبسوها في حروبهم ،مععع الشعععوب المجععاورة ،الععتي
على ما يبععدو كععانت تغزوهععم باسععتمرار ،لعلهععا تععدخل شععيئا مععن
الطمئنان إلى تلك القلوب الوجلة ،وتدفعهم إلى الذود عن حمععى
مملكتهم .ولو نظرت إلى واقعهععم المعاصععر ،لوجععدتهم يلبسععون
الععدروع الواقيععة مععن الرصععاص ،حععتى فععي مواجهععة الحجععارة ،
صنون وراء السععيارات المصععفحة ،أو يقععاتلون مععن وتجدهم يتح ّ
وراء جدر من السمنت المسلح ،وهعذا معا يفضعحهم بعه القععرآن
صعَنةٍ َأْو
ح ّ جِميًعا ِإّل ِفي ُقعًرى ُم َ في مواضع كثيرة َ ) ،ل ُيَقاِتُلوَنُكْم َ
شعّتى جِميًعععا َوُقُلععوُبُهْم َسُبُهْم َح َشِديٌد َت ْ
سُهْم َبْيَنُهْم َجُدٍر َبْأ ُن َوَراِء ُ ِم ْ
ن ) 14الحشر ( . ك ِبَأّنُهْم َقْوٌم َل َيْعِقُلو َ
َذِل َ
175
سليمان عليه السلم يو ّ
طد أركان الدولة :
نظام الحكم ملكي وراثي :
سعَلْيَمانُ َداُووَد )
ث ُ
ن ) 30ص ( َ ) ،وَوِر َ سعَلْيَما َ
) َوَوَهْبَنا ِلَداُووَد ُ
16النمل ( ،نتبين من اليععتين السععابقتين ،أن نظععام الحكععم فععي
مملكة بني إسرائيل الولععى ،كععان ملكيععا وراثيععا ،فععي نسععل داود
عليه السلم .وفي سنين حكم سليمان عليعه السعلم ،سعععى إلععى
توسععيع رقعععة مملكتععه نسععبيا ،لتغطععي مسععاحة أكععبر مععن مدينععة
القدس ،لتشمل ما حولها من المدن والقععرى ،مععن النهععر شععرقا
إلى البحر غربا ،ولكنها علعى كععل الحعوال ،لععم تشعمل فلسععطين
كاملة ،فأهل فلسطين الصليين لم يخرجوا منهععا ،ولععم ّيبععادوا ،
ولكنهم تقهقروا إلى ما بعععد حععدود مملكععة سععليمان ،حيععث كععانت
الممالك في تلك العصور ،تقتصر على مدينة – بحجععم قريععة فععي
العصر الحعالي – ومععا حولهعا معن سععهول ومراععي ،ول أظنهععم
استكانوا ،وسلّموا لبني إسرائيل بالمر الواقع ،وإنما كان هناك
،حروب ومناوشات ،وال أعلم .
حقيقة ملك سليمان :
ب ِلي ُمْلًكا َل
غِفْر ِلي َوَه ْ
با ْ
أما قول سليمان عليه السلم ) َقاَل َر ّ
ب ) 35ص ( فكعان ملكعا ت اْلَوّهعا ُ
ك َأْنع َ
ن َبْععِدي ِإّنع َ
حعٍد ِمع ْ
َيْنَبِغعي َِل َ
شخصيا خاصا به ،ولم يكن لبني إسرائيل فيه ،ناقععة ول بعيععر ،
ولم يقصد به امتلك مسعاحات شاسععة معن الراضعي ،ومظعاهر
ملكه اقتصرت على ما وهبه سبحانه إياه ،من الممتلكات والقععوة
والحكم ،والتي تمّيز بها عن كافة ملوك الرض ممن أتوا بعده ،
ن ،واسعتعمالهم فعي ومنها ؛ جريان الريعح بعأمره ،وحكمعه للجع ّ
البناء والغوص والقتال والصناعة ،والقدرة على إذابععة النحععاس
176
وتشكيله ،وكثرة جنوده من الجن والنس والطير ،وكععان عليععه
شعّدة ، السلم قويا ورعا تقيععا عالمععا حكيمععا ،وفيععه شععيء مععن ال ِ
وكان بنوا إسرائيل يرهبونه ويخافونه ،ولذلك نععال قسععطا كععبيرا
من اتهماتهم المشينة ،بعكس أبيععه داود الععذي كععان لينععا معهععم ،
ن
سَلْيَما َك ُعَلى ُمْل ِ ن َ طي ُ
شَيا ِفقال فيهم سبحانه ) َواّتَبُعوا َما َتْتُلوا ال ّ
… )102البقرة ( ،وعلى ما يبدو أن الشياطين بعد وفععاته عليععه
ط عليهععم ،وإنمععا كععان تابعععا السلم ،اّدعععت أن سععليمان لععم يسععل ّ
لهععم ،يعبععدهم ويسععتعين بهععم لقضععاء مصععالحه .فأشععركوا بععال
لعجَعُلععوا ِّوعبععدوا الشععياطين وأبععاحوا السععحر والشعععوذة َ ) ،و َ
حاَنهُ سعْب َعْلعٍم ُت ِبَغْيعِر ِن َوَبَنعا ٍ خَرُقوا َلُه َبِني َ
خَلَقُهْم َو َ
ن َو َ
جّشَرَكاَء اْل ِ
ُ
ن ) 100النعام ( . صُفو َ عّما َي ِ
َوَتَعاَلى َ
أكثر ما حّيرنععي فععي أمععر ملععك سععليمان ،هععو الغايععة معن تسععخير
الريح ،فالروايات في كتععب التفسععير غيععر منطقيععة ،حيععث تقععول
أنهععا كععانت تحمععل سععليمان ومله وجنععوده ،علععى بسععاط خشععبي
عظيم ،وتنقلهم من بلد إلى آخععر للقتععال والععترفيه وغيععره ،ولععم
يرد في تواريخ المم التي عاصرت ملك سععليمان ،أنهععم شعاهدوا
يومععا بسععاطا خشععبيا طععائرا ،وسععورة النمععل تؤكععد أن سععليمان
وجنوده ،كانوا يسيرون على القدام أثناء تنقلهم .
ن وتععدّبر فععي اليععات ،الععتي تتحععدث عععن وبعد طول تفكيععر وتمعع ّ
الريح وعن ملكه عليه السلم ،تبين لي أنه كععان يركععب البحععر ،
منطلقا من الرض المقدسععة ،فتجععري الريععح بمركبععه إلععى حيععث
أراد برفععق وليععن فععي الععذهاب ،لتسععهل عليععه عمليععة البحععث
ج عِري ِب عَأمِْرِه ح َت ْ
خْرَنا َل عُه الّري ع َسّوالتقصي ،بدللة قوله تعالى ) َف َ
ص ) 37ص ( غّوا ٍ ن ُكّل َبّناٍء َو َ طي َشَيا ِب )َ (36وال ّ صا َث َأ َ
حْي ُخاًء َ ُر َ
،وبعد انتهاء المهمة ،يستعجل العودة إلى وطنه ،فيععأمر الريععح
177
لتجري بقوة وسرعة إلى الرض المباركة ،بدللة قوله تعالى )
ض اّلِتععي َباَرْكَنعا
جعِري ِبعَأْمِرِه ِإَلعى اَْلْر ِ صعَفًة َت ْعا ِ ح َ ن الّري َسَلْيَما َ
َوِل ُ
ل ُدونَ ن عَمَ ً ن َل عُه َوَيْعَمُلععو َ
صو َن َيُغو ُن َم ْطي ِ شَيا ِن ال ّ ِفيَها )َ (81وِم َ
ن ) 82النبيععاء ( ،وأمععا الغايععة مععن القيععام ظي َ حععاِف ِ
ك َوُكّنا َلُهعْم ََذِل َ
بالرحلت البحرية ،فهي السياحة واستخراج كنوز البحر وجلبها
لمملكته ،ويؤيد ما ذهبت إليه ،ذكر الغوص ،الععذي كععانت تقععوم
بععه الشععياطين ،مباشععرة بعععد ذكععر الريععح فععي اليععات السععابقة ،
والغوص عادة ل يكون إل فععي الميععاه العميقععة ،وكععانت مععدة كععل
رحلة من رحلته شهرين ،شهر في الذهاب وشهر في العععودة ،
شعْهرٌ حَها َشْهٌر َوَرَوا ُ غُدّوَها َ ح ُن الّري َ
سَلْيَما َ
بدللة قوله تعالى ) َوِل ُ
)12سبأ ( ،وال أعلم .
سنننليمان هنننو أول منننن بننننى المسنننجد
القصى :
س عّلَم :عَلْي عِه َو َ
ص عّلى الُّ ع َ لع َ سععوِل ا ِّ ن َر ُعْ عْمٍرو َ ن َ ل ْب ِ
عْبِد ا ِّ ن َ عْ َ
س عّلَم َ ،لّمععا بََنععى َبْي ع َ
ت عَلْي عِه َو َلع َص عّلى ا ُّ ن َداُوَد َ ن ْب ع َس عَلْيَما َ
ن ُ ) َأ ّ
جعّل ععّز َو َ لع َ سعَأَل ا َّ
لًل َثلََثعًة َ ، خَ جعّل ِععّز َو َ لع َ سَأَل ا َّ سَ ، اْلَمقِْد ِ
جعّل ُمْلًكععا َل َيْنَبِغععيععّز َو َ ل َ سَأَل ا َّحْكَمُه َفُأوِتَيُه َ ،و َ ف ُ صاِد ُ حْكًما ُي َ ُ
غ ِمعنْ ِبَنععاِءن َفعَر َحيع َ جعّل ِ ععّز َو َ ل َ سَأَل ا َّ
ن َبْعِدِه َفُأوِتَيُه َ ،و َ حٍد ِم َِْل َ
جعهُ خِر َ ن ُي ْ
لُة ِفيعِه َ ،أ ْ صع َ
حعٌد َل َيْنَهعُزُه ِإّل ال ّ ن َل َيْأِتَيُه َأ َجِد َ ،أ ْ سِ اْلَم ْ
طيَئِتِه َكَيْوِم َوَلَدْتُه ُأّمُه ( رواه النسععائي وأحمععد وابععن مععاجه خِ ن َ ِم ْ
وابن خزيمة وابن حبان والحاكم بأسانيدهم ،وصححه اللباني .
هذا الحديث يؤكد :
.1أن مملكة داود وسليمان ،أي مملكة بنععي إسععرائيل الولععى ،
كانت في فلسطين .
178
.2أن سليمان عليه السلم ،بنى مدينة بيت المقدس .
.3أن سليمان عليه السلم ،هو أول من بنى المسجد القصى .
وأما التسمية بالمسجد فهي التسمية السلمية له ،وجععاءت بعععد
حادثة السراء ،وأما في عهد سليمان عليه السلم ،فقد جععاءت
ص عْرحَ ( ،وأمععا
خِلععي ال ّ
تسميته في القرآن بالصرح ِ ) ،قيَل َلَها اْد ُ
الترجمة العربيععة للتععوراة فععأعطته اسععم الهيكععل ،والمعنععى لكلتععا
التسععميتين واحععد ،وهععو البنععاء الضععخم المرتفععع .وعلععى كععل
الحوال فإن المسجد القصى القائم حاليا ،يجثم في نفس المكععان
الععذي أقيععم فيععه صععرح سععليمان ،والغريععب أن الكععثير مععن أئمععة
المسلمين وعامتهم ،ينكرون هذه الحقيقععة ،ربمععا ظنععا منهععم أن
اعترافهم بها ،يعطععي الصعهاينة حقععا فعي هععدم المسعجد ،وبنعاء
هيكلهم مكانه ،وُيسقط أحقّية المسلمين فيه ،وُيضعععف مععوقفهم
في الدفاع عنه ،حتى وصععل المععر ببعضععهم إلععى مخالفععة النععص
القرآنععي ،وإنكععار حععتى تواجععدهم فععي الرض المقدسععة جملععة
وتفصيل .
قبلة اليهود هي الصخرة المشّرفة :
صه " قال المام احمد ، جاء في البداية والنهاية لبن كثير ،ما ن ّ
حدثنا اسود بن عامر ،ثنا حماد بن سلمة ،عن أبي سنان ،عععن
عبيد بن آدم ،وأبي مريم وأبي شعععيب :أن عمععر بععن الخطععاب ،
كان بالجابية فععذكر فتععح بيععت المقععدس ،قععال :قععال ابععن سععلمة ،
فحدثني أبو سنان ،عن عبيد بن آدم سمعت عمععر يقععول لكعععب :
" أين ترى أن أصلي " ،قعال " :إن أخعذت عنعي صععليت خلعف
الصععخرة ،وكععانت القععدس كلهععا بيععن يععديك " ،فقععال عمععر " :
ضاهيت اليهودية .ل ،ولكن أصلي حيث صلى رسول الع صععلى
179
ال عليه وسلم " ،فتقدم إلى القبلة فصلى ،ثم جاء فبسط ردائه
،وكنس الكناسة في ردائه ،وكنس النععاس .وهععذا إسععناد جيععد ،
اختاره الحافظ ضياء الدين المقدسي ،في كتابه المستخرج " .
وجاء في تاريخ الطبري في رواية أخرى ،أن عمععر أجععاب كعععب
بقوله " :فإنا لم نؤمر بالصخرة ولكّنا ُأمرنا بالكعبة " .
ونقول أن مفاد الرواية أن كعب ،لمععا أشععار علععى عمععر بالصععلة
خلف الصخرة ،أراد منععه أن يجمععع القبلععتين فععي صععلته ،فععأبى
عمر وصعلى ،جععاعل وجعه تلقععاء الكعبعة ،والصعخرة معن وراء
ظهره .
الصلة في الشريعة الموسوية :
لنوضععح المععر ،نحتععاج إلععى معرفععة طبيعععة العبععادة فععي شععريعة
موسى عليه السلم ،فالصلة لديهم كانت تؤّدى بشكل فردي في
الععبيت أو فيمععا ُيسععّمى بععالمحراب ،فععي المعبععد المقععدس ) أي
صَر
ن َتَبّوآ ِلَقْوِمُكَما ِبمِ ْ خيِه َ ،أ ْ سى َوَأ ِ حْيَنا ِإَلى ُمو َ
الهيكل ( َ ) ،وَأْو َ
شعِر اْلمُعْؤِمِنينَ لَة َ ،وَب ّ صَ جَعُلوا ُبُيوَتُكْم ِقْبَلًة َ ،وَأِقيُموا ال ّ ُبُيوًتا َ ،وا ْ
) 87يونس ( ،والمحععراب عبععارة عععن غرفععة صععغيرة منعزلععة ،
صصععة للصععلة والععدعاء والععذكر ،والغلععب أنهععا كععانت تقععام مخ ّ
مرتفعة عن الرض ،وهي أشبه ما يكون بالعلّية أو السّدة ،وقد
ارتبط ذكر المحراب في القرآن ،بأنبياء بني إسرائيل الوائل فععي
س عّوُروا ص عِم ِإْذ َت َ
خ ْ ك َنَب عُأ اْل َ
فلسععطين داود وسععليمان َ ) ،وَه عْل َأَتععا َ
ب ) 21ص ( ،وبععآخر أنبيععائهم زكريععا ويحيععى ) َفَنععاَدْتهُ ح عَرا َ
اْلِم ْ
ب ) 39آل عمران ( . حَرا ِ صّلي ِفي اْلِم ْلِئَكُة َوُهَو َقاِئٌم ُي َ
اْلَم َ
180
الصننرح أو الهيكننل ،كيفيننة بننناءه وصننفته
وموقعه :
أما الصرح فعلى ما يبدو أنه كان أعجوبة من أعععاجيب الزمععان ،
وأن من قام ببنائه وصناعة محتوياته هم الجن والشياطين ،وأن
مادة البنعاء كععانت معن النحعاس والزجععاج ومععواد أخعرى معا عععدا
الحجععارة ،وأنععه اشععتمل علععى المحععاريب والتماثيععل والوانععي
النحاسععية الصععغيرة ،والحععواض أو الععبرك المائيععة الضععخمة
المصنوعة من النحاس ،والجواهر والكنوز مععن لؤلععؤ ومرجععان
وغيرها ،مما كانت تستخرجه الشياطين من أعماق البحار .قععال
حعٍد ِمعنْ َبْععِدي ب ِلي ُمْلًكا َل َيْنَبِغي َِل َ غِفْر ِلي َوَه ْ با ْ تعالى ) َقاَل َر ّ
حْي ُ
ث خاًء َ جِري ِبَأْمِرِه ُر َ ح َت ْ
خْرَنا َلُه الّري َ سّب )َ (35ف َ ت اْلَوّها ُك َأْن َِإّن َ
ص ) 37ص ( وقال أيضععا غّوا ٍ ن ُكّل َبّناٍء َو َ طي َشَيا ِ
ب )َ (36وال ّ صا َ َأ َ
ن َيَدْيِه ِبِإْذنِ َرّبِهن َيْعَمُل َبْي َ
ن َم ْجّ ن اْل ِطِر َ ،وِم ْ ن اْلِق ْعْي َ
سْلَنا َلُه َ
) َوأَ َ
سعِعيِر )َ (12يْعمَُلععونَ ب ال ّ عَذا ِن َ ن َأْمِرَنا ُنِذْقُه ِم ْ
عْ غ ِمْنُهْم َن َيِز َْوَم ْ
ب َ ،وُق عُدورٍ جَوا ِ ن َكععاْل َ
جَفععا ٍ
ب َ ،وَتَماِثي عَل َ ،و ِ حاِري َ ن َم َ شاُء ِم َْلُه َما َي َ
شععُكوُر )13 عَباِدي ال ّ ن ِ شْكًرا َوَقِليٌل ِم ْ عَمُلوا آَل َداُووَد ُ ت،ا ْ سَيا ٍَرا ِ
سبأ ( .
وأستطيع وصف هععذا الصععرح بععأنه بنععاء ضععخم ومرتفععع ،كععانت
الصخرة تقع في مركزه ،تحيط بها ساحة واسعة ،أرضيتها مععن
الزجاج المصقول ُ ،يرى من خللها ماء يجععري أسععفل منهععا ،أو
ماء راكد في أحواض مائية ،وضع فيها ما استجلبه سليمان من
المناظر والمشاهد البحريععة ،ممععا اسععتخرجته لععه الشععياطين مععن
أعمععاق البحععر ،وعلععى أطععراف تلععك السععاحة أقيمععت المحععاريب
العديدة للعبادة من كل جانب .وال أعلم .
181
وقد سمعت من زميل لي زار المسجد وتجّول فيه ،أن هناك آبارا
وأحواضا مائية ،تحت ساحة المسجد القصى مباشرة ،فإذا كان
ذلك صحيحا ،ومع علمنععا بععأن المسععجد القصععى ُبنععي فععي نفععس
موقع المسجد السابق ،وأن الصخرة هي القبلة الفعلية لليهععود ،
فهذا المر ُيؤكد ،أن الصرح الذي كان قد ُبني في عهد سععليمان
عليععه السععلم ،هععو المسععجد الععذي دخلععه أولئك المبعععوثين أول
مرة ،وخّربوه ونهبوا محتوياته ،فلم يبق له أثععر ُيععذكر ،وعععدم
وجعود آثعار لعه ُ ،يؤكعد أن هعذا الصعرح ،لعم يتعم بنعاءه بعالطرق
المألوفة ،سواء بهندسة البناء أو بالمواد المسععتخدمة ،فُبنععاته
هم الجن والشياطين ،وبالتأكيد طريقتهم في البنععاء تختلععف عععن
طريقة البشر ،وطبيعة المواد المستخدمة تختلف عما يسععتخدمه
البشر ،وربما يكون هذا الصرح الخرافععي ،هععو مععا دفععع نبوخععذ
نصر صاحب حدائق بابل المعّلقة ،للغارة على بني إسرائيل في
المرة الولى ،لنهب محتوياته .
حكمة سليمان عليه السلم وخرافات ألننف
ليلة وليلة :
الروايات الموجودة في كتب التفسير ،عن قصععة سععليمان وحبععه
لملكة سبأ ،ورغبتععه فععي الععزواج منهععا ،وإدخالهععا إلععى الصععرح
لرؤية ساقيها ،فيما إذا كان عليهما شعر ،أو أن قدميها كحوافر
الحمار ،لن أبوها أو أمها من الجن … إلى آخره .مما ليس له
أصل حتى في التوراة ،جرّدت سليمان عليه السلم من حكمتععه ،
في الدعوة إلى ال ،وجعلععت منععه رجل مزواجععا شععهوانيا ،كمععا
أراد له أعداء ال وأعداء أنبياؤه أن يكون .
182
حكمة الهدهد :
ولكي نفهم مععا جععرى مععن حععوار وأحععداث ،بيععن سععليمان وملكععة
جععْدُتَها َوَقْوَمَهععا
سععبأ ،دعنععا نتمعععن قليل فععي قععول الهدهععد ) َو َ
ن َأعْمَععاَلُهْم ،طا ُش عْي َ
ن َلُهْم ال ّ
ل َ ،وَزّي َن ا ِّن ُدو ِ س ِم ْ
شْم ِن ِلل ّ
جُدو َسَُي ْ
ن ) 24النمل ( ،يقول الهدهععد سِبيِل َ ،فُهْم َل َيْهَتُدو َ
ن ال ّ
عْ صّدُهْم َ
َف َ
أنه وجدها هي وقومها ،يعبدون الشععمس مععن دون الع ،ويعّلععل
ذلك بقوله أن الشيطان زّيععن لهععم أعمععالهم ،بمعنععى أن الشععيطان
فتنهععم وأوهمهععم ،وزّيععن لهععم الباطععل علععى أنععه الحععق ،وعمّععى
طععل عقععولهم عععن تمييععز الحقيقععة مععن سععمعهم وأبصععارهم ،فع ّ
الوهم ،فحرمهم القدرة على الحكم على معتقداهم ،أهي خطععا أم
صواب ،فعبععدوا الشععمس علععى أنهععا ربهععم ،وبععذلك صعّدهم عععن
السبيل ،أي منعهم من الوصول إلى الحقيقة ،وهععي أن ال ع هععو
ربهم ،فما دامت أبصارهم قد عميت ،ويعتقدون بصوابية عبادة
الشمس ،فمن أين لهم الهداية ،وهم على حالهم تلك .والرسالة
جهها الهدهد لسليمان ،مععن خلل هععذا القععول ،هععي أنهععم التي و ّ
بحاجععة لمععن يهععديهم ،وُيزيععل الغشععاوة عععن أبصععارهم .فتكّفععل
سليمان عليه السععلم بهععدايتهم ،وبإزالععة هععذه الغشععاوة ،لعلهععم
ُيبصرون ومن ثم يهتدون ،بما أوتي مععن علععم وحكمععة ،بعععد أن
ص حععالتهم المرضععية ،وأعطععى سععليمان خ َ ح الهدهععد ،وش ع ّ ش عّر َ
مفاتيح الحل ،والن دعنا نتعلم منه عليععه السععلم ،هععذا الععدرس
العملي في الدعوة إلى ال .
الدعوة إلى الله :
كان أول خطاب وجهععه سععليمان لملكععة سععبأ وقومهععا ،هععو قععوله
ن ) ، (31خطابا حازما واثقا قويععا سِلِمي َ
ي َوْأُتوِني ُم ْ
عَل ّ
) َأّل َتْعُلوا َ
183
ومزلزل ،وكانت هذه هي الضربة الولى ،فععي جععدار معتقععداتهم
الوثنية المتأصلة في نفوسهم ،فقععد كععانت هععي وقومهععا يعبععدون
الشمس ،ولم يكن لديهم علم بوجود إله آخر ،أولى بالعبادة مععن
غيره ،ولكن هععل أطععاعت ؟ بععالطبع ل ،فتغييععر معتقععدات البشععر
عملية صعبة جدا ،وتحتاج إلى أكثر من ذلك ،وتحتاج إلععى علععم
وحكمععة وصععبر – وانظععر فععي سععيرة نععبي الهععدى عليععه الصععلة
والسلم مع كفار قريععش لتحععويلهم مععن عبععادة إلععى الصععنام إلععى
عبادة ال -ولكن هل تأثرت بذلك العرض القوي ؟ بالطبع نعععم ،
فردت بالهدية – وكان بإمكانها عدم الرد – وذلك لتتأكد من جدّية
سععليمان عليععه السععلم ،ولَتع عِرف مععع مععن تتعامععل ،فهععي ذكيععة
وحكيمة أيضععا ،وتعععي موقعهععا وعظععم المسععؤولية الملقععاة علععى
عاتقها ،بعكس ملها ذوي القوة والبععأس الشععديد ،ودللععة ذلععك
ععّزَة َأْهِلَهعا جَعُلعوا َأ ِ سعُدوَها َو َ خُلوا َقْرَيعًة َأْف َ ك ِإَذا َد َ
ن اْلُمُلو َت ِإ ّ) َقاَل ْ
ظَرٌة ِب عمَس عَلةٌ ِإَلْيِه عْم ِبَهِدّي عٍة َفَنععا ِ
ن )َ (34وِإّني ُمْر ِ ك َيْفَعُلو َ
َأِذّلًة َوَكَذِل َ
ن ) (35فأعاد الهدية ،ووجه لهععا تهديععدا صععارما سُلو َ َيْرجُِع اْلُمْر َ
جُنععوٍد َل ِقَبعَل َلُهعْم ِبَهععا جْع ِإَلْيِهْم َفَلَنعْأِتَيّنُهْم ِب ُ
وحازما وأخيرا ) ،اْر ِ
ن ) ، (37فاستوعبت الرسالة غُرو َ صا ِ جّنُهْم ِمْنَها َأِذّلًة َوُهْم َ خِر َ
َوَلُن ْ
،وهي أن ما لدى سليمان ،خير مما لععديها ،وأن هععذا التهديععد ،
ل يصدر إل عّمن يعلم حجم قوتها ،ولديه من القععوة أضعععاف مععا
تملك ،وأن ما يريده لجلها شيئا آخر .
التيان بالعرش وتنكيره :
لذلك حملت قومها وأتته على جناح من السععرعة ،وفععي طريقهععا
إليه ،كان عليه السلم ُيعّد لها الضععربة الثانيععة ،فطلععب عرشععها
ظعْر َأَتْهَتعِدي َأْم َتُكعونُ ِمع ْ
ن وأمعر بتنكيعره ،وعّلعة ذلعك كعانت ) َنن ُ
184
ن ) ، (41لختبار مععدى اسععتعدادها للهدايععة للععدين ن َل َيْهَتُدو َاّلِذي َ
الجديد ،وليس المقصععود هععو اهتععدائها إلععى العععرش .كععان هّمععه
عليه السلم هدايتها وقومها ،وليس الزواج منها ،كما ص عّورته
بعض الروايات في كتب التفسير .
وكان جلب العرش بحعّد ذاتععه ،كفيل بتحطيععم ذلععك الجععدار الععذي
طععم بععداخلها فعل عنععدما رأتععه وعرفتععه ، تمترست خلفه .وقد تح ّ
سئلت عنععه ،لععم ُتثِبععت لكنها أضمرت ذلك وتمالكت نفسها .ولما ُ
ف ،وكان بمقدورها أن تعععترف بععأّنه عرشععها ،وأن ُتسععلم ولم َتن ِ
جلععت ذلععك .والسععبب هععو ذلععك الجععدار نفسععه على الفور ولكنها أ ّ
ل ( ،أي الغشاوة الععتي أعمععت ن ا ِّ
ن ُدو ِ
ت َتْعُبُد ِم ْ
صّدَها َما َكاَن ْ) َو َ
بصرها وبصععيرتها ،وخوفهععا مععن قومهععا أيضععا ،فقععالت ) َكعَأّنُه
ي علعى متاععك ،الكعثير معن التععديلت ، ُهَو ( ،وحعتى لعو ُأجعر َ
فستبقى أشياء كثيرة تدلك عليه ،فكععانت إجابتهععا حكيمععة وغايععة
فععي التعقععل ،فلععم تثبععت وتسععلم أسععلحتها الواهيععة مععن الوهلععة
الولى ،محافظة منها علعى كبريائهعا كملكعة ،ولعم تنعف ،لنهعا
تعلم وقومها ويعلم سليمان وقومه علم اليقين ،أنععه هععو بعينععه ،
فتعععدل علعععى كبريعععاء أجعععوف وععععن بلهعععة وغبعععاء ،فإجابتهعععا
ك كانت هي السلم . الموسومة بالش ّ
كانت تعلم بحكمتها أن هناك شععيئا آخععر ينتظرهععا ،سععيأتي أوانععه
بعععد حيععن ،فكشععفت بهععذه الجابععة لسععليمان عععن اسععتعدادها
للهداية ،فيما لو عرض عليها برهانععا دامغععا وقاطعععا .ولكععن مععا
الععذي فعلععه سععليمان حقيقععة فععي هععذا الموقععف ؟ كععان إحضععار
عرشها ،لظهار مدى عظعم ملكعه الموهعوب لعه معن قبعل ربعه ،
وكان تنكير العرش ليقاظ حاسة البصععر فيهععا ودقععة الملحظععة ،
185
وتحفيزا لعقلها وقلبها ،ولما اهتععدت إلععى إنععه عرشععها ،أخععذتها
العزة بالثم شيئا قليل ،فكابرت حتى حين .
دخول الصرح :
فكانت الضربة الثالثععة والخيععرة ،أي القاضععية الععتي سعّوت ذلععك
ح(، صْر َ
خِلي ال ّ الجدار بالرض ،ولم تترك له أثرا ِ ) ،قيَل َلَها اْد ُ
فمعا العذي كعان فعي الصعرح ؟ كعانت أرضعية الصعرح معن زجعاج
مصععقول ،ومععن تحععت الزجععاج مععاء ،وعنععدما شععاهدت المععاء ،
رفعت ثوبها خوفا من البلل ،وهّمت بالمشععي فيععه َ ) ،فَلّمععا َرَأْت عهُ
ساَقْيَها ( فتبسم سليمان وكععأنه خاطبهععا ن َعْ ت َشَف ْ
جًة َوَك َ
سَبْتُه ُل ّ
ح ِ
َ
ضاحكا :لقد كنت واهمععة ،فلععن يصععل المععاء إلععى ثوبععك فععأنزليه
ن َقعَواِريَر ( فععأنزلته ودخلععت ، ح ُمَمعّرٌد ِمع ْ
صعْر ٌ
وتقدمي ،فهععذا ) َ
ولما لمست قدميها الزجاج تععبين لهععا بطلن معا اعتقععدت .وهنععا
مربط الفرس ،فما كان منها إل أن خجلت ،مععن وهمهععا وانعععدام
بصيرتها ،وذهاب عقلها وحكمتها وضللها في تلك اللحظععة ،إذ
لم تستطع تمييععز الزجععاج مععن المععاء ،فاسععتوعبت علععى الفععور ،
مضمون الرسالة التي وجهها لها سليمان .
العبرة :
ق ،بينمعا يكعون فعي الحقيقعة ن النسان بجهله أنه على ح ّ فقد يظ ّ
على باطل ،وهععذا هععو حالهععا وقومهععا بعبععادة الشععمس مععن دون
سكت بالباطل عن جهل ال ،وأنه دعاها إلى الحق عن علم ،فتم ّ
ق مععع ،فتععبينت بالتجربععة والبرهععان بطلن معتقععدها ،وأن الح ع ّ
سليمان ،فاستجابت على الفععور لععدعوة سععليمان الولععى ،قائلععة
سعععي ( باتبعععاع الباطعععل ععععن غيعععر علعععم ، ت َنْف ِ
ظَلْمععع ُ
ب ِإّنعععي َ
) َر ّ
ب اْلَعععاَلِمينَ ) 44النمععل ( ،فمععا كععان
لع َر ّ
ن ِّسَلْيَما َ
ت َمَع ُسَلْم ُ) َوَأ ْ
186
من قومها إل أن تبعوها ،وعادت إلععى مملكتهععا لهدايععة قومهععا ،
جح أن سليمان لععم يتزوجهععا ،والع أعلععم ،ودانععت بعععد ذلععكوُأر ّ
مملكتهععا لسععليمان دينيععا ،وليععس عسععكريا ،وبقيععت العلقععات
والمصالح التجارية وغيرها قائمة بين الدولتين ،مرورا بجزيرة
العرب ،لفترة طويلة ،حسبما تثبته سععورة سععبأ )(20 – 15ع ،
وفيما بعد كفر قوم سبأ إل قليل منهم ،ومع تقادم الزمن انقطعععت
تلك العلقة .
بنو إسرائيل في عصر سليمان :
أما بني إسرائيل في عصر سليمان ،فلم يختلفوا كثيرا عما كانوا
عليه ،في عصر موسى وداود ،حيث كانوا على الدوام فاسععدين
كأفراد ،إل من رحم ال ،وما اختلف عليهم في عصر سليمان ،
أن سليمان ساسهم بالقوة والسلطان ،وكان يأخذهم إلى القتال ،
جُنععوُدُه
سععَلْيَمانَ ُ
شَر ِل ُ
ح ِ
وهم بطبيعتهم له كارهون ،قال تعالى ) َو ُ
ن ) 17النمل ( ،وحشر أي عو َ
طْيِر َفُهْم ُيوَز ُ
س َوال ّ
ن َواِْلْن ِ
جّن اْل ِ
ِم ْ
جمع ،ويوزعون أي يساقون بانضباط ،ول يتقععدم آخرهععم علععى ُ
أولهم .
قق العلو الول لبني إسننرائيل فنني هل تح ّ
فلسطين ؟
وأما سبق دخولهم للرض المقدسة ،فقد قال فيه سبحانه ،على
سعةَ اّلِتععي
ض اْلُمَقّد َ
خُلوا اَْلْر َ
لسان موسى عليه السلم َ ) ،يَقْوِم اْد ُ
ل َلُكْم ) 21المائدة ( أي ُكتب لبني إسرائيل دخولها ،وقععال َكَتبَ ا ُّ
ق اْلَْر ِ
ض شععاِر َن َم َ
ضَعُفو َ
سَت ْ
ن َكاُنوا ُي ْ سبحانه ) َوَأْوَرْثَنا اْلَقْوَم اّلِذي َ
َوَمَغاِرَبَهعععا اّلِتعععي َباَرْكَنعععا ِفيَهعععا ) 137الععععراف ( أي ملكوهعععا
وسكنوها ،وذلك بعد انقضاء سنوات التحريععم والععتيه الربعيععن .
187
والرض المبارك فيهععا هععي فلسععطين ،ومشععارقها ومغاربهععا أي
كلها ،من النهر إلى البحععر ،وهععذه هععي حععدود الرض المقّدسععة
والمباركععة ،وحععدود مملكععة اليهععود القديمععة .لنخلععص إلععى أن
الرض المقّدسة والمباركة هي فلسطين فقط ،وليس بلد الشععام
عامة .إذ أن موسى عليععه السعلم ،كععان يتواجععد وقععومه شعرقي
نهر الردن ،ولو كان شرق النهر أرضا مقّدسة ،لما قال ادخلوا
الرض المقدسة وهععو بععداخلها أصععل .وشععرق النهععر لععم يععوّرث
لبني إسرائيل ،وإنما أقععاموا فيععه فععترة الغضععب اللهععي عليهععم ،
ومن ثم تركوها وارتحلوا إلى فلسطين .
وصلنا إلى مرحلة تحقق العلععو ،بععوحي مععن الع وقيععادة أنبيععاؤه
وملوكه ،وكان هذا هو العلو الول لبني إسرائيل ،وأما الفسععاد
فلم يكن قد وقع منهم بعد ،كون الملك اقترن بععالنبوة ،ومععا كععان
للنبياء عليهم السععلم أن يفسععدوا فععي الرض ،ونجععد أن النععبي
التالي لسليمان في الذكر ،من أنبياء بني إسععرائيل فععي القععرآن ،
هو زكريا ومن بعده يحيى ،وكان آخرهععم عيسععى عليهععم السععلم
جميعا .وقد بعث الثلثة بالتتابع وعاصر بعضععهم بعضععا ،وكععان
ذلك بعد فترة طويلة مععن وفععاة سععليمان ،وبعععد عيسععى لععم ُيبعععث
فيهععم أنبيععاء ،ويق عّدر المؤرخععون بععأن المععدة مععا بيععن سععليمان
وعيسى ،بأكثر من 900سنة .
وما كان بعث عيسى عليه السلم بالنجيعل ،إل لتجديععد الشععريعة
الععتي جععاء بهععا موسععى ،بعععد أن أضععاع بنععو إسععرائيل التععوراة
ت َقععاَل
سععى ِباْلَبّيَنععا ِ
عي َجاَء ِ واختلفوا في أمرها .قال تعالى ) َوَلّما َ
ن ِفيِه َفاّتُقوا الَّ ع خَتِلُفو َ
ض اّلِذي َت ْ
ن َلُكْم َبْع َ
حْكَمِة َوُِلَبّي َ
جْئُتُكْم ِباْل ِ
َقْد ِ
ن ) 63الزخرف ( .وُيثبت التاريخ أن بعععث عيسععى عليععه طيُعو ِ َوَأ ِ
السلم ،كان في زمن الحكععم الرومععاني للمنطقععة ،ممععا يعنععي أن
188
صل عليععه بنععو إسععرائيل قععد زال وانععدثر .ممععا
هذا العلو الذي تح ّ
يععترتب عليععه أن الفسععاد قععد وقععع ،وأن البعععث قععد تحقععق ،فععي
الفترة الممتدة ما بين سليمان وعيسى عليهما السلم ،في زمععن
أقرب إلى حكم سليمان منه إلى بعث عيسى .
المملكة اليهودية بعد سليمان :
وليس من المعقول أن نجزم بأن مملكة سليمان انهععارت بمععوته .
وبما أن نظام الحكم ،كان ملكيا وراثيا كما أق عّره القععرآن ،فل بععد
أن يكععون الملععك ،قععد انتقععل إلععى أحععد أبنععاء سععليمان ،الععذين لععم
يكونوا أنبياء في واقع الحال ،فالنبوة آنذاك خرجت مععن الملععك ،
وأصبحت في عامة الشعب ،وهنا تحّرر العصععاة والمعتععدين مععن
اليهعود ،معن عبعدة المعال والسعلطة تجعارا ومرابيعن ،معن حكعم
وملععك النبيععاء ،حيععث كععان الععوحي يقععف سععّدا منيعععا ،أمععام
طموحاتهم وأحلمهم ،في نهب ثروات البلد والعباد ،فهم أبناء
ت َلَنععا
حَيععاَة العّدْنَيا َيَلْيع َ
ن اْل َ
ن ُيِريُدو َ
الذين قال فيهم تعالى ) َقاَل اّلِذي َ
ظيٍم ) 79القصص ( . عِ ظ َحّ ن ِإّنُه َلُذو َ
ي َقاُرو ُ
ِمْثَل َما ُأوِت َ
وعلى مر السنين تغّيرت الحوال ،وتغلغل المرابين والتجععار فععي
أوساط الحكم ،وتبادلوا المصالح والمنافع ،وأصبحوا مععن عليعة
القوم ،ليفرضوا علععى الملععوك ،مععا شععاءوا مععن سياسععات تخععدم
مصالحهم .ولو راجعععت التععوراة المععؤرخ الوحيععد لتلععك الفععترة ،
لوجدت أن عدد الملععوك الععذين تعععاقبوا علععى الحكععم ،علععى مععدى
300سنة تقريبا ،هو 22ملكا ،وهو عدد كععبير نسععبيا ،بمعععدل
14سععنة حكععم لكععل ملععك .وذلععك لكععثرة الغتيععالت ،الععتي كععان
يععدّبرها ويوقعهععا فيهععم عليععة القععوم ،ومععن والهععم مععن الكهنععة
والحبععار ،سععواء مععن صععلح أو فسععد ،مععن هععؤلء الملععوك .
189
والملحععظ أيضععا أن معظععم ملععوكهم ،كععانوا صععغارا فععي السععن ،
وربما كان ذلك هو الغاية مععن قتععل آبععائهم ،فوجععود ملععك صععغير
السن ،يسهل عليهم السيطرة على شععؤون الحكععم ،ليكونععوا هععم
خبرائه ومستشاريه ،وهذه هي سياسععتهم فععي العصععر الحععالي ،
في شتى بقاع الرض .وعلى الجانب الخر كان هناك النبيععاء ،
الذين لم ينقطع بعثهم في بنععي إسععرائيل ،ليعيععدوا أولئك العصععاة
إلععى حظيععرة اليمععان ،بععدعوتهم إلععى العععودة إلععى شععرع ال ع ،
وتععذكيرهم وتحععذيرهم بمععا قضععاه العع عليهععم إن أفسععدوا فععي
الرض .
تخبرنا كثير من اليات القرآنية عن إفسععاد بنععي إسععرائيل ،حيععث
الشرك بععال ،وتكععذيب فريععق مععن النبيععاء ،وقتععل فريععق آخععر ،
وقتععل أوليععاء ال ع مععن النععاس ،وسععفك دمععاء فريقععا مععن قععومهم
وإخراجهم من ديارهم ،وتحريعف الكهنعة والحبعار ،لكتعاب الع
ليوافق أهواء علية القوم ،والعتداء على حدود ال ،وعصععيان
أوامععره ،وأكلهععم الربععا وأمععوال النععاس بالباطععل … إلععى آخععره .
ومجمل هذه اليات تخاطب بني إسرائيل كأمة .فأين ومععتى وقععع
منهم هذا الفساد الممي … ؟!
قق الفساد الول ؟ وهل تح ّ
س عَتْكَبْرُتمْ
س عُكْم ا ْ
سوٌل ِبَما َل َتْهَوى َأنُف ُ
جاَءُكْم َر ُ قال تعالى ) َأَفُكّلَما َ
ن ) 87البقرة ( ،والخطاب هنععا مععوجه َفَفِريًقا َكّذْبُتْم َوَفِريًقا َتْقُتُلو َ
لمن يملك سلطة القتل ،وهم سععادة الحكععم وعليععة القععوم ،فتععارة
كانوا يكّذبون النبياء وأولياء ال ،الذين ُبعثوا من قبله سععبحانه
للصعععلح ،وتعععارة يقتلعععونهم ،بعععدفع معععن الكهنعععة والحبعععار
والتجار ، ،لتعععارض ذلععك مععع رغبععاتهم وأهععوائهم ِ ) ،إنّ اّلعِذينَ
190
نق َوَيْقُتُلععونَ اّلعِذي َ حع ّن ِبَغْيعِر َ
ن الّنِبّييع َ لع َوَيْقُتُلععو َ ت ا ِّ ن ِبآَيععا ِ
َيْكُفعُرو َ
ب َأِليعععٍم ) 21آل شعععْرُهْم ِبَععععَذا ٍ
س َفَب ّن الّنعععا ِ ط ِمععع ْ سععع ِ
ن ِباْلِق َْيعععْأُمُرو َ
عمران ( ،فل أشّد وأعظم إفسادا في الرض عند ال ،مععن قتععل
الناس وسفك دمائهم بغير حق ،فما بالك إذا كان القتل في أنبياء
ال ع وأوليععاءه الصععالحين ،فهععذا قّمععة فععي الجععرام والسععراف
ن أن هنععاك إفسععاد فععي والعصععيان والتمععرد والعععدوان ،ول أظعع ّ
الرض ُ ،يقععارن بهععذا الفسععاد ،فلععم يسععبق لقععوم مععن القععوام
السابقين واللحقيععن ،أن قتلععوا أنبيععاءهم سععوى بنععي إسععرائيل ،
وما إفسادهم الحالي في دولتهم الحالية ،إل صورة طبععق الصععل
عن الفساد الول في دولتهم الولى ،ولو ُبعث فيهععم أنبيععاء فععي
هذا العصر لقتلوهم بل شك ،فقد قتلوا رئيس وزرائهم ) رابين (
،بععدفع وتحريععض مععن الحاخامععات ،كععونه لبععس ثععوب الصععلح
فقط ،بإظهاره شيئا من اللين مع الفلسطينين ،ل لنه ُمصلح .
جععونَ خِر ُ
ن ِدَمععاَءُكْم َوَل ُت ْ سعِفُكو َ
خْذَنا ِميَثععاَقُكْم َل َت ْ قال تعالى ) َوِإْذ َأ َ
ن )ُ (84ثّم َأْنتُْم َه عُؤَلء شَهُدو َ ن ِدَياِرُكْم ُثّم َأْقَرْرُتْم َوَأْنُتْم َت ْ سُكْم ِم َْأنُف َ
عَلْيِهْمظَهُرونَ َ ن ِدَياِرِهْم َت َ
ن َفِريًقا ِمْنُكْم مِ ْ جو َ خِر ُ سُكْم َوُت ْ ن َأنُف ََتْقُتُلو َ
عَلْيُكعْم حعّرٌم َسععاَرى ُتَفععاُدوُهْم َوُهعَو ُم َ ن َيْأُتوُكْم ُأ َ
ن َوِإ ْ ِباِْلثِْم َواْلُعْدَوا ِ
ض ) 85البقععرة ( ن ِبَبْع ٍ ب َوَتْكُفُرو َ ض اْلِكَتا ِ ن ِبَبْع ِ جُهْم َأَفُتْؤِمُنو َ خَرا ُ ِإ ْ
.توحي هاتين اليتين ،أن سادة الحكم كانوا يستضععفون طائفعة
مععن قععومهم ،ظلمععا وعلععوا بغيععر وجععه حععق – وهععذا نفععس فعععل
فرعون -فأوقعوا فيهم القتل ،والنهب والسلب ،وأخرجوهم من
ديععارهم واسععتولوا عليهععا .فاضععطروا إلععى اللجععوء إلععى أرض
أعععدائهم ،وعلععى مععا يبععدو أنهععم كععانوا ُيجععبرون علععى خععوض
المعارك ،إلى جانب أعععداء مملكععة بنععي إسععرائيل ،وعنععد وقععوع
المعركععة ،كععان هععؤلء المستضعععفين ُيحجمععون عععن قتععال بنععي
191
جلععدتهم ،ويقومععون بتسععليم أنفسععهم ،ظّنععا منهععم بععأن أبنععاء
جلدتهم ،سيتركونهم ليعودوا إلى أهليهععم بعععد انتهععاء المعركععة ،
فمععا كععان مععن أولئك الظلمععة ،إل أن عععاملوهم كأسععرى العععدو ،
فحبسوهم وطالبوا ذويهم بالفدية .
وأما مظاهر الفساد الخرى فمنها :
.1الشرك بال :
جْب ِ
ت ن ِبععاْل ِب ُيْؤِمُنععو َ ن اْلِكَتععا ِ
صععيًبا ِمع َن ُأوُتععوا َن ِ ) َأَلعْم َتعَر ِإَلععى اّلعِذي َ
ت ) 51النساء ( غو ِ طا َُوال ّ
ب
ضع َ ل َوغَ ِ ن َلَعَنُه ا ُّ ل َم ْعْنَد ا ِّ
ك َمُثوَبًة ِ ن َذِل َشّر ِم ْ ) ُقْل َهْل ُأَنّبُئُكْم ِب َ
ش عرّ ت ُأوَلِئكَ َ غو َ طععا ُ عَب عَد ال ّ
خَنععاِزيَر َو َجَعَل ِمْنُهُم اْلِق عَرَدَة َواْل َ عَلْيِه َو َ َ
سِبيِل ) 60المائدة ( سَواِء ال ّ ن َ عْضّل َ َمَكاًنا َوَأ َ
ح اْب عنَ سععي َ ن الِّ ع َواْلَم ِ ن ُدو ِ حَباَرُهْم َوُرْهَبععاَنُهْم َأْرَباًبععا ِمع ْ خُذوا َأ ْ ) اّت َ
حاَنهُ عَّمععا س عْب َ
حًدا َل ِإَلَه ِإّل ُهَو ُ َمْريََم َوَما ُأِمُروا ِإّل ِلَيْعُبُدوا ِإَلًها َوا ِ
ن ) 31التوبة ( شِرُكو َ ُي ْ
.2نقض الميثاق وكتمان كلم ال وإخفائه وتحريفه :
حّرُفععونَ سعَيًة ُي َ جَعْلَنععا ُقُلععوَبُهْم َقا ِض عِهْم ِميَثععاَقُهْم َلَعّنععاُهْم َو َ) َفِبَما َنْق ِ
طِلُع عََلععى ظا ِمّما ُذّكُروا ِبِه َوَل َتَزاُل َت ّ حّ سوا َ ضِعِه َوَن ُ ن َمَوا ِ عْ اْلَكِلَم َ
ب
حع ّ ل ع ُي ِن ا َّ ح ِإ ّص عَف ْعْنُه عْم َوا ْ ف َ ع ُ ل ِمْنُه عْم َفععا ْ خاِئَن عٍة ِمْنُه عْم ِإّل َقِلي ًَ
ن ) 13المائدة ( سِني َح ِ اْلُم ْ
س َوَل ب َلُتَبّيُنّنععُه ِللّنععا ِ ن ُأوُتععوا اْلِكَتععا َ ق اّلععِذي َ لعع ِميَثععا َخععَذ ا ُّ ) َوإِْذ َأ َ
س مَععال َفِبْئ َ شعَتَرْوا ِبعِه َثَمًنععا َقِلي ًظُهوِرِهْم َوا ْ َتْكُتُموَنُه َفَنَبُذوُه َوَراَء ُ
ن ) 187آل عمران ( شَتُرو َ َي ْ
.3عبادة الجن والشياطين وتعلم السحر وممارسته :
192
ت ِبَغْي عِر
ن َوَبَنععا ٍخَرُقوا َلُه َبِني ع َ
خَلَقُهْم َو َ ن َو َجّ شَرَكاَء اْل ِ ل ُ) َوجََعُلوا ِّ
ن ) 100النعام ( صُفو َ عّما َي ِ حاَنُه َوَتَعاَلى َ سْب َ
عْلٍم ُ ِ
سعَلْيَمانُ ن َوَمععا َكَفعَر ُ سعَلْيَما َ
ك ُعَلى ُمْل ِ ن َ طي ُشَيا ِ
) َواّتَبُعوا َما َتْتُلو ال ّ
حَر ) 102البقرة ( سْس ال ّن الّنا َ ن َكَفُروا ُيَعّلُمو َ طي َ
شَيا ِن ال ّ َوَلِك ّ
.4الربا والسرقة والحتيال :
ط عِل
س ِباْلَبا ِ
عْن عُه َوَأْكِلِه عْم َأْم عَواَل الّنععا ِ
خ عِذِهُم الّرَبععا َوَق عْد ُنُهععوا َ ) َوَأ ْ
عَذاًبا َأِليًما ) 161النساء ( ن ِمْنُهْم َ عَتْدَنا ِلْلَكاِفِري َ
َوَأ ْ
ت
ح َ سع ْ ن َوَأْكِلِهُم ال ّن ِفي اِْلْثِم َواْلُعْدَوا ِ عو َ ساِر ُ) َوتََرى َكِثيًرا ِمْنُهْم ُي َ
ن ) 62المائدة ( َلِبْئسَ َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ
.5ترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر :
ن )79 س َمععا َكععاُنوا َيْفَعُلععو َن ُمْنَكٍر َفَعُلععوُه َلِبْئ َعْ ن َ ) َكاُنوا َل َيَتَناَهْو َ
المائدة (
.6نقض العهود والمواثيق :
ن) ق ِمْنُهعْم َبعْل َأْكَثُرُهعْم َل يُْؤِمُنععو َ عْهًدا َنَبَذُه َفِري ٌ عاَهُدوا َ ) َأَوُكّلَما َ
(100
وهكععذا نسععتطيع القععول ،بععأن العلععو الول والفسععاد الول لبنععي
إسرائيل ،قد تحّققا فععي الرض المقّدسععة .وكععانت بدايععة علععوهم
بملك داود ،ووصل إلى أقصى مععداه ،فععي عصععر سععليمان عليععه
السلم .وأما الفساد فكانت بدايته بعد وفاة سليمان عليه السععلم
خر هذا الملك وهذه المملكععة فععي الهععواء … والسؤال الن هل تب ّ
… ؟! وهل مّر ذلك الفساد دون عقاب … ؟!
193
وهل تحقق البعث الول ؟
ن َقَتعَل سعَراِئيَل َ ،أّنعهُ َمع ْ عَلى َبِنععي ِإ ْ ك َكَتْبَنا َ جِل َذِل َ ن َأ ْ
قال تعالى ) ِم ْ
س
ض (( َ ،فَكَأّنَمععا َقَت عَل الّنععا َ ساٍد ِفي اَْلْر ِ س )) َأْو َف َ سا ِبَغْيِر َنْف ٍ َنْف ً
جععاَءْتُهْمجِميًعععا َ ،وَلَقعْد َ س َ حَيععا الّنععا َ حَياَهععا َفَكَأّنَمععا َأ ْ
ن َأ ْ
جِميًعععا َوَمع ْ َ
سِرُفو َ
ن ض َلُم ْك ِفي اَْلْر ِ ن َكِثيًرا ِمْنُهْم َبْعَد َذِل َ ت ُ ،ثّم ِإ ّسُلَنا ِباْلَبّيَنا ِ
ُر ُ
ن ِفععي س عَعْو َ سوَلُه َ )) ،وَي ْ ل َوَر ُ ن ا َّحاِرُبو َ ن ُي َ جَزاُء اّلِذي َ)ِ (32إّنَما َ
طعععَع َأْيعععِديِهمْ صعععّلُبوا َأْو ُتَق ّ ن ُيَقّتُلعععوا َأْو ُي َ سعععاًدا (( َ ،أ ْ ض َف َ اَْلْر ِ
ي ِفععي خعْز ٌ ك َلُهعْم ِ ض َذِلع َن اَْلْر ِ ف َ ،أْو ُينَفعْوا ِمع ْ ل ٍ خَن ِ جُلُهْم ِمع ْ َوَأْر ُ
ظيٌم ) 33المائدة ( عِب َ عَذا ٌ خَرِة َ لِ الّدنَيا َ ،وَلُهْم ِفي ا ْ
لع َمْغُلوَل عةٌ … ت الَْيُهععوُد َي عُد ا ِّوقال أيضا في نفس السورة ) َوَقاَل ِ
ن )64 سِدي َ ب اْلُمْف ِح ّساًدا (( َ ،والُّ َل ُي ِ ض َف َ ن ِفي اَْلْر ِ سَعْو َ )) َوَي ْ
المائدة (
وانظر ما كتبه ال عليهم ،في الية الولععى ،ومععا عقععب بععه فععي
الية الثانية ،حيث أعطى أربع خيارات ،لمجازاة مععن يحععاربون
ال ورسوله ،ويسعون في الرض فسادا .والذين لهم دأب على
محاربعة الع ورسععوله بععأقوالهم وأفعععالهم ،والععذين يسعععون فععي
الرض فسععادا ،هععم اليهععود ل غيرهععم ،وهععذا مععا ُتق عّرره اليععة
الثالثة .وهذا هو الحكم الُمسبق الععذي أصععدره أحكععم الحععاكمين ،
وأوكععل أصعحاب البعععث الول ،لتنفيععذ خيععاراته الربعععة مجتمعععة
فيهم ،بإذن ال .
ب ِمعع ْ
ن ن َأْهععِل اْلِكَتععا ِ ظععاَهُروُهْم ِمعع ْ ن َ وقععال تعععالى ) َوَأْنععَزَل اّلععِذي َ
ن
سعُرو َ ن َوَتْأ ِب َفِريًقععا َتْقُتُلععو َ عع َف ِفععي ُقُلععوِبِهُم الّر ْ صععيِهْم َوَقعَذ َ صَيا َِ
حكم بععه علععى يهععود بنععي قريظعة َفِريًقا ) 26الحزاب ( ،وهذا ما ُ
بعد هزيمة الحزاب ،بقتل الرجال وسبي النساء والطفال .
194
صل ،ومن ثم زال ،فل بععد وبما أن الفساد المقترن بالعلو قد تح ّ
أن يكععون أولئك العبععاد قععد ُبعثععوا عليهععم ،فجاسععوا خلل ديععارهم
وخربوها ،وأوقعوا في حكامهم ورؤسععائهم وكهنتهععم وأحبععارهم
القتل والتنكيل ،وهععدموا المسععجد ) الهيكععل ( ونهبععوا محتويععاته
من كنععوز وأمععوال ،وسععبوا نسععائهم وأطفععالهم ،وأصععبحت بيععت
المقععدس أطلل تعععوي فيهععا الثعععالب ،فحععل بهععم الخععزي والععذّل
والعار ،بعععد أن رفعععه الع عنهععم بمّنععه وكرمععه ،فخععانوا ميثععاق
ربهم ونقضوا عهده ،استكبارا وعلععوا فععي الرض بغيععر الحععق .
حيث كان ذلك حكععم الع الععذي أنجععزه فععي أسععلفهم ،علععى أيععدي
أولئك العباد ،فيمععا ُيسععمى بالسععبي البععابلي الموصععوف بععالتوراة
بإسهاب ،والذي يؤكد نفاذ هذا الحكم فيهم ،كمععا جععاء فععي اليععة
الكريمة أعله .لذلك عّقب سبحانه بعد ذكر الوعد الول ،بقععوله
عًدا َمْفُعوًل ) 5السراء ( .
ن َو ْ
) َوَكا َ
بعض الحكام التي صدرت في حقهم فيما
سبق نزول القرآن :
عَلْيِهعْم ِإَلععى َيعْوِم اْلِقَيامَعةِ مَع ْ
ن ن َ ك َلَيْبَعَثع ّ
ن َرّبع َقال تعالى ) َوِإْذ َتَأّذ َ
حيععٌم ) ب َوِإّنُه َلَغُفوٌر َر ِ سِريُع اْلِعَقا ِ ك َل َ ن َرّب َب ِإ ّسوَء اْلَعَذا ِ سوُمُهْم ُ َي ُ
ن َومِْنُه عْم ُدو َ
ن حو َ صععاِل ُ
ض ُأَمًما ِمْنُه عْم ال ّ طْعَناُهْم ِفي اَْلْر ِ َ (167وَق ّ
خَل عفَ ن )َ (168ف َ جُعو َ ت َلَعّلهُْم َيْر ِ سّيَئا ِت َوال ّ سَنا ِ ح َك َوَبَلْوَناُهْم ِباْل ََذِل َ
ض َهععَذا اْلَْدَنععى عععَر َ ن َ خععُذو َ ب َيْأ ُف َوِرُثععوا اْلِكَتععا َ خْلعع ٌ ن َبْعععِدِهْم َِم ع ْ
خعْذخعُذوُه َأَلعْم ُيْؤ َ
ععَرضٌ ِمْثُلعُه َيْأ ُ ن َيعْأِتِهْم َ سعُيْغَفُر َلَنعا َوِإ ْ ن َ َوَيُقوُلو َ
سععوا َمعا ق َوَدَر ُ حع ّلع ِإّل اْل َ عَلى ا ِّ ن َل َيُقوُلوا َ ب َأ ْق اْلِكَتا ِعَلْيهِْم ِميَثا َُ
ل َتْعِقُلعععونَ )169 ن َأَف َ
ن َيّتُقعععو َ خْيعععٌر ِلّلعععِذي َ
خعععَرُة َ لِ ِفيعععِه َوالعععّداُر ا ْ
العراف ( .
195
ت َأْيِديِهْم َوُلِعُنوا ِبَمععا
غّل ْ ل َمْغُلوَلٌة ُ ت اْلَيُهوُد َيُد ا ِّ
وقال أيضا ) َوَقاَل ْ
ن َكِثيًرا مِْنُهْم مَععاشاُء َوَلَيِزيَد ّ ف َي َ ق َكْي َ ن ُينِف ُطَتا ِسو َ َقاُلوا َبْل َيَداُه َمب ُ
ضععاَء
طْغَياًنا َوُكْفًرا َوَأْلَقْيَنا َبْيَنُهْم اْلَع عَداَوَة َواْلَبْغ َك ُ ن َرّب َك ِم ُْأنِزَل ِإَلْي َ
ن ِفععي سعَعْو َطَفَأَها الُّ َوَي ْ ب َأ ْ
حْر ِ ِإَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة ُكّلَما َأْوَقُدوا َناًرا ِلْل َ
ن ) 64المائدة ( . سِدي َ ب اْلُمْف ِح ّ
ل َل ُي ِ ساًدا َوا ُّ ض َف َاَْلْر ِ
وهذه الحكام هي :
.1استضعافهم واضطهادهم وتعذيبهم من قبل الخريععن ،أينمععا
حلوا وأينما ارتحلوا إلى يوم القيامعة .وهعذا حكعم ععاّم ،وأمعا
عقابهم عند مجيء الوععدين ،فهععو حكععم خعاص مسعتثنى معن
هذا الحكم .
.2نفيهم من فلسطين وشتاتهم فععي كافععة أرجععاء الرض .ممععا
يؤكععد زوال مملكتهععم الولععى ،ويهيععئ لقيععام الدولععة الثانيععة
مستقبل .
.3إلقاء العداوة والبغضاء فيما بينهم إلى يوم القيامة .وإطفاء
الحععروب الععتي ُيشعععلوها ،وإفشععال مخططععاتهم السععاعية إلععى
الفساد .
دسة ؟ وهل دخلوا الرض المق ّ
لو عدنا إلى زمن موسى عليه السلم ،بعد أن وصل وقومه إلععى
خُلععوا
مشععارف الرض والمقدسععة ،حيععث قععال لقععومه ) َيَق عْوِم اْد ُ
عَلععى َأْدَبععاِرُكْم
ل ع َلُك عْم َوَل َتْرَت عّدوا َ
ب ا ُّ
س عَة اّلِتععي َكَت ع َ
ض اْلُمَقّد َ
اَْلْر َ
ن ) 21المائدة ( ،والرض المقدسة هي فلسطين سِري َخا َِفَتْنقَِلُبوا َ
،ولم تقّدس في القععرآن أرض غيرهععا .وقععد وردت هععذه العبععارة
فععي القععرآن مععرة واحععدة فقععط ،وكععان بنععو إسععرائيل آنععذاك أمععة
حرموا من دخولها أربعيعن واحدة ،فامتنعوا عن الدخول إليها ،ف ُ
196
سنة ،ولم يكن التيه بضياعهم وتشرذمهم فععي الرض ،كمععا قععد
يتوهم البعض ،وإنما بحرمانهم من الهداية والقيادة برفع النبععوة
والوحي ،وهذا يؤكد أن موسى عليه السععلم ،انتقععل إلععى جععوار
ربه قبل أو بداية سنوات التحريم ،ولذلك تجّلت الحكمة اللهية ،
باختيار النقباء الثني عشر وأخععذ الميثععاق منهععم مسععبقا ،لعلمععه
المسععبق بمععا سععيكون منهععم .وُتععرك أمععر بنععي إسععرائيل لولئك
النقباء ،كٌل حسب السبط الععذي ينتمععي إليععه ،لقيععادتهم والفصععل
بينهم في الحوال المدنية والشرعية .
وفي نهاية الربعين سنة ،وصل ال ع مععا كععان قععد قطعععه ،فبعععث
سععى ِإْذ
ن َبْع عِد ُمو َ
سَراِئيَل ِم ْ
ن َبِني ِإ ْ
ل ِم ْ
فيهم نبيا َ ) ،أَلْم َتَر ِإَلى اْلَم َِ
سِبيِل الِّ ) 246البقععرة ( ، ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفي َ
ي َلُهُم اْبَع َْقاُلوا ِلَنِب ّ
وكلمععة ) المل ( تعنععي عليععة القععوم ،وطلععب القتععال كععان لععدخول
الرض المقدسة ،التي كان قععد ُكتععب لهععم دخولهععا ،علععى لسععان
موسى في الية السععابقة ،وعنععدما أذن الع لهععم بععدخولها ،بعععد
قتال جالوت وجنوده والنتصار عليهم ،بقتععل داود عليععه السععلم
لجالوت ،دخلوها مجتمعين كأمة أيضا ،فأقام لهم داود وسليمان
عليهما ،دولتهم الولى وعلوهم الول .
مذكور فنني حصر الفترة الزمنية للفساد ال ُ
القرآن :
سععى والن لننتقععل إلععى الكريمععة الععتي تقععول ) َوَلَقععْد َءاَتْيَنععا ُمو َ
سى اْبنَ مَْرَيَم عي َ سِل (( َ ،وَءاَتْيَنا ِ ن َبْعِدِه ِبالّر ُب َ )) ،وَقّفْيَنا ِم ْ اْلِكَتا َ
سععوٌل ِ ،بمَععا َل جععاَءُكْم َر ُ س َ .أَفُكّلَمععا َ ح اْلُقُد ِ ت َ ،وَأّيْدَناُه ِبُرو ِ اْلَبّيَنا ِ
ن )87 سعَتْكَبْرُتْم َ ،فَفِريًقععا َكعّذْبُتْم َوَفِريًقععا َتْقُتُلععو َ
سعُكُم ،ا ْ َتْهعَوى َأْنُف ُ
البقععرة ( ،قلنععا أن قمععة الفسععاد هععي قتععل النفععس بغيععر حععق ،
197
وأعظمها قتل الرسل والنبياء ،ولحظ قوله سبحانه ) تقتلععون (
حيث تفيد صيغة المضارع ،الستمرارية والكثرة في القتل ،وقد
ُذكر قتلهم للرسل والنبياء ) ( 7مرات ،في مواضع متفرقة من
حصر وقوع هذا القتععل منهععم فععي هععذه اليععة ،بيععن القرآن ،وقد ُ
موسى وعيسى عليهمععا السععلم ،وإذا علمنععا أن بنععي إسععرائيل ،
كانوا بحاجة إلى النبياء ) حبل ال ع ( لععدخول الرض المقدسععة ،
لقامة دولتهم فيها ،ولم يكن فيهم أنبياء فععي سععنوات التحريععم ،
غير ذلك النبي الذي ُبعععث عنععد انقضععائها ،والععذي توجهععوا إليععه
لطلب المساعدة والنصرة من ال ،لتبين لنا أن قتل النبياء ،قععد
صععل منهععم ،قبععل بعععث عيسععى عليععه السععلم ،وهععو آخععر تح ّ
أنبيائهم ،وبعد وفاة سليمان عليه السلم ،آخر النبياء الملوك ،
حيث لم تعد بهم حاجة للنبياء ،ليعذّكروهم بشععرع الع واللعتزام
بععه ،بعععد أن أمسععى لهععم الملععك والعلععو فععي الرض ،فععأهواء
ورغبات وأطماع ،الذين ) أشربوا في قلوبهم العجل بكفرهععم ( ،
والذين ) قست قلوبهم فهي كالحجععارة أو شععد قسععوة ( ،ل تتفععق
وشرع ال .
نهاية المملكة وخروجهم من فلسطين :
ض ُأَمًمععا ( ،أي
طْعَنععاُهْم ِفععي اَْلْر ِ
ولو نظرنا في قوله تعععالى ) َوَق ّ
فرّقناهم ،نجد أنععه سععبحانه أثبععت خروجهععم ونفيهععم مععن الرض
المقدسة ،وشتاتهم في الرض علعى عمومهعا ،علعى القعل قبعل
بعث محمعد عليعه الصعلة والسعلم بعالقرآن ،فهعل ُيعقعل أن أمعة
بأسرها ،تقوم بالتخلي عن ُملكها وترك أرضها من تلقاء نفسععها
ورغبععة عنهععا ؟!!! أم أن هنععاك أمععر عظيععم نععزل بهععا ،فععتركت
أرضها قسرا وقهرا ،بعد أن ُأزيل ملكهععا وأفععل نجمهععا ؟!!! وقععد
198
ورد ذكر هذا الحدث في القععرآن بصععيغة الماضععي ،بقععوله تعععالى
عًدا َمْفُعوًل ) 5السراء ( .وبمععا
ن َو ْ
لَل الّدَياِر – َوَكا َخَ سوا ِجا ُ
) َف َ
أن تلك العبارة أثبتت شتاتهم بعد أن كانوا أمة واحععدة ،والعبععارة
جْئَنا ِبُكْم َلِفيًفا )104السععراء ( ،تشععترط
خَرِة ِ
لِعُد ا ْجاَء َو ْ
) َفِإَذا َ
مجيئهم من الشتات والتجّمععع فععي فلسععطين ،ولععم يععرد نععص فععي
القرآن ُ ،يثبت مجيئهم وتجّمعهم من الشتات قبل السلم ،لقامة
علوهم الثاني .نستطيع الجزم بأن وعععد الولععى ،بقيععام المملكععة
الولععى وزوالهععا ،قععد تحقععق ،وأن المععرة الثانيععة قععد تحّققععت
بمجيئهم وتجّمعهم من الشتات ،لقامة دولتهم الحالية .
إثبات تواجد اليهود في بابل :
ق ِلَما مََعُه عْم ، صّد ٌ
ل ُ ،م َ عْنِد ا ِّن ِ سوٌل ِم ْ جاَءُهْم َر ُ قال تعالى ) َوَلّما َ
ظُهععوِرِهْم ، ل َوَراَء ُ ب ا ِّب ِ ،كَتا َ ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ ن اّلِذي َ ق ِم َ) (1نََبَذ َفِري ٌ
ك
ن عََلعى ُمْلع ِ طي ُ ن )َ(2) (101واّتَبُعوا َما َتْتُلعو ال ّ
شعَيا ِ َكَأّنهُْم َل َيْعَلُمو َ
ن َكَفُروا ( ع )ُ(3يَعّلمُععونَ طي َشَيا ِن ال ّ ن َوَلِك ّسَلْيَما ُن ع ) َوَما َكَفَر ُ سَلْيَما َ
ُ
ت ت َوَماُرو َ عَلى اْلَمَلَكْينِ ) ِبَباِبَل ( َهاُرو َ حَر َ ،وَما ُأْنِزَل َ سْ س ال ّ الّنا َ
ن ِفْتَن عٌة َ ،فلَ َتْكُف عْر ، حع ُ
حّتى َيُقوَل ِإّنَما َن ْ حٍد َ ، ن َأ َن ِم ْ ع ) وََما ُيَعّلَما ِ
جعِه َ ،ومَععا ُهعْم ن اْلَمعْرِء َوَزْو ِ ن ِبعِه َبْيع َن ِمْنُهَما َ ،ما ُيَفّرُقو َ َفَيَتَعّلُمو َ
ضّرُهْم َ ،وَل ن َما َي ُ ل ( ع )َ(4وَيَتَعّلُمو َ ن ا ِّ حٍد ِإّل ِبِإْذ ِن َأ َن ِبِه ِم ْ ضاّري َِب َ
ق، ل ٍ خَن َخ عَرِة ِم ع ْ
لِشَتَراُه َ ،ما َلُه ِفي ا ْ نا ْ عِلُموا َلَم ِ َيْنَفُعُهْم َ ،وَلَقْد َ
ن ) 102البقرة ( سُهْم َ ،لْو َكاُنوا َيْعَلُمو َ شَرْوا ِبِه َأْنُف َ س َما َ َوَلِبْئ َ
موضوع الحديث ما قبل هاتين اليتين ،وما بعدهما ،هم اليهععود
إجمععال .بينمععا تتعععرض اليتععان أعله ،لموقععف فئة مععن اليهععود
المعاصرين لرسالة السلم ،من بعث نبينا محمد عليععه الصععلة
والسلم ،حيث قام هؤلء وما زالوا يقومون بثلثة أفعال :
199
.1عنععد مجيععء رسععول العع عليععه الصععلة والسععلم ،بصععفة
مطابقة لما كان بين يديهم من التوراة ،ومجيئه بما يتفععق مععع
ما جاء بععه أنبيععاؤهم ،أزاحععوا التععوراة مععن عقععولهم وقلععوبهم
وأنكروا مععا فيهععا ،وكتمععوا مععا أخععبرت عنععه وجععاءت بععه عععن
الناس ،وأظهععروا عععدم معرفتهععم وعلمهععم بععأمر هععذا النععبي ،
وعوضا عن اتباعهم لهذا النععبي عليععه الصععلة والسععلم ،كمععا
تأمرهم التوراة :
.2قاموا باتباع ما تتلوا الشياطين على ملك سععليمان ،وحقيقععة
مععا اتبعععوه ُيععبّينه سععبحانه ،بالجملععة المعترضععة ) َومَععا َكَف عَر
ن َكَفعُروا ( أي الكفرّيععات الععتي مععا زالععت طي َ
شَيا ِ
ن ال ّن َوَلِك ّسَلْيَما ُُ
تتلوها الشياطين على ملك سليمان ،ومجيععء الفعععل ) تتلععوا (
بصيغة المضارع ُ ،يفيععد بععأنهم علععى اّتصععال دائم بالشععياطين ،
وأن الشياطين ما زالععت تتحعّدث إليهعم ،بكفرّيعات تنسعبها إلععى
سليمان عليه السلم ُ ،يععبرأه سععبحانه منهععا بقععوله ) ومععا كفععر
سليمان ولكن الشياطين كفروا ( ،وعوضععا عععن تعليععم النععاس
تعاليم التوراة :
.3كانوا وما زالوا ُ ،يعلمون الناس السععحر ،ويعّلمععونهم أيضععا
نوعا آخرا من السحر ،كععانوا قععد تعّلمععوه أثنععاء تواجععدهم فععي
بابل ،هو ما ُأنزل على الملكين هععاروت ومععاروت ،اللععذان لععم
ل
ن ِفْتَنعٌة َ ،ف َحع ُ ُيعّلما أحدا مععن النععاس ،إل وقععال لععه ِ ) ،إّنَمععا َن ْ
َتْكُفْر ( وحقيقة ما كان يتعّلمععه النععاس مععن الملكيععن فععي بابععل ،
ن ِمْنُهَمععا ،مَععا ُيععبّينه سععبحانه بالجملععة المعترضععة ) َفَيَتَعّلُمععو َ
ح عٍد ن َأ َ
ن ِب عِه مِ ع ْ
ضععاّري َ جِه َ ،وَما ُهْم ِب َ
ن اْلَمْرِء َوَزْو ِ
ن ِبِه َبْي َ
ُيَفّرُقو َ
ل(. ن ا ِِّإّل ِبِإْذ ِ
200
.4وُيعّقب سبحانه على ما قامت به تلك الفئة بقوله ) َوَيَتَعّلُمونَ
ضّرُهْم َ ،وَل َيْنَفُعُهْم … إلى آخر الية ( .وهذا ما يقومون
َما َي ُ
به لغاية الن ،فععي محععافلهم الماسععونية ومدارسععهم الدينيععة ،
حيث ُيمارسون وُيعّلمون منتسبيهم وتلميذهم ،طقوس عبادة
الشياطين ،وفنون السحر والشعوذة .
عقوبتهم في الجزيننرة العربيننة كننانت جلءً
وليس عذابا :
وأما عند مجيء السلم ،كان جزء منهععم متواجععد فععي الجزيععرة
العربية ،وأخرجوا منها زمن عمر رضي ال ع عنععه ،قععال تعععالى
ن ِدَيععاِرِهْم َِلّوِلب ِم ع ْن َأْه علِ اْلِكَتععا ِ
ن َكَفُروا ِم ْ
ج الِذي َخَر َ
) ُهَو اّلِذي َأ ْ
شِر ) 2الحشر ( ،والحشر معناه الجمع ،والجمع يختلف عن ح ْ
اْل َ
الجميع ،وقوله ) لول الحشر ( أي بداية الجمع ،والجمع يكععون
عادة بعد التشّرد والشععتات ،والمقصععود هنععا الجمععع فععي الععدنيا ،
وليععس الحشععر بعععد المععوت والبعععث ،حيععث كععانت وجهتهععم عنععد
الخروج إلى بلد الشام ،وأما الجلء الذي حكم ال ع بععه عليهععم ،
في زمن الرسول عليععه السععلم وصععحبه الكععرام ،لععم يكععن عععذابا
كالموصوف فععي سععورة السععراء ،ل فععي الوعععد الول ،ول فععي
الوعد الثاني ،فكيفية العقاب في المرتين متطابقة ،كما أوضحنا
ب
ن َكَتع َ
سابقا ،وهذا ما يقرره سبحانه في الية التاليععة ) َوَلعْولَ َأ ْ
ب الّنعارِ عَذا ُخَرِة َ لِ لَء َ ،لَعّذَبُهْم ِفي الّدْنَيا َولَُهْم ِفي ا ْجَعَلْيِهُم اْل َ
ل َا ُّ
) 3الحشر ( ،وقوله تعالى ) لعّذبهم ( ،يفيد بأن الجلء لم ُيعتبر
عذابا بمعنى الكلمععة ،أمععا قتععل وسععبي يهععود بنععي قريظععة ،فهععو
اسععتثناء حصععل لخطععورة مععا قععاموا بععه مععن خيانععة ،فععي أحععرج
لحظة ،في تاريخ المة السلمية .
201
وإن لم يكن ما تقّدم مقنعا بما فيه الكفاية ،فانظر إلى قوله تعالى
عَل عْوا َتْتِبي عًرا
خُلوُه َأّوَل َمّرٍة َوِلُيَتّبُروا َما َجَد َكَما َد َ سِ خُلوا اْلَم ْ) َوِلَيْد ُ
) 7السراء ( ،فأي مسععجد الععذي دخلععه المسععلمون علععى اليهععود
آنذاك ،وما هو المسععجد المقصععود أصععل فععي هععذه اليععة ؟! ومععا
صفة العلو الذي كان لهم آنذاك ؟! ،وأما فسادهم وإفسععادهم فععي
الجزيرة وغيرها من المععاكن ،فهععو مشععمول فععي اليععة الكريمعة
سععاًدا
ض َف َ ن ِفي اَْلْر ِ سَعْو َ ل وََي ْطَفَأَها ا ُّ
ب َأ ْ
حْر ِ) ُكّلَما َأْوَقُدوا َناًرا ِلْل َ
ن ) 64المععائدة ( ،ولحععظ قععوله تعععالى سععِدي َ
ب اْلُمْف ِ حعع ّ
لعع َل ُي ِ َوا ُّ
) ويسعون ( ،حيث تفيد الستمرارية والمثععابرة ،علععى الفسععاد
في الرض على عمومها ،وهذا هو ديدنهم علععى مععر العصععور ،
لذلك كانوا عرضة للقتل والتنكيل ،أو النهب والسلب ،أو الطععرد
والنفي ،أينما حلوا وأينمععا ارتحلععوا ،فطععافوا معظععم أرجععاء مععن
المعمورة وتواجدوا في كل قاراتهععا ،منععذ 3آلف سععنة واسععتمر
حالهم هذا على مر العصور ،وهذا ما لم يقععع فععي أي شعععب مععن
شعععوب الرض ،وكععان السعتثناء الوحيععد ،هعو حصعولهم علعى
الدولة في القدس مرتين فقط .وبعد شتاتهم فععي المععرة الولععى ،
لم يكن لهم علو ،ولم يكن لهم جمع من الشتات ،الععذي هععو أحععد
شروط ومواصفات تحقق الوعد الثاني ،إل ما ُنشاهده الن على
أرض الواقع ،مععن علععوا ظععاهر مقععترن بالفسععاد والفسععاد ،فععي
الرض الُمقّدسة فلسطين .
202
تاريخ اليهود في التوراة والتلمود
ماهية التوراة :
التععوراة فععي ) لسععان العععرب ( :نجععد أن هععذه الكلمععة ذات أصععل
ي ،والوراء هو ولد الولد ،والواري هععو عربي " ومصدرها َوِر َ
ي المخ َيِري إذا اكتنز ،وناقة وارية السمين من كل شيء ،وَوِر َ
ت النعععار توريعععةً ،إذا اسعععتخرجتها ،قعععالأي سعععمينة ،ووَرْيععع ُ
واستوريت فلنا رأيا ،أي سألته أن يستخرج لي رأيععا ،ووريععت
الشيء وواريته أخفيته ،واستوريت فلنا رأيا أي طلبت إليععه أن
ينظر في أمري ،فيستخرج رأيا أمضي عليععه ،ووريععت الخععبر ،
ُأوِريه توريعًة ،إذا سععترته وأظهععرت غيععره ،وكععأنه مععأخوذ مععن
وراء النسان ،لنه إذا قال َوَرْيته ،فكأنه يجعلععه وراءه حيععث ل
سْتر " .يظهر ،والتورية هي ال َ
ولو تدبّرنا كل المعاني السابقة ،لوجدنا أن هذ التسمية ) التوارة
،التوريععة حسععب الرسععم القرآنععي لهععا ( ،جععاءت لتصععف بدقععة
وبشمولية ،حال الكتاب الموجود بيععن أيععدي اليهععود ،منععذ وفععاة
زكريا عليه السلم ،ولغاية الن ،ولتصف الكيفيععة الععتي يتعامععل
بها اليهود مع هذا الكتاب ،فكتابهم فععي الواقععع مكتنععز وسعمين ،
فهو يحوي بين دفتيه ) ( 39سفرا ،وإحدى نسععخه المترجمععة ،
فيها ما يزيد عن 1128صفحة ،بمعدل 380كلمة لكل صععفحة ،
ب ) (6مععرات أي مععا يفععوق القععرآن مععن حيععث عععدد الكلمععات ِ ،
جمع فيه ما ُأنععزل علععى أنبيععاء بنععي إسععرائيل المتعععاقبين تقريبا ُ ،
تباعا ،من شرائع وأخبععار ونبععوءات غيبيععة ،وتاريععخ وأسععاطير
وخرافات ،وعلى فترات متباعععدة ومتتاليععة ،ولمععدة ل تقععل عععن
ألف وخمسمائة سنة .
203
التوراة لم تنّزل على موسننى وكتننابه جننزء
منها :
ن ِفععي جو َ حععا ّ ب ِلعَم ُت َوحسب النص القرآني ،في الية ) َيَأْهَل اْلِكَتا ِ
ن )65 ل َتْعِقُلو َ ن َبْعِدِه َأَف َجيُل ِإّل ِم ْ ت الّتْوَراُة َواِْلن ِ ِإْبَراِهيَم َوَما ُأْنِزَل ْ
سععى ابْ عنِ مَْرَي عَم عَلععى آَثععاِرِهْم ِبِعي َ آل عمععران ( ،واليععة ) َوَقّفْيَنععا َ
ن الّتعْوَراِة ) 46المععائدة ( ،نجععد أن نععزول ن َيَدْيِه ِمع ُْمصَّدًقا ِلَما َبْي َ
حصر في الفععترة الزمنيععة الواقعععة بيععن ،وفععاة إبراهيععم التوراة ُ ،
ونب عّوة عيسععى عليهمععا السععلم ،ومععن قععوله تعععالى ) ِإّنععا َأنَزْلَنععا
سعَلُموا ِلّلعِذي َ
ن ن َأ ْ
ن اّلعِذي َ حُكعُم ِبَهععا الّنِبّيععو َ الّتْوَراَة ِفيَها ُهًدى َوُنوٌر َي ْ
ب الِّ ع َوَكععاُنوا ن ِكَتععا ِ ظوا ِم ع ْ حِف ُ
سُت ْ حَباُر ِبَما ا ْ ن َواَْل ْ َهاُدوا َوالّرّباِنّيو َ
ش عَهَداَء ) 44المععائدة ( ،نجععد أنهععا أنزلععت كمرجععع لبنععي عَلْي عِه ُ
َ
إسععرائيل ) بنععي يعقععوب عليععه السععلم ( ،لسععتنباط واسععتخراج
جاَءُكْم ب َقْد َ الحكام الشرعية منها ،وفي قوله تعالى ) َيَأْهَل اْلِكَتا ِ
ب )15المععائدة ( ن اْلِكَتا ِ خُفونَ ِم ْ ن َلُكْم َكِثيًرا ِمّما ُكْنُتْم ُت ْ سوُلَنا ُيَبّي ُ
َر ُ
س َوَل ب َلُتَبّيُنّنُه ِللّنععا ِ ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ ق اّلِذي َل ِميَثا َخَذ ا ُّ وقوله ) َوِإْذ َأ َ
س مَععا ل َفِبْئ َ شعَتَرْوا ِبعِه َثَمًنععا َقِلي ً ظُهوِرِهْم َوا ْ َتْكُتُموَنُه َفَنَبُذوُه َوَراَء ُ
ن ) 187آل عمران ( نجد وصفا لحععال اليهععود معهععا ومععا شَتُرو ََي ْ
كان منهم ،في إخفائهععا وكتمانهععا وتحريفهععا ،وإظهععار غيععر مععا
جاء فيها ،وكل ما قيل فيها من معاني في المعجععم ،ينسععجم مععع
واقع التوراة الحالي ،وليس على كتاب موسى فقط ،والذي هععو
في الصل جزء منها ،وما كان الفصل بينها وبيععن موسععى عليععه
السلم في القران ،إل ليؤكد هذه الحقيقة .
س عَراِئيَل ِ -إّل ل ِلَبِنععي ِإ ْ حّ ن ِطَعاِم َكا َ ولو تمعّنا في هذه الية ) ُكّل ال ّ
ن ُتَنّزَل الّتْوَراُة ُ -قْل َفعْأُتوا ن َقْبِل َأ ْ سِه ِ -م ْ عَلى َنْف ِ سَراِئيُل َ َما حَّرَم ِإ ْ
ن ) 93آل عمران ( ،وانظر قوله صاِدِقي َن ُكْنُتْم َ ِبالّتوَْراِة َفاْتُلوَها ِإ ْ
204
تعععالى ) ُتَنعّزَل ( ،ولععم يقععل ) ُتْنعَزَل ( ،والتنزيععل غيععر النععزال ،
فالول على مراحل ،والثاني لمرة واحدة ،ومععن ثععم انتقلنععا إلععى
حعّرَم َرّبُكعْم
سورة النعععام ،وتععدبرنا اليععات ) ُقعْل َتَعععاَلْوا َأْتعُل َمععا َ
سى عَلْيُكْم … )ُ = (153) … (152) … (151ثّم = آَتيَْنا ُمو َ َ
حمًَة يٍء َوُهًدى َوَر ْ ش ْ صيلً ِلُكّل َ ن َوَتْف ِ
سَح َ
عَلى اّلِذي َأ ْب َتَماًما َ اْلِكَتا َ
ن ) 154النعام ( لوجدنا أن هععذه اليععات َلَعّلهُْم ِبِلَقاِء َرّبِهْم ُيْؤِمُنو َ
حعّرم عليهعم فعي التععوراة ،وأن مجيعء أداة توضح ،ما كععان قععد ُ
العطف ) ُثّم ( ،بعد ذكر ما جاء في التوراة مباشرة ،والتي تفيععد
لغعًة ،الععترتيب والععتراخي فععي الزمععن ،ومجيععء العبععارة ) آَتْيَنععا
ب ( بعدها ،يؤكععد بمععا ل يععدع مجععال للشععك أمريععن ؛ سى اْلِكَتا َ ُمو َ
الول :أن التوراة شيء يختلف عن كتاب موسى عليه السععلم ،
والثاني :أنها سبقت كتاب موسى عليه السلم في النزول .
م بيننن دفننتيه جميننع مننا التننوراة كتنناب يضن ّ
ُأنزل على أنبياء بني إسرائيل :
والرجح أنها ُأنزلت مفّرقة بدءًا من يعقوب أو إسحاق ،وانتهاًء
بزكريا عليهعم السعلم ،وأنهعا مجمعل معا ُأنعزل علعى أنبيعاء بنعي
إسرائيل من كتب ،ومن ضمنها ما ُأنزل على يعقععوب ويوسععف ،
وموسى وداود وسليمان وزكريا ،وبقية أنبيائهم ،ممن لم تععذكر
أسمائهم ،في القرآن عليهم السععلم أجمعيععن ،قععال تعععالى ) َوَمععا
ط َومَععا
ب َواَْلسْعَبا ِق َوَيْعُقععو َ
حا َ
سع َ عيَل َوِإ ْسعَما ِ ُأنِزَل ِإَلععى ِإْبَراِهيعَم َوِإ ْ
ق َبْيع َ
ن ن َرّبِهعْم َل ُنَفعّر ُ
ن ِمع ْي الّنِبّيععو َ
سى َوَما ُأوِت َ عي َسى َو ِ ي ُمو َ ُأوِت َ
ن ) 136البقععرة ( ولحععظ أن ترتيععب سعِلُمو َ
ن َلعُه ُم ْ حع ُحٍد ِمْنُهْم َوَن َْأ َ
أسماء النبياء ،في هذه الية جاء متعاقبا حسب الترتيب الزمني
ن النععزال ،شععمل كععل مععن إبراهيععم وإسععماعيل ،ولحععظ أيضععا أ ّ
205
وإسحاق ويعقوب والسباط وتوقف .وأفرد موسى وعيسععى مععع
صهما باليتاء ،وأفرد النبيين من غير ذرية أنهم من السباط وخ ّ
إبراهيععم باليتععاء أيضععا ،والظععاهر أن هنععاك فععرق بيععن النععزال
واليتاء ،وأما ماهية السباط فسنبينها في فصل آخر .
ولو اطلعت على مجمل النصوص القرآنية ،لوجدت أن مععا ُنسععب
إلى موسى عليه السلم باليتاء ،هععو الكتععاب والفرقععان والهععدى
صععا
وضياء وذكر واللواح والصععحف ،وأن التععوراة لععم تنسععب ن ّ
إلى موسى عليه السلم ،في أي موضععع مععن المواضععع ال )(18
فععي القععرآن ،وهععي ) 6مععرات فععي آل عمععران ،و 7مععرات فععي
المائدة ،ومععرة واحععدة فععي كعٍل مععن ،العععراف والتوبععة والفتععح
والصف والجمعة ( ،وخلصة القول ،أن ذكر التوراة في القران
ُ ،يقصد به مجموع ما ُأنزل على أنبياء بني إسرائيل ،أي الكتاب
الذي كان بأيدي اليهود زمن نزول القرآن ،وحتى عصرنا هععذا ،
وأن ذكر الكتاب ،يقصد به ما ُأنزل علععى موسععى لوحععده ،والع
أعلععم .وأمععا مععا ُينسععب إلععى موسععى عليععه السععلم فععي التععوراة
الحالية ،فهي السععفار الخمسععة الولععى مععن مجمععوع أسععفارها ،
وهي أسفار التكوين والخروج واللويين والعدد والتثنية ،وعلى
الرجح أن بعض هعذه السعفار ،كسعفر التكعوين ،كعان موجعودا
قبل موسى عليه السلم ،ومععن المحتمععل أن يكععون هععذا السععفر ،
هو مجموع صحف إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلم .
حقيقة التوراة على لسان المقدسي :
جاء في كتاب ) البدء والتاريخ ( للمقدسيّ ،مععا نصععه " :وذلععك
أن ) بختنصععر ( ،لمععا خععرب بيععت المقععدس وأحععرق التوريععة ،
وساق بني إسرائيل إلى أرض بابل ،ذهبت التوراة مععن أيععديهم ،
206
حتى جّددها لهم عزير فيما يحكون ،والمحفوظ عن أهل المعرفة
بالتواريخ والقصص ،أن عزيرا ) عزرا الكععاتب ( أملععى التععوراة
في آخر عمره ،ولم يلبث بعدها أن مات ،ودفعها إلى تلميععذ مععن
تلمذته ،وأمره بأن يقرأهعا علعى النععاس بعععد وفعاته ،فعععن ذلععك
التلميذ أخذوها ودونوها ،وزعموا أن التلميذ ،هو الذي أفسععدها
وزاد فيها وحرفها ،فمن ثم وقع التحريف والفساد فععي الكتععاب ،
وُبّدلت ألفاظ التوراة ،لنها من تأليف إنسععان بعععد موسععى ،لنععه
يخبر فيها ،عما كان من أمر موسى عليععه السععلم ،وكيععف كععان
موته ووصيته إلى يوشع بن نون ،وحزن بني إسرائيل وبكاؤهم
عليه ،وغير ذلك مما ل يشكل على عاقل ،أنه ليس من كلم ال
عز وجععل ،ول مععن كلم موسععى ،وفععي أيععدي السععامرة تععوراة ،
مخالفععة للتععوراة الععتي فععي أيععدي سععائر اليهععود ،فععي التواريععخ
والعيععاد وذكععر النبيععاء ،وعنععد النصععارى تععوراة منسععوبة إلععى
اليونانيعععة ،فيهعععا زيعععادة فعععي تواريعععخ السعععنين علعععى التوريعععة
العبرانية ،بألف وأربع مائة سععنة ونيععف ،وهععذا كلععه يععدل علععى
تحريفهم وتبديلهم ،إذ ليس يجوز وجععود التضععاد فيهععا مععن عنععد
ال " .
أما ما دفعني للبحث في أمر التوراة في البداية ،هععو رغبععتي فععي
اسععتخراج نععص النبععوءة منهععا ،ومقععارنته مععع نععص سععورة
السراء ،واستقراء تاريخهم حسععب مععا يروونععه هععم بأنفسععهم ،
فيما إذا كان هناك ما يفيد تحقق الوعععد الول ،مععن خلل البحععث
في التوراة الحاليععة ،والموجععودة تحععت اسععم العهععد القععديم ،فععي
ي نسععختين الكتاب المقدس الخاص بالنصارى ،حيث تععوفرت لععد ّ
عنه ،باسم )كتاب الحياة /ترجمة تفسيرية /ط / 1988 2جععي
سي سنتر القاهرة ( ،وتقع في ) (1128صفحة ،والخرى باسم
207
) الكتععاب المقععدس /دار الكتععاب المقععدس فععي الشععرق الوسععط (
وتقع فععي ) ( 1358صععفحة ،مترجمععة عععن التععوراة اليونانيععة ،
وبما أن عدد الصفحات كبير جدا ،ومن المؤكععد أن هععذا النععص ،
قد اعتراه الكثير من التحريف والتزوير من إضافة ونقص ،فهو
يحتاج إلى قراءة مركععزة ومتأنيععة ،مععن اللععف إلععى اليععاء ،ممععا
يتطلععب الكععثير مععن الععوقت والجهععد ،فضععل عمععا ُتصععاب بععه مععن
دوار ،كلما حاولت أن تستجمع ما ورد فيها ،مععن أفكععار مشععتتة
ومضّللة ،ولما فيها من إسهاب وإطالة وتكرار ،لذلك كان ل بععد
لي ،من تحديد على من ُأنزلت هععذه النبععوة ،ومععا هععو المقصععود
بقوله سبحانه ) فععي الكتععاب ( علععى وجععه الدقععة ،وفععي أي فععترة
زمنية ُأنزلت ،لتكون عملية البحث فيها أقل جهدا ،وعنععد بحععثي
عنها فيما ُنسب إلى موسى عليه السلم من أسفار ،وجدتها فععي
سععفر التثنيععة ،وقععد اعتراهععا الكععثير مععن التشععويه مععن حععذف
وإضافة ،وفيما يلي بعض من بقايا نصوصها التي توزعت على
مدى ) 18صفحة ( :
سنننفر التثنينننة آخنننر السنننفار المنسنننوبة
لموسننى ،ويضننم فنني ثناينناه نصننوص
النبوءة :
ملحظععة :النععص مععأخوذ مععن نسععخة ) كتععاب الحيععاة ( حيععث أن
التركيب اللغوي فيها ،أكثر قوة وتعبيرا ،إل في مواضع نادرة ،
نلجأ فيها للخذ من النسخة الخرى ) الكتاب المقدس ( وهععو مععا
يرد بين ] … [ ،وما يرد بين ) … ( فهو تعقيب من المؤلف .
208
دى ل ِب َِني عل َْناهُ ُ
ه ً ج َ
و َ
ب َ سى ال ْك َِتا َ مو َ ءات َي َْنا ُو َ
) َ
كيًل )2 ُ ّ ل أَ
سَراِئي َ
و َِ ني نِ ن دو
ْ ُن ن م
ِ ذوا ن خ
ِ ّ تَ ت ل إِ ْ
السراء (
" إصحاح :26آية :16لقد أمركععم الععرب إلهكععم هععذا اليععوم ،أن
تعملوا بهذه الفرائض والحكام ،فععأطيعوا واعملععوا بهععا مععن كععل
قلععوبكم ومععن كععل نفوسععكم … :17 ،وأن عليكععم طاعععة جميععع
وصاياه :19،فيجعلكم أسمى من كل المم ] مستعليا علععى جميععع
القبائل [ التي خلقها فععي الثنععاء والشععرف والمجععد ) ،العلععو ( ،
…".
إخبار موسى عليه السلم بنننص النبننوءة ،
كننننان قبننننل دخننننولهم إلننننى الرض
المقدسة :
" :1-9 :27وأوصى موسى وشيوخ إسرائيل الشعععب قععائلين :
أطيعوا جميع الوصايا التي أنا أمركم بها اليوم .فعندما تجتععازون
نهر الردن ،إلى الرض التي يهبها الععرب إلهكععم لكععم ،تنصععبوا
لنفسكم حجارة كععبيرة … ،وتكتبععون عليهععا جميععع كلمععات هععذه
الشريعة … ،ثم قععال موسععى والكهنععة واللويععون لجميعع شعععب
إسرائيل " :
سفر الخروج :2 : 20 " :أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك مععن
أرض مصر ديار عبوديتك :3 ،ل يكن لك آلهععة أخععرى سععواي ،
:4ل تنحععت لععك تمثععال ول صععورة :5 ، … ،ل تسععجد لهععن ول
تعبدهن :7 ، … ،ل تنطق باسم الععرب بععاطل :12 ، … ،أكععرم
أباك وأمك :13 ، … ،ل تقتععل :14 ،ل تععزن :15 ،ل تسععرق ،
209
:16ل تشعععهد علعععى قريبعععك شعععهادة زور :17 ،ل تشعععته بيعععت
جارك ، … ،ول شيئا مما له " .
وهذا مععا ُيسعّمونه بالوصععايا العشععر ،واخععترت النععص مععن سععفر
الخروج ،كونه أكثر وضوحا ومطابقة للقععرآن ،حيععث ورد نععص
الميثاق والوصايا في ) البقرة ) ، ( 84 – 83والنعام – 151
) ، ( 153والسراء . ( 39 – 22
بفنني ال ْك ِت َننا ِ ل ِ سننراِئي َ ضي َْنا إ َِلى ب َن ِنني إ ْ ق َ و َ ) َ
في اْل َ
واعل ُ ّ
ن ُ عل ُ ّ
ول َت َ ْ
ن َ ِ ْ يَ ت رّ مَ ضِ ر
ْ ن ِ سد ُ ّ
ف ِ ل َت ُ ْ
ك َِبيًرا ) 4السراء (
" :16-21 :31و قععال الععرب لموسععى :مععا إن تمععوت وتلحععق
بآبائك ) مستقبل ( … حالما أدخلهم إلى الرض التي تفيض لبنا
وعسععل ، … ،فيععأكلون ويشععبعون ويسععمنون ،فععإنهم يسعععون
وراء آلهة أخرى ،ويعبدونها ويزدرون بي ،وينكثون عهععدي .
فيحتدم غضبي عليهم في ذلععك اليععوم ،وأنبععذهم وأحجععب وجهععي
عنهم ،فيكونوا فريسة :، … ،فمتى حّلععت بهععم شععرور كععثيرة ،
ومصائب جّمة ،يشهد هذا النشيد عليهم ،لنه سيظل يترّدد على
أفواه ذرّيتهم ،إذ أنني عالم بخواطرهم التي تدور بخلععدهم الن ،
قبل أن ُأدخلهم إلى الرض كما ] أقسمت [ " .
م ِل َن ْ ُ َ َ
م ) 7السراء سك ُ ْ ف ِ سن ْت ُ ْ ح َمأ ْ سن ْت ُ ْ
ح َنأ ْ ) إِ ْ
(
" :1-13 :28وإن أطعتم صوت الرب طاعة تامة ،حرصا منكم
على تنفيذ جميع وصاياه فإن الرب إلهكم يجعلكم أسمى من جميع
أمم الرض .وإذا سمعتم لصوت الععرب إلهكععم ،فععإن جميععع هععذه
البركات تنسععكب عليكععم وتلزمكععم ، … ،كمععا تتبععارك ُذّرّيتكععم ،
210
لت أرضكم ،ونتاج بهائمكم ،ويهععزم الععرب أمععامكم أعععدائكم وغ ّ
القععائمين عليكععم ،فيقبلععون عليكععم فععي طريععق واحععدة ،ولكّنهععم
طرق ،فيفتح الرب كنوز سمائه الصالحة ُيوّلون الدبار في سبع ُ
،فيمطععر علععى أرضععكم فععي مواسععمها ،وُيبععارك كععل مععا تنتجععه
أيععديكم ، … ،فععإّنه يجعلكععم رؤوسععا ل أذنابععا ،متسععامين دائمععا
) علو ( ،ول ُيدرككم انحطاط أبدا ) ذّلة ( … " .
) وإن أ َ ْ
ها ) 7السراء ( فل َ َ
م َ
سأت ُ َْ َ ِ ْ
" 15 :28ولكن إن عصيتم صوت الرب إلهكم ،ولععم تحرصععوا
على العمل بجميع وصاياه وفرائضه ،التي أنا آمركم اليوم بهععا ،
فإن جميع هذه اللعنات تحععل بكععم وتلزمكععم ، … ،وتحعّل اللعنععة
ب عليكععم ب الععر ّ
لت أرضكم ،ونتاج بهائمكم ،ويص ّ بأبنائكم ،وغ ّ
اللعنععة والفوضععى والفشععل ،حععتى تهلكععوا وتفنععوا سععريعا لسععوء
أفعععالكم ،إذ تركتمععوني ،ويتفشععى بينكععم الوبععاء حععتى ُيبيععدكم ،
وتصععبح السععماء مععن فععوقكم كالنحععاس ،والرض مععن تحتكععم
ب أمام أعدائكم ،فتقبلون عليهم في كالحديد :25 ،ويهزمكم الر ّ
طريق واحدة ،وتولون الدبار أمامهم متفرقين في سبع طععرق ،
وتصععبحون عععبرة لجميععع ممالععك الرض :26 ،وتكععون جثتكععم
طعاما ،لجميع طيور السماء ووحوش الرض ،ول يطردها أحد
] وليس معن يزعجهعا [ :28 ،ويبتليكععم العرب بعالجنون والعمعى
سسععون طرقكععم فععي وارتباك الفكر ] وحيععرة القلععب [ :29 ،فتتح ّ
سعععس العمعععى فعععي الظلم ،وتبعععوء طرقكعععم الظهعععر ،كمعععا يتح ّ
بالخفاق ،ول تكونون إل مظلومين مغصععوبين كععل اليععام :32 ،
يساق أولدكم وبناتكم إلى أمة أخرى … وما فععي أيععديكم حيلععة ،
… :36 ،ينفيكم الرب أنتم وَمِلككم إلى أمة أخرى ،ل تعرفونهععا
211
أنتععم ول آبعاؤكم :37 ، … ،وتصعبحون مثععار دهشعة وسعخرية
وعبرة في نظر جميع الشعععوب ] :43 ، … ،الغريععب الععذي فععي
وسطك ،يستعلي عليك متصاعدا ،وأنت تنحط متنازل [ ) عععودة
الععذل وزوال العلععو ( ، … :44 ،وهععم يكونععون رؤوسععًا وأنتععم
تكونون ذنبا " .
النصوص الخاصة بالمرة الولى :
دا ُ َ ْ َ عد ُ ) َ
فإ ِ َ
عب َننا ً
م ِ ْ ن كْ ي ل ع
َ نا
َ ث ع
َ َ ب ما
َ ه
ُ ل أو و ْ ُ
جاءَ َ
ذا َ
خَل َ
ل سننوا ِ د َ س َ ل ََنننا ُأوِلنني بننأ ْ
جا ُ ف َ دي ٍ شنن ِ ٍ َ
ر … ) 5السراء ( الدَّيا ِ
" 49 :28ويجلب الرب عليكم أمة من بعيد ،من أقصى الرض
ض عليكم كالنسر :50 ،أّمة ] جافية الوجه [ يثير منظرها ،فتنق ّ
الرعب ،ل تهاب الشيخ ول ترأف بالطفل :51 ،فتسععتولي علععى
ق لععكنتاج بهائمكم ،وتلتهععم غلت أرضععكم حععتى تفنععوا ،ول ُتبع ِ
قمحا ول خمرا ول زيتا … ،حتى تفنيععك :52 ،وتحاصععركم فععي
جميع مععدنكم ،حععتى تتهعدم أسععواركم الشعامخة الحصعينة ،العتي
وثقتم بمناعتها :58 ، … ،فإن لم تحرصوا على العمععل بجميععع
كلمات هذا الشععريعة المكتوبععة فععي هععذا الكتععاب :59 ، … ،فععإن
الععرب يجعععل الضععربات النازلععة بكععم وبععذّريتكم ،ضععربات مخيفععة
سّر الرب بكععم ،فأحسععن وكوارث رهيبة دائمة :63 ، … ،وكما ُ
إليكععم وكّثركععم ،فععإنه سُيس عّر بععأن يفنيكععم ويهلككععم فتنقرضععون
] فتستأصلون [ من الرض ،التي أنتععم ماضععون إلععى امتلكهععا ،
:64ويشّتتكم ] ويبععددكم [ الععرب بيععن جميععع المععم ،مععن أقصععى
الرض الععى أقصععاها :65 ، … ،ول تجععدون بيععن تلععك المععم
اطمئنانا ،ول مقّرا لقدم ،بل يعطيكععم الععرب قلبععا هلعععا ،وعيونععا
212
أوهنها الترقب ،ونفوسا يائسة ) الذلة والمسععكنة بيععن المععم ( ،
:66و تعيشون حياة مفعمة بالتوتر ،مليئة بالرعب ليل و نهارا
.
سننم ولمرتيننن ) تكننرار ق َ النبننوءة جنناءت ب ِ َ
للنص السابق مع السهاب ( :
1 :29وهذه هي نصوص العهد ،الذي أمععر الععرب موسععى ،أن
يقطعه مع بني إسرائيل في سهول موآب ،فضل عن العهد الععذي
قطعه معهم في حوريب :2 ،ودعا موسى جميع إسرائيل ، … ،
4 :29و لكن الرب لم يعطكم حتى الن ،قلوبا لتعوا ] لتفهموا [
وعيونا لتبصععروا و أذانععا لتسععمعوا :9 ، … ،فععأطيعوا نصععوص
هذا العهد واعملععوا بهععا ] ،لكععي تفلحععوا فععي كععل مععا تفعلععون [ ،
… :14 ،ولست أقطععع هععذا العهععد وهععذا القسععم معكععم وحععدكم ،
:15بل … ُأبرمه أيضا مع الجيال القادمة ) حيععث سععيقع منهععم
الفسععاد مّرتيععن مسععتقبل ( :18 ، … ،فاحرصععوا أن ل يكععون
صل فيه الشّر ،فيحمل ثمرا علقما ساّما :19 ،فععإن بينكم ،من تأ ّ
سععمَع كلم هععذا الَقسععم يسععتمطر بركععة علععى نفسععه ) أي يزّكععي
نفسه ( قائل :سأكون آمنا ،حتى ولو أصععررت علععى السععتمرار
في سلوك طريقي ) الصععرار علععى المعصععية ( ،إن هععذا ُيفضععي
إلى فناء الخضر واليععابس ،علععى حععد سععواء :20 ،إن الععرب ل
يشاء الرفق بمثل هذا النسان ،بل يحتدم غضبه وغيرته عليه ،
فتنزل به كل اللعنات المدّونة في هذا الكتاب ،ويمحععو اسععمه مععن
تحععت السععماء :22 ،فيشععاهد أبنععاؤكم مععن الجيععال القادمععة ،
والغرباء الوافععدون مععن أرض بعيععدة ،بليععا تلععك الرض ، … ،
:23إذ تصبح جميع الرض كبريتا محترقة ل زرع فيهععا ، … ،
213
كانقلب سدوم ) قوم لوط ( ،التي قلبها الرب مععن جععراء غضععبه
ب وسععخ ٍ
ط وسععخطه :28 ، … ،واجتّثهععم مععن أرضععهم ،بغض ع ٍ
ظ عظيم ،وطّوح بهم إلى أرض أخرى ) السبي والشتات ( ، وغي ٍ
…".
النصوص الخاصة بالمرة الثانية :
فننا ) في ً م لَ ِ جئ ْن َننا ب ِك ُن ْة ِخنَر ِ عندُ اْل ِ و ْ جاءَ َذا َ فإ ِ َ ) َ
104السراء (
1 :30وعندما تحّل بكم هذه البركععات واللعنععات ) تحقععق الوعععد
الول مععن علععو وإفسععاد وعقععاب ( كلهععا الععتي وضعععتها ُنصععب
أعينكم ،ورّددتموها في قلععوبكم بيععن المععم ،حيععث شعّتتكم الععرب
إلهكم :2 ،ورجعتم إلى الرب إلهكم أنتم وبنععوكم :3 ، … ،فععإن
الرب إلهكم يرّد سبيكم ويرحمكععم ،ويلّععم شععتاتكم مععن بيععن جميععع
الشعوب ،التي نفاكم الرب إلهكم إليها … ،
عل َيه نم َ
مم ندَدَْناك ُ ْ وأ ْ م ال ْك َنّرةَ َ ْ ِ ْ َ م َردَدَْنا ل َك ُن ُ ) ثُ ّ
في نًرا )6 م أ َك ْث َنَر ن َ ِ عل ْن َنناك ُ ْ
ج َو َ
َ ن َ ني ِ َ ب و ل
َ ٍ َوامْ
بأ َ
ِ
السراء (
:5 :30ويعيدكم إلى الرض الععتي امتلكهععا آبععاؤكم فتمتلكونهععا ،
ويحسن إليكم ويكّثركم أكثر من آبععائكم :7 :30 ،و ُيحعّول الععرب
إلهكم كل هذه اللعنععات ) العقععاب الععذي سععيكون قععد نععزل بهععم فععي
المرة الولى ( علععى أعععدائكم ،وعلععى مبغضععيكم الععذين طردوكععم
) الذين أنزلوا بهم العقاب اللهي فععي المععرة الولععى ( 8 :30،و
أما أنتم فتطيعون صوت الرب مععن جديععد ) فععي المععرة الثانيععة ( ،
وتعملون بجميع وصاياه التي أنا أوصيكم بها اليوم :9 ،فيفيععض
214
الرب عليكم خيرا ،في كل عمععل مععا تنتجععه أيععدكم ،ويكّثععر ثمععرة
أحشائكم ،ونتاج بهائمكم ،أرضكم ) … ،وكل ما تقدم مشععروط
بالحسان (
م ُ تفسك ُم وإن أ َسأ ْ ُ ْ نحسن ْت ُم ِل َ ) إن أ َحسن ْت ُم أ َ
َ ْ ْ ْ َ ِ ِ ْ َ ْ ْ ِ ْ ْ َ
ها ) 7السراء ( ) تكرار ( فل َ َ
َ
:10 :30هذا إن سمعتم لصوت الرب إلهكم ،وحفظتععم وصععاياه
وفرائضه المدّونة في كتععاب الشععريعة هععذا ) ،أي تعععاليم شععريعة
طهععا أحبععارهم موسى في التوراة ،وليس تعععاليم التلمععود الععتي خ ّ
وكهنتهم ( ،وإن رجعتم إلى الرب إلهكعم ،معن كععل قلععوبكم ومعن
كل نفوسكم :11 ،إن ما أوصيكم به اليععوم مععن وصععايا ،ليسععت
متعّذرة عليكم ول بعيدة المنععال :15 ، … ،انظععروا :هععا أنععا قععد
وضعت أمامكم اليوم ،الحياة والخير والموت والشععر … :16 ،
أوصيتكم اليوم أن ُتحّبوا الرب إلهكععم ،وأن تسععلكوا فععي طرقععه ،
وتطيعععوا وصععاياه وفرائضععه وأحكععامه ،لكععي تحيععوا وتنمععو ،
فيبارككم الرب ،في الرض التي أنتم ماضععون إليهععا لمتلكهععا ،
:17ولكن إن تحّولت قلوبكم ولععم تطيعععوا ،بععل غععويتم وسععجدتم
للهة أخرى وعبدتموها :18 ،فإني أنذركم ] ُأنّبئكم [ اليوم أنكععم
ل محالة هالكون ،ول تطول اليععام علععى الرض ) أي مقععامكم (
التي أنت عابر ) نهر ( الردن لتدخلها وتمتلكها …
:19ها أنععا ُأشععهد عليكععم اليععوم السعماء والرض ،قععد وضعععت
أمامكم الحياة والموت ) أي وضععحت لكععم طريععق النجععاة وطريععق
الهلك ،واسعتبدالها بكلمععتي الحيعاة والمعوت معن خلل النقععل أو
التحريف ،ترّتب عليه إنكار الحيععاة الخععرة ،واليععوم الخععر مععن
بعث وحساب ،فالجزاء عندهم دنيوي فقط ،فععالثواب هععو إطالععة
215
الحياة ،والعقاب هو قصرها ( ،البركة واللعنة ) أي الجعزاء فعي
الدنيا ( ،فاختاروا الحيععاة ) أي الشععريعة ( لتحيععوا ) لتنجععوا مععن
عذاب الدنيا والخرة ( أنتم ونسلكم :20 ،إذ تحّبون الرب إلهكععم
سكون به لنه هو حياتكم ) أي نجععاتكم ( و تطيعون صوته ،وتتم ّ
والععذي ُيطيععل أيععامكم لتسععتوطنوا ] لكععي تسععكنوا [ الرض الععتي
حلف الرب لبائك ،إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيها لكم .
الدخول أول مرة كان بحبل من الله :
:1 :31ومضى موسى يقول لبني إسرائيل … :2 :وقد قال لي
الرب :لععن تعععبر هععذا الردن :3 ،ولكععن الععرب إلهكععم هععو عععابر
أمامكم ،وهععو يبيععد تلععك المععم مععن قعّدامكم فععترثونهم :6 ، … ،
جعوا ،ل تخشععونهم ول تجزعععوا منهععم ،لن ] تشععّددوا [ وتشعع ّ
الرب إلهكم سائر معكم ،ل يهملكم ول يترككم .
حتميننة إفسننادهم وعقننابهم فنني المننرة
الثانية :
ي جميعععع شعععيوخ أسعععباطكم و عرفعععاءكم 28 :31اجمععععوا إلععع ّ
) النقباء ( ،لتلو على مسامعهم هذه الكلمععات ،وأشععهد عليهععم
السماء والرض :29 ،لنني واثق أنكععم بعععد مععوتي ،تفسععدون
وتضلون عن الطريق الععذي أوصععيتكم بهععا ،فيصععيبكم الشعّر فععي
آخر اليام ) المرة الثانية تكععون آخععر الزمععان ( ،لنكععم تقععترفون
الشر أمام الرب ،حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيععديكم :30 ،فتل
موسى في مسامع كل جماعة إسرائيل ] بكلمععات [ هععذا النشععيد ،
…
216
كيًل ) 2السراء ( ُ ّ ) أَ
و ِ
َ ني ِ دوْ ُن م
ِ ذوا خ
ِ ّ تَ ت ل
جدوا عظمة إلهنا :4 ،هو الصخر ) :3 :32باسم الرب أدعو فم ّ
الوكيل ( ] الكامل صنيعه [ ،سبله جميعها عدل ،هو إله أمانة ل
يرتكععب جععورا ،صععديق وعععادل هععو :5 ،لقععد اقععترفوا الفسععاد
أمامه ،ولم يعودوا له أبناء ،بل لطخة عععار ،إنهععم جيععل أعععوج
ي،وملتو :6 ،أبهذا تكافئون الععرب ،أيهععا الشعععب الحمععق الغععب ّ
أليععس هععو أبععاكم وخععالقكم ،الععذي عملكععم وخلقكععم :7 ،اذكععروا
اليام الغععابرة ،وتععأملوا فععي سععنوات الجيععال الماضععية ،اسععألوا
جعَدهم فععي أرض آبائكم فينبئوكم ،وشععيوخكم فيخععبروكم َ :10 ،و َ
ش ،فأحاط بهم ورعاهم وصانهم … :12 ، قفٍر وفي خلء موح ٍ
وحععده قععاد شعععبه ،وليععس معععه إلععه غريععب ) أي آخععر ( :13 ،
أصعدهم على هضاب الرض ،فأكلوا ثمععار الصععحراء ،وغعّذاهم
بعسل من حجر ،وزيتا من حجر الصّوان ،و … و …
الدخول الثاني كان بحبل من الناس ،إذ ل
حاجة بهم إلى الله :
:15فسععمن بنععو إسععرائيل ورفسععوا ،سععمنوا وغلظععوا واكتسععوا
شحما ) كنايععة عععن الععترف ( ،فرفضععوا اللععه صععانعهم وتنّكععروا
لصعععخرة خلصعععهم :16 ،أثعععاروا غيرتعععه بعععآلهتهم الغريبعععة ،
وأغاظوه بأصنامهم الرجسة :17 ،للهة غريبة لم يعرفوهععا بععل
ظهرت حديثا ) المال والقوة والناس ( ،آلهة لععم يرهبهععا آبععاؤهم
من قبل :18 ،لقد نبذتم الصخر الععذي أنجبكععم ونسععيتم الع الععذي
أنشأكم ) وهذا حالهم وحال دولتهم الحالية ( .
217
منناجد َ ك َ َ
س ِم ْخُلوا ال ْ َ
ول ِي َدْ ُ م َ هك ُ ْجو َو ُ ءوا ُ سو ُ) ل ِي َ ُ
ة … ) 7السراء ( َ خُلوه أ َ
مّر ٍَ ل و
ُ ّ دَ َ
:19فرأى الرب ذلك ورذلهم ،إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه :20 ،
وقال :سأحجب وجهي عنهم فأرى ماذا سيكون مصيرهم ؟ إنهععم
جيل متقلب وأولُد خونة ، … :21 ،لذلك سأثير غيرتهم بشعععب
متوحش ) أولي بأس شععديد ( ،وأغيظهععم بأمععة حمقععاء ] أمععة ل
تفهمون لغتها [ :22فهعا قعد أضعرم غضعبي نعارا ُ ،تحعرق حعتى
لتهعععا ،وتحعععرق أسعععس الهاويعععة السعععفلى ،وتأكعععل الرض وغ ّ
الجبال :23 ،أجمع عليهم شععرورا ،وُأنفععذ سععهامي فيهععم :24 ،
أجعل أنياب الوحوش ،مع حّمععة زواحععف الرض تنشععب فيهععم ،
:25يثكلهم سيف العدو فععي الطريععق ،ويسععتولي عليهععم الرععب
داخل الخدور ،فيهلك الفتى مععع الفتععاة ،والرضععيع مععع الشععيخ ،
:26قلت :أشّتتهم فععي زوايععا الرض ،وأمحععو مععن بيععن النععاس
ذكرهم ) أي في المرة الولى ( :27 ،لول خوفي من تبجح العدو
ظمت ) أعداء بنععي إسععرائيل ( ، عُ ،إذ يظنون قائلين :إن يدنا قد َ
وليس ما جرى من ِفعل الرب .
ة ) 7السراء ( خَر ِ عدُ اْل ِ و ْ جاءَ َ ذا َ ) َ
فإ ِ َ
28 :32إن بني إسرائيل أمة غبية ول بصيرة فيهععم )ل يعقلععون
ول يفقهععون ( :29 ،لععو عقلععوا لفطنععوا لمععآلهم وتععأملوا فععي
مصععيرهم :32 ،إذ أن كرمتهععم مععن كرمععة سععدوم ،ومععن حقععول
عمعععورة ) ،تشعععيه إفسعععادهم وإصعععرارهم ،بإفسعععاد قعععوم لعععوط
وإصرارهم ( وعنبهم ينضععح سعّما ،وعناقيععدهم تفيعض معرارة ،
:33خمرهم حّمة الفاعي ،وسُم الثعابين المميت 34 :32أليس
ذلك مدخرا عندي ،مختوما عليه فععي خزائنععي :35 ،لععي النقمععة
218
وأنععا ُأجععازي ،فععي الععوقت المعيععن ) مجيععء الوعععد ( ،تععزلّ
أقدامهم ،فيوم هلكهم بات وشيكا ،ومصععيرهم المحتععوم ُيسععرع
إليهم ) ،كلما أمعنوا في الفساد كلما اقترب موعد هلكهم ( .
م … ) 8السراء ( ُ ك م ح ر ي ن عسى ربك ُم أ َ
ْ َ ْ َ َ ْ َ ّ ْ ) َ َ
" :36لن الرب يدين شعبه ) بني إسععرائيل ( ويععرأف بعبيععده ،
عندما يرى أن قّوتهم قد اضمحلت ) زالععت ،بعععد المععرة الثانيععة (
…".
فَل ه َدون ِن ِ ن ُ من ْم ِ مت ُ ن ْع ْ
ن َز َذي َعننوا ال ّن ِ
ل ادْ ُ قن ِ ) ُ
ويًل ) حنن ِوَل ت َ ْم َ عن ْ ُ
كنن ْ ضّر َ ف ال ّ ش َ ن كَ ْ مل ِ ُ
كو َ يَ ْ
56السراء (
" 37 :32عندئذ يسأل الرب :أين آلهتهم ؟ أين الصخرة الععتي
ب لمساعدتكم ،وتبسط عليكععم حمايتهععا ، التجأوا إليها ؟ :38لته ّ
:39انظععروا الن :إنععي أنععا هععو وليععس إلععه معععي ،أنععا أميععت
وأحيععي ،أسععحق وأشععفي ،ول منقععذ مععن يععدي :41 ، … ،إذا
ت به يدي للقضاء ،فإني أنتقعم معن سننت سيفي البارق ،وأمسك ْ
ي ُ :42 ،أسععكر سععهامي بالععدم ويلتهععم أعععدائي وأجععازي مبغض ع ّ
سععيفي لحمععا ،بععدم القتلععى والسععبايا ،ومععن رؤوس قععواد العععدو
) قادة إسرائيل ( . " … ،
موسننى عليننه السننلم ُيخننبر بنننص النبننوءة
قبل موته :
" 45 :32وعندما انتهى موسى ،من تلوة جميع كلمععات هععذا
النشيد علععى السععرائيليين :46 ،قععال لهععم :تععأّملوا بقلععوبكم فععي
جميع الكلمات ،التي أنا أشهد عليكم بها اليوم ،لكي توصوا بهععا
219
أولدكم ،ليحرصوا على العمل بكلمات هععذه التععوراة كلهععا :47 ،
لنها ليست كلمات ل جدوى لكم منها ،إنها حياتكم وبها تعيشون
طويل ،في الرض التي أنتم عابرون نهر الردن إليهععا لترثوهععا
… :5 :34فمات موسى عبد الرب ،في أرض موآب ]حسععب [
قول الرب " .
نلحعظ هنعا أن النبععوءة ،اعتراهععا بعععض التشععويه معن حعذف أو
إضععافة أو تبععديل ،ولكنهععا حععافظت علععى خطوطهععا العريضععة ،
ونلحظ أيضا أنها فصلت المرتين كل منهما على حدة .
حيثيننات نفنناذ الوعنند الول فنني السننفار
الخرى
التوراة كمرجع تاريخي غير موثوق به :
جح كثير من الناقدين والباحثين الغربيون ،من العذين وضععوا ير ّ
التوراة تحت المجهر ،كونها العهد القديم من كتععابهم المقععدس ،
أنهععا كتبععت بأيععدي بشععر ،وذلععك لمععا تحفععل بععه مععن خرافععات
وأساطير ،ولتناقضها مع العهد الجديععد ) النجيععل ( ،وتناقضععها
مع المنطق والواقع ،وتناقضها أيضعا ،معع المصعادر التاريخيعة
الخععرى فععي مواضععع عديععدة ،وُيجمععع الكععثير منهععم أن كتابتهععا
وجمعها ،قد تم بعد السبي البابلي ،وجاء القرآن ليكشف الكععثير
طلعععي عليهععا ،تععبين لععيمن أكاذيبها وافتراءاتها ،ومن خلل ا ّ
أن من قام بإعادة كتابة التوراة ،هم أشخاص مشبعون بمشععاعر
الحقد والقهر والنقمة والرغبة في النتقام ،وكل هذه المشاعر ،
موجهة بالترتيب نحو :
رب الععععزة جعععّل وعل ) ،يقولعععون أن يعقعععوب عليعععه .1
ض
السععلم صععرع ال ع فععي البريععة ،واسععتطاع ال ع النجععاة بع ع ّ
220
يعقوب في فخذه ،فسبب له عرق النسععاء ،ومععن أجععل ذلععك ل
يأكل اليهود عرق النساء الذي في الفخذ ،سععفر التكععوين :32
، 32-24ويقولون عنه سبحانه أنه كععثير البكععاء وكععثير النععدم
على ما أنزله بشعبه المقدس ،ولذلك كانوا وما زالوا يعتقدون
،أن ال سيصلح خطأه معهععم ،بإعععادتهم إلععى وطنهععم ،الععذي
طععردوا منععه بل ذنععب أو خطيئة ،فالخطععأ منسععوب إلععى العع ُ
ورسعععله وملئكتعععه والشععععوب المجعععاورة ،أمعععا شععععب الععع
المقّدس ،فليس له خطيئة فهععو حمععل وديععع ،وهععذا نععوع مععن
السقاط النفسي ،لعظم الخطيئة ،وفداحععة العقععاب الععذي وقععع
منهم وبهم ( .
الرسل والنبياء ) ،يقولععون أن موسععى وهععارون خانععا .2
الرب وسط الشعب التثنية ؛ ، 51-50 :32وهارون هو الععذي
صععنع العجععل الععذهبي ،الخععروج ، 6-1 :32وداود ارتكععب
خطيئة الزنا مععع زوجععة الجنععدي ؛ صععموئيل الثععاني -1 :11 ،
، 27وسليمان عبد آلهة أخرى ،وفعل الشّر في عيني الرب ،
كما فعل أبوه ؛ ملوك أول . ( 8-1 :11
الكنعانيون القدماء وورثتهم الجدد ) الفلسطينيون ( ) ، .3
سفر التكوين :27-20 :9واشتغل نوح بالفلحة وغرس كرما
،وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخععل خيمتععه ،فشععاهد حععام
ي أبيه ،فخرج وأخبر أخويه اللذين كانا فععي عر ّأبو الكنعانيين ُ
الخارج ،فأخععذ سععام ويععافث ،رداًء ووضعععاه علععى أكتافهمععا ،
ومشيا القهقرى إلى داخل الخيمة ،وسععترا عععورة أبيهمععا مععن
غير أن يستديرا بوجهيهما نحوه فُيبصرا عورته .وعندم أفاق
نوح مععن سععكره ،وعلععم مععا فعلععه ابنععه الصععغير ،قععال :ليكععن
كنعان ملعونا ،وليكن عبد العبيد لخوته ،ثم قال :تبععارك ال ع
221
إله سام ،وليكن كنعان عبدا لععه ،ليوسععع ال ع ليععافث ،وليكععن
كنعان عبدا له ( .
الكلدانيون في بابععل ،وورثتهععم الجععدد ) العراقيععون ( ، .4
) وأحقادهم على بابل وأهلها ُ ،أفرد الحديث عنهععا فععي موضععع
آخر ( .
.5جميععع شعععوب الرض مععا عععدا اليهععودي الصععرف .
) والمثلة على ذلععك موجععودة فععي أسععفار موسععى ،ونصععوص
التلمود ( .
سبط بنيامين الخ الشقيق ليوسف عليه السلم . .6
وكععل مشععاعر الحقععد والرغبععة فععي النتقععام ممععن ُذكععروا أعله ،
أفرغهعععا الكتبعععة ) الكهنعععة والحكمعععاء ( فعععي كتعععابهم المقعععدس
) التععوراة ( ،فأعععادوا جمعهععا ونسععخها ،تحععت وطععأة انفعععالت
نفسية رهيبعة ،وفبركعة جميعع أسعفارها ،بمعا يتناسعب معع تلعك
المشععاعر ،بعععد السععبي البععابلي ،أكععبر فاجعععة ُأصععيب بهععا بنععو
إسرائيل والكثر إيلما على مّر التاريخ .
وتبين لي أن هناك تطويل وتكرار غيععر مععبرر ،لنفععس الحععدث أو
الموضوع ،وأحيانا يكون هذا التكرار ،لنفس السفر كامل تحععت
مسميين ،مثل أسفار أخبار اليعام وأخبعار الملعوك ،معع اختلف
بسيط ،وأحيانا لنفس الفقرة في نفس السفر ،وهذا التكرار يععدل
جمعععت ،علععى القععل مععن مصععدرين علععى أن نصععوص التععوراة ُ
جمعت فععي كتععاب واحععد ، مختلفين ،وُأخذت النصوص منهما ،و ُ
دون تفضيل نص على آخر ،فالحدث الواحد أحيانا يتكّرر مرتيععن
وثلثة ،دون وجود فارق جوهري في المضمون .
222
وبعد أن قمت بمطالعععة التععوراة بشععكل ُمتكعّرر ،تأكععدت مععن هععذه
الحقيقة ،التي لم يكن قد تنّبه لها الباحثون والناقدون مععن قبععل ،
وهي أن التععوراة قععد جمعععت فعل ،مععن نسعختين ُمختلفيععن ،وأن
حّرفت أكععثر مععن الخععرى ،وأن لغععة كععل منهمععا إحدى النسختين ُ
تختلععف عععن الخععرى ،فغالبععا مععا يكععون هنععاك ُمس عّمين لنفععس
الشخص أو المكان ،حتى يخال للقارئ أنها أسماء لشععخوص أو
أمععاكن مختلفععة ،وكمثععال علععى ذلععك إبععرام وإبراهيععم ،وسععاراي
وسععارة ،وصععحراء سععين وصععحراء سععيناء ،ومملكععة يهععوذا
ومملكععة إسععرائيل ،والسععبي البععابلي والسععبي الشععوري .وهععذا
الرتباك الذي وقع فيه مؤلفو التوراة المتأخرون ،أثناء محاولععة
التوفيق بجمع ما جععاء فععي النسععختين ،تسععبب فععي هععذا العععرض
التأريخي المشعّوه للوقععائع ،ممععا أفقععد التععوراة مصععداقيتها حععتى
للكثير من الباحثين اليهود أنفسهم ،ولكل مععن بحععث مععن علمععاء
التنقيب والثار .ولكنها بقيت المرجععع التععاريخي الوحيععد لتاريععخ
بني إسرائيل .
وفععي كععثير مععن الحيععان ،تشعععر بسععخافة كتابهععا ،مععن سععخافة
أفكارهععا وأخبارهععا ،وسععخافة تبريرهععا وتعليلهععا ،كقصععة عععرق
النسععاء وصععراع يعقععوب مععع ال ع ،وفبركععة قصععة نععوح وأولده
أعله ،ناهيععك عععن ألفاظهععا البععذيئة ،الععتي أحيانععا تععترفع عععن
كتابتهععا حععتى الروايععات الهابطععة ،ورائحععة اللحععوم والععدماء ،
والخمور والمشاوي والهش والنش … إلععى آخعره ،ومعا يربعط
التوراة بالوحي ،هو ما يظهر في ثناياها مععن خطععوط عريضععة ،
هي البقية الباقية التي سلمت مععن أيععديهم ،رغمععا عععن أنععوفهم ،
وهذا ل يعني أل نقرأ هذا الكتاب ،بل على العكس تماما ،تعّوجب
على المسلمين قراءتعه ،وقععراءة التلمععود أيضععا منععذ أمععد بعيععد ،
223
وقراءة ما ُكتب فيهما من مؤلفععات ناقععدة ،لمعرفععة العقليععة الععتي
يفكر بها هؤلء ،ولمعرفة ما يطمحون إليععه ،والحقيقععة أنععي مععا
كنت لقرأها ،وأقرأ ما ُكتب فيها من مؤلفععات عديععدة ،لععول هععذا
البحث .
مملكة شمالية ومملكة جنوبية :
تقععول السععفار التاريخيععة فععي التععوراة ،بععأن مملكععة سععليمان ،
انقسمت بعد مععوته إلععى مملكععتين ،جنوبيععة فععي القععدس واسععمها
يهععوذا ) القععدس ( وهععي الصععل ،وشععمالية واسععمها إسععرائيل
) نابلس ( وهي المنشقة .
وصف فساد المملكة الشمالية :
يععذكر كتبععة التععوراة ،أن المملكععة الشععمالية فسععدت وأفسععدت ،
صن يربعام ) ملك الشمالية ( ) ملوك أول " ( 33-25: 12:وح ّ
مدينة شكيم ) نابلس ( ،في جبل أفرايم وأقام فيهععا ، … ،وبعععد
ي ذهععب ،وقععال للشعععب :إن الععذهابالمشاورة سبك الملك عجل ع ّ
ضكم لمشقة عظيمة ،فها هي آلهتك يا إلى أورشليم للعبادة ،يعر ّ
إسرائيل ،التي أخرجتك من ديار مصر " .
وأما إفسادهم حسب ما يروونه هعم ععن أنفسعهم ،فقعد جعاء فعي
سفر الملوك الثاني ما نصععه :9 :17 " ،وارتكععب بنععو إسععرائيل
ق الععرب إلههععم :11 … ،واقععترفوافي الخفاء المعاصي ،في ح ّ
الموبقات لغاظة الرب ،عابععدين الصععنام الععتي حعّذرهم ونهععاهم
ب عنهععا :13 … ،قععائل :ارجعععوا عععن طرقكععم الثيمععة ، الععر ّ
وأطيعععوا وصععاياي وفرائضععي بمقتضععى ،الععتي أوصععيت آبععائكم
بتطبيقها … ،على لسعان عبيعدي النبيعاء :14 ،لكنهعم أصعّموا
آذانهم ،وأغلظوا قلوبهم كآبائهم :16 … ،ونبذوا جميع وصايا
224
الرب ، … :17 ،وتعاطوا العرافة والفأل ) السحر والكهانععة ( ،
… :22ولععم يعععدل السععرائيليون عععن ارتكععاب جميععع خطايععا
يربعام ،بل أمعنوا في اقترافهععا :23 ،فنفععى الععرب إسععرائيل مععن
حضعععرته ،كمعععا نطعععق علعععى لسعععان جميعععع النبيعععاء ،فسعععبي
السرائيليون إلى أشور ،إلى هذا اليوم " ) أي اليوم الذي كتبوا
فيه هذا النص بعد السبي بمدة طويلة ( .
وصف فساد المملكة الجنوبية :
وأما ما ُينسب من إفساد إلى ملوك المملكة الجنوبيععة ،فقععد جععاء
في نفس السفر ما نصععه :2 :21 " ،وارتكععب الشعّر فععي عينعيّ
ب ،مقترفا رجاسات المم الذين طردهعم العرب معن أمعام بنعي الر ّ
إسعععرائيل ، … :3 ،وأقعععام مذابعععح البععععل ،ونصعععب تماثيعععل
عشتاروت ) مدينة بابلية ( ،وسععجد لكععواكب السععماء وعبععدها ،
ن والعّرافين ،وأوغل في ارتكاب الشّر :6ولجأ إلى أصحاب الجا ّ
سععى :10 … ،ثم قال الرب علععى لسععان عبيععده النبيععاء :لن من ّ
ملك يهوذا اقترف جميع هذه الموبقات ،وأضّل يهوذا … :12 ،
… ،هععا أنععا أجلععب شععرا علععى أورشععليم ويهععوذا :13 ،ع …ع ،
وأمسح أورشليم كما ّيمسح الطبق من بقايعا الطععام :14 ،وأنبعذ
شعبي وأسلمهم إلى أيدي أعععدائهم ،فيصععبحون غنيمععة وأسععرى
سععى لهم :15 ،لنهم ارتكبوا الشّر فععي عينععي :16 … ،وزاد من ّ
فسععفك دم أبريععاء كععثيرين ،حععتى مل أورشععليم مععن أقصععاها إلععى
أقصاها ،فضل عن خطيئته التي استغوى بها يهوذا . " … ،
وتخبر التوراة أن الحروب اسععتمرت بيععن المملكععتين ،واسععتعانة
المغلععوب بععالقوام المجععاورة علععى الخععر ،إلععى أن جععاء الغععزو
الشوري ،وسبى المملكة الشمالية 721ق.م .
225
ي الععرب وتتععابَع الملععوك الجنوبيععون فععي ارتكععاب الش عّر فععي عين ع ّ
) حسب قولهم ( ،وفي عهد الملك يهوياقيم ،هاجم نبوخذ نصععر
) بختنصر ( مملكة يهوذا وخضعععت لععه ثلث سععنوات ،ثععم تمععرّد
عليه ) يهوياقيم ( :2 :24 " ،فأرسل الرب غزاة مععن كلععدانيين
وأرامييعععن ومععععوآبيين وعّمععععونيين ) سععععكان العععععراق والردن
القععدماء ( ،للغععارة علععى مملكععة يهععوذا وإبادتهععا ،بمععوجب مععا
قضى به الععرب ،علععى لسععان عبيععده النبيععاء :4 ،وانتقامععا للععدم
سعععى ( ،إذ أنعععه مل أورشعععليم بعععدم العععبريء العععذي سعععفكه ) من ّ
البرياء . " … ،
وفي عهد الملك ) يهوياكين ( " … :10 :24زحف قادة نبوخذ
نصععر ملععك بابععل علععى أورشععليم ،وحاصععروا المدينععة ،ثععم جععاء
نبوخذ نصر بنفسه وتسّلم زمام القيادة ،فاستسععلم ) يهويععاكين (
… واستولى على جميع ما فععي خععزائن الهيكععل والقصععر ، … ،
تماما كما قضى الرب :14 ،وسبى نبوخذ نصععر أهععل أورشععليم ،
" ) وكما يقولون أنه وّلى ابن عم الملك خلفا له ،وسّماه صععدقّيا
،وبعد سععنوات ارتكععب صععدقّيا الشععر فععي عينععي الععرب كالعععادة ،
وتمّرد على ملك بابل ،وآنذاك ( :1 :25 " ،زحف نبوخذ نصر
ملععك بابععل ،بكامععل جيشععه علععى أورشععليم وحاصععرها :3 ، … ،
تفاقمت المجاعة في المدينة ،حتى لم يجد أهلها خععبزا يععأكلونه ،
:6فأسروا الملك ) الذي كان ينوي الهععرب ( واقتععادوه إلععى ملععك
بابل ، … ،ثّم قتلوا أبناء صدقّيا على مرأى منه ،وقلعوا عينيععه
،وسععاقوه إلععى بابععل :9 ، … ،وأحععرق الهيكععل وقصععر الملععك
وسععائر بيععوت أورشععليم ،وسععبى نبععوزرادان ) قععائد الحععرس
الملكي ( بقية الشعب … ، 121 ،ولكنه ترك فيها فقراء الرض
المساكين :13 .وحطم الكلدانيون أعمدة النحاس وبركة النحاس
226
… إلى آخره ) ،كل محتويات الهيكل ونقلوها إلى بابععل ( :18 ،
وسبى رئيععس الحععرس الملكععي ) سععرايا رئيععس الكهنععة وأعععوانه
وقادة الجيش وندماء الملك ،وفي المجمل هم علية القوم وزمرة
الفساد والفساد في الرض ( فقتلهم ملك بابعل فعي المعسعكر فعي
سبي شعععب يهععوذا مععن أرض حماة ) المدينة السورية ( ،وهكذا ُ
أرضه " .
فما أطول بععاله هععذا النبوخععذ نصععر ،حععتى يزحععف عليهععم مععرارا
وتكرارا .والحقيقة أنه زحف عليهم مرة واحدة ،وبشكل مفاجئ
فأباد مملكتهم ،ومععا هععذا التطويععل والتطويععل والتكععرار ،إل مععن
صعععنع أيعععدي الكتبعععة ،ومعععا ) يهويعععاقيم ( و) يهويعععاكين ( ،إل
تسميتين لنفس الملك الذي حصل في عصره السبي البابلي .
مملكة واحدة وبعث واحد :
ما تقدم من نصوص ،كان من السفار ،التي ُيس عّمونها السععفار
خت لعصر الملوك ،ابتداًء مععن طععالوت وداود التاريخية ،التي أر ّ
وسععليمان ،وانتهععاًء بيهويععاكين الععذي وقععع السععبي البععابلي فععي
عصره .والحقيقة أنه لععم يكععن هنععاك مملكععتين ،ولععم يكععن هنععاك
سبيين ،وإنما مملكعة واحعدة وسعبي واحعد .ولكعن نتيجعة كتابعة
التوراة بتلععك الطريقععة المزدوجععة ،أصععبحت المملكععة مملكععتين ،
وأصععبح الزحععف البععابلي زحفيععن ،ولحععل الشععكال قولبععوه فععي
زمانين مختلفين .
أما إّدعاء انقسام المملكة ،فالقرآن أثبت بطلنه فععي موضعععين ،
أول ؛ ُذكر العلو مرتين كأمة في زمانين مختلفيععن ،ثانيععا ؛ اليععة
التي تتحدث عععن سععفكهم دمععائهم وإخراجهععم أنفسععهم ،تؤكععد أن
ذلك لم يكن انشقاق في الحقيقة ،بل كان ذلك قتل وإخراج وسلب
227
،لطائفة مستضعفة من قومهم ،وفي الحقيقة ،وقع هذا الفعععل ،
في سبط الخ الشقيق ليوسف عليه السلم ،الذي ُتسميه التوراة
) ببنيامين ( ،وما كان بإمكان هؤلء ،إقامععة دولععة فععي أراضععي
الكنعانيين المجاورة ،التي لجأوا إليها ،وما كععانت حروبهععم مععع
المملكععة الم ،إل ضععمن جيععوش الكنعععانيين وهععو الرجععح ،أو
كثّوار لسترداد أسلبهم وديارهم .
وربمععا أن بعضععهم اسععتنجد بالبععابليين ،كنععوع مععن النتقععام ،
) بأسهم بينهم شديد ،تحسبهم جميعا وقلوبهم شّتى ( فاستجابوا
لهم ،وربما كان ذلك طمعا في كنوز هيكل سليمان ،وال أعلععم .
حيععث لععم يععأتي أي ذكععر فععي التاريععخ للسععبي الشععوري ،لعشععرة
أسباط ) قبائل ( من المملكة الشععمالية ،حسععب مععا يعّدعي مؤلفععو
التععوراة ،حععتى أن بعععض البععاحثون الععذين صععّدقوا التععوراة ،
سبيت إلععى مدينععة يتساءلون عن كيفية اختفاء تلك القبائل ،التي ُ
جععح أن اخععتراع قصععة المملكععة الثانيععة
أشور برمتها ،ومن المر ّ
وسبيها ،هو أحد مظاهر السقاط النفسي ،لمععن عوقبععوا ،علععى
الذين لم ُيعاقبوا ،من الذين ُأخرجوا مععن ديععارهم رغععم أنععوفهم ،
تجنبععا وتخفيفععا للشعععور بععاللم ،كلمععا طععرأ علععى مخيلتهععم تلععك
الذكرى الليمة ،ويحصل هذا عععادة علععى المسععتوى الشخصععي ،
فععور تعععرض الشععخص لحادثععة مؤلمععة ،فيعععزو الخطععاء الععتي
تسببت في الحادثة إلى الخرين .
تحذيرات النبياء من الفساد
جاء التحذير من الستهانة بنص النبععوءة ،ومغبععة الفسععاد عنععد
العلو ،والتخويف من العقاب ،التي كانت بدايتها نصا فععي كتععاب
موسى عليه السلم ،وعلى لسان كل النبياء المتعاقبين ،داعين
228
إلى اللتزام بشععريعة موسععى ،ومحعّذرين مععن تركهععا ومخالفتهععا
علععى مععدى عمععر مملكتهععم ،بععدءا مععن سععليمان عليععه السععلم ،
وانتهاًء بإشعياء وإرمياء عليهما السلم ،إن كانوا أنبياء .
وهذا هو التحذير الذي جاء على لسان سليمان ،بعد انتهاءه مععن
بناء الهيكل ،اليام الثاني :19 :7 " :ولكن إن انحرفتم ونبعذتم
فرائضعععي العععتي شعععرعتها لكعععم ،وضعععللتم وراء آلهعععة أخعععرى
وعبدتموها وسجدتم لها :20 ،فإني أستأصلكم من أرضععي الععتي
وهبتها لكم ،وأنبذ هذا الهيكل الذي قّدسته لسمي ) جعلته قائمععا
لذكري ( ،وأجعله مثل ومثععار ُهععزٍء لجميععع المععم :21 ،ويغععدو
هذا الهيكل الذي كان شامخا ،عبرة ُيثير عجب كل من يمّر بععه "
.
وبالضافة إلى ما تقدم ،هذا عرض لجزء يسير ،من النصععوص
الكثيرة والمطّولة والمكّررة ،لما جاء في أسفار بعض أنبيائهم )
الكبار ( ،اخترناها لتكتمل معالم الصورة من الجانب الخر .
تحذيرات إشعياء :
إشعياء هو أول النبياء الكبار وهم أربعععة ،وُيقععال أنععه ُبعععث فععي
فترة ،بلغ فيه إفساد بنععي إسععرائيل الععذروة ،قبععل وقععوع السععبي
البابلي ،حيث أن سفره ،جاء حافل بالتقريع والتوبيخ والتحذير
والنذار ،والتذكير بنص النبوءة الذي جاء به موسععى ،ويععروى
أنععه مععن النبيععاء الععذين ُقتلععوا ) التعريععف بأصععحاب السعفار معن
النبياء ،مستقاة من مقدمة المترجم لكل سفر ( :
:4 :1ويل للمة الخاطئة ،الشعب المثقل بالثم ،ذرية مرتكبي
الشّر ،أبناء الفسععاد :10 .اسععمعوا كلمععة الععرب يععا حكععام سععدوم
) قرية لععوط ( :15 … ،عنععدما تبسععطون نحععوي أيععديكم أحجععب
229
وجهععي عنكععم ،وإن أكععثرتم الصععلة ل أسععتجيب ،لن أيععديكم
مملوءة دما :16 ،اغتسلوا ،تطّهروا ،أزيلوا شعّر أعمععالكم مععن
أمام عيني ،كفوا عععن اقععتراف الثععم :17 ،وتعّلمععوا الحسععان ،
ق ،انصععفوا المظلعوم ،اقضعوا لليعتيم ،ودافعععوا ععن اْنشدوا الح ّ
الرملة :19 … ،إن شئتم وأطعتم ،تتمتعون بخيععرات الرض ،
ب قععد تكّلععم "
ن فععم الععر ّ
وإن أبيتم وتمّردتععم فالسععيف يلتهمكععم ،ل ّ
) ويسععتطرد واصععفا حععال المدينععة آنععذاك ( … :21 " ،كععانت
تفيض حّقا ،ويععأوي إليهععا العععدل ،فأصععبحت وكععرا للمجرميععن ،
ضتك مزّيفة ،وخمرك مغشوشة بماء :23 ،أصبح :22صارت ف ّ
رؤساءك عصاة ،وشركاء لصوص ُ ،يولعون بالرشوة ويسعون
وراء الهبععات ،ل يععدافعون عععن اليععتيم ،ول ُترفععع إليهععم دعععوى
الرملة " .
" :8 :3قد َكَبت ) وقعت ( أورشليم ،انهارت يهوذا ) المملكة (
،لنهمععا أسععاءتا بععالقول والفعععل إلععى الععرب ،وتمّردتععا علععى
سعععلطانه :9 ،ملمعععح وجععوههم تشععهد عليهععم ،إذ يجععاهرون
بخطيئتهم كسدوم ول يسترونها ،فويل للذين جلبوا على أنفسهم
شععروا الصعّديقين بععالخير ،لنهععم سععيتمتعون شّرا :10 ،ولكععن ب ّ
بثواب أعمالهم :11 ،أّما الشّرير فويل له وبئس المصععير :12 ،
… إن قادتكم ُيضّلونكم ويقتادونكم في مسالك منحرفة … " .
سِكر … :12 ،يتلّهون " :11 :4ويل لمن … يسعون وراء الُم ْ
في مآدبهم بالعود والرباب والدف والناي والخمر ،غير مكترثين
ب :13 … ،لععذلك ُيسععبى شعععبي لنهععم ل يعرفععون ، بأعمال الععر ّ
عظماؤهم جوعا ،وتهلك العامة عطشا :15 … ،وُيذّل ويموت ُ
ط كععل متشععامخ فيهععا ) ،الععذل بعععد النسان وُيخفض النععاس وُيحع ّ
العلو ( … :18ويل لمن يجّرون الثععم بحبععال الباطععل :19 … ،
230
جل بعقابه حتى نراه ) انظععر اليععات 92،99 ويقولون لُيسرع وُيع ّ
السراء و 58،59الكهف ( ،لُينفذ مقّدس إسرائيل مععآربه فينععا ،
فنععدرك حقيقععة مععا يفعلععه بنععا :21 ،ويععل للحكمععاء فععي أعيععن
أنفسهم ،والذكياء في نظر ذواتهم :25 … ،لذلك احتدم غضب
الرب ضّد شعبه ،فمّد يده عليهم وضععربهم ،فارتعشععت الجبععال ،
وأصبحت جثث موتاهم كالقاذورات في الشععوارع ،ومععع ذلععك لععم
يرتدّ غضبه ،ولم تبرح يده ممدودة بالعقاب :26 ،فيرفععع رايععة
لمم بعيدة ،ويصفر لمن في أطراف الرض ،فيقبلون ُمسععرعين
:27 ،دون أن يكّلوا أو يتعثروا أو يعععتريهم ُنعععاس أو نععوم … ،
:28سهامهم مسنونة ،وقسّيهم مشدودة ،حععوافر خيلهععم كأنهععا
صّوان ،عجلت مركباتهم مندفعة كالعصار :29 ،زئيرهم كأنه
زئير أسد ،يزمجر وينقض على فريسععته ،ويحملهععا وليععس مععن
منقذ ُ :30 ،يزمجرون … كهدير البحر ،وإن جععاس أحععدهم فععي
البلد متفرسا ،ل يرى سوى الظلمة والضيق ،حتى الضععوء قععد
احتجب وراء سحبه . " ..
جلون :1 :10ويل للذين يسّنون شرائع ظلم ،وللكتبة الذين يس ع ّ
أحكام جور :2 ،ليصّدوا البائسين عن العدل ،ويسععلبوا مسععاكين
شعبي حّقهم ،لتكون الرامل مغنما لهععم ،وينهبععوا اليتععامى :3 ،
فماذا تصنعون في يوم العقاب ،عنععدما تقبععل الكارثععة مععن بعيععد !
إلى من تلجئون طلبا للعون ؟ وأيععن تودعععون ثروتكععم ؟ لععم يبقععى
شيء سوى أن تجثوا بين السرى ،وتسعقطوا بيعن القتلعى … ،
:21وترجع بقية ذرية يعقوب إلى الرب القدير ،مع أن شعبك يا
إسرائيل ،فإن بقية فقط ترجع ،لن ال قضى بفنائهم ،وقضاؤه
عادل " .
231
" :8 :46اذكععروا هععذا واتعظععوا ،انقشععوه فععي آذانكععم أيهععا
العصاة ،تذّكروا المور الغابرة القديمة ،لني أنا ال وليععس إلععه
آخر :10 ،وقد أنبأت بالنهاية منذ البداية ،وأخبرت منذ القععدم ،
بأمور لم تكععن قععد حععدثت بعععد ،قععائل :مقاصععدي ل بععد أن تتععم ،
ومشععيئتي ل بععد أن تتحقععق :11 ،أدعععوا مععن المشععرق الطععائر
الجععارح ،ومععن الرض البعيععدة برجععل مشععورتي ،قععد نطقععت
ي يععا غلظ بقضععائي ،ول بععد أن ُأجريععه :12 … ،أصععغوا إلعع ّ
القلععوب ،أيهععا البعيععدون عععن الععبّر :13 ،لقععد جعلععت أوان بعّري
قريبا ،لم يعد بعيدا ،وخلصي ل ُيبطئ …
:15-17 :30لنععه هكععذا قععال الععرب ،قععّدوس إسععرائيل :إنّ
ي ،وقعّوتكم فععي الطمأنينععةخلصكم مرهون بالتوبة والركععون إلع ّ
والثقة بي ،لكنكم أبيتم ذلك ،وقلتم :ل بل نهععرب علععى الخيععل ،
أنتم حّقا تهربون ،لهععذا فععإن مطععارديكم ُيسععرعون فععي تعّقبكععم ،
يهرب منكم ألف من زجرة واحد ،وتتش عّتتون جميعععا مععن زجععرة
خمسة ،حتى ُتتركوا كسارية على رأس جبل …
نلحظ أن إشعياء يدعوا إلى التوبة والصلح ،ويصف ما وصل
ببنععي إسععرائيل مععن إفسععاد ،ويععّذكرهم ويحععّذرهم ،ويعيععد إلععى
أذهانهم ،مضمون تلك النبوءة ،التي جاءت في أسفار موسععى ،
ونصععوص إشعععياء لععم تحمععل فععي طياتهععا تصععريح عععن ماهيععة
المبعععوثين ،سععوى أن الفقععرة الخيععرة ،ذكععرت جهععة مخععرج
البعث ،وربما يكون ذلك إضافة من مؤلفي التوراة .
تحذيرات ارميا :
ارميا هو ثاني النبياء الكبار ،وُيقال أن هذا النععبي ،عععاش فععي
الفترة ما قبل وما بعععد ،الععتي وقععع فيهععا السععبي البععابلي ،وكععان
232
فحععوى رسععالته :دعععوة قععومه إلععى التوبععة والعععودة إلععى ال ع ،
ق قعدره ،فل ملجعأ منعه إل والتخلي عن الوهام ،وتقدير الع حع ّ
إليه ،ول يرّد غضبه قوة أو مال أو جاه .وقد ُوصف هععذا النععبي
) بالنبي البّكاء ( ،من كثرة بكاءه على قومه ،بعد وقوع الكارثة
التي طالما حّذرهم منها ،فلم يستجيبوا له .
" :2 :7اسععمعوا كلم الععرب … :3قّومععوا طرقكععم وأعمععالكم
فُأسععكنكم فععي هععذا الموضععع :4 ،ل تتكّلععوا علععى أقععوال الكععذب
) النفاق ( :5 ،لكن إن قّومتم حّقععا طرقكععم وأعمععالكم ،وأجريتععم
قضاًء عادل فيما بينكم :6 ،إن لم تجوروا علععى الغريععب واليععتيم
والرملة ،ولم تسفكوا دما بريئا … وإن لم تضّلوا وراء الوثان
:7 ،عندئذ ُأسكنكم في هذا الموضع … إلى البد :8هععا أنتععم قععد
اتكلتم على أقوال الكذب ) نافقتم ( ،ولكن مععن غيععر جععدوى :9 ،
خععرون للبعععل أتسععرقون وتقتلععون وتزنععون ،وتحلفععون زورا وتب ّ
) الصععنم ( :10 ،ثععم تمثلععون فععي حضععرتي …هععل أصععبح هععذا
الهيكل ) الععذي ُأقيععم لععذكري ( مغععارة لصععوص ؟! … :20لععذلك
ُيعلن الرب :ها غضبي وسخطي ينصّبان على هذا الموضع …
" :7 :8إن اللقلق فعي السععماء يعععرف ميععاد هجرتععه ،وكععذلك
… ،أّما شعبي فل يعرف قضععاء الععرب ! :8كيععف ت عّدعون أنكععم
حكماء ،ولديكم شريعة الرب ،بينما حولها قلععم الكتبععة المخععادع
إلععى ُأكذوبععة ؟! سععيلحق الخععزي بالحكمععاء ،ويعععتريهم الفععزع
والذهول ،لنهم رفضوا كلمة الرب ،إذ أي حكمة فيهععم ؟! لععذلك
ُأعطي نسععائهم لخريععن ،وحقععولهم للععوارثين القععاهرين ،لنهععم
جميعهم من صغيرهم إلى كبيرهم مولعععون بالربععح ،حععتى النععبي
والكاهن يرتكبان الزور في أعمالهمععا ،ويعععالجون جععراح شعععبي
باستخفاف ،قائلين :سلٌم ،سلٌم ،في حين ل يوجد سلم ،هل
233
ط ،ولم يعرفوا ل ! لم يخزوا ق ّ خجلوا عندما ارتكبوا الرجس ؟! ك ّ
الخجل ،لذلك سيسقطون بين الساقطين ،وحين ُأعععاقبهم ُيط عّوح
بهم ،يقول الرب " .
" :22 :10اسمعوا ،ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ،مقبععل
من الشمال ،ليحّول مدن يهوذا ،إلى خرائب ومأوى لبنععات آوى
".
ب زاحف من الشمال ،وأّمة عظيمة " :22 :6انظروا ،ها شع ٌ
ت بععالقوس والرمععح ،وهععي ب مععن أقاصععي الرض ،تس عّلح ْ ته ع ّ
قاسية ل ترحم ،جلبتها كهدير البحر ،وهي مقبلة على صععهوات
الخيععل ،قععد اصععطّفت كإنسععان واحععد ،لمحاربتععك يععا أورشععليم ،
ب الععوهن فععي أيععدينا ،وتّولنععا كععرب سمعنا أخبارهم المرعبة فععد ّ
وألم ،كألم امرأة تعععاني المخععاض ،ل تخرجععوا إلععى الحقععل ،ول
تمشوا في الطريق ،فللعدّو سيف ،والهول ُمحّدق من كل جهة ،
فيا أورشليم ارتدي المسوح ،وتمّرغي في الرماد ،ونوحي كمن
ينوح على وحيده ،وانتحبي نحيبا مرا ،لن الُمدّمر ينقض علينا
فجأة ،إني أقمتك ُممَتحنا للمعدن ) إقامة مملكتهم كان لمتحععانهم
( ،وجعلت شعععبي مععادًة خععام ،لكععي تعععرف طرقهععم وتفحصععها ،
فكّلهم عصاة متمّردون ساعون في النميمة ،هم نحاس وحديععد ،
كلهم فاسدون " .
" :3 :23وأجمععع شععتات غنمععي مععن جميععع الراضععي ،الععتي
أجليتها إليهععا ،وأرّدهععا إلععى مراعيهععا ،فتنمععوا وتتكععاثر ،وُأقيععم
عليها رعاة يتعّهدونها ،فل يعتريها خععوف مععن بعععد ،ول ترتعععد
ول تضل ،ها أيام مقبلة ُأقيم فيهععا لععداود ذرّيععة ِبعّر ،ملكععا يسععود
234
بحكمة ،ويجري في الرض عدل وحّقعا ،فعي عهععده يتعّم خلص
شعب يهوذا ،ويسكن شعب إسرائيل آمنا " .
" :3 :30ها أيام مقبلة أرّد فيها سبي شعبي … ،وأعيدهم إلى
الرض التي أعطيتها لبععائهم فيرثونهععا ) ،ثععم يقععول ( :سععمعنا
صراخ رعب ،عم الفزع وانقرض السلم ، … ،ما أرهععب ذلععك
اليوم ،إذ ل مثيل له ،هو زمن ضيق على ذرية يعقوب ،ولكنها
طععم أنيععارسععتنجوا ،فععي ذلععك اليععوم ،يقععول الععرب القععدير ُ :أح ّ
طهم ) أي أرفع قيععود العبوديععة والععذل عنهععم ( أعناقهم وأقطع ُرب َ
فل يستعبدهم غريب فيما بعد ،بل يعبععدون الععرب إلههععم ،وداود
ملكهععم الععذي ُأقيمععه عليهععم ) شععرك بععال ( … ،فيرجععع نسععل
ن ويستريح ،من غيععر أن ُيضععايقه أحععد ، … ، إسرائيل ،ويطمئ ّ
ك بينهععا ،أّم أنععت فل ُأفنيععك ُأوّدبععك
فُأبيعُد جميععع المععم الععتي شعّتت َ
جه بعععالحق ،ول ُأبعععّرئك تعععبرئة كاملعععة ) ، … ،الخطعععاب معععو ّ
لورشليم ( إن جرحك ل شفاء له ،وضربتك ل علج لهععا ،إذ ل
يوجد من يدافع عن دعواك ، … ،قد نسيك محّبععوك ،وأهملععوك
ب مبغ ع ٍ
ض ك عقععا َب عدّو ،وعاقبت ِ إهمال ،لني ضربتك كما َيضر ُ
قاسٍ ،لن إثمععك عظيعٌم وخطايععاك متكععاثرة ، … ،لهععذا أوقعتععك
بالمحن ،ولكن سيأتي يوم ُيفترس فيه جميع ُمفترسيك ،ويذهب
جميع مضايقيك إلى السبي ،ويصبح ناهبيك منهوبين ،لني أرّد
لك عافيتك وُأبرئ جراحك " .
النصوص الخيرة أعله ،من النصوص المضّللة ،التي شععّكلت
قناعات ومعتقدات ،عاّمة اليهععود حكمععاًء ومغفليععن ،وملخصععها
أنهم في المرة الثانية ،سيقيمون لهععم دولععة فععي أرض الميعععاد ،
وُيبعث لهم ملكا من نسل داود عليه السععلم ،يحكععم الرض كلهععا
بعععالحق والععععدل ،وليعععس فلسعععطين فقعععط ،ففلسعععطين ل تتسعععع
235
لحلمهم وأوهامهم وهلوسععهم وأمععانّيهم ،وينعععم اليهععود تحععت
حكمه ،بالسلم والمن إلى البد ) فل بعثا ول نشورا ( ،ويكون
فيها اليهود أسيادا ،وباقي خلق ال عبيدا تحت أقدامهم .
لقد أضاع كتبة التععوراة الحقيقععة ،وظلمععوا أجيععالهم القادمععة مععن
حيث ل يعلمون ،فكذبوا الكذبة وصّدقها أبنائهم ،وأصععبحت مععن
صعععميم معتقعععداتهم ،فالمعاصعععرين معععن اليهعععود والنصعععارى ،
يتعاملون مع كل نصوص التوراة ،بغثهععا وسععمينها ،علععى أنهععا
من عند ال ،ول مجال لتكذيبها .
يقولون أن النص التالي ،هو رسعالة معن إرميعاء إلعى المسعبيين
فععي بابععل ُ ،يخععبرهم فيهععا أن مقععامهم هنععاك سععيكون طععويل ،
وينصععحهم فيهععا بععأن ُيقيمععوا فيهععا ويبنععوا بيوتععا ،ويععتزوجوا
ويتكاثروا ،وهذا جزء من نصها :
" :10 :29ولكن بعد انقضععاء سععبعين سععنة عليكععم فععي بابععل ،
ألتفععت إليكععم وأفععي لكععم بوعععودي الصععالحة ،برّدكععم إلععى هععذا
الموضع ،لني عرفت ما رسمته لكم ،إنها خطط سععلم ل ش عّر ،
لمنحكم مستقبل ورجاء ، … ،وحيععن تجععدونني ،أرّد سععبيكم ،
وأجمعكم من بين جميع المم ،ومن جميععع المععاكن الععتي شعّتتكم
إليها . " … ،
في الحقيقة أن كتبة التوراة ،كانوا يعتقدون أن عودتهم الجزئية
،من بابل إلى أورشليم ،بعد ) (70سععنة مععن السععبي ،فععي عهععد
كورش الفارسي كما ُيروون ،هي العودة الثانيععة الععتي سععيتحقق
فيها ،النصف الثاني من نبوءة موسى وإشعععياء وارميععا ،ومنععذ
ذلك اليوم وهم ينتظععرون ،أن ُيبعععث فيهععم ) الملععك اللععه ( لُيقيععم
لهععم دولععة فععي القععدس ،فلععم يكععن لهععم ذلععك ،ويععروى أن الععذين
236
رجعوا من بابل ،أعادوا بناء الهيكععل ،مععع معارضععة المقيميععن .
ي ) 37ق.م – 70م ( أي مععائة سععنة وطال انتظارهم ،وبين عععام ّ
تقريبا ،حصلوا على حكععم ذاتععي محععدود ) المملكععة الهيروديععة ،
وكان الملك من أصل يهودي آرامععي ( ،تحععت التععاج الرومععاني ،
وفي زمععانهم تواجععد زكريععا ويحيععى ،وُبعععث إليهععم عيسععى عليععه
السلم ،فتععآمروا عليععه ودفعععوه إلععى الرومععان ،لقتلععه وصععلبه ،
حيث كانت سلطة القتل في أيدي الرومان الوثنيون .
وبعد زوال مملكتهم على يد ) نبوخذ نصر ( البابلي عام 586م ،
وحععتى تشععّتتهم النهععائي علععى يععد ) هادريععان ( الرومععاني عععام
135م ُ ،أخرج أغلبية اليهود منها ،ولم تقم لليهود فععي فلسععطين
قائمة ،وأقصى مععا اسععتطاعوا الحصععول عليععه ،هععو ذلععك الحكععم
الذاتي ،في بداية الحكم الروماني لبلد الشام ،حيععث قضععى هععذا
المبراطور ،على أي أمل لهم ،في إعادة إقامة دولتهم الثانية ،
فكان إنتشارهم في كافة أرجاء العالم .
) ولنكمل النصوص من سفر ارميا ( :8 :31 " ،هععا آتععي بهععم
من بلد الشمال ،وأجمعهم مععن أقصععي أطععراف الرض ،وفيهععم
العمى والعرج ،الحبلى والماخض ،فيرجععع حشععد عظيععم إلععى
هنا "
" :27 :31ها أيام مقبلة ،يقول الرب ُ ،أكّثر فيها ذرية إسرائيل
ويهوذا ،وُأضاعف نتاج بهععائمهم أضعععافا ،وكمععا ترّبصععت بهععم
لستأصل ،وأهدم وأنُقض وُأهلعك وُأسععيء ،كعذلك أسععهر عليكعم
لبنيكم وأغرسكم " .
237
" :33 :31سأجعل شريعتي فععي دواخلهععم ، … ،وأكععون لهععم
إلها ويكونون لي شعبا ،لنععي سأصععفح عععن إثمهععم ،ولععن أذكععر
خطاياهم من بعد " .
) وهذا محض افععتراء وتحريععف ،وتتبععع هععذه الكذوبععة عبععارات
مبهمة ،ومن ثم ُتفاجأ بهذه العبارة التي تقول ( " :عنععدئذ َأنبععذ
ذرية إسرائبل من أجل كل مععا ارتكبععوه " ) ،لتفهععم أن العبععارات
المبهمة ،كانت بدل من عبارات حذفوها ،وهي عبععارات مفادهععا
اشتراط الحسان للثواب والفساد للعقاب ( .
" :38 :31ها أيام مقبلة ُ ،يعاد فيها بنععاء هععذه المدينععة للععرب ،
… ،ولن تستأصل أو ُتهدم إلى البد " .
بالنظر في قولهم هذا ،وخاصة العبارة الخيرة ،نجد أن مععؤلفي
التوراة ،قضوا على أي أمل لليهود ،فععي الصععلح الصععلح فععي
ي في اسععتمرار وجععودهم ، دولتهم الحالية ،حيث أنه شرط أساس ّ
فمؤّدى هذه العبارة ،أنهم سيقيمون فيها إلى البد ،بغض النظر
عن إصلحهم أو إفسادهم فيها ،لتصبح نهاية دولتهم حتمية فععي
الموعد المحّدد ،وقد لحظت من خلل تتبعي ،لما جاء في المرة
الثانية ،أنهم بعد كل عقععاب مأسععاوي يحععل بهععم ،يبععدءون بععذكر
العودة والجمع من الشتات ،والبركة والكععثرة ،ويفيضععون فيهععا
وصفا وشرحا ،والنتيجة تكون على الدوام هععي ،انتصععار ربهععم
على أعدائهم ومحقهم عن بكرة أبيهم ،وجعععل أرضععهم صععحراء
قاحلة ،أمععا هععم فيعشععون جنععة ونعيمععا ،ويكععون لهععم الملععك فععي
ي عنهم ربهم ورضوا عنه . الرض إلى البد ،بعد أن رض َ
) وانظر إلى هذه النبوءة في المرة الثانية علععى لسععان الععرب ( "
:10 :42إن أقمتم في هذه الرض ،فععإني أبنيكععم ول أهععدمكم ،
238
وأغرسكم ول أستأصلكم ،لني أسععفت علععى الش عّر الععذي ألحقتععه
بكععم ) ربهععم يأسععف ( ،ل تخشععوا ملععك بابععل ،الععذي أنتععم منععه
خائفون ،فإني معكم لخلصكم وأنجيكم من يده ) بل قيد أو شرط
( ،وُأنعععم عليكععم ،فيرحمكععم ويرّدكععم إلععى أرضععكم " ) ،فربهععم
ضهم على عدم الخشية من ملك بابل ( . يأسف ،ويح ّ
السبي البابلي :
هذا الحدث المشهور تاريخيا والمعروف ) بالسبي البابلي ( ،هو
أول وأقسى وأفظع حدث ،وقععع فععي تاريععخ اليهععود كأمععة ،أثنععاء
تواجدهم في فلسطين ،من حيث الذى الجسدي والنفسي ،وكان
له أبلغ الثر ،فععي وجععدان وفكععر الشعععب اليهععودي ،وليععس أدل
على ذلك ،من أن عدد الصفحات ،التي تتطّرق إلى ذكر متعّلقات
صله مععن جميععع جععوانبه ،هععو )(400 – 350 هذا الحدث ،وتف ّ
صععفحة ،أي مععا ُيعععادل ثلععث التععوراة .وقععد جععاء فععي كتععاب
) الختراق الصهيوني للمسيحية ( للقس إكرام لمعي ،ونقل عن
كتاب ) تاريخ اليهععود ( للكععاتب ) بععول جونسععون ( مععا نصععه " :
وفي بابل لم يعامل اليهود معاملة سيئة ،فقد وجععدت مخطوطععات
بجوار عشتاروت – أقدم مععدن بابععل – وجععد فيهععا قائمععة بأسععماء
المسبيين ،ونشاطهم في بابل ،وكان بها اسم ) يهوياكين ( ملك
يهوذا ،وبعض السماء الخرى ،وموضح بها أن اليهود عملوا
بالتجععارة ،واكتسععبوا أمععوال كععثيرة ،وكععانت لهععم أوضععاعهم
المتميزة إلى حّد مععا " .وأمععا أشععور فيشععير نفععس الكععاتب ،إلععى
عدم وجود أي دليل من ذكر أو أثر ،يؤكد رواية سبيهم إليها .
239
رواية التلمود عن تدمير الهيكل :
نص منقول عن كتاب ) التلمود تاريخه وتعاليمه ( لظفر السععلم
خان :
" عندما بلغت ذنوب إسرائيل مبلغهععا ،وفععاقت حععدود مععا ُيطيقععه
اللععه العظيععم ،وعنععدما رفضععوا أن ُينصععتوا لكلمععات وتحععذيرات
ارميا ،ترك النبي أورشليم وسافر إلى بلد بنيامين ،وطالما كان
النبي ل يزال في المدينة المقّدسة ،كان يدعو لها بالرحمة فنجت
،ولكنه عندما هجرها إلى بلد بنيععامين ،دّمععر نبوخععذ نصععر بلد
طم الهيكععل المق عّدس ،ونهععب مجععوهراته ،وتركععه إسرائيل ،وح ّ
فريسة للنيران الملتهبة ،وكععان نبععورذدان الععذي آثععر البقععاء فععي
ريبله ) منطقة سورية بالقرب من حماة ( ،قد أرسل نبوخذ نصر
لتدمير أورشليم " .
" وقبل أن يبععدأ نبوخععذ نصععر حملتععه العسععكرية ،سعععى لمعرفععة
نتععائج الحملععة ،بواسععطة الشععارات نظععرا لععذهوله ،فرمععى مععن
قوسه نحععو المغععرب ،فسععارت باتجععاه أورشععليم ،ثععم رمععى مععرة
أخرى نحو الشرق ،لكن السهم اتجهت نحو أورشليم ،ثععم رمععى
مرة أخرى ،ليتأكد من محل وقوع المدينة الُمذنبععة ،الععتي وجععب
تطهيرهععا مععن الرض ،وللمععرة الثالثععة اتجهععت سععهمه نحععو
جه معععأورشليم ،وبعد أن استولى نبوخذ نصر على المدينة ،تو ّ
ُأمرائه وضباط جيشه ،إلى داخل الهيكل ،وصاح ساخرا مخاطبا
إله إسرائيل :وهل أنت الله العظيم الذي يرتعد أمامه العالم ؟ ها
نحن في مدينتك ومعبدك ! " .
" ووجد نبوخذ علمة لرأس سهم ،علععى أحععد جععدران الهيكععل ،
كععأن أحععدا ُقتععل أو ُأصععيب بهععا ،فسععأل :مععن ُقتععل هنععا ؟ فأجععاب
240
الشعب ) :زكريا بن يهوياداه ( كبير الكهنة ،لقد كان ُيحّذرنا في
كععل سععاعة مععن حسععاب اعتععداءاتنا ،وقععد سععئمنا مععن كلمععاته ،
فانتهينا منه .فذبح جنود نبوخذ نصععر سععكان أورشععليم ،كهنتهععا
وشعبها ،كهولهععا وشععبابها ونسععائها وأطفالهععا ،وعنععدما شععاهد
كبير الكهنة هذا المنظر ،ألقى بنفسه بالنار ،التي أشعلها نبوخذ
نصععر فععي الهيكععل ،وتبعععه بقيععة الكهنععة مععع عععودهم وآلتهععم
الموسععيقية الخععرى ،ثععم ضععرب جنععود نبوخععذ نصععر السلسععل
الحديدية ،في أيدي باقي السرائيليين " .
" ورجع ارميا النبي إلى أورشليم ،وصععحب إخععوانه البؤسعاء ،
الذين خرجوا عرايعا ،وعنعد وصعولهم إلعى مدينعة ُ ،تسعمى بيعت
كورو ،هّيأ لهم ملبس جيدة ،وتكّلم مع نبوخذ نصر والكلدانيين
،قائل لهم :ل تظععن ،أنععك بقوتععك وحععدها ،اسععتطعت أن تتغّلععب
على شعب الرب الُمختار ،إنها ذنععوبهم الفععاجرة ،الععتي سععاقتهم
إلى هذا العذاب " .
نجد أن رواية التلمود أكععثر وضععوحا مععن روايععة التععوراة ،حيععث
أنها لم تذكر مملكتين ،وتؤكد أن اسم المملكة الجنوبيععة ،المقععام
فيها الهيكل هو إسرائيل ،وليععس يهععوذا كمععا ُذكععر فععي التععوراة .
وأن من أسقطوا عليهععم اسععم إسععرائيل والمملكععة الشععمالية ،هععم
الععذين ُأخرجععوا مععن ديععارهم ،ولععم يقععع فيهععم السععبي الشععوري
المزعوم ،وبقوا على حالهم خارج حععدود المملكععة ،حيععث يععذكر
النص التلمودي أن ارميا النبي لجأ إليهم " تععرك النععبي أورشععليم
وسافر إلى بلد بنيامين " .وبنيععامين حسععب التععوراة ،هععو الخ
الشقيق ليوسف عليه السلم ،وهذا يوحي أن الحقععد القععديم بيععن
الخوة الباء ،توارثه البناء على مّر العصععور ،وبععأن السععباط
الخععرى القويععة ،أخرجععت سععبط بنيععامين المستضعععف ،عنععدما
241
سيطرت على مقاليد الحكم ،بعد سليمان عليه السععلم .وبالتععالي
ُيثبععت هععذا النععص وقععوع السععبي البععابلي ،وينفععي وقععوع السععبي
المسمى بالشوري .وأن أشور وبابل آنععذاك ،تسععميتان لمملكععة
واحدة ،عند كتبة التوراة ،وأن أحععد مصععادر التععوراة ذكععر علععى
أنه بابلي ،والخر ذكره على أنه آشوري ،وأمععا نبوخععذ نصععر ،
فتجععده أحيانععا ملكععا ،وأحيانععا وزيععرا أو قععائدا للجيععش ،أو قععائدا
للحرس .
مقتطفننننات مننننن رثنننناء ارميننننا لشننننعبه
ولورشيلم بعد السبي البابلي :
) من كتاب مراثي ارميا في نهاية سفره ( :1 " :كيف أصععبحت
المدينععة الهلععة بالسععكان مهجععورة وحيععدة ؟! هععذه الععتي كععانت
عظيمة بين المم ،صارت كأرملععة ! صععارت السععيدة بيععن المععدن
تحت الجزية ! تبكععي فععي الليععل بمععرارة ،وتنهمععر دموعهععا علععى
لنهعا ،خعّديها ،ل ُمععّزي لهعا بيعن ُمحبيهعا ،غعدر بهعا جميعع خ ّ
سععبيت يهععوذا إلععى المنفععى ، … ،فأقععامتوأصبحوا أعداًء لها ُ ،
شععقية بيععن المععم ، … ،تهعّدمت جميععع أبوابهععا ، … ،ارتكبععت
أورشليم خطيئة نكراء فأصبحت نجسععة ، … ،لععم تععذكر آخرتهععا
ب جميعع جبعابرتي فعي لهذا كان سعقوطها رهيبعا ، … ،بعّدد العر ّ
شعّباني ،داس ي حشعدا معن أعععدائي ليسعحقوا ُ وسطي ،وأّلب عل ّ
ب العذراء بنت صهيون ،كما ُيداس العنب في المعصرة … ، الر ّ
ب عادل حقا ،وقد تمّردت على أمععره ،فاسععتمعوا يععا جميععع ،الر ّ
ي وش عّباني إلععى
الشعععوب ،واشععهدوا وجعععي ،قععد ذهععب عععذارا َ
ي كهنععتي وشععيوخي فععي المدينععة ، … ،هععا السععبي َ ، … ،فِنعع َ
السيف يثكل في الخارج ،ويسود الموت في البيت … " .
242
ب بل رحمععة ،جميعع مسععاكن يعقععوب ، … ، " :2قععد هععدم الععر ّ
وألحق العار بالمملكة وحّكامها ،إذ سّواها بععالرض ، … ،وّتععر
قوسه كعدّو ،نصب يمينه كُمْبِغض ،ذبععح بقسععوة كعّل عزيععز فععي
عيوننععا ، … ،وهععدم جميععع قصععورها ودّمععر حصععونها ، … ،
جلععس شععيوخ ابنععة صععهيون علععى الرض صععامتين ،عّفععروا
رؤوسهم بالرماد ،وارتدوا المسوح ،وطأطأت عذارى أورشععليم
رؤوسهن إلى الرض ،كّلت عيناي من البكاء ، … ،نّفععذ الععرب
قضاءه ،وحقق وعيده الذي حكم به منععذ الحقععب السععالفة ،هععدم
ظععم قععوة عععدوك ، … ، ولععم يععرأف ،فأشععمت بععك الخصععوم ،وع ّ
ب وتأّمل ، … ،قد انطرح الصبيان والشيوخ في غبععار انظر يا ر ّ
شّباني بالسععيف ،قععد قتلتهععم فععي يععوم يو ُ الطرقات ،سقط عذارا َ
غضبك ،ونحرتهم من غير رحمة … "
" :3أنا هو الرجل الذي شهد البلية ،التي أنزلها قضيب سخطه
، … ،ولكن هذا ما ُأنعاجي بعه نفسعي ،لعذلك يغمرنعي الرجعاء ،
ن ،لن مراحمعه ل تععزول ، … ، من إحسانات الرب ،أننا لعم نفع َ
فلماذا يشتكي النسان حين ُيعاقب علععى خطايععاه ؟ … ،لنفحععص
طرقنا ونختبرها ،ونرجع إلى العرب ،لنرفععع أيعدينا وقلوبنععا إلععى
ال في السماوات " … ،
" ، … :4لن عقاب إثم ابنة شعبي ،أعظععم مععن عقععاب خطيئة
سععدوم ،الععتي انقلبععت فععي لحظععة ،مععن غيععر أن تمت عّد إليهععا يععد
إنسععان ،كععان ُنبلؤهععا ،أنقععى مععن الثلععج ،وأنصععع مععن اللبععن ،
أجسادهم أكثر حمرة من المرجان ،وقاماتهم كاليععاقوت الزرق ،
فأصععبحت صععورتهم أكععثر سععوادا مععن الفحععم ،فلععم ُيعرفععوا فععي
ب حم عّو غضععبه ، ب كامل سخطه ،وص ّ الشوارع ، … ،نفث الر ّ
وأضرم نعارا فعي صعهيون ،فعالتهمت ُأسسعها ، … ،عقابعا لهعا
243
على خطايا أنبيائها ،وآثععام كهنتهععا ،الععذين سععفكوا فععي وسععطها
دمععاء الص عّديقين ، … ،آذنععت نهايتنععا ،وتّمععت أيامنععا ،وأِزفععت
خاتمتنا ،كان ُمطاردونا أسرع من نسور السماء ،تعّقبونععا علععى
الجبال ،وترّبصوا بنا في الصحراء " … ،
ب مععا أصععابنا ،انظععر وعععاين عارنععا ،قععد تحعّول
" :5اذكر يا ر ّ
ميراثنا إلى الغرباء ،وبيوتنا إلى الجانب ،أصععبحنا أيتامععا ل أب
لنا ،وأمهاتنا كالرامل ، … ،داس ُمضطهدونا أعناقنا ُ ،أعيينععا
ولم نجد راحة ،خضعنا باسطين أيدينا إلى أشور ومصر ،لنشبع
خبزا ، … ،تسّلط علينا عبيد ،وليععس مععن ُينقععذنا مععن أيععديهم ،
… ،اغتصبوا النساء في صهيون ،والعذارى في ُمععدن يهععوذا ،
عّلق النبلء من أيديهم ،ولععم يععوّقروا الشععيوخ ) كبععار القععوم ( . ُ
شّبان للطحععن ،وهعوى الصععبيان تحعت الحطععب ،هجعر خروا ال ُ
سّ
ف الش عّبان عععن الشععيوخ ) كبععار السععن ( بّوابععات المدينععة ،وك ع ّ
غنائهم ،انقطع فرح قلوبنا ،وتحّول رقصععنا إلععى نععوح ،تهععاوت
شي على قلوبنا غ ِ
أكاليل رؤوسنا ،فويل لنا لننا قد أخطأنا ،لهذا ُ
،وأظلمت عيوننا ،لن جبععل صععهيون أصععبح أطلل ،ترتععع فيععه
الثعالب " .
244
فلسطين عبر التاريخ
منذ نشأة مملكة اليهود الولى ،وحتى
نشأة دولتهم الثانية
تاريخ ما قبل الميلد :
طالوت ) شاول ( ملكًا على اليهود 1020 .ق.م
عصر الملك سليمان وبناء الهيكل فعي القعدس 928 – 965 .
ق.م
تقسععيم دولععة إسععرائيل الععى مملكععة إسععرائيل ) شععمالية ( ويهععودا
) جنوبية ( 928 .ق.م
فلسطين تحت الحكم الشوري 732 .ق.م
فتععح الشععوريون لمملكععة إسععرائيل ،ونهايععة مملكععة إسععرائيل
) الشمالية ( 721 .ق.م
انتصار البابليين بقيادة " نبوخذ نصر" على مملكة يهععودا ) فععي
القدس ( ،وتدمير الهيكل ،وترحيععل سععكانها إلععى بابععل 586 .
ق.م
السكندر يهزم الفرس ،وتصبح فلسطين تحت الحكععم اليونععاني .
333ق.م
موت السكندر يؤدي لتغيير الحكععم الععى البطالسععة ) فععي مصععر (
والسالوقيين ) في سوريا ( 323 .ق.م
بداية حكم البطالسة 301 .ق.م
تمعّرد المكععابيين ) اليهععود ( ضععد الحكععم السععالوقي ،للعمععل علععى
إنشاء دولة يهودية مستقلة 165 .ق.م
245
فلسطين ضمن المبراطورية الرومانيععة ) بعععد اسععتيلء الرومععان
عليها ( 63 .ق.م
استيلء الفرس على فلسطين 40 .ق.م
عودة الحكم الروماني الوثني للمنطقة 38 .ق.م
القضاء علععى المكعابيين وابتععداء حكععم الهرادسععة فعي فلسععطين .
37ق.م
تاريخ ما بعد الميلد :
تدمير الهيكل الثاني علععى يععد المععبراطور الرومععاني ) تيطععس أو
تايتوس ( 70 .م
إخمععاد ثععورة ) باركوبععا ( اليهععودي ضععد الرومععان ،وإبعععاد بقيععة
اليهود عن القدس ،على يععد المععبراطور ) هادريععان ( -132 .
135م
فلسطين تحت الحكم البيزنطي ) نسبة إلى بيزنطععة ( – 313 .
638م
سععس المععبراطور قسععطنطين ،الععذي جعععل ) فععي عععام 330م أ ّ
المسيحية الدين الرسمي للمبراطورية ،عاصمة جديدة للنصععف
عرفععت بالقسععطنطينية .وفععي عععام 395م الشععرقي فععي بيزنطععة ُ
انقسعععمت المبراطوريعععة الرومانيعععة ،إلعععى قسعععمين :شعععرقية
عاصمتها بيزنطة ) القسطنطينية ( وغربيععة وعاصععمتها رومععا ،
ومع اتخاذ المسيحية كديانععة رسععمية للمبراطوريععة الرومانيععة ،
بدأ عصر الضطهاد المسععيحي لليهععود ،واسععتمّر حععتى منتصععف
القرن الماضي (
246
العرب المسلمون يفتحون فلسطين ،في عهععد الخليفععة عمععر بععن
الخطاب 638 .م
فلسعععطين تحعععت الحكعععم السعععلمي ) المويعععون ،العباسعععيون ،
الفاطميون ،السلجقة ( 1099 - 638 .م
الصععليبيون يقيمععون المملكععة اللتينيععة فععي القععدس - 1099 .
1187م
صععلح الععدين اليععوبي يهععزم الصععليبيين فععي معركععة حطيععن .
1187م
فلسطين تحت حكم المماليك بعد هزيمة المغععول فععى موقعععة عيععن
جالوت 1220 .م
فلسطين جزء من المبراطوريععة العثمانيععة وعاصععمتها اسععتنبول
) القسطنطينية ( 1917 - 1516 .م
تاريخ فلسطين الحديث :
إنشععاء أول مسععتوطنة زراعيععة صععهيونية ) بتععاح تكفععا ( فععي
فلسطين 1878 .م
البارون ) ادموند دورتشععلد ( ،يبععدأ دعمععه المععالي للمسععتوطنات
اليهودية 1882 .م
أول موجععة مععن 25ألععف مهععاجر صععهيوني تععدخل فلسععطين ،
وغالبيتهم من أوروبا الشرقية 1903 – 1882 .م
ينعقد المؤتمر الصهيوني الول " في بال بسويسرا " ويصدر "
برنامج بال " الذي يدعو إلى إقامععة وطععن للشعععب اليهععودي فععي
فلسعععطين ،ويقعععرر إنشعععاء ) المنظمعععة الصعععهيونية العالميعععة
، ( WZOللعمل من أجل هذا الهدف 1897 .م
247
إنشاء أول كيبوتز على قاعدة العمل اليهودي ،إنشعاء قاععدة تععل
أبيب شمالي يافا 1909 .م
بداية الحرب العالمية الولى 1914 .م
المراسععلت بيععن الشععريف حسععين )شععريف مكععة وقععائد الثععورة
العربيعععة ضعععد العثمعععانيون ( ،وبيعععن سعععير هنعععري مكمعععاهون
) المنععدوب السععامي فععي مصععر ( ،تنتهععي إلععى اتفععاق اسععتقلل
ووحدة البلد العربية ،تحت الحكم العربععي بعععد انتهععاء الحععرب .
3/1/1916م
اتفاقية ) سايكس بيكو ( السععرية ،لتقسععيم البلد العربيععة ،الععتي
كععععانت تحععععت الحكععععم العثمععععاني بيععععن بريطانيععععا وفرنسععععا .
16/5/1916م
) وقد كشف البلشفة ) الععروس ( النقععاب عنهععا فععي تشععرين أول
1917م (
الشريف حسعين يعلعن اسعتقلل الععرب ،ععن الحكعم العثمعاني ،
وبداية الثورة العربية 1916 .م
وزير الخارجية البريطاني ) بلفور ( ،يتعهد بالدعم البريطععاني ،
لوطن قومي لليهود في فلسطين 2/11/1917 .م
قوات الحلفاء بقيادة الجنرال اللنععبي البريطععاني تحتععل فلسععطين .
9/1917/-م
نهاية الحرب العالمية الولى 30/10/1918 .م
المجلععس العلععى لمععؤتمر السععلم سععان ريمععو يعطععي بريطانيععا
النتداب على فلسطين 25/4/1920 .م
248
المنععدوب السععامي سععير هربععرت صععموئيل السياسععي اليهععودي
النجليزي يدشن " الدارة المدنية البريطانية " 1/7/1920 .م
عصبة المم تقّر النتداب على فلسطين 24/7/1921 .م
بداينننننة الحنننننرب العالمينننننة الثانينننننة .
1/9/1938م
اللجنععة المريكيععة – النجليزيععة لتقصععي الحقععائق ،تصععل إلععى
فلسطين 6/3/1946 .م
تقرير اللجنة المريكية النجليزيععة يقععدر حجععم القععوات المسععلحة
اليهوديععة ) ( 69 - 61ألععف فععرد ،ويوصععي بقبععول 100.000
يهودي في فلسطين ،وفلسعطين تضعرب احتجاجعا ) .هنعا تعدخل
العناية المريكية ( 5/1946/- .م
لجنعة المعم المتحعدة الخاصعة تقعترح خطعة للتقسعيم ،والجامععة
العربية ترفضها 8/9/1947 .م
بريطانيا تعلن أنها ستغادر فلسطين خلل ستة شععهور إذا لععم يتععم
التوصل الى تسوية 29/10/1947 .م
الجمعية العامة للمم المتحععدة ،توصععي بتقسععيم فلسععطين بنسععبة
%56.5لدولععة يهوديععة ،ونسععبة %43للدولععة الفلسععطينية ،
ومنطقة دولية حول القدس 29/11/1947 .م
الجامعععة العربيععة تنظععم جيععش النقععاذ العربععي ) قععوة متطععوعين
بقيععادة فععوزي القععاوقجي ،لمسععاعدة الفلسععطينيين فععي مقاومععة
التقسيم ( 12/1947/- .م
بريطانيعععا توصعععي المعععم المتحعععدة ،بإنشعععاء دولعععتين يهوديعععة
وفلسطينية ،بعد أسبوعين من انتهاء النتداب 8/12/1947 .م
249
جيععش النقععاذ العربععي يشععن هجمععات ناجحععة علععى المسععتعمرات
السرائيلية شمالي بيسان 16/2/1948 .م
القاوقجي يدخل فلسطين ويقود وحععدات جيععش النقععاذ فععي مثلععث
جنين – نابلس -طولكرم 7/3/1948-5 .م
الرئيس المريكععي ) ترومععان ( يععدعو الععى هدنععة فوريععة للقتععال .
25/3/1948م
عصابة شتيرن ترتكب مذبحة في دير ياسين بالقرب مععن القععدس
تسفر عن مقتل اكثر من 250شخصًا 9/4/1948 .م
قرار لمجلس المن يدعو إلى هدنة 17/4/1948 .م
نهاية النتداب البريطنناني ،وإعلن الدولننة
السننننننرائيلية مننننننن تننننننل أبيننننننب .
15/5/1948م
القوات اللبنانية تعبر الحدود وتستعيد مؤقتا قرى المالكية وقدس
من الهاجاناة 17/5/1948 -15 .م
القععوات الردنيععة تعععبر نهععر الردن ،وتتحععرك صععوب القععدس ،
وتسيطر على الشيخ جراح والحي اليهودي ،في المدينة القديمة
28/5/1948 -15 .م
الوحدات العراقية تعبر نهر الردن ،وتتحرك نحو مثلث نابلس ،
جنين ،طولكرم 4/6/1948 – 15/5 .م
القوات المصرية تعبر الحدود ،وتتحرك عبر الساحل إلى اسععدود
7/6/19489 – 15/5 .م
تقدم الطوابير السورية عبر الشمال 10/6/1948 -16/5 .م
250
مجلس المن الععدولي يعيععن الكععونت ) فولععك برنععادوت ( كوسععيط
دولي في فلسطين 20/5/1948 .م
قعععرار مجلعععس المعععن العععدولي ،بوقعععف إطلق النعععار /22/5 .
1948م
الهدنة الولى 8/7/1948 -11/6 .م
الهدنة الثانية 15/10/1948 -18/7 .م
تقرير الوسيط الععدولي ) برنععادوت ( يقعترح تقسعيم فلسعطين الععى
دولتين ؛ عربية وإسععرائيلية ،مععع بقععاء القععدس منطقععة دوليععة ،
وُترفض من العرب وإسرائيل 16/9/1948 .م
اغتيععال الوسععيط الععدولي ) برنععادوت ( فععي القععدس ،بواسععطة
عصابة شتيرن ،ويخلفه نائبه المريكي ) رالف باتش ( .
عام 1949م :
توقيع اتفاقيات الهدنة من قبععل الععدول العربيععة الععتي شععاركت فععي
حرب 48باستثناء العراق :
24/2الهدنة المصرية – السرائيلية .
23/3الهدنة اللبنانية – السرائيلية .
3/4الهدنة الردنية -السرائيلية .
20/5الهدنة السورية – السرائيلية .
251
المراحل الزمنية في تاريننخ اليهننود حسننب
ما جاءت في سورة السراء
توضح اليات من ) ( 8 – 4من سورة السراء ،خمس مراحل
زمنية ،من تاريخ بني إسرائيل ،وهي :
ب
سعراِئيَل ِفعي اْلِكَتعععا ِضْيَنا ِإَلعى َبِنعي إ ْ ♦ المرحلة الولى َ ) :وَق َ
عُلّوا َكِبيًرا )(4ن ُن َوَلَتْعُل ّ
ض َمّرَتْي ِ
ن ِفي اَْلْر ِ سُد َّلُتْف ِ
) زمن موسى عليه السععلم ،حيعث أوحعى إليععه ربعه ععز وجعل ،
فيمعا أنعزل إليعه معن الكتعاب نعص هعذه النبعوءة ،والرجعح أنهعا
أنزلت في بداية فترة التيه قبل أربعين عاما ،مععن دخععولهم الول
للرض المقدسة ( .
ععععععُد ُأوَلُهَمعععععا ♦ المرحلعععععة الثانيعععععة َ ) :فعععععِإَذا َ
جعععععاَء َو ْ
عًدا َمْفُعوًل )(5 ن َو ْ
………………… …… …… َوَكا َ
) منعذ نهايعة فعترة العتيه … بععدء حعرب الملععك طعالوت ،لععدخول
الرض المقدسة …ُملك ونبّوة داود وسليمان عليهما السلم …
ُملك ُمتوارث بدون نبّوة :فساد وإفساد … حععتى السععبي البععابلي
سنة 586قبل الميلد ( .
♦ المرحلة الثالثة ُ … ) :ثّم … )(6
) منععذ السععبي البععابلي … بعععث عيسععى عليععه السععلم … نععزول
سورة السراء بنص هعذه النبعوءة سعنة 621م … إلععى معا قبععل
حرب 1948م ( .
عَلْيِهعْم … … … … ♦ المرحلة الرابعة َ ) :رَدْدَنا َلُكعْم اْلَكعّرَة َ
عَلْوا َتْتِبيًرا )(7 … َوِلُيَتّبُروا َما َ
252
) منذ قيام دولة إسرائيل ) 15/5/1948م ( … وانتصار الجيععش
إسرائيلي فععي حروبععه … ووصععول الدولععة إلععى قمععة مجععدها …
حتى نهايتها ( .
ن عُْدُتْم عُْدَنا
حَمُكْم َوِإ ْ
ن َيْر َ
سى َرّبُكْم َأ ْ ♦ المرحلة الخامسة َ ) :
ع َ
… ) (8
) منذ نهايععة إسععرائيل … قيععام الدولععة العربيععة المتحععدة فععي بلد
الشععام والععراق … الحعرب العالميععة النوويععة الثالثععة … ظهععور
المهععدي … معععارك المهععدي … قيععام المبراطوريععة السععلمية
وعاصعمتها القعدس … خعروج العدجال … نعزول عيسعى عليعه
السلم … هروب الدجال وأتباعه إلععى فلسععطين … قتععل الععدجال
… نطق الحجر والشجر … حتى الذبععح النهععائي لبنععي إسععرائيل
على أرض فلسطين ( .
253
الجزء الثاني
الفصل الول :
المؤامرة اليهودية على العالم
الفصل الثاني :
النبنننننوءات التوراتينننننة بينننننن الماضننننني
والمستقبل
الفصل الثالث :
النبنننننوءات النجيلينننننة بينننننن الماضننننني
والمستقبل
الفصل الرابع :
الغربينننون وهنننوس النبنننوءات التوراتينننة
والنجيلية
الفصل الخامس :
السياسنننة المريكينننة ونبنننوءات التنننوراة
والنجيل
الفصل السادس :
دسنننة تنننأمر اليهنننود بتننندمير
الكتنننب المق ّ
أصحاب البعث
254
المؤامرة اليهودية على العالم
" ويععل للُمتععآمرين بالسععوء ،الععذين يحيكععون الش عّر ،وهععم فععي
ططوا له ) في مضاجعهم ،الذين ُينّفذون عند طلوع الفجر ،ما خ ّ
الليعععل ( ،لن ذلعععك فعععي ُمتنعععاول أيعععديهم ،يشعععتهون حقعععول
فيغتصبونها ،وبيوتا فيستولون عليها ،يجورون علععى الرجععل ،
وعلى بيته ،وعلى النسان وميراثه " ) التععوراة :سععفر ميخععا ،
. ( 2-1 :2
" قد باد الصععالح مععن الرض ،واختفععى الُمسععتقيم مععن النععاس ،
جميعهم يكمنون لسفك الدماء ،وكل واحععد منهععم يقتنععص أخععاه .
جّد أيديهم في ارتكاب الش عّر ،ويسعععى الرئيععس والقاضععي وراء َت ِ
الرشوة ،ويملي العظيم عليهم أهععواء نفسععه ،فيتععآمرون جميعععا
ق .أفضلهم مثل العوسج ،وأكثرهم استقامة مثل سععياج على الح ّ
الشوك " ) التوراة :سفر ميخا . ( 3-2 :7 ،
هذه النصوص التي تكشف حقيقة اليهود والعقلية التي يفّكرون ،
طهععا قلععم كععاتب عربععي أو غربععي حاقععد ،علععى اليهععود لععم تخ ّ
واليهودية ،من المعادين للسععامية اليهوديععة ،وإنمععا جععاءت فععي
التوراة ،كتاب اليهود والنصارى المقّدس .وبالرغم من ذلععك مععا
زال الكثير ،من مفكري وكتاب العرب فععي هععذا العصععر الغععبر ،
ينكر أن هناك مؤامرة ُتحاك ضد كل ما هو مسععلم ،وضععد كععل مععا
هو عربي ،بل ضد كل ما هعو غيعر يهعودي ،ويتهمعون كعل معن
يقول بذلك ،بأنه من مؤيدي نظرية المؤامرة ،التي ل أصععل لهععا
من الصحة .أما ما نقوله نحععن فععي هععؤلء أحععد أمريععن ،إمععا أن
يكونععوا شععركاء فععي المععؤامرة ،ويعملععون مععا بوسعععهم لتجهيععل
الناس بعلعم ،حععتى ل يتنّبهععوا لسعلحتها ورموزهععا فُيقاوموهعا ،
255
ب ،غيععر الععذي
وإما أن يكونوا ُأناس ،يعيشون على سععطح كععوك ٍ
نعيش فيه ُ ،يدلون بدلوهم لُيضّلوا الناس بغير علم .
الديانة اليهودية :
لنعلم أن تسععمية القععرآن لبنععي إسععرائيل بععاليهود ُ ،أطلقععت عليهععم
ك ) 156العععراف ( ،وذلععك بعععد اتخععاذهم لقولهم ) ِإّنععا ُهعْدَنا ِإَلْيع َ
العجل ،بمعنى أنهم أعلنوا التوبة عن فعلهم والرجوع إلى العع ،
وفي الحقيقة كان ذلععك قعولهم بألسعنتهم ،وأمععا قلععوبهم فُأشععربت
ص عْيَناسِمْعَنا َوعَ َ شغفت بعبادة العجل ،حيث قال سبحانه ) َقاُلوا َ وُ
سَما َي عْأُمُرُكْم ِب عِه ِإيَمععاُنُكْمجَل ِبُكْفِرِهْم ُقْل ِبْئ َ شِرُبوا ِفي ُقُلوِبِهُم اْلِع ْ َوُأ ْ
ن ) 93البقععرة ( ،وكععان هععذا حععالهم بمعيععة نععبيهم ن ُكْنُتْم ُمْؤِمِني َ
ِإ ْ
موسى عليه السعلم .ولعم يختلعف حعالهم معع نبينعا محمعد عليعه
ن َهععاُدوا ن اّلعِذي َالصععلة والسععلم ،حيععث قععال فيهععم سععبحانه ) ِمع َ
س عمَْع صْيَنا َ ،وا ْ ع َ سِمْعَنا َو َ ن َ ضِعِه َ ،وَيُقوُلو َ ن َمَوا ِ عْ ن اْلَكِلَم َ حّرُفو َُي َ
ن َ ،وَل عْو َأّنُه عمْ
طْعًنععا ِفععي ال عّدي ِ سَنِتِهْم َو َعَنا َلّيا ِبَأْل ِسَمٍع َ ،وَرا ِ غْيَر ُم َْ
خْيًرا َلُهْم َوَأْقَوَم َوَلِكنْ ن َ ظْرَنا َ ،لَكا َسَمْع َواْن ُ طْعَنا َوا ْ سِمْعَنا َوَأ ََقاُلوا َ
ل ) 46النساء ( . ن ِإّل َقِلي ًل ُيْؤِمُنو َ ل ِبُكْفِرِهْم َف َ َلَعَنُهُم ا ُّ
وأما الديانة اليهودية :فهي معتقد ،اختلط فيه شيء ،من بقايععا
مشعععّوهة لكتعععب أنبيعععائهم ،معععع آراء وتفسعععيرات أحبعععارهم ،
ومعتقدات وأساطير وخرافات القوام ،التي عاشوا فيمععا بينهععا ،
على مّر العصور ،ومصدر هذه العقيدة في الصل هععو التععوراة ،
والتي سبق أن قلنا أنها ُكتبت بشكلها النهائي ،فععي القععرن الول
الميلدي ،قبععل خروجهععم النهععائي مععن فلسععطين ،وتشعّتتهم فععي
كافة أرجاء الرض .
256
وفيما بعد السبي البابلي ،قام كهنتهععم وأحبععارهم ) حكمععائهم ( ،
بتععأليف ُكتععب جمعععوا فيهععا ،معتقععداتهم وآرائهععم وشععروحهم
ت بععه موسععى للتوراة ،وقالوا أنها القانون الشفوي ،الذي لم يععأ ِ
عليععه السععلم مكتوبععا ،والععذي تنععاقلوه شععفاها عععبر الجيععال ،
سعّمي بععالتلمود ،والععذي يعتععبرونه جمعت هععذه المؤلفععات فيمععا ُوُ
جمعععأكثر ُقدسية من التوراة نفسها ،ولديهما تلمععودان أحععدهما ُ
جمععع
ي تلمود أورشليم ،والخععر ُ سم َفي فلسطين عام 400م ،و ُ
ي تلمود بابل ،وهو الشهر ويقع في سم َ
في بابل عام 500م ،و ُ
ُ 36مجّلدا .وقد كان التلمود ُيعامععل بسععرية ،فيمععا بيععن اليهععود ،
وقد تم طبعه في أوروبا ،في القععرون الوسععطى ،وكّلمععا ُأكتشععف
أمره في الدول الوربيععة ،كععان ُيصععادر وُيجمعع وُيحععرق ،وكععان
اكتشافه سببا ،في كثير من حععالت الضععطهاد والتعععذيب والقتععل
والنفي لليهود .ومن هذا نخلص إلى أن الديانععة اليهوديععة ،هععي
ما جاء من معتقدات في التلمود أول وثانيا وثالثا … ،والتععوراة
على ما بقي فيها من وحي أخيرا .
ماهية التلمود ومعتقدات اليهود :
قال د ) .جوزيف باركلي ( أحد الباحثين في التلمععود " :وبعععض
أقوال التلمععود مغععاٍل ) ُمبععالغ فيععه ( ،وبعضععها كريععه ،وبعضععها
الخر كفر .ولكنهععا تشعّكل فععي صععورتها المخلوطععة ،أثععرًا غيععر
عادي ،للجهد النساني ،وللعقل النساني ،وللحماقة النسععانية
".
وممععا جععاء فععي التلمععود مععن تعععاليم ،نعععرض بعععض المقتطفععات
ي ) تعععاليم التلمععود ( لظفععر السععلم خععان ،التاليععة ،مععن كتععاب ّ
و) بروتوكولت حكماء صهيون ( لعجاج نويهض :
257
يقععول عجععاج نععويهض " :هععذه الكلمععات للعلمععة ) بععولس حنععا
مسعد ( ،صاحب كتععاب ) همجيععة التعععاليم الصععهيونية ( ،وممععا
شععر بععه العععالم ،
قاله المؤلف في مقدمته " :للمسيحي إنجيلععه يب ّ
وللمسلم قرآنه ينشره بين جميع الشعععوب ،أمععا السععرائيلي فلععه
كتابععان ؛ كتععاب معععروف وهععو التععوراة ،ل يعمععل بععه ،والخععر
ضله علععى الول ويدرسععه مجهول ل يعرفه العالم ) التلمود ( ،يف ّ
خفية ،وهو أساس كل مصيبة .والنصارى يؤمنون بأن ال هععو
أبو الجميععع ،والمسععلمين يعععترفون بععأن الع رب العععالمين .أمععا
الصععهيونيون يريععدون أن يكععون اللععه ،لهععم وحععدهم ،زد علععى
ص على أن جميع خيرات الرض ،ملك لبني ذلك ،أن التلمود ين ّ
إسععرائيل ،وأن النصععارى والمسععلمين وعبععدة الوثععان ،خلقععوا
عبيدا لهم .هم منحدرون من ال ،كمععا ينحععدر البععن مععن أبيععه ،
وشعوب الرض مشّتقة من الرواح النجسة ،ولم ُيعطوا صععورة
النسانية ،إل إكراما لبني إسرائيل " .
نظرة التلمود لكافة البشر :
المخلوقات نوعان ؛ علوي وسفلي .العالم يسععكنه سععبعون شعععبا
بسبعين لغة .إسرائيل صععفوة المخلوقععات ،واختععاره ال ع ،لكععي
تكون له السيادة العليا ،على بني البشر جميعا ،سععيادة النسععان
جن " .إن نفععوس اليهععود منّعععم عليهععا ،بععأنعلى الحيوان الُمععد ّ
تكون جزءا من ال ،فهي تنبثق من جوهر ال ،كما ينبثق الولد
من جوهر أبيه " ،و" هذا السبب يجعععل نفععس اليهععودي ،أكععثر
قبععول عنععد العع ،وأعظععم شععأنا عنععد العع ،مععن نفععوس سععائر
ق نفوسععهم مععن الشععيطان ،وهععي الشعععوب ،لن هععؤلء ُتشععت ّ
مشابهة لنفوس الحيوانات والجماد " .
258
ولهذا يقول التلمود " :أن زرع ) نطفة ( الرجععل غيععر اليهععودي
هي زرع حيواني " .و" زرع الغراب كععزرع الحصععان " .و"
إن غير اليهود كلب عنععد اليهععود " .و" إن غيععر اليهععودي ،ل
يختلف بشيء عن الخنزير البري " .و" إن بيععوت غيععر اليهععود
زرائب للحيوانات " ،و" قد ُكتب على شعوب الرض :لحومكم
من لحوم الحمير ،وزرعكم من زرع الحيوانععات " .و" كمععا أن
ربة البيت تعيش من خيرات زوجها ،هكذا أبناء إسرائيل ،يجععب
أن يعيشوا من خيرات المم ،دون أن يتحّملوا عناء العمل " .
نظرة التلمود إلى العرب ) القدماء ( :
أمععة ُمحتقععرة ،مععن العععار الععزواج بعربيععة ،يعبععدون الصععنام ،
مرتكبو تسعة أعشار الجرائم في العالم ،صفتهم الغععدر وكراهيععة
اليهود ،كانوا قادة تخريب الهيكل مع نبوخذ نصر .
التعامل مع الملل الخرى :
" إن عبعععدة الوثعععان ،العععذين ل يعتنقعععون العععدين اليهعععودي ،
والمسيحيين والمسلمين ،هم في نظر اليهود أعداء ال ع وأعععداء
اليهود " .و" يسعمح التلمعود لصعدقاء الع وأقعاربه ،فعي أن
ن" ُيضّلوا الشرار " .و" ممنوع السلم علععى الكفععار " ،ولك ع ّ
ش الغريب وتععدينه بالربععاالرياء مسموح به " .و" ُيمكنك أن تغ ّ
الفاحش " .و" يجب انتزاع قلب النصراني من جسعده ،وإهلك
عليععة القععوم منهععم " .و" إذا رّد أحععد اليهععود إلععى الغريععب مععا
أضاعه ،فالرب ل يغفر له أبدا " .و" ُأقتل عبدة الوثععان ،ولععو
كان أكثر الناس كمال " .و" إذا وقع وثنععي فععي حفععرة فاسععددها
عليه بحجر " .و" من يسفك دم الكفععار ) غيععر اليهععود ( بيععده ،
259
يقّدم قربانا ُمرضيا ل " .وإجمال يقول التلمود :أن مععن ينتهععك
الوصايا العشر مع غير اليهود فهو جائز بل واجب .
التجديف على الله :
" اليهود يضعون التلمععود فععوق التععوراة ،والحاخععام فععوق الع ،
وال يقرأ وهععو واقععف علععى قععدميه ،ومععا يقععوله الحاخععام يفعلععه
ال ع ،إن تعععاليم اللهععوتيين فععي التلمععود ،لهععي أطيععب مععن كلم
الشععريعة ) كلم الع ( ،والخطايععا الُمقترفععة ضععد التلمععود ،لهععي
أعظم من المقترفة ضد التوراة " .و" إن الرباني مناحيم ُيطلعنا
بالتفاق مع كثير من العلماء ،علععى أن الع يأخععذ رأي الربععانيين
علععى الرض ،فععي المشععاكل الععتي تنشععأ فععي السععماء " .و" إن
كلمات الربانيين أشعّد عذوبععة مععن كلمععات النبيععاء … وذلععك لن
كلماتهم هي كلمات ال " .
و" إن ال قد تاب عن تركه بني إسرائيل ،يرتطمون في الشععقاء
،كمن يتوب عن إثم شخصي . " … ،و" أن ال ع عنععدما ُيقسععم
في كعل معرة ،بعدون ُمعبّرر معقعول ،فمعن اللزم أن يحعّل قسعمه
بقسععم آخععر نظيععره . " … ،و" أن ال ع قععد أقسععم بغيععر عععدل ،
وارتكب خطيئة الكذب ،لكععي يلقععي السععلم والععوئام ،بيععن سععارة
ب إلععى الع مععن الملئكععة ،فالععذي وإبراهيم " .و" أن اليهود أح ّ
يصفع اليهودي ،كمن يصفع العناية اللهية سواء بسواء ،وهذا
ُيفسر لنا ،استحقاق الوثني وغيععر اليهععودي المععوت ،إذا ضععرب
يهوديا " .و" وإذا أراد الرجل أن يقترف ذنبا ،فعليه أن يععذهب
إلى مكان ،هو مجهول فيه ،لئل ُيهين ال علنية " .
260
الملئكة :
" إن عمل الملئكة الرئيسي ،سكب النععوم علععى عيععون البشععر ،
وحراستهم في الليل ،أما في النهار فإنهم ُيص عّلون عععن البشععر ،
ولذلك ،يجب أن نلتجئ إليهم " .
النبياء :
" أن إبراهيم أكل 74رجل ،وشرب دمائهم دفعة واحدة ،ولذلك
كان له قوة 74رجل " .وصفوا عيسععى عليععه السععلم بععالحمق
والمجذوم و" غشععاش بنععي إسععرائيل " ،واتهمععوا أمععه بالزنععا ،
وتلميذه بالملحدين ،والنجيل بالكتاب المملوء بالثم .
التنجيم :
يعتقععد التلمععود اعتقععادا جازمععا ،بععأن التنجيععم علععم يتحكععم بحيععاة
الناس ،ومن أقوالهم " :إن تععأثير النجععوم تجعععل الرجععل ذكيععا ،
وبنو إسرائيل تحت تأثير النجوم " " ،إن كسععوف الشععمس آيععة
سوء للشعوب ،وخسوف القمععر آيععة سععوء لبنععي إسععرائيل ،لن
إسرائيل تعتمد في بقائها على القمر " .
السحر :
والتلمععود مليععء بطقععوس السععحر والشعععوذة والعرافععة ،وطععرق
ن ،وفيه أن الرواح الشريرة والشياطين والجنيعات التصال بالج ّ
،من ذريععة آدم .وأنهععم يطيععرون فععي كععل اتجععاه ،وهععم يعرفععون
أحععوال المسععتقبل ،باسععتراق السععمع ،وهععم يععأكلون ويشععربون
ويتكاثرون مثل النسان ،ويجوز للناس استشارة الشيطان ،في
آخر أيام السبوع .
261
الروح والبعث والجزاء :
لهم فيها أقوال شتى " ،تنتقل نفس اليهودي بعد موته إلى جسد
آخر ،وعندما يلفظ المتقدم في السن أنفاسه ،تسععرع نفسععه إلععى
جنين في بطن أمه " .ومنها ؛ أن اليهودي الععذين يقتععل يهوديععا
" تدخل روحه في الحيوانات والنباتات ،ثم تذهب إلععى الجحيععم ،
ي عشر شهرا ،ثم تعود ثانية لتععدخل وتعّذب عذابا أليما ،مدة اثن ّ
في الجمادات ،ثم في الحيوانات ،ثم في الععوثنيين ،حععتى ترجععع
إلى جسد يهععودي بعععد تطهيرهععا " .ويقولععون أن الجنععة ،ليععس
فيهعععا أكعععل أو شعععرب ،أو زواج أو تناسعععل … ،وإنمعععا يجلعععس
الصالح فيها بوقار وسععكينة ،ويقولععون أن نععار جهنععم ل سععلطان
لها ،علععى ُمععذنبي بنععي إسععرائيل ،ول سععلطان لهععا علععى تلمععذة
الحكماء .
ويقولون أنه ل حساب بعد انفصال الروح عن الجسد .ويقولععون
" المشعععروبات السعععماوية هعععي الخمعععور الفعععاخرة ،المعّتقعععة
المحفوظة من يععوم الخليقععة السععادس ،وهععذه الجّنععة اللذيععذة ،ل
جون في نار جهنععم يدخلها إل اليهود الصالحون ،أما الباقون فُيز ّ
" .و" … ،ويععععأتي المسععععلمون بعععععد النصععععارى ،لنهععععم ل
يغسععلون ،سععوى أيععديهم وأرجلهععم وأفخععاذهم وعععوراتهم ،كععل
هؤلء ُ ،يحشرون حشرا في جهنم ،ول يغادرونها أبدا " .
التطلع الدائم للملك :
" إن المسيح ) الذي ينتظرون ظهوره ( ُيعيد قضععيب الُملععك إلععى
إسرائيل ،فتخدمه الشعوب وتخضع لعه الممالعك " " ،ول يعأتي
ما لم ينقرض ُملك الشعوب غير اليهودية " " ،ذلك أن إسرائيل
إذا كان صالحا ،يجب عليه أن يعمل بغير هوادة ،في العمل على
262
أن ينبععذ المتس عّلطين ) الحكععام ( علععى الشعععوب نبععذ النععواة ،لن
السلطة على الشعوب غير اليهودية ،هي من نصيب اليهود فقط
،وفي كل مكان يدخله اليهود ،يجب أن يكونوا هم المتسععّلطين ،
وطالما هم بعيدون ،عن تحقيق هذه الفكرة ،فيعتععبرون أنفسععهم
منفيين وغرباء " .
صععل لععدينا لمععا جععاء فععي ) وهذا المقتطفات جزء يسععير ،ممععا تح ّ
التلمود ،من أفكار وأقوال لحاخامات اليهود ( .
ضععِعِه ن مََوا ِ ععع ْ ن اْلَكِلععَم َ
حّرُفععو َ ن َهععاُدوا ُي َ ن اّلععِذي َقععال تعععالى ) ِمعع َ
سَنِتِهمْ عَنا َلّيا ِبَأْل ِ
سَمٍع َوَرا ِ غْيَر ُم ْ سَمْع َ صْيَنا َوا ْ ع َ سِمْعَنا َو َ ن َ َوَيُقوُلو َ
ظْرَنععا سعَمْع َواْن ُ طْعَنععا َوا ْسعِمْعَنا َوَأ َ ن َوَلْو َأّنُهْم َقععاُلوا َ طْعًنا ِفي الّدي ِ َو َ
ن ِإّل ل ُيْؤِمُنععو َ لع ِبُكْفِرِهعْم َف َ ن َلَعَنُهعُم ا ُّخْيًرا َلُهعْم َوَأْقعَوَم َوَلِكع ْ ن َ َلَكا َ
ب َءاِمُنوا ِبَما َنّزْلَنا ُمصَ عّدًقا ِلمَععا ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ ل ) (46يَأّيَها اّلِذي َ َقِلي ً
عَلععى َأْدَباِرَهععا َأْو َنْلَعَنُهعمْ جوًها َفَنُرّدَهععا َ س ُو ُطِم َ ن َن ْن َقْبِل َأ ْ َمَعُكْم ِم ْ
لع َل لع َمْفُععوًل )ِ (47إنّ ا َّ ن َأْمعُر ا ِّ ت َوَكعا َ سعْب ِب ال ّ حا َ صع ََكَما َلَعّنا َأ ْ
ك ِبععا ِّ
ل ن ُيشِْر ْ شاُء َوَم ْ ن َي َ ك ِلَم ْن َذِل َ
ك ِبِه َوَيْغِفُر َما ُدو َ شَر َ ن ُي ْ َيْغِفُر َأ ْ
س عُهْم َب عِل ن َأْنُف َن ُيَزّكو َ ظيًما )َ (48أَلْم َتَر ِإَلى اّلِذي َ عِ َفَقِد اْفَتَرى ِإْثًما َ
ظ عْر َكْي عفَ َيْفَت عُرو َ
ن ل ) (49اْن ُ ن َفِتي ًظَلُمععو َ شاُء َوَل ُي ْ ن َي َل ُيَزّكي َم ْ ا ُّ
ب َوَكَفى ِبِه ِإْثًما ُمِبيًنا )َ (50أَلْم َتَر ِإَلععى اّلعِذينَ ُأوُتععوا ل اْلَكِذ َ عَلى ا ِّ َ
ن ِلّلعِذينَ ت َوَيُقوُلععو َ غو ِ طععا ُت َوال ّ جْب ِن ِبععاْل ِب ُيْؤِمُنععو َ ن اْلِكَتععا ِصيًبا ِم َ َن ِ
ل )ُ (51أوَلِئكَ اّلعِذينَ سعِبي ًن َءاَمُنعوا َ ن اّلعِذي َ َكَفُروا َهُؤَلِء َأْهعَدى ِمع َ
صيًرا ) 52النساء ( . جَد َلُه َن ِن َت ِ ل َفَل ْن ا ُّن َيْلَع ِ
ل َوَم ْ َلَعَنُهُم ا ُّ
المؤامرة اليهودية :
هي شجرة شيطانية ،ل تراها فوق أنفك ،ول ترى رسمها فععوق
السعععطور ،بعععذورها التعععوراة ،وجعععذورها التلمعععود ،وجعععذعها
263
بروتوكولت الحكماء ،وفروعهععا الهيئات والمنظمععات الدوليععة ،
وأوراقها كععل وسععائل العلم المرئيععة والمسععموعة والمكتوبععة ،
وثمارها اللحاد والنحلل ُ .أنتجت بععذورها فععي ألمانيععا ،ونقلععت
سقيت بماء الذهب ،وأضيف إليهععا سععماد وُزرعت في بريطانيا و ُ
غرست فععي أمريكععا ،ذات الشهوة ،ولما استقام عودها ُ ،نقلت و ُ
الراضي الخصبة ،لمثل هذا النوع من الشجار ،فاشععتّد عودهععا
وارتفع ،حتى بلععغ عنععان السععماء ،وامتععدت جععذورها إلععى شععتى
بقاع الرض ،وبدأنا نقطف شععيئا مععن بععواكير ثمارهععا ،وعنععدما
ينضععب مععاء الععذهب مععن الرض ،سععتعلن حربهععا المععدّمرة علععى
الععععالم ،لنقطعععف الفعععوج الثعععاني معععن ثمعععار الفقعععر والمجاععععة
والمرض ،ول علج .آنذاك يأتي يوم الحصاد ،قيام مملكة داود
صععب العجععلالدكتاتورية العالمية البدية ،في قدس القداس ،لُين ّ
الذهبي ،إله أوحدا لكل البشر ،على أطلل المسجد القصى .
المؤامرة الولى في تاريخ بني إسرائيل
ه
وت ِ ِ
خنن َ
وإ ِ ْ
ف َسنن َ في ُيو ُ ن ِ قدْ َ
كا َ قال تعالى ) ل َ َ
ن )(7 سائ ِِلي َت ِلل ّ ءاَيا ٌ
َ
سورة يوسف وبالرغم من تسميتها باسمه عليه السلم ،تحكععي
في الواقع ،قصة ُأخوة يوسف ،وتروي تفاصععيل أول مععؤامرة ،
حاكها ونفععذها بنععوا إسععرائيل ) يعقععوب ( بععدم بععارد ،ضععد أبيهععم
وأخيهم يوسف عليهما السلم ،أحّبهم إلى قلب أبيه ،وبوحشععية
منقطعععة النظيععر ،وقععوله تعععالى ) فععي يوسععف وأخععوته آيععات
للسائلين ( ،يؤكععد أن موضععوع السععورة ،هععو مععا قععام بععه أخععوة
يوسععف مععن أفعععال ،تععدّل علععى عععدم إيمععانهم بععال ومععا جععاء بععه
أنبياءه ،من علم وموعظة وحكمة ،من آبائهم إبراهيم وإسحاق
264
ويعقوب ،وأنهم لما كادوا ليوسف مععا كععادوه ،كععانوا قععد أغفلععوا
كليا ،وجود ال سبحانه وتعععالى ،وأنكععروا قععدرته علععى التععدخل
ططون له رأسا على عقب ، بمجريات المور ،وقلب نتائج ما ُيخ ّ
وأنكروا أيضا نبوة أبيهم يعقوب عليه السلم .
أخوة يوسف ليسوا أنبياء :
ي َل جاء في تفسير القرطععبي رحمعه الع لليععة التاليععة ) َقععاَل َيُبَنع ّ
سانِ طانَ ِللِْْن َ شْي َ
ن ال ّ
ك َكْيًدا ِإ ّ
ك َفَيِكيُدوا َل َ
خَوِت َ
عَلى ِإ ْ
ك َ
ص ُرْؤَيا ََتْقصُ ْ
ن ) (5مععا نصععه " :ودل أيضععا علععى أن يعقععوب عليععه ععُدوّ ُمِبيع ٌ
َ
السلم ،كان أحس من بنيععه حسععد يوسععف وبغضععه ،فنهععاه عععن
قصص الرؤيا عليهم ،خععوف أن تغعّل بععذلك صععدورهم ،فيعملععوا
الحيلة في هلكه ،ومن هععذا ،ومععن فعلهععم بيوسععف ،يععدل علععى
أنهم كانوا غير أنبياء ،في ذلك الععوقت ) ولععم يكونععوا أنبيععاء فععي
غير ذلك الوقت أيضا ( ،ووقع في كتاب الطبري لبن زيد ،أنهم
كععانوا أنبيععاء ،وهععذا يععرّده القطععع بعصععمة النبيععاء عععن الحسععد
الدنيوي ،وعن عقوق الباء ،وتعريض مؤمن للهلك ،والتآمر
فععي قتلععه ،ول التفععات لقععول مععن قععال إنهععم كععانوا أنبيععاء ،ول
يستحيل في العقل زلة نبي ،إل أن هعذه الزلععة قعد جمعععت أنواععا
من الكبائر ،وقد أجمع المسععلمون علععى عصعمتهم منهععا ،وإنمععا
اختلفوا في الصغائر " .
لفظ سبط ُيطلق على الحفاد وليس على
البناء :
وفععي لسععان العععرب " وقيععل السععبط واحععد السععباط ،وهععو ولععد
الولععد ،وقععال ابععن سععيده :السععبط ولععد البععن والبنععة ،وفععي
الحديث ،الحسن والحسين ،سععبطا رسععول الع صععلى الع عليععه
265
وسلم ،ورضي عنهما ،ومعنعاه طائفتعان وقطعتعان منعه ،ومنعه
حديث الضعباب ،إن الع غضعب علعى سعبط معن بنعي إسعرائيل ،
فمسخهم دواب ،والسبط من اليهود كالقبيلععة مععن العععرب ،وهععم
س عّمي سععبطا ،ليفععرق بيععن ولععد الععذين يرجعععون إلععى أب واحععد ُ
إسععماعيل وولععد إسععحاق ،وجمعععه أسععباط .قععالوا والصععحيح أن
السباط ،في ولد إسحاق بععن إبراهيععم ،بمنزلععة القبععائل فععي ولععد
إسماعيل عليهم السلم ،وإنما سمي هععؤلء بالسععباط ،وهععؤلء
بالقبععائل ،ليفصععل بيععن ولععد إسععماعيل ،وولععد إسععحاق عليهمععا
السلم .وجاء أيضا أن السععبط لغععة ،هععو نبععات ذو سععاق طويلععة
مفردة عليها أوراق دقيقة ،تعلفه البل " .
وبالتالي نستطيع القول ،بععأن لفععظ السععباط ُ ،أطلععق علععى أحفععاد
يعقععوب عليهععم السععلم ،وليععس علععى أبنععائه الثنععي عشععر ،بععل
يتعدى ذلك إلى كل نسل بنععي إسععرائيل ،حععتى يومنععا هععذا ،وأّمععا
ب
ق َوَيْعُقععو َ حا َسَ عيَل َوِإ ْ سَما ِ قوله تعالى ) َوَما ُأنِزَل ِإَلى ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ
ط ) 136البقععرة ( ،المقصععود هنععا النبيععاء مععن الحفععاد سعَبا ِ
َواَْل ْ
علععى معّر العصععور ،ومنهععم يوسععف وموسععى وداود وسععليمان ،
وزكريا ويحيى وعيسى ،ومن ُكّذب وُقتل من أنبياء بني إسرائيل
،وهم كثير ،ممن لم ُتذكر أسمائهم .والوحيد مععن أبنععاء يعقععوب
ص القعرآن علعى نبعّوته هعو يوسعف عليعه الثني عشر ،العذي نع ّ
ب ُكلّ ق َوَيعُْقععو َحا َ سع َ السععلم ،بدللععة قععوله تعععالى ) َوَوَهْبَنععا َلعُه ِإ ْ
ب
سعَلْيَمانَ َوَأّيععو َ ن ُذّرّيِتعِه َداُوَد َو ُ ن َقْبعُل َوِمع ْ
حا َهعَدْيَنا ِمع ْ
َهَدْيَنا َوُنو ً
ن )84 سعععِني َ
ح ِجعععِزي اْلُم ْ ن َوَكعععَذِلكَ َن ْ سعععى َوَهعععاُرو َ ف َوُمو َ سععع ََوُيو ُ
ت َفَمعا ِزْلُتعمْن َقْبعُل ِباْلَبّيَنعا ِف ِم ْ س ُ جاَءُكْم ُيو ُ النعام ( وقوله ) َوَلَقْد َ
لع ِمعنْ َبْععِدِهث ا ُّن َيْبَعع َ ك ُقْلُتْم َلع ْحّتى ِإَذا َهَل َ
جاَءُكْم ِبِه َ ك ِمّما َ
شّ ِفي َ
266
سوًل ) 34غافر ( ،بالضافة إلى ما جاء مععن آيععات فععي سععورة َر ُ
يوسف .
طا ُأمَمًععا )
س عَبا ً
ش عَرَة َأ ْ
ع ْ
ي َ
طْعَنععاُهُم اْثَنَت ع ْ
وانظر في قوله تعالى ) َوَق ّ
160العراف ( ،وقععوله تعععالى ) أسععباطا أممععا ( أي تععم فرزهععم
حسععب انتسععاب كععل فععرد منهععم ،إلععى أحععد أبنععاء يعقععوب عليععه
السلم ،فنتج بالتالي اثنتي عشرة أمععة ،وكععل أمععة ُأطلععق عليهععا
سمي كل سبط باسم أحد أبناء يعقععوب ،وعلععى ذلععك لفظ سبط ،و ُ
ُيطلق لفظ سبط على مجموعة من الفراد ،يجمعهم انتسابهم إلى
أب واحد ،فيقال سبط يوسف أي قبيلة يوسف .
فصول المؤامرة الولى :
ب إ َِلننى أ َِبيَنننا حنن ّ
َ
خوهُ أ َ وأ َ ُ
ف َس ُ قاُلوا ل َُيو ُ
) إ ِذْ َ
ل لَ ن ض ني ن ف َ ل نان ن با ة إن أ َ
ٍ َ ِ َ َ صب َ ٌ ِ ّ ع ْ
ن ُح ُون َ ْ
مّنا َ ،
ِ
ن )(8 مِبي ٍ ُ
.1قععام أبنععاء يعقععوب بعقععد اجتمععاع سععري ،بعيععدا عععن
المعنيين بالمر ) يعقوب ويوسف وأخيه (
.2كانت المشكلة مدار البحث حب أبيهععم ليوسععف وأخيععه ،
والدافع هو الحسد وحب التمّلك .
ي الع ن أبيهععم يعقععوب نععب ّ .3كان هناك إقععرار بالجمععاع ،أ ّ
ضاّل ،وضلله واضح ل ُلبس فيه .
صلة من الكثرة ) فهم عشرة .4كانوا يؤمنون بالقوة المتح ّ
أشّقاء كبار مقابل اثنان صغار ( .
.5جمعتهم وحدة الغاية والمصلحة .
267
خن ُ
ل ضننا ،ي َ ْحننوهُ أ َْر ً
اطَْر ُ و
ِ
ف ،أَ س َ قت ُُلوا ُيو ُ )ا ْ
ما ه َ وت َ ُ ُ ل َك ُم وجه أ َ
و ً
ق ْ د ِ
ع ِ
ن بَ ْ
م ْ كوُنوا ِ َ م، ْ ك بيْ َ ْ ُ ِ
ن )(9 حي َ صال ِ ِ َ
.1الطرح الول كان القتل أي حتمية الهلك .
.2الطرح الثاني كان النفي إلععى أرض بعيععدة مععع احتماليععة
الهلك .
ب أبيهم . .3كانت الغاية الستفراد بح ّ
.4القععرار بعععدم مشععروعية عملهععم وفسععاده ،وذلععك قبععل
شروعهم بالتنفيذ .
.5تبييت نية بالتوبعة والصعلح ،قبعل ارتكعاب الجريمعة ،
ب ول عبد . وهذا منطق أعوج ل يقبله ر ّ
.6إغفالهم للعناية اللهية الُمّدخرة في علم الغيععب ،والععتي
تتدخل في الوقت المناسب لتسيير المور .
ف، سنن َ قت ُُلننوا ُيو ُ م َ ،ل ت َ ْ هنن ْ من ْ ُ ل ِ قننائ ِ ٌ ل َ قننا َ ) َ
ض ن ع ب هْ ط قِ َ تْ ل ي ، ب ج ْ ل ا ة ب يا َ
غ في ِ ه قو ُ ْ لوأ َ
ُ ُ َ ْ َ ُ ّ ِ َ َ ُ َ
ن )(10 عِلي َ فا ِم َ ن ك ُن ْت ُ ْ ة ،إِ ْ سّياَر ِ ال ّ
.1كععان أصععلحهم فاسععدا ،حيععث وافقهععم علععى فعععل المنكععر مععع
تخفيف الضرر .
.2كان هناك إصرار لدى الغلبية .
.3كان القرار النهائي أخف الضرر :إلقاء يوسععف فععي بئر مععع
توافر احتمالية الهلك ،فيما لو لم يلتقطه أحد .
268
.4عععدم الكععتراث بنبععوة أبيهععم ،ومععا كععان يتنععّزل عليععه مععن
الوحي .
.5غفلة وعمى بصر وبصيرة واتباع للهععوى ،فليععس فيهععم ذو
رأي سديد ،ول حتى شيطان أخرس .
.6جهل بعواقب المور ،كالثر النفسي والمعنوي البالغ ،على
من يطمحون بالستفراد بحبه ،وبالتالي عدم تحقق مرادهم .
.7تبييت النية للقيام بالفعل عندما تحين الفرصة .
ف، سنن َ يو لننى َ ع
َ نا ّ م ك َل ت َأ ْ َ َ ل ما نا َ با قاُلوا يأ َ ) َ
ُ ُ َ َ َ َ
دا عَنا َ ْ وإّنا ل َه ل ََناصحون ) (11أ َ
غنن ً م َ ُ َ ه ل س
ِ رْ ِ ُ َ ُ َ ِ
ن )(12 ظو َ ف ُ حننا ِ ه لَ َ وإ ِن ّننا ل َن ُ بَ ، عن ْ وي َل ْ َ ع َ ي َْرت َ ْ
َ
ه، هُبوا ِبنن ِ ن َتننذْ َ حُزن ُِننني أ ْ ل إ ِّننني ل َي َ ْ قننا َ َ
ه ن
نن ْ ع
َ م نتن ُ ْ نف أ َن يننأ ْك ُل َه الننذّئ ْب ،وأ َ ُ نا خن َ وأ َ
ُ ْ َ ُ ُ َ ْ َ
َ
ب ه الننذّئ ْ ُ ن أك ََلنن ُ قنناُلوا ل َئ ِ ْ ن )َ (13 فُلو َ غننا ِ َ
ن )(14 س نُرو َ خا ِ ذا ل َ َ ة ،إ ِن ّننا إ ِ ً ص نب َ ٌ ع ْ ن ُ حن ُ ون َ ْ َ
عُلوهُ ِ َ َ
في ج َ ن يَ ْ عوا أ ْ م ُ ج َ وأ ْ هَ ، هُبوا ب ِ ِ ما ذَ َ فل َ ّ َ
َ َ غيابننة ال ْجننب ،وأ َ
م ُ ْ هنن ّ نَ ئ ّ ب َ ن ُ ت ل ه
ِ ن
ين ْ ل ِ إ نننا َ ْ ي ح َ و
َ ْ ُ ّ َ َ َ ِ
ن )(15 م َل ي َ ْ َ بأ َ
عُرو َ ش ُ َ ْ هُ و ذا ه
َ مِ ْ ِ ْ ه
ِ ر م
.1لععم يكععن يعقععوب فععي العععادة يععأمنهم علععى يوسععف وأخععوه ،
لمعرفته بعدم صلحهم .
.2لم ينتظروا الفرصة للتنفيذ ،بل سعوا إلى خلقها وإيجادهععا ،
باستخدام الحيلة والمكر والدهاء .
.3تجاهلوا تأكيد أبيهم لهم ،بأن غيبة يوسف عن وجهه ،ولو
لفترة بسيطة تسععبب لععه الحععزن .فكيععف إذا كععان ذلععك أبععديا ؟!
269
وكانت تلك محاولة منه عليه السلم ،لحياء ضمائرهم لعّلهععم
يرجعون ،ولكنهم لم يشعروا بذلك فكان كما أخبره سبحانه .
ططهععم قبععل التنفيععذ ، .4كان أبوهم عليه السععلم علععى علععم بمخ ّ
ططععوه مسععبقا بشععأن الععذئب ،لكععن وقد أخبرهم بما كانوا قععد خ ّ
ذلك لم ُيثنهم عن عزمهم .
.5قرار التنفيذ اُتخذ بالجماع .
.6تم إخفاء النوايا الجرامية اتجععاه يوسععف ،تحععت غطععاء مععن
الحرص على ترفيهه ،لقناع أبيهم بالستجابة لمطلبهم .
قنناُلوا ءوا أ َ
ن )َ (16 شنناءً ي َب ْك ُننو َ ع َ م ِ ْ هُ نا
ن َ ب جا ُ و َ) َ
ف سن َ يو نانَ ن ْ ك ر َ ت و ، ق ب َ ت ن س َ ن ناَ ب ه
َ َ ذ نا ّ إ ناَ با يأ َ
ُ ُ َ َ ْ ِ ُ ْ ِ َ َ
ت َ ْ ّ َ َ فنأ َ عن َننا َ ،
مننا أن ْن َ و
َ َ ، ب ُ ئ ذ ن ال ه
ُ ل ك مَتا ِ عن ْندَ َ ِ
ن )(17 قي َ صنناِد ِ و ك ُّنننا َ وَلنن ْ ن ل ََنننا َ ، م ٍ ؤ ِمنن ْ بِ ُ
لل بَ ْ قا َ بَ ، ذ ٍ ه ب ِدَم ٍ ك َ ِ ص ِ مي ِ ق ِ عَلى َ ءوا َ جا ُ و َ َ
َ َ
مي ٌ
ل ج ِ صب ٌْر َ ف َ مًرا َ ، مأ ْ سك ُ ْ ف ُ م أن ْ ُ ت ل َك ُ ْ ول َ ْ س ّ َ
ن )(18 فو َ ص ُ ما ت َ ِ عَلى َ ن َ عا ُ ست َ َ م ْ ه ال ْ ُ والل ّ ُ َ ،
.1الستخفاف بأبيهم واستضعافه لكبر سّنه .
.2التضليل واختلق وفبركة الشواهد والدلة ،لتععبرئة أنفسععهم
وإدانة الذئب .
ي ال مع علمهم بذلك . .3الجرأة في الكذب على نب ّ
.4يقين يعقوب عليه السلم من كذبهم وتجّنيهم على الذئب .
.5ومما أحزنه عليه السلم ،هو ما كان عليععه أبنععاءه مععن قلععة
إيمانهم ،وعقوقهم له ،وظلم لخيهم ،وفسادهم وإفسععادهم ،
وصفات وطبائع غاية في السوء ،ل تليععق بالنبيععاء أو بأبنععاء
270
أنبياء يتنّزل الوحي بين ظهرانيهم ،وفي المقابل لم يملك عليه
السلم إل الصبر والرجاء ،وطلب العون من ال لمجابهتم .
وى إ ِل َْينن ِ
ه ءا َ فَ ، سنن َ عَلننى ُيو ُ خُلننوا َ مننا دَ َ ول َ ّ
) َ
س ِ ئَ ت ب َ ت ل َ ف َ ، َ
ك نو ن خُ ل إن ّنني أ َن َننا أ َ َ قاَ ، ه خا َ أَ
ْ ْ ِ ُ
ن قنناُلوا إ ِ ْ ن )َ ) … (69 مل ُننو َ ع َ مننا ك َنناُنوا ي َ ْ بِ َ
ل، قب ْن ُ ن َ ن م ه ن َ ل ٌ
خ فقند سنرقَ أ َ رق ْ َ ،
ْ ِ ُ ْ َ َ سن ِ يَ ْ
فأ َ
ها د َ م ي ُْبنن ِ َ ْ َ ل و ، ه
ِ سِ ف ْ َ ن في ِ ف ُ س
ُ يو ُ ها َ رَ َ ّس
َ كاًنا ،والل ّه أ َ ل :أَ
م ُ ل ع
ْ ُ َ َ مّ َ ر شَ مْ ُ ت ْ ن قا َ مَ ، ه ْ لَ ُ
ن )(77 فو َ ص ُ ما ت َ ِ بِ َ
بعد أن مّرت سععنين علععى تلععك الحادثععة ،وأصععبح يوسععف وزيععرا
لمالية فرعون ،وقِدَم أخوته إليه في مصر ،احتال عليهم ليععأمن
منهم على أخيععه ،ويرفععع عنععه مععا كععان قععد وقععع عليععه مععن ظلععم
وكيد .
.1كان يوسف عليه السلم على علم ،بما كانوا يكيدون لخيه
،عن طريق الوحي أو القياس .
.2عدم توبتهم عما فعلوه سابقا ،وبقائهم على نفس الحال .
.3خيانة يوسف بالغيب ،بعد كل هععذه السععنين ،واتهععامه زورا
وبهتانا بالسرقة ،فيوسف من عباد ال المخلصين ،ومعا كعان
له أن يسرق .
.4تأكيد يوسف على فسادهم وإفسادهم ،بما حعّدث بععه نفسععه ،
حيث لم يجهر نبي ال بقوله ) أو بحكمه عليهععم ( أنهععم أسععوء
شعّر َمَكاًنععا ( فمععا فعلععوه معععه ل حال ممن يسرق َ ) ،قععاَل َأْنُتعْم َ
ُيقارن بخطيئة السرقة ،التي اتهموه بها ،والععتي أقعّروا بأنهععا
271
جْئَنععا عِلْمُت عْم َمععا ِ أحد أشكال الفساد في الرض ) َقاُلوا َتالِّ َلَقْد َ
ن ) 73يوسف ( . ساِرِقي َ ض َوَما ُكّنا َ سَد ِفي اَْلْر ِ ِلُنْف ِ
َ َ ل يأ َ و َ وّلى َ
ف سن َ ُ يو ُ نى ن ل ع
َ فى قا َ َ َ
س م َ ه ْ عن ْ ُ وت َ َ ) َ
م) ظينن ٌ و كَ ِ ه َ ف ُ ن َ حْز ِ ن ال ْ ُ م َ عي َْناهُ ِ ت َ ض ْ واب ْي َ ّ َ
ُ
حت ّننى ف َ سن َ فت َأ ت َذْك ُُر ُيو ُ ه تَ ْ قاُلوا َتالل ّ ِ َ (84
ن )(85 كي ل ها ْ ل ا ن م ن كو ُ ت و ضا أ َ حَر ً تَ ُ
َ ِ ِ َ َ ِ َ َ ْ ن َ كو َ
ل إن ّما أ َ
حْزن ِنني إ ِل َننى الل ّ ن ِ
ه و ُ َ ني ن ّ ث َ ب كو ُ شْ قا َ ِ َ َ
ي ِ ن ب ي ( 86 ) ن مو َ ل ع َ ت ل َ ما ه ّ ل ال ن م م َ ل ع
ْ وأ َ
ّ َ َ َ ُ ْ َ ِ َ ِ ُ َ
وَل َ هُبوا َ اذْ َ
ه َ خين ِ وأ ِ ف َ س َ ن ُيو ُ م ْ سوا ِ س ُ ح ّ فت َ َ
ن من ْ س ِ ه َل ي َي ْئ َ ُ ه إ ِن ّن ُ ح الل ّن ِ و ِ ن َر ْ من ْ سوا ِ ت َي ْئ َ ُ
ن )(87 فُرو َ كا ِ م ال ْ َ و ُ ق ْ ه إ ِّل ال ْ َ ح الل ّ ِ و ِ َر ْ
.1عدم اكتراثهم بسوء حععال يعقععوب عليععه السععلم ،ومععدى مععا
نزل به من أذى نفسي وجسدي .
.2قسوة قلوبهم باستنكارهم حزن أبيهم على يوسف .
.3يعقععوب يقطععع الرجععاء مععن أبنععائه ،ويشععكو قسععوة أبنععائه ،
وضعفه وقلة حيلته في مواجهة أفعالهم إلى ال .
.4لم يعترفوا لبيهععم بحقيقععة فعلتهععم مععع يوسععف ،مععع علمهععم
ومعرفتهععم ومعايشععتهم لحععال أبيهععم ،ومععا وصععلت إليععه مععن
سوء .
.5كان يعقوب على يقين من نجاة يوسف ،وكذب أبنائه عليه .
هنا تتضح مفارقة عجيبة ،توضععح الكععثير مععن معععالم الشخصععية
اليهودية السرائيلية القديمة الحديثة ،فهم يعلمون علم اليقيععن ،
أن يوسف ذهب إلى غير رجعة ،وأنععه ُقتععل علععى الرجععح ،ولععم
272
يعترفوا لبيهم بحقيقععة مععا فعلععوا ،وظّلععوا مصعّرين علععى حكايععة
الذئب ،فل ضمير يععؤنبهم ،ول قلععب يشعععر مععع أبيهععم .وأبيهععم
يعلم علم اليقين من ربه ،أن يوسف على قيد الحياة ،وأنععه نععبي
وسععيكون لععه شععأن كععبير مسععتقبل ،إذ كععان عالمععا بتأويععل رؤيععا
يوسف السابقة ،وأن أخوته سيسجدون له لعلععو منزلتععه ،وهععذا
ما كان ُيصّبره عليه السلم حيععن قععال ) فصععبر جميععل ( ،أمععا مععا
كان يؤلمه عليه السععلم ،هععو إصععرار أبنععائه علععى مععا هععم عليععه
واستمرارهم ،وعدم التوبة والرجوع إلى ال .
ن ك ُّنننا وإ ِ ْ عل َي َْنا َ ه َ ك الل ّ ُ ءاث ََر َ قد ْ َ ه لَ َ قاُلوا َتالل ّ ِ ) َ
م كنن ُ عل َي ْ ُ ب َ رينن َ ِ ل َل ت َث ْ قننا َ ن )َ (91 خنناطِِئي َ لَ َ
هننن َ
م حننن ُ و أْر َ و ُ َ م َ ه ل َك ُننن ْ فنننُر الل ّننن ُ غ ِ م يَ ْ و َ ال ْي َننن ْ
ذا هنن َ ت َ َ قننا َ و َ
ل َيننأب َ ِ ن )َ ) … (92 مينن َ ح ِ الّرا ِ
ت َأ ْ
هننا َرب ّنني عل َ َ ج َ ق ند ْ َ ل َ قب ْ ن ُ ن َ م ْ ي ِ ؤَيا َ ل ُر ْ وي ُ ِ
ن َ
ن ب ِنني إ ِذْ أ ْ َ و َ ح ّ
من َ جن ِنني ِ خَر َ سن َ ح َ ق ند ْ أ ْ قننا َ َ
ن السجن وجاءَ بك ُم من ال ْبدو منن بعن َ
دأ ْ َ ْ ِ ِ ْ َ ْ ِ ِ ْ ِ َ ّ ْ ِ َ َ
ن وِتي إ ِ ّ خن َ ن إِ ْ وب َي ْن َ ن ب َي ْن ِنني َ طا ُ ش ني ْ َ غ ال ّ ن َنَز َ
م عِلي ن ُ و ال ْ َ هن َ ه ُ شنناءُ إ ِن ّن ُ مننا ي َ َ ف لِ َ طي ن ٌ َرّبي ل َ ِ
ْ ك من أ َ
ب ْ ِ ن ي غ
َ ل ا ء
ِ باَ ْ ن م ) ) … (100ذَل ِ َ ِ ْ كي ُ ح ِ ال ْ َ
ك وما ك ُن ْنت ل َنديهم إذْ أ َ
عننوا ْ َ ُ م ج ِ َ ْ ِ ْ َ ه إ ِل َي ْ َ َ َ حي ِ ُنو ِ
منا أ َك َْثنُر َ َ و ( 102 ) ن
َ رو نُ
ْ َ ْ ُ ك م ي م هن ُ و
ْ َ ْ َم ه
ُ ر م أَ
ن )(103 مِني َ ؤ ِ م ْ ت بِ ُ ص َ حَر ْ و َ ول َ ْ س َ الّنا ِ
.1هنا يتضح خلق النبياء وأدبهم ،في يوسععف عليععه السععلم ،
حيعععث قابعععَل السعععيئة بالحسعععنة ،ونسعععب خطيئة أخعععوته إلعععى
الشيطان .
273
.2معطيات المعادلة كانت :جمع واجتمععاع فععي الخفععاء +قععرار
بالجماع +تنفيذ بمكر ودهاء = مؤامرة .
.3أخوة يوسف لم يكونوا أنبياء بأي حال من الحوال .
انظععر إلععى اليععتين ) (103-102الععتي جععاءت تعقيبععا علععى قصععة
يوسف عليه السلم وأخععوته ،لتقععول أن هععذا هععو حععال نععبي الع
يوسف مع أخوته ،وحال نبي ال يعقععوب مععع أبنععائه ،الععذين لععم
يكونوا على القل مؤمنين بنبوة أبيهم ،إن لم يكونوا أصععل غيععر
مؤمنين بال ،فما بالك في عدم إيمان قومععك بنبوتععك ودعوتععك ،
وهم ليسوا بأبنائك ،فل تكن شديد الحرص ،على من ل أمل فععي
ع الناس ،وفّوض أمر هععدايتهم هدايته بعدما أضّله ال ،ولكن ُأد ُ
ل ،كما فّوض يعقوب ويوسف عليهما السلم ،أمرهما إلى العع
فيما كان من شأن أبنائه .أما من يستنكر فكرة أنهم غير أنبياء ،
وال أعلم بحالهم ،فليرجع إلى القععرآن وليقععرأ قصععة نععوح عليععه
السلم مع ابنه ،وقصة إبراهيم عليععه السععلم مععع أبيععه ،وقصععة
أبععو لهععب عععم رسععول ال ع عليععه الصععلة والسععلم ،ولحععظ أنععه
سبحانه نسبهم بععالخوة إلععى يوسععف عليععه السععلم ،فععي قععوله :
) لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين ( ،ولم ينسععبهم إلععى
يعقوب عليه السلم ،مع أنهم أبنائه .
ما تقّدم من أمر أخوة يوسف عليه السلم ،ليععس بحاجععة لزيععادة
أو توضيح أو تعليق ،فهذا ما جاء به القرآن الكريم ،وكععان هععذا
جها ضد أخيهم أول فسادهم وإفسادهم في الرض ،الذي كان مو ّ
وأبيهم .ومنذ ذلك اليععوم ،احععترف بنععو إسععرائيل فنععون التععآمر ،
ومارسوه أول فيما بينهععم ،منععذ نشععأتهم وحععتى نهايععة مملكتهععم
الولى في فلسطين .وبعععد السععبي البععابلي ،وشععتاتهم فععي شععتى
274
بقاع الرض ،أصبح بعضا من تآمرهم ُ ،يحاك ضد الشعوب التي
يقيمون فيما بينها .وكان تطّلعهم دائما وأبععدا إلععى الملععك والقععوة
والغنععى والفضععلية ،وكععانت غععايتهم علععى الععدوام ،جمععع المععال
بطرق غير مشروعة ،من ربعا ونصعب واحتيعال ،والتقعرب معن
أصععحاب السععلطة والنفععوذ بععالغواء والغععراء ،للتلعععب بهععم
وتحريكهععم مععن وراء السععتار ،ليقععاع الفتععن والحععروب بيععن
الشعععوب ،لضععمان السععيطرة لتلبيععة مصععالحهم واحتياجععاتهم ،
ططون في السععر والعلععن ،ويعملععون ولذلك تجدهم يجتمعون وُيخ ّ
باستمرار بل كلل أو ملل ،وتاريخهم قديما وحديثا غني بالمثلععة
والشواهد .
ملك المادي اليهود وال ُ
ملك يوسف عليه السلم :
كععانت نشععأة بنععي إسععرائيل كقبيلععة بدويععة ،تعيععش ضععمن قبععائل
البدو ،في صحراء النقب ،وكان أول عهد لهم بالُملك ،في زمن
يوسف عليه السلم ،تحت التاج الفرعوني في مصر ،حيث وّفر
لهم اُلملك آنذاك حياة هانئة رغيععدة ،وأزال عنهععم بععؤس وشععقاء
حياة البدواة ،ولما زال ملك يوسف عليه السلم بوفععاته ،انقلععب
حالهم رأسا على عقب ،فقاسوا شتى أنواع العععذاب والمهانععة ،
خت لععديهم قناعععة بععأن الملععك والغنععى يعنععي
ومنذ ذلك اليوم ترسع ّ
السعادة ،وزوالهما يعني الشقاء .
رفض نبوة موسى عليه السلم :
وعندما بعث سبحانه لهم موسى عليه السلم ،لم يستجيبوا لععه ،
فهم ل ينتظرون من يدعوهم إلى ال ،ول يؤمنون بما هو غيععبي
275
وغير محسوس ،دين فيه إله غير مرئي ،يمنح جنة غير مرئية
،والحصول عليها مشروط بالصلح والصلح ،بعد عمر طويل
،وبعد موت وبعث وحساب ،وإنما يؤمنون بمن يمنحهععم ،ملكععا
مجانيا دنيويا ماديا ،عاجل ل آجل ،يكون في متنععاول اليععد ،بل
جهد أو عناء منهم لتحصيله ،ول مانع لديهم بعد ذلك ،أن يكون
لهم إله ،بشرط أن يكون محسوسا ،ويوافق أهععوائهم ،كالعجععل
الععذهبي الععذي صععنعه لهععم السععامري ،فسععارعوا لعبععادته ،لععذلك
عانى منهم عليه السلم ما عاناه ،في رحلته معهععم مععن مصععر ،
إلى الرض المقّدسة .
ملك بدعوى الرغبة في القتال : طلب ال ُ
وبعععد مععوته عليععه السععلم ،وبعععد انقضععاء سععنوات التحريععم
الربعين ،لم يطلبوا مععن نععبيهم قيععادتهم للقتععال ،لععدخول الرض
المقدسة ،وإنما طلبوا منه أن يبعث ال لهععم َمِلكععا ،وذلععك طمعععا
في الُمْلك ،وليس للقتال في سبيل ال كما زعمععوا ،إذ أنهععم بعععد
أن ُكتب عليهم القتال ،تولوا إل قليععل منهععم ،وبععالرغم مععن ذلععك
ن العع عليهععم بالملععك ،فكععانت مملكتهععم الولععى فععي الرض معع ّ
المقدسة ،بقيادة داود وسععليمان ،الععذين لععم يكععن لبنععي إسععرائيل
معهمععا حعول ول قعوة ،إذ لعم يسعتطع معترفوهم وفسععقتهم ،معن
الوصول والتغلغل والتععدخل فععي شععؤون الحكععم ،لجتمععاع الملععك
والنبوة فيهما عليهما السلم ،بل لعنهم داود آنععذاك ،كمععا لعنهععم
عيسى عليه السلم من بعد .
ملكا ً ل نبوة فيه : ُ
وبعد أن توّفى ال سليمان ،وخرجت النبوة من الملك ،كان لهععم
ما أرادوا – امتحانا لهم وابتلء منععه ععّز وج عّل – فأفسععدوا فيهععا
276
أّيمعععا إفسعععاد ،فوقعععع منهعععم القتعععل فعععي النبيعععاء والصعععالحين
والمستضعفين ،وإخراج بني جلدتهم من أرضهم ،وسلب ونهب
ممتلكععاتهم ،وعصععيان أوامععر ال ع ،والعتععداء علععى حععدوده ،
بمخالفتهم الوصايا العشر برمتها ،بما فيها الشععرك بععال باتخععاذ
الصععنام والشععياطين والملئكععة ،أوليععاء مععن دونععه ،فععأزال الع
عنهم الُملك عقابا لهم ،على يد نبوخذ نصععر البععابلي وجيوشععه ،
وكان فيهم السبي والخععراج مععن الرض المقّدسععة ،لقسععم كععبير
منهعم ،ومعع علمهعم بفسعادهم وعقعاب الع لهعم ببععث البعابليين
عليهم ،إل أنهم عععاتبون وغاضععبون علععى الع ،لنععه أخطععأ فععي
حقهم -حسب اعتقادهم – بإنزال عقاب أولى الفسععادتين فيهععم ،
ويعتبرون وعده لهم برجوعهم من الشتات للفساد الثععاني ،هععو
تصحيح للخطأ الول .بالضافة إلععى ذلععك تجععدهم ،يصعّبون جععام
غضبهم على بابل والبابليين ،وكأن بعث البابليين على شعب ال
المختار ،كان من تلقاء أنفسهم ،ودون وجه حق ،ولم يكن هذا
البعث من قبله سبحانه .فقد جاء في سفر إشعياء " :3 :52قد
جانا من غير فضة ُتفعَدْون ) أي ُيعععادون إلععى جانا ،وم ّتّم بيعكم م ّ
فلسطين ( ،قد نزل شعبي أول إلى مصر ليتغّرب هناك ،ثععم جععار
عليه الشوريون بل سبب " .
عيسى عليه السلم لم يوافق أهواءهم :
ومععع بقععاء بعضععهم فععي الرض المقدسععة ،مععن الععذين كععانوا قععد
أخرجوا من المملكة من المستضعفين ،وعودة بعععض المسععبيين
من بابل ،بعد مدة من الزمن ،حيث لم يكن لهم فيها مععن أمرهععم
شيئا ،كععانت أعينهععم تتطلععع إلععى الُملععك معن جديععد ،حيععث كععانوا
يظّنععون أن علععوهم الثععاني ،سععيكون بعععد عععودتهم مععن بابععل
277
مباشععرة ،إذ كععانت لععديهم عععدة نبععوءات ،الولععى بعيسععى عليععه
السععلم الععذي سعُيبعث مععن جبععال سععاعير ) القععدس ( ،فععانتظروه
ليقيععم لهععم ملكهععم الثععاني ،وفععي فععترة انتظععارهم ،تنععاوب علععى
حكمهععم عععدة شعععوب ،إلععى أن ُبعععث عيسععى فععي زمععن الحكععم
الروماني لفلسطين ،فدعاهم للعععودة إلععى الع والمحبععة والسععلم
والتواضع ،وعندما تيقنوا أنه ليس من طلب الملك على اليهعود
،بالرغم من توافق صععفته مععع مععا جععاءت بععه التععوراة ،حععاربوه
ضععوا الرومععان الوثنيععونوعادوه وكادوا له ،وتآمروا عليه وحر ّ
على قتله وصلبه .
وملك البّر لم يوافق أهواءهم :
وقبل بعث عيسى وبعده ،تعّرضععوا للكععثير مععن الععذل والهععوان ،
من الشعوب التي حكمتهععم ،فععي كععل مععرة قععاموا فيهععا ،بععالتمرد
والعصععيان للسععتقلل وإقامععة الملععك ،وكععان آخرهععا علععى يععد
) هدريان ( الروماني ،الذي أخرجهم منها بشكل نهععائي ،ففعّرق
ال شملهم في شتى بقععاع الرض ،فععاتجه قسععم كععبير منهععم إلععى
الجزيرة العربية ،وسكنوا بالقرب مععن المدينععة المنععورة ،مكععان
هجرة الرسول عليععه الصععلة والسععلم ،صععاحب النبععوءة الثانيععة
لععديهم ،ملععك الععبّر ،الععذي س عُيبعث مععن جبععال فععاران ) مكععة ( ،
ويكون له ولخلفائه ملكا ،يشمل مشارق الرض ومغاربها .
وكان اليهود يترّقبون أخباره ،ويحسبون لزمان مولده ومبعثه ،
مع كرههم وعدائهم المسبق له ،كونه من ولد إسععماعيل وليععس
منهم ،وعنععدما ُبعععث عليععه السععلم ،عععاينوا صععفته ،وامتحنععوه
بأسئلتهم بما علموا وما لم يعلمععوا ،ولمععا تععبّينوا صععدق نبععوته ،
حاولوا استمالته لجانبهم بالغواء والغععراء ،مسععتغلين رغبتععه
278
عليه السلم في اتبععاعهم لععه ،كععونهم أهععل كتععاب ،وهععم القععرب
لتصديقه ومؤازرته ومناصرته ،وكان مرادهععم منععه ،هععو اتبععاع
ملتهم لتحقيق رغبععاتهم وأهععوائهم ،لخراجععه مععن الجزيععرة إلععى
فلسطين ،لقامة ملكه عليهم هناك ،ففضحهم رب العزة ،وحّذر
رسوله الكريم من الوقوع فععي حبععائلهم وشععراكهم ،ولّمععا تيّقنععوا
من عدم رضوخه لهم ،أنكروا نبوته وناصروا المشركين عليه ،
وكادوا لععه بكععل مععا ُأتععوا مععن مكععر ودهععاء وحيلععة ،فععآذوه وآذوا
خروا في ذلك جهدا ،وحاولوا فتنته وقتلععه عععدة أصحابه ،ولم يد ّ
مّرات ،إلى أن تّم جلئهم وإخراجهم من جزيرة العرب .
ملننك القنناروني ،وانتظننار البحننث عننن ال ُ
ملك الله ،على النمط الفرعوني آخر ال َ
الزمان :
ومععع ظهععور السععلم ،ومعرفتهععم بمععا سععيكون مععن أمععره ،مععن
سرعة انتشاره ،واتساع دولته لتشمل مناطق شاسعة من العععالم
،ومن ضمنها سيطرته على الرض المقّدسة ،تلشععت أحلمهععم
فععي عععودتهم إليهععا ،لقامععة ملكهععم الممععي الثععاني فيهععا علععى
المستوى الفرعوني ،فتخّلوا عن ذلك الطموح مؤقتا ،وشععرعوا
في تحقيق الملك الفردي على المستوى القععاروني ،بجمععع المععال
بالطرق المشروعة وغير المشروعة ،من ربعا واحتيعال وسعرقة
والتهريب وتجارة الرقيق والدعارة ،والتمتع بزينة الحياة الععدنيا
مععن ج عّراء هععذا الكسععب ،واسععتمروا علععى تلععك الحععال ،إلععى أن
تمكّنوا من إقامعة دولتهعم الحاليعة فعي فلسعطين ،منتظريعن حكعم
العالم أجمع ،من خلل النبوءة الخيرة ،بالذي يأتي من ربععوات
القدس ) مسيحهم المنتظر ( .
279
وبعد ذلك اتجه أغلبهم إلى الشععمال ،وتفرقععوا فععي البلد العربيععة
الخرى ،فتواجدوا في العععراق وبلد الشععام ومصععر والنععدلس ،
وبالرغم من تعامل السلم السمح مع أهل الكتاب ،إل أنهم كانوا
مقّيدين ،بما وضعه السلم من قيود ،على أهوائهم ومطععامعهم
الماديععة ،ووجععود القعرآن ععدوهم اللعدود وثيقعة أبديععة ،تكشععف
طبائعهم وحقيقة نواياهم وتحذر منهم .ولكي يستطيع أحدهم من
العيش في ظل الحكم السععلمي ،كععان يعمععد إلععى إظهععار إسععلمه
وإخفاء يهوديته ،أو أن ُيرغم نفسععه كارهععا علععى التخلععي ،عععن
طبععائعه وأهععوائه فععي الفسععاد والفسععاد ،وهععذا ممععا ل يوافععق
طبعهم ،ول مععا يععأمرهم بععه تلمععودهم ،ولععذلك آثععر الكععثير منهععم
الهجرة ،من كل البلد ،التي كانت تخضع للحكم السلمي تباعا
،علععى م عّر العصععور ،ومععن ثععم اسععتقر بهععم المقععام فععي القععارة
الوروبيععة ،حيععث وجععدوا فيهععا متنفسععا فععي البدايععة ،لجهععل
الوربيين بطبيعتهم البشعة .
الضطهاد الوروبي لليهود ،وفشلهم في
ملك القاروني : تحصيل ال ُ
وعندما تبين للوربيين مع مرور الوقت ،أن الكثير من المشاكل
والمصعععائب والكعععوارث الجتماعيعععة والقتصعععادية ،معععن فقعععر
ومجاعات وانهيارات اقتصادية ،وانتشار للفساد والرذيلة ،كان
سببه اليهود ،وضعوا الكععثير مععن الحلععول لمواجهععة مشععكلتهم ،
مثل سن القوانين التي تقيد حركتهم وتعاملتهم ،فلم تكن تجععدي
نفعا ،مع ما يملكععون مععن مكععر ودهععاء .وتععم عزلهععم فععي أحيععاء
سكنية خاصة بهم ،فلم يجدي ذلععك نفعععا ،فكععان ل بععد مععن الحععل
الخير ،وهو طردهم ونفيهم ،من معظم بلدان أوروبا الغربيععة ،
280
وكان رجالت الكنيسة آنذاك ،يعملععون كمستشععارين للملععوك فععي
العصور الوسطى ،وكانوا يؤيدون تلك الجراءات ضععد اليهععود ،
لتحريم المسععيحية للزنععا والربععا ،بالضععافة إلععى مععا اكتشععف مععن
تجديف على المسيح والدته ،وكره وبغض وعداء للمسععيحيين ،
في تلمودهم السري ،الذي جلب لهم المذابح الجماعية في بعض
البلدان الوربية ،كإسبانيا والبرتغال ،وفععي النهايععة تععم طردهععم
بالتععععاقب وعلعععى فعععترات متباععععدة ،معععن فرنسعععا وسكسعععونيا
وهنغاريععا ،وبلجيكععا وسععلوفاكيا والنمسععا ،وهولنععدا وإسععبانيا
وليتوانيا ،والبرتغال وإيطاليععا وألمانيععا ،بععدءا مععن عععام 1253م
وحععتى عععام 1551م ،فاضععطر اليهععود للهجععرة ،إلععى روسععيا
وأوروبا الشرقية والمبراطورية العثمانية .
إذن ل بدّ من التآمر :
آنععذاك أصععبح لليهععود كشعععب مشععتت هّمععا مشععتركا ،مععن ج عّراء
الضععطهاد والتعععذيب والطععرد ،مععن قبععل الوروبييععن .وأبععواب
الجّنة الوربية قد أغلقت من دونهم ،حيث بععدأ هنععاك بعععد رحيععل
أغلب اليهود ،ما ُيسمى بالنهضة الوروبية ،فحيل بينهععم وبيععن
تحقيق أحلمهم ،سواء على مستوى الملك الممي ،أو مستوى
الملك الفردي ،وهذا ما ل يسععتطيعون احتمععاله أو تقّبلععه ،وهععذه
الجععواء تععذّكرنا بععأجواء المععؤامرة الولععى فععي تععاريخهم ،حيععث
واجه أخوة يوسف هّما مشتركا ،تمّثععل فعي شعععورهم بالدونيععة ،
بالمقارنة مع يوسف وأخيععه ،وكععان دافعهععم الحسععد ،فععاجتمعوا
سرا وتآمروا ،وأجمعوا فنّفذوا .
ويحضرني في هعذا المقععام قععول لبععن القيععم ،إذ يقععول فععي كتععاب
الفوائد أن أصول المعاصي ،ثلثة :الكععبر والحععرص والحسععد ،
281
فالكبر جعل إبليس يفسق عن أمر ربه ،والحرص أخرج آدم مععن
ي آدم يقتل أخععاه ،وبعععد التععدبر فععي
الجنة ،والحسد جعل أحد ابن ّ
هذا القول ،سععتجد أن الطريععق إلععى الوقععوع فععي المعصععية ،هععو
الوقوع فريسععة للمقارنععة والمفاضععلة ،مععن خلل العتمععاد علععى
الحواس فقط ،وبتغييب العقل والفععؤاد ،وبالتععالي فقععدان القععدرة
على الستبصار ،والحكم علععى المععور ،وقععد نهععى سععبحانه فععي
مواضع كثيرة مععن القععرآن ،عععن المقارنععة والمفاضععلة ،وحسععم
المر بأن الفضععل مععن لععدنه ،يععؤتيه معن يشععاء مععن عبععاده ،أمععا
اليهود وبعد إطلعي على ما جاء في توراتهم وتلمودهم ،فععإنهم
جمعوا فيها أصول المعاصي كلها ،فععالكبر جعلهععم أفضععل النععاس
ضععلون الععدنيا علععى الخععرة ،على الطلق ،والحرص جعلهععم يف ّ
والحسعععد جعلهعععم يسعععتبيحون ممتلكعععات الخريعععن ويسعععتحّلونها
لنفسهم .
) لننوثر ( بإصننلحاته الكنسننية فنني القننرن
كننن اليهننود مننن السننادس عشننر ُ ،يم ّ
احتلل أوروبا اقتصاديا :
وعندما تم تدمير السلطة الكنسية ،التي قام بها الصلحيون في
ضّمت التوراة إلى النجيل في أوروبا ) بفعل اليهود أنفسهم ( ،و ُ
كتب النصارى المقدسة ،وجععد اليهععود بعععض القبععول فععي الععدول
الوروبية ،فعادوا إليها شيئا فشيئا ،ونتيجة للضطهاد والطععرد
الجماعي ،الذي تعرض له اليهود فععي هععذه الععدول فيمععا مضععى ،
وهم شعب ال المختار ،أجمع قارونععات المععال اليهععود ،وبععدءوا
يعقدون اجتماعععاتهم السععرية ،فععي نهايععات القععرن الثععامن عشععر
) قبععل أكععثر مععن مععائتي سععنة ( ،للنتقععام وتجنععب ذلععك المصععير
282
المرعععب مععرة أخععرى .وبوجععود المععال اليهععودي ،تشععكل لععديهم
مخططا شيطانيا ،للسعيطرة علعى الععالم كلعه وحكمعه ،فوضععوا
مخططععا مبععدئيا ،كععان موجهععا فععي الدرجععة الولععى ،ضععد ملععوك
أوروبا ورجالت الدين المسيحي .
أكبر وأخطر مؤامرة في تاريخ اليهود
المخطط في أطواره الولى :
ويتلخص مخططهم المبدئي ،مما ُكشف من محاضر اجتماعاتهم
،في كتاب ) أحجار على رقعة الشطرنج ( لمؤلفه ) وليععام كععار (
ضابط الستخبارات في البحرية الكندية ،بما يلي :
الهدف العام :تععأليه المععادة ونشععر المععذاهب اللحاديععة ،
لتمهيد سيطرة اليهود على العالم ،ومن ثم تتويج أنفسهم ملوكععا
وأسععيادا علععى الشعععوب ) .ونتيجععة لععذلك بععرز الكععثيرين مععن
الُمفّكرين اليهود كفرويد وماركس وغيرهععم ،ومععن غيععر اليهععود
مععن المععأجورين كععداروين وغيععره ،حيععث بععدأت الطروحععات
والنظريععات اللحاديععة المنكععرة لوجععود الع ععّز وجعّل ،فظهععرت
الشيوعية ) ل إله ( والرأسمالية ) المال هو اللععه ( لععذلك وضععع
الصيارفة اليهود عبارة ) ( In God we Trustعلى الدولر
المريكي ،وليععس علععى الصععفحة الولععى مععن كتععابهم المقعّدس ،
وظهععرت الشععتراكية الععتي جمعععت مععا بيععن المبععدأين مععن حيععث
الكفر ( .
فلسفة المخطط :يتم تقسيم الشعوب ،إلععى معسععكرات
متنابععذة ،تتصععارع إلععى البععد ،دونمععا توقععف ،حععول عععدد مععن
المشععاكل ،اقتصععادية وسياسععية واجتماعيععة وعرقيععة وغيرهععا ،
ومن ثم يتم تسليح هذه المعسكرات ،ثم يجععري تععدبير حععادث مععا
283
) فتنععة ( ،تتسععبب فععي إشعععال الحععروب بيععن هععذه المعسععكرات ،
طععم بعضععها بعضععا ،وبالتععالي تتسععاقط الحكومععات لُتْنِهععك وتح ّ
الوطنية والمؤسسات الدينية تباعا .
برنامج العمل :
.1السععيطرة علععى رجععالت الحكععم ،علععى مختلععف المسععتويات
والمسؤوليات ،بالغواء المالي ) الرشوة ( والغراء الجنسي
،وعند وقوعهم ،يتم استغللهم لغايات تنفيذ المخطط ،وعنععد
تفكير أي منهم بالنسحاب ،يتم تهديده بالنطفاء السياسععي أو
الخراب المالي ،أو تعريضه لفضيحة عامة كبرى تقضي علععى
مسععتقبله ،أو تعريضععه لليععذاء الجسععدي أو بععالتخلص منععه
بالقتل .
.2دفععع معتنقععي المععذهب اللحععادي المععادي ،للعمععل كأسععاتذة
والجامعات والمعاهد العلمية وكمفكرين ،لترويج فكرة الممية
العالميعععة بيعععن الطلب المتفعععوقين ،لقامعععة حكومعععة عالميعععة
واحععدة ،وإقنععاعهم أن الشععخاص ذوي المععواهب والملكععات
العقلية الخاصة ،لهم الحق في السيطرة على من هم أقل منهم
كفعععاءًة وذكعععاًء ) وذلعععك كغطعععاء لجرهعععم لعتنعععاق المعععذهب
اللحادي ( .
.3يتم استخدام الساسععة والطلب ) مععن غيععر اليهععود ( ،الععذين
اعتنقوا هذا المذهب ،كعملء خلف الستار ،بعد إحللهم لععدى
جميع الحكومات ،بصفة خبراء أو اختصاصععيين ،لععدفع كبععار
رجععال الدولععة ،إلععى نهععج سياسععات ،مععن شععأنها فععي المععدى
البعيععد ،خدمععة المخططععات السععرية لليهععود ،والتوصععل إلععى
284
التدمير النهائي ،لجميععع الديععان والحكومععات ،الععتي يعملععون
لجلها .
.4السععيطرة علععى الصععحافة وكععل وسععائل العلم ،لترويععج
الخبار والمعلومات التي تخدم مصععالح اليهععود ،وتسععاهم فععي
تحقيق هدفها النهائي .
أما القائمون على المععؤامرة ،فهععم مجموعععة كععبيرة منظمععة مععن
جنود إبليس ،تضعم حفنععة معن كبعار أثريعاء اليهععود فعي العععالم ،
بالضافة إلى حفنة مععن كبععار حاخامععات الشععرق والغععرب ،ومععن
السععماء الععتي أطلقهععا عليهععم البععاحثون فععي مؤلفععاتهم ،جماعععة
النورانيععون ،وحكومععة العععالم الخفيععة ،واليهععود العععالمّيون ،
يعملععون فععي الخفععاء .هععدفهم حكععم العععالم اقتصععاديا ،ومععن ثععم
سياسيا ،عن طريق تدمير الخلق والديان ،وإشعععال الحععروب
القليمية والعالمية ،وهععم وراء كععل جريمععة ،ويسععيطرون علععى
كثير من المنظمات السرية والعلنية ،اليهودية وغير اليهوديععة ،
تحت مسميات عديدة ،ولهم عملء ذوي مراكز رفيعة ومرموقععة
،في معظم الحكومععات الوطنيععة لععدول العععالم ،مععن الععذين بععاعوا
شعوبهم وأوطانهم بععأبخس الثمععان ،وتمّيععزوا بععولئهم المطلععق
للمؤامرة وأصحابها ،وفيما يلي سنعرض أهدافهم وسياساتهم .
بروتوكولت حكماء صهيون
يقععول ) ويليععام كععار ( أن هععذه الععبروتوكولت ،عرضععها ) مععاير
روتشيلد ( أحد كبار أثريعاء اليهععود ،أمعام اثنععي عشععر معن كبعار
أثرياء اليهود الغربيون ،في فرانكفورت بألمانيا عععام 1773م ،
أما كشفها فقد تم بالصدفة عام 1784م في ألمانيا نفسها ،حيععث
أرسععلت نسععخ منهععا إلععى كبععار رجععال الدولععة والكنيسععة ،وتععم
285
محاربتهعا ،ومحاربعة كعل رموزهعا الظعاهرة فعي ألمانيعا آنعذاك .
ولذلك انتقلت إلى السرية التامة ،وسارع معظم يهود العععالم إلععى
التنصل منها ،واستطاعوا بما لديهم من نفوذ ،من إرغام الناس
والحكومات على تجاهلها ،ومنذ ذلععك اليععوم الععذي ُكشععفت فيععه ،
وحتى منتصف القععرن الماضععي ،والكّتععاب والبععاحثون الغربيععون
يتناولونها بالبحث والتقصي ،ويؤكدون مطابقععة مععا جععاء فيهععا ،
مع ما جرى ويجععري علععى أرض الواقععع ،ويحعّذرون حكومععاتهم
من الخطر اليهودي المحّدق بأممهم ،ولكن ل حياة لمن تنععادي ،
في حكومات تغلغل فيها اليهود ،كما تتغلغل بكتيريا التسوس فعي
السنان ،ومعظم الكتب الععتي ح عّذرت -ومععا زالععت -مععن الخطععر
اليهودي ،كان مصيرها الختفععاء معن السععواق ،أو اللقععاء فعي
زوايا النسيان والهمال .
أما من ُيفّكر اليوم بمناهضة اليهود ومعععاداتهم فععي الغععرب ،فقععد
ثكلته أمه ،فخذ ) هايدر ( مثل ،زعيم أحد الحزاب النمساوية ،
الذي أطلععق يومععا عبععارات مناهضععة لليهععود ،عنععدما فععاز حزبععه
ديموقراطيا ،بأغلبية في مقاعد البرلمان ،فقامت الدنيا ولم تقعد
جة إعلمية كبرى ،في إسرائيل ،أمريكا ،بريطانيا ،فرنسا ،ضّ
،المععم المتحععدة ،حععتى ُأرغععم التحععاد الوروبععي علععى مقاطعععة
النمسععا ،لمنععع ) هايععدر ( مععن الحصععول علععى أي منصععب فععي
الحكومة النمساوية .
الصننننيغة النهائيننننة لمبننننادئ المخطننننط
الشيطاني :
ع الذي تربع اليهود من خلله ،أسيادا علععى العععالم فععي الخفععاء ،
منذ خمسين عاما مضت ،وما زالوا :
286
ق هو القععوة ) .بمعنععى أن .1أن قوانين الطبيعة تقضي بأن الح ّ
الذي يملك القوة ،هععو الععذي ُيحعّدد مفععاهيم الحععق ،ويفرضععها
على الخرين ،والقوة تعني امتلك المال ( .
.2أن الحريععة السياسععية ليسععت إل فكععرة مجععردة ،ولععن تكععون
حقيقة واقعة ) .بمعنععى أنععك تسععتطيع الدعععاء ظاهريععا ،بأنععك
ديموقراطي وتسمح بحرية الععرأي ،ولكنععك فععي المقابععل تقمععع
الرأي الخر سرا ( .
.3سلطة الذهب ) المال ( فوق كل السلطات حتى سلطة الععدين .
) محاربة الدين وإسقاط أنظمة الحكم غير الموالية ،مععن خلل
تمويععل الحركععات الثوريععة ذات الفكععار التحرريععة ،وتمويععل
المنتصر منها بالقروض ( .
.4الغاية تبّرر الوسيلة ) .فالسياسععي المععاهر :هععو الععذي يلجععأ
إلى الكذب والخععداع والتلفيععق ،فععي سععبيل الوصععول إلععى سععدة
الحكم ( .
.5مععن العععدل أن تكععون السععيادة للقععوى ) .وبالتععالي تحطيععم
المؤسسععات والعقععائد القائمععة ،عنععدما يععترك المستسععلمون
حقوقهم ومسؤولياتهم ،للركض وراء فكرة التحّرر الحمقعاء (
.
.6ضرورة المحافظة على السرية ) .يجععب أن تبقععى سععلطتنا ،
الناجمة عن سيطرتنا على المال ،مخفّية عن أعيععن الجميععع ،
لغاية الوصول إلى درجة من القوة ،ل تستطيع أي قععوة منعنععا
من التقدم ( .
.7ضرورة العمل على إيجاد حكام طغاة فاسدين ) .لن الحريععة
المطلقة تتحول إلععى فوضععى ،وتحتععاج إلععى قمععع ،وذلععك لكععي
287
يتسعععنى لولئك الحكعععام سعععرقة شععععوبهم ،وتكبيعععل بلعععدانهم
بالديون ،ولتصبح الشعوب برسم البيع ( .
.8إفساد الجيال الناشئة لدى المم المختلفععة ) .ترويععج ونشععر
جميع أشععكال النحلل الخلقععي ،لفسععاد الشععبيبة ،وتسععخير
النساء للعمل في دور الدعارة ،وبالتالي تنتشععر الرذيلععة حععتى
بين سيدات المجتمععع الراقععي ،اقتععداًء بفتيععات الهععوى وتقليععدا
لهن ( .
.9الغزو السلمي التسللي هو الطريق السععلم ،لكسععب المعععارك
مععع المععم الخععرى ) .الغععزو القتصععادي لغتصععاب ممتلكععات
وأموال الخرين ،لتجنب وقوع الخسائر البشرية في الحععروب
العسكرية المكشوفة ( .
.10إحلل نظعععام مبنعععي علعععى أرسعععتقراطية المعععال ،بعععدل معععن
أرستقراطية النسععب ) ،لععذلك يجععب إطلق شعععارات :الحريععة
والمسعععاواة والخعععاء ،بيعععن الشععععوب بغيعععة تحطيعععم النظعععام
السابق ،وكان هذا موجها إلى السععر الوروبيععة ذات الجععذور
العريقة ،ومن ضمنها السر الملكيععة والمبراطوريععة ،ليلقععى
لصوص هذه المؤامرة بعدها ،شيئا من التقدير والحترام ( .
.11إثارة الحروب ،وخلق الثغرات في كل معاهدات السلم التي
تعقد بعععدها ،لجعلهععا مععدخل لشعععال حععروب جديععدة ) .وذلععك
لحاجة المتحعاربين إلعى القعروض ،وحاجعة كعل معن المنتصعر
والمغلوب لها بعد الحرب ،لعادة العمار والبنععاء ،وبالتععالي
وقوعهم تحت وطأة الديون ،ومسععك الحكومععات الوطنيععة مععن
خّناقهععا ،وتسععيير أمورهععا حسععب مععا يقتضععيه المخطععط مععن
سياسات هدامة ( .
288
.12خلق قادة للشعوب ،من ضعاف الشخصععية الععذين يتميععزون
بالخضوع والخنوع ) ،وذلك بإبرازهم وتلميع صععورهم ،مععن
خلل الترويج العلمي لهم ،لترشيحهم للمناصب العامععة فععي
الحكومات الوطنية ،ومن ثم التلعب بهععم ،مععن وراء السععتار
صصين ،لتنفيذ سياساتنا ( . بواسطة عملء متخ ّ
.13امتلك وسائل العلم والسيطرة عليها ) .لترويج الكععاذيب
والشاعات والفضائح الملّفقة ،التي تخدم المؤامرة ( .
.14قلب أنظمة الحكم الوطنية المستقلة بقراراتها ،والتي تعمععل
من أجععل شعععوبها ،ول تسععتجيب لمتطلبععات المععؤامرة ) .مععن
خلل إثارة الفتععن ،وخلععق ثععورات داخليععة فيهععا ،لتععؤدي إلععى
حالة من الفوضععى ،وبالتععالي سعقوط هععذه النظمععة الحاكمععة ،
وإلقععاء اللععوم عليهععا ،وتنصععيب العملء قععادة فععي نهايععة كععل
ثععورة ،وإعععدام مععن ُيلصععق بهععم تهمععة الخيانععة مععن النظععام
السابق ( .
.15اسعععتخدام الزمعععات القتصعععادية للسعععيطرة علعععى توجهعععات
الشعععوب ) .التسععبب فععي خلععق حععالت مععن البطالععة والفقععر
والجوع ،لتوجيه الشعوب إلى تقديس المال وعبادة أصحابه ،
لتصبح لهم الحقيعة والولويعة فعي السعيادة ،واتخعاذهم قعدوة
والسير علععى هععديهم ،وبالتععالي سععقوط أحقيععة الععدين وأنظمععة
الحكم الوطنية ،والتمرد على كل ما هو مقّدس ،من أجل لقمة
العيش ( .
.16نشععر العقععائد اللحاديععة الماديععة ) .مععن خلل تنظيععم محافععل
الشععرق الكععبرى ،تحععت سععتار العمععال الخيريععة والنسععانية ،
كالماسععونية ونععوادي الروتععاري والليععونز ،الععتي تحععارب فععي
289
الحقيقة كععل مععا تمثلععه الديععان السععماوية ،وتسععاهم أيضععا فععي
تحقيق أهداف المخطععط الخععرى ،داخععل البلععدان الععتي تتواجععد
فيها ( .
.17خداع الجماهير المستمر ،باسععتعمال الشععارات والخطابعات
الرّنانععة ،والوعععود بالحريععة والتحععرر ) .الععتي تلهععب حمععاس
ومشاعر الجماهير لدرجة يمكن معها ،أن تتصرف بما يخالف
حععتى الوامععر اللهيععة ،وقععوانين الطبيعععة ،وبالتععالي بعععد
الحصول على السيطرة المطلقة على الشعوب ،سععنمحو حععتى
اسم " ال " من معجم الحياة ( .
.18ضرورة إظهار القوة لرهاب الجمععاهير ) .وذلععك مععن خلل
افتعععال حركععات تمععرد وهميععة ،علععى أنظمععة الحكععم ،وقمععع
عناصرها بالقوة على علم أو مرأى من الجمععاهير ،بالعتقععال
والسععجن والتعععذيب والقتععل إذا لععزم المععر ،لنشععر الععذعر فععي
قلوب الجماهير ،وتجّنب أي عصيان مسلح قد ُيفّكععرون فيععه ،
عند مخالفة الحكام لمصالح أممهم ( .
.19استعمال الدبلوماسعية السعرّية معن خلل العملء ) .للتعدخل
في أي اتفاقات أو مفاوضات ،وخاصة بعد الحعروب ،لتحعوير
بنودها بما يتفق مع مخططات المؤامرة ( .
.20الهدف النهععائي لهععذا البرنامععج هععو الحكومععة العالميععة الععتي
تسيطر على العععالم بأسععره ) .لععذلك سععيكون معن الضععروري ،
إنشععاء احتكععارات عالميععة ضععخمة ،مععن ج عّراء اتحععاد ثععروات
اليهود جميعها ،بحيث ل يمكن لي ثروة مععن ثععروات الغربععاء
ظمت ،من الصمود أمامها ،مما يؤدي إلى انهيار هذه مهما ع ُ
290
جه اليهعععود الععععالميون ،العععثروات والحكومعععات ،عنعععدما يعععو ّ
ضربتهم الكبرى في يوم ما ( .
.21السععتيلء والسععيطرة علععى الممتلكععات العقاريععة والتجاريععة
والصناعية للغرباء ) .وذلك من خلل ؛ أول :فرض ضععرائب
مرتفعععة ،ومنافسععة غيععر عادلععة للتجععار الععوطنيين ،وبالتععالي
تحطيععم الععثروات والمععدخرات الوطنيععة ،وحصععول النهيععارات
القتصادية بالمم .ثانيا :السيطرة على المواد الخام ،وإثععارة
العمال ،للمطالبععة بسععاعات عمععل أقععل وأجععور أعلععى ،وهكععذا
تضععطر الشععركات الوطنيععة لرفععع السعععار ،فيععؤدي ذلععك إلععى
انهيارهععا وإفلسععها ،ويجععب أل يتمكععن العمععال بععأي حععال مععن
الحوال ،من الستفادة من زيادة الجور ( .
.22إطالة أمد الحروب لستنزاف طاقات المععم المتنازعععة ماديععا
ومعنويا وبشريا ) .لكي ل يبقى في النهاية سععوى مجموعععات
مععن العمععال ،تسععيطر عليهععا وتسوسععها حفنععة مععن أصععحاب
المليين العملء ،مع عدد قليععل مععن أفععراد الشععرطة والمععن ،
لحمايععة السععتثمارات اليهوديععة المختلفععة ،بمعنععى آخععر إلغععاء
الجيوش النظامية الضخمة حربا أو سلما ،في كافة البلدان ( .
.23الحكومة العالمية المسععتقبلية ،تعتمععد الدكتاتوريععة المطلقععة
كنظععام للحكععم ) .فععرض النظععام العععالمي الجديععد ،يقععوم فيععه
الدكتاتور بتعييععن أفععراد الحكومععة العالميععة ،مععن بيععن العلمععاء
والقتصاديين وأصحاب المليين ( .
.24تسلل العملء إلى كافة المستويات الجتماعيععة والحكوميععة .
) من أجل تضليل الشباب وإفساد عقولهم بالنظريات الخاطئة ،
حتى تسهل عملية السيطرة عليهم مستقبل ( .
291
.25تععرك القععوانين الداخليععة والدوليععة الععتي سععنتها الحكومععات
والدول كما هي ،وإساءة استعمالها وتطبيقهععا ) .عععن طريععق
تفسير القوانين ،بشكل مناقض لروحها ،يسععتعمل أول قناعععا
لتغطيتها ،ومن ثم يتم طمسها بعد ذلك نهائيا ( .
ثم يختم المتحّدث عرضه بالقول " :لعلكم تعتقدون أن الغرباء )
غير اليهود ( ،لععن يسععكتوا بعععد هععذا ،وأنهععم سععيهّبون للقضععاء
علينا ،كل هذا اعتقاد خاطئ .سععيكون لنععا فععي الغععرب ،منظمععة
على درجععة مععن القععوة والرهععاب ،تجعععل أكععثر القلععوب شععجاعة
ترتجف أمامها ،تلك هي منظمة الشبكات الخفية تحععت الرض ،
وسنعمل على تأسيس منظمات من هذا النعوع ،فعي كععل عاصعمة
ومدينة ،نتوّقع صدور الخطر منها " ،انتهى .
* بتصّرف من كتاب ) أحجار على رقعة الشطرنج ( .
ن هذا المخطط ُ ،وضع قبل أكثر من 200سنة نود أن ُنشير إلى أ ّ
تقريبا ،وأن العمععل علععى تنفيععذه بقععي جاريععا علععى قععدم وسععاق ،
وكان دائم التجّدد والتطّور من حيث القائمين عليععه ،ومععن حيععث
برامجه وأدواته ،ليتوافق مع التطورات المتسارعة التي ظهرت
فععي القرنيععن الماضععيين ،مععن ُمخترعععات واكتشععافات كوسععائل
سععخّرت كلهععا
التصال ووسائل الحروب على مختلععف أنواعهععا ُ ،
طته أيدي أبالسععة اليهععود طط الشيطاني ،الذي خ ّ لخدمة هذا الُمخ ّ
على مّر العصور ،وما كان لبشر مععن غيععر اليهععود ،أن يجمعععوا
كععل هععذا الش عّر فععي جعبتهععم ،ويصععهروه بهععذا الشععكل المُععذهل
المتعّمععق ،فععي معرفتععه بععدواخل النفععس البشععرية وأهوائهععا ،
ومكامن ضعععفها وقوتهععا ،اتقانععا ربمععا يعجععز إبليععس نفسععه عععن
التيان بمثله ،حتى استطاعوا من خلله ،التحكم بالبشر ،بععدءا
292
من الرئيس المريكي بعظمته ،وحتى إنسععان الغيععاهب الفريقيععة
بفقره وقلة حيلته ،الذي ل يدري ما الععذي ُيحععاربه أول ،الجععوع
أم اليععدز .وهععا هععم الن بععدءوا ُيزيلععون أقنعتهععم شععيئا فشععيئا ،
فتصريحاتهم من مواقع السياسععة المريكيععة ومععواقفهم ،تكشععف
ق النسانية . عن مدى قباحة وجوههم وأفعالهم في ح ّ
إسننقاط جميننع أنظمننة الحكننم الوراثيننة
العريقة في أوروبننا مننن خلل الثننورات
التحررية :
وقععد اسععتطاع اليهععود ،مععن خلل مععواظبتهم علععى تنفيععذ هععذه
البروتوكولت ،مععن إسععقاط نظععام الحكععم الملكععي فععي بريطانيععا ،
لفععترة ليسععت بالقصععيرة ،ومععن ثععم عععاد النظععام الملكععي ،بشععكل
صوري ل يتمتع بأي سلطة ،كمععا هععو الحععال الن ،كمععا وقععاموا
بإسقاط النظام الملكي في فرنسا ،ومن ثم تم تحويلها إلى النظععام
الجمهوري .وبعد إثعارتهم للحعرب العالميعة الولعى ،اسععتطاعوا
إسقاط الحكم القيصري في روسيا ،الذي عاملهم كما عوملوا في
أوروبععا ،ولكععن بععدون طععرد ،وإدخععال الحكععم الشععيوعي إليهععا ،
واستطاعوا إسقاط الحكم القيصري في ألمانيععا أيضععا ،وأسععقطوا
المبراطوريععة العثمانيععة ،وكععان آخععر حصععادها ،هععو وضععع
فلسطين تحت النتداب البريطاني .
المخطط في مراحله النهائية ،تحت حماية
أمريكا :
ولو أنععك نظععرت إلععى الععبروتوكول رقععم ) ، (23سععتجد أن النظععام
الععذي كععان ُينععادي بععه الرئيععس المريكععي ) بععوش ( فععي بدايععة
التسعينيات ،بعد انهيار التحاد السوفييتي ،موجود تحععت نفععس
293
السععم ) النظععام العععالمي الجديععد ( وهععذه العبععارة نفسععها مكتوبععة
أيضععا ،علععى الععدولر باللغععة اللتينيععة ،وهععذا مؤشععر علععى أن
طط أصبح في مراحله الخيرة ،حيث أن هذا البرتوكول هععو المخ ّ
الثععالث قبععل الخيععر ،ومععا بقععي عليهععم للوصععول إلععى هععدفهم
النهعععائي ،سعععوى تنفيعععذ العععبرتوكولين ) (24و ) ، (25وهمعععا
المتعلقّيعععن بالعولمعععة بجانبيهعععا الثقعععافي والقتصعععادي ،والعععتي
سنوضحها لحقا .
ذرون مننن الرؤساء المريكيننون الوائل ُيحن ّ
الخطر اليهودي
ترجمة النص الكامل للجزء الخاص باليهود مععن خطععاب بنيععامين
فرانكلين أمام الكونغرس :
" أيهععا السععادة :هنالععك خطععر كععبير يتهععدد الوليععات المتحععدة
المريكية … وهذا الخطر هو اليهود … ففي أي أرض يحّل بها
اليهود … يعملون على تدني المستوى الخلقي والتجاري فيهععا
… وعلى مدى تاريخهم الطويل …ظّلوا متقوقعين على أنفسععهم
في معععزل عععن المععم الععتي يعيشععون فيهععا … ولععم ينععدمجوا فععي
حضاراتها … بل كانوا يعملون دوما على إثارة الزمععات الماليععة
وخنق اقتصادياتها … كما حصل في البرتغال وإسبانيا .
لكثر معن 1700سععنة … وهععم يبكععون علععى قععدرهم ومصععيرهم
المحزن … أعني طردهععم ونفيهععم مععن وطنهععم الم ) فلسععطين (
… ولو أن الععالم المتحضعر ) الغعرب ( أععاد لهعم فلسعطين الن
… فإنهم على الفععور سععيختلقون الكععثير مععن السععباب والعععذار
والحجج الواهية … ليبرروا عدم رغبتهععم فععي العععودة إليهععا …
لماذا ؟ … لنهععم كائنععات طفيليععة … والطفيليععات ل تسععتطيع أن
294
تتطفل علععى طفيليععات أخععرى … فهععم ل يسععتطيعون العيععش مععع
بعضعععهم البععععض … ممعععا يسعععتدعي ضعععرورة تواجعععدهم بيعععن
المسيحيين … أو بين أناس من غير جنسهم .
وإن لم ُيطردوا من الوليات المتحدة بموجب الدسععتور … فععإنهم
وخلل مائة عام على القل من الن … سيتوافدون إلى هذا البلد
بأعداد كبيرة … وبتلك العداد سوف يحكمونا ويدّمرونا … من
خلل تغيير أنظمة الحكم لععدينا … والععتي بععذلنا نحععن المريكييععن
من أجل توطيدها على مر السنين … الغالي والنفيس من دمائنععا
وأرواحنا وممتلكاتنا وحرياتنا … وإن لععم يتععم طردهععم … وبعععد
مائتي سنة من الن …فععإن أحفادنععا سععيعملون فععي الحقععول ليععل
نهار … من أجل إشباع بطونهم وجيوبهم … بينما يجلسون هم
في قصورهم يفركون أيديهم فرحا واغتباطا … بما حصدوه مععن
غلل وأرباح .
وها أنا أحذركم أيهععا السععادة … إن لععم تطععردوا اليهععود مععن هععذا
البلد إلى البد … فإن أولدكم وأحفععادكم سععيلعنونكم فععي قبععوركم
… ومع أنهم يعيشون بيننا منذ أجيععال … فععإن ُمُثلهععم العليععا مععا
زالت تختلف كليا ،عما يتحلى به الشعب المريكععي مععن ُمُثععل …
فالفهعد الرقعط ل يمكنعه تغييعر لعون جلعده ) عبعارة مقتبسعة معن
التوراة ( … سوف ُيعّرضون مؤسسععاتنا ومقوماتنععا الجتماعيععة
للخطر … لذلك يجب طردهم بنص من الدستور " .
وكان فرانكلين من الرؤساء الوائل في أمريكا ،والذي استشعععر
الخطععر اليهععودي قبععل تغلغلععه فععي أمريكععا ،مععن خلل دراسععته
لتوراتهم ولتاريخهم في أوروبا ،وما أحدثوه من خراب فيها .
295
وهذا قسم من خطنناب الرئيننس المريكنني
) لنكننولن ( للمننة ،فنني نهايننة منندته
الرئاسية الولى :
" إنني أرى في الفععق ُنععذر أزمععة تقععترب شععيئا فشععيئا … وهععي
أزمة تثيرني وتجعلني أرتجف على سلمة بلدي … فقد أصبحت
السععيادة للهيئات والشععركات الكععبرى … وسععيترتب علععى ذلععك
وصععول الفسععاد إلععى أعلععى المناصععب … إذ أن أصععحاب رؤوس
المععوال ،سععيعملون علععى إبقععاء سععيطرتهم علععى الدولععة …
مستخدمين في ذلك مشاعر الشعب وتحّزباته … وستصبح ثروة
البلد بأكملها ،تحت سععيطرة فئة قليلععة … المععر الععذي سععيؤدي
إلى تحطم الجمهورية " .
وكان هذا الخطاب قبل أكثر من 130سنة ،بعد أن تغلغل اليهععود
في أمريكعا ،وقعد اغتيعل هعذا الرئيعس فعي بدايعة فعترة الرئاسعية
الثانية ،نتيجة خطاباته لن كل أصحاب رؤوس المععال المريكععي
أصبحوا من اليهود .كما اغتيل الرئيس ) جون كنععدي ( ،عنععدما
أعلن عن برامجه الصلحية ،وبناء أمريكا من الععداخل ،ونهععج
التعايش السلمي مع الخارج ،كروسيا والبلععدان الخععرى ،وهععذا
ممععا يتعععارض كليععا ،مععع بروتوكععولت أربععاب المععال اليهععود
وحكمائهم .وتخيل لو أن أرباب المال اليهود يسحبون أرصععدتهم
مععن أمريكععا ،بالتأكيععد سععينهار القتصععاد المريكععي برّمتععه علععى
الفور ،وربما تصبح أمريكا من أفقر بلدان العالم .
بعد اغتيال ) كندي ( استوعب رؤساء أمريكا الععدرس ،وحفظععوه
عن ظهر قلب ،فلم يجرؤ أحدهم على نهج أي سياسة ،تتعارض
مع طموحات اليهود ،وتطلعاتهم على كافة الصعععدة ،بععل كععانوا
296
فععور انتخععابهم ،يسععارعون لتقععديم فععروض الطاعععة والععولء
لسيادهم اليهود .وخدماتهم لليهود خلل الربعين سنة الماضية
ظاهرة للعيععان ،وأصععبحت مهمععة الرئيععس المريكععي ،ل تتعععدى
مهمة ) كلب الصيد المدّرب جيدا ( ،لصطياد الشعوب وثرواتهععا
وجلبها ،لليهود في الداخل والخارج ،وفي نهاية ولية كل كلععب
جيد منهم ُ ،يعّلق في رقبته وساما رفيعععا مععن المديععح اليهععودي ،
فيهّز ذنبه فرحا ويمضي خارجا من البيت البيض ،بعد حصععوله
على شرف عضوية ) نادي كلب الصيد ( اليهودي ،وكلنا يععذكر
قصععة ) كلينتععون ( عنععدما نسععي نفسععه ،وحععاول الضععغط علععى
جروا في بيتععه البيععض القنبلععة ) لوينسععكي ( ،الععتي نتنياهو ،فف ّ
كععانت ُمع عّدة منععذ لحظععة انتخععابه ،فأعععادته إلععى صععوابه ،وإلععى
مععوقعه الحقيقععي ككلععب صععيد ل أكععثر ،فأصععبح فععي نهايععة مععدة
رئاسته صهيونيا ،أكععثر معن الصععهاينة أنفسععهم ،يمسععح بفععروه
البيض الناعم نعال أحذيتهم ،عسى أن يقتات هو وزوجته علععى
فتععات مععوائدهم ،فععي قاعععات مجلععس الشععيوخ المريكععي ،بعععد
خروجهم من البيت البيض .
الحننرب العالميننة الثانيننة درس مننن دروس
التآمر اليهودي العالمي
الظععروف الععتي سععبقت الحععرب ،مععن كتععاب ) أحجععار علععى رقعععة
الشطرنج ( بتصّرف :
ع ع معاهععدة فرسععاي المجحفععة بحععق ألمانيععا :الععتي كععان لليهععود
وعملئهم اليد الطولى في صياغتها ،من وراء السععتار ،لتكععون
بؤرة لتوريط ألمانيا في حرب أخرى ،إذا تطلب المععر مسععتقبل .
حيععث أن بنععود هععذه المعاهععدة ،اقتطعععت جععزءا مععن الراضععي
297
اللمانيععة ،وضععمتها إلععى بولنععدا ،وأرغمععت ألمانيععا علععى دفععع
التعويضععات ،للخسععائر الناجمععة عععن الحععرب العالميععة الولععى ،
وأبقت ألمانيا تحت طائلة الديون إلى ما ل نهاية .
ع وجود الحركة النازية في ألمانيا :والسبب في بلورة أفكارهععا ،
هو معرفة اللمان بفصول المؤامرة اليهودية ،حيععث أن الصععيغة
النهائية لبرتوكولت حكماء المؤامرة ،التي تدعو لتفععوق العععرق
اليهودي ،والتي ُكشفت أصل فيما سبق في ألمانيا نفسععها ،ممععا
دفع اللماني ) كارل ريتر ( إلععى طععرح أفكععار ،تععدعو إلععى تفععوق
العععرق الجرمععاني ،ردا علععى مععا طرحتععه برتوكععولت حكمععاء
اليهود .ومن أقوال مؤسس الفكععر النععازي ) كععارل ريععتر ( الععذي
نشعععر أفكعععاره ععععام 1849م " :لكعععي يععععود السعععلم والحريعععة
القتصادية إلى العالم ،يجب أول القضاء على الممولين اليهود ،
جهععون وعلى جميع أعضاء الحركة الثوريععة العالميععة ،الععذين ُيو ّ
الشيوعية ويسععيطرون عليهععا " .ومضععمون المعتقععدات النازيععة
يقضي بتفوق العععرق الجرمععاني ،والععذي يتععوجب عليععه إخضععاع
العالم بععالقوة العسععكرية ،ويجععب أن تكععون الطاعععة فيععه لرئيععس
الدولة الجرمانية ،طاعة عمياء وبدون نقععاش .وعلععى مععا يبععدو
أن رجالت الحرب اللمعان ،بععد الحعرب العالميععة الولععى ،ومععا
لحق بألمانيا مععن إجحععاف ،مععن خلل المععؤامرات اليهوديععة قبععل
وبعد الحرب ،اقتنعوا بالمذهب النععازي واعتنقععوا مبععادئه ،الععتي
تتقاطع مع المخطط اليهودي ،للسععيطرة علععى العععالم اقتصععاديا ،
ومععن ثععم السععيطرة علععى الحكععم سععلميا ،فوضعععوا مخططهععم
العسععكري لكتسععاح أوروبععا وأمريكععا ،للقضععاء علععى الممععولين
اليهود ،واليهود بشععكل عععام فععي أمععاكن تواجععدهم ،والسععتيلء
على ثرواتهم الطائلة .
298
ع مرتكزات السياسة اللمانية :كععانت تقععوم علععى وجععوب تحريععر
ألمانيا ،من التفاقيات القتصععادية المفروضععة عليهععا ،مععن قبععل
الممولين والمرابين الععدوليين ،بعععد أن أدرك الزعمععاء اللمععان ،
خطر هذه التفاقيات على استقلل البلد ،لن الفوائد المفروضة
على القروض المالية ،بموجب هععذه التفاقيععات ،سععتؤدي حتمععا
إلععى وقععوع البلد فععي براثععن دائنيهععا ) ،بمعنععى ارتهععان القععرار
والموقععف ،السياسععي والقتصععادي بمصععلحة الععدائنين ،بغععض
النظععر عععن مصععلحة المععة ( ،تمامععا كمععا وقعععت بريطانيععا عععام
1694م ،وفرنسا عام 1790م ،وأمريكا عام 1791م .وبالتالي
سععتكون هععذه القععروض ،دينععا واسععتعبادا لكععل فععرد مععن أفععراد
الشعب ،لن تسديدها لن يكون إل بفرض مزيععد مععن الضععرائب ،
يدفعها المواطنون جميعا ،ويكون المسععتفيد الععذي ل يخسععر أبععدا
هو الععدائن ،أي الممععول المرابععي العععالمي .عنععدئذ صععمم القععادة
اللمان ،على خلق عملة ألمانية ،ل تسععتند إلععى القععروض ،بععل
تعتمد على الدخل القومي ،والممتلكات الوطنيععة ،وعلععى مععوارد
الصعععناعة والزراععععة ،والعععثروات الطبيعيعععة ،وعلعععى الطاقعععة
النتاجية للمة .
ع وصول هتلر إلى سدة الحكععم :شخصععية هععذا الرجععل ،اعتراهععا
الكثير من التشويه العلمي اليهودي الغربي ،وفي الحقيقععة لععم
يكن هتلر داعية حرب ،ولم يكن معتنقا للمذهب النازي ،بل كان
رجل قوميا ،يسعى لرفع الظلم والجحاف الذي لحق بأمته ،من
جراء معاهدة فرساي ،وكان عدًوا لععدودا للنععازيين ،والممععولين
اليهود على حد سواء ،وقد جاء في الصفحة الخيرة من كتابه )
كفععاحي ( الععذي كتبععه فععي السععجن عععام 1934م ،قبععل أن يتس عّلم
الزعامة ،ما نصعه " وبهعذا يقعف الحعزب الشعتراكي العوطني ،
299
موقفععا إيجابيععا مععن المسععيحية ،ولكنععه ل يععترك أمععور العقيععدة
لجماعة من المنحرفين ) النازيين ( ،ومن جهة أخرى يحععارب ،
الععروح الماديععة اليهوديععة ،المتغلغلععة فععي نفوسععنا وفععي نفععوس
الخرين " .أما عن معاهدة فرساي فقد كتب يقععول " :إنهععا لععم
تكن لمصلحة بريطانيا ،ولكنهععا كععانت أول وأخيععرا ،فععي صععالح
اليهود لتدمير ألمانيا " .ونود أن نضععيف أن السععبب الرئيسععي ،
في هزيمة ألمانيععا فععي الحععرب العالميععة الولععى ،وهععي فععي قمععة
انتصعععاراتها العسعععكرية ،هعععو الثعععورات والفتعععن العععتي أحعععدثها
الممولععون اليهععود ،بإحيععاء الثععورات الشععيوعية داخععل ألمانيععا ،
والتي أضعفت الجبهة الداخلية ،وأضعفت الروح المعنويععة لععدى
الجيش اللماني ،والتي تسببت في تنازل القيصععر عععن عرشععه ،
وتوقيع الهدنة لللتفات إلى الشععأن الععداخلي ،خوفععا مععن سععيطرة
الشيوعية على ألمانيا ،كما حصل في روسيا .
ع نشوء دول المحور :وجد الشعب اللماني بصورة عامععة ،أنععه
يشارك شعوب اليابان وإيطاليععا وإسععبانيا ،آمععالهم وأمععانيهم فععي
المستقبل السياسي والقتصادي ،فظهر حلععف المحععور ،ونظععرا
لديناميكية زعماء تلععك الععدول ،ومعا بعذلوه معن جهععود ضععخمة ،
تمكّنوا من إعادة بناء بلدانهم على كافة المسععتويات ،الصععناعية
والزراعية والعسكرية ،بما يشبه المعجزات .
كان هتلر يحمل علننى كنناهله أربعننة همننوم
قومية :
.1إعادة بناء الدولة اللمانية .
.2استرجاع الجزاء المقتطعة من ألمانيا .
300
.3محاربة أرباب المال اليهود ،والقضاء على الثورة الشيوعية
اليهودية في روسيا ،والععتي كععانت تمعّول الحركععات الثوريععة فععي
بلده .
.4كبععت رغبععات لععوردات الحععرب النععازيون ،فععي احتلل العععالم
عسكريا .
سيناريو الحرب :
بدأ هتلر عام 1936م ،محاولت التحالف مع بريطانيععا ،وجععرت
عععدة محادثععات غيععر رسععمية بيععن دبلوماسععيي البلععدين ،وكععانت
الغاية مععن هععذا التحععالف ،هععو رغبععة اللمععان فععي احتلل جميععع
الععدول الشععيوعية ،وتحريععر شعععوبها ،وإعععدام جميععع الخونععة
فيها ،وذلك لقناعععة اللمععان بارتبععاط الشععيوعية ،بكبععار أغنيععاء
جهععون حركتهععا ويمّولونهععا ،كمععا يوجهععون اليهععود ،الععذين يو ّ
ويمولون في نفس الوقت الحركة الصععهيونية السياسععية ،وكععان
الرد البريطاني على مقترحععات اللمععان سععلبيا ،معععبرا عععن عععدم
موافقته على هذه المقترحات ،فاقتنع هتلر بأنه يستحيل على أي
أمة بمفردها ،أن تحطم نفوذ المرابيععن العععالميين ،وخاصععة فععي
الدول المسّماة بالديموقراطية ،وذلك لتحّكمهم المالي بهذه الدول
،وإيقاعهم إياها تحت طائلة الديون .
ولّمععا رفععض هتلععر ،أوامععر لععوردات الحععرب النععازيين ،لععردع
الشععيوعية وسععتالين منفععردا ،حععاولوا اغتيععاله ،ولمععا فشععلوا ،
حاولوا إضعاف شعبيته التي حققها بين اللمععان ،فبععدأ النععازيون
بنشر الفكار النازية اللحادية بيععن الشعععب اللمععاني ،واسععتغلت
الصحافة المعاديععة ذلععك ،وألصععقت هععذه التهمععة بهتلععر ،وبععدأت
وسائل العلم حملتها ضد هتلر ،وانقسععم الشعععب اللمععاني إلععى
301
قسمين ،ووقع هتلر بين فكي كماشة ،رجال الكنيسة من جهة ،
ورجال النازية من جهة أخرى ،أما فععي بريطانيععا فكععانت وسععائل
العلم اليهوديععة ،ماضععية فععي تشععويه صععورة هتلععر وألمانيععا ،
لتمنع أي فرصة لي تقارب ألماني بريطاني .
وعنعععدما عرضعععت ألمانيعععا مشعععروعا مقبعععول ،لمشعععكلة الممعععر
البولندي ودانزنغ المدينة اللمانية ،التي سببتها معاهدة فرساي
الجععائرة ،سععارع أقطععاب المععؤامرة ،ليجععاد تحععالف بريطععاني
بولنععدي ،مععن خلل فععبركتهم لنععذار مععزّور ،تنععذر فيععه ألمانيععا
خععض عععن البولنععديين ،بالستسععلم خلل 48سععاعة فقععط ،تم ّ
معاهدة بريطانيععة ،لحمايععة البولنععديين مععن أي عععدوان ألمععاني ،
عام 1939م .ومن ثم عملوا علععى إقنععاع البولنععديين ،بصععلحية
معاهدة الحمايععة البريطانيععة ،وهكععذا أهمععل البولنععديون المععذكرة
اللمانية أشهرا عديدة ،في حين كانت الصحافة المعادية لهتلر ،
ن عليعه الحملت العنيفعة المضعادة ،وذلعك لسعبب واحعد هعو تشع ّ
معاداته لصحاب المؤامرة العالمية ،واعتمععاده سياسععة مسععتقلة
داخععل المبراطوريععة اللمانيععة ،بعيععدا عععن قروضععهم وخططهععم
القتصادية المدمرة ،وبشكل عععام كععانت الصععحافة الغربيععة ،قععد
هّيأت الشعوب هناك لتقف موقفا معاديا لللمان ،ولجميععع الععدول
سر وتحّلل أقواله وأفعاله ،وتقلب التي تؤيد سياستهم ،وبدأت تف ّ
الحقائق وتفبرك الخبار ،وتحذر من أطماعه التوسعية .
وهكذا بعد التعنت البولندي وتجاهله للمععذكرة اللمانيععة ،ضععجر
هتلر من انتظار الرد ،ومن الحرب المشينة ،التي وجهتها ضده
صحافة الحلفاء ،فأمر جيوشه بالتحرك نحو بولنععدا ،لسععترجاع
ما استقطع من أراضي ألمانيا بالقوة ،ولم يتعّد إلى ما وراءهععا ،
بل توقف عنععد ذلععك الحعّد .عنععدئذ أعلنععت بريطانيععا الحععرب علععى
302
ألمانيا ،بموجب التفاقية السابقة ،مع علععم الععذين أوجععدوا هععذه
التفاقية عدم قدرة بريطانيععا ،علععى حمايععة نفسععها فععي مواجهععة
القدرات العسكرية اللمانية .وعندما تأكد لهم أن رئيس الوزراء
البريطاني ) تشامبرلين ( ،غير ُمتحمس للدخول في حرب فعليعة
مععع ألمانيععا ،أسععقطوه وجععاءوا ) بتشرشععل ( الععذي قععام بقصععف
المدن اللمانية بالطائرات .وهكذا اضطر هتلر مرغما لتكملة تلك
الحععرب المععدمرة ُ ،مسععتجيبا للععوردات الحععرب النععازيون ،الععتي
دامت قرابة الخمس سنوات ،وانتهت بخروج معظم الععدول الععتي
شاركت فيها ،مثقلة بالديون والخسائر المادية والبشرية .وكان
المستفيد الوحيد هم المرابون اليهود ،الذين مّولععوا هععذه الحععرب
في سنواتها الخمس ،ومّولوا عمليات العمار بععدها ،بقععروض
لم تستطع البلدان الوربية ،تسديدها إلى يومنا هذا .
وأما ألمانيا ومن أجل عدائها المعلن لليهود ،سواء من هتلععر أو
مععن قبععل النععازيون ،فقععد لقععت مصععيرها المحتععوم ،مععن تقسععيم
أراضيها وتحجيمها قدراتها ،ونهب مق عّدراتها وثرواتهععا ،حيععث
استطاع اليهود العالميون ،بما يملكونه مععن أمععوال ،ومععن خلل
سععيطرتهم علععى اقتصععاديات الععدول الغربيععة برمتهععا ،ومصععادرة
قرارهععا السياسععي ،وتجييععره لخدمععة مخططععاتهم الشععيطانية ،
وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا ،من التخلص من الخطر اللماني
ض مضععجعهم ويتقععاطع مععع ،الععذي كععان ُيه عّدد وجععودهم ،ويق ع ّ
ططاتهم لتدمير البشرية . مخ ّ
ويخلص صاحب كتاب ) أحجار على رقعة الشععطرنج ( المسععيحي
الكندي ،في نهاية حديثه عن الحععرب العالميععة الثانيععة ،يععوجهه
لمععن انسععاق وسععاهم مععن ساسععة الغععرب ،فععي نجععاح المخطععط
303
الجهنمي للمرابين اليهود ،طمعا بما يلقونه لهم من فتات وحطام
هذه الدنيا الزائلة ،إلى القول :
" أما الحقيقة الولى :فهي أن النسان ،
لن يصحب معه إلى القبر ،شيئا من كنننوز
الدنيا ،أو شيئا من أكاليل المجد والثناء …
والحقيقننة الثانيننة :هنني أن القننبر ،ليننس
النهاية ،بل إنه الطريق الذي ل مناص منه
ول مفّر ،بعد القبر ،منن تقنديم الحسناب
أخيرا ،حيث ليس للمرابين العالميين ،من
حول ول قوة " .
تننأخر موسننم الحصنناد اليهننودي للمحصننول
العالمي :
كان مخطط المؤامرة ،يقتضي تنفيذ مععا جععاء فععي الععبروتوكولت
بحرفتيه ،والغاية من ذلك السيطرة علععى اقتصععاديات دول العععالم
بأسرها ،وحصر رؤوس الموال العالمية كلها في أيدي اليهود ،
وعندما يحين الموعد المناسب ،يعمد اليهععود إلععى شععراء الععذهب
من السواق العالمية وتكديسه ،ومن ثم ُيشعلون نيععران الحععرب
العالمية الثالثة ،والععتي حسععب تصععورهم ،سععتكون كارثيععة بكععل
معنى الكلمة على العالم بأسره ،وتخلف وراءهععا قطعانععا بشععرية
جائعة ،ملحدة ل تؤمن إل بما هععو مععادي ،ومنحلععة ل تبحععث إل
عن كل ما ُيشبع غرائزهععا الجسععدية ،آنععذاك ُيعلععن ملععوك الععذهب
عن أنفسهم ،ويشترطون لنقاذ تلك القطعان البشرية من الموت
جوعا ،بما أنهم يملكون الذهب ،تنصيبهم ملوكا علععى الرض ،
لُيقيمععوا دولتهععم العالميععة الدكتاتوريععة وعاصععمتها القععدس ،فل
304
تملك تلك القطعان ،إل أن تدين بالعبودية المطلقععة لليهععود ،بعععد
أن جاءها نور الذهب لُيبدد ظلمة الديان الموحشة .
إذ كان من المفعروض أن تقعوم الحعرب العالميعة الثالثعة ،حسعب
ُمخططاتهم ،بعد ) ( 25 – 20عاما من الحرب العالمية الثانية ،
ولكن ما لم يكن في الحسععبان ،هععو مععوت لينيععن نتععاج المععؤامرة
ططيهععا ، ططاتهععا ومخ ّ اليهوديععة ،وانقلب ) سععتالين ( علععى مخ ّ
وتخّلصه من جميع القادة اليهود في الحزب الشعيوعي ،وإقعامته
لتحاد سوفييتي قععوي ،وامتلكععه للسععلح النععووي ،ومقاسععمته
جععملمريكا حكم العالم ،ودخول عصر الحععرب البععاردة ،الععذي ح ّ
اليهعععود وطموحعععاتهم ،بوقعععوفه نعععّدا قويعععا فعععي وجعععه أمريكعععا
وطموحاتها ،فكان ل بد مععن تععدميره وتفكيكععه أول ،عععن طريععق
الغزو السلمي التسلي ،المطروح في البروتوكول رقم ) . ( 9
فوجدوا فععي ) غورباتشععوف ( ضععالتهم ،الععذي أدخععل إصععلحاته
الهّدامععة .ولمععا أوشععك التحععاد علععى النهيععار ،أجهععزوا عليععه
بعمليهم الخر ) يلتسين ( ،فسيطر علععى مقاليععد الحكععم بععالقوة ،
وأنهعععى معععا ُيسعععمى بحلعععف وارسعععو ،وأزاح الحكعععم الشعععيوعي
المنععاهض لمريكععا عععن روسععيا ،وأخععذ بنصععائح صععندوق النقععد
الدولي ،للصلح القتصادي من خصخصة وغيرها ،فاسععتطاع
المليعععارديرات اليهعععود ك ) بيريزوفسعععكي ( معععن شعععراء معظعععم
المشععاريع السععتثمارية الروسععية ،وشععراء القععرار السياسععي
والقتصادي الروسي ،وبالضافة إلى مععا كععانت تععواجهه روسععيا
من أوضاع اقتصادية مترّدية ،أدخلوها في حرب اسععتنزافية مععع
الشيشان في أوساط التسعينيات ،وكل ذلك حععتى يتسععنى لليهععود
أن يصعععولوا ويجولعععوا ،فعععي كافعععة أرجعععاء الععععالم لُيحققعععوا
طموحاتهم ،وخاصة في منطقة الشرق الوسععط ،وعنععدما خلععت
305
لهم الساحة بانهيار التحاد السوفييتي ،وتجيير قععرارات روسععيا
بالموال اليهودية ،أشعلوا حرب الخليج الثانية ،باستخدام نفس
السععيناريو المسععتخدم فععي الحععرب العالميععة الثانيععة ،والخععروج
بنفععس النتععائج ،وشععاركت روسععيا فععي الحملععة الثلثينيععة علععى
العراق ،على اسععتحياء مععن حليفهععا السععابق ،غيععر أن الحصععار
العراقي ،شمل كععل منععاحي الحيععاة ،ولععم يقتصععر علععى التصععنيع
العسكري كما هو الحال مع ألمانيا واليابان .
وكععان مععؤتمر مدريععد للسععلم ،الععذي كععان فععي الصععل ،غايععة
ططي ومفكري اليهود التوراتيون في الغرب ،والذي لم يكععن لمخ ّ
يوافق عليععه حكععام إسععرائيل العلمععانيون ،وذلععك لخلععق درع مععن
معاهدات السلم ،لحماية إسرائيل معن الخطعار الخارجيعة ،معن
دول ما وراء دول الطوق ،ولتحييد طول الطوق نفسها ،ودفعها
لخوض الحروب نيابة عن الدولة اليهودية ،فععي حععال فكععرت أي
دولععة بعيععدة ،كروسععيا والعععراق ،العععدوين اللععدودين حسععب
النبععوءات التوراتيععة ،بالضععافة إلععى مصععر والسععودان وليبيععا ،
والردن وسوريا وإيران وأفغانستان ،وكل هععذه الععدول مععذكورة
في التوراة بأسمائها القديمة .ولذلك كانت هنععاك معاهععدة السععلم
المصرية ،لقطع الطريق على مصععر نفسععها والسععودان وليبيععا ،
وكانت المعاهدة الردنية لقطع الطريق على الدول الشرقية ،ولم
تتحقعععق معاهعععدة السعععلم السعععورية ،نتيجعععة التعنعععت السعععوري
لسععترجاع هضععبة الجععولن ،الععتي ل تسععتطيع إسععرائيل التخلععي
عنها ،بأي حال من الحععوال ،فكععانت هنععاك معاهععدة أمنيععة بيععن
إسععرائيل وتركيععا ،بععديل عععن المعاهععدة السععورية مؤقتععا ،لقطععع
الطريق على روسععيا ،أمععا هععذه اليععام فععالموقف مععن سععوريا قععد
306
اختلف ،باختلف الموقف السوري من إسععرائيل ومععن العععراق ،
مما يستدعي أفكارا جديدة ،وأسلوبا جديدا للتعامل مع سوريا .
ميكانيكينننات وأدوات العمنننل المسنننتخدمة
لتنفيذ برامج المخطط الشيطاني
مجلس المن :
بغض النظر عما ُيمّثله من أنظمة وقوانين وقرارات ،تأخذ طععابع
العدالة والنصععاف ،فععالتطبيق فععي الواقععع يختلععف كليععا ،ويأخععذ
طابع الجور والظلم ،كمععا هععو الحععال مععع فلسععطين والعععراق مععن
جععانب ،وإسععرائيل مععن جععانب آخععر .فععالقرارات ملزمععة للجععانب
الول ،وغيععر ملزمععة للجععانب الثععاني .وخععذ إسععرائيل وجنععوب
إفريقيا من جانب آخر كنظاميين عنصريين ،فالنظام الول زالععت
عنه صفة العنصرية ،بقرار من مجلععس المععن مععع بقععاء النظععام
العنصري ،والثاني زالت عنه هذه الصفة بععزوال النظععام ،وهععذا
ل ُيسّمى كما يحلو لبعض الغععافلين ،ازدواجيععة فععي التعامععل ،أو
الكيل بمكيالين ،فالحقيقة هععي أن مجلععس المععن الخععاص بععالمم
المتحدة ،هو مجلس أمن يهودي عععالمي ،وبالتععالي ليععس هنععاك
ما ُيسّمى بمعيارين أو مكيالين ،بل هو معيار واحد ومكيال واحد
،يقيس كل الشياء وفق الرؤى اليهودية السرائيلية ،فهو الذي
أوجد دولة إسرائيل ،وهو الذي حافظ على بقائها وإدامتها .
لنطرح هذه التساؤلت :كععم كععان عععدد الععدول ،الععتي كععانت قلقععة
بمصععير اليهععود ؟ ومععا الععداعي لوجععود دولععة لليهععود ،بمععا أن
اليهودية ديانععة وليسععت قوميععة ؟ ومععن قععال بععأن القوميععة تعطععي
الشرعية لقامة دولة ؟ فهناك الكراد والرمععن وألبععان كوسععوفو
وغيرهم الكثير ،ممن هم متواجدين علععى أراضععيهم ! فلمععاذا لععم
307
ُيوجععد لهععم مجلععس المععن دول ؟! وبععدل مععن ذلععك يتغاضععى عععن
إبادتهم وقمعهم ،خاصععة إذا كععانوا مسععلمين كالبوسععنة وكوسععفو
والشيشان ،أو أعداًء لدولة حليفة لليهود كأكراد تركيا ،وعندما
يتعّلق المر بالعراق ُيصععبح الكععراد فععي الشععمال مسععألة إنسععانية
ُتقلععق مجلععس المععن .فمععا مصععلحة أمععم العععالم قاطبععة ومجلععس
أمنها ،في إنشاء دولة لليهود ! مع وجود النظمة العلمانيععة فععي
معظم دول العالم ،حتى في معظم الدول السلمية والعربيععة ! إل
أن يكون هذا المجلس هو مجلس أمن يهودي بحت ،ولكن كيععف
صل اليهود على ذلك ؟ تح ّ
الجععواب بسععيط جععدا ،مععن خلل التلعععب مععن خلععف السععتار ،
بععالترغيب والععترهيب القتصععادي ،للمصعّوتين علععى القععرارات ،
لضمان الغلبية لصععدار أي قععرار يرغبععون بتمريععره .بالضععافة
إلى إيجاد حق النقض ) الفيتعو ( للعدول دائمععة العضعوية ،منهععا
ثلث دول مؤيدة لسرائيل بالسيطرة القتصادية ،مععع أن واحععدة
تكفي ،لتعطيل أي قرار ل يخدم مصالح اليهود والدولة اليهوديعة
ج منهمععا خيععرا وهمععا روسععيا والصععين ،اللتععان
،واثنتععان ل ُيرتع َ
غالبا ما كانتا تتماشيان مع الرغبة المريكية ،نتيجة السترضاء
السياسي ،كغض الطرف عن ممارسععات هععاتين الععدولتين ،فيمععا
يخععص مثل حقععوق النسععان فععي الصععين ،أو اضععطهاد الشعععوب
الُمجاورة والقلّيات العرقية أو الدينية في روسيا ،بالضافة إلععى
الغراء القتصادي ،متعدد الوجه والخيارات .وفي حال فّكععرت
إحداهما في استعمال أي منهمععا ،حععق النقععض علععى قععرار يخععدم
إسرائيل ،تصبح دولة نازية ول سعامية ،وتبعدأ اللعة العلميعة
اليهوديععة العالميععة بالطبععل والزمععر ،فععالمور تصععبح محسععومة
مسبقا ،ومؤخرا ُكشف النقاب عععن هععذه السياسععة علنععا ،عنععدما
308
هععّددت أمريكععا دولععة كولومبيععا المستضعععفة بفععرض مقاطعععة
اقتصععادية ،عنععدما ص عّوتت لصععالح إرسععال قععوة حمايععة دوليععة
للفلسطينيين .
ولنأخذ علععى سععبيل المثععال ،القععرارات الخاصععة بععالعراق ،حيععث
اُتخذت بالجماع ،بحجة مخالفة العراق للقانون الععدولي آنععذاك ،
وطريقععة تععأمين الجمععاع ،تمععت كمععا هععي العععادة بطريقععة آليععة ،
بالنشععاط الملحععوظ للديبلوماسععية اليهوديععة المريكيععة مععن وراء
الستار ،ومن أمام الستار أحيانا بجععولت مكوكيععة .فمعظععم دول
مجلععس المععن ،إّمععا أن تكععون حليفععة أو صععديقة أو مديونععة أو
منهععارة اقتصععاديا .وعنععدما ُوضععع أول قععرار بععدأت الماكينععة
اليهوديعععة ،بالعععدوران بأقصعععى سعععرعتها وطاقتهعععا ،مدفوععععة
بأحقادها ومخاوفها التوراتية ،لفرض قرارات جديععدة ،ولتععأمين
تطععبيق القععرارات وتنفيععذها ،والعععالم كلععه ل يعلععم لغايععة الن ،
حقيقة النوايا اليهودية المريكية البريطانية الفرنسية ،من وراء
تلك الحرب وهذا الحصار .وفي الحقيقة ما ُوضع بقععرار ل ُيرفععع
إل بقرار ،وهذا ينطبق على الحصار ،ولععن ُيرفععع هععذا الحصععار
اليهودي التوراتي ،ما دامععت أمريكععا تملععك حععق النقععض ،إل أن
يتم خرق هذا الحصار بدون قرار رفع ،من جععانب دولععة عظمععى
كروسعععيا أو الصعععين ،ل يسعععتطيع القعععانون العععدولي اليهعععودي
المريكي معاقبتها ،كونها تمتلك سععلحا نوويععا ،قععادرا علععى أن
يمحو أمريكا وحلفائها عن الوجود ،بما فيهععا مععن يهععود ،وهععذا
الحتمال ُيعّد نوع من الُمغامرة في الظروف الراهنعة ،ومعع ذلعك
بدأ التمرد الروسي على أوامر أسياد العالم يلوح في الفق .
309
المنظمات النسانية في المم المتحدة :
ما الذي تنادي به هذه المنظمات ؟ تنادي بحرية المرأة ،وحقوق
النسان ،وحقوق الطفل ،وتنظيععم النسععل وتحديععده ،وغيرهععا ،
وكل هذه الحريات والحقوق ،عند المناداة بهععا ،غالبععا مععا تأخععذ
الطععابع السياسععي ،فععانظر إلععى الععدول المتهمععة ،بانتهععاك هععذه
الحريععات وهععذه الحقععوق ،هععي الععدول العربيععة السععلمية أول ،
والدول السلمية غير العربيععة ثانيععا ،والععدول الشععيوعية ،ومععا
عدا ذلك إذا كان موجودا ،فهو لذّر الرماد في العيون ،فما الععذي
يريدون من وراء ذلك ؟ انظر إلى الحياة الجتماعية في الغععرب ،
الذي سمح ويسمح بهذه الحريات والحقوق ،تجد أن الجابة هي
ما يلي :
تحّرر الفكععر ،فنتععج الكفععر واللحععاد وعبععادة المععادة وتقديسععها ،
تحععررت النسععاء فتنععازلن عععن دورهععن الفطععري فععي المومععة
والتربيععة ،فنتجععت كافععة أنععواع الباحيععة والفجععور والععدعارة ،
وأصعععبحت لحعععوم النسعععاء عرضعععة للكلب الضعععاّلة .وتحعععّررت
الطفولة ،فتطاولت على الباء والمهات والمعّلمين والمعّلمات ،
وتمّردت عند البلوغ لتترك السععرة ،وطفقععت تبحععث عععن إشععباع
الغرائز والشهوات .لنخلععص مععن ذلععك إلععى أن المطالبععة بحمايععة
هععذه الحقععوق والحريععات ،هععي فععي الصععل دعععوة للتمععرد علععى
الطبيعة البشرية وأبجدياتها ،وعلى القيم الروحيععة والخلقيععة ،
التي قّدمتها الديان السماوية كمنهج للحياة .تهععدف إلععى ضععرب
السرة ،اللبنة الساسية في بناء المجتمعات ،بحرمان الب من
دوره القيادي ،مما يؤدي إلى تفكيك العلقععات معا بيعن أفرادهععا ،
وضعععياع العععرؤى المشعععتركة للبقعععاء والسعععتمرار .ولعععو قمعععت
بإحصائية لعدد الغربيون ذوي الولدات الشرعية ! ربما لوجععدت
310
أن معظمهععم أولد زنععا ،ش عّر الخلععق عنععد ال ع !! أمععا نحععن …
فماضععون علععى الععدرب لنععواكب ُمتطلبععات العصععر اليهععودي …
بجهود الجهابذة من مفكرين وخبراء واختصاصيين … من دعاة
التحّرر والتحريععر والصععلح القتصععادي والثقععافي … وسنصععل
… عّما قريب … إن لم يّداركنا ال برحمته .
البنك الدولي وصندوق النقد الدولي :
مهمععة هععذه المؤسسععة تقععديم النصععائح ،بمععا ُيسععمى ببرامععج
التصحيح القتصادي ،ومن ثم تقديم القروض ،والحصول علععى
ضععمانات للسععداد ،ولكععن هععل تكععترث هععذه المؤسسععة بمصععير
الموال المقّدمة ،وهل تتععابع تنفيععذ برامجهععا التصععحيحية ؟ ومععا
هي طبيعة هذه البرامععج ومععاذا تحمععل فععي طياتهععا ؟ فععي الحقيقععة
تذهب معظم الموال المقّدمة إلى جيوب ،المتنّفذين فععي الحكععم ،
وكنفقات للجهزة الحكومية ،ول تظهر المتابعة ،إل عندما تقععع
الدول المديونة ،في أزمععات اقتصععادية يكععون سععببها فععي الصععل
برامج الصععندوق نفسععها ،تعجععز بسععببها مععن سععداد اسععتحقاقات
الدين ،فيأتي الصندوق بحزمة اقتراحات جديدة ،بععديون جديععدة
وفوائد جديدة ،ومن ثم يتم إعععادة جدولععة الععديون .ومععن ضععمن
القتراحععات رفععع الضععرائب والرسععوم علععى كععل شععيء .وربمععا
يضعوا في بيتك مسععتقبل موظفععا حكوميععا ،ليحصععي عليععك عععدد
لقمات الطعام ،التي تأكلها أنت وأبناءك ،أو ما تحرقه عضععلتك
من سّكر أثناء الحركة ،بما أنها نوع من الوقود ،ولُتجععبى منععك
سّكر ،مما يؤدي إلععى نسبة الضريبة على كل لقمة أو غرام من ال ُ
رفع السعار باستمرار ،ويكععون ضععحيتها أول وأخيععرا المععواطن
المسحوق .وُيضاف دين جديد للخروج من الزمة القتصععادية ،
311
وُتعاد جدولته مع الديون القديمة مرة أخرى ،ومن ثم تقع أزمععة
جديععدة ،نتيجععة النسععياب المسععتمر لععرأس المععال الععوطني ،فععي
المجتمعععات السععتهلكية وغيععر المنتجععة ،فضععل عععن السععرقات
والختلسععات ،ومععن ثععم ديععون جديععدة ،وهكععذا دواليععك … ،
فيتضخم أصل الدين القومي ليصل إلى أرقععام فلكيععة ،ل تسععتطيع
الشعوب حتى تسديد قيمة فوائدها السنوية …
وبالتالي تصادر أو بععالحرى ُتشععترى القععرارات السياسععية ،كمععا
اشُتريت قرارات التحاد السوفييتي ،في حرب الخليج وما بعععدها
،بعد أن اختلس ) غورباتشوف ( وحاشيته ،ما مجموعه أربعععة
مليععارات دولر ،ثمنععا لتععدمير التحععاد السععوفييتي ،لكععي يتمكععن
اليهععود مععن التفععّرد بحكععم العععالم ،مععن خلل نظععامهم العععالمي
الجديد .وبعد أن أزاح الرئيس الروسي ) يلتسععين ( غريمععه مععن
الكرملين بقععوة المععدرعات ،أكمععل صععفقة الععبيع ،فععاختلس علععى
مععدى سععنين حكمععه ،مععا مجمععوعه سععبعة مليععارات دولر ،مععن
مسعاعدات صعندوق النقعد لعدولي .ولمعا اُكتشعف المعر معن قبعل
الروس ،وصار ) يلتسين ( قاب قوسععين أو أدنععى مععن الملحقععة
القضائية ،اشتعلت بقععدرة قععادر أحععداث داغسععتان ،والتفجيععرات
شعّنت حععرب جل أي ضععحية ،و ُ الوهمية في موسكو ،التي لم ُتسع ّ
غير مبررة للقضاء على الرهاب في الشيشان ،وانشغل الشعععب
الروسي فيها ،ونسي اختلسات ) يلتسين ( ،الذي قّدم استقالته
،واشترط علنا علععى خليفتععه ) بععوتين ( ،عععدم ملحقتععه قضععائيا
عند تسلمه للسلطة ،فمن الذي مّكن ) يلتسين ( من ذلك ؟ وكيف
صعد ) بوتين ( من المجهول ،ليصبح رئيسا لروسيا ؟!
ُيصّرح المليععاردير اليهععودي ) سععوروس ( ،بععأن المسععؤول عععن
تدبير ذلععك ،هععو المليععاردير اليهععودي الخععر ) بيريزوفسععكي ( ،
312
الععذي قعّدم التمويععل لثععوار داغسععتان السععلميين ،وبعععد اشععتعال
النيععران وغععزو الشيشععان ،انقطععع التمويععل .ويصععرح زعيععم
طاب ( صحفيا ،بعد أن شرب المقلععب اليهععودي ، السلميين ) خ ّ
وتبخّرت أحلمععه فععي إقامععة دولععة إسععلمية فععي داغسععتان ،بععأن
التفععاق مععع ) بيريزوفسععكي ( ،لععم يتط عّرق إلععى تععدخل الطيععران
الروسععي لقصععف الثععوار .وبالتععالي ذهبععت الشعععب الشيشععاني
طععاب ،المسععلم ،ضععحية لمععؤامرة ) يلتسععين ،بيريزوفسععكي ،خ ّ
بوتين ( ،كما حصل مع الشريف حسين فععي الثععورة العربيععة فععي
غععدر بععه ،فكععانت نتيجتهععا السععتعمارالحععرب العالميععة بعععد أن ُ
والنتداب وضياع فلسطين وتشرذم المة العربيععة ،وكمععا حصععل
مع هتلععر فععي الحععرب العالميععة الثانيععة ،ومععع صععدام حسععين فععي
حربععي العععراق الُمععدّمرتين .هععل المشععكلة فععي أن العععرب ،ل
يقرءون التاريخ أو القرآن أو التوراة أو النجيل ؟! أم أن العععرب
ل يقرءون شيئا ،وإن قرءوا ل يفهمون ،وإن فهموا ل يعملععون
.فععي الحقيقععة هععذا ليععس مععن قععولي ،وإنمععا سععمعته يومععا مععن
أحدهم ،منسوبا إلى أحد زعمععاء اليهععود ربمععا يكععون ) بيغععن ( ،
والغريب أن سيناريو المؤامرة هو نفسه بكل حيثياته ،يتكّرر في
كل مرة !!!
والسععؤال هنععا ،معن هععم أصععحاب صععندوق النقععد الععدولي والبنععك
الدولي الحقيقيععون ؟! وإن كععانت تملكهمععا الععدول ،فمععا معنععى أن
تكون بلدان كأمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابععان مثل ،مععن أكععثر
دول العععالم أرقامععا للععدين القععومي ؟! فالععدين القععومي المريكععي
المعلن لعام ، 2000كمععا ُنشععر فععي إحععدى الصععحف ،يصععل إلععى
300ألف مليار دولر ،والدين القومي اليابععاني يصععل إلععى 280
ألف مليار دولر ،وهما أكبر اقتصادان في العالم .ولم يكفهم كل
313
ذلك ،وكما أخوة يوسف ،لم ينتظروا الفرصععة ولععم يتقاعسععوا ،
بل سارعوا لخلق الفرصة بالمكر والحيلععة ،للظفععر بععأخيهم ،لععم
تستكن أبالسععة الشععر ،ولععم يهععدأ لهععم بععال ،فهععم دائمععو الحركععة
والبحث ،في مطابخ السياسة والقتصاد هناك في الغععرب ،وكععل
جيل ُيكمل ما بععدأه الخععر ،ويضععيف عليععه تعععديلته ،ويسععتعجل
تنفيذ خطععوات المخطععط الشععيطاني ،ويحلععم كععل جيععل بععأن يكععون
خر التنفيعذ يعنععي تعأخر مجيء مليكهععم المنتظعر فععي زمععانه ،وتععأ ّ
المجيععء ،وآخععر مععا تفّتقععت عنععه أذهععانهم ،فععي حلقععات هععذا
المسلسل الطويععل ،هعو فكععرة العولمععة ،الععتي ل تعععدو أكععثر مععن
كونها ،وحيا شيطانيا ،لنشعر المععذهب الشععيطاني وفرضعه علععى
شعوب العالم .
العولمة :
العولمة :كلفظ ُمجّرد مصععطلح ُمبهععم ،ويصععبح مفهومععا وتضععح
مععاهيته ،عنععدما ُتضععاف إليععه كلمععة أخععرى ،كععأن نقععول عولمععة
الثقافة وعولمة القتصاد .وبما أننا نعلم أن من ُينععادي بالعولمععة
ويععدعوا إليهععا هععي أمريكععا ،فععذلك يعنععي أول :تعميععم الثقافععة
المريكية ،وثانيا :تعميم النظام القتصادي المريكي الرأسمالي
.وبشكل شمولي هععو فععرض الحضععارة المريكيععة الغربيععة بكافععة
جوانبها ،كأسلوب جديد للحياة علععى كافععة شعععوب العععالم ،ولععو
قمنععا بتقييععم بسععيط للحضععارة المريكيععة ،لوجععدنا أن مععن رسععم
وشّكل معالم وأبعاد هذه الحضارة ،منذ بدايات القععرن الماضععي ،
هم السياد الجدد لمريكا ،أعني أرباب المال اليهععود ،مععن خلل
سعععيطرتهم المطلقعععة ،علعععى كافعععة أدوات النتعععاج المريكعععي
القتصادي والثقافي .
314
أما ملمح الحضارة المريكية ،فهي في الواقع ترجمة حّيععة لمععا
يحمله اليهود ،من عقائد كفرية إلحادية ،ل تؤمن إل بكل ما هو
محسععوس ،تععدعوا إلععى تععأليه رأس المععال والقتصععاد وعبععادة
سععمتهاأصععحابه .وتععدعوا إلععى أخلقيععات اجتماعيععة تلموديععة ِ ،
النحلل والباحية ،والدعوة لممارسة كل رذيلععة ،والتحلععل مععن
كل فضيلة .لنخلص إلى القول إلى أن الغايععة مععن العولمععة ،هععو
نشععر العقيععدة اليهوديععة الماديععة الدنيويععة ،الخاصععة بأصععحاب
البروتوكولت اليهود تمهيدا لضربتهم النهائية .
في أواخر القرن الماضي ،تمكن اليهود من نشر هذه العقيدة في
أمريكا والدول الغربية ،وبعد أن استحكمت قبضتهم على مواقععع
صنع القرار فيها ،من خلل امتلكهم لرؤوس المععوال المحّركععة
لقتصاديات هذه الدول .ومع انتهاء الحرب الباردة وتفّرد أمريكا
بحكم العالم ،امتلك هؤلء القعوة العظمعى والوحيعدة فعي الععالم ،
التي أصبحت كالمعّلم الشرس بعصاه الطويلععة ،الععذي يسعععى كععل
التلميذ لنيل رضاه ،بالنصياع لوامره وترك نواهيه ،وينفذون
ما يفرضه عليهم رغبة ورهبة ،حتى لو أوردهم موارد الهلك .
فأصععبح لععدى هععؤلء القععدرة أكععثر مععن أي وقععت مضععى – حسععب
تصورهم -على تنفيذ ما تبقى من خطوات مخططهم الشيطاني .
في الجانب الخر من العالم ،تقف بشموخ المجتمعات الشرقية ،
من المؤمنين بال وحتى الملحدين والوثنيععون ،ذوي المعتقععدات
والقيعععم الراسعععخة ،والعععتي غرسعععها وحعععافظ عليهعععا النبيعععاء
والمفّكرين ورجال الدين ،قديما وحديثا ،فشّكلت حععواجز منيعععة
أمععام طموحععات اليهوديععة العالميععة ،وكععانت آخععر القلع الععتي
يتطّلعععون إلععى تحطيمهععا ،ومععا تبقععى مععن أسععوارها فععي طريقععه
للنهيار .
315
ولما أصبحت الرياح مواتية لهم ،جلععس أسععياد العععالم وائتمععروا
فتفّتقت أذهععانهم ،عععن هععذه الفكععار الجهنميععة الخاصععة بمنظمععة
التجارة العالمية وقوانينها ،ومتطلبات النتساب إليها ،لختراق
جميععع الحععواجز القتصععادية ،الععتي أقامتهععا الحكومععات لحمايععة
ثرواتها الوطنية ،من النسياب التلقائي إلى جيوب أربععاب المععال
اليهععود .والععتي سععيكون بمقععدورهم مععن خللهععا ،إصععابة عععدة
عصافير بحجر واحد .
وسائلها الثقافية :بالترتيب هي ،المطبوعات والراديو والسينما
والتلفععاز والفيععديو والطبععاق اللقطععة وأخيععرا النععترنت .وكععان
ابتكار النترنت بُمشاركة الطباق اللقطععة ،الععتي ُأجععبرت الععدول
العربية ،على السماح بدخولها واقتناها ،قبل 4إلى 5سنوات ،
أكبر ضربة لما أقامه هؤلء مععن حععواجز ،لحمايععة شعععوبهم مععن
الغععزو الثقععافي الغربععي .وجععاءت العولمععة القتصععادية لععترفع
الرسوم الجمركية عنها ،لتصععبح فععي متنععاول مععن ل يملععك ثمععن
رغيععف الخععبز ،ولتكععون بمثابععة حصععان طععروادة ولكععن بحّلععة
جديدة ،لتصععل إلععى البععدوي فععي خيمتععه ،والمشعّرد فععي كهفععه ،
والموظف فععي مكععان عملععه ،والطععالب فععي جععامعته ومدرسععته ،
وحتى الطفل في مهده .
التحذير من خطر العقائد والخلقيات اليهوديععة ،والععتي يسعععون
الن لنشرها تحت ُمسميات عولمععة الثقافععة وعولمععة القتصععاد ،
جاء في بعض أقوال رؤساء الغرب :
) لنكععولن ( … " :فقععد أصععبحت السععيادة للهيئات والشععركات
الكبرى … إذ أن أصحاب رؤوس الموال ،سيعملون على إبقاء
سيطرتهم على الدولة … وستصبح ثععروة البلد بأكملهععا ،تحععت
316
سيطرة فئة قليلة … المر الذي سيؤدي إلععى تحطععم الجمهوريععة
".
) فرانكلين ( " :ومع أنهععم يعيشععون بيننععا منععذ أجيععال … فععإن
ُمُثلهععم العليععا مععا زالععت تختلععف كليععا ،عمععا يتحلععى بععه الشعععب
المريكي من ُمُثل … فالفهععد الرقععط ل يمكنععه تغييععر لععون جلععده
) عبارة مقتبسة من التوراة ( " .
) هتلععر ( " :ومععن جهععة أخععرى يحععارب ،الععروح الماديععة
اليهودية ،المتغلغلة في نفوسنا وفي نفوس الخرين " .
بعد هذا العرض نستطيع تعريف لفظ العولمة على أنها :
مصعطلح مضعلل اسعتعمل كغطعاء ،للتععبير ععن برنامعج يهعودي
أمريكي لتهويد العالم بأسره .أدواته الثقافية هي وسائل التصال
والعلم المختلفععة ،وأدواتععه القتصععادية صععندوق النقععد والبنععك
الدولي والخصخصععة ومنظمععة التجععارة العالميععة .وغععايته أول :
ضععر ،
خلععق ديانععة ماديععة جديععدة ،تحععت عنععوان الثقافععة والتح ّ
وثانيا :نهب ثععروات الشعععوب ،تحععت عنععوان تحريععر التجععارة .
وذلععك لتهيئة الجععواء ،لظهععور اليهععود كأسععياد للعععالم بأسععره ،
عندما يحين الوقت المناسب لذلك .
أخطار العولمة على أرض الواقع :
الخطععر الجتمععاعي ؛ يتمّثععل فععي ضععرب منظومععة العقععائد والقيععم
والخلق ،لععدى الشعععوب المختلفععة فععي العععالم ،والععتي بععدورها
تشكل الضمير النساني للفرد ،الذي ُيحاول السمو بالنسان إلععى
مرتبععة الملئكععة .وأمععا الهععدف النهععائي المرتجععى مععن بعععدها
الجتمععاعي ،هععو تشععكيل أجيععال جديععدة تبحععث بشععتى الوسععائل
والسععبل ،عمععا ُيشععبع غرائزهععا ورغباتهععا ونزواتهععا ،لتهبععط
317
بالنسععان إلععى مععا دون مرتبععة الحيععوان ،وبععذلك يسععهل علععى
مخططي المؤامرة اليهود سياسة هذه الجيال وتذليلها .وبالتالي
حكمععوا مععن قبععل
لن تكون هناك معارضة ،لمثل هععؤلء فيمععا لععو ُ
سادة العالم الجدد ،ملوك اللحاد والباحية ،وهذا ما تصبوا إليه
الجيال التي هي في طور التشّكل الن .
وقععد بععدأنا فععي السععنوات الخيععرة ،نععرى نمععاذج مععن المسععوخ
البشععرية ،فععي العديععد مععن بيععوت المسععلمين .فتيععان وفتيععات ل
يرغبون فععي التعلععم أو العمععل ،والفشععل هععو السععمة البععارزة فععي
أعمععالهم وتوجهععاتهم ونتععائجهم .يجوبععون الشععوارع ويرتععادون
المععاكن العامععة ويععذهبون إلععى الجامعععات ،بحثععا عععن الحععب
والمجععون والخلعععة ،بعععد أن أصععبحت جامعاتنععا وشععوارعنا
معارض لدور الزياء العالمية ،ول أحد يريععد العفععاف والطهععر ،
لذلك تجدهم يعزفون عن الزواج ،وكما قال أحد المتعععولمين " :
ما دام الحليب موجود فععي السععوق ،فمععا الععداعي لشععراء البقععر ؟
".
وأكععبر الثععر فععي تشععكيل هععذه النمععاذج ،هععي القنععوات الفضععائية
العربية – فضل عن قنوات الباحة الجنبية – وخاصة التي تضم
فععي طاقمهععا مقععّدمي ومقععّدمات البرامععج اللبنععانيون ،بعععرض
الكاسيات العاريات المععائلت المميلت ،اللععواتي يتحععدثن بلسععان
عربي مبين ،مما أعطى المبرر لفتياتنا ،وكسر الحاجز النفسععي
لديهن ،ليّتخععذن منهععن قععدوة ُتحتععذى ،بمباركععة مععن الب الععذي
ُيرّبععت علععى كتععف ابنتععه ،أثنععاء مشععاهدته لتلععك الغععواني وأولئك
المخّنعععثين ،بعيعععن الرضعععا والقبعععول والعجعععاب والستحسعععان
والستمتاع .
318
مععا تععراه اليععوم أن رجععال أمععة السععلم ،يتح عّدون ال ع وحععدوده
صععد ،وهععم يععدفعون فتيععاتهم حرمععاته ،عععن سععبق إصععرار وتر ّ وُ
بشععكل مباشععر لممارسععة مهنععة عععرض الزيععاء ،فععي الشععوارع
والماكن العامة والجامعات وأماكن العمععل .هععدفهن دائمععا وأبععدا
الغواء والفتنة بحركات وأصوات ،ل تقوم بهععا إل إنععاث القطععط
في شهر شباط ،ولمرة واحدة في السنة ،أّما رجععال بلد العععرب
أوطاني ،شيوخا وشبابا ،أصبحوا كذكورها ،ولكععن علععى مععدار
السععنة .لينتهععي بهععن المطععاف فععي أحضععان الرذيلععة ،فل أحععد
معصوم ،والذباب البشري الجائع يمل الجواء ،بحثعا ععن قطعة
الحلوى أو كيس للقمامة ،فل فرق عنده .وأما النععترنت فح عّدث
ول حرج ،والنساء تتهافت عليها أكثر من الرجال …
أما أطفال أمة السلم ،فهم بين أيدي أمهات صفتهن قععد تق عّدمت
أعله ،ل يفقهععن مععن الععزواج شععيئا ،ول يملكععن مععن عاطفععة
المومععة واحععد بععالمليون ،ممععا تمتلكععه وحععوش القفععر .وتربيععة
الطفععال لععديهن ،تقععوم علععى مبععادئ تربيععة الععدواجن وتسععمين
الخراف .أطفال مهملون في زوايا الغرف ،يحملقون في برامععج
المسوخ المتحركة ،وأغاني ومسلسلت وأفلم الععدعارة العربيععة
عِمععَد إلععى تغييععر المناهععج
والجنبيععة .أمععا فععي المدرسععة فقععد ُ
حععذفتالمدرسية ،لسلخ الطفل عن هويته السععلمية العربيععة ،ف ُ
أمجععاد البطععال والبطععولت السععلمية ،وبععدل منهععا تععم تصععميم
بطولت وهمية لبطععال مععن ورق .وربمععا يضععيفون غععدا مناهععج
التربية الجنسية لتثقيف الجيععال الناشععئة ،فععالغرائز تحتععاج إلععى
تعلععم .وتععم تغييععر أسععاليب التربيععة والتععدريس ،بإلغععاء عقوبععة
الضععرب ،وإلغععاء عقوبععة الرسععوب ،وإدخععال لغععة العولمععة ،
كمبحث أساسي في المناهج الدراسية .
319
وخلصة القععول بععأنهم سعُيهّودون العععالم ،تحععت غطععاء أمريكععي
ب ) ، ( made in USAلدرجة أنهم ربما ُ ،يجععبروك مدموغ ِ
على الذهاب لصلة الجمعة ،في يوم السبت أو الحد ،بعد إحدى
ندوات حوار الديان .
أما الخطر القتصادي ؛ فيتمّثل في ضرب قوانين الحمايععة ،الععتي
ُوضعت للمحافظة علععى الععثروة الوطنيععة .لتسععهيل عمليععة سععلب
ثععروات الشعععوب ،وتكديسععها فععي المصععارف العالميععة وإفقارهععا
وتجويعها .إذ لم يكفهم ما يقوم به البنك الدولي وصععندوق النقععد
والخصخصععة ،مععن نهععب لععثروات الشعععوب ،مععن خلل تغلغععل
الستثمارات اليهودية ،في شتى أقطار العععالم ،بعععد كععل هععزة أو
أزمة اقتصادية مفتعلة ،بشععكل مباشععر أو غيععر مباشععر .فموجععة
الخصخصة التي هي أحد برامج صععندوق النقععد الععدولي ،أتععاحت
لععرؤوس المععوال اليهوديععة ،لععدخول الععدول العربيععة ،تحععت
ُمسميات شركات أجنبية عالمية كععبرى ،أو عععن طريععق شععركات
محلية بأسماء عربية صورية ،مقابل حفنة من الدولرات .
بععل ابتكععروا مععا هععو أخطععر بكععثير ،الشععق الخععر الععذي كععان
) كلينتععون ( ُيععرّوج للنضععمام لععه ،أل وهععو ) منظمععة التجععارة
العالمية ( ،والتي تععدعو لتحريععر التجععارة وتحريععر رأس المععال .
والملحظ أن كل مبادئهم الهداّمة ،عادة ما تحمل صععفة التحريععر
أو التحرر ،وانظر إلى هععذا القععول العععرج العععوج ،فالشعععوب
عنععدما تحمععي سععلعتها وصععنعتها ،تصععبح ُمسععتعِمرة لتجارتهععا ،
لذلك فهي بحاجععة إلععى التحريععر .أمععا المععراد مععن وراء ذلععك فععي
الحقيقة ،فهععو السععطو علععى مكتسععبات الععدول الغنيععة والفقيععرة ،
طاة بأوراق التغليف البراّقة الملّونععة ، بطرق شرعية ملتوية ،مغ ّ
لتسععحر أعيععن الشعععوب المسععحوقة ،بمععا ُيشععبه عمليععة التنععويم
320
المغناطيسععي .ولنوضععح مععا نقصععده بععذلك ،بأنععك تسععتطيع فععي
البداية على سبيل المثال ،الحصول على سيارة جيدة بثمن زهيد
،نتيجععة تخفيععض الجمععارك والرسععوم ،ولكععن هععذا التخفيععض
سيترتب عليه ،عجز كبير في الموازنة العامة للدولة ،فمن أيععن
ستغطي الدولة هذا العجز برأيك ،إن لم تعتمد على فرض رسععوم
وضرائب بديلة تحت مسميات أخرى ،لتصل في النهاية إلى عدم
القدرة ،على شراء الوقود لتلك السيارة ،لعدم قدرة الراتب على
تأمين متطلبات الحياة الساسية .
فبعد أن تمّكنوا مععن خلععق قطعععان مععن المسععتهلكين ،تنظععر بعيععن
القداسععة لكععل مععا هععو غربععي ومسععتورد ،مععن منتجععات ثقافيععة
وتكنولوجية استهلكية الطابع ،جاءوا باتفاقيات هذه المنظمععة ،
لرفععع القيععود ،مععن قععوانين جمركيععة وضععريبية علععى السععلع
المستوردة ،وذلك بغية فتح السواق الوطنيععة للسععلع الجنبيععة ،
وبالتععالي تتهععافت المجتمعععات السععتهلكية ،علععى تلععك السععلع ،
فتتسّرب العملة الوطنيعة إلععى الخعارج بل توقعف ،ويععترّتب علععى
ذلك عجز كبير ،في ميزانيات دول العععالم الثععالث ،الععتي ل تملععك
صناعات منافسععة ،تععّوض وتعيععد جععزء مععن العملععة المفقععودة .
لذلك ستضطر الحكومات ،إلى اتخاذ إجععراءات علجيععة عديععدة ،
لسدّ عجععز الموازنععة ،الععتي غالبععا مععا يتكفععل بهععا صععندوق النقععد
الدولي ،بزيادة الضرائب بكافة الشكال والُمس عّميات ،بمععبررات
ومن غير مبررات أحيانععا ،بالضععافة إلععى تراكععم ديععون جديععدة ،
وزيادة الضرائب تعني رفع السعار تلقائيا ،وهكذا دواليععك … ،
وسيظهر التأثير المدّمر علععى شعععوب الععدول الععتي انضعّمت لهععذه
المنظمة ،خلل فععترة ربمععا ل تزيععد عععن سععنة أو سععنتان .وذلععك
عندما تبدأ المؤسسات والشركات الوطنية ،بععالفلس والنهيععار
321
تباعا ،ومن ثم انتشار البطالة والفقععر والجععوع بيععن مواطنيهععا ،
انتشار النار في الهشيم .
هناك فرق شاسع ،بين فلسفة القتصاد وفلسفة الدمار والخراب
.تقضععي فلسععفة القتصععاد بععأن تنفععق أقععل ممععا ُتنتععج ،وت عّدخر
الفائض لتقلبات الزمن ،وأمععا فلسععفة الععدمار والخععراب ،تقضععي
بأن تنفق أضعاف أضعاف ما تنتج ،لتنتهي في أحضان صععندوق
النقد الدولي ،ول أظن من قال " :على قّد لحافععك معّد رجليععك "
كان حاصل على دكتوراه في القتصاد ،ليصل إلى هذه النتيجععة .
وأتسععاءل كيععف عاشععت البشععرية مععا ُيقععارب السععتة آلف سععنة ،
بدون صندوق النقد الدولي وبرامجه الصلحية .
أما الن … فأمعن النظر والفكر والوجدان ،في كل ما يدور مععن
حولك ،في بيتك ،في الشارع ،في المدرسة ،في الجامعة ،في
وطنك ،بل في العالم أجمع … وأجب هن هذا التسععاؤل … علععى
ي هدي ،يسير هععذا الواقععع الععذي نحععن عليععه الن … ؟! علععى أ ّ
هدي القرآن … أم على هدي أسياد هذا الزمان !
نبذة بسيطة عن يهود العالم
من حيث المنشأ ،ينقسم الشعب اليهودي
إلى ثلثة أقسام :
عع اليهععود الغربيععون :وأغلبهععم أثريععاء ،اسععتطاعوا التغلغععل فععي
أوروبععا الغربيععة فععي نهايععة القععرون الوسععطى ،وبععدايات عصععر
النهضة ) ، (17-16فازدادوا ثراء فععوق ثععراء ،بمععا لععديهم مععن
وسععائل وإمكانيععات وأخلقيععات ،لجمععع المععال بطععرق مشععروعة
وغالبععا غيععر مشععروعة ،لععم يكععن الوروبيععون والمريكيععون
ُيمارسععونها أو يتنّبهععوا إليهععا ،رغععم كععل تحععذيرات الرؤسععاء
322
والساسة والخبراء المخلصين لممهم ،حتى " وقععع الفععأس فععي
الرأس " ،فتربعوا على عرش القتصاد العالمي حاليا .
ع اليهود الشرقيون الشكناز :وأغلبهم فقراء ،وقععد بقععي حععالهم
كععذلك ،فععي بلععدان أوروبععا الشععرقية وروسععيا الفقيععرة ،وكععانوا
مضطهدين ومنبوذين ،في أغلب الحيان ،ويعيشون فيما ُيسّمى
بالغيتوهات أو الكيبوتس .
ع اليهود الشرقيون العرب :وهم الذين عاشوا في البلدان العربية
،كأفراد وجماعات ،يتمتعون بحق المواطنة مثلهم مثل غيرهم ،
وكثير منهم ُأجبر على الهجرة إسرائيل ،من خلل دّبره الموساد
السرائيلي ،من أزمات لرغععامهم علععى المغععادرة ،وبقععي جععزء
منهم في البلدان العربية لغاية الن .
أما من حيث التننوجه فينقسننموا إلننى ثلث
أقسام :
ع المتحّررون :وأغلبهم من يهععود الغععرب ،ومهمتهععم تنفيععذ مععا
جاء في بروتوكولت الحكماء ،وحكم العالم اقتصاديا وسياسيا ،
يكونععون فيععه شععيوخ المععة ،ويضعععون الدسععتور ،ويرسععمون
صبون َمِلكععا معن أنفسععهم ،دكتععاتورا ُمطلقععا علععى
السياسية ،وُين ّ
العالم ،يؤمر فُيطاع ،ويكون بمثابة الله علعى الرض ،ول إلعه
في السماء ،فُيصبح اليهود أسيادا وبقية خلق الع ،بل اسععتثناء
عبيدا لهم .
ع العلمانيون :وأغلبهم من يهععود الشععرق الوروبععي ،ومهمتهععم
هععي تنفيععذ أهععداف الحركععة الصععهيونية السياسععية ،الععتي تلّفعععت
بالدين اليهودي ،من أجل تحقيق أهععدافها السياسععية ،بإيجععاد "
غيتو " قومي لليهود في فلسطين ،لرفع الضطهاد والععذل الععذي
323
لزمهم طيلة ،وليجاد موطئ قدم لهععم ،فنععوائب الععدهر الغربيععة
غير مضمونه ،فربما ينقلبون عليهم يوما ما ويطردونهم ،وهععم
الذين يشّكلون الحزاب العلمانية في الدولة اليهودية .
ع المتدينون :وأغلبهم مععن يهععود الشععرق بمععا فيهععم يهععود البلد
العربية ،وظهرت منهم حركات دينية متطرفة كثيرة ،ومهمتهععم
طها أحبععارهم القععدماء علععى هي تنفيذ الوصايا التوراتية ،التي خ ّ
شكل نبوءات ،وتتلخص في استلب الراضي ،وتهجير السكان
الوثنيين ،والستيطان ،وهدم المسجد القصععى وبنععاء الهيكععل ،
تمهيدا للملك اليهودي الداودي القادم ،الذي سععيأتي مععن ربععوات
القدس ،ليحكم العالم إلى البد ،فينتشععر الحععق والعععدل والسععلم
اليهععودي فععي الرض ،وهععم الععذين يشععّكلون الحععزاب الدينيععة
المتطّرفة .
وكل هذه الصناف اليهودية ،في المحصلة وجععوه عديععدة لعملععة
واحععدة ،هععي التععوراة والتلمععود ،أخطععر وثيقععتين علععى مسععتقبل
البشرية والعععالم ،لععذلك احتععل التحععذير مععن اليهععود واليهوديععة ،
مساحة شاسعة من قرآننععا العظيععم .بينمععا احتععل الفكععر اليهععودي
المادي ،مساحة شاسعة ،من عقول أمة السلم ،فنسيت إلهها
،وعبدت العجول الذهبية المادية للسامرّيون الجدد .
آخر معا نعود قعوله ،أن اليهعود قطععوا شعوطا كعبيرا ،فعي تنفيعذ
مخططهم الشيطاني للسيطرة على العالم ،حتى صاروا ) نظريا (
قاب قوسين أو أدنى ،من الوصول إلى هدفهم النهائي في ظععرف
سنين قليلة ،ونجععاحهم اعتمععد فععي الدرجععة الولععى ،ليععس علععى
ذكائهم ومكرهم ودهائهم فحسب ،بل في العزف على وتر يطرب
له جميع الناس ،بل استثناء إل من رحم وهععدى ربععي ،أل وهععو
324
سهولة وقوع النفس البشرية أسيرة لهوائها وأطماعهععا ،ومععن
ثععم إرغامهععا علععى الخلععود إلععى الرض ،لترضععى بالحيععاة الععدنيا
ن بهععا ،عنععدما تنعععدم لععديها القيععم الروحيععة اليمانيععة ، وتطمئ ّ
صععلة مععن فهععم حقيقععة العلقععة مععا بيععن السععماء والرض ، الُمتح ّ
والتي توضحها سورة السراء بكل فصولها ،فاقرأهععا إن رغبععت
في الفهم ،فهي تحكي واقعنا المعاصر بكل فصععوله ،ومععن أجععل
أن تفهم فصولها ،كان هذا الفصل في هذا الكتاب .
وقد يسأل سائل :ثم ماذا ؟ ُنجيب بقوله تعالى َ ) :وَقْد مََكَر اّلِذي َ
ن
س عَيْعَلُم
س َ ،و َب ُكّل َنْف ٍ س ُ
جِميًعا َ ،يْعَلُم َما َتْك ِ ن َقْبِلِهْم َ ،فِلّلِه اْلَمْكُر َ
ِم ْ
عْقَبى الّداِر ) 42الرعد ( وقوله َ ) :قْد َمَكَر اّلِذينَ ِمععنْ ن ُ اْلُكّفاُر ِلَم ْ
س عْقفُ مِ عنْ عَلْيِه عُم ال ّ
خ عّر َ
ع عِد َ ،ف َ
ن اْلَقَوا ِ
ل ُبْنَياَنُهْم ِم َ
َقْبِلهِْم َ ،فَأَتى ا ُّ
ن ) 26النحل ( . شُعُرو َ ث َل َي ْ حْي ُ
ن َ ب ِم َْفْوِقِهْم َ ،وَأَتاُهُم اْلَعَذا ُ
والعلو اليهودي قائم على قاعععدتين ،همععا إسععرائيل كمععوطن بمععا
فيها القدس ،كعاصمة مستقبلية للدولة اليهودية العالمية البدية
،وأمريكا كقوة اقتصادية عسكرية ،لتمكين هذا الحلم اليهودي .
فل غرابة ول عجب ،إن أتى ال هذا البنيان من القواعععد ،فخ عرّ
علععى رؤوسععهم وعلععى رؤوس مععن يش عّد علععى أيععديهم ،سععقف
أحلمهم وطموحاتهم ،فأتاهم العذاب من حيث ل يشعرون .
ونختم هععذا الفصععل بنععص مععن التععوراة ،يؤكععد لليهععود أن عاقبععة
أفعالهم ،ستكون مععدمرة ل محالععة ،وأن الكععأس الععتي جّرعوهععا
للشعوب ،ل بد أن يتجّرعوها في النهاية ،حتى لو تخنععدقوا فععي
الحصععن المريكععي البريطععاني المنيععع ،فععذلك لععن ُيجععدي نفعععا ،
ومهمععا ُكععبرت أمريكععا وعظمععت وتعععالت ،فععال أكععبر وأعظععم
325
وأعلععى ،وليععت عبععدة أمريكععا مععن أمععتي يفقهععون ذلععك ،لعلهععم
يرجعون ،قبل فوات الوان .
" ويل لمن يكّوم لنفسه السلب ،ويثرى على حساب ما نهععب ،
إنما إلى متى ؟ أل يقوم عليك دائنوك بغتععة ،أول يثععورون عليععك
وُيملونك ُرعبا .فتصبح لهم غنيمة لنك سلبت أمما كثيرة ،فإن
بقية الشعوب ينهبونك ثأرا ،لما سفكت من دماء ،وارتكبت مععن
جور في الرض ،فدّمرت ُمدنا ،وأهلكععت السععاكنين فيهععا .ويععل
لمن يّدخر لبنيه مكسب ظلم ،وُيشيد مسععكنه فععي مقععام حصععين ،
ت مؤامرتععك بيتععك بالعععار ، طخع ْ ليكون في مأمن من الخطر .لقد ل ّ
حين استأصلت أمما عديدة ،وجلبععت الععدمار علععى نفسععك ،حععتى
حجععارة الجععدران تصععرخ مععن ش عّرك ،فععترّدد الععدعائم الخشععبية
أصداءها .ويل لمن يبني مدينة بالدماء ،وُيؤسس قرية بالثم "
) .التوراة :سفر حبقوق ( 12-6 :2
قال تعالى
ت َأْيِديِهْم َ ،وُلِعُنوا ِبَما َقععاُلوا ، غّل ْ ل َمْغُلوَلٌة ُ ، ت اْلَيُهوُد َيُد ا ِّ ) َوَقاَل ِ
ن َكِثيًرا مِْنُهْم َ ،مععا شاُء َ ،وَلَيِزيَد ّ ف َي َ
ق َكْي َ ن ُ ،يْنِف ُ طَتا ِ
سو َ َبْل يََداُه َمْب ُ
طْغَياًنععا َوُكْف عًرا َ ،وَأْلَقْيَنععا َبْيَنُه عُم اْلَع عَداَوَة
كُ ، ن َرّب ع َ
ك ِم ع ُْأْن عِزَل ِإَلْي ع َ
ل، طَفَأَها ا ُّ
ب َأ ْحْر ِ ضاَء ِإَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة ُ ،كّلَما َأْوَقُدوا َناًرا ِلْل َ َواْلَبْغ َ
ن ) 64المائدة سِدي َ ب اْلُمْف ِ ح ّ
ل َل ُي ِ ساًدا َ ،وا ُّ ض َف َ ن ِفي اَْلْر ِ سَعْو َ َوَي ْ
(
326
النبوءات التوراتية بين الماضي
والمستقبل
بععالرغم مععن تحريععف التععوراة ،ونسععخها وتأليفهععا عععدة مععرات ،
وضعف الترجمة إلى العربية وانحيازها .إل أنها ما زالت تحععوي
بقية من كلم ال جّل وعل ،تستطيع الستدلل عليها ،من خلل
مقابلتها ومقارنتها ،معع معا لعدينا معن وحعي ،وتسعتطيع أحيانعا
ملحظععة السععاليب ،الععتي تععم بهععا كتابععة التععوراة ،مععن إضععافة
وحععذف وتبععديل لمواضععع العبععارات ،كمععا أخععبر عنهععا القععرآن
الكريم .وهذه البقية هي ما كان يسععتدل اليهععود مععن خللهععا ومععا
زالوا ،على بعض الحععداث المسععتقبلية ،كبعععث عيسععى ومحمععد
عليهما السلم قديما ،وما سيقع من أحداث النهاية مستقبل .
وكما قلنا في الفصل السععابق ،أن معرفتهععم بمععا وجععد لععديهم مععن
نبوءات ،كععانت بمثابععة القععوة الدافعععة ،فععي تحركععاتهم لسععتباق
تحّقق هذه النبوءات ،على أرض الواقع ،ولم ولن يألوا جهععدا ،
في استعجالها إن وافقت أهوائهم ،أو في تعطيلها إن خالفتها ،
في هذا الفصل ،سنتتبع في البداية ،بعععض الخبععار الععتي وردت
في التوراة ،بشكل مقتضب وسريع ،ومن ثم سنعرض جانبا من
النبععوءات التوراتيععة ،الععتي تحققععت فععي الماضععي ،وجانبععا مععن
النبوءات التي لم تتحقق بعد ،مما ُيسععاعد علععى اسععتقراء بعععض
النبوءات المستقبلية لديهم ،لنتعّرف على المخععاوف اليهوديععة ،
وتطلعاتهم وأحلمهم وأمانّيهم ،المتعّلقة بعععودتهم إلععى فلسععطين
للمرة الثانية .
ومن خلل هععذا الكشععف تسععتطيع التعععرف علععى حقيقععة العقليععة ،
التي ُيفّكر بها يهود ،ومن ثم قراءة مععواقفهم وسياسععتهم ،علععى
327
الساحتين العالمية والقليمية ،وتسععتطيع أيضععا قععراءة سياسععات
ومواقععف أمريكععا ،الععتي يحكمهععا ويععديرها فععي الخفععاء ،زعمععاء
المؤامرة العالمية ،من الثريععاء والحاخامععات اليهععود ،لتجععد أن
التوراة ونبوءاتها هي مععا سعّير اليهععود فععي الماضععي ،وهععي مععا
ُيسّيرهم في الحاضر والمستقبل .
ن َهعَذا ب ِبَأْيِديِهْم ُ ،ثّم َيُقوُلعو َ ن اْلِكَتا َ ن َيْكُتُبو َ قال تعالى ) َفَوْيٌل ِلّلِذي َ
ل َ ،فَوْي عٌل َلُه عْم مِّمععا َكَتَب ع ْ
ت ش عَتُروا ِب عِه َثَمًنععا َقِلي ً ل ع ِ ،لَي ْعْن عِد ا ِّ
ن ِِم ع ْ
ن ) 79البقرة ( سُبو َ َأْيِديهِْم َ ،وَوْيٌل َلُهْم ِمّما َيْك ِ
ق ِلَما َمَعُهععْم ، صّد ٌل ُ ،م َ عْنِد ا ِّ
ن ِ ب ِم ْ جاَءُهْم ِكَتا ٌ وقال أيضا ) َوَلّما َ
جععاَءُهْم مَععان َكَفعُروا َفَلّمععا َ عَلععى اّلعِذي َ ن َ حو َ سعَتْفِت ُن َقْبعُل َي َْوَكاُنوا ِمع ْ
ن ) 89البقرة ( عَلى اْلَكاِفِري َ ل َ عَرُفوا َكَفُروا ِبِه َ ،فَلْعَنُة ا ِّ َ
ب، سععَنَتُهْم ِباْلِكَتععا ِ
ن َأْل ِ
ن ِمْنُهععْم َلَفِريًقععا َ ،يْلععُوو َ وقععال أيضععا ) َوِإ ّ
ن ُهَو ِمنْ عِْنِد ب َ ،وَيُقوُلو َ ن اْلِكَتا ِب َ ،وَما ُهَو ِم َ ن اْلِكَتا ِ سُبوُه ِم َ
ح َِلَت ْ
ب َوُهعمْ عَلععى الِّع اْلَكعِذ َ ن َ لع َ ،وَيُقوُلععو َ عْنعِد ا ِّ ن ِ لع َ ،وَمععا ُهعَو ِمع ْ ا ِّ
ن ) 78آل عمران ( َيْعَلُمو َ
خننبر إبراهيننم وإسننماعيل عليهمننا السننلم
في سفر التكوين
وعد الله لنسل إبراهيم بامتلك الرض :
" تكععوين :18 :15 :فععي ذلععك اليععوم ،عقععد الععرب ميثاقععا مععع
إبراهيم ،قائل :سأعطي نسلك هذه الرض ،من نهر مصر إلععى
النهر الكبير نهر الفرات " .
" تكوين :8-4 :17 :ها أنا أقطع لك عهععدي ،فتكععون أبععا لمععم
كثيرة ،وُأصّيرك ُمثمرا جععدا ،يخععرج معن نسععلك ملععوك ،فععأكون
328
إلها لك ولنسلك من بعدك .وأهبك أنت وذرّيتك أرض كنعان التي
نزلت فيها غريبا ُ ،ملكًا أبديا " .
ع تكرار الوعععد لبراهيععم ،بأرضععين مختلفععتين ،ناتععج عععن كععون
جمعت مععن مصععدرين ُمختلفيععن كمععا سععبق وأوضععحنا ، التوراة ُ ،
وأحد المصدرين أقل تطّرفا وُمغالة ،فععي التحريععف والكععذب مععن
الخر ،وهذا الوعععد بمععا أنععه كععان لبراهيععم ونسععله ،فهععو ليععس
حكرا على نسل إسحاق ،بل يشمل نسل إسماعيل أيضا .
وعد الله لهاجر في إسماعيل :
ن نسلك فل ُيععّد " تكوين 10 :16 :وقال لها ملك الرب ُ :لكّثر ّ
من الكثرة ،هو ذا أنت حامل ،وستلدين ابنا وتدعينه إسماعيل ،
ويكون إنسانا وحشّيا ُيعادي الجميع والجميع ُيعععادونه ] ،وأمععام
جميع أخوته يسكن [ " .
ي متّوحش وإرهابي ،معاد للبشععرية ،هععذه هععي صععورة ، ع همج ّ
إسماعيل عليه السلم نبي ال ،جد العرب ،وهععي ذاتهععا صععورة
النسان العربي في وسائل العلم الغربية ،من سينما وتلفزيون
لت ،ومصدر هذه الصورة هو التععوراة ،والُمنتععج وصحف ومج ّ
الُمنفّذ هم اليهود ،الُمسيطرون على كافة وسائل العلم الغربيععة
.فالرب يقول ذلك ،ل كذبة التوراة ،وإذا كان العععرب مسععتاءون
مععن هععذه النظععرة لهععم ،فليجععرؤ أحععدهم علععى مطالبععة اليهععود
والنصارى ،بحذف كلمات الرب هذه ،من كتابهم المقّدس ،كمععا
ض علععى قتععالهم ،مععن الكتععب
ُيطالبوننععا بحععذف اليععات الععتي تحع ّ
المدرسية .
329
وعد الله لبراهيم في سارة ونسلها :
" تكععوين :19-15 :17 :وقععال الععرب لبراهيععم :أمععا سععاراي
زوجتك ،وُأباركها وُأعطيععك منهععا ابنععا ،سععأباركها وأجعلهععا أّمععا
لشعوب ،ومنها يتحّدر ملوك أمم ،إنّ سارة زوجتك هي التي تلد
لك ابنا ،وتدعو اسمه اسحق وُأقيم عهدي معه ،ومع ذرّيته معن
بعده إلى البد " .
وعد الله لبراهيم في إسماعيل ونسله :
" تكوين :20 :17 :وأّمععا إسععماعيل فقععد اسععتجبت لطلبتععك مععن
أجله ،سُأباركه حقا ،وأجعله ُمثمرا ،وأكّثر ذرّيته جدا ،فيكععون
أبا لثني عشر رئيسا يلد ،وُيصبح أّمة كبيرة " .
هجنننرة هننناجر وإسنننماعيل إلنننى صنننحراء
فاران :
" تكوين :21-14 :21 :فنهعض إبراهيععم فععي الصعباح البععاكر ،
وأخذ خبزا وقربة مععاء ،ودفعهمععا إلععى هععاجر ،ووضعععهما علععى
كتفيها ،ثم صرفها مع الصبي ،فهامت على وجهها في برية بئر
سبع .وعندما فرغ الماء من القربة ،طرحت الصبي تحت إحدى
الشععجار ،ومضععت وجلسععت قبععالته ،علععى ُبعععد مععائة مععتر ،
) تبريرهم :حتى ل تشهد موت الصبي ( ،ورفعت صوتها وبكت
) .ناداهعععا ملك العععرب قعععائل ( " :قعععومي واحملعععي الصعععبي ،
وتشّبثي بععه لّنععي سععأجعله أّمععة عظيمععة " ،ثععم فتحععت عينيهععا ،
فأبصرت بئر ماء ،فذهبت وملت القربة وسقت الصععبي .وكععان
ال مع الصبي فكُبر ،وسكن في صحراء فاران ،وبرع في رمععي
القوس ،واّتخذت له ُأّمه زوجة من مصر " .
330
ع في هذا النص ُيوحي كتبة التوراة ،أن إبراهيم تخّلى عن هععاجر
وابنها وطردهما طردا ،ويقولون في بداية النص ،أنه سكن بئر
جرت فيها ،وفي نهاية النععص يقولععون السبع ،وأن بئر زمزم تف ّ
بأنه سكن في صحراء فععاران ،وهععذا يعنععي أن التسععمية العبريععة
القديمة ،لصحراء الجزيرة العربية هو صععحراء فععاران ،وجبععال
فاران هي جبععال مكععة أو الجزيععرة العربيععة ،ولععذلك كععان اليهععود
يعلمون على وجه التحديد ،أن نبيًا من نسل إسععماعيل ،س عُيبعث
في جزيرة العرب ،فارتحلوا إليها وسكنوا فيها .
التبشير بمحمد عليه الصننلة والسننلم فنني
سننفر التثنيننة علننى لسننان موسننى عليننه
السلم
" تثنية :18 :18 :فقال لي الرب :لهذا ُأقيم لهم نبيععا مععن بيععن
ُأخوتهم مثلك ،وأضع كلمي في فمه ،فُيخاطبهم بكل ما آمره به
،وكّل من يعصي كلمي ،الذي يتكلم به باسععمي ،فععإني ُأحاسععبه
".
ع وقول موسى عليه السلم ،نبيا من بين ُأخوتهم ،يعني أنه من
غير بني إسرائيل ،بل من أخوتهم ،وأخوتهم كما نعلم هععم نسععل
إسماعيل عليه السلم ،بدللة التوراة نفسععها فععي النععص الععوارد
أعله ) ، ( 12 :16وهععذا القععول بطبيعععة الحععال ،ل ُيشععير إلععى
عيسى عليه السلم ،كععون ُأمععه مععن بنععي إسععرائيل .وقععوله نبيععا
مثلك ،يعني يماثله في كل شيء تقريبا ،مععن لحظععة ولدتععه بمععا
شمله ال من رعاية وعناية ،وبعثه ورسالته ومعانععاته ،وحععتى
مماته عليه السلم .
331
" تثنية ] 2 :33 :فقال ) موسى عليه السلم ( :جاء الرب من
سيناء ،وأشرق لهم من سعير ،وتلل مععن جبععال فععاران ،وأتععى
من ربوات القدس ،وعن يمينه نار شريعة لهم [ " .
ع وهذا النص يحمل في ثناياه أربع نبوءات هي :
.1جاء الرب من سيناء .وسيناء هو ) طور سيناء ( فععي وادي
عربة ،مكان الوحي العذي ُأنزلعت فيعه اللعواح ،علعى موسعى
عليه السلم .
.2وأشرق لهم مععن سعععير ، .حيععث ُبعععث عيسععى عليععه السععلم
ت ِمعنْ ب َمْرَيعَم ِإِذ اْنَتَبعَذ ْ بالنجيل ،قال تعالى ) َواْذُكْر ِفععي اْلِكَتععا ِ
ن َمْرَيعَم َوُأّمعُه جَعْلَنا اْبع َ شْرِقّيا ) 16مريم ( وقال ) َو َ َأهِْلَها َمَكاًنا َ
ن ) 50المؤمنععون ( ت َقعَراٍر َوَمِعيع ٍ َءاَيًة َوَءاَوْيَنُهَما ِإَلى َرْبَوٍة َذا ِ
وسعير على ما يبدو من اليات الكريمععة ،هععي منطقععة شععرقي
القععدس ،تقععع علععى تلععة ذات أشععجار مثمععرة وفيهععا عيععن مععاء
جارية .
.3وتلل مععن جبععال فععاران .جبععال فععاران هععي جبععال الجزيععرة
سكنى إسماعيل بدللة التععوراة العربية ،حيث تقع مكة ،مكان ُ
نفسها ،حيث ُبعث محمد عليه الصلة والسلم بالقرآن ) لحظ
هنا الفعععل تلل ( ،دللععة علععى مععا سععيكون للسععلم مععن شععأن
عظيم .وهذا دعاء إبراهيم وإسععماعيل عليهمععا السععلم ) َرّبَنععا
بك َوُيَعّلُمُه عُم اْلِكَتععا َ عَلْيِه عْم َءاَيِت ع َ
سوًل ِمْنُهْم َيْتُلععو َ ث ِفيِهْم َر ُ َواْبَع ْ
حِكيعُم )129إبراهيععم ( ، ت اْلَعِزيعُز اْل َك َأْنع َحْكَمَة َوُيَزّكيِهعْم ِإّنع َ
َواْل ِ
سعوًل ث ِفعي اُْلّمّييعنَ َر ُ وهذه استجابة دعائهمعا ) ُهعَو اّلعِذي َبَعع َ
حْكمَ عةَ ب َواْل ِعَلْيِه عْم َءاَيععاِتِه َوُيَزّكيِه عْم َوُيَعّلُمُه عُم اْلِكَتععا َ
ِمْنُهْم َيْتُلو َ
ن ) 2الجمعة ( لٍل ُمِبي ٍضَ ن َقْبُل َلِفي َ ن َكاُنوا ِم َْوِإ ْ
332
.4وأتى من ربوات القدس .وهي النبوءة التي لم تتحقق لغايععة
الن ،حيث ل شريعة جديدة ،بل تجديد لشريعة قائمة .
ع والنبوءة الخيرة ُفسّرت على ثلثة أقوال :
• المسلمون :ظهور المهدي وعودة الخلفة السلمية واّتخاذ
القدس عاصمة لها .
• اليهود :ظهور َمِلك اليهود المنتظر ،الذي سينتصر علععى
أعداء إسرائيل ،في حرب العالمية النوويععة الثالثععة ،ومععن ثععم
يحكم العالم إلى البد .
• النصععارى :عععودة عيسععى عليععه السععلم ،ليخّلععص أتبععاعه
برفعهم فوق السحاب ،عند نشوب تلك الحرب ،ومن ثم يحكم
العالم مدة ألف عام .
سفر إشعياء ُيخبر عننن نبينننا عليننه الصننلة
والسلم وعن أمته
سععاٍر َ ،قععاَل :ن َي َ طععاِء ْبع ِعَعنْ َ مما روى البخاري في صحيحه " َ
ت: عْنُهَمععا ُ ،قْلع ُي الُّع َ ضع َص َر ِ ن اْلَعععا ِ عْمعِرو ْبع ِ ن َ ل ْب َعْبَد ا ِّ َلِقيتُ َ
سّلَم ِفي الّتْوَراِة ، عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ لَ ، سوِل ا ِّ صَفِة َر ُ ن ِ عْخِبْرِني َ َأ ْ
صعَفِتِه ِفععي
ض ِ ف ِفي الّتعْوَراِة ِ ،بَبْعع ِ صو ٌ ل ِإّنُه َلَمْو ُ جْل َ ،وا ِّ َقاَل َ :أ َ
ش عًرا َوَنعِذيًرا ( ، شععاِهًدا َوُمَب ّ ك َ س عْلَنا َ
ي ِإّنععا َأْر َن ) َيا َأّيَهععا الّنِبع ّ اْلُقْرآ ِ
ظ
س ِبَفع ّك المَتَوّكَل َ ،لْيع َ سّمْيُت َسوِلي َ عْبِدي َوَر ُ ت َ ن َأْن َلّمّيي َ حْرًزا ِل َُْو ِ
س عّيَئةَ ،
س عّيَئِة ال ّ
ق َ ،وَل َيْدَفُع ِبال ّ سَوا ِ ب ِفي اَْل ْ خا ٍ سّظ َ ،وَل َ غِلي ٍَوَل َ
جاَء ، حّتى ُيِقيَم ِبِه اْلِمّلَة اْلَعْو َ ل َضُه ا ُّ ن َيْقِب َ ن َيْعُفو َوَيْغِفُر َ ،وَل ْ َوَلِك ْ
صعّما ، عْمًيععا َ ،وآَذاًنععا ُ ح ِبَها َأعُْيًنا ُ ل َ ،وَيْفَت ُ ن َيُقوُلوا َل ِإَلَه ِإّل ا ُّ ِبَأ ْ
غْلًفا " .وأخرجه أحمد في مسنده . َوُقُلوًبا ُ
333
ل ِلِميَقاتَِنععا َ ،فَلمّععاجً ن َر ُ سعْبِعي َسععى َقعْوَمُه َ خَتاَر ُمو َ وقال تعالى ) َوا ْ
ي، ن َقْبعُل َوِإّيععا َ ت َأْهَلْكَتُهعْم ِمع ْ شعْئ َ ب َلعْو ِ جَفعُة َ ،قععاَل َر ّ خعذَْتُهُم الّر ْ َأ َ
ضعّل ِبَهععا مَع ْ
ن ك ُ ،ت ِ ي ِإّل ِفْتَنُتع َ
ن ِهع َ سَفَهاُء ِمّنا ِ ،إ ْ َأُتْهِلُكَنا ِبَما َفَعَل ال ّ
حْمَنععا َ ،وَأْن ع َ
ت غِفْر َلَنا َواْر َ ت َوِلّيَنا َ ،فا ْ شاُء َ ،أْن َ ن َت َ شاُء َوَتْهِدي َم ْ َت َ
خَرِة لِ سَنًة َوِفي ا ْ ح َ ب َلَنا ِفي َهِذِه الّدْنَيا َ ن )َ (155واْكُت ْ خْيُر اْلَغاِفِري َ َ
حمَِتععي شععاُء َ ،وَر ْ ن َأ َب ِبعِه َمع ْ صععي ُ ععَذاِبي ُأ ِ ك َ ،قععاَل َ ِ ،إّنععا ُهعْدَنا ِإَلْيع َ
ن َ ،وُيْؤُتععونَ الّزَكععاَة ، ن َيّتُقععو َسعَأْكُتُبَها ِ ،لّلعِذي َ يٍء َ ،ف َ ش ْت ُكّل َ سَع ْ َو ِ
سععوَل الّنِبعيّ ن الّر ُن َيّتِبُعععو َ ن ) (156اّلعِذي َ ن ُهْم ِبآَياِتَنا ُيْؤِمُنو َ َواّلِذي َ
جي عِل ، عْن عَدُهْم ِفععي الّت عْوَراِة َواْلِْن ِ ج عُدوَنُه َمْكُتوًبععا ِ ي ،اّل عِذي َي ِ اُْلّم ع ّ
ت، طّيَبععا ِحعّل َلُهعُم ال ّ ن اْلُمْنَكِر َ ،وُي ِ عِ ف َ ،وَيْنَهاُهْم َ َيْأُمُرُهْم ِباْلَمْعُرو ِ
لَل اّلِتععي غَ صعَرُهْم َ ،واَْل ْ عْنُهعْم ِإ ْ ضعُع َ ث َ ،وَي َ خَبععاِئ َ
عَلْيِهُم اْل َحّرُم َ َوُي َ
صُروُه َواّتَبُعوا الّنععورَ عّزُروُه َوَن َ ن َءاَمُنوا ِبِه َو َ عَلْيِهْم َ ،فاّلِذي َ َكاَنتْ َ
س ِإّنععي ن )ُ (157قْل َيَأّيَهععا الّنععا ُ حو َ ك ُهُم اْلُمْفِل ُاّلِذي ُأْنِزَل َمَعُه ُأوَلِئ َ
ض َل ِإَلعَه ِإّل ت َواَْلْر ِ سعَمَوا ِ ك ال ّ جِميًعا اّلِذي َلُه ُمْل ُ ل ِإَلْيُكْم َسوُل ا ِّ َر ُ
سععوِلهِ الّنِبعيّ اُْلّمعيّ اّلعِذي ُيعْؤِمنُ ل َوَر ُ ت َفآِمُنوا ِبا ِّ حِيي َوُيِمي ُ ُهَو ُي ْ
سى ُأمٌّة ن َقْوِم ُمو َ ن )َ (158وِم ْ ِبالِّ َوَكِلَماِتِه َواّتِبُعوُه َلَعّلُكْم َتْهَتُدو َ
ن ) 159العراف ( ق َوِبِه َيْعِدُلو َ ح ّ ن ِباْل ََيْهُدو َ
خاتم النبوة على كتفه واسمه أحمد :
من كتاب ) المنتظم في تاريخ الملوك والمم ( لبي الفرج " عععن
حسان بن ثابت ،قال :إني لغلٍم يفعة ،ابععن سععبع أو ثمععان ،إذا
ي بيثرب ،يصرخ ذات غداة :يا معشر يهود ،فلما قععالوا : يهود ٌ
ما لك ،ويلك ! قععال :طلععع نجععم أحمععد ،الععذي ولععد هععذه الليلععة ،
قال :فأدركه اليهودي ولم يؤمن به " .
334
من كتاب ) المنتظم ( " أخبرنا أبو الحسن بن البراء قالت آمنة :
… وكان بمكة رجل من اليهود حين ولد ،فلما أصبح ،قال :يععا
معشر قريش ،هل ولد فيكم مولود ؟ قالوا :ل نعلمه ،قال :ولد
الليلة نبي العرب ،به شامة بيعن منكعبيه سعوداء فيهعا شععرات ،
فرجععع القععوم ،فسععألوا أهليهععم فقيععل :ولععد الليلععة لعبععد المطلععب
غلم ،فلقوه فأخبروه ،فنظر إليه ،فقال :ذهبت النبوة من بنععي
إسععرائيل ،هععذا الععذي سعّره أحبععارهم ،يععا معشععر قريععش ،والع
ن بكم سطوة ،يخرج نبأها من المشرق إلى المغرب " . ليسطو ّ
" إشعععياء :2 :9 :الشعععب السععالك فععي الظلمععة أبصععر نععورا
عظيما ،والمقيمون في أرض ظلل المععوت ،أضععاء عليهععم نععور
عظيم … :7-6 :9لنه ُيولععد لنععا ولععد ،وُيعطععى لنععا ابععن يحمععل
الرياسة على كتفه ،وُيدعى اسمه عجيبا ُ ،مشيرا ،إلها قععديرا ،
أبعععا أبعععديا ،رئيعععس السعععلم ،ول تكعععون نهايعععة لنمعععو رياسعععته
وللسلم ،اللَذْين يسودان عععرش داود ومملكتععه ،لُيثبتهععا بععالحق
والبّر ،من الن وإلى البد ،إن غيرة الرب ُتتم هذا " .
" إشعياء :13 :9 :إن الشعب لم يرجع تائبععا إلععى مععن عععاقبه ،
ول طلب الرب القدير .لذلك سيقطع الرب من إسرائيل ،في يععوم
واحد الرأس والذنب ،النخل والسل " .
طععم الغصععان " إشعععياء :34-33 :10 :لكععن الععرب القععدير ُيح ّ
بعنفوان ،فكل ُمتطاول ُيقطع ،وكل ُمتشامخ ُيذّل " .
ع علم اليهود من خلل النص الول :
.1أن نجما عظيما سيظهر عند مولد أحمد ،
.2ومن النص الثاني أن علمة النبوة ستكون على كتفه ،
335
.3أما اسمه العجيب فعي هعذا الموضعع فوصعفته أقلم الكهنعة ،
بمشير وإله وأب ورئيس سلم .
.4أمعا رسععالته فتشععمل مشععارق الرض ومغاربهععا ،حعتى قيعام
الساعة ،
.5أما إضافة عرش داود ومملكته فهي من أمانيهم وأحلمهم .
.6أما النص الثالث والرابع يؤكد انقطاع النبوة وخروجهععا مععن
بني إسرائيل بمولد هذا النبي ومبعثه .
ع ويعود الكهنة ويسّمون هذا الله بأحمد ،في النص التالي :
" إشعععياء :3-1 :25 :يععا رب أنععت إلهععي ُ ،أعظّمععك وأحمععد
اسمك ،لنك صنعت عجائب كنت قد قضيت بها منذ القدم ،وهعي
جدك شعععب قععوي ،وتخشععاك مععدن آهلععة حق وصدق … لذلك ُيم ّ
بأمم فظة لنك كنت حصععنا للبععائس ،وملذا منيعععا للمسععكين فععي
ل تقيه وهج الحّر … " ضيقه ،وملجأ له من العاصفة ،وظ ّ
هو ملك البّر ورؤساءه يحكمون بالعدل :
" إشعياء :1 :32 :ها إن ملكا يملك بالبّر ) محمد ( ،ورؤسععاء
يحكمون بالعععدل ) الخلفععاء ( ] :2 ،ويكععون إنسععان [ ) أي ليععس
إلها كما صّوره النص السععابق ( كملذ مععن الريععح ،وكملجععأ مععن
العاصفة ،أو كجداول مياه في صحراء ،أو كظل صخرة عظيمععة
في أرض جدباء :3 ،عندئذ تنفتح عيون الناظرين وتصععغي آذان
السامعين :4 ،فتفهم وتعلععم العقععول المتهعّورة ،وتنطععق بطلقععة
اللسنة الثقيلة ) اُلمّيون ( ، … .حتى تنسععكب علينععا روح مععن
السععماء ،فتتحععّول البريععة ) الصععحراء ( إلععى مععرج خصععيب ،
وُيحسب المرج غابة ،عندئذ يسكن العدل في الصععحراء ،وٌيقيععم
336
البّر في المرج الخصيب ،فيكععون ثمععر الععبّر سععلما ،وفعععل الععبرّ
سكينة وطمأنينة إلى البد " .
نص آخر " إشعياء :1 :35 :ستفرح الصحراء والقفر الجرد )
جزيعععرة الععععرب ( ،و تبتهعععج البريعععة وتزهعععر كعععالورد ،تزهعععر
ازدهارا ،وتبتهج أشّد بهجة ،ويضفي عليها مجععد لبنععان وجلل
الكرمععل ،ويشععهدون مجععد الععرب وبهععاء إلهنععا :5 ، … ،عنععدئذ
تبصر عيون العمي ،وتنفتح آذان الصّم ] :6 ،ويقفععز [ العععرج
كالظبي ،ويترنم لسان البكم فرحا ،إذ تنفجر المياه في البريععة ،
وتتدفق الجداول في الصحراء :7 ،و يتحّول السراب إلى واحة ،
والرض الظمععأى إلععى جععداول ، … ،حيععث كععانت تععأوي بنععات
ي"…، أوى ،ينمو العشب القصب و البرد ّ
صفة المصطفى عليه الصلة والسلم :
" إشعياء :1 :42 :هو ذا عبدي الذي أعضده ،مختععاري الععذي
ابتهجت به نفسي ،وضعت روحي عليه ليسوس المععم بالعععدل ،
:2ل يصيح ول يصععرخ ،ول يرفععع صععوته فععي الطريععق :3 ،ل
يكسعععر قصعععبة مرضوضعععة ) أي ُيقيمهعععا ( ،ول يطفعععئ فتيلعععة
] خامدة [ ) أي ُيشعلها ( ،إنما بأمانة ُيجري عععدل ) ،أي أنععه ل
يسيء إلى الناس ،بل ُيحسن إليهم ( 4 ،ل يكّل ول ُتثّبط له هّمة
سخ العدل في الرض ،وتنتظععر الجععزائر شععريعته :6 ، ،حتى ير ّ
أنععا الععرب قععد دعوتععك بععالّبر ،أمسععكت بيععدك وحععافظت عليععك ،
وجعلتك عهععدا للشعععب ونععورا للمععم :7 ،لتفتععح عيععون العمععي ،
وتطلق سععراح المأسععورين فععي السععجن ،وتحعّرر الجالسععين فععي
ظلمة الحبس :9 ،ها النبّوات السععالفة تتحقععق ،وأخععرى جديععدة
ئ بها قبل أن تحدث " … ، ن عنها ،وُأنب ُ
ُأعل ُ
337
نبي الهدى ُيعّرف بنفسه من خلل التنوراة
:
ي أّيتها الجزائر ،وأصغوا يا شعوب " " :1-13 :49أنصتي إل ّ
ب وأنا ما زلت جنينععا ، الرض البعيدة :قد دعاني ) سّماني ( الر ّ
وذكر اسمي وأنا ما برحت في رحم ُأّمي ،جعل فمي كسيف قاطع
،وواراني في ظل يديه ،فصنع منععي سععهما مسععنونا ،وأخفععاني
في جعبتعه ،وقععال لععي :أنعت عبععدي إسعرائيل الععذي بعه أتّمجعد ،
ولكنني أجبت :لقد تعبععت بععاطل ،وأفنيععت ق عّوتي سععدى وعبثععا ،
ن حقي محفوظ عند الرب ،وُمكافأتي عند إلهي " . غير أ ّ
ع وحعتى يسعتقيم النعص ضعع أحمعد بعدل معن إسعرائيل ،واحعذف
الكلمات ،التي تحتها خط ،وأقرأ النص من جديععد ،فهععي ليسععت
جعرٍ
سعَأْلُتُكْم ِمعنْ َأ ْ
من قول رسولنا الكريم ( ،وهذا قوله ) ُقعْل َمععا َ
ل … ) 47سبأ ( . عَلى ا ِّ
ي ِإّل َ
جِر َ
ن َأ ْ
َفُهوَ َلُكْم ِإ ْ
الجزيرة العربية ُتشرق بنور رّبها :
"إشعععياء :1 :60 :قععومي استضععيئي ) صععهيون ،والصععل
الجزيرة العربية ( ،فإن نورك قد جاء ،ومجد الرب أشرق عليك
:3 … ،فتقبععل المععم إلععى نععورك ،وتتوافععد الملععوك فععي إشععراق
ضياءك ) الحج ( :15 … ،وبعد أن كنت مهجورة وممقوتة ،ل
يعبر بك أحد ،سأجعلك بهّية إلى البد ،وفععرح كععل الجيععال … ،
:18ول يسمع بظلم في أرضك :21 … ،وشعععبك كلهععم أبععرار ،
جد
ويرثون الرض إلى البد ،فهم غصن غرسي وعمل يدي لتم ّ
:22 ،ويضحي أقّلهم ألفا ،وأصغرهم أمة قوية ،أنا الرب ُأسرع
في تحقيق ذلك في حينه . "… ،
338
رسالة السلم وصفة حملتها :
ي ) الوحي ( لن الرب " إشعياء :1 :61 :روح السيد الرب عل ّ
شععر المسععاكين ،أرسععلني لض عّمد جععراح منكسععري مسععحني ُلب ّ
القلععوب ،لنععادي للمسععبيين بععالعتق وللمأسععورين بالحريععة :2 ،
خَتَلفَ لُم َوَما ا ْ سَ ن عِْنَد الِّ اِْل ْن الّدي َلعلن سّنة الرب المقبولة ) ِإ ّ
جاَءُهُم اْلِعْلُم َبْغًيا َبْيَنُهْم ) 19آل ن َبْعِد َما َ
ب ِإّل ِم ْ ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ اّلِذي َ
عمععران ( :7 ، … ،وعوضععا عععن عععاركم تنععالون ضعععفين مععن
جَرُه عمْك ُيْؤَت عْونَ َأ ْ ن )ُ (53أوَلِئ َ س عِلِمي َ
ن َقْبِل عِه ُم ْ
الميراث ) ِإّنا ُكّنا ِم ع ْ
ب العععدل ، ن … ) 54القصععص ( :8 ،لنععي أنععا الععرب ُأح ع ّ َمّرَتْي ع ِ
جَرُهعْم جِزَيّنُهعْم َأ ْوأمقت الختلس والظلم ،وُأكافئهم بأمانة ) َوَلَن ْ
ن ) 97النحل ( ،وأقطع معهم عهععدا أبععديا ن َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ سِ ح َِبَأ ْ
:9 ،وتشتهر ذريتهم بين المم ،ونسلهم وسععط الشعععوب ،وكععل
جوِد َذِلعكَ سع ُن َأَثعِر ال ّ جععوِهِهْم ِمع ْ
سيَماُهْم ِفي ُو ُ من يراهم يعرفهم ) ِ
َمَثُلهُْم ِفي الّتْوَراِة ( ،وُيقّر أنهم شعععب بععاركه الععرب :11 ، … ،
كما تنبت الرض مزروعاتها ،والحديقععة تخععرج نباتاتهععا ،هكععذا
السيد الرب ينبت البّر والتسبيح ،ينبتان أمععام كععل المععم ) َكعَزْرعٍ
ب العّزّراعَ جع ُسععوِقِه ُيْع ِ عَلعى ُ سَتَوى َ ظ َفا ْ
سَتْغَل َطَأُه َفآَزَرُه َفا ْ شْ
ج َ خَر َ َأ ْ
ظ ِبِه عُم اْلُكّفععاَر ( :1 :62 ،إكرامععا لصععهيون ) هععذه إحععدى ِلَيِغي ع َ
تحريفععاتهم ،والصععل إكرامععا لخيععر أمععة ُأخرجععت للنععاس ( ،ل
أصعععمت ،و… ل أسعععتكين ] ،حعععتى يخعععرج بّرهعععا كضعععياء ،
ك وكعّل الملعوك وخلصها كمصعباح ُمتقعد [ :2 ،فعترى المعم ِبعّر ِ
سعّماُكُممجدك ،وتدعين باسم جديد يطلقه عليععك فععم الععرب ) ُهعَو َ
ن َقْبُل ) 78الحج ( . ن ِم ْسِلِمي َاْلُم ْ
339
انتشار رسالة السلم بين المننم ،وصننفة
جاج بيت الله الحرام : مجيء ح ّ
" إشعياء :20-18 :66 :ولني عالم بأعمالهم وأفكارهم ،فأنععا
ُمزمععع أن آتععي لجمععع كععل المععم واللسععنة ،فيتوافععدون ويععرون
مجععدي ،وأجعععل بينهععم آيععة ،وأبعععث بعععض النععاجين منهععم إلععى
المم ،إلى ترشيش وفول ولود ،المهرة في رمي السهام ،وإلى
توبعععال ويعععاوان ،وإلعععى الجعععزائر البعيعععدة ،ممعععن لعععم يسععمعوا
بشعععهرتي ،أو يعععروا مجعععدي ،فيعععذيعون مجعععدي بيعععن المعععم .
وُيحضرون جميع أخوتكم من سعائر المعم ،تقدمعة للعرب ،علعى
متون الجياد ،وفي المركبععات والهععوادج ،وعلععى ظهععور البغععال
وأسنمة الجمال ،إلى أورشليم جبل قدسي " .
شْيًئا
شِركْ ِبي َ ن َل ُت ْ ت َ ،أ ْ
ن اْلَبْي ِ
قال تعالى ) َوِإْذ َبّوْأَنا ِلْبَراِهيَم َمَكا َ
ن ِفي جوِد )َ (26وَأّذ ْ سُ ن َوالّرّكِع ال ّ ن َواْلَقاِئِمي َطاِئِفي َ
ي ِلل ّ طّهْر َبْيِت َ
َ ،و َ
ن ُكّل َفجّ ن ِم ْ
ضاِمٍر َ ،يْأِتي َ
عَلى ُكّل َ جاًل َ ،و َ ك ِر َج َ ،يْأُتو َ حّالّناسِ ِباْل َ
ق ) 27الحج ( عِمي ٍَ
وهب بن منبه ُيجمل ما تفّرق مننن نصننوص
التوراة :
وقارن كل ما تقّدم مع ما قاله وهب بن منبه أحد ُمسلمي اليهود ،
حيث أجمل كل هذه النبوءات في هذا النص من كتاب ) المنتظم (
لبي الفرج " قال وهب بن منبه :أوحى ال تعالى إلى إشعععياء ،
إني ُمبعث نبيا أمّيا ،أفتح به آذانا صععما ،وقلوبععا غلفععا ،وأعينععا
عميا ،مولده بمكة ومهاجره طيبة ) المدينة المنععورة ( ،وملكععه
بالشععام ،عبععدي المتوكععل المرفععوع الحععبيب المجيععب ،ل يجععزي
بالسيئة السيئة ،ولكن يعفو ويصفح ،ويغفر بالمؤمنين ،وليس
340
بفظ ول غليظ ،ول صععخاب فععي السععواق ،ول مععتزّين بععالفحش
ول قّوال ُ ،أسّدده لكل جميل ،وأهب له كععل خلععق كريععم ،وأجعععل
السععكينة لباسععه ،والععبّر شعععاره ،والتقععوى والحكمععة مقععولته ،
والصدق والوفاء طبيعته ،والعفو والمغفععرة والمعععروف خلقععه ،
والعدل والحق شريعته ،والهدى إمامه ،والسلم ملته ،وأحمد
اسمه ،أهدي به بعد الضللة … ،بععه بعععد الجهالععة ،وُأكععثر بععه
بعد القلة ،وأغنعي بععه بعععد العيلععة ،وأجمعع بععه بعععد الفرقععة بيععن
قلوب مختلفة ،وأهواء متشتتة ،وأمم متفرقة ،أجعل أمته خيععر
أمة أخرجت للناس ،تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ،توحيدا
لي ،وإيمانا بي ،وإخلصا لي ،وتصديقا لمععا جععاء بععه رسععلي ،
وهم دعاة الشمس ) النور ( ،طوبى لتلك القلوب " .
وة أحمنند عليننه الصننلة اليهننود ينكننرون نب ن ّ
والسلم حسدا وبغيا :
من كتاب ) المنتظم ( " عن عاصم بن عمر عن قتادة عععن رجععل
من قومه ،قال :إن مما دعانا إلى السلم ،مع رحمة ال ع إيانععا
وهداه ،لما كنا نسمع مععن يهععود ،كنععا أصععحاب أوثععان ،وكععانوا
أهععل كتععاب ،عنععدهم علععم ليععس عنععدنا ،وكععانت ل تععزال بيننععا
وبينهم ،فإذا نلنا منهم بعععض مععا يكرهععون ،قععالوا لنععا :إنععه قععد
تقارب زمان نبي يبعث الن ،فنقتلكم معه قتععل عععاد وإرم ،وكنععا
كثيرا ما نسمع ذلك منهم ،فلما بعثه ال عز وجل ،أجبنععاه حيععن
دعانا إلى ال ،وعرفنا ما كانوا يتّوعدونا به ،فبادرنععاهم إليععه ،
جعاَءُهمْ وآمنا وكفروا ،ففينا وفيهععم ،نزلعت هععذه اليعات ) َوَلمّععا َ
حونَ س عَتْفِت ُ
ن َقْب عُل َي ْ
ق ِلَما َمَعُه عْم َوَكععاُنوا ِم ع ْ
صّد ٌ
ل ُم َ
عْنِد ا ِّ
ن ِ
ِكَتابٌ ِم ْ
341
ل عََلععىعَرُفوا َكَفُروا ِبِه َفَلْعَنُة ا ِّ
جاَءُهْم َما َ
ن َكَفُروا َفَلّما َ
عَلى اّلِذي َ
َ
ن ) 89البقرة ( " . اْلَكاِفِري َ
من كتاب ) المنتظم ( " وعن عاصم عن شيخ من بنععي قريظععة ،
قال :قال لي :هل تدرون عّما كان إسلم ثعلبة بععن سعععيد وأسععد
بن عبيد ،نفر من بني ذهل أخوة بني قريظععة ،كععانوا معهععم فععي
جاهليتهم ،كانوا ساداتهم فععي السععلم ،قععال :قلععت :ل أدري ،
قال :فإن رجل من يهود من أهل الشام ُ ،يقال لععه ابععن الهيبععان ،
قدم علينا قبععل السععلم بسععنين ،فحعّل بيععن أظهرنععا ،ل والع مععا
رجل قط ،كان يصلي الخمس أفضل منه ،فأقام عندنا ،فكّنععا إذا
قحط عنا المطر ،قلنا اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنععا ،فيقععول
ل وال ،حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة له ،فنقول :كم ؟
فيقول :صاعا من تمر أو ُمّدين من شعير ،قال :فُيخععرج ذلععك ،
ثم يخرج بنا إلى حّرتنا ،فيستسقي لنا ،فوال ما يبرح مجلسه ،
حتى يمر السحاب ويسقي ،قد فعل ذلك غير مععرة ول مرتيععن ول
ثلثا ،قال :ثم حضععرته الوفععاة عنععدنا ،فلمععا عععرف أنععه ميععت ،
قععال :يععا معشععر يهععود ،مععا ترونععه أخرجنععي مععن أرض الخمععر
والخمير ،إلى أرض الجوع والبؤس ،قالوا :قل لنا أنت ،قال :
فإني إنما جئت هذه البلدة ،أتّوكف خروج نبي قد أظّلكعم زمعانه ،
هذه البلدة مهاجره ،فكنت أرجععو أن ُأدركععه فععأتبعه ،وقععد أظّلكععم
زمانه ،فل يسععبقّنكم أحععد إليععه ،يععا معشععر اليهععود ،فععإنه ُيبعععث
يسفك ويسبي العذراري والنسعاء ممعن خعالفه ،فل يمنعّنكععم ذلعك
منه ،فلما بعث ال رسوله … بني قريظة ،قال هععؤلء الفتيععة ،
وكانوا شبابا أحداثا ،يا بني قريظة ،وال إنععه الععذي عهععد إليكععم
فيه ابن الهيبان ،قالوا :ليس به ،قععالوا :بلععى والع ،إنعه لهععو
بصفته ،فأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهاليهم " .
342
من كتاب ) المنتظم ( " عن ابن عباس قال :كانت يهععود قريظععة
والنضير وفدك وخيبر ،يجدون صفة النبي قبيععل أن ُيبعععث ،وأن
دار مهاجره المدينة ،فلما ُولد رسول ال ع ،قععالت أحبععار اليهععود
ولد أحمد الليلة ،هذا الكوكب طلع ،فلما تنّبأ ،قالوا تنبععأ أحمععد ،
قد طلع الكوكب ،كانوا يعرفون ذلك ،وُيقعّرون بععه ،ومععا منعهععم
من اّتباعه ،إل الحسد والبغي " .
كان هذا عرضا لبعععض مععن نبععوءات التععوراة ،الععتي تحّققععت فععي
الماضي ،وعرضا لكيفية فهمهم لشاراتها ورموزها وتفسععيرهم
لهععا .وفيمععا يلععي سععنبدأ بعععرض أغلععب نبععوءاتهم المسععتقبلية ،
والتفسعيرات المعاصعرة لهعا ،معن العرواد الغربيعون معن اليهعود
والنصارى ،مع التعقيب عليها أحيانا .
نبوءات المننرة الولننى والثانيننة فنني سننفر
ارميا
المرة الولى وما بعدها :
" ارميععا :3 :25 :علععى مععدى ثلث وعشععرين سععنة ،والععربّ
ي بكلمته ،فخاطبتكم بها ،ولكنكععم لععم تسععمعوا :5 … ، يوحي إل ّ
وقد قالوا لكم ) النبياء ( :توبععوا الن ليرجععع كععل واحععد منكععم ،
طرِقععه الش عّريرة ،وممارسععاته الثيمععة :6 … ،ول تضععلوا عععن ُ
ى :7 ،غيععر أنكععم لععم
وراء آلهة أخرى … عندئذ ل ُأنععزل بكععم أذ ً
تسمعوا لي ،بل أثرتم غيظي بما جنته أيععديكم ،فاسععتجلبتم علععى
أنفسععكم الشععّر :8 ،لععذلك يقععول الععرب القععدير :لنكععم عصععيتم
كلمي :9 ،فها أنا ُأجّند جميع قبائل الشمال ،بقيادة نبوخذ نصر
عبدي ،وآتي بها إلى هذه الرض ،فيجتاحونها ويهلكون جميععع
سّكانها ،مع سععائر المععم المحيطععة بهععا ،وأجعلهععم مثععار دهشععة
343
وصفير ،وخرائب أبدية :10 ،وُأبيععد مععن بينهععم أهازيععج الفععرح
والطرب … ،وضجيج الرحى ونور السراج :11 ،فتصبح هععذه
الرض بأسععرها قفععرا خرابععا ،وُتسععتعبد هععذه المععم لملععك بابععل ،
طوال سبعين سنة :12 ،وفي ختععام السععبعين سععنة ُأعععاقب ملععك
بابل وأّمته ،وأرض الكلدانيين على إثمهم ،وُأحولها إلى خععراب
أبديّ ،يقععول الععرب :13 ،وُأنّفععذ فععي تلععك الرض ،كععل القضععاء
الذي نطقت به عليهععا ،كعّل مععا دّون فععي هععذا الكتععاب ،وتنبععأ بععه
ن أممعا كعثيرة وملوكعا عظمعاء إرميا على جميع المععم :14 ،إذ أ ّ
يستعبدونهم أيضا ،وهكذا ُأجازيهم بمقتضى أفعالهم ،وما جنتععه
أيديهم من أعمال أثيمة " .
عع نععص النبععوءة فععي هععذه الفقععرة ،بالمقارنععة مععع نععص النبععوءة
الصلي في سفر التثنية ،هععو محعض افععتراء وتزويععر ،فالكععاتب
في الواقع يسرد تاريخا لحداث بعد وقوعهععا ،يحعّدد فيععه أسعماء
وأمكنة وأزمنة ،مع أنه يحكيها بصيغة المستقبل ،وفعي النهايعة
يسكب بعضا من حقده الدفين ،على بابل وأهلهععا ،فاضععحا الثععر
النفسععي الععذي كععان يعععتريه عنععد كتابتهععا ،وهععذا يؤكععد أنّ هععذا
النص ُ ،أعيدت كتابته بالضافات ،من قبل مؤلفي التععوراة ،بعععد
السبي البابلي ،فمثل سععفر إشعععياء ،يقععول بععأن الطععائر الجععارح
سيأتي من المشرق ،وسفر إرميععاء يقععول أن نبوخععذ نصععر يععأتي
من الشمال ،وفي الحقيقة ،ربمععا يكععون كل المريععن بنععاًء علععى
نصوص التوراة صحيح ،ليكون خروج نبوخذ نصر مععن الشععرق
) بابععل ( ،وغععزوه لمملكتهععم مععن الشععمال ) حمععاة ( ،أمععا جهععة
المخرج في المرة الولى ،لم تكن معروفة إل بعد تحقععق البعععث ،
فلذلك كانت الفقرة السابقة سردا تاريخيا .
344
المرة الثانية وما بعدها :
" ارميععا :3 :30 :هععا أيععام مقبلععة أرّد فيهععا سععبي شعععبي … ،
وأعيععدهم إلععى الرض الععتي أعطيتهععا لبععائهم فيرثونهععا ) ،ثععم
يقععول ( :سعمعنا صععراخ رعععب ،عععم الفععزع وانقععرض السععلم ،
… ،ما أرهب ذلك اليوم ،إذ ل مثيل له ،هععو زمععن ضععيق علععى
ذرية يعقوب ،ولكنها ستنجو ،في ذلك اليوم ،يقول الرب القدير
طهععم ) أي أرفععع قيععود العبوديععة طم أنيار أعنععاقهم وأقطععع ُرب َ ُ :أح ّ
والذل عنهم ( فل يستعبدهم غريب فيما بعععد ،بععل يعبععدون الععرب
إلههععم ،وداود ملكهععم الععذي ُأقيمععه عليهععم … ،فيرجععع نسععل
ن ويستريح ،من غيععر أن ُيضععايقه أحععد ، … ، إسرائيل ،ويطمئ ّ
ك بينهععا ،أّم أنععت فل ُأفنيععك ُأوّدبععكفُأبيعُد جميععع المععم الععتي شعّتت َ
جهبعععالحق ،ول ُأبعععّرئك تعععبرئة كاملعععة ) ، … ،الخطعععاب معععو ّ
لورشليم ( إن جرحك ل شفاء له ،وضربتك ل علج لهععا ،إذ ل
يوجد من يدافع عن دعواك ، … ،قد نسيك محّبععوك ،وأهملععوك
ب مبغ ع ٍ
ض ك عقععا َب عدّو ،وعاقبت ِ إهمال ،لني ضربتك كما ُيضر ُ
قاسٍ ،لن إثمععك عظيعٌم وخطايععاك متكععاثرة ، … ،لهععذا أوقعتععك
بالمحن ،ولكن سيأتي يوم ُيفترس فيه جميع ُمفترسيك ،ويذهب
جميع مضايقيك إلى السبي ،ويصبح ناهبيك منهوبين ،لني أرّد
لك عافيتك وُأبرئ جراحك " .
ع هذه الفقرة تتحعدث عععن المععرة الثانيععة وعقععابهم الثعاني ،وهعذا
النص منقول كامل ،مععع حععذف بعععض العبععارات الععزائدة كعبععارة
يقول الرب أو ما شابه ،فانظر ماذا أضافوا إليهععا ،لقععد أضععاعوا
الحقيقة ،وظلموا أجيالهم القادمة من حيععث ل يعلمععون ،فكععذبوا
الكذبععة وصععّدقها أبنععائهم ،وأصععبحت مععن صععميم معتقععداتهم ،
فالمعاصرين من اليهود والنصارى ،يتعاملون مععع كععل نصععوص
345
التوراة ،بغثها وسععمينها ،علععى أنهععا مععن عنععد الع ،ول مجععال
لتكععذيبها .ومععا ُأضععيف إلععى هععذه النبععوءة المسععتقبلية ،كمععا
يعتبرونها هم ،هو كل ما تحته خط .وأخطر ما في هذه الضععافة
،هو تفسيرهم المعاصر لها .
نبوءات حزقيال المستقبلية
سععبوا إلععى
حزقيال هو ثالث النبياء الكبار ،ويقال أنه أحد الععذين ُ
بابل ،ويحتوي كتابه على كثير من النبععوءات المسععتقبلية ،فيمععا
يخص عودة اليهود الثانية ،وأحداث آخر الزمان وما سيقع فيها
من حروب ،وهذا الكتاب وما يأتي بعده في الععترتيب ،مععن كتععب
أنبياء التوراة ،أصبح مادة دسمة للباحثين في القععرن الماضععي ،
فيمععا يتعّلععق بأحععداث آخععر الزمععان ،كنهايععة اليهععود ،والحععرب
والعالمية الثالثة ،وظروفها ،ونتائجها ،وعودة المسيح الثانيععة
إلعى الرض ،وفيمعا يلعي ععرض لنبعوءاته حسعب تسلسعلها فعي
التوراة ،الذي كما يبدو حافظ عليه كتبة التوراة .
تأكيد الوعد بالعقاب وتبيان أسبابه وغاياته
:
" حزقيععال :5 :5 :هععذه هععي أورشععليم الععتي أقمتهععا فععي وسععط
الشعوب … ،فخالفت أحكامي بأشّر مما خالفتها المععم … لععذلك
من حيث أنكم تمّردتم أكثر من المم المحيطة بكععم ، … ،هععا أنععا
أنقلب عليك يا أورشليم ،وأجري عليععك قضععاء علععى مشععهد مععن
المم ،فأصنع بك ما لم أصنعه من قبل ،وما لم أصععنع مثلععه مععن
بعد ،عقابا لك على جميع أرجاسك ، … ،فأنا أيضععا أستأصععل ،
س عّكانك يموتععون بالوبععأ
ول تترأف عليك عيني ول أعفو … ُثلث ُ
ن ُيقتل حولك بالسيف ،وُثلث أخير والجوع في وسطك ،وُثلث ثا ٍ
346
ُأشّتته بين المععم ،وأتعقبععه بسععيف مسععلول ،وهكععذا ُأنّفععس عععن
غضبي ،ويخمد سخطي ،إذ أكون قد انتقمت … وأجعلك خرابععا
وعارا بين المم … أنا الرب قد قضيت " .
ع هذا النص يؤكد مقتل ثلثي اليهود ،وشتات ثلث سيكون عرضة
للقتل والتنكيل والضطهاد .
نننزول العقنناب ببننني إسننرائيل فنني جميننع
مواطن إقامتهم :
" حزقيال :3 :6 :ها أنا أجلب عليكم سععيفا وأهععدم مرتفعععاتكم ،
فتصععبح مععذابحكم أطلل ، … ،وأطععرح قتلكععم أمععام أصععنامكم ،
وُألقي جثث أبناء إسععرائيل أمععام أوثععانهم ،وأذري عظععامهم حععوا
مذابحكم ،وحيثما ُتقيمون تتحول ُمععدنكم إلععى أطلل … ،يمععوت
البعيعععد بالوبعععأ ،والقريعععب يصعععرعه السعععيف ،والبعععاقي منهعععم
والُمحاصر تقضي عليهم المجاعة ، … ،وأمعّد يععدي عليهععم فععي
جميع مواطن إقامتهم " .
ع هنا يؤكد نزول العقاب بهم على اختلف أمكنة إقامتهم ،ويؤكععد
بأن مدنهم التي يتواجدون فيها ستصبح خرابا .
شدة العقاب وآثاره النفسننية علننى البقيننة
الناجية :
" حزقيال :15 :7 :السيف ُمسّلط من الخارج ،والوبأ والجععوع
مععن الععداخل … أمععا النععاجون منهععم ،فيلععوذون بالجبععال كحمععام
الوديععة ،يبكععي كععل واحععد منهععم علععى إثمععه ،جميععع اليععدي
مسععترخية ،وكععّل الركععب مائعععة كالميععاه ،يتلفعععون بالمسععوح
) الملبس الخشنة ( ،ويغشاهم الرعب ،ويكسو العار وجععوههم
347
جميعا ،ويطغى الق عَرع ) الصععلع ( علععى رؤوسععهم .ويطرحععون
ضتهم في الشوارع ،ويضحي ذهبهم نجاسععة ،وتعجععز فضععتهم ف ّ
وذهبهم عن إنقاذهم في يوم غضب الرب " .
الوعد بالعودة إلى فلسطين من الشتات :
" حزقيال 14 :11 :ثم أوحى الرب إليّ بكلمته ،قائل :يععا ابععن
آدم ،قل لخوتك وأقربائك وسععائر شعععب إسععرائيل ،فععي الشععتات
معك ،الذين قال لهم سكان أورشليم :ابتعدوا عن الرب ،لنا قد
وهبععت هععذه الرض ميراثععا .ولكععن إن كنععت ،قععد فّرقتهععم بيععن
المم ،وشّتتهم بين البلد ،فإني أكون لهم َمقِدسععا صععغيرا ،فععي
الراضي التي تبّددوا فيهععا .لععذلك قععل لهععم :سععأجمعكم مععن بيععن
الشعوب ،وأحشععدكم مععن الراضععي الععتي ش عّتتكم فيهععا ،وأهبكععم
أرض إسععرائيل .وعنععدما ُيقبلععون إليهععا ينععتزعون منهععا جميععع
أوثانهععا الممقوتععة ورجاسععاتها ) أي الحسععان والصععلح بععترك
أوثععانهم وأرجاسععهم ،ولكنهععم عملععوا ويعملععون علععى انععتزاع
الفلسطينيين وهدم أوثانهم المقدسة ( ،أعطيهم جميعا قلبا واحدا
،وأجعععل فععي دواخلهععم روحععا جديععدا ،وأنععزع قلععب الحجععر مععن
لحمهم ،وأستبدله بقلب مععن لحععم ،لكععي يسععلكوا فععي فرائضععي ،
ويطيعوا أحكامي ويعملوا بها ،ويكونون لي شعبا وأنا أكون لهم
إلها .يقول السّيد الرب :أّما الععذين ضعّلت قلععوبهم وراء أوثععانهم
طُرقهععم علععى رؤوسععهم ورجاساتهم ،فإني أجعلهم يلَقْون عقععاب ُ
) فإن أحسنوا فلها وإن أساءوا فعليها ( " .
348
الحث على الحسان والتوبة والرجوع إلننى
الله ،لنها السبيل الوحيد للنجاة :
" حزقيال :32-29 :18 :يقول السععيد الععرب :ومععع ذلععك يقععول
ن طريق الرب غير عادلة ،أطرقي غيععر عادلععة يععا بيت إسرائيل إ ّ
جععة ؟! لععذلك ُأدينكععم يععا
بيت إسرائيل ؟! أليست طرقكععم هععي المعو ّ
طُرقعه .يقعول السعيد العرب : شعب إسرائيل ،كل واحد بُمقتضعى ُ
توبوا وارجعوا عن ذنوبكم كّلها ،فل يكون لكم الثم معثرة هلك
.اطرحوا عنكم كل ذنوبكم ،واحصلوا لنفسععكم علععى قلععب جديععد
وروح جديععدة ،فلمععاذا تموتععون يععا شعععب إسععرائيل ؟! إذ ل ُأسعّر
بموت أحد ،فتوبوا واحيوا " .
ع ع يؤكععد النععص علععى فسععادهم علععى الععدوام ،وأنهععم ل يعععترفون
بذلك ،بل يّدعون بأن الرب غيععر عععادل بعقععابهم علععى فسععادهم ،
ضهم النص على التوبة والعودة ،وُيح عّذرهم مععن الهلك كما ويح ّ
إن لم يفعلوا .
ذكر المرتين وعقابهما بشكل رمزي :
" حزقيععال :9-1 :19 :أمععا أنععت فاتععُل مرثععاة علععى رؤسععاء
إسرائيل ،وقل :ماذا كععانت أمععك ؟! لبععؤة ربضععت بيععن السععود ،
ورّبت جراءها بيععن الشععبال ،حععتى إذا كُبععر أحععد جرائهععا وصععار
شبل ) الولى ( ،وتعّلم الصيد ،أكل النععاس .وعنععدما بلععغ أمععره
المم وقع في حفرتهم ،فأخذوه مسوقا بخزائمه إلى أرض مصععر
،وعنععدما أدركععت أثنععاء انتظارهععا أن رجاءهععا قععد هلععك ،أخععذت
جروا آخر وجعلته شبل ) الثانية ( ،فتمشععى بيععن السععود وتعّلععم
الصيد ،أكل الناس ،وهععدم قصععورهم وخعّرب مععدنهم ،فععارتعبت
الرض ومن فيها صوت زمجرته ،فاجتمعت عليه المم مععن كععل
349
صوب ،وألقوا عليه شبكتهم فوقع في حفرتهم ،فساقوه بخععزائم
جوه في قفص وأحضروه إلى ملك بابل ،واعتقلوه في القلع وز ّ
لكيل تترّدد أصداء صوته بعد ،فوق جبال إسرائيل " .
مسبق من الغترار بالقوة ،ومن التحذير ال ُ
الستهانة بما أنذرهم الله به :
" حزقيال :16-6 :21 :يقول السيد الرب :أّما أنت يا ابن آدم ،
فتنّهععد بقلععب ُمنكسععر وحععزن ومععرارة ،فععإن سععألوك علععى مععاذا
تتنّهععد ؟ تجيبهععم :علععى الخبععار الععواردة الععتي ُتععذيب كععل قلععب ،
فتسععترخي اليععدي ويعععتري القنععوط كععل روح ،وتصععبح الركععب
ي بكلمتععه
كالماء ،ها هي الخبار واردة ول بد أن تتم .وأوحى إل ّ
قائل :يا ابن آدم ،تنّبأ وقل :هذا ما ُيعلنه الرب :سيفٌ ،سععيفٌ
ن للذبععح الُمععبرم ،وصععقل ليععومض سع ّ
قععد تععم سعّنه وصععقله ،قععد ٌ
بععالبريق ،فهععل نبتهععج قععائلين :عصععا ابنععي ) البععن إسععرائيل
الدولة ،والعصا كناية عن القوة ( تحتقر كل قضععيب ؟! ) بمعنععى
فهععل نسععخر مععن هععذا السععيف ونسععتهزئ بجععبروته مغععتّرين
بقوتنا ( ،وقد ُأعطي السيف ليصقل ويجّرد بالكف ،وها هو بعععد
سّنه وصقله ُيسّلم ليد القاتل ،اصععرخ واعععول يععا ابععن آدم ،لنععه
يتسّلط على شعبي ،وعلى كل رؤساء إسرائيل ،يتععّرض شعععبي
لهوال من جراء هذا السيف ،لععذلك اضععرب علععى صععدرك فزعععا
) ندبا ( .يقول السيد الرب :لنه امتحععان ) وجععود إسععرائيل فععي
فلسعععطين ( ،ومعععاذا يحعععدث إن لعععم ُتقبعععل العصعععا الُمحتقعععِرة
) اُلمزدِريععة ،غيععر البهععة بالعقععاب ( ؟! ) بمعنععى مععاذا سععتكون
عاقبتهعا ،إذا رسعبت بالمتحعان اللهعي ( .أنعا العرب قعد تكّلمعت
) قضيت ( :فتنبأ يا ابن آدم ،واصفق كفا على كععف ،وليضععرب
350
السععيف مرتّيععن ،بععل ثلث مععّرات ،إنععه سععيف القتلععى ،سععيف
المجزرة العظيمة الُمحّدقة بهععم ،لكععي تععذوب القلععوب ،ليتهععاوى
كثيرون عند كل بواباتهم ،لهذا جّردت سيفا متقلبا بّراقا مصقول
جه
للذبح .فيا سيف اجرح يمينا ،اجرح شمال ،اجرح حيثما تععو ّ
حّدك ،وأنا أيضا ُأصّفق بكفي ،وُأسكن غضبي " .
ععع هعععذا النععص يصععف الجبعععن اليهععودي وحالععة الرععععب الععتي
ستصيبهم ،عندما يدخل عليهم هذا السيف الذي يعرفونه جيععدا ،
والذي مّزق أجسادهم شّر ُممععزق ذات م عّرة .ويح عّذر النععص مععن
الستهزاء بهذا السيف ،والغترار بالقوة ،لنه سيف من صععنع
ال ،وسيسّلم ليد القاتل في الموعد الُمحّدد ،ويؤكد أن الرسععوب
في المتحان أي الفساد ،معناه نفاذ القضاء بوقوع المجزرة .
من أرض واحدة يخرج البعثان :
ب بكلمته قائل :أّما أنت يا ي الر ّ" حزقيال :19 :21 :وأوحى إل ّ
طععط طريقيععن لزحععف ملععك بابععل .مععن أرض واحععدة ابععن آدم ،فخ ّ
تخععرج الطريقععان ] وأنععت يععا ابععن آدم ،عّيععن لنفسععك طريقيععن ،
لمجيععء سععيف ملععك بابععل ،مععن أرض واحععدة تخععرج الثنتععان [
) النص الثاني من النسخة الخرى ( ، ... ،لنكم ذّكرتم بإثمكم ،
إذ انكشف تمردكم ،فتجّلععت خطايععاكم فععي كععل مععا ارتكبتمععوه مععن
أعمال ،لهذا إذ ذّكرتم بأنفسكم ُ ،يقبض عليكم باليد ،وأنععت أّيهععا
المطعون الثيم ،ملععك إسععرائيل ،يععا مععن أِزف يععومه فععي سععاعة
العقاب النهائي ،اخلع العمامععة وانععزع التععاج ،فلععن يبقععى الحععال
كسالف العهد به ،ارفع الوضيع ،وضع الرفيع ) اجعععل الوضععيع
عاليا ،والعالي وضيعا ( ،ها أنا أقلبععه ،أقلبععه ،أقلبععه ،حععتى ل
351
يبقى منه أثر ) تاج الملك ( إلى أن يأتي صاحب الحكم ،فععأعطيه
إياه ) للذي يأتي من ربوات القدس ( " .
ع هذه النبوءة توضح لهم ،أن أرض الخروج الثععاني هععي بابععل ،
بما ل يدع مجال للشك ،وأن البعععث عقععاب لهععم لفسععادهم ،وأن
ملكهععم سععيزول ل محالععة ،وأن تععاج الُملععك س عُيعطى لصععاحبه ،
عندما يأتي من ربوات القدس ،وهي النبوءة الرابعة والخيرة ،
التي أخبر عنهععا موسععى عليععه السععلم قبععل مععوته .وبمععا أنهععم ل
يفقهون ول يعلمون ،وعقولهم وقلوبهم كالحجارة أو أشّد قسوة
،فهم ل يتقّبلون فكرة زوال ملكهم ،وذهاب الملك لغير شعب ال
الُمختعععار وأبنعععاء الععع وأحبعععائه ،حسعععب معععا عّلمهعععم كهنتهعععم
وأحبععارهم ،لععذلك فهععم سععيعملون المسععتحيل ،للمحافظععة علععى
بقائهم في فلسطين ،بغض النظر عن إفسادهم فيها ،ليخرج هذا
الملك التوراتي الُمنتظر فيهم ،ليحكموا العالم من خلله إلى البد
.
وصنننف الفسننناد والعقننناب فننني المنننرة
الثانية :
ب بكلمته قععائل :وأنععت ي الر ّ" حزقيال :17-2 :22 :وأوحى إل ّ
يععا ابععن آدم ،أُتععدين المدينععة السععافكة الععدماء ؟! إذًا عرّفهععا بكععل
رجاساتها ) أي بّين صفة إفسادها ( ،وقل :هذا ما ُيعلنععه السععيد
الرب :أّيتها المدينة التي تسفك الععدماء فععي وسععطها ،لتسععتجلب
العقععاب علععى نفسععها ، … ،قععد أثمععت بمععا سععفكت مععن دمععاء ،
جست بما عملت من أصنامك .قد قّربت يوم دينونتك ،وبلغ ِ
ت وتن ّ
منتهععى أيامععك ،لععذلك جعلتععك عععارا عنععد المععم ،ومثععار سععخرية
لجميع البلدان ، … ،أنت يا نجسة ،يا كثيرة الشغب ،هو ذا كل
352
واحد من رؤساء إسرائيل ،ممععن كععانوا فيععك ،انهمععك فععي سععفك
العدماء علعى قعدر طعاقته .فيعك اسعتخّفوا بعأب وأم ،واضعطهدوا
جسععت أيععام سععبوتي .أقععام ت ُمقّدساتي ون ّاليتيم والرملة ،احتقر ِ
فيك وشععاة عملععوا علععى سععفك الععدم ،وأكلععوا أمععام الصععنام علععى
الجبال ،وارتكبوا في وسطك الموبقات ، … ،أخذت الربا ومععال
ظلما ونسيتني " . الحرام ،وسلبت أقربائك ُ
" حزقيال :16-13 :22 :ها أنا قد صّفقت بكفي من جّراء ،مععا
سفك من دم في وسععطك .فهععل حصلت عليه من ربح حرام ،وما ُ
يصمد قلبك أو تحتفظ يداك بقوتهما ،في اليام التي أتعامععل معععك
فيها ؟! أنا الرب قد تكّلمت ،وُأتمم مععا أنطععق بععه .سُأشععتتك بيععن
المم وُأبعععثرك بيععن البلععدان ،وأزيععل نجاسععتك منععك ،وتتدّنسععين
بنفسك على مرأى من المم ،وتدركين أّني أنا الرب " .
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن " حزقيال :31-23 :22 :وأوحى إل ّ
آدم ،تنبأ وقل لها أنت أرض ،لم تتطّهري ولم ُيمطععر عليهععا فععي
جسععوا مقادسععي ، يوم الغضب ، ... ،خالف كهنتها شععريعتي ،ون ّ
لم ُيمّيزوا بين الُمقّدس والرجس ،ولم يعلموا الفرق بين الطععاهر
والّنجس ،رؤساؤها فيهععا كععذئاب خاطفععة ُ ،تم عّزق فرائسععها ،إذ
يسفكون دماء الناس ،في سبيل الربح الحععرام ،وأنبياؤهععا ) أي
المتنبئون الجدد كعوفاديا يوسف ( يَرْون لها رؤى باطلععة ، … ،
قععائلين :هععذا مععا يعلنععه الععرب -مععع أن الععرب لععم يعلععن شععيئا : -
َأِفرطوا في ظلم شعب الرض ،فاغتصبوا سععالبين ،واضععطهدوا
الفقير والمسكين ،وظلموا الغريب جععورا .فالتمسععت مععن بينهععم
رجل واحدا ،يبني جععدارا ) رجل ُمصععلحًا ( ،ويقععف فععي الثغععرة
أمععامي ،حععتى ل ُأخربهععا فلععم أجععد .فصععببت سععخطي عليهععم ،
353
والتهمتهم بنار غضبي ،جازيتهم بحسععب طرقهععم ،يقععول السععيد
الرب " .
ع هذه النصوص تصف إفساد دولة اليهود الحالية ،بدقة متناهية
جل وقعععائع عاينهعععا العععراوي ،وتؤكعععد أن الهلك ،وكأنهعععا ُتسععع ّ
والخراب واقععع بهععم ل محالععة ،عنععدما تبلععغ هعذه الدولععة منتهععى
أيامها .
التعقيب علننى المرتيننن وعقابهمننا بشننكل
رمزي :
ي الرب بكلمته قائل :يا ابععن " حزقيال :35-1 :23 :وأوحى إل ّ
آدم ،كانت هناك امرأتععان ،ابنتععا أم واحععدة ، … ،اسععم الكععبرى
) ُأهولة أي السععامرة ( واسععم أختهععا ) ُأهوليبععة أي أورشععليم ( ،
وكانتا لي وأنجبتا أبناء وبنات ،وزنت أهولة ) المملكة الولععى (
جسععت بكععل مععن ) أي فسدت وأفسدت ( مععع أنهععا كععانت لععي ،وتن ّ
عشقتهم ،وبكل أصنامهم ،ولم تتخل عن زناهععا منععذ أيععام مصععر
شععاقها أبنععاء
عّ ) فسععاد البععاء وعصععيانهم ( ،لععذلك سععلّمتها ليععد ُ
أشور ،ففضحوا عورتها ،وأسععروا أبنائهععا وبناتهععا ،وذبحوهععا
بالسيف ،فصارت عبرة للنساء ،ونّفععذوا فيهععا قضععاًء .ومععع أن
أختها ُأهوليبة ) المملكة الثانية ( شهدت هذا ،فإّنها أوغلت أكثر
منها في عشقها وزناها ، … ،فرأيت أنها قد تنجسععت ،وسععلكتا
كلتاهما في ذات الطريق ، … ،وإذ واظبت على زناها علنيععة ،
عرّيهععا ،كرهتهععا كمععا كرهععت أختهععا .لععذلك يععا وتبععاهت بعععرض ُ
شاقك ، … ،وآتععي بهععم عليععك مععن أهوليبة :ها أنا ُأثير عليك ع ّ
كل ناحيعة ،أبنعاء البعابليين ،وسعائر الكلعدانيين ،ومعهعم جميعع
أبناء أشععور ،معن ولة وقععادة ورؤسععاء ،وكلهععم فرسععان خيعل ،
354
ب سععخطي فُيهاجمونك بأسلحة ومركبععات وعربععات ، … ،وأص ع ّ
عليك ،فيعاملونك بغيظ ،يجدعون أنفععك وأذنيععك ،وُتقتععل بقّيتععك
بالسعععيف .يأسعععرون أبنعععاءك وبناتعععك ،وتلتهعععم النعععار بقّيتعععك ،
حلّيك .وهكععذا أضععع حعّدا وُيجّردونك من ثيابك ،ويستولون على ُ
لعهرك وزنععاك . … ،وهععذا مععا ُيعلنععه السععيد الععرب :ستشععربين
كأس عقاب أختك العميقة ) فععي الِقععدم ( ،وتكععونين مثععار ضععحك
سععكرا وحزنععا ، واسععتهزاء ،لن الكععأس تسععع كععثيرا ،تمتلئيععن ُ
فكععأس أختععك السععامرة ،كععأس الرعععب والخععراب ،تشععربينها
وتمتصينها ، … ،لنك نسيتني ونبذتني وراء ظهرك " .
خراب أمريكا بعد زوال إسرائيل :
في الصحاحات ) ، ( 28 ، 27 ، 26تجد وصفا تفصيليا لمدينة
صه بما
سّماها كتبة التوراة ) صور :مدينة ساحلية لبنانية ( نلخ ّ
يلي :
سّكانها على البحر .
ُ .1مسيطرة هي و ُ
ُ .2ترعب جميع جيرانها .
.3تاجرة الشعوب وكاملة الجمال .
.4تقبع في قلب البحار .
.5تأتيها السفن التجارية من كل مكان .
.6شعبها وجيشها خليط من أمم أخرى .
.7تتمتع بكونها مركز للتجارة العالمية .
ع وهذه الوصاف ل تنطبق إل على أمريكا كدولة ،أو ) نيويورك
( كمدينة ،وأما صفة عقابها فهي كما يلي :
.1دمارها سيتحصل بريح شرقية ) أي من الشرق ( .
355
.2اندلع النيران في وسطها .
.3تحّولها إلى رماد .
.4مصيرها الغرق ولن يبقى منها أثر .
.5القائمون على خرابها غرباء من أعتى المم .
ع وأما أسباب الغضب اللهي عليها وعلى ملكها فهي :
.1تنصيب ملكها لنفسه كإله للبشر .
.2تربعه في مجلس اللهة في قلب البحار .
.3الدعاء بامتلكه حكمة اللهة .
.4الستحواذ على الذهب والفضة واّدخارها .
.5مضاعفة الثروة بمهارتها في التجارة .
.6التجارة الظالمة .
.7البهاء والجلل والتكبر والستعلء لفرط الغنى .
ع وفي النص التالي تسمية أخرى لها ،هي مصر :
" حزقيال :16-3 :29 :ها أن أنقلب عليك يا فرعون ملك مصر
،أيها التمساح الكامن في وسط أنهاره … ،وُأخرجك قسرا مععن
أنهارك ،وأسماكها مععا برحععت عالقععة بحراشععفك ،وأهجععرك فععي
البرية ،مععع جميععع سععمك أنهععارك ،فتتهععاوى علععى سععطح أرض
الصععحراء ،فل ُتجمععع ول ُتل عّم ،بععل تكععون قوتععا لوحععوش الععبّر
وطيور السماء .فُيدرك كل أهل مصر أني أنا الرب ،لّنهم كععانوا
ب هشًة لبني إسرائيل ،ما أن اعتمععدوا عليععك بععأكفهم ، عّكاز قص ٍ
ُ
طمععت حتى انكسرت ومّزقت أكتافهم ،وعندما توّكععأوا عليععك ،تح ّ
وقصفت كّل متونهم .لذلك ها أنععا أجلععب سععيفا ،وأستأصععل منععك
356
النسععان والحيععوان ،وأجعععل ديععار مصععر ،الكععثر وحشععة بيععن
الراضي المقفرة ،وتظّل مدنها الكثر خرابا بيععن المععدن الخربععة
… وأجعلهم أقلية لئل يتسلطوا على الشعععوب ،فل تكععون بعععد ،
موضع اعتماد لبنععي إسععرائيل ،بععل ُتععذّكرهم بععإثمهم حيععن ضعّلوا
وراءهم … "
ع قد يظن القععارئ للوهلععة الولععى أن هععذا النععص ،يتنبععأ بخععراب
مصر ،ولكن بعد إمعان النظر في العلقة مععا بيععن هععذا الفرعععون
ضحة بما تحته خط ،ستجد أن المقصود بهذا وبين اليهود ،المو ّ
النص ،هم فراعنة هذا العصر ،أمريكا ومن شايعها ،وعلى مععا
يبدو أن المقصود بالتمساح هو السطول ،والمقصععود بالسععماك
هو السفن الحربية ،والمقصود بالنهار هععي البحععار الععتي تنشععر
فيهعا القعوات البحريعة المريكيعة ،وعلعى معا يبعدو أن السعاطيل
المريكية ،ستخرج وتجتمع في مكععان مععا ) البحععر المتوسععط ( ،
بعععد إنهععاء الوجععود اليهععودي فععي فلسععطين ،لتلقععي مصععيرها
المحتوم الذي ُيخبر عنه هذا النص .
ع وفععي نصععوص أخععرى ،ربمععا نوردهععا لحقععا ،سععتجد أن هنععاك
تسععميات أخععرى ،اسععتخدمها كتبععة التععوراة والنجيععل ،لنفععس
المدينة كبابل الجديدة ،وبابل الُعظمى .كناية عن دولة عظمععى ،
سيتزامن وجودها مع ظهور الدولة اليهودية في فلسطين .
تحالف أعداء الله ضد اليهود والنصارى :
صر ملك بابععل ،ن نبوخذ ن ّ " حزقيال : -18 :29 :يا ابن آدم :إ ّ
خر جيشا أشّد تسخير ،ضعّد صععور فأصععبحت كععل رأس مععن قد س ّ
رؤوس جنوده صلعاء ،وكل كتف ُمجّردة من الثيععاب ،ولكععن لععم
يغنم هعو ول جيشعه شعيئا معن صعور ،رغعم معا كابعده معن جهعد
357
للستيلء عليها .لذلك … ،ها أنا أبذل ديار مصر لنبوخذ نصععر
ملك بابل ،فيستولي على ثروتها ،ويسععلبها غنائمهععا وينهبهععا ،
فتكون هذه ُأجرًة لجيشه " .
ي الرب بكلمته قائل :يا ابععن " حزقيال :13-1 :30 :وأوحى إل ّ
ب بات وشيكا ، … ،إّنه يععوم ن يوم الر ّآدم ،تنّبأ ،وقل ، … :إ ّ
ُمكفهّر بالغيوم ،ساعة دينونة ) نهاية ( للمم ،إذ ُيج عّرد سععيف
على مصر ،فيُععّم الععذعر الشععديد إثيوبيععا ،عنععدما يتهععاوى قتلععى
مصر ،ويستولي على ثروتها ،وُتنقض ُأسسها .ثم تسقط معهم
بالسيف ،إثيوبيا وفوط ولود ،وشععبه الجزيععرة العربيععة وليبيععا ،
سّكانها مععن مجععدل وشعوب الرض الُمتحالفة معهم … فيتهاوى ُ
إلى أسوان ...فُتصبح أكثر الراضي الُمقفععرة وحشععة ،وُتضععحي
ُمدنها أكثر الُمدن خرابا … في يوم هلك مصععر ،الععذي ل بععد أن
يتحّقق .
صععر ملععك بابععل ،إذ ُيقبععل
لني سأفني جماهير مصععر بيععد نبوخععذ ن ّ
بجيشه ،أعتى جيوش المم لخراب ديار مصر ،فُيجّردون عليها
سيوفهم ،ويملئون أرضها بالقتلى ،وُأجّفف مجاري نهر النيل ،
وأبيع الرض لقوم أشرار ،وُأخّرب البلد فيها بيد الغربععاء ،أنععا
طم الصنام ،وُأزيل الوثان من ممفيس ، الربّ قد قضيت .ثّم ُأح ّ
ول يبقى بعد ،رئيس في ديار مصر ،وُألقي فيها الرعب " .
ي الرب بكلمتععه قععائل :يععا ابععن آدم ، " :18-30 :32وأوحى إل ّ
ولععول علععى جنععد مصععر ، … ،يسععقطون صععرعى وسععط قتلععى
السيف .قد أسلمت مصر للسععيف ،وأسععروها مععع كععل حلفائهععا ،
وهنععاك أشععور ) سععوريا ( وقععومه … ،وحلفععاؤه .… ،وهنععاك
أيضععا أيلم ) أفغانسععتان ( وحلفاؤهععا … وهنععاك أيضععا ماشععك
358
وتوبال ) مدن روسية ( ،وكّل حلفائهما … ،وهناك أيضععا أدوم
) الردن ( وملوكها ورؤسائها … ،وهناك ُأمراء الشمال ،وكل
الصيدونيين ) اللبنانيين ( … ،أولئك الذين أشاعوا الرعععب فععي
أرض الحياء ، … ،كلهم قتلى ،وصرعى السيف " .
ع هذه الفقرات الثلثة ،مقتطعة مععن الصععحاحات ) ، 30ع ، 31
، ( 32الععتي كعّررت بإسععهاب مععا جععاء فععي الصععحاح ) ( 29ع ،
وعلى ما يبدو أن محتوى هذه الصععحاحات الثلثععة ،قععد تنععاولته
أقلم الكتبة ،بكثير من التبديل والتحوير والضافة ،وقد أوردنععا
هععذه الفقععرات لتعيينهععا بعععض الشعععوب والععدول ،الععتي يعتبرهععا
الغرب أعداًء ل ،الذي هععو المسععيح عنععد النصععارى .ويفععترض
سرين الجدد للتوراة ،أن الدول المذكورة في هععذه الكثير من المف ّ
النصوص ،ستقوم بالتحالف مستقبل ،ومن ثم ستغزو إسععرائيل
وتنهي وجودها ،بقيادة مصر أو العراق أو روسععيا ،منفععردة أو
مجتمعة ،مما يتسبب في مواجهععة مصععيرية كععبرى بيععن الشععرق
والغععرب ،يطلقععون عليهععا تسععمية ،الحععرب العالميععة الثالثععة ،
ويجزمون بأن النصر ،سيكون فيها حليف أحباء ال من اليهععود
والنصععارى ،علععى أعععداءه مععن المسععلمين وغيرهععم ،وحتميععة
وقوع هذه الحرب المستقبلية ،أصبحت فععي السععنوات الخيععرة ،
حقيقة وعقيدة راسخة ،لدى عامعة نصعارى الغعرب وساسعتهم ،
المهووسون بالنبوءات التوراتية ،وهذا مما ساهم فيه واستغلته
اليهود في أمريكا ،لدفع أمريكا لخععوض هععذه الحععرب الوهميععة ،
الععتي فيهععا كععل المصععلحة ليهععود الشععرق والغععرب ،ضععد العععرب
والمسلمين ،من قبل أن تبدأ .
وقد تكون هذه النصععوص ،فععي الحقيقععة ُ ،تخععبر عععن السععتعمار
الغربي ،لكل البلدان العربية والبلدان الخرى المذكورة فيها ،أو
359
ُتخبر عن توحيد البلدان المذكورة بالقوة ،من قبععل ورثععة نبوخععذ
نصر الجدد ،بعد قيامهم بإنهاء الوجود اليهودي في فلسطين .
خراب الرض بعد خراب إسرائيل :
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن " حزقيال :29-24 :33 :فأوحى إل ّ
آدم ،إن المقيميععن فععي خععرائب أرض إسععرائيل ،يقولععون :إن
إبراهيم كان فردا واحدا ،ومععع ذلععك ورث الرض ،وهكععذا نحععن
كثيرون ،وقد ُوهبت لنععا الرض ميراثععا .لععذلك قععل لهععم أتععأكلون
اللحم بالدم ،وتتعّلق عيونكم بأصععنامكم ،وتسععفكون العّدم ،فهععل
ترثون الرض ؟! اعتمدتم على سععيوفكم ،وارتكبتععم الموبقععات ،
… ،فهل ترثون الرض ؟! قعل لهعم :هعذا معا ُيعلنعه العرب :إن
الذين ُيقيمون في الخرائب ُ ،يقتلععون بالسععيف .والععذين يسععكنون
في العراء ،أبععذلهم قوتععا للوحععوش .والمتمّنعععون فععي الحصععون
سععرونه علععى أنععه السععلح النععووي والمغاور يموتون بالوبععأ ) ُيف ّ
والكيمععاوي ( .فأجعععل الرض أطلل ُمقفععرة ،وُيععذّل كبريائهععا
وعّزتها … فُيدركون أّني أنععا الععرب ،حيععن أجعععل الرض خربععة
ُمقفرة ) وهذا ما سُتحدثه أسععلحة الععدمار الشععامل الععتي يرتعبععون
منها لتوافقها مع ما جاءت به التوراة ( ،من ج عّراء مععا ارتكبععوه
من رجاسات " .
ع وهذه النبوءة تؤكد زوال الدولععة اليهوديععة بعععد قيامهععا ،وذبععح
اليهععععود وتشععععريدهم وفنععععائهم ) بععععالنووي والكيمععععاوي كمععععا
يعتقدون ( ،وبالضععافة إلععى ذلععك تؤكععد خععراب الرض إجمععال ؟
ولكنهم يرفضون هذه النبوءة جملععة وتفصععيل ،ويص عّرون علععى
مخالفة ما جاء فيها ،ويبععذلون قصععارى جهععدهم لمنععع تحّققهععا .
ولو طالعت نصوص التوراة بمجملها ،ستجد أنه بعععد كععل مععرة ،
360
ُتخبر التوراة بحتمية نفاذ قضاء ) الرب ( ،في إسرائيل وشعععبها
عند الفساد ُ ،يضيف ) كتبة التععوراة ( نصوصععا تفيععد بععأن ربهععم
دائمععا وأبععدا ،يعععود ويعفععوا عنهععم ،فيجمعهععم مععن الرض الععتي
شتتوا فيها ،مععن جميععع الشعععوب ،ويعيععدهم إلععى أرض الميعععاد ُ
التي ُوهبت لهم ،فّيفسدون فيها ،فُيعّذبون وُيشتتون ،فيجمعهععم
ويعيدهم إليهععا ،وهكععذا دواليععك ) … ،حسععب مععا يشععتهيه كتبععة
التوراة ( ،واليهود حتى بعد زوال دولتهم الحاليععة لععن يسععتكينوا
صععل لهععم فيهععا الملععك البععدي ،الععذي
أو يهععدءوا ،إلععى أن يتح ّ
يحلمون به ،وهو ما رسم معالمه أقلمهم الكهنة والحبار ،فععي
النص التالي :
مِلك القدس المنتظر من نسننل محمنند ،ل َ
من نسل داود :
ي الرب بكلمته قائل :يا ابن " حزقيال :28-21 :37 :وأوحى إل ّ
آدم ، … ،وها أنعا أحشعد أبنعاء إسعرائيل معن بيعن المعم ،العتي
تفّرقوا فيها ،وأجمعهم من كل جهة ،وُأحضععرهم إلععى أرضععهم ،
وأجعلهم أمة واحدة ، … ،تحععت رئاسععة ملععك واحععد ، … ،ول
ينقسمون إلى مملكتين .ول يتدّنسون بعد بأصنامهم ورجاساتهم
ي مععن معاصععيهم ،بععل ُأخّلصععهم مععن مععواطن إثمهععم ، ،ول بععأ ّ
وُأطّهرهم فيكونون لععي شعععبا ،وأكععون لهععم إلهععا .وُيصععبح داود
عبدي ملكا عليهم ، … ،فيمارسون أحكامي وُيطيعون فرائضععي
ويعملون بمقتضاها .وُيقيمعون فعي الرض العتي وهبتهعا لعبعدي
يعقععوب ،الععتي سععكن فيهععا آبععاؤهم ،فيسععتوطنون فيهععا ،هععم
وأبناؤهم وأحفادهم إلى البد ،ويكون عبععدي داود رئيسععا عليهععم
مدى الدهر .وُأبرم معهم ميثاق سلم ،فيكون معهم عهدا أبديا ،
361
… ،فتدرك المم أّنععي أنععا الععرب ُمقعّدس إسععرائيل ،حيععن يكععون
سععرونها بإقامععة مقِدسي قائما فيهم ) أي العبععادة ل ع ،ولكنهععم ُيف ّ
الهيكل ( إلى البد " .
ع هذه النبوءة الُمحّرفة ،هي ما يسير عليه اليهعود ،منعذ أجيععال
ومععا زالععوا ،حيععث أن كتبععة هععذا النععص ،استخلصععوا مععا ُيوافععق
أهوائهم وأطمععاعهم ،مععن ُمجمععل النبععوءات السععابقة واللحقععة ،
وصهروها في بوتقة واحدة ،وبات من جاء بعدهم مععن اليهععود ،
يحملها ويعتقععد بهععا كحقيقعة ،غيعر قابلععة للنقععض أو المناقشععة ،
فهي ُنسبت إلى الرب .ومؤدى هذه النبوءة يقول :عنععد مجيئهععم
من الشتات ) نبوءة العلو والفساد الثاني مععع اسععتثناء العقععاب ،
الذي طالما تحّدثت عنه النصععوص السععابقة ( ،سععيبعث الع لهععم
ملكا ) وجععاءت شخصععية هععذا الملععك مععن خلل تجميععع النبععوءات
جال ( ،وجعلوه من نسععل داود الخاصة برسولنا ،وعيسى ،والد ّ
) َمِلَكهم الول ( ،ويكون ُملكه البدي هذا ،في فلسععطين ) يععأتي
ق والعدل ) اليهودي من ربوات القدس ( ،وفي زمانه ينتشر الح ّ
طبعا ( ،في أرجاء المعمورة .وعلى هذا يعتقد عامععة اليهععود أن
عععودتهم الحاليععة ،هععي العععودة الخيععرة والنهائيععة ،والععتي ورد
ععّدتم ععدنا ( ، ذكرها فعي سعورة السعراء ،تحعت عبعارة ) وإن ُ
وليست المرة الثانية ،التي سعيتحّقق فيهعا وعععد الخعرة ،ولكعن
هذا العتقاد ليس يقينا ،بل هناك نسبة من الشععك ،وهععذا الش عكّ
توّلد نتيجة التناقض في النصوص التوراتية ،فهم يعملععون علععى
الحتمععال الول ،مععع عععدم إغفععالهم للحتمععال الثععاني .وحقيقععة
النص أعله ُتخبر عن ُملك المهدي ،في القدس ،وهو من نسععل
محمد عليه الصلة والسلم ،مؤسس دولة السلم الولى .
362
روسننيا وحلفاؤهننا مننن نصننارى الشننرق
ُيهننناجمون دولنننة السنننلم فننني زمنننن
المهدي :
ي الرب بكلمته قائل :يا ابععن " حزقيال :12-1 :38 :وأوحى إل ّ
آدم ،التفععت بوجهععك نحععو جععوج أرض مععاجوج ،رئيععس روش
) روسيا ( ماشك ) موسكو ( وتوبال ،وتنّبععأ عليععه ،وقععل :هععذا
ما ُيعلنه السّيد الرب :ها أنا أنقلب عليك ،يا جوج رئيععس روش
وماشك وتوبال ،وأقهرك … ،وأطععردك أنععت وكععل جيشععك خيل
وفرسانا ،وجميعهم ُمرتدون أفخر ثياب ،جمهورا غفيرا ،كلهععم
ن .ومعن جملتهعم ،رجعال قعابض سعيف ،وحامعل أتعراس ومجعا ّ
فععارس ) إيععران ( ،وإثيوبيععا ) السععودان ( وفععوط ، … ،وأيضععا
جومر ) اليمن /أوروبا الشرقية ( وكل جيوشه ،وبيت توجرمة
) بلد القوقاز الروسية /الشيشان ( من أقاصي الشععمال مععع كععل
جيوشه ،جيوش غفيرة اجتمعت إليععك ) أي لرئيععس روش ( .إذ
بعد أيام كثيرة ُتستدعى للقتال ،فتقبل في السنين الخيععرة ) آخععر
الزمان ( ،إلى الرض الناجية من السيف ) فلسطين ( ،التي تععم
جمع أهلها من بين شععوب كعثيرة ،فتعأتي ُمنععدفعا كزوبعععة … ،
أفكععار سععوء تععراودك ، … ،للسععتيلء علععى السععلب ،ونهععب
الغنععائم ،ومهاجمععة الخععرائب الععتي أصععبحت آهلععة ،ولمحاربععة
الشعععب المجتمععع مععن بيععن المععم ، … ،الُمسععتوطن فععي مركععز
الرض " .
ع ع هععذا النععص النبععوي ،وقععع فيععه خلععط كععبير ،بيععن نبععوءتين ،
وحقيقة هذا النص تحكععي وقععائع الملحمععة الكععبرى ،الععتي سععتقع
مستقبل بين الروس والعرب ،والععتي سععنتطرق لععذكرها لحقععا ،
ولنكمل النص …
363
خننروج يننأجوج ومننأجوج ،ونهننايتهم عننند
وصولهم لمشارف مدينة القدس :
"حزقيال :23-14 :38 :لذلك تنّبأ يا ابن آدم وقل لجوج ،هذا
ما ُيعلنه الرب :في ذلك اليوم عندما يسكن شعععبي إسععرائيل آمنععا
… وُتقبععل أنععت مععن مق عّرك فععي أقاصععي الشععمال ،مععع جيععوش
غفيرة ،تغشععى الرض ،كّلهععم راكبععو خيععل … ،وتزحععف علععى
شعبي إسععرائيل ،كسععحابة تغطععي الرض ،فععي اليععام الخيععرة ،
أني آتي بك إلى أرضي ،لكععي تعرفنععي الشعععوب ،عنععدما تتجّلععى
قداستي ،حين ُأدّمرك يا جوج أمام عيونهم .هذا ما يقوله السععيد
الرب :ألست أنت الذي ،تحّدثت عنععه فععي اليععام الغععابرة ،علععى
ألسنة عبيدي أنبياء إسرائيل ،الذين تنّبأوا في تلك اليععام لسععنين
كثيرة ؟! … ،وُأسّلط عليه السيف في كل جبالي ،فيكون سععيف
كععلّ رجععل ضععّد أخيععه .وُأدينععه بالوبععاء وبالععدم ،وُأمطععر عليععه
وجيوشه ،وعلى جموع حلفائه الغفيععرة ،مطععرا جارفععا ،وبععردا
عظيما ،ونارا وكبريتا … ،فيدركون أني أنععا الععرب … فيخععرج
سكان ُمدن إسرائيل ) بعد أن يكونوا قد اعتصموا منهم في جبععال
ن ،والترسععة والقس عيّ القععدس ( ،ويحرقععون السععلحة والمجععا ّ
والسهام ،والحراب والرماح ،ويوقدون بها النار سععبع سععنين ،
وينهبون ناهبيهم ،ويسلبون سالبيهم " .
سععره وُيععأوّله
عع مفععاد هععذه النبععوءة ،والنبععوءة السععابقة ،كمععا ُيف ّ
البععاحثون الجععدد حععديثا ،مععن اليهععود والنصععارى ،أن روسععيا
) جععوج ومععاجوج ( وحلفائهععا ،سععتقوم بغععزو أرض إسععرائيل ،
آنععذاك سععيقف الععرب بجععانب إسععرائيل وحلفائهععا ،فيكععون النصععر
حليفهم .والخلط الذي أوجده مؤلفو التوارة ،بتكرار ذكر يأجوج
سري التععوراة للعتقععاد ، ومأجوج ،في نصين مختلفين ،دفع مف ّ
364
بأن الروس هم يععأجوج ومععأجوج ،والحقيقععة الععتي نعلمهععا نحععن
كمسلمون أن خععروج يععأجوج ومععأجوج ،سععيقع بعععد زوال دولععة
إسرائيل ،بل بعد ذبععح اليهععود النهععائي ،وبعععد خععروج الععدجال ،
ونزول عيسععى عليععه السععلم ،وأمععا غععزو الععروس لبلد الشععام ،
فسععيكون لقتععال المسععلمين ،فععي زمععن المهععدي وقبععل خععروج
الدجال .
مواصفات الهيكل الهندسية :
وعلى مدى 16صععفحة تقريبععا ُ ،يفردهععا سععفر حزقيععال ،لتحديععد
المواصفات الهندسية للهيكل الجديد ،بلغة الكلمات ،من بوابععات
وساحات ،وحجرات لعداد الذبائح ،وحجرات للكهنة ،ودعععائم
الهيكل وجدرانه وغرفه ،ومخععادع الكهنععة ،ومقععاييس المنطقععة
التي سععيقام فيهععا الهيكععل ،ومقععاييس المذبععح .ويصععف مراسععيم
تقععديم القرابيععن الُمقّدسععة ،ويوضععح شععرائع لسععتخدام الهيكععل .
وُيحععععّدد الرض الممنوحععععة للكهنععععة ،والممنوحععععة للشعععععب ،
والممنوحة للملك .ومن ثععم يصععف طريقعة تقععديم الملععك للقربععان
الُمقّدس ،إلى آخره .وبناًء على هذه المواصفات ،قام كثير مععن
اليهود بعمل مخططات ونمععاذج ،للهيكععل الععذي يسعععون لتشععييده
مكان المسجد القصى ،كما تأمرهم التوراة .
الطار العنام للحنداث المسنتقبلية حسنب
الترتيب الزمني لحزقيال :
.1غزو الجيش العراقي لسرائيل وإنهاء وجود اليهود فيها .
.2توحيد البلدان العربية تحت لواء واحد .
.3خراب الرض في حرب عالمية نووية ُمدّمرة .
365
.4نزول الخلفة السلمية في القدس .
.5روسيا وحلفاؤها من نصارى الشععرق يغععزون دولععة السععلم
في زمن المهدي .
.6خروج يأجوج ومأجوج ،ونهايتهم عنععد وصععولهم لمشععارف
مدينة القدس .
ع هذه هي قراءتنا لنبوءات حزقيععال ،مععن خلل معرفتنععا بأحععداث
آخر الزمان ،مما ورد فععي القععرآن والسععنة ،أمععا فهععم النصععارى
واليهود لهذه النبععوءات ،هععو فهععم مرتبععك ومضععطرب ،إذ أنهععم
عند تفسيرها ،ل ُيعيرون انتباها لترتيبهععا الزمنععي ،كمععا جععاءت
في سفر حزقيال ،فمعظم تفسيراتهم على اختلفهععا ،تععذهب إلععى
أن كل هذه الحداث ،ستتحقق في زمن واحد ،متمثلة في حععرب
عالمية ثالثة .
رؤى دانيال ونبوءاته
سبوا إلى بابععل طفل ، دانيال هو آخر النبياء الكبار ،وأحد الذين ُ
وكتابه في ُمعظمه يشتمل على رؤى نبوية ،تصف ما سيقع مععن
صة فيما يتعّلععق بقيععام دولععة اليهععود
أحداث في آخر الزمان ،وخا ّ
الثانية وزوالها ،وعودة المسيح عليه السلم .
غننزو العننراق لسننرائيل سُيشننعل الحننرب
العالمية الثالثة :
تفسعير جبريعل لحعدى رؤى النعبي دانيعال " :دانيعال :19 :8 :
وقال :ها أن ُأطلعك على ما سيحدث ،فععي آخععر حقبععة الغضععب ،
ن الرؤيا ترتبط بميعاد النتهععاء ] وقععت الُمنتهععى [ ،أن الكبععش
لّ
ذو القرنيععن الععذي رأيتععه هععو ملععوك مععادي وفععارس ) إيععران
366
والعراق ( ،والتيس الشعر هو ملك اليونان ) الغرب ( ،والقرن
العظيم النابت بين عينيه ،هو الملك الول وما أن انكسععر ،حععتى
خلفه أربعة عوضا عنه ،تقاسموا مملكته ،ولكن لم ُيماثلوه فععي
قوته .وفي أواخر ملكهم ،عنععدما تبلععغ المعاصععي أقصععى مععداها
) عند اكتمال الظلم ( ،يقوم ملك فظ حاذق وداهية ] جافي الوجه
سرون يرون بأنه الرئيس العراقي ( ، وفاهم الحيل [ ) بعض المف ّ
فُيعظم شأنه ،إنما ليس بفضل قّوته ) أي بقععدرة ال ع ( .وُيس عّبب
دمارا رهيبا ) نتيجة اسععتخدام أسععلحة الععدمار الشععامل ( ،ويفلععح
في القضاء على القوياء ) أمريكا والغرب ( ،ويقهر شعب ال )
اليهععود ( .وبععدهائه ومكععره ُيحّقععق مععآربه ،ويتكّبععر فععي قلبععه ،
وُيهلعععك الكعععثيرين وهعععم فعععي طمأنينعععة ،ويتمعععّرد علعععى رئيعععس
طععم بغيععر يععد النسععان ) أي يمععوت موتععا الرؤسععاء ،لكنععه يتح ّ
طبيعيا ( " .
ع يعرى نوسععتراداموس قعديما ،معن خلل هعذا النععص ،أن نقطعة
البداية ) الشرارة ( للحرب العالميععة النهائيععة المععدّمرة ،سععتكون
محصورة في ثلثة بلدان هي ) إيران والعراق وفلسطين ( ،أمععا
أتباعه الجدد ،فيرون أن هذه النبوءة تتحدث عن صدام حسين ،
وغععزوه لسععرائيل وتععدميرها ،وإشعععاله لنععار الحععرب العالميععة
الثالثععة ،فتععارة يصععفونه بنبوخععذ نصععر جديععد ،وتععارة يصععفونه
بصلح الدين الجديد ،وتارة بدجال آخر الزمان ،الذي يظهر في
إيران أو العراق ،وهذه النبوءة وتفسيراتها الحديثة ،مما ُيفسر
ي المزمعن ،للعععراق وللعراقييععن جانبا من العداء الغربععي المرضع ّ
ولشخص الرئيس العراقي .
367
فسنناد إسننرائيل وإفسننادها يؤكنند حتميننة
زوالها :
" دانيال :11 :9 :قد تعّدى كّل شعب إسععرائيل علععى شععريعتك ،
وانحرفوا فلم يسمعوا صوتك ،فسكبت علينا اللعنععة ومععا أقسعمت
صععت عليععه شععريعة موسععى عبععد الع ،لننععا أن توقعه بنا ،كما ن ّ
أخطأنا إليك .وقد نفّذت قضاءك الععذي قضععيت بععه علينععا ،وعلععى
قضاتنا الذين توّلوا أمرنا ،جالبا علينا على أورشليم شرا عظيما
،لم يحععدث لعه مثيععل تحعت السعماء ، … .ولعم ] نتضعّرع إلعى [
وجهك أيهععا الععرب إلهنععا ،تععائبين عععن آثامنععا وُمتنّبهيععن لحقععك ،
فأضمرت لنا العقاب ،وأوقعته بنا لنك إلهنا الباّر في كل أعمالععك
،التي صنعتها لننا لم نستمع إليك ".
ع هنا ُيخبر دانيعال ععن العقععاب علعى اعتبعار معا سععيكون ،وبعأنه
قضاء كان موسى عليه السلم قد أخبر عنه في كتابه ،وموضحا
السباب التي أوجبت العقععاب ،وأن العقععاب س عُيرفع ،لععو سععبقته
التوبة ،ويقّرر أن ال عادل في عقابه لشعبه المختار .
قيام دولة اليهود الثانية :
ص متداخل ،على ما يبععدو أنععه تكععرار ع النص التالي هو تكملة لن ّ
لنفس نص الرؤيا الولى أعله ،لم أسععتطع تتّبععع بععداياته بدقععة ،
يتحّدث عن حروب وعن ملععك مععا ،لععم أسععتطع تحديععد مععاهيته أو
مخرجه ،ولكن من قراءة النص اللحق ،يتبين أنه الذي تسععبب
فععي زوال الحكععم السععلمي وقيععام دولععة إسععرائيل فععي فلسععطين .
ويصف هذا النص بدقة ،الواقع الحععالي لهععل فلسععطين وللعععرب
والمسلمين إجمعال ،ويحمعل بشعرى لهعم ،بالنصعر والفعرج معن
عند ال ،عندما يحين موعد نهايععة الدولععة اليهوديععة ،ومععا كععان
368
عودة اليهود لفلسطين إل امتحانععا ،ليميععز الطيععب مععن الخععبيث ،
والمؤمن من المنافق .
" دانيععال :31 :11 :فُتهععاجم بعععض قععّواته حصععن الهيكععل
جسععه ،وتزيععل المحرقععة الدائمععة ) أي الحكععم السععلمي ( ، وتن ّ
وتنصعععب الرجعععس الُمخعععّرب ) أي دولعععة إسعععرائيل ( .وُيغعععوي
بالُمداهنععة المعتععدين علععى عهععد الععرب ) اليهععود ( ،أّمععا الشعععب
) الفلسطينيون ( الذين يعرفون إلههم فإّنهم يصمدون وُيقععاومون
.والعارفون منهععم ُيعّلمععون كععثيرين ،مععع أّنهععم ُيقتلععون بالسععيف
والنار ،ويتعّرضون للسر والنهب أّياما ) سنين معععدودة ( ،ول
يتلقون عند سقوطهم ) قتلى وجرحى ( ،إل عونا قليل ،وينض عّم
إليهععم كععثيرون نفاقععا ) حععال العععرب ( ،ويعععثر بعععض الحكمععاء
تمحيصا لهم وتنقية ،حتى يأزف وقت النهاية ) نهاية إسرائيل (
،في ميقات ال المعّين ) أي عند مجيء وعد الخرة ( " .
حتمية نهاية إسرائيل على يد العراقيين :
" دانيال :36 :11 :ويصنع الملك ) ملععك إسععرائيل ( مععا يطيععب
ظععم علععى كععل إلععه وُيجعّدف بالعظععائم علععى إلععه اللهععة ، له ،ويتع ّ
وُيفلح إلى أن يحين اكتمال الغضب ،إذ ل بّد أن يتم ما قضى العع
بععه ،ولععن يبععالي هععذا الملععك بآلهععة آبععائه ، … ،إّنمععا يكععرم إلععه
الحصون بدل منهم ) أي يّتكل على القوة ( . … ،وعندما تأزف
ض عليععه ملععك الشععمال ،النهايععة ُ ،يحععاربه ملععك الجنععوب ،فينقع ّ
كالزوبعععة بمركبععات وفرسععان وسععفن كععثيرة ،ويقتحععم ديععاره
كالطوفععان الجععارف .ويغععزو أرض إسععرائيل ،فيسععقط عشععرات
اللععوف صععرعى ،ول ينجععو منععه سععوى ،أرض أدوم وأرض
معععوآب ،والجعععزء الكعععبر معععن أرض عمعععون ) ممالعععك الردن
369
القديمة ( ،يبسط يده على الراضي ،فل تفلععت منععه حععتى أرض
مصر .ويستولي على كنوز الذهب والفضععة ،وعلععى كععل ذخععائر
مصعععر ،ويسعععير الليعععبيون والثيوبيعععون فعععي ركعععابه ) ليبيعععا
والسودان ( ،وتبلغه أخبععار مععن الشععرق ومعن الشععمال ،فيرجععع
بغضععب شععديد ،لُيععدّمر ويقضععي علععى كععثيرين ،وينصععب خيمتععه
الملكية ،بين البحر وأورشليم ،ويبلغ نهاية مصيره ) الوفاة ( ،
وليس له من نصير " .
ع يبدو أن هذا النص يتحّدث عن آخر رئيس لسرائيل ،وهو ملك
ل يععؤمن إل بععالقوة ول يتك عّل إل عليهععا ،والنععص يصععف الغععزو
العراقي القعادم لسعرائيل ،وسعيطرة رئيعس الععراق علعى معظعم
بلدان المنطقة وحكمه لها ،واتخاذه القدس عاصمة لملكه ،ومن
ثم موته موتا ،ل قتل .وأما ذكر ملكين من الشععمال والجنععوب ،
فهو ناتج عن ارتباك كتبة التوراة ،في تحديد هوية هععذا الملععك ،
والععذي تععبين لععدينا مععن النبععوءات السععابقة ،أن هنععاك ملكيععن
سيقومان بغزو إسععرائيل ،الول هععو ملععك بابععل ،وكععان مخرجععه
حسب إشعياء من الشرق ،وكععان غععزوه لسععرائيل حسععب ارميععا
من الشمال ،وهععذا يفيععد بععأنه خععرج مععن الشععرق ،وغزاهععم مععن
الشمال عن طريق سوريا حيث كان ُمعسكرا ،في منطقة حمععاة .
والملك الثاني هععو جععوج رئيععس مععاجوج أي الرئيععس الروسععي ،
الذي سيغزوهم من أقصى الشمال ،ومععع أن كععل منهمععا ،حععادث
منفصل عن الخر ،إل أنهم جمعوهما فعي نعص واحعد ،بطريقعة
مربكة للقارئ ،وهذا أدى إلى حيرة الدارسععين والبععاحثين الجععدد
لهذه النصوص ،في محاولتهم لمعرفة ظروف الحععرب العالميععة
ي النععزاع فيهععا وأحلف كععل منهععم ،وهععذا
الثالثععة ،ولتحديععد شععق ّ
النص تكرار لنص تفسير جبريل للرؤيا الذي تقّدم أعله .
370
" :9 :12اذهب يا دانيال ،لن الكلمات مكتومة ومختومة إلى
حصععون بالتجععارب وقت النهاية .كثيرون يتطّهرون ويتنّقون وُيم ّ
) ُيمتحنون ( ،أما الشرار فيرتكبععون شععرا ول يفهمععون ،ولكععن
ذوو الفطنة ُيدركون ] يفهمون [ " .
ع يؤكد هذا النص ،أن الحداث التي أخبر عنها ،ستأخذ مكانهععا
في زمان النهاية ،وسُيمتحن من خللها أناس كععثيرون ،فمنهععم
من يقع بشّر أعماله ،ومنهم مععن ينجععو بجميععل صععنعه وفهمععه ،
واختيععاره للطريععق الصععوب ،بنععاًء علععى مععا جععاء فععي هععذه
النبوءات .
بعض رؤى ونبوءات النبياء الصغار
وهم اثنا عشر نبيا ،وعلى ما يبدو أنهم ُبعثوا فععي الفععترة ،الععتي
كان لليهود فيها تواجد في جزئي في القدس ،وتمتعوا فيها بحكم
شععبه ذاتععي ،للقلععة الععتي بقيععت فيهععا ولمععن عععادوا مععن السععبي
البابلي ،وامتدت هذه الفترة ،ما بعد السبي البابلي ،إلى ما قبععل
س عّموا بالنبيععاء الصععغار ،كععونبعععث عيسععى عليععه السععلم ،و ُ
أسفارهم صغيرة الحجم ،حيث يتراوح عدد صععفحات كععل منهععا ،
ما بين ) ( 12-2صفحة ،ومعظم رؤاهم ونبوءاتهم تتحدث عععن
أحداث آخر الزمان ،المرتبطة بعودتهم الثانية إلى فلسطين :
سفر يوئيل
وصف أصحاب البعث الثاني :
" هذا ما أوحى به الرب ،إلى يوئيععل بععن فثوئيععل :اسععمعوا هععذا
أّيها الشيوخ ،وأصغوا يا جميع أهل الرض … ،
371
:15 :1يا له من يوم رهيب ،لن يوم الرب قريب ،حامل معععه
الدمار من عند القععدير … ،اصععحوا أيهععا السععكارى ،وابكععوا يععا
جميع مدمني الخمر … فإن أمًة قويععة قعد زحفعت علععى أرضعي ،
ُأمة قوية ل ُتحصى لكثرتها ،لها أسنان ليث وأنياب لبؤة … ،
:2 :2هو يوم ظلمة وتجّهم ،يوم غيوم ُمكفهّرة وقتام دامععس ،
فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ،كما يزحف الظلم علععى الجبععال ،
أّمة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ،تلتهم النار مععا أمامهععا ،
وُيحرق اللهيب ما خلفهععا ،الرض أمامهععا جنععة عععدن ،وخلفهععا
صحراء موحشة ،يثبون على رؤوس الجبال ،فععي جلبععة كجلبععة
ش ،وكجيععش عععات المركبععات ،كفرقعععة لهيععب نععار يلتهععم القعع ّ
ف للقتال .تنتاب الرعدة منهم كععل الشعععوب ،وتشععحب كععل ُمصط ّ
الوجععوه ،ينععدفعون كالجبععابرة وكرجععال الحععرب ، … ،ينسعّلون
ضععون علععى المدينععة ،بيععن السععلحة مععن غيععر أن يتوقفععوا ،ينق ّ
ويتواثبععون فععوق السععوار ،يتس عّلقون الععبيوت ،ويتس عّللون مععن
الكععوى كاللصععوص ،ترتعععد الرض أمععامهم وترجععف السععماء ،
جنده ل ُيحصععى … ،يجهر الرب بصوته في ُمقّدمة جيشه ،لن ُ
لهم عدد ،ومن ُينّفذ أمره يكععون ُمقتععدرا ،لن يععوم الععرب عظيععم
ومخيف ،فمن يحتمله ؟! " .
ض فيععه ، ع يوم الغضب الذي يصفه يوئيل ،هو اليوم الذي سععتنق ّ
تلك المة القوية ،لتنفيذ وعد الخرة ،في شعب ال المختار .
الشننارة إلننى موعنند زوال دولننة إسننرائيل
فلكيا :
" يوئيل :30 :2 :وأجري آيات فععي السععماء ،وعلععى الرض ،
دما ونارا وأعمدة دخععان .وتتحععول الشععمس إلععى ظلم ) كسععوف
372
الشمس ( ،والقمر إلى دم ) وخسوف القمر ( ،قبل مجيععء يععوم
الرب العظيم الُمخيف .إّنما كععل معن يععدعو باسععم الععرب يخلععص ،
لن النجاة تكون في جبل صهيون وفي أورشليم …
ع ع ُيشععير هععذا النععص إلععى أن نهايععة إسععرائيل ،سيسععبقها بعععض
الشععارات والععدلئل ،فععي السععماء وفععي الرض ،أمععا الشععارات
الرضية ،فهي قتل وسفك دماء ،ودمار ونار ،وحرائق ودخان
،وأما الشارات السععماوية ،فهععي أول كسععوف كّلععي للشععمس ،
يليععه خسععوف كّلععي للقمععر ،تتععم مشععاهدتهما مععن فلسععطين علععى
التععوالي ،والملفععت للنظععر أن الشععارات السععماوية قععد وقعععت
بالفعععل ،فالكسععوف الكلععي للشععمس ،حععدث بتاريععخ / 8 / 11
1999م ،وتبعه خسوف كلي للقمععر بتاريععخ ، 2001 / 1 / 9
صععل هععذا الحععدث علععى
ولول مرة بعد قيام الدولة اليهودية ،يتح ّ
هذا النحو ،وهو ما لن يتكّرر قبل 180سنة على القل .
فلسطين مسرح الحرب العالمية الثالثة :
:1 :3لّنه في تلك اليام ،وفععي ذلععك الحيععن ،عنععدما أرّد سععبي
يهععوذا وأورشععليم ،أجمععع المععم كّلهععا ،وأحضععرهم إلععى وادي
يهوشعععافاط ،وأحعععاكمهم هنعععاك ،معععن أجعععل شععععبي وميراثعععي
إسرائيل ، … ،نادوا بهذا بيععن المععم ،وتععأهبوا للحععرب ، … ،
أسرعوا وتعالوا من كل ناحية ، … ،لتنهععض المععم وتقبععل إلععى
وادي القضاء ، … ،تعالوا ودوسوا ،فععإن المعصععرة الخمععر قععد
امتلت ،والحياض فاضت بكثرة شّرهم …
ع يوم الغضب يشمل أيضا ،مععا سععيقع مععن غضععب إلهععي لحععق ،
على بقية شعوب الرض .
373
عننودة المننن والطمأنينننة لفلسننطين بعنند
الحرب :
وتقطر الجبال في ذلك اليوم خمرة عذبة ،وتفيض التلل باللبن ،
وجميععع ينععابيع يهععوذا تتععدفق مععاء ،ويخععرج ينبوعععا مععن هيكععل
الععرب ،يععروي واد السععنط ،وتصععبح مصععر خرابععا ،وأدوم قفععرا
موحشا ،لفععرط مععا أنزلععوه مععن ظلععم ، … ،ولنهععم سععفكوا دمععا
بععريئا فععي ديععارهم .أمععا يهععوذا فععإّنه يسععكن الرض إلععى البععد ،
وتعمر أورشليم مدى الجيال ،وُأزّكي دمهم الذي لم ُأبععّرئه ،لن
الرب يسكن في صهيون ) كناية عن الدين ( " .
رؤيا حبقوق
وصف الفساد وأصحاب البعث الثاني :
" :3-11 :1أينما تلّفت أشهد أمامي جورا واغتصععابا ،ويثععور
حولي خصام ونزاع ،لذلك بطلت الشريعة ) تعطّلت ( وباد العععدل
،لن الشرار ُيحاصرون الصعّديق ،فيصعدر الحكعم ُمنحرفععا عععن
ق.الح ّ
جبوا وتحّيروا ،لني ُمقبل على إنجععاز تأّملوا المم وأبصروا ،تع ّ
أعمال ،في عهدكم ،إذا ُأخبرتم بها ل تصعّدقونها .فهععا أنععا ُأثيععر
الكلععدانيين ،هععذه المععة الحانقععة الُمندفعععة ،الزاحفععة فععي رحععاب
الرض ،لتستولي على مساكن ليست لها ،أّمة ُمخيفة ُمرعبععة ،
حكمها وعظمتها من ذاتها .خيولهعا أسععرع معن النمععور ، تستمّد ُ
وأكثر ضععراوة معن ذئاب المسععاء ،فرسععانها ينععدفعون بكبريععاء ،
قعععادمين معععن أمعععاكن بعيعععدة ُ ،متسعععابقين كالنسعععر الُمسعععرع ،
للنقضععاض علععى فريسععته ُ ،يقبلععون جميعهععم ليعيثععوا فسععادا ،
ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ،فيجمعععون
374
أسرى كالرمل .يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ،ويسععخرون
مععن الحصععون ،يجعلععون حولهععا تلل مععن الععتراب ،ويسععتولون
عليها .ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ،فقوة هؤلء الرجال هععي
إلههم " .
" 3 :2لن الرؤيععا ل تتحّقععق إل فععي ميعادهععا ،وتسععرع إلععى
نهايتها ،إنهععا ل تكععذب ،وإن تععوانت فانتظرهععا ،لنهععا ل بعّد أن
تتحّقق ،ولن تتأخر طويل " .
عننودة السننلم بخننروج المهنندي مننن مكننة
وانتصاره في جميع حروبه :
" :3-13 :3قد أقبل ال من أدوم ) الردن ( ،وجاء الق عّدوس
مععن جبععل فععاران ) مكععة ( ،غمععر جللععه السععماوات ،وامتلت
الرض مععن تسععبيحه ،إن بهععاؤه كععالنور ،ومععن يععده يععومض
شعاع ،وهناك يحجب قّوته .يتقّدمه وبأ ،والموت يقتفي خطاه .
وقععف وزلععزل الرض ،تفععّرس فععأرعب المععم ،انععدّكت الجبععال
البدية ،وانهارت التلل القديمة ،أما مسععالكه فهععي منععذ الزل ،
شععقق أخبيععة ديععار مععديان لقد رأيت خيام كوشان تنوء بالبليععة ،و ُ
ترجف رعبا " .
ع هذا النص مشابه للنععص النبععوي الععذي ورد فععي سععفر التثنيععة ،
بداية هذا الفصل ،فعبععارة ) جععاء القعّدوس ( ُ ،تشععير إلععى عععودة
الدين ،وعبارة ) معن جبععل فععاران ( ُ ،تحعّدد مكععان ظهععور القععائم
على أمره ،وهي جبال الجزيرة العربيععة ،أمععا عبععارة ) قععد أقبععل
العع ( ،فتعنععي قععدوم شععيء مععن أمععر العع ،كععالبعث أو الملععك
المنتظر ،وعبارة ) من أدوم ( أي من الردن ُ ،تشير إلى الجهععة
التي سيأتي منها البعععث ،أو الععتي سععيأتي منهععا المهععدي لععدخول
375
صععل
سععر وُيف ّ
القععدس ،وعلععى مععا يبععدو أن هععذا النععص ،جععاء لُيف ّ
النبوءة ،التي جاءت على لسان موسى عليه السلم ) وأتى مععن
ربععوات القععدس ،وعععن يمينععه نععار شععريعة لهععم ( ،وتؤكععد أن
المهدي ،سيظهر في مكة ،ومن ثم سينتقل إلععى القععدس ،لُيعيععد
للسلم مجده وبهاءه ،ولُييدد بنوره ،عصورا من ظلم القلععوب
والعقول .
رؤيا صفنيا
وصف إفساد إسرائيل والوعد بعقابها :
:1-4 :3ويل للمدينة الظالمة الُمتمّردة الدنسة ،التي ل ُتصعغي
لصوت أحد ،وتأبى التقويم ،ول تتك علّ علععى الععرب ،ول تتق عّرب
من إلهها ،رؤساؤها في داخلها ُأسععود زائرة ،وقضععاتها كععذئاب
المساء الجائعة ،التي ل تبقي شيئا ،من فرائسها إلى الصععباح ،
أنبياؤهعععا مغعععرورون وخونعععة ،وكهنتهعععا ُيدّنسعععون المقعععدس ،
ويتعّدون على الشريعة …
" :2 :1يقععول الععرب :سععأمحو محععوا كععل شععيء عععن وجععه
الرض . … ،أمّد يدي ُلعاقب يهوذا وكل أهل أورشليم ،وُأفني
مععن هععذا الموضععع بقيععة عبععدة البعععل ،وكععل كهنععة الععوثن ، … .
فتصبح ثروتهم غنيمة ،وبيتهم خرابا " .
مباغتة وسريعة : الحرب القادمة ُ
:14-18 :1إن يوم الرب العظيم قريب ،وشععيك وسععريع جععدا .
دويّ يوم الرب ُمخيف ،فيه يصرخ الجبار مرتعبععا ،يععوم غضععب
هو ذلك اليععوم ،يععوم ضععيق وعععذاب ،يععوم خععراب ودمععار ،يععوم
ظلمععة واكععتئاب ،يععوم غيععوم وقتععام ، … .فيععه ُأضععايق النععاس
376
ق الرب ،فتنسكب دماؤهم فيمشون كالعمي ،لنهم أخطئوا في ح ّ
كالتراب ،ويتناثر لحمهم كالجّلة .ل ُينقذهم ذهبهم ول فضععتهم ،
في يوم غضب الععرب ،إذ بنععار غيرتععه ُتلتهععم كعّل الرض ،وفيععه
يضع نهاية ُ ،مباغتة كاملة سريعة ،لكّل سكان المعمورة " .
سععرون الغربيععون ،ع اعتمادا على هذا النععص ،يعتقععد معظععم المف ّ
بأن الحععرب العالميععة القادمععة ،سععتكون مباغتععة وسععريعة جععدا ،
وستحسععم فععي فععترة زمنيععة قصععيرة جععدا ُ ،تع عّد باليععام .وقصععر
المدة ُ ،يشير إلى حتميععة اسععتخدام أسععلحة الععدمار الشععامل بكافععة
أشكالها .
جي
سفر ح ّ
إعننادة بننناء الهيكننل طمعننا فنني الننذهب
والفضة :
" :7-8 :1هكذا يقول الرب القدير :تأملوا فيما فعلتم ،اصعدوا
جد … الجبل ،واجلبوا خشبا وشّيدوا الهيكل ،فأرضى عنه وأتم ّ
:5-9 :2بمقتضى عهدي الذي أبرمته معكم ،عندما خرجتم من
ديععار مصععر ،إن روحععي مععاكث معكععم ،فل تفزعععوا .لنععه هكععذا
يقععول الععرب :هععا أنععا ُمزمععع معّرة أخععرى ،عّمععا قليععل أن ُأزلععزل
السععماء والرض والبحععر واليابسععة ،وأن ُأزعععزع أركععان جميععع
المم ،فُتجلب نفائسهم إلى هذا المكععان ،وأمل الهيكععل بالمجععد ،
فالذهب والفضة لي يقول الرب القدير ،ويكون مجد هععذا الهيكععل
الخير ،أعظم من مجد الهيكل السابق ،وأجعل السلم يسود هذا
الموضع ،يقول الرب القدير " .
377
ع هذا النععص الُمحعّرف ،ممععا يّتخععذه اليهععود كععدعوة لعععادة بنععاء
الهيكععل ،والحقيقععة أن العع أمرهععم بعبععادته وإقامععة شععريعته ،
ولكنهععم يعبععدون الععذهب والفضععة ،ومسععتودعها هععو الهيكععل ،
ويسعون لبناءه لجعله مصرف دولي أو بورصععة عالميععة ،وهععذا
كان حالهم عند مجيء المسيح عليه السلم ،وكما هو موصععوف
بالنجيل ،وأما النص غير الُمحّرف ،الذي يخععبرهم فيععه ربهععم ،
بأنه ل يريد منهععم هيكل ،وإنمععا يريععد منهععم صععلحا وإصععلحا ،
فهو موجود أيضا في نفس السفر ،بعد أسطر قليلة وهذا نصه :
" :14-15 :2هذا هو حال الشعب ، … ،فكّل أعمال أيععديهم ،
ومععا ُيقعّدمونه نجععس .والن تععأملوا فيمععا صععنعتم اليععوم ،وفيمععا
صنعتم في اليععام السععالفة ،قبععل أن تضعععوا حجععرا فععوق حجععر ،
لبناء هيكل الرب !!! " .
سفر زكريا
تحذير يهود هذا الزمان علننى لسننان زكريننا
عليه السلم :
ب أشّد الغضب على آبائكم ،ولكن ُقل لهم :2-6 :1لقد غضب الر ّ
ي فأرجع إليكم .ول تكونععوا هذا ما ُيعلنه الرب القدير :ارجعوا إل ّ
كآبائكم ،الذين حّذرهم النبياء السابقون ،قائلين :ارجعععوا عععن
طرقكععم الباطلععة ،وأعمععالكم الشعّريرة ،ولكّنهععم لععم يسععمعوا ولععم
ُ
ي … ،ألم تععدركوا أقععوالي وفرائضععي ،الععتي أمععر بهععا ُيصغوا إل ّ
عبيدي النبياء آباءكم ،قائلين :لقد نّفذ الععرب القععدير ،مععا عععزم
أن ُيعاقبنا به ) في المرة الولععى ( ،بمقتضععى مععا ارتكبنععاه ،مععن
أعمال باطلة " .
378
" :8 :7هذا ما يقوله الرب القدير :اقضوا بالعدل ،ولُيب عِد كععل
منكم إحسانا ورحمة لخيه .ول تجوروا علععى الرملععة واليععتيم ،
والغريععب والمسععكين .ولكنهععم أَبععْوا أن ُيصععغوا ،واعتصععموا
سععوا
بعنععادهم غيععر عععابئين ،وأصععموا آذانهععم لئل يسععمعوا .وق ّ
ب غضععب عظيععم مععن قلوبهم كالصّوان لئل يسمعوا ، … ،فانصع ّ
لدن الرب القدير … ،وأضحت الرض المبهجة قفرا " .
مصير الشعب اليهودي في إسرائيل :
" :7-9 :13ويقول الرب القدير :استيقظ أيها السيف ،وهاجم
ي ورجل رفقتي ،اضرب الراعي فتتبّدد الخراف ،ولكّني أرّد راع ّ
صغار ) أي المستضعفين ( .يقول الرب :فيفنععى ُثلثععا يدي عن ال ّ
شعب أرضي ،ويبقى ُثلثهم حيا فقط .فُأجيز هذا الثلث في النار ،
حص الذهب " . حصه كما ُيم ّ
ُلنقيه تنقية الفضة ،وأُم ّ
ع هذا النص ُيشير إلى الوعد الثععاني وعقععابه ،حيععث يفنععى ثلثععان
وينجو ثلث ،وهذا الثلث ُيمتحن بمجيء الدجال ،فيفنى من تبععه
منهم ،وينجو منهم من يعتنق السلم .
سلب منكععم " :1 :14انظروا ها يوم ُمقبل للرب ُ ،يقسم فيه ما ُ
في وسطكم .لني أجمع المم علععى أورشععليم لتحاربهععا ،فُتؤخععذ
المدينة وُتنهب البيوت ،وُتغتصب النساء ،وُيسبى نصععف أهلهععا
إلى المنفى ،إّنما ل ينقرض بقية الشعب من المدينة " .
الحرب العالمية النووية الثالثة :
سععري
عع يعتقععد ُمجمععل الغربيععون مععن يهععود ومسععيحيين ،مععن مف ّ
النصوص التوراتية ،أن حربا نووية ستقع في المستقبل القريب
،تبععدأ بهجععوم علععى إسععرائيل ،مععن قبععل روسععيا وحلفائهععا مععن
379
الشرقيين ،المذكورين في النصوص السععابقة .وسععتكون نتيجععة
هذه الحرب ،هي انتصععار إسععرائيل وحلفائهععا الغربّيععون ،وفيمععا
بعض النصوص ،التي ُتخبر عن ظروف هذه الحرب .
" :1-6 :12هععا أنععا ُمزمععع ،أن أجعععل أورشععليم كععأس خمععر ،
تترّنح منها جميع الشعععوب الُمحيطععة بهععا ، … ،فععي ذلععك اليععوم
أجعل أورشليم كصخرة ثقيلة ،تعجز عن حملها جميع الشعععوب .
ق شّقا ،ويتأّلب عليهععا جميععع شعععوب وكل من ُيحاول حملها ينش ّ
الرض ،فععي ذلععك اليععوم ،يقععول الععرب ُ :أصععيب كععل فععرس مععن
جيوش العداء بالرعب ،وفارسه بالجنون ، … ،أجعل عشععائر
ب بيععن أكععداس الحنطعة ،فيلتهمععون يهععوذا ، … ،كمشعععٍل ملتهع ٍ
الشعوب من حولهم ،ممن عن يمينهم وعن يسارهم ،بينما تظّل
أورشليم ،آمنة آهلة في موضعها " .
ن هذا النص ُيشير إلى أن إسرائيل ،سُتهاجم معن قبععل أمععم ع مع أ ّ
كثيرة ،فينتصر الرب لورشليم وعشائرها ،وتبقى آمنة مطمئنة
،لكن في النصوص التي تلي هذا النص ،تجد نواحا ونحيبعا معن
قبععل ذريععة داود ،والنععواح والنحيععب ل يكععون عععادة مععن شععدة
الفرح ،وإنما من شدة اللم ،لوقوع فاجعة ما حّلععت بهععم ،وفععي
النص التالي ،وصفا لهذا النواح :
" :11 :12في ذلك اليوم يكون النععواح فععي أورشععليم ،ممععاثل
للنواح في هدد رّمون في سهل مجّدو ،فيشيع النحيب بيععن أهععل
البلد " .
عع وحسعب معا يعتقعد اليهعود والنصعارى ،فعإن هعذا النعص ُيحعّدد
سععععاحة المعركععععة البريععععة ،فععععي الحععععرب القادمععععة الُمسععععّماة
380
) هرمجدون ( ،بين إسرائيل وأعدائها ،في سععهل مج عّدو شععمال
فلسطين .
" :12 :14وهععذا هععو البلء الععذي ُيعععاقب بععه الععرب ،جميععع
الشعععوب الععذين اجتمعععوا علععى أورشععليم :تته عّرأ لحععومهم وهععم
واقفععون علععى أرجلهععم ،وتتآكععل عيععونهم فععي أوقابهععا ،وتتلععف
ألسنتهم في أفواههم :13 .في ذلععك اليععوم ُيلقععي الععرب ،الرعععب
في قلوبهم ،حتى ترتفع يد الرجل ضد رفيقه فيهلكان معععا :14 .
وُيحارب أبناء يهوذا أيضا دفاعا عن أورشليم ،ويغنمون ثروات
من المم الُمحيطة " .
ع ُيشّكل هذا النص توليفة غريبععة ،مععن صععنع الكتبععة .فععالفقرة )
(12تصف ما ُيشبه تععأثير تععّرض الجسععم لحععرارة شععديدة جععدا .
والية ) (13تصف ما ُيشبه قيام الساعة .والفقرة ) (14وكأنهععا
نص مأخوذ ،مما يلي الفقرة ) (16في النععص اللحععق ،إذ كيععف
يقوم أبناء يهوذا بمحاربة الجثث المحترقة !!!
" :13 :9ها أنا ُأتر يهوذا كقوس ،وأجعل أفرايم كسهم ،وُأثير
رجال صهيون على أبناء اليونان ،فتكونين كسيف جّبععار ، … .
:15يقيهععم الععرب القععدير حجععارة المقلع ،بععل تقصععر عنهععم
ويطئونها ،ويشععربون ويصععخبون كالسععكارى مععن الخمععر ) مععن
ب إلههم لنهععم نشوة النصر ( :16 .في ذلك اليوم ُ ،يخّلصهم الر ّ
شعبه وقطيعه ،ويتألقون في أرضه كحجارة كريمة مرصّعععة فععي
تاج ،فما أجملهم وأبهاهم ! " .
عع هععذا النععص يصععف رجععال ُ ،يقععاتلون أبنععاء اليونععان ،أي ليععس
آباءهم ،واليونان هععم الغععرب ،وُيمّثلهععم الن أمريكععا وبريطانيععا
381
وحلف الناتو ،وهم كمععا نعلععم حلفععاء لسععرائيل ،فكيععف سععيقاتل
حلفائهم من أبناء اليونان ؟ رجال صهيون ُ ،
ع ملخص ما ُتفصح عنه هذه النصوص :
بربط هذه النصوص مع النصوص السععابقة ،نجععد أن النصععوص
السابقة ُ ،تحّذر اليهود من الفسععاد فععي الرض ،ومععن ثععم ُتخععبر
بأن الفساد سععيقع منهععم ل محالععة ،ممععا ُيحتععم انسععكاب الغضععب
اللهي عليهم ،والنتيجة هي وفاة ثلثيهم ،ونجاة ثلعث ،وخعراب
أرضععهم ،بمعنععى نهايععة دولتهععم فععي فلسععطين ،وهععذا يعنععي أن
القدس ،ستكون في أيعدي أنعاس معن غيعر اليهعود ،وهعم العذين
أنهوا الوجود اليهودي فيها .
ومن ثم تبععدأ بالخبععار بععأن أورشععليم أي القععدس ،سععتكون محععط
أنظار جميع شعوب العععالم ،وبععأن شعععوبا كععثيرة ،سععتأتي لقتععال
أهلها والستيلء عليهععا ،فيهلكععوا جميعععا ،وتبقععى القععدس آمنعة
ععععامرة بسعععكانها .وهلك هعععذه الشععععوب سعععيكون باحتراقهعععا
بالسععلحة النوويععة ،وُيحععارب أهععل فلسععطين آنععذاك فععي معركععة
برية ،فُينصرون ويغنمون ويسلمون .
والخصم ُيحّدده النص الخير ،بأبنععاء اليونععان ،أي حلعف النعاتو
بقيادة أمريكا ،وُيخبر النص بأن ال سععيقي شعععبه المتواجععد فععي
فلسععطين ،مععن صععورايخ أعععداءهم وقنععابلهم ،ويكععون النصععر
حليفهم ،ومن ثم ُيخبر عن صععفة القععوم ،الععذين ُيحععاربون أبنعاء
اليونان ،وهي صفة ل تليق إل بالمسلمين .
382
بننناء الهيكننل تعننبير مجننازي والمننراد منننه
إقامة الدين وليس إقامة البناء :
" :14-17 :1هذا ما يقوله الرب القدير :إّنععي قععد غععرت علععى
أورشليم ،وعلى صهيون ) جبل المسجد ( غيرة عظيمة ) ،مععن
ن غضبي ُمتأجج على المم المتنعمة ) أجل ما فعلوه فيها ( ،ولك ّ
ح كععثيرا ( مععن وهععم علععى رأسععها ( .لقععد اغتظععت قليل ) والصع ّ
شعبي ،إل أّنهم زادوا من فواجعهم .لذلك يقول الععرب :سععأرجع
إلى أورشليم بفيض من المراحم ) بعودتهععا إلععى أهلهععا ( ،فُيبنععى
هيكلي ) فُيقام الدين ( ،وتعمر أورشععليم ) ُتّتخععذ عاصععمة للحكععم
السلمي ( ،واهتف قائل :هذا ما يقوله الرب القدير :ستفيض
ُمععدني خيععرا ثانيععة ويرجععع الععرب ،فُيع عّزي صععهيون ويصععطفي
أورشليم " .
ع وفيما يلي تكرار لنفس النععص ،ولكععن بععدون التشععويهات الععتي
أضافها الكهنة إلى النص أعله :
" :2-3 :8هذا ما يقوله الرب القدير :إّنني أغار على صهيون
غيرة عظيمة ُ ،مفعمة بغضب شديد على أعدائها ) وأعداءها هععم
اليهععود أنفسععهم ( .لهععذا يقععول الععرب القععدير :هعا أنععا عععائد إلععى
ق ،كما ُيدعى صهيون ُلقيم في أورشليم ،فُتدعى آنئذ مدينة الح ّ
جبل الرب القدير بالجبل الُمقّدس " .
ع وهذا سيكون عند ظهععور ملععك القععدس المنتظععر ،الععذي تتحعّدث
عنه النصوص التالية :
383
ماه وصفة ملكه : المهدي ومس ّ
" :8 :3فأصغ يا يهوشع رئيععس الكهنععة ،أنععت وسععائر رفاقععك
الكهنة الجالسين أمامك ،أنتم رجال آية ) أي شهود ( :وهععا أنععا
آتي بعبدي الذي ُيدعى الغصن " .
" :12-15 :6هكذا يقول الععرب القععدير :هععا هععو الرجععل الععذي
اسمه الغصععن ،ينبععت مععن ذاتععه ] وفععي الترجمععة الثانيععة /ومععن
مكانه ينبت [ ،ويبني هيكل الرب ) أي يقيععم الععدين ( .هععو الععذي
يبني هيكل الععرب ويتجّلععل بالمجععد ،ويكععون ملكععا وكاهنععا فععي آن
واحد ) أي خليفة قائم بأمر الدين والدنيا ( ،فيجلس ويحكم علععى
عرشه ،فيعمل بفضععل مشععورة رتبععتيه ) أي الملععك والكهانععة ( ،
على إشاعة السلم بين قومه .ويتوافد قوم من بعيد ليبنوا هيكععل
الرب .
ع وهذا الرجل ،غصن من شجرة محمد عليععه الصععلة والسععلم ،
وينبت في نفس المكان أي من جزيرة العرب ،التي ُيسّمونها في
التوراة ،جبال فاران .
" :19-22 :8ستكون مواسعم ابتهعاج وفعرح وأعيعاد سععيدة ،
ق والسلم . … ،فتتوافد يتمتع بها شعب يهوذا ،لهذا أحّبوا الح ّ
أمععم كععثيرة وشعععوب قوّيععة ،ليلتمسععوا وجععه الععرب القععدير ،فععي
ُأورشليم وليحظوا برضاه .
ع قارن ما بين النصين لتكتشف التحريف والتبديل ،حيث وضعوا
شعب يهوذا فعي النعص ) (22-19بعدل معن قععومه فععي النعص )
(15-12أعله ،وأضععافوا إلععى النععص الثععاني ،ابنععة صععهيون
وابنة أورشليم .
384
ملننك القنندس المنتظننر ،الننذي ُتخننبر عنننه
توراة اليهود ،هو المهدي :
" :9-10 :9ابتهجي جععدا يععا ابنععة صععهيون ،واهتفععي يععا ابنععة
أورشليم ،لن هو ذا ملكك ُمقبل إليك .هععو عععادل ظععافر ،ولكّنععه
وديع راكب على أتان .وأستأصل المركبات الحربية من أفرايععم ،
والخيل من أورشليم ،وتبيد أقواس القتال ،ويشععيع السععلم بيععن
المم ،ويمتّد ملكه من البحر إلى البحر ،ومععن نهععر الفععرات إلععى
أقاصي الرض " .
ع يقول اليهود أنه الملك الرب ،ويقول النصارى أنه عيسى عليه
السلم وقد تحقععق ذلععك ،والحقيقععة أن هععذه النبععوءة مسععتقبلية ،
ولم تتحقق لغاية الن ،فصاحبها هو المهدي ،الذي سععيقهر كععل
خصععومه ،ومععن ثععم يشععيع السععلم والمععن ،علععى امتععداد ملكععه
ب
الموصوف بالنص ،وهذا مما يجعل أي صععحوة إسععلمية ،تععد ّ
الرعب في قلوبهم الفزعة .
الدجال وصفته في التوراة :
" :16 :11فها أنا مزمع ،أن ُأقيم في الرض راعيععا ،ل يعبععأ
بععالغنم الشععاردة ،ول يفتقععد الحملن أو يجععبر المكسععورين ،ول
سمان منهم ،وينزع أظلفهععم ، ُيغذي الصحيح ،ولكنه يفترس ال ِ
ويل للراعي الحمق الععذي يهجععر القطيععع .ليبععتر السععيف ذراعععه
ف عينععه اليمنععى عععن
ويفقأ عينععه اليمنععى ،فُتيّبععس ذراعععه ،فتكع ّ
البصر " .
ب إلهي في موكب ،من جميع قّديسيه " ، … :5 :14ويأتي الر ّ
.في ذلك اليوم ،يتلشى نور الكواكب ،ول يكون برد ول صقيع
ب ،ل نهار فيه ول ليععل ، .ويكون يوم متواصل معروف عند الر ّ
385
إذ يغمر النهار ساعات المساء .في ذلك اليععوم تجععري ميععاه حيععة
ب نصععفها فععي البحععر الشععرقيّ ،ونصععفها فععي من أورشليم ،يص ّ
ب على الرض كلها ،فيكععون فععي ذلععك البحر الغربي ،ويملك الر ّ
ب واحد ل ُيذكر سوى اسمه " . اليوم ،ر ّ
" :16 :14فيصعععد النععاجون مععن المععم ،الععتي تععأّلبت علععى
أورشليم ،سنة بعد سنة ليعبدوا الملععك الععرب القععدير ،ويحتفلععوا
لت " .وإن تقاعسععت أّيععة عشععيرة مععن عشععائر أمععم بعيععد المظ ّ
الرض ،عن الصعود إلى أورشليم ،لتسجد للملك الرب القدير ،
يمتنععع المطععر عععن الهطععول علععى ديععارهم ،وإن أبععى أهععل مصععر
الصعود ،للشعتراك فعي الحتفعال ،يحعّل البلء العذي ُيععاقب بعه
لت … ،ول يبقى الرب المم ،التي ل تجيء للحتفال بعيد المظ ّ
جار في ذلك اليوم " . في هيكل الرب القدير ت ّ
ع من يملك درايععة بالحععاديث النبويععة الخاصععة بععآخر الزمععان ،ل
يشك بأن هذه النصوص بالرغم من تلعب الكتبة بها وتشععويهها
،تصععف حععال الععدجال ،ومععا يملععك مععن خععوارق ،فععي الفقرتيععن
الولى والثالثة ،فهو يأتي لُيفسد في الرض ،وهو أعور العيععن
الُيمنى .يومه الول كسنة ليس فيه تعاقب لليععل والنهععار ،وبيععن
يعديه نهعران ،نهعر معن معاء ونهعر معن نعار ،ويعّدعي الربوبيعة
ويجوب الرض كلها ،وإن امتنعع قعوم معن السعتجابة لعه ،أمعر
السماء فأمسكت ،وأصبحت سععمان مواشععيهم هزيلععة ،والعكععس
بالعكس .والنص الخير يدعوهم لعبادة هذا الملك الرب القععدير ،
فلذلك فهم ينتظرون ظهوره ،ويريدون استعجال المر ،ليحارب
أعدائهم ،كما كان ُيحارب عنهم في اليام الغععابرة ،وأمععا الفقععرة
الثانية ،فكأنها تصف يععوم القيامععة فععي قععوله تعععالى ) َيعْوَم ُتَبعّدُل
حعِد اْلَقّهععاِر )48ت َوَبعَرُزوا لِّع اْلَوا ِ
سعَمَوا ُ
ض َوال ّغْيَر اَْلْر ِ
ض َ
اَْلْر ُ
386
ظَلعٍل مِعنَ
ن ِإّل َأنْ َيعْأِتَيُهُم الُّع ِفععي ُ
ظُرو َإبراهيم ( ،وقوله ) َهْل َيْن ُ
جعُع اُْلُمععوُر )210 لع ُتْر َي اَْلْمعُر َوِإَلععى ا ِّضع َ لِئَكعُة َوُق ِ
اْلَغَمععاِم َواْلَم َ
البقرة ( .
النبننوءات التوراتيننة وأثرهننا فنني تشننكيل
وهة : القناعات والعقائد اليهودية المش ّ
هعذه النبعوءات التوراتيعة الواععدة ،شعكّلت أحعد أبعرز العقعد فعي
الشخصية اليهودية ،وهي التطلععع الععدائم إلععى الملععك والسععيادة ،
في أرض الميعاد .وهذه النبوءات ،كانت ُتس عّير اليهععود ،علععى
مععدى تععاريخهم الطويععل ،ومععا زالععت ،فععي حّلهععم وترحععالهم فععي
أرجاء الرض ،بحثا عن هععذا الُملععك التععوراتي الموعععود ،الععذي
نسجته أقلم الكهنة ،فظلموا أنفسهم وظلمععوا مععن جععاء بعععدهم ،
عميععان البصععر ممععن آمععن بععأن هععذا مععن عنععد العع ،لُيلقععي ُ
والبصيرة ،من أبنائهم هذه اليام ،مصيرهم المظلم والمحتععوم ،
والذي تقشعّر من وصفه في التععوراة ،أبععدان الععذين يعقلععون مععن
الناس .ولكععن اليهععود … ل يسععمعون … ول ُيبصععرون … ول
يعقلعععون … ول يفقهعععون … إل أكعععاذيب أربعععابهم معععن الكهنعععة
والحبار .ولذلك سيكون من ينجو منهم ،من عقاب وعد الخرة
جال عنععد ظهععوره بملكععه المععادي ،الععذي هععو ،صععيدا سععهل للععد ّ
القععرب للوصععف الععذي خطععه الكهنععة ،وهععو القععرب لهععوائهم
وأطمععاعهم ،الععتي لععم تختلععف قيععد أنملععة عععن أهععواء وأطمععاع
أسلفهم .
قراءة في العقائد اليهودية :
اليهود أقرب إلى القرار بوجععود الع مععن إنكععاره ،ولكععن معرفععة
الُمقِ عّر منهععم بععال محصععورة ،فععي إطععار مععا جععاء فععي التععوراة
387
والتلمود ،التي تصف ال بصفات ،أقرب مععا يكععون إلععى صععفات
الب البشري ،الذي يعطي ويعطف ويعفو ويصععفح ،ول يغضععب
علععى أبنععائه ،مهمععا بلغععوا مععن السععوء ،وُيخطععئ ولكنععه يعععود
ويعترف بخطئه فععي حععق أبنععائه ،ويرجععع عنعه ،وهععم يعتععبرون
أنفسهم البن البكر ،صاحب الحظوة عند الب كمععا هععي العععادة ،
ويتعاملون مع ال على هذا السععاس ،لفهمهععم الخععاطئ لمسععألة
التفضيل ،باختيارهم لحمل الرسالة السماوية ،ورعاية الع لهععم
فيما مضى من الزمان ،وتستطيع تصّور العقلية الععتي يتعععاملون
بها مع ال ،بعقلية البن الُمدّلل الناني الفاسد والمفسععد ،عععديم
البصر والبصيرة ،والذي ل يتوقع من أبيه الذى ،مهما ارتكععب
من أخطاء .حتى ولو حّذره والده مرارا وتكرارا ،من استمراره
على نفس الحال ،فهو ل يريععد أن ُيص عّدق أن هععذا الب المعطععاء
الحاني ،من الممكن يومععا مععن اليععام ،أن ُيعععاقب ابنععه المععدّلل ،
مهما كانت السباب .وتستطيع تصّور الكيفيععة الععتي يتعامععل بهععا
اليهود ،مع باقي البشر ،من خلل الكيفية التي يتعامل بهععا ذلععك
البن مع بععاقي أخععوته ،وهععذه الكيفيععة هععي مععا تجععده فععي تعععاليم
التلمود .
خر ،فمععؤدى وأخطر معتقدات اليهود ،هو عدم اليمان باليوم ال ِ
خععر ،هععو نكععران للبعععث بعععد المععوت ،ونكععران نكععران اليععوم ال ِ
للحسععاب ،ونكععران للجععزاء الخععروي ،والبععديل إن ُوجععد فهععو
الجزاء الدنيوي .وهذا مما يععؤدي إلععى العتقععاد بعبثيععة الخلععق ،
وعبثية اليمان بال أصل ،فل جدوى مععن الصععلح والصععلح ،
إن لم يكن هناك ثععواب ،ول ضععير مععن الفسععاد والفسععاد ،إن لععم
يكن هناك عاقبة ،وبعض من هذه الفكار اللحادية ،تجععدها فععي
التوراة فععي سععفر الجامعععة ،سععفر العبععث والعبثيععة .ولععذلك أخععذ
388
اليهود على عاتقهم ،مسؤولية الفساد فععي الرض دونمععا وازع
أو رادع ،بمععا أخفععاه مؤلفععو التععوراة مععن ذكععر لليععوم الخععر
ومتعّلقاته ،فالثواب حسب اعتقادهم ،هو مقدار مععا ينععالونه مععن
كسب دنيععوي بشععتى الوسععائل والسععبل ،والعقععاب هععو مقععدار مععا
يخسرونه من هذا الكسب .وحتى ُيجّنععب رب العععزة أّمععة السععلم
خطر هذا العتقاد ،اقترن ذكر اليمان بال بععذكر اليمععان بععاليوم
الخر والخععرة ،بصععريح اللفععظ 26معرة فعي القععرآن ،وتكععاد ل
تخلو سورة من ذكر متعّلقاته أو التذكير بها ،مععن بعععث وحسععاب
وجزاء ،ومعا يليعه معن عقعاب وثععواب .وانعععدام إيمععانهم بععاليوم
الخر ،أوجد لديهم الصفات السلبية ،التي تمتعوا بهععا علععى معرّ
العصععور ،مثععل الحععرص علععى الحيععاة ،والجبععن ،والبخععل ،
والسعي وراء الكسب المادي ،وانعدام المبادئ والقيم والصععفات
البشرية المحمودة .
وللتعععويض عمععا حععذفوه مععن الصععول العقائديععة الصععحيحة ،
وللتوفيععق مععا بيععن المعتقععدين السععابقين ،طععرح مؤلفععو التععوراة
والتلمود ،الكثير من الفكار اللحادية ،كفكرة الملك اللععه الععرب
من نسل داود ،الذي سيظهر بلحمه ودمه ،ليسكن جبل صهيون
في القدس ،ويحكم العالم إلى البد ،لينفوا بعبارة ) إلععى البععد (
أي أمععل لليهععود ليعتقععدوا بنهايععة الحيععاة الععدنيا ،وبوجععود حيععاة
أخرى هي التي تتصف بالبديععة ،ممععا أبهععم علععى العامععة مصععير
الروح بعد الموت ،فطرحوا حول مصيرها أفكار متضاربة ،هععي
أقرب إلى المعتقدات الوثنية ،منها إلى أي شيء آخر .
389
أثر هذه المعتقدات في الشخصية اليهودية
:
كععان السععبي البعابلي بمعا أحععدثه معن دمععار وتنكيعل وأسعر ،أكعبر
صدمة يتعرض لها الشعععب اليهععودي ،حيعث قلبععت كيععانهم رأسععا
على عقب ،ولم تقم لهم قائمة منذ ذلك اليوم ،حععتى تمكنععوا مععن
تحقيععق علععوهم الثععاني فععي فلسععطين ،ولععول مشععيئة ال ع الععتي
ينكرونها ما كان .والذي لم يكن يتخيله أو يتصوره اليهود آنذاك
وهم في قمة علععوهم الول ،أن يتخلععى عنهععم رب الجنععود ،وأن
يبعث عليهم أمة جافية الوجه ،لتعمل فيهم سععيف انتقععامه ،وأن
ُينزل بهم ضعة وذّل وخزيا ،بعد عزة وقوة وعلععو ،بععالرغم مععن
كل ذلك الععدلل -الموّثععق فععي التععوراة -الععذي أحععاطهم بععه ،منععذ
خروجهععم مععن مصععر ،ومععا أجععراه لهععم مععن معجععزات ،وعفععوه
سععبحانه عنهععم رغععم كفرهععم وعصععيانهم وعععدوانهم ،مععرارا
وتكرارا ،حتى أدخلهم إلى الرض المقّدسععة ،وأقععام لهععم مملكععة
بل جهد أو عناء .
وبالرغم من وضع نبوءة الفسادين وما يليهما من عقاب ،سيفا
إلهيا مسلطا على رقابهم ،لم ولن يرجعوا عن غيهم وطغيانهم ،
فهعععم مسعععكونون بمعععا تقعععّوله كهنتهعععم وأحبعععارهم وحاخامعععاتهم
) الحكماء ( ،على ال وعلى رسله ،وعلى كل مععا هععو مقعّدس ،
مما أدى إلى إصابتهم كأّمة ،بحالة معقعّدة مععن الفصععام العقلععي ،
من جراء اعتناقهم لمعتقدات خاطئة ،نتيجة ما زرعععه حكمععاؤهم
في التوراة والتلمود ،من خرافات وأسععاطير وآراء وتفسععيرات ،
هي أقرب ما يكون إلى الوهام والهلوس ،فأنبتت تلك المسععوخ
الشيطانية ،عديمة البصر والبصيرة ،التي اّتحدت وآمنت بشععكل
جمععاعي بمعتقععدات خاصععة بهععا ،تتنععافى مععع الطبيعععة البشععرية
390
السليمة ،فُرفضت واضطهدت من كل المجتمعات البشرية ،التي
ساءها ذلك السلوك الجماعي الشععاذ والمنحععرف لتلععك المسععوخ ،
وبالتالي لم تجد الشعوب ،حل لمشكلتهم ،إل الطرد والنفي ،أو
إجبارهععا بمراسععيم ملكيععة ،علععى التقوقععع والعيععش كالبهععائم فععي
حظائر المواشي ،المسماة بالغيتوهات أو الكيبوتس ،ومععع ذلععك
ن الغعرب أنهعم بإيجععاد غيتععو كععبير لهععم
لم ينجح هعذا الحععل ،وظع ّ
فلسطين ،ونفيهم إليه وحشرهم فيه ،سيتخلصون من مشععكلتهم
إلى البد ،ولكن تععبين لهععم بعععد فععوات الوان ،أنهععم كععانوا علععى
خطأ ،إذ أنهععم بعععد تمّكنهععم مععن إقامععة وطععن قععومي لهععم ،أصعرّ
معظمهم وخاصة الغنياء منهم على البقاء في الغععرب ،فأصععيب
نصارى الغرب مؤخرا بعدوى الفصعام اليهعودي ،لنهعم يملكعون
استعدادا وراثيا توراتيا لذلك ،لما يحملونه بدورهم من معتقععدات
خاطئة ،بنععاًء علععى مععا جععاء فععي النجيععل ،مععن أوهععام وهلوس
مشععابهة .لععذلك مععن الطععبيعي جععدا ،أن تععرى زعمععاء اليهععود
يصعععافحون الععععرب ،راسعععمين علعععى شعععفاهم تلعععك البتسعععامة
العريضة ،بينما أيديهم تقطععر مععن دم أبنععائهم وأخععوانهم ،وكععأن
شيئا لم يكن .
ما يعتقده اليهود بالنسبة لوجودهم الحالي
في فلسطين :
خلصة ما يعتقده اليهود هذه اليام ،وهم القععرب والكععثر فهمععا
لنبعوءات التعوراة ،لمعرفتهعم بعالطرق السعرية العتي ُكتبعت فيهعا
نصوص التوراة ،وما تضمنته من أسرار ورموز ،مفاتيح حلها
موجودة ،في كتب خاصة لديهم ،بناًء على ما تقّدم :
391
ُ .1تخبرهم بعععض نصععوص التععوراة بععأنهم ،بعععد العععودة مععن
الشتات ،ل محالة سُيفسدون ،وأن ال سععيبعث عليهععم مععن
ُيعاقبهم ،من العراق أو إيران أو كليهما .
ن ُملكهععم بعععد العععودة مععن .2وُتخععبرهم نصععوص أخععرى ،أ ّ
الشتات ،سينضوي مستقبل ،تحت لواء ملك من نسل داود
أو الملك الععرب القععدير ،يظهععر آخععر الزمععان ،يقععود اليهععود
وينتصر على أعداء إسرائيل ،في الحرب القادمععة ،ويحكععم
العالم أجمع من القدس ،ملكا أبديا ،يتصععف بععالحق والعععدل
والسلم ،وأن أوانععه قععد اقععترب ،ولتعجيععل ظهععوره ،ل بععد
لهععم مععن السععتيلء علععى أرض فلسععطين كاملععة ،وتفريععغ
شعبها منها .وهدم المسجد القصى ،وبنععاء الهيكععل ،لكععي
يتسععنى لهععذا الملععك تقععديم القربععان الُمقععّدس علععى مذبععح
الهيكل ،وهو أول عمل سيقوم به فور ظهععوره ،ويعتقععدون
جل بظهور هذا الملك . بأن سرعة إنجاز هذه المور ،سُتع ّ
.3وُتخبرهم نصوص أخرى ،أن هناك كم هائل من العداء ،
الذين سُيهاجمون إسرائيل مستقبل ،وسيكون النصر حليف
إسرائيل وحلفائها .لذلك فهم يعملون بل كلععل أو ملععل ،مععن
وراء السععتار الغربععي المريكععي البريطععاني ،لتععأمين هععذا
النصر الموعود .
ع لذلك ل بد لهم من أجععل مخالفععة النبععوءة الععتي تخععبر عععن دمععار
دولتهععم ،ومععن أجععل تحقععق النبععوءة ،الععتي تنسععب إليهععم الملععك
البدي ،الذي سيقوم في القدس في نهاية المر ،أن يعملوا :
.1علععى تقويععة إسععرائيل بإمععدادها بععالموال والتكنولوجيععا
العسكرية الُمتطّورة التقليدية والنووية .
392
.2على إجبار دول هؤلء العداء التوراتيععون علععى المععوالة
للغععرب ،ومععن ثععم المععوالة لسععرائيل عععن طريععق الععترغيب
والترهيب .
.3على حرمان الدول المعادية لسرائيل مععن هععذه القععدرات ،
وإضعاف هذه القدرات حين امتلكها وتدميرها .
.4علععى تععدمير السععتقرار الععداخلي لتلععك الععدول ،سياسععيا
واقتصاديا واجتماعيا ،إن تعّذر ذلك عسكريا .
ع ويعتقدون أن الخطر القادم يتمّثل بشكل أساسي في :
.1البلدان العربية والسلمية وعلى رأسها العراق .
.2البلدان الشععيوعية المناهضععة للديموقراطيععة الرأسععمالية ،
وعلى رأسها روسيا .
.3شخص الميععر الُمسععلم الععذي أخععبرت عنععه التععوراة ،بععأنه
سعععيخرج معععن جزيعععرة الععععرب ،ليملعععك مشعععارق الرض
ومغاربها .
وللسباب الثلثععة مجتمعععة ،عمععل اليهععود ومععا زالععوا يعملععون ،
على تواجد الساطيل والقواعد العسكرية المريكية البريطانيععة ،
بشععكل مكثععف فععي منطقععة الخليععج العربععي والجزيععرة العربيععة ،
وتركيا والبحر الحمر والبحر البيض المتوسععط سععابقا ولحقععا ،
لكي تمنع العراق من مهاجمة إسرائيل ،ولكعي تمنععع هعذا الميععر
المسععلم مععن الخععروج مععن أرض الجزيععرة ،وظهععور أمععره وأمععر
السلم من جديد .فكما أنهم أي اليهود ،سكنوا جزيرة العععرب ،
ليحاربوا جّده عليه الصلة والسععلم .فهععم الن متواجععدون فيهععا
تحت القناع المريكي ،في انتظار خروجه ،ليحععاربونه بل أدنععى
شك .ولقطع الطريق علععى الجيععش الروسععي عنععد هجععومه علععى
393
إسرائيل ،أما اّدعائهم بالتواجد في منطقة الخليج ،للحفاظ علععى
مصععالح الوليععات الُمتحععدة ،فععذلك لععذّر الرمععاد فععي العيععون ،
فمصالحهم محمّية بسواعد عربية ،وأوامرهم مطاعععة حععتى فععي
غرف النوم .
وغزو العراق لسرائيل ،الذي هو أول مشهد في الحلقة الخيرة
،من مسلسل اليهود التاريخي الطويل ،قد اقترب أوانه وأشععرف
زمععانه ،وهععم يعلمععون ذلععك مععن خلل الحسععاب ،ومععن خلل
الظواهر الفلكية ،كمعا علمعوا قعديما ععن طريعق الفلعك ،بموععد
مولده عليه السلم وموعد بعثه .
مياتها أعداء دولة إسرائيل التوراتيون بمس ّ
القديمة والحديثة حسب تفسيرهم :
.1بابععل وآشععور وبلد الكلععدانيين ورجععال فععارس عع العععراق .
) درجة أولى في العداء التععوراتي لسععرائيل ،وبامتيععاز مععع
ي الخليععج الولععىمرتبععة الشععرف ( .تععم تععوريطه فععي حرب ع ّ
والثانية ،وضرب المفاعل النووي ،وفرض حصار أبععدي ،
ويطمحون إلععى إبععادة شعععبه بالسععلحة النوويععة ،فععي أقععرب
فرصة ممكنة .ومشمول في قائمة الدول الراعية للرهاب .
.2روش وماشك وتوبال وكّل حلفائهما ،وبيت توجرمععة مععن
أقاصي الشمال ع دول التحععاد السععوفييتي السععابق ) .درجععة
ثانيععة ( .تععم تفكيععك التحععاد السععوفييتي ،وإضعععاف الحععزب
الشعععيوعي المنعععاهض للغعععرب ،وتعععدمير اقتصعععاد روسعععيا
وتوريطها مع صندوق النقد الدولي .وتوريطها فععي حربيععن
استنزافيتين في جمهورية الشيشان .
394
.3مععادي ،ملععوك الشععرق ععع إيععران ) .درجععة ثانيععة ( .تععم
توريطهععا فععي حععرب الخليععج الولععى ،ومقاطعععة اقتصععادية
أمريكية وعداء ُمعلن ،تشجيع الحركات الصلحية الهدامععة
،وإثارة الفتن والثورات الداخلية ،لشعععال حععروب أهليععة ،
طمعا في قلب نظام الحكم السلمي فيها ،وهي مشمولة في
القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب .
.4إثيوبيا عع السععودان ) .درجععة ثالثععة ( .مععا زالععت الحععروب
الهليععة الععتي يععدعمها الغععرب مشععتعلة فيهععا ،ومقاطعععة
اقتصععادية أمريكيععة وعععداء ُمعلععن ُ ،وقصععفت بالصععواريخ
المريكية في زمن ) كلينتون ( ،لتهامها بالتعاون مععع ابععن
لدن ،وهي مشمولة في القائمععة المريكيععة للععدول الراعيععة
للرهاب .
.5ليبيا ) .درجة ثالثة ( ٌقصفت من قبل الطععائرات المريكيععة
فععي زمععن الرئيععس المريكععي ) ريغععان ( ،تععم فبركععة حادثععة
تفجير الطععائرة ) لععوكربي ( ،واُتهمععت بتععدبيرها ،ومععن ثععم
ُفععرض عليهععا ،حظععر دولععي مععن مجلععس المععن ،ومقاطعععة
اقتصعادية أمريكيعة ،وهعي مشعمولة فعي القائمعة المريكيعة
للدول الراعية للرهاب .
.6أشععور وحلفائهععا عع سععوريا ) .درجععة ثالثععة ( .موضععوعة
على جدول مؤامراتهم القادمة ،وهي مشععمولة فععي القائمععة
المريكية للدول الراعية للرهاب .
.7عيلم وحلفاؤها ،ملوك الشرق ع أفغانستان وباكسععتان ) .
درجة ثالثة ( .حظر ومقاطعة اقتصادية على كلتا الدولتين ،
تعععم قصعععف معسعععكرات تنظيعععم القاععععدة فعععي أفغانسعععتان .
395
وأفغانسععتان غيععر مشععمولة فععي القائمععة المريكيععة للععدول
الراعية للرهاب ،كونهم ل يعترفون بنظام الحكم فيها .
396
النبوءات النجيلية بين الماضي
والمستقبل
النجيععل فععي الصععل كتععاب سععماوي ُ ،أنععزل علععى عيسععى عليععه
السلم ،بنص واحد مصدقا لمععا جععاء فععي التععوراة ،ويحمععل فععي
طياته شريعة جديدة لليهود ،وناسخة لبعض ما جاء في شععريعة
موسى ،لتخّفف عنهم الكثير مععن العبععاء ،والكععثير مععن القيععود
والغلل ،التي كانوا قد ألزموا بها في التععوراة ،نتيجععة فسععقهم
وعصيانهم وظلمهم .
ومن أهم ما جععاء بععه عيسععى عليععه السععلم ،هععي البشععرى بنععبي
الهععدى ) أحمععد ( عليععه الصععلة والسععلم .وكلمععة النجيععل فععي
اليونانية تعني البشععرى أو البشععارة ،ويعّدعي النصععارى أن هععذه
البشرى هي بشرى الخلص .أّما فيمععن كععانت البشععارة حقيقععة ،
س عَراِئيَلن َمْرَي عَم َيَبِنععي ِإ ْسى اْب ع ُ عي َ فنجده في قوله تعالى ) َوِإْذ َقاَل ِ
ش عًرا
ن الّت عْوَراِة َوُمَب ّ ي ِم ع َن َي عَد ّ
صّدًقا ِلَمععا َبْي ع َ
ل ِإَلْيُكْم ُم َ
سوُل ا ِّ ِإّني َر ُ
ت َقاُلوا َهَذاجاَءُهْم ِباْلَبّيَنا ِ حَمُد َفَلّما َ سُمُه َأ ْ ن َبْعِدي ا ْ سوٍل َيْأِتي ِم ْ ِبَر ُ
ن ) 6الصععف ( .ونععص البشععارة بنبينععا محمععد عليععه س عحٌْر ُمِبي ع ٌ
ِ
الصلة والسعلم ،موجععود فعي النجيعل الرابعع المنسعوب ليحيعى
) يوحّنعععا ( عليعععه السعععلم ،فعععي الصعععحاحات ) ( 16-14ع ،
وُمسّمياته هي " المؤّيد" و " المؤّيد الروح الُقدس " و " روح
الحق " و" سّيد هذا العالم " ،في الترجمة الععتي اقتبسععت منهععا
هذا النص .وفي ترجمات أخرى " :الععروح الُقععدس المُِعيعن " ،
" الُمَعّزي " .
أما ما هو موجود هذه اليام في الناجيععل ،هععو ُمج عّرد بقايععا مععن
الععوحي اللهععي ،الُمنععزل علععى الرسععل .وهععذا مععا يؤك عّده حععتى
397
المؤمنين به من النصارى أنفسهم .فقععد جععاء فععي مقّدمععة نسعخة
العهد الجديد من الكتاب الُمقّدس ،دار المشرق ط ، 13مععا نصععه
" إن القارئ فععي عصععرنا ،وهععو حريععص علععى الّدقععة ،ل ينفع ّ
ك
يبحث عن الحععداث ،الععتي تعم إثباتهعا والتحّقعق منهعا ،يقعع فععي
حيرة أمام تلك المؤلفات ) الناجيععل الربعععة وملحقاتهععا ( ،الععتي
تبدو له مفّككة ،يخلو تصميمها من التنسيق ،ويسععتحيل التغلععب
على تناقضععاتها ،ول ُيمكنهععا أن تععرّد علععى السععئلة الععتي ُتطععرح
عليها " .
وهكععذا يعععترف رجععالت الععدين المسععيحي ،أن محتويععات كتععابهم
المقععّدس ُمتناقضععة ،وأنهععا مؤلفععات ُكتبععت بأيععدي بشععر ،بعععد
المسيح بما يزيد على 300سععنة ،وأقععدم النسععخ المتععوافرة ذات
أصل يوناني ،تعود إلى القرن الرابع الميلدي .وأمععا النصععوص
الصلية للنجيل بلغته العبرية أو الرامية ،فهي غير موجععودة .
وللحقيقة يستحيل أن يكون ذلك صحيحا .فقععد سععمعت يومععا ،أن
الكععثير مععن المخطوطععات الصععلية ،موجععود علععى شععكل لفععائف
وقراطيس ،في قوارير زجاجية على رفوف ،في أقبية الكنععائس
الكبرى .ول ُيسمح لي كان من الوصول إليها ،إل كبار رجالت
الكنيسععة ،الحريصععون علععى إضععلل النععاس ،بكتععم مععا فععي تلععك
المخطوطععات مععن حقععائق ،تنفععي ألوهيععة عيسععى ،وتععدعوا إلععى
وحدانية ال .
ي النصارى ،فهو ل يعععدو أكععثر أما الكتاب الموجود حاليا بين يد ّ
من كونه كتاب ،يحكي سيرة المسيح عليه السلم -كمععا التععوراة
تحكي سيرة موسى -بشكل حعائر وُمضعطرب ،تغلعب عليعه ِذكعر
أفعاله أكثر من أقواله ،حتى أنك تشعر عند قراءته ،أن المسععيح
شخصععية خياليععة أسععطورية سععاذجة غبيععة وبليععدة ،خاليععة مععن
398
الحكمععة والمنطععق ،وحاشععا لع أو لبنععه كمععا يعّدعون ،أو حععتى
لرسول أن يكون كذلك .غير أن إنجيل يوحّنععا ) يحيععى ( ،وسععفر
الرؤيا المنسوب ليوحّنععا ،يبععدو أنهمععا أكععثر قربععا ،إلععى السععفار
الُمتععأخرة مععن التععوراة ،حيععث أنهمععا يتفقععان مععع أسععلوب كتابععة
النصععوص التوراتيععة ،إلععى درجععة التطععابق ،معن حيععث النشععاء
واللفععاظ الُمسععتخدمة والُمسععمّيات ،وحععتى تكععرار وازدواجيععة
جمعععا ونسععخا مععن مصععدرين النصععوص ،الععتي تؤكععد أنهمععا ُ
ُمختلفين .
وقد جاء في مقّدمة سعفر الرؤيععا ،معن نسعخة العهعد الجديععد معن
الكتاب الُمقّدس ،دار المشرق ط ، 13ما نصه " :ل يأتينا سفر
رؤيا يوحّنا ،بشععيء مععن اليضععاح عععن كععاتبه .لقععد أطلععق علععى
نفسه اسم يوحّنا ،واسم نععبي ،ولععم يععذكر قععط ،أنععه أحععد الثنعيّ
عععثرعشر ) التلميذ ( .هناك تقليد على شيء من الثبوت ،وقد ُ
على بعض آثاره منععذ القععرن الثععاني ) الميلدي ( ،وورد فيععه أن
كاتب الرؤيا هو الرسول يوحّنععا ،وقععد ُنسععب إليععه أيضععا النجيععل
الرابع .بيد أنه ليس في التقليد القديم إجماع على هذا الموضوع
.وقد بقي المصدر الرسععولي لسععفر الرؤيععا ،عرضععة للشععك معّدة
سععرين فععيطويلة ،في بعض الجماعات المسيحية .إن آراء الُمف ّ
عصرنا ُمتشعبة كثيرا ،ففيهم من يؤكد أن الختلف في النشععاء
والبيئة والتفكير اللهععوتي ،يجعععل نسععبة سععفر الرؤيععا والنجيععل
سرون يععرون أن الرابع ،إلى كاتب واحد أمرا عسيرا .وهناك ُمف ّ
ظروف إنشاء سفر الرؤيا ،أشّد تشعبا من ذلك بكثير ،فهو ليس
ُمؤّلفا ُمتجانسا ،بل محاولة غير ُمحكمة لجمععع أجععزاء ُمختلفععة ،
ُأنشئت ،ثم ُنّقحت في العقود الخيرة من القرن الول " .
399
وللحق نستطيع الجزم ،بأن التوراة تم تنقيحهععا وجمعهععا بشععكل
نهائي ،في هععذه الحقبععة مععن الزمععن ،بعععد وفععاة عيسععى ويحيععى
عليهما السلم .
نجد من خلل ما تقّدم أن النصععارى أنفسععهم ،كععان لععديهم الكععثير
من الشكوك حول سفر الرؤيا ،وبعد قراءتي لمحتوى هذا السفر
تبين لي ،أن أسلوب إنشاءه هو نفس السلوب ،الذي ُأنشئت به
أسععفار التععوراة ،مععن حيععث اللفععاظ والعبععارات ،وحععتى تكععرار
الفكار والنصوص وتحويرها وتحريفها ،وتبديل مواضعععها مععن
تقديم وتأخير ،لتشويه الرؤى النبوية التي تععأتي عععادة فععي غيععر
صالح اليهود .والسفر يحتوي علععى نبععوءات ُمشععابه ،لمععا جععاء
فععي السععفار الُمتععأخرة مععن التععوراة .حيععث أن سععفر زكريععا فععي
التوراة ،ينتهي عنععد ذكععر الععدجال ،وُيغفععل مععا سععيأتي بعععده معن
أحداث .وتجد أن سفر الرؤيععا ُيعيععد بعععض مععا جععاء فععي السععفار
الُمتأخرة من التوراة ومن ضمنها سفر زكريععا ،ويكمععل الحععداث
حتى دخول أهل الجنة الجنة ،ودخول أهل النار النار .
وما تقّدم يععدفعني إلععى العتقععاد ،أن كتبععة هععذين السععفرين ،هععم
كهنة اليهعود الععذين ألفععوا التععوراة ،إذ أن آثععار أقلمهعم واضعحة
للعيععان ،ممععا فيععه مععن تنععاقض أحيانععا وتكععرار أحيانععا أخععرى ،
لمحاولتهم فهم هععذه النبععوءات وتفسععيرها ،حسععبما يتناسععب مععع
زمانهم ،أي مععع بدايععة التقععويم الميلدي ،حيععث كععانت مقومععات
ذلك العصر ورموزه ،تختلف كليا عّما لدينا في العصععر الحععالي ،
حيث بدأت هذه النبععوءات هععذه اليععام ،تأخععذ مكانهععا علععى أرض
الواقع .
400
ويبدو أن الُمتأخرين من الكهنععة اليهععود ،كععانوا عاقععدي العععزم ،
على ضّم سفر الرؤيا والنجيل المنسوب إلى يوحّنا إلى التوراة ،
فعععأعملوا أقلمهععم فيهمععا ،ويبععدوا أنهععم تراجعععوا عععن ذلععك فععي
اللحظة الخيرة ،فقّرروا إسقاطهما ،بعد أن تنكّروا لنبععوة يحيععى
وعيسى عليهما السلم .فسفر الرؤيا كما الحال بالنسععبة لنجيععل
جمعععات كهنتهععم يوحنععا ُ ،يهععاجم اليهععود أنفسععهم ،ويهععاجم م ّ
) الُمس عّماة بالسععنهدرين ( الععتي كععانوا يتدارسععون فيهععا التععوراة
) والحقيقة أنهم كانوا يدرسون التععوراة كمععا نععدرس الزيتعون ( ،
والتي وصفها هذا السفر بُمجمعات الشيطان .حيععث جععاء فيععه "
رؤيا :9 :2وأعلم افتراء الذين يقولون أنهم يهود وليسوا بيهود
،بل هم َمجَمع للشياطين " .رؤيا :9 :3ها إنععي أعطيععك ُأناسععا
من َمجَمع للشيطان ،يقولععون أنهععم يهععود ،ومععا هععم إل كعّذابون
" ،وهاتين العبارتين مثال علعى التكععرار لنفععس المعنعى وبنفعس
اللفاظ تقريبا .
بالضافة إلععى ذلععك جععاء سععفر الرؤيععا ،بنبععوءات ُتخععالف أهععواء
طه الكهنة الُمتقّدمين .ومنهععا الكهنة ،وتتناقض مع ما كان قد خ ّ
أّنه ُيثبععت البعععث والحسععاب والجععزاء ،وهععذا ممععا ُينكععره اليهععود
ويجحدونه .فالتوراة على امتدادها الشاسععع ،ل تجععد فيهععا حععتى
ضععح مصععير الععروح بعععد المععوت .ومععا يملكععونه مععن كلمععة ،تو ّ
معتقدات ،فيا يتعلق بالروح والبعث والجزاء ،تعتمد في الدرجة
الولى على أقوال متناقضة ومرتبكععة لحكمععائهم ،وهععذه القععوال
مثبتة في التلمود ،وهي أقرب ما تكون إلى معتقععدات الععوثنيين ،
كتناسخ الرواح والحلولية .
وربما تكون نسبة هععذا السععفر إلععى ) يوحّنععا ( ،وهععو يحيععى بععن
زكريعا عليهمعا السعلم صعحيحه ،حيعث أن يحيعى كعان قعد سعبق
401
عيسى عليه السلم في البعث لليهود ،وحععال سععفر الرؤيععا يشععبه
حال السفار المتأخرة من التوراة ،التي امتازت بالطابع الدعوي
النبععوي فععي معظمهععا .وبعععد أن أسععقط اليهععود النجيععل وسععفر
الرؤيععا ،المنسععوبين إلععى يوحنععا مععن التععوراة ،تلّقفتععه كهنععة
النصارى ،ومن ثم قاموا بتحريفه بالحذف والضععافة والتبععديل ،
لثبععات ُألوهيععة عيسععى عليععه السععلم ،وأضععافوه إلععى كتععابهم
الُمقّدس ،على ما هو عليه معن ازدواجيعة وتكعرار ،فعي اللفعاظ
والفكار .
أّما الكلم في النجيل المنسوب إلى يوحّنا ،هععو أقععرب مععا يكععون
إلى كلم عيسى عليه السلم ،حيث جععاءت علععى لسععانه البشععارة
بنبّينا عليه الصععلة والسععلم ،كمععا نععص عليهععا القععرآن الكريععم ،
وهذا النجيل يتمّيز عن باقي الناجيل ،بععأنه ُيرّكععز علععى القععوال
الععتي جععاء بهععا عيسععى عليععه السععلم ،أكععثر مععن طععابع السععرد
القصصي للفعال التي قام بها ،الذي غلب على الناجيل الخرى
.
إنجيل يوحنا
نص البشننارة بنننبي السننلم عليننه الصننلة
والسلم :
سععوُل سَراِئيَل ِإّنععي َر ُ ن َمْرَيَم َ ،يَبِني ِإ ْ سى اْب ُعي َ قال تعالى ) َوِإْذ َقاَل ِ
سععوٍل شعًرا ِبَر ُ
ن الّتعْوَراِة َ ،وُمَب ّ ي ِمع َ
ن َيعَد ّ صّدًقا ِلَما َبْيع َ
ل ِإَلْيُكْم ُ ،م َ
ا ِّ
ت َ ،قععاُلوا َهعَذاجععاَءُهْم ِباْلَبّيَنععا ِ
حَمعُد َ ،فَلّمععا َسعُمُه َأ ْن َبْعِدي ا َْيْأِتي ِم ْ
ن ) 6الصف ( سحٌْر ُمِبي ٌ ِ
" :16-18 :14وأنا سأسأل الب ،فيهب لكم مؤّيدًا آخر ،يكون
ق ،الذي ل يستطيع العععالم أن يتلّقععاه ، معكم إلى البد ،روح الح ّ
402
لّنععه ل يععراه ول يعرفععه .أّمععا أنتععم فتعلمععون ،أّنععه ُيقيععم عنععدكم
ويكون فيكم ،لن أدعكم يتامى ،فإني أرجع إليكم " .
ع ُيخبر عيسى أتباعه في هذا النص أن الب سيرسععل لهععم مؤيععدا
آخر ،غير عيسى عليه السلم ،فإن كان عيسععى هععو ال ع ،فععإن
ال سيبعث للنصارى إلها غير عيسى ،وإن كعان ابعن الع ،فعإن
ال سيبعث لهم ابنا له غير عيسى ،وإن كان عيسى رسول ال ،
فإن ال سيبعث لهم رسول آخر غيره .وُيخبر أيضا أن رسالته ،
ق ويعععدل بععه ، ستكون خاتمة الرسالت السععماوية ،ويععأتي بععالح ّ
وُيخبرهم بععأنهم امتععازوا علععى الخريععن مععن سععكان العععالم ،بععأن
لديهم علم بهذا الرسول ،وبإخبععارهم أيضععا أن الععوحي معن بعععده
لن ينقطع .
" : 24-25 :14ومن ل ُيحبني ل يحفظ كلمي ،والكلمة الععتي
تسمعونها ليست كلمتي ،بل كلمة الب الذي أرسععلني .قلععت لكععم
هذه الشياء وأنا ُمقيم عندكم " .
" :26-31 :14ولكن المؤّيد الروح القدس ،الذي ُيرسله الب
باسمي ،هو ُيعلمكم جميع الشععياء ،وُيععذّكركم بجميععع مععا قلتععه .
… لقععد أنبععأتكم ُمنععذ الن بععالمر قبععل حععدوثه ،حععتى إذا حععدث
تؤمنون .لن ُأطيل عليكم الكلم بعد ذلك ،لن سيد هذا العععالم آت
ب الب ، ي .وما ذلك إل ليعرف العععالم أّنععي ُأح ع ّ ،وليس له يد عل ّ
وأّني أعمل كما أوصاني " .
ع يخبرهم بأن هذا المؤّيد ،سُيذّكرهم من خلل الوحي بما سبقه ،
وُيعّلمهم أشياء جديدة ،وسععبب إخبععاره لهععم بععذلك ،هععو وجععوب
اليمان به واّتباعه عنععد ظهععوره .يصععفه عيسععى بععأنه سعّيد هععذا
403
العالم ،ويؤكد مجيئه ،وأنه ذو أفضلية على من قبله ،وُيخبرهم
في نهاية النص أّنه بّلغهم البشارة بأمانة ،كما أخبره ربه .
" :26-27 :15ومتى جاء الُمؤّيد ،الذي أرسله لكم روح الحقّ
الُمنبثق من الب ،فهو يشهد لي ،وأنتم أيضععا تشععهدون ،لنكععم
معي منذ البدء " .
ع هذا النص تكرار لجزاء مما تقدم من نصوص .
ُ :1-14 :16قلت لكم هذه الشياء لئل تعثروا .سيفصلونكم عععن
ن فيها كّل من يقتلكم ،بعأنه يعؤدي المجامع ،بل تأتي ساعة ،يظ ّ
عبادة ل … .وقد قلت هذه الشياء لكم لتذكروا إذا أتت السععاعة
،أّني ُقلتها لكععم .ولععم أقلهععا منععذ البععدء ،لّنععي كنععت معكععم .أّمععا
الن ،فإّني ذاهب إلى الذي أرسلني ،وما مععن أحععد يسععألني إلععى
أيععن أذهععب ؟ ل بععل مل الحععزن قلععوبكم ،لّنععي قلععت لكععم هععذه
ض ،ل يأتكم المؤّيععد .أّمععا إذا ذهبععت فأرسععله الشياء .فإن لم أم ِ
إليكم " .
_ ُيثبععت هععذا النععص بمععا ل يععدع مجععال للشععك ،أن هععذا المؤّيععد
سُيرسل ل محالة ،وأن بعثه مرتبط بذهاب عيسى عليه السلم .
" :8-11 :16وهو ،متى جاء ،أخزى العععالم ،علععى الخطيئة
والبّر والدينونة :أما على الخطيئة ،فلنهم ل يؤمنون بي .وأّما
على البّر ،فلني ذاهب إلى أبي ،وأما على الدينونة ،فلن سعّيد
هذا العالم قد ِدين . ".
ع هذا النص فيه فلسفة تفسيرية مععن الكععاتب ،محععاول ترميععم مععا
أفسده من تغيير لللفاظ والعبارات ومواضعها ،والمعنععى المععراد
شععرا ونععذيرا ،يععدعوامن وراء هذا النص ،أنه يععأتي شععاهدا وُمب ّ
شرا بالثواب وُمنذرا بالعقاب وشعاهد إلى البّر وُيدين الخطيئة ُ ،مب ّ
404
على الخلق يوم الدينونة أي يوم القيامة ،وال أعلم ،قال تعععالى
شًرا َوَنِذيًرا ) 45الحزاب ( . شاِهًدا َوُمَب ّ
ك َسْلَنا َ
ي ِإّنا َأْر َ
) َيَأّيَها الّنِب ّ
ق ،أرشععدكم إلععى " :13-14 :16فمتى جاء هو ،أي روح الح ّ
ق كلععه ،لّنععه لععن يتكّلععم مععن عنععده ،بععل يتكّلععم بمععا يسععمع ، الحع ّ
جدني لنه يأخذ مما لي وُيخبركم " . ويخبركم بما سيحدث ،سُيم ّ
ق، ق " ،سيرشععدهم إلععى الح ع ّ ع هذا النص ُيخبر بأن " روح الح ّ
ن اْلَه عَوى )(3عع ِ
ق َطُوُيبّلغ رسالة ربه على أكمل وجه َ ) ،وَما َيْن ِ
حى ) 4النجم ( .وُينبئهم بأمور غيبية ستحدث ي ُيو َحٌ ن ُهَو ِإّل َو ْ ِإ ْ
لحقا .
ولو أمعنت النظر أخي القععارئ ،فععي النصععوص أعله أو رجعععت
إلعععى الكتعععاب نفسعععه ،ستكتشعععف بسعععهولة محعععاولت التضعععليل
والتمععويه ،مععن خلل تتّبععع النصععوص ومقارنتهععا مععع بعضععها
البعض ،فاللفاظ والُمسّميات تتكعّرر بصععورة ُمزدوجععة ،وتتقعّدم
أحيانا وتتأخر أحيانا أخرى ) ُيحّرفون الكلم عن مواضعععه ( ،كمععا
هو الحال في النصوص التوراتية تماما .وغالبععا معا يكشععف أحعد
النصوص المزدوجة كذب ،وتضليل النص الخر .
إنجيل متى
ذرالنجيننل يكشننف حقيقننة اليهننود وُيحنن ّ
الناس من اّتباعهم :
" مععتى :13 :23 :ولكععن الويععل لكععم أّيهععا الكتبععة والفّريس عّيون
المراءون ،فإنكم ُتغلقون ملكوت السععماوات فععي وجععوه النععاس ،
فل أنتععم تععدخلون ،ول تععدعون النععاس يععدخلون ، … ،فععإنكم
تطوفععون الععبّر والبحععر ،لتكسععبوا ُمتهععّودا واحععدا ،فععإذا تهععّود
405
جعلتموه أهل لجهّنم ،ضعف ما أنتم عليه .الويل لكم أيها القععادة
العميان ،تقولون :من أقسم بالهيكل ،فقسععمه غيععر ُملععزم ،أمّععا
من أقسم بذهب الهيكل ،فقسمه ُملزم " .
" :27 :23الويل لكم … فإنكم كالقبور المطلية بالكلس ،تبدو
جميلة من الخارج ،ولكّنهععا مععن الععداخل ،ممتلئة بعظععام المععوتى
وكل نجاسة .كذلك أنتم أيضا تبدون للنععاس أبععرارا ،ولكّنكععم مععن
الداخل ممتلئون بالرياء والفسق … .الويل لكم … فإنكم تبنععون
قبور النبياء وُتزّينون مدافن البرار ،وتقولون :لععو عشععنا فععي
زمععن آبائنععا ،لمععا شععاركناهم فععي سععفك دمععاء النبيععاء .فبهععذا
تشهدون على أنفسكم ،بأنكم أبنععاء قععاتلي النبيععاء ،فععأكملوا مععا
بدأه آباؤكم ،ليطفح الكيل " .
الجريمة وعقابها :
" :33 :23أيهععا الحّيععات ،أولد الفععاعي ،كيععف ُتفلتععون مععن
عقععاب جهّنععم ؟ لععذلك هععا أنععا ذا ُأرسععل إليكععم ،أنبيععاء وحكمععاء
ومعّلمين ،فبعضهم تقتلون وتصععلبون ،وبعضععهم فععي مجععامعكم
تجلدون ،ومن مدينة إلى ُأخرى ُتطاردون ،حتى يقع عليكععم كععل
سععفك فععي الرض ،مععن دم هابيععل الّبععار إلععى دم زكرّيععا بععن دٍم ُ
برخيا ،الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح .الحق أقععول لكععم :أن
عقاب ذلك كله سينزل بهذا الجيل " .
" :37 :23أورشععليم ،يععا قاتلععة النبيععاء وراجمععة المرسععلين
إليهععا .كععم مععّرة أردت أن أجمععع أولدك ،كمععا تجمععع الدجاجععة
فراخها تحت جناحيها ،فععأَبْيتم .هعا إن بيتكععم ُيععترك لكعم خرابعا ،
فإني أقول لكم :أّنكم لن تروني من الن ،حععتى تقولععوا ُ :مبععارك
التي باسم الرب " .
406
" :1 :24 :ثم خرج يسوع من الهيكل ، … ،فقال لهععم :أمععا
ق أقععول لكععم :لععن ُيععترك هنععا حجععر
ترون هذه المباني كلها ؟ الح ّ
فوق حجر إل وُيهدم " .
المسيح ُينبئ بأحداث آخر الزمان :
" :3 :24وبينما كععان جالسععا علععى جبععل الزيتععون ،تقعّدم إليععه
التلميذ على انفراد ،وقععالوا لععه :أخبرنععا مععتى يحععدث هععذا ) أي
خراب أورشليم ( ،وما هي علمة رجوعععك ،وانتهععاء الزمععان ؟
فأجاب يسوع :انتبهععوا ،إّيععاكم أن ُيض عّلكم أحععد ،فسععوف يععأتي
كععثير مععن النععاس منتحليععن اسععمي ،ويض عّلون ُأناسععا كععثيرين .
وستسععمعون بععالحروب وبإشععاعات عععن الحععروب ،فإيععاكم أن
تفزعوا ،فل بّد معن حعدوثها ،ولكعن لععن تكعون النهايععة عنععدئذ .
فستقوم أمة على أمة ،ومملكة علععى مملكععة ،وتحععدث مجاعععات
وزلل في أماكن كثيرة ،وهذا ليس إل بدء المخاض " .
اضننطهاد المننؤمنين بننالله وفسنناد النندنيا
شر بقرب النهاية : ُيب ّ
" :9 :24وستسلمون عندئذ إلى الضيق وتقتلععون ،وُيبغضععكم
جميع الوثنيين من أجععل اسععمي .فيعععثر أنععاس كععثيرون ،وُيسععلم
بعضهم بعضا ويتباغضون … .ويزداد الثم ،فتفععتر المحبععة فععي
أكععثر النععاس ،والععذي يثبععت إلععى النهايععة فععذاك الععذي يخلععص .
وسُتعلن بشارة الملكوت هذه ،في المعمورة كّلهععا ،شععهادة لععدى
الوثنيين أجمعين ،وحينئذ تأتي النهاية " .
407
قيام دولة إسرائيل ودمارهننا ُيبشننر بقننرب
النهاية :
" متى :15 :24 :فإذا رأيتم الُمخّرب الشنيع ،الذي تكّلم عليععه
النععبي دانيععال ،قائمععا فععي المكععان الُمق عّدس – ليفهععم القععارئ –
فليهرب إلى الجبال من كان عندئذ في اليهودية .ومن كععان علععى
السطح ،فل ينزل ليأخذ ما في بيتععه .ومععن كععان فععي الحقععل ،فل
يرجع ليأخذ رداءه .الويل للحوامل والمرضعات في تلععك اليععام ،
صّلوا لئل يكون هربكم في الشتاء أو في يوم سبت " .
" لوقا :24-20 :21 :فإذا رأيتم أورشليم قد حاصرتها الجيوش
،فاعلموا أن خرابها قد اقععترب .فمععن كععان يععومئذ فععي اليهوديععة
فليهرب إلى الجبال ،ومن كان في وسط المدينة فليخععرج منهععا ،
ومن كان في الحقول فل يدخل إليهععا ،لن هععذه اليععام أيععام نقمععة
يتم فيها جميععع مععا ُكتععب .الويععل للحوامععل والمرضعععات فععي تلععك
اليام ،فستنزل الشّدة على هذا البلد ،وينععزل الغضععب علععى هععذا
الشعب ،فيسععقطون قتلععى بحعّد السععيف ،ويؤخععذون أسععرى إلععى
جميع المم " .
ع المقصود بالُمخّرب الشنيع ،في النص الول المأخوذ من إنجيل
ضحه النص الثاني متى ،هي دولة الفساد إسرائيل ،وهذا ما يو ّ
من إنجيل لوقا بنص صريح بعبارة )فإذا رأيتم أورشععليم ( .ولععو
تمّعنععت فععي النصععائح الُمقّدمععة للشعععب اليهععودي ،لتجّنععب القتععل
والسععر .سععتجد أن دخععول الجيععوش علععى أورشععليم ،سععيكون
ُمفععاجئا وسععريعا وبععدون ضععجة ،لدرجععة أن مععن علععى سععطح
المنزل ،ل يشعععر بععدخولهم إلععى بيتععه .وأن مععن فععي الريععاف ل
يسععمع بهععم ،إل ُمتععأخرا ،وأمععا النصععارى الجععدد فععي الغععرب ،
408
فيرون أن المقصععود بععالُمخّرب الشععنيع -أو رجسععة الخععراب فععي
سععفر دانيععال -هععو الععدجال عععدو المسععيح ،الععذي سععيظهر فععي
القدس ،وأما اليهود فيرون أنه المسجد القصى .
الحرب الكونية النووية :
" :21 :24فستحدث عندئذ شّدة عظيمة ،لم يحدث مثلها ،منذ
صععر تلععك اليععام ،
بدء الخليقة إلى اليوم ،ولن يحدث .ولو لععم تق ّ
لما نجا أحد من البشر ،ولكن من أجل الُمختارين ،ستقصر تلععك
اليام " .
ع ع وهععذا أحععد النصععوص الععتي يسععتند إليهععا نصععارى الغععرب فععي
تحليلتهم ،بالقول بأن الحرب العالمية الثالثععة سععتكون نوويععة ل
محالة ،لسرعة هذه السلحة في حسم المعركة .
جال : ذر من أتباعه الد ّ المسيح ُيح ّ
" :23 :24فإذا قال عندئذ أحد من الناس :هععا هععو ذا المسععيح
جععالون وأنبيععاء
هنا ،بل هنا ،فل ُتصعّدقوه .فسععيظهر ُمسععحاء د ّ
كعععّذابون ،يعععأتون بآيعععات عظيمعععة وأععععاجيب ،لُيضعععّلوا حعععتى
الُمختارين ) التقياء ( لو استطاعوا .فها أنا قد أنبأتكم " .
" :26 :24فإن قيل لكم ها هو في البرية ،فل تخرجوا إليهععا ،
أو ها هو ذا في المخععابئ ،فل ُتصعّدقوا .وكمععا أن الععبرق يخععرج
من المشرف ،ويلمعع حعتى المغعرب ،فكعذلك يكعون مجيعء ابعن
النسان ،وحيث تكون الجيفة ) الدجال ( تتجّمع النسور ) اليهود
(".
409
ظواهر فلكية تسبق بداية النهاية :
" :29 :24وعلععى أثععر الشعّدة فععي تلععك اليععام ُ ،تظلععم الشععمس
) كسععوف ( ،والقمععر ل ُيرسععل ضععوءه )خسععوف ( ،وتتسععاقط
النجععوم مععن السععماء ) الصععواريخ ( ،وتععتزعزع قععوات السععماء
) دوي النفجعععارات ( .وتظهعععر عنعععدئذ فعععي السعععماء آيعععة ابعععن
النسان .فتنتحب جميع قلئل الرض ،وترى ابععن النسععان آتيععا
على غمام السماء ،في تمام العزة والجلل " .
ع وهذا النص جعل الصوليون النجيليون ،يعتقدون بععأن مجيععء
عيسى عليه السلم ،يسبقه حرب كونية نوويععة شععاملة ،تحععرق
الخضر واليابس ،وهم يعملون على دفع القععادة السياسععيين فععي
أمريكا ،إلى التحضير لهععا ،بغيععة النتصععار فيهععا ،والنجععاة مععن
أهوالها ،فهي ل محالة قادمة ،ومن ضمن التحضيرات -فضععل
عن التسلح النووي -إصرار أمريكا مؤخرا ،على إنشععاء الععدرع
المضاّد للصورايخ البالستية .
أحداث النهاية ستكون مباغتة :
" :32 :24من التينة خذوا العبرة ،فمتى لنت أغصانها ونبتت
أوراقها ،علمتم أن الصيف قريععب ،وكععذلك أنتععم ،إذا رأيتععم ك عّل
هذه المور ،فاعلموا أن ابن النسان قريععب ،بععل علععى البععواب
… السماء والرض تزولن ،وكلمي ل يزول … " .
" :37 :24وكما كانت الحال في زمن نوح ،كذلك ستكون عند
رجععوع ابععن النسععان ،فقععد كععان النععاس قبععل الطوفععان ،يععأكلون
ويشربون ويععتزّوجون وُيزّوجععون ،ومععا كععانوا يتوقعععون شععيئا ،
حتى جاء الطوفان فجرفهم أجمعين " .
410
رؤيا يوحّنا
خننروج أصننحاب البعننث الثنناني مننن أرض
الفرات :
" :14 :9فقععال للملك السععادس " :أطلععق الملئكععة الربعععة
الُمقّيععدين ،علععى النهععر الكععبير ،نهععر الفععرات " .وكععان هععؤلء
الملئكععة الربعععة ُ ،مجّهزيععن اسععتعدادا لهععذه السععاعة واليععوم
والشععهر والسععنة ،فععُأطلقوا ليقتلععوا ثلععث البشععر .وسععمعت أن
جيشهم يبلغ مائتي مليععون ُمحععارب ،ورأيععت فعي الرؤيععا الخيععول
وعليها فرسان ،يلبسون دروعا … .وكانت رؤوس الخيل مثععل
رؤوس السود ،تلفظ من أفواههععا نععارا ودخانععا وكبريتععا ،فُقتععل
ثلث الناس بهذه البليا الثلث … .وكععانت قععوة الخيععل القاتلععة ،
تكمن في أفواهها وفي أذنابها أيضا ،أما سععائر النععاس الععذين لععم
يموتوا من هذه النكبات ،لم يتوبوا عن أعمالهم … " .
ع هذا النص ُيبين أن هنالععك جيععش كععبير العععدد ،مقّيععد علععى نهععر
ك قيده فععي موعععد ُمعيععن .ويصععف الفرات أي في العراق ،وسُيف ّ
هذا النص ما يملكه هذا الجيععش مععن آلّيععات حربيععة حديثععة ،وأن
هناك ُأناس سينجون من هذا الجيش ،ولكنهم بالرغم من ذلك لن
يتوبوا .
جفنناف نهننر الفننرات والحننرب العالميننة
النهائية :
" :12-14 :16وسععكب الملك السععادس ،كأسععه علععى نهععر
ف مععاؤه ،ليصععير ممععرا للملععوك القععادمين مععن
الفرات الكبير فجع ّ
الشرق .وعند هذا رأيت ثلثة أرواح نجسة ، … ،وهععي أرواح
شيطانية ،قادرة على صنع الُمعجزات ،تذهب إلى ملععوك الرض
411
جميعا ،وتجمعهم للحرب في ذلك اليوم العظيم ،يععوم ال ع القععادر
على كل شيء " .
عع هععذا النععص ُيخععبر بععأن العععراق سُيضععرب بععالنووي ل محالععة ،
ف نهععر الفععرات مععن جععراء ذلععك ،إمععا قبععل أو بعععد ،نشععوب فيجع ّ
الحرب العالمية ،ليصير ممرا للدول الشرقية لتشارك في الحرب
القادمة ،والععدول الواقعععة شععرق الفععرات ،تبععدأ بععإيران وتنتهععي
بالصين .ومن ثم يجتمع ملوك العالم لتبدأ الحععرب البريععة ،الععتي
ُيحّدد مكانها في النص اللحق .
" :16-21 :16وجمعت الرواح الشيطانية ،جيوش العالم كلها
،فععي مكععان ُيسعّمى بالعبريععة " هرمجععدون " .ثععم سععكب الملك
السابع ،كأسه على الهععواء ،فععدوى صععوت مععن العععرش ، … ،
ي المععر " .فحععدثت بععروق وأصععوات ورعععود يقععول ُ " :قضعع َ
وزلزال عنيف ،لم تشهد الرض له مثيل ،منذ أن ُوجد النسععان
علععى الرض ،لنععه كععان زلععزال عنيفععا جعّدا .فانقسععمت المدينععة
الُعظمى إلى ثلثة أقسام ،وحّل الدمار بُمدن المم .فقعد ذكعر الع
جععزربابل الُعظمى ،ليسقيها كأسا تفور بخمر غضبه .وهربععت ال ُ
كلها ،واختفت الجبال .وتساقط من السماء على الناس َبَرٌد كبير
،كلّ حّبة بقدار وزنة واحععدة ،فجعّدف النععاس علععى الع ،بسععبب
هذه البلية الشديدة جدا " .
عع هععذا النععص يصععف هععذه الحععرب ،فهنععاك صععواريخ تسععقط مععن
السععماء ،وأصععوات انفجاراتهععا ُمدّويععة كالرعععد ،محدثععة زلزل
جععزر تحععت عنيفة ،واختفاء الجبال من شدة الزلزل ،وهروب ال ُ
طحات المائيععة ، خععر المس ع ّ
المععاء ،لععذوبان الكتععل الجليديععة ،وتب ّ
نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ،التي ستحدثها السلحة النووية .
412
أّما المدينة الُعظمى التي ستنقسم إلى ثلثة أقسام ،فهععي بل شعك
أمريكا ،وإن كان هناك مدينة بعينها فهي نيويورك ،بالرغم مععن
أن كتبة التوراة ،أضافوا عبارة ) فقد ذكر ال ع بابععل الُعظمععى ( .
فلفظ مدينة بالعبريععة يعنععي دولععة ،وبمععا أن النبععوءة تحكععي عععن
عظمى في العصر الحالي ،فهم أضافوا هععذه العبععارة لكععون دولة ُ
بابل في ُمخّيلتهععم ُ ،تمّثععل الدولععة العظمععى والقويععة فععي العصععور
القديمة ،أما بابل الحالية أي العراق ،فهي ليست بععأي حععال مععن
الحوال بالدولة العظمى ،وهذا اللقب حاليا ُيطلق على أمريكا .
سري النبوءات التوراتية والنجيلية ُمععؤخرا ، ويبدو أن بعض مف ّ
اكتشفوا هذا المر ،ومنهم من قام بتأليف كتب تنبأوا فيها بدمار
إسرائيل ،ومن ثم أمريكا ،وبالتالي تستطيع قععراءة النصععوص ،
التي ُتخبر عن دمار بابععل العظمععى أو الجديععدة ،علععى أنهععا ُتخععبر
عّما سيحّل بأمريكا نتيجععة هععذه الحععرب ،وليععس العععراق .ولكععن
اليهععود يريععدونها بابععل القديمععة ،ولكععن سععتجري الريععاح بمععا ل
سفنهم ،بإذن ال . تشتهيه ُ
عرس الحمل :
" :6-10 :19ثّم سمعت صوتا ، … ،يقول " :هّللويا ! فععإن
الععرب اللععه القععادر علععى كععل شععيء ،قععد َمَلععك ،لنفععرح ونبتهععج
جده ،فععإن عععرس الحمععل ،قععد حععان موعععده ،وعروسععه قععد ونم ّ
هّيععأت نفسععها ،ووهععب لهععا أن تلبععس الكتععان البيععض الناصععع ،
والكتان يرمز إلى أعمال الصلح التي قام بها القّديسون " .
" :11 :19ثم رأيت السماء مفتوحة ،وإذا حصان أبيض ُيسّمى
راكبه " المين الصادق " ،الذي يقضععي ويحععارب بالعععدل … .
وكان الجناد الذين في السماء ،يتبعونه راكبين خيععول بيضععاء ،
413
… ،وكععان يخععرج مععن فمععه سععيف حععاّد ،ليضععرب بععه المععم ،
ويحكمهم بعصا من حديد . " … ،
ع ل أجد تفسيرا لهذه النبوءة ،إل أنها ُتخبر عن المهدي ) الحمل
( وعروسه ) القدس ( ،وجيوشه ) الجنععاد ( ،وانتصععاراته فععي
حروبه التي سيخوضها .
عودة المسيح :
" :4 :20ثّم رأيت عروشا ُمنح الجالسون عليها حق القضاء .
ورأيت نفوس الذين ُقتلوا في سبيل الشهادة ليسوع ،وفي سععبيل
كلمععة الع ،والععذين … ،وقععد عععادوا إلععى الحيععاة ،وملكععوا مععع
المسيح ألف سنة .هذه هي القيامة الولى .أما بقية الموات فل
يعودون إلى الحياة حتى تنقضي اللف سنة " .
عع ظععاهر هععذا النععص ُيبشععر بعععودة المسععيح ،وبععأنه سععيحكم مععن
انتسب إلععى الديانععة المسععيحية ،بعععد بعثهععم مععن المععوت ،بغععض
النظععر عععن فسععاد مععن انتسععب إليععه أو صععلحه ،مععدة ألععف عععام
يعيشععون فيهععا بسععلم ،أمععا بقيععة البشععر مععن غيععر المسععيحين ،
فسععيقومون بعععد ألععف سععنة ،فيمععا ُيسععّمونه بالقيامععة الثانيععة .
وسُيخّلدون في نار جهنم ،ول في خلقه شؤون .
جال ويأجوج ومأجوج : الد ّ
" :7-10 :20فحين تنقضي اللف سنة ُ ،يطلععق الشععيطان مععن
سجنه ،فيخععرج لُيضعّلل المععم فععي زوايععا الرض الربععع ،جععوج
وماجوج ،ويجمعهم للقتال ،وعددهم كععثير ج عّدا كرمععل البحععر .
فيصعدون على سععهول الرض العريضععة ،ويحاصععرون مععن كععل
جععانب ُمعسععكر القّديسععين ) عيسععى ومععن معععه مععن المسععلمين (
414
والمدينععة المحبوبععة ) القععدس ( ،ولكععن نععارا مععن السععماء تنععزل
عليهم وتلتهمهم .ثم ُيطرح إبليس الذي كان ُيضّللهم ،في ُبحيرة
النعععار والكعععبريت ،حيعععث العععوحش ) أمريكعععا ( والنعععبي العععدجال
) إسرائيل ( ،هناك سوف ُيعّذبون نهارا وليل ،إلعى أبععد البععدين
".
) في هذا النص ُيذكر الشيطان ) الدجال ( الذي سُيطلق ،بعد أن
كان مقيدا مدة ألف سنة .وهو في الصل سععابق لمجيععء عيسععى
عليععه السععلم ،ويععذكر خععروج يععأجوج ومععأجوج ،حيععث أنهععم
يحصرون عيسى ومن معععه معن المععؤمنين ،فععي جبععال القععدس ،
هربا منهم حيث ل ِقبل لحد بهم ،فيتم القضاء عليهعم والتخّلعص
سرون هععذامن جثثهم ،بأمر من عند ال ،أّما النصارى ،فُهم ُيف ّ
سره العهد القديم أي التوراة ،حيث أخععبرت أن النص ،على ما ف ّ
جوج وماجوج هم الروس .
البعث والحساب :
" :11-12 :20ثم رأيت عرشا عظيما أبيض ،هربععت السععماء
والرض من أمام الجالس عليه ،فلععم يبععق لهمععا مكععان .ورأيععت
الموات كبارا وصغارا ،واقفين أمععام العععرش .وُفتحععت الكتععب ،
ثم ُفتح كتاب آخر هو سجّل الحياة ،وِدين الموات بحسب ما هععو
طععرحُمععدّون فععي تلععك الكتععب ،كععل واحععد حسععب أعمععاله … .و ُ
طععرح فععي
الموت … وكل من لم ُيوجد اسمه فععي سععجل الحيععاة ُ ،
ُبحيرة النار " .
السماء الجديدة والرض الجديدة
" :1 :12ثم رأيت سماء جديدة ،وأرضا جديدة ،ل بحر فيهععا ،
لن السماء والرض القديمتين قد زالتا .ورأيت المدينة الُمقّدسة
415
أورشليم الجديدة ،نازلة من السماء من عند ال . … ،وسمعت
صوتا هاتفا من العرش " :الن صار مسكن ال مع الناس ،هو
يسكن بينهم .وال نفسه يكععون معهععم إلهععا لهععم ،وسيمسععح كععل
دمعة عععن عيععونهم .إذ يععزول المععوت والحععزن … ،لن المععور
القديمة كلها زالت " .
ع في الحقيقة يصف هذا النص يوم الحشععر والحسععاب ،حيععث أن
أورشليم هي أرض المحشر ،وهععذا الموقععف العظيععم الععوارد فععي
هذا النص ،موصوف بالتفصيل في مواضع كععثيرة مععن القععرآن .
ولكن النصارى يفهمون النص على أن إلههم ) المسيح ( سينزل
ليسكن معهم ،في أورشليم الجديعدة ،العتي يصعفونها فعي نهايعة
السفر ،وهو في الحقيقة وصف ُيشبه وصف الجّنة في القععرآن ،
والموت ل يزول ،إل عندما يدخل أهل الجنة إلععى الجنععة ،وأهععل
النار إلى النار .
ع يفهم عامة النصععارى وخاصععتهم مععن ُمجمععل النصععوص أعله ،
أنععه عنععدما تبععدأ الحععداث الُمععدّمرة الععتي سععيتعّرض لهععا كععوكب
الرض ،بأن المسيح سيعود وسيرتفع بهم فوق السحاب ،وبعد
نهاية الحداث التي لن تستمّر طويل ،سينزل بهم ويحكمهم مععدة
ألف عام ،تحت أرض وسماء جديدتين .وهنا وقع خلط ما بين ،
اسععتعادة الرض لبركتهععا بعععد الخععراب ،وبيععن تبععّدل السععماء
والرض يععوم القيامععة ،كمععا جععاء فععي قععوله تعععالى ) َي عْوَم ُتَب عّدُل
حعِد اْلَقّهععاِر )48 ت َوَبعَرُزوا لِّع اْلَوا ِ
سعَمَوا ُ
ض َوال ّ
غْيَر اَْلْر ِ
ض َ
اَْلْر ُ
إبراهيم ( .
ولذلك ظهرت جماعة التدبيريين ،التي تدعوا إلععى تععدمير كععوكب
الرض بالسلحة النوويععة ،لقناعععاتهم الجديععدة نتيجععة تفسععيرهم
416
الجديععد ،بععأن هنععاك أرض جديععدة وسععماء جديععدة سععتأتي بعععد
الععدمار .والمصععيبة الكععبرى أن رؤسععاء وساسععة ،أكععبر دولععة
عظمى في العالم يؤمنون بذلك ،ويسيرون بالعالم نحو الهاوية ،
) فجورج بوش البن ( ل يكععترث بظععاهرة النحبععاس الحععراري ،
وارتفاع درجة حرارة الرض ،وهو غيععر معنععي بتوقيععع اتفاقيععة
) كيوتو ( للحد من هععذه الظععاهرة ،بمععا أن هععذه الرض سععتؤول
إلى الزوال ،وما يعنيه في الدرجة الولى ،هو الستعداد للحرب
النووية القادمة هجوما ودفاعا .
417
الغربيون وهوس النبوءات التوراتية
والنجيلية
يعتقععد اليهععود ونصععارى الغععرب ،أن قيععام دولععة إسععرائيل للمععرة
الثانيععة فععي فلسععطين ،هععو علمععة لقععرب ظهععور الملععك المنتظععر
بالنسبة لليهود ،وللمجيء الثععاني للمسععيح بالنسععبة للنصععارى ،
ولععذلك يعكععف الكععثير مععن النصععارى واليهععود ،علععى اختلف
تخصصععاتهم العلميععة والمهنيععة ،فععي السععنوات الخيععرة ،علععى
دراسععة وتحليععل وتفسععير النبععوءات التوراتيععة والنجيليععة ،الععتي
ُتخععبر عععن أحععداث آخععر الزمععان .وخاصععة فيمععا يتعّلععق بنهايععة
إسععرائيل ،ودمععار العععالم الغربععي ،وعععودة السععلم ،فععي نهايععة
المطاف ،لواجهة الصدارة .ونطععاق هععذه البحععوث فععي الغععالب ،
يدور حول ما جاء في التوراة والنجيل من نصوص نبوية ،وما
سععر هععذه النصععوص ، ُقعّدم فيهععا مععن كتععب ومؤلفععات مععؤخرا ،تف ّ
والكتععاب الكععثر شععهرة فععي هععذا المجععال ،هععو كتععاب ) نبععوءات
نوستراداموس ( الغععامض ،والسععوق الرائجععة لطروحععاتهم فععي
هذا المجال ،هي شبكة النترنت .
وإذا أردت أن تعرف مقدار ما تشغله هذه النبوءات المسععتقبلية ،
من فكر كبار رجالت السياسة والدين والعلععم ،وعامععة الشعععوب
الغربيععة ،وفععي مقععّدمتها المريكيععة والبريطانيععة والفرنسععية ،
وحتى عامة النصارى واليهود في شتى بقاع الرض ،فما عليععك
إل أن تععزور شععبكة النععترنت ،وأن تقععوم بععالبحث – علععى سععبيل
المثال – عن إحدى الكلمات التالية World War III ) ، ) :
) (WW III ) ، (WW3 ) ، ( Armegeddon
( Nostradamus ) ، ( Prophecy ) ، ( Miracle) ،
418
، ( ( Piple ) ، ( Torahلتجد أن هناك عشرات اللف ،من
المواقع التي تعرض البحععاث والكتععب والدراسععات ،الععتي تبحععث
في تفسير النصوص التوراتية والنجيلية .
ع وفيما يلي ،غيض من فيض هذه المواقع :
•NOSTRADAMUS, CATHOLIC PROPHECY
(ON WORLD WAR III (1999-2030
A Catholic Prophecy Nostradamus ...
prophesied that World War III would be
initiated
by Russia and Iran on July 4th of 1999 with
... .nuclear and chemical weapons
http://web.tusco.net/newone/nostradamus.htm
[[More Results From: web.tusco.net
نبععوءة الكععاثوليكي نوسععتراداموس بععالحرب العالميععة الثالثععة )
1999م – 2030م (
… الكععاثوليكي نوسععتراداموس ،كععان قععد تنبععأ ،بععأن الحععرب
العالميععة الثالثععة ،سععتبدأ باسععتخدام كععٍل مععن روسععيا وإيععران ،
للسلحة النووية … والكيميائية ،في الرابععع مععن حزيععران عععام
1999م …
•Armageddon, World War III, Antichrist, and
... the second coming
Armageddon, World War III, Antichrist, and
the second
419
... coming of Jesus
هرمجدون ،الحرب العالمية الثالثة ،عدو المسيح ) الععدجال ( ،
العودة الثانية للمسيح …
Web Directory: Resources for Nostradamus
Research
مصادر لبحاث نوستراداموس .
.Nostradamus Society of America
مجتمع نوستراداموس في أمريكا .
International Center for Nostradamian
Studies – description of Nostradamus, his
prophecies, and Prof. Vlaicu Ionescu’s
.interpertations
المركز العالمي لدارسات نوستراداموس …
وصععف لنوسععتراداموس ،نبععوءاته ،وتفسععيرات البروفيسععور )
. ( Vlaicu Ionescu
Nostradamus, Saddam Hussein, Armegeddon
.– by Storm Ministries
نوستراداموس ،صدام حسين ،هرمجدون
كتععاب لكععاتب البريطععاني ) سععتورم مينيسععتريز ( ،يبحععث فععي
النصععوص النبويععة التوراتيععة ،يجيععب فيععه عععن ع عّدة تسععاؤلت
يطرحهععا فععي بدايععة كتععابه ،وأحععد هععذه التسععاؤلت :هععل صععدام
جال آخر الزمان الذي تنبأ به ) نوستراداموس ( ؟! . حسين هو د ّ
420
من هو ) نوستراداموس ( ...؟
ع من كتاب ) نبوءات نوستراداموس ( للطععبيب الفرنسععي د ) .دو
فونبرون ( ،ترجمة أسامة الحاج ،دار مكتبة التربية ،بيروت ،
طبعة 1996م .
هععو مسععيحي كععاثوليكي فرنسععي ،ذو أصععل يهععودي ،عععاش فععي
الفترة ) 1566 – 1503م ( ،أّلععف أحععد أشععهر كتععب النبععوءات
التوراتية والنجيلية .يقعول هعذا المتنعبئ فعي مقدمعة كتعابه ،أن
مصدر نبوءاته ،هو مجموعة مععن الكتععب والمجلععدات القديمععة ،
التي كان قد ورثها عن أجداده اليهود ،كععانت مخبععأة منععذ قععرون
عديدة ،وعلى ما يبععدو أنععه اسععتطاع مععن خللهععا ،الكشععف عععن
الرمععوز التوراتيععة اللفظيععة والعدديععة ،الععتي اسععتخدمها مؤلفععو
التععوراة مععن الكهنععة والحبععار ،ومععن ثععم قععام بقععراءة الحععداث
الواردة في النبوءات .ووضعععها فععي كتععاب ،علععى شععكل رسععائل
نثرية ،وأبيات شعرية سّماها الرباعيععات ،اسععتخدم فيهععا الكععثير
من الستعارات والرموز ،الواضععحة الدللععة أحيانععا ،والمضعّللة
والُمحّيرة أغلب الحيان .
وقععد اجتهععد كععثير مععن البععاحثين الغربييععن ،وخاصععة فععي العصععر
الحععديث ،وأجهععدوا أنفسععهم ،بمحععاولت مضععنية لحععل رمععوزه
وطلسمه ،ومحععاولت مضععنية لمطابقتهععا ،لمععا جععرى ويجععري
وسيجري على أرض الواقع ،لدرجععة أنععك لععو بحثععت عععن لفععظ )
( Nostradamusفعععي أحعععد محّركعععات البحعععث علعععى شعععبكة
النترنت ،ستجد أكثر من ) ( 57ألف موقع ،لمراكز وجمعيععات
وكتب ودراسات ،تبحث في أمر نبععوءاته وتجتهععد فععي مطابقتهععا
مع الواقع ،في محاولة لستقراء المستقبل ،وخاصة فيما يتعلق
421
بأحععداث النهايععة ،وخاصععة الحععرب العالميععة الثالثععة ،ونهايععة
الحضارة الغربية ،المرتبطة بعودة الخلفة السلمية .
ومن أشهر الكتب في تفسير نبوءاته ،وفععك رمععوزه وطلسعمه ،
هععو كتععاب ) نبععوءات نوسععتراداموس ( ،الععذي أّلفععه الطععبيب
طبع هععذا الفرنسي ) دو فونبرون ( ،المتوفى عام 1959م ،وقد ُ
الكتاب عدة مرات ،أعععوام 38و 39و 1940م ،ومععن ثععم ُأعيععد
طبعه بعد عدة سنوات من خلل ابن المؤلف ،ومما أضافه البععن
إلى الطبعة الجديدة من الكتاب ،نص مخطوط بقلم أبيه الطبيب ،
كتبه قبععل وفععاته بأربعععة أشععهر ،بعنععوان ) :بحععث فععي الحععداث
القادمة (
وهذا نصه :
" يجب النظر بصورة منفصلة إلععى الحععداث وتتابعهععا الزمنععي ،
إن ترتيبها من حيث الزمان ل يمكععن تص عّوره ،إل ضععمن عمليععة
افتراضية ،إذ أن المعطيات المتعلقة بها شععديدة التشععذر ،بحيععث
ل يمكن أن تؤدي إلى استنتاجات أكيدة كليا …
إن جميع النبوءات القّيمة ،مترّكزة علععى الحقبععة ،الععتي سععتغدو
فيها الحضارة الغربية ،مهّددة بالدمار .والوقائع الساسية لهذه
الزمة العالمية ،هي كالتالي :الحرب والثورة العامتان ،تععدمير
باريس الكلي بالنار ،وتدمير جزء من مرسيليا ،بتلطم لمععواج
البحر ،هزات أرضية مخيفة ،وبععاء طععاعون يقضععي علععى ثلععثي
البشرية ،البابا المطرود من روما ،انشقاق كنسي …
يبدو أن هذه الحداث ستبدأ بععالحرب بيععن الشععرق والغععرب ،أمععا
ذريعتهععا فسععتكون فععي الشععرق الوسععط ) العععراق ،إيععران ،أو
422
فلسطين ( ،ومن المرجح أن تجري على مرحلتين ،علععى غععرار
حرب 1945– 39م …
في تلك اللحظععة يظهععر نجععم مععذّنب سععوف يمعّر علععى مقربععة مععن
الرض ،لدرجععة أنهععا سععتجتاز شعععره الُمحّمععل بالحصععى ،هععذه
النيازك الجويععة الععتي سععتكون بمثابععة انتقععام السععماء العجععائبي ،
سوف تسقط على أمكنة مح عّددة ،حيععث سععتكون محتشععدة قععوات
الثورة الحمراء ،والسطول الروسي في البحر المتوسط …
من المرجح أن تععدمير بععاريس ،سععيتم فععي المرحلععة الثانيععة مععن
النزاع ،قبل وقت قصير من طرد البابا من روما … " ،انتهى .
وجععاء فععي نفععس المقدمععة مععا مفععاده أن المحنععة الكععبرى ،الععتي
ستشعععهد بدايعععة تعععدمير الحضعععارة اليهوديعععة المسعععيحية ،كعععان
) نوستراداموس ( قد حّدد نقطة انطلقها في الشهر السععابع مععن
عام 1999م .
نصوص من نبوءات ) نوستراداموس ( مننن
كتاب الطبيب الفرنسي :
صه :في الرسالة إلى هنري الثاني ورد ما ن ّ
" وسععوف تتععم حملعة جديععدة ،مععا وراء البحععر المتوسععط لنقععاذ
النععدلس ،الععتي ُيه عّددها النهععوض الول للمحمععديين ) .إشععارة
للستعمار الغربي للبلد العربية ( .
والمكان الذي كععان بععه مسععكن إبراهيععم فععي الماضععي البعيععد ) أي
العراق ( سوف ُتهاجمه رسل المسيح ) إشارة للعدوان الثلثينععي
النصراني على العراق ( .
423
ومدينة ) سيشم ( أي فلسطين ،سوف ُتحيط بهععا وتهاجمهععا مععن
كععل الجهععات ،جيععوش غربيععة قويععة جععدا ،سععتحد مععن قععوة
أساطيلهم .وفي هذا الملك سوف يحدث حزن عظيم ،تقفر مععدنه
الكبرى ) .إشارة لستلب فلسطين (
والذين يعودون إليها ،أولئك الذين سُيمارس ال غضبه ضدهم
) أي اليهععود فععي فلسععطين ( ،والمكععان الُمقعّدس لععن يععؤوي بعععد
ذلك ،سوى عدد صغير جدا من الكفار ) يقصد المسلمين ( ،أوه
! في أي حزن فاجع ،سععتكون عنععدئذ النسععاء الحبععالى ،اللععواتي
ستمنعهن ثمرة أحشائهن من الهرب …
وخلل كل هذا التقدير الكرونولوجي ) الممتد طوليا عبر الزمن (
،الُمعاد إلى الكتابات المقّدسة ،سيتولد اضطهاد رجال الكنيسة ،
من خلل تحالف قادة الشعمال العسععكريين )مععن قبعل دول التحععاد
السوفييتي السابق ،يأجوج ومأجوج ( ،وهذا الضطهاد سععيدوم
11عامععا غيععر مكتملععة ،وستسععقط خللهععا الدولععة الشععمالية
الرئيسية ) روسيا ( ،بعد أن ُتنجز تلك السنوات من الضطهاد ،
سععيأتي حليفهععا الجنععوبي ) العععرب ( ،الععذي سيضععطهد رجععال
الكنيسة على مدى ثلثة أعوام وبقسععوة أش عّد … إلععى ح عّد أن دم
رجال الدين الحقيقيين سيسبح في كل مكان …
وللمرة الخيرة أيضا سععترتجف كععل الممالععك المسععيحية ،وكععذلك
ممالك الكفار خلل 25عامععا ،سععتكون الحععروب والمعععارك أكععثر
دموية من أي وقت مضى ،وسوف ُتحرق المدن والقصعور وكعل
المباني الخرى ،وسيتم هجرهععا وتععدميرها ،مععع إهععراق عظيععم
لدماء العذارى والمهات والرامل المغتصبات ،والطفال الُرضع
طععم عظععامهم ) وصععف الذين سُيرمى بهم على جدران المدن وتح ّ
424
لعقاب اليهود في فلسطين ( ،الكثير من الشععرور سععيتم ارتكابهععا
بفعل الشيطان ،الميععر الجهنمععي ،بحيععث كععل العععالم الكععاثوليكي
تقريبا ،سيتعّرض للخراب للبادة ،وقبل أن تتم هععذه الحععداث ،
سععتدوي فععي الفضععاء طيععور غريبععة ) هععي الطععائرات ( … ،
وسععتختفي بعععد قليععل ،بفعععل الكارثععة النهائيععة للعععالم ) الحععرب
العالمية النووية الثالثة ( … ومن ثم ستقوم حقبة جديدة ،عهععد
ذهبي سيأمر به الخالق .وعنععدئذ سععيبدأ بيععن الع والبشععر سععلم
شامل ) زمن عيسى عليه السلم ( … "
وفي نهاية الفصل ) (11من الكتاب يخلص المؤلف إلععى القععول :
" كععل الشععرق إذن ،سععينتفض مععن جديععد ضععد الغععرب ،وحععبره
العظم الخير بطرس الروماني ) أمريكا ( … "
ععععع نجععععد أن المؤلععععف مععععن خلل فهمععععه لمجمععععل نصععععوص
) نوستراداموس ( ،يخلص إلى أن الشعععوب الشععرقية بمععا فيهععا
من إثنيات متنوعة ،سععتتحد ضععد الغععرب فععي مواجهععة مصععيرية
نهائية .
وفي بدايات الفصل ) (14على لسان المتنبئ :
" 1-9من الشرق سيأتي العمل الغادر .الذي سُيصععيب إيطاليععا
وورثة رومولوس .بصحبة السطول الليبي .ارتجفوا يععا سععكان
مالطا والجزر القريبة المقفرة " .
ع نجد أن المتنبئ يصف انتفاضة الشرق ،بالعمععل الغععادر ،الععذي
سيطيح بإيطاليا وورثععة المبراطوريععة الرومانيععة ،ونجععده يععذكر
ليبيععا بالسعم مؤكعدا انضعمامها للتحعالف الشععرقي ،معثيرا رععب
الغربيين من هذا العمل الغادر .
وفي الفصل ) ، (27يقول المؤلف :
425
" بمقدار ما نبتعد في المستقبل ،يغدو مععن الصعععوبة بمععا كععان ،
أن نربط بيععن الحععداث ،الععتي ستعيشععها البشععرية فععي انحععدارها
القصععى .إل أن التكععرار المتواصععل للتاريععخ متشععابه ،وعلععى
شععبكته الُمتجععّددة باسععتمرار ُ ،يمكععن أن ُتطععّرز سععلفا المعركععة
الخيرة والُمخيفة ،التي سيظفر بها الشرق البربري على الغرب
المسيحي .
ع هنا يلصق المؤلف صفة البربرية بالشرق ،ويؤكد انتصار هععذا
الشرق المتوحش ،على الغرب المسيحي المسالم والمتحضر .
مستفيدين من النقسامات التي سُيثيرها المسععيح الععدجال ،ومععن
الضععععف والفوضعععى الناتجعععة ععععن معععذاهبه ،ينجعععح الععععرب
والسيوّيون والمغول في اجتياح أوروبععا ،بعضععهم عععبر إيطاليععا
وإسبانيا ،كما هي العادة ،والخععرون عععبر القععارة والجععو ،فععي
حين تنهار فرنسا والكنيسة ،ويتعرض البابا بالذات إلى الغتيال
وسط الفساد العام ،تظهر ظواهر مرعبة في السماء .
ع نجد أن المتنبئ ُ ،يحّدد في هذا النص ماهيععة الشعععوب الشععرقية
التي يقصدها ،ويضع العرب على رأس القائمة ،ويؤكد نجاحهم
في اجتياح معظم دول أوروبا ،برا وبحرا وجوا .
في عام الكسوفين الكاملين ،مععن طععرف لخععر طععرف فععي العععالم
القديم ،تحصل أمور غريبة :تظلم الشمس ويفقد القمععر نععوره ،
وضجيج البحععر والمععوج ،سععيجعل النععاس ييبسععون رعبععا ،لنععه
سيصل الطوفان التكفيري الجديد ) عودة الخلفععة السععلمية ( ،
ليختم فجأة العصر الذي بدأ مع زمن نوح " .
426
ع في هذا النص ُ ،يح عّدد المتنععبئ فلكيععا ،نقطععة البدايععة ،لحععداث
مسلسل الرعب الخير ،الععذي يصععفه فععي كتععابه ،بكسععوف كلععي
كبير للشمس ) 1999م ( ،متبوعا بخسوف كلي للقمر .
يؤكد المؤلف علععى حتميععة وقععوع مواجهععة أخيععرة ،بيععن الغععرب
والشععرق ،وعلععى حتميععة ظفععر الشععرق بهععا ،وكنتيجععة لهععذه
المواجهة ،ستنهار فرنسععا ) الععتي كععانت ُتمثععل الدولععة الصععليبية
العظمى آنذاك ،في العصععر الععذي عععاش فيععه المتنععبئ ،أمععا الن
فأمريكا هي الدولة العظمى ،وراعية الحملت الصليبية الجديععدة
على الشرق ( ،وستنهار الكنيسة ) بمعنى انهيار الدين ،بظهور
الدين السلمي من جديععد ( .ويعععزو المؤلععف نجععاح الشععرق فععي
غزوه أوروبا ،إلى ما أثاره المسيح الدجال ،من ضعف وفوضى
وانقسام ،وليس غضبا إلهيا لكفرهععم وضععللهم ،ورغبععة إلهيععة
في إظهار الحق وزهق الباطل ،والحقيقة أن الذي سيتسععبب فععي
ظهور الضعف والنقسععام الوروبععي ،بيععن مؤيععد ومعععارض هععو
إسرائيل ) المسيح الدجال الحقيقي ( ،والشعععب اليهععودي بشععكل
عام .
سععرو النبععوءات التوراتيععةوالمسيح الععدجال هععو لفععظ ،يطلقععه مف ّ
على شخص مفسد ومخّرب ،سيظهر في المكان المقّدس ،معععاٍد
لليهود وللمسيح وأتباعه ،سععيقود الشععرق فععي معركتععه الخيععرة
مع إسرائيل الغرب ،وينسبون إليه كل ما ُيوصف في التوراة من
إفسعععاد ،حعععتى إفسعععاد الدولعععة اليهوديعععة الحاليعععة الموصعععوف
بععالتوراة ،وبععذلك أصععبح الفسععاد اليهععودي السععرائيلي ،الععذي
حّذرت منه التوراة ووصفته بدقة متناهية ،منسوبا إلععى شععخص
المسيح الدجال الذي لم يظهر بعععد ،لتكععون إسععرائيل وحلفائهععا ،
بمنأى عن الغضب والعقاب اللهي ،الذي سينسكب على الععدجال
427
وأتبععاعه ،وأتبععاعه هععم مععن العععرب والععروس والمغععول ،حسععب
اعتقادهم .
وفيمععا يلععي بعععض النصععوص ،الععتي اسععتقى منهععا المؤلععف هععذه
الفكار :
مشاهد من الحرب العالمية الثالثة :
" 2-70سيف السماء يمتد فوق العععالم … يجععري إعععدام عظيععم
لمن سيموتون وهم يتخاطبون "
" 2-18مطر جديد مفاجئ وعنيف … تتساقط من السماء علععى
البحر ،الحجارة والنار … تموت بغتععة الجيععوش السععبعة البريععة
والبحرية " .
" 2-56من لم ينجح الطاعون والسلح في الجهععاز عليهععم …
سُيضربون من أعالي السماء " ..
" 2-86خلل الغععرق الععذي سععيتم قععرب البحععر الدريععاتيكي …
ستهتز الرض لُتميت من كانوا يحومون في الهواء … "
" 3-83الجععو والسععماء والرض سععُتظلم وتضععطرب … حينئذ
سيتضرع الكافر ل وقّديسيه "
أمريكا :
" 9-44اهربوا ،اهربععوا يععا سععكان جنيععف أجمعيععن … عهععدكم
الذهبي سيغدو عهدا حديديا … "
ع هذه الدعوة للهرب من جنيف ،هي في الصل دعوة للهرب من
بابل في النصوص التوراتية ،ليتبين لنععا أن لفععظ بابععل اسععتخدمه
كتبععة التععوراة ،للتعععبير عععن دولععة أو مدينععة ذات مععال وجمععال
وسععطوة ،سععتظهر مسععتقبل ،كمععا كععانت جنيععف فععي عصععر
428
نوسعععتراداموس ،العععذي لعععم ُيعاصعععر العصعععر العععذهبي لمريكعععا
وعاصمتها التجارية ) نيويورك ( .
" 1-26الصاعقة العظيمة ستسقط في وضح النهار "
" 1-87النععار المركزيععة الععتي تجعععل الرض تهععتز … سععتتجلى
حول المدينة الجديدة ) نيويورك ( "
" 10-49بسعععتان الععععالم قعععرب المدينعععة الجديعععدة … سعععُيؤخذ
طس في البحيرة الغالية " وُيغ ّ
" 6-97سععماء خععط التععوازي ، 45سععتحترق تقععترب النععار مععن
المدينة الجديدة العظيمة … "
بريطانيا وفرنسا وبقية دول أوروبا :
" 9-55أية حرب مخيفة ستتهيأ في الغرب … وفي العام التالي
شعّبان والعجععزة
سيأتي الطععاعون … رهيبععا إلععى حعّد أنععه علععى ال ُ
والقطعان … سيكون للدم والنار سلطة في فرنسا …
" 4-67في العععام الععذي سيشععتعل فيععه الزمععن والحععرب معععا …
سيكون ثمة مسار كبير للمقذوف في الهواء الجاف ) الصععواريخ
النووية ( … يحترق المكان الكبير بنيران آتية من بعيد … يرى
الناس القحط والعاصفة ،تحصل حروب وغزوات " .
" 8-16في روما ،حيعث كلعي القعدرة بنعى هيكلععه … سعيكون
طوفان كبير ومفععاجئ … بحيععث مععا مععن مكععان ،ومععا مععن أرض
ستسمح باتقائه … ستمر المياه من فوق الولمب فيزول " .
" 3-32القبر الكبير للشعب البريطاني … سيكون علععى وشععك
النفتاح … حين تزمجر الحرب قرب حدود ألمانيا … وفععي بلد
مانتو ) إيطاليا ( " .
429
" 3-70بريطانيا العظمى ،أي إنكلترا … تتعرض لثورة عنيفة
) تغمرها المياه ( … " .
" 8-15نحععو الشععمال تعزيععزات كععبرى مععن الحشععود البشععرية
) روسععيا ( … تضععرب أوروبععا والعععالم أجمععع تقريبععا … خلل
الكسوفين ،تقوم بمطاردة مهمة … وتععدخل هنغاريععا فععي الحيععاة
والموت " .
خلصة ما يتنبأ به ) نوستراداموس ( ،هو دمار الدول الغربية )
أمريكا وبريطانيا وفرنسا ( ،بهجوم صععاروخي نععووي مفععاجئ ،
يصفه بكل دقععة ) مطععر جديععد مفععاجئ وعنيععف …( وُيععّرف هععذا
المطععر الجديععد ) تتسععاقط مععن السععماء علععى البحععر ،الحجععارة
والنععار ( وُيعّرفععه أكععثر بقععوله ) للمقععذوف فععي الهععواء الجععاف (
وُيحّدد مصدره ) بنيران آتيععة مععن بعيععد ( ويصععف تععأثيره ) يععرى
الناس القحط والعاصفة ( ويصف ما يعقبه ) سيكون طوفان كبير
ومفاجئ ( نتيجة ارتفاع درجة حرارة الرض ،التي ستعمل على
خر مياه البحار والمحيطات ،ومن ثععم ذوبان الكتل الجليدية ،وتب ّ
لتعود وتسقط على شكل مطر غزير ،مسببة طوفانا ،تغععرق فععي
مياهه أمريكا وبريطانيا إلى غير رجعة .
وما يعطي مصداقية ،لنبععوءات هععذا المتنععبئ ،واهتمامععا منقطععع
النظير بها لدى الغربيين ،هو تحّقق الكثير منها حسب اعتقادهم
،بالرغم من إبهامها وعموميتها ،ووصفه الدقيق -قبععل )(450
سععنة تقريبععا -للسععلحة ووسععائل النقععل ،الععتي اسععتخدمت فععي
الحروب العالمية ،والععتي لععم تكععن موجععودة أصععل فععي عصععره .
وهذا مما ُيعّزز مخاوف هؤلء من صععدق نبععوءاته ،بشععأن دمععار
430
الحضارة الغربية برمتها ،من قبل الشرقيين ،كما ُيعلن عن ذلك
بصراحة .
من خلل هذه النصععوص والنصععوص التوراتيععة الصععلية ،تععبين
للكععثير مععن البععاحثين المريكييععن والبريطععانيين والفرنسععيين ،
المشغولين بنبوءات ) نوسععتراداموس ( ،أن المقصععود بالمدينععة
الجديععدة ،الععتي سععيلحقها الععدمار والخععراب ،هععي ) نيويععورك (
بشععكل خععاص ،وأمريكععا بشععكل عععام .وخوفععا مععن صععدق هععذه
النبععوءات المرعبععة ُ ،تجهععد أمريكععا نفسععها – بقيععادة الحععزب
ث الخطععى ،سعععيا لمتلك الجمهوري التععوراتي النجيلععي -وتحع ّ
الدرع النووي المضاد ،للنبوءات التوراتية بصواريخها النوويععة
الروسية والصينية ،ل الصواريخ النووية العراقيععة أو اليرانيععة
أو الكورية الشمالية كما تّدعي .
فععي تقريععر لوكالععة ) أ ف ب ( مععن واشععنطن ،نقل عععن صععحيفة
الدستور الردنية ،الصادرة بتاريخ 2001 - 7 - 12م ،جاء ما
نصعععه " :أعلنعععت وزارة العععدفاع المريكيعععة أمعععس ،تسعععريع
برنامجها للدرع المضععاد للصععواريخ ،الععذي قععد يصععطدم بععالقيود
التي تفرضها معاهدة ) إيه بي أم ( " :وذلك في غضععون بضعععة
أشهر عوضا عن بضع سنين " .وص عّرح مسععاعد وزيععر الععدفاع
المريكععي ) بععول فولفععوفيتس ( فععي كلمععة أمععام لجنععة القععوات
المسلحة في مجلس الشيوخ " :لقععد بععدأنا متععأخرين سععباقا ضععد
الزمن " .وبحسب المسؤول المريكي ،فععإن عمليععات التجععارب
وتطعوير نظعام العدرع المضعاد للصعواريخ ،سيصعطدم بل شعك ،
بقيود نصت عليها معاهدة ) إيه بي أم ( ،وأشار إلى " أن هنععاك
فرصا عديدة ليتم ذلك فععي غضععون بضعععة أشععهر بععدل مععن بضععع
سعنين " ،وأكعد أنعه " ينبغعي أن نتجعاوز قيعودا تفرضعها علينعا
431
معاهععدة ) إيععه بععي أم ( ،وقععال أن الوليععات المتحععدة ،سععتحاول
العمل على إبعرام اتفعاق معع روسعيا ،يتضعّمن ترتيبعات جديعدة ،
بهدف تجاوز معاهدة ) إيه بي أم ( ،وأشار مع ذلك إلى أنععه " :
سيكون من الصعب التأكد من تأمين ذلك خلل السنة المقبلععة " .
ضععل التوصععل لععذلك مععن خلل التعععاون ) مععع وأضاف " :كنععا ُنف ّ
روسيا ( ،ول نزال متفائلين بأن مثل هذا الخيار أمععر ممكععن " .
وذكرت صععحيفة واشععنطن بوسععت ( فععي عععددها أمععس أن وزارة
الخارجيعععة ،أن وزارة الخارجيعععة المريكيعععة أمعععرت السعععبوع
الماضعععي ،سعععفارات الوليعععات المتحعععدة فعععي الععععالم ،بعععاطلع
الحكومععات الجنبيععة ،علععى النيععة المريكيععة ،بتطععوير مشععروع
الدرع المضادة للصواريخ " انتهى .
لمنناذا بنندءوا هننذا السننباق المحمننوم مننع
الزمن لنتاج هذا الدرع ؟
الذريعة المريكية بتخّوفها مععن مهاجمتهععا بصععواريخ باليسععتية ،
من قبل العراق وإيران وكوريا الشععمالية ،غيععر مقنعععة لكععل دول
العععالم ،وحععتى حلفععاء أمريكععا مععن الوروبييععن ،أمععا السععباب
الحقيقيععة لنتععاج هععذا الععدرع ،فمرّدهععا هععو مخععاوف توراتيععة
وإنجيلية بحتة ،وهي على أربعة احتمالت :
.1وقاية نفسها من أي هجوم روسي ،أثناء المواجهة القادمععة
بين الشرق والغرب ،فيما لو فكرت روسيا ببدء هجوم مباغت
،بعد تحالفها مع الععدول العربيععة والسععلمية ،وهععو الحتمععال
الضعف .
.2التفكير بالمبادرة بالهجوم على روسيا ،استعجال للمواجهععة
الحتميععة الععتي فرضععتها عليهععم النبععوءات ،فكسععب المعركععة
432
جه الضربة الولى للطرف الخععر ، سيكون من نصيب ،من ُيو ّ
شععرين النجيليععن ،اسععتعجالوقد يكون اسععتجابة لععدعوات الُمب ّ
للمجيء الثاني للمسيح .
.3تنفيذ نواياها المعلنة اتجععاه العععراق ،بالقيععام بعمععل إجرامععي
جديد ُ ،يريح أعصاب اليهود فععي الشععرق والغععرب إلععى البععد ،
من خطر زوال إسرائيل على أيدي العراقييععن ،بشععن حععرب أو
بتععوجيه ضععربة نوويععة واسعععة النطععاق أو محععدودة ،وهععو
الحتمال القوى .
.4منع إمكانية ظهور ذلك القععائد المسععلم ،الععذي سيتسععبب فععي
دمععار الحضععارة الغربيععة ،بضععرب بععؤر القيععادات السععلمية
الحالية .
وعلى ما يبدو أن صععفة السععتعجال ،جععاءت مععن فهععم حاخامععات
اليهود للنصوص النبوية ،ومعرفتهم من خلل الشارات الفلكيععة
،والحسابات الموجودة في التوراة ،بقرب تحقععق هععذه الحععداث
على أرض الواقع .
العدوان على العراق :
" 10-86سيأتي ملك أوروبا مثل غريفون … ُترافقععه جماعععة
الشمال … سيقود حشدا كبيرا من الحمر والبيض … ويسيرون
ضد ملك بابل " .
" 1-55في ظععل المنععاخ الععذي سععيواجه بابععل … سععيكون الععدم
المراق غزيرا … والرض والبحر والجو والسععماء جععائرات …
بفعل البدع والمجاعة والحكومات والطاعون والفوضى " .
433
خروج المهنندي مننن مكننة ،وحتميننة ظهننور
الدين السلمي من جديد :
وهعععو المعععر العععذي ُيرععععب نصعععارى ويهعععود الغعععرب ويقععع ّ
ض
مضاجعهم ،وهو المبّرر الوحيد لحربهم الشعواء ،التي يشعّنوها
ضععد السععلم ومععن ُيمّثلععه ،دون كلععل أو ملععل ،بععدفع مععن أحبععار
اليهود وكهنتهم ،في كععواليس ودهععاليز السياسععة الغربيععة ،كمععا
كانوا ُيزّينون لكفار قريش سوء أفععالهم ،فعي كعواليس ودهعاليز
السياسععة فععي مكععة ،خوفععا مععن ظهععور أمععر الدولععة المحمديععة
الولى ،وكنععا قععد أشععرنا سععابقا إلععى بعععض النصععوص التوراتيععة
الصععلية ،الععتي اسععتطاع ) نوسععتراداموس ( مععن خللهععا التنبععؤ
بهذا المر بنصوص صريحة ل ُلبس فيها :
" 5-55من الجزيرة العربية السعيدة … سيولد قائد مسلم كبير
… يهزم إسبانيا ويحتععل غرناطععة … يصععد المسععلمون الصععليب
… يخون البلد واحد من قرطبة " .
" 5-25أمام المير العربي ،بعد الحرب الملكيععة الفرنسععية …
تسقط مملكة الكنيسة في البحر … يأتون من جهة فارس مليونععا
… حين يستولي الشيطان على مصر واستنبول .
" 2-29سُيغادر الشرقي مقّره … يجتاز جبال البينين ويععدخل
فرنسا … يعبر الثلوج الخالدة ) جبععال اللععب ( … ويضععرب كععل
واحد بعصاه " .
" 9-100سععيجري كسععب المعركععة البحريععة ليل … يكععون ذلععك
خراب الغرب … سيكون ثمة ميثاق أحمر ،تتلطخ الكنيسة بالدم
… يشهد المهزوم إفلت النصر منه ويستشيط غضبا " .
434
" 2-93قريبا من نهر التيبر ُ ،تهّدد آلهة الموت … بعد فيضععان
عظيععم بقليععل … يقععع البابععا فععي السععر … يحرقععون القصععر
والفاتيكان " .
ع إذن يعلم الغربيون يهودا ونصارى ،ممععا جععاء فععي كتبهععم ،أن
هناك قائد مسلم كبير ،هو نفس المير العربي والشععرقي ،الععذي
سععيولد فععي الجزيععرة العربيععة ،وأن هععذا القععائد سينتصععر فععي
حروبععه ،موحععدا بععذلك جميععع دول العععالم السععلمي ،ومععن ثععم
سيجتاح أوروبا كاملة ،بجيوشه الجرارة البالغة في نععص ) ( 1
مليون ،وفي نص آخععر ) ( 200مليععون مقاتععل ،مسععببا سععقوط
الحضارة المسيحية اليهودية واندثارها .لذلك تجد الغرب يسعععى
حثيثا ،لوأد أية بادرة تلوح في الفق ،لحياء الخلفة السلمية
.
الصحوة السلمية :
يقول مؤلف الكتاب :إذا كانت أوروبععا ،وفرنسععا بععوجه خععاص ،
بقيت بمنعأى ععن أي غعزو معن جعانب الععالم العربعي ،منعذ أيعام
) شارلمان ( ،فالحرب الكبرى ستشهد عودتهم المؤذية ،هذا ما
سععماه ) نوسععتراداموس ( فععي الرسععالة إلععى هنععري الثععاني " ،
العودة المحمدية الولى " .حيث يقول ) نوستراداموس ( :
" 3-4حين سيقترب تمّرد المسلمين ،لن نكون بعيدين جدا عن
هذا وذاك … البرد والقحط والخطر على الحععدود … حععتى حيعث
بدأ الوحي اللهي " .
… " 4-39لن إمبراطورية الهلل ستخرج من سباتها … "
435
" 6-42سععععيجري التخلععععي عععععن السععععلطة للكلم الفتععععان …
لمبراطورية الهلل التي ستفرض نفسها … وتمّد رايتها إلى ما
فوق اليطاليين … ستكون في يد شخص يتظاهر بالحكمة " .
" 5-73سيتم اضطهاد كنيسة ال … وتصععادر البنيععة الدينيععة
… سُيعري الولد أمه … وسيتفق العرب مع البولنديين " .
" 10-33الجماعة القاسية ذات العرداء الطويعل ) المسعلمون (
… ستأتي مخععبئة خناجرهععا … يسععتولي قائدهععا علععى فلورنسععا
ومكععان اللهبععة المزدوجععة ) رومععا ( … قائمععا بفتحععه مععع القتلععة
والحالمين " .
ععع تؤكععد هععذه النصععوص ،أن المععة السععلمية سععتنهض مععن
سباتها ،وستفرض نفسها كدولة عظمى ،وعلى مساحة واسعععة
معععن الرض ،تشعععمل أجعععزاء معععن أوروبعععا الغربيعععة ،وُيخعععبر
) نوستراداموس ( بخبث ودهاء يهوديين ،بععأنهم أي المسععلمون
الغادرون القساة القتلة ،سيضععطهدون كنيسععة الع ،ويسععتولون
على إيطاليا كلها .وهععذه إحععدى الصععور الععتي شععكلتها النبععوءات
التوراتيععة والنجيليععة ،عععن السععلم والمسععلمين بشععكل عععام ،
صععر .وهععذهوبععدون اسععتثناء لي عربععي أو مسععلم ،حععتى لععو تن ّ
الصور أجاد فععي تشععويهها والتخويععف منهععا ،والتحريععض علععى
سرو هذه النبوءات قديما وحععديثا ،حععتى أصععبحت محاربتها ،مف ّ
مععن المسععلمات العقديععة لععدى عامععة الغربييععن ،فل عجععب ول
غرابة ،من حمل الغربيين لهذا الععداء العقعائدي المزمععن للععرب
سععرو الكتععاب المقععدس ، والمسلمين ،فهععذا مععا ُيخععبرونهم بععه مف ّ
الععذي ل يععأتيه الباطععل مععن بيععن يععديه أو مععن خلفععه ،حسععب
اعتقادهم .
436
نزول عيسى عليه السلم وتسّلمه لمقاليد
الحكم :
" 4-77إمبراطورية الهلل ) المسلمون ( ،وإيطاليا المسالمة )
حكمععان ،علععى يععد ملععك العععالم
النصععارى ( … يتحععّد فيهمععا ال ُ
المسيحي ) المسيح عليه السلم ( … " .
ع هذا النص ،يؤكد عملية تسّلم عيسععى عليععه السععلم للحكععم مععن
المهدي ،أما النصارى فليس لديهم استعداد ،لطععرح أي تسععاؤل
عععن سععبب اتحععاد المسععلمين ) الكفععار غيععر المععؤمنين بألوهيععة
المسععيح ( والنصععارى ؟ ولمععاذا يتنععازل خليفععة المسععلمين ،عععن
مقاليععد الحكععم للمسععيح عليععه السععلم ،بعععد أن يكععون قععد فععرض
سيطرته على العالم بأسره ؟ ولماذا ل يصععلبه المسععلمون ،وهععم
المتوحشععون والغععادرون والقتلععة والقسععاة والرهععابيون ،كمععا
صلبه اليهود المساكين الضعفاء ؟
نحن نعلم أن النععاس قععديما وحععديثا ،كععانوا ومععا زالععوا ،يلجئون
للعرافيععن والكهععان ،لكشععف الطععالع ومعرفععة أنبععاء الغيععب ،كععل
حسب مآربه وغاياته ،ومنها الفضععول وحععب المعرفععة ،ومنهععم
العوام وأكثرهم الملوك والرؤساء ،ول غرابة عندما أقرأ يوما ،
أن زوجة أحععد رؤسععاء أمريكععا المعاصععرين ،وأظنععه بععوش الب
كانت تلجأ إليهم .
إن أخطععر معا فعلتععه هععذه الكتعب ،هعو أنهعا خلقعت لععدى نصعارى
الغرب ،عقائد جديدة مرتبكة ومشوهة ،فيما يتعّلق بشكل خاص
بالمسلمين والعرب ،ودورهم القادم في دمععار الحضععارة الغربيععة
المسيحية ،التي صنعتها اليهودية العالمية ،حتى أنستهم تعععاليم
المسيح نفسععه ،الععتي مععا زالععت تععدعوا إلععى التسععامح والتعععايش
437
السلمي ،بالرغم من إعععادة صععيغتها مععن قبععل اليهععوديين بععولس
وبطرس .مما خلق لديهم حالة من الرعب والقلععق ،مععن كععل مععا
هو إسلمي وعربي ،بمساعدة حثيثة من خبثاء اليهععود ،الععذين
يؤمنون بأن استمرارية وجععودهم وبقععائهم ،ونجععاح مخططععاتهم
الشيطانية ،تعتمد في الساس على القضاء علعى الديعان ،العتي
ُيحاربهم ال بها ،ويعلمون أن ألّد أعدائهم هععو القععرآن العظيععم ،
الذي ل بد له في يوم من اليام ،إن بقي المر علععى حععاله ،ولععم
يتم مسحه من قلوب وعقول حملتععه ،ومسععخ تعععاليمه وتشععويها
كمععا ش عّوه آبععاءهم وأجععدادهم التععوراة والنجيععل ،سععيبعث فيهععم
الحياة من جديد .
الحرب الشاملة 2006
هو عنوان لكتاب صععدر فععي بريطانيععا ،عععام 1999م ،وعنععوانه
بالنجليزيععة هععو ) ، ( Total War 2006للكععاتب البريطععاني
) سيمون بيرسون ( ،الذي شغل منصب ،مساعد رئيس أركععان
الحرب البريطاني لشؤون السياسة ،وهذا الكتاب واحد من آلف
الكتب والبحاث ،التي كادت أن ُتصيب كبد الحقيقة ،لول تضليل
مؤلفي نصوص التوراة ،بتحريف الكلم عن مواضعه ،وتضععليل
الواقع ،مما أدى إلى الخلط بين الحععداث ،مععن حيععث شخوصععها
وزمانها ومكانها .
* من مقال للكاتب محمد عارف ،مععن صععحيفة الحيععاة اللندنيععة ،
في النصف الثاني من عام 1999م .
" كل فصل من فصول الكتاب تقريبا ُ ،يستهل بقول للنبي ارميا ،
ويسععتهّل الفصععل الخيععر منععه ،بععأربع فقععرات مععن سععفر ارميععا ،
أخفهععا وقع عًا " :أرضععهم أضععحت قفععرا يبابععا ،شععارة للزدراء
438
السرمدي ،ويُهّز كل عابر فيها رأسه فزعا " .هععذا مععا سعُتخّلفه
الحععرب الشععاملة عععام ، 2006ع بيععن التحععالف السععلمي العظيععم
وروسيا من جانب ،والوليععات المتحعّدة مععن جععانب آخععر ،حيععث
تبدأ الحداث بنشوب حرب البلقان ُمج عّددا عععام ، 2002وانععدلع
الحرب الكورية الثانية ،وثورات إسلمية تكتسح البلدان العربية
حدها ععام ، 2004تحعت رايعة صعلح ديعن جديعد ،نصعفه ،وتو ّ
كردي ونصفه الخر ألماني .
ويبلععغ البععاحث السععتراتيجي البريطععاني الععذروة ،عنععدما يتوقععع
الحعععداث السياسعععية ،العععتي ستشعععمل قيعععام مملكعععة فلسعععطين
السععلمية ،وتضععم الردن ويقودهععا العاهععل الردنععي ،وثععورة
جديدة في روسيا ،تأتي بحكومة عسكرية ُ ،يسيطر عليها صلح
الدين ،من مقّره في مدينععة قععم اليرانيععة ،وانتفاضععات ُمتعاطفععة
شّنها متطرفون في مدن فرنسععا وإيطاليععا مع الحلف السلمي ،ي ُ
وبريطانيا .ول يخلو الكتاب ،من صور فوتوغرافية لحععرب عععام
، 2006بينها صورة لخر البطال السععرائيليين الحيععاء ،يقععف
تحت ُملصق جداري لحركة حماس .
وعندما ُتقّرر السيدة رئيسة الوليات المتحّدة المريكية ،اللجوء
إلععى السععلح النععووي الشععامل ،تجععد أن صععلح الععدين ،اسععتبق
تفكيرهععا مععرة أخععرى ،إّنععه انفجععار السععلح الكهرومغناطيسععي ،
الذي طعّوره ألمععع " علمععاء المسععلمين " ،لُيضععيء السععماء ليل
علععى امتععداد المسععافة ،مععن قععبرص والسععكندرية ،حععتى حععدود
الردن والحععدود السععورية العراقيععة ،حيععث ُيطلععق هععذا السععلح
السععلمي ،نبضععا إلكترونيععا جبععارا ينفععذ مععن خلل كععل شععيء
معدني ،في البنايات والجهزة والعربععات والععدبابات والسععلحة ،
وتكمععن قععوته فععي قععدرته علععى تععدمير ،الععدارات الكهربائيععة
439
المسععتخدمة فععي كععل شععيء ،مععن الترانزيسععتور والكمععبيوتر
والتلفزيون ،إلى أجهزة الهاتف والتصالت ،وأنظمعة المصعانع
والمختبرات ،وحتى الطائرات والقمار الصطناعية والصواريخ
جهعععة .خلل لحظعععة تحعععّولت دولعععة التكنولوجيعععا الرفيععععة المو ّ
) إسععرائيل ( ،إلععى مجتمععع العصععر الحجععري ،مععن دون معععدات
حععرارة وإنععارة وضععخ ميععاه ونقععل ُ ،محاطععة بجبععل مععن الدوات
المعدنية واللكترونية ،لعصر أصبح فجأة غابرا " .
وعندما ُتهّدد الرئيسة المريكية ،بشنّ الحرب النووية الشاملة ،
ُيجيبها صلح الدين " :بأن كّل شيء قد انتهى ،إسرائيل انتهت
سعّكانها قععد مععاتوا ،مخزونهععا النععووي قععد ُدمّععر ،
كشعب ،معظم ُ
ولن يشعكر التاريعخ الرئيسعة ،لتسعّببها فعي قتعل مئات اللعوف ،
وربمععا الملييععن لجععل بلععد خععاٍو " .كمععا ويبععدي صععلح الععدين
اسععتعداده ،فععي حععال تراجععع قععوات حلععف النععاتو ،الععتي تسععتعد
للتحرك ضّده من تركيععا ،لوقععف العمليععات العسععكرية ،لمشععاهدة
إسرائيل وهي تموت " .
تعقيب على الكتاب :
الملفععت للنظععر أن كععثير مععن البععاحثين ،فععي نصععوص النبععوءات
التوراتية والنجيلية ،هم ممن يشغلون مراكز حساسة ومرموقة
،فععي السععلك السياسععي والعسععكري والععديني ،وهععذا الكععاتب هععو
أحدهم ،ول ُيعقل أل تتأثر القرارات السياسية والعسكرية لهؤلء
،بما يحملونه مععن أفكععار ومعتقععدات ُ ،تشعّكل خطععرا علععى المععن
والستقرار العالمي ،ول ُيعقل أل تؤثر أفكارهم ومعتقععداتهم فععي
قرارات رؤساء دولهم ،هععذا إن لععم يكععن رؤسععاء الععدول أنفسععهم
) كريغان وبوش ( يحملون هذه الفكار والمعتقدات .
440
ع تفصيل الحداث بشخوصها ومكانها وزمانها ،سنعرضه لحقععا
فععي الفصععول الخيععرة ،ولكععن سععنتوقف قليل مععع هععذا الكتععاب ،
حح بعضا من أحداثه وشخوصه : لنوضح ونص ّ
.1صلح الدين الجديد ع كناية عن القائد الععذي س عُينهي الوجععود
اليهودي في فلسطين .
.2مملكة فلسطين السلمية ع كناية عن الخلفة السععلمية فععي
القدس .
.3العاهل الردني ع كناية عن ملك القدس المنتظر ،أي المهدي
الذي يعود بنسبه ،إلى الرسول عليه الصلة والسلم .
.4ثعورات إسعلمية تكتسعح البلعدان العربيعة عع حعروب المهعدي
لتوحيد البلدان العربية والسلمية .
.5السععلح الكهرومغناطيسععي ،لُيضععيء السععماء ليل عع شععريعة
السلم التي ستبعث من جديد بخلفة المهدي .
.6مععن قععبرص والسععكندرية ،حععتى حععدود الردن والحععدود
السورية العراقية ع امتداد الدولة السلمية .
.7إنتععاج السععلح الكهرومغناطيسععي ع ع ربمععا تكععون صععحيحة ،
ولكن من الرجح أنها فكرة ابتدعها الكتاب ،لتفسير النتصععار
المقبعععل للععععرب علعععى إسعععرائيل وتعععدميرها ،رغعععم امتلكهعععا
للتكنولوجيا العسكرية ،وأسلحة الدمار الشامل ،وتحالفها مع
الغرب ،حسب رأيه .والحقيقة أن فلسطين لن يتععم تععدميرها ،
لتصععبح قفععرا ل تصععلح للسععكن للبععد ،كمععا ُتخععبر النصععوص
التوراتية .
441
.8الععدمار الموصععوف -هععو دمععار لمريكععا ل فلسععطين ،أمععا
فلسطين فسيتم اسععتعادتها بععدون تععدمير ،وهععي الععتي سععتكون
أكثر البلدان ،أمانا وطمأنينة خلل الحداث القادمة ،وستكون
بمنأى ،عن ضربات أسلحة الدمار الشامل ،بإذن ال ع ،حيععث
ُقسععم لهععا بعععد تلععك الحععداث ،أن تكععون عاصععمة الخلفععة
السلمية .
حقيقة ما وقع فيه هذا الكاتب ،أنه قام ببناء هععرم نبععوءاته علععى
أسععاس ،صععحة النصععوص التوراتيععة ،إذ أنععه ل يعلععم أن كتبععة
التععوراة ،قععاموا ببعععثرة وجمععع ،ثلثععة أخبععار نبويععة ،متباعععدة
ن الكععاتب أنهععا
ومتتابعة ،في نصوص مرتبكة ومضععطربة ،ليظع ّ
تحكي حدثا نبويا واحدا .وهذه الخبار النبويععة الثلثععة بععالترتيب
هي ؛ أول :الغزو العراقي لسعرائيل ،وثانيعا :تحععالف الععروس
والعععرب ضععد الغععرب فععي الحععرب العالميععة الثالثععة ،بعععد سععقوط
الدولععة اليهوديععة ،وثالثععا :خععروج المهععدي مععن مكععة ،واتخععاذ
القدس عاصمة لخلفته الممتدة ،مععن النيععل إلععى الفععرات ،ومععن
تركيا إلى اليمن .
ولحععظ هنععا ،أن مؤلععف هععذا الكتععاب ،كععان قععد شععغل منصععب ،
مساعد رئيس أركان الحرب البريطاني ،ولشؤون السياسة أيضا
،ونحععن هنععا ل نطععرح تكهنععات أو تخّرصععات ،حععول معتقععداتهم
بالنسبة لنا كمسلمين وعرب ،فهذا مععا يعتقععدون ويؤمنععون بععه ،
ويطرحععونه فععي كتبهععم ،والععتي هععي مععن أكععثر الكتععب مبيعععا فععي
بلدانهم ،وأن هذا المؤلف وغيره الكثير ،من الذين يحملون هذه
الفكععار ،كععانوا فععي المععس القريععب جععدا ،يشععتركون فععي صععنع
القرارات الخاصة بالمنطقة ،ولو اطلعت على غزارة إنتاجهم في
ك أنك ستصععاب بالععذهول ،ممععا يطرحععونه معن هذا المجال ،ل ش ّ
442
أفكار وقناعات جنونية ومرعبة ُ ،يقّدمونها لشعععوبهم علععى أنهععا
مسلمات ،وستصاب بالذهول لغفلة أمتنا عما يحملونه من عقائد
وقناعات ،وما يقععترفونه بنععاًء عليهععا مععن سياسععات ُ ،يحيكونهععا
تحت سععتر الظلم ،فععي كععواليس السياسععة الغربيععة ،وينفععذونها
على أرض واقع أمتنا ،ونشاركهم نحن أيضا فععي تنفيععذها ،بعععد
أن ُيقّدموها لنا ،فععي غلف مععن ورق السععولفان الملععون ،الععذي
يكشف من خلل شععفافيته وسععخافته ،حقيقععة أهععدافهم البشعععة ،
والمشبعة بالحقد علععى أمععة القععرآن ،الععتي تخّلععت عنععه طوعععا ل
كرها ،منذ أمد ليس بالقصير ،ولكن ذلك ل ولن يرضيهم ،حتى
ُيحّققوا كامل أحلمهم وأمانيهم ،وُيتخّلصوا مععن كامععل مخععاوفهم
وهواجسهم ،الععتي لععن تععزول ،إل بععزوال هععذه المععة عععن وجععه
الرض ،التي وعدها ربها بالبقععاء حععتى تقععوم السععاعة ،ولععذلك
عععاجل أم آجل ،سععتقودهم أوهععامهم وهواجسععهم ،إلععى تععدمير
أنفسهم ،بكسب مزيد من العداء والحقاد ،من جععراء تخبطهععم
العمععى ،وسععيرحلوا قريبععا جععدا ،إلععى غيععر رجعععة ،وسععيرث
الصالحون من هذه المة الرض بأسععرها ،بععإذن ال ع ِ … ) ،إنّ
ن )128 عَبععاِدِه َواْلَعاِقَب عُة ِلْلُمّتِقي ع َ
ن ِ
شاُء ِم ع ْ
ن َي َ
ل ُيوِرُثَها َم ْ
ض ِّ
اَْلْر َ
العراف ( .
قال تعالى
444
السياسة المريكية ونبوءات التوراة
والنجيل
ستناول في هذا الفصل ،مسألة تأثير نبوءات التوراة والنجيل ،
على القرارات السياسععة المريكيععة ،وخاصععة مععا يتعلععق بمنطقععة
الشرق الوسط ،لنفهم أبجديات هذه السياسة المنحازة لسرائيل
،والمعادية للعرب والمسلمين بشكل عام ،والععتي اجتهععد الكععثير
من المحللين في تفسيرها وتحليععل دوافعهععا .وخيععر مععن تععّرض
لهذه المسألة ،وأفاض في بحثها هي الكاتبة المريكية ) غريععس
هالسل ( في كتاب ) النبوءة والسياسععة ( ،وهععو مععن منشععورات
) الناشر للطباعة ( ،ط 1990 3م ،ترجمة محمد السّماك .
دمة المترجم ) بتصرف ( : ملخص مق ّ
يمثل العالم العربي موقعا متميزا وفريدا مععن نععوعه ،فععي عمليععة
صنع القرار السياسي المريكععي ،فبالضععافة إلععى أهميععة مععوقعه
الجغرافععي ،وكععونه سععوقا تجاريععة اسععتهلكية ،ويملععك أكععبر
احتياطي من النفط ،فإن هناك عامل آخعر ،يتقعدم علعى كعل هعذه
العوامععل ،وهععو تععأثير الفكععر المسععيحي الععديني ،علععى صععياغة
القرار المريكي ،المتعلق بالصععراع العربععي السععرائيلي .حيععث
نشأ في نهاية القرن التاسع عشر ،وبدايععة القععرن الماضععي ،مععا
يسمى بالصهيونية المسيحية النجيلية القائمة على اعتناق ثلثة
مبادئ :
أول :اليمان بعودة المسيح ،
ثانيا :أن عودته مشروطة بقيام دولة إسرائيل ،
ثالثا :وبالتالي تجّمع اليهود في فلسطين .
445
وقد لعب هععذا المععر دورا أساسععيا ،فععي صععناعة القععرار الخععاص
بقيام إسرائيل ،وتهجير اليهود إليها ومن ثم دعمها ومسععاعدتها
،وإعفاءهععا مععن النصععياع للقععوانين والمواثيععق الدوليععة .وأن
شريعة ال وحدها -التوراة – التي يجععب أن تطبععق علععى اليهععود
في فلسطين ،بما أنهم شعب ال المختار .
ونتيجععة لهععذه المعتقععدات ،ظهععر الكععثير مععن الحركععات الدينيععة
المسيحية النجيلية الصولية ،في بريطانيا والوليات المتحععدة ،
وأهععم وأخطععر هععذه الحركععات هععي ) الحركععة التدبيريععة ( ،الععتي
نشأت في الوليات المتحدة ،بعد قيام دولة إسرائيل .وتضعّم فععي
عضويتها أكثر مععن أربعيععن مليععون أمريكععي ،لحظععة تععأليف هععذا
الكتععاب فععي أواسععط الثمانينيععات ،ومععن بيععن أعضععائها الرئيععس
المريكي آنذاك ) رونالد ريغان ( وهي تسيطر على قطععاع واسععع
من المنابر العلمية المريكية ،وتمتلععك محطععات تلفععزة خاصععة
بهععا ،ويشععارك قادتهععا ،كبععار المسععؤولين فععي الععبيت البيععض ،
ومجلس المن القومي المريكي ،ووزارة الخارجية في صععناعة
القععرارات السياسععية والعسععكرية ،المتعلقععة بالصععراع العربععي
السرائيلي .
ن الع قععد وضععع فععي الكتععاب المقععدس ، عع وتعتقععد هععذه الحركععة أ ّ
نبوءات واضحة ،حول كيفيععة تععدبيره لشععؤون الكععون ونهععايته ،
كما يلي :
.1قيام إسرائيل وعودة اليهود إليها .
.2هجوم أعداء الع علعى إسعرائيل ووقعوع محرقعة هرمجعدون
النووية ) وأعداء إسرائيل هم الععروس والعععرب ،وعلععى مععدى
أوسع هم الشيوعيون والمسلمون بشكل عام ( .
446
.3انتشار الخراب والدمار ومقتل المليين .
.4ظهور المسيح المخلص وتخليصه لتباعه ) أي المؤمنين به
( من هذه المحرقة .
.5إيمان من بقي من اليهود بالمسيح بعد المحرقة .
.6انتشار السلم فععي مملكععة المسععيح فععي أرض جديععدة وتحععت
سماء جديدة مدة ألف عام .
ع وأن مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها ،هععي تععدبير وتهيئة -
ن ال قد أوصاهم بععذلك -كععل المععور الععتي مععن الممكععن ،أن وكأ ّ
جل في عودة المسيح إلى الرض ،ومن ضمن تلك المور : تع ّ
أول :ضرورة إضعاف العرب عسكريا ،
وثانيا :تلبية جميععع مطععالب إسععرائيل بالععدعم المععالي والسياسععي
والعسكري ،
وثالثا :تعزيز ترسانتها النووية .
مقتطفات من مقدمة الكاتبة :
تؤكععد الكاتبععة المريكيععة ) غريععس هالسععل ( ،أن بععذور هععذه
الُمعتقدات الُمدّمرة ،نشأت في نهاية القرن التاسع عشر .وكععان
رائد هذا التجاه ،في تفسير الكتععاب الُمق عّدس ،هععو ) سععايروس
طبع أول مرجع إنجيلي لععه عععام 1909م ،زرع سكوفيلد ( ،وقد ُ
فيه آراءه الشخصية في النجيل ،وصععار أكععثر الكتععب المتداولععة
حول المسيحية .وبدأت هذه الُمعتقععدات فععي الظهععور وتع عّززت ،
عندما تتابعت انتصارات إسععرائيل ،علععى دول الجععوار العربيععة ،
وبلغت ذروتها بعد الجتياح السرائيلي لجنوب لبنان .
447
تقول ،وفي إحدى المناسععبات كععان ) سععكوفيلد ( يععذّكر ُمسععتمعيه
بأنه " :عام بعد عام ،كان ُيرّدد التحععذير بععأن عالمنععا ،سيصععل
إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية " .ولكنععه يقععول
حبععوا بهععذه
أيضععا " :أن المسععيحيين الُمخّلصععين ،يجععب أن ُير ّ
الحادثة ،لنه ُمجّرد ما أن تبدأ المعركععة النهائيععة ،فععإن المسععيح
سوف يرفعهم فوق السحاب ،وس عُينقذون ،وأنهععم لععن ُيواجهععوا
شيئا من المعاناة ،التي تجري تحتهم " .
وتقول " بالرغم من أن بعض الصوليين ،لم يتقّبلوا هذه الفكرة
،إل أنها تسّببت في انقسام كععبير .فهنععاك مؤشععر إلععى أن أعععداد
المسععيحيين الععذين يتعّلقععون بنظريععة ) هرمجععدون ( فععي تزايععد
ُمضععطرد .فُهععم مثععل سععكوفيلد ،يعتقععدون أن المسععيح ،وعععد
المسيحيين الُمخّلصين ،بسماء جديععدة وأرض جديععدة .وبمععا أن
المععر كععذلك ،فليععس عليهععم أن يقلقععوا حععول مصععير الرض ،
فليذهب العالم كّله إلى الجحيم ،لُيحّقق المسيح للقّلععة الُمختععارة ،
سماًء وأرضا جديدتين " .
" إن استقصععاء عععام 1984م ،الععذي أجرتععه مؤسسععة ) بععاتكيلو
فيتش ( أظهر أن 39بالمععائة مععن الشعععب المريكععي ،يقولععون ،
أنه عندما يتحّدث عن تدمير الرض بالنار ،فإن ذلك يعني ،أننععا
نحععن أنفسععنا سععوف ُنععدّمر الرض ب ) هرمجععدون ( نوويععة .
وأظهرت دراسة لمؤسسة ) نلسن ( ُنشرت في ُأكتععوبر 1985م ،
شععرين ،يقولععون أن 61مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلععى ُمب ّ
أننععا ل نسععتطيع أن نفعععل شععيئا ،لمنععع حععرب نوويععة تتفجععر فععي
حياتنا " .
448
ع ومن أكثر الصععوليين النجيلييععن شععهرة ،مععن الععذين ُيبشععرون
على شاشة التلفزيون بنظرية ) هرمجدون ( :
.1بات روبرتسون :يملك شععبكة تلفزيونيععة مسععيحية ،مكونععة
من ثلث محطععات ،عععائداته السععنوية تصععل إلععى 200مليععون
دولر ،ومساهم في محطة تلفزيون الشرق الوسط في جنوب
لبنان ،يشاهد برامجه أكثر من 16مليون عائلة أمريكية .
.2جيمععي سععواغرت :يملععك ثععاني أكععبر المحطععات النجيليععة
شهرة ُ ،يشاهد برامجه ما مجموعه 9,25مليون منزل .
.3جيععم بيكععر :يملععك ثععالث أشععهر محطععة تبشععيرية ،عععائداته
السععنوية تصععل إلععى 100-50مليععون دولر ُ ،يشععاهد برامجععه
حععوالي 6ملييععن منععزل ،يعتقععد أن علينععا أن نخععوض حربععا
رهيبة ،لفتح الطريق أمام المجيء الثاني للمسيح .
.4أورال روبرتس :تصل برامجه التلفزيونية إلى 5,77مليون
منزل .
.5جيععري فولويععل :تصععل دروسععه التبشععيرية إلععى 5,6مليععون
منزل ،يملك محطععة الحريعة للبععث بالكابععل ،أقععام بعععد شععرائها
بأسبوع ،حفل عشاء على شرف جورج بععوش نععائب الرئيععس
ريغان آنعذاك .وقعد أخعبر فولويععل يومهعا بعأن جعورج بععوش ،
سيكون أفضل رئيس في عام 1988م .
.6كينين كوبلند ُ :يشاهد برامجه 4,9مليون منزل .يقول " :
أن ال أقام إسرائيل .إّننا ُنشاهد ال يتحرك من أجععل إسععرائيل
… إنه لوقت رائع أن نبدأ في دعم حكومتنا ،طالما أّنها تععدعم
إسععرائيل … إنععه لععوقت رائع أن ُنشعععر العع ،مععدى تقععديرنا
لجذور إبراهيم " .
449
.7ريتشععارد دي هععان :يصععل فععي برنععامجه إلععى 4,75مليععون
منزل .
شععر
.8ريكس همععبرد :يصععل إلععى 3,7مليععون منععزل ،وهععو ُيب ّ
بتعاليم سكوفيلد التي تقول " :أن ال كان يعععرف منععذ البدايععة
الولععى ،أننععا نحععن الععذين نعيععش اليععوم ،سععوف ُنععدّمر الكععرة
الرضية " .
وتعّقب الكاتبة بقولها " :لقد ذكععرت ثمانيععة مععن الععذين ٌيق عّدمون
شرون بنظرية هرمجدون نووية في الذاعة البرامج الدينية ،وُيب ّ
والتلفزيععون ،ومععن بيععن 4آلف أصععولي إنجيلععي … ،هنععاك 3
آلف من التدبيريين ،يعتقدون أن كارثة نوويععة فقععط ،يمكععن أن
ُتعيععد المسععيح إلععى الرض .إن هععذه الرسععالة ُتبععث عععبر 1400
سيس إنجيلي ،يععذيعون محطة دينية في أمريكا .ومن بين ألف ق ّ
يوميا برامج من خلل 400محطة راديو ،فإن الكثرية الساحقة
منهم من التدبيريين " .وتقول " :أن بعض هؤلء القساوسة ،
ورؤساء الكنائس ،هم مععن القععوة بحيععث يظهععرون كععالملوك فععي
مناطقهم " .
والرسالة التي ُيرسلها هؤلء على الدوام هي " :لن يكون هناك
سععلم حععتى يعععود المسععيح ،وأن أي تبشععير بالسععلم ،قبععل هععذه
العودة هو هرطقة ) تخريف وكفر ( ،إنه ضد كلمة ال ) ضد مععا
جاء في الُكتب المقدسة ( ،إنه ضد المسععيح " .وهععذا مععا يقععوله
أيضععا ) جيععم روبرتسععون ( التلفزيععوني النجيلععي الععذي دعععاه
الرئيعععس ) ريغعععان ( ،للقعععاء صعععلة افتتعععاح المعععؤتمر الحعععزب
الجمهوري عام 1984م .
450
كتاب ) آخر أعظم كننرة أرضننية ( ومننؤلفه
) هال لندسي ( :
تقول الكاتبة أن هذا الكتاب ،أصبح الكثر مبيعا خلل السععبعينات
،حيث بيع منه حوالي 18مليون نسخة ،وفي تعليقها على هععذا
سر كل التاريخ ،قععائل أن الكتاب ومؤلفه ،تقول " أن المؤلف يف ّ
دولععة إسععرائيل ،هععي الخععط التععاريخي لمعظععم أحععداث الحاضععر
والمستقبل " .
) ومن هنا يعأتي تقععديس النصععارى المريكععان لسعرائيل ،فضعل
عععن اليهععود ،ولحععظ أن هععذا الكتععاب ،قععرأه مععا ل يقععل عععن 18
مليون أمريكي ،في بداية صدوره ،أما الن فربما قد قرأه معظم
الشعب المريكي ،وخطورة هععذا الكتععاب تنبععع مععن كععون الفكععار
والمعتقدات التي أوردها المؤلف ،منسوبة إلى ال ،كما أوضععح
في كتابه المقّدس لديهم ( .
" ويقععول لندسععي :أن الجيععل الععذي ُولععد عععام 1948م ،سععوف
يشهد العودة الثانية للمسيح .ولكن قبععل هععذا الحععدث ،علينععا أن
نخوض حربين ،الولى ضعد يعأجوح ومعأجوج ) أي العروس ( ،
والثانيععة فععي هرمجععدون .والمأسععاة سععتبدأ هكععذا :كععل العععرب
بالتحالف مع السوفييت ) الروس ( ،سععوف ُيهععاجمون إسععرائيل
".
) وهذا تحذير من ،وتحريض للغرب النصراني ،لمعاداة العععرب
المسلمين والروس الشيوعيين (
وتقول الكاتبة بعد مقابلتها للمؤلف " :أن لندسععي ل يبععدو عليععه
الحزن ،عندما ُيعلن :أن كل مدينة في العالم ،سيتم تدميرها في
الحرب النووية الخيرة ،وتعّقب الكاتبة :تصّوروا أن مُععدنا مثععل
451
لندن وباريس وطوكيو ،ونيويععورك ولععوس أنجلععوس وشععيكاغو
وقد ُأبيدت " .
ويقول لندسي " :إن القوة الشرقية سوف ُتزيعل ثلعث الععالم …
عندما تصل الحرب الكبرى إلى هذا المستوى ،بحيععث يكععون كععل
شخص تقريبا قد ُقتل ،سععتحين سععاعة اللحظععة العظيمععة ،فُينقععذ
المسيح النسانية من الندثار الكامل ) الفناء ( " .
وُيتابع لندسععي " :وفععي هععذه السععاعة سععيتحول اليهععود ،الععذين
نجععوا مععن الذبععح إلععى المسععيحية … سععيبقى 144ألععف يهععودي
فقط ،على قيد الحياة بعد معركة هرمجدون " .
) إذن يجععب أل يكععترث نصععارى الغععرب ،بنشععوب حععرب عالميععة
نوويععة ثالثععة مععدمرة ،مععا دامععت مجمععل ضععحايا هععذه الحععرب ،
ستكون من المسلمين واليهود وبقية الوثنيين في الشععرق ،غيععر
المؤمنين بألوهية المسععيح ،بععل عليهععم أن يسععتعجلوا نشععوبها ،
بالعمل على تسريع المواجهة بين الشععرق والغععرب ،حععتى يعععود
للرض مرة لُينقذ البشرية النصرانية فقط ،مععن النععدثار الكامععل
".
شنننر النجيلننني ) جينننري مب ّوقفنننة منننع ال ُ
فولويل ( :
بععععد عرضعععه لنظريععة هرمجعععدون مسعععتخدما الدلعععة التوراتيعععة
والنجيلية .تقول الكاتبة بعد حضورها للعرض " :رسم فولويل
صورة ُمرعبة ععن نهايعة الععالم ،ولكنعه لعم يبعُد حزينعا أو حعتى
مهتّما .في الواقع أنهى عظته بابتسامه كبيرة ،قائل :ما أعظععم
أن نكون مسيحيين ! إن أمامنا ُمستقبل رائعا " .
وفي إحدى تسجيلته يقول :
452
" وهكذا ترون أن هرمجدون حقيقة ،إنها حقيقة ُمرّكبة .ولكععن
نشكر الع لنهععا سععتكون نهايععة العامععة ،لنععه بعععد ذلععك سععيكون
المسرح ُمعّدا ،لتقديم الملك الرب المسيح ،بقوة وعظمة … إنّ
شرين بالكتاب الُمقّدس ،يتوّقعععون العععودة الحتميععة لللععه كل الُمب ّ
… وأنا نفسي ُأصّدق ،بأننا جععزء مععن جيععل النهايععة ،الععذي لععن
ُيغادر قبل أن يأتي المسيح " .
" ومنذ 2600سنة تنبأ النبي العبراني حزقيال ،أن أمععة سععتقوم
إلى الشمال معن فلسعطين ،قبعل وقعت قصعير معن العععودة الثانيععة
للمسيح … في الفصلين 38و 39مععن حزقيععال ،نقععرأ أن اسععم
هذه الرض هععو روش .ويععذكر أيضععا اسععم معدينتين همععا ماشععك
وتوبال … إن هذه السماء تبدو ُمشابهة بشكل ُمععثير ،لموسععكو
وتيبولسك ،العاصمتين الحاكمتين اليععوم فععي روسععيا … وكععذلك
كتب حزقيال ،أن هذه الرض سععتكون ُمعاديععة لسععرائيل ،وأنععه
مععن أجععل ذلععك سععيكون ضععدها .وقععال أيضععا أن روسععيا ،سععوف
حلفاء ُمختلفين ،في اليععام الخيععرة … تغزوا إسرائيل بمساعدة ُ
وقد سّمى هؤلء الحلفاء :إيعران ) العتي كنعا ُنسعميها فعارس ( ،
وجنوب إفريقيعا أو إثيوبيعا ،وشعمال إفريقيعا أو ليبيعا ،وأوروبعا
الشرقية ) جومر ( ،والقوقاز جنوب روسيا ) توجرمة ( " .
" بالرغم من المال الوردية وغير الواقعية تمامععا ،الععتي أبععدتها
حكومتنا ،حول اتفاقية كامب ديفيد بين مصععر وإسعرائيل ،إل أن
هذه التفاقية لن تدوم .إننععا نصععلي بالفعععل مععن أجععل السععلم فععي
ي حكومتيّ إسرائيل ومصر … القدس … إننا نحترم كثيرا رئيس ّ
ولكن أنععت وأنععا نعععرف أنععه ،لععن يكععون هنععاك سععلم حقيقععي فعي
الشرق الوسط ،إلى أن يأتي يوم ،يجلععس فيععه اللععه المسععيح ،
على عرش داود في القدس " .
453
وفي كتابه ) الحرب النووية والمجيععء الثععاني … ( ،فععي فصععل
الحععرب القادمععة مععع روسععيا ،يتنبععأ ) فولويععل ( بغععزو سععوفييتي
لسرائيل ...وفي نهاية المعركة سيسقط خمععس أسععداس الجنععود
السوفييت ،وبذلك يبدأ أول احتفال للععرب .ويجععري احتفععال آخععر
بعععد معركععة هرمجععدون … وسععيتوقف التهديععد الشععيوعي إلععى
البد ،وسيستغرق دفن الموتى مدة 7أشهر .
الرئيننس المريكنني ) ريغننان ( كننان أحنند
فرسان هرمجدون النووية :
تقول الكاتبة " :كان ) رونالد ريغان ( واحدا ،من الذين قععرءوا
كتاب ) آخععر أعظععم كععرة أرضععية ( … فععي وقععت مبكععر مععن عععام
1986م ،أصبحت ليبيا العدو الول ) لريغان ( … واستنادا إلععى
) جيمس ميلععز ( ،الرئيععس السععابق لمجلععس الشععيوخ فععي وليععة
كاليفورنيا ،فإن ) ريغان ( كره ليبيا ،لنه رأى أنهععا واحععدة مععن
أعداء إسرائيل ،الذين ذكرتهم النبععوءات ،وبالتععالي فإنهععا عععدو
ال " .
" وعندما كععان ) ريغععان ( مرشععحا للرئاسععة عععام 1980م ،كععان
ُيواصل الحديث عن هرمجدون ،ومن أقواله " :إن نهاية العالم
قد تكون في متناول أيدينا … إن هذا الجيععل بالتحديععد هععو الجيععل
الذي سيشهد هرمجدون " .
" إن معظم المؤمنين ) بالتدبيرية ( ،ينظرون إلى روسيا علععى
أنها شيطانية ،وأنها ُتمّثععل إمبراطوريععة الشععيطان .ولقععد جععاهر
) ريغان ( بذلك في 1983 / 3 / 8م ،عندما قال " :إن التحاد
السععوفييتي هععو حجععر الزاويععة فععي العععالم المعاصععر " " .إننععي
454
أؤمن أن الشيوعية ،فصل حزين وسيئ في التاريععخ النسععاني ،
الذي يكتب الن صفحاته الخيرة " .
وتقول الكاتبة :يقول )جيمعس ميلعز ( فعي مقعال صعحفي " :إن
استعمال ) ريغان ( لعبارة إمبراطورية الشععيطان … كععان إعلنععا
انطلق مععن اليمععان الععذي أعععرب لععي عنعه ،فعي تلععك الليلععة عععام
1971م … إن ) ريغان ( كرئيس أظهر بصورة دائمة ،الععتزامه
القيععام بواجبععاته ،تمشععيا مععع ارادة ال ع … إن ) ريغععان ( كععان
صيصععا ،وهععو يعمععل علععى بنععاء ،القععدرة
يشعععر بهععذا اللععتزام خ ّ
العسكرية للوليات المتحدة وحلفائها …
… صععحيح أن حزقيععال تنبععأ بانتصععار إسععرائيل وحلفائهععا ،فععي
المعركة الرهيبة ضد قوى الظلم ،إل أن المسيحيين المحععافظين
مثل رئيسنا ،ل يسمح لهم التطععرف الروحععي ،بععأن يأخععذوا هععذا
ق لتربععح هععذا الصععراع النتصار كُمسّلمات .إن تقويععة قععوى الحع ّ
المهم ،هو في عيون مثل هؤلء الرجال ،عمل ُيحّقق نبوءة ال
انسجاما مع إرادته السامية ،وذلك حتى يعود المسيح مّرة ثانيععة
…
… وبالتأكيد فإن توجهه بالنسععبة للنفععاق العسععكري ،وبرودتععه
اتجاه ُمقترحات نزع السععلح النععووي ،متفقععة مععع وجهععة نظععره
هذه ،التي يستمّدها من سفر الرؤيا … إن هرمجدون الععتي تنبععأ
بها حزقيال ،ل ُيمكن أن تحدث في عالم منزوع السلح .إن كععل
من يؤمن بحتمية وقوعها ،ل ُيمكن توقع تحقيقه لنزع السلح .
إن ذلك ُيناقض مشيئة ال كما وردت على لسانه …
… إن سياسات الرئيس ) ريغان ( الداخلية والماليععة ُ ،منسععجمة
مع التفسير اللفظي ،للنبوءات التوراتيععة والنجيليععة .فل يوجععد
455
أي سبب للغضب من مسألة الَدْين القومي المريكي ،إذا كان ال
سيطوي العالم كّله قريبا " .
وتقول الكاتبة " :وبناء على ذلك ،فإن جميع البرامج المحلية ،
التي تتطلب إنفاقا كبيرا ،يمكن بل يجب أن ُتعّلق من أجععل تععوفير
المال ،لتمويل برامج تطوير السلحة النوويععة ،معن أجععل إطلق
الحمععم الُمععدّمرة علععى الشععياطين ،أعععداء ال ع وأعععداء شعععبه ،
وأضاف ميلز :
" لقد كان ) ريغان ( على حق عندما اعتقد أن أمامه فرصة أكبر
،لينفق المليعارات معن العدولرات ،اسعتعدادا لحععرب نوويعة معع
يأجوج ومععأجوج ،لععو كععان معظععم الشعععب الععذي أعععاد انتخععابه ،
يؤمن كما أخبرني ،بما يؤمن هععو بععه ،بالنسععبة ) لهرمجععدون (
والعودة الثانية للمسيح " .
وتقول نقل عن كتاب ) ساحات المعارك النووية ( " :أن أمريكا
تملك في الداخل 14500رأس نووي ،موزعة على 40وليععة ،
وتملك 3396 :في ألمانيا ،و 1268في بريطانيععا ،و 549فععي
إيطاليععا ،و 489فععي تركيععا ،و 164فععي اليونععان ،و 151فععي
كوريا الجنوبية ،و 81في هولندا ،و 25في بلجيكا " .
ونقل ععععن صعععحيفة واشعععنطن بوسعععت ،تقعععول " :أن الدارة
المريكيععة ،اقععترحت مواصععلة البنععاء العسععكري فععي السععنوات
الخمس الُمقبلة .وأن النفاق على مشاريع وزارة الدفاع ُ ،يشير
إلى ارتفاع مععن 258.4مليععار دولر عععام 1986م ،إلععى 356.6
مليار عام 1991م " .
456
النجيليننون الصننوليون يؤمنننون بأكنناذيب
التوراة أكثر من اليهود أنفسهم :
في لقاء للكاتبة مع محام فلسطيني مسيحي بروتستنتي إنجيلععي ،
يعمل في القدس ،بعد أن عاد من أمريكععا ليعيععش فععي فلسععطين ،
جععاج المريكييععن ، في معرض رّده على سؤال ،عن رأيه في الح ّ
شر ) فولويل ( لزيارة أرض المسيح ،قال : ظمهم الُمب ّ
الذين ُين ّ
" بالنسبة للنجيليين الصوليين مثل ) فولويععل ( ،فععإن اليمععان
بإسععرائيل يتقععدم علععى تعععاليم المسععيح .إن الصععهاينة ُيفسععدون
تعاليم المسيح .إن صهيونية ) فولويل ( سياسية ل علقة لهععا ،
بععالقيم أو الخلق أو بمواجهععة المشععاكل الحقيقيععة .إنععه يععدعو
أتباعه إلى تأييد إسرائيل ،ويطلب من دافع الضرائب المريكي ،
أن ُيقّدم لسرائيل 5مليار دولر كععل سعنة .إذ أنعه يؤكععد لتبعاعه
وبما أنهم مؤيععدون للصععهيونية ،فهععم علععى الطريععق الصععحيح ،
وفي الجانب الرابح دوما …
وفعععي الواقعععع فعععإن مسعععيحيين مثعععل ) فولويعععل ( ُ ،يعععوّفرون
للسععرائيليين الععدافع للتوسععع ومصععادرة المزيععد مععن الراضععي ،
ولضطهاد مزيد من الشعوب ،لنهم ي عّدعون أن ال ع إلععى جععانب
إسرائيل ،وأن العم سام راغب في التوقيع على الفاتورة …
إن السععرائيليين ،يعرفععون أن مسععيحيين جيععدين ومععؤثرين مثععل
) فولويل ( ،يقفون معهم على الدوام ،بغض النظر عما يفعلععون
أخلقيععا ومعنويععا .ومهمععا بلغععوا مععن القمععع ،فععإن السععرائيليين
يعرفععععون أن الصععععهيونيين المسععععيحيين المريكييععععن معهععععم ،
ويرغبعععون فعععي إعطعععائهم السعععلحة ومليعععارات العععدولرات ،
وسُيصّوتون إلى جانبهم في المم المتحّدة " .
457
مبشننر ) فولويننل ( والترويننج لسننرائيل ال ُ
سياسيا :
فععي بحععث قععام بععه اثنععان مععن السععاتذة الجععامعيين عععن حيععاة
) فولويععل ( ،يؤكععد د ) .غودمععان ( أن ) فولويععل ( تحععّول مععن
الوعظ الديني ،إلى الوعظ السياسي المؤيد للدولة الصععهيونية ،
بعد النتصار العسععكري السععرائيلي فععي عععام 1967م .حيععث أن
هععذا النتصععار الُمععذهل ،كععان لععه تععأثير كععبير علععى العديععد مععن
المريكيين ،في الوقت الذي كان فيه شعععور الهزيمععة والخيبععة ،
ُيخّيم على الكثير من المريكيين مععن جعّراء الحععرب الفيتناميععة ،
ومععن هععؤلء كععان ) فولويععل ( الععذي نظععر إلععى المععر بطريقععة
مختلفة ،حيث قال :أن السرائيليين ،ما كانوا لينتصروا لععو لععم
خل من ال . يكن هناك تد ّ
ونتيجعععة لعععذلك بعععدأ السعععرائيليون باسعععتخدام ) فولويعععل ( فعععي
السععبعينيات ،لتحقيععق أغراضععهم ومطععالبهم ،وتأييععد سياسععاتهم
لدي الشعب والساسة المريكععان ،وفععي خطععاب لععه عععام 1978م
في إسععرائيل ،قععال " :إن الع ُيحععب أمريكععا ،لن أمريكععا ُتحععب
اليهود " .وفي مناسععبات عديععدة كععان يقععول للمريكييععن " :إن
قدر المة يتوقف على التجاه ،الذي يتخععذونه مععن إسععرائيل …
وإذا لععم ُيظهععر المريكيععون ،رغبععة جازمععة فععي تزويععد إسععرائيل
بالمععال والسععلح ،فععإن أمريكععا ستخسععر الكععثير " .وقععد قععامت
وسععائل العلم الصععهيونية بععإبرازه وتلميععع صععورته ،ليصععبح
شخصية سياسععية وإعلميععة مرموقععة علععى السععاحة المريكيععة ،
لدرجة أن الرئيععس ) ريغععان ( رتععب لععه حضععور اجتمععاع مجلععس
المن القومي ) البنتاغون ( ،ليستمع وُيناقش كبععار المسععؤولين
فيه ،حول احتمال نشوب حرب نووية مع روسيا .
458
ُيتععابع د ) .غودمععان ( " :فععي عععام 1981م ،عنععدما قصععفت
إسرائيل المفاعل النووي قععرب بغععداد ،تخعّوف ) بيغععن ( مععن رد
يء فععي الوليععات الُمتح عّدة .ومععن أجععل الحصععول علععى
فعععل س ع ّ
الععدعم ،لععم يتصععل بسععيناتور أو كععاهن يهععودي ،إنمععا اتصععل
) بفولويل ( … وقبل أن ُيغلق سماعة الهاتف ،قععال ) فولويععل (
) لبيغن ( " :السيد رئيس الوزراء ،أريد أن أهنئك على المهمة
،التي جعلتنا فخورين جدا بإنتاج طائرات ف . " 16
وقال د ) .برايس ( " :إن أي عمل عسكري قامت أو ستقوم به
إسرائيل ،تستطيع أن تعتمد فيه على دعم اليمين المسيحي " .
هنندم المسننجد القصننى وبننناء الهيكننل ،
مطلنننب إلهننني منصنننوص علينننه فينننه
التننوراة ،كمننا يعتقنند مسننيحيو الغننرب ،
فضل عن يهود الشرق والغرب :
أثناء رحلة الحج الثانية للكاتبة ،وفععي لقععاء مععع أحععد مسععتوطني
ُمستعمرة ) غوش أمونيم ( ُ -معقبععة علععى قععوله -قععالت لععه :إن
بنععاء هيكعل للعبعادة شعيء ،وتععدمير المسعجد شعيء آخعر ،فمعن
الممكن ،أن ُيؤدي ذلك إلععى حععرب بيععن إسععرائيل والعععرب ،فععرّد
قائل " :تماما ،هذا ما ُنريده أن يحدث ،لننععا سععوف نربحهععا ،
ومن ثم سنقوم بطرد العععرب مععن أرض إسععرائيل ،وسعُنعيد بنععاء
الهيكل ،وننتظر مسيحنا " .
تقول الكاتبة " :لقد زرت قبة الصخرة ،وهي واحدة مععن أجمععل
الصروح في العالم – والععتي ُتقععارن بجمععال تععاج محععل – وقععد تععم
بناؤهععا عععام 685م ،بععأمر مععن الخليفععة المععوي عبععد الملععك بععن
مععروان ،وهععو البنععاء الجمععل فععي القععدس " .وتقععول " :علععى
459
الرغم من أن المسيح ،دعا إلى إقامة المعابععد فععي النفععس ،فععإن
الصوليين المسيحيين ُ ،يصعّرون علععى أن الع ُ ،يريععد أكععثر مععن
بنععاء معبععد روحععي ،إنععه ُيريععد معبععدا حقيقيععا مععن السععمنت
والحجععارة ُ ،يقععام تمامععا فععي الموقععع الععذي توجععد فيععه الصععروح
السلمية " .
وتقول الكاتبة " :قال زميل لي فععي الجولععة " :إننععي أعتقععد أن
الرهابيين اليهود ،سوف ينسفون الماكن السلمية الُمقّدسععة .
وأن ذلك سيتسّبب في إثععارة العععالم السععلمي ،ودفعععه إلععى شع ّ
ن
حرب ُمقّدسة على إسرائيل ،ممععا يحمععل المسععيح علععى التععدخل .
يعتقد اليهود أن المسيح سيأتي للمرة الولى ،ونحن كمسععيحيين
نعلم أن عودته ستكون الثانية ،وأنا واثق من أنه سععيكون هنععاك
هيكل يهودي ثالث " .
ويقول ) لندسي ( في كتععاب ) آخععر أعظععم كععرة أرضععية ( " :لععم
يبق سوى حدث واحععد ،ليكتمععل المسععرح تمامععا أمععام إسععرائيل ،
لتقعععوم بعععدورها فعععي المشعععهد العظيعععم الخيعععر ،معععن مأسعععاتها
التاريخية ،وهو إعادة بناء الهيكل القععديم ،فععي مععوقعه القععديم .
ول يوجد سوى مكان واحد ،يمكن بنععاء الهيكععل عليععه ،اسععتنادا
إلى قانون موسى ،في جبل موريا حيث الهيكلن السابقان " .
نشأة المسيحية الصهيونية :
تقول الكاتبة " :أواخر أغسطس 1985م ،سافرت من واشنطن
إلى سويسرا ،لحضور المؤتمر المسععيحي الصععهيوني الول فععي
بازل ،برعاية السفارة المسيحية العالمية فععي القععدس ،لتع عّرف
على خلفية الصهيونية السياسية … فععي أحععد مقععررات المععؤتمر
ث المسيحيون إسرائيل ،على ضععم الضععفة الغربيععة ،بسععكانها
ح ّ
460
المليععون فلسععطيني … فععاعترض يهععودي إسععرائيلي :بععأن ثلععث
السرائيليين ُ ،يفضلون مقايضة الراضي المحتلة ،بالسععلم مععع
الفلسطينيين … فرّد عليععه مقععرر المععؤتمر " :إننععا ل نهتععم بمععا
ُيصّوت عليه السرائيليون ،وإنما بمععا يقععوله الع .والع أعطععى
هذه الرض لليهود " .
وتقعععول " :كعععان تقعععديري أنععه معععن بيعععن 36سعععاعة … فعععإن
المسععيحيين الععذين أشععرفوا علععى المععؤتمر ،خصصععوا %1مععن
الوقت لرسالة المسيح وتعععاليمه ،وأكععثر مععن %99مععن الععوقت
للسياسععة .ول ُيوجععد فععي المععر مععا ُيععثير السععتغراب ،ذلععك أن
المشرفين على المؤتمر ،برغم أنهععم مسععيحيون فهععم أول وقبععل
كل شيء صهاينة ،وبالتععالي فععإن اهتمععامهم الول هععو الهععداف
الصهيونية السياسية " .
وفي بحثها عن أصل الصهيونية السياسية ،الداعيععة إلععى عععودة
اليهود إلى فلسطين ،تؤكد الكاتبة أن ) ثيودور هرتزل ( لعم يكعن
أصل صاحب هععذه الفكععرة ،وإنمععا كععان ُدعاتهععا هععم المسععيحيون
البروتستانت ) ذوي الغلبية في أمريكععا وبريطانيععا الن ( ،قبععل
ثلث قرون من المؤتمر الصهيوني الول .حيث ضّم لوثر زعيععم
حركععة الصععلح الكنسععي ،فععي القععرن السععادس عشععر ،تععوراة
اليهود إلى الكتععاب المقعّدس ،تحععت اسععم العهععد القععديم .فأصععبح
المسيحيون الوربيععون ُيبععدون اهتمامععا أكععبر بععاليهود ،وبتغييععر
التجاه السائد الُمعادي لهم في أوروبا .
وتقول الكاتبة " :توجه البروتسععتانت إلععى العهععد القععديم ،ليععس
فقط لنه أكثر الكتب شهرة ،ولكن لنععه المرجععع الوحيععد لمعرفععة
التاريخ العام .وبذلك قّلصوا تاريخ فلسطين مععا قبععل المسععيحية ،
461
إلى تلك المراحل الععتي تتضعّمن فقععط الوجععود العععبراني فيهععا .إن
ضعوا في إطار العتقاد ،أنععه لععم أعدادا ضخمة من المسيحيين ُو ِ
يحدث شععيء فععي فلسععطين القديمععة ،سععوى تلععك الخرافععات غيععر
الموثقة من الروايات التاريخية المدّونة في العهد القديم " .
وتقول " :في منتصف عععام 1600م ،بععدأ البروتسععتانت بكتابععة
معاهدات ُ ،تعلععن بععأن علععى جميععع اليهععود ُ ،مغععادرة أوروبععا إلععى
فلسععطين .حيععث أعلععن ) أوليفععر كرمويععل ( ،بصععفته راعععي
الكومنولث البريطاني الععذي ُأنشععئ حععديثا ،أن الوجععود اليهععودي
في فلسطين ،هو الذي سُيمّهد للمجيء الثاني للمسعيح " .ومعن
هناك في بريطانيا ،بععدأت بععذرة الدولععة الصععهيونية الحديثععة فععي
التخّلق .
وفي خطاب لمندوب إسرائيل في المم المتحّدة ) بنيامين نتنياهو
( عام 1985م -الععذي أصععبح فيمععا بعععد رئيسععا لسععرائيل -أمععام
المسععععيحيين الصععععهاينة ،قععععال " :إن كتابععععات المسععععيحيين
الصهاينة ،من النجليز والمريكان ،أّثرت بصورة ُمباشرة على
تفكير قادة تاريخيين ،مثل ) لويد جورج ( و ) آرثر بلفععور ( و )
ودرو ويلسععون ( ،فععي مطلععع هععذا القععرن … الععذين لعبععوا دورا
أساسيا ،في إرساء القواعد السياسية والدولية ،لحيععاء الدولععة
اليهودية " .
وتقول " :لم يكن حلم هرتزل روحانيا ،بل كععان جغرافيععا ،كععان
حلمععا بععالرض والقععوة .وعلععى ذلععك فععإن السياسععة الصععهيونية ُ
ضّللت الكثير من اليهود … وقععد اّدعععى الصععهاينة السياسععيون ،
أنه لم يكن هناك فلسطينيون ،يعيشون في فلسطين … ويقول )
موش مانوحين ( :أنه انتقل إلى الدولة اليهودية الجديدة ،علععى
462
أمععل أن يجععد جّنععة روحيععة ،ولكّنععه اكتشععف أن الصععهاينة " ل
يعبدون ال ،ولكنهم يعبدون قوتهم " .
وتقول " :لن يهود أمريكععا – مثععل ) آنععدي غريععن ( – يعرفععون
أنععه يمكنهععم العتمععاد ،علععى دعععم 40مليععون مسععيحي إنجيلععي
أصولي ،فهم ُيصادرون الرض من الفلسطينيين بقوة السععلح .
ويقول غرين الععذي انتقععل إلععى إسععرائيل عععام 1975م ،ول يععزال
يحتفععظ بجععواز سععفره المريكععي " :ليععس للعععرب أي حععق فععي
الرض ،إنها أرضنا على الطلق ،هكذا يقول الكتاب المقّدس ،
إنه أمر ل نقاش فيه .من أجل ذلك ،ل أجد أي ُمبرر للتحّدث مع
العععرب ،حععول ادعععاءاتهم المنافسععة لنععا .إن القععوى هععو الععذي
يحصل على الرض " .
الحصول على الدعم السياسي والعسنكري
والقتصننادي ،هننو غايننة إسننرائيل مننن
التحالف مع اليمين المسيحي :
يوضح ) ناتععان بيرلمععتر ( يهععودي أمريكععي ،مععن حركععة ) بنععاي
بععرث ( – منظمععة يهوديععة -فععي أمريكععا ،أسععباب تحععالف يهععود
الوليععات المتحععدة مععع الصععوليين المسععيحيين ،بقععوله " :أن
سرون نصوص الكتاب الُمقّدس بالقول الصوليين النجيليين ُ ،يف ّ
" :أن على جميع اليهود ،أن يؤمنوا بالمسيح أو أن ُيقتلوا فععي
معركة هرمجدون .ولكنه يقول في الوقت نفسه " :نحن نحتععاج
إلى كل الصدقاء لدعم إسرائيل … وعندما يأتي المسيح فسععوف
نفكر في خياراتنا آنذاك .أما الن دعونا ُنصّلي ونرسععل السععلحة
".
463
تشععير الكاتبععة إلععى كتععاب ) مصععير اليهععود ( للمؤلفععة اليهوديععة
) فيورليخت ( ،الععذي تصععفه بععالرائع ،حيععث تقععول فيععه الكاتبععة
اليهودية " :أن أول مساهمة لليهودية كانت القانون الخلقي ،
وأن عظمة اليهودية ،لم تكن في ملوكها وإنما في أنبيائها .وأن
ال لم يأمر اليهود بالموت ،ولكّنه أمرهععم بالحيععاة .وُتععدّلل علععى
قولها بنص من التوراة " لقد وضعت أمامكم الحياة والمععوت …
ولععذلك عليكععم أن تختععاروا الحيععاة " .وُتضععيف :مععع ذلععك فععإن
السعععرائيليين بوضعععع مصعععيرهم بيعععد الجيعععوش والسعععلحة ،
وبتشريفهم الجنرالت أكثر من النبياء .ل يختارون الحياة وإنما
ن أولئك الععذين يجعلععون مععن يختارون المععوت " .وُتح عّذر ،مععن أ ّ
إسرائيل إلها ُيعبد ،يدفعوننا في هذا التجاه " .
عع وتلخععص الكاتبععة أهععداف إسععرائيل مععن التحععالف ،مععع اليميععن
المسيحي في الوليات المتحدة :
• الحصول على المال .
• أن يكععون الكععونغرس مجععرد خععاتم مطععاطي للموافقععة علععى
أهدافها السياسية .
• تمكينها من السيطرة الكاملة والمنفردة على القدس .
وتقول على لسان ) إسرائيل شاهاك ( " :إن طبيعة الصععهيونية
جه الصععهاينة هي البحث الدائم ،عن حاٍم ومعيل .في البدايععة تععو ّ
جهععون ويعتمععدون كلّيععا علععى السياسيون إلى إنجلترا ،والن يتو ّ
الوليات المتحدة .وقد أقاموا هععذا الحلععف مععع اليميععن المسععيحي
الجديععد ،لكععي ُيععبّرر أي عمععل عسععكري أو إجرامععي ،تقععوم بععه
إسرائيل " .
464
وتقول الكاتبة " :إن للقادة الصععوليين النجيلييععن اليععوم ،قععوة
سياسية ضخمة .إن اليمين المسيحي الجديد ،هو النجم الصاعد
في الحزب الجمهوري ،وتحصد إسرائيل مكاسب سياسية جمة ،
داخل البيت البيض من خلل تحالفها معه " .
وتنقل الكاتبة :إن ) مارفن ( – أحععد زملئهععا فععي رحلععة الحععج -
كغيععره مععن اليميععن المسععيحي الجديععد ،يشعععر بالنشععوة لنععه مععع
الحليف الرابح .وقد نقل إلي مرة المقطع 110الذي يتحّدث عععن
يهعععوه وهعععو يسعععحق العععرؤوس ،ويمل الرض بجثعععث غيعععر
المععؤمنين ،والمقطععع 137الععذي ُيعععرب فيععه عععن الرغبععة مععن
النتقععام ،مععن أطفععال بععابليين وإلقععائهم فععوق الصععخور .ثععم قععال
) مارفن ( :وهكذا يتوجب على السععرائيليين أن ُيعععاملوا العععرب
بهععذه الطريقععة .ورغععم أن ) معارفن ( كععان معجبعا ومطلعععا علعى
نصععوص التاريععخ التععوراتي ،إل أنععه كععان جععاهل فيمععا يتعلععق
بالصراع العربي السرائيلي .لنه يعرف مسبقا ،كل ما يعتقد أن
ال يريععد منععه أن يعرفععه .وقععال لععي " :إن علععى المريكييععن أن
يتعلموا من السرائيليين كيف ُيحاربون " .ويشععارك ) مععارفن (
كذلك ،هؤلء بالعتقاد " بأننععا نحععن المسععيحيين نععؤخر وصععول
المسيح ،من خلل عدم مسععاعدة اليهععود ،علععى مصععادرة مزيععد
من الرض من الفلسطينيين " .
وتخُلععص الكاتبععة إلععى القععول أن عععدة ملييععن ،مععن المسععيحيين
المريكييععن ،يعتقععدون أن القععوانين الوضعععية ،يجععب أل ُتطبععق
علععى مصععادرة اليهععود واسععترجاعهم لكععل أرض فلسععطين .وإذا
تسّبب ذلك في حرب عالمية نووية ثالثة ،فععإنهم يعتقععدون بععأنهم
تصّرفوا بمشيئة ال " .
465
وتععذكر الكاتبععة أن هنععاك قائمععة ،بأسععماء 250منظمععة إنجيليععة
أصععولية مواليععة لسععرائيل ،مععن مختلععف الحجععام والعمععق فععي
أمريكععا ،ومعظععم هععذه المنظمععات نمععا خلل السععنوات الخمععس
الخيرة ،أي منذ عام 1980م .
وتقعععول الكاتبعععة فعععي فصعععل معععزج العععدين بالسياسعععة " :أن
السرائيليون ُيطعالبون بفعرض سعيادتهم وحعدهم ،علعى المدينعة
التي ُيقّدسها مليار مسيحي ومليععار مسععلم ،وحععوالي 14مليععون
يهعععودي .وللعععدفاع عععن اّدععععائهم هععذا ،فععإن السعععرائيليين –
ومعظمهم ل يؤمن بال – يقولون :بأن ال أراد للعبرانيون ،أن
جه يأخذوا القدس إلى البد .ومن أجل ترويج هعذه الرسععالة ،تععو ّ
السرائيليون إلى ) مايك ايفنز ( اليهودي المريكععي ،الععذي ُق عّدم
صععر ليسععاعد شعععبه ،وأنععه س تن ّ
فععي أحععد المعابععد ،علععى أنععه قع ّ
صععديق لجععورج بععوش ،ويحتععل مكانععة مرموقععة فععي الحععزب
الجمهوري ،ومن حديثه في هععذا المعبععد قععوله " :إن الع يريععد
من المريكييعن ،نقعل سعفارتهم معن تعل أبيعب إلعى القعدس ،لن
القدس هي عاصععمة داود .ويحععاول الشععيطان أن يمنععع اليهععود ،
مععن أن يكععون لليهععود حععق اختيععار عاصععمتهم .إذا لععم تعععترفوا
بالقدس ملكية يهودية ،فإننا سععندفع ثمععن ذلععك مععن حيععاة أبنائنععا
وآبائنععا .إن الع ،سعُيبارك الععذين ُيبععاركون إسععرائيل ،وسععيلعن
لعنيها " .
الخاتمة :
وفي الخاتمة تقول الكاتبة " :فكرت في خيارنا للحياة أو المععوت
،طوال السنين العديدة الماضية ،مستمعة إلى ) جيري فولويل (
وغيععره مععن النجيلييععن ،الععذين يطّلععون علينععا عععبر الهععاتف ،
466
والكتعاب المقعّدس باليعد الخعرى ،نعاقلين ععن كتعاب دانيعال معن
العهد القديم ،وعن كتاب سفر الرؤيا من العهد الجديد ،قائلين :
أن ال قد قضى علينا أن نخوض حربا نووية مع روسيا ...
اقتناعا منهم بأن هرمجدون نووية ل مفر منها ،بمقتضى الخطة
اللهية .فإن العديد من النجيليين المؤمنين بالتدبيريععة ،ألزمععوا
أنفسععهم سععلوك طريععق مععع إسععرائيل ،يععؤدي بشععكل مباشععر –
باعترافهم أنفسهم – إلى محرقة أشّد وحشية ،وأوسع انتشارا ،
مععن أي مجععزرة ُ ،يمكععن أن يتصععورها عقععل ) أدولععف هتلععر (
الجرامي …
لقد وجدت فكرهم الوعظي ،تحريضيا تصادميا ،في حّثهم علععى
الستعداد لنهاية العالم ،إنهم يدفعونني إلى العتقاد ،بأننا قطعنا
مسععافة طويلععة بعيععدا عععن بععداياتنا كبشععر .إن معظمنععا يتمسععك
باعتبعار حسعن الجعوار ،كعلقعة رائععة فعي حياتنعا المتحضعرة ؛
معاملععة الخريععن كمععا نحععب أن ُيعاملونععا ،وفععوق ذلععك عععاش
الكثيرين بهدف أكثر نبل ؛ وهععو مغععادرة هععذه الععدنيا فععي حععاله ،
أفضل من تلك التي وجدوها عليها " .
بعد هذا العرض لبعض ما جاء في هععذا الكتععاب ،نسععتطيع القععول
أن الحلف المنعقد بيععن إسععرائيل والوليععات المتحعّدة ،هععو حلععف
عقائدي عسكري ُ ،تغذيه النبوءات التوراتية والنجيلية .لدرجععة
أن الكثير من أفراد الشعب المريكي الضاّل ،يتمنى لععو أنعه ولععد
يهوديا ،لينعم بالنتساب إلى شعب ال المختار ،الذي يقاتل العع
عنهم في جميع حروبهم ضد الكفرة من المسلمين والشيوعيين .
ونحعععن كمسعععلمين بتواجعععدنا علعععى أرض اليهعععود ،وبمقاومتنعععا
للحتلل الصععهيوني ،نمنععع ال ع مععن تحقيععق إرادتععه ،بإعطععاء
467
أرض فلسطين لليهود .فالشعب المريكي ينظععر علععى أن اليهععود
هم جنود ال ،وأن الفلسطينيون هم إرهابيون وجنود الشيطان ،
شعرفاء أمريكعا ،يعتقعدون بعكعس ذلعك ،معن وأن قلة قليلعة معن ُ
الععذين سععبروا أغععوار الحقيقععة ،ودرسععوا التاريععخ والجغرافيععا
والواقع ،بعين العدالععة والنصععاف ،حععتى أن بعضععهم طعععن فععي
مصداقية كتبهم الُمقّدسة ،ولكن كل جهود الشرفاء ،من مواقف
ومحاضرات وبرامج ومؤلفات ،ذهبت أدراج الرياح ،لنهم قلععة
ول يملكون ،ما يملكه اليهود وأتباعهم من القوة والمال ،فكانوا
كمن ُيجّدف بالرمال .
ع ونستطيع تلخيععص العلقععة مععا بيععن إسععرائيل وأمريكععا ) اليهععود
والنصارى ( كما يلي :
• أن التحالف بين الدولتين ،فضل عن كععل شععيء ،هععو حلععف
ديني عقائدي ،أقوى من أي معاهععدة أو اتفاقيععة مكتوبععة علععى
الورق .
• كل من المريكان والسرائيليون ينتظععرون المسععيح الخععاص
بهم .
• يتفق الطرفععان علععى أن قيععام الدولععة اليهوديععة فععي فلسععطين
إشارة لقرب مجيئه .
• ويتفق الطرفان على وجوب سيطرة اليهععود ،علععى فلسععطين
كاملة ،واتخاذ القدس عاصمة لهم ،ومععن ثععم يتععوجب عليهععم
إقامة الهيكل مكان المسجد القصى ،وأن هذه المور ،مععا لععم
تأخذ مجراها على أرض الواقع ،فإنها ستعطل مجيء المسيح
بالنسبة للطرفين .
468
• وأن ظهور المسيح سععيكون مسععبوقا ،بحععرب ُمعدمرة سععتقع
بين إسرائيل وأعدائها ،تحصد ما ل ُيعّد ول ُيحصى من أرواح
البشععر ،وتنتهععي بخععراب الرض ،ورّواد المععؤامرة اليهوديععة
العالميععة ،يبععذلون قصععارى جهععدهم لشعععالها ،لقطععف ثمععار
مخططهم الشيطاني ،بإثارة الفتن وافتعال الزمات .
• وبناء على ذلك ،تجد أمريكا نفسها ملزمة عقائديا ،بتسليح
إسرائيل ما أمكنهععا ذلععك ،وبععدعمها فععي كععل مخططاتهععا داخععل
فلسطين وخارجهععا .اسععتعدادا لوقععوع هععذه الحععرب المععدمرة ،
لضمان انتصار إسرائيل وحلفائها ضد أعداء ال .
هكذا هي المعادلة بكل بساطة ،فساسععة الشعععب المريكععي جملععة
وتفصيل ،صهاينة أكثر من ساسة إسرائيل أنفسهم ،وما عبععادة
المريكيين ،لسرائيل إل لتقّربهم إلى الع زلفععى ،ولععذلك يسعععى
المريكيون قبل السرائيليون ،لتلبية متطلبات مجيء المسععيح ،
وأعجب من العرب عندما يطلبون من صهاينة الغرب ،رفع ظلععم
صهاينة الشرق .
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء ،وبدأنا بتتّبع الرؤساء المريكييععن
المتأخرين ،لتععبين لنععا أن الرؤسععاء مععن الحععزب الععديموقراطي ،
كانوا أكثر اعتدال وأكعثر ميل إلعى السعلم معع العععرب وروسععيا ،
بغععض النظععر عععن مفهععومهم لععه ،وأقععل تجاوبععا مععع متطلبععات
الصهيونية اليهوديععة ،والصععهيونية المسععيحية الُمتطّرفععة ،كمععا
هو حال الرئيس ) كارتر ( – الذي انتهت وليتععه عععام 1980م –
حيععث ُأنجععزت فععي عهععده اتفاقيععة ) كععامب ديفيععد ( بيععن مصععر
وإسعععرائيل ،والرئيعععس ) كلينتعععون ( 200-1992 ،م ،العععذي
ُأنجععزت فععي عهععده اتفاقيععة وادي عربععة بيععن الردن وإسععرائيل ،
469
وحاول جاهععدا صععنع ) كععامب ديفيععد ( أخععرى مععع الفلسععطينيين ،
رغم محاولته الخجولة لرضاء هععؤلء بقصععف مصععانع الدويععة
السودانية ،وقصف العراق بين حين وأخر .
ولتبين لنا أيضا ،أن الرؤسععاء مععن الحععزب الجمهععوري اليمينععي
المسععيحي النجيلععي التععوراتي الصععولي المتطعّرف ،كععانوا أكععثر
تطرفععا وعدوانيععة ،وأقععل اهتمامععا بالسععلم ،ويتجععاوبون مععع
متطلبات اليهود ،بل ُينّفععذونها بحععذافيرها .فععالرئيس ) ريغععان (
ن الحرب على ليبيا ،وتم في عصععره ضععرب 1988-1980م ،ش ّ
المفاعل العراقي ،واجتياح بيروت ،واشتعلت الحرب اليرانية ،
وتم إطالة أمدها ،وانتهت بنهاية وليته .والرئيس ) بوش الب
ن الحععرب علععى العععراق ،وفععرض عليععه ( 1992-1988 ،م ،شع ّ
الحصععار ،وتععم إسععقاط الشععيوعية وتفكيععك التحععاد السععوفييتي ،
وأعلن عععن النظععام العععالمي الجديععد ،المععذكور فععي بروتوكععولت
اليهود .
ومؤخرا جاء دور ) بوش البن ( ،لُيكمل سلسلة جععرائم أسععلفه
من الجمهوريين ،وُينفذ ما ُأعّد لععه هععؤلء مععن برامععج مسععبقة ،
طوها ،قبععل وصععوله لسععدة الحكععم ،كمععاكان أبالسة اليهود قد خ ّ
ط أجدادهم أسفار التوراة والنجيل ،وبروتوكععولت الحكمععاء ، خّ
فيمععا ُيسعّمى ) بتقريععر معهععد واشععنطن لسياسععات الشععرق الدنععى
، ( 2001حيث بدأ بتنفيذ ما جاء فيععه مععن أوامععر ،فععور تسعّلمه
للسلطة :
.1فضرب بغداد دون سابق إنععذار ،وبععدأت إدارتععه بالترويععج "
للعقوبات الذكية " ،التي طالب بها خبثاء معهد واشنطن .
.2وأظهر عداءه لروسيا والصين .
470
.3وطلععب الرئيععس المصععري لمعاقبععة مصععر ،علععى موقفهععا
المتشّدد مع إسععرائيل فععي قمععة القععاهرة ،بخفععض المسععاعدات
وتأخير إنشاء منطقة التجارة الحرة ،فيما لو أصّرت على ذلك
.
.4وصّرح عن رغبته في نقل السفارة المريكية إلى القدس .
.5ودعم إسرائيل في قمعها لنتفاضة الرهابيين الفلسطينيين ،
وبّرر وما زال ُيبّرر جرائمها .
.6وظهر هناك مععن يععدعو إلععى انسععحاب الجيععش السععوري مععن
لبنععان ،مععن اللبنععانيين المععدعومين بععالموال اليهوديععة تحععت
غطاء الدين .
.7وقععام وزيععر الخارجيععة بجولععة فععي دول المنطقععة ،لشععرح
السياسععة الجديععدة الععتي جععاء بهععا هععذا التقريععر ،الععذي تمععت
صياغته بذكاء ودهععاء يهععودي صععرف ،بنععاء علععى المخععاوف
النبوية التوراتية .
تقريننر معهنند واشنننطن لسياسننة الشننرق
الدنى لعام 2001م
ُيؤكد هذا التقرير أن مصير هذه المنطقة ،مرهون بمععا جععاء مععن
نبوءات في الكتععب المقّدسععة ،ومرهععون أيضععا بكيفيععة تفسععيرهم
طلععت علعى هععذا التقريعر ،العذي يوضععح لهععذه النبعوءات .وإذا ا ّ
السياسععات ،الععتي يتععوجب علععى الرئيععس المريكععي نهجهععا ،
للسيطرة على هذه المنطقععة واسععتعباد شعععوبها ،سععتجد أنهععا قععد
س السععم فععي العسععل ،بنععاًء
ُرسمت بدهاء ومكر ،على طريقععة د ّ
على المخاوف اليهودية ،المنبثقة من النبوءات التوراتية .حيث
أن ُمجمل بنود هذا التقريععر ،جععاءت لععدرء المخععاطر عععن الدولععة
471
اليهوديععة فقععط ل غيععر .وفيمععا يلععي سععنعرض مععن فصععول هععذا
التقرير الخمسة ،بعض المقتطفات شديدة التعلق بموضععوع هععذا
الكتاب .وقد ُنشر هذا التقرير مترجما على حلقععات ،فععي جريععدة
العرب اليوم الردنية ،في النصف الول من شهر 3/2001م .
تأسعععس معهعععد واشعععنطن ععععام 1985م ،وهعععو يعمعععل كوحعععدة
للبحوث ،تابعة للجنععة للعلقععات العاّمععة المريكيععة السععرائيلية ،
ب ) ايبععاك ( ،وهععي الُمنظّمععة الصععهيونية الولععى فععي
المسععماة ِ
الوليات الُمتحدة ،التي ُتعتبر " خط الدفاع الول عن إسرائيل "
،ويضم فععي عضععويته مفكععرون وسياسععيون وخععبراء أمريكيععون
يهودا ومسيحيين ،صهاينة في الفكر والمعتقد .وقععد تطعّور هععذا
المعهععد ليصععبح مصععدر التععأثير العظععم ،فععي صععنع القععرارات
السياسععية الخاصععة بالمنطقعة ،الععتي تتخعذها الدارات المريكيعة
المتعاقبة .ويصدر هذا التقرير في بداية كل ولية رئاسية جديععدة
،ليكون نورا يهتدي به الرئيس المريكععي الجديععد ،ونجععاح هععذا
الرئيس وفشله لدى سادته اليهود ،يعتمععد علععى مععدى الععتزامه ،
ومقععدار مععا أنجععزه مععن الهععداف الععواردة فععي التقريععر ،وهععذه
ظمة على علقة وثيقععة مععع الرؤسععاء والساسععة المريكععان ، المن ّ
وفي العادة ،تقيم مأدبة عشاء علععى شععرف الرئيععس المريكععي ،
بيععن الحيععن والخععر ،لُيعلععن فععي خطععابه الفتتععاحي -كمععا جععرت
الععععادة -ععععن ولئه المطلعععق لسعععرائيل ،وعبعععوديته لليهعععود
العالميون .
الفصل الول :
دبلوماسععية عربيععة إسععرائيلية -اردع الحععرب القليميععة ،بيععن
إسرائيل والدول العربية ،واستطلع مسالك جديدة .
472
تقننويم دروس تجربننة أوسننلو ،واسننتطلع
مسارات بديلة للسلم :
التأكيععد علععى أن الوليععات المتحععدة حليفععة لسععرائيل ،وأنهععا ل
ترتبط معها بأحكام ومعاهدات مكتوبة ،وإنما بروابععط أقععوى مععن
القيم والمصالح المشتركة .المضي قدما في نقل سفارة الوليات
المتحدة إلى الموقع المقرر في القدس الغربية .
تشننجيع الجهننود الدوليننة للمسنناعدة فنني
تخفيف التوتر القليمي :
التركيز على الدول الموالية للغرب :تحتاج الوليات المتحدة إلى
التواصل مع الزعماء العععرب والمسععلمين ،ومععع شعععوبهم ،فععي
السعي إلععى إشععراكهم ،فععي حععوار صععادق وصععريح ،حععول آراء
ن دور الدول الموالية للغرب في المنطقععة ومصالح كل منهم .إذ أ ّ
مهععم جععدا ،فععي وضععع الجنععدة السياسععية الجتماعيععة الثقافيععة
للشرق الوسط ،ويصدق ذلك بشكل خاص على مصععر وتركيععا ،
والعربية السعودية والمغرب والردن .وقد اتضح ذلك أثناء قمة
كععامب ديفيععد 2000وبعععدها ،عنععدما أدى غيععاب التشععاور ،مععع
العدول العربيعة الرئيسعية ،حعول قضعية القعدس خصوصعا ،إلعى
تقليص فرصة قبول عرفات ،بععأي مععن الحلععول المختلفععة ،الععتي
طرحت في الجتماع . ُ
تتحمل مصر من بين جميع الدول ،المسؤولية الكععبر ،بصععفتها
الدولععة العربيععة القععوى ،والدولععة الععتي تحمععل إجراءاتهععا الثععر
الكثر أهمية في المنطقة .إذ ُتعتبر تصريحات الرئيس المصععري
حسني مبارك ،ضد أي توسيع للنععزاع الفلسععطيني السععرائيلي ،
وضد تحويله إلى حرب عربية إسععرائيلية ،جععدارا واقيععا ،بععوجه
473
انتشععار المزيععد مععن الراديكاليععة ) أي التععوجه المعععادي لسععرائيل
والغرب ( .
المثلعععث السعععرائيلي اللبنعععاني السعععوري :ينبغعععي علعععى الدارة
المريكيعععة الجديعععدة ،أن ُتععععّزز قعععوة العععردع السعععرائيلية ضعععد
احتمععالت تعرضععها ،لهجمععات بريععة أو صععاروخية ،تقععوم بهععا
قععوات حععزب ال ع ،المععدعوم مععن سععوريا وإيععران .علععى الدارة
المريكيععة أن تععدعم الحركععة الناشععئة فععي لبنععان ،والداعيععة إلععى
الضغط من أجل المزيد من الحرية فعي الععداخل ،وتخفيععف قبضعة
سوريا المطبقة على الشؤون اللبنانية .
الفصل الثاني :
أسلحة الدمار الشامل -امنع النتشار ،واردع الستخدام .
من الممكن أن تشهد السععنوات الربععع المقبلععة ،تحقععق تقععديرات
الستخبارات المريكية ،بأن إيران سوف تطور نظاما صاروخيا
متعدد المراحل ُ ،يمّكنها من تطوير صاروخ عابر للقارات .ومن
الممكععن خلل الفععترة نفسععها أن ُيطععور العععراق أو إيععران سععلحا
نوويععا ،خصوصععا فععي حالععة حصععولها علععى الوقععود النععووي ،
بصورة سرية مععن التحععاد السععوفييتي السععابق مثل .والحصععول
عليها من قبل جماعات إرهابية بمساعدة بعض الحكومات .
الكععثيرون فععي المنطقععة يتهمععون الوليععات المتحععدة بازدواجيععة
المواقف ،فيما يتعّلق بقدرة العععراق النوويععة .فعلععى الرغععم مععن
القلق الذي توّلده السلحة النووية ،من وجهة النظر الداعية إلى
عدم النتشار .فإن هذه السلحة توفر لسرائيل هامشا من المن
،يمكنها من المجازفة بعقد السلم مع جارات معينة .في الععوقت
474
الذي تطور فيه دول أخرى في المنطقة -مععا زالععت تهععدد بتععدمير
إسرائيل ) أي العراق ( -الوسائل الكفيلة بتنفيذ تلك التهديدات .
الفصل الثالث :
الرهاب -اعمل على تقوية الرد على التهديدات الجديدة .
اعنننزل جهنننود مكافحنننة الرهننناب عنننن
ديناميكيننات العمليننة السننلمية ،وعننزز
الرد على التحديات المستمرة :
ينبغي على الوليات المتحدة ،أن تتبع سياسععة ل تسععامح فيهععا :
ففععي الععوقت الععذي يحععق للسععلطة الفلسععطينية ،أن تختلععف مععع
إسععرائيل حععول القضععايا الدبلوماسععية ،فععإن العلقععة المريكيععة
الفلسطينية ،يجب أن تدفع ثمععن التهععاون ،الععذي ُتبععديه السععلطة
الفلسطينية بشأن التزامها بمكافحة الرهاب .
ينبغي على الوليات المتحدة ،أن ُتعزز جهودها الرامية للرتقاء
بالتعععاون الععدولي ،ضععد شععبكات العنععف السععلمية الُمتطّرفععة .
وينبغي أن تعمععل مععع دول أوروبععا والشععرق الوسععط ،لممارسععة
ضغط جماعي على تلك الدول القليلة ،التي ما زالععت تقععدم الملذ
للرهععابيين ،أو تغععض النظععر عنهععم ،وهععي إيععران وباكسععتان
واليمن وأفغانستان .
* وقفعععة قصعععيرة معععع مقعععال ،فعععي جريعععدة الدسعععتور الردنيعععة
الصادرة ،بتاريخ 2001 – 7 – 5م ،نقل عن رويترز :
) تصععدير المقععال :فععي حععال هععاجم ابععن لدن مصععالح أمريكيععة -
واشنطن ُتهّدد طالبان بانتقام عسكري (
475
" واشععنطن – رويععترز ؛ قععال نععائب وزيععر الخارجيععة المريكيععة
) ريتشععارد أرميتععاج ( :أن الوليععات المتح عّدة قععد تش عنّ
ن أسامة بن انتقاما عسكريا ،على حركة طالبان ،إذا ش ّ
لدن ،علععععى هجمععععات مصععععالح أمريكيععععة .وكععععان
) أرميتاج ( ُيعّقب على تحذير قّدمه إلى طالبععان ،سععفير
الوليععات المتحععدة لععدى باكسععتان ) ويليععام ملم ( ،فععي
عقد في إسلم أباد ،يوم الجمعة الماضي .وقال اجتماع ُ
مسععؤول فععي طالبععان لرويععترز ،أن طالبععان الععتي تععوفر
المأوى لبن لدن ،تم إبلغها بأنها ستتحمل المسؤولية
،عن أي هجمات على مصالح أمريكية … " ،انتهى .
عننال لدوات السياسننة طور السننتخدام الف ّ
المريكية المتوفرة :
لخضععاع الرهععابيين للدانععة الجنائيععة ،يتحتععم علععى الوليععات
المتحدة ،متابعة اللععتزام بملحقععة أولئك المجرميععن ،حععتى وإن
واجه المر عقبات دبلوماسية .على الحكومة التحاديععة ،العمععل
على إيقاف المناصرين المحليين المؤيدين للجماعات الرهابية ،
) المقصود هنا هو الجاليات العربية الداعمة للحركععات الجهاديععة
في فلسطين ( .
لقد تقلص عدد الدول الداعمة للرهععاب ،إلععى سععبع دول .وآخععر
الدول ،التي ُرفععع اسععمها هععي العععراق عععام 1982م وأعيععد عععام
1991م ،أمععا آخععر اسععم ُأضععيف للقائمععة هععو السععودان عععام
1993م .على الرئيس كجزء من عملية إعععادة النظععر ،أن ُيفكععر
بتحديد الطرق ،الععتي تسععتطيع مععن خللهععا تلععك الععدول مععن رفععع
اسمها من القائمة ) أي وضععع متطلبععات جديععدة لشععهادات حسععن
476
السععيرة والسععلوك المريكيععة ( .وخصوصععا تلععك الععتي أظهععرت
اهتماما بذلك مثل ليبيا والسودان وسوريا .بعععد ذلععك يجععب ربععط
درجة الدعم المق عّدم للرهععاب ،بدرجععة العقوبععات الععتي تفرضععها
الوليات المتحععدة ،وكععذلك بمسععتوى التعامععل ،الععذي يقععوم بيععن
الحكومة المعنية ،وحكومة الوليات المتحدة .
الفصل الرابع :
العراق وإيران -اعمل من أجل التغيير .
إن الموقف من العراق وإيران ُ ،يعتبر من أهم القضايا السياسععية
التي تواجه الدارة المريكية الجديدة .فك عٌل مععن الععدولتين ُيعتععبر
لعبععا ُمهّمععا فععي الخطريععن الرئيسععين ،اللععذين يتهععددان مصععالح
الوليات المتحدة في المنطقععة ) والمصععالح هععي وجععود إسععرائيل
فقط ( .واللذين حّددهما هذا التقرير بزعزعة العملية السععلمية –
لدرجة النزلق نحو الحرب – وبامتلك أسلحة الدمار الشامل .
فععي إيععران يبععدو التغييععر يلععوح فععي الفععق ،وأنععه سععيكون ثمععرة
للديناميكيات السياسية الداخلية .أما بالنسبة للعراق فععإن القصععة
مختلفة ،ومن المور الُمحزنة ،كوننا مقتنعيععن بععأن التغييععر فعي
العراق يكاد يكون مرتبطا بصورة حتمية بالعنف ،أي بانقلب أو
بانتفاضععة داخليععة ، … ،ينبغععي علععى الرئيععس المريكععي ،أن
ُيطور استراتيجية شاملة ،تنطوي علععى خطععوات فّعالععة ،تهععدف
إلى الضغط على صدام حسين في عدة جبهات .
وحتى يحين موعد التغيير في العراق وإيران ،فإن على الوليات
المتحدة أن تواجه التحععدي لحتععواء الضععرر الععذي تسععببه هاتععان
الدولتان ،بالضافة للعقوبات والقيود المفروضة على الصادرات
صصععها الععدولتان مععن أجععل تقليععص المععوارد ،الععتي يمكععن أن ُتخ ّ
477
للتحديث العسكري ونشر السلحة ،والحصول علععى التكنولوجيععا
اللزمة لذلك .
ضننح التهدينند الننذي ُيمّثلننه صنندام حسننين و ّ
لمصالح الوليات المتحدة :
نعتقد أن من المهم تحديد تلك المصالح المريكية الحيوية ،الععتي
يمكععن لصععدام أن ُيه عّددها ،ووضععع خطععوط حمععراء ُتش عّكل عنععد
تجاوزهععا ،تحعّديا غيععر مقبععول ،يسععتدعي ردا عسععكريا أمريكيععا
واسع النطاق .
ما أن يتم النتهاء من هذه المراجعة ،يتوجب على الرئيععس ،أن
يطرح مقرراتها علععى الشعععب ،كتهيئة لحتمععال وقععوع مواجهععة
عسكرية ،واسعة النطاق مع صدام ،إذا ما اقتضى المر … في
حالععة العععدوان خععارج أراضععيه ،أو اسععتخدامه لسععلحة الععدمار
الشععامل ،أو حععتى نشععرها فععي حععالت معينععة ،أو عععدوانه علععى
الكراد .
ع ُيقصد بالقوة واسعة النطاق :
أول ؛ حملت القصععف المتواصععلة ،ضععد الهععداف الععتي تحمععي
النظام ،
ثانيععا ؛ إذا كععانت النتهاكععات العراقيععة خطيععرة بمععا يكفععي ،يعنععي
إرسال قوات أرضية ،بقدرات كافية بمشععاركة الحلفععاء ،لغععرض
إحلل التغيير في النظام العراقي ،
ثالثا ؛ في حالة استخدام أسلحة الدمار الشامل ،يتوجب استخدام
جميع الوسائل الُمتاحة ،ضد نظععام صععدام حسععين ) أي اسععتخدام
السلح النووي ( .
478
على الوليات المتحدة ،أن تكون مستعدة ،للعمععل بالتنسععيق مععع
الحلفاء الرئيسيين ،وبععالخص السعععودية والكععويت وبريطانيععا .
وبذل مزيد من الجهد لقناع تركيا ،بلعب دور أكثر فاعليععة ،فععي
الرد على التحّدي الذي ُيمّثله صدام حسين .
أحد الخطوط الصفراء التي تجاوزها صدام بالفعععل ،هععو التوقععف
عععن التعععاون مععع مفتشععي السععلحة .أظهععرت دروس التاريععخ
الليمة ،أن صدام ل يسمح بعمليات تفتيش ،تكشف ما تبقى من
برامجععه ،لنتععاج الصععواريخ وأسععلحة الععدمار الشععامل ،كمععا أن
السرة الدولية غير مستعدة ،لتأييد استخدام القوة لرغام صدام
على التعاون .
إلى جانب التفتيش المهني الدقيق الععذي يجععب أن تصعّر الوليععات
المتحدة عليه .يوجد عنصر مهم آخر ،هو الدعم الععذي يجععب أن
توفره واشنطن ،لجماعات المعارضة العراقية ،كعنصر إضععافي
لحتواء صدام .
ضمن عملها مع المعارضة العراقية ،ينبغي للوليات المتحدة أن
تضع رؤية أوضح لعراق ما بعد صدام ،على واشنطن أن توضح
،انه كلمععا ازداد العععراق مسععالمة وانفتاحععا وديموقراطيععة ،كلمععا
ازداد دعمها له .
ة لنفتاح العراق : ول العقوبات إلى أدا ٍ ح ّ
نعتقععد بععأن علععى الوليععات المتحععدة ،أن تقععوم بمجهععود عاجععل ،
لععتركيز العقوبععات علععى نحععو أكععثر ح عّدة ،علععى صععدام ونظععامه
العسععكري .مععن أجععل ذلععك ينبغععي لواشععنطن ،أن تأخععذ زمععام
المبععادرة فععي إعععادة صععياغة العقوبععات ،بععدل مععن أن توافععق
مرغمة ،على خطوات يفرضها الخرون .
479
فععي الععوقت نفسععه ،ينبغععي للوليععات المتحععدة التععوجه للمنظمععات
النسانية ،لتحسين طرق إيصععال المسععاعدات للشعععب العراقععي .
بدل مععن أن تكعّرس هععذه المنظمععات ،الكععثير مععن جهععدها لنتقععاد
السياسة المريكيععة إزاء العععراق .وأن ُتظهععر لهععذه المنظمععات ،
أنها تشاركها همومها النسانية ،مؤكدة بععأن السععبب فععي معانععاة
الشعب العراقععي هععو حكومععة العععراق السععتبدادية ) أي اسععتخدام
النفاق السياسي ( .
ينبغععي للقيععود العتي ُفرضععت علعى السععفر ،معن تلععك الدولعة ،أن
ُتعكس بشكل تام .سيكون من الفضل تشععجيع التبععادل الفععردي ،
وسععفر العراقييععن العععاديين ،ومنععع سععفر المسععؤولين العراقييععن
وأفراد أسرهم ،من الذين ُيعيقون تنفيذ قععرارات مجلععس المععن ،
أو الععذين ُيشععتبه بارتكععابهم جععرائم حععرب ،أو انتهاكععات فظيعععة
لحقوق النسان .لقد حصععل هععذا النععوع مععن " العقوبععات الذكيععة
طبق على يوغسلفيا . " ،على التأييد في المم المتحدة عندما ُ
الفصل الخامس :
الستراتيجية القليمية :استثمر في العلقات الحاسمة .
علععى الدارة المريكيععة الجديععدة أن تأخععذ زمععام المبععادرة ،فععي
توسيع التواصل الثقافي والتربوي مع الدول العربية والمسلمة ،
لغععرض تطععوير المعرفععة المحليععة ،بثقافععة ومجتمععع وسياسععة
الوليععات المتحععدة وتفّهمهععا .وإيجععاد وسععائل لمحاربععة النطبععاع
شععي فععي الشععرق الوسععط ،حععول معععاداة أمريكععا الخععاطئ ،المتف ّ
للسلم والمسلمين .
في الطرف الخر من الطيف ،ينبغي للدبلوماسية المريكية ،أن
ُتبرز العيوب الفاضحة لدول المنطقععة ،الععتي تمععارس أقصععى حععد
480
مععن انتهاكععات حقععوق النسععان ،وبععالخص العععراق والسععودان
وليبيا وسوريا .
تقوية العلقات الثنائية المهمة :
إسرائيل :أكععد علععى التحععالف غيععر المكتععوب ،فهععو يعكععس
عمق ينابيع الدعم والتععآخي ،الععذي يشعععر بععه الشعععب المريكععي
إزاء إسرائيل ،والذي يشمل كافة الطياف السياسية المريكيععة .
ينبغعععي علعععى الدارة أن تأخعععذ زمعععام المبعععادرة ،فعععي الرتقعععاء
بشععععراكتها لسععععرائيل ،إلععععى مسععععتوى مواجهععععة التهديععععدات
الستراتيجية المشتركة … وسط جو التهديععدات الجديععدة ،ومععع
اضععطراد تق عّدم السععلحة الحديثععة .فععإن علععى الدارة أن تععواجه
التحدي السياسي المتمثل فععي التوضععيح لجععارات إسععرائيل ،بععأن
أمريكا سوف تعارض أي مجهود ،للتوصل إلععى مسععتوى النديععة
الستراتيجية مع إسرائيل .
دول مجلننس التعنناون الخليجنني :تقويععة المععن
النفطي والعسكري والقتصادي ،لضععمان اسععتمرار تععدفق النفععط
بأسععععار مناسعععبة .علعععى الوليعععات المتحعععّدة تعميعععق دعمهعععا ،
للصععلحات القتصععادية فععي تلععك الععدول ،بسععبب مصععلحتها فععي
استقرار النظمة الملكية الخليجية .
مصر :لععدى مصعر قععدرة علععى لعععب دور إيجععابي ،فععي تعزيععز
العتدال والستقرار في المنطقة ،أو لعب دور سععلبي فععي تعقيععد
وإعاقة مبادرات الوليات المتحدة القليمية .ولعو حعافظت مصعر
علععى وضعععها المقبععول فععإن علععى الوليععات المتحععدة ،أن تكععون
مستعدة للمضي قدما ،في مبادراتها القتصادية .
481
الردن :ادعم السععلم مععع إسععرائيل ،واحععذر مععن العععودة إلععى
احتضان عراق صدام .أما علععى الجععانب العسععكري ،فينبغععي لععه
المسععاعدة فععي عمليععة التعامععل مععع المععن الحععدودي ،ومكافحععة
الرهععاب ،والخطععر العراقععي المحتمععل .أحععد السععباب المععبررة
لتقديم معونة أمريكية كععبيرة هععو المسعععى الععذي يبععذله العععراق ،
لجذب الردن بتقععديم مسععاعدة نفطيععة 900-600مليععون دولر .
ولحبععاط الغععراء العراقععي ،بوسععع دول الخليععج تقععديم النفععط
بشععروط ملئمععة ،وتوسععيع دائرة التجععارة ،واسععتخدام العمالععة
الردنية .
تركيا ُ :يعتععبر بقاؤهععا ،كدولععة ديموقراطيععة علمانيععة مواليععة
للغععرب ،مصعلحة حيويععة للوليعات المتحعدة .حيعث تلععب تركيععا
دورا مركزيا في عملية احتواء العراق .
ادعم التعاون معا بيعن شعركاء أمريكعا القليمييعن ،ومعن ضعمنها
إسرائيل وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي والردن ومصر .
ن التعاون بين تركيا وإسرائيل ُ ،يعتبر الفضل بين جميع حالت إّ
التعاون المني القليمي في المنطقة .
الطار الستراتيجي :
لدى الوليات المتحدة مصععالح دائمععة فععي الشععرق الوسععط ،مععن
بينها ؛ منع وقوع الحرب ،وتسعهيل التقععدم باتجعاه سعلم عربعي
إسرائيلي ،وضمان أمن وسععلمة إسععرائيل ،وتوطيععد السععتقرار
والمن والرفاهية والتنمية ،في تركيا والدول العربية المعتدلععة ،
والمحافظععة علععى حريععة تععدفق النفععط وبأسعععار معقولععة .بعععد
النتصعععار فعععي الحعععرب البعععاردة ،وحعععرب الخليعععج فعععي مطلعععع
التسعينيات ،تمكنت الوليات المتحدة ،من ممارسة الزعامة في
482
مجالين مهمين ،هما ؛ بناء السلم العربي السرائيلي ،وتعزيععز
المن في الخليج .
العولمة :
على مععدى العقععد الخيععر ،كععان سعجل المنطقعة مشوشعا بالنسعبة
للعولمة ،فمن جانب ،لم تستطع الحععواجز الوطنيععة القويععة ،أن
تمنععع انتشععار وسععائل العلم الحديثععة ،مثععل القنععوات الفضععائية
العربية ،التي أنهت – بمصاحبة النترنت – سيطرة الدولة علععى
المعلومات ،كما تم العتراف ،علععى مسععتوى المنطقععة باقتصععاد
السوق ،والنفتاح على التجارة والسععتثمار الععدوليين ،بصععفتها
أفضل الطرق لتحقيق التنمية … إل أن الشععرق الوسععط ُ ،يعتععبر
صععته فععي التجععارة العالميععة
خاسرا نسبيا في سباق العولمععة ،فح ّ
في تدهور مستمر .
طععات الفضععائية والنععترنت ،وأخيععرا بفضل أجهزة الفيديو والمح ّ
وليس آخرا .فمن المحتمل جدا ،أن يرتدي المتظاهرون فععي رام
ال أو طهران ،بنطلونات وأحذية من إنتاج أمريكي .
* بقولهم هذا ،يكشف رواد العولمة ودعاتها ،عن الوجه القذر
لها ولغاياتها ،بشقّيها الثقافي والقتصادي ،فغايات العولمة هي
:
أول :مسخ الهوية العربية والسلمية بشكل خاص ،والشععرقية
بشععكل عععام ،باسععتهلك الثقافععة المريكيععة ،عععن طريععق وسععائل
العلم المختلفة .
ثانيا :ومن ثم جعل جميع دول العالم سععوقا مفتوحععة ،للمنتجععات
المريكية بمختلف أنواعها ،بإجبار الحكومات على رفع القيود ،
التي ُوضعت لحماية ودعم الصناعات الوطنية .
483
إذ ليععس هنععاك أي أهميععة ُتععذكر لععدى رواد العولمععة ،بالنسععبة
لتظعععاهرك ضعععد إسعععرائيل وأمريكععا ،وحععرق أعلمهعععا وصعععور
زعمائها ،بما أنك تععدعم فععي نفععس الععوقت ،اقتصععاد الععدولتين ،
باسععتهلك منتجاتهمععا ،ممععا ُيسععاهم بزيععادة النمععو القتصععادي
فيهما ،وأمريكا سيطرت على العالم اقتصاديا ،وبذلك تمّكنت من
السيطرة عليه عسكريا .
انهيار تحالف حرب الخليج :
على المستوى الدولي ،ما زالت هيمنة أمريكا القليمية علععى مععا
كععانت عليععه ،إل أن هنععاك تصععاعدا ،فععي عععزم القععوى الخععرى
وقدرتها ،على التأثير في مجرى الحداث في الشععرق الوسععط ،
خصوصا باتجاه إعاقة السياسة المريكيععة فععي المنطقععة .ويععبرز
في هذا المجال ثلثة لعبين مهمين :
روسيا :أصعبحت روسعيا أكعثر قوميعة خلل العقعد الماضعي ،
وازدادت شكوكها فيما يتعلق بعلقاتها مع الوليععات المتحععدة …
لكنها أصبحت من جديد ،لعبا ُمثيرا للمشععاكل … دأبععت روسععيا
على تقويض جهود المم المتحععدة ،الراميععة إلععى السععيطرة علععى
التسلح وفرض العقوبععات ،حععتى أن الرئيععس الروسععي مععؤخرا ،
أثنى بنفسه على التعاون التام بين موسكو وبغداد .لم ُتبِد روسيا
تعاونا ُيذكر ،مع مساعي الوليات المتحدة المدعومععة بععدولرات
المسععاعدات ،للحيلولععة دون انتشععار أسععلحة الععدمار الشععامل ،
وتكنولوجيعععا الصعععواريخ ،معععن روسعععيا إلعععى الشعععرق الوسعععط
وخصوصا إلى إيران .
الصين :فالصععين ،تمتلععك القععدرة علععى تغييععر ميععزان القععوى
القليميععة ،بتزويععد دول فععي المنطقععة ،بتكنولوجيععا الصععواريخ
484
وأسلحة الدمار الشامل .في الوقت الععذي تسععتطيع الصععين فيععه ،
أن تصععبح قععوة إيجابيععة بالنسععبة لنمععو اقتصععاد العولمععة ،إذا مععا
واصلت فتح أسواقها ،وخصخصة اقتصادها .
أوروبا :على سبيل المثال لعبت الدول الوروبية ،دورا مهما
في تسهيل الدبلوماسية الهععادئة ،بيععن إسععرائيل والفلسععطينيين .
وفععي تععأمين التمويععل السععخي للسععلطة الفلسععطينية بعععد عععام
1993م .وفععي فععرض منععاطق حظععر الطيععران ،شععمال وجنععوب
العراق .إن مما ُيؤسف له ،أن فرنسا قد أصبحت العقبة الكععبرى
،في طريق تحقيق التنسععيق المريكععي الوروبععي ،حععول الكععثير
مععن قضععايا الشععرق الوسععط ،خصوصععا تلععك المتعلقععة بالعمليععة
السلمية ،والسياسة الُمتبعة إزاء العراق .
على خلفية هذا الطار الستراتيجي ،نعتقد بأن الشرق الوسط ،
مرشح لن يكععون منطقععة مضععطربة ،خلل فععترة وليععة الرئيععس
المريكي الجديد .سيتغذى بعض ذلك الضطراب ،علعى مشعاعر
عدم الرضا والرغبة في تحقيق الوحدة ،والمععور غيععر المنجععزة
في النزاع العربي السرائيلي .كما أن بعضا منععه ،سععوف يتولععد
نتيجععة التغييععرات البركانيععة الععتي تنتظععر إيععران .وسععوف ينتععج
بعضه الخر عن ردود الفعل المترتبة ،على عودة انبعاث صععدام
حسين .
يحتععاج الرئيععس المريكععي الجديععد وكبععار مسععاعديه ،لدراك أن
الشرق الوسط يدخل القععرن الواحععد والعشععرين ،بقيععادة زعمععاء
جدد بل خبرة ،يتولون الزعامة من المحيط الطلسي إلى الخليج
الفارسي ،باقتصاديات راكعدة وبأسععلحة مرعبعة عاليععة التقنيععة ،
لها القدرة على نقععل النزاعععات ،إلععى شععواطئ أمريكععا .إن لجنععة
485
الدراسة الرئيسية ،في معهد واشنطن لسياسععة الشععرق الوسععط
الدنى ،قد وضعت هذا التقرير ،من أجل تقععديم النصععح للرئيععس
المريكععي الجديععد ،حععول الطععرق الكفيلععة بععإدارة هععذه اللحظععة
العاصفة ،على نحو يحمعي مصعالح الوليععات المتحعدة وحلفائهعا
… انتهى القتباس .
بنود هذا التقريععر اليهععودي المقعّدم للرئيععس المريكععي واضععحة ،
وربمعععا ل تحتعععاج لتعليعععق ،فالمخعععاوف والهعععداف التوراتيعععة
واضععحة ،خلععف مععا يععّدعي اليهععود ،بععأنه مصععالح للوليععات
المتحّدة ،تقضي بتحجيم وتدمير ثلثة قوى ،ذات الخطععر الكععبر
على مسععتقبل الدولععة اليهوديععة فععي المنطقععة ،حسععبما أوضععحته
التفسيرات الجديدة للنبوءات التوراتية ،وهععي روسععيا ) يععأجوج
ومأجوج ( ،والعراق وإيران ) مادي وفارس وبابععل وأشععور ( ،
كافععة الععدول ذات التععوجه السععلمي ،الععتي يسععمونها بالراعيععة
للرهاب ) خوفا من إحياء الخلفة السلمية ( .
والسؤال المطروح بعد الطلع علععى هععذا التقريععر :لمععاذا يشععغل
العراق المساحة الكبر ،في مفردات صحيفة برتوكولت حكمععاء
صهيون الجديدة ،المسّماة بتقرير معهد واشنطن ؟!
ونختععم هعذا الفصعل ،بقععول لظفعر السعلم خعان ،صعاحب كتععاب
) تعاليم التلمعود ( " :وقعد سعاعدت كراهيعة بريطانيعا العميعاء ،
وغعععدرها بعععالعرب والمسعععلمين ،ووجعععود النزععععة الصعععليبية
الخاطئة ،لدى البلدان الوربية وأمريكا ،على نجاح المخططععات
الصهيونية ،وغزو البلدان العربية في الحرب العالميععة الولععى ،
فنرى القائد الفرنسي ) غععورو ( الععذي فتععح دمشععق يقععول ،وقععد
عدنا يععا صععلحوضع قدمه على قبر صلح الدين " :ها نحن قد ُ
486
الدين ! " ،والجنرال النجليزي ) اللنبي ( عند دخوله القععدس ،
يقول أمام كنيسة القيامة " :اليوم ،انتهت الحروب الصععليبية "
.
قال تعالى
ن
ن َءاَمُنععوا ،اْلَيُهععوَد َ ،واّل عِذي َ ع عَداَوًة ِلّل عِذي َ
س َش عّد الّنععا ِ ن َأ َ ) َلَتجِ عَد ّ
ن َقععاُلوا ِإّنععا
ن َءاَمُنععوا اّلعِذي َن َأْقَرَبُهعْم َمعَوّدًة ِلّلعِذي َ
جعَد ّ
شعَرُكوا َ ،وَلَت ِ َأ ْ
ن )82 سَتْكِبُرو َ ن َوُرْهَباًنا َوَأّنُهْم َل َي ْ سي َ سي ِن ِمْنُهْم ِق ّ
ك ِبَأ ّصاَرى َذِل َ َن َ
المائدة (
487
دسة تأمر اليهود بتدمير
الكتب المق ّ
أصحاب البعث
احتل العراق مساحة شاسعععة فععي التقريععر السععابق ،لن التععوراة
ُتخبر اليهود صراحة ،بأن العراقيون هم أصحاب البعث الثععاني .
وتوصععيهم وتعأمرهم كععذلك ،بتعدمير الععراق ،بعععد ععودتهم معن
الشععتات لفلسععطين فععي المععرة القادمععة ،لقامععة دولتهععم الثانيععة ،
وُتحّرضععهم وتحّثهععم بععأّل يعّدخروا جهععدا ،مععن أجععل إعععادته إلععى
العصر الحجري ،حتى ل يتمّكن أهل بابل ،مععن النبعععاث عليهععم
مرة أخرى ،عندما يأذن ال لهم بذلك .
بعض مقتطفات مننن النصننوص التوراتيننة ،
صر البعث بالعراقيين :
التي تح ُ
موسى :
سفر التثنية " 49 :28ويجلب الرب عليكم أمة من بعيععد ،مععن
ض عليكم كالنسر :50 ،أّمة ] جافية الوجه أقصى الرض ،فتنق ّ
[ يثير منظرها الرعب ،ل تهاب الشيخ ول ترأف بالطفل ) أولععي
بأس شديد ( :51 ،فتستولي على نتاج بهععائمكم ،وتلتهععم غلت
ق لععك قمحععا ول خمععرا ول زيتععا … ، أرضكم حتى تفنوا ،ول ُتب ع ِ
حععتى تفنيععك :52 ،وتحاصععركم فععي جميععع مععدنكم ،حععتى تتهععدم
أسواركم الشامخة الحصينة ،التي وثقتم بمناعتها " … ،
:29 :31لنني واثق أنكم بعد موتي ،تفسععدون وتضععلون عععن
الطريععق الععذي أوصععيتكم بهععا ،فيصععيبكم الش عّر فععي آخععر اليععام
) المرة الثانية تكون في آخر اليام ( ،لنكم تقترفون الشععر أمععام
الرب ،حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيديكم … " .
488
:19 :32فرأى الرب ذلك ورذلهم ،إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه ،
:20وقال :سأحجب وجهي عنهم فأرى ماذا سيكون مصيرهم ؟
إنهم جيل متقلب وأولُد خونة :21 ،ع …ع ،ع لذلك سأثير غيرتهعم
بشعب متععوحش ) أولععي بععأس شععديد ( ،وأغيظهععم بأمععة حمقععاء
] أمة ل تفهمون لغتها [ .
إشعياء :
:3 :10فماذا تصنعون في يوم العقاب ،عندما تقبل الكارثة مععن
بعيد !
" :29 :14ل تفرحي يا كّل فلسطين ) إسرائيل ( ،لن القضيب
الذي ضربك قد انكسر .فانه من أصل تلك الفعى يخرج ُأفعوان ،
وذرّيته تكون ثعبانا ساّما طّيارا … ولععول أّيهععا البععاب ،ونععوحي
أّيتها المدينة ،ذوبي خوفا يا فلسععطين قاطبعة ،لن جيشععا ُمععدّربا
قد زحف نحوك من الشمال … " .
:11 :46أدعععو مععن المشععرق الطععائر الجععارح ،ومععن الرض
البعيدة برجل مشورتي ،قد نطقت بقضائي ،ول بد أن ُأجريه .
ارميا :
:9 :25فها أنا ُأجّند جميع قبائل الشععمال ،بقيععادة نبوخععذ نصععر
عبععدي* ،وآتععي بهععا إلععى هععذه الرض ،فيجتاحونهععا ويهلكععون
جميع سعّكانها ،مععع سععائر المععم المحيطععة بهععا ،وأجعلهععم مثععار
دهشة وصفير ،وخرائب أبدية .
* ) عبدي ( جاءت صفة لنبوخذ نصر في التوراة .
:22 :10اسمعوا ،ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ،مقبل من
الشمال ،ليحّول مدن يهوذا ،إلى خرائب ومأوى لبنات آوى .
489
ب زاحععف مععن الشععمال ،وأّمععة عظيمععة
:22 :6انظروا ،ها شع ٌ
ب من أقاصي الرض ، … ،لمحاربتك يا أورشليم . ته ّ
حزقيال :
ب بكلمته قائل :أّما أنععت يععا ابععن آدم ،
ي الر ّ :19 :21وأوحى إل ّ
طععط طريقيععن لزحععف ملععك بابععل .مععن أرض واحععدة تخععرج فخ ّ
الطريقان ،وفي ترجمة أخرى ] وأنت يا ابععن آدم ،عّيععن لنفسععك
طريقيععن ،لمجيععء سععيف ملععك بابععل ،مععن أرض واحععدة تخععرج
الثنتان [
:22-23 :23وآتي بهم عليك من كل ناحيععة ،أبنععاء البععابليين ،
وسائر الكلدانيين ،ومعهم جميع أبناء أشور .
ع ع يعلععم اليهععود علععم اليقيععن ،أن المبعععوثين عليهععم فععي المععرة
الثانية ،سيخرجون من أرض بابل وأشور ،فالكلدانيون بععابليين
وآشوريون هم سكان العراق القدماء .وبابل مدينة عراقية ،تقع
في وسط العراق إلى الجنوب من بغداد ،وأشور تقع في شماله .
ورغم معرفتهم هذه فهم مسععتمّرون فععي غيهععم وطغيععانهم ،ذلععك
لنهم لم يؤمنوا بععال ول بأنبيععائه سععابقا ولحقععا ،فمعرفتهععم بععه
سبحانه جاءت من خلل آراء كهنتهععم وأحبععارهم .فهععم يأخععذون
مععن التععوراة مععا يوافععق أهععوائهم ،ويععتركون مععا سععواه .أمععا مععا
يؤمنون بععه حقععا فهععو المععال والقععوة .وبمععا أنهععم يملكععون القععوة
والمععال ،وبمععا أن الع قععد كشععف لهععم عععن ُمخططععاته ،بالنسععبة
لحتمية القضاء على وجودهم فععي فلسععطين ،فالحععل لععديهم ليععس
التوبععة والرجععوع إلععى ال ع ) الععذي ل يقيمععون لععه وزنعًا ،نتيجععة
افتراءات زنادقة التلمود عليه ،سبحانه وتعالى عّما يصععفون ( ،
ططات الع وإبطالهععا ،معتمععدين علععى مععا أّلفععه وإنما بمخالفة ُمخ ّ
490
الكهنة من نبوءات خاطئة عن الملك الموعود .وذلك بكل بساطة
ططععات الكهنععة والحبععار القديمععة الجديععدة ، ،من خلل تنفيععذ مخ ّ
التي ُوضعت كحّل لمعضععلتهم المستعصععية مععع الع ،وهععي إبععادة
الكلععدانيين ،ومحععو بابععل الجديععدة عععن الوجععود ،وتحويلهععا إلععى
صحراء قاحلة ،ل تسععكنها إل الثعععالب ،ومععا كععان تصععريح أحععد
كلبهم ) بوش الب ( ،عنععدما قععال ) :بععأنه سعُيعيد العععراق إلععى
العصر الحجري ( ،إل من خلفية توراتية حاقدة .
نبوءة عن دمار بابل في سفر إشعياء
" :1-8 :13رؤيا إشعياء بن آمععوص بشععأن بابععل " :انصععبوا
راية فوق جبل أجعرد ،اصععرخوا فيهععم لوحععوا بأيعديكم ،ليعدخلوا
أبواب ] العتععاة [ … لن الععرب القععدير يسععتعرض جنععود القتععال .
يقبلععون مععن أرض ] بعيععدة [ مععن أقصععى السععماوات ،هععم جنععود
الرب وأسلحة سخطه لتدمير الرض كلها ] .ولولوا [ ،فإن يوم
الرب بات وشععيكا ،قادمععا مععن عنععد الععرب ُمحّمل بالععدمار .لععذلك
ترتخي كل يد ،ويذوب قلب كل إنسان .ينتابهم الفزع ،وتأخذهم
أوجاع ،يتلوون كوالدة ُتقاسي من الم المخاض …
" :9-16 :13ها هو يوم الرب قادم ،مفعما بالقسوة والسععخط
والغضب الشديد ،ليجعععل الرض خرابععا ويبيععد منهععا الخطععاة …
والشمس تظلم عند بزوغها ) كسوف ( ،والقمر ل يلمع بضععوئه
) خسوف ( .وأعاقب العالم على شّره والمنافقين على آثامهم ،
وأضع حّدا لصلف الُمتغطرسععين وُأذّل كبريععاء العتععاة … وُأزلععزل
السععماوات فتععتزعزع الرض فععي موضعععها ،مععن غضععب الععرب
القععدير فععي يععوم احتععدام سععخطه .وتععوّلي جيععوش بابععل ) عبععارة
جيوش بابل ،غير موجودة في الترجمة الخععرى ( حععتى ُينهكهععا
491
التعب ،عائدين إلى أرضهم كأنهم غزال ُمطارد أو غنععم ل راعععي
لهععا .كععل مععن ُيؤسععر ُيطعععن ،وكععل مععن ُيقبععض عليععه ُيصععرع
بالسيف ،وُيمعّزق أطفععالهم علععى مععرأى منهععم ،وُتنهععب بيععوتهم
وُتغتصب نسائهم " .
" :17-22 :13هععا أنععا ُأثيععر عليهععم المععاديين ) اليرانييععن ( ،
الذين ل يكترثون للفضة ول ُيسّرون بالذهب ] ،فتحطم [ قس عّيهم
الفتيعععان ،ول يرحمعععون الولد أو الرضعععع … أمعععا بابعععل مجعععد
الممالك وبهاء وفخر الكلدانيين ،فُتصبح كسدوم وعمورة اللععتين
قلبهما ال .ل ُيسععكن فيهععا ،ول تعمععر مععن جيععل إلععى جيععل ،ول
ينصب فيها بععدوي خيمتععه ،ول ُيربععض فيهععا راع ُقطعععانه .إنمععا
ج البوم خرائبها ،وتلجأ إليها بنععات تأوي إليها وحوش القفر وتع ّ
النعام ،وتتععواثب فيهععا ] معععز الععوحش [ ،وتعععوي الضّععباع بيععن
أبراجها ،وبنات آوى في قصورها الفخمة .إن وقت عقابها بات
وشيكا ،وأيامها لن تطول " .
ن الرب ] سيرحم [ ذرّية يعقوب ،ويصطفي شعب " 1 :14ولك ّ
إسععرائيل ثانيععة ُ ،ويحّلهععم فععي أرضععهم ،فينضععم الغربععاء إليهععم
ويلحقون ببيت يعقوب .وتُمّد شعععوب الرض إليهععم يععد العععون ،
ويصيرون عبيدا لبنععي إسععرائيل ،فععي أرض الععرب ،ويتسعّلطون
علععى آسععريهم وظععالميهم .فععي ذلععك اليععوم ُيريحكععم الععرب ،مععن
عنائكم وشقائكم وعبوديتكم القاسية " .
" :4-23 :14فتسخرون من ملك بابل قائلين " :كيف استكان
طععم الععرب عصععا الظالم وكيف خمدت غضععبته الُمتعجرفععة ؟ قععد ح ّ
المنافق وصولجان الُمتسلطين … حتى شجر السرو وأرز لبنععان
عّمها الفرح ،فقالت " :منذ أن انكسرت شوكتك ،لم يصعد إلينا
492
قاطع حطب " … والذين يرونك ،يحملقععون فيععك ويتسععاءلون :
" أهذا هععو النسععان الععذي زعععزع الرض وهعّز الممالععك ،الععذي
حّول المسكونة إلى مثل القفر ،وقلب ُمدنها ،ولععم ُيطلععق أسععراه
طرحععت بعيععدا عععن ليرجعععوا إلععى بيععوتهم ؟ " … أمععا أنععت فقععد ُ
قبرك ،كغصن مكسور … لنك خّربت أرضك ،وذبحت شعععبك ،
فذرّية فاعلي الثم ،يبيد ذكرها إلى البد .أع عّدوا مذبحععة لبنععائه
جععزاء إثععم آبععائهم ،لئل يقومععوا ويرثععوا الرض فيملئوا وجععه
ب ضععدهم ،وأمحععو البسيطة ُمدنًا .يقول الرب القدير " :إني أه ّ
ل وذري عًة ،وأجعلهععا ميراث عًا للقنافععذ ،من بابل ،اسمًا وبقيًة ونس ً
ت للمياه ،وأكنسها بمكنسة الدمار " . ومستنقعا ٍ
ع دعوة للشماتة والسخرية من بابل بعد سقوطها .ودعوة لعداد
مذبحة لبنائهععا ؛ أول :للنتقععام منهععم لمععا فعلععه آبععائهم سععابقا ،
وثانيععا :لمنعع البنعاء معن تكععرار فعععل البععاء لحقعا ،وتلععك هعي
ُمبّرراتهم لتدمير العراق .
" :29 :14ل تفرحععي يععا كععّل فلسععطين ) إسععرائيل ( ،لن
القضيب الذي ضربك قد انكسر .فانه من أصل تلك الفعى يخععرج
ُأفعوان ،وذرّيته تكون ثعبانا ساّما طّيارا … ولععول أّيهعا البعاب ،
ونوحي أّيتها المدينة ،ذوبي خوفا يا فلسطين قاطبة ،لن جيشععا
ُمدّربا قد زحف نحوك من الشمال … " .
ع وهذا النعص ُيحعذر اليهععود معن الفعرح ،بانكسععار قضعيب بابعل
) أي بانكسار العراق في بادئ المر ( ،لنه في النهاية سينهض
مععن جديععد ،لُينجععز مععا قضععاه ال ع عليهععم .فععاُلفعوان ل محالععة
خارج ،من أصل تلك الفعى ،طععال الزمععان أو قصععر ،وسععينفث
493
سّمه في أجسععادهم عنععد مجيععء الموعععد ،وذريتععه سععتكون أشععد
بأسا وأشد تنكيل .
نبوءة عن دمار بابل من سفر ارميا
جاء هذا النص ،تحت ) ُمسمى النبوءة التي قضى بها الععرب ( ،
والحقيقة أنه وثيقة للثأر وتسديد للحسععاب القععديم لمملكععة بابععل ،
كتبععه كهنتهععم وأحبععارهم ،بعععد أن سععامهم أهععل بابععل فععي المععرة
الولى ،أشكال وألوانا من الذل والهوان والعذاب ،ولععم يسععتطع
أولئك الكهنة ،تقّبل فكرة أن إلههم -الذي أرادوه حسب أهوائهم
،فجعلوه كالعجينة بين أيديهم ُ ،يش عّكلونها كمععا شععاءوا -يتخلععى
عنهم ويسمح لولئك البابلّيون الوثنيون ،بالقضاء علععى حععبيبته
أورشععليم ،وأبنععاؤه وأحبععاؤه وشعععب ال ع الُمختععار .فكععان وقععع
الصدمة شديد عليهم ،حيث أتاهم العذاب من حيث لم يحتسععبوا ،
وكان غاية في البشاعة ،حتى أّنهم شّبهوه في توراتهم ،بعععذاب
قوم لوط ،مما أشعععل نيععران الحقععد والكراهيععة اتجععاه البععابليين ،
التي ما زالت مشتعلة في قلععوبهم إلععى الن ،بعععد أن توارثوهععا ،
جيل بعد جيل .
حفظة التوراة من الحبار والكهنة ،هم أنفسهم مععن كععان سععببا ،
في دمار دولتهععم الولععى ،بفسععادهم وإفسععادهم ،وحثهععم النععاس
على الفساد والفساد ،من حّكام وُمععترفين وعامععة ،وهععم الععذين
كععذبوا وحععاربوا أنبيععاء ال ع والصععالحين مععن النععاس ،وتععآمروا
عليهم وأمروا بقتلهم ،لّما كانوا يأتونهم من عند ال بما ُيخععالف
حسععبانهم ،أنكععروا ذلععك أهواءهم .وعندما وقع مععا لععم يكععن فععي ُ
وأنكروا أنه جاء فععي ُكتبهععم ،وأنكععروا أنععه جععاء مععن عنععد الع ،
ك ِبعَأّنُهْم َقعْوٌم لَ
وأنكععروا أنععه عقابععا لهععم علععى إفسععادهم ) … َذِلع َ
494
ن ) 14الحشععر ( . ك ِبععَأّنُهْم َقععْوٌم َل َيْعِقُلععو َ
ن )َ … (13ذِلعع َ
َيْفَقُهععو َ
فخععروج البععابليين كععان حسععدا مععن عنععد أنفسععهم ،ورغبععة منهععم
للستيلء على كنوزهم ،لذلك كان ل بد لهم من النتقععام منهععم ،
طععوا بععأقلمهم مععا سععتقرأه عندما ُترّد لهم الكّرة مععرة أخععرى ،فخ ّ
لحقا .
أخععبر سععبحانه بععأنه سععيكون لليهععود ،كععّرة علععى أولئك العبععاد
) الكلدانيين ( ،وذلك بهزيمتهم عسكريا في حروبهم معها ،وقد
صل ذلك في كافة حروبها مع العرب ،ومن ضععمنها العععراق ، تح ّ
في بدايات نشوء الدولة اليهودية ،ونسب سبحانه رّد الكرة إلععى
ن ما تّم لهم ذلك ،إل بإذنه ومشيئته نفسه ،لُيذّكرهم وُيؤكّد لهم أ ّ
،مّنا وكرمًا ،وعقابا للعرب على نكوصهم عن دينهم ،وتخليهععم
عن حمععل رسععالتهم ،فمععا مععن مصععيبة تقععع فععي النععاس ،إل مععن
كسب أيديهم ،كما أخبر سبحانه في غير موضع من كتابه العزيز
،بالضافة إلى ما أوردناه سابقا من حكععم إلهيععة ،لعععودة اليهععود
إلى فلسطين .
أّمععا أن الع قععد أمرهععم ،بتععدمير العععراق وإبععادة أهلععه ،وتحويععل
العراق إلعى صعحراء قاحلعة ،تسعكنها الثععالب ،فحاشعا لع ،أن
يععأمر أو ُيحعّرض النععاس علععى الفسععاد فععي الرض ،وهععو الععذي
سيمحو ذكرهععم عععن فلسععطين ،علععى أيععدي العراقييععن أنفسععهم ،
لعظم ما أفسدوه في أرضه ،ولجل الفسععاد ذاتععه ،ولجععل سععفك
دماء البرياء الذي هو أعظم الفسععاد فععي الرض .إذ أنهععم فععور
امتلكهععم للقععوة والسععلطة ،أسععرفوا فععي القتععل والتنكيععل ،أّيمععا
إسععراف ،فععي الرض علععى عمومهععا ،فأصععابعهم ملوثععة بععدماء
ضحايا كافة الحععروب علعى معّر العصععور .ففعي مملكتهععم الولعى
495
أوقعوا القتععل والنهععب والنفععي فععي أبنععاء جلععدتهم ،وفععي دولتهععم
الثانية كّرروا فعلتهم في شعب فلسطين .
ول يغب عن البال أن هذه النص التحريضي ،بمععا يحفععل بععه مععن
مبالغة وتهويل ،وتكرار وتطويل ُ ،كتب بعد السبي البابلي ،قبععل
2500عععام تقريبععا ،كععدعوة للنتقععام مععن بابععل القديمععة ،عنععد
عودتهم من السبي والشعتات إلععى فلسعطين ،وإن كععانت بابععل قعد
وقعععت فعي أيعدي الفععرس قعديما كمععا جععاء فعي التععوراة ،فمملكععة
فارس تقع إلى الشرق من بابل وأشور ،والنبععوءة تقععول أن مععن
سُيدّمرها جمع من الملععوك يجتمعععون عليهععا مععن الشععمال .حععتى
جاءت دولتهم الحالية ،وأخذ يهود هععذا العصععر ،بكععل مععا لععديهم
معععن طاقعععات وإمكانيعععات ووسعععائل ،علعععى ععععاتقهم تنفيعععذ هعععذا
البرنامععج ،الععذي وضعععه لهععم أربععابهم مععن الحبععار والكهنععة
) الحكماء ( .ولو أنك أمعنت النظر في الواقع ،وما مّر بععالعراق
من أحداث ،خلل عشرين سنة ماضية ،تجد أن مرجعية كل تلك
الحداث ،موجودة في هذا النص التوراتي وبالتفصيل .
ع ع وفععي مععا يلععي النععص الكامععل لوثيقععة الثععأر ،والععدعوة لتسععديد
الحساب القديم لبابل الجديدة ،كما جاء في الصحاح ) 51 – 50
( من سفر ارميا ،بما فيها من تكرار وتطويل :
التحريض العلمي :
" النبعععوءة العععتي قضعععى بهعععا العععرب ،علعععى بابعععل وعلعععى بلد
الكلععدانيين ،علععى لسععان ارميععا النععبي :أخِبععروا فععي الشعععوب
وأسععِمعوا وارفعععوا رايععة ،أسععِمعوا ل تخفععوا ،قولععوا :قععد تععم
طععم مععردوخ ) أسععماء الستيلء على بابل ،ولحق ببيل العار وتح ّ
لصنام بابل ( ،خربت أصنامها وانسحقت أوثانها ،لن أمة مععن
496
الشمال ،قد زحفت عليها ،لتجعل أرضها مهجورة ،شععرد منهععا
الناس والبهائم جميعا " .
التنفيذ مرتبط بعودتهم إلى فلسطين :
" وفي تلك اليام ،يقول الرب ،يتوافد بنو إسرائيل وبنعو يهععوذا
معا ،يبكون في سيرهم ويلتمسععون الععرب إلههععم ،يسععألون عععن
جهون إليها قائلين :هلم ننضّم إلى الرب ، الطريق صهيون ويتو ّ
ن شعبي كغنم ضاّلة قععد أض عّلهم رعععاتهم ، بعهد أبدي ل ُينسى ،إ ّ
وشّردوهم على الجبععال ،فتععاهوا مععا بيععن الجبععل والتععل ،ونسععوا
مربضهم ،كععل مععن وجععدهم افترسععهم ،وقععال أعععدائهم :ل ذنععب
ق الرب ،الععذي هععو ملذهععم علينا لنهم ،هم الذين أخطأوا في ح ّ
ق ،ورجاء آبائهم "الح ّ
دعوة لخروج الغرباء من بابل :
" اهربوا من وسط بابل ،واخرجوا من ديار الكلدانيين ،وكونوا
كالتيوس أمام قطيع الغنم ) ،الطلب من جميععع الغربييععن ُمغععادرة
العراق قبل القصف ( فها أنا ُأثير وأجلب على بابل ،حشععود ُأمععم
عظيمععة ) 30دولععة ( ،مععن أرض الشععمال ،فيتععأّلبون عليهععا ،
ويستولون عليها من الشمال ،وتكون سهامهم كجّبار متمّرس ل
يرجع فارغا ) معن الصععيد ( ،فتصععبح أرض الكلععدانيين غنيمععة ،
وكععل مععن يسععلبها ُيتخععم ) عععوائد النفععط ( ،يقععول الععرب .لنكععم
تبتهجون وتطفرون غبطة يععا نععاهبي شعععبي ،وتمرحععون كِعجلعةٍ
ن أّمكععم قععد لحقهععا الخععزي
فععوق العشععب وتصععهلون كالخيععل ،فععإ ّ
الشديد ،وانتابها الخجل ،ها هي ُتضحي أقّل الشعوب ،وأرضها
تصير قفرا جافا وصحراء ،وتظّل بأسرها مهجورة وخربة ،كععل
497
من يمّر ببابل ُ ،يصيبه الذعر ويصفر دهشة ،لما ابتليت بععه مععن
نكبات " .
تحريض على تدمير بابل :
" اصطّفوا على بابل من كل ناحية ،يا جميع موتري القععواس ،
ارموا السهام ول تبقوا سهما واحدا ،لنها قععد أخطععأت فععي ح ع ّ
ق
الععرب ) لنهععا أنزلععت بهععم العقععاب اللهععي فععي المععرة الولععى ( ،
أطلقوا هتاف الحرب عليها مععن كععل جععانب ) طبععل وزمععر العلم
الغربععي قبععل بععدء الحععرب ( ،فقععد استسععلمت ) لقععرارات مجلععس
المن ( وانهارت أسسها وتقوضت أسوارها ) البنية التحتيععة ( ،
لن هععذا هععو انتقععام الععرب ) بععل هععو انتقععامهم ( ،فاثععأروا منهععا
) تحريض ( ،وعاملوها بمثععل مععا عععاملتكم ،استأصععلوا العّزارع
من بابل ،والحاصد بالمنجل في يوم الحصاد ،إذ يرجع كل واحد
إلى قومه ،ويهرب إلى أرضه فرارا من سيف العاتي " .
دوافع النتقام :
" إسرائيل قطيع غنم مشّتت ،طردته السععود ،كععان ملععك أشععور
شم عظامه ) كععان هععذا خر من ه ّ أوّل من افترسه ،ونبوخذ نصر آ ِ
واقع حال الكهنة ،عند كتابة هذه الوثيقة ،موضحين دوافع هععذا
التحريض ( ،لذلك هذا ما ُيعلنه الرب القدير إله إسرائيل :ها أنا
ُأعاقب ملك بابل وأرضه ،كما عاقبت ملك أشور مععن قبععل ،وأرّد
إسرائيل إلى مرتعه ،فيرعى في الكرمل وباشان ،وتشععبع نفسععه
في جبل أفرايم وجلعاد .وفي ذلك الزمان والوان ) المستقبل ( ،
يقول الرب ) وما هو بقوله ( ُ :يلتمععس إثععم إسععرائيل فل يوجععد ،
وخطيئة يهوذا فل تكون ،لنعي أعفعو عمعن أبقيتعه منهمععا ) فعي
المرة الثانية بعد السبي البابلي ( " .
498
تحريض مستمر:
" ازحف على أرض ميراثايم ) الجّبار المتمّرد ،أي ملك بابل ( ،
خعّرب ودمّععر وعلى المقيمين في فقععود ) أرض العقععاب ،بابععل ( َ
وراءهم ) أثنععاء فرارهععم ( ،يقععول الععرب ،وافعععل حسععب كععل مععا
ت جلبعة القتععال فععي الرض ) علععى مععرآى معن عَلع ْ
آمرك بعه .قععد َ
ي وُمباشر ( ،صوت تحطيم عظيم ) دوي القنابل العالم في بث ح ّ
طمععت بابععل ،مطرقععة الرض كلهععا ؟ قععد ( ،كيععف تكس عّرت وتح ّ
ت فيععه يععا بابععل ) تععورطت فععي الحععرب نتيجعة ت الشرك فوقع ِ نصب ُ
ض
ت ( وُقبع َ مؤامرة ( ،من غيعر أن تشععري ،قعد ُوجعّدت ) ُأخعذ ِ
ب ،قععد فتععح الععرب ) أمريكععا الععتي عليععك ،لّنععك خاصععمت الععر ّ
يعبدون ( مخزن سلحه ،وأخرج آلت سخطه ) التعبير هنا أكثر
دقة وبمصطلحات حديثة ( ،لنععه مععا بععرح للسععيد الععرب القععدير ،
عمل ُينجزه في ديار الكلدانيين ) حربيععن مععدّمرتين وحصععار ومععا
زال فععي جعبتهععم أكععثر ،لحقععا ( ،ازحفععوا عليهععا مععن أقاصععي
الرض ،وافتحععوا أهراءهععا ،وكّوموهععا أعرامععا واقضععوا عليهععا
قاطبععة ،ول تععتركوا منهععا بقيععة ) ،نهععب ثرواتهععا وخيراتهععا ( ،
اذبحوا جميع ثيرانها ،أحضروها للذبح ،ويل لهم لن يوم موعد
عقابهم قد حان " .
اسنننتخدام وسنننائل العلم فننني الطبنننل
والزمر ) تكرار ( :
" اسمعوا ها جلبة الفاّرين الناجين ،من ديععار بابععل ليععذيعوا فععي
صهيون ،أنباء انتقام الرب إلهنا والثععأر لهيكلععه ،اسععتدعوا إلععى
خري السععلح ( ، بابل رماة السهام ،جميععع مععوتري القسععي )ُمععذ ّ
عسععكروا حولهععا فل ُيفلععت منهععا أحععد ) الحصععار ( ،جازوهععا
499
بُمقتضى أعمالها ،واصععنعوا بهععا كمععا صععنعت بكععم ،لنهععا بغععت
على الرب قّدوس إسرائيل ،لذلك ُيصرع ش عّبانها فععي سععاحاتها ،
ويبيد في ذلك اليوم جميع جنودها ،يقول الرب .هععا أنععا ُأقاوم عكِ
أيتها المتغطرسة ،يقول الرب القدير ،لن يععوم إدانتععك ،وتنفيععذ
العقاب فيك قععد حععان ،فيتعّثععر الُمتغطععرس ويكبععو ،ول يجععد مععن
ُينهضه ،وُأضرم نارا في ُمدنه فتلتهم ما حوله " .
دوافع النتقام ) تكرار ( :
" وهذا ما يعلنه الرب القدير :قد وقع الظلم على شعب إسععرائيل
) عقابهم من قبل بابعل كعان ظلمعًا لهعم ( ،وعلعى شععب يهعوذا ،
وجميع الذين سبوهم وتشّبثوا بهم ولم يطلقوهم ،غير أن فاديهم
قوي ،الرب القدير اسمه ،وهو حتما ُيدافع ععن قضعيتهم ،لكععي
ُيشععيع راحععة فععي الرض ،وُيقلععق أهععل بابععل .هععا سععيف علععى
الكلدانيين ،يقول الرب وعلى أهل بابل ،وعلععى أشععرافها وعلععى
حكامها " .
طبيعنننة العقنناب النننذي يأمنننل اليهننود أن
يوقعوه في بابل وأهلها :
" ها سيف علععى عّرافيهععا فيصععبحون حمقععى ،وهععا سععيف علععى
ُمحاربيها فيمتلئون رعبا .ها سيف على خيلها وعلى مركباتها ،
وعلى ِفرق ُمرتزقتها فيصيرون كالنساء ،ها سيف على كنوزهععا
حّر على مياهها فُيصععيبها الجفععاف ) بسععبب ضععربة فُتنهب ،ها ال َ
نووية قادمة ( لنهععا أرض أصععنام ،وقععد ُأولععع أهلهععا بالوثععان .
لذلك يسكنها وحععش القفععر مععع بنععات آوى ،وتععأوي إليهععا رعععال
النعام ،وتظّل مهجورة إلى البد .غير آهلععة بالسععكان إلععى مععدى
الدهر .وكما قلب ال سدوم وعمععورة ومععا جاورهمععا ،هكععذا لععن
500
يسكن فيها أحد ،أو يقيم فيها إنسععان ) وهععذا مععا يصععبون إليععه ،
ولن يهدأ لهم بال حتى يحققوه ( " .
العنندوان الثلثيننني لتنندمير بابننل وإسننقاط
نظام الحكم فيها :
ف مععن الملععوك" ها شعب ُمقبل من الشععمال ،أّمععة عظيمعٌة ولفيع ٌ
) العدوان الثلثيني ( ،قععد هّبععوا مععن أقاصععي الرض ،يمسععكون
ي ويتقّلدون بالرماح ُ ،قسععاة ل يعرفععون الرحمععة ،جلبتهععم بالقس ّ
كهععدير البحععر ،يمتطععون الخيععل وقععد اصععطفوا كرجععل واحععد ،
لمحاربتك يا بنت بابل ) بابل الجديدة هي بنت بابععل القديمععة ،أي
الععراق ( ،قعد بلعغ خعبرهم ملعك بابعل ،فاسعترخت يعده وانتعابته
ض عليهاالضيقة ،ووجع امرأة في مخاضها .انظر ،ها هو ينق ّ
ض أسععد مععن أجمععات نهععر الردن ،هكععذا وفععي لحظععة ،كمععا ينقع ّ
أطردهم منهععا ،وُأولععي عليهععا مععن أختععاره ) قلععب نظععام الحكععم ،
وإسععقاط الرئيععس ،وتوليععة مععن يرضععون عنععه ( .لنععه مععن هععو
نظيري ؟ ومععن ُيحععاكمني ؟ وأي راع يقععوى علععى مواجهععتي ؟ "
) من منطلق العنجهية والقوة العمياء ( .
قصف بابل بالقنابل التوراتية :
ططععه ودّبععره
ب ضّد بابل ) بععل مععا خ ّططه الر ّ " لذلك اسمعوا ما خ ّ
عميان القلب والبصيرة ،من كهنتهم وأحبارهم الحاقدين ( ،وما
دّبره ضد ديار الكلدانيين ،هععا صععغارهم ُيجعّرون جعّرا ،وُيخعّرب
سقوط ) القنابل التوراتية على مساكنهم عليهم .من دوي أصداء ُ
( بابل ترجف الرض ،ويترّدد صراخها بين المم " .
" وهذا ما ُيعلنه الرب ) أربابهم ( :ها أنا ُأثير على بابل ،وعلى
الُمقيميععن فععي ديععار الكلععدانيين ريحععا ُمهلكععة ،وأبعععث إلععى بابععل
501
ُمذّرين ُيذّرونها ،ويجعلون أرضها قفععرا ،وُيهاجمونهععا مععن كععل
جععجخر ( الرامععي قوسععه وليتد ّجانب في يوم بلّيتهععا .ليععوتر ) ُيععذ ّ
بسلحه ) لتلقي طائراتهم كل حمولتها فوق بابل ( ،ل تعفوا عن
شّبانها ،بل أبيدوا كل جيشععها إبععادة كاملععة ،يتسععاقط القتلععى فعي ُ
أرض الكلعععدانيين ،والجرحعععى فعععي شعععوارعها ) معععن المعععدنيين
ب القدير ،وإن تكععن طبعا ( ،لن إسرائيل ويهوذا لم ُيهملهما الر ّ
ض بالثم ضعّد قعّدوس إسععرائيل ) ربهععم معهععم دائمععا أرضهما تفي ُ
حتى لو وصل إفسادهم عنان السماء ( " .
دعوة لخروج الغرباء من بابل ) تكرار ( :
ج كل واحد بحياته ،ل تبيععدوا مععن " اهربوا من وسط بابل ،ولين ُ
جراء إثمها ) دعوة للجاليات الغربية لمغادرة العراق ( ،لن هذا
هععو وقععت انتقععام الععرب ) الععوقت الععذي حععدده جععورج بععوش ( ،
وموعععد ُمجازاتهععا ) تصععفية الحسععاب القععديم قبععل 2500عععام
تقريبا ( ،كانت بابل كأس ذهب فععي يععد الع ) الععثروة والقععوة ( ،
جّنععت
فسكرت الرض قاطبة ،تجّرعت المم مععن خمرهععا ،لععذلك ُ
طمععت ،فولولععوا عليهععا ،خععذواالشعوب .فجأة سقطت بابل وتح ّ
بلسما لجرحهععا لعلهععا تععبرأ ُ .قمنععا بمععداواة بابععل ) حععرب الخليععج
الولى ،وضرب المفاعل النووي ( ،ولكن لم ينجع فيهععا علج )
إذ قععامت بالتهديععد بحععرق نصععفها حععال اعتععدائها علععى أي بلععد
ض كععل واحععد منععا إلععى أرضععه ،لن عربععي ( .اهجروهععا وليم ع ِ
قضاءها قد بلغ عنان السماء ،وتصاعد حتى ارتفع إلى الغيععوم )
تهديدها لدولة الفاعي مرارا وتكرارا ( " .
502
تحريض اليرانيين على تدمير بابل :
" قد أظهر الرب بّرنا ،فتعععالوا لُنععذيع فععي صععهيون ،مععا صععنعه
الرب إلهنا .سّنوا السهام وتقّلعدوا العتروس ،لن العرب قعد أثعار
طععد العععزم علععى إهلك روح ملوك المععاديين ) اليرانييععن ( ،إذ و ّ
بابل ،لن هذا هععو انتقععام الععرب ،والثععأر لهيكلععه .انصععبوا رايععة
علعععى أسعععوار بابعععل ،شعععّددوا الحراسعععة ،أقيمعععوا الرصعععاد
) الجواسععيس والعملء ( أعععدوا الكمععائن ) المععؤامرات ( ،لن
طط وأنجز ما قضى به على أهل بابععل ،أيتهععا السععاكنة الرب قد خ ّ
إلى جوار المياه الغزيععرة ،ذات الكنععوز الععوفيرة ،إن نهايتععك قععد
أزفت ،وحان موعد اقتلعك ،قد أقسم الرب القدير بذاته ،قععائل
:لملّنك ُأناسا كالغوغاء فتعلوا جلبتهم عليك " .
بقدرة الرب القدير سيتم تدمير بابل :
سس الععدنيا بحكمتععه ،وم عّد
" هو الذي صنع الرض بقدرته ،وأ ّ
السععماوات بفطنتععه ،مععا إن ينطععق بصععوته ،حععتى تتجمععع غمععار
الميععاه فععي السععماوات ،وتصعععد السععحب مععن أقاصععي الرض ،
ئ خامل ويجعل للمطر بروقا ،وُيطلق الريح من خزائنه ،كل امر ٍ
ي مععن تمثععاله ،لن صععنمهوعععديم المعرفععة ،وكععل صععائغ خععز َ
المسععبوك كععاذب ول حيععاة فيععه ،جميععع الصععنام باطلععة وصععنعة
ضلل ،وفي زمن عقابها تبيععد .أمععا نصععيب يعقععوب فليععس مثععل
هذه الوثان ،بل جابععل كععل الشععياء .وشعععب إسععرائيل ميراثععه ،
واسمه الرب القدير ،أنت فأس معركتي وآلة حربعي ،بعك ُأمعّزق
طم ممالععك ،بععك أجعععل الفععرس وفارسععها أشععلء ، المم إربا وُأح ّ
طععم الرجععل والمععرأة ،والشععيخ
شم المركبة وراكبهععا ،بععك ُأح ّوأه ّ
503
والفعععتى والشعععاب والععععذراء ،بعععك أسعععحق الراععععي وقطيععععه ،
والحارث وفّدانه والحّكام والولة " .
خطيئة بابل في حق صهيون :
" سُأجازي بابل وسائر الكلدانيين علععى شعّرهم ،الععذي ارتكبععوه
في حق صهيون ،على مرأى منكم ،يقول الععرب .هععا أنععا أنقلععب
عليك أيها الجبل المخّرب ،أنت ُتفسد كل الرض ،لذلك أمّد يععدي
عليك ،وأدحرجك من بين الصخور ،وأجعلك جبل محترقععا ،فل
ُيقطع منك حجعر لزاويعة ،ول حجعر ُيوضععع لسعاس ،بعل تكعون
خرابا أبديا ،يقول الرب " .
تحريض المم والممالك علننى تنندمير بابننل
) تكرار ( :
" انصبوا رايًة في الرض ،انفخوا في البوق بين المم ) وسائل
العلم الغربيععة ( ،أثيععروا عليهععا الم عَم لقتالهععا ،وأّلبععوا عليهععا
ك أراراط ومّني وأشكناز ) تركيا وما حولها ( ،أقيموا عليها ممال َ
ب الشرسععة . قائدًا ،اجعلوا الخيل تزحف عليها ،كجحافِل الجنععاد ِ
ك الماديين ) اليرانيين ( ،وكل حّكععامهم أثيروا عليها المَم وملو َ
وولتهععم وسععائر الععديار الععتي يحكمونهععا ) إمبراطوريععة فععارس
ض ترتجف وتقشعّر ،لن قضاء الرب علعى بابععل القديمة ( .الر ُ
يتّم ،ليجعل أرض بابل خرابا وقفرا " .
أهل بابل بيدر ،أزف موعد حصاده في 16
– 1991 – 1م :
" قد أحجم ُمحاربو بابععل الجبععابرة عععن القتععال ،واعتصععموا فععي
معاقلهم ،خارت شجاعتهم وصاروا كالنسععاء ،احععترقت مسععاكن
504
طمععت مزاليجهععا ،يركععض ع عّداء لملقععاة ع عّداء آخععر ، بابععل وتح ّ
وُيسرع ُمخبر للقاء ُمخععبر ،لُيبلععغ ملعك بابععل أن مععدينته ،قععد تععم
الستيلء عليها ،من كل جانب ،قععد سععقطت المعععابر ،وُأحرقععت
أجمات القصب بالنار ،واعترى المحععاربين الععذعر ،لن هععذا مععا
ن أهل بابل كالبيدر ،وقععد حععان ُيعلنه الرب القدير إله إسرائيل :أ ّ
أوان درس حنطته ،وبعد قليل يأزف موعد حصادهم " .
دوافع النتقام ) تكرار ( :
" يقععول المسععبيون " :قععد افترسععنا نبوخععذ نصععر ملععك بابععل ،
وسععحقنا وجعلنععا إنععاًء فارغععا ،ابتلعنععا كتّنيععن ،ومل جععوفه مععن
حّل ببابل
أطايبنا ،ثم لفظنا من فمه " .يقول أهل أورشليم " :لي ُ
ما أصابنا ،وما أصاب لحومنا من ظلم " ،وتقعول أورشعليم " :
دمي على أهل أرض الكلععدانيين " ) مطالبععة بالثععأر مسععتقبل مععن
الجيال القادمة ( .
الكيفية التي تم بهنا إشننعال حنرب الخليننج
الثانية :
" لذلك هذا ما ُيعلنه الرب :ها أنا ُأدافع عن دعواك وانتقععم لععك ،
فأجفف بحر بابل وينابيعها ،فتصير بابل ركامععا ،ومععأوى لبنععات
صل لهم ذلك آوى ،ومثار دهشة وصفير وأرضا موحشة ) سيتح ّ
في حال ضرب العراق نوويا ،وهو ما ُيفّكرون به حاليا ( ،إنهععم
يععزأرون كالسععود ،وُيزمجععرون كالشععبال ) ،أي العراقيععون ،
وهععذا مععا ُيغيععظ تلععك الفئران ،الععتي ترتعععد فرائسععها ،وتصععطك
أسنانها هلعا وجزعا ،عند سماعها للتهديدات العراقيععة ( ،عنععد
شبعهم ُ ،أعّد لهم مأدبة ) دولععة الكععويت ،وحكامهععا باسععتجابتهم
لبالسة المكععر والععدهاء جعلععوا منهععا مأدبععة ( ،وُأسععكرهم حععتى
505
تأخععذهم نشععوة ) الغعراء والمديعح لحكعام العععراق ،باسعتجابتهم
للفريق الثاني من البالسة ( ،فيناموا نوما أبععديا ل يقظععة منععه ،
يقعععول العععرب .وُأحضعععرهم ) العراقييعععن ( كعععالحملن للذبعععح ،
وكالكباش والتيوس " .
عع وكل الفريقيععن وبقيععة الععدول العربيععة ،بعلععم ومععن غيععر علععم ،
وقعوا في الفخ الذي ُنصععب لهععم ،وكلهععم ملععومين بل اسععتثناء ،
ومن يضع اللوم على فريععق دون الخععر ،فقععد جععانبه الصععواب ،
فكل عربي كان له دور في المؤامرة ،ونف عّذه علععى أكمععل وجععه ،
وكلٌ أخذ نصععيبه فععي تأجيععج نععار الفتنععة .وفععي المحصععلة ُنهبععت
ثروات المة ،واستخدمت لشباع بعضا من الرغبة اليهودية في
النتقام من بابل ،ولديهم مزيععد ،فتععوراتهم تععأمرهم بععأّل يععتركوا
العععراق ،حععتى يعععود إلععى " العصععر الحجععري " ،كمععا صععرح
الرئيععس المريكععي آنععذاك ،وأقصععى أمععانّيهم ،هععي اختفععاء أي
مظهر من مظاهر الحياة فععي العععراق ،خوفععا مععن تكععرار كععابوس
السعععبي البعععابلي ،العععذي معععا زال يعععؤرق أجفعععانهم ،ويقععع ّ
ض
مضاجعهم ،ما دام هناك عععراق قععوي ُ ،يه عّدد وجععودهم ،وقععادر
على الوصول إليهم .
المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنننونه
لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا :
ي على بابل ! كيف سقطت فخر كل الرض ! كيععف " كيف اسُتول َ
صارت بابل مثار دهشة بين المم ! قععد طغععى البحععر علععى بابععل ،
فغمرها بععأمواجه الهائجععة ،وأصععبحت ُمععدنها موحشععة ،وأرض
قفعععر وصعععحراء ،أرض ل يعععأوي إليهعععا أحعععد ،ول يجتعععاز بهعععا
ب الصنم بيل فععي بابععل ،وأسععتخرج مععن فمععه مععا إنسان ،وأعاق ُ
506
ابتلعععه ) ،نهععب ثععروات العععراق تعويضععا عععن كنععوز الهيكععل ( ،
فتكفّ المم من التوافد إليه ،وينهدم أيضا سور بابل " .
ع ل بد لهم ،من ضرب العراق بععالنووي ،عععاجل أم آجل ،حععتى
يتمكنوا من تحقيق هذا الحلععم التععوراتي ،فالسععلحة التقليديععة لععم
ي اليهودي من اسععم بابععل وأشععور ، ضُّتجدي نفعا ،والرعب المَر ِ
كما هو واضح من هذه النصوص ،ليععس لععه علج إل محععو هععذا
البلد بأهله ،عن الوجود وإلى البد ،وهذا ما ُيصّرحون به ،في
هععذه النصععوص ،ومععن معرفتععك بطبيعععة العلج الععذي يصععفونه
لنفسععهم ،تسععتطيع التعععرف علععى خطععورة الحالععة المرضععّية
المستعصية ،التي ُيعانون منها ،وخطورة ما قععد ُيقععدمون عليععه
مستقبل في حق العراق .
دعننوة أخننرى لخننروج الغربنناء مننن بابننل
) تكرار ( :
" اخرجوا من وسطها يععا شعععبي )لععذلك لععم يبععدأ العععدوان إل بعععد
خروج رعايا الدول المعتديععة ،والنيععة كععانت تععدمير العععراق عععن
ج كعل واحعد بحيععاته ،هربعا بكرة أبيه ،لو ُأتيح لهم ذلك ( ،ولينع ُ
من احتدام غضب الرب ،ل تخّر قلوبكم ول تفزعوا ،ممععا يشععيع
في الديار من أنباء ،إذ تروج شائعة في هذه السنة ،وُأخرى في
السععنة التاليععة ،ويسععود العنععف الرض ،ويقععوم ُمتسععّلط علععى
ُمتسّلط .لذلك ها أيام ُمقبلة ُ ،أعاقب فيهععا أصععنام بابععل ،ويلحععق
العار بأرضها كلها ،ويتساقط قتلها في وسععطها ،عنععدئذ تتغنععى
بسقوط بابل ،السماوات والرض وكل مععا فيهععا ،لن الُمععدّمرين
يتقاطرون عليها من الشمال ،يقول الرب " .
507
المستهدف هو شعب بابل :
" كما صرعت بابل قتلى إسرائيل ،هكذا ُيصععرع قتلععى بابععل فععي
كل الرض ) السن بالسن والعين بالعين ( ،يا أّيها النععاجون مععن
السيف ،اهربوا ل تقفوا ،اذكروا الععرب فععي مكععانكم البعيععد ،ول
ي لننععا اسععتمعنا
تبرح أورشععليم مععن خععواطركم .قععد لحقنععا الخععز َ
للهانععة ،فكسععا الخجععل وجوهنععا ) إسععاءة الععوجه ( ،إذ انتهععك
الغرباء ) أي البابليون ( مقادس هيكل الرب ) بعدما حّوله الكهنة
إلعععى بورصعععة ،للتبعععادلت التجاريعععة الربوّيعععة ،حسعععبما ذكعععر
أنبياؤهم ( " .
" لذلك ها أيام ُمقبلة ،يقول الرب ُ ،أنّفذ فيها قضائي على أصنام
ن جرحاهععا فععي كععل ديارهععا ،وحععتى لععو ارتفعععت بابععلبابععل ،ويئ ّ
صنت معاقلهععا الشععامخة ،فععإنّ فبلغت عنان السماء ،وحتى لو ح ّ
الُمدّمرين ينقضون عليها من عندي ،يقول الرب " .
المصير المرعب الذي كان اليهننود يتمنننونه
لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا ) تكرار
(:
" ها صوت صراخ يترّدد في بابععل ،صععوت جلبععة دمععار عظيععم ،
من أرض الكلدانيين ،لن الرب قد خّرب بابل ،وأخععرس جلبتهععا
جاجععة ،وعل العظيمة ،إذ طغت عليها جحافل أعدائها ،كميعاه ع ّ
ضععجيج أصععواتهم ،لن الُمععدّمر قععد انقععض علععى بابععل ،وأس عرَ
ُمحاربيهععا ،وتكسععرت كععل قس عّيها ) أسععلحتها ( ،لن الععرب إلععه
ُمجازاة ،وهو حتما ُيحاسبها ،إنععي ُأسععكُر رؤسععاءها وحكماءهععا
ومحاربيها ،فينامون نومععا أبععديا ل يقظععة منععه ، … ،وهععذا مععا
ُيعلنه العرب القععدير :إن سعور بابععل العريعض ُ ،يقعّوض وُيسعّوى
508
بالرض ،وبّواباتها العالية تحترق بالنار ،ويذهب تعب الشعوب
باطل ،ويكون مصير جهد المم للنار " .
" وكععان ارميععا قععد دّون فععي كتععاب واحععد ،جميععع الكععوارث الععتي
س عُتبتلى بهععا بابععل ،أي جميععع النبععوءات المدّونععة عععن بابععل ،
) وأرسله ارميا إلى بابل وقال لحامله ( " :حالما تصل إلى بابععل
،اعمل على تلوة جميع هذه النبوءات ،وقعل :أيهعا العرب ،قعد
قضيت على هذا الموضععع بععالنقراض ،فل يسععكن فيععه أحععد مععن
الناس والبهعائم ،بعل ُيصعبح خرابعا أبعديا " ،ومعتى فرغعت معن
تلوة هذا الكتاب ،اربط به حجععرا واطرحععه فععي وسععط الفععرات ،
وقل " :كذلك تغرق بابل ،ول تطفو بعد ،لما ُأوقعععه عليهععا مععن
عقاب ،فيعيا كل أهلها " .
طهععا مؤلفعو التعوراة ،علعى أنهععا ع هذه الوثيقعة المرعبعة الععتي خ ّ
عقوبة ال لبابل ،ما هي إل العقوبة التي تنتظر إسرائيل وأمريكا
مستقبل ،ولكنهم أرادوها لبابل ،ونفّذوا فصععولها فععي العععراق ،
فصل تلو الخر ،وهععم يسعععون الن مععن وراء الكععواليس لتنفيععذ
بقية فصولها .
صفة العقاب اللهي لمريكا :
سبب العقاب اللهي هععو اسععتعلئها وإضععللها لشعععوب الرض ،
وما أوقعته من ظلم بهم .ودمارها سيأتي من الشمال .من خلل
تحععالف عععدة دول ،وبضععربات نوويععة كثيفععة ومفععاجئة .تتسععبب
بدمار عظيععم وحععرائق وجفععاف ،ومععن ثععم طوفععان عظيععم يجتععاح
أراضععيها ،ليتركهععا قفععرا أجععرد ل يصععلح للسععكن أبععد الععدهر .
وجيوشها التي كانت قععد خرجععت منهععا ،سععيتم ذبحهععا كععالحملن
والتيوس .
509
نبوءة عن سننقوط بابننل مننن سننفر الرؤيننا
ليوحنا
قلنا في السابق أن إنجيل يوحنا ورؤيععاه ،ل بععد أن تكععون أسععفار
توراتية ،وكان من المفروض أن تكون ُملحقة بالتوراة ،ولكّنها
ُأسقطت في وقت ُمتأخر ،بعد أن تّم التلعب فيها من قبل اليهععود
،فتلقفها النصارى وضّموها إلى النجيل ،أثناء جمعه وتحريفععه
ونسخه ،وليس أدل على ذلك -بالضافة لما تقّدم وأشرنا إليععه -
من تكرار نصوص الوثيقة السابقة من سفر ارميععا فععي التعوراة ،
بنفس الفكار والعبارات تقريبا ،ولكن بدرجععة أقععل مععن المبالغععة
والتهويل والتطويل ،في سفر الرؤيا الملحق بأناجيل النصارى .
" : -1 :18بعد هذا رأيت ملكا آخر ،نازل من السماء ، … ،
وصاح بأعلى صوته " :سععقطت بابععل ،سععقطت بابععل العظمععى ،
وصععارت وكععرا للشععياطين ،ومعأوى لكععل روح نجععس ، … ،ثعم
سععمعت صععوتا آخععر ُ ،ينععادي مععن السععماء " :اخرجععوا منهععا يععا
شعععبي ،لئل تشععتركوا فععي خطاياهععا ،فتصععابوا ببلياهععا ،فقععد
تراكمت خطاياها حتى بلغت عنان السماء ،وتذّكر ال ما ارتكبته
من آثام .افعلععوا بهععا كمععا فعلععت بكععم ،وضععاعفوا لهععا جععزاء مععا
ض عليها البليا فعي يعوم واحعد ،معن معوت اقترفت . … ،ستنق ّ
ب
وحزن وجوع ،وستحترق بالنار فإن ال الععذي ُيععدينها ،هععو ر ّ
قدير " .
" :9-10 :18وسععيبكي عليهععا ملععوك الرض ،الععذين زنععوا
وترّفهوا معها ،وسينوحون وهم ينظععرون إلععى دخععان حريقهععا ،
فيقفون علععى ُبعععد منهععا ،خوفععا مععن عععذابها ،وهععم يصععرخون :
510
الويل ،الويل ،أيتها المدينة العظمى ،بابعل القويعة ! فعي سعاعة
واحدة حل بك العقاب ! " .
" :12-17 :18وسيبكي ُتجار الرض ويحزنون عليها ، … ،
هؤلء التجار الذين اغتنوا من التجعارة معهعا ،يقفعون علعى بععد
منهعا ،خوفعا معن ععذابها ،يبكعون عليهعا وينتحبعون ،قعائلين :
الويل ،الويل ،على المدينة العظمى ، … ،وقد زال هذا كله في
ساعة واحدة ! " .
لحوها على بعد " :18-19 :18ويقف قادة السفن ورّكابها وم ّ
منها ،ينظرون إلى ُدخان حريقها ،أية مدينععة مثععل هععذه المدينععة
العظمععى ؟! ويععذرون الععتراب علععى رؤوسععهم ،وهععم يصععرخون
باكين منتحععبين :الويععل ،الويععل ،علععى المدينععة العظمععى ،الععتي
اغتنى أصحاب سفن البحر جميعععا بفضععل ثروتهععا ! هععا هععي فععي
ساعة واحدة قد زالت ! " .
" :20 :18اشععمتي بهععا أيتهععا السععماء ! واشععمتوا بهععا أيهععا
حكمه عليها بعععد أن القّديسون والرسل والنبياء ،فقد أصدر ال ُ
أصدرت أحكامها عليكم " .
" :21-24 :18وتناول ملك قوي ،حجرا كأّنه حجعر طاحونعة
عظيععم ،وألقععاه فععي البحععر ،قععائل " :هكععذا ُتععدفع وُتطععرح بابععل
الدينة الُعظمى ،فتختفي إلى البد ! لن ُيسمع فيك عزف موسيقى
بعد ، … ،ولن تقععوم فيععك صععناعة بعععد الن ،ولععن ُيسععمع فيععك
جععاركصوت رحى ،ولن ُيضيء فيك نور مصباح … فقععد كععان ُت ّ
سادة الرض ،وبسحرك ضّللت جميع أمم الرض .وفيها ُوجدت
دماء أنبياء وقّديسين وجميع الذين ُقتلوا على الرض " .
511
" :1-2 :19وبعععد هععذا سععمعت صععوتا عاليععا … ،يقععول " :
ب إلهنععا ! فععإن
هّللويا ! الخلص والمجععد والكرامععة والقععدرة للععر ّ
أحكامه حق وعدل ،لّنععه عععاقب الزانيععة الكععبرى ،الععتي أفسععدت
الرض ،وانتقم لدم عبيده منها " .
ع الحقيقة أن هذه النبوءة ،تتحدث عن دولععة عظمععى فععي العصععر
الحديث ُ ،تضاهي عظمة بابل القديمة وقوتها ،وهععذه النصععوص
في الواقع ،تصف حال أمريكععا بقوتهعا القتصععادية والعسععكرية ،
وما أحدثته في هذا العصر من فساد وإفساد ،وسعفك للعدماء فعي
مشارق الرض ومغاربها ،فهععي تحكععم الكععرة الرضععية بأسععرها
صبت نفسععها كععإله ُيعبععد وُيقعّدس ،فهعي تحعّدد فعي من خلل ،ون ّ
تقارير وزارة خارجّيتهععا ،مععن أصععلح ومععن أفسععد ،ومععن حععافظ
على الحقوق ومن هضمها ،ومن أرهب ومن لم يرهععب .وعلععى
قائمععة مقاطعاتهععا القتصععادية حععوالي 46دولععة ،فهععي الُمنِعععم
ضل على خلق ال ،والكّل يخطب وّد ورضععا هععذه والُمكِرم والُمتف ّ
اللهة الجديدة ،وهي تسعععى الن لعولمععة اقتصععادها وثقافتهععا ،
وفرضععها علععى شعععوب تععارة بععالترهيب وتععارة بععالترغيب ،وأمععا
كلمة بابل في هذه النص إما أن تكون ُأضيفت عن قصععد مععن قبععل
الكهنة ،بسبب الحقد والكراهية والرغبة في النتقععام مععن بابععل ،
وإما أن تكون قد استخدمت لععترمز إلععى الدولععة الُعظمععى فععي هععذا
العصر .ولو حذفت كلمة بابل ووضعت كلمة أمريكا ،لوجدت أن
النص سُيصبح أكثر صدقا وتطابقا مع الواقع .
سرين الجععدد مععن النصععارى بععوجه خععاص ،كمععا ولكن أغلب المف ّ
تشير الكاتبة المريكيععة فععي الفصععل السععابق ،يأخععذون بالتفسععير
اللفظعععي للمسعععميات ،العععتي جعععاءت فعععي النصعععوص التوراتيعععة
والنجيلية ،ويقّدمون شروحاتهم وتفسيراتهم ،لنصارى الغععرب
512
من ساسة وعامة ،علععى نحععو مغععاير لمععا ُتخععبر عنععه النصععوص
حقيقة ،فبابل القديمة أينما جاءت في النصوص ،تعني بالنسععبة
لهم بابل الجديدة أي العععراق ،بععالرغم مععن أن النصععوص تصععف
دولة عظمى ،هي أقرب إلى أمريكا منهععا إلععى العععراق ،وتععوحي
بأن لفظ بابل استخدام كاستعارة لفظية .
أما اليهود فهم يعلمون حقيقععة مععا ُتخععبر عنععه النصععوص ،وبععأن
الدمار القععادم والععذي ُتخععبر عنععه النصععوص ،سععيكون لسععرائيل
وأمريكا وحلفائهما ،ولكنهم يستغلون الفهم الخاطئ والمضطرب
للنصارى ،لخدمة أغراضهم ومخططعاتهم الشعيطانية ،ولحمايعة
دولتهم مععن الخطععار المحّدقععة بهععا .فهععم مّتفقععون علععى أن هععذه
النبوءات تتحدث عن تدمير العراق ،وبما أنها جععاءت تحريضعية
بصيغة المر ،فقد اّتحدوا لتنفيذ ما قضععى بععه الععرب علععى بابععل ،
ولن تستكين لهم حال أو تلين لهم عزيمة ،حتى يتحقععق مععا جععاء
في هععذه النصععوص ،بجعععل العععراق أرضععا قفععرا صععحراء قاحلععة
خاوية على عروشها ،لععذلك هععم ل يكععترثون بالشععرعية الدوليععة
ول بالقانون الدولي ،إذ ل يمتثععل لهمععا إل الضعععفاء والغبيععاء ،
فععالقوانين اللهيععة بشععأن العععراق ،هععي مععا ينصععاعون إليععه
ويلتزمون بتطبيقه ،فالحرب على العراق حععرب ُمقّدسععة ،لنهععم
ن بقاء العراق يعني حتميععة زوال إسععرائيل … موقنون تماما :بأ ّ
ن بقاء إسرائيل يعني حتمية زوال العراق … وأ ّ
ومععا دامععوا يمتلكععون مق عّدرات الكععاوبوي المريكععي البريطععاني ،
الُمشترى بالرشوة والشهوة والرعب ،والمأخوذ بجنون القععوة .
فلععن ُيثنيهععم عععن عزمهععم ،إل أن ُيبععادوا قبععل أن ُيبيععدوا الحععرث
والنسل .وبالتالي فإن بقاء العراق ،يتحّتم عليه محو إسععرائيل ،
513
من قلب الوطن العربي ،وسععحق تلععك الفئران ،المتلّفعععة بريععش
النسر المريكي القرع .
وإن لم تكععن الحععرب العراقيععة اليرانيععة مععن صععنع أيععديهم ،فهععم
ساهموا فيها بشكل أو بآخر ،فإيران تأتي في الدرجة الثانية فععي
العداء التوراتي لسرائيل ،وكلنا سمع بفضيحة ) إيععران غيععت (
في الثمانينيات ،الععتي كععان بطلهععا الرئيععس المريكععي ) ريغععان (
حيث كانوا ُيؤيدون العراق علنا ،وُيععزّودون إيععران -الععتي كععانت
تنظر إلى أمريكععا علععى أنهععا الشععيطان الكععبر -بالسععلحة سععرا ،
لطالة أمد هذه الحرب ،ولبقاء العراق وإيران منشغلين فيها .
والسبب الهم لشعالها ،هععو الرعععب الععذي دب فععي قلععوبهم مععن
المارد العراقي ،الععذي أعععاد إلععى أذهععانهم النبععوءات التوراتيععة ،
وأيقظ في مخيلتهم شبح نبوخذ نصر ،وكابوس السبي البععابلي ،
ليقض مضاجعهم فلم ترقععأ لهععم عيععن ،ولععم يغمععض لهععم جفععن ،
والععذي بععدأ يسععتيقظ مععن غفععوته بععامتلكه المفاعععل النععووي .
وسععيكون بعععد سععنوات قليلععة ،قععاب قوسععين أو أدنععى مععن إنتععاج
القنابععل النوويععة .ومععا أن انشععغل العععراق فععي الحععرب ،وأصععبح
ظهععره مكشعوفا ،حعتى انسعلت خفافيشععهم ،تحععت جنععح الظلم ،
ب حممها التوراتية الحاقدة ،على ذلك المفاعل ،فععي سععنين لتص ّ
صباه الولى ،لُتبيده عن بكرة أبيه .
وبععععد أن خعععرج الععععراق معععن تلعععك الحعععرب ،محتفظعععا بقعععوته
وجععبروته ،ومععع أول تصععريح وتهديععد لععه " ،بحععرق نصععف
إسععرائيل ،حععال اعتععدائها علععى أي قطععر عربععي " ،علععى لسععان
الرئيععس العراقععي ،جهععارا نهععارا فععي مععؤتمر قمععة بغععداد ،عععام
1989م ،أقامت وسائل العلم المرئية والمسموعة والمقععروءة
514
-التي تمتلك معظمهععا تلععك الفععاعي -الععدنيا ولععم تقعععدها ،حععتى
جععه وتععوريطه ،فععي الععدخول إلععى الكععويت ،بالتععآمراستطاعت ز ّ
ضععت عليععهوالتواطؤ وبمكرهم ودهائهم المعهودين ،ومن ثم حر ّ
مععن بأقطارهععا ،بحجععة رفععع الظلععم عععن دولععة الكععويت ،وتععأمين
طععوا
منععابع النفععط ،الععتي سيسععطر عليهععا العراقيععون .وكمععا خ ّ
بعععأقلمهم سعععيناريو الحعععرب العالميعععة الثانيعععة ،أععععادوا نفعععس
السيناريو ،في حرب الخليج ،من ألفه إلى يائه .
فهععا قععد تح عّررت الكععويت ،وتععأّمنت منععابع النفععط ،فلمععاذا هععذا
الحصار الظالم علععى أطفععال العععراق ؟! ي عّدعون أن العععراق يهععدد
جيرانعه ،فعانظر معن يعّدعي ! وانظععر إلعى جيرانعه ! ومععا علقعة
المععّدعي بععالجيران ؟! المععّدعون هععم ) مععادلين ُألععبرايت وزيععرة
الخارجيعة المريكيعة ،ووليعام كعوهين وزيعر العدفاع المريكعي ،
وساندي بيرغععر مسععؤول المععن القععومي المريكععي ،وهلععم جععرا
… ( وكلهععم يهععود .فمععا عليععك إل اسععتبدال كلمععة المريكععي فععي
مناصععبهم ومسععؤولياتهم ،بكلمععة السععرائيلي ،لتعععرف مععن هععم
الجيران الذين سيهددهم وجود عراق قوي .
أما الحصار ،فقد ُوجد ليبقى ،وغايته منععع المععارد العراقععي مععن
الصحوة .واستمّر الحصار ليبقى المععارد محصععورا فعي القمقعم ،
وعندما تّم لهم ذلك ،عمععدوا إلععى تقليععم مخععالبه واقتلع أنيععابه ،
فمنظرها ُيرعب تلك الفئران المسكينة ،ويجعععل فرائصععها ترتعععد
هلعععا وجزعععا .واسععتمّر الحصععار لمنععع أطفععال العععراق ،مععن
الوصول إلى مرحلة الرجولة ،كي ل يكونوا مستقبل أفراد جيش
طر على أجساد تلك الفئران أساطير البطولة ،فهععم وحسععب ُ ،يس ّ
رؤاهعععم التوراتيعععة ،يعرفعععون ويعلمعععون أن دولتهعععم سعععتزول ،
وسعععيكون فيهعععم القتعععل والنهعععب والنفعععي ،وأن المرشعععح الول
515
والوحيععد للقضععاء عليهععم هععو غريمهععم الزلععي ،وأن دولتهععم
سيعيش فيها ،ل أكثر من جيععل واحععد .لععذلك بمععا أنهععم موقنععون
تمامععا ،بععأن زوال دولتهععم أمععر حتمععي ،كععان ل بععد لهععم مععن أن
يعملوا بكل طاقاتهم ،من أجل حماية هذا المسععخ الخععداج ،الععذي
حملت به عروس المدائن غصبا واغتصابا ،من مرتزقععة الغععرب
المأجورين ،في غفلة من الزمان .
لذلك … فالحصار لن ُيرفع … ما دامت تلك الفئران … في
القدس ترتع
الفعوان العراقي في سفر إشعياء
خطورة هذا الفعوان المرعب ،تتمثل في ما يحملععه فععي أحشععائه
من سموم ُمميتة ،كان أسلفهم قد تجّرعوها من قبل ،ووصععفوا
تأثيرها المؤلم على امتداد التوراة الشاسع ،فشغلت حّيععزا كععبيرا
مععن فكرهععم ووجععدانهم ،فمج عّرد التفكيععر بتكععرار ذلععك المصععير
المرعب ،الذي حّل بأسلفهم ،من جّراء تلك الفعى التي أنجبععت
هععذا الفعععوان ُ ،يصععيبهم بحالععة مععن الععذعر والهلععع ،لععذلك كععان
وسيكون لهم ،محاولت عديدة للتخّلص من خطر هععذا الفعععوان
على وجودهم :
• الُمحاولة الولى :هي الحععرب اليرانيععة العراقيععة ،لصععابته
بالشععلل وقععد ُأصععيب ،فتس عّنى لهععم ضععرب مفععاعله النععووي ،
واجتيععاح بيععروت ،وترحيععل منظمععة التحريععر الفلسععطينية مععن
لبنان .
• الُمحاولة الثانية :هععي الحععرب المريكيععة العراقيععة ،لتغييععر
رأس هذا الفعوان ،وزرع رأس جديععد لععه ،وتقطيععع أوصععاله
516
وتفريق شملها ،وتوزيع دمه على جميع القبائل التي اجتمعت
عليه ،ولم ُيكتب لها النجاح .
• الُمحاولععة الثالثععة :هعي الحصععار الممعي ولجععان التفععتيش ،
لنزع النياب التي تنفث السّم ،بتدمير أسلحة الدمار الشععامل ،
وحرمعععانه معععن امتلك أسعععلحة جديعععدة ،فعععاقتلعوا النيعععاب
واسععتخرجوا الس عّم ،ولكععن النيععاب نبتععت مععن جديععد ،والسععم
يتجّدد ول ينقطع .
• الُمحاولععة الرابعععة :هععي الحععرب المريكيععة الشععاملة ،مععع
احتماليععة تععوجيه ضععربات نوويععة محععدودة إن أمكععن ،لقطععع
الرأس والوصال معا ،حيث لم يُعد هنععاك أهميععة لتوزيععع دمعه
على القبائل .وستصععبح احتماليععة الضععربات النوويععة ،قائمععة
وحتميعععة فعععور امتلك أمريكعععا ،للعععدرع الُمضعععاد للصعععواريخ
الُمحّملععة بععالرؤوس النوويععة ،وهععذه الحععرب قائمععة بل أدنععى
حسععبان أمريكععا وإسععرائيل ، شك ،إن لم يقع ،ما لععم يكععن فععي ُ
ططععون لهععا ويسععتعجلونها ،ويطلبععون مععن الرئيععس فهععم ُيخ ّ
المريكعععي ،تهيئة الشععععب المريكعععي لتقّبلهعععا ،وسعععيعملون
جهدهم لشعالها في أقععرب فرصععة ممكنععة ،ظنععا مععن الععذين ل
يعقلون ول يفقهون ،بأنهم قادرين على منععع رب العععزة ،مععن
إنجاز وعده فيهم ،بإبعادة العراقييعن وتقسعيم الععراق وإسعقاط
قيادته .
517
الجزء الثالث
518
الفصل الول :
وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة
الفصل الثاني :
وليتبروا ما علوا تتبيرا
الفصل الثالث :
وجعلنا لمهلكهم موعدا
الفصل الرابع :
سرناه بلسانك لعّلهم يتذ ّ
كرون فإنما ي ّ
الفصل الخامس :
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
الفصل السادس :
بل هم في شك يلعبون
الفصل السابع :
معّلم مجنون
ثم تولوا عنه وقالوا ُ
الفصل الثامن :
يوم نبطش البطشة الكبرى
الفصل التاسع :
الطوفان الخير وطوق النجاة
519
520
وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة
تععبين لنععا مععن خلل هععذه القععراءة الجديععدة ،فععي تاريععخ بنععي
إسرائيل ،في القرآن والس عّنة والتععوراة والتلمععود ،أن البععابلّيون
هم أصععحاب البعععث الول ،وبنععاًء علععى ذلععك ،يكععون العراقيععون
حصرا ،بل أدنى شك ،هم أصحاب البعث الثععاني .وسععيتبين لنععا
في هذا الفصل ،من خلل قراءة جديدة للواقع ،بأن اليهود علععى
علععم بهععذا البعععث وأصععحابه ،وظّنععا منهععم بععأنهم قععادرون علععى
مخالفة أمر ال ،بمنع تحقق البعث الثاني ،خططوا ونّفععذوا ومععا
زالوا يخططون ،لدرء خطر هذا البعععث الموعععودين بععه ،بإبععادة
أصحابه بشتى الوسعائل والسعبل ،لقنعاعتهم بعأن بقعاء دولتهعم ،
يتحتم عليه محو العراق وشعبه عن خريطة العالم .
حقيقة ما ُيضمره الغرب للعراق :
دأبت أمريكا ومععن سععار فععي ركبهععا ،علععى إعلن عععدائها لقيععادة
العراق الحالية ،والرغبة في إسقاطها ،وجعلت من بقاء القيععادة
العراقية ،على سدة الحكم في بغداد ،وسابقتها في غزو الكويت
،مثال لعدوانية هذه الحكومة وخطورتها على جيرانها ،وذريعة
لدامة الحصععار ،لتجريععد العععراق مععن مقومععات وجععوده .ليصععل
العالم والشعب العراقي إلى قناعععة ،بععأن المسععتهدف حقيقععة مععن
وراء الصععرار المريكععي ،علععى إبقععاء الحصععار مفروضععا علععى
العراق ،هي القيادة العراقية الحالية ،بتوجهاتها العدوانيععة ضععد
جيرانها ،مما ُيهدد أمن منطقة الخليج الحيوية للعالم ،وبإسععقاط
هذه القيادة ،ستنعم منطقة الخليج بالمن مجّددا ،حسععب الععرؤى
المريكية .
521
ومع أن أمريكا ل ُتبِد أدنى اهتمام بمصير الشعععب العراقععي ،بععل
علععى العكععس مععن ذلععك ،كععان ومععا زال بعععض مسععؤوليها مععن
اليهعود ُ ،يبعدون سععادة عارمعة ،بل خجعل أو مواربعة ،بوقعوع
المزيععد مععن الضععحايا فععي العععراق ،حيععث الغالبيععة العظمععى مععن
الطفال ،الذين سقطوا ،من جراء نقص الدوية والغذاء ،حيععن
تصععرح وزيععرة الخارجيععة المريكيععة ) أولععبرايت ( ،فععي حععوار
صحفي في محطععة ) : ( CBSبععأن تسعّبب أمريكععا بمععوت نصععف
مليععون طفععل عراقععي " أمععر يسععتحق العنععاء " ،إل أن العععالم
أجمع ،والشعب العربي وحتى الشعععب العراقععي ،لععم يبحععث عععن
الدوافع الحقيقية ،لهذا العداء المريكي للعراق .
" إشعياء :16 :13 :كععل مععن ُيؤسععر ُيطعععن ،وكععل مععن ُيقبععض
عليععه ُيصععرع بالسععيف ،وُيم عّزق أطفععالهم علععى مععرأى منهععم ،
وُتنهب بيوتهم وُتغتصب نسائهم " .
" إشعياء :23-20 :14 :فذرّية فاعلي الثم ،يبيععد ذكرهععا إلععى
البد .أعّدوا مذبحة لبنائه جزاء إثم آبائهم ،لئل يقوموا ويرثوا
الرض فيملئوا وجه البسيطة ُمدنًا .يقول الععرب القععدير " :إنععي
أهعبّ ضععدهم ،وأمحععو مععن بابععل ،اسععمًا وبقيعًة ونسعلً وذريعةً ،
ت للميععاه ،وأكنسععها بمكنسععة وأجعلها ميراثًا للقنافذ ،ومسععتنقعا ٍ
الدمار " .
" وهذا ما ُيعلنه الرب :ها أنا ُأثير على بابل ،وعلععى الُمقيميععن
في ديار الكلدانيين ريحا ُمهلكة ،وأبعث إلى بابل ُمذّرين ُيذّرونها
،ويجعلون أرضها قفععرا ،وُيهاجمونهععا مععن كععل جععانب فععي يععوم
جععج بسععلحه ،ل خر ( الرامععي قوسععه وليتد ّ بلّيتهععا .ليععوتر ) ُيععذ ّ
شّبانها ،بل أبيععدوا كععل جيشععها إبععادة كاملععة ،يتسععاقطتعفوا عن ُ
522
القتلععى فععي أرض الكلععدانيين ،والجرحععى فععي شععوارعها ) مععن
المدنيين طبعا ( " .
وباستجابة ) أولبرايت ( ،وكافة الجوقة اليهودية ،فععي الدارات
المريكية المتعاقبة ،لوامر الرب القدير ،الواردة في التععوراة ،
استطاع بنوا إسرائيل ،من رّد الصاع صاعين لهل بابل ،وهكذا
يكون العراقيون حصرا ،من ُرّدت لبني إسععرائيل الكععرة عليهععم ،
إذ أنهم أنزلوا بالعراقيين أضعععاف أضعععاف ،مععا أنزلععه البععابليون
بهم في المرة الولى .
ولو عدنا إلى كامل النصوص التوراتية ،ونظرنا إلععى مععا يجععري
حقيقة على أرض الواقع ،لتبين لنا أن المستهدف الحقيقي ،هو
العراق لنه أرض البعث ،والشعب العراقي لنه يحمل صفة أهععل
البعععث ،والقيععادة العراقيععة لرسععالها البعععوث فععي كععل الحععروب
العربيععة السععرائيلية ،وعععدم قبولهععا وتوقيعهععا علععى اتفاقيععات
الهدنععة ،ولعلنهععا المتجعّدد ععن نيععة البععث ،بمناسععبة وبععدون
مناسععبة ،فععي السععنوات الخيععرة ،منععذ انتهععاء حععرب الخليععج
الولى ،ورفضها لمعاهدات السلم والتطبيع ،ولصععرارها علععى
مقولععة ،فلسععطين عربيععة مععن البحععر إلععى النهععر ،والععدعوة إلععى
تحرير فلسطين بالقوة .
وفععي حععال اسععتطاع الغععرب اليهععودي إسععقاط القيععادة العراقيععة ،
فسيكون البديل ،كما هي العادة ،قيادة موالية للغرب ،ومعاديععة
للشعب العراقععي وللمععة العربيععة ،المتخمععة أصععل بالعععداء مععن
أبنععاء جلععدتنا ،لتزيععد المععة ذل وهوانععا أضعععافا مضععاعفة ،أمععا
مصير العراق بين يدي هكذا قيادة ،فسيكون بل شك كمععا يتمّنععى
يهود الغرب والشرق ويشععتهون ،ليتحّقععق لهععم ،مععا لععم يحلمععوا
523
ججة بالسععلحة المتطععورة .وانظععر إلععى بتحقيقه ،بجيوشهم المد ّ
حال ألمانيا بعععد الحععرب ،وانظععر إلععى حععال التحععاد السععوفييتي ،
العدو الثاني للوجود اليهودي في فلسطين ،كمععا ُتخععبر التععوراة ،
عندما استطاعوا إيصال الخونة – من شعبه – إلى سععدة الحكععم ،
وما فعلوه به .لنقول بأن مهمة القيادة المستقبلية للعراق ،فيمععا
لو ُأسقطت القيادة الحالية ،هي :
• تفكيك العراق وتقسيمه إلى دويلت صغيرة ،كرديععة وسععنية
وشيعية ،في الشمال والوسط والجنوب .
• إثععارة الحععروب والفتععن بيععن هععذه الععدويلت ،لشععغالها عععن
المهمة الساسية ،التي ُأنيطت بأصحاب البعث .
• تدمير القتصاد وإفقار الشعب العراقي ،ليركض لهثععا وراء
قروض صندوق النقد الدولي .
• حظر امتلك وتصنيع السلحة .
• تقععديم فععروض الطاعععة والععولء ليهععود الغععرب والشععرق ،
وإنهاء حالة الحرب مع إسرائيل ،ومباركة عملية السلم .
فالمعضلة الساسية لدى الغرب ،المملوك من قبل اليهععود ،هععي
وجود عراق قععوي وقععادر ،فكمععا صععدقت نبععوءات التععوراة ،فععي
عودتهم من الشتات إلعى فلسعطين .فهعم يخشعون أيضعا ،صعدق
النبوءات الخرى ،فيما تصفه في نصععوص عديععدة ،مععن عقععاب
حتمي ،غاية في البشاعة ،سينزل بهععم بعععد العععودة إليهععا ،مععن
قبل أصحاب البعث الول ،بالرغم مما ُأضيف إليها مععن نصععوص
قليلة مضللة ،ل ُتسمن ول تغنععي مععن جععوع ُ ،تخععبر عععن ملكهععم
البدي ،تبعث في تخّبطها وعدم منطقيتها ،في نفوسهم القلععق ،
524
أكثر مما تبعث على الطمأنينة .ليجععد اليهععود أنفسععهم ملزمععون ،
بتسخير كل إمكانياتهم ،دون كلل أم ملل ،لدفع قععادة الغععرب إلععى
القضععاء المععبرم علععى العععراق ،كمععا هععي عععادتهم دائمععا وأبععدا ،
يدفعون الخرين لخععوض حروبهععم نيابععة عنهععم ،مععذ طلبععوا مععن
موسى وربه الذهاب للقتال عنهم ،وحععتى حربهععم الخيععرة علععى
العراق ،التي خاضتها ومازالت تخوضها ،أمريكا وبريطانيا فععي
العلن ،وفرنسا المنافقععة فععي الخفععاء ،والحععرب الوحيععدة ،الععتي
كسبها اليهود منفرديعن فعي مواجهعة جيعش ،هعي عنعد دخعولهم
فلسطين مع طالوت في المرة الولى ،وكان ذلععك بتأييععد مععن الع
للقلة المؤمنة ،وبشجاعة نبي ال داود عليه السععلم ،فالمسععألة
لديهم مسألة حياة أو مععوت ،وبقععاء العععراق ،يعنععي تبخععر أحلم
الشعب اليهودي بسيادة العالم من القدس .
ومما يؤذي الذان اليهودية فععي الشععرق والغععرب هععو سععماعها ،
لتصريحات هذه القيادة المتكررة ،بضرورة تحرير فلسععطين مععن
ض مضطجعهم فععي البحر إلى النهر ،وطرد اليهود منها ،مما يق ّ
فلسطين ،وُيعيد إلى أذهانهم تلك الذكريات الليمة للبعععث الول ،
التي أشععبعتها أسععفار التععوراة وصععفا وتفصععيل ،لتععتراءى لهععم ،
صورة نبوخعذ نصعر وهتلععر وصعلح الععدين ،دفععة واحعدة ،فعي
شخص الرئيس العراقي .
الخيننارات القائمننة أمننام اليهننود ،لنندرء
الخطر العراقي :
.1العمل على بقاء الحصار على ما هو عليه ،ما أمكنهم ذلك ،
ومنع أي محاولة لتفكيكععه أو إضعععافه .والسععتمرار فععي نهععب
ثروات العراق ،وحرمانه من تطوير أسلحته وتجديدها .
525
.2محاولععة إسععقاط القيععادة العراقيععة ،عععن طريععق إحععداث فتععن
وثععورات داخليععة ،أو عععن طريععق مواجهععة عسععكرية واسعععة
النطععاق ،بعععد خلععق المععبررات لهععا ،باسععتفزاز جديععد للعععراق
للقيام بعمل عدواني داخلي ،ضد الكراد في الشمال أو الشيعة
في الجنوب ،أو القيام بعمل عدواني خارجي ،ضد إحدى دول
الجوار .
.3ضرب العراق نوويا كخيار أخير ،وهذا الحتمععال غيععر قععائم
حاليا ،حيث أنه مرفوض عالميا ،فمثععل هععذا المععر ،سععيؤلب
العععالم بأسععره ضععد أمريكععا ومؤيععديها .ولكععن هععذا الحتمععال
سععيقوى ،فعي حععال فشععلت الخيعارات السععابقة ،وخاصععة عنعد
امتلك أمريكا للدرع المضاد للصورايخ البالستية .
ع والسؤال الن :هل من الممكععن أن يكععون هنععاك ضععربة نوويععة
للعراق ؟
جاء في سفر الرؤيا ما نصه " :وسكب الملك السادس ،كأسععه
ف مععاؤه ،ليصععير ممععرا لملععوك علععى نهععر الفععرات الكععبير فجعع ّ
القادمين من الشرق " .
ن َأِبي ُهَرْي عَرَة َ ،قععاَل : عْأما في السنة النبوية فقد جاء ما نصه َ :
سعرَح ِ
ن َي ْت َأ ْ
ك اْلُفَرا ُشُ سّلَم ُ " :يو ِ عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ َقاَل َر ُ
ش عْيًئا " .رواه خ عْذ ِمْن عُه َ
ل َيْأ ُ
ض عَرُه َف َ
ح َ
ن َ ب َفَم ع ْ
ن َذَه ع ٍن َكْن عٍز ِم ع ْ
عع ْ
َ
البخععاري ،وأخرجععه مسععلم والترمععذي ،وأبععو داود وابععن مععاجه
حّتىعةُ َ سا َ
وأحمد .وفي نص آخر من رواية مسلم َ " :ل َتُقوُم ال ّ
ب " ،يحسر أي ينكشف عن . ن َذَه ٍ جَبٍل ِم ْن َعْ ت َ سَر اْلُفَرا ُ ح ِ
َي ْ
ُيخبر النععص فععي سععفر الرؤيععا ،أن شععيئا مععا سيسععكب علععى نهععر
الفععرات فيجععف مععاؤه ،وُيخععبر الحععديث الصععحيح ،عععن انحسععار
526
الفرات عن كنز من ذهب ،قبل قيام السععاعة ،وانحسععار الفععرات
يعنععي ذهععاب مععاءه ،فهععل سععيكون جفععافه نتيجععة ،لمععا تنتجععه
السلحة النووية ،من حرارة شديدة عند انفجارها .
وبالضافة إلى ما ورد من مخططات ،لتععدمير العععراق والطاحععة
بقيادته ،كما جاءت في تقرير واشنطن السابق ،يقول الصععحفي
فتحي خطاب من القاهرة ،في مقال لعه فعي جريعدة الععرب اليعوم
الردنية ) لم أنتبه لتوثيق تاريخ صدورها ،ولكنه علععى الرجععح
كان في بداية شهر : ( 2001/ 3
" حعععّذر خعععبراء عسعععكريون معععن ُمخطعععط عسعععكري أمريكعععي
إسرائيلي ،يسععتهدف فععرض السععيطرة الُمطلقععة علععى المنطقععة ،
وتطبيق ما ُيعرف في ) البنتاغون ( بخطععة إعععادة دمععج المنطقععة
جه ) شارون ( لستحداث وزارة تعنى عسكريا وأمنيا … وأن تو ّ
بتطوير السلحة النووية ،وأسلحة الععدمار الشععامل ،واسععتحداث
وزارة للشععؤون السععتخباراتية ،فععي سععابقة هععي الولععى مععن
نوعها ،يأتي في إطار ما تفرضه ضرورات نظام الحماية المنية
الجديد … وكشف الخبراء العسكريون في مصر ،عن الترتيبات
المريكية لنشاء أكبر شبكة صاروخية في منطقة الخليج العربي
،تتمتع بمدى قتالي واسع ،يشمل العراق وإيران ودول أخرى ،
بالضافة إلى مناطق شمال إفريقيا والبحر الحمر .لضععمان أمععن
منطقة الخليج ،وملحقة الطععائرات الُمغيععرة ،والتععدمير السععريع
لية أهداف ُمعادية .
وأكععد الخععبراء أن وزيععر الخارجيععة المريكععي ) كععولن بععاول ( ،
حصل على موافقة دول خليجيععة … علععى إنشععاء الشععبكة ،الععتي
سيتم تزويدها بأحدث أجهزة التصالت الحديثة والنذار المبّكر ،
527
الععتي سععتكون لهععا القععدرة علععى التعامععل السععريع ،مععع العمليععات
الطععارئة ،وقععادرة علععى منععع إصععابة الشععبكة ،بععأي خلععل أثنععاء
العمليات العسكرية .وسوف تتحمل دول الخليج النصيب الكبر ،
معععن تكلفعععة مشعععروع هعععذه الشعععبكة الصعععاروخية ،وأن هنعععاك
مشاورات واتصالت عسععكرية ،للععترتيب لنشععاء هععذه الشععبكة ،
ولعداد التفصيلت الفنية المتعّلقععة بهععا … وح عّذر الخععبراء مععن
الُمخطعععط العسعععكري السعععرائيلي ،لضعععرب الععععراق بالقنابعععل
النيترونية ،والععتي سععيتم إطلقهععا علععى منطقععة غععرب العععراق ،
وفععق إعلن ) شععارون ( .الععتي تعتععبر نقلععة نوعيععة فععي التسععلح
بالمنطقة …
وأوضح العععالم الفيزيععائي الععدكتور طععارق النمععر ،بقععوله " :أن
القنابل النيوترونية النوويععة ،هععي قنابععل إشعععاعية ،ذات أحجععام
مختلفة ،منها أسطوانات إبرية فععي حجععم القلععم ،وتسععتطيع قتععل
جميع الكائنات الحية ،في مساحة قطرها ُمحّدد سلفا ،وتأثير كل
قنبلععة منهععا يتحععدد حسععب حجمهععا ،بحيععث يتععم زراعتهععا داخععل
الراضي العراقية ،وفي الوقت المحدد ،سيتم تفجير هذه القنابل
بواسطة أشعة الليزر … وأن إسعرائيل مهتمعة بتجربعة أسعلحتها
الجديدة على أرض العراق ،بعدما نفذت عدة تجارب أسععفل ميععاه
خليج العقبععة … ول أسععتبعد أن تعمععل أمريكععا وبريطانيععا ،علععى
زرع قنابل نيوترونية في مناطق من العراق ،بحيث تبقععى بغععداد
تحت التهديد الدائم ،بتدمير حقول القنابععل النيوترونيععة بواسععطة
أشعة الليزر ،في نطاق العقوبات الذكية " .
ما لفععت انتبععاهي فععي هععذا التقريععر الصععحفي ،هععو انسععجامه مععع
المخاوف اليهودية التوراتية ،حيث ُيسّمي الدول والمناطق الععتي
تضم الدول المعادية لسرائيل توراتيا ،ومنهععا إيععران والعععراق ،
528
وليبيععا فععي شععمال إفريقيععا ،والسععودان وإثيوبيععا بمحععاذاة البحععر
الحمععر ،واللتععان كانتععا قععديما دولععة واحععدة ،وُيشععير أيضععا إلععى
ضععرورة ضععرب العععراق ،حسععب مععا تععدعو وُتحععّرض عليععه
النصوص التوراتية .ولفت انتبععاهي أيضععا الععتركيز علععى منطقععة
غععرب العععراق ،الععتي مععن المتوقععع ،أن يتواجععد فيهععا الجيععش
العراقي ،قبل تحّركه لغزو لسرائيل .
وفي تقرير آخر من واشنطن ،للصفحي محمععد دلبععح ُ ،نشععر فععي
جريدة الدستور الردنية ) التاريخ غير مّوثق ( ،يقول فيه :
" تبحععث وزارة الععدفاع المريكيععة ) البنتععاغون ( ،إنتععاج قنابععل
نوويععة مععن نععوع جديععد ،قععادرة علععى اخععتراق مراكععز القيععادة ،
والتحصينات التي يستخدمها الزعمععاء والقععادة .ونقلععت صععحيفة
) واشعععنطن بوسعععت ( ععععن مصعععادر فعععي الحكومعععة المريكيعععة
والكونغرس قولها :أن الهدف من إنتاج هذه القنابل ،هو تجّنععب
ما ُتسّميه الحكومععة المريكيععة الضععرار الجانبيععة ،الععتي ُتحععدثها
السلحة التدميرية بأنواعها .ويقول المععدافعون عععن هععذا النععوع
من القنابل النووية الصععغيرة – مقارنععة بغيرهععا – أنهععا قععد تعمععل
علععى قيععام الوليععات المتحععدة ،بتخفيععض مخزونهععا الحععالي مععن
القنابل النووية ،دون أن تتع عّرض مفاهيمهععا المنيععة لخطععار أو
ي وزيعععر العععدفاعتععععديلت .ونسعععبت الصعععحيفة إلعععى مستشعععار ّ
المريكععي ) دونالععد رامسععفيلد ( قععوله :أن السععلحة النوويععة
المريكية الحالية ،لن تردع الرئيس العراقي صدام حسين ،لنه
يعلم بأن الرئيس المريكي ،لن يقوم بإلقاء قنبلة نوويععة – بقععوة
مائة كيلو طن -علععى بغععداد ،لُيععدّمر المدينععة بأكملهععا ،ويقضععي
سعّكانها ،بهععدف القضععاء علععى أسععلحة الععدمار الشععامل … على ُ
ومن ناحيععة أخععرى ،يعععتزم اتحععاد العلمععاء المريكييععن ،إصععدار
529
تقرير هذا السبوع يقول فيه " أن إضافة هذا النوع مععن القنابععل
النووية ،إلى المخزون النووي في العالم ،سيجعل استخدام هععذا
النوع من السلح أكثر احتمال " .
أستطيع القول بأن التفكير المريكععي السععرائيلي العسععكري علععى
المدى القريب ،بعد المعارضة والدانععة العالميععة لضععربهم بغععداد
مؤخرا ،سيكون محصورا في الردع وليععس فععي الهجععوم ،لعععدم
وجععود ذريعععة للهجععوم مقبولععة دوليععا ) ،كذريعععة القضععاء علععى
أسلحة الدمار الشامل العراقية ( ،منتظرين فبركة مؤامرة جديدة
،أو تحّرك عراقي خاطئ ،وأعتقد أنهم سُيحاولون استفزازه في
المستقبل القريب ،بشتى الوسائل والسبل ،ليعلنوا عليه حربهععم
الشاملة .أما على المدى البعيد – إن لععم ُيعطهععم الععراق الذريععة
ن تلك الحرب – أستطيع القول ،أنهععم وفععور امتلكهععم للععدرع لش ّ
النووي – الذي سيكون جاهزا بعد خمس سنوات حسب تقععديرهم
– والذي سُيوفر لهم الحماية من أي ردود فعل نووية ،سيشّنون
حربهم الُمقّدسععة علععى العععراق ،وسععيقومون بضععربه بوابععل مععن
القنابعععل النوويعععة ،حعععتى يغعععدو صعععحراء قاحلعععة خاويعععة علعععى
عروشها .لكي يتخلص يهود العالم ،مععن هععذا الرعععب التععوراتي
الُمسّلط على رقابهم ،لينتظروا بسععلم ملكهععم العذي سعيظهر فعي
القدس ،والذي سيعيشون معه أحلمهم الوردية إلى البد ،ومن
المحتمععل جععدا أن تكععون الضععربة النوويععة للعععراق ،كععرد فعععل
أمريكععي علععى الععدخول العراقععي لفلسععطين ،لتبععدأ بععذلك الحععرب
العالمية الثالثة .
530
الموقف العالمي إزاء العراق :
كانت غاية الغرب في السنوات الخيععرة ومععا زالععت ،هععي تععدمير
العراق تحقيقععا لرغبععات اليهععود فععي حمايععة إسععرائيل .ومععا كععان
للغرب أن ُيحّقق هذا الهدف ،بالخروج على العراف والمواثيععق
الدوليععة ،بععأي شععكل مععن الشععكال ،كالقيععام بعععدوان مباشععر
ومكشوف على العععراق ،ومععا كععان لمريكععا بعظمتهععا ،أن تقععوم
منفردة بعمل عدواني ضد العراق ،لنها في هذه الحالة سععتجابه
العالم بأسععره .وبمععا أن معآرب اليهععود ،مععن خلل إشعععال حعرب
الخليج الولى ،لم تتحّقق .بل على العكس من ذلك تماما ،خرج
العراق من هعذه الحعرب محتفظعا بقعوته ،وقعامت قيعادته بتهديعد
إسرائيل جهارا نهارا ،بحرق نصف إسرائيل حال اعتدائها علععى
ك لليهود علععى جععرب أي بلد عربي ،فكانت هذه القيادة " كمن ح ّ
".
آنذاك قامت الدنيا ولم تقعععد ،طبععل وزمععر فععي الشععرق والغععرب ،
لتأكيد عدوانية العراق ونازيته ،فحرق اليهععود هععو فعععل هتلععر ّ
ي
ي ،وكان ذلك لتهيئة الرأي الغربي والعالمي ،لستقبال هتلر ناز ّ
جديد يسعععى لحععرق اليهععود .وفععي الخفععاء كععانت ُتطبععخ مععؤامرة
خضت عن غععزو العععراق للكععويت ،وبععذلك اسععتطاعت جديدة ،تم ّ
أمريكا ،أن ُتوجد مبّررا قانونيععا لتععدمير العععراق ،فغععزو العععراق
للكويت ،كان مخالفععا للقععوانين والعععراف والمواثيععق الدوليععة ،
وبععذلك اسععتطاعوا إضععفاء الشععرعية علععى عععدوانيتهم ،لتحقيععق
مآربهم الحقيقية تحععت غطععاء الشععرعية الدوليععة ،وبععدل مععن أن
تواجه أمريكا المعتدية العالم بأسره ،أصبحت الضععحية العراقيععة
تواجه العالم ،بعد أن أصبحت معتدية ،كمععا حصععل مععع ألمانيععا ،
بنفس السيناريو ما قبل الحرب العالمية الثانية ،وبكل حيثيععاته ،
531
والسبب هو عععداء قيععادة البلععدين لسععياد العععالم ،وبععذلك ُأجععبرت
دول العالم المختلفة ،على اتخععاذ موقععف معععادي للعععراق ،حععتى
من قبل حلفاءه التقليديين ،في ذلك الوقت .
أما في الوقت الحالي ،فقد بدأت دول العالم مؤخرا ،تصععحو مععن
أكععاذيب الدارات المريكيععة المتعاقبععة ،لتععبرير مععا تنتهجععه مععن
سياسات إزاء العراق ،فكل المبّررات السابقة لم تعععد موجععودة ،
وأصععبحت العمععال المريكيععة العدوانيععة ُ ،تجععابه بالمعارضععة
الشععديدة مععن قبععل أغلععب دول العععالم .وحععتى قععرارات الشععرعية
الدوليععة ،تميععل كععثير مععن الععدول ومنهععا روسععيا والصععين ،إلععى
التغاضي عن البحث ،في مسألة التزام العععراق بهععا مععن عععدمه ،
ومنها مسألة فرق التفتيش ععن السععلحة .بععل تعمععد هعذه الععدول
أحيانا ،إلى خرق هذه القرارات سرا ،حتى وصل المر بمجلععس
الععدوما الروسععي ،إلععى المطالبععة بالتصععويت ،علععى عمليععة رفععع
الحصار عن العراق من جانب واحد .أما الكثر تمسععكا بقععرارات
الشرعية الدولية ،فهععم الععذين يععذرفون دمععوع التماسععيح ،علععى
الشعععب العراقععي ،بععدعوى أنهععم حريصععون علععى مصععلحة هععذا
الشعب ،وأن قيادة هذا الشعب ليسععت حريصععة عليععه ،بمععا أنهععا
عصت وتمّردت على قرارات الشرعية الدولية ،التي جعلععوا مععن
يعصيها ،بمنزلة من عصى ال ،إن لم تكن أعظم .
وأمععا دعععوى المريكععان ،بععأن العععراق ُيشععكل تهديععدا للمصععالح
المريكية ،في منطقعة الشععرق الوسعط ،وأهععم هععذه المصعالح ،
هععي تععدفق النفععط بأسعععار معقولععة ،واسععتمرارية فتععح السععواق
الخليجيععة للبضععائع المريكيععة ،فهععي دعععوى باطلععة ،فهععذان
المران هما تحصيل حاصل ،منذ اغتيال الزعيم العربي الوحيد ،
الععذي عععارض اللععه المريكععي بقطععع النفععط ،ليشعّل بععذلك العععالم
532
الغربي بأسره .وأما التذّرع بعدوانية العراق على جيرانه بغععزوه
للكويت ،فهو محض افتراء ،لن مععن أجععبر العععراق علععى غععزو
الكويت ،هم المريكان بعلععم ،وحلفععائهم الكويععتيون بغيععر علععم ،
وبتخطيط وتدبير وتشجيع من المريكان أنفسععهم لكل الطرفيععن ،
وبمسععاعدة مععن العععرب أنفسععهم .لنخلععص إلععى القععول أن العععداء
المريكي للعراق ،أصبح غير مبّرر ،في نظر شعوب العالم كافة
،حععتى مععن قبععل الشعععب المريكععي نفسععه ،الععذي أصععبح ُيحععرج
قادته ،بتفنيد كافة الحجج والذرائع ،التي ُيبّررون فيها مواقفهم
المتناقضة من العراق وإسرائيل .
ولنخلص إلى القول ،أول ؛ بععأن الموقععف العععالمي إزاء الصععراع
المريكي العراقي ،أصبح مختلفا بععل مغععايرا لمععا كععان عليععه فععي
السابق ،فهناك بعض الدول العظمى وحتى الصغرى منها ،باتت
تتخذ موقفا مناهضا لمريكععا ولسععرائيل ،ومتعاطفععا مععع العععراق
وفلسطين ،وخير مثععال علععى ذلععك موقععف كولومبيععا فععي مجلععس
المن المؤيد ،لرسععال قععوة حمايعة دوليعة للفلسعطينيين ،مبديععة
عدم اكتراثهععا بمقاطعععات أمريكععا القتصععادية ،ومععوقفي كععل مععن
روسععيا والصععين .وثانيععا ؛ بععأن الموقععف المريكععي المعععادي
للعراق ،عند عدم عزوه للمخاوف التوراتيععة اليهوديععة ُ ،يصععبح
أمرا ل ُيمكن فهمه من قبل الخرين .
الموقف العربي من العراق :
دأبععت أمريكععا علععى دفععع المععور ،باتجععاه جعععل الععرأي العععالمي
والعربععي والعراقععي ،يعتقععد بععأن السععبب فععي معانععاة الشعععب
العراقي ،هو القيادة العراقيععة بتوجهاتهععا العدوانيععة ،حععتى بععات
كثير من العرب ،يعتقدون بأن هذه القيادة هي السبب الحقيقععي ،
533
فيما وصل إليه العرب من ذل وهوان وفرقة ،وضععياع لععثرواتهم
النفطية ،فضل عما كانوا عليععه فععي السععابق .بععل مضععى الكععثير
منهم إلى أبعد من ذلك ،فععاتهموا هععذه القيععادة بالتععآمر والتواطععؤ
مع الغرب نفسععه ،ضععد العععرب وضععد الشعععب العراقععي ،ليصععبح
إسقاط القيادة العراقية مطلبععا عالميععا وعربيععا وعراقيععا ،وليبقععى
رفععع المعانععاة عععن الشعععب العراقععي مرتبطععا ،بإسععقاط القيععادة
العراقية الحالية .وهذا مما جعل البعض يذهب إلى القول أيضععا ،
أن الغرب مستفيد من وجود القيادة العراقية على رأس السلطة ،
لذلك ل يرغب بإسقاطها ،وأن الرئيس العراقي متآمر ومتععواطئ
مع أمريكا ،للضرار بشعبه وأمته ،وحتى ضربه لسرائيل كععان
فقط ،لذر الرماد في العيون .ولو أن أمريكا لم تكن مستفيدة من
وجوده ،لعملت على إزاحته ،تأليها من أولئك لمريكا بغير علععم
،وكأّنها القادر على كل شيء .
وكما أخطأ الشريف حسين بوضع ثقته في النكليز ،فععي الحععرب
العالمية الولى ،وساهم بتنفيععذ مخططعات اليهعود ،معن حيععث ل
يدري ،أخطأت القيععادة العراقيععة مرتيععن ،عنععدما وثقععت بأمريكععا
وبعض مواليها من العرب ،المتآمرين في ظهر الغيععب ،فععانطلى
عليها معسول الكلم ،فسيق العراق كما ُيساق الفهععد إلععى قفععص
الصععياد ،فععدخل حربيععن مععدمرتين ،كععان الهععدف منهمععا تحطيععم
قدراته .وعلى ما يبدو أن هععذه القيععادة اسععتيقظت مععن غفوتهععا ،
فور دخولها للكويت ،وانكشاف الوجه الحقيقي لمريكععا ،ولكععن
بعد فوات الوان ،فانسحبت من حرب الخليج الثانية ،لنقععاذ مععا
يمكن إنقاذه ،ولكن المتآمرون على العراق من عرب وعجم ،لم
ُيعطوها الفرصة للتقاط أنفاسها ،فتوالت قرارات مجلععس المععن
تباعا ،وكان الحصار الذي لم يكن فععي الحسععبان ،وكععانت لجععان
534
حصر المارد العراقي ،في قمقم التفتيش ،وكانت التعويضات ،ف ُ
قرارات مجلس المن الدولي ،ريثما يجد المتآمرون عليه طريقة
للجهاز عليه تماما .
كان مقتل القيادة العراقية الول ،الععذي اسععتغله المتععآمرون خيععر
استغلل ،هي ما يتمتع به العراقيون إجمال ،مععن صععفات العععزة
والنفعععة وامتلكهعععم للقعععوة ،وععععدم قبعععولهم للعععذل والهعععوان ،
والتطععاول عليهععم مععن قبععل الخريععن .فعنععدما ُأغععري الكويععتيون
بالتطاول على الععراق ،كعانت الحعرب النتقاميعة .وكعان المقتعل
الثاني وما زال ،هو أن العراقيين رجال حععرب ،وليسععوا برجععال
مكر وكذب ومراء .لذلك كان من السهولة بمععا كععان ،أن تنطلععي
عليهم دسائس المكرة الفجععرة مععن الغععرب والشععرق .وأمععا رجععم
القيععادة العراقيععة بالخيانععة والتواطععؤ مععع الغععرب ،مععن بعععض
المحبطيععن العععرب ،فععذلك أول :لجهلهععم بمععا يععدور فععي مطابععخ
الغرب والشرق ،ضد هذه المة بشكل عام ،وضد العراق بشععكل
خاص ،وثانيا :لخيبة أملهم فيما عقدوه من آمال ،على القيععادة
العراقية ،لرفع حالة الذل والهوان المزمنة الععتي ُيعععانون منهععا ،
وخاصة بعد أن توقفت الصواريخ العراقيععة ،الععتي كععانت تضععيء
سماء العروبععة ،لتععدك معاقععل الصععهاينة ،قبععل أن تتحّقععق أحلم
الشعب العربي في العزة والكرامة .
دوافع ومبررات العراق لمحو إسرائيل عن
الوجود :
.1التخّلص من الشعععور بعقععدة الععذنب ،حيععث أن أفعععال القيععادة
العراقيععة ،أضعّرت حقيقعة بالشععب العراقععي والمعة العربيعة ،
حتى لو كانت عن غير قصد .
535
.2تععبيض الصععفحة ونفععي تهمععة الخيانععة والتواطععؤ ،حيععث أن
القيادة العراقية ،أصبحت متهمة من قبل الخرين .
.3ضعععرورة التععععويض عمعععا لحعععق الشععععب العراقعععي والمعععة
العربية ،من ذل وهوان نتيجة النكسار العراقي .
.4إثبععات القععدرة العراقيععة علععى النهععوض بالمععة العربيععة ،
وقيادتها لما تصبو إليه من منازل العز والكرامة ،والتي طالما
كانت تتحدث عنها فيما مضععى ،ولكنهععا لععم تفلععح لغايععة الن ،
مما شّكك في مصداقية القيعادة العراقيععة ،فعي تصعديها لهمعوم
المة العربية ،كما تّدعي .
.5إثبععات صععدق تبنععي القيععادة العراقيععة ،لمقولععة " عاشععت
فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر " ،والتي ُتعتععبر مععن
أولويات الحزب الحاكم .
.6الخروج مععن الوضععع المأسععاوي والُمهيععن ،الععذي نجععم عععن
الحصار البدي ،المفروض على العراق منذ أحد عشر عاما .
.7قطععع الطريععق علععى المخططععات اليهوديععة المريكيععة لتععدمير
العراق ،التي أصبح العراقيون يعونها تماما .
.8النتقام مععن التطععاول السععرائيلي الجبععان ،بضععرب المفاعععل
النووي العراقي ،أثناء انشغاله في الحرب مع إيران .
.9النتقام من التطاول المريكي ،بتكنولوجيته الجبانععة ،أثنععاء
وما بعد حرب الخليج الثانية .
.10إظهار عدم مقدرة أمريكا ،على حماية مسععخها الخععداج فععي
المنطقة ،في أي مواجهة عسكرية حقيقية .
536
.11سلبية مواقف القيادات العربيعة غيعر المعبّررة معن الععراق ،
ويأس القيادة العراقية وقنوطها من هذه القيادات ،خاصة بعععد
مؤتمري القمة الخيرين ،في القاهرة وعمان .
.12تعّلععق آمععال الشعععب الفلسععطيني اليععائس ،بصععحوة المععارد
العراقي المحاصر ،وخروجه من القامة الجبرية في القمقععم .
وهذا ما ُيظهره الفلسطينيون أثناء مسيراتهم ،مععن خلل رفععع
صور الرئيس العراقي ،والعلم العراقية .
.13حاجة الشعوب العربية إلى بطل حقيقي يعيععد لهععا أمجادهععا ،
فععي زمععن ع عّزت فيععه البطولععة ،إل مععن بطععولت ،علععى نمععط
بطولت الدون كيشععوت ،فععي معععاركه مععع طععواحين الهععواء ،
التي ما فتئت تتغنى بهععا وبأبطالهععا شاشععات التلفععزة العربيععة ،
ليل ونهارا .
.14العععراق ،غريععق لععن يخشععى البلععل ،وعلععى مععا يبععدو ،أنععه
سععيعمل علععى مبععدأ " أنععا والطوفععان مععن بعععدي " ،وإن لععم
يكسب ،فل شيء يخسره .
.15الستفزاز أو العدوان المريكي القادم ،بناًء على التحريض
اليهععودي ،كمععا ورد فععي تقريععر واشععنطن ،بإثععارة مسععألة
المفتشين ،مع نهاية شهر 11/2001م ،أو بإثارة فتنة جديدة
،تدفع العراق للقيام بعمل عدواني ،داخل أو خارج أراضيه .
دث عن علقة ثأرية بينن النص القرآني يتح ّ
طرفين ،ول اعتبار لي طرف آخر :
يتحععّدث النععص القرآنععي عععن نععزاع بيععن طرفيععن ،فععي سععورة
السععراء ،تربععط مععا بينهمععا علقععة ثأريععة متأصععلة فععي النفععس
اليهودية ،منذ آلف السععنين ،ول يضععع فععي حسععبانه أي طععرف
537
ظعم شعأنه أو صعُغر ،وكعأنه ل يوجعد علعى الكععرة آخعر ،مهمععا ع ُ
الرضية ،سوى اليهود وأولئك العباد .وهذا ما نجععده فععي اليععة
عمُْتعْم
عوا اّلِذينَ َز َ السادسة والخمسين من سورة السراء ) ُقِل اْد ُ
ح عِويلً )(56ع ، ض عّر عَْنُك عْم َ ،وَل َت ْ
ف ال ّ
ش َن َك ْ
ل َيْمِلُكو َ
ن ُدوِنِه َ ،ف َ
ِم ْ
ضّر ( ورد في القرآن (29) ،مرة فقط ،وبمعنى واحععد ولفظ ) ال ّ
هو الذى أو العذاب في الحياة الدنيا ،والمعنى الجمععالي لليععة ،
بأن ال سبحانه وتعالى ُ ،يخاطب ُأناسا أثنععاء نععزول العععذاب بهععم
متحديا إّياهم ،بدعوة من اّتكلوا عليهم مععن دونععه ،لرفععع عععذاب
ال عنهم .ووعد الخرة هو وعد إلهي لليهود بالعذاب – وليس
للمسلمين بالنصر -سيقع ل محالة ،والذين نهاهم ال في نفععس
السورة ،عن اتخاذ وكلء من دونه ،هم بنوا إسرائيل أنفسهم ،
ولن يملك أحد من الجن والنس ،رفعه أو حتى تحععويله عنهععم ،
ولكن كيف ؟
لنتفق أول على أن تحقق هذا الوعععد ،بغععزو العععراق لسععرائيل ،
يعتمد أساسا على انفراد العراق بإسرائيل ،ويمكن لهذا المر أن
يتحّقق في حالتين :
الحتمععال الول :أن يكععون هععذا الغععزو مسععبوقا ،بععدمار جميععع
القوى العسكرية التي يمتلكها الغرب وإسععرائيل ،كنتيجععة لتععدخل
بشععري بقيععام حععرب نوويععة عالميععة ،بيععن الغععرب والشععرق ،أو
كنتيجة لتدخل إلهي ،بإحداث كوارث طبيعية هائلععة فععي الغععرب ،
شبيهة بأحداث يوم القيامة .
الحتمععال الثععاني :أن يكععون هععذا الغععزو ضععمن معطيععات الواقععع
الحالي ،مع بقعاء جميعع القععوى العسعكرية الععتي يمتلكهععا الغععرب
وإسرائيل .باستخدام العراق لتقنيات وخطععط عسععكرية بسععيطة ،
538
تحمل في طياتها منطععق عسععكري جديععد ،لععم تععألفه الشعععوب ول
تتوقعه ضمن المعطيات الحالية ،يكون مععن شععأنه أثنععاء الغععزو ،
إلغاء أو تهميش القدرات العسكرية السرائيلية والغربية كليا .
والحتمال الول ضعيف جدا ،حيععث أنععه يتطلععب أن تقععوم القععوى
الغربيععة ،بفعععل عععدواني ُيه عّدد السععتقرار العععالمي ،ممععا ُيجععبر
القوى الشرقية المتمثلة بروسيا والصين مثل ،على الععرد بشععكل
عنيف ومععدّمر ،لعععادة المععور إلععى نصععابها .وضععمن المنظععور
القريب ل يوجد من السباب ،ما يدفع القوى الغربية للقيام بمثععل
هذا الفعل العدواني .أمععا الفعععل اللهععي بتععدمير القععوى الغربيععة ،
فهو أمر مستبعد كليا ،لن الحاديث النبوية ،فيما ُيخص الفععترة
الزمنية التي يظهر فيهععا المهععدي ُ ،تشععير إلععى فنععاء التكنولوجيععا
العسكرية وغير العسكرية بمجملها ،سواء ما يمتلكه الشععرق أو
ما يمتلكه الغرب ،ول ُتشير إلععى فنععاء جميععع الععدول والشعععوب ،
التي تمتلك هذه التكنولوجيا ،فكيف فنيععت التكنولوجيععا بكليتهععا ،
ولم تفنى الشعوب … ؟!
وهذا مما يؤكد أمرين ،أول :بقععاء بعععض الععدول وفنععاء البعععض
الخععر ،وثانيععا :فنععاء جميععع السععلحة المتطععورة وعلععى رأسععها
السععلحة النوويععة مععن كل الطرفيععن .فالععدمار القععادم للحضععارة
صل ل محالة ،وعلى ما يبدو ،من ج عّراء الغربية برمتها ،سيتح ّ
حععرب عالميععة نوويععة مععدمرة ،تسععتنفذ فيهععا كافععة السععلحة
المتطععورة مععن علععى وجععه البسععيطة ،مععع بقععاء بعععض الشعععوب
المنتصرة ،بعد أن تكون ألقت ما في جعبتها مععن أسععلحة ،علععى
خصععومها المنكسععرة ،وبععذلك يغععدو مععن الممكععن قيععام الخلفععة
السلمية ،في ظل غياب تلك القوى ،ليحكععم الكععون بأسععره ،إذ
539
ل بععد للنصععر مععن أسععباب ومسععببات ماديععة ،فضععل عععن العقععائد
الروحية .
أما الحتمال الثاني فهو القوى ،إذ أن المؤشرات علععى السععاحة
العالمية والمحلية ،تؤكد على أن العراق ،لن يسععتطيع الصععمود
حععتى وقععت متععأخر جععدا ،فصععبر القيععادة العراقيععة بععدأ ينفععذ ،
والتحركععات السياسععية المتعععددة للخلص مععن الحصععار ،علععى
المستوى القليمي والدولي باتت غير مجدية ،ورغععم كععل ذلععك ،
ل يبدو أن هناك ضععوء فععي آخععر النفععق ،والضععغوط والتهديععدات
المريكيععة فععي تزايععد مسععتمر ،فل بععد لهععا مععن القيععام بعمععل مععا
لتحريك المور ،أو قلبها رأسا على عقب .وكذلك المر بالنسبة
للشعب الفلسطيني في فلسطين ،إذا ما اسععتمر الحععال ،علععى مععا
هو عليه من الخذلن العربي والعالمي ،فهو أقرب إلععى النهيععار
منععه إلععى السععتمرار ،وسععتكون النتيجععة مأسععاوية علععى المععدى
البعيد ،وعلى عكس مععا يتععوقعه النععاس منهععم ،فللنسععان طاقععة
محدودة على الصبر ،وسيبدأ الفلسطينيون مجّددا بالنسياب إلى
الخارج شيئا فشيئا .
معطيات الواقع الحالي تؤكنند حتميننة نفنناذ
هذا الوعد في وقت قريب :
وسّر قابلية نفاذ هذا الوعد في الوقت الراهععن ،يكمععن أول :فععي
القيادة الحالية للعراق ،التي إن زالت لن تتكّرر ،فهي التي تملك
إرادة الغزو ،بعدما تولدت لديها نتيجة عملية مخععاض عسععيرة ،
تمثلت بما لحق بالعراق ،من ظلم وإجحاف وإذلل فععي السععنوات
الخيرة ،على عهد هذه القيادة ،وهي الُمطالَبة بإزالة هذا الظلم
والهوان ،والثأر ممن تسعّبب فيععه ،وبعععث أولئك العبععاد المشععار
540
حنا سابقا ،قععائم علعى إليهم في النص القرآني أساسا ،وكما وض ّ
علقة ثأرية بينهم وبين اليهود ،غايته النتقام ليس إل .
ويكمن ثانيا :في القيادة الحالية لسععرائيل ،بقيععادة أكععثر اليهععود
إجراما ووحشية ،ودورهععا فععي ازديععاد حعّدة ودمويععة النتفاضععة
الجديدة ،التي ساهمت وستساهم ،في استمرارية انغماس يهود
إسععرائيل فععي شععأنهم الععداخلي ،وإهمععالهم وعععدم التفععاتهم لمععن
يترّبص بهم الدوائر من الخارج ،مما يعطي فرصععة أكععبر لنجععاح
الغزو العراقي .
ويكمن ثالثا :في حالععة المجتمععع السععرائيلي الراهنععة ،وخاصععة
بعد اختياره لقيادة هععي الكععثر دمويععة بيععن سععابقاتها ،وبأغلبيععة
ساحقة مما ُيشير إلى أن الشعب بكليته ،أصبح أيضا شعبا دمويا
فاسدا ومفسدا ،وعندما تصبح المة بأسرها تملك هذه الصععفة ،
وحسب السنن اللهيععة ،نجععد أن هلكهععا بععات وشععيكا جععدا .وإذا
علمنا أن السفاح ) شععارون ( يحمععل علععى عععاتقه ،تنفيععذ مجمععل
أحلم اليهود التوراتية ،الواردة في الفصول السابقة ،قبل نهاية
وليته ،وعلى رأسها هدم المسجد القصى ،نستطيع القول بععأن
هلك هذه المة ،لن يتجاوز الربع سنوات على أبعد الحتمالت
.
ويكمن رابعا :في القيادة الحالية المريكية غيععر المتزنععة ،الععتي
أعلنععت عععدائيتها غيععر المععبررة للعععراق ،وقععامت بضععربه فععور
تسععلمها للسععلطة ،دون سععابق إنععذار ،بععالرغم مععن سياسععاته
التصععالحية ،وتجععاوبه الكامععل مععع قععرارات الشععرعية الدوليععة ،
وانتهاجه لسلوب الحوار مع مجلس المن _ وكععل ذلععك لععم ولععن
ُيجدي نفعععا ،إذ أن المطلععوب مععن العععراق ،هععو عبععادة إسععرائيل
541
التي يعبدون ،وتقديم فروض الطاعة والولء للسامرّيون الجععدد
في الغرب المتصهين _ والتي أظهرت أيضا فععي المقابععل تغاضععيا
وصمتا ،على ما تقترفه القيادة السرائيلية ،بشكل غير مسبوق
،مما أثار حفيظعة حععتى المنععافقين مععن حلفععاء أمريكععا ،فتعععاقبت
التنديدات والنتقادات لهذا التصععرف الهععوج ،مععن قبععل الُمهعّرج
المريكي بوش .
هععذا ،فضععل عمععا أثععارته القيععادة المريكيععة مععن اسععتياء عععالمي
ودولي ،لسياستها المعادية لععدول الشععرق القصععى والدنععى مععن
روسيا شمال وحتى اليمن جنوبا ،ومن الصين شرقا وحتى ليبيا
غربا ،ولحلفائها الغربيين من الدول غير المنحععازة لسياسععاتها ،
وللبشرية جمعاء بعدم توقيعهععا علععى اتفاقيععة الحععد مععن النبعععاث
الحراري ،حتى انعكس ذلك ،على مشاركة أمريكا ،فععي اللجععان
المنبثقة عن هيئة المععم المتحععدة ،فُأسععقطت مععن لجنععتي حقععوق
النسان ومكافحة المخععدرات ،خلل فععترة قصععيرة ،ممععا يعكععس
السخط الدولي على أمريكا وسياساتها .
فضل عن ذلك ،يأتي مشروع الععدرع المضععاد للصععواريخ المععثير
للجدل ،والذي ترّوج له أمريكا على أنه مشروع دفععاعي بحععت ،
تسععى لمتلكعه ،متذّرععة بمخعاوف غيعر منطقيعة ،معن هجعوم
نووي ،ربمععا تقععوم بععه إحععدى الععدول المارقععة ،كععإيران وكوريععا
الشمالية ،أو جماعات إرهابية ،من الممكن أن تحصل يومععا مععا
على السعلح النعووي ،لضعمان تأييعد حلفائهعا لهعذا المشعروع ،
العععذين أبعععدوا حعععوله الكعععثير معععن التحفظعععات ،لععععدم قنعععاعتهم
بالمسععوغات المريكيععة لهععذا المشععروع .والععذي ُيجععابه أيضععا
بمعارضة شديدة من قبل روسيا والصععين ،كععون هععذا المشععروع
سيلغي قوة الردع النوويععة ،لي دولععة تمتلععك السععلح النععووي .
542
فالسلح النووي في الصل هو قوة ردع كفيلععة ،بمنععع أي دولععة
مارقة أو غير مارقة ،من مجرد التفكير بضععرب أمريكععا نوويععا ،
ليتععبين لنععا أن دوافععع أمريكععا المعلنععة لمتلك هععذا الععدرع ،غيععر
مبررة وغير منطقية .
أما دوافعهععا غيععر المعلنععة لمتلك هععذا الععدرع ،فهععي نابعععة مععن
المخاوف التوراتية والنجيلية ،فيمععا يتعّلععق بالمواجهععة المقبلععة
بيععن الشععرق والغععرب ،والععتي تناولناهععا فععي فصععل سععابق ،
ومحركاتها الرئيسية هي العععراق وروسععيا والمهععدي .وبععامتلك
أمريكععا لهععذا الععدرع ،تتحععول صععواريخها النوويععة إلععى أسععلحة
هجومية ،قادرة على ضرب أي جماعة ،أو دولة نوويا أو غيععر
نووية من المذكورة آنفا ،فععي حالععة قيامهععا بتهديععد المصععالح أو
أمن أمريكا وحلفائها ،دون أن تكترث بأي هجوم نووي مضععاد ،
حتى من قبل روسيا والصععين ،وبععذلك تسععتطيع أمريكععا ،فععرض
إرادتها على أي دولة بعالقوة إن لعم تمتثعل لسياسعاتها طواعيعة ،
عععرض ضععاربة بهيئة المععم ومجالسععها وقراراتهععا ومواثيقهععا ُ
الحائط .
ولو بحثت عمن يسعععى بحمععاس لترويععج فكععرة هععذا الععدرع ،فععي
الدارة المريكية ومجلسي الشيوخ والنععواب ،لوجععدت أنهعم فعي
معظمهععم ،مععن اليهععود ومععن المتصععهينين النصععارى مععن عبععدة
إسععرائيل ،المسععكونين بالمخععاوف التوراتيععة والنجيليععة .وأن
الهععدف المنشععود مععن إقامععة هععذا الععدرع ،هععو تمكيععن النبععوءات
التوراتية المستقبلية التي توافق أهوائهم وأمانيهم من التحقععق ،
وتعطيل جميع النبوءات التي تخالفها ،وبذلك تصبح قابليععة نفععاذ
هععذا الوعععد ،بالشععكل الععذي نتحععدث عنععه شععبه معدومععة بععل
مستحيلة ،ففور شعور أمريكا بأي بوادر تحركات عراقي باتجاه
543
إسرائيل ،لن تععتردد الدارة المريكيععة التوراتيععة ،فععي أن تجعععل
أرض العراق صعيدا جرزا ،دون خوف أو وجل ،وليصععبح اسععم
العراق نسيا منسيا .هذا إن لم تسععتبق المععور كمععا هععي العععادة ،
بضرب العراق والخلص من أمره ،حتى قبل أن ُيفكر بالتحرك ،
فور امتلكها لهذا الدرع ،بعد خمس سنوات من البدء في تنفيذه
،حسب تقديراتها ،ليصبح أمر نفاذ هذا الوعد ،بعععد هععذه المععدة
الزمنية ضربا من الخيال .فل بد من تحقق هذا الوعد قبل مضععي
هذه المدة .
وقد يقول قععائل أن أمريكععا ل تخشععى أحععدا ،ولععو أرادت بععالعراق
السعوء لفعلعت ،ونقعول بعأن هعذا القعول غيعر صعحيح ،فلتعدمير
القععدرة العسععكرية التقليديععة وأسععلحة الععدمار الشععامل العراقيععة ،
احتاجت أمريكا أول :مبررا وهو غزو الكويت ،وثانيا :لجماع
أممي لستصععدار قععرار باسععتخدام القععوة ،وثالثععا :لمشععاركة 30
دولة لتنفيذ الهجوم ،لتوزيععع دمععه علععى القبععائل ،ومععن ثععم ُفتععح
المجال لجراءاتها العدائية المسععتمرة اتجعاه الععراق .فلعو كعانت
قادرة ،فمععا الععداعي لمععا قععامت بععه مععن خطععوات سععبقت الضععرب
الفعلي للعراق ! ونقول بأن أمريكا ،لن تجرؤ على ضرب العراق
نوويا ،بداعي الخوف على مصالحها أو أمنها ،فععي ظععل امتلك
نفس السلح ،من قبععل دول مناهضععة لهععا ولسياسععاتها كروسععيا
والصين ،لنها بالمقابععل ،سععتعطي لهمععا مععبررا لضععربها نوويععا
دون سععابق إنععذار ،فععي حععال قيععام أمريكععا بتهديععد مصععالحهما
وأمنهما .فالمخاوف المريكية معن أسعلحة العدمار الشعامل تعأتي
من العراق ،وكما نعلم فععإن العععراق كععان علععى علقععة طيبععة مععع
أمريكععا ،قبععل حععرب الخليععج الثانيععة ،ولععم ُيه عّدد يومععا ل أمععن
الوليات المتحدة ول مصالحها ،وحتى بعد احتلله للكععويت ،لععم
544
يكن ذلك لُيغّير من طبيعة تلك العلقة ،والذين هّدد العراق أمنهععم
قبل جّره لغزو الكويت وما زال ،وتستطيع صععواريخه الكيماويععة
والبيولوجية أن تصلهم ،هععم يهععود إسععرائيل ،وهععو مععا كععان قععد
أيقظ المخععاوف التوراتيععة لسععياد أمريكععا مععن اليهععود ،فكععان مععا
كان ،ووقع ما لم يكن في الحسبان .
الجواء الن مغايرة تمامننا ،للجننواء الننتي
قامت في ظلها الدولة اليهودية :
منذ أكثر من مائتي سنة ،قام اليهود بوضع مخطط طويل المد ،
جمعوا فيه ،مععا بيععن مطععامع أربععاب المععال اليهععود فععي السععيطرة
القتصادية ،وأحلم الحاخامععات التوراتيععة فععي فلسععطين .وكععان
الهدف النهائي للعمل الجماعي اليهودي ،وما زال ،هو السععيادة
الكاملة على كوكب الرض ،مععن خلل حكععم ملكععي ديكتععاتوري ،
يتخذ من القدس عاصمة له ،لتحقيق مطلب الطرفين معا .نظريا
وبإغفال القدرة اللهيعة ،العتي ل يعؤمن اليهعود بوجودهعا ،فعإن
مخططهم الفسادي قابل للتحقق على أرض الواقع .أمععا عمليععا ،
وبإدخال القدرة اللهية ُ ،يصبح أمر تحقق مخططهم هذا ،ضربا
من الخيال .
وقد تمكن اليهود من خلل هععذا المخطععط ،مععن تحقيععق السععيطرة
القتصادية ،على العالم الغربي ،بامتلك الصععناعة المصععرفية ،
وشعععراء السعععتثمارات بكافعععة أشعععكالها ،وأهمهعععا الصعععناعات
العسععكرية والعلميععة .ممععا مّكنهععم مععن السععيطرة علععى مجمععل
سياسيات تلك الدول الداخلية والخارجية ،ومن ثم تم تسخيرها ،
لخدمة أهداف المخطط اليهودي آنف الذكر .
545
ولو أمعنععت النظععر فععي ظععروف المنطقععة ،الععتي سععبقت الحربيععن
العععالميتين الولععى والثانيععة ،لوجععدت أنهععا تتقععاطع كليععا مععع
المخططات اليهودية ،بإقامة وطن قومي لهم في فلسععطين ،فععي
ظل موقف السلطان عبععد الحميعد ،الرافععض حعتى لقامعة اليهعود
فيها كأفراد ،حتى استيئست رسل اليهود من المر .ولو أمعنععت
النظر في نتائج الحربين ،ستجد أنهععا خععدمت المخطععط اليهععودي
بشكل ملفت للنظععر ،حيععث تمخضععت الحععرب الولععى عععن انهيععار
الدولة العثمانية ،ومن ثم إصدار وعد بلفععور ،ووضععع فلسععطين
تحت النتداب البريطاني ،ومن ثم فتععح بععاب الهجععرة اليهوديععة .
خععض عنهععا إنشععاء المععم ومععن ثععم قععامت الحععرب الثانيععة ،فتم ّ
المتحدة من خمس دول حليفة ومنتصرة ،وفي تلععك الجععواء تععم
استصدار قععرار أممععي بتقسععيم فلسععطين ،مععن خلل دعععم غربععي
أمريكي بريطاني فرنسي ،وعدم معارضة شرقية روسية صينية
،حيث كان لكل دولة ،من تلك الدول والمأخوذة بنشوة النتصار
،أطماع لنيل جزء من الكعكة العالميععة بعععد الحععرب ،وكععان أحععد
المطععالب الغربيععة ،هععو تقععديم فلسععطين لليهععود علععى طبععق مععن
ذهععب .وفععي المقابععل ،سععتجد أن نتععائج هععذه الحععرب ،كععانت
مأساوية على مجمل الدول ،التي شاركت فيها ،حتى المنتصععرة
منهععا ،بمععا أنهععا تكّبلععت بالععديون اليهوديععة إلععى مععا ل نهايععة ،
جععار الحععروب مععن سععادات والمستفيد الوحيد دائمععا وأبععدا ،هععم ت ّ
اليهود ،أثريععاء وحاخامععات ،ممععن يحكمععون العععالم الغربععي فععي
الخفاء .
ع لنخلص إلى أن قيععام إسععرائيل واسععتمرارها ،اعتمععد علععى عععدة
أمور :
546
.1تمكين بريطانيا من السيطرة على فلسطين ،لستصدار وعد
بلفور ،الذي لععم يكععن كافيععا لتحقيععق الحلععم اليهععودي ،بإقامععة
وطن قومي لهم في فلسععطين .ومععن ثععم وضععع فلسععطين تحععت
النتداب البريطاني ،لتمكين بريطانيا من تنفيععذ الوعععد ،بفتععح
أبععواب الهجععرة ،وخلععق واقععع جديععد ،يسععمح لليهععود بإقامععة
الدولة .
.2التضليل العلمي المستمر للرأي العععالمي ،بترويععج مقولععة
" أرض بل شعععععب ،وشعععععب بل أرض " .بالضععععافة إلععععى
التضخيم العلمي لمسألة الضطهاد الممي لليهود ،وخاصة
ترويج حكاية ضحايا المحرقة النازيععة السععتة ملييععن .لكسععب
تعاطف وتأييد الرأي العالمي الغربي .ومن ثم استغلل الحلفاء
الخمسة المنتصرين ،والمؤسسين للمم المتحدة ،لستصععدار
قرار أممي بتقسيم فلسطين ،تمخض عنه قيام دولة إسرائيل .
بطلب وتأييد من الدول الغربية ،وقبول مععن الععدول الشععرقية ،
حيععث كععانت حسععبة المصععالح للععدول الخمسععة الكععبرى آنععذاك ،
تسير في مركب واحعد ،بينمعا كعانت العدول العربيعة بأسعرها ،
مملوكة من قبل الغرب .
.3الرعايعععة القتصعععادية والسياسعععية والعسعععكرية المريكيعععة
والوربية المستمرة لسرائيل ،في حالتي السلم والحرب .
ع ع والسععؤال الن هععل الظععروف ،الععتي أوجععدت دولععة إسععرائيل ،
وحافظت على بقائها واستمراريتها ،ما زالت قائمة ؟
.1فععور خععروج الجيععش البريطععاني ،وفععور العلن عععن قيععام
الدولععة اليهوديععة ،اسععتطاعت الجيععوش العربيععة قهععر الجيععش
السرائيلي ،والوصول إلى مشارف تل أبيب ،ولول اسععتجابة
547
العرب للوامر المريكية بوقف القتال ،لما استطاع الغرب من
إمداد إسرائيل بالعدة والعتاد ،مما مّكنها لحقا من النتصععار ،
ولما كان هناك ما ُيسمى بدولة إسرائيل ،ولكععن قعّدر الع ومععا
شاء فعل .
.2بعد النفتاح العلمععي ،وعالميععة وسععائل التصععال ،وتع عّدد
مصادر المعلومات ُ ،أتيح للرأي العععالمي ،وخاصععة المنععاهض
لمريكا وسياساتها ،رؤية الجانب الخر مععن الصععورة ،الععذي
عملت وسائل العلم الغربية على التعتيم عليه ،فيما مضععى ،
فبات الكل يعلم ،أن فلسطين لم تكن يوما من اليام ،أرضا بل
شعب ،بل فيها شعب ،ل مثيل له بين الشعوب ،له إرادة تفععل
الحديد ،ويسععتحق التقععدير والحععترام .وبععات الكععل يعلععم ،أن
الشعب الذي كان يتباكى من الضطهاد النععازي لععه ،تععبين أنععه
أكثر نازية ووحشية من النازيين أنفسهم ،فتبّدل التعاطف معه
ط عليه ،واسععتياٍء وخجعٍل عععالميّ مععن أفعععاله ،ولععول
إلى سخ ٍ
الفيتو المريكي والدعم البريطاني والفرنسي والتخاذل العربي
،المسعّلط علععى رقععاب الفلسععطينيين ،واُلمحِبععط حععتى لنصععار
القضية الفلسطينية ،من الشعوب غير العربية ،لمععا اسععتمرت
هذه الدولة النازية الجديدة في الوجود .
.3لععو تتبعنععا كافععة الحععروب العربيععة السععرائيلية ،لوجععدنا أن
إسرائيل لم تكن قادرة ،بأي حال من الحععوال ،علععى مجابهععة
الجيوش العربية ،بل لم تكن قادرة على حمايععة نفسععها ،لععول
العععدعم العسعععكري المريكعععي البريطعععاني الفرنسعععي ،المعلعععن
والخفعي بالسععلح والفعراد ،معن خلل الجسعور الجويععة العتي
كانت توصل هذا الدعم .فالمواجهة في كل الحععروب ،لععم تكععن
بيععن العععرب وإسععرائيل ،وإنمععا كععانت بيععن العععرب والغععرب .
548
ولوجععدنا أن مجمععل نوايععا القيععادات العربيععة ،كععانت معروفععة
باليوم والساعة ،وأن تحركات الجيوش العربيععة وإمععداداتها ،
كانت معلنة ومكشوفة وبطيئة ،وغير منسقة لتعدد القيععادات ،
ولوجدنا أن عامل الوقت كان حاسما في مجمل تلك الحععروب ،
مما كعان ُيمّكعن إسععرائيل معن السعتعداد ،وطلععب النصعرة معن
الغرب .
كانت هذه قراءتنععا للواقععع .أمععا معطيععات الواقععع المنظععور ،كمععا
يقرأهععا عامععة النععاس ،والععتي ل تععوحي بععاقتراب تحّقععق وعععد
الخرة ،بإساءة وجوه الصهاينة ،والدخول العراقي لفلسععطين .
سنحاول تصحيح هذه القراءة ما أمكن ،من خلل رسم صععورة ،
للدخول القادم مععن خلل صععور ومشععاهد ،مععن القععرآن والتاريععخ
والواقع ،لتقريب صفة هذا الدخول لععذهن القععارئ ،وذلععك أول :
لتأكيد مصداقية ما جاء به كتععاب الع ،مععن أمععر هععذا الوعععد قبععل
تحّققه ،وعلى النحو الذي أراده رب العزة ،ل كما أرادته أهععواء
البشر ،وثانيا :بيان مدى قابليععة تحّقععق هععذا البعععث ،فععي زمععن
قريب جدا ،وضمن معطيات الواقع الحالي ،الذي قد يراه النعاس
مخالفا ،لما نذهب إليه جملة وتفصيل .
من صور الدخول في القرآن :
نطرح فيما يلععي بعضععا مععن صععور الععدخول ،ممععا ورد ذكععره فععي
القرآن الكريم :
غ عًدا ،
شْئتُْم َر َ
ث ِحْي ُخُلوا َهِذِه اْلَقْرَيَة َ ،فُكُلوا ِمْنَها َ• ) َوِإْذ ُقْلَنا اْد ُ
طاَيععاُكْم ،
خَطعٌة َ ،نْغِفعْر َلُكعْم َ
حّ
جًدا َ ،وُقوُلععوا ِ سع ّ
ب ُ خُلععوا اْلَبععا َ َواْد ُ
ن ) 58البقرة ( سِني َ
ح ِسَنِزيُد اْلُم ْ وَ َ
549
كان هذا وصف لكيفية الدخول ،التي ُأمر بها بنععو إسععرائيل علععى
قريععة مععدين شععبه الخاويععة ،بعععد هلك أغلبيععة أهلهععا بالعععذاب ،
وتركهم لرضهم ومساكنهم وممتلكاتهم من الزروع والمواشي ،
وهذا ما ُيشير إليه قوله تعالى ) فكلوا منها حيث شععئتم رغععدا ( ،
أي أن معا فيهععا معن خيععرات وأنعععام ،أصععبح فعي متنعاول أيععديهم
بمجرد الععدخول ،وهععذه العبععارة قيلععت لدم وزوجععه عنععد أمرهععم
بدخول الجنة ،وكان هذا من لطف ال بهم ومّنه وكرمه عليهم ،
طلب منهم عند دخول باب القرية ،التعبير بععالقول والهيئة ولذلك ُ
،عن شععكرهم وطععاعتهم لع علععى هععذه النعمععة ،الععتي كععانوا قععد
صععلوا عليهععا دون جهععد أو عنععاء ،إذ لععم طلبوهععا سععابقا ،وتح ّ
ُيجععابهوا بأيععة ممانعععة أو مقاومععة ،بععل علععى العكععس ،قوبلععوا
بالترحيب ،من قبل شعيب والقلة المؤمنة ممن بقي مععن قععومه ،
لمصاهرة موسى عليه السلم لهم ،وإقامته عندهم فيما مضععى ،
وال أعلم .
خُلععوا
عَلْيِهَما ،اْد ُ
ن َ ،أْنَعَم الُّ َ
خاُفو َ ن َي َن اّلِذي َ
ن ِ ،م َ لِجَ• ) َقاَل َر ُ
ن ) 23المائدة ( غاِلُبو َ خْلُتُموُه َفِإّنُكْم َ
ب َ ،فِإَذا َد َ
عَلْيِهُم اْلَبا َ
َ
كان هعذا وصعف لكيفيعة العدخول ،العذي ُأمعر بعه بنعو إسعرائيل ،
لععدخول الرض المقّدسععة المأهولععة بالسععكان ،فععي محاولععة مععن
رجليعن معؤمنين ععالمين بواقعع الحعال ،لتشعجيعهم وطمعأنتهم ،
لعلهم يرجعون عععن مععوقفهم الرافععض ،لععدخولها وطععرد سععكانها
الوثنيون ،والستيطان فيها بدل منهم ،حيث يؤكد لهما الرجلن
،بأنهم لن يتعرضوا للذى عند الدخول ،وفععي حععال كععانت هنععاك
مواجهة ،فلععن ُيكّلفهععم ذلععك سععوى كسععر البععاب ،بقتععل الحععراس
المتواجدين عليه ومباغتة أهلها في الداخل .وعلععى مععا يبععدو أن
موسى عليه السلم ،قبل أن يأمر بنععي إسععرائيل بالععدخول ،كععان
550
قد بعث هذين الرجلين ،للتجسس علععى أهععل المدينععة المقّدسععة ،
فوجدا أن أهلهععا علععى غيععر اسععتعداد للحععرب ،وأنهععم ل يملكععون
جيشا ،ولععم يكونععوا جبععارين حقيقععة ،كمععا ادعععى بنععوا إسععرائيل
لحقا ،وأنهم ل يملكون سوى بضعة حّراس ،على باب المدينععة
فقععط .وعنععدما أمععر موسععى قععومه بالععدخول ،رفضععوا ُمتععذرعين
بجبروت أهلهععا تقاعسععا وخععذلنا وجبنععا ،فعّقععب هععذين الرجليععن
علععى قععول موسععى ،بقععولهم ذلععك تفنيععدا لّدعععائهم ،وتوضععيحا
لحقيقععة المععر ،كمععا رأوهععا ب عُأّم أعينهععم ،ومععع ذلععك أص عّر بنععو
إسرائيل على موقفهم ،بقلة إيمانهم وفسععقهم وجبنهععم .ودخععول
كهععذا يحتععاج للمباغتععة كعنصععر أساسععي ،لمنععع الخصععم مععن
السععتعداد والجاهزيععة للقتععال ،ممععا ُيقّلععل أو يمنععع الخسععائر فععي
المواجهات المكشوفة ،ويدفع الخصم إلى الستسععلم والرضععوخ
للمر الواقع ،ومن ثم الرحيل عن الرض .
عععّزَة
جَعُلوا َأ ِسُدوَها َ ،و َ خُلوا َقْرَيًة َأْف َ ك ِ ،إَذا َد َ ن اْلُمُلو َت ِإ ّ
• ) َقاَل ْ
ن ) 34النمل ( ك َيْفَعُلو َ َأهِْلَها َأِذّلًة َ ،وَكَذِل َ
وكان هذا وصععفا لكيفيععة دخععول الملععوك ،علععى القععرى المتمعّردة
والمتطاولععة ،علععى أمرهععم ومكععانتهم ،علععى لسععان ملكععة سععبأ ،
تحذيرا لقومها مععن عصععيان أمععر الملععك سععليمان عليععه السععلم ،
وهذا الدخول هو السوأ على الطلق .وانظر فععي قععول سععليمان
عليه السلم ،عندما تمّردوا على أمره ،ولم يأتوه مسععلمين كمععا
جُنوٍد َل ِقَبَل َلُهْم ِبَهععا ،
جْع ِإَلْيِهْم َ ،فَلَنْأِتَيّنُهْم ِب ُ
طلب ،حيث قال ) اْر ِ
ن ) 37النمل ( ،فعصيان أمر غُرو َ صا ِ
جّنُهْم ِمْنَها َأِذّلًة َوُهْم َ خِر ََوَلُن ْ
الملوك ،ذوي القوة والعزة والنفة والتطاول عليهم ،بأي شععكل
من الشكال ُ ،يحمل على أنه تحقير وتقليل من شععأنهم ،وُيعتععبر
إهانة ل يستطيعون غفرانها .والرد عليها عادة مععا يكععون ،كمععا
551
هو ظاهر في رد سليمان عليهم ،بإرسال جيش ل قبل للخصم به
،ل من حيث العدد ول من حيث العدة ،ونتيجة فعلهم ،هععي كمععا
وصفته ملكة سبأ في الية الولععى ،ومععا أكعّد عليععه سععليمان فععي
الية الثانية أعله .
وغايععة هعذا الععدخول فعي العععادة ،تكعون للنتقععام ورد العتبعار ،
باستباحة الرض والمال والعععرض ،بتخريععب الممتلكععات والقتععل
والتنكيل في العامة ،وأسر علية القوم وإذللهم ،ومن ثععم قتلهععم
والتنكيععل بهععم ،وسععبي نسععائهم وأطفععالهم ،وتسععخيرهم للعمععل
كجواري وخدام في القصور إمعانا فععي إذللهععم .ودخععول كهععذا ،
عادة ما ُتعلن فيه الرغبة فعي النتقعام ،ويتعم فيعه تهديعد الخصعم
مسععبقا ،لذللععه وإدخععال الرعععب فععي قلبععه ،ممععا يكععون أدعععى
لنهياره ،وسرعة تداعيه عند المواجهعة ،فعي حعال تجعّرأ علعى
ذلك .
جَدسع ِ ن اْلَم ْخُل ّ
ق َ ،لَت عْد ُ
ح ّ
سععوَلُه الّرْؤَيععا ِبععاْل َ
ل ع َر ُ
ق ا ُّ ص عَد َ
• ) َلَق عْد َ
ص عِرينَ س عُكْم َ ،ومَُق ّ ن ُرُءو َحّلِقي َ ن ُ ،م َل َءاِمِني َشاَء ا ُّ ن َ حَراَم ِ ،إ ْ
اْل َ
حا َقِريًبععاك َفتْ ً
ن َذِل َ ن ُدو ِ
جَعَل ِم ْ ن َ ،فَعِلَم َما َلْم َتْعَلُموا َ ،ف َخاُفو ََل َت َ
) 27الفتح (
هذه هي المرة الخرى ،والوحيدة في القرآن ،التي يرتبععط فيهععا
ذكر الدخول بالمسجد ،وهو دخول المسجد الحرام في مكة ،ولو
أمعنت النظر في نص الية ،ستجد أنهععا تصععف المسععلمين أثنععاء
تأدية العمرة ،وقععد جععاء فععي كتععب التفسععير ،أن هععذه الرؤيععا قععد
سّمي لحقا بعمرة القضاء ،في العام التالي لصععلح تحّققت ،فيما ُ
الحديبية ،فأنزلت هذه الية تصديقا للرؤيا ووعدا بالفتععح .وأمععا
سّمي في القرآن فتحا الدخول العسكري لمكة والمسجد الحرام ،ف ُ
552
وليععس دخععول .والمعععروف أن المسععلمين عنععدما خرجععوا لغععزو
مكة ،كانوا قد أعدوا عدة الحععرب .وقععد روى المععام مسععلم عععن
جابر " :أن رسول ال دخل مكة ،وعليه عمامععة سععوداء ،مععن
غير إحرام " ،وقال ابن كثير في تفسيره لليععة ) (24مععن نفععس
السععورة ،والععتي سععيرد نصععها فععي الحععديث عععن فتععح مكععة ،أن
الرسول عليعه الصعلة والسعلم " :لعم يسعق ععام الفتعح هعديا ،
وإنما جاء محاربا مقاتل في جيش عرمرم " .
المقصود بدخول المسجد :
الدخول القادم للمسجد القصى ،لن يكون لتخريبه كمععا وقععع فععي
المرة الولى ،ولن يكون بقصععد الزيععارة فقععط ،لداء عبععادة مععن
العبادات ،كما هو الحال عند دخول المسجد الحرام ،الموصععوف
في الية أعله .فالمقصود بقوله تعالى ) وليدخلوا المسجد ( هو
الععدخول إلععى الرض المباركععة ،الععتي تحععوي هععذا المسععجد ،أي
فلسطين ككل والسيطرة عليها .وِذكر المسجد ،الذي هو بمثابععة
القلب مععن الجسععد ،بالنسععبة للرض المباركععة والمقّدسععة ،جععاء
للشععارة وللتأكيعد علعى أن نفععاذ الوعععد بشععكل كامعل ،سيتحصععل
أخيرا بدخول القدس ،بعد إزالععة العلععو اليهععودي مععن فلسععطين ،
وإنهاء الوجود اليهودي فيها ،الذي يفيده تقّدم ذكر الساءة عععن
ِذكر الدخول .
سععوُءوا
خعَرِة ِ ،لَي ُ
لِ
ععُد ا ْ
جعاَء َو ْ
ولو تمعّنت في قوله تعععالى ) َفعِإَذا َ
جَد ) ، (7ستجد أن الغاية من البعث في سِخُلوا اْلَم ْ
جوَهُكْم َ ،وِلَيْد ُ
ُو ُ
صععل هععذه السععاءة ، الصل ،هي إساءة وجععوه اليهععود ،وستتح ّ
من جّراء ما وقع فيهم ،من قتل وتنكيل وسبي وفرار .ومععن ثععم
جاء ذكر المسجد ،ليكون دخول القدس واستعادتها ،نتيجة تأّتى
553
من جّراء ما وقع في اليهود من إساءة .والنكععى والكععثر إيلمععا
لليهععود ،هععو أن ُتّتخععذ القععدس عاصععمة لدولععة عربيععة كععبرى ،
لتصبح أحلم يهود الشرق والغرب المتعلقععة بهععا هبععاًء منثععورا ،
بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنععى مععن التحقععق .وبالتععالي يكععون
مجيععء لفععظ الععدخول فععي هععذه الحالععة ،تأكيععدا لتحريععر فلسععطين
واسععتعادة المسععجد والسععتيلء عليععه مععن قبععل المبعععوثين ،وأن
البعث لم يقتصر علععى إسععاءة الوجععوه فقععط .والتشععبيه هنععا كععان
لصععفة الععدخول ،منععذ اجتيععازهم لحععدود الرض المقّدسععة ،بمععا
تخلله معن قتعل وتنكيعل وأسعر وإذلل ،حعتى وصعولهم إلعى قلعب
مدينة القدس ،ليتأكععد لنععا زوال علععوهم منهععا بشععكل كامععل قهععرا
وقسععرا ،بالضععبط كمععا حصععل فععي المععرة الولععى ،عنععد دخععول
صر .
البابليين بقيادة نبوخذ ن ّ
وعلى ما يبدو أن الععدخول القععادم ،سععيجمع بيععن صععفتي الععدخول
الثاني والثالث ،المشار إليهما أعله ،لن غاية الدخول القععادم ،
تجمع ما بين غايتيهما ،وهما أول :طرد اليهود وإعععادة الرض
لصحابها الصليين ،وثانيا :إشباع الرغبة العراقية في النتقام
من اليهود وإذللهم .
ومن جانب آخر ،نجعد أن قععوله تعععالى ) ليسعوءوا … وليعدخلوا
… كمععا دخلععوه … ( يصععف مععا سععيجري علععى أرض فلسععطين
لحظععة الوصععول إليهععا ،وحععتى اسععتعادة كامععل أرضععها .والععذي
سعيجري حقيقعة علعى أرض الواقعع ،حسعب الوصعف القرآنعي ،
ليس بمعركة ،وإنما غزو من قبل أمععة ل تعععرف الرحمععة ،لمععة
ضعععيفة وجبانععة مسععتباحة الرض والمععال والعععرض .ولععو أنععك
فّكرت بهذا الحدث نظريا ،كما جاء به النععص القرآنععي ،وحععاولت
مطابقته مع معطيات الواقععع الحععالي ،سععتجد بععأن عمليععة تحققععه
554
ضرب من الخيال ،ضمن الظروف الراهنة ،الععتي تؤكععد رجحععان
كفة موازين القوى العالمية ،لصالح اليهود وحلفائهم الغربيين .
صور من الواقع :
ع حال إسرائيل في المنطقة ،كحال ثري يملك منزل ،فععي منطقععة
معزولععة عععن المدينععة ،يحتععوي علععى كععّم هععائٍل مععن الكنععوز
والمقتنيات الثمينة ،ويقتني عتاد جيش كامل من السلحة ،مععن
مسدسات وأسلحة رشاشة وقنابل يدوية وصواريخ ،لحماية هذه
الممتلكات من هجمات اللصوص .
فلو أن مجموعة كععبيرة مععن اللصععوص ،ل تملععك سععوى السععلح
البيض ،فّكرت بالسطو على مثل هذا المنزل ، ،فهل ستنجح ؟!
للجابة فّكر مليا بالحالت التالية :
• إذا وقع السععطو ،وشععر صعاحب المنعزل باللصعوص ،وهعم
خععارج السععوار ،سععيكون بمقععدوره التصععال برجععال المععن ،
ومشععاغلتهم بمععا لععديه مععن السععلحة متنوعععة وفتاكععة ،حععتى
يتمكن من الحصول على المساعدة ،هذا إن لععم يكععن قععد فععرق
شملهم ،وأبادهم عععن بكععرة أبيهععم ،قبععل وصععول المسععاعدة ،
وستكون إمكانية صدهم في هذه الحالة كبيرة جدا .
• إذا وقع السطو ،ولم يشعر صععاحب المنععزل باللصععوص ،إل
بعد دخولهم إلى المنزل والنتشار في أرجاءه ،فهععو خاسععر ل
محالة ،ولكن أمامه عدة خيارات ،أول :التصال بالمسععاعدة
التي لن تصل في الوقت المناسب ،وسيكون ضررها أكثر مععن
نفعها ،في حال أحس اللصوص بذلك ،فقد ُيصععبح قتلععه أمعرا
محتما ،وكععذلك الحععال فيمععا لععو حوصععر اللصععوص ،مععن قبععل
555
رجعععال المعععن ،داخعععل المنعععزل الُمتخعععم بالسعععلحة ،ثانيعععا :
المواجهة المسلحة ،فيما لو لم يتمكن من التصال ،والنتيجععة
مععع كععثرتهم ،محسععومة لصععالحهم ،بقتلععه ونهععب محتويععات
المنزل ،وثالثا :الفرار أو الختفاء ،والتسليم بالمر الواقع ،
لتنهب محتويات المنزل .
• إذا وقع السطو ،ولم يشعر صععاحب المنععزل باللصععوص ،إل
وسكين أحدهم تضغط على حنجرته ،منبهين إيععاه مععن النععوم .
هنا ستكون النتيجة محسومة ،فنهععب المنععزل أصععبح تحصععيل
حاصععل ،وأمععا أمععر نجععاته مععن عععدمها ،فمرهععون بأيععدي
اللصوص .
ولغزو إسرائيل ،يتطلب المععر تجّنععب الحالععة الولععى ،وهععي مععا
جععرت عليععه العععادة ،فععي كافععة الحععروب العربيععة السععرائيلية ،
والعمععل علععى مععا أمكععن علععى تحقيععق الحالععة الثالثععة ،أو الحالععة
الثانية على القل ،بهجوم كبير وشامل ومباغت وسريع ،تكفلععه
ق والمحافظععة علععى السععرية وحدة القيادة من خلل العمععل المنسع ّ
التامة ،مما يحرم إسرائيل من الستعداد ،ويلغي جميعع قعدراتها
الدفاعيععة والهجوميععة ،ويحرمهععا حععتى مععن القععدرة علععى طلععب
المساعدة كذلك .ولنخلص إلى القععول بععأن نجععاح هععذه المهمععة ،
يتطّلب عدة عوامل :
أول :إعداد جيش كبير العدد ،يفععوق تعععداد الجيععش السععرائيلي
أضعععافا مضععاعفة ،يتععم تععدريبه علععى كافععة السععاليب القتاليععة
الحديثععة ،ويكععون لفععراده القععدرة علععى تحمععل الجهععد والجععوع
والعطش ،والقدرة على البقاء والستمرارية في أقسى الظععروف
،تملؤهم رغبة جامحة بالنتقام ،وُيسّيرهم حقد جارف .
556
ثانيا :المحافظة على السرية التامة ،منععذ لحظععة النطلق حععتى
الوصول ،لتوفير عنصر المباغتة .
ثالثععا :سععرعة الوصععول ،باسععتخدام كافععة الوسععائل والتقنيععات
العصرية المتاحة .
رابعا :شمولية الهجوم ،من خلل تعدد الجبهات .
خامسا :سرعة النتشار .
ن ولو نظرنا إلى واقع إسرائيل ،ستجد أنها أشبه بالطفل الخداج
،الذي يعيش في بيئة مصطنعة ،ويحتاج فيها إلععى مععن ٌيقعّدم لععه
الحماية والرعاية والعناية المستمرة والحثيثة ،والمداد بالغععذاء
والهععواء فععي الظععروف الطبيعيععة ،وإلععى العلج المكثععف فععي
الزمععات الصععحية بسععبب نقععص المناعععة ،وعععدم القععدرة علععى
المقاومة .
ومشععكلة إسععرائيل ،أن حاضععنتها تقععع فععي بيئة معاديععة ،وهععي
عرضة لن ُيفتك بها ،في أي لحظععة ،وأن أمريكععا القائمععة علععى
رعايتها والعنايععة بهععا ،تبعععد عنهععا آلف الميععال .وتحتععاج إلععى
وقت ليس بالقصير ،لتقععديم العععون لهععا ،كلمععا ألعّم بهععا عععارض
مفاجئ ،وغالبا ما كانت أمريكا تلجأ إلى الحيلة والمماطلة ،فععي
كل مّرة لكسب الوقت ،كي تؤمن لها العلج المناسععب ،وتنقععذها
من الهلك .
وللتخلص مععن هععذا المسععخ ،يتطلععب المععر ،المباغتععة بععالهجوم
وسعععرعة النجعععاز وععععدم التعععأخير ،أثنعععاء عمليعععة القتعععل ،
والستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد ،لحرمان القائمععة علععى
الرعاية ،من كسععب الععوقت ،الععذي تحتععاجه لتعطيععل عمليععة قتععل
المسععخ ،ومعن ثععم لتقعوم بإنعاشععه ،كمعا جعرت الععادة فعي كافعة
557
الحروب العربية السرائيلية .ولنخلص إلى القول بأن نجاح هذه
المهمة ،يعتمد على ثلثة عوامل :
أول :المباغتة بالهجوم .
وثانيا :سرعة النجاز .
وثالثا :الستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد ،إذ ليس بإمكان
أمريكا أن تحيي الموتى ،ولو فّكرت بذلك فلن تجد من ُيؤّيدها .
صور من التاريخ السلمي :
في السنة السادسة للهجرة ،كان الرسول عليه الصلة السععلم ،
وألععف وأربعمععائة رجععل مععن المسععلمين ،قععد أحرمععوا بععالعمرة
متععوجهين إلععى مكععة ،فعلععم مشععركي قريععش بععذلك ،فخرجععوا
بخيلهم ،لصّدهم عن دخول المسجد الحرام .فسلك عليه الصععلة
والسععلم طريقععا ،غيععر الععتي كععان عليهععا ،حععتى وصععل إلععى
الحديبية ،بركت الناقععة علععى غيععر عادتهععا ،فعلععم عليععه الصععلة
والسلم ،أنها لن تعدو مكانها ،وبأن العمرة لععم ُتكتععب لهععم ذلععك
العام ،فأقام ومن معه فيهععا .فكععان فيهععا الصععلح الععذي كععان مععن
بنوده ،حرمان المسلمين من أداء العمرة فععي ذلععك العععام ،علععى
ق ذلععك علععى المسععلمين ، ش ّأن يعودوا لدائها في العام المقبل ،ف ُ
ومنهععم عمععر بععن الخطععاب رضععي ال ع عنععه ،الععذي أراد قتععالهم
سعْورة غضععبه ،إل بعععض أن ُأنزلععت والدخول قسرا ،ولععم تهععدأ َ
آيات سورة الفتح ُ ،مبّينة الحكمة اللهية ،التي غفل عنها بعض
من أّيد قتال أهل مكة ،من الصحابة رضوان ال عليهم .
ط عنِعْنُه عْم ِبَب ْ
عْنُك عْم َ ،وَأْي عِدَيُكْم َ
ف َأْي عِدَيُهْم َقال تعالى ) َوُهَو اّلِذي َك ّ
صععيًرا ) ن َب ِ عَلْيِهْم َ ،وَكانَ الُّ ِبَما َتْعَمُلو َ ظَفَرُكْم َ
ن َأ ْ
ن َبْعِد َأ ْ
َمّكَة ِ ،م ْ
حعَراِم َ ،واْلَهعْديَ جِد اْل َ سع ِ
ن اْلَم ْ عع ِ
صّدوُكْم َ ن َكَفُروا َ ،و َ ُ (24هُم اّلِذي َ
558
ت َ ،لمْ ساٌء ُمْؤِمَنا ٌ ن َوِن َ جاٌل ُمْؤِمُنو َ حّلُه َ ،وَلْوَل ِر َن َيْبُلَغ َم َِمْعُكوًفا َأ ْ
خَل عْل عٍم ِ ،لُي عْد ِ
صيَبُكْم ِمْنُهْم َمَعّرٌة ِبَغْي عِر ِ
طُئوُهْم َ ،فُت ِ ن َت َ
َتْعَلُموُهْم َ ،أ ْ
ن َكَفعُروا مِْنُهعْم شاُء َ ،لْو َتَزّيُلوا َ ،لَععّذْبَنا اّلعِذي َن َي َ
حَمِتِه َم ْ ل ِفي َر ْ ا ُّ
عَذاًبا َأِليًما ) 25الفتح ( ،فبالرغم من توافر الرغبععة اللهيععة فععي َ
تعذيب الكفار ،وتوافر التأييد اللهععي للمسععلمين فععي مواجهععاتهم
للمشركين ،وأسر المسلمين لمن خرج لصّدهم عن المسععجد مععن
مشركي قريش ُ ،منععع المسععلمين مععن الععدخول لمكععة قسععرا ،لئل
ُيلحقوا الذى بالمؤمنين ،غير المعلومين من أهل مكة ،وأنه لو
سعععمح للمسعععلمين بقتعععال كعععان هعععؤلء ظعععاهرين ومعلعععومين ،ل ُ
المشركين ،ودخول مكة قسرا .
قلنا في فصل سابق أن صفة دخول المسجد القصى ،فععي المععرة
الثانية مشابهة لصفة دخوله في المععرة الولععى ،والععدخول الول
كما علمنا ،كان من قبل البابليين .ولكن مععا نععود أن نؤكععد عليععه
هنععا ،أن ظععروف الععدخول الول مختلفععة ،عععن ظععروف الععدخول
الثاني ،فالدخول الول ،وقع على كفرة اليهععود وفسععقتهم ،بعععد
أن قاموا بإخراج المؤمنين المستضعفين من ديععارهم ،وإبعععادهم
إلى خارج حدود المملكة .وما نراه أمامنا على أرض الواقع فععي
فلسطين ككععل ،هععو تععداخل المععدن الفلسععطينية بالمععدن اليهوديععة
والمستوطنات ،واختلط السكان معن ععرب ويهعود ،فعي بععض
المدن وخاصة في مدينة القععدس .وهععذا الواقععع مشععابه إلععى حععد
مععا ،ظععروف مكععة قبععل الفتععح ،حيععث اختلط المععؤمنين سععّرا
بالكفععار .وهععذا ممععا ينفعي ،والع أعلععم ،اسععتخدام القععوة بشععكل
مفععرط ،أثنععاء الععدخول العراقععي لفلسععطين ،وممععا ينفععي وقععوع
مواجهة شععاملة ،فععي حععرب معلنععة ومكشععوفة ،ولنتعععرف علععى
الفكر العسكري ،لرسول ال عليه الصععلة والسععلم ،فععي كيفيععة
559
التعامل مع هذا الواقع ،وكيفية التدبير اللهي في تنفيععذ وعععده ،
سنعرض بعض الملمح من فتح مكة .
لما كان صلح الحديبية ،دخل بنو بكر في عقععد قريععش ،ودخلععت
خزاعععة فععي عقععد رسععول ال ع عليععه الصععلة والسععلم ،وكععانت
الهدنععة .فاغتنمهععا جماعععة مععن بنععي بكععر ،فععي السععنة الثامنععة
للهجرة ،فأصابوا من خزاعة ثأرا قديما لهم ،وكععانت قريععش قععد
رفدت بني بكر بالسلح والرجال .فخرج نفر من خزاعععة ،حععتى
قععدموا علععى رسععول ال ع عليععه الصععلة والسععلم ،فععأخبروه بمععا
أصععيب منهععم ،ومظععاهرة قريععش لبنععي بكععر عليهععم ،فوعععدوا
بالنصععر ،ثععم انصععرفوا راجعيععن .فخععرج أبععو سععفيان حععتى قععدم
المدينة ،ليطلب الشفاعة ،ويشّد في العقععد ،ويزيععد فععي المععدة ،
فرجع خائبا .
في تلك الثناء ُ ،أمر المسلمون بالجهاد ،وُأخفيت جهة الخععروج
عن الناس في بادئ المععر ،كمععا ُأخفععي موعععد الخععروج ،ثععم إن
رسول ال أخبر الناس ،قبيل خروجه بفترة قصععيرة ،أنععه سععائر
خععذ العيععون
إلى مكة ،وأمرهم بالجّد والتهيععؤ ،وقععال " :اللهععم ُ
والخبار عن قريش ،حتى نبغتها في بلدها " .وكلنا يعلم قصة
حاطب بن أبي بلتعه ،عندما حاول إعلم قريش بما كان من أمععر
المسلمين ،فكشف الع أمععره عععن طريععق الععوحي .وشععاء الع ،
فُعّميت الخبار عن قريش ،ونزل جيش الفتح بالقرب من مكة .
كان العباس عم الرسول عليه الصلة والسلم ،قد أعلن إسععلمه
عنععد مقععدم جيععش المسععلمين لغععزو مكععة ،وممععا قععاله حيععن نععزل
رسععول الع معّر الظهععران " :واصععباح قريععش ،والع لئن دخعل
رسععول ال ع مكععة عنععوة ،قبععل أن يععأتوه فيسععتأمنوه ،إنععه لهلك
560
قريش إلى آخر الدهر " .فخرج العباس رضي ال عنه ،ليبحععث
عن رجل من قريش ،ليطلب لها المععان ،مععن رسععول الع عليععه
الصلة والسلم ،خوفا من أن ُيهلكهععا جيععش المسععلمين ،القععادم
للنتقام منها لنقض العهد ،فوجد صاحبه أبي سفيان ،فاستجلبه
ليطلب المان .ولول ما ُأعطي أبو سفيان ،من المان لهل مكععة
،وإطلق سراحه صباحا ،لُيخبرهم قبل دخول جيش المسلمين ،
لهلكت قريش .
كععانت قريععش – بعععد أن نقضععت العهععد – تتوقععع خععروج الرسععول
ن معرفتها لوقت خروجععه علععى عليه الصلة والسلم عليها ،ولك ّ
صععلة ،لععذلك لععم تقععم بالسععتعدادوجععه الدقععة ،لععم تكععن متح ّ
للمواجهة ،وكانت تعتمد على خبر يأتيها من عمليات التجسس ،
الععتي دأبععت علععى القيععام بهععا ،منععذ نقضععها للعهععد ،للبععدء فععي
الستعداد .ولكن ذلك الخععبر لععم يععأت ،بمشععيئة الع ،حععتى كععان
صباح يوم الفتح ،على لسان أبي سفيان ،الذي كععان قععد أسععلم ،
داعيا أهل مكة إلى الستسلم ،ل داعيا إياهم إلى النفير .
مقومات وظروف فتح مكة :
كان ُمحّرك الخروج على قريش ،هععو الرغبععة فععي النتقععام منهععا
لنقضها العهد ،والثأر لبني خزاعععة ،بالضععافة لععدوافع أخععرى ،
أمععا رسععول ال ع عليععه السععلم ،فكععان أرحععم بأهععل قريععش مععن
أنفسهم .
.1توافر الوعد اللهي لرسوله وللمؤمنين بالفتح .
.2إحاطععة عمليععة الخععروج بالسععرية التامععة ،لتععوفير عنصععر
المباغتة ،مما حرم قريععش مععن السععتعداد للمواجهععة ،سععواء
بإعداد العدد والععدة ،أو بالسعتعانة بمعا حولهعا معن القبعائل ،
561
ممن كانوا على عداء مع المسلمين .مع العلم بأن المسافة مععا
بين المدينة ومكة ،تزيد على 400كععم ،وأن وسععائل النتقععال
كانت بدائيععة وبطيئة جععدا ،ومععع ذلععك تمّكععن المسععلمون ،مععن
الوصول ومباغتة أهل مكة ،من خلل الخذ بالسععباب ،ومععن
ثم العتماد على التأييد اللهي .
.3تأمين الكثرة ،لدب الرعب في قلوب المشركين ،وإجبععارهم
على الستسلم لنعععدام القععدرة علععى المواجهععة ،ولسععحق أي
مقاومة محتملة ،مهما كان حجمها ،حيث بلععغ تعععداد الجيععش
قرابة عشععرة آلف رجععل ،وهععو نفععس العععدد الععذي اسععتطاعت
قريش ،وحلفائها من القبائل ،جمعه في غزوة الخندق ،وهو
حرمت قريش من فعله عند فتح مكة . ما ُ
.4علم المسععلمين التععام ،بجغرافيععة مكععة ومحيطهععا ،ممععا أفععاد
المسلمين قبل وأثناء الدخول .
.5والهععم مععن كععل مععا تق عّدم ،هععو التأييععد والتمكيععن والتععدبير
اللهي ،من البداية إلى النهاية ،لنجاز ذلك الوعد .
ع والن لو طرحنا التساؤل التالي ،أليععس مععن الممكععن أن تتععوفر
ذات المقومات للعراقيين ،لُينجز ال وعده لبني إسرائيل ؟!
.1تععوافر نفععس الُمح عّرك للخععروج ،وتععوافر دوافععع ومععبررات
أخرى طرحناها أعله .
.2توافر الوعد اللهي بعقاب بني إسرائيل على أيدي العراقييععن
،حتى لو لم ُيذكروا بالسم في النص القرآني .
.3توافر وحدة القيادة ،وقدرتها في هععذه الحالعة ،علعى إخفععاء
أمر الخروج ،من حيث توقيته وكيفّيتععه ،ممععا يضععمن عنصععر
المباغتة .
562
.4القرب المكاني ،وتوافر آليععات النقععل الحديثععة ،ممععا يضععمن
سرعة الوصول .
.5توافر الكععثرة والسععتعداد والتععدريب المكثععف ،فهععذا هععو مععا
ُيشععاهده القاصععي والععداني ،علععى شاشععة التلفزيععون العراقععي
مؤخرا .ول يأخذ هذا المر على محمل الجّد ،إل يهود أمريكععا
وإسععرائيل مععن المععؤمنين بععالنبوءات التوراتيععة ،لدرجععة أن
) شععارون ( سععافر مععؤخرا لمريكععا فقععط ،لبحععث أمععر جيععش
القصى الذي ُيعّده الرئيععس العراقععي ،حيععث وع عَده المريكععان
بالتكفل بأمره ،وطلبوا منه الهتمام بالشأن الداخلي ،والعمععل
على تهدئة المور ظاهريا .ومربط الفرس ،أن العالم ل ُيعيععر
أدنععى اهتمععام للسععتعدادات العراقيععة الجاريععة حاليععا علععى قععدم
وساق ،وحتى أمريكا نفسها على ما يبدو تقلل مععن شععأن هععذا
الجيش ،ول تتوقع أن يقوم العراق بغزو إسرائيل برا .
.6توافر التجربة والخبرة الميدانية للقيادات العسكرية العراقيعة
،بمشاركتها في كافة الحروب العربية السععرائيلية ،والحععرب
اليرانية ،ودخولها المفاجئ للكويت .
.7تعععوافر التأييعععد والتمكيعععن اللهعععي ،بتعععذليل السعععبل أمعععام
العراقيين ،والتي من شأنها تحقيق هذا الوعد ،بالكيفية الععتي
جاءت بها النصوص القرآنية .
صفة جيش البعث في التوراة :
ع سفر يوئيل :1 :1 " :هذا ما أوحععى بععه الععرب إلععى يوئيععل بععن
فثوئيععل :اسععمعوا هععذا أّيهععا الشععيوخ ،وأصععغوا يععا جميععع أهععل
الرض … ،
563
:15 :1يا له من يوم رهيب ،لن يوم الرب قريب ،حامل معععه
الدمار من عند القععدير … ،اصععحوا أيهععا السععكارى ،وابكععوا يععا
جميع مدمني الخمر … فإن أمًة قويععة قعد زحفعت علععى أرضعي ،
ُأمة قوية ل ُتحصى لكثرتها ،لها أسنان ليث وأنياب لبؤة … ،
:2 :2هو يوم ظلمة وتجّهم ،يوم غيوم ُمكفهّرة وقتام دامععس ،
فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ،كما يزحف الظلم علععى الجبععال ،
أّمة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ،تلتهم النار مععا أمامهععا ،
وُيحرق اللهيب ما خلفهععا ،الرض أمامهععا جنععة عععدن ،وخلفهععا
صحراء موحشة ،يثبون على رؤوس الجبال ،فععي جلبععة كجلبععة
ش ،وكجيععش عععات المركبععات ،كفرقعععة لهيععب نععار يلتهععم القعع ّ
ف للقتال .تنتاب الرعدة منهم كععل الشعععوب ،وتشععحب كععل ُمصط ّ
الوجععوه ،ينععدفعون كالجبععابرة وكرجععال الحععرب ، … ،ينسعّلون
ضععون علععى المدينععة ،بيععن السععلحة مععن غيععر أن يتوقفععوا ،ينق ّ
ويتواثبععون فععوق السععوار ،يتس عّلقون الععبيوت ،ويتس عّللون مععن
الكععوى كاللصععوص ،ترتعععد الرض أمععامهم وترجععف السععماء ،
جنده ل ُيحصععى … ،يجهر الرب بصوته في ُمقّدمة جيشه ،لن ُ
لهم عدد ،ومن ُينّفذ أمره يكععون ُمقتععدرا ،لن يععوم الععرب عظيععم
ومخيف ،فمن يحتمله ؟! " .
ععع سععفر حبقععوق :3 :1 " :أينمععا تلّفععت أشععهد أمععامي جععورا
واغتصابا ،ويثور حولي خصععام ونععزاع ،لععذلك بطلععت الشععريعة
) تعطّلععت ( وبععاد العععدل ،لن الشععرار ُيحاصععرون الصععّديق ،
ق.
فيصدر الحكم ُمنحرفا عن الح ّ
جبوا وتحّيروا ،لنععي ُمقبععل " :5 :1تأّملوا المم وأبصروا ،تع ّ
على إنجاز أعمال ،في عهععدكم ،إذا ُأخععبرتم بهععا ل تص عّدقونها .
564
فها أنا ُأثير الكلدانيين ،هذه المة الحانقة الُمندفعة ،الزاحفة في
رحاب الرض ،لتستولي على مسععاكن ليسععت لهععا ،أّمععة ُمخيفععة
حكمها وعظمتها من ذاتها .خيولهععا أسععرع مععن ُمرعبة ،تستمّد ُ
النمععور ،وأكععثر ضععراوة مععن ذئاب المسععاء ،فرسععانها ينععدفعون
بكبرياء ،قادمين من أماكن بعيدة ُ ،متسابقين كالنسر الُمسععرع ،
للنقضععاض علععى فريسععته ُ ،يقبلععون جميعهععم ليعيثععوا فسععادا ،
ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ،فيجمعععون
أسرى كالرمل .يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ،ويسععخرون
مععن الحصععون ،يجعلععون حولهععا تلل مععن الععتراب ،ويسععتولون
عليها .ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ،فقوة هؤلء الرجال هععي
إلههم " .
" 3 :2لن الرؤيععا ل تتحّقععق إل فععي ميعادهععا ،وتسععرع إلععى
نهايتها ،إنهععا ل تكععذب ،وإن تععوانت فانتظرهععا ،لنهععا ل بعّد أن
تتحّقق ،ولن تتأخر طويل " .
اليهننودي وصننفة الجبننن الملزمننة لننه عننبر
العصور :
كلنا يعلم أن وجود إسرائيل وبقائها ،ل يعتمد في الدرجة الولععى
على مقّوماتها الذاتيععة ،مهمععا بلغععت قوتهععا العسععكرية مععن عععدة
وعتاد ،فحصنهم المنيع هو أمريكا بقوتها وعظمتها ،والحصععن
الخعععر هعععو الطعععوق المنعععي معععن معاهعععدات السعععلم والحلف
العسكرية ،التي سعوا جاهدين للتوقيع عليهععا مععع دول الجععوار .
وهذين الحصنين هما ما يتكل عليه اليهععود ،كضععمانة لسععتمرار
وجودهم ،وشعورهم نسبيا بالمان ،الععذي ُيمّكنهععم مععن البععدء ،
في تنفيذ مشاريعهم التوراتية على أرض فلسطين .
565
أما اليهود فععي الحقيقععة ،فليععس لععديهم عقيععدة أو مبععدأ ،ليبععذلوا
أرواحهم في سبيل الدفاع عنها ،كما هي الحال عنعد غيرهعم معن
شعوب الرض .لذلك تجدهم أشّد الناس حرصا على الحياة ،فل
ُيقععاتلون إل مجععبرين ،وفععي قععرى محصععنة أو مععن وراء جععدر ،
فعادة الخروج للقتال ليست من شأنهم ،أما الخروج للقتل وسفك
دماء غير المقاتلين ،فهذا أكثر ما يستطيعون القيام بععه ،وعلععى
تخّوف من إصابتهم ،من قبل خصمهم العزل ،وهذا ما نشاهده
على أرض الواقع هذه اليام .
أمععا فععي حععال المواجهععة المعلنععة المكشععوفة ،فععأول معا ُيفّكععر بععه
جععج بالسععلح ،هععو البحععث عععن ملجععأ الجنععدي السععرائيلي المد ّ
صن خلفه ،هذا إن تجرأ على القتععال .وإن لععم يجععرؤ ،فععأول يتح ّ
ما ُيفّكر به ،هو أن يععولي الدبعار مطلقععا لسعاقيه العنعان ،هاربععا
إلى حيث ل يدري .فكيف إذا لععم يكععن هنععاك مواجهععة ،بععل غععزو
مفاجئ ،أتخّيل هذا الجندي وفععور سععماعه ،بععأمر خععروج أحفععاد
نبوخذ نصر ،من بابل وقبل اجتيازهم للحععدود العراقيععة ،باتجععاه
إسرائيل ،وقد تسّمر في مكانه ،وتجّمد الدم في عروقه ،وشّلت
أطرافه ،فلم يقو على حمل سلحه .وخلصة القعول أن دولتهعم
محكوم عليها بالفناء ،منذ لحظة قيامها ،وهم يعلمون ذلك علععم
اليقين ،وأن الجندي السععرائيلي ،مهععزوم بععالرعب مععن قبععل أن
تبدأ المعركة .
الكيفية المتوقعة لهذا الدخول :
على ما يبدو ،وبعد هذه القراءة المطّولعة ،أنعه لعن تكعون هنعاك
معركة معلنععة ومكشععوفة وطويلععة المععد ،تسععتخدم فيهععا الليععات
الحربية ،من مدافع ودبابات وصواريخ وطععائرات .وإنمععا غععزو
566
سريع ومباغت ،لجيش عرمرم ،بعدد هائل من الجند ُ ،مععدّربين
على سرعة النتقال والنتشار ،ومزودين بأسععلحة خفيفععة ،هععم
أشبه – كمععا تصععورهم التععوراة – باللصععوص فععي خفععة حركتهععم
وانسيابهم وتسّللهم ،وبالنسور بسعرعة انقضاضعها ،وبالسعود
في قوتها وجبروتها وبطشها .وقد ل يخلو المر ،من مواجهات
ولكنها ستكون محدودة وقصيرة ،ربمععا ل تتعععدى كسععر البععاب ،
بمعنى أن العقبة الوحيدة التي ربما تععواجه المهععاجمين ،ل تعععدو
عن كونها ،مقاومة بسيطة على الحدود .
وكون هذا الهجوم مباغتا ُ ،يفهم من تحذير النجيل لليهود ،بأن
من سمع بمحاصرة أورشليم بالجيوش ،إذا كان فعي الحقعل ،فل
يرجع إلى المدينة ،وإذا كان على سععقف المنععزل ،فل ينععزل إلععى
أسفل ،ليجلب متاعا أو ما شابه ،أي أن هناك من سيسمع بهععذا
الغزو بعد خروجه إلى الحقل ،وأن هنععاك مععن سيسععمع بععالغزو ،
بعد صعوده إلى سطح منزله ،والخروج من المدينععة إلععى الحقععل
والعودة ،ربما ل يتجاوز سويعات معععدودة ،وأمععا الصعععود إلععى
سطح المنزل والنععزول عنعه ،فربمعا ل يتجععاوز دقععائق مععدودة .
فالفارق الزمني قصير جدا ،ما بين الحالتين ،فالععذي خععرج إلععى
الحقل ،لم يكن يعلم بالغزو قبل خروجه ،والذي صعد إلى سععطح
المنزل ،لم يكن قد سمع بالغزو قبل صعوده .
ومن المحتمل أن يكون هععذا الغععزو ليل ،ومععن المحتمععل أن يبععدأ
الهجوم ليل الجمعة ،لينتهي يوم السبت قبل الظهيععرة ،اسععتغلل
لنقطاع أغلب اليهود عن العمل ،بحجة التزامهم بشريعة حرمععة
السبت ،التي ما ألعزم الع بهعا ،إل أصعحاب تلعك القريعة ،والع
أعلععم .وسععينجم عععن هععذا الغععزو ،تفريععغ كامععل لليهععود مععن
فلسطين ،سواء بالقتل أو الفرار ،وسيطرة كاملة ،على مساحة
567
فلسطين كلهععا ،وبالتععالي فععرض واقععع جديععد ُ ،يعيععد المععور إلععى
نقطة الصفر ،أي ما قبل قيام إسرائيل بخمسين عاما ،أيعام خلعو
فلسطين من اليهود ،وال أعلم .
ردود الفعل العالمية المتوقعة :
هععذا الحععدث ،السععريع والمبععاغت ،المرعععب والعجيععب ،عنععدما
يقع ،سُيصععاب العععالم بأسععره بالععذهول والشعلل ،ربمععا لشععهر أو
لعدة أشهر ،وأول ما ُيجابه به سماع خبره ،هو عدم التصديق ،
وسيحتاج الغرب اليهععودي الحليععف لسعرائيل ،إلععى وقععت طويععل
ليفيق من هول الصدمة ،وليجد الغرب نفسه عاجزا ،عن القيععام
بأي رد فعل سريع ومؤثر للمساعدة ،فل إسرائيل ول يهود .أما
من هععم فععي الصععف المنععاهض لسععرائيل وأمريكععا مععن الشععرق ،
فسيصابون بنفس الشعععور ،ولكععن شعععور ل يخلععو مععن الشعماتة
بععاليهود إجمععال ،وبأمريكععا بشععكل خععاص .أمععا اليهععود إجمععال ،
ويهود أمريكا بشكل خاص ،فسيصابون بخيبة أمل كبيرة ،وهععم
يرون أحلهم التوراتية ،تتحول إلى سراب .
وبعد امتصاص الصدمة الولى ،ستبدأ المواقف العالمية من هذا
الحدث في التبلور ،لتجععد أمريكععا نفسععها عنععدما تبععدأ بععالتحرك ،
لعععادة إحيععاء الدولععة اليهوديععة ،بععدفع مععن سععادتها اليهععود
المععتربعين علععى عروشععها ،أنهععا تغنععي منفععردة خععارج السععرب
العالمي ،الذي أضحى مؤيدا ومعجبا بمععا قعّدمه العراقيععون ،مععن
حل سحري لتلك المشكلة المستعصية ،التي أّرقععت جفععون العععالم
طوال قرن من الزمان .
طلعععة علععى أدقفالعرب من وجهة النظر العالميععة ،العتي بععاتت م ّ
تفاصيل القضية الفلسععطينية ،قععد اسععتعادوا أرضععهم وحقععوقهم ،
568
وإسرائيل بما قّدمته مععن أعمععال وحشععية وهمجيععة ،خلل سععنين
عمرها ،ضد أرض فلسطين وشعبها ،وعدم استجابتها لقرارات
الجهة التي أوجععدتها ،ل تسععتحق الوجععود والبقععاء .فععالحق هععو
عودة فلسطين إلى أهلهععا العععرب ،والباطععل هععو وجععود إسععرائيل
على أرض العرب ،فإذا جاء الحق وزهق الباطععل ،فليععس هنععاك
مشكلة بالنسبة لمجمععل دول العععالم ،الععتي ل تقععع تحععت النتععداب
المريكي اليهودي المعاصر ،فالمشكلة ُوجدت بإقامة إسععرائيل ،
في قلب الوطن العربي ،وزالت هذه المشكلة بزوالها .
الوعد والموعد والواقع :
وبالعودة إلى الوراء قليل ،نجععد أن المسععلمون اسععتاءوا كععثيرا ،
عندما ُمنعوا من أداء العمرة ،بصحبة رسععول الع عليععه الصععلة
السلم ،في السنة السادسععة للهجععرة ،ومععا زاد فععي قهرهععم هععو
ذلك الصلح ،الذي منع دمععاء المشععركين منهعم ،وأبقعى المسعجد
الحرام في أيديهم ،لمععدة عشععر سععنوات قادمععة ،فعّقععب سععبحانه
وتعالى على ذلك قععائل ) َفَعِلعَم َمععا َلعْم َتْعَلُمععوا … ( ،والععذي كععان
يعلمععه رب العععزة مسععبقا ،هععو أنهععم سععيؤدون العمععرة فععي العععام
التالي ،وأن هذا الصلح ،الذي استاءوا مععن عقععده مععع مشععركي
قريش ،وأضفى عليهم شعععورا باليععأس والحبععاط ،سععيكون هععو
نفسه ،سببا ومبررا لفتح مكة ،عند نقضه مععن قبععل قريععش بعععد
حععا
ن َذِلعكَ َفْت ً
ن ُدو ِ
جَععَل ِمع ْ
سنتين من إبرامه ،فعّقب بقوله ) … َف َ
َقِريًبا ) 27الفتح ( .
حتى أكععثر المسععلمين إيمانععا ويقينععا وتفععاؤل ،لععم يكععن يتصععور ،
لحظععة منعهععم مععن أداء العمععرة وإبععرام الصععلح ،بععأن فتععح مكععة
سيكون بعد سنتين فقط ،من تاريخ تلك اللحظة ،وبتلك الصععورة
569
الحتفالية والمش عّرفة ،لتكععون تأديععة فريضععتي الحععج والعمععرة ،
متاحة لهم في أي وقت شاءوا .
وبالنظر لواقع المسلمين في غزوة الحزاب ،وهم قلة ،وقريش
وقبائل الجزيرة بمشركيها ويهودها ،يتربصون بهم ريب المنون
،من الداخل والخارج ،هل كان ممن المكععن أن يتصععور أن هععذه
الحال ،سععتنقلب رأسععا علععى عقععب ،بعععد ثلث سععنوات ،فيغععزو
المسلمين مكة بعشرة آلف مقاتل ؟
وبالرغم من اختلف طبيعة الوعععود اللهيععة ،مععن حيععث الثععواب
والعقاب ،إل أننا نتحّدث هنا ععن الوععد بحعد ذاتعه ،لنقعول بعأن
الوعد اللهي ،ل يحّده زمان ول مكان ول واقع ،ول ننسى بععأن
وعد الخرة ،هو وعععد بعقععاب اليهععود فععي المقععام الول ،ولكععن
هناك أسباب ومسععببات ل بععد أن تأخععذ مجراهععا ،قبععل إتيععان أمععر
ال .
قال تعالى
ب، جععاَءُهُم اْلَععَذا ُ
سعّمى َ ،ل َ جعٌل ُم َ ب َ ،وَلْوَل َأ َ ك ِباْلَعَذا ِجُلوَن َ
سَتْع ِ) َويَ ْ
ن ) 53العنكبععوت ( ،وقععال ) ُه عَو شُعُرو َ َوَلَيْأِتَيّنُهْم َبْغَتًة َ ،وُهْم َل َي ْ
ن ِدَيععاِرِهْم َِ ،لّوِل
ب ِمع ْ ن َأْه عِل اْلِكَتععا ِ
ن َكَف عُروا ِ ،مع ْ ج اّل عِذي َ
خَر َ اّلِذي َأ ْ
صععوُنُهمْ
ح ُ ظّنععوا َأّنُه عْم َمععاِنَعُتُهْم ُ
جوا َ ،و َ خُر ُن َي ْظَنْنُتْم َأ ْ
شِر َ ،ما َ ح ْ اْل َ
ف ِفععي ُقُلععوِبِهُم سعُبوا َ ،وَقعَذ َ حَت ِ
ث َلعْم َي ْ
حْيع ُن َ ل ِم ْل َ ،فَأَتاُهُم ا ُّ ن ا ِّ ِم َ
ن َ ،فععاعَْتِبُروا ن ُبُيععوَتُهْم ِبَأْيعِديِهْم َوَأْيعِدي اْلُمعْؤِمِني َ خِرُبو َ ب ُ ،ي ْ ع َالّر ْ
صاِر ) 2الحشر ( َيُأوِلي اَْلْب َ
570
وليتبروا ما علوا تتبيرا
قلنا في نهاية تفسيرنا لعبععارة ) وليتععبروا مععا علععوا تتععبيرا ( :أن
كل ما عل بنو إسععرائيل عليععه أو بععه أو فيععه ،سيصععله الععدمار ل
محالة ،لعموم لفظ العلو ،حتى علوهم في الغععرب ،إذ أن الععذي
أبقععى علععوهم قائمععا ومسععتمرا فععي فلسععطين ،هععو علععوهم فععي
الغرب .ولذلك يصبح دمععار الععدول الغربيععة أمععر محتمععا ،ليععزول
علو بني إسرائيل فيها أيضا بشععكل نهععائي ،وبععذلك تنتفععي تمامععا
قدرتهم علععى العلععو معرة أخعرى ،إذ أن هعذا العلععو ،هعو علعوهم
الخير في الرض .
ويؤكععد سععبحانه أن السععبب ،فععي زوال هععذا العلععو ،هععم اليهععود
أنفسهم ،حيث أن ال ،كان قععد اشععترط عليهععم الحسععان لدامععة
هذا العلو ،وحذرهم من زواله إن هم أساءوا ،وجاء هذا الشرط
مباشععرة ،قبععل إخبععاره عععن وعععد الخععرة فععي اليععة السععابعة ،
فاليهود حكموا على أنفسهم بالهلك ،وعلى علوهم بالزوال :
أول :وذلك لنهم لم ُيحسنوا ،بل على العكس ،من ذلك أسععاءوا
،ولععم يععألوا جهععدا ،بالفسععاد فععي الرض ،ضععاربين بالتحععذير
اللهي عرض الحائط .
ثانيا :والنكى من ذلك أنهم ،بأنهم قاموا بتوجيه رسععالة أخععرى
لرب العزة ،ومؤداها يقول :بأننا سنفعل ما يحلو لنا ،وسنفسععد
في الرض ،وسنمنعك من بعث عبععادك الشععداء ،الععذين ُتهعّددنا
بهم ،لننا سُنبيدهم عن بكرة أبيهععم ،قبععل أن ُتفكععر فععي بعثهععم ،
مظهرين إصرارا عز نظيره في تحعّديهم لععرب العععزة ،بععأن ينععزل
بهم ما وعدهم ،مّتكلين على من هم دونه ،لحمععايتهم ووقععايتهم
مععن أمععر ال ع ،منكريععن ربوبيععة ال ع وألععوهيته ،وقععدرته علععى
571
تصريف أمور الكون ،وكذلك حقيقععة البعععث بعععد المععوت ،وهععذه
المور هي ما تتناوله سورة السراء ،على امتدادها ،من وجوه
متعععددة ،وبععذلك تكععون عععداوتهم للعععراق ،وعععدوانهم عليععه ،
ورغبتهم في تدميره وإبادة أهله سببا ،فععي خععروج أهععل العععراق
عليهم ،انتقاما ودفعا لما ُيحيق بهم من أخطار ،في حال اسععتمر
تواجعد الدولعة اليهوديعة علعى أرض فلسعطين ،ليخربعوا بيعوتهم
بأيديهم وأيدي المسلمين .
ثالثا :هي حرب الع عليهععم ،ل حععرب أحععد ،ذلععك بععأنهم تحععدوا
ال ،وأعلنوا حربهم عليه ،وعلى كل من يؤمن بععه ،ربععا وإلهععا
واحدا أوحدا ،خاب وخسر الذين من دونه ،وأن رب العععزة قِبععل
التحعّدي ،وأعلععن حربععه عليهععم ،وهععذا مععا تستشعععره مععن خلل
مجمل آيات سورة السراء ،ولكن لعم يتبّقعى إل أن تحيعن سعاعة
الصفر ،ليروا من ال ما لم يكونوا يحتسبون .
وفي الصل كما أوضحنا سععابقا ،أن علععوهم غيععر المسععبوق فععي
الغرب ،هو الذي أوجد علععوهم فععي فلسععطين لحقععا ،وإذا كععانت
النتيجة ،أي علوهم في فلسطين ،تستحق الععزوال ،فععالولى أن
ُيزال المتسّبب فيها ،أي علوهم في الغرب ،حععتى تنتفععي فرصععة
ظهور تلك النتيجة ) أي العلو اليهععودي ( مععرة أخععرى ،فكمععا أن
زوال دولة إسرائيل أمر حتمي ،فزوال أمريكا أمر أكثر حتمية .
فاليهود لهم من حيث المكان إفسادين :
أول :في فلسطين ،إفسععاد بسععفك الععدماء ،وإخععراج النععاس مععن
ديارهععععا ،والسععععتيلء علععععى ممتلكععععاتهم ،وإتلف الخضععععر
واليابس ،ومنع مساجد ال أن ُيععذكر فيهععا اسععمه ،والسعععي فععي
خرابها … إلى آخره .
572
وثانيا :في أمريكا والدول الغربية ،إفساد بنشععر العقععائد الماديععة
اللحادية ،وإشععاعة الرذيلععة والنحلل الخلقععي والخلقععي ،فععي
شععتى منععاحي الحيععاة ،بالضععافة إلععى تفريععق النععاس وتصععنيفهم
واستضعععاف طععوائف منهععم ،وسععومهم سععوء العععذاب ،لدرجععة
حرقهم وإبادتهم ،بالسععلحة التقليديععة والنوويععة ،وعلععى قاعععدة
الجععزاء مععن جنععس العمععل ،ل شععك لععدي مععن أن كععبرى المععدن
المريكية ،سُتضرب من السععماء بصععواريخ نوويععة ،أو بشععهب
من السماء ،مسببة دمارا كالدمار ،الذي أحععدثته قنابلهععا المععدن
اليابانية ،ولكن على مدى أوسع بكثير .
زوال العلننو اليهننودي فنني أمريكننا ،لننن
يتوانى كثيرا ،عن زوال العلننو اليهننودي
في فلسطين :
حْبٍل ِمععنْ
ن َما ُثِقُفوا ع ِإّل بِ َعَلْيِهْم الّذّلُة ع َأْي َ
ت َ
ضِرَب ْقال تعالى ) ُ
ن الِّع 112) … ،آل ب ِمع ْ ضع ٍ
س َ ،وَبععاُءوا ِبَغ َ ن الّنععا ِ
حْبعٍل ِمع ْ
ل َو َ
ا ِّ
عمران ( ،الذلة هععي الضعععة والنخفععاض ،وهععي نقيععض العععزة
والعلو ،وأين ما ثقفوا ،أينما وجععدوا ،فععي الرض علععى امتععداد
رقعتها ،وخلصة ما تقوله هذه الية ،أن الشعب اليهودي كأمة
وأفراد ،سيمّر بخمسة مراحععل ،هععي ذات المراحععل الععتي أشععرنا
إليهععا ،فععي نهايععة الجععزء الول ،وهععي علععى التععوالي ) :ذل ،
علو ،ذل ،علو ،ذل ( .ومن ذلك نفهععم أن صععفة العلععو ،وهععي
المرحلة الرابعة ،ستزول عنهم فععي شععتى بقععاع الرض ،سععواء
فععي إسععرائيل أو فععي أمريكععا ،أو فيمععا سععواها مععن دول العععالم ،
ليدخل الشعب اليهودي بأسره ،في المرحلة التي تليها ،ولتعععود
إليععه صععفة الععذل الععتي هععي القاعععدة ،أينمععا وجععد أيضععا ،وعلععى
573
مستوى الفراد والجماعععات ،حيععث كععان العلععو اسععتثناًء لمرتيععن
صل ذلك إل بانكسار وزوال كل الدول ،التي يوجععد فقط .ولن يتح ّ
بها علو يهودي ظاهر ،وفي مقّدمتها أمريكا .
ولو أننا نظرنا إلى أمريكععا كدولععة ،ومععا تقععوم بععه حاليععا ،نظععرة
صععة وشععاملة ،سععنجد أنهععا فععاقت فرعععون ،فععي علععوه ُمتفح ّ
واسعععتعلئه وفسعععاده وإفسععاده ،باحتضعععانها للعقععائد اليهوديععة
الشيطانية ،والسهر على تطبيقها وترويجها ،فععي الرض علععى
عمومها ،بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى .
والعقاب اللهي الموعود به بنععو إسععرائيل ،كععان للفسععاد النععاجم
عن العلو ،وعلوهم الن يتمثل في مكانين تحديدا ،هما فلسطين
وأمريكا ،وفضل عن ذلععك ،فععإن أمريكععا المتعاليععة علععى شعععوب
الرض ،وبصععرف النظععر عععن كونهععا مكانععا للعلععو اليهععودي ،
ستكون هدفا مؤكدا لنسكاب الغضععب اللهععي عليهععا ،بمععا يفععوق
الغضب اللهي على إسرائيل ،وذلك لن أمريكا ،تجمععع مععا بيععن
علععوين وإفسععادين ،همععا :العلععو والفسععاد اليهععودي ،والعلععو
والفساد الذاتي لها ،ليتأكد لنا أنها أولى من إسععرائيل بالعقععاب ،
وبما هو أشد بأسا وأشد تنكيل ،وهذا بإذن ال ،ما سنشهده في
السنوات القليلة القادمة ،وما ذلك على ال بعزيز .
وقد يستغرب ويسععتنكر كععثير ،مععن أمععة السععلم ،والصععح مععن
المؤمنين بالله ) أمريكا ( ،مجرد التفكير بععأن أمريكععا سععتزول ،
ض، سععيُروا ِفععي اْلَْر ِ وكععأنهم ل يقععرءون قععوله تعععالى ) َأوََلععْم َي ِ
ن َقْبِلِهعْم َ ،وَكععاُنوا َأشَعّد مِْنُهعمْن ِمع ْ
عاِقَبعُة اّلعِذي َن َ ف َكععا َ
َفَيْنظُُروا َكْي َ
ت َوَل ِفععي سعَمَوا ِ
يٍء ِ ،فععي ال ّ شع ْ ن َجعَزُه ِمع ْلع ِلُيْع ِن ا ُُّقّوًة َ ،وَمععا َكععا َ
عِليًما َقِديًرا ) 44فاطر ( . ن َ ض ِ ،إّنُه َكا َ اَْلْر ِ
574
عاِقَبعُة
ف َكععانَ َ ظعُروا َكْيع َ ض َ ،فَيْن ُ سععيُروا ِفععي اَْلْر ِ وقععوله ) َأَوَلعْم َي ِ
شعّد ِمْنُهعْم ُقعّوًة َوَءاَثععاًرا ِفععي ن َقْبِلِهعْم َ ،كععاُنوا ُهعْم َأ َ
ن َكاُنوا ِمع ْاّلِذي َ
ق) ن َوا ٍن الِّ ع مِع ْ ن َلُهْم ِم ع َل ِبُذُنوِبِهْم َ ،وَما َكا َ خَذُهُم ا ُّ ض َ ،فَأ َ
اَْلْر ِ
21غافر (
ما بعد الغزو العراقي لسرائيل :
بعد امتصاص يهود أمريكا والغرب للصدمة ،من ج عّراء الكارثععة
التي حّلت ببني جلدتهم فععي فلسععطين ،سععتبدأ الماكينععة اليهوديععة
في الغرب ،في بذل أقصى طاقاتهععا ،وعمععل مععا بوسعععها لعععادة
عقارب الساعة ،قبل فععوات الوان ،مععن خلل الدبلوماسععية فععي
مجلس المن ،لشن حرب دولية تحت غطاء الشععرعية الدوليععة ،
لتحريععر إسععرائيل مععن العععرب ،كمععا كععان المععر عنععد مطععالبتهم
بتحريععر الكععويت ،وسععُتفاجأ هععذه الماكينععة اليهوديععة ،بععبرود
وجمود شديدين ،لععم يسععبق لهععا أن واجهتهمععا ،معن قبععل معظععم
دول العالم ،لُتثبت عدم نجاعتهععا هععذه المععرة ،وسععتجد مشععاريع
طرحععت ، القرارات المريكية والبريطانية والفرنسععية ،فيمععا لععو ُ
معارضة شديدة من قبل روسيا والصين ،حععتى لععو تطّلععب المععر
اسععتخدام حععق النقععض مععن قبلهمععا ،خوفععا مععن الععدخول فععي
مواجهععة ،ل ُتحمععد عقباهععا مععع العععالم ،بيععن الغععرب المسععيحي
والشرق المسلم .
وربما يأخذ المر قرابة السنتين بيععن معّد وجععزر ،حععتى يسععتطيع
اليهود تحريض أمريكا ،وبعععض دول الغععرب مععن حلععف النععاتو ،
وحملها على تحريك أساطيلها ،باتجاه شواطئ البحر المتوسط ،
ن حرب مصيرية على العرب ،ضاربة بمجلس المن وغطاءه لش ّ
عرض الحائط . الشرعي -بعد اليأس من الحصول عليه ُ -
575
وعلععى الجععانب الخععر ،سيضععطر العععرب والمسععلمون ،لتوحيععد
صععفوفهم كرهععا مععن البعععض ،وطواعيععة مععن البعععض الخععر ،
والنضواء تحت لواء واحد ،للدفاع عن القصى بعد عودته إلععى
حظيرة السلم ،وسيبدأ التقارب العربي الروسي الصيني ،على
ما يبععدو فععي التشعكل ،إلعى معا ُيشعبه الحلععف العسعكري ،وربمععا
يكون باتفاقيات مكتوبة ،وال أعلم .
الحنننرب العالمينننة الثالثنننة ،والسنننيناريو
المحتمل :
بوجود القيادة الحالية غير المتزنة لمريكا ،وبتأييد من صهاينة
الحععزب الجمهععوري ،سععيتمكن اليهععود أخيععرا مععن جعّر أمريكععا ،
للععدخول فععي مواجهععة غيععر محسععوبة ،مععع العععالمين العربععي
والسععلمي ،بععدفع مععن العقععائد الدينيععة المشعّوهة ،فيمععا يخععص
وجود اليهععود فععي فلسععطين ،وعععودة المسععيح الثانيععة للنصععارى
والولععى لليهععود ،بالضععافة إلععى الرغبععة فععي النتقععام للمكانععة
المريكية ،التي ُمّرغععت فععي الععتراب أمععام العععالم أجمععع ،بععزوال
مسخها الخداج بطرفة عين ،دون أن ُيعير العرب عظمععة أمريكععا
وجبروتها أدنى انتباه .
في ظرف سنتين من استعادة العرب لفلسطين ،س عُتعلن أمريكععا ،
حربها اليهودية الصليبية المقّدسة على العرب والمسلمين ،ممععا
ُيثير حالة من عدم السععتقرار فععي سععائر أرجععاء العععالم ،وسععتبدأ
المواقعععف العالميعععة معععن هعععذا العلن شعععيئا فشعععيئا ،بالتبعععاين
والتمايز ،بشكل لم يسبق له مثيل ،لينقسم إلى العالم معسععكرين
شرقي وغربي .يقف إلى جععانب العععرب معظععم الععدول المناهضععة
576
لمريكععا فععي الشععرق وفععي مقععدمتها روسععيا ،ويقععف إلععى جععانب
أمريكا دول حلف الناتو وملحقاته .
وعندما تبدأ أمريكا بحشد قواتها وأساطيلها في البحععر البيععض ،
وتبوء كععل المحععاولت والتحععذيرات والتهديععدات العالميععة ،لثنععي
أمريكا عن عزمها بالفشل ،وتصبح المواجهة أمر ل مفععر منعه ،
ستتطور المواقف الدولية فجأة ،وتتحول إلى أحلف عسععكرية ،
بحيث تضطر وتنجعّر الكععثير مععن الععدول ،للمشععاركة الفعليععة فععي
الحرب الدائرة ،وعلى ما يبععدو أن أمريكععا نتيجععة لععذلك ،سععتفقد
زمام السيطرة مبكرا ،وربما تلجأ إلى استخدام السلح النووي ،
في وقت ما بضععرب بعععض العواصععم العربيععة ،كبغععداد والقععاهرة
على سبيل المثال ،وربمععا يكععون ذلععك قبععل الحعرب البريععة ،ظنععا
منها أن ذلك ،سيحسم المعركة لصالحها ،في وقت مبكر .
ولكن ما لن يكععون فععي حسععاب أمريكععا ،هععو رّد الفعععل الروسععي
والصععيني العنيععف ،علععى اسععتخدام أمريكععا لهععذا السععلح ،لتبععدأ
الصواريخ النووية الروسية وربما الصينية ،تنهال علععى أمريكععا
تباعا ،دون سابق إنذار ،لتبيععدها عععن بكععرة أبيهععا ،هععذا إن لععم
ُيسقط عليها رب العزة ،كسفا من السماء .ومن ثم تبدأ الحروب
البينية ،بين دول العععالم المختلفععة المتخاصععمة ،فيختلععط الحابععل
بالنابل ،لتشمل هذه الحرب معظم بقاع العالم .ولدخول السععلحة
النووية دائرة الصععراع ،سععتكون هععذه الحععرب سععريعة وقصععيرة
وحاسمة ،ولكن حجم الدمار فيها سيكون هائل جععدا ،وسععتنتهي
بالمواجهة البرية البحريععة علععى سععواحل فلسععطين ،بيععن الغععرب
والشرق ،بانتصار العرب والروس نصرا مؤزرا ،بإذن ال .
577
تحالف الروس والعرب ونصرهم على عنندو
مشترك :
سّلَم ِ ،في عَلْيِه َو َ صّلى الُّ َ ي َ ت الّنِب ّ ك َ ،قاَل َ :أَتْي ُ ن َماِل ٍف ْب َعْو َ ن َ عْ َ
س عّتا َبْي عنَ َي عَد ْ
ي عُدْد ِ ن َأَدٍم َ ،فَقاَل " :ا ْ ك َوُهَو ِفي ُقّبٍة ِم ْ غْزوَِة َتُبو َ َ
خعُذ ِفيُكعْمن َيْأ ُ
س ُ ،ثعّم ُمْوَتععا ٌ ت اْلَمْقعِد ِ ح َبْيع ِعِة ؛ َمْوِتي ُ ،ثّم َفْتع ُ سا َال ّ
جُل ِماَئةَ ِديَناٍر طى الّر ُ حّتى ُيْع َ ضُة اْلَماِل َ ، سِتَفا َ ص اْلَغَنِم ُ ،ثّم ا ْ َكُقَعا ِ
خَلْتعهُ ُ ،ثعّم ب ِإّل َد َ ن اْلَععَر ِ ت مِع ْ طا ُ ،ثّم ِفْتَنعٌة َل َيْبَقععى َبْيع ٌ خًسا ِظلّ َ َفَي َ
ت
حع َ ن َفَيعْأُتوَنُكْم َت ْصعَفِر َ ،فَيْغعِدُرو َ ن َبِنععي اَْل ْ ن َبْيَنُكْم َوَبْيع َ
ُهْدَنٌة َتُكو ُ
شعَر َأْلًفععا ( رواه البخععاري ، ع َ غاَيعٍة اْثَنععا َ ت ُكعّل َ ح َغاَيًة َ ،ت ْ ن ََثَماِني َ
وأخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد .
جاء في شرح هذا الحديث في فتح الباري " :قععوله هدنععة ،هععي
الصلح على ترك القتال بعد التحرك فيه ،قوله بني الصفر ،هععم
الروم ،قوله غاية أي راية " .
يخععبر هععذا الحععديث عععن هدنععة تكععون بيععن المسععلمين والععروم ،
والهدنة كما جاء في الشرح ،هي صلح علععى إيقععاف القتععال قبععل
اشتعال فتيله أو في بداياته ،ومن ثععم يغعدر العروم فيغععزون ديععار
المسلمين ،بجيش قوامه ما ُيقارب المليون جندي .
أما الهدنة وما يسبقها ،فيوضحه الحديث التالي :
ن َأِبععي َزَكِرّيععا ِ ،إَلععى حوٌل َواْب ُ طّيَة َ ،قاَل َ :ماَل َمْك ُ عِ ن َ ن ْب ِسا َحّ ن َ عْ َ
ن ُنَفْي عٍر ،عَ عنْ جَبْيِر ْب ع ِ
ن ُ عْحّدَثَنا َ ت َمَعُهْم َ ،ف َ ن َ ،وِمْل ُ ن َمْعَدا َخاِلِد ْب ِ
َ
جعٍل ِمع ْ
ن خَبعٍر َ ،ر ُ ق ِبَنععا ِإَلععى ِذي ِم ْ طِلع ْ
جَبْيٌر :اْن َ اْلُهْدَنِة َ ،قاَل َ :قاَل ُ
ععنْ جَبْيعٌر َ سعَأَلُه ُ سّلَم َ ،فَأَتْيَنععاُه َ ،ف َ عَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ ي َ ب الّنِب ّحا ِصَ َأ ْ
سّلَم َ ،يُقععوُل : عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوَل ا ِّ ت َر ُ سِمْع ُاْلُهْدَنِة َ ،فَقاَل َ :
ع عُدّوا مِ عنْ ن َأْنُت عْم َوُه عْم َ حا آِمًنا َ ،فَتْغ عُزو َ صْل ً
ن الّروَم ُ حو َ صاِل ُ
سُت َ" َ
578
حّتععى نَ ، جُعو َ ن ُ ،ثّم َتْر ِ سلَُمو َ ن َ ،وَت ْ ن َ ،وَتْغَنُمو َ صُرو َ َوَرائُِكْم َ ،فُتْن َ
صععَراِنّيِة
ن َأْهععِل الّن ْ جععٌل ِمعع ْ ج ِذي ُتُلععوٍل َ ،فَيْرَفععُع َر ُ َتْنِزُلععوا ِبَمععْر ٍ
ن، سعِلِمي َ
ن اْلُم ْجٌل ِمع ْ ب َر ُ ض ُ ب َ ،فَيْغ َ صِلي ُ
ب ال ّ غَل َب َ ،فَيُقوُل َ : صِلي َ
ال ّ
حَمعِة " ،رواه أبععو جَمعُع ِلْلَمْل َ ك َ ،تْغِدُر العّروُم َ ،وَت ْ َفَيُدّقُه َ ،فِعْنَد َذِل َ
ححه اللبععاني وأخرجععه ابععن مععاجه وأحمععد والحععاكم داود ،وص ع ّ
والبيهقي .
وتكملععة للحععديث ،فععي روايععة أخععرى بسععند آخععر لبععن مععاجه "
ت
حع َ غاَيعٍة َ ،ت ْ
ن َ ت َثَمععاِني َحع َ حيَنِئٍذ َ ،ت ْ
ن ِ حَمِة َ ،فَيْأُتو َن ِلْلَمْل َ
جتَِمُعو ََفَي ْ
شَر َأْلًفا " . ع َغاَيٍة اْثَنا َ ُكّل َ
جاء في شرح هذا الحديث في ) عون المعبععود ( " :الععروم جيععل
معععروف ،فععي بلد واسعععة تضععاف إليهععم ،فيقععال بلد الععروم ،
ومشارق بلدهم وشععمالهم الععترك والععروس والخععزر ،وجنععوبهم
الشام والسكندرية ،ومغاربهم البحعر والنعدلس ،وكعانت الرقعة
والشامات كلها ،تعد في حدودهم أيام الكاسرة ،وكانت أنطاكيععة
دار ملكهم ،إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلدهم انتهععى ...
فسأله جبير عن الهدنععة ،أي الهدنععة الععتي تكعون بيعن المسععلمين
وبين الروم ،آمنا أي ذا أمن ،فتغزون أنتععم ،أي فتقععاتلون أيهععا
المسلمون ،وهم أي الروم المصالحون معكم ،عدوا من ورائكععم
أي من خلفكم ،وقال السندي فععي حاشععية ابععن مععاجه ،أي عععدوا
آخريعععن بالمشعععاركة والجتمعععاع ،بسعععبب الصعععلح العععذي بينكعععم
وبينهم ،فُتنصرون بصيغة المجهول ،وتغنمون بصيغة المعلععوم
أي المععوال ،وتسععلمون مععن السععلمة ،أي تسععلمون مععن القتععل
والجرح في القتال ،ثم ترجعون أي من عععدوكم ،حععتى تنزلععوا ،
أي أنتم وأهل الروم بمرج ،أي الموضع الذي ترعى فيه الععدواب
قاله السندي ،وفي النهاية أرض واسعععة ذات نبععات كععثيرة ،ذي
579
تلول بضم التاء جمع تل ،وهععو موضععع مرتفععع ،قععاله القععاري ،
وقال السندي :كل مععا اجتمععع علععى الرض ،مععن تععراب أو رمععل
انتهعععى .فيقعععول أي الرجعععل منهعععم ،غلعععب الصعععليب أي ديعععن
النصارى ،فيدّقه ،أي فيكسر المسلم الصععليب ،تغععدر الععروم أي
تنقض العهد ،وتجمع أي رجالهم ويجتمعون للملحمة أي للحرب
".
هذا الحديث ُيخبر بأن هناك صلحا آمنا ،أي ل قتال فيه ،سيكون
بين المسلمين والنصارى ،لمدة من الزمن ،ثم ُيقاتلون جنبا إلى
جنب عدوا مشتركا ،فينتصعرون بل خسعائر ،وبععد النصعر يقعع
الخلف بيععن المنتصععَرْين ،بسععبب إدعععاء أحععد النصععارى ،أن
النصر كععان للصععليب دون السععلم ،فيقتتععل الطرفععان ،ومععن ثععم
ُيفض الشتباك ،وتعلععن الهدنععة ،ومععن ثععم يعععود النصععارى إلععى
ديارهم مضمرين الغدر ،ليعودوا في قادم في اليععام ،فععي جيععش
عرمرم ،لغزو المسلمين في زمن المهدي .
الروم قديما وحديثا :
نعلم أن المبراطورية الرومانية القديمة ،كانت قد انقسععمت إلععى
قسمين شرقي وغربععي ،واّتخععذت القسعطنطينية عاصعمة للجعزء
الشععرقي ،ورومععا عاصععمة للجععزء الغربععي ،وذلععك قبععل ظهععور
السععلم بحععوالي مععائتي سععنة ،وبقيععت القسععطنطينية عاصععمة ،
لمملكة الروم الشرقية منذ ذلك الوقت ،حتى تم فتحها ،علععى يععد
محمد الفاتح ،سابع السلطين العثمانيين ،وبذلك اختفت مملكععة
الروم الشرقية إلى البد ،وأما سكان تركيا الحاليين فمعظهم مععن
التععراك المتأسععلمون ،الععذين يعععودون فععي أصععولهم إلععى غععرب
الصين ،مع بقاء نسبة قليلة من النصعارى فيهعا ،ذوي الصععول
580
الرومية ،أما النسبة الكبر من الروم ،فقد هععاجرت وانتشععرت ،
فيما حولها من بلدان أوروبا الشرقية .
ولنذكر هنا أن المسلمين ،حاصروا القسععطنطينية إحععدى عشععرة
مرة ،ولم يتمكنوا من فتحها ،إل بعد أن بدأت شمس العثمانيون
الترك ،بالظهور فيما ُيسمى بآسيا الصغرى ،بعد ضعععف الدولععة
السعععلجوقية وانحللهعععا ععععام 1300م تقريبعععا ،فبعععدأت دولتهعععم
بالتسععاع غربععا ،علععى حسععاب مملكععة الععروم الشععرقية ،شععيئا
فشيئا ،حتى اقتصرت مملكة الروم الشرقية ،على القسععطنطينية
وضواحيها ،عندما تسّلم محمد الفاتح لمقاليد الحكم ،وهو الذي
لم يتوانى عن فتحها سععنة 1453م .ومععن ثععم اسععتمرت فتوحععات
العثمانيين ،حتى شملت معظم بلدان منطقة البلقان ،في أوروبععا
الشرقية .
والمتتبع للتاريخ الحديث ،سيجد أن روسيا القيصرية بعد بععزوغ
شمسها ،أصبحت الوريث الكععبر ،لمملكععة الععروم الشععرقية بعععد
زوالهععا ،حيععث كععانت ومععا زالععت فععي القععرون الخيععرة ،تحععاول
تنصيب نفسها كراعية وحامية ،لمصععالح نصععارى الشععرق ذوي
المذهب الرثوذكسي ،وأخذت على عاتقها ،بعد أن اشتد عودها
،مهمععة اسععتعادة القسععطنطينية مععن التععراك ،ومععن ثععم إعادتهععا
كعاصمة دينية للكنيسععة الرثوذكسععية ،كمععا كععانت فععي السععابق ،
وهو ما تحاول الستئثار بععه حاليععا ،الكنيسععة اليونانيععة المواليععة
للغرب .وفيما يلي بعض البنود الععتي جععاءت فععي وصععية بطععرس
الكبر ،المؤسس الحقيقي للملكععة الروسععية ،فععي أواخععر القععرن
السابع عشر ،مععن كتععاب ) تاريععخ الدولععة العثمانيععة ( لفريععد بععك
المحامي :
581
" البنععد التاسععع :ينبغععي التقععرب بقععدر المكععان ،مععن اسععتنبول
والهند ،وحيث انععه مععن القضععايا المسععلمة ،أن مععن يحكععم علععى
استنبول ،يمكنه حقيقة أن يحكم على الدنيا بأسرها … ،
البند الحادي عشر ، … :وحينما نستولي على استنبول ،علينععا
أن نسععلط دول أوروبععا القديمععة ،علععى دولععة النمسععا حربععا ،أو
ُنسععكن حسععدها ومراقبتهععا لنععا ،بإعطائهععا حصععة صععغيرة مععن
الماكن ،التي نكون قد أخذناها مععن قبععل ،وبعععدها ،نسعععى إلععى
نزع هذه الحصة منها .
البند الثاني عشر :ينبغي أن نستميل لجهتنا جميع المسععيحيين ،
الذين هم من مذهب الععروم ،المنكريععن لرياسععة البابععا الروحيععة ،
والمنتشععرين فععي بلد المجععر والممالععك العثمانيععة ،ونجعلهععم أن
يتخذوا دولععة روسععيا مرجعععا ومعينععا لهععم ،ومععن اللزم قبععل كععل
شيء ،إحداث رياسة مذهبية ،حتى نتمكن من إجععراء نععوع مععن
السلطة الدينية عليهم … " .
المذاهب النصرانية :
كععل النصععارى بل اسععتثناء أعععداء للسععلم والمسععلمين ،ولكععن
بععالنظر إلععى الطععوائف الثلثععة الكععبرى ،المهيمنععة علععى العععالم
المسيحي ،نجد أن معتنقي المذهب البروتستانتي ،والذي ُتمّثلععه
أمريكا وبريطانيا وهولندا ،هم الشّد عدواة وكراهيععة للمسععلمين
والعرب بشععكل خععاص ،والمعروفيععن بميلهععم وتأييععدهم لليهععود .
ويليهم في ذلك معتنقي المذهب الكاثوليكي ،والذي ُتمّثله فرنسععا
وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وباقي الدول الغربيععة ،وأقّلهععم عععدواة
وكراهية هم معتنقي المذهب الرثوذكسي ،والذي ُتمّثلععه روسععيا
ودول أوروبا الشرقية .
582
والمتتبع للتاريخ القديم والحديث ،سيجد أن الطوائف المسععيحية
الثلثععة علععى خلف دائم ،وأن العععداوة والبغضععاء ،مسععتفحلة
وذات جذور عميقة ،فنصععارى الشععرق الرثععوذكس ،لععم ينسععوا
ولم يغفروا ،لنصارى الغرب من الكاثوليك ،ما أوقعوه بهععم مععن
مذابح في حملت الغععرب الصععليبية ،ولععم يقبلععوا مععؤخرا اعتععذار
البابا عنها .والعداوة والبغضاء مستفحلة ،حععتى بيععن الكاثوليععك
والبروتسععتنت مععن جهععة أخععرى ،كمععا هععو الحععال فععي أيرلنععدا
الشمالية ،وهذا ما أخبر عنه سععبحانه وتعععالى فععي قععوله ) َومِعنْ
ظععا ِمّمععا ُذّكعُروا
حّسوا َ خْذَنا ِميَثاَقُهْم َ ،فَن ُ
صاَرى َ ،أ َ ن َقاُلوا ِإّنا َن َ اّلِذي َ
سْوفَ ضاَء ِ ،إَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة َ ،و َغَرْيَنا َبْيَنُهْم اْلَعَداَوَة َواْلَبْغ َ
ِبِه َ ،فَأ ْ
ن ) 14المععائدة ( ،وهععذه العععداوة صعَنُعو َلع ِبَمععا َكععاُنوا َي ْ ُيَنّبُئهُ عْم ا ُّ
والبغضاء ل انقطاع لها ،مسععتمرة إلععى يععوم القيامععة ،وهععذا مععا
أكّده التاريخ الوروبي القديم والحديث .
والمتتبع للتاريخ السلمي والعربي ،سيجد أن ما ُتخبر عنه هذا
الحاديث النبوية أعله ،من شأن مصالحة المسععلمين أو العععرب
صععلهم معععا للنصارى ،والتحالف معهم ضععد عععدو مشععترك ،وتح ّ
على النصر والغنيمععة والسععلمة ،ومععن ثععم الختلف ،وإضععمار
صل قععديما الغدر ،وعودة الروم لمقاتلة المسلمين ،لم يكن قد تح ّ
أو حديثا .وبما أن الدنيا تعّد سنواتها الخيرة ،وأشراط السععاعة
الكععبرى بععاتت علععى البععواب ،فل شععك أن هععذه الحععرب ،الععتي
سيخوضها المسلمين والنصععارى جنبععا إلععى جنبععا ،ضععد عععدوهم
المشععترك ،للمععرة الولععى والخيععرة ،سععتقع فععي وقععت قريععب .
والحاديث النبوية ُ ،تخبر أن هناك ثلثععة أطععراف ؛ المسععلمون ،
والروم ،وعدو مشترك للمسلمين والروم .
583
وبما أن هذا الحدث سيقع ضمن معطيععات الواقععع الحععالي ،ومععن
خلل قراءة الواقع ،في ضوء ما أخبرت عنه الحععاديث ،سععنجد
أن الروم ما زالوا ينقسمون إلى قسمين :
• نصععارى الشععرق مععن معتنقععي المععذهب الرثوذكسععي ،وهععم
الُمقيمون إجمال فعي أوروبعا الشعرقية ،أو دول حلعف وارسعو
القديم ،الذي كانت فيه الزعامة ،وما زالت للدولة الروسية .
• نصارى الغرب من معتنقي المذهب البروتسععتانتي والمععذهب
الكاثوليكي ،وهم المقيمون إجمال في أمريكا وأوروبا الغربيععة
،أو دول حلف الناتو بزعامة أمريكا .
ن عداوة مذهبية ،قل نظيرها ،للفريععق الخععر . وكل الفريقين ُيك ّ
ولععو نظرنععا إلععى الواقععع الحععالي ،لوجععدنا أن أمريكععا وبريطانيععا
وفرنسععا ،هععي الععدول الشععّد عععداًء للعععرب والمسععلمين ،منععذ
حروبهم الصععليبية الولععى ،الععتي كععانت تقودهععا فرنسععا بصععفتها
الراعية للمذهب الكاثوليكي ،منضويا تحت لوائها كل من ألمانيععا
وإيطاليععا وإنكلععترا ،وحععتى حروبهععم السععتعمارية فععي العصععر
الحععديث بقيععادة أمريكععا ،ومععا مععوالة هععذه الععدول لبعععض الععدول
العربية إل مداهنة ،من قبيل الحرص علععى مصععالحها فقععط ،بععل
هي أكثر مقتا واحتقارا وامتهانا ،لتلك الدول نفسها من غيرهعا .
ولوجععدنا أيضععا أن الععروس ،ونصععارى الشععرق إجمععال ،ممععن
يعتنقون المذهب الرثوذكسي ،هم القّل عداًء للعرب والمسلمين
من مجموع المذاهب النصرانية .
لنخلص إلى القول ،بأن الفريق الذي سيكون حليفنا في المعركععة
القادمة هم الروس ،ضد عدونا وعدوهم المشترك ،أمريكا ومن
شععايعها مععن دول حلععف النععاتو .وأن هععذا التحععالف بيععن الععروس
584
والعععرب ،سيحصععل بععدافع المصععالح أول ،وعلععى قاعععدة عععدو
عدوي صديقي ثانيا ،وليس حبععا بععالعرب أو بالمسععلمين ،ولكععن
لتعارض مصععالحهم مععع مصععالح المريكععان ،ولكراهيععة الععروس
المذهبية لمريكا واليهود .
هذه الحرب البشع في تاريععخ البشععرية ،أجععد أحععداثها ونتائجهععا
موصوفة في كثير من اليات ،في مطالع سور كععثيرة مععن سععور
القرآن ،والتي يعتقد معظم الناس ،أنهععا ُتخععبر عععن أحععداث يععوم
القيامة ،ومنهععا اشععتعال البحععار ،واضععطراب السععماء ،وزلزلععة
الجبال وانهيار بعضها ،وحتى السلحة المستخدمة في الحععروب
الحديثة ،كان سبحانه قد أخبر عنها ،أيضا فعي مطعالع السعور ،
فالطارق هو الصاروخ ،والعاديععات هععي الععدبابات ،وربمععا نفععرد
لهذا المر بحثا خاصا ،إن شاء ال ،في وقت لحععق ،وسععيكون
متوافرا على نفس موقع الكتاب ،هذا إن أسعععفنا الععوقت ،وكععان
في العمر بقية .
النتائج المتوقعة للحرب العالمية الثالثة :
.1تدمير عدد كبير من المدن الكبرى ،وخاصة في أمريكا ومن
شايعها من الدول في الشرق والغرب .
.2ارتفععاع هععائل ومفععاجئ ،فععي درجععة حععرارة الرض نتيجععة
التفجيرات النووية ،ذوبان الكتل الجليدية القريبعة معن القطعب
الشمالي للكععرة الرضععية ،وتبخععر ميععاه المحيطععات والبحععار ،
وعودتها على شكل أمطععار غزيععرة ،ممععا يتسععبب فععي طوفععان
كبير ،أشبه مععا يكععون بطوفععان نععوح عليععه السععلم ،وبالتععالي
اختفاء بعض البلدان والجزر غرقا .
585
.3اختفاء معالم الحضارة الغربية ومظاهرها ،من خلل الموت
البطيععء للتكنولوجيععا المتبقيععة ،لعععدم القععدرة علععى تجديععدها ،
بكسععر حلقععة أو أكععثر مععن حلقععات سلسععلة إنتاجهععا ) ،نفععط _
كهرباء _ تقنية _ كهرباء _ نفط ( .
.4عععودة منطقععة الشععرق الوسععط كبععؤرة للنشععاط والصععراع
العالمي ،كما كانت في العصور القديمة .
.5عودة عصور الجاهلية الولى ،في أبشع صورها ،بما فيها
من ظلم وجور وفساد وإفساد ،وال أعلم .
قال تعالى
خَذ الُّ َوَلًدا )(4 ن َقاُلوا اّت َ ) َوُيْنِذَر اّلِذي َ
ن َأْفَواِهِهْم ِإنْ
ج ِم ْ خُر ُت َكِلَمًة َت ْ لَباِئِهْم َكُبَر ْ عْلٍم َوَل ِ ن ِ َما َلُهْم ِبِه ِم ْ
ن ِإّل َكِذًبا )(5 َيُقوُلو َ
سًفا
ث َأ َ
حِدي ِن َلْم ُيْؤِمُنوا ِبَهَذا اْل َ عَلى َءاَثاِرِهْم ِإ ْ ك َ سَ خٌع َنْف َ
ك َبا َِفَلَعّل َ
)(6
عمَلً )(7 ن َ سُ ح َض ِزيَنًة َلَها ِلَنْبُلَوُهْم َأّيُهْم َأ ْ عَلى اَْلْر ِ جَعْلَنا َما َِإّنا َ
جُرًزا )(8 صِعيًدا ُ عَلْيَها َ ن َما َ عُلو َجا َِوِإّنا َل َ
) الكهف (
586
وجعلنا لمهلكهم موعدا
كان جّل اهتمامي في البداية محصورا ،لثبات نظرية زوال دولة
إسرائيل قبععل ظهععور المهععدي ،ومععن ثععم معرفععة هععؤلء العبععاد ،
الذين سيكونون سببا في زوالهععا ،والكيفيععة الععتي سععتزول بهععا ،
ولم أكن قد فّكرت في بحث مسألة معرفة موعد زوالهععا ،إل بعععد
طلعت على كتاب ) زوال إسرائيل عام 2022م ( للكاتب بسام أن ا ّ
جرار ،والذي كان قد بحث هذا المر من قبل .وجدت أن الكععاتب
توغل في حسابات كثيرة ومعّقدة ،كانت أحيانا عصّية على الفهم
ن محععاولته لتحديععد موعععد زوال إسععرائيل ،مععن والمتابعععة ،وأ ّ
ن طرحععه لفكععرة اسععتخراج خلل تلك الحسابات غير مقنعة .ولك ع ّ
الموعد ،من سورة السراء ،أمععر لفععت انتبععاهي ،وأوجععد لععدي
الدافع للبحث في أمععر العععدد والحسععاب ،لسععتخراج موعععد زوال
الدولة اليهودية .
مسألة العدّ في القرآن :
أغلب رجال الدين إل من رحم ربي ُ ،ينّفرون من مسألة الععّد فععي
القععرآن ،ومنهععم مععن ُينكععر ذلععك جملععة وتفصععيل ،وربمععا يععذهب
البعض إلى اتهام من يبحث فععي هععذا المععر ،بالسععحر والشعععوذة
والتنجيم .بالرغم من ذلك فععإن هععذا النععوع مععن العجععاز ،الععذي
ُيظهر ما يكتنفه القرآن ،من توافععق وترابععط عععددي لغععوي ،بععدأ
مؤخرا يفرض نفسه بشععكل ظععاهر ،وصععدرت فيععه بعععض الكتععب
والمؤلفات حديثا .
ويتذّرع البعض في معرض إنكاره واستنكاره ،لمسععألة الععّد فععي
القرآن ،بعدم وجععود ،خععبر صععريح وصععحيح ،عععن رسععول الع
587
عليه الصععلة والسععلم ،أتععى مععن قريععب أو بعيععد علععى ذكععر هعذه
المسألة ،ولكن في المقابل ،هل يوجد خععبر أو حععتى أثععر ُ ،ينكععر
وجود العجاز العددي في القرآن ،أو ينهى عن البحععث فععي أمععر
إثباته وبيانه ،وهععل وضععع رسععول الع عليععه الصععلة والسععلم ،
تفسيرا للقرآن أو كتابا بّين فيها أوجه العجاز كلهععا ،فلععم يععترك
المجال لباحث أو مجتهد ؟! وهل نجعل من اسععتغلل أشععخاص أو
طوائف ،للعداد الواردة في القرآن ،بشكل غيععر سععوي ،عقبععة
في طريق بحث هذه المسألة .
وأمععا الفععترة الزمنيععة الععتي سععينفذ فيهععا وعععد الخععرة ،والععتي
سنكشف عنها في هعذا الفصععل ،فنحعن لععم نقععم بتحديععدها ،فهعي
محددة أصل من قبله سبحانه وتعالى ،في سورة السراء ،وكل
ما قمنععا بععه ،هععو الكشععف عععن هععذه الفععترة الزمنيععة ،وقراءتهععا
بشكل صحيح ودقيق .وبما أن القرآن جاء بكععل هعذه التفاصععيل ،
من حيث ماهية العبععاد وكيفيععة الععدخول وموعععده ،وبععالرغم مععن
كونه حدثا مستقبليا ،فإن حيثيات هذا الوعد ،لععم تعععد بوجودهععا
في القرآن غيبا على الطلق ،وقراءة وفهم ما هععو معلععوم ،إذا
اعترى النسان قصور في القراءة أو الفهم ،ل ٌيقععال عنععه كشععفا
للغيب ،إل إذا كان ذلك مععن قبيععل تعزيععة النسععان لنفسععه ،فععذلك
شأن آخر .
ورد في القرآن والسنة ،الكثير من النبوءات المستقبلية ،وفيما
يلي سنطرح مثال ،ربما يجعل هذا الفصل قابل للهضم والفهععم ،
فلنأخذ على سبيل المثال ،النبععوءة المسععتقبلية ،بانتصععار الععروم
ت الّروُم ) غِلَب ِ
على الفرس ،في سورة الروم ،حيث قال تعالى ) ُ
ضِع ن )ِ (3في ِب ْ سَيْغِلُبو َ
غَلِبِهْم َن َبْعِد َض َ ،وُهْم ِم ْ ِ (2في َأْدَنى اَْلْر ِ
ن )(4 ح اْلُمْؤمُِنو َ
ن َبْعُد َ ،وَيْوَمِئٍذ َيْفَر ُن َقْبُل َوِم ْ
ل اَْلْمُر ِم ْ
ن ِّ ،
سِني َ
ِ
588
ل، عَد ا ِّ
حيُم )َ (5و ْ شاُء َ ،وُهَو اْلَعِزيُز الّر ِ ن َي َ صُر َم ْ
ل َ ،يْن ُ صِر ا ِّ
ِبَن ْ
ن )َ (6يْعَلُمعو َ
ن س َل َيْعَلُمععو َ
ن َأْكَثعَر الّنعا ِ
ععَدُه َ ،وَلِكع ّ
ل َو ْ ف ا َُّل ُيخِْل ُ
ن )(7
غاِفُلو َخَرِة ُهْم َ
لِ نا ْ عِ حَياِة الّدْنَيا َ ،وُهْم َ ن اْل َ
ظاِهًرا ِم ََ
.1جاء النص القرآني ،بفعععل مععاض مبنععي للمجهععول ،فععأظهر
المغلوب ولم يظهر الغالب .
.2وأضاف نبأ جديدا ،وهو غلبة الروم مسععتقبل ،لمععن غلبهععم
في الماضي .
.3وحّدد فترة زمنية لتحّقق ذلك ببضع سنين .
.4وأفاد بأن المؤمنين سيفرحون عند تحّقق هذا المر .
.5وأكّد على أنه وعد من ال ،وأن ال ل ُيخلف وعده .
ن أكععثر النععاس ل يعلمععون ( ،ممععا يكععون .6وعّقب بقوله ) ولك ّ
من أمر ال .
.7وأما ما يعلمه الناس ،فهو ظعاهر الحيعاة العدنيا ،أي الواقعع
الذي يستشعرونه بحواسهم فقط .
.8أما أمر الغيبيات ،التي أخبر عنها سبحانه في كتابه ،ومنها
الحياة الخرة فهم عنها غافلون .
فلو قلنا بأن هذه النبوءة تقول :بأن الروم سيهزمون الفرس في
فترة زمنية ،تتراوح ما بين ] [ 9 – 3سنوات ،سيقول من لم
يعلععم بظععروف هععذه النبععوءة ،ولععم يعلععم التاريععخ ،ولععم يعلععم أن
البضع في لغة العرب يسععاوي ) ، ( 9 – 3أن هععذا النععص غيععر
مكتوب في القرآن ،فكيف عرفت أن الذين سُيهزمون هم الفرس
؟ وأن ذلك سيتم في فترة ،ل تقل عن 3سععنوات ،ول تزيععد عععن
9سنوات ؟
589
نلحظ أن هذه النبوءة كععانت واضععحة بالنسععبة للمسععلمين ،مععن
حيث من سيغلب من ،ولكن زمن التحّقق جععاء فضفاضععا ،إذ لععم
يشأ سبحانه مع علمه ،الكشف عن الزمن بشععكل دقيععق ،ولكنععه
أعطى فترة زمنية علعى معدى 6سعنوات تقريبعا ،ليعترك المجعال
لجريان السباب والمسّببات ،التي من شأنها أن تععترجم النبععوءة
علععى أرض الواقععع ،دون تعطيععل مععن البشععر ،مععن جعّراء العلععم
المسبق بحيثياتها .
ولو تمعّنا في التعقيب الخير في الية ) ، (7الذي جاء فيها على
مجمل ،ما أخبر عنه سبحانه في اليات السابقة لهععا ،سععتجد أن
هناك حكمة إلهية ،من الخبار عن شأن هذا الحدث المسععتقبلي .
ف البشرى للمؤمنين ،بحتمية النصر مسععتقبل ،فكمععا أل وهي ز ّ
تحّققت هذه النبوءة وهذا الوعععد ،علععى أرض الواقععع ،فسعُينجز
ال كل معا وعععد بعه فعي كتععابه الكريعم ،ليعزداد المؤمنعون إيمانععا
ويقينا ،بصدق كل ما حواه هذا الكتاب ،من شأن الدنيا والخععرة
،ماضيا وحاضرا ومستقبل ،وصدق من أنزله ،وصدق وأمانععة
من ُأرسل به ،هدى ورحمة للعالمين .
وتراوحت غايات الخبار عن أنبعاء المسعتقبل ،معا بيعن البشعارة
والنععذارة ،وأهععم النبععاء المسععتقبلية ،الععتي يريععد رب العععزة أن
يتيقن منها الناس ،هي اليوم الخر ،بما فيه مععن بعععث وحسععاب
وثععواب وعقععاب ،وهععذه الحقيقععة تكععاد ل تخلععو أي مععن سععور
القرآن ،من ذكرها والتذكير بها ،إذ أن مؤدى إنكار اليوم الخر
،حتى ولو ُقرن مع اليمععان بععال ،هععو عبععث وعبثيععة ،لُيصععبح
صععل عليععه مععن مكاسععب دنيويععة إحسان النسان ،مرتبط بما يتح ّ
فقط ،وبذلك يفسععد النععاس وتفسععد الرض ،فيحععل بهععم الهلك ،
ولذلك عّقب سبحانه ،بعد الخبار عن هععذه النبععوءة بقععوله ) …
590
حَيععاِة
ن اْل َ
ظععاِهًرا ِم ع َ
ن َ
ن )َ (6يْعَلُمععو َ س َل َيْعَلُمععو َ
ن َأْكَث عَر الّنععا ِ
َوَلِك ع ّ
ن ) 7الروم ( . غاِفُلو َ
خَرِة ُهْم َ لِ
نا ْ
عِ الّدْنَيا َ ،وُهْم َ
وقععد جععاءت أخبععار النبععوءات المسععتقبلية فععي القععرآن والسععّنة
مسبقا ،لتتحّقق في أزمان يكون المؤمنين فيها ،بععأمس الحاجععة
لما يقوي إيمانهم ،وُيثّبتهم على دينهم ،ويشّد من أزرهععم ،فععي
مواجهععة أهععل الكفععر والفسععوق والعصععيان ،كمععا هععو الحععال مععع
النبوءة السععابقة .وجععاءت أيضععا لتتحّقععق فععي أزمععان يكععاد فيهععا
اليمان ،أن يلفظ أنفاسععه الخيععرة ،لُتعيععد لععه الحيععاة فععي قلععوب
أصحابه ،ولينفضوا ما علعق بععأرواحهم ،ومعا أغشععى أبصعارهم
وبصائرهم ،من رماد هذه الدنيا ،التي أوشكت على الفناء .فإذا
ما عاصر الناس ،تحّقق نبوءة على أرض الواقع ،مما أخبر بععه
القععرآن ،أثبععت هععذا القععرآن للنععاس ،بشععكل قععاطع وملمععوس
محسوس ،بأنه من لععدن حكيععم عليععم ،عععالم للغيععب والشععهادة ،
وأن ل بععد للنععاس مععن المثععول بيععن يععديه ،فععالموت ليععس نهايععة
المطاف ،بل هو بداية رحلععة ل نهايععة لهععا ،مععن الشععقاء أو مععن
السعادة .
سورة الكهف :
كنت قد قرأت فيما سععبق ،بعضععا معن كتعب العجععاز الععددي فعي
القرآن ،ومن ضمنها كتاب بسععام جععرار بعنععوان ) إعجععاز الرقععم
، ( 19حيث قال بسام جرار فيه :
)) كنت أقرأ سورة الكهععف ،فخطععر ببععالي أن أحصععي الكلمععات ،
ف َوالّرِقيِم ( ،
ب اْلَكْه ِ
حا َ
صَ ن َأ ْ ت َأ ّ
سْب َ
ح ِ
من بداية قصة الكهف ) َأْم َ
وعندما وصععلت إلععى اليععة )َ ) : (25وَلِبُثععوا ِفععي َكْهِفِهعْم ( ،وإذا
بالكلمة ،التي تأتي بعد هذه العبارة مباشرة ،هععي الكلمععة رقععم )
591
، (309ونحن نعلم أنهم لبثوا فععي كهفهععم ) (309سععنوات ،كمععا
نععص القععرآن الكريععم (( .كععان هععذا نقل حرفيععا ،لمععا جععاء فععي
الكتاب ،وكان هذا الكتاب ،سابقا لكتاب ) زوال إسععرائيل ( بعععدة
سنوات .
عندما قرأت هذه المعلومة ،أحببت أن أتأكد من صحتها ،فقمععت
بإجراء نفس عملية الحصععاء آنععذاك ،فتععبّين لععي صععحة الخععبر .
ظننت في بادئ المر ،أن المقصود هععو إظهععار التوافععق العععددي
اللغععوي ،مععا بيععن عععدد السععنين الععتي لبثهععا هععؤلء الفتيععة فععي
الكهف ،وعدد كلمات القصة التي تروي خبرهم ،وهو بحّد ذاتععه
شيء جميل وعجيب .ولكن عندما رغبت في البحث ،في مسألة
زوال إسرائيل فيما بعد ،حيث لععم أقتنععع بحسععابات بسععام جععرار ،
ى أخرا . أصبح لهذا المثال المطروح في سورة الكهف ،معن ً
تصععّفحت سععورة السععراء مععرارا وتكععرارا ،ولفععت انتبععاهي أن
موضوع السورة بشكل عام ،هم بني إسرائيل أنفسهم " ،وبني
إسععرائيل " هععو السععم التععوقيفي للسععورة ،كمععا ورد فععي جميععع
الحاديث والروايات ،التي جععاءت علععى ذكرهععا ،وأمععا مععا ُترّكععز
عليه السورة بشكل خاص ،هو قصة المرتيععن ،ومععا فيهمععا مععن
إفساد وعلو ووعععد كععل منهمععا ،والملحعظ أن القصععة لهععا بدايععة
ولها نهاية .قمت بالمقارنة بين القصتين ،وفي مخيلععتي تسععاؤل
مفاده ،أليس من الممكن أن يكون سبحانه ،قد طرح هذا المثععال
الموجععود فععي سععورة الكهععف ،لكععي نقععوم بتطععبيقه فععي سععورة
السراء ،لستخراج موعد هلك بني إسرائيل في المرة الثانية .
592
وجعلنا لمهلكهم موعدا :
ُترّكز سورة السراء بشكل كبير ،على ذكر وعععد الخععرة ،وهععو
وعد بهلك بني إسرائيل وزوال دولتهم ،وهذا الوعد له موعد ،
ويقععول سععبحانه وتعععالى فععي سععورة الكهععف ،الععتي تلععي سععورة
ععًدا )(48 جَععَل َلُكعْم َمْو ِ عْمُتعْم َأّلعنْ َن ْ
السراء مباشرة ) … َ ،بْل َز َ
ك اْلُق عَرى َأْهَلْكنَععاُهْم َلمّععا
ع عٌد َ (58) … ،وِتْل ع َ …ع ،ع َب عْل َلُه عْم َمْو ِ
عععًدا ) ، (59هععذا التكععرار لكلمععة جَعْلَنععا ِلَمْهِلِكِهععْم َمْو ِ
ظَلُمععوا َ ،و َ
َ
موعد ،والتأكيد على أن هناك موعد ،أمر ملفت للنظر .حععاولت
في البداية إيجاد أوجه الشبه بين السورتين ،ومن ثم عُ عّدت إلععى
سورة الكهف ،وقمت بدارسععة وتحليععل المثععال المطععروح فيهععا ،
فوجدت نفسي أمععام درس إلهععي ،فعي رياضععات معن نععوع آخععر .
خرجت منه بعدة قواعد رياضية ،فتملكني شعور آنذاك ،أن هععذا
المثال ،إنمععا ُوضععع ليكععون بمثابععة مفتععاح ،للكشععف عععن موعععد
هلك بني إسرائيل ،في سورة السراء .
قصة أصحاب الكهف :
بعد إطلعي على قصة أصحاب الكهععف ،مععن خلل كتععاب ) أهععل
الكهف ( ،لحدى دور النشر الردنيععة – ل أذكععر اسععم المؤلععف -
الذي يؤكد فيه المؤلف ،أن الكهف المعني ،هو الكهف الموجود
،بالقرب من مدينة مادبا الردنية ،وأن أحععداث القصععة ،وقعععت
بعد وفاة عيسى عليععه السععلم ،وقبععل بعععث محمععد عليععه الصععلة
والسلم ،حيععث كععانت المبراطوريععة الرومانيععة الوثنيععة آنععذاك ،
مسععيطرة علععى المنطقععة ،وأن القضععية الععتي كععانت مطروحععة
آنذاك ،هي مسألة البعث بعد الموت ،التي كان ينكرها الوثنّيععون
الرومانيون ،واليهود الخاضعين لسيطرتهم كذلك .
593
والحكمة من جّراء تنويمهم ،ومععن ثععم بعثهععم ،ومععن ثععم العثععور
عليهم من قبل أهععل المدينععة ،كععانت لثبععات البعععث بعععد المععوت ،
لدى ُأناس ذلك العصر ،من وثنيون ويهود ،وهذا ما ُيخععبر عنععه
عَلْيِهعْم ،عَثْرَنععا َك َأ ْسععبحانه وتعععالى صععراحة ،فععي قععوله ) َوَكعَذِل َ
ب ِفيَهعععا ِ ،إْذ عَة َل َرْيععع َ سعععا َن ال ّ ق َ ،وَأ ّحععع ّ
لععع َ ععععَد ا ِّ
ن َو ِْلَيْعَلُمعععوا َأ ّ
ن َبْيَنُه عْم َأْمَرُه عْم … ) (21أي أن ال ع أعععثر ُأنععاس تلععك عو َ َيَتَنععاَز ُ
ع عَدالمدينة المجاورة للكهف ،لكي يعلم أولئك الناس ،بع ع ) َأنّ َو ْ
ب ِفيَهععا ( . عَة َل َرْيع َ سععا َق _ بععالبعث بعععد المععوت _ َوَأنّ ال ّ حع ّ
لع َ ا ِّ
ومجيء قصة أصحاب الكهف في القرآن ،لععم يكععن فععي الصععل ،
لطرح التساؤلت عن عددهم وعن مدة لبثهم ،فهذا أمر ل طععائل
ل ُتَمععارِ منه ول فائدة فيه ،فهو سبحانه ينهى عن ذلك بقععوله ) َف َ
حَدًا ) 22الكهععف ( ، ت ِفيِهْم مِْنُهْم َأ َ سَتْف ِ
ظاِهَرًا َوَل َت ْ ِفيِهْم ِإّل ِمَراًء َ
سْبَعٌة َوَثاِمنُُهْم َكْلُبُهْم
ن َ وقد قّرر سبحانه عددهم ،بقوله ) َوَيُقوُلو َ
عَل عُم ِبِع عّدِتِهْم َمععا َيْعَلُمُه عْم ِإّل َقِلي عٌل ) 22الكهععف ( ،إذ ُق عْل َرّبععي َأ ْ
استثنى هذه العبارة من قوله ) رجما بالغيب ( ،واقتصععرها علععى
القععوال السععابقة فقععط .وأمععا مععدة لبثهععم فقععد قّررهععا فععي قععوله
س عًعا )(25ع ، ن َواْزَداُدوا ِت ْ س عِني َث ِمععاَئٍة ِ ل َ) َوَلِبُثععوا ِفععي َكْهِفِه عْم َث َ
ض )26 ت َواَْلْر ِ س عَمَوا ِ ب ال ّ غْي ُ
عَلُم ِبَما َلِبُثوا َ ،لُه َ ل َأ ْوقوله ) ُقِل ا ُ
الكهععف ( ،تأكيععد علععى أن مععا أخععبر عنععه ،مععن مععدة لبثهععم هععو
الحق ،فهو أعلم بغيب الماضي والمستقبل ،كما أكّد على إخباره
عن عّدتهم فيما سبق .
ل ُيمكن إحصاء عدد السنين :
نخلص من ذلععك ،إلععى أن المسععألة المععراد الععتركيز عليهععا ،هععي
شععيء آخععر غيععر إحصععاء عععددهم أو مععدة لبثهععم ،هععي إشععارات
594
لععدرس رائع فععي الرياضععيات اللهيععة ،ولتوضععيح هععذا الععدرس ،
خععص سععبحانه القصععة كاملععة فععي سنبدأ مع بداية القصة ،حيث ل ّ
ف َوالّرِقيعِم ب اْلَكْهع ِ حا َصع َن َأ ْت َأ ّ
سعْب َ ح ِأربع آيععات ،فععي قععوله ) َأْم َ
ف َفَقععاُلوا َرّبَنععا
جًبا )ِ (9إْذ َأَوى اْلِفْتَيُة ِإَلى اْلَكْه ِ عَن َءاَياِتَنا َ َكاُنوا ِم ْ
ض عَرْبَنا
ش عًدا )َ (10ف َ ن َأْمِرَنععا َر َ
ئ َلَنععا ِم ع ْ
حَمًة َوَهّي ع ْ
ك َر ْن َلُدْن َ
َءاِتَنا ِم ْ
ععَدًدا )ُ (11ثعّم َبَعْثَنععاُهْم ِلَنْعَلعَم َأ ّ
ي ن َسعِني َ ف ِ عَلى َءاَذاِنِهْم ِفي اْلَكْه ِ َ
خععص يقععول :أن صى ِلَما َلِبُثوا َأَم عًدا ) ، (12هععذا المل ّ ح َ ن َأ ْ
حْزَبْي ِ
اْل ِ
أصحاب الكهف فتية ،لجئوا إلى الكهععف ،وطلبععوا مععن ربهععم أن
يرحمهم ،وأن ُيهيععئ لهععم سععبيل للنجععاة مععن قععومهم ،فأسععلمهم
سبحانه للنوم في الكهف ،عددا من السنين ،ثم بعثهم ،ثم عّلععل
أمر نومهم ثم بعثهم ،بأنه يريععد أن يعلععم ،مععن أحصععى ممععن لععم
ص مدة لبثهم في الكهف ،من عدد السنين . ُيح ِ
وتعليل النععوم والبعععث حقيقععة ،كنععا قععد أوضععحناه سععابقا ،ولكععن
الملفت للنظر هنا هو تعليل البعث ،فععي بدايععة القصععة علععى غيععر
الوجه الحقيقي له ،بقوله تعالى ) لنعلم أي الحزبيعن أحصعى لمعا
لبثوا أمدا ( ،إذ ل ُيعقل أن يكون المقصد الحقيقععي ،هععو معرفععة
صها .وفي الواقع ،فإن المععد ) من أحصى مدة اللبث ممن لم ُيح ِ
صل بالحساب . أي الفترة الزمنية ( ل ُيحصى إحصاًء ،وإنما يتح ّ
ولو فّكرت في معنى الحصاء رياضيا ،لوجدت أن هذا الذي جاء
في اليتين ،غير منطقي من الناحية الرياضية العمليععة ،فعمليععة
الحصاء والعّد ل يمكن القيام بها ،إل إذا كان المراد إحصاءه أو
عّده ،ماثل أمامك عيانا ،كأن تحصي مجموعة من الشياء .أما
أن تحصععي شععيئا ،ل تلمسععه بيععديك أو تععراه بعينيععك ،فهععذا أمععر
مستحيل .وأما بالنسبة للسنين ،فل ُيمكن بأي حال من الحععوال
إحصائها أيضا ،لنها ليسععت أشععياء قابلععة للععّد ،وإنمععا تتحصععل
595
معرفتهععا بالحسععاب ،فهععي نتيجععة لجمععع عععدد مععن الشععهور ،
والشهور نتيجة لعدد من اليام ،وعلععى سععبيل المثععال ،إذا أردت
معرفة عمر شخص مععا ،أو عمععر ُأّمععة مععا ،فمععا سععتقوم بععه هععو
عملية طرح للتواريخ ،لتحصيل عدد السععنين ،الععتي ُتمّثععل عمععر
ذلك الشخص ،أو عمر تلك المة .
الحصاء لمدة اللبث :
وبالتالي نستطيع القول بععأن هععذا الععتركيب اللغععوي ،جععاء ليلفععت
انتباهنا إلى ما جاء في هذه القصة ،مععن إعجععاز عععددي لغععوي ،
ولحصاء أشععياء ماثلععة أمععام أعيننععا ،أل وهععي كلمععات القصععة ،
التي توافق عدد السنين ،التي لبثها أصحاب الكهف في كهفهم ،
والتي إن قمت بإحصاءها ،سععتكون فععي الحقيقععة قمععت بععّد مععدة
اللبث بالسنين ،لن عدد الكلمععات يوافععق عععدد السععنين ،ويقععول
سبحانه تعقيبا على هذا العجاز ،فيما يلي القصة من آيات ) َلععهُ
ض ( ،أي ما كشفه من شععأن هعؤلء الفتيععة ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِب اْل ّ
غْي ُ َ
ث علععى سعِمْع ) (26وكععأنه حع ّ صعْر ِب عِه َوَأ ْمن غيب الماضي َ ) ،أْب ِ
إمعان النظر ،فيما بين يديك من إعجاز ،وكشفه والخبار عنه ،
ويؤكععد سععبحانه مععن خلل هععذا التوافععق العععددي أن ) ل مَُبععّدَل
ِلَكِلَمععاِته ) 27الكهععف ( ،كمععا أكععّد أيضععا فععي سععورتي النعععام
ل ع )َ ) ، (34ل َتْب عِديَل ِلَكِلَمععا ِ
ت ت ا ِّ ويونس بقوله ) َوَل ُمَبّدَل ِلَكِلَما ِ
ل ) (64ليتبين لك أن ل تبديل لمواقع الكلمععات فيععه ،ول زيععادة ا ِّ
فيه ول نقص ،وهذا مععا تثبتععه هععذه السععورة ،وسععورة السععراء
ن َنّزْلَنععا اْل عّذْكَر َوِإّنععا َل عهُ
حع ُ أيضععا ،مصععداقا لقععوله تعععالى ) ِإّنععا َن ْ
عْن عِد غَْي عِر الِّ ع
ن ِ ن ِم ع ْ ن ) 9الحجععر ( ،وقععوله ) َوَل عْو َكععا َ ظو َ حععاِف َُل َ
لًفا َكِثيًرا ) 82النساء ( . خِت َ
جُدوا ِفيِه ا َْلَو َ
596
يقول سععبحانه ) أحصععى لمععا لبثععوا أمععدا ( ،نتععبين مععن ذلععك ،أن
المراد هو إجراء عملية إحصاء أو ععّد ،وأن المععراد إحصععاؤه _
حسب ظاهر النص القرآني -هععو مععدة اللبععث ،وبمععا أن إحصععاء
مدة اللبث ُمتعّذر ،فالحصاء سيكون لشياء ُتمّثل هذه المّدة ،أل
وهععي الكلمععات الماثلععة أمامنععا ،والععتي ُتشععكل أحععداث القصععة ،
لنستطيع مععن خلل إحصععائها ،معرفععة عععدد سععنين مععدة اللبععث ،
وكأنه سبحانه أراد أن ُيعلمنا درسا رياضععيا ،نسععتطيع مععن خلل
القواعد التي سنستنبطها منه ،من استخراج عععدد السععنين لمععدة
لبععث ُأنععاس ،قععد سععبق ذكرهععم فععي السععورة الععتي سععبقت سععورة
الكهف ،وهذا يعني أن مدة لبثهم لها نهايععة بهلكهععم ،والمشععار
إليها بوعد الخرة .
طريقة العدّ في سورة الكهف :
307
فَ … … 5وَلِبُثوا ِ 306فعي ب 4اْلَكْه ِحا َصَنَ 3أ ْتَ 2أ ّسْب َ ) َأْمَ 1
ح ِ
سًعا ((25)309ن َواْزَداُدوا ِت ْ
سِني َ
ث ِماَئٍة ِ
ل ََكْهِفعِهْمَ ) 308ث َ
تبدأ القصة من الية ) ، (9بعبارة ) أم حسبت ( وتنتهي في الية
) ، (25بعبععارة ) ثلثمععائة سععنين وازدادوا تسعععا ( .نلحععظ أن
كلمة ) كهفهم ( تحمل العدد ) ، ( 308وأن العدد الذي يلي العدد
) ، (308هو ) ، (309وبدل من أن ينتهي العّد عند الكلمة ،التي
تلي كلمة ) كهفهم ( مباشععرة ،بقولنععا :ثلثمععائة وتسعععة ،جععاء
سبحانه بعبارة ،تحكي العدد نفسه بالكلمععات ) ،ثلثمععائة سععنين
وازدادوا تسعا ( ،لتحمل العبارة كاملة ،العدد ) . ( 309
وقوله سبحانه ) ثلثمععائة سععنين وازدادوا تسعععا ( ،وعععدم قععوله
) تسععع وثلثمععائة ( ،جععاءت لُيعّلمنععا قاعععدة حسععابية ،لحسععاب
الفععرق بيععن السععنين الشمسععية والسععنين القمريععة ،بإضععافة 3
597
سنوات لكل 100شمسية ،لنحصل علععى مععا ُيعادلهععا بالقمريععة ،
حيث أن كل ) (100سنة شمسية ،تععادل ) (103سعنوات قمريعة
تقريبا .ومفاد هذه العبارة أنهم لبثوا ) (300سنة شمسععية ،و )
(309سنة قمرية ،والهم من ذلك أن عدد الكلمات جاء متفقععا ،
مععع مععدة لبثهععم بالسععنين القمريععة ،أي أن كععل كلمععة مّثلععت سععنة
قمريععة ل شمسععية .وبنععاء علععى ذلععك ،وعنععد اسععتخدام هععذه
الطريقة ،في سورة السراء سنتعامل ،مع السنين القمرية .
قواعد الحصاء في سورة الكهف :
.1الحصاء للكلمات ،إذ ل ُيمكن إحصاء السنين .
.2الكلمة لغة ،هي التي تتكون من حرفين فما فوق .
.3بداية العّد كانت من بداية قصة أصحاب الكهف .
.4قصة أصحاب الكهف سبقتها مقدمععة ،تكعّونت مععن 8آيععات .
وعملية العّد لم تشملها .
.5أن بعض اليات التي وردت ضععمن القصععة ،دخلععت كلماتهععا
في العّد ،مع أن علقتها بالقصة ليست ظاهرة ،كاليات ) 23
. ( 24 ،
.6أن نهاية العّد كان بانتهاء القصة .
.7أن عدد الكلمات ،توافق مع عدد السنين ،الععتي لبثوهععا فععي
الكهف ،إذ أن كل كلمة تمثل سنة .
.8أن كل كلمة ،تمّثل سنة قمرية ،ذلععك لن نتيجععة الع عّد كععانت
309كلمات ،قد توافقت مع مدة لبثهم بالسنين القمرية .
598
قابليننة هننذا المثننال للتطننبيق علننى سننورة
السراء :
عَدًدا )ُ (11ثمّ ن َ سِني َف ِعَلى َءاَذاِنِهْم ِفي اْلَكْه ِ ضَرْبَنا َ قال تعالى ) َف َ
صى ِلَما َلِبُثوا َأَمعًدا ) (12لععو أمعنععت ح َ
ن َأ ْحْزَبْي ِي اْل ِ َبَعْثَناُهْم ِلَنْعَلَم َأ ّ
النظر فيما تحته ،لوجدت أن الظععاهر يقععول ،أن بعثهععم كععان لن
ال سبحانه وتعالى ،أراد أن يعلم أي الحزبيععن أحصععى ! أحصععى
ماذا ؟ أحصى مدة ما لبثوا في الكهععف مععن عععدد السععنين .أي أن
المراد من الحصاء هو معرفة عدد السنين .في المقابل نجد فععي
اليععة ) (12مععن سععورة السععراء عبععارة تقععول ) ولتعلمععوا عععدد
السنين والحساب ( ،للشارة إلى أن السورة ،تحمل بين ثناياها
ص ُأنععاس سععبق معرفة لعدد سنين ،تتحصل بالعّد والحساب ،تخ ّ
ذكرهم فيما ورد من آيات ،سبقت هذه العبارة .
وللفت النتباه إلى أن الحصععاء متعلععق بمععدة اللبععث ،تكعّرر ِذكععر
مشتقات هذه الكلمة ) (6مرات في سورة الكهف ،وهي ) َلِبُثوا ،
َلِبْثُتععععْم َ ،لِبْثَنععععا َ ،لِبْثُتععععْم َ ،وَلِبُثععععوا َ ،لِبُثععععوا ( فععععي اليععععات )
. ( 12،19،25،26وفي المقابل نجعد أن مشعتقات هعذه الكلمععة ،
ظّنععونَ تكّررت مرتين في سورة السراء ،في قوله سععبحانه ) َوَت ُ
ل) ك ِإّل َقِلي ًلَف ع َ
خَ ن ِ ل ) (52وقععوله ) َوِإًذا َل َيْلَبُثععو َ ن َلِبْثُتْم ِإّل َقِلي ًِإ ْ
ُ ، (76يقال أن المقصودين في هاتين اليتين هم مشعركي قريععش
حصرا ،وهذا القول غيععر صععريح .ولععو أنععك تتبعععت النععص منععذ
البداية ،لوجدت أن القول الول قيل لمنكري البعث ،وعلى رأس
القائمة في إنكار البعث هم اليهود .
ن َكععاُدوا َلَيْفِتُنوَنعكَ عَعنِ ولو أنك تتبعت النص من قوله تعالى ) َوِإ ْ
ض، ن اْلَْر ِ ك ِمععع َسعععَتِفّزوَن َن َكعععاُدوا َلَي ْ
ك … َوِإ ْ حْيَنعععا ِإَلْيععع َ
اّلعععِذي َأْو َ
599
ل ) ، (76لوجععدت ك ِإّل َقِلي ً
لَف ع َ
خَن ِ
ك ِمْنَها َ ،وِإًذا َل َيْلَبُثععو َ
جو َ
خِر ُ
ِلُي ْ
أن القععول الثععاني قيععل فععي اليهععود حصععرا ،حيععث تؤكععد معظععم
الروايععات أن هععذه اليععات مدنيععة ،ولععو تمعّنععت فععي قععوله تعععالى
) وإن كادوا ليفتنونك ( وتسععاءلت عمععن لععه القععدرة ،علععى فتنععة
الرسععول عليععه الصععلة والسععلم ،أهععم أهععل الكتععاب أم عبععدة
الصنام ! ولو تمعّنت في قوله تعالى ) وإن كادوا ليستفّزونك من
الرض لُيخرجعععوك منهععا ( وتسععاءلت عمععن حعععاولوا اسعععتفزاز
الرسول عليه الصلة والسلم ،لخراجه ولم ُيكتب لهم النجععاح !
لو قلت أنهعم اليهعود ،عنعدما أرادوا منعه أن يخعرج معهعم ،معن
أرض الجزيععرة ككععل إلععى الرض المقّدسععة ،لُيعيععد لهععم ملكهععم
المنقرض ،لكان ذلك أقرب إلى العقل والمنطق ،وهناك روايععات
تؤكد ذلك .ولو قلت أنهم مشركي قريش ،فقد جانبت الصععواب ،
لنهم قد استفّزوه بالفعل ،وأخرجوه من بلدته حقيقة .
أوجه التشابه :
أول :ذكر أحد مشتقات لفظ اللبث في السورتين ،وهو لفظ يأتي
تأينما ورد في القرآن ،للشارة إلى مدة زمنيععة َ ) ،قععاَل َب عْل َلِبْثع َ
ن )42 س عِني َ
ض عَع ِ ن ِب ْ
جِسع ْ
ث ِفععي ال ّ عاٍم ) 259البقرة ( َ ) ،فَلِب َ ِماَئَة َ
ن ) 40طععه ( ِ ) ،إنْ َلِبْثُتعْم ن ِفي َأْهعِل َمعْدَي َ سِني َت ِيوسف ( َ ) ،فَلِبْث َ
ن) سعِني َ ععَدَد ِض َ شًرا ) 103طعه ( ) َقععاَل َكعْم َلِبْثُتعْم ِفعي اَْلْر ِ ع ْ
ِإّل َ
عامًععا )14 ن َسععي َخْم ِ
سَنٍة ِإّل َ
ف َ ث ِفيِهْم َأْل َ 112المؤمنون ( َ ) ،فَلِب َ
العنكبوت ( .
ثانيععا :ذكععر لفععظ ُيشععير إلععى الحصععاء أو الع عّد فععي السععورتين ،
صى ِلَما َلِبُثوا َأَمًدا ( في الكهف َ ) ،وِلَتْعَلمُععوا ح َ عَدًدا … َأ ْ ن َ سِني َ
) ِ
ب ( في السراء ،بإضافة لفظ الحساب . سا َ
ح َ ن َواْل ِسِني َ
عَددَ ال ّ
َ
600
سورة السراء :
ما سنقوم بإحصائه هو الكلمات ،في قصة المرتين ووعععديهما ،
والتركيز في المجمل -كما سبق وأشرنا في فصل التفسير -كععان
على المرة الثانية ووعدها .وهذه الكلمات التي سنقوم بعععّدها أو
بإحصائها ،تمثل مدة ُلبث اليهود بالسنين القمرية .
جاء في بداية سورة السراء ،مقّدمة تمهيديععة مكونععة مععن ثلث
آيات ،ومن ثم تبدأ رواية القصة من الية ) ، ( 4بقوله تعالى )
ض َمّرَتْي عنِ
ن ِفععي اَْلْر ِ
س عُد ّ
ب َلُتفْ ِ
سراِئيَل ِفي اْلِكَتا ِ ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ َوَق َ
عُل عّوا َكِبي عًرا ) ، (4وتنتهععي فععي اليععة ) ، ( 104بقععوله ن ُ َوَلَتْعُل ع ّ
جععاَء ض َفعِإَذا َ
سعُكُنوا اَْلْر َ
سعَراِئيَل ا ْ ن َبْععِدِه ِلَبِنععي ِإ ْ
تعالى ) َوُقْلَنا ِم ْ
جْئَنا ِبُكْم َلِفيًفا ) . (104وإذا قمععت بإحصععاء الكلمععات خَرِة ِ لِعدُ ا ْ َو ْ
سراِئيَل ، (4) …4حتى تصععل ضْيَنا ِ 1إَلى َ 2بِني 3إ ْ من عبارة ) َوَق َ
جْئعَنا ِبكُععْم َلِفيًفععا ) ، (104سععتجد أن كلمععة ) لفيفععا ( إلى عبارة ) ِ
تحمل العدد ، 1422وهو عدد كلمات القصعة ،وهععو ممععا خالفنععا
به الخ بسام جّرار ،الذي اعتبر بداية القصة من الية الثانية .
) ملحظععة :لععو قمععت بعععّد كلمععات السععورة ،مععن خلل العععّد
التسلسلي العادي ،ستخطئ مرارا وتكرارا ،فالصوب والسععهل
هو استخدام الحساب التراكمي ،بحيث تعّد كلمات كل آيععة بشععكل
منفرد ،ومن ثم تقوم بجمع كل عشر مع بعضها ،ومن ثععم تقععوم
بجمعع الناتعج الكلععي .وإن كنععت تملعك جهععاز حاسعوب ،سععتكون
عملية غايععة فععي السععهولة ،فمععا عليععك إل أن تنقععل نععص سععورة
السراء ،من أحد برامج القرآن ،كما هعو مرسععوم بالمصععحف ،
واستثناء أرقام اليات ،أو إلصاقها بالكلمة التي تسععبقها ،ومععن
ثم تظليل نقطة البدايععة حععتى نقطعة النهايععة ،ومععن ثععم طلعب أمععر
601
) عدد الكلمات ( من قائمة ) أدوات ( ،لتظهععر لععك النتيجععة علععى
الفور ( .
صعلنا عليعه ،هعو ععدد معن السعنين القمريعة ، هذا العدد الذي تح ّ
التي ربما ُتشير إلى نهايعة معدة لبعث بنعي إسعرائيل ،فعي الرض
المذكورة بداية السورة ،أي أن نهاية هععذا اللبععث ،سععتكون بعععد
1422سنة قمرية ،ومن هنا تكون نقطة النهاية معلومة ،بينما
نقطة البداية مجهولة .
فهل ستكون نقطة البداية هي حادثة السععراء والمعععراج ،أم هععو
وقت نزول سورة السععراء ،أم حادثععة الهجععرة النبويععة نفسععها ،
التي اّتخذت اصطلحا كنقطة بداية للتقويم الهجري ،ال أعلم ؟!
حيث ورد في كتاب ) الكامل في التاريخ ( للشععيباني ،مععا نصععه :
" والصحيح المشهور أن عمر بن الخطاب رضي ال عنه ،أمععر
بوضع التاريخ ،وسبب ذلك أن أبا موسععى الشعععري ،كتععب إلععى
عمر ،أنه يأتينا منك ،كتب ليس لها تاريخ ،فجمع عمععر النععاس
للمشورة ،فقال بعضهم َ :أّرخ بمبعث النبي صلى ال عليه وسلم
،وقال بعضهم :بمهاجرة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقال
عمر :بل نؤرخ بمهاجرة رسول الع ،فععإن مهععاجرته فععرق بيععن
الحق والباطل ،قاله الشعبي " .
اختبار العدد ، 1422على فرض أنننه يمث ّننل
السنة الهجرية : 1422
جععة ،وذو
آخععر أيععام السععنة الهجريععة ، 1422هععو - 29ذو الح ّ
جة هو الشهر الثاني عشر من السنة الهجرية .وقععامت دولععة الح ّ
إسرائيل بتاريخ 1948 / 5 / 15م ،ويقابل هذا التاريخ بالهجري
/ 6رجععب 1367 /هعع ،ورجععب هععو الشععهر السععابع مععن السععنة
602
الهجرية .ولحساب أطول مدة ممكنة ،لبقاء دولة إسرائيل علععى
قيد الحياة ،سنقوم بطرح التاريخ الثاني من الول :
1422 / 12 / 29هع 1367 / 7 / 6 -هع = 23يوم ،و 5
أشهر و 55سنة قمرية
أي سععتكون نهايععة الدولععة اليهوديععة فععي بحععر السععنة ) السادسععة
والخمسين ( من عمرها .
اختبار العدد ) : ( 56
ض عْيَنا
• بما أن قصة وعدي الولى والخرة ،بدأت بعبارة ) َوَق َ
سراِئيَل … ) (4وإذا فرضنا أنهععا ،تمّثععل بدايععة قيععام ِإَلى َبِني إ ْ
دولة إسرائيل ،فما هي العبارة التي ُتشير إلى نهايتها ،ونفععاذ
وعد الخرة فيها ؟ بل شعك سععتكون الجابععة هعي عبععارة ) …
جَد … ) ، (7إذ أن ما جاء بعدها ،هي عبارات سِ خُلوا اْلَم ْوَِلَيْد ُ
ضعْيَنا
للتعقيب فقط .وإذا قمت بإحصاء الكلمات من عبارة ) َوَق َ
سععراِئيَل ، (4) …4حععتى تصععل إلععى عبععارة ِ 1إَلععى َ 2بِنععي 3إ ْ
جَد … ) (7ستجد أن كلمة ) المسجد ( تحمل سِ خُلوا اْلَم ْ ) َوِلَيْد ُ
صلنا عليه في الحسبة العدد ) ، ( 56وهو نفس العدد الذي تح ّ
السابقة .
• ُيعاد ِذكر بني إسرائيل مرة أخرى ،في نهايععة السععورة ،فععي
سعَئْل َبِنععي
ت َف ْ
ت َبّيَنععا ٍ
سَع َءاَيا ٍسى ِت ْ
قوله تعالى ) َوَلَقْد َءاَتْيَنا ُمو َ
سععَراِئيَل … ) ، (101وينتهععي ذكرهععم بععالمر الخععر الععذي ِإ ْ
سيتحّقق بمجيء وعد الخرة ،وهو مجيئهم من الشتات ،فععي
جْئَنععا ِبُك عْم َلِفيًفععا ). (104 خعَرِة ِلِ
ععُد ا ْ
جاَء َو ْ قوله تعالى ) َفِإَذا َ
وإذا قمععت بإحصععاء الكلمععات ،منععذ بدايععة ذكرهععم وذكععر وعععد
الخرة للمرة الثانية بعبارة ) َوَلَقْد 1آَتْيَنا ُ 2موسى (101) … 3
603
جْئَنا ِبُكعْم َلِفيًفععا ) ، (104سععتجد أن
حتى تصل إلى عبارة ) … ِ
كلمة ) لفيفا ( أيضا ،تحمل العدد ) . ( 56
اختبار العدد 56من خلل العدّ والحساب :
ل )(52ع ، ن َلِبْثُت عْم ِإّل َقِلي ً
ن ِإ ْ
ظّنععو َوالن نعود إلى قوله تعالى ) َوَت ُ
ل ) ، (76حيععث ُذكععر لفععظ ك ِإّل َقِلي ً
لَف ع َ
خَن ِوقععوله ) َوِإًذا َل َيْلَبُثععو َ
اللبث .وكما قلنا فيما سبق ،أن المقصود باللبث ،في العبععارتين
هو لبث اليهود .وهذا اللبث منذ بدايععة دولتهععم وحععتى نهايتهععا ،
تبين لنا أنه ل يتجاوز 56سنة ،وهو موصوف بالقليل :
• إذا قمت بإحصاء 56كلمة ،من حيث الكلمة التي تلععي كلمععة
ل) ن َلِبْثُتعْم ِإّل َقِلي ً
ن ِإ ْ
ظّنعو َ قليل مباشرة ،فعي قععوله تعععالى ) وََت ُ
َ (52وُقْلِ 1لِعَباِدي (53) … 2وتوقفت عند الكلمة التي تحمل
العدد ) ، (56ستجد أنك توقفت في نهاية العبارة ) فل يملكععون
عْمُت عْم ِم عنْ ن َز َ عععوا اّل عِذي َ كشف الضّر عنكم ( ،في الية ) ُقِل اْد ُ
ل )(56 ح عِوي ًعنُكْمَ ، 56وَل َت ْ ضّرَ 55 ف 54ال ّ ش َن َك ْ
ل َيْمِلُكو َ ُدوِنِه َ ،ف َ
ضعّر أي الذى والعععذاب الععدنيوي ،عنععد ،والذين سيقع بهععم ال ُ
مجيء وعد الخرة هم اليهود .ولو نظرت إلععى نهايععة اليععة ،
التي تسععبق هععذه اليععة مباشععرة ،سععتجد قععوله تعععالى ) َوآَتْيَنععا
سععس مملكتهععم َداُووَد َزُبوًرا ) (55وداود عليععه السععلم هعو مؤ ّ
الولى ،وكأن ذكره جاء للشارة إليهم .ولو قرأت نص اليععة
كامل ،ستجد المخاطبين ،كانوا قد اّتخذوا أولياء ووكلء مععن
دون ال ع ،ويؤكععد سععبحانه أن هععؤلء الوليععاء والععوكلء ،ل
يملكون إزالة الذى أو تحويله عنهم ،حال وقوعه بهم .
ولو كنت دقيق الملحظة ،ستكتشف أن الية التي توقععف الع عّد
فيها عنععد العععدد ، 56علععى عبععارة ) فل يملكععون كشععف الضعرّ
604
عنكم ( ،هي الية التي تحمل العدد ) ( 56أيضا ،وهذه اليععة
تقع في منتصف السورة تمامعًا .إذ لععو أنععك قمععت بقسععمة عععدد
آيات السورة ) (111على ) (2ستحصل على ) ، ( 55.5وهعي
تقريبا نفس الحسععبة الععتي خرجنععا بهععا سععابقا ،لُتشععير إلععى أن
زوال دولتهم ،سيكون في بحر السنة السادسة والخمسين مععن
عمر دولتهم .
• وإذا قمت بإحصاء 56كلمة ،من حيث الكلمة التي تلي كلمة
ك ِإّل َقِليلًلَفعع َ
خَ ن ِ قليل مباشرة ،في قوله تعالى ) َوِإًذا َل َيْلَبُثو َ
سْلَنا ، (77) … 4وتوقفت عند الكلمة نَ 2قْدَ 3أْر َ
سّنَةَ 1م ْ)ُ (76
التي تحمل العدد ) ، (56ستجد أنك تععوقفت فععي نهايععة العبععارة
54
حع ّ
ق جععاَء 53اْل َق وزهق الباطل ( ،في الية ) َوُق عْل َ ) جاء الح ّ
ن َزُهوًقععا ) ، (81ومجيععء ط عَل َكععا َ ط عُلِ ، 56إ ّ
ن اْلَبا ِ ق 55اْلَبا ِ
َوَزَه ع َ
جَعَلُه َدّكععاَء َوَكععانَ
عُد َرّبي َ جاَء َو ْ ق هو مجيء الوعد ) َفِإَذا َ الح ّ
ق الباطل هععو بل شععك نفععاذ حّقا ) 98الكهف ( ،وَزه ِ عُد َرّبي َ وَ ْ
وعد الخرة ،بزوال دولة الفساد وهلك أهلها .
التأريخ لقيام دولة إسرائيل :
خ عَرِة َ … ( 7 ) … :وُقْلَنععا … ِلَبِنععي لِ
ع عُد ا ْ
جععاَء َو ْ
) … َف عِإَذا َ
جْئَنععا ِبُكعمْ
خعَرِة ِ :
لِ
ععُد ا ْ
جععاَء َو ْ
ض … َفعِإَذا َ سعُكُنوا اَْلْر َ سَراِئيَل ا ْ
ِإ ْ
َلِفيًفا ). (104
تكرار ذكر بني إسععرائيل فععي بدايععة السععورة ونهايتهععا ،هععو أمععر
ملفت للنظر ،وتكرار ذكر وعد الخرة في بدايتها ونهايتها كذلك
،هو أمر آخر ملفععت للنظععر أيضععا ،وأثنععاء محععاولتي المتك عّررة
للربط العددي ،بين عبارتي ) فإذا جاء وعد الخرة ( في اليععة )
( 7والية ) . ( 104
605
خَرِة… 4 لِعُد 3ا ْ
جاَءَ 2و ْ قمت بعّد الكلمات من قوله تعالى ) َفِإَذا َ 1
) (7في بداية السورة ،إلى ما قبل عبارة ) فإذا جاء وعد الخرة
) (104فععي نهايععة السععورة ،وتععوقفت عنععد عبععارة ) اسععكنوا
1366
سععُكُنوا
سععَراِئيَل ا ْ
الرض ( ،فععي قععوله ) َوُقْلَنععا … ِلَبِنععي ِإ ْ
ض . (104) … 1367فوجدت أنني قععد تععوقفت علععى العععدد ) اَْلْر َ
، (1367وهذا العععدد ،هععو موعععد قيععام دولععة إسععرائيل بععالتقويم
الهجري ،وهو موعععد اسععتيلئهم الفعلععي علععى أرض فلسععطين ،
وبدء استيطانهم فيها ،وتجّمعهم من شتى بقاع الرض .
وكأن واقع الحال ُ ،يخبر بأنه في عام 1367هع ،سيأذن ال لهم
بالسكن في الرض المقّدسة واستيطانها ،وإقامة علععوهم الثععاني
والخير فيها .
مجموع كلمات السننورة يحمننل فنني ثناينناه
العددين 56و : 1422
عدد كلمات القصة من بدايتها حتى نهايتها هو ) (1422كلمة .
س عَرى
ن اّل عِذي َأ ْ
حا َ
س عْب َ عدد كلمات المقدمة بدءا من قوله تعععالى ) ُ
شُكوًرا )، (3 عْبًدا َ
ن َ
… ) (1إلى قوله تعالى ) … َكا َ
هو ) (42كلمة .
ق َأنَزْلَناُه … )ح ّعدد كلمات الخاتمة ،بدءا من قوله تعالى ) َوِباْل َ
(105إلى قوله تعالى ) … َوَكّبْرُه َتْكِبيًرا )، (111
هو ) (92كلمة .
وبجمع النواتج الثلثة ،نحصل على عدد كلمات السورة كاملة :
1556 = 92 + 1422 + 42كلمة
606
والن تمّعن في العدد الكلي لكلمات السورة ،فما الذي يقوله هذا
ي المئات ي الحععاد والعشععرات ،عععن خععانت ّ العدد ؟ لو فصلت خانت ّ
واللوف ،ستحصل علععى العععددين ) (56و ) ، (15والعععدد الول
معلوم ،والعدد الثاني ُيعّبر عن القرن الخامس عشععر الهجععري ،
الذي نعيشه الن .
كما أن مجموع أرقام هذا العدد ُ ،يمّثل ترتيب سورة السراء فععي
القرآن 17 = 1 + 5 + 5 + 6 :
جععاَء َوعْ عُدوالملفععت للنظععر أيضععا أن عععدد كلمععات عبععارة ) َف عِإَذا َ
جَد ( هو ثمانية كلمات ، سِ
خُلوا اْلَم ْ
جوَهُكْم َوِلَيْد ُ
سوُءوا ُو ُ
خَرِة ِلَي ُ
لِاْ
جْئَنععا ِبُكعْم َلِفيًفععا (
خعَرِة ِ
لِ
عُد ا ْ
جاَء َو ْ
وأن عدد كلمات عبارة ) َفِإَذا َ
هو سبعة كلمات .
حاصل ضرب العددين هو 56 = 7 × 8 :
وحاصل جمع العددين هو 15 = 7 + 8 :
ومجمععوع النععاتجين ،هععو ، 71 = 15 + 56 :وهععذا العععدد
سنوضح أمره فيما يلي .
تحديد الفترة الزمنية :
بعععد انقضععاء الموعععد ،الععذي كنععا قععد رجحنععاه فععي الصععدارات
السابقة ،وبعد العودة لسورة السععراء ،والتفكيععر مليععا فععي أمععر
جاَء َوعُْد
العدد ، 1442تبين لنا أن هذا العدد ارتبط بعبارة ) َفِإَذا َ
جْئَنا ِبُكْم َلِفيفًا ) ، (104ممعا يععدفعنا للعتقععاد بععأن ارتبعاط
خَرِة ِ
لِاْ
هذه العبارة بهذا العدد ،يشير إلععى اكتمععال مجيععء بنععي إسععرائيل
من الشتات ،بانقضاء سنة 1422هع ،وليس موعععدا لنهايتهععا ،
607
وأن الموعد الكععثر احتمعال ،هعو بحعر السععنة 56معن عمرهعا ،
والتي بقي منها الن هو النصف الثاني فقط .
وبعد التدقيق في أمعر الععدد ، 56تعبين لنعا أن سعورة السعراء ،
ُتظهر هذا العدد أكثر من العععدد ،1422وبصععورة ملفتععة للنظععر ،
وهو ما لم نعتمد عليه بشكل كلي ،لتحديد أقصععى موعععد محتمععل
لنهاية إسرائيل .
وبذلك تكون الفترة الزمنيععة المحتملععة لنهايععة الدولععة اليهوديععة ،
هي الفترة التي تمتد ما بين ،أول يوم حتى آخر يوم ،من السععنة
56من عمرها :
] / 6رجب 1422 /هع – / 5رجب 1423 /هع [
ويقابلها بالميلدي :
] 2001 / 9 / 23م 2002 / 9 / 12 -م [
وإذا ثبت خطأ هذا الحتمال ،ولععم يتحقععق وعععد الخععرة فععي بنععي
إسرائيل في الموعد المحدد ،فلن يكون هناك احتمععالت جديععدة ،
صعلنا
لعدم وجود أيعة دلئل أخعرى ،تعوحي بأرقعام غيعر العتي تح ّ
عليها سابقا ،ونود أن ننبه الخوة القّراء ،بأن إصابتنا في هععذا
الموعد ،فيما لو حصلت ،فذلك ل يعني بالضرورة إصابتنا ،في
المواعيد التي تليها ...والتصديق بهذه مسألة من عدمها ،يعععود
لقناعة القارئ الشخصية .
ونكّرر ما ختمنا به مقدمة كتابنا ،وإن أخطأنا فمن أنفسععنا ،وإن
أصبنا فمن ال ،ول حول ول قوة إل بال ،وال ولي التوفيق .
608
دة الموعد المتوقع لنهايننة الوليننات المتح ن ّ
المريكية :
ش عفَ ل َيْمِلُكععونَ َك ْ ن ُدوِن عِه َف َ عْمُتْم ِم ع ْن َز َ عوا اّلِذي َ قال تعالى ) ُقِل اْد ُ
ن ِإَلععى
ن َيْبَتُغععو َ
عو َ ن َيعْد ُك الّعِذي َ ل )ُ (56أوَلِئ َ حعِوي ً عْنُكعْم َوَل َت ْ الضّّر َ
ع عَذاَبُه ِإنّن َ خععاُفو َ حَمَت عُه َوَي َ
ن َر ْ جععو َ ب َوَيْر ُسيَلَة َأّيُهْم َأْق عَر ُ
َرّبِهُم اْلَو ِ
ن ُمْهِلُكوَهععا ، حُن ِمنْ َقْرَيٍة ِإّل َن ْ حُذوًرا )َ (57وِإ ْ ن َم ْ ك َكا َب َرّب َ
عَذا َ َ
ك ِفععي اْلِكَتععا ِ
ب ن َذِل َشِديًدا َ ،كا َ عَذاًبا َ َقْبَل َيْوِم اْلِقَياَمِة َ ،أْو ُمَعّذُبوَها َ
طوًرا ) 58السراء ( سُ َم ْ
إذا كانت الية ) ، ( 56تتحدث عن نهاية دولة إسرائيل ،فاليععة
) ( 58تتحدث عن قععرى -ظالمععة بل شععك -سععيتم إهلكهععا ،أو
إنزال العذاب الشديد بها ،قبل يوم القيامة ،ولم يبععق الكععثير مععن
الوقت ،فُدول هذا العصر ،هي القرى الخيرة قبل يوم القيامععة ،
وتكاد ل تجععد فيهععا قريععة غيعر ظالمعة ،وأكععثر القعرى المعاصععرة
ظلما هي أمريكا .
وإذا كععان رقععم اليعة ) ُ ، ( 56يعّبععر عععن موعععد هلك إسععرائيل ،
فمععن المحتمععل أن رقععم اليععة ) ُ ( 58يشععير إلععى موعععد هلك
أمريكععا ،أي بعععد زوال إسععرائيل بسععنتين قمريععتين ،فععي السععنة
الثامنة والخمسون ،من قيام دولة إسرائيل ،وهي ُتقابععل ،سععنة
1424هع تقريبا .
لقننند بننندأ ينننوم القيامنننة ،بقينننام دولنننة
إسرائيل ،بل منذ عل اليهود في الرض
،والناس في غفلة من أمرهم :
ن وترّوي ،وتوقف عنععد كععل إن لم ُتصّدق ذلك ،فتفّكر معي ،بتأ ٍ
سععى ِإّنععي
مقطع ،وكل عبارة ،في قوله تعالى ) ِإْذ َقععاَل الُّ ع َ ،يِعي َ
609
ععلُجا ِن َكَفعُروا َ ،و َ ن اّلعِذي َك مِع َطّهعُر َ ي َ ،وُم َك ِإَلع ّ
ك َ ،وَراِفُعع َ ُمَتَوّفيع َ
ن َكَفعُروا ِ ،إَلععى َيعْوِم اْلِقَياَمعِة ُ ،ثعّم ِإَلع ّ
ي ق اّلعِذي َك َ ،فعْو َ ن اّتَبُعو َ
اّلِذي َ
ن ) 55آل عمران ( خَتِلُفو َحُكُم َبْيَنُكْم ِ ،فيَما ُكْنُتْم ِفيِه َت ْ
جُعُكْم َ ،فَأ ْ
َمْر ِ
.
يقول سبحانه وتعالى ،في معرض خطابه لعيسى عليععه السععلم ،
ن َكَفُروا ( ،والذين كفروا بعيسى وطّهره ال ن اّلِذي َك ِم َ طّهُر َ
) َوُم َ
ك( ن اّتَبُعععو َ
ععُل اّلعِذي َجا ِمن أقععوالهم وأفعععالهم ،هععم اليهععود َ ) ،و َ
والععذين اتبعععوه هععم النصععارى إجمععال ،بغععض النظععر عععن صععحة
ق اّلععِذينَ َكَفععُروا ( معتقععدهم وصععدق الععتزامهم بتعععاليمه َ ) ،فععْو َ
والفوقية تعنععي العلععو والسععتعلء ،والععذين كفععروا هععم اليهععود ،
) ِإَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة ( واليوم في الميقات السععماوي ،يسععاوي ألععف
سنة بالميقات الرضي ،وهذا اليوم ،هو الذي سيقوم الناس فيه
من قبورهم ،ول ندري فيما كانت الناس ،سععتقوم فعي أولعه ،أم
في وسطه ،أم في آخره .
ومفاد الية أعله ،أن الفوقية ستكون للنصععارى علععى اليهععود ،
إلى يوم القيامة ،بمعنى أن فوقيععة النصععارى علععى اليهععود ،لهععا
منتهى ،وقد حّددته هذه الية بمجيء يععوم القيامععة ،وأن تح عّول
هذه الحالة إلى العكس تماما ،أي أصبحت الفوقيععة لليهععود علععى
النصارى ،فهي إيذان ببدء يوم القيامة بالميقات السماوي .
ولو تتبعنععا التاريععخ اليهععودي ،لوجععدنا أن الضععطهاد النصععراني
لليهود ،بدأ منععذ اعتنععاق الرومععان للنصععرانية ،واتخاذهععا كععدين
رسمي للمبراطوريععة الرومانيععة ،واسععتمر حععتى بععدايات القععرن
الماضععي ،وزال كليععة بعععد الحععرب العالميععة الثانيععة ،وبعععد قيععام
الدولععة اليهوديععة فععي فلسععطين ،حيععث انقلععب الحععال ،فأصععبحت
610
الفوقية لليهود على النصارى ،وبدأ عصععر الضععطهاد اليهععودي
للنصارى وغيرهم ،فرئيس الوليات المتحدة بعظمتععه ،ل يملععك
من أمره ،إل السمع والطاعة لسياده اليهود .
الموعد المتوقع لعودة عيسى عليه السلم
،والقضاء على الدجال وأتباعه اليهود :
3
ضعْيَنا ِ 1إَلععى َ 2بِنععي
عنععدما قمنععا بععّد الكلمععات ،مععن عبععارة ) َوَق َ
جَد … سِخُلوا اْلَم ْ سراِئيَل ، (4) …4حتى تصل إلى عبارة ) َوِلَيْد ُ إ ْ
) (7وجععدنا أن كلمععة ) المسععجد ( تحمععل العععدد ) ، ( 56وهععي
السنة التي ستكون فيها نهاية إسرائيل .فلنكمل الععّد حععتى نصععل
ععععْدَنا ( ،العععتي ُتخعععبر ععععن ععععودتهم ععععْدُتْم ُ
ن ُ
لعبعععارة ) … َوِإ ْ
للفسععاد ،وعععودة ال ع عليهععم بالعقععاب ،علععى يععد عيسععى عليععه
السلم ،ومن معه من المؤمنين ،ستجد أن كلمة ) عدنا ( تحمععل
العدد ) ، ( 71وهي ُتمّثل السععنة الواحععدة والسععبعون ،مععن قيععام
دولتهم ،وهي تقابل سنة 1437هع تقريبا .
ومجمععوع العععدد ) ، ( 71ومقلععوبه ) ( 17الععذي ُيمثععل ترتيععب
السورة هو 88 = 17 + 71 :
والناتج ) ( 88هو رقم اليعة ،العتي تحعدى سعبحانه فيهعا الجعن
والنس ،على أن يأتوا بمثل هذا القرآن .
الموعد المتوقع لظهور المهدي :
سّلَم َقععاَل ُ ) :ث عّمعَلْيِه َو َل َ
صّلى ا ُّ
ي َ
ن الّنِب ّي َأ ّ
خْدِر ّسِعيٍد اْل ُ
ن َأِبي َعَْ
سْبًعا َأْو َثَمانَِيًا َ ،يْعِني
ش َ ي َ ، … ،يِعي ُ خِر ُأّمِتي اْلَمْهِد ّ ج ِفي آ ِخُر ُ
َي ْ
ححه اللباني ،وأخرجه الترمععذي ) … جًا ( رواه الحاكم وص ّ جَحَِ
سعًعاسعْبًعا َأْو ِت ْ
ك َ سعٌع ( ،وأحمععد ) … َيْمِلع ُ سْبٌع َوِإّل َفِت ْ
صَر َف َ
ن ُق ِ
ِإ ْ
611
س عًعا ( ،وأبععو داود ) … َيْمِل عكُ سْبًعا َأْو ِت ْ
سا َأْو َ
خْم ً…(و)… َ
سٌع … ( كّلهم سْبٌع َوِإّل َفِت ْ
صَر َف َ
ن ُق ِن ( ،وابن ماجه ) ِإ ْ سِني َ
سْبعَ ِ
َ
ي.
خْدِر ّسِعيٍد اْل ُ
ن َأِبي َعَْ
جععح لععدي أن خععروج المهععدي ،سععيكون قبععل خععروج ومععن المر ّ
الدجال ،وستنتهي خلفته ،بنزول عيسى عليه السلم وتسليمها
له ،ومتوسععط مععدة خلفتععه ،إذا أخععذنا بعيععن العتبععار ،اختلف
ح هععذا التقععدير ،نسععتطيع الروايات ،هو سبع سععنوات ،فععإن صع ّ
حساب موعد خروجه بطرح ) ( 7سنوات ،من الموعد المتوقععع
لنزول عيسى عليه السلم ) : ( 1437
1430 = 7 – 1437
الموعد المتوقع لخروجه هو عام 1430هعع ،بتقععديم سععنتين أو
تأخير سنتين ،وال أعلم .
المواعيد المتوقعة للحداث الكبرى :
ميلدي هجري الحدث
2002 - 2001 1423 - 1422 نهاية إسرائيل
2004 - 2003 1425 - 1424 نهاية الوليات المتحّدة
المريكية
2010 - 2009 1431 - 1430 خروج المهدي
2017 - 2016 1438 - 1437 خروج الدجال ونزول
عيسى عليه السلم
612
قال تعالى
َ
عَلى أ ْ
ن نَ ، ج ّ وال ْ ِ س َ ت اْل ِن ْ ُ ع ِ م َ جت َ َ نا ْ ِ ل ل َئ ِ ) ُ
ق ْ
ْ يأ ْ
ن َ ،ل ي َأُتو َ
ن ِ ءا
َ ر
ْ ُ
ق ْ ل ا َ
ذا ه
َ لِ ْ ث م
ِ ِ ب تواُ َ
هيًرا َ و َ ول َ ْ مث ْل ِ ِ
ضظ ِ ع ٍم ل ِب َ ْه ْ ض ُ ع ُ ن بَ ْ كا َ هَ ، بِ ِ
)(88
ن،
ءا ِ ذا ال ْ ُ
قْر َ ه َ في َ سِ ، ِ فَنا ِللّناصّر ْ
قد ْ َول َ َ
) َ
س إ ِّل ْ فأ َبى أ َ ن كُ ّ
ِ ناّ ال رُ َ ث ك لَ َ ، مث َ ٍ
ل َ م ِْ
فوًرا )(89 كُ ُ
) السراء (
613
سرناه بلسانك لعّلهم يتذ ّ
كرون فإنما ي ّ
تبدأ سورة الععدخان بتعظيععم شععأن القععرآن الكريععم ،وتعظيععم شععأن
الليلععة الععتي ُأنععزل فيهععا ،وترّكععز السععورة ،علععى النععذار دون
البشععرى ،حيععث قععال سععبحانه فععي إرسععال محمععد عليععه الصععلة
شعًرا َوَنعِذيًرا )45
شعاِهًدا َوُمَب ّ
ك َ
سعْلَنا َ
ي ِإّنعا َأْر َ
والسلم ) َيَأّيَها الّنِبع ّ
الحزاب ( .ويؤكد سبحانه أنه أرسله ،منذرا للبشر مععن قبععل أن
يحل بهم العقاب ،رحمة منه بعبععاده .والعقععاب الععذي تععأتي علععى
خبره اليات وتحّذر منه ،هو البطشععة الكععبرى ،الععتي لععم ُتحعّدد
ماهيتها هنا ،ونذير هذه البطشععة ،الععذي سيسععبقها بقليععل ،هععو
الععدخان ،فليرتقبععه النععاس ،فععإن ظهععر وعععاينوه فليعتععبروا ،
وليحذروا ،وليعودوا عما هم عليهم من الشك والتشكيك في أمععر
ربهم ،واللعب فععي أمععر دينهععم ،والطعععن فععي رسععولهم الكريععم ،
الععذي ُبععث إليهعم بشعيرا ونععذيرا ،فعإن لعم يفعلعوا ولععن يفعلععوا ،
فليرتقبوا البطشة الكبرى .وقد ظهر الدخان الموصوف فععي هععذه
السععورة ،فععي عاصععمة أحععد القطععار العربيععة ،فععاقرأ معنععا هععذا
سععرت هععذه النبععوءة الفصل والفصول التي تليععه ،لتعععرف كيععف ُف ّ
على أرض الواقع ،ولتعرف من هم الموعودين بالبطشة الكبرى
قريبا ،بعد إصعرارهم علعى معا هعم عليعه ،معن الكفعر والفسعوق
والعصيان ،بععالرغم مععن غشععيان الععدخان لهععم ،بنفععس الصععفة ،
التي أخبرت عنها اليات .
تعريف بسورة الدخان :
" مكية ،كمععا روي عععن ابععن عبععاس ،وابععن الزبيععر رضععي الع
تعالى عنهم ،ووجه مناسبتها لما قبلها أنععه عععز وجععل ،ختععم مععا
قبلها ) الزخععرف ( بالوعيععد والتهديععد ،وافتتععح هععذه بشععيء مععن
614
النذار الشعديد ،وذكعر سعبحانه هنعا ،كقعول الرسعول صعلى الع
تعالى عليه وسلم ،يا رب إن هؤلء قوم ل يؤمنععون ) فععي نهايععة
سورة الزخرف ( ،وهنععا نظيععره ،فيمععا حكععى عععن أخيععه موسععى
عليهم الصلة والسلم ،بقوله تعالى فدعا ربععه ،أن هععؤلء قععوم
مجرمون ،وورد بفضلها أخبار " ،اللوسي .
سننرين فنني آيننات سننورة أقوال بعض المف ّ
الدخان :
ه نانَ نْ ل ز ْ ن) حم ) (1وال ْكت َنناب ال ْمبينن ) (2إن ّننا أ َ
ُ َ ِ ُ ِ ِ ِ َ ِ
ها في َ ن )ِ (3 ري َ ذ ِ
من ْ ِ ة إ ِّنا ك ُّنا ُ مَباَرك َ ٍ ة ُ في ل َي ْل َ ٍ ِ
دَنا َ ل أَ فَرقُ ك ُ ّ يُ ْ
عن ْ ن ِ ن ِ من ْ مًرا ِ كيم ٍ ) (4أ ْ ح ِ ر َ ٍ م
ْ
ه
ك إ ِن ّن ُ ن َرب ّن َ من ْ ة ِ م ً ح َ
ن )َ (5ر ْ سِلي َ مْر ِ إ ِّنا ك ُّنا ُ
م )(6 عِلي ُ ع ال َ مي ُ س ِ و ال ّ ه َ ُ
" يقول تعععالى مخععبرا عععن القععرآن العظيععم ،أنععه أنزلععه فععي ليلععة
مباركة ،وهي ليلة القدر ،أمر حكيم ،أي محكم ل ُيبّدل ول ُيغّير
،ولهذا قال جل جلله ) ،أمرا من عندنا ( ،أي جميععع مععا يكععون
وُيقّدره ال تعالى وما يوحيه ،فبأمره وإذنععه وعلمععه ) ،إنععا كنععا
مرسلين ( أي إلى الناس رسععول يتلععوا عليهععم آيععات الع مبينععات
" ،ابن كثير .
ن منننا إ ِ ْ ت واْل َ
ه َ منننا ب َي ْن َ ُ و َ ض
ْ ِ َ ر وا ِ َ م َ سننن َ ب ال ّ ) َر ّ
حي ِنني و يُ ْ هن َ ه إ ِّل ُ ن )َ (7ل إ ِل َن َ قِني َ مننو ِ م ُ ك ُن ْت ُن ْ
ءاَبائ ِك ُم اْل َ
ن )(8 وِلي َ ّ ُ ب َ وَر ّ م َ ت َرب ّك ُ ْ مي ُ وي ُ ِ َ
" أي إن كنتععم مععن أهععل اليقععان ،علمتععم كععونه سععبحانه رب
السماوات والرض ،لنه معن أظهعر اليقينيععات دليل ،وفعي هعذا
615
الشرك تنزيععل إيقععانهم ،منزلععة عععدمه ،لظهععور خلفععه عليهععم ،
وهو مراد من قال :إنععه مععن بععاب تنزيععل العععالم منزلععة الجاهععل ،
لعدم جريه على مععوجب العلععم ،قيععل :ول يصععح أن يقععال :إنهععم
نزلوا منزلة الشاكين ،لما كان قوله سبحانه بعد :بل هم في شك
جل ،ول أدري بأسا في أن يقال :إنهم نزلوا أول كععذلك ،ثععم س ع ّ
عليهم بالشك ،لنهم وأن أقّروا بععأنه عععز وجععل ،رب السععماوات
ك للحادهم في صععفاته ،وإشععراكهم والرض ،لم ينفّكوا عن الش ّ
به تعالى شأنه " ،اللوسي .
ن )(9 ك ي َل ْ َ
عُبو َ ش ّ
في َ م ِه ْ
ل ُ) بَ ْ
" بل هؤلء المشركون ) ،في شك يلعبون ( أي قد جاءهم الحق
اليقين ،وهم يشّكون فيه ،ويمترون ول يصععدقون بععه ،ثععم قععال
عز وجل متوعدا لهم ومهّددا ) ،فارتقب يوم تأتي السععماء ( " ،
ابن كثير .
" ) بععل هععم فععي شععك يلعبععون ( أي ليسععوا علععى يقيععن ،فيمععا
يظهرونه من اليمان والقرار ،في قولهم إن ال خالقهم ،وإنما
يقولععونه لتقليععد آبععائهم ،مععن غيععر علععم ،فهععم فععي ش عكّ ،وإن
توهموا أنهم مؤمنون ،فهم يلعبون فععي دينهععم ،وقيععل يلعبععون ،
يضيفون إلى النبي صلى ال عليه وسععلم الفععتراء والسععتهزاء ،
ويقال أعرض عن المواعظ لعب ،وهععو كالصععبي الععذي يلعععب ،
فيفعل ما ل يدري عاقبته " القرطبي .
" ل يقولون ما يقولون ،مما هو مطععابق لنفععي المععر عععن جععدر
وإذعان ،بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعععب ،وهععذه الجملععة خععبر
بعععد خععبر لهععم ،واللتفععات عععن خطععابهم ،لفععرط عنععادهم وعععدم
التفاتهم ،والفاء في قوله تعالى :فارتقب لععترتيب الرتقععاب ،أو
616
المر به على ما قبلها ،فإن كونهم في شك يلعبون ،مما يععوجب
ذلععك ،أي فععانتظر لهععم ،يععوم تععأتي السععماء بععدخان مععبين " ،
اللوسي .
ن) بينن م ن خا د ب ء ما س ال تي قب يوم ت َأ ْ ) َ
ٍ ٍ ُ ِ َ ُ ِ ُ ّ َ ِ فاْرت َ ِ ْ َ ْ َ
ذاب أ َ غ َ
م )(11 ٌ لي
ِ ع َ ٌ ذا َ ه َ
س َشى الّنا َ (10ي َ ْ
" ارتقععب معنععاه انتظععر ،يععا محمععد بهععؤلء الكفععار ،يععوم تععأتي
السماء بدخان مبين ،قاله قتادة .وقيل معناه احفظ قولهم هععذا ،
لتشهد عليهم " ،القرطبي .
" يعني تعالى ذكره بقوله ) فارتقب ( ،فانتظر ،يا محمد بهؤلء
المشركين من قومك ،الذين ) هععم فععي شععك يلعبععون ( ) ،يغشععى
الناس ( يقول يغشى أبصارهم ،من الجهد الذي يصيبهم ) ،هععذا
عععذاب أليععم ( يعنععي أنهععم يقولععون ،ممععا نععالهم مععن ذلععك الكععرب
والجهد ،هذا عذاب أليم ( " الطبري .
سرين في الدخان : أقوال المف ّ
ث
ح عّد ُ ج عٌل ُي َ
ق َ ،قععاَل َ " :بْيَنَمععا َر ُ سُرو ٍ ن َم ْ عْ تفسير ابن مسعود َ :
ع
س عَما ِخ عُذ ِبَأ ْ
ن َي عْوَم اْلِقَياَم عِة َ ،فَيْأ ُخععا ٌ
جي عُء ُد َ ِفععي ِكْن عَدَة َ ،فَقععاَل َ :ي ِ
عَنععا . ن َكَهْيَئِة الّزَكععاِم َ ،فَفِز ْ خ عُذ اْلُم عْؤِم َصععاِرِهْم َ ،يْأ ُ ن َوَأْب َ اْلُمَنععاِفِقي َ
س َ ،فَقععاَل َ :معنْ جَلع َ ب َ ،ف َ ضع َن ُمّتِكًئا َ ،فَغ ِ سُعوٍد َ ،وَكا َ ن َم ْ ت اْب ََفَأَتْي ُ
ن اْلِعْلعِم َ ،أنْ ن ِمع ْ عَلعُم َ ،فعِإ ّلع َأ ْ
ن َلْم َيْعَلْم َ ،فْلَيُقْل ا ُّعِلَم َفْلَيُقْل َ ،وَم ْ َ
س عّلَم
عَلْيهِ َو َل َ صّلى ا ُّ ل َقاَل لَِنِبّيِه َ ن ا َّ
عَلُم َ ،فِإ ّ َيُقوَل ِلَما َل َيْعَلُم َل َأ ْ
شععا
ن ( َوِإنّ ُقَرْي ً ن اْلُمَتَكّلِفيع َ
جٍر َوَما َأَنا ِم ْ ن َأ ْعَلْيِه ِم ْسَأُلُكْم َ) ُقلْ َما َأ ْ
س عّلَم ،
عَلْي عهِ َو َص عّلى الُّ ع َ عَلْيِهْم الّنِبيّ َ عا َ لِم َ ،فَد َ سَن اِْل ْ عْطُئوا َ َأْب َ
سعَنةٌ خعَذْتُهْم َ ف َ ،فَأ َ سع َ سعْبِع ُيو ُ سعْبٍع َك َ عَلْيِهعْم ِب َ عّنععي َ َفَقاَل :الّلُهّم َأ ِ
جعُل َمعا َبْيعنَ ظاَم َ ،وَيعَرى الّر ُ حّتى َهَلُكوا ِفيَها َ ،وَأَكُلوا اْلَمْيَتَة َواْلِع َ َ
617
ن َ ،فَقععاَل َ :يععا سْفَيا َجاَءُه َأُبو ُ ن َ ،ف َ خا ِض َ ،كَهْيَئِة الّد َ سَماِء َواَْلْر ِ ال ّ
لععك َقْد َهَلُكوا َ ،فاْدعُ ا َّ ن َقْوَم َ حِم َ ،وِإ ّ صَلِة الّر ِت َتْأُمُرَنا ِب ِ جْئ َ حّمُد ِ ُم َ
ن ِ -إَلععى َق عْوِلهِ - ن ُمِبي ع ٍخا ٍ س عَماُء ِب عُد َ ب َي عْوَم َت عْأِتي ال ّ ) َفَق عَرَأ َفععاْرَتِق ْ
عععاُدوا ِإَلععى جععاَء ُث عّم َ خَرِة ِ ،إَذا َ لِ با ْ عَذا ُعْنُهْم َ ف َش ُ ن ( َأَفُيْك َ عاِئُدو َ َ
ش عَة اْلُكْب عَرى ( َي عْوَم ط َ ش اْلَب ْط ُ ك َقْوُلُه َتَعاَلى َ ) :يْوَم َنْب ِ ُكْفِرِهْم َ ،فَذِل َ
ن( سعَيْغِلُبو َت العّروُم ( ِإَلععى ) َ غِلَبع ْ َبْدٍر َو ) ِلَزاًما ( َيْوَم َبعْدٍر ) الععم ُ
ضععى " .رواه البخععاري وأخرجععه مسععلم والترمععذي َوالّروُم َقعْد َم َ
وأحمد .
سعُعوٍد ، ن َم ْ لع بع َ عْبعِد ا ِّ ن َ ق عَع ْ سعُرو ٍ ن َم ْ عع ْرواية لبن مسعععود َ :
ش عةُ َوالّل عَزامُط َن َوال عّروُم َواْلَقَم عُر َواْلَب ْ خا ُس ال عّد َخْم ٌ ضى َ َقاَل َ " :م َ
" .رواه البخاري وأخرجه مسلم والترمذي وأحمد .
طَل عَع الّنِب ع ّ
ي ي َ ،قععاَل :ا ّ سيٍد اْلِغَفاِر ّ ن َأ ِحَذْيَفَة ْب ِ
ن ُ عْ حديث حذيفة َ :
ن َنَتَذاَكُر َ ،فَقاَل َ ) :ما َتَذاَكُرو َ
ن حُ عَلْيَنا َ ،وَن ْسّلَم َعَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ َ
ن َقْبَلَهععاحّتى َتَرْو َ ن َتُقوَم َ عَة َ ،قاَل ِ ) :إّنَها َل ْ سا َ؟ ( َقاُلوا َ :نْذُكُر ال ّ
س
شععْم ِ ع ال ّطُلو َ جاَل َ ،والّداّبَة َ ،و ُ ن َ ،والّد ّ خا َ ت َ ،فَذَكَر الّد َ شَر آَيا ٍ ع ْ َ
سعّلَم ، عَلْيعهِ َو َ صعّلى الُّع َ ن َمْرَيعَم َ سععى اْبع ِ عي َ ن َمْغِرِبَها َ ،وُنُزوَل ِ ِم ْ
س عفٌ خ ْ ق َ ،و َ ش عِر ِف ِباْلَم ْ سع ٌ خ ْ ف َ سععو ٍ خُ لَثَة ُج َ ،وَث َ جو َ ج َوَمْأ ُ جو َ َوَيَأ ُ
ج ِمع ْ
ن خ عُر ُك َنععاٌر َت ْخ عُر َذِلع َ ب َ ،وآ ِ جِزيَرِة اْلَععَر ِ ف ِب َ
س ٌ خ ْب َ ،و َ ِباْلَمْغِر ِ
شععِرِهْم ( رواه مسععلم وأخرجععه ح َ س ِإَلععى َم ْ طععُرُد الّنععا َ ن َ ،ت ْ اْلَيَمعع ِ
الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد .
قال ابن كثير " وقد وافق ابن مسعععود ،رضععي الع عنععه ،علععى
تفسير اليععة بهععذا ،وأن الععدخان مضععى ،جماعععة مععن السععلف ،
كمجاهععد وأبععي العاليععة وإبراهيععم النخعععي ،والضععحاك وعطيععة
العوفي وهو اختيار ابن جرير .وروى ابن جرير ،عن ربعي بن
618
حراش قال سمعت حذيفة بن اليمان ،رضععي ال ع عنععه ،يقععول ،
قال رسول ال صلى ال عليه وسعلم ) :إن أول اليعات العدجال ،
ونزول عيسى بن مريم عليهما الصلة والسلم ،ونار تخرج من
قعععر عععدن أبيععن ،تسععوق النععاس إلععى المحشععر ،تقيععل معهععم إذا
قالوا ،والدخان ،قال :حذيفة رضي ال عنه يا رسول ال :وما
الععدخان ؟ فتل رسععول ال ع صععلى ال ع عليععه وسععلم هععذه اليععة :
) فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ،يغشى الناس هذا عذاب
أليم ( يمل ما بين المشرق والمغرب ،يمكث أربعين يوما وليلة ،
أمععا المععؤمن فيصععيبه منععه كهيئة الزكمععة ،وأمععا الكععافر فيكععون
بمنزلة السكران ،يخرج من منخريه وأذنيه ودبععره ( ،قععال ابععن
ح هععذا الحععديث لكععان فاصععل ،وإنمععا لععم أشععهد لععه
جريععر لععو صع ّ
بالصحة .
وقععال ابعن جريعر أيضععا :ععن أبععي مالععك الشععري ،رضعي الع
عنه ،قال :قال رسعول الع صعلى الع عليعه وسعلم ) :إن ربكعم
أنذركم ثلثا ؛ الدخان ،يأخذ المععؤمن كالزكمععة ،ويأخععذ الكععافر ،
فينفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ،والثانية الدابة ،والثالثععة
الدجال ( ورواه الطبراني ،ععن هاشععم بععن مرثععد ععن محمععد بععن
إسماعيل بن عياش به ،وهذا إسناد جيد .
وروى ابن جرير :عن عبععد الع بععن أبععي مليكععة ،قععال :غععدوت
على ابن عباس رضي الع عنهمععا ،ذات يععوم ،فقععال :مععا نمععت
الليلة حتى أصععبحت ! قلععت ِ :لعَم ؟ قععال :قععالوا طلععع الكععوكب ذو
الععذنب ،فخشععيت أن يكععون الععدخان قععد طععرق ،فمععا نمععت حععتى
أصبحت ( وهكذا رواه ابن أبي حاتم فععذكره وهععذا إسععناد صععحيح
إلى ابن عباس رضي ال عنهما ،حبر المة وترجمععان القععرآن ،
وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين ،رضي ال عنهم ،
619
مع الحاديث المرفوعة من الصحاح والحسععان وغيرهمععا ،الععتي
أوردوها ،مما فيه مقنع ،ودللة ظاهرة ،على أن الدخان ،مععن
اليات المنتظرة ،مع أنه ظاهر القرآن ،قععال الع تبععارك وتعععالى
ح ،يععراه
) فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ( أي بّيععن واضع ٌ
سر به ابن مسعود ،رضععي ال ع عنععه ،إنمععا كل أحد ،وعلى ما ف ّ
هو خيال ،رأوه فععي أعينهععم مععن شععدة الجععوع والجهععد ،وهكععذا
قوله تعالى ) يغشى الناس ( ،أي يتغشاهم ويعميهععم ،ولععو كععان
ص أهععل مكععة المشععركين ،لمععا قيععل فيععه يغشععىأمرا خياليا ،يخع ّ
النععاس ،وقععوله تعععالى ) هععذا عععذاب أليععم ( ،أي يقععال لهععم ذلععك
تقريعا وتوبيخا " .
وقال القرطععبي " :وفععي الععدخان أقععوال ثلثععة ؛ الول :أنععه مععن
أشراط الساعة ،لم يجععئ بعععد ،وأنععه يمكععث فععي الرض أربعيععن
يوما ،يمل ما بين السماء والرض ،فأما المععؤمن فيصععيبه مثععل
الزكام ،وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم ،فيثقب مسامعهم
،ويضيق أنفاسهم ،وهو من آثار جهنم يوم القيامة ،وممن قال
إن الدخان لم يأت بعد ،علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريعرة
وزيد بن علي والحسن وابن أبي ملكيععة وغيرهععم ؛ والثععاني :أن
الدخان ،هو ما أصاب قريشا من الجوع ،بدعاء النبي صلى الع
عليه وسلم ،حتى كان الرجل يرى بين السماء والرض دخانععا ،
قاله ابن مسعود ؛ والثالث :إنه يوم فتح مكة لما حجبعت السعماء
الغبرة ،قاله عبد الرحمن العرج " .
وقال اللوسي " :أي يوم تأتي بجدب ومجاعة ،فإن الجائع جدا
سععر أبععو عبيععدة
،يَر بينه وبيععن السععماء ،كهيئة الععدخان ،وقععد ف ّ
الدخان به ،والمراد باليوم مطلق الزمععان ،أي ارتقععب وعععد ال ع
ذلك اليوم ،وبالسماء جهة العلو ،وإسناد التيان بععذلك إليهمععا ،
620
من قبيل السناد إلى السبب ،لنه يحصل بعدم إمطاره ،وتفسععير
الدخان بما فسرناه به ،مروي عن قتادة وأبي العالية والنخعي ،
جععاج ،وقععدوالضحاك ومجاهد ومقاتل ،وهو اختيار الفعّراء والز ّ
روي بطرق كثيرة عن ابن مسعود رضي ال تعععالى ،وظععاهره ،
يدّلك ما فععي تاريععخ ابععن كععثير ،علععى أن القصععة ،كععانت بمكععة ،
فالية مكية ،وفي بعض الروايات ،أن قصة أبي سفيان ،كععانت
بعد الهجرة ،فلعلها وقعت مرتين ،وقد تقّدم ما يتعلععق بععذلك فععي
سورة المؤمنين ،وقال علي كّرم ال تعععالى وجهعه ،وابععن عمعر
وابن عباس وأبو سعيد الخدري ،وزيد بن علععي والحسععن ،أنععه
دخان يععأتي مععن السععماء ،قبععل يععوم القيامععة ،يععدخل فععي أسعماع
الكفععرة ،حععتى يكععون رأس الواحععد ،كععالرأس الحنيععذ ،ويعععتري
المؤمن كهيئة الزكام ،فالدخان علععى ظععاهره ،والمعنععى فععارتقب
يوم ظهور الدخان .
وحمل ما في الية ،على ما يعم الدخانين ،ل يخفععى حععاله .هععذا
والظهر ،حمل الدخان علععى مععا روي عععن ابععن مسعععود أولععى ،
لنه أنسب بالسياق ،لما أنه في كفار قريش ،وبيان سوء حالهم
) .يغشى النععاس ( أي يحيععط بهععم ،والمععراد بهععم كفععار قريععش ،
ومن جعل الدخان ،ما هو من أشراط الساعة ،حمل ) الناس ( ،
على من أدركه ذلك الوقت ،ومن جعل ذلععك يععوم القيامععة ،حمععل
النععاس علععى العمععوم ،والجملععة ) يغشععى النععاس ( صععفة أخععرى
للدخان ،وقوله تعالى هذا عععذاب أليععم ،وقيععل :يجععوز أن يكععون
هذا عذاب أليم ،إخبارا منه عز وجعل ،تهعويل للمعر ،كمعا قعال
سبحانه وتعالى ،في قصة الذبيح ،إن هذا لهو البلء المبين " .
621
ن )(12 مُنو َؤ ِ م ْب إ ِّنا ُ ذا َ ع َعّنا ال ْ َ ف َ ش ْ ) َرب َّنا اك ْ ِ
" أي يقول الكافرون ،إذا عععاينوا عععذاب ال ع وعقععابه ،سععائلين
رفعه وكشفه عنهم ) ،ربنا اكشف عنا العذاب ( " ابن كثير .
" وقوله ) ربنععا اكشععف عنععا العععذاب ( يعنععي أن الكععافرين الععذين
ضرعون إلى ربهم ،بمسألتهم إيععاه كشععف يصيبهم ذلك الجهد ،ي ّ
ذلك الجهد " ،الطبري .
" كما صرح به غير واحد من المفسرين ،وعُد منهم باليمععان ،
ف جّل وعل عنهم العذاب ،فكأنهم قالوا :ربنععا إن كشععفت إن كش َ
عنا العذاب آمنا ،لكن عدلوا عنه " ،اللوسي .
سننو ٌ
ل ر مهُ َ ء نا
ن ج د ن َ
ق و رى ْ كّ ذ ن ال م ن هَ ل نى نّ ن ) أَ
ْ َ ُ َ ْ َ َ ُ ُ
معل ّن ٌم َقنناُلوا ُ و َه َ عن ْن ُ
وا َ ول ّن ْم تَ َ ن ) (13ث ُ ّ مِبي ٌ ُ
ن )(14 جُنو ٌ م ْ َ
" يقععول كيععف لهععم بالتععذكر ،وقععد أرسععلنا إليهععم رسععول ،بيععن
الرسالة والنذارة ،ومع هذا توّلوا عنه ،وما وافقوه بل كععّذبوه ،
وقالوا ُمعّلم مجنون " ابن كثير .
" قععال ابععن عبععاس :أي يتعظععون ،والعع أبعععدهم مععن التعععاظ
والتذكر ،بعد توليهم عن محمد صلى ال عليه وسلم ،وتكععذيبهم
إياه ) ،وقالوا ُمعّلم مجنون ( أي عّلمععه بشععر ،أو عّلمععه الكهنععة
والشياطين ،ثم هو مجنون وليس برسول " ،القرطبي .
" يقول تعالى ِذكره ،من أي وجه لهؤلء المشركين التذّكر ،من
بعععد نععزول البلء بهععم ،وقععد تولععوا عععن رسععولنا ،حيععن جععاءهم
مععدبرين عنععه ،ل يتععذكرون بمععا يتلععى عليهععم مععن كتابنععا ،ول
622
حججنععا ،ويقولععون إنمععا هععو مجنععون يتعظون بما يعظهم به مععن ُ
عّلم هذا الكلم " الطبري . ُ
" ) أنى لهم الععذكرى ( نفععي صععدقهم فععي الوعععد ،وأن غرضععهم
إنما هو كشف العذاب والخلص ،أي كيف يتذكرون ،أو من أين
يتذكرون بععذلك ،ويفععون بمععا وعععدوه مععن اليمععان ،عنععد كشععف
العععذاب عنهععم ،وقععد جععاءهم رسععول مععبين ،أي والحععال ،أنهععم
شاهدوا من دواعي التذكر وموجبات التعاظ ،ما هععو أعظععم مععن
ذلك في إيجابهم ،حيث جاءهم رسول عظيم الشععأن ،ظععاهر أمععر
رسععالته باليععات والمعجععزات ،الععتي تخععز لهععا صععم الجبععال ،أو
مظهرا لهم مناهج الحق ) ،ثم تولوا عنه ( أي عن ذلك الرسععول
عليه الصلة والسلم ،ولم يقل ومجنععون بععالعطف لن المقصععود
تعديد قبائحهم " ،اللوسي .
ن) دو َ عننائ ِ ُ
م َ كنن ْقِليًل إ ِن ّ ُب َ ذا ِع َفوا ال ْ َ ش ُ
كا ِ ) إ ِّنا َ
ة ال ْك ُْبننَرى إ ِّننناشنن َ ش ال ْب َطْ َ
طنن ُ م ن َب ْ ِ
و ََ (15ينن ْ
ن )(16 مو َ ق ُمن ْت َ ِ
ُ
" والحتمال الثاني أن يكون المععراد ،إنععا مععؤخرو العععذاب عنكععم
قليل ،بعد انعقاد أسععبابه ،ووصععوله إليكععم ،وأنتععم مسععتمرون ،
فيما أنتم فيه من الطغيان والضلل ،ول يلزم مععن الكشععف عنهععم
أن يكون باشرهم " ابن كثير .
" ) إنا كاشفوا العذاب ( يعنععي الض عّر النععازل بهععم ،يقععول تعععالى
ذكععره ،إنكععم أيهععا المشععركون ،إن كشععفت عنكععم العععذاب النععازل
بكم ،والضّر الحاّل بكم ،ثم عّدتم فععي كفركععم ونقضععتم عهععدكم ،
الذي عاهدتم ربكععم ،انتقمععت منكععم ،يععوم أبطععش بكععم ،بطشععتي
الكبرى ،في عاجل الدنيا ،فأهلككم " ،الطبري .
623
" إنا كاشفوا العععذاب قليل ،وعععد أن يكشععف عنهععم ذلععك العععذاب
قليل ،أي فععي زمععان قليععل ،ليعلععم أنهععم ل يفععون بقععولهم ،بععل
يعودون إلى الكفر ،بعد كشفه ،قاله ابن مسعود .ومن قال ،إن
الدخان منتظر ،قال ،أشار بهذا إلى ما يكون ،مععن الفرجععة بيععن
آية وآية ،من آيات قيام السععاعة ،ثععم مععن قضععى عليععه بععالكفر ،
يستمر على كفره .ومن قال هذا في القيامة ،قععال أي لععو كشععفنا
عنكم العذاب لعدتهم إلى الكفر ،وقيل ،معنى إنكم عائدون إلينا ،
أي مبعوثون بعد الموت " ،القرطبي .
" وقيل :المعنى وارتقب الدخان ،وارتقب يوم نبطععش ،فحععذف
واو العطععف ،كمععا تقععول :اتععق النععار ،اتععق العععذاب ،والبطشععة
الكبرى في قول ابن مسعود ،يوم بدر ،وهو قععول ابععن عبععاس ،
وأبي بن كعب ،ومجاهععد والضععحاك ،وقيععل :عععذاب جهنععم يععوم
القيامععة ،قععاله الحسععن وعكرمععة وابععن عبععاس أيضععا ،واختععاره
الزجاج " ،القرطبي .
" أي إن كشفنا عنكم العذاب ،كشفا قليل ،أو زمانا قليل عدتم ،
والمراد على ما قيل ،عائدون إلى الكفر ،وأنت تعلععم أن عععودهم
إليه ،يقتضي إيمانهم ،وقد مر أنهععم لععم يؤمنععوا ،وإنمععا وعععدوا
عُدهم ُمنزل َ ،منزلة إيمانهم ،أو المراد اليمان ،فإما أن يكون و ْ
عائدون إلى الثبات ،على الكفر أو على القرار والتصريح به ) .
يوم نبطش ( يوم نسّلط القتل عليهم ونوسععع الخععذ منهععم ،وفععي
القععاموس ،بطععش بععه ،أخععذه بععالعنف والسععطوة ،كأبطشععه ،
والبطش ،الخذ الشديد في كل شيء " ،اللوسي .
" فسر ذلك ابن مسعود رضي ال عنه ،بيععوم بععدر ،وهععذا قععول
جماعة ،ممن وافق ابن مسعود رضي الع عنععه ،علععى تفسععيره
624
الععدخان بمععا تقععدم ،وروي أيضععا ،عععن ابععن عبععاس رضععي ال ع
عنهما ،من رواية العوفي عنه ،وعن أبي بععن كعععب رضععي ال ع
عنه ،وهو محتمل .والظاهر أن ذلك يوم القيامة ،وإن كان يععوم
بدر يوم بطشة .وروى ابن جرير عععن عكرمععة ،قععال :قععال ابععن
عباس رضي ال عنهمعا ) :قعال ابعن مسععود رضعي الع عنعه ،
البطشة الكبرى يوم بدر ،وأنععا أقععول هععي يععوم القيامععة ( ،وهععذا
إسناد صحيح عنه ،وبه يقععول الحسععن البصععري وعكرمععة ،فععي
ح الروايتين عنه ،وال أعلم " ،ابن كثير . أص ّ
م ه ْ جنناءَ ُ و َ ن َ و َ عن ْ فْر َ م ِ و َ قن ْ م َ هن ْ قب ْل َ ُ
فت َن ّننا َ ق ند ْ َ ول َ َ
َ
َ َ
عَبادَ الل ّ ِ
ه ي ِ دوا إ ِل َ َ ّ نأ ّ م ) (17أ ْ ري ٌ ِ ل كَ سو ٌ َر ُ
عُلننوا ل أَ
ن َل ت َ ْ وأ ْ َ (18 ) ن
ٌ ميِ سو ٌ م َر ُ إ ِّني ل َك ُ ْ
ن) س نل ْ َ ءاِتيك ُن ْ عَلى الل ّ ِ
مِبين ٍَ ن ُ طا ٍ م بِ ُ ه إ ِن ّنني َ َ
نمأ ْ وَرب ّك ُنننن ْ ت ب َِرب ّنننني َ عننننذْ ُ وإ ِن ّنننني ُ َ (19
مُننننوا ِلننني ؤ ِ م تُ ْ ن َلننن ْ وإ ِ ْ ن )َ (20 منننو ِ ج ُ ت َْر ُ
ؤَل ِ عا رب َ
م و ٌ
ق ْء َ ه ُ ن َ هأ ّ فدَ َ َ ّ ُ ن )َ (21 زُلو ِ عت َ ِفا ْ َ
ن )(22 مو َ ر ُ ج ِ م ْ ُ
" يقول تعالى ،ولقد اختبرنا قبل هؤلء المشركين ،قوم فرعون
،وهم قبط مصر ،وجاءهم رسول كريم ،يعنععي موسععى كليمععه ،
عليه الصلة والسلم " ،ابن كثير .
ظععم عنععد الع عععز وجععل ،أو عنععد " ) رسول كريم ( أي ُمكرم مع ّ
المؤمنين ،أو عنده تعالى وعندهم ،أو كريععم فعي نفسعه متصعف
بالخصعععال الحميعععدة والصعععفات الجليلعععة حسعععبا ونسعععبا ،وقعععال
الراغععب :الكععرم إذا وصععف بععه النسععان ،فهععو اسععم للخلق
625
والفعال المحمودة ،التي تظهر منه ،ول يقال هععو كريععم ،حععتى
يظهر ذلك منه " ،اللوسي .
" ) وإني عذت بربي وربكم ( أي التجععأت إليععه تعععالى ،وتععوكلت
عليه جل شأنه ) أن ترجمون ( ،من أن ترجموني ،أن تععؤذوني
ضعععربا أو شعععتما ،أو أن تقتلعععوني ،وروي هعععذا ععععن قتعععادة
عدوه بالقتل ، وجماعة ،قيل :لما قال :أن ل تعلوا على ال ،تو ّ
فقال ذلعك ،وفعي البحعر أن هعذا ،كعان قبعل أن يخعبره ععز وجعل
بعجزهم عن رجمه بقععوله ) ،وإن لععم تؤمنععوا لععي فععاعتزلون ( ،
فكونوا بمعزل منععي ل علععي ول لععي ،ول تتعرضععوا لععي بسععوء ،
فليس ذلك جزاء ،من يدعوكم إلى ما فيه فلحكم ،فدعا ربه بعد
أن أصّروا على تكذيبه عليه السلم ) ،أن هؤلء قوم مجرمون (
" ،اللوسي .
" وفيه اختصار كأنه قيل :أن هعؤلء مجرمععون ،تنععاهى أمرهععم
في الكفر ،وأنت أعلم بهم ،فافعل بهم ما يستحقونه ،قيل :كان
جعل لهعم معا يسعتحقون بعإجرامهم ، دعاؤه عليه السلم ،اللهم ع ّ
وقيل :قوله ربنا ل تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ،إلععى قععوله ،فل
يؤمنوا حتى يروا العذاب الليم ،وإنما ذكر ال سبحانه السععبب ،
الذي استوجبوا به الهلك ،لُيعلم منه دعاؤه والجابة معععا ،وإن
دعاءه على يأس من أيمانهم ،وهذا من بليغ اختصععارات الكتععاب
المعجز " ،اللوسي .
626
نقننو َ غَر ُ م ْجن ْندٌ ُ م ُ ه ْ وا إ ِن ّ ُه ًحَر َر ْ ك ال ْب َ ْوات ُْر ِ)… َ
ن )(25 عي ُننو ٍو ُ ت َ جن ّننا ٍ ن َ من ْ كوا ِ م ت ََر ُ ) (24ك َ ْ
ك وأ َ
ن )(28 َ ن ري
َِ خ
َ ءا
َ نا ن م
ْ ًو َ
ق نان ه
َ ناَ ْ ث … ك َذَل ِ َ َ ْ َ
ر و
منناو َض َ واْلْر ُ ماءُ َ سن َ م ال ّ هن ُ علي ْ ِ
ت َ َ مننا ب َك َن ْ
ف َ َ
ن )(29 ري َ من ْظَ ِ كاُنوا ُ َ
" يقول تعالى ذكره ،كععم تععرك فرعععون وقععومه مععن القبععط ،بعععد
مهلكهم ،وتغريق ال إياهم ،من بساتين وأشجار وعيون ومقام
كريععم ،يقععول وموضععع كععانوا يقومععونه شععريف كريععم .وقععوله
) كععذلك وأورثناهععا قومععا آخريععن ( يقععول تعععالى ذكععره ،وأورثنععا
جنععاتهم وعيععونهم وزروعهععم ومقامععاتهم ،ومععا كععانوا فيععه مععن
ي بالقوم الخرين بنو إسرائيل " ، عن َ النعمة قوما آخرين ،وقيل ُ
الطبري .
" ) كععذلك وأورثناهععا قومععا آخريععن ( وهععم بنععو إسععرائيل ،كمععا
تقعععدم ،وقعععوله سعععبحانه وتععععالى ) فمعععا بكعععت عليهعععم السعععماء
والرض ( أي لععم تكععن لهععم أعمععال صععالحة ،تصعععد فععي أبععواب
السماء ،فتبكي على فقدهم ،ول لهم فععي الرض ،بقععاع عبععدوا
ال ع تعععالى فيهععا ،فقععدتهم ،فلهععذا اسععتحقوا أن ل ُينظععروا ،ول
ُيؤخروا ،لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم " ،ابن كثير .
" قال الزجاج :أي المر كذلك ،فيوقف على كععذلك ،وقيععل :إن
الكاف في موضع نصب ،على تقدير نفعل فعل كذلك ،بمن نريععد
إهلكه ،وقال الكلبي :كذلك أفعععل بمععن عصععاني ،وقيععل :كععذلك
كععان أمرهععم ،فععأهلكوا ،وأورثناهععا قومععا آخريععن ،يعنععي بنععي
إسععرائيل ،مّلكهععم ال ع تعععالى أرض مصععر ،بعععد أن كععانوا فيهععا
مستعبدين ،فصاروا لها وارثيععن لوصععول ذلععك إليهععم ،كوصععول
627
الميراث ونظيره ،وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق
الرض ومغاربها ،الية " ،القرطبي .
ب ذا ِ عن َن ال ْ َ من َل ِ س نَراِئي َ جي َْنا ب َِني إ ِ ْ قد ْ ن َ ّ ول َ َ)… َ
عال ِي ًننا
ن َ ه ك َننا َن إ ِن ّ ُو َ ع ْ
فْر َ ن ِ م ْ ن )ِ (30 هي م
ُ ال ْ
ِ ِ
م ه ْ خت َْرَنننا ُ دا ْ قنن ِ َ
ول َ ن )َ (31 في َر ِ
سنن ِ
م ْ ن ال ْ ُ منن َ ِ
مه ْ ءات َي َْنا ُو َن )َ (32 مي َ عال َ ِعَلى ال ْ َ عل ْم ٍ َ عَلى ِ َ
ن )… (33 مِبي ٌ ه ب ََلءٌ ُ في ِ ما ِ ت َ ن اْلَيا ِ م َ ِ
" يعنععي مععا كععانت القبععط ،تفعععل بهععم بععأمر فرعععون ،مععن قتععل
البنعععاء ،واسعععتخدام النسعععاء ،واسعععتعبادهم إيعععاهم ،وتكلفهعععم
العمعععال الشعععاقة ،وقيعععل :أي أنجينعععاهم معععن الععععذاب ،ومعععن
فرعون ،إنه كان عاليا من المسرفين ،ولقد اخترناهم يعني بني
إسرائيل " ،القرطبي .
" واختلف أهل التأويل ،فععي ذلععك البلء ،فقععال بعضععهم ابتلهععم
بنَعِمععه عنععدهم ،وقععال آخععرون ،بععل ابتلهععم بالرخععاء والشععدة ،
وأولى القوال في ذلك بالصواب ،أن يقال إن ال أخبر ،أنه آتعى
بني إسرائيل من اليات ،ما فيه ابتلؤهم واختبارهم ،وقد يكون
البتلء والختبار بالرخاء ،ويكون بالشدة ،ولم يضع لنا دليل ،
من خبر ول عقل ،أنه عنى بعض ذلك دون بعض ،وقد كان ال ع
اختبرهم ،بالمعنيين كليهما جميعا " ،الطبري .
628
ي إ ِّل هنن َ ن ِ ن ) (34إ ِ ْ قوُلننو َ ء ل َي َ ُ ؤَل ِ هنن ُ ن َ ) … إِ ّ
ن )(35 َ َ موت َت َُنا ا ْ ُ
ري َ ِ ن شن ْ ن م
ُ ِ ب ن ُ ن
حنْ َ ن ما َ و
َ لى لو َ ْ
م ن ه
ُ َ أ ( 36 ) ن قي ِ د صا م ُ ت ْ نُ ك ن إ ناَ ِ ئ با بآ توا ُ فأ َْ
ْ َ ِ ْ َ ْ ِ ِ َ
م، ن ه ل ب َ
ق ن ن م ن ذي نّ ل وا ع ن ب ت م و َ
ق م خير ،أ َ
ْ ِ ْ ِ ْ ِ َ ِ ْ ُ ّ ٍ َ ُ ْ َ ْ ٌ
ن )… (37 مي ر ج م نوا ُ كا َ م ه ّ ن إ ، م ه
ُ نا
َ ْ ك َ ل ه
ْ أَ
َ ِ ُ ْ ِ ِ ُ ْ ْ
" ) إن هععؤلء ( ،كفععار قريععش ،لن الكلم فيهععم ،وذكععر قصععة
فرعععون وقععومه ،اسععتطرادي للدللععة علععى أنهععم مثلهععم ،فععي
الصرار على الضللة ،والنذار على مثل ما حّل بهم ،وفي اسم
الشارة )هؤلء ( تحقير لهععم ) ليقولععون ( ) :إن هععي إل موتتنععا
الولى ( أي ما العاقبة ونهاية المر ،إل الموتععة الولععى المزيلععة
للحياة الولى ) ،وما نحن بمنشععرين ( أي بمبعععوثين بعععدها " ،
اللوسي .
" ) إن هؤلء ليقولععون ،إن هععي إل موتتنععا الولععى ،ومععا نحععن
بمنشععرين ،فععأتوا بآبآئنععا ،إن كنتععم صععادقين ( ،يقععول تعععالى
ذكره ،مخبرا عن قيل مشركي قريش ،لنبي ال صلى ال ع عليععه
وسلم ،إن هؤلء المشركين من قومك ،يا محمد ،ليقولععون إن
هي إل موتتنا الولى ،التي نموتها ،وهي الموتة الولععى ،ومععا
نحن بمنشرين بعد مماتنا ،ول بمبعععوثين ،تكععذيبا منهععم بععالبعث
والثواب والعقاب " ،الطبري .
" ) أهم خيععر أم قععوم تبععع ،والععذين مععن قبلهععم أهلكنععاهم ،إنهععم
كانوا مجرمين ( ،يقول تعالى ذكره ،لنبيه محمد صلى ال عليععه
وسلم ،أهؤلء المشركون يا محمد من قومك خيععر ،أم قععوم تبععع
يعني تبعا الحميري ،وكانت عائشععة تقععول :ل تسععبوا تبعععا فععإنه
كععان رجل صععالحا .وقععوله ) والععذين مععن قبلهععم ( ،مععن المععم
629
الكععافرة بربهععا ،يقععول فليععس هععؤلء بخيععر مععن أولئك ،فنصععفح
عنهم ول نهلكهم ،وهم بال كافرون ،كما كان الذين أهلكنععاهم ،
من المم من قبلهم كفارا ،وقوله ) إنهم كانوا مجرميععن ( ،إنمععا
أهلكناهم لجرامهم وكفرهم بربهم " ،الطبري .
" عععن عائشععة قععالت :كععان تبععع رجل صععالحا ،أل تععرى أن الع
تعالى ذم قومه ولم يذمه " ،اللوسي .
" ) أهععم خيععر أم قععوم تبععع ( هععذا اسععتفهام إنكععار ،أي إنهععم
مستحقون في هذا القول العذاب ،إذ ليسوا خيععرا مععن قععوم تبععع ،
والمم المهلكة ،وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلء " ،القرطبي .
" ) والذين من قبلهععم ( أي قبععل قععوم تبععع كعععاد وثمععود ،أو قبععل
قريععش فهععو تعميععم ،بعععد تخصععيص ) ،أهلكنععاهم ( ،اسععتئناف
لبيان عاقبة أمرهم هّدد به كفار قريش ) ،إنهم كانوا مجرمين (
،تعليععل لهلكهععم ،أي أهلكنععاهم ،بسععبب كععونهم مجرميععن ،
فليحذر كفار قريشا " ،اللوسي .
ن) م ي ََتننذَك ُّرو َ عل ّ ُ
ه ْ ك لَ َ سان ِ َسْرَناهُ ب ِل ِ َ ما ي َ ّ ) َ
فإ ِن ّ َ
ن )(59 قُبو َ مْرت َ ِم ُ ه ْب إ ِن ّ ُق ْفاْرت َ َِ (58
" أي أنزلناه سهل واضحا بينا جليععا ،بلسععانك الععذي هععو أفصععح
اللغععات ،وأجلهععا وأحلهععا وأعلهععا ) ،لعلهععم يتععذكرون ( أي
يتفّهمون ويعلمون ،ثم لما كان مع هعذا الوضعوح والبيعان ،معن
ف وعانَد ،قال ال تعالى لرسوله صلى ال الناس ،من َكفَر وخال َ
عليه وسلم ،مسليا له وواعدا له بالنصععر ،ومتوععدا لمعن كعّذبه
بالعطب والهلك ) ،فارتقب ( أي انتظر ) ،إنهععم مرتقبععون ( أي
فسيعلمون لمن ستكون النصرة ،والظفر وعلو الكلمة فععي الععدنيا
والخرة " ابن كثير .
630
" ) فإنمععا يسععرناه بلسععانك ،لعلهععم يتععذكرون ،فععارتقب إنهععم
مرتقبون ( يقول تعالى ذكره ،لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم ،
فإنمععا سعّهلنا قععراءة هععذا القععرآن ،الععذي أنزلنععاه إليععك بلسععانك ،
ليتعععذكر هعععؤلء المشعععركون ،العععذين أرسعععلناك إليهعععم ،بِععععبِره
حججه ،ويتعظوا بعظاته ،ويتفكروا في آيععاته ،إذا أنععت تتلععوه وُ
عليهم ،فُينيبوا إلى طاعة ربهم ،ويذعنوا للحق عندما تبينهموه
.وقععوله ) فععارتقب إنهععم مرتقبععون ( يقععول تعععالى ذكععره ،لنععبيه
محمد صلى ال عليععه وسععلم ،فععانتظر أنععت يععا محمععد الفتععح مععن
ربك ،والنصر على هؤلء المشركين بال ،من قومك من قريش
،إنهم منتظععرون ،عنععد أنفسععهم قهععرك وغلبتععك ،بصععدهم عمععا
أتيتهم به من الحق ،من أراد قبوله واتباعك عليه " ،الطبري .
" ) فإنمععا يسععرناه بلسععانك لعلهععم يتععذكرون ( أي كععي يفهمععوه ،
ويتذكروا به ويعملوا بموجبه ) ،فارتقب ( ،أي وأن لم يتععذكروا
بما يحّل بهم ،وهو تعميم بعد تخصيص ،بقوله تعالى ) فععارتقب
يوم تأتي السماء …حتى قوله … إنهم مرتقبون ( وقيل :معناه
مرتقبون ما يحل بهم تهكما ،وفي الية من الوعد له ،صلى ال
تعالى عليه وسلم ،ما ل يخفى " ،اللوسي .
سورة الدخان ُتنذر قوما من أمة السلم
كفروا بعد إيمانهم
ن )(9 عُبو َ ك ي َل ْ َ
ش ّ
في َ م ِ ه ْ
ل ُ بَ ْ
هععذا الوصععف لععم يكععن بحععال مععن الحععوال ،لمشععركي قريععش ،
فهؤلء كّذبوا وكفروا بما جاء به ،محمد عليه الصلة والسلم ،
ك في المعتقد عععادة ،يتععأّتى بعععد اليمععان ،
جملة وتفصيل .والش ّ
ن والهوى ،مما يدفع النسان في بوحي من شياطين النس والج ّ
631
النهاية إلى الكفر .وأما اللعب ،جاء بمعنى العراض عمععا ينفععع
والستهزاء به ،والنشغال بما ل ينفع ،بععل وبمععا يض عّر ،وهععي
صفة يمتاز بها الصبية والولد الصغار ،لصغر عقععولهم ،وقلععة
مععداركهم ،وضععيق أفقهععم ،وعععدم مقععدرتهم ،علععى أخععذ العععبرة
والعظة .
أما هؤلء القععوم مععن أمععة محمععد ،فهععم فععي شععك مععن أمععر الع ،
والشك هو انعدام اليقين ،بمعنى أنهم غيععر مععوقنين ،ممععا أخععبر
عنه في كتابه المععبين ،الععذي جععاء بععه الرسععول المععبين ،بلسععان
عربععي مععبين ،مععن أمععور الغيععب ،وعلععى رأسععها انعععدام اليقيععن
بربوبية وألوهية ال ووحدانيته وإنكار البعث ،أي الشك بملكيععة
ال ع للسععماوات والرض ومععا بينهمععا ،وقععدرته علععى تصععريف
المور ،والشك بأمر البعث بعد الموت .لذلك فهم ل يتورعون ،
عن اتخاذ دينهععم هععزوا ولعبععا ،إذ ل بعععث ول حسععاب ول عقععاب
يردعهم .
خعُذوا ِديَنُكعْم ن اّت َ خعُذوا اّلعِذي َ ن َءاَمُنععوا َ ،ل َتّت ِ قال تعالى ) َيَأّيَها اّلِذي َ
ن َقْبِلُكعْم َواْلُكّفععاَر َأْوِلَيععاَء ،ب ِمع ْ ن ُأوُتوا اْلِكَتا َن اّلِذي َ ُهُزًوا َوَلِعًبا ِ ،م َ
ن ) 57المععائدة ( ،فالععذين يوالععون ن ُكْنُت عْم ُم عْؤِمِني َ
ل ع ِ ،إ َْواّتقُععوا ا َّ
الذين اتخذوا دين ال هزوا ولعبا ،من اليهود والنصارى والكفار
إجمال ،وهم ُيظهرون اليمان ليسععوا بمععؤمنين ،فمععا بالععك بمععن
يتخذ دين السلم ،هزوا ولعبا ويحاربه ،وهو ينتسب إليه .
حَيععاُةغّرْتُهُم اْل َخُذوا ِديَنُهْم َلِعًبا َوَلْهًوا َو َ ن اّت َوقال تعالى ) َوَذِر اّلِذي َ
لِع
ن ُدونِ ا ّ س َلَهععا ِمع ْت َلْيع َ سعَب ْس ِبَما َك َ سَل َنْف ٌن ُتْب َ الّدْنَيا َوَذّكْر ِبِه َأ ْ
خ عْذ ِمْنَهععا ُأوَلِئكَ اّل عِذي َ
ن ع عْدٍل َل ُيْؤ َن َتْع عِدْل ُك عّل َش عِفيٌع َوِإ ْ ي َوَل َ َوِل ع ّ
ب َأِليعٌم ِبَمععا َكععاُنوا
ععَذا ٌ حِميعٍم َو َ ن َب ِمع ْ شعَرا ٌ سُبوا َلُهْم َ سُلوا ِبَما َك َ ُأْب ِ
632
خعُذوا ِديَنُهعْم َلْهعًوا َوَلِعًبععا ن اّت َن ) 70النعام ( ،وقال ) اّلعِذي َ َيْكُفُرو َ
سععوا ِلَقععاَء َيعْومِِهْم َهعَذا ساُهْم َكَمععا َن ُ حَياُة الّدْنَيا َفاْلَيْوَم َنْن َغّرْتُهُم اْل َ
َو َ
ن ) 51العراف ( . حُدو َ جََوَما َكاُنوا ِبآَياِتَنا َي ْ
فهؤلء القوم يتصفون بأمرين :
الول :أنهم ل يؤمنون بال واليوم الخر .
الثاني :أن شععغلهم الشععاغل هععو الحيععاة الععدنيا ،وأنهععم يتخععذون
أمور دينهم ،مادة للهزء والسخرية واللهو .
ن) بين م ن خا د بن ء ما سن ال تي قب يوم َتنأ ْ َ
َ ٍ ُ ِ ٍ َ ُ ِ ُ ّ َ ِ فاْرت َ ِ ْ َ ْ َ
م )(11 ب أِلي ٌ ذا ٌ ع َ ذا َ ه َس َ شى الّنا َ غ َ (10ي َ ْ
نلحظ أن المفسرين اختلفوا على ثلثة مواقف ،فمنهم من وافق
تفسير ابن مسعود ،ومنهم من وافق تفسير ابن عباس ،ومنهععم
من أخذ بالحتمالين .وكّل منهم أكمل تفسععير السععورة ،علععى مععا
ارتأى مععن صععوابية اعتقععاده ،بالنسععبة لهععذا الععدخان .وأمععا مععن
حيث زمن الوقوع ،فالحتمال الول ،يقول بأن الدخان والبطشة
،قد مضيا في مشركي قريش ،والحتمال الثاني يقول بععأنه قبععل
يععوم القيامععة ،والحتمععال الثععالث يقععول بععأنه مععن أحععداث يععوم
القيامة ،وللفصل في هذه القوال والمواقف ،سنسععتنبط صععفات
هذا الدخان من اليات نفسها ،وصفات هؤلء القععوم وأفعععالهم ،
في نهاية الفصل ،بمعزل عععن الروايععات والتفسععيرات السععابقة ،
فظاهر اليات الكريمة ،يدل على أن ما ورد في اليات ،هععو نبععأ
دخان سيظهر في المستقبل ،والقدر على بيععان أمععره ،هععو مععن
يعاصر ظهوره ،بعد اكتمال معالمه ،كمععا هععي العععادة ،فععي فهععم
وتفسير النبوءات المستقبلية .
633
ن )(12 مُنو َ ؤ ِ م ْب إ ِّنا ُ ذا َ ع َعّنا ال ْ َ ف َ ش ْ َرب َّنا اك ْ ِ
وهذا هو دعاء المُعرضين عن ذكععر الع ،كمععا هععي العععادة ،مععن
سععتهم المسرفين والمشركين والكفار ،من الناس إجمال ،كلما م ّ
الضراء والبأساء ،سواء من أمععة السععلم أو مععن غيرهععا ،كمععا
جْنِبعِه َأْو َقاعِعًدا عاَنععا ِل َ
ضعّر َد َ ن ال ّ سا َ
س اِْلْن َ في قوله تعالى ) َوِإَذا َم ّ
سعهُ عَنا ِإَلععى ضُعّر مَ ّ ضّرُه َمّر َكعَأنْ َلعْم َيعْد ُ عْنُه ُ شْفَنا َ َأْو َقاِئًما َفَلّما َك َ
ن ) 12يونس ( . ن َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ سِرِفي َ ن ِلْلُم ْ
ك ُزّي ََكَذِل َ
ولحظ ضمير المخععاطب ) كععم ( ،والععذي يعععود علععى المخععاطبين
لع ُ ،ثعّم ِإَذان ا ِّ ن ِنْعَمعٍة َفِمع َ بالقرآن ،في قوله تعالى ) َوَما ِبُكعْم ِمع ْ
ض عّر عَْنُك عْم ِإَذا
ف ال ّ شع َ ن )ُ (53ث عّم ِإَذا َك َ جَأُرو َ ضّر َ ،فِإَلْيِه َت ْ سُكُم ال ّ َم ّ
سعُكُم
ن ) 54النحعل ( ،وقعوله ) َوِإَذا مَ ّ شعِرُكو َ ق ِمْنُكْم ِبَرّبِهعْم ُي ْ َفِري ٌ
جععاُكْم ِإَلععى اْلَبعّرن ِإّل ِإّيععاُه َفَلّمععا َن ّ
عو َ ن َتعْد ُضعّل َمع ْحعِر َ الضّّر ِفي اْلَب ْ
ن َكُفوًرا ) 67السراء ( . سا ُن اِْلْن َ ضُتْم َوَكا َ عَر ْ َأ ْ
والقرب والظهر ،بالنظر في دعواهم تلك ،وإقرارهم بألسععنتهم
ما ليس في قلوبهم من اليمععان ،عنععد غشععيان الععدخان لهععم ،أن
يكون هؤلء من أمة محمد عليععه الصععلة والسععلم ،فسععقوا عععن
دينهم مع كونهم مسلمين ،نفاقا على الغلب ،وشركهم فععي الع
جاء بعد اليمان به .أما قريش فلععم يكععن هععذا حععالهم ،ومععا كععان
ليصدر منها هذا الدعاء ،فمنهععم مععن أسععلم ،ومنهععم أصعّر علععى
كفره ،أما النفاق فلم يعرفوه ،ولم يكن لهم فيه مصععلحة ،ومععن
المعروف أن النفاق ،ظهر بعد انتشار السلم ،وهععو مععا حصععل
في المدينة المنورة ،لعدة غايات وأهمها وأخطرها ،هو سعععيهم
لمحاربعععة تععععاليم العععدين وهعععدم مععععالمه ،داخعععل المجتمععععات
634
السلمية ،وسورة الدخان مكية ،وحال هؤلء ،كحال مععن قععال
فيهم سبحانه ،في مطلع سورة البقرة :
خعِر َ ،ومَععا ُهعمْ لِ ل َ ،وِبععاْلَيْوِم ا ْ ن َيُقوُل َ :ءاَمّنا ِبا ِّ س َم ْ ن الّنا ِ ) وَِم َ
ن ِإّل عو َ خ عَد ُ
ن َءاَمُنوا َ ،وَمععا َي ْ ل َ ،واّلِذي َ ن ا َّعو َ خاِد ُ ن )ُ (8ي َ ِبُمْؤِمِني َ
ضععا ض َفَزاَدُهعُم الُّع َمَر ً ن )ِ (9في ُقُلوِبِهْم مَعَر ٌ شُعُرو َ سُهْم َوَما َي ْ َأْنُف َ
سعُدوا ن )َ (10وِإَذا ِقيعَل َلُهعْم َل ُتْف ِ ب َأِليٌم ِبَما َكاُنوا َيْكِذُبو َ عَذا ٌ َوَلُهْم َ
ن
سُدو َ ن )َ (11أَل ِإّنُهْم ُهُم اْلُمْف ِ حو َ صِل ُ
ن ُم ْ حُ ض َقاُلوا ِإّنَما َن ْ ِفي اَْلْر ِ
س
ن )َ (12وِإَذا ِقيعَل َلُهعْم َءاِمُنععوا َكَمععا َءاَمعنَ الّنععا ُ شُعُرو َ ن َل َي ْ َوَلِك ْ
ن لَ سعَفَهاُء َوَلِكع ْ سعَفَهاُء َأَل ِإّنُهعْم ُهعُم ال ّ ن ال ّ ن َكَمعا َءاَمع َ َقاُلوا َأُنعْؤِم ُ
خَلعْوا ِإَلععى ن َءاَمُنوا َقععاُلوا َءاَمّنععا َوِإَذا َ ن )َ (13وِإَذا َلُقوا اّلِذي َ َيْعَلُمو َ
لعع ن ) (14ا ُّ سععَتْهِزُئو َ ن ُم ْ حعع ُطيِنِهْم َقععاُلوا ِإّنععا َمَعُكععْم ِإّنَمععا َن ْ شععَيا ِ َ
ن )ُ (15أوَلِئكَ اّل عِذي َ
ن طْغَيععاِنِهْم َيْعَمُهععو َ ئ ِبِهْم َوَيُم عّدُهْم ِفععي ُ سَتْهِز ُ َي ْ
ن) جاَرُتُهْم َوَما َكعاُنوا ُمْهَتعِدي َ ت ِت َ ح ْلَلَة ِباْلُهَدى َفَما َرِب َ ضَ شَتَرُوا ال ّ ا ْ
16البقرة ( .
حيععث قععال سععبحانه ) ومععن النععاس ( ،ولععم يحصععر هععذا السععلوك
بطائفة من الناس ،أو بزمن معين ،وهذا السلوك بدأ بالظهور ،
بعدما قويت شوكة السلم فععي المدينععة المنععورة ،واسععتمر علععى
مّر العصور ،حتى يومنا هذا .
ن سننو ٌ و َ ْ ّ َ أَ
مِبين ٌ ل ُ م َر ُ ه ْ جاءَ ُ قد ْ َ َ رى َ ك ذ ال مُ ه
ُ ل نى ّ
ن جُنننو ٌ م ْم َ عل ّ ٌم َقاُلوا ُ و َ ه َ عن ْ ُوا َ ول ّ ْ م تَ َ ) (13ث ُ ّ
)(14
من أين لهؤلء القوم الذكرى ؟! أي التوبة والنابة إلى ال ،وقد
سبق منهم العععراض ،عمععا جععاء بععه الرسععول الكريععم ،الععذي ل
ُيشّكك في كععرم أخلقععه ،أو حسععبه أو نسععبه أو لسععانه العربععي ،
635
محمعععد عليعععه الصعععلة والسعععلم ،بععععد مجيئه واليمعععان بعععه ،
والنتساب إلى دينه .وفضل عن سبق العععراض عععن رسععالته ،
بعد احتضانها لمدة من الزمن ،توّلوا عنععه وأعرضععوا عمععا جععاء
بعععه ،واتهمعععوه بعععالتعّلم معععن الكّهعععان والشعععياطين ،بحعععوادث
ميتافيزيقية ،وأضععافوا إليععه صععفة الجنععون ،إمعانععا منهععم ،فععي
الجرام والفتراء والستهزاء ،فإن سلم من الكهانععة ،لععم يسععلم
مععن الجنععون .فيععرّد عليهععم ربهععم قععولهم هععذا ،بقععوله لرسععوله
ن ) 29الطععور ( ) ، جُنو ٍن َوَل َم ْ ك ِبَكاِه ٍ
ت ِبِنْعَمِة َرّب َ
) َفذَّكْر َ ،فَما َأْن َ
سععوٍل َكِريعٍم )40ظيٍم ) 4القلم ( ِ ) ،إّنُه َلَقعْوُل َر ُ عِ ق َخُل ٍك َلَعلى ُ َوِإّن َ
الحاقة (
ستفاجأ أخي المسلم ،أن المقصود بهذا القول ليسععوا مشععركي وُ
قريش ،بل مشركي ومنافقي هذا العصر من أمة السلم ،وأنهم
قالوا هذا القول وأكثر ،في رسععول الع عليععه الصععلة والسععلم ،
تحت رعاية ودعععم حكععومي مععادي ومعنععوي ،وأن هععذا الفععتراء
ذاتعه ،هعو العذي أخعبر عنعه سعبحانه ،وهعو معن أكعبر السعباب
الموجبة لعقابهم .
ن) دو َ عننائ ِ ُ
م َ قِليًل إ ِن ّك ُن ْ ب َ ذا ِ عن َ فوا ال ْ َ شن ُ كا ِ إ ِن ّننا َ
(15
وُيخععبر سععبحانه بععأنه سععيرفع العععذاب عنهععم قليل ،بعععد انعقععاد
أسبابه ،بكشف الدخان ،بعد نيلهم قسععطا مععن أذاه ،نععزول عنععد
رغبتهم السابقة ،وإقرارهم باليمان عند غشيانه لهم ،فالععدخان
مجععرد تحععذير ،ولفععت انتبععاه لهععم ،بععأن ال ع هععو رب السععموات
والرض ،وبأنه قادر على إماتتهم وإهلكهم ،كما أمات آبائهم ،
جة ،بأنه لم يعطهععم الفرصععة للتوبععة والنابععة .، ولئل تكن لهم ح ّ
636
ومن ثم ٌيقّرر سععبحانه بعأنهم سععيعودون ،لمعا كععانوا عليعه ،معن
الشك واللعب ،وسيضيفون إليها التععولي والعععراض والعصععيان
والتهام لرسوله الكريم ،ليستوجبوا عن جدارة واسععتحقاق ،أن
يبطش بهم رب العزة بطشته الكبرى .
ب َأِليععم )61 ععَذا ٌسععولَ الِّع َلُهعْم َ ن َر ُ ن ُيعْؤُذو َ قععال تعععالى َ ) :واّلعِذي َ
سوَلُه َلَعَنُهُم الُّ ِفععي ال عّدْنَيا ل َوَر ُ ن ا َّن ُيْؤُذو َ التوبة ( ،وقال ) اّلِذي َ
عَذاًبا ُمِهيًنا ) 57الحزاب ( . عّد َلُهْم َ خَرِة َوَأ َلَِوا ْ
ن) مو َ ق ُ من ْت َ ِة ال ْك ُب َْرى إ ِّنا ُ ش َ ش ال ْب َطْ َ م ن َب ْطِ ُ و َيَ ْ
(16
شعِديٌد )12 ك َل َش َرّبع َ طع َن َب ْأما بطش رب العزة ،فهععذا وصععفه ) ِإ ّ
البروج ( .ونستطيع تصّور طبيعة هذه البطشة ،من قوله تعالى
عَلْيِهعْمسعْلَنا َ ط ِبالّنُذِر )ِ (33إّنا َأْر َ ت َقْوُم ُلو ٍ في سورة القمر ) َكّذَب ْ
عْنعِدَنا َكعَذِل َ
ك ن ِحٍر )ِ (34نْعَمعًة ِمع ْ سع َ
جْيَناُهْم ِب َ ط َن ّحاصًِبا ِإّل َءاَل ُلو ٍ َ
شَتَنا َفَتَماَرْوا ِبالّن عُذِر )(36 ط َ شَكَر )َ (35وَلَقْد َأْنَذَرُهْم َب ْ ن َ جِزي َم ْ َن ْ
ععَذاِبي َوُنعُذِر ) عُيَنهُعْم َفعُذوُقوا َسعَنا َأ ْ طَم ْضْيِفِه َف َن َ عَْوَلَقدْ َراَوُدوُه َ
عَذاِبي َوُنُذِر سَتِقّر )َ (38فُذوُقوا َ ب ُم ْ عَذا ٌ حُهْم ُبْكَرًة َ صّب َ
َ (37وَلَقْد َ
ن ُمعّدِكٍر ) 40القمععر ( ، ن ِللعّذْكِر َفَهعْل ِمع ْ سْرَنا اْلُقْرَءا َ)َ (39وَلَقْد َي ّ
وتماروا بالُنذر ،أي كّذبوا إنذارات لوط عليععه الصععلة والسععلم ،
وتحذيراته لهم ،وأكثروا الجدال والستهزاء بها ومنها ،فبطش
بهم ربهم ،وما وقع من قوم لوط ،هو ما وقع من هععؤلء ،بعععد
أن جاءهم هذا رسولهم الكريم ،نذيرا من غضععب ال ع ،فغشععيهم
الععدخان ،وسععتبغتهم البطشععة الكععبرى ،وهععم مععا زالععوا ُيمععارون
ك يلعبععون ،مععن أمععر هععذا الرسععول المععبين ، ويتمارون ،فععي شع ٍ
وأمر هذا الكتاب المبين ،وأمر هذا الدخان المبين .
637
ع وما نزل بقوم لوط نستخلصه من اليات التالية :
جععاَءب )َ (81فَلّمععا َ ح ِبَقِري ع ٍص عْب ُ
س ال ّ ح َأَلْي ع َ
صْب ُعَدُهُم ال ّن َمْو ِ ) … ِإ ّ
جععاَرًة ِم ع ْ
ن حَ عَلْيَهععا ِ ،طْرَنععا َ سععاِفَلَها َ ،وَأْم َ عاِلَيَهععا َجَعْلَنععا َ
َأْمُرنَععا َ ،
ظعاِلِمينَ ن ال ّي ِمع َ عْنَد َرّبعكَ َ ،وَمعا ِهع َ سّوَمًة ِ ضوٍد )ُ (82م َ جيٍل َمْن ُ سّ ِ
ِبَبِعيٍد ) 83هود ( .
كان ذلك في الصباح الباكر ،حيث ُرفعت قرية لوط عليععه الصععلة
والسععلم بمععن فيهععا ،إلععى السععماء ،وتقععول بعععض الروايععات أن
الملئكة في السماء الولى سمعت نباح كلبهم ،ومن ثم ُقلبععت ،
وُرميععت مععن ذلععك الرتفععاع الشععاهق إلععى الرض ،فأحععدثت ذلععك
الجععرف الجغرافععي ،الممتععد مععن علععى طععول نهععر الردن ووادي
عربة ،ومن ثم ُأمطععرت بالحجععارة ،الععتي ل تععزال ظععاهرة ،إلععى
جععر ،فععي تلععك المنطقععة يومنا هذا ،بانغراسععها فععي الطيععن المتح ّ
على سواحل البحر الميت ،وفي سفوح الجبال حععوله .وخلصععة
القععول ،أن البطشععة تعنععي خععراب الععديار وهلك أهلهععا ،بغععض
النظر عن الوسيلة ،مشهد يحمل في ثناياه أبشععع صععور للنتقععام
اللهي ،حين يوغل الناس بإصرار في الجرام ،بحق الع وحععق
رسععله الكععرام ،دون وازع أو رادع ،ضععاربين بإنععذارات ربهععم
عرض الحائط ،مستحّقين بععذلك غضععبا إلهيععا عارمععا ،سيسععكبه ُ
على رؤوسهم عاجل أم آجل .
م ه ْجنناءَ ُ و َن َ و َ عن ْفْر َ م ِ و َ قن ْ م َ هن ْ قب ْل َ ُ
فت َن ّننا َق ند ْ َ ول َ َ
َ
ؤَل ِ َ
م و ٌقن ْ ء َ ه ُ ن َ هأ ّ عا َرب ّ ُ فد َ َم… َ ري ٌل كَ ِ سو ٌ َر ُ
ن )(22 مو َ ر ُج ِ م ُْ
ومفاد اليات أعله ،هو أن حال هؤلء القوم ،مع محمد الكريععم
المين المبين ،عليه الصلة والسلم ،كحال فرعون وقومه مععع
638
موسى الكريم المين المبين ،عليه الصلة والسلم ،وذلععك نفيععا
لما قععاله هععؤلء عنهمععا ،سععواء مععن فرعععون وقععومه ،أو ممععن
أشرك وكفر من أمة محمد .ومن تشبيه الحال بالحععال ،نسععتطيع
التعرف على موقف هعؤلء القععوم معن محمعد ،معن خلل معرفععة
موقععف فرعععون وقععومه مععن موسععى ،الععذي ورد بالتفصععيل فععي
القععرآن الكريععم ،حيععث أن اليععات ،الععتي تصععف موقععف فرعععون
وقععومه مععن موسععى ورسععالته ،تكععاد تععبين مععا تحععويه سععورة
الدخان ،من مقاصد إلهية ،تكتنفها اليات الكريمة .
حال فرعون وقومه مع موسى :
ع دعا موسى عليه الصلة والسلم فرعععون وقععومه ،إلععى تقععوى
ال ،فجادلوه واستهزءوا به ،وبما جععاء بععه ،وأنكععروا ربوبيععة
ال ،واتهمه فرعون بالجنون ،وهعّدده بالسععجن ،إن اّتخععذ إلهععا
غيععره ،فععأراه موسععى آيععات ربععه الكععبرى ،فععاتهمه بالسععحر ،
وببلوغه مرتبة عالية في علمه ،ليصععبح كععبيرا السععحرة ،ونّفععذ
تهديده فيمن اتبعه وآمن به من السحرة .
ن )َ (10قععْومَ ظععاِلِمي َ ت اْلَقععْوَم ال ّ ن اْئ ِ سععى َأ ِ ك ُمو َ ) وَِإْذ َنععاَدى َرّبعع َ
ن )… (12 ن ُيَكّذُبو ِ ف َأ ْخا ُ ب ِإّني َأ َ ن )َ (11قاَل َر ّ ن َأَل َيّتُقو َ عْو َِفْر َ
س عْل مََعَنععا
ن َأْر ِن )َ (16أ ْ ب اْلَعععالَِمي َ سوُل َر ّ ن َفُقوَل ِإّنا َر ُ عْو ََفْأِتَيا ِفْر َ
ن )َ (23قععاَل ب اْلَعععاَلِمي َ
ن َوَما َر ّ عْو ُسَراِئيَل )َ … (17قاَل ِفْر َ َبِني ِإ ْ
ن )َ (24قععاَل ض َوَمععا َبْيَنُهَمععا ِإنْ ُكْنُتعْم ُمععوِقِني َ ت َواَْلْر ِ سعَمَوا ِ ب ال ّ َر ّ
ن) ب َءاَبعاِئُكُم اْلَّوِليع َن )َ (25قعاَل َرّبُكعْم َوَر ّ سَتِمُعو َحْوَلُه َأَل َت ْن َ ِلَم ْ
ن )َ (27قععاَل َر ّ
ب جُنععو ٌسعَل ِإَلْيُكعْم َلَم ْسوَلُكُم اّلعِذي ُأْر ِ ن َر ُ َ (26قاَل ِإ ّ
ن )َ (28قععاَل َلِئنِ ن ُكْنُت عْم َتْعِقُلععو َب َوَمععا َبْيَنُهَمععا ِإ ْق َواْلَمْغ عِر ِش عِر ِاْلَم ْ
جْئُت عكَ ن )َ (29قاَل َأَوَلْو ِ جوِني َ سُ ن اْلَم ْ ك ِم َ جَعَلّن َ
غْيِري َل ْ ت ِإَلًها َخذْ َاّت َ
639
ن )َ (31فَأْلَقى صاِدِقي َ ن ال ّ ت ِم َ ن ُكْن َت ِبِه ِإ ْن )َ (30قاَل َفْأ ِ شيٍْء ُمِبي ٍ ِب َ
ضععاُء ي َبْي َع َيعَدُه َفعِإَذا ِهع َ ن )َ (32وَنعَز َ ن ُمِبيع ٌي ُثْعَبععا ٌ صاُه َفعِإَذا ِهع َ ع َ َ
عِليعٌم )… (34 حٌر َ سععا ِن َهعَذا َل َحعْوَلُه ِإ ّل َ ن )َ (33قععاَل ِلْلَم َِ ِللّناظِِري َ
حرَ سع ْ عّلَمُكعُم ال ّن َلُكْم ِإّنُه َلَكِبيُرُكعُم اّلعِذي َ ن َءاَذ َ َقاَل َءاَمْنُتْم َلُه َقْبَل َأ ْ
صعّلَبّنُكْمف َولَُ َ ل ٍ خَ ن ِ جلَُكعْم ِمع ْن َأْيعِدَيُكْم َوَأْر ُطَعع ّ ن َُلَق ّف َتْعَلُمو َ سْو َ َفَل َ
ن ) ) … (49الشعراء ( . جَمِعي ََأ ْ
ولهذا تشابهت لغة الخطاب وتشابهت الحجة في قععول الرسععولين
الكريمين :
ن ُكْنُتععْم
ض َوَمععا َبْيَنُهَمععا ِإ ْ ت َواَْلْر ِ سععَمَوا ِ ب ال ّ موسععى َ ) :قععاَل َر ّ
ن ) 26الشعراء ( ب َءاَباِئُكُم اَْلّوِلي َن )َ … (24قاَل َرّبُكْم َوَر ّ ُموِقِني َ
ن ُكْنتُْم ُموِقِني َ
ن ض َوَما َبْيَنُهَما ِإ ْ ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِ ب ال ّ محمد َ … ) :ر ّ
ن ) 8الدخان ( ب َءاَباِئُكُم اَْلّوِلي َ )َ … (7رّبُكْم َوَر ّ
ع فأنذرهم ال بعذابات ،من المألوفة للناس ،كععالقحط والجععوع ،
مشعرا إياهم بقدرته على أخذهم ،لعلهم يرجعون ،ولكنهععم رّدوا
ش النحس " ) باللهجة المصععرية ( ، هذه البتلءات ،إلى " الو ّ
لموسععى ومععن معععه ،ولععم ينسععبوها إلععى العع .وأصععّروا علععى
كفرهم ،فأرسل عليهم ما لم يألفوه ،كالطوفعان والجععراد والقمعل
والضفادع والدم ،فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين .ولكنهم لمععا
وقع بهم العععذاب وعععاينوه ،وعععدوا موسععى باليمععان ،فععي حععال
ُكشف عنهعم .وُرفعع الععذاب عنهعم لجعل مسعمى ،هعم بعالغوه ،
وفور شعورهم بالرخاء ،نكثوا عهدهم وعادوا لما سبق ،فانتقم
ال منهم ،لتكذيبهم ليات ال وغفلتهم عنها .
ت َ ،لَعّلُه عْمن الّثَم عَرا ِ ص ِم ع َن َوَنْق ٍ سِني َ
ن ِبال ّ عْو َ خْذَنا َءاَل ِفْر َ ) وََلَقْد َأ َ
سععَنُة َ ،قععاُلوا َلَنععا َهععِذِه َ ،وِإنْ ح َ
جععاَءْتُهُم اْل َ ن )َ (130فععِإَذا َ َيععّذّكُرو َ
640
طععاِئُرُهْم عِْنعدَ ن َمَعُه َ ،أَل ِإّنَمععا َ سى َوَم ْ طّيُروا ِبُمو َ سّيَئٌة َ ،ي ّصبُْهْم َ ُت ِ
ن ) (131وََقععاُلوا َمْهَمععا َتْأِتَنععا ِبعهِ ِمع ْ
ن ن َأْكَثَرُهْم َل َيْعَلُمو َ ل َ ،وَلِك ّ ا ِّ
س عْلَنا
ن )َ (132فَأْر َ ك ِبُم عْؤِمِني َ ن َل ع َ
حع ُ حَرَنا ِبَهععا َ ،فَمععا َن ْ سع ََءاَي عٍة ِ ،لَت ْ
تع َوالععّدَم َ ،ءاَيععا ٍ ضععَفاِد َجععَراَد َواْلُقّمععَل َوال ّ ن َواْل َطوَفععا َ عَلْيِهععُم ال ّ َ
ن )َ (133وَلّمععا َوَقعَع جِرِمي َ سَتْكَبُروا َ ،وَكاُنوا َقْوًما ُم ْ ت َ ،فا ْ ل ٍ ُمَفصّ َ
عْنععَدكَ َ ،لِئنْ عِهَد ِ ك ِبَما َ ع َلَنا َرّب َ سى اْد ُ جُز َ ،قاُلوا َ :يُمو َ عَلْيهُِم الّر ْ َ
سعَراِئيَل ) ك َبِنععي ِإ ْ ن َمَعع َ سعَل ّك َ ،وَلُنْر ِ ن َلع َجعَز َلُنعْؤِمَن ّ عّنا الّر ْ ت َ شْف َ
َك َ
جعٍل ُهعْم َبععاِلُغوُه ِ ،إَذا ُهعْم جعَز ِإَلععى َأ َ عْنُهعُم الّر ْ شعْفَنا َ َ (134فَلّمععا َك َ
غَرْقَناُهْم ِفي اْلَيّم ِ ،بَأنُّهْم َكعّذُبوا ن )َ (135فاْنَتَقْمَنا ِمْنُهْم َ ،فَأ ْ َيْنُكُثو َ
ن َكععاُنوا ن )َ (136وَأْوَرْثَنععا اْلَقعْوَم اّلعِذي َ غاِفِلي َعْنَها َ ِبآَياتَِنا َ ،وَكاُنوا َ
ض َوَمَغاِرَبَها اّلِتي َباَرْكَنا ِفيَها َ ،وَتّم ْ
ت ق اَْلْر ِ شاِر َ ن َ ،م َ ضَعُفو َ ستَ ْ ُي ْ
صَبُروا َ ،وَدّمْرَنا َما َكا َ
ن سَراِئيَل ِبَما َ عَلى َبِني ِإ ْ سَنى َ ح ْك اْل َُكِلَمُة َرّب َ
ن ) 137العراف ( . شو َ ن َوَقْوُمُه َ ،وَما َكاُنوا َيْعِر ُ عْو ُ صَنُع ِفْر َ َي ْ
ع فما آمن لموسى ،سوى فئة قليلة من مجمععوع بنععي إسععرائيل ،
وتبعهم فرععون إلعى البحعر ،وعنعدما أدركعه الغعرق ،نعدم اللعه
فرعون ،فخان قومه ،وأعلن توبته وإيمانه بإله آخر ،هو الله
،الذي آمنت به بنوا إسرائيل ،حسب قوله .
ن َوَمَلِئهِ ِبآَياِتَنععا ع عْو َ
ن ِإَلععى ِفْر َ سى َوَهععاُرو َ ن َبْعِدِهْم ُمو َ ) ُثّم َبَعْثَنا ِم ْ
سى ِإّل ن ِلُمو َ ن )َ … (75فَما َءاَم َ جِرِمي َ سَتْكَبُروا َوَكاُنوا َقْوًما ُم ْ َفا ْ
ن َيْفِتَنُه عْم ،ن َوَمَلِئِه عْم َ ،أ ْ ع عْو َ ن ِفْر َ ف ِم ع ْ خْو ٍ عَلى َ ن َقْوِمِه َ ، ُذّرّيٌة ِم ْ
ن )… (83 س عِرِفي َن اْلُم ْض َوِإّن عُه لَِم ع َ ن َلَعععاٍل ِفععي اَْلْر ِ ع عْو َن ِفْر َ َوِإ ّ
جُنععوُدُه َبْغًيععان َو ُ ععْو ُحعَر َ ،فعَأْتَبَعُهْم ِفْر َ سعَراِئيَل اْلَب ْ جاَوْزَنا ِبَبِنععي ِإ ْ َو َ
ت َأّنعُه َل ِإَلعهَ ِإّل اّلعِذي ق َ ،قععاَل َءاَمْنع ُ حّتى ِإَذا َأْدَرَكُه اْلَغَر ُ عْدًوا َ ، َو َ
ن ) 90يونس ( . سِلِمي َ ن اْلُم ْ سَراِئيَل َ ،وَأَنا ِم َ ت ِبِه َبُنو ِإ ْ َءاَمَن ْ
641
ع وأما عامة المصريين ،فقد اتبعوا إلههم وربهم العلى فرعععون
ف عقععولهم فأطععاعوه ،وأض عّلهم عععن السععبيل ، ،بعععد أن اسععتخ ّ
فكانوا قوما فاسقين كإلههم ،ومن الغريب أن صفة خفة العقععل ،
صفة متوارثععة لغايععة الن فععي عامععة الشعععب المصععري ،إل مععن
رحععم ربععي ،كمععا ورث أهععل العععراق صععفة البععأس الشععديد مععن
أجدادهم البابليين .
غْيعِري َ ،فَأْوِقعْد ن ِإَلعٍه َ ت َلُكعْم ِمع ْ عِلْم ُ
ل َما َ ن َيَأّيَها اْلَم َُ
عْو ُ ) َوَقاَل ِفْر َ
طِل عُع ِإَلععى ِإَل عهِحا َ ،لَعّلي َأ ّ صْر ًجَعْل ِلي َ ن َ ،فا ْ طي ِ عَلى ال ّ ن َ ِلي َياَهاَما ُ
ن ) 38القصععص ( َ ) .فعَأَراُه الَْيعةَ ن اْلَكععاِذِبي َظّنُه ِم َ سى َوِإّني َل ُ ُمو َ
شعرَ ح َس عَعى )َ (22ف َ صى )ُ (21ث عّم َأْدَب عَر َي ْ ع َ ب َو َ اْلُكْبَرى )َ (20فَكّذ َ
خفّ سعَت َ
عَلعى ) 24النازععات ( َ ) .فا ْ َفَناَدى )َ (23فَقاَل َأَنا َرّبُكْم اَْل ْ
ن ) 54الزخععرف ( . سععِقي َ عوُه ِإّنُهععْم َكععاُنوا َقْوًمععا َفا ِ طععا َُقععوَْمُه َفَأ َ
ن َقْوَمُه َوَما َهَدى ) 79طه ( . عْو ُ ضّل ِفْر َ ) َوأَ َ
ع أما علية القوم ،حاشية السوء فكان رأيهم أنهم هم المصلحون
،وأن موسى ومن معه من المععؤمنين بععال ،هععم الُمفسععدون فععي
الرض ،وكذلك رأي فراعنععة هععذا العصععر ،فععي المصععلحين مععن
الناس ،بمعنى أنهم سعيدفعون النعاس إلعى عبعادة الع ،فيعتركوا
عبادة آلهة فرعون ،مما يجعلهم يستنكفوا عن طاعته ،فُتقوض
بذلك أركان ملكه ،مما يععؤول بععه إلععى الععزوال ،فتفسععد الرض ،
لععذلك يجععب التخلععص مععن شععرورهم ،بقتععل أبنععائهم واسععتحياء
نسائهم وقهرهم ،وقتل الرأس المحّركة للفتنة .
س عُدوا ِفععيسععى َوَق عْوَمُه ِلُيْف ِ ن َأَت عَذُر ُمو َع عْو َ ن َقْوِم ِفْر َ ل ِم ْ) َوَقاَل اْلَم َُ
سععاَءُهْمحِيي ِن َ سعَت ْسعُنَقّتُل َأْبَنععاَءُهْم َوَن ْ
ك َقاَل َ ك َوَءاِلَهَت َ ض َوَيَذَر َ اَْلْر ِ
ن َذُروِنععي ع عْو ُ
ن ) 127العععراف ( َ ) .وَقععاَل ِفْر َ َوِإّنا َفْوَقُهْم َقاِهُرو َ
642
ن ُيَبعّدَل ِديَنُكعْم َ ،أْو َأنْ ف َأ ْخععا ُع َرّبعُه ِ ،إّنععي َأ َ سععى َ ،وْلَيعْد ُ َأْقُتعْل ُمو َ
ساَد )(26 ض اْلَف َ ظهَِر ِفي اَْلْر ِ ُي ْ
ع وأما مؤمن آل فرعون ،كان له رأي آخر ،إذ قال لقومه ،فمن
ينصرنا من بأس ال إن جاءنا ؟!
صعُرَنا مِعنْ ن َيْن ُ ض َ ،فَمع ْ ن ِفععي اَْلْر ِ ظععاِهِري َ ك اْلَيْوَم َ ) َيَقْوِم َلُكُم اْلُمْل ُ
ن َ :ما ُأِريُكْم ِإّل َما َأَرى َ ،وَمععا عْو ُ جاَءَنا َ … ،قاَل ِفْر َ ن َ ل ِإ ْ
َبْأسِ ا ِّ
شععاِد ) 29غععافر ( .وعلععى هععذا ،فليحععذر سععِبيَل الّر َ َأْهععِديُكْم ِإّل َ
فراعنععة أمععة السععلم الجععدد ،الععذين يهععدون النععاس إلععى سععبيل
الرشاد الخاص بهم ،من بأس ال !!
ع ع وجععاء نصععر ال ع لرسععوله الكريععم ،فأنجععاه مععن مكععر فرعععون
وملئه ،وأنزل بهم ما استجلبوه على أنفسهم ،من عععذاب الععدنيا
والخرة .
ب) سععوُء اْلَععَذا ِ ن ُ ععْو َ ق ِبآِل ِفْر َ حا َ ت َما َمَكُروا َو َ سّيَئا ِ ل َ ) َفَوَقاُه ا ُّ
عُة
سععا َش عّيا َوَي عْوَم َتُقععومُ ال ّ ع ِغ عُدّوا َو َ عَلْيَهععا ُ
ن َ ضععو َ (45الّنععاُر ُيْعَر ُ
ب ) 46غافر ( شّد اْلَعَذا ِ ن َأ َ
عْو َ خُلوا َءاَل ِفْر َ َأْد ِ
ع وأخيرا ،تهديد وتحذير شديد اللهجة ،لمن كفر بالنذير محمد ،
من ملقاة نفس المصير ،فليس هناك استثناء لحععد ،حععتى ولععو
انتسب لمته وادعى السلم ،فملة الكفر عند رب العزة واحدة ،
ومصيرها واحد ،إذ ل خيرية في الكفر .
خعْذَناُهْم ن الّنُذُر )َ (41كّذُبوا ِبآَياِتَنععا ُكّلَهععا َفَأ َ عْو َ جاَء َءاَل ِفْر َ ) َوَلَقْد َ
ن ُأوَلِئُكْم َأْم َلُكْم َبعَراَءٌة ِفعي خْيٌر ِم ْعِزيٍز ُمْقَتِدٍر )َ (42أُكّفاُرُكْم َ خَذ َ َأ ْ
عَلْيُك عْم ،
شععاِهًدا َ سععوًل َ ، سْلَنا ِإَلْيُك عْم َر ُ
الّزبُِر ) 43القمر ( ِ ) .إّنا َأْر َ
سوَل ، ن الّر ُ عْو ُ صى ِفْر َ سوًل )َ (15فَع َ ن َر ُعْو َ سْلَنا ِإَلى ِفْر َ َكَما َ ،أْر َ
ل ) 16المزمل ( . خًذا َوِبي ً خذَْناُه َأ ْ
َفَأ َ
643
ن ،بأن الذين ورثوا أرض مصععر ،هععم وقد جانب الصواب من ظ ّ
بني إسرائيل ،فتاريخ مصر القديم والحديث ،ل يدل علعى ذلعك ،
وكععذلك تاريععخ بنععي إسععرائيل ،فععي القععرآن والسععنة والتععوراة
والتلمود ،كما بيّناه سابقا ،وأما المقصودين بوراثتها هععا هنععا ،
هم أهل مصر ،من أبناء من بقععي ،مععن قععوم فرعععون وعبيععده ،
الذين لم ُيهلك منهم في اليم غرقا ،سوى من تبع بني إسععرائيل ،
أثناء خروجهم من مصر ،أما الرض التي ورثها بنو إسععرائيل ،
بعد خروجهععم مععن مصععر ،فهععي الرض المقّدسععة والمباركععة أي
فلسطين .
بذا ِ عنن َ ن ال ْ َ منن َ ل ِسننَراِئي َ جي َْنننا ب َِننني إ ِ ْ قنندْ ن َ ّ ول َ َ
َ
ه
في ن ِ مننا ِ ت َ ن اْلَيا ِ م َ م ِ ه ْ ءات َي َْنا ُ
و َ
ن… َ هي ِ م ِال ْ ُ
ن )(33 مِبي ٌ ب ََلءٌ ُ
وُيذّكر سبحانه بإنجائه بني إسرائيل ،من فرعون وقومه ،وبمععا
آتى نبيهم موسى عليه الصلة والسععلم ،مععن معجععزات بّينععات ،
في مصر وأثناء خروجهم منها ،شاهدوها بععأم أعينهععم ،ويععذّكر
سعععبحانه بعععأنه وبعععالرغم معععن تفضعععيلهم ،وابتلئهعععم بالسعععّراء
والضّراء ،فما كان من أكثرهم إل الكفععر والفسععوق والعصععيان ،
وإيذاء نبيهم موسى عليه الصلة والسععلم ،فععأنزل بهععم وعليهععم
ربهم العذاب تلو الععذاب ،ممعا فصععلناه فعي فصععل سععابق .وكمععا
حاول فرعون إيذاء موسى ومن منعه من المؤمنين ،كععذلك فعععل
سععىبنو إسععرائيل أنفسععهم ،بموسععى بعععد النجععاة َ ) ،وِإْذ َقععاَل ُمو َ
ل ع ِإَلْيُك عْم ،
سوُل ا ِّ ن َأّني َر ُِلَقْوِمِه َ :يَقْوِم ِلَم ُتْؤُذوَنِني ؟! َوَقْد َتْعَلُمو َ
س عِقينَ )5 ل َل َيْهِدي اْلَقْوَم اْلَفا ِل ُقُلوَبُهْم َ ،وا ُّغ ا ُّ
غوا َ ،أَزا َ َفَلّما َزا ُ
644
الصف ( ،ومجمل مععن تق عّدم ذكرهععم فععي سععورة الععدخان ،يقععول
فيهم سبحانه :
وت َت َُنننا م ْ ي إ ِّل َ هنن َ ن ِ ن :إِ ْ قوُلننو َ ء ل َي َ ُؤَل ِ هنن ُ ن َ إِ ّ
كننناُنوا م َ هننن ّ ن إ ، م ه
ُ ننننا َ ْ ك َ ل ه
ْ لوَلنننى … أ َ ا ْ ُ
ْ ِ ُ ْ
ن )(37 مي َ ر ِ ج ِم ْ ُ
ُيقععّرر سععبحانه وتعععالى بععأن ) َهععُؤَلِء ( أي أصععحاب الععدخان ،
ُينكرون البعث والنشور ،كما ُيقّرر سبحانه وتعالى ،أنهم ليسععوا
بخيععر مععن قععوم تبععع ،والععذين مععن قبلهععم ،حيععث أهلكهععم ال ع
بععإجرامهم .ومععن المفهععوم ضععمنا ،بععأن فععي هععذا وعيععد ،لمععن
ُيجرمون في حق ال ورسله وكتبه ،وينكرون البعث .حيث أنهم
لععو آمنععوا ،بحقيقععة رجعتهععم إلععى ال ع فععي اليععوم الخععر لتقععديم
الحساب ،ونيل ما ترتب على أقوالهم وأفعالهم تلععك ،مععن ثععواب
صل لديهم اليقين بذلك ،لما تجّرأوا على الجععرام ، وعقاب ،وتح ّ
كما أجرم الذين مععن قبلهععم .فهععم فععي شععك يلعبععون ،ومصععيرهم
الهلك ل محالة ،وانظر قوله تعالى موضحا حقيقة حالهم ،وهو
أعلععم بمععا يعتمععل فععي صععدورهم ،وحقيقععة مععوقفه منهععم ،ومععن
أمثالهم ماضيا ومستقبل :
تض ِ ،إّنُه عَِليٌم ِبَذا ِ ت َواَْلْر ِ سَمَوا ِب ال ّ غْي ِعاِلُم َ ل َ ن ا َّ قال تعالى ) ِإ ّ
ض َ ،فمَ عنْ َكَف عَر ف ِفععي اَْلْر ِ لِئ َ خَجَعَلُك عْم َالصُّدوِر )ُ (38ه عَو اّل عِذي َ
عْنَد َرّبِه عْم ِ ،إّل َمْقًتععا َ ،وَل ن ُكْفُرُهْم َِفَعَليِْه ُكْفُرُه َ ،وَل َيِزيُد اْلَكاِفِري َ
جْهعَد ل َ سُموا بِععا ِّ ساًرا )َ … (39وَأْق َ خ َ ن ُكْفُرُهْم ِ ،إّل َ َيِزيدُ اْلَكاِفِري َ
حَدى اُْلمَِم َ ،فَلّمععا ن ِإ ْ ن َأْهَدى ِم ْ جاَءُهْم َنِذيٌر َ ،لَيُكوُن ّ ن َ َأْيَماِنِهْم َ ،لِئ ْ
ض، سعِتْكَباًرا ِفععي اْلَْر ِ جاَءُهْم َنِذيٌر َ ،مععا َزاَدُهعْم ِإّل ُنُفععوًرا ) (42ا ْ َ
ظ عُرونَ س عّيئُ ِإّل ِب عَأْهِلِه َ ،فَه عْل َيْن ُق اْلَمْكُر ال ّ حي ُ ئ َ ،وَل َي ِ سّي َِوَمْكَر ال ّ
645
لع سعّنةِ ا ِّ جعَد ِل ُ
ن َت ِل َ ،وَلع ْ ل َتْبِدي ًسّنِة ا ِّ
جَد ِل ُن َت ِ
ن َ ،فَل ْ سّنَة اَْلّوِلي َ ِإّل ُ
عاِقَبُة ن َ ف َكا َ ظُروا َكْي َ ض َ ،فَيْن ُسيُروا ِفي اَْلْر ِ ل )َ (43أَوَلْم َي ِ حِوي ً َت ْ
ج عَزُهل ع ِلُيْع ِ
ن ا ُّ
شّد ِمْنُهْم ُق عّوًة َ ،وَمععا َكععا َ ن َقْبِلِهْم َ ،وَكاُنوا َأ َ ن ِم ْ اّلِذي َ
عِليًما َق عِديًرا ) ن َ ض ِ ،إّنُه َكا َ ت َوَل ِفي اَْلْر ِ سَمَوا ِ يٍء ِ ،في ال ّ ش ْن َ ِم ْ
ظْهِرَها ِمنْ عَلى َ ك َ سُبوا َ ،ما َتَر َ س ِ ،بَما َك َ ل الّنا َ خُذ ا ُّ َ (44وَلْو ُيَؤا ِ
لع جُلُهْم َ ،فِإنّ ا َّ جاَء َأ َ سّمى َ ،فِإَذا َ جٍل ُم َ خُرُهْم ِإَلى َأ َن ُيَؤ ّ َداّبٍة َ ،وَلِك ْ
صيًرا ) 45فاطر ( . ن ِبِعَباِدِه َب ِ َكا َ
ل اّلِتي َقعْد سّنَة ا ِّسَنا ُ ، ك َيْنَفُعُهْم ِإيَماُنُهْم َ ،لّما َرَأْوا َبْأ َ وقال ) َفَلْم َي ُ
ن ) 85غافر ( . ك اْلَكاِفُرو َ سَر ُهَناِل َخ ِعَباِدِه َ ،و َ ت ِفي ِ خَل ْ َ
-إذن ل أحد ممن أجرم في حق الع ،بمفعازة معن الععذاب ،ومعا
ترِكهم فععي طغيععانهم يعمهععون ،إل لحيععن مجيععء أجلهععم الُمعلععوم
سلفا ،وتأخير العذاب عنهم ،ما كان لعجز ،أو لقصععر ذات يععد .
إذ أنهععم كلمععا أمعنععوا فععي الكفععر ،كلمععا ازدادوا مقتععا وغضععبا
وخسارة ،وكلما اقععترب إليهععم أجلهععم ،وهععم ل يشعععرون ،ولععن
يقبل إيمانهم ،عند معاينة العععذاب ،بعععد أن حععق القععول عليهععم ،
وصدر الحكم بكفرهم ،ونفذ قضاء ال فيهم .
ن، م ي َت َنذَك ُّرو َ هن ْ عل ّ ُك لَ َ سننان ِ َ سنْرَناهُ ب ِل ِ َ مننا ي َ ّ فإ ِن ّ ََ
ن )(59 قُبو َ مْرت َ ِ م ُ ه ْب إ ِن ّ ُق ْ فاْرت َ ِ َ
أي أن ال ع سععبحانه س عّهل هععذا القععرآن ،بلسععان عربععي مععبين ،
وجعله قابل للفهم والهضم ،لمن أراد فهمه ،رغبة فععي الععذكرى
والتذّكر ،ومن لم ُيرد الذكرى منه ،وارتاده لمر ما غيععر ذلععك ،
حجب عنه الفهم ،ووجععده طلسععم ورمععوز ل يفقععه منهععا شععيئا ، ُ
فك عّذب وجععادل وكفععر ،ونسععب إلععى كتععاب ال ع ،مععا ليععس فيععه ،
646
وأعععرض عععن اتبععاعه ،ونهععى عععن العمععل بععه ،وحععاربه بشععتى
الوسائل والسبل :
ب ِبآَيععاِتهِ ل ع َك عِذًبا َأْو َك عّذ َ
عَلى ا ِّ ن اْفَتَرى َ ظَلُم ِمّم ِن َأ ْقال تعالى ) َوَم ْ
جَعْلَنععا
ك َ ،و َ سَتِمُع ِإَلْيع َ
ن َي ْ ن )َ … (21وِمْنُهْم َم ْ ظاِلُمو َ ح ال ّ ِإّنُه َل ُيْفِل ُ
ن َيَرْوا ُكععّل ن َيْفَقُهوُه َ ،وِفي َءاَذاِنِهْم َوْقًرا َ ،وِإ ْ عَلى ُقُلوِبِهْم َأِكّنًة َأ ْ َ
ك َ ،يُقععوُل اّلعِذينَ جاِدُلوَنع َ جععاُءوكَ ُي َ حّتععى ِإَذا َ َءاَيٍة َل ُيْؤِمُنععوا ِبَهععا َ ،
ن )َ (25وُهعْم َيْنَهعْونَ عَْنعُه ، طيُر اَْلّوِليع َ سععا ِ
ن َهعَذا ِإّل َأ َ َكَفعُروا ِ ،إ ْ
ن )َ (26وَلعْو شُعُرو َ سُهْم َ ،وَما َي ْ ن ِإّل َأْنُف َ
ن ُيْهِلُكو َ عْنُه َ ،وِإ ْ ن َ َوَيْنَأْو َ
ت
ب ِبآَيععا ِ عَلععى الّنععاِر َ ،فَقععاُلوا َ :يَلْيَتَنععا ُنعَرّد َوَل ُنَكعّذ َ َتَرى ِإْذ ُوِقُفوا َ
خُفععو َ
ن ن )َ (27بْل َبَدا َلُهعْم َ ،معا َكععاُنوا ُي ْ ن اْلُمْؤِمِني َن ِم َ َرّبَنا َ ،وَنُكو َ
ن )(28 عْنعُه َ ،وِإّنُهعْم َلَكععاِذُبو َ ن َقْبُل َ ،وَلْو ُرّدوا َلَعاُدوا ِلَما ُنُهوا َ ِم ْ
ن ) 29النعام ( . ن ِبَمْبُعوِثي َ حُ حَياُتَنا الّدْنَيا َوَما َن ْ
ي ِإّل َ ن ِه َ َوَقاُلوا ِإ ْ
) فارتقب ( خاص برسوله عليععه الصععلة والسععلم ،وفيععه وعععد
بنصرته ونصرة أتباعه ،بإهلك خصومه ،وعام لمععن ُيخععاطبهم
القعععرآن ) ،إنهعععم مرتقبعععون ( أي مرتقعععبين هلكهعععم ،غيعععر
مصّدقين ،مسعتهزئين غيععر ععابئين ،بمعا وععدهم الع معن أمععر
البطشععة الكععبرى ،وفيععه تهّكععم مععن ال ع بهععم وتحقيععرا لشععأنهم .
ث علععى وقوله ) فارتقب ( يفيد أن ذلك سيقع مسععتقبل ،وفيععه حع ّ
الترّقب والنتظار ،كقوله ) فارتقب يوم تأتي السععماء ( لمعاينععة
الحدث الول ) ،أي الدخان ( الذي بّين رب العععزة خععبره ،وبّيععن
ما سععيكون قععولهم عنععد نزولععه بهععم ،ومععا سععيكون مععوقفهم بعععد
كشفه عنهععم ،ومعن ثععم ) فععارتقب ( فعي آخعر السععورة ،لمعاينععة
الحدث الثاني ) أي البطشة الكبرى ( ،لتعلم وليعلععم المؤمنععون ،
بأن ما أخبر عنه هذا القرآن الكريم المععبين هععو الحععق ،وأن مععن
أنزله هو الحق ،وأن مععا ُينكععره هععؤلء بكفرهععم ،هععو الحععق فل
647
ُيضيرك وُيضععير المععؤمنين بعه ،كفرهععم وفسععوقهم وعصععيانهم ،
فلن تأسف عليهم السماء ول الرض ،كمععا لععم تأسععف علععى مععن
عَلْيُكععْم
ن َءاَمُنععوا َأهلكنععاهم مععن قبععل ،قععال تعععالى ) َيَأّيَهععا اّلععِذي َ
جِميًعععا جُعكُْم َ
ضّل ِإَذا اْهَتَدْيُتْم ِ ،إَلى الِّ َمْر ِ
ن َضّرُكْم َم ْسُكْم َ ،ل َي ُ َأْنُف َ
ن )105المائدة ( . َفُيَنّبُئُكْم ِبَما ُكْنُتْم َتْعَمُلو َ
صفات الدخان :
.1بّيععن واضععح ل ُلبععس فيععه ،ل يختلععف عليععه اثنععان ،وهععو
المعروف المألوف بين النععاس ،وهعو الععذي ينجعم ععن عمليعة
الحرق في العادة ،ذو طبيعة غازيععة ،ولععون أسععود ،ورائحععة
ن ُمِبينٍ ( .
خا ٍ
كريهة نّفاثة مؤذية ،بدللة قوله تعالى ) ِبُد َ
.2هو من المور المنتظرة والمرتقبة ،قادم ل محالععة فععي يععوم
من اليام ،بدللة تنكير كلمة ) َيْوَم ( .
.3مصدره من السماء ،ل الرض ،بدللة قععوله تعععالى ) َت عْأِتي
سَماُء ( ،أي أن السماء ستأتي به ،وبذلك سععتكون الغععازات ال ّ
المؤلفة لهذا الدخان ،غير تلك الغععازات ،الععتي تؤلععف الععدخان
الناجم ،عن الحرائق على الرض .
.4ظهععوره مفععاجئ ومبععاغت ،وغيععر مسععبوق بمععا ُينععبئ عععن
قععدومه ،لكععي يتعععذر علععى النععاس ،إيجععاد تععبريرات وأسععباب
مادية ومنطقيعة لظهعوره ،ليؤكعد سعبحانه ،بعأن مصعدره هعو
السماء ،وأنه عذاب من عنده ،وأنه نععذير سععوء ،وأن هنععاك
ما هو أفظع منه وأقسععى ،أل وهععو البطشععة الكععبرى ،بدللععة
ب ( ،وهععو خطععاب بلفععظ المفععرد خععاص قععوله تعععالى ) َفععاْرَتِق ْ
برسول ال عليه السلم ،ومراد به العموم ،ممن يسوءهم ما
648
يسوء ال ورسوله ،أي فارتقبوه لتعرفوه إذا ظهر ،وليرتقبه
المعنيين به ليحذروا ،ما يكون من أمر ال بعده .
.5إحععاطته بالنععاس مععن كععل الجععوانب .بمعنععى أنععه ينععزل مععن
السععماء ،ويمكععث قريبععا مععن الرض ،ملزمععا للنععاس ،يمل
شععىعليهععم معايشععهم ومسععاكنهم ،بدللععة قععوله تعععالى ) َيْغ َ
س ( ،والناس هنا ،هم الذين سُيظهرون الشك واللعب في الّنا َ
أمععر دينهععم ،دون غيرهععم ،لن اليععات السععابقة لهععا ح عّددت
حقيقة معتقدهم ) في شك ( ووصفت فعلهم ) يلعبععون ( .وفععي
العععادة فععإن الععدخان ،يتصععاعد إلععى أعلععى بعيععدا عععن النععاس
ومساكنهم ،ومععن ثععم ينتشععر فععي السععماء ويختفععي تععدريجيا ،
ومععن ثععم تمععتزج ذراتععه مععع ذرات المععاء والغبععار ،وتترسععب
وتعود إلععى سععطح الرض ،خلل سععويعات قليلععة .ولكععن هععذا
مخععالف لكععل مععا سععبق ،يهبععط مععن أعلععى إلععى أسععفل ،ويبقععى
ملزمعععا للرض وللنعععاس ،ول ينتشعععر ول يترسعععب ،حعععتى
صل الغاية من إرساله ،بتعذيب أولئك القوم . تتح ّ
ُ .6يصاب الناس منه بالذى والضرر ،وعادة ما ُيحدث الععدخان
ضررا ،فععي النععف والعيععن والحنجععرة ،وقععد يتسعّبب بحععالت
اختنععاق نتيجععة نقععص الوكسععجين ،فععي أسععوأ الحععوال ،مععن
جععراء غشععيانه وإحععاطته بهععم ،ولكععن دون المععوت والهلك ،
ب َأِليعٌم ( ،وهععذا تقريعر معن رب ععَذا ٌ
بدللة قوله تععالى ) َهعَذا َ
العزة بأنه عذاب ،لمن قععد ُيش عّكك فععي ذلععك ،أي أن المقصععود
بععإنزاله ،تعععذيب مععن ينععزل بهععم ،وليععس مععوتهم ،لمععور
ضحها اليات فيما يليها . اقترفوها ،تو ّ
649
.7هععذا الععدخان حععدث عععارض ،وغشععيانه للنععاس مععؤقت ،
وانكشاف هععذا الععدخان ،سععيكون بععأمر مععن الع ،لقععوله ) ِإّنععا
ل ( ،إذ أن الهععدف منععه هععو النععذار فقععط ، ب َقِلي ً
شُفوا اْلَععَذا ِ
َكا ِ
بععالرغم مععن انعقععاد السععباب الموجبععة للعععذاب ،ولكععن يلععزم
الصرار من قبل القوم ،على ما هم فيه من العتو والكبر ،قبل
نزول البطشة الكبرى بهم ،وهذا رحمععة مععن الع ،حععتى بمععن
يؤذيه ،ويؤذي ُرسله من عباده .
حقيقة معتقد هؤلء القوم وصفة أقوالهم
وأفعالهم :
.1انعدام اليقين بال ،وملئكته وكتبه ورسععله واليععوم الخععر ،
شكّ ( .وكل ما أخبرت عنه الكتب السماوية َ ) ،بْل ُهْم ِفي َ
.2العراض عن آيات ال ،والستهزاء بهععا ،واتخاذهععا هععزوا
ن(. ولعبا ،كمادة للتسلية والفكاهة والتندر ) َيْلَعُبو َ
.3النفععاق حععتى مععع العع ،فحقيقععة أفعععالهم ،تتنععافى مععع مععا
ُيظهرونه ،من إيمان أو انتساب للسلم ،فقععولهم هععو ) َرّبَنععا
ن ( ،وشععهادة رب العععزة ُتك عّذب ب ِإّنععا ُمْؤِمُنععو َ
عّنا اْلَعَذا َ
ف َش ْاْك ِ
قولهم ) َأّنى َلُهُم الّذْكَرى ( .
.4الكفر بعد اليمان ،بالعراض عن هدي رسععول ال ع ،عليععه
عْنُه ( .
الصلة والسلم ُ ) ،ثّم َتَوّلْوا َ
.5الطعععن فععي خلقععه الكريععم ،واتهععامه بععالجنون أي المععس ،
وبعععالتعّلم معععن البشعععر والكهعععان والسعععحرة َ ) ،وَقعععاُلوا ُمَعّلعععمٌ
ن(. جُنو ٌ
َم ْ
650
.6محاربة ال وإيذاء رسوله وأوليائه من الناس ،من تضععييق
وتعععذيب وقتععل ،ومحاربععة السععلم ،والطعععن فععي تعععاليمه ،
وإضلل النععاس وإبعععادهم عععن الحقيقععة ،وهععدي النععاس بغيععر
هدي محمد ،عليه الصععلة والسععلم ،واتهععام الُمصععلحين مععن
النعععاس ،بالمفسعععدين فعععي الرض ،خشعععية أن ُيبعععّدل هعععؤلء
المصعععلحون دينهعععم الجديعععد العععذي يعععدينون ،بإحيعععاء العععدين
السععلمي مععن جديععد ، ،وهععذه هععي أقععوال وأفعععال فرعععون
وقععومه ،ومسععتفادة مععن تشععبيه حععال هععؤلء القععوم ،بحععال
فرعون وقومه ،وكذلك بحال بني إسرائيل .
.7إنكععار البعععث والنشععور ومععا يليععه مععن حسععاب ،وثععواب
ن ِهيَ ِإّل َمْوَتُتَنا اُْلوَلععى َوَمععا ن ِ :إ ْن َهُؤَلِء َلَيُقوُلو َ وعقاب ِ ) ،إ ّ
ن(. شِري َ ن ِبُمْن َ
َنحْ ُ
عّبععاد .8مادّيون منشغلون ومتفانون في الحياة الدنيا ،فهم من ُ
الدنيا ومظاهرها الخادعة ،ل يؤمنون إل بما هععو محسععوس ،
مععن الععدلئل الدافعععة للشععك والموجبععة لليقيععن ،لطلبهععم الععدليل
ن ( ،للتأكعد معن صعاِدِقي َ ن ُكْنُتعْم َ المادي بقولهم ) َفْأُتوا ِبآَباِئَنعا ِإ ْ
حقيقة القدرة على البعث ،وما هم بموقنين ،فعقولهم قاصععرة
ععن فهععم العدلئل العقليععة ،المطروحعة فعي القععرآن ،والععتي ل
صل إل بالتفّكر والتدّبر . تتح ّ
.9مجرمععون ومص عّرون علععى إجرامهععم ،فل وازع ول رادع ،
يثنيهم عن غيهم وطغيععانهم ،ول تعنيهععم التحععذيرات والنععذر ،
ن َقْبِلِه عْم َأْهَلْكَنععاُهْم ِإّنُه عْم َكععاُنوا
ن ِم ع ْخْيٌر َأْم َقْوُم ُتّبٍع َواّلِذي َ
) َأُهْم َ
ن(. جِرِمي َُم ْ
651
صل في حياته ظهور هذا الدخان بصفته الموضحة أعله ،لم يتح ّ
عليه الصلة والسلم ،حيث لو عاينه في حياته لخبر عنععه ،أو
أخبر عنه أصعحابه ،ولععورد خعبره فعي كتععب السععيرة والتاريععخ ،
وليس من المنطقععي أن يكععون مععن أحععداث يععوم القيامععة ،أو مععن
أشععراطها الكععبرى ،فصععفته وصععفة هععؤلء القععوم ،والغايععة مععن
غشيانه لهم ،كما ُتبينها اليات ،ل تتفق مع كونهععا أحععد أشععراط
السععاعة الكععبرى ،والععتي س عُيعاينها مجمععل البشععر ،بينمععا هععذا
الدخان ،خاص بأناس من أمة السععلم ،وسععبب غشععيانه لهععم ،
هو أنهععم كفععروا بعععد أن كععانوا مسععلمين ،وأمععا السععبب المععوجب
للبطشععة الكععبرى ،هععو إيععذاءهم لرسععوله الكريععم ،بععالرغم مععن
تحذيرهم بالدخان .
مه ْجنناءَ ُ و َ ن َ و َ عنن ْ فْر َ م ِ و َق ْ م َ ه ْقب ْل َ ُفت َّنا َ قد ْ َ ول َ َ
) َ
م( ري ٌ ل كَ ِ سو ٌ َر ُ
جعععاء فعععي لسعععان الععععرب أن " جمعععاع معنعععى الفتنعععة ،البتلء
والمتحان والختبار ،وأصلها ،مأخوذ مععن قولععك فتنععت الفضععة
والععذهب ،إذا أذبتهمععا بالنععار ،لتميععز الرديععء مععن الجيععد " .
خْيِر ِفْتَنةً )35 شّر َواْل َ
ويتضح معناها من قوله تعالى ) َوَنْبُلوُكْم ِبال ّ
ن ُيْتَرُكععوا ،س َ ،أ ْ ب الّنععا ُ سع َ ح ِالنبياء ( ،وقوله تعالى ) الععم )َ (1أ َ
ن ِمنْ َقْبِلِهْم ، ن )َ (2وَلَقْد َفَتّنا اّلِذي َ ن َيُقوُلوا َءاَمّنا َ ،وُهْم َل ُيْفَتُنو َ َأ ْ
ن )َ … ( 3وَلَيْعَلمَ ّ
ن ن اْلَكاِذِبي َ صَدُقوا َ ،وَلَيْعَلَم ّ ن َ ل اّلِذي َن ا َُّفَلَيْعَلَم ّ
ن ) 11العنكبععوت ( ،ليكععون ن اْلُمَنععاِفِقي َ
ن َءاَمُنععوا َوَلَيْعَلَمع ّ ل اّلعِذي َا ُّ
معنععى الفتنععة ،هعو المتحععان والختبعار ،ويكععون ذلعك بععالبتلء
بالشر أو بالخير ،ليعلم ال الصادق من الكاذب ،وليعلم المععؤمن
من المنافق .
652
والملحظ في اليات أعله ،أن المخععاطب فععي اليععة ) ( 35مععن
النبياء ،هم المعاصرين لرسالة السلم ،وأن الحديث في اليععة
) ( 2من العنكبوت ،كان عععن النععاس إجمععال وبشععكل عععام .أمععا
قوله ) ولقد فتنا الذين مععن قبلهععم ( فالضععمير ) هععم ( يعععود علععى
المعاصرين لرسالة السلم ،والذين فتنوا من قبلهم ،هم كل من
سبقت فتنتهم ،قبل مجي السلم ،إذ لم يكععن فععي هععذه العبععارة ،
تحديد لقوام بعينها سبقت فتنتها ،فهي أسبقية زمانية ل مكانيععة
.
وأما في سععورة الععدخان ،فيقععول سععبحانه وتعععالى ) ،ولقععد فتنععا
قبلهععم ( ،وضععمير الغععائب ) هععم ( فععي كلمععة ) قبلهععم ( ،يعععود
حصععرا علععى أصععحاب الععدخان ،الموعععودين بالبطشععة الكععبرى ،
وبمجيء التحديد لقوم بعينهععم ،بقععوله تعععالى ) قععوم فرعععون ( ،
تصبح أسبقية ) قوم فرعون ( لهععؤلء النععاس ،مكانيععة وزمانيععة
في آن واحد ،ونلحظ هنا ،أن الفتنة كانت للقوم بشكل عام ،إذ
لم يقل سععبحانه ) فرعععون ( أو ) فرععون وقععومه ( أو ) فرععون
وملئه ( ،وإنما قال ) قوم فرعون ( .
ليصععبح المعنععى ،بأننععا قمنععا بامتحععان واختبععار ،هععؤلء القععوم
) أصحاب الدخان ( ،فكععان منهععم مععا كععان ،معن أمععر رسععولهم ،
ورسععبوا فععي المتحععان الععذي ُق عّدم إليهععم ،بمجيععء محمععد عليععه
الصععلة والسععلم ،الرسععول الكريععم ،وتععبّين لنععا وتأّكععد أنهععم
كاذبون ،فاستحقوا بطشتنا الكبرى ،فبطشععنا بهععم ،كمععا كنععا قععد
فتنا قبلهم في نفس الرض ،قوم فرعون ،ببعث رسولنا الكريععم
موسععى إليهععم ،فكععذبوه وحععاربوه واتهمععوه بالسععحر والجنععون ،
فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر .
653
وهنا نفهم من قوله تعالى ) ،يغشى النععاس ( ،بععأن المقصععودين
هنععا ،أنععاس بعينهععم ل جملععة البشععر ،وحقيقععة هععؤلء النععاس
موضحة ،في اليات بشكل ل لبس فيعه ،وأهععم مععا يتمّيعزون بعه
هععو الكفععر والنفععاق ،وأن هععذا الععدخان سيغشععاهم كعععذاب وليععس
كععابتلء ،وذلععك لكفرهععم ونفععاقهم ،ممععا ينفععي أن هععذا الععدخان
سُيبتلى به عامة البشر ،من مععؤمنين وكفععار ومنععافقين ،وُيفهععم
من قععوله ) النععاس ( ،أنععه سيغشععى عامععة النععاس المقيميععن فععي
المكان ،الذي أحدث الناس فيه ،ما وصفته اليععات أعله ،دون
سائر البشر .
جْيَنععا
أما الشارة الثانية للمكان فجاءت فععي قععوله تعععالى ) َوَلَقعْد َن ّ
ن…(، عععْو َن ِفْر َ
ن )ِ (30معع ْ
ب اْلُمِهيعع ِ
ن اْلَعععَذا ِ
سععَراِئيَل ِمعع ََبِنععي ِإ ْ
ونجاتهم كانت بخروجهم من مصععر ،وذكععر بنععي إسععرائيل أيضععا
جاء هنا ،لشتراكهم مع الفراعنة بالفساد والفساد في الرض ،
وانعععدام اليمععان بععال واليععوم الخععر ،ومحععاربتهم ل ع ولرسععله
وأنبيائه والصالحين من الناس ،قبل العلو وبعده ،فأنزل ال بهم
العذاب تلو العذاب .
ن َهعععُؤَلِء … ( أصعععحاب العععدخان … ) ، وقعععوله تععععالى ) … ِإ ّ
ن ) (37وفيععه تهديععد ضععمني ، جِرِميعع ََأْهَلْكَنععاُهْم ِ ،إّنُهععْم َكععاُنوا ُم ْ
للمخاطبين بالقرآن ،من كفرة أمة محمد عليه الصلة والسععلم ،
بالهلك كما ُأهلك الذين من قبلهم ،لما فعلوا مثل فعلهم .
ترتيب المشاهد حسننبما وردت فنني سننورة
الدخان :
المشهد الول :الشك واللعب .
المشهد الثاني :غشيان الدخان للناس ،ومن ثم زواله .
654
المشهد الثالث :العودة لما كانوا عليه ،بل والمعان فععي التععولي
والعراض ،وأخيرا الساءة لرسول ال .
المشهد الرابع :البطشة الكبرى .
تساؤلت :
والسؤال الول :هل ظهر الدخان في مصععر ،حيععث مكععان إقامععة
فرعون وقومه ؟
ك َيْلَعُبععونَ ( ،قبععل
شّوالسؤال الثاني :هل كان أهل مصر ِ ) ،في َ
ظهور الدخان ؟
والسؤال الثالث :هل أمعن أهل مصر ،في التععولي والععراض ،
عما جاء به رسول ال عليه الصلة والسلم ،بعد ظهور الدخان
ن ( أيضا ؟
جُنو ٌ
َ ) ،وَقاُلوا _ عنه _ ُمَعّلٌم َم ْ
655
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
في هذا الفصل ،سنعرض جانبا مععن مقععالت ،أوردتهععا صععحيفة
الهرام المصرية ،تتحدث عن سحابة كثيفة من الدخان السود ،
غشَيت سكان القاهرة ،في الفترة الواقعة ،ما بين / 30 – 20
1999 / 10م .
سننر سننحابة النندخان الننتي أزعجننت سننكان
القاهرة الكبرى !!
الصفحة الولى /الحد 15 /من رجععب 1420هع ع 24 ،أكتععوبر
، 1999السنة – 124العدد 41229
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/24/F
RON15.HTM
تزايدت طوال الليلة الماضععية ،ظععاهرة تراكععم الدخنععة والغععازات
والروائح النفاذة ،فععي سععماء مدينععة القععاهرة ،والمسععتمرة منععذ
نحو ثلث ليال سععابقة ،وقععد وصععلت هععذه الظععاهرة ،فععي مسععاء
أمس إلى حد ،تسبب في حالة من القلق ،بيععن سععكان القععاهرة ،
وطوال الليل ،لم تنقطععع التصععالت التليفونيععة مععن المععواطنين ،
إلى الهرام ،يشكون ويستفسرون ،بعد أن اضطروا إلععى إغلق
نوافذ منععازلهم ،وبعععد لجععوء بعضععهم إلععى المستشععفيات ،لعلج
اللتهابات التي أصيبت بها عيون أطفالهم .
وفععي محاولععة لتفسععير هععذه الظععاهرة ،أجععرت الهععرام عععدد مععن
التصالت ،مع مسئولي الرصععاد الجويععة والععبيئة ،طععوال ليلععة
أمس .فقد صرح مصدر مسئول بهيئة الرصاد الجوية ،لفععوزي
656
عبد الحليععم ،منععدوب الهععرام ،بععأن الظععاهرة ناتجععة عععن حععرق
المزارعين ،في المحافظععات حعول القعاهرة ،لمخلفععات محصععول
الرز ،بالضافة إلى تراكم الدخنة ،الناتج عن عوادم السيارات
والمصععانع ،وتزامنععت هععذه الدخنععة ،مععع وجععود مرتفععع جععوي
شععمال البلد ووسععطها ،أدى إلععى احتبععاس حععراري ،واسععتقرار
الحالة الجوية ،المر الذي أدى بدوره إلى تركيععز الدخنععة ،فععي
طبقة الهواء القريبععة مععن سععطح الرض ،واحتفععاظ الهععواء بكععل
مكوناته .وقععال إنعه مععن المنتظععر ،انتهععاء هععذه الظععاهرة ،فععور
تحرك المرتفع الجوي بعيدا عن القاهرة .
ومن ناحية أخرى ،نفى الدكتور إبراهيععم عبععد الجليععل ،الرئيععس
التنفيذي لجهاز شئون البيئة ،ما ترّدد علععى ألسععنة المععواطنين ،
عن وجود حرائق بمناطق تجّمع القمامة ،حول القاهرة والجيزة
،كمصدر لنتشععار هععذه الدخنععة فععي القععاهرة .وقععال إنععه أجععرى
اتصال بمحافظ القليوبية ،المستشار صبري الععبيلي ،أكعّد خللععه
انتشار الدخنة بالمحافظة ،نتيجة حرق قش الرز بها ،كما أكععد
الدكتور حسين كاظم ،محافظ الشرقية ،المعلومععات نفسععها فععي
محافظته ،خلل اتصال مماثل .وأضاف عبد الجليععل ،أن جهععاز
شئون البيئة ،طلب من وزارة الزراعععة ،إصععدار تعليمععات بمنععع
حرق قش الرز ،أو أي مواد مماثلععة لمنععع تكعرار هععذه الظعاهرة
مستقبل .
وفي محاولة لطمأنة المواطنين ،ناشد الدكتور محمععود عمععرو ،
أستاذ ورئيععس قسععم المععراض المهنيععة ،ومععدير مركععز السععموم
بقصر العيني ،المواطنين بعدم المبالغة في القلععق ،ووصععف مععا
حدث بأنه ليس كارثعة ،علعى الرغعم معن أن الععراض المبدئيعة
للتعرض لها ،تشععمل التهععاب العيععون والنععف والذن والصععدر ،
657
وأك عّد أن الحتياطععات اللزمععة ،تسععتدعي الععتركيز علععى حمايععة
الطفال ،وعدم إغلق النوافذ ضععمانا للتهويععة اللزمععة ،وكععذلك
توفير الحمايععة اللزمععة للمرضععى بالمستشععفيات ،أمععا الصععحاء
البالغين ،فلن يتعرضوا لخطورة من التعععرض للدخنععة ،مشععيرا
إلى أن ندى الفجر سيغسل الهععواء ،ويخّفععف مععن حععدة التلععوث .
وأكّد الدكتور عمرو ،أن هععذه الظععاهرة قععد حععدثت مععن قبععل عععام
1949م في لندن ،بسععبب ارتفععاع نسععبة الرطوبععة ،والحمععاس
الععزائد للتوسععع الصععناعي ،وانتشععار المععداخن ،أمععا فععي مصععر
فالطبيعة الصحراوية للبلد ،تمتص الملوثات الزائدة في المدن ،
لذا فلن يشعر بها سكان الصعيد .
658
سننحابة النندخان تتلشننى نهائيننا مننن فننوق
القاهرة خلل 48ساعة
الصععفحة الولععى /الثنيععن 16 /مععن رجععب 1420هععع 25 ،
أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41230
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/F
RON13.HTM
صورة نهارية :واختفت القاهرة خلف دخان حريق قش الرز
توقع خبراء الرصاد الجوية ،أن تتلشى نهائيا ،سحابة الدخان
الكثيف ،التي خّيمت ليلة أمس الول على القععاهرة وضععواحيها ،
خلل الساعات الثمععاني والربعيععن المقبلععة ،وأضععافوا أن الكتلععة
الهوائية التي حملت هذه السحابة ،الناتجة عن إحععراق مخلفععات
محصولي الرز والقطن ،في المحافظععات المجععاورة ،آخععذة فععي
التحععرك شععرقا ،لتحععل محلهععا كتلععة هوائيععة نظيفععة ،مقبلععة مععن
659
الشمال الغربي ،وأوضحوا أن نسبة الرطوبععة ،سععوف تنخفععض
أيضا ،بفعل هذه التغيرات في حالة الطقس .
وقد قععامت الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ،وزيععرة الدولععة لشععئون
العععبيئة ،أمعععس بجولعععة فعععي محعععافظتي الشعععرقية والقليوبيعععة ،
بوصفهما المصدر الرئيسي للدخان ،الناتج عن إحععراق مخلفععات
الرز والقطن ،وصعّرحت بعأنه سعيتّم تعدريب المزارعيعن ،علعى
اسعععتخدام غعععاز المونيعععا ،لتحويعععل قعععش الرز ،إلعععى أعلف
حيوانية ،بحيث تنتفي الحاجة تماما ،إلى إحراقه ،كمععا أعلنععت
الجهعععات المسعععؤولة فعععي المحعععافظتين ،ععععن اتخعععاذ إجعععراءات
حاسمة ،لوقف عمليات إحراق المخلفات الزراعية في الحقول .
660
سر اختناق القاهرة !
تحقيقععات /الثنيععن 16 /مععن رجععب 1420هععع 25 ،أكتععوبر
1999م ،السنة -124العدد 41230
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I
NVE1.HTM
حرق حطععب القطععن وقععش الرز ،مععع خليععط الغععازات المركبععة ،
663
وفي القاهرة الكبرى ،حوالي 40محطة لرصد الهواء ،وقد أقععام
المشعععروع المريكعععي ،لتحسعععين هعععواء القعععاهرة ،حعععوالي 33
محطععة ،لرصععد الععذرات الصععغيرة ،العالقععة مععن 2.5جزء في
المليععون ،إلععى عشععرة أجععزاء فععي المليععون ،كمععا تقععوم برصععد
الرصاص ،وهناك 7محطات دانمركية ،تقوم برصد أول وثععاني
أكسيد الكربون ،وأول أكسيد الكبريت ،والغازات الخرى ،ولععم
َتُبح هذه المحطععات ،بأسععرار مععا حععدث مععن تلععوث ،فععي هععواء
القاهرة الكبرى والدلتا والجيزة .
قام اليابانيون ،بإنشاء معمل مركزي ،تابع لجهاز شؤون البيئة
،ومعامل أخرى متنقلة ،لرصد حالة الجو عنععد حععدوث أزمععة أو
كارثعة ،أو رد فععل لي شعكوى ،ويشعرف علعى المعامعل جهعاز
شععؤون الععبيئة ،ويععديرها خععبراء مصععريون ،وتععدرب عليهععا
الخبراء .
ومن المعروف أيضا أن المصادر الطبيعية ،لتلوث هواء القاهرة
،مصدرها بخار الماء الضار ،والبكتيريا والفطريععات والملح ،
ونواتج الحتراق ذو النشاط الطبيعي .أما المصععادر الصععناعية .
في تلوث هواء القاهرة الكععبرى ،فهععي حععرق الوقععود والطاقععة ،
وعمليعععات النتعععاج الصعععناعي ،ووسعععائل النقعععل والقطعععارات
والطائرات والسفن ..
ومن ناحية أخرى ،لم تنقطع التصالت التليفونيععة ،للمععواطنين
بالهرام ،طععوال ليلععة أمععس الحععد ،حيععث اشععتكوا مععن وجععود ،
طععت أجععواء القععاهرة ،خاصععة منطقععتيسععحابة دخععان كثيفععة ،غ ّ
مدينععة نصععر ومصععر الجديععدة ،ومنععاطق وسععط البلععد ومصععر
القديمة ،وأصابت الطفال وكبار السن بالختناق .
664
وتقول السيدة نجية الشال ،من سكان شارع مصععطفى النحععاس
بمدينععة نصععر ،أن سععحابة الععدخان أصععابتها وأطفالهععا ،بحالععة
اختناق ،حيث تعععاني مععن حساسععية فععي الصععدر ،أدت إلععى عععدم
قدرتها على التنفس ،رغم إغلق النوافذ بالشقة ،وتتساءل هععل
عمعععال جمععع القمامعععة هعععم السعععبب ،أم القعععائمون علعععى حععرق
القمامة ؟! أم العمال المختصين ،بجمع القمامععة مععن الشععوارع ،
هععم الععذين أحرقععوا هععذه القمامععة ،الععتي أدت إلععى هععذا الععدخان
الكععثيف ؟! وتتسععاءل السععيدة نجيععة الشععال ،أيععن وزيععرة شععؤون
البيئة ،وأين القائمون على النظافة فععي بلععدنا ..وكيععف يععتركون
هذا المر دون متابعة ،أدت إلى عدم قدرتها على التنفس ،رغم
إغلق النوافذ بالشقة
ومن الروضة بالمنيل ،استغاث بنا محمد أبو سريع عبد الكريم ،
قائل :ما هي حكاية الدخان الكثيف ،الذي يمتد من حلععوان إلععى
المعادي والمنيل والمهندسين ؟! ويقول أننا ل نستطيع التنفس ،
ونكاد نصاب بحالة اختناق شديدة .
أما السععيدة سععمر عمععر محمععود ،مععن سععكان مدينععة نصععر ،فقععد
وصفت الدخان ،بأنه عبارة عن دخان ،ينبعععث مععن آبععار بععترول
تحترق ،وليس دخانا عاديا ،ينبعث من مخلفات قمامة ،كمععا أن
الجو الحار ،ساعد على حدوث انقباض في حالععة الجعو ،جعلتنععا
ل نستطيع التنفس .
أحمععد علععي أبععو الحسععن ،مشععرف اجتمععاعي بجامعععة الزهععر ،
بمدينة نصر ،يقول إنعه يشععر بحالعة اختنعاق شعديدة ،وحرقعان
بعينيه ،لم يستطع معها ،البصار بصورة جيدة .
665
ومن جانبه أكد مصدر أمني بنجدة القاهرة ،بأن النجدة لععم تتلععق
بلغات حرائق ،ليلة أمس ،عدا حريق محدود شععب فععي محطععة
بنزين التعاون ،بشارع قصر العيني .وذكر المصدر المني ،أن
الدارة تلقت ليلة أمععس ،حععوالي 5بلغات حريق في مخلفات
قمامة ،وتم إخمادها فورا ،وأوضح أن الدارة تلّقت إشارة بععأن
الشبورة ،التي أحاطت سماء القعاهرة ليلعة أمعس ،كعانت نتيجعة
حرق ،مخلفات محصول القطن والرز بالرياف .
وحععول أسععباب الظععاهرة ،كتععب عبععد المجيععد الشععوادفي مععن
الشرقية ،في محاولة سريعة وعاجلععة ،لحتععواء السععباب الععتي
أدت إلى ظهور السحابة السوداء ،فعوق سعماء القعاهرة ،وععدد
مععن محافظععات الععدلتا ،نتيجععة لقيععام الفلحيععن بحععرق قععش الرز
المتخلععف ،عععن حصععاد المحصععول ،ممععا ترتععب عليععه ،حععدوث
اختناقععات ،وإصععابات فععي العيععون ،بيععن الكععثيرين مععن أبنععاء
ومحافظة الشرقية .
قّرر المحافظ الدكتور حسين رمزي كاظم ،تنفيذ عدة إجععراءات ،
للقضاء على هذه الظاهرة ،التي انتشعرت فعي مختلعف مسعاحات
الراضي المزروعة بالرز ،والتي تبلغ حوالي 150ألف فدان .
وتم التفاق ،مع اللواء محمد صادق أبععو النععور ،مسععاعد وزيععر
الداخلية لمن الشرقية ،على تكليف رؤساء الوحععدات المحليععة ،
بععالقرى والمععدن ومععأموري مراكععز الشععرطة ،بتنظيععم حملت
لخمععاد عمليععات حععرق قععش الرز ،والسععتعانة بفععرق الععدفاع
المععدني ،والحريععق لطفععاء النيععران المشععتعلة فععي الحقععول ،
وتحرير محاضر للمخالفين .
666
كما تم التفاق على تشكيل غرفة عمليات ،تضم ممثلين لجهععزة
الحكععم المحلععي والشععرطة ،لمتابعععة هععذه العمليععة ،وتجميععع
البلغععات بشععأنها .وتععم إخطععار وزارة الزراعععة ،للبحععث فععي
إمكانية الستفادة ،من مخلفععات محصععول الرز ،والتوصععل إلععى
وسائل لسععتثمارها ،بمععا يعععود بععالنفع العععام علععى المزارعيععن ،
وحتى ل تتكرر هذه الظاهرة مرة أخرى .
وكععانت سععحابة الععدخان الكثيفععة ،الععتي خّيمعت علععى مععدى اليععام
الماضية ،فوق محافظة الشرقية ،نتيجعة حعرق قعش الرز ،قعد
طععتامتدت إلى مناطق متعددة ،فععي المحافظععات المجععاورة ؟ وغ ّ
الطرق الرئيسية التي تربععط بينهععا ،وبيععن الطععرق الصععحراوية ،
مما أدى إلى إعاقة الرؤية ،أمام سائقي السععيارات ،وعرضععتهم
إلى ارتكاب حوادث التصادم .
ومععن جععانبه صععرح المهنععدس محمععود الجمععل ،وكيععل وزارة
الزراعة بمحافظة الشرقية ،بأن عمليات حرق قش الرز ،الععتي
يقوم بها الفلحععون ،وسععط الحقععول ،يسععتهدفون مععن ورائهععا ،
زيادة نسبة التسميد للراضي ،حيث أن مخلفات حريععق القععش ،
تسهم في خصوبة الرض ،وارتفاع الخصوبة فيها ،نتيجععة لمععا
يحويه القش المحروق ،مععن عناصععر متعععددة ومختلفععة ،تععؤدي
إلى تحسين التربة الزراعية ،وترفع من إنتاجيتها ،فعي مختلعف
المحاصيل التي تزرع فيها .
ومن القليوبيعة ،كتعب أبعو سعريع إمعام ،أكعد المستشعار ،أحمعد
صبري البيلي محافظ القليوبية ،أنه بالنسبة للشععبورة الملوثععة ،
الناتجعععة ععععن صعععرف مخلفعععات زراععععة الرز ،فعععإنني اتخعععذت
الجراءات ،منذ يوم 12أكتوبر ،وتّمت إحالة بعض المخالفين
667
والمتسببين ،في هذه الدخنة الملوثة ،إلى النيابة العامة ،طبقا
لقععانون الععبيئة ،والكععثر مععن ذلععك ،بععأنني قمععت بعععرض هععذه
المشععكلة ،فععي مععؤتمر حمايععة الععبيئة يععوم 14أكتوبر ،برئاسة
الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ،وزيععرة الدولععة لشععئون الععبيئة .
وأوضح محافظ القليوبية ،أنه طلب مععن وكيععل وزارة الزراعععة ،
اتخاذ الجراءات لوقف عمليات حرق مخلفات الرز ،فأكد أنععه ل
يوجععد تعليمععات ،بمنععع الحععرق بالراضععي الزراعيععة .ويقععول
المهندس عبد الحميد خاطر ،وكيعل وزارة الزراععة بالقليوبيععة ،
إن المحافظة غير مسموح لها بزراعة الرز .وإنما زراعععة هععذا
المحصول ،تمت على مساحة 21ألف فدان بالمحافظة ،وقامت
أجهزة الري ،بعمل محاضر لصحاب هذه الراضي ،لن أجهزة
الععري ،هععي الجهععة الوحيععدة المسععؤولة عععن تحريععر محاضععر ،
بالمخالفات لمزارعي الرز .
وأوضععح اللععواء محمععود وجععدي ،مسععاعد وزيععر الداخليععة لمععن
القليوبيععة ،أنععه تععم علععى الفععور عمععل دوريععات مروريععة ،ليليععة
ونهارية ،لمحاولة السيطرة السريعة ،للحد من عمليات الحريق
،حتى يتم بشكل منظم .
انتهاء السحابة الملوثة خلل 48ساعة
تحقيقععات /الثنيععن 16 /مععن رجععب 1420هععع 25 ،أكتععوبر
1999م ،السنة -124العدد 41230
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I
NVE2.HTM
668
أكد فوزي غنيمععي ،مععدير مركععز التنبععؤات ،أن خععبراء الرصععاد
الجوية ،يتوقعون انتهاء هذه الظاهرة الجويععة ،خلل السععاعات
ال 48المقبلة ،بسبب تحرك هذه الكتلة الهوائية جهة الشرق ،
وتقدم الكتلة الهوائية المقبلة ،من جنوب وشععرق أوروبععا ،ممععا
يحعرك الهععواء ويجععدده ويقلععل نسعبة الرطوبعة ،وبالتعالي سععيبدأ
العععدخان فعععي الختفعععاء التعععدريجي ،وتنبعععه المسعععؤولون فعععي
المحافظععات المجععاورة للقععاهرة ،لعطععاء تعليمععات بمنععع حععرق
مخلفات الزراعة ،إل بأسععلوب علمعي ،وفعي الععوقت المناسعب ،
والهيئة على اسععتعداد ،لمععدادهم بالبيانععات اللزمععة ،والحععوال
الجوية المتوقعة .
الزراعة تقول أحرقوه ..والبيئة تقول ل
تحقيقات /الثنين 16 /من رجب 1420هع 25 ،أكتوبر 1999م
،السنة -124العدد 41230
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I
NVE3.HTM
كتب عبد الوهاب حامد :تناقضععات غريبععة ،ومعععادلت صعععبة ،
يتع عّرض لهععا الفلح المصععري ) نتيجععة تخبععط خععبراء الععبيئة ( .
فبينما تطالبه وزارة الزراعة ،بضرورة حرق عيدان القطععن بعععد
جنيه ،كشرط لتمتع الفلح ،بالحصول على الدعم المقععرر ،فععي
عمليات المقاومة ،الذي تحمّلته الدولة بالكامععل ،لول مععرة هععذا
العام ،نظرا لنخفاض أسعار القطععن عالميععا ،وهععي علععى حععق ،
وبناء على هذا الحق للمصلحة العامة ،تقععوم مععديريات الزراعععة
بالمحافظععات ،بتحريععر محاضععر مخالفععات للفلحيععن ،الععذين ل
669
يقومون بحرق عيدان القطن .على الجانب الخر ،نجد تعليمععات
وزارة البيئة ،تركز على الحماية من التلوث ،وذلك بحظر حرق
أيععة مخلفععات ،بأسععاليب بدائيععة ،ومنهععا طبعععا ،حععرق مخلفععات
زراعات القطن والرز .
يقول المسؤولون بالبنوك الزراعية ،إن ما يجععري مععن تعليمععات
الحععرق ،وتقععدير النسععبة المقععّررة للمقاومععة ،عععن محصععول
القطععن ،هععو حععق كامععل لععوزارة الزراعععة ،ول دخععل لنععا بععه ،
ومهمتنععا تحصععيل الععديون ،وتقععديم الخععدمات الئتمانيععة للفلح .
والسؤال :لماذا لم يتم وضع خطععة شععاملة ،للسععتفادة مععن هععذه
المخلفعععات ،فعععي مجعععالت كعععثيرة أهمهعععا صعععناعة العلف ؟
ويضيفون :لو فعلنا ذلك ،لمنعنا وقوع مثل هذا التنععاقض ،بيععن
وزارتي الزراعة والبيئة ،ولحمينا الفلح من الحيرة والتضععارب
فععي القععرارات .ويمكععن للدولععة بإمكاناتهععا الكععثيرة ،أن تجععذب
الفلح ،إلى توريد فضلت القطن والرز ،إلععى مصععانع العلف
والورق ،حماية للبيئة من التلوث .
المزارعون :القش بريء
تحقيقات /الثنين 16 /من رجب 1420هع 25أكتععوبر 1999م ،
السنة -124العدد 41230
670
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I
NVE4.HTM
صورة لحرق القش
كتبععت أهععداف البنععداري :فععي قريععة النععاي بمحافظععة القليوبيععة ،
إحدى المحافظات التي تزرع الرز ،قال عبد ال إبراهيععم فلح ،
أنه يتم حرق 5أطنان قش في كل فدان أرز ،وتستغرق كل كمية
يتم حرقها ربع ساعة ،ول يصل دخان هذا الحريق ،إلععى مدينععة
قليوب التي تبعد خمسة كيلو مترات ،عن قرية النععاي .ويضععيف
عادل عطا أن مواعيد حرق القش ،تختلف في القريععة الواحععدة ،
من مكان لخر ،ومازالت أماكن لععم تبععدأ الحععرق بعععد .وتسععاءل
فلح آخر ،بأن رماد حريق القععش يترسععب ،ثععم يتبخععر ،فكيععف
يصععل إلععى القععاهرة ،الععتي تبعععد عععن قليععوب 30كيلو مترا ؟!
) تساؤل وجيه ( ،وأضاف أن ميعاد حرق القععش ،يبععدأ مععن 15
أكتوبر ،ويستمر 20يوما ،وما يصل ارتفاع الدخان إلى حععوالي
عشععرة أمتععار .وفععي مركععز شععبين القنععاطر ،أرجععع فلح سععبب
671
الدخان الغامق اللععون ،الععذي ظهععر اليععام الماضععية ،إلععى طبقععة
مفتوحة في الوزون ،وقال انععه شععاهد شععبورة مععع دخععان أزرق
) أي أنها أتت من السماء ( ،ل يعرف سببها وإدارات المععرور ،
هي المفترض أن تشرح أسبابها !
سر اختناق القاهرة ) ( 2
تحقيقععات /الثلثععاء 17 /مععن رجععب 1420هععع 26 ،أكتععوبر
1999م ،السنة -124العدد 41231
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/26/I
NVE1.HTM
تحقيق أهداف البنداري :كشععف اختنععاق القععاهرة ،الععذي اسععتمر
لثلثة أيام متتالية ،عن وجود العديد مععن الملوثععات ،فععي سععماء
العاصععمة .ففععي الععوقت الععذي تقععوم فيععه الدولععة ،بالحفععاظ علععى
سلمة المواطنين ،والهتمام بتجميععل القععاهرة الكععبرى ،تنتشععر
مقالب القمامة بين الشوارع والميادين ،وعلى أسطح المنععازل ،
حسب ما شععاهدته وزيععرة الععبيئة ،فععي جولتهععا بالطععائرة ،فععوق
القاهرة ،ويععؤدي حرقهععا بل أيععة ضععوابط ،إلععى تلععوث هععوائي ،
ُيصيب العديد من المواطنين بالمراض .
وعلى الرغم من أن مقالب القمامععة الرسععمية ،قععد أوقفععت حععرق
القمامة ،منذ أكثر من عام ،بقرار صادر من وزيععرة الععبيئة ،إل
أن مقالب القمامة الخاصة ،مازالت تعمل بل ضوابط .والسععؤال
الن ..متى تختفي مقالب القمامععة مععن شععوارع العاصععمة ؟! فععي
البداية ،تقول د .نادية مكرم عبيععد وزيععرة الععبيئة ،إنهععا رصععدت
سحابة الدخان ،وشعرت بهععا مثععل كععل المععواطنين ،وأدركععت أن
672
هناك شيئا غير طبيعي ،في الهواء منذ عشرة أيام ،فبحثععت مععع
كل الجهات المعنية ،لتعرف حقيقة هذا الدخان ..
وتضيف :قمت بجولة جوية بالطععائرة ،لمععدة ثلث سععاعات بعععد
اسععتجابة فوريععة ،مععن المشععير محمععد طنطععاوي وزيععر الععدفاع ،
شعععملت القعععاهرة الكعععبرى ،فعععي محافظعععات القعععاهرة والجيعععزة
والقليوبية .وشاهدت حععالت اشععتعال ذاتععي فععي حععوالي 7أو 8
مواقع للقمامة ،في مناطق عشوائية ،وتلوث في جنوب القاهرة
،مععن بعععض المصععانع .كمععا شععاهدت حععرق قععش الرز ،ولفععت
نظري انتشار القمامة ،على أسطح المنازل .
من هنا أرجعت هذه السحابة الدخانية ،إلى تزامن عدة عوامععل ،
فععي آن واحععد .فالنبعاثععات الععتي تصععدر مععن الشععتعال الععذاتي
للقمامة ،التي يلقيها الهععالي بطريقعة عشععوائية ،نتيجععة سعلوك
غير سوي ،مععع اسععتقرار الهععواء بععدون ريععاح ،أدى إلععى تعّلععق
دخان القمامة المشتعلة والقش المحترق ،والذي يقوم الفلحون
،بحرقه منذ سنوات ،لكننا شعرنا بدخان هذا الحععتراق ،نتيجععة
اتحاد العوامل السابقة معا .فالدخنة المعّلقة سبب شعورنا ،بأن
هناك شيئا يحرق في الهواء .
وأضافت د .نادية مكرم عبيد ،أنه سيتم إعداد برنامععج تنفيععذي ،
للتعامل مع الحرق المكشوف .فقععانون الععبيئة يعطععي للمععواطن ،
الحق في البلغ ،عن أية مخالفة بيئية في القسم ،وعلى ملععّوث
البيئة أن يدفع الثمععن .وعلععى الرغععم أن الععوزارة ،ليسععت لععديها
شرطة بيئية ،إل أننا نعتمد في المحافظة على الععبيئة ،علععى 60
مليععون مصععريا ،فبعععد تصععريحات الرئيععس حسععني مبععارك ،أن
الحفاظ على البيئة أصبحت ضرورة ،وليست ضربا من الرفاهية
673
.وجهود السععيدة سععوزان مبععارك ،فععي توعيععة المععواطنين بععذلك
خاصة الطفععال ،أصعبحت الععبيئة علعى الجنعدة السياسععية ،وقععد
لمست صحوة بيئية ،في آلف الشكاوي ،الععتي تتلقاهععا الععوزارة
من المواطنين .
وأوضحت أن قانون البيئة ،ينص على عقوبات لملوثي الععبيئة ،
منها غرامة مالية ألف جنيه لحععارق القمامععة ،وهععذا المبلععغ مععن
وجهععة نظععر وزيععرة الععبيئة ،مناسععب لكععن المشععكلة فععي تنفيععذ
العقوبات ،وهي مهمة منوط بها الوزارة والمحافظععات ،والهععم
سلوك المواطنين ،والجمعيات الهلية ،وأجهععزة العلم عليهععم
دور كبير لتحقيق الستجابة المطلوبة ،من الموطنين ،للحفععاظ
علي بيئتهم .
وكمععا يقععول د .أحمععد نعيععم البنععداق ،المشععرف علععى المجععالس
النوعية بأكاديمية البحث العلمي ،أن المحععاور الرئيسععية ،الععتي
يجععب أن تنتهجهععا الدولععة ،لمعالجععة مشععكلة القمامععة ،وكيفيععة
الستفادة منها ،عن طريق دراسة مكونات القمامة … ،ويؤكععد
د .أحمععد نعيععم علععى أن كععل هععذا ل يتععم دون وضععع التشععريعات
الخاصععة بالنفايععات ،بشععكل عععام ،والتطععبيق الععذي تععم إصععداره
بالفعل منها ،فععي قععانون الععبيئة ،الععذي صععدر عععام ، 94وعمل
حصر للمؤسسات المختلفة ،لمتابعة تشريعات حماية الععبيئة مععن
التلوث ،وكيفية الستفادة منها بشكل نافع .
أما الدكتور فععوزي عبعد القعادر الرفععاعي ،المشعرف علععى قطعاع
تنميععة التكنولوجيععا والخععدمات ،بأكاديميععة البحععث العلمععي ،فقععد
طعرح نموذجعا عمليعا ،بوحعدات تحععول القمامعة إلعى سعماد ،ثععم
674
بنائها ،وتعميمها بأيد مصرية ،وبتكلفععة أقععل بكععثير مععن مثيلهععا
المستوردة … ،
ويقول د .شريف عيسععى ،رئيععس المركععز القععومي للبحععوث ،أن
هنععاك خطععة قادمععة لتطععوير التكنولوجيععا المصععرية ،فععي مجععال
تصنيع القمامة . … ،
ويوضح المهندس مدحت حسين ،مدير مصنع ) شبرامنت ( أحد
المصانع الخاصة ،بتحويل القمامة إلى سععماد عضععوي ،بمدينععة
شععبرامنت أن هععذا المصععنع ُأنشععئ بسعععة كليععة 10أطنان قمامة
يوميا . … ،
ومععن جععانبه أكععد د .عبععد الرحيععم شععحاته ،محععافظ القععاهرة ،أن
سحابة الدخان ،الععتي غطععت القععاهرة ،ليسععت بسععبب القمامععة ،
فالمحافظة خصصت 18مليون جنيه سنويا ،لميزانية شركات
القمامععة ،وأن الدولععة تقععوم بععدورها ،مععن حيععث تععوفير جهععاز
بمسئوليه ومعداته ،لنظافة القاهرة ،ولم تعد لدى إدارات مقالب
القاهرة الرسمية أية محععارق ،إل أن المحافظععة ،وكععل الجهععزة
المعنيععة ،لععن تسععتطيع أن تقضععي علععي القمامععة فععي الشععوارع ،
فذلك يتوقف بنسبة 100%على سلوك المواطنين ،واستشهد
محافظ القاهرة بسلوك المواطنين ،الععذي يسععاعد علععى اسععتمرار
تلل القمامععة فععي الشععوارع ،حيععث إن 50%فقط من سكان
القاهرة ،يتعاملون مع جامعي القمامة ،والبععاقي يرفععض دفععع 3
جنيهععات ،مفضععل إلقععاء مخلفععاته علععى الجزيععرة الوسععطية فععي
الشارع . ...
675
رئيننس هيئة النظافننة وتجميننل القنناهرة
ُيبّرئ مقالب القمامة ويتهم القش
تحقيقععات /الثلثععاء 17 /مععن رجععب 1420هععع 26 ،أكتععوبر
1999م ،السنة -124العدد 41231
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/26/I
NVE2.HTM
كتب عبد العظيم الباسل :أثععارت سععحابة الععدخان الخععانق ،الععتي
غطععت القععاهرة ،أول أمععس ،تسععاؤلت عديععدة حععول أسععبابها ..
البعض أرجعها لحرق ،مقالب القمامة المنتشرة حععول القععاهرة ،
وعّللهععا البعععض الخععر ،بحععرق بقايععا جععذور نبععات الرز ،فععي
الحقول المنتشرة حول القاهرة الكبرى .
وأيًا كانت أسععبابها الحقيقيععة ،فقععد انزعععج العديععد مععن الهععالي ،
التي أصابها احمرار بالعين ،وضيق بالتنفس الصععدري ،نتيجععة
لهذا الدخان الخانق ،الذي لف القاهرة .
من جانبه يؤكد اللععواء مجععدي البسععيوني ،رئيععس هيئة التجميععل
والنظافة بالقاهرة :إن هذه السحابة العالقة بسععماء القععاهرة ،ل
ترجع إلى حرق القمامععة ،خاصععة أن لععدينا ثلث مقععالب كععبرى ،
بالوفععاء والمععل والقطاميعة ودار السععلم ،مسعاحة كعٍل منهعا 15
فععدانا ،ولععم يتععم حععرق قمامععة إحععداها ،طععوال اليععام الثلثععة
الماضية ..فضل عععن أننععا ،قمنععا بععالتفتيش علععى مقععالب قمامععة
القطاع الخاص ،ووجدناها ل تعمل أيضا ،وقبل هذا وذاك ،فان
رائحة حرق القمامة مميزة ،وهي تختلف عععن رائحععة الععدخان ،
التي انبعث فوق القاهرة .
676
ومععن هنععا فقععد تأكععدنا ،وفقععا لشععكاوي المععواطنين القععادمين مععن
الطرق السريعة ،والذين أكّدوا انهم فقععدوا الرؤيععة علععى الطععرق
السريعة ،نتيجة لنبعاث الدخنععة مععن الحقععول المجععاورة ،علععى
جانبي الطريق ،على غرار مععا حععدث فععي العععام الماضععي ،خلل
نفس التعوقيت .وأضعاف :معن المعاينعة ،تأكعدنا معن اشعتعال 9
مواقع في المساحة المحصورة ،من مزارع الرز ،بين الطريععق
الععدائري والطريععق الزراعععي ،عنععد مدينععة قليععوب ،بالضععافة
لمساحات أخرى ،كانت ظاهرة من طريععق بلععبيس الصععحراوي ،
باتجاه الخانكة . ...
677
عودة سحابة الدخان إلى سماء القاهرة
الصععفحة الولععى /الربعععاء 18 /مععن رجععب 1420هععع 27 ،
أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41232
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/F
RON1.HTM
صورة ليلية :سحابة الدخان حجبت مباني القاهرة مرة أخرى
مساء أمس
تجدد انتشار الدخان ،في سماء القاهرة الكبرى ،مساء أمععس ،
وتلقت الهرام اتصالت هاتفية ،من قاطني الساحل وشبرا مصر
ومصععر الجديععدة ،ومدينععة السععلم والعجععوزة والمنيععل والهععرم ،
بإحساسععهم بتكععاثر الععدخان ،وأنهععم أغلقععوا نوافععذ مسععاكنهم .
وصرحت الدكتورة نادية مكرم عبيد ،وزيرة شئون العبيئة ،بعأن
كثافة سحابة الدخان ،التي عادت إلى سععماء القععاهرة ،أقععل ممععا
كانت عليه مساء السبت الماضي ،حيععن بلغععت ذروتهععا .وقععالت
لمنععدوبي الهععرام ،أنهععا فععي اجتمععاع دائم مععع خععبراء الععبيئة
المصععريين ،وبعععض الخععبراء مععن الععدنمارك ،لرصععد وتحليععل
678
الدخنة الموجودة ،فعي سعماء القعاهرة الكععبرى .وأكعّدت وجعود
مرتفع جوي ،قادم من شععمال الجمهوريععة ،وأنععه أدى إلععى عععدم
تشتت الملوثات العالقة في الجو ،وزيادة شعور المواطنين بها ،
فععي بعععض منععاطق القععاهرة الكععبرى .وحععذر الععدكتور طععارق
صفوت ،رئيس قسم المراض الصععدرية بجامعععة عيععن شععمس ،
مععن أن هععذه السععحابة ،تزيععد مخععاطر التهععاب الشعععب الهوائيععة
للمعععواطنين ،وحعععدوث النعععزلت الربويعععة ،وحساسعععية جهعععاز
التنفععس .ونفععى مععدير أمععن القليوبيععة ،مععا تععرّدد عععن احععتراق ،
مخلفات أحد المصانع الكبرى بع ) بنها ( .
679
عودة الدخان الخانق ! طننوارئ فنني وزارة
البيئة لفك لغز السحابة السوداء
تحقيقععات /الربعععاء 18 /مععن رجععب 1420هععع 27 ،أكتععوبر
1999م ،السنة -124العدد 41232
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/I
NVE1.HTM
متابعة :عبد العظيععم الباسععل ونععاجي الجرجععاوي وسععالي وفععائي
وأشرف أمين
صورة ليلية
في حوالي الساعة السابعة والنصف مساء أمععس 26 ،أكتوبر ،
تلقت الهرام العديد من المكالمات التليفونية ،تؤكد عودة سحابة
الدخان مرة أخرى ،في مناطق الساحل وشبرا ومصر الجديععدة ،
ومدينة السلم والعجوزة والمنيل والهرم .وقد أغلق المواطنععون
النوافععذ لشعععورهم بالختنععاق .وصععرحت الععدكتور ناديععة مكععرم
680
عبيد ،وزيرة شؤون البيئة ،بأن سحابة الدخان الخانق ،عععادت
إلى سماء القاهرة بالمس ،ولكن ليست بكثافععة السععحابة ،الععتي
غطت القاهرة منذ ثلثة أيام .وقالت :أنها في اجتماع دائم ،مع
خبراء البيئة المصععريين وبعععض الخععبراء الععدانماركيين ،لرصععد
وتحليل الدخنة المنبثقة والمنتشرة ،في سماء القاهرة الكبرى .
وأشارت إلى أن التحليل المبدئي للدخنة ،أكد وجود نسبة عالية
،من الجسيمات العالقة والتربة الرفيعة ،ساعد علععى انتشععارها
سكون الجو ،وعدم تحريكها بواسطة الرياح ،ومععازالت أبحاثنععا
مستمرة للوصول إلى حقيقة هععذه الدخنععة ،خلل الع ع 48ساعة
المقبلععة .وعّللععت عععودة الدخنععة إلععى تضععافر مجموعععة مععن
العوامل ،أهمهععا المسععابك والصععناعات الملوثععة للععبيئة ،وحععرق
بقايا محصولي الرز والقطن ،في الحقول المجاورة للقاهرة .
أك عّدت السععيدة ناديععة مكععرم عبيععد ،أن اسععتمرار ظهععور الععدخان
المنتشر ،في سماء القاهرة الكععبرى ،هععو نتيجععة وجععود مرتفععع
جععوي ،قععادم مععن شععمال الجمهوريععة ،أدى إلععى عععدم تشععتت
الملوثات العالقة فععي الجععو ،والععتي شعععر بهععا المواطنععون ،فععي
بعض مناطق القاهرة الكبرى .وقالت الععوزيرة إن الععوزارة تقععوم
حاليا ،بالتعاون مع الجهزة المعنية ،بمتابعة الموقف للتخفيف
من تركيز تلك الملوثات ،حيث أشارت مصادر الرصاد الجوية ،
إلى توقع استمرار هذه الظاهرة لمدة 3أيام على القل .
ومن جانبه ،قال الدكتور محمود نصعر الع ،معدير معمعل تلعوث
الهعععواء بعععالمركز القعععومي للبحعععوث :إن حعععرائق القمامعععة ،
والملوثات الناتجععة مععن العربععات والصععناعات الصععغيرة ،ليسععت
السبب الوحد في هذه الحالة المناخية ،فهناك نععوع مععن الركععود
681
للحركة الرئيسية والفقية للهواء ،هععذا بالضععافة إلععى انخفععاض
سرعة الرياح ،وتغير العوامل الجوية ،مما يؤدي إلى حالة مععن
الحتباس الحراري ،لذلك يجععب أن تشععكل غرفععة عمليععات ،فععي
مثل هذه الحالت ليقاف الملوثات المنبعثة ) .تبريرات وتكهنات
جديدة ( .
وشرح الدكتور محمود نصر ال مدير معمل تلععوث الهععواء ،أنععه
من المتوقع أن تكون الدخنة ) وليس من المؤكد ( ،ناتجععة عععن
احععتراق وقععود البععترول أو القمامععة ! هععذه الدخنععة عبععارة عععن
جسعيمات عالقععة ،معن العدخان السععود ،ثعاني أكسعد الكربعون ،
وثعععاني أكسعععيد الكعععبريت ،أول أكسعععيد الكربعععون ،وأكاسعععيد
النيععتروجين ،لععذلك يجععب أن يكععون هنععاك حععل سععريع وفععوري ،
وتشكيل غرفععة عمليععات ،لرصععد مصععادر التلععوث ،وكععل منطقععة
سععكنية ،بهععا محرقععة أو مقلععب زبالععة ،يجععب أن تبلععغ الجهععات
المسؤولة ،مثل وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة ،حععتى تخمععد
هذه الحرائق فورا .
ويضيف الدكتور محمود نصر ال :إننا الن أمام احتمالين ،إمععا
أن تنشععط حركععة الهععواء مععرة أخععرى ،ويعععود المنععاخ لوضعععه
الطبيعي ،أو يستمر الوضع على ما هععو عليععه ،ممععا يععؤدي إلععى
تركز الهواء ،وبالتالي تراكم الملوثات ،والععتي سُيضععاّر منهععا ،
مرضععى الصععدر والععدورة الدمويععة والقلععب .ويضععيف الععدكتور
محمود نصر ال ،أنه للسف ل توجععد خريطععة ،توضععح مراكععز
التلععوث بالقععاهرة ،مثععل المحععارق وبعععض الععورش والمصععانع ،
والتي معن الممكعن التحكعم بهععا ،فعي مثعل هعذه الحعالت بإيقععاف
مصادر التلوث ،بشععكل تععدريجي ومععؤقت ،لحيععن عععودة الريععاح
لنشاطها .
682
ويضيف الدكتور محمود نصر ال :أن حادثا مشععابها ،وقععع فعي
لندن عام ) 56المسؤول السابق قال أنه وقععع عععام ، ( 49حيععث
ازدادت كثافة السععحب المعبععأة بالملوثععات ،ممععا أدى إلععى إصععابة
العديد باللتهابات الشعبية ،وتطور المععر إلععى مرحلععة الختنععاق
والوفععاة .لععذلك يطععالب الععدكتور محمععود نصععر ال ع ،بععأن تتععابع
محطات الرصد ،التابعة لجهاز شؤون الععبيئة ،تغيععرات مكونععات
الهعواء ،فعي كعل منطقعة ،وتحعدد مصعادر التلعوث سعواء كعانت
محارق أو مصانع .ووقفها بشكل مععؤقت ،لحيععن تحسععن الحالععة
الجوية ،وعودة الرياح لسرعتها الطبيعية .
ومن جانبه أكد مجدي البسيوني ،رئيععس هيئة النظافععة وتجميععل
القاهرة :أنه قام بجولة ميدانية ،للوقععوف علعى مصععادر انبععاث
الدخنة ،من جديد ،فوجد أن المقالب الرسعمية ،لععم يحععدث بهعا
أي اشععتعال للقمامععة ،بينمععا لحععظ وجععود الدخنععة ،بكثافععة فععي
المناطق المتاخمعة للراضعي الزراعيعة ،علعى امتعداد المشعروع
البلبيسي .وأجمعت المصادر على أن الحرائق ،ل تزال مشععتعلة
فععي الحقععول ،بمنطقععة الخانكععة والطريععق الععدائري .وطععالب
البسيوني :بضرورة تحرك الرصاد والععبيئة ،للكشععف عععن سععر
هذه الظاهرة ،التي تفاجئ القاهرة بين الحين والخر .
ومن جانبه أكد المستشار صبري الععبيلي ،محععافظ القليوبيععة أنععه
بالمس فقط ،تم تحرير 35محضرا ،بع ) قها وطوخ ( لحرق
قش الرز المخالف ،والحملت مازالت مسععتمرة مععن الزراعععة ،
ومجالس المععدن لمتابعععة المخععالفين .مؤكععدا أن سععبب الععدخان ،
يرجععع للرز المحععترق ،مععن بعععض المزارعيععن ،بمنطقععة اللععج
والخانكة بجوار الطريق الدائري .ونفى المستشار البيلي ،عععدم
حرق أي كاوتش كما ترّدد عن أحد المصانع الكبرى .
683
ومن جانبه صرح د .محمد عطية الفيومي ،رئيس مجلس محلي
محافظعععة القليوبيعععة :بعععأنه ل توجعععد حعععرائق فعععي المنشعععآت
الموجودة ،على أرض المحافظة ،حتى الساعة التاسعة ،مساء
الثلثاء 26أكتوبر ،ولم تتلق النجدة أو المطافئ ،أية بلغات
في هععذا الخصععوص ،إل أنععه قععد توجععد بعععض حععرائق ،يشعععلها
بعض المزارعين للمحاصيل المنتهية ،لكنها ل تخرج عن كونها
،حرائق محدودة الثر ،وغير ذات تأثير .وعلى الجانب الخععر ،
لم يشعر سكان القليوبية بالدخان ،الذي شعر به سكان القاهرة ،
ولم تتغير طبيعة المناخ ،ول رائحة الجو ،عن المععور المعتععادة
) بالرغم من أن الحرق يتم في القليوبية ،وهي تبعد عن القاهرة
25كععم ( .ونفععى مععدير أمععن القليوبيععة ،مععا تععرّدد عععن احععتراق
مخلفات أحد المصانع الكبرى بع ) بنهععا ( مسععببة الععدخان ،الععذي
طى سماء القاهرة . غّ
مرضى الصدر ضحايا التلوث !
تحقيقععات /الربعععاء 18 /مععن رجععب 1420هععع 27 ،أكتععوبر
1999م ،السنة -124العدد 41232
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/I
NVE2.HTM
تحقيق :عبد المحسن سلمة ونادية يوسف
أدى الععدخان الكععثيف ،الععذي تعرضععت لععه القععاهرة مععؤخرا ،إلععى
ازديععاد معانععاة مرضععى الحساسععية الصععدرية ،وزيععادة أعععداد
المععترددين علععى أقسععام الصععدر بالمستشععفيات ،بعععد أن شعععر
المرضى بالختناق ،وضيق التنفس ،الناتج عن تهيج الغشععية
684
المخاطية للعين والنععف .ويقععول د .محمععد عععوض تععاج الععدين ،
أستاذ المراض الصدرية ،ونعائب رئيععس جامعععة عيعن شعمس :
… وبالنسععبة لععدخان السععحابة الخيععرة ،فقععد اتسععم بالكثافععة ،
ووجود رائحة نفاذه مصاحبة له ،مما أحدث تهيجا فععي الغشععية
المخاطية ،للعيععن والنععف ،لمععن تعرضععوا لععه ،وأدى ذلععك إلععى
إصععابتهم ،بضععيق فععي التنفععس ،نتيجععة تهيععج هععذه الغشععية ،
فارتفع عدد الحالت المصابة ،وزاد عدد المترّددين علععى أقسععام
الصععدر ،بالمستشععفيات العامععة والخاصععة .وقععد تلقععى هععؤلء
المرضععى العلج ،وخرجععوا علععى الفععور ،لن معظمهععا حععالت
مؤقتة كان الدخان السبب الرئيسععي لهععا ،وتركععز علجهععم ،فععي
موسعات الشعب الهوائية ،وعلج للغشية المخاطية .
وأكد د .طارق صفوت ،رئيس قسم المراض الصدرية ،بجامعة
عين شمس :أن هذه السحابة ،مبعث للتلوث ،وانتقال أمععراض
التهابات الشعب الهوائيععة والنععزلت الربويعة ،وتشععكل حساسععية
شععديدة ،فععي الجهععاز التنفسععي لمرضععى المععراض الصععدرية ،
ومرضى النف والذن ،لنها تسبب التهابات في الجيوب النفية
،والعيون ،أي جميع الغشية المخاطية .وينصععح د .صععفوت :
بوضععع ماسععكات واقيععة للععذين لععديهم حساسععية ربويععة ،لتجنععب
استنشاق هذه الدخنة .وقد اسععتقبل قسععم المععراض الصععدرية ،
أكثر من ضعف العداد التي يستقبلها القسععم فععي اليععام العاديععة .
ولبد من اللتزام بعلج مرضى الصدر ،مع طبيبهم الستشععاري
واستخدام بخاخات .وأضاف أنه ل يشترط أن تكون الزمة حادة
،لكن تزيد أعراض المرض في فترة انتشار الدخان .
ويقول الدكتور هشععام قاسععم أخصععائي الصععدر بمستشععفى الصععدر
بالعباسية :أنه لم ترد أي حالت اختنععاق أو إعيععاء للمستشععفى ،
685
بسععبب التلععوث ،ويوصععي الععدكتور هشععام مرضععى الحساسععية :
بإغلق النوافذ والبتعاد عن الملوثات بقدر المكععان ،كمععا يجععب
وضع منديل مبلل ،على النف والفم والتنفععس مععن خللععه .كمععا
مععن الممكععن ،أن يصععاب النععاس ،فععي حالععة كثافععة الدخنععة ،
باحتقان الحلق والتهاب شديد ،فععي الشعععب الهوائيععة والعينيععن .
) يغشى الناس هذا عذاب أليم ( .
تقرير لرئيس مجلس الوزراء حول ظنناهرة
الدخان
الصععفحة الولععى /الخميععس 19 /مععن رجععب 1420هععع 28 ،
أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41233
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/28/F
RON.HTM
مرتفعع جعوي فعوق القعاهرة ،تسعبب فعي تكععوين طبقععة عازلععة ،
منعت انسياب الدخان والملوثات ،إلى طبقات الجو العليا .
تلقععى الععدكتور عععاطف عبيععد ،رئيععس مجلععس الععوزراء ،تقريععرا
شامل ،مساء أمس ،مععن الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ،وزيععرة
الدولة لشؤون البيئة ،حول ظاهرة الدخان الكثيف ،الذي غطععى
سماء القاهرة ،منذ يوم السبت الماضععي ،وعععاد إلععى الظهععور ،
يععومي أمععس وأمععس الول .وقععال عبيععد :أنععه سععيتم بحععث هععذا
التقرير ،بشكل تفصيلي ،لمعرفة أسباب تلععك الظععاهرة ،وكععانت
الهرام ،قد تلقت طوال ليلة أمس ،سيل من الشععكاوي حولهععا ،
من عشرات المواطنين ،الععذين يشععكون مععن الختنععاق ،وعععودة
الدخان إلى الظهور بشكل كثيف ،في أنحاء متفرقة من القاهرة .
686
كما أكدت وزيرة البيئة :أن السبب وراء زيادة نسبة الدخان فععي
الجععو ،هععو ظهععور المرتفععع الجععوي ،الععذي سععاد منطقععة شععمال
الجمهورية ،وأدى إلى تحرك كتلة مععن الهععواء المشععبع ،ببخععار
الماء ،باتجاه الدلتا والقاهرة ،وقععالت :إن هععذه الكتلععة ،كععونت
طبقة عازلة فوق الهواء ،تمنع انسياب الملوثععات ،إلععى طبقععات
الجععو العليععا .وأضععافت فععي مععؤتمر صععحفي ،عقععدته بعععد ظهععر
أمععس :أن ذلععك تزامععن مععع انخفععاض سععرعة الريععاح ،وحععرق
المخلفات الزراعية داخل الحقول ،في محافظات الدلتا القريبععة ،
وهععي :القليوبيععة والشععرقية ،بالضععافة إلععى مصععادر التلععوث
الموجودة ،علععى مععدار العععام ،ممععا أدى إلععى تكعّون سععحابة مععن
طت أجواء القاهرة الكبرى ،وشعر بها المواطنععون ، الدخان ،غ ّ
نتيجة لتركيز تلععك الملوثععات ،وعععدم تشععتتها أو انسععيابها ،إلععى
طبقات الجو العليا .
وكان بيان لهيئة الرصاد ،قد أعلن :أن العاصمة تأثرت أمس ،
بمرتفع جوي أدى إلى تباطؤ سرعة الرياح .كذلك أكدت الوزيرة
:ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ،حتى يمكن التخفيف مععن حععدة
تلك الظاهرة ،بما في ذلك التنبيه على المصععانع الكععبرى ،حععول
القاهرة الكبرى ،للعمل على التقليل من حدة النبعاثات الملوثة ،
خلل اليام القليلععة المقبلععة ،وقيععام الجهععزة المعنيععة ،باليقععاف
الفوري للنشطة العشوائية الملوثة ،مثل الجيارات والفععواخير ،
والمسعععابك ومصعععانع الطعععوب والحعععرق المكشعععوف ،أيعععا كعععان
مصدره ،وقيام أجهععزة الشععرطة ،بمنععع سععير السععيارات ،الععتي
ينتج عنها عادم كثيف ،تطبيقا لحكام قانون المرور .
687
والي يطلننب سننرعة وقننف حننرق مخلفنات
الزراعة
الصفحة الولى /الجمعة 20 /من رجب 1420هع 29 ،أكتوبر
1999م ،السنة – 124العدد 41234
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/F
RON10.HTM
الرصاد :المرتفع الجوي مستمر اليوم
أصععدر الععدكتور يوسععف والععي ،نععائب رئيععس مجلععس الععوزراء ،
ووزير الزراعة واستصععلح الراضععي ،تعليمععات بسععرعة وقععف
حرق قش الرز وحطب القطن ،للحد من ظاهرة تراكم الدخنة ،
فععي سععماء القععاهرة الكععبرى .وصععرحت الععدكتورة ناديععة مكععرم
عبيد ،وزيرة الدولة لشؤون البيئة ،بأن معدلت تلوث الهععواء ،
وصععلت أخيععرا إلععى 300ميكروجرام في المتر المكعب ،بمععا
يتجععاوز أربعععة أضعععاف نسععب التلععوث المنيععة ) إحععدى الحقععائق
المرعبة ( .ومن ناحية أخرى ،قال خبراء الرصاد الجوية ،أن
القاهرة الكبرى ،ستتأثر اليوم بامتداد مرتفع جععوي ،قريععب مععن
سععطح الرض ،يععؤدي إلععى اسععتمرار السععتقرار فععي الحععوال
الجوية ،وهدوء في سرعة الرياح ليل ،مما يساعد على ظهععور
الدخنة ،في سماء القاهرة الكبرى ،في حالة استمرار ،عمليععة
حرق مخلفات المحاصيل الزراعية ،في الرض المحيطععة بععإقليم
القاهرة الكبرى .
688
وزيننرة الننبيئة :اسننتمرار متابعننة ظنناهرة
الدخان للحد من أثارها
الصفحة الولى /الجمعة 20 /من رجب 1420هع 29 ،أكتوبر
1999م ،السنة -124العدد 41234
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/F
RON11.HTM
كتبت سالي وفائي :صرحت السععيدة ناديععة مكععرم عبيععد ،وزيععرة
الدولة لشؤون البيئة ،بأن غرفة العمليات المشكلة في الوزارة ،
في حالة عمل مستمر لمواجهة ظاهرة الدخان ،والحد من آثارها
.وقععالت أنهععا تلّقععت تقريععرا ،مععن الععدكتور حسععين رمععزي كععاظم
محافظ الشرقية ،أكّد خلله ،أنه تم إيقاف عمليات ،حععرق قععش
الرز وأعواد القطن ،وإخماد النيران عن طريق رشها بالماء .
وأشارت الوزيرة إلى أنه يتععم التصععال بصععورة دائمععة ،بالسععادة
الععوزراء والمحععافظين ،ومتابعععة المصععانع ،للتأكععد مععن خفععض
نسععب النبعاثععات الملوثععة ،خلل اليععام القليلععة القادمعة ،وحععتى
ينتهي المرتفع الجوي المشبع ببخار الماء ،والععذي يسععود البلد
حاليا ،مع استمرار الجولت المفاجئة للععوزيرة ،بالشععتراك مععع
قوات الشرطة ،لوقف الممارسات البيئية الخاطئة .
وقالت السيدة نادية مكععرم عبيععد ،أن القياسععات المسععجلة لنسععب
تلوث الهواء ،والصادرة عن ثماني محطات ،منتشرة في نطععاق
القاهرة الكبرى ،وصلت أخيرا إلععى 300ميكروجرام في المتر
المكعب ،من الجسيمات العالقة ،في حين أن الحعدود الععتي نعص
عليها قانون البيئة ،هي 70ميكروجرام ،حيث تسبب المنخفض
689
الجععوي ،فععي عععدم انسععياب تلععك الجسععيمات ،والععتي تنتععج عععن
النشطة الصناعية الكعبرى ،وكعذلك الصعناعات التقليديعة ،مثعل
المسععابك والفععواخير وقمععائن الطععوب ،بالضععافة إلععى عععوادم
السععيارات ،والرمععال القادمععة مععن الصععحراء ،وكععذلك النشععطة
الموسمية للزراعات .
مشكلة الدخان وتطوير مطار القاهرة
الصفحة الولى /السبت 21 /من رجب 1420هع 30 ،أكتوبر
1999م ،السنة -124العدد 41235
موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو :
www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/F
RON10.HTM
يعقد الدكتور عاطف عبيد ،رئيس مجلععس الععوزراء ،اجتمععاعين
متتععاليين اليععوم وغععدا ،لبحععث عععدد مععن المشععكلت ،الععتي تهععم
الجماهير .يخصص اجتماع اليوم للمجموعععة الوزاريععة ،لبحععث
مشععكلة الععدخان ،الععذي غطععى سععماء القععاهرة فععي السععبوع
الماضي ،والتعرف على أسبابها ،واتخاذ الجراءات الحازمععة ،
التي تقلل من حدوث مثل هذه الظاهرة ،مرة أخرى ،ويخصععص
الجتماع الثاني ،لدراسة ارتفاعات المباني ،حول مطار القاهرة
الدولي ،واتخاذ الجراءات الخاصة لتطوير المطارات … انتهى
.
صحيفة الشعب
* فيما يلي سنعرض تعليقععا ،للكععاتب عععادل حسععين مععن صععحيفة
) الشعب ( المصرية ،في عددها الذي صدر يوم الجمعة 11 / 5
690
1999 /م .عنععوان المقععال علععى شععبكة النععترنت www. ) :
، ( elshaab.com/05-11-1999/2.htmتصدير المقال :
• السحابة وسقوط الطائرة وتهديد السودان :حلقات متكاملععة
لرهابنا .
• بيرجر :المخاطر الصاروخية في الشععرق الوسععط ،تتطلععب
التحرك المريكي القوي .
• إخضععاع مصععر بالكامععل هععو الهععدف الول :مععا المطلععوب ؟
وكيف نقاوم ؟
• السقوط المفاجئ للطائرة ،يضع دولتنا تحت رحمة أمريكا ،
هل هذا مصادفة ؟
• التحرك المجنون لفصل جنوب السودان قد يورط مصععر فععي
مواجهة عسكرية حتى ل نموت عطشا .
جعجع موريتانيععا ،وُيشع ّ• استمرار ) والي ( في مناصبه ،شع ّ
غيرها على العتراف بإسرائيل .
• بقاء مجدي حسين وصحبه في السجن مرفوض … وتقععديم
الخوان للمحاكمة ،مرفوض … مرفوض .
الجزء الخاص بالدخان من نص المقال :
لحعععظ المواطنعععون ،أن المصعععائب تعععوالت علينعععا ،منعععذ إعلن
النقلب الععوزاري الخيععر ،بععدءا مععن اختطععاف طععائرة بسععكين ،
وانهيعععار بععععض المعععدارس ،ثعععم انتهعععاًء بالسعععحابة السعععوداء
الغامضععة ،والسععقوط المععروع للطععائرة المصععرية ،فععي الميععاه
المريكيععة ،وهععذه الملحظععة عععن تتععابع المصععائب ،صععحيحة
شها نحس ( . بالقطع ،وقد استنتج الناس أن الوزارة ) و ّ
691
إل أننا ل نتفق طبعا ،مع هذا التفسير ،ومععن واجبنععا أن ننتبععه ،
إلى مععا جععرى ،أخطععر كععثيرا مععن كععونه مجععرد أحععداث متفرقععة ،
تتابعت بسبب النحس .
ونحععن فععي تحليلنععا ُنف عّرق بيععن نمطيععن مععن الحععداث ،الول لععه
أسبابه المحلية الظاهرة ،ومثل ذلك اختطاف الطائرة بالسععكين ،
وسقوط المدارس ،وما سععبقه مععن تصععادم القطععارات ،وتهععاوي
ركابها فوق القضبان ،فمثل هذه الحععداث ،كععوارث داخليععة فععي
أسبابها ومغازيها ،فهي تكشف عن مدى النحطاط ،الععذي بلغععه
جهازنا الداري ،الذي ل يعععرف كيععف ُينظععم العمععل ، ،ول كيععف
تتم الصيانة والمتابعة ،والذي أصبح ل يعرف العقععاب الفععوري ،
للمهمل والفاسد .ويتفّرع عن هذا ،كل ما ُيعانيه المواطن ،مععن
ظلم وإذلل ،لدى تعامله مع أية مصلحة حكومية .
إل أنني ُأرّكز هنا على النمط الثاني ،من المصائب التي اجتاحتنا
،والذي يتمّثل في السحابة السععوداء ،وفععي سععقوط الطععائرة فععي
الميععاه المريكيععة ،وسأضععيف أيضععا ،التهديععد باسععتقلل جنععوب
السودان .
لغز السحابة السوداء :
بالنسبة للسحابة السوداء ،مؤكد أن هناك إجماعا ،علععى رفععض
التفسير الرسمي المعلن ،بحكايععة مقععالب الزبالععة ،وحععرق قععش
ح التفسععير ،لكععان سععببا إضععافيا
الرز وما شابه … طبعا لععو صع ّ
لعزل ) يوسف والي ( !! ولكننا ل نصّدق مثل غيرنا هذا التفسير
،المتهععافت والمهيععن للعقععول ،ونحععن ل نتس عّقط أسععبابا ،لعععزل
) والي ( ،فوالي مش نععاقص ،والتهامععات الخععرى الثابتععة فععي
حقه ،تكفي وزيادة ،للطاحة به ومحاكمته .
692
ولكن مع الرفععض الجمععاعي ،لعلن الحكومععة عععن حكايععة قععش
الرز ،حععاول النععاس أن يتوصععلوا بمعرفتهععم ،للسععباب الكععثر
احتمال ومنطقية ،لحكاية السحابة السوداء ،وفي سعيهم هععذا ،
حععاولوا أن يرصععدوا أي تغّيععر جديععد ،يربطععونه بنشععوء هععذه
الظععاهرة ،المفععاجئة وغيععر المألوفععة ،فلععم يجععدوا أمععامهم إل
مناورات النجم الساطع ،وانتشر بين الناس أنها السععبب ،وهععذا
التفسير للظاهرة العجيبة والمؤذية ُ ،يعّبر في تقديري عععن اتجععاه
سليم في التحليل ،فهو من ناحية يعكس وعيا شعبيا عميقا ،فعي
التعامل مع الحلف الصهيوني المريكي ،على أمننا ووجودنا …
ومن جهة أخرى ،فقد خّمن الناس ،أن لجوء الحكومة إلى كذبة
مفضوحة وسخيفة ُ ،يخفي حرجها من إعلن السععبب الحقيقععي ،
لمأسععاة السععحابة السععوداء ،فتأكععد عنععدهم ،أن منععاورات النجععم
الساطع ،قد تكون السبب ،الُمثير للحرج .
وقد ذكرت ،أن ما وصل إليه جمهور النععاس وخاصععتهم ُ ،يعتععبر
تحليل في التجاه الصععحيح ،ولكععن قععد ل تكععون منععاورات النجععم
الساطع ،بالذات مسؤولة ،وبشعكل مباشععر ععن هعذه الظععاهرة ،
إذن كيف حععدثت ؟ ل أسععتبعد أن تكععون الحكومععة عععاجزة مثلنععا ،
عععن المسععاك وبالععدليل ،بالسععبب الحقيقععي لمصععيبة السععحابة
السععوداء ،ول غرابععة فععي قععولي هععذا ،فمععن الثععابت الن ،أن
ترسانة العداء ،في مجال الحرب البيولوجية والكيمائية ،فيهععا
الكثير من الطلسم والسرار ،التي يصعععب فهععم كنههععا ،وفيهععا
تنويععع هععائل ،فبعضععها ُيمكععن أن يقتععل ،والبعععض الخععر ُيمكنععه
اليذاء ،دون القتععل ،وحسععب الدرجعة المطلوبععة … ،وفععي كععل
الحوال ،فإن الميزة العظمى لهذه السلحة السرية ،أنها ُتحععدث
فعلها المدمر ،دون أن تتمكععن الضععحية ،مععن معرفععة السععبب أو
693
من التثبت ،من نوع الوسائل ،الععتي حملععت إليهععا أسععلحة القتععل
واليذاء .
) ويسععهب الكععاتب قليل ،فععي الحععديث عععن السععلحة السععرية ،
ويضععرب قصععة المحاولععة السععرائيلية الفاشععلة ،لغتيععال خالععد
مشغل ،واستخدام اليورانيوم المستنفذ في العراق ويوغسلفيا ،
ومنتجات الهندسة الوراثية في الغذية ،ومن ثععم يختععم كععل ذلععك
بقوله ( :
في إطار ما سبق ،لم ل تكون سحابتنا الغامضة ،ضععمن وسععائل
الحرب السرية ؟! ول يعني هذا ،أن ما جععرى كععان بالضععرورة ،
في إطار أسلحة البادة الشاملة ،فقد ذكرت أن أسلحتهم ،أصبح
فيها درجععات متصععاعدة مععن اليععذاء ،الععذي قععد ل يصععل فععي كععل
الحالت إلى القتل .
ن البتلء الععذي مّثلتععه السععحابة السععوداء الغامضععة ،قععد يكععون إّ
مجّرد إشارة تحذير ) لقد أصاب الكاتب هنا كبععد الحقيقععة ،وهععي
كذلك ( ،وشّد للذن ،فالدولععة قععد تتوصععل إلععى نفععس السععتنتاج
الذي وصلناه ،وهذا في ظنهم يكفي – مع ضععغوط أخععرى -لكععي
تخضع الدولة ،وُتنّفذ ما ُيطلب منها ،خوفا مععن تكععرار الظععاهرة
وتصاعدها ،إن الدولععة قععد ل تتمكععن مععن تقععديم ،أدلععة قاطعععة ،
تثبععت وقععوع الجريمععة ،وإن كععانت ترجععح قيامهععا ،ولكععن هععذا
الغموض ،هععو مععا ُيمّيععز الشععكال الجديععدة ،للحععروب الكيماويععة
والبيولوجية ،والتي ُيمكن أن تحقق ما يستهدفه القصف النووي
بالصواريخ ،ولكن دون ضجيج ودليل … انتهى .
* صحيفة الشعب ،والتي ُأخععذ منهععا هععذا المقععال ،موقوفععة عععن
العمل ،من قبل الحكومة المصرية .
694
قراءة سريعة في مقالت الهرام
والشعب
صحيفة الهرام
وصننف المسننؤولين الصننحفيين والطبنناء
والمواطنين للظاهرة :
الدخنة والغازات والروائح النفاذة … ظاهرة غريبة بحاجة إلععى
تفسير … سحابة دخان كثيفععة … الععدخان الكععثيف … السععحابة
العالقة بسماء القاهرة … دخان ينبعث من آبار بعترول تحعترق ،
وليس دخانا عاديا … بأن هناك شيئا يحرق في الهععواء … هععذا
الدخان الخانق … وبالنسبة لدخان السحابة الخيرة ،فقععد اتسععم
بالكثافة ،ووجود رائحة نّفاذه مصاحبة له .تقول د .نادية مكععرم
عبيد وزيرة البيئة ،إنها رصدت سععحابة الععدخان ،وشعععرت بهععا
مثل كل المواطنين ،وأدركععت أن هنععاك شععيئا غيععر طععبيعي ،فععي
الهواء منذ عشرة أيام … لغز السحابة السوداء .
مدى انتشار الدخان :
تعرضت سماء الدلتا والقاهرة حتى الجيزة ،لتلوث هوائي شععديد
طت أجواء القاهرة ،خاصععة منطقععتي مدينععة نصععر ومصععر …غّ
الجديععدة ،ومنععاطق وسععط البلععد ومصععر القديمععة … الععدخان
الكثيف ،الذي يمتد من حلوان إلى المعادي والمنيل والمهندسين
… نتيجة لهذا الدخان الخانق ،الذي لف القاهرة ...فوق سععماء
القاهرة ،وعدد من محافظات الععدلتا … الععتي خّيمععت علععى مععدى
اليعععام الماضعععية ،فعععوق محافظعععة الشعععرقية … تجعععدد انتشعععار
الععدخان ،فععي سععماء القععاهرة الكععبرى ،مسععاء أمععس ،وتلقععت
695
الهععرام اتصععالت هاتفيععة ،مععن قععاطني السععاحل وشععبرا مصععر
ومصععر الجديععدة ،ومدينععة السععلم والعجععوزة والمنيععل والهععرم ،
بإحساسهم بتكاثر الدخان .
الضرر النفسي والجسدي الذي أحدثه :
اختناق القاهرة ،الذي استمر لثلثة أيععام متتاليععة … وأيعًا كععانت
أسبابها الحقيقية ،فقد انزعج العديد من الهالي … ،تسبب فععي
حالة من القلق ،بيععن سععكان القععاهرة … أثععار ذعععر السععكان …
بعدم المبالغة في قلق ،ووصف الحدث ،بالكارثة …
العراض المبدئية للتعرض لها ،تشمل التهاب العيون ،والنععف
والذن والصدر والحلق ،وصعوبة في التنفس … وسّبب بعععض
حععالت الختنععاق … أزمععات تنفسععية ،نتيجععة لزمتععة الهععواء ،
وغيععاب الوكسععجين الكععافي ،وأصععابت الطفععال وكبععار السععن
بالختنععاق … عععدم القععدرة علععى التنفععس ،رغععم إغلق نوافععذ
الشععقق … ل نسععتطيع التنفععس ،ونكععاد نصععاب بحالععة اختنععاق
شديدة … أصععيب بحالععة اختنععاق شععديدة ،وحرقععان بعينيععه ،لععم
طت الطرق الرئيسية يستطع معها ،البصار بصورة جيدة ...وغ ّ
،ممعععا أدى إلعععى إعاقعععة الرؤيعععة ،أمعععام سعععائقي السعععيارات ،
وعرضتهم إلى ارتكاب حوادث التصادم ...وقد أغلق المواطنععون
النوافذ لشعورهم بالختناق .
ويقول د .محمد عوض تاج الدين ،أسععتاذ المععراض الصععدرية ،
ونائب رئيس جامعة عين شمس … :وبالنسبة لدخان السععحابة
الخيرة ،فقد اتسم بالكثافة ،ووجود رائحة نفاذه مصععاحبة لععه ،
مما أحدث تهيجا في الغشععية المخاطيععة ،للعيععن والنععف ،لمععن
تعرضععوا لععه ،وأدى ذلععك إلععى إصععابتهم ،بضععيق فععي التنفععس ،
696
نتيجة تهيج هذه الغشية ،فارتفع عدد الحالت المصععابة ،وزاد
عععدد المععترّددين علععى أقسععام الصععدر ،بالمستشععفيات العامععة
والخاصة .
السباب المحتملة :
ثلثععة احتمععالت :حععرق المخلفععات الزراعيععة ،حععرق القمامععة ،
عوادم السيارات … أثارت سحابة الدخان الخععانق ،الععتي غطععت
القاهرة ،أول أمس ،تسععاؤلت عديععدة حععول أسععبابها ..البعععض
أرجعها لحرق ،مقالب القمامة المنتشرة حول القععاهرة ،وعّللهععا
البعض الخر ،بحرق بقايا جذور نبات الرز .
مقالب الزبالة بريئة من التهمة :
من جانبه يؤكد اللععواء مجععدي البسععيوني ،رئيععس هيئة التجميععل
والنظافة بالقاهرة :إن هذه السحابة العالقة بسععماء القععاهرة ،ل
ترجع إلى حرق القمامة .لُيبّرئ مقالب القمامة ،ويتهم القش .
ع أما المزارعون فقد بّرءوا القش بحجج منطقية ،بالضععافة إلعى
أن دخععان حععرق القععش والخشععاب ،ذو لععون أبيععض ،ورائحععة
خاصة ومميزة ،من الممكن احتمالها ،تختلف ععن دخعان حعرق
المواد البترولية ،ذو اللون السود ،والرائحععة النفاثععة ،وكععذلك
تختلععف عععن دخععان حععرق القمامععة ،ذو اللععون القععل سععوادا ،
والرائحة الكريهة .
المختص ل يعرف الحقيقة ،وُيبّرئ القننش
ويتهم القمامة :
وشرح الدكتور محمود نصر ال ،مدير معمل تلوث الهواء ،أنه
من المتوقع أن تكون الدخنة ) وليس من المؤكد ( ،ناتجععة عععن
697
احتراق وقود البترول ! ،أو القمامة ! هععذه الدخنععة عبععارة عععن
جسيمات عالقة ،من الدخان السود :
.1ثاني أكسد الكربون ،
.2وثاني أكسيد الكبريت ،
.3أول أكسيد الكربون ،
.4وأكاسيد النيتروجين .
لذلك يجب أن يكععون هنععاك حعل سععريع وفععوري ،وتشععكيل غرفعة
عمليععات ،لرصععد مصععادر التلععوث ،وكععل منطقععة سععكنية ،بهععا
محرقة أو مقلب زبالة ،يجب أن تبلعغ الجهعات المسعؤولة ،مثعل
وزارة البيئة وجهععاز شععؤون الععبيئة ،حععتى تخمععد هععذه الحععرائق
فورا .
ع وبما أنه ل يوجد حقول نفط تحترق فععي القععاهرة ،نجععد أن هععذا
المختص ُ ،يبعد الشبهة عععن القععش ،ويعععزوه لمقععالب القمامععة ،
والتي أكد المسؤولون ،أنها موقوفة عن العمل منذ مدة ،وأنهععا
ليست السبب .
عننودة النندخان … ول حننرائق تؤخننذ بعيننن
العتبار … ؟!
ع ورغم كّل الجراءات الحترازيععة والحتياطععات اللزمععة ،الععتي
اتخذت على الرض ،بمنععع الحععرائق فععي القععاهرة ومععا حولهععا ،
يعود الدخان بنفس الكثافععة ،ويبقععى عالقععا فععي سععماء القععاهرة ،
ليدبّ الذعر والرعب ،بين سكان القاهرة ،مععن جديععد ،فععي ليععل
1999 / 10 / 26م ،ليصععبح لغععزا غامضععا ،ل يقبععل تععبريرا
منطقيا ،ول يجد تفسيرا علميا .
698
وقععالت الععوزيرة :أنهععا فععي اجتمععاع دائم ،مععع خععبراء الععبيئة
المصريين وبعض الخبراء الدانماركيين ،لرصد وتحليل الدخنععة
المنبثقة والمنتشرة ،في سماء القععاهرة الكععبرى .وأشععارت إلععى
أن التحليععل المبععدئي للدخنععة ،أكععد وجععود نسععبة عاليععة ،مععن
الجسيمات العالقة والتربة الرفيعة ،ساعد على انتشارها سكون
سعر المعاء بععدالجو ،وععدم تحريكهعا بواسعطة الريعاح ) كمعن ف ّ
الجهد بالماء ( ،وما زالت أبحاثنا مستمرة للوصععول إلععى حقيقععة
هذه الدخنة .
ع أي بالرغم من كل محطات الرصد ،الععتي ععّددها أحععد المقععالت
أعله ،لععم تسععتطع الععوزيرة وخبرائهععا الععدنمركيين مععن معرفععة
أسبابها .
ونفى المستشار البيلي ،حرق أي كععاوتش ،كمععا تععرّدد عععن أحععد
المصانع الكبرى .
ومن جانبه صرح د .محمد عطية الفيومي ،رئيس مجلس محلي
محافظعععة القليوبيعععة :بعععأنه ل توجعععد حعععرائق فعععي المنشعععآت
الموجودة ،على أرض المحافظة ،حتى الساعة التاسعة ،مساء
الثلثاء 26أكتوبر .
اهتمنننام علنننى مسنننتوى رئاسنننة مجلنننس
الوزراء :
تلقععى الععدكتور عععاطف عبيععد ،رئيععس مجلععس الععوزراء ،تقريععرا
شامل ،مساء أمس ،مععن الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ،وزيععرة
الدولة لشؤون البيئة ،حول ظاهرة الدخان الكثيف ،الذي غطععى
سماء القاهرة ،منذ يوم السبت الماضععي ،وعععاد إلععى الظهععور ،
يععومي أمععس وأمععس الول .وقععال عبيععد :أنععه سععيتم بحععث هععذا
699
التقرير ،بشكل تفصيلي ،لمعرفة أسباب تلععك الظععاهرة ،وكععانت
الهرام ،قد تلقت طوال ليلة أمس ،سيل من الشععكاوي حولهععا ،
من عشرات المواطنين ،الععذين يشععكون مععن الختنععاق ،وعععودة
الدخان إلى الظهور بشكل كثيف ،في أنحاء متفرقة من القاهرة .
إحدى الحقائق المرعبة ،على لسان وزيرة
الدولة لشؤون البيئة :
وصععرحت الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ،وزيععرة الدولععة لشععؤون
الععبيئة ،بععأن معععدلت تلععوث الهععواء ،وصععلت أخيععرا إلععى 300
ميكروغرام في المتر المكعب ،بما يتجاوز أربعععة أضعععاف نسععب
التلوث المنية .
ع فكيععف وصععلت نسععبة التلععوث بالععدخان ،إلععى هععذه الدرجععة بيععن
عشية وضحاها … ؟! ولماذا لم ُتطلععع الععوزيرة وخععبراء الرصععد
الشعععب المصععري ،علععى تقععارير التحليلت المخبريععة ،أثنععاء
حععدوث الظععاهرة أو بعععد انتهائهععا ،واقتصععرت علععى تععبريرات
وتفسيرات ،أشبه ما يكون بحكايا جدتي .
صحيفة الشعب :
تؤكد الصحيفة ،أن هناك إجماعا ،على رفض التفسير الرسععمي
المعلن ،بحكايععة مقععالب الزبالععة ،وحععرق قععش الرز ومععا شععابه
…!! وتصف التفسير الحكععومي للظععاهرة ،بالمتهععافت والمهيععن
للعقول .ولذلك ،حاول الناس أن يتوصلوا بمعرفتهععم ،للسععباب
الكثر احتمال ومنطقية ،لحكاية السحابة السوداء ،وفي سعيهم
هذا ،حاولوا أن يرصدوا أي تغّير جديد ،يربطععونه بنشععوء هععذه
الظاهرة ،المفاجئة وغير المألوفة .
700
التطّير من الناس والشياء من عادات أهل
مصر قديما وحديثا :
وكما تطّير فرعون وقومه بموسى ومن معه ،لما كان ينزل بهععم
ش النحععس ( للععوزارة الجديععدة ، العذاب ،تطّير أهل مصر ) بععالو ّ
طاِئُرُهْم عِْنععَد
وكان جواب رب العزة لهل مصر القدماء ) َأَل ِإّنَما َ
ن(.
ن َأْكَثَرُهْم َل َيْعَلُمو َ
ل َ ،وَلِك ّ
ا ِّ
الوصنناف الننتي أطلقتهننا الصننحيفة علننى
ظاهرة الدخان :
الظاهرة العجيبععة والمؤذيععة ،المفععاجئة وغيععر المألوفععة ،مأسععاة
السحابة السوداء ،مصيبة السحابة السوداء ،سحابتنا الغامضة
،السحابة السوداء الغامضة .
هي ابتلء ونذير شؤم لهل مصر ؟!
ن البتلء الذي ،مّثلته السععحابة وتخلص الصحيفة إلى القول :إ ّ
السوداء الغامضة ،قد يكون مجّرد إشارة تحذير ،وشّد للذن .
ع وهنا أصاب كاتب المقال كبد الحقيقععة ،نعععم هععو تحععذير وإنععذار
نهائي ،ولكن من قبل من … ؟!
701
بل هم في شك يلعبون
* النصوص الكاملة لمادة هذا الفصل ،تجدها على موقع باسم )
ملف وليمة لعشاب البحر ( ،على شبكة النترنت على العنوان
:
www.mohammadabbas.com/books/alwaai/alw
، aai8.htmأو العنوان :
www.alshaab.com/GIF/31-08-
2001/Walima.htm
" الروايننة فنني ميننزان السننلم :سنناقطة
داعرة ..
في ميزان العقل :مختلة فاسدة ..
في ميزان الدب :ضعيفة مهترئة . " ..
الستاذ الدكتور جابر قميحة أستاذ الدب العربي
مقتطفات ،مننن مقننالت د .محمنند عبنناس
في رواية وليمة لعشاب البحر :
صحيفة الشعب ، 28/4/2000 :عنوان المقال :
702
ل إلنه إل الله ..
من يبايعني على الموت ..
تّبت أيديكم ..لم يبق إل القرآن ..
ماذا لو قلنا أن رئيس الوزراء خنراء ؟!
" ل إلعه إل ال … بكيت …لم يكن طععول الجععرح بالمسععافة بععل
بععالزمن ..جععرح طععوله ألععف وخمسععمائة عععام ..صععرخت :تبععت
أيديكم ..أيما كنتم ..وأينمععا كنتععم ..وأيمععا أنتععم ..وأيععا كععان مععن
وراءكم ..يا كلب النار يا حطب جهنم ...
أمسكت بالعهاتف واتصلت بصععديق كععي أبثععه همععي … اسععتطعت
بعد جهد جهيعد ،أن أقعرأ للصعديق بععض الجمعل ،العتي انصعبت
على جسدي كالنار ..كرصاص منصهر ..طفحت من كتاب داعر
فاسععق فععاجر كععافر ..طبعتععه لنععا ونشععرته بيننععا ،وزارة الثقافععة
المصرية ..وليس السرائيلية ول المريكية …
حرون هععو القلععم فععي يععدي ..وقلععبي ل يطععاوعني ،أن أنقععل لكععم
الكلمات الفاسقة الداعرة الكافرة ،التي أوردها كتاب فاسق داعر
كافر ..نشرته هيئة ،لبد أن تكععون فاسععقة داعععرة كععافرة ،تحععت
رئاسة مسئول ،لبد أن يكون داعرا فاسقا كافرا ..
إليكععم مععا طبعتععه ونشععرته وزارة الثقافععة المصععرية " :وهععؤلء
يهمشون التاريخ ،ويعيدونه مليون عام إلى الوراء ،فععي عصععر
الذرة والفضاء والعقل المتفجر ،يحكموننا بقوانين آلعهة البععدو ،
وتعاليم القرآن ..خعراء "..
ل إلعه إل ال ..ل إلعه إل ال ..ل إلعه إل ال ...
703
صععرخت فعي نفسعي :كيععف يععا صععفيق قرأتهعا فلععم تمععت الفعور..
كيف ؟! …
تراءى لي الرسول ،صلى ال ع عليععه وسععلم ،ينععاظرني معاتبععا ،
يوم القيامة ،فصرخت من الخجل …
تراءى لي الزبير بن العوام ،يهتف صععارخا فععي حععروب الععردة :
من يبايعني على الموت ...
تععراءى لععي ملييععن ومليععن مععن الشععهداء والصععابرين ..بععذلوا
حياتهم واحتسبوا صبرهم ،لتقديس اسم ال ،ورفع كلمته ..ثععم
أتععى الشععيطان ،ليكتععب مععا يسععميه كتابععا ،تعتععبره وزارة الثقافععة
المصرية – وهى الخرى شيطان -أدبا ،فتنشره على الناس كي
تنّورهم ...
وزارة الثقافة المصععرية فععي بلععد الزهععر ،وصععلح الععدين وقطععز
وخالد السلمبولي ،تنشر يععا قععراء كتابععا ،يععدعى أنععه روايععة ،
يقول :أن القرآن خعراء ..ثم ل يلبث أن يقول :إخرأ بربك …
ل إلعه إل ال … أول مرة ألقى مثل هذا اللم في حياتي ..
ول حتى ،استدراجنا كقطيع من الخراف ،إلععى مقتلععة الخليععج ..
حين اندفع بالشرك والغباوة والخيانة والجهععل والنفععاق ،نصععفنا
يقتعععل نصعععفنا ..كقطيعععع ..قطيعععع معععن الخعععراف ،ينعععدفع إلعععى
المجزرة ،وهو فرح بها نشوان ..
ول حععتى ،عنععدما حمععل السععادات ،كفننععا وكرامتنععا وتاريخنععا ،
ليذهب مذموما مدحورا إلى القدس ..
ول حتى مع الذبح اليومي ،الذي نشارك فيه للعععراق ..ول حعتى
يوم موت أبى ..أبدا ..لم أشعر بمثل هذا اللم ...
704
القرآن ..خعراء …
ملذنا الخير ينتهك ويهان ...
كان صديقي ما يزال على العهاتف … وكنت ما أزال أبكى ،وأنععا
أقرأ له ،مما نشرته وزارة الثقافععة المصععرية ..رائدة التكفيععر ل
التنوير " :ال قال انكحوا مععا طععاب لكععم .رسععولنا المعظععم كععان
مثالنا جميعا ،ونحن على سنته ..لقععد تععزوج أكععثر مععن عشععرين
امرأة ،بين شرعية وخليلة ومتعة " ..
ثم يستطرد الكتاب الفععاجر الكععافر ،الععذي يلبععس عبععاءة روايععة ،
وليععس بروايععة ،إل فععي عقععول مخصععية شععاذة مريضععة ،سعععت
وتسعى إلى نشر الكفر والفاحشة ..يستطرد مجعترئا علعى العذات
اللعععهية ،ليقععول " :إن رب هععذه الرض ،كععان يزحععف وهععو
يتسلل من عصور الرمل والشمس ،ببطيء السلحفاة " .
ويسوق في حوار فاجر كافر " :هو مععن صععنع ربععى ..ل بععد أن
ربك فنان فاشل إذن " ..
ل إلعه إل ال …
ويقععول الفععاجر بععن الفععاجر ،الفاسععق بععن الفاسععق ،الكععافر بععن
الكافر :مؤلفععا وطابعععا وناشععرا ووزارة " :داخععل هععذه الهععواز
التي خلقها الرب ،في الزمنة الموغرة في القدم ،ثم نسيها فيما
بعد ،لتراكم مشاغله ،التي ل تحد في بلد العرب وحدها ،حيععث
الزمن يدور على عقبيه منذ ألفي عام " .
و " أقام ال مملكته الوهمية ،في فراغ السماوات " ..
و " وخلع الجلععد المتخلععف والبععالي ،الععذي خععاطه السععلم فععوق
جلودنا القديمة " ..
705
و " إن حبل السرة ،مععا يععزال موصععول مععع الزمنععة الرعويععة ،
وأزمنة عبععادة الع الواحععد القهععار فععي السععماء والرض ،وذلععك
الذي يقول للشيء ،كن فيكون " .
آه ينصدع لها القلب ،وينحطم الفؤاد ،وتنكسر الروح ...
برح الخفاء يا ناس ،وهععذا وقععت المفاصععلة ،إمععا إيمععان ،وإمععا
كفر ...
للوهلععة الولععى ..والععدوار يكتنفنععي ،قلععت لنفسععي :اذهععب إلععى
الزهر على الفور ،واصعد منبره ،واصرخ :من يبععايعني علععى
الموت ..؟!
ثععم آخععذ الرهععط الععذي يجتمععع حععولي ،وأتععوجه بهععم إلععى قصععر
الرئيس مبارك ..عراة صدورنا ،نازفة قلوبنا ،دامعة عيوننععا ،
عّزل أيدينا ..نسألعه ،والسؤال دم :ما هي الحدود بين السععلم ُ
والكفععر ..؟ مععا هععي التخععوم بيععن التنععوير والتعهيععر ..؟ مععا هععى
الطخوم بين تجفيععف المنععابع ،والخععروج مععن الملععة ..؟ مععا هععى
البيون ،بين أن تكون مصر قائدة للتنوير حقا ،يرتضيها العععرب
والمسععععلمون ،وبيععععن أن تكععععون قععععوادة ،للكفععععر والفسععععوق
والعصيان ..؟
نهتف فيعه :أنععت ولععى المععر … وليععس لنععا أن نقيععم الحععد علععى
الفجرة الكفرة الفسقة بأيدينعا …
تسلل إلى نفسي أمل ميت ..أن يكون ثمة لبععس ،قععد حععدث أمععام
صععحيفة السععبوع ،عنععدما فجععرت هععذه الفضععيحة منععذ أسععابيع
قليلعة ..لععل الكتعاب طبعع فعي إسعرائيل مثل ..وقلعت لنفسعي أن
السلم يأمرني بالتثبت ..بحثت عن الكتاب ..ووجدته :
706
) وليمة لعشاب البحر ..حيدر حيععدر ..سلسععلة آفععاق الكتابععة ..
العدد -35العععهيئة العامععة لقصععور الثقافععة ..وعنوانهععا كمععا هععو
مثبععت 16 :أ شععارع أميععن سععامي -قصععر العينععي – القععاهرة ت:
– 3564842 – 3564841فاكس – 3564202أما الطابع فهو
:شععركة المععل للطباعععة والنشععر ،أمععا قائمععة العععار الدنعععسة ،
المكتوبة على صفحات الكتاب الولععى ،فتجمععع :رئيععس مجلععس
الدارة :علععى أبععو شععادي ،أميععن عععام النشععر :محمععد كشععيك ،
رئيس التحرير :إبراهيم أصععلن ،الشععراف الفنععي :د .محمععود
عبد العاطي ،مدير التحرير :حمدي أبو جليعل ( ...
ل إلعه إل ال …
كنت أظن أني محتاج ،لقراءة الرموز بين السطور ،كععي أكشععف
الشرك الخفي ..حتى جاء هذا الكتاب ،وفجرت صحيفة السبوع
قضيته …
ليس الشرك الخفي ،بل الكفر البواح ...
هو الخيانععة لع ولرسععوله ..هععو الخيانععة للمععة وللععوطن ..هععي
العمالة الصريحة المباشرة ،لمريكا وإسرائيل ...
هو التسلل إلى عقول أبنائنا ،لخراجهم من السلم تمامععا ،كمععا
قال ) زويمعر ( ..هو نشععر الباحيععة والسععفالة والشععذوذ ،وقتععل
روح المة …
إن العععار ل يلحععق بععوزارة الثقافععة فقععط ..فتضععامن المسععؤولية
الوزاريععة ،يجعععل مجلععس الععوزراء كلععه مسععئول ،وكععل وزيععر
مسئول ..ورئيس الوزراء مسئول ..و..
707
لكن الفععاجر يكتععب والفععاجر ينشععر أن "القععرآن خععععراء " ..و "
خرا بربك " ..ثم يجد من يدافع عنه ..أما من وزير يستقيل …
؟!
ل إلعه إل ال ...
يا جللة ملوك وفخامة رؤساء الدول السلمية ..لطالما تعاونتم
على الثم والعدوان ..فتعععاونوا ولععو مععرة للععدفاع عععن القععرآن ..
اطلبععوا الرئيععس مبععارك اليععوم ..قولععوا لععه أن مععا نشععرته وزارة
الثقافة المصرية ،لععم يذبععح المسععلمين فععي مصععر فقععط ،بععل فععي
العالم السلمي كله ..من لععم يفعععل منكععم ذلععك ،فليععأت الع يععوم
القيامة ،والقرآن خصمه … !
من كان منكم يحب ال والرسول ،فليدافع عن القرآن …
من كان منكم مذنبا ،فليكفر عن ذنوبه ،بالدفاع عن القرآن ..
يععا شععيخ الزهععر ...ل إلعععه إل الع … يععا فضععيلة المفععتى … يععا
شيوخ الزهر ،ويا طلبة جامعة الزهععر … يععا خطبععاء المسععاجد
… ل إلعه إل ال ...
يا كل هيئة ومؤسسععة وصععحيفة فععي العععالم السععلمي … اكتبععوا
أنهم في بلد الزهر ،ينشرون أن القرآن خعراء …
يا شيخ يوسف القرضاوي … دافع عن القرآن بما أنععت لععه أهععل
… إن المة تنتظر فتواك ،في كل مسئول عن نشععر هععذا الكتععاب
… أصرخ فيك … أهتف فيك :مصر لععم تعععد بخيععر ..مصععر لععم
تعد بخير ..مصر لم تعد بخيعر … فالنجدة النجدة والغوث الغوث
… فإنه القعرآن … ول إلعه إل ال …
يا سيادة الرئيس … أطفئ الفتنعة …
708
واعلم هدانا وهداك الع ،أن المععر ليععس أمععر وزيععر فاسععق ،أو
وزارة فاجرة ،بل هو منهج مشرك تسلل إلى النظام ،مسئوليتك
أمام ال أن تزيلععه ،وأن تحععاربه ،حععتى لععو استشععهدت دونععه ..
منهععج مشععرك ،ل يقتصععر علععى وزارة ،ول يقععوم بععه مجععرد
أفراد ...
واعلم هدانا وهداك ال ،أن مثل هذا المنهج الفععاجر ،هععو الععذي
يغيب في السجون والمعتقلت ،عشرات اللف مععن شععباب ،لععم
يأخذوا عليهم ،سوى أن السلم دينهم والقععرآن كتععابهم ..بينمععا
يرى ذلك المنهج الخائن الفاجر الكافر العميل ،أن القرآن خعععراء
… وذلك ما ينقمونه عليهم …
واعلم هعدانا وهعداك الع ،أن أسعوأ معا تفععل أن تكتفعي ،بإقالعة
وزير أو تنحية مسئول ...
فالخطب أطم والمصيبة أعم ...
قععل لععي يععا سععيادة الرئيععس :هععل ترضععى لعهععدك – دون العهععود
جميعا – أن تصمه هذه الوصمة ..فالقرآن لم يتعرض ،لمثل مععا
يتعرض له الن ..أبدا ..ول حتى في عهد كرومر ..بل ،وحععتى
الفراعنة كانوا يقدسون كتب الدين ...
قل لي يا سيادة الرئيس :هععل كععانت الدولععة تسععكت ،لععو أن مععن
كتب هذا الكتاب ،أو طبعععه ،أو نشععره ووزعععه ،كععان قععد وضععع
النجيعععل ،أو التعععوراة ،مكعععان القعععرآن ؟! ..معععا كعععانت الدولعععة
لتسكت ..وما كنا نحن أيضا سنسكت ..
يا سيادة الرئيس :إنك مسئول عن هذه الفئة المنحرفة الشاذة ..
مسئول أمام المة ،وأمام التاريخ ،وأمام ال ..إن القععانون فععي
بريطانيا ،يحمي النجيل والتوراة ..وأخوتنا المسععلمون هنععاك ،
709
يجاهدون لمّد مظلة الحماية إلى القععرآن ..فهععل ترضععى لنفسععك ،
أن نجاهد أمامك ،لسن قانون يحمي القرآن ؟! …
يا سيادة الرئيس :إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه ..وإني والع
لمشفق عليك ،من أن تلقععاه وهععذه الفعلععة الشععنعاء فععي كتابععك ..
توضع في ميزانك ..وما أثقلها ..ما أثقلها ..ما أثقلها !..
وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس -أبيععت اللعععن -أن تطفععئ لهيععب
الفتنة ،ببيععان يصععدر عععن الرئاسعة اليععوم ..بيعان اسعتغفار إلعى
ال ..واعتذار إلى المعة ..
فإن لم تفعععل يععا سععيادة الرئيععس … فععإنني أرجععوك :مععر رجالععك
بقتلي … قتلة غلم أهل الخدود " .
* مقتطفات من مقال آخر ،د .محمد عبععاس ،صععحيفة الشعععب :
5/5/2000م ،تصدير المقال :
الجريمة مستمرة ..
ثلثية الثقافة في مصر :
الكفر والعهر والتطبيع ..
هل الله جليسة أطفال ..ويعلمنا الحب ؟!
وهل النبياء آبقون ..؟!
الجريمة مستمرة … وسععوف تخطئون خطععأ مروعععا ،إذا ظننتععم
أنه مجرد كتاب داعر فاجر كعافر أفلععت ..وأن المععر قعد ل يتكععرر
مرة أخرى ...
ليس مجرد الكتاب ،بععل إنععه المنهععج ..منهععج متعمععد مقصععود ..
منهج أخطبوطي ،ينفذ بالضبط تعاليم المستشرقين والمبشرين ،
710
والستعمار في صورته الحديثة ..منهج يدرك ،أن أخطر ما فععي
السععلم والقععرآن ،هععو ذلععك اليمععان اليقينععي ،الععذي يجعععل مععن
المسلمين بشرا ،يمكن أن يتفوقوا حتى علععى الملئكععة ،ويجعععل
من المنافقين ،أشععبه بالخنععازير والقععردة ..وتلععك هععي النقطععة ،
التي تثير عجب وحنق المنععافقين ،عنععدما يلحظععون اسععتعلءنا
عليهم ،مهما أدبرت عنا الدنيا ،وأقبلت عليهم ..استعلء البشر
علععى الخنععازير ..ولقععد أدرك الغععرب منععذ قععرون ،أنععه هععزم فععي
المواجهة المسلحة مع الحضارة السلمية ..وأنه ل سبيل أمامه
،إل إفراغ السلم من محتععواه ..ولقععد اسععتعان علععى ذلععك حينععا
بالسععتعمار ،حععتى اطمععأن إلععى أنععه رّبععى بيننععا ،نخبععة فاسععدة
مفسدة ،فتركها لتنوب عنه ..وهم منا ،لكن قلوبهم قلعوب ذئاب
...
ليس مجرد كتاب يا أمة ...الجريمة مستمرة ول إلعه إل ال …
الجريمة مستمرة … والثقافة في بلدنا تهدف إلى ثلثة أشععياء ل
تنسوها :
أن تكون حرية التفكير مرادفة للكفر ...
وأن تكون حقوق المرأة مرادفة للعهر ...
وأنه بعد نشر الكفععر والعهععر ،سععيكون المجتمععع السععلمي ،قععد
غرق في غيبوبة ،فقد معها كل مناعة ..ليسهل التطبيع بعد ذلك
مع إسرائيل ،والنسحاق أمام الغرب ...
الجريمععة مسععتمرة يععا نععاس ..وسععأعرض عليكععم علععى الفععور ،
نماذج ل تقل سفالة وبشععاعة ،عمععا عرضععت عليكععم فععي المقالععة
الماضععية ...فلنتنععاول معععا كتابععا أخرجتععه وزارة الثقافععة أيضععا ،
العهيئة العامععة لقصععور الثقافععة ) ،كتابععات نقديععة ،العععدد ، 97
711
ديسمبر ، 99والكتاب معروض ،عند باعة الصحف ،وإن كنععت
أحسب أن السيد الوزير ،الذي يطلقون عليععه ) زيععن الرجععال ( ،
سوف يأمر بسحبه غدا ،قبل انتشار الفضيحة ..عنوان الكتاب :
شعر الحداثة فععي مصععر ،وقائمععة العععار للهيئة المشععرفة عليععه ،
هععي ذات قائمععة العععار ،الععتي نشععرناها فععي السععبوع الماضععي ،
وعلى رأسها أيضا :علي أبو شادي ( ...
ولقد وّفر علينا إدوارد الخراط ،مئونة البحث في عشععرات ،مععن
إصدارات وزارة الثقافة المصرية ،لعشرات الشعراء المصععريين
-وأغلبهم وال ليسوا شعراء ،وليسوا بشرا -حين استعرضععها
في هذا الكتاب 700 :صفحة تقريبا ..وسعره خمسة جنيهععات ..
وتذكروا يا قراء ،أن هذه الكتب هي العتي يخرءونهعا – إذا صعح
التعبير -لتشكيل وجدان المة ...
فلنععدلف معععا ،إلععى كلمععات السععفالة والشععذوذ والكفععر البععواح ..
فلندلف دامعين إلى السخرية ،من الععذات اللعععهية والمرسععلين ..
فلندلف إلى محاكععاة هازلععة هععازئة ،كمحاكععاة مسععيلمة الكععذاب ..
فلندلف إلى خيوط الشبكة ،التي يصطادون بها المععة ..إل أننععي
ي ،أن أنبه القراء ،أن ما سيقرؤونه علععى الفععور ، أجد لزاما عل ّ
بالغ الفحش ،وأن يبعدوه عن أيدي أبنائهم …
) لم نشأ أن نورد شيئا ،ممعا اقتبسعه المؤلعف معن أمثلعة ،علعى
شعر الحداثة في مصر … حيث أن ما يطرحععونه مععن تصععويرات
شعر منها جلود الذين كفروا ،وهي ل تقل سععفالة وتشبيهات ،تق ّ
وانحطاطا ،عن الرواية السععابقة ،بععل تفوقهععا أحيانععا .تسععتطيع
الطلع على ما لم نقم بإيراده هنا ،ممععا اقتبسععه كععاتب المقععال ،
712
وشيوخ الزهر في تقاريرهم ،من نصوص ،على موقععع الملععف
على شبكة النترنت ( .
ويستطرد الكاتب قوله :
لم ينته العهزء بالقرآن ،ولكننععي أكتفععي – مؤقتععا – بمععا ذكععرت ،
لننتقل إلى السخرية ،من الحاديث النبوية الشريفة :
" زمليني أنا العاشععق المرتبععك " ..و" :دثرينععي وخلععي نهععودك
تحععرث قلععبي بنصععلين مععن وبععر" ..و " :نمضععي إلععى الععوادي
المقدس ،أنبياء آبقين ،نأمر بالمنكر ،وننهععى عععن المعععروف ،
دون أن نكظععم الغيععظ ،أو نعفععو عععن النععاس " ) .مرجعيععة هععذا
الشاعر هي التوراة ،حيث ُأتهم فيها النبياء بالفحش والكفر ( .
"دثرينععي دثرينععي ..ورطععبي لععي جععبيني ..النععار فععي عيععوني ..
والريح في يقيني " .
هذا هو تنوير وزارة الثقافة المصرية ،يا مسلمون ويا عععرب ...
هذا هو ما يحاربون به السلم ...
وأكثر من عشرين ألف معتقل ،يسومونهم سوء العععذاب ،لنهععم
يقرءون القرآن …
ل إلعه إل ال …
عهععريا عععاطف عبيععد ..هععذا هععو الفجععر بعينععه ُ ..فجععر فععاجر ،و ُ
عاهر ،ل يرعاه إل فععاجر وعععاهر ..وتععذّكر ..أن مععن وّلععى أمععر
المسلمين فاجرا ،فهو فاجر مثله …
تصععورت يععا نععاس أن نشععر المقععال ،سيسععفر عععن نسععف ،كععل
مؤسسات وزارة الثقافة على الفور ..
713
لكن تصّوري ،كععان أمل جهيضععا فععي القلععب ..وعلععى العكععس ..
وجدت من المثقفين والنخبة ،من يدافع عن الكفر البواح ...
لقد احتفظت حضارتنا ،بععتراث أوغععل فععي الفحععش بععل والكفععر ..
ونذكر أبي نواس والغاني ،والفرق المختلفععة الععتي زاغععت عععن
السلم ..كان المجرى الرئيسي للنهر سععليما ،ولععم يكععن يضععره
كثيرا ،أن يبول كلععب أو خنزيععر فيععه ..لكععن عنععدما يكععون المععاء
راكدا ..وليس لدينا سوى كوب مععن المععاء ،ونحععن تععائهون فععي
البيداء في العععهجير ،فكيععف نسععمح للكلب ،أن تبععول فععي مائنععا
الخعير ..
* مقتطفات من مقال آخر ،د .محمد عبععاس ،صععحيفة الشعععب :
12/5/2000م ،تصدير المقال :
ل إلنه إل الله ..
يا سيادة الرئيس :الفتنة تطل ..فأطفئها
..
يا شيخ الزهر :دافع عن دين الله ..
يا فضيلة المفتي :صمتك مذهل ..
إن وزيرة في الحكومة المصععرية ،هععي الععتي صععرحت أن %17
من طالبات الجامعة ،قد تزوجن زواجا عرفيا ...
فكم يا ترى ؟! لم يحتجن إلى ورقة التععوت المغشوشععة ،يغطيععن
بها سوءاتهن ...
ولماذا نندهش لذلك ،إذا كانت مطبوعات وزارة الثقافععة ،تتععدنى
حتى تنشر الفسق والفجور ،وتصف بعهععر ،كععل مععا يهععدم القيععم
والثوابت ...
714
لماذا نندهش ،عندما تتحدث بعض الدراسات ،إلى أن أكععثر مععن
%50من طلب الجامعة ،يتعاطون البانجو ) مخدر ( ...
وبرغم ذلك كله ،فإن اعتراضنا على تشبيه القرآن بالخعراء ،لم
يترّكز على المؤلف ،ول على روايته ..فليذهب إلى الجحيم ،ما
دام قد اختار الطريق إليهععا ..لقععد انصععب اعتراضععي ،علععى قيععام
وزارة الثقافععة المصععرية ،بإعععادة نشععر الروايععة فععي مصععر..
والرواية الععتي تبععاع فععي السععواق ،بثلثيععن أو أربعيععن جنيهععا ،
دعمتها وزارة الثقافة ،حتى بيعت بأربعة جنيهات ..هل هذا هععو
الفكر ،الذي ننقله ونعلمه لبنائنا …
نعععم ..كععذب المسععؤولون فععي وزارة الثقافععة ،وكععانت مجلتهععم
وصحفهم تكذبهم ..لقد صرحوا بأن الروايععة مسععموح بهععا ،فععي
كل الدول العربية ...
لكععن أخبععار الدب :تععذكر بععالنص علععى لسععان حيععدر حيععدر " :
عشت في بيئة تحععاربني ،علععى المسععتوى الععديني ،ول يقولععون
أنني علماني ول عقلني وتنويري ،بل يقولون ملحدا "
ويسألونه :هل كنت تجد صعوبة في نشر أعمالععك ؟ فيجيععب " :
صعوبة شععديدة جععدا … فقععد عشععت أنععا وكتععبي ،فععي حالععة منععع
مستمر ،من بلد عربية كثيرة " …
اقرءوا أيضا فععي نفععس العععدد مععن أخبععار الدب ،تعليععق السععتاذ
محمععود أميعن العععالم " :أخععذت أقلعب بيعن يععدي روايعة ،وليمعة
لعشاب البحر ،أو نشيد الموت ،للستاذ حيدر حيدر .بحثا عن
اسم ناشر أو مطبعة ،فلم أجعد ،وأخيعرا علمعت ،أن دور النشعر
العربية جميعا ،رفضت نشر هذه الرواية ،فقام هو بطبعها علععى
نفقته ،ولكن يبدو أن المطبعة التي قامت بطبع هذه الرواية ،قععد
715
آثرت هي أيضا السععلمة ،فععاكتفت بععالطبع ،وامتنعععت عععن ذكععر
اسمها .صععدرت الروايععة مجّهلععة ،إل مععن اسععم مؤلفهععا .ولقععد
علمت كذلك ،أن الرواية ،تكاد تعتمعد فعي توزيعهعا علعى اليعد .
وعلى العلقععات الشخصععية ،كمععا تععوزع المخععدرات أو المنبهععات
المحظورة " .
فلماذا كذبت أجهزة وزارة الثقافة ...؟!
لمععاذا ُيكععذب الععوزير نفسععه كععل يععومين ..لقععد صععرح أول ،بععأن
الرواية مصادرة ،منععذ منتصععف نوفمععبر الماضععي ..وفععى نفععس
شِر بيانه ،كان بيان علي أبععو شععادي ،يقععول :أن الروايععة يوم َن ْ
صدرت في منتصف نوفمبر ) أي بعد ظهور الدخان بأسععبوعين (
...
لماذا حاول الوزير باستمرار ،أن يخلط بين طبعة مصععرية ،هععو
الععذي أصععدرها ورعاهععا ،وباعهععا بعشععر ثمنهععا ،وبيععن طبعععات
لبنانية ،لم نسألعه ،ولععم نطلععب حسععابه عنهععا ،رغععم أنععه بحكععم
مسئوليته الوزارية ،مسئول عما يدخل إلى البلد ،مععن عناصععر
الثقافة …
إنني أتهم وزير الثقافة ،أنه بسبب مواقفه المتناقضة ،قد أشعععل
غضععب النععاس ..أشعععل غضععب الطلب ..يععوم الخميععس نشععرت
صحيفة الوفد بدهشة ،تصريحا عن اللجنة التي شععكلها ،وقععوله
أنها ليست لجنة تحقيق ،بل لجنة ستشرح للناس ما خفي عليهم
،من إبداع في الرواية ..يععوم الجمعععة الماضععي نشععرت صععحيفة
الهرام ،فععي مكععان بععارز خععبر مصععادرة الروايععة ..ويععوم الحععد
نشرت صحيفة الخبار ،تصععريح وزيععر الثقافععة بععأن الروايععة لععم
تصادر ..وانفجرت مظاهرات الطلب يوم الثنين ...
716
إن القعععانون النجليعععزي مثل ُ ،يجعععّرم العتعععداء علعععى التعععوراة
والنجيل ..وهععم ل يعتععبرون القععرآن كتابععا سععماويا مقدسععا ..هععم
ق للقعرآن فععي بلده أن يقعّدس ..لقعد منعع وشأنهم ..لكعن أل يحع ّ
فيلم العشاء الخير للمسيح في لندن ،وخرجت المظاهرات تحطم
دور السينما ،التي تعرضه في باريس ...
لماذا لجأ بعض مثقفينا ) المدافعين عن وزارة الثقافة ( إلععى هععذا
العهجوم الضاري ؟ …
لماذا اعتبرتم فاروق حسني فرعونكم َ ،فُرحتم كالكهنة القدامى ،
تدعون لعبادته من دون ال ؟ …
وأقول لكم على الرغم مني يا نعاس ،أنهعم حققعوا بععض النجعاح
في خطتهم ..فقد وعدتكم في السبوع الماضي ،أن أتناول اليوم
كتابععا مععن كتععب وزارة الثقافععة ،تععدعو فيععه كععاتبته ،إلععى تعععديل
القرآن ،كي يتوافق مع النظام العالمي الجديد ،ومواثيق حقععوق
النسان …
وأن هععؤلء النععاس ،ينظععرون إلععى السععلم وإلينععا ،كمععا ينظععر
مبدعهم حيدر حيدر ،الذي يقععول فععي صععفحة ، 510مععن كتععابه
الملعون :
"ضحك الرجل وهو يرمععم جثععة البععدوي فيععه :لكننععي ملحععد كمععا
تعرفيععن ..الشععرف والبكععاة ) لعلععه يقصععد البكععارة( ،وأخلق
المسلمين في مؤخرتي ،من عشرات العوام " .
ل تعترضععوا يععا قععراء ..فنقادنععا الجهابععذة ،يععرون أن هععذا الكلم
السافل البذيء إبداعا ..
" في تلك الليلة تحدث عن تحطيععم الوثعان ،الععتي أقامهعا البعاء
والجععداد ،وضععرورة النفصععال عععن الععدين والعع ،والخلق
717
والتقاليععد ،والزمنععة الموحلععة والجنععة والجحيععم الخرافييععن ،
وطاعععة أولععى المععر والوالععدين ،والععزواج المبععارك بالشععرع ،
وسائر الكاذيب والطقوس ،التي رسمتها دهور الكذب " .
718
بيان مجمع البحوث السلمية
بيان الزهر
الزهر /مكتب المام الكبر /شيخ الزهر ،بيان مجمع البحععوث
السلمية بشأن ،رواية ) وليمة لعشاب البحر ( لمؤلفها السيد
حيدر حيدر .طبع ونشر العهيئة العامة لقصععور الثقافععة ،التابعععة
لوزارة الثقافة بالقاهرة .
تم عرض موضوع الروايععة المشععار إليهععا ،علععى لجنععة البحععوث
الفقهيععة ،فكّلفععت اثنيععن مععن أعضععائها المتخصصععين ،بكتابععة
تقريرين منفصلين عن الرواية ،لعرضها في جلسععة اسععتثنائية ،
حّدد لها يوم الربعاء 17مععايو سععنة لمجمع البحوث السلمية ُ ،
، 2000وقد تم عرض هذين التقريرين والرواية ،على المجمععع
في جلسته الستثنائية ،وتبين ما يأتي :
أول :أن وزارة الثقافة الععتي نشععرت هععذه الروايععة ،لععم تسععتطلع
رأي الزهر الشريف ،أو مجمع البحوث السلمية ،مع مععا ورد
فيها من أمور كثيرة ،تتصل بالسلم والعقيدة والشريعة ،وذلك
على خلف ،ما يقضى به القانون 103لسنة … 1961
ثانيا :إن الرواية مليئة باللفععاظ والعبععارات ،الععتي تحّقععر وتهيععن
جميععع المقدسععات الدينيععة ،بمععا فععي ذلععك ،ذات العع سععبحانه
وتعععالى ،والرسععول صععلى الع عليععه وسععلم ،والقععرآن الكريععم ،
واليوم الخر ،والقيم الدينية .
ومن ذلك أنها تستهزئ بذات ال ،مثل وصععفه بععأنه فنععان فاشععل
) ص ، ( 219 :وأنه نسي بعض مخلوقاته ،من تراكم مشععاغله
التي ل تحد ،في بلد العرب وحععدها ) ص ، ( 257 :وأنععه أقععام
719
مملكته الوهمية في فراغ السماوات ،ليدخل في خلود ذاته بععذاته
) ص . ( 426 :
كما يفتري على الرسول عليه الصلة والسلم ،بأنه تزوج أكععثر
من عشرين امرأة ،مععا بيععن شععرعية ،وخليلععة ،ومتعععة ) ص :
، ( 148وأنه كان يتزوج من عذارى القبائل بغية توحيدها ) ص
. ( 427 ، 426 :
وأنه حّرف في آيات القرآن الكريم ،ونسب إليه ،ما ليس منععه ،
كقوله " وال تعالى قال في كتابه العزيز " :إذا بليتععم بالمعاصععي
فاستتروا ( " ) ص ، ( 148 :كما أن الرواية تحّرض صراحة ،
علعععى الخعععروج علعععى الشعععريعة السعععلمية ،وععععدم التمسعععك
بأحكامهعا ،وذلعك بالعدعوة إلعى ضعرورة النفصعال ،ععن العدين
والع والخلق والتقاليععد والزمنععة الموحلععة ،والجنععة والجحيععم
الخرافيين ،وطاعععة أولععى المععر والوالععدين ،والععزواج المبععارك
بالشععرع ،وسععائر الكععاذيب والطقععوس ،الععتي رسععمتها دهععور
الكذب ) ص . ( 348 :
ثالثا :إن الرواية خرجت على الداب العامة ،خروجععا فاضععحا ،
وذلك بالدعوة إلى الجنس غير المشروع ،واستعمال اللفاظ فععي
الوقاع ،وأعضائه الجنسية للذكر والنععثى ،بل حيععاء ممععا يعععف
اللسان عن ذكرها ،وكتابة نصها حفظا على الحياء العام ،الععذي
انتهكته الرواية .
رابعا :إن الرواية لعم تكتعف بعذلك ،بعل حّرضعت صعراحة ،علعى
إهانة جميع الحكام العرب ،ووصفتهم بأقبح وأقععذع الوصععاف ،
مما يعف المقام عن ذكرها ،وطالبت بالخروج عليهععم ،والثععورة
ولو بإراقة الدماء .
720
خامسا :اتضح لمجمع البحوث السلمية ،من كل مععا سععبق ،أن
ما ورد برواية " وليمة لعشاب البحر" ،لمؤلفها حيدر حيدر ،
خروج عما هو معلوم من الدين بالضرورة ،وينتهععك المقدسععات
الدينية والشرائع السماوية ،والداب العامععة ،والقيععم القوميععة ،
ويثير الفتن ،ويزعزع تماسك وحععدة المععة ،الععتي هععي الركيععزة
الساسععية لبنععاء الدولععة ،ويضععع علععى عععاتق مععن نشععروا هععذه
الروايععة ،دون اسععتطلع رأي أهععل الختصععاص ،المسععؤولية
الكاملة ،عن هذا التجاوز والثار المترتبة عليه دينيا واجتماعيععا
ضح تفصيل ،بالتقريرين المقدمين ،من ،وذلك على النحو المو ّ
ي مجمع البحوث السلمية المشار إليهما . عضو ّ
وال ولى التوفيق ..تحريرا في 13من صععفر سععنة 1421هعع ..
الموافععق 17مععن مععايو سععنة 2000م ،شععيخ الزهععر :الععدكتور
محمد سيد طنطاوي
تقرير عن رواية ) وليمة لعشاب البحر (
بسم ال الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع
الصادقين
المؤلف :حيدر حيدر ،طبع ونشر العهيئة العامة لقصور الثقافععة
بالقاهرة .
تقع فعي ) ( 690صعفحة ،معن القطعع المتوسععط ،وهععى القصعة
الخامسة والثلثون ،في سلسععلة آفععاق الكتابععة ،وسعععر الععبيع 4
جنيهات ،بتكليف من لجنة البحوث الفقهية بالمجمع ،في جلسة
الربعاء ، 10/5/2000قرأت هذه الروايععة ،قععراءة محايععدة فععي
خمس وعشرين ساعة ،وقد وجدت فيها ما يأتي -:
721
أول :الدعوة إلى الشععيوعية والكفععاح المسععلح والسععتيلء علععى
السلطة بالعنف والدماء :ويورد صاحب التقرير 12موضعا مععن
الرواية للدللة ( .
ثانيا :السععتهزاء بثععوابت العقيععدة السععلمية وإهانتهععا ) ،لع ،
والرسول ،والقرآن ،واليوم الخر ( ) :ويورد صاحب التقريععر
19موضعا في الرواية للدللة ( .
ثالثا :إهانة حكام العععرب ،ووصععفهم بأقععذع وأقبععح الوصععاف :
) ويورد صاحب التقرير 3مواضع في الرواية للدللة ( .
رابعا :عبارات فاضععحة فععي الجنععس ،ومنافيععة للداب العامععة :
) ويورد صاحب التقرير 14موضعا في الرواية للدللة ( .
.1وبعد :فإنه مععن غيععر المعقععول ،أن تقععوم وزارة مسععؤولة ،
في نظام حكم لبلد مسععلم ،بطبعع ونشععر هعذه الروايععة ) وليمععة
لعشاب البحر ( ،وأن تدعمها ماليا ،لُتّيسر قراءتها للجميععع
.
قلت :غير معقععول أن تقععوم هيئة مسععؤولة ،فععي نظععام الدولععة ،
بطبع ونشر وتدعيم مثل هذه الرواية .ولعلها ل تدرى ما فيهععا ،
وأن الذين اختاروها خدعوا رئاستهم ،ولكن الشععاعر يقععول :إن
كنت ل تدري فتلك مصيبة ..وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم .
ولو أن أحدا ،أدخل هذه الرواية خلسة ،وضبطت عنده لحاكمته
الدولة ،على جلب هذه المفاسد ،التي تصيب وحدة هذه المععة ،
وتدعو إلى الفتنة والحرب والدم بيععن أبنائهععا ...فهععل صععرنا فععي
زمن اللمعقول !! نرجو أل يكون .
أ.د .عبد الرحمن العدوي :عضو مجمع البحوث السلمية
722
تقرير عن رواية ) وليمة لعشاب البحر (
بقلم :الدكتور محمد رأفت عثمان /عميد كلية الشريعة والقانون
بالقاهرة /عضو مجمع البحوث السلمية
الروايععة :مععن تععأليف حيععدر حيععدر كععاتب سععوري ،طبععع ونشععر
العهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر ،سنة ، 1999وهي مكونة
من 690صفحة ،عدا الفهرست ،من القطع المتوسط .
والنطباع العام عن هذه الرواية ،أنها مكتوبععة بأسععلوب ركيععك ،
غامض في كثير من صفحاتها ،ل فكر فيها ،ول تنبئ عن ملكععة
فنية عند كتابتهععا ،مليئة بالعبععارات الفاحشععة الخادشععة للحيععاء ،
والتي تحّقر وتهين المقدسات الدينية ،معا بيععن السععتهزاء بعذات
ال تبارك وتعالى ،والسخرية بأحكععام شععريعة السععلم ،وإهانععة
القرآن الكريم ،ويتبين ذلك مما يأتي :
) ويورد صاحب التقرير 32موضعا في الرواية للدللة ( .
ويسععتطرد قععائل :وبعععد ،فهععذا قليععل مععن كععثير ُ ،ملئت بععه هععذه
الرواية المنحطة ،في التعبير والفكر والفن ،وأرى مصادرتها ،
ومحاكمة مؤلفها ،وكععل الععذين سععاعدوه علععى نشععرها ،بععل أرى
كفععر مؤلفهععا ،لععذكره العبععارات السععاخرة ،بععذات العع تبععارك
وتعالى ،وبرسوله ،وبالقرآن ،وبالسلم كله .
وإذا كان بعض المدافعين عن هذا النوع ،من الكتابععة السععاقطة ،
يقولون أنه يحكي ذلك ،على لسان أبطال روايته ،فالرد :
أول :أن بعض العبارات ،التي تؤدي إلى السخرية ،من ال عععز
وجععل ،ومععن رسععوله ،ومععن القععرآن ،والسععلم ،جععاءت علععى
لسان الكاتب نفسه .
723
ثانيععا :العبععارات الععتي قالعععها المؤلععف ،علععى لسععان أشععخاص
روايتععه ،الععتي تععؤدي إلععى كفععر قائلهععا ،تععؤدي أيضععا إلععى كفععر
المؤلف ،وذلك لن ذكر الكفريات ،سواء أكانت أقوال أم أفعال ،
إما أن تكون على سبيل الحكاية ،عن إنسان قالعععها ،أو صععدرت
منععه فعل ،أو تكععون علععى سععبيل التخيععل والخععتراع ،لقععول أو
فعل ،لم يحدث في الواقع .
فإن كان ذكر الكفريات حكاية عن إنسان قالعها ،أو صععدرت منععه
فهذا جائز ،فيما يأتي :
أول :إذا كان ذكر هذا ،في مقام بيان قبح ،هذا القول أو الفعل .
ثانيا :إذا ذكر هذا ،في مقام بيان حكمة .
ثالثا :إذا ذكر هذا ،في مقام بيان الرد عليه .
رابعا :إذا ذكر هذا ،في مقام الشهادة .
خامسا :إذا ذكر هذا ،في مقام بيان آراء الفرق والمذاهب .
وإما إن كانت الكفريات ،قد عبر بها المؤلف ،على سبيل التخيل
،ولم ينطق بها صاحبها ،أو يفعلها في الواقع ،وإنمععا هععو فقععط
على لسان المؤلف ،فهذا محّرم ،بل ويصل في رأيي إلى درجععة
الكفععر ،بععدليل أنععه ل يجععوز ،لمؤلععف روايععة أو قصععة مثل ،أن
يتخيل إنسانا معينا حقيقيا ،موجععود علععى قيععد الحيععاة ،أو توفععاه
ال ،في موقف مهين ،ويكتب عنه في الرواية أو القصععة ،أنععه
كان يزني مثل ،ويجري حوارا بينه ،وبين من يتخيل أنععه يزنععى
بها ،فإن هذا يعد جريمة قذف ،في الشريعة والقانون ،مععع أنععه
أجراه في قالب روائي .
724
ول يشععفع لععه أنععه يتخيععل ذلععك ،وليععس علععى سععبيل الحقيقععة
والواقععع ،فععإذا كععان هععذا ل يجععوز بالنسععبة للنسععان ،فهععل مععن
المعقول أو المقبول ،أن يكون ذلك جائزا بالنسبة إلى ربنا تبارك
وتعععالى ؟! فعأي عبععارة تكتععب تخيل ،ولعو علعى لسععان شخصعية
وهمية ،مععن شخصععيات الروايععات أو القصععص ،أو غيععر ذلععك ،
يصععدر عنهععا عبععارة أو فعععل ،فيععه سععخرية بععال عععز وجععل ،أو
برسوله صلى ال عليه وسلم ،أو بالقرآن ،أو بأحكام السععلم ،
تؤدي إلى كفر مؤلفها ،وقد وجدنا علماءنا رضى ال عنهم ،قععد
بينوا أنه ،إذا قال شخص عن عدوه " :لو كان ربععى مععا عبععدته
" فإنه يكفر ،وكذا لو قال " :لو كان نبيا ما آمنععت بععه " ،مععع
أن هذه العبارة ،هي فرض لما قد يحدث .
إن البععداع فععي الكتابععة ،ل يكععون بالسععخرية مععن ذات ال ع عععز
وجل ،أو بإهانة المقدسات ،وإنما البداع تعبير سام راق ،عععن
فكر محترم دينيا ،يتفق وتقاليد المجتمع وثقععافته ومثلععه العليععا ،
وأما غير ذلك ،مما يريدوننا أن نوافقهم عليه ،فهو ليس إبداعا
،ول ينتمي إلععى الدب ،بععل أحعرى أن يوصعف بقلعة الدب ،بعل
بانعدام الدب .
القرضاوي يطالب مبارك بالتدخل لوقف
الموجة الثقافية الفاجرة
ناشد فضيلة العلمععة د .يوسععف القرضععاوي ،الرئيععس المصععري
حسني مبارك ،أن يتدخل لوقف الموجة الثقافية الفاجرة -حسب
وصفه -عند حّدها ،وشّدد فضيلته علععى أهميععة الحععرص ،علععى
وحدة المة ،كما حّيا شعيخ الزهر ،والزهععر ،ورئيععس جامعععة
الزهر ،والطلب والطالبات ،الذين وقفوا موقفععا موحععدا ،ضععد
725
رواية الكععاتب السععوري ،وليمععة لعشععاب البحععر ،الععتي طبعتهععا
وزارة الثقافة المصرية ،وتسببت في حالة العهياج الععتي شععهدها
الشععارع المصععري مععؤخرًا ،واعتععبر د .القرضععاوي فععي خطبععة
الجمعة أمس ،أن الرواية تدخل في باب الكفر ،مستندًا فععي ذلععك
على بيان الزهر الشريف ،ورأي فضععيلته أن هععذا العمععل كفععر ،
بغععض النظععر عععن الشععخاص ،واعتععبر مععن قالعععه ،ورضععي بععه
كععافرا .
منكر " ل ما في وليمة لعشاب البحر ُ " كُ ّ
العلمعععة القعرضعععاوي فععي خطبععة الجمعععة ) 15صععفر – 1420
( 19/5/2000
أنععا وأنتععم وشععيخ جععامع الزهععر ،ومجمععع البحععوث السععلمية ،
ورئيس جامعة الزهر ،وخطباء المساجد في العععالم ظلميععون ،
ووزير الثقافة المصري وحده يحمل النور !!!!!
يييي ي ييييي ي ي ييي ي ي .يي ي يي ي
ييي :
ييي
ن فضيلة العلمة د .يوسف القرضععاوي ،هجومععا شععديدا علععى شّ
وزارة الثقافة المصععرية ،علععى مععا نشععرته مععن روايععة "وليمععة
لعشاب البحر" لكاتب سععوري ،واسععتنكر مععا بهععا ،مععن منكععر
وتحقيععر وإهانععة الععذات اللعععهية ،والقععرآن والرسععول والقيععم
الدينيععة ،وتحريضعها علععى الخعروج علعى الشععريعة السعلمية ،
وطالب فضيلته المسؤول الول في مصر ،الرئيس حسني مبارك
،وناداه أن يوقف هذه الموجة الثقافية الفاجرة عند حععدها ،وأن
يعيد الثقافة عند حقيقتها ،فل يجوز أن نقسم المة ،بين الثقافة
الغربية المستغربة الصادة عن سبيل ال ع ،والسععائرة فععي ركععاب
726
الشيطان ،والثقافة التي مع القيم الدينية ،مع ال ورسله وكتابه
ومع الربانيين ،وشّدد فضيلته على أهمية وحدة المععة ،خاصععة
فععي هععذا الزمععان التعيععس – حسععب وصععفه – الععذي اسععتغلته
إسععرائيل ،وبغععت فيععه وطغععت ،فينبغععي أن نضععم صععفوف المععة
بعضها إلى بعضها .
ل :الكلمة الن للرئيس مبارك ، ثّم تابع الدكتور القرضاوي ،قائ ً
الذي أسأل ال أن يهديه سواء السبيل ،وأن يوّفقه لموقف الحق
،الذي ل يخاف في ال لومة لئم .
كما حيا د .القرضاوي الزهر وشيخ الزهر ،ورغم اختلفه معه
في قضية الربا وغيرها ،وحّيا جامعة الزهر ،ورئيسها وطلب
الزهر وطالباته ،وجريععدة الشعععب والكععاتب السععلمي د .محمععد
عبععاس ،الععذي صععرخ فععي المععة قععائلً " :ل إلعععه إل ال ع :مععن
يبايعني علي الموت" .قال :غضب الرجل لدينه ،لربه ،وربمععا
في غمرة هذا الغضب ،خرجععت منععه بعععض اللفععاظ ،فععي بعععض
الناس ،لكن النسان في حالة غضبه ،يقول مععا قععد ل يحمععد فععي
بعععض الحععالت ،كمععا حيععا الشععاعر الكععبير فععاروق جويععده ،فععي
صحيفة الهرام ،والمثقفين الشرفاء الذين وقفوا ضد هذا الباطل
،وهعععذا الفجعععور الدبعععي ،العععذين يحعععترمون عقعععائد المعععة
ومقدساتها ،أقف مع كل هؤلء أشد أزرهم ،وأصععلب ظهرهععم ،
بكل قوتي ،وأقول الحق ،ل أخاف في ال لومة لئم .
وكععان فضعيلته قعد بعدأ خطبتعه ،متحععدثا ععن انشععغال المععة بهعّم
جديد ،أضيف إلى همومها ،هو العهم الثقافي ،الذي بععدأ بنشعععر
وزارة الثقافة المصرية ،لرواية تسمى وليمة لعشععاب البحععر –
معععبرًا عععن اسععتغرابه مععن العنععوان – لكععاتب سععوري مغمععور ،
727
أشهرته تلك الرواية شهرة كبيرة ،وقال :لم أشأ أن أتحدث عععن
تلععك الروايععة ،حععتى أراهععا و) الحكععم علععى الشععيء فععرع عععن
تصوره ( ،كما قال علماؤنا ،وقرأت ما يقارب نصععفها ،أغععالب
نفسي ،فهععي مععن أول صععفحة ،تقعّزز نفععس النسععان المععؤمن ،
وهععي روايععة ،ل تعععرف شععيئا اسععمه الحععرام ،ول العيععب ،ول
تعرف ال ،ول تقدره حق قدره ،ول عجععب ،فقععد كتبهععا إنسععان
صعيري العقيدة ،شعيوعي الفكرة .َن ِ
ثم ذكر فضيلته ،أن عقيدة النسان الدينية واليدلوجيععة ،تنضعح
على فكره ،وعلى كتابته وعلى أسععلوبه ،وكععل إنععاء بالععذي فيععه
ينضععح ،وأضععاف :لكنععي سععأتجاوز عععن عقيععدة الرجععل الدينيععة
واليدلوجية ،ونحاكم النص الذي كتبه :لم أستطع أن أستمر في
قراءة الرواية ،في أكثر من النصععف ،لقععد بلععغ الشععمئزاز منععي
مبلغه ،فاكتفيت بتصّفح الباقي ،وكلما تصّفحتها ،وجدت أشياء
وأشياء ينكرها الدين ،وينكرها الخلق ،والعقل والعععراف ،كععل
ما فيها والعياذ بال منكر ،فوجععدت فيهععا أكععثر ممععا انتقععد عليهععا
الناقدون ،في السطور وما بين السطور .
المؤلف يرسم شخصياته :
وبععدأ د .القرضععاوي ،يععرد علععى أصععحاب الععرأي الخععر ،الععذين
وقفوا مع الكاتب ،فقال " :قالوا إن ما ذكععره الكععاتب جععاء علععى
ألسنة شخصععيات الروايععة " ،وأقععول نحععن نعععرف ،أن الروايععة
قصة يتخيلها الكععاتب ،قععد يكععون لهععا أصععل فععي الواقععع ،وقععد ل
يكععون ،هععو الععذي يرسععم صععورتها ،مبععدأها ونهايتهععا وعقععدتها
وحلها ،وهو الذي ينشئ شخصياتها ،وُينطق هذه الشخصيات ،
بمععا يريععد أن تنطععق بععه ،يعّبععر عععن نفسععه ،أو يعّبععر عععن هععذه
728
الشخاص ،ولو كان له فكرة معينععة ،فهععو يجريهععا علععى لسععان
أحد الشخاص ،ويقوي هذه الفكععرة ،ثععم يععأتي الععرد عليهععا مععن
الطرف الخر ضعيفا ،أو ل يأتي رد عليها قط ،هذه حيلة نجدها
عند القصاصين والروائيين .
وأضععاف إذا كععان مععن حععق النسعععان ،أل يعععري جسععده أمععام
الجمهور :فهل من حقه أن ُيعري أدبه ،وفنععه أمععام النععاس ؟ إن
ي فضائحي بأهدافها وأسلوبها عر ّالعري الذي في هذه الرواية ُ ،
وكتابتها ،أشّد من العري الجسدي ،هل من حق النسان المبدع
،أن يتجرأ على ال ،وعلى رسله ،وعلععى كتبععه ،وعلععى اليععوم
الخر ،وعلى القيم والععدين والخلق ،كمععا يفعععل هععذا الكععاتب ؟
أيستطيع أن يقول ذلك لرئيس دولته ،يتجعرأ عليععه ،ويقععول كععذا
وكععذا ،أم أن الععدين والعع والكتععب والرسععل ،أصععبحت الحععائط
الواطئ ،التي يتجرأ عليها كل الناس .
ورجععع بالععذاكرة إلععى مععا مضععى ،فقععال :لقععد رأينععا كععثيرا مععن
القصاصين الكبار ،يذكرون النواحي الجنسععية ،ويتحععدثون عععن
الشعواذ والجناة واللواطين وتجار المخدرات ،لكنهم ل يذكرونها
،بمثل هذه اللفاظ المسفة العارية ،رأينا ذلك في قصص محمود
تيمور ،وتوفيق الحكيم ،ومحمد عبد الحليم عبععد الع ،والطيععب
صععالح ونجيععب الكيلنععي ،ويوسععف السععباعي وإحسععان عبععد
القدوس ،رغم أنهم ذكروا أشياء كععثيرة ،تحععدث فععي الفععراش ،
لكن لم يجرؤ أحدهم ،ولم ينزل أحدهم إلى مثل هذا الدرك .
واستمر د .القرضاوي ،يرد :قعالوا فعي أدبنعا أشعياء مكشعوفة ،
مثل مععا قالعععه امععرؤ القيععس ،أو مثععل مععا ورد فععي خمريععات أبععي
نواس ،أو في التغزل بالذكور ،وقال :بأن هذه الشياء في أدبنا
729
،ل تمثل التجاه العام ،وليس لها أثر في مجرى الحياة ،وكانت
أشياء خاصعة يتععداولها بعععض النعاس فعي مجالسععهم ،أو يقرأهعا
بعض الناس في كتبهم ،وكانت هذه الكتب محدودة النتشار .
وتناول مظاهرة شباب الزهر ،فقععال :لقععد عععابوا علععى طالبععات
وطلب الزهر ،أن غضبوا لهذا الدين :وهل يلم النسععان ،إذا
ل :إذا مشيت في الشارع ،ومعك زوجتك غضب لدينه ! وقال مث ً
أو ابنتك أو أختععك ،ثععم اجععترأ عليهععا أحععد مععن أولئك الفاسععقين ،
فنبذها بكلمععة نابيععة جارحععة :أل تغععار لهععا ؟؟ أل يثععور الععدم فععي
عروقععك ؟؟ أل تقععف لععه بالمرصععاد ؟؟ هععذا مععا يفعلععه النسععان
الحر ،فالشريف ل يقبل أن يهان في عرضه .
أكان الدين أهون على النسععان مععن العععرض ،أكععان الع وقرآنععه
ونبيه محمد ،أهون لدى النسان المسلم ،من الغيرة على ابنتععه
وامرأته وأخته ؟
وقّرر :لقد كان طلبة الزهر وطلبه معذورين ،حينما سمعوا ما
سمعوا ،وقرؤوا ما قرؤوا .
قالوا " :إن طلبة الزهر لم يقرؤوا الرواية " .
ورد :وهعل يجعب أن يقعرأ جميعع طلب الزهعر وطالبعاته ،هعذه
القصة حتى يغضبوا من أجلها ،لقد رأينا فععي صععحيفة الهععرام ،
كاتبا يّدعي أنه تقدمي ،يدافع عععن الروايععة ،وفععي نفععس الععوقت
يقول :أنا لم اقرأها .
وزير الثقافة يدافع عن الخط التنويري :
ورد فضيلة الدكتور القرضاوي ،على وزير الثقافععة المصععري ،
فقال :
730
لقد قال وزير الثقافة :إننا منذ بضع عشععرة سععنة ،ونحععن ننشععر
هذه الثقافة المستنيرة ،لنقاوم بها ثقافععة الظلمييععن الرجعييععن ،
وارتفع صععوت د .القرضععاوي يععرد عليععه :أنععا وأنععت وانتععم أيهععا
الخوة ظلميععون ! كععل مععن يتمسععك بكتععاب الع وسععنة رسععوله ،
وفهععم القععرون الولععى لهععذه المععة خيععر القععرون ،كععل هععؤلء
ظلميععون ! أنععا وأنععت ظلمععي ..الزهععر ظلمععي ..شععيخ الزهععر
ظلمععي ..مجمععع البحععوث ظلمععي ..ورئيععس جامعععة الزهععر ..
واللجنععة الدينيععة فععي مجلععس الشعععب ..وحععزب العمععل ،جريععدة
الشعب ،الجمعيات السلمية في مصر ،وخطباء المسععاجد كلهععا
ظلمي .هم إذن أهل النور … !! وزير الثقافة وحده ،هو الععذي
يحمل النععور … ! والثقافععة المسععتنيرة … !! وهععي هنععا الثقافععة
التي َتسعخر بالدين ،وتسععتهين بععالقيم الدينيععة ،ومععن ال ع ومععن
رسله ومن كتعب الع ،وقععد سعكت النععاس ،علعى قصععص وكتععب
وروايات دهر من الزمعن ،ثععم كعان لبععد أن يحعدث النفجعار " :
ضب ،ولم يغضب فهو حمار " . ومن اسُتغ ِ
ل بأس بالمظاهرات :
وأضاف :أنا ل أرى في تظاهرات الطلب شععيئا منكععرا ،إذا كععان
تظاهرا سلميا ،يجب أن نعّود أمتنا ،ما تعّودته أمم الحضارة من
التظاهر السلمي ،وقد كنا طلبا ،في المعاهععد الدينيععة البتدائيععة
والثانوية في كليععات الزهعععر ،وكنععا نخعرج نحتععج علعى كعل أمععر
يخالف الععدين ،كععل أمععر يهتععم بععه المسععلمون :خرجنععا مععن أجععل
فلسطين ،وتونس والجزائر ومراكش وسوريا ولبنان وكشمير ،
الطلب هم نبض المة ،ل يستطيعون العيش بعيدا عنها ،كل ما
731
نمنعععه هععو التخريععب ،أمععا التظععاهر السععلمي ،فل مععانع منععه
) واستشهد في ذلك بتظاهرات سياتل ( .
وتابع :إن من حعق النعاس أن تغضعب لعدينها ،ومعن حعق أبنعاء
الشارع ،خصوصا الطلبة في الجامعات ،فُهم أوعى الناس بهذه
القضايا ،فهم الععذين يحملععون الععروح الثوريععة ،ويتععأججون مععن
داخلهعععم ،فمعععن حقهعععم أن يقولعععوا :ل ،دون أن يعععدخلوا فعععي
تخريب ،أن يستغلوا من الخرين .
وعلععل عععدم التغاضععي عععن الروايععة ،بأنهععا نشععرت مععن قبععل
مؤسسععة ،مععن مؤسسععات الدولععة ،ووزارة تطبععع طبعععة شعععبية
690صفحة ،بأربعة جنيهات .ولو كان المؤلف ،نشععرها علععى
نفقته ،أو على نفقة دار نشععر خاصععة ،فلهععا مععن المععر ،وكععان
يمكننا أن نسكت ،ويحكم في ذلك القارئ .
وقال :كنت أتمنى أل أتحدث عن هععذه الشععياء ،حععتى ل أجعلهععا
تشتهر ،فكم كنت أتمنى أل يقف المسلمون ،مععن روايععة سععلمان
رشدي ،ذاك الموقععف ،الععذي شععهرها فععي الفععاق .ثععم قععال :ل
يجوز لوزارة تحترم نفسها ،وتعمل من أجععل الشعععب ،أن تنشععر
أشياء ضد قيم الشعععب ،وعقععائد الشعععب ومقدسععاته ،ومععن هنععا
كانت غضبة ،كل المثقفين المسلمين ،إل طائفة معينة للسف ،
إما لنها جهلت دينها وتراثها ،أن باعت نفسها ،لما تنتفع بععه ،
من وراء هذه الوزارة ،وإني أعجب كل العجب ،لبعععض اللجععان
التي تشعّكلها الععوزارة ،تععدافع عععن هععذه الروايععة السععاقطة ،فععي
مضمونها وأساليبها .
732
مة في الرواية : السمة العا ّ
ن :الشععرب والخمععر مععن أول الروايععة وعاد إلى الروايععة فععذكر أ ّ
حععتى آخرهععا ،فحيععن تععزوج الرجععل العراقععي بفتععاته الجزائريععة
احتفلوا بشرب الكونياك ..هذه هي السععمة العامععة فععي الروايععة :
ليس منها خشية ل ،ول توقيرا لععه ،ول اعتبععارا لحسععابه ،ول
ليوم الجزاء ول الجنة والنار ،بل هي تسخر من هذا كله ..
ل: واستشهد ببعض العبارات من الرواية ،منها مث ً
ما قالعععه الرجععل ،الععذي قععال للمععرأة العععاهرة ،الععتي كععان يصععف
ن الذي يقف بيني وبينك ،هععو أنفععك جسدها وصفا مكشوفا " ،إ ّ
هذا ،قالت :له معاذا أفعل ؟ هذا خلقة ربي ! قال لهععا :رّبععك إذن
فنان فاشل " .
ن ربك ل يحسععن التصععوير !! ورد القرضععاوي عليهععم :إن أي أ ّ
ص عَوَرُكْم ) 64غععافر ( … ن ُ سع َح َص عّوَرُكْم َفَأ ْ ال تعالى يقول َ ) :و َ
ن َتْقِويٍم ) 4التين ( . سِ ح َن ِفي َأ ْ سا َ خَلْقَنا اِْلْن َ
) َلقَْد َ
وتابع :لقد قالت اللجنة ،التي شّكلها وزير الثقافة ،أنه قال ذلك
في مقام الدعابة والمزاح ،ورّد :يا عجبًا ،هل هنا مقععام دعابععة
ومزاح ؟! الحععديث عععن الع جععل جللعععه ،يععدخل فيععه المععزاح ؟!
ب ُق عْل ض َونَْلَع ع ُ
خععو ُ ن ِإّنَما ُكّنا َن ُ
سَأْلَتُهْم َلَيُقوُل ّ
ن َ يقول تعالى َ ) :وَلِئ ْ
ن )َ (65ل َتْعَتِذُروا َقْد َكَفْرُتْم سَتْهِزُئو َ سوِلِه ُكْنُتْم َت ْل َوَءاَياِتِه َوَر ُ َأِبا ِّ
َبْعَد ِإيَماِنُكْم … ) 66التوبة ( .وهذا في أمثال هؤلء .
وأضاف مثاًل آخر ،مما ورد في الرواية :إنه يتحدث في روايته
ل: ،قائ ً
733
" وهؤلء الناس ،يهّمشون التاريخ ،ويعيدونه مليون عام إلععى
الوراء ،في عصر الععذرة والفضععاء والعقعل المتفجعر ،يحكموننعا
بقوانين آلعهة البدو ،وتعاليم القرآن . .خعراء " .
هكذا يذكر الكلمة خعراء !! وأنا أقولها مضععطرًا .وتععترّدد كلمععة
آلعهة كثيرا في كلمه ،فهو ل يؤمن بإلعه واحد ،بل آلعهة .
* بعععد انتهععاء الخطبععة ،اتصععلنا بفضععيلة العلمععة د .يوسععف
القرضاوي ،وسألناه عن مدى دخعول هعذا العمعل العروائي ،فعي
باب الكفر فأجاب :
" إن بيان مجمععع البحععوث السععلمية ،بععالزهر الشععريف ،يععدل
على أن هذا من الكفر ،لنه خروج على ما هو معلوم مععن الععدين
بالضععرورة ،وانتهععاك للمقدسععات الدينيععة والشععرائع السععماوية ،
وهذا واضح لكل من قرأ الرواية ،لما فيه من ازدراء واستخفاف
باللوهية والقرآن والرسول والقيم الدينية كلها في مواضع شتى
،وأضاف :
ونحن نقول :إن هذا العمل كفر ،بغض النظر عععن الشعععخاص ،
فمن قالعه واعيا متعمدا ذاكرا ،فهو كافر ،ورضي به وهععو يعلععم
هذا ،فهو كافر ،ومن كان يجهل بمععا فيععه ،ثععم ُأعلععم بمضععمونه
ورضيه ،فهو كافر ،هذا هو الحكععم الشععرعي ،أمععا الحكععم علععى
الشخاص ،فل ندخل فيه ،فهو يحتاج إلى تحقيق وقضاء " .
مقتطفات من حاشية الملف :
بقلم د .محمد عباس :
كانت صحيفة السبوع ،أول من تعّرض للموضوع ،تعرضت له
بهععدوء ،ولععو أن فعي أجهععزة وزارة الثقافععة ،مععن يععرى ويحععس
734
ويسمع ،لستدركوا المر ،ولدارْوا عورتهم ،وكان يمكن للمر
أن ينتهعععي باعتععذارهم ،واععععترافهم بالخطععأ ،لكعععن العع شعععاء
للمور ،أن تتخذ مجرى آخرا ،كي يفضحهم على الشهاد .لقععد
استنكروا علينا حدة أسلوبنا ،فماذا فعلوا عندما نشرت السععبوع
،يوم 28/2/2000م ،مقال صغيرا ،بقلم حسععن نععور ،يعععترض
فيه ،على قيام وزارة الثقافة بنشر الرواية …
لمدة شهر ونصف بعععد ذلععك ،لععم تتععدارك وزارة الثقافععة المععر ..
وبدأت الشعععب تنععاول القضععية ،يععوم 28/4/2000م ،بعععد بدايععة
النشر في السبوع ،بشهرين كاملين …
في البداية ،حاولت وزارة الثقافة ،التنصل من المععر كلععه .وقععد
أوردت أخبععار الدب :العععدد 356ص 6ذلععك بالتفصععيل ،فععي
مقال وائل عبد الفتاح ،عن تصريح وزيععر الثقافععة المنشععور فععي
الهرام ،في 30/4/2000م ،وهو أن الهدف من اللجنة العلميععة
التي شكلها " ،التحقيععق فععي ظهععور طبعععة لبنانيععة ،مععن روايععة
وليمة لعشععاب البحععر للسععوري ،حيععدر حيععدر منسععوبة لععوزارة
الثقافععة " ..ويسععتطرد الكععاتب أنععه يبععدو أن الععوزير وجععدها "
واسعة " ،فغير أقواله بعد ذلك .
نفس الخبر نشرته بتفصيل أكثر ،صحيفة آفاق عربية ،في عدد
4مايو ص ، 11تحت عنععوان :وزارة الثقافععة تزعععم ،أن جهععة
مجهولة نشرت الرواية المجهولة ،ونسبتها إليها .
كان التخبط هائل وشمل الجميععع ،فرئيععس الععوزراء علععى سععبيل
المثععال صععرح :لسععت أدرى كيععف؟! أنععه اسععتعان بخععبير أجنععبي
لمواجهة الزمة ،كما نشرت صععحيفة الوفععد ،و صععرح الععدكتور
أحمد فتحي سرور ،بأنه طلب تقريرا عاجل ،لتخاذ الجراءات
735
القانونيععة اللزمععة ،ومحاكمععة المؤلععف طبقععا للقععانون الععدولي ،
) أخبععار الدب 14مععايو ( ،كععانت المععة تغلععي بالغضععب ،وكععان
قلبها متمثل ،في طلبععة جامعععة الزهععر ،حيععث تظععاهر 25ألععف
طععالب ،وكععانت الدولععة مععترددة ،حععتى حسععمت أمرهععا بععإطلق
الرصاص ،على قلب المة ،على طلبة جامعة الزهععر .وأصععبح
من المستحيل مواصلة اسععتطلع الععرأي ،تحععت التهديععد بععإطلق
الرصاص مرة أخرى ،وبلغ النفععاق ببعععض التنععويريين ومععدعي
البععداع ،الععذين أجععازوا الجععتراء علععى ال ع ،أن وجهععوا اللععوم
لصععحيفة الشعععب ،ولحععزب العمععل ولشخصععي الضعععيف ،فنحععن
الذين حرضنا ،ونحن الذين أخرجنا الطلبة ،فتسععببنا فيمععا حععدث
لهم ،أكثر من مائة جريح ،منهم خمسة فقئت عيونهم .وجهععوا
اللوم لنا ،ولم يجرؤ منهم أحد ،على توجيه اللوم على المعالجة
المنية الخاطئة ،ل تعقيب على المن ،وكأنه القدر ،بل أكثر من
القدر ،لننا في القدر نسأل ال اللطف فيه ،هم لم يسألوا أجهزة
المععن اللطععف ،وهععذه الواقعععة وحععدها ،كافيععة لفضععحهم تمامععا
ونهائيععا ،أمععام الجيععال وأمععام التاريععخ ،لكععن هععذه الفضععيحة ل
تنفجر ،ول تأتي بالتأثير المتوقع ،بسبب تهديععد جععاثم مسععتمر ،
بإمكانيععة إطلق الرصععاص فععي أي وقععت ،بعععد مععا حععدث لطلبععة
جامععععة الزهعععر ،خفتعععت أصعععوات معظعععم الغاضعععبين لعععدينهم ،
وارتفعت أصععوات الحيععدريين ،وأصععبح الكععذب مجانيععا ،خاصععة
عندما أقدمت السلطة ،على عقاب صحيفة الشعب ،التي دافعععت
عن المقدسات ،وأصبح الجععتراء علععى الععذات اللعععهية ،إبععداعا
وتقدما واستنارة ،وفي نفس الوقت ،أصبحت إدانة وزير ثقافععة
النظام الباقي ،في مكانه منذ أربعة عشر عاما ،رغم كل ما أثيععر
حععوله ،إرهابععا وظلميععة وتخلفععا ،ووقععف الععوزير الععذي قلععت
736
تناقضععات تصععريحاته ،بعععد أن اطمععأن إلععى تععدعيم الدولععة لععه ،
ليصععرح أن مصععر دولععة علمانيععة ،وارتفعععت أصععوات ،تنععادى
بإلغاء المادة الثانيعة فعي الدسعتور ،والعتي تنعص علعى إسعلمية
مصر ،ونشرت صحيفة الحياة اللندنية ،مقال لكععاتب ،ظععن أنععه
يفحم السلميين ،بقوله أنععه إذا كععان علينععا أن نحععترم الععتراث ،
فليس علينا أن نحترم التراث السلمي فقط ،بل علينا أن نعطععي
اهتماما مسعاويا ،لمصعر المسعيحية والفرعونيعة ،كعان السعلم
بالنسبة للمسكين تراثا ،مجرد تععراث ،لععم يكععن دينععا ،ول مطلقععا
مععن المطلقععات ،وبععدا أن هععؤلء النععاس وأقرانهععم فععي مصععر ،
ينظععرون إلععى السععلم تمامععا ،كمععا ينظععر لععه المتعصععبون مععن
المستشرقين ،فالقرآن من تأليف محمد -صلى ال عليععه وسععلم
– أمععا هععو نفسععه فكععذاب – أسععتغفر العع العظيععم -وأن أولئك
التنععويريين ،قععد ابتلععوا بمجموعععة مععن المتخلفيععن أمثالنععا ،ومععا
القابضون علععى الجمععر ،سععوى حععزب متخلععف ،ل يسععتحق مععن
الحترام ما يستحقه ،حععزب كحععزب المععة ،بععل ول الع نفسععه ،
يستحق من الدب في الحديث معه ،ما يستحقه الشيخ الصععباحي
،كععان أسععطورة قضععت عليهععا السععتنارة ،وبقععي المتخلفععون
يؤمنون به ،ولعل المؤمنين به ،يشفون من تخلفهععم ذات يععوم .
وإنهم يحتملون تخلفنا ووجودنا ذاته على مضض ،فنحن ضعيف
ثقيل عليهم ،أل يضاعف من ثقله بأن يتكلم .نظر كلب جهنععم ،
إلى الدين ،كما لو كان مرضا ،كّلفهم الشيطان بالقضععاء عليععه ،
وبععدا لهععم ،أنهععم كلمععا أوشععكوا علععى إنجععاز مهمععة الشععيطان ،
واجهناهم نحن ،لنصيب المة بنكسة جديدة …
وانفجر اللم بصحيفة ) آفاق عربية ( ،فنشرت بمانشيت كععبير ،
أنها ل تستبعد ،أن ينجح التنويريون ،في استبدال المادة الثانية
737
في الدستور ،لكي يصععبح حيععدر حيععدر ،هععو المصععدر الرئيسععي
للتشريع … !! …
ي قضععية تبععدأ محكمععة بععدل مععن التوبععة والعتععذار ..رفعععوا عل ع ّ
جنايات جنوب القاهرة نظرها يوم 16/9/2000م …
مذيعة للبرامج الدينية في التليفزيون المصري ،وفي كتابها ) ل
يععا زمععري ( ،نشععرت مععا ل يصععدقه عقععل ،مععن الجععتراء علععى
الععدين ،ورفععض المسععؤولين اسععتمرار أي برنامععج ناجععح ،أو
استضافة أي شخصية دينية لها شععبية ،فالشعيخ محمعد الغعزاي
والدكتور يوسف القرضاوي ،على سبيل المثععال إرهابيععان ،أمععا
عندما حاولت ،تغطية أداء بعض كبععار المسععؤولين وزوجععاتهم ،
لداء العمععرة ،فقععد رفععض التليفزيععون ذلععك ،حععتى مععع السععيدة
سععوزان مبععارك ،وكععانت حجتهععم ،أنععه ل داعععي لربععط كبععار
المسؤولين بالدين ،بأي شكل ،وأنهعم يطبقععون تعليمعات ،تععأتي
من فوق بمحاصرة البرامج الدينية ،وتصرخ كاريمان حمزة فععي
النهايععة ،أنهععا تنععزه وزيععر العلم ،ورئيععس الععوزراء ورئيععس
الجمهورية ،أن يكونوا مصدر هذه التعليمات ،ولكنها في نفععس
الععوقت ،تؤكععد أن هععذه التعليمععات ،الععتي تععأتي " مععن فععوق "
حقيقية ،لكن هذا الفوق ل يوجد داخل مصر ،إنما خارجها .في
أحععد برامجهععا ،كععانت تعععد موضععوعا ،عععن العشععرة المبشععرين
بالجنعععة ،واحتعععج المسعععؤول الكعععبير علعععى اقتصعععارها ،علعععى
شخصيات من عهد الرسول ،صلى ال عليه وسلم ،وطلب منها
أن تختار جزءا منهم ،وأن تكملهم بالمعاصرين ) ،مثععل عععاطف
صدقي ( ،لم تكن طرفة ،ول مأساة جاهل ،بل كارثة أمة ...
صرح وزير الثقافة أنه لن يستقيل طول عهد الرئيس مبارك …
738
أما صحافته ) وزيععر الثقافععة ( ،خاصعة القععاهرة وأخبععار الدب ،
فقد بلغ بها ،أن اتهمت الزهر ،بأنه ينصععب مععن نفسععه محكمععة
من محاكم التفتيش ،وأنه ل علقة له بالدب ،ول حععق لععه ،أن
يحكم فيما هو خارج الدين ،بل وشععبهت هععذه الصععحف ،رئيععس
جامعة الزهر بالنازيين ...
يلخص مأساوية الوضع كله ،ما قاله الدكتور أحمد عمر هاشم ،
في حديث نشرته مجلة المصور ،الصععادرة فععي 25/5/2000م ،
من أنه كرئيس للجنة الدينية ،في مجلس الشعب ُ ،مِنع من إلقاء
بيان ُ ،يدافع فيه عععن الع والقععرآن والرسععول ،صععلى الع عليععه
سمح لفاروق حسني ،أن يلقي بيانه ،الععذي ُيععدافع وسلم ،بينما ُ
فيععه ،عمععن يسععبون ال ع والقععرآن والرسععول ،صععلى ال ع عليععه
وسلم ،وراح الرجل يردد في ألم :حسبنا ال ونعم الوكيل ...
كان موقف شيوخ الزهر وطلبتععه رائعععا ،فقععد أصععدر 70عالمععا
أزهريعععا بيانعععا ،يطعععالبون فيعععه بوقعععف جعععرائم وزارة الثقافعععة ،
وتطهيرهععا ممععن أسععاءوا إلععى الععدين والععوطن ،كمععا دعععا البيععان
الرئيععس مبععارك ،إلععى رفععع الحصععار عععن الععدعاة المخلصععين .
وأوضح البيان أن وزارة الثقافة ،قععد دأبععت منععذ سععنوات ،علععى
إصدار مطبوعات ،استهدفت أخص خصائص المة ،في العقععائد
والخلق والسععيرة النبويععة .ونععدد البيععان بسععيطرة الماركسععيين
والشيوعيين ،على أبععواب الثقافععة ،مؤكععدين أن لهععا رموزهععا ،
معععن اللعععوان الخعععرى ،ذات النتمعععاء إلعععى الثقافعععة العربيعععة
والسععلمية ،الرافضععة لرتععداء عبععاءة الخععر ،والععذوبان فععي
بضاعته .إن تسليم إدارة دفة الثقافة ،لرموز تغريبية أمععر غيععر
معقول ،ول مقبول ،وهو ل يمكن أن يصب في صععالح الععوطن ،
في الدول التي تحعترم شععوبها وثقافتهعا ،يكعون القععائمون علعى
739
الشأن الثقافي ،من أكععثر المععؤمنين بثقافععة أمتهععم وحضععارتهم ،
أما في بعض دولنا العربية والسلمية ،فيؤتى بأعتى المتغربين
وُيسّلمون تلك المواقع ...
بمجهععود فععردي ،أحصععيت حععوالي 700مقععال ،فععي الصععحف
المصرية ،خلل شهر واحد ،ومثلها تقريبا في الصحف العربية
،كان %75تقريبا ،من هذه المقالت ،يصب في اتجاه السلطة
،التي حددت اتجاهها مع أدعياء التنوير .المر قد يبدو محزنا ،
لكننا من وجهة نظر أخععرى ،نسععتطيع القععول أن نسععبة %25ع ،
انتصرت لربها ولععدينها وللحععق ،فععي هععذا الخضععم مععن الرهععاب
والبطش وتزييف الوعي ،هي نسبة مرتفعة ومبشرة ...
بدأت المظاهرات في الزهر ،مساء الحد 7/5/2000م ،اشترك
فيها 25000طالب ،وأطلق المن الرصاص على الطلب ،كععان
القناصة ،يصععطادونهم داخععل الحجععرات فععي المدينععة الجامعيععة ،
وكانت رسائل البريد الليكععتروني مععن الطلب ،أقسععى علععى مععن
ذوب الرصععاص المنصععهر ،فكتبععت هععذا النععداء إلععى الرئيععس
ونشرته صحيفة الشعب …
نداء ورجاء إلى سيادة الرئيس ..
أستحلفك بحق خالقك عليععك ..أسععتحلفك بمععن اسععترعاك علينععا ،
وجعععل رعيتععك أمانععة فععي عنقععك ..أسععتحلفك بحععق القععرآن ..
أستحلفك بحق رسول ال صلى ال عليه وسلم ..أسععتحلفك ..أن
تصدر أوامرك الشخصععية ،بمنععع أي تعععذيب عععن أبنائنععا ،طلبععة
وطالبات جامعة الزهر ..وأن توصي بهم خيععرا ،تمامععا كمععا لععو
كانوا أبنععاءك ،فهععم أبنععاؤك ..وهععم رعيتععك ،الععذين يسععألك الع
عنهم يوم القيامة ...
740
تعععرض الععدكتور أحمععد عمععر هاشععم ،لهانععات بالغععة بسععبب
تصريحاته عن الرواية الكافرة .ونشرت بعض الصحف أخبارا ،
عععن اسععتبعاده مععن عضععوية مجلععس الشعععب ،وعععن فصععله مععن
منصبه ،كرئيس لجامعة الزهر .
من أعجب مععا حععدث ،كععانت الزمععة ،فععي الظععاهر ،تتكععون مععن
شقين ،شق مع الدولة ،وشق مع أدعياء التنوير ،لععذلك عنععدما
بدأت التهديدات بقتلي ،تصععلني عععبر الهععاتف ،عجبععت … كععان
معدل المكالمات ،يصل إلى خمس أو ست ،مكالمات في اليععوم ،
بعد البلغ عنها ،لم يتكرر التهديد ولو لمرة واحدة .
كان موقف التلفزيون المصري غريبا ،والحععق أنعه طلععب منعي ،
أن أسجل معه ،لكنني كنت قد لدغت من صحافة بلدي ،التي لم
تععرع إل ول ذمععة ،فاعتععذرت ،لكععن غيععري لععم يعتععذر ،وأذاع
التليفزيون الحلقات ،التي تؤيد الحيدريين ،ومنع إذاعة الحلقات
،التي تنتصر للدين .
في مواجهة على قناة الجزيرة الفضائية ،في يوم 7/8/2000م ،
كان حيدر حيدر ،يتكلم في برنامعج التجعاه المععاكس ،كعان هعو
شخصععيا ،ل أبطععال الروايععة المتخيليععن ول المؤلععف ،بععل هععو
بشحمه ولحمه ،وكان يكّرر :نعم ،كان للرسول خليلت ،وكان
يتزوج زواج متعة …!!
بعد إغلق صحيفة الشعب ،اطمأن الذين في قلوبهم مرض ،أننا
لن نستطيع الرد عليهم ،فتضععاعفت مسععاحات مععا ينشععرونه مععن
كذب ،وتشويه وقلب للحقائق ،وكان يجععب علععى أن أبحععث عععن
طريقععة للععرد .لكععن الصععحف المتوازنععة كالوفععد ،اعتععذرت ،
والصحف السلمية اعتذرت أيضا ،بعد أن رأت أن الدولععة ،قععد
741
كشرت عن أنيابها ،ويمكععن أن تغلععق صععحف التجععاه السععلمي
جميعا … انتهى القتباس .
742
مصر الفساد والفساد
كانت مصر قد اضطلعت ،منذ استقللها السياسي ،بدور ريععادي
فععي الفسععاد والفسععاد ،والضععرار بالسععلم والمسععلمين ،علععى
مستوى العالمين العربي والسلمي ،والذي تمّثل فععي كععثير مععن
المجالت ،ونذكر منها على سبيل المثال :
.1التخلعععي ععععن الحضعععارة السعععلمية وتراثهعععا وقيمهعععا ،
والعتزاز بالنتساب إلععى حضععارة الفراعنعة ،الععذين ظلمععوا
أنفسهم ،فأخذهم ال بذنوبهم ،وتقديس آثارهم وأوثععانهم ،
التي ما تركها ال إل عظة وعبرة .فهععا هععم ينفقععون نصععف
مليون دولر ،تحت سفوح الهرامات ،على حفلت غنائية
غربية حتى الصعباح ،بمناسعبة حلععول عععام ألفيععن ميلدي ،
فععي شععهر رمضععان ،الععذي أنععزل فيععه القعرآن ،حيععث قععامت
الحكومة المصععرية مشععكورة ،بحظععر شععرب الخمععور أثنععاء
الحفل ،إكراما لحرمة الشهر الفضيل .ويأبى عالم الكيميععاء
المصععري ،إل أن يتسععّلم جععائزة نوبععل ،تحععت سععفوحها ،
تعظيما منه لها ولبناتها ،واعتزازا بالنتماء لهم .
.2نشر رذائل الخلق ،وتعميمها كنموذج ُيحتذى بين أبنععاء
المععة السععلمية ،مععن خلل السععينما والمسععرح والغنععاء ،
بالضافة إلى تشويه صور أولياء ال ،مععن الرسععل والئمععة
والعلمععاء ،فععي أفلمهععم ومسلسععلتهم وبرامجهععم الدينيععة ،
لتجد ممثل يزني ويشرب الخمر ،في فيلععم ،ومععن ثععم تجععده
في أحد البرامج الدينية ،يدعوا ويبتهل إلععى ال ع ،متوشععحا
ثععوب العفععاف والتقععى ،ممتهنععا قدسععية الععدين وشعععائره ،
بالضععافة إلععى مععا يطرحععونه فععي أفلمهععم ومسلسععلتهم
743
وأغععانيهم ،مععن أفكععار ُيعّلمونهععا لبنائنععا وبناتنععا ،تعجععز
الشياطين عن التيان بمثلها ؛ فتكلفععة إعععادة غشععاء البكععارة
إلععى طععبيعته ،كمععا أخععبرني أحععدهم ممععن شععاهد أحععد الفلم
المصععرية ،وعلععى لسععان إحععدى بغايععا مصععر ،فععي الفيلععم ،
داعيععة أخععرى لممارسععة الرذيلععة مثلهععا ،ل تتجععاوز المععائة
والخمسعععين جنيهعععا " ،وكعععل شعععيء يرجععع زي الول " ،
ل…) ق ا ِّ
خْل َ
ن َ
لُمَرّنُهْم َفَلُيَغّيُر ّ
مصداقا لقول إبليس ) … َو َ
119النساء ( ،لتتسععاوى البغععي فععي الحصععانة ،مععع مريععم
ابنععة عمعران ،وشعتان معا بيععن العثرى والثريععا ،وهعذا ممععا
ُتعّلمه السينما المصرية ،لفتيات أمة محمععد ،عليععه الصععلة
والسلم .
.3تمجيععد وتقععديس سععفلة النععاس ،مععن الممثليععن والممثلت
والمطربيعععن والمطربعععات ،وإقامعععة الصعععنام والوثعععان ،
وزرعهعععا فعععي الميعععادين العامعععة ،وإن لعععم تصعععّدق بعععأنهم
جدونها وُيقّدسونها ،فحععاول أن تشععتم أحععد عمالقععة الفععن ُيم ّ
العربي ،في حضور أحد المصريين .
.4تأليه وعبادة أصحاب المال والسلطة من البشر ،كما عبد
المصريون القدماء ،ربهم العلى فرعون .
.5موالة أعداء ال ورسوله معن اليهعود والنصععارى ،وبيعع
قضايا المة العربية والسلمية المصيرية ،لقاء حفنععة مععن
الدولرات المريكية .
.6محاربععة تعععاليم السععلم ورمععوزه ،فععي السععّر والعلععن ،
والعمل على محو أثارها من نفوس الناس .
744
عرضت في ملف الجريمة ،لما كان يجري في مصر الصور التي ُ
،من حععرب شعععواء مبرمجععة ،شعّنها الفراعنععة الجععدد علععى الع
ورسوله ،منععذ سععنوات ،رسعمتها ريشعة فنععان مبععدع معن أبنععاء
مصر ،ل من غيرها .أشهد ال على أن قومه أصبحوا مجرميععن
،بل وفععاقوا الفراعنععة القععدماء فععي إجرامهععم ،وكععأنه أعععذر الع
سبحانه وتعععالى ،فععي إنععزال العععذاب ببنععي جلععدته ،مععن حيععث ل
يدري ،وهذه المر ُيذّكرني بقصة النبي ارميا ،عندما أعذر ربععه
في عذاب قومه ،بني إسرائيل فععي المععرة الولععى .الععتي أوردهععا
الطبري ،في تفسيره ج 3ص ) ، ( 33 – 32وهي قصة جميلة
ُ ،تبين بعضا من الحكمة اللهية في تصريف المععور .وكمععا قععال
سعععُفوَنا اْنَتَقْمَنعععا مِْنُهعععمْ
رب الععععزة فعععي قعععوم فرععععون ) َفَلّمعععا َءا َ
خِري عنَ )56 لِل ِل ْ س عَلًفا َوَمَث ً
جَعْلَنععاُهْم َ
ن )َ (55ف َ
جَمِعي ع َ
غَرْقَنععاُهْم َأ ْ
َفَأ ْ
الزخرف (
حيث يؤكد د .محمد عباس ،وبيان شيوخ وطلبة الزهر ،الوارد
ذكره في الحاشية ،أن هناك مخطط ،تنتهجه الحكومة المصععرية
،منذ سنوات ،لتدمير معالم السلم ورموزه ،معلما تلو الخر .
واستنادا لبيان علي أبو شادي ،رئيععس مجلععس الهيئة المشععرفة
علععى النشععر ،والععذي يقععول " :بععأن الروايععة ) وليمععة لعشععاب
البحر ( صععدرت فععي منتصععف نوفمععبر " ،أي 15/11/1999م ،
ش النحععس نسععتطيع القععول أن هععذه الروايععة المشععؤومة ) أو و ّ
الحقيقي ( ،علعى القععل ،كعانت فعي مخعازن دار النشعر ،عنععدما
ي الدخان سكان القاهرة ،في الفترة الواقعة بين ] – 20/10 غش َ
1999[ 30/10م .ليأتي التحذير والنععذير اللهععي ،قبععل نشععرها
وتوزيعها بين الناس مجانا ،من قبل الحكومة المصععرية .لكنهععم
نشععروها ،ونشععروا كتابععا آخععر ،كتابععات نقديععة ،العععدد ، 97
745
ديسمبر 1999م ،بعنوان :شعر الحداثة فععي مصععر ،بعععد شععهر
واحد من نشر الكتاب الول ،بعد أن كشععف ال ع الععدخان عنهععم ،
واستمروا في النشر .
بعد هذا العرض ،نكون قد عايشنا علععى التععوالي ،مشععهدين مععن
المشععاهد الععتي تعرضععها اليععات ،همععا الشععك واللعععب ،وظهععور
الدخان في مصر ،والن إلى المشهد الثععالث ،عنععدما ُيتهععم خيععر
النام ،عليه الصلة والسععلم ،بععالتعّلم والجنععون والسععحر ،فععي
كتاب ) فترة التكوين في حياة الصادق المين ( ،الذي صععدر فععي
النصف الول ،من العام الحععالي 2001م ،وهععو الكتععاب السععابع
للمجرم ،خليل عبد الكريم .
قال تعالى
قوا حّتى ي َُل ُ عُبوا َ ، وي َل ْ َضوا َ خو ُ م يَ ُ ه ْفذَْر ُ) َ
ن )(83 دو َ ع ُذي ُيو َ م ال ّ ِه ُ
م ُو َيَ ْ
) الزخرف (
وقال
ه
في ِذي ِ م ال ّ ِه ُ
م ُو َقوا ي َ ْ حّتى ي َُل ُ م َ ه ْفذَْر ُ) َ
ن )(45 قو َ ع ُ ص َيُ ْ
) الطور (
746
معّلم مجنون ثم تولوا عنه وقالوا ُ
ملف خليل عبد الكريم
في هذا الملف يجد القارئ ،جزءا يسيرا من التغطية العلمية ،
الععتي نشععرت مععؤخرا ،عععن خليععل عبععد الكريععم وكتععابه .ومنهععا
صحيفة القععدس العربععي ،والهععرام القتصععادي وصععحيفة أخبععار
الدب ،والخيرة كرست نفسععها ،للععدفاع عععن كععل اجععتراء علععى
الععذات اللهيععة ،ويبععدو أنهععا ذهبععت فععي ذلععك ،إلععى أبعععد ممععا
نتصور ،ويكفي دليل على ذلك ،أن محاميها في قضايا الععرأي ،
هععو فريععد الععديب ..محععامي الجاسععوس السععرائيلي عععزام عععزام
وسعد الدين إبراهيم ..كما أنه محامي الشواذ عبدة الشيطان ..
نعم ..
جاسوسية ..وخيانة ..وشذوذ ..
فذلك هو الوجه الخر ،للدفاع عن الكفر ..
السلم الشيوعي
سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري
خليل عبد الكريم
موقع المقال على شبكة النترنت :
http://www.lailatalqadr.com/stories/p6260501.
shtml
http://www.alshaab.com/GIF/31-08- : أو
2001/Khalil%20Abd%20Alkareem.htm
بقلم بدر الشبيب :
747
" خليل عبد الكريم ،كاتب يساري أو شيوعي أو تقعدمي ،يكتعب
في السععلم ..ول بععأس أن يكتععب ،كععائن مععن كععان ،عععن الععدين
الحنيف ،ولكن السؤال هو :ماذا يكتب ؟
وقد كان خليل عبد الكريم ،عضًوا في جماعة الخوان المسلمين
،منذ سنوات طويلة خلت ،ولكنه ترك موقعه هذا ،وتح عّول مععن
أقصى اليمين ،إلى أقصععى اليسععار ،فأصععبح عض عًوا فععي اللجنععة
المركزيععة ،لحععزب التجمععع الععوطني التقععدمي الوحععدوي ،وهععو
حزب يساري يقول عنه السلميون :إنه حزب شيوعي .
ومنذ عشر سنوات أو أكثر ،يثير خليل عبععد الكريععم عاصععفة فععي
مصر وخارجها ،بكتبه التي يضعها عن السلم ..وتتعرض هذه
الكتب ،للمنععع والمصععادرة والهجععوم العنيععف ،ومععع هععذا ،فععإن
الرجععل لععم يتوقععف عععن الكتابععة ،ولععم يتوقععف عععن تغييععر خطععه
الفكععري ،الععذي يصععدم الجميععع .ورغععم أن عععدًدا مععن أسععاتذة
الجامعات الكبار ،قد حعاولوا كشعف معا فعي دراسععاته هعذه ،معن
زيف وافتراءات على السلم ،إل أن شيًئا ،ل يمنععع الرجععل مععن
الستمرار ،بل إنه يزداد غلًوا ،مع كل كتاب جديد ،غيععر عععابئ
بما تثيره كتبه ،من رفض عنيف .
ويستخدم خليل عبد الكريم ،لغة جارحععة فععي كتبععه ،كمععا يطععرح
آراء وأفكار ،ل يمكن أن توصف ،إل بأنها خروج علععى الملععة ،
وعلى رأي الجماعة ،وعلى رأي الجمهور .
وهو ينطلععق فععي هععذا مععن مقولععة :إننععا يجععب أن نتمتععع بععالجرأة
العقلية ،وأن نطرح كععل الفكععار وكععل الشخصععيات ،علععى مععائدة
التشريح العقلي الموضوعي ،البعيد عن الهععوى ،وعععن الفكععار
الجاهزة ،التي يكتب بها المؤرخعون والدارسعون للسعلم ،ععن
748
الدعوة والرسالة وسيدنا محمد ..يقععول خليععل عبععد الكريععم ،فععي
صدر كتاب أخير لععه " ..وآمععل -وهععذا أمععر متوقععع -أل يسععيء
البعض ،فهم هذه الدراسععة ،علععى نحععو لععم يععرد علععى خاطرنععا ،
وكنا قد طالبنا بضرورة كتابععة التاريععخ السععلمي ،كتابععة علميععة
موضوعية بداية بالحبيب المصطفى ،وكّررنا أن الكتابة بطريقععة
مغععايرة للكتابععات التقليديععة ،يتعيععن أن تقابععل ،بععأفق رحيععب
وعقلنية بعيدة عن التشنج ،ونذكر هععؤلء بععأن الميععن نفسععه ،
أكد أن من اجتهد واخطععأ فلععه أجععر ،ونحععن نأمععل فععي أن نحظععى
بالجرين ..أجر الجتهاد ،وأجر الصابة ".
وفى ظل ما يدعيه من جرأة عقلية ،على هذا النحو ،فععإن خليععل
ل فععي عبد الكريم ،يمضي في هذه الكتابات ،التي ل نجد لها مثي ً
تاريععخ السععلم .ونحععن ل نععدعو بععالطبع ،إلععى مصععادرة هععذه
الكتب ،أو الحجر على حرية الرجل ،ولكننا ندعو المتخصصععين
وعلماء الدين وشيوخ المة ،إلى مناقشة أفكار الرجل ،ودحض
ما فيها من شععبهات ،بشععكل علمععي هععادئ بعيعًدا ،عععن الععترويع
والتخويف والرهاب الفكري .
وهناك الن ،ما ل يقل عن سععبعة كتععب هامععة ،أصععدرها الرجععل
في السنوات الخيرة ،وهي تستحق المناقشة والتحليل ،لعرض
ما فيها من آراء والرد عليها .
ولسنا هنا بالطبع ،في معرض تحليل هععذه الكتععب أو مناقشععتها ،
فليس هنا ،ول الن ،يتم هذا المر ،ولكننا قد نكتفي بععالتعريف
عا فكرًيععا ،لهععذا
صععا أنهععا تك عّون الن مشععرو ً
السريع بها ،خصو ً
الرجل .والكتب السبعة التي سنعرض لها هنا ،هي :
749
أول ً :كتاب ) للشريعة ل لتطبيق الحكم ( :
وهذا الكتععاب يقععوم علععى فكععرة واحععدة أساسععية ،هععي أن تطععبيق
حا فععي هععذا العصععر ،لن هععذا الشريعة السععلمية ،لععم يعععد صععال ً
التطبيق سوف يجر علينا ،من المشاكل مععا ل حصععر لهععا .ومععع
أن السلم ،وكما جاء فععي القععرآن العظيععم ،هععو الععدين الخالععد ،
الذي يصلح للبشر كافة ،ويصعلح فعي كعل زمعان ومكعان ،إل أن
خليععل عبععد الكريععم ،لععه رأي آخععر ،فهععو يقععول بععالحرف " :إن
ضععا تشععريعات وعقوبععات السلم ليس عبععادات فقععط ،بععل هععو أي ً
ونظام سياسي " ،وهنا الخطورة من وجهة نظععره ،إذ يععرى أن
تطبيق الشريعة ،سوف يؤدي بنععا إلععى أضععرار ،تفععوق بمراحععل
الضرار ،التي تترتب على إهمالنععا لتطبيقهععا .وتلععك هععي دعععوة
العلمانيين واللدينيين ،الععذين يفضععلون القععانون الوضعععي علععى
الشريعة السلمية .
ثانيا ً :كتنناب ) الجننذور التاريخيننة للشننريعة
السلمية ( :
ل للكتععاب الول ،إذ أنععه وهععذا الكتععاب ،يعتععبر اسععتكماًل وتأصععي ً
ينطلععق مععن نفععس الفكععرة ،الععتي ترفععض الشععريعة السععلمية ،
وترفععض تطبيقهععا ،وهنععا يقععول خليععل عبععد الكريععم " :إن هععذه
الشريعة التي ينادون بها ،هي مجرد تعععاليم ،كععان يقععول ويأخععذ
بها عرب الجاهلية ،ثم جاء محمد ،فأخذ هذه التعععاليم ،وأعمععل
فيها عقله وفكره ،حتى بدت وأنهععا شععيء جديععد " .ولهععذا فععإن
السؤال الذي يطرحه خليععل عبععد الكريععم ،هععو :هععل تصععلح هععذه
التعاليم ،التي كان يطبقها بدو الصععحراء ،قبععل أكععثر مععن أربعععة
عشر قرًنا ،لكي تحكمنا اليوم ؟! على أن ما هععو أخطععر مععن هععذا
750
السؤال ،ما معنععاه وخلصععته ،أنععه ليععس ثمععة شععيء منععزل مععن
السماء ،بل إن الشياء كلها من صنع سيدنا محمد … !!
ثالثننا ً :كتنناب ) السننس الفكريننة لليسننار
السلمي ( :
وفى هذا الكتاب ،يقول خليل عبد الكريم صراحة " ،إن السععلم
ليععس شععيًئا غيععر العبععادات " ،مععع أن طلبععة المراحععل التعليميععة
الولى ،يعرفون أن السلم يقوم على دعامتين ،هما :العبادات
،والمعاملت .ولكنه يحصر السلم فععي العبععادات فقععط ،ولهععذا
فعععإن ميعععدانه الصعععلي ،هعععو المسعععاجد والجوامعععع والتكايعععا
والحسععينيات ،أو الخلوي والخانقاهععات والزوايععا والمصععلّيات ،
وحضرات الصوفية وحلقععات الععذكر ،ومجععالس دلئل الخيععرات .
ومعنعى هعذا أن السعلم ديعن للعبعادة ،وليعس ديًنعا للحيعاة .أنعه
يحصر وظيفتعه فعي دور العبعادة ،أمعا شعؤون النعاس وتصعريف
حيععاتهم ،فليععس للسععلم شععأن بهععا .وهنععا نعععود إلععى مقععولت
المغرضين ،الذين يقولون إن السععلم ،ليععس ديًنععا ودولععة ،بععل
هو دين فقط .
عا :كتاب ) مجتمع يثرب ..العلقة بيننن راب ً
الرجل والمرأة في العهنندين المحمنندي
والخليفي ( :
وهذا كتاب َمْعَيبة ،لنه يشوه السععلم فععي أعظععم عصععوره ،أي
فععي مرحلععة النبععوة ،وصععدر السععلم ،والخلفععاء الراشععدين .
وسوف يلحظ القارئ ،في اللحظة الولى ،أن الكاتب يستخدم ،
كلمة ) يثرب ( ول يستخدم اسععم ) المدينععة المنععورة ( علًمععا بععأن
السم الول ،قد نسععخه السععلم ،وألغععاه النععبي ،وأطلععق عليهععا
751
هذا السم الجديد الجميل .ولكن ليست هذه هي المشكلة في هععذا
الكتعععاب ،ولكعععن المشعععكلة ،هعععي فعععي الدراسعععة الجتماعيعععة
المزعومة ،التي قّدمها ،والتي شوه بها ،ومن خللهععا ،أعظععم
المجتمعات وأعظم العصور وأعظم الشخصيات ،حين نكتشععف ،
أن المجتمععع فععي مدينععة رسععول الع ،وهععو المجتمععع الععذي أقععام
دولة ،ونشر ديًنا ،هذا المجتمع ورجاله ،لععم يكونععوا مشععغولين
…!
بشيء ،قدر انشغالهم بالمرأة والجنس مًعا
خامسنًا :كتناب ) قرينش مننن القبيلنة إلنى
الدولة المركزية ( :
وهذا الكتاب ،ينزع عن النععبي محمععد ،صععلى الع عليععه وسعلم ،
صفات الرسالة والنبععوة والععوحي جميًعععا ،إذ يحععاول المؤلععف أن
يثبععت ،أنعه ليعس هنععاك شعيء معن هععذا كلعه ،ولكعن المعر كعان
ينحصر في رغبة قريش ،فععي أن تقيععم دولععة ،وأن تسععود علععى
القبائل العربية ،في شبه الجزيرة وما حولها .وقد تم هععذا وفععق
تخطيط محكم قام به ،رجععل داهيععة ،هععو جعّد النععبي ،صععلى الع
عليه وسلم ،وهو عبد المطلب الععذي جععاء بحفيععده " محمععد " ،
سععا لهععذهولععم يكععن أقععل منععه ذكععاًء ،وصععنع منععه حاكًمععا ومؤس ً
الدولة .لقد أراد عبد المطلب ،أن " يصنع " ملًكا فصععنع نبًيععا ،
أي أن الحكاية كلها هي الحكم ،وهععي السععيطرة ،وهععي السععيادة
إلى جوار ملوك وأباطرة ،يحيطععون بقبععائل العععرب ،ابتععداء مععن
كسرى حتى هرقل .
752
سادسننًا :كتنناب ) شنندو الربابننة بننأحوال
الصحابة ( :
وهذا كتاب ل يقل سوًءا ،إن لم يععزد عععن الكتععب السععابقة ،وهععو
أيضًععا يععأتي اسععتكماًل لكتععابي مجتمععع يععثرب ،وقريععش القبيلععة
والدولععة .وفععي هععذا الكتععاب الجديععد ،يعععرض المؤلععف لحععوال
صحابة رسول ال ،فيقول فيهم كلًما ،لم يرد في كتب السيرة ،
ول في كتب التاريخ ،ومنه أن رسول ال ،صلى ال عليه وسلم
،كان يختلي بالصععحابي الجليعل سععلمان الفارسعي ،ليعام طويلععة
لكي يأخذ منه ،ويتعلم على يديه ،لن سععلمان ،فيمععا يقععال كععان
من كبار مثقفي عصره ،وكععان عالًمععا بالعقععائد والديععان ،وكععان
يحيط بالمذاهب المختلفة .وقد جلس النبي بين يديه ،كما يجلس
تلميععذ بيععن يععدي أسععتاذه ،ليتعلععم منععه كععل السععس والقواعععد
والتجارب والتواريخ والسير ،التي استفاد منها النبي ،بعد ذلععك
في رسالته السلمية المحمدية .
عا :كتنناب ) فننترة التكننوين فنني حينناة سنناب ً
الصادق المين ( :
وهذا هو آخر كتب ،خليل عبد الكريم ،ولعله من أخطرها جميًععا
.ويقوم هذا الكتاب علععى فكععرة واحععدة أساسععية ،هععي أن سععيدنا
محمد ليس نبًيا ،ولكنه تلميذ عبقععري ،لمجموعععة مععن السععاتذة
هم :السيدة خديجة ،وابن عمها ورقة بععن نوفععل ،وبقيععة أفععراد
السععرة وهععم :ميسععرة ،والراهععب بحيععرا ،والراهععب عععداس ،
والبطرك عثمان بن الحويرت ..وكلهم مسععيحيون ..ولقععد قععامت
هذه المجموعة النصرانية ،على " صناعة" هذا النبي ،بعععد أن
عكفوا على تعليمه ،لكثر مععن خمسععة عشععر عاًمععا ،حفععظ فيهععا
753
كتب الولين والخرين ،وعععرف التععوراة والنجيععل ،والمععذاهب
والعقعائد ،وانتهعى هعذا كلعه بنجعاح " التجربعة " أي الرسعالة ،
وصععنع هععذا العبقععري ،الععذي أصععبح نبًيععا ،ووضععع كتععاب حّيععر
العاملين ،على امتداد القرون هو القرآن الكريم .
ويقول خليل عبد الكريم بالحرف الواحد " :وهذا الكتععاب ،يقععدم
رؤية جديدة ،نزعم أنها غير مسبوقة ،لحل هذا اللغععز الععذي مل
الدنيا ،وشغل الناس ،وقد بدأنا بمحمد ،قبل أن يلتقي أبوه بأمه
،حتى التقطته سيدة قريش ،بعد أن توسمت فيه ،بفراسععة يعععز
مثلها ،أنه هو القادم المنتظر ،ثععم قيامهععا بمعونععة سععخية ،مععن
ابن عمها القس ،بدور ل نجد له في تاريخ الديان مجرد شبيه ،
أنها ملحمععة خالععدة ،سععلخت مععن عمععر الطععاهرة والقععس ،عقعًدا
ونصععف العقععد مععن الزمععان ،فععي العععداد والتصععنيع والتهيئة
والتأهيععل ،حععتى طععرح ذلععك العمععل ،الصععبور الععدءوب المتععأني
المخطععط ،والمرسععوم بدقععة متناهيععة ثمرتععه الناجحععة ،وحععدثت
واقعة غار حراء ،بصورة فذة معجبة ،أدهشععت حععتى فاعليهععا ،
وهما سيدة نساء قريش ،وورقة بن نوفل ،لنها جاءت بصورة
،لم تخطر لهما على بال ،ول شك أن هذا النجاح ،يؤوب بنسبة
كبيرة إلى موضوع التجربة ،وهو " محمد " فقد كعان عبقرًيعا ،
ل يفري فرية أحد ،ذلك أن سيرته الذاتية ،وخععبراته الشخصععية
وملكاته العقلية والنفسية واللسععانية ،كععانت ركععائز أساسععية فععي
فلح التجربة " .
ع ل يفري فرية أحد ) :أي ل يكذب كذبة أحد ،بمعنى جاء بكذبععة
لم يسبقه إليها أحد من قبله ،حيععث كععان ُيسععمى الصععادق الميععن
فععي مكععة ،وبععذلك ينفععي عنععه الكععاتب هععاتين الصععفتين ،فيكععون
إيرادهما في عنوان الكتاب ،من قبيل السععتهزاء والسععتخفاف ،
754
به وبمععن صعّدقوه علععى مععدى 1400سععنة ،وهععذا ممععا مل قلععب
مسيلمة الكذاب هذا ،وأمثعاله ،غيظعا وحسعدا علعى خيعر الخلعق
وأكرمهم ،محمد عليه الصلة والسلم (
ضا في نفس الكتاب " ...أما في المساء ،وفي ليل مكة ويقول أي ً
الطويل شتاًء ،فكان مع الطاهرة -أي خديجة -بمفردها أحيانًا ،
وبحضععور القععس أحياًنععا أخععرى ،حيععث تتععم فععي تلععك القعععدات ،
مععذاكرة الصععحاحات مباشععرة ) التععوراة والنجيععل ( ،ثععم إدارة
الحوار بشأنها ،وأما بتلّقيها مععن الم الععرءوم والزوجععة الحنععون
خديجة ،التي ل شك أنها أجععادت القععراءة والكتابععة ،وقععد قععرأت
تلك الصحاحات ،وخزنّتها في ذاكرتهععا ،أو أنهععا طفقععت تقرأهععا
له مباشرة .وكل هععذا يععدور بالنهععار ،فععي السععواق والحععوانيت
والعيععاد ،ومععا يتععم سععماعه مععن القععس ورقععة ،وخديجععة مععن
الصحاحات ،التي عّربها القععس فععي الليععالي الطععوال ) ،لتخععرج
في شععكل سععور القععرآن ( ،ومععا يعقبهععا مععن شععروح وإيضععاحات
) السنة النبوية ( ،وحوارات بالجلسات ،الععتي قععد تسععتمر حععتى
بزوغ الفجر .نقول أن كل هذا ،كان يجععري تخزينععه ،وبرمجتععه
في ذاكرة العبقري ،الذي لععم تععر جزيععرة العععرب لععه مععثيلً ،ولععم
صععة وقععد آمنععا
تشهد له ضريًبا ،ولم تعاين له شبيًها أو ن عًدا ،خا ّ
ي -يتمتععع بعذاكرة ي ُأمع ّ
أنععه أمعي ل يقعرأ ول يكتععب ،والمعي -أ ّ
حديديععة ،وحافظععة واعيععة أشععد الععوعي ،فمععا بالععك إذا اجتمعععت
المية والعبقرية الفذة ،في شخص واحد .
ويقول في موضععع آخععر " ..ومهمععا كععانت الجهععود الععتي بععذلتها
الطاهرة ،وعاضدها فيها ابن عمهععا القععس ،فأنهععا ل تنفععي عععن
التجربة ،وفى مقعدمتها حعادث الغعار ،جانبهعا الغيعبي وناحيتهعا
الميتافيزيقية ) المتافيزيقية :لفظ توصععف بععه الظععواهر الخارقععة
755
الطبيعية ،الععتي عععادة مععا تتععأتى ،علععى أيععدي الكهععان والسععحرة
ضري الرواح ،وذلك لنفي الوحي والمشعوذين والدراويش ومح ّ
( ،إذ ل تعععارض بيععن المريععن ،بععل إن كل منهمععا يكمععل الخععر
ضا " ..حتٌم علينا ،أن نقّر ونعترف بمهععارة ويدعمه .ويقول أي ً
خديجة ،فععي المععزج بيععن المومععة الفياضععة ،بععالحب والحنععان ،
وبين العداد الكريم الدقيق ،لتلقععى التجربعة ) النجععاح ( ،ولععول
هذا الخلط البارع ،لما ُقعّدر للتجربععة الفلح والنجععاح ،الععذي مل
الدنيا ،وشغل الناس منذ أربعة عشر قرًنا ،ومازال يشغلهم حتى
الن ،وربما لمد بعيد ،ما لم تتبدل جذرًيا ،أحوالهم الجتماعية
والقتصععادية والثقافيععة ،ومععا لععم يتحّلععل حععراس السععاطير ،
لس التراث المبارك ،عن أماكنهم الميمونة ) ،بمعنى ما لععم وج ّ
يعمل جهابذة المفّكرين من أمثال الكاتب ،على رفع هالة القداسة
عن محمد ورسالته ،فتعالى ال عما ُيشرك به المجرمون ( " .
ثم يقول خليل عبد الكريم في موضع آخر وأخيععر " ..كععان أسععى
محمد المرير ،على فقد خديجة أمعًرا بععديهًيا ،لنهععا الم الععرءوم
والزوجة الحبيبة ،ولولها ما أكمل التجربة حتى نهايتها ،وهي
التي أتاحت لععه الّتمععاس ،مععع ورقععة وعععداس وبحيععرا ،وقضععاء
الليعععالي الطعععوال معععع ابعععن نوفعععل ،فعععي المدارسعععة والمعععذاكرة
والمحاورة ،وهععي الععتي كععانت تقععرأ لععه الصععحف ،الععتي عّربهععا
القس نوفععل ،وهععي الععتي هيععأت لععه الختلط ،بأصععحاب جميععع
ظت بهععم مكععة ،ولععولالملل والنحل والعقائد والديان ،الذين اكت ّ
التفرغ الدائم ،وهو أحد عطايا أم هند ،لما انفسحت له الفرصععة
الثمينة .ول شك أن الخلطة بأصحاب الديانات ،شّكلت جزًءا من
الخطععة المرسععومة .لمععا انضععوت عليععه الخطععة ،مععن تمععّرس
واسععتماع ،وحفععظ وحععوار ومدارسععة وتخزيععن معلومععات .لقععد
756
أدركت خديجة ،منذ فجر التجربعة ،أن احععترامه التجععارة ل يعدع
لععه فسععحة مععن الععوقت ،فععي حيععن أن التجربععة ،تحّتععم ضععرورة
التفرغ الكامل ،وطلق كل ما يشغله عنهععا ،طلًقععا بائًنععا بينونععة
كبرى " .
وبعد ..فهذه مجرد وقفة سريعة ،عند كتب خليععل عبععد الكريععم ..
وليس منها كتاًبا أقل خطورة معن الخعر ..ولكعن ربمعا كعان هعذا
الكتاب الخير هو أخطرها ..فسوف نلحظ هنا ،أن سيدنا محمد
،صلى ال عليهم وسلم ،ليععس نبًيععا يععوحى إليععه ،بععل هععو رجععل
عبقري ،تمت صناعته على يد السيدة خديجة وجماعتهععا ،وهععم
مجموعة من أقباط مكة ،وأنه تم تحفيظه الكتب السماوية ،التي
سبقته كلها ،فكان النتاج هو هذا الرسول .وأغرب من هذا ،أن
الكتاب كله ،ل ترد فيه كلمة " الرسععالة " ،للدللععة علععى الععدين
الحنيف ،بل هو يسميها " التجربة " ..فلقد نجحت " تجربة "
خديجة ومن معها ،بما يعني أنها شععيء أرضععي ،وليسععت شععيًئا
علوًيا منزًل ،من فوق سبع سماوات .وفععي هععذا السععياق ،فهععو
يسععمي السععيدة خديجععة باسععم " الطععاهرة " تيمًنععا باسععم مريععم
العذراء ،التي طّهرها رب العزة والجلل واصعطفاها علعى نسعاء
العالمين ،ودللة السم هو أن السععيدة خديجععة كععانت نصععرانية ،
وبعد هذا ،فهو ل يتورع ،عن وصف الوحي ،الععذي نععزل علععى
رسول ال ،صلى ال عليه وسععلم ،فععي غععار حععراء بععأنه حععادث
غيبي ميتافيزيقي !
بين البداع والحرية
بقلم :الستاذ بدر الشبيب .
757
البداع أمر ل يختلف على أهميته اثنان ،والحتفاء بالمبععدعين ،
دأب المجتمعات الحضارية ،التي تنشد الرقي والتقدم دائما وأبدا
.
ولكن كيف يكتسب عمل ما ،صفة البداع ؟ هذا سؤال جوهري ،
ينبغي على المهتمين ،بالشأن الثقافي والفلسفي الجابععة عليععه ،
لنه أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبععل ،بخاصععة مععع ظهععور موجععة
في العععالم العربععي ،تععرى البععداع فععي الخععروج علععى المععألوف ،
والحديث في المسعكوت عنعه ،وذلعك فعي مجعالين اثنيعن ل ثعالث
لهما ) الدين والجنس ( .
فباسم البداع وحرية النشر والتعبير ،تقذف لنا دور النشر كتابععا
هنا ،ورواية هناك ،يكون هذان المجالن محورهمععا ،مععع كععثير
من التطاول ،على حرمة المقدسات والرموز الدينية ،وكثير من
السفاف والبتذال ،والخروج على الداب العامة .
وقائمععة السععماء طويلععة ،تبععدأ مععن المشععرق ،ول تنتهععي فععي
المغرب ،ويأتي على رأس القائمة ،جمععع مععن الروائييععن أمثععال
حيدر حيععدر ) وليمععة لعشععاب البحععر ( ،محمععد شععكري ) الخععبز
الحافي ( ،منى فياض ) فخ الجسعد ( ،إلهعام منصعور ) أنعا هعي
ت ( ... ،الخ .أن ِ
وأما الُكّتاب فهم كععثر أيضععا ) نععوال السعععداوي ،ليلععى العثمععان ،
نصر حامد أبو زيد ،خليل عبد الكريم ... ،الخ (
ولعل هذا الخير ،أعني خليل عبد الكريم ،هعو آخعر المتطععاولين
فععي كتععابه ) فععترة التكععوين فععي حيععاة الصععادق الميععن ( ،حيععث
يتناول مرحلة ما قبل النبوة في حياة النبي ) ص ( محععاول النيععل
758
من قدسية الرسول ) ص ( ،والتشكيك في كونه مرسل من عنععد
ال .
والملحععظ أن هععؤلء الكتععاب والروائييععن يؤسسععون لكتابععاتهم
بمصطلحات تبععدو للوهلععة الولععى حضععارية وتقدميععة ،مععن مثععل
البداع وحرية النشر والتعبير ،وإعادة قراءة النصوص التراثية
،بمعععا فيهعععا القعععرآن ،بالسعععتفادة معععن المناهعععج التاريخيعععة ،
والمدارس اللسنية الحديثة .
ولكننععا حيععن نتأمععل فععي مجمععل إنتاجععاتهم ،نجععدها تهععدف أول
وآخرا ،إلى المس من المقّدس السلمي ،وجعله غير مق عّدس ،
وإلى هدم قلع الحياء والعفة ،فععي المجتمععع المسععلم ،وإل فععأي
معنى لحصر البداع ،فععي كععل مععا مععن شععأنه الحععط ،مععن الععذوق
الجمععالي الرفيععع ،بععدل مععن أن يكععون البععداع أساسععا ،لتععدريب
الذائقة وتنميتها ؟
وسؤال آخر يطرح نفسه :هل يحق لكل أحد ،أن يكتب في الدين
،ويناقش مسائله ،ولماذا يصبح النص الديني مباحا لكععل أحععد ؟
ألسنا نعيش عصر التخصص ؟
وأخيرا ،لماذا يغضب هؤلء الكتععاب ،عنععد رفععع دعععوى حسععبية
ضدهم أمام القضاء ،إذا كانوا متحضرين فعل ؟ أليععس التقاضععي
أسلوبا حضاريا ؟
ونقطة أخرى هامة ،ينبغي الشارة إليها هنا ،فنحن ل نسععتطيع
أن نعمم على جميع الكتاب ،تهمة التآمر ضد السععلم والمجتمععع
المسلم ،فهناك طائفة من الكتاب ،تنشععد الحععق ،ولكنهععا تخطععئ
الوسيلة والمنهج ،و ) ليس من طلب الحق فأخطأه ،كمن طلععب
الباطل فأدركه ( .
759
نحععن لسععنا ضععد البععداع ،ولسععنا ضععد السععتفادة مععن المنتجععات
الثقافيععة للخريععن ،ول نريععد هنععا أن نؤسععس لفقععه المصععادرة ،
ولكننععا نريععد أن نؤسععس منهجععا منطلقععا ،مععن ثقافتنععا السععلمية
ي البداع والحرية وحدودهما ،في الصيلة ،في تعريف مصطلح ّ
نفس الوقت الذي ندعو فيه ،لعادة صياغة فقه الحسععبة ،بلغععة
عصرية ،وبثه في أوساط المجتمع .
وهذا التأصيل ضروري ،لكي نتعرف على قيمة المنفعة والمتعععة
وغيرهمععا ،فععي تحديععد إبداعيععة العمععل ،وكععذلك للتعععرف علععى
الطر ،الععتي تعمععل الحريععة فععي حععدودها ،إذ ل يمكننععا العتمععاد
على المنهج الغربي ،الذي يكيل بألف مكيععال ،فيحتفععي بسععلمان
رشدي ،باعتبععاره مبععدعا ،ويضععيق صععدرا بروجيععه جععارودي ،
فيسععن قععانون ) جيسععو – فععابيو ( ليقععدمه للمحاكمععة ،لنعه كتععب
) السععاطير المؤسسععة للسياسععة السععرائيلية ( ،كمععا لععم يتسععع
صدره لع ) دافيد ايرفنج ( ،المؤرخ البريطاني ،الععذي شععكك فععي
أرقام الهولوكوست " .
جولنننة الصنننحافة :الجزينننرة ننننت ،ثنننورة
المشايخ
" الكلم الوارد ،في كتاب فترة التكوين في حياة الصادق المين
،ل يحتمل حكمًا آخر ،غير الكفر " د .يحيى إسماعيل ،الهععرام
العربي .
ونشععرت المجلععة ملف عًا عععن الثععورة ،الععتي أحععدثها كتععاب "فععترة
التكوين في حياة الصادق المين" ،لخليل عبععد الكريععم ،الكععاتب
اليساري ،الذي ينسب نفسه إلى ما يسمى بع " اليسار السلمي
" ،أو " السلم المستنير " .
760
وأصععدر مجمععع البحععوث السععلمية مععن جهتععه ،تقريععرًا عععن
الكتاب ،أوضح فيه أن الكتاب ،يعتبر إنكارا لرسععالت النبيععاء .
ويعرض الكتاب لحياة الرسععول الكريععم بشععكل مععزر ،حيععث صععار
فاقععد الرادة أمععام زوجتععه السععيدة خديجععة ،ثععم خضععع خضععوعًا
تامًا ،لما أرادته هي وابن عمها ورقععة بععن نوفععل ،مععن تصععييره
نبيًا ،تدين له جزيرة العرب وغيرها .
وانتهى التقريععر ،إلععى التوصععية بمصععادرة الكتععاب ،الععذي يمثععل
ل عدوانيًا ،على عقيدة المة السلمية ،ينكر مبدأ الرسالت عم ً
السععماوية إنكععارًا قاطع عًا ،ويزعععم أن جميععع النبيععاء ،صععناعة
أرضية بشرية .مععن الجععدير بالععذكر ،أن التوصععية بالمصععادرة ،
صدرت بإجماع آراء علماء مجمع البحوث .
من ناحيته ،أكد د .يحيى إسماعيل المين العععام ،لجبهععة علمععاء
الزهر ،أن الكلم الوارد في الكتاب ،ل يحتمعل حكمعًا آخعر غيعر
ل :لسعنا أمعام ثقافعة أو فكعر ،ول يمكعن أن الكفر .وأضعاف قعائ ً
تكون الوقاحة إبداعًا .
وليمة جديدة :وفي نفس الطار ،نشرت صحيفة الوفد ،تقريععرا
تحععت عنععوان " وزارة الثقافععة تطبععع كتاب عًا يهععاجم السععلم " ،
ويقول التقريععر :أن مجمعع البحععوث السعلمية ،طلعب مصعادرة
كتاب " المرأة والجنوسة في السلم " ،والذي قععامت بتععأليفه ،
ليلععى أحمععد باللغععة النجليزيععة ،وطبعتععه وزارة الثقافععة ،علععى
نفقتها بعد ترجمته .
وكشععف التقريععر ،أن الكتععاب يزعععم ،أن القععرآن اقتبععس مععادته
التاريخية من التوارة ،وأن السلم سلب حقوق المععرأة .واتهععم
التقريععر المؤلفععة بالتشععكيك ،فععي سععماوية القععرآن ،وبععالتحريف
761
المتعمععد لوقععائع السععيرة النبويععة .وطلععب التقريععر ،مسععاءلة
المجلس العلى للثقافة ،عن إضععاعة أمععوال الدولععة ،فععي عمععل
يدعو لهدم السلم " .
معارك السلميين
* جزء من مقال في صحيفة القدس العربي :
" وإلى جماعة الخوان المسلمين ،في جريدتهم آفععاق عربيععة ،
وانععدهاش الععدكتور عبععد العظيععم المطعنععي ،السععتاذ بجامعععة
الزهر ،من الحملة العنيفععة ضععد صععحيفة النبععأ ،بسععبب نشععرها
موضوع الراهب برسوم المحرقي ،وغلقهععا وإسععقاط عضععوية ،
صعععاحبها ممعععدوح مهعععران معععن نقابعععة الصعععحافيين ،وتقعععديمه
للمحاكمة ،والحملة التي تعرضت لها الدكتورة نوال السعداوي ،
بينما لم يحدث تحرك ضد خليل عبد الكريعم ،بسععبب كتعابه فعترة
التكوين في حياة الصادق المين .
المهم أن الدكتور المطعني ،قال :د .نععوال ،اخععترقت جانبعًا مععن
حصععن العقيععدة والتشععريع ،وجريععدة النبععأ ،اخععترقت جانب عًا مععن
الطععار الخلقععي ،بمععا يعععد تحريضععا علععي الفسععق والفجععور ،
وخدش عًا للحيععاء وإسععاءة إلععى مشععاعر الشعععب المصععري كلععه ،
مسلمين وأقباطا ،أما خليل عبد الكريم عبد الناصر ) الكععاتب ( ،
ومحمد هاشم ) الناشر ( ،فإن جريمتهما أفظععع جريمععة يشععهدها
المجتمععع المصععري ،جريمععة تععدعو إلععى تقععويض وهععدم حقععائق
اليمععان ،ومحوهععا مععن الوجععود ،حيععث تصععور كععل أنبيععاء ال ع
ورسله ،على مدى التاريخ النبوي كلععه ،بععأنهم صععناعة أرضععية
بشععرية مفبركععة !! وليسععت لهععم صععلة بععوحي العع ،بععل هععم
762
صنفرون والمقلوظون في ورش بشرية ،تخصصت في إنتاج الُم َ
النبياء والرسل المخدوعين !!
هذه الجريمة الفظيعة ،لم تتجاوز مواجهتها ع حتى الن ع ع سععوى
الرفععض العلمععي القععولي ،ولععم يتخععذ ضععد أطرافهععا أي موقععف
رسمي حاسععم ،لوقععف هعذه المهععاترات المشععبوهة ،الععتي تمععس
نظام المجتمع من الجذور ،والواجب أن ُيحاسب قانونًا ،كل مععن
المؤلععف والناشععر ،وأن تحععذو نقابععة المحععامين ،حععذو نقابععة
الصحافيين ،بشطب اسم خليل عبد الكريم من جدول المحععامين ،
وأن يتخذ اتحاد الناشرين قرارا ،برفع دعوى لسحب ترخيععص ،
مكتبة ميريت للنشر والمعلومات ،من مزاولة مهنة النشر .أجل
،إن خليل أولى بالمحاكمة ،من نوال وإن ميريت أولى بالغلق
مععن النبععأ ،وإل فععان نجععاة خليععل ومحمععد هاشععم مععن المسععاءلة
الرادعة ،سوف يفسح المجععال للعشععرات مععن أمثععال خليععل ،فععي
مجال التأليف المخّرب ،وللعشرات من أمثال محمد هاشععم ،مععن
الناشرين المخربين .وحسبنا ال ونعم الوكيل " .
ة
شي َ ًخ ْشد ّ َ و أَ َ
ِ ْ
شية الل ّه أ َ
خ ْ َ ِس كَ َ
ن الّنا َ و َ
ش ْخ َ
) يَ ْ
(
في نيجيريا تخرج المليين من الناس ،لتجتمع فععي صعععيد واحععد
مطالبععة بتطععبيق الشععريعة ،فتبععدأ وليععة تلععو أخععرى بتطبيقهععا ،
بالرغم من معارضة الغرب النصراني ،أما فععي مصععر أم الععدنيا ،
بلد الزهر ،كما ُيسّميها الشقاء المصريون ،وفي أرض الكنانة
كما ُيسميها الشقاء العرب ،فالشععريعة السععلمية لععديهم انتهععت
معععدة صعععلحيتها ،لعععذلك يتعععوجب علينعععا أن ُنلقيهعععا فعععي سعععلة
المهملت ،ليكون مصيرها الحرق في مقالب قمامة القاهرة .
763
هي نفسها ،حرب فرعون وملئه ،علععى موسععى ومععن معععه مععن
المؤمنين ،تتجّدد على نفس الرض ،وعلى نفس الشععاكلة ،ول
وازع ول رادع ،بالرغم من سعكنهم ،فعي مسععاكن الععذين ظلمعوا
أنفسهم ،فأخذهم وأبقى أثرهم ،لتذكير من يأتي بعدهم ،ببطشععه
وجبروته .
في مصر ُتصدر المحكمة الدارية في القععاهرة ،فععي مطلععع شععهر
7/2001م ،قععرارا بععإغلق صععحيفتي ) النبععأ ( و ) آخععر نبععأ ( ،
لنها أساءت لمشاعر القباط ،بنشر صععور فاضععحة ،انحرافععات
جنسية لراهب مطععرود مععن الععدير ،ممععا أثععار تظععاهرات غاضععبة
للقباط في حزيران الماضي .وهذا القرار عععادل بل أدنععى شععك ،
فديننا ل يقبل هذا الفعل .
ولكن ماذا عععن إسععاءة مشععاعر المسععلمين ،ومععاذا عععن السععاءة
لكتاب ال ،وماذا عن الساءة لرسول ال ،وماذا عععن الجععتراء
على الع ،لقععد ُرفعععت قضععايا ضععد مععن قععاموا بععذلك ،ولكععن هععل
اتخععذت تلععك المحكمععة قععرارا مشععابها ...؟! نعععم ..لقععد أخععذت
الحكومة المصرية قععرارا ،ولكععن بععإغلق الصععحف الععتي دافعععت
عن مقدسات المة ،بدعوى الرهاب الفكري للمبععدعين ،الععذين
انهععالوا علععى السععلم ليحطمععوا أوثععانه وأصععنامه ،الععتي ألفععوا
آبععاءهم وأجععدادهم عليهععا عععاكفين ،منععذ أربعععة عشععر قرنععا مععن
الزمان … !!
مععا يلفععت النتبععاه إلععى أن أقبععاط مصععر ،غضععبوا لععدينهم بشععكل
جماعي ،وهم أقلية في مصر ،ومععن حععق النسععان ،بععل واجععب
عليه أن يغضب ،ول يكون الغضب محمودا إل في هذا الموقف ،
764
ولكن هععل غضععب المسععلمون فععي مصععر ،عنععدما انتهكععت ،ومععا
زالت ،مقّدساتهم الدينية جمل وتفصيل .
يقول د .محمد عباس " :كانت المة تغلي بالغضب ،وكان قلبها
متمثل ،في طلبة جامعة الزهر ،حيث تظععاهر 25ألععف طععالب ،
وكانت الدولة مترددة ،حتى حسمت أمرهععا بععإطلق الرصععاص ،
على قلب المة ،على طلبة جامعععة الزهععر " .ويقععول " :كععان
موقف شيوخ الزهر وطلبته رائعا ،فقد أصدر 70عالما أزهريععا
بيانا " .
رائعا ،لكععونهم أصععدروا بيانععا ،ولكععن مععا شععاهدناه علععى شاشععة
التلفزيون هو مظاهرة ،تضم بضعة عشرات من فتيات الزهععر ،
وأدتها الشرطة المصععرية ،مععن قبععل أن تبععدأ ،حسععبما جععاء فععي
النشععرات الخباريععة ،ومععا نععود أن ُنشععير إليععه هنععا ،أن المععة
المصرية ،لم ُتحرك ساكنا ،فهي منشععغلة بععدنياها ،مععن رأسععها
حتى أخمص قدمها ،لتستمر المعركة على صفحات الصحف مععن
قبل القلة ،مععن أبنععاء الععذين انتصععروا لععدينهم ،وخععذلتهم أمتهععم
وخذلت دينها ،قبععل أن تخععذلهم حكععومتهم ،ومععا نسععبة 25ألععف
طالب ،مما يزيد عن 50مليون مسلم في مصر … ؟!
وهععذا الوضععع المؤسععف والمأسععوي فععي مصععر ،الععذي حععاول د.
محمد عباس تجميله ،والذي يبعث السى والحععزن فععي قلععب كععل
مسلم ،هععو مععا تستشعععره فععي ثنايععا مقععالت وبيانععات ،د .محمععد
عباس نفسه ،وهو ينادي في أمته ،فل سامع ول مجيععب ،ممععا
اضطره للستنجاد بالزهر وطلبتععه والمفععتي والقرضععاوي ،بعععد
ي كماشععة إعلم الكفععر أن وجد نفسععه وحيععدا محاصععرا ،بيععن فكع ّ
765
والضععللة ،وجععبروت فرعععون وسععطوته ،فاسععتجابوا لععه بعععد
حين .
فلماذا انتصرت الحكومة ،لنصارى مصر وحععاربت مسععلميها ؟!
أليس لنهم يخشون الناس ،من نصارى الغرب ،كخشية ال ع أو
أشد خشية ،نعععم ..هععذا هععو الشععرك بعينععه ،لععذلك اعتقععد بعععض
سرون القدماء ،أن المقصود في اليات هم مشركي قريش ، المف ّ
ظنا منهم أن الشرك ،وّلى من غير رجعة .
نعععم ..إنهععم يشععّكون بربوبيععة العع وألععوهيته ،ول يععدينون لععه
بالعبادة ،ويشّكون في قدرته على نصععر أوليععائه ،والنتقععام مععن
خصومه ،وُيضاف إلى شركهم صفة أخرى ،هي النفععاق ،وهععو
سععرين ، ما لععم ينتبععه إليععه ،معن ذهبععوا إلععى ذلععك القععول مععن الُمف ّ
فمشععركو قريععش أخععذتهم العععزة بععالثم ،فل حاجععة بهععم لُينععافقوا
رسول ال وصحبه ،ولم ُيعطوا الدنية فععي معتقععدهم بععالرغم مععن
بطلنه ،حتى ُفتحت مكة ودخلوا في السلم ،ومععا ظهععر النفععاق
إل في المدينة .
وفععي خضععم هععذه الموجععة ،ومععع ضعععف نععور السععلم ،وأفععول
شمسه ،سيتحول النفاق قريبا ،إلى كفر بواح ،فلن يكون هنععاك
داعيا للخجل .حينها ستكون بطشة ربك الكبرى ،على البواب ،
ويكون أهل مصر قد أعذروا ال في أنفسهم ،بما كسبت أيديهم ،
وبما سكتوا عععن الحععق ،فالسععاكت عععن الحععق شععيطان أخععرس ،
ث ِفععي حّتى َيْبَع َ
ك اْلُقَرى َ ك مُْهِل َن َرّب َ
لنعود إلى قوله تعالى ) َوَما َكا َ
عَلْيِهْم َءاَياِتَنا َوَما ُكّنا ُمْهِلِكععي اْلُقعَرى ِإّل َوَأْهُلَهععا
سوًل َيْتُلو َ
ُأّمَها َر ُ
ن ) 59القصص ( ،ورحمة من ربك ،بعث رسله الكععرام ، ظاِلُمو َ
َ
مبشرين بعظم ثواب الدنيا والخرة ،ومنذرين من بأسععه الشععديد
766
في الدنيا والخرة ،ورحمة بأهل مصر ،ها قد أنذرهم بالدخان ،
حتى يوقظهم من غفلتهم لعلهم يرجعون ،مصععداقا لقععوله ) َذِل عكَ
غععاِفُلونَ )131 ظْل عٍم َ ،وَأْهُلَهععا َ
ك اْلُق عَرى ِب ُ ك ُ ،مْهِل ع َ
ن َرّب ع َ
ن َل عْم َيُك ع ْ
َأ ْ
ظْلعٍم َ ،وَأْهُلَهععا
ك اْلُقعَرى ِب ُ ك ِلُيهِْلع َ
ن َرّبع َ
النعام ( ،وقوله ) َوَمععا َكععا َ
ن ) 117هود ( . حو َ ُمصِْل ُ
مان ِك ُ ْ
م( عدَ ِإي َ
م بَ ْ قد ْ ك َ َ
فْرت ُ ْ ) َ
ن ُ ،ق عْل ن ُه عَو ُأُذ ٌ ي َ ،وَيُقوُلععو َ ن الّنِب ّن ُيْؤُذو َ قال تعالى ) َوِمْنُهُم اّلِذي َ
حمَ عٌة ِلّل عِذي َ
ن ن َ ،وَر ْ ن لِْلُم عْؤِمِني َل َوُي عْؤِم ُ ن ِبععا ِّخْي عٍر َلُك عْم ُ ،ي عْؤِم ُ ن َ ُأُذ ُ
ب َأِليعٌم )(61 ععَذا ٌ سععوَل الِّع َلُهعْم َ ن َر ُ ن ُيعْؤُذو َ َءاَمُنوا ِمْنُكْم َ ،واّلِذي َ
ضوُه ِ ،إنْ ن ُيْر ُ ق َأ ْح ّسوُلُه َأ َل َوَر ُ ضوُكْم َ ،وا ُّ ل َلُكْم ِلُيْر ُ ن ِبا ِّحِلُفو َ َي ْ
سوَلُه َ ،ف عَأنّ حاِدِد الَّ َوَر ُ ن )َ (62أَلْم َيْعَلُموا َأّنُه َمنْ ُي َ َكاُنوا ُمْؤِمِني َ
حععَذرُ ظيععُم )َ (63ي ْ ي اْلَع ِخععْز ُك اْل ِخاِلععًدا ِفيَهععا َ ،ذِلعع َ جَهّنععَم َ َلععُه َنععاَر َ
سععوَرٌة ُتَنّبُئُهعْم ِبَمععا ِفععي ُقُلععوِبِهْم ُ ،قعِل عَلْيِهْم ُ ن ُتَنّزَل َ ن َ ،أ ْ اْلُمَناِفُقو َ
سععَأْلَتُهْم ، ن َ ن )َ (64وَلِئ ْ حععَذُرو َ ج َمععا َت ْ خععِر ٌ لعع ُم ْن ا َّ سععَتْهِزُئوا ِ ،إ ّ ا ْ
سععوِلِه ُكْنُت عْمب ُ ،قْل َأِبالِّ َوَءاَياِتِه َوَر ُ ض َوَنْلَع ُ خو ُ ن ِإّنَما ُكّنا َن ُ َلَيُقوُل ّ
ع عنْ ن نَْع عفُ َ ن )َ (65ل َتْعَتِذُروا َقْد َكَفْرُتْم َبْعَد ِإيَماِنُكْم ِ ،إ ْ سَتْهِزُئو َ َت ْ
جِرِميعععنَ )(66 طاِئَفعععًة ِ ،بعععَأّنُهْم َكعععاُنوا ُم ْ ب َ طاِئَفعععٍة ِمْنُكعععْم ُ ،نَععععّذ ْ َ
ض َ ،يععْأُمُرونَ ِبععاْلمُْنَكِر ن َبْععع ٍ ضععُهْم ِمعع ْ ت َبْع ُ ن َواْلُمَناِفَقععا ُ اْلُمَنععاِفُقو َ
س عَيُهْم ، سوا الَّ ع َفَن ِ ن َأْيِدَيُهْم َ ،ن ُ ضو َ ف َ ،وَيْقِب ُ ن اْلَمْعُرو ِ عِن َ َوَيْنهَْو َ
تن َواْلُمَناِفَقععا ِ عَد الُّ اْلُمَنععاِفِقي َ ن )َ (67و َ سُقو َ ن ُهُم اْلَفا ِ ن اْلُمَناِفِقي َِإ ّ
لع َوَلُهعْم سُبُهْم َوَلَعَنُهعُم ا ُّ ح ْي َ ن ِفيَها ِ ،ه َ خاِلِدي َ جَهّنَم َ َواْلُكّفاَر َ ،ناَر َ
شعّد ِمْنُكعْم ُقعّوًة َوَأْكَثعرَ ن َقْبِلُكْم َ ،كاُنوا َأ َ ن ِم ْ ب ُمِقيٌم )َ (68كاّلِذي َ عَذا ٌَ
767
لِقُك عْم َكمَععا خَس عَتْمَتْعُتْم ِب َلِقِه عْم َ ،فا ْ خَ س عَتْمَتُعوا ِب َ َأْم عَواًل َوَأْوَلًدا َ ،فا ْ
ك
ضوا ُ ،أوَلِئ َ خا ُ ضُتْم َكاّلِذي َ خ ْ لِقِهْم َ ،و ُ خَ ن َقْبِلُكْم ِب َ ن ِم ْ سَتْمَتَع اّلِذي َ ا ْ
سعُرونَ )(69 خا ِ ك ُهُم اْل َ خَرِة َ ،وُأوَلِئ َ لِ عَماُلُهْم ِفي الّدْنَيا َوا ْ ت َأ ْ
حِبطَ َْ
عععاٍد َوَثُمععوَد َوَقعْوِم ح َو َ ن َقْبِلِهعْم َ ،قعْوِم ُنععو ٍ ن ِمع ْ َأَلْم َيعْأِتِهْم َنَبعُأ اّلعِذي َ
ت، سعُلُهْم ِباْلَبّيَنععا ِت َ ،أَتْتُهعْم ُر ُ ن َواْلُمْؤَتِفَكععا ِ ب َمعْدَي َ حا ِ صَ ِإْبَراِهيَم َوَأ ْ
ن )(70 ظِلُمععو َ سععُهْم َي ْن َكععاُنوا َأْنُف َ ظِلَمُهععْم َ ،وَلِكعع ْ لعع ِلَي ْ ن ا ُّ َفَمععا َكععا َ
ض َ ،يعععْأُمُرونَ ضعععُهْم َأوِْلَيعععاُء َبْعععع ٍ ت َبْع ُ ن َواْلُمْؤِمَنعععا ُ َواْلُمْؤِمُنعععو َ
ن الّزَكاَة لَة َوُيْؤُتو َ صَ ن ال ّ ن اْلُمْنَكِر َ ،وُيِقيُمو َ عِ ن َ ف َوَيْنَهْو َ ِباْلَمْعُرو ِ
لع عَِزيعٌز ن ا َّ لع ِ ،إ ّ حُمُهُم ا ُّ سعَيْر َك َ سععوَلُه ُ ،أوَلِئ َ لع َوَر ُ ن ا َّ طيُعععو ََوُي ِ
جعِري ِمع ْ
ن ت َت ْجّنعا ٍ تَ ، ن َواْلُمْؤِمَنعا ِ لع اْلُمعْؤِمِني َ عَد ا ُّ حِكيٌم )َ (71و َ َ
ععْدنٍ ، ت َ جّنعا ِطّيَبعًة ِفعي َ ن َ سعاِك َن ِفيَهعا َ ،وَم َ خاِلعِدي َ حِتَها اَْلْنَهعاُر َ َت ْ
ي، ظيُم )َ (72يَأّيَها الّنِب ّ ك ُهَو اْلَفْوُز اْلَع ِ ل َأْكَبُر َ ،ذِل َ ن ا ِّ ن ِم َ َوِرضَْوا ٌ
س
جَهّنعُم َوِبْئ َ عَلْيِهعْم َ ،وَمعْأَواُهْم َ ظ َ غُلع ْن َوا ْ جاِهِد اْلُكّفعاَر َواْلُمَنعاِفِقي َ َ
ل َما َقععاُلوا َ ،وَلَقعْد َقععاُلوا َكِلَمعَة اْلُكْفعِر ، ن ِبا ِّ حِلُفو َ صيُر )َ (73ي ْ اْلَم ِ
لِمِهْم َ ،وَهّمعوا ِبَمعا َلعْم َيَنعاُلوا َ ،وَمعا َنَقُمعوا ِإّل َأنْ سَ َوَكفَُروا َبْعَد ِإ ْ
خْيعًرا َلُهعْم َ ،وِإنْ ك َ ن َيُتوُبوا َيع ُ ضِلِه َ ،فِإ ْ ن َف ْ سوُلُه ِم ْ ل َوَر ُ غَناُهُم ا ُّ َأ ْ
خ عَرِة َ ،وَمععا َلُه عْم ِفععي لِ عَذاًبا َأِليًما ِفي ال عّدْنَيا َوا ْ ل َ َيَتَوّلْوا ُيَعّذْبُهُم ا ُّ
لع َ ،لِئنْ عاَهعَد ا َّ ن َ صععيٍر )َ (74ومِْنُهعْم َمع ْ ي َوَل َن ِ ن َوِلع ّ ض ِمع ْ اَْلْر ِ
ن )َ (75فَلّمععا حي َ صععاِل ِن ال ّ ن ِمع َ ن َوَلَنُكععوَن ّ صعّدَق ّ ضعِلِه َ ،لَن ّ ن َف ْ َءاَتاَنا ِم ْ
ن )(76 ضععو َ خُلععوا ِبععِه َوَتَوّلععْوا َوُهععْم ُمْعِر ُ ضععِلِه َ ،ب ِ ن َف ْ َءاَتععاُهْم ِمعع ْ
لع َمععا خَلُفععوا ا َّ عَقَبُهْم ِنَفاًقا ِفي ُقُلععوِبِهْم ِإَلععى َيعْوِم َيْلقَعْوَنُه ِ ،بَمععا َأ ْ َفَأ ْ
س عّرُهمْ ن الَّ َيْعَل عُم ِ ن )َ (77أَلْم َيْعَلُموا َأ ّ عُدوُه َ ،وِبَما َكاُنوا َيْكِذُبو َ َو َ
ب ) 78التوبة ( . لُم اْلُغُيو ِ عّ ل َ ن ا َّ جَواُهْم َ ،وَأ ّ َوَن ْ
قال تعالى
768
خَرِة ،
لِسوَلُه َ ،لَعَنُهُم الُّ ِفي الّدْنَيا َوا ْ
ل َوَر ُن ا َّن ُيْؤُذو َن اّلِذي َ) ِإ ّ
عَذاًبا ُمِهيًنا ) 57الحزاب ( عّد َلُهْم َ
َوَأ َ
وقال
ساًنا
ق ِل َ
ب ُمصَّد ٌ حَمًة َ ،وَهَذا ِكَتا ٌسى ِإَماًما َوَر ْ ب ُمو َن َقْبِلِه ِكَتا ُ
) َوِم ْ
ن ) 12الحقاف ( سِني َ
ح ِشَرى ِلْلُم ْظَلُموا َ ،وُب ْ
ن َعَرِبّيا ِ ،لُيْنِذَر اّلِذي َ
َ
769
يوم نبطش البطشة الكبرى
وهكذا نكون قد عايشنا أجواء المشهد الثالث ،قبل الخيععر ،مععن
فصول سورة الدخان ،وبقي المشععهد الرابععع والخيععر ،المشععهد
الكثر رعبا ،إنها البطشة الكبرى ،التي سينتقم فيهععا رب العععزة
ممن آذوا رسوله ،وهو وعد خاص لمحمد عليه الصلة والسلم
س عَلَنا َ ،واّل عِذي َ
ن ص عُر ُر ُ ،ول يخلف ال وعده ،قال تعالى ) ِإّنا َلَنْن ُ
شعَهاُد ) ، (51وقععال حَيععاِة العّدْنَيا َ ،وَيعْوَم َيُقععوُم اَْل ْ َءاَمُنععوا ِ ،فععي اْل َ
عِزي عٌز ُذو اْنِتَقععاٍم ) ن الَّ ع َ سَلُه ِ ،إ ّ عِدِه ُر ُ ف َو ْخِل َ ل ُم ْ ن ا َّ سَب ّح َل َت ْ) َف َ
47إبراهيم ( .
أما المؤمنون من أهل مصر ،فربهم أعلم بهم ،وهععو كفيععل بععأن
يقيهم العذاب ،حيععث وعععدهم بالنصععر كمععا وعععد رسععله َ ) ،وَلَقعْد
ت َ ،فاْنَتَقمَْنععاجاُءوُهْم ِباْلَبّيَنععا ِ ل ِ ،إَلى َقْوِمِهْم َف َ سً ك ُر ُ ن َقْبِل َ
سْلَنا ِم َْأْر َ
ن )47 صععُر اْلُمععْؤمِِني َ علَْيَنععا َن ْ
حّقععا َ ن َ جَرُمععوا َ ،وَكععا َ ن َأ ْ ن اّلععِذي َِمعع َ
الروم ( ،ووعدهم بالنجععاة كمععا وعععد رسععله ،قععال تعععالى ) َفَهعْل
ظُروا ِ ،إّني ن َقْبِلِهْم ُ ،قْل َفاْنَت ِ خَلْوا ِم ْن َ ن ِ ،إّل ِمْثَل َأّياِم اّلِذي َ ظُرو َ َيْنَت ِ
ن َءاَمُنععوا ، س عَلَنا َ ،واّل عِذي َ
جععي ُر ُ ن )ُ (102ثّم ُنَن ّ ظِري َ ن اْلُمْنَت َِمَعُكْم ِم َ
ن ) 103يونس ( . ج اْلُمْؤِمِني َ عَلْيَنا ُنْن ِ حّقا َك َ َكَذِل َ
وبعععد جععدال طويععل ،لمععؤمن آل فرعععون ،مععع أئمععة الكفععر مععن
قومه ،في حوار يمتد من الية 28في سورة غافر وحععتى اليععة
ض َأمْعِري ن َما َأُقععوُل َلُكعْم َ ،وُأَفعّو ُ سَتْذُكُرو َ ، 44يقول لقومه َ ) :ف َ
ت َما مََكُروا ، سّيَئا ِ صيٌر ِباْلِعَباِد )َ (44فوََقاُه الُّ َ ل َب ِ ن ا َّ ل ِ ،إ ِّإَلى ا ِّ
غُدّوا عَلْيَها ُ ن َ ضو َ ب ) (45الّناُر ُيْعَر ُ سوُء اْلَعَذا ِ ن ُ عْو َ ق ِبآِل ِفْر َ حا َ َو َ
ب) ش عّد اْلَع عَذا ِن َأ َعْو َ خُلوا َءاَل ِفْر َ عُة َ ،أْد ِ سا َشّيا َ ،وَيْوَم َتُقوُم ال ّ ع َِو َ
، (46وكذلك سيفعل الذين من بعدهم ،عندما يسمعون بأمر هععذا
770
الكتاب ،فسُيمارون وُيكثرون من الجدل الجدال ،لُيثبتوا أن هععذه
السورة ،لم تكن بأي حال من الحوال بشأن مصر ،ومععا يجععري
فععي مصععر ،ومععا ذلععك بمنجيهععم مععن العععذاب ،فععالولى بهععم أن
ُيصلحوا ما فسد من أمرهم ،ويعودوا إلى ربهم .
ماهية هذه البطشة :
المكععان هععو القععاهرة ،بشععكل خععاص حيععث ظهععر الععدخان ،ومععن
المرجح أل يمتد إلى غيرها من المدن المصرية الكععبرى ،وربمععا
يمتد ،وال أعلم .
النتيجة هي دمار القاهرة وخرابها ،وهلك أهلها ،دمارا وهلكا
عامععا ،غايععة فععي البشععاعة ،وهععذا مسععتفاد مععن قععوله تعععالى
) بطشععتنا ( عنععد حععديثه عععن عععذاب قععوم لععوط ،الععتي أوضععحنا
صفتها ،في فصل سابق ،فتلك بطشة ،وهذه بطشة كبرى .
ومن المرجح ،وال أعلم ،أل تكون هععذه البطشععة ،بفعععل إله ع ّ
ي
خاص وظاهر ،كعععذابات القععوام السععابقة ،معع بقععاء الحتماليععة
قائمة ،كالخسف والععزلزل .ومععن المحتمععل أن تكععون ضععربة أو
ضربات نووية ،تترافق وتتزامن مع أحداث الحرب القادمة ،في
ظرف ثلثة سنوات على الكثر ،وال أعلم .
ومما يدعم احتمال ضرب القاهرة نوويا ،هو ما جاء فععي أسععفار
التععوراة ،مععن أخبععار بخععراب مصععر وحريقهععا بالنععار ،وهلك
أهلهععا ،وجفععاف النيععل وروافععده ،فربمععا تصععدق إن كععانت هععي
المقصودة فعل ،في النصوص التالية :
ع نص من سفر إشعععياء ،وهععو السععفر القععل تشععويها وتحريفععا ،
وهو السفر الذي مازال يحتفظ بنصوص البشرى ،بمحمععد عليععه
الصلة والسلم ،وإليك نصه :
771
" إشعياء :16-1 :19 :نبوءة بشأن مصر ،ها هو الععرب قععادم
إلى يركب سحابة سريعة ،فترتجف أوثععان مصععر فععي حضععرته ،
وتععذوب قلععوب المصععريين فععي داخلهععم ،وُأثيععر مصععريين علععى
مصريين فيتحاربون ،ويقوم الواحد على أخيععه ،والمدينععة علععى
المدينة ،والمملكة على المملكة ،فتععذوب أرواح المصععريين فععي
داخلهعععم ،وُأبطعععل مشعععورتهم ،فيسعععألون الوثعععان والسعععحرة
ى قاس وأصحاب التوابع والعّرافين ،وُأسّلط على المصريين مول ً
،فيسود ملك عنيف عليهم ،هذا ما يقوله الرب القدير .
وتنضب مياه النيل ،وتجف الحواض وتيبععس ُ ،تنتععن القنععوات ،
وتتناقص تفّرعات النيل وتجف ،ويتلف القصب والسل ،وتععذبل
النباتات على ضععفاف نهععر النيععل ،والحقععول والمزروعععات كلهععا
تجععف ،وكأنهععا لععم تكععن مخضععّرة .فيئن الصععيادون وطععارحو
سععر الععذين يلقععون شععباكهم الشصوص في النيل وينوحون ،ويتح ّ
شط ، في المياه ،ويتوّلى اليأس قلوب الذين يصنعون الكتان المم ّ
ويفقد حائكو الكتان الفععاخر كععل أمععل ،وُيسععحق الرجععال ،أعمععدة
الرض ،ويكتئب كل عامل أجير .
رؤساء صوعن حمقى ،ومشورات أحكم حكماء فرعععون غبيععة ,
كيف تقولون لفرعععون ،نحععن مععن نسععل حكمععاء ،وأبنععاء ملععوك
قدامى ؟! أين حكماؤك يا فرعععون ،ليطلعععوك علععى مععا قضععى بععه
حمععق رؤسعاء صععوعن ،وانخععدع الرب القدير على مصععر ؟! قععد َ
أمراء نوف ،وأضّل مصر شرفاء قبائلها .جعل الرب فيهععا روح
فوضى ،فأضّلوا مصر في كل تص عّرفاتها ،حععتى ترّنحععت كترّنععح
السععكران فععي قيئه ،فلععم يبععق لُعظمائهععا أو أدنيائهععا مععا يفعلععونه
فيها .في ذلك اليوم ،يرتعد المصريون كالنسععاء ،خوفععا مععن يععد
الرب القدير التي يهّزها فوقهم " .
772
ع ومقتطفات من نص آخر لرميا ُ ،ينّبئ بخراب مصر :
" ارميا : -13 :46 :النبوءة التي أوحععى بهععا الععرب إلععى ارميععا
النععبي ،عععن زحععف نبوخععذ نصععر لمهاجمععة مصععر :أذيعععوا فععي
مصر ،وأعلنوا في مجدل ،خّبروا في ممفيس ،وفي تحفنحيععس
،قولوا :قف متأهبععا لن السععيف يلتهععم ِمععن حولععك … .فتقععول
بقيععة اليهععود آنععذاك " :قومععوا لنرجعع إلععى قومنععا ،وإلععى أرض
موطننا ،هربا مععن السععيف الطععاغي " .ويهتفععون هنععاك " :إن
فرعون ملك مصر ،ليس سوى طبل أجوف ،أضاع فرصععته " .
… تععأهبوا للجلء يأهععل مصععر ،لن ممفيععس ستصععبح أطلل ،
وخربا مهجورا .مصر عجلة فاتنة هاجمها الهلك من الشععمال ،
حععتى مرتزقتهععا فععي وسععطها كعجععول مسعّمنة ،قععد نكصععوا علععى
أعقابهم هاربين معا ،ولم يصمدوا لن يوم بلئهم ،قد حععل بهععم
في وقت عقابهم … " .
ع ومقتطفات من نص آخر لحزقيال ُ ،ينّبئ بخراب مصر :
ي الرب بكلمته قائل :يا ابععن " حزقيال :13-1 :30 :وأوحى إل ّ
ب بات وشيكا ، … ،إّنه يععوم ن يوم الر ّ
آدم ،تنّبأ ،وقل ، … :إ ّ
ُمكفهّر بالغيوم ،ساعة دينونة ) نهاية ( للمم ،إذ ُيج عّرد سععيف
على مصر ،فيُععّم الععذعر الشععديد إثيوبيععا ،عنععدما يتهععاوى قتلععى
مصر ،ويستولي على ثروتها ،وُتنقض ُأسسها .ثم تسقط معهم
بالسيف ،إثيوبيا وفوط ولود ،وشععبه الجزيععرة العربيععة وليبيععا ،
سّكانها مععن مجععدل وشعوب الرض الُمتحالفة معهم … فيتهاوى ُ
إلى أسوان ...فُتصبح أكثر الراضي الُمقفععرة وحشععة ،وُتضععحي
ُمدنها أكثر الُمدن خرابا … في يوم هلك مصععر ،الععذي ل بععد أن
يتحّقق .
773
صععر ملععك بابععل ،إذ ُيقبععل
لني سأفني جماهير مصععر بيععد نبوخععذ ن ّ
بجيشه ،أعتى جيوش المم لخراب ديار مصر ،فُيجّردون عليها
سيوفهم ،ويملئون أرضها بالقتلى ،وُأجّفف مجاري نهر النيل ،
وأبيع الرض لقوم أشرار ،وُأخّرب البلد فيها بيد الغربععاء ،أنععا
طم الصنام ،وُأزيل الوثان من ممفيس ، الربّ قد قضيت .ثّم ُأح ّ
ول يبقى بعد ،رئيس في ديار مصر ،وُألقي فيها الرعب " .
ْ قد أ َ
ر( ِ ُ ذّ ن بال وار
َ ْ ِ ما
َ َ ت َ
ف نا
َ َ ت َ
ش طَ ب م
ْ ه
ُ ر
َ َ ذْ ن ول َ َ ْ
) َ
ط ِبالّنعُذِر )ِ (33إّنععا ت َقعْوُم ُلععو ٍ قال تعععالى فععي سععورة القمععر ) َكعّذَب ْ
حٍر ) (34نِْعمَةً ِمععنْ سَ جْيَناُهْم ِب َط َن ّ
صًبا ِإّل َءاَل ُلو ٍ حا ِ
عَلْيِهْم َسْلَنا َ َأْر َ
شعَتَنا َفَتمَععاَرْوا
ط َشَكَر )َ (35وَلَقْد َأْنعَذَرُهْم َب ْ ن َ جِزي َم ْ ك َن ْ
عْندَِنا َكَذِل َ
ِ
عُيَنُه عْم َف عُذوُقوا
س عَنا َأ ْ
طَم ْض عْيِفِه َف َ
ن َ عع ْ
ِبالّن عُذِر )َ (36وَلَق عْد َراَوُدوُه َ
سَتِقّر )َ (38فُذوُقوا ب ُم ْ عَذا ٌحُهْم ُبْكَرًة َ صّب َ
عَذاِبي َوُنُذِر )َ (37وَلَقْد َ َ
ن ُمّدِكٍر )40 ن ِللّذْكِر َفَهْل ِم ْ سْرَنا اْلُقْرَءا َ
عَذاِبي َوُنُذِر )َ (39وَلَقْد َي ّ َ
القمر ( .
فتماروا بالُنذر :جماع معنى كلمة مراء ،هو الكثار في الجععدال
بل طائل ،بغية إلبععاس الحععق بالباطععل ،والصععورة الععتي تشعّكلت
لدينا ،مما جاء من معاني في لسان العرب ،هععو أن قععوم لععوط ،
عندما أنذرهم وحّذرهم عليه السلم مععن العععذاب ،اسععتهزءوا بععه
وبتحذيره ،بل وطفقوا في مجالسهم ،يتبارون فيمععا بينهععم أيهععم
أقوى حجة ،بكل ما ُأتوا من ملكات وبيان ،لستخراج واستنباط
البراهين ،لتفنيد ما يّدعيه لوط ،من قععدرة ربععه علععى إهلكهععم ،
دون أن يألوا جهدا في التشععكيك بععذلك ،مظهريععن أكععبر قععدر مععن
الصلبة والثبات ،في مواقفهم المخالف للععوط ،وأكععبر قععدر مععن
الخصومة ،كل من بما يدعيه من الحق ،فيمععا يقععول .وهععذا مععا
774
يقوم به عادة ،المدافعين عععن الباطععل ،لضععلل النععاس ،وهععذه
الصورة كثيرا ،ما نراها هععذه اليععام ،فععي حععوارات أهععل الباطععل
ومناقشاتهم ،حتى من بعض رجال الدين ،عندما يجتمعون فيمععا
بينهم ،على منابر العلم المرئية والمسموعة والمكتوبععة .قععال
جاِدُل اّلِذي َ
ن ن َوُي َ
ن َوُمْنِذِري َ
شِري َن ِإّل ُمَب ّ
سِلي َسُل اْلُمْر َ
تعالى ) َوَما ُنْر ِ
خعُذوا َءاَيععاِتي َوَمععا ُأْنعِذُرواق َواّت َ
حع ّضععوا ِبعِه اْل َ
ح ُ طِل ِلُيْد ِ
َكَفُروا ِباْلَبا ِ
ُهُزًوا ) 56الكهف (
والسؤال الن :هل سيتمارى أهل مصععر بهععذا الكتععاب ،فيمععا لععو
وقع تحت أيديهم ،كما تمارى الذين من قبلهععم ؟ نقععول :نعععم بل
أدنى ! ألم يقل سبحانه ) أّنى لهم الذكرى ( ،وقععد ك عّذبوا برسععالة
محمد عليه الصلة والسععلم ،فععالحرى بهععم أن ُيكععذبوا مععن هععو
دونه من البشر ،أيا كانت درجتهم أو صفتهم ،وألم يقل سبحانه
) يوم نبطش … ( وعقععب علععى هععذا اليععوم ،بقععوله ) ،فععارتقب
إنهععم مرتقبععون ( ،فالمسععألة بععاتت مسععألة وقععت ،ل أكععثر …
فلنرتقب … ونرى … !
ولكن هل يفيد هذا النذار ،السابق للعذاب ؟ نقول :نعم ،لععو لععم
يكن فيه فائدة ،لما أنزله ال في كتابه :
أول :إذ لو عاد أهل مصر عامة ،عّمععا هععم عليععه ،لُرفععع عنهععم
العذاب ،كما ُرفع عن قوم يععونس عليععه الصععلة والسععلم ،وأمععا
التأكيد على أنهم سينزل بهم ،كان لسبق علم ال ع ،بمععا سععيكون
من إصرارهم على ما هم عليه ،بعد كشف الدخان .
ثانيععا :وربمععا سععيكون هنععاك عععودة ،لبعععض أهععل مصععر علععى
المستوى الفردي ،فيما لو انتبه أحدهم ،لهذا المععر ،مععن خلل
قراءته لسورة الدخان ،أو تم تنبيهه لهذا النذير اللهععي .وكععون
775
الناس منشغلون بدنياهم عن قراءة القرآن ،فععذلك حجععة إضععافية
عليهم ،يوم القيامة فيما لو تذّرعوا بأن لم يأتهم نذير ،في أنهععم
كانوا حقا معرضين عن كتابه ،كما أخععبر سععبحانه بحععالهم ،مععن
سابق علمه ،في كتابه العزيز ،ليكون النذير في متنععاول أيععديهم
وهم ل يشعرون .وربما يكون أحدهم قععد انتبععه .ولمععا لععم ُيكّلععف
نفسه بالبحث ،إذ ل يرى نفسه ملزما ،بفهم كتاب ال ،فتساءل
… ؟! فضّلله عاّمي أو عالم أو فقيه ،بغير علم … !
ثالثا :ليكون فععي كععل هععذا عععبرة ،لمععن يعتععبر مععن المصععريين ،
خِريععنَ )
لِ ل ِل ْ
سَلًفا َوَمَث ً
جَعْلَناُهْم َ
وغيرهم من المم .قال تعالى ) َف َ
56الزخرف (
مسألة إهلك العامة والخاصة :
قد يستنكر البعض إهلك ال للعامة ،كونهم مسلمين … ! نقععول
أن ربهععم أعلععم بهععم ،وهععو القععدر علععى كيفيععة التعامععل معهععم ،
ق.وحكمه في خلقه عدل ،وقضاؤه فيهم ح ّ
ع ومما قاله رب العزة فععي سععنن إهلك القععرى ،موضععحا أسععباب
استحقاق أهلها للعقاب بفعل ساداتها :
جِرِميَهععا ِلَيْمُك عُروا
جَعْلَنا ِفي ُكّل َقْرَيٍة َ ،أَكععاِبَر ُم ْ ك َ قال تعالى ) َوَكَذِل َ
ن ) 123النعععام ( ، ش عُعُرو َ سِهْم َوَمععا َي ْن ِإّل ِبَأْنُف ِِفيَها َ ،وَما َيْمُكُرو َ
سُقوا ِفيَهععا ، ك َقْرَيًة َ ،أَمْرَنا ُمْتَرِفيَها َ ،فَف َن ُنْهِل َ وقال ) َوِإَذا َأَرْدَنا َأ ْ
عَلْيَها اْلَقْوُل َ ،فَدّمْرَناَها َتْدِميًرا ) 16السراء ( ق َ
ح ّ
َف َ
-وأمععا أسععباب اسععتحقاق العامععة للعقععاب ،كمععا ُيبّينوهععا هععم
بأنفسهم :
776
خاِلعِدينَ سعِعيًرا )َ (64 عّد َلُهعْم َ ن َوَأ َ ن اْلَكاِفِري َل َلَع َن ا َّ قال تعالى ) ِإ ّ
جععوُهُهْم ِفععي ب ُو ُ صيًرا )َ (65يْوَم ُتَقّل ُ ن َوِلّيا َوَل َن ِ جُدو َ ِفيَها َأَبًدا َل َي ِ
سععوَل )َ (66وَقععاُلوا َرّبَنععا طْعَنععا الّر ُ ل َوَأ َ
طْعَنا ا َّ ن َيَلْيَتَنا َأ َ
الّناِر َيُقوُلو َ
ل )َ (67رّبَنععا َءاِتِهعمْ سعِبي َضعّلوَنا ال ّ سععاَدَتَنا َوُكَبَراَءَنععا َفَأ َ طْعَنععا َ ِإّنععا َأ َ
ن َءامَُنوا ، ب َواْلَعْنُهْم َلْعًنا َكِبيًرا )َ (68يَأّيَها اّلِذي َ ن اْلَعَذا ِ ن ِم َ ضْعَفْي ِ ِ
ل ِمّما َقاُلوا َ ،وَكععانَ عِْن عَد سى َ ،فَبّرَأُه ا ُّ ن َءاَذْوا ُمو َ َل َتُكوُنوا َكاّلِذي َ
سعِديًدا
ن َءاَمُنوا اّتُقوا الَّ َوُقوُلوا َقعْوًل َ جيًها )َ (69يَأّيَها اّلِذي َ ل َو ِا ِّ
) 70الحزاب (
جُنععوُد ِإْبِليع َ
س ن )َ (94و ُ وقال تعععالى ) َفُكْبِكُبععوا ِفيَهععا ُهعْم َواْلَغععاُوو َ
ل ِإنْ ُكّنا َلِفععي ن )َ (96تا ِّ صُمو َ خَت ِ ن )َ (95قاُلوا َوُهْم ِفيَها َي ْ جَمُعو َ َأ ْ
ض عّلَنا ِإّل
ن )َ (98وَما َأ َ ب اْلَعاَلِمي َسّويُكْم ِبَر ّ ن )ِ (97إْذ ُن َ لٍل ُمِبي ٍ ضَ َ
حِمي عٍم )ص عِديقٍ َ ن )َ (100وَل َ شععاِفِعي َ ن َ ن )َ (99فَما َلَنا ِم ْ جِرُمو َ اْلُم ْ
101الشعراء ( .
ن َ ،وَل ن ِبَهعَذا اْلُقعْرَءا ِ ن ُنعْؤِم َ ن َكَفعُروا َ ،لع ْ وقال تعالى ) َوَقاَل اّلِذي َ
عْن عَد َرّبِه عْم ، ن ِ ن َمْوُقوُفو َ ظاِلُمو َن َيَدْيِه َ ،وَلْو َتَرى ِ ،إِذ ال ّ ِباّلِذي َبْي َ
ض عِعُفوا ِ ،لّل عِذينَ سُت ْ
نا ْ ض اْلَقْوَل َ ،يُقوُل اّل عِذي َ ضُهْم ِإَلى َبْع ٍ َيْرجُِع َبْع ُ
ن ) 31سبأ ( سَتْكَبُروا َ ،لْوَل َأْنُتْم َلُكّنا ُمْؤِمِني َ ا ْ
وذلعععك بسعععبب طعععاعتهم وتعععأليههم لسعععادتهم وكعععبرائهم معععن
المجرمين ،ورضاهم واتباعهم لمنهج كبرائهم ،سواء كان ذلععك
كرها أم طوعا ،وممارستهم للفساد والفساد كل حسععب طععاقته .
وفساد الحكام عادة ما يكون مسبوقا ،بفساد الشعوب وانحرافهععا
ظرين ،الطععامعين فععي ،وليس العكس كما يتصور الكثير من المن ّ
السلطة ،صابين جععام غضععبهم علععى الحكععام ،والجععدى بهععؤلء
والجدر .بأن يشعروا بالرثاء لحععال الملععوك ،والشععفاق عليهععم
777
مععن حسععابهم العسععير ،بيععن يععدي ملععك الملععوك ،إن كععانوا مععن
الظالمين ،وليصلحوا أنفسهم أول ،ورب العزة كفيل ،بأن يوّلي
عليهم من هو خير منهم ،ول أذكععر بالضععبط مععن القععائل " :لععو
يعلم الملوك ،ما نشعععر بععه مععن حلوة اليمععان ،لقاتلونععا عليهععا
بالسيوف " .وهل يضمن هؤلء أل ُيفتنوا ببريق المال والسلطة
صلوا ،كما افُتتن الملوك والحكام ،على مّر العصور ،فيما لو تح ّ
حّتععى ُيغَّيعُروا َمععا لع َل ُيَغّيعُر َمععا ِبَقعْوٍم َ ن ا َّ عليهما .قععال تعععالى ) ِإ ّ
سِهْم ) 11الرعد ( . ِبَأْنُف ِ
وتدّبر دعاء نوح عليه السلم على قععومه ،حيععث شععملت دعععوته
عَبععاَدكَ َولَ ضعّلوا ِ ن َتعَذْرُهْم ُي ِ ك ِإ ْمن هم فععي ظهععور آبععائهم ِ ) :إّنع َ
جًرا َكّفاًرا ) 27نوح ( َيِلُدوا ِإّل َفا ِ
وتفّكر وتدّبر في قصة أصحاب السبت ،فيما يلي من آيات :
ن ِفععي حعِر ِإْذ َيعْعُدو َ ضعَرَة اْلَب ْحا ِ ت َ ن اْلَقْرَيعِة اّلِتععي َكععاَن ْ عِ سَأْلُهْم َ ) َوا ْ
ن َل سعِبُتو َ عا َوَيعْوَم َل َي ْ شعّر ً سعْبِتِهْم ُ حيَتاُنُهْم َيعْوَم َ ت ِإْذ َتْأِتيِهْم ِسْب ِال ّ
ت ُأمّةٌ مِْنُهْم ن )َ (163وِإْذ َقاَل ْ سُقو َ ك َنْبُلوُهْم ِبَما َكاُنوا َيْف ُ َتْأِتيهِْم َكَذِل َ
شعِديًدا َقععاُلوا َمْععِذَرًة عَذاًبا َ ل ُمْهِلُكُهْم َأْو ُمَعّذُبُهْم َ ن َقْوًما ا ُّ ظو َ ِلَم تَِع ُ
جْيَنععا
سععوا َمععا ُذّكعُروا بِعهِ َأْن َ ن )َ (164فَلّمععا َن ُ ِإَلى َرّبُكْم َوَلَعّلُهْم َيّتُقو َ
س ِبمَععا ب َبِئيع ٍ ظَلُمعوا ِبَععَذا ٍ ن َخعْذَنا اّلعِذي َ سوِء َوَأ َ ن ال ّ عِ ن َ ن َيْنَهْو َ اّلِذي َ
عْنُه ُقْلَنا َلُهْم ُكوُنععوا ن َما ُنُهوا َ عْ عَتْوا َ ن )َ (165فَلّما َ سُقو َ َكاُنوا َيْف ُ
ن ) 166العراف ( . سِئي َ خا ِ ِقَرَدةً َ
إذن ،هناك نجاة لمععن ينهععون عععن السععوء أول ،ومععن ثععم هنععاك
عذاب للذين ظلموا ثانيا ،بما كانوا يفسقون ،والفسق اصععطلحا
هو الخروج من الدين ،ولحظ هنا أن النجاة ُ ،كتبت لمععن أمععروا
بالمعروف ونهوا عن المنكععر ،فهععل نجععرؤ أو نقععوى هععذه اليععام
778
على فعل ذلك ،وإيمععان الواحععد منععا علععى حععرف ،وخوفنععا علععى
فقدان متاع الحياة الدنيا ،أشد من خوفنا من أمر ال … ؟!
صععاَبهُ ن َأ َف َ ،ف عِإ ْ حعْر ٍ عَلععى َ لع َ ن َيْعُبعُد ا َّ س َم ْ ن الّنا ِ قال تعالى ) َوِم َ
س عرَ خ ِ جِه عهِ َ ، عَلععى َو ْ ب َ صاَبْتُه ِفْتَن عٌة ،اْنَقَل ع َ ن َأ َ ن ِبِه َ ،وِإ ْ طَمَأ ّ خْيٌر ا َْ
ن اْلُمِبينُ ) 11الحج ( سَرا ُ خ ْ ك ُهَو اْل ُ خَرَة َذِل َ لِ الّدْنَيا َوا ْ
لع ن َرسُععوَل ا ِّ س عَأُلو َس َ ،ي ْ ن الّنا ُ ن ،قال َ :كا َ ن اْلَيَما ِ حَذْيَفَة ْب َ وعن ُ
خاَفةَ شّر َ ،م َ ن ال ّ عْ سَأُلُه َ ت َأ ْخْيِر َ ،وُكْن ُ ن اْل َ عْ سّلَم َ عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ َ
شعّر ، جاِهِلّيعٍة َو َ لع ِإّنععا ُكّنععا ِفععي َ سععوَل ا ِّ ت َ :يععا َر ُ ن يُْدِرَكِني َ ،فُقْلع ُ َأ ْ
شّر ؟ َقاَل َ :نَععْم ، ن َ خْيِر ِم ْخْيِر َ ،فَهْل َبْعَد َهَذا الْ َ ل ِبَهَذا اْل َ جاءََنا ا ُّ َف َ
ت
خنٌ ُ ،قْل ُ خْيٍر ؟ َقاَل َ :نَعْم َ ،وِفيِه َد َ ن َ شّر ِم ْ ك ال ّ ُقْلتُ َ :وَهْل َبْعَد َذِل َ
ن ِبَغْي عِر َه عْدِيي َ ،تْع عِرفُ مِْنُه عْم خُن عُه ؟ َقععاَل َ :ق عْوٌم َيْه عُدو َ َ :وَمععا َد َ
شّر ؟ َقاَل َ :نَعْم ُدعَععاٌة ِإَلععى ن َ خْيِر ِم ْ ك اْل َ ت َ :فَهْل َبْعَد َذِل َ َوُتْنِكُر ُ ،قْل ُ
لع ت َ :يا َرسُععوَل ا ِّ جاَبُهْم ِإَلْيَها َقَذُفوُه ِفيَها ُ ،قْل ُ ن َأ َ جَهّنَم َ ،م ْ ب َ َأْبَوا ِ
ت: س عَنِتَنا ُ ،قْل ع ُن ِبَأْل ِجْل عَدِتَنا َوَيَتَكّلُمععو َن ِ صْفُهْم َلَنا ؟! َفَقاَل ُ :هْم ِم ع ْ ِ
س عِلِمينَ ع عَة اْلُم ْ جَما َ ك ؟ َقععاَل َ :تْل عَزُم َ ن َأْدَرَكِنععي َذِل ع َ َفَمععا َت عْأُمُرِني ِإ ْ
عَتِزْل جَماعٌَة َوَل ِإَماٌم ؟ َقاَل َ :فا ْ ن َلُهْم َ ن َلْم َيُك ْ ت َ :فِإ ْ َوِإَماَمُهْم ُ ،قْل ُ
حّتععى ُيعْدِرَك َ
ك جَرٍة َ ، شع َصعِل َ ض ِبَأ ْ ن َتَعع ّ ق ُكّلَهععا َ ،وَلعْو َأ ْ ك اْلِفعَر َ ِتْلع َ
ك " .رواه البخععاري ومسععلم ،وأخرجععه عَلععى َذِلع َ ت َ ت َ ،وَأْنع َ اْلَموْ ُ
الترمذي والنسائي وأبو داود وابن وأحمد .
لع ، سوَل ا ِّ عْنُه َ ،قاَل ِ " :قيَل َيا َر ُ ل َ ي ا ُّ ضَ ي َر ِ خْدِر ّ سِعيٍد اْل ُ ن َ عْ وَ
س عّلَم :مُ عْؤِمنٌ عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ ضُل ؟ َفَقاَل َر ُ س َأْف َ ي الّنا ِ َأ ّ
ن ؟ َقععاَل :مُ عْؤِمنٌ سِه َوَماِلِه َ ،قاُلوا ُ :ثّم َم ْ ل ِبَنْف ِسِبيِل ا ِّ جاِهُد ِفي َ ُي َ
شععّرِه " .رواه ن َ س ِم ْ ع الّنا َ ل َ ،وَيَد ُ ب َيّتِقي ا َّ شَعا ِ ن ال ّ ب ِم ْ شْع ٍِفي ِ
البخاري ومسلم ،وأخرجه وأبو داود وابن ماجه وأحمد .
779
صعًة ، خا ّ ظَلُموا ِمْنُكعْم َ ن َ ن ،الِّذي َ صيَب ّوقال تعالى ) َواّتُقوا ِفْتَنًة َل ُت ِ
ب ) 25النفال ( شِديُد اْلِعَقا ِل َ ن ا َّ عَلُموا َأ ّ َوا ْ
لمننن ُ ع َمنننا ي َ ْ ع ّفًل َ ، غنننا ِ ه َ ن الل ّننن َ سنننب َ ّ ح َ وَل ت َ ْ ) َ
ن( مو َ ظال ِ ُ ال ّ
ن ِ ،إّنمَععا ظععاِلُمو َ عّما َيْعَمُل ال ّ لَ ، غاِف ًل َ ن ا َّسَب ّح َقال تعالى َ ) :وَل َت ْ
ن ُمْقِنِعععي طِعي ع َصععاُر )ُ (42مْه ِ ص ِفي عِه اَْلْب َ خ ُ شع َخُرُهْم ِلَي عْوٍم َ ،ت ْ ُي عَؤ ّ
سطْرُفُهْم َوَأْفِئَدُتهُْم َهَواٌء )َ (43وَأنِْذِر الّنا َ سِهْم َل َيْرَتّد ِإَلْيِهْم َ ُرُءو ِ
جعٍل خْرَنععا ِإَلعى َأ َظَلُموا َ :رّبَنععا َأ ّ ن َ ب َ ،فَيُقوُل اّلِذي َ َ ،يْوَم َيْأِتيِهُم اْلَعَذا ُ
سعمُْتْم ِمع ْ
ن سعَل َ ،أَوَلعْم َتُكوُنععوا َأْق َ ك َ ،وَنّتِبِع الّر ُ عَوَت َ
ب َد ْ ج ْ ب ُ ،ن ِ َقِري ٍ
ظَلُمععوان َ ن اّل عِذي َ
سععاِك ِس عَكْنُتْم ِفععي َم َ ن َزَواٍل )َ (44و َ َقْبُل َ ،ما َلُكْم ِم ْ
ض عَرْبَنا َلُك عُم اَْلْمثَععاَل )(45 ف َفَعْلَنا ِبِهْم َ ،و َ ن َلُكْم َكْي َسُهْم َ ،وَتَبّي َ َأْنُف َ
ن َمْكُرُهعْم ِلَتعُزوَل ن َكععا َ ل َمْكُرُهعْم َ ،وِإ ْ عْنَد ا َِّوَقْد َمَكُروا َمْكَرُهْم َ ،و ِ
لعس عَلُه ِ ،إنّ ا َّ عِدِه ُر ُ ف َو ْ خِل َ ل ُ ،م ْ ن ا َّ سَب ّ
ح َ ل َت ْ
جَباُل )َ (46ف َ ِمْنُه اْل ِ
عِزيٌز ُذو اْنِتَقاٍم ) 47إبراهيم ( … َ
حٌد ،س َ ،وِلُيْنَذُروا ِبِه َ ،وِلَيْعَلُموا َأّنَما ُهَو ِإَلٌه َوا ِ غ ِللّنا ِ لٌ … َهَذا َب َ
ب ) 52إبراهيم ( َوِلَيذّّكَر ُأوُلو اَْلْلَبا ِ
مننن هننم الظننالمون ومننن هنني القننرى
الظالمة ؟!
جاء في إهلك القرى الظالمة :
صععيرُ
ي اْلمَ ِ
خْذُتَها َوِإَل ّ
ظاِلَمٌة ُثّم َأ َ
ي َت َلَها َوِه َ
ن َقْرَيٍة َأْمَلْي ُ
ن ِم ْ) َوَكَأّي ْ
) 48الحج (
شِديٌد )
خَذُه َأِليٌم َ
ن َأ ْ
ظاِلَمٌة ِإ ّ
ي َ خَذ اْلُقَرى َوِه َك ِإَذا َأ َ
خُذ َرّب َك َأ ْ
) َوَكَذِل َ
102هود (
780
ن) لَي عًة ِلَق عْوٍم يَْعَلمُععو َ
ك َن ِفي َذِل َ ظَلُموا ِإ ّ خاِوَيًة ِبَما َ ك ُبُيوُتُهْم َ ) َفِتْل َ
52النمل (
ن) خِريع َ شْأَنا َبْعَدَها َقْوًمعا آ َظاِلَمًة َوَأن َ ت َ ن َقْرَيٍة َكاَن ْصْمَنا ِم ْ ) َوَكْم َق َ
11النبياء (
سعُبونَ )(129 ضععا ِبَمععا َكععاُنوا َيْك ِ
ن َبْع ً ظاِلِمي َض ال ّك ُنَوّلي َبْع َ ) َوَكَذِل َ
ن )131 غععاِفُلو َظْلٍم َوَأْهُلَها َ ك اْلُقَرى ِب ُ ك ُمْهِل َ
ن َرّب َ ن َلْم َيُك ْ
ك َأ ْ … َذِل َ
النعام ( .
ك ِإّل
جْه عَرًة َ ،ه عْل ُيْهَل ع ُ ل َ ،بْغَت عًة َأْو َب ا ِّ عَذا ُن َأَتاُكْم َ ) ُقْل َأَرَأْيَتُكْم ِإ ْ
ن ) 47المائدة ( ظاِلُمو َ اْلَقْوُم ال ّ
مفهننوم الظلننم بننالمنظور اللهنني ،علننى
المستوى الفردي والجماعي :
ن َيُقلْ ِمْنُهْم ِ ،إّني ِإَل عهٌ مِ عنْ .1إدعاء البشر لللوهية َ ) :وَم ْ
ن )29 ظععاِلِمي َ ج عِزي ال ّ ك َن ْجَهّن عَم َ ،ك عَذِل َجِزي عِه َك َن ُْدوِنِه َ ،فَذِل َ
النبياء (
ي َل ظ عُه َيُبَن ع ّن ِلْبِنِه َوُهَو َيِع ُ .2الشرك بال َ ) :وِإْذ َقاَل ُلْقَما ُ
ظيٌم ) 13لقمان ( عِ ظْلٌم َ ك َل ُ
شْر َن ال ّ ل ِإ ّ
ك ِبا ِّشِر ْ ُت ْ
لع َمعان ا ِّ ن ُدو ِ ع ِمع ْ .3الشرك في الدعاء والولء َ ) :وَل َتْد ُ
ظعاِلِمينَ ) ن ال ّ ك ِإًذا ِمع َ ت َفِإّنع َ
ن َفَعْلع َك َفعِإ ْ
ضعّر َك َوَل َي ُ َل َيْنَفُعع َ
106يونس (
ظَل عُم مِمّ عنْ ن َأ ْ .4الكذب على ال أو التكععذيب بآيععاته َ ) :وَم ع ْ
ن) ظاِلُمو َ ح ال ّ ب ِبآَياِتِه ِإّنُه َل ُيْفِل ُ ل َكِذًبا َأْو َكّذ َعَلى ا ِّ اْفَتَرى َ
21النعام (
781
تن ُذّك عَر ِبآَيععا ِ ظَلُم ِمّم ع ْن َأ ْ .5العراض عن آيات ال َ ) :وَم ْ
ن )22 ن ُمْنَتِقُمععو َ جِرِميع َن اْلُم ْ عْنَهععا ِإّنععا ِمع َ
ض َ ععَر َ َرّبِه ُثعّم َأ ْ
السجدة (
ل ع َقْوًمععا َكَف عُروا َبْع عَد ف َيْه عِدي ا ُّ .6الكفر بعد اليمان َ ) :كْي َ
ل ع َل ت َوا ُّ جاَءُهُم اْلَبّيَنا ُ ق َو َ حّ سوَل َ ن الّر ُ شِهُدوا َأ ّ ِإيَماِنِهْم َو َ
ن ) 86آل عمران ( ظاِلِمي َ َيْهِدي اْلَقْوَم ال ّ
لعع ن ا َّ .7إنكار البعث وقدرة ال على الخلق َ ) :أَوَلْم َيَرْوا َأ ّ
ق ِمثَْلُهعْم خُلع َن َي ْعَلعى َأ ْ ض َقعاِدٌر َ ت َواَْلْر َ سَمَوا ِ ق ال ّ خَل َ
اّلِذي َ
ن ِإّل ُكُفععوًرا )99 ظاِلُمو َب ِفيِه َفَأَبى ال ّ ل َل َرْي َ جًجَعَل َلُهْم َأ َوَ َ
السراء (
.8التكذيب المسبق بدون علم ،ممن أخذتهم العزة بالثم :
طوا ِبِعْلِمِه َوَلّمععا َيعْأِتِهْم َتعْأِويُلُه َكعَذِل َ
ك حي ُ) َبْل َكّذُبوا ِبَما َلْم ُي ِ
ظععاِلِمينَ ) عاِقَب عُة ال ّ ن َ ف َكععا َظْر َكْي ع َن َقْبِلِهْم َفاْن ُ
ن ِم ْ ب اّلِذي ََكّذ َ
39يونس (
ن ِفي ضو َ خو ُ ن َي ُت اّلِذي َ .9الخوض في آيات ال َ ) :وِإَذا َرَأْي َ
غْيِرِه َوِإّما ث َ حِدي ٍ ضوا ِفي َ خو ُ حّتى َي ُ عْنُهْم َ ض َ عِر ْ َءاَياِتَنا َفَأ ْ
ظععاِلِمينَ ل َتْقُعْد َبْعَد الّذْكَرى َمَع اْلَق عْوِم ال ّ ن َف َطا ُشْي َ
ك ال ّ سَيّن َ
ُيْن ِ
) 68النعام (
سععوٌل ِمْنُه عْم َفَك عّذُبوُه جععاَءُهْم َر ُ .10تكععذيب الرسععل َ ) :وَلَق عْد َ
ن ) 113النحل ( ظاِلُمو َ ب َوُهْم َ خَذُهْم اْلَعَذا ُ َفَأ َ
.11اتهععام الرسععل بععالمس ،إنكععارا للععوحي ِ ) :إْذ َيُقععوُل
حوًرا ) 47السراء ( سُ ل َم ْجً ن ِإّل َر ُ ن َتّتِبُعو َن ِإ ْظاِلُمو َ ال ّ
782
.12اللهو والتجني على الرسل فععي السععر والعلععن ) :لَِهَيعةً
شعٌر ظَلُمععوا َهعْل َهعَذا ِإّل بَ َ ن َ جَوى اّلعِذي َ سّروا الّن ْ ُقُلوُبُهْم َ ،وَأ َ
صُرونَ ) 3النبياء ( حَر َوَأْنُتْم ُتْب ِ سْ ن ال ّ ِمْثُلُكْم َأَفَتْأُتو َ
.13اتهام الرسول بالكذب والتعّلم من البشر َ ) :وَقاَل اّلععِذينَ
خعُرونَ عَلْيعِه َقعْوٌم َءا َ عععاَنهُ َ ك اْفَتعَراُه َوَأ َ ن َهَذا ِإّل ِإْف ٌ َكَفُروا ِإ ْ
ظْلًما َوُزوًرا ) 4الفرقان ( جاُءوا ُ َفقَْد َ
.14العععراض عععن هععدي الرسععل واتبععاع سععبلهم َ ) :وَي عْوَم
سععوِل ت َمعَع الّر ُ خعْذ ُ
عَلى َيَدْيِه َيُقععوُل َيَلْيَتِنععي اّت َ ظاِلُم َ ض ال ّ َيَع ّ
ل ) 27الفرقان ( سِبي ً َ
.15منع ذكر ال في المساجد والسعي في خرابهععا َ ) :ومَ عنْ
س عَعى ِفععي سُمُه َو َ ن ُيْذَكَر ِفيَها ا ْ ل َأ ْجَد ا ِّ سا ِ ن َمَنَع َم َ َأظَْلُم ِمّم ْ
خَراِبَها ) 114البقرة ( َ
.16كتم ما ُأوتي الناس من علم من عند ربهععم ُ) :ق عْل َءَأْنُت عْم
لع ) ن ا ِّ عْنعَدُه ِمع ْشعَهاَدًة ِ ن َكَتَم َ ظَلُم ِمّم ْ ن َأ ْل َ ،وَم ْ عَلُم َأِم ا ُّ َأ ْ
140البقرة (
ق ِم عنْ حع ّ شَهاَدُتَنا َأ َ
ل َل َ ن ِبا ِّسَما ِ .17شهادة الزور َ … ) :فُيْق ِ
ن )107 ظعععاِلِمي َن ال ّ عَتعععَدْيَنا ِإّنعععا ِإًذا َلمِععع َ
شعععَهاَدِتِهَما َوَمعععا ا ْ َ
المائدة (
عْلٍم
ظَلُموا َأْهَواَءُهْم ِبَغْيِر ِ ن َ .18اتباع الهوى َ ) :بْل اّتَبَع اّلِذي َ
ن )29 ص عِري َن َنا ِ ل ع َوَمععا َلهُ عْم ِم ع ْ ض عّل ا ُّ ن َأ َ ن َيْه عِدي َم ع ْ َفَم ع ْ
الروم (
ت َأْه عَواَءُهْم ِم عنْ ن اّتَبْع ع َ .19اتباع أهواء أهل الكتععاب َ ) :وَلِئ ْ
ن) ظعععاِلِمي َ ن ال ّ ك ِإًذا َلِمععع ْن اْلِعْلعععِم ِإّنععع َك ِمععع ْ جعععاَء ََبْععععِد َمعععا َ
145البقرة (
783
ن ِفْتَنععةٌ حّتععى َل َتُكععو َ .20السعععي فععي الفتنععة َ ) :وَقععاِتُلوُهْم َ
ن) ظاِلِمي َعَلى ال ّ ن ِإّل َ عْدَوا َ ل ُ ن انَتَهْوا َف َ ل َفِإ ْ ن ِّ ن الّدي ُ َوَيُكو َ
193البقرة (
جَرَة َفَتُكوَنععا ِمعنْ شع َ
.21معصية أمر ال َ ) :وَل َتْقَرَبععا َهعِذِه ال ّ
ن ) 35البقرة ( ظاِلِمي َ ال ّ
ل َتْعَت عُدوَها ل ع َف َح عُدوُد ا ِّ ك ُ .22العتداء على حدود ال ِ ) :تْل َ
ن ) 229البقرة ( ظاِلُمو َ ك ُهْم ال ّ ل َفُأْوَلِئ َ
حُدوَد ا ِّ ن َيَتَعّد َُوَم ْ
.23القتل وسفك الدماء ِ ) :إّني ُأِريُد َأنْ َتُبوَء ِب عِإْثِمي َوِإْثِم عكَ
ن )29 ظععاِلِمي َجععَزاُء ال ّ ك َب الّنععاِر َوَذِلعع َ حا ِ صعع َن َأ ْ ن ِمعع َْفتَُكععو َ
المائدة (
لع حُكعْم ِبَمععا َأنعَزَل ا ُّ ن َلْم َي ْ .24الحكم بغير ما أنزل ال َ ) :وَم ْ
ن ) 45المائدة ( ظاِلُمو َ ك ُهْم ال ّ َفُأْوَلِئ َ
عَلْيِهععْمب َ .25الستنكاف عن القتال في سبيل ال َ ) :فَلّما ُكِت َ
ن )246 ظععاِلِمي َلع عَِليعٌم ِبال ّ ل ِمْنُهعْم َوا ُّ اْلِقَتععاُل َتَوّلعْوا ِإّل َقِلي ً
البقرة (
.26خيانة العهد ونكران المعروف َ ) :وَراَوَدْتُه اّلِتي ُهَو ِفي
ك َقععاَل َمَعععاَذ ت َل َ ت َهْي َ ب َوَقاَل ْ ت اَْلْبَوا َ غّلَق ْسِه َو َ ن َنْف ِعْ َبْيِتَها َ
ن )23 ظعاِلُمو َ ح ال ّ ي ِإّنعُه َل ُيْفِلع ُ ن َمْثعَوا َ سع َ ح َالِّع ِإّنعُه َرّبعي َأ ْ
يوسف (
.27مععوالة الععذين يقععاتلون المسععلمين ،وُيخرجععونهم مععن
ديعععارهم ،ومعععوالة العععذين ُيؤيعععدونهم وُيسعععاندونهم فعععي
ن َقععاَتُلوُكْم ِفععي العّدي ِ
ن ن اّلعِذي َعع ِ لع َ فعلهم ِ ) :إّنَما َيْنَهععاُكُم ا ُّ
ن َتَوّلْوُهْمجُكْم َأ ْخَرا ِ عَلى ِإ ْ ظاَهُروا َ ن ِدَياِرُكْم َو َ جوُكْم ِم ْ خَر ُ وََأ ْ
ن ) 9الممتحنة ( ظاِلُمو َك ُهُم ال ّ ن َيَتَوّلُهْم َفُأوَلِئ ََوَم ْ
784
ن آَمُنععوا لَ .28مععوالة اليهععود والنصععارى َ ) :يَأّيَهععا اّلععِذي َ
ض عُهْم َأْوِلَيععاُء َبعْ ع ٍ
ض صععاَرى َأْوِلَيععاَء َبْع ُ خُذوا اْلَيُهععوَد َوالّن َ َتّت ِ
لعع َل َيْهععِدي اْلَقععْوَم ن ا َّ ن َيَتععَوّلُهْم ِمْنُكععْم َفععِإّنُه ِمْنُهععْم ِإ ّ وََمعع ْ
ن ) 51المائدة ( ظاِلِمي َ ال ّ
.29موالة الكافرين ولو كععانوا أولععي قربععى َ ) :يَأّيَهععا اّلعِذينَ
حّبوا اْلُكْفَر سَت َنا ْ خَواَنُكْم َأْوِلَياَء ِإ ْ خُذوا آَباَءُكْم َوِإ ْ آَمُنوا َل َتّت ِ
ن )23 ظععاِلُمو َ ك ُهعْم ال ّ ن َيَتَوّلُهْم ِمْنُكْم َفُأْوَلِئ َ ن َوَم ْ عَلى اِْليَما ِ َ
التوبة (
.30إخعراج النعاس معن ديعارهم وتشعريدهم َ ) :وَقعاَل اّلعِذينَ
ن ِفععي مِّلِتَنععا ضَنا َأْو َلَتُعععوُد ّ ن َأْر ِ جّنُكْم ِم ْ خِر َ
سِلِهْم َلُن َْكَفُروا ِلُر ُ
ن )13إبراهيم ( ظاِلِمي َ ن ال ّ حى ِإَلْيِهْم َرّبُهْم َلُنْهِلَك ّ َفَأْو َ
ظععاِلِمينَ ِإّل ضّلوا َكِثيًرا َوَل َتِزِد ال ّ .31إضلل الناس َ ) :وَقْد َأ َ
لًل ) 24نوح ( ضَ َ
.32الشعور بالفوقيععة ،والتكععبر والسععتعلء علععى النععاس :
ن َتِبي عَد َه عِذِه
ن َأ ْظع ّ سِه َقاَل َمععا َأ ُ ظاِلٌم ِلَنْف ِ جّنَتُه َوُهَو َ خَل َ ) َوَد َ
َأبًَدا ) 35الكهف (
طععُرِد .33ازدراء فقراء المؤمنين والعراض عنهم َ ) :وَل َت ْ
جَهعهُ َمععا ن َو ْ شعيّ ُيِريعُدو َ ن َرّبُهعْم ِباْلَغعَداِة َواْلَع ِ عو َ ن َيعْد ُ اّلِذي َ
عَلْيِه عْم مِ عنْ ك َ سععاِب َ
ح َ ن ِيٍء َوَما ِم ع ْ ش ْ ن َ ساِبِهْم ِم ْ ح َن ِ ك ِم ْ عَلْي َ
َ
ن ) 52النعام ( ظاِلِمي َ ن ال ّ ن ِم َ طُرَدُهْم َفَتُكو َ يٍء َفَت ْ ش ْ َ
.34الستهزاء بالخرين والتقليل من شأنهم َ ) :يَأّيَها اّلِذي َ
ن
خْيًرا مِْنُهععْم ن َيُكوُنوا َ سى َأ ْ ع َ ن َقْوٍم َ خْر َقوٌم ِم ْ سََءاَمُنوا َل َي ْ
ن َوَل َتْلمِ عُزوا خْيًرا ِمْنُه ع ّ ن َ ن َيُك ّ سى َأ ْ ع َ ساٍء َ ن ِن َ ساٌء ِم ْ وََل ِن َ
785
ق َبْعععدَ سععو ُ سععُم اْلُف ُس اِل ْ ب ِبْئ َ سععُكْم َوَل َتَنععاَبُزوا ِباَْلْلَقععا ِ َأنُْف َ
ن ) 11الحجرات ( ظاِلُمو َ ك ُهُم ال ّ ب َفُأوَلِئ َن َلْم َيُت ْ
ن َوَم ْ اِْليَما ِ
.35الستعاضة عن اليمان بال واليوم الخر ،والجهاد في
عَمععاَرَة ج َو ِحععا ّسَقاَيَة اْل َ
جَعْلُتْم ِ سبيله ،بخدمة الحجاج َ ) :أ َ
جاَه عَد ِفععي خ عِر َو َلِ ل َواْلَيوِْم ا ْن ِبا ِّ ن َءاَم َ حَراِم َكَم ْ جِد اْل َسِاْلَم ْ
لعع َل َيْهععِدي اْلَقععْوَم لعع َوا ُّ عْنععَد ا ِّن ِ سععَتُوو َ لعع َل َي ْ سععِبيِل ا َِّ
ن ) 19التوبة ( ظاِلِمي َ
ال ّ
.36حمل القرآن والعمل بنقيض مععا جععاء بععه َ ) :مَثعُل اّلعِذي َ
ن
س عَفاًرا حِم عُل َأ ْحَمععاِر َي ْحِمُلوَها َكَمَثِل اْل ِ حّمُلوا الّتْوَراَة ُثّم َلْم َي ْ ُ
ت الِّ َوالُّ َل َيْهِدي اْلَقْوَم ن َكّذُبوا ِبآَيا ِ س َمَثُل اْلَقْوِم اّلِذي َِبئْ َ
ن ) 5الجمعة ( ظاِلِمي َ
ال ّ
هذا الكتاب يؤكد علععى أن زمععن النهايععة قععد اقععترب ،وأن الحلقععة
الولى من مسلسل أحداثها ،ستبدأ على أبعععد الحتمععالت ،خلل
فترة زمنية ،ل تزيد عن أشععهر معععدودة .وأن أحععداث النهايععة ،
سيهلك فيها الكثير من الناس ،وتنهععار فيهععا الكععثير مععن المععم ،
وقد يستنكر الكثيرون هذا المر .
ن َبْععِد ُنععوحٍ ) 17السععراء ( ن ِم ْ ن اْلُقُرو ِ قال تعالى ) َوَكْم َأْهَلْكَنا ِم َ
ولو رجعنا إلى الوراء قليل ،واستذكرنا تلك القوام الععتي ُأهلكععت
سِلِه ) 8الطلق ( ،لوجدنا أن أشكال ن َأْمِر َرّبَها َوُر ُ عْ ت َ عَت ْ
لّما ) َ
الظلم التي مارستها تلك القوام ،ل ُتقارن مع ما تمارسه القوام
المعاصععرة .أفل تسععتحق القععوام المعاصععرة الهلك ؟ وإن كععانت
كذلك أليس هلكها بقريب ؟!
ولو استذكرنا تاريخ المة السلمية ،سنجد أنها ُمنيت بكثير من
النكبععات والمصععائب ،كلمععا كععانت تبتعععد عععن الخععرة وتلتصععق
786
بالحياة الدنيا .والحالة التي نعيشها الن ،هي السععوأ علععى مععر
التاريخ ،فنحن منغمسععون فععي الحيععاة الععدنيا ،مععن الععرأس حععتى
أخمص القدم ،وأما السلم ،فهو مجرد شعار تسويقي ،نلَبسععه
كلما اقتضت الحاجة لععذلك .أفل نسععتحق الهلك ،أو السععتبدال ،
أو التأديب على القل :
س
ن اَْلْم عَواِل َواْلَْنُف ع ِ ص ِم ع َ ع َوَنْق ع ٍ
جو ِ ف َواْل ُخْو ِ ن اْل َ
يٍء ِم َ ش ْ ولو ) ِب َ
ت ) 155البقرة ( ؟! َوالّثَمَرا ِ
جِلُكعْم َ ،أْو ت َأْر ُحع ِ
ن َت ْن َفْوِقُكْم َ ،أْو ِمع ْ عَذاًبا ِم ْعَلْيُكْم َ ث َن َيْبَع َ أو ) َأ ْ
صعّرفُ ف ُن َ ظعْر َكْيع َض ،اْن ُ س َبْع ٍ ضُكْم َبْأ َ
ق َبْع َ شَيًعا ،أَو ُيِذي َ سُكْم ِ َيْلِب َ
ن ) 65النعام ( ؟ ت َلَعّلُهْم َيْفَقُهو َ لَيا ِاْ
وعلى ما يبدو أن إهلك القرى ،سيبدأ بثلثية الفساد والظلم في
الرض ،على مسععتوى الععديانات الثلث ،اليهوديععة والنصععرانية
والسلم ،متمثلة في إسرائيل وأمريكا ومصععر ،ومععن ثععم بقيععة
القرى المفسدة والظالمة تباعا ،علععى قاعععدة الجععزاء مععن جنععس
العمل ،بإذن ال ،وما ذلك على ال بعزيز .
مننا م ة ن سنن ف ْ لكننأ َ
ك َ عْننندَ َرّبنن َ مننا ِ
ّ ِ ٍ َ ِ َ و ًن يَ ْ وإ ِ ّ ) َ
ن( دو َ ع ّتَ ُ
ت
سَفَل ِمْنُكْم َ ،وِإْذ َزاغَ ع ِ ن َأ ْ
ن َفْوِقُكْم َ ،وِم ْ جاُءوُكْم ِم ْ قال تعالى ) ِإْذ َ
ظُنوَنععا )10 ن ِبعالِّ ال ّ ظّنعو َ جَر َ ،وَت ُ
حَنعا ِب اْل َت اْلُقُلعو ُصاُر َ ،وَبَلَغ ِ اَْلْب َ
الحععزاب ( ،كععان هععذا حععال صععحابة رسععول ال ع عليععه الصععلة
والسلم ،أكثر الناس إيمانا وعزيمة وصبرا وثباتا على دينهععم ،
لقععد بلععغ منهععم الخععوف مبلغععا عظيمععا ،حععتى سععاورتهم الشععكوك
ب عليهعععم معععن والظنعععون ،فعععي غعععزوة الحعععزاب ،عنعععدما تعععأل ّ
بأقطارها ،من ملل الكفر والشرك ،جمعتها الصهيونية اليهودية
787
الحاقدة قععديما ،لععوأد دولععة السععلم الحديثععة ،خوفععا مععن ضععياع
السيطرة اليهودية ،على مجريات المور في الجزيععرة العربيععة ،
بإثارة الفتن والحروب بين القبائل ،حيث كععان اليهععود المرجعيععة
الستشارية ،لمشركي قريش وغيرهم من القبععائل ،فيمععا يتعّلععق
بأساطير الولين .
وفععي العععالم العربععي والسععلمي شععرقا وغربععا ،يشعععر النععاس
بالحباط واليأس والخوف ،من الوضععع الُمتععأزم الععذي يعيشععونه
فععي السععنوات الخيععرة إجمععال ،وفععي هععذه اليععام علععى وجععه
الخصععوص ،وهععم يشععاهدون مععا يجععري علععى أرض السععراء
والمعراج وغيرها ،من هجمة شرسة شنها أوغاد الصهانية فععي
الشرق ،مدعومين بأوغاد الصععهانية مععن يهععود ومسععيحيين فععي
الغرب ،حتى بدأ اليأس والقنععوط مععن رحمععة ال ع ،يتس عّرب إلععى
ن السوء ،بل ن بال ظ ّ قلوب الكثير منهم ،لدرجة أن منهم من ظ ّ
ومنهم من كفر بال رّبا ،وبالسلم دينا في لحظة من اللحظات ،
ومنهععم مععن دعععا علععى أهلععه وولععده ،وعلععى الشعععوب العربيععة
وحّكامها بالهلكة والخراب .
لمثل أولئك في هذا الزمان ،يقول سبحانه وتعالى ،قبل مععا يزيععد
على 1400سنة ،في كتابه المجيعد ،فعي نهايعة سعورة النحعل ،
قبععل أن يبععدأ فععي الخبععار ،عععن وعععد الخععرة فععي السععورة الععتي
تليها :
خْي عرٌ
ص عَبْرُتْم َلُه عَو َ
ن َعوِقْبُتْم ِبِه َوَلِئ ْ
عاَقْبُتْم َفَعاِقُبوا ِبِمْثِل َما ُ
ن َ) َوإِ ْ
حععَز ْ
ن ك ِإّل ِبععالِّ َ ،وَل َت ْ صععْبُر َصععِبْر َوَمععا َن )َ (126وا ْ صععاِبِري َ
ِلل ّ
ن الَّ مَ عَع اّل عِذي َ
ن ن )ِ (127إ ّ ق ِمّما َيْمُكُرو َضْي ٍك ِفي َ عَلْيهِْم َ ،وَل َت ُ َ
ن )(128 سُنو َح ِ ن ُهْم ُم ْاّتَقْوا َ ،واّلِذي َ
788
وفي معرض تعقيبه علععى وعععد الخععرة ،الععذي نعيشععه الن بكععل
حيثّياته ،يقول :
جععوًل ) ن عَ ُ سععا ُ
ن اِْلْن َ خْيِر َ ،وَكا َ عاَءُه ِباْل َ شّر ُد َن ِبال ّسا ُ ع اِْلْن َ
) َوَيْد ُ
11السراء (
سععانِعَلععى اْلِْن َويقععول أيضععا فععي نفععس السععورة َ ) :وِإَذا َأْنَعْمَنععا َ
سا )(83 ن َيُئو ً شّر َكا َ سُه ال ّ جاِنِبِه َ ،وِإَذا َم ّ ض َوَنَأى ِب َ عَر َ َأ ْ
خْي عِر ،
عععاِء اْل َن ُد َ ن ِم ع ْ سععا ُ
سَأُم اِْلْن َ صلت َ ) :ل َي ْ ويقول في سورة ُف ّ
ط )(49 س َقُنو ٌشّر َفَيُئو ٌ سُه ال ّ ن َم ّ َوِإ ْ
جًبععا
عَس عّلَم َ " : عَلْي عِه َو َ لع َ ص عّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ ب َ ،قاَل َر ُ صَهْي ٍن ُ عْ وَ
ح عٍد ِإّل ِلْلُم عْؤمِنِ ، ك َِل َ س َذا َ
خْيٌر َ ،وَلْي َ ن َأْمَرُه ُكّلُه َن ِ ،إ ّ َِلْمِر اْلُمْؤِم ِ
ضعّراُء ،صععاَبْتهُ َ ن َأ َ خْيعًرا لَعُه َ ،وِإ ْ ن َ شعَكَر َ ،فَكععا َسّراُء َ صاَبْتُه َ ن َأ َِإ ْ
خْيًرا َلُه " .رواه مسلم . ن َ صَبَر َفَكا َ
َ
كثير من الناس ،ببعدهم عن القرآن والسنة ،ل يفهمععون الكععثير
من الغايات والمقاصد اللهية ،من تصريف أمور الناس بالشععكل
المنظععور والمحسععوس ،وخاصععة فيمععا يتعّلععق بععالبتلء ،سععواء
جُعععونَ ) خْيِر ِفْتَنًة َوِإَلْيَنا ُتْر َ شّر َواْل َ بالخير أو الشّر َ ) ،وَنْبُلوُكْم ِبال ّ
ضح وبّين فععي كتععابه 35النبياء ( مع أن ال سبحانه وتعالى ،و ّ
العزيز للمؤمنين ،أن عاقبة المور ،هي ما يجب أن ُنرّكز عليععه
أنظارنععا وعقولنععا وقلوبنععا .وأن نعّلععق آمالنععا دائمععا وأبععدا علععى
العاقبة ،أي المنتهى الذي ستؤول إليه المور فيمععا بعععد ،سععواًء
في الدنيا أو الخرة ،مهما طال الزمن أو قصر ،وأل نعّلق آمالنا
على الواقع الذي نعيش فيه ،فبعد غزوة الحزاب ،الععتي زاغععت
فيها أبصععار المععؤمنين ،وبلغععت قلععوبهم الحنععاجر ،وظنععوا بععال
الظنععون ُ ،فتحععت مكععة ،وكععانت تلععك الفئة المؤمنععة الصععابرة
789
والثابتة ،هي نفسها التي قععادت جيوشععا ،زلزلععت عععروش أكععبر
دول الكفر والطغيان ،في ذلك الزمان .
كان يوسف عليععه السععلم قععد ُأبعععد عععن أبععويه طفل ،وُرمععي فععي
البئر ،وُأخذ من قبل ُأناس غرباء إلى أرض غريبة ،وبيععع عبععدا
بدارهم قليلة ،وعععاش غريبععا حععتى بلععغ أشعّده ،واُتهععم بمععراودة
زوجة سيده ،وألقي في السجن سنينا طويلة .ولكن بعد كل تلععك
المعاناة ،وفي نهاية المطاف ،كان المععر مختلفععا كليععا ) َوَك عَذِل َ
ك
حمَِتَنععا
ب ِبَر ْ
صععي ُ شععاُء ُن ِث َي َ حْيع ُ
ض َيَتَبّوُأ ِمْنَها َ ف ِفي اَْلْر ِ س ََمّكّنا ِلُيو ُ
س عِنينَ ) 56يوسععف ( وأمععا فععي ح ِ ج عَر اْلُم ْ
ضععيُع َأ ْ شععاُء َوَل ُن ِ
ن َن َ
َم ع ْ
ن )57 ن َءاَمُنععوا َوَكععاُنوا َيّتُقععو َ خْيعٌر ِلّلعِذي َ
خعَرِة َ لِجعُر ا ْالخرة ) َوَل ْ
يوسف (
ويؤكد سعبحانه بعأن بدايعة التمكيعن ليوسعف ،كعانت منعذ دخعوله
ص عرَ شَتَراُه ِمنْ مِ ْ لبيت العزيز ،مع كونه دخله عبدا ) َوَقاَل اّلِذي ا ْ
خَذُه َوَلًدا َوَك عَذِلكَ مَّكّنععا
ن َيْنَفَعَنا َأْو َنّت ِ
سى َأ ْ ع َ ِلْمَرَأِتِه َأْكِرِمي َمْثَواُه َ
ث … ( ،ولك ع ّ
ن حععاِدي ِ ن َتْأِوي عِل اَْل َض َوِلُنَعّلَم عُه ِم ع ْف ِفي اَْلْر ِ س َ ِلُيو ُ
النععاظر إلععى يوسععف عبععدا سععجينا ،قابعععا فععي زوايععا النسععيان
والهمال ،ولو كان أكثر الناس تفاؤل ،لم يكن يخطر ببععاله ،أن
حال هذا العبد السععجين ،المتهععم بالخيانععة ،سععينقلب رأسععا علععى
عقععب ،لُيصععبح وزيععر ماليععة مصععر ،أكععبر دول العععالم القععديم ؟!
ولكععن حكمععة العع اقتضععت ،عكععس مععا قععد يتصععّوره ،أغلععب
الواقعيون من ُأناس ذلك العصر ،وعلى رأسهم العزيز وامرأته .
لذلك أكد سبحانه ،على أن الناس – خاصة غيععر المععؤمنين بععال
وصفاته ،جّلت قععدرته – ُيعععانون فععي الغععالب ،مععن قصععر النظععر
والفكععر ،بععأنه قععادر علععى تنفيععذ مشععيئته ،فععي أقسععى الظععروف
وأحلكها واستحالتها ،مخالفا كل معطيعات الواقعع ،العذي يتعذّرع
790
بل ع غَععاِل ٌ به الناس هذه اليام ،لذلك قال في تكملة الية ) … َوا ُّ
ن ) ، (21وفععي سععورة س َل َيْعلَُمععو َ ن َأْكَثعَر الّنععا ِ
عَلععى َأْمعِرِه َ ،وَلِكع ّ َ
ضح سبحانه ،حقيقة ما يعلمه النععاس ويؤمنععون بععه ، الروم ُ ،يو ّ
خَرِة ُهععْم لِ نا ْ عِحَياِة الّدْنَيا َ ،وُهْم َ ن اْل َ
ظاِهًرا ِم َ ن َ في قوله ) َيْعَلُمو َ
ن ) ، (7وظاهر الحياة الدنيا ،هو الواقع المشاهد . غاِفُلو َ َ
أما بالنسبة لواقع المة السلمية الحالي ،ومععا يععواجهه الشعععب
الفلسطيني ،من معاناة ،من قبل المفسدون الصهاينة في الغرب
والشرق ،فععإن الع وعععد المععؤمنين بالنصععر مععن عنععده ،ووعععد
عدوهم قبل ثلثة آلف سععنة ،بالعععذاب إن أفسععدوا فععي الرض ،
وقد أفسدوا فيها ما يزيد على خمسين سنة ،وبلغ إفسععادهم هععذه
اليععام عنععان السععماء ،فهععذان وعععدان ،صععدرا ممععن ل يخلععف
الميعاد ،ولكن المر يحتاج إلى اليمان بععال ،والصععبر والثبععات
على الدين ،وعلى مواجهة عدوهم ،وحسن ظنهم بال .
يقعول سعبحانه فعي شعأن المفسعدين فعي الرض مخاطبعا رسعوله
ن َيْوًماعَدُه َ ،وِإ ّ ف الُّ َو ْ
خِل َ ن ُي ْب َ ،وَل ْ ك ِباْلَعَذا ِ
جُلوَن َ
سَتْع ِ
وأمته ) َوَي ْ
صِبْر َكَما
ن ) 47الحج ( وقال ) َفا ْ سَنٍة ِمّما َتُعّدو َف َ ك َ ،كَأْل ِ عْندَ َرّب َِ
جْل َلُهْم َ ،كَأّنُهْم يَْوَم َيَرْونَ سَتْع ِ
سِل َ ،وَل َت ْ ن الّر ُ صَبَر ُأوُلو اْلَعْزِم ِم َ َ
ك ِإّل اْلَقععْومُغ َفَهْل ُيْهَل ُ
لٌن َنَهاٍر َب َ عًة ِم ْسا َن َلْم َيْلَبُثوا ِإّل َعُدو ََما ُيو َ
ن ) 35الحقاف ( . سُقو َ اْلَفا ِ
هعذه اليعام ،يعأس النعاس معن الشعّر ،فهعم يسعتعجلون زوالعه ،
ورغبوا في الخير ،وهم يستعجلون إطلله ،فقد استقوى الباطل
خ عُرو ٍ
ج ق وطالت غيبته َ ) .فَهْل ِإَلععى ُ وزادت سطوته ،وغاب الح ّ
سِبيٍل ) 11غافر ( ؟ ! ن َ ِم ْ
791
الفنننرق بينننن المنننواقيت بينننن التقننندير
السماوي والتقدير الرضي :
عادة ما يشعر النسان ،في حالت الفععرح ،بععأن الزمععن ينقضععي
كلمح البرق ،فالسبوع يمّر وكأنه يوم ،واليععوم وكععأنه سععاعة ،
والساعة وكأنها دقيقة ،أما في حالت الفراغ أو الحزن ،فيشعر
بأن الزمن يسير ببطئ شديد ،ويكععاد أن يتوقععف ،فالدقيقععة تم عرّ
وكأنهععا سععاعة ،والسععاعة وكأنهععا يععوم ،واليععوم كععأنه شععهر ،
فالحساس بالزمن أمر نسبي ،يعتمد علعى الحالعة النفسعية العتي
تعتري النسان بين حين وآخر .
وحتى ل يتخّبط النسان ،في تقديراته للزمن تبعا لحالته النفسية
،اُتخعععذت اليعععام والشعععهور والسعععنون ،وهعععي مقعععاييس ثابتعععة
ومنتظمة ،لعتمادها على الحركة المنتظمععة ،والثابتععة للجععرام
السماوية ،التي أبععدعها رب هععذا الكععون .وبقيععت مسععألة كيفيععة
تقععدير الزمععن ،بالنسععبة لليععوم الواحععد ،فاصععطلح علععى تقسععيم
اليوم ،إلى 24ساعة ،والسععاعة إلععى 60دقيقععة ،والدقيقععة 60
ثانية .
ويععرى كععثير مععن المسععلمين ،أن فععترة الظلععم والفسععاد علععى
الرض ،طالت جدا ،وربما ستطول أكععثر عنععد البعععض .ونقععول
هععي فععي الميقععات السععماوي قصععيرة جععدا ،ولتوضععيح الفكععرة
وتقريبها إلى الذهان ليس إل ،سنقوم بعملية حسابية بسيطة .
اليوم في الميقات السماوي = 1000سنة ،واليععوم فععي الميقععات
الرضي = 24ساعة
792
فعععإذا قمنعععا بقسعععمة 1000سعععنة ،علعععى 24سعععاعة ،سعععنكون
قادرين ،على التوصل لمعرفة نسبية لمقععدار السععاعة الواحععدة ،
في الميقات السماوي 41,6 = 24 ÷ 1000 :سنة
إذن السععاعة الواحععدة فععي الميقععات السععماوي تقابععل 41,6سععنة
أرضية
أي أن الساعة في الميقععات السععماوي ُ ،تقابععل 42سععنة تقريبععا ،
بالمقارنة مع الميقات الرضي
ولحساب عمر الدولة اليهوديععة ،علععى سععبيل المثععال ،بالميقععات
السماوي ،وبما أن العمر المتوقع لهععا ،لععن يتجععاوز 56سععنة ،
نجد أن
) ( 1ساعة سماوية 41,6 :سنة أرضية
) س ( ساعة سماوية 56 :سنة أرضية
ومن خلل الضرب التبادلي :
نجععد أن ) س ( = ) 1,344 = 41,6 ÷ ( 1 × 41,6سععاعة
سماوية
أي أن عمرها ،هو ساعة واحععدة و 0,344مععن السععاعة .وبمععا
أن الساعة لدينا ،تتكون من ) ( 60دقيقة .
فإن 0,344من الساعة = 20 = 60 × 0,344دقيقة .
ليتعععبين لنعععا ،أن إحسعععاس أهعععل السعععماء ،بانقضعععاء 56سعععنة
أرضععية ُ ،يماثععل إحساسععنا بانقضععاء ،سععاعة واحععدة وعشععرين
دقيقة فقط علععى الرض ،وهععو زمععن قصععير جععدا بالنسععبة لهععل
السماء ،وطويل جدا بالنسبة لهل الرض .
793
لذلك يشعر الناس على الرض ،بطول الزمن وامتداده ،فتجدهم
يسععتعجلون الوعععود اللهيععة ،بععإهلك القععرى الظالمععة وبنصععر
خرها ،وأما أهل السماء ،فهععم علععى المؤمنين ،ويعجبون من تأ ّ
العكس تماما ،يرون أن العععذاب أو النصععر ،يتنععزل علععى النععاس
بسرعة كبيرة جدا ،وأن الحداث تجري كلمح البصر ،وهععذا مععا
يؤكععده الخبععار اللهععي ،عععن السععاعة فععي القععرآن ،حععتى ظ ع ّ
ن
صععحابة رسععول ال ع ،مععن كععثرة مععا أّكععد سععبحانه وتعععالى علععى
قربها ،أن ستقع في زمععانهم ،لععذلك كععان النععاس آنععذاك يكععثرون
السؤال عنها ،إشفاقا من أمرهععا ،وهععا قععد معّر أكععثر معن 1400
سععنة ،ولععم تقععم بعععد ،وهععذه الحقيقععة هععي مععا ُيق عّرره سععبحانه
سعائٌِل ِبَععَذا ٍ
ب وتعالى ،في مطلع سورة المععارج ،حيعث قعال َ ) :
ج )(3 لع ِذي اْلَمعَععاِر ِن ا ِّ س َلُه َداِفعٌع )ِ (2مع َ ن َلْي َ َواِقعٍ )ِ (1لْلَكاِفري َ
ن َأْلعفَ سععي َ
خْم ِن ِمْقعَداُرُه َح ِإَلْيعِه ِفععي َيعْوٍم َكععا َ
لِئَكُة َوالّرو ُ َتْعُرجُ اْلَم َ
ل )ِ (5إّنهُْم َيَرْوَنُه َبِعيعًدا )َ (6وَنعَراُه جِمي ً
صْبًرا َ صِبْر َسَنٍة )َ (4فا ْ َ
َقِريًبا ) 7المعارج ( ،وقال تعالى :
ن( قُبو َ مْرت َ ِ م ُ ه ْ ب إ ِن ّ ُق ْ فاْرت َ ِ) َ
794
الطوفان الخير وطوق النجاة
الرض حبلى بالفساد :
ت َأْيعِدي الّنععا ِ
س سعَب ْحِر ِبَما َك َ ساُد ِفي اْلَبّر َواْلَب ْ ظَهَر اْلَف َقال تعالى ) َ
ن ) 41الروم ( جُعو َ عِمُلوا َلَعّلُهْم َيْر ِ ض اّلِذي َ ِلُيِذيَقُهْم َبْع َ
لم تحمل الرض ،حمل فاسدا ومفسععدا ،فععي تاريخهععا الطويععل ،
كهذا الحمل ،الذي حملته في المائة سنة الخيرة .فقد حوت فععي
رحمها ،جميع خطايا ومعاصي المم السابقة ،الععتي كععانت فيمععا
مضععى ُ ،تهلععك لمجععرد خطيئة أو معصععية واحععدة ُتص عّر عليهععا ،
كعبادة الصنام ،أو إتيععان الفععواحش ،أو تطفيععف الكيععل ،وذلععك
بععالرغم مععن وجععود ،تعععاليم موسععى وعيسععى ومحمععد ،عليهععم
الصلة والسلم ،حية مسطورة بين دفات الكتب .فالرض حبلى
بالفساد ،ول بد لهذا الحمل ،الذي عظم شأنه وكبر حجمه ،مععن
جراحععة قيصععرية مؤلمععة جععدا ،لنقععاذ رحععم الرض ،قبععل أن
تتسّرب لبقيته العفونة ،فل ُيسمح له بحمل آخر .
س عَماِء ، ن ال ّ حَياِة ال عّدْنَيا َ ،كَمععاٍء َأْنَزْلَنععاُه ِم ع ْ قال تعالى ) ِإّنَما َمَثُل اْل َ
حّتععى ِإَذاس َواَْلْنَعععاُم َ ، ض ِ ،مّمععا َيْأُكعُل الّنععا ُ ت اَْلْر ِ ط ِبعِه َنَبععا ُ
ختََل َ
َفا ْ
ن َأْهُلَهععا َأّنُهععمْ َقععاِدُرو َ
ن ظعع ّت َ ،و َ خُرَفَهععا َواّزّيَنعع ْ ض ُز ْت اَْلْر ُ خععذَ ْ َأ َ
ن َلْم َتْغ َ
ن صيًدا َ ،كَأ ْ ح ِ جَعْلَناَها َ ل َأْو َنَهاًرا َ ،ف َ عَلْيَها َ ،أَتاَها َأْمُرَنا َلْي ًَ
ن ) 24يونس ( ت ِلَقْوٍم َيَتَفّكُرو َ لَيا ِ
صُل ا ْ ك ُنَف ّس َ ،كَذِل َِباَْلْم ِ
هذه الية تحمل في ثناياها سنة إلهية ،جععاءت علععى شعكل شعرط
ت، خُرَفَهععا َواّزّيَنع ْ ض ُز ْ ت اَْلْر ُ خعَذ ْ وجواب للشرط ،والشععرط َ ) ،أ َ
عَلْيَهععا ( ،هععو أن تأخععذ الرض أبهععى ن َ ن َأْهُلَهععا َأّنُهعْم َقععاِدُرو َ
ظّ َو َ
صععورها ،وأن ُيصععبح أهلهععا منشععغلون بمظاهرهععا ،مفتونععون
بجمالها ،يبذلون قصارى جهدهم في تحصععيل متاعهععا ،غععافلين
795
عن شكر خالقها وبارئهععا ،ظععانين أنهععم قععادرين ،وبل منععازع ،
على تصريف شؤونها ،وشؤون من على ظهرها من المخلوقات
،منتقصين قدر وقدرة ،خالقهم وخالقها .
ل َأْو
أما جواب الشرط ،فهععو مجيععء أمععر الع َ ) ،أَتاَهععا َأْمُرَنععا َلْي ً
َنَهاًرا ( ،وماهية أمر ال تتبين من النتيجة ،في تعقيبه سععبحانه
س ( ،وهي خراب ن ِباَْلْم ِ
ن َلْم َتْغ َ
صيًدا َ ،كَأ ْ
ح ِ
جَعْلَناَها َ
وتعالى َ) ،ف َ
الرض ،بزوال زينتها وزخرفها ،التي أشغلت الناس عن عبادة
ال ،وهي تشمل كل ما تراه من حولك ،من مفاتن الحياة ،التي
اغتر بها الناس ،إل من رحم ربي وهم قليل ،وذلععك يعنععي هلك
الكثير من الناس .وإن لم تستخدم السععلحة النوويععة ،فععي جعععل
الرض صحراء قاحلة ،أينما وقعع معن أهلهعا ،معا أخعبرت عنعه
اليععات ،فمععا الععذي سععيجعلها كععذلك ،مععع حتميععة زوال هععذه
السلحة ،كما كنا قد أوضحنا في فصول سابقة .
وهذه السنة اللهية ،ستمضي في عصععرنا ،وقريبععا جععدا ،كمععا
مضت مرارا وتكرارا في القوام ،كلمععا ابتعععد النععاس عععن الغايععة
اللهية ،من جعل النسان خليفة في الرض ،وُيعّقععب سععبحانه ،
صععل فعي اليععة ،مطعروح صل اليععات ،وأن هعذا المععر المف ّ أنه ف ّ
للتفّكر فيععه ،بمعنععى أنععك مععتى عععاينت مععا أخععبرت عنععه اليععات ،
متمّثل على أرض الواقع ،فتوقع أمر ال في أي لحظة ،هععذا إن
كنت ممن يتفّكرون .
المننة السننلمية فسننقت عننن أمننر ربهننا
وموعودة بالعقاب أيضا :
خعععَواُنُكْم ،
ن َءاَبعععاُؤُكْم َ ،وَأْبَنعععاُؤُكْم َ ،وِإ ْ
ن َكعععا َ
قعععال تععععالى ) ُقعععْل ِإ ْ
ش عْونَخ َ جععاَرٌة َت ْ
شيَرُتُكْم َ ،وَأْمَواٌل اْقَتَرْفُتُموَها َ ،وِت َ ع ِ جُكْم َ ،و َ
َوَأْزَوا ُ
796
سععوِلهِ ،لع َوَر ُ ن ا ِّ ب ِإَلْيُكعْم ِمع َ
حع ّ ضعْوَنَها َ ،أ َ
ن َتْر َ سععاِك ُ
ساَدَها َ ،وَم َ َك َ
ل ِبَأْمِرِه َ ،والُّ َل َيْهِدي ي ا ُّ حّتى َيْأِت َ صوا َ سِبيِلِه َ ،فَتَرّب ُجَهاٍد ِفي َ َو ِ
ن ) 24التوبة ( . سِقي َاْلَقوَْم اْلَفا ِ
وهنا شرط آخر خاص بأمة السلم ،فععإن تحّقععق منهععا مععا ُتخععبر
عنه اليات ،وقد تحّقق هذه اليام ،بل حالنا أسوأ من ذلك بكثير
،إذ لمن نكتفي بحب الحياة الدنيا ومفرداتها ،فقد بدأنا مععؤخرا ،
نمارس الفساد والظلم والعصيان ،والتعدي علععى حععدود الع فععي
وضح النهار ،وفي الماكن العامة ،في الشارع ،في الجامعععة ،
في التلفاز ،في الصحف ،في الكتب ،ولكن الرحمن الرحيم ،لم
ك أنه على وشك … ! ُينزل بنا غضبه حتى هذه اللحظة ،ول ش ّ
أمر ال سيحيق بنا قريبععا ،وأقّلععه شععيء مععن الخععوف والجععوع ،
ونقص من الموال والنفععس والثمععرات ،وأكععثره الهلك العاجععل
في الدنيا ،ونار جهنم في الخرة ،هذا لمن فسق عن أمر ربععه ،
من أمة محمد عليععه الصععلة والسععلم ،أمععا مععن ضععرب بمظععاهر
الحياة الدنيا عرض الحائط ،وتاجر بما عند ربععه ،فععآمن وصععبر
وعمععل صععالحا ،فععأولئك لهععم البشععرى مععن ربهععم ،فععي الععدنيا
والخرة .
حَيععاِة العّدْنَيا ،
ضععوا ِباْل َن ِلَقاَءَنا َ ،وَر ُ جو َ ن َل َيْر ُن اّلِذي َقال تعالى ) ِإ ّ
ك مَ عْأَواُهْم
ن )ُ (7أْوَلِئ َ غععاِفُلو َن آَياِتَنععا َ عْ ن ُهْم َ َواطَْمَأّنوا ِبَها َ ،واّلِذي َ
ن ) 8يونس ( سُبو َ الّناُر ِبَما َكاُنوا َيْك ِ
صراع بين مذهبين :
مرت البشععرية بعععدة محطععات ،بععدأت بهبععوط آدم عليععه السععلم ،
ي يععدعو إلععى الصععلح والصععلح ،وهبععوط إبليععس بمععذهب إله ع ّ
بمذهب شيطاني يدعو إلى الفساد والفساد .ومنذ ذلك اليععوم بععدأ
797
الصراع الحقيقي بين مذهبين ،بيععن مععذهب إبليععس ومععذهب رب
العزة ،وكل له جنده ،وُتركت للبشر حرية الختيار ،فععي تجنيععد
أنفسهم لنصرة أحد المذهبين ،وكل من الفريقيععن سععيتحّمل تبعععة
اختياره .
حيععن بععدأت الحيععاة البشععرية علععى الرض ،كععان مقععام آدم عليععه
السلم ،في أرض الجزيععرة العربيععة ،حيععث كععانت جنععة الع فععي
الرض ،فقام ببناء أول بيت وضع لعبادة ال ،في مكة المكرمععة
.وتناسل فيهععا وكععثر أولده وأحفععاده .ومعع مععرور الزمععن ،بععدأ
المذهب الشيطاني ينتشر فععي نسععله ،والمععذهب اللهععي يضععمحل
شععيئا فشععيئا .وبعععد وفععاة آدم عليععه السععلم ،اسععتفحل المععذهب
الشيطاني ،حتى عّم أرجععاء المعمععورة ،الععتي لععم تتجععاوز حععدود
الجزيرة العربية آنذاك .
فععي هععذه الجععواء ُ ،بعععث سععبحانه نععوح عليععه السععلم ،لععدعوة
قومه ،فلم يستجب له ،إل قلة من المستضعفين ،ولما واجهععوه
بإصرارهم على الكفر ،واستمرارهم بالفساد في الرض ،ولمععا
انقطع رجاءه في هدايتهم .هنالك دعا ربه ليقطع دابر الكافرين ،
فُأمر بصناعة الفلك .وبععدأ بإقععامته وسععط اليابسععة ،حيععث أقععرب
بحر يبعد آلف الميال ،وإقامة الفلك في ذلك المكان هو الجنععون
بعينه ،فما كان من قومه إل أن سخروا منه وممن معه ،وهم ل
يعلمون ،وعععن عععاقبتهم غععافلون .وفجععأة … انقلععب كععل شععيء
رأسا على عقب ،كان الطوفان الذي رافقه انقلب كععوني هععائل ،
فععي جغرافيععة الرض ،جعلععت مععن الجزيععرة العربيععة صععحراء
قاحلة .
798
ورست سفينته على جبل الجودي ،في الموصل شمالي العراق ،
فنزل الذين انتصععروا للمععذهب اللهععي ،واسععتوطنوا العععراق فععي
بادئ المر ،ومع مرور الزمن ،ومععن هنععاك بععدءوا بالنتشععار ،
شيئا فشيئا ،في شتى بقاع الرض .وعادت المور بعد الطوفان
،كما كانت فععي بدايععة عهععد آدم عليععه السععلم ،وبععدأ النععاس فععي
التناسل والتكاثر .
وبعععد نععوح عليععه السععلم ،ومععع مععرور الزمععن ،بععدأ المععذهب
الشيطاني دورته الثانية ،أخذ سبحانه يبعث الرسععل تباعععا ،إلععى
تلععك القععوام الععتي كععانت محصععورة ،فععي هععذه منطقععة الهلل
الخصيب والجزيرة العربية ،حيععث أن المنععاطق البععد ،لعم تكعن
مأهولة آنذاك ،وُأخذت معظععم أقععوام الرسعل السعابقين بالععذاب ،
ومن ثم بدأ الناس منععذ تلععك اللحظععة ،فععي النتشععار إلععى البلععدان
البعد شيئا فشيئا -حتى عمروا الرض كلها في عصععرنا الحععالي
– ومعع ذلععك بقيعت الكثافععة السعكانية آنععذاك ،متمركعزة فعي هعذه
المنطقععة ،ولععذلك اختصععت بالرسععالت السععماوية دون غيرهععا .
ومن ثم ُبعث إبراهيم عليه السلم ،إلى قومه في بلدة أور جنوب
العراق ،فلم يؤمنوا له ،فتركهم وهععاجر إلععى الرض المقّدسععة ،
لُيسلم الراية إلى نسله من بعده .
وبعد مرور الزمن ،وبعد ضععلل بنععي إسععرائيل ،أثنععاء تواجععدهم
في مصر ،عن شععريعة آبععائهم إبراهيععم واسععحق ويعقععوب عليععه
السلم ُ ،بعث فيهم موسى عليه السلم ،فلم يؤمنعوا لعه ول لمعن
بعععده إل قليل .وبعععد سعنين طويلععة ،معن انتصععار بنععي إسعرائيل
للمععذهب الشععيطاني ُ ،بعععث فيهععم عيسععى عليععه السععلم رسععول
مجّددا ،فلم يؤمنوا له ،بل حاولوا قتله ،فتوفاه ال ورفعععه إلععى
السععماء ،ليعععود آخععر الزمععان ،وينهععي آخععر حلقععات مسلسععل
799
الطوفععان الخيععر ،والععذي سععتبدأ حلقععاته بالتتععابع ،بعععد شععهور
قليلة ،والناس لهية قلوبهم ،وهم عنه غافلون .
ويكمل المذهب الشيطاني مشواره ،ومع مععرور الزمععن ،وفجععأة
يتعطل هذا المذهب ،في هذه البقعة من العععالم ،لفععترة دامععت مععا
يقععارب ) (1350عععام ِ ،ببعععث نععبي الهععدى عليععه أفضععل الصععلة
والسلم ،بخاتمععة الرسععالت السععماوية ،ومععن ثععم يتوفععاه الع ،
ليترك لنا هذا القرآن العظيم ،حبل متينا ممدودا مععا بيععن السععماء
والرض ،لمن ابتغى الهداية ،ووجد فععي نفسععه العععزم والقععوة .
فُدحر ذلك المذهب اللعين وولى هاربا .وفي السععنوات الخيععرة ،
عادت أمة السلم لتحذوا حذو سابقيها من المم ،وتحتضن ذلك
المععذهب ،لينُبععت فععي هععذه البقعععة مععن العععالم ،وينمععوا ويزدهععر
جة التقدم والحضععارة ،فعععاد ذلععك مشمول بالعناية والرعاية ،بح ّ
المععذهب وشععمل كافععة أرجععاء الععدنيا ،بمععا فيهععا مهععد الرسععالت
السماوية ،بلد الشام والعراق وجزيععرة العععرب ،فأصععبح العععالم
أجمع ،أسوأ مما كان عليه قبل طوفان نوح عليه السلم .
وفي نهاية الطوفان ُ ،يبعث عيسى بن مريم عليه السععلم ،ليعيععد
المعععور إلعععى نصعععابها ،وتسعععتعيد الرض بركتهعععا ،ويمضعععي
المهدي ،ويمضي عيسى عليه السلم ،بعد أن يبلغ سن الكهولة
،وتبقععى القلععة المؤمنععة ،فيبععدأ المععذهب الشععيطاني مععن جديععد ،
انتشار النار في الهشيم في نسل تلك القلععة ،وتخطععف ريععح لينععة
أرواح البقية المؤمنة ،وتبقى الغلبية الكافرة ،وتجري الزمنة
مسرعة إلى حيث الساعة .
800
مراحل الطوفان القادم
هذا الطوفان الذي نتحدث عنه ،هعو معا سعُيعيد البشعرية إلععى مععا
كانت عليه ،بعد الطوفان الول زمععن نععوح عليععه السععلم ،ليعيععد
التاريععخ نفسععه مععرة أخععرى .وهععو يختلععف بعععض الشععيء عععن
سابقه ،حيث ستكون بدايته من صنع البشر ،وسيأتي على عدة
مراحل - :
المرحلة الولى :أكبر وأبشع مذبحة ،في تاريخ الشعععب
اليهودي ،على يد العراقيين في فلسطين .
المرحلة الثانية :تحالف العرب مععع الععروس ،فععي حععرب
عالمية نووية ثالثة ،تنتهي فناء الحضارة الغربية ومظاهرها .
المرحلننة الثالثننة :احتماليعععة ععععودة أجعععواء داحعععس
والغععبراء ،فععي المنطقععة العربيععة ،فيمععا بعععد الحععرب العالميععة
الثالثة .
المرحلة الرابعة :خععروج المهععدي مععن مكععة ،وحروبععه
لضم الجزيرة العربية ،وإيععران وتركيععا ،والملحمععة الكععبرى مععع
الروس .
المرحلة الخامسة :سقوط عبععدة المععادة وظععاهر الحيععاة
جال ،في حرب الجوع والعطش . الدنيا بين براثن الد ّ
المرحلة السادسة :نزول عيسى عليه السلم ،والذبععح
النهائي للدجال وأتباعه من اليهود ،على مشارف القدس .
المرحلة السابعة :فناء من بقي من الشعوب الشععرقية ،
في حرب يأجوج ومأجوج ،وحصر الصفوة مععن عبععاد الع ،مععع
عيسى عليه السلم ،في جبال فلسطين .
801
المرحلة الثامنة :فنععاء يععأجوج ومععأجوج ،وتغّيععر فععي
جغرافيعععة الرض ،وععععودة مناخهعععا الفردوسعععي ) جنعععة آخعععر
الزمان ( ،كما كانت على عهد آدم عليه السلم .
المرحلة التاسعة :عصععر المععن والسععلم ،تحععت حكععم
عيسى عليه السلم ،مكمل سنين عمره ،حتى يبلغ سن الكهولة
.
* ملحظععة :المراحععل تحمععل ترتيبععا زمنيععا ،وقععد يكععون هنععاك
اندماج بين المراحل ،أو تقديم أو تأخير ،وال أعلم .
إذا بقي البصر حيث مععوطئ القععدم … فلععن تعَر النجععوم فععي بطععن
السععماء … ول القمععر فععي ليععل تمععامه … ول الشععمس فععي ع عزّ
الظهيرة … فمنذ هذه اللحظة …
فلك ابدأ هدانا وهداك الله بصناعة ال ُ
وابععذل قصععارى جهععدك فععي إتقععان صععنعته ..فلعلععك تنجععو مععن
الغععرق ..كلفتععه ليسععت باهظععة جععدا ..أو ل ُتق عّدر بثمععن ..أو ل
ُتشترى بمال ..وحتى لو كانت كذلك ..فالنجععاة أغلععى وأثمععن …
هذا الفلك … خشبه صععفحات مععن ذهععب ..محصععورة بيععن دفععتي
كتاب ..يقبع في إحدى زوايا المنزل ..ومساميره كلمات من نور
..إذا عرفععت مععا هععو ..سععتجد فيععه رسععالة ُأنزلععت مععن أجلععك ..
واجتهد كثير من الناس ..في حملها وبيانها … على مدى أربعة
عشر قرنا من الزمان ..ليصالها إليك ..فل ُتذهب جهدهم أدراج
الرياح ..
لع ،شَع ُقُلععوُبُهْم ِل عِذْكِر ا ِّ
خ َن َت ْ
ن َءاَمُنوا َ ،أ ْ ن ِلّلِذي َ
قال تعالى ) َأَلْم َيْأ ِ
ن َقْب عُل ،
ب مِع ْ ن ُأوُتععوا اْلِكَتععا َ
ق َ ،وَل َيُكوُنوا َكاّلعِذي َ ح ّ ن اْل ََوَما َنَزَل ِم َ
802
ن )16 سعُقو َ ت ُقُلععوُبُهْم ،وََكِثيعٌر ِمْنُهعْم َفا ِ سع ْعَلْيِهُم اَْلَمُد َ ،فَق َ طاَل ََف َ
الحديد (
ن
طععوا ِمع ْسعِهْم َ ،ل َتْقَن ُ عَلععى َأْنُف ِ
سعَرُفوا َ ن َأ ْي اّلعِذي َوقال ) ُقْل َيِعَبععاِد َ
حي عُم )
جِميًعا ِ ،إّنُه ُهَو اْلَغُفوُر الّر ِ ب َل َيْغِفُر الّذُنو َ ن ا َّل ِ ،إ ّ حَمِة ا ِّ
َر ْ
53الزمر (
حَزُنععونَ )(38 عَلْيهِعْم َوَل ُهعْم َي ْف َ خعْو ٌ ل َ ي َف َ
ن َتِبعَع ُهعَدا َ وقال ) َفَم ْ
ن ) 155البقرة ( صاِبِري َشِر ال ّ … َوَب ّ
أخععي القععارئ … سععاهم معنععا فععي نشععر هععذا الكتععاب … بتوزيععع
نسخة على قرص مرن … أو مطبوعة على الورق … أو عععبر
البريد اللكتروني …
قال تعالى
َ
نم َ عن ْدَهُ ِ هادَةً ِ ش َ م َ ن ك َت َ َ م ْ م ّمِ ، ن أظْل َ ُ م ْ و َ
) َ
ن( مُلو َ ع َما ت َ ْع ّل َ ف ٍغا ِ ه بِ َ ما الل ّ ُ و َهَ ، الل ّ ِ
) 140البقرة (
وآخر دعوانا أن الحمد ل رب العالمين ،والصلة والسلم على
سيد المرسلين
] نهاية الكتاب [
803
كتاب
نهاية إسرائيل والوليات المتحدة المريكية
متوفر على شبكة النترنت ضمن موقع وعد الخرة
موقع شخصي للمؤلف يتم من خلله تقديم فكرة عن الكتاب ،
وتقديم خدمة تحميل الكتاب مجانا
هذا الكتاب لم ُيعط حق نشره ،لي من دور النشر ،حتى يتسنى
لنا عرضه من خلل شبكة النترنت ،وليتسنى للجميع الطلع
على ما يحويه هذا الكتاب من أفكار وطروحات
الكتاب غير متوفر مطبوعا في السواق ،ومن رغب بطباعته
ونشره فله الحق بذلك ،ودون داع للرجوع إلى المؤلف
إذ ل نبتغ من وراءه منفعة مادية أو معنوية ،قل شأنها أو كبر
حق النشر متاح للجميع
804
http://kalwid.0pi.com/index.htm
( أو من خلل محرك بحث ) جوجل
http://www.google.com
بريد المؤلف اللكتروني
kalwid@yahoo.com
kalwid@hotmail.com
805