You are on page 1of 805

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫قال تعالى‬
‫و َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬‫ست َ ِ‬‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬‫عَباِد ‪ ،‬ال ّ ِ‬
‫شْر ِ‬ ‫) َ‬
‫فب َ ّ‬
‫ه(‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سن َ ُ‬‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫عو َ‬‫في َت ّب ِ ُ‬
‫) الزمر (‬
‫كتاب‬
‫نهاية إسرائيل والوليات المتحدة‬
‫المريكية‬
‫من ومتى وكيف‬
‫دراسة تحليلية في القران والسنة‬

‫والتوراة والنجيل‬

‫حقوق النشر متاحة للجميع‬

‫خالد عبد الواحد‬


‫‪1‬‬
‫الجزء الول‬
‫الفصل الول ‪:‬‬
‫البداية‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫زوال إسرائيل قبل ظهور المهدي‬
‫الفصل الثالث ‪:‬‬
‫مختصر لمجمل أقوال المفسرين‬
‫الفصل الرابع ‪:‬‬
‫صلناه تفصيل‬
‫وكل شيء ف ّ‬
‫الفصل الخامس ‪:‬‬
‫تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل في القران‬
‫الفصل السادس ‪:‬‬
‫تاريخ اليهود في التوراة والتلمود‬
‫الفصل السابع ‪:‬‬
‫فلسطين عبر التاريخ‬

‫‪2‬‬
‫البداية‬
‫قبععل عععدة سععنوات ‪ ،‬كنععت قععد قععرأت كتععاب ) أحجععار علععى رقعععة‬
‫الشطرنج ( للدميرال الكندي ) وليام كار ( ‪ ،‬حيث يؤكععد المؤلععف‬
‫في هذا الكتاب بالشععواهد والدلععة ‪ ،‬سععيطرة اليهععود علععى واقعنععا‬
‫المعاصر ‪ .‬بعد قراءتي لهععذا الكتععاب ‪ ،‬وبععالنظر لمععا يجععري علععى‬
‫أرض الواقععع ‪ ،‬تملكتنععي حالععة مععن اليععأس والقنععوط ‪ .‬فأحلمنععا‬
‫ططععه‬‫وأمانينا ‪ ،‬إذا ما سار الناس من حولنععا ‪ ،‬علععى هععدي مععا ُيخ ّ‬
‫وينفذه اليهود – وهم سائرون وما زالوا – أصبحت هباًء منثععورا‬
‫‪ ،‬وستسعير المعور إلعى السعوأ يومعا بععد يعوم ‪ ،‬حعتى يعرث الع‬
‫الرض ومن عليها ‪.‬‬
‫لم أكن أعلم آنذاك ‪ ،‬أن بعد كل هذا الكفر والظلم والفسععاد ‪ ،‬الععذي‬
‫استفحل في الرض ‪ ،‬وأخذ ينتشر في أرض السععلم والعروبععة ‪،‬‬
‫انتشار النار في الهشيم ‪ ،‬بعد أن ُمحيت آثار العيب والحرام ‪ ،‬من‬
‫مفردات قاموس أهلها ‪ ،‬ستظهر في آخر الزمان ‪ ،‬خلفععة راشععدة‬
‫على منهاج النبوة ‪ُ ،‬تعيد هذه المة للحيععاة مععن جديععد ‪ ،‬فأحععاديث‬
‫ي الساعة ‪ ،‬لععم تكععن معروفععة للعامععة قبععل‬
‫الفتن وما يكون بين يد ّ‬
‫سنوات قليلعة ‪ ،‬ولعم تلععق أي اهتمععام كععون السعاعة بعيعدة عنعا –‬
‫حسععبما نحععب أن تكععون – كععل البعععد ‪ .‬ومععؤخرا بععدأ كععثير مععن‬
‫الدارسين والباحثين ‪ ،‬يخوضون غمار ما جاء فيها من أحاديث ‪،‬‬
‫منّبهين لظهععور الكععثير معن أشعراطها الصععغرى ‪ ،‬ومحعّذرين معن‬
‫قرب أشراطها الكبرى ‪.‬‬
‫معرفععتي بوجععود تلععك الخلفععة ‪ ،‬الععتي سععتقطع الطريععق ‪ ،‬علععى‬
‫أصحاب المععؤامرة اليهوديععة العالميععة ‪ ،‬وتلغععي أحلمهععم بسععيادة‬
‫العالم ‪ ،‬من القدس ‪ ،‬كانت لي بمثابة الضوء في آخر النفق ‪ ،‬تلك‬
‫‪3‬‬
‫المعرفععة الجديععدة أعععادت لععي المععل ‪ ،‬بعععدما تملكنععي الكععثير مععن‬
‫اليأس والقنوط ‪ ،‬من أحوال أمععتي العجيبععة ‪ .‬اعععترتني حالععة مععن‬
‫الفضععول ‪ ،‬أردت معرفععة المزيععد ‪ ،‬حيععث سععاعدني حععبي القععديم‬
‫ي ‪ ،‬مععن كتععب علععى‬‫للمطالعة ‪ ،‬فعّدت لمطالعة كل ما يقععع بيععن يععد ّ‬
‫مختلف مواضيعها ‪ ،‬من عقيدة وفقه وسيرة وتاريخ ‪ ،‬فضل عععن‬
‫القرآن العظيم وتفسيره ‪ ،‬فتبين لي أن العلععم والمعرفععة ‪ ،‬يهتكععان‬
‫الكثير من أستار الجهععل بععأمور الحيععاة الخععرى ‪ ،‬ويععزداد المععرء‬
‫بهما إيمانا ويقينا وصلة بربه ‪ ،‬وثباتا علععى دينععه ‪ ،‬فععازددت حبععا‬
‫للمعرفة والمتابعة ‪.‬‬
‫شملت مطالعاتي في تلك الثناء ‪ ،‬بعض الكتب التي تناولت سيرة‬
‫المهدي ‪ ،‬وأكثر ما حعاز علعى اهتمعامي معن هعذه الحعاديث ‪ ،‬معا‬
‫يتعلععق بالمهععدي وظهععوره ‪ ،‬والمعععارك الععتي سيخوضععها ‪ .‬وبعععد‬
‫تحليلي لتلك الحاديث ‪ ،‬ومحاولة الربط فيما بينها ‪ ،‬تبين لي بععأن‬
‫دولة إسرائيل الحالية ‪ ،‬لن تكون موجودة عند ظهور أمره ‪ ،‬وأن‬
‫المهدي سيدخل القدس ‪ ،‬وبلد الشام ككل بل حرب ‪ ،‬فتبععادر إلععى‬
‫ذهني بعض التساؤلت ‪ ،‬التي كان ل بد لي مععن الجابععة عليهععا ‪،‬‬
‫بدافع الفضول فععي البدايععة ‪ ،‬وأهمهععا كيععف اختفععت إسععرائيل قبععل‬
‫ظهور المهدي ؟ ومن الذي كان سببا في اختفائها ؟‬
‫كنت سابقا أعتقد – كمععا كععان ومععا زال – يعتقعد عامعة المسعلمين‬
‫اليعععوم ‪ ،‬أن الطريعععق إلعععى تحريعععر القعععدس ‪ ،‬سعععتكون بالوحعععدة‬
‫العربية ‪ ،‬وهذا بل شك ضرب من الخيال ‪ .‬أو بالعودة إلى السلم‬
‫وقيام الخلفة السلمية ‪ ،‬وهذا أيضا أمر بعيععد المنععال ‪ ،‬والواقععع‬
‫ل ينبئ بذلك ‪ ،‬واليهعود الن يسعيطرون علعى مجريعات المعور ‪،‬‬
‫أكثر مما نسيطر على زوجاتنا وأولدنا ‪ ،‬فهم يراقبون وُيحاربون‬
‫‪ ،‬أي جسععم مسععلم أو عربععي ‪ ،‬تحععول مععن حالععة السععكون إلععى‬
‫‪4‬‬
‫الحركععععة ‪ ،‬وكععععل المحععععاولت السععععلمية والقوميععععة العربيععععة‬
‫النهضوية ‪ُ ،‬وئدت واشُتريت وبيعت في سوق النخاسة ‪ ،‬فل أمععل‬
‫في المنظور القريب ‪ ،‬حسب ما نراه على أرض الواقع ‪.‬‬
‫وأما إسرائيل فعلى ما يبدو ‪ ،‬أنها ستبقى جاثمة فععوق صععدورنا ‪،‬‬
‫تمتص دماءنا ‪ ،‬وتعّد علينا أنفاسنا ونبضات قلوبنا ‪ ،‬لتثبت للعالم‬
‫أننا ما زلنا أحياء ؟! والعالم يععأتي وينظععر ويه عّز رأسععه موافقععا ‪،‬‬
‫ويمضي مطمئنا ‪ ،‬نعم إنهم ما زالوا أحياء ‪ .‬وكأن العالم ‪ ،‬ينتظععر‬
‫منععا أن نمععوت أو نفنععى ‪ ،‬فيسععتيقظ يومععا مععا ‪ ،‬فل فلسععطين ول‬
‫فلسطينيون ‪ ،‬ليرتاح معن تلععك المهمععة الثقيلععة والمضععنية ‪ ،‬الععتي‬
‫ُرميت على كاهله – وكأنه بل خطيئة اقترفتها يداه – كععي يرتععاح‬
‫من مراقبة طويلة ‪ ،‬لعملية احتضار شعب ُأدخل إلى قسععم العنايععة‬
‫الحثيثة ‪ ،‬منذ أكثر من ‪ 50‬عاما ‪ ،‬وما زال حيا ‪.‬‬
‫وبالنظر إلى الواقع – قبل ثلث سنوات – ولغايععة هععذه اللحظععة ‪،‬‬
‫فإنك تراه يقععول بععأن إسععرائيل سععتبقى ‪ .‬ولكععن الحععاديث النبويععة‬
‫الشريفة ‪ ،‬ترفض ما يقععوله الواقععع وتؤكععد زوالهععا ‪ ،‬قبععل ظهععور‬
‫المهععدي والخلفععة السععلمية ‪ ،‬ولكععن كيععف ؟ ومععن ؟ ومععتى ؟ ‪،‬‬
‫وللجابة على هذه السئلة كان ل بععد مععن البحععث ‪ .‬ومععن هنععاك ‪،‬‬
‫وقبل ثلث سنوات تقريبا ‪ ،‬كانت البداية ‪.‬‬
‫ما يملكه عاّمة المسلمين فععي بلدنععا مععن معتقععدات ‪ ،‬فيمععا يتعّلععق‬
‫بتحرير فلسطين ‪ ،‬يتمحور حول ثلثة عبارات تقريبا ‪ ،‬هي ‪ :‬أول‬
‫؛ عبارة " شععرقي النهععر وهععم غربيعه " المشععهورة لععدينا ‪ ،‬بيععن‬
‫فلسععطينيي الشععتات ‪ ،‬وثانيععا ؛ عبععارة " عبععادا لنععا " ‪ ،‬وثالثععا ؛‬
‫عبععارة " وليععدخلوا المسععجد " ‪ .‬والتفسععيرات المعاصععرة لهععذه‬
‫العبارات في مجملها ‪ ،‬حصرت التحرير بقيام الخلفة السلمية ‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫حتى أصبحت من المور العقائدية ‪ ،‬ويؤمن بصععحتها الكععثير مععن‬
‫الناس ‪ ،‬إن لم يكن الغلبية العظمى ‪.‬‬
‫أما حديث ل تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ‪ ،‬ويا مسلم يعا عبعد‬
‫ال ‪ ،‬الذي غالبا ما نتدواله ‪ ،‬فهو يتحدث عن مسلمين حقيقيين ‪،‬‬
‫لن يتوفروا في ظل هذه الجواء على المدى القريععب ‪ ،‬أو يتحعّدث‬
‫عن خلفععة إسععلمية ‪ ،‬وممععا أعلمععه أن الخلفععة السععلمية ‪ ،‬لععن‬
‫تكععون إل بظهععور المهععدي ‪ ،‬وخلف ذلععك لععم أجععد فععي السععنة‬
‫النبوية ‪ ،‬من الحاديث مععا يشععير إلععى هععذه الفععترة ‪ ،‬فهععي مغيبععة‬
‫تقريبا ‪ ،‬إل من حديث هنا ‪ ،‬أو هناك ‪.‬‬
‫في النصف الثاني مععن عععام ‪1998‬م ‪ ،‬ومععن خلل البحععث الولععي‬
‫في العديد من المصادر ‪ ،‬أمسكت ببعععض الخيععوط ‪ ،‬الععتي قععادتني‬
‫بدورها إلى اليات ‪ ،‬التي تحكععي قصععة العلععو والفسععاد اليهععودي‬
‫فععي سععورة السععراء ‪ ،‬فطفقععت أسععبر معععاني ألفاظهععا وعباراتهععا‬
‫وتركيباتهععا اللغويععة ‪ ،‬فتحصععّلت علععى فهععم جديععد ليععات هععذه‬
‫السورة ‪ ،‬يختلف تماما عن معظم ما تم طرحه سابقا ‪ ،‬ومن خلل‬
‫هذا الفهم اسععتطعت الجابععة علععى معظععم تسععاؤلتي ‪ ،‬وتسععاؤلت‬
‫أخرى كانت ترد في ذهني ‪ ،‬بين حين وآخر ‪ ،‬أثنععاء كتععابتي لهععذا‬
‫البحث ‪.‬‬
‫عادة ما كنععت أطععرح مععا توصععلت إليععه ‪ ،‬شععفاها أمععام الخريععن ‪،‬‬
‫وغالبا ما كانت أفكاري ‪ُ ،‬تجابه بالمعارضة أحيانا بعلم ‪ ،‬وأحيانععا‬
‫من غير علم ‪ ،‬وغالبا ما كان النقععاش يأخععذ وقتععا طععويل ‪ ،‬وكععان‬
‫هناك الكثير ممن يرغبون بالمعرفة ‪ ،‬كل حسب دوافعععه وأسععبابه‬
‫الخاصعععة ‪ ،‬وكعععانت الغلبيعععة تفاجعععأ بمعععا أطرحعععه معععن أفكعععار ‪،‬‬
‫فالقناعات الراسععخة لععدى الغلبيععة ‪ ،‬ممععا سععمعوه مععن النععاس أو‬
‫‪6‬‬
‫وجدوه في الكتععب ‪ ،‬والواقععع الععذي يرونععه بععأم أعينهععم ‪ ،‬يخععالف‬
‫بصريح العبارة ما أذهب إليه ‪.‬‬
‫والمشكلة أن المر جّد خطير ‪ ،‬فالواقع الجديد والمفععاجئ ‪ ،‬الععذي‬
‫سيفرض نفسه بعد عدة شهور ‪ ،‬عندما يأتي أمر ال ‪ ،‬ول ينطععق‬
‫الحجر والشجر بشيء ! كما كانوا يعتقدون ‪ ،‬سععيوقع النععاس فععي‬
‫الحيععرة والرتبععاك ‪ .‬وتتلطععم الفكععار والتسععاؤلت فععي الذهععان‬
‫تلطععم المععوج فععي يععوم عاصععف ؛ مععا الععذي جععرى ؟ ومععا الععذي‬
‫يجري ؟ وما الذي سيجري ؟‬
‫صععلت‬‫لععذلك وجععدت نفسععي ملزمععا بععإطلع النععاس ‪ ،‬علععى مععا تح ّ‬
‫عليه ‪ ،‬وعلى نطاق أوسع من دائرة الزملء والقارب ‪ .‬وبععالرغم‬
‫مععن محدوديععة قععدراتي وتواضعععها ‪ ،‬إل أنععي حععاولت جاهععدا ‪ ،‬أن‬
‫أصهر كل ما توصلت إليه ‪ ،‬مما عّلمني ربي ‪ ،‬في بوتقة واحععدة ‪.‬‬
‫تمّثلت في هذا الكتاب ‪ ،‬الععذي بيععن أيععديكم ‪ ،‬فععي أول محاولععة لععي‬
‫للكتابة ‪ ،‬كمسععاهمة متواضعععة ‪ ،‬فععي الععدعوة إلععى الع ‪ ،‬ونصععرة‬
‫لكتابه الكريم ‪ ،‬قبل أن يوضع علععى المحععك ‪ ،‬عنععدما يتحّقععق أحععد‬
‫أعظععم النبععاء المسععتقبلية ‪ ،‬بشععكل مخععالف ‪ ،‬لمععا اعتععادوا أن‬
‫يسععمعوه ويقععرءوه ‪ ،‬مععن آراء وتفسععيرات ‪ ،‬كععثرت فععي الونععة‬
‫ي بنعي‬ ‫الخيرة ‪ ،‬تتناول ما ُتخبر عنه سورة السراء ‪ ،‬من إفسعاد ّ‬
‫إسرائيل ‪.‬‬
‫كما وحاولت جاهدا أن أقدم هذا الكتاب ‪ ،‬في أسرع وقت ممكععن ‪،‬‬
‫بعد أن تأخرت سنتين وأكثر ‪ ،‬شغلتني فيها مشععاكل الحيععاة الععدنيا‬
‫ومصائبها ‪ ،‬عن إخراج هذا الكتاب إلععى حّيععز الوجععود ‪ ،‬ومععن ثععم‬
‫لسعى ليصاله ‪ ،‬إلى أكبر عدد من أمة السلم ‪ ،‬لعله يجععد فيهععم‬

‫‪7‬‬
‫من يلق السمع وهو شهيد ‪ ،‬فإن أصععبت فمععن الع ‪ ،‬وإن أخطععأت‬
‫فمن نفسي ‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال ‪.‬‬
‫هذا الكتاب سيكون بإذن ال ‪ ،‬متععوافرا باسععتمرار ‪ ،‬ضععمن موقععع‬
‫خاص به ‪ ،‬على شبكة النترنت ‪ ،‬وإن تعّذر الدخول إليه ‪ ،‬لسععبب‬
‫أو لخععر ‪ ،‬فبالمكععان الوصععول إليععه ‪ ،‬عععن طريععق محععرك بحععث‬
‫جوجل ) ‪ ( www.google.com‬بكتابة عنععوان الكتععاب كععامل ‪،‬‬
‫أو أحد العبارات الموجودة علععى صععفحة الغلف ‪ ،‬حيععث تسععتطيع‬
‫من خلل هذا الموقع ‪:‬‬
‫‪ .1‬الحصول على أحدث نسخة من الكتاب ‪.‬‬
‫‪ .2‬إبداء أي ملحظة أو استفسار ‪.‬‬
‫‪ .3‬متابعة أطروحات جديدة ‪ ،‬قد تصدر للمؤلف مستقبل ‪.‬‬

‫‪2001 / 7 / 20‬م _ ‪1422 / 4 / 29‬هع‬


‫المؤلف‬

‫‪8‬‬
‫تعقيب‬
‫من خلل ردود الفعال الولية لبعض الخوة ‪ ،‬سواء مععن قععرأ أو‬
‫من لم يقرأ الكتاب ‪ ،‬وجدنا أن الكثير من النععاس ‪ ،‬تخلععط مععا بيععن‬
‫أمرين ؛ المر الول ‪ :‬هعو كشعف الغيعب العذي ل يعلمعه إل الع ‪،‬‬
‫وهو ما ل نععدعيه فععي كتابنععا هععذا ‪ ،‬ونعععوذ بععال معن أن نععدعيه ؛‬
‫والمر الثاني ‪ :‬هو قراءة وبيان وتفصيل ‪ ،‬ما هو مكشوف أصل‬
‫في القرآن والسنة ‪ ،‬من علم الغيب ‪ ،‬مما أوحى سععبحانه وتعععالى‬
‫لرسوله عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫ب َل َيْعَلُمَها ِإلّ ُهَو ‪... ،‬‬ ‫ح اْلَغْي ِ‬
‫عْنَدُه َمَفاِت ُ‬‫يقول سبحانه وتعالى ) َو ِ‬
‫ت َواْلَْر ِ‬
‫ض‬ ‫سعَمَوا ِ‬ ‫ن ِفععي ال ّ‬ ‫) ‪ 59‬النعام ( ‪ ،‬ويقول ) ُقْل َل َيْعَلعُم مَع ْ‬
‫ن )‪ 65‬النمععل ( ‪ ،‬وقععد جععاء‬ ‫ن ُيْبَعُثو َ‬
‫ن َأّيا َ‬‫شُعُرو َ‬
‫ل َوَما َي ْ‬ ‫ب ِإّل ا ُّ‬ ‫اْلَغْي َ‬
‫أسععلوب النفععي ومععن ثععم الثبععات فععي هععذين الموضعععين ليفيععد‬
‫الحصر ‪ ،‬أي حصر علم الغيب بال دون غيره ممن في السموات‬
‫والرض ‪ ،‬وهذا ما يعلمه عامة الناس ويرددونه عن ظهر قلب ‪،‬‬
‫وهذا مما ل خلف فيه ‪ ،‬ولكن السععؤال الععذي يطععرح نفسععه ‪ ،‬هععل‬
‫هذا الحصر مطلق ؟‬
‫فإن كانت الجابة بنعم ‪ ،‬فما القول فععي السععتثناء الععذي جععاء فععي‬
‫جَتِبععي‬ ‫ل َي ْ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫ب ‪َ ،‬وَلِك ّ‬ ‫عَلى اْلَغْي ِ‬ ‫طِلَعُكْم َ‬‫ل ِلُي ْ‬
‫ن ا ُّ‬
‫قوله تعالى ) َوَما َكا َ‬
‫عععاِلُم‬
‫شععاُء ) ‪ 179‬آل عمععران ( ‪ ،‬وفععي قععوله ) َ‬ ‫ن َي َ‬ ‫س عِلِه َم ع ْ‬ ‫ن ُر ُ‬‫ِم ع ْ‬
‫ضععى ِمععنْ‬ ‫ن اْرَت َ‬ ‫حععًدا )‪ِ (26‬إّل َمعع ِ‬ ‫غْيِبععِه َأ َ‬
‫عَلععى َ‬‫ظِهععُر َ‬ ‫ل ُي ْ‬ ‫ب َف َ‬ ‫اْلَغْيعع ِ‬
‫سوٍل ‪ 27) … ،‬الجن ( ‪ ،‬حيث استثنى سبحانه وتعععالى الرسععل‬ ‫َر ُ‬
‫ب‬
‫ن َأْنَبععاِء اْلَغْيع ِ‬ ‫ك ِمع ْ‬ ‫عليهم السلم من تلك القاعدة ‪ ،‬إذ يقععول ) ِتْلع َ‬
‫صِبْر‬
‫ن َقْبِل َهَذا ‪َ ،‬فا ْ‬ ‫ك ِم ْ‬ ‫ت َوَل َقْوُم َ‬ ‫ت َتْعَلُمَها َأْن َ‬
‫ك ‪َ ،‬ما ُكْن َ‬ ‫حيَها ِإَلْي َ‬‫ُنو ِ‬
‫حْيَنععا ِإَلْيعكَ‬‫ك َأْو َ‬
‫ن )‪ 49‬هععود ( ‪ ،‬ويقععول ) َوَكعَذِل َ‬ ‫ن اْلَعاِقَبعَة ِلْلُمّتِقيع َ‬ ‫ِإ ّ‬
‫‪9‬‬
‫ن‬
‫ن ‪َ ،‬وَلِكع ْ‬ ‫ب َوَل اِْليَمععا ُ‬ ‫ت َتعْدِري َمععا اْلِكَتععا ُ‬ ‫ن َأْمِرَنا ‪َ ،‬ما ُكْنع َ‬ ‫حا ِم ْ‬ ‫ُرو ً‬
‫ك َلَتْهعِدي ِإَلععى‬ ‫عَباِدَنععا ‪َ ،‬وِإّنع َ‬
‫ن ِ‬ ‫شععاُء ِمع ْ‬ ‫ن َن َ‬‫جَعْلَناُه ُنوًرا َنْهِدي ِبِه َمع ْ‬ ‫َ‬
‫س عَتِقيٍم )‪ 52‬الشععورى ( ‪ .‬ليتععبين لنععا ‪ ،‬أن ال ع سععبحانه‬ ‫ط ُم ْ‬ ‫ص عَرا ٍ‬
‫ِ‬
‫وتعالى أطلع على غيبه من شععاء مععن رسععله ‪ ،‬وبععذلك لععم يحجععب‬
‫علم الغيب بالكلية عن البشر ‪ ،‬والتيعان بالحصعر ثعم السعتثناء ‪،‬‬
‫يفيد بأن مرد العلم بالغيب أول وأخيرا هو علم الغيععوب ‪ ،‬وكععذب‬
‫وخاب من استقى علمه بالغيب من غيره ‪.‬‬
‫أما ما ُكشف للرسل فهو بعض من علععم الع ‪ ،‬بمععا كععان ومععا هععو‬
‫كائن وما سيكون ‪ ،‬مما اقتضت الحكمة اللهية كشفه للناس عععن‬
‫طريععق الععوحي ‪ ،‬وكععثير مععن هععذا الغيععب ‪ ،‬مخطععوط فيمععا ورثتععه‬
‫البشرية من كتب النبياء ‪ ،‬وفضل عما جاء في القرآن من أنبععاء‬
‫الغيب ‪ ،‬فقد أخبر عليه الصلة والسلم بععالكثير مععن أنبععاء الغيععب‬
‫ماضيا وحاضرا ومستقبل ‪ ،‬وأفاضت الحععاديث النبويععة فععي ذكععر‬
‫ما سيقع في مستقبل المة من فتوحععات وفتععن وابتلءات ومحععن‬
‫وأشراط وأمارات للساعة ‪.‬‬
‫وأما قوله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم ) ُقْل َل َأُقوُل َلُكْم عِْنِدي‬
‫ك ‪ِ ،‬إنْ َأّتِبُع ِإّل‬ ‫ب ‪َ ،‬وَل َأُقولُ َلُكْم ِإّني َمَل ٌ‬ ‫عَلُم اْلَغْي َ‬
‫ل ‪َ ،‬وَل َأ ْ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫خَزاِئ ُ‬‫َ‬
‫ن)‬ ‫ل َتتََفّك عُرو َ‬‫صععيُر َأَف َ‬
‫عَمععى َواْلَب ِ‬ ‫سَتِوي اَْل ْ‬ ‫ي ‪ُ ،‬قْل َهْل َي ْ‬ ‫حى ِإَل ّ‬ ‫َما ُيو َ‬
‫ضّرا ‪ِ ،‬إّل َما‬ ‫سي َنْفًعا َوَل َ‬ ‫ك ِلَنْف ِ‬‫‪ 50‬النعام ( ‪ ،‬وقوله ‪ُ ) :‬قْل َل َأْمِل ُ‬
‫خْيعِر ‪َ ،‬وَمععا‬ ‫ن اْل َ‬‫ت ِمع َ‬ ‫سعَتْكَثْر ُ‬‫ب ‪َ ،‬ل ْ‬ ‫عَلعُم اْلَغْيع َ‬
‫ت َأ ْ‬‫ل ‪َ ،‬وَلْو ُكْنع ُ‬ ‫شاَء ا ُّ‬ ‫َ‬
‫شععيٌر ِلَقععْوٍم ُيْؤِمُنععونَ )‪188‬‬ ‫ن َأَنععا ِإّل َنععِذيٌر َوَب ِ‬ ‫سععوُء ‪ِ ،‬إ ْ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫سععِن َ‬
‫َم ّ‬
‫العراف ( ‪ ،‬ل ينفي علمه عليه الصلة والسلم لبعععض الغيععب ‪،‬‬
‫وما قيععل لععه ذلععك إل ليجيععب مععن يسععأله عمععا لععم يعلععم مععن أنبععاء‬
‫الغيب ‪ ،‬أو ما ل حكمة في الخبار عنه مما علم ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫تميزت النصعوص النبويعة العتي تتحعدث ععن أحعداث المسعتقبل ‪،‬‬
‫سواء في القرآن والسععنة أو فععي التععوراة والنجيععل ‪ ،‬بالتلميععح ل‬
‫بالتصريح ‪ ،‬فهي غالبا ما تصععف الشععخوص والزمععان والمععاكن‬
‫والظروف والنتائج ‪ ،‬باستخدام عدة أساليب لغويععة ‪ ،‬كالسععتعارة‬
‫والتشبيه واللتفات والعععتراض ومععا إلععى ذلععك ‪ ،‬ممععا هععو غيععر‬
‫مألوف لناس هذا الزمان ‪ ،‬وخير مثال علععى ذلععك هععو ذكععر اسععم‬
‫رسععولنا الكريععم عليععه الصععلة والسععلم فععي التععوراة والنجيععل ‪،‬‬
‫) أحمد ( بالمعنى ل باللفظ ‪ ،‬وأحمععد لغععة هععي اسععم التفضععيل مععن‬
‫) حمد ( ‪ ،‬ومعناهععا أحمععد النععاس أو أكععثر النععاس حمععدا ‪ ،‬مععع أن‬
‫اسمه ‪ -‬محمد ‪ -‬في الواقع جاء بنفس المعنى مع اختلف اللفظ ‪.‬‬
‫والحكمة التي قد ل يدركها الكثير من النععاس ‪ ،‬معن عععدم وضععوح‬
‫النصوص النبوية ‪ ،‬هو بقاء نسععبة ضععئيلة مععن الشععك ‪ ،‬لحرمععان‬
‫الناس ذوي العلقة من الدافع لتعطيل مجريعات المعور ‪ ،‬إذ ل بعد‬
‫للسباب والمسببات أن تأخذ مجراها ‪ ،‬من حيث الزمان والمكععان‬
‫والشخوص ‪ ،‬حتى تتحقق النبوءات كما تم الخبار عنها ‪.‬‬
‫ولنا في قصة فرعون مع موسى عليه السلم خير مثال علععى مععا‬
‫قد يفعله المجرمون لتعطيل أمر ال ‪ ،‬عندما أمر بذبح مواليد بني‬
‫إسرائيل كافة ‪ ،‬لمجرد رؤيا منععام علععم مععن تأويلهععا ‪ ،‬بععأن واحععدا‬
‫منهم سيكون سببا في تقويض أركان ملكه ‪ ،‬ورغم ما اتخذه مععن‬
‫إجراءات وتدبيرات احترازية لحرمان هذا الطفل مععن الحيععاة ‪ ،‬إل‬
‫أن مكر ال كان أعظم وأكبر ‪ ،‬وبالرغم من قععدرته سععبحانه علععى‬
‫منععع فرعععون مععن إيععذائه دون تععدخل بشععري ‪ ،‬إل أنععه أوحععى لم‬
‫موسى بأن تتخذ من السباب ‪ ،‬ما هو كفيل بتحقيق المراد اللهي‬
‫‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫هذا ما كان من أحد المجرمين والعتاة لمجععرد رؤيععا منععام ‪ ،‬فمععاذا‬
‫لو أتاه نص صريح بععأن الععذي سععيقوض أركععان ملكععه ‪ ،‬هععو ذلععك‬
‫الطفل الذي سيأتي به اليم إلى قصره ‪ ،‬فهل كان فرعون سععيتخذه‬
‫ربيبا ‪ ،‬أم ماذا سيفعل به ؟‬
‫وللناس من أمععر النبععوءات الععواردة فععي القععرآن والسععنة مواقععف‬
‫شتى ‪ ،‬فمنهم من ل يرغب بالفهم ‪ ،‬ومنهم من ليس لععديه القععدرة‬
‫علععى الفهععم ‪ ،‬ومنهععم مععن يعتقععد بععأن ل جععدوى مععن البحععث فععي‬
‫أمرها ‪ ،‬ومنهم من يحاكمها بناء علعى أهعواءه وأحلمعه ‪ ،‬فيأخعذ‬
‫ما اتفق وينكر ما اختلف ‪ .‬ولذلك تجد بعض الناس ‪ ،‬عند الحديث‬
‫عن المستقبل ‪ ،‬يقول مستنكرا ل يعلم الغيب إل ال ‪.‬‬
‫ونحن كمسلمين مطلوب منععا أن نععؤمن بععالغيب المخععبر عنععه فععي‬
‫ب ِفيعهِ‬ ‫ب َل َرْيع َ‬ ‫ك اْلِكَتععا ُ‬
‫القرآن والسنة ‪ ،‬لقوله تعالى ) الععم )‪َ (1‬ذِلع َ‬
‫لَة َومِمّععا‬ ‫صع َ‬‫ن ال ّ‬ ‫ب َوُيِقيُمععو َ‬ ‫ن ِباْلَغْي ِ‬
‫ن ُيْؤِمُنو َ‬ ‫ن )‪ (2‬اّلِذي َ‬ ‫ُهًدى ِلْلُمّتِقي َ‬
‫ن )‪ 3‬البقععرة ( ‪ ،‬وأعظععم الغيععب هععو وجععود الع ‪،‬‬ ‫َرَزْقَناُهْم ُيْنِفُقععو َ‬
‫ونحن وآباؤنا لم نعلم بوجود ال ولم نعرفععه حععق المعرفععة ‪ ،‬ولععم‬
‫نعلم باليوم الخععر ومععا سععيجري فيععه مععن بعععث وحسععاب وثععواب‬
‫وعقاب ‪ ،‬إل من خلل القرآن الموحى به من عنععد ال ع جععل وعل‬
‫إلى محمد عليه الصععلة والسععلم ‪ ،‬ومععا دمنععا آمنععا بععال وبععاليوم‬
‫الخر من خلل كتعابه ‪ ،‬فمععا لنعا ل نعؤمن بمعا سعواها معن أخبعار‬
‫الغيب مما حواه هذا القرآن العظيم بين جنباته ‪.‬‬
‫عَلْيُكعْم‬
‫سوًل ِمْنُكعْم َيْتُلععو َ‬ ‫سْلَنا ِفيُكْم َر ُ‬ ‫يقول سبحانه وتعالى ) َكَما َأْر َ‬
‫حْكَمعَة ‪َ ،‬وُيَعّلُمُكعْم َمعا َلعْم‬‫ب َواْل ِ‬ ‫َءاَياِتَنا ‪َ ،‬وُيَزّكيُكعْم ‪َ ،‬وُيَعّلُمُكعُم اْلِكَتعا َ‬
‫ن )‪ 151‬البقرة ( ‪ ،‬لم ُيبعععث عليععه الصععلة والسععلم‬ ‫َتُكوُنوا َتْعَلُمو َ‬
‫فقط ليتلو علينا القرآن ‪ ،‬بل ُبعععث أيضععا لُيزكينععا وليعلمنععا الكتععاب‬
‫‪12‬‬
‫والحكمة ‪ ،‬وليعلمنا ما لم نكن نعلععم مععن قبععل ‪ ،‬لنخلععص مععن هععذه‬
‫الية وغيرها مععن اليععات الععتي جععاءت بنفععس النععص ‪ ،‬أن هنععاك‬
‫شيء اسمه الحكمة ‪ ،‬يراد لنا أن نتعلمه من القرآن والسنة ‪ ،‬لكل‬
‫مععا ورد فيهععا مععن تشععريعات وحععدود وأوامععر ونععواهي وأخبععار‬
‫الماضي والمستقبل ‪ ،‬قررها سبحانه في أواخر اليات وفي نهاية‬
‫القصص ‪ ،‬كل حسب موضوعه ‪.‬‬
‫ومن مجمل اليات التي ورد فيهععا نبععوءات مسععتقبلية ‪ ،‬تععبين لنععا‬
‫حكمعا إلهيعة معن الخبعار‬ ‫وحسب ما تقرره تلعك اليععات أن هنعاك ِ‬
‫حكم اللهية عموما في أمرين ‪:‬‬ ‫حصرت هذه ال ِ‬ ‫عنها ‪ ،‬وقد ُ‬
‫أول ‪ :‬أن معرفعة الخععبر قبعل تحققعه معن القععرآن أو السعنة ‪ ،‬هعي‬
‫بمثابة زف البشرى للذين آمنوا ‪ ،‬ونذير للذين كفروا ‪ ،‬من الععذين‬
‫يعايشععون ظععروف الحععدث المخععبر عنععه ‪ .‬وهععذا ممععا يمل نفععوس‬
‫المؤمنين بالمععل ‪ ،‬ويعطيهععم الععدافع للعمععل ‪ ،‬دون كلععل أو ملععل ‪،‬‬
‫ويلهمهععم الصععبر علععى مععا أصععابهم مععن السععقام والعلععل ‪ ،‬ويمل‬
‫نفععوس الكفعرة والمنكريععن الخععوف والعترقب والحعذر ‪ ،‬ويزيعدهم‬
‫تحديا وطغيانا وكفرا ‪ ،‬لدرجة أن يتحّدوا ال لينزل بهم ما يعععدهم‬
‫من العععذاب ‪ ،‬كمععا هععي عععادة الجبععابرة والظلمععة والمفسععدين فععي‬
‫الرض ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن معاينة الحدث عند تحققه على أرض الواقع تمامععا كمععا‬
‫ورد في القرآن أو السنة ‪ ،‬سيكون بالضرورة سبب لزيادة إيمععان‬
‫المؤمنين بربهععم وكتبععه ‪ ،‬وزيععادة فععي اجتهععادهم بعبععادته ‪ ،‬وأمععا‬
‫للذين كفروا فهو زيادة في قهرهم وإذللهم ‪ ،‬رغم كععل مععا أخععذوه‬
‫من إجراءات احترازية درءا ومنعا لمر ال ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫أما مععن يعّدعي بععأن ل حكمععة ول فععائدة مععن الخبععار عنهععا ‪ ،‬وأن‬
‫معرفتهعععا علعععى حقيقتهعععا يبععععث فعععي النفعععس اليعععأس والقنعععوط‬
‫والتواكل ‪ ،‬فأولئك يقولون على ال ما ل يعلمون ‪ ،‬لمخالفتهم لما‬
‫اقتضته الحكمة اللهية من الخبار عنهععا ‪ ،‬وي عّدعون بععأنهم أكععثر‬
‫حكمة وعلما من أحكم الحاكمين وأعلم العالمين ‪.‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أننا لم نكشف شيئا من الغيب ‪ ،‬وما قمنا بععه لععم‬
‫يتعدى حدود القراءة والتفكر والتدبر ‪ ،‬فيما أنزل رب العزة علععى‬
‫رسله وأنبيائه من أخبار الغيب ‪ ،‬وبذلنا ما وفقنا ال ع إلععى بععذله ‪،‬‬
‫من جهد في فهمهععا واسععتيعابها وتفصععيلها وتبسععيطها وتقععديمها‬
‫للناس بلغة يفهمونا ‪ ،‬وما لنا في ذلععك مععن فضععل ‪ ،‬إن الفضععل إل‬
‫ل‪.‬‬
‫وفي نهاية المر ‪ ،‬وبعد مخاض عسير ‪ ،‬كان هذا الكتععاب ‪ ،‬الععذي‬
‫نعرضه مجانععا ‪ ،‬ونحععاول جهععدنا إيصععاله للنععاس فععي شععتى بقععاع‬
‫الرض ‪ ،‬ونشكر كل من ساهم في نشره ‪ ،‬وغايتنعا سعواء أصعبنا‬
‫أو أخطانا ‪ ،‬هي نفع الناس فععي دينهععم ودنيععاهم ‪ ،‬وإنمععا العمععال‬
‫بالنّيات ولكل امرئ ما نوى ‪.‬‬
‫وبضاعتنا في هذا الكتاب مستقاة ‪ ،‬من كتاب ال وسنة رسععوله ‪،‬‬
‫والناس أحرار في شرائها أو العراض ‪ ،‬فصانعها بشري متهم ‪،‬‬
‫حيث ل وحي يوحى ‪ ،‬بعد وفاة المصطفى عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫ول نفرضها على أحد ‪ ،‬ولكن ل عليك إن اطلعت عليها ‪ ،‬فهي إن‬
‫لم تنفعك ‪ ،‬فلن تضرك في شيء ‪ ،‬مع يقيننا الشخصععي ‪ ،‬بأنهععا ل‬
‫تخلو من الفائدة ‪ ،‬بل فيها الكععثير ‪ ،‬كمععا أجمععع معظععم مععن حظععي‬
‫بقراءة هععذا الكتععاب ‪ ،‬وتععذكر أنععك حععر فيمععا اعتقععدت بشععأن هععذه‬
‫البضاعة ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫أمععا بالنسععبة لمسععألة تحديععد موعععد مععن خلل العععد ‪ ،‬فهععو نتيجععة‬
‫لعملية ععّد فععي كلم الع ومععن كتععاب الع ‪ ،‬ومععا هععو بقععراءة فععي‬
‫فنجان ‪ ،‬أو نظر في النجععوم ‪ ،‬ومععا طرحنععا الفصعل الخعاص بهعذه‬
‫المسألة ‪ ،‬والتي قد تصيب وقد تخطععئ ‪ ،‬إل بعععد أن تولععدت لععدينا‬
‫قناعة ‪ ،‬بصرف النظر عن المواعيد المطروحة في ذلك الفصععل ‪،‬‬
‫تقععول بععأن نهايععة كعل معن إسعرائيل وأمريكعا ‪ ،‬قريبعة جعدا جععدا ‪،‬‬
‫ومجريات المور سعععتأخذ منحععى مغععايرا لمععا عليععه الحععال الن ‪،‬‬
‫وسيكون التغير سريعا ومفاجئا ومضععطردا ‪ ،‬بحيععث تأخععذ النععاس‬
‫حالة مستمرة من الخوف والترقب ربما تدوم لعدة سنين ‪.‬‬
‫أما ما نود قوله لقّراء هذا الكتاب ‪ ،‬هو أن يأخذوا بأحسن مععا فععي‬
‫هذا الكتاب ‪ ،‬وأن يتركوا ما هو دونععه ‪ ،‬تماشععيا مععع مععا أخععبر بععه‬
‫أتباع رسله الكرام ‪ ،‬في حععق مععا أنزلععه عليهععم مععن الهععدي ‪ ،‬قععال‬
‫سعَنُه ‪،‬‬
‫ح َ‬
‫ن َأ ْ‬
‫ن اْلَقعْوَل ‪َ ،‬فَيّتِبُعععو َ‬
‫سَتِمُعو َ‬
‫ن َي ْ‬ ‫عَباِد ‪ ،‬اّلِذي َ‬
‫شْر ِ‬‫تعالى ) َفَب ّ‬
‫ب )‪ 18‬الزمر ( ‪.‬‬ ‫ك ُهْم ُأْوُلوا اَْلْلَبا ِ‬
‫ل ‪ ،‬وُأْوَلِئ َ‬ ‫ن َهَداُهُم ا ُ‬
‫ك اّلِذي َ‬
‫ُأْوَلِئ َ‬
‫هذا ما قاله رب العزة في حق كتبه ‪ ،‬ومععا أنععزل فيهععا مععن الهععدي‬
‫على رسله ‪ ،‬فما بالك بقولنا في حق كتاب ‪ ،‬أنجزه عبد من عبععاد‬
‫ال ‪ ،‬ل ولن يصل إلى حد الكمال ‪ ،‬مهما بععذل مععن جهععد ‪ ،‬والعقععل‬
‫البشري له حدود وطاقات ‪ ،‬مهما بلغ من إبداع ‪ ،‬فإن أصععاب فععي‬
‫شيء أخطأ في أشياء ‪ ،‬وكل إنسان في نهاية المطععاف لديععة قععدر‬
‫من الحكمة ‪ ،‬ليميز الغث من السمين فيما قرأ أو سمع ‪.‬‬
‫ونسأل ال أن يهدينا وإياكم سواء السبيل‬

‫ُأضيف هذا التعقيب بتاريخ‬


‫‪2002 / 3 / 15‬م – ‪1423 / 1 / 1‬هع‬
‫‪15‬‬
‫المؤلف‬

‫‪16‬‬
‫زوال إسرائيل قبل ظهور المهدي‬
‫استفاضت كثير معن المؤلفعات لكبعار العلمعاء والئمعة ‪ ،‬فعي ذكعر‬
‫المهدي وسععيرته ‪ ،‬وأكععدت علععى حتميععة خروجععه آخععر الزمععان ‪،‬‬
‫ومن هؤلء على سبيل المثال ل الحصر ‪ ،‬ابععن حجععر والشععوكاني‬
‫والسيوطي والصابوني وغيرهم ‪ ،‬وهنععاك مععن أفععرد لععه بابععا ‪ ،‬أو‬
‫كععان لععه مقععال فععي كتععاب ‪ ،‬كالععذهبي وابععن تيميععه وابععن القيععم‬
‫والقرطععبي والععبرزنجي وغيرهععم ‪ .‬وهنععاك الكععثير مععن الكتععب‬
‫المتخصصة الحديثععة ‪ ،‬جمعععت أقععوال أولئك العلمععاء والئمععة فععي‬
‫المهدي وأحععداث آخععر الزمععان ‪ ،‬فمععن رغععب بالسععتزادة فليرجععع‬
‫إليها ‪ ،‬فهي متععوافرة بكععثرة فعي المكتبععات هععذه اليععام ‪ ،‬واللمععام‬
‫المسبق بالحاديث الواردة في المهدي ‪ ،‬سيساعد كثيرا فععي فهععم‬
‫ما استخلصته من أفكار في هذا الفصل ‪.‬‬
‫وأما من ينكععر أحععاديث المهععدي ‪ ،‬فل التفععات لقععوله ‪ ،‬فالحععاديث‬
‫الصريحة وغير الصريحة ‪ ،‬التي أتت على ذكععر أخبععار المهععدي ‪،‬‬
‫بلغت حد التععواتر المعنععوي ‪ ،‬وقععد ورد فيهععا مععا ُيقععارب الربعيععن‬
‫حديثا ‪ .‬وما سنتناوله منها ‪ ،‬هو ما يخععص موضععوع هععذا الكتععاب‬
‫فقط ‪ .‬وأود أن أشير إلى أن ذكععر المهععدي قععد جععاء فععي التععوراة ‪،‬‬
‫حيث أن الترجمة العربية للنص التوراتي ‪ُ ،‬تس عّميه ) بالق عّدوس (‬
‫في موضع ) وبالغصن ( في موضع آخععر ‪ ،‬وهععذا النععص موجععود‬
‫مع التعليق ‪ ،‬في فصل النبوءات التوراتية ‪ .‬وقععد تنبععأ بظهععوره )‬
‫سر النبوءات التوراتية ‪ ،‬وأشععار إليعه بألفععاظ‬ ‫نوستراداموس ( مف ّ‬
‫صريحة ‪ ،‬سنوردها في فصل لحق ‪.‬‬
‫وللحقيقععة ‪ ،‬ومععن خلل اطلعععي علععى الكععثير ‪ ،‬مععن دراسععات‬
‫وأبحاث الغربيين ‪ ،‬التي تتناول النبوءات التوراتيععة والنجيليععة ‪،‬‬
‫‪17‬‬
‫الخاصة بأحداث النهاية ‪ ،‬تبّين لي بأن اليهود والنصععارى ‪ ،‬أكععثر‬
‫إيمانا ويقينا ‪ ،‬مععن عامععة المسععلمين ‪ ،‬بحتميععة ظهععور المهععدي ‪،‬‬
‫وانتصاره فععي كافععة حروبععه ‪ ،‬واتخععاذه للقععدس عاصععمة لملكععه ‪،‬‬
‫وامتداده لمساحات شاسعة مععن الراضععي ‪ .‬ولنهععم يعلمععون بععأن‬
‫النهاية قد اقتربت ‪ ،‬ويعتقدون بععأنه سععيقود تحالفععا عسععكريا ضععد‬
‫الغرب ‪ ،‬ينجم عنه دمار الحضارة الغربية برمتها ‪ ،‬فهم يتوقعون‬
‫ظهوره في أي لحظة ‪ ،‬ويخشون أن يظهععر وأن تقععوى شععوكته ‪،‬‬
‫وهم في غفلة من أمرهم ‪ ،‬فلععذلك تجععدهم ُيحععاولون تجنيععد العععالم‬
‫بأسره ‪ ،‬ضععد مععا ُيسعّمونه بالرهععاب السعلمي ‪ ،‬خوفععا مععن ذلععك‬
‫المصير المشؤوم الذي ينتظرهم ‪ ،‬عند ظهور أمره ‪.‬‬
‫غربة السلم ‪:‬‬
‫ك‬
‫شُ‬ ‫سّلَم ‪ُ ) :‬يو ِ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫سوُل ا ِّ‬ ‫ن ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬قاَل َر ُ‬ ‫ن َثْوَبا َ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫صعَعِتَها ‪َ ،‬فَقعاَل‬ ‫عى اَْلَكَلعُة ِإَلعى َق ْ‬ ‫عَلْيُكعْم ‪َ ،‬كَمعا َتعَدا َ‬ ‫عى َ‬ ‫ن َتَدا َ‬ ‫اُْلَمُم َأ ْ‬
‫ن َيْوَمِئٍذ ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬بْل َأْنُتْم َيعْوَمِئٍذ َكِثيعٌر ‪َ ،‬وَلِكّنُكعْم‬ ‫حُ‬ ‫ن ِقّلٍة َن ْ‬‫َقاِئٌل ‪َ :‬وِم ْ‬
‫ععُدّوُكمْ اْلمََهاَبعَة‬‫صعُدوِر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫لع ِمع ْ‬‫ن ا ُّ‬ ‫عع ّ‬
‫سعْيِل ‪َ ،‬وَلَيْنَز َ‬ ‫غَثاءٌ َكُغَثعاِء ال ّ‬ ‫ُ‬
‫لعع‬ ‫سوَل ا ِّ‬ ‫ن ‪َ ،‬فَقاَل َقاِئٌل ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫ل ِفي ُقُلوِبُكْم اْلَوْه َ‬ ‫ن ا ُّ‬ ‫ِمْنُكْم ‪َ ،‬وَلَيْقِذَف ّ‬
‫ت ( رواه أبععو داود‬ ‫ب ال عّدْنَيا َوَكَراِهَي عُة اْلَم عْو ِ‬ ‫ح ّ‬‫ن ؟ َقاَل ‪ُ :‬‬ ‫َوَما اْلَوْه ُ‬
‫ححه اللباني ‪.‬‬ ‫وأخرجه أحمد ‪ ،‬وص ّ‬
‫لَم‬ ‫سع َ‬
‫سّلَم َقععاَل ‪ِ ) :‬إنّ اِْل ْ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬
‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الّنِب ّ‬ ‫عْ‬ ‫عَمَر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن اْب ِ‬‫عْ‬ ‫َ‬
‫جَدْينِ‬ ‫سع ِ‬ ‫ن اْلَم ْ‬
‫غِريًبا َكَما َبعَدَأ ‪َ ،‬وُهعَو َيعْأِرُز َبْيع َ‬ ‫سَيُعوُد َ‬ ‫غِريًبا ‪َ ،‬و َ‬ ‫َبَدَأ َ‬
‫حِرَهععا ( رواه مسععلم ‪ ،‬وأخرجععه الترمععذي‬ ‫جْ‬ ‫حّيعُة ِفععي ُ‬ ‫َكَمععا َتعْأِرُز اْل َ‬
‫وابن ماجه وأحمد والدارمي ‪ ،‬وصححه اللباني ‪.‬‬
‫قبععل ظهععور المهععدي ستشععهد المععة السععلمية ‪ ،‬عصععرا حالععك‬
‫السواد ‪ ،‬من كععثرة الظلععم والجععور والفسععاد ‪ ،‬يتميععز بوجععود قلععة‬
‫‪18‬‬
‫مؤمنة صابرة متمسكة بدينها ‪ ،‬ل حول لها ول قوة ‪ ،‬تنتظر حتى‬
‫يأتي ال بأمر من عنده ‪ ،‬وكثرة طاغية فاسدة ومفسععدة متمسععكة‬
‫بدنياها ‪ ،‬هم غثاء كغثاء السيل ‪.‬‬
‫جيش يغزو الكعبة بداية ظهور أمر المهدي‬
‫‪:‬‬
‫ص عّلى الُّ ع‬ ‫سوُل الِّ ع َ‬ ‫ت ‪َ :‬قاَل َر ُ‬ ‫عْنَها ‪َ ) ،‬قاَل ْ‬ ‫ل َ‬‫ي ا ُّ‬ ‫ضَ‬ ‫شُة َر ِ‬ ‫عاِئ َ‬‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ن اْلَْر ِ‬ ‫ش اْلَكْعَبَة ‪َ ،‬فِإَذا َكاُنوا ِبَبْيَداَء ِم ع ْ‬ ‫جْي ٌ‬ ‫سّلَم ‪َ :‬يْغُزو َ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬
‫َ‬
‫س عفُ‬ ‫خ َ‬ ‫ف ُي ْ‬ ‫سععوَل الِّع َكْي ع َ‬ ‫ت ‪َ :‬يععا َر ُ‬ ‫خِرِه عْم ‪ُ : ،‬قْلع ُ‬ ‫ف ِبَأّوِلِهْم َوآ ِ‬‫س ُ‬‫خ َ‬‫ُي ْ‬
‫س ِمْنُهعمْ ‪َ ،‬قععاَل ‪:‬‬ ‫ن َلْيع َ‬ ‫سعَواُقُهْم ‪َ ،‬وَمع ْ‬ ‫خِرِهعْم ‪َ ،‬وِفيِهعْم َأ ْ‬ ‫ِبعَأّوِلِهْم َوآ ِ‬
‫عَلعععى ِنّيعععاِتِهْم ( رواه‬ ‫ن َ‬ ‫خِرِهعععْم ‪ُ ،‬ثعععّم ُيْبَعُثعععو َ‬ ‫ف ِبعععَأّوِلِهْم َوآ ِ‬ ‫سععع ُ‬
‫خ َ‬‫ُي ْ‬
‫البخاري ‪ ،‬وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد‬
‫وصححه اللباني ‪.‬‬
‫لُع‬‫صعّلى ا ّ‬ ‫سععوُل الِّع َ‬ ‫ث َر ُ‬ ‫عَب َ‬
‫ت‪َ :‬‬ ‫عْنَها ‪َ ،‬قاَل ْ‬ ‫ل َ‬ ‫يا ُ‬ ‫ضَ‬ ‫شَة َر ِ‬ ‫عاِئ َ‬‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫شعْيًئا ِفععي‬ ‫ت َ‬ ‫صعَنْع َ‬ ‫سععوَل الِّع َ‬ ‫سّلَم ِفي َمَناِمِه ‪َ ) ،‬فُقْلَنا ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬
‫َ‬
‫ن ُأّمِتعي َيُؤّمعونَ‬ ‫سعا ِمع ْ‬ ‫ن َنا ً‬‫ب ِإ ّ‬‫جع ُ‬ ‫ن َتْفَعُلُه ‪َ ،‬فَقعاَل ‪ :‬اْلَع َ‬ ‫ك َلْم َتُك ْ‬
‫َمَناِم َ‬
‫حّتععى ِإَذا َكععاُنوا ِباْلَبْي عَداِء‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫جَأ ِباْلَبْي ِ‬‫ش َقْد َل َ‬‫ن ُقَرْي ٍ‬ ‫جٍل ِم ْ‬‫اْلَبْيتِ ‪ِ ،‬بَر ُ‬
‫س‪،‬‬ ‫جَمعُع الّنععا َ‬ ‫ق َق عْد َي ْ‬ ‫طِري ع َ‬‫ن ال ّ‬ ‫ل ِإ ّ‬‫سوَل ا ِّ‬ ‫ف ِبِهْم ‪َ ،‬فُقْلَنا ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫س َ‬ ‫خ ِ‬‫ُ‬
‫سعِبيِل ‪َ ،‬يْهِلُكععو َ‬
‫ن‬ ‫ن ال ّ‬ ‫جُبععوُر َواْبع ُ‬ ‫صعُر َواْلَم ْ‬ ‫سَتْب ِ‬‫َقععاَل ‪َ :‬نَععْم ِفيِهعْم اْلُم ْ‬
‫لعع عََلععى‬ ‫شععّتى ‪َ ،‬يْبَعُثُهععْم ا ُّ‬ ‫صععاِدَر َ‬ ‫ن َم َ‬ ‫صععُدُرو َ‬ ‫حععًدا ‪َ ،‬وَي ْ‬ ‫َمْهَلًكععا َوا ِ‬
‫ِنّياِتِهْم ( ‪ ،‬رواه مسلم ‪ ،‬وأخرجععه البخععاري والترمععذي والنسععائي‬
‫وابن ماجه وأحمد ‪ ،‬وصححه اللباني ‪.‬‬
‫سعّلَم ‪:‬‬ ‫عَلْيعِه َو َ‬ ‫صعّلى الُّع َ‬ ‫لع َ‬ ‫سععوُل ا ِّ‬ ‫ت ‪َ :‬قععاَل َر ُ‬ ‫سعَلَمَة َقععاَل ْ‬
‫ن ُأّم َ‬ ‫عع ْ‬‫َ‬
‫ج عٍل‬
‫ت ِلَر ُ‬‫ن اْلَبْي ع َ‬‫شععاِم ‪َ ،‬يُؤّمععو َ‬ ‫ن ِقَب عِل ال ّ‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫جيُئو َ‬ ‫ن ُأّمِتي َي ِ‬‫ش ِم ْ‬ ‫جْي ٌ‬ ‫) َ‬
‫سعفَ‬ ‫خ ِ‬ ‫حَلْيَفعةِ ُ‬ ‫ن ِذي اْل ُ‬ ‫حّتى ِإَذا َكاُنوا ِباْلَبْيعَداِء ِمع ْ‬ ‫ل ِمْنُهْم ‪َ ،‬‬ ‫َيْمَنُعُه ا ُّ‬
‫‪19‬‬
‫سعفُ ِبِهعمْ‬‫خ َ‬ ‫ف ُي ْ‬‫سوَل الِّ َكْيع َ‬ ‫ت ‪َ :‬يا َر ُ‬‫شّتى ‪َ ،‬فُقل ُ‬‫صاِدُرُهْم َ‬
‫ِبِهْم ‪َ ،‬وَم َ‬
‫ن مِْنُه عْم َم عنْ‬‫جِب عَر ِإ ّ‬
‫ن ُ‬‫ن ِمْنُهْم َم ْ‬
‫شّتى ‪َ ،‬فَقاَل ‪ِ :‬إ ّ‬
‫صاِدُرُهْم َ‬
‫جِميًعا َوَم َ‬ ‫َ‬
‫لًثا ( رواه أحمععد بهععذا النععص ‪ ،‬ورواتععه ثقععات ‪ ،‬إل واحععدا‬ ‫جِبَر َث َ‬
‫ُ‬
‫وثقه البعض وضعفه آخرون ‪.‬‬
‫بداية ظهور المهدي ستكون في مكععة بععإذن الع ‪ ،‬وفععور معرفتععه‬
‫تسارع قلة مععن تلععك القلععة ‪ ،‬لمبععايعته علععى المععارة ‪ ،‬فيلجععأ إلععى‬
‫الحرم تهّربا ويعتصم به ‪ .‬ويظهر أمره شيئا فشيئا ‪ ،‬فُيبعععث إليععه‬
‫بجيش يغزو الكعبة ‪ ،‬فيخسف به فععي الصععحراء مععا بيععن المدينععة‬
‫ومكة ‪.‬‬
‫هذه الحاديث الثلثة متوافقة من حيث النص والمضمون ‪ ،‬غيععر‬
‫ضععح مخععرج ذلععك الجيععش ‪.‬‬ ‫أن الحديث الثالث ‪ ،‬أضاف عبععارة تو ّ‬
‫ومع أن أحد الرواة ضعفه ‪ ،‬إل أن تلك الضافة ) من قبل الشام (‬
‫تتفق والتفسير المنطقي ‪ ،‬للحداث الموصوفة في جملععة أحععاديث‬
‫هذا الفصل ‪.‬‬
‫لنخلص إلى ما يلي ‪:‬‬
‫أن جيشا سيغزو مكة ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وهذا الجيش معن أمعة محمعد عليعه الصعلة والسعلم ‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ويعجب رسول الع ويحععق لععه العجععب ‪ ،‬فمععا آل إليععه أمععر أمععة‬
‫السلم هذه اليام ‪ ،‬يثير مععا هععو أكععثر مععن العجععب والشععفقة ‪،‬‬
‫حتى في نفوس أعدائنا ‪.‬‬
‫ومقصد هذا الجيش رجل من قريش يلجأ إلععى الحععرم ‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وغايته وأد بؤرة الخلفة السلمية في مهععدها ‪ ،‬خوفععا معن أن‬
‫تزلزل أركان عبدة الحياة الدنيا ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ُيخسف بهذا الجيععش فععي الصععحراء قبععل وصععوله إلععى‬ ‫‪.4‬‬
‫مكة ‪.‬‬
‫ومخرج هذا الجيش من قبل الشام ؟!‬ ‫‪.5‬‬
‫عمران بيت المقدس يعقبه خراب المدينننة‬
‫المنورة ‪:‬‬
‫عْمعَرانُ‬ ‫سعّلَم ‪ُ ) :‬‬ ‫عَلْيعِه َو َ‬‫لع َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫سوُل ا ِّ‬ ‫ن ُمَعاٍذ َقاَل ‪َ :‬قاَل َر ُ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫حَمعِة ‪،‬‬ ‫خعُروجُ اْلَمْل َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ب َيْثعِر َ‬ ‫خعَرا ُ‬‫ب ‪َ ،‬و َ‬ ‫ب َيْثعِر َ‬‫خعَرا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ت الَمْقعِد ِ‬ ‫َبْيع ِ‬
‫خ عُرو ُ‬
‫ج‬ ‫طيِنّيةِ ُ‬‫طْن ِ‬ ‫سع َ‬ ‫ح اْلُق ْ‬
‫طيِنّيِة ‪ ،‬وََفْت ُ‬‫طْن ِ‬
‫سَ‬ ‫ح اْلُق ْ‬
‫حَمِة َفْت ُ‬ ‫ج اْلَمْل َ‬
‫خُرو ُ‬ ‫َو ُ‬
‫ح عّدَثُه َأْو َمْنِكِب عِه ‪ُ ،‬ث عّم َقععاَل‬
‫خِذ اّلِذي َ‬ ‫عَلى َف ِ‬ ‫ب ِبَيِدِه َ‬‫ضَر َ‬ ‫جاِل ‪ُ ،‬ثّم َ‬ ‫الّد ّ‬
‫ععٌد َيْعِنععي ُمَععاًذا ( ‪.‬‬ ‫ك َقا ِ‬‫ك َهاُهَنععا ‪َ ،‬أْو َكَمعا َأّنع َ‬‫ق َكَمعا َأّنع َ‬ ‫حّ‬ ‫ن هََذا َل َ‬ ‫ِإ ّ‬
‫رواه أبو داود ‪ ،‬وأخرجه أحمد ‪ ،‬وصححه اللباني ‪.‬‬
‫تعمععر بيععت المقععدس فععي آخععر الزمععان ‪ ،‬برجوعهععا إلععى الحكععم‬
‫العربي ‪ ،‬واتخاذها عاصععمة للحكععم ‪ ،‬فيرسععل حاكمهععا جيععش إلععى‬
‫الكعبة ‪ ،‬عند ظهور أمر المهععدي ‪ ،‬فيخععرب المدينععة المنعّورة فععي‬
‫طريقه إلى مكة ‪ ،‬ومن ثم ُيخسف بجيشه ‪ ،‬قبل أن يصلها بالقرب‬
‫من ذي الحليفة ‪ ،‬وهي ميقات إحععرام أهععل المدينععة ‪ ،‬بينهععا وبيععن‬
‫المدينة ستة أميال أو سعبعة ‪ ،‬وبينهعا وبيعن مكععة مسععيرة عشعرة‬
‫أيام ‪.‬‬
‫المهدي ل يغزو العراق وبلد الشام ‪:‬‬
‫س عّلَم ‪:‬‬
‫عَلْي عهِ َو َ‬
‫صّلى الُّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سوِل ا ِّ‬ ‫عْتَبَة ‪ ،‬قال ‪َ :‬قاَل َر ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن َناِفِع ْب ِ‬
‫عْ‬‫َ‬
‫لع ‪ُ ،‬ثعّم‬‫حَها ا ُّ‬ ‫س َفَيْفَت ُ‬
‫ل ‪ُ ،‬ثّم َفاِر َ‬ ‫حَها ا ُّ‬‫ب َفَيْفَت ُ‬
‫جِزيَرَة اْلَعَر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫) َتْغُزو َ‬
‫حُه الُّ ‪َ ،‬قععاَل ‪:‬‬ ‫جاَل َفَيْفَت ُ‬
‫ن الّد ّ‬‫ل ‪ُ ،‬ثّم َتْغُزو َ‬ ‫حَها ا ُّ‬‫ن الّروَم َفَيْفَت ُ‬ ‫َتْغُزو َ‬

‫‪21‬‬
‫ح الّروُم ( رواه‬‫حّتى ُتْفَت َ‬
‫ج َ‬
‫خُر ُ‬
‫جاَل َي ْ‬
‫جاِبُر َل َنَرى الّد ّ‬
‫َفَقاَل َناِفٌع ‪َ :‬يا َ‬
‫مسلم وابن ماجه وأحمد ‪ ،‬وصححه اللباني ‪.‬‬
‫وتجمع جزيرة العرب لقتال المهدي وصحبه ‪ ،‬فيغزونها فيفتحهععا‬
‫ال فتدين لهم ‪ ،‬ومن ثم يخرجون إلى إيععران فيفتحهععا الع فتعدين‬
‫لهععم ‪ ،‬ومععن ثععم يغععزون الععروم فيفتحهععا ال ع ‪ ،‬ومععن ثععم يخععرج‬
‫الدجال ‪ ،‬فيغزونه بمعية عيسى عليه السلم ‪ ،‬فيفتحه ال ‪.‬‬
‫ولععو تععدبرت هععذا الحععديث ‪ ،‬سععتجد أن البلععدان الععتي سععيغزوها‬
‫المهععدي ‪ ،‬عنععدما يمسععك بزمععام المععور ‪ ،‬هععي بععالترتيب ؛ أول ‪:‬‬
‫س أي إيران ‪ ،‬ثالثععا ‪ :‬ال عّروَم أي روسععيا‬ ‫ب ثانيا ‪َ :‬فاِر َ‬‫جِزيَرَة اْلَعَر ِ‬‫َ‬
‫جاَل ‪ ،‬والملحظ في هععذا الحععديث ‪،‬‬ ‫وأوروبا الشرقية ‪ ،‬رابعا ‪ :‬الّد ّ‬
‫عدم ورود ذكر فتح بلد الشام والعراق ‪ ،‬التي ل بد للمهععدي مععن‬
‫المععرور بهععا ‪ ،‬عنععد خروجععه لفتععح فععارس ‪ ،‬ولفتععح الععروم الععذين‬
‫سُيلقونه بالقرب من مدينة دمشق ‪.‬‬
‫فلو كانت دولة إسرائيل قائمة في فلسععطين ‪ ،‬أليععس مععن الحععرى‬
‫بالمهدي ومن معه تحريرها ‪ ،‬فور خروجه من جزيرة العرب ؟!‬
‫يظهر بوضوح في هذا الحديث ‪ ،‬أن كل واحععد مععن هععذه المععور ‪،‬‬
‫أمارة لوقوع ما بعده ‪ ،‬كما هو الحال في الحععديث السععابق ‪ ،‬وكععل‬
‫منهما يتقاطع مع الخر فععي نقطععتين ‪ ،‬همععا ؛ أول ‪ :‬غععزو الععروم‬
‫ويقابلها خروج الملحمة ‪ ،‬وثانيا ‪ :‬غزو الععدجال ويقابلهععا خععروج‬
‫الدجال ‪ ،‬ويضيف الحديث الول ثلثة أحداث ‪ ،‬هععي عمععران بيععت‬
‫المقدس ‪ ،‬وخراب يثرب ‪ ،‬وفتح القسطنطينية ‪.‬‬
‫حتمية نزول الخلفة في بيت المقدس ‪:‬‬
‫س عّلَم َقععاَل ‪َ ) :‬يععا‬
‫عَلْي عِه َو َ‬
‫لع َ‬
‫صّلى ا ُّ‬‫ل َ‬ ‫سوُل ا ِّ‬ ‫حَواَلَة عن َر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عن اْب ُ‬
‫ت‬
‫سَة ‪َ ،‬فَقْد َدَنعع ْ‬‫ض اْلُمَقّد َ‬‫ت اَْلْر َ‬‫لَفَة َقْد َنَزَل ْ‬
‫خَ‬‫ت اْل ِ‬
‫حَواَلَة ِإَذا َرَأْي َ‬
‫ن َ‬‫اْب َ‬
‫‪22‬‬
‫ب ِإَلععى‬
‫عُة َي عْوَمِئٍذ َأْق عَر ُ‬
‫سععا َ‬
‫ظععاُم ‪َ ،‬وال ّ‬
‫لَيععا َواُْلُمععوُر اْلِع َ‬
‫ال عّزَلِزُل َواْلَب َ‬
‫ك ( رواه أحمد ‪ ،‬وأخرجه أبو داود‬ ‫سَ‬ ‫ن َرْأ ِ‬‫ي َهِذِه ِم ْ‬‫ن َيَد ّ‬‫س ‪ِ ،‬م ْ‬ ‫الّنا ِ‬
‫والحاكم ‪ ،‬وصححه اللباني ‪.‬‬
‫عنععد خععروج المهععدي إلععى بلد الشععام ‪ ،‬سععيتخذ القععدس عاصععمة‬
‫لخلفته ‪ ،‬تنعم المة السلمية خلل سنوات حكمه ‪ ،‬بإقامة الحق‬
‫والعدل ورفع الظلم والجور عن أمة السلم ‪.‬‬
‫نستخلص من هذا الحديث ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬ل بد للخلفة من النزول في بيت المقدس آخر الزمان ‪.‬‬
‫‪ .2‬ونزولها هناك يعني بدء ظهور الفتععن والكععوارث الطبيعيععة ‪،‬‬
‫ومععن ثععم علمععات السععاعة الكععبرى ‪ ،‬بدايععة بظهععور الععدجال ‪،‬‬
‫ونزول عيسى عليه السلم ‪ ،‬في نهاية حكم المهدي ‪.‬‬
‫‪ .3‬وهنعععا ل بعععد لنعععا معععن أن نشعععير ‪ ،‬إلعععى أن عبعععارة ) نعععزول‬
‫الخلفة ( ‪ ،‬ربما تشمل الحكم العربي للقدس ‪ ،‬الععذي تكععثر فيععه‬
‫الفتن والحروب والقتتال ‪ ،‬والموصوف بالظلم والجععور ‪ ،‬قبععل‬
‫ظهور المهدي ‪.‬‬
‫نطق الحجر والشجر ‪:‬‬
‫سّلَم ‪َ ،‬قععاَل ‪ ) :‬لَ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬‫ل َ‬‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫سوَل ا ِّ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن َأِبي ُهَرْيَرَة ‪َ ،‬أ ّ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫سعِلُمو َ‬ ‫ن اْلَيُهوَد ‪َ ،‬فَيْقُتُلُهْم اْلُم ْ‬
‫سِلُمو َ‬ ‫حّتى ُيَقاِتَل اْلُم ْ‬‫عُة َ‬ ‫سا َ‬
‫َتُقوُم ال ّ‬
‫جُر َأْو‬‫حَ‬‫جِر ‪َ ،‬فَيُقوُل اْل َ‬ ‫شَ‬
‫جِر َوال ّ‬ ‫حَ‬‫ن َوَراِء اْل َ‬ ‫ي ِم ْ‬‫ئ اْلَيُهوِد ّ‬ ‫خَتِب َ‬
‫حّتى َي ْ‬ ‫َ‬
‫خْلِفععي َفَتَعععاَل َفععاْقُتْلهُ ‪،‬‬ ‫ي َ‬‫ل ‪َ ،‬هَذا َيُهععوِد ّ‬ ‫عْبَد ا ِّ‬
‫سِلُم َيا َ‬‫شجَُر ‪َ :‬يا ُم ْ‬ ‫ال ّ‬
‫جِر اْلَيُهععوِد ( ‪ .‬رواه مسععلم وأحمععد بنفععس‬ ‫شع َ‬‫ن َ‬ ‫ِإّل اْلَغْرَقعَد َفعِإّنُه ِمع ْ‬
‫النعععص ‪ ،‬وصعععححه اللبعععاني ‪ ،‬وأخرجعععه البخعععاري والترمعععذي‬
‫والنسائي وأبو داود وابن ماجه ‪ ،‬بنصوص أخرى ‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫هذا الحديث روي بعدة نصوص ‪ ،‬وهذا النععص أشععهرها وأكثرهععا‬
‫تداول بين العامة ‪ ،‬أما نطععق الحجععر والشععجر ‪ ،‬فهععو أمععر خععارج‬
‫عن المألوف والعادة ‪ ،‬ول ُيعقل أن تحصل تلك المعجزة فععي آخععر‬
‫الزمان ‪ ،‬قبل بدء ظهور أشراط الساعة الكبرى على القل ‪ ،‬حتى‬
‫بظهور المهدي ‪ .‬فنطق الحجر والشجر ‪ ،‬أكثر إعجععازا مععن نطععق‬
‫عيسى عليه السلم في المهد صبيا ‪ .‬فمن المنطقي أل يحدث هععذا‬
‫المععر ‪ ،‬قبععل ظهععور الحععداث غيععر المألوفععة للنععاس ‪ ،‬كأشععراط‬
‫الساعة الكبرى ‪ .‬ومن الرجح أن يتزامن هذا الحدث ‪ ،‬مع وجود‬
‫عيسى عليه السلم ‪ ،‬لكي يسععتقيم المععر ‪ ،‬فععالمعجزات غالبععا مععا‬
‫تأتي على أيدي الرسل ‪ ،‬وهذا ما تؤيده سورة السراء ‪.‬‬
‫ي النهر وهم غربيه ( فل أساس لها من الصحة‬ ‫أما عبارة ) شرق ّ‬
‫‪ ،‬إذ لم أجد لها أصععل ‪ ،‬فععي أي معن كتععب الحععديث علعى اختلفهععا‬
‫وكثرتها ‪ ،‬ل في صحيحها ول فععي ضعععيفها ‪ .‬ول تعععدو أكععثر مععن‬
‫كونها ‪ ،‬عبارة أضعيفت إلععى الحعديث معن قبععل العامععة ‪ ،‬بععد قيععام‬
‫ي النهر ‪ .‬وبالرغم من ذلععك ‪ُ ،‬يص عرّ‬ ‫دولة إسرائيل المعاصرة غرب ّ‬
‫البعض على أنهععا موجععودة فععي الحععاديث الضعععيفة ‪ .‬أمععا الزمععن‬
‫الفعلي المتوقع لتحقق هذه النبوءة ‪ ،‬هو وقت نزول عيسى عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬وهرب الدجال ومن معه من اليهود إلى فلسطين ‪ ،‬حيععث‬
‫ُيقتل على أبواب القدس ‪.‬‬
‫خلصة القول ‪:‬‬
‫وبناءا على ما تقدم ‪ ،‬نقول أن زوال دولة إسععرائيل أمععر حتمععي ‪،‬‬
‫يتبعه زوال حلفائهعا معن الغعرب بالضعرورة ‪ ،‬قبعل ظهعور خلفعة‬
‫المهععدي ‪ ،‬وأن مععن سععيقوم بتحريرهععا هععو جيععش عربععي ‪ ،‬وأن‬
‫صاحب هذا الجيش سيتخذ مدينة القدس عاصمة لملكه ‪ ،‬ومن ثم‬
‫‪24‬‬
‫تععدين لععه بلد الشععام والعععراق ‪ ،‬وأن فععترة حكمععه أو حكععم مععن‬
‫يخلفه ‪ ،‬ستكون حافلة بالظلم والجور ‪ ،‬وعند ظهور أمر المهععدي‬
‫في مكة ‪ ،‬يبعث حاكم مدينة القدس جيشععا إلععى الجزيععرة ‪ ،‬ل قبععل‬
‫للمهدي وجماعته به ‪ ،‬فُيخرب المدينة المنورة ‪ ،‬لدى مروره بها‬
‫متجها إلى مكة ‪ ،‬فيخسف ال بهم الرض ‪.‬‬
‫وآنذاك يظهر أمر المهدي ‪ ،‬فيهب إلععى قتععاله مععن رضععوا بالحيععاة‬
‫الدنيا واطمأنوا بها ‪ ،‬من أمة محمد عليه الصلة والسلم ‪ ،‬خوفا‬
‫من عودة دين أكل الزمان عليه وشرب ‪ ،‬يدعوا إلى إخراجهم من‬
‫غّيهععم وضععللهم ‪ ،‬وحرمععانهم ممععا يتل عّذذون بععه مععن الشععهوات‬
‫والحرمععات ‪ ،‬الععتي اسععتحّلوها واسععتباحوها فععي هععذا العصععر ‪،‬‬
‫فاستعبدتهم فل فكاك لهم منها ‪ ،‬ول يرضون عنها بديل ‪.‬‬
‫فتكون أولى مواجهات المهدي ‪ ،‬مع جيعش آخعر ‪ُ ،‬يجمعع لعه معن‬
‫جزيرة العرب ‪ ،‬فينتصر عليهم حربععا ‪ ،‬وبعععد أن يسععتتب لععه أمععر‬
‫الجزيرة يخرج إلى أهل الشام ‪ .‬فيتسلم مقاليد الحكم فيهععا تسععليما‬
‫خععذ مدينععة‬
‫عععن طيععب خععاطر ‪ ،‬أو استسععلما خوفععا ورهبععة ‪ ،‬ويت ّ‬
‫القدس عاصمة لخلفته ‪ ،‬ومععن ثععم يخععرج إلععى إيععران فيفتحهععا ‪،‬‬
‫ويعود إلى بلد الشام ‪.‬‬
‫ومن ثم تكون الروم ) نصارى الشرق ( قد جمعت جيشا عرمرما‬
‫‪ ،‬قوامه قرابة المليون نفر ‪ ،‬فيخرج لملقاتهها ‪ ،‬فتقععع الملحمععة‬
‫الكبرى الفاصلة بين الحق والباطل ‪ ،‬بالقرب من دمشق ‪ ،‬فيكععون‬
‫النصر في النهايععة ‪ ،‬حليععف المهععدي ومععن معععه مععن المسععلمين ‪.‬‬
‫ومن ثم يخرج إلى القسطنطينية ) استنبول ( ‪ ،‬فيفتحهععا بالتهليععل‬
‫والتكبير من غير قتال ‪ ،‬وقريبا من نهاية حكمععه يخععرج الععدجال ‪،‬‬
‫فيعيث في الرض فتنة وفسععادا ‪ ،‬وُيحصععر المهععدي وصععحبه فععي‬
‫‪25‬‬
‫الشام ‪ ،‬فينزل عيسى عليه السلم ‪ ،‬فيهرب الدجال ومن تبعه من‬
‫اليهود إلععى القععدس ‪ ،‬وهنععاك يلحقععون بععه فيقتلععه عليععه السععلم ‪،‬‬
‫ويتولى المسلمون أمر البقية الباقية من اليهود ‪ ،‬فينطععق الحجععر‬
‫والشجر ‪ ،‬فيبيدوهم عن بكرة أبيهم ‪ ،‬بإذن الع ‪ ،‬ولع المععر مععن‬
‫قبل ومن بعد ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫هععذا مععا سععيكون مععن أمععر المهععدي ‪ ،‬بععإذن ال ع ‪ ،‬ق عّدمناه بشععكل‬
‫مختصر وموجز ‪ ،‬تناولنععا فيععه بعضععا مععن سععيرة المهععدي ‪ ،‬الععتي‬
‫تعرضت لفتوحاته آخعر الزمعان ‪ ،‬مسعتندين إلعى معا أوردنعاه معن‬
‫أحاديث صحيحة ‪ ،‬آخذين بعين العتبار ‪ ،‬أحاديث صحيحة أخرى‬
‫‪ ،‬لم يتسع المقام ليرادها ‪.‬‬
‫أما موضوع هذا الكتاب ‪ ،‬فهو يبحث إجمال ‪ ،‬في حدثين عظيمين‬
‫مفاجئين ‪ ،‬قبل ظهور المهدي ‪ ،‬وفي وقت قريب جدا جدا ‪ ،‬وهمععا‬
‫؛ أول ‪ :‬نهايععة الدولععة اليهوديععة واختفائهععا إلععى البععد ‪ ،‬ثانيععا ‪:‬‬
‫انهيار الحضارة الغربية العملقة ومظاهرها المختلفععة واختفائهععا‬
‫إلى البد ‪.‬‬
‫ما ستجده في ثنايا هذا الكتاب ‪:‬‬
‫ع الجابة على التساؤلت المطروحة علععى صععفحة الغلف ‪ ،‬فيمععا‬
‫يتعلق بالدولة اليهودية ‪ ،‬ومصيرها ومصير اليهود ‪.‬‬
‫ع الجابة على كثير من التساؤلت التي تدور في أذهععان النععاس ‪،‬‬
‫وتوضععيح كععثير مععن القضععايا الخلفيععة التاريخيععة ‪ ،‬فيمععا يخععص‬
‫تاريخ وجغرافيععا بنععي إسععرائيل ‪ ،‬منععذ نشععأتهم الولععى حععتى قيععام‬
‫الساعة ‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بتواجدهم في فلسطين ‪.‬‬
‫عع اسععتقراء وتحليععل مععا جععرى ويجععري علععى أرض الواقععع ‪ ،‬فععي‬
‫منطقتنا والعالم من حولنا ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫ع فهم حقيقة الصراع الدائر بين الغرب والشرق ‪ ،‬وحقيقة العععداء‬
‫الغربي للمة العربية والسلمية ‪ ،‬والعذي بلعغ أشعّده فعي العقععود‬
‫الخيرة ‪.‬‬
‫عمععة بالشععواهد‬‫ع ع تفسععيرات منطقيععة للحععداث المسععتقبلية ‪ ،‬مد ّ‬
‫والدلة من القرآن والسنة والتوراة والنجيل والواقع ‪ ،‬ووضعها‬
‫ضمن سياق زمني منطقي ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫مختصر لمجمل أقوال المفسرين‬
‫قبل أن نبدأ في البحار ‪ ،‬في معاني ومقاصد آيات سورة السراء‬
‫سععرين ‪ ،‬لنسععتعرض‬ ‫‪ ،‬سنتجول قليل ‪ ،‬في بعض كتب قععدماء المف ّ‬
‫مجمل تفسيراتهم ‪ ،‬لهذه اليات ‪ ،‬ومجمل ما أوروده من روايععات‬
‫ي الولى والخرة‬ ‫وآثار ‪ ،‬عن الفساد والعلو في الرض ‪ ،‬ووعد ّ‬
‫‪ ،‬ومعععن هعععؤلء المفسعععرين ‪ :‬القرطعععبي وابعععن كعععثير والطعععبري‬
‫والبيضععاوي ‪ ،‬والبغععوي والنحععاس والثعععالبي ‪ ،‬وأبععي السعععود‬
‫والشوكاني وابن الجوزي ‪ ،‬والسيوطي والنسفي واللوسي ‪.‬‬
‫تعريف بسورة السراء ‪:‬‬
‫قال اللوسي في تفسيره ‪ " :‬سورة بني إسرائيل ‪ ) ،‬وهو السععم‬
‫التوقيفي لها ( وتسمى السراء وسبحان أيضا ‪ ،‬وهي كما أخععرج‬
‫ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير ‪ ،‬رضي ال تعالى عنهععم‬
‫مكية ‪ ،‬وكونهععا كععذلك بتمامهععا قععول الجمهععور ‪ .‬وقععد أخععرج ابععن‬
‫جرير عن ابن عباس رضي ال تعععالى عنهمععا ‪ ،‬أنععه قععال ‪ )) :‬إن‬
‫التوراة كلها في خمس عشععرة آيععة ‪ ،‬مععن سععورة بنععي إسععرائيل ‪،‬‬
‫وذكععر تعععالى فيهععا عصععيانهم وإفسععادهم ‪ ،‬وتخريععب مسععجدهم‬
‫واستفزازهم النبي ‪ ،‬وإرادتهععم إخراجععه مععن المدينععة ‪ ،‬وسععؤالهم‬
‫إياه عن الروح ‪ ،‬ثم ختمها جل شأنه ‪ ،‬بآيات موسى عليه السععلم‬
‫التسع ‪ ،‬وخطابه مع فرعون ‪ ،‬وأخععبر تعععالى أن فرعععون أراد أن‬
‫يسععتفزهم مععن الرض ‪ ،‬فأهلععك وورث بنععو إسععرائيل مععن بعععده ‪،‬‬
‫وفي ذلك تعريععض بهععم ‪ ،‬أنهععم سععينالهم مععا نععال فرعععون ‪ ،‬حيععث‬
‫أرادوا بالنبي ‪ ،‬ما أراد فرعون بموسى عليه السععلم وأصععحابه ‪،‬‬
‫ولمععا كععانت هععذه السععورة ‪ ،‬مصععدرة بقصععة تخريععب المسععجد‬
‫القصععى ‪ ،‬افتتحععت بععذكر إسععراء المصععطفى تشععريفا لععه – أي‬
‫‪28‬‬
‫المسجد القصى ‪ -‬بحلول ركابه الشريف فيه ‪ ،‬جبرا لما وقع مععن‬
‫تخريبه (( " ‪.‬‬
‫اليات ‪:‬‬
‫ن ِفععي‬ ‫ب َلُتْفسِعُد ّ‬ ‫سععراِئيلَ ِفععي اْلِكَتععععا ِ‬ ‫ضْيَنا ِإَلى َبِنععي إ ْ‬ ‫قال تعالى ) َوَق َ‬
‫ععُد ُأوَلُهَمععا‬ ‫جععاَء َو ْ‬ ‫عُلعّوا َكِبيعًرا )‪َ (4‬فعِإَذا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن َوَلَتْعُلع ّ‬
‫ض َمّرَتْي ِ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫لَل العّدَياِر َوَكععانَ‬ ‫خَ‬ ‫سوا ِ‬ ‫جا ُ‬ ‫شِديٍد َف َ‬ ‫س َ‬ ‫عَباًدا َلَنا ُأوِلي َبْأ ٍ‬ ‫عَلْيُكْم ِ‬ ‫َبَعْثَنا َ‬
‫عَلْيِه عْم َوَأْم عَدْدَناكُْم ِب عَأْمَواٍل‬ ‫عًدا َمْفُعوًل )‪ُ (5‬ثّم َرَدْدَنععا َلُك عْم اْلَك عّرَة َ‬ ‫َو ْ‬
‫سععُكْم َوِإنْ‬ ‫سنُتْم َِلنُف ِ‬ ‫ح َ‬‫سنُتْم َأ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫جَعْلَناُكْم َأْكَثَر َنِفيًرا )‪ِ (6‬إ ْ‬ ‫ن َو َ‬ ‫َوَبِني َ‬
‫خُلوا‬ ‫جعوَهُكْم َوِلَيعْد ُ‬ ‫سعوُءوا ُو ُ‬ ‫خعَرِة ِلَي ُ‬ ‫لِ‬‫ععُد ا ْ‬ ‫جعاَء َو ْ‬ ‫سْأتُْم َفَلَها َفعِإَذا َ‬ ‫َأ َ‬
‫سععى‬ ‫عَلْوا َتْتِبي عًرا )‪ ( 7‬عَ َ‬ ‫خُلوُه َأّوَل َمّرٍة َوِلُيَتّبُروا َما َ‬ ‫جَد َكَما َد َ‬ ‫سِ‬ ‫اْلَم ْ‬
‫صيًرا )‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫جَهّنَم ِلْلَكاِفِري َ‬ ‫جَعْلَنا َ‬ ‫عْدَنا َو َ‬ ‫عْدُتْم ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫حَمُكْم َوِإ ْ‬ ‫ن َيْر َ‬ ‫َرّبُكْم َأ ْ‬
‫شعُر اْلُمعْؤِمِنينَ اّلعِذينَ‬ ‫ي َأْقعَوُم َوُيَب ّ‬ ‫ن َيْهِدي ِلّلِتي ِه َ‬ ‫ن َهَذا اْلُقْرآ َ‬ ‫‪ِ ( 8‬إ ّ‬
‫ن َل ُيْؤِمُنععونَ‬ ‫ن اّل عِذي َ‬ ‫جًرا َكِبيًرا )‪َ (9‬وَأ ّ‬ ‫ن َلُهْم َأ ْ‬‫ت َأ ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫صاِل َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫َيْعَمُلو َ‬
‫عععاَءُه‬ ‫ن ِبالشّّر ُد َ‬ ‫سا ُ‬ ‫ع اِْلن َ‬ ‫عَذاًبا َأِليًما )‪ (10‬وََيْد ُ‬ ‫عَتْدَنا َلُهْم َ‬ ‫لخَِرِة َأ ْ‬ ‫ِبا ْ‬
‫سعِنينَ‬ ‫ععَدَد ال ّ‬ ‫جععوًل )‪َ … (11‬وِلَتْعَلُمععوا َ‬ ‫عُ‬‫ن َ‬ ‫سععا ُ‬‫ن اِْلن َ‬ ‫ِبععاْلخَْيِر َوَكععا َ‬
‫ل )‪ 12‬السراء (‬ ‫صي ً‬ ‫صْلَناُه َتْف ِ‬ ‫يٍء َف ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫ب َوُكّل َ‬ ‫سا َ‬ ‫ح َ‬ ‫َواْل ِ‬
‫ب‬‫فنني ال ْك ِت َننا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫سننراِئي َ‬ ‫ض ني َْنا إ ِل َننى ب َن ِنني إ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫في اْل َ‬
‫وا‬ ‫عل ُ ّ‬‫ن ُ‬ ‫عل ُ ّ‬‫ول َت َ ْ‬‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سد ُ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َت ُ ْ‬
‫ك َِبيًرا )‪(4‬‬
‫ب ‪ :‬وأوحينععا إليهععم فععي‬ ‫سععراِئيَل ِفععي اْلِكَتععا ِ‬ ‫ضععْيَنا ِإَلععى َبِنععي إ ْ‬ ‫َوَق َ‬
‫التوراة ‪ ،‬وحيا مقضيا مبتوتا ‪.‬‬
‫ن ‪ :‬لتفسععدن فععي الرض ‪ ،‬جععواب قسععم‬ ‫ض َمّرَتْيع ِ‬ ‫ن ِفي اَْلْر ِ‬ ‫سُد ّ‬ ‫َلُتْف ِ‬
‫محععذوف ‪ ،‬والمععراد بععالرض الجنععس ‪ ،‬أو أرض الشععام وبيععت‬
‫المقدس ‪ ،‬ومرتين إفسادتين ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫عُلّوا َكِبيًرا ‪ :‬ولتسععتكبرن عععن طاعععة الع ‪ ،‬مععن قععوله أن‬ ‫ن ُ‬ ‫َوَلَتْعُل ّ‬
‫فرعععون عل فععي الرض ‪ ،‬والمععراد بععه البغععي والظلععم والغلبععة ‪،‬‬
‫لتسععتكبرن عععن طاعععة العع تعععالى ‪ ،‬أو لتغلبععن النععاس بععالظلم‬
‫والعدوان ‪ ،‬وتفرطن في ذلك إفراطا مجاوزا للحد ‪ ،‬وأصععل معنععى‬
‫العلععو الرتفععاع ‪ ،‬وهععو ضععد السععفل وتجععّوز بععه عععن التكععبر ‪،‬‬
‫والستيلء على وجه الظلم ‪.‬‬
‫دا ل ََنا‬ ‫عَبا ً‬‫م ِ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫عث َْنا َ‬
‫ما ب َ َ‬ ‫عدُ ُأوَل ُ‬
‫ه َ‬ ‫و ْ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫َ‬
‫ر‬ ‫يا‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫خ‬‫ِ‬ ‫نوا‬‫ن‬ ‫س‬ ‫جا‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫د‬ ‫دي‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫س‬ ‫ُأوِلي بنأ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫عوًل )‪(5‬‬ ‫ف ُ‬‫م ْ‬‫دا َ‬‫ع ً‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ع عُد ُأوَلُهَمععا ‪ :‬والوعععد بمعنععى الموعععود ‪ ،‬مععراد بععه‬ ‫جععاَء َو ْ‬‫َف عِإَذا َ‬
‫العقععاب ‪ ،‬وفععي الكلم تقععدير ‪ ،‬أي فععإذا حعان وقععت حلععول العقععاب‬
‫الموعود ‪ ،‬وقيل الوعد بمعنى الوعيد ‪ ،‬وفيه تقدير أيضععا ‪ ،‬وقيععل‬
‫بمعنى الوعد الذي يراد بععه الععوقت ‪ ،‬أي فععإذا حععان موعععد عقععاب‬
‫أولى الفسادتين ‪.‬‬
‫عَباًدا َلَنا ‪ :‬البعث بالتخلية وعدم المنع ) البيضععاوي (‬ ‫عَلْيُكْم ِ‬‫َبَعْثَنا َ‬
‫‪ ،‬وقال الزمخشري ‪ " :‬خلينا بينهم وبيععن مععا فعلععوا ولععم نمنعهععم‬
‫وفيه دسيسة اعتزال " ‪ ،‬وقال ابععن عطيععة ‪ " :‬يحتمععل أن يكععون‬
‫ال تعالى ‪ ،‬أرسل إلى ملك أولئك العباد رسول ‪ ،‬يأمره بغزو بنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬فتكون البعثة بأمر منه تعالى " ‪.‬‬
‫ش عِديٍد ‪ :‬ذوي قععوة وبطععش فععي الحععروب ‪ ،‬والبععأس‬ ‫س َ‬ ‫ُأوِلععي َب عْأ ٍ‬
‫والبأساء في النكاية ‪ ،‬ومن هنا قيل ‪ ،‬إن وصععف البععأس بالشععديد‬
‫مبالغة ‪.‬‬
‫لَل الّدَياِر ‪ :‬قال الجوهري " الجوس مصععدر ‪ ،‬وقولععك‬ ‫خَ‬ ‫سوا ِ‬ ‫جا ُ‬ ‫َف َ‬
‫جاسوا خلل الديار ‪ ،‬أى تخللوها كما يجوس الرجععل للخبععار أى‬
‫‪30‬‬
‫يطلبها " ‪ ،‬أي عاثوا وافسدوا وقتلوا وتخللوا الزقة بلغة جذام ‪،‬‬
‫بمعنععى الغلبععة والععدخول قهععرا ‪ ،‬وقععال الزجععاج ‪ " :‬طععافوا خلل‬
‫الديار ينظرون هل بقي احد لم يقتلوه "‪ ،‬والجوس طلععب الشععيء‬
‫باستقصععاء ‪ ،‬وقععال اللوسععي ‪ " :‬والجمهععور علععى أن فععي هععذه‬
‫البعثة ‪ ،‬خرب هؤلء العبععاد بيععت المقععدس ‪ ،‬ووقععع القتععل الععذريع‬
‫والجلء والسر في بني إسرائيل ‪ ،‬وحرقت التوراة " ‪.‬‬
‫عًدا َمْفُعوًل ‪ :‬قضاء كائنا ل خلف فيه ‪ ،‬وكان وعد عقابهم‬ ‫ن َو ْ‬ ‫َوَكا َ‬
‫ل بد أن يفعل ‪ ،‬أي ل بد من كونه ‪ ،‬مقضيا أي مفروغ منه ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عل َيهننم وأ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫م َردَدَْنننا ل َ ُ‬
‫م‬‫ْ‬ ‫ك‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫د‬ ‫ن‬‫من‬‫كننّرةَ َ ْ ِ ْ َ ْ‬ ‫كنن ْ‬ ‫ُثنن ّ‬
‫فيًرا )‪(6‬‬ ‫م أ َك ْث ََر ن َ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫و‬
‫َ َ‬‫ن‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫وا‬
‫ِ ْ َ ٍ َ‬ ‫م‬ ‫بأ َ‬
‫عَلْيِهْم ‪ :‬ثم للعطف ‪ ،‬وتفيد التراخي في الزمن‬ ‫ُثّم َرَدْدَنا َلُكْم اْلَكّرَة َ‬
‫‪ ،‬يقول اللوسي " جعل َرَدَدنا ‪ ،‬موضع َنُرّد ‪ ،‬فعبر عن المستقبل‬
‫سعَفَل‬ ‫بالماضي " ‪ ،‬وُيضيف في تفسير قوله تععالى ) ُثعّم َرَدْدَنععاُه َأ ْ‬
‫ن ( ‪ ،‬أي رددنا النسان أسفل سافلين مععن النععار ‪ ،‬إل الععذين‬ ‫ساِفِلي َ‬ ‫َ‬
‫آمنععوا وعملععوا الصععالحات ‪ ،‬فلهععم أجععر غيععر ممنععون بعععد البعععث‬
‫والجزاء " ‪ ،‬وهذه الكرة بعد الجلوة الولى ‪ ،‬أي الرجعة والدولة‬
‫والغلبة ‪ ،‬على الذين ُبعثوا عليكم ‪.‬‬
‫ن ‪ :‬أعطاهم ال الموال والولد ‪.‬‬ ‫َوَأْمدَْدَناُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َ‬
‫جَعْلَنععاُكْم َأْكَثععَر َنِفيععًرا ‪ :‬والنفيععر أي القععوم الععذين يجتمعععون ‪،‬‬ ‫َو َ‬
‫ليصيروا إلى أعدائهم فيحاربوهم ‪ ،‬وهم المجتمعون للععذهاب إلععى‬
‫العدو ‪ ،‬أي أكثر رجال من عدوكم ‪ ،‬والنفير معن ينفعر معع الرجعل‬
‫من عشيرته ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫فس نك ُم وإن أ َس نأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫لن‬‫حسنت ُم ِ َ‬ ‫إن أ َحسنت ُم أ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ِ ْ ْ َ‬
‫ءوا‬ ‫سننو ُ‬ ‫ة ل ِي َ ُ‬ ‫خننَر ِ‬‫عنندُ اْل ِ‬ ‫و ْ‬ ‫جنناءَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فننإ ِ َ‬ ‫هننا َ‬ ‫فل َ َ‬‫َ‬
‫خل ُننو ُ‬
‫ه‬ ‫مننا دَ َ‬ ‫جد َ ك َ َ‬‫سن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خُلوا ال ْ َ‬ ‫ول ِي َدْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫و ُ‬ ‫ُ‬
‫وا ت َت ِْبيًرا )‪(7‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫ما‬ ‫روا‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫أَ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫سْأُتْم َفَلَها ‪ :‬وهذا الخطععاب قيععل‬ ‫ن َأ َ‬ ‫سُكْم َوِإ ْ‬
‫سنُتْم َِلنُف ِ‬ ‫ح َ‬ ‫سنُتْم َأ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫ِإ ْ‬
‫أنه لبني إسرائيل الملبثين ‪ ،‬لما ذكر فى هذه اليات ‪ ،‬وقيل لبني‬
‫إسرائيل الكائنين في زمععن محمععد صععلى الع عليععه وآلععه وسععلم ‪،‬‬
‫ومعناه إعلمهم ما حل بسلفهم فليرتقبوا مثل ذلععك ‪ ،‬وأن إحسععان‬
‫العمال وإساءتها مختص بهم ‪ ،‬والية تضمنت ذلك ‪ ،‬وفيها مععن‬
‫الترغيب بالحسان ‪ ،‬والترهيب من الساءة ‪ ،‬ما ل يخفى فتأمل ‪.‬‬
‫خعَرِة ‪ :‬أى حضععر وقععت مععا وعععدوا مععن عقوبععة‬ ‫لِ‬‫ععُد ا ْ‬ ‫جاَء َو ْ‬ ‫َفِإَذا َ‬
‫المرة الخرة ‪ ،‬وجواب إذا محذوف تقديره بعثناهم لدللععة جععواب‬
‫إذا الولى عليه ‪ ،‬فالظاهر فععإذا جععاء وإذا جعاء للدللعة ‪ ،‬علعى أن‬
‫مجيععء وعععد عقععاب المععرة الخععرة ‪ ،‬لععم يععتراخ عععن كععثرتهم‬
‫واجتماعهم ‪ ،‬دللة على شدة شكيمتهم في كفععران النعععم ‪ ،‬وأنهععم‬
‫كلما ازدادوا عددا وعدة ‪ ،‬زادوا عدوانا وعععزة ‪ ،‬إلععى أن تكععاملت‬
‫أسباب الثروة والكثرة ‪ ،‬فاجأهم ال عز وجل علععى الغعّرة ‪ ،‬نعععوذ‬
‫بال سبحانه من مباغتة عذابه ‪.‬‬
‫حذف‬ ‫جوَهُكْم ‪ :‬اللم لم كي ‪ ،‬وليسوءوا متعلق بفعل ُ‬ ‫سوُءوا ُو ُ‬ ‫ِلَي ُ‬
‫لدللة مععا سععبق عليععه ‪ ،‬وهععو جععواب إذا ‪ ،‬أي بعثنععاهم ليسععوءوا‬
‫وجوهكم ‪ ،‬أي ليجعل العبععاد المبعوثععون ‪ ،‬آثععار المسععاءة والكآبععة‬
‫بادية في وجوهكم ‪ ،‬إشارة إلى أنه جمع عليهم ألم النفس والبدن‬
‫‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫جَد ‪ :‬اللم لم كي ‪ ،‬والضععمير للعبععاد أولععى البععأس‬ ‫سِ‬‫خُلوا اْلَم ْ‬ ‫َوِلَيدْ ُ‬
‫الشديد ‪ ،‬والمسجد مسجد بيت المقععدس ‪ ،‬قععال اللوسععي ‪ " :‬فععإن‬
‫المراد به بيت المقععدس ‪ ،‬وداود عليععه السععلم ابتععدأ بنيععانه ‪ ،‬بعععد‬
‫قتععل جععالوت وإيتععائه النبععوة ‪ ،‬ولععم يتمّععه ‪ ،‬وأتّمععه سععليمان عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬فلم يكن قبل داود عليه السلم مسععجد حععتى يععدخلوه أول‬
‫مرة ‪ ،‬ودفع بأن حقيقة المسجد الرض ل البناء ‪ ،‬أو يحمل قععوله‬
‫تعالى دخلوه على الستخدام ‪ ،‬والحق أن المسجد كان موجععودا ‪،‬‬
‫قبل داود عليه السلم كما قدمنا " ‪.‬‬
‫خُلوُه َأّوَل َمّرٍة ‪ :‬كما دخلوه أي دخول كائنا ‪ ،‬كععدخولهم إيععاه‬ ‫َكَما َد َ‬
‫أول مرة ‪ ،‬قال اللوسي‪ " :‬والمععراد مععن التشععبيه أنهععم يععدخلونه‬
‫بالسيف والقهر والغلبة والذلل ‪ ،‬وفيه أيضا أن هذا يبعععد قععول ‪،‬‬
‫من ذهب إلى أن أولى المرتيععن ‪ ،‬لععم يكععن فيهععا قتععال ول قتععل ول‬
‫نهب " ‪.‬‬
‫عَلْوا َتْتِبيًرا ‪ :‬أي ليدمروا ويخربععوا والتبععار الهلك ‪،‬‬ ‫َوِلُيتَّبُروا َما َ‬
‫وليتبروا أي يدّمروا ويهلكوا ما غلبوا عليه من بلدكععم ‪ ،‬أو مععدة‬
‫علوهم ‪ ،‬أي ما علوا عليه من القطار وملكوه مععن البلد ‪ ،‬وقيععل‬
‫ما ظرفية والمعنى مدة علععوهم وغلبتهععم علععى البلد ‪ ،‬تتععبيرا أي‬
‫تععدميرا ‪ُ ،‬ذك عَر المصععدر إزالععة للشععك وتحقيقععا للخععبر ‪ ،‬مععا علععوا‬
‫مفعول لتبروا ‪ ،‬أي لُيهلكوا كل شيء غلبوه واستولوا عليععه ‪ ،‬أو‬
‫بمعنى مدة علوهم ‪.‬‬
‫عندَْنا‬‫م ُ‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫و‬ ‫م‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫عسننى ربك ُنم أ َ‬
‫ْ ْ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ‬
‫صيًرا )‪(8‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ل ِل ْ َ‬
‫كا ِ‬ ‫هن ّ َ‬‫ج َ‬‫عل َْنا َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫حَمُكعْم ‪ :‬لبقيععة بنععي إسععرائيل عسععى ربكععم ‪ ،‬إن‬ ‫ن َيْر َ‬
‫سى َرّبُكعْم َأ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫أطعتم في أنفسععكم واسععتقمتم أن يرحمكععم ‪ ،‬وهععذه العععودة ليسععت‬
‫‪33‬‬
‫برجوع دولة ‪ ،‬وإنما هععي بععأن يرحععم المطيععع منهععم ‪ ،‬وكععان مععن‬
‫الطاعة اتباعهم لعيسى ومحمد عليهما السلم ‪.‬‬
‫صعععل‬ ‫) ذلعععك لن المتقعععدمين معععن المفسعععرين اعتعععبروا أن تح ّ‬
‫المرتين ‪ ،‬كان قبل بعثهما عليهما السلم ( ‪.‬‬
‫عْدَنا ‪ :‬وإن عدتم للفساد بعد الذي تقدم ‪ ،‬عععدنا عليكععم‬ ‫عْدُتْم ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫َوِإ ْ‬
‫بالعقوبة فعاقبناكم في الدنيا ‪ ،‬بمثل ما عاقبناكم به في المرتين ‪.‬‬
‫صععيًرا ‪ :‬أي محبوسععون فععي جهنععم ل‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫جَهّن عَم ِلْلَكععاِفِري َ‬ ‫جَعْلَنععا َ‬ ‫َو َ‬
‫يتخلصون منها ‪.‬‬
‫قننرآن يهنندي ل ِل ِّتنني هنني أ َ‬
‫م‬‫و ُ‬‫َ‬ ‫قنن‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ذا ال ْ ُ ْ َ َ ْ ِ‬ ‫هنن َ‬ ‫ن َ‬ ‫إِ ّ‬
‫مل ُننننو َ‬
‫ن‬ ‫ع َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّنننن ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫منننن ْ‬ ‫شننننُر ال ْ ُ‬ ‫وي ُب َ ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جًرا ك َِبيًرا )‪(9‬‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ن لَ ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ي َأْقَوُم ‪ :‬أي إلععى الطريقععة الععتي هععي‬ ‫ن َيْهِدي ِلّلِتي ِه َ‬ ‫ن َهَذا اْلُقْرآ َ‬ ‫ِإ ّ‬
‫أصوب ‪ ،‬وقيل الكلمة التي هي أعدل ‪.‬‬
‫ج عًرا َكِبي عًرا ‪:‬‬ ‫ن َلُه عْم َأ ْ‬‫ت َأ ّ‬ ‫حا ِ‬‫صععاِل َ‬‫ن ال ّ‬ ‫ن َيْعَمُلو َ‬ ‫ن اّلِذي َ‬ ‫شُر اْلُمْؤِمِني َ‬ ‫َوُيَب ّ‬
‫شععر بمععا اشععتمل عليععه مععن الوعععد بععالخير ‪ ،‬آجل وعععاجل‬ ‫أي ُيب ّ‬
‫للمععؤمنين الععذين يعملععون الصععالحات ‪ ،‬ويععراد بالتبشععير مطلععق‬
‫الخبععار ‪ ،‬أو يكععون المععراد منععه معنععاه الحقيقععي ‪ ،‬ويكععون الكلم‬
‫مشتمل علععى تبشععير المععؤمنين ببشععارتين ‪ ،‬الولععى مععا لهععم مععن‬
‫الثواب ‪ ،‬والثانية ما لعدائهم من العقاب ‪.‬‬
‫م‬ ‫ن‬ ‫هن‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫ن‬
‫تن‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫خرة أ َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫نا‬ ‫بن‬ ‫ن‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫وأ َ‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ما )‪(10‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬
‫ذاًبا أِلي ً‬ ‫َ‬
‫وهععو عععذاب جهنععم ‪ ،‬أي أعععددنا وهيأنععا لهععم ‪ ،‬فيمععا كفععروا بععه‬
‫وأنكروا وجوده من الخرة ‪ ،‬عذابا مؤلما وهو أبلغ مععن الزجععر ‪،‬‬
‫‪34‬‬
‫لما أن إتيان العذاب من حيث ل يحتسب أفظع وأفجع ‪ ،‬ولعل أهععل‬
‫الكتععاب داخلععون فععي هععذا الحكععم ‪ ،‬لنهععم ل يقولععون بععالجزاء‬
‫الجسماني ‪ ،‬ويعتقدون في الخرة أشياء ل أصل لها ‪ ،‬فلم يؤمنوا‬
‫بالخرة وأحكامها المشروحة ‪ ،‬في هذا القععرآن حقيقععة اليمععان ‪،‬‬
‫والعطف على أن لهم أجرا كبيرا ‪ ،‬فيكععون إعععداد العععذاب الليععم ‪،‬‬
‫للععذين ل يؤمنععون بععالخرة مبشععرا بععه ‪ ،‬كثبععوت الجععر الكععبير‬
‫شععر‬
‫للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ‪ ،‬ومصيبة العدو سرور ُيب ّ‬
‫به ‪ ،‬فكأنه قيل يبشر المؤمنين بثوابهم وعقاب أعدائهم ‪ ،‬ويجععوز‬
‫أن تكون البشارة مجازا مرسل ‪ ،‬بمعنععى مطلععق الخبععار الشععامل‬
‫للخبار بما فيه سرور للمؤمنين ‪.‬‬
‫ن‬‫وك َننا َ‬
‫ر َ‬ ‫عنناءَهُ ب ِننال ْ َ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫ش نّر دُ َ‬‫ن ِبال ّ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫عا ِْ‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫َ‬
‫جوًل )‪(11‬‬ ‫ع ُ‬‫ن َ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ا ِْ‬
‫شّر ‪ :‬ويدعو النسان علعى معاله وولعده ونفسععه‬ ‫ن ِبال ّ‬‫سا ُ‬‫ع اِْلن َ‬ ‫َوَيْد ُ‬
‫بالشر ‪ ،‬فيقول عند الغضب ‪ :‬اللهم العنه وأهلكه ونحوهما ‪.‬‬
‫خْيِر ‪ :‬أي كععدعائه ربععه بععالخير ‪ ،‬أن يهععب لععه النعمععة‬ ‫عععاَءُه ِبععاْل َ‬
‫ُد َ‬
‫والعافية ‪ ،‬ولو استجاب ال دعاءه على نفسه لهلك ‪ ،‬ولكن ال ل‬
‫يستجيب بفضله ‪.‬‬
‫جععوًل ‪ :‬بالعدعاء علعى معا يكععره أن ُيسعتجاب لعه‬ ‫عُ‬ ‫ن َ‬ ‫سعا ُ‬‫ن اِْلن َ‬ ‫َوَكا َ‬
‫فيه ‪ ،‬قاله جماعة من أهل التفسير ‪ ،‬وقال ابن عباس ‪ :‬ضععجرا ل‬
‫صبر له على السراء والضراء ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫صيًل )‪: (12‬‬ ‫ف ِ‬‫صل َْناهُ ت َ ْ‬ ‫ء َ‬
‫ف ّ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫َ‬
‫أي كل ما تفتقرون إليه فى أمر دينكم ودنياكم ‪ ،‬فصلناه تفصيل ‪:‬‬
‫بيناه تبينا ل يلتبععس معععه بغيععره ‪ ،‬أي بينععاه بيانععا غيععر ملتبععس ‪،‬‬
‫فأزحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا ‪.‬‬
‫أقنننوال المفسنننرين فننني المبعنننوثين أول‬
‫وثانيا‬
‫من تفسير القرطبي ‪:‬‬
‫" بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ‪ ،‬هععم أهععل بابععل ‪ ،‬وكععان‬
‫عليهم بختنصر في المرة الولى ‪ ،‬حيععن كععذبوا إرميععاء وجرحععوه‬
‫وحبسوه ‪ ،‬قاله ابن عباس وغيعره ‪ ،‬وقعال قتعادة ‪ :‬أرسعل عليهعم‬
‫جالوت فقتلهم ‪ ،‬فهو وقومه أولععوا بععأس شععديد ‪ ،‬وقععال مجاهععد ‪:‬‬
‫جاءهم جند من فارس ‪ ،‬يتجسسعون أخبعارهم ومعهعم بختنصعر ‪،‬‬
‫فوعى حديثهم من بين أصحابه ‪ ،‬ثم رجعوا إلى فععارس ولععم يكععن‬
‫قتال ‪ ،‬وهذا في المععرة الولععى فكععان منهععم جععوس خلل الععديار ل‬
‫قتل ‪ ،‬ذكره القشيري أبو نصر ‪ ،‬وذكر المهدوي ‪ :‬عن مجاهد أنه‬
‫جاءهم بختنصر ‪ ،‬فهزمه بنو إسرائيل ثم جععاءهم ثانيععة ‪ ،‬فقتلهععم‬
‫ودمرهععم تععدميرا ‪ ،‬ورواه ابععن أبععي نجيععح عععن مجاهععد ذكععره‬
‫النحاس ‪ ،‬وقال محمد بن إسحاق في خبر فيه طول ‪ :‬إن المهزوم‬
‫سنحاريب ملك بابل ‪ ،‬جاء ومعه ستمائة ألف راية تحت كل رايععة‬
‫ألف فارس ‪ ،‬فنزل حول بيت المقدس فهزمه ال تعالى ‪ ،‬فرجعععوا‬
‫إلععى بابععل ‪ ،‬ثععم مععات سععنحاريب بعععد سععبع سععنين ‪ ،‬واسععتخلف‬
‫بختنصر وعظمت الحداث في بني إسرائيل ‪ ،‬واستحلوا المحععارم‬
‫وقتلوا نبيهم شعيا ‪ ،‬فجععاءهم بختنصععر ودخععل هععو وجنععوده بيععت‬
‫المقدس ‪ ،‬وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم ‪ ،‬وقال ابن عباس وابن‬
‫‪36‬‬
‫مسعود ‪ :‬أول الفساد قتل زكريا ‪ ،‬وقال ابن إسحاق ‪ :‬فسادهم فععي‬
‫المرة الولى قتل شعيا نبي ال في الشجرة ‪ ،‬وذكر ابن إسععحاق ‪:‬‬
‫أن بعض العلماء ‪ ،‬أخبره أن زكريا مات موتععا ‪ ،‬ولععم يقتععل وإنمععا‬
‫المقتول شعيا ‪ ،‬وقال سعيد بن جبير ‪ :‬في قوله تعععالى ) ثععم بعثنععا‬
‫عليكععم عبععادا لنععا أولععي بععأس شععديد فجاسععوا خلل الععديار ( هععو‬
‫سنحاريب من أهل نينوى بالموصععل ملععك بابععل ‪ ،‬وهععذا خلف مععا‬
‫قال ابن إسحاق ‪ ،‬فال أعلم وقيععل ‪ :‬إنهععم العمالقععة وكععانوا كفععارا‬
‫قاله الحسن ‪.‬‬
‫من تفسير ابن كثير ‪:‬‬
‫وقعععد اختلعععف المفسعععرون معععن السعععلف والخلعععف ‪ ،‬فعععي هعععؤلء‬
‫المسلطين عليهم من هم ‪ ،‬فعن ابن عبععاس وقتععادة ‪ :‬أنععه جععالوت‬
‫الجزري وجنوده ‪ ،‬سععلط عليهععم أول ثععم أديلععوا عليععه بعععد ذلععك ‪،‬‬
‫وقتل داود جالوت ‪ ،‬ولهذا قال ) ثم رددنا لكم الكرة عليهم ( الية‬
‫‪ ،‬وعن سعيد بن جبير ‪ :‬أنه ملععك الموصععل سععنحاريب وجنععوده ‪،‬‬
‫وعنه أيضا وعن غيره ‪ :‬أنه بختنصر ملك بابل ‪ ،‬وقععد وردت فععي‬
‫هذا آثععار كععثيرة إسععرائيلية ‪ ،‬لععم أر تطويععل الكتععاب بععذكرها ‪ ،‬لن‬
‫منها ما هو موضوع من وضععع بعععض زنععادقتهم ‪ ،‬ومنهععا مععا قععد‬
‫يحتمل أن يكون صععحيحا ‪ ،‬ونحععن فععي غنيععة عنهععا ولع الحمععد ‪،‬‬
‫وفيما قص ال علينا في كتابه غنية ‪ ،‬عما سواه من بقيععة الكتععب‬
‫قبله ‪ ،‬ولم يحوجنا ال ول رسععوله إليهععم ‪ ،‬وقععد أخععبر الع عنهععم‬
‫أنهم لما طغوا وبغوا سلط ال عليهم عدوهم ‪ ،‬فاسععتباح بيضععتهم‬
‫وسلك خلل بيععوتهم ‪ ،‬وأذلهععم وقهرهععم جععزاء وفاقععا ‪ ،‬ومععا ربععك‬
‫بظلم للعبيد ‪ ،‬فإنهم كانوا قد تمردوا ‪ ،‬وقتلععوا خلقععا مععن النبيععاء‬
‫والعلماء ‪ ،‬وقد روى ابن جرير ‪ :‬حدثني يونس بن عبد العلععى ‪،‬‬
‫‪37‬‬
‫حععدثنا ابععن وهععب ‪ ،‬أخععبرني سععليمان بععن بلل ‪ ،‬عععن يحيععى بععن‬
‫سعيد ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت سعيد بن المسععيب ‪ ،‬يقععول ‪ :‬ظهععر بختنصععر‬
‫على الشام فخرب بيت المقدس وقتلهم ‪ ،‬ثم أتى دمشق فوجد بها‬
‫دما يغلي على كبا ‪ ،‬فسعألهم معا هعذا العدم ؟ فقعالوا أدركنعا آباءنعا‬
‫على هذا ‪ ،‬وكلما ظهر عليه الكبا ظهر ‪ ،‬قال ‪ :‬فقتل على ذلك الدم‬
‫سبعين ألفعا معن المسعلمين وغيرهعم ‪ ،‬فسعكن وهعذا صعحيح إلعى‬
‫سعععيد بععن المسععيب ‪ ،‬وهععذا هععو المشععهور وأنععه قتععل أشععرافهم‬
‫وعلماءهم ‪ ،‬حتى أنه لم يبق من يحفظ التوراة ‪ ،‬وأخذ معه منهععم‬
‫خلقععا كععثيرا أسععرى مععن أبنععاء النبيععاء وغيرهععم ‪ ،‬وجععرت أمععور‬
‫وكوائن يطول ذكرها ‪ ،‬ولو وجدنا ما هو صععحيح أو مععا يقععاربه ‪،‬‬
‫لجاز كتابته وروايته وال أعلم ‪.‬‬
‫من تفسير الطبري ‪:‬‬
‫فكان أول الفسادين قتععل زكريععا ‪ ،‬فبعععث الع عليهععم ملععك النبععط ‪،‬‬
‫فخععرج بختنصععر حيععن سععمع ذلععك منهععم ‪ ،‬ثععم إن بنععي إسععرائيل‬
‫تجهزوا فغزوا النبط ‪ ،‬فأصابوا منهم واستنقذوا مععا فععي أيععديهم ‪،‬‬
‫قال ابن زيد ‪ :‬كان إفسادهم الععذي يفسععدون فععي الرض مرتيععن ‪،‬‬
‫قتل زكريا ويحيى بن زكريا ‪ ،‬سلط ال عليهم سابور ذا الكتاف ‪،‬‬
‫ملكا مععن ملععوك النبععط فععي الولععى ‪ ،‬وسععلط عليهععم بختنصععر فععي‬
‫الثانية ‪.‬‬
‫عن حذيفة بن اليمان ‪ ،‬يقول ‪ :‬قال رسول ال ‪ :‬إن بنععي إسععرائيل‬
‫لما اعتدوا وعلوا وقتلوا النبياء ‪ ،‬بعععث ال ع عليهععم ملععك فععارس‬
‫بختنصر ‪ ،‬وكان ال قد مّلكه سععبع مئة سععنة ‪ ،‬فسععار إليهععم حععتى‬
‫دخل بيععت المقععدس ‪ ،‬فحاصععرها وفتحهععا ‪ ،‬وقتععل علععي دم زكريععا‬
‫ي بيععت‬
‫سبعين ألفا ‪ ،‬ثععم سععبى أهلهععا وبنععي النبيععاء ‪ ،‬وسععلب حلع ّ‬
‫‪38‬‬
‫المقععدس ‪ ،‬واسععتخرج منهععا سععبعين ألفععا ومئة ألععف عجلععة مععن‬
‫ي ‪ ،‬حتى أورده بابل ‪ ،‬قال حذيفة ‪ :‬فقلت يععا رسععول ال ع ‪ ،‬لقععد‬ ‫حل ّ‬
‫كان بيت المقدس عظيما عند ال ‪ ،‬قععال ‪ :‬أجععل بنععاه سععليمان بععن‬
‫داود ‪ ،‬من ذهب ودر وياقوت وزبرجد ‪ ،‬وكععان بلطععه بلطععة مععن‬
‫ذهب وبلطة من فضة وعمده ذهبا ‪ ،‬أعطاه ال ذلك ‪ ،‬وسخر لععه‬
‫الشياطين ‪ ،‬يأتونه بهذه الشياء في طرفة عين ‪ ،‬فسار بختنصععر‬
‫بهذه الشياء ‪ ،‬حتى نزل بها بابل ‪ ،‬فأقام بنوا إسععرائيل فععي يععديه‬
‫مئة سععنة ‪ ،‬تعععذبهم المجععوس وأبنععاء المجععوس ‪ ،‬فيهععم النبيععاء‬
‫وأبناء النبياء ‪ ،‬ثم إن ال رحمهم ‪ ،‬فأوحى إلععى ملععك مععن ملععوك‬
‫فارس ‪ ،‬يقععال لععه كععورش وكععان مؤمنععا ‪ ،‬أن سععر إلععى بقايععا بنععي‬
‫إسرائيل حتى تستنقذهم ‪ ،‬فسار كورش ببني إسرائيل وحلي بيععت‬
‫المقععدس ‪ ،‬حععتى رده إليععه فأقععام بنععوا إسععرائيل مطيعيععن ل ع مئة‬
‫سعععنة ‪ ،‬ثعععم إنهعععم ععععادوا فعععي المعاصعععي ‪ ،‬فسعععلط الععع عليهعععم‬
‫ابطيععانحوس ‪ ،‬فغععزا بأبنععاء مععن غععزا مععع بختنصععر ‪ ،‬فغععزا بنععي‬
‫إسرائيل حععتى أتععاهم بيععت المقععدس ‪ ،‬فسععبى أهلهععا وأحععرق بيععت‬
‫المقدس ‪ ،‬وقال لهم يا بني إسرائيل ‪ ،‬إن عدتم في المعاصي عدنا‬
‫عليكم بالسباء ‪ ،‬فعادوا في المعاصي ‪ ،‬فسعّير الع عليهععم السععباء‬
‫الثالث ملك رومية ‪ ،‬يقال لعه قعاقس بعن إسعبايوس ‪ ،‬فغزاهعم فعي‬
‫البر والبحر ‪ ،‬فسباهم وسبى حلععي بيععت المقععدس ‪ ،‬وأحععرق بيععت‬
‫المقدس بالنيران ‪ ،‬فقال رسول الع ‪ :‬هععذا مععن صععنعة حلععي بيععت‬
‫المقدس ‪ ،‬ويرده المهدي إلععى بيععت المقععدس ‪ ،‬وهععو ألععف سععفينة‬
‫وسبع مئة سفينة ‪ ،‬يرسى بهععا علععى يافععا ‪ ،‬حععتى تنقععل إلععى بيععت‬
‫المقدس ‪ ،‬وبها يجمع ال الولين والخرين " ‪.‬‬
‫ثم اختلف أهل التأويععل ‪ ،‬فععي الععذين عنععى الع بقععوله أولععي بععأس‬
‫شديد ‪ ،‬فيما كان من فعلهم ‪ ،‬في المرة الولى في بني إسععرائيل ‪،‬‬
‫‪39‬‬
‫حين بعثوا عليهم ‪ ،‬ومن الذين بعععث عليهععم فععي المععرة الخععرة ‪،‬‬
‫وما كان من صععنعهم بهععم ‪ ،‬فقععال بعضععهم ‪ :‬كععان الععذي بعععث الع‬
‫عليهم في المرة الولى جالوت ‪ ،‬وهو من أهععل الجزيععرة ‪ ،‬وفيمععا‬
‫روي عن ابن عبععاس قععوله ‪ :‬بعععث الع عليهععم جععالوت ‪ ،‬فجععاس‬
‫خلل ديععارهم ‪ ،‬وضععرب عليهععم الخععراج والععذل ‪ ،‬فسععألوا الع أن‬
‫يبعث لهم ملكا ‪ ،‬يقاتلون في سبيل ال فبعث ال طالوت ‪ ،‬فقععاتلوا‬
‫جععالوت فنصععر ال ع بنععي إسععرائيل ‪ ،‬وقتععل جععالوت بيععدي داود ‪،‬‬
‫ورجع الع إلعى بنعي إسعرائيل ُملكهععم ‪ ،‬وقعال آخعرون ‪ :‬بععل بعععث‬
‫عليهم في المرة الولععى سععنحاريب ‪ ،‬وفيمععا روي عععن سعععيد بععن‬
‫المسيب يقول ‪ :‬ظهر بختنصر علععى الشععام فخععرب بيععت المقععدس‬
‫وقتلهم ‪ ،‬وقال آخرون ‪ :‬يعني بذلك قوما من أهل فارس ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬
‫ولم يكن في المرة الولى قتال ‪ ) ،‬ثم رددنععا لكععم … ( وفععي قععول‬
‫ابن عباس ‪ ،‬الععذي رواه عطيععة عنععه ‪ ،‬هععي إدالععة الع إيععاهم مععن‬
‫عدوهم جالوت حتى قتلوه ‪ ،‬وكان مجيء وعد المرة الخرة عنععد‬
‫قتلهم يحيى ‪ ،‬بعث عليهم بختنصر ‪ ،‬وخّرب بيت المقدس ‪ ،‬وأمععر‬
‫به أن تطرح فيه الجيف ‪ ،‬وأعانه على خرابه الروم ‪ ،‬فلما خربععه‬
‫ذهب معه بوجوه بني إسرائيل وأشرافهم ‪ ،‬وذهب بععدانيال وعليععا‬
‫وعزاريا وميشائيل ‪ ،‬وهؤلء كلهم من أولد النبياء ‪.‬‬
‫وفيما روي عن سعيد بن جبير ‪ ،‬قال ‪ :‬بعث ال عليهم فععي المععرة‬
‫الولى سنحاريب ‪ ،‬قال ‪ :‬فرّد الع لهععم الكععرة عليهععم كمععا أخععبر ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬ثم عصوا ربهم ‪ ،‬وعادوا لما نهوا عنه ‪ ،‬فبعععث عليهععم فععي‬
‫المرة الخرة بختنصر ‪ ،‬فقتل المقاتلععة وسععبى الذريععة ‪ ،‬وأخععذ مععا‬
‫وجد من الموال ‪ ،‬ودخلوا بيت المقدس ‪ ،‬كما قال ال عز وجعل ‪،‬‬
‫ودخلوه فتّبروه وخّربوه ‪ ،‬فرحمهععم فععرّد إليهععم ملكهععم ‪ ،‬وخّلععص‬
‫من كان في أيديهم من ذرية بنعي إسععرائيل ‪ ،‬وعععن مجاهععد قععال ‪:‬‬
‫‪40‬‬
‫بعث ال ملك فارس ببابل جيشا ‪ ،‬وأمععر عليهععم بختنصععر ‪ ،‬فععأتوا‬
‫بني إسرائيل فدمروهم فكانت هذه الخرة ووعدها ‪ .‬وعععن قتععادة‬
‫قوله ‪ :‬فبعث ال عليهم في الخرة ‪ ،‬بختنصر المجوسي البابلي ‪،‬‬
‫أبغض خلق ال إليه ‪ ،‬فسبا وقتل وخّرب بيت المقدس ‪ ،‬وسععامهم‬
‫سوء العذاب ‪ ،‬وفيما روي عن ابن عبععاس قععال ‪ :‬فلمععا أفسععدوا ‪،‬‬
‫بعث ال عليهم في المرة الخرة ‪ ،‬بختنصر فخرب المساجد " ‪.‬‬
‫من تفسير البغوي ‪:‬‬
‫قال قتععادة ‪ :‬إفسععادهم فععي المععرة الولععى ‪ ،‬مععا خععالفوا مععن أحكععام‬
‫التوراة وركبوا المحارم ‪ ،‬وقال ابن إسحاق ‪ :‬إفسادهم فععي المععرة‬
‫الولى قتععل إشعععياء فععي الشععجرة وارتكععابهم المعاصععي ‪ ) ،‬بعثنععا‬
‫عليكم عبادا لنا ( ‪ ،‬قال قتادة ‪ :‬يعني جععالوت الجععزري وجنععوده ‪،‬‬
‫وهو الذي قتله داود ‪ ،‬وقال سعيد بن جبير ‪ :‬يعني سنحاريب مععن‬
‫أهل نينععوى ‪ ،‬وقععال ابععن إسعحاق ‪ :‬بختنصععر البععابلي وأصععحابه ‪،‬‬
‫وهو الظهر ‪ ) ،‬فإذا جاء وعد الخرة ( وذلك قصدهم قتل عيسى‬
‫عليععه السععلم ‪ ،‬حيععن رفععع ‪ ،‬وقتلهععم يحيععى بععن زكريععا عليهمععا‬
‫السلم ‪ ،‬فسلط عليهم الفرس والروم خردوش وطيطوس ‪ ،‬حععتى‬
‫قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم ‪.‬‬
‫من تفسير الشوكاني ‪:‬‬
‫والمرة الولى ‪ ،‬قتل شعياء ‪ ،‬أو حبس أرمياء ‪ ،‬أو مخالفة أحكععام‬
‫التوراة ‪ ،‬والثانية قتل يحيى بن زكريا ‪ ،‬والعزم على قتل عيسى ‪،‬‬
‫) عبادا لنا ( قيل هو بختنصر وجنوده ‪ ،‬وقيل جالوت ‪ ،‬وقيل جند‬
‫من فارس ‪ ،‬وقيععل جنععد مععن بابععل ‪ ،‬والمععرة الخععرة ‪ ،‬هععى قتلهععم‬
‫يحيى ابن زكريا ‪ ) ،‬وإن عدتم ( قال أهل السير ‪ ،‬ثم إنهععم عععادوا‬
‫إلى ما ل ينبغي ‪ ،‬وهو تكذيب محمد صلى ال عليه وآلعه وسعلم ‪،‬‬
‫‪41‬‬
‫وكتمان ما ورد مععن بعثععه فععى التععوراة والنجيععل ‪ ،‬فعععاد الع إلععى‬
‫عقوبتهم على أيدي العرب ‪ ،‬فجععرى علععى بنععي قريظععة والنضععير‬
‫وبنععي قينقععاع وخيععبر ‪ ،‬مععا جععرى مععن القتععل والسععبي ‪ ،‬والجلء‬
‫وضرب الجزية ‪ ،‬على من بقي منهم ‪ ،‬وضرب الذلة والمسكنة ‪.‬‬
‫من تفسير اللوسي ‪:‬‬
‫واختلف في تعييعن هعؤلء العبعاد فعي إفسعادهم الول ‪ ،‬فععن ابعن‬
‫عباس وقتادة ‪ ،‬هم جععالوت الجععزري وجنععوده ‪ ،‬وقععال ابععن جععبير‬
‫وابن إسحاق هم سنحاريب ملك بابل وجنوده ‪ ،‬وقيل هم العمالقععة‬
‫‪ ،‬وفععي العلم للسععهيلي ‪ ،‬هععم بختنصععر عامععل لهراسععف ‪ ،‬أحععد‬
‫ملوك الفرس الكيانية ‪ ،‬على بابل والروم وجنوده ‪ ،‬بعثعوا عليهعم‬
‫حين كذبوا أرميا وجرحوه وحبسوه ‪ ،‬قيل وهو الحق ‪.‬‬
‫واختلف في تعيين هؤلء العبععاد المبعععوثين ‪ ،‬بعععد أن ذكععروا قتععل‬
‫يحيى عليه السلم فععي إفسععادهم الخيععر ‪ ،‬فقععال غيععر واحععد إنهععم‬
‫بختنصر وجنوده ‪ ،‬وتعقبه السهيلي وقال بأنه ل يصح ‪ ،‬لن قتععل‬
‫يحيى بعد رفع عيسى عليهما السلم ‪ ،‬وبختنصر كان قبل عيسععى‬
‫عليععه السععلم بزمععن طويععل ‪ ،‬وقيععل السععكندر وجنععوده ‪ ،‬وتعقبععه‬
‫أيضا وقال ‪ :‬بأن بين السكندر وعيسععى عليععه السععلم نحععوا مععن‬
‫ثلثمائة سنة ‪ ،‬ثم قال لكنه إذا قيل إن إفسادهم في المرة الخيععرة‬
‫بقتل شعيا ‪ ،‬جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصععر ومععن معععه ‪،‬‬
‫لنه كان حينئذ حيا ‪ ،‬والذي ذهب إليه اليهععود ‪ ،‬أن المبعععوث أول‬
‫بختنصر ‪ ،‬وكان في زمن آرميا عليه السلم ‪ ،‬وقد أنذرهم مجيئه‬
‫صريحا ‪ ،‬بعد أن نهاهم عن الفساد وعبادة الصنام ‪ ،‬كما نطق به‬
‫كتابه ‪ ،‬فحبسوه في بئر وجرحوه ‪ ،‬وكان تخريبه لبيت المقدس ‪،‬‬
‫في السنة التاسعة عشر من حكمه ‪ ،‬وبين ذلك وهبععوط آدم ثلثععة‬
‫‪42‬‬
‫آلف وثلثمائة وثماني وثلثين سنة ‪ ،‬وبقي خرابا سبعين سععنة ‪،‬‬
‫جععه وزيععره طيطععوس إلععى‬ ‫ثععم إن أسععبيانوس قيصععر الععروم ‪ ،‬و ّ‬
‫خرابه ‪ ،‬فخربه سنة ثلثععة آلف وثمانمععائة وثمانيععة وعشععرين ‪،‬‬
‫فيكون بيععن البعععثين عنععدهم أربعمععائة وتسعععون سععنة ‪ ،‬وتفصععيل‬
‫الكلم في ذلك في كتبهم ‪ ،‬وال تعالى أعلم بحقيقة الحال ‪.‬‬
‫وقال اللوسي ‪ " :‬ونعم ما قيععل إن معرفععة القععوام المبعععوثين ‪،‬‬
‫بأعيانهم وتاريخ البعث ونحوه ‪ ،‬مما ل يتعلق بععه كععبير غععرض ‪،‬‬
‫إذ المقصود أنه لما كثرت معاصيهم ‪ ،‬سلط ال تعالى عليهععم مععن‬
‫ينتقععم منهععم مععرة بعععد أخععرى ‪ ،‬وظععاهر اليععات يقتضععي اتحععاد‬
‫المبعوثين أول وثانيا "‬
‫ونقول ‪ :‬نتفق مع اللوسي في بعض ما ذهب إليه ‪ ،‬ونختلف معه‬
‫في التقليل من شأن المبعوثين ‪ ،‬التي ما أخبر بهععا سععبحانه ‪ ،‬فععي‬
‫كتابه العزيز إّل لكبير غرض ‪ ،‬وهو إثبات أن هذا القران من لدن‬
‫لم الغيوب ‪ ،‬لمن هم في شك يلعبون من المسععلمين وغيرهععم ‪،‬‬ ‫عّ‬
‫فهذه النبوءة تحكععي واقعععا نعاصععره الن ‪ ،‬بكععل تفاصععيله ) َوُكعّل‬
‫ل ( ومعرفة وتحديد المرتين ‪ ،‬أمر فععي غايععة‬ ‫صي ً‬
‫صْلَناُه َتْف ِ‬
‫شيٍْء َف ّ‬
‫َ‬
‫الهمية ‪ .‬مع أن عبارته الخيرة – رحمه ال ‪ -‬في النص السابق‬
‫سععر‬
‫‪ ،‬التي أكد فيها " اتحاد المبعوثين أول وثانيا " ‪ ،‬وهععو المف ّ‬
‫الوحيد من القدماء ‪ ،‬الذي أشار صراحة إلى هذا المر ‪ ،‬أعطتني‬
‫دفعة كبيرة للمضي قدما في هععذا البحععث ‪ ،‬حيععث كنععت قععد تتبعععت‬
‫الضمائر الواردة في اليعات ‪ ،‬وتأكعدت معن هعذا المعر فعي بدايعة‬
‫البحث ‪ ،‬فقععد أّيععدت هععذه العبععارة ‪ ،‬جانبععا مععن الفكععار الععتي كنععت‬
‫أحملها ‪ ،‬فيمععا يتعلععق بهععذه النبععوءة ‪ ،‬بعععدما تععبّين لععي مععن خلل‬
‫ن فنععاء دولععة‬‫الحاديث النبوية ‪ ،‬التي ذكرتها في بداية البحععث ‪ ،‬أ ّ‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬سععيكون قبععل قيععام الخلفععة السععلمية ‪ ،‬الععتي مععا زال‬
‫‪43‬‬
‫عامععة المسععلمين ‪ ،‬ينتظععرون ويععأملون قيامهععا ‪ ،‬للقضععاء عليهععم‬
‫وإنهاء وجودهم ‪ .‬وبما أن المبعوثين عليهم أول وثانيا متحدين ‪،‬‬
‫فذلك يعني أن معرفتنا لمن ُبعث عليهم أول ‪ ،‬ستقودنا بالضرورة‬
‫لمعرفة من سيبعث عليهم ثانيا ‪ ،‬وثالثعا للكشعف ععن الكععثير ممععا‬
‫أحععاط هععذه النبععوءة مععن غمععوض ‪ ،‬كععان سععببا فععي كععثير مععن‬
‫التفسيرات المغلوطة ‪ ،‬التي أوقعت ُأناس هذا العصر ‪ ،‬في الحيرة‬
‫والرتباك ‪.‬‬
‫كان هذا عرضا لمجمل ما قاله المفسععرين ‪ ،‬أجّلهععم الع ورحمهععم‬
‫جميعا ‪ ،‬مع الخذ بعين العتبار أن أحدا منهععم ‪ ،‬لععم يعاصععر قيععام‬
‫دولة اليهود للمرة الثانية ‪ ،‬وكان أكععثرهم حداثععة ‪ ،‬هععو اللوسععي‬
‫الذي توفي سنة ‪ 1227‬هجععري ‪ ،‬والملحععظ مععن أقععوالهم ‪ ،‬أنهععم‬
‫أجمعوا على أن تحّقق المرتين ‪ ،‬كان قبل السلم ‪ ،‬ونسبة إحدى‬
‫المرتين ‪ ،‬إلى البعابليين وبقيعادة بختنصععر ) نبوخعذ نصعر ( علععى‬
‫الغلععب ‪ ،‬وهععو الحععدث المشععهور تاريخيععا بمععا ُيس عّمى ) السععبي‬
‫البابلي ( ‪.‬‬
‫ومعظم ما تقّدم من روايات هي أخبار موقوفة ‪ ،‬على أصععحابها ‪،‬‬
‫وأصععلها أهععل التععوراة ‪ ،‬حيععث أنهععا المصععدر الوحيععد لمثععل هععذه‬
‫الروايععات ‪ ، ،‬والععتي امتلت التفاسععير منهععا ‪ ،‬وهععي ليسععت ممععا‬
‫ُيرجعع إليعه معن الحكعام ‪ ،‬العتي يجعب بهعا العمعل ‪ ،‬فُتتحعرى فعي‬
‫صحتها أو كذبها ‪ ،‬لذلك تساهل كثير معن المفسعرون فععي نقلهعا ‪،‬‬
‫وهي في بعض منها أقرب إلى الخرافة ‪.‬‬
‫سععرين ‪ ،‬فقععد أعععاد أغلبهععم نسععخ أقععوال‬
‫أّما المعاصععرين مععن المف ّ‬
‫القدماء بشكل مختصر ‪ ،‬وأضافوها إلى كتبهم ‪ ،‬ولم يععأتوا بجديععد‬
‫إل واحدا ‪ ،‬هو الشيخ سعيد حوى رحمه ال ‪ ،‬حيث أعلمنععي أحععد‬
‫‪44‬‬
‫الزملء بذلك ‪ ،‬عندما عرضععت عليععه بعععض نتععائج هععذا البحععث ‪،‬‬
‫فقال لي بععأن إحععدى النتععائج الععتي خرجععت بهععا ‪ ،‬كععان الشععيخ قععد‬
‫طلعععت علععى تفسععيره لهععذه اليععات‬ ‫أوردهععا فععي تفسععيره ‪ ،‬وقععد ا ّ‬
‫مؤخرا ‪ ،‬فوجدت بأن الشيخ ‪ ،‬ق عّدمها كاحتمععال موسععوم بالشععك ‪،‬‬
‫ولكنا نطرحها علععى وجععه اليقيععن ‪ ،‬الععذي ل ُيخععالطه شععك ‪ ،‬بععإذن‬
‫ال ‪.‬‬
‫أما أناس هذه اليام ‪ ،‬ممن علم أو لم يعلم ‪ ،‬فقد جاءوا بتفسيرات‬
‫وأقوال شتى في هذه اليات ‪ ،‬منهععا مععا وافععق تفسععيرات القععدماء‬
‫وأقععوالهم مععن جععانب ‪ ،‬وخالفهععا فععي جععوانب آخععرى ‪ ،‬ومنهععا مععا‬
‫خالفها جملة وتفصيل ‪.‬‬
‫بعض مننن أسننباب الضننطراب والرتبنناك ‪،‬‬
‫في تفسير آيات سورة السراء ؟‬
‫هجر القرآن‬
‫القرآن في العادة ‪ ،‬ل ُيقرأ من قبل عاّمة المسلمين ‪ ،‬هذه اليععام ‪،‬‬
‫إل ما رحم ربي ‪ ،‬وإن ُقرء ‪ ،‬فهي قراءة بل تفّكر أو تدّبر ‪ ،‬حععتى‬
‫أصبحنا إذا سمعناه ‪ ،‬يصدر من أحد البيوت ‪ ،‬فععي ح عيّ أو شععارع‬
‫قريب ‪ ،‬تساءلنا فيما إذا كان أحدهم قد مات ‪ ،‬قععال تعععالى ) َوَي عْوَم‬
‫ل)‬ ‫س عِبي ً‬
‫سععوِل َ‬‫ت َمَع الّر ُ‬‫خْذ ُ‬‫عَلى َيَدْيِه َيُقوُل َياَلْيَتِني اّت َ‬ ‫ظاِلُم َ‬‫ض ال ّ‬ ‫َيَع ّ‬
‫ن الّذْكرِ‬‫عْ‬‫ضّلِني َ‬‫ل )‪َ (28‬لَقْد َأ َ‬ ‫خِلي ً‬
‫لًنا َ‬ ‫خْذ ُف َ‬‫‪َ (27‬يَوْيَلِتي َلْيَتِني َلْم َأّت ِ‬
‫سععوُل‬ ‫خُذوًل )‪َ (29‬وَقاَل الّر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ِ‬‫لن َ‬ ‫ن ِل ِْ‬
‫طا ُ‬ ‫شْي َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫جاَءِني َوَكا َ‬ ‫َبْعَد ِإْذ َ‬
‫جععوًرا )‪ 30‬الفرقععان ( ‪.‬‬ ‫ن َمْه ُ‬‫خ عُذوا َه عَذا اْلُق عْرآ َ‬ ‫ن َق عْوِمي اّت َ‬ ‫َي عَربّ ِإ ّ‬
‫وهجر القعرآن نبعوءة ‪ ،‬وقععد تحققعت فعي زماننعا هعذا ‪ ،‬وأّنعى لنعا‬
‫هذا ‪ ،‬فالتفكر والتدبر في أمور الحياة الدنيا ‪ ،‬أشغلنا وأغنانا عععن‬
‫الخرة ‪ ،‬التي ما خل من القرآن موضع ‪ ،‬إل وذّكرنا بهععا ‪ ،‬وهععذا‬
‫‪45‬‬
‫أخشى ما نخشاه ‪ ،‬لننا ل نريد أن نتذّكر ‪ ،‬لكيل نتأّلم من المصير‬
‫المرعب ‪ ،‬الذي نسجناه بأيدينا ‪ ،‬والذي إن تععذّكرناه ‪ ،‬لععم يغمععض‬
‫لنا جفن ‪ ،‬ولم ترقأ لنا عين ‪.‬‬
‫تجمينند القننرآن وتعطيلننه وفصننله عننن‬
‫الواقع ‪ ،‬ماضيا وحاضرا ومستقبل‬
‫يذهب كثير من الناس ‪ ،‬من علماء وعاّمة ‪ ،‬إلععى أن فهععم القععرآن‬
‫واكتشاف مكنونععاته ‪ ،‬مقصععور علععى فئة معينععة مععن النععاس دون‬
‫غيرهم ‪ ،‬أو في زمان أو مكان دون آخععر ‪ .‬بععالرغم مععن أن هنععاك‬
‫الكثير من التفسيرات الخاطئة ‪ ،‬والروايات المضّللة أحيانععا ‪ ،‬فععي‬
‫حح لغايععة الن ‪ .‬ونحععن‬ ‫كتععب التفسععير القديمععة ‪ ،‬والععتي لععم تص ع ّ‬
‫باعتمادنا بشكل كّلي على تفسيرات القدماء ‪ ،‬حرمنععا أنفسععنا مععن‬
‫فهم كثير من اليات ‪ ،‬ذات الصععلة بواقعنععا المعاصععر ‪ ،‬والععتي مععا‬
‫كان لحد من المفسرين قديما ‪ ،‬القدرة على تفسيرها ‪ ،‬فععي زمععن‬
‫يسبق زماننا هذا ‪ ،‬ول نقصد هنا التعريض بأي حال من الحععوال‬
‫‪ ،‬بأي من المفسرين أجّلهم ال ‪ ،‬فكل له عععذره وأسععبابه ‪ ،‬ولكععن‬
‫نريد أن نؤكد من خلل هذا الكتاب أن القععرآن مععا زال حّيععا ‪ ،‬ومععا‬
‫زالت لديه القدرة ‪ ،‬على التيان بجديععد حععتى قيععام السععاعة ‪ ،‬ولععم‬
‫يكن فهم القرآن يوما ‪ ،‬ولن يكون محصععورا ‪ ،‬بزمععان أو مكععان ‪،‬‬
‫أو أشخاص دون غيرهم ‪.‬‬
‫الغموض والبهام فنني نصننوص النبننوءات‬
‫المستقبلية‬
‫عععادة ل ُتسععتخدم النصععوص الصععريحة ‪ ،‬فععي الكتععب السععماوية ‪،‬‬
‫وفي السنة النبوية ‪ ،‬كأسلوب للخبار عععن مضععامين النبععوءات ‪،‬‬
‫فعادة معا ُيسعتعمل الوصعف والتشعبيه والتمثيعل ‪ .‬وهعذا هعو حعال‬
‫‪46‬‬
‫مجمل النبوءات المستقبلية ‪ ،‬تبقى بعض نصوصها عصععية علععى‬
‫سععر‬
‫الفهم ‪ ،‬حتى تتمكن من تجسيد نفسها على أرض الواقع ‪ ،‬لتف ّ‬
‫نفسها بنفسها ‪ .‬فلكتمال معالمها ‪ ،‬أسباب ومسببات ‪ ،‬ل بععد لهععا‬
‫من أخذ مجراها الطبيعي ‪ .‬وعادة ما تكون في جانب منها مبهمععة‬
‫‪ ،‬خاصة للطععرف صععاحب الععدور الكععبر ‪ ،‬بترجمععة أحععداثها علععى‬
‫أرض الواقع ‪.‬‬
‫وفي المقابل تبقى بعض نصوصها سععهلة للهضععم والفهععم ‪ ،‬لمععن‬
‫جاءت في كتبهم ‪ ،‬إذا عاصععروها ‪ ،‬ولكععن بالَقعْدِر الععذي ل يسععمح‬
‫لهععم ‪ ،‬بالتععدخل فععي مجرياتهععا ‪ ،‬أو تعطيععل السععباب والمسععببات‬
‫المؤدية لتحّققها ‪ .‬ولتبقععى قععدرتهم علععى التععدخل مقّيععدة ‪ ،‬بمععا لععم‬
‫يعرفوه يقينا ‪ ،‬مما ُأبهم عليهم من نصوص النبوءة ‪ .‬ومثال ذلععك‬
‫ما جاء في كتب اليهععود والنصععارى ‪ ،‬مععن نصععوص تبشّععر بنبععوة‬
‫سيدنا محمد عليه الصلة والسلم ‪ .‬وبالرغم من كثرة النصععوص‬
‫التي أخبرت عنه ‪ ،‬لم يستطع اليهود الستدلل عليععه يقينععا ‪ ،‬قبععل‬
‫ظهور أمره ‪ ،‬وإل لقتلوه ‪ .‬وصععاحب النبععوة لععم يكععن يعلععم ‪ ،‬بععأنه‬
‫المقصود بنبععوءات أهععل الكتععاب ‪ ،‬قبععل أن يتنعّزل عليععه الععوحي ‪،‬‬
‫وحتى اسمه ) محمد ( عليه الصلة والسلم ‪ ،‬جاء مغايرا لسمه‬
‫) أحمد ( الموجود في كتبهم ‪ ،‬حيث جاء بالمعنى وليععس بععاللفظ ‪.‬‬
‫سععر جميععع‬ ‫وبعععدما ُبعععث ‪ ،‬ومععع مععرور الزمععن ‪ ،‬بععدأ الواقععع ُيف ّ‬
‫النصوص التي كانت بحوزتهم شيئا فشيئا ‪ .‬أما قريش فمععا كععانت‬
‫ُتصّدق من نبوءات أهل الكتاب شيئا ‪.‬‬
‫وحتى لو ُكشفت مضامين النبوءات ‪ ،‬عنععد اكتمععال معععالم القععدر ‪،‬‬
‫وقبل تحقععق الفصععل الخيععر منهععا ‪ ،‬كععان مععن الصعععب علععى ذوي‬
‫العلقة ‪ ،‬إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ‪ ،‬من أجل التأثير على‬
‫مجريات أحداثها ‪ ،‬أو منع تحّققها ‪ ،‬وخاصععة أن معظععم النبععوءات‬
‫‪47‬‬
‫إذا ُفسّرت ‪ ،‬وكان واقع الحال ل يتطابق مع التفسير ‪ ،‬وهععذا أمععر‬
‫طععبيعي جععدا ‪ ،‬فعععادة مععا ُيجععابه التفسععير بالنكععار والتكععذيب ‪ ،‬أو‬
‫التشكيك حتى ممن يعنيهم المر ‪ ،‬أو الظععن أن بالمكععان منعهععا ‪،‬‬
‫كما هو الحال عند بني إسرائيل ‪ ،‬الذين يعلمون هذه النبوءة علععم‬
‫اليقين ‪ ،‬وُيحععاولون جهععدهم منععع تحّققهععا ‪ ،‬كمععا حععاولوا جهععدهم‬
‫البحث ‪ ،‬ععن نبينععا عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬لمنعع بعثععه وظهععور‬
‫أمره ‪ .‬وكما سيكون الحال مع كثير من الناس ‪ ،‬الععذين سععيقرأون‬
‫هذا الكتاب ‪ ،‬الذي نكشف فيه ملبسات تحّقق وعد الخععرة ‪ ،‬كمععا‬
‫لم تكن من قبل ‪ ،‬بعد أن تشابكت خيوطها ‪ ،‬واتصلت بإحكععام منععذ‬
‫سنين عدة ‪ ،‬ولكن الناس كانوا عنها غافلين ‪.‬‬
‫فهم اللفاظ ومدلولتها‬
‫في كثير من الحيان نفهم ألفاظ القرآن ‪ ،‬بالمعنى الذي نسععتخدمه‬
‫به في حياتنا المعاصرة ‪ ،‬وربما يكون هذا السععتخدام مختلععف أو‬
‫مخععالف تمامععا ‪ ،‬لسععتخدام العععرب القععدماء ‪ -‬الععذين نععزل القععرآن‬
‫بلغتهم ‪ -‬لنفس اللفظ ‪ ،‬مما يتسّبب فعي سعوء التفسعير أو الفهعم ‪.‬‬
‫صعَل ( ‪ ،‬فنحععن نسععتخدم هععذا‬ ‫فعلى سبيل المثال ‪ ،‬لنأخععذ كلمععة ) َف َ‬
‫اللفظ تقريبععا بمعنععى واحععد ؛ َقطعَع التيععار ‪َ ،‬فعّرق مععا بيععن شععيئين‬
‫بشيء ثالث ‪ ،‬طرده من الوظيفة ‪ .‬أما العععرب القععدماء فقععد كععانوا‬
‫يستخدمونها بمعان شتى ‪ ،‬تفهم عادة من السعياق ‪ ،‬منهععا ؛ َقطعَع‬
‫ج ‪ ،‬ومععن هععذه المعععاني تسععتطيع تفسععير قععوله تعععالى‬ ‫خَر َ‬
‫قو َ‬ ‫وَفّر َ‬
‫جُنوِد )‪ 249‬البقععرة ( ‪ ،‬علععى أن طععالوت‬ ‫ت ِبععاْل ُ‬
‫طععاُلو ُ‬
‫ص عَل َ‬
‫) َفَلّما َف َ‬
‫خرج بالجنود ‪.‬‬
‫وفي كثير من الحيان ‪ ،‬يحمل اللفظ الواحد في القععرآن ‪ ،‬مفهومععا‬
‫عامععا عريضععا ‪ ،‬وينععدرج تحتععه عععدة مفععاهيم خاصععة ‪ُ ،‬يعّرفهععا‬
‫‪48‬‬
‫صلها القرآن في مواضع عديدة ‪ .‬ومن هذه اللفاظ على سبيل‬ ‫وُيف ّ‬
‫المثال ؛ الفساد والعلععو والفاحشععة والظلععم ‪ ،‬وهععذه كلهععا مفععاهيم‬
‫عامععة ‪ ،‬يختلععف تحديععد مواصععفاتها ومقاييسععها ‪ ،‬بععاختلف فهععم‬
‫الشععخص علععى سععبيل المثععال لماهّيععة اللفععظ ‪ .‬وإذا تركنععا الجابععة‬
‫للناس ‪ ،‬كٌل حسب رأيه ‪ ،‬ستجد أن هناك تعاريف عديدة ومتباينة‬
‫‪ ،‬أما القرآن فله تعريفه الخاص ‪.‬‬
‫فلنأخذ لفظ الظلم ‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى ) َوَما ُكّنا ُمْهِلِكي اْلُقععَرى‬
‫ن )‪ 59‬القصص ( ‪ ،‬فما هي ماهيععة هعذا الظلعم ‪،‬‬ ‫ظاِلُمو َ‬
‫ِإّل وََأْهُلَها َ‬
‫الذي يتحتم عليه إهلك القرى ؟ وكيف تسععتطيع القععرى أن تسععلم‬
‫من الهلك ‪ ،‬بما أن الظلم هو المقياس لذلك ‪ ،‬كما أخبر رب العزة‬
‫؟ ولفهم دللة هذا اللفظ ‪ ،‬يتحتم عليك أن ُتلّم بكل ُمتعّلقاته ‪ ،‬فععي‬
‫جميع اليات القرآنية ‪ ،‬التي ورد فيها ذكره ‪ ،‬لتخرج فععي النهايععة‬
‫بما ُيشبه المقياس ‪ ،‬الذي من خلله تستطيع تعريف هذا المفهوم‬
‫‪ ،‬بالمقياس اللهي له ‪ ،‬وليس بالمقاييس الشخصية للناس ‪.‬‬
‫اليجاز الشديد‬
‫مثعععل قعععوله تععععالى ) فجاسعععوا خلل العععديار ( ‪ ،‬حيعععث وصعععف‬
‫سبحانه ‪،‬كل ما فعله أولئك العباد ‪ ،‬في المرة الولى بثلث كلمات‬
‫فقط ‪ ،‬أو بالحرى كلمة واحععدة هععي ) فجاسععوا ( ‪ ،‬وبععالرغم مععن‬
‫ذلك ‪ ،‬فإن هذه الكلمة ‪ ،‬وعند الطلع معانيها في المعجم ‪ ،‬ستجد‬
‫أنها تصعّور مشععهدا سععينمائيا كععامل ‪ ،‬وبععدون الطلع علععى تلععك‬
‫المعاني ‪ ،‬لن تمتلك القدرة على تخّيل ذلك المشهد ‪.‬‬
‫الحذف وتقدير المحذوف‬
‫حذف كلمة أو عبارة من السياق ‪ ،‬لسبق الدللة عليها فيما تقدم‬
‫من نصوص ‪ ،‬مثل حذف جواب شرط إذا الخاص بوعد الخععرة ‪،‬‬
‫‪49‬‬
‫وتقععديره ) بعثنععاهم عليكععم ( فععي اليععة )‪ ، (7‬لدللععة قععوله تعععالى‬
‫) فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم ( في الية ) ‪. (5‬‬
‫اللتفات‬
‫الحععديث عععن الغععائب ‪ ،‬ومععن ثععم النتقععال لتععوجيه الخطععاب إلععى‬
‫الحاضر ‪ ،‬والعكس بععالعكس ‪ ،‬بيععن حيععن وآخععر ‪ ،‬مثععل ) وقضععينا‬
‫إلى – الحديث هنا عن الغائب ) السابقين من بني إسرائيل ( …‬
‫ن في – الخطاب هنعا إلععى الحاضععر ) المعاصعرين معن بنعي‬ ‫لتفسد ّ‬
‫إسععرائيل ( ‪ . ( ..‬عععادة مععا يسععتخدم هععذا السععلوب ‪ ،‬فععي إخبععار‬
‫المستمع الحاضر عن حدث وقع في الماضي ‪ .‬والهدف من إنزال‬
‫هذه النبوءة في كتاب موسى ‪ ،‬وإعادة نسععخها فععي القععرآن ‪ ،‬هععو‬
‫كشف للغيب الذي ل يعلمه إل من أخبر عنه ‪ ،‬فيما أنزله من كتب‬
‫على ُرسله ‪ ،‬لعل الناس المعاصرين بربهم يؤمنون ‪ ،‬عنععد تحقععق‬
‫هذه النبوءة بكل تفاصععيلها ‪ ،‬كمععا جععاءت فععي الكتععب السععماوية ‪.‬‬
‫لذلك جاء الخبار في القععرآن للنععاس كافععة ‪ ،‬وجععاء الخطععاب لععبي‬
‫صة ‪ ،‬لن المر يعنيهم أكثر من غيرهم ‪ ،‬فلعّلهععم إلععى‬ ‫إسرائيل خا ّ‬
‫ربهم يرجعون ‪.‬‬
‫لقد أخبر سبحانه فععي اليععة )‪ (2‬أنععه آتععى موسععى الكتععاب ‪ ،‬وفععي‬
‫الية )‪ (4‬أخبر بأنه أنزل في ذلك الكتاب نص هذه النبوءة ‪ ،‬التي‬
‫سيشرع فيما يلي بالخبار عنها بكل تفاصععيلها ‪ ،‬كمععا جععاءت فععي‬
‫كتاب موسى ‪ ،‬حيث جععاء النععص آنععذاك مخاطبععا لبنععي إسععرائيل ‪.‬‬
‫وإتيان النص بأسلوب المخاطبة لبني إسرائيل في القععرآن ‪ ،‬يفيععد‬
‫أن هناك جزء من هذه النبوءة سيتحقق مستقبل بعععد نععزول هععذه‬
‫اليات ‪ ،‬وأعيد النص لتذكير بني إسرائيل وتنبيههم وتحععذيرهم ‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫من مغبة الفساد في الرض في المرة لثانية ‪ ،‬ممععا يععترتب عليععه‬
‫نفاذ الوعد الثاني ‪ ،‬كما نفذ الوعد الول ‪.‬‬
‫طب فعععي هعععذه اليعععات ‪ ،‬هعععم بنعععوا إسعععرائيل‬ ‫ومعععع أن المخعععا َ‬
‫) المعاصععرين ( ‪ ،‬ولكععن يجععب أل ننسععى ‪ ،‬أن هنععاك مععن يقععرأ‬
‫ويسمع خطابه تعالى – لبني إسرائيل – من خلل القععرآن ‪ ،‬ممععن‬
‫هم من غير بني إسرائيل ‪ ،‬ول يعلمون من أمر هذه النبوءة شيئا‬
‫‪ ،‬فيما إذا كانت قد أنزلت عليهم في كتابهم أم ل ‪ ،‬فابتدأ عز وجل‬
‫القصععة بالخبععار عععن وجودهععا فععي كتععابهم ‪ ،‬لمععن ل يعلععم مععن‬
‫الجمهور بذلك ‪ ،‬من مستمع وقارئ لهذه القصة ‪ .‬لُيعيد الجمهور‬
‫إلى الجواء التي ُأنزلت فيهععا هععذه النبععوءة ‪ ،‬ليسعُهل فهمهععا مععن‬
‫قبلهععم ‪ .‬وليصععبحوا مسععاوين لبنععي إسععرائيل فععي معايشععة تلععك‬
‫الجواء ‪ ،‬التي يعرفونها كما يعرفون أبنائهم ‪ ،‬من خلل ما لديهم‬
‫مععن كتععب ‪ .‬لععذلك تجععده سععبحانه أحيانععا يتععوجه بالخطععاب إلععى‬
‫الجمهور ‪ ،‬تاركا ) خطاب بني إسرائيل ( ‪ ،‬ليضيف إليهم خبرا أو‬
‫تعقيبا ‪ ،‬على جزء معين من هذه النبوءة ‪ ،‬أو إيضاحا أو تفصععيل‬
‫‪،‬لم يرد في النص الصلي للنبوءة ‪ ،‬التي سبق أن ُأنزلت عليهم ‪،‬‬
‫أو تحقق بعد نزولها ‪ ،‬لزم إخبار الجمهور عنه في هععذه اليععات ‪.‬‬
‫فالحكمة من الخبار بهععذه النبععوءة والكشععف عنهععا للبشععر ‪ ،‬هععي‬
‫صل اليمان بالقرآن ومععن أنزلععه ومععن ُأرسععل بععه ‪ ،‬كمععا عّقععب‬ ‫تح ّ‬
‫سبحانه بقوله في نهاية السورة ) ُقْل َءاِمُنععوا ِبعِه َأْو َل ُتْؤِمُنععوا )‬
‫‪ 107‬السراء ( ‪ .‬وسنبين إن شاء ال ع كععل موضععع ‪ ،‬حصععل فيععه‬
‫التفات ‪ ،‬لتصبح نصوص النبوءة أكععثر وضععوحا وأسععهل للفهععم ‪.‬‬
‫وعدم معرفة ماهية اللتفات ومواضعه ‪ -‬أحد أوجععه البلغععة فععي‬
‫لغة العععرب – سععيجعل معن الصعععوبة بمععا كععان ‪ ،‬أن يفهععم النععاس‬

‫‪51‬‬
‫النصوص القرآنيععة بشععكل صععحيح ‪ ،‬وربمععا يقلععب المعنععى بشععكل‬
‫مخالف تماما ‪.‬‬
‫الضمائر‬
‫متابعععة الضععمائر فععي هععذه اليععات ‪ ،‬بأنواعهععا الثلثععة ‪ ،‬المتكّلععم‬
‫طب والغائب ‪ ،‬وتحديد على من يعود كل منها ‪ .‬وهنا ل بععد‬ ‫والمخا َ‬
‫ن كل الضمائر الواردة فعي اليعات ) ‪-4‬‬ ‫أن نوضح ونؤكد ‪ ،‬على أ ّ‬
‫‪ ، ( 8‬ما عدا ضمائر المتكّلم التي تعود عليه سبحانه ‪ ،‬تعود على‬
‫أولئك العباد أولي البأس الشديد أنفسهم في مواضع ‪ ،‬وعلى بني‬
‫إسععرائيل فععي مواضععع أخععرى ‪ ،‬وهععي محصععورة فيهععم علععى‬
‫الطلق ‪ ،‬إذ لم يضف النص طرفا ثالثا ‪.‬‬
‫العتراض‬
‫وهععو إضععافة جملععة إلععى السععياق ‪ ،‬كتعقيععب علععى خععبر قععد سععبق‬
‫ذكره ‪ ،‬زيادة في اليضاح والبانة ‪ ،‬وهو أحد أوجه البلغة أيضا‬
‫‪ .‬وعدم وجود هذا التعقيب ‪ ،‬ربما ُيثير التساؤل في ذهن المستمع‬
‫‪ ،‬فُيضيف الراوي مععن تلقععاء نفسععه خععبرا جديععدا ‪ ،‬ليععدفع الحيععرة‬
‫عنععه ‪ ،‬ومنعععا لتععوارد الجتهععادات والتفسععيرات الخععاطئة فععي‬
‫مخيلته ‪ ،‬ولُيغني المستمع الحاجة إلععى السععؤال ‪ .‬فعععادة مععا تععأتي‬
‫الجملة المعترضة كإضافة ‪ ،‬لزالة الغموض واللبععس ‪ ،‬الععذي قععد‬
‫ينجم عن سوء تقدير المستمع ‪ ،‬ولزوم هذا التعقيب يعود لتقععدير‬
‫الراوي ‪.‬‬
‫وقد وقع العتراض في نصوص النبوءة في موضعين ‪ ،‬في قوله‬
‫تعععالى " وكععان وعععدا مفعععول " ‪ ،‬للتعقيععب علععى الوعععد الول ‪،‬‬
‫لبيععان أن هععذا كععان قععد ُأنجععز أم لععم ُينجععز ‪ .‬وفععي قععوله تعععالى "‬
‫وليتّبروا معا علعوا تتعبيرا " للتعقيعب علعى العلعو الكعبير الخعاص‬
‫‪52‬‬
‫ببني إسرائيل ‪ ،‬لبيان وتأكيد أن هذا العلو ستتم إزالته مستقبل ل‬
‫محالة ‪.‬‬
‫الهوى والعاطفة‬
‫نحن كمسلمين مرتبطون عاطفيا بالمسجد القصععى ‪ ،‬ومرتبطععون‬
‫عاطفيععا بععالبطولت السععلمية وأبطالهععا ‪ ،‬ومرتبطععون عاطفيععا‬
‫بالخلفععة السععلمية وخلفائهععا ‪ ،‬لنهععا تععوّفر لنععا شعععورا بععالعزة‬
‫والكرامة طالما افتقدناه ‪ ،‬ونحن بأمس الحاجة إليععه هععذه اليععام ‪.‬‬
‫وفي المقابل نحن أبعد ما نكون عن السلم ‪ ،‬في حياتنا العملية ‪،‬‬
‫ولععو نظرنععا فععي أعمععاق أعماقنععا ‪ ،‬لوجععدنا أننععا نرفععض السععلم‬
‫كأسععلوب للحيععاة ‪ ،‬لن السععلم بكععل بسععاطة يرفععض كععل مظععاهر‬
‫سك بها الن معظععم المسععلمين ‪ ،‬ويسععون‬ ‫الحياة الدنيا ‪ ،‬التي يتم ّ‬
‫لبقائهععا ويحرصععون علععى إدامتهععا والسععتزادة منهععا مععا أمكنهععم‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫نص هذه النبععوءة موجععود فععي كتععب اليهععود ‪ ،‬فمععا الععذي قععام بععه‬
‫زعماؤهم العلمانيون والمتدينون ‪ ،‬عنععدما أرادوا أن يقيمععوا لهععم‬
‫دولة ؟ أخذوا من النبوءة الجزء الخاص بالعودة من الشتات ورد‬
‫سروها على أن ال أراد لهم ذلك ‪ ،‬بغععض النظععر عععن‬ ‫السبي ‪ ،‬وف ّ‬
‫فسادهم وإفسادهم ‪ ،‬وأخفوا النصععوص الععتي ُتح عّذر مععن العقوبععة‬
‫التي تنتظرهم ‪ ،‬لُيضفوا على عودتهم إلععى فلسععطين ‪ ،‬بعععدا دينيععا‬
‫توراتيععا ‪ ،‬وبالتععالي اسععتطاعوا كسععب التأييععد والععدعم المععادي‬
‫والمعنعععوي ‪ ،‬سياسعععيا واقتصعععاديا وعسعععكريا ‪ ،‬معععن اليهعععود‬
‫والنصارى على حد سواء ‪.‬‬
‫نحععن أيضععا نملععك نععص النبععوءة نفسععها ‪ ،‬وملزمععون بتحريععر‬
‫القصى ‪ ،‬ولننا نشعععر بععالعجز وقصععر ذات اليععد ‪ ،‬قمنععا بإضععفاء‬
‫‪53‬‬
‫البعد الديني على عملية التحرير ‪ ،‬بحصرها بخلفة إسلمية غير‬
‫منظورة علععى المععدى القريععب ‪ ،‬واسععتبعدنا احتماليععة أن يتععم هععذا‬
‫المر ‪ ،‬خارج هذا الطار العععاطفي ‪ .‬وبعععد أن تقوقعنععا داخععل هععذا‬
‫جه ‪.‬‬‫سر المعطيات حسب ما يتوافق مع هععذا التعو ّ‬ ‫الطار ‪ ،‬بدأنا ُنف ّ‬
‫حتى بلغ بنا المر ‪ ،‬إلى أن ُنحّمل النصوص القرآنية ما ل تحتمله‬
‫‪ ،‬لتوافق رغباتنا وأهوائنا وتطّلعاتنا كمنتسبين للسععلم ‪ .‬فأخععذنا‬
‫عبارة ) عبادا لنا ( ‪ ،‬وعبارة ) وليدخلوا المسجد ( وعبارة ) كما‬
‫دخلوه أول مرة ( ‪ ،‬وسلخناها عن جلدها ‪ ،‬وقمنععا بالسععهاب فععي‬
‫تفسير وتفصيل هذه العبارات ‪ ،‬وأهملنا بعض العبارات الخرى ‪،‬‬
‫سرنا بعضها الخر بشععكل ُينععاقض فحواهععا ‪ ،‬فعزلنععا العبععارات‬ ‫وف ّ‬
‫عن آياتها ‪ ،‬وعزلنا اليات عن بعضها ‪ ،‬وعزلنا مجموعة اليات‬
‫عن السورة ‪ ،‬وعزلنا السورة عن القععرآن ‪ ،‬وعزلنععا القععرآن ععن‬
‫كععل شععيء ‪ .‬فخرجنععا باسععتنتاجات وتحليلت وأصععدرنا أحكععام ‪،‬‬
‫حرمت الكععثير مععن النععاس مععن المعرفععة الحقيقععة ‪ ،‬الععتي تكتنفهععا‬
‫نصوص هذه النبعوءة ‪ ،‬الععتي تعم تفسععيرها ‪ ،‬بتغليعب معن الهععوى‬
‫والعاطفععة ‪ ،‬علععى النصععوص القرآنيععة والسععنة ‪ ،‬وعلععى العقععل‬
‫والمنطق والواقع والتاريخ والجغرافيا ‪.‬‬
‫وبذلك أزاحت بعض التفسيرات ‪ ،‬التي حصرت تحريععر القصععى ‪،‬‬
‫بالخلفة السلمية عن غير قصد ‪ ،‬عععن كاهععل هععذا الجيععل عبععء‬
‫فكرة التحرير ‪ ،‬وأبعدت عن أذهان الناس شبح حرب قادمة ‪ ،‬مما‬
‫ساهم بشكل غير مباشر ‪ ،‬في تخدير أمة السلم لسنين طويلععة ‪،‬‬
‫لينُعم الناس بحياة آمنة مطمئنة ‪ ،‬ولكن للسف بعيدا عن الععدين ‪.‬‬
‫فالخلفععة السععلمية علععى المععدى القريععب صعععبة التحقععق ‪ ،‬لن‬
‫مقومات قيامها ضمن الظروف الراهنة معدومة ‪ .‬والمععة بحاجععة‬
‫لمن ُينّبهها ل لمن ُيخّدرها … وقبععل طععرح هععذه الفكععرة الخطععرة‬
‫‪54‬‬
‫عن تحرير المسجد القصى … ونسععبها إلععى كتععاب ال ع … وأن‬
‫ال أراد ذلك … كان على رّواد هذه الفكععرة … أن يتجعّردوا مععن‬
‫عواطفهم وأهوائهم كليا عند تفسير آيات الع … فعالقرآن يطلععب‬
‫العقل سبيل للفهم ل العاطفة والهوى … لدرجة أنه جعل ) القلب‬
‫( موطنععا للعقععل بععدل مععن العاطفععة … وأن ُيفّكععروا ملّيععا قبععل أن‬
‫ُيقّدموها للناس … فنحن بحاجة لبناء مساجد في نفععوس النععاس‬
‫… فإن استطعنا القيام بذلك … فلن نحّرر المسجد القصععى فقععط‬
‫… بل سنحّرر العالم بأسره … وإن لم نستطع فععالحرى بنععا …‬
‫أن نعتزل ونفّر إلى رؤوس الجبال … بععأطلل المسععاجد المتبقيععة‬
‫في نفوسنا … حتى يأتي ال بأمره … !!!‬
‫طععر والبعيععد جععدا ‪ ،‬عمععا جععاء فععي النصععوص‬ ‫هععذا الطععرح الخ ِ‬
‫القرآنيععة ‪ ،‬سععيؤدي بالنععاس ل محالععة ‪ ،‬إلععى الوقععوع فععي الحيععرة‬
‫والرتباك ‪ ،‬ونشوء كثير من علمات الستفهام ‪ ،‬حععول مععن ق عّدم‬
‫هععذه التفسععيرات ‪ ،‬وحععول مصععداقية كتععاب الع نفسععه ‪ ،‬مععن قبععل‬
‫ضعاف اليمععان والعقععل والقلععب ‪ ،‬عنععدما تتحّقععق النبععوءة بشععكل‬
‫مغاير لتلك التفسيرات ‪.‬‬
‫ربما ُيصّر الكععثير مععن الواقعيععون ‪ ،‬علععى أن الواقععع ُينععاقض ممععا‬
‫يطرحه هذا الكتاب ‪ .‬غيععر أن هععذا الواقععع سععيتغير بالتدريععج ‪ ،‬أو‬
‫بين عشية وضحاها ليتوافق مع أمر ال ‪ .‬وإن لم يتوافق ‪ ،‬فععأمر‬
‫ال فوق الواقع ‪ ،‬وكثيرا ما يأتي بغتة ‪ .‬وبالرغم من ذلك ‪ ،‬أعتقد‬
‫بأن كثير مععن المتغيععرات ‪ ،‬علععى المسععتوى القليمععي والعععالمي ‪،‬‬
‫سععتلوح فععي الفععق ‪ ،‬قبععل مجيععء أمععر الع ‪ ،‬وسععيلحظها كععل ذي‬
‫بصيرة ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫صلناه تفصيل‬ ‫وكل شيء ف ّ‬
‫س عَراِئيَل َأْكَث عَر اّل عِذي‬
‫ص عَلى َبِني ِإ ْ‬ ‫ن َيُق ّ‬ ‫ن َهَذا اْلُقْرآ َ‬‫قال تعالى ) ِإ ّ‬
‫ن )‪ 76‬النمل ( ‪ ،‬هذه اليععة الكريمععة تؤكععد أن هععذا‬ ‫خَتِلُفو َ‬‫ُهْم ِفيِه َي ْ‬
‫ص علععى بنععي‬ ‫القرآن ‪ ،‬فضل عن مخاطبته لكافة البشر ‪ ،‬جاء ليق ّ‬
‫ضح لهععم بشععكل خععاص ‪ ،‬كععثيرا ممععا‬ ‫إسرائيل ‪ ،‬أي لُيخاطبهم ويو ّ‬
‫اختلفععوا فيععه ‪ ،‬مععن أمععور الععدين والععدنيا والخععرة ‪ .‬فهععو يحكععي‬
‫تاريخهم ‪ ،‬ويعرض مواقفهم من أنبيععائهم ‪ ،‬ومشععاهد مععن كفرهععم‬
‫وعصععيانهم وعععدوانهم ‪ ،‬والعععذابات الععتي أنزلهععا العع بهععم ‪، ،‬‬
‫ويكشف طبائعهم ‪ ،‬ويفضح سرائرهم ‪ ،‬وُيفّند أقوالهم ‪ ،‬وُيحّذرهم‬
‫وُيحّذر منهم ‪ ،‬وُيبّين لهم حقيقة ما جاء به رسلهم وأنبيائهم مععن‬
‫وحي ‪ ،‬بعد أن طمسته وشّوهت معالمه أقلم أحبارهم ‪.‬‬
‫يٍء‬ ‫شع ْ‬‫ويقول سبحانه في الية )‪ (12‬من سورة السراء ‪َ ) ،‬وُكّل َ‬
‫ي مما سبق هذا القول من آيات ‪،‬‬ ‫ل ( ‪ ،‬أي أن كّل ش ّ‬ ‫صي ً‬‫صْلَناُه َتْف ِ‬
‫َف ّ‬
‫قّد بّينه سبحانه ‪ ،‬بيانا واضحا ل ُلبس فيه ‪ .‬وهذا القععول البليععغ ‪،‬‬
‫عندما تقرأه مرارا وتكرارا ‪ ،‬تجد أن له وقعا خاصععا فععي نفسععك ‪،‬‬
‫واليات العتي تسععبق هعذا القععول ‪ ،‬تخبرنععا عععن أمعر يتعلععق ببنعي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬من حيث إفسادهم وعلععوهم وعقععابهم ‪ .‬وقععد جععاء هععذا‬
‫القول ) بالفعل ومفعوله المطلق للمبالغة في التأكيد ( مرة واحدة‬
‫في القرآن ‪ ،‬في هذا الموضع بالذات ‪ ،‬تعقيبا علععى مععا مجمععل مععا‬
‫ت عاّمععا كمععا فععي قععوله تعععالى ) ِكَتععا ٌ‬
‫ب‬ ‫جاء قبله من آيات ‪ ،‬ولم يأ ِ‬
‫ن )‪ 3‬فصععلت ( ‪ ،‬أو فععي‬ ‫عَرِبّيععا ِلَق عْوٍم َيْعَلمُععو َ‬
‫ت َءاَياُتُه ُقْرَءاًنا َ‬‫صَل ْ‬
‫ُف ّ‬
‫حَمعةً‬ ‫عْلعٍم ُهعًدى َوَر ْ‬ ‫عَلى ِ‬ ‫صْلَناُه َ‬
‫ب َف ّ‬ ‫جْئَناُهْم ِبِكَتا ٍ‬
‫قوله تعالى ) َوَلَقْد ِ‬
‫ن )‪ 52‬العراف ( ‪.‬‬ ‫ِلَقْوٍم ُيْؤِمُنو َ‬

‫‪56‬‬
‫وإن دّل هذا على شيء ‪ ،‬فإنما يّدل على أن ما تتح عّدث عنععه هععذه‬
‫صععله سععبحانه تفصععيل ‪،‬‬ ‫اليات ‪ ،‬أمر غاية في الهمية ‪ ،‬ولذلك ف ّ‬
‫ك أو تقّول ‪ ،‬وأن هذا التفصيل جاء لِعظم‬ ‫وأبانه بيانا ل يختمره ش ّ‬
‫هذا المر ‪ ،‬وأن معرفته بكل دقائقه وتفاصيله ‪ ،‬ل بد إل أن يكون‬
‫فيه الكثير ‪ ،‬من النفع والفائدة ‪ ،‬لمن ُيخاطبهم القرآن ‪ ،‬ومععا كعان‬
‫بيانه وتفصيله عبثا ‪ .‬ومععا كععان هععذا الفصععل ‪ ،‬إل للتعريععف بهععذه‬
‫الدقائق والتفاصيل ‪ ،‬وما جاء هذا الكتاب إل لتعميم الفععائدة علععى‬
‫الناس ‪ ،‬وال من وراء القصد ‪.‬‬
‫لو أمعنت النظر في مجمل سورة السراء ‪ ،‬لوجدت أنهععا تنععاوبت‬
‫ما بين أسلوبي الخبار والمخاطبة ‪ ،‬ولو أمعنت النظر في مقدمة‬
‫طبة للمسلمين ‪ ،‬بصفة‬ ‫السورة ‪ ،‬ستجد أنها جاءت إخبارية وُمخا ِ‬
‫صة ‪.‬‬
‫طبة لبني إسرائيل ‪ ،‬بصفة خا ّ‬ ‫عاّمة ‪ ،‬وإخبارية وُمخا ِ‬
‫والسؤال الول ‪ :‬لمععاذا ُأعيععد نععص النبععوءة بأسععلوب المخاطبععة ‪،‬‬
‫لبني إسرائيل في عصر أمة السلم ؟‬
‫مقدمععة السععورة ) اليععات ‪ ( 3-1‬جععاءت كتمهيععد ‪ ،‬فهععي تععذكر‬
‫المسجد القصى ‪ ،‬وتبين قدسّيته عند ال وبالتالي عند المسلمين‬
‫‪ ،‬وتذُكر كتاب موسى عليه السلم ‪ ،‬وتّذكر بني إسرائيل بما جععاء‬
‫فيه ‪ ،‬وبالذات عدم الشرك بال ‪ ،‬واّتخاذ وكلء من دونه ‪ ،‬ويم عنّ‬
‫ل عليهم ويذكرهم بنجاة أسلفهم من الطوفان ‪ ،‬وبنفس الععوقت‬ ‫ا ّ‬
‫يحّذرهم من الهلك ‪ ،‬من خلل ذكر نوح عليه السععلم ‪ ،‬وأّنععه مععا‬
‫كان لنوح ومن معه النجاة ‪ ،‬لول إقععراره بالعبوديععة ل ع ) عبععدًا (‬
‫أوًل ‪ ،‬وقيامه بالعبادة ل ) وشكورًا ثانيًا ( ‪.‬‬
‫السععؤال الثععاني ‪ :‬لمععاذا التمهيععد ‪ ،‬وبهععذا الشععكل المرعععب لبنععي‬
‫إسرائيل ؟‬
‫‪57‬‬
‫هناك قول بأن كلتععا المرتيععن وقعتععا قبععل السععلم ‪ ،‬فلععو كععان هععذا‬
‫المر صععحيحا ‪ ،‬لتععوجب أن يكععون نععص النبععوءة كععامل بأسععلوب‬
‫الخبععار ‪ ،‬ولمععا كععان هنععاك داعععي لوجععوده أصععل ‪ ،‬فقععد أخبرنععا‬
‫سبحانه فععي مواضععع أخععرى فععي القععرآن ‪ ،‬بععأنه غضععب عليهععم ‪،‬‬
‫ولعنهم وضععرب عليهععم الذلععة والمسععكنة ‪ ،‬وتوعععدهم بععأن يبعععث‬
‫طعهم فععي‬ ‫عليهم ‪ ،‬من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة ‪ ،‬وق ّ‬
‫الرض أمما ‪.‬‬
‫السؤال الثالث ‪ :‬ما هو المر الذي خرج عن كل مععا تق عّدم ‪ ،‬فععأراد‬
‫سبحانه لفت أنظارنا إليه ‪ ،‬مبينا أهميته ‪ ،‬ومنبها إليها ؟‬
‫بما أن المرتيععن متشععابهتين تمامععا ‪ ،‬فلععو فرضععنا جععدل أن القععول‬
‫السابق صحيح ‪ ،‬لكان من الحرى ‪ ،‬أن يأتي النععص فععي الحععديث‬
‫عن المرتيععن مجمل ‪ ،‬علععى سععبيل المثععال ‪ ،‬علععى النحععو التععالي ‪،‬‬
‫) … لتفسدن … مرتين ولتعلن علوا كععبيرا … فععإذا جععاء وعععد‬
‫كل منهما ‪ ،‬بعثنا عليكم عبادا لنا أولععي بععأس شععديد … فأسععاءوا‬
‫وجوهكم ودخلوا المسجد … وكان كّل مععن الوعععدين مفعععول …‬
‫وتّبروا ما علوا تتبيرا ( ‪.‬‬
‫صععلت اليععات ‪ ،‬كعّل مععرة علععى‬ ‫صععلت وَف ّ‬
‫السععؤال الرابععع ‪ :‬لمععاذا َف َ‬
‫حدة ؟‬
‫الية الرابعة ‪ ،‬أجملت ثلثة شروط مععن شععروط المرتيععن ‪ ،‬وهععي‬
‫الرض ) المقّدسة ( والعلعو والفسعاد ‪ ،‬واليعة الخامسعة أفعردت‬
‫وأوجزت الحععديث عععن الوعععد ) العقععاب ( الول ‪ ،‬فععذكرت البعععث‬
‫والجوس وصفة العباد ‪ ،‬وجاءت الفعال كلهععا بصععيغة الماضععي ‪.‬‬
‫صلت مظاهر العلو الثاني ‪ ،‬مععن لحظععة النشععوء‬ ‫والية السادسة ف ّ‬
‫حععتى اكتمععال مقومععاته ‪ ،‬مععن حيععث القععدرة العسععكرية والبشععرية‬
‫‪58‬‬
‫والقتصادية ‪ ،‬وجاءت الفعال كلها بصيغة الماضي ‪ ،‬مععع حملهععا‬
‫لصفة الستقبال ‪.‬‬
‫السؤال الخامس ‪ :‬لماذا جاءت أفعال وعد الولى بصيغة الماضي‬
‫‪ ،‬ولماذا جاءت أفعال وعد الخرة بصيغة الستقبال ؟‬
‫السععؤال السععادس ‪ :‬لمععاذا جععاء التخييععر مععا بيععن الحسععان أو‬
‫الساءة ‪ ،‬بعد اكتمععال مظععاهر العلععو الثععاني ‪ ،‬وقبععل الحععديث عععن‬
‫ت عند الحديث عن وعد الولى ؟‬ ‫عقاب وعد الخرة ‪ ،‬ولم يأ ِ‬
‫السؤال السابع ‪ :‬لماذا ُأخرجت كيفية مجيئهم ‪ ،‬عند مجيععء وعععد‬
‫الخرة من نص النبوءة ‪ ،‬ولماذا ُأفردت في نهاية السورة ؟‬
‫صععتهم مععع‬ ‫السععؤال الثععامن ‪ :‬لمععاذا ُأعيععد ذكععر بنععي إسععرائيل وق ّ‬
‫فرعون في نهاية السورة ‪ ،‬اليات ) ‪ ( 104 – 101‬؟‬
‫ن‬ ‫نن‬‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫نن‬
‫ن‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ب‬ ‫رى‬ ‫نن‬‫ن‬ ‫س‬ ‫) سنننبحان ال ّنننذي أ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْ َ َ‬
‫صننى‬ ‫ق َ‬ ‫د اْل َ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫سن ِ‬‫م ْ‬ ‫حنَرام ِ إ ِل َننى ال ْ َ‬ ‫د ال ْ َ‬‫ج ِ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬‫ال ْ َ‬
‫و‬
‫هن َ‬ ‫ن آَيات َِنا إ ِّنه ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫ري َ ُ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ل ِن ُ ِ‬ ‫ذي َباَرك َْنا َ‬
‫ح ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫صيُر )‪(1‬‬ ‫ع ال ْب َ ِ‬ ‫مي ُ‬‫س ِ‬‫ال ّ‬
‫ُتشععير هععذه اليععة ‪ ،‬بععذكر المسععجد الحععرام ‪ ،‬إلععى نقطععة البدايععة ‪،‬‬
‫لنتشار رسالة السلم ‪ ،‬التي أنعم الع وأكععرم بهععا نععبيه ‪ ،‬محمععد‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ .‬وبذكر المسجد القصى ‪ُ ،‬تشير من طععرف‬
‫خفي ‪ ،‬إلى ما ورد فععي الحععديث الصععحيح ‪ ،‬إلععى أن مسععك الختععام‬
‫لهذه الرسالة ‪ ،‬آخر الزمان ‪ ،‬سععيكون بنععزول الخلفععة الراشععدة ‪،‬‬
‫وأميرها المهدي في بيت المقدس ‪ ،‬بإذن ال ‪ .‬وهععذا ممععا يععوحي‬
‫بأن قيام دولة إسرائيل ‪ ،‬هو أحد أشراط الساعة ‪ ،‬وأن نهايتهععا ‪،‬‬
‫علمة لقرب ظهور المهدي ونعزول الخلفعة فيهععا ‪ ،‬والع أعلععم ‪.‬‬
‫وأهم ما جاءت به الية هو تعريععف المسععجد ‪ ،‬بوصععفه بالقصععى‬
‫‪59‬‬
‫أي البعد ‪ ،‬وبالعذي باركنعا حعوله ‪ ،‬وهعو المسعجد العذي سعيكون‬
‫موضوع ما يلي هذه الية من آيات ‪.‬‬
‫دى ل ِب َِننني‬ ‫ه ً‬ ‫عل َْناهُ ُ‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫سى ال ْك َِتا َ‬ ‫مو َ‬ ‫وآتي َْنا ُ‬ ‫) َ‬
‫كيًل )‪(2‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل أَ‬ ‫سَراِئي َ‬
‫و ِ‬‫َ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫دو‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ذوا‬ ‫خ‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫إِ ْ‬
‫في هذه الية ‪ ،‬يحّذر ال بني إسرائيل ‪ ،‬مععن الّتكععال علععى غيععره‬
‫ن اْلُمعععْؤمِِنينَ ‪..‬‬
‫ن ُدو ِ‬
‫ن َأْوِلَيعععاَء ِمععع ْ‬‫ن اْلَكعععاِفِري َ‬ ‫خعععْذ اْلُمْؤِمُنعععو َ‬‫) َل َيّت ِ‬
‫سُه )‪ 28‬آل عمععران ( ويختععم سععبحانه السععورة ‪،‬‬ ‫ل َنْف َ‬‫َوُيحَّذُرُكْم ا ُّ‬
‫ن العّذّل ‪ ( ..‬أي لععم يتخععذ لععه حليفععا‬ ‫ي ِمع ْ‬‫ن َلُه َوِلع ّ‬ ‫بقوله ) ‪َ ..‬وَلْم َيُك ْ‬
‫لضعف أو لذّلععة ‪ ،‬وهععذا تعريععض بععالعلو الحععالي لبنعي إسعرائيل ‪،‬‬
‫حيث كانوا أذّلء مضطهدين ‪ ،‬وبموالة الغرب أصبحوا سادة ‪.‬‬
‫ويذّكرهم فيهععا بمععا أنزلععه عليهععم معن الهععدى ‪ ،‬ليكععون لهععم نععورا‬
‫يهتدون به ‪ ،‬ومن ضمنه هذه النبوءة ‪ ،‬التي أعادها إلى أذهععانهم‬
‫مخاطبا إيععاهم بمضععمونها ‪ ،‬وكمععا وردت فععي الكتععاب الععذي ُأنععزل‬
‫على موسى عليه السلم ‪ ،‬ويحّذرهم من اّتخاذ أولياء من دونعه ‪،‬‬
‫ن على حّد سواء ‪.‬‬ ‫من النس والج ّ‬
‫فاختععاروا الععولء لغيععر ال ع ‪ ،‬وتمسععكنوا ‪ ،‬وحّققععوا مععآربهم منععذ‬
‫ططعوا لعه بمكرهعم ودهعائهم ‪،‬‬ ‫البدايععة بالفسععاد والفسعاد ‪ ،‬بمععا خ ّ‬
‫ونف عّذه غيرهععم ‪ ،‬مععن فتععن وحععروب سععبقت وهّيععأت الظععروف ‪،‬‬
‫وتسعّببت فععي قيععام دولتهععم فععي فلسععطين ‪ .‬ولمععا تمكنععوا اسععتعلوا‬
‫واسعتكبروا فيهعا ‪ ،‬اسعتمروا بالفسعاد والفسعاد ‪ ،‬وسعاموا أهلهعا‬
‫سوء العذاب ‪ ،‬فاستحّقوا غضب ال واستوجبوا العقاب ‪ ،‬فتوافق‬
‫أمرهم مع ذهب إليه النص القرآني ‪ ،‬ب عِذكر إفسععادهم فععي الرض‬
‫بمجملها أول ‪ ،‬ومن ثم جاء ِذكر علوهم الكبير الذي نشععهده هععذه‬

‫‪60‬‬
‫عُل عّوا‬ ‫ن ُ‬ ‫ن َوَلَتْعُل ّ‬
‫ض َمّرَتْي ِ‬‫ن ِفي اَْلْر ِ‬ ‫سُد ّ‬‫اليام ‪ ،‬في قوله تعالى ) َلُتْف ِ‬
‫َكِبيًرا ( ‪.‬‬
‫دا‬‫عب ْن ً‬‫ن َ‬ ‫ه ك َننا َ‬ ‫ح إ ِن ّن ُ‬‫ع ن ُننو ٍ‬ ‫من َ‬ ‫مل ْن َننا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫من ْ‬ ‫ة َ‬ ‫) ذُّري ّ َ‬
‫كوًرا )‪(3‬‬ ‫ش ُ‬ ‫َ‬
‫يقول ابن كععثير ‪ " :‬تقععديره يععا ذرّيععة مععن حملنععا مععع نععوح ‪ ،‬فيععه‬
‫جه لبنععي إسععرائيل ‪،‬‬ ‫تهييج وتنبيه على المنة " وهععذا النععداء مععو ّ‬
‫وبالضافة لما قاله ابن كثير ‪ ،‬نلمس تهديدا وتحععذيرا خفيععا لبنععي‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬مععن وراء ذكععر نععوح عليععه السععلم ‪ ،‬فعععادة مععا كععان‬
‫ن عليهم بتذكيرهم بنعمة النجاة مععن فرعععون‬ ‫سبحانه وتعالى ‪ ،‬يم ّ‬
‫ععْونَ‬ ‫غَرْقَنعا آَل ِفْر َ‬ ‫جْيَنعاُكْم َوَأ ْ‬
‫حعَر َفَأْن َ‬‫وقععومه ‪َ ) ،‬وِإْذ َفَرْقَنعا ِبكعْم اْلَب ْ‬
‫ن )‪ 50‬البقرة ( إل فععي هععذا الموضععع ‪ ،‬وهععي المععرة‬ ‫ظُرو َ‬ ‫َوَأْنتُْم َتن ُ‬
‫ن عليهم فيها ‪ ،‬بأنهم سللة من حمععل‬ ‫الوحيدة في القرآن التي يم ّ‬
‫مع نوح عليه السلم ‪ ،‬أي من الذين أنجععاهم ال ع مععن الطوفععان ‪،‬‬
‫حثا لهم على اليمان به ‪ ،‬والعبادة والشكر له كما كان يفعل نععوح‬
‫ن ِفعل هؤلء هو الذي أنجاهم مععن الهلك‬ ‫والذين حملهم معه ‪ ،‬وأ ّ‬
‫‪ ،‬فإن لم يفعلوا كما فعلوا ‪ ،‬حّل بهم ما حّل بقوم نوح ‪ .‬وِذْكُر نوح‬
‫في هذا الموضع وتكرار ذكره ‪ ،‬في اليععة )‪ 17‬السععراء ( ) َوَك عمْ‬
‫خِبي عًرا‬ ‫عَبععاِدِه َ‬ ‫ب ِ‬‫ك ِب عُذُنو ِ‬‫ح َوَكَفى ِبَرّب َ‬ ‫ن َبْعِد ُنو ٍ‬ ‫ن ِم ْ‬‫ن اْلُقُرو ِ‬ ‫َأْهَلْكَنا ِم ْ‬
‫صيًرا ( دفعني إلى إلقاء نظرة على سورة نوح ‪.‬‬ ‫َب ِ‬
‫ععَذا ٌ‬
‫ب‬ ‫ن َيعْأِتَيُهْم َ‬‫ن َقْبعِل َأ ْ‬
‫ك ِمع ْ‬ ‫ن َأنِذْر َقْوَمع َ‬ ‫ومنها قوله تعالى ) ‪َ ...‬أ ْ‬
‫خُر ‪َ ... (4) ...‬فَلعْم َيِزْدُهعْم‬ ‫جععاَء َل ُيعؤَ ّ‬ ‫لع ِإَذا َ‬ ‫جَل ا ِّ‬ ‫ن َأ َ‬
‫َأِليٌم )‪ِ ... (1‬إ ّ‬
‫ش عْوا‬
‫سَتْغ َ‬‫صععاِبَعُهْم ِفععي آَذاِنِه عْم َوا ْ‬ ‫جَعُلوا َأ َ‬ ‫عاِئي ِإّل ِفَراًرا )‪َ … (6‬‬ ‫ُد َ‬
‫سعِتْكَباًرا )‪َ … (7‬وُيْمعِدْدُكْم ِبعَأمَْواٍل‬ ‫سعَتْكَبُروا ا ْ‬ ‫صعّروا َوا ْ‬ ‫ِثَيععابَُهْم َوَأ َ‬
‫ن‬
‫جو َ‬ ‫جَعْل َلُكْم َأْنَهاًرا )‪َ (12‬ما َلُكْم َل َتْر ُ‬ ‫ت َوَي ْ‬‫جّنا ٍ‬ ‫جَعْل َلُكْم َ‬‫ن َوَي ْ‬ ‫َوَبِني َ‬
‫‪61‬‬
‫ن َلعمْ‬‫صعْوِني َواّتَبُعععوا َمع ْ‬ ‫ع َ‬‫ب ِإّنُهعْم َ‬
‫ح َر ّ‬ ‫ل َوَقاًرا )‪َ … (13‬قاَل ُنععو ٌ‬ ‫ِّ‬
‫سععاًرا )‪َ (21‬وَمَكعُروا َمْكعًرا ُكّبععاًرا )‪.. (22‬‬ ‫خ َ‬ ‫َيِزْدهُ َماُلُه َوَوَلعُدُه ِإّل َ‬
‫ض ِمعع ْ‬
‫ن‬ ‫عَلععى اَْلْر ِ‬ ‫ب َل َتععَذْر َ‬ ‫ضععّلوا َكِثيععًرا ‪َ … (24) ...‬ر ّ‬ ‫َوَقععْد َأ َ‬
‫ن ِإّل َتَباًرا )‪ 28‬نوح (‬ ‫ظاِلِمي َ‬
‫ن َدّياًرا )‪َ ... (26‬وَل َتِزْد ال ّ‬ ‫اْلَكاِفِري َ‬
‫اقععرأ هععذه اليععات وتفّكععر وتععدّبر ) ‪ ..‬أول إنععذار ‪ ..‬ول تععأخير ‪..‬‬
‫فرار ‪ ..‬إصرار واستكبار ‪ ..‬إمداد بأموال وأولد ‪ ..‬وجنات وأنهار‬
‫‪ ..‬استهزاء وسخرية ‪ ..‬عصيان ‪ ..‬عبععادة القععوة والمععال ‪ ..‬المكععر‬
‫الكبير ‪ ..‬الضلل ‪ ..‬الكفر ‪ ..‬وأخيرا تبار ‪( ..‬‬
‫وهذا هو حععال بنععي إسععرائيل ‪ ..‬وهععذا هععو الفسععاد فععي الرض ‪..‬‬
‫ورّد ال عليه أوله إنععذار ‪ ..‬فععإن كععان هنععاك اسععتكبار وإصععرار ‪..‬‬
‫س عِه ‪،‬‬ ‫ن اْهَتَدى َفِإّنَما َيْهَتِدي ِلَنْف ِ‬‫كان هناك تبار ‪ .‬يقول سبحانه ) َم ْ‬
‫خ عَرى ‪َ ،‬ومَععا‬ ‫عَلْيَهععا ‪َ ،‬وَل َت عِزُر َواِزَرٌة ِوْزَر ُأ ْ‬‫ضّل َ‬ ‫ضّل َفِإّنَما َي ِ‬‫ن َ‬ ‫َوَم ْ‬
‫سوًل )‪ 15‬السراء ( ‪.‬‬ ‫ث َر ُ‬ ‫حّتى َنْبَع َ‬‫ن َ‬ ‫ُكّنا ُمَعّذِبي َ‬
‫والرسول قد ُبعث ‪ ،‬منذ ألف وأربعمائة وإحععدى وثلثععون عامععا ‪،‬‬
‫وقد أتاهم بالنذار في كتاب ربه ‪ ) ،‬وصحيفة النععذار ( الموجهععة‬
‫لتلك الفاعي في الجحر البيض ‪ ،‬وتلك الطفّيليععات فععي منتجعععات‬
‫المال العالمية ‪ ،‬التي تمتص بنهععم دمععاء الكععرة الرضععية ‪ ،‬وتلععك‬
‫الفئران المستأسدة في قدس القداس ‪ ،‬هي ) سورة بني إسرائيل‬
‫( ومن أول حرف فيها وحتى آخر حرف ‪ ،‬حيععث قععال فيهععا ) َوِإَذا‬
‫ك َقْرَي عًة َأَمْرَنععا ُمْتَرِفيَهععا ‪ ( ..‬وقععد سععاد دولععة الكفععر‬ ‫ن ُنْهِل ع َ‬
‫َأَرْدنَععا َأ ْ‬
‫ويسودها ‪ ،‬قطاع الطرق واللصوص والقتلة ‪ ،‬وأسععافل مجرميهععا‬
‫سُقوا ِفيَها ‪ ( ..‬فاغتالوا أصالتها ‪ ،‬وقدسّية أرضها ‪ ،‬ووقار‬ ‫) ‪َ ..‬فَف َ‬
‫شعععيخوختها ‪ ،‬وسعععكينة عّبادهعععا ‪ ،‬وحيعععاء حرائرهعععا ‪ ،‬وأحلم‬
‫عَلْيَهععا اْلَقعْوُل ‪، ( ..‬‬ ‫ق َ‬ ‫حع ّ‬‫طفولتها ‪ ،‬وحتى طهارة مسععاجدها ) ‪َ ..‬ف َ‬
‫‪62‬‬
‫جعوَهُكْم … ( ‪،‬‬ ‫سعوُءوا ُو ُ‬ ‫وهذا هععو ) قععول ( رب العععزة ‪ … ) ،‬لَِي ُ‬
‫وهذا هو ) فعله ( ) ‪َ ..‬فَدّمْرَناَها َتْدِميًرا )‪ 16‬السراء ( وهععذا هععو‬
‫صععيًرا )‪17‬‬ ‫خِبيعًرا َب ِ‬ ‫عَبععاِدِه َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ك ِبعُذُنو ِ‬
‫) تعقيبععه ( ) … َوَكَفععى ِبَرّبع َ‬
‫خعْذ‬‫لع اّلعِذي َلعْم َيّت ِ‬ ‫حْمعُد ِّ‬ ‫السراء ( وهذه هي ) خاتمته ( ) َوُقعْل اْل َ‬
‫ي ِم عنْ ال عّذّل ‪،‬‬ ‫ن َلُه َوِل ّ‬‫ك ‪َ ،‬وَلْم َيُك ْ‬ ‫ك ِفي اْلُمْل ِ‬ ‫شِري ٌ‬ ‫ن َلُه َ‬ ‫َوَلًدا ‪َ ،‬وَلْم َيُك ْ‬
‫َوَكّبْرُه َتْكِبيًرا ) ‪ 111‬السراء ( ‪.‬‬
‫اقتصععرت مقدمععة السععورة علععى ثلث آيععات فقععط ‪ ،‬حملععت مععن‬
‫المعاني ما يشععحذ الفكععر والوجععدان ‪ ،‬ويعمععل علععى تهييععج العقععل‬
‫وتنبيهه من غفلته ‪ ،‬لستقبال واستيعاب ما سيأتي مععن عععرض ‪،‬‬
‫لنبععوءة سععتغير مجععرى التاريععخ فععي يععوم أو بضعععة أيععام ‪ .‬وهععذه‬
‫سهم في صميم‬ ‫النبوءة تعني كل من سمع برسالت السماء ‪ ،‬وتم ّ‬
‫معتقداتهم ‪ ،‬وأكثرهم تأّثرا هم أصععحاب الععديانات الثلث ‪ ،‬والععذي‬
‫ص عععودة اليهععود إلععى‬ ‫يمتلك كل منهم مخزونا عقائديا ‪ ،‬فيما يخ ع ّ‬
‫الرض المقدسععة ‪ ،‬يلتقععي مععع أحععدها ويتعععارض مععع الخععر فععي‬
‫التفاصيل والحداث ‪.‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫فنني ال ْك َِتنننا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫سراِئي َ‬ ‫ضي َْنا إ َِلى ب َِني إ ْ‬ ‫وق َ‬ ‫) َ‬
‫في اْل َ‬
‫وا‬‫عل ُ ّ‬‫ن ُ‬ ‫عل ُ ّ‬
‫ول َت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سد ُ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َت ُ ْ‬
‫ك َِبيًرا )‪(4‬‬
‫ب‪:‬‬ ‫في ال ْك َِتنا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫سراِئي َ‬ ‫ضي َْنا إ َِلى ب َِني إ ْ‬ ‫وق َ‬ ‫َ‬
‫ورد جععذر الفعععل قضععى فععي القععرآن )‪ (63‬مععرة ‪ ،‬ومشععتقات هععذا‬
‫الفعل حملت عدة معاني ‪ ،‬وعادة ما يأتي هذا الفعععل ‪ ،‬ليفيععد تمععام‬
‫العمل الوارد نصا في السياق ‪ ،‬أو المفهوم ضمنا ‪ ،‬كما فععي قععوله‬
‫س عَكُكْم )‪ 200‬البقععرة ( ‪ ،‬بمعنععى أنجزتععم‬ ‫ض عْيُتْم َمَنا ِ‬
‫تعععالى ) َف عِإَذا َق َ‬
‫مناسككم وانتهيتم منها ‪ ،‬وقععوله تعععالى فععي شععأن لععوط وقععومه )‬
‫‪63‬‬
‫ن )‪66‬‬ ‫حي َ‬ ‫صعبِ ِ‬
‫ع ُم ْ‬
‫طععو ٌ‬ ‫ن َداِبعَر َهعُؤَلِء َمْق ُ‬
‫ك اَْلْمَر ‪َ ،‬أ ّ‬ ‫َوَقضَْيَنا ِإَلْيِه َذِل َ‬
‫الحجر ( ‪ ،‬أي أخبرنععاه بععالمر ‪ ،‬علععى وجععه النتهععاء منععه ‪ ،‬إذ ل‬
‫جْل ِباْلُقْرَءانِ ‪ ،‬مِ ْ‬
‫ن‬ ‫رجعة عنه ‪ ،‬فل نقاش ول جدال فيه ‪َ ) ،‬وَل َتْع َ‬
‫حُيعُه )‪ 114‬طععه ( ‪ ،‬أي مععن قبععل أن ُتخععبر‬ ‫ك َو ْ‬‫ضععى ِإَلْيع َ‬ ‫ن ُيْق َ‬ ‫َقْبعِل َأ ْ‬
‫بوحيه ‪ ،‬على وجه التمام ‪.‬‬
‫ب ( أي أّنععا كّنععا‬ ‫سراِئيَل ِفي اْلِكَتععا ِ‬ ‫ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ‬
‫وقوله تعالى ) َوق َ‬
‫قد أخبرنا بني إسرائيل فععي كتععابهم ‪ -‬أي أن مضععمون هععذا الخععبر‬
‫موجود في كتابهم نصا حتى هععذه اللحظععة ‪ -‬بمععا سععيأتي تفصععيله‬
‫فيما يلي ‪ ،‬من شأن إفسادهم وعلوهم في الرض ‪ ،‬وهذا الخطاب‬
‫جه فععي الحقيقععة لمععن هععم مععن غيععر بنععي‬ ‫‪ ،‬في هذه العبععارة ‪ ،‬مععو ّ‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬ممععن ليععس لععديهم ‪ ،‬علععم أو اطلع علععى هععذا المععر ‪،‬‬
‫ليطلعهم ال على هذا المر ‪ ،‬وما كان ال ع لُيخععبر عنععه إل لعظيععم‬
‫شأن ‪ ،‬وذلععك مععن سععابق علععم علم الغيععوب ‪ ،‬بمععا سععيكون منهععم‬
‫مستقبل ‪ ،‬وليس ما قضاه عليهم بمعنى المر أو الحكععم ‪ ،‬فحاشععا‬
‫ل أن يأمر بالفساد في الرض أو أن يقضي به ‪.‬‬
‫والكتاب المقصود هنا هو كتاب موسى عليه السلم ‪ ،‬المنصوص‬
‫عليععه فععي اليععة الثانيععة أعله ‪ ،‬وليععس التععوراة ‪ ،‬فكتععاب موسععى‬
‫شععيء والتععوراة شععيء آخععر ‪ .‬والععذي قععادني إلععى معرفععة تلععك‬
‫الحقيقة ‪ ،‬هو تساؤلي ‪ ،‬أول ‪ :‬عن سععبب عععدم ذكععر التععوراة بععدل‬
‫من الكتععاب ‪ ،‬وثانيععا ‪ :‬رغبععتي بععالطلع علععى نععص النبععوءة فععي‬
‫التوراة نفسها ‪ ،‬فيما لو وجد ‪ .‬وبعععد أن اسععتخرجت كافععة اليععات‬
‫القرآنية ‪ ،‬التي ُذكر فيهععا موسععى ‪ ،‬والععتي ُذكععرت فيهععا التععوراة ‪،‬‬
‫تبين لي أن ذكر التوراة ‪ ،‬لم يرتبط بععذكر موسععى علععى الطلق ‪،‬‬
‫وعدم الربط بينهمععا ل بععد لععه مععن سععبب ‪ ،‬وبيععان ذلععك ‪ ،‬والنععص‬

‫‪64‬‬
‫التوراتي للنبوءة في الترجمات العربية للتوراة اللتينية ‪ ،‬سيأتي‬
‫في فصل قادم ‪ ،‬إن شاء ال ‪.‬‬
‫وا‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫ع‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫فنني اْل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سد ُ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َت ُ ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ِ َ ّ‬
‫ك َِبيًرا ‪:‬‬
‫هنا حصل التفات من الحديث عن الغائب ‪ ،‬وهم بني إسرائيل ككل‬
‫ب ( ‪ ،‬ومن‬ ‫سراِئيَل ِفي اْلِكَتععا ِ‬ ‫ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ‬ ‫‪ ،‬في قوله تعالى ) َوَق َ‬
‫طب ‪ ،‬وهععم‬ ‫ثم عاد سبحانه ‪ ،‬لتوجيه الحديث إلععى الحاضععر الُمخععا َ‬
‫بنععي إسععرائيل ) المعاصععرين ( لرسععالة السععلم ‪ ،‬وذلععك بسععرد‬
‫النبعوءة ‪ ،‬بنفعس السعلوب والعبعارات ‪ ،‬العتي أنزلعت عليهعم فعي‬
‫كتععابهم ‪ ،‬قبععل ‪ 3‬آلف ‪ ،‬زمععن موسععى عليععه السععلم ‪ .‬فجععاءت‬
‫نصوصععها مخاطبععة لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬ولكععن بألفععاظ عربيععة جزلععة‬
‫موجزة ‪ ،‬كمععا وأضععيف إليهععا تعقيبععات ‪ ،‬لتععبين وتؤكععد بعععض مععا‬
‫تحّقق منها ‪ ،‬قبل إنزالها في سععورة السععراء مععرة أخععرى ‪ ،‬علععى‬
‫ن ‪...‬‬ ‫سعُد ّ‬ ‫محمد عليه الصلة والسععلم ‪ .‬فبععدأت بقععوله تعععالى ) َلُتْف ِ‬
‫ن ‪. ( ...‬‬ ‫َوَلَتْعُل ّ‬
‫ن سععبحانه ‪ ،‬مععا بيععن الفسععاد والعلععو فععي‬ ‫فععي هععذا الموضععع َق عَر َ‬
‫عُل عّوا‬
‫ن َوَلَتْعُل عنّ ُ‬ ‫ض َمّرَتْي ع ِ‬‫ن ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫س عُد ّ‬‫المرتين ‪ ،‬في قععوله ) َلُتْف ِ‬
‫َكِبيًرا )‪ 4‬السراء ( ولم يوضح التفاصيل ‪ ،‬ولتكون لدينا القدرة ‪،‬‬
‫على معرفة شكل هذا الفساد وهذا العلو ‪ ،‬دعنا نمعن النظععر فععي‬
‫اليععات التاليععة ‪ ،‬حيععث اقععترن فيهععا المريععن مععععا ‪ ،‬فععي مواضععع‬
‫ن عَلَ ِفعي‬ ‫ععْو َ‬ ‫ن ِفْر َ‬ ‫أخعرى معن القعران الكريععم ‪ ،‬كقععوله تعععالى ) ِإ ّ‬
‫ن )‪ 4‬القصعععص ( ‪ ،‬وقعععوله‬ ‫سعععِدي َ‬‫ن اْلُمْف ِ‬
‫ن ِمععع ْ‬ ‫ض … ِإّنعععُه َكعععا َ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫ن‬
‫ف َكععا َ‬ ‫ظْر َكْيع َ‬ ‫عُلعّوا َفععان ُ‬ ‫ظْلًما َو ُ‬ ‫سُهْم ُ‬‫سَتْيَقَنْتَها َأْنُف ُ‬
‫حُدوا ِبَها َوا ْ‬ ‫جَ‬‫) َو َ‬
‫ن )‪ 14‬النمل ( ‪ ،‬حيععث جععاءت هععذه اليععة ‪ ،‬تعقيبععا‬ ‫سِدي َ‬ ‫عاِقبَُة اْلُمْف ِ‬ ‫َ‬
‫‪65‬‬
‫على فرعون وقععومه لمععا علععو وأفسععدوا ‪ ،‬وجحععدوا بآيععات الع ‪،‬‬
‫فكان جزاءهم الهلك غرقا ‪.‬‬
‫ن عُُلعّوا ِفععي‬ ‫ن َل ُيِريعُدو َ‬ ‫جَعُلَهععا ِللّعِذي َ‬‫خعَرُة َن ْ‬‫لِ‬ ‫ك العّداُر ا ْ‬ ‫وقععوله ) ِتْلع َ‬
‫ن )‪ 83‬القصععص ( توضععح هععذه‬ ‫ساًدا َواْلَعاِقَبُة ِلْلُمّتِقي َ‬‫ض َوَل َف َ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫ن جزاء من لم ُيرد العلععو والفسععاد ‪ ،‬سععواء كععان قععادرا‬ ‫الية ‪ ،‬بأ ّ‬
‫على ذلك أم لم يكن ‪ ،‬هو أن يكون لهم حسن ثواب الدنيا والخرة‬
‫‪ ،‬والعاقبة للمتقين بإذن ال ‪ ،‬وذلك تعقيبا علععى قععارون وصععنيعه‬
‫وما حعّل بععه وبكنععوزه ‪ ،‬حيععث قععال تعععالى فيمععا آتععاه ‪ ،‬مععن المععال‬
‫صعَبِة ُأوِلععي‬ ‫حُه َلَتُنععوُء ِباْلُع ْ‬
‫ن َمَفععاِت َ‬ ‫ن اْلُكُنوِز َما ِإ ّ‬ ‫والقوة ) َوآَتْيَناُه ِم ْ‬
‫اْلُقوِّة )‪ ، (76‬فجحد نعم ال ونسبها إلى نفسه ) َقععاَل ِإّنَمععا ُأوِتيُتعُه‬
‫ن الُقعُرونِ‬ ‫ن َقْبِلعِه ِمع ْ‬‫ك ِمع ْ‬
‫ل َقعْد َأْهَلع َ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫عنِدي َأَوَلْم َيْعَلْم َأ ّ‬ ‫عْلٍم ِ‬ ‫عَلى ِ‬‫َ‬
‫خ عَر َ‬
‫ج‬ ‫جْمًعا )‪ ، (78‬فعل واسععتكبر ) َف َ‬ ‫شّد ِمْنُه ُقّوًة َوَأْكَثُر َ‬ ‫ن ُهَو َأ َ‬
‫َم ْ‬
‫سعْفَنا ِبعهِ َوِبعَداِرِه‬
‫خ َ‬ ‫عَلععى َقعْوِمِه ِفععي ِزيَنِتعِه )‪ ، (79‬فععأهلكه الع )َف َ‬ ‫َ‬
‫ض )‪ 81‬القصص ( ‪ ،‬ليجعله عبرة لغيره ‪.‬‬ ‫اَْلْر َ‬
‫والملفت للنظر ‪ ،‬أن اقتران العلو بالفساد ‪ ،‬جععاء فععي أربععع آيععات‬
‫فقط من مجمل القرآن ‪ ،‬وكلهععا ذات علقععة ببنععي إسععرائيل ‪ ،‬وقععد‬
‫تقدم ذكرها أعله ‪.‬‬
‫والقرآن كما نعلم ُأنزل للناس كافة ‪ ،‬منذ اليوم الول لبعثة نبينا ‪،‬‬
‫عليه أفضل الصلة وأتم التسليم ‪ ،‬وحتى يععرث ال ع الرض ومععن‬
‫عليها ‪ ،‬ومن ضمن هعؤلء بنعي إسعرائيل ‪ ،‬العذين عاصعروا هعذه‬
‫الرسالة وهذا القععرآن ‪ ،‬وقععد ذّكرهععم الع ومععا زال ُيعّذكرهم ‪ ،‬فععي‬
‫معجزته الخالعدة بمعا حصل لفرعون وقارون ‪ ،‬وهععم أشعّد النععاس‬
‫قربا لهم ‪ ،‬لما علوا وأفسدوا في الرض ‪ ،‬وأّنهم إن أصّروا علععى‬
‫ن ِإّل‬ ‫ظ عُرو َ‬ ‫الفساد في الرض ‪ ،‬مضت فيهم سنة الولين ) َفَهْل َيْن ُ‬
‫‪66‬‬
‫حِويلً )‬ ‫لت ْ‬ ‫سّنِة ا ِّ‬‫جَد ِل ُ‬ ‫ن َت ِ‬
‫ل َوَل ْ‬ ‫ل َتْبِدي ً‬‫سّنِة ا ِّ‬‫جَد ِل ُ‬ ‫ن َت ِ‬‫ن َفَل ْ‬
‫سّنَة اَْلّوِلي َ‬ ‫ُ‬
‫س عْلَنا َقْبَل عكَ‬
‫ن َقْد َأْر َ‬ ‫سّنَة َم ْ‬ ‫‪ 43‬فاطر ( ‪ ،‬وقال في سورة السراء ) ُ‬
‫ل )‪ (77‬لينالهم ما نال سععابقيهم ‪،‬‬ ‫حِوي ً‬ ‫سّنِتَنا َت ْ‬‫جُد ِل ُ‬
‫سِلَنا َوَل َت ِ‬ ‫ن ُر ُ‬‫ِم ْ‬
‫ن ل منععاص لهععم للنجععاة مععن‬ ‫من العذاب فععي الععدنيا والخععرة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫سخطه وغضبة ‪ ،‬إّل بالعودة إليه والنابة له ‪ ،‬ولكن هيهات لمععن‬
‫جععاَرِة َأْو‬‫حَ‬ ‫ك َفِهيَ َكاْل ِ‬ ‫ن َبْعِد َذِل َ‬‫ت ُقُلوُبُكْم ِم ْ‬ ‫س ْ‬‫قيل في أسلفهم ) ُثّم َق َ‬
‫ن )‪ 74‬البقرة ( ‪.‬‬ ‫عّما َتْعَمُلو َ‬ ‫ل ِبَغاِفٍل َ‬ ‫سَوًة … َوَما ا ُّ‬ ‫شدّ َق ْ‬‫َأ َ‬
‫علوّ بني إسرائيل في المرة الولى ‪ ،‬لم تتضح تفاصيله في سورة‬
‫السراء ‪ ،‬لكنها جلّية واضحة فععي مواضععع أخععرى مععن القععران ‪،‬‬
‫وسيأتي الحديث عنها في حينه ‪ ،‬أما ما نحععن بصععدده الن ‪ ،‬هععو‬
‫توضيح مفهوم العلّو ‪ ،‬ولدينا مثالين هما فرعون وقومه وقارون‬
‫ن العلّو المقصود هنا ‪ ،‬هو عل عّوهم كأّمععة وليععس‬ ‫وكنوزه ‪ ،‬وبما أ ّ‬
‫كععأفراد ‪ ،‬فالخيععار يقععع علععى علعّو فرعععون وقععومه ‪ ،‬وهععذه آيععات‬
‫تعرضععت لبعععض مععن مظععاهر هععذا العلععو ومقومععاته ‪ ،‬قععال تعععالى‬
‫صعَر َوَهعِذِه‬ ‫ك ِم ْ‬ ‫س ِلي ُمْلع ُ‬ ‫ن ِفي َقْوِمِه َقاَل َيا َقْوِم َأَلْي َ‬ ‫عْو ُ‬ ‫) َوَناَدى ِفْر َ‬
‫ن )‪ 51‬الزخعرف ( وعلعى‬ ‫صعُرو َ‬ ‫ل ُتْب ِ‬ ‫حِتعي َأَف َ‬ ‫ن َت ْ‬ ‫جعِري ِمع ْ‬ ‫اَْلْنهَععاُر َت ْ‬
‫ن ِفععي‬ ‫ظععاِهِري َ‬‫ك اْلَيعْوَم َ‬ ‫لسان مؤمن آل فرعون ) َيععا َقعْوِم َلُكعْم اْلُمْلع ُ‬
‫عْونَ‬‫ت ِفْر َ‬‫ك آَتْي َ‬ ‫سى َرّبَنا ِإّن َ‬ ‫ض )‪ 29‬غافر ( ‪ ،‬وقال ) َوَقاَل ُمو َ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫حَيععاِة الععّدْنَيا )‪ 88‬يععونس ( ‪ ،‬وقععال‬ ‫لُه ِزيَنععًة َوَأْمععَواًل ِفععي اْل َ‬ ‫َوَم َ‬
‫ت‬
‫جّنععا ٍ‬ ‫ن َ‬‫جنٌد ُمْغَرُقونَ )‪َ(24‬كْم َتَرُكوا ِم ْ‬ ‫حَر َرْهًوا ِإّنُهْم ُ‬ ‫ك اْلَب ْ‬
‫) َواْتُر ْ‬
‫ع َوَمَقععاٍم َكِري عٍم )‪َ (26‬وَنْعَم عٍة َكععاُنوا ِفيَهععا‬ ‫ن )‪َ (25‬وُزُرو ٍ‬ ‫عُيععو ٍ‬‫َو ُ‬
‫ن )‪ 27‬الدخان ( وبالقليل من التدبر في اليات السابقة ‪.‬‬ ‫َفاِكِهي َ‬
‫ن مقومععات علععو فرعععون ومله ‪ ،‬وهععم عليععة القععوم ‪،‬‬ ‫نجععد أ ّ‬
‫ويمثلهم فععي زماننععا ‪ ،‬رجععال الحكععم والقضععاء والدولععة ‪ ،‬ورجععال‬
‫السياسة والمال والقتصاد ‪ ،‬والوجهاء ورؤوس النععاس ‪ ،‬تتمثععل‬
‫‪67‬‬
‫فيما يلععي ‪ :‬ملععك مصععر والسععيادة علععى أهلهععا ‪ ،‬والقععوة والمنعععة‬
‫والظهعععور فعععي الرض ‪ ،‬وامتلك الزينعععة والمعععوال ‪ ،‬والجنعععات‬
‫والعيون ‪ ،‬والنهار الجاريععة ‪ ،‬والععزرع والمقععام الكريععم ‪ ،‬والنعععم‬
‫المختلفة ‪.‬‬
‫ع مفهوم العلو ‪ :‬هو مظهر من مظاهر الحياة ‪ ،‬بمعنععى السععتعلء‬
‫والرتفاع والتكّبر والتجّبععر ‪ ،‬مععن خلل امتلك مقومععات ماديععة ‪،‬‬
‫كععالرض والمععال والقععوة ‪ ،‬ممععا ُيمّكععن الظلمععة والمفسععدون مععن‬
‫سيادة الناس وسياستهم ‪ ،‬والتحكم في تصريف شععؤونهم ‪ ،‬علععى‬
‫وجه من الظلم والبغي ‪.‬‬
‫أما مفهوم الفساد ؛ فهو يتمّثل في بعععض مععا قيععل مععن آيععات فععي‬
‫ض َوِإّن عهُ‬ ‫ن َلَعععاٍل ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫عوْ َ‬ ‫ن ِفْر َ‬‫فرعون وملئه ‪ ،‬قال تعالى ) َوِإ ّ‬
‫ل ِفي اْلَْر ِ‬
‫ض‬ ‫عَ‬ ‫ن َ‬ ‫عْو َ‬‫ن ِفْر َ‬ ‫ن )‪ 83‬يونس ( ‪ ،‬وقال ) ِإ ّ‬ ‫سِرِفي َ‬‫ن اْلُم ْ‬‫َلِم ْ‬
‫حِ‬
‫ي‬ ‫س عَت ْ‬
‫ح َأْبَنععاَءُهْم َوَي ْ‬ ‫طاِئَفًة ِمْنهُْم ُيَذّب ُ‬
‫ف َ‬ ‫ضِع ُ‬ ‫سَت ْ‬‫شَيًعا َي ْ‬‫جَعَل َأْهَلَها ِ‬ ‫َو َ‬
‫ن )‪ 4‬القصععص ( ‪ ،‬وقععال ) ِإَلععى‬ ‫س عِدي َ‬‫ن اْلُمْف ِ‬
‫ن ِم ع ْ‬‫سععاَءُهْم ِإّن عُه َكععا َ‬‫ِن َ‬
‫ن )‪ 46‬المؤمنععون ( ‪،‬‬ ‫عععاِلي َ‬‫سَتْكَبُروا َوَكاُنوا َقْوًما َ‬ ‫ن َوَمَلِئِه َفا ْ‬ ‫عْو َ‬
‫ِفْر َ‬
‫ن )‪12‬‬ ‫سععِقي َ‬‫ن َوَقععْوِمِه ِإّنُهععْم َكععاُنوا َقْوًمععا َفا ِ‬ ‫عععْو َ‬‫وقععال ) ِإَلععى ِفْر َ‬
‫عصَععى )‪(21‬‬ ‫ب َو َ‬ ‫لَيَة اْلُكْبعَرى )‪َ (20‬فَكعّذ َ‬ ‫النمل ( ‪ ،‬وقال ) َفَأَراُه ا ْ‬
‫شَر َفَناَدى )‪َ (23‬فَقعاَل َأَنعا َرّبُكعْم اَْلعَْلعى )‬ ‫ح َ‬‫سَعى )‪َ (22‬ف َ‬ ‫ُثّم َأْدَبَر َي ْ‬
‫ت َلُكععمْ‬‫ل َما عَِلمْ ُ‬ ‫ن َيا َأّيَها اْلَم َُ‬‫عْو ُ‬‫‪ 24‬النازعات ( ‪ ،‬وقال ) َوَقاَل ِفْر َ‬
‫عوُه ِإّنُهعْم‬ ‫طععا ُ‬
‫ف َقعْوَمُه َفَأ َ‬ ‫خ ّ‬ ‫سعَت َ‬‫غْيِري )‪ 38‬القصععص ( ) َفا ْ‬ ‫ن ِإَلٍه َ‬ ‫ِم ْ‬
‫ن َق عْوَمُه َومَععا‬ ‫ععْو ُ‬ ‫ضعّل ِفْر َ‬ ‫ن )‪ 54‬الزخرف ( ) َوَأ َ‬ ‫سِقي َ‬ ‫َكاُنوا َقْوًما َفا ِ‬
‫َهَدى )‪ 79‬طه ( ‪.‬‬
‫ومظاهر إفساده تتمثل فيما يلي ‪ :‬جْعُل أهل مصععر فرقععا وطععوائف‬
‫متنابععذة ‪ ،‬واستضعععاف طائفععة منهععم ) بنععي إسععرائيل ( ‪ ،‬بذبععح‬
‫‪68‬‬
‫أبنائهم واستحياء نسائهم ‪ ،‬والسراف في كل أمره ‪ ،‬والسععتكبار‬
‫والفسق ‪ ،‬وتكذيب الرسل ‪ ،‬ومعصية ال وجحود آياته ‪ ،‬واّدعععاء‬
‫الربوبية واللوهية ‪ ،‬واستخفاف الناس وإضللهم ‪.‬‬
‫ع ع مفهععوم الفسععاد ‪ :‬استضعععاف النععاس وتفريقهععم وتصععنيفهم ‪،‬‬
‫وإثععارة الفتععن فيمععا بينهععم ‪ ،‬والقتععل وسععفك الععدماء ‪ ،‬وتكععذيب‬
‫الرسل ‪ ،‬وتكذيب آيععات الع وجحودهععا ‪ ،‬ومعصععية الع ورسععله ‪،‬‬
‫واستخفاف عقول الناس وتضععليلهم وإضععللهم ‪ ،‬وإنكععار ربوبيععة‬
‫ال ‪ ،‬وإنكار أحقيته في العبادة دون غيره ‪.‬‬
‫وخلصععة القععول ‪ :‬هععذا هععو مفهععوم العلععو ‪ ،‬وهععذا هععو مفهععوم‬
‫الفسععاد ‪ ،‬الععذي تتحععدث عنهمععا سععورة السععراء ‪ ،‬لععذلك عنععد أي‬
‫ي من المرتين ‪ ،‬يجب أن تكون الحالة موضععوع‬ ‫محاولة لتعيين أ ّ‬
‫ن علععو‬‫البحث ‪ ،‬مطابقة تماما لما كان عليه فرعععون وَمَلئه ‪ ،‬وكععأ ّ‬
‫وإفساد بنععي إسععرائيل ‪ ،‬صععورة فععي مععرآة لعلععو وإفسععاد فرعععون‬
‫وَمَلِئه ‪ ،‬ومععا علينععا إّل أن نبحععث ‪ ،‬فععي ماضععي بنععي إسععرائيل‬
‫ي حالة ترافق فيها مثععل هععذا العلععو ومثععل هععذا‬ ‫وحاضرهم ‪ ،‬عن أ ّ‬
‫الفساد ‪ ،‬كما هعو الحعال بالنسعبة لفرععون وقعومه ‪ .‬ولعن نعذهب‬
‫بعيدا ‪ ،‬فإحداهما موصوفة في القران الكريععم وبالتفصععيل أيضععا ‪.‬‬
‫والخرى نشاهدها بأم أعيننا علعى أرض الواقعع ‪ ،‬منعذ أكعثر معن‬
‫خمسين عاما ‪.‬‬
‫ض‪:‬‬ ‫ر‬ ‫في اْل َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫قععرن سععبحانه وتعععالى ‪ ،‬بيععن الفسععاد والعلععّو لكلتععا المرتيععن‬
‫بالرض ‪ ،‬ولفظ الرض هنا اسععم جنععس ‪ ،‬وجععاءت كععذلك لتشععمل‬
‫س عُدنّ‬
‫الجزء والكل والخاص والعام ‪ ،‬حيث قال في الية )‪َ ) (4‬لُتْف ِ‬
‫عُلّوا َكِبيًرا ( ولععم يح عّدد مكانععا بعينععه ‪،‬‬
‫ن ُ‬
‫ن َوَلَتْعُل ّ‬
‫ض َمّرَتْي ِ‬ ‫ِفي اَْلْر ِ‬
‫‪69‬‬
‫وعاد سبحانه وحّدد موقععع العقععاب فععي المرتيععن ‪ ،‬حيععن قععال فععي‬
‫خُلععوُه‬
‫جَد ‪َ ،‬كمَععا َد َ‬
‫سع ِ‬
‫خُلوا اْلَم ْ‬
‫جوَهُكْم ‪َ ،‬وِلَيْد ُ‬
‫سوُءوا ُو ُ‬
‫الية )‪ِ ) (7‬لَي ُ‬
‫َأّوَل َمّرٍة ( حيث ربط ما بين العقاب والمسجد ‪ ،‬لنفهم من ذلك أن‬
‫العقاب الموعود به بنو إسرائيل والمقصود هنا ‪ ،‬سينفذ فيهم في‬
‫المرتيععن ‪ ،‬خلل تواجععدهم فععي فلسععطين ) الرض المقدسععة ( ‪،‬‬
‫وُذكر المسجد للشارة إلى المكان ‪ .‬وهذا المسجد تم تعريفه ‪ ،‬في‬
‫جِد اَْلْقصَععى اّلعِذي‬ ‫سع ِ‬
‫بداية سورة السراء ‪ ،‬في قععوله تعععالى ) اْلَم ْ‬
‫حعْوَلُه )‪ (1‬وقععوله الععذي باركنععا حععوله ‪ ،‬أي مععا يليععه مععن‬ ‫َباَرْكَنععا َ‬
‫الرض ‪ ،‬ولم يقل باركنا فيه ‪ ،‬أي لم ُتحصر البركععة فععي المسععجد‬
‫فقط ‪ ،‬بل شملت ما حوله من الرض ‪.‬‬
‫حصر في المرتيععن ‪ ،‬وأن ذكععر الفسععاد‬ ‫والملحظ أن ذكر الفساد ُ‬
‫سبق ذكر العلعّو ‪ ،‬وأن العلععو لععم ُيحصععر فععي المرتيععن ‪ ،‬بععل ُأفععرد‬
‫ووصف بالكبير ‪ .‬وبما أن التركيز هنا على المععرة الثانيععة ‪ ،‬فععذلك‬
‫يوحي بأن الفساد في المرتين متطابق ‪ ،‬وبأن تحصيلهم للعلععو ‪،‬‬
‫على القل في المرة الثانية ‪ ،‬سععيتأتى عععن طريععق الفسععاد ‪ ،‬وأن‬
‫العلو الثاني أكبر من الول ‪ ،‬لذلك تأخر ذكر العلو وصععفته ‪ ،‬عععن‬
‫كلمة مرتين للختلف ‪ .‬ذلك لن إفساد بني إسرائيل الُمتأّتي عععن‬
‫العل عّو ‪ ،‬اقتصععر علععى حععدود دولتهععم ‪ ،‬فععي فلسععطين فععي المععرة‬
‫الولى ‪ ،‬وهذا ما ُيثبته القرآن والتوراة ‪ .‬وأّما إفسععادهم وعل عّوهم‬
‫الخير في فلسطين ‪ ،‬والععذي نعيشععه الن ‪ ،‬سععبقه ورافقععه إفسععاد‬
‫وعلو ‪ ،‬شمل مشارق الرض ومغاربها ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬
‫ن العقاب سععيحل بهععم فععي الرض المقدسععة ‪ ،‬يععترتب علععى‬ ‫وبما أ ّ‬
‫ذلك ‪ ،‬حتمية سبق وقوع الفساد والعلعّو فيهععا ‪ ،‬حععتى ولععو سععبق‬
‫منهم ‪ ،‬الفساد والعلو في الرض على عمومهععا ‪ ،‬أو تزامععن مععع‬
‫إفسععادهم وعلععوهم ‪ ،‬فععي الرض المقدسععة ‪ ،‬لععذلك جععاء الحععديث‬
‫‪70‬‬
‫مجمل في الية )‪ ، (4‬وهي الية الولى مععن قصععة الفسععادتين ‪،‬‬
‫فُذكر الفساد والعلو ‪ ،‬لشتراط وقوعهما في المرتين ‪ ،‬ولم يععأتي‬
‫ي من المرتين فيها ‪.‬‬
‫بأي تفاصيل ل ّ‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أن الرض التي سيتم فيها ‪ ،‬علو بنععي إسععرائيل‬
‫وإفسععادهم ‪ ،‬هععي الرض علععى عمومهععا فععي المععرة الثانيععة ‪،‬‬
‫وفلسطين بشكل خاص في المرتين ‪ .‬وأن عقععابهم فععي المرتيععن ‪،‬‬
‫سيكون في الرض المقدسععة خاصععة ‪ ،‬وزوال علععوهم فععي المععرة‬
‫الثانية ‪ ،‬من الرض على عمومها ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫ن‪:‬‬‫مّرت َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫المرة ‪ ،‬هي الفعلة الواحدة ‪ ،‬معن شعيء ُيمكعن تكعراره ‪ ،‬والجمعع‬
‫ِمرار ‪ ،‬واعتدنا أن نجمعها على مّرات ‪ .‬وقد أوضح سععبحانه بمععا‬
‫ح أن‬‫ل يدع مجال للشك ‪ ،‬أنهما مّرتععان بصععريح اللفععظ ‪ .‬ول يص ع ّ‬
‫ُنضيف ثالثة ‪ ،‬ومن أفتى بثالثة ‪ ،‬فقد أفتى بغير علم ‪.‬‬
‫وعنععدما تقععول ‪ :‬مععرة ‪ ،‬ومرتععان ‪ ،‬وثلث مععرات ‪ ،‬فععأنت فععي‬
‫الواقع ‪َ ،‬تعّد فعلة واحدة تتكّرر ‪ ،‬ولها صفة الستمرار ‪ ،‬كععالعمرة‬
‫والحج مثل ‪ ،‬لتقول اعتمرت مععرة ‪ ،‬ومرتععان ‪ ،‬وثلث ‪ ،‬والعمععرة‬
‫لها شروط ومناسك خاصة بها ‪ ،‬تمّيزها عن غيرها كالحج مثل ‪،‬‬
‫ح أن َتعّد أفعال مختلفة على أنها مّرات ‪ ،‬كأن تقول مثل ‪،‬‬ ‫ول يص ّ‬
‫ج مععرة ‪ ،‬اعتمععرت مرتيععن أو حججععت‬ ‫عنععدما تعتمععر مععرة ‪ ،‬وتح ع ّ‬
‫ح أن ُتسعععّمي فعلعععة غيعععر مكتملعععة الشعععروط‬
‫مرتيعععن ‪ .‬ول يصععع ّ‬
‫والمواصفات ‪ ،‬على أنها مرة ‪ ،‬كعمرة بل طواف أو سعي ‪.‬‬
‫ن المرتين تكععرار لفعلععة واحععدة ‪ ،‬تمتلععك نفعس‬ ‫وخلصة القول ‪ :‬أ ّ‬
‫الشروط والمواصفات ‪ ،‬وبما أن إفساد بني إسرائيل في الرض ‪،‬‬
‫بدأ منذ نشأتهم ‪ ،‬قبل حوالي )‪ (3‬آلف سنة ‪ ،‬واستمر لغاية هععذه‬
‫‪71‬‬
‫اللحظة ‪ ،‬كان مععن الضععروري لنععا ‪ ،‬أن نسععتنبط مععن هععذه اليععات‬
‫شععروطا ومواصععفات ‪ ،‬تجعععل مععن السععهولة بمععا كععان ‪ ،‬تحديععد‬
‫المرتيععن وبدقععة متناهيععة ‪ ،‬وتحديععد موقعهمععا مععن حيععث الزمععان‬
‫والمكان ‪ ،‬وأول شرط من الشروط هو الفساد المقععترن بععالعلو ‪،‬‬
‫والشرط الثاني أن يكون في الرض المقّدسة دون غيرها ‪.‬‬
‫دا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عد ُ‬ ‫) َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫عب َننا ً‬‫م ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ث‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫أو‬ ‫و ْ ُ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫ذا َ‬
‫خَل َ‬
‫ل‬ ‫سننوا ِ‬ ‫د َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ََنننا ُأوِلنني بننأ ْ‬
‫جا ُ‬ ‫ف َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫شنن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫عوًل )‪(5‬‬ ‫ف ُ‬‫م ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ع ً‬‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ر َ‬ ‫الدَّيا ِ‬
‫ما ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫عدُ ُأوَل ُ‬ ‫و ْ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫جاء أي مجيععء الععوقت المعيععن أو الموعععد المحعّدد ‪ ،‬والوعععد أي‬
‫الموعودين به من العقاب والهلك ‪ ،‬والمعنى إجمععال هععو مجيععء‬
‫زمن الستحقاق ‪ ،‬لنفاذ الوعد بالعقاب والهلك ‪ ،‬ومجيء الوعععد‬
‫ضععح هععذا‬ ‫متعّلق بتحقق الشروط الثلثة في الية السععابقة ‪ ،‬ويتو ّ‬
‫ععععًدا )‪59‬‬ ‫جَعْلَنعععا ِلَمْهِلِكِهعععْم َمْو ِ‬ ‫المعنعععى ‪ ،‬فعععي قعععوله تععععالى ) َو َ‬
‫الكهف ( ‪ ،‬أي ربععط الهلك بموعععد معيععن ‪ ،‬ل يتععأخر ول يتقعّدم ‪،‬‬
‫خُرونَ‬ ‫سَتْأ ِ‬‫جُلُهْم َل َي ْ‬ ‫جاَء َأ َ‬ ‫جٌل َفِإَذا َ‬ ‫كما في قوله تعالى ) َوِلُكّل ُأّمٍة َأ َ‬
‫ن)‪ 34‬العععراف ( ‪ .‬وسععرعة مجيععء موعععد‬ ‫س عَتْقِدُمو َ‬
‫عًة َوَل َي ْ‬ ‫سععا َ‬
‫َ‬
‫الهلك وإبطاءه ‪ ،‬تعتمد على درجة الظلم ‪ ،‬وتجععد ذلععك فععي قععوله‬
‫ظَلُمععوا … ) ‪ 59‬الكهععف ( ‪،‬‬ ‫ك اْلُق عَرى َأْهَلْكَنععاُهْم َلّمععا َ‬ ‫تعالى ) َوِتْل ع َ‬
‫ن )‪59‬‬ ‫ظععاِلُمو َ‬ ‫وقععوله ) … َوَمععا ُكّنععا ُمْهِلِكععي اْلُق عَرى ِإّل َوَأْهُلَهععا َ‬
‫القصص ( ‪ ،‬والظلم المقصود هنا هو الظلععم الممععي ‪ ،‬مععع تععوافر‬
‫الصرار ‪ .‬إذ كلمععا زادت درجععة الظلععم ‪ ،‬وزادت وتيععرة اقععترافه ‪،‬‬
‫كلما أسرع إلى المم قدرها المحتععوم ‪ ،‬لتمضععي فيهععا سععنن الع ‪،‬‬
‫التي ل تتحول ول تتبدل ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫م‪:‬‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫عث َْنا َ‬‫بَ َ‬
‫سععوًل مِْنُهععْم )‪2‬‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ث ِفععي اُْلّمّييعع َ‬ ‫قععال تعععالى ) ُهععَو اّلععِذي َبَععع َ‬
‫ن )‪56‬‬ ‫شععُكُرو َ‬ ‫ن َبْعِد مَْوِتُكْم َلَعّلُكْم َت ْ‬
‫الجمعة ( ‪ ،‬وقال ) ُثّم َبَعْثَناُكْم ِم ْ‬
‫ض )‪31‬‬ ‫ث ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫حعع ُ‬ ‫غَراًبععا َيْب َ‬
‫لعع ُ‬ ‫ث ا ُّ‬‫البقععرة ( ‪ ،‬وقععال ) َفَبَععع َ‬
‫عَبععاًدا َلَنععا )‪5‬‬
‫عَلْيُكعْم ِ‬‫ععُد ُأوَلُهَمععا َبَعْثَنععا َ‬ ‫جععاَء َو ْ‬ ‫المائدة ( ‪َ ) ،‬فعِإَذا َ‬
‫السععراء ( ‪ ،‬ومععن خلل التععدبر فععي اليععات السععابقة ‪ ،‬نجععد أن‬
‫المبعوث من قبله سعبحانه ‪ ،‬ليعس لعه القعدرة علعى بععث نفسعه ‪،‬‬
‫وذلك على حالين ‪:‬‬
‫الولععى ‪ :‬هععي وجععود الرادة اللهيععة وانعععدام الرادة البشععرية ‪،‬‬
‫فالرسل عليهم السلم بتلقي الرسالة عن طريق الوحي ‪ ،‬ينتقلون‬
‫من حال الغفلة والسكون إلععى حععال الهدايععة والععدعوة ‪ ،‬والمععوتى‬
‫ينتقلون بنفخ الروح فيهم من حال الموت إلى حال الحيععاة ‪ .‬وفععي‬
‫هععذه الحالععة يكععون التععدخل اللهععي ظععاهرا ‪ ،‬بإحععداث البعععث عععن‬
‫طريق إرسال الروح والوحي ‪ ،‬سواء كانت وسععيلة البعععث ماديععة‬
‫أو معنوية ‪.‬‬
‫والثانية ‪ :‬هي وجععود كلتععا الرادتيععن ‪ ،‬مععع تعليععق الرادة الثانيععة‬
‫بالولى ‪ ،‬فالحياء يملكون الرادة فععي بعععث أنفسععهم ‪ ،‬لتصععريف‬
‫أمعععورهم الدنيويعععة ‪ ،‬ولكّنهعععا إرادة معلقعععة بالمشعععيئة أو الرادة‬
‫اللهية ‪ ،‬فما شاء ال كان ‪ ،‬وما لععم يشععأ لععم يكععن ‪ ،‬فععإن تععوافقت‬
‫الرادة البشرية للقيام بعأمر معا ‪ ،‬معع الرادة اللهيعة ‪ ،‬وقعع ذلعك‬
‫شععاُءونَ ‪ِ ،‬إّل َأنْ‬ ‫المر وإن لم تتوافق لم يقع ‪ ،‬قال تعععالى ) َوَمععا َت َ‬
‫حِكيًمععا )‪ 30‬النسععان ( ‪ .‬وفععي هععذه‬ ‫عِليًما َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل َكا َ‬
‫ن ا َّ‬‫ل ‪ِ ،‬إ ّ‬‫شاَء ا ُّ‬‫َي َ‬
‫الحالة يكون التدخل اللهي غير ظاهر ‪ ،‬حيث أنه يتم عععن طريععق‬

‫‪73‬‬
‫التمكيعععن ‪ ،‬بإزالعععة المعوقعععات والمثّبطعععات وإيجعععاد التسعععهيلت‬
‫والمحّفزات ‪ ،‬سواء كانت الوسائل مادية أو معنوية ‪.‬‬
‫وفي كلتا الحالين يكون البعث من عند ال ‪ ،‬ولذلك نسب سععبحانه‬
‫بعععث أولئك العبععاد إلععى نفسععه ‪ ،‬لن ال ع س عُيمّكن لهععم السععباب‬
‫والسبل عند خروجهم ‪ ،‬لتحقيق وعععده فععي بنععي إسععرائيل ‪ .‬وأمععا‬
‫هؤلء العباد فسيخرجون من تلقععاء أنفسععهم ‪ ،‬ورغبععة منهععم فععي‬
‫ذلك ‪ ،‬بدفع من أسبابهم الخاصة ‪.‬‬
‫ععّدًة ‪،‬‬
‫عّدوا َلعُه ُ‬ ‫ج َل َ‬ ‫خُرو َ‬
‫ونجد ذلك في قوله تعالى ) َوَلْو َأَراُدوا ال ُ‬
‫ن )‪46‬‬ ‫ع عِدي َ‬
‫طُهْم ‪َ ،‬وِقيَل اْقُع عُدوا َم عَع اْلَقا ِ‬
‫ل اْنِبَعاَثُهْم َفَثّب َ‬
‫ن َكِرَه ا ُّ‬
‫َوَلِك ْ‬
‫التوبة (‬
‫أي لو أرادوا الخروج ‪ ،‬لعّدوا عدة الخروج ‪ ،‬ولكنهععم لععم ُيع عّدوا‬
‫العّدة ‪ ،‬لن رغبة الخروج لديهم معدومة أصل ‪ .‬وبما أن إرادتهم‬
‫معدومة ‪ ،‬كععره الع انبعععاثهم ‪ ،‬فثّبطهععم كععي ل يخرجععوا مكرهيععن‬
‫حياءً أو ريععاًء ‪ ،‬خشععية تععأثيرهم السععلبي علععى الخععارجين ‪ .‬وفععي‬
‫ن من ُوجد لديه الرادة والرغبععة فععي الخععروج ‪ ،‬كععان‬ ‫المقابل ‪ ،‬فإ ّ‬
‫الولععى بإزالععة الُمثّبطععات ‪ ،‬وإحععاطته بععالُمحّفزات لتمكينععه مععن‬
‫النبعاث والخروج ‪.‬‬
‫ع مفهوم البعث ‪ :‬هو انتقال ‪ ،‬أو انقلب ‪ ،‬أو تحول ‪ ،‬أو تغيععر مععن‬
‫حالة إلى أخرى ‪ ،‬نتيجة ُمسّبب خارجي ‪ ،‬مادي أو معنوي ‪.‬‬
‫ن عملية البعث هنا ‪ ،‬معّلقة بالمشيئة اللهية ‪،‬‬ ‫وخلصة القول ‪ :‬أ ّ‬
‫وموعد البعث منوط بهذه المشععيئة ‪ ،‬وأن هععؤلء المبعععوثين ولععو‬
‫تولدت فيهم الرادة ‪ ،‬ومهما حاولوا النقضاض ‪ ،‬مرارا وتكععرارا‬
‫على بني إسرائيل ‪ ،‬للقضاء عليهععم وإفنععائهم ‪ ،‬فلععن يتمكنععوا مععن‬
‫ذلك ‪ ،‬حتى مجيء ذلك الموعد ‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫دا ل ََنا ‪:‬‬
‫عَبا ً‬
‫ِ‬
‫معظم الناس هذه اليععام ‪ ،‬يعتقععدون اعتقععادا جازمععا ل شععك فيععه ‪،‬‬
‫بععأن هععؤلء العبععاد الُمشععار إليهععم ‪ ،‬فععي هععذه العبععارة ‪ ،‬هععم عبععاد‬
‫مؤمنين ‪ ،‬بل من أولياء ال المخلصين ‪ .‬ولبيان خطأ هذا المعتقععد‬
‫‪ ،‬سنناقش هذا المر من عدة وجوه ‪ ،‬وبما أن هذه العبارة ‪ ،‬أحععد‬
‫أهععم مرتكععزات الفهععم الخععاطئ ‪ ،‬للنبععوءة الععتي جععاءت بهععا آيععات‬
‫سورة السراء ‪ ،‬سنتاولها بالشرح والتفصيل ‪ ،‬بما يتناسععب مععع‬
‫حجم المساحة ‪ ،‬التي احتلتها في أذهان الناس ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬رأي المفسرين القدماء‬
‫هذه العبارة ‪،‬لم يكن فهععم معناهععا ومغزاهععا ‪ ،‬مشععكلة للمفسععرين‬
‫القدماء ‪ ،‬وهععم الكععثر قربععا وفهمععا ‪ ،‬للفععاظ العربيععة وتركيباتهععا‬
‫اللغوية ‪ ،‬ولو طالعت تفسيراتهم للعبععارة ‪ ،‬وآرائهععم فععي أصععحاب‬
‫البعث الول والثاني ‪ ،‬التي أجملناها في الفصل السابق ‪ ،‬لوجدت‬
‫ن أّنهم ‪ ،‬جزموا‬ ‫أّنهم بل استثناء ‪،‬لم يعيروها أدنى انتباه ‪ ،‬وبما أ ّ‬
‫ن تحقق الوعدين ‪ ،‬قععد تعّم قبععل السععلم ‪ ،‬فهععم علععى القععل ‪،‬لععم‬‫بأ ّ‬
‫يثبتوا لهم صفة اليمان ‪ ،‬حيث أن بني إسرائيل آنذاك ‪ ،‬كانوا من‬
‫أهل الكتاب ‪ ،‬وكل من حولهم كانوا من عبععدة الوثععان ‪ .‬بععل علععى‬
‫العكس من ذلك ‪ ،‬نجد أنهم بل استثناء ‪ ،‬كانوا قد أثبتوا لهم صفة‬
‫الكفر ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬كلمة عباد نكننرة ‪ ،‬وإضننافتها للجننار‬
‫والمجرور ‪ ،‬لننم تعّرفهننا ‪ ،‬وبالتننالي لننم‬
‫توضح ماهية المعتقد‬
‫وردت هذه عبارة ) عبادا لنا ( في القرآن مرة واحدة فقط ‪ ،‬ولو‬
‫أمعّنا النظر في تركيبتها ‪ ،‬لوجدنا أّنه سبحانه نّكر هؤلء العباد ‪،‬‬
‫‪75‬‬
‫ولم ينسبهم إلى نفسه حتى بضمير متصععل ‪ ،‬كععأن يقععول عبادنععا ‪،‬‬
‫ن تنكيرهععم ‪ ،‬كععان‬ ‫وأضافها إلى الجاّر والمجرور ) لنا ( ‪ ،‬لنفهم أ ّ‬
‫غاية بحّد ذاته ‪ ،‬والضافة للجععاّر والمجععرور ‪ ،‬جععاءت هنععا لتفيععد‬
‫ملكية الع لهعم فقعط ‪ ،‬وليعس لهعا علقعة ببيعان ماهيعة المعتقعد ‪.‬‬
‫وذلك ليعلم بني إسرائيل ‪ ،‬أن هذا البعث من عنععد ال ع ‪ ،‬وبتمكيععن‬
‫منه سبحانه ‪ ،‬فكل ما يجري على الرض بخيره وشّره ‪ ،‬ل يكون‬
‫إل بمشيئة ال جل وعل وتقدير منه ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الفرق بين العبودية والعبادة‬
‫لنعلم أن أصل العبودية الخضوع والذل ‪ ،‬كرها أكثر منها طواعية‬
‫‪ ،‬وأصل العبادة الطاعة والولء ‪ ،‬طواعية ورغبة ل كراهية فيها‬
‫‪.‬‬
‫وتجب العبودية ل علععى الخلئق ‪ ،‬بععدافع الربوبيععة أي الُملكيععة ‪،‬‬
‫بأحقية الخلق واليجاد ‪ ،‬واقرأ سورة الملك إن شئت فهبي تفصل‬
‫ب‬
‫ل َأْبِغي َرّبععا َوُهعَو َر ّ‬
‫المر ‪ ،‬ونجدها في قوله تعالى ) ُقْل َأغَْيَر ا ِّ‬
‫لع‬‫يٍء )‪ 164‬النعععام ( أي صععاحب كععل شععيء ‪ ،‬وقععوله ) َو ِّ‬ ‫ش ْ‬
‫ُكّل َ‬
‫ض َوَمععا َبْيَنُهَمععا )‪ 17‬المععائدة ( أي مالععك‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬
‫سععَمَوا ِ‬
‫ك ال ّ‬‫ُمْلعع ُ‬
‫شيٍْء )‪ 102‬النعام ( مما‬ ‫ق ُكلّ َ‬ ‫خاِل ُ‬
‫للسموات والرض ‪ ،‬وقوله ) َ‬
‫يعقل ول يعقل ‪ ،‬والخلق هو الموجب لحقوق الربوبية والملكيعة ‪،‬‬
‫ض ِإّل آِتععي‬
‫ت َواَْلْر ِ‬‫سعَمَوا ِ‬ ‫ن ِفعي ال ّ‬ ‫ن ُكّل َمع ْ‬
‫ولذلك قال جل شأنه ) ِإ ْ‬
‫عْبًدا )‪ 93‬مريم ( من الملئكة حععتى الععذّرة معن الععتراب ‪،‬‬ ‫ن َ‬ ‫حَم ِ‬‫الّر ْ‬
‫رغما عن أنوفهم ل خيار لهم ‪ ،‬بأحقية ما سبق من خلقه إياهم ‪.‬‬
‫ق بععدافع الشععراء أو مععا‬ ‫وينععدرج تحععت العبوديععة ‪ ،‬عبوديععة الععر ّ‬
‫شابه ‪ ،‬التي توجب الملكيععة وحععق التصععرف بكععل شععؤون العبععد ‪،‬‬
‫ومن هنا جاءت تسمية الرقيق بالعبد ‪ ،‬كما في قوله تعالى ) َوَقاَل‬
‫‪76‬‬
‫سَأْلهُ مَععا‬
‫ك َفا ْ‬
‫جْع ِإَلى َرّب َ‬ ‫سوُل َقالَ اْر ِ‬ ‫جاَءُه الّر ُ‬ ‫ك اْئُتوِني ِبِه َفَلّما َ‬‫اْلَمِل ُ‬
‫ن عَِلي عٌم )‪50‬‬ ‫ن َرّبععي ِبَكْي عِدِه ّ‬‫ن ِإ ّ‬ ‫ن َأْي عِدَيُه ّ‬
‫طْع ع َ‬
‫لِتععي َق ّ‬
‫س عَوِة ال ّ‬‫َبععالُ الّن ْ‬
‫ب الرسععول أي صععاحبه‬ ‫يوسف ( والملك هو ملك مصععر ‪ ،‬وهععو ر ّ‬
‫وسّيده ‪ ،‬والرسععول هععو نفععس الفععتى الععذي ‪ ،‬قععال ‪ِ ) :‬إنّععي َأَراِنععي‬
‫خْمًرا ( ‪ ،‬وربوبية الَمِلك لهععذا الفععتى جععاءت بععدافع ملكيععة‬ ‫صُر َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َأ ْ‬
‫الملك للفتى ‪.‬‬
‫أما العبادة ‪ ،‬فهي تقديم فروض الطاعة والتقديس والولء ‪ ،‬لله‬
‫أو للهععة ‪ ،‬ول جبريععة فيهععا فالخيععار للمخلععوق ‪ ،‬فهععو يعبععد مععا‬
‫يشاء ‪ ،‬واللهة التي اتخذها الناس للعبادة كثيرة ومتنوعة ‪ ،‬قععال‬
‫سععيحَ‬ ‫ل ع َواْلمَ ِ‬
‫ن ا ِّ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫حَباَرُهْم َوُرْهَباَنُهْم َأْرَباًبا ِم ع ْ‬ ‫خُذوا َأ ْ‬‫تعالى ) اّت َ‬
‫حعًدا ‪َ ،‬ل ِإَلعَه ِإّل ُهعَو ‪،‬‬ ‫ن َمْرَيَم َوَمععا ُأِمعُروا ِإّل ‪ِ ،‬لَيْعُبعُدوا ِإَلًهععا َوا ِ‬ ‫اْب َ‬
‫ن )‪ 31‬التوبة ( ‪ ،‬أما الغايععة مععن خلععق الجعنّ‬ ‫شِرُكو َ‬‫عّما ُي ْ‬‫حاَنُه َ‬ ‫سْب َ‬
‫ُ‬
‫س‬
‫ن َواِْلنعع َ‬ ‫جّ‬
‫ت اْل ِ‬‫خَلْق ُ‬ ‫والنس فهي عبادة ال ‪ ،‬لقوله تعالى ) َوَما َ‬
‫ن )‪ 56‬الذاريات ( ‪.‬‬ ‫ِإّل ِلَيْعُبُدو ِ‬
‫وكلّ النععاس يمارسععون طقوسععا العبععادة ‪ ،‬سععواء كععانوا مععن أهععل‬
‫الكتب السماوية أو وثنيون أو ملحدون ‪ ،‬أما المؤمنون بال فهععم‬
‫من ُنسبت عبعادتهم لع ‪ ،‬وليعس معن ُنسععبوا بعذواتهم فقعط ‪ ،‬قععال‬
‫ن)‬ ‫عاِبعُدو َ‬‫ن َلُه َ‬ ‫حُ‬‫صْبَغًة َوَن ْ‬‫ل ِ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫ن ِم َ‬ ‫سُ‬ ‫ح َ‬
‫ن َأ ْ‬‫ل َوَم ْ‬
‫صْبَغَة ا ِّ‬
‫تعالى ) ِ‬
‫‪ 138‬البقرة ( ‪.‬‬

‫ونجععد أنععه سععبحانه ‪ ،‬يععدعو إلععى القععرار بالربوبيععة ووحدانيععة‬


‫اللوهية ‪ ،‬بأحقية الخلق لكل شيء أول ‪ ،‬ومن ثم يأمر بالخضوع‬
‫له ‪ ،‬وإفراده سبحانه بالعبادة والتكال عليه ‪ ،‬في قوله ) َذِلُكْم ا ُّ‬
‫ل‬
‫عَلععى ُك عّل‬
‫عُبُدوُه ‪َ ،‬وُهَو َ‬
‫يٍء ‪َ ،‬فا ْ‬
‫ش ْ‬
‫ق ُكّل َ‬
‫خاِل ُ‬
‫َرّبُكْم ‪َ ،‬ل ِإَلَه ِإّل ُهَو ‪َ ،‬‬
‫‪77‬‬
‫يٍء َوِكيعععٌل )‪ 102‬النععععام ( ‪ .‬فل تسعععتقيم العبعععادة إل بعععإقرار‬ ‫شععع ْ‬‫َ‬
‫الربوبية ل أول ‪ ،‬ول يستقيم الحال بععإقرار الربوبيععة ل ع وحععدها‬
‫دون القيام بمقتضيات العبادة ‪ .‬وهذا ما كان عليه كفععار قريععش ‪،‬‬
‫حيث أنهم أقّروا بربوبية ال لهم ‪ ،‬ولكنهم أشركوا بالعبادة ‪ ،‬قععال‬
‫ن الُّع َفعَأّنى ُيْؤَفُكععونَ )‪87‬‬ ‫خَلَقُهعْم َلَيُقععولُ ّ‬
‫ن َ‬ ‫سَأْلَتُهْم َم ْ‬ ‫ن َ‬ ‫تعالى ) َوَلِئ ْ‬
‫الزخرف ( ‪ ،‬بينما عبادتهم للصنام قالوا فيها ) … َما نَْعُبُدُهْم ِإلّ‬
‫ل ُزْلَفى … )‪ 3‬الزمر ( ‪.‬‬ ‫ِلُيَقّرُبوَنا ِإَلى ا ِّ‬
‫ن َفَقاَل َلَهععا َوِللَْْر ِ‬
‫ض‬ ‫خا ٌ‬‫سَماِء َوِهيَ ُد َ‬ ‫سَتَوى ِإَلى ال ّ‬ ‫قال تعالى ) ُثّم ا ْ‬
‫صلت ( ‪ ،‬طوعععا مععن‬ ‫ن )‪ُ 11‬ف ّ‬ ‫طاِئِعي َ‬ ‫عا َأْو َكْرًها َقاَلَتا َأَتْيَنا َ‬ ‫طْو ً‬
‫ِاْئِتَيا َ‬
‫قبيل العبععادة ‪ ،‬ولععو لععم تأتيععا طوعععا ‪ ،‬لكععان ذلععك كرهععا مععن قبيععل‬
‫سعْبُع َواْلَْر ُ‬
‫ض‬ ‫ت ال ّ‬ ‫سعَمَوا ُ‬‫ح َلعُه ال ّ‬ ‫سّب ُ‬‫العبودية ‪ ،‬حيث قال تعالى ) ُت َ‬
‫ن َل َتْفَقُهععونَ‬ ‫حْمعِدِه ‪َ ،‬وَلِكع ْ‬‫ح ِب َ‬
‫سعّب ُ‬‫يٍء ِإّل ُي َ‬ ‫ش ْ‬‫ن َ‬ ‫ن ِم ْ‬‫ن ‪َ ،‬وِإ ْ‬ ‫ن ِفيِه ّ‬
‫َوَم ْ‬
‫غُفوًرا )‪ 44‬السراء ( ‪.‬‬ ‫حِليًما َ‬ ‫ن َ‬ ‫حُهْم ‪ِ ،‬إّنُه َكا َ‬‫سِبي َ‬
‫َت ْ‬
‫ومن ذلك ُيسّمى من يرزح تحت العبودية كرهععا عبععدا ‪ ،‬فل خيععار‬
‫في أل يكون ‪ ،‬فهو مرغععم ‪ ،‬وُيسععمى مععن يقععوم بواجبععات العبععادة‬
‫طواعية عابدا ‪ ،‬فالخيار فععي أن يكععون أو ل يكععون ‪ ،‬عععائد إليععه ‪،‬‬
‫وأشّد الكفر ‪ ،‬هو ما ُأنكر فيه العبودية والعبادة ل معععا ‪ ،‬وشععتان‬
‫عَبَد ( ‪.‬‬ ‫ما بين المسّميين ‪ ،‬مع أن أصليهما واحد ‪ ،‬وهو كلمة ) َ‬
‫رابعا ‪ :‬الفراد والجمع‬
‫عْبد ( ‪ ،‬والعبععد لغععة‬ ‫عباد وعبيد كلمتان مترادفتان ‪ ،‬ومفردهما ) َ‬
‫ي ) عباد ( و ) عبيد ( هي صيغة الجمععع مععن‬ ‫نقيض اُلحّر ‪ ،‬فكلمت ّ‬
‫كلمععة ) عبععد ( ‪ ،‬وذلععك بدللععة النععص القرآنععي فععي قععوله تعععالى‬
‫عّلْمَنععاُه ِمعنْ‬
‫عْنعِدَنا َو َ‬
‫ن ِ‬
‫حَمعًة ِمع ْ‬
‫عَباِدَنا َءاَتْيَنععاُه َر ْ‬
‫ن ِ‬
‫عْبًدا ِم ْ‬
‫جَدا َ‬
‫) َفوَ َ‬
‫عْلًما )‪ 65‬الكهف ( ‪ ،‬ولو قععال ) عابععدا مععن عبععادا ( لختلععف‬ ‫َلُدّنا ِ‬
‫‪78‬‬
‫ح ِإّنُه َكانَ عَْبًدا‬‫حَمْلَنا َمَع ُنو ٍ‬
‫ن َ‬
‫المر ‪ ،‬وتدبّر قوله تعالى ) ُذّرّيَة َم ْ‬
‫ش عُكوًرا )‪ 3‬السععراء ( ‪ ،‬نجععد أنععه سععبحانه ُيخععبر أن نععوح عليععه‬ ‫َ‬
‫السلم ‪ ،‬كان عبدا أول من العبودية ‪ ،‬وعابدا بالشكر ل ثانيا من‬
‫العبادة ‪.‬‬
‫أما كلمة ) عابد ( ‪ ،‬وهو القائم بالعبادة ‪ ،‬فصيغة الجمع منها هي‬
‫عاِبعٌد َمععا عََبعْدُتْم )‬
‫) عابدون ( ‪ ،‬وذلك بدللة قوله تعالى ) َوَل َأَنا َ‬
‫عُبُد )‪ 5‬الكافرون (‬ ‫ن َما َأ ْ‬
‫عاِبُدو َ‬
‫‪َ (4‬وَل َأْنُتْم َ‬
‫خامسا ‪ :‬تننرادف كلمننتي عبنناد وعبينند فنني‬
‫المعنى والستخدام ‪.‬‬
‫وقد أطلق سبحانه لفظ عباد على العبيد بمعنى رقيق ‪ ،‬ونجد ذلععك‬
‫عَبععاِدُكمْ‬
‫ن ِ‬ ‫ن ِم ع ْ‬
‫حي َ‬ ‫صععاِل ِ‬
‫حوا اَْلَياَمى ِمْنُك عْم َوال ّ‬ ‫في قوله تعالى ) َوَأنِك ُ‬
‫َوِإَماِئُكْم )‪ 32‬النور ( ‪ ،‬نجد أن الضمير المتصل ) كم ( في كلمة )‬
‫عبععادكم ( يعععود علععى المععؤمنين المخععاطبين بععالنص ‪ ،‬وممععا ل‬
‫ُيعقل ‪ ،‬أو من المستحيل أن نقول بأن كلمععة ) عبععاد ( جععاءت لغععة‬
‫من العبادة ‪ ،‬فهي ل تحمل هذا المعنى على الطلق ‪ ،‬ولو بدللععة‬
‫هذه الية فقط ‪.‬‬
‫لع ُيِريعُد‬ ‫وأما الترادف في الستخدام ‪ ،‬فقد جاء في قععوله ) َوَمععا ا ُّ‬
‫لٍم ِلْلَعِبي عِد )‪46‬‬ ‫ظّ‬‫ك ِب َ‬‫ظْلًمععا ِلْلِعَبععاِد )‪ 31‬غععافر ( وقععوله ) َوَمععا َرّب ع َ‬
‫ُ‬
‫حَك عَم‬‫ل َق عْد َ‬ ‫ن ا َّ‬‫سَتْكَبُروا ِإّنا ُكّل ِفيَها ِإ ّ‬
‫نا ْ‬ ‫فصلت ( وقوله ) َقاَل اّلِذي َ‬
‫ن اْلِعَباِد )‪ 48‬غافر ( ‪ ،‬نجد أن المعنى المستفاد من عباد وعبيد‬ ‫َبْي َ‬
‫‪ ،‬هو جملة خلق ال ‪ ،‬مؤمنهم وكافرهم على السواء ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫سادسا ‪ :‬كلمة عبنناد نكننرة ‪ ،‬ول ُيعّرفهننا إل‬
‫ما يأتي بعدها من سياق ‪.‬‬
‫تشمل العبودية ‪ ،‬كل من في السماوات والرض ‪ ،‬وما بينهما من‬
‫الخلئق ‪ ،‬وتشععمل العبععادة ‪ ،‬كععل مععن يملععك العقععل والرادة مععن‬
‫خلقه ‪ ،‬ومنهم على سبيل المثال الملئكة والنععس والجععن ‪ ،‬وهععم‬
‫المطالبون والمكلفععون ‪ ،‬بععإفراده جععل وعل باللوهيععة والعبععادة ‪،‬‬
‫والمحاسبون عليها ‪ ،‬فإن جاءت كلمتي عباد أو عبيد ‪ ،‬معّرفة أو‬
‫غير معّرفة بأل التعريف ‪ ،‬أو بالضافة ‪ ،‬فهي تفيد جملة الخلق ‪،‬‬
‫ن اْلِعَبععاِد )‪ 48‬غععافر ( ‪ .‬ول تفيععد‬ ‫حَكَم َبْي ع َ‬‫ل َقْد َ‬
‫ن ا َّ‬‫كقوله تعالى ) ِإ ّ‬
‫أي معنى آخر على الطلق ‪ ،‬إّل إذا ُأضيف إليها ما يفيد ذلك ‪:‬‬
‫ن )‪ 81‬الصععافات ( لُيععبرز‬ ‫عَباِدَنععا اْلُمعْؤِمِني َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كقوله تعالى ) ِإّنعُه ِمع ْ‬
‫ث‬‫فيهم سبحانه صفة اليمان ‪ ،‬فهعم عبعاده المعؤمنين ‪ ،‬وفيهعا حع ّ‬
‫على اليمان به ‪ .‬أو دل السياق على غير ذلك ‪ ،‬من نفي أو إثبات‬
‫شى‬ ‫خ َ‬‫لصفة دون غيرها ‪ ،‬لتناسب الموقف ‪ ،‬كقوله تعالى ) ِإّنَما َي ْ‬
‫عَبععاِدِه اْلُعَلَمععاُء )‪ 28‬فععاطر ( لُيععبرز فيهععم صععفة العلععم ‪،‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ل ع ِم ع ْ‬
‫ا َّ‬
‫وحصر خشية ال بمن يتصف بالعلم ‪ ،‬فهم عباده العلماء ‪ ،‬وفيها‬
‫عَباِدي َه عُؤلَِء َأْم ُه عْم‬
‫ضَلْلُتْم ِ‬
‫ث على طلب العلم ‪ ،‬وقوله ) َأَأْنُتْم َأ ْ‬ ‫ح ّ‬
‫س عِبيَل )‪ 17‬الفرقععان ( دل السععياق علععى ضععللهم ‪ ،‬فهععم‬ ‫ض عّلوا ال ّ‬ ‫َ‬
‫عبععاده الضععالين ‪ ،‬وفيهععا تحععذير مععن الضععلل ‪ ،‬وقععوله ) ُق عْل َيععا‬
‫سِهْم )‪ 53‬الزمر ( دل السععياق علععى‬ ‫عَلى َأْنُف ِ‬
‫سَرُفوا َ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫عَباِدي اّلِذي َ‬ ‫ِ‬
‫إسرافهم ‪ ،‬فهم عبعاده المسعرفين ‪ ،‬وفيهعا تنفيعر معن السعراف ‪،‬‬
‫وكّلهم نسبهم ال إلى نفسه ‪ ،‬بإضافة ضععمير متصععل يعععود عليععه‬
‫سبحانه ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫سابعا ‪ :‬التركيب اللغوي للعبارة ‪ ،‬جيء بننه‬
‫لتخصيص جزء مننن كننل بصننفة معينننة ‪،‬‬
‫وهي المراد إبرازها أصل ‪.‬‬
‫ولتوضيح ذلك ‪ ،‬لحععظ الفععرق بيععن أن تقععول ) هععذا بيتنععا ( وذاك‬
‫ن هععذا الععبيت‬
‫ت لنا ( ‪ ،‬يفهم المستمع مععن العبععارة الولععى ؛ أ ّ‬ ‫) بي ٌ‬
‫ُملك لكم وخاصُتكم وأّنكم ُمقيمون فيه ‪ ،‬وأّما الثانية ؛ فيفهم منها‬
‫ن ذلععك الععبيت ‪ُ ،‬ملععك لكععم ‪ ،‬وأّنكععم غيععر مقيميععن فيععه ‪،‬‬
‫المستمع أ ّ‬
‫جرا ‪ .‬ومععن هنععا نجععد أن عبععارة ) بيععت‬ ‫وربما يكون فارغا أو مععؤ ّ‬
‫ن بيتكم هذا ‪ ،‬هو واحد من جملة بيععوت تملكونهععا ‪،‬‬ ‫لنا ( ‪ ،‬تعني أ ّ‬
‫ول تعني شيئا أخر على الطلق ‪ ،‬وأّنععك زدتععه تنكيععرا بمثععل هععذا‬
‫اللفظ ‪ .‬وأنك لو قلت ) ذاك بيت لنا ذو غرف كثيرة ( ‪ ،‬نفهععم أنععك‬
‫أبرزت فيه صععفة معينععة ‪ ،‬اختععص بهععا دون غيععره ‪ ،‬مععن الععبيوت‬
‫التي تملكونها ‪ ،‬وهي احتوائه علععى غعرف كعثيرة ‪ ،‬ومّيزتعه ععن‬
‫باقي بيوتكم ‪ ،‬التي في معظمها ذات غععرف قليلععة ‪ .‬وكععذلك المععر‬
‫بالنسبة لعبارة ) عبععادا لنععا ( ‪ ،‬الععتي جععاءت منّكععرة أيضععا لبععراز‬
‫صفتهم ‪ ) ،‬أولي بأس شديد ( ‪ ،‬التي يتميزون بها عععن غيرهععم ‪،‬‬
‫من جملة عباد ال مؤمنهم وكافرهم ‪ ،‬ولم يأتي السياق بتصععريح‬
‫أو تلميح عن ماهية معتقدهم ‪.‬‬
‫ولتوضيح ذلك أكثر فأكثر ‪ ،‬نطرح هذا المثال ‪ ،‬فيععه أربعععة أقععوال‬
‫لرجل ‪ُ ،‬يجيب رجل آخرا ‪ ،‬يريد عمال لمزرعته ‪:‬‬
‫‪ -1‬سأرسل لك ) أولدي ( غدا ‪ ،‬للعمل في مزرعتك ‪.‬‬
‫‪ -2‬سأرسل لك ) أولدا لي ( غدا ‪ ،‬للعمل في مزرعتك ‪.‬‬
‫‪ -3‬سأرسل لك ) أولدي ‪ ،‬أولي المهارة والخبرة فععي الفلحععة (‬
‫غدا ‪ ،‬للعمل في مزرعتك ‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫‪ -4‬سأرسل لك ) أولدا لي ‪ ،‬أولي مهارة وخععبرة فععي الفلحععة (‬
‫غدا ‪ ،‬للعمل في مزرعتك ‪.‬‬
‫فما المعنى الذي أفادته كل عبارة أعله ؟‬
‫‪ -1‬أنه سيرسل جميع أولده ‪ ،‬مع عععدم توضععيحه لصععفتهم‬
‫أو ماهيتهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬أنععه سيرسععل بعضععا مععن أولده ‪ ،‬مععع عععدم توضععيحه‬
‫لصفتهم أو ماهيتهم أيضا ‪.‬‬
‫‪ -3‬أنععه سيرسععل جميععع أولده ‪ ،‬وأن جميععع أولده لععديهم‬
‫مهارة وخبرة في الفلحة ‪.‬‬
‫‪ -4‬أنععه سيرسععل بعضععا مععن أولده ‪ ،‬وأن هععذا البعععض مععن‬
‫أولده فقط ‪ ،‬هو الذي يملك المهارة والخبرة في الفلحة ‪ ،‬أمععا‬
‫البقية فل ‪.‬‬
‫وأخيرا تدبّر هذه اليات ‪:‬‬
‫ضععا )‪ 118‬النسععاء ( ) أي‬ ‫صععيًبا َمْفُرو ً‬‫ك َن ِ‬
‫عَباِد َ‬
‫ن ِ‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫خَذ ّ‬‫) َوَقاَل َلّت ِ‬
‫أن من جملة العباد المنسوبين إلى ال هناك نصيب لبليس (‬
‫ن)‬ ‫ن اْلَغععاِوي َ‬
‫ك ِمع َ‬ ‫ن اّتَبَعع َ‬‫ن ِإّل َمع ِ‬‫طا ٌ‬
‫سْل َ‬
‫عَلْيِهْم ُ‬‫ك َ‬‫س َل َ‬‫عَباِدي َلْي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫) ِإ ّ‬
‫‪ 42‬الحجر ( ) أي أن سلطان إبليععس محصععور فقععط علععى أتبععاعه‬
‫من الغاوين ‪ ،‬الذين هم من جملة العباد المنسوبين إلى ال (‬
‫عوُهْم‬‫عَبعععاٌد َأْمَثعععاُلُكْم َفعععاْد ُ‬
‫لععع ِ‬
‫ن ا ِّ‬‫ن ُدو ِ‬‫ن ِمععع ْ‬
‫عو َ‬ ‫ن َتعععْد ُ‬‫ن اّلعععِذي َ‬
‫) ِإ ّ‬
‫ن )‪ 194‬العراف ( ) أي أنتم وهم‬ ‫صاِدِقي َ‬
‫ن ُكْنُتْم َ‬ ‫جيُبوا َلُكْم ِإ ْ‬ ‫سَت ِ‬
‫َفْلَي ْ‬
‫‪ ،‬أي العابد والمعبود ‪ ،‬سواء في كونكم عباد (‬
‫ن َءاَمُنععوا )‪ 31‬إبراهيععم ( ) أي أن الخطععاب‬ ‫ي اّلععِذي َ‬ ‫) ُقععْل ِلِعَبععاِد َ‬
‫لعبادي الذين آمنوا ‪ ،‬دون عبادي الذين كفروا (‬
‫‪82‬‬
‫ن َتِقّيا )‪ 63‬مريم ( ) أي‬ ‫ن َكا َ‬‫عَباِدَنا َم ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ث ِم ْ‬ ‫جّنُة اّلِتي ُنوِر ُ‬ ‫ك اْل َ‬‫) ِتْل َ‬
‫وأن النار لمن لم يكن تقيا من عبادنا (‬
‫حمَْنا‬‫غِفْر َلَنا َواْر َ‬‫ن َرّبَنا َءاَمّنا َفا ْ‬ ‫عَباِدي َيُقوُلو َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ق ِم ْ‬ ‫ن َفِري ٌ‬ ‫) ِإّنُه َكا َ‬
‫ن )‪ 109‬المؤمنععون ( ) أي وكععان هنععاك فريععق‬ ‫حِمي َ‬ ‫خْيُر الّرا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫َوَأْن َ‬
‫من عبادي ‪ ،‬يقولون غير ذلك (‬
‫ت ِفععي‬ ‫خَل ْ‬‫سّنَة الِّ اّلِتي َقْد َ‬ ‫سَنا ُ‬ ‫ك َيْنَفُعُهْم ِإيَماُنُهْم َلّما َرَأْوا َبْأ َ‬ ‫) َفَلْم َي ُ‬
‫ن )‪ 85‬غععافر ( ) أي فععي مجمععل‬ ‫ك اْلَكععاِفُرو َ‬ ‫سععَر ُهَناِلعع َ‬‫خ ِ‬ ‫عَبععاِدِه َو َ‬ ‫ِ‬
‫عباده ‪ ،‬والخاسرون منهم ‪ ،‬هم الكافرون دون المؤمنين (‬
‫س عَتِقيٍم‬ ‫ط ُم ْ‬‫ص عَرا ٍ‬‫ك لََتْهِدي ِإَلى ِ‬ ‫عَباِدَنا َوِإّن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫شاُء ِم ْ‬ ‫ن َن َ‬‫) َنْهِدي ِبِه َم ْ‬
‫)‪ 52‬الشورى ( ) أي وهناك من لم نهدي من عبادنا (‬
‫ن عَْبعًدا )‪93‬‬ ‫حَمع ِ‬
‫ض ِإّل َءاِتععي الّر ْ‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫سَمَوا ِ‬ ‫ن ِفي ال ّ‬ ‫ن ُكّل َم ْ‬ ‫) ِإ ْ‬
‫مريم ( ) مؤمنهم وكافرهم بل استثناء (‬
‫وفععي الحععديث الصععحيح الطويععل ‪ ،‬الععذي رواه مسععلم وأخرجععه‬
‫الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمععد ‪ ،‬جععاء مععا نصععه " … ِإْذ‬
‫حعٍد‬ ‫عَبععاًدا ِلععي ‪َ ،‬ل َيعَدانِ َِل َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ج ُ‬‫خَر ْ‬ ‫سى ‪ِ ،‬إّني َقْد َأ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ل ِإَلى ِ‬ ‫حى ا ُّ‬ ‫َأْو َ‬
‫لع‬‫ث ا ُّ‬ ‫طوِر ) جبال القععدس ( ‪َ ،‬وَيْبَعع ُ‬ ‫عَباِدي ِإَلى ال ّ‬ ‫حّرْز ِ‬ ‫ِبِقَتاِلِهْم ‪َ ،‬ف َ‬
‫ن … " يععرد نفععس‬ ‫سعُلو َ‬‫ب َيْن ِ‬
‫حعَد ٍ‬ ‫ن ُكعّل َ‬ ‫ج ‪َ ،‬وُهْم ِمع ْ‬ ‫جو َ‬ ‫ج َوَمْأ ُ‬ ‫جو َ‬ ‫َيْأ ُ‬
‫الععتركيب اللغععوي لعبععارة ) عبععادا لنععا ( ‪ ،‬وهععو ) عبععادا لععي (‬
‫والمقصودين به هم قبيلععتي يععأجوج ومععأجوج ‪ ،‬الععذين قععال فيهععم‬
‫ن ِفعي‬ ‫جوجَ ‪ُ ،‬مْفسُِدو َ‬ ‫جوجَ َوَمْأ ُ‬ ‫ن َيْأ ُ‬ ‫ن ‪ِ ،‬إ ّ‬‫سبحانه ) َقاُلوا َياَذا اْلَقْرَنْي ِ‬
‫سّدا )‬ ‫جَعَل َبْيَنَنا َوَبْينَُهْم َ‬‫عَلى َأنْ َت ْ‬ ‫جا ‪َ ،‬‬ ‫خْر ً‬‫ك َ‬ ‫جَعُل َل َ‬ ‫ض ‪َ ،‬فَهْل َن ْ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫‪ 94‬الكهف ( ‪.‬‬
‫وخلصععة القععول ‪ :‬أن كلمععة ) عبععادا ( ‪ ،‬جععاءت نكععرة ‪ ،‬و كلمععة‬
‫) لنا ( لم تعّرفها ‪ ،‬وإنمععا جعاءت هنععا لتأكيععد الملكيععة فقعط ‪ ،‬وكعل‬
‫‪83‬‬
‫الخلق ملععك لع ‪ ،‬ليؤكععد سععبحانه لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬أن هععذا البعععث‬
‫سععيكون مععن عنععده ‪ ،‬وبمععا أن هععؤلء العبععاد ملكععه ‪ ،‬فهععم رهععن‬
‫إشارته وطوع بنانه ‪ ،‬ويملك حق التصرف بشؤونهم ‪ ،‬فإن شععاء‬
‫بعث وإن شاء أمسك ‪ .‬وأكثر المعاني دقة لهععذه العبععارة ) عبععادا‬
‫لنا ( ‪ ،‬هو أنهم ) طائفة من خلقنععا ( ل أكععثر مععن ذلععك ول أقععل ‪،‬‬
‫وأهععم مععا يمّيععز هععؤلء الخلععق عععن غيرهععم ‪ ،‬أنهععم ) أولععي بععأس‬
‫شديد ( فقط ل غير ‪.‬‬
‫وأن ورود لفظ ) عباد ( في القرآن ‪ ،‬لم يقتصععر علععى أوليععاء الع‬
‫وأحباؤه ‪ ،‬وإنما جاء هذا اللفظ فعي الخطعاب القرآنععي ‪ ،‬مّنعا علعى‬
‫العباد بنعمة خلقه إياهم ‪ ،‬ورفقه ولطفه بهم ‪ ،‬مطيعهم وعاصيهم‬
‫‪ ،‬والكلمات ) عبادي ‪ ،‬عبادنا ‪ ،‬وعباده ( عادة مععا تععأتي كتهيئة ‪،‬‬
‫لما سيأتي بعدها ‪ ،‬من صفة مميزة ‪ ،‬أو سياق يععدل علععى صععفة ‪،‬‬
‫وهي المراد إبرازها أصل ‪ ،‬فإن كانت صععفة محمععودة ‪ ،‬كاليمععان‬
‫والعلم فقد ُأبرزت تحببا بها ‪ ،‬وإن كانت صفة مذمومة ‪ ،‬كالضلل‬
‫والسراف ‪ ،‬فقد ُأبرزت تنفيرا منها ‪.‬‬
‫وأما صفة البأس الشديد ‪ ،‬فقد ُأبععرزت تهديععدا وتحععذيرا وتخويفععا‬
‫لبني إسععرائيل ‪ ،‬مععن سععوء عععاقبتهم ‪ ،‬بوقععوعهم بيععن أيععدي مثععل‬
‫أولئك الخلق ‪ ،‬الذين لن يرقبوا فيهم إّل ول ذمة ‪ ،‬لعلهععم ينتهععون‬
‫ويرجعون ويرتدعون ‪ ،‬عّما هم عليه من فساد وإفساد واستعلء‬
‫في الرض ‪.‬‬
‫د‪:‬‬ ‫س َ‬ ‫ُأوِلي بأ ْ‬
‫دي ٍ‬
‫ش ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫وصف ال هععؤلء العبععاد ‪ ،‬بععأولي البععأس الشععديد ‪ ،‬والبععأس كمععا‬
‫قععدمه معظععم المفسععرون ‪ ،‬هععو القععوة والبطععش فععي الحععروب ‪،‬‬
‫حِديَد ِفيِه‬
‫والشّدة جاءت زيادة في المبالغة ‪ ،‬قال تعالى ) َوَأْنَزْلَنا اْل َ‬
‫‪84‬‬
‫س )‪ 25‬الحديد ( ‪ ،‬فانظر وتفكر في معععدن‬ ‫شِديٌد َوَمَناِفُع ِللّنا ِ‬ ‫س َ‬ ‫َبْأ ٌ‬
‫الحديد ‪ ،‬فهو يحمل في جوهره صفتان ‪ ،‬قلما تجععدهما فععي معععدن‬
‫أخر ‪ .‬وهما ؛ أوّل ‪ :‬أّنه يحافظ علععى طععبيعته ‪ ،‬مهمععا عظععم عليععه‬
‫الطرق واشتّد ‪ ،‬ول يحععترق أي يتحععول إلععى مععادة أخععرى ‪ ،‬مهمععا‬
‫ازدادت شدة النيران عليععه ‪ ،‬وإن انصععهر عععاد إلععى سععابق عهععده‬
‫عند البرودة ‪ ،‬وهعذه الصعفة إن وجعدت فععي البشعر ‪ ،‬فهعي الجلععد‬
‫والصبر عند وقوع البلء ‪ .‬وثانيععا ‪ :‬أّنععه عنععد تشععكيله وشععحذه ‪،‬‬
‫فهو قوي قاتل وقاطع ‪ ،‬لذلك قيل " ل يفل الحديععد إّل الحديععد " ‪،‬‬
‫وهذه الصععفة إن وجععدت فععي البشععر ‪ ،‬فهععي القععوة والبطععش عنععد‬
‫مواجهة العداء ‪.‬‬
‫ل )‪ 84‬النساء ( نجععد‬ ‫شّد َتنِكي ً‬‫سا َوَأ َ‬‫شّد َبْأ ً‬
‫ل َأ َ‬‫وفي قوله تعالى ) َوا ُّ‬
‫ن البأس الشديد‬ ‫أّنه سبحانه قد وصف نفسه بذات الصفة ‪ ،‬وبما أ ّ‬
‫تعني القوة والبطش ‪ ،‬فأين تستعمل هذه القوة وهذا البطععش مععن‬
‫قبله سبحانه ؟ وفي أي المواقع والمواقف يصف رب العزة نفسه‬
‫بهاتين الصععفتين ؛ القععوة والبطععش ؟ دعنععا نتتبععع هععذه الصععفات‬
‫ش عِديٌد )‪12‬‬ ‫ك َل َ‬
‫ش َرّب َ‬
‫ط َ‬ ‫ن َب ْ‬
‫والعلقة ما بينها ‪ ،‬في اليات التالية ) ِإ ّ‬
‫شععَة اْلُكْبععَرى ِإّنععا ُمنَتِقُمععونَ )‪16‬‬ ‫ط َ‬‫ش اْلَب ْ‬‫طعع ُ‬ ‫الععبروج ( ) َيععْوَم َنْب ِ‬
‫ن الشدة ارتبطت بالبطش ‪ ،‬والبطش بالنتقام ‪.‬‬ ‫الدخان ( نجد أ ّ‬
‫ي عَِزي عٌز )‬‫ل َلَقِو ّ‬
‫ن ا َّ‬
‫ب )‪ 52‬النفال ( ) ِإ ّ‬ ‫شِديُد اْلِعَقا ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ل َقِو ّ‬ ‫ن ا َّ‬‫) ِإ ّ‬
‫عِزيعٍز ُمْقَتعِدٍر )‪ 42‬القمععر ( ) َوَكعَذِل َ‬
‫ك‬ ‫خعَذ َ‬ ‫خْذَناُهْم َأ ْ‬‫‪ 40‬الحج ( ) َفَأ َ‬
‫شعِديٌد )‪102‬‬ ‫خعَذُه َأِليعٌم َ‬
‫ن َأ ْ‬
‫ظاِلَمعٌة ِإ ّ‬
‫ي َ‬ ‫خَذ اْلُقعَرى َوِهع َ‬ ‫ك ِإَذا َأ َ‬
‫خُذ َرّب َ‬
‫َأ ْ‬
‫عِزيٌز ُذو اْنِتَقععاٍم )‪ 4‬آل عمععران ( ‪،‬‬ ‫ل َ‬ ‫شِديٌد َوا ُّ‬ ‫ب َ‬ ‫عَذا ٌ‬ ‫هود ( ) َلُهْم َ‬
‫ن الشدة ارتبطت بالقوة ‪ ،‬والقوة بالعزة ‪ ،‬والعزة بالخععذ ‪،‬‬ ‫ونجد أ ّ‬
‫والخذ بالشدة ‪ ،‬والشدة بالعزة ‪ ،‬والعزة بالنتقام ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ومما تقدم نجععد أن الموقععف ‪ ،‬الععذي يسععتدعيه جععل وعل لظهععار‬
‫بأسه الشديد ‪ ،‬هو موقف النتقام ‪ ،‬وأن النتقام ل يتأتى إل ممععن‬
‫هو قوي وعزيز ‪.‬‬
‫ن هؤلء العباد ‪ ،‬المبعوثين مععن قبلععه سععبحانه‬ ‫وخلصة القول ‪ :‬أ ّ‬
‫على بني إسرائيل ‪ ،‬اختارهم ال لتنفيذ مهمة ‪ ،‬وهي إنزال أبشععع‬
‫انتقام إلهي ممكن في بني إسرائيل ‪ ،‬لذلك تطلب المر أن يكونععوا‬
‫أولي بأس شديد ‪ ،‬ويتمتعععون بععالقوة والعععزة ‪ ،‬ذوي صععبر وجلععد‬
‫عند وقوع البلء ‪ ،‬وقوة وبطش عنععد اللقععاء ‪ ،‬بغععض النظععر عععن‬
‫إيمانهم أو كفرهععم ‪ ،‬زيععادة فععي التنكيععل وإمعانععا فععي الذلل لبنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬وما عدا ذلك من صفات العبععاد ‪ ،‬ل تصععلح لتنفيععذ هععذه‬
‫المهمعععة ‪ .‬والفتوحعععات العععتي اتخعععذت الطعععابع السعععلمي قعععديما‬
‫وحديثا ‪ ،‬لم تحمل الطابع النتقامي بإهلك الحرث والنسل ‪ ،‬الذي‬
‫سيكون عليه المر الذي تصفة اليات ‪.‬‬
‫ر‪:‬‬‫ل الدَّيا ِ‬ ‫خَل َ‬ ‫سوا ِ‬ ‫جا ُ‬
‫ف َ‬‫َ‬
‫لم ترد كلمة ) جاسوا ( ‪ ،‬أو أي من مشتقات مصدرها ) جععوس (‬
‫في مجمل القرآن ‪ ،‬إّل مرة واحدة فقععط فععي هعذا الموضععع ‪ ،‬لععذلك‬
‫لجأت إلى معجم لسان العرب ‪ ،‬وهذا ممععا قيععل فيهععا ‪ " :‬الجععوس‬
‫هععو مصععدر جععاس جوسععا ‪ ،‬وجوسععان تععردد ‪ ،‬فجاسععوا خلل‬
‫الديار ‪ :‬ترددوا بينها للغارة والجوسان ؛ أي قتلوكم بين بيوتكم ؛‬
‫بمعنى يذهبون ويجيئون ؛ فطافوا خلل الديار ينظععرون هععل بقععي‬
‫أحد لم يقتلوه ؛ تخللوها فطلبوا ما فيها ‪ ،‬والجوسععان ‪ :‬الطوفععان‬
‫بالليل ‪ ،‬ورجل جّواس أي يجوس كل شيء يدوسه ‪ ،‬والجععوس ‪:‬‬
‫طلب الشععيء باستقصععاء ‪ ،‬وكععل موضععع خععالطته ووطئتععه ‪ ،‬فقععد‬
‫جسته " ‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫ولععو جمعنععا كععل مععا قيععل فيهععا مععن معععاني ‪ ،‬وأعععدنا تشععكيل هععذه‬
‫المعاني وصياغتها ‪ ،‬لخرجنا بالمشهد التالي ‪:‬‬
‫) أغاروا عليكم – ليل على الرجععح – ودخلععوا ديععاركم ‪ ،‬ووطئوا‬
‫أرضععكم ليقتلععوكم وينّكلععوا بكععم ‪ ،‬وتععرّددوا فيهععا ذهابععا وإيابععا ‪،‬‬
‫وطافوا خللها شرقا وغربا ‪ ،‬وتخّللوا أزقتكم واقتحموا بيععوتكم ‪،‬‬
‫بحثا وتقصّيا ‪ ،‬لعّلهم يجدوا منهم ‪ ،‬من بقي حيا ليقتلوه ( ‪.‬‬
‫ن الع جّلععت قععدرته ‪ ،‬أوجععز فععي وصععف فعععل هععؤلء‬ ‫نلحظ هنععا أ ّ‬
‫العباد أّيما إيجاز ‪ ،‬ليصف كل ما فعلوه في كلمة واحدة فقط ‪ ،‬هي‬
‫كلمة ) جاسوا ( لتصف مشهدا كامل ‪ ،‬ولم تكععن الضععافة ) خلل‬
‫الععديار ( إّل لتوضععيح مععا كععان قععد جيععس ‪ .‬وهععذا ُيشععبه مشععهد‬
‫جععج‬‫الغععارات الوحشععية ‪ ،‬الععتي كععان يقععوم بهععا ‪ ،‬المريكععي المد ّ‬
‫بالسععلح النععاري ‪ ،‬علععى قععرى الهنععود الحمععر شععبه الُععّزل ‪ ،‬ومععا‬
‫ُيخلفه وراءه مععن دمععار ومآسععي ‪ ،‬مشععهد طالمععا حفلععت بععه أفلم‬
‫الغرب المريكي ‪.‬‬
‫والعبارة جاءت لتصف ما قام به عباد البعععث الول عنععد بعثهععم ‪،‬‬
‫قال تعالى ) فجاسوا ( بصيغة الماضي ‪ ،‬أي أن الجوس ‪ ،‬قد وقع‬
‫في الماضي ‪ ،‬ولم يقل ) ليجوسوا ( بصيغة السععتقبال ‪ ،‬كمععا هععو‬
‫الحال في أفعال البعث الثاني ‪ ،‬التي ستقع في المستقبل ‪.‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أن هذا الجععوس قععد وقععع فععي الماضععي ‪ ،‬وكععان‬
‫حُرمععاتهم‬ ‫غايععة فععي البشععاعة ‪ ،‬واسععتباح فيععه هععؤلء العبععاد ُ‬
‫جميعها ‪ ،‬من أرض ومععال وعععرض ‪ ،‬فوقععع فيهععم القتععل والنهععب‬
‫والسبي ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫عوًل ‪:‬‬ ‫ف ُ‬ ‫م ْ‬‫دا َ‬ ‫ع ً‬‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫هذا الخبر جاء كتعقيب على الوعد الول ‪ ،‬ليؤكععد سععبحانه تحقععق‬
‫المرة الولى ‪ ،‬بعلوها وإفسادها وبعثها ‪ ،‬قبل نزول هذه اليععات ‪.‬‬
‫حيث جاءت صيغة اسم المفعول ) َمْفُعول ( مععن الفعععل ) َفَع عَل ( ‪،‬‬
‫للدللة علععى تمععام الفعععل ‪ ،‬بمعنععى وكععان وعععدا ) قععد ُفِععْل ( فيمععا‬
‫مضععى مععن الزمععان ‪ .‬ولععم تععأتي بععأي حععال مععن الحععوال بمعنععى‬
‫) مقضيا ( ‪ ،‬كما قّدمه معظم المفسرين القدماء ‪ ،‬ومنهم القرطبي‬
‫أجّله ال ‪ ،‬حيث قال فيها " وكان وعدا مفعول ‪ ،‬أي قضععاء كائنععا‬
‫ل خلف فيه " ‪ ،‬على اعتبار أن نفاذ الوعدين كان قبل السلم ‪.‬‬
‫وقععد جععاءت هععذه العبععارة ‪ ،‬كجملععة معترضععة ‪ ،‬بحيععث لععو قمععت‬
‫بإسقاطها من السياق ‪ ،‬ومن ثم قرأت اليتين ) ‪4‬و ‪ ، ( 5‬كما يلي‬
‫‪ … ) :‬بعثنا عليكم عبععادا لنععا أولععي بععأس شععديد ‪ ،‬فجاسععوا خلل‬
‫الديار ‪ .‬ثم رددنا لكم الكععرة عليهععم ‪ ،‬وأمععددناكم … ( لوجععدت أن‬
‫السياق لم يتأثر بحععذفها ‪ ،‬فخععبر نفععاذ الوعععد الول ‪ ،‬انتهععى عنععد‬
‫ذكر الجوس ‪ ،‬أي أن الجوس قد وقع بعد البعث ‪ .‬وجععاء التعقيععب‬
‫على الوعد ‪ ،‬بالجملععة المعترضععة ) وكععان وعععدا مفعععول ( لبيععان‬
‫وتأكيععد ‪ ،‬أن الوعععد بععالبعث الععذي تق عّدم ِذكععره ‪ ،‬قععد تحّقععق فعل ‪،‬‬
‫وكانت نتيجته هي الجععوس ‪ ،‬ومعن ثععم يبععدأ النععص بالخبععار عععن‬
‫الوعد الثاني ‪.‬‬
‫حعِر ‪ِ ،‬إْذ‬
‫ضعَرَة اْلَب ْ‬
‫حا ِ‬ ‫ت َ‬‫ن اْلَقْرَيعِة اّلِتععي َكععاَن ْ‬‫عْ‬‫سَأْلُهْم َ‬‫قال تعالى ) َوا ْ‬
‫عا ‪َ ،‬وَي عْوَم لَ‬ ‫ش عّر ً‬
‫سْبِتِهْم ُ‬
‫حيَتاُنُهْم َيوَْم َ‬ ‫ت ِإْذ َتْأِتيِهْم ِ‬
‫سْب ِ‬‫ن ِفي ال ّ‬ ‫َيْعُدو َ‬
‫ن )‪… (163‬‬ ‫سعُقو َ‬‫ك َنْبُلوُهْم ِبَمععا َكععاُنوا َيْف ُ‬
‫ن َل َتْأِتيِهْم ‪َ ،‬كَذِل َ‬
‫سبُِتو َ‬
‫َي ْ‬
‫ن )‪166‬‬ ‫سِئي َ‬‫خا ِ‬‫عْنُه ‪ُ ،‬قْلَنا َلُهْم ُكوُنوا ِقَرَدًة َ‬ ‫ن َما ُنُهوا َ‬ ‫عْ‬ ‫عَتْوا َ‬‫َفَلّما َ‬
‫العراف ( وهذه الحادثة كما نعلم ‪ ،‬وقعت في بنععي إسععرائيل قبععل‬
‫‪88‬‬
‫ب‬
‫ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ‬ ‫مئات السنين ‪ ،‬والن انظر قوله تعالى ) َيَأّيَها اّلِذي َ‬
‫جوًهععا‬ ‫س ُو ُ‬
‫طِمع َ‬ ‫ن َن ْ‬‫ن َقْبعِل َأ ْ‬
‫صعّدًقا ِلَمععا َمَعُكعْم ِمع ْ‬‫َءاِمُنوا ِبَما َنّزْلَنععا ُم َ‬
‫ت ‪َ ،‬وَكععانَ‬ ‫س عْب ِ‬
‫ب ال ّ‬ ‫حا َ‬‫صع َ‬‫عَلى َأْدَباِرَها َأْو َنْلَعَنُهْم َكَما َلَعّنععا َأ ْ‬
‫َفَنُرّدَها َ‬
‫ك ِبععهِ ‪48) ..‬‬ ‫شععَر َ‬ ‫ن ُي ْ‬‫لعع َل َيْغِفععُر َأ ْ‬‫ن ا َّ‬‫لعع َمْفُعععوًل )‪ِ (47‬إ ّ‬ ‫َأْمععُر ا ِّ‬
‫النساء (‬
‫جاءت الجملة المعترضة ) وكان أمر ال مفعول ( زيادة لليضاح‬
‫‪ ،‬ولتؤكععد بمععا ل يععدع مجععال للشععك أو الظععن ‪ ،‬لبنععي إسععرائيل‬
‫المعاصرين لرسالة السلم ‪ ،‬والمتشّككين منهععم والععذين خععانتهم‬
‫ذاكرتهم ‪ ،‬وغير المصّدقين بصحة هذا المر ‪ ،‬الذي كععان ال ع قععد‬
‫أجراه في أسلفهم ‪ ،‬أن هذا المععر وهععو المسععخ ‪ ،‬قععد مضععى فععي‬
‫أسلفهم حقيقععة ‪ ،‬فجععاء تعقيبععه تعععالى علععى مععا تقععدم ‪ ،‬مععن لعععن‬
‫ومسخ لسلفهم ‪ ،‬بقوله ) وكان أمر ال مفعول ( لزالة الشععك ‪،‬‬
‫ن ال قادر علععى تكععرار ذلععك المععر ‪ ،‬إن لععم يؤمنععوا بمععا‬ ‫ولتأكيد أ ّ‬
‫ُأنزل من القرآن على وجه التهديد والتحذير ‪.‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أن الوعد الول بالبعث ‪ ،‬كان قد مضى وانقضى‬
‫ن تعقيبه عز وجل بقوله ) وكان وعععدا‬ ‫قبل نزول هذه اليات ‪ ،‬وأ ّ‬
‫مفعععول ( ‪ ،‬جععاء لتععذكير اليهععود الحععاليين وتحععذيرهم ‪ ،‬وإنبععاء‬
‫المسلمين غير العالمين ‪ ،‬بوقوع ذلك في بني إسرائيل ‪ ،‬بععأنه قععد‬
‫وقع فعل ‪ ،‬وبشرى لهم بأن الوعد الثععاني ‪ ،‬سععيتحقق كمععا تحّقعق‬
‫الوعد الول ‪ ،‬وأن ال ل يخلف الميعععاد ‪ ،‬ومععا عليهععم إل الصععبر‬
‫والستمرار في كفاحهم ضد اليهود ‪ ،‬وحسن الظن بععال وبوعععده‬
‫صععيُبُهْم ِبمَععا‬
‫ن َكَف عُروا ُت ِ‬ ‫– وعد الخرة – قال تعالى ) َوَل َيَزاُل اّلِذي َ‬
‫ل ع ِإنّ‬ ‫عُد ا ِّ‬‫ي َو ْ‬‫حّتى َيْأِت َ‬ ‫ن َداِرِهْم ‪َ ،‬‬ ‫حّل َقِريًبا ِم ْ‬ ‫عٌة ‪َ ،‬أْو َت ُ‬ ‫صَنُعوا َقاِر َ‬ ‫َ‬
‫ف اْلِميَعاَد )‪ 31‬الرعد ( ‪.‬‬ ‫خِل ُ‬
‫ل َل ُي ْ‬‫ا َّ‬

‫‪89‬‬
‫عل َيه نم وأ َ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫م ال ْك َنّرةَ َ ْ ِ ْ َ ْ َ ْ‬
‫د‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م َردَدَْنا ل َك ُن ْ‬ ‫) ثُ ّ‬
‫فيًرا )‪(6‬‬ ‫م أ َك ْث ََر ن َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫و‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ن‬ ‫ني‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ِ ْ َ ٍ َ َ‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫بأ َ‬

‫م‪:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫م ال ْك َّرةَ َ َ‬ ‫م َردَدَْنا ل َك ُ ْ‬ ‫ثُ ّ‬


‫علي ْ ِ‬
‫ن ( أي ثم رددنا النسان أسععفل‬ ‫ساِفِلي َ‬ ‫سَفَل َ‬
‫قال تعالى ) ُثّم َرَدْدَناُه َأ ْ‬
‫سافلين مععن النععار ‪ ،‬وهععذا ل يتحصععل إل بعععد البعععث والحسععاب ‪،‬‬
‫بدللة الستثناء في تكملة السععياق ‪ ،‬فععي قععوله تعععالى ) ِإّل اّلعِذي َ‬
‫ن‬
‫ن )‪ 6‬الععتين ( ‪،‬‬ ‫غْيعُر َمْمُنععو ٍ‬
‫جعٌر َ‬ ‫ت َفَلُهعْم َأ ْ‬
‫حا ِ‬‫صععاِل َ‬‫عِمُلععوا ال ّ‬ ‫آَمُنععوا َو َ‬
‫وبالتالي تكون ) ثم رددناه ( بالماضي ‪ ،‬جاءت بمعنى أيضععا ) ثععم‬
‫نرّده ( بالمستقبل ‪.‬‬
‫وجععاءت كلمععة ) رددنععا ( بمعنععى أعععدنا مععن إعععادة ‪ ) ،‬والَك عّرة (‬
‫مصععدرها َكععَرَر وفعلهععا َكععّر ‪ ،‬والَكععّر والفععّر تقنيععة عسععكرية ‪،‬‬
‫ويقولون " الحرب كّر وفعّر " وهععي تعنععي الفعععل المضععاد للفعععل‬
‫السععابق ‪ ،‬فالغلبععة كععانت للعبععاد والهزيمععة لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬ورّد‬
‫الكرة لهم هو العكععس تمامععا ‪ ،‬كالصععورة فععي المععرآة ‪ ،‬أي الغلبععة‬
‫والتفععوق العسععكري لبنععي لسععرائيل ‪ .‬وليععس المقصععود بععالكّرة‬
‫العودة إلى فلسطين ‪ ،‬وانتصععار اليهععود فععي حروبهععم ضععد الععدول‬
‫العربيععة ‪ ،‬لقععوله ‪ ) ،‬الك عّرة عليهععم ( أي الغلبععة العسععكرية علععى‬
‫العباد أنفسهم دون غيرهم ‪ .‬فالضمير المتصل ) هم ( في )عليهم‬
‫( ‪ ،‬يعععود علععى العبععاد المبعععوثين عليهععم ‪ ،‬الععذين سععبق ذكرهععم ‪،‬‬
‫وجميع الضمائر المتصلة ) كم ( في هذه الية ‪ ،‬تعععود علععى بنععي‬
‫إسرائيل ‪.‬‬
‫ن ِلععي َك عّرًة‬‫قال تعالى ‪ ،‬على لسان الكافر حين يرى العذاب ) َل عْو َأ ّ‬
‫ن )‪ 58‬الزمعر ( ‪ ،‬فالفععل العذي سعبق ‪ ،‬هعو‬ ‫سعِني َ‬ ‫ح ِ‬‫ن اْلُم ْ‬
‫ن ِمع ْ‬‫َفعَأُكو َ‬

‫‪90‬‬
‫مجيئه من الدنيا إلعى الخعرة ‪ ،‬فتمنعى الكعرة ‪ ،‬وهعي الععودة معن‬
‫الخرة إلى الحياة الدنيا ‪ ،‬ليكون من المحسنين ‪.‬‬
‫وخلصععة القععول ‪ :‬أن المقصععود هععو أن ُيوقععع اليهععود بععأولئك‬
‫العباد ‪ ،‬ما كان أولئك العباد قد ‪ ،‬أوقعوه فععي أسععلفهم مععن قبععل ‪،‬‬
‫مععن اسععتباحة للرض والمععال والعععرض ‪ ،‬بعععد اسععتكمال مظععاهر‬
‫العلو الثاني ‪ ،‬بالستقواء على أولئك العباد والعتداء عليهم ‪.‬‬
‫م أ َك ْث َنَر‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫نا‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ني‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ْ ِ ْ َ ٍ َ‬‫وا‬ ‫م‬ ‫وأ َمددَناك ُم ب نأ َ‬
‫َ ْ َ ْ‬
‫َنفيًرا ‪:‬‬
‫وأمددنا في ) لسان العرب ( " مصدرها مدد ؛ ومّده غيره وأمعّده‬
‫؛ وأمددناهم بغيرنا ؛ والمدد هم العساكر الععتي تلحععق بالمغععازي ‪،‬‬
‫والمداد أن يرسل الرجل للرجل مددا ‪ ،‬تقول أمددنا فلنا بجيش ‪،‬‬
‫ف )‪ 125‬آل عمععران ( "‬ ‫س عِة آَل ٍ‬ ‫خْم َ‬ ‫قععال تعععالى ) ُيْم عِدْدُكْم َرّبُك عْم ِب َ‬
‫وفي المجمععل تعنععي الزيععادة والكععثرة ‪ ،‬فععي المسععاعدة العسععكرية‬
‫المقدمة من قبل الغيععر ‪ ،‬مععن مععال وأفععراد وعتععاد أثنععاء الحععرب ‪.‬‬
‫عندما يكون الجيش أقرب للهزيمة منه إلى النصر ‪.‬‬
‫والنفير هم القوم ينفرون معك ويتنافرون في القتال ‪ ،‬ومنه قععوله‬
‫س عِبيِل‬
‫سُكْم ِفي َ‬ ‫جاِهُدوا ِبَأْمَواِلُكْم َوَأنُف ِ‬ ‫خَفاًفا َوِثَقاًل َو َ‬ ‫تعالى ) انِفُروا ِ‬
‫ن )‪ 41‬التوبة ( ‪.‬‬ ‫ن ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬ ‫خْيٌر َلُكْم ِإ ْ‬
‫ل َذِلُكْم َ‬
‫ا ِّ‬
‫جاء في ) كتاب النبوءة والسياسة ( ‪ ،‬للكاتبة المريكية ) غريس‬
‫هالسعل ( ‪ " :‬لقعد أغرقنعا إسعرائيل بالسعلحة ‪ :‬جعلنعا معن دولعة‬
‫الثلثععة ملييععن يهععودي ‪ ،‬مععاردا عسععكريا أكععبر مععن أي دولععة‬
‫منفردة ‪ ،‬مثل ألمانيا أو إنكلترا أو فرنسا ‪ ،‬وأقععوى مععن ‪ 21‬دولععة‬
‫عربية مجتمعة ‪ ،‬عدد سكانها ‪ 150‬مليون نسمة "‬

‫‪91‬‬
‫" أن إسععرائيل ‪ ..‬هععي المسععتفيد الول بل منععازع مععن برنامععج‬
‫مسععاعداتنا ‪ ..‬تحصععل علععى ثلععث مجمععل المسععاعدات المريكيععة‬
‫الخارجية "‬
‫وتقول الكاتبة تعقيبا على انتصار إسرائيل في حرب ‪" ، 1967‬‬
‫ط أحععد أي فضععل للوليععات المتحععدة ‪ ،‬لنهععا زودت إسععرائيل‬ ‫لم يع ِ‬
‫بالسلحة والتكنولوجيا والدولرات ‪ ،‬وحتى بالعناصععر العسععكرية‬
‫المريكيععة الععتي سععاعدت السععرائيليين ‪ ،‬فععي تلععك الحععرب ‪ .‬لقععد‬
‫ربحت إسرائيل لن الوليات المتحدة كانت تؤيدها بل حدود "‬
‫وتقول أيضا " أن نسبة العسكريين إلى المععدنيين فععي إسععرائيل ‪،‬‬
‫هي ) ‪ 1‬عسكري من كل ‪ 22‬مدني ( وهي أعلى نسبة فععي العععالم‬
‫"‬
‫وتقول أيضا على لسان الستاذ فععي الجامعععة العبريععة ) إسععرائيل‬
‫شاهاك ( " إن دافع الضرائب المريكي أرسل إلى إسرائيل ‪ ،‬فععي‬
‫عام ‪ 1985‬خمسة مليارات دولر " واستمرت أمريكا بدفع هععذه‬
‫القيمة سنويا لغاية الن ‪ ،‬فضل عن المساعدات المادية والعينيععة‬
‫الخرى " ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫وفي قوله تعالى ) ثم رددنا لكم الكرة عليهم ‪ ،‬وأمععددناكم بععأموال‬
‫وبنيععن ‪ ،‬وجعلنععاكم أكععثر نفيععرا ( ثلثععة أفعععال ‪ ،‬جععاءت جميعهععا‬
‫بصععيغة الماضععي ‪ ،‬وهععي ) رددنععا لكععم ‪ ،‬أمععددناكم ‪ ،‬جعلنععاكم (‬
‫حّملععت جميعهععا أيضععا صععفة السععتقبال ‪ ،‬بمعنععى ) ونععرّد لكععم ‪،‬‬ ‫وُ‬
‫ونمّدكم ‪ ،‬ونجعلكم ( ولكن باختلف الزمان ‪ ،‬فهذه الفعال جععاءت‬
‫لتأخذ صععفة السععتقبال ‪ ،‬قبععل قيععام دولععة إسععرائيل ‪ ،‬فتفيععد معنععى‬
‫) ونععرّد لكععم ‪ ،‬ونم عّدكم ‪ ،‬ونجعلكععم ( ‪ ،‬ولتأخععذ بعععد قيععام دولععة‬
‫إسرائيل صفة الماضي ‪ ) ،‬رددنا لكم ‪ ،‬وأمددناكم ‪ ،‬وجعلناكم ( ‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫كان المفسرين القدماء أكثر قربا منا ‪ ،‬وأكثر فهما لمفردات اللغة‬
‫العربيععة ‪ ،‬ومععع ذلععك لععم يعطععوا هععذه اليععات حقهععا مععن التفسععير‬
‫والتفصيل ‪ ،‬مما ساهم في إخفاء هذا المر العظيم حتى هذه اليام‬
‫سععرت‬ ‫‪ ،‬ومرّد ذلك أنهم لم يعاصروا الدولة الحالية لليهود ‪ .‬ولو ُف ّ‬
‫هععذه اليععات تفسععيرا دقيقععا كمععا الن ‪ ،‬لكشععفت هععذه النبععوءة‬
‫للمسلمين ‪ ،‬الكثير من الوقععائع ‪ ،‬ولكععان ضعّر هععذا الكشععف عنهععا‬
‫للمسلمين أكثر من نفعه ‪ ،‬ولكن لم يشأ ال ذلك رحمة بالمسلمين‬
‫ن‬
‫‪ ،‬حتى ل يتملكهم اليأس والقنوط والتسليم بالمر الواقع ‪ ،‬بما أ ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ق وقوله ح ّ‬ ‫ال قد أخبر بذلك ‪ ،‬وهو الح ّ‬
‫ولععو حصععل أن علععم المسععلمون بتفاصععيل هععذه النبععوءة مسععبقا ‪،‬‬
‫فربما ترك معظم الفلسطينيون بلدهم ‪ ،‬مععع إطلق أول رصاصععة‬
‫حعَم ربععي ‪،‬‬ ‫من قبل برابرة هذا العصر ‪ ،‬إل مععن أوتععي الحكمععة وَر ِ‬
‫حِرَم المسلمون شرف الشععهادة ‪ ،‬ونيععل الذى فععي سععبيل الع ‪،‬‬ ‫وَل ُ‬
‫ح مِْثُلعُه ‪،‬‬ ‫س اْلَقعْوَم َقعْر ٌ‬ ‫ح ‪َ ،‬فَقعْد َمع ّ‬ ‫سعُكْم َقعْر ٌ‬ ‫س ْ‬ ‫ن َيْم َ‬‫لقوله تعالى ) ِإ ْ‬
‫خ عَذ‬
‫ن آَمُنععوا ‪َ ،‬وَيّت ِ‬ ‫س ‪َ ،‬وِلَيْعَلَم الُّ اّلِذي َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ك اَْلّياُم ُنَداِوُلَها َبْي َ‬
‫َوِتْل َ‬
‫ن )‪140‬آل عمران ( ولقوله )‬ ‫ظاِلِمي َ‬‫ب ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل َل ُي ِ‬ ‫شَهَداَء ‪َ ،‬وا ُّ‬ ‫ِمْنُكْم ُ‬
‫عنْ‬ ‫خّلُفوا َ‬ ‫ن َيَت َ‬
‫ب ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫عَرا ِ‬ ‫ن اَْل ْ‬‫حْوَلُهْم ِم َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َِلْهِل اْلَمِديَنِة ‪َ ،‬وَم ْ‬ ‫َما َكا َ‬
‫ك ِبعَأّنُهْم ‪َ ،‬ل‬ ‫سعِه ‪َ ،‬ذِلع َ‬ ‫ن َنْف ِ‬‫عع ْ‬
‫سعِهْم َ‬ ‫غُبععوا ِبَأنُف ِ‬‫لع ‪َ ،‬وَل َيْر َ‬ ‫سععوِل ا ِّ‬ ‫َر ُ‬
‫لع ‪َ ،‬وَل‬ ‫سعِبيِل ا ِّ‬ ‫صعٌة ِفععي َ‬ ‫خَم َ‬ ‫ب ‪َ ،‬وَل َم ْ‬ ‫صع ٌ‬ ‫ظَمعٌأ ‪َ ،‬وَل َن َ‬ ‫صععيُبُهْم ‪َ ،‬‬ ‫ُي ِ‬
‫ل ‪ِ ،‬إّل ُكِت ع َ‬
‫ب‬ ‫ع عُدّو َنْي ً‬
‫ن َ‬ ‫ن ِم ع ْ‬‫ظ اْلُكّفاَر ‪َ ،‬وَل َيَنععاُلو َ‬ ‫طًئا َيِغي ُ‬‫ن َمْو ِ‬ ‫طُئو َ‬‫َي َ‬
‫ن)‬ ‫سععِني َ‬ ‫ح ِ‬
‫جععَر اْلُم ْ‬ ‫ضععيُع َأ ْ‬ ‫لعع َل ُي ِ‬ ‫ن ا َّ‬‫ح ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫صععاِل ٌ‬‫عَمععٌل َ‬ ‫َلُهععْم ِبععِه ‪َ ،‬‬
‫‪120‬التوبة ( ‪ .‬ولكن عععدم معرفععة الفلسععطينيون ‪ ،‬آنععذاك بحتميععة‬
‫قيام الدولة اليهودية ‪ ،‬أبقى المل بإمكانية منع إقامتها ‪ ،‬حّيا فععي‬
‫نفوس أهلها ‪ ،‬فبقي الكثير منهم فيها ‪ ،‬واستمر بععاب الجهععاد فععي‬
‫سبيل ال ‪ ،‬مشرعا على مصراعيه ‪ ،‬وبقي سجل شرف الشععهادة‬
‫‪93‬‬
‫في سبيل ال ‪ ،‬مفتوحا إلى يوم القيامععة ‪ ،‬لمععن يرغععب منهععم فععي‬
‫تدوين اسمه ‪ ،‬ولتكون منهم بإذن الع تلععك الطائفععة ‪ ،‬الععتي أخععبر‬
‫عنها رسول الحق عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لليهود ‪ ،‬فهل ُكشفت لهم هععذه النبععوءة ؟ أقععول ‪ :‬نعععم‬
‫سععراِئيَل ِفععي‬ ‫ضععْيَنا ِإَلععى َبِنععي إ ْ‬‫بل شععك ‪ ،‬ألععم يقععل سععبحانه ) َوَق َ‬
‫ب ( وكشفت لهم أيضا نبوءات أخرى ‪ ،‬ويعرفون تفاصععيلها‬ ‫اْلِكَتعا ِ‬
‫ب َتَماًمععا‬ ‫سععى اْلِكَتععا َ‬‫كما يعرفون أبناءهم ‪ ،‬قال تعالى ) ُثّم آَتْيَنععا ُمو َ‬
‫حَم عةً ‪َ ،‬لَعّلُه عْم‬ ‫يٍء َوُه عًدى َوَر ْ‬ ‫شع ْ‬
‫ل ِلُك عّل َ‬ ‫صي ً‬ ‫ن ‪َ ،‬وَتْف ِ‬ ‫سَ‬ ‫ح َ‬‫عَلى اّلِذي َأ ْ‬ ‫َ‬
‫ح مِ عنْ‬ ‫ن )‪ 154‬النعام ( ) وََكَتْبَنا َل عُه ِفععي اَْلْل عَوا ِ‬ ‫ِبِلَقاءِ َرّبِهْم ُيْؤِمُنو َ‬
‫خْذَها ِبُقّوٍة َوْأمُْر َقْوَمكَ‬ ‫يٍء ‪َ ،‬ف ُ‬ ‫ش ْ‬
‫ل ِلُكّل َ‬ ‫صي ً‬ ‫ظًة ‪َ ،‬وَتْف ِ‬ ‫عَ‬ ‫يٍء َمْو ِ‬ ‫ش ْ‬‫ُكّل َ‬
‫ن )‪ 145‬العععراف ( وقععد‬ ‫س عِقي َ‬
‫س عُأِريُكْم َداَر اْلَفا ِ‬‫سِنَها ‪َ ،‬‬ ‫ح َ‬ ‫خُذوا ِبَأ ْ‬ ‫َيْأ ُ‬
‫كشععفها الع لهععم ليعلععم مععا سععيكون منهععم ‪ ،‬فعلععم العقلء يزيععدهم‬
‫تواضعا وخضوعا وامتثععال ‪ ،‬وعلععم الععذين ل يعقلععون ) اليهععود (‬
‫زادهم جهل واستكبارا وطغيانععا وعصععيانا وعععدوانا ‪ ،‬وسنوضععح‬
‫لحقا ما كان منهم ‪ ،‬بناءا على معرفتهم لما جععاء فععي كتبهععم مععن‬
‫نبوءات ‪ ،‬بإذن ال ‪.‬‬
‫أما لماذا ُكشفت الن ‪ ،‬نقععول ‪ :‬أن ل جععدوى مععن إخفاءهععا الن ‪،‬‬
‫سععر الواقععع‬ ‫فقد اكتملت معالم القععدر مععن ظععروف وملبسععات ‪ ،‬وف ّ‬
‫جزءا كبيرا من نصوصها ‪ ،‬وكععل شععيء أصععبح واضععحا للعيععان ‪،‬‬
‫عْدًل )‪ 115‬النعام ( وعلم سععبحانه معا‬ ‫صْدًقا َو َ‬‫ك ِ‬ ‫ت َكِلَمُة َرّب َ‬ ‫) َوَتّم ْ‬
‫أراد أن يعلم ؛ مما كان من المسلمين ‪ ،‬واتخذ وسععيتخذ منهععم مععا‬
‫أراد أن يتخذ ‪ ،‬وما كان من اليهعود وسعيأخذ منهعم ‪ ،‬معا شعاء أن‬
‫جَهّن عَم ِلْلَكععاِفِري َ‬
‫ن‬ ‫جَعْلَنععا َ‬
‫يأخذ حطبا لنار جهنم ‪ ،‬وبئس المصير ) َو َ‬
‫صيًرا )‪ 8‬السراء ( ‪ .‬والكشععف عععن أسععئلة المتحععان والبلء ‪،‬‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫لععن ُيغّيععر شععيئا ‪ ،‬فقععوائم النتععائج والشععهادات ‪ُ ،‬تعلععن مععن علععى‬
‫‪94‬‬
‫شاشات التلفاز ‪ ،‬فقد نجح الكععثير مععن طلب الخععرة فععي امتحععان‬
‫ربهم ‪ ،‬على ) درجة شهيد بامتياز مععع مرتبععة الشععرف ( ‪ ،‬ولكععن‬
‫أكثر الناس ل يعلمون ‪.‬‬
‫ونحن الن بانتظععار أن ُيصععدر رب العععزة ‪ ،‬نتععائج أولئك الوغععاد‬
‫السفلة ‪ ،‬بعد أن يمهرها بتوقيعه المبارك ‪ ،‬وكأّني أتخّيل الملئكة‬
‫ُيعّدونها ‪ ،‬في عجلة معن أمعر ربهعم ‪ ،‬لتكعون جعاهزة عنعد موععد‬
‫صععاَرُهْم ‪َ ،‬كَمععا َلعْم‬ ‫ب َأْفِئَدَتُهعْم َوَأْب َ‬‫التسليم ‪ ،‬فتدّبر في قععوله ) َوُنَقّلع ُ‬
‫ن )‪… 110‬‬ ‫طْغَيععاِنِهْم َيْعَمُهععو َ‬‫ُيْؤِمُنوا ِبِه َأّوَل َمّرٍة ‪َ ،‬وَن عَذُرُهْم ِفععي ُ‬
‫ضععْوُه ‪،‬‬ ‫خَرِة ‪َ ،‬وِلَيْر َ‬ ‫لِ‬ ‫ن ِبععا ْ‬‫ن َل ُيْؤِمُنععو َ‬ ‫صععَغى ِإَلْيععِه َأْفِئَدُة اّلععِذي َ‬
‫َوِلَت ْ‬
‫صعْدًقا‬‫ت َكِلَم عُة َربّ عكَ ِ‬ ‫ن ‪َ … 113) ،‬وَتّمع ْ‬ ‫َوِلَيقَْتِرُفوا َما ُهْم ُمْقَتِرُفععو َ‬
‫س عِميُع اْلَعِلي عُم )‪ 115‬النعععام ( ‪،‬‬ ‫عْدًل ‪َ ،‬ل ُمَب عّدَل ِلَكِلَمععاِتِه َوُه عَو ال ّ‬ ‫َو َ‬
‫وموعععدهم قريععب ‪ ،‬وعنععد مجيئه سععيكون البععاب مشععرعا لولئك‬
‫العباد بأمر ربهم ‪ ،‬لينقضوا عليهم ويزلزلوا أركععانهم ‪ ،‬ويكسععروا‬
‫ط فععي‬ ‫شععوكتهم ويقتلعوهععا مععن جععذورها ‪ ،‬والبعبععع المريكععي يغع ّ‬
‫سبات عميق ‪ ،‬ولن يمنعهم من أمر ال أحد كان ‪.‬‬
‫ق ‪ ،‬فالذي أخبر عن ذلك‬ ‫ن عودة اليهود إلى فلسطين ح ّ‬ ‫ونقول ‪ :‬أ ّ‬
‫ن ال ع عليهععم‬ ‫ق ‪ ،‬بعععد أن م ع ّ‬ ‫ن إخراج أهلها منها ح ّ‬ ‫ق ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫هو الح ّ‬
‫بالستضعاف بالرض ‪ ،‬كما استضعف الذين من قبلهم ‪ ،‬فُأورثوا‬
‫ق ‪َ ) ،‬كَمععا‬ ‫الرض مععن بعععد ‪ ،‬فقععد َأخععرج رسععوله مععن قبععل بععالح ّ‬
‫ن)‬ ‫ن َلَكععاِرُهو َ‬ ‫ن اْلُمْؤِمِني َ‬ ‫ن َفِريًقا ِم ْ‬ ‫ق َوِإ ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ك ِباْل َ‬‫ن َبْيِت َ‬‫ك ِم ْ‬ ‫ك َرّب َ‬‫جَ‬‫خَر َ‬
‫َأ ْ‬
‫‪ 5‬النفععال ( وفععي إحععدى سععننه الكونيععة لمععن ُيخععرج النععاس مععن‬
‫جّنُكعْم ِمعنْ‬ ‫خِر َ‬ ‫سعِلِهْم َلُن ْ‬‫ن َكَفعُروا ِلُر ُ‬ ‫ق ) َوَقععاَل اّلعِذي َ‬ ‫ديارهم قععال الحع ّ‬
‫ظععاِلِمينَ )‬ ‫ن ال ّ‬ ‫حى ِإَلْيهِْم َرّبُهْم َلُنْهِلَك ّ‬‫ن ِفي ِمّلِتَنا َفَأْو َ‬ ‫َأْرضَِنا َأْو َلَتُعوُد ّ‬
‫‪ 13‬إبراهيم ( ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫وهذه رسالة رب العزة ‪ ،‬إلى أمة محمد عليععه الصععلة والسععلم ‪،‬‬
‫سعْلِم ‪َ ،‬وَأْنُتعمْ‬ ‫عوا ِإَلععى ال ّ‬
‫ل َتِهُنوا ‪َ ،‬وَتْد ُ‬ ‫ومن سورة ) محمد ( ‪َ ) :‬ف َ‬
‫ن َتَتَوّل عْوا‬
‫عَماَلُكْم )‪َ … (35‬وِإ ْ‬ ‫ن َيِتَرُكْم َأ ْ‬‫ل َمَعُكْم ‪َ ،‬وَل ْ‬ ‫ن ‪َ ،‬وا ُّ‬ ‫عَلْو َ‬ ‫اَْل ْ‬
‫غْيَرُكعْم ُثعّم َل َيُكوُنععوا َأْمَثععاَلُكْم )‪ ، (38‬وإن لععم نكععن‬ ‫ستَْبِدْل َقْوًمععا َ‬ ‫َي ْ‬
‫نستحق النتساب لّمة ) محمد ( عليه أفضل الصععلة والتسععليم ‪،‬‬
‫قول وعمل ‪ ،‬فسّنة الستبدال واقعة بنا ل محالة ‪ ،‬ومن المؤسف‬
‫أنها على وشك ‪.‬‬
‫وخلصععة القععول ‪ :‬أنععه وبعععد نفععاذ الوعععد الول فيكععم ‪ ،‬مععن قبععل‬
‫هؤلء العباد ‪ ،‬وقتِلهم وقهِرهععم لكععم ‪ ،‬وزوال دولتكععم ‪ ،‬وتشععتتكم‬
‫فععي الرض بمععدة مععن الزمععن ‪ ،‬طععالت أو قصععرت ‪ -‬تفيععدها ث عّم ‪-‬‬
‫سنأذن لكم بالعودة إلى الرض المقدسة ‪ ،‬وتهزموهم كما هزمععوا‬
‫أسلفكم ‪ ،‬وتعود لكم السطوة عليهععم ‪ ،‬وتلحقععوا بهععم مععا ألحقععوه‬
‫بأسلفكم ‪ ،‬وُنمّدكم بععالفراد المععدربين علععى القتععال والمسععاعدات‬
‫المالية والعسكرية ‪ ،‬ونجعلكم أكثر عددا وعتادا ‪ .‬وهذا مععن قبيععل‬
‫س ( بععإجراء القضععاء والقععدر ‪،‬‬ ‫ن الّنععا ِ‬ ‫ك اَْلّيععاُم ُن عَداِوُلَها بْي ع َ‬
‫) َوتِْل ع َ‬
‫وليس من قبيل المكافأة ‪ ،‬لبنععي إسععرائيل علععى إحسععانهم ونيلهععم‬
‫رضاه سبحانه ‪ ،‬كما يّدعون في تععوراتهم ‪ ،‬وكمععا ذهععب إلععى ذلععك‬
‫سرين ‪.‬‬ ‫بعض المف ّ‬

‫‪96‬‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫فسك ُم وإن أ َسأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫لن‬ ‫حسنت ُم ِ َ‬ ‫) إن أ َحسنت ُم أ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ ْ َ‬
‫ءوا‬ ‫سننو ُ‬ ‫ة ل ِي َ ُ‬ ‫خننَر ِ‬ ‫عنندُ اْل ِ‬ ‫و ْ‬ ‫جنناءَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فننإ ِ َ‬ ‫هننا َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫َ‬
‫خل ُننو ُ‬
‫ه‬ ‫مننا دَ َ‬ ‫جد َ ك َ َ‬ ‫سن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خُلوا ال ْ َ‬ ‫ول ِي َدْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫و ُ‬ ‫ُ‬
‫وا ت َت ِْبيًرا )‪( 7‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ما‬ ‫روا‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫أَ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫فس نك ُم وإن أ َس نأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫لن‬‫حسنت ُم ِ َ‬ ‫إن أ َحسنت ُم أ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ِ ْ ْ َ‬
‫ها ‪:‬‬ ‫فل َ َ‬ ‫َ‬
‫وهذا على سبيل التخيير ‪ ،‬ولنفي الجبريععة علععى مععن يملععك العقععل‬
‫والرادة ‪ ،‬ولععدفع الظلععم عععن نفسععه جعّل وعل ‪ ،‬حيععث قععال ) َمعنْ‬
‫لٍم ِلْلَعِبيِد )‪46‬‬ ‫ظّ‬ ‫ك ِب َ‬
‫ساَء َفَعَلْيَها َوَما َرّب َ‬ ‫ن َأ َ‬‫سِه َوَم ْ‬ ‫حا َفِلَنْف ِ‬ ‫صاِل ً‬ ‫عِمَل َ‬ ‫َ‬
‫فصلت ( ‪ ،‬وجععاءت فععي ظاهرهععا ‪ ،‬تحمععل الكععثير مععن الععترغيب ‪،‬‬
‫والكثير من الترهيب ‪ ،‬وفي باطنها التهديد والتحذير ممععا يليهععا ‪،‬‬
‫لكيل يكون لهم على ال حجة ‪ ،‬بأنه لععم يحعّذرهم وينععذرهم ‪ ،‬قبععل‬
‫إنزال عقاب وعد الخرة فيهم ‪ .‬أما دفع تهمة الفساد عن النفععس‬
‫‪ ،‬فليست بالماني ومعسول الكلم ‪ ،‬ولكن بالنظر إلى مععا اقععترفته‬
‫س ِبَأَماِنّيُكْم َوَل َأَماِنيّ َأْهِل اْلِكَتا ِ‬
‫ب‬ ‫اليادي ‪ ،‬حيث قال سبحانه ) َلْي َ‬
‫صيًرا )‬ ‫ن الِّ َوِلّيا َولَ َن ِ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫جْد َلُه ِم ْ‬ ‫جَز ِبِه َوَل َي ِ‬ ‫سوًءا ُي ْ‬ ‫ن َيْعَمْل ُ‬ ‫َم ْ‬
‫‪ 123‬النساء ( ‪.‬‬
‫والتغيير من الفساد إلى الصلح ‪ ،‬ومن الساءة إلى الحسععان ‪،‬‬
‫ل يأتي عبثا بل يحتاج إلععى الكععثير مععن الجهععد والعمععل ‪ ،‬فالبدايععة‬
‫تكون بتحصيل العلم والمعرفة بال ‪ ،‬بالتفّكر والتدّبر فععي ملكععوت‬
‫السععماوات والرض ‪ ،‬ومععن ثععم اليمععان بوجععوده وقععدرته علععى‬
‫الخلق واليجاد ‪ ،‬ومععن ثععم رّد الجميععل لصععاحب الفضععل والمّنععة ‪،‬‬
‫بعععإقرار ربعععوبيته وملكيتعععه لنعععا ‪ ،‬ومعععن ثعععم الطاععععة والتسعععليم‬
‫والنصياع ‪ ،‬ومن ثم تحصيل المعرفععة بمععراده مععن الخلععق ‪ ،‬كمععا‬
‫‪97‬‬
‫س ِإّل ِلَيْعُبععُدونِ )‪56‬‬ ‫ن َواِْلنعع َ‬ ‫جع ّ‬‫ت اْل ِ‬
‫خَلْقعع ُ‬‫جععاء فععي كتععابه ) َوَمععا َ‬
‫الذاريات ( ‪ ،‬وبالتالي البحث الحثيث لمعرفععة مععا ُينععال بععه الرضععا‬
‫وُيدفع به الغضب ‪ ،‬ومن ثم العمل بما تعلم ‪ ،‬فإن لم يكن حبععا فععي‬
‫ملك الملوك ‪ ،‬ليكن ولًء لسععبق الفضععل ‪ ،‬وإن لععم يكععن طمعععا فعي‬
‫الجنة فخوفا من النار ‪.‬‬
‫فععانظر بربععك إلععى ربععك مععا أعععدله ‪ ،‬أنعععم عليععك وأوجععدك أول ‪،‬‬
‫حمُْد‬ ‫وسيدخلك الجنة إلى البد ثانيا ‪ ،‬لتكون ممن قالوا ) َوَقاُلوا اْل َ‬
‫شاُء‬ ‫ث َن َ‬ ‫حْي ُ‬‫جّنِة َ‬ ‫ن اْل َ‬‫ض َنَتَبّوُأ ِم َ‬
‫عَدُه َوَأْوَرَثَنا اَْلْر َ‬ ‫صَدَقَنا َو ْ‬ ‫ل اّلِذي َ‬ ‫ِّ‬
‫ن )‪ 74‬الزمر ( ‪ ،‬ل من الععذين قععالوا ) يََوْيَلَنععا َق عْد‬ ‫جُر اْلَعاِمِلي َ‬‫َفِنْعَم َأ ْ‬
‫ن )‪ 97‬النبياء ( ‪.‬‬ ‫ظاِلِمي َ‬‫ن َهَذا َبْل ُكّنا َ‬ ‫غْفَلٍة ِم ْ‬‫ُكّنا ِفي َ‬
‫س عِهْم َوِإَذا‬ ‫حّتى ُيَغّيُروا َمععا ِبَأنُف ِ‬ ‫ل َل ُيَغّيُر َما ِبَقْوٍم َ‬‫ن ا َّ‬ ‫قال تعالى ) ِإ ّ‬
‫ن ُدوِنعِه ِمعنْ َواٍل )‪11‬‬ ‫ل َمَرّد َلُه َوَما َلُهعْم ِمع ْ‬ ‫سوًءا َف َ‬ ‫ل ِبَقْوٍم ُ‬ ‫َأَرادَ ا ُّ‬
‫الرعد ( ‪ ،‬فالتغيير يبدأ من العبد وينتهي عنده ‪ ،‬قععال تعععالى ) َوِإْذ‬
‫لع‬ ‫سععوُل ا ِّ‬ ‫ن َأّنععي َر ُ‬ ‫سى ِلَقْوِمِه َيَقْوِم ِلَم ُتْؤُذوَنِني َوَقْد َتْعَلُمو َ‬ ‫َقاَل ُمو َ‬
‫ن)‬ ‫سِقي َ‬ ‫ل ُقُلوَبُهْم َوالُّ َل َيْهِدي اْلَقْوَم اْلَفا ِ‬ ‫غ ا ُّ‬
‫غوا َأَزا َ‬ ‫ِإَلْيُكْم َفَلّما َزا ُ‬
‫‪ 5‬الصععف ( ‪ ،‬حيععث سععبق الزيععغ منهععم فععأزاغ الع قلععوبهم ‪ ،‬أفل‬
‫يستحق المر شيئا مععن العنععاء … ؟! فلنسععارع بتغييععر أنفسععنا ‪،‬‬
‫قبل أن تتغير جلودنا مرارا وتكرارا ‪ ،‬في نار جهنم ‪.‬‬
‫ة‪:‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫عدُ اْل ِ‬ ‫و ْ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫فيما روي عنه عليه الصلة والسلم ‪ ،‬مما قال في دعاءه " أنععت‬
‫الول فليععس قبلععك شععيء ‪ ،‬وأنععت الخعر فليععس بعععدك شعيء " ‪،‬‬
‫خرة نقيض المتقدم والمتقدمععة ‪ ،‬ومععن معجععم مختععار‬‫خر وال ِ‬
‫وال ِ‬
‫خر بكسر الخاء بعد الول وهععو صععفة ‪ ،‬تقععول جععاء‬‫الصحاح ‪ :‬ال ِ‬
‫خرة والجمع أواخر ‪.‬‬ ‫خرا أي أخيرا ‪ ،‬وتقديره فاعل ‪ ،‬والنثى آ ِ‬
‫آِ‬
‫‪98‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أنها المرة الثانية فععي الععترتيب ‪ ،‬والخيععرة فععي‬
‫عععدد المععرات ‪ ،‬ول ثالثععة بعععدها ‪ ،‬وإنمععا هنععاك أخععرى ‪ ،‬ولكنهععا‬
‫ح أن نسعميها معرة ثالثعة ‪،‬‬ ‫تختلف في أنها ليسعت معرة ‪ ،‬ول يصع ّ‬
‫فهي ل تمتلك شروط المرتين السابقتين ‪.‬‬
‫بعثناهم عليكم ‪:‬‬
‫هذه العبارة ‪ ،‬غير موجودة أصل فععي نععص اليععة ‪ ،‬وهععي جععواب‬
‫حذفت ‪ ،‬لدللة جواب شععرط‬ ‫شرط إذا الخاص بوعد الخرة ‪ ،‬وقد ُ‬
‫إذا الخععاص بوعععد أولهمععا ‪ .‬ولتوضععيح عمععل ) إذا ( ومععا يعنيععه‬
‫شرطها وجوابها ‪ ،‬نقول نستعمل ) إذا ( عععادة ‪ ،‬إذا أردنععا تعليععق‬
‫فعععل معيععن ) ويسععمى جععواب شععرط إذا ( ‪ ،‬بفعععل آخععر ) ويسععمى‬
‫شرط إذا ( ‪ ،‬كأن تقول لزوجتك على سبيل المثال ‪ " :‬إذا حصلت‬
‫على ترقية في نهاية الشهر ‪ ،‬اشتريت لك ذلك الخععاتم " ‪ ،‬فالععذي‬
‫ذهبت إليه في الواقع ‪ ،‬هو أنك عّلقت عملية شراء الخاتم ‪ ،‬الععذي‬
‫رغبت فيه زوجتك ‪ ،‬بعملية حصولك علععى الترقيععة الموعععود بهععا‬
‫آخععر الشععهر ‪ ،‬فععإن لععم تكععن هنععاك ترقيععة ‪ ،‬فلععن تحصععل زوجتععك‬
‫المسكينة على الخاتم ‪ .‬فشرط ) إذا ( هو ) الحصول على الترقية‬
‫( ‪ ،‬وجواب الشرط هو ) شراء الخاتم ( ‪ .‬وبعبارة أخرى نقول أن‬
‫حصول زوجتك على الخاتم متعّلق بالحصول على الترقية ‪.‬‬
‫وبإعادة عبارة ) بعثناهم عليكم ( المحذوفة ‪ ،‬يصععبح النععص كمععا‬
‫سععوُءوا‬
‫خععَرِة – بعثنععاهم عليكععم – ِلَي ُ‬
‫لِ‬‫عععُد ا ْ‬
‫جععاَء َو ْ‬
‫يلععي ) َفععِإَذا َ‬
‫جَد ( ‪ .‬وعبععارة ) وليسععوءوا وجععوهكم (‬ ‫سع ِ‬
‫خُلوا اْلَم ْ‬
‫جوَهُكْم َوِلَيْد ُ‬
‫ُو ُ‬
‫ليست جوابا للشرط ‪ ،‬لرتباطهعا بلم كعي ‪ ،‬حيعث جعاءت العبعارة‬
‫لتعليل البعث وتوضيح الغايععة منععه ‪ .‬وضععمير الغععائب ) هععم ( فعي‬

‫‪99‬‬
‫) بعثناهم ( يعود على العباد أنفسهم ‪ ،‬وضععمير المخععاطب ) كععم (‬
‫في ) عليكم ( ‪ ،‬يعود على بني إسرائيل ‪.‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أن هذه المرة هععي الخيععرة مععن المرتيععن ‪ ،‬وأن‬
‫تحّقق البعث متعّلق بمجيء الموعد المحّدد ‪ ،‬وبما أن الضمير في‬
‫كلمععة ) بعثنععاهم ( يعععود علععى نفععس العبععاد ‪ ،‬فععإن عبععاد البعععث‬
‫الثاني ‪ ،‬هم نفس عباد البعث الول ‪.‬‬
‫م‪:‬‬ ‫هك ُ ْ‬
‫جو َ‬
‫و ُ‬‫ءوا ُ‬ ‫سو ُ‬‫ل ِي َ ُ‬
‫إسععاءة الععوجه ‪ ،‬أن ُيفِع عَل ِبالنسععان مععا َيْك عَره ‪ ،‬وأسععاءه نقيععض‬
‫سّره ‪ .‬وفي الواقع أن ِفعل الساءة ‪ ،‬لن يقع على الوجععوه بشععكل‬ ‫َ‬
‫مباشر ‪ ،‬وإنما على المظاهر والمقومععات الماديععة ‪ ،‬الععتي مّكنتهععم‬
‫مععن العلععو والسععتكبار والسععتعلء علععى النععاس ‪ ،‬لُيحرمععوا هععذه‬
‫الميزة بتبادل الدوار مع أولئك العبععاد ‪ .‬ويكسععبوا ميععزة جديععدة ‪،‬‬
‫هعععي الستضععععاف والعععذل والنخفعععاض ‪ ،‬بتبعععادل الدوار معععع‬
‫الفلسطينيين ‪ ،‬ومن ثم ليقع فيهم ‪ ،‬ما أنزلوه بالفلسطينيين طيلععة‬
‫مدة علوهم ‪ ،‬من قتل وأسر وتعذيب وسلب للراضي والممتلكات‬
‫شععفِ‬‫‪ ،‬وإتلف وهدم ‪ ،‬على قاعدة الجزاء من جنس العمل ‪َ ) ،‬وَي ْ‬
‫ن )‪ 14‬التوبعععة ( ‪ .‬وضعععمير الغعععائب ) واو‬ ‫صعععُدوَر َقعععْوٍم ُمعععْؤِمِني َ‬
‫ُ‬
‫الجماعة ( في ) ليسوءوا ( ‪ ،‬يعععود علععى نفععس العبععاد ‪ ،‬وضععمير‬
‫المخاطب )كم ( في ) وجوهكم ( ‪ ،‬يعود على بني إسرائيل ‪.‬‬
‫والذي سيظهر على الوجه ‪ ،‬هو تعابير الستياء ‪ ،‬التي تنتععج فععي‬
‫الغععالب ‪ ،‬عععن مشععاعر تجيععش بهععا النفععس البشععرية ‪ ،‬كععاللم‬
‫والحسعععرة والغيعععظ والخعععزي والعععذل ‪ ،‬عنعععدما تتععععرض للذى‬
‫النفسي ‪ ،‬الذي غالبا ما يكون ناتج ‪ ،‬عن فقدان مادي لما هو جيد‬
‫‪ ،‬أو كسب ما هو سيئ ‪ ،‬أو كلهما ‪ ،‬وتعتمد درجة الستياء على‬
‫‪100‬‬
‫درجععة الفقععد أو الكسععب ‪ ،‬والععذي سععيفقده اليهععود ‪ ،‬هععو السععيادة‬
‫والغنى والقوة ‪.‬‬
‫ونجععد وصععف لتعععابير وجععه ‪ ،‬يشعععر صععاحبه بسععوء ألععّم بععه ‪،‬‬
‫لحرمععانه مععن الععذكر ‪ ،‬بععولدة النععثى ‪ ،‬الععتي سععتجلب لععه العععار‬
‫جُه عُه‬ ‫ظ عّل َو ْ‬ ‫ح عُدُهْم ِبععاُْلْنَثى َ‬‫شَر َأ َ‬‫مستقبل ‪ ،‬في قوله تعالى ) َوِإَذا ُب ّ‬
‫ش عَر ِب عهِ‬ ‫سوِء َمععا ُب ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن اْلَقْوِم ِم ْ‬‫ظيٌم )‪َ (58‬يَتَواَرى ِم َ‬ ‫سَوّدا َوُهَو َك ِ‬ ‫ُم ْ‬
‫… )‪ 59‬النحل ( ‪ ،‬ونجد وصف آخر لتعابير وجوه الذين اقععترفوا‬
‫السيئات ‪ ،‬عندما اسععتيقنوا أن ل مفععر ول عاصععم مععن أمععر الع ‪،‬‬
‫وأنهم سينالون جزاء سيئاتهم ‪ ،‬فتملّكتهم مشاعر اليأس والقنوط‬
‫س عّيَئةٍ‬ ‫جَزاُء َ‬ ‫ت َ‬ ‫سّيَئا ِ‬‫سُبوا ال ّ‬‫ن َك َ‬ ‫من النجاة ‪ ،‬في قوله تعالى ) َواّلِذي َ‬
‫ت‬
‫شعَي ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫صعٍم َكَأّنَمععا ُأ ْ‬
‫عا ِ‬ ‫ن َ‬‫لع ِمع ْ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫ِبِمْثِلَها َوَتْرَهُقُهْم ِذّلٌة َمععا َلُهعْم ِمع َ‬
‫ب الّنععاِر ُهعْم ِفيَهععا‬ ‫حا ُ‬‫صع َ‬‫ك َأ ْ‬
‫ظِلًمععا ُأوَلِئ َ‬‫ن الّلْيعِل ُم ْ‬
‫طًعععا ِمع َ‬ ‫جععوُهُهْم ِق َ‬‫ُو ُ‬
‫ن )‪ 27‬يونس (‬ ‫خاِلُدو َ‬
‫َ‬
‫تععوحي عبععارة ) ليسععوءوا وجععوهكم ( ‪ ،‬أن مععا سععينزل بهععم مععن‬
‫عقععاب ‪ ،‬علععى أيععدي هععؤلء العبععاد ‪ ،‬شععديد الوقععع ‪ ،‬وبععالغ الثععر‬
‫والتأثير في نفوسهم ‪ ،‬مما سيعكس بالضرورة آثار المساءة على‬
‫وجوههم ‪ .‬لدرجة أنه سبحانه ‪ ،‬أورد نفس التعععبير ‪ ،‬فععي وصععفه‬
‫لحال الكفار عند رؤيتهععم لعععذاب جهنععم ‪ ،‬فععي قععوله تعععالى ) َفَلّمععا‬
‫ن َكَفعُروا َوِقيعَل َهعَذا اّلعِذي ُكْنُتعْم ِبعِه‬ ‫جععوُه اّلعِذي َ‬‫ت ُو ُ‬ ‫سععيَئ ْ‬
‫َرَأْوهُ ُزْلَفًة ِ‬
‫ن )‪ 27‬الملك ( ‪ .‬فالعقاب الذي سيحّل باليهود قريبععا ‪ ،‬ليععس‬ ‫عو َ‬‫َتّد ُ‬
‫لعه نظيعر ‪ ،‬ول ُيمكعن أن يتعأتى هعذا العقعاب ‪ ،‬إل معن قبعل أنعاس‬
‫يملؤهم الحقد والكراهية ‪ ،‬ولديهم رغبة شديدة وملحة للنتقععام ‪،‬‬
‫من بني إسرائيل لسبب أو لخر ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫ن َقَتعلَ‬ ‫سعَراِئيَل َأّنعهُ َمع ْ‬
‫عَلعى َبِنعي ِإ ْ‬ ‫ك َكَتْبَنععا َ‬‫جِل َذِلع َ‬‫ن َأ ْ‬ ‫قال تعالى ) ِم ْ‬
‫جِميًعععا‬‫س َ‬ ‫ض َفَكَأّنَمععا َقَتعَل الّنععا َ‬
‫سععاٍد ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫س َأْو َف َ‬ ‫سا ِبَغْيِر َنْفع ٍ‬ ‫َنْف ً‬
‫س عُلَنا‬
‫جععاَءْتُهْم ُر ُ‬‫جِميًعععا َوَلَق عْد َ‬ ‫س َ‬ ‫حَيععا الّنععا َ‬ ‫حَياَهععا َفَكَأّنَمععا َأ ْ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫َوَم ع ْ‬
‫ن )‪(32‬‬ ‫سعِرُفو َ‬ ‫ض َلُم ْ‬
‫ك ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫ن َكِثيًرا ِمْنُهْم َبْععَد َذِلع َ‬ ‫ت ُثّم ِإ ّ‬‫ِباْلَبّيَنا ِ‬
‫ض‬
‫ن ِفععي اْلَْر ِ‬ ‫سعَعْو َ‬‫سععوَلُه ‪َ ،‬وَي ْ‬ ‫لع َوَر ُ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫حععاِرُبو َ‬ ‫ن ُي َ‬ ‫جَزاُء اّلِذي َ‬ ‫ِإّنَما َ‬
‫جُلُهعْم ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫طعَع َأْيعِديِهْم َوَأْر ُ‬‫صعّلُبوا ‪َ ،‬أْو ُتقَ ّ‬ ‫ن ُيَقّتُلعوا ‪َ ،‬أْو ُي َ‬ ‫ساًدا ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫َف َ‬
‫ي ِفععي ال عّدنَيا َوَلُه عْم ِفععي‬ ‫خْز ٌ‬ ‫ك َلُهْم ِ‬ ‫ض َذِل َ‬‫ن اَْلْر ِ‬ ‫لفٍ ‪َ ،‬أْو ُينَفْوا ِم ْ‬ ‫خَ‬ ‫ِ‬
‫ظيٌم )‪ 33‬المائدة (‬ ‫عِ‬ ‫ب َ‬ ‫عَذا ٌ‬ ‫خَرِة َ‬ ‫لِ‬ ‫اْ‬
‫تبين الية الولى ‪ ،‬عظم مكانة النفس البشرية عند ال ‪ ،‬إذ ليس‬
‫لحد كان ‪ ،‬إزهاق أرواح الناس سوى خالقها ‪ ،‬فهو الععذي يحيععي‬
‫ويميععت ‪ ،‬ومععن أزهععق روحععا بغيععر نفععس أي قصاصععا ‪ ،‬أو لمنععع‬
‫الفساد في الرض ‪ ،‬كإقامة الحدود الموجبععة للقتععل ‪ ،‬فكأنمععا قتععل‬
‫الناس جميعا ‪ ،‬ومن قام بهذا المععر ‪ ،‬خععارج نطععاق مععا تقعّدم مععن‬
‫موجبات القتل ‪ ،‬فقد أعلن حربه على ال ‪ .‬وأن مععن أعلععن حربععه‬
‫حصعر جعزاءه معن قبعل رب الععزة ‪،‬‬ ‫على ال ‪ ،‬في الية الثانية ‪ُ ،‬‬
‫بأربعة خيارات ‪ ،‬تنّفذ فيه في الحياة الععدنيا ‪ ،‬مععن قبععل مععن أوكلععه‬
‫ال بذلك ‪ ،‬حسععبما يرتععأيه منفععذ الحكععم ‪ ،‬إذ ل جنععاح عليععه فيمععا‬
‫ُأنزل به من عقوبة ‪.‬‬
‫والملحظ أن هذا البيان جاء عاّما ‪ ،‬ولكنععه ارتبععط ببنععي إسععرائيل‬
‫بشععكل خععاص ‪ ،‬ممععا يععوحي أن عقععابهم فععي المرتيععن ‪ ،‬شععمل‬
‫وسيشمل على ما يبدو هذه الخيارات مجتمعععه ‪ ،‬بالقتععل والصععلب‬
‫والتنكيل والسبي ‪ ،‬وبما أن النتيجععة النهائيععة لهععذا العقععاب ‪ ،‬هععي‬
‫زوال علوهم في فلسطين ‪ ،‬فهذا يعني رحيل من بقي حّيا فععرارا ‪،‬‬
‫عن فلسعطين نهائيعا ‪ ،‬يجعّر أذيعال الخيبعة والهزيمعة ‪ .‬وسعتفيض‬
‫قلوب كل اليهود في كافة أرجاء العععالم ‪ ،‬بمشععاعر الععذل والخععزي‬
‫‪102‬‬
‫والعار والهوان ‪ ، ،‬ممععا يععدعو القاصععي والععداني ‪ ،‬للشععماتة بهععم‬
‫وبمن يشّد على أيعديهم ‪ .‬وهععذا معا تؤكععده اليععات الكريمعة ‪ ،‬بعأن‬
‫جزاءهم سيكون من جنس عملهم ‪.‬‬
‫جد َ ‪:‬‬
‫س ِ‬ ‫خُلوا ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ول ِي َدْ ُ‬
‫َ‬
‫يعتقد الكثير من المسلمين هذه اليام ‪ ،‬أن ذكععر المسععجد فععي هععذا‬
‫الموضع ‪ ،‬يترتب عليه أن مععن سععيدخله ‪ ،‬وأن تحريععره مقصععورا‬
‫على حملة لواء السعلم ‪ ،‬أو بتععبير أدق أوليعاء الع وخاصعته ‪،‬‬
‫يوحدهم ويقودهم خليفة يفوقهم ولًء ل ولععدينه ‪ ،‬وفععي الذهععان‬
‫صورة ابن الخطاب ‪ ،‬رضعي الع وأرضعاه عنعه ‪ ،‬وصعلح العدين‬
‫رحمه ال ‪ ،‬ومن منا ل يتمنى ذلك ‪.‬‬
‫ولكن يحضععرني هنععا قععول الشععاعر ‪ " :‬مععا كععل مععا يتمنععى المععرء‬
‫يدركه تجري الرياح بما ل تشتهي السفن " ‪ ،‬فلو عدنا بالععذاكرة‬
‫ي عمر وصلح الدين ‪ ،‬ستجد أنهما ل يتفّقععان مععع مععا‬ ‫‪ ،‬إلى دخول ّ‬
‫جاء فععي سععورة السععراء ‪ ،‬لسععببين ‪ ،‬الول ؛ كععان الععدخول علععى‬
‫النصارى في المرتين ‪ ،‬والثاني ؛ أن الجوس للديار لم يقع فيهما‬
‫‪ ،‬وكذلك الساءة لوجوه اليهععود ‪ .‬بالضععافة إلععى أن الععدخول فععي‬
‫المرتين ‪ ،‬كان فتحا وليس عقابا لحد ‪.‬‬
‫ن المسععألة ‪ ،‬هععي لفععظ المسععجد الععذي أورده تعععالى ‪،‬‬ ‫ويبععدو وكععأ ّ‬
‫للتعريف والتأكيد ‪ ،‬على أن الرض التي ُذكععرت فععي اليععة )‪(4‬ع ‪،‬‬
‫هي الرض التي تحوي المسجد أي مدينة القدس ‪.‬‬
‫والسؤال هنا هل المساجد خاصة بالمسلمين فقط ؟ بكل تأكيد نعععم‬
‫‪ ،‬ولكن لفظ المسجد ل ! نحن نعلم أن حادثععة السععراء كععانت فععي‬
‫مكة ‪ ،‬وأن سورة السراء ُأنزلعت فيهعا أيضعا ‪ ،‬وأن الع سعبحانه‬
‫وتعالى لّما سّماه بالمسجد القصى ‪،‬لعم يكعن للمسعلمين فيععه ناقعة‬
‫‪103‬‬
‫ول بعير ‪ ،‬ولم يكعن قائمعا أصعل ‪ .‬وعبعادة السعجود لع كعانت قعد‬
‫سبقت ‪ ،‬منذ آدم عليه السلم ‪ ،‬إلى يومنا هذا ‪ ،‬فاقرأ قوله تعععالى‬
‫ن ُذّرّيعِة آَدَم َومِّمعنْ‬ ‫ن ِمع ْ‬ ‫ن الّنِبّييع َ‬ ‫عَلْيِهعْم ِمع ْ‬‫لع َ‬ ‫ن َأْنَعَم ا ُّ‬
‫ك اّلِذي َ‬‫) ُأْوَلِئ َ‬
‫جَتَبْيَنا‬
‫ن َهَدْيَنا َوا ْ‬ ‫سَراِئيَل َوِمّم ْ‬ ‫ن ُذّرّيِة ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ‬ ‫ح َوِم ْ‬ ‫حَمْلنا َمَع ُنو ٍ‬ ‫َ‬
‫جًدا َوُبِكّيععا )‪ 58‬مريععم (‬ ‫سع ّ‬
‫خعّروا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫حَمععا ِ‬‫ت الّر ْ‬ ‫عَلْيِهعْم آَيععا ُ‬
‫ِإَذا تُْتَلى َ‬
‫ت‬‫ب ُأّمٌة َقاِئَمٌة َيْتُلونَ آَيا ِ‬ ‫ن َأْهِل اْلِكَتا ِ‬ ‫سَواًء ِم ْ‬ ‫سوا َ‬ ‫وقوله تعالى ) َلْي ُ‬
‫ن )‪ 113‬آل عمععران ( وكععل مكععان‬ ‫جُدو َ‬ ‫سع ُ‬ ‫ل ع آَنععاَء الّلْي عِل َوُه عْم َي ْ‬ ‫ا ِّ‬
‫اتخععذوه للسععجود ‪ ،‬س عّماه ال ع فععي القععرآن مسععجدا ‪ ،‬والمقصععود‬
‫المكان وليس البناء ‪.‬‬
‫عَل عُم ِبِه عْم َقععاَل‬
‫عَلْيِهْم ُبْنَياًنا َرّبُه عْم َأ ْ‬
‫انظر قوله تعالى ) َفَقاُلوا اْبُنوا َ‬
‫جًدا )‪ 21‬الكهععف ( ‪.‬‬ ‫سع ِ‬‫عَلْيِه عْم َم ْ‬ ‫ن َ‬ ‫خ عَذ ّ‬
‫عَلى َأْمِرِهْم َلَنّت ِ‬ ‫غَلُبوا َ‬ ‫ن َ‬ ‫اّلِذي َ‬
‫ومع أن أصحاب الكهف ‪ ،‬كانوا من أتباع عيسععى عليععه السععلم ‪،‬‬
‫فإن الذين غلبععوا علععى أمرهععم فععي الواقععع ‪ ،‬أقععاموا عليهععم مكانععا‬
‫للعبادة ‪ .‬وجاءت تسمية القرآن له بالمسجد ‪ ،‬على اعتبارهم له ‪،‬‬
‫والقصععد مععن بنععائه ‪ ،‬أمععا أنععه مسععجد خععاص بالمسععلمين فل ‪،‬‬
‫والصععلة بالنسععبة للمسععلمين فععي هععذا المسععجد ‪ ،‬منه عيٌ عنهععا ‪،‬‬
‫خععذوه مكانععا‬ ‫سععماه القععرآن مسععجدا ‪ ،‬لنهععم ات ّ‬ ‫وبععالرغم مععن ذلععك ّ‬
‫للعبععادة ‪ ،‬الععتي أحععد أركانهععا السععجود ‪ .‬وضععمير الغععائب ) واو‬
‫الجماعة ( في ) وليدخلوا ( ‪ ،‬يعود على المبعوثين ‪.‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أن هؤلء المبعععوثين لععم يتععبين ‪ ،‬بنععص صععريح‬
‫ول بتلميح بأنهم معن خاصعة عبععاد الع ‪ .‬وأن الع نّكرهعم وقصعد‬
‫تنكيرهم ‪ ،‬لمر اقتضته الحكمة اللهية ‪ ،‬التي وضحنا جانبا منهععا‬
‫فيمععا سععبق ‪ .‬وأن معتقععدهم غيععر واضععح مععن حيععث اليمععان أو‬
‫الكفر ‪ ،‬وما زالت كل الحتمالت قائمة ‪ ،‬فربما يكونوا مؤمنين أو‬
‫مسلمين أو وثنيين أو ملحدين ‪ .‬ومن قال بعكس ذلععك فقععد جععانبه‬
‫‪104‬‬
‫الصععواب ‪ ،‬بل أدنععى شععك ‪ .‬والمععر الكععثر وضععوحا ‪ ،‬هععو اتحععاد‬
‫المبععععوثين أول وثانيعععا ‪ ،‬أي خروجهعععم معععن نفعععس الرض فعععي‬
‫المرتين ‪ ،‬مهما طععال الزمععن أو قصععر وتعععاقبت عليهععا الجيععال ‪،‬‬
‫بمعنى أن أصحاب البعث الثاني ‪ ،‬هم ورثععة الرض مععن أصععحاب‬
‫البعث الول ‪ .‬وأنهم أولي قوة وبطش في الحروب ‪ .‬وأن عبارة )‬
‫وليدخلوا المسجد ( جاءت لتؤكد دخولهم ‪ ،‬لقلب الرض المقدسة‬
‫‪ ،‬وسيطرتهم عليها بالكامل ‪.‬‬
‫خُلوه أ َ‬
‫ة‪:‬‬‫مّر ٍ‬‫ل َ‬‫و َ‬‫ُ ّ‬ ‫كَ َ‬
‫ما دَ َ‬
‫خُلوُه َأّوَل َمعّرٍة ( ‪ ،‬هععو تشععبيه للععدخول الثععاني‬ ‫قوله تعالى ) َكَما َد َ‬
‫بالول ‪ ،‬وفي العادة عندما يروي شخص لخر ‪ ،‬قصة وقععع فيهععا‬
‫ث يحتاج إلى وصف ‪ ،‬سواء كععان هععذا الحععدث ‪ ،‬قععد وقععع‬ ‫ِذكُر حد ٍ‬
‫ولععم يشععهده المسععتمع ‪ ،‬أو سععيقع فععي المسععتقبل ‪ ،‬فبععدل مععن أن‬
‫يستغرق الراوي ‪ ،‬في وصف هذا الحععدث وسععرد حيثيععاته ‪ ،‬علععى‬
‫حساب مجمل أحداث القصععة ‪ ،‬يعمععد الععراوي إلععى تشععبيه الحععدث‬
‫المععراد وصععفه ‪ ،‬بحععدث آخععر مععألوف ومعععروف مععن الماضععي أو‬
‫الحاضعععر ‪ ،‬لتقريعععب صعععفة الحعععدث موضعععوع الخطعععاب لعععذهن‬
‫المستمع ‪ ،‬ومن ثم يكمل سرد بقية الحداث ‪.‬‬
‫ن ِإّل ‪َ ،‬كَما ‪َ ،‬يُقوُم اّلععِذي‬
‫ن الّرَبا َل َيُقوُمو َ‬
‫ن َيْأُكُلو َ‬
‫قال تعالى ) اّلِذي َ‬
‫س )‪ 275‬البقععرة ( حيععث شععبه سععبحانه‬ ‫ن اْلَم ع ّ‬
‫ن ِم ْ‬ ‫طا ُ‬‫شْي َ‬
‫طُه ال ّ‬
‫خّب ُ‬
‫َيَت َ‬
‫قيام آكل الربا يوم القيامعة ‪ ،‬مجهعول الصعفة بالنسععبة لنععا ‪ ،‬وهعو‬
‫حدث سيقع مستقبل ‪ ،‬بقيام الممسوس أي المجنون ‪ ،‬وهو حععدث‬
‫ومشهد قد رأيناه ونراه في الماضي والحاضر ‪ ،‬مرارا وتكععرارا ‪،‬‬
‫ومعععروف ومععألوف لععذهن المسععتمع ‪ ،‬ونسععتطيع اسععترجاع ذلععك‬
‫المشهد من الذاكرة ‪ ،‬لنرى مشععهدا مؤلمععا ومخزيععا ‪ ،‬لكععل الربععا‬
‫‪105‬‬
‫عند بعثه ‪ ،‬يتميز به عن غيره ‪ ،‬فيقوم مفزوعا متحفزا مشوشا ‪،‬‬
‫ل يهدأ له بال ‪ ،‬ول تستكين له حال ‪.‬‬
‫ولتوضيح المر أكععثر ‪ ،‬فلععو أن زوج مععدح زوجتععه ‪ -‬علععى سععبيل‬
‫المثال ‪ُ -‬مبديا إعجابه بجمالها قائل ‪ ) :‬وجهك كالمريععخ ( ‪ ،‬فهععل‬
‫ستكون الزوجة قادرة ‪ ،‬على معرفة مدى حبه لها ‪ ،‬في حال ‪ ،‬لععم‬
‫تكن عالمة بماهية المريخ وصععفته ‪ ،‬معن حيععث الجمععال والقبععح ‪.‬‬
‫وهععل أبععان هععذا التشععبيه ‪ ،‬بغيععر المععألوف والمعععروف للزوجععة ‪،‬‬
‫وظيفته في تعبير الزوج عن مدى حبه لها ‪ ،‬أم أنععه زادهععا حيععرة‬
‫واضطرابا وشّكا ‪ .‬لذلك ُيشّبهون جمال النساء ‪ ،‬إذا أريد المععدح ‪،‬‬
‫بععالقول ‪ ) :‬وجهععك كالبععدر ليلععة تمععامه ( وهععي صععورة معروفععة‬
‫ومألوفة لكل البشععر ‪ ،‬تسععتطيع النسععاء اسععترجاعها مععن الععذاكرة‬
‫وتخّيلها واستيعابها ‪ ،‬ومعرفة مدى حب زوجها لها ‪.‬‬
‫واستخدام التشبيه في الية )‪ (7‬أفاد أمرين ‪:‬‬
‫ن دخول المسجد أي بيت المقععدس حاصععل فععي المرتيععن ‪،‬‬ ‫أول ؛ أ ّ‬
‫ي مععن المرتيععن ‪ ،‬كععانت أو‬ ‫وهذا يدحض قول من ذهب ‪ ،‬إلى أن أ ّ‬
‫ستكون في غير بيت المقدس ‪.‬‬
‫وثانيا ؛ تشابه صفة الدخول في المرتين الولى والخرة بالدخول‬
‫عنععوة ‪ .‬لقععوله تعععالى فععي وصععف الععدخول الول ) فجاسععوا خلل‬
‫الديار ( وهذا يدحض قول من ذهب ‪ ،‬إلى أن المرة الولععى كععانت‬
‫للمسلمين ‪ ،‬كون دخولهم إليها ‪،‬لم يحمل صفة الجوس ‪.‬‬
‫ولكي يستقيم فهم هععذه العبععارة ‪ ،‬نععود أن ُنشععير إلععى أن الخطععاب‬
‫طب‬ ‫لبني إسرائيل ‪ ،‬لم ينقطع ‪ ،‬بل ما زال مّوجهععا إليهععم ‪ ،‬فالُمخععا َ‬
‫في قوله تعالى ) كما دخلوه أول مععرة ( هععم بنععو إسععرائيل‪ .‬واقععرأ‬
‫خَرِة – بعثناهم عليكم –‬ ‫لِ‬‫عُد ا ْ‬
‫جاَء َو ْ‬
‫هذه الصياغة للنص ‪َ ) ،‬فِإَذا َ‬
‫‪106‬‬
‫خُلوُه –‬ ‫جَد ‪َ ،‬كَما َد َ‬ ‫سِ‬‫خُلوا – عليكم – اْلَم ْ‬ ‫جوَهُكْم ‪َ ،‬وِلَيْد ُ‬ ‫سوُءوا ُو ُ‬ ‫ِلَي ُ‬
‫عليكععم – َأّوَل َم عّرٍة ‪ /‬انقطععاع الخطععاب والعععودة إلععى الجمهععور ‪/‬‬
‫عَلْوا َتْتِبيًرا ( ‪.‬‬
‫َوِلُيتَّبُروا َما َ‬
‫وهذا يعني أن المعرفة ‪ ،‬بصععفة الععدخول الول ‪ ،‬محصععورة ببنععي‬
‫إسرائيل فقط ‪ ،‬وهععذا يقودنععا إلععى أن معرفععة اليهععود المعاصععرين‬
‫صععلت لهععم ممععا‬ ‫المخاطبين ‪ ،‬لصفة هععذا الععدخول بالضععرورة ‪ ،‬تح ّ‬
‫لديهم من كتب تحكي تععاريخهم ‪ ،‬ومجمععل تععاريخهم القععديم موثععق‬
‫في التوراة ‪ ،‬ويعلم سبحانه أن آباءهم القدماء ‪ ،‬قععد وّثقععوا صععفة‬
‫الدخول في كتبهم ‪ ،‬فلذلك شبه الدخول الثاني لهععم بمععا يعرفععون ‪.‬‬
‫وإن أردت معرفععة صععفته كمسععلم ‪ ،‬ل بععد لععك مععن الرجععوع إلععى‬
‫كتبهم ‪ ،‬وهذا الفهم يقودنا إلى مراجعة تاريخهم كععامل ‪ ،‬لنتع عّرف‬
‫على صفة الدخول الول ‪ ،‬كما وردت في اليععة ) ‪ ، ( 5‬وهععذا مععا‬
‫سنفعله في الفصول القادمة ‪.‬‬
‫والحقيقة أن هذا الحدث المفجع والرهيب الذي نزل بهم ‪ ،‬كان له‬
‫بالغ الثر في نفوسهم ‪ ،‬حيث شّكل لهم الكثير مععن العقععد ‪ ،‬فضععل‬
‫عما كان لديهم في السععابق ‪ .‬جعلععت منهععم شعععبا مجرمععا حاقععدا ‪،‬‬
‫على البشرية جمعاء ‪ ،‬وعلى أولئك العباد ‪ ،‬الذين ساموهم سععوء‬
‫العذاب في المرة الولععى ‪ .‬ومععا جععاء التشععبيه هنععا ‪ ،‬إل لتععذكيرهم‬
‫بحدث يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ‪ ،‬ومععن لععم يعرفععه منهععم ‪ ،‬أو‬
‫خانته ذاكرته ‪ ،‬يستطيع الرجوع إلى توراتهم ‪ ،‬قال تعالى ) اّلِذي َ‬
‫ن‬
‫ن َفِريًقععا مِْنُهعمْ‬
‫ن َأْبَنععاَءُهْم َوِإ ّ‬
‫ب َيْعِرُفععوَنُه َكَمععا َيْعِرُفععو َ‬
‫آَتْيَناُهْم اْلِكَتععا َ‬
‫ن )‪ 146‬البقرة ( ‪ ،‬وجاء هععذا التشععبيه‬ ‫ق َوُهْم َيْعَلُمو َ‬ ‫ح ّ‬‫ن اْل َ‬‫َلَيْكتُُمو َ‬
‫والتععذكير ‪ ،‬لنععذارهم وتحععذيرهم مععن مغبععة العععودة إلععى العلععو‬
‫والفساد ‪ ،‬وما ينتظرهم من خععزي عععذاب الععدنيا ‪ ،‬وهععول عععذاب‬
‫الخرة ‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫ن البعاحثين فعي هعذا الموضعوع حعديثا معن‬ ‫والعجيب في المر ‪ ،‬أ ّ‬
‫المسععلمين ‪ ،‬كععانوا قععد أهملععوا أكععبر وأعظععم موسععوعة تاريخيععة‬
‫سماوية ‪ ،‬موجودة بيععن أيععدينا ‪ ،‬أقصععد القععرآن الكريععم الععذي ) لَ‬
‫حِميعٍد )‬
‫حِكيعمٍ َ‬
‫ن َ‬
‫خْلِفِه َتنِزيعٌل ِمع ْ‬
‫ن َ‬
‫ن َيَدْيِه َوَل ِم ْ‬
‫ن بْي ِ‬
‫طُل ِم ْ‬
‫َيْأِتيِه اْلَبا ِ‬
‫‪ 42‬فصلت ( ‪ ،‬ولم يرجع إليها أحد ‪ ،‬مع أنه كععاد أل يععترك سععورة‬
‫من سورِه ‪ ،‬إل وأّرخ فيها لبني إسرائيل ‪ ،‬فعلوهم الول ونشععأته‬
‫وإفسادهم في الرض المقدسة ‪ ،‬ظاهر ماثعل للعيعان بمعا ل يعترك‬
‫مجععال ‪ ،‬للتق عّول أو الجتهععاد ‪ .‬وأمععا فيمععا يخععص عقععاب الوعععد‬
‫الول ‪ ،‬فقد وردت إشارات كافية في هذه اليات ‪ ،‬وفععي مواضععع‬
‫أخرى في القرآن ‪ ،‬تدّل على تحّققه قبل السلم ‪.‬‬
‫وا ت َت ِْبيًرا ‪:‬‬ ‫عل َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫ول ِي ُت َب ُّروا َ‬ ‫َ‬
‫في الُمعجم ‪ " :‬قال ابن جني ‪ :‬ل يقال لععه ِتْبععر ‪ ،‬حععتى يكععون فععي‬
‫جاج ‪ :‬والتبار الهلك ‪ ،‬وتّبره‬ ‫تراب معدنه ‪ ،‬أو مكسورا ‪ ،‬قال الز ّ‬
‫سره وأذهبه ‪ ،‬وفي التنزيل‬ ‫سره وأهلكه ‪ ،‬وتّبره أي ك ّ‬ ‫تتبيرا أي ك ّ‬
‫ن ِإّل َتَبععاًرا )‪ 28‬نععوح ( قععال الزجععاج ‪:‬‬ ‫ظععاِلِمي َ‬‫العزيععز ) َوَل َتعِزْد ال ّ‬
‫سعٍر ِتععبرا ‪ ،‬وفععي قععوله عععز‬ ‫معناه إل هلكا ‪ ،‬ولذلك سععمي كععل ُمك ّ‬
‫ن َذِلعكَ َكِثيعًرا )‬
‫س َوُقُروًنععا َبْيع َ‬‫ب العّر ّ‬ ‫حا َ‬‫صع َ‬ ‫عاًدا َوَثُموَد َوَأ ْ‬ ‫وجل ) َو َ‬
‫ل َتّبْرَنععا َتْتِبي عًرا )‪ 39‬الفرقععان (‬ ‫ض عَرْبَنا َل عُه اَْلْمَثععاَل َوُك ّ‬
‫ل َ‬‫‪َ (38‬وُك ّ‬
‫سرته وفّتته فقد تّبرته " ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬التتبير التدمير ‪ ،‬وكل شيء ك ّ‬
‫والمعنى العام للعبارة ‪ ،‬هو ) ولُيدّمروا مععا علععوا تععدميرا ( ‪ .‬وقععد‬
‫جاءت صيغة المفعول المطلععق ) تتعبيرا ( ‪ ،‬زيععادة فععي المبالغععة ‪،‬‬
‫وتأكيدا للفعل ) وليتبروا ( ‪ .‬وسواء كانت ) ما ( ظرفية ‪ ،‬أو اسم‬
‫موصول ‪ ،‬بمعنى ) الذي ( ‪ ،‬لتشمل المكان والزمان والكم ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫وكما أشرنا في تفسير العبارة السععابقة ‪ ،‬فقععد حصععل انقطععاع فععي‬
‫الخطاب الموجه لبني إسرائيل ‪ ،‬ليصبح الحديث موجها للجمهور‬
‫‪ ،‬مضيفا تعقيبا حعول مصععير علعو بنعي إسعرائيل ‪ ،‬بدللععة ضعمير‬
‫الغعععائب المتصعععل ‪ ،‬واو الجماععععة فعععي كلمعععتي ) وليتعععبروا ( و‬
‫) علوا ( العائد على بني إسرائيل أنفسععهم ‪ .‬والعبععارة ) وليتّبععروا‬
‫مععا علععوا تتععبيرا ( جععاءت للتعقيععب علععى مععا فعلععه بنععي إسععرائيل‬
‫أنفسهم ‪ ،‬بمقومات هذا العلو ‪ ،‬مما كان سببا في زواله ‪ .‬لُيصععبح‬
‫المراد هو أن علو بني إسرائيل ‪ ،‬حمل فععي أحشععائه بععذرة دمععاره‬
‫منذ نشأته ‪ ،‬بعدم الولء لع ‪ ،‬وعععدم اكععتراثهم ‪ِ ،‬بحّثععه لهععم علععى‬
‫الحسان وتحذيره لهم من الساءة ‪ .‬بل اعتمدوا على غيععر ال ع ‪،‬‬
‫في تحصيل هذا العلو ‪ ،‬وإدامتععه وحمععايته مععن الععزوال ‪ ،‬بالفسععاد‬
‫والفساد والثم والعدوان ‪.‬‬
‫ليتععبّين لنععا أن الحععديث عععن الوعععد الثععاني ‪ ،‬انتهععى بقععوله ) كمععا‬
‫دخلوه أول مرة ( ‪ .‬وأن عبارة ) وليتّبروا ما علوا تتبيرا ( جاءت‬
‫تعقيبا على قوله تعالى في بدايععة القصععة ) ولتعلععن علععوا كععبيرا (‬
‫فععي اليععة )‪ ، (4‬ليؤكععد بمععا ل يععدع مجععال للشععك ‪ ،‬أن هععذا العلععو‬
‫صل عليه بني إسرائيل‬ ‫الموصوف بالكبير في الرض ‪ ،‬والذي تح ّ‬
‫ببعدهم عن ال ‪ ،‬سيصبح هباًء منثورا بما كسبته أيديهم ‪.‬‬
‫ومن تعريفنعا السعابق لمفهعوم العلعو ‪ ،‬نجعد أن العلعو مظهعر معن‬
‫صععل بععامتلك المععال الععوفير ‪،‬‬‫مظاهر الحياة ‪ ،‬كما الغنى الذي يتح ّ‬
‫صل بععامتلك المععال القليععل ‪ ،‬ويتععم تحصععيله‬ ‫وكما الفقر الذي يتح ّ‬
‫من خلل امتلك مقومات مادية ‪ ،‬تتمّثل في السيادة علععى الرض‬
‫وأهلهععا ‪ ،‬وسياسععتهم والتحّكععم فععي مختلععف شععؤونهم ‪ ،‬والقععدرة‬
‫بامتلك القوة ‪ ،‬والغنى بامتلك المال والموارد المادية الخععرى ‪.‬‬
‫والحقيقة أن اليهععود فععي هععذا العصععر ‪ ،‬لععم يقتصععر علععوهم علععى‬
‫‪109‬‬
‫فلسطين فحسب ‪ ،‬بل شمل أمريكا وبريطانيععا والكععثير مععن الععدول‬
‫الغربية ‪َ .‬فُهما شععكل مععن أشععكال الفسععاد اليهععودي فععي الرض ‪،‬‬
‫وأداة للعدوان على الشعوب ‪ ،‬بأيدي اليهودية العالمية ‪.‬‬
‫وبما أن العلو مظهر ‪ ،‬والمظععاهر ل ُتععدّمر تععدميرا ‪ ،‬وإنمععا تععزول‬
‫زوال بفقععدان أسععبابها ومقوماتهععا ‪ ،‬كمععا ُأزيععل علععو فرعععون ‪،‬‬
‫بتدمير ما امتلك من مقومات علوه ‪ ،‬في قوله تعالى ) َوَدمّْرَنا َمععا‬
‫ن )‪137‬‬ ‫شعععو َ‬‫ن َوَقعععْوُمُه َوَمعععا َكعععاُنوا َيْعِر ُ‬
‫ععععْو ُ‬
‫صعععَنُع ِفْر َ‬
‫ن َي ْ‬
‫َكعععا َ‬
‫العععراف ( ‪ .‬ونلحععظ أن ال ع تبععارك وتعععالى لععم يععأت بالمصععدر‬
‫) علععوهم ( ‪ ،‬ليقععول ) وليتععبروا علععوهم تتععبيرا ( ‪ ،‬وإنمععا قععال‬
‫) وليتبروا ما ( ‪ .‬لن المقصود تدميره هنا ‪ ،‬ليس العلو بحّد ذاتععه‬
‫‪ ،‬وإنمععا تععدمير ) مععا ( عل عليععه أو بععه أو فيععه ‪ ،‬بنععوا إسععرائيل‬
‫بامتلكه والسيطرة عليه ‪ ،‬مما مّكنهم مععن الفسععاد فععي الرض ‪،‬‬
‫أي تععدمير كععل مععا يقععع تحععت كلمععة ) مععا ( ‪ ،‬ممععا يمتلكععونه مععن‬
‫مقومععات لعلععوهم ‪ .‬لتشععمل المكععان والزمععان والكععم لهععذا العلععو ‪،‬‬
‫الموصوفة بالتفصيل في اليتين ) ‪4‬و ‪ ، (6‬والععتي تتلخععص فيمععا‬
‫يلي ‪:‬‬
‫• تدمير القوة العسكرية المتطورة ‪ ،‬والععتي مكنتهععم مععن العلععو‬
‫واستمراريته ‪ ،‬ورد الكرة على أعدائهم ‪.‬‬
‫• ذهاب الموال والبنين والمععداد ‪ ،‬الععذي كععان يتععوفر لهععم فععي‬
‫حروبهم السابقة ‪.‬‬
‫• استلب وتدمير المكنععة ‪ ،‬الععتي يتمتعععون فيهععا بععالعلو ‪ ،‬فععي‬
‫شتى بقاع الرض ‪.‬‬
‫لذلك جاء التعقيب ‪ ،‬بعد نهايععة ذكععر عقععاب وعععد الخععرة بإسععاءة‬
‫الوجه ‪ ،‬وبدخول المسجد ‪ .‬وجاء هععذا التعقيععب ُمتععأخرا عنهمععا ‪،‬‬
‫‪110‬‬
‫لن زوال العلو بشكل نهععائي ‪ ،‬سععيكون كعاقبععة أو نتيجععة ‪ ،‬لنفععاذ‬
‫وعععد الخععرة فيهععم ‪ ،‬ويبععدوا لععي أن زوال العلععو اليهععودي فععي‬
‫العالم ‪ ،‬سيأتي على مراحل ‪ ،‬ليبدأ فععي فلسععطين ‪ ،‬ومععن ثععم يمتععد‬
‫لمريكا وبريطانيا وفرنسا والغرب إجمال ‪ ،‬بإذن ال ‪.‬‬
‫وربما يذهب البعض إلى أن هذه العبارة ‪ ،‬جاءت للتعقيب على ما‬
‫فعله هؤلء العباد ‪ ،‬بعلو بنععي إسععرائيل فععي وعععد الخععرة ‪ ،‬علععى‬
‫اعتبار أن الضمير واو الجماعة في ) وليتّبروا ( عائد على العباد‬
‫‪ .‬ولكن هذا غير صععحيح ‪ ،‬لن ذلععك يعنععي اسععتمرارية الخطععاب ‪،‬‬
‫فلو أن الخطاب لبني إسرائيل استمر ‪ ،‬لجاءت العبارة على النحو‬
‫التالي ) وليتّبروا ع ما علوتم ع تتبيرا ( ‪ ،‬هذا من جانب ‪.‬‬
‫ومن جانب آخر ‪ ،‬لم ُيذكر في التعقيب شيء يخص وعد الخرة ‪،‬‬
‫بذكر كلمة وعد مثل ‪ ،‬كما جاء في التعقيب على الوعععد الولععى ‪،‬‬
‫بقوله ) وكان وعدا مفعول ( ‪ ،‬وإنما جاء التعقيب الخيععر ‪ ،‬علععى‬
‫بني إسرائيل ‪ ،‬المذكورين بالسم في الية الرابعة ‪ ،‬لعود ضععمير‬
‫الغائب واو الجماعة عليهم ‪ ،‬في كلمة ) وليتبروا ( ‪ ،‬وكذلك على‬
‫علععوهم الكععبير ‪ ،‬الموصععوف فععي اليععة الرابعععة أيضععا ‪ ،‬لتصععال‬
‫ضمير الغائب العائد عليهم ) واو ( ‪ ،‬في كلمة ) علوا ( ‪.‬‬
‫ولععو فرضععنا جععدل اسععتمرارية الخطععاب ‪ ،‬فهععل ُيعقععل أن ُيععدّمر‬
‫صلوا عليه من مقومات العلو الصهيوني ‪ ،‬بعد‬ ‫المسلمون ‪ ،‬ما تح ّ‬
‫أن يكونععوا قععد أوقعععوا فيهععم ‪ ،‬القتععل والتنكيععل والسععبي والنفععي ‪،‬‬
‫وتّمت لهم السيطرة الكاملة على الرض بدخول القععدس ؟! طبعععا‬
‫ل ‪ .‬بععل علععى العكععس تمامععا ‪ ،‬سععيكونون بععأمس الحاجععة ‪ ،‬لمععا‬
‫صلوا عليه سالما من مال وعتععاد ‪ ،‬لسععتخدامه فععي المواجهععة‬ ‫تح ّ‬
‫الحقيقة المقبلة مع الغرب ‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬أن كل ما عل بنو إسرائيل عليه أو به أو فيععه ‪،‬‬
‫سيصله الدمار ل محالععة ‪ ،‬لعمععوم لفععظ العلععو ‪ ،‬حععتى علععوهم فععي‬
‫الغرب ‪ ،‬إذ أن الذي أبقى علوهم قائما ومسععتمرا فععي فلسععطين ‪،‬‬
‫هو علوهم في الغععرب ‪ .‬ولععذلك يصععبح دمععار الععدول الغربيععة أمععر‬
‫محتما ‪ ،‬ليزول علو بني إسرائيل فيها أيضا بشكل نهائي ‪ ،‬وبذلك‬
‫تنتفي تماما قدرتهم على العلو مرة أخرى ‪ ،‬إذ أن هذا العلو ‪ ،‬هو‬
‫علوهم الخيععر فععي الرض وأن أفعععالهم سععتكون سععببا فععي زوال‬
‫علوهم هذا ‪ ،‬وستجد مزيد من تفصيل هععذه العبععارة ‪ ،‬فععي الجععزء‬
‫الثالث من الكتاب ‪.‬‬
‫خاتمة السورة ‪:‬‬
‫والن لننتقل إلى خاتمة سورة السراء ‪ ،‬حيث ُذكر وعععد الخععرة‬
‫مرة أخرى ‪ .‬أما سبب مجيء هذه اليععات فععي آخععر السععورة فهععو‬
‫لسععببين ‪ :‬أول ؛ إظهععار العجععاز العععددي فععي القععرآن ‪ ،‬الععذي‬
‫سنظهره بإذن ال لحقا ‪ ،‬ثانيا ؛ للتعقيب على الوعععد الثععاني فععي‬
‫بني إسرائيل بعد نفاذه ‪ ،‬وما سيكون ممععن علمععوا بتفاصععيل هععذا‬
‫الوعد قبل نفاذه ‪ ،‬وما سيكون منهم بعد نفاذه ‪ ،‬تماما كما جاء به‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫جععاَء َوعْعُد‬ ‫ض َفعِإَذا َ‬ ‫سعُكُنوا اَْلْر َ‬ ‫سعَراِئيَل ا ْ‬ ‫ن َبْععِدِه ِلَبِنععي ِإ ْ‬‫) َوُقْلَنا ِمع ْ‬
‫ق َنعَزَل َوَمعا‬ ‫ح ّ‬ ‫ق َأنَزْلَنعاُه َوِبععاْل َ‬‫ح ّ‬‫جْئَنا ِبكْم َلِفيًفا )‪َ (104‬وِبعاْل َ‬ ‫لخَِرِة ِ‬ ‫اْ‬
‫عَلععى‬ ‫ش عًرا َوَن عِذيًرا )‪َ (105‬وُقْرآًنععا َفَرْقَنععاُه ِلَتْق عَرَأُه َ‬ ‫ك ِإّل ُمَب ّ‬‫س عْلَنا َ‬
‫َأْر َ‬
‫ل )‪ُ (106‬قْل آِمُنوا ِبِه َأْو َل ُتْؤِمُنععوا‬ ‫ث َوَنّزْلَناُه َتنِزي ً‬ ‫عَلى ُمْك ٍ‬ ‫الّناسِ َ‬
‫ن ِللَْْذَقععانِ‬‫خعّرو َ‬ ‫عَلْيِهعْم َي ِ‬‫ن َقبِلعِه ِإَذا ُيْتَلععى َ‬ ‫ن ُأوُتععوا اْلِعْلعَم ِمع ْ‬ ‫ن اّلِذي َ‬‫ِإ ّ‬
‫عُد َرّبَنععا َلَمْفُعععوًل )‬ ‫ن َو ْ‬
‫ن َكا َ‬ ‫ن َرّبَنا ِإ ْ‬‫حا َ‬
‫سْب َ‬
‫ن ُ‬ ‫سجًّدا )‪َ (107‬وَيُقوُلو َ‬ ‫ُ‬
‫عا )‪(109‬‬ ‫شو ً‬ ‫خُ‬ ‫ن َوَيِزيُدُهْم ُ‬ ‫ن َيْبُكو َ‬
‫لْذَقا ِ‬ ‫ن ِل َْ‬
‫خّرو َ‬ ‫‪َ (108‬وَي ِ‬
‫‪112‬‬
‫مختصننر مننا قيننل فنني هننذه اليننات ‪ ،‬فنني‬
‫تفسير اللوسي ‪:‬‬
‫" ) جئنا بكم لفيفا ( ؛ أي مختلطين ‪ ،‬وفسره ابن عباس ) جميعا‬
‫( ‪ ،‬وبكم ؛ جاءت لتغليععب المخععاطبين علععى الغععائبين ‪ ) ،‬وبععالحق‬
‫أنزلناه وبالحق نزل ( ؛ عود إلى شرح حال القرآن الكريم ‪ ،‬فهععو‬
‫مرتبععط بقععوله تعععالى ‪ ) ،‬لئن اجتمعععت النععس والجععن ( ‪ ،‬وهكععذا‬
‫طريقة العرب في كلمها تأخذ في شيء ‪ ،‬وتستطرد منه إلى آخر‬
‫‪ ،‬ثم إلى آخر ثم إلى آخر ‪ ،‬ثم تعود إلى ما ذكرته أول ‪ ،‬والحععديث‬
‫شجون ‪ ،‬فضمير الغائب للقرآن ‪ ،‬وقد حملععه بعضععهم علععى هعذا ‪،‬‬
‫أو للوعععد المععذكور آنفععا ‪ ،‬أي وعععد الخععرة الععذي ُذكععر فععي اليععة‬
‫السابقة ‪.‬‬
‫والمراد بععالحق الول ؛ علععى مععا قيععل الحكمععة اللهيععة المقتضععية‬
‫لنزاله ‪ ،‬وبالثاني ما اشتمل عليه من العقائد والحكام ونحوها ‪،‬‬
‫أي ما أنزلناه إل ملتبسا بععالحق المقتضععى لنزالععه ‪ ،‬ومععا نععزل إل‬
‫ملتبسا بالحق الععذي اشععتمل عليععه ‪ ،‬وقيععل الحععق فععي الموضعععين‬
‫المععر المحفععوظ الثععابت ‪ ) ،‬ومععا أرسععلناك إل مبشععرا ( ؛ للمطيععع‬
‫بالثواب ) ونذيرا ( ؛ وللعاصي من العقاب ‪ ،‬فل عليك إل التبشير‬
‫والنذار ل هداية الكفرة المقترحين ‪.‬‬
‫) وقرءانا فرقناه ( ؛ أي أنزلناه منجمععا مفّرقععا ) علععى مكععث ( ؛‬
‫ن ‪ ،‬فإنه أيسر للحفظ وأعون على الفهم ‪ ) ،‬ونزلنععاه‬ ‫أي تؤدة وتأ ّ‬
‫تنععزيل ( ؛ علععى حسععب الحععوادث والمصععالح ‪ ،‬قععل للععذين كفععروا‬
‫) آمنوا به ( أي بالقرآن ‪ ) ،‬أو ل تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من‬
‫قبله ( ؛ أي العلماء الذين قرءوا الكتب السععالفة ‪ ،‬مععن قبععل َتن عّزل‬
‫القرآن وعرفوا حقيقة الععوحي ‪ ،‬وأمععارات النبععوة ‪ ،‬وتمكنععوا مععن‬
‫‪113‬‬
‫ق والُمبطل ‪ ،‬أو رأوا نعتك ونعت مععا‬ ‫تمييز الحق والباطل ‪ ،‬واُلمح ّ‬
‫أنزل إليك ‪.‬‬
‫) إذا يتلى ( أي القرآن ‪ ) ،‬عليهععم يخععرون للذقععان ( ؛ يسععقطون‬
‫بسععرعة علععى وجععوههم ) سععجدا ( تعظيمععا لمععر الع تعععالى ‪ ،‬أو‬
‫شكرا لنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثتك ‪ ،‬وقععال صععاحب‬
‫الفرائد ‪ ،‬المراد المبالغة في التحامل على الجبهة والنععف ‪ ،‬حععتى‬
‫كععأنهم يلصععقون الذقععان بععالرض ‪ ،‬وهععو وجععه حسععن جععدا ‪ ،‬أي‬
‫يقعون على الرض عند التحقيق ‪ ،‬والمراد تصوير تلك الحالة ‪.‬‬
‫) ويقولون ( ؛ أي في سجودهم أو مطلقا ‪ ) :‬سبحان ربنا ( عععن‬
‫خلف وعده ‪ ،‬أو عما يفعل الكفرة مععن التكععذيب ‪ ) ،‬إن كععان وعععد‬
‫ربنععا لمفعععول ( ‪ ) ،‬ويخععرون للذقععان يبكععون ( ؛ ك عّرَر الخععرور‬
‫للذقععان لختلف السععبب ‪ ،‬فععإن الول لتعظيععم أمععر الع تعععالى أو‬
‫الشكر لنجاز الوعد ‪ ،‬والثاني لما أّثر فيهم من مععواعظ القععرآن ‪،‬‬
‫أي ساجدين باكين من خشية ال تعالى ‪ ،‬ولما كان البكاء ناشئا ‪،‬‬
‫من الخشية الناشععئة مععن التفّكععر ‪ ،‬الععذي يتجعّدد ‪ ،‬جيععء بالجملععة‬
‫الفعليعععة ) يبكعععون ( المفيعععدة للتجعععدد ‪ ) ،‬ويزيعععدهم ( ؛ القعععرآن‬
‫بسععماعهم لععه ‪ ) ،‬خشععوعا ( لمععا يزيععدهم علمععا ويقينععا بععأمر الع‬
‫تعععالى ‪ ،‬علععى مععا حصععل عنععدهم مععن الدلععة " ‪ .‬مععن تفسععير‬
‫اللوسي ‪.‬‬
‫فا ‪:‬‬‫في ً‬‫م لَ ِ‬
‫جئ َْنا ِبك ْ‬
‫ِ‬
‫هذا ما قيل في ) لسان العرب ( فععي كلمععة لفيععف ) ُمجَتِمععع ملتععف‬
‫من كل مكان ( ‪ ،‬و اللفيععف ؛ ) القععوم يجتمعععون مععن قبععائل شععتى‬
‫ليس أصععلهم واحععدا ( ‪ ،‬واللفيععف ؛ ) مععا اجتمععع مععن النععاس مععن‬
‫جْمع العظيععم مععن أخلط شععتى فيهععم‬ ‫قبائل شتى ( ‪ ،‬واللفيف ؛ ) ال َ‬
‫‪114‬‬
‫الشععريف والععدنيء والمطيععع والعاصععي والقععوي والضعععيف ( ‪.‬‬
‫جْمععع ل جميععع ‪،‬‬ ‫والملحععظ أن معععاني الكلمععة جععاءت بمعنععى َ‬
‫والحقيقة أن الذي تم علععى أرض الواقععع ‪ ،‬هععو المجيععء والجمععع‬
‫من أماكن شتى ‪ .‬وأن مجيئهم جميعا لن يتحقق ‪ ،‬لنهم يتمّتعععون‬
‫بصععفات طفيليععة ‪ ،‬ل تمّكنهععم مععن تععرك الععدول الغربيععة الغنيععة ‪،‬‬
‫والعودة إلى فلسطين ‪.‬‬
‫أما اليعات )‪ ، (109-104‬وكمعا عقعب سعبحانه بععد ِذكعره لوععد‬
‫الخرة في بداية السورة ‪ .‬جاءت بعد ِذكره تعالى لوعععد الخعرة ‪،‬‬
‫فععي نهايععة السععورة ‪ ،‬تعقيبععا علععى إنزالععه هععذا الوعععد بنصععه فععي‬
‫القران ‪ ،‬كما ُأنزل في كتاب موسى عليه السععلم معن قبععل ‪ ،‬حيععث‬
‫ك ِإلّ‬
‫س عْلَنا َ‬
‫ق َن عَزَل َوَمععا َأْر َ‬
‫ح ّ‬‫ق َأنَزْلَنععاُه َوِبععاْل َ‬
‫ح ّ‬
‫قععال سععبحانه ) َوِبععاْل َ‬
‫ث‬
‫س عََلى ُمْك ٍ‬ ‫عَلى الّنا ِ‬ ‫شًرا َوَنِذيًرا )‪َ (105‬وُقْرآًنا َفَرْقَناُه ِلَتقَْرَأُه َ‬ ‫ُمَب ّ‬
‫ل )‪ (106‬أي وبالحق الذي أوجبته الحكمة اللهيععة ‪،‬‬ ‫َوَنّزْلَناُه َتنِزي ً‬
‫أنزلنا خبر هذا الوعد في القران ‪ ،‬الذي نّزله على عبععده تنععزيل ‪،‬‬
‫ق والصععدق والخععبر‬ ‫وفّرقه لُيقرأ على الناس علععى مكععث ‪ ،‬وبععالح ّ‬
‫اليقين جاء هذا القران ‪ ،‬بهذا الوعد ‪ -‬مما سيكون من شععأن بنععي‬
‫إسرائيل – بكل تفاصيله وملبساته ‪ ،‬بما ل يععدع مجععال للشععك أو‬
‫التقّول ‪.‬‬
‫والحكمة اللهية التي اقتضت إنزاله ‪ ،‬كما جاء من نص اليععات ‪،‬‬
‫هي ‪:‬‬
‫ف البشرى للمععؤمنين الصععابرين المرابطيععن المتمسععكين‬ ‫أول ‪ :‬ز ّ‬
‫حا ِ‬
‫ت‬ ‫صاِل َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ن َيْعَمُلو َ‬‫ن اّلِذي َ‬
‫شُر اْلُمْؤِمِني َ‬ ‫بدينهم المخلصين له ) َوُيب ّ‬
‫جًرا َكِبيًرا )‪ 9‬السراء ( ‪ ،‬بأن ال لن يخلف وعععده الععذي‬ ‫ن َلُهْم َأ ْ‬
‫َأ ّ‬
‫وعد ‪ ،‬وأن ما وعدهم ال ‪ ،‬ل محالة واقع ولو بعد حين ‪ ،‬ليحثهم‬
‫‪115‬‬
‫على التمسك بدينهم والتحلي بالصبر ‪ ،‬وعدم الستعجال لمر ال‬
‫والركععون لليععأس ‪ ،‬فكلمععا ادلهمععت الخطععوب بععالمؤمنين وضععاقت‬
‫السععبل – كمععا هععذه اليععام – كععان الفععرج ‪ ،‬قععاب قوسععين أو أدنععى‬
‫جععاَءُهمْ‬
‫ظّنععوا َأّنُه عْم َق عْد ُك عِذُبوا ‪َ ،‬‬ ‫س عُل ‪َ ،‬و َ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫س عَتْيَئ َ‬
‫حّتععى ِإَذا ا ْ‬ ‫) َ‬
‫جِرِمي عنَ )‬ ‫ن اْلَق عْوِم اْلُم ْ‬‫عْ‬‫سَنا َ‬
‫شاُء ‪َ ،‬وَل ُيَرّد َبْأ ُ‬ ‫ن َن َ‬‫ي َم ْ‬‫جَ‬ ‫صُرَنا ‪َ ،‬فُن ّ‬‫َن ْ‬
‫‪ 110‬يوسف ( ‪.‬‬
‫وثانيععا ‪ :‬إنععذار لبنععي إسععرائيل ) الععذين ل يؤمنععون بععالخرة ( ‪،‬‬
‫والمكذبين والمتشّككين ممن غرتهععم الحيعاة ‪ ،‬وآمنععوا بمعا يقعوله‬
‫الواقع ‪ ،‬مع عدم قراءتهم لععه بشععكل صععحيح ‪ ،‬أكععثر مععن إيمععانهم‬
‫بال ‪ ،‬وما جاء في كتابه الععذي أنععزل ‪ ،‬مععن غضععب ال ع عليهععم ‪،‬‬
‫ن‬
‫ن َل ُيْؤِمُنو َ‬‫ن اّلِذي َ‬‫وتحذيرا لهم من عقابه في الدنيا والخرة ) َوَأ ّ‬
‫عَذاًبا َأِليًما )‪ 10‬السراء ( ‪.‬‬ ‫عَتْدَنا َلُهْم َ‬
‫لخَِرِة َأ ْ‬‫ِبا ْ‬
‫صععل اليمععان لمععن لععم يععؤمن بعععد ‪ ،‬وتجععّدد إيمععان‬ ‫وثالثععا ‪ :‬تح ّ‬
‫المؤمنين ‪ ،‬وزيادًة في اطمئنان قلوبهم ‪ ،‬عنععد نفععاذ هععذا الوعععد ‪،‬‬
‫كما جاءت صفته في القععرآن ‪ .‬حيععث قععال سععبحانه للنععاس كافععة ‪،‬‬
‫على وجه التبكيت والتهديد شععديد اللهجععة ‪ُ ) ،‬قعْل آِمُنععوا ِبعِه َأْو َل‬
‫ن هععذا الوعععد ل‬ ‫ُتْؤِمُنوا … ( من أمر هذا الوعد وهذا القععرآن ‪ ،‬أ ّ‬
‫محالععة واقععع ‪ ،‬وإيمععانكم بععه وبععالقرآن وعععدمه سععواء ‪ .‬وأن مععن‬
‫كانوا قد علموه ‪ ،‬وسبق لهم اليمان به وتصديقهم له قبل تحققععه‬
‫ن َقبِلِه … ( ‪ ،‬ليمانهم بمععن أنزلععه‬ ‫ن ُأوُتوا اْلِعْلَم ِم ْ‬ ‫ن اّلِذي َ‬
‫‪ِ … ) ،‬إ ّ‬
‫صدق ما جاء في كتابه ‪ ،‬سيكون هذا حالهم ‪ ،‬عند تحققععه وبعععد‬ ‫و ِ‬
‫جًدا )‪َ (107‬وَيُقوُلععونَ‬ ‫سع ّ‬
‫لْذَقععانِ ُ‬‫ن ِل َْ‬‫خّرو َ‬‫عَلْيِهْم َي ِ‬
‫تحققه ) ِإَذا ُيْتَلى َ‬
‫عُد َرّبَنا َلَمْفُعوًل )‪ ، (108‬أي أنهععم إذا ُتل ع َ‬
‫ي‬ ‫ن َو ْ‬‫ن َكا َ‬‫ن َرّبَنا ِإ ْ‬
‫حا َ‬‫سْب َ‬
‫ُ‬
‫عليهم ِذكر هذا الوعد ‪ ،‬عند وبعد تحققه ‪ ،‬خّروا للذقان سععجدا ‪،‬‬
‫قائلين ‪ ) :‬سبحان ربنا إن كععان وعععد ربنععا لمفعععول ( ‪ ،‬وسععيكون‬
‫‪116‬‬
‫هذا حععالهم مععرة تلععو مععرة ‪ ،‬كلمععا ُتليععت عليهععم آيععات هععذا الوعععد‬
‫عا )‪ (109‬ومععا أن‬ ‫شععو ً‬ ‫خُ‬ ‫ن َوَيِزيععُدُهْم ُ‬ ‫ن َيْبُكععو َ‬ ‫لْذَقععا ِ‬ ‫ن ِل َْ‬‫خععّرو َ‬ ‫) َوَي ِ‬
‫يقومعععوا ‪ ،‬حعععتى ل تكعععاد تحملهعععم أرجلهعععم ‪ ،‬وتغلعععب عليهعععم‬
‫مشاعرهم ‪ ،‬من شّدة التصديق وش عّدة اليمععان ‪ ،‬فيعععودوا ليقعععوا‬
‫ساجدين خاشعين ‪ ،‬لمن ل ُيخلف وعده ‪.‬‬
‫عنندَْنا‬ ‫م ُ‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫عسى ربك ُم أ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ ْ‬ ‫) َ َ‬
‫صيًرا )‪( 8‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ل ِل ْ َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬‫عل َْنا َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫م ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫عسى ربك ُم أ َ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ ْ‬ ‫َ َ‬
‫بعد نفاذ الوعد الثاني ‪ ،‬يععوجه سععبحانه الخطععاب ‪ ،‬للبقيععة الباقيععة‬
‫من بني إسرائيل ‪ ،‬الذين نجوا من هذا العذاب ‪ ،‬ولم يطلهم عقاب‬
‫وعد الخرة ‪ ،‬لعّلهم يعتبرون مما حصل ‪ ،‬بعععد أن رأوا مععا رأوا ‪،‬‬
‫ما حّل في بني قومهم ‪ ،‬لما علععوا وأفسععدوا فععي الرض ‪ .‬فلعلهععم‬
‫يعععودون إلععى العع ‪ ،‬ويصععلحون أمععورهم ‪ ،‬فيتععوب العع عليهععم‬
‫حَها ‪،‬‬ ‫لِ‬ ‫ض َبْع عَد ِإصْ ع َ‬ ‫س عُدوا ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫ويرحمهم ‪ .‬قال تعالى ) َوَل ُتْف ِ‬
‫ن )‪56‬‬ ‫س عِني َ‬‫ح ِ‬ ‫ن اْلُم ْ‬ ‫ب ِمع ْ‬ ‫ل ع َقِري ع ٌ‬
‫حَمَة ا ِّ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫طَمًعا ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫خْوًفا َو َ‬ ‫عوُه َ‬ ‫َواْد ُ‬
‫العراف ( ‪ ،‬وعودتهم إلى الع تعنععي إعتنععاقهم للسععلم ‪ ،‬لقععوله‬
‫حْكمَةٍ ُث عّم‬ ‫ب َو ِ‬ ‫ن ِكَتا ٍ‬ ‫ن َلَما آَتْيُتُكْم ِم ْ‬‫ق الّنِبّيي َ‬ ‫ل ِميَثا َ‬ ‫خَذ ا ُّ‬ ‫تعالى ) َوِإْذ َأ َ‬
‫صُرّنُه َقاَل َأَأْقَرْرُتعْم‬ ‫ق ِلَما َمَعُكْم َلُتْؤِمُننّ ِبِه َوَلَتْن ُ‬ ‫صّد ٌ‬ ‫سوٌل ُم َ‬ ‫جاءَُكْم َر ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫شَهُدوا َوَأَنا َمَعُكْم ِم ْ‬ ‫صِري َقاُلوا َأْقَرْرَنا َقاَل َفا ْ‬ ‫عَلى َذِلُكْم ِإ ْ‬ ‫َوَأخَْذُتْم َ‬
‫ن يُْقَبعَل مِْنعهُ‬ ‫لِم ِديًنا َفَلع ْ‬ ‫سَ‬ ‫غْيَر اِْل ْ‬‫ن َيْبَتِغ َ‬ ‫ن )‪َ ) … (81‬وَم ْ‬ ‫شاِهِدي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن َبْعِد‬
‫ن َتاُبوا ِم ْ‬ ‫ن )‪ِ ) … (85‬إّل اّلِذي َ‬ ‫سِري َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫خَرِة ِم ْ‬ ‫لِ‬ ‫َوُهَو ِفي ا ْ‬
‫حيٌم )‪ 89‬آل عمران ( ‪ .‬وهذا ما لم‬ ‫غُفوٌر َر ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫حوا َفِإ ّ‬ ‫صَل ُ‬ ‫ك َوَأ ْ‬ ‫َذِل َ‬
‫يفعلوه سابقا ‪ ،‬ولن يفعلوه مستقبل ‪ ،‬فهم أعلنوا حربهم على ال‬

‫‪117‬‬
‫‪ ،‬قبععل أن يعلنوهععا علععى أي شععئ آخععر ‪ ،‬وهيهععات أن يتوبععوا ‪،‬‬
‫سَوًة … )‪ 74‬البقرة ( …‬ ‫شّد َق ْ‬
‫فقلوبهم كالحجارة ) … َأْو َأ َ‬
‫عدَْنا ‪:‬‬ ‫م ُ‬ ‫عدْت ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫لذلك سيستمرون بالفساد ‪ ،‬وسععيعودون إليععه مععرة تلععو أخععرى ‪،‬‬
‫وهذا محمول على الشرط ‪ ،‬فإن عادوا للفساد بعد تحقععق الوعععد‬
‫الثاني ‪ ،‬عاد ال عليهم بالعقاب ‪ ،‬وستكون هذه العععودة باتبععاعهم‬
‫للدجال ‪ ،‬أكبر المفسدين في الرض ‪ ،‬وهي العودة النهائية لهم ‪،‬‬
‫ول تتفق مععن حيععث المواصععفات والشععروط مععع كونهععا مععرة مععن‬
‫المرتين ‪ ،‬وستكون نهايتهم على مشارف بيت المقدس بباب ) ُلّد‬
‫ي عيسى عليه السلم ومن معه من المسععلمين ‪ ،‬عنععد‬ ‫( ‪ ،‬على يد ّ‬
‫هععروب الععدجال إليهععا ‪ ،‬كمععا روي فععي نفععس الحععديث الصععحيح‬
‫الطويل ‪ ،‬الذي أوردنا بعضا منععه فععي شععرحنا لعبععارة عبععادا لنععا ‪،‬‬
‫لع‬‫ث ا ُّ‬ ‫ك ) أي الععدجال ( ِإْذ َبَعع َ‬ ‫جاء ما نصه " … َفَبْيَنَمععا ُهعَو َكعَذِل َ‬
‫ب ُلعّد َفَيْقُتُلعُه … " ‪.‬‬ ‫حّتى ُيْدِرَكُه ِبَبا ِ‬ ‫طُلُبُه َ‬ ‫ن َمْرَيَم … َفَي ْ‬ ‫ح اْب َ‬
‫سي َ‬
‫اْلَم ِ‬
‫ن‬
‫جَهّن عَم ِلْلَكععاِفِري َ‬
‫جَعْلَنععا َ‬
‫ليعقّععب سععبحانه علععى ذلععك بقععوله ) … َو َ‬
‫صيًرا )‪ (8‬ول أسف ول رحمة …‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫س(‪:‬‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫حب ْ ٍ‬‫و َ‬ ‫ه… َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫حب ْ ٍ‬ ‫) إ ِّل ب ِ َ‬
‫سعَكَنةُ‬ ‫عَلْيِهْم الّذّلُة َواْلَم ْ‬‫ت َ‬ ‫ضِرَب ْ‬‫قال تعالى في سورة البقرة ) … َو ُ‬
‫لع ‪،‬‬ ‫ت ا ِّ‬‫ن ِبآَيععا ِ‬ ‫ك ِبَأّنُهْم َكععاُنوا َيْكُفعُرو َ‬ ‫ل ‪َ ،‬ذِل َ‬ ‫ن ا ِّ‬‫ب ِم ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫‪َ ،‬وَباُءوا ِبَغ َ‬
‫ن)‬ ‫صعْوا َوَكععاُنوا يَْعَتعُدو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ك ِبَمععا َ‬ ‫ق ‪َ ،‬ذِلع َ‬ ‫ح ّ‬‫ن ِبَغْيِر اْل َ‬
‫ن الّنِبّيي َ‬‫َوَيْقُتُلو َ‬
‫‪ ، (61‬هذه الية توضح حكما إلهيا ُملزما ‪ ،‬كان فيمععا سععبق ‪ ،‬قععد‬
‫صدر بحق بني لسرائيل ‪ ،‬عند كفرهم وقتلهم النبيععاء ‪ ،‬ونلحععظ‬
‫عطفععت علععى الذلععة مباشععرة ‪ ،‬وأنهمععا تلزمععا فععي‬ ‫أن المسععكنة ُ‬

‫‪118‬‬
‫عَليِْه عْم الّذّل عةُ‬
‫ت َ‬‫ض عِرَب ْ‬
‫الوقوع تحت الضرب ‪ ،‬في قععوله تعععالى ) َو ُ‬
‫سَكَنُة ( ‪.‬‬‫َواْلَم ْ‬
‫وفي سورة آل عمععران ‪ُ ،‬أعيععد نفععس النععص السععابق ‪ ،‬فععي قععوله‬
‫حْبٍل‬
‫ل َو َ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫حْبٍل ِم ْ‬
‫ن َما ُثِقُفوا ‪ِ ،‬إّل ِب َ‬ ‫عَلْيِهْم الّذّلُة َأْي َ‬‫ت َ‬ ‫ضِرَب ْ‬
‫تعالى ) ُ‬
‫س عَكَنُة ‪،‬‬‫عَلْيِه عْم اْلَم ْ‬
‫ت َ‬ ‫ضِرَب ْ‬
‫ل ‪َ ،‬و ُ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫ب ِم ْ‬ ‫ض ٍ‬‫س ‪َ ،‬وَباُءوا ِبَغ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ِم ْ‬
‫ق‪،‬‬ ‫حع ّ‬ ‫ن اَْلنِبَياَء ِبَغْيِر َ‬‫ل ‪َ ،‬وَيْقُتُلو َ‬ ‫ت ا ِّ‬‫ن ِبآَيا ِ‬ ‫ك ِبَأّنُهْم َكاُنوا َيْكُفُرو َ‬ ‫َذِل َ‬
‫ن )‪ ، (112‬ولكععن بفصععل الذّلععة عععن‬ ‫صْوا َوَكاُنوا َيْعَتُدو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ك ِبَما َ‬ ‫َذِل َ‬
‫المسكنة ‪ ،‬مع ضرب كل منهما على حععدة أول ‪ ،‬ومععن ثععم إضععافة‬
‫س ( ‪ ،‬مععن‬ ‫ن الّنععا ِ‬‫حْب عٍل ِمع ْ‬
‫ل ع ‪َ ،‬و َ‬‫ن ا ِّ‬ ‫حْبٍل ِمع ْ‬ ‫الستثناء التالي ) ِإّل ِب َ‬
‫ضرب الذّلة دون المسكنة ثانيا ‪ .‬ومن هنعا نسعتطيع القعول ‪ ،‬بعأن‬
‫الذّلة سُترفع عنهم في حالتين ‪ :‬الحالععة الولععى بحبععل مععن الع ‪،‬‬
‫والحالة الثانية بحبل من النععاس ‪ ،‬وأن المسععكنة سععتبقى ملزمععة‬
‫لهم ‪ ،‬في حال رفعت الذّلة عنهم أم لم ُترفع ‪.‬‬
‫جاء في معجم لسان العرب ‪ ،‬العّذل نقيععض الععّزة ‪ ،‬وقععوله تعععالى‬
‫ل ( ‪ ،‬بمعنععى سععويت عناقيععدها وُدّليععت أي‬ ‫طوُفَهععا َتعْذِلي ًَ‬‫ت ُق ُ‬‫) وُذّلَلع ْ‬
‫ضع له ‪ ،‬وأن المعنى الُمستفاد من الععّذل‬ ‫خ َ‬ ‫خّفضت ‪ ،‬وتذّلَل له أي َ‬ ‫ُ‬
‫هو الصغار والخضوع والنخفععاض ‪ ،‬والنقيععض لهععذة الصععفات ‪،‬‬
‫هو الستكبار والسطوة والرتفاع ‪.‬‬
‫عَلْيِه عْم الّذّل عُة ‪ :‬أي ُألزمععوا الّذلععة والصععغار ‪ ،‬فل منعععة‬ ‫ت َ‬ ‫ض عِرَب ْ‬‫َو ُ‬
‫لهععم ‪ ،‬بمعنععى ل قععوة لهععم لمنععع الغيععر ‪ ،‬مععن اسععتباحة دمععائهم‬
‫وأموالهم وأهليهم ‪ .‬وثبتت فيهم هذه الصفة ‪ ،‬ولزمتهم على م عرّ‬
‫العصور ‪ ،‬ول خلص لهم منهععا ‪ ،‬والسععبب فععي ضععربها عليهععم ‪،‬‬
‫هععو اسععتحقاقهم لغضععب العع عليهععم ‪ ،‬لكفرهععم بآيععاته وقتلهععم‬

‫‪119‬‬
‫النبياء ‪ ،‬بالضافة لما كان مععن عصععيانهم لوامععره ‪ ،‬واعتععدائهم‬
‫على حدوده ‪.‬‬
‫جدوا ‪.‬‬ ‫و‬ ‫أينما‬ ‫‪:‬‬ ‫فوا‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫أَ‬
‫ُ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫هنا ل بد لنا من وقفة مع هذه العبععارة ‪ ،‬حيععث يقععول سععبحانه ‪) ،‬‬
‫حْب عٍل مِ ع ْ‬
‫ن‬ ‫ل ع َو َ‬
‫ن ا ِّ‬
‫حْبٍل ِم ْ‬
‫ن َما ُثِقُفوا ‪ِ ،‬إّل ِب َ‬
‫عَلْيِهْم الّذّلُة ‪َ ،‬أْي َ‬ ‫ت َ‬‫ضِرَب ْ‬ ‫ُ‬
‫س ( ‪ ،‬فالذلة ملزمة لهععم ‪ ،‬أينمععا أقععاموا أو ارتحلععوا ‪ ،‬وهععذه‬ ‫الّنا ِ‬
‫الذلععة سعُترفع عنهععم مرتيععن ‪ ،‬لُتسععتبدل بععالعلو ‪ ،‬أينمععا أقععاموا أو‬
‫ارتحلععوا ‪ ،‬علععى امتععداد سععطح كععوكب الرض ‪ ،‬فععالعلو اليهععودي‬
‫لمرتين ‪ ،‬حدث ععارض فعي تعاريخهم ومصعيره إلعى العزوال ‪ ،‬أو‬
‫حالة استثنائية ‪ ،‬سيعيشها عامة الشعععب اليهععودي لمرتيععن أينمععا‬
‫ُوجدوا ‪ ،‬وستزول هذه الحالة عن عامة الشعب اليهععودي كععذلك ‪،‬‬
‫عندما يأذن رب العزة بزوال علوهم ‪ ،‬في المرة الثانيعة ‪ ،‬وليععود‬
‫كل يهود العالم أفرادا وجماعععات ‪ ،‬فععي شععتى بقععاع الرض ‪ ،‬إلععى‬
‫حالة الذلة ‪ ،‬التي هي في الصل ‪ ،‬الحالة التي يستحقون بمنظور‬
‫رب العزة ‪.‬‬
‫والسؤال الن ‪ ،‬لماذا كان هذا الفصل ‪ ،‬وهذا الستثناء ؟‬
‫س ‪ :‬السعتثناء هنعا يفيعد رفعع‬ ‫ن الّنعا ِ‬ ‫حْبعٍل ِمع ْ‬‫لع ‪َ ،‬و َ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫حْبٍل ِم ْ‬‫ِإّل ِب َ‬
‫حالععة الّذلععة ‪ ،‬لتصععبح حععالهم مععن ) الععذل والصععغار والخضععوع‬
‫والنخفعععاض ( ‪ ،‬إلعععى العكعععس تمامعععا ‪ ،‬أي ) الععععز والسعععتكبار‬
‫والسععطوة والرتفععاع ( ‪ ،‬وهععذا ممععا يفيععد معنععى العلععو ‪ ،‬وهععذا‬
‫السععتثناء يوضععح أن العلععو سععيكون علععى حععالين ‪ ،‬وأن العلععو‬
‫الول ‪ ،‬كان بحبل ال ‪ ،‬أي باتكالهم على ال ‪ ،‬في نشأته وتمكينه‬
‫مععن خلل الععوحي والنبععوة ‪ ،‬وأن العلععو الثععاني ‪ ،‬سععيكون بحبععل‬

‫‪120‬‬
‫الناس ‪ ،‬أي باتكالهم على الناس ‪ ،‬في نشععأته وتمكينععه مععن خلل‬
‫المساعدات المالية والعسكرية ‪.‬‬
‫ن في جمال ودقة التعبير القرآني ‪ ،‬واستخدام كلمة ) حبععل (‬ ‫وتمع ّ‬
‫في هذا المقام ‪ ،‬فالحبل ُيرفع به دلععو المععاء ‪ ،‬معن قعععر الععبئر إلععى‬
‫قمته ‪ ،‬فهو وسيلة لنتشال الشععيء ‪ ،‬مععن أدنععى حععالته وإيصععاله‬
‫إلى أعلها ‪ ،‬ومن قوله عليه الصلة والسلم ‪ ،‬لصاحب الناقععة "‬
‫اعقل وتوكل " ‪ ،‬نجععد أنععه وسععيلة ربععط لحكععام الشععيء وإبقععاءه‬
‫على حاله ‪.‬‬
‫وهذا ما تحقق في الواقع ‪ ،‬فقد استطاع اليهود بعععد أن كععانوا فععي‬
‫القاع ‪ ،‬من تسلق الحبل المريكي البريطاني ‪ ،‬ليصعدوا إلععى قمععة‬
‫ي التمثال‬ ‫تمثال الحرية ‪ ،‬ومن ثم تناولوا الحبل ‪ ،‬وربطوه في قرن ّ‬
‫‪ ،‬وأخذوا طرفععه الخععر ‪ ،‬ولّفععوه سععياجا منعيععا حععول دولتهععم فععي‬
‫فلسطين ‪ .‬حتى أصبح عاّمة المريكيين عبيدا لليهععود ‪ ،‬يق عّدمون‬
‫لهععم القرابيععن الععتي نعلمهععا ‪ ،‬خشععية أن يسععحب اليهععود ‪ ،‬طععرف‬
‫الحبل الذي يمسكونه بإحكام ‪ ،‬فيهوي رأس التمثععال فععي البحععر ‪.‬‬
‫وطععرف الحبععل الخععر ليععس ببعيععد عععن أولئك العبععاد ‪ ،‬فمععا زال‬
‫ينتظرهم ليسحبوه ‪ ،‬ليغرق التمثال وأهله ‪.‬‬
‫ن الع قععد حعّذرهم مععن اتخععاذ وكلء غيععره ‪ ،‬فععي افتتاحيععة‬ ‫نعلععم أ ّ‬
‫ل )‪ . (2‬فععي العلععو الول‬ ‫ن ُدوِنععي وَِكي ً‬ ‫خُذوا ِم ْ‬ ‫السورة قائل ) َأّل َتّت ِ‬
‫لهم ‪ ،‬كانوا قد طلبوا العون معن الع ‪ ،‬لقامعة الدولعة فعي الرض‬
‫المقدسة ‪ ،‬وكان اتكععالهم علععى الع لدامععة وجودهععا ‪ِ ) ،‬إْذ َقععاُلوا‬
‫س عِبيلِ )‪ 246‬البقععرة ( ‪ ،‬فآتععاهم‬ ‫ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفععي َ‬‫ي َلُهْم اْبَع ْ‬
‫ِلَنِب ّ‬
‫حْكعَم َوالّنُبعّوَة‬
‫ب َواْل ُ‬‫سعَراِئيَل اْلِكَتعا َ‬
‫ال ما طلبوا ) َوَلَقعْد آَتْيَنعا َبِنعي ِإ ْ‬
‫ن )‪ 16‬الجاثيععة (‬ ‫عَلععى اْلَعععاَلِمي َ‬
‫ض عْلَناُهْم َ‬
‫ت َوَف ّ‬‫طّيَبا ِ‬ ‫ن ال ّ‬
‫َوَرَزْقَناُهْم ِم ْ‬
‫‪121‬‬
‫فجمع لهم الملععك والنبععوة ‪ ،‬فععي داود وسععليمان عليهمععا السععلم ‪.‬‬
‫وأما في العلو الثاني ‪ ،‬كانوا قد طلبوا العون من ) بلفور ( لقامة‬
‫الدولة ‪ ،‬والتكال على بريطانيا ليجادهععا ‪ ،‬وعلععى أمريكععا لدامععة‬
‫عَلْيِهعْم‬
‫وجودهععا ‪ ،‬فكععان لهععم مععا أرادوا ‪ُ ) ،‬ثعّم َرَدْدَنععا َلُكعْم اْلَكعّرَة َ‬
‫جَعْلَناُكْم َأْكَثَر َنِفيًرا )‪ 6‬السراء ( ‪.‬‬ ‫ن َو َ‬‫َوَأْمَدْدَناُكْم ِبَأْمَواٍل َوَبِني َ‬
‫ولو لم يأتي هععذا السععتثناء فععي سععورة آل عمععران ‪ ،‬وبقععي علععى‬
‫حاله كما هو في سورة البقرة ‪ ،‬لتناقض ذلك مع قوله تعععالى فععي‬
‫عُلعّوًا‬
‫ن ‪ ،‬وَلَتْعُلعنّ ُ‬‫ن ِفععي اَْلْرضِ ‪َ ،‬مّرَتْيع ِ‬ ‫سُد ّ‬‫سورة السراء ‪َ ) ،‬لُتْف ِ‬
‫َكِبيَرًا ( ‪ ،‬سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ‪.‬‬
‫سَكَنُة ‪ :‬أي الحاجة للغير والتسععول بل خجععل ‪،‬‬ ‫عَلْيِهْم اْلَم ْ‬
‫ت َ‬ ‫ضِرَب ْ‬ ‫َو ُ‬
‫فل كرامة ول عزة ول إبععاء لهععم ‪ ،‬فل يوجععد يهععودي ‪ -‬وإن كععان‬
‫غنيا ‪ -‬خاليا من زي الفقر والخضوع والمهانععة ‪ ) ،‬وهكععذا تكععون‬
‫الطفيليات ( ‪ ،‬بارعون في التسععلق علععى ظهععور غيرهععم بمكرهععم‬
‫ودهائهم ‪ ،‬لقضاء حاجاتهم الدنيوية الدنيئة ‪.‬‬
‫مجيء اليهود من الشتات ‪:‬‬
‫ن البعض ‪ ،‬بناءا على عبارة جئنا بكم لفيفا ‪ ،‬أن وعععد الخععرة‬ ‫يظ ّ‬
‫ما زال بعيدا عن التحقق ‪ ،‬كون تجّمع بني إسرائيل فععي فلسععطين‬
‫لم يكتمل بعد ‪ ،‬فالكثير منهم – تقريبا النصف – ما زال في الدول‬
‫ن فععي غيععر محّلععه ‪ ،‬وينعّم عععن عععدم معرفععة‬
‫الغربيععة ‪ ،‬وهععذا الظع ّ‬
‫بحقيقة الشخصية اليهودية ‪ .‬فاليهود المنتشععرون كععالجراد ‪ ،‬فععي‬
‫شرق العالم وغربععه ‪ ،‬لععن يهععاجروا إلععى فلسععطين ‪ ،‬إل فععي حالععة‬
‫واحدة إذا ُأجبروا على ذلك ُمكرهين ‪ ،‬أو ُدّمر العالم بأسره ‪ ،‬ولععم‬
‫يبق إل فلسطين ليهاجروا إليهععا ‪ ،‬وهععذا غيععر وارد فععي المنظععور‬

‫‪122‬‬
‫القريب ‪ ،‬ودمار إسرائيل القادم ‪ ،‬سيكون سابقا ‪ ،‬بل سببا لنهيار‬
‫العالم الغربي ودماره ‪.‬‬
‫فاليهود كائنات طفيلية ‪ ،‬ل تستطيع العيش بمعععزل عععن الخريععن‬
‫من غير اليهود ‪ ،‬وحتى الدولة اليهودية تتصععف بنفععس الصععفة ‪،‬‬
‫فهي ل تستطيع البقاء والمحافظة على وجودها وكيانهععا ‪ ،‬بععدون‬
‫المسعععاعدة الخارجيعععة معععن العععدول الغربيعععة ‪ ،‬والتسعععّول العععدائم‬
‫والمسععتمر ‪ .‬وهععذه هععي المسععكنة الععتي ضععربها العع عليهععم ‪،‬‬
‫ولزمتهم على مّر تععاريخهم الطويععل ‪ ،‬فععي غنععاهم وفقرهععم وفععي‬
‫ذّلهععم وعلععوهم ‪ .‬ول أدّل علععى ذلععك التسععويق المععذّل والمخععزي‬
‫والمستمر ‪ ،‬للمحرقة النازية المبالغ فيها ‪ ،‬والععتي جعلععوا منهععا ‪،‬‬
‫ومععن تهمععة معععاداة السععامية ‪ ،‬مسععمار جحععا فععي حلععق الشعععوب‬
‫الغربية ‪ ،‬لبتزازها ونهب خيراتهععا وخاصععة ألمانيععا ‪ ،‬فهععم عالععة‬
‫على كل من آواهم ‪ ،‬وهذا ما يشهد بععه تععاريخهم ‪ ،‬وكععان سععببا –‬
‫بالضافة إلى غععدرهم ومكرهععم ومععؤامراتهم ‪ -‬فععي اضععطهادهم ‪،‬‬
‫من قتل ونهب ونفي وتهجير ‪.‬‬
‫واليهود هم أول من ابتكر الربا ويعيشون بععه وعليععه ‪ ،‬والن هععم‬
‫يملكون معظم بيوت المال العالمية إن لم تكن كلها ‪ ،‬حتى البنععوك‬
‫المركزية المريكية والبريطانية ‪ ،‬وحق إصدار النقد فيهععا ‪ ،‬فهععل‬
‫مععن المعقععول أن يععتركوا العجععل الععذهبي ‪ ،‬ويغععادروا جنّععة إلههععم‬
‫بمحععض إرادتهععم ؟! طبعععا ل ‪ ،‬فهععذا ضععرب مععن الخيععال ‪ .‬لععذلك‬
‫ن تجّمعهععم فععي فلسععطين بكّلهععم‬ ‫أستطيع الجععزم – لمععا تقععدم – بععأ ّ‬
‫وكليلهم لن يكون ‪ ،‬وللعلم فإن معظم المهععاجرين اليهععود ‪ ،‬كععانوا‬
‫مععن بلععدان أوروبععا الشععرقية المعروفععة بفقرهععا ‪ ،‬وأمععا الغربيععون‬
‫فأعدادهم قليلة جدا ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫فضل عن ذلك ‪،‬لم يأتي في مجمل معاني لفيفا ما ُيفيد ‪ ،‬تجّمع كل‬
‫اليهععود فععي فلسععطين ‪ ،‬كشععرط لتحّقععق وعععد الخععرة ‪ ،‬والمعنععى‬
‫المسععتفاد منهععا هععو الختلط فععي الصععول ‪ ،‬والجمععع مععن أمععاكن‬
‫صل ‪ ،‬فالععدول الععتي هععاجروا منهععا ‪ ،‬شععملت‬ ‫مختلفة ‪ ،‬وهذا قد تح ّ‬
‫معظم أرجاء المعمععورة ‪ ،‬وهععي غنّيععة عععن التعريععف ‪ ،‬وهععذا هععو‬
‫المراد ‪.‬‬
‫أما فيما يخص السنن اللهية في القرى الظالمة ‪ ،‬فقد وردت فععي‬
‫ضععحها ‪ ،‬فل أسععرع مععن‬ ‫هععذا البحععث الكععثير مععن اليععات الععتي تو ّ‬
‫النتقام اللهي ليحل بها ‪ .‬وظلععم اليهععود وعلععوهم واسععتكبارهم ‪،‬‬
‫وعنجهّيتهم وعنصرّيتهم ‪ ،‬ومحععاربتهم ل ع ورسععوله وأوليععاؤه ‪،‬‬
‫وقتل البرياء العّزل ‪ ،‬وهدم البيوت ‪ ،‬واستلب الراضي واقتلع‬
‫أشجارها واستيطانها ‪ ،‬ومنعهم مساجد الع أن ُيععذكر فيهععا اسعمه‬
‫وتدنيسها ‪ ،‬فاق كل تصّور ‪ ،‬وأوجب عقابه سبحانه لهم منذ زمن‬
‫ظععم شععأنه ‪ ،‬ضععرب‬ ‫عُ‬
‫بعيد ‪ .‬ولول أن الحكيم العليم جّلععت قععدرته و َ‬
‫لهععم موعععد لععن ُيخلفععوه ‪ ،‬وأن أرضععه المقدسععة تزخععر بأوليععائه‬
‫الصالحين ‪ ،‬لنزل الن عليهم رجزا من السماء ‪ ،‬كما أنزله علععى‬
‫أسععلفهم ‪ ،‬لمجععرد تبععديلهم للقععول والهيئة عنععد دخععول القريععة ‪،‬‬
‫ن عقابهم سيكون مختلفا‬ ‫لعنهم ال بكفرهم قليل ما يؤمنون ‪ .‬ولك ّ‬
‫‪ ،‬رحمععة مععن ربععك بعبععاده الصععالحين هنععاك ‪ ،‬لكيل يسععوءهم‬
‫العععذاب ‪ ،‬فضععل عّمععا أسععاء لهععم أولئك الوغععاد ‪ .‬فليرتقبععوا إّنععا‬
‫خُر‬‫جاَء َل ُيَؤ ّ‬
‫جَل الِّ ِإَذا َ‬
‫ت ( ‪ ،‬و ) ِإنّ َأ َ‬
‫ل ٍ‬
‫ل َ‬‫جَل ا ِّ‬
‫ن َأ َ‬
‫مرتقبون ) َفِإ ّ‬
‫ن )‪ 4‬نوح ( ‪.‬‬ ‫َلْو ُكنُتْم َتْعَلُمو َ‬
‫تعنععي عمليععة ربععط نفععاذ وعععد الخععرة ‪ ،‬بتجّمععع كععل اليهععود فععي‬
‫فلسطين ‪ ،‬أن وعد الخرة ‪ ،‬لن يتحقق حتى قيام السععاعة ‪ ،‬وهععذا‬
‫مخالف لما نراه على أرض الواقع ‪ ،‬حيث وصععل الظلععم اليهععودي‬
‫‪124‬‬
‫أقصى مداه ‪ ،‬ومخالف أيضا لمععا تحكيععه النصععوص ‪ ،‬إذ أن هنععاك‬
‫عودة أخرى للفساد ‪ ،‬وهناك عقععاب آخععر ‪ ،‬سععينطق فيععه الحجععر‬
‫والشجر ‪ ،‬قبل قيام الساعة ‪ ،‬التي أصبحت أشراطها الكبرى على‬
‫البواب ‪ ،‬والناس في غفلة من أمرهم ‪.‬‬
‫ما ُتخننبر عنننه اليننات فنني السننورة ‪ ،‬ليننس‬
‫وعننندا بنصنننر للمنننؤمنين ‪ ،‬وإنمنننا وعننند‬
‫استثنائي بعقاب بني إسرائيل ‪:‬‬
‫عَلْيِهعْم ِإَلععى َيعْوِم اْلِقَيامَعِة َمعنْ‬
‫ن َ‬‫ك َلَيْبَعَثع ّ‬
‫ن َرّبع َ‬
‫قال تعالى ) َوِإْذ َتعَأّذ َ‬
‫ب )‪ 167‬الععععراف ( تقعععّرر هعععذه اليعععة‬ ‫سعععوَء اْلَععععَذا ِ‬ ‫سعععوُمُهْم ُ‬
‫َي ُ‬
‫الكريمة ‪ ،‬بأن ال سيبعث على بني إسرائيل ‪ ،‬من يسومهم سععوء‬
‫العذاب إلى قيععام السععاعة ‪ .‬إذًا هنععاك اسععتمرارية للبعععث ‪ ،‬وهنععاك‬
‫استمرارية للعذاب ‪ .‬وقد وقع العذاب فيهععم ‪ ،‬علععى أيععدي وثنيععون‬
‫ونصارى ومسلمون ‪ ،‬على مّر تععاريخهم الطويععل ‪ .‬ممععا يؤكععد أن‬
‫العععذاب الخععاص بوعععدي المرتيععن ‪ ،‬هععو حالععة اسععتثنائية خاصععة‬
‫مختلفععة ‪ ،‬عّمععا تق عّرره اليععة أعله ‪ ،‬وأن الععذين س عُيوقعونه بهععم‬
‫أناس استثنائيون أيضا ‪ ،‬وهذا السععتثناء جععاء لمععا يملكععونه مععن‬
‫صععفات ‪ ،‬علععى رأسععها صععفة البععأس الشععديد ‪ ،‬لن إفسععاد بنععي‬
‫إسرائيل المقترن بالعلو في كلتععا المرتيععن ‪ ،‬أعظععم مععن أي إفسععاد‬
‫سابق أو لحق ‪ ،‬مما يتطّلب بعث أناس هم أهععل ‪ ،‬لمععا يريععده الع‬
‫لبني إسرائيل ‪ ،‬من العذاب الشديد ‪.‬‬
‫ُأنزلت نصوص هذه النبوءة علععى موسععى عليععه السععلم ‪ ،‬قبععل ‪3‬‬
‫آلف سنة تقريبا من الن ‪ ،‬وقبل ‪1600‬سنة من مجيععء السععلم‬
‫تقريبا ‪ ،‬وُكشععفت نصوصععها لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬بعععد نكوصععهم عععن‬
‫الدخول إلى فلسطين ‪ ،‬وقبل سععنوات التحريععم والععتيه ‪ .‬وهععي فععي‬
‫‪125‬‬
‫الواقععع ‪ ،‬تحكععي حععالتين اسععتثنائيتين مععن تاريععخ بنععي إسععرائيل ‪،‬‬
‫ي فععي فلسععطين ‪ ،‬يشععترط فيهمععا‬ ‫يتحصّععل لهععم فيهمععا علععو أمم ع ّ‬
‫سبحانه ‪ ،‬الحسان وتجّنب الساءة ‪ ،‬فإن أحسنوا أحسن إليهععم ‪،‬‬
‫وإن أساءوا أزال علوهم ‪ ،‬وعّذبهم في الدنيا والخرة ‪ .‬ووعععدهم‬
‫بإطالة أمد هذا العلو إليهم ‪ ،‬طالما هم محسنون ‪ ،‬والساءة إليهم‬
‫بعقابهم وبإزالة هذا العلععو ‪ ،‬طالمععا هععم ُيسععيئون وُيصعّرون علععى‬
‫الساءة ‪.‬‬
‫ولعلمععه المسععبق بإفسععادهم بعععد التمكععن مععن العلععو فيهععا فععي‬
‫المرتين ‪ ،‬أخبرهم سععبحانه بمععا سععيكون منهععم مسععتقبل ‪ ،‬مؤكععدا‬
‫سععم ‪ ،‬تستشعععر مععن خللععه التحعّدي اللهععي لهععم ‪ ،‬كععونهم‬ ‫ذلععك ِبَق َ‬
‫دائبون على تحّديه ‪ ،‬بمحاربة رسله وأولياءه وشععرائعه ‪ .‬وأنهععم‬
‫كلّما علوا في الرض ‪ ،‬سيفسععدون فيهععا ‪ ،‬بععالرغم مععن تحععذيرهم‬
‫هذا ‪ ،‬معلنيععن حربهععم عليععه سععبحانه ‪ .‬فينععالون غضععبه وسععخطه‬
‫صععل ذلععك منهععم ‪،‬‬
‫عليهععم ‪ ،‬ممععا يسععتوجب العقععاب ‪ .‬وعنععدما يتح ّ‬
‫وعدهم ربهم بأن يبعث عليهم في كل مرة ‪ ،‬عبادا لعه أولعي بعأس‬
‫شديد ‪ ،‬ليعيدونهم إلى موقعهم الحقيقي من العراب بين المم ‪.‬‬
‫لنؤكد هنا على أن ما ُتخبر عنه سورة السراء حصرا ‪ ،‬هو وععد‬
‫بعقاب وعذاب لليهود لفسادهم واسععتعلئهم فععي الرض ‪ ،‬بغععض‬
‫النظر عن أي اعتبارات أخرى ‪ ،‬وفي التعقيب علععى هععذا الخععبر ‪،‬‬
‫ف البشععرى‬ ‫كععانت إحععدى الحكععم اللهيععة للخبععار عنععه ‪ ،‬هععي ز ّ‬
‫للمؤمنين ‪ .‬أما نصر المؤمنين ‪ ،‬من أهل فلسطين ‪ ،‬الذين نصروا‬
‫ال بصبرهم ورباطهم وثباتهم ‪ ،‬فالخبار عنه والوعد بععه ‪ ،‬جععاء‬
‫في مواضع أخرى من القرآن ‪ ،‬فل نخلط بين المرين ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫من هننم هننؤلء العبنناد ‪ ،‬ولمنناذا هننم ‪ ،‬ومننا‬
‫الذي يجري في الحقيقة ؟‬
‫يؤكععد النععص القرآنععي ‪ ،‬فععي اليععات مععن ) ‪ ( 7-5‬مععن سععورة‬
‫السععراء ‪ ،‬أن العقععاب اللهععي لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬سععيحّل بهععم علععى‬
‫خرهم ال جّلت قدرته ‪ ،‬من أجععل‬ ‫أيدي بشر ‪ .‬طائفة من خلقه ‪ ،‬س ّ‬
‫القيام بهذه المهمة العظيمة ‪ ،‬واختارهم لهععذه المهمععة لتصععافهم‬
‫بالبأس الشديد ‪ .‬وطبيعة هذه المهمة هي النتقام ‪ ،‬وهذا النتقععام‬
‫إلهععي الطععابع ‪ ،‬وصععفته شععديد الوقععع والتععأثير ‪ .‬وبالتععالي مععن‬
‫الضرورة بما كان ‪ ،‬أن يمتلك أولئك العباد ‪ ،‬مخزونا هععائل وكمّععا‬
‫جه لبنععي إسععرائيل لسععبب أو‬ ‫ضخما ‪ ،‬من الحقععد والكراهيععة المععو ّ‬
‫لخر ‪ ،‬مما أوجد لديهم رغبة شديدة وملحة فععي النتقععام منهععم ‪،‬‬
‫حععتى يتوافععق ذلععك مععع مقتضععى الرادة اللهيععة فععي النتقععام ‪،‬‬
‫وليتجلى ذلك العذاب في أبشع صوره ‪ ،‬كمععا لععو أنععه ُأنععزل عليهععم‬
‫من السماء ‪ .‬وتوحي اليات بععأن هنععاك علقععة عدائيععة ‪ ،‬مععا بيععن‬
‫اليهود وأولئك العباد ‪ ،‬نشأت منذ نهاية علععوهم الول ‪ ،‬وتج عّددت‬
‫مع بداية علوهم الثاني ‪ ،‬واستمرت وتزايدت مع مععرور الزمععن ‪،‬‬
‫وأن سبق العداء والعتداء اليهودي على أولئك العبععاد ‪ ،‬سععيكون‬
‫السبب في خروج أولئك العباد عليهععم ‪ .‬ولتوضععيح مععا خفععي بيععن‬
‫السطور ‪ ،‬في هععذا النعص القرآنعي الكريعم ‪ ،‬سععنقوم بطععرح مثعال‬
‫قريب إلى أذهاننا ‪.‬‬
‫لنأخذ مثل ‪ ،‬الرادة أو الرغبة في الكل ‪ ،‬وهي عادة ل تأتي عبثا‬
‫صععل لسععببين ‪ :‬الشعععور بععالجوع ‪ ،‬أو لوجععود‬ ‫‪ ،‬وفععي الغععالب تتح ّ‬
‫شعِره يأكععل فععي العععادة ‪،‬‬‫صفة الشراهة في النسان ‪ .‬والنسععان ال َ‬
‫دون الحاجة للشعور بالجوع ‪ ،‬ذلك لنها طبع ملزم لععه ‪ ،‬فتخّيععل‬
‫أن إنسانا كهذا ‪ ،‬كان جائعا فضل عن شراهته ‪ ،‬وعند نزوله مععن‬
‫‪127‬‬
‫إلى الشارع ‪ ،‬مّر بمطعععم ‪ ،‬فشععاهد مععن خلل الواجهععة الزجاجيععة‬
‫دجاجععة مشععوية ‪ ،‬فاسععتثارته بمنظرهععا وأسععالت لعععابه ‪ ،‬بالتأكيععد‬
‫ستتوّلد لديه رغبة شديدة ‪ ،‬في التهام تلك الدجاجة الشععهية علععى‬
‫الفععور ‪ ،‬للشعععور باللععذة والمتععة ‪ ،‬أثنععاء التهامهعا ‪ .‬وعنععدما هعّم‬
‫بالدخول ‪ ،‬تبّين له أن المطعم مغلق للستراحة ‪ ،‬وحسععب اللفتععة‬
‫الموجودة على الباب ‪ ،‬تعبين لعه أن المطعععم لعن ُيفتععح قبععل عشعر‬
‫دقائق ‪ .‬والذي حصل مع صاحبنا ‪ ،‬أنععه لععم يععترك المععر ويمضععي‬
‫في حال سبيله ‪ ،‬بل أخذ المر على أنه موضوع شخصي ‪ ،‬كععونه‬
‫ذو طبععع شععره ‪ ،‬وكععأن الدجاجععة اعتععدت عليععه بتعّرضععها لععه فععي‬
‫الطريق ‪ ،‬وطعنته في مقتل ‪ ،‬فاتخععذ قععرارا بالنتقععام منهععا ‪ ،‬لكععي‬
‫ُيزيح عععن كععاهله ‪ ،‬ذلععك الوضععع وذلععك الشعععور المععزري ‪ ،‬الععذي‬
‫فرضععته عليععه تلععك الدجاجععة ‪ ،‬بمععا سععّببته لععه مععن اسععتثارة‬
‫واسععتفزاز ‪ .‬ولكععن هععل يسععتطيع تنفيععذ رغبتععه فععي النتقععام مععن‬
‫الدجاجة ؟ كل ! … إذن ل مناص له إّل النتظار ‪ ،‬لحيععن مجيععء‬
‫الموعد المنتظر ‪ ،‬فقعّرر النتظععار ريثمععا يفتععح المطعععم … والن‬
‫تخيل سلوك ذلك النسان ‪ ،‬لحظة فتح الباب وحععتى لحظععة وقععوع‬
‫الدجاجة بين يديه … ! وتخيععل مععا الععذي سععيفعله بتلععك الدجاجععة‬
‫حتى ينتهي من أمرهععا … ! وتخيععل مععا بقععي مععن حطامهععا … !‬
‫وتخيل منظر الطاولة لحظععة النتهععاء منهععا … ! وتخيععل منظععره‬
‫لحظة تركه لساحة المعركة … وهو يشعر بنشوة النتصععار …‬
‫الذي حققه وباقتدار … على تلك الدجاجة المزعجة … !‬
‫أخبر سبحانه بأن عقابه لبني إسرائيل ‪ ،‬سيكون من فعل البشر ‪،‬‬
‫والسععلوك البشععري فععي بعععض مععن جععوانبه ‪ ،‬هععو مجموعععة مععن‬
‫الحوادث المتكررة ‪ .‬وما نحن بصدده في هذا المقام ‪ ،‬هو القانون‬
‫الفيزيائي ) لكل فعل رد فعل معاكس لععه بالتجععاه ( ‪ ،‬ولكععن ليععس‬
‫‪128‬‬
‫مساو له بالمقدار ‪ ،‬فرد الفعل في السلوك البشععري ‪ ،‬تتععدخل فيععه‬
‫عوامل كثيرة ‪ ،‬تغير معن مقعدار رد الفععل ‪ .‬ومعن قراءتنعا للنعص‬
‫القرآني وفهمنا له ‪ ،‬نجد أن هذا العقاب اللهي ‪ ،‬سععينفذ فععي بنععي‬
‫إسرائيل على أيدي بشر ‪ ،‬وسيكون غاية ‪ ،‬فععي البطععش والتنكيععل‬
‫والذلل ‪.‬‬
‫وهععذا السععلوك البشععري ‪ ،‬ل يقععوم بععه إل مععن كععان يعتمععل فععي‬
‫صععدورهم ‪ ،‬رغبععة شععديدة فععي النتقععام ‪ .‬ورغبععة النتقععام لععدى‬
‫البشععر ‪ ،‬ل تنشععأ عبثععا ‪ ،‬فغالبععا مععا تكععون رّد فعععل لفعععل سععابق ‪.‬‬
‫بمعنى أن الرغبة في النتقام لدى شخص ما ‪ ،‬تنتج عععادة لسععبق‬
‫العتععداء مععن قبععل شععخص آخععر ‪ ،‬فغالبععا مععا يتسععبب الشععخص‬
‫المعتِدي ‪ ،‬فععي إيقععاع الذى ‪ ،‬بالشععخص المعتعَدى عليععه ‪ ،‬سععواء‬
‫كان هذا العدوان جسديا أو نفسيا ‪ ،‬مما ُيشععكل خطععرا وتهديععدا ‪،‬‬
‫علععى كيععان المعت عَدى عليععه برّمتععه ‪ ،‬مععن حيععث المععن والسععلمة‬
‫النفسية والجسدية ‪ ،‬فُيشعّكل هععذا العععدوان اسععتفزازا واسععتثارة ‪،‬‬
‫تجعل المعتدى عليه ‪ ،‬يعيش حالة من التوتر والقلععق ‪ ،‬تععؤدي بععه‬
‫أخيرا إلى القيام برد العدوان ‪ ،‬بعععدوان أشععد قسععوة وأكععثر إيلمععا‬
‫وتنكيل ‪ ،‬حتى يتخّلص المعتَدى عليه من تلك الحالععة ‪ ،‬بالضععافة‬
‫إلى رد اعتباره أمام نفسه وأمام الخريععن ‪ ،‬ولععدرء خطععر تكععرار‬
‫العدوان من قبل المعتِدي نفسه أو من قبل غيره ‪.‬‬
‫وفي كثير من الحيان ‪ ،‬يتكرر نفس السععلوك البشععري ‪ ،‬لشععخص‬
‫ما عند تعرضه لنفس المثير ‪ ،‬فععي أوقععات مختلفععة ‪ .‬وفععي أحيععان‬
‫كععثيرة يتشععابه سععلوك شععخص مععا ‪ ،‬لدرجععة التطععابق مععع سععلوك‬
‫شخص آخر ‪ ،‬تعرض لنفس الموقععف ‪ ،‬وإن اختلععف ‪ ،‬فععالختلف‬
‫إما أن يكون ‪:‬‬

‫‪129‬‬
‫أول ؛ في درجة الشدة ‪ ،‬للفعل نفسه من ) شتم ‪ ،‬أو ضرب ‪ ،‬أو‬
‫إيذاء بليغ أو قتل ( ‪.‬‬
‫ثانيا ؛ في درجة الشدة لرد الفعل من ) اكتئاب ‪ ،‬أو امتعععاض ‪ ،‬أو‬
‫شتم أو ضرب أو إيذاء بليغ أو قتل ( ‪.‬‬
‫ثالثا ؛ في طبيعة الشخص المعتععدى عليععه ) فععإن كععان ذليل ربمععا‬
‫يكتئب ‪ ،‬وإن كان جبانا ربمععا يمتعععض ‪ ،‬وإن كععان قويععا فيععه ليععن‬
‫ربما يشتم أو يضرب ‪ ،‬وإن كان عزيزا وقويا ربما يؤذي أو يقتل‬
‫وينكل ( ‪.‬‬
‫وبمععا أن السععلوك البشععري حععدث متكععرر ‪ ،‬فهععو قابععل للدراسععة‬
‫والمقارنة ‪ .‬وسورة السراء أعطت صورة من صور هذا السلوك‬
‫‪ ،‬لولئك العباد في التعامل مع بنععي إسععرائيل ‪ .‬وتصععوير السععلوك‬
‫البشععري ‪ ،‬يظهععر فععي مواضععع كععثيرة ‪ ،‬أثنععاء السععرد القرآنععي‬
‫للقصة ‪ ،‬الذي يعتمد التصوير بإيجععاز شععديد ‪ ،‬ليلقععي علععى كاهععل‬
‫القععارئ ‪ ،‬تخيععل بقيععة تفاصععيل القصععة ‪ ،‬الععتي اختفععت بسععبب‬
‫اليجاز ‪ ،‬وما كان المثال السابق إل ليضاح الجانب الخفي ‪ ،‬مما‬
‫تحكيه النصوص من أحداث غير ظععاهرة ‪ ،‬تغيعب فعي العععادة ععن‬
‫ذهن القارئ ‪ ،‬أثناء التلوة العادية لليات ‪.‬‬
‫ما تحصل لدينا من ملمح لسلوك هؤلء العباد ‪ ،‬ومن أحداث من‬
‫خلل اليات ‪ ،‬هو ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬صفة البأس الشديد ‪ :‬اتصاف هؤلء العبععاد بععالقوة والبطععش‬
‫في الحروب ‪.‬‬
‫‪ :‬قيام بنععو إسععرائيل بالعتععداء علععى هععؤلء‬ ‫‪ .2‬رّد الكّرة‬
‫صلهم على العلو الكبير ‪.‬‬‫العباد ‪ ،‬بعد تح ّ‬

‫‪130‬‬
‫ظعععم الظلعععم والفسعععاد فعععي‬
‫‪ :‬متعّلعععق بِع َ‬ ‫‪ .3‬مجيعععء الوععععد‬
‫الرض ‪ ،‬فكلما ازدادت وتيرته كلما اقترب ‪.‬‬
‫‪ :‬الخععروج للغععزو والغععارة ‪ ،‬يقععترب كلمععا‬ ‫‪ .4‬البعععث‬
‫ازدادت وتيعععرة السعععتفزاز والتهديعععد ‪ ،‬وتناقصعععت الُمعيقعععات‬
‫والموانع ‪.‬‬
‫‪ .5‬دخول المسجد ‪ :‬سلب مقومات العلو اليهودي في فلسطين‬
‫‪.‬‬
‫ظم النتقام وبشاعته ‪ ،‬باليععذاء والقتععل‬ ‫عَ‬ ‫‪ِ :‬‬ ‫‪ .6‬إساءة الوجه‬
‫والتنكيل والتهجير والسبي ‪.‬‬
‫تتبع وقارن ما بين معطيات السلوكين ‪:‬‬
‫)‪ (1‬صفة الشراهة ‪ ( (2‬سععبق رؤيععة الدجاجععة تسععبب فععي‬
‫الستفزاز والثععارة ‪ ( (3‬توّلععد الرادة والرغبععة فععي الكععل‬
‫‪ ( (4‬انتظار مجيء الموعد ) الذي حدده مدير المطعم ( ←‬
‫‪ ((5‬مجيععء الموعععد ‪ ( (6‬النبعععاث ‪ :‬فتععح البععاب وتمكيععن‬
‫الوصول ) موظفو المطعععم ( ‪ (← (7‬دخععول المطعععم ‪( (8‬‬
‫التلذذ والستمتاع بالتهام الدجاجة ( ‪.‬‬
‫)‪ (1‬صفة البأس الشديد ‪ ( (2‬سبق اليذاء والعتداء تسبب‬
‫فععي السععتفزاز والثععارة ‪ ( (3‬توّلععد الرادة والرغبععة فععي‬
‫النتقام ‪ ( (4‬انتظار مجيء الموععد ) العذي حعّدده سعبحانه (‬
‫‪ (← (5‬مجيععء الوعععد ‪ ( (6‬النبعععاث ‪ :‬إزالععة المعوقععات‬
‫وتمكين الوصول ) العلي القدير ( ‪ (← (7‬دخول المسجد ‪‬‬
‫‪ ((8‬النتقام بالتلذذ والستمتاع بالتنكيل ببني إسرائيل ( ‪.‬‬
‫الملمح الخفية التي ظهرت من خلل المقارنة هي ‪:‬‬
‫‪131‬‬
‫‪ .1‬ضرورة اعتداء بني إسرائيل على أولئك العبععاد ‪ ،‬بإضععرارهم‬
‫وإيذائهم بشكل بالغ الثر ‪.‬‬
‫‪ .2‬توّلععد حالععة مععن التععوتر والقلععق والقهععر ‪ ،‬لععدى أولئك العبععاد‬
‫ُيخّلفها ذلك العدوان ‪.‬‬
‫‪ .3‬تولد الرادة والرغبة فعي النتقعام ‪ ،‬لعدى أولئك العبعاد ‪ ،‬بعرّد‬
‫الصاع صاعين ‪ ،‬لدفع الذى والضرر ‪ ،‬ورّد العتبار ‪.‬‬
‫‪ .4‬العمل والستعداد والنتظار ‪ ،‬ريثما تأتي اللحظععة المناسععبة ‪،‬‬
‫التي ُتمّكنهم من النقضاض ‪.‬‬
‫والن لنطرح السئلة التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬من الشعب الذي يمتلك صفة الصبر والجلد عنععد وقععوع‬
‫البلء ‪ ،‬والقوة والبطش عند مواجهة العداء ؟‬
‫‪ .2‬مععن الشعععب الععذي ُهععزم مععن قبععل اليهععود عنععد نشععوء‬
‫دولتهم ‪ ،‬والوحيد الذي استمر اليهود ‪ ،‬في إيذاءه والعتداء‬
‫عليه ‪ ،‬بشكل مباشر وغير مباشععر ‪ ،‬ومععا زالععوا حععتى يومنععا‬
‫هذا ‪ ،‬وسيستمرون في إيععذاءه حععتى ُيجععبروه علععى الخععروج‬
‫عليهم ؟‬
‫‪ .3‬من الشعب الذي ُيظهر رغبة شديدة وملحة في النتقام‬
‫منهم ‪ ،‬والقضاء عليهم وإنهاء وجودهم ‪ ،‬وما بقي عليععه إل‬
‫أن ُيهيئ ال له ‪ ،‬أسباب الخروج والنبعاث ؟‬
‫‪ .4‬من الشعب الذي ُبعث عليهم فعي المعرة الولعى ‪ ،‬ودّمعر‬
‫مملكتهم في فلسطين بالذات ؟ وأين تقع الرض الععتي خععرج‬
‫منها الن ؟‬

‫‪132‬‬
‫‪ .5‬مععن الشعععب العزيععز والقععوي ‪ ،‬الععذي ل يقبععل الخضععوع‬
‫والذل والهوان ‪ ،‬ولديه القوة والقدرة ‪ ،‬ليفاجئهم ويكيل لهععم‬
‫الصععاع صععاعين ‪ ،‬وينععزل بهععم أبشععع انتقععام إلهععي ‪ ،‬وبتجعّل‬
‫واقتدار ؟‬
‫شروط ومواصفات المرة ‪:‬‬
‫والن لنحعععاول اسعععتنباط الشعععروط والمواصعععفات ‪ ،‬العععتي يجعععب‬
‫توافرها في المرة الواحدة ‪ ،‬ليصبح لدينا مقياس ينأى بنععا ‪ ،‬عععن‬
‫التخبععط والعشععوائية والجتهععاد الخععاطئ ‪ ،‬نسععتطيع مععن خللععه ‪،‬‬
‫تقييم كل حالة من الحالت المعروضة بين أيععدينا ‪ ،‬لجعل التحقععق‬
‫وبدقة متناهية ‪ ،‬من كونها إحدى المرتين أم ل ‪-:‬‬
‫أوجه التشابه بين المرتين ‪:‬‬
‫‪ .1‬المكان ‪ :‬الرض المقدسة ‪ -‬فلسطين ‪.‬‬
‫‪ .2‬صفة الفساد ‪ :‬أممي جماعي ‪ -‬القتل وسفك الدماء ‪ ،‬إخععراج‬
‫الناس من ديارهم ‪ ،‬محاربة ال وما جاء به رسله ‪.‬‬
‫‪ .3‬العلو ‪ :‬الستعلء ‪ -‬امتلك الرض والمال والقوة ‪.‬‬
‫‪ .4‬صفة المبعععوثين ‪ :‬أقويععاء وأعععزاء ‪ -‬يفضععلون المععوت علععى‬
‫الععذل والمهانععة ‪ ،‬ول يقبلععون بأقععل مععن رّد الصععاع صععاعين ‪،‬‬
‫ومخرجهم من نفس الرض ‪ ،‬في المرتين ‪.‬‬
‫‪ .5‬صفة العقاب ‪ :‬انتقام إلهي ‪ -‬الععدخول بالغلبععة قسععرا وقهععرا ‪،‬‬
‫وهدم مقومات الدولة ‪ ،‬وإفنععاء شعععبها ‪ ،‬والشععتات لمععن ينجععو‬
‫منهم ‪.‬‬
‫علمات فارقة تميز كل مرة عن الخرى ‪:‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ .1‬النشأة والسععتمرارية ‪ :‬تواكليععة ‪ -‬إحععداهما بالتواكععل‬
‫على ال ‪ ،‬والخرى بالتواكل على الناس ‪.‬‬
‫‪ .2‬المجيعععء ‪ :‬مختلعععف ‪ -‬دخعععول فلسعععطين كأمعععة فعععي‬
‫الولى ‪ ،‬دخولها كجماعات متفرقة من الشتات في الثانيععة‬
‫‪.‬‬
‫‪ .3‬الوعد ‪ :‬الول ‪ -‬تحقق قبععل نععزول سععورة السععراء ‪،‬‬
‫والثاني ‪ -‬سيتحقق في مستقبل المة السلمية ‪.‬‬
‫هننل مننن المكننن أن يبعننث اللننه الكفننرة‬
‫وُيسّلطهم على من شاء من عباده ؟‬
‫هذا السؤال كان قد أورده الزمخشري في الكشاف ‪ ،‬حيععث قععال ‪:‬‬
‫" ) عبادا لنا ( ‪ ،‬وُقععرئ عبيععدا لنععا ‪ ،‬وأكععثر مععا ُيقعال عبعاد الع ‪،‬‬
‫وعبيد الناس ‪ ،‬سنحاريب وجنععوده وقيععل بختنصععر … فععإن قلععت‬
‫كيف جاز أن يبعث الع الكفععرة وُيسعّلطهم عليهععم ؟ قلععت ‪ :‬معنععاه‬
‫خلينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم ‪ ،‬علععى أن ال ع أسععند بعععث‬
‫ك ُن عَوّلي َبْع ع َ‬
‫ض‬ ‫الكفععرة إلععى نفسععه ‪ ،‬فهععو كقععوله تعععالى ) َوَك عَذِل َ‬
‫ن )‪ 129‬النعام ( " انتهى ‪.‬‬ ‫سُبو َ‬‫ضا ‪ِ ،‬بَما َكاُنوا َيْك ِ‬
‫ن َبْع ً‬
‫ظاِلِمي َ‬
‫ال ّ‬
‫أما المام أحمد فقد قال ردا على نفععس السععؤال ‪ " :‬هععذا السععؤال‬
‫ي ‪ُ ،‬يوجب على ال تعععالى بزعمععه ‪ ،‬رعايععة‬ ‫إنما يتوجه على قدر ّ‬
‫سعئل هعذا السعؤال‬ ‫سعنيّ إذا ُ‬ ‫معا يتعوهمه بعقلعه مصعلحة ‪ ،‬وأمعا ال ُ‬
‫ن )‪ 23‬النبياء‬ ‫سَأُلو َ‬‫عّما َيْفَعُل َوُهْم ُي ْ‬
‫سَأُل َ‬‫أجاب عنه بقوله ‪َ ) :‬ل ُي ْ‬
‫( " انتهى ‪.‬‬
‫ول ننسى أن الكلم في المسألة أعله ‪ ،‬محمول علععى أن البعععثين‬
‫صل قبل نزول اليات ‪ ،‬حيث أجمعت كل الروايات على كفر‬ ‫قد تح ّ‬
‫المبعوثين ‪ ،‬فجاء الكلم رّدا ‪ ،‬على من قد ينكعر علعى الع ‪ ،‬بععث‬
‫‪134‬‬
‫الكفرة على فسقة أهععل الكتععاب ‪ ،‬ويحصععر ذلععك بععالمؤمنين وهمععا‬
‫وظنععا واتباعععا للهععوى ‪ُ ،‬مقععّدرا بععأن فععي ذلععك كععل المصععلحة‬
‫ب العزة برأيه ‪.‬‬ ‫والمنفعة ‪ُ ،‬ملزما ر ّ‬
‫وبالضافة لما تقّدم ‪ ،‬نسوق بعععض الدلععة مععن القععرآن والسععنة ‪،‬‬
‫على تسليط ال الناس بعضععهم علععى البعععض ‪ ،‬دون بيععان ماهيععة‬
‫المعتقد من حيث اليمان أو الكفر ‪ ،‬وحتى نصرة الدين بالفجار ‪:‬‬
‫ت اْلَْر ُ‬
‫ض‬ ‫س عَد ِ‬
‫ض َلَف َ‬‫ضهُْم ِبَبْع ع ٍ‬ ‫س َبْع َ‬‫ل الّنا َ‬ ‫قال تعالى ) َوَلْوَل َدْفُع ا ِّ‬
‫ن )‪ 251‬البقرة (‬ ‫عَلى اْلَعاَلِمي َ‬ ‫ضٍل َ‬ ‫ل ُذو َف ْ‬ ‫ن ا َّ‬‫َوَلِك ّ‬
‫صعَوامُِع‬ ‫ت َ‬ ‫ض َلُهّدَم ْ‬‫ضُهْم ِبَبْع ٍ‬ ‫س َبْع َ‬ ‫ل الّنا َ‬ ‫وقال أيضا ) َوَلْوَل َدْفُع ا ِّ‬
‫لع‬ ‫ن ا ُّ‬
‫ص عَر ّ‬
‫سُم الِّ َكِثي عًرا َوَلَيْن ُ‬
‫جُد ُيْذَكُر ِفيَها ا ْ‬ ‫سا ِ‬‫ت َوَم َ‬‫صَلَوا ٌ‬ ‫َوِبَيٌع َو َ‬
‫عِزيٌز )‪ 40‬الحج (‬ ‫ي َ‬ ‫ل َلَقِو ّ‬
‫ن ا َّ‬‫صُرُه ِإ ّ‬ ‫ن َيْن ُ‬
‫َم ْ‬
‫سععوِل‬ ‫عْنُه ‪ ،‬عن َر ُ‬ ‫ي الُّ َ‬ ‫ضَ‬
‫ومما روى البخاري عن َأِبي ُهَرْيَرَة َر ِ‬
‫سعّلَم ‪ ،‬أنععه َقععاَل فععي معععرض حععديثه ‪… ) :‬‬ ‫عَلْيعِه َو َ‬
‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫ا ِّ‬
‫جِر ( ‪ ،‬وأخرجه مسلم وأحمد‬ ‫جِل اْلَفا ِ‬
‫ن ِبالّر ُ‬ ‫ل َلُيَؤّيُد َهَذا الّدي َ‬ ‫ن ا َّ‬
‫َوِإ ّ‬
‫والدارمي ‪.‬‬
‫فإذا كان الحكيععم العليععم ينصععر دينععه بالفجععار ‪ ،‬أفل ُيع عّذب الكفععار‬
‫بالكفار ؟!!‬
‫أولم ُيسّلط ال التتار على فسقة المسلمين قديما ‪ ،‬وُيسّلط التراك‬
‫والنصععارى واليهععود علععى فسععقة المسععلمين حععديثا ‪ ،‬أم أن هععذا‬
‫التسليط كان من عند غير ال ؟!!‬
‫والسؤال هل هناك منفعععة أو مصععلحة ‪ُ ،‬ترتجععى مععن بعععث الريععح‬
‫والحجارة ‪ ،‬أو بعععث الطيععر والضععفادع ‪ ،‬علععى القععوام السععابقة ‪،‬‬
‫طالما أن الغاية هي عقاب الظلمة والمفسدين ؟!!‬
‫‪135‬‬
‫الخلصة ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن إفساد بنو إسرائيل وعلوهم سيكون كأّمععة ‪ ،‬وبقيععام دولععة‬
‫لهم في فلسطين لمرتين فقط ‪ ،‬ل ثالث لهما ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن البعث من عند الع ‪ ،‬وأنععه عقععاب وعععذاب لبنععي إسععرائيل‬
‫لفسادهم في الرض ‪ ،‬في الدرجة الولى ‪ ،‬بععالرغم مععن كععونه‬
‫نصرا للمستضعفين ‪ ،‬من أهل فلسطين ‪ ،‬الذين انتصروا لربهم‬
‫ودينهم ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن هذا البعث متعّلق بموعد ‪ ،‬والمؤشر على قرب أجله ‪ ،‬هو‬
‫ازدياد وتيرة الظلم والفساد اليهودي ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن غايععة هععذا البعععث ‪ ،‬هععي النتقععام مععن بنععي إسععرائيل فععي‬
‫الدرجة الولى ‪ ،‬وليس مكافأة لصلح المبعوثين ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن الوعععد الول كععان قععد ُأنجععز فيمععا مضععى ‪ ،‬وقبععل مجيععء‬
‫السلم ‪ ،‬بل قبل عيسى عليه السلم ‪.‬‬
‫‪ .6‬أن تحقق الوعد الثاني ‪ ،‬اشُترط فيه قبل تحقّقه ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬مجيئهم من الشتات ؛‬
‫ثانيا ‪ :‬هزيمة اليهود للمبعوثين وإلحاق الذى بهم ؛‬
‫ثالثا ‪ :‬اعتماد اليهود على المساعدات المادية والبشرية ؛‬
‫رابعا ‪ :‬تفّوق اليهود عسكريا على أعدائهم ‪.‬‬
‫‪ .7‬أن للبعث الثاني سبب ‪ ،‬وهو سععبق العتععداء اليهععودي علععى‬
‫المبعععوثين ‪ ،‬وأن خععروج المبعععوثين عليهععم ‪ ،‬سععيكون لرفععع‬
‫الضرر والنتقام لنفسهم ‪.‬‬
‫‪ .8‬أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية ‪ ،‬هععم نفععس المبعععوثين‬
‫عليهم في المرة الولى ‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫‪ .9‬أن هذا البعععث سععيكون ُمفععاجئا لهععم ‪ ،‬وهععم فععي قمععة علععوهم‬
‫وتجبرهم ‪ ،‬وسيأتيهم من حيث ل يحتسبوا ‪ ،‬وسيتم قتل اليهود‬
‫والتنكيل بهم ‪ ،‬ومن ثم دخول فلسطين والسيطرة عليهععا ‪ ،‬مععع‬
‫انعدام قدرة اليهود على صّد المبعوثين ‪.‬‬
‫‪ .10‬أن الدخول الول يعرفه اليهود ‪ ،‬كمعرفتهم لولدهم ‪ ،‬وليس‬
‫للمسلمين معرفة بصفته ‪ ،‬كونهم لم ُيعاصرونه ‪ ،‬إل مععن خلل‬
‫كتب اليهود ‪.‬‬
‫‪ .11‬أن تدمير مقومععات علععوهم فععي مشععارق الرض ومغاربهععا ‪،‬‬
‫أمر حتمي ‪ ،‬ولو بعد حين ‪.‬‬
‫‪ .12‬أن ماهية المعتقد للمبعوثين ُمبهمة ‪ ،‬فمن الجععائز أن يكونععوا‬
‫كفرة أو مسلمين أو مؤمنين أو من أولياء ال المخلصين ‪ ،‬في‬
‫كل المرتين ‪ ،‬أو في مرة دون الخععرى ‪ ،‬وأن أهعّم مععا ُيمّيزهععم‬
‫في كل المرتين ‪ ،‬هو اّتصافهم بالبأس الشديد ‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل في القران‬
‫بعد مراجعععتي لمعظععم اليععات القرآنيععة ‪ ،‬الععتي تحكععي سععيرة بنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬تبّين لععي الكععثير مععن الوقععائع المبهمععة فععي تععاريخهم ‪،‬‬
‫والمفاهيم المغلوطة ‪ ،‬التي كنت أحملها ويحملها عامة المسلمين‬
‫‪ ،‬والععتي سععيرد تفصععيلها فععي هععذا الفصععل إن شععاء ال ع ‪ .‬كنععت‬
‫سأقتصر بحثي في تاريخ بني إسرائيل ‪ ،‬لثبات تحقق وعد المرة‬
‫الولععى مععن علععو وإفسععاد وعقععاب ‪ ،‬ولكععن تععبين لععي مععن خلل‬
‫الحاديث العامة ‪ ،‬وعند طرحي لموضوع هذا البحععث ‪ ،‬أن كععثيرا‬
‫مععن النععاس ‪ ،‬يجهلععون تاريععخ بنععي إسععرائيل ‪ ،‬وخاصععة ماهّيععة‬
‫الحععداث الععتي حصععلت معهععم ‪ ،‬وموقعهععا مععن حيععث الزمععان‬
‫والمكععان ‪ ،‬والععتي ُذكععرت متفرقععة فععي القععرآن ‪ ،‬وبل ترتيععب فععي‬
‫أغلب الحيان ‪ ،‬ويجهلون أيضا حتى ترتيب أنبيعاء بنععي إسعرائيل‬
‫وتعاقبهم ‪ ،‬لذلك اضطررت لتعقب تاريخهم منذ البدايعة ‪ ،‬لمعا فيعه‬
‫من فائدة ‪.‬‬
‫إبراهيم عليه السلم‬
‫حسععبما ورد عععن أهععل الكتععاب ‪ ،‬أن إبراهيععم عليععه السععلم ‪ ،‬كععان‬
‫ب َق عْوِمِه ِإّل‬ ‫جَوا َ‬
‫ن َ‬‫مقيما في بلدة أور في جنوب العراق ‪َ ) ،‬فَما َكا َ‬
‫ت‬
‫ن ِفععي َذِل عكَ لََيععا ٍ‬
‫ل ِمنْ الّناِر ِإ ّ‬ ‫جاُه ا ُّ‬
‫حّرُقوُه َفَأن َ‬‫ن َقاُلوا اْقُتُلوُه َأْو َ‬
‫َأ ْ‬
‫جرٌ‬ ‫ط َوَقاَل ِإّني ُمَهععا ِ‬‫ن َلُه ُلو ٌ‬‫ن )‪ 24‬العنكبوت ( ‪َ ) ،‬فآَم َ‬ ‫ِلَقْوٍم ُيْؤِمُنو َ‬
‫جْيَنععاُه‬
‫حِكيعُم )‪ 26‬العنكبععوت ( ‪َ ) ،‬وَن ّ‬ ‫ِإَلععى َرّبععي ِإّنعُه ُهعَو اْلَعِزيعُز اْل َ‬
‫ن )‪ 71‬النبياء ( ومععن‬ ‫ض اّلِتي َباَرْكَنا ِفيَها ِلْلَعاَلِمي َ‬‫طا ِإَلى اَْلْر ِ‬ ‫َوُلو ً‬
‫ثم انتقل إبراهيم ولوط عليهما السلم ‪ ،‬وهو الوحيد الذي آمن له‬
‫من قومه ‪ ،‬إلى فلسطين ‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫وسكن لوط عليه السلم قرية ) سدوم وعمععورة ( حسععب تسععمية‬
‫التوراة ‪ ،‬في موضع البحر الميت حاليا ‪ ،‬واسععتمر إبراهيععم عليععه‬
‫السلم على الرجح ‪ ،‬إلى المدينععة المسعّماة باسععمه لغايععة الن –‬
‫وهععي الخليععل جنععوبي القععدس ‪ -‬وسععكن فيهععا ‪ ،‬وظععاهر النععص‬
‫القرآني ‪ ،‬يفيد بأنهما لم يكونا متزوجين ‪ ،‬ولععو كانععا مععتزوجين ‪،‬‬
‫لُذِكَر أهلهما عند النجاة ‪ ،‬كما اقترن ِذْكر الهل مع النبيععاء ‪ ،‬فععي‬
‫كل من حالت النجاة والهجرة ‪ ،‬التي وردت في القران ‪ ،‬كما فععي‬
‫جْيَنععاُه َوَأْهَلعهُ ِمعنْ‬ ‫جْبَنا َلعُه َفَن ّ‬
‫سعَت َ‬‫ن َقْبعُل َفا ْ‬‫حا ِإْذ َناَدى ِم ْ‬ ‫الية ) َوُنو ً‬
‫طععا …‬ ‫ن ِفيَهععا ُلو ً‬ ‫ظيعِم )‪ 76‬النبيععاء ( ‪ ،‬واليععة ) َقععاَل ِإ ّ‬ ‫ب اْلَع ِ‬
‫اْلَكْر ِ‬
‫ن )‪ 32‬العنكبععوت ( ‪،‬‬ ‫ن اْلَغععاِبِري َ‬‫ت ِمع ْ‬‫جَيّنُه َوَأْهَلُه ِإّل اْمَرَأَتعُه َكععاَن ْ‬
‫َلُنَن ّ‬
‫سعاَر ِبعَأْهِلِه )‪ 29‬القصعص (‬ ‫جعَل َو َ‬ ‫سعى اَْل َ‬ ‫ضعى ُمو َ‬ ‫والية ) َفَلّما َق َ‬
‫ليفيد ذلك أنهما هاجرا منفردين وفي مقتبل العمععر ‪ ،‬وأن الععزواج‬
‫حصل بعد القامة ‪ ،‬وعلى الرجح ‪ ،‬من نفس القوام التي دخلععوا‬
‫عليها وعايشوهاكأفراد ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫عَلععى‬ ‫ب لععي َ‬ ‫حْمعُد لِّع اّلعِذي َوَهع َ‬ ‫قال تعالى على لسان إبراهيم ) اْل َ‬
‫عاِء )‪39‬‬ ‫سعععِميُع العععّد َ‬ ‫ن َرّبعععي َل َ‬ ‫ق ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫حا َ‬
‫سععع َ‬‫عيَل َوِإ ْ‬‫سعععَما ِ‬ ‫اْلِكَبعععِر ‪ِ ،‬إ ْ‬
‫إبراهيم ( ‪ ،‬ومرت سععنون طويلععة ‪ ،‬وبعععد أن تقعدم إبراهيععم عليععه‬
‫السلم في العمر ‪ ،‬وهبه ال جّل وعل إسماعيل أول من هععاجر ‪،‬‬
‫ق بإسععحاق فععي شععيخوخته ‪،‬‬ ‫فأسكنه وأمه في مكة ‪ ،‬ومن ثععم ُرِز َ‬
‫من سارة التي أصبحت عجعوزا ‪ ،‬ومعن ثعم ُوِلعَد يعقعوب لسعحاق‬
‫ش عْرَناَها‬ ‫ت َفَب ّ‬ ‫حَك ْ‬ ‫ضع ِ‬‫عليهما السلم ‪ ،‬قال تعالى ) َواْمَرَأُت عُه َقاِئَم عٌة َف َ‬
‫ت َيَوْيَلَتععا َأَأِلعُد َوَأَنععا‬
‫ب )‪َ (71‬قععاَل ْ‬ ‫ق َيْعُقععو َ‬‫حا َ‬ ‫سَ‬‫ن َوَراِء ِإ ْ‬ ‫ق َوِم ْ‬ ‫حا َ‬‫سَ‬ ‫ِبِإ ْ‬
‫ب )‪ 72‬هود ( ‪.‬‬ ‫جي ٌ‬ ‫عِ‬‫يٌء َ‬ ‫ش ْ‬‫ن َهَذا َل َ‬ ‫خا ِإ ّ‬
‫شْي ً‬‫جوٌز َوَهَذا َبْعِلي َ‬ ‫عُ‬ ‫َ‬

‫‪139‬‬
‫مسنننألة بنننناء النننبيت الحنننرام والمسنننجد‬
‫القصى ‪:‬‬
‫س َلّلعِذي ِبَبّكعَة ُمَباَرًكععا َوُهعًدى‬ ‫ضَع ِللّنععا ِ‬ ‫ت ُو ِ‬ ‫ن َأّوَل َبْي ٍ‬ ‫قال تعالى ) ِإ ّ‬
‫ن )‪ 96‬آل عمران ( ‪.‬‬ ‫ِلْلَعاَلِمي َ‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫بي‬ ‫عن أ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ َ‬ ‫و َ ْ ِ‬
‫ل؟‬ ‫و َ‬ ‫ل الل ّه أ َي مسننجد وضننع أ َ‬ ‫سو َ‬
‫ّ َ ْ ِ ٍ ُ ِ َ ّ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ :‬يا َر ُ‬
‫قل ْت ‪ :‬ث ُنم أ َ‬
‫ي؟‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫م‪ُ ُ ،‬‬ ‫حَرا ُ‬ ‫جدُ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ :‬ال ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫كنن‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫صى‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫ل ‪ :‬ث ُم ال ْمسجدُ اْل َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قننا َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬ ‫عو‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ل ‪ :‬أَ‬ ‫قا َ‬ ‫ما ؟ َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ب َي ْن َ ُ‬ ‫كا َ‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫ل ‪ ،‬واْل َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫حيث ُما أ َ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫جدٌ ( رواه البخنناري ‪ ،‬وأخرجننه‬ ‫سنن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫َلنن َ‬
‫مسلم والنسننائي وابننن ماجننة وأحمنند ‪.‬‬
‫جاء في شرح السننندي ‪ ،‬لنفننس المتننن‬
‫ع‬‫ض َ‬ ‫و ِ‬ ‫عند ابن ماجة ‪ ،‬ما نصه ‪ " :‬قوله ) ُ‬
‫أول ( بالبنننناء علنننى الضنننمة ‪ ) ،‬قنننال‬
‫أربعون عاما ( قالوا ‪ :‬ليس المننراد بننناء‬
‫إبراهينننم للمسنننجد الحنننرام ‪ ،‬وبنننناء‬
‫سليمان للمسجد القصى ‪ ،‬فإن بينهمننا‬
‫مدة طويلة بل ريب ‪ ،‬بل المننراد بناؤهننا‬
‫قبل هذين البناءين ‪ ،‬والله أعلم " ‪.‬‬
‫ومن معاني ) الوضع ( ‪ ،‬في لسان العرب " والمواضع معروفة‬
‫‪ ،‬وواحدها موضع ‪ ،‬والموضع هو اسم المكان ‪ ،‬وفععي الحععديث ‪:‬‬
‫ض عُع الجزيععة " ‪ ،‬فتوضععع الجزيععة‬ ‫" ينععزل عيسععى بععن مريععم فَي َ‬
‫ض عُع العلععم " أي يهععدمه ويلصععقه‬ ‫وتسقط ‪ ،‬وفي الحديث ‪ " :‬و َي َ‬
‫‪140‬‬
‫ضعَعًا أي اختلقععه وأوجععده ‪ ،‬ووضععع‬
‫ضعَع الشععيء َو ْ‬
‫بالرض ‪ ،‬وَو َ‬
‫الشيء في المكان ‪ ،‬أثبته فيه " ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫ع ( بننأي حننال مننن الحننوال‬ ‫ضن َ‬
‫و ِ‬ ‫ت) ُ‬ ‫ولم تأ ِ‬
‫ي ( ‪ ،‬وذلك يفيد بأن الوضننع‬ ‫بمعنى ) ب ُن ِ َ‬
‫كان للقواعد فقننط ‪ .‬وقنند ُروي أن آدم‬
‫عليه السلم ‪ ،‬هو أول من بنى الكعبننة ‪،‬‬
‫واتخننذت مكان نا ً لعبننادة اللننه ‪ ،‬ومننن ثننم‬
‫تحول الموضع لعبادة الصنام ‪ ،‬وأزيلننت‬
‫معالم ذلك البناء ‪ ،‬بفعل الطوفان زمن‬
‫ننننوح علينننه السنننلم ‪ ،‬واختفنننت هنننذه‬
‫القواعد نتيجة تراكم التربة ‪ ،‬علننى م نّر‬
‫ع ( فنني كل‬ ‫ضنن َ‬
‫و ِ‬
‫السنننين ‪ .‬وإعننراب ) ُ‬
‫ض مبننني‬ ‫الموضننعين ‪ ،‬هننو فعننل مننا ٍ‬
‫للمجهننول ‪ ،‬أي أن فاعننل الوضننع غيننر‬
‫معلوم في النص ‪ ،‬وجاءت بمعنى تعيين‬
‫وتحدينند مكننان الننبيت ‪ ،‬وهننناك روايننات‬
‫بأن الملئكة كشفت لدم عن موضننعه ‪،‬‬
‫سنناحي‬ ‫عندما بناه لول مننرة ‪ .‬وبلغننة م ّ‬
‫الراضننننني ‪ ،‬نسنننننتطيع القنننننول أن‬
‫وضع ( ‪ ،‬جاءت بمعنى تحديد وإسقاط‬ ‫) ُ‬
‫إحداثيات الموقع على الرض ‪ ،‬وتثننبيت‬
‫حدوده ‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫ول يختلف اثنان ‪ ،‬علننى أن مننن أعنناد بننناء‬
‫البيت الحرام ‪ ،‬هما إبراهيم وإسننماعيل‬
‫عليهمننا السننلم ‪ ،‬بدللننة قننوله تعننالى‬
‫ن َل‬ ‫َ‬ ‫) وإذْ بوأ ْ‬
‫تأ ْ‬ ‫ن ال ْب َي ْن ِ‬ ‫مك َننا َ‬‫َ َ‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫هي‬‫ِ‬ ‫را‬ ‫ب‬
‫ِْ َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫َ ِ َ ّ‬
‫ن‬
‫في َ‬ ‫هْر ب َي ْت ِنني ِللطّننائ ِ ِ‬ ‫وط َ ّ‬ ‫شي ًْئا َ‬ ‫ك ِبي َ‬ ‫ر ْ‬
‫ش ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫جوِد )‪ 26‬الحج ( ‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫والّرك ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫قائ ِ ِ‬‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫وأنننا أي كشننفنا وأظهرنننا لننه موضننعه‬ ‫ب ّ‬
‫ومكّناه منه وأذنا له في بنائه ‪ ،‬ومن ثم‬
‫كان البناء برفعننه فننوق القواعنند ‪ ،‬فنني‬
‫ن‬‫من ْ‬ ‫ع ند َ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫هي ن ُ‬ ‫ع إ ِب َْرا ِ‬ ‫ف ُ‬‫وإ ِذْ ي َْر َ‬ ‫قوله ) َ‬
‫ل )‪ 127‬البقنننرة ( ‪،‬‬ ‫عي ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫سننن َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ال ْب َْيننن ِ‬
‫والغاية من بناءه هو جعله مكانا للعبادة‬
‫‪ ،‬بما تشمله من طننواف وقيننام وركننوع‬
‫وسنننجود ‪ ،‬لمنننن يسنننتجيبوا لرسنننالة‬
‫السننلم ‪ ،‬كمننا ورد فنني اليننة أعله ‪،‬‬
‫النننتي كنننان يحملهنننا إسنننماعيل علينننه‬
‫السننلم ‪ ،‬المقيننم فنني ذلننك المكننان‬
‫ن‬ ‫ه ك َننا َ‬‫ل إ ِن ّن ُ‬‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫سن َ‬‫ب إِ ْ‬ ‫في ال ْك َِتا ِ‬ ‫واذْك ُْر ِ‬ ‫) َ‬
‫سننوًل ن َب ِّيننا )‪54‬‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كننا َ‬ ‫و َ‬ ‫د َ‬ ‫عنن ِ‬ ‫و ْ‬‫صنناِدقَ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫مريم ( ‪.‬‬
‫يعقوب ويوسف عليهما السلم‬
‫جَتَبْيَنععا‬
‫ن َهعَدْيَنا َوا ْ‬
‫سعَراِئيَل َوِمّمع ْ‬
‫ن ُذّرّيِة ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ‬
‫قال تعالى ) َوِم ْ‬
‫جًدا َوُبِكّيعا )‪ 58‬مريعم ( ‪،‬‬ ‫سع ّ‬
‫خعّروا ُ‬ ‫ن َ‬‫حَمعا ِ‬‫ت الّر ْ‬ ‫عَلْيِهْم آَيا ُ‬
‫ِإَذا ُتْتَلى َ‬
‫ويعقوب عليه السلم هو إسعرائيل ‪ ،‬والمقصعود ببنعي إسعرائيل ‪،‬‬
‫‪143‬‬
‫هم نسل يعقوب عليه السععلم ‪ ،‬وحسععب مععا ترويععه التععوراة ‪ ،‬أنععه‬
‫ترك مقام أبيه إسحاق في فلسطين ‪ ،‬وهاجر إلى خاله في العععراق‬
‫‪ ،‬ورعى عنده الغنم عدة سنين ‪ ،‬وتزوج اثنتين من بناته ‪ ،‬وعععاد‬
‫إلى فلسطين مععرة أخععرى ‪ ،‬وقععد ُرزق عليععه السععلم بععاثني عشععر‬
‫ابنا ‪ ،‬وأبرزهم يوسععف عليععه السععلم ‪ ،‬فععي قععوله تعععالى ) ِإْذ َقععاَل‬
‫س‬
‫شععْم َ‬ ‫شععَر َكْوَكًبععا ‪َ ،‬وال ّ‬ ‫ع َ‬‫حععَد َ‬ ‫ت َأ َ‬
‫ت ِإّنععي َرَأْيعع ُ‬
‫ف َِلِبيععِه َيععَأَب ِ‬‫سعع ُ‬‫ُيو ُ‬
‫ن )‪ 4‬يوسف ( ‪ ،‬وقوله ) َوَرَفَع َأَب عَوْيهِ‬ ‫جِدي َ‬‫سا ِ‬
‫َواْلقََمَر ‪َ ،‬رَأْيُتُهْم ِلي َ‬
‫جًدا )‪ 100‬يوسععف ( ‪ .‬أي أجلععس أبععوه‬ ‫سع ّ‬
‫خّروا َلُه ُ‬ ‫ش َو َ‬ ‫عَلى اْلَعْر ِ‬ ‫َ‬
‫وأمه إلى جواره ‪ ،‬احتراما وتقديرا وتععوقيرا ‪ ،‬ومععن ثععم سععجد لععه‬
‫أخوته الحععد عشععر ‪ ،‬دون أبععويه ‪ ،‬ففععي اليععة )‪ (4‬كععانت الرؤيععا‬
‫الولى ‪ ،‬للحععد عشععر كوكبععا والشععمس والقمععر ‪ ،‬ومععن ثععم كععانت‬
‫الرؤيععا الثانيععة ‪ ،‬لسععجود الحععد عشععر كوكبععا ‪ ،‬دون الشععمس‬
‫والقمر ‪ ،‬وهذا ما تؤكده الية ) ‪ ، ( 100‬حيث ُرفععع البععوين إلععى‬
‫العرش ‪ ،‬ومن ثم وقع السجود من الخوة ‪.‬‬
‫أما مكان سععكنى يعقععوب عليععه السععلم ‪ ،‬ومععن قععوله تعععالى علععى‬
‫ن اْلَب عْدِو )‪ 100‬يوسععف ( ‪ ،‬يتععبين لنععا‬ ‫جاَء ِبُكْم ِم ْ‬ ‫لسان يوسف ) َو َ‬
‫أنهم كانوا قد سععكنوا الصععحراء ‪ ،‬وعاشععوا حيععاة البععداوة ‪ ،‬ومععن‬
‫المعروف أن مهنة البدو ‪ ،‬هي تربية المواشي ‪ ،‬وتبادل منتجاتها‬
‫مععع أهععل الحضععر ‪ ،‬ومععن قععوله علععى لسععان أخععوة يوسععف أيضععا‬
‫س عَأْل اْلَقْرَي عَة اّلِتععي ُكّنععا ِفيَهععا َواْلِعي عَر اّلِتععي َأْقَبْلَنععا ِفيَهععا َوِإّنععا‬
‫) َوا ْ‬
‫ن )‪ 82‬يوسف ( والقرية ‪ ،‬هي مكان تواجد يوسف عليععه‬ ‫صاِدُقو َ‬‫َل َ‬
‫السلم في مصر ‪ ،‬حيععث تركععوا الخ الشععقيق ليوسععف ‪ ،‬وقععولهم‬
‫هذا وترّددهم لكثر من مرة على مصر ‪ ،‬يدل على قربهععم منهععا ‪،‬‬
‫وقولهم ) َواْلِعيَر اّلِتعي َأْقَبْلَنعا ِفيَهعا ( يعدل أنهعم ذهبعوا إلعى مصعر‬
‫ورجعوا في قافلععة ‪ ،‬وأفرادهععا يقطنععون معهععم أو بععالقرب منهععم ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫والرجح أن تكون هذه الصحراء ‪ ،‬التي كانوا يقيمون فيها قريبة‬
‫إلى مصر ‪ ،‬وربما تكون صحراء النقب ‪ ،‬جنوب فلسععطين ‪ ،‬وفععي‬
‫منطقععة بئر السععبع بالععذات ‪ ،‬حيععث سععكنى بععدو فلسععطين ‪ ،‬وهععو‬
‫الرجح وال أعلم ‪.‬‬
‫النتقال إلى مصر ‪:‬‬
‫وبعععد أن تبعّوأ يوسععف عليععه السععلم فععي مصععر منصععبا ‪ ،‬يععوازي‬
‫منصععب وزيععر الخزينععة ‪ ،‬أو الماليععة فععي عصععرنا الحععالي ‪ ،‬لععدى‬
‫فرعون مصر ‪ ،‬انتقل يعقوب وبنوه ‪ ،‬للحاق بععه فععي مصععر ‪ ،‬قععال‬
‫خُلععوا‬
‫ف آَوى ِإَلْيعِه َأَبعَوْيِه َوَقععاَل اْد ُ‬‫سع َ‬ ‫عَلععى ُيو ُ‬ ‫خُلععوا َ‬‫تعالى ) َفَلّمععا َد َ‬
‫ب َقعْد آَتْيَتِنععي مِعنْ‬ ‫ن )‪َ (100) … (99‬ر ّ‬ ‫لع آِمِنيع َ‬‫شاَء ا ُّ‬ ‫ن َ‬ ‫ِمصَْر ِإ ْ‬
‫ث … )‪ 101‬يوسعععف ( ‪،‬‬ ‫حعععاِدي ِ‬
‫ن َتْأِويعععِل اَْل َ‬
‫عّلْمَتنعععي ِمععع ْ‬
‫ك َو َ‬ ‫اْلُمْلععع ِ‬
‫ودخلوها معّززين مكّرمين آمنين ‪ ،‬وقعوله ) آمنيعن ( يعوحي بعأن‬
‫ليس كل من دخل مصر آنذاك ‪ ،‬ليقيم فيه من الغرباء والععدخلء ‪،‬‬
‫سيكون آمنا على نفسه ‪ ،‬من الضطهاد والستعباد ‪.‬‬
‫بعض مظاهر الحكم المصري ‪:‬‬
‫قصة يوسف عليه السلم أشهر مععن أن تععّرف ‪ ،‬لععذلك سععنوردها‬
‫باختصار ‪ ،‬ونرّكز على بعض ما خفعي منهععا ‪ .‬حيعث كععانت مصععر‬
‫آنذاك إحدى ُكبريات الممالك القديمة ‪ ،‬بدللة قعوله تععالى ) َوَقععاَل‬
‫سععي … )‪ 54‬يوسععف ( ‪ ،‬وعلععى‬ ‫صعُه ِلَنْف ِ‬‫خِل ْ‬
‫سَت ْ‬
‫ك اْئُتععوِني ِبعِه َأ ْ‬
‫اْلَمِل ُ‬
‫ن ِفععي‬ ‫ظععاِهِري َ‬
‫ك اْلَيعْوَم َ‬
‫لسان مؤمن آل فرعون ) َيععا َقعْوِم َلُكعْم اْلُمْلع ُ‬
‫ض )‪ 29‬غافر ( ‪ ،‬ونظام الحكععم فيهععا ملكععي وراثععي ‪ ،‬وكلمععة‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫فرعون ربما تكون اسععم أو لقععب للملععك ‪ ،‬ويقععال أن الفراعنععة لععم‬
‫يكونوا ملوك مصر ‪ ،‬في زمن يوسف عليه السلم ‪ ،‬فسععواء كععان‬
‫هذا أو ذاك ‪ ،‬فنحن نصف الوضاع في مصر بشكل عام ‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫حيث يبدو أن المجتمع المصري ‪ ،‬كان يتأّلف من أربع طبقات ‪-:‬‬
‫الطبقة الولى ‪ :‬العائلة الملكية ‪ ،‬التي هي في مصاف اللهععة مععن‬
‫حيث الحقوق والمتيازات ‪.‬‬
‫الطبقة الثانية ‪ :‬الشراف من المصريين ‪ ،‬الموكل إليهععم العمععال‬
‫التنفيذية ‪ ،‬ويتمتعون بامتيازات استثنائية ‪ ،‬من وزراء وما شابه‬
‫‪ ،‬وهععم عليععة القععوم وسععماهم سععبحانه مل فرعععون ‪ ،‬فععي قععوله‬
‫لُه ِزيَنعًة َوَأمْعَواًل ِفععي‬ ‫ن َوَم َ‬‫ععْو َ‬‫ت ِفْر َ‬‫ك آَتْيع َ‬ ‫سى َرّبَنععا ِإّنع َ‬ ‫) َوَقاَل ُمو َ‬
‫حَياِة الّدْنَيا )‪ 88‬يونس ( ‪ .‬ومنهم العزيز صععاحب يوسععف عليععه‬ ‫اْل َ‬
‫السععلم ‪ ،‬وهامععان الععذي كععان يشععغل مععا يشععبه ‪ ،‬منصععب رئيععس‬
‫ن اْبنِ‬ ‫ن َيا َهاَما ُ‬ ‫عْو ُ‬ ‫الوزراء في عصرنا هذا ‪ ،‬قال تعالى ) َوَقاَل ِفْر َ‬
‫ب )‪ 36‬غافر ( ‪.‬‬ ‫سَبا َ‬ ‫حا َلَعّلي َأْبُلُغ اَْل ْ‬ ‫ِلي صَْر ً‬
‫وانضوى يوسف عليه السلم ضمن هععذه الطبقععة ‪ ،‬مععع أنععه كععان‬
‫س الحاجة لعلمععه وحكمتععه ‪ ،‬لدارة‬ ‫من الغرباء ‪ ،‬كونهم كانوا بأم ّ‬
‫شؤون البلد القتصادية ‪ ،‬في سنين الجفاف ‪ ، ،‬ل لشععيء آخععر ‪.‬‬
‫بعد أن أصبح عليه السععلم مععن المقربيععن للملععك ‪َ ) ،‬وَقععاَل اْلمَِلعكُ‬
‫ك اْلَيعْوَم َلعَدْيَنا مَِكيعنٌ‬‫سي َفَلّما َكّلَمُه َقاَل ِإّن َ‬ ‫صُه ِلَنْف ِ‬
‫خِل ْ‬ ‫سَت ْ‬
‫اْئُتوِني ِبِه َأ ْ‬
‫ن )‪ 54‬يوسف ( حيث كان عبععدا مملوكععا لعذلك العزيععز ‪ ،‬العذي‬ ‫َأِمي ٌ‬
‫قال عنه يوسف عليه السععلم ‪ ،‬عنععدما ُروِوَد عععن نفسععه للوقععوع‬
‫س عنَ‬‫ح َ‬‫في الزنا ‪ ،‬بزوجة من أكرمه وأحسن مقامه ‪ِ ) :‬إّن عُه َرّبععي َأ ْ‬
‫ن )‪ 23‬يوسععف ( أي لععن أظلععم نفسععي‬ ‫ظععاِلُمو َ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ي ِإّنُه َل ُيْفِل ُ‬
‫َمْثَوا َ‬
‫بمعصية ال ‪ ،‬ولن أظلم زوجك بنكران معروفه معي ‪ ،‬إذ قال لهععا‬
‫صَر ِلْمَرَأِتِه َأْكِرِمي‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫شَتَراُه ِم ْ‬‫زوجها عند شراءه ) َوَقاَل اّلِذي ا ْ‬
‫ب‬
‫خعَذُه َوَلعًدا )‪ 21‬يوسععف ( ‪ ،‬ولفععظ ر ّ‬ ‫ن َينَفَعَنا َأْو َنّت ِ‬ ‫سى َأ ْ‬ ‫ع َ‬‫َمْثَواُه َ‬
‫في الية السابقة جاء بمعنى صاحب أو مالك ‪ ،‬ولفععظ العزيعز هعو‬
‫‪146‬‬
‫خععوطب‬ ‫لقب ُيطلق على الشراف ‪ ،‬ذوي المناصب الرفيعة ‪ ،‬وقد ُ‬
‫به يوسف عليه السلم ‪ ،‬من ِقَبل أخوته فععي اليععة )‪ . (88‬ويبععدو‬
‫أن المجتمع المصري كان منغلقا على نفسه ‪ ،‬ول يخالط الغربععاء‬
‫مععن منظععور الفوقيععة والسععتعلء ‪ ،‬ويخععاف الغربععاء ويخشععاهم‬
‫وبالتالي كان ينبذهم ‪.‬‬
‫والطبقة الثالثة ‪ :‬عامة المصريين وهم يعملون بالوظائف العامععة‬
‫والخاصة ‪ ،‬وامتيازاتهم عادية ‪ ،‬وشملت هذه الطبقععة نسععبيا بنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬في زمن يوسف عليه السلم ‪.‬‬
‫والطبقة الرابعة ‪ :‬العبيد عن طريق الشراء وما شابه ‪ ،‬وأغلبهععم‬
‫من غير المصريين ‪ ،‬بل حقوق وبل امتيازات ‪ ،‬بل علععى العكععس‬
‫ليس لهم إل المهانععة والزدراء ‪ ،‬ويعملععون بقععوتهم اليععومي فععي‬
‫ي السععجن ‪،‬‬ ‫الزراعععة والبنععاء والخدمععة ‪ ،‬ومععن ضععمنها صععاحب ّ‬
‫وشملت بنععي إسععرائيل ‪ ،‬بعععد يوسععف عليععه السععلم ‪ ،‬حععتى زمععن‬
‫موسععى عليععه السععلم ‪ .‬والمخطععئ مععن هععؤلء العبيععد فععي حععق‬
‫المصريين ‪ ،‬كان مصععيره السععجن أو العععذاب الشععديد أو القتععل ‪،‬‬
‫وبدون محاكمة على الرجح ‪ ،‬وخاصة إذا كان خصععمه مصععريا ‪،‬‬
‫حتى ولو ُأتهم زورا وبهتانا ‪.‬‬
‫وأمععا الموقععع الجغرافععي لعاصععمة الملععك ‪ ،‬وبدللععة هععذه اليععات‬
‫صعَر َوَهعِذِه‬‫ك ِم ْ‬ ‫س ِلي ُمْلع ُ‬‫ن ِفي َقْوِمِه َقاَل َيا َقْوِم َأَلْي َ‬ ‫عْو ُ‬‫) َوَناَدى ِفْر َ‬
‫ن )‪ 51‬الزخرف ( ‪َ ) ،‬واْتُر ْ‬
‫ك‬ ‫صُرو َ‬ ‫ل ُتْب ِ‬
‫حِتي َأَف َ‬ ‫ن َت ْ‬
‫جِري ِم ْ‬ ‫اَْلْنَهاُر َت ْ‬
‫ت َوعُُيونٍ )‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ن )‪َ(24‬كْم َتَرُكوا ِم ْ‬ ‫جنٌد ُمْغَرُقو َ‬ ‫حَر َرْهًوا ِإّنُهْم ُ‬‫اْلَب ْ‬
‫ن )‪27‬‬ ‫ع َوَمَقاٍم َكِريٍم )‪َ (26‬وَنْعَمةٍ َكععاُنوا ِفيَهععا َفععاِكِهي َ‬ ‫‪َ (25‬وُزُرو ٍ‬
‫الدخان ( ‪ ،‬فهو يقع على مجرى نهر النيل ‪ ،‬في أخصب الراضي‬

‫‪147‬‬
‫المصرية ‪ ،‬أما سعكنى فرععون وآلعه ) أي ععائلته ( كعانت خعارج‬
‫المدينة ‪ ،‬بمعزل عن الشعب ‪ ،‬وقصره مقام على ضفاف النيل ‪.‬‬
‫هل كان يوسف داعية إلى ال فععي مصععر ؟ نقععول نعععم ‪ ،‬وقععد بععدأ‬
‫حَب ِ‬
‫ي‬ ‫صععا ِ‬
‫ي السععجن ) َي َ‬ ‫الععدعوة فععي السععجن ‪ ،‬عنععدما قععال لصععاحب ّ‬
‫ح عُد اْلَقّهععاُر )‪َ (39‬مععا‬ ‫ل ع اْلَوا ِ‬ ‫خْي عٌر َأْم ا ُّ‬‫ن َ‬ ‫ب ُمَتَفّرُقععو َ‬ ‫ن َأَأْرَبععا ٌ‬
‫جِ‬‫سع ْ‬‫ال ّ‬
‫سّمْيُتُموَها َأْنُتْم َوآَباُؤُكْم ‪َ ،‬ما َأنَزَل ا ُّ‬
‫ل‬ ‫ن ُدوِنِه ِإّل َأسَماًء َ‬ ‫ن ِم ْ‬‫َتْعُبُدو َ‬
‫لع َأَمعَر َأّل َتْعُبعُدوا ِإّل ِإّيععاُه ‪َ ،‬ذِلعكَ‬ ‫حْكعُم ِإّل ِّ‬ ‫ن اْل ُ‬
‫ن ‪ِ ،‬إ ْ‬ ‫طا ٍ‬‫سعْل َ‬
‫ن ُ‬ ‫ِبَها ِم ْ‬
‫ن )‪ 40‬يوسععف ( ‪،‬‬ ‫س َل َيْعَلُمععو َ‬ ‫ن َأْكَثععَر الّنععا ِ‬ ‫ن اْلَقّيععُم ‪َ ،‬وَلِكعع ّ‬
‫الععّدي ُ‬
‫واستمرت دعوته حتى مماته ‪ ،‬قال تعععالى علععى لسععان مععؤمن آل‬
‫شّ‬
‫ك‬ ‫ت ‪َ ،‬فَما ِزْلتُْم ِفي َ‬ ‫ن َقْبُل ِباْلَبّيَنا ِ‬ ‫ف ِم ْ‬ ‫س ُ‬ ‫جاَءُكْم ُيو ُ‬ ‫فرعون ) َوَلَقْد َ‬
‫سععوًل ‪،‬‬ ‫ن َبْعِدِه َر ُ‬
‫ث الُّ ِم ْ‬ ‫ن َيْبَع َ‬ ‫ك ُقْلُتْم َل ْ‬‫حّتى ِإَذا َهَل َ‬ ‫جاَءُكْم ِبِه ‪َ ،‬‬ ‫ِمّما َ‬
‫ب )‪ 34‬غععافر ( وهععو يعنععي‬ ‫ف ُمْرَتععا ٌ‬ ‫سعِر ٌ‬ ‫ن ُهعَو ُم ْ‬ ‫ل َم ْ‬ ‫ضّل ا ُّ‬ ‫ك ُي ِ‬‫َكَذِل َ‬
‫أهل مصر ‪ ،‬وكان يوسععف عليععه السععلم ‪ ،‬يععدعوا إلععى الع تعععالى‬
‫بالقسط ‪ ،‬فما أطععاعوه تلععك الطاعععة ‪ ،‬إل بمجععرد الععوزارة والجععاه‬
‫الدنيوي ‪ ،‬ولهذا قال مؤمن آل فرعون ‪ ) :‬فما زلتم في شععك ممععا‬
‫جاءكم به ‪ ،‬حتى إذا هلك ‪ ،‬قلتم لن يبعث ال من بعده رسععول ( ‪،‬‬
‫وطععال المععد بقععوم فرعععون وببنععي إسععرائيل ‪ ،‬فض عّلوا إل قليل ‪،‬‬
‫وكععان منهععم مععؤمن آل فرعععون الععذي كععان يكتععم إيمععانه ‪ ،‬وعلععى‬
‫لسانه جاءت هذه الية ‪ ،‬ومنهم أيضا أهل موسى عليه السلم ‪.‬‬
‫أحوال بني إسرائيل فنني مصننر بعنند وفنناة‬
‫يوسننف عليننه السننلم وحننتى خروجهننم‬
‫منها ‪:‬‬
‫بعد زوال سندهم لدى فرعون ‪ ،‬أصبح حالهم حال العبيد ‪ .‬وربمععا‬
‫يكون ذلك في زمن فرعون نفسه ‪ ،‬أو من َمَلععك بعععده ‪ ،‬بعععد وفععاة‬
‫‪148‬‬
‫يوسف عليه السلم ‪ ،‬لزوال المصلحة والنفع الذي تأّتى من علععم‬
‫يوسف ‪ ،‬وحكمته فععي الدارة والقتصععاد ‪ .‬واسععتمر حععالهم كععذلك‬
‫حتى خروجهم مع موسععى عليععه السععلم ‪ ،‬وحسععب مععا يُععروى أن‬
‫المدة ‪ ،‬ما بين دخولهم إلى مصر ‪ ،‬وخروجهم منها هي أربعمائة‬
‫سنة ‪ ،‬وال أعلم ‪ ،‬وحالهم في تلك الفترة الزمنية ‪ ،‬يصفه القرآن‬
‫شععَيًعا‬
‫جَعععَل َأْهَلَهععا ِ‬ ‫ض َو َ‬‫ل ِفععي اْلَْر ِ‬ ‫عَ‬ ‫ن َ‬‫عععْو َ‬ ‫ن ِفْر َ‬ ‫بمععا يلععي ‪ِ ) :‬إ ّ‬
‫سععاَءُهْم ِإّنعهُ َكععا َ‬
‫ن‬ ‫حيِ ِن َ‬ ‫سعَت ْ‬
‫ح َأْبَناَءُهْم َوَي ْ‬
‫طاِئَفًة ِمْنُهْم ُيَذّب ُ‬‫ف َ‬ ‫ضِع ُ‬ ‫ستَ ْ‬
‫َي ْ‬
‫ن آِل ِفْرعَ عْو َ‬
‫ن‬ ‫جْيَنععاُكْم ِم ع ْ‬
‫ن )‪ 4‬القصععص ( ‪َ ) ،‬وِإْذ َن ّ‬ ‫س عِدي َ‬‫ن اْلُمْف ِ‬
‫ِم ع ْ‬
‫سععاَءُكْم‬‫حُيونَ ِن َ‬ ‫سعَت ْ‬ ‫ن َأْبَنععاَءُكْم َوَي ْ‬
‫حو َ‬
‫ب ُيعَذّب ُ‬
‫سععوَء اْلَععَذا ِ‬ ‫سععوُموَنُكْم ُ‬ ‫َي ُ‬
‫جْيَنععا َبِنععي‬
‫ظيٌم )‪ 49‬البقرة ( ‪َ ) ،‬وَلَقعْد َن ّ‬ ‫عِ‬‫ن َرّبُكْم َ‬ ‫لٌء ِم ْ‬‫َوِفي َذِلُكْم َب َ‬
‫ن )‪ 30‬الععدخان ( ‪ ،‬وازداد العععذاب‬ ‫ب اْلُمِهيعع ِ‬ ‫ن اْلَعععَذا ِ‬ ‫سععَراِئيَل ِمعع ْ‬‫ِإ ْ‬
‫والضطهاد لهم ‪ ،‬ببعث موسى عليه السلم إلى فرعون وقومه ‪.‬‬
‫موسى عليه السلم‬
‫والحكمة اللهية التي أرادها ال من بعث موسععى عليععه السععلم ‪،‬‬
‫هي ما ابتدر به رب العععزة سععورة القصععص ‪ ،‬بقععوله ) َوُنِري عُد َأ ْ‬
‫ن‬
‫جَعَلُهععْم َأِئّمععًة ‪،‬‬
‫ض ‪َ ،‬وَن ْ‬
‫ضععِعُفوا ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫سُت ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫ن عَلععى اّلععِذي َ‬ ‫َنُمعع ّ‬
‫ععْونَ‬ ‫ض ‪َ ،‬وُنعِري ِفْر َ‬ ‫ن َلُهعْم ِفعي اَْلْر ِ‬ ‫ن )‪َ (5‬وُنَمّك َ‬ ‫جَعَلُهْم اْلَواِرِثي َ‬
‫َوَن ْ‬
‫ن )‪ 6‬القصععص (‬ ‫ح عَذُرو َ‬
‫جُنوَدُهَمععا ِمْنُه عْم ‪َ ،‬مععا َكععاُنوا َي ْ‬‫ن َو ُ‬ ‫َوَهاَمععا َ‬
‫والقصععة بتمامهععا ‪ ،‬مفصععلة فععي سععورة القصععص وسععورة طععه ‪،‬‬
‫وقصة موسى معروفة ومألوفة لدينا ‪ ،‬حيععث ُولععد عليععه السععلم ‪،‬‬
‫وألقته أمه فععي النيععل ‪ ،‬خوفععا مععن ذبحععه ‪ ،‬فععالتقطه آل فرعععون ‪،‬‬
‫واعتنوا بععه ‪ .‬حععتى إذا بلععغ أشعّده ‪ ،‬قتععل مصععريا ‪ ،‬فععأتمر بععه مل‬
‫فرعون ‪ ،‬فغادر مصر متجها إلى مععدين ‪ ،‬ولععم يكععن قععد لقععي بلء‬
‫قبل ذلك ‪ ،‬فقد كان ربيبا منعّمععا فععي آل فرعععون ‪ ،‬ولععم يكععن عليععه‬
‫‪149‬‬
‫ي إليه بعد ‪ ،‬وإنما كان مسععلما ‪ ،‬علععى ديععن آبععائه‬
‫السلم ‪ ،‬قد ُأوح َ‬
‫إبراهيم إسحاق ويعقوب عليهم السلم ‪.‬‬
‫مدَْين ‪:‬‬ ‫الموقع الجغرافي ل َ‬
‫قيعل فيهعا فعي المععاجم ‪ :‬أنهعا تقعع " قعرب بحعر القلعزم ) البحعر‬
‫الحمر ( محاذية لتبوك ‪ ،‬وتقع بين وادي القععرى والشععام ‪ ،‬وقيععل‬
‫اتجاه تبوك بين المدينة والشام ‪ ،‬وقيل هي كفر سندة مععن أعمععال‬
‫طبريععة ‪ ،‬وقيععل بلععد بالشععام معلععوم تلقععاء غععزة ‪ ،‬وفععي ) البدايععة‬
‫والنهاية ( ‪ " :‬كان أهل مدين قوما عربا ‪ ،‬ومدين هي قريععة مععن‬
‫أرض معان ‪ ،‬من أطراف الشام ‪ ،‬مما يلي ناحية الحجععاز ‪ ،‬قريبععا‬
‫من بحيرة قوم لوط ‪ ،‬وكانوا بعد قوم لوط بمدة قريبة " ‪.‬‬
‫والقول الخير هو أفضل ما قيععل فيهععا ‪ ،‬وهععو الرجععح فهععي تقععع‬
‫ي نهععر الردن ‪ ،‬فععي السععفح المطععل علععى فلسععطين ‪ ،‬قبالععة‬ ‫شععرق ّ‬
‫أريحا ‪ ،‬حيث المكان المسمى بععوادي شعععيب حاليععا ‪ ،‬والععذي يقععع‬
‫فيه مقام النبي شعيب عليععه السععلم ‪ ،‬فععي جبععال محافظععة البلقععاء‬
‫الردنية ‪ ،‬وهي أرض خصععبة تصععلح لزراعععة القثائّيععات ‪ ،‬وفيهععا‬
‫الشجار المثمععرة ‪ ،‬وعيععون المععاء ‪ ،‬ويؤيععد مععا ذهبنععا إليععه قععوله‬
‫ط مِْنُكعمْ‬
‫تعالى ‪ ،‬على لسان شعععيب مخاطبععا قععومه ) َوَمععا َقعْوُم ُلععو ٍ‬
‫ِبَبِعيٍد )‪ 89‬هود ( ‪ ،‬والمقصود هنا البعد المكاني ‪ ،‬حيععث المسععافة‬
‫بين قرية شعيب والبحر الميت ) بحيرة لوط ( ‪ ،‬ل تتجععاوز )‪(20‬‬
‫كم ‪ ،‬أما البعد الزماني بين لوط وشعيب ‪ ،‬فُيقعّدر بمئات السععنين ‪،‬‬
‫حيععث أن لععوط عاصععر إبراهيععم ‪ ،‬وشعععيب عاصععر موسععى عليهععم‬
‫السلم ‪.‬‬
‫وكمععا ورد فععي الروايععات ‪ ،‬كععان أهععل مععدين ‪ ،‬يقطعععون السععبيل‬
‫ويخيفععون المععارة ‪ ،‬وهععم أصععحاب اليكععة أي الشععجار الملتفععة‬
‫‪150‬‬
‫والمتشابكة ‪ -‬وهي صفة موجودة أيضا في تلك المنطقة ‪ -‬وكانوا‬
‫من أسوء الناس معاملة ‪ ،‬يبخسون المكيععال والميععزان ويطففععون‬
‫فيهمععا ‪ ،‬يأخععذون بععالزائد ويععدفعون بالنععاقص ‪ ،‬فععآمن بشعععيب‬
‫ظّلعِة ِإّنعهُ‬
‫ب َيعْوِم ال ّ‬
‫ععَذا ُ‬ ‫خ عَذُهْم َ‬
‫بعضهم وكفر أكثرهم ‪َ ) ،‬فَك عّذُبوُه َفَأ َ‬
‫جَفععةُ‬‫خععَذْتُهْم الّر ْ‬
‫ظيععٍم )‪ 189‬الشعععراء ( ) َفَأ َ‬ ‫عِ‬‫ب َيععْوٍم َ‬
‫عععَذا َ‬
‫ن َ‬ ‫َكععا َ‬
‫ن )‪ 91‬العراف ( ‪ ،‬ولم تععدمر ديععارهم‬ ‫جاِثِمي َ‬‫حوا ِفي َداِرِهْم َ‬ ‫َفَأصَْب ُ‬
‫بل بقيت على حالها ‪ ،‬ويقال أن ذلععك كععان فععي يععوم شععديد الحععر ‪،‬‬
‫فبعث ال ظلل من الغمام ‪ ،‬في بقعععة قريبععة مععن مكععان سععكناهم ‪،‬‬
‫فذهبوا ليستظلوا بها ‪ ،‬فنزل بهم العذاب ‪ ،‬وبقععي فععي القريععة مععن‬
‫آمن لشعيب عليه السلم من قومه وهم قلة ‪.‬‬
‫مقام موسى في مدين ‪:‬‬
‫ن … ( ‪ ،‬خرج موسى من مصر وحيععدا ‪،‬‬ ‫جَه ِتْلَقاَء َمْدَي َ‬‫) َوَلّما َتَو ّ‬
‫سِبيِل )‪ 22‬القصص ( ‪ ،‬ولععم‬ ‫سَواَء ال ّ‬‫ن َيْهِدَيِني َ‬ ‫سى َرّبي َأ ْ‬ ‫ع َ‬‫) َقاَل َ‬
‫يكن يملك من أمره ‪ ،‬إل حسن ظّنه بربععه ععز وجععل ‪ ،‬حععتى صععار‬
‫إلى مدين ‪ .‬فلبث موسى عليه السلم ) ‪ ( 10-8‬سنين في أهلها ‪،‬‬
‫لقوله تعالى على لسان شعععيب عليععه السععلم ) َقععاَل ِإّنععي ُأِريعُد َأ ْ‬
‫ن‬
‫ج َفعِإ ْ‬
‫ن‬ ‫جع ٍ‬‫حَ‬‫جَرِني َثَمععاِنيَ ِ‬‫ن َتعْأ ُ‬
‫عَلععى َأ ْ‬
‫ن َ‬
‫ي َهععاَتْي ِ‬ ‫حعَدى اْبَنَتع ّ‬ ‫ك ِإ ْ‬
‫ُأْنِكحَع َ‬
‫ك … )‪ 27‬القصص ( وتزوج فيها ورعى‬ ‫عْنِد َ‬‫ن ِ‬ ‫شًرا َفِم ْ‬‫ع ْ‬ ‫ت َ‬ ‫َأْتَمْم َ‬
‫الغنم ‪ ،‬وتعرف إلععى أهلهععا وعرفععوه ‪ ،‬وعععرف سععهولها وجبالهععا‬
‫ن…(‪.‬‬ ‫ن ِفي َأْهِل َمْدَي َ‬‫سِني َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ووديانها ‪َ ) ،‬فَلِبْث َ‬
‫العودة إلى مصر ‪:‬‬
‫ج عَل‬
‫سععى اَْل َ‬
‫ضععى ُمو َ‬
‫وبعد أن قضى المدة المطلوبة منه ‪َ ) ،‬فَلّمععا َق َ‬
‫ساَر ِبَأْهِلِه )‪ 29‬القصص ( غادرها مع أهلععه ومععا تحصّععل عليععه‬ ‫َو َ‬
‫من أغنام ‪ ،‬تسّيره أقدار ربه ‪ .‬وكععان خععط مسععيره ‪ ،‬والع أعلععم ‪،‬‬
‫‪151‬‬
‫باتجاه الجنوب ‪ ،‬شرقي البحر الميت باتجاه مصعر ‪ ،‬حيعث انحعدر‬
‫بأهله إلى وادي عربععة ‪ ،‬جنععوب البحععر الميععت ‪ ،‬فضعّل الطريععق ‪،‬‬
‫ت عََلععى‬
‫جْئ َ‬
‫وهناك أتاه هاتف السماء ‪ ،‬لععذلك قععال تعععالى ) … ُثعّم ِ‬
‫سى )‪ 40‬طه ( ‪ ،‬إلى موضع الوحي ‪ ،‬في الوقت المقّدر ‪.‬‬ ‫َقَدٍر َيُمو َ‬
‫فأوكله ال بحمل الرسالة إلى فرعون ‪ ،‬وأمره بالتوجه إلى مصر‬
‫‪ ،‬ومن هناك سار – بخط شبه مسععتقيم ‪ -‬مجتععازا صععحراء النقععب‬
‫جنوب فلسطين ‪ ،‬وصحراء سيناء باتجاه بوابة مصر البريععة مععن‬
‫الشرق ‪ ،‬ومن ثم سار جنوبا باتجاه القاهرة ‪ ،‬حيث إقامة فرعون‬
‫وقومه ‪.‬‬
‫تحدينند الموقننع الجغرافنني ‪ ،‬للمكننان الننذي‬
‫أوحي فيه ‪ ،‬إلى موسى عليه السلم ‪:‬‬
‫نزل الوحي إلى موسى مرتين ؛ الوحي الول ‪ :‬هو الذي ُكلف بععه‬
‫موسى بحمل الرسالة ‪ ،‬وما بعث به إلى فرعون وبني إسععرائيل ‪،‬‬
‫أثنععاء عععودته إلععى مصععر ‪ ،‬بعععد خروجععه مععن مععدين ‪ ،‬والععوحي‬
‫الثععاني ‪ :‬هععو الشععريعة الجديععدة الععتي ُكتبععت فععي اللععواح لبنععي‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬بعععد خروجهععم مععن مصععر ‪ ،‬فععي الطريععق إلععى الرض‬
‫المقدسة ‪ ،‬ويعتقد الكثيرون أن الوحي نععزل علععى موسععى ‪ ،‬علععى‬
‫جبععل سععيناء الواقععع فععي صععحراء سععيناء المصععرية ‪ ،‬وهععذا غيععر‬
‫صحيح ‪ ،‬حيث لم يوجد أي نص في القرآن يفيد ذلك ‪ .‬والواقع أن‬
‫هذه تسمية الصحراء المصرية بصحراء سيناء ‪ ،‬استندت إلى معا‬
‫جاء فععي التععوراة ‪ ،‬مععع أن التععوراة لععم ُتحعّدد موقععع الصععحراء أو‬
‫الجبل ‪.‬‬
‫وتذكر التوراة في سععفر الخععروج ‪ ،‬أن بنععي إسععرائيل مععروا علععى‬
‫التوالي ‪ ،‬بثلثة صحارى ‪ ،‬هي الواردة في النص التالي بالترتيب‬
‫‪152‬‬
‫‪ :22 :15 " :‬ثم ارتحععل موسععى بإسععرائيل مععن البحععر الحمععر ‪،‬‬
‫جهوا نحو صحراء شور ‪ :27 ،‬ثم بلغوا إيليم … ‪ :1 :16‬ثّم‬ ‫وتو ّ‬
‫انتقلوا من إيليم حععتى أقبلععوا علععى صععحراء سععين ‪ ،‬الواقعععة بيععن‬
‫إيليم وسيناء " ‪.‬‬
‫وجاء في نص آخر ‪ :1 :17 " :‬وتنقل بنوا إسرائيل على مراحل‬
‫‪ ،‬من صحراء سين … إلى أن خّيموا في رفيديم …‪ :2 :19‬فقد‬
‫ارتحل السرائيليون من رفيديم إلى أن جاءوا إلى بريععة سععيناء ‪،‬‬
‫فنزلوا مقابل الجبل فصعد موسى للمثول أمام ال ع ‪ ،‬فنععاداه الععرب‬
‫من الجبل … ‪ : 20‬ونزل الرب على قمة جبل سيناء … "‬
‫وهذه النصوص ُتشير إلى أن جبل سيناء ‪ ،‬هو اسععم الجبععل الععذي‬
‫ُأوحي بجانبه إلى موسى ‪ ،‬وأن برية سيناء هي تسعمية ‪ ،‬للمكعان‬
‫الواقععع مقابععل جبععل سععيناء ‪ .‬وأن بريععة سععيناء هععي البعععد عععن‬
‫مصععر ‪ ،‬كونهععا كععانت آخععر الصععحارى الععتي م عّروا بهععا ‪ ،‬أثنععاء‬
‫مسععيرهم ‪ ،‬باتجععاه بوابععة الرض المقّدسععة شععرقي نهععر الردن ‪،‬‬
‫والترجمات العربية للتوراة ‪ ،‬ل ُتمّيز بين القفر ‪ ،‬أي الخلء غيععر‬
‫المأهول بالسّكان ‪ ،‬وبين الصحارى الرملية القاحلة ‪.‬‬
‫ن طععوال‬ ‫وجاء في التوراة " ‪ :35 :16‬واقتات السرائيليون بالم ّ‬
‫أربعيععن سععنة ‪ ،‬حععتى جععاءوا إلععى تخععوم أرض كنعععان العععامرة‬
‫بالسععكان " ‪ .‬وهععذا النععص الكععاذب والمضععّلل ‪ ،‬يقععول أن المععنّ‬
‫والسلوى كانت تنّزل عليهم طيلة أربعين سنة ‪ ،‬قبل وصولهم إلى‬
‫مشارف فلسطين ‪ ،‬أي قبععل أن ُيطلععب منهععم الععدخول إلععى الرض‬
‫المقدسة ‪ ،‬وقبل أن يحكم عليهم بسنوات التحريم والتيه الربعين‬
‫ن والسلوى كانت تنعّزل عليهععم خلل مسععيرهم‬ ‫‪ .‬والصحيح أن الم ّ‬
‫في الصحراء ‪ ،‬وهي مععدة قصععيرة ‪ ،‬أمععا سععنوات التحريععم والععتيه‬
‫‪153‬‬
‫الربعيععن – سععنوات الغضععب اللهععي ‪ -‬فلععم يكععن يتن عّزل عليهععم‬
‫شيء ‪.‬‬
‫وتسععمية الصععحراء المصععرية بسععيناء ‪ ،‬وذكععر التععوراة أن بنععي‬
‫إسرائيل عاشوا فيها أربعين سنة يأكلون المن والسلوى ‪ .‬ضّللت‬
‫حتى اليهود أنفسهم ‪ ،‬الذين بحثوا ونقبععوا فيهععا طععويل ‪ ،‬عععن أي‬
‫أثععر لمقععامهم فيهععا ‪ ،‬ولكععن دون جععدوى ‪ ،‬ممععا اضععطر بعععض‬
‫البععاحثين اليهععود مععؤخرا ‪ ،‬إلععى تكععذيب معظععم روايععات التععوراة ‪،‬‬
‫ونشر الكثير من آرائهم ونتائج أبحاثهم في الصحف ‪.‬‬
‫أما كلمة الطععور فقععد وردت فععي القععرآن )‪ (10‬مععرات ‪ (8) ،‬منهععا‬
‫بلفظ ) الطععور ( معّرفععة بععأل التعريععف ‪ ،‬بمعنععى الجبععل ‪ ،‬وواحععدة‬
‫ت‬
‫سعيَْناَء َتْنُبع ُ‬
‫طععوِر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ج ِمع ْ‬‫خعُر ُ‬
‫جَرًة َت ْ‬
‫شع َ‬
‫بلفععظ ) طععور سععيناء ( ) َو َ‬
‫ن )‪ 20‬المؤمنععون ( ‪ ،‬وواحععدة بلفععظ ) طععور‬ ‫لِكِلي َ‬
‫صْبٍغ ِل ْ‬
‫ن َو ِ‬‫ِبالّدهْ ِ‬
‫طععورِ‬ ‫ن )‪َ (1‬و ُ‬ ‫ن َوالّزْيُتععو ِ‬‫سينين ( بنفس المعنى السابق ‪َ ) ،‬والّتي ِ‬
‫ن )‪ 2‬الععتين ( ‪ .‬وسععيناء وسععنين لغععة ‪ ،‬إذا لععم تمنععع مععن‬ ‫سععيِني َ‬
‫ِ‬
‫الصععرف ‪ ،‬أي لحقهععا التنععوين ج عّرا ونصععبًا ‪ ،‬فإنهععا تعنععي كععثرة‬
‫الشجر ‪ ،‬وإذا ُمنعت من الصرف ‪ ،‬كما هو الحال هنا فهععي اسععم ‪،‬‬
‫والكلمات ) طور وسيناء وسينين ( ألفععاظ أعجميععة ‪ ،‬وممععا تقععدم‬
‫نسععتطيع القععول بععأن ) طععور سععيناء ( اسععم لجبععل معععروف لبنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬بمعنى ) جبل الغابة ( ‪ ،‬وهو في الحقيقة ‪ ،‬اسععم الجبععل‬
‫ي بجانبه إلى موسى ‪ ،‬حسب تسمية التععوراة لععه ‪ ،‬وقععد‬ ‫الذي أوح َ‬
‫عّرف هذا الجبل من خلل القرآن ‪ ،‬بأنه ُينبععت الععتين والزيتععون ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والمقصود بكلمة ) الطور ( المعّرفة بألف ولم ‪ ،‬أينما جاءت فععي‬
‫القرآن ‪ ،‬هو طور سيناء أو سععينين ‪ ،‬والطععور هععو سلسععلة جبععال‬
‫فلسطين ‪ ،‬التي تربض على تللها مدينة القدس ‪ ،‬والتي هي فععي‬

‫‪154‬‬
‫الصل جبل واحد ‪ ،‬يمتد من مدينة نابلس شمال إلى مدينة الخليل‬
‫جنوبا ‪.‬‬
‫س ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫سععاَر ِبعَأْهِلِه ‪ ،‬آَنع َ‬ ‫جعلَ َو َ‬ ‫سععى اَْل َ‬‫ضععى مو َ‬ ‫قال تعالى ) َفَلّمععا َق َ‬
‫ت َنععاًرا ‪َ ،‬لَعّلععي‬
‫سع ُ‬‫طوِر َناًرا ‪َ ،‬قععاَل َِلْهِلعِه اْمُكُثععوا ‪ِ ،‬إّنععي آَن ْ‬ ‫ب ال ّ‬‫جاِن ِ‬‫َ‬
‫ن )‪29‬‬ ‫طُلو َ‬
‫صع َ‬ ‫ن الّنععاِر ‪َ ،‬لَعّلُك عْم َت ْ‬
‫ج عْذَوٍة ِم ع ْ‬
‫خَب عٍر ‪َ ،‬أْو َ‬
‫آِتيُك عْم ِمْنَهععا ِب َ‬
‫القصص ( قلنا أن موسى عليه السلم ‪ ،‬كان قد ضعّل طريقعه بعععد‬
‫خروجه من مععدين باتجععاه مصععر ‪ ، ،‬لقععوله عليععه السععلم ) َلَعّلععي‬
‫خَبٍر ( فوجععد نفسععه فععي أحععد الوديععة ‪ .‬ودخععوله إلععى‬ ‫آِتيُكْم ِمْنَها ِب َ‬
‫الوادي كان عن طريق انحداره ‪ ،‬بواد فرعي جنوب البحر الميععت‬
‫‪ ،‬وكان ذلك ليل ‪ ،‬وفي طقس بارد جععدا ‪ .‬وأثنععاء التخييععم هنععاك ‪،‬‬
‫كان يلتفت يمنة ويسرة ‪ ،‬بحثا عن الدفء والهداية ‪ ،‬فععآنس نععارا‬
‫معن جععانب الجبعل ‪ ،‬فعاتجه إليهععا بععد أن اسعتأذن أهلععه ‪ ،‬ليععأتيهم‬
‫بجذوة منها لجل الدفء ‪ ،‬أو يجد من يرشده إلى طريقه ‪ ،‬ولكنه‬
‫لم يجد نارا ‪ ،‬ولم يجد في المكان أحد ‪.‬‬
‫نور ل نار ‪:‬‬
‫) َفَلّما َأَتاَها … ( ‪ ،‬أي النار ‪ ،‬وقف تحتها ) ِفي اْلُبْقَع عِة اْلُمَباَرَك عةِ‬
‫جَرِة )‪ 30‬القصص ( وفي الواقع لم تكن نععارا ‪ ،‬بععل كععانت‬ ‫شَ‬
‫ن ال ّ‬
‫ِم ْ‬
‫نععور فعي شععجرة ‪ ،‬وهععي الشععجرة الموصععوفة فععي قععوله سععبحانه‬
‫غْرِبّيعٍة ‪َ ،‬يَكععاُد َزْيُتَهعا‬
‫شعْرِقّيةٍ َوَل َ‬
‫جَرٍة ‪ُ ،‬مَباَرَكٍة ‪َ ،‬زْيُتوِنٍة ‪َ ،‬ل َ‬ ‫شَ‬
‫) َ‬
‫سعُه َنعاٌر )‪ 35‬النعور ( ‪ ،‬وهعي ) شعجرة ( ‪،‬‬ ‫س ْ‬ ‫ضيُء ‪َ ،‬وَلْو َلعْم َتْم َ‬‫ُي ِ‬
‫) وزيتونة ( ‪ ) ،‬ومباركة ( ‪ ،‬أي تقع في بقعة من الرض ‪ ،‬ينبت‬
‫فيها شجر الزيتععون ‪ ،‬وهععي أرض مباركععة ‪ ،‬وقععوله ) ل شععرقية‬
‫ول غربية ( ‪ ،‬أي ل فععي الجععانب الشععرقي مععن وادي عربععة ‪ ،‬ول‬
‫في الجانب الغربي منه ‪ ،‬فهي في منتصف الوادي تقريبا ‪ ،‬وقوله‬
‫‪155‬‬
‫) يكاد زيتها يضععيء ولععو لععم تمسسععه نععار ( ‪ ،‬أي لهععا وهععج مععن‬
‫نور ‪ ،‬وليس ذلك من اشتعال نار فيهععا ‪ ،‬فهععي مضععيئة مععن تلقععاء‬
‫نفسها ‪ ،‬وقععوله ) يكععاد زيتهعا يضعيء ( ‪ ،‬أي أن الضععاءة ناتجعة‬
‫عن زيت الشجرة ‪ ،‬فل يكون ذلك إل وهي مثمرة ‪ ،‬فالزيت يوجععد‬
‫في الثمر ‪ ،‬وتشكل الزيت في الثمر ‪ ،‬ل يكون إل فعي بدايعة فصعل‬
‫الشتاء ‪ ،‬ويؤيد ذلك طلب موسى عليه السلم للدفء ‪ ،‬ليتأكعد لنعا‬
‫أن دخوله إلى بطععن وادي عربععة ‪ ،‬كععان فععي فصععل الشععتاء ‪ ،‬وأن‬
‫ي من تحتهعا فعي الععوادي المقعدس ‪ ،‬هعي نفععس‬ ‫الشجرة التي نود َ‬
‫الشجرة الموصوفة فععي سععورة النععور ‪ ،‬ول أدري لمععاذا يتملكنععي‬
‫شعور قوي ‪ ،‬بأن هذه الشجرة قائمة في ذلك المكان إلععى اليععوم ‪،‬‬
‫في منطقة موحشة ومقفرة وغير مأهولة ‪ ،‬تضيء كلما أثمرت ‪،‬‬
‫في فصل الشتاء ‪.‬‬
‫) َفَلّما َأَتاَها ( وقف حائرا أمامها ‪ ،‬يتفّكر في أمرها ‪ ،‬حيث أنه لععم‬
‫يجد ما جععاء يسعععى إليععه ‪ ،‬فل نععار ول نععاس ُيشعععلونها ‪ ،‬وأثنععاء‬
‫سععى )‪ 11‬طععه ( ) ِمعنْ‬ ‫شروده ‪ ،‬وفي سكون الليععل ‪ُ ) ،‬نععوِدي َيُمو َ‬
‫ن )‪ 30‬القصععص ( ‪ ،‬أي مععن الجععانب اليمععن‬ ‫ئ اْلَواِدي اَْلْيَمع ِ‬ ‫شاطِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن )‪ 52‬مريعم ( ‪ ،‬أي معن‬ ‫طعوِر اَْلْيَمع ِ‬ ‫ب ال ّ‬
‫جعان ِ‬ ‫ن َ‬‫من العوادي ‪ِ ) ،‬مع ْ‬
‫ي )‪44‬‬ ‫ب اْلَغْرِبع ّ‬
‫جععاِن ِ‬
‫الجانب اليمععن للجبععل ‪ ،‬وليععس اليسععر ‪ِ ) ،‬ب َ‬
‫ي ‪ ،‬وهذا تحديد جغرافععي بععالغ الدقععة‬ ‫القصص ( ‪ ،‬أي الجبل الغرب ّ‬
‫لمكان الوحي ‪.‬‬
‫أتاه النداء باسمه ممن يعرفععه ‪ ،‬وذلععك ممععا آنععس موسععى ‪ ،‬ليبعّدد‬
‫سكون ذلك الليل المععوحش ‪ ،‬ويقطععع عليععه شععروده وتععأمله ‪ ،‬ول‬
‫أخاله إل قد أجفل عليه السلم ‪ ،‬ولما التفت إلععى مصععدر النععداء ‪،‬‬
‫ك ( مطمئنا إياه ومعّرفا بنفسه‬ ‫خاطبه رب العزة قائل ) ِإّني َأنا َرّب َ‬
‫طعًوى )‪12‬طععه ( فععأمره‬ ‫س ُ‬‫ك ِبععاْلَواِدي اْلُمَقعّد ِ‬‫ك ِإّنع َ‬
‫خَلْع َنْعَلْيع َ‬
‫‪َ ) ،‬فععا ْ‬
‫‪156‬‬
‫بخلععع نعليععه – إذ هععو فععي حضععرة ملععك الملععوك – ليتجععه حععافي‬
‫القدمين ‪ ،‬سائرا في الجانب المقدس من الوادي ‪ ،‬صوب الجبل ‪،‬‬
‫جّيععا)‪ 52‬مريععم ( أي كععان الكلم مناجععاة ‪،‬‬ ‫قععال تعععالى ) َوَقّرْبَنععاُه َن ِ‬
‫والمناجاة عادة تستدعي القرب ‪.‬‬
‫نحن نعلععم أن الرض المباركععة والمقّدسععة هععي أرض فلسععطين ‪،‬‬
‫وبما أن الوادي الذي نزل فيه موسى واد مقّدس ‪ ،‬فل بعد لعه معن‬
‫يكون واقعععا فععي الرض المقّدسععة ‪ ،‬وبمععا أن الشععجرة نبتععت فععي‬
‫بقعة مباركة ‪ ،‬فل بد لها من أن تكون قائمة في الرض المباركععة‬
‫‪ ،‬وبما أن شجرة سورة النععور زيتونععة مباركععة ومضععيئة ‪ ،‬فلبععد‬
‫لها من أن تكون هي الشجرة ‪ ،‬التي رآها موسى فظن نورها نارا‬
‫‪ ،‬في بطن وادي عربة ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫وعندما اقترب موسى ‪ ،‬بما فيه الكفاية لبدء المناجاة ‪ ،‬ناجاه ربه‬
‫ل ع ‪َ ،‬ل‬
‫حى )‪ِ (13‬إّنِنععي َأَنععا ا ُّ‬ ‫سَتِمْع ِلَما ُيععو َ‬
‫ك ‪َ ،‬فا ْ‬ ‫خَتْرُت َ‬‫قائل ) َوَأنا ا ْ‬
‫لَة ِلععِذْكِري )‪ 14‬طععه ( فععأمره‬ ‫صعع َ‬‫عُبععْدِني ‪َ ،‬وَأِق عْم ال ّ‬ ‫ِإَل عَه ِإّل َأَنععا َفا ْ‬
‫ي‬
‫بتوحيده ‪ ،‬وإفراده بالعبادة ‪ ،‬وإقامة الصلة ‪ ،‬ومن ثم منحه آيت ّ‬
‫العصععا واليععد وكّلفععه بحمععل الرسععالة ‪ ،‬والععذهاب لععدعوة فرعععون‬
‫طَغى )‪24‬‬ ‫ن ِإّنُه َ‬‫عْو َ‬ ‫ب ِإَلى ِفْر َ‬
‫ودعوة بني إسرائيل إلى ال ‪ ) ،‬اْذَه ْ‬
‫طه( ‪ .‬وفي الصباح عاين موسى عليعه السععلم المكععان ‪ ،‬وحفظععه‬
‫عن ظهر قلب ‪ ،‬فهو المكان الذي تغّيععر فيععه مجععرى حيععاته عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬ولم كععان يعلععم عليععه السععلم ‪ ،‬مععا يععدّبره رب العععزة مععن‬
‫أقدار ‪ ،‬ستأتي به إلى هذا المكان فععي قععادم اليععام ‪ ،‬عنععد خروجععه‬
‫بقومه من مصر ‪ ،‬متجها إلى بوابة الرض المقدسة ‪ ،‬حيث كععان‬
‫في أرض مدين ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫موسى في مصر ‪:‬‬
‫كنت أعتقد وربما يشاركني كثيرون أيضععا ‪ ،‬أن ُمقععام موسععى فععي‬
‫مصر ‪ ،‬ل يتجاوز عدة أيام أو عدة أشهر على أبعد تقدير ‪ ،‬ولكععن‬
‫تبين لععي أنععي كنععت مخطئا ‪ ،‬فالحععداث والوقععائع الععتي مععرت مععع‬
‫موسى عليه السلم كثيرة ‪ ،‬وتحتاج إلى سنوات عديععدة ‪ ،‬وأظنععه‬
‫مكث هناك ما ل يقل عن ‪ 30‬عاما ‪ ،‬يدعوا فرعون وقععومه وبنععي‬
‫ن َتَبعّوَأا ِلَقْوِمُكَمعا‬
‫خيعِه َأ ْ‬
‫سعى َوَأ ِ‬‫حْيَنا ِإَلععى ُمو َ‬ ‫إسرائيل أيضا ‪َ ) ،‬وَأْو َ‬
‫شْر اْلُمْؤمِِني َ‬
‫ن‬ ‫لَة َوَب ّ‬ ‫صَ‬‫جَعُلوا ُبُيوَتُكْم ِقْبَلًة َوَأِقيُموا ال ّ‬ ‫ِبِمصَْر ُبُيوًتا َوا ْ‬
‫)‪ 87‬يونس ( فلععو تفكععرت فععي اليععة الكريمععة ‪ ،‬لتععبينت أن طلبععه‬
‫سععبحانه ببنععاء الععبيوت ‪ ،‬وجعلهععا باتجععاه بيععت المقععدس ‪ ،‬وَأمْعِره‬
‫إياهم بإقامععة الصععلة فيهععا ‪ ،‬مععا كععان إل لطععول ُمقععام ‪ ،‬ولععو كععان‬
‫ُمقامهم قصيرا أو عارضا ‪ ،‬لما أمرهم بذلك ‪ .‬والجدل بين موسى‬
‫عليععه السععلم وفرعععون ‪ ،‬أخععذ زمنععا طععويل ‪ ،‬بععدءا باللقععاء الول‬
‫الذي عرض فيه موسى رسالته ‪ ،‬وما أّيدها به من آيات – العصا‬
‫واليد – ولقاء يوم الزينة حيععث التقععى موسععى بالسععحرة ‪ ،‬وبنععاء‬
‫ن ِإَلعهٍ غَْيعِري‬ ‫ت َلُكعْم ِمع ْ‬
‫ل َما عَِلْم ُ‬‫ن َياَأّيَها اْلَم َُ‬
‫عْو ُ‬ ‫الصرح ) َوَقاَل ِفْر َ‬
‫طِلعُع ِإَلععى‬
‫حا َلَعّلععي َأ ّ‬‫صعْر ً‬
‫جَعل ِلععي َ‬ ‫ن َفا ْ‬‫طي ِ‬‫عَلى ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫َفَأْوِقْد ِلي َياَهاَما ُ‬
‫ن )‪ 38‬القصص ( ‪.‬‬ ‫ن اْلَكاِذِبي َ‬‫ظّنُه ِم ْ‬ ‫سى َوِإّني َل ُ‬ ‫ِإَلِه ُمو َ‬
‫بناء الهرامات ‪:‬‬
‫الصععرح هععو البنععاء الضععخم والمرتفععع ‪ ،‬وأعتقععد أن الهرامععات‬
‫الثلثة ‪ ،‬هي ما ُأمر هامان ببنائها ‪ ،‬من قبل فرعون ‪ ،‬لينظر إلععى‬
‫إله موسى ‪ .‬وفيما بعد اّتخذت تلك الصروح ‪ ،‬مقابر ومدافن ‪.‬‬
‫حصععت مععادة بنععاء الهرامععات ‪ ،‬لتععبين أنهععا مععن الطيععن‬ ‫إذ لععو ُف ِ‬
‫طي عنِ ( ‪،‬‬
‫عَلععى ال ّ‬
‫ن َ‬
‫المشوي ‪ ،‬لدللة قوله تعالى ) َفَأْوِقْد ِلي َيَهاَمععا ُ‬
‫‪158‬‬
‫إذ يخععبر سععبحانه – ومععا إعلمععه لنععا بععذلك عبثععا ‪ -‬بععأنهم كععانوا‬
‫يستخدمون الطين في البناء ‪ ،‬وليس الحجععارة كمععا يعتقععد علمععاء‬
‫الثعععار ‪ ،‬العععذين حعععاولوا جاهعععدين لتفسعععير الليعععة المعقعععدة‬
‫والمستحيلة ‪ ،‬في رفع تلك الصخور ذات القطع الكبير ‪ ،‬إلى قمععة‬
‫الهرم حيث لم يكن لديهم رافعععات عملقععة ‪ .‬وهععذا الخععبر يكشععف‬
‫حقيقة ‪ ،‬ربما لم تخطر ببال علماء الثار من قبل ‪ ،‬ويجعل كيفيععة‬
‫البنععاء غايععة السععهولة ‪ ،‬حيععث كععان عبيععد فرعععون ومنهععم بنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬ينقلون الطين – وليس الصخور والحجارة ‪ -‬ويضعععوه‬
‫فععي قععوالب مثبتععة علععى الهععرم نفسععه ‪ ،‬وكععل لبنععة فععي موقعهععا ‪،‬‬
‫وينتظرون الَلِبن حتى يتماسك ‪ ،‬لينزعوا القوالب ‪ ،‬وكلما أنجععزوا‬
‫مرحلة ‪ ،‬قاموا بتثبيت القوالب مرة أخرى ‪ ،‬على ما ت عّم إنجععازه ‪،‬‬
‫وبدءوا بنقل الطين ليفرغوه فيها ‪ ،‬وهكذا دواليععك ‪ ،‬حععتى يكتمععل‬
‫بناء الهرم ‪ .‬ومن الداخل ستجد أن قلب الهرم مفرغ ‪ ،‬وستجد أن‬
‫هنععاك سععراديب طويلععة غيععر نافععذة ‪ ،‬تتععوّزع بكافععة التجاهععات ‪،‬‬
‫والغاية منها توزيع الحرارة ‪ ،‬عنععد إشعععال النععار فعي قلععب الهععرم‬
‫ي الطين الجاف ‪ ،‬وهي عملية تحتاج إلى وقت طويععل نظريععا ‪،‬‬ ‫لش ّ‬
‫ولكن مع كععثرة العبيععد فععالمر مختلعف ‪ ،‬والليعة بسعيطة وليسعت‬
‫معقّدة ‪ ،‬ول توحي بععأن الفراعنععة كععانوا جبععابرة وأشععداء ‪ ،‬فبنععاة‬
‫الهرام هم العبيععد وليععس الفراعنععة أنفسععهم ‪ ،‬وربمععا يكععون شع ّ‬
‫ي‬
‫الطين قد تععم علععى مراحععل ‪ ،‬وليععس دفعععة واحععدة ‪ .‬وهععذه الفكععرة‬
‫صين لنفيها أو إثباتها ‪ ،‬وبذلك تكون الهرامات ‪،‬‬ ‫مطروحة للمخت ّ‬
‫رمزا من رموز الكفر والعصيان والتمرد والتحدي الفرعععوني لع‬
‫ورسوله ‪ ،‬ويكون أبو الهول هو إله المصريين القدماء ‪ ،‬قبععل أن‬
‫ُيعلن فرعون ربوبيته ‪ ،‬تحديا لموسى عليه السلم وربه ‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫وبالضافة إلى تلك الحداث ‪ ،‬التي وقعت أثناء تواجد موسى فععي‬
‫مصر ‪ ،‬ما وقع في قوم فرعون من البلء الذي أنزله ال ‪ ،‬وكلما‬
‫طوَفععانَ‬ ‫عَلْيِهعُم ال ّ‬‫سعْلَنا َ‬‫كشف عنهم بلء أرسل عليهم آخععر ‪َ ) ،‬فَأْر َ‬
‫س عَتْكَبُروا‬
‫ت َفا ْ‬‫ل ٍ‬‫صع َ‬ ‫ت ُمَف ّ‬ ‫ع َوال عّدَم َءاَيععا ٍ‬ ‫ض عَفاِد َ‬
‫َواْلجَ عَراَد َواْلُقّم عَل َوال ّ‬
‫ن )‪ 133‬العععراف ( ‪ .‬وسعتجد مععا معّر بقعوم‬ ‫جِرِميع َ‬‫َوَكاُنوا َقْوًمعا ُم ْ‬
‫سععردت‬ ‫فرعون من وقائع ‪ ،‬أثناء تواجععد موسععى فععي مصععر ‪ ،‬قععد ُ‬
‫بإيجاز في اليات )‪ (136 – 103‬من سورة العراف ‪ ،‬واليات‬
‫)‪ (90 – 85‬مععن سععورة النمععل ‪ ،‬ومواضععع أخععرى متفرقععة فععي‬
‫القرآن الكريم ‪.‬‬
‫ع عْونَ َومَلَُه‬ ‫ت ِفْر َ‬‫ك آَتْي ع َ‬
‫سى َرّبَنا ِإّن ع َ‬ ‫وفي نهاية المطاف ) َوَقاَل ُمو َ‬
‫طِمسْ‬ ‫ك َرّبَنا ا ْ‬ ‫سِبيِل َ‬
‫ن َ‬ ‫عْ‬‫ضّلوا َ‬ ‫حَياِة الّدْنَيا َرّبَنا ِلُي ِ‬
‫ِزيَنًة َوَأْمَواًل ِفي اْل َ‬
‫حّتععى َيعَرْوا اْلَععَذا َ‬
‫ب‬ ‫ل ُيْؤِمُنععوا َ‬ ‫عَلى ُقُلععوِبِهْم َف َ‬
‫شُدْد َ‬ ‫عَلى َأْمَواِلِهْم َوا ْ‬‫َ‬
‫اَْلِليَم )‪ 88‬يونس ( أي الغرق ‪ ،‬فاستجيبت دعوة موسععى ‪ ،‬وهععذا‬
‫ت‬
‫ق َقععاَل آمَْنع ُ‬ ‫حّتى ِإَذا َأْدَرَكعُه اْلَغعَر ُ‬ ‫بالضبط ما حصل مع فرعون ) َ‬
‫ن )‪90‬‬ ‫س عِلِمي َ‬
‫ن اْلُم ْ‬ ‫سَراِئيَل َوَأَنا ِم ع ْ‬ ‫ت ِبِه َبُنو ِإ ْ‬
‫َأّنُه َل ِإَلَه ِإّل اّلِذي آَمَن ْ‬
‫يعونس ( ولعو تمعنعت فعي قعوله ‪ ،‬لتعبينت أنعه لعم يعؤمن ‪ ،‬لقعوله‬
‫) الذي آمنت به بنو إسرائيل ( ‪ ،‬وأغلبيععة بنععي إسععرائيل لععم تكععن‬
‫تؤمن بال ‪ ،‬ولم يقل ال أو إله موسى تكبرا وعلوا ‪.‬‬
‫فمععن أصعّر علععى المعصععية وانتهععاك حععدود الع بكافععة أشععكالها ‪،‬‬
‫والكفر بكافة أشكاله ‪ ،‬وعن علم بهععا وبعقوبتهععا ‪ ،‬ومّنععى النفععس‬
‫بقول ) ل إله إل ال ( عند المععوت معلنععا التوبععة ‪ ،‬أّنععه لععن يوفععق‬
‫بقولها آنذاك ‪ ،‬لن قولها ُيوجب الجنة ‪ ،‬وهي لععم تكتععب لهععؤلء ‪.‬‬
‫ووجوب الجنة يحتععاج لععدفع الثمععن ‪ ،‬وتععوفير الثمععن اللزم لهععا ‪،‬‬
‫يحتاج إلى جعّد واجتهععاد وصععبر ل محععدود ‪ ،‬وأن مععن كععانت تلععك‬
‫الكلمة آخر عهده بالدنيا ‪ُ ،‬كتبت لععه الجنعة ‪ ،‬ومععا أصععب تعذّكرها‬
‫‪160‬‬
‫وقولها ‪ ،‬أما هؤلء فإن تذّكروها ‪ ،‬تلعثموا بها فلم تععؤد معناهععا ‪،‬‬
‫شعًة ‪َ ،‬أْو‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِإَذا َفَعُلععوا َفا ِ‬‫فل توبة مع إصرار ‪ ،‬قال تعععالى ) َواّلعِذي َ‬
‫سعَتْغفَُروا ِلعُذُنوِبِهْم ‪َ ،‬وَمعنْ َيْغِفعرُ‬ ‫لع ‪َ ،‬فا ْ‬ ‫سعُهْم ‪َ ،‬ذَكعُروا ا َّ‬ ‫ظَلُموا َأْنُف َ‬
‫َ‬
‫عَلى َما َفَعُلوا ‪َ ،‬وُه عْم َيْعَلُمععونَ )‪135‬‬ ‫صّروا َ‬ ‫ل ‪َ ،‬وَلْم ُي ِ‬‫ب ِإّل ا ُّ‬‫الّذُنو َ‬
‫ن َيْعَمُلععو َ‬
‫ن‬ ‫ت الّتْوَبععُة ‪ِ ،‬لّلععِذي َ‬‫سعع ْ‬ ‫آل عمععران ( ‪ ،‬وقععال أيضععا ) َوَلْي َ‬
‫ت الْنَ ‪َ ،‬وَل‬ ‫ت ‪َ ،‬قاَل ِإّني ُتْب ُ‬ ‫حَدُهْم اْلَمْو ُ‬ ‫ضَر َأ َ‬‫ح َ‬ ‫حّتى ِإَذا َ‬‫ت‪َ ،‬‬ ‫سّيَئا ِ‬
‫ال ّ‬
‫ععَذاًبا َأِليمًععا )‪18‬‬ ‫عَتعْدَنا َلُهعْم َ‬
‫ك َأ ْ‬‫ن َوُهعْم ُكّفععاٌر ‪ُ ،‬أْوَلِئ َ‬
‫ن َيُموُتععو َ‬‫اّلعِذي َ‬
‫النساء ( ‪.‬‬
‫ومعظم مسلمي هذا العصر ‪ ،‬إل ما رحم ربععي ‪ ،‬وهععم قلععة ُيععّدون‬
‫علعععى أصعععابع اليعععد الواحعععدة ‪ ،‬فعععي بععععض البلعععدان المسعععماة‬
‫بالسععلمية ‪ ،‬سععلكوا هععذا المنهععج الععذي ح عّذر منععه رب العععزة ‪،‬‬
‫) جماعة كل شيء بحسابه ( ‪ ،‬والغلبية هم غثاء كغثاء السيل ‪،‬‬
‫فل فائدة فيهم أو ُترتجى منهم ‪ ،‬فإن لم يكفععر أحععدهم بععال أشععرك‬
‫في عبادته ‪ ،‬ومن لم يستجب ويطععع ‪ ،‬تععولى وعصععى ‪ .‬والوثععان‬
‫كثيرة هذه اليام ‪ ،‬واّتخذت أشكاًل عديدة ‪ .‬صحيح أنها ليست من‬
‫الحجر أو التمر ‪ ،‬ولكنها أدهى وأمّر ‪ ،‬فنحععن حاشععى لع أن نعبععد‬
‫الحجارة ‪ ،‬وكل ما نقّدسه فقط ‪ ،‬كرسي ورصيد في البنك وعمارة‬
‫‪ ،‬وتلفزيون وستاليت وخلوي ‪ ،‬وشقراء أو سمراء في سععّيارة ‪.‬‬
‫وناهيععك عععن المعاصععي مععن أكععل ربععا ‪ ،‬وسععرقة وخيانععة وتععبرج‬
‫وزنا ‪ ،‬وقطع رحم ‪ ،‬وأكل لحم ‪ ،‬وشرب خمر ودم ‪ ،‬وشععتم وسععب‬
‫وذم ‪.‬‬
‫خروج موسى ببني إسرائيل من مصر ‪:‬‬
‫ض عِر ْ‬
‫ب‬ ‫سعِر بِعَبععاِدي ‪َ ،‬فا ْ‬‫سععى َأنْ َأ ْ‬
‫حْيَنا ِإَلععى ُمو َ‬
‫قال تعالى ) َوَلَقْد َأْو َ‬
‫شى )‪ 77‬طه ( ‪،‬‬ ‫خ َ‬ ‫ف َدَرًكا َوَل َت ْ‬
‫خا ُ‬‫سا ‪َ ،‬ل َت َ‬‫حِر َيَب ً‬‫طِريًقا ِفي اْلَب ْ‬
‫َلُهْم َ‬
‫‪161‬‬
‫نتبين من ذلك أن خروج موسى بقععومه إلععى البحععر ‪ ،‬كععان بععوحي‬
‫مععن ربععه ‪ ،‬وإن لععم يخععب ظنععي فقععد اتجععه صععوب البحععر الحمععر‬
‫مباشععرة ‪ ،‬أقصععى الشععمال مععن خليععج السععويس ‪ ،‬وبعععد أن خععرج‬
‫بقععومه مععن البحععر ‪ ،‬اتجععه شععرقا وشععمال بخععط شععبه مسععتقيم ‪،‬‬
‫متجاوزا صحراء سيناء وصحراء النقب ‪ ،‬حيث المدخل الجنععوبي‬
‫لععوادي عربععة ‪ ،‬وسععار شععمال فععي بطععن الععوادي ‪ ،‬حععتى الجبععل‬
‫المعهود جنوب البحر الميت ‪ ،‬ليستقبل الوحي بناءا على الموعععد‬
‫المسبق ‪ ،‬الذي ضرب بينه وبين ربععه ‪ ،‬بعععد النجععاة مععن فرعععون‬
‫ع عُدّوُكمْ‬
‫جْيَنععاُكْم ِم عنْ َ‬
‫س عَراِئيلَ َق عْد َأن َ‬
‫وقععومه ‪ ،‬قععال تعععالى ) َيَبِنععي ِإ ْ‬
‫ن )‪ 80‬طه ( ‪ ،‬وهذه الية تدل علععى‬ ‫طوِر اَْلْيَم َ‬‫ب ال ّ‬
‫جاِن َ‬
‫عْدَناُكْم َ‬
‫َوَوا َ‬
‫عدم مكوثهم لفترة طويلة ‪ ،‬في أي من صحراء سيناء أو النقب ‪،‬‬
‫وأن وجهتهم كانت حيث المكان الموعود ‪ ،‬وكان موسى يستعجل‬
‫المسععير وهععم يبطئون ‪ ،‬وبعععد تلقيععه الععوحي ‪ ،‬ومععا كععان منهععم‬
‫معاصي في بطن الوادي ‪ ،‬صعد بقومه إلى المرتفعات الشععرقية ‪،‬‬
‫ودخل الردن عن طريق الوادي الذي نزل به في المرة السابقة ‪،‬‬
‫ملتفععا حععول مملكععة الدومييععن ومملكععة المععوآبيين شععرقي البحععر‬
‫الميت ‪ ،‬ليصل إلى مكان إقامته السابق ‪ ،‬حيث كععان سععفيرا لبنععي‬
‫إسرائيل – ولم يكن يعلم بذلك آنذاك ‪ -‬في مدين قرية شعيب عليه‬
‫السلم ‪ ،‬لُيَمّهد لهم طيب القامة فيها مستقبل ‪.‬‬
‫ترتيب الحداث التي مننرت بموسننى وبننني‬
‫إسرائيل خلل تلك الرحلة الطويلة‬
‫الصاعقة والبعث بعد الموت ‪:‬‬
‫رحلته مع بني إسرائيل ‪ ،‬في طريق العععودة إلععى مععدين ‪ ،‬اختلفععت‬
‫كثيرا عن سابقتها ‪ ،‬فقد كانت ترافقه في هذه الرحلة أّمة بأسرها‬
‫‪162‬‬
‫‪ ،‬بمععا لهععا ومععا عليهععا ‪ ،‬وأكثرهععا مععن غيععر المععؤمنين ‪ ،‬وغيععر‬
‫المطيعين ل تعالى وله عليععه السععلم ‪ ،‬فكععان المسععير فيهععا بطيئا‬
‫ن َق عْوِمهِ‬ ‫سى ِإّل ُذّرّيٌة مِ ع ْ‬ ‫ن ِلُمو َ‬
‫وشاقا وطويل ‪ ،‬قال تعالى ) َفَما آَم َ‬
‫ن َيْفِتَنُهعْم )‪ 83‬يععونس ( ‪ ،‬وقععال‬ ‫ن َوَمَلِئِهعْم َأ ْ‬ ‫عْو َ‬
‫ن ِفْر َ‬‫ف ِم ْ‬ ‫خْو ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫جْه عَرًة ‪،‬‬ ‫حّتى َنَرى الَّ ع َ‬ ‫ن َلكَ ‪َ ،‬‬‫ن ُنْؤِم َ‬ ‫سى ‪َ ،‬ل ْ‬ ‫أيضا ) َوِإْذ ُقْلُتْم َياُمو َ‬
‫ن )‪ُ (55‬ث عّم َبَعْثَنععاُكْم ِم عنْ َبْع عِد‬ ‫ظ عُرو َ‬ ‫عَقُة ‪َ ،‬وَأْنُت عْم َتن ُ‬‫صععا ِ‬‫خ عَذْتُكْم ال ّ‬ ‫َفَأ َ‬
‫ن )‪ 56‬البقععرة ( ‪ ،‬وكععان قععولهم هععذا فععور‬ ‫ش عُكُرو َ‬‫َم عْوِتُكْم َلَعّلُك عْم َت ْ‬
‫نجاتهم وخروجهم من البحر ‪ ،‬بعدما رأوا كل ما أجراه ال ‪ ،‬على‬
‫يععد موسععى مععن معجععزات ‪ ،‬تليععن لهععا قلععوب الجبععال وعقولهععا ‪،‬‬
‫فأماتهم ال ثم أحياهم ‪ ،‬ولو نظرت إلى قولهم في الية السابقة ‪،‬‬
‫واسععتخدام أداة الجععزم والتأبيععد ) لععن ( ‪ ،‬تجععد أن لععديهم إصععرار‬
‫سهم ‪ ،‬رغععم‬ ‫ي ومحجوب عن حوا ّ‬ ‫عجيب على الكفر ‪ ،‬بما هو غيب ّ‬
‫مشاهدتهم لليات والثار الدالة على وجوده ‪ ،‬وأنهععم ل يؤمنععون‬
‫إل بما تدركه الحواس من أشياء مادية ‪ ،‬وهذا ما جعلهععم يقعععون‬
‫فععي فتنععة العجععل الععذهبي بعععد هععذه الحادثععة ‪ ،‬وفععي فتنععة الععدجال‬
‫مستقبل ‪ ،‬بما لديه من فتن مادية ظععاهرة للعيععان ‪َ ) ،‬فَقععاُلوا َأِرَنععا‬
‫جَل ِمنْ َبْعِد‬ ‫خُذوا اْلِع ْ‬ ‫ظْلِمِهْم ‪ُ ،‬ثّم ‪ ،‬اّت َ‬ ‫عَقُة ِب ُ‬
‫صا ِ‬ ‫خَذْتُهْم ال ّ‬‫جْهَرًة َفَأ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ا َّ‬
‫طاًنا ُمِبيًنا )‬‫سْل َ‬
‫سى ُ‬ ‫ك َوآَتْيَنا ُمو َ‬‫ن َذِل َ‬‫عْ‬ ‫ت ‪َ ،‬فَعَفْوَنا َ‬ ‫جاَءْتُهْم اْلَبّيَنا ُ‬‫َما َ‬
‫‪ 153‬النساء ( ‪ ،‬وقد وقع هذا منهم ‪ ،‬قبل اتخاذهم للعجل ‪.‬‬
‫ن والسنننلوى‬ ‫تفجينننر المننناء وننننزول المننن ّ‬
‫والتظليل بالسحاب أثناء المسير ‪:‬‬
‫وبناًء على ما سععبق ‪ ،‬كععان خععط مسععير الرحلععة فععي معظمععه فععي‬
‫صحاري قاحلة ‪ ،‬وكععل مععا كععان بحععوزتهم مععن طعععام ومععاء أثنععاء‬
‫الخععروج ‪ ،‬كععانوا قععد اسععتنفدوه فععي أيععامهم الولععى ‪ ،‬قععال تعععالى‬
‫‪163‬‬
‫سععى ِإذْ‬ ‫حْيَنععا ِإَلععى ُمو َ‬ ‫طا ُأَمًمععا ‪َ ،‬وَأْو َ‬ ‫سعَبا ً‬
‫شَرَة َأ ْ‬‫ع ْ‬ ‫ي َ‬ ‫طْعَناُهْم اْثَنَت ْ‬
‫) َوَق ّ‬
‫ت مِْنعهُ اْثَنَتععا‬‫سع ْ‬ ‫ج َ‬‫جعَر ‪َ ،‬فاْنَب َ‬‫حَ‬ ‫ك اْل َ‬‫صععا َ‬
‫ضِرب ِبَع َ‬ ‫نا ْ‬ ‫سَقاُه َقْوُمُه َأ ْ‬‫سَت ْ‬‫ا ْ‬
‫عَلْيِه عمْ اْلَغمَععاَم ‪،‬‬ ‫ظّلْلَنا َ‬‫شَرَبُهْم ‪َ ،‬و َ‬ ‫س َم ْ‬ ‫عِلَم ُكّل ُأَنا ٍ‬ ‫عْيًنا ‪َ ،‬قْد َ‬ ‫شَرَة َ‬‫ع ْ‬‫َ‬
‫ت َمععا َرَزْقَنععاُكْم ‪َ ،‬وَمععا‬ ‫طّيَبا ِ‬
‫ن َ‬ ‫سْلَوى ُكُلوا ِم ْ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫عَلْيِهْم اْلَم ّ‬
‫َوَأنَزْلَنا َ‬
‫ن )‪160‬العراف ( ‪ ،‬ومن هععذه‬ ‫ظِلُمو َ‬ ‫سُهْم َي ْ‬‫ن َكاُنوا َأنُف َ‬ ‫ظَلُموَنا َوَلِك ْ‬‫َ‬
‫سععموا إلععى )‪ (12‬جماعععة ‪ ،‬لتيسععير‬ ‫اليععة الكريمععة ‪ ،‬نجععد أنهععم ُق ّ‬
‫ن عليهم ربهم ‪ ،‬سععبحانه عمععا يصععفون ‪ ،‬بععأن‬ ‫عملّيه القيادة ‪ ،‬وم ّ‬
‫وّفر لهم كل أسباب الراحة ‪ ،‬من ماء وغذاء ‪ ،‬وحععتى أنععه وقععاهم‬
‫من حر الشمس ‪ ،‬بأن جعل السحاب يظللهم ‪ ،‬أينمععا حلععوا وأينمععا‬
‫ارتحلععوا ‪ ،‬أثنععاء مسععيرهم باتجععاه الرض الُمقّدسععة ‪ ،‬وفععي تلععك‬
‫الثناء مّروا على عبععدة الصععنام ‪ ،‬فطلبععوا مععن موسععى أن يجعععل‬
‫حَر ‪َ ،‬ف عَأَتْوا‬ ‫سَراِئيَل اْلَب ْ‬ ‫جاَوْزَنا ِبَبِني ِإ ْ‬‫لهم ألهة كما لهؤلء ألهة ) َو َ‬
‫جَععْل َلَنععا ِإَلًهععا‬‫سى ا ْ‬ ‫صَناٍم َلُهْم ‪َ ،‬قاُلوا َياُمو َ‬ ‫عَلى َأ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَلى َقْوٍم َيْعُكُفو َ‬ ‫َ‬
‫ن )‪ 138‬العراف ( ‪.‬‬ ‫جَهُلو َ‬ ‫َكَما َلُهْم َءاِلَهٌة ‪َ ،‬قاَل ِإّنُكْم َقْوٌم َت ْ‬
‫ول يغب عن بالنا ‪ ،‬أن رحلة كهذه ‪ ،‬كانت تستوجب ما بيععن فععترة‬
‫وأخرى ‪ ،‬التخييم والقامة لبعض الوقت ‪ ،‬ومن ثم متابعة المسير‬
‫‪ ،‬وهكععذا دواليععك ‪ ،‬ولععم تتعععدى مععدد القامععة فععي أي مععن مراحععل‬
‫المسير ‪ ،‬سوى أيام أو أسابيع معدودة ‪ ،‬فهم لم يركنوا إلى مكععان‬
‫معين ‪ ،‬إذ كان هناك مواعدة للقاء في جانب الطععور اليمععن ‪ ،‬فعي‬
‫وادي عربععة ‪ ،‬وكععانت هععذه المواعععدة جماعيععة لموسععى ولبنععي‬
‫ن موسى عليه السلم ‪ ،‬وبعد أن قطع شوطا كععبيرا‬ ‫إسرائيل ‪ ،‬ولك ّ‬
‫في وادي عربععة ‪ ،‬اسععتعجل اللقععاء ‪ ،‬وعنععدما اقععترب مععن المكععان‬
‫المحععدد ‪ ،‬اسععتخلف أخيععه هععارون فععي قععومه ‪ ،‬وتركهععم ومضععى‬
‫مسرعا رغبًة منه في إرضاء ربه ‪ ،‬واعتذارا عععن التععأخير الععذي‬
‫تسّبب به قومه ‪ ،‬من جّراء مماطلتهم وتّذمرهم ‪.‬‬
‫‪164‬‬
‫اللقاء الول لموسى بربه بعد الخروج مننن‬
‫مصننر ‪ ،‬واتخنناذ العجننل فنني بطننن وادي‬
‫عربة ‪:‬‬
‫سععى )‪َ (83‬قععاَل ُه عْم ُأوَلِء‬ ‫ك َيُمو َ‬ ‫ن َقْوِم ع َ‬ ‫عْ‬‫ك َ‬ ‫جَل َ‬‫عَ‬ ‫قال تعالى ) َوَما َأ ْ‬
‫ضععى )‪ (84‬وهنععاك كععان موسععى‬ ‫ب ِلَتْر َ‬ ‫ك َر ّ‬ ‫ت ِإَلْيع َ‬
‫جْل ُ‬‫عِ‬ ‫عَلى َأَثِري َو َ‬ ‫َ‬
‫عليه السلم ‪ ،‬مشتاقا ومندفعا فطلب رؤية ربه ‪ ،‬وكأنه نسععي مععا‬
‫جععاَء‬‫كان من قومه ‪ ،‬فطلب من ربه مععا طلبععه قععومه منععه ) َوَلّمععا َ‬
‫ك ‪َ ،‬قععاَل َلعنْ‬ ‫ظعْر ِإَلْيع َ‬‫ب َأِرِنععي َأن ُ‬ ‫سى ِلِميَقاِتَنا َوَكّلَمُه َرّبُه ‪َ ،‬قاَل َر ّ‬ ‫ُمو َ‬
‫سْوفَ َتَراِني ‪،‬‬ ‫سَتَقّر َمَكاَنُه َف َ‬ ‫نا ْ‬ ‫جَبِل ‪َ ،‬فِإ ْ‬ ‫ظْر ِإَلى اْل َ‬ ‫ن ان ُ‬ ‫َتَراِني ‪َ ،‬وَلِك ْ‬
‫صعِعًقا ‪َ ،‬فَلّمععا َأَفععا َ‬
‫ق‬ ‫سى َ‬ ‫خّر ُمو َ‬ ‫جَعَلُه َدّكا ‪َ ،‬و َ‬ ‫جَبِل َ‬ ‫جّلى َرّبُه ِلْل َ‬ ‫َفَلّما َت َ‬
‫ن )‪ 143‬العععراف (‬ ‫ك َوَأَنععا َأّوُل اْلُم عْؤِمِني َ‬ ‫ت ِإَلْي ع َ‬
‫ك ُتْب ع ُ‬‫حاَن َ‬‫س عْب َ‬
‫َقععاَل ُ‬
‫صعق قومه من قبل ‪ ،‬وبعععدما أفععاق ‪ُ ،‬أعطيععت‬ ‫صعق موسى كما ُ‬ ‫ف ُ‬
‫لععه اللععواح ‪ ،‬الععتي تحمععل فععي ثناياهععا الشععريعة الجديععدة لبنععي‬
‫صععيلً‬ ‫ظًة َوَتْف ِ‬ ‫عَ‬ ‫يٍء َمْو ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ُكّل َ‬ ‫ح ِم ْ‬ ‫إسرائيل ‪َ ) ،‬وَكَتْبَنا َلُه ِفي اَْلْلَوا ِ‬
‫س عُأِريُكْم َدارَ‬ ‫س عِنَها َ‬ ‫ح َ‬‫خ عُذوا ِبَأ ْ‬
‫ك َيْأ ُ‬‫خْذَها ِبُقّوٍة َوْأُمْر َقْوَم َ‬ ‫يٍء َف ُ‬ ‫ش ْ‬‫ِلُكّل َ‬
‫ن )‪ 145‬العراف ( ‪.‬‬ ‫سِقي َ‬ ‫اْلَفا ِ‬
‫ومن ثم ‪ ،‬أخبره ربه بأن قومه ُفتنوا من بعععده ‪ ،‬بعبععادتهم للعجععل‬
‫ك‬
‫ن َبْعِد َ‬
‫ك ِم ْ‬ ‫الذهبي الذي ابتدعه السامري ‪َ ) ،‬قاَل َفِإّنا َقْد َفَتّنا َقْوَم َ‬
‫ي )‪ 85‬طه ( ‪ ،‬وكانت عقوبة الشععرك بععال غايععة‬ ‫ساِمِر ّ‬ ‫ضّلُهْم ال ّ‬ ‫َوَأ َ‬
‫سعُكمْ‬ ‫ظَلْمُتعْم َأنُف َ‬
‫سى ِلَقْوِمِه ‪َ ،‬يَقْوِم ِإّنُكعْم َ‬ ‫في القسوة ‪َ ) ،‬وِإْذ َقاَل ُمو َ‬
‫خْي عرٌ‬ ‫س عُكْم ‪َ ،‬ذِلُك عْم َ‬ ‫جَل ‪َ ،‬فُتوُبوا ِإَلى َباِرِئُكْم َفععاْقُتُلوا َأنُف َ‬ ‫خاِذُكْم اْلِع ْ‬ ‫ِباّت َ‬
‫حيُم )‪ 54‬البقرة‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫عَلْيُكْم ‪ِ ،‬إّنُه ُهوَ الّتّوا ُ‬ ‫ب َ‬ ‫عْنَد َباِرِئُكْم ‪َ ،‬فَتا َ‬ ‫َلُكْم ِ‬
‫( ‪ ،‬وتوحي هذه الية بأن المر كان ُملزمععا ‪ ،‬وقبععول التوبععة كععان‬
‫مشروطا بقتل النفس ‪ ،‬فمن رغب في التوبععة آنععذاك ممععن عبععدوا‬
‫العجل ‪ ،‬قتل نفسه حقيقة وُقبلت توبته ‪ ،‬ومن لم يقتل نفسه ‪ ،‬قال‬
‫‪165‬‬
‫ب مِعنْ‬
‫غضَع ٌ‬ ‫سعَيَناُلُهْم َ‬ ‫جعَل َ‬ ‫خعُذوا اْلِع ْ‬ ‫ن اّت َ‬ ‫ن اّلعِذي َ‬‫فيهععم سععبحانه ‪ِ ) ،‬إ ّ‬
‫ن )‪152‬‬ ‫جععِزي اْلُمْفَتِريعع َ‬ ‫ك َن ْ‬‫حَيععاِة الععّدْنَيا َوَكععَذِل َ‬
‫َرّبِهععْم َوِذّلععٌة ِفععي اْل َ‬
‫العراف ( ‪.‬‬
‫وبالنظر في قوله تعالى ‪ ،‬علععى لسععان موسععى مخاطبععا السععامريّ‬
‫سَفّنهُ ِفععي‬
‫حّرَقّنُه ُثّم َلَنْن ِ‬
‫عاِكًفا َلُن َ‬‫عَلْيِه َ‬
‫ت َ‬ ‫ظْل َ‬
‫ك اّلِذي َ‬ ‫ظْر ِإَلى ِإَلِه َ‬‫) َواْن ُ‬
‫حّرق وُرمي في‬ ‫سًفا )‪ 97‬طه ( ‪ ،‬نجد أن العجل الذهبي ‪ ،‬قد ُ‬ ‫اْلَيّم َن ْ‬
‫البحر ‪ ،‬وأقرب بحععر لمقععام بنععي إسععرائيل فععي وادي عربععة ‪ ،‬هععو‬
‫البحر الميت ‪.‬‬
‫اللقاء الثاني والرجفة ونتق الجبل ‪:‬‬
‫وبنععاًء علععى مععا كععان منهععم ‪ ،‬اختععار موسععى )‪ (70‬رجل مععن‬
‫سععى‬ ‫خَتاَر ُمو َ‬ ‫أفضلهم ‪ ،‬للعتذار عما فعله السفهاء من قومه ) َوا ْ‬
‫ب َلعْو‬ ‫جَفعُة ‪َ ،‬قععاَل َر ّ‬‫خعَذْتُهْم الّر ْ‬
‫ل ِلِميَقاِتَنا ‪َ ،‬فَلّمععا َأ َ‬
‫جً‬ ‫ن َر ُ‬‫سْبِعي َ‬ ‫َقْوَمُه َ‬
‫سعَفَهاُء ِمّنععا ‪ِ ،‬إنْ‬ ‫ي ‪َ ،‬أُتْهِلُكَنا ِبَما َفَعَل ال ّ‬
‫ن َقْبُل َوِإّيا َ‬‫ت َأْهَلْكَتُهْم ِم ْ‬‫شْئ َ‬‫ِ‬
‫ت َوِلّيَنععا‬‫شععاُء ‪َ ،‬أنْع َ‬
‫ن َت َ‬
‫شاُء َوَتْهعِدي َمع ْ‬ ‫ن َت َ‬
‫ضّل ِبَها َم ْ‬ ‫ك ُت ِ‬ ‫ي ِإّل ِفْتَنُت َ‬
‫ِه َ‬
‫ن )‪ 155‬العراف ( فشهدوا‬ ‫خْيُر اْلَغاِفِري َ‬‫ت َ‬ ‫حْمَنا َوَأْن َ‬‫غفِْر َلَنا َواْر َ‬ ‫َفا ْ‬
‫الوحي بمعية موسى عليه السلم دون سماعه ‪ ،‬وشعروا بوجععود‬
‫خععالقهم وقععدرته ‪ ،‬ومقععدار حنقععه وغضععبه عليهععم ‪ ،‬بععأن زلععزل‬
‫الرض من تحت أرجلهم ‪.‬‬
‫ي عشننر‬ ‫أخذ الميثاق ‪ ،‬وإلزام النقبنناء الثنن ّ‬
‫بالسهر على تطبيقه ‪ ،‬والحكم بمننا جنناء‬
‫فيه ‪:‬‬
‫عرض عليهم الميثاق ليلتزموا به ‪ ،‬ويلزموا أتباعهم على‬ ‫وهناك ُ‬
‫القيام به ‪ ،‬ويتحملععوا مسععؤولية نقضععه ‪ ،‬فععترّددوا وأَبعْوا ‪ ،‬فرفععع‬
‫سبحانه فوقهم الجبل ‪ ،‬وأجبرهم على أخذه بالقوة ‪ ،‬ولععو أص عّروا‬
‫‪166‬‬
‫على الرفض لطبقععه عليهععم ‪ ،‬فقبلععوه علععى مضععض ‪ ،‬وكععان الع‬
‫أعلم بما يعتمل فعي صععدورهم ‪ ،‬ولكنععه غفععور رحيععم ‪ ،‬حيععث قععال‬
‫خُذوا َمععا آَتْيَنععاُكمْ‬ ‫طوَر ُ‬ ‫خْذَنا ميَثاَقُكْم َوَرَفْعَنا َفْوَقُكْم ال ّ‬‫فيهم ‪َ ) ،‬وِإْذ َأ َ‬
‫شعِرُبوا ِفعي ُقُلعوِبِهمْ‬ ‫صعْيَنا ‪َ ،‬وُأ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫سعِمْعَنا َو َ‬ ‫سعَمُعوا ‪َ ،‬قعاُلوا َ‬ ‫ِبُقعّوٍة َوا ْ‬
‫ن ُكنُتعْم ُمعْؤمِِنينَ )‬ ‫سَما َيْأُمُرُكْم ِبعِه ِإيَمععاُنُكْم ِإ ْ‬‫اْلِعجَْل ِبُكْفِرِهْم ‪ُ ،‬قْل ِبْئ َ‬
‫‪ 93‬البقععرة ( ‪ .‬فععاختير مععن السععبعين رجل )‪ (12‬نقيبععا ‪ ،‬بعععدد‬
‫السباط ) أي قبائل بني إسععرائيل ( وهععم الععذين ُتسععميهم التععوراة‬
‫بالقضاة ‪ .‬وهذا نص الميثاق الذي ُألزموا بالعمععل علععى تطععبيقه ‪،‬‬
‫خعَذ الُّع‬ ‫بالضافة إلى الوصايا الواردة في سورة النعععام ) َوَلَقعْد َأ َ‬
‫لُع‬ ‫شعَر َنِقيًبععا ‪َ ،‬وَقععاَل ا ّ‬ ‫ع َ‬‫ي َ‬ ‫سَراِئيَل ‪َ ،‬وَبَعْثَنا ِمْنُهعْم اْثَنع ْ‬ ‫ق َبِني ِإ ْ‬ ‫ِميَثا َ‬
‫س عِلي‬ ‫لَة ‪َ ،‬وآَتْيُت عْم الّزَكععاَة َوآَمْنُت عْم ِبُر ُ‬ ‫صع َ‬ ‫ن َأَقْمُت عْم ال ّ‬
‫ِإّنععي َمَعُك عْم ‪َ ،‬لِئ ْ‬
‫سعّيَئاِتُكْم‬ ‫عْنُكْم َ‬ ‫ن َ‬ ‫سًنا ‪َُ ،‬لَكّفَر ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ضا َ‬ ‫ل َقْر ً‬ ‫ضُتْم ا َّ‬
‫عّزْرُتُموُهْم ‪َ ،‬وَأْقَر ْ‬ ‫َو َ‬
‫ن َكَفعَر َبْععَد َذِلعكَ‬ ‫حِتَها اْلَْنَهاُر ‪َ ،‬فَمع ْ‬ ‫ن َت ْ‬‫جِري ِم ْ‬ ‫ت َت ْ‬‫جّنا ٍ‬‫خَلّنُكْم َ‬‫‪َ ،‬وَُلْد ِ‬
‫سِبيِل )‪ 12‬المائدة ( ‪.‬‬ ‫سَواَء ال ّ‬ ‫ضّل َ‬ ‫ِمْنُكْم ‪َ ،‬فَقْد َ‬
‫رفض المن والسننلوى وطلننب القثائيننات ‪،‬‬
‫والحكننم عليهننم بننالنزول فنني مننوطن‬
‫زراعتها ‪:‬‬
‫كععانت مععدة المكععث بععادئ المععر فععي الصععحراء بسععيطة ‪ ،‬وذلععك‬
‫ن والسععلوى ‪،‬‬ ‫لتذّمرهم وعدم صبرهم على طعععام واحععد ‪ ،‬أي الم ع ّ‬
‫فحكم عليهم سبحانه بإكمال المسير ‪ ،‬المقّدر مسبقا ‪ ،‬بقوله علععى‬
‫ح عٍد َفععاْدعُ‬‫طَعاٍم َوا ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫صِبَر َ‬‫ن َن ْ‬
‫سى َل ْ‬‫لسان موسى ) َوِإْذ ُقْلُتْم َيُمو َ‬
‫ن َبْقِلَهععا َوِقّثاِئَهععا َوُفومَِهععا‬
‫ض ِمع ْ‬
‫ت اَْلْر ُ‬ ‫ج َلَنا ِمّمععا ُتْنِبع ُ‬
‫خِر ْ‬‫ك ُي ْ‬
‫َلَنا َرّب َ‬
‫خْي عرٌ‬‫ن اّلِذي ُهَو َأْدَنععى ِباّل عِذي ُه عَو َ‬ ‫سَتْبِدُلو َ‬
‫صِلَها َقاَل َأَت ْ‬‫سَها َوَب َ‬‫عدَ ِ‬‫َو َ‬
‫سَأْلُتْم )‪ 61‬البقرة ( ‪ ،‬وحيث أنععه قععال‬ ‫ن َلُكْم َما َ‬ ‫صًرا ‪َ ،‬فِإ ّ‬
‫طوا ِم ْ‬ ‫اْهِب ُ‬
‫‪167‬‬
‫صعَر ( بععدون تنععوين ‪ ،‬فهععي غيععر‬ ‫صرًا ( منونًة ‪ ،‬ولم يقععل ) ِم ْ‬
‫) ِم ْ‬
‫مصر التي خرجوا منها ‪ ،‬وإنما جاءت هنععا بمعنععى ) بلععدًا ( نكععرة‬
‫ن لكعم معا سعألتم ( تعنعي أن هعذا البلعد‬ ‫وغير معّرفة ‪ ،‬وقوله ) فعإ ّ‬
‫يتمّيز ‪ ،‬بأن فيه مععا سععأله بنععي إسععرائيل مععن نععبيهم ‪ ،‬مععن عععدس‬
‫وبصل وغيره ‪ ،‬ولو تساءلنا عن موقععع هععذا البلععد ‪ ،‬القريععب مععن‬
‫الرض المقدسة ‪ ،‬الذي يتميز بخصوبة أراضيه ‪ ،‬ووفععرة ميععاهه‬
‫من ينابيع وآبار ‪ ،‬ويصععلح لزراعععة القّثائيععات ‪ ،‬بالتأكيععد سععتكون‬
‫الجابععة الرض الواقعععة ‪ ،‬شععرق نهععر الردن ‪ ،‬وفععي السععفوح‬
‫الغربية للجبال المطلة على فلسطين ‪ ،‬وبالتحديد قرية مدين الععتي‬
‫يعرفهععا موسععى ‪ ،‬ويعععرف مّيزاتهععا وخصائصععها ‪ ،‬وال ع أعلععم ‪،‬‬
‫والتي كان أهلها قد هلكوا بعذاب يوم الظّلة ‪ ،‬قبععل أو بعععد خععروج‬
‫موسى منها ‪ ،‬ليرثها بنوا إسرائيل مع القلععة المؤمنععة ‪ ،‬مععن قععوم‬
‫شعيب التي نجت من العذاب ‪.‬‬
‫مقام فيها ‪:‬‬ ‫دخول مدين وال ُ‬
‫شعْئُتمْ‬ ‫ث ِ‬‫حيْ ع ُ‬
‫خُلوا َهعِذِه اْلَقْرَيعَة َفُكُلععوا ِمْنَهععا َ‬ ‫قال تعالى ) َوِإْذ ُقْلَنا اْد ُ‬
‫طاَيععاُكْم‬
‫خَ‬
‫ط عٌة َنْغِف عْر َلُك عْم َ‬
‫حّ‬‫جًدا َوُقوُلععوا ِ‬ ‫سع ّ‬‫ب ُ‬ ‫خُلععوا اْلَبععا َ‬ ‫غ عًدا َواْد ُ‬
‫َر َ‬
‫ن )‪ 58‬البقرة ( ‪ ،‬وقال في آية أخرى ) َوِإْذ ِقيععَل‬ ‫سِني َ‬‫ح ِ‬ ‫سَنِزيُد اْلُم ْ‬
‫َو َ‬
‫طعةٌ‬ ‫حّ‬ ‫شعْئُتْم َوُقوُلععوا ِ‬‫ث ِ‬ ‫حْيع ُ‬
‫سعُكُنوا َهعِذِه اْلَقْرَيعَة َوُكُلععوا ِمْنَهععا َ‬ ‫َلُهْم ا ْ‬
‫سِنينَ )‪(161‬‬ ‫ح ِ‬‫سَنِزيُد اْلُم ْ‬‫طيَئاِتُكْم َ‬‫خِ‬ ‫جًدا َنْغِفْر َلُكْم َ‬‫سّ‬ ‫ب ُ‬ ‫َواْدخُُلوا اْلَبا َ‬
‫عَلْيِهعمْ‬‫سعْلَنا َ‬
‫غْيَر اّلعِذي ِقيعَل َلُهعْم َفَأْر َ‬ ‫ظَلُموا ِمْنُهْم َقْوًل َ‬ ‫ن َ‬ ‫َفَبّدلَ اّلِذي َ‬
‫ن )‪ 162‬العراف ( ‪ ،‬ولم يكععن‬ ‫ظِلُمو َ‬ ‫سَماِء ِبَما َكاُنوا َي ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫جًزا ِم ْ‬‫ِر ْ‬
‫المقصود بهذه القرية ‪ ،‬الرض المقدسة ‪ ،‬كونهم دخلوها حربا ‪،‬‬
‫بعد موسى عليه السلم بأربعين عاما على القععل ‪ ،‬وهععذه القريععة‬
‫سكنت حقيقة ‪ ،‬بدخولها بل قتععال بمعيععة موسععى عليععه السععلم ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫‪168‬‬
‫وقد بّدل الععذين ظلمععوا منهععم –أي الُعصععاة – القععول والهيئة عنععد‬
‫الدخول ‪ ،‬فأرسل عليهم سبحانه رجزا من السماء ‪.‬‬
‫شعْئُتْم ( و قععوله لهععم فععي‬
‫ث ِ‬
‫حْيع ُ‬‫وقوله قبل الدخول ) َوُكُلععوا ِمْنهععا َ‬
‫غًدا ( يععوحي بأنهععا سععكنى‬ ‫شْئُتْم َر َ‬
‫ث ِ‬‫حْي ُ‬
‫النص الخر ) َفُكُلوا ِمْنَها َ‬
‫مؤقتة ‪ ،‬ولم يكن لديهم علم ‪ ،‬بأنه سيكون هناك ما بعدها ‪ ،‬وهو‬
‫الستعداد والتهيئة لدخول الرض المقدسة ‪ ،‬فأفشلوا أنفسهم في‬
‫الععدخول الول لتلععك القريععة ‪ ،‬فاسععتحقوا غضععب العع عليهععم ‪،‬‬
‫وأفشلوا أنفسهم عندما ُأمروا بالدخول الثاني بل حرب ‪ ،‬فأفشلهم‬
‫ال وأذهب ريحهم ‪ .‬وقعد قيلعت هعذه العبعارة ‪ ،‬لدم عليعه السعلم‬
‫شْئُتَما )‪ 35‬البقرة ( ‪ ،‬قبل دخوله‬ ‫ث ِ‬‫حْي ُ‬
‫غًدا َ‬ ‫ل ِمْنَها َر َ‬
‫وزوجه ) َوُك َ‬
‫الجنة ‪ ،‬ولم يكن لديهما علم بأن القامة فيها مؤقتععة ‪ ،‬وأن هنععاك‬
‫مععا بعععدها ‪ ،‬وسععيحاطون بععه علمععا عنععد وقععوعه ‪ ،‬وفععي موعععده‬
‫المقدر المضمر في علععم الع ‪ ،‬ولكعن بعععد فعوات الوان ‪ .‬وإن لععم‬
‫تكن مدين ‪ ،‬هي القرية التي دخلها بنوا إسععرائيل وأقععاموا فيهععا ‪،‬‬
‫فهي قرية تقع في نفس المنطقة ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫الخسف بقارون ‪ ،‬ورحلة موسى والفننتى ‪،‬‬
‫وذبح البقرة ‪:‬‬
‫أقام بنو إسرائيل في مدين بمعية موسى ‪ -‬على معا يبععدو ‪ -‬سععنين‬
‫عديدة ‪ ،‬واطمأنوا بهععا وإليهععا ‪ ،‬وطععاب لهععم المقععام فيهععا ‪ ،‬حيععث‬
‫الزراعة وتربية المواشععي والتجععارة ‪ ،‬وهععذا هععو ديععدنهم ‪ ،‬ومععن‬
‫سى ِلقْوِمِه‬‫الحداث التي وقعت فيها ‪ ،‬قصة البقرة ‪َ ) ،‬وِإْذ َقاَل ُمو َ‬
‫خُذَنا ُهُزًوا َقاَل َأعُععوُذ ِبععا ِّ‬
‫ل‬ ‫حوا َبَقَرًة َقاُلوا َأَتّت ِ‬
‫ن َتْذَب ُ‬
‫ل َيْأُمُرُكْم َأ ْ‬
‫ن ا َّ‬
‫ِإ ّ‬
‫ن )‪ 67‬البقرة ( ‪ ،‬وقصة سععفر موسععى حيععث‬ ‫جاِهِلي َ‬‫ن اْل َ‬‫ن ِم ْ‬‫ن أَُكو َ‬‫َأ ْ‬
‫سى ِلَفَتاُه َل َأْبَرحُ‬
‫مجمع البحرين ‪ ،‬لللتقاء بالعالم ‪َ ) ،‬وِإْذ َقاَل ُمو َ‬
‫‪169‬‬
‫حقًبععا )‪ 60‬الكهععف ( وقصععة‬ ‫ي ُ‬‫ضع َ‬ ‫ن َأْو َأْم ِ‬ ‫حَرْيع ِ‬
‫جَمَع اْلَب ْ‬‫حّتى َأْبُلَغ َم ْ‬ ‫َ‬
‫علْيِه عْم‬‫سى َفَبَغععى َ‬ ‫ن ِمنْ َقْوِم ُمو َ‬ ‫ن َكا َ‬ ‫ن َقاُرو َ‬ ‫قارون المعروفة ‪ِ ) ،‬إ ّ‬
‫صعَبِة ُأوِلععي اْلُقعّوِة ِإْذ‬
‫حُه َلَتُنععوُء ِباْلُع ْ‬‫ن َمَفععاِت َ‬‫ن اْلُكُنوِز َما ِإ ّ‬ ‫َوآَتيَْناُه ِم ْ‬
‫ن )‪ 76‬القصص ( ‪.‬‬ ‫حي َ‬‫ب اْلَفِر ِ‬‫ح ّ‬ ‫ل َل ُي ِ‬ ‫ن ا َّ‬‫ح ِإ ّ‬‫َقاَل َلُه َقْوُمُه َل َتْفَر ْ‬
‫دسننة وتحريمهننا‬ ‫المننر بنندخول الرض المق ّ‬
‫عليهم وتيههم شرقي النهر ‪:‬‬
‫وبعد مدة من مكثهععم فععي مععدين ‪ ،‬أمرهععم موسععى بععدخول الرض‬
‫المقدسععة ) فلسععطين ( ‪ ،‬ولععم تكععن هنععاك حاجععة للقتععال آنععذاك ‪،‬‬
‫فرفضوا وعصوا ‪ ،‬لقلة وانعدام إيمانهم ‪ ،‬وأخلععدوا إلععى الرض ‪،‬‬
‫وتذّرعوا بحجج واهية ليبّرروا اتكاليتهم وعجزهم ‪ ،‬فدعا موسى‬
‫حّرَمعةٌ‬ ‫ربه ليحكم بينه وبينهم ‪ ،‬فاستجاب له ربه ‪َ ) ،‬قععاَل َفِإّنَهععا ُم َ‬
‫عَلععى اْلَق عْوِم‬‫س َ‬ ‫ض َفل َت عْأ َ‬ ‫ن ِفععي اَْلْر ِ‬
‫س عَنًة َيِتيُهععو َ‬
‫ن َ‬
‫عَلْيهِ عْم َأْرَبِعي ع َ‬
‫َ‬
‫ن )‪ 26‬المائدة ( ‪ ،‬فكان تحريم الدخول لمدة أربعيععن سععنة‬ ‫سِقي َ‬‫اْلَفا ِ‬
‫ومن ثم التيه في الرض ‪.‬‬
‫والتيه لغة الحيرة والضلل ‪ ،‬ورجل تائه وتّياه ‪ ،‬إذا كان جسورا‬
‫يركب رأسععه فععي المععور ‪ ،‬وفععي الحععديث ‪ :‬إنععك امععرؤ تععائه ‪ ،‬أي‬
‫متكععبر أو ضععال متحّيععر ‪ .‬والمععراد مععن ذلععك أنهععم ُتركععوا علععى‬
‫حرمععوا مععن قيععادة النبيععاء ‪ ،‬بععأن الع تخلععى عنهععم‬ ‫رؤوسععهم ‪ ،‬و ُ‬
‫وحرمهععم مععن رعععايته لهععم ‪ ،‬ورفععع عنهععم الععوحي وتركهععم بل‬
‫هداية ‪ ،‬بعد موت موسى عليه السلم ‪ ،‬على مدى ‪ 40‬سنة ‪ ،‬ولم‬
‫ُيقصد بالتيه الضياع والتشّرد المكاني ‪ ،‬في صحراء سيناء ‪ ،‬كمععا‬
‫كنا نعتقد سابقا ‪ .‬والصحيح أنهم حععافظوا علععى تواجععدهم ‪ ،‬كأمععة‬
‫مكونة مععن ‪ 12‬جماعععة شععرقي نهععر الردن ‪ ،‬وُأوكلععت قيععادة كععل‬
‫جماعة إلى أحععد النقبععاء الثنععي عشععر ‪ ،‬كععل حسععب السععبط الععذي‬
‫‪170‬‬
‫ينتمي إليه ‪ ،‬بعد انقطاع قيادة الوحي ‪ ،‬وهذا مما ينفي نبععوة فععتى‬
‫موسى المسمى بيوشع بن نون ‪ .‬وهنا تتضح الحكمععة مععن جععراء‬
‫إلقاء مسؤولية حفظ الميثاق وإقامته ‪ ،‬على النقباء الثنععي عشععر‬
‫بعد وفاة موسى وانقطاع الوحي والعناية اللهية ‪ .‬وهذا ما حاول‬
‫مؤّلفععو التععوراة إخفععاءه بتبععديل مواضععع الكلععم ‪ ،‬فجعلععوا المععن‬
‫والسلوى ‪ ،‬تتنّزل عليهم لمدة أربعين سنة في الصععحراء ‪ ،‬وهععي‬
‫عععدد سععنين التحريععم والععتيه ‪ ،‬الععتي كععانوا يععأكلون فيهععا البصععل‬
‫والعدس ‪.‬‬
‫ويّدعي كتبة التوراة أن بني إسرائيل ‪ ،‬أثناء قدومهم إلععى الرض‬
‫المقدسة ‪ ،‬بمعية موسى عليه السلم ‪ ،‬قد قععاتلوا أقوامععا كععثيرة ‪،‬‬
‫شرق نهر الردن وانتصروا عليها ‪ ،‬ويّدعون أيضا أنهم هاجموا‬
‫الكنعانيين بعد موسى ‪ ،‬وهدموا أسوار مدينة أريحا بمعية يوشععع‬
‫بن نععون ‪ ،‬وأنهععم أقععاموا زمععن القضععاة غععرب النهععر ‪ .‬وهععذا كلععه‬
‫محض افتراء وتلفيق ‪ ،‬فكيف يقاتل من طلب منه مجععرد الععدخول‬
‫ولععم يععدخل ‪ ،‬ولفععظ الععدخول فععي القععرآن يععوحي بانتفععاء القتععال ‪.‬‬
‫والحوار الذي دار بين موسى وقومه لدخولها ‪ ،‬تجد نصععه كععامل‬
‫في اليات )‪ (27 – 20‬المائدة ‪.‬‬
‫زمن الخبننار بنننص نبننوءة الفسنناد والعلننو‬
‫في الرض ‪:‬‬
‫وبعد مدة يسيره من الزمن من ذلك الحكم ‪ ،‬كشععف موسععى عليععه‬
‫السلم النقاب عن النبععوءة موضععوع هععذا الكتععاب ‪ ،‬وأخععبر عنهععا‬
‫قبععل أن ينتقععل إلععى جععوار ربععه ‪ .‬وتركهععم فععي غيهععم وطغيععانهم‬
‫يعمهون ‪ ،‬كمعا حكعم عليهعم ربهعم ‪ ،‬وُأوكعل المعر معن بععده إلعى‬
‫النقبععاء الثنععي عشععر أصععحاب الميثععاق ‪ ،‬ليحفظععوا التععوراة ‪،‬‬
‫‪171‬‬
‫وليحكموا بيععن النععاس بمععا جععاء فيهععا ‪ ،‬ومععن ذلععك اليععوم انتقلععت‬
‫مسؤولية حفظ التوراة والشريعة إلى أناس عاديين ‪ ،‬فبدأ ظهععور‬
‫حُكعُم‬
‫الحبار ‪ ،‬قال تعالى ) ِإّنا َأْنَزْلَنا الّتْوَراَة ِفيَهععا ُهعًدى َوُنععوٌر ‪َ ،‬ي ْ‬
‫حَبععارُ‬
‫ن َواْلَ ْ‬
‫ن َهععاُدوا ‪َ ،‬والّرّبععاِنّيو َ‬
‫سَلُموا ‪ِ ،‬لّلعِذي َ‬ ‫ن َأ ْ‬‫ن اّلِذي َ‬‫ِبَها الّنِبّيو َ‬
‫شععَهَداَء )‪44‬‬ ‫عَلْيععِه ُ‬ ‫لعع ‪َ ،‬وَكععاُنوا َ‬
‫ب ا ِّ‬ ‫ن ِكَتععا ِ‬ ‫ظوا ِمعع ْ‬ ‫حِف ُ‬‫سععُت ْ‬
‫ِبَمععا ا ْ‬
‫المائدة ( ‪.‬‬
‫دسننة بعنند‬ ‫ملك لنندخول الرض المق ّ‬ ‫طلب ال ُ‬
‫نهاية سنوات التيه ‪:‬‬
‫سعِبيِل الِّع َقععاَل َهعْل‬ ‫ث َلَنععا َمِلًكععا ُنَقاِتعْل ِفععي َ‬ ‫ي َلُهُم اْبَع ْ‬ ‫) ِإْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ‬
‫عَلْيُكُم اْلِقَتاُل َأّل ُتَقاِتُلوا َقاُلوا َوَما َلَنا َأّل نَُقاِتَل ِفععي‬ ‫ب َ‬ ‫ن ُكِت َ‬ ‫سْيُتْم ِإ ْ‬
‫ع َ‬‫َ‬
‫عَلْيِه عُم اْلِقَتععاُل‬
‫ب َ‬‫ن ِدَياِرَنا َوَأْبَناِئَنا َفَلّما ُكِت ع َ‬
‫جَنا ِم ْ‬‫خِر ْ‬ ‫ل َوَقْد ُأ ْ‬ ‫سِبيِل ا ِّ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(246‬‬ ‫ظاِلِمي َ‬ ‫عِليٌم ِبال ّ‬‫ل َ‬‫ل ِمْنُهْم َوا ُّ‬ ‫َتَوّلْوا ِإّل َقِلي ً‬
‫وبعد انقضاء سنون التيه الربعون ‪ ،‬التي عاشوا خللهععا شععرقي‬
‫نهععر الردن ‪ُ .‬بعععث فيهععم نبيععا ‪ ،‬يعّدعون أن اسععمه ) صععمويل ( ‪.‬‬
‫وربما لتعرضععهم لضععيق العيععش والضععطهاد والغععزو ‪ ،‬مععن قبععل‬
‫الممالك المجاورة شرقي النهر ‪ ،‬طلبوا من هذا النععبي ‪ ،‬أن يبعععث‬
‫سَراِئيَل مِ عنْ َبْع عِد‬ ‫ن َبِني ِإ ْ‬ ‫ل ِم ْ‬ ‫لهم ملكا ‪ ،‬قال تعالى ) َأَلْم َتَر ِإَلى اْلَم َِ‬
‫لع )‬ ‫سعِبيِل ا ِّ‬ ‫ث َلَنععا َمِلًكععا ُنَقاِتعْل ِفععي َ‬ ‫ي َلُهْم اْبَع ْ‬ ‫سى ‪ِ ،‬إْذ َقاُلوا ِلَنِب ّ‬ ‫ُمو َ‬
‫‪ 246‬البقرة ( بغية دخول الرض المقدسة الععتي كتععب ال ع لهععم ‪،‬‬
‫فُبعث لهم طالوت ملكا ‪ ،‬وأنزل ال لهم التابوت تحمله الملئكععة ‪،‬‬
‫آيععة لملكععه ‪ ،‬كععونهم ل يؤمنععون إل بمععا هععو محسععوس ‪ ،‬فأععّدهم‬
‫ظم صفوفهم ‪ ،‬واجتاز بهم نهر الردن ‪ ،‬فشربوا منه إل قليل ‪.‬‬ ‫ون ّ‬
‫وكانت المواجهة مع الكنعانين – على الرجح فععي سععهول أريحععا‬
‫ت ( وقتععل داود ‪ -‬الععذي‬ ‫جععاُلو َ‬ ‫ل َوَقَتَل َداُووُد َ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫– ) َفَهَزُموُهْم ِبِإْذ ِ‬
‫‪172‬‬
‫كان من جنود طالوت ‪ -‬جالوت قائد الكنعانيين ‪ ،‬ودخلوا القدس ‪.‬‬
‫ومن ثم انتقل الُملك لداود عليه السلم ‪ ،‬بغض النظر عن الكيفيععة‬
‫شاُء )‪ 251‬البقرة ( ‪،‬‬ ‫عّلَمُه ِمّما َي َ‬
‫حْكَمَة ‪َ ،‬و َ‬
‫ل اْلُمْلكَ َواْل ِ‬
‫‪َ ) ،‬وآَتاُه ا ُّ‬
‫ونععص هععذه الحععداث كععامل ‪ ،‬تجععده فععي اليععات )‪(251 – 246‬‬
‫البقرة ‪ ،‬وكانت هذه أول معركة يقاتل فيها بنععو إسععرائيل ‪ ،‬وكععان‬
‫جيشهم يتألف من القلة المؤمنععة ‪ ،‬الععتي لععم تكععن قععد شععربت مععن‬
‫النهر ) نهر الردن ( ‪ ،‬وكان هذا هو الدخول الول لبني إسرائيل‬
‫إلى الرض المقدسة ‪.‬‬
‫داود عليه السلم يؤسس أول دولة لليهود‬
‫في القدس ‪:‬‬
‫حْك عَم َوالّنُب عّوَة‬
‫ب َواْل ُ‬
‫س عَراِئيلَ اْلِكَتععا َ‬
‫قععال تعععالى ) َوَلَق عْد آَتيَنععا َبِنععي ِإ ْ‬
‫ن )‪ 16‬الجاثيععة ( ‪،‬‬ ‫عَلى اْلَعععاَلِمي َ‬‫ضْلَناُهْم َ‬
‫ت َوَف ّ‬ ‫طّيَبا ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫َوَرَزْقَناُهْم ِم ْ‬
‫هععذه اليععة تشععير إلععى أن هنععاك خمسععة أمععور اجتمعععت لبنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬وهي الكتاب أي الشريعة التي تركها لهم موسى عليععه‬
‫السععلم ‪ ،‬والحكععم أي الملععك ‪ ،‬والنبععوة أي الععوحي ‪ ،‬والسعععة فععي‬
‫الرزق ‪ ،‬والتفضيل باختيارهم لحمل الرسععالة السععماوية فععي ذلععك‬
‫الزمان ‪ ،‬وقد اجتمعععت هععذه المععور الخمسععة فععي زمععن مملكتهععم‬
‫الولى فعي الرض المقدسعة ‪ ،‬حيعث كعان داود عليعه السعلم أول‬
‫ملوكها ‪.‬‬
‫ملك داود عليه السلم ‪:‬‬
‫معظم اليععات الععتي أخععبرت عععن داود وملكععه ‪ ،‬كععانت ترّكععز علععى‬
‫شخص داود ‪ ،‬حيث اّتصف عليه السلم بالورع والتقععوى وكععثرة‬
‫العبادة ‪ ،‬والعلم والقوة مع شيء من اللين في المعاملة ‪ ،‬وتوحي‬
‫شععَدْدَنا‬
‫بأن شغله الشاغل ‪ ،‬كان توطيد أركان دولته الحديثة ‪َ ) ،‬و َ‬
‫‪173‬‬
‫ب )‪ 20‬ص ( ‪ ،‬وإعععداد مععا‬ ‫طععا ِ‬
‫خَ‬‫ص عَل اْل ِ‬
‫حْكَم عَة َوَف ْ‬
‫ُمْلَك عُه َوآَتْيَنععاُه اْل ِ‬
‫اسععتطاع مععن قععوة للععدفاع عععن دولتععه الصععغيرة ‪ ،‬الععتي كععانت‬
‫محصورة فععي بيععت المقععدس ومععا حولهععا ‪ ،‬مععن هجمععات القععوام‬
‫المجععاورة لهععا مععن الكنعععانيين ‪ ،‬ولععم يكععن يسعععى لتوسععيع رقعععة‬
‫الدولة ‪ ،‬كون المة السرائيلية آنذاك كانت قليلة ‪ -‬وهي لععم تكععثر‬
‫إل في العصر الحديث ‪ ،‬وبالتحديد بعععد الحععرب العالميععة الثانيععة ‪،‬‬
‫حيث ُرفع عنهم القتل ‪ -‬ولم تكن تسععتدعي امتلك مسععاحة كععبيرة‬
‫من أرض فلسطين ‪.‬‬
‫صننفة الجبننن الملزمننة لليهننود ومعالجتهننا‬
‫بابتكار داود للدروع الحربية ‪:‬‬
‫س عُكْم َفَه عْل‬
‫ن َبْأ ِ‬
‫صَنُكْم ِم ع ْ‬
‫ح ِ‬‫س َلُكْم ِلُت ْ‬
‫صْنَعَة َلُبو ٍ‬ ‫عّلْمَناُه َ‬ ‫قال تعالى ) َو َ‬
‫ن )‪ 80‬النبياء ( ‪ ،‬والضمير ) كم ( في كلمتي ) لكم (‬ ‫شاِكُرو َ‬ ‫َأْنُتْم َ‬
‫و ) بأسكم ( ‪ ،‬يعود على المخاطبين بالقرآن ‪ ،‬وهذا خبر يفيععد أن‬
‫داود عليه السلم ‪ ،‬هو أول من ابتكر الدروع الحربية الحديدية ‪،‬‬
‫وأول من استعملها هم بنو إسرائيل ‪ ،‬وهذا يكشف طبيعععة الجبععن‬
‫فيهم ‪ ،‬والحرص على الحيععاة ‪ ،‬والخععوف مععن المععوت ‪ ،‬وكرههععم‬
‫شَرُكوا‬‫ن اّلِذينَ َأ ْ‬ ‫حَياٍة َوِم ْ‬‫عَلى َ‬ ‫س َ‬ ‫ص الّنا ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫جَدّنُهْم َأ ْ‬
‫للقتال ‪َ ) ،‬وَلَت ِ‬
‫)‪ 96‬البقرة ( وصناعة داود لها يدل على معرفته بطبيعتهم تلك ‪،‬‬
‫خَلَها َأَبعًدا َمععا َدامُععوا ِفيَهععا‬
‫ن َنعْد ُ‬‫فقد قالوا لموسى مععن قبععل ) ِإّنععا َلع ْ‬
‫ن )‪ 24‬المععائدة ( ‪،‬‬ ‫ع عُدو َ‬‫ل ِإّنععا َهاُهَنععا َقا ِ‬‫ك َفَقععاِت َ‬
‫ت َوَرّب ع َ‬‫ب َأْن ع َ‬
‫َفععاذَْه ْ‬
‫صععلة فععي نفوسععهم ‪،‬‬ ‫فععالجبن والتواكععل علععى الغيععر ‪ ،‬طبيعععة متأ ّ‬
‫وانظر إلى قولهم ) وربك ( وليس ) وربنا ( ‪ ،‬فهو رب موسععى ‪،‬‬
‫وليس بربهم ‪ ،‬فما كانوا مؤمنين ‪ ،‬لذلك قععال فيهععم موسععى عليععه‬
‫ن )‪ 25‬المائدة ( ‪ ،‬وكععان‬ ‫سِقي َ‬‫ن اْلَقْوِم اْلَفا ِ‬‫ق َبْيَنَنا َوَبْي َ‬
‫السلم ) َفاْفُر ْ‬
‫‪174‬‬
‫أغلبهم فاسقين وعصاة ومعتدين ‪ ،‬حتى فععي زمععن طععالوت وداود‬
‫ن اّلِذينَ َكَفعُروا‬ ‫وسليمان وعلى مر العصور ‪ ،‬حيث قال تعالى ) ُلِع َ‬
‫ن َمْرَيعَم َذِلعكَ ِبَمععا‬‫سععى اْبع ِ‬
‫عي َ‬ ‫ن َداُووَد َو ِ‬ ‫سععا ِ‬‫عَلى ِل َ‬‫سَراِئيَل َ‬ ‫ن َبِني ِإ ْ‬‫ِم ْ‬
‫ن )‪ 78‬المععائدة ( ‪ ،‬فكمععا تععأّذى موسععى عليععه‬ ‫عصَْوا َوَكاُنوا َيْعَتُدو َ‬ ‫َ‬
‫سى ِلَقْوِمِه َياَقْوِم ِلَم ُتعْؤُذوَنِني َوَقعْد َتْعَلمُععونَ‬ ‫السلم ‪َ ) ،‬وِإْذ َقاَل ُمو َ‬
‫ل ع ُقُلععوَبُهْم َوالُّ ع َل َيْه عِدي‬‫غ ا ُّ‬ ‫غوا َأَزا َ‬‫ل ِإَلْيُكْم َفَلّما َزا ُ‬
‫سوُل ا ِّ‬ ‫َأّني َر ُ‬
‫ن )‪ 5‬الصف ( تأّذى منهععم داود عليععه السععلم وهععو‬ ‫سِقي َ‬
‫اْلَقوَْم اْلَفا ِ‬
‫أول ملوكهم ‪ ،‬وتأّذى منهم عيسى عليه السلم وهو آخر أنبيائهم‬
‫‪ ،‬ومن وقع بينهما من النبياء ‪.‬‬
‫شرب أغلبهم من النهر ‪ ،‬عند عبعورهم معع طعالوت إلعى‬ ‫ولم يكن ُ‬
‫فلسطين عطشا ‪ ،‬وإنما ليستثنيهم طالوت من الخروج في الجيش‬
‫للقتال ‪ ،‬وما زالوا يفتعلون الحجج للتهععرب مععن القتععال حععتى فععي‬
‫دولتهم الحاليعة ‪ ،‬فهعم يعدفعون بأبنعائهم إلعى المعدارس الدينيعة ‪،‬‬
‫لتجنيبهعععم الخدمعععة العسعععكرية ‪ .‬فعععابتكر عليعععه السعععلم العععدروع‬
‫الحديدية ليلبسوها في حروبهم ‪ ،‬مععع الشعععوب المجععاورة ‪ ،‬الععتي‬
‫على ما يبععدو كععانت تغزوهععم باسععتمرار ‪ ،‬لعلهععا تععدخل شععيئا مععن‬
‫الطمئنان إلى تلك القلوب الوجلة ‪ ،‬وتدفعهم إلى الذود عن حمععى‬
‫مملكتهم ‪ .‬ولو نظرت إلى واقعهععم المعاصععر ‪ ،‬لوجععدتهم يلبسععون‬
‫الععدروع الواقيععة مععن الرصععاص ‪ ،‬حععتى فععي مواجهععة الحجععارة ‪،‬‬
‫صنون وراء السععيارات المصععفحة ‪ ،‬أو يقععاتلون مععن‬ ‫وتجدهم يتح ّ‬
‫وراء جدر من السمنت المسلح ‪ ،‬وهعذا معا يفضعحهم بعه القععرآن‬
‫صعَنةٍ َأْو‬
‫ح ّ‬ ‫جِميًعا ِإّل ِفي ُقعًرى ُم َ‬ ‫في مواضع كثيرة ‪َ ) ،‬ل ُيَقاِتُلوَنُكْم َ‬
‫شعّتى‬ ‫جِميًعععا َوُقُلععوُبُهْم َ‬‫سُبُهْم َ‬‫ح َ‬‫شِديٌد َت ْ‬
‫سُهْم َبْيَنُهْم َ‬‫جُدٍر َبْأ ُ‬‫ن َوَراِء ُ‬ ‫ِم ْ‬
‫ن )‪ 14‬الحشر ( ‪.‬‬ ‫ك ِبَأّنُهْم َقْوٌم َل َيْعِقُلو َ‬
‫َذِل َ‬

‫‪175‬‬
‫سليمان عليه السلم يو ّ‬
‫طد أركان الدولة ‪:‬‬
‫نظام الحكم ملكي وراثي ‪:‬‬
‫سعَلْيَمانُ َداُووَد )‬
‫ث ُ‬
‫ن )‪ 30‬ص ( ‪َ ) ،‬وَوِر َ‬ ‫سعَلْيَما َ‬
‫) َوَوَهْبَنا ِلَداُووَد ُ‬
‫‪ 16‬النمل ( ‪ ،‬نتبين من اليععتين السععابقتين ‪ ،‬أن نظععام الحكععم فععي‬
‫مملكة بني إسرائيل الولععى ‪ ،‬كععان ملكيععا وراثيععا ‪ ،‬فععي نسععل داود‬
‫عليه السلم ‪ .‬وفي سنين حكم سليمان عليعه السعلم ‪ ،‬سعععى إلععى‬
‫توسععيع رقعععة مملكتععه نسععبيا ‪ ،‬لتغطععي مسععاحة أكععبر مععن مدينععة‬
‫القدس ‪ ،‬لتشمل ما حولها من المدن والقععرى ‪ ،‬مععن النهععر شععرقا‬
‫إلى البحر غربا ‪ ،‬ولكنها علعى كععل الحعوال ‪ ،‬لععم تشعمل فلسععطين‬
‫كاملة ‪ ،‬فأهل فلسطين الصليين لم يخرجوا منهععا ‪ ،‬ولععم ّيبععادوا ‪،‬‬
‫ولكنهم تقهقروا إلى ما بعععد حععدود مملكععة سععليمان ‪ ،‬حيععث كععانت‬
‫الممالك في تلك العصور ‪ ،‬تقتصر على مدينة – بحجععم قريععة فععي‬
‫العصر الحعالي – ومععا حولهعا معن سععهول ومراععي ‪ ،‬ول أظنهععم‬
‫استكانوا ‪ ،‬وسلّموا لبني إسرائيل بالمر الواقع ‪ ،‬وإنما كان هناك‬
‫‪ ،‬حروب ومناوشات ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫حقيقة ملك سليمان ‪:‬‬
‫ب ِلي ُمْلًكا َل‬
‫غِفْر ِلي َوَه ْ‬
‫با ْ‬
‫أما قول سليمان عليه السلم ) َقاَل َر ّ‬
‫ب )‪ 35‬ص ( فكعان ملكعا‬ ‫ت اْلَوّهعا ُ‬
‫ك َأْنع َ‬
‫ن َبْععِدي ِإّنع َ‬
‫حعٍد ِمع ْ‬
‫َيْنَبِغعي َِل َ‬
‫شخصيا خاصا به ‪ ،‬ولم يكن لبني إسرائيل فيه ‪ ،‬ناقععة ول بعيععر ‪،‬‬
‫ولم يقصد به امتلك مسعاحات شاسععة معن الراضعي ‪ ،‬ومظعاهر‬
‫ملكه اقتصرت على ما وهبه سبحانه إياه ‪ ،‬من الممتلكات والقععوة‬
‫والحكم ‪ ،‬والتي تمّيز بها عن كافة ملوك الرض ممن أتوا بعده ‪،‬‬
‫ن ‪ ،‬واسعتعمالهم فعي‬ ‫ومنها ؛ جريان الريعح بعأمره ‪ ،‬وحكمعه للجع ّ‬
‫البناء والغوص والقتال والصناعة ‪ ،‬والقدرة على إذابععة النحععاس‬
‫‪176‬‬
‫وتشكيله ‪ ،‬وكثرة جنوده من الجن والنس والطير ‪ ،‬وكععان عليععه‬
‫شعّدة ‪،‬‬ ‫السلم قويا ورعا تقيععا عالمععا حكيمععا ‪ ،‬وفيععه شععيء مععن ال ِ‬
‫وكان بنوا إسرائيل يرهبونه ويخافونه ‪ ،‬ولذلك نععال قسععطا كععبيرا‬
‫من اتهماتهم المشينة ‪ ،‬بعكس أبيععه داود الععذي كععان لينععا معهععم ‪،‬‬
‫ن‬
‫سَلْيَما َ‬‫ك ُ‬‫عَلى ُمْل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫طي ُ‬
‫شَيا ِ‬‫فقال فيهم سبحانه ) َواّتَبُعوا َما َتْتُلوا ال ّ‬
‫… )‪102‬البقرة ( ‪ ،‬وعلى ما يبدو أن الشياطين بعد وفععاته عليععه‬
‫ط عليهععم ‪ ،‬وإنمععا كععان تابعععا‬ ‫السلم ‪ ،‬اّدعععت أن سععليمان لععم يسععل ّ‬
‫لهععم ‪ ،‬يعبععدهم ويسععتعين بهععم لقضععاء مصععالحه ‪ .‬فأشععركوا بععال‬
‫لع‬‫جَعُلععوا ِّ‬‫وعبععدوا الشععياطين وأبععاحوا السععحر والشعععوذة ‪َ ) ،‬و َ‬
‫حاَنهُ‬ ‫سعْب َ‬‫عْلعٍم ُ‬‫ت ِبَغْيعِر ِ‬‫ن َوَبَنعا ٍ‬ ‫خَرُقوا َلُه َبِني َ‬
‫خَلَقُهْم َو َ‬
‫ن َو َ‬
‫جّ‬‫شَرَكاَء اْل ِ‬
‫ُ‬
‫ن )‪ 100‬النعام ( ‪.‬‬ ‫صُفو َ‬ ‫عّما َي ِ‬
‫َوَتَعاَلى َ‬
‫أكثر ما حّيرنععي فععي أمععر ملععك سععليمان ‪ ،‬هععو الغايععة معن تسععخير‬
‫الريح ‪ ،‬فالروايات في كتععب التفسععير غيععر منطقيععة ‪ ،‬حيععث تقععول‬
‫أنهععا كععانت تحمععل سععليمان ومله وجنععوده ‪ ،‬علععى بسععاط خشععبي‬
‫عظيم ‪ ،‬وتنقلهم من بلد إلى آخععر للقتععال والععترفيه وغيععره ‪ ،‬ولععم‬
‫يرد في تواريخ المم التي عاصرت ملك سععليمان ‪ ،‬أنهععم شعاهدوا‬
‫يومععا بسععاطا خشععبيا طععائرا ‪ ،‬وسععورة النمععل تؤكععد أن سععليمان‬
‫وجنوده ‪ ،‬كانوا يسيرون على القدام أثناء تنقلهم ‪.‬‬
‫ن وتععدّبر فععي اليععات ‪ ،‬الععتي تتحععدث عععن‬ ‫وبعد طول تفكيععر وتمعع ّ‬
‫الريح وعن ملكه عليه السلم ‪ ،‬تبين لي أنه كععان يركععب البحععر ‪،‬‬
‫منطلقا من الرض المقدسععة ‪ ،‬فتجععري الريععح بمركبععه إلععى حيععث‬
‫أراد برفععق وليععن فععي الععذهاب ‪ ،‬لتسععهل عليععه عمليععة البحععث‬
‫ج عِري ِب عَأمِْرِه‬ ‫ح َت ْ‬
‫خْرَنا َل عُه الّري ع َ‬‫سّ‬‫والتقصي ‪ ،‬بدللة قوله تعالى ) َف َ‬
‫ص )‪ 37‬ص (‬ ‫غّوا ٍ‬ ‫ن ُكّل َبّناٍء َو َ‬ ‫طي َ‬‫شَيا ِ‬‫ب )‪َ (36‬وال ّ‬ ‫صا َ‬‫ث َأ َ‬
‫حْي ُ‬‫خاًء َ‬ ‫ُر َ‬
‫‪ ،‬وبعد انتهاء المهمة ‪ ،‬يستعجل العودة إلى وطنه ‪ ،‬فيععأمر الريععح‬
‫‪177‬‬
‫لتجري بقوة وسرعة إلى الرض المباركة ‪ ،‬بدللة قوله تعالى )‬
‫ض اّلِتععي َباَرْكَنعا‬
‫جعِري ِبعَأْمِرِه ِإَلعى اَْلْر ِ‬ ‫صعَفًة َت ْ‬‫عا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن الّري َ‬‫سَلْيَما َ‬
‫َوِل ُ‬
‫ل ُدونَ‬ ‫ن عَمَ ً‬ ‫ن َل عُه َوَيْعَمُلععو َ‬
‫صو َ‬‫ن َيُغو ُ‬‫ن َم ْ‬‫طي ِ‬ ‫شَيا ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫ِفيَها )‪َ (81‬وِم َ‬
‫ن )‪ 82‬النبيععاء ( ‪ ،‬وأمععا الغايععة مععن القيععام‬ ‫ظي َ‬ ‫حععاِف ِ‬
‫ك َوُكّنا َلُهعْم َ‬‫َذِل َ‬
‫بالرحلت البحرية ‪ ،‬فهي السياحة واستخراج كنوز البحر وجلبها‬
‫لمملكته ‪ ،‬ويؤيد ما ذهبت إليه ‪ ،‬ذكر الغوص ‪ ،‬الععذي كععانت تقععوم‬
‫بععه الشععياطين ‪ ،‬مباشععرة بعععد ذكععر الريععح فععي اليععات السععابقة ‪،‬‬
‫والغوص عادة ل يكون إل فععي الميععاه العميقععة ‪ ،‬وكععانت مععدة كععل‬
‫رحلة من رحلته شهرين ‪ ،‬شهر في الذهاب وشهر في العععودة ‪،‬‬
‫شعْهرٌ‬ ‫حَها َ‬‫شْهٌر َوَرَوا ُ‬ ‫غُدّوَها َ‬ ‫ح ُ‬‫ن الّري َ‬
‫سَلْيَما َ‬
‫بدللة قوله تعالى ) َوِل ُ‬
‫)‪12‬سبأ ( ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫سنننليمان هنننو أول منننن بننننى المسنننجد‬
‫القصى ‪:‬‬
‫س عّلَم ‪:‬‬‫عَلْي عِه َو َ‬
‫ص عّلى الُّ ع َ‬ ‫لع َ‬ ‫سععوِل ا ِّ‬ ‫ن َر ُ‬‫عْ‬ ‫عْمٍرو َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ْب ِ‬
‫عْبِد ا ِّ‬ ‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫س عّلَم ‪َ ،‬لّمععا بََنععى َبْي ع َ‬
‫ت‬ ‫عَلْي عِه َو َ‬‫لع َ‬‫ص عّلى ا ُّ‬ ‫ن َداُوَد َ‬ ‫ن ْب ع َ‬‫س عَلْيَما َ‬
‫ن ُ‬ ‫) َأ ّ‬
‫جعّل‬ ‫ععّز َو َ‬ ‫لع َ‬ ‫سعَأَل ا َّ‬
‫لًل َثلََثعًة ‪َ ،‬‬ ‫خَ‬ ‫جعّل ِ‬‫ععّز َو َ‬ ‫لع َ‬ ‫سَأَل ا َّ‬ ‫س‪َ ،‬‬ ‫اْلَمقِْد ِ‬
‫جعّل ُمْلًكععا َل َيْنَبِغععي‬‫ععّز َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫سَأَل ا َّ‬‫حْكَمُه َفُأوِتَيُه ‪َ ،‬و َ‬ ‫ف ُ‬ ‫صاِد ُ‬ ‫حْكًما ُي َ‬ ‫ُ‬
‫غ ِمعنْ ِبَنععاِء‬‫ن َفعَر َ‬‫حيع َ‬ ‫جعّل ِ‬ ‫ععّز َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫سَأَل ا َّ‬
‫ن َبْعِدِه َفُأوِتَيُه ‪َ ،‬و َ‬ ‫حٍد ِم ْ‬‫َِل َ‬
‫جعهُ‬ ‫خِر َ‬ ‫ن ُي ْ‬
‫لُة ِفيعِه ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫صع َ‬
‫حعٌد َل َيْنَهعُزُه ِإّل ال ّ‬ ‫ن َل َيْأِتَيُه َأ َ‬‫جِد ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫سِ‬ ‫اْلَم ْ‬
‫طيَئِتِه َكَيْوِم َوَلَدْتُه ُأّمُه ( رواه النسععائي وأحمععد وابععن مععاجه‬ ‫خِ‬ ‫ن َ‬ ‫ِم ْ‬
‫وابن خزيمة وابن حبان والحاكم بأسانيدهم ‪ ،‬وصححه اللباني ‪.‬‬
‫هذا الحديث يؤكد ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن مملكة داود وسليمان ‪ ،‬أي مملكة بنععي إسععرائيل الولععى ‪،‬‬
‫كانت في فلسطين ‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫‪ .2‬أن سليمان عليه السلم ‪ ،‬بنى مدينة بيت المقدس ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن سليمان عليه السلم ‪ ،‬هو أول من بنى المسجد القصى ‪.‬‬
‫وأما التسمية بالمسجد فهي التسمية السلمية له ‪ ،‬وجععاءت بعععد‬
‫حادثة السراء ‪ ،‬وأما في عهد سليمان عليه السلم ‪ ،‬فقد جععاءت‬
‫ص عْرحَ ( ‪ ،‬وأمععا‬
‫خِلععي ال ّ‬
‫تسميته في القرآن بالصرح ‪ِ ) ،‬قيَل َلَها اْد ُ‬
‫الترجمة العربيععة للتععوراة فععأعطته اسععم الهيكععل ‪ ،‬والمعنععى لكلتععا‬
‫التسععميتين واحععد ‪ ،‬وهععو البنععاء الضععخم المرتفععع ‪ .‬وعلععى كععل‬
‫الحوال فإن المسجد القصى القائم حاليا ‪ ،‬يجثم في نفس المكععان‬
‫الععذي أقيععم فيععه صععرح سععليمان ‪ ،‬والغريععب أن الكععثير مععن أئمععة‬
‫المسلمين وعامتهم ‪ ،‬ينكرون هذه الحقيقععة ‪ ،‬ربمععا ظنععا منهععم أن‬
‫اعترافهم بها ‪ ،‬يعطععي الصعهاينة حقععا فعي هععدم المسعجد ‪ ،‬وبنعاء‬
‫هيكلهم مكانه ‪ ،‬وُيسقط أحقّية المسلمين فيه ‪ ،‬وُيضعععف مععوقفهم‬
‫في الدفاع عنه ‪ ،‬حتى وصععل المععر ببعضععهم إلععى مخالفععة النععص‬
‫القرآنععي ‪ ،‬وإنكععار حععتى تواجععدهم فععي الرض المقدسععة جملععة‬
‫وتفصيل ‪.‬‬
‫قبلة اليهود هي الصخرة المشّرفة ‪:‬‬
‫صه " قال المام احمد ‪،‬‬ ‫جاء في البداية والنهاية لبن كثير ‪ ،‬ما ن ّ‬
‫حدثنا اسود بن عامر ‪ ،‬ثنا حماد بن سلمة ‪ ،‬عن أبي سنان ‪ ،‬عععن‬
‫عبيد بن آدم ‪ ،‬وأبي مريم وأبي شعععيب ‪ :‬أن عمععر بععن الخطععاب ‪،‬‬
‫كان بالجابية فععذكر فتععح بيععت المقععدس ‪ ،‬قععال ‪ :‬قععال ابععن سععلمة ‪،‬‬
‫فحدثني أبو سنان ‪ ،‬عن عبيد بن آدم سمعت عمععر يقععول لكعععب ‪:‬‬
‫" أين ترى أن أصلي " ‪ ،‬قعال ‪ " :‬إن أخعذت عنعي صععليت خلعف‬
‫الصععخرة ‪ ،‬وكععانت القععدس كلهععا بيععن يععديك " ‪ ،‬فقععال عمععر ‪" :‬‬
‫ضاهيت اليهودية ‪ .‬ل ‪ ،‬ولكن أصلي حيث صلى رسول الع صععلى‬
‫‪179‬‬
‫ال عليه وسلم " ‪ ،‬فتقدم إلى القبلة فصلى ‪ ،‬ثم جاء فبسط ردائه‬
‫‪ ،‬وكنس الكناسة في ردائه ‪ ،‬وكنس النععاس ‪ .‬وهععذا إسععناد جيععد ‪،‬‬
‫اختاره الحافظ ضياء الدين المقدسي ‪ ،‬في كتابه المستخرج " ‪.‬‬
‫وجاء في تاريخ الطبري في رواية أخرى ‪ ،‬أن عمععر أجععاب كعععب‬
‫بقوله ‪ " :‬فإنا لم نؤمر بالصخرة ولكّنا ُأمرنا بالكعبة " ‪.‬‬
‫ونقول أن مفاد الرواية أن كعب ‪ ،‬لمععا أشععار علععى عمععر بالصععلة‬
‫خلف الصخرة ‪ ،‬أراد منععه أن يجمععع القبلععتين فععي صععلته ‪ ،‬فععأبى‬
‫عمر وصعلى ‪ ،‬جععاعل وجعه تلقععاء الكعبعة ‪ ،‬والصعخرة معن وراء‬
‫ظهره ‪.‬‬
‫الصلة في الشريعة الموسوية ‪:‬‬
‫لنوضععح المععر ‪ ،‬نحتععاج إلععى معرفععة طبيعععة العبععادة فععي شععريعة‬
‫موسى عليه السلم ‪ ،‬فالصلة لديهم كانت تؤّدى بشكل فردي في‬
‫الععبيت أو فيمععا ُيسععّمى بععالمحراب ‪ ،‬فععي المعبععد المقععدس ) أي‬
‫صَر‬
‫ن َتَبّوآ ِلَقْوِمُكَما ِبمِ ْ‬ ‫خيِه ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫سى َوَأ ِ‬ ‫حْيَنا ِإَلى ُمو َ‬
‫الهيكل ( ‪َ ) ،‬وَأْو َ‬
‫شعِر اْلمُعْؤِمِنينَ‬ ‫لَة ‪َ ،‬وَب ّ‬ ‫صَ‬ ‫جَعُلوا ُبُيوَتُكْم ِقْبَلًة ‪َ ،‬وَأِقيُموا ال ّ‬ ‫ُبُيوًتا ‪َ ،‬وا ْ‬
‫)‪ 87‬يونس ( ‪ ،‬والمحععراب عبععارة عععن غرفععة صععغيرة منعزلععة ‪،‬‬
‫صصععة للصععلة والععدعاء والععذكر ‪ ،‬والغلععب أنهععا كععانت تقععام‬ ‫مخ ّ‬
‫مرتفعة عن الرض ‪ ،‬وهي أشبه ما يكون بالعلّية أو السّدة ‪ ،‬وقد‬
‫ارتبط ذكر المحراب في القرآن ‪ ،‬بأنبياء بني إسرائيل الوائل فععي‬
‫س عّوُروا‬ ‫ص عِم ِإْذ َت َ‬
‫خ ْ‬ ‫ك َنَب عُأ اْل َ‬
‫فلسععطين داود وسععليمان ‪َ ) ،‬وَه عْل َأَتععا َ‬
‫ب )‪ 21‬ص ( ‪ ،‬وبععآخر أنبيععائهم زكريععا ويحيععى ) َفَنععاَدْتهُ‬ ‫ح عَرا َ‬
‫اْلِم ْ‬
‫ب )‪ 39‬آل عمران ( ‪.‬‬ ‫حَرا ِ‬ ‫صّلي ِفي اْلِم ْ‬‫لِئَكُة َوُهَو َقاِئٌم ُي َ‬
‫اْلَم َ‬

‫‪180‬‬
‫الصننرح أو الهيكننل ‪ ،‬كيفيننة بننناءه وصننفته‬
‫وموقعه ‪:‬‬
‫أما الصرح فعلى ما يبدو أنه كان أعجوبة من أعععاجيب الزمععان ‪،‬‬
‫وأن من قام ببنائه وصناعة محتوياته هم الجن والشياطين ‪ ،‬وأن‬
‫مادة البنعاء كععانت معن النحعاس والزجععاج ومععواد أخعرى معا عععدا‬
‫الحجععارة ‪ ،‬وأنععه اشععتمل علععى المحععاريب والتماثيععل والوانععي‬
‫النحاسععية الصععغيرة ‪ ،‬والحععواض أو الععبرك المائيععة الضععخمة‬
‫المصنوعة من النحاس ‪ ،‬والجواهر والكنوز مععن لؤلععؤ ومرجععان‬
‫وغيرها ‪ ،‬مما كانت تستخرجه الشياطين من أعماق البحار ‪ .‬قععال‬
‫حعٍد ِمعنْ َبْععِدي‬ ‫ب ِلي ُمْلًكا َل َيْنَبِغي َِل َ‬ ‫غِفْر ِلي َوَه ْ‬ ‫با ْ‬ ‫تعالى ) َقاَل َر ّ‬
‫حْي ُ‬
‫ث‬ ‫خاًء َ‬ ‫جِري ِبَأْمِرِه ُر َ‬ ‫ح َت ْ‬
‫خْرَنا َلُه الّري َ‬ ‫سّ‬‫ب )‪َ (35‬ف َ‬ ‫ت اْلَوّها ُ‬‫ك َأْن َ‬‫ِإّن َ‬
‫ص )‪ 37‬ص ( وقال أيضععا‬ ‫غّوا ٍ‬ ‫ن ُكّل َبّناٍء َو َ‬ ‫طي َ‬‫شَيا ِ‬
‫ب )‪َ (36‬وال ّ‬ ‫صا َ‬ ‫َأ َ‬
‫ن َيَدْيِه ِبِإْذنِ َرّبِه‬‫ن َيْعَمُل َبْي َ‬
‫ن َم ْ‬‫جّ‬ ‫ن اْل ِ‬‫طِر ‪َ ،‬وِم ْ‬ ‫ن اْلِق ْ‬‫عْي َ‬
‫سْلَنا َلُه َ‬
‫) َوأَ َ‬
‫سعِعيِر )‪َ (12‬يْعمَُلععونَ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫عَذا ِ‬‫ن َ‬ ‫ن َأْمِرَنا ُنِذْقُه ِم ْ‬
‫عْ‬ ‫غ ِمْنُهْم َ‬‫ن َيِز ْ‬‫َوَم ْ‬
‫ب ‪َ ،‬وُق عُدورٍ‬ ‫جَوا ِ‬ ‫ن َكععاْل َ‬
‫جَفععا ٍ‬
‫ب ‪َ ،‬وَتَماِثي عَل ‪َ ،‬و ِ‬ ‫حاِري َ‬ ‫ن َم َ‬ ‫شاُء ِم ْ‬‫َلُه َما َي َ‬
‫شععُكوُر )‪13‬‬ ‫عَباِدي ال ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫شْكًرا َوَقِليٌل ِم ْ‬ ‫عَمُلوا آَل َداُووَد ُ‬ ‫ت‪،‬ا ْ‬ ‫سَيا ٍ‬‫َرا ِ‬
‫سبأ ( ‪.‬‬
‫وأستطيع وصف هععذا الصععرح بععأنه بنععاء ضععخم ومرتفععع ‪ ،‬كععانت‬
‫الصخرة تقع في مركزه ‪ ،‬تحيط بها ساحة واسعة ‪ ،‬أرضيتها مععن‬
‫الزجاج المصقول ‪ُ ،‬يرى من خللها ماء يجععري أسععفل منهععا ‪ ،‬أو‬
‫ماء راكد في أحواض مائية ‪ ،‬وضع فيها ما استجلبه سليمان من‬
‫المناظر والمشاهد البحريععة ‪ ،‬ممععا اسععتخرجته لععه الشععياطين مععن‬
‫أعمععاق البحععر ‪ ،‬وعلععى أطععراف تلععك السععاحة أقيمععت المحععاريب‬
‫العديدة للعبادة من كل جانب ‪ .‬وال أعلم ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫وقد سمعت من زميل لي زار المسجد وتجّول فيه ‪ ،‬أن هناك آبارا‬
‫وأحواضا مائية ‪ ،‬تحت ساحة المسجد القصى مباشرة ‪ ،‬فإذا كان‬
‫ذلك صحيحا ‪ ،‬ومع علمنععا بععأن المسععجد القصععى ُبنععي فععي نفععس‬
‫موقع المسجد السابق ‪ ،‬وأن الصخرة هي القبلة الفعلية لليهععود ‪،‬‬
‫فهذا المر ُيؤكد ‪ ،‬أن الصرح الذي كان قد ُبني في عهد سععليمان‬
‫عليععه السععلم ‪ ،‬هععو المسععجد الععذي دخلععه أولئك المبعععوثين أول‬
‫مرة ‪ ،‬وخّربوه ونهبوا محتوياته ‪ ،‬فلم يبق له أثععر ُيععذكر ‪ ،‬وعععدم‬
‫وجعود آثعار لعه ‪ُ ،‬يؤكعد أن هعذا الصعرح ‪ ،‬لعم يتعم بنعاءه بعالطرق‬
‫المألوفة ‪ ،‬سواء بهندسة البناء أو بالمواد المسععتخدمة ‪ ،‬فُبنععاته‬
‫هم الجن والشياطين ‪ ،‬وبالتأكيد طريقتهم في البنععاء تختلععف عععن‬
‫طريقة البشر ‪ ،‬وطبيعة المواد المستخدمة تختلف عما يسععتخدمه‬
‫البشر ‪ ،‬وربما يكون هذا الصرح الخرافععي ‪ ،‬هععو مععا دفععع نبوخععذ‬
‫نصر صاحب حدائق بابل المعّلقة ‪ ،‬للغارة على بني إسرائيل في‬
‫المرة الولى ‪ ،‬لنهب محتوياته ‪.‬‬
‫حكمة سليمان عليه السلم وخرافات ألننف‬
‫ليلة وليلة ‪:‬‬
‫الروايات الموجودة في كتب التفسير ‪ ،‬عن قصععة سععليمان وحبععه‬
‫لملكة سبأ ‪ ،‬ورغبتععه فععي الععزواج منهععا ‪ ،‬وإدخالهععا إلععى الصععرح‬
‫لرؤية ساقيها ‪ ،‬فيما إذا كان عليهما شعر ‪ ،‬أو أن قدميها كحوافر‬
‫الحمار ‪ ،‬لن أبوها أو أمها من الجن … إلى آخره ‪ .‬مما ليس له‬
‫أصل حتى في التوراة ‪ ،‬جرّدت سليمان عليه السلم من حكمتععه ‪،‬‬
‫في الدعوة إلى ال ‪ ،‬وجعلععت منععه رجل مزواجععا شععهوانيا ‪ ،‬كمععا‬
‫أراد له أعداء ال وأعداء أنبياؤه أن يكون ‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫حكمة الهدهد ‪:‬‬
‫ولكي نفهم مععا جععرى مععن حععوار وأحععداث ‪ ،‬بيععن سععليمان وملكععة‬
‫جععْدُتَها َوَقْوَمَهععا‬
‫سععبأ ‪ ،‬دعنععا نتمعععن قليل فععي قععول الهدهععد ) َو َ‬
‫ن َأعْمَععاَلُهْم ‪،‬‬‫طا ُ‬‫ش عْي َ‬
‫ن َلُهْم ال ّ‬
‫ل ‪َ ،‬وَزّي َ‬‫ن ا ِّ‬‫ن ُدو ِ‬ ‫س ِم ْ‬
‫شْم ِ‬‫ن ِلل ّ‬
‫جُدو َ‬‫سُ‬‫َي ْ‬
‫ن )‪ 24‬النمل ( ‪ ،‬يقول الهدهععد‬ ‫سِبيِل ‪َ ،‬فُهْم َل َيْهَتُدو َ‬
‫ن ال ّ‬
‫عْ‬ ‫صّدُهْم َ‬
‫َف َ‬
‫أنه وجدها هي وقومها ‪ ،‬يعبدون الشععمس مععن دون الع ‪ ،‬ويعّلععل‬
‫ذلك بقوله أن الشيطان زّيععن لهععم أعمععالهم ‪ ،‬بمعنععى أن الشععيطان‬
‫فتنهععم وأوهمهععم ‪ ،‬وزّيععن لهععم الباطععل علععى أنععه الحععق ‪ ،‬وعمّععى‬
‫طععل عقععولهم عععن تمييععز الحقيقععة مععن‬ ‫سععمعهم وأبصععارهم ‪ ،‬فع ّ‬
‫الوهم ‪ ،‬فحرمهم القدرة على الحكم على معتقداهم ‪ ،‬أهي خطععا أم‬
‫صواب ‪ ،‬فعبععدوا الشععمس علععى أنهععا ربهععم ‪ ،‬وبععذلك صعّدهم عععن‬
‫السبيل ‪ ،‬أي منعهم من الوصول إلى الحقيقة ‪ ،‬وهععي أن ال ع هععو‬
‫ربهم ‪ ،‬فما دامت أبصارهم قد عميت ‪ ،‬ويعتقدون بصوابية عبادة‬
‫الشمس ‪ ،‬فمن أين لهم الهداية ‪ ،‬وهم على حالهم تلك ‪ .‬والرسالة‬
‫جهها الهدهد لسليمان ‪ ،‬مععن خلل هععذا القععول ‪ ،‬هععي أنهععم‬ ‫التي و ّ‬
‫بحاجععة لمععن يهععديهم ‪ ،‬وُيزيععل الغشععاوة عععن أبصععارهم ‪ .‬فتكّفععل‬
‫سليمان عليه السععلم بهععدايتهم ‪ ،‬وبإزالععة هععذه الغشععاوة ‪ ،‬لعلهععم‬
‫ُيبصرون ومن ثم يهتدون ‪ ،‬بما أوتي مععن علععم وحكمععة ‪ ،‬بعععد أن‬
‫ص حععالتهم المرضععية ‪ ،‬وأعطععى سععليمان‬ ‫خ َ‬ ‫ح الهدهععد ‪ ،‬وش ع ّ‬ ‫ش عّر َ‬
‫مفاتيح الحل ‪ ،‬والن دعنا نتعلم منه عليععه السععلم ‪ ،‬هععذا الععدرس‬
‫العملي في الدعوة إلى ال ‪.‬‬
‫الدعوة إلى الله ‪:‬‬
‫كان أول خطاب وجهععه سععليمان لملكععة سععبأ وقومهععا ‪ ،‬هععو قععوله‬
‫ن )‪ ، (31‬خطابا حازما واثقا قويععا‬ ‫سِلِمي َ‬
‫ي َوْأُتوِني ُم ْ‬
‫عَل ّ‬
‫) َأّل َتْعُلوا َ‬
‫‪183‬‬
‫ومزلزل ‪ ،‬وكانت هذه هي الضربة الولى ‪ ،‬فععي جععدار معتقععداتهم‬
‫الوثنية المتأصلة في نفوسهم ‪ ،‬فقععد كععانت هععي وقومهععا يعبععدون‬
‫الشمس ‪ ،‬ولم يكن لديهم علم بوجود إله آخر ‪ ،‬أولى بالعبادة مععن‬
‫غيره ‪ ،‬ولكن هععل أطععاعت ؟ بععالطبع ل ‪ ،‬فتغييععر معتقععدات البشععر‬
‫عملية صعبة جدا ‪ ،‬وتحتاج إلى أكثر من ذلك ‪ ،‬وتحتاج إلععى علععم‬
‫وحكمععة وصععبر – وانظععر فععي سععيرة نععبي الهععدى عليععه الصععلة‬
‫والسلم مع كفار قريععش لتحععويلهم مععن عبععادة إلععى الصععنام إلععى‬
‫عبادة ال ‪ -‬ولكن هل تأثرت بذلك العرض القوي ؟ بالطبع نعععم ‪،‬‬
‫فردت بالهدية – وكان بإمكانها عدم الرد – وذلك لتتأكد من جدّية‬
‫سععليمان عليععه السععلم ‪ ،‬ولَتع عِرف مععع مععن تتعامععل ‪ ،‬فهععي ذكيععة‬
‫وحكيمة أيضععا ‪ ،‬وتعععي موقعهععا وعظععم المسععؤولية الملقععاة علععى‬
‫عاتقها ‪ ،‬بعكس ملها ذوي القوة والبععأس الشععديد ‪ ،‬ودللععة ذلععك‬
‫ععّزَة َأْهِلَهعا‬ ‫جَعُلعوا َأ ِ‬ ‫سعُدوَها َو َ‬ ‫خُلوا َقْرَيعًة َأْف َ‬ ‫ك ِإَذا َد َ‬
‫ن اْلُمُلو َ‬‫ت ِإ ّ‬‫) َقاَل ْ‬
‫ظَرٌة ِب عمَ‬‫س عَلةٌ ِإَلْيِه عْم ِبَهِدّي عٍة َفَنععا ِ‬
‫ن )‪َ (34‬وِإّني ُمْر ِ‬ ‫ك َيْفَعُلو َ‬
‫َأِذّلًة َوَكَذِل َ‬
‫ن )‪ (35‬فأعاد الهدية ‪ ،‬ووجه لهععا تهديععدا صععارما‬ ‫سُلو َ‬ ‫َيْرجُِع اْلُمْر َ‬
‫جُنععوٍد َل ِقَبعَل َلُهعْم ِبَهععا‬ ‫جْع ِإَلْيِهْم َفَلَنعْأِتَيّنُهْم ِب ُ‬
‫وحازما وأخيرا ‪ ) ،‬اْر ِ‬
‫ن )‪ ، (37‬فاستوعبت الرسالة‬ ‫غُرو َ‬ ‫صا ِ‬ ‫جّنُهْم ِمْنَها َأِذّلًة َوُهْم َ‬ ‫خِر َ‬
‫َوَلُن ْ‬
‫‪ ،‬وهي أن ما لدى سليمان ‪ ،‬خير مما لععديها ‪ ،‬وأن هععذا التهديععد ‪،‬‬
‫ل يصدر إل عّمن يعلم حجم قوتها ‪ ،‬ولديه من القععوة أضعععاف مععا‬
‫تملك ‪ ،‬وأن ما يريده لجلها شيئا آخر ‪.‬‬
‫التيان بالعرش وتنكيره ‪:‬‬
‫لذلك حملت قومها وأتته على جناح من السععرعة ‪ ،‬وفععي طريقهععا‬
‫إليه ‪ ،‬كان عليه السلم ُيعّد لها الضععربة الثانيععة ‪ ،‬فطلععب عرشععها‬
‫ظعْر َأَتْهَتعِدي َأْم َتُكعونُ ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫وأمعر بتنكيعره ‪ ،‬وعّلعة ذلعك كعانت ) َنن ُ‬
‫‪184‬‬
‫ن )‪ ، (41‬لختبار مععدى اسععتعدادها للهدايععة للععدين‬ ‫ن َل َيْهَتُدو َ‬‫اّلِذي َ‬
‫الجديد ‪ ،‬وليس المقصععود هععو اهتععدائها إلععى العععرش ‪ .‬كععان هّمععه‬
‫عليه السلم هدايتها وقومها ‪ ،‬وليس الزواج منها ‪ ،‬كما ص عّورته‬
‫بعض الروايات في كتب التفسير ‪.‬‬
‫وكان جلب العرش بحعّد ذاتععه ‪ ،‬كفيل بتحطيععم ذلععك الجععدار الععذي‬
‫طععم بععداخلها فعل عنععدما رأتععه وعرفتععه ‪،‬‬ ‫تمترست خلفه ‪ .‬وقد تح ّ‬
‫سئلت عنععه ‪ ،‬لععم ُتثِبععت‬ ‫لكنها أضمرت ذلك وتمالكت نفسها ‪ .‬ولما ُ‬
‫ف ‪ ،‬وكان بمقدورها أن تعععترف بععأّنه عرشععها ‪ ،‬وأن ُتسععلم‬ ‫ولم َتن ِ‬
‫جلععت ذلععك ‪ .‬والسععبب هععو ذلععك الجععدار نفسععه‬ ‫على الفور ولكنها أ ّ‬
‫ل ( ‪ ،‬أي الغشاوة الععتي أعمععت‬ ‫ن ا ِّ‬
‫ن ُدو ِ‬
‫ت َتْعُبُد ِم ْ‬
‫صّدَها َما َكاَن ْ‬‫) َو َ‬
‫بصرها وبصععيرتها ‪ ،‬وخوفهععا مععن قومهععا أيضععا ‪ ،‬فقععالت ) َكعَأّنُه‬
‫ي علعى متاععك ‪ ،‬الكعثير معن التععديلت ‪،‬‬ ‫ُهَو ( ‪ ،‬وحعتى لعو ُأجعر َ‬
‫فستبقى أشياء كثيرة تدلك عليه ‪ ،‬فكععانت إجابتهععا حكيمععة وغايععة‬
‫فععي التعقععل ‪ ،‬فلععم تثبععت وتسععلم أسععلحتها الواهيععة مععن الوهلععة‬
‫الولى ‪ ،‬محافظة منها علعى كبريائهعا كملكعة ‪ ،‬ولعم تنعف ‪ ،‬لنهعا‬
‫تعلم وقومها ويعلم سليمان وقومه علم اليقين ‪ ،‬أنععه هععو بعينععه ‪،‬‬
‫فتعععدل علعععى كبريعععاء أجعععوف وععععن بلهعععة وغبعععاء ‪ ،‬فإجابتهعععا‬
‫ك كانت هي السلم ‪.‬‬ ‫الموسومة بالش ّ‬
‫كانت تعلم بحكمتها أن هناك شععيئا آخععر ينتظرهععا ‪ ،‬سععيأتي أوانععه‬
‫بعععد حيععن ‪ ،‬فكشععفت بهععذه الجابععة لسععليمان عععن اسععتعدادها‬
‫للهداية ‪ ،‬فيما لو عرض عليها برهانععا دامغععا وقاطعععا ‪ .‬ولكععن مععا‬
‫الععذي فعلععه سععليمان حقيقععة فععي هععذا الموقععف ؟ كععان إحضععار‬
‫عرشها ‪ ،‬لظهار مدى عظعم ملكعه الموهعوب لعه معن قبعل ربعه ‪،‬‬
‫وكان تنكير العرش ليقاظ حاسة البصععر فيهععا ودقععة الملحظععة ‪،‬‬

‫‪185‬‬
‫وتحفيزا لعقلها وقلبها ‪ ،‬ولما اهتععدت إلععى إنععه عرشععها ‪ ،‬أخععذتها‬
‫العزة بالثم شيئا قليل ‪ ،‬فكابرت حتى حين ‪.‬‬
‫دخول الصرح ‪:‬‬
‫فكانت الضربة الثالثععة والخيععرة ‪ ،‬أي القاضععية الععتي سعّوت ذلععك‬
‫ح(‪،‬‬ ‫صْر َ‬
‫خِلي ال ّ‬ ‫الجدار بالرض ‪ ،‬ولم تترك له أثرا ‪ِ ) ،‬قيَل َلَها اْد ُ‬
‫فمعا العذي كعان فعي الصعرح ؟ كعانت أرضعية الصعرح معن زجعاج‬
‫مصععقول ‪ ،‬ومععن تحععت الزجععاج مععاء ‪ ،‬وعنععدما شععاهدت المععاء ‪،‬‬
‫رفعت ثوبها خوفا من البلل ‪ ،‬وهّمت بالمشععي فيععه ‪َ ) ،‬فَلّمععا َرَأْت عهُ‬
‫ساَقْيَها ( فتبسم سليمان وكععأنه خاطبهععا‬ ‫ن َ‬‫عْ‬ ‫ت َ‬‫شَف ْ‬
‫جًة َوَك َ‬
‫سَبْتُه ُل ّ‬
‫ح ِ‬
‫َ‬
‫ضاحكا ‪ :‬لقد كنت واهمععة ‪ ،‬فلععن يصععل المععاء إلععى ثوبععك فععأنزليه‬
‫ن َقعَواِريَر ( فععأنزلته ودخلععت ‪،‬‬ ‫ح ُمَمعّرٌد ِمع ْ‬
‫صعْر ٌ‬
‫وتقدمي ‪ ،‬فهععذا ) َ‬
‫ولما لمست قدميها الزجاج تععبين لهععا بطلن معا اعتقععدت ‪ .‬وهنععا‬
‫مربط الفرس ‪ ،‬فما كان منها إل أن خجلت ‪ ،‬مععن وهمهععا وانعععدام‬
‫بصيرتها ‪ ،‬وذهاب عقلها وحكمتها وضللها في تلك اللحظععة ‪ ،‬إذ‬
‫لم تستطع تمييععز الزجععاج مععن المععاء ‪ ،‬فاسععتوعبت علععى الفععور ‪،‬‬
‫مضمون الرسالة التي وجهها لها سليمان ‪.‬‬
‫العبرة ‪:‬‬
‫ق ‪ ،‬بينمعا يكعون فعي الحقيقعة‬ ‫ن النسان بجهله أنه على ح ّ‬ ‫فقد يظ ّ‬
‫على باطل ‪ ،‬وهععذا هععو حالهععا وقومهععا بعبععادة الشععمس مععن دون‬
‫سكت بالباطل عن جهل‬ ‫ال ‪ ،‬وأنه دعاها إلى الحق عن علم ‪ ،‬فتم ّ‬
‫ق مععع‬‫‪ ،‬فتععبينت بالتجربععة والبرهععان بطلن معتقععدها ‪ ،‬وأن الح ع ّ‬
‫سليمان ‪ ،‬فاستجابت على الفععور لععدعوة سععليمان الولععى ‪ ،‬قائلععة‬
‫سعععي ( باتبعععاع الباطعععل ععععن غيعععر علعععم ‪،‬‬ ‫ت َنْف ِ‬
‫ظَلْمععع ُ‬
‫ب ِإّنعععي َ‬
‫) َر ّ‬
‫ب اْلَعععاَلِمينَ )‪ 44‬النمععل ( ‪ ،‬فمععا كععان‬
‫لع َر ّ‬
‫ن ِّ‬‫سَلْيَما َ‬
‫ت َمَع ُ‬‫سَلْم ُ‬‫) َوَأ ْ‬
‫‪186‬‬
‫من قومها إل أن تبعوها ‪ ،‬وعادت إلععى مملكتهععا لهدايععة قومهععا ‪،‬‬
‫جح أن سليمان لععم يتزوجهععا ‪ ،‬والع أعلععم ‪ ،‬ودانععت بعععد ذلععك‬‫وُأر ّ‬
‫مملكتهععا لسععليمان دينيععا ‪ ،‬وليععس عسععكريا ‪ ،‬وبقيععت العلقععات‬
‫والمصالح التجارية وغيرها قائمة بين الدولتين ‪ ،‬مرورا بجزيرة‬
‫العرب ‪ ،‬لفترة طويلة ‪ ،‬حسبما تثبته سععورة سععبأ )‪(20 – 15‬ع ‪،‬‬
‫وفيما بعد كفر قوم سبأ إل قليل منهم ‪ ،‬ومع تقادم الزمن انقطعععت‬
‫تلك العلقة ‪.‬‬
‫بنو إسرائيل في عصر سليمان ‪:‬‬
‫أما بني إسرائيل في عصر سليمان ‪ ،‬فلم يختلفوا كثيرا عما كانوا‬
‫عليه ‪ ،‬في عصر موسى وداود ‪ ،‬حيث كانوا على الدوام فاسععدين‬
‫كأفراد ‪ ،‬إل من رحم ال ‪ ،‬وما اختلف عليهم في عصر سليمان ‪،‬‬
‫أن سليمان ساسهم بالقوة والسلطان ‪ ،‬وكان يأخذهم إلى القتال ‪،‬‬
‫جُنععوُدُه‬
‫سععَلْيَمانَ ُ‬
‫شَر ِل ُ‬
‫ح ِ‬
‫وهم بطبيعتهم له كارهون ‪ ،‬قال تعالى ) َو ُ‬
‫ن )‪ 17‬النمل ( ‪ ،‬وحشر أي‬ ‫عو َ‬
‫طْيِر َفُهْم ُيوَز ُ‬
‫س َوال ّ‬
‫ن َواِْلْن ِ‬
‫جّ‬‫ن اْل ِ‬
‫ِم ْ‬
‫جمع ‪ ،‬ويوزعون أي يساقون بانضباط ‪ ،‬ول يتقععدم آخرهععم علععى‬ ‫ُ‬
‫أولهم ‪.‬‬
‫قق العلو الول لبني إسننرائيل فنني‬ ‫هل تح ّ‬
‫فلسطين ؟‬
‫وأما سبق دخولهم للرض المقدسة ‪ ،‬فقد قال فيه سبحانه ‪ ،‬على‬
‫سعةَ اّلِتععي‬
‫ض اْلُمَقّد َ‬
‫خُلوا اَْلْر َ‬
‫لسان موسى عليه السلم ‪َ ) ،‬يَقْوِم اْد ُ‬
‫ل َلُكْم )‪ 21‬المائدة ( أي ُكتب لبني إسرائيل دخولها ‪ ،‬وقععال‬ ‫َكَتبَ ا ُّ‬
‫ق اْلَْر ِ‬
‫ض‬ ‫شععاِر َ‬‫ن َم َ‬
‫ضَعُفو َ‬
‫سَت ْ‬
‫ن َكاُنوا ُي ْ‬ ‫سبحانه ) َوَأْوَرْثَنا اْلَقْوَم اّلِذي َ‬
‫َوَمَغاِرَبَهعععا اّلِتعععي َباَرْكَنعععا ِفيَهعععا )‪ 137‬الععععراف ( أي ملكوهعععا‬
‫وسكنوها ‪ ،‬وذلك بعد انقضاء سنوات التحريععم والععتيه الربعيععن ‪.‬‬
‫‪187‬‬
‫والرض المبارك فيهععا هععي فلسععطين ‪ ،‬ومشععارقها ومغاربهععا أي‬
‫كلها ‪ ،‬من النهر إلى البحععر ‪ ،‬وهععذه هععي حععدود الرض المقّدسععة‬
‫والمباركععة ‪ ،‬وحععدود مملكععة اليهععود القديمععة ‪ .‬لنخلععص إلععى أن‬
‫الرض المقّدسة والمباركة هي فلسطين فقط ‪ ،‬وليس بلد الشععام‬
‫عامة ‪ .‬إذ أن موسى عليععه السعلم ‪ ،‬كععان يتواجععد وقععومه شعرقي‬
‫نهر الردن ‪ ،‬ولو كان شرق النهر أرضا مقّدسة ‪ ،‬لما قال ادخلوا‬
‫الرض المقدسة وهععو بععداخلها أصععل ‪ .‬وشععرق النهععر لععم يععوّرث‬
‫لبني إسرائيل ‪ ،‬وإنما أقععاموا فيععه فععترة الغضععب اللهععي عليهععم ‪،‬‬
‫ومن ثم تركوها وارتحلوا إلى فلسطين ‪.‬‬
‫وصلنا إلى مرحلة تحقق العلععو ‪ ،‬بععوحي مععن الع وقيععادة أنبيععاؤه‬
‫وملوكه ‪ ،‬وكان هذا هو العلو الول لبني إسرائيل ‪ ،‬وأما الفسععاد‬
‫فلم يكن قد وقع منهم بعد ‪ ،‬كون الملك اقترن بععالنبوة ‪ ،‬ومععا كععان‬
‫للنبياء عليهم السععلم أن يفسععدوا فععي الرض ‪ ،‬ونجععد أن النععبي‬
‫التالي لسليمان في الذكر ‪ ،‬من أنبياء بني إسععرائيل فععي القععرآن ‪،‬‬
‫هو زكريا ومن بعده يحيى ‪ ،‬وكان آخرهععم عيسععى عليهععم السععلم‬
‫جميعا ‪ .‬وقد بعث الثلثة بالتتابع وعاصر بعضععهم بعضععا ‪ ،‬وكععان‬
‫ذلك بعد فترة طويلة مععن وفععاة سععليمان ‪ ،‬وبعععد عيسععى لععم ُيبعععث‬
‫فيهععم أنبيععاء ‪ ،‬ويق عّدر المؤرخععون بععأن المععدة مععا بيععن سععليمان‬
‫وعيسى ‪ ،‬بأكثر من ‪ 900‬سنة ‪.‬‬
‫وما كان بعث عيسى عليه السلم بالنجيعل ‪ ،‬إل لتجديععد الشععريعة‬
‫الععتي جععاء بهععا موسععى ‪ ،‬بعععد أن أضععاع بنععو إسععرائيل التععوراة‬
‫ت َقععاَل‬
‫سععى ِباْلَبّيَنععا ِ‬
‫عي َ‬‫جاَء ِ‬ ‫واختلفوا في أمرها ‪ .‬قال تعالى ) َوَلّما َ‬
‫ن ِفيِه َفاّتُقوا الَّ ع‬ ‫خَتِلُفو َ‬
‫ض اّلِذي َت ْ‬
‫ن َلُكْم َبْع َ‬
‫حْكَمِة َوُِلَبّي َ‬
‫جْئُتُكْم ِباْل ِ‬
‫َقْد ِ‬
‫ن )‪ 63‬الزخرف ( ‪ .‬وُيثبت التاريخ أن بعععث عيسععى عليععه‬ ‫طيُعو ِ‬ ‫َوَأ ِ‬
‫السلم ‪ ،‬كان في زمن الحكععم الرومععاني للمنطقععة ‪ ،‬ممععا يعنععي أن‬
‫‪188‬‬
‫صل عليععه بنععو إسععرائيل قععد زال وانععدثر ‪ .‬ممععا‬
‫هذا العلو الذي تح ّ‬
‫يععترتب عليععه أن الفسععاد قععد وقععع ‪ ،‬وأن البعععث قععد تحقععق ‪ ،‬فععي‬
‫الفترة الممتدة ما بين سليمان وعيسى عليهما السلم ‪ ،‬في زمععن‬
‫أقرب إلى حكم سليمان منه إلى بعث عيسى ‪.‬‬
‫المملكة اليهودية بعد سليمان ‪:‬‬
‫وليس من المعقول أن نجزم بأن مملكة سليمان انهععارت بمععوته ‪.‬‬
‫وبما أن نظام الحكم ‪ ،‬كان ملكيا وراثيا كما أق عّره القععرآن ‪ ،‬فل بععد‬
‫أن يكععون الملععك ‪ ،‬قععد انتقععل إلععى أحععد أبنععاء سععليمان ‪ ،‬الععذين لععم‬
‫يكونوا أنبياء في واقع الحال ‪ ،‬فالنبوة آنذاك خرجت مععن الملععك ‪،‬‬
‫وأصبحت في عامة الشعب ‪ ،‬وهنا تحّرر العصععاة والمعتععدين مععن‬
‫اليهعود ‪ ،‬معن عبعدة المعال والسعلطة تجعارا ومرابيعن ‪ ،‬معن حكعم‬
‫وملععك النبيععاء ‪ ،‬حيععث كععان الععوحي يقععف سععّدا منيعععا ‪ ،‬أمععام‬
‫طموحاتهم وأحلمهم ‪ ،‬في نهب ثروات البلد والعباد ‪ ،‬فهم أبناء‬
‫ت َلَنععا‬
‫حَيععاَة العّدْنَيا َيَلْيع َ‬
‫ن اْل َ‬
‫ن ُيِريُدو َ‬
‫الذين قال فيهم تعالى ) َقاَل اّلِذي َ‬
‫ظيٍم )‪ 79‬القصص ( ‪.‬‬ ‫عِ‬ ‫ظ َ‬‫حّ‬ ‫ن ِإّنُه َلُذو َ‬
‫ي َقاُرو ُ‬
‫ِمْثَل َما ُأوِت َ‬
‫وعلى مر السنين تغّيرت الحوال ‪ ،‬وتغلغل المرابين والتجععار فععي‬
‫أوساط الحكم ‪ ،‬وتبادلوا المصالح والمنافع ‪ ،‬وأصبحوا مععن عليعة‬
‫القوم ‪ ،‬ليفرضوا علععى الملععوك ‪ ،‬مععا شععاءوا مععن سياسععات تخععدم‬
‫مصالحهم ‪ .‬ولو راجعععت التععوراة المععؤرخ الوحيععد لتلععك الفععترة ‪،‬‬
‫لوجدت أن عدد الملععوك الععذين تعععاقبوا علععى الحكععم ‪ ،‬علععى مععدى‬
‫‪ 300‬سنة تقريبا ‪ ،‬هو ‪ 22‬ملكا ‪ ،‬وهو عدد كععبير نسععبيا ‪ ،‬بمعععدل‬
‫‪ 14‬سععنة حكععم لكععل ملععك ‪ .‬وذلععك لكععثرة الغتيععالت ‪ ،‬الععتي كععان‬
‫يععدّبرها ويوقعهععا فيهععم عليععة القععوم ‪ ،‬ومععن والهععم مععن الكهنععة‬
‫والحبععار ‪ ،‬سععواء مععن صععلح أو فسععد ‪ ،‬مععن هععؤلء الملععوك ‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫والملحععظ أيضععا أن معظععم ملععوكهم ‪ ،‬كععانوا صععغارا فععي السععن ‪،‬‬
‫وربما كان ذلك هو الغاية مععن قتععل آبععائهم ‪ ،‬فوجععود ملععك صععغير‬
‫السن ‪ ،‬يسهل عليهم السيطرة على شععؤون الحكععم ‪ ،‬ليكونععوا هععم‬
‫خبرائه ومستشاريه ‪ ،‬وهذه هي سياسععتهم فععي العصععر الحععالي ‪،‬‬
‫في شتى بقاع الرض ‪ .‬وعلى الجانب الخر كان هناك النبيععاء ‪،‬‬
‫الذين لم ينقطع بعثهم في بنععي إسععرائيل ‪ ،‬ليعيععدوا أولئك العصععاة‬
‫إلععى حظيععرة اليمععان ‪ ،‬بععدعوتهم إلععى العععودة إلععى شععرع ال ع ‪،‬‬
‫وتععذكيرهم وتحععذيرهم بمععا قضععاه العع عليهععم إن أفسععدوا فععي‬
‫الرض ‪.‬‬
‫تخبرنا كثير من اليات القرآنية عن إفسععاد بنععي إسععرائيل ‪ ،‬حيععث‬
‫الشرك بععال ‪ ،‬وتكععذيب فريععق مععن النبيععاء ‪ ،‬وقتععل فريععق آخععر ‪،‬‬
‫وقتععل أوليععاء ال ع مععن النععاس ‪ ،‬وسععفك دمععاء فريقععا مععن قععومهم‬
‫وإخراجهم من ديارهم ‪ ،‬وتحريعف الكهنعة والحبعار ‪ ،‬لكتعاب الع‬
‫ليوافق أهواء علية القوم ‪ ،‬والعتداء على حدود ال ‪ ،‬وعصععيان‬
‫أوامععره ‪ ،‬وأكلهععم الربععا وأمععوال النععاس بالباطععل … إلععى آخععره ‪.‬‬
‫ومجمل هذه اليات تخاطب بني إسرائيل كأمة ‪ .‬فأين ومععتى وقععع‬
‫منهم هذا الفساد الممي … ؟!‬
‫قق الفساد الول ؟‬ ‫وهل تح ّ‬
‫س عَتْكَبْرُتمْ‬
‫س عُكْم ا ْ‬
‫سوٌل ِبَما َل َتْهَوى َأنُف ُ‬
‫جاَءُكْم َر ُ‬ ‫قال تعالى ) َأَفُكّلَما َ‬
‫ن )‪ 87‬البقرة ( ‪ ،‬والخطاب هنععا مععوجه‬ ‫َفَفِريًقا َكّذْبُتْم َوَفِريًقا َتْقُتُلو َ‬
‫لمن يملك سلطة القتل ‪ ،‬وهم سععادة الحكععم وعليععة القععوم ‪ ،‬فتععارة‬
‫كانوا يكّذبون النبياء وأولياء ال ‪ ،‬الذين ُبعثوا من قبله سععبحانه‬
‫للصعععلح ‪ ،‬وتعععارة يقتلعععونهم ‪ ،‬بعععدفع معععن الكهنعععة والحبعععار‬
‫والتجار ‪ ، ،‬لتعععارض ذلععك مععع رغبععاتهم وأهععوائهم ‪ِ ) ،‬إنّ اّلعِذينَ‬
‫‪190‬‬
‫ن‬‫ق َوَيْقُتُلععونَ اّلعِذي َ‬ ‫حع ّ‬‫ن ِبَغْيعِر َ‬
‫ن الّنِبّييع َ‬ ‫لع َوَيْقُتُلععو َ‬ ‫ت ا ِّ‬ ‫ن ِبآَيععا ِ‬
‫َيْكُفعُرو َ‬
‫ب َأِليعععٍم )‪ 21‬آل‬ ‫شعععْرُهْم ِبَععععَذا ٍ‬
‫س َفَب ّ‬‫ن الّنعععا ِ‬ ‫ط ِمععع ْ‬ ‫سععع ِ‬
‫ن ِباْلِق ْ‬‫َيعععْأُمُرو َ‬
‫عمران ( ‪ ،‬فل أشّد وأعظم إفسادا في الرض عند ال ‪ ،‬مععن قتععل‬
‫الناس وسفك دمائهم بغير حق ‪ ،‬فما بالك إذا كان القتل في أنبياء‬
‫ال ع وأوليععاءه الصععالحين ‪ ،‬فهععذا قّمععة فععي الجععرام والسععراف‬
‫ن أن هنععاك إفسععاد فععي‬ ‫والعصععيان والتمععرد والعععدوان ‪ ،‬ول أظعع ّ‬
‫الرض ‪ُ ،‬يقععارن بهععذا الفسععاد ‪ ،‬فلععم يسععبق لقععوم مععن القععوام‬
‫السابقين واللحقيععن ‪ ،‬أن قتلععوا أنبيععاءهم سععوى بنععي إسععرائيل ‪،‬‬
‫وما إفسادهم الحالي في دولتهم الحالية ‪ ،‬إل صورة طبععق الصععل‬
‫عن الفساد الول في دولتهم الولى ‪ ،‬ولو ُبعث فيهععم أنبيععاء فععي‬
‫هذا العصر لقتلوهم بل شك ‪ ،‬فقد قتلوا رئيس وزرائهم ) رابين (‬
‫‪ ،‬بععدفع وتحريععض مععن الحاخامععات ‪ ،‬كععونه لبععس ثععوب الصععلح‬
‫فقط ‪ ،‬بإظهاره شيئا من اللين مع الفلسطينين ‪ ،‬ل لنه ُمصلح ‪.‬‬
‫جععونَ‬ ‫خِر ُ‬
‫ن ِدَمععاَءُكْم َوَل ُت ْ‬ ‫سعِفُكو َ‬
‫خْذَنا ِميَثععاَقُكْم َل َت ْ‬ ‫قال تعالى ) َوِإْذ َأ َ‬
‫ن )‪ُ (84‬ثّم َأْنتُْم َه عُؤَلء‬ ‫شَهُدو َ‬ ‫ن ِدَياِرُكْم ُثّم َأْقَرْرُتْم َوَأْنُتْم َت ْ‬ ‫سُكْم ِم ْ‬‫َأنُف َ‬
‫عَلْيِهْم‬‫ظَهُرونَ َ‬ ‫ن ِدَياِرِهْم َت َ‬
‫ن َفِريًقا ِمْنُكْم مِ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫خِر ُ‬ ‫سُكْم َوُت ْ‬ ‫ن َأنُف َ‬‫َتْقُتُلو َ‬
‫عَلْيُكعْم‬ ‫حعّرٌم َ‬‫سععاَرى ُتَفععاُدوُهْم َوُهعَو ُم َ‬ ‫ن َيْأُتوُكْم ُأ َ‬
‫ن َوِإ ْ‬ ‫ِباِْلثِْم َواْلُعْدَوا ِ‬
‫ض )‪ 85‬البقععرة (‬ ‫ن ِبَبْع ٍ‬ ‫ب َوَتْكُفُرو َ‬ ‫ض اْلِكَتا ِ‬ ‫ن ِبَبْع ِ‬ ‫جُهْم َأَفُتْؤِمُنو َ‬ ‫خَرا ُ‬ ‫ِإ ْ‬
‫‪ .‬توحي هاتين اليتين ‪ ،‬أن سادة الحكم كانوا يستضععفون طائفعة‬
‫مععن قععومهم ‪ ،‬ظلمععا وعلععوا بغيععر وجععه حععق – وهععذا نفععس فعععل‬
‫فرعون ‪ -‬فأوقعوا فيهم القتل ‪ ،‬والنهب والسلب ‪ ،‬وأخرجوهم من‬
‫ديععارهم واسععتولوا عليهععا ‪ .‬فاضععطروا إلععى اللجععوء إلععى أرض‬
‫أعععدائهم ‪ ،‬وعلععى مععا يبععدو أنهععم كععانوا ُيجععبرون علععى خععوض‬
‫المعارك ‪ ،‬إلى جانب أعععداء مملكععة بنععي إسععرائيل ‪ ،‬وعنععد وقععوع‬
‫المعركععة ‪ ،‬كععان هععؤلء المستضعععفين ُيحجمععون عععن قتععال بنععي‬
‫‪191‬‬
‫جلععدتهم ‪ ،‬ويقومععون بتسععليم أنفسععهم ‪ ،‬ظّنععا منهععم بععأن أبنععاء‬
‫جلدتهم ‪ ،‬سيتركونهم ليعودوا إلى أهليهععم بعععد انتهععاء المعركععة ‪،‬‬
‫فمععا كععان مععن أولئك الظلمععة ‪ ،‬إل أن عععاملوهم كأسععرى العععدو ‪،‬‬
‫فحبسوهم وطالبوا ذويهم بالفدية ‪.‬‬
‫وأما مظاهر الفساد الخرى فمنها ‪:‬‬
‫‪ .1‬الشرك بال ‪:‬‬
‫جْب ِ‬
‫ت‬ ‫ن ِبععاْل ِ‬‫ب ُيْؤِمُنععو َ‬ ‫ن اْلِكَتععا ِ‬
‫صععيًبا ِمع َ‬‫ن ُأوُتععوا َن ِ‬ ‫) َأَلعْم َتعَر ِإَلععى اّلعِذي َ‬
‫ت )‪ 51‬النساء (‬ ‫غو ِ‬ ‫طا ُ‬‫َوال ّ‬
‫ب‬
‫ضع َ‬ ‫ل َوغَ ِ‬ ‫ن َلَعَنُه ا ُّ‬ ‫ل َم ْ‬‫عْنَد ا ِّ‬
‫ك َمُثوَبًة ِ‬ ‫ن َذِل َ‬‫شّر ِم ْ‬ ‫) ُقْل َهْل ُأَنّبُئُكْم ِب َ‬
‫ش عرّ‬ ‫ت ُأوَلِئكَ َ‬ ‫غو َ‬ ‫طععا ُ‬ ‫عَب عَد ال ّ‬
‫خَنععاِزيَر َو َ‬‫جَعَل ِمْنُهُم اْلِق عَرَدَة َواْل َ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬ ‫َ‬
‫سِبيِل )‪ 60‬المائدة (‬ ‫سَواِء ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫عْ‬‫ضّل َ‬ ‫َمَكاًنا َوَأ َ‬
‫ح اْب عنَ‬ ‫سععي َ‬ ‫ن الِّ ع َواْلَم ِ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫حَباَرُهْم َوُرْهَبععاَنُهْم َأْرَباًبععا ِمع ْ‬ ‫خُذوا َأ ْ‬ ‫) اّت َ‬
‫حاَنهُ عَّمععا‬ ‫س عْب َ‬
‫حًدا َل ِإَلَه ِإّل ُهَو ُ‬ ‫َمْريََم َوَما ُأِمُروا ِإّل ِلَيْعُبُدوا ِإَلًها َوا ِ‬
‫ن )‪ 31‬التوبة (‬ ‫شِرُكو َ‬ ‫ُي ْ‬
‫‪ .2‬نقض الميثاق وكتمان كلم ال وإخفائه وتحريفه ‪:‬‬
‫حّرُفععونَ‬ ‫سعَيًة ُي َ‬ ‫جَعْلَنععا ُقُلععوَبُهْم َقا ِ‬‫ض عِهْم ِميَثععاَقُهْم َلَعّنععاُهْم َو َ‬‫) َفِبَما َنْق ِ‬
‫طِلُع عََلععى‬ ‫ظا ِمّما ُذّكُروا ِبِه َوَل َتَزاُل َت ّ‬ ‫حّ‬ ‫سوا َ‬ ‫ضِعِه َوَن ُ‬ ‫ن َمَوا ِ‬ ‫عْ‬ ‫اْلَكِلَم َ‬
‫ب‬
‫حع ّ‬ ‫ل ع ُي ِ‬‫ن ا َّ‬ ‫ح ِإ ّ‬‫ص عَف ْ‬‫عْنُه عْم َوا ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ل ِمْنُه عْم َفععا ْ‬ ‫خاِئَن عٍة ِمْنُه عْم ِإّل َقِلي ً‬‫َ‬
‫ن )‪ 13‬المائدة (‬ ‫سِني َ‬‫ح ِ‬ ‫اْلُم ْ‬
‫س َوَل‬ ‫ب َلُتَبّيُنّنععُه ِللّنععا ِ‬ ‫ن ُأوُتععوا اْلِكَتععا َ‬ ‫ق اّلععِذي َ‬ ‫لعع ِميَثععا َ‬‫خععَذ ا ُّ‬ ‫) َوإِْذ َأ َ‬
‫س مَععا‬‫ل َفِبْئ َ‬ ‫شعَتَرْوا ِبعِه َثَمًنععا َقِلي ً‬‫ظُهوِرِهْم َوا ْ‬ ‫َتْكُتُموَنُه َفَنَبُذوُه َوَراَء ُ‬
‫ن )‪ 187‬آل عمران (‬ ‫شَتُرو َ‬ ‫َي ْ‬
‫‪ .3‬عبادة الجن والشياطين وتعلم السحر وممارسته ‪:‬‬
‫‪192‬‬
‫ت ِبَغْي عِر‬
‫ن َوَبَنععا ٍ‬‫خَرُقوا َلُه َبِني ع َ‬
‫خَلَقُهْم َو َ‬ ‫ن َو َ‬‫جّ‬ ‫شَرَكاَء اْل ِ‬ ‫ل ُ‬‫) َوجََعُلوا ِّ‬
‫ن )‪ 100‬النعام (‬ ‫صُفو َ‬ ‫عّما َي ِ‬ ‫حاَنُه َوَتَعاَلى َ‬ ‫سْب َ‬
‫عْلٍم ُ‬ ‫ِ‬
‫سعَلْيَمانُ‬ ‫ن َوَمععا َكَفعَر ُ‬ ‫سعَلْيَما َ‬
‫ك ُ‬‫عَلى ُمْل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫طي ُ‬‫شَيا ِ‬
‫) َواّتَبُعوا َما َتْتُلو ال ّ‬
‫حَر )‪ 102‬البقرة (‬ ‫سْ‬‫س ال ّ‬‫ن الّنا َ‬ ‫ن َكَفُروا ُيَعّلُمو َ‬ ‫طي َ‬
‫شَيا ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫َوَلِك ّ‬
‫‪ .4‬الربا والسرقة والحتيال ‪:‬‬
‫ط عِل‬
‫س ِباْلَبا ِ‬
‫عْن عُه َوَأْكِلِه عْم َأْم عَواَل الّنععا ِ‬
‫خ عِذِهُم الّرَبععا َوَق عْد ُنُهععوا َ‬ ‫) َوَأ ْ‬
‫عَذاًبا َأِليًما )‪ 161‬النساء (‬ ‫ن ِمْنُهْم َ‬ ‫عَتْدَنا ِلْلَكاِفِري َ‬
‫َوَأ ْ‬
‫ت‬
‫ح َ‬ ‫سع ْ‬ ‫ن َوَأْكِلِهُم ال ّ‬‫ن ِفي اِْلْثِم َواْلُعْدَوا ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ساِر ُ‬‫) َوتََرى َكِثيًرا ِمْنُهْم ُي َ‬
‫ن )‪ 62‬المائدة (‬ ‫َلِبْئسَ َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ‬
‫‪ .5‬ترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪:‬‬
‫ن )‪79‬‬ ‫س َمععا َكععاُنوا َيْفَعُلععو َ‬‫ن ُمْنَكٍر َفَعُلععوُه َلِبْئ َ‬‫عْ‬ ‫ن َ‬ ‫) َكاُنوا َل َيَتَناَهْو َ‬
‫المائدة (‬
‫‪ .6‬نقض العهود والمواثيق ‪:‬‬
‫ن)‬ ‫ق ِمْنُهعْم َبعْل َأْكَثُرُهعْم َل يُْؤِمُنععو َ‬ ‫عْهًدا َنَبَذُه َفِري ٌ‬ ‫عاَهُدوا َ‬ ‫) َأَوُكّلَما َ‬
‫‪(100‬‬
‫وهكععذا نسععتطيع القععول ‪ ،‬بععأن العلععو الول والفسععاد الول لبنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬قد تحّققا فععي الرض المقّدسععة ‪ .‬وكععانت بدايععة علععوهم‬
‫بملك داود ‪ ،‬ووصل إلى أقصى مععداه ‪ ،‬فععي عصععر سععليمان عليععه‬
‫السلم ‪ .‬وأما الفساد فكانت بدايته بعد وفاة سليمان عليه السععلم‬
‫خر هذا الملك وهذه المملكععة فععي الهععواء‬ ‫… والسؤال الن هل تب ّ‬
‫… ؟! وهل مّر ذلك الفساد دون عقاب … ؟!‬

‫‪193‬‬
‫وهل تحقق البعث الول ؟‬
‫ن َقَتعَل‬ ‫سعَراِئيَل ‪َ ،‬أّنعهُ َمع ْ‬ ‫عَلى َبِنععي ِإ ْ‬ ‫ك َكَتْبَنا َ‬ ‫جِل َذِل َ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫قال تعالى ) ِم ْ‬
‫س‬
‫ض (( ‪َ ،‬فَكَأّنَمععا َقَت عَل الّنععا َ‬ ‫ساٍد ِفي اَْلْر ِ‬ ‫س )) َأْو َف َ‬ ‫سا ِبَغْيِر َنْف ٍ‬ ‫َنْف ً‬
‫جععاَءْتُهْم‬‫جِميًعععا ‪َ ،‬وَلَقعْد َ‬ ‫س َ‬ ‫حَيععا الّنععا َ‬ ‫حَياَهععا َفَكَأّنَمععا َأ ْ‬
‫ن َأ ْ‬
‫جِميًعععا َوَمع ْ‬ ‫َ‬
‫سِرُفو َ‬
‫ن‬ ‫ض َلُم ْ‬‫ك ِفي اَْلْر ِ‬ ‫ن َكِثيًرا ِمْنُهْم َبْعَد َذِل َ‬ ‫ت ‪ُ ،‬ثّم ِإ ّ‬‫سُلَنا ِباْلَبّيَنا ِ‬
‫ُر ُ‬
‫ن ِفععي‬ ‫س عَعْو َ‬ ‫سوَلُه ‪َ )) ،‬وَي ْ‬ ‫ل َوَر ُ‬ ‫ن ا َّ‬‫حاِرُبو َ‬ ‫ن ُي َ‬ ‫جَزاُء اّلِذي َ‬‫)‪ِ (32‬إّنَما َ‬
‫طعععَع َأْيعععِديِهمْ‬ ‫صعععّلُبوا َأْو ُتَق ّ‬ ‫ن ُيَقّتُلعععوا َأْو ُي َ‬ ‫سعععاًدا (( ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫ض َف َ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫ي ِفععي‬ ‫خعْز ٌ‬ ‫ك َلُهعْم ِ‬ ‫ض َذِلع َ‬‫ن اَْلْر ِ‬ ‫ف ‪َ ،‬أْو ُينَفعْوا ِمع ْ‬ ‫ل ٍ‬ ‫خَ‬‫ن ِ‬ ‫جُلُهْم ِمع ْ‬ ‫َوَأْر ُ‬
‫ظيٌم )‪ 33‬المائدة (‬ ‫عِ‬‫ب َ‬ ‫عَذا ٌ‬ ‫خَرِة َ‬ ‫لِ‬ ‫الّدنَيا ‪َ ،‬وَلُهْم ِفي ا ْ‬
‫لع َمْغُلوَل عةٌ …‬ ‫ت الَْيُهععوُد َي عُد ا ِّ‬‫وقال أيضا في نفس السورة ) َوَقاَل ِ‬
‫ن )‪64‬‬ ‫سِدي َ‬ ‫ب اْلُمْف ِ‬‫ح ّ‬‫ساًدا (( ‪َ ،‬والُّ َل ُي ِ‬ ‫ض َف َ‬ ‫ن ِفي اَْلْر ِ‬ ‫سَعْو َ‬ ‫)) َوَي ْ‬
‫المائدة (‬
‫وانظر ما كتبه ال عليهم ‪ ،‬في الية الولععى ‪ ،‬ومععا عقععب بععه فععي‬
‫الية الثانية ‪ ،‬حيث أعطى أربع خيارات ‪ ،‬لمجازاة مععن يحععاربون‬
‫ال ورسوله ‪ ،‬ويسعون في الرض فسادا ‪ .‬والذين لهم دأب على‬
‫محاربعة الع ورسععوله بععأقوالهم وأفعععالهم ‪ ،‬والععذين يسعععون فععي‬
‫الرض فسععادا ‪ ،‬هععم اليهععود ل غيرهععم ‪ ،‬وهععذا مععا ُتق عّرره اليععة‬
‫الثالثة ‪ .‬وهذا هو الحكم الُمسبق الععذي أصععدره أحكععم الحععاكمين ‪،‬‬
‫وأوكععل أصعحاب البعععث الول ‪ ،‬لتنفيععذ خيععاراته الربعععة مجتمعععة‬
‫فيهم ‪ ،‬بإذن ال ‪.‬‬
‫ب ِمعع ْ‬
‫ن‬ ‫ن َأْهععِل اْلِكَتععا ِ‬ ‫ظععاَهُروُهْم ِمعع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وقععال تعععالى ) َوَأْنععَزَل اّلععِذي َ‬
‫ن‬
‫سعُرو َ‬ ‫ن َوَتْأ ِ‬‫ب َفِريًقععا َتْقُتُلععو َ‬ ‫عع َ‬‫ف ِفععي ُقُلععوِبِهُم الّر ْ‬ ‫صععيِهْم َوَقعَذ َ‬ ‫صَيا ِ‬‫َ‬
‫حكم بععه علععى يهععود بنععي قريظعة‬ ‫َفِريًقا )‪ 26‬الحزاب ( ‪ ،‬وهذا ما ُ‬
‫بعد هزيمة الحزاب ‪ ،‬بقتل الرجال وسبي النساء والطفال ‪.‬‬
‫‪194‬‬
‫صل ‪ ،‬ومن ثم زال ‪ ،‬فل بععد‬ ‫وبما أن الفساد المقترن بالعلو قد تح ّ‬
‫أن يكععون أولئك العبععاد قععد ُبعثععوا عليهععم ‪ ،‬فجاسععوا خلل ديععارهم‬
‫وخربوها ‪ ،‬وأوقعوا في حكامهم ورؤسععائهم وكهنتهععم وأحبععارهم‬
‫القتل والتنكيل ‪ ،‬وهععدموا المسععجد ) الهيكععل ( ونهبععوا محتويععاته‬
‫من كنععوز وأمععوال ‪ ،‬وسععبوا نسععائهم وأطفععالهم ‪ ،‬وأصععبحت بيععت‬
‫المقععدس أطلل تعععوي فيهععا الثعععالب ‪ ،‬فحععل بهععم الخععزي والععذّل‬
‫والعار ‪ ،‬بعععد أن رفعععه الع عنهععم بمّنععه وكرمععه ‪ ،‬فخععانوا ميثععاق‬
‫ربهم ونقضوا عهده ‪ ،‬استكبارا وعلععوا فععي الرض بغيععر الحععق ‪.‬‬
‫حيث كان ذلك حكععم الع الععذي أنجععزه فععي أسععلفهم ‪ ،‬علععى أيععدي‬
‫أولئك العباد ‪ ،‬فيمععا ُيسععمى بالسععبي البععابلي الموصععوف بععالتوراة‬
‫بإسهاب ‪ ،‬والذي يؤكد نفاذ هذا الحكم فيهم ‪ ،‬كمععا جععاء فععي اليععة‬
‫الكريمة أعله ‪ .‬لذلك عّقب سبحانه بعد ذكر الوعد الول ‪ ،‬بقععوله‬
‫عًدا َمْفُعوًل )‪ 5‬السراء ( ‪.‬‬
‫ن َو ْ‬
‫) َوَكا َ‬
‫بعض الحكام التي صدرت في حقهم فيما‬
‫سبق نزول القرآن ‪:‬‬
‫عَلْيِهعْم ِإَلععى َيعْوِم اْلِقَيامَعةِ مَع ْ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬ ‫ك َلَيْبَعَثع ّ‬
‫ن َرّبع َ‬‫قال تعالى ) َوِإْذ َتَأّذ َ‬
‫حيععٌم )‬ ‫ب َوِإّنُه َلَغُفوٌر َر ِ‬ ‫سِريُع اْلِعَقا ِ‬ ‫ك َل َ‬ ‫ن َرّب َ‬‫ب ِإ ّ‬‫سوَء اْلَعَذا ِ‬ ‫سوُمُهْم ُ‬ ‫َي ُ‬
‫ن َومِْنُه عْم ُدو َ‬
‫ن‬ ‫حو َ‬ ‫صععاِل ُ‬
‫ض ُأَمًما ِمْنُه عْم ال ّ‬ ‫طْعَناُهْم ِفي اَْلْر ِ‬ ‫‪َ (167‬وَق ّ‬
‫خَل عفَ‬ ‫ن )‪َ (168‬ف َ‬ ‫جُعو َ‬ ‫ت َلَعّلهُْم َيْر ِ‬ ‫سّيَئا ِ‬‫ت َوال ّ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫ح َ‬‫ك َوَبَلْوَناُهْم ِباْل َ‬‫َذِل َ‬
‫ض َهععَذا اْلَْدَنععى‬ ‫عععَر َ‬ ‫ن َ‬ ‫خععُذو َ‬ ‫ب َيْأ ُ‬‫ف َوِرُثععوا اْلِكَتععا َ‬ ‫خْلعع ٌ‬ ‫ن َبْعععِدِهْم َ‬‫ِم ع ْ‬
‫خعْذ‬‫خعُذوُه َأَلعْم ُيْؤ َ‬
‫ععَرضٌ ِمْثُلعُه َيْأ ُ‬ ‫ن َيعْأِتِهْم َ‬ ‫سعُيْغَفُر َلَنعا َوِإ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َوَيُقوُلو َ‬
‫سععوا َمعا‬ ‫ق َوَدَر ُ‬ ‫حع ّ‬‫لع ِإّل اْل َ‬ ‫عَلى ا ِّ‬ ‫ن َل َيُقوُلوا َ‬ ‫ب َأ ْ‬‫ق اْلِكَتا ِ‬‫عَلْيهِْم ِميَثا ُ‬‫َ‬
‫ل َتْعِقُلعععونَ )‪169‬‬ ‫ن َأَف َ‬
‫ن َيّتُقعععو َ‬ ‫خْيعععٌر ِلّلعععِذي َ‬
‫خعععَرُة َ‬ ‫لِ‬ ‫ِفيعععِه َوالعععّداُر ا ْ‬
‫العراف ( ‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫ت َأْيِديِهْم َوُلِعُنوا ِبَمععا‬
‫غّل ْ‬ ‫ل َمْغُلوَلٌة ُ‬ ‫ت اْلَيُهوُد َيُد ا ِّ‬
‫وقال أيضا ) َوَقاَل ْ‬
‫ن َكِثيًرا مِْنُهْم مَععا‬‫شاُء َوَلَيِزيَد ّ‬ ‫ف َي َ‬ ‫ق َكْي َ‬ ‫ن ُينِف ُ‬‫طَتا ِ‬‫سو َ‬ ‫َقاُلوا َبْل َيَداُه َمب ُ‬
‫ضععاَء‬
‫طْغَياًنا َوُكْفًرا َوَأْلَقْيَنا َبْيَنُهْم اْلَع عَداَوَة َواْلَبْغ َ‬‫ك ُ‬ ‫ن َرّب َ‬‫ك ِم ْ‬‫ُأنِزَل ِإَلْي َ‬
‫ن ِفععي‬ ‫سعَعْو َ‬‫طَفَأَها الُّ َوَي ْ‬ ‫ب َأ ْ‬
‫حْر ِ‬ ‫ِإَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة ُكّلَما َأْوَقُدوا َناًرا ِلْل َ‬
‫ن )‪ 64‬المائدة ( ‪.‬‬ ‫سِدي َ‬ ‫ب اْلُمْف ِ‬‫ح ّ‬
‫ل َل ُي ِ‬ ‫ساًدا َوا ُّ‬ ‫ض َف َ‬‫اَْلْر ِ‬
‫وهذه الحكام هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬استضعافهم واضطهادهم وتعذيبهم من قبل الخريععن ‪ ،‬أينمععا‬
‫حلوا وأينما ارتحلوا إلى يوم القيامعة ‪ .‬وهعذا حكعم ععاّم ‪ ،‬وأمعا‬
‫عقابهم عند مجيء الوععدين ‪ ،‬فهععو حكععم خعاص مسعتثنى معن‬
‫هذا الحكم ‪.‬‬
‫‪ .2‬نفيهم من فلسطين وشتاتهم فععي كافععة أرجععاء الرض ‪ .‬ممععا‬
‫يؤكععد زوال مملكتهععم الولععى ‪ ،‬ويهيععئ لقيععام الدولععة الثانيععة‬
‫مستقبل ‪.‬‬
‫‪ .3‬إلقاء العداوة والبغضاء فيما بينهم إلى يوم القيامة ‪ .‬وإطفاء‬
‫الحععروب الععتي ُيشعععلوها ‪ ،‬وإفشععال مخططععاتهم السععاعية إلععى‬
‫الفساد ‪.‬‬
‫دسة ؟‬ ‫وهل دخلوا الرض المق ّ‬
‫لو عدنا إلى زمن موسى عليه السلم ‪ ،‬بعد أن وصل وقومه إلععى‬
‫خُلععوا‬
‫مشععارف الرض والمقدسععة ‪ ،‬حيععث قععال لقععومه ) َيَق عْوِم اْد ُ‬
‫عَلععى َأْدَبععاِرُكْم‬
‫ل ع َلُك عْم َوَل َتْرَت عّدوا َ‬
‫ب ا ُّ‬
‫س عَة اّلِتععي َكَت ع َ‬
‫ض اْلُمَقّد َ‬
‫اَْلْر َ‬
‫ن )‪ 21‬المائدة ( ‪ ،‬والرض المقدسة هي فلسطين‬ ‫سِري َ‬‫خا ِ‬‫َفَتْنقَِلُبوا َ‬
‫‪ ،‬ولم تقّدس في القععرآن أرض غيرهععا ‪ .‬وقععد وردت هععذه العبععارة‬
‫فععي القععرآن مععرة واحععدة فقععط ‪ ،‬وكععان بنععو إسععرائيل آنععذاك أمععة‬
‫حرموا من دخولها أربعيعن‬ ‫واحدة ‪ ،‬فامتنعوا عن الدخول إليها ‪ ،‬ف ُ‬
‫‪196‬‬
‫سنة ‪ ،‬ولم يكن التيه بضياعهم وتشرذمهم فععي الرض ‪ ،‬كمععا قععد‬
‫يتوهم البعض ‪ ،‬وإنما بحرمانهم من الهداية والقيادة برفع النبععوة‬
‫والوحي ‪ ،‬وهذا يؤكد أن موسى عليه السععلم ‪ ،‬انتقععل إلععى جععوار‬
‫ربه قبل أو بداية سنوات التحريم ‪ ،‬ولذلك تجّلت الحكمة اللهية ‪،‬‬
‫باختيار النقباء الثني عشر وأخععذ الميثععاق منهععم مسععبقا ‪ ،‬لعلمععه‬
‫المسععبق بمععا سععيكون منهععم ‪ .‬وُتععرك أمععر بنععي إسععرائيل لولئك‬
‫النقباء ‪ ،‬كٌل حسب السبط الععذي ينتمععي إليععه ‪ ،‬لقيععادتهم والفصععل‬
‫بينهم في الحوال المدنية والشرعية ‪.‬‬
‫وفي نهاية الربعين سنة ‪ ،‬وصل ال ع مععا كععان قععد قطعععه ‪ ،‬فبعععث‬
‫سععى ِإْذ‬
‫ن َبْع عِد ُمو َ‬
‫سَراِئيَل ِم ْ‬
‫ن َبِني ِإ ْ‬
‫ل ِم ْ‬
‫فيهم نبيا ‪َ ) ،‬أَلْم َتَر ِإَلى اْلَم َِ‬
‫سِبيِل الِّ )‪ 246‬البقععرة ( ‪،‬‬ ‫ث َلَنا َمِلًكا ُنَقاِتْل ِفي َ‬
‫ي َلُهُم اْبَع ْ‬‫َقاُلوا ِلَنِب ّ‬
‫وكلمععة ) المل ( تعنععي عليععة القععوم ‪ ،‬وطلععب القتععال كععان لععدخول‬
‫الرض المقدسة ‪ ،‬التي كان قععد ُكتععب لهععم دخولهععا ‪ ،‬علععى لسععان‬
‫موسى في الية السععابقة ‪ ،‬وعنععدما أذن الع لهععم بععدخولها ‪ ،‬بعععد‬
‫قتال جالوت وجنوده والنتصار عليهم ‪ ،‬بقتععل داود عليععه السععلم‬
‫لجالوت ‪ ،‬دخلوها مجتمعين كأمة أيضا ‪ ،‬فأقام لهم داود وسليمان‬
‫عليهما ‪ ،‬دولتهم الولى وعلوهم الول ‪.‬‬
‫مذكور فنني‬ ‫حصر الفترة الزمنية للفساد ال ُ‬
‫القرآن ‪:‬‬
‫سععى‬ ‫والن لننتقععل إلععى الكريمععة الععتي تقععول ) َوَلَقععْد َءاَتْيَنععا ُمو َ‬
‫سى اْبنَ مَْرَيَم‬ ‫عي َ‬ ‫سِل (( ‪َ ،‬وَءاَتْيَنا ِ‬ ‫ن َبْعِدِه ِبالّر ُ‬‫ب ‪َ )) ،‬وَقّفْيَنا ِم ْ‬ ‫اْلِكَتا َ‬
‫سععوٌل ‪ِ ،‬بمَععا َل‬ ‫جععاَءُكْم َر ُ‬ ‫س ‪َ .‬أَفُكّلَمععا َ‬ ‫ح اْلُقُد ِ‬ ‫ت ‪َ ،‬وَأّيْدَناُه ِبُرو ِ‬ ‫اْلَبّيَنا ِ‬
‫ن )‪87‬‬ ‫سعَتْكَبْرُتْم ‪َ ،‬فَفِريًقععا َكعّذْبُتْم َوَفِريًقععا َتْقُتُلععو َ‬
‫سعُكُم ‪ ،‬ا ْ‬ ‫َتْهعَوى َأْنُف ُ‬
‫البقععرة ( ‪ ،‬قلنععا أن قمععة الفسععاد هععي قتععل النفععس بغيععر حععق ‪،‬‬
‫‪197‬‬
‫وأعظمها قتل الرسل والنبياء ‪ ،‬ولحظ قوله سبحانه ) تقتلععون (‬
‫حيث تفيد صيغة المضارع ‪ ،‬الستمرارية والكثرة في القتل ‪ ،‬وقد‬
‫ُذكر قتلهم للرسل والنبياء ) ‪ ( 7‬مرات ‪ ،‬في مواضع متفرقة من‬
‫حصر وقوع هذا القتععل منهععم فععي هععذه اليععة ‪ ،‬بيععن‬ ‫القرآن ‪ ،‬وقد ُ‬
‫موسى وعيسى عليهمععا السععلم ‪ ،‬وإذا علمنععا أن بنععي إسععرائيل ‪،‬‬
‫كانوا بحاجة إلى النبياء ) حبل ال ع ( لععدخول الرض المقدسععة ‪،‬‬
‫لقامة دولتهم فيها ‪ ،‬ولم يكن فيهم أنبياء فععي سععنوات التحريععم ‪،‬‬
‫غير ذلك النبي الذي ُبعععث عنععد انقضععائها ‪ ،‬والععذي توجهععوا إليععه‬
‫لطلب المساعدة والنصرة من ال ‪ ،‬لتبين لنا أن قتل النبياء ‪ ،‬قععد‬
‫صععل منهععم ‪ ،‬قبععل بعععث عيسععى عليععه السععلم ‪ ،‬وهععو آخععر‬ ‫تح ّ‬
‫أنبيائهم ‪ ،‬وبعد وفاة سليمان عليه السلم ‪ ،‬آخر النبياء الملوك ‪،‬‬
‫حيث لم تعد بهم حاجة للنبياء ‪ ،‬ليعذّكروهم بشععرع الع واللعتزام‬
‫بععه ‪ ،‬بعععد أن أمسععى لهععم الملععك والعلععو فععي الرض ‪ ،‬فععأهواء‬
‫ورغبات وأطماع ‪ ،‬الذين ) أشربوا في قلوبهم العجل بكفرهععم ( ‪،‬‬
‫والذين ) قست قلوبهم فهي كالحجععارة أو شععد قسععوة ( ‪ ،‬ل تتفععق‬
‫وشرع ال ‪.‬‬
‫نهاية المملكة وخروجهم من فلسطين ‪:‬‬
‫ض ُأَمًمععا ( ‪ ،‬أي‬
‫طْعَنععاُهْم ِفععي اَْلْر ِ‬
‫ولو نظرنا في قوله تعععالى ) َوَق ّ‬
‫فرّقناهم ‪ ،‬نجد أنععه سععبحانه أثبععت خروجهععم ونفيهععم مععن الرض‬
‫المقدسة ‪ ،‬وشتاتهم في الرض علعى عمومهعا ‪ ،‬علعى القعل قبعل‬
‫بعث محمعد عليعه الصعلة والسعلم بعالقرآن ‪ ،‬فهعل ُيعقعل أن أمعة‬
‫بأسرها ‪ ،‬تقوم بالتخلي عن ُملكها وترك أرضها من تلقاء نفسععها‬
‫ورغبععة عنهععا ؟!!! أم أن هنععاك أمععر عظيععم نععزل بهععا ‪ ،‬فععتركت‬
‫أرضها قسرا وقهرا ‪ ،‬بعد أن ُأزيل ملكهععا وأفععل نجمهععا ؟!!! وقععد‬
‫‪198‬‬
‫ورد ذكر هذا الحدث في القععرآن بصععيغة الماضععي ‪ ،‬بقععوله تعععالى‬
‫عًدا َمْفُعوًل )‪ 5‬السراء ( ‪ .‬وبمععا‬
‫ن َو ْ‬
‫لَل الّدَياِر – َوَكا َ‬‫خَ‬ ‫سوا ِ‬‫جا ُ‬
‫) َف َ‬
‫أن تلك العبارة أثبتت شتاتهم بعد أن كانوا أمة واحععدة ‪ ،‬والعبععارة‬
‫جْئَنا ِبُكْم َلِفيًفا )‪104‬السععراء ( ‪ ،‬تشععترط‬
‫خَرِة ِ‬
‫لِ‬‫عُد ا ْ‬‫جاَء َو ْ‬
‫) َفِإَذا َ‬
‫مجيئهم من الشتات والتجّمععع فععي فلسععطين ‪ ،‬ولععم يععرد نععص فععي‬
‫القرآن ‪ُ ،‬يثبت مجيئهم وتجّمعهم من الشتات قبل السلم ‪ ،‬لقامة‬
‫علوهم الثاني ‪ .‬نستطيع الجزم بأن وعععد الولععى ‪ ،‬بقيععام المملكععة‬
‫الولععى وزوالهععا ‪ ،‬قععد تحقععق ‪ ،‬وأن المععرة الثانيععة قععد تحّققععت‬
‫بمجيئهم وتجّمعهم من الشتات ‪ ،‬لقامة دولتهم الحالية ‪.‬‬
‫إثبات تواجد اليهود في بابل ‪:‬‬
‫ق ِلَما مََعُه عْم ‪،‬‬ ‫صّد ٌ‬
‫ل ‪ُ ،‬م َ‬ ‫عْنِد ا ِّ‬‫ن ِ‬ ‫سوٌل ِم ْ‬ ‫جاَءُهْم َر ُ‬ ‫قال تعالى ) َوَلّما َ‬
‫ظُهععوِرِهْم ‪،‬‬ ‫ل َوَراَء ُ‬ ‫ب ا ِّ‬‫ب ‪ِ ،‬كَتا َ‬ ‫ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ‬ ‫ن اّلِذي َ‬ ‫ق ِم َ‬‫)‪ (1‬نََبَذ َفِري ٌ‬
‫ك‬
‫ن عََلعى ُمْلع ِ‬ ‫طي ُ‬ ‫ن )‪َ(2) (101‬واّتَبُعوا َما َتْتُلعو ال ّ‬
‫شعَيا ِ‬ ‫َكَأّنهُْم َل َيْعَلُمو َ‬
‫ن َكَفُروا ( ع )‪ُ(3‬يَعّلمُععونَ‬ ‫طي َ‬‫شَيا ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫ن َوَلِك ّ‬‫سَلْيَما ُ‬‫ن ع ) َوَما َكَفَر ُ‬ ‫سَلْيَما َ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫ت َوَماُرو َ‬ ‫عَلى اْلَمَلَكْينِ ) ِبَباِبَل ( َهاُرو َ‬ ‫حَر ‪َ ،‬وَما ُأْنِزَل َ‬ ‫سْ‬ ‫س ال ّ‬ ‫الّنا َ‬
‫ن ِفْتَن عٌة ‪َ ،‬فلَ َتْكُف عْر ‪،‬‬ ‫حع ُ‬
‫حّتى َيُقوَل ِإّنَما َن ْ‬ ‫حٍد ‪َ ،‬‬ ‫ن َأ َ‬‫ن ِم ْ‬ ‫ع ) وََما ُيَعّلَما ِ‬
‫جعِه ‪َ ،‬ومَععا ُهعْم‬ ‫ن اْلَمعْرِء َوَزْو ِ‬ ‫ن ِبعِه َبْيع َ‬‫ن ِمْنُهَما ‪َ ،‬ما ُيَفّرُقو َ‬ ‫َفَيَتَعّلُمو َ‬
‫ضّرُهْم ‪َ ،‬وَل‬ ‫ن َما َي ُ‬ ‫ل ( ع )‪َ(4‬وَيَتَعّلُمو َ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫حٍد ِإّل ِبِإْذ ِ‬‫ن َأ َ‬‫ن ِبِه ِم ْ‬ ‫ضاّري َ‬‫ِب َ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ل ٍ‬ ‫خَ‬‫ن َ‬‫خ عَرِة ِم ع ْ‬
‫لِ‬‫شَتَراُه ‪َ ،‬ما َلُه ِفي ا ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫عِلُموا َلَم ِ‬ ‫َيْنَفُعُهْم ‪َ ،‬وَلَقْد َ‬
‫ن )‪ 102‬البقرة (‬ ‫سُهْم ‪َ ،‬لْو َكاُنوا َيْعَلُمو َ‬ ‫شَرْوا ِبِه َأْنُف َ‬ ‫س َما َ‬ ‫َوَلِبْئ َ‬
‫موضوع الحديث ما قبل هاتين اليتين ‪ ،‬وما بعدهما ‪ ،‬هم اليهععود‬
‫إجمععال ‪ .‬بينمععا تتعععرض اليتععان أعله ‪ ،‬لموقععف فئة مععن اليهععود‬
‫المعاصرين لرسالة السلم ‪ ،‬من بعث نبينا محمد عليععه الصععلة‬
‫والسلم ‪ ،‬حيث قام هؤلء وما زالوا يقومون بثلثة أفعال ‪:‬‬
‫‪199‬‬
‫‪ .1‬عنععد مجيععء رسععول العع عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬بصععفة‬
‫مطابقة لما كان بين يديهم من التوراة ‪ ،‬ومجيئه بما يتفععق مععع‬
‫ما جاء بععه أنبيععاؤهم ‪ ،‬أزاحععوا التععوراة مععن عقععولهم وقلععوبهم‬
‫وأنكروا مععا فيهععا ‪ ،‬وكتمععوا مععا أخععبرت عنععه وجععاءت بععه عععن‬
‫الناس ‪ ،‬وأظهععروا عععدم معرفتهععم وعلمهععم بععأمر هععذا النععبي ‪،‬‬
‫وعوضا عن اتباعهم لهذا النععبي عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬كمععا‬
‫تأمرهم التوراة ‪:‬‬
‫‪ .2‬قاموا باتباع ما تتلوا الشياطين على ملك سععليمان ‪ ،‬وحقيقععة‬
‫مععا اتبعععوه ُيععبّينه سععبحانه ‪ ،‬بالجملععة المعترضععة ) َومَععا َكَف عَر‬
‫ن َكَفعُروا ( أي الكفرّيععات الععتي مععا زالععت‬ ‫طي َ‬
‫شَيا ِ‬
‫ن ال ّ‬‫ن َوَلِك ّ‬‫سَلْيَما ُ‬‫ُ‬
‫تتلوها الشياطين على ملك سليمان ‪ ،‬ومجيععء الفعععل ) تتلععوا (‬
‫بصيغة المضارع ‪ُ ،‬يفيععد بععأنهم علععى اّتصععال دائم بالشععياطين ‪،‬‬
‫وأن الشياطين ما زالععت تتحعّدث إليهعم ‪ ،‬بكفرّيعات تنسعبها إلععى‬
‫سليمان عليه السلم ‪ُ ،‬يععبرأه سععبحانه منهععا بقععوله ) ومععا كفععر‬
‫سليمان ولكن الشياطين كفروا ( ‪ ،‬وعوضععا عععن تعليععم النععاس‬
‫تعاليم التوراة ‪:‬‬
‫‪ .3‬كانوا وما زالوا ‪ُ ،‬يعلمون الناس السععحر ‪ ،‬ويعّلمععونهم أيضععا‬
‫نوعا آخرا من السحر ‪ ،‬كععانوا قععد تعّلمععوه أثنععاء تواجععدهم فععي‬
‫بابل ‪ ،‬هو ما ُأنزل على الملكين هععاروت ومععاروت ‪ ،‬اللععذان لععم‬
‫ل‬
‫ن ِفْتَنعٌة ‪َ ،‬ف َ‬‫حع ُ‬ ‫ُيعّلما أحدا مععن النععاس ‪ ،‬إل وقععال لععه ‪ِ ) ،‬إّنَمععا َن ْ‬
‫َتْكُفْر ( وحقيقة ما كان يتعّلمععه النععاس مععن الملكيععن فععي بابععل ‪،‬‬
‫ن ِمْنُهَمععا ‪ ،‬مَععا‬ ‫ُيععبّينه سععبحانه بالجملععة المعترضععة ) َفَيَتَعّلُمععو َ‬
‫ح عٍد‬ ‫ن َأ َ‬
‫ن ِب عِه مِ ع ْ‬
‫ضععاّري َ‬ ‫جِه ‪َ ،‬وَما ُهْم ِب َ‬
‫ن اْلَمْرِء َوَزْو ِ‬
‫ن ِبِه َبْي َ‬
‫ُيَفّرُقو َ‬
‫ل(‪.‬‬ ‫ن ا ِّ‬‫ِإّل ِبِإْذ ِ‬

‫‪200‬‬
‫‪ .4‬وُيعّقب سبحانه على ما قامت به تلك الفئة بقوله ) َوَيَتَعّلُمونَ‬
‫ضّرُهْم ‪َ ،‬وَل َيْنَفُعُهْم … إلى آخر الية ( ‪ .‬وهذا ما يقومون‬
‫َما َي ُ‬
‫به لغاية الن ‪ ،‬فععي محععافلهم الماسععونية ومدارسععهم الدينيععة ‪،‬‬
‫حيث ُيمارسون وُيعّلمون منتسبيهم وتلميذهم ‪ ،‬طقوس عبادة‬
‫الشياطين ‪ ،‬وفنون السحر والشعوذة ‪.‬‬
‫عقوبتهم في الجزيننرة العربيننة كننانت جلءً‬
‫وليس عذابا ‪:‬‬
‫وأما عند مجيء السلم ‪ ،‬كان جزء منهععم متواجععد فععي الجزيععرة‬
‫العربية ‪ ،‬وأخرجوا منها زمن عمر رضي ال ع عنععه ‪ ،‬قععال تعععالى‬
‫ن ِدَيععاِرِهْم َِلّوِل‬‫ب ِم ع ْ‬‫ن َأْه علِ اْلِكَتععا ِ‬
‫ن َكَفُروا ِم ْ‬
‫ج الِذي َ‬‫خَر َ‬
‫) ُهَو اّلِذي َأ ْ‬
‫شِر )‪ 2‬الحشر ( ‪ ،‬والحشر معناه الجمع ‪ ،‬والجمع يختلف عن‬ ‫ح ْ‬
‫اْل َ‬
‫الجميع ‪ ،‬وقوله ) لول الحشر ( أي بداية الجمع ‪ ،‬والجمع يكععون‬
‫عادة بعد التشّرد والشععتات ‪ ،‬والمقصععود هنععا الجمععع فععي الععدنيا ‪،‬‬
‫وليععس الحشععر بعععد المععوت والبعععث ‪ ،‬حيععث كععانت وجهتهععم عنععد‬
‫الخروج إلى بلد الشام ‪ ،‬وأما الجلء الذي حكم ال ع بععه عليهععم ‪،‬‬
‫في زمن الرسول عليععه السععلم وصععحبه الكععرام ‪ ،‬لععم يكععن عععذابا‬
‫كالموصوف فععي سععورة السععراء ‪ ،‬ل فععي الوعععد الول ‪ ،‬ول فععي‬
‫الوعد الثاني ‪ ،‬فكيفية العقاب في المرتين متطابقة ‪ ،‬كما أوضحنا‬
‫ب‬
‫ن َكَتع َ‬
‫سابقا ‪ ،‬وهذا ما يقرره سبحانه في الية التاليععة ) َوَلعْولَ َأ ْ‬
‫ب الّنعارِ‬ ‫عَذا ُ‬‫خَرِة َ‬ ‫لِ‬ ‫لَء ‪َ ،‬لَعّذَبُهْم ِفي الّدْنَيا َولَُهْم ِفي ا ْ‬‫جَ‬‫عَلْيِهُم اْل َ‬
‫ل َ‬‫ا ُّ‬
‫)‪ 3‬الحشر ( ‪ ،‬وقوله تعالى ) لعّذبهم ( ‪ ،‬يفيد بأن الجلء لم ُيعتبر‬
‫عذابا بمعنى الكلمععة ‪ ،‬أمععا قتععل وسععبي يهععود بنععي قريظععة ‪ ،‬فهععو‬
‫اسععتثناء حصععل لخطععورة مععا قععاموا بععه مععن خيانععة ‪ ،‬فععي أحععرج‬
‫لحظة ‪ ،‬في تاريخ المة السلمية ‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫وإن لم يكن ما تقّدم مقنعا بما فيه الكفاية ‪ ،‬فانظر إلى قوله تعالى‬
‫عَل عْوا َتْتِبي عًرا‬
‫خُلوُه َأّوَل َمّرٍة َوِلُيَتّبُروا َما َ‬‫جَد َكَما َد َ‬ ‫سِ‬ ‫خُلوا اْلَم ْ‬‫) َوِلَيْد ُ‬
‫)‪ 7‬السراء ( ‪ ،‬فأي مسععجد الععذي دخلععه المسععلمون علععى اليهععود‬
‫آنذاك ‪ ،‬وما هو المسععجد المقصععود أصععل فععي هععذه اليععة ؟! ومععا‬
‫صفة العلو الذي كان لهم آنذاك ؟! ‪ ،‬وأما فسادهم وإفسععادهم فععي‬
‫الجزيرة وغيرها من المععاكن ‪ ،‬فهععو مشععمول فععي اليععة الكريمعة‬
‫سععاًدا‬
‫ض َف َ‬ ‫ن ِفي اَْلْر ِ‬ ‫سَعْو َ‬ ‫ل وََي ْ‬‫طَفَأَها ا ُّ‬
‫ب َأ ْ‬
‫حْر ِ‬‫) ُكّلَما َأْوَقُدوا َناًرا ِلْل َ‬
‫ن )‪ 64‬المععائدة ( ‪ ،‬ولحععظ قععوله تعععالى‬ ‫سععِدي َ‬
‫ب اْلُمْف ِ‬ ‫حعع ّ‬
‫لعع َل ُي ِ‬ ‫َوا ُّ‬
‫) ويسعون ( ‪ ،‬حيث تفيد الستمرارية والمثععابرة ‪ ،‬علععى الفسععاد‬
‫في الرض على عمومها ‪ ،‬وهذا هو ديدنهم علععى مععر العصععور ‪،‬‬
‫لذلك كانوا عرضة للقتل والتنكيل ‪ ،‬أو النهب والسلب ‪ ،‬أو الطععرد‬
‫والنفي ‪ ،‬أينما حلوا وأينمععا ارتحلععوا ‪ ،‬فطععافوا معظععم أرجععاء مععن‬
‫المعمورة وتواجدوا في كل قاراتهععا ‪ ،‬منععذ ‪ 3‬آلف سععنة واسععتمر‬
‫حالهم هذا على مر العصور ‪ ،‬وهذا ما لم يقععع فععي أي شعععب مععن‬
‫شعععوب الرض ‪ ،‬وكععان السعتثناء الوحيععد ‪ ،‬هعو حصعولهم علعى‬
‫الدولة في القدس مرتين فقط ‪ .‬وبعد شتاتهم فععي المععرة الولععى ‪،‬‬
‫لم يكن لهم علو ‪ ،‬ولم يكن لهم جمع من الشتات ‪ ،‬الععذي هععو أحععد‬
‫شروط ومواصفات تحقق الوعد الثاني ‪ ،‬إل ما ُنشاهده الن على‬
‫أرض الواقع ‪ ،‬مععن علععوا ظععاهر مقععترن بالفسععاد والفسععاد ‪ ،‬فععي‬
‫الرض الُمقّدسة فلسطين ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫تاريخ اليهود في التوراة والتلمود‬
‫ماهية التوراة ‪:‬‬
‫التععوراة فععي ) لسععان العععرب ( ‪ :‬نجععد أن هععذه الكلمععة ذات أصععل‬
‫ي ‪ ،‬والوراء هو ولد الولد ‪ ،‬والواري هععو‬ ‫عربي " ومصدرها َوِر َ‬
‫ي المخ َيِري إذا اكتنز ‪ ،‬وناقة وارية‬ ‫السمين من كل شيء ‪ ،‬وَوِر َ‬
‫ت النعععار توريعععةً ‪ ،‬إذا اسعععتخرجتها ‪ ،‬قعععال‬‫أي سعععمينة ‪ ،‬ووَرْيععع ُ‬
‫واستوريت فلنا رأيا ‪ ،‬أي سألته أن يستخرج لي رأيععا ‪ ،‬ووريععت‬
‫الشيء وواريته أخفيته ‪ ،‬واستوريت فلنا رأيا أي طلبت إليععه أن‬
‫ينظر في أمري ‪ ،‬فيستخرج رأيا أمضي عليععه ‪ ،‬ووريععت الخععبر ‪،‬‬
‫ُأوِريه توريعًة ‪ ،‬إذا سععترته وأظهععرت غيععره ‪ ،‬وكععأنه مععأخوذ مععن‬
‫وراء النسان ‪ ،‬لنه إذا قال َوَرْيته ‪ ،‬فكأنه يجعلععه وراءه حيععث ل‬
‫سْتر " ‪.‬‬‫يظهر ‪ ،‬والتورية هي ال َ‬
‫ولو تدبّرنا كل المعاني السابقة ‪ ،‬لوجدنا أن هذ التسمية ) التوارة‬
‫‪ ،‬التوريععة حسععب الرسععم القرآنععي لهععا ( ‪ ،‬جععاءت لتصععف بدقععة‬
‫وبشمولية ‪ ،‬حال الكتاب الموجود بيععن أيععدي اليهععود ‪ ،‬منععذ وفععاة‬
‫زكريا عليه السلم ‪ ،‬ولغاية الن ‪ ،‬ولتصف الكيفيععة الععتي يتعامععل‬
‫بها اليهود مع هذا الكتاب ‪ ،‬فكتابهم فععي الواقععع مكتنععز وسعمين ‪،‬‬
‫فهو يحوي بين دفتيه ) ‪ ( 39‬سفرا ‪ ،‬وإحدى نسععخه المترجمععة ‪،‬‬
‫فيها ما يزيد عن ‪ 1128‬صفحة ‪ ،‬بمعدل ‪ 380‬كلمة لكل صععفحة ‪،‬‬
‫ب )‪ (6‬مععرات‬ ‫أي مععا يفععوق القععرآن مععن حيععث عععدد الكلمععات ‪ِ ،‬‬
‫جمع فيه ما ُأنععزل علععى أنبيععاء بنععي إسععرائيل المتعععاقبين‬ ‫تقريبا ‪ُ ،‬‬
‫تباعا ‪ ،‬من شرائع وأخبععار ونبععوءات غيبيععة ‪ ،‬وتاريععخ وأسععاطير‬
‫وخرافات ‪ ،‬وعلى فترات متباعععدة ومتتاليععة ‪ ،‬ولمععدة ل تقععل عععن‬
‫ألف وخمسمائة سنة ‪.‬‬
‫‪203‬‬
‫التوراة لم تنّزل على موسننى وكتننابه جننزء‬
‫منها ‪:‬‬
‫ن ِفععي‬ ‫جو َ‬ ‫حععا ّ‬ ‫ب ِلعَم ُت َ‬‫وحسب النص القرآني ‪ ،‬في الية ) َيَأْهَل اْلِكَتا ِ‬
‫ن )‪65‬‬ ‫ل َتْعِقُلو َ‬ ‫ن َبْعِدِه َأَف َ‬‫جيُل ِإّل ِم ْ‬ ‫ت الّتْوَراُة َواِْلن ِ‬ ‫ِإْبَراِهيَم َوَما ُأْنِزَل ْ‬
‫سععى ابْ عنِ مَْرَي عَم‬ ‫عَلععى آَثععاِرِهْم ِبِعي َ‬ ‫آل عمععران ( ‪ ،‬واليععة ) َوَقّفْيَنععا َ‬
‫ن الّتعْوَراِة )‪ 46‬المععائدة ( ‪ ،‬نجععد أن نععزول‬ ‫ن َيَدْيِه ِمع ْ‬‫ُمصَّدًقا ِلَما َبْي َ‬
‫حصر في الفععترة الزمنيععة الواقعععة بيععن ‪ ،‬وفععاة إبراهيععم‬ ‫التوراة ‪ُ ،‬‬
‫ونب عّوة عيسععى عليهمععا السععلم ‪ ،‬ومععن قععوله تعععالى ) ِإّنععا َأنَزْلَنععا‬
‫سعَلُموا ِلّلعِذي َ‬
‫ن‬ ‫ن َأ ْ‬
‫ن اّلعِذي َ‬ ‫حُكعُم ِبَهععا الّنِبّيععو َ‬ ‫الّتْوَراَة ِفيَها ُهًدى َوُنوٌر َي ْ‬
‫ب الِّ ع َوَكععاُنوا‬ ‫ن ِكَتععا ِ‬ ‫ظوا ِم ع ْ‬ ‫حِف ُ‬
‫سُت ْ‬ ‫حَباُر ِبَما ا ْ‬ ‫ن َواَْل ْ‬ ‫َهاُدوا َوالّرّباِنّيو َ‬
‫ش عَهَداَء )‪ 44‬المععائدة ( ‪ ،‬نجععد أنهععا أنزلععت كمرجععع لبنععي‬ ‫عَلْي عِه ُ‬
‫َ‬
‫إسععرائيل ) بنععي يعقععوب عليععه السععلم ( ‪ ،‬لسععتنباط واسععتخراج‬
‫جاَءُكْم‬ ‫ب َقْد َ‬ ‫الحكام الشرعية منها ‪ ،‬وفي قوله تعالى ) َيَأْهَل اْلِكَتا ِ‬
‫ب )‪15‬المععائدة (‬ ‫ن اْلِكَتا ِ‬ ‫خُفونَ ِم ْ‬ ‫ن َلُكْم َكِثيًرا ِمّما ُكْنُتْم ُت ْ‬ ‫سوُلَنا ُيَبّي ُ‬
‫َر ُ‬
‫س َوَل‬ ‫ب َلُتَبّيُنّنُه ِللّنععا ِ‬ ‫ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ‬ ‫ق اّلِذي َ‬‫ل ِميَثا َ‬‫خَذ ا ُّ‬ ‫وقوله ) َوِإْذ َأ َ‬
‫س مَععا‬ ‫ل َفِبْئ َ‬ ‫شعَتَرْوا ِبعِه َثَمًنععا َقِلي ً‬ ‫ظُهوِرِهْم َوا ْ‬ ‫َتْكُتُموَنُه َفَنَبُذوُه َوَراَء ُ‬
‫ن )‪ 187‬آل عمران ( نجد وصفا لحععال اليهععود معهععا ومععا‬ ‫شَتُرو َ‬‫َي ْ‬
‫كان منهم ‪ ،‬في إخفائهععا وكتمانهععا وتحريفهععا ‪ ،‬وإظهععار غيععر مععا‬
‫جاء فيها ‪ ،‬وكل ما قيل فيها من معاني في المعجععم ‪ ،‬ينسععجم مععع‬
‫واقع التوراة الحالي ‪ ،‬وليس على كتاب موسى فقط ‪ ،‬والذي هععو‬
‫في الصل جزء منها ‪ ،‬وما كان الفصل بينها وبيععن موسععى عليععه‬
‫السلم في القران ‪ ،‬إل ليؤكد هذه الحقيقة ‪.‬‬
‫س عَراِئيَل ‪ِ -‬إّل‬ ‫ل ِلَبِنععي ِإ ْ‬ ‫حّ‬ ‫ن ِ‬‫طَعاِم َكا َ‬ ‫ولو تمعّنا في هذه الية ) ُكّل ال ّ‬
‫ن ُتَنّزَل الّتْوَراُة ‪ُ -‬قْل َفعْأُتوا‬ ‫ن َقْبِل َأ ْ‬ ‫سِه ‪ِ -‬م ْ‬ ‫عَلى َنْف ِ‬ ‫سَراِئيُل َ‬ ‫َما حَّرَم ِإ ْ‬
‫ن )‪ 93‬آل عمران ( ‪ ،‬وانظر قوله‬ ‫صاِدِقي َ‬‫ن ُكْنُتْم َ‬ ‫ِبالّتوَْراِة َفاْتُلوَها ِإ ْ‬
‫‪204‬‬
‫تعععالى ) ُتَنعّزَل ( ‪ ،‬ولععم يقععل ) ُتْنعَزَل ( ‪ ،‬والتنزيععل غيععر النععزال ‪،‬‬
‫فالول على مراحل ‪ ،‬والثاني لمرة واحدة ‪ ،‬ومععن ثععم انتقلنععا إلععى‬
‫حعّرَم َرّبُكعْم‬
‫سورة النعععام ‪ ،‬وتععدبرنا اليععات ) ُقعْل َتَعععاَلْوا َأْتعُل َمععا َ‬
‫سى‬ ‫عَلْيُكْم … )‪ُ = (153) … (152) … (151‬ثّم = آَتيَْنا ُمو َ‬ ‫َ‬
‫حمًَة‬ ‫يٍء َوُهًدى َوَر ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫صيلً ِلُكّل َ‬ ‫ن َوَتْف ِ‬
‫سَ‬‫ح َ‬
‫عَلى اّلِذي َأ ْ‬‫ب َتَماًما َ‬ ‫اْلِكَتا َ‬
‫ن )‪ 154‬النعام ( لوجدنا أن هععذه اليععات‬ ‫َلَعّلهُْم ِبِلَقاِء َرّبِهْم ُيْؤِمُنو َ‬
‫حعّرم عليهعم فعي التععوراة ‪ ،‬وأن مجيعء أداة‬ ‫توضح ‪ ،‬ما كععان قععد ُ‬
‫العطف ) ُثّم ( ‪ ،‬بعد ذكر ما جاء في التوراة مباشرة ‪ ،‬والتي تفيععد‬
‫لغعًة ‪ ،‬الععترتيب والععتراخي فععي الزمععن ‪ ،‬ومجيععء العبععارة ) آَتْيَنععا‬
‫ب ( بعدها ‪ ،‬يؤكععد بمععا ل يععدع مجععال للشععك أمريععن ؛‬ ‫سى اْلِكَتا َ‬ ‫ُمو َ‬
‫الول ‪ :‬أن التوراة شيء يختلف عن كتاب موسى عليه السععلم ‪،‬‬
‫والثاني ‪ :‬أنها سبقت كتاب موسى عليه السلم في النزول ‪.‬‬
‫م بيننن دفننتيه جميننع مننا‬ ‫التننوراة كتنناب يضن ّ‬
‫ُأنزل على أنبياء بني إسرائيل ‪:‬‬
‫والرجح أنها ُأنزلت مفّرقة بدءًا من يعقوب أو إسحاق ‪ ،‬وانتهاًء‬
‫بزكريا عليهعم السعلم ‪ ،‬وأنهعا مجمعل معا ُأنعزل علعى أنبيعاء بنعي‬
‫إسرائيل من كتب ‪ ،‬ومن ضمنها ما ُأنزل على يعقععوب ويوسععف ‪،‬‬
‫وموسى وداود وسليمان وزكريا ‪ ،‬وبقية أنبيائهم ‪ ،‬ممن لم تععذكر‬
‫أسمائهم ‪ ،‬في القرآن عليهم السععلم أجمعيععن ‪ ،‬قععال تعععالى ) َوَمععا‬
‫ط َومَععا‬
‫ب َواَْلسْعَبا ِ‬‫ق َوَيْعُقععو َ‬
‫حا َ‬
‫سع َ‬ ‫عيَل َوِإ ْ‬‫سعَما ِ‬ ‫ُأنِزَل ِإَلععى ِإْبَراِهيعَم َوِإ ْ‬
‫ق َبْيع َ‬
‫ن‬ ‫ن َرّبِهعْم َل ُنَفعّر ُ‬
‫ن ِمع ْ‬‫ي الّنِبّيععو َ‬
‫سى َوَما ُأوِت َ‬ ‫عي َ‬‫سى َو ِ‬ ‫ي ُمو َ‬ ‫ُأوِت َ‬
‫ن )‪ 136‬البقععرة ( ولحععظ أن ترتيععب‬ ‫سعِلُمو َ‬
‫ن َلعُه ُم ْ‬ ‫حع ُ‬‫حٍد ِمْنُهْم َوَن ْ‬‫َأ َ‬
‫أسماء النبياء ‪ ،‬في هذه الية جاء متعاقبا حسب الترتيب الزمني‬
‫ن النععزال ‪ ،‬شععمل كععل مععن إبراهيععم وإسععماعيل‬ ‫‪ ،‬ولحععظ أيضععا أ ّ‬
‫‪205‬‬
‫وإسحاق ويعقوب والسباط وتوقف ‪ .‬وأفرد موسى وعيسععى مععع‬
‫صهما باليتاء ‪ ،‬وأفرد النبيين من غير ذرية‬ ‫أنهم من السباط وخ ّ‬
‫إبراهيععم باليتععاء أيضععا ‪ ،‬والظععاهر أن هنععاك فععرق بيععن النععزال‬
‫واليتاء ‪ ،‬وأما ماهية السباط فسنبينها في فصل آخر ‪.‬‬
‫ولو اطلعت على مجمل النصوص القرآنية ‪ ،‬لوجدت أن مععا ُنسععب‬
‫إلى موسى عليه السلم باليتاء ‪ ،‬هععو الكتععاب والفرقععان والهععدى‬
‫صععا‬
‫وضياء وذكر واللواح والصععحف ‪ ،‬وأن التععوراة لععم تنسععب ن ّ‬
‫إلى موسى عليه السلم ‪ ،‬في أي موضععع مععن المواضععع ال )‪(18‬‬
‫فععي القععرآن ‪ ،‬وهععي ) ‪ 6‬مععرات فععي آل عمععران ‪ ،‬و ‪ 7‬مععرات فععي‬
‫المائدة ‪ ،‬ومععرة واحععدة فععي كعٍل مععن ‪ ،‬العععراف والتوبععة والفتععح‬
‫والصف والجمعة ( ‪ ،‬وخلصة القول ‪ ،‬أن ذكر التوراة في القران‬
‫‪ُ ،‬يقصد به مجموع ما ُأنزل على أنبياء بني إسرائيل ‪ ،‬أي الكتاب‬
‫الذي كان بأيدي اليهود زمن نزول القرآن ‪ ،‬وحتى عصرنا هععذا ‪،‬‬
‫وأن ذكر الكتاب ‪ ،‬يقصد به ما ُأنزل علععى موسععى لوحععده ‪ ،‬والع‬
‫أعلععم ‪ .‬وأمععا مععا ُينسععب إلععى موسععى عليععه السععلم فععي التععوراة‬
‫الحالية ‪ ،‬فهي السععفار الخمسععة الولععى مععن مجمععوع أسععفارها ‪،‬‬
‫وهي أسفار التكوين والخروج واللويين والعدد والتثنية ‪ ،‬وعلى‬
‫الرجح أن بعض هعذه السعفار ‪ ،‬كسعفر التكعوين ‪ ،‬كعان موجعودا‬
‫قبل موسى عليه السلم ‪ ،‬ومععن المحتمععل أن يكععون هععذا السععفر ‪،‬‬
‫هو مجموع صحف إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلم ‪.‬‬
‫حقيقة التوراة على لسان المقدسي ‪:‬‬
‫جاء في كتاب ) البدء والتاريخ ( للمقدسيّ ‪ ،‬مععا نصععه ‪ " :‬وذلععك‬
‫أن ) بختنصععر ( ‪ ،‬لمععا خععرب بيععت المقععدس وأحععرق التوريععة ‪،‬‬
‫وساق بني إسرائيل إلى أرض بابل ‪ ،‬ذهبت التوراة مععن أيععديهم ‪،‬‬
‫‪206‬‬
‫حتى جّددها لهم عزير فيما يحكون ‪ ،‬والمحفوظ عن أهل المعرفة‬
‫بالتواريخ والقصص ‪ ،‬أن عزيرا ) عزرا الكععاتب ( أملععى التععوراة‬
‫في آخر عمره ‪ ،‬ولم يلبث بعدها أن مات ‪ ،‬ودفعها إلى تلميععذ مععن‬
‫تلمذته ‪ ،‬وأمره بأن يقرأهعا علعى النععاس بعععد وفعاته ‪ ،‬فعععن ذلععك‬
‫التلميذ أخذوها ودونوها ‪ ،‬وزعموا أن التلميذ ‪ ،‬هو الذي أفسععدها‬
‫وزاد فيها وحرفها ‪ ،‬فمن ثم وقع التحريف والفساد فععي الكتععاب ‪،‬‬
‫وُبّدلت ألفاظ التوراة ‪ ،‬لنها من تأليف إنسععان بعععد موسععى ‪ ،‬لنععه‬
‫يخبر فيها ‪ ،‬عما كان من أمر موسى عليععه السععلم ‪ ،‬وكيععف كععان‬
‫موته ووصيته إلى يوشع بن نون ‪ ،‬وحزن بني إسرائيل وبكاؤهم‬
‫عليه ‪ ،‬وغير ذلك مما ل يشكل على عاقل ‪ ،‬أنه ليس من كلم ال‬
‫عز وجععل ‪ ،‬ول مععن كلم موسععى ‪ ،‬وفععي أيععدي السععامرة تععوراة ‪،‬‬
‫مخالفععة للتععوراة الععتي فععي أيععدي سععائر اليهععود ‪ ،‬فععي التواريععخ‬
‫والعيععاد وذكععر النبيععاء ‪ ،‬وعنععد النصععارى تععوراة منسععوبة إلععى‬
‫اليونانيعععة ‪ ،‬فيهعععا زيعععادة فعععي تواريعععخ السعععنين علعععى التوريعععة‬
‫العبرانية ‪ ،‬بألف وأربع مائة سععنة ونيععف ‪ ،‬وهععذا كلععه يععدل علععى‬
‫تحريفهم وتبديلهم ‪ ،‬إذ ليس يجوز وجععود التضععاد فيهععا مععن عنععد‬
‫ال " ‪.‬‬
‫أما ما دفعني للبحث في أمر التوراة في البداية ‪ ،‬هععو رغبععتي فععي‬
‫اسععتخراج نععص النبععوءة منهععا ‪ ،‬ومقععارنته مععع نععص سععورة‬
‫السراء ‪ ،‬واستقراء تاريخهم حسععب مععا يروونععه هععم بأنفسععهم ‪،‬‬
‫فيما إذا كان هناك ما يفيد تحقق الوعععد الول ‪ ،‬مععن خلل البحععث‬
‫في التوراة الحاليععة ‪ ،‬والموجععودة تحععت اسععم العهععد القععديم ‪ ،‬فععي‬
‫ي نسععختين‬ ‫الكتاب المقدس الخاص بالنصارى ‪ ،‬حيث تععوفرت لععد ّ‬
‫عنه ‪ ،‬باسم )كتاب الحياة ‪ /‬ترجمة تفسيرية ‪ /‬ط ‪ / 1988 2‬جععي‬
‫سي سنتر القاهرة ( ‪ ،‬وتقع في )‪ (1128‬صفحة ‪ ،‬والخرى باسم‬
‫‪207‬‬
‫) الكتععاب المقععدس ‪ /‬دار الكتععاب المقععدس فععي الشععرق الوسععط (‬
‫وتقع فععي ) ‪ ( 1358‬صععفحة ‪ ،‬مترجمععة عععن التععوراة اليونانيععة ‪،‬‬
‫وبما أن عدد الصفحات كبير جدا ‪ ،‬ومن المؤكععد أن هععذا النععص ‪،‬‬
‫قد اعتراه الكثير من التحريف والتزوير من إضافة ونقص ‪ ،‬فهو‬
‫يحتاج إلى قراءة مركععزة ومتأنيععة ‪ ،‬مععن اللععف إلععى اليععاء ‪ ،‬ممععا‬
‫يتطلععب الكععثير مععن الععوقت والجهععد ‪ ،‬فضععل عمععا ُتصععاب بععه مععن‬
‫دوار ‪ ،‬كلما حاولت أن تستجمع ما ورد فيها ‪ ،‬مععن أفكععار مشععتتة‬
‫ومضّللة ‪ ،‬ولما فيها من إسهاب وإطالة وتكرار ‪ ،‬لذلك كان ل بععد‬
‫لي ‪ ،‬من تحديد على من ُأنزلت هععذه النبععوة ‪ ،‬ومععا هععو المقصععود‬
‫بقوله سبحانه ) فععي الكتععاب ( علععى وجععه الدقععة ‪ ،‬وفععي أي فععترة‬
‫زمنية ُأنزلت ‪ ،‬لتكون عملية البحث فيها أقل جهدا ‪ ،‬وعنععد بحععثي‬
‫عنها فيما ُنسب إلى موسى عليه السلم من أسفار ‪ ،‬وجدتها فععي‬
‫سععفر التثنيععة ‪ ،‬وقععد اعتراهععا الكععثير مععن التشععويه مععن حععذف‬
‫وإضافة ‪ ،‬وفيما يلي بعض من بقايا نصوصها التي توزعت على‬
‫مدى ) ‪ 18‬صفحة ( ‪:‬‬
‫سنننفر التثنينننة آخنننر السنننفار المنسنننوبة‬
‫لموسننى ‪ ،‬ويضننم فنني ثناينناه نصننوص‬
‫النبوءة ‪:‬‬
‫ملحظععة ‪ :‬النععص مععأخوذ مععن نسععخة ) كتععاب الحيععاة ( حيععث أن‬
‫التركيب اللغوي فيها ‪ ،‬أكثر قوة وتعبيرا ‪ ،‬إل في مواضع نادرة ‪،‬‬
‫نلجأ فيها للخذ من النسخة الخرى ) الكتاب المقدس ( وهععو مععا‬
‫يرد بين ] … [ ‪ ،‬وما يرد بين ) … ( فهو تعقيب من المؤلف ‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫دى ل ِب َِني‬ ‫عل َْناهُ ُ‬
‫ه ً‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬
‫ب َ‬ ‫سى ال ْك َِتا َ‬ ‫مو َ‬ ‫ءات َي َْنا ُ‬‫و َ‬
‫) َ‬
‫كيًل )‪2‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل أَ‬
‫سَراِئي َ‬
‫و ِ‬‫َ‬ ‫ني‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫دو‬
‫ْ ُ‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ذوا‬ ‫ن‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫إِ ْ‬
‫السراء (‬
‫" إصحاح ‪ :26‬آية ‪ :16‬لقد أمركععم الععرب إلهكععم هععذا اليععوم ‪ ،‬أن‬
‫تعملوا بهذه الفرائض والحكام ‪ ،‬فععأطيعوا واعملععوا بهععا مععن كععل‬
‫قلععوبكم ومععن كععل نفوسععكم ‪ … :17 ،‬وأن عليكععم طاعععة جميععع‬
‫وصاياه ‪ :19،‬فيجعلكم أسمى من كل المم ] مستعليا علععى جميععع‬
‫القبائل [ التي خلقها فععي الثنععاء والشععرف والمجععد ‪ ) ،‬العلععو ( ‪،‬‬
‫…"‪.‬‬
‫إخبار موسى عليه السلم بنننص النبننوءة ‪،‬‬
‫كننننان قبننننل دخننننولهم إلننننى الرض‬
‫المقدسة ‪:‬‬
‫‪ " :1-9 :27‬وأوصى موسى وشيوخ إسرائيل الشعععب قععائلين ‪:‬‬
‫أطيعوا جميع الوصايا التي أنا أمركم بها اليوم ‪ .‬فعندما تجتععازون‬
‫نهر الردن ‪ ،‬إلى الرض التي يهبها الععرب إلهكععم لكععم ‪ ،‬تنصععبوا‬
‫لنفسكم حجارة كععبيرة ‪ … ،‬وتكتبععون عليهععا جميععع كلمععات هععذه‬
‫الشريعة ‪ … ،‬ثم قععال موسععى والكهنععة واللويععون لجميعع شعععب‬
‫إسرائيل " ‪:‬‬
‫سفر الخروج ‪ :2 : 20 " :‬أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك مععن‬
‫أرض مصر ديار عبوديتك ‪ :3 ،‬ل يكن لك آلهععة أخععرى سععواي ‪،‬‬
‫‪ :4‬ل تنحععت لععك تمثععال ول صععورة ‪ :5 ، … ،‬ل تسععجد لهععن ول‬
‫تعبدهن ‪ :7 ، … ،‬ل تنطق باسم الععرب بععاطل ‪ :12 ، … ،‬أكععرم‬
‫أباك وأمك ‪ :13 ، … ،‬ل تقتععل ‪ :14 ،‬ل تععزن ‪ :15 ،‬ل تسععرق ‪،‬‬

‫‪209‬‬
‫‪ :16‬ل تشعععهد علعععى قريبعععك شعععهادة زور ‪ :17 ،‬ل تشعععته بيعععت‬
‫جارك ‪ ، … ،‬ول شيئا مما له " ‪.‬‬
‫وهذا مععا ُيسعّمونه بالوصععايا العشععر ‪ ،‬واخععترت النععص مععن سععفر‬
‫الخروج ‪ ،‬كونه أكثر وضوحا ومطابقة للقععرآن ‪ ،‬حيععث ورد نععص‬
‫الميثاق والوصايا في ) البقرة ‪ ) ، ( 84 – 83‬والنعام ‪– 151‬‬
‫‪ ) ، ( 153‬والسراء ‪. ( 39 – 22‬‬
‫ب‬‫فنني ال ْك ِت َننا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫سننراِئي َ‬ ‫ضي َْنا إ َِلى ب َن ِنني إ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬
‫في اْل َ‬
‫وا‬‫عل ُ ّ‬
‫ن ُ‬ ‫عل ُ ّ‬
‫ول َت َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سد ُ ّ‬
‫ف ِ‬ ‫ل َت ُ ْ‬
‫ك َِبيًرا )‪ 4‬السراء (‬
‫" ‪ :16-21 :31‬و قععال الععرب لموسععى ‪ :‬مععا إن تمععوت وتلحععق‬
‫بآبائك ) مستقبل ( … حالما أدخلهم إلى الرض التي تفيض لبنا‬
‫وعسععل ‪ ، … ،‬فيععأكلون ويشععبعون ويسععمنون ‪ ،‬فععإنهم يسعععون‬
‫وراء آلهة أخرى ‪ ،‬ويعبدونها ويزدرون بي ‪ ،‬وينكثون عهععدي ‪.‬‬
‫فيحتدم غضبي عليهم في ذلععك اليععوم ‪ ،‬وأنبععذهم وأحجععب وجهععي‬
‫عنهم ‪ ،‬فيكونوا فريسة ‪ :، … ،‬فمتى حّلععت بهععم شععرور كععثيرة ‪،‬‬
‫ومصائب جّمة ‪ ،‬يشهد هذا النشيد عليهم ‪ ،‬لنه سيظل يترّدد على‬
‫أفواه ذرّيتهم ‪ ،‬إذ أنني عالم بخواطرهم التي تدور بخلععدهم الن ‪،‬‬
‫قبل أن ُأدخلهم إلى الرض كما ] أقسمت [ " ‪.‬‬
‫م ِل َن ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م )‪ 7‬السراء‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫سن ْت ُ ْ‬ ‫ح َ‬‫مأ ْ‬ ‫سن ْت ُ ْ‬
‫ح َ‬‫نأ ْ‬ ‫) إِ ْ‬
‫(‬
‫" ‪ :1-13 :28‬وإن أطعتم صوت الرب طاعة تامة ‪،‬حرصا منكم‬
‫على تنفيذ جميع وصاياه فإن الرب إلهكم يجعلكم أسمى من جميع‬
‫أمم الرض ‪ .‬وإذا سمعتم لصوت الععرب إلهكععم ‪ ،‬فععإن جميععع هععذه‬
‫البركات تنسععكب عليكععم وتلزمكععم ‪ ، … ،‬كمععا تتبععارك ُذّرّيتكععم ‪،‬‬
‫‪210‬‬
‫لت أرضكم ‪ ،‬ونتاج بهائمكم ‪ ،‬ويهععزم الععرب أمععامكم أعععدائكم‬ ‫وغ ّ‬
‫القععائمين عليكععم ‪ ،‬فيقبلععون عليكععم فععي طريععق واحععدة ‪ ،‬ولكّنهععم‬
‫طرق ‪ ،‬فيفتح الرب كنوز سمائه الصالحة‬ ‫ُيوّلون الدبار في سبع ُ‬
‫‪ ،‬فيمطععر علععى أرضععكم فععي مواسععمها ‪ ،‬وُيبععارك كععل مععا تنتجععه‬
‫أيععديكم ‪ ، … ،‬فععإّنه يجعلكععم رؤوسععا ل أذنابععا ‪ ،‬متسععامين دائمععا‬
‫) علو ( ‪ ،‬ول ُيدرككم انحطاط أبدا ) ذّلة ( … " ‪.‬‬
‫) وإن أ َ ْ‬
‫ها )‪ 7‬السراء (‬ ‫فل َ َ‬
‫م َ‬
‫سأت ُ ْ‬‫َ‬ ‫َ ِ ْ‬
‫" ‪ 15 :28‬ولكن إن عصيتم صوت الرب إلهكم ‪ ،‬ولععم تحرصععوا‬
‫على العمل بجميع وصاياه وفرائضه ‪ ،‬التي أنا آمركم اليوم بهععا ‪،‬‬
‫فإن جميع هذه اللعنات تحععل بكععم وتلزمكععم ‪ ، … ،‬وتحعّل اللعنععة‬
‫ب عليكععم‬ ‫ب الععر ّ‬
‫لت أرضكم ‪ ،‬ونتاج بهائمكم ‪ ،‬ويص ّ‬ ‫بأبنائكم ‪ ،‬وغ ّ‬
‫اللعنععة والفوضععى والفشععل ‪ ،‬حععتى تهلكععوا وتفنععوا سععريعا لسععوء‬
‫أفعععالكم ‪ ،‬إذ تركتمععوني ‪ ،‬ويتفشععى بينكععم الوبععاء حععتى ُيبيععدكم ‪،‬‬
‫وتصععبح السععماء مععن فععوقكم كالنحععاس ‪ ،‬والرض مععن تحتكععم‬
‫ب أمام أعدائكم ‪ ،‬فتقبلون عليهم في‬ ‫كالحديد ‪ :25 ،‬ويهزمكم الر ّ‬
‫طريق واحدة ‪ ،‬وتولون الدبار أمامهم متفرقين في سبع طععرق ‪،‬‬
‫وتصععبحون عععبرة لجميععع ممالععك الرض ‪ :26 ،‬وتكععون جثتكععم‬
‫طعاما ‪ ،‬لجميع طيور السماء ووحوش الرض ‪ ،‬ول يطردها أحد‬
‫] وليس معن يزعجهعا [ ‪ :28 ،‬ويبتليكععم العرب بعالجنون والعمعى‬
‫سسععون طرقكععم فععي‬ ‫وارتباك الفكر ] وحيععرة القلععب [ ‪ :29 ،‬فتتح ّ‬
‫سعععس العمعععى فعععي الظلم ‪ ،‬وتبعععوء طرقكعععم‬ ‫الظهعععر ‪ ،‬كمعععا يتح ّ‬
‫بالخفاق ‪ ،‬ول تكونون إل مظلومين مغصععوبين كععل اليععام ‪:32 ،‬‬
‫يساق أولدكم وبناتكم إلى أمة أخرى … وما فععي أيععديكم حيلععة ‪،‬‬
‫… ‪ :36 ،‬ينفيكم الرب أنتم وَمِلككم إلى أمة أخرى ‪ ،‬ل تعرفونهععا‬
‫‪211‬‬
‫أنتععم ول آبعاؤكم ‪ :37 ، … ،‬وتصعبحون مثععار دهشعة وسعخرية‬
‫وعبرة في نظر جميع الشعععوب ‪ ] :43 ، … ،‬الغريععب الععذي فععي‬
‫وسطك ‪ ،‬يستعلي عليك متصاعدا ‪ ،‬وأنت تنحط متنازل [ ) عععودة‬
‫الععذل وزوال العلععو ( ‪ ، … :44 ،‬وهععم يكونععون رؤوسععًا وأنتععم‬
‫تكونون ذنبا " ‪.‬‬
‫النصوص الخاصة بالمرة الولى ‪:‬‬
‫دا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عد ُ‬ ‫) َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫عب َننا ً‬
‫م ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ث‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫أو‬ ‫و ْ ُ‬
‫جاءَ َ‬
‫ذا َ‬
‫خَل َ‬
‫ل‬ ‫سننوا ِ‬ ‫د َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ََنننا ُأوِلنني بننأ ْ‬
‫جا ُ‬ ‫ف َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫شنن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫ر … )‪ 5‬السراء (‬ ‫الدَّيا ِ‬
‫" ‪ 49 :28‬ويجلب الرب عليكم أمة من بعيد ‪ ،‬من أقصى الرض‬
‫ض عليكم كالنسر ‪ :50 ،‬أّمة ] جافية الوجه [ يثير منظرها‬ ‫‪ ،‬فتنق ّ‬
‫الرعب ‪ ،‬ل تهاب الشيخ ول ترأف بالطفل ‪ :51 ،‬فتسععتولي علععى‬
‫ق لععك‬‫نتاج بهائمكم ‪ ،‬وتلتهععم غلت أرضععكم حععتى تفنععوا ‪ ،‬ول ُتبع ِ‬
‫قمحا ول خمرا ول زيتا ‪ … ،‬حتى تفنيععك ‪ :52 ،‬وتحاصععركم فععي‬
‫جميع مععدنكم ‪ ،‬حععتى تتهعدم أسععواركم الشعامخة الحصعينة ‪ ،‬العتي‬
‫وثقتم بمناعتها ‪ :58 ، … ،‬فإن لم تحرصوا على العمععل بجميععع‬
‫كلمات هذا الشععريعة المكتوبععة فععي هععذا الكتععاب ‪ :59 ، … ،‬فععإن‬
‫الععرب يجعععل الضععربات النازلععة بكععم وبععذّريتكم ‪ ،‬ضععربات مخيفععة‬
‫سّر الرب بكععم ‪ ،‬فأحسععن‬ ‫وكوارث رهيبة دائمة ‪ :63 ، … ،‬وكما ُ‬
‫إليكععم وكّثركععم ‪ ،‬فععإنه سُيس عّر بععأن يفنيكععم ويهلككععم فتنقرضععون‬
‫] فتستأصلون [ من الرض ‪ ،‬التي أنتععم ماضععون إلععى امتلكهععا ‪،‬‬
‫‪ :64‬ويشّتتكم ] ويبععددكم [ الععرب بيععن جميععع المععم ‪،‬مععن أقصععى‬
‫الرض الععى أقصععاها ‪ :65 ، … ،‬ول تجععدون بيععن تلععك المععم‬
‫اطمئنانا ‪ ،‬ول مقّرا لقدم ‪ ،‬بل يعطيكععم الععرب قلبععا هلعععا ‪ ،‬وعيونععا‬
‫‪212‬‬
‫أوهنها الترقب ‪ ،‬ونفوسا يائسة ) الذلة والمسععكنة بيععن المععم ( ‪،‬‬
‫‪ :66‬و تعيشون حياة مفعمة بالتوتر ‪ ،‬مليئة بالرعب ليل و نهارا‬
‫‪.‬‬
‫سننم ولمرتيننن ) تكننرار‬ ‫ق َ‬ ‫النبننوءة جنناءت ب ِ َ‬
‫للنص السابق مع السهاب ( ‪:‬‬
‫‪ 1 :29‬وهذه هي نصوص العهد ‪ ،‬الذي أمععر الععرب موسععى ‪ ،‬أن‬
‫يقطعه مع بني إسرائيل في سهول موآب ‪ ،‬فضل عن العهد الععذي‬
‫قطعه معهم في حوريب ‪ :2 ،‬ودعا موسى جميع إسرائيل ‪، … ،‬‬
‫‪ 4 :29‬و لكن الرب لم يعطكم حتى الن ‪ ،‬قلوبا لتعوا ] لتفهموا [‬
‫وعيونا لتبصععروا و أذانععا لتسععمعوا ‪ :9 ، … ،‬فععأطيعوا نصععوص‬
‫هذا العهد واعملععوا بهععا ‪ ] ،‬لكععي تفلحععوا فععي كععل مععا تفعلععون [ ‪،‬‬
‫… ‪ :14 ،‬ولست أقطععع هععذا العهععد وهععذا القسععم معكععم وحععدكم ‪،‬‬
‫‪ :15‬بل … ُأبرمه أيضا مع الجيال القادمة ) حيععث سععيقع منهععم‬
‫الفسععاد مّرتيععن مسععتقبل ( ‪ :18 ، … ،‬فاحرصععوا أن ل يكععون‬
‫صل فيه الشّر ‪ ،‬فيحمل ثمرا علقما ساّما ‪ :19 ،‬فععإن‬ ‫بينكم ‪ ،‬من تأ ّ‬
‫سععمَع كلم هععذا الَقسععم يسععتمطر بركععة علععى نفسععه ) أي يزّكععي‬
‫نفسه ( قائل ‪ :‬سأكون آمنا ‪ ،‬حتى ولو أصععررت علععى السععتمرار‬
‫في سلوك طريقي ) الصععرار علععى المعصععية ( ‪ ،‬إن هععذا ُيفضععي‬
‫إلى فناء الخضر واليععابس ‪ ،‬علععى حععد سععواء ‪ :20 ،‬إن الععرب ل‬
‫يشاء الرفق بمثل هذا النسان ‪ ،‬بل يحتدم غضبه وغيرته عليه ‪،‬‬
‫فتنزل به كل اللعنات المدّونة في هذا الكتاب ‪ ،‬ويمحععو اسععمه مععن‬
‫تحععت السععماء ‪ :22 ،‬فيشععاهد أبنععاؤكم مععن الجيععال القادمععة ‪،‬‬
‫والغرباء الوافععدون مععن أرض بعيععدة ‪ ،‬بليععا تلععك الرض ‪، … ،‬‬
‫‪ :23‬إذ تصبح جميع الرض كبريتا محترقة ل زرع فيهععا ‪، … ،‬‬
‫‪213‬‬
‫كانقلب سدوم ) قوم لوط ( ‪ ،‬التي قلبها الرب مععن جععراء غضععبه‬
‫ب وسععخ ٍ‬
‫ط‬ ‫وسععخطه ‪ :28 ، … ،‬واجتّثهععم مععن أرضععهم ‪ ،‬بغض ع ٍ‬
‫ظ عظيم ‪ ،‬وطّوح بهم إلى أرض أخرى ) السبي والشتات ( ‪،‬‬ ‫وغي ٍ‬
‫…"‪.‬‬
‫النصوص الخاصة بالمرة الثانية ‪:‬‬
‫فننا )‬ ‫في ً‬ ‫م لَ ِ‬ ‫جئ ْن َننا ب ِك ُن ْ‬‫ة ِ‬‫خنَر ِ‬ ‫عندُ اْل ِ‬ ‫و ْ‬ ‫جاءَ َ‬‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫) َ‬
‫‪ 104‬السراء (‬
‫‪ 1 :30‬وعندما تحّل بكم هذه البركععات واللعنععات ) تحقععق الوعععد‬
‫الول مععن علععو وإفسععاد وعقععاب ( كلهععا الععتي وضعععتها ُنصععب‬
‫أعينكم ‪ ،‬ورّددتموها في قلععوبكم بيععن المععم ‪ ،‬حيععث شعّتتكم الععرب‬
‫إلهكم ‪ :2 ،‬ورجعتم إلى الرب إلهكم أنتم وبنععوكم ‪ :3 ، … ،‬فععإن‬
‫الرب إلهكم يرّد سبيكم ويرحمكععم ‪ ،‬ويلّععم شععتاتكم مععن بيععن جميععع‬
‫الشعوب ‪ ،‬التي نفاكم الرب إلهكم إليها ‪… ،‬‬
‫عل َيه نم َ‬
‫م‬‫م ندَدَْناك ُ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫م ال ْك َنّرةَ َ ْ ِ ْ َ‬ ‫م َردَدَْنا ل َك ُن ُ‬ ‫) ثُ ّ‬
‫في نًرا )‪6‬‬ ‫م أ َك ْث َنَر ن َ ِ‬ ‫عل ْن َنناك ُ ْ‬
‫ج َ‬‫و َ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫َ ٍ َ‬‫وا‬‫م‬‫ْ‬
‫بأ َ‬
‫ِ‬
‫السراء (‬
‫‪ :5 :30‬ويعيدكم إلى الرض الععتي امتلكهععا آبععاؤكم فتمتلكونهععا ‪،‬‬
‫ويحسن إليكم ويكّثركم أكثر من آبععائكم ‪ :7 :30 ،‬و ُيحعّول الععرب‬
‫إلهكم كل هذه اللعنععات ) العقععاب الععذي سععيكون قععد نععزل بهععم فععي‬
‫المرة الولى ( علععى أعععدائكم ‪ ،‬وعلععى مبغضععيكم الععذين طردوكععم‬
‫) الذين أنزلوا بهم العقاب اللهي فععي المععرة الولععى ( ‪ 8 :30،‬و‬
‫أما أنتم فتطيعون صوت الرب مععن جديععد ) فععي المععرة الثانيععة ( ‪،‬‬
‫وتعملون بجميع وصاياه التي أنا أوصيكم بها اليوم ‪ :9 ،‬فيفيععض‬
‫‪214‬‬
‫الرب عليكم خيرا ‪ ،‬في كل عمععل مععا تنتجععه أيععدكم ‪ ،‬ويكّثععر ثمععرة‬
‫أحشائكم ‪ ،‬ونتاج بهائمكم ‪ ،‬أرضكم ‪ ) … ،‬وكل ما تقدم مشععروط‬
‫بالحسان (‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫فسك ُم وإن أ َسأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫حسن ْت ُم ِل َ‬ ‫) إن أ َحسن ْت ُم أ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ ْ َ‬
‫ها ) ‪ 7‬السراء ( ) تكرار (‬ ‫فل َ َ‬
‫َ‬
‫‪ :10 :30‬هذا إن سمعتم لصوت الرب إلهكم ‪ ،‬وحفظتععم وصععاياه‬
‫وفرائضه المدّونة في كتععاب الشععريعة هععذا ‪ ) ،‬أي تعععاليم شععريعة‬
‫طهععا أحبععارهم‬ ‫موسى في التوراة ‪ ،‬وليس تعععاليم التلمععود الععتي خ ّ‬
‫وكهنتهم ( ‪ ،‬وإن رجعتم إلى الرب إلهكعم ‪ ،‬معن كععل قلععوبكم ومعن‬
‫كل نفوسكم ‪ :11 ،‬إن ما أوصيكم به اليععوم مععن وصععايا ‪ ،‬ليسععت‬
‫متعّذرة عليكم ول بعيدة المنععال ‪ :15 ، … ،‬انظععروا ‪ :‬هععا أنععا قععد‬
‫وضعت أمامكم اليوم ‪ ،‬الحياة والخير والموت والشععر ‪… :16 ،‬‬
‫أوصيتكم اليوم أن ُتحّبوا الرب إلهكععم ‪ ،‬وأن تسععلكوا فععي طرقععه ‪،‬‬
‫وتطيعععوا وصععاياه وفرائضععه وأحكععامه ‪ ،‬لكععي تحيععوا وتنمععو ‪،‬‬
‫فيبارككم الرب ‪ ،‬في الرض التي أنتم ماضععون إليهععا لمتلكهععا ‪،‬‬
‫‪ :17‬ولكن إن تحّولت قلوبكم ولععم تطيعععوا ‪ ،‬بععل غععويتم وسععجدتم‬
‫للهة أخرى وعبدتموها ‪ :18 ،‬فإني أنذركم ] ُأنّبئكم [ اليوم أنكععم‬
‫ل محالة هالكون ‪ ،‬ول تطول اليععام علععى الرض ) أي مقععامكم (‬
‫التي أنت عابر ) نهر ( الردن لتدخلها وتمتلكها …‬
‫‪ :19‬ها أنععا ُأشععهد عليكععم اليععوم السعماء والرض ‪ ،‬قععد وضعععت‬
‫أمامكم الحياة والموت ) أي وضععحت لكععم طريععق النجععاة وطريععق‬
‫الهلك ‪ ،‬واسعتبدالها بكلمععتي الحيعاة والمعوت معن خلل النقععل أو‬
‫التحريف ‪ ،‬ترّتب عليه إنكار الحيععاة الخععرة ‪ ،‬واليععوم الخععر مععن‬
‫بعث وحساب ‪ ،‬فالجزاء عندهم دنيوي فقط ‪ ،‬فععالثواب هععو إطالععة‬
‫‪215‬‬
‫الحياة ‪ ،‬والعقاب هو قصرها ( ‪ ،‬البركة واللعنة ) أي الجعزاء فعي‬
‫الدنيا ( ‪ ،‬فاختاروا الحيععاة ) أي الشععريعة ( لتحيععوا ) لتنجععوا مععن‬
‫عذاب الدنيا والخرة ( أنتم ونسلكم ‪ :20 ،‬إذ تحّبون الرب إلهكععم‬
‫سكون به لنه هو حياتكم ) أي نجععاتكم (‬ ‫و تطيعون صوته ‪ ،‬وتتم ّ‬
‫والععذي ُيطيععل أيععامكم لتسععتوطنوا ] لكععي تسععكنوا [ الرض الععتي‬
‫حلف الرب لبائك ‪ ،‬إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيها لكم ‪.‬‬
‫الدخول أول مرة كان بحبل من الله ‪:‬‬
‫‪ :1 :31‬ومضى موسى يقول لبني إسرائيل ‪ … :2 :‬وقد قال لي‬
‫الرب ‪ :‬لععن تعععبر هععذا الردن ‪ :3 ،‬ولكععن الععرب إلهكععم هععو عععابر‬
‫أمامكم ‪ ،‬وهععو يبيععد تلععك المععم مععن قعّدامكم فععترثونهم ‪:6 ، … ،‬‬
‫جعوا ‪ ،‬ل تخشععونهم ول تجزعععوا منهععم ‪ ،‬لن‬ ‫] تشععّددوا [ وتشعع ّ‬
‫الرب إلهكم سائر معكم ‪ ،‬ل يهملكم ول يترككم ‪.‬‬
‫حتميننة إفسننادهم وعقننابهم فنني المننرة‬
‫الثانية ‪:‬‬
‫ي جميعععع شعععيوخ أسعععباطكم و عرفعععاءكم‬ ‫‪ 28 :31‬اجمععععوا إلععع ّ‬
‫) النقباء ( ‪ ،‬لتلو على مسامعهم هذه الكلمععات ‪ ،‬وأشععهد عليهععم‬
‫السماء والرض ‪ :29 ،‬لنني واثق أنكععم بعععد مععوتي ‪ ،‬تفسععدون‬
‫وتضلون عن الطريق الععذي أوصععيتكم بهععا ‪ ،‬فيصععيبكم الشعّر فععي‬
‫آخر اليام ) المرة الثانية تكععون آخععر الزمععان ( ‪ ،‬لنكععم تقععترفون‬
‫الشر أمام الرب ‪ ،‬حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيععديكم ‪ :30 ،‬فتل‬
‫موسى في مسامع كل جماعة إسرائيل ] بكلمععات [ هععذا النشععيد ‪،‬‬
‫…‬

‫‪216‬‬
‫كيًل )‪ 2‬السراء (‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫) أَ‬
‫و ِ‬
‫َ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫دو‬‫ْ ُ‬‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ذوا‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫جدوا عظمة إلهنا ‪ :4 ،‬هو الصخر )‬ ‫‪ :3 :32‬باسم الرب أدعو فم ّ‬
‫الوكيل ( ] الكامل صنيعه [ ‪ ،‬سبله جميعها عدل ‪ ،‬هو إله أمانة ل‬
‫يرتكععب جععورا ‪ ،‬صععديق وعععادل هععو ‪ :5 ،‬لقععد اقععترفوا الفسععاد‬
‫أمامه ‪ ،‬ولم يعودوا له أبناء ‪ ،‬بل لطخة عععار ‪ ،‬إنهععم جيععل أعععوج‬
‫ي‪،‬‬‫وملتو ‪ :6 ،‬أبهذا تكافئون الععرب ‪ ،‬أيهععا الشعععب الحمععق الغععب ّ‬
‫أليععس هععو أبععاكم وخععالقكم ‪ ،‬الععذي عملكععم وخلقكععم ‪ :7 ،‬اذكععروا‬
‫اليام الغععابرة ‪ ،‬وتععأملوا فععي سععنوات الجيععال الماضععية ‪ ،‬اسععألوا‬
‫جعَدهم فععي أرض‬ ‫آبائكم فينبئوكم ‪ ،‬وشععيوخكم فيخععبروكم ‪َ :10 ،‬و َ‬
‫ش ‪ ،‬فأحاط بهم ورعاهم وصانهم ‪… :12 ،‬‬ ‫قفٍر وفي خلء موح ٍ‬
‫وحععده قععاد شعععبه ‪ ،‬وليععس معععه إلععه غريععب ) أي آخععر ( ‪:13 ،‬‬
‫أصعدهم على هضاب الرض ‪ ،‬فأكلوا ثمععار الصععحراء ‪ ،‬وغعّذاهم‬
‫بعسل من حجر ‪ ،‬وزيتا من حجر الصّوان ‪ ،‬و … و …‬
‫الدخول الثاني كان بحبل من الناس ‪ ،‬إذ ل‬
‫حاجة بهم إلى الله ‪:‬‬
‫‪ :15‬فسععمن بنععو إسععرائيل ورفسععوا ‪ ،‬سععمنوا وغلظععوا واكتسععوا‬
‫شحما ) كنايععة عععن الععترف ( ‪ ،‬فرفضععوا اللععه صععانعهم وتنّكععروا‬
‫لصعععخرة خلصعععهم ‪ :16 ،‬أثعععاروا غيرتعععه بعععآلهتهم الغريبعععة ‪،‬‬
‫وأغاظوه بأصنامهم الرجسة ‪ :17 ،‬للهة غريبة لم يعرفوهععا بععل‬
‫ظهرت حديثا ) المال والقوة والناس ( ‪ ،‬آلهة لععم يرهبهععا آبععاؤهم‬
‫من قبل ‪ :18 ،‬لقد نبذتم الصخر الععذي أنجبكععم ونسععيتم الع الععذي‬
‫أنشأكم ) وهذا حالهم وحال دولتهم الحالية ( ‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫مننا‬‫جد َ ك َ َ‬
‫س ِ‬‫م ْ‬‫خُلوا ال ْ َ‬
‫ول ِي َدْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هك ُ ْ‬‫جو َ‬‫و ُ‬ ‫ءوا ُ‬ ‫سو ُ‬‫) ل ِي َ ُ‬
‫ة … )‪ 7‬السراء (‬ ‫َ‬ ‫خُلوه أ َ‬
‫مّر ٍ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ُ ّ‬ ‫دَ َ‬
‫‪ :19‬فرأى الرب ذلك ورذلهم ‪ ،‬إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه ‪:20 ،‬‬
‫وقال ‪ :‬سأحجب وجهي عنهم فأرى ماذا سيكون مصيرهم ؟ إنهععم‬
‫جيل متقلب وأولُد خونة ‪ ، … :21 ،‬لذلك سأثير غيرتهم بشعععب‬
‫متوحش ) أولي بأس شععديد ( ‪ ،‬وأغيظهععم بأمععة حمقععاء ] أمععة ل‬
‫تفهمون لغتها [ ‪ :22‬فهعا قعد أضعرم غضعبي نعارا ‪ُ ،‬تحعرق حعتى‬
‫لتهعععا ‪ ،‬وتحعععرق أسعععس‬ ‫الهاويعععة السعععفلى ‪ ،‬وتأكعععل الرض وغ ّ‬
‫الجبال ‪ :23 ،‬أجمع عليهم شععرورا ‪ ،‬وُأنفععذ سععهامي فيهععم ‪:24 ،‬‬
‫أجعل أنياب الوحوش ‪ ،‬مع حّمععة زواحععف الرض تنشععب فيهععم ‪،‬‬
‫‪ :25‬يثكلهم سيف العدو فععي الطريععق ‪ ،‬ويسععتولي عليهععم الرععب‬
‫داخل الخدور ‪ ،‬فيهلك الفتى مععع الفتععاة ‪ ،‬والرضععيع مععع الشععيخ ‪،‬‬
‫‪ :26‬قلت ‪ :‬أشّتتهم فععي زوايععا الرض ‪ ،‬وأمحععو مععن بيععن النععاس‬
‫ذكرهم ) أي في المرة الولى ( ‪ :27 ،‬لول خوفي من تبجح العدو‬
‫ظمت ) أعداء بنععي إسععرائيل ( ‪،‬‬ ‫عُ‬ ‫‪ ،‬إذ يظنون قائلين ‪ :‬إن يدنا قد َ‬
‫وليس ما جرى من ِفعل الرب ‪.‬‬
‫ة )‪ 7‬السراء (‬ ‫خَر ِ‬ ‫عدُ اْل ِ‬ ‫و ْ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫) َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫‪ 28 :32‬إن بني إسرائيل أمة غبية ول بصيرة فيهععم )ل يعقلععون‬
‫ول يفقهععون ( ‪ :29 ،‬لععو عقلععوا لفطنععوا لمععآلهم وتععأملوا فععي‬
‫مصععيرهم ‪ :32 ،‬إذ أن كرمتهععم مععن كرمععة سععدوم ‪ ،‬ومععن حقععول‬
‫عمعععورة ‪ ) ،‬تشعععيه إفسعععادهم وإصعععرارهم ‪ ،‬بإفسعععاد قعععوم لعععوط‬
‫وإصرارهم ( وعنبهم ينضععح سعّما ‪ ،‬وعناقيععدهم تفيعض معرارة ‪،‬‬
‫‪ :33‬خمرهم حّمة الفاعي ‪ ،‬وسُم الثعابين المميت ‪ 34 :32‬أليس‬
‫ذلك مدخرا عندي ‪ ،‬مختوما عليه فععي خزائنععي ‪ :35 ،‬لععي النقمععة‬
‫‪218‬‬
‫وأنععا ُأجععازي ‪ ،‬فععي الععوقت المعيععن ) مجيععء الوعععد ( ‪ ،‬تععزلّ‬
‫أقدامهم ‪ ،‬فيوم هلكهم بات وشيكا ‪ ،‬ومصععيرهم المحتععوم ُيسععرع‬
‫إليهم ‪ ) ،‬كلما أمعنوا في الفساد كلما اقترب موعد هلكهم ( ‪.‬‬
‫م … ) ‪ 8‬السراء (‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫عسى ربك ُم أ َ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ ْ‬ ‫) َ َ‬
‫" ‪ :36‬لن الرب يدين شعبه ) بني إسععرائيل ( ويععرأف بعبيععده ‪،‬‬
‫عندما يرى أن قّوتهم قد اضمحلت ) زالععت ‪ ،‬بعععد المععرة الثانيععة (‬
‫…"‪.‬‬
‫فَل‬ ‫ه َ‬‫دون ِن ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫من ْ‬‫م ِ‬ ‫مت ُ ن ْ‬‫ع ْ‬
‫ن َز َ‬‫ذي َ‬‫عننوا ال ّن ِ‬
‫ل ادْ ُ‬ ‫قن ِ‬ ‫) ُ‬
‫ويًل )‬ ‫حنن ِ‬‫وَل ت َ ْ‬‫م َ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫كنن ْ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ش َ‬ ‫ن كَ ْ‬ ‫مل ِ ُ‬
‫كو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫‪ 56‬السراء (‬
‫" ‪ 37 :32‬عندئذ يسأل الرب ‪ :‬أين آلهتهم ؟ أين الصخرة الععتي‬
‫ب لمساعدتكم ‪ ،‬وتبسط عليكععم حمايتهععا ‪،‬‬ ‫التجأوا إليها ؟ ‪ :38‬لته ّ‬
‫‪ :39‬انظععروا الن ‪ :‬إنععي أنععا هععو وليععس إلععه معععي ‪ ،‬أنععا أميععت‬
‫وأحيععي ‪ ،‬أسععحق وأشععفي ‪ ،‬ول منقععذ مععن يععدي ‪ :41 ، … ،‬إذا‬
‫ت به يدي للقضاء ‪ ،‬فإني أنتقعم معن‬ ‫سننت سيفي البارق ‪ ،‬وأمسك ْ‬
‫ي ‪ُ :42 ،‬أسععكر سععهامي بالععدم ويلتهععم‬ ‫أعععدائي وأجععازي مبغض ع ّ‬
‫سععيفي لحمععا ‪ ،‬بععدم القتلععى والسععبايا ‪ ،‬ومععن رؤوس قععواد العععدو‬
‫) قادة إسرائيل ( ‪. " … ،‬‬
‫موسننى عليننه السننلم ُيخننبر بنننص النبننوءة‬
‫قبل موته ‪:‬‬
‫" ‪ 45 :32‬وعندما انتهى موسى ‪ ،‬من تلوة جميع كلمععات هععذا‬
‫النشيد علععى السععرائيليين ‪ :46 ،‬قععال لهععم ‪ :‬تععأّملوا بقلععوبكم فععي‬
‫جميع الكلمات ‪ ،‬التي أنا أشهد عليكم بها اليوم ‪ ،‬لكي توصوا بهععا‬
‫‪219‬‬
‫أولدكم ‪ ،‬ليحرصوا على العمل بكلمات هععذه التععوراة كلهععا ‪:47 ،‬‬
‫لنها ليست كلمات ل جدوى لكم منها ‪ ،‬إنها حياتكم وبها تعيشون‬
‫طويل ‪ ،‬في الرض التي أنتم عابرون نهر الردن إليهععا لترثوهععا‬
‫… ‪ :5 :34‬فمات موسى عبد الرب ‪ ،‬في أرض موآب ]حسععب [‬
‫قول الرب " ‪.‬‬
‫نلحعظ هنعا أن النبععوءة ‪ ،‬اعتراهععا بعععض التشععويه معن حعذف أو‬
‫إضععافة أو تبععديل ‪ ،‬ولكنهععا حععافظت علععى خطوطهععا العريضععة ‪،‬‬
‫ونلحظ أيضا أنها فصلت المرتين كل منهما على حدة ‪.‬‬
‫حيثيننات نفنناذ الوعنند الول فنني السننفار‬
‫الخرى‬
‫التوراة كمرجع تاريخي غير موثوق به ‪:‬‬
‫جح كثير من الناقدين والباحثين الغربيون ‪ ،‬من العذين وضععوا‬ ‫ير ّ‬
‫التوراة تحت المجهر ‪ ،‬كونها العهد القديم من كتععابهم المقععدس ‪،‬‬
‫أنهععا كتبععت بأيععدي بشععر ‪ ،‬وذلععك لمععا تحفععل بععه مععن خرافععات‬
‫وأساطير ‪ ،‬ولتناقضها مع العهد الجديععد ) النجيععل ( ‪ ،‬وتناقضععها‬
‫مع المنطق والواقع ‪ ،‬وتناقضها أيضعا ‪ ،‬معع المصعادر التاريخيعة‬
‫الخععرى فععي مواضععع عديععدة ‪ ،‬وُيجمععع الكععثير منهععم أن كتابتهععا‬
‫وجمعها ‪ ،‬قد تم بعد السبي البابلي ‪ ،‬وجاء القرآن ليكشف الكععثير‬
‫طلعععي عليهععا ‪ ،‬تععبين لععي‬‫من أكاذيبها وافتراءاتها ‪ ،‬ومن خلل ا ّ‬
‫أن من قام بإعادة كتابة التوراة ‪ ،‬هم أشخاص مشبعون بمشععاعر‬
‫الحقد والقهر والنقمة والرغبة في النتقام ‪ ،‬وكل هذه المشاعر ‪،‬‬
‫موجهة بالترتيب نحو ‪:‬‬
‫رب الععععزة جعععّل وعل ‪ ) ،‬يقولعععون أن يعقعععوب عليعععه‬ ‫‪.1‬‬
‫ض‬
‫السععلم صععرع ال ع فععي البريععة ‪ ،‬واسععتطاع ال ع النجععاة بع ع ّ‬
‫‪220‬‬
‫يعقوب في فخذه ‪ ،‬فسبب له عرق النسععاء ‪ ،‬ومععن أجععل ذلععك ل‬
‫يأكل اليهود عرق النساء الذي في الفخذ ‪ ،‬سععفر التكععوين ‪:32‬‬
‫‪ ، 32-24‬ويقولون عنه سبحانه أنه كععثير البكععاء وكععثير النععدم‬
‫على ما أنزله بشعبه المقدس ‪ ،‬ولذلك كانوا وما زالوا يعتقدون‬
‫‪ ،‬أن ال سيصلح خطأه معهععم ‪ ،‬بإعععادتهم إلععى وطنهععم ‪ ،‬الععذي‬
‫طععردوا منععه بل ذنععب أو خطيئة ‪ ،‬فالخطععأ منسععوب إلععى العع‬ ‫ُ‬
‫ورسعععله وملئكتعععه والشععععوب المجعععاورة ‪ ،‬أمعععا شععععب الععع‬
‫المقّدس ‪ ،‬فليس له خطيئة فهععو حمععل وديععع ‪ ،‬وهععذا نععوع مععن‬
‫السقاط النفسي ‪ ،‬لعظم الخطيئة ‪ ،‬وفداحععة العقععاب الععذي وقععع‬
‫منهم وبهم ( ‪.‬‬
‫الرسل والنبياء ‪ ) ،‬يقولععون أن موسععى وهععارون خانععا‬ ‫‪.2‬‬
‫الرب وسط الشعب التثنية ؛ ‪ ، 51-50 :32‬وهارون هو الععذي‬
‫صععنع العجععل الععذهبي ‪ ،‬الخععروج ‪ ، 6-1 :32‬وداود ارتكععب‬
‫خطيئة الزنا مععع زوجععة الجنععدي ؛ صععموئيل الثععاني ‪-1 :11 ،‬‬
‫‪ ، 27‬وسليمان عبد آلهة أخرى ‪ ،‬وفعل الشّر في عيني الرب ‪،‬‬
‫كما فعل أبوه ؛ ملوك أول ‪. ( 8-1 :11‬‬
‫الكنعانيون القدماء وورثتهم الجدد ) الفلسطينيون ( ‪) ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سفر التكوين ‪ :27-20 :9‬واشتغل نوح بالفلحة وغرس كرما‬
‫‪ ،‬وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخععل خيمتععه ‪ ،‬فشععاهد حععام‬
‫ي أبيه ‪ ،‬فخرج وأخبر أخويه اللذين كانا فععي‬ ‫عر ّ‬‫أبو الكنعانيين ُ‬
‫الخارج ‪ ،‬فأخععذ سععام ويععافث ‪ ،‬رداًء ووضعععاه علععى أكتافهمععا ‪،‬‬
‫ومشيا القهقرى إلى داخل الخيمة ‪ ،‬وسععترا عععورة أبيهمععا مععن‬
‫غير أن يستديرا بوجهيهما نحوه فُيبصرا عورته ‪ .‬وعندم أفاق‬
‫نوح مععن سععكره ‪ ،‬وعلععم مععا فعلععه ابنععه الصععغير ‪ ،‬قععال ‪ :‬ليكععن‬
‫كنعان ملعونا ‪ ،‬وليكن عبد العبيد لخوته ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬تبععارك ال ع‬
‫‪221‬‬
‫إله سام ‪ ،‬وليكن كنعان عبدا لععه ‪ ،‬ليوسععع ال ع ليععافث ‪ ،‬وليكععن‬
‫كنعان عبدا له ( ‪.‬‬
‫الكلدانيون في بابععل ‪ ،‬وورثتهععم الجععدد ) العراقيععون ( ‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫) وأحقادهم على بابل وأهلها ‪ُ ،‬أفرد الحديث عنهععا فععي موضععع‬
‫آخر ( ‪.‬‬
‫‪ .5‬جميععع شعععوب الرض مععا عععدا اليهععودي الصععرف ‪.‬‬
‫) والمثلة على ذلععك موجععودة فععي أسععفار موسععى ‪ ،‬ونصععوص‬
‫التلمود ( ‪.‬‬
‫سبط بنيامين الخ الشقيق ليوسف عليه السلم ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫وكععل مشععاعر الحقععد والرغبععة فععي النتقععام ممععن ُذكععروا أعله ‪،‬‬
‫أفرغهعععا الكتبعععة ) الكهنعععة والحكمعععاء ( فعععي كتعععابهم المقعععدس‬
‫) التععوراة ( ‪ ،‬فأعععادوا جمعهععا ونسععخها ‪ ،‬تحععت وطععأة انفعععالت‬
‫نفسية رهيبعة ‪ ،‬وفبركعة جميعع أسعفارها ‪ ،‬بمعا يتناسعب معع تلعك‬
‫المشععاعر ‪ ،‬بعععد السععبي البععابلي ‪ ،‬أكععبر فاجعععة ُأصععيب بهععا بنععو‬
‫إسرائيل والكثر إيلما على مّر التاريخ ‪.‬‬
‫وتبين لي أن هناك تطويل وتكرار غيععر مععبرر ‪ ،‬لنفععس الحععدث أو‬
‫الموضوع ‪ ،‬وأحيانا يكون هذا التكرار ‪ ،‬لنفس السفر كامل تحععت‬
‫مسميين ‪ ،‬مثل أسفار أخبار اليعام وأخبعار الملعوك ‪ ،‬معع اختلف‬
‫بسيط ‪ ،‬وأحيانا لنفس الفقرة في نفس السفر ‪ ،‬وهذا التكرار يععدل‬
‫جمعععت ‪ ،‬علععى القععل مععن مصععدرين‬ ‫علععى أن نصععوص التععوراة ُ‬
‫جمعت فععي كتععاب واحععد ‪،‬‬ ‫مختلفين ‪ ،‬وُأخذت النصوص منهما ‪ ،‬و ُ‬
‫دون تفضيل نص على آخر ‪ ،‬فالحدث الواحد أحيانا يتكّرر مرتيععن‬
‫وثلثة ‪ ،‬دون وجود فارق جوهري في المضمون ‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫وبعد أن قمت بمطالعععة التععوراة بشععكل ُمتكعّرر ‪ ،‬تأكععدت مععن هععذه‬
‫الحقيقة ‪ ،‬التي لم يكن قد تنّبه لها الباحثون والناقدون مععن قبععل ‪،‬‬
‫وهي أن التععوراة قععد جمعععت فعل ‪ ،‬مععن نسعختين ُمختلفيععن ‪ ،‬وأن‬
‫حّرفت أكععثر مععن الخععرى ‪ ،‬وأن لغععة كععل منهمععا‬ ‫إحدى النسختين ُ‬
‫تختلععف عععن الخععرى ‪ ،‬فغالبععا مععا يكععون هنععاك ُمس عّمين لنفععس‬
‫الشخص أو المكان ‪ ،‬حتى يخال للقارئ أنها أسماء لشععخوص أو‬
‫أمععاكن مختلفععة ‪ ،‬وكمثععال علععى ذلععك إبععرام وإبراهيععم ‪ ،‬وسععاراي‬
‫وسععارة ‪ ،‬وصععحراء سععين وصععحراء سععيناء ‪ ،‬ومملكععة يهععوذا‬
‫ومملكععة إسععرائيل ‪ ،‬والسععبي البععابلي والسععبي الشععوري ‪ .‬وهععذا‬
‫الرتباك الذي وقع فيه مؤلفو التوراة المتأخرون ‪ ،‬أثناء محاولععة‬
‫التوفيق بجمع ما جععاء فععي النسععختين ‪ ،‬تسععبب فععي هععذا العععرض‬
‫التأريخي المشعّوه للوقععائع ‪ ،‬ممععا أفقععد التععوراة مصععداقيتها حععتى‬
‫للكثير من الباحثين اليهود أنفسهم ‪ ،‬ولكل مععن بحععث مععن علمععاء‬
‫التنقيب والثار ‪ .‬ولكنها بقيت المرجععع التععاريخي الوحيععد لتاريععخ‬
‫بني إسرائيل ‪.‬‬
‫وفععي كععثير مععن الحيععان ‪ ،‬تشعععر بسععخافة كتابهععا ‪ ،‬مععن سععخافة‬
‫أفكارهععا وأخبارهععا ‪ ،‬وسععخافة تبريرهععا وتعليلهععا ‪ ،‬كقصععة عععرق‬
‫النسععاء وصععراع يعقععوب مععع ال ع ‪ ،‬وفبركععة قصععة نععوح وأولده‬
‫أعله ‪ ،‬ناهيععك عععن ألفاظهععا البععذيئة ‪ ،‬الععتي أحيانععا تععترفع عععن‬
‫كتابتهععا حععتى الروايععات الهابطععة ‪ ،‬ورائحععة اللحععوم والععدماء ‪،‬‬
‫والخمور والمشاوي والهش والنش … إلععى آخعره ‪ ،‬ومعا يربعط‬
‫التوراة بالوحي ‪ ،‬هو ما يظهر في ثناياها مععن خطععوط عريضععة ‪،‬‬
‫هي البقية الباقية التي سلمت مععن أيععديهم ‪ ،‬رغمععا عععن أنععوفهم ‪،‬‬
‫وهذا ل يعني أل نقرأ هذا الكتاب ‪ ،‬بل على العكس تماما ‪ ،‬تعّوجب‬
‫على المسلمين قراءتعه ‪ ،‬وقععراءة التلمععود أيضععا منععذ أمععد بعيععد ‪،‬‬
‫‪223‬‬
‫وقراءة ما ُكتب فيهما من مؤلفععات ناقععدة ‪ ،‬لمعرفععة العقليععة الععتي‬
‫يفكر بها هؤلء ‪ ،‬ولمعرفة ما يطمحون إليععه ‪ ،‬والحقيقععة أنععي مععا‬
‫كنت لقرأها ‪ ،‬وأقرأ ما ُكتب فيها من مؤلفععات عديععدة ‪ ،‬لععول هععذا‬
‫البحث ‪.‬‬
‫مملكة شمالية ومملكة جنوبية ‪:‬‬
‫تقععول السععفار التاريخيععة فععي التععوراة ‪ ،‬بععأن مملكععة سععليمان ‪،‬‬
‫انقسمت بعد مععوته إلععى مملكععتين ‪ ،‬جنوبيععة فععي القععدس واسععمها‬
‫يهععوذا ) القععدس ( وهععي الصععل ‪ ،‬وشععمالية واسععمها إسععرائيل‬
‫) نابلس ( وهي المنشقة ‪.‬‬
‫وصف فساد المملكة الشمالية ‪:‬‬
‫يععذكر كتبععة التععوراة ‪ ،‬أن المملكععة الشععمالية فسععدت وأفسععدت ‪،‬‬
‫صن يربعام ) ملك الشمالية (‬ ‫) ملوك أول ‪ " ( 33-25: 12:‬وح ّ‬
‫مدينة شكيم ) نابلس ( ‪ ،‬في جبل أفرايم وأقام فيهععا ‪ ، … ،‬وبعععد‬
‫ي ذهععب ‪ ،‬وقععال للشعععب ‪ :‬إن الععذهاب‬‫المشاورة سبك الملك عجل ع ّ‬
‫ضكم لمشقة عظيمة ‪ ،‬فها هي آلهتك يا‬ ‫إلى أورشليم للعبادة ‪ ،‬يعر ّ‬
‫إسرائيل ‪ ،‬التي أخرجتك من ديار مصر " ‪.‬‬
‫وأما إفسادهم حسب ما يروونه هعم ععن أنفسعهم ‪ ،‬فقعد جعاء فعي‬
‫سفر الملوك الثاني ما نصععه ‪ :9 :17 " ،‬وارتكععب بنععو إسععرائيل‬
‫ق الععرب إلههععم ‪ :11 … ،‬واقععترفوا‬‫في الخفاء المعاصي ‪ ،‬في ح ّ‬
‫الموبقات لغاظة الرب ‪ ،‬عابععدين الصععنام الععتي حعّذرهم ونهععاهم‬
‫ب عنهععا ‪ :13 … ،‬قععائل ‪ :‬ارجعععوا عععن طرقكععم الثيمععة ‪،‬‬ ‫الععر ّ‬
‫وأطيعععوا وصععاياي وفرائضععي بمقتضععى ‪ ،‬الععتي أوصععيت آبععائكم‬
‫بتطبيقها ‪ … ،‬على لسعان عبيعدي النبيعاء ‪ :14 ،‬لكنهعم أصعّموا‬
‫آذانهم ‪ ،‬وأغلظوا قلوبهم كآبائهم ‪ :16 … ،‬ونبذوا جميع وصايا‬
‫‪224‬‬
‫الرب ‪ ، … :17 ،‬وتعاطوا العرافة والفأل ) السحر والكهانععة ( ‪،‬‬
‫… ‪ :22‬ولععم يعععدل السععرائيليون عععن ارتكععاب جميععع خطايععا‬
‫يربعام ‪ ،‬بل أمعنوا في اقترافهععا ‪ :23 ،‬فنفععى الععرب إسععرائيل مععن‬
‫حضعععرته ‪،‬كمعععا نطعععق علعععى لسعععان جميعععع النبيعععاء ‪ ،‬فسعععبي‬
‫السرائيليون إلى أشور ‪ ،‬إلى هذا اليوم " ) أي اليوم الذي كتبوا‬
‫فيه هذا النص بعد السبي بمدة طويلة ( ‪.‬‬
‫وصف فساد المملكة الجنوبية ‪:‬‬
‫وأما ما ُينسب من إفساد إلى ملوك المملكة الجنوبيععة ‪ ،‬فقععد جععاء‬
‫في نفس السفر ما نصععه ‪ :2 :21 " ،‬وارتكععب الشعّر فععي عينعيّ‬
‫ب ‪ ،‬مقترفا رجاسات المم الذين طردهعم العرب معن أمعام بنعي‬ ‫الر ّ‬
‫إسعععرائيل ‪ ، … :3 ،‬وأقعععام مذابعععح البععععل ‪ ،‬ونصعععب تماثيعععل‬
‫عشتاروت ) مدينة بابلية ( ‪ ،‬وسععجد لكععواكب السععماء وعبععدها ‪،‬‬
‫ن والعّرافين ‪ ،‬وأوغل في ارتكاب الشّر‬ ‫‪ :6‬ولجأ إلى أصحاب الجا ّ‬
‫سععى‬ ‫‪ :10 … ،‬ثم قال الرب علععى لسععان عبيععده النبيععاء ‪ :‬لن من ّ‬
‫ملك يهوذا اقترف جميع هذه الموبقات ‪ ،‬وأضّل يهوذا … ‪:12 ،‬‬
‫… ‪ ،‬هععا أنععا أجلععب شععرا علععى أورشععليم ويهععوذا ‪:13 ،‬ع …ع ‪،‬‬
‫وأمسح أورشليم كما ّيمسح الطبق من بقايعا الطععام ‪ :14 ،‬وأنبعذ‬
‫شعبي وأسلمهم إلى أيدي أعععدائهم ‪ ،‬فيصععبحون غنيمععة وأسععرى‬
‫سععى‬ ‫لهم ‪ :15 ،‬لنهم ارتكبوا الشّر فععي عينععي ‪ :16 … ،‬وزاد من ّ‬
‫فسععفك دم أبريععاء كععثيرين ‪ ،‬حععتى مل أورشععليم مععن أقصععاها إلععى‬
‫أقصاها ‪ ،‬فضل عن خطيئته التي استغوى بها يهوذا ‪. " … ،‬‬
‫وتخبر التوراة أن الحروب اسععتمرت بيععن المملكععتين ‪ ،‬واسععتعانة‬
‫المغلععوب بععالقوام المجععاورة علععى الخععر ‪ ،‬إلععى أن جععاء الغععزو‬
‫الشوري ‪ ،‬وسبى المملكة الشمالية ‪ 721‬ق‪.‬م ‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫ي الععرب‬ ‫وتتععابَع الملععوك الجنوبيععون فععي ارتكععاب الش عّر فععي عين ع ّ‬
‫) حسب قولهم ( ‪ ،‬وفي عهد الملك يهوياقيم ‪ ،‬هاجم نبوخذ نصععر‬
‫) بختنصر ( مملكة يهوذا وخضعععت لععه ثلث سععنوات ‪ ،‬ثععم تمععرّد‬
‫عليه ) يهوياقيم ( ‪ :2 :24 " ،‬فأرسل الرب غزاة مععن كلععدانيين‬
‫وأرامييعععن ومععععوآبيين وعّمععععونيين ) سععععكان العععععراق والردن‬
‫القععدماء ( ‪ ،‬للغععارة علععى مملكععة يهععوذا وإبادتهععا ‪ ،‬بمععوجب مععا‬
‫قضى به الععرب ‪ ،‬علععى لسععان عبيععده النبيععاء ‪ :4 ،‬وانتقامععا للععدم‬
‫سعععى ( ‪ ،‬إذ أنعععه مل أورشعععليم بعععدم‬ ‫العععبريء العععذي سعععفكه ) من ّ‬
‫البرياء ‪. " … ،‬‬
‫وفي عهد الملك ) يهوياكين ( " ‪ … :10 :24‬زحف قادة نبوخذ‬
‫نصععر ملععك بابععل علععى أورشععليم ‪ ،‬وحاصععروا المدينععة ‪ ،‬ثععم جععاء‬
‫نبوخذ نصر بنفسه وتسّلم زمام القيادة ‪ ،‬فاستسععلم ) يهويععاكين (‬
‫… واستولى على جميع ما فععي خععزائن الهيكععل والقصععر ‪، … ،‬‬
‫تماما كما قضى الرب ‪ :14 ،‬وسبى نبوخذ نصععر أهععل أورشععليم ‪،‬‬
‫" ) وكما يقولون أنه وّلى ابن عم الملك خلفا له ‪ ،‬وسّماه صععدقّيا‬
‫‪ ،‬وبعد سععنوات ارتكععب صععدقّيا الشععر فععي عينععي الععرب كالعععادة ‪،‬‬
‫وتمّرد على ملك بابل ‪ ،‬وآنذاك ( ‪ :1 :25 " ،‬زحف نبوخذ نصر‬
‫ملععك بابععل ‪ ،‬بكامععل جيشععه علععى أورشععليم وحاصععرها ‪:3 ، … ،‬‬
‫تفاقمت المجاعة في المدينة ‪ ،‬حتى لم يجد أهلها خععبزا يععأكلونه ‪،‬‬
‫‪ :6‬فأسروا الملك ) الذي كان ينوي الهععرب ( واقتععادوه إلععى ملععك‬
‫بابل ‪ ، … ،‬ثّم قتلوا أبناء صدقّيا على مرأى منه ‪ ،‬وقلعوا عينيععه‬
‫‪ ،‬وسععاقوه إلععى بابععل ‪ :9 ، … ،‬وأحععرق الهيكععل وقصععر الملععك‬
‫وسععائر بيععوت أورشععليم ‪ ،‬وسععبى نبععوزرادان ) قععائد الحععرس‬
‫الملكي ( بقية الشعب … ‪ ، 121 ،‬ولكنه ترك فيها فقراء الرض‬
‫المساكين ‪ :13 .‬وحطم الكلدانيون أعمدة النحاس وبركة النحاس‬
‫‪226‬‬
‫… إلى آخره ‪ ) ،‬كل محتويات الهيكل ونقلوها إلى بابععل ( ‪:18 ،‬‬
‫وسبى رئيععس الحععرس الملكععي ) سععرايا رئيععس الكهنععة وأعععوانه‬
‫وقادة الجيش وندماء الملك ‪ ،‬وفي المجمل هم علية القوم وزمرة‬
‫الفساد والفساد في الرض ( فقتلهم ملك بابعل فعي المعسعكر فعي‬
‫سبي شعععب يهععوذا مععن‬ ‫أرض حماة ) المدينة السورية ( ‪ ،‬وهكذا ُ‬
‫أرضه " ‪.‬‬
‫فما أطول بععاله هععذا النبوخععذ نصععر ‪ ،‬حععتى يزحععف عليهععم مععرارا‬
‫وتكرارا ‪ .‬والحقيقة أنه زحف عليهم مرة واحدة ‪ ،‬وبشكل مفاجئ‬
‫فأباد مملكتهم ‪ ،‬ومععا هععذا التطويععل والتطويععل والتكععرار ‪ ،‬إل مععن‬
‫صعععنع أيعععدي الكتبعععة ‪ ،‬ومعععا ) يهويعععاقيم ( و) يهويعععاكين ( ‪ ،‬إل‬
‫تسميتين لنفس الملك الذي حصل في عصره السبي البابلي ‪.‬‬
‫مملكة واحدة وبعث واحد ‪:‬‬
‫ما تقدم من نصوص ‪ ،‬كان من السفار ‪ ،‬التي ُيس عّمونها السععفار‬
‫خت لعصر الملوك ‪ ،‬ابتداًء مععن طععالوت وداود‬ ‫التاريخية ‪ ،‬التي أر ّ‬
‫وسععليمان ‪ ،‬وانتهععاًء بيهويععاكين الععذي وقععع السععبي البععابلي فععي‬
‫عصره ‪ .‬والحقيقة أنه لععم يكععن هنععاك مملكععتين ‪ ،‬ولععم يكععن هنععاك‬
‫سبيين ‪ ،‬وإنما مملكعة واحعدة وسعبي واحعد ‪ .‬ولكعن نتيجعة كتابعة‬
‫التوراة بتلععك الطريقععة المزدوجععة ‪ ،‬أصععبحت المملكععة مملكععتين ‪،‬‬
‫وأصععبح الزحععف البععابلي زحفيععن ‪ ،‬ولحععل الشععكال قولبععوه فععي‬
‫زمانين مختلفين ‪.‬‬
‫أما إّدعاء انقسام المملكة ‪ ،‬فالقرآن أثبت بطلنه فععي موضعععين ‪،‬‬
‫أول ؛ ُذكر العلو مرتين كأمة في زمانين مختلفيععن ‪ ،‬ثانيععا ؛ اليععة‬
‫التي تتحدث عععن سععفكهم دمععائهم وإخراجهععم أنفسععهم ‪ ،‬تؤكععد أن‬
‫ذلك لم يكن انشقاق في الحقيقة ‪ ،‬بل كان ذلك قتل وإخراج وسلب‬
‫‪227‬‬
‫‪ ،‬لطائفة مستضعفة من قومهم ‪ ،‬وفي الحقيقة ‪ ،‬وقع هذا الفعععل ‪،‬‬
‫في سبط الخ الشقيق ليوسف عليه السلم ‪ ،‬الذي ُتسميه التوراة‬
‫) ببنيامين ( ‪ ،‬وما كان بإمكان هؤلء ‪ ،‬إقامععة دولععة فععي أراضععي‬
‫الكنعانيين المجاورة ‪ ،‬التي لجأوا إليها ‪ ،‬وما كععانت حروبهععم مععع‬
‫المملكععة الم ‪ ،‬إل ضععمن جيععوش الكنعععانيين وهععو الرجععح ‪ ،‬أو‬
‫كثّوار لسترداد أسلبهم وديارهم ‪.‬‬
‫وربمععا أن بعضععهم اسععتنجد بالبععابليين ‪ ،‬كنععوع مععن النتقععام ‪،‬‬
‫) بأسهم بينهم شديد ‪ ،‬تحسبهم جميعا وقلوبهم شّتى ( فاستجابوا‬
‫لهم ‪ ،‬وربما كان ذلك طمعا في كنوز هيكل سليمان ‪ ،‬وال أعلععم ‪.‬‬
‫حيععث لععم يععأتي أي ذكععر فععي التاريععخ للسععبي الشععوري ‪ ،‬لعشععرة‬
‫أسباط ) قبائل ( من المملكة الشععمالية ‪ ،‬حسععب مععا يعّدعي مؤلفععو‬
‫التععوراة ‪ ،‬حععتى أن بعععض البععاحثون الععذين صععّدقوا التععوراة ‪،‬‬
‫سبيت إلععى مدينععة‬ ‫يتساءلون عن كيفية اختفاء تلك القبائل ‪ ،‬التي ُ‬
‫جععح أن اخععتراع قصععة المملكععة الثانيععة‬
‫أشور برمتها ‪ ،‬ومن المر ّ‬
‫وسبيها ‪ ،‬هو أحد مظاهر السقاط النفسي ‪ ،‬لمععن عوقبععوا ‪ ،‬علععى‬
‫الذين لم ُيعاقبوا ‪ ،‬من الذين ُأخرجوا مععن ديععارهم رغععم أنععوفهم ‪،‬‬
‫تجنبععا وتخفيفععا للشعععور بععاللم ‪ ،‬كلمععا طععرأ علععى مخيلتهععم تلععك‬
‫الذكرى الليمة ‪ ،‬ويحصل هذا عععادة علععى المسععتوى الشخصععي ‪،‬‬
‫فععور تعععرض الشععخص لحادثععة مؤلمععة ‪ ،‬فيعععزو الخطععاء الععتي‬
‫تسببت في الحادثة إلى الخرين ‪.‬‬
‫تحذيرات النبياء من الفساد‬
‫جاء التحذير من الستهانة بنص النبععوءة ‪ ،‬ومغبععة الفسععاد عنععد‬
‫العلو ‪ ،‬والتخويف من العقاب ‪ ،‬التي كانت بدايتها نصا فععي كتععاب‬
‫موسى عليه السلم ‪ ،‬وعلى لسان كل النبياء المتعاقبين ‪ ،‬داعين‬
‫‪228‬‬
‫إلى اللتزام بشععريعة موسععى ‪ ،‬ومحعّذرين مععن تركهععا ومخالفتهععا‬
‫علععى مععدى عمععر مملكتهععم ‪ ،‬بععدءا مععن سععليمان عليععه السععلم ‪،‬‬
‫وانتهاًء بإشعياء وإرمياء عليهما السلم ‪ ،‬إن كانوا أنبياء ‪.‬‬
‫وهذا هو التحذير الذي جاء على لسان سليمان ‪ ،‬بعد انتهاءه مععن‬
‫بناء الهيكل ‪ ،‬اليام الثاني ‪ :19 :7 " :‬ولكن إن انحرفتم ونبعذتم‬
‫فرائضعععي العععتي شعععرعتها لكعععم ‪ ،‬وضعععللتم وراء آلهعععة أخعععرى‬
‫وعبدتموها وسجدتم لها ‪ :20 ،‬فإني أستأصلكم من أرضععي الععتي‬
‫وهبتها لكم ‪ ،‬وأنبذ هذا الهيكل الذي قّدسته لسمي ) جعلته قائمععا‬
‫لذكري ( ‪ ،‬وأجعله مثل ومثععار ُهععزٍء لجميععع المععم ‪ :21 ،‬ويغععدو‬
‫هذا الهيكل الذي كان شامخا ‪ ،‬عبرة ُيثير عجب كل من يمّر بععه "‬
‫‪.‬‬
‫وبالضافة إلى ما تقدم ‪ ،‬هذا عرض لجزء يسير ‪ ،‬من النصععوص‬
‫الكثيرة والمطّولة والمكّررة ‪ ،‬لما جاء في أسفار بعض أنبيائهم )‬
‫الكبار ( ‪ ،‬اخترناها لتكتمل معالم الصورة من الجانب الخر ‪.‬‬
‫تحذيرات إشعياء ‪:‬‬
‫إشعياء هو أول النبياء الكبار وهم أربعععة ‪ ،‬وُيقععال أنععه ُبعععث فععي‬
‫فترة ‪ ،‬بلغ فيه إفساد بنععي إسععرائيل الععذروة ‪ ،‬قبععل وقععوع السععبي‬
‫البابلي ‪ ،‬حيث أن سفره ‪ ،‬جاء حافل بالتقريع والتوبيخ والتحذير‬
‫والنذار ‪ ،‬والتذكير بنص النبوءة الذي جاء به موسععى ‪ ،‬ويععروى‬
‫أنععه مععن النبيععاء الععذين ُقتلععوا ) التعريععف بأصععحاب السعفار معن‬
‫النبياء ‪ ،‬مستقاة من مقدمة المترجم لكل سفر ( ‪:‬‬
‫‪ :4 :1‬ويل للمة الخاطئة ‪ ،‬الشعب المثقل بالثم ‪ ،‬ذرية مرتكبي‬
‫الشّر ‪ ،‬أبناء الفسععاد ‪ :10 .‬اسععمعوا كلمععة الععرب يععا حكععام سععدوم‬
‫) قرية لععوط ( ‪ :15 … ،‬عنععدما تبسععطون نحععوي أيععديكم أحجععب‬
‫‪229‬‬
‫وجهععي عنكععم ‪ ،‬وإن أكععثرتم الصععلة ل أسععتجيب ‪ ،‬لن أيععديكم‬
‫مملوءة دما ‪ :16 ،‬اغتسلوا ‪ ،‬تطّهروا ‪ ،‬أزيلوا شعّر أعمععالكم مععن‬
‫أمام عيني ‪ ،‬كفوا عععن اقععتراف الثععم ‪ :17 ،‬وتعّلمععوا الحسععان ‪،‬‬
‫ق ‪ ،‬انصععفوا المظلعوم ‪ ،‬اقضعوا لليعتيم ‪ ،‬ودافعععوا ععن‬ ‫اْنشدوا الح ّ‬
‫الرملة ‪ :19 … ،‬إن شئتم وأطعتم ‪ ،‬تتمتعون بخيععرات الرض ‪،‬‬
‫ب قععد تكّلععم "‬
‫ن فععم الععر ّ‬
‫وإن أبيتم وتمّردتععم فالسععيف يلتهمكععم ‪ ،‬ل ّ‬
‫) ويسععتطرد واصععفا حععال المدينععة آنععذاك ( ‪ … :21 " ،‬كععانت‬
‫تفيض حّقا ‪ ،‬ويععأوي إليهععا العععدل ‪ ،‬فأصععبحت وكععرا للمجرميععن ‪،‬‬
‫ضتك مزّيفة ‪ ،‬وخمرك مغشوشة بماء ‪ :23 ،‬أصبح‬ ‫‪ :22‬صارت ف ّ‬
‫رؤساءك عصاة ‪ ،‬وشركاء لصوص ‪ُ ،‬يولعون بالرشوة ويسعون‬
‫وراء الهبععات ‪ ،‬ل يععدافعون عععن اليععتيم ‪ ،‬ول ُترفععع إليهععم دعععوى‬
‫الرملة " ‪.‬‬
‫" ‪ :8 :3‬قد َكَبت ) وقعت ( أورشليم ‪ ،‬انهارت يهوذا ) المملكة (‬
‫‪ ،‬لنهمععا أسععاءتا بععالقول والفعععل إلععى الععرب ‪ ،‬وتمّردتععا علععى‬
‫سعععلطانه ‪ :9 ،‬ملمعععح وجععوههم تشععهد عليهععم ‪ ،‬إذ يجععاهرون‬
‫بخطيئتهم كسدوم ول يسترونها ‪ ،‬فويل للذين جلبوا على أنفسهم‬
‫شععروا الصعّديقين بععالخير ‪ ،‬لنهععم سععيتمتعون‬ ‫شّرا ‪ :10 ،‬ولكععن ب ّ‬
‫بثواب أعمالهم ‪ :11 ،‬أّما الشّرير فويل له وبئس المصععير ‪:12 ،‬‬
‫… إن قادتكم ُيضّلونكم ويقتادونكم في مسالك منحرفة … " ‪.‬‬
‫سِكر … ‪ :12 ،‬يتلّهون‬ ‫" ‪ :11 :4‬ويل لمن … يسعون وراء الُم ْ‬
‫في مآدبهم بالعود والرباب والدف والناي والخمر ‪ ،‬غير مكترثين‬
‫ب ‪ :13 … ،‬لععذلك ُيسععبى شعععبي لنهععم ل يعرفععون ‪،‬‬ ‫بأعمال الععر ّ‬
‫عظماؤهم جوعا ‪ ،‬وتهلك العامة عطشا ‪ :15 … ،‬وُيذّل‬ ‫ويموت ُ‬
‫ط كععل متشععامخ فيهععا ‪ ) ،‬الععذل بعععد‬ ‫النسان وُيخفض النععاس وُيحع ّ‬
‫العلو ( … ‪ :18‬ويل لمن يجّرون الثععم بحبععال الباطععل ‪:19 … ،‬‬
‫‪230‬‬
‫جل بعقابه حتى نراه ) انظععر اليععات ‪92،99‬‬ ‫ويقولون لُيسرع وُيع ّ‬
‫السراء و ‪ 58،59‬الكهف ( ‪ ،‬لُينفذ مقّدس إسرائيل مععآربه فينععا ‪،‬‬
‫فنععدرك حقيقععة مععا يفعلععه بنععا ‪ :21 ،‬ويععل للحكمععاء فععي أعيععن‬
‫أنفسهم ‪ ،‬والذكياء في نظر ذواتهم ‪ :25 … ،‬لذلك احتدم غضب‬
‫الرب ضّد شعبه ‪ ،‬فمّد يده عليهم وضععربهم ‪ ،‬فارتعشععت الجبععال ‪،‬‬
‫وأصبحت جثث موتاهم كالقاذورات في الشععوارع ‪ ،‬ومععع ذلععك لععم‬
‫يرتدّ غضبه ‪ ،‬ولم تبرح يده ممدودة بالعقاب ‪ :26 ،‬فيرفععع رايععة‬
‫لمم بعيدة ‪ ،‬ويصفر لمن في أطراف الرض ‪ ،‬فيقبلون ُمسععرعين‬
‫‪ :27 ،‬دون أن يكّلوا أو يتعثروا أو يعععتريهم ُنعععاس أو نععوم ‪… ،‬‬
‫‪ :28‬سهامهم مسنونة ‪ ،‬وقسّيهم مشدودة ‪ ،‬حععوافر خيلهععم كأنهععا‬
‫صّوان ‪ ،‬عجلت مركباتهم مندفعة كالعصار ‪ :29 ،‬زئيرهم كأنه‬
‫زئير أسد ‪ ،‬يزمجر وينقض على فريسععته ‪ ،‬ويحملهععا وليععس مععن‬
‫منقذ ‪ُ :30 ،‬يزمجرون … كهدير البحر ‪ ،‬وإن جععاس أحععدهم فععي‬
‫البلد متفرسا ‪ ،‬ل يرى سوى الظلمة والضيق ‪ ،‬حتى الضععوء قععد‬
‫احتجب وراء سحبه ‪. " ..‬‬
‫جلون‬ ‫‪ :1 :10‬ويل للذين يسّنون شرائع ظلم ‪ ،‬وللكتبة الذين يس ع ّ‬
‫أحكام جور ‪ :2 ،‬ليصّدوا البائسين عن العدل ‪ ،‬ويسععلبوا مسععاكين‬
‫شعبي حّقهم ‪ ،‬لتكون الرامل مغنما لهععم ‪ ،‬وينهبععوا اليتععامى ‪:3 ،‬‬
‫فماذا تصنعون في يوم العقاب ‪ ،‬عنععدما تقبععل الكارثععة مععن بعيععد !‬
‫إلى من تلجئون طلبا للعون ؟ وأيععن تودعععون ثروتكععم ؟ لععم يبقععى‬
‫شيء سوى أن تجثوا بين السرى ‪ ،‬وتسعقطوا بيعن القتلعى ‪… ،‬‬
‫‪ :21‬وترجع بقية ذرية يعقوب إلى الرب القدير ‪ ،‬مع أن شعبك يا‬
‫إسرائيل ‪ ،‬فإن بقية فقط ترجع ‪ ،‬لن ال قضى بفنائهم ‪ ،‬وقضاؤه‬
‫عادل " ‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫" ‪ :8 :46‬اذكععروا هععذا واتعظععوا ‪ ،‬انقشععوه فععي آذانكععم أيهععا‬
‫العصاة ‪ ،‬تذّكروا المور الغابرة القديمة ‪ ،‬لني أنا ال وليععس إلععه‬
‫آخر ‪ :10 ،‬وقد أنبأت بالنهاية منذ البداية ‪ ،‬وأخبرت منذ القععدم ‪،‬‬
‫بأمور لم تكععن قععد حععدثت بعععد ‪ ،‬قععائل ‪ :‬مقاصععدي ل بععد أن تتععم ‪،‬‬
‫ومشععيئتي ل بععد أن تتحقععق ‪ :11 ،‬أدعععوا مععن المشععرق الطععائر‬
‫الجععارح ‪ ،‬ومععن الرض البعيععدة برجععل مشععورتي ‪ ،‬قععد نطقععت‬
‫ي يععا غلظ‬ ‫بقضععائي ‪ ،‬ول بععد أن ُأجريععه ‪ :12 … ،‬أصععغوا إلعع ّ‬
‫القلععوب ‪ ،‬أيهععا البعيععدون عععن الععبّر ‪ :13 ،‬لقععد جعلععت أوان بعّري‬
‫قريبا ‪ ،‬لم يعد بعيدا ‪ ،‬وخلصي ل ُيبطئ …‬
‫‪ :15-17 :30‬لنععه هكععذا قععال الععرب ‪ ،‬قععّدوس إسععرائيل ‪ :‬إنّ‬
‫ي ‪ ،‬وقعّوتكم فععي الطمأنينععة‬‫خلصكم مرهون بالتوبة والركععون إلع ّ‬
‫والثقة بي ‪ ،‬لكنكم أبيتم ذلك ‪ ،‬وقلتم ‪ :‬ل بل نهععرب علععى الخيععل ‪،‬‬
‫أنتم حّقا تهربون ‪ ،‬لهععذا فععإن مطععارديكم ُيسععرعون فععي تعّقبكععم ‪،‬‬
‫يهرب منكم ألف من زجرة واحد ‪ ،‬وتتش عّتتون جميعععا مععن زجععرة‬
‫خمسة ‪ ،‬حتى ُتتركوا كسارية على رأس جبل …‬
‫نلحظ أن إشعياء يدعوا إلى التوبة والصلح ‪ ،‬ويصف ما وصل‬
‫ببنععي إسععرائيل مععن إفسععاد ‪ ،‬ويععّذكرهم ويحععّذرهم ‪ ،‬ويعيععد إلععى‬
‫أذهانهم ‪ ،‬مضمون تلك النبوءة ‪ ،‬التي جاءت في أسفار موسععى ‪،‬‬
‫ونصععوص إشعععياء لععم تحمععل فععي طياتهععا تصععريح عععن ماهيععة‬
‫المبعععوثين ‪ ،‬سععوى أن الفقععرة الخيععرة ‪ ،‬ذكععرت جهععة مخععرج‬
‫البعث ‪ ،‬وربما يكون ذلك إضافة من مؤلفي التوراة ‪.‬‬
‫تحذيرات ارميا ‪:‬‬
‫ارميا هو ثاني النبياء الكبار ‪ ،‬وُيقال أن هذا النععبي ‪ ،‬عععاش فععي‬
‫الفترة ما قبل وما بعععد ‪ ،‬الععتي وقععع فيهععا السععبي البععابلي ‪ ،‬وكععان‬
‫‪232‬‬
‫فحععوى رسععالته ‪ :‬دعععوة قععومه إلععى التوبععة والعععودة إلععى ال ع ‪،‬‬
‫ق قعدره ‪ ،‬فل ملجعأ منعه إل‬ ‫والتخلي عن الوهام ‪ ،‬وتقدير الع حع ّ‬
‫إليه ‪ ،‬ول يرّد غضبه قوة أو مال أو جاه ‪ .‬وقد ُوصف هععذا النععبي‬
‫) بالنبي البّكاء ( ‪ ،‬من كثرة بكاءه على قومه ‪ ،‬بعد وقوع الكارثة‬
‫التي طالما حّذرهم منها ‪ ،‬فلم يستجيبوا له ‪.‬‬
‫" ‪ :2 :7‬اسععمعوا كلم الععرب … ‪ :3‬قّومععوا طرقكععم وأعمععالكم‬
‫فُأسععكنكم فععي هععذا الموضععع ‪ :4 ،‬ل تتكّلععوا علععى أقععوال الكععذب‬
‫) النفاق ( ‪ :5 ،‬لكن إن قّومتم حّقععا طرقكععم وأعمععالكم ‪ ،‬وأجريتععم‬
‫قضاًء عادل فيما بينكم ‪ :6 ،‬إن لم تجوروا علععى الغريععب واليععتيم‬
‫والرملة ‪ ،‬ولم تسفكوا دما بريئا … وإن لم تضّلوا وراء الوثان‬
‫‪ :7 ،‬عندئذ ُأسكنكم في هذا الموضع … إلى البد ‪ :8‬هععا أنتععم قععد‬
‫اتكلتم على أقوال الكذب ) نافقتم ( ‪ ،‬ولكن مععن غيععر جععدوى ‪:9 ،‬‬
‫خععرون للبعععل‬ ‫أتسععرقون وتقتلععون وتزنععون ‪ ،‬وتحلفععون زورا وتب ّ‬
‫) الصععنم ( ‪ :10 ،‬ثععم تمثلععون فععي حضععرتي …هععل أصععبح هععذا‬
‫الهيكل ) الععذي ُأقيععم لععذكري ( مغععارة لصععوص ؟! … ‪ :20‬لععذلك‬
‫ُيعلن الرب ‪ :‬ها غضبي وسخطي ينصّبان على هذا الموضع …‬
‫" ‪ :7 :8‬إن اللقلق فعي السععماء يعععرف ميععاد هجرتععه ‪ ،‬وكععذلك‬
‫… ‪ ،‬أّما شعبي فل يعرف قضععاء الععرب ! ‪ :8‬كيععف ت عّدعون أنكععم‬
‫حكماء ‪ ،‬ولديكم شريعة الرب ‪ ،‬بينما حولها قلععم الكتبععة المخععادع‬
‫إلععى ُأكذوبععة ؟! سععيلحق الخععزي بالحكمععاء ‪ ،‬ويعععتريهم الفععزع‬
‫والذهول ‪ ،‬لنهم رفضوا كلمة الرب ‪ ،‬إذ أي حكمة فيهععم ؟! لععذلك‬
‫ُأعطي نسععائهم لخريععن ‪ ،‬وحقععولهم للععوارثين القععاهرين ‪ ،‬لنهععم‬
‫جميعهم من صغيرهم إلى كبيرهم مولعععون بالربععح ‪ ،‬حععتى النععبي‬
‫والكاهن يرتكبان الزور في أعمالهمععا ‪ ،‬ويعععالجون جععراح شعععبي‬
‫باستخفاف ‪ ،‬قائلين ‪ :‬سلٌم ‪ ،‬سلٌم ‪ ،‬في حين ل يوجد سلم ‪ ،‬هل‬
‫‪233‬‬
‫ط ‪ ،‬ولم يعرفوا‬ ‫ل ! لم يخزوا ق ّ‬ ‫خجلوا عندما ارتكبوا الرجس ؟! ك ّ‬
‫الخجل ‪ ،‬لذلك سيسقطون بين الساقطين ‪ ،‬وحين ُأعععاقبهم ُيط عّوح‬
‫بهم ‪ ،‬يقول الرب " ‪.‬‬
‫" ‪ :22 :10‬اسمعوا ‪ ،‬ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ‪ ،‬مقبععل‬
‫من الشمال ‪ ،‬ليحّول مدن يهوذا ‪ ،‬إلى خرائب ومأوى لبنععات آوى‬
‫"‪.‬‬
‫ب زاحف من الشمال ‪ ،‬وأّمة عظيمة‬ ‫" ‪ :22 :6‬انظروا ‪ ،‬ها شع ٌ‬
‫ت بععالقوس والرمععح ‪ ،‬وهععي‬ ‫ب مععن أقاصععي الرض ‪ ،‬تس عّلح ْ‬ ‫ته ع ّ‬
‫قاسية ل ترحم ‪ ،‬جلبتها كهدير البحر ‪ ،‬وهي مقبلة على صععهوات‬
‫الخيععل ‪ ،‬قععد اصععطّفت كإنسععان واحععد ‪ ،‬لمحاربتععك يععا أورشععليم ‪،‬‬
‫ب الععوهن فععي أيععدينا ‪ ،‬وتّولنععا كععرب‬ ‫سمعنا أخبارهم المرعبة فععد ّ‬
‫وألم ‪ ،‬كألم امرأة تعععاني المخععاض ‪ ،‬ل تخرجععوا إلععى الحقععل ‪ ،‬ول‬
‫تمشوا في الطريق ‪ ،‬فللعدّو سيف ‪ ،‬والهول ُمحّدق من كل جهة ‪،‬‬
‫فيا أورشليم ارتدي المسوح ‪ ،‬وتمّرغي في الرماد ‪ ،‬ونوحي كمن‬
‫ينوح على وحيده ‪ ،‬وانتحبي نحيبا مرا ‪ ،‬لن الُمدّمر ينقض علينا‬
‫فجأة ‪ ،‬إني أقمتك ُممَتحنا للمعدن ) إقامة مملكتهم كان لمتحععانهم‬
‫( ‪ ،‬وجعلت شعععبي مععادًة خععام ‪ ،‬لكععي تعععرف طرقهععم وتفحصععها ‪،‬‬
‫فكّلهم عصاة متمّردون ساعون في النميمة ‪ ،‬هم نحاس وحديععد ‪،‬‬
‫كلهم فاسدون " ‪.‬‬
‫" ‪ :3 :23‬وأجمععع شععتات غنمععي مععن جميععع الراضععي ‪ ،‬الععتي‬
‫أجليتها إليهععا ‪ ،‬وأرّدهععا إلععى مراعيهععا ‪ ،‬فتنمععوا وتتكععاثر ‪ ،‬وُأقيععم‬
‫عليها رعاة يتعّهدونها ‪ ،‬فل يعتريها خععوف مععن بعععد ‪ ،‬ول ترتعععد‬
‫ول تضل ‪ ،‬ها أيام مقبلة ُأقيم فيهععا لععداود ذرّيععة ِبعّر ‪ ،‬ملكععا يسععود‬

‫‪234‬‬
‫بحكمة ‪ ،‬ويجري في الرض عدل وحّقعا ‪ ،‬فعي عهععده يتعّم خلص‬
‫شعب يهوذا ‪ ،‬ويسكن شعب إسرائيل آمنا " ‪.‬‬
‫" ‪ :3 :30‬ها أيام مقبلة أرّد فيها سبي شعبي … ‪ ،‬وأعيدهم إلى‬
‫الرض التي أعطيتها لبععائهم فيرثونهععا ‪ ) ،‬ثععم يقععول ( ‪ :‬سععمعنا‬
‫صراخ رعب ‪ ،‬عم الفزع وانقرض السلم ‪ ، … ،‬ما أرهععب ذلععك‬
‫اليوم ‪ ،‬إذ ل مثيل له ‪ ،‬هو زمن ضيق على ذرية يعقوب ‪ ،‬ولكنها‬
‫طععم أنيععار‬‫سععتنجوا ‪ ،‬فععي ذلععك اليععوم ‪ ،‬يقععول الععرب القععدير ‪ُ :‬أح ّ‬
‫طهم ) أي أرفع قيععود العبوديععة والععذل عنهععم (‬ ‫أعناقهم وأقطع ُرب َ‬
‫فل يستعبدهم غريب فيما بعد ‪ ،‬بل يعبععدون الععرب إلههععم ‪ ،‬وداود‬
‫ملكهععم الععذي ُأقيمععه عليهععم ) شععرك بععال ( ‪ … ،‬فيرجععع نسععل‬
‫ن ويستريح ‪ ،‬من غيععر أن ُيضععايقه أحععد ‪، … ،‬‬ ‫إسرائيل ‪ ،‬ويطمئ ّ‬
‫ك بينهععا ‪ ،‬أّم أنععت فل ُأفنيععك ُأوّدبععك‬
‫فُأبيعُد جميععع المععم الععتي شعّتت َ‬
‫جه‬ ‫بعععالحق ‪ ،‬ول ُأبعععّرئك تعععبرئة كاملعععة ‪ ) ، … ،‬الخطعععاب معععو ّ‬
‫لورشليم ( إن جرحك ل شفاء له ‪ ،‬وضربتك ل علج لهععا ‪ ،‬إذ ل‬
‫يوجد من يدافع عن دعواك ‪ ، … ،‬قد نسيك محّبععوك ‪ ،‬وأهملععوك‬
‫ب مبغ ع ٍ‬
‫ض‬ ‫ك عقععا َ‬‫ب عدّو ‪ ،‬وعاقبت ِ‬ ‫إهمال ‪ ،‬لني ضربتك كما َيضر ُ‬
‫قاسٍ ‪ ،‬لن إثمععك عظيعٌم وخطايععاك متكععاثرة ‪ ، … ،‬لهععذا أوقعتععك‬
‫بالمحن ‪ ،‬ولكن سيأتي يوم ُيفترس فيه جميع ُمفترسيك ‪ ،‬ويذهب‬
‫جميع مضايقيك إلى السبي ‪ ،‬ويصبح ناهبيك منهوبين ‪ ،‬لني أرّد‬
‫لك عافيتك وُأبرئ جراحك " ‪.‬‬
‫النصوص الخيرة أعله ‪ ،‬من النصوص المضّللة ‪ ،‬التي شععّكلت‬
‫قناعات ومعتقدات ‪ ،‬عاّمة اليهععود حكمععاًء ومغفليععن ‪ ،‬وملخصععها‬
‫أنهم في المرة الثانية ‪ ،‬سيقيمون لهععم دولععة فععي أرض الميعععاد ‪،‬‬
‫وُيبعث لهم ملكا من نسل داود عليه السععلم ‪ ،‬يحكععم الرض كلهععا‬
‫بعععالحق والععععدل ‪ ،‬وليعععس فلسعععطين فقعععط ‪ ،‬ففلسعععطين ل تتسعععع‬
‫‪235‬‬
‫لحلمهم وأوهامهم وهلوسععهم وأمععانّيهم ‪ ،‬وينعععم اليهععود تحععت‬
‫حكمه ‪ ،‬بالسلم والمن إلى البد ) فل بعثا ول نشورا ( ‪ ،‬ويكون‬
‫فيها اليهود أسيادا ‪ ،‬وباقي خلق ال عبيدا تحت أقدامهم ‪.‬‬
‫لقد أضاع كتبة التععوراة الحقيقععة ‪ ،‬وظلمععوا أجيععالهم القادمععة مععن‬
‫حيث ل يعلمون ‪ ،‬فكذبوا الكذبة وصّدقها أبنائهم ‪ ،‬وأصععبحت مععن‬
‫صعععميم معتقعععداتهم ‪ ،‬فالمعاصعععرين معععن اليهعععود والنصعععارى ‪،‬‬
‫يتعاملون مع كل نصوص التوراة ‪ ،‬بغثهععا وسععمينها ‪ ،‬علععى أنهععا‬
‫من عند ال ‪ ،‬ول مجال لتكذيبها ‪.‬‬
‫يقولون أن النص التالي ‪ ،‬هو رسعالة معن إرميعاء إلعى المسعبيين‬
‫فععي بابععل ‪ُ ،‬يخععبرهم فيهععا أن مقععامهم هنععاك سععيكون طععويل ‪،‬‬
‫وينصععحهم فيهععا بععأن ُيقيمععوا فيهععا ويبنععوا بيوتععا ‪ ،‬ويععتزوجوا‬
‫ويتكاثروا ‪ ،‬وهذا جزء من نصها ‪:‬‬
‫" ‪ :10 :29‬ولكن بعد انقضععاء سععبعين سععنة عليكععم فععي بابععل ‪،‬‬
‫ألتفععت إليكععم وأفععي لكععم بوعععودي الصععالحة ‪ ،‬برّدكععم إلععى هععذا‬
‫الموضع ‪ ،‬لني عرفت ما رسمته لكم ‪ ،‬إنها خطط سععلم ل ش عّر ‪،‬‬
‫لمنحكم مستقبل ورجاء ‪ ، … ،‬وحيععن تجععدونني ‪ ،‬أرّد سععبيكم ‪،‬‬
‫وأجمعكم من بين جميع المم ‪ ،‬ومن جميععع المععاكن الععتي شعّتتكم‬
‫إليها ‪. " … ،‬‬
‫في الحقيقة أن كتبة التوراة ‪ ،‬كانوا يعتقدون أن عودتهم الجزئية‬
‫‪ ،‬من بابل إلى أورشليم ‪ ،‬بعد )‪ (70‬سععنة مععن السععبي ‪ ،‬فععي عهععد‬
‫كورش الفارسي كما ُيروون ‪ ،‬هي العودة الثانيععة الععتي سععيتحقق‬
‫فيها ‪ ،‬النصف الثاني من نبوءة موسى وإشعععياء وارميععا ‪ ،‬ومنععذ‬
‫ذلك اليوم وهم ينتظععرون ‪ ،‬أن ُيبعععث فيهععم ) الملععك اللععه ( لُيقيععم‬
‫لهععم دولععة فععي القععدس ‪ ،‬فلععم يكععن لهععم ذلععك ‪ ،‬ويععروى أن الععذين‬
‫‪236‬‬
‫رجعوا من بابل ‪ ،‬أعادوا بناء الهيكععل ‪ ،‬مععع معارضععة المقيميععن ‪.‬‬
‫ي ) ‪37‬ق‪.‬م – ‪70‬م ( أي مععائة سععنة‬ ‫وطال انتظارهم ‪ ،‬وبين عععام ّ‬
‫تقريبا ‪ ،‬حصلوا على حكععم ذاتععي محععدود ) المملكععة الهيروديععة ‪،‬‬
‫وكان الملك من أصل يهودي آرامععي ( ‪ ،‬تحععت التععاج الرومععاني ‪،‬‬
‫وفي زمععانهم تواجععد زكريععا ويحيععى ‪ ،‬وُبعععث إليهععم عيسععى عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬فتععآمروا عليععه ودفعععوه إلععى الرومععان ‪ ،‬لقتلععه وصععلبه ‪،‬‬
‫حيث كانت سلطة القتل في أيدي الرومان الوثنيون ‪.‬‬
‫وبعد زوال مملكتهم على يد ) نبوخذ نصر ( البابلي عام ‪586‬م ‪،‬‬
‫وحععتى تشععّتتهم النهععائي علععى يععد ) هادريععان ( الرومععاني عععام‬
‫‪135‬م ‪ُ ،‬أخرج أغلبية اليهود منها ‪ ،‬ولم تقم لليهود فععي فلسععطين‬
‫قائمة ‪ ،‬وأقصى مععا اسععتطاعوا الحصععول عليععه ‪ ،‬هععو ذلععك الحكععم‬
‫الذاتي ‪ ،‬في بداية الحكم الروماني لبلد الشام ‪ ،‬حيععث قضععى هععذا‬
‫المبراطور ‪ ،‬على أي أمل لهم ‪ ،‬في إعادة إقامة دولتهم الثانية ‪،‬‬
‫فكان إنتشارهم في كافة أرجاء العالم ‪.‬‬
‫) ولنكمل النصوص من سفر ارميا ( ‪ :8 :31 " ،‬هععا آتععي بهععم‬
‫من بلد الشمال ‪ ،‬وأجمعهم مععن أقصععي أطععراف الرض ‪ ،‬وفيهععم‬
‫العمى والعرج ‪ ،‬الحبلى والماخض ‪ ،‬فيرجععع حشععد عظيععم إلععى‬
‫هنا "‬
‫" ‪ :27 :31‬ها أيام مقبلة ‪ ،‬يقول الرب ‪ُ ،‬أكّثر فيها ذرية إسرائيل‬
‫ويهوذا ‪ ،‬وُأضاعف نتاج بهععائمهم أضعععافا ‪ ،‬وكمععا ترّبصععت بهععم‬
‫لستأصل ‪ ،‬وأهدم وأنُقض وُأهلعك وُأسععيء ‪ ،‬كعذلك أسععهر عليكعم‬
‫لبنيكم وأغرسكم " ‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫" ‪ :33 :31‬سأجعل شريعتي فععي دواخلهععم ‪ ، … ،‬وأكععون لهععم‬
‫إلها ويكونون لي شعبا ‪ ،‬لنععي سأصععفح عععن إثمهععم ‪ ،‬ولععن أذكععر‬
‫خطاياهم من بعد " ‪.‬‬
‫) وهذا محض افععتراء وتحريععف ‪ ،‬وتتبععع هععذه الكذوبععة عبععارات‬
‫مبهمة ‪ ،‬ومن ثم ُتفاجأ بهذه العبارة التي تقول ( ‪ " :‬عنععدئذ َأنبععذ‬
‫ذرية إسرائبل من أجل كل مععا ارتكبععوه " ‪ ) ،‬لتفهععم أن العبععارات‬
‫المبهمة ‪ ،‬كانت بدل من عبارات حذفوها ‪ ،‬وهي عبععارات مفادهععا‬
‫اشتراط الحسان للثواب والفساد للعقاب ( ‪.‬‬
‫"‪ :38 :31‬ها أيام مقبلة ‪ُ ،‬يعاد فيها بنععاء هععذه المدينععة للععرب ‪،‬‬
‫… ‪ ،‬ولن تستأصل أو ُتهدم إلى البد " ‪.‬‬
‫بالنظر في قولهم هذا ‪ ،‬وخاصة العبارة الخيرة ‪ ،‬نجد أن مععؤلفي‬
‫التوراة ‪ ،‬قضوا على أي أمل لليهود ‪ ،‬فععي الصععلح الصععلح فععي‬
‫ي في اسععتمرار وجععودهم ‪،‬‬ ‫دولتهم الحالية ‪ ،‬حيث أنه شرط أساس ّ‬
‫فمؤّدى هذه العبارة ‪ ،‬أنهم سيقيمون فيها إلى البد ‪ ،‬بغض النظر‬
‫عن إصلحهم أو إفسادهم فيها ‪ ،‬لتصبح نهاية دولتهم حتمية فععي‬
‫الموعد المحّدد ‪ ،‬وقد لحظت من خلل تتبعي ‪ ،‬لما جاء في المرة‬
‫الثانية ‪ ،‬أنهم بعد كل عقععاب مأسععاوي يحععل بهععم ‪ ،‬يبععدءون بععذكر‬
‫العودة والجمع من الشتات ‪ ،‬والبركة والكععثرة ‪ ،‬ويفيضععون فيهععا‬
‫وصفا وشرحا ‪ ،‬والنتيجة تكون على الدوام هععي ‪ ،‬انتصععار ربهععم‬
‫على أعدائهم ومحقهم عن بكرة أبيهم ‪ ،‬وجعععل أرضععهم صععحراء‬
‫قاحلة ‪ ،‬أمععا هععم فيعشععون جنععة ونعيمععا ‪ ،‬ويكععون لهععم الملععك فععي‬
‫ي عنهم ربهم ورضوا عنه ‪.‬‬ ‫الرض إلى البد ‪ ،‬بعد أن رض َ‬
‫) وانظر إلى هذه النبوءة في المرة الثانية علععى لسععان الععرب ( "‬
‫‪ :10 :42‬إن أقمتم في هذه الرض ‪ ،‬فععإني أبنيكععم ول أهععدمكم ‪،‬‬
‫‪238‬‬
‫وأغرسكم ول أستأصلكم ‪ ،‬لني أسععفت علععى الش عّر الععذي ألحقتععه‬
‫بكععم ) ربهععم يأسععف ( ‪ ،‬ل تخشععوا ملععك بابععل ‪ ،‬الععذي أنتععم منععه‬
‫خائفون ‪ ،‬فإني معكم لخلصكم وأنجيكم من يده ) بل قيد أو شرط‬
‫( ‪ ،‬وُأنعععم عليكععم ‪ ،‬فيرحمكععم ويرّدكععم إلععى أرضععكم " ‪ ) ،‬فربهععم‬
‫ضهم على عدم الخشية من ملك بابل ( ‪.‬‬ ‫يأسف ‪ ،‬ويح ّ‬
‫السبي البابلي ‪:‬‬
‫هذا الحدث المشهور تاريخيا والمعروف ) بالسبي البابلي ( ‪ ،‬هو‬
‫أول وأقسى وأفظع حدث ‪ ،‬وقععع فععي تاريععخ اليهععود كأمععة ‪ ،‬أثنععاء‬
‫تواجدهم في فلسطين ‪ ،‬من حيث الذى الجسدي والنفسي ‪ ،‬وكان‬
‫له أبلغ الثر ‪ ،‬فععي وجععدان وفكععر الشعععب اليهععودي ‪ ،‬وليععس أدل‬
‫على ذلك ‪ ،‬من أن عدد الصفحات ‪ ،‬التي تتطّرق إلى ذكر متعّلقات‬
‫صله مععن جميععع جععوانبه ‪ ،‬هععو )‪(400 – 350‬‬ ‫هذا الحدث ‪ ،‬وتف ّ‬
‫صععفحة ‪ ،‬أي مععا ُيعععادل ثلععث التععوراة ‪ .‬وقععد جععاء فععي كتععاب‬
‫) الختراق الصهيوني للمسيحية ( للقس إكرام لمعي ‪ ،‬ونقل عن‬
‫كتاب ) تاريخ اليهععود ( للكععاتب ) بععول جونسععون ( مععا نصععه ‪" :‬‬
‫وفي بابل لم يعامل اليهود معاملة سيئة ‪ ،‬فقد وجععدت مخطوطععات‬
‫بجوار عشتاروت – أقدم مععدن بابععل – وجععد فيهععا قائمععة بأسععماء‬
‫المسبيين ‪ ،‬ونشاطهم في بابل ‪ ،‬وكان بها اسم ) يهوياكين ( ملك‬
‫يهوذا ‪ ،‬وبعض السماء الخرى ‪ ،‬وموضح بها أن اليهود عملوا‬
‫بالتجععارة ‪ ،‬واكتسععبوا أمععوال كععثيرة ‪ ،‬وكععانت لهععم أوضععاعهم‬
‫المتميزة إلى حّد مععا " ‪ .‬وأمععا أشععور فيشععير نفععس الكععاتب ‪ ،‬إلععى‬
‫عدم وجود أي دليل من ذكر أو أثر ‪ ،‬يؤكد رواية سبيهم إليها ‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫رواية التلمود عن تدمير الهيكل ‪:‬‬
‫نص منقول عن كتاب ) التلمود تاريخه وتعاليمه ( لظفر السععلم‬
‫خان ‪:‬‬
‫" عندما بلغت ذنوب إسرائيل مبلغهععا ‪ ،‬وفععاقت حععدود مععا ُيطيقععه‬
‫اللععه العظيععم ‪ ،‬وعنععدما رفضععوا أن ُينصععتوا لكلمععات وتحععذيرات‬
‫ارميا ‪ ،‬ترك النبي أورشليم وسافر إلى بلد بنيامين ‪ ،‬وطالما كان‬
‫النبي ل يزال في المدينة المقّدسة ‪ ،‬كان يدعو لها بالرحمة فنجت‬
‫‪ ،‬ولكنه عندما هجرها إلى بلد بنيععامين ‪ ،‬دّمععر نبوخععذ نصععر بلد‬
‫طم الهيكععل المق عّدس ‪ ،‬ونهععب مجععوهراته ‪ ،‬وتركععه‬ ‫إسرائيل ‪ ،‬وح ّ‬
‫فريسة للنيران الملتهبة ‪ ،‬وكععان نبععورذدان الععذي آثععر البقععاء فععي‬
‫ريبله ) منطقة سورية بالقرب من حماة ( ‪ ،‬قد أرسل نبوخذ نصر‬
‫لتدمير أورشليم " ‪.‬‬
‫" وقبل أن يبععدأ نبوخععذ نصععر حملتععه العسععكرية ‪ ،‬سعععى لمعرفععة‬
‫نتععائج الحملععة ‪ ،‬بواسععطة الشععارات نظععرا لععذهوله ‪ ،‬فرمععى مععن‬
‫قوسه نحععو المغععرب ‪ ،‬فسععارت باتجععاه أورشععليم ‪ ،‬ثععم رمععى مععرة‬
‫أخرى نحو الشرق ‪ ،‬لكن السهم اتجهت نحو أورشليم ‪ ،‬ثععم رمععى‬
‫مرة أخرى ‪ ،‬ليتأكد من محل وقوع المدينة الُمذنبععة ‪ ،‬الععتي وجععب‬
‫تطهيرهععا مععن الرض ‪ ،‬وللمععرة الثالثععة اتجهععت سععهمه نحععو‬
‫جه مععع‬‫أورشليم ‪ ،‬وبعد أن استولى نبوخذ نصر على المدينة ‪ ،‬تو ّ‬
‫ُأمرائه وضباط جيشه ‪ ،‬إلى داخل الهيكل ‪ ،‬وصاح ساخرا مخاطبا‬
‫إله إسرائيل ‪ :‬وهل أنت الله العظيم الذي يرتعد أمامه العالم ؟ ها‬
‫نحن في مدينتك ومعبدك ! " ‪.‬‬
‫" ووجد نبوخذ علمة لرأس سهم ‪ ،‬علععى أحععد جععدران الهيكععل ‪،‬‬
‫كععأن أحععدا ُقتععل أو ُأصععيب بهععا ‪ ،‬فسععأل ‪ :‬مععن ُقتععل هنععا ؟ فأجععاب‬
‫‪240‬‬
‫الشعب ‪ ) :‬زكريا بن يهوياداه ( كبير الكهنة ‪ ،‬لقد كان ُيحّذرنا في‬
‫كععل سععاعة مععن حسععاب اعتععداءاتنا ‪ ،‬وقععد سععئمنا مععن كلمععاته ‪،‬‬
‫فانتهينا منه ‪ .‬فذبح جنود نبوخذ نصععر سععكان أورشععليم ‪ ،‬كهنتهععا‬
‫وشعبها ‪ ،‬كهولهععا وشععبابها ونسععائها وأطفالهععا ‪ ،‬وعنععدما شععاهد‬
‫كبير الكهنة هذا المنظر ‪ ،‬ألقى بنفسه بالنار ‪ ،‬التي أشعلها نبوخذ‬
‫نصععر فععي الهيكععل ‪ ،‬وتبعععه بقيععة الكهنععة مععع عععودهم وآلتهععم‬
‫الموسععيقية الخععرى ‪ ،‬ثععم ضععرب جنععود نبوخععذ نصععر السلسععل‬
‫الحديدية ‪ ،‬في أيدي باقي السرائيليين " ‪.‬‬
‫" ورجع ارميا النبي إلى أورشليم ‪ ،‬وصععحب إخععوانه البؤسعاء ‪،‬‬
‫الذين خرجوا عرايعا ‪ ،‬وعنعد وصعولهم إلعى مدينعة ‪ُ ،‬تسعمى بيعت‬
‫كورو ‪ ،‬هّيأ لهم ملبس جيدة ‪ ،‬وتكّلم مع نبوخذ نصر والكلدانيين‬
‫‪ ،‬قائل لهم ‪ :‬ل تظععن ‪ ،‬أنععك بقوتععك وحععدها ‪ ،‬اسععتطعت أن تتغّلععب‬
‫على شعب الرب الُمختار ‪ ،‬إنها ذنععوبهم الفععاجرة ‪ ،‬الععتي سععاقتهم‬
‫إلى هذا العذاب " ‪.‬‬
‫نجد أن رواية التلمود أكععثر وضععوحا مععن روايععة التععوراة ‪ ،‬حيععث‬
‫أنها لم تذكر مملكتين ‪ ،‬وتؤكد أن اسم المملكة الجنوبيععة ‪ ،‬المقععام‬
‫فيها الهيكل هو إسرائيل ‪ ،‬وليععس يهععوذا كمععا ُذكععر فععي التععوراة ‪.‬‬
‫وأن من أسقطوا عليهععم اسععم إسععرائيل والمملكععة الشععمالية ‪ ،‬هععم‬
‫الععذين ُأخرجععوا مععن ديععارهم ‪ ،‬ولععم يقععع فيهععم السععبي الشععوري‬
‫المزعوم ‪ ،‬وبقوا على حالهم خارج حععدود المملكععة ‪ ،‬حيععث يععذكر‬
‫النص التلمودي أن ارميا النبي لجأ إليهم " تععرك النععبي أورشععليم‬
‫وسافر إلى بلد بنيامين " ‪ .‬وبنيععامين حسععب التععوراة ‪ ،‬هععو الخ‬
‫الشقيق ليوسف عليه السلم ‪ ،‬وهذا يوحي أن الحقععد القععديم بيععن‬
‫الخوة الباء ‪ ،‬توارثه البناء على مّر العصععور ‪ ،‬وبععأن السععباط‬
‫الخععرى القويععة ‪ ،‬أخرجععت سععبط بنيععامين المستضعععف ‪ ،‬عنععدما‬
‫‪241‬‬
‫سيطرت على مقاليد الحكم ‪ ،‬بعد سليمان عليه السععلم ‪ .‬وبالتععالي‬
‫ُيثبععت هععذا النععص وقععوع السععبي البععابلي ‪ ،‬وينفععي وقععوع السععبي‬
‫المسمى بالشوري ‪ .‬وأن أشور وبابل آنععذاك ‪ ،‬تسععميتان لمملكععة‬
‫واحدة ‪ ،‬عند كتبة التوراة ‪ ،‬وأن أحععد مصععادر التععوراة ذكععر علععى‬
‫أنه بابلي ‪ ،‬والخر ذكره على أنه آشوري ‪ ،‬وأمععا نبوخععذ نصععر ‪،‬‬
‫فتجععده أحيانععا ملكععا ‪ ،‬وأحيانععا وزيععرا أو قععائدا للجيععش ‪ ،‬أو قععائدا‬
‫للحرس ‪.‬‬
‫مقتطفننننات مننننن رثنننناء ارميننننا لشننننعبه‬
‫ولورشيلم بعد السبي البابلي ‪:‬‬
‫) من كتاب مراثي ارميا في نهاية سفره ( ‪ :1 " :‬كيف أصععبحت‬
‫المدينععة الهلععة بالسععكان مهجععورة وحيععدة ؟! هععذه الععتي كععانت‬
‫عظيمة بين المم ‪ ،‬صارت كأرملععة ! صععارت السععيدة بيععن المععدن‬
‫تحت الجزية ! تبكععي فععي الليععل بمععرارة ‪ ،‬وتنهمععر دموعهععا علععى‬
‫لنهعا ‪،‬‬‫خعّديها ‪ ،‬ل ُمععّزي لهعا بيعن ُمحبيهعا ‪ ،‬غعدر بهعا جميعع خ ّ‬
‫سععبيت يهععوذا إلععى المنفععى ‪ ، … ،‬فأقععامت‬‫وأصبحوا أعداًء لها ‪ُ ،‬‬
‫شععقية بيععن المععم ‪ ، … ،‬تهعّدمت جميععع أبوابهععا ‪ ، … ،‬ارتكبععت‬
‫أورشليم خطيئة نكراء فأصبحت نجسععة ‪ ، … ،‬لععم تععذكر آخرتهععا‬
‫ب جميعع جبعابرتي فعي‬ ‫لهذا كان سعقوطها رهيبعا ‪ ، … ،‬بعّدد العر ّ‬
‫شعّباني ‪ ،‬داس‬ ‫ي حشعدا معن أعععدائي ليسعحقوا ُ‬ ‫وسطي ‪ ،‬وأّلب عل ّ‬
‫ب العذراء بنت صهيون ‪ ،‬كما ُيداس العنب في المعصرة ‪… ،‬‬ ‫الر ّ‬
‫ب عادل حقا ‪ ،‬وقد تمّردت على أمععره ‪ ،‬فاسععتمعوا يععا جميععع‬ ‫‪ ،‬الر ّ‬
‫ي وش عّباني إلععى‬
‫الشعععوب ‪ ،‬واشععهدوا وجعععي ‪ ،‬قععد ذهععب عععذارا َ‬
‫ي كهنععتي وشععيوخي فععي المدينععة ‪ ، … ،‬هععا‬ ‫السععبي ‪َ ، … ،‬فِنعع َ‬
‫السيف يثكل في الخارج ‪ ،‬ويسود الموت في البيت … " ‪.‬‬
‫‪242‬‬
‫ب بل رحمععة ‪ ،‬جميعع مسععاكن يعقععوب ‪، … ،‬‬ ‫" ‪ :2‬قععد هععدم الععر ّ‬
‫وألحق العار بالمملكة وحّكامها ‪ ،‬إذ سّواها بععالرض ‪ ، … ،‬وّتععر‬
‫قوسه كعدّو ‪ ،‬نصب يمينه كُمْبِغض ‪ ،‬ذبععح بقسععوة كعّل عزيععز فععي‬
‫عيوننععا ‪ ، … ،‬وهععدم جميععع قصععورها ودّمععر حصععونها ‪، … ،‬‬
‫جلععس شععيوخ ابنععة صععهيون علععى الرض صععامتين ‪ ،‬عّفععروا‬
‫رؤوسهم بالرماد ‪ ،‬وارتدوا المسوح ‪ ،‬وطأطأت عذارى أورشععليم‬
‫رؤوسهن إلى الرض ‪ ،‬كّلت عيناي من البكاء ‪ ، … ،‬نّفععذ الععرب‬
‫قضاءه ‪ ،‬وحقق وعيده الذي حكم به منععذ الحقععب السععالفة ‪ ،‬هععدم‬
‫ظععم قععوة عععدوك ‪، … ،‬‬ ‫ولععم يععرأف ‪ ،‬فأشععمت بععك الخصععوم ‪ ،‬وع ّ‬
‫ب وتأّمل ‪ ، … ،‬قد انطرح الصبيان والشيوخ في غبععار‬ ‫انظر يا ر ّ‬
‫شّباني بالسععيف ‪ ،‬قععد قتلتهععم فععي يععوم‬ ‫يو ُ‬ ‫الطرقات ‪ ،‬سقط عذارا َ‬
‫غضبك ‪ ،‬ونحرتهم من غير رحمة … "‬
‫" ‪ :3‬أنا هو الرجل الذي شهد البلية ‪ ،‬التي أنزلها قضيب سخطه‬
‫‪ ، … ،‬ولكن هذا ما ُأنعاجي بعه نفسعي ‪ ،‬لعذلك يغمرنعي الرجعاء ‪،‬‬
‫ن ‪ ،‬لن مراحمعه ل تععزول ‪، … ،‬‬ ‫من إحسانات الرب ‪ ،‬أننا لعم نفع َ‬
‫فلماذا يشتكي النسان حين ُيعاقب علععى خطايععاه ؟ … ‪ ،‬لنفحععص‬
‫طرقنا ونختبرها ‪ ،‬ونرجع إلى العرب ‪ ،‬لنرفععع أيعدينا وقلوبنععا إلععى‬
‫ال في السماوات ‪" … ،‬‬
‫" ‪ ، … :4‬لن عقاب إثم ابنة شعبي ‪ ،‬أعظععم مععن عقععاب خطيئة‬
‫سععدوم ‪ ،‬الععتي انقلبععت فععي لحظععة ‪ ،‬مععن غيععر أن تمت عّد إليهععا يععد‬
‫إنسععان ‪ ،‬كععان ُنبلؤهععا ‪ ،‬أنقععى مععن الثلععج ‪ ،‬وأنصععع مععن اللبععن ‪،‬‬
‫أجسادهم أكثر حمرة من المرجان ‪ ،‬وقاماتهم كاليععاقوت الزرق ‪،‬‬
‫فأصععبحت صععورتهم أكععثر سععوادا مععن الفحععم ‪ ،‬فلععم ُيعرفععوا فععي‬
‫ب حم عّو غضععبه ‪،‬‬ ‫ب كامل سخطه ‪ ،‬وص ّ‬ ‫الشوارع ‪ ، … ،‬نفث الر ّ‬
‫وأضرم نعارا فعي صعهيون ‪ ،‬فعالتهمت ُأسسعها ‪ ، … ،‬عقابعا لهعا‬
‫‪243‬‬
‫على خطايا أنبيائها ‪ ،‬وآثععام كهنتهععا ‪ ،‬الععذين سععفكوا فععي وسععطها‬
‫دمععاء الص عّديقين ‪ ، … ،‬آذنععت نهايتنععا ‪ ،‬وتّمععت أيامنععا ‪ ،‬وأِزفععت‬
‫خاتمتنا ‪ ،‬كان ُمطاردونا أسرع من نسور السماء ‪ ،‬تعّقبونععا علععى‬
‫الجبال ‪ ،‬وترّبصوا بنا في الصحراء ‪" … ،‬‬
‫ب مععا أصععابنا ‪ ،‬انظععر وعععاين عارنععا ‪ ،‬قععد تحعّول‬
‫" ‪ :5‬اذكر يا ر ّ‬
‫ميراثنا إلى الغرباء ‪ ،‬وبيوتنا إلى الجانب ‪ ،‬أصععبحنا أيتامععا ل أب‬
‫لنا ‪ ،‬وأمهاتنا كالرامل ‪ ، … ،‬داس ُمضطهدونا أعناقنا ‪ُ ،‬أعيينععا‬
‫ولم نجد راحة ‪ ،‬خضعنا باسطين أيدينا إلى أشور ومصر ‪ ،‬لنشبع‬
‫خبزا ‪ ، … ،‬تسّلط علينا عبيد ‪ ،‬وليععس مععن ُينقععذنا مععن أيععديهم ‪،‬‬
‫… ‪ ،‬اغتصبوا النساء في صهيون ‪ ،‬والعذارى في ُمععدن يهععوذا ‪،‬‬
‫عّلق النبلء من أيديهم ‪ ،‬ولععم يععوّقروا الشععيوخ ) كبععار القععوم ( ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫شّبان للطحععن ‪ ،‬وهعوى الصععبيان تحعت الحطععب ‪ ،‬هجعر‬ ‫خروا ال ُ‬
‫سّ‬
‫ف الش عّبان عععن‬ ‫الشععيوخ ) كبععار السععن ( بّوابععات المدينععة ‪ ،‬وك ع ّ‬
‫غنائهم ‪ ،‬انقطع فرح قلوبنا ‪ ،‬وتحّول رقصععنا إلععى نععوح ‪ ،‬تهععاوت‬
‫شي على قلوبنا‬ ‫غ ِ‬
‫أكاليل رؤوسنا ‪ ،‬فويل لنا لننا قد أخطأنا ‪ ،‬لهذا ُ‬
‫‪ ،‬وأظلمت عيوننا ‪ ،‬لن جبععل صععهيون أصععبح أطلل ‪ ،‬ترتععع فيععه‬
‫الثعالب " ‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫فلسطين عبر التاريخ‬
‫منذ نشأة مملكة اليهود الولى ‪ ،‬وحتى‬
‫نشأة دولتهم الثانية‬
‫تاريخ ما قبل الميلد ‪:‬‬
‫طالوت ) شاول ( ملكًا على اليهود ‪ 1020 .‬ق‪.‬م‬
‫عصر الملك سليمان وبناء الهيكل فعي القعدس ‪928 – 965 .‬‬
‫ق‪.‬م‬
‫تقسععيم دولععة إسععرائيل الععى مملكععة إسععرائيل ) شععمالية ( ويهععودا‬
‫) جنوبية ( ‪ 928 .‬ق‪.‬م‬
‫فلسطين تحت الحكم الشوري ‪ 732 .‬ق‪.‬م‬
‫فتععح الشععوريون لمملكععة إسععرائيل ‪ ،‬ونهايععة مملكععة إسععرائيل‬
‫) الشمالية ( ‪ 721 .‬ق‪.‬م‬
‫انتصار البابليين بقيادة " نبوخذ نصر" على مملكة يهععودا ) فععي‬
‫القدس ( ‪ ،‬وتدمير الهيكل ‪ ،‬وترحيععل سععكانها إلععى بابععل ‪586 .‬‬
‫ق‪.‬م‬
‫السكندر يهزم الفرس ‪ ،‬وتصبح فلسطين تحت الحكععم اليونععاني ‪.‬‬
‫‪ 333‬ق‪.‬م‬
‫موت السكندر يؤدي لتغيير الحكععم الععى البطالسععة ) فععي مصععر (‬
‫والسالوقيين ) في سوريا ( ‪ 323 .‬ق‪.‬م‬
‫بداية حكم البطالسة ‪ 301 .‬ق‪.‬م‬
‫تمعّرد المكععابيين ) اليهععود ( ضععد الحكععم السععالوقي ‪ ،‬للعمععل علععى‬
‫إنشاء دولة يهودية مستقلة ‪ 165 .‬ق‪.‬م‬
‫‪245‬‬
‫فلسطين ضمن المبراطورية الرومانيععة ) بعععد اسععتيلء الرومععان‬
‫عليها ( ‪ 63 .‬ق‪.‬م‬
‫استيلء الفرس على فلسطين ‪ 40 .‬ق‪.‬م‬
‫عودة الحكم الروماني الوثني للمنطقة ‪ 38 .‬ق‪.‬م‬
‫القضاء علععى المكعابيين وابتععداء حكععم الهرادسععة فعي فلسععطين ‪.‬‬
‫‪ 37‬ق‪.‬م‬
‫تاريخ ما بعد الميلد ‪:‬‬
‫تدمير الهيكل الثاني علععى يععد المععبراطور الرومععاني ) تيطععس أو‬
‫تايتوس ( ‪70 .‬م‬
‫إخمععاد ثععورة ) باركوبععا ( اليهععودي ضععد الرومععان ‪ ،‬وإبعععاد بقيععة‬
‫اليهود عن القدس ‪ ،‬على يععد المععبراطور ) هادريععان ( ‪-132 .‬‬
‫‪135‬م‬
‫فلسطين تحت الحكم البيزنطي ) نسبة إلى بيزنطععة ( ‪– 313 .‬‬
‫‪638‬م‬
‫سععس المععبراطور قسععطنطين ‪ ،‬الععذي جعععل‬ ‫) فععي عععام ‪330‬م أ ّ‬
‫المسيحية الدين الرسمي للمبراطورية ‪ ،‬عاصمة جديدة للنصععف‬
‫عرفععت بالقسععطنطينية ‪ .‬وفععي عععام ‪395‬م‬ ‫الشععرقي فععي بيزنطععة ُ‬
‫انقسعععمت المبراطوريعععة الرومانيعععة ‪ ،‬إلعععى قسعععمين ‪ :‬شعععرقية‬
‫عاصمتها بيزنطة ) القسطنطينية ( وغربيععة وعاصععمتها رومععا ‪،‬‬
‫ومع اتخاذ المسيحية كديانععة رسععمية للمبراطوريععة الرومانيععة ‪،‬‬
‫بدأ عصر الضطهاد المسععيحي لليهععود ‪ ،‬واسععتمّر حععتى منتصععف‬
‫القرن الماضي (‬

‫‪246‬‬
‫العرب المسلمون يفتحون فلسطين ‪ ،‬في عهععد الخليفععة عمععر بععن‬
‫الخطاب ‪638 .‬م‬
‫فلسعععطين تحعععت الحكعععم السعععلمي ) المويعععون ‪ ،‬العباسعععيون ‪،‬‬
‫الفاطميون ‪ ،‬السلجقة ( ‪1099 - 638 .‬م‬
‫الصععليبيون يقيمععون المملكععة اللتينيععة فععي القععدس ‪- 1099 .‬‬
‫‪1187‬م‬
‫صععلح الععدين اليععوبي يهععزم الصععليبيين فععي معركععة حطيععن ‪.‬‬
‫‪1187‬م‬
‫فلسطين تحت حكم المماليك بعد هزيمة المغععول فععى موقعععة عيععن‬
‫جالوت ‪1220 .‬م‬
‫فلسطين جزء من المبراطوريععة العثمانيععة وعاصععمتها اسععتنبول‬
‫) القسطنطينية ( ‪1917 - 1516 .‬م‬
‫تاريخ فلسطين الحديث ‪:‬‬
‫إنشععاء أول مسععتوطنة زراعيععة صععهيونية ) بتععاح تكفععا ( فععي‬
‫فلسطين ‪1878 .‬م‬
‫البارون ) ادموند دورتشععلد ( ‪ ،‬يبععدأ دعمععه المععالي للمسععتوطنات‬
‫اليهودية ‪1882 .‬م‬
‫أول موجععة مععن ‪ 25‬ألععف مهععاجر صععهيوني تععدخل فلسععطين ‪،‬‬
‫وغالبيتهم من أوروبا الشرقية ‪1903 – 1882 .‬م‬
‫ينعقد المؤتمر الصهيوني الول " في بال بسويسرا " ويصدر "‬
‫برنامج بال " الذي يدعو إلى إقامععة وطععن للشعععب اليهععودي فععي‬
‫فلسعععطين ‪ ،‬ويقعععرر إنشعععاء ) المنظمعععة الصعععهيونية العالميعععة‬
‫‪ ، ( WZO‬للعمل من أجل هذا الهدف ‪1897 .‬م‬
‫‪247‬‬
‫إنشاء أول كيبوتز على قاعدة العمل اليهودي ‪ ،‬إنشعاء قاععدة تععل‬
‫أبيب شمالي يافا ‪1909 .‬م‬
‫بداية الحرب العالمية الولى ‪1914 .‬م‬
‫المراسععلت بيععن الشععريف حسععين )شععريف مكععة وقععائد الثععورة‬
‫العربيعععة ضعععد العثمعععانيون ( ‪ ،‬وبيعععن سعععير هنعععري مكمعععاهون‬
‫) المنععدوب السععامي فععي مصععر ( ‪ ،‬تنتهععي إلععى اتفععاق اسععتقلل‬
‫ووحدة البلد العربية ‪ ،‬تحت الحكم العربععي بعععد انتهععاء الحععرب ‪.‬‬
‫‪3/1/1916‬م‬
‫اتفاقية ) سايكس بيكو ( السععرية ‪ ،‬لتقسععيم البلد العربيععة ‪ ،‬الععتي‬
‫كععععانت تحععععت الحكععععم العثمععععاني بيععععن بريطانيععععا وفرنسععععا ‪.‬‬
‫‪16/5/1916‬م‬
‫) وقد كشف البلشفة ) الععروس ( النقععاب عنهععا فععي تشععرين أول‬
‫‪1917‬م (‬
‫الشريف حسعين يعلعن اسعتقلل الععرب ‪ ،‬ععن الحكعم العثمعاني ‪،‬‬
‫وبداية الثورة العربية ‪1916 .‬م‬
‫وزير الخارجية البريطاني ) بلفور ( ‪ ،‬يتعهد بالدعم البريطععاني ‪،‬‬
‫لوطن قومي لليهود في فلسطين ‪2/11/1917 .‬م‬
‫قوات الحلفاء بقيادة الجنرال اللنععبي البريطععاني تحتععل فلسععطين ‪.‬‬
‫‪9/1917/-‬م‬
‫نهاية الحرب العالمية الولى ‪30/10/1918 .‬م‬
‫المجلععس العلععى لمععؤتمر السععلم سععان ريمععو يعطععي بريطانيععا‬
‫النتداب على فلسطين ‪25/4/1920 .‬م‬

‫‪248‬‬
‫المنععدوب السععامي سععير هربععرت صععموئيل السياسععي اليهععودي‬
‫النجليزي يدشن " الدارة المدنية البريطانية " ‪1/7/1920 .‬م‬
‫عصبة المم تقّر النتداب على فلسطين ‪24/7/1921 .‬م‬
‫بداينننننة الحنننننرب العالمينننننة الثانينننننة ‪.‬‬
‫‪1/9/1938‬م‬
‫اللجنععة المريكيععة – النجليزيععة لتقصععي الحقععائق ‪ ،‬تصععل إلععى‬
‫فلسطين ‪6/3/1946 .‬م‬
‫تقرير اللجنة المريكية النجليزيععة يقععدر حجععم القععوات المسععلحة‬
‫اليهوديععة ) ‪ ( 69 - 61‬ألععف فععرد ‪ ،‬ويوصععي بقبععول ‪100.000‬‬
‫يهودي في فلسطين ‪ ،‬وفلسعطين تضعرب احتجاجعا ‪ ) .‬هنعا تعدخل‬
‫العناية المريكية ( ‪5/1946/- .‬م‬
‫لجنعة المعم المتحعدة الخاصعة تقعترح خطعة للتقسعيم ‪ ،‬والجامععة‬
‫العربية ترفضها ‪ 8/9/1947 .‬م‬
‫بريطانيا تعلن أنها ستغادر فلسطين خلل ستة شععهور إذا لععم يتععم‬
‫التوصل الى تسوية ‪29/10/1947 .‬م‬
‫الجمعية العامة للمم المتحععدة ‪ ،‬توصععي بتقسععيم فلسععطين بنسععبة‬
‫‪ %56.5‬لدولععة يهوديععة ‪ ،‬ونسععبة ‪ %43‬للدولععة الفلسععطينية ‪،‬‬
‫ومنطقة دولية حول القدس ‪29/11/1947 .‬م‬
‫الجامعععة العربيععة تنظععم جيععش النقععاذ العربععي ) قععوة متطععوعين‬
‫بقيععادة فععوزي القععاوقجي ‪ ،‬لمسععاعدة الفلسععطينيين فععي مقاومععة‬
‫التقسيم ( ‪12/1947/- .‬م‬
‫بريطانيعععا توصعععي المعععم المتحعععدة ‪ ،‬بإنشعععاء دولعععتين يهوديعععة‬
‫وفلسطينية ‪ ،‬بعد أسبوعين من انتهاء النتداب ‪8/12/1947 .‬م‬
‫‪249‬‬
‫جيععش النقععاذ العربععي يشععن هجمععات ناجحععة علععى المسععتعمرات‬
‫السرائيلية شمالي بيسان ‪16/2/1948 .‬م‬
‫القاوقجي يدخل فلسطين ويقود وحععدات جيععش النقععاذ فععي مثلععث‬
‫جنين – نابلس‪ -‬طولكرم ‪7/3/1948-5 .‬م‬
‫الرئيس المريكععي ) ترومععان ( يععدعو الععى هدنععة فوريععة للقتععال ‪.‬‬
‫‪25/3/1948‬م‬
‫عصابة شتيرن ترتكب مذبحة في دير ياسين بالقرب مععن القععدس‬
‫تسفر عن مقتل اكثر من ‪ 250‬شخصًا ‪9/4/1948 .‬م‬
‫قرار لمجلس المن يدعو إلى هدنة ‪17/4/1948 .‬م‬
‫نهاية النتداب البريطنناني ‪ ،‬وإعلن الدولننة‬
‫السننننننرائيلية مننننننن تننننننل أبيننننننب ‪.‬‬
‫‪15/5/1948‬م‬
‫القوات اللبنانية تعبر الحدود وتستعيد مؤقتا قرى المالكية وقدس‬
‫من الهاجاناة ‪17/5/1948 -15 .‬م‬
‫القععوات الردنيععة تعععبر نهععر الردن ‪ ،‬وتتحععرك صععوب القععدس ‪،‬‬
‫وتسيطر على الشيخ جراح والحي اليهودي ‪ ،‬في المدينة القديمة‬
‫‪28/5/1948 -15 .‬م‬
‫الوحدات العراقية تعبر نهر الردن ‪ ،‬وتتحرك نحو مثلث نابلس ‪،‬‬
‫جنين ‪ ،‬طولكرم ‪4/6/1948 – 15/5 .‬م‬
‫القوات المصرية تعبر الحدود ‪ ،‬وتتحرك عبر الساحل إلى اسععدود‬
‫‪7/6/19489 – 15/5 .‬م‬
‫تقدم الطوابير السورية عبر الشمال ‪10/6/1948 -16/5 .‬م‬

‫‪250‬‬
‫مجلس المن الععدولي يعيععن الكععونت ) فولععك برنععادوت ( كوسععيط‬
‫دولي في فلسطين ‪20/5/1948 .‬م‬
‫قعععرار مجلعععس المعععن العععدولي ‪ ،‬بوقعععف إطلق النعععار ‪/22/5 .‬‬
‫‪1948‬م‬
‫الهدنة الولى ‪8/7/1948 -11/6 .‬م‬
‫الهدنة الثانية ‪15/10/1948 -18/7 .‬م‬
‫تقرير الوسيط الععدولي ) برنععادوت ( يقعترح تقسعيم فلسعطين الععى‬
‫دولتين ؛ عربية وإسععرائيلية ‪ ،‬مععع بقععاء القععدس منطقععة دوليععة ‪،‬‬
‫وُترفض من العرب وإسرائيل ‪16/9/1948 .‬م‬
‫اغتيععال الوسععيط الععدولي ) برنععادوت ( فععي القععدس ‪ ،‬بواسععطة‬
‫عصابة شتيرن ‪ ،‬ويخلفه نائبه المريكي ) رالف باتش ( ‪.‬‬
‫عام ‪1949‬م ‪:‬‬
‫توقيع اتفاقيات الهدنة من قبععل الععدول العربيععة الععتي شععاركت فععي‬
‫حرب ‪ 48‬باستثناء العراق ‪:‬‬
‫‪ 24/2‬الهدنة المصرية – السرائيلية ‪.‬‬
‫‪ 23/3‬الهدنة اللبنانية – السرائيلية ‪.‬‬
‫‪ 3/4‬الهدنة الردنية ‪ -‬السرائيلية ‪.‬‬
‫‪ 20/5‬الهدنة السورية – السرائيلية ‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫المراحل الزمنية في تاريننخ اليهننود حسننب‬
‫ما جاءت في سورة السراء‬
‫توضح اليات من ) ‪ ( 8 – 4‬من سورة السراء ‪ ،‬خمس مراحل‬
‫زمنية ‪ ،‬من تاريخ بني إسرائيل ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫ب‬
‫سعراِئيَل ِفعي اْلِكَتعععا ِ‬‫ضْيَنا ِإَلعى َبِنعي إ ْ‬ ‫♦ المرحلة الولى ‪َ ) :‬وَق َ‬
‫عُلّوا َكِبيًرا )‪(4‬‬‫ن ُ‬‫ن َوَلَتْعُل ّ‬
‫ض َمّرَتْي ِ‬
‫ن ِفي اَْلْر ِ‬ ‫سُد ّ‬‫َلُتْف ِ‬
‫) زمن موسى عليه السععلم ‪ ،‬حيعث أوحعى إليععه ربعه ععز وجعل ‪،‬‬
‫فيمعا أنعزل إليعه معن الكتعاب نعص هعذه النبعوءة ‪ ،‬والرجعح أنهعا‬
‫أنزلت في بداية فترة التيه قبل أربعين عاما ‪ ،‬مععن دخععولهم الول‬
‫للرض المقدسة ( ‪.‬‬
‫ععععععُد ُأوَلُهَمعععععا‬ ‫♦ المرحلعععععة الثانيعععععة ‪َ ) :‬فعععععِإَذا َ‬
‫جعععععاَء َو ْ‬
‫عًدا َمْفُعوًل )‪(5‬‬ ‫ن َو ْ‬
‫………………… …… …… َوَكا َ‬
‫) منعذ نهايعة فعترة العتيه … بععدء حعرب الملععك طعالوت ‪ ،‬لععدخول‬
‫الرض المقدسة …ُملك ونبّوة داود وسليمان عليهما السلم …‬
‫ُملك ُمتوارث بدون نبّوة ‪ :‬فساد وإفساد … حععتى السععبي البععابلي‬
‫سنة ‪ 586‬قبل الميلد ( ‪.‬‬
‫♦ المرحلة الثالثة ‪ُ … ) :‬ثّم … )‪(6‬‬
‫) منععذ السععبي البععابلي … بعععث عيسععى عليععه السععلم … نععزول‬
‫سورة السراء بنص هعذه النبعوءة سعنة ‪621‬م … إلععى معا قبععل‬
‫حرب ‪1948‬م ( ‪.‬‬
‫عَلْيِهعْم … … … …‬ ‫♦ المرحلة الرابعة ‪َ ) :‬رَدْدَنا َلُكعْم اْلَكعّرَة َ‬
‫عَلْوا َتْتِبيًرا )‪(7‬‬ ‫… َوِلُيَتّبُروا َما َ‬

‫‪252‬‬
‫) منذ قيام دولة إسرائيل ) ‪15/5/1948‬م ( … وانتصار الجيععش‬
‫إسرائيلي فععي حروبععه … ووصععول الدولععة إلععى قمععة مجععدها …‬
‫حتى نهايتها ( ‪.‬‬
‫ن عُْدُتْم عُْدَنا‬
‫حَمُكْم َوِإ ْ‬
‫ن َيْر َ‬
‫سى َرّبُكْم َأ ْ‬ ‫♦ المرحلة الخامسة ‪َ ) :‬‬
‫ع َ‬
‫… ) ‪(8‬‬
‫) منذ نهايععة إسععرائيل … قيععام الدولععة العربيععة المتحععدة فععي بلد‬
‫الشععام والععراق … الحعرب العالميععة النوويععة الثالثععة … ظهععور‬
‫المهععدي … معععارك المهععدي … قيععام المبراطوريععة السععلمية‬
‫وعاصعمتها القعدس … خعروج العدجال … نعزول عيسعى عليعه‬
‫السلم … هروب الدجال وأتباعه إلععى فلسععطين … قتععل الععدجال‬
‫… نطق الحجر والشجر … حتى الذبععح النهععائي لبنععي إسععرائيل‬
‫على أرض فلسطين ( ‪.‬‬

‫] نهاية الجزء الول [‬

‫‪253‬‬
‫الجزء الثاني‬
‫الفصل الول ‪:‬‬
‫المؤامرة اليهودية على العالم‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫النبنننننوءات التوراتينننننة بينننننن الماضننننني‬
‫والمستقبل‬
‫الفصل الثالث ‪:‬‬
‫النبنننننوءات النجيلينننننة بينننننن الماضننننني‬
‫والمستقبل‬
‫الفصل الرابع ‪:‬‬
‫الغربينننون وهنننوس النبنننوءات التوراتينننة‬
‫والنجيلية‬
‫الفصل الخامس ‪:‬‬
‫السياسنننة المريكينننة ونبنننوءات التنننوراة‬
‫والنجيل‬
‫الفصل السادس ‪:‬‬
‫دسنننة تنننأمر اليهنننود بتننندمير‬
‫الكتنننب المق ّ‬
‫أصحاب البعث‬

‫‪254‬‬
‫المؤامرة اليهودية على العالم‬
‫" ويععل للُمتععآمرين بالسععوء ‪ ،‬الععذين يحيكععون الش عّر ‪ ،‬وهععم فععي‬
‫ططوا له ) في‬ ‫مضاجعهم ‪ ،‬الذين ُينّفذون عند طلوع الفجر ‪ ،‬ما خ ّ‬
‫الليعععل ( ‪ ،‬لن ذلعععك فعععي ُمتنعععاول أيعععديهم ‪ ،‬يشعععتهون حقعععول‬
‫فيغتصبونها ‪ ،‬وبيوتا فيستولون عليها ‪ ،‬يجورون علععى الرجععل ‪،‬‬
‫وعلى بيته ‪ ،‬وعلى النسان وميراثه " ) التععوراة ‪ :‬سععفر ميخععا ‪،‬‬
‫‪. ( 2-1 :2‬‬
‫" قد باد الصععالح مععن الرض ‪ ،‬واختفععى الُمسععتقيم مععن النععاس ‪،‬‬
‫جميعهم يكمنون لسفك الدماء ‪ ،‬وكل واحععد منهععم يقتنععص أخععاه ‪.‬‬
‫جّد أيديهم في ارتكاب الش عّر ‪ ،‬ويسعععى الرئيععس والقاضععي وراء‬ ‫َت ِ‬
‫الرشوة ‪ ،‬ويملي العظيم عليهم أهععواء نفسععه ‪ ،‬فيتععآمرون جميعععا‬
‫ق ‪ .‬أفضلهم مثل العوسج ‪ ،‬وأكثرهم استقامة مثل سععياج‬ ‫على الح ّ‬
‫الشوك " ) التوراة ‪ :‬سفر ميخا ‪. ( 3-2 :7 ،‬‬
‫هذه النصوص التي تكشف حقيقة اليهود والعقلية التي يفّكرون ‪،‬‬
‫طهععا قلععم كععاتب عربععي أو غربععي حاقععد ‪ ،‬علععى اليهععود‬ ‫لععم تخ ّ‬
‫واليهودية ‪ ،‬من المعادين للسععامية اليهوديععة ‪ ،‬وإنمععا جععاءت فععي‬
‫التوراة ‪ ،‬كتاب اليهود والنصارى المقّدس ‪ .‬وبالرغم من ذلععك مععا‬
‫زال الكثير ‪ ،‬من مفكري وكتاب العرب فععي هععذا العصععر الغععبر ‪،‬‬
‫ينكر أن هناك مؤامرة ُتحاك ضد كل ما هو مسععلم ‪ ،‬وضععد كععل مععا‬
‫هو عربي ‪ ،‬بل ضد كل ما هعو غيعر يهعودي ‪ ،‬ويتهمعون كعل معن‬
‫يقول بذلك ‪ ،‬بأنه من مؤيدي نظرية المؤامرة ‪ ،‬التي ل أصععل لهععا‬
‫من الصحة ‪ .‬أما ما نقوله نحععن فععي هععؤلء أحععد أمريععن ‪ ،‬إمععا أن‬
‫يكونععوا شععركاء فععي المععؤامرة ‪ ،‬ويعملععون مععا بوسعععهم لتجهيععل‬
‫الناس بعلعم ‪ ،‬حععتى ل يتنّبهععوا لسعلحتها ورموزهععا فُيقاوموهعا ‪،‬‬
‫‪255‬‬
‫ب ‪ ،‬غيععر الععذي‬
‫وإما أن يكونوا ُأناس ‪ ،‬يعيشون على سععطح كععوك ٍ‬
‫نعيش فيه ‪ُ ،‬يدلون بدلوهم لُيضّلوا الناس بغير علم ‪.‬‬
‫الديانة اليهودية ‪:‬‬
‫لنعلم أن تسععمية القععرآن لبنععي إسععرائيل بععاليهود ‪ُ ،‬أطلقععت عليهععم‬
‫ك )‪ 156‬العععراف ( ‪ ،‬وذلععك بعععد اتخععاذهم‬ ‫لقولهم ) ِإّنععا ُهعْدَنا ِإَلْيع َ‬
‫العجل ‪ ،‬بمعنى أنهم أعلنوا التوبة عن فعلهم والرجوع إلى العع ‪،‬‬
‫وفي الحقيقة كان ذلععك قعولهم بألسعنتهم ‪ ،‬وأمععا قلععوبهم فُأشععربت‬
‫ص عْيَنا‬‫سِمْعَنا َوعَ َ‬ ‫شغفت بعبادة العجل ‪ ،‬حيث قال سبحانه ) َقاُلوا َ‬ ‫وُ‬
‫سَما َي عْأُمُرُكْم ِب عِه ِإيَمععاُنُكْم‬‫جَل ِبُكْفِرِهْم ُقْل ِبْئ َ‬ ‫شِرُبوا ِفي ُقُلوِبِهُم اْلِع ْ‬ ‫َوُأ ْ‬
‫ن )‪ 93‬البقععرة ( ‪ ،‬وكععان هععذا حععالهم بمعيععة نععبيهم‬ ‫ن ُكْنُتْم ُمْؤِمِني َ‬
‫ِإ ْ‬
‫موسى عليه السعلم ‪ .‬ولعم يختلعف حعالهم معع نبينعا محمعد عليعه‬
‫ن َهععاُدوا‬ ‫ن اّلعِذي َ‬‫الصععلة والسععلم ‪ ،‬حيععث قععال فيهععم سععبحانه ) ِمع َ‬
‫س عمَْع‬ ‫صْيَنا ‪َ ،‬وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫سِمْعَنا َو َ‬ ‫ن َ‬ ‫ضِعِه ‪َ ،‬وَيُقوُلو َ‬ ‫ن َمَوا ِ‬ ‫عْ‬ ‫ن اْلَكِلَم َ‬ ‫حّرُفو َ‬‫ُي َ‬
‫ن ‪َ ،‬وَل عْو َأّنُه عمْ‬
‫طْعًنععا ِفععي ال عّدي ِ‬ ‫سَنِتِهْم َو َ‬‫عَنا َلّيا ِبَأْل ِ‬‫سَمٍع ‪َ ،‬وَرا ِ‬ ‫غْيَر ُم ْ‬‫َ‬
‫خْيًرا َلُهْم َوَأْقَوَم َوَلِكنْ‬ ‫ن َ‬ ‫ظْرَنا ‪َ ،‬لَكا َ‬‫سَمْع َواْن ُ‬ ‫طْعَنا َوا ْ‬ ‫سِمْعَنا َوَأ َ‬‫َقاُلوا َ‬
‫ل )‪ 46‬النساء ( ‪.‬‬ ‫ن ِإّل َقِلي ً‬‫ل ُيْؤِمُنو َ‬ ‫ل ِبُكْفِرِهْم َف َ‬ ‫َلَعَنُهُم ا ُّ‬
‫وأما الديانة اليهودية ‪ :‬فهي معتقد ‪ ،‬اختلط فيه شيء ‪ ،‬من بقايععا‬
‫مشعععّوهة لكتعععب أنبيعععائهم ‪ ،‬معععع آراء وتفسعععيرات أحبعععارهم ‪،‬‬
‫ومعتقدات وأساطير وخرافات القوام ‪ ،‬التي عاشوا فيمععا بينهععا ‪،‬‬
‫على مّر العصور ‪ ،‬ومصدر هذه العقيدة في الصل هععو التععوراة ‪،‬‬
‫والتي سبق أن قلنا أنها ُكتبت بشكلها النهائي ‪ ،‬فععي القععرن الول‬
‫الميلدي ‪ ،‬قبععل خروجهععم النهععائي مععن فلسععطين ‪ ،‬وتشعّتتهم فععي‬
‫كافة أرجاء الرض ‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫وفيما بعد السبي البابلي ‪ ،‬قام كهنتهععم وأحبععارهم ) حكمععائهم ( ‪،‬‬
‫بتععأليف ُكتععب جمعععوا فيهععا ‪ ،‬معتقععداتهم وآرائهععم وشععروحهم‬
‫ت بععه موسععى‬ ‫للتوراة ‪ ،‬وقالوا أنها القانون الشفوي ‪ ،‬الذي لم يععأ ِ‬
‫عليععه السععلم مكتوبععا ‪ ،‬والععذي تنععاقلوه شععفاها عععبر الجيععال ‪،‬‬
‫سعّمي بععالتلمود ‪ ،‬والععذي يعتععبرونه‬ ‫جمعت هععذه المؤلفععات فيمععا ُ‬‫وُ‬
‫جمععع‬‫أكثر ُقدسية من التوراة نفسها ‪ ،‬ولديهما تلمععودان أحععدهما ُ‬
‫جمععع‬
‫ي تلمود أورشليم ‪ ،‬والخععر ُ‬ ‫سم َ‬‫في فلسطين عام ‪ 400‬م ‪ ،‬و ُ‬
‫ي تلمود بابل ‪ ،‬وهو الشهر ويقع في‬ ‫سم َ‬
‫في بابل عام ‪ 500‬م ‪ ،‬و ُ‬
‫‪ُ 36‬مجّلدا ‪ .‬وقد كان التلمود ُيعامععل بسععرية ‪ ،‬فيمععا بيععن اليهععود ‪،‬‬
‫وقد تم طبعه في أوروبا ‪ ،‬في القععرون الوسععطى ‪ ،‬وكّلمععا ُأكتشععف‬
‫أمره في الدول الوربيععة ‪ ،‬كععان ُيصععادر وُيجمعع وُيحععرق ‪ ،‬وكععان‬
‫اكتشافه سببا ‪ ،‬في كثير من حععالت الضععطهاد والتعععذيب والقتععل‬
‫والنفي لليهود ‪ .‬ومن هذا نخلص إلى أن الديانععة اليهوديععة ‪ ،‬هععي‬
‫ما جاء من معتقدات في التلمود أول وثانيا وثالثا … ‪ ،‬والتععوراة‬
‫على ما بقي فيها من وحي أخيرا ‪.‬‬
‫ماهية التلمود ومعتقدات اليهود ‪:‬‬
‫قال د‪ ) .‬جوزيف باركلي ( أحد الباحثين في التلمععود ‪ " :‬وبعععض‬
‫أقوال التلمععود مغععاٍل ) ُمبععالغ فيععه ( ‪ ،‬وبعضععها كريععه ‪ ،‬وبعضععها‬
‫الخر كفر ‪ .‬ولكنهععا تشعّكل فععي صععورتها المخلوطععة ‪ ،‬أثععرًا غيععر‬
‫عادي ‪ ،‬للجهد النساني ‪ ،‬وللعقل النساني ‪ ،‬وللحماقة النسععانية‬
‫"‪.‬‬
‫وممععا جععاء فععي التلمععود مععن تعععاليم ‪ ،‬نعععرض بعععض المقتطفععات‬
‫ي ) تعععاليم التلمععود ( لظفععر السععلم خععان ‪،‬‬‫التاليععة ‪ ،‬مععن كتععاب ّ‬
‫و) بروتوكولت حكماء صهيون ( لعجاج نويهض ‪:‬‬
‫‪257‬‬
‫يقععول عجععاج نععويهض ‪ " :‬هععذه الكلمععات للعلمععة ) بععولس حنععا‬
‫مسعد ( ‪ ،‬صاحب كتععاب ) همجيععة التعععاليم الصععهيونية ( ‪ ،‬وممععا‬
‫شععر بععه العععالم ‪،‬‬
‫قاله المؤلف في مقدمته ‪ " :‬للمسيحي إنجيلععه يب ّ‬
‫وللمسلم قرآنه ينشره بين جميع الشعععوب ‪ ،‬أمععا السععرائيلي فلععه‬
‫كتابععان ؛ كتععاب معععروف وهععو التععوراة ‪ ،‬ل يعمععل بععه ‪ ،‬والخععر‬
‫ضله علععى الول ويدرسععه‬ ‫مجهول ل يعرفه العالم ) التلمود ( ‪ ،‬يف ّ‬
‫خفية ‪ ،‬وهو أساس كل مصيبة ‪ .‬والنصارى يؤمنون بأن ال هععو‬
‫أبو الجميععع ‪ ،‬والمسععلمين يعععترفون بععأن الع رب العععالمين ‪ .‬أمععا‬
‫الصععهيونيون يريععدون أن يكععون اللععه ‪ ،‬لهععم وحععدهم ‪ ،‬زد علععى‬
‫ص على أن جميع خيرات الرض ‪ ،‬ملك لبني‬ ‫ذلك ‪ ،‬أن التلمود ين ّ‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬وأن النصععارى والمسععلمين وعبععدة الوثععان ‪ ،‬خلقععوا‬
‫عبيدا لهم ‪ .‬هم منحدرون من ال ‪ ،‬كمععا ينحععدر البععن مععن أبيععه ‪،‬‬
‫وشعوب الرض مشّتقة من الرواح النجسة ‪ ،‬ولم ُيعطوا صععورة‬
‫النسانية ‪ ،‬إل إكراما لبني إسرائيل " ‪.‬‬
‫نظرة التلمود لكافة البشر ‪:‬‬
‫المخلوقات نوعان ؛ علوي وسفلي ‪ .‬العالم يسععكنه سععبعون شعععبا‬
‫بسبعين لغة ‪ .‬إسرائيل صععفوة المخلوقععات ‪ ،‬واختععاره ال ع ‪ ،‬لكععي‬
‫تكون له السيادة العليا ‪ ،‬على بني البشر جميعا ‪ ،‬سععيادة النسععان‬
‫جن ‪ " .‬إن نفععوس اليهععود منّعععم عليهععا ‪ ،‬بععأن‬‫على الحيوان الُمععد ّ‬
‫تكون جزءا من ال ‪ ،‬فهي تنبثق من جوهر ال ‪ ،‬كما ينبثق الولد‬
‫من جوهر أبيه " ‪ ،‬و" هذا السبب يجعععل نفععس اليهععودي ‪ ،‬أكععثر‬
‫قبععول عنععد العع ‪ ،‬وأعظععم شععأنا عنععد العع ‪ ،‬مععن نفععوس سععائر‬
‫ق نفوسععهم مععن الشععيطان ‪ ،‬وهععي‬ ‫الشعععوب ‪ ،‬لن هععؤلء ُتشععت ّ‬
‫مشابهة لنفوس الحيوانات والجماد " ‪.‬‬
‫‪258‬‬
‫ولهذا يقول التلمود ‪ " :‬أن زرع ) نطفة ( الرجععل غيععر اليهععودي‬
‫هي زرع حيواني " ‪ .‬و" زرع الغراب كععزرع الحصععان " ‪ .‬و"‬
‫إن غير اليهود كلب عنععد اليهععود " ‪ .‬و" إن غيععر اليهععودي ‪ ،‬ل‬
‫يختلف بشيء عن الخنزير البري " ‪ .‬و" إن بيععوت غيععر اليهععود‬
‫زرائب للحيوانات " ‪ ،‬و" قد ُكتب على شعوب الرض ‪ :‬لحومكم‬
‫من لحوم الحمير ‪ ،‬وزرعكم من زرع الحيوانععات " ‪ .‬و" كمععا أن‬
‫ربة البيت تعيش من خيرات زوجها ‪ ،‬هكذا أبناء إسرائيل ‪ ،‬يجععب‬
‫أن يعيشوا من خيرات المم ‪ ،‬دون أن يتحّملوا عناء العمل " ‪.‬‬
‫نظرة التلمود إلى العرب ) القدماء ( ‪:‬‬
‫أمععة ُمحتقععرة ‪ ،‬مععن العععار الععزواج بعربيععة ‪ ،‬يعبععدون الصععنام ‪،‬‬
‫مرتكبو تسعة أعشار الجرائم في العالم ‪ ،‬صفتهم الغععدر وكراهيععة‬
‫اليهود ‪ ،‬كانوا قادة تخريب الهيكل مع نبوخذ نصر ‪.‬‬
‫التعامل مع الملل الخرى ‪:‬‬
‫" إن عبعععدة الوثعععان ‪ ،‬العععذين ل يعتنقعععون العععدين اليهعععودي ‪،‬‬
‫والمسيحيين والمسلمين ‪ ،‬هم في نظر اليهود أعداء ال ع وأعععداء‬
‫اليهود " ‪ .‬و" يسعمح التلمعود لصعدقاء الع وأقعاربه ‪ ،‬فعي أن‬
‫ن"‬ ‫ُيضّلوا الشرار " ‪ .‬و" ممنوع السلم علععى الكفععار " ‪ ،‬ولك ع ّ‬
‫ش الغريب وتععدينه بالربععا‬‫الرياء مسموح به " ‪ .‬و" ُيمكنك أن تغ ّ‬
‫الفاحش " ‪ .‬و" يجب انتزاع قلب النصراني من جسعده ‪ ،‬وإهلك‬
‫عليععة القععوم منهععم " ‪ .‬و" إذا رّد أحععد اليهععود إلععى الغريععب مععا‬
‫أضاعه ‪ ،‬فالرب ل يغفر له أبدا " ‪ .‬و" ُأقتل عبدة الوثععان ‪ ،‬ولععو‬
‫كان أكثر الناس كمال " ‪ .‬و" إذا وقع وثنععي فععي حفععرة فاسععددها‬
‫عليه بحجر " ‪ .‬و" من يسفك دم الكفععار ) غيععر اليهععود ( بيععده ‪،‬‬

‫‪259‬‬
‫يقّدم قربانا ُمرضيا ل " ‪ .‬وإجمال يقول التلمود ‪ :‬أن مععن ينتهععك‬
‫الوصايا العشر مع غير اليهود فهو جائز بل واجب ‪.‬‬
‫التجديف على الله ‪:‬‬
‫" اليهود يضعون التلمععود فععوق التععوراة ‪ ،‬والحاخععام فععوق الع ‪،‬‬
‫وال يقرأ وهععو واقععف علععى قععدميه ‪ ،‬ومععا يقععوله الحاخععام يفعلععه‬
‫ال ع ‪ ،‬إن تعععاليم اللهععوتيين فععي التلمععود ‪ ،‬لهععي أطيععب مععن كلم‬
‫الشععريعة ) كلم الع ( ‪ ،‬والخطايععا الُمقترفععة ضععد التلمععود ‪ ،‬لهععي‬
‫أعظم من المقترفة ضد التوراة " ‪ .‬و" إن الرباني مناحيم ُيطلعنا‬
‫بالتفاق مع كثير من العلماء ‪ ،‬علععى أن الع يأخععذ رأي الربععانيين‬
‫علععى الرض ‪ ،‬فععي المشععاكل الععتي تنشععأ فععي السععماء " ‪ .‬و" إن‬
‫كلمات الربانيين أشعّد عذوبععة مععن كلمععات النبيععاء … وذلععك لن‬
‫كلماتهم هي كلمات ال " ‪.‬‬
‫و" إن ال قد تاب عن تركه بني إسرائيل ‪ ،‬يرتطمون في الشععقاء‬
‫‪ ،‬كمن يتوب عن إثم شخصي ‪ . " … ،‬و" أن ال ع عنععدما ُيقسععم‬
‫في كعل معرة ‪ ،‬بعدون ُمعبّرر معقعول ‪ ،‬فمعن اللزم أن يحعّل قسعمه‬
‫بقسععم آخععر نظيععره ‪ . " … ،‬و" أن ال ع قععد أقسععم بغيععر عععدل ‪،‬‬
‫وارتكب خطيئة الكذب ‪ ،‬لكععي يلقععي السععلم والععوئام ‪ ،‬بيععن سععارة‬
‫ب إلععى الع مععن الملئكععة ‪ ،‬فالععذي‬ ‫وإبراهيم " ‪ .‬و" أن اليهود أح ّ‬
‫يصفع اليهودي ‪ ،‬كمن يصفع العناية اللهية سواء بسواء ‪ ،‬وهذا‬
‫ُيفسر لنا ‪ ،‬استحقاق الوثني وغيععر اليهععودي المععوت ‪ ،‬إذا ضععرب‬
‫يهوديا " ‪ .‬و" وإذا أراد الرجل أن يقترف ذنبا ‪ ،‬فعليه أن يععذهب‬
‫إلى مكان ‪ ،‬هو مجهول فيه ‪ ،‬لئل ُيهين ال علنية " ‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫الملئكة ‪:‬‬
‫" إن عمل الملئكة الرئيسي ‪ ،‬سكب النععوم علععى عيععون البشععر ‪،‬‬
‫وحراستهم في الليل ‪ ،‬أما في النهار فإنهم ُيص عّلون عععن البشععر ‪،‬‬
‫ولذلك ‪ ،‬يجب أن نلتجئ إليهم " ‪.‬‬
‫النبياء ‪:‬‬
‫" أن إبراهيم أكل ‪ 74‬رجل ‪ ،‬وشرب دمائهم دفعة واحدة ‪ ،‬ولذلك‬
‫كان له قوة ‪ 74‬رجل " ‪ .‬وصفوا عيسععى عليععه السععلم بععالحمق‬
‫والمجذوم و" غشععاش بنععي إسععرائيل " ‪ ،‬واتهمععوا أمععه بالزنععا ‪،‬‬
‫وتلميذه بالملحدين ‪ ،‬والنجيل بالكتاب المملوء بالثم ‪.‬‬
‫التنجيم ‪:‬‬
‫يعتقععد التلمععود اعتقععادا جازمععا ‪ ،‬بععأن التنجيععم علععم يتحكععم بحيععاة‬
‫الناس ‪ ،‬ومن أقوالهم ‪ " :‬إن تععأثير النجععوم تجعععل الرجععل ذكيععا ‪،‬‬
‫وبنو إسرائيل تحت تأثير النجوم " ‪ " ،‬إن كسععوف الشععمس آيععة‬
‫سوء للشعوب ‪ ،‬وخسوف القمععر آيععة سععوء لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬لن‬
‫إسرائيل تعتمد في بقائها على القمر " ‪.‬‬
‫السحر ‪:‬‬
‫والتلمععود مليععء بطقععوس السععحر والشعععوذة والعرافععة ‪ ،‬وطععرق‬
‫ن ‪ ،‬وفيه أن الرواح الشريرة والشياطين والجنيعات‬ ‫التصال بالج ّ‬
‫‪ ،‬من ذريععة آدم ‪ .‬وأنهععم يطيععرون فععي كععل اتجععاه ‪ ،‬وهععم يعرفععون‬
‫أحععوال المسععتقبل ‪ ،‬باسععتراق السععمع ‪ ،‬وهععم يععأكلون ويشععربون‬
‫ويتكاثرون مثل النسان ‪ ،‬ويجوز للناس استشارة الشيطان ‪ ،‬في‬
‫آخر أيام السبوع ‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫الروح والبعث والجزاء ‪:‬‬
‫لهم فيها أقوال شتى ‪ " ،‬تنتقل نفس اليهودي بعد موته إلى جسد‬
‫آخر ‪ ،‬وعندما يلفظ المتقدم في السن أنفاسه ‪ ،‬تسععرع نفسععه إلععى‬
‫جنين في بطن أمه " ‪ .‬ومنها ؛ أن اليهودي الععذين يقتععل يهوديععا‬
‫" تدخل روحه في الحيوانات والنباتات ‪ ،‬ثم تذهب إلععى الجحيععم ‪،‬‬
‫ي عشر شهرا ‪ ،‬ثم تعود ثانية لتععدخل‬ ‫وتعّذب عذابا أليما ‪ ،‬مدة اثن ّ‬
‫في الجمادات ‪ ،‬ثم في الحيوانات ‪ ،‬ثم في الععوثنيين ‪ ،‬حععتى ترجععع‬
‫إلى جسد يهععودي بعععد تطهيرهععا " ‪ .‬ويقولععون أن الجنععة ‪ ،‬ليععس‬
‫فيهعععا أكعععل أو شعععرب ‪ ،‬أو زواج أو تناسعععل … ‪ ،‬وإنمعععا يجلعععس‬
‫الصالح فيها بوقار وسععكينة ‪ ،‬ويقولععون أن نععار جهنععم ل سععلطان‬
‫لها ‪ ،‬علععى ُمععذنبي بنععي إسععرائيل ‪ ،‬ول سععلطان لهععا علععى تلمععذة‬
‫الحكماء ‪.‬‬
‫ويقولون أنه ل حساب بعد انفصال الروح عن الجسد ‪ .‬ويقولععون‬
‫" المشعععروبات السعععماوية هعععي الخمعععور الفعععاخرة ‪ ،‬المعّتقعععة‬
‫المحفوظة من يععوم الخليقععة السععادس ‪ ،‬وهععذه الجّنععة اللذيععذة ‪ ،‬ل‬
‫جون في نار جهنععم‬ ‫يدخلها إل اليهود الصالحون ‪ ،‬أما الباقون فُيز ّ‬
‫" ‪ .‬و" … ‪ ،‬ويععععأتي المسععععلمون بعععععد النصععععارى ‪ ،‬لنهععععم ل‬
‫يغسععلون ‪ ،‬سععوى أيععديهم وأرجلهععم وأفخععاذهم وعععوراتهم ‪ ،‬كععل‬
‫هؤلء ‪ُ ،‬يحشرون حشرا في جهنم ‪ ،‬ول يغادرونها أبدا " ‪.‬‬
‫التطلع الدائم للملك ‪:‬‬
‫" إن المسيح ) الذي ينتظرون ظهوره ( ُيعيد قضععيب الُملععك إلععى‬
‫إسرائيل ‪ ،‬فتخدمه الشعوب وتخضع لعه الممالعك " ‪ " ،‬ول يعأتي‬
‫ما لم ينقرض ُملك الشعوب غير اليهودية " ‪ " ،‬ذلك أن إسرائيل‬
‫إذا كان صالحا ‪ ،‬يجب عليه أن يعمل بغير هوادة ‪ ،‬في العمل على‬
‫‪262‬‬
‫أن ينبععذ المتس عّلطين ) الحكععام ( علععى الشعععوب نبععذ النععواة ‪ ،‬لن‬
‫السلطة على الشعوب غير اليهودية ‪ ،‬هي من نصيب اليهود فقط‬
‫‪ ،‬وفي كل مكان يدخله اليهود ‪ ،‬يجب أن يكونوا هم المتسععّلطين ‪،‬‬
‫وطالما هم بعيدون ‪ ،‬عن تحقيق هذه الفكرة ‪ ،‬فيعتععبرون أنفسععهم‬
‫منفيين وغرباء " ‪.‬‬
‫صععل لععدينا لمععا جععاء فععي‬ ‫) وهذا المقتطفات جزء يسععير ‪ ،‬ممععا تح ّ‬
‫التلمود ‪ ،‬من أفكار وأقوال لحاخامات اليهود ( ‪.‬‬
‫ضععِعِه‬ ‫ن مََوا ِ‬ ‫ععع ْ‬ ‫ن اْلَكِلععَم َ‬
‫حّرُفععو َ‬ ‫ن َهععاُدوا ُي َ‬ ‫ن اّلععِذي َ‬‫قععال تعععالى ) ِمعع َ‬
‫سَنِتِهمْ‬ ‫عَنا َلّيا ِبَأْل ِ‬
‫سَمٍع َوَرا ِ‬ ‫غْيَر ُم ْ‬ ‫سَمْع َ‬ ‫صْيَنا َوا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫سِمْعَنا َو َ‬ ‫ن َ‬ ‫َوَيُقوُلو َ‬
‫ظْرَنععا‬ ‫سعَمْع َواْن ُ‬ ‫طْعَنععا َوا ْ‬‫سعِمْعَنا َوَأ َ‬ ‫ن َوَلْو َأّنُهْم َقععاُلوا َ‬ ‫طْعًنا ِفي الّدي ِ‬ ‫َو َ‬
‫ن ِإّل‬ ‫ل ُيْؤِمُنععو َ‬ ‫لع ِبُكْفِرِهعْم َف َ‬ ‫ن َلَعَنُهعُم ا ُّ‬‫خْيًرا َلُهعْم َوَأْقعَوَم َوَلِكع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َلَكا َ‬
‫ب َءاِمُنوا ِبَما َنّزْلَنا ُمصَ عّدًقا ِلمَععا‬ ‫ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ‬ ‫ل )‪ (46‬يَأّيَها اّلِذي َ‬ ‫َقِلي ً‬
‫عَلععى َأْدَباِرَهععا َأْو َنْلَعَنُهعمْ‬ ‫جوًها َفَنُرّدَهععا َ‬ ‫س ُو ُ‬‫طِم َ‬ ‫ن َن ْ‬‫ن َقْبِل َأ ْ‬ ‫َمَعُكْم ِم ْ‬
‫لع َل‬ ‫لع َمْفُععوًل )‪ِ (47‬إنّ ا َّ‬ ‫ن َأْمعُر ا ِّ‬ ‫ت َوَكعا َ‬ ‫سعْب ِ‬‫ب ال ّ‬ ‫حا َ‬ ‫صع َ‬‫َكَما َلَعّنا َأ ْ‬
‫ك ِبععا ِّ‬
‫ل‬ ‫ن ُيشِْر ْ‬ ‫شاُء َوَم ْ‬ ‫ن َي َ‬ ‫ك ِلَم ْ‬‫ن َذِل َ‬
‫ك ِبِه َوَيْغِفُر َما ُدو َ‬ ‫شَر َ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫َيْغِفُر َأ ْ‬
‫س عُهْم َب عِل‬ ‫ن َأْنُف َ‬‫ن ُيَزّكو َ‬ ‫ظيًما )‪َ (48‬أَلْم َتَر ِإَلى اّلِذي َ‬ ‫عِ‬ ‫َفَقِد اْفَتَرى ِإْثًما َ‬
‫ظ عْر َكْي عفَ َيْفَت عُرو َ‬
‫ن‬ ‫ل )‪ (49‬اْن ُ‬ ‫ن َفِتي ً‬‫ظَلُمععو َ‬ ‫شاُء َوَل ُي ْ‬ ‫ن َي َ‬‫ل ُيَزّكي َم ْ‬ ‫ا ُّ‬
‫ب َوَكَفى ِبِه ِإْثًما ُمِبيًنا )‪َ (50‬أَلْم َتَر ِإَلععى اّلعِذينَ ُأوُتععوا‬ ‫ل اْلَكِذ َ‬ ‫عَلى ا ِّ‬ ‫َ‬
‫ن ِلّلعِذينَ‬ ‫ت َوَيُقوُلععو َ‬ ‫غو ِ‬ ‫طععا ُ‬‫ت َوال ّ‬ ‫جْب ِ‬‫ن ِبععاْل ِ‬‫ب ُيْؤِمُنععو َ‬ ‫ن اْلِكَتععا ِ‬‫صيًبا ِم َ‬ ‫َن ِ‬
‫ل )‪ُ (51‬أوَلِئكَ اّلعِذينَ‬ ‫سعِبي ً‬‫ن َءاَمُنعوا َ‬ ‫ن اّلعِذي َ‬ ‫َكَفُروا َهُؤَلِء َأْهعَدى ِمع َ‬
‫صيًرا )‪ 52‬النساء ( ‪.‬‬ ‫جَد َلُه َن ِ‬‫ن َت ِ‬ ‫ل َفَل ْ‬‫ن ا ُّ‬‫ن َيْلَع ِ‬
‫ل َوَم ْ‬ ‫َلَعَنُهُم ا ُّ‬
‫المؤامرة اليهودية ‪:‬‬
‫هي شجرة شيطانية ‪ ،‬ل تراها فوق أنفك ‪ ،‬ول ترى رسمها فععوق‬
‫السعععطور ‪ ،‬بعععذورها التعععوراة ‪ ،‬وجعععذورها التلمعععود ‪ ،‬وجعععذعها‬
‫‪263‬‬
‫بروتوكولت الحكماء ‪ ،‬وفروعهععا الهيئات والمنظمععات الدوليععة ‪،‬‬
‫وأوراقها كععل وسععائل العلم المرئيععة والمسععموعة والمكتوبععة ‪،‬‬
‫وثمارها اللحاد والنحلل ‪ُ .‬أنتجت بععذورها فععي ألمانيععا ‪ ،‬ونقلععت‬
‫سقيت بماء الذهب ‪ ،‬وأضيف إليهععا سععماد‬ ‫وُزرعت في بريطانيا و ُ‬
‫غرست فععي أمريكععا ‪ ،‬ذات‬ ‫الشهوة ‪ ،‬ولما استقام عودها ‪ُ ،‬نقلت و ُ‬
‫الراضي الخصبة ‪ ،‬لمثل هذا النوع من الشجار ‪ ،‬فاشععتّد عودهععا‬
‫وارتفع ‪ ،‬حتى بلععغ عنععان السععماء ‪ ،‬وامتععدت جععذورها إلععى شععتى‬
‫بقاع الرض ‪ ،‬وبدأنا نقطف شععيئا مععن بععواكير ثمارهععا ‪ ،‬وعنععدما‬
‫ينضععب مععاء الععذهب مععن الرض ‪ ،‬سععتعلن حربهععا المععدّمرة علععى‬
‫الععععالم ‪ ،‬لنقطعععف الفعععوج الثعععاني معععن ثمعععار الفقعععر والمجاععععة‬
‫والمرض ‪ ،‬ول علج ‪ .‬آنذاك يأتي يوم الحصاد ‪ ،‬قيام مملكة داود‬
‫صععب العجععل‬‫الدكتاتورية العالمية البدية ‪ ،‬في قدس القداس ‪ ،‬لُين ّ‬
‫الذهبي ‪ ،‬إله أوحدا لكل البشر ‪ ،‬على أطلل المسجد القصى ‪.‬‬
‫المؤامرة الولى في تاريخ بني إسرائيل‬
‫ه‬
‫وت ِ ِ‬
‫خنن َ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ف َ‬‫سنن َ‬ ‫في ُيو ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫قدْ َ‬
‫كا َ‬ ‫قال تعالى ) ل َ َ‬
‫ن )‪(7‬‬ ‫سائ ِِلي َ‬‫ت ِلل ّ‬ ‫ءاَيا ٌ‬
‫َ‬
‫سورة يوسف وبالرغم من تسميتها باسمه عليه السلم ‪ ،‬تحكععي‬
‫في الواقع ‪ ،‬قصة ُأخوة يوسف ‪ ،‬وتروي تفاصععيل أول مععؤامرة ‪،‬‬
‫حاكها ونفععذها بنععوا إسععرائيل ) يعقععوب ( بععدم بععارد ‪ ،‬ضععد أبيهععم‬
‫وأخيهم يوسف عليهما السلم ‪ ،‬أحّبهم إلى قلب أبيه ‪ ،‬وبوحشععية‬
‫منقطعععة النظيععر ‪ ،‬وقععوله تعععالى ) فععي يوسععف وأخععوته آيععات‬
‫للسائلين ( ‪ ،‬يؤكععد أن موضععوع السععورة ‪ ،‬هععو مععا قععام بععه أخععوة‬
‫يوسععف مععن أفعععال ‪ ،‬تععدّل علععى عععدم إيمععانهم بععال ومععا جععاء بععه‬
‫أنبياءه ‪ ،‬من علم وموعظة وحكمة ‪ ،‬من آبائهم إبراهيم وإسحاق‬
‫‪264‬‬
‫ويعقوب ‪ ،‬وأنهم لما كادوا ليوسف مععا كععادوه ‪ ،‬كععانوا قععد أغفلععوا‬
‫كليا ‪ ،‬وجود ال سبحانه وتعععالى ‪ ،‬وأنكععروا قععدرته علععى التععدخل‬
‫ططون له رأسا على عقب ‪،‬‬ ‫بمجريات المور ‪ ،‬وقلب نتائج ما ُيخ ّ‬
‫وأنكروا أيضا نبوة أبيهم يعقوب عليه السلم ‪.‬‬
‫أخوة يوسف ليسوا أنبياء ‪:‬‬
‫ي َل‬ ‫جاء في تفسير القرطععبي رحمعه الع لليععة التاليععة ) َقععاَل َيُبَنع ّ‬
‫سانِ‬ ‫طانَ ِللِْْن َ‬ ‫شْي َ‬
‫ن ال ّ‬
‫ك َكْيًدا ِإ ّ‬
‫ك َفَيِكيُدوا َل َ‬
‫خَوِت َ‬
‫عَلى ِإ ْ‬
‫ك َ‬
‫ص ُرْؤَيا َ‬‫َتْقصُ ْ‬
‫ن )‪ (5‬مععا نصععه ‪ " :‬ودل أيضععا علععى أن يعقععوب عليععه‬ ‫ععُدوّ ُمِبيع ٌ‬
‫َ‬
‫السلم ‪ ،‬كان أحس من بنيععه حسععد يوسععف وبغضععه ‪ ،‬فنهععاه عععن‬
‫قصص الرؤيا عليهم ‪ ،‬خععوف أن تغعّل بععذلك صععدورهم ‪ ،‬فيعملععوا‬
‫الحيلة في هلكه ‪ ،‬ومن هععذا ‪ ،‬ومععن فعلهععم بيوسععف ‪ ،‬يععدل علععى‬
‫أنهم كانوا غير أنبياء ‪ ،‬في ذلك الععوقت ) ولععم يكونععوا أنبيععاء فععي‬
‫غير ذلك الوقت أيضا ( ‪ ،‬ووقع في كتاب الطبري لبن زيد ‪ ،‬أنهم‬
‫كععانوا أنبيععاء ‪ ،‬وهععذا يععرّده القطععع بعصععمة النبيععاء عععن الحسععد‬
‫الدنيوي ‪ ،‬وعن عقوق الباء ‪ ،‬وتعريض مؤمن للهلك ‪ ،‬والتآمر‬
‫فععي قتلععه ‪ ،‬ول التفععات لقععول مععن قععال إنهععم كععانوا أنبيععاء ‪ ،‬ول‬
‫يستحيل في العقل زلة نبي ‪ ،‬إل أن هعذه الزلععة قعد جمعععت أنواععا‬
‫من الكبائر ‪ ،‬وقد أجمع المسععلمون علععى عصعمتهم منهععا ‪ ،‬وإنمععا‬
‫اختلفوا في الصغائر " ‪.‬‬
‫لفظ سبط ُيطلق على الحفاد وليس على‬
‫البناء ‪:‬‬
‫وفععي لسععان العععرب " وقيععل السععبط واحععد السععباط ‪ ،‬وهععو ولععد‬
‫الولععد ‪ ،‬وقععال ابععن سععيده ‪ :‬السععبط ولععد البععن والبنععة ‪ ،‬وفععي‬
‫الحديث ‪ ،‬الحسن والحسين ‪ ،‬سععبطا رسععول الع صععلى الع عليععه‬
‫‪265‬‬
‫وسلم ‪ ،‬ورضي عنهما ‪ ،‬ومعنعاه طائفتعان وقطعتعان منعه ‪ ،‬ومنعه‬
‫حديث الضعباب ‪ ،‬إن الع غضعب علعى سعبط معن بنعي إسعرائيل ‪،‬‬
‫فمسخهم دواب ‪ ،‬والسبط من اليهود كالقبيلععة مععن العععرب ‪ ،‬وهععم‬
‫س عّمي سععبطا ‪ ،‬ليفععرق بيععن ولععد‬ ‫الععذين يرجعععون إلععى أب واحععد ُ‬
‫إسععماعيل وولععد إسععحاق ‪ ،‬وجمعععه أسععباط ‪ .‬قععالوا والصععحيح أن‬
‫السباط ‪ ،‬في ولد إسحاق بععن إبراهيععم ‪ ،‬بمنزلععة القبععائل فععي ولععد‬
‫إسماعيل عليهم السلم ‪ ،‬وإنما سمي هععؤلء بالسععباط ‪ ،‬وهععؤلء‬
‫بالقبععائل ‪ ،‬ليفصععل بيععن ولععد إسععماعيل ‪ ،‬وولععد إسععحاق عليهمععا‬
‫السلم ‪ .‬وجاء أيضا أن السععبط لغععة ‪ ،‬هععو نبععات ذو سععاق طويلععة‬
‫مفردة عليها أوراق دقيقة ‪ ،‬تعلفه البل " ‪.‬‬
‫وبالتالي نستطيع القول ‪ ،‬بععأن لفععظ السععباط ‪ُ ،‬أطلععق علععى أحفععاد‬
‫يعقععوب عليهععم السععلم ‪ ،‬وليععس علععى أبنععائه الثنععي عشععر ‪ ،‬بععل‬
‫يتعدى ذلك إلى كل نسل بنععي إسععرائيل ‪ ،‬حععتى يومنععا هععذا ‪ ،‬وأّمععا‬
‫ب‬
‫ق َوَيْعُقععو َ‬ ‫حا َ‬‫سَ‬ ‫عيَل َوِإ ْ‬ ‫سَما ِ‬ ‫قوله تعالى ) َوَما ُأنِزَل ِإَلى ِإْبَراِهيَم َوِإ ْ‬
‫ط )‪ 136‬البقععرة ( ‪ ،‬المقصععود هنععا النبيععاء مععن الحفععاد‬ ‫سعَبا ِ‬
‫َواَْل ْ‬
‫علععى معّر العصععور ‪ ،‬ومنهععم يوسععف وموسععى وداود وسععليمان ‪،‬‬
‫وزكريا ويحيى وعيسى ‪ ،‬ومن ُكّذب وُقتل من أنبياء بني إسرائيل‬
‫‪ ،‬وهم كثير ‪ ،‬ممن لم ُتذكر أسمائهم ‪ .‬والوحيد مععن أبنععاء يعقععوب‬
‫ص القعرآن علعى نبعّوته هعو يوسعف عليعه‬ ‫الثني عشر ‪ ،‬العذي نع ّ‬
‫ب ُكلّ‬ ‫ق َوَيعُْقععو َ‬‫حا َ‬ ‫سع َ‬ ‫السععلم ‪ ،‬بدللععة قععوله تعععالى ) َوَوَهْبَنععا َلعُه ِإ ْ‬
‫ب‬
‫سعَلْيَمانَ َوَأّيععو َ‬ ‫ن ُذّرّيِتعِه َداُوَد َو ُ‬ ‫ن َقْبعُل َوِمع ْ‬
‫حا َهعَدْيَنا ِمع ْ‬
‫َهَدْيَنا َوُنو ً‬
‫ن )‪84‬‬ ‫سعععِني َ‬
‫ح ِ‬‫جعععِزي اْلُم ْ‬ ‫ن َوَكعععَذِلكَ َن ْ‬ ‫سعععى َوَهعععاُرو َ‬ ‫ف َوُمو َ‬ ‫سععع َ‬‫َوُيو ُ‬
‫ت َفَمعا ِزْلُتعمْ‬‫ن َقْبعُل ِباْلَبّيَنعا ِ‬‫ف ِم ْ‬ ‫س ُ‬ ‫جاَءُكْم ُيو ُ‬ ‫النعام ( وقوله ) َوَلَقْد َ‬
‫لع ِمعنْ َبْععِدِه‬‫ث ا ُّ‬‫ن َيْبَعع َ‬ ‫ك ُقْلُتْم َلع ْ‬‫حّتى ِإَذا َهَل َ‬
‫جاَءُكْم ِبِه َ‬ ‫ك ِمّما َ‬
‫شّ‬ ‫ِفي َ‬

‫‪266‬‬
‫سوًل )‪ 34‬غافر ( ‪ ،‬بالضافة إلى ما جاء مععن آيععات فععي سععورة‬ ‫َر ُ‬
‫يوسف ‪.‬‬
‫طا ُأمَمًععا )‬
‫س عَبا ً‬
‫ش عَرَة َأ ْ‬
‫ع ْ‬
‫ي َ‬
‫طْعَنععاُهُم اْثَنَت ع ْ‬
‫وانظر في قوله تعالى ) َوَق ّ‬
‫‪ 160‬العراف ( ‪ ،‬وقععوله تعععالى ) أسععباطا أممععا ( أي تععم فرزهععم‬
‫حسععب انتسععاب كععل فععرد منهععم ‪ ،‬إلععى أحععد أبنععاء يعقععوب عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬فنتج بالتالي اثنتي عشرة أمععة ‪ ،‬وكععل أمععة ُأطلععق عليهععا‬
‫سمي كل سبط باسم أحد أبناء يعقععوب ‪ ،‬وعلععى ذلععك‬ ‫لفظ سبط ‪ ،‬و ُ‬
‫ُيطلق لفظ سبط على مجموعة من الفراد ‪ ،‬يجمعهم انتسابهم إلى‬
‫أب واحد ‪ ،‬فيقال سبط يوسف أي قبيلة يوسف ‪.‬‬
‫فصول المؤامرة الولى ‪:‬‬
‫ب إ َِلننى أ َِبيَنننا‬ ‫حنن ّ‬
‫َ‬
‫خوهُ أ َ‬ ‫وأ َ ُ‬
‫ف َ‬‫س ُ‬ ‫قاُلوا ل َُيو ُ‬
‫) إ ِذْ َ‬
‫ل‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫ني‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫نا‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫با‬ ‫ة إن أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صب َ ٌ ِ ّ‬ ‫ع ْ‬
‫ن ُ‬‫ح ُ‬‫ون َ ْ‬
‫مّنا ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ن )‪(8‬‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ُ‬
‫‪ .1‬قععام أبنععاء يعقععوب بعقععد اجتمععاع سععري ‪ ،‬بعيععدا عععن‬
‫المعنيين بالمر ) يعقوب ويوسف وأخيه (‬
‫‪ .2‬كانت المشكلة مدار البحث حب أبيهععم ليوسععف وأخيععه ‪،‬‬
‫والدافع هو الحسد وحب التمّلك ‪.‬‬
‫ي الع‬ ‫ن أبيهععم يعقععوب نععب ّ‬ ‫‪ .3‬كان هناك إقععرار بالجمععاع ‪ ،‬أ ّ‬
‫ضاّل ‪ ،‬وضلله واضح ل ُلبس فيه ‪.‬‬
‫صلة من الكثرة ) فهم عشرة‬ ‫‪ .4‬كانوا يؤمنون بالقوة المتح ّ‬
‫أشّقاء كبار مقابل اثنان صغار ( ‪.‬‬
‫‪ .5‬جمعتهم وحدة الغاية والمصلحة ‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫خن ُ‬
‫ل‬ ‫ضننا ‪ ،‬ي َ ْ‬‫حننوهُ أ َْر ً‬
‫اطَْر ُ‬ ‫و‬
‫ِ‬
‫ف ‪ ،‬أَ‬ ‫س َ‬ ‫قت ُُلوا ُيو ُ‬ ‫)ا ْ‬
‫ما‬ ‫ه َ‬ ‫وت َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل َك ُم وجه أ َ‬
‫و ً‬
‫ق ْ‬ ‫د ِ‬
‫ع ِ‬
‫ن بَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫كوُنوا ِ‬ ‫َ‬ ‫م‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫بي‬‫ْ َ ْ ُ ِ‬
‫ن )‪(9‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫َ‬
‫‪ .1‬الطرح الول كان القتل أي حتمية الهلك ‪.‬‬
‫‪ .2‬الطرح الثاني كان النفي إلععى أرض بعيععدة مععع احتماليععة‬
‫الهلك ‪.‬‬
‫ب أبيهم ‪.‬‬ ‫‪ .3‬كانت الغاية الستفراد بح ّ‬
‫‪ .4‬القععرار بعععدم مشععروعية عملهععم وفسععاده ‪ ،‬وذلععك قبععل‬
‫شروعهم بالتنفيذ ‪.‬‬
‫‪ .5‬تبييت نية بالتوبعة والصعلح ‪ ،‬قبعل ارتكعاب الجريمعة ‪،‬‬
‫ب ول عبد ‪.‬‬ ‫وهذا منطق أعوج ل يقبله ر ّ‬
‫‪ .6‬إغفالهم للعناية اللهية الُمّدخرة في علم الغيععب ‪ ،‬والععتي‬
‫تتدخل في الوقت المناسب لتسيير المور ‪.‬‬
‫ف‪،‬‬ ‫سنن َ‬ ‫قت ُُلننوا ُيو ُ‬ ‫م ‪َ ،‬ل ت َ ْ‬ ‫هنن ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قننائ ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫قننا َ‬ ‫) َ‬
‫ض‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ط‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫يا‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫وأ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(10‬‬ ‫عِلي َ‬ ‫فا ِ‬‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬إِ ْ‬ ‫سّياَر ِ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ .1‬كععان أصععلحهم فاسععدا ‪ ،‬حيععث وافقهععم علععى فعععل المنكععر مععع‬
‫تخفيف الضرر ‪.‬‬
‫‪ .2‬كان هناك إصرار لدى الغلبية ‪.‬‬
‫‪ .3‬كان القرار النهائي أخف الضرر ‪ :‬إلقاء يوسععف فععي بئر مععع‬
‫توافر احتمالية الهلك ‪ ،‬فيما لو لم يلتقطه أحد ‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫‪ .4‬عععدم الكععتراث بنبععوة أبيهععم ‪ ،‬ومععا كععان يتنععّزل عليععه مععن‬
‫الوحي ‪.‬‬
‫‪ .5‬غفلة وعمى بصر وبصيرة واتباع للهععوى ‪ ،‬فليععس فيهععم ذو‬
‫رأي سديد ‪ ،‬ول حتى شيطان أخرس ‪.‬‬
‫‪ .6‬جهل بعواقب المور ‪ ،‬كالثر النفسي والمعنوي البالغ ‪ ،‬على‬
‫من يطمحون بالستفراد بحبه ‪ ،‬وبالتالي عدم تحقق مرادهم ‪.‬‬
‫‪ .7‬تبييت النية للقيام بالفعل عندما تحين الفرصة ‪.‬‬
‫ف‪،‬‬ ‫سنن َ‬ ‫يو‬ ‫لننى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫ك َل ت َأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫با‬ ‫قاُلوا يأ َ‬ ‫) َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دا‬ ‫عَنا َ‬ ‫ْ‬ ‫وإّنا ل َه ل ََناصحون )‪ (11‬أ َ‬
‫غنن ً‬ ‫م َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِ‬
‫ن )‪(12‬‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حننا ِ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫وإ ِن ّننا ل َن ُ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫عن ْ‬ ‫وي َل ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ي َْرت َ ْ‬
‫َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫هُبوا ِبنن ِ‬ ‫ن َتننذْ َ‬ ‫حُزن ُِننني أ ْ‬ ‫ل إ ِّننني ل َي َ ْ‬ ‫قننا َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ن‬
‫نن‬ ‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ن‬‫تن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫ف أ َن يننأ ْك ُل َه الننذّئ ْب ‪ ،‬وأ َ‬ ‫ُ‬ ‫نا‬ ‫خن‬ ‫َ‬ ‫وأ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ه الننذّئ ْ ُ‬ ‫ن أك ََلنن ُ‬ ‫قنناُلوا ل َئ ِ ْ‬ ‫ن )‪َ (13‬‬ ‫فُلو َ‬ ‫غننا ِ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(14‬‬ ‫س نُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ذا ل َ َ‬ ‫ة ‪ ،‬إ ِن ّننا إ ِ ً‬ ‫ص نب َ ٌ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫حن ُ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫َ‬
‫عُلوهُ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫ج َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫عوا أ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫هُبوا ب ِ ِ‬ ‫ما ذَ َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫غيابننة ال ْجننب ‪ ،‬وأ َ‬
‫م‬ ‫ُ ْ‬ ‫هنن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ئ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫ين‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫نننا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫َ ْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ َ َ ِ‬
‫ن )‪(15‬‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫بأ َ‬
‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫و‬ ‫ذا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫م‬‫ِ ْ ِ ْ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫‪ .1‬لععم يكععن يعقععوب فععي العععادة يععأمنهم علععى يوسععف وأخععوه ‪،‬‬
‫لمعرفته بعدم صلحهم ‪.‬‬
‫‪ .2‬لم ينتظروا الفرصة للتنفيذ ‪ ،‬بل سعوا إلى خلقها وإيجادهععا ‪،‬‬
‫باستخدام الحيلة والمكر والدهاء ‪.‬‬
‫‪ .3‬تجاهلوا تأكيد أبيهم لهم ‪ ،‬بأن غيبة يوسف عن وجهه ‪ ،‬ولو‬
‫لفترة بسيطة تسععبب لععه الحععزن ‪ .‬فكيععف إذا كععان ذلععك أبععديا ؟!‬
‫‪269‬‬
‫وكانت تلك محاولة منه عليه السلم ‪ ،‬لحياء ضمائرهم لعّلهععم‬
‫يرجعون ‪ ،‬ولكنهم لم يشعروا بذلك فكان كما أخبره سبحانه ‪.‬‬
‫ططهععم قبععل التنفيععذ ‪،‬‬ ‫‪ .4‬كان أبوهم عليه السععلم علععى علععم بمخ ّ‬
‫ططععوه مسععبقا بشععأن الععذئب ‪ ،‬لكععن‬ ‫وقد أخبرهم بما كانوا قععد خ ّ‬
‫ذلك لم ُيثنهم عن عزمهم ‪.‬‬
‫‪ .5‬قرار التنفيذ اُتخذ بالجماع ‪.‬‬
‫‪ .6‬تم إخفاء النوايا الجرامية اتجععاه يوسععف ‪ ،‬تحععت غطععاء مععن‬
‫الحرص على ترفيهه ‪ ،‬لقناع أبيهم بالستجابة لمطلبهم ‪.‬‬
‫قنناُلوا‬ ‫ءوا أ َ‬
‫ن )‪َ (16‬‬ ‫شنناءً ي َب ْك ُننو َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫نا‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫جا ُ‬ ‫و َ‬‫) َ‬
‫ف‬ ‫سن َ‬ ‫يو‬ ‫نا‬‫ن‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫با‬ ‫يأ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فنأ َ‬ ‫عن َننا ‪َ ،‬‬
‫مننا أن ْن َ‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ئ‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫مَتا ِ‬ ‫عن ْندَ َ‬ ‫ِ‬
‫ن )‪(17‬‬ ‫قي َ‬ ‫صنناِد ِ‬ ‫و ك ُّنننا َ‬ ‫وَلنن ْ‬ ‫ن ل ََنننا ‪َ ،‬‬ ‫م ٍ‬ ‫ؤ ِ‬‫منن ْ‬ ‫بِ ُ‬
‫ل‬‫ل بَ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫ذ ٍ‬ ‫ه ب ِدَم ٍ ك َ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫مي ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ءوا َ‬ ‫جا ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مي ٌ‬
‫ل‬ ‫ج ِ‬ ‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫مًرا ‪َ ،‬‬ ‫مأ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫م أن ْ ُ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(18‬‬ ‫فو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ما ت َ ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫عا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫‪َ ،‬‬
‫‪ .1‬الستخفاف بأبيهم واستضعافه لكبر سّنه ‪.‬‬
‫‪ .2‬التضليل واختلق وفبركة الشواهد والدلة ‪ ،‬لتععبرئة أنفسععهم‬
‫وإدانة الذئب ‪.‬‬
‫ي ال مع علمهم بذلك ‪.‬‬ ‫‪ .3‬الجرأة في الكذب على نب ّ‬
‫‪ .4‬يقين يعقوب عليه السلم من كذبهم وتجّنيهم على الذئب ‪.‬‬
‫‪ .5‬ومما أحزنه عليه السلم ‪ ،‬هو ما كان عليععه أبنععاءه مععن قلععة‬
‫إيمانهم ‪ ،‬وعقوقهم له ‪ ،‬وظلم لخيهم ‪ ،‬وفسادهم وإفسععادهم ‪،‬‬
‫وصفات وطبائع غاية في السوء ‪ ،‬ل تليععق بالنبيععاء أو بأبنععاء‬
‫‪270‬‬
‫أنبياء يتنّزل الوحي بين ظهرانيهم ‪ ،‬وفي المقابل لم يملك عليه‬
‫السلم إل الصبر والرجاء ‪ ،‬وطلب العون من ال لمجابهتم ‪.‬‬
‫وى إ ِل َْينن ِ‬
‫ه‬ ‫ءا َ‬ ‫ف‪َ ،‬‬ ‫سنن َ‬ ‫عَلننى ُيو ُ‬ ‫خُلننوا َ‬ ‫مننا دَ َ‬ ‫ول َ ّ‬
‫) َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫نو‬ ‫ن‬ ‫خ‬‫ُ‬ ‫ل إن ّنني أ َن َننا أ َ‬ ‫َ‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫قنناُلوا إ ِ ْ‬ ‫ن )‪َ ) … (69‬‬ ‫مل ُننو َ‬ ‫ع َ‬ ‫مننا ك َنناُنوا ي َ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫قب ْن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ٌ‬
‫خ‬ ‫فقند سنرقَ أ َ‬ ‫رق ْ ‪َ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫سن ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫فأ َ‬
‫ها‬ ‫د َ‬ ‫م ي ُْبنن ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫يو‬ ‫ُ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫َ َ ّ‬‫س‬
‫َ‬ ‫كاًنا ‪ ،‬والل ّه أ َ‬ ‫ل ‪ :‬أَ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ّ َ‬ ‫ر‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫قا َ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ن )‪(77‬‬ ‫فو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ما ت َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫بعد أن مّرت سععنين علععى تلععك الحادثععة ‪ ،‬وأصععبح يوسععف وزيععرا‬
‫لمالية فرعون ‪ ،‬وقِدَم أخوته إليه في مصر ‪ ،‬احتال عليهم ليععأمن‬
‫منهم على أخيععه ‪ ،‬ويرفععع عنععه مععا كععان قععد وقععع عليععه مععن ظلععم‬
‫وكيد ‪.‬‬
‫‪ .1‬كان يوسف عليه السلم على علم ‪ ،‬بما كانوا يكيدون لخيه‬
‫‪ ،‬عن طريق الوحي أو القياس ‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم توبتهم عما فعلوه سابقا ‪ ،‬وبقائهم على نفس الحال ‪.‬‬
‫‪ .3‬خيانة يوسف بالغيب ‪ ،‬بعد كل هععذه السععنين ‪ ،‬واتهععامه زورا‬
‫وبهتانا بالسرقة ‪ ،‬فيوسف من عباد ال المخلصين ‪ ،‬ومعا كعان‬
‫له أن يسرق ‪.‬‬
‫‪ .4‬تأكيد يوسف على فسادهم وإفسادهم ‪ ،‬بما حعّدث بععه نفسععه ‪،‬‬
‫حيث لم يجهر نبي ال بقوله ) أو بحكمه عليهععم ( أنهععم أسععوء‬
‫شعّر َمَكاًنععا ( فمععا فعلععوه معععه ل‬ ‫حال ممن يسرق ‪َ ) ،‬قععاَل َأْنُتعْم َ‬
‫ُيقارن بخطيئة السرقة ‪ ،‬التي اتهموه بها ‪ ،‬والععتي أقعّروا بأنهععا‬
‫‪271‬‬
‫جْئَنععا‬ ‫عِلْمُت عْم َمععا ِ‬ ‫أحد أشكال الفساد في الرض ) َقاُلوا َتالِّ َلَقْد َ‬
‫ن )‪ 73‬يوسف ( ‪.‬‬ ‫ساِرِقي َ‬ ‫ض َوَما ُكّنا َ‬ ‫سَد ِفي اَْلْر ِ‬ ‫ِلُنْف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل يأ َ‬ ‫و َ‬ ‫وّلى َ‬
‫ف‬ ‫سن َ‬ ‫ُ‬ ‫يو‬ ‫ُ‬ ‫نى‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫فى‬ ‫قا َ َ َ‬
‫س‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫وت َ َ‬ ‫) َ‬
‫م)‬ ‫ظينن ٌ‬ ‫و كَ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن َ‬ ‫حْز ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عي َْناهُ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ض ْ‬ ‫واب ْي َ ّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫حت ّننى‬ ‫ف َ‬ ‫سن َ‬ ‫فت َأ ت َذْك ُُر ُيو ُ‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫قاُلوا َتالل ّ ِ‬ ‫‪َ (84‬‬
‫ن )‪(85‬‬ ‫كي‬ ‫ل‬ ‫ها‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫كو‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ضا أ َ‬ ‫حَر ً‬ ‫تَ ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬
‫ل إن ّما أ َ‬
‫حْزن ِنني إ ِل َننى الل ّ ن ِ‬
‫ه‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫كو‬ ‫ُ‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫قا َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫(‬ ‫‪86‬‬ ‫)‬ ‫ن‬ ‫مو‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫وأ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وَل‬ ‫َ‬ ‫هُبوا َ‬ ‫اذْ َ‬
‫ه َ‬ ‫خين ِ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ُيو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سوا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫فت َ َ‬
‫ن‬ ‫من ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َل ي َي ْئ َ ُ‬ ‫ه إ ِن ّن ُ‬ ‫ح الل ّن ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫من ْ‬ ‫سوا ِ‬ ‫ت َي ْئ َ ُ‬
‫ن )‪(87‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه إ ِّل ال ْ َ‬ ‫ح الل ّ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫َر ْ‬
‫‪ .1‬عدم اكتراثهم بسوء حععال يعقععوب عليععه السععلم ‪ ،‬ومععدى مععا‬
‫نزل به من أذى نفسي وجسدي ‪.‬‬
‫‪ .2‬قسوة قلوبهم باستنكارهم حزن أبيهم على يوسف ‪.‬‬
‫‪ .3‬يعقععوب يقطععع الرجععاء مععن أبنععائه ‪ ،‬ويشععكو قسععوة أبنععائه ‪،‬‬
‫وضعفه وقلة حيلته في مواجهة أفعالهم إلى ال ‪.‬‬
‫‪ .4‬لم يعترفوا لبيهععم بحقيقععة فعلتهععم مععع يوسععف ‪ ،‬مععع علمهععم‬
‫ومعرفتهععم ومعايشععتهم لحععال أبيهععم ‪ ،‬ومععا وصععلت إليععه مععن‬
‫سوء ‪.‬‬
‫‪ .5‬كان يعقوب على يقين من نجاة يوسف ‪ ،‬وكذب أبنائه عليه ‪.‬‬
‫هنا تتضح مفارقة عجيبة ‪ ،‬توضععح الكععثير مععن معععالم الشخصععية‬
‫اليهودية السرائيلية القديمة الحديثة ‪ ،‬فهم يعلمون علم اليقيععن ‪،‬‬
‫أن يوسف ذهب إلى غير رجعة ‪ ،‬وأنععه ُقتععل علععى الرجععح ‪ ،‬ولععم‬
‫‪272‬‬
‫يعترفوا لبيهم بحقيقععة مععا فعلععوا ‪ ،‬وظّلععوا مصعّرين علععى حكايععة‬
‫الذئب ‪ ،‬فل ضمير يععؤنبهم ‪ ،‬ول قلععب يشعععر مععع أبيهععم ‪ .‬وأبيهععم‬
‫يعلم علم اليقين من ربه ‪ ،‬أن يوسف على قيد الحياة ‪ ،‬وأنععه نععبي‬
‫وسععيكون لععه شععأن كععبير مسععتقبل ‪ ،‬إذ كععان عالمععا بتأويععل رؤيععا‬
‫يوسف السابقة ‪ ،‬وأن أخوته سيسجدون له لعلععو منزلتععه ‪ ،‬وهععذا‬
‫ما كان ُيصّبره عليه السلم حيععن قععال ) فصععبر جميععل ( ‪ ،‬أمععا مععا‬
‫كان يؤلمه عليه السععلم ‪ ،‬هععو إصععرار أبنععائه علععى مععا هععم عليععه‬
‫واستمرارهم ‪ ،‬وعدم التوبة والرجوع إلى ال ‪.‬‬
‫ن ك ُّنننا‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫عل َي َْنا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫ءاث ََر َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫قاُلوا َتالل ّ ِ‬ ‫) َ‬
‫م‬ ‫كنن ُ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫رينن َ‬ ‫ِ‬ ‫ل َل ت َث ْ‬ ‫قننا َ‬ ‫ن )‪َ (91‬‬ ‫خنناطِِئي َ‬ ‫لَ َ‬
‫هننن َ‬
‫م‬ ‫حننن ُ‬ ‫و أْر َ‬ ‫و ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُننن ْ‬ ‫فنننُر الل ّننن ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ال ْي َننن ْ‬
‫ذا‬ ‫هنن َ‬ ‫ت َ‬ ‫َ‬ ‫قننا َ‬ ‫و َ‬
‫ل َيننأب َ ِ‬ ‫ن )‪َ ) … (92‬‬ ‫مينن َ‬ ‫ح ِ‬ ‫الّرا ِ‬
‫ت َأ ْ‬
‫هننا َرب ّنني‬ ‫عل َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ق ند ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ؤَيا َ‬ ‫ل ُر ْ‬ ‫وي ُ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ن ب ِنني إ ِذْ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫ح ّ‬
‫من َ‬ ‫جن ِنني ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫سن َ‬ ‫ح َ‬ ‫ق ند ْ أ ْ‬ ‫قننا َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫السجن وجاءَ بك ُم من ال ْبدو منن بعن َ‬
‫دأ ْ‬ ‫َ ْ ِ ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫ِ ْ ِ َ‬ ‫ّ ْ ِ َ َ‬
‫ن‬ ‫وِتي إ ِ ّ‬ ‫خن َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫وب َي ْن َ‬ ‫ن ب َي ْن ِنني َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ش ني ْ َ‬ ‫غ ال ّ‬ ‫ن َنَز َ‬
‫م‬ ‫عِلي ن ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫هن َ‬ ‫ه ُ‬ ‫شنناءُ إ ِن ّن ُ‬ ‫مننا ي َ َ‬ ‫ف لِ َ‬ ‫طي ن ٌ‬ ‫َرّبي ل َ ِ‬
‫ْ‬ ‫ك من أ َ‬
‫ب‬ ‫ْ ِ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫با‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م )‪ ) … (100‬ذَل ِ َ ِ ْ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ك وما ك ُن ْنت ل َنديهم إذْ أ َ‬
‫عننوا‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه إ ِل َي ْ َ َ َ‬ ‫حي ِ‬ ‫ُنو ِ‬
‫منا أ َك َْثنُر‬ ‫َ َ‬ ‫و‬ ‫(‬ ‫‪102‬‬ ‫)‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫رو‬ ‫ن‬‫ُ‬
‫ْ َ ْ ُ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫هن‬ ‫ُ‬ ‫و‬
‫ْ َ ْ َ‬‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫أَ‬
‫ن )‪(103‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت بِ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫حَر ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫‪ .1‬هنا يتضح خلق النبياء وأدبهم ‪ ،‬في يوسععف عليععه السععلم ‪،‬‬
‫حيعععث قابعععَل السعععيئة بالحسعععنة ‪ ،‬ونسعععب خطيئة أخعععوته إلعععى‬
‫الشيطان ‪.‬‬
‫‪273‬‬
‫‪ .2‬معطيات المعادلة كانت ‪ :‬جمع واجتمععاع فععي الخفععاء ‪ +‬قععرار‬
‫بالجماع ‪ +‬تنفيذ بمكر ودهاء = مؤامرة ‪.‬‬
‫‪ .3‬أخوة يوسف لم يكونوا أنبياء بأي حال من الحوال ‪.‬‬
‫انظععر إلععى اليععتين )‪ (103-102‬الععتي جععاءت تعقيبععا علععى قصععة‬
‫يوسف عليه السلم وأخععوته ‪ ،‬لتقععول أن هععذا هععو حععال نععبي الع‬
‫يوسف مع أخوته ‪ ،‬وحال نبي ال يعقععوب مععع أبنععائه ‪ ،‬الععذين لععم‬
‫يكونوا على القل مؤمنين بنبوة أبيهم ‪ ،‬إن لم يكونوا أصععل غيععر‬
‫مؤمنين بال ‪ ،‬فما بالك في عدم إيمان قومععك بنبوتععك ودعوتععك ‪،‬‬
‫وهم ليسوا بأبنائك ‪ ،‬فل تكن شديد الحرص ‪ ،‬على من ل أمل فععي‬
‫ع الناس ‪ ،‬وفّوض أمر هععدايتهم‬ ‫هدايته بعدما أضّله ال ‪ ،‬ولكن ُأد ُ‬
‫ل ‪ ،‬كما فّوض يعقوب ويوسف عليهما السلم ‪ ،‬أمرهما إلى العع‬
‫فيما كان من شأن أبنائه ‪ .‬أما من يستنكر فكرة أنهم غير أنبياء ‪،‬‬
‫وال أعلم بحالهم ‪ ،‬فليرجع إلى القععرآن وليقععرأ قصععة نععوح عليععه‬
‫السلم مع ابنه ‪ ،‬وقصة إبراهيم عليععه السععلم مععع أبيععه ‪ ،‬وقصععة‬
‫أبععو لهععب عععم رسععول ال ع عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬ولحععظ أنععه‬
‫سبحانه نسبهم بععالخوة إلععى يوسععف عليععه السععلم ‪ ،‬فععي قععوله ‪:‬‬
‫) لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين ( ‪ ،‬ولم ينسععبهم إلععى‬
‫يعقوب عليه السلم ‪ ،‬مع أنهم أبنائه ‪.‬‬
‫ما تقّدم من أمر أخوة يوسف عليه السلم ‪ ،‬ليععس بحاجععة لزيععادة‬
‫أو توضيح أو تعليق ‪ ،‬فهذا ما جاء به القرآن الكريم ‪ ،‬وكععان هععذا‬
‫جها ضد أخيهم‬ ‫أول فسادهم وإفسادهم في الرض ‪ ،‬الذي كان مو ّ‬
‫وأبيهم ‪ .‬ومنذ ذلك اليععوم ‪ ،‬احععترف بنععو إسععرائيل فنععون التععآمر ‪،‬‬
‫ومارسوه أول فيما بينهععم ‪ ،‬منععذ نشععأتهم وحععتى نهايععة مملكتهععم‬
‫الولى في فلسطين ‪ .‬وبعععد السععبي البععابلي ‪ ،‬وشععتاتهم فععي شععتى‬
‫‪274‬‬
‫بقاع الرض ‪ ،‬أصبح بعضا من تآمرهم ‪ُ ،‬يحاك ضد الشعوب التي‬
‫يقيمون فيما بينها ‪ .‬وكان تطّلعهم دائما وأبععدا إلععى الملععك والقععوة‬
‫والغنععى والفضععلية ‪ ،‬وكععانت غععايتهم علععى الععدوام ‪ ،‬جمععع المععال‬
‫بطرق غير مشروعة ‪ ،‬من ربعا ونصعب واحتيعال ‪ ،‬والتقعرب معن‬
‫أصععحاب السععلطة والنفععوذ بععالغواء والغععراء ‪ ،‬للتلعععب بهععم‬
‫وتحريكهععم مععن وراء السععتار ‪ ،‬ليقععاع الفتععن والحععروب بيععن‬
‫الشعععوب ‪ ،‬لضععمان السععيطرة لتلبيععة مصععالحهم واحتياجععاتهم ‪،‬‬
‫ططون في السععر والعلععن ‪ ،‬ويعملععون‬ ‫ولذلك تجدهم يجتمعون وُيخ ّ‬
‫باستمرار بل كلل أو ملل ‪ ،‬وتاريخهم قديما وحديثا غني بالمثلععة‬
‫والشواهد ‪.‬‬
‫ملك المادي‬ ‫اليهود وال ُ‬
‫ملك يوسف عليه السلم ‪:‬‬
‫كععانت نشععأة بنععي إسععرائيل كقبيلععة بدويععة ‪ ،‬تعيععش ضععمن قبععائل‬
‫البدو ‪ ،‬في صحراء النقب ‪ ،‬وكان أول عهد لهم بالُملك ‪ ،‬في زمن‬
‫يوسف عليه السلم ‪ ،‬تحت التاج الفرعوني في مصر ‪ ،‬حيث وّفر‬
‫لهم اُلملك آنذاك حياة هانئة رغيععدة ‪ ،‬وأزال عنهععم بععؤس وشععقاء‬
‫حياة البدواة ‪ ،‬ولما زال ملك يوسف عليه السلم بوفععاته ‪ ،‬انقلععب‬
‫حالهم رأسا على عقب ‪ ،‬فقاسوا شتى أنواع العععذاب والمهانععة ‪،‬‬
‫خت لععديهم قناعععة بععأن الملععك والغنععى يعنععي‬
‫ومنذ ذلك اليوم ترسع ّ‬
‫السعادة ‪ ،‬وزوالهما يعني الشقاء ‪.‬‬
‫رفض نبوة موسى عليه السلم ‪:‬‬
‫وعندما بعث سبحانه لهم موسى عليه السلم ‪ ،‬لم يستجيبوا لععه ‪،‬‬
‫فهم ل ينتظرون من يدعوهم إلى ال ‪ ،‬ول يؤمنون بما هو غيععبي‬
‫‪275‬‬
‫وغير محسوس ‪ ،‬دين فيه إله غير مرئي ‪ ،‬يمنح جنة غير مرئية‬
‫‪ ،‬والحصول عليها مشروط بالصلح والصلح ‪ ،‬بعد عمر طويل‬
‫‪ ،‬وبعد موت وبعث وحساب ‪ ،‬وإنما يؤمنون بمن يمنحهععم ‪ ،‬ملكععا‬
‫مجانيا دنيويا ماديا ‪ ،‬عاجل ل آجل ‪ ،‬يكون في متنععاول اليععد ‪ ،‬بل‬
‫جهد أو عناء منهم لتحصيله ‪ ،‬ول مانع لديهم بعد ذلك ‪ ،‬أن يكون‬
‫لهم إله ‪ ،‬بشرط أن يكون محسوسا ‪ ،‬ويوافق أهععوائهم ‪ ،‬كالعجععل‬
‫الععذهبي الععذي صععنعه لهععم السععامري ‪ ،‬فسععارعوا لعبععادته ‪ ،‬لععذلك‬
‫عانى منهم عليه السلم ما عاناه ‪ ،‬في رحلته معهععم مععن مصععر ‪،‬‬
‫إلى الرض المقّدسة ‪.‬‬
‫ملك بدعوى الرغبة في القتال ‪:‬‬ ‫طلب ال ُ‬
‫وبعععد مععوته عليععه السععلم ‪ ،‬وبعععد انقضععاء سععنوات التحريععم‬
‫الربعين ‪ ،‬لم يطلبوا مععن نععبيهم قيععادتهم للقتععال ‪ ،‬لععدخول الرض‬
‫المقدسة ‪ ،‬وإنما طلبوا منه أن يبعث ال لهععم َمِلكععا ‪ ،‬وذلععك طمعععا‬
‫في الُمْلك ‪ ،‬وليس للقتال في سبيل ال كما زعمععوا ‪ ،‬إذ أنهععم بعععد‬
‫أن ُكتب عليهم القتال ‪ ،‬تولوا إل قليععل منهععم ‪ ،‬وبععالرغم مععن ذلععك‬
‫ن العع عليهععم بالملععك ‪ ،‬فكععانت مملكتهععم الولععى فععي الرض‬ ‫معع ّ‬
‫المقدسة ‪ ،‬بقيادة داود وسععليمان ‪ ،‬الععذين لععم يكععن لبنععي إسععرائيل‬
‫معهمععا حعول ول قعوة ‪ ،‬إذ لعم يسعتطع معترفوهم وفسععقتهم ‪ ،‬معن‬
‫الوصول والتغلغل والتععدخل فععي شععؤون الحكععم ‪ ،‬لجتمععاع الملععك‬
‫والنبوة فيهما عليهما السلم ‪ ،‬بل لعنهم داود آنععذاك ‪ ،‬كمععا لعنهععم‬
‫عيسى عليه السلم من بعد ‪.‬‬
‫ملكا ً ل نبوة فيه ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫وبعد أن توّفى ال سليمان ‪ ،‬وخرجت النبوة من الملك ‪ ،‬كان لهععم‬
‫ما أرادوا – امتحانا لهم وابتلء منععه ععّز وج عّل – فأفسععدوا فيهععا‬
‫‪276‬‬
‫أّيمعععا إفسعععاد ‪ ،‬فوقعععع منهعععم القتعععل فعععي النبيعععاء والصعععالحين‬
‫والمستضعفين ‪ ،‬وإخراج بني جلدتهم من أرضهم ‪ ،‬وسلب ونهب‬
‫ممتلكععاتهم ‪ ،‬وعصععيان أوامععر ال ع ‪ ،‬والعتععداء علععى حععدوده ‪،‬‬
‫بمخالفتهم الوصايا العشر برمتها ‪ ،‬بما فيها الشععرك بععال باتخععاذ‬
‫الصععنام والشععياطين والملئكععة ‪ ،‬أوليععاء مععن دونععه ‪ ،‬فععأزال الع‬
‫عنهم الُملك عقابا لهم ‪ ،‬على يد نبوخذ نصععر البععابلي وجيوشععه ‪،‬‬
‫وكان فيهم السبي والخععراج مععن الرض المقّدسععة ‪ ،‬لقسععم كععبير‬
‫منهعم ‪ ،‬ومعع علمهعم بفسعادهم وعقعاب الع لهعم ببععث البعابليين‬
‫عليهم ‪ ،‬إل أنهم عععاتبون وغاضععبون علععى الع ‪ ،‬لنععه أخطععأ فععي‬
‫حقهم ‪ -‬حسب اعتقادهم – بإنزال عقاب أولى الفسععادتين فيهععم ‪،‬‬
‫ويعتبرون وعده لهم برجوعهم من الشتات للفساد الثععاني ‪ ،‬هععو‬
‫تصحيح للخطأ الول ‪ .‬بالضافة إلععى ذلععك تجععدهم ‪ ،‬يصعّبون جععام‬
‫غضبهم على بابل والبابليين ‪ ،‬وكأن بعث البابليين على شعب ال‬
‫المختار ‪ ،‬كان من تلقاء أنفسهم ‪ ،‬ودون وجه حق ‪ ،‬ولم يكن هذا‬
‫البعث من قبله سبحانه ‪ .‬فقد جاء في سفر إشعياء " ‪ :3 :52‬قد‬
‫جانا من غير فضة ُتفعَدْون ) أي ُيعععادون إلععى‬ ‫جانا ‪ ،‬وم ّ‬‫تّم بيعكم م ّ‬
‫فلسطين ( ‪ ،‬قد نزل شعبي أول إلى مصر ليتغّرب هناك ‪ ،‬ثععم جععار‬
‫عليه الشوريون بل سبب " ‪.‬‬
‫عيسى عليه السلم لم يوافق أهواءهم ‪:‬‬
‫ومععع بقععاء بعضععهم فععي الرض المقدسععة ‪ ،‬مععن الععذين كععانوا قععد‬
‫أخرجوا من المملكة من المستضعفين ‪ ،‬وعودة بعععض المسععبيين‬
‫من بابل ‪ ،‬بعد مدة من الزمن ‪ ،‬حيث لم يكن لهم فيها مععن أمرهععم‬
‫شيئا ‪ ،‬كععانت أعينهععم تتطلععع إلععى الُملععك معن جديععد ‪ ،‬حيععث كععانوا‬
‫يظّنععون أن علععوهم الثععاني ‪ ،‬سععيكون بعععد عععودتهم مععن بابععل‬
‫‪277‬‬
‫مباشععرة ‪ ،‬إذ كععانت لععديهم عععدة نبععوءات ‪ ،‬الولععى بعيسععى عليععه‬
‫السععلم الععذي سعُيبعث مععن جبععال سععاعير ) القععدس ( ‪ ،‬فععانتظروه‬
‫ليقيععم لهععم ملكهععم الثععاني ‪ ،‬وفععي فععترة انتظععارهم ‪ ،‬تنععاوب علععى‬
‫حكمهععم عععدة شعععوب ‪ ،‬إلععى أن ُبعععث عيسععى فععي زمععن الحكععم‬
‫الروماني لفلسطين ‪ ،‬فدعاهم للعععودة إلععى الع والمحبععة والسععلم‬
‫والتواضع ‪ ،‬وعندما تيقنوا أنه ليس من طلب الملك على اليهعود‬
‫‪ ،‬بالرغم من توافق صععفته مععع مععا جععاءت بععه التععوراة ‪ ،‬حععاربوه‬
‫ضععوا الرومععان الوثنيععون‬‫وعادوه وكادوا له ‪ ،‬وتآمروا عليه وحر ّ‬
‫على قتله وصلبه ‪.‬‬
‫وملك البّر لم يوافق أهواءهم ‪:‬‬
‫وقبل بعث عيسى وبعده ‪ ،‬تعّرضععوا للكععثير مععن الععذل والهععوان ‪،‬‬
‫من الشعوب التي حكمتهععم ‪ ،‬فععي كععل مععرة قععاموا فيهععا ‪ ،‬بععالتمرد‬
‫والعصععيان للسععتقلل وإقامععة الملععك ‪ ،‬وكععان آخرهععا علععى يععد‬
‫) هدريان ( الروماني ‪ ،‬الذي أخرجهم منها بشكل نهععائي ‪ ،‬ففعّرق‬
‫ال شملهم في شتى بقععاع الرض ‪ ،‬فععاتجه قسععم كععبير منهععم إلععى‬
‫الجزيرة العربية ‪ ،‬وسكنوا بالقرب مععن المدينععة المنععورة ‪ ،‬مكععان‬
‫هجرة الرسول عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬صععاحب النبععوءة الثانيععة‬
‫لععديهم ‪ ،‬ملععك الععبّر ‪ ،‬الععذي س عُيبعث مععن جبععال فععاران ) مكععة ( ‪،‬‬
‫ويكون له ولخلفائه ملكا ‪ ،‬يشمل مشارق الرض ومغاربها ‪.‬‬
‫وكان اليهود يترّقبون أخباره ‪ ،‬ويحسبون لزمان مولده ومبعثه ‪،‬‬
‫مع كرههم وعدائهم المسبق له ‪ ،‬كونه من ولد إسععماعيل وليععس‬
‫منهم ‪ ،‬وعنععدما ُبعععث عليععه السععلم ‪ ،‬عععاينوا صععفته ‪ ،‬وامتحنععوه‬
‫بأسئلتهم بما علموا وما لم يعلمععوا ‪ ،‬ولمععا تععبّينوا صععدق نبععوته ‪،‬‬
‫حاولوا استمالته لجانبهم بالغواء والغععراء ‪ ،‬مسععتغلين رغبتععه‬
‫‪278‬‬
‫عليه السلم في اتبععاعهم لععه ‪ ،‬كععونهم أهععل كتععاب ‪ ،‬وهععم القععرب‬
‫لتصديقه ومؤازرته ومناصرته ‪ ،‬وكان مرادهععم منععه ‪ ،‬هععو اتبععاع‬
‫ملتهم لتحقيق رغبععاتهم وأهععوائهم ‪ ،‬لخراجععه مععن الجزيععرة إلععى‬
‫فلسطين ‪ ،‬لقامة ملكه عليهم هناك ‪ ،‬ففضحهم رب العزة ‪ ،‬وحّذر‬
‫رسوله الكريم من الوقوع فععي حبععائلهم وشععراكهم ‪ ،‬ولّمععا تيّقنععوا‬
‫من عدم رضوخه لهم ‪ ،‬أنكروا نبوته وناصروا المشركين عليه ‪،‬‬
‫وكادوا لععه بكععل مععا ُأتععوا مععن مكععر ودهععاء وحيلععة ‪ ،‬فععآذوه وآذوا‬
‫خروا في ذلك جهدا ‪ ،‬وحاولوا فتنته وقتلععه عععدة‬ ‫أصحابه ‪ ،‬ولم يد ّ‬
‫مّرات ‪ ،‬إلى أن تّم جلئهم وإخراجهم من جزيرة العرب ‪.‬‬
‫ملننك القنناروني ‪ ،‬وانتظننار‬ ‫البحننث عننن ال ُ‬
‫ملك الله ‪ ،‬على النمط الفرعوني آخر‬ ‫ال َ‬
‫الزمان ‪:‬‬
‫ومععع ظهععور السععلم ‪ ،‬ومعرفتهععم بمععا سععيكون مععن أمععره ‪ ،‬مععن‬
‫سرعة انتشاره ‪ ،‬واتساع دولته لتشمل مناطق شاسعة من العععالم‬
‫‪ ،‬ومن ضمنها سيطرته على الرض المقّدسة ‪ ،‬تلشععت أحلمهععم‬
‫فععي عععودتهم إليهععا ‪ ،‬لقامععة ملكهععم الممععي الثععاني فيهععا علععى‬
‫المستوى الفرعوني ‪ ،‬فتخّلوا عن ذلك الطموح مؤقتا ‪ ،‬وشععرعوا‬
‫في تحقيق الملك الفردي على المستوى القععاروني ‪ ،‬بجمععع المععال‬
‫بالطرق المشروعة وغير المشروعة ‪ ،‬من ربعا واحتيعال وسعرقة‬
‫والتهريب وتجارة الرقيق والدعارة ‪ ،‬والتمتع بزينة الحياة الععدنيا‬
‫مععن ج عّراء هععذا الكسععب ‪ ،‬واسععتمروا علععى تلععك الحععال ‪ ،‬إلععى أن‬
‫تمكّنوا من إقامعة دولتهعم الحاليعة فعي فلسعطين ‪ ،‬منتظريعن حكعم‬
‫العالم أجمع ‪ ،‬من خلل النبوءة الخيرة ‪ ،‬بالذي يأتي من ربععوات‬
‫القدس ) مسيحهم المنتظر ( ‪.‬‬
‫‪279‬‬
‫وبعد ذلك اتجه أغلبهم إلى الشععمال ‪ ،‬وتفرقععوا فععي البلد العربيععة‬
‫الخرى ‪ ،‬فتواجدوا في العععراق وبلد الشععام ومصععر والنععدلس ‪،‬‬
‫وبالرغم من تعامل السلم السمح مع أهل الكتاب ‪ ،‬إل أنهم كانوا‬
‫مقّيدين ‪ ،‬بما وضعه السلم من قيود ‪ ،‬على أهوائهم ومطععامعهم‬
‫الماديععة ‪ ،‬ووجععود القعرآن ععدوهم اللعدود وثيقعة أبديععة ‪ ،‬تكشععف‬
‫طبائعهم وحقيقة نواياهم وتحذر منهم ‪ .‬ولكي يستطيع أحدهم من‬
‫العيش في ظل الحكم السععلمي ‪ ،‬كععان يعمععد إلععى إظهععار إسععلمه‬
‫وإخفاء يهوديته ‪ ،‬أو أن ُيرغم نفسععه كارهععا علععى التخلععي ‪ ،‬عععن‬
‫طبععائعه وأهععوائه فععي الفسععاد والفسععاد ‪ ،‬وهععذا ممععا ل يوافععق‬
‫طبعهم ‪ ،‬ول مععا يععأمرهم بععه تلمععودهم ‪ ،‬ولععذلك آثععر الكععثير منهععم‬
‫الهجرة ‪ ،‬من كل البلد ‪ ،‬التي كانت تخضع للحكم السلمي تباعا‬
‫‪ ،‬علععى م عّر العصععور ‪ ،‬ومععن ثععم اسععتقر بهععم المقععام فععي القععارة‬
‫الوروبيععة ‪ ،‬حيععث وجععدوا فيهععا متنفسععا فععي البدايععة ‪ ،‬لجهععل‬
‫الوربيين بطبيعتهم البشعة ‪.‬‬
‫الضطهاد الوروبي لليهود ‪ ،‬وفشلهم في‬
‫ملك القاروني ‪:‬‬ ‫تحصيل ال ُ‬
‫وعندما تبين للوربيين مع مرور الوقت ‪ ،‬أن الكثير من المشاكل‬
‫والمصعععائب والكعععوارث الجتماعيعععة والقتصعععادية ‪ ،‬معععن فقعععر‬
‫ومجاعات وانهيارات اقتصادية ‪ ،‬وانتشار للفساد والرذيلة ‪ ،‬كان‬
‫سببه اليهود ‪ ،‬وضعوا الكععثير مععن الحلععول لمواجهععة مشععكلتهم ‪،‬‬
‫مثل سن القوانين التي تقيد حركتهم وتعاملتهم ‪ ،‬فلم تكن تجععدي‬
‫نفعا ‪ ،‬مع ما يملكععون مععن مكععر ودهععاء ‪ .‬وتععم عزلهععم فععي أحيععاء‬
‫سكنية خاصة بهم ‪ ،‬فلم يجدي ذلععك نفعععا ‪ ،‬فكععان ل بععد مععن الحععل‬
‫الخير ‪ ،‬وهو طردهم ونفيهم ‪ ،‬من معظم بلدان أوروبا الغربيععة ‪،‬‬
‫‪280‬‬
‫وكان رجالت الكنيسة آنذاك ‪ ،‬يعملععون كمستشععارين للملععوك فععي‬
‫العصور الوسطى ‪ ،‬وكانوا يؤيدون تلك الجراءات ضععد اليهععود ‪،‬‬
‫لتحريم المسععيحية للزنععا والربععا ‪ ،‬بالضععافة إلععى مععا اكتشععف مععن‬
‫تجديف على المسيح والدته ‪ ،‬وكره وبغض وعداء للمسععيحيين ‪،‬‬
‫في تلمودهم السري ‪ ،‬الذي جلب لهم المذابح الجماعية في بعض‬
‫البلدان الوربية ‪ ،‬كإسبانيا والبرتغال ‪ ،‬وفععي النهايععة تععم طردهععم‬
‫بالتععععاقب وعلعععى فعععترات متباععععدة ‪ ،‬معععن فرنسعععا وسكسعععونيا‬
‫وهنغاريععا ‪ ،‬وبلجيكععا وسععلوفاكيا والنمسععا ‪ ،‬وهولنععدا وإسععبانيا‬
‫وليتوانيا ‪ ،‬والبرتغال وإيطاليععا وألمانيععا ‪ ،‬بععدءا مععن عععام ‪1253‬م‬
‫وحععتى عععام ‪1551‬م ‪ ،‬فاضععطر اليهععود للهجععرة ‪ ،‬إلععى روسععيا‬
‫وأوروبا الشرقية والمبراطورية العثمانية ‪.‬‬
‫إذن ل بدّ من التآمر ‪:‬‬
‫آنععذاك أصععبح لليهععود كشعععب مشععتت هّمععا مشععتركا ‪ ،‬مععن ج عّراء‬
‫الضععطهاد والتعععذيب والطععرد ‪ ،‬مععن قبععل الوروبييععن ‪ .‬وأبععواب‬
‫الجّنة الوربية قد أغلقت من دونهم ‪ ،‬حيث بععدأ هنععاك بعععد رحيععل‬
‫أغلب اليهود ‪ ،‬ما ُيسمى بالنهضة الوروبية ‪ ،‬فحيل بينهععم وبيععن‬
‫تحقيق أحلمهم ‪ ،‬سواء على مستوى الملك الممي ‪ ،‬أو مستوى‬
‫الملك الفردي ‪ ،‬وهذا ما ل يسععتطيعون احتمععاله أو تقّبلععه ‪ ،‬وهععذه‬
‫الجععواء تععذّكرنا بععأجواء المععؤامرة الولععى فععي تععاريخهم ‪ ،‬حيععث‬
‫واجه أخوة يوسف هّما مشتركا ‪ ،‬تمّثععل فعي شعععورهم بالدونيععة ‪،‬‬
‫بالمقارنة مع يوسف وأخيععه ‪ ،‬وكععان دافعهععم الحسععد ‪ ،‬فععاجتمعوا‬
‫سرا وتآمروا ‪ ،‬وأجمعوا فنّفذوا ‪.‬‬
‫ويحضرني في هعذا المقععام قععول لبععن القيععم ‪ ،‬إذ يقععول فععي كتععاب‬
‫الفوائد أن أصول المعاصي ‪ ،‬ثلثة ‪ :‬الكععبر والحععرص والحسععد ‪،‬‬
‫‪281‬‬
‫فالكبر جعل إبليس يفسق عن أمر ربه ‪ ،‬والحرص أخرج آدم مععن‬
‫ي آدم يقتل أخععاه ‪ ،‬وبعععد التععدبر فععي‬
‫الجنة ‪ ،‬والحسد جعل أحد ابن ّ‬
‫هذا القول ‪ ،‬سععتجد أن الطريععق إلععى الوقععوع فععي المعصععية ‪ ،‬هععو‬
‫الوقوع فريسععة للمقارنععة والمفاضععلة ‪ ،‬مععن خلل العتمععاد علععى‬
‫الحواس فقط ‪ ،‬وبتغييب العقل والفععؤاد ‪ ،‬وبالتععالي فقععدان القععدرة‬
‫على الستبصار ‪ ،‬والحكم علععى المععور ‪ ،‬وقععد نهععى سععبحانه فععي‬
‫مواضع كثيرة مععن القععرآن ‪ ،‬عععن المقارنععة والمفاضععلة ‪ ،‬وحسععم‬
‫المر بأن الفضععل مععن لععدنه ‪ ،‬يععؤتيه معن يشععاء مععن عبععاده ‪ ،‬أمععا‬
‫اليهود وبعد إطلعي على ما جاء في توراتهم وتلمودهم ‪ ،‬فععإنهم‬
‫جمعوا فيها أصول المعاصي كلها ‪ ،‬فععالكبر جعلهععم أفضععل النععاس‬
‫ضععلون الععدنيا علععى الخععرة ‪،‬‬‫على الطلق ‪ ،‬والحرص جعلهععم يف ّ‬
‫والحسعععد جعلهعععم يسعععتبيحون ممتلكعععات الخريعععن ويسعععتحّلونها‬
‫لنفسهم ‪.‬‬
‫) لننوثر ( بإصننلحاته الكنسننية فنني القننرن‬
‫كننن اليهننود مننن‬ ‫السننادس عشننر ‪ُ ،‬يم ّ‬
‫احتلل أوروبا اقتصاديا ‪:‬‬
‫وعندما تم تدمير السلطة الكنسية ‪ ،‬التي قام بها الصلحيون في‬
‫ضّمت التوراة إلى النجيل في‬ ‫أوروبا ) بفعل اليهود أنفسهم ( ‪ ،‬و ُ‬
‫كتب النصارى المقدسة ‪ ،‬وجععد اليهععود بعععض القبععول فععي الععدول‬
‫الوروبية ‪ ،‬فعادوا إليها شيئا فشيئا ‪ ،‬ونتيجة للضطهاد والطععرد‬
‫الجماعي ‪ ،‬الذي تعرض له اليهود فععي هععذه الععدول فيمععا مضععى ‪،‬‬
‫وهم شعب ال المختار ‪ ،‬أجمع قارونععات المععال اليهععود ‪ ،‬وبععدءوا‬
‫يعقدون اجتماعععاتهم السععرية ‪ ،‬فععي نهايععات القععرن الثععامن عشععر‬
‫) قبععل أكععثر مععن مععائتي سععنة ( ‪ ،‬للنتقععام وتجنععب ذلععك المصععير‬
‫‪282‬‬
‫المرعععب مععرة أخععرى ‪ .‬وبوجععود المععال اليهععودي ‪ ،‬تشععكل لععديهم‬
‫مخططا شيطانيا ‪ ،‬للسعيطرة علعى الععالم كلعه وحكمعه ‪ ،‬فوضععوا‬
‫مخططععا مبععدئيا ‪ ،‬كععان موجهععا فععي الدرجععة الولععى ‪ ،‬ضععد ملععوك‬
‫أوروبا ورجالت الدين المسيحي ‪.‬‬
‫أكبر وأخطر مؤامرة في تاريخ اليهود‬
‫المخطط في أطواره الولى ‪:‬‬
‫ويتلخص مخططهم المبدئي ‪ ،‬مما ُكشف من محاضر اجتماعاتهم‬
‫‪ ،‬في كتاب ) أحجار على رقعة الشطرنج ( لمؤلفه ) وليععام كععار (‬
‫ضابط الستخبارات في البحرية الكندية ‪ ،‬بما يلي ‪:‬‬
‫الهدف العام ‪ :‬تععأليه المععادة ونشععر المععذاهب اللحاديععة ‪،‬‬
‫لتمهيد سيطرة اليهود على العالم ‪ ،‬ومن ثم تتويج أنفسهم ملوكععا‬
‫وأسععيادا علععى الشعععوب ‪ ) .‬ونتيجععة لععذلك بععرز الكععثيرين مععن‬
‫الُمفّكرين اليهود كفرويد وماركس وغيرهععم ‪ ،‬ومععن غيععر اليهععود‬
‫مععن المععأجورين كععداروين وغيععره ‪ ،‬حيععث بععدأت الطروحععات‬
‫والنظريععات اللحاديععة المنكععرة لوجععود الع ععّز وجعّل ‪ ،‬فظهععرت‬
‫الشيوعية ) ل إله ( والرأسمالية ) المال هو اللععه ( لععذلك وضععع‬
‫الصيارفة اليهود عبارة ) ‪ ( In God we Trust‬على الدولر‬
‫المريكي ‪ ،‬وليععس علععى الصععفحة الولععى مععن كتععابهم المقعّدس ‪،‬‬
‫وظهععرت الشععتراكية الععتي جمعععت مععا بيععن المبععدأين مععن حيععث‬
‫الكفر ( ‪.‬‬
‫فلسفة المخطط ‪ :‬يتم تقسيم الشعوب ‪ ،‬إلععى معسععكرات‬
‫متنابععذة ‪ ،‬تتصععارع إلععى البععد ‪ ،‬دونمععا توقععف ‪ ،‬حععول عععدد مععن‬
‫المشععاكل ‪ ،‬اقتصععادية وسياسععية واجتماعيععة وعرقيععة وغيرهععا ‪،‬‬
‫ومن ثم يتم تسليح هذه المعسكرات ‪ ،‬ثم يجععري تععدبير حععادث مععا‬
‫‪283‬‬
‫) فتنععة ( ‪ ،‬تتسععبب فععي إشعععال الحععروب بيععن هععذه المعسععكرات ‪،‬‬
‫طععم بعضععها بعضععا ‪ ،‬وبالتععالي تتسععاقط الحكومععات‬ ‫لُتْنِهععك وتح ّ‬
‫الوطنية والمؤسسات الدينية تباعا ‪.‬‬
‫برنامج العمل ‪:‬‬
‫‪ .1‬السععيطرة علععى رجععالت الحكععم ‪ ،‬علععى مختلععف المسععتويات‬
‫والمسؤوليات ‪ ،‬بالغواء المالي ) الرشوة ( والغراء الجنسي‬
‫‪ ،‬وعند وقوعهم ‪ ،‬يتم استغللهم لغايات تنفيذ المخطط ‪ ،‬وعنععد‬
‫تفكير أي منهم بالنسحاب ‪ ،‬يتم تهديده بالنطفاء السياسععي أو‬
‫الخراب المالي ‪ ،‬أو تعريضه لفضيحة عامة كبرى تقضي علععى‬
‫مسععتقبله ‪ ،‬أو تعريضععه لليععذاء الجسععدي أو بععالتخلص منععه‬
‫بالقتل ‪.‬‬
‫‪ .2‬دفععع معتنقععي المععذهب اللحععادي المععادي ‪ ،‬للعمععل كأسععاتذة‬
‫والجامعات والمعاهد العلمية وكمفكرين ‪ ،‬لترويج فكرة الممية‬
‫العالميعععة بيعععن الطلب المتفعععوقين ‪ ،‬لقامعععة حكومعععة عالميعععة‬
‫واحععدة ‪ ،‬وإقنععاعهم أن الشععخاص ذوي المععواهب والملكععات‬
‫العقلية الخاصة ‪ ،‬لهم الحق في السيطرة على من هم أقل منهم‬
‫كفعععاءًة وذكعععاًء ) وذلعععك كغطعععاء لجرهعععم لعتنعععاق المعععذهب‬
‫اللحادي ( ‪.‬‬
‫‪ .3‬يتم استخدام الساسععة والطلب ) مععن غيععر اليهععود ( ‪ ،‬الععذين‬
‫اعتنقوا هذا المذهب ‪ ،‬كعملء خلف الستار ‪ ،‬بعد إحللهم لععدى‬
‫جميع الحكومات ‪ ،‬بصفة خبراء أو اختصاصععيين ‪ ،‬لععدفع كبععار‬
‫رجععال الدولععة ‪ ،‬إلععى نهععج سياسععات ‪ ،‬مععن شععأنها فععي المععدى‬
‫البعيععد ‪ ،‬خدمععة المخططععات السععرية لليهععود ‪ ،‬والتوصععل إلععى‬

‫‪284‬‬
‫التدمير النهائي ‪ ،‬لجميععع الديععان والحكومععات ‪ ،‬الععتي يعملععون‬
‫لجلها ‪.‬‬
‫‪ .4‬السععيطرة علععى الصععحافة وكععل وسععائل العلم ‪ ،‬لترويععج‬
‫الخبار والمعلومات التي تخدم مصععالح اليهععود ‪ ،‬وتسععاهم فععي‬
‫تحقيق هدفها النهائي ‪.‬‬
‫أما القائمون على المععؤامرة ‪ ،‬فهععم مجموعععة كععبيرة منظمععة مععن‬
‫جنود إبليس ‪ ،‬تضعم حفنععة معن كبعار أثريعاء اليهععود فعي العععالم ‪،‬‬
‫بالضافة إلى حفنة مععن كبععار حاخامععات الشععرق والغععرب ‪ ،‬ومععن‬
‫السععماء الععتي أطلقهععا عليهععم البععاحثون فععي مؤلفععاتهم ‪ ،‬جماعععة‬
‫النورانيععون ‪ ،‬وحكومععة العععالم الخفيععة ‪ ،‬واليهععود العععالمّيون ‪،‬‬
‫يعملععون فععي الخفععاء ‪ .‬هععدفهم حكععم العععالم اقتصععاديا ‪ ،‬ومععن ثععم‬
‫سياسيا ‪ ،‬عن طريق تدمير الخلق والديان ‪ ،‬وإشعععال الحععروب‬
‫القليمية والعالمية ‪ ،‬وهععم وراء كععل جريمععة ‪ ،‬ويسععيطرون علععى‬
‫كثير من المنظمات السرية والعلنية ‪ ،‬اليهودية وغير اليهوديععة ‪،‬‬
‫تحت مسميات عديدة ‪ ،‬ولهم عملء ذوي مراكز رفيعة ومرموقععة‬
‫‪ ،‬في معظم الحكومععات الوطنيععة لععدول العععالم ‪ ،‬مععن الععذين بععاعوا‬
‫شعوبهم وأوطانهم بععأبخس الثمععان ‪ ،‬وتمّيععزوا بععولئهم المطلععق‬
‫للمؤامرة وأصحابها ‪ ،‬وفيما يلي سنعرض أهدافهم وسياساتهم ‪.‬‬
‫بروتوكولت حكماء صهيون‬
‫يقععول ) ويليععام كععار ( أن هععذه الععبروتوكولت ‪ ،‬عرضععها ) مععاير‬
‫روتشيلد ( أحد كبار أثريعاء اليهععود ‪ ،‬أمعام اثنععي عشععر معن كبعار‬
‫أثرياء اليهود الغربيون ‪ ،‬في فرانكفورت بألمانيا عععام ‪1773‬م ‪،‬‬
‫أما كشفها فقد تم بالصدفة عام ‪1784‬م في ألمانيا نفسها ‪ ،‬حيععث‬
‫أرسععلت نسععخ منهععا إلععى كبععار رجععال الدولععة والكنيسععة ‪ ،‬وتععم‬
‫‪285‬‬
‫محاربتهعا ‪ ،‬ومحاربعة كعل رموزهعا الظعاهرة فعي ألمانيعا آنعذاك ‪.‬‬
‫ولذلك انتقلت إلى السرية التامة ‪ ،‬وسارع معظم يهود العععالم إلععى‬
‫التنصل منها ‪ ،‬واستطاعوا بما لديهم من نفوذ ‪ ،‬من إرغام الناس‬
‫والحكومات على تجاهلها ‪ ،‬ومنذ ذلععك اليععوم الععذي ُكشععفت فيععه ‪،‬‬
‫وحتى منتصف القععرن الماضععي ‪ ،‬والكّتععاب والبععاحثون الغربيععون‬
‫يتناولونها بالبحث والتقصي ‪ ،‬ويؤكدون مطابقععة مععا جععاء فيهععا ‪،‬‬
‫مع ما جرى ويجععري علععى أرض الواقععع ‪ ،‬ويحعّذرون حكومععاتهم‬
‫من الخطر اليهودي المحّدق بأممهم ‪ ،‬ولكن ل حياة لمن تنععادي ‪،‬‬
‫في حكومات تغلغل فيها اليهود ‪ ،‬كما تتغلغل بكتيريا التسوس فعي‬
‫السنان ‪ ،‬ومعظم الكتب الععتي ح عّذرت ‪ -‬ومععا زالععت ‪ -‬مععن الخطععر‬
‫اليهودي ‪ ،‬كان مصيرها الختفععاء معن السععواق ‪ ،‬أو اللقععاء فعي‬
‫زوايا النسيان والهمال ‪.‬‬
‫أما من ُيفّكر اليوم بمناهضة اليهود ومعععاداتهم فععي الغععرب ‪ ،‬فقععد‬
‫ثكلته أمه ‪ ،‬فخذ ) هايدر ( مثل ‪ ،‬زعيم أحد الحزاب النمساوية ‪،‬‬
‫الذي أطلععق يومععا عبععارات مناهضععة لليهععود ‪ ،‬عنععدما فععاز حزبععه‬
‫ديموقراطيا ‪ ،‬بأغلبية في مقاعد البرلمان ‪ ،‬فقامت الدنيا ولم تقعد‬
‫جة إعلمية كبرى ‪ ،‬في إسرائيل ‪ ،‬أمريكا ‪ ،‬بريطانيا ‪ ،‬فرنسا‬ ‫‪،‬ضّ‬
‫‪ ،‬المععم المتحععدة ‪ ،‬حععتى ُأرغععم التحععاد الوروبععي علععى مقاطعععة‬
‫النمسععا ‪ ،‬لمنععع ) هايععدر ( مععن الحصععول علععى أي منصععب فععي‬
‫الحكومة النمساوية ‪.‬‬
‫الصننننيغة النهائيننننة لمبننننادئ المخطننننط‬
‫الشيطاني ‪:‬‬
‫ع الذي تربع اليهود من خلله ‪ ،‬أسيادا علععى العععالم فععي الخفععاء ‪،‬‬
‫منذ خمسين عاما مضت ‪ ،‬وما زالوا ‪:‬‬
‫‪286‬‬
‫ق هو القععوة ‪ ) .‬بمعنععى أن‬ ‫‪ .1‬أن قوانين الطبيعة تقضي بأن الح ّ‬
‫الذي يملك القوة ‪ ،‬هععو الععذي ُيحعّدد مفععاهيم الحععق ‪ ،‬ويفرضععها‬
‫على الخرين ‪ ،‬والقوة تعني امتلك المال ( ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن الحريععة السياسععية ليسععت إل فكععرة مجععردة ‪ ،‬ولععن تكععون‬
‫حقيقة واقعة ‪ ) .‬بمعنععى أنععك تسععتطيع الدعععاء ظاهريععا ‪ ،‬بأنععك‬
‫ديموقراطي وتسمح بحرية الععرأي ‪ ،‬ولكنععك فععي المقابععل تقمععع‬
‫الرأي الخر سرا ( ‪.‬‬
‫‪ .3‬سلطة الذهب ) المال ( فوق كل السلطات حتى سلطة الععدين ‪.‬‬
‫) محاربة الدين وإسقاط أنظمة الحكم غير الموالية ‪ ،‬مععن خلل‬
‫تمويععل الحركععات الثوريععة ذات الفكععار التحرريععة ‪ ،‬وتمويععل‬
‫المنتصر منها بالقروض ( ‪.‬‬
‫‪ .4‬الغاية تبّرر الوسيلة ‪ ) .‬فالسياسععي المععاهر ‪ :‬هععو الععذي يلجععأ‬
‫إلى الكذب والخععداع والتلفيععق ‪ ،‬فععي سععبيل الوصععول إلععى سععدة‬
‫الحكم ( ‪.‬‬
‫‪ .5‬مععن العععدل أن تكععون السععيادة للقععوى ‪ ) .‬وبالتععالي تحطيععم‬
‫المؤسسععات والعقععائد القائمععة ‪ ،‬عنععدما يععترك المستسععلمون‬
‫حقوقهم ومسؤولياتهم ‪ ،‬للركض وراء فكرة التحّرر الحمقعاء (‬
‫‪.‬‬
‫‪ .6‬ضرورة المحافظة على السرية ‪ ) .‬يجععب أن تبقععى سععلطتنا ‪،‬‬
‫الناجمة عن سيطرتنا على المال ‪ ،‬مخفّية عن أعيععن الجميععع ‪،‬‬
‫لغاية الوصول إلى درجة من القوة ‪ ،‬ل تستطيع أي قععوة منعنععا‬
‫من التقدم ( ‪.‬‬
‫‪ .7‬ضرورة العمل على إيجاد حكام طغاة فاسدين ‪ ) .‬لن الحريععة‬
‫المطلقة تتحول إلععى فوضععى ‪ ،‬وتحتععاج إلععى قمععع ‪ ،‬وذلععك لكععي‬
‫‪287‬‬
‫يتسعععنى لولئك الحكعععام سعععرقة شععععوبهم ‪ ،‬وتكبيعععل بلعععدانهم‬
‫بالديون ‪ ،‬ولتصبح الشعوب برسم البيع ( ‪.‬‬
‫‪ .8‬إفساد الجيال الناشئة لدى المم المختلفععة ‪ ) .‬ترويععج ونشععر‬
‫جميع أشععكال النحلل الخلقععي ‪ ،‬لفسععاد الشععبيبة ‪ ،‬وتسععخير‬
‫النساء للعمل في دور الدعارة ‪ ،‬وبالتالي تنتشععر الرذيلععة حععتى‬
‫بين سيدات المجتمععع الراقععي ‪ ،‬اقتععداًء بفتيععات الهععوى وتقليععدا‬
‫لهن ( ‪.‬‬
‫‪ .9‬الغزو السلمي التسللي هو الطريق السععلم ‪ ،‬لكسععب المعععارك‬
‫مععع المععم الخععرى ‪ ) .‬الغععزو القتصععادي لغتصععاب ممتلكععات‬
‫وأموال الخرين ‪ ،‬لتجنب وقوع الخسائر البشرية في الحععروب‬
‫العسكرية المكشوفة ( ‪.‬‬
‫‪ .10‬إحلل نظعععام مبنعععي علعععى أرسعععتقراطية المعععال ‪ ،‬بعععدل معععن‬
‫أرستقراطية النسععب ‪ ) ،‬لععذلك يجععب إطلق شعععارات ‪ :‬الحريععة‬
‫والمسعععاواة والخعععاء ‪ ،‬بيعععن الشععععوب بغيعععة تحطيعععم النظعععام‬
‫السابق ‪ ،‬وكان هذا موجها إلى السععر الوروبيععة ذات الجععذور‬
‫العريقة ‪ ،‬ومن ضمنها السر الملكيععة والمبراطوريععة ‪ ،‬ليلقععى‬
‫لصوص هذه المؤامرة بعدها ‪ ،‬شيئا من التقدير والحترام ( ‪.‬‬
‫‪ .11‬إثارة الحروب ‪ ،‬وخلق الثغرات في كل معاهدات السلم التي‬
‫تعقد بعععدها ‪ ،‬لجعلهععا مععدخل لشعععال حععروب جديععدة ‪ ) .‬وذلععك‬
‫لحاجة المتحعاربين إلعى القعروض ‪ ،‬وحاجعة كعل معن المنتصعر‬
‫والمغلوب لها بعد الحرب ‪ ،‬لعادة العمار والبنععاء ‪ ،‬وبالتععالي‬
‫وقوعهم تحت وطأة الديون ‪ ،‬ومسععك الحكومععات الوطنيععة مععن‬
‫خّناقهععا ‪ ،‬وتسععيير أمورهععا حسععب مععا يقتضععيه المخطععط مععن‬
‫سياسات هدامة ( ‪.‬‬
‫‪288‬‬
‫‪ .12‬خلق قادة للشعوب ‪ ،‬من ضعاف الشخصععية الععذين يتميععزون‬
‫بالخضوع والخنوع ‪ ) ،‬وذلك بإبرازهم وتلميع صععورهم ‪ ،‬مععن‬
‫خلل الترويج العلمي لهم ‪ ،‬لترشيحهم للمناصب العامععة فععي‬
‫الحكومات الوطنية ‪ ،‬ومن ثم التلعب بهععم ‪ ،‬مععن وراء السععتار‬
‫صصين ‪ ،‬لتنفيذ سياساتنا ( ‪.‬‬ ‫بواسطة عملء متخ ّ‬
‫‪ .13‬امتلك وسائل العلم والسيطرة عليها ‪ ) .‬لترويج الكععاذيب‬
‫والشاعات والفضائح الملّفقة ‪ ،‬التي تخدم المؤامرة ( ‪.‬‬
‫‪ .14‬قلب أنظمة الحكم الوطنية المستقلة بقراراتها ‪ ،‬والتي تعمععل‬
‫من أجععل شعععوبها ‪ ،‬ول تسععتجيب لمتطلبععات المععؤامرة ‪ ) .‬مععن‬
‫خلل إثارة الفتععن ‪ ،‬وخلععق ثععورات داخليععة فيهععا ‪ ،‬لتععؤدي إلععى‬
‫حالة من الفوضععى ‪ ،‬وبالتععالي سعقوط هععذه النظمععة الحاكمععة ‪،‬‬
‫وإلقععاء اللععوم عليهععا ‪ ،‬وتنصععيب العملء قععادة فععي نهايععة كععل‬
‫ثععورة ‪ ،‬وإعععدام مععن ُيلصععق بهععم تهمععة الخيانععة مععن النظععام‬
‫السابق ( ‪.‬‬
‫‪ .15‬اسعععتخدام الزمعععات القتصعععادية للسعععيطرة علعععى توجهعععات‬
‫الشعععوب ‪ ) .‬التسععبب فععي خلععق حععالت مععن البطالععة والفقععر‬
‫والجوع ‪ ،‬لتوجيه الشعوب إلى تقديس المال وعبادة أصحابه ‪،‬‬
‫لتصبح لهم الحقيعة والولويعة فعي السعيادة ‪ ،‬واتخعاذهم قعدوة‬
‫والسير علععى هععديهم ‪ ،‬وبالتععالي سععقوط أحقيععة الععدين وأنظمععة‬
‫الحكم الوطنية ‪ ،‬والتمرد على كل ما هو مقّدس ‪ ،‬من أجل لقمة‬
‫العيش ( ‪.‬‬
‫‪ .16‬نشععر العقععائد اللحاديععة الماديععة ‪ ) .‬مععن خلل تنظيععم محافععل‬
‫الشععرق الكععبرى ‪ ،‬تحععت سععتار العمععال الخيريععة والنسععانية ‪،‬‬
‫كالماسععونية ونععوادي الروتععاري والليععونز ‪ ،‬الععتي تحععارب فععي‬
‫‪289‬‬
‫الحقيقة كععل مععا تمثلععه الديععان السععماوية ‪ ،‬وتسععاهم أيضععا فععي‬
‫تحقيق أهداف المخطععط الخععرى ‪ ،‬داخععل البلععدان الععتي تتواجععد‬
‫فيها ( ‪.‬‬
‫‪ .17‬خداع الجماهير المستمر ‪ ،‬باسععتعمال الشععارات والخطابعات‬
‫الرّنانععة ‪ ،‬والوعععود بالحريععة والتحععرر ‪ ) .‬الععتي تلهععب حمععاس‬
‫ومشاعر الجماهير لدرجة يمكن معها ‪ ،‬أن تتصرف بما يخالف‬
‫حععتى الوامععر اللهيععة ‪ ،‬وقععوانين الطبيعععة ‪ ،‬وبالتععالي بعععد‬
‫الحصول على السيطرة المطلقة على الشعوب ‪ ،‬سععنمحو حععتى‬
‫اسم " ال " من معجم الحياة ( ‪.‬‬
‫‪ .18‬ضرورة إظهار القوة لرهاب الجمععاهير ‪ ) .‬وذلععك مععن خلل‬
‫افتعععال حركععات تمععرد وهميععة ‪ ،‬علععى أنظمععة الحكععم ‪ ،‬وقمععع‬
‫عناصرها بالقوة على علم أو مرأى من الجمععاهير ‪ ،‬بالعتقععال‬
‫والسععجن والتعععذيب والقتععل إذا لععزم المععر ‪ ،‬لنشععر الععذعر فععي‬
‫قلوب الجماهير ‪ ،‬وتجّنب أي عصيان مسلح قد ُيفّكععرون فيععه ‪،‬‬
‫عند مخالفة الحكام لمصالح أممهم ( ‪.‬‬
‫‪ .19‬استعمال الدبلوماسعية السعرّية معن خلل العملء ‪ ) .‬للتعدخل‬
‫في أي اتفاقات أو مفاوضات ‪ ،‬وخاصة بعد الحعروب ‪ ،‬لتحعوير‬
‫بنودها بما يتفق مع مخططات المؤامرة ( ‪.‬‬
‫‪ .20‬الهدف النهععائي لهععذا البرنامععج هععو الحكومععة العالميععة الععتي‬
‫تسيطر على العععالم بأسععره ‪ ) .‬لععذلك سععيكون معن الضععروري ‪،‬‬
‫إنشععاء احتكععارات عالميععة ضععخمة ‪ ،‬مععن ج عّراء اتحععاد ثععروات‬
‫اليهود جميعها ‪ ،‬بحيث ل يمكن لي ثروة مععن ثععروات الغربععاء‬
‫ظمت ‪ ،‬من الصمود أمامها ‪ ،‬مما يؤدي إلى انهيار هذه‬ ‫مهما ع ُ‬

‫‪290‬‬
‫جه اليهعععود الععععالميون ‪،‬‬‫العععثروات والحكومعععات ‪ ،‬عنعععدما يعععو ّ‬
‫ضربتهم الكبرى في يوم ما ( ‪.‬‬
‫‪ .21‬السععتيلء والسععيطرة علععى الممتلكععات العقاريععة والتجاريععة‬
‫والصناعية للغرباء ‪ ) .‬وذلك من خلل ؛ أول ‪ :‬فرض ضععرائب‬
‫مرتفعععة ‪ ،‬ومنافسععة غيععر عادلععة للتجععار الععوطنيين ‪ ،‬وبالتععالي‬
‫تحطيععم الععثروات والمععدخرات الوطنيععة ‪ ،‬وحصععول النهيععارات‬
‫القتصادية بالمم ‪ .‬ثانيا ‪ :‬السيطرة على المواد الخام ‪ ،‬وإثععارة‬
‫العمال ‪ ،‬للمطالبععة بسععاعات عمععل أقععل وأجععور أعلععى ‪ ،‬وهكععذا‬
‫تضععطر الشععركات الوطنيععة لرفععع السعععار ‪ ،‬فيععؤدي ذلععك إلععى‬
‫انهيارهععا وإفلسععها ‪ ،‬ويجععب أل يتمكععن العمععال بععأي حععال مععن‬
‫الحوال ‪ ،‬من الستفادة من زيادة الجور ( ‪.‬‬
‫‪ .22‬إطالة أمد الحروب لستنزاف طاقات المععم المتنازعععة ماديععا‬
‫ومعنويا وبشريا ‪ ) .‬لكي ل يبقى في النهاية سععوى مجموعععات‬
‫مععن العمععال ‪ ،‬تسععيطر عليهععا وتسوسععها حفنععة مععن أصععحاب‬
‫المليين العملء ‪ ،‬مع عدد قليععل مععن أفععراد الشععرطة والمععن ‪،‬‬
‫لحمايععة السععتثمارات اليهوديععة المختلفععة ‪ ،‬بمعنععى آخععر إلغععاء‬
‫الجيوش النظامية الضخمة حربا أو سلما ‪ ،‬في كافة البلدان ( ‪.‬‬
‫‪ .23‬الحكومة العالمية المسععتقبلية ‪ ،‬تعتمععد الدكتاتوريععة المطلقععة‬
‫كنظععام للحكععم ‪ ) .‬فععرض النظععام العععالمي الجديععد ‪ ،‬يقععوم فيععه‬
‫الدكتاتور بتعييععن أفععراد الحكومععة العالميععة ‪ ،‬مععن بيععن العلمععاء‬
‫والقتصاديين وأصحاب المليين ( ‪.‬‬
‫‪ .24‬تسلل العملء إلى كافة المستويات الجتماعيععة والحكوميععة ‪.‬‬
‫) من أجل تضليل الشباب وإفساد عقولهم بالنظريات الخاطئة ‪،‬‬
‫حتى تسهل عملية السيطرة عليهم مستقبل ( ‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ .25‬تععرك القععوانين الداخليععة والدوليععة الععتي سععنتها الحكومععات‬
‫والدول كما هي ‪ ،‬وإساءة استعمالها وتطبيقهععا ‪ ) .‬عععن طريععق‬
‫تفسير القوانين ‪ ،‬بشكل مناقض لروحها ‪ ،‬يسععتعمل أول قناعععا‬
‫لتغطيتها ‪ ،‬ومن ثم يتم طمسها بعد ذلك نهائيا ( ‪.‬‬
‫ثم يختم المتحّدث عرضه بالقول ‪ " :‬لعلكم تعتقدون أن الغرباء )‬
‫غير اليهود ( ‪ ،‬لععن يسععكتوا بعععد هععذا ‪ ،‬وأنهععم سععيهّبون للقضععاء‬
‫علينا ‪ ،‬كل هذا اعتقاد خاطئ ‪ .‬سععيكون لنععا فععي الغععرب ‪ ،‬منظمععة‬
‫على درجععة مععن القععوة والرهععاب ‪ ،‬تجعععل أكععثر القلععوب شععجاعة‬
‫ترتجف أمامها ‪ ،‬تلك هي منظمة الشبكات الخفية تحععت الرض ‪،‬‬
‫وسنعمل على تأسيس منظمات من هذا النعوع ‪ ،‬فعي كععل عاصعمة‬
‫ومدينة ‪ ،‬نتوّقع صدور الخطر منها " ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫* بتصّرف من كتاب ) أحجار على رقعة الشطرنج ( ‪.‬‬
‫ن هذا المخطط ‪ُ ،‬وضع قبل أكثر من ‪ 200‬سنة‬ ‫نود أن ُنشير إلى أ ّ‬
‫تقريبا ‪ ،‬وأن العمععل علععى تنفيععذه بقععي جاريععا علععى قععدم وسععاق ‪،‬‬
‫وكان دائم التجّدد والتطّور من حيث القائمين عليععه ‪ ،‬ومععن حيععث‬
‫برامجه وأدواته ‪ ،‬ليتوافق مع التطورات المتسارعة التي ظهرت‬
‫فععي القرنيععن الماضععيين ‪ ،‬مععن ُمخترعععات واكتشععافات كوسععائل‬
‫سععخّرت كلهععا‬
‫التصال ووسائل الحروب على مختلععف أنواعهععا ‪ُ ،‬‬
‫طته أيدي أبالسععة اليهععود‬ ‫طط الشيطاني ‪ ،‬الذي خ ّ‬ ‫لخدمة هذا الُمخ ّ‬
‫على مّر العصور ‪ ،‬وما كان لبشر مععن غيععر اليهععود ‪ ،‬أن يجمعععوا‬
‫كععل هععذا الش عّر فععي جعبتهععم ‪ ،‬ويصععهروه بهععذا الشععكل المُععذهل‬
‫المتعّمععق ‪ ،‬فععي معرفتععه بععدواخل النفععس البشععرية وأهوائهععا ‪،‬‬
‫ومكامن ضعععفها وقوتهععا ‪ ،‬اتقانععا ربمععا يعجععز إبليععس نفسععه عععن‬
‫التيان بمثله ‪ ،‬حتى استطاعوا من خلله ‪ ،‬التحكم بالبشر ‪ ،‬بععدءا‬
‫‪292‬‬
‫من الرئيس المريكي بعظمته ‪ ،‬وحتى إنسععان الغيععاهب الفريقيععة‬
‫بفقره وقلة حيلته ‪ ،‬الذي ل يدري ما الععذي ُيحععاربه أول ‪ ،‬الجععوع‬
‫أم اليععدز ‪ .‬وهععا هععم الن بععدءوا ُيزيلععون أقنعتهععم شععيئا فشععيئا ‪،‬‬
‫فتصريحاتهم من مواقع السياسععة المريكيععة ومععواقفهم ‪ ،‬تكشععف‬
‫ق النسانية ‪.‬‬ ‫عن مدى قباحة وجوههم وأفعالهم في ح ّ‬
‫إسننقاط جميننع أنظمننة الحكننم الوراثيننة‬
‫العريقة في أوروبننا مننن خلل الثننورات‬
‫التحررية ‪:‬‬
‫وقععد اسععتطاع اليهععود ‪ ،‬مععن خلل مععواظبتهم علععى تنفيععذ هععذه‬
‫البروتوكولت ‪ ،‬مععن إسععقاط نظععام الحكععم الملكععي فععي بريطانيععا ‪،‬‬
‫لفععترة ليسععت بالقصععيرة ‪ ،‬ومععن ثععم عععاد النظععام الملكععي ‪ ،‬بشععكل‬
‫صوري ل يتمتع بأي سلطة ‪ ،‬كمععا هععو الحععال الن ‪ ،‬كمععا وقععاموا‬
‫بإسقاط النظام الملكي في فرنسا ‪ ،‬ومن ثم تم تحويلها إلى النظععام‬
‫الجمهوري ‪ .‬وبعد إثعارتهم للحعرب العالميعة الولعى ‪ ،‬اسععتطاعوا‬
‫إسقاط الحكم القيصري في روسيا ‪ ،‬الذي عاملهم كما عوملوا في‬
‫أوروبععا ‪ ،‬ولكععن بععدون طععرد ‪ ،‬وإدخععال الحكععم الشععيوعي إليهععا ‪،‬‬
‫واستطاعوا إسقاط الحكم القيصري في ألمانيععا أيضععا ‪ ،‬وأسععقطوا‬
‫المبراطوريععة العثمانيععة ‪ ،‬وكععان آخععر حصععادها ‪ ،‬هععو وضععع‬
‫فلسطين تحت النتداب البريطاني ‪.‬‬
‫المخطط في مراحله النهائية ‪ ،‬تحت حماية‬
‫أمريكا ‪:‬‬
‫ولو أنععك نظععرت إلععى الععبروتوكول رقععم )‪ ، (23‬سععتجد أن النظععام‬
‫الععذي كععان ُينععادي بععه الرئيععس المريكععي ) بععوش ( فععي بدايععة‬
‫التسعينيات ‪ ،‬بعد انهيار التحاد السوفييتي ‪ ،‬موجود تحععت نفععس‬
‫‪293‬‬
‫السععم ) النظععام العععالمي الجديععد ( وهععذه العبععارة نفسععها مكتوبععة‬
‫أيضععا ‪ ،‬علععى الععدولر باللغععة اللتينيععة ‪ ،‬وهععذا مؤشععر علععى أن‬
‫طط أصبح في مراحله الخيرة ‪ ،‬حيث أن هذا البرتوكول هععو‬ ‫المخ ّ‬
‫الثععالث قبععل الخيععر ‪ ،‬ومععا بقععي عليهععم للوصععول إلععى هععدفهم‬
‫النهعععائي ‪ ،‬سعععوى تنفيعععذ العععبرتوكولين )‪ (24‬و )‪ ، (25‬وهمعععا‬
‫المتعلقّيعععن بالعولمعععة بجانبيهعععا الثقعععافي والقتصعععادي ‪ ،‬والعععتي‬
‫سنوضحها لحقا ‪.‬‬
‫ذرون مننن‬ ‫الرؤساء المريكيننون الوائل ُيحن ّ‬
‫الخطر اليهودي‬
‫ترجمة النص الكامل للجزء الخاص باليهود مععن خطععاب بنيععامين‬
‫فرانكلين أمام الكونغرس ‪:‬‬
‫" أيهععا السععادة ‪ :‬هنالععك خطععر كععبير يتهععدد الوليععات المتحععدة‬
‫المريكية … وهذا الخطر هو اليهود … ففي أي أرض يحّل بها‬
‫اليهود … يعملون على تدني المستوى الخلقي والتجاري فيهععا‬
‫… وعلى مدى تاريخهم الطويل …ظّلوا متقوقعين على أنفسععهم‬
‫في معععزل عععن المععم الععتي يعيشععون فيهععا … ولععم ينععدمجوا فععي‬
‫حضاراتها … بل كانوا يعملون دوما على إثارة الزمععات الماليععة‬
‫وخنق اقتصادياتها … كما حصل في البرتغال وإسبانيا ‪.‬‬
‫لكثر معن ‪ 1700‬سععنة … وهععم يبكععون علععى قععدرهم ومصععيرهم‬
‫المحزن … أعني طردهععم ونفيهععم مععن وطنهععم الم ) فلسععطين (‬
‫… ولو أن الععالم المتحضعر ) الغعرب ( أععاد لهعم فلسعطين الن‬
‫… فإنهم على الفععور سععيختلقون الكععثير مععن السععباب والعععذار‬
‫والحجج الواهية … ليبرروا عدم رغبتهععم فععي العععودة إليهععا …‬
‫لماذا ؟ … لنهععم كائنععات طفيليععة … والطفيليععات ل تسععتطيع أن‬
‫‪294‬‬
‫تتطفل علععى طفيليععات أخععرى … فهععم ل يسععتطيعون العيععش مععع‬
‫بعضعععهم البععععض … ممعععا يسعععتدعي ضعععرورة تواجعععدهم بيعععن‬
‫المسيحيين … أو بين أناس من غير جنسهم ‪.‬‬
‫وإن لم ُيطردوا من الوليات المتحدة بموجب الدسععتور … فععإنهم‬
‫وخلل مائة عام على القل من الن … سيتوافدون إلى هذا البلد‬
‫بأعداد كبيرة … وبتلك العداد سوف يحكمونا ويدّمرونا … من‬
‫خلل تغيير أنظمة الحكم لععدينا … والععتي بععذلنا نحععن المريكييععن‬
‫من أجل توطيدها على مر السنين … الغالي والنفيس من دمائنععا‬
‫وأرواحنا وممتلكاتنا وحرياتنا … وإن لععم يتععم طردهععم … وبعععد‬
‫مائتي سنة من الن …فععإن أحفادنععا سععيعملون فععي الحقععول ليععل‬
‫نهار … من أجل إشباع بطونهم وجيوبهم … بينما يجلسون هم‬
‫في قصورهم يفركون أيديهم فرحا واغتباطا … بما حصدوه مععن‬
‫غلل وأرباح ‪.‬‬
‫وها أنا أحذركم أيهععا السععادة … إن لععم تطععردوا اليهععود مععن هععذا‬
‫البلد إلى البد … فإن أولدكم وأحفععادكم سععيلعنونكم فععي قبععوركم‬
‫… ومع أنهم يعيشون بيننا منذ أجيععال … فععإن ُمُثلهععم العليععا مععا‬
‫زالت تختلف كليا ‪ ،‬عما يتحلى به الشعب المريكععي مععن ُمُثععل …‬
‫فالفهعد الرقعط ل يمكنعه تغييعر لعون جلعده ) عبعارة مقتبسعة معن‬
‫التوراة ( … سوف ُيعّرضون مؤسسععاتنا ومقوماتنععا الجتماعيععة‬
‫للخطر … لذلك يجب طردهم بنص من الدستور " ‪.‬‬
‫وكان فرانكلين من الرؤساء الوائل في أمريكا ‪ ،‬والذي استشعععر‬
‫الخطععر اليهععودي قبععل تغلغلععه فععي أمريكععا ‪ ،‬مععن خلل دراسععته‬
‫لتوراتهم ولتاريخهم في أوروبا ‪ ،‬وما أحدثوه من خراب فيها ‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫وهذا قسم من خطنناب الرئيننس المريكنني‬
‫) لنكننولن ( للمننة ‪ ،‬فنني نهايننة منندته‬
‫الرئاسية الولى ‪:‬‬
‫" إنني أرى في الفععق ُنععذر أزمععة تقععترب شععيئا فشععيئا … وهععي‬
‫أزمة تثيرني وتجعلني أرتجف على سلمة بلدي … فقد أصبحت‬
‫السععيادة للهيئات والشععركات الكععبرى … وسععيترتب علععى ذلععك‬
‫وصععول الفسععاد إلععى أعلععى المناصععب … إذ أن أصععحاب رؤوس‬
‫المععوال ‪ ،‬سععيعملون علععى إبقععاء سععيطرتهم علععى الدولععة …‬
‫مستخدمين في ذلك مشاعر الشعب وتحّزباته … وستصبح ثروة‬
‫البلد بأكملها ‪ ،‬تحت سععيطرة فئة قليلععة … المععر الععذي سععيؤدي‬
‫إلى تحطم الجمهورية " ‪.‬‬
‫وكان هذا الخطاب قبل أكثر من ‪ 130‬سنة ‪ ،‬بعد أن تغلغل اليهععود‬
‫في أمريكعا ‪ ،‬وقعد اغتيعل هعذا الرئيعس فعي بدايعة فعترة الرئاسعية‬
‫الثانية ‪ ،‬نتيجة خطاباته لن كل أصحاب رؤوس المععال المريكععي‬
‫أصبحوا من اليهود ‪ .‬كما اغتيل الرئيس ) جون كنععدي ( ‪ ،‬عنععدما‬
‫أعلن عن برامجه الصلحية ‪ ،‬وبناء أمريكا من الععداخل ‪ ،‬ونهععج‬
‫التعايش السلمي مع الخارج ‪ ،‬كروسيا والبلععدان الخععرى ‪ ،‬وهععذا‬
‫ممععا يتعععارض كليععا ‪ ،‬مععع بروتوكععولت أربععاب المععال اليهععود‬
‫وحكمائهم ‪ .‬وتخيل لو أن أرباب المال اليهود يسحبون أرصععدتهم‬
‫مععن أمريكععا ‪ ،‬بالتأكيععد سععينهار القتصععاد المريكععي برّمتععه علععى‬
‫الفور ‪ ،‬وربما تصبح أمريكا من أفقر بلدان العالم ‪.‬‬
‫بعد اغتيال ) كندي ( استوعب رؤساء أمريكا الععدرس ‪ ،‬وحفظععوه‬
‫عن ظهر قلب ‪ ،‬فلم يجرؤ أحدهم على نهج أي سياسة ‪ ،‬تتعارض‬
‫مع طموحات اليهود ‪ ،‬وتطلعاتهم على كافة الصعععدة ‪ ،‬بععل كععانوا‬
‫‪296‬‬
‫فععور انتخععابهم ‪ ،‬يسععارعون لتقععديم فععروض الطاعععة والععولء‬
‫لسيادهم اليهود ‪ .‬وخدماتهم لليهود خلل الربعين سنة الماضية‬
‫ظاهرة للعيععان ‪ ،‬وأصععبحت مهمععة الرئيععس المريكععي ‪ ،‬ل تتعععدى‬
‫مهمة ) كلب الصيد المدّرب جيدا ( ‪ ،‬لصطياد الشعوب وثرواتهععا‬
‫وجلبها ‪ ،‬لليهود في الداخل والخارج ‪ ،‬وفي نهاية ولية كل كلععب‬
‫جيد منهم ‪ُ ،‬يعّلق في رقبته وساما رفيعععا مععن المديععح اليهععودي ‪،‬‬
‫فيهّز ذنبه فرحا ويمضي خارجا من البيت البيض ‪ ،‬بعد حصععوله‬
‫على شرف عضوية ) نادي كلب الصيد ( اليهودي ‪ ،‬وكلنا يععذكر‬
‫قصععة ) كلينتععون ( عنععدما نسععي نفسععه ‪ ،‬وحععاول الضععغط علععى‬
‫جروا في بيتععه البيععض القنبلععة ) لوينسععكي ( ‪ ،‬الععتي‬ ‫نتنياهو ‪ ،‬فف ّ‬
‫كععانت ُمع عّدة منععذ لحظععة انتخععابه ‪ ،‬فأعععادته إلععى صععوابه ‪ ،‬وإلععى‬
‫مععوقعه الحقيقععي ككلععب صععيد ل أكععثر ‪ ،‬فأصععبح فععي نهايععة مععدة‬
‫رئاسته صهيونيا ‪ ،‬أكععثر معن الصععهاينة أنفسععهم ‪ ،‬يمسععح بفععروه‬
‫البيض الناعم نعال أحذيتهم ‪ ،‬عسى أن يقتات هو وزوجته علععى‬
‫فتععات مععوائدهم ‪ ،‬فععي قاعععات مجلععس الشععيوخ المريكععي ‪ ،‬بعععد‬
‫خروجهم من البيت البيض ‪.‬‬
‫الحننرب العالميننة الثانيننة درس مننن دروس‬
‫التآمر اليهودي العالمي‬
‫الظععروف الععتي سععبقت الحععرب ‪ ،‬مععن كتععاب ) أحجععار علععى رقعععة‬
‫الشطرنج ( بتصّرف ‪:‬‬
‫ع ع معاهععدة فرسععاي المجحفععة بحععق ألمانيععا ‪ :‬الععتي كععان لليهععود‬
‫وعملئهم اليد الطولى في صياغتها ‪ ،‬من وراء السععتار ‪ ،‬لتكععون‬
‫بؤرة لتوريط ألمانيا في حرب أخرى ‪ ،‬إذا تطلب المععر مسععتقبل ‪.‬‬
‫حيععث أن بنععود هععذه المعاهععدة ‪ ،‬اقتطعععت جععزءا مععن الراضععي‬
‫‪297‬‬
‫اللمانيععة ‪ ،‬وضععمتها إلععى بولنععدا ‪ ،‬وأرغمععت ألمانيععا علععى دفععع‬
‫التعويضععات ‪ ،‬للخسععائر الناجمععة عععن الحععرب العالميععة الولععى ‪،‬‬
‫وأبقت ألمانيا تحت طائلة الديون إلى ما ل نهاية ‪.‬‬
‫ع وجود الحركة النازية في ألمانيا ‪ :‬والسبب في بلورة أفكارهععا ‪،‬‬
‫هو معرفة اللمان بفصول المؤامرة اليهودية ‪ ،‬حيععث أن الصععيغة‬
‫النهائية لبرتوكولت حكماء المؤامرة ‪ ،‬التي تدعو لتفععوق العععرق‬
‫اليهودي ‪ ،‬والتي ُكشفت أصل فيما سبق في ألمانيا نفسععها ‪ ،‬ممععا‬
‫دفع اللماني ) كارل ريتر ( إلععى طععرح أفكععار ‪ ،‬تععدعو إلععى تفععوق‬
‫العععرق الجرمععاني ‪ ،‬ردا علععى مععا طرحتععه برتوكععولت حكمععاء‬
‫اليهود ‪ .‬ومن أقوال مؤسس الفكععر النععازي ) كععارل ريععتر ( الععذي‬
‫نشعععر أفكعععاره ععععام ‪1849‬م ‪ " :‬لكعععي يععععود السعععلم والحريعععة‬
‫القتصادية إلى العالم ‪ ،‬يجب أول القضاء على الممولين اليهود ‪،‬‬
‫جهععون‬ ‫وعلى جميع أعضاء الحركة الثوريععة العالميععة ‪ ،‬الععذين ُيو ّ‬
‫الشيوعية ويسععيطرون عليهععا " ‪ .‬ومضععمون المعتقععدات النازيععة‬
‫يقضي بتفوق العععرق الجرمععاني ‪ ،‬والععذي يتععوجب عليععه إخضععاع‬
‫العالم بععالقوة العسععكرية ‪ ،‬ويجععب أن تكععون الطاعععة فيععه لرئيععس‬
‫الدولة الجرمانية ‪ ،‬طاعة عمياء وبدون نقععاش ‪ .‬وعلععى مععا يبععدو‬
‫أن رجالت الحرب اللمعان ‪ ،‬بععد الحعرب العالميععة الولععى ‪ ،‬ومععا‬
‫لحق بألمانيا مععن إجحععاف ‪ ،‬مععن خلل المععؤامرات اليهوديععة قبععل‬
‫وبعد الحرب ‪ ،‬اقتنعوا بالمذهب النععازي واعتنقععوا مبععادئه ‪ ،‬الععتي‬
‫تتقاطع مع المخطط اليهودي ‪ ،‬للسععيطرة علععى العععالم اقتصععاديا ‪،‬‬
‫ومععن ثععم السععيطرة علععى الحكععم سععلميا ‪ ،‬فوضعععوا مخططهععم‬
‫العسععكري لكتسععاح أوروبععا وأمريكععا ‪ ،‬للقضععاء علععى الممععولين‬
‫اليهود ‪ ،‬واليهود بشععكل عععام فععي أمععاكن تواجععدهم ‪ ،‬والسععتيلء‬
‫على ثرواتهم الطائلة ‪.‬‬
‫‪298‬‬
‫ع مرتكزات السياسة اللمانية ‪ :‬كععانت تقععوم علععى وجععوب تحريععر‬
‫ألمانيا ‪ ،‬من التفاقيات القتصععادية المفروضععة عليهععا ‪ ،‬مععن قبععل‬
‫الممولين والمرابين الععدوليين ‪ ،‬بعععد أن أدرك الزعمععاء اللمععان ‪،‬‬
‫خطر هذه التفاقيات على استقلل البلد ‪ ،‬لن الفوائد المفروضة‬
‫على القروض المالية ‪ ،‬بموجب هععذه التفاقيععات ‪ ،‬سععتؤدي حتمععا‬
‫إلععى وقععوع البلد فععي براثععن دائنيهععا ‪ ) ،‬بمعنععى ارتهععان القععرار‬
‫والموقععف ‪ ،‬السياسععي والقتصععادي بمصععلحة الععدائنين ‪ ،‬بغععض‬
‫النظععر عععن مصععلحة المععة ( ‪ ،‬تمامععا كمععا وقعععت بريطانيععا عععام‬
‫‪1694‬م ‪ ،‬وفرنسا عام ‪1790‬م ‪ ،‬وأمريكا عام ‪1791‬م ‪ .‬وبالتالي‬
‫سععتكون هععذه القععروض ‪ ،‬دينععا واسععتعبادا لكععل فععرد مععن أفععراد‬
‫الشعب ‪ ،‬لن تسديدها لن يكون إل بفرض مزيععد مععن الضععرائب ‪،‬‬
‫يدفعها المواطنون جميعا ‪ ،‬ويكون المسععتفيد الععذي ل يخسععر أبععدا‬
‫هو الععدائن ‪ ،‬أي الممععول المرابععي العععالمي ‪ .‬عنععدئذ صععمم القععادة‬
‫اللمان ‪ ،‬على خلق عملة ألمانية ‪ ،‬ل تسععتند إلععى القععروض ‪ ،‬بععل‬
‫تعتمد على الدخل القومي ‪ ،‬والممتلكات الوطنيععة ‪ ،‬وعلععى مععوارد‬
‫الصعععناعة والزراععععة ‪ ،‬والعععثروات الطبيعيعععة ‪ ،‬وعلعععى الطاقعععة‬
‫النتاجية للمة ‪.‬‬
‫ع وصول هتلر إلى سدة الحكععم ‪ :‬شخصععية هععذا الرجععل ‪ ،‬اعتراهععا‬
‫الكثير من التشويه العلمي اليهودي الغربي ‪ ،‬وفي الحقيقععة لععم‬
‫يكن هتلر داعية حرب ‪ ،‬ولم يكن معتنقا للمذهب النازي ‪ ،‬بل كان‬
‫رجل قوميا ‪ ،‬يسعى لرفع الظلم والجحاف الذي لحق بأمته ‪ ،‬من‬
‫جراء معاهدة فرساي ‪ ،‬وكان عدًوا لععدودا للنععازيين ‪ ،‬والممععولين‬
‫اليهود على حد سواء ‪ ،‬وقد جاء في الصفحة الخيرة من كتابه )‬
‫كفععاحي ( الععذي كتبععه فععي السععجن عععام ‪1934‬م ‪ ،‬قبععل أن يتس عّلم‬
‫الزعامة ‪ ،‬ما نصعه " وبهعذا يقعف الحعزب الشعتراكي العوطني ‪،‬‬
‫‪299‬‬
‫موقفععا إيجابيععا مععن المسععيحية ‪ ،‬ولكنععه ل يععترك أمععور العقيععدة‬
‫لجماعة من المنحرفين ) النازيين ( ‪ ،‬ومن جهة أخرى يحععارب ‪،‬‬
‫الععروح الماديععة اليهوديععة ‪ ،‬المتغلغلععة فععي نفوسععنا وفععي نفععوس‬
‫الخرين " ‪ .‬أما عن معاهدة فرساي فقد كتب يقععول ‪ " :‬إنهععا لععم‬
‫تكن لمصلحة بريطانيا ‪ ،‬ولكنهععا كععانت أول وأخيععرا ‪ ،‬فععي صععالح‬
‫اليهود لتدمير ألمانيا " ‪ .‬ونود أن نضععيف أن السععبب الرئيسععي ‪،‬‬
‫في هزيمة ألمانيععا فععي الحععرب العالميععة الولععى ‪ ،‬وهععي فععي قمععة‬
‫انتصعععاراتها العسعععكرية ‪ ،‬هعععو الثعععورات والفتعععن العععتي أحعععدثها‬
‫الممولععون اليهععود ‪ ،‬بإحيععاء الثععورات الشععيوعية داخععل ألمانيععا ‪،‬‬
‫والتي أضعفت الجبهة الداخلية ‪ ،‬وأضعفت الروح المعنويععة لععدى‬
‫الجيش اللماني ‪ ،‬والتي تسببت في تنازل القيصععر عععن عرشععه ‪،‬‬
‫وتوقيع الهدنة لللتفات إلى الشععأن الععداخلي ‪ ،‬خوفععا مععن سععيطرة‬
‫الشيوعية على ألمانيا ‪ ،‬كما حصل في روسيا ‪.‬‬
‫ع نشوء دول المحور ‪ :‬وجد الشعب اللماني بصورة عامععة ‪ ،‬أنععه‬
‫يشارك شعوب اليابان وإيطاليععا وإسععبانيا ‪ ،‬آمععالهم وأمععانيهم فععي‬
‫المستقبل السياسي والقتصادي ‪ ،‬فظهر حلععف المحععور ‪ ،‬ونظععرا‬
‫لديناميكية زعماء تلععك الععدول ‪ ،‬ومعا بعذلوه معن جهععود ضععخمة ‪،‬‬
‫تمكّنوا من إعادة بناء بلدانهم على كافة المسععتويات ‪ ،‬الصععناعية‬
‫والزراعية والعسكرية ‪ ،‬بما يشبه المعجزات ‪.‬‬
‫كان هتلر يحمل علننى كنناهله أربعننة همننوم‬
‫قومية ‪:‬‬
‫‪ .1‬إعادة بناء الدولة اللمانية ‪.‬‬
‫‪ .2‬استرجاع الجزاء المقتطعة من ألمانيا ‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫‪ .3‬محاربة أرباب المال اليهود ‪ ،‬والقضاء على الثورة الشيوعية‬
‫اليهودية في روسيا ‪ ،‬والععتي كععانت تمعّول الحركععات الثوريععة فععي‬
‫بلده ‪.‬‬
‫‪ .4‬كبععت رغبععات لععوردات الحععرب النععازيون ‪ ،‬فععي احتلل العععالم‬
‫عسكريا ‪.‬‬
‫سيناريو الحرب ‪:‬‬
‫بدأ هتلر عام ‪1936‬م ‪ ،‬محاولت التحالف مع بريطانيععا ‪ ،‬وجععرت‬
‫عععدة محادثععات غيععر رسععمية بيععن دبلوماسععيي البلععدين ‪ ،‬وكععانت‬
‫الغاية مععن هععذا التحععالف ‪ ،‬هععو رغبععة اللمععان فععي احتلل جميععع‬
‫الععدول الشععيوعية ‪ ،‬وتحريععر شعععوبها ‪ ،‬وإعععدام جميععع الخونععة‬
‫فيها ‪ ،‬وذلك لقناعععة اللمععان بارتبععاط الشععيوعية ‪ ،‬بكبععار أغنيععاء‬
‫جهععون حركتهععا ويمّولونهععا ‪ ،‬كمععا يوجهععون‬ ‫اليهععود ‪ ،‬الععذين يو ّ‬
‫ويمولون في نفس الوقت الحركة الصععهيونية السياسععية ‪ ،‬وكععان‬
‫الرد البريطاني على مقترحععات اللمععان سععلبيا ‪ ،‬معععبرا عععن عععدم‬
‫موافقته على هذه المقترحات ‪ ،‬فاقتنع هتلر بأنه يستحيل على أي‬
‫أمة بمفردها ‪ ،‬أن تحطم نفوذ المرابيععن العععالميين ‪ ،‬وخاصععة فععي‬
‫الدول المسّماة بالديموقراطية ‪ ،‬وذلك لتحّكمهم المالي بهذه الدول‬
‫‪ ،‬وإيقاعهم إياها تحت طائلة الديون ‪.‬‬
‫ولّمععا رفععض هتلععر ‪ ،‬أوامععر لععوردات الحععرب النععازيين ‪ ،‬لععردع‬
‫الشععيوعية وسععتالين منفععردا ‪ ،‬حععاولوا اغتيععاله ‪ ،‬ولمععا فشععلوا ‪،‬‬
‫حاولوا إضعاف شعبيته التي حققها بين اللمععان ‪ ،‬فبععدأ النععازيون‬
‫بنشر الفكار النازية اللحادية بيععن الشعععب اللمععاني ‪ ،‬واسععتغلت‬
‫الصحافة المعاديععة ذلععك ‪ ،‬وألصععقت هععذه التهمععة بهتلععر ‪ ،‬وبععدأت‬
‫وسائل العلم حملتها ضد هتلر ‪ ،‬وانقسععم الشعععب اللمععاني إلععى‬
‫‪301‬‬
‫قسمين ‪ ،‬ووقع هتلر بين فكي كماشة ‪ ،‬رجال الكنيسة من جهة ‪،‬‬
‫ورجال النازية من جهة أخرى ‪ ،‬أما فععي بريطانيععا فكععانت وسععائل‬
‫العلم اليهوديععة ‪ ،‬ماضععية فععي تشععويه صععورة هتلععر وألمانيععا ‪،‬‬
‫لتمنع أي فرصة لي تقارب ألماني بريطاني ‪.‬‬
‫وعنعععدما عرضعععت ألمانيعععا مشعععروعا مقبعععول ‪ ،‬لمشعععكلة الممعععر‬
‫البولندي ودانزنغ المدينة اللمانية ‪ ،‬التي سببتها معاهدة فرساي‬
‫الجععائرة ‪ ،‬سععارع أقطععاب المععؤامرة ‪ ،‬ليجععاد تحععالف بريطععاني‬
‫بولنععدي ‪ ،‬مععن خلل فععبركتهم لنععذار مععزّور ‪ ،‬تنععذر فيععه ألمانيععا‬
‫خععض عععن‬ ‫البولنععديين ‪ ،‬بالستسععلم خلل ‪ 48‬سععاعة فقععط ‪ ،‬تم ّ‬
‫معاهدة بريطانيععة ‪ ،‬لحمايععة البولنععديين مععن أي عععدوان ألمععاني ‪،‬‬
‫عام ‪1939‬م ‪ .‬ومن ثم عملوا علععى إقنععاع البولنععديين ‪ ،‬بصععلحية‬
‫معاهدة الحمايععة البريطانيععة ‪ ،‬وهكععذا أهمععل البولنععديون المععذكرة‬
‫اللمانية أشهرا عديدة ‪ ،‬في حين كانت الصحافة المعادية لهتلر ‪،‬‬
‫ن عليعه الحملت العنيفعة المضعادة ‪ ،‬وذلعك لسعبب واحعد هعو‬ ‫تشع ّ‬
‫معاداته لصحاب المؤامرة العالمية ‪ ،‬واعتمععاده سياسععة مسععتقلة‬
‫داخععل المبراطوريععة اللمانيععة ‪ ،‬بعيععدا عععن قروضععهم وخططهععم‬
‫القتصادية المدمرة ‪ ،‬وبشكل عععام كععانت الصععحافة الغربيععة ‪ ،‬قععد‬
‫هّيأت الشعوب هناك لتقف موقفا معاديا لللمان ‪ ،‬ولجميععع الععدول‬
‫سر وتحّلل أقواله وأفعاله ‪ ،‬وتقلب‬ ‫التي تؤيد سياستهم ‪ ،‬وبدأت تف ّ‬
‫الحقائق وتفبرك الخبار ‪ ،‬وتحذر من أطماعه التوسعية ‪.‬‬
‫وهكذا بعد التعنت البولندي وتجاهله للمععذكرة اللمانيععة ‪ ،‬ضععجر‬
‫هتلر من انتظار الرد ‪ ،‬ومن الحرب المشينة ‪ ،‬التي وجهتها ضده‬
‫صحافة الحلفاء ‪ ،‬فأمر جيوشه بالتحرك نحو بولنععدا ‪ ،‬لسععترجاع‬
‫ما استقطع من أراضي ألمانيا بالقوة ‪ ،‬ولم يتعّد إلى ما وراءهععا ‪،‬‬
‫بل توقف عنععد ذلععك الحعّد ‪ .‬عنععدئذ أعلنععت بريطانيععا الحععرب علععى‬
‫‪302‬‬
‫ألمانيا ‪ ،‬بموجب التفاقية السابقة ‪ ،‬مع علععم الععذين أوجععدوا هععذه‬
‫التفاقية عدم قدرة بريطانيععا ‪ ،‬علععى حمايععة نفسععها فععي مواجهععة‬
‫القدرات العسكرية اللمانية ‪ .‬وعندما تأكد لهم أن رئيس الوزراء‬
‫البريطاني ) تشامبرلين ( ‪ ،‬غير ُمتحمس للدخول في حرب فعليعة‬
‫مععع ألمانيععا ‪ ،‬أسععقطوه وجععاءوا ) بتشرشععل ( الععذي قععام بقصععف‬
‫المدن اللمانية بالطائرات ‪ .‬وهكذا اضطر هتلر مرغما لتكملة تلك‬
‫الحععرب المععدمرة ‪ُ ،‬مسععتجيبا للععوردات الحععرب النععازيون ‪ ،‬الععتي‬
‫دامت قرابة الخمس سنوات ‪ ،‬وانتهت بخروج معظم الععدول الععتي‬
‫شاركت فيها ‪ ،‬مثقلة بالديون والخسائر المادية والبشرية ‪ .‬وكان‬
‫المستفيد الوحيد هم المرابون اليهود ‪ ،‬الذين مّولععوا هععذه الحععرب‬
‫في سنواتها الخمس ‪ ،‬ومّولوا عمليات العمار بععدها ‪ ،‬بقععروض‬
‫لم تستطع البلدان الوربية ‪ ،‬تسديدها إلى يومنا هذا ‪.‬‬
‫وأما ألمانيا ومن أجل عدائها المعلن لليهود ‪ ،‬سواء من هتلععر أو‬
‫مععن قبععل النععازيون ‪ ،‬فقععد لقععت مصععيرها المحتععوم ‪ ،‬مععن تقسععيم‬
‫أراضيها وتحجيمها قدراتها ‪ ،‬ونهب مق عّدراتها وثرواتهععا ‪ ،‬حيععث‬
‫استطاع اليهود العالميون ‪ ،‬بما يملكونه مععن أمععوال ‪ ،‬ومععن خلل‬
‫سععيطرتهم علععى اقتصععاديات الععدول الغربيععة برمتهععا ‪ ،‬ومصععادرة‬
‫قرارهععا السياسععي ‪ ،‬وتجييععره لخدمععة مخططععاتهم الشععيطانية ‪،‬‬
‫وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا ‪ ،‬من التخلص من الخطر اللماني‬
‫ض مضععجعهم ويتقععاطع مععع‬ ‫‪ ،‬الععذي كععان ُيه عّدد وجععودهم ‪ ،‬ويق ع ّ‬
‫ططاتهم لتدمير البشرية ‪.‬‬ ‫مخ ّ‬
‫ويخلص صاحب كتاب ) أحجار على رقعة الشععطرنج ( المسععيحي‬
‫الكندي ‪ ،‬في نهاية حديثه عن الحععرب العالميععة الثانيععة ‪ ،‬يععوجهه‬
‫لمععن انسععاق وسععاهم مععن ساسععة الغععرب ‪ ،‬فععي نجععاح المخطععط‬

‫‪303‬‬
‫الجهنمي للمرابين اليهود ‪ ،‬طمعا بما يلقونه لهم من فتات وحطام‬
‫هذه الدنيا الزائلة ‪ ،‬إلى القول ‪:‬‬
‫" أما الحقيقة الولى ‪ :‬فهي أن النسان ‪،‬‬
‫لن يصحب معه إلى القبر ‪ ،‬شيئا من كنننوز‬
‫الدنيا ‪ ،‬أو شيئا من أكاليل المجد والثناء …‬
‫والحقيقننة الثانيننة ‪ :‬هنني أن القننبر ‪ ،‬ليننس‬
‫النهاية ‪ ،‬بل إنه الطريق الذي ل مناص منه‬
‫ول مفّر ‪ ،‬بعد القبر ‪ ،‬منن تقنديم الحسناب‬
‫أخيرا ‪ ،‬حيث ليس للمرابين العالميين ‪ ،‬من‬
‫حول ول قوة " ‪.‬‬
‫تننأخر موسننم الحصنناد اليهننودي للمحصننول‬
‫العالمي ‪:‬‬
‫كان مخطط المؤامرة ‪ ،‬يقتضي تنفيذ مععا جععاء فععي الععبروتوكولت‬
‫بحرفتيه ‪ ،‬والغاية من ذلك السيطرة علععى اقتصععاديات دول العععالم‬
‫بأسرها ‪ ،‬وحصر رؤوس الموال العالمية كلها في أيدي اليهود ‪،‬‬
‫وعندما يحين الموعد المناسب ‪ ،‬يعمد اليهععود إلععى شععراء الععذهب‬
‫من السواق العالمية وتكديسه ‪ ،‬ومن ثم ُيشعلون نيععران الحععرب‬
‫العالمية الثالثة ‪ ،‬والععتي حسععب تصععورهم ‪ ،‬سععتكون كارثيععة بكععل‬
‫معنى الكلمة على العالم بأسره ‪ ،‬وتخلف وراءهععا قطعانععا بشععرية‬
‫جائعة ‪ ،‬ملحدة ل تؤمن إل بما هععو مععادي ‪ ،‬ومنحلععة ل تبحععث إل‬
‫عن كل ما ُيشبع غرائزهععا الجسععدية ‪ ،‬آنععذاك ُيعلععن ملععوك الععذهب‬
‫عن أنفسهم ‪ ،‬ويشترطون لنقاذ تلك القطعان البشرية من الموت‬
‫جوعا ‪ ،‬بما أنهم يملكون الذهب ‪ ،‬تنصيبهم ملوكا علععى الرض ‪،‬‬
‫لُيقيمععوا دولتهععم العالميععة الدكتاتوريععة وعاصععمتها القععدس ‪ ،‬فل‬
‫‪304‬‬
‫تملك تلك القطعان ‪ ،‬إل أن تدين بالعبودية المطلقععة لليهععود ‪ ،‬بعععد‬
‫أن جاءها نور الذهب لُيبدد ظلمة الديان الموحشة ‪.‬‬
‫إذ كان من المفعروض أن تقعوم الحعرب العالميعة الثالثعة ‪ ،‬حسعب‬
‫ُمخططاتهم ‪ ،‬بعد ) ‪ ( 25 – 20‬عاما من الحرب العالمية الثانية ‪،‬‬
‫ولكن ما لم يكن في الحسععبان ‪ ،‬هععو مععوت لينيععن نتععاج المععؤامرة‬
‫ططيهععا ‪،‬‬ ‫ططاتهععا ومخ ّ‬ ‫اليهوديععة ‪ ،‬وانقلب ) سععتالين ( علععى مخ ّ‬
‫وتخّلصه من جميع القادة اليهود في الحزب الشعيوعي ‪ ،‬وإقعامته‬
‫لتحاد سوفييتي قععوي ‪ ،‬وامتلكععه للسععلح النععووي ‪ ،‬ومقاسععمته‬
‫جععم‬‫لمريكا حكم العالم ‪ ،‬ودخول عصر الحععرب البععاردة ‪ ،‬الععذي ح ّ‬
‫اليهعععود وطموحعععاتهم ‪ ،‬بوقعععوفه نعععّدا قويعععا فعععي وجعععه أمريكعععا‬
‫وطموحاتها ‪ ،‬فكان ل بد مععن تععدميره وتفكيكععه أول ‪ ،‬عععن طريععق‬
‫الغزو السلمي التسلي ‪ ،‬المطروح في البروتوكول رقم ) ‪. ( 9‬‬
‫فوجدوا فععي ) غورباتشععوف ( ضععالتهم ‪ ،‬الععذي أدخععل إصععلحاته‬
‫الهّدامععة ‪ .‬ولمععا أوشععك التحععاد علععى النهيععار ‪ ،‬أجهععزوا عليععه‬
‫بعمليهم الخر ) يلتسين ( ‪ ،‬فسيطر علععى مقاليععد الحكععم بععالقوة ‪،‬‬
‫وأنهعععى معععا ُيسعععمى بحلعععف وارسعععو ‪ ،‬وأزاح الحكعععم الشعععيوعي‬
‫المنععاهض لمريكععا عععن روسععيا ‪ ،‬وأخععذ بنصععائح صععندوق النقععد‬
‫الدولي ‪ ،‬للصلح القتصادي من خصخصة وغيرها ‪ ،‬فاسععتطاع‬
‫المليعععارديرات اليهعععود ك ) بيريزوفسعععكي ( معععن شعععراء معظعععم‬
‫المشععاريع السععتثمارية الروسععية ‪ ،‬وشععراء القععرار السياسععي‬
‫والقتصادي الروسي ‪ ،‬وبالضافة إلى مععا كععانت تععواجهه روسععيا‬
‫من أوضاع اقتصادية مترّدية ‪ ،‬أدخلوها في حرب اسععتنزافية مععع‬
‫الشيشان في أوساط التسعينيات ‪ ،‬وكل ذلك حععتى يتسععنى لليهععود‬
‫أن يصعععولوا ويجولعععوا ‪ ،‬فعععي كافعععة أرجعععاء الععععالم لُيحققعععوا‬
‫طموحاتهم ‪ ،‬وخاصة في منطقة الشرق الوسععط ‪ ،‬وعنععدما خلععت‬
‫‪305‬‬
‫لهم الساحة بانهيار التحاد السوفييتي ‪ ،‬وتجيير قععرارات روسععيا‬
‫بالموال اليهودية ‪ ،‬أشعلوا حرب الخليج الثانية ‪ ،‬باستخدام نفس‬
‫السععيناريو المسععتخدم فععي الحععرب العالميععة الثانيععة ‪ ،‬والخععروج‬
‫بنفععس النتععائج ‪ ،‬وشععاركت روسععيا فععي الحملععة الثلثينيععة علععى‬
‫العراق ‪ ،‬على اسععتحياء مععن حليفهععا السععابق ‪ ،‬غيععر أن الحصععار‬
‫العراقي ‪ ،‬شمل كععل منععاحي الحيععاة ‪ ،‬ولععم يقتصععر علععى التصععنيع‬
‫العسكري كما هو الحال مع ألمانيا واليابان ‪.‬‬
‫وكععان مععؤتمر مدريععد للسععلم ‪ ،‬الععذي كععان فععي الصععل ‪ ،‬غايععة‬
‫ططي ومفكري اليهود التوراتيون في الغرب ‪ ،‬والذي لم يكععن‬ ‫لمخ ّ‬
‫يوافق عليععه حكععام إسععرائيل العلمععانيون ‪ ،‬وذلععك لخلععق درع مععن‬
‫معاهدات السلم ‪ ،‬لحماية إسرائيل معن الخطعار الخارجيعة ‪ ،‬معن‬
‫دول ما وراء دول الطوق ‪ ،‬ولتحييد طول الطوق نفسها ‪ ،‬ودفعها‬
‫لخوض الحروب نيابة عن الدولة اليهودية ‪ ،‬فععي حععال فكععرت أي‬
‫دولععة بعيععدة ‪ ،‬كروسععيا والعععراق ‪ ،‬العععدوين اللععدودين حسععب‬
‫النبععوءات التوراتيععة ‪ ،‬بالضععافة إلععى مصععر والسععودان وليبيععا ‪،‬‬
‫والردن وسوريا وإيران وأفغانستان ‪ ،‬وكل هععذه الععدول مععذكورة‬
‫في التوراة بأسمائها القديمة ‪ .‬ولذلك كانت هنععاك معاهععدة السععلم‬
‫المصرية ‪ ،‬لقطع الطريق على مصععر نفسععها والسععودان وليبيععا ‪،‬‬
‫وكانت المعاهدة الردنية لقطع الطريق على الدول الشرقية ‪ ،‬ولم‬
‫تتحقعععق معاهعععدة السعععلم السعععورية ‪ ،‬نتيجعععة التعنعععت السعععوري‬
‫لسععترجاع هضععبة الجععولن ‪ ،‬الععتي ل تسععتطيع إسععرائيل التخلععي‬
‫عنها ‪ ،‬بأي حال من الحععوال ‪ ،‬فكععانت هنععاك معاهععدة أمنيععة بيععن‬
‫إسععرائيل وتركيععا ‪ ،‬بععديل عععن المعاهععدة السععورية مؤقتععا ‪ ،‬لقطععع‬
‫الطريق على روسععيا ‪ ،‬أمععا هععذه اليععام فععالموقف مععن سععوريا قععد‬

‫‪306‬‬
‫اختلف ‪ ،‬باختلف الموقف السوري من إسععرائيل ومععن العععراق ‪،‬‬
‫مما يستدعي أفكارا جديدة ‪ ،‬وأسلوبا جديدا للتعامل مع سوريا ‪.‬‬
‫ميكانيكينننات وأدوات العمنننل المسنننتخدمة‬
‫لتنفيذ برامج المخطط الشيطاني‬
‫مجلس المن ‪:‬‬
‫بغض النظر عما ُيمّثله من أنظمة وقوانين وقرارات ‪ ،‬تأخذ طععابع‬
‫العدالة والنصععاف ‪ ،‬فععالتطبيق فععي الواقععع يختلععف كليععا ‪ ،‬ويأخععذ‬
‫طابع الجور والظلم ‪ ،‬كمععا هععو الحععال مععع فلسععطين والعععراق مععن‬
‫جععانب ‪ ،‬وإسععرائيل مععن جععانب آخععر ‪ .‬فععالقرارات ملزمععة للجععانب‬
‫الول ‪ ،‬وغيععر ملزمععة للجععانب الثععاني ‪ .‬وخععذ إسععرائيل وجنععوب‬
‫إفريقيا من جانب آخر كنظاميين عنصريين ‪ ،‬فالنظام الول زالععت‬
‫عنه صفة العنصرية ‪ ،‬بقرار من مجلععس المععن مععع بقععاء النظععام‬
‫العنصري ‪ ،‬والثاني زالت عنه هذه الصفة بععزوال النظععام ‪ ،‬وهععذا‬
‫ل ُيسّمى كما يحلو لبعض الغععافلين ‪ ،‬ازدواجيععة فععي التعامععل ‪ ،‬أو‬
‫الكيل بمكيالين ‪ ،‬فالحقيقة هععي أن مجلععس المععن الخععاص بععالمم‬
‫المتحدة ‪ ،‬هو مجلس أمن يهودي عععالمي ‪ ،‬وبالتععالي ليععس هنععاك‬
‫ما ُيسّمى بمعيارين أو مكيالين ‪ ،‬بل هو معيار واحد ومكيال واحد‬
‫‪ ،‬يقيس كل الشياء وفق الرؤى اليهودية السرائيلية ‪ ،‬فهو الذي‬
‫أوجد دولة إسرائيل ‪ ،‬وهو الذي حافظ على بقائها وإدامتها ‪.‬‬
‫لنطرح هذه التساؤلت ‪ :‬كععم كععان عععدد الععدول ‪ ،‬الععتي كععانت قلقععة‬
‫بمصععير اليهععود ؟ ومععا الععداعي لوجععود دولععة لليهععود ‪ ،‬بمععا أن‬
‫اليهودية ديانععة وليسععت قوميععة ؟ ومععن قععال بععأن القوميععة تعطععي‬
‫الشرعية لقامة دولة ؟ فهناك الكراد والرمععن وألبععان كوسععوفو‬
‫وغيرهم الكثير ‪ ،‬ممن هم متواجدين علععى أراضععيهم ! فلمععاذا لععم‬
‫‪307‬‬
‫ُيوجععد لهععم مجلععس المععن دول ؟! وبععدل مععن ذلععك يتغاضععى عععن‬
‫إبادتهم وقمعهم ‪ ،‬خاصععة إذا كععانوا مسععلمين كالبوسععنة وكوسععفو‬
‫والشيشان ‪ ،‬أو أعداًء لدولة حليفة لليهود كأكراد تركيا ‪ ،‬وعندما‬
‫يتعّلق المر بالعراق ُيصععبح الكععراد فععي الشععمال مسععألة إنسععانية‬
‫ُتقلععق مجلععس المععن ‪ .‬فمععا مصععلحة أمععم العععالم قاطبععة ومجلععس‬
‫أمنها ‪ ،‬في إنشاء دولة لليهود ! مع وجود النظمة العلمانيععة فععي‬
‫معظم دول العالم ‪ ،‬حتى في معظم الدول السلمية والعربيععة ! إل‬
‫أن يكون هذا المجلس هو مجلس أمن يهودي بحت ‪ ،‬ولكن كيععف‬
‫صل اليهود على ذلك ؟‬ ‫تح ّ‬
‫الجععواب بسععيط جععدا ‪ ،‬مععن خلل التلعععب مععن خلععف السععتار ‪،‬‬
‫بععالترغيب والععترهيب القتصععادي ‪ ،‬للمصعّوتين علععى القععرارات ‪،‬‬
‫لضمان الغلبية لصععدار أي قععرار يرغبععون بتمريععره ‪ .‬بالضععافة‬
‫إلى إيجاد حق النقض ) الفيتعو ( للعدول دائمععة العضعوية ‪ ،‬منهععا‬
‫ثلث دول مؤيدة لسرائيل بالسيطرة القتصادية ‪ ،‬مععع أن واحععدة‬
‫تكفي ‪ ،‬لتعطيل أي قرار ل يخدم مصالح اليهود والدولة اليهوديعة‬
‫ج منهمععا خيععرا وهمععا روسععيا والصععين ‪ ،‬اللتععان‬
‫‪ ،‬واثنتععان ل ُيرتع َ‬
‫غالبا ما كانتا تتماشيان مع الرغبة المريكية ‪ ،‬نتيجة السترضاء‬
‫السياسي ‪ ،‬كغض الطرف عن ممارسععات هععاتين الععدولتين ‪ ،‬فيمععا‬
‫يخععص مثل حقععوق النسععان فععي الصععين ‪ ،‬أو اضععطهاد الشعععوب‬
‫الُمجاورة والقلّيات العرقية أو الدينية في روسيا ‪ ،‬بالضافة إلععى‬
‫الغراء القتصادي ‪ ،‬متعدد الوجه والخيارات ‪ .‬وفي حال فّكععرت‬
‫إحداهما في استعمال أي منهمععا ‪ ،‬حععق النقععض علععى قععرار يخععدم‬
‫إسرائيل ‪ ،‬تصبح دولة نازية ول سعامية ‪ ،‬وتبعدأ اللعة العلميعة‬
‫اليهوديععة العالميععة بالطبععل والزمععر ‪ ،‬فععالمور تصععبح محسععومة‬
‫مسبقا ‪ ،‬ومؤخرا ُكشف النقاب عععن هععذه السياسععة علنععا ‪ ،‬عنععدما‬
‫‪308‬‬
‫هععّددت أمريكععا دولععة كولومبيععا المستضعععفة بفععرض مقاطعععة‬
‫اقتصععادية ‪ ،‬عنععدما ص عّوتت لصععالح إرسععال قععوة حمايععة دوليععة‬
‫للفلسطينيين ‪.‬‬
‫ولنأخذ علععى سععبيل المثععال ‪ ،‬القععرارات الخاصععة بععالعراق ‪ ،‬حيععث‬
‫اُتخذت بالجماع ‪ ،‬بحجة مخالفة العراق للقانون الععدولي آنععذاك ‪،‬‬
‫وطريقععة تععأمين الجمععاع ‪ ،‬تمععت كمععا هععي العععادة بطريقععة آليععة ‪،‬‬
‫بالنشععاط الملحععوظ للديبلوماسععية اليهوديععة المريكيععة مععن وراء‬
‫الستار ‪ ،‬ومن أمام الستار أحيانا بجععولت مكوكيععة ‪ .‬فمعظععم دول‬
‫مجلععس المععن ‪ ،‬إّمععا أن تكععون حليفععة أو صععديقة أو مديونععة أو‬
‫منهععارة اقتصععاديا ‪ .‬وعنععدما ُوضععع أول قععرار بععدأت الماكينععة‬
‫اليهوديعععة ‪ ،‬بالعععدوران بأقصعععى سعععرعتها وطاقتهعععا ‪ ،‬مدفوععععة‬
‫بأحقادها ومخاوفها التوراتية ‪ ،‬لفرض قرارات جديععدة ‪ ،‬ولتععأمين‬
‫تطععبيق القععرارات وتنفيععذها ‪ ،‬والعععالم كلععه ل يعلععم لغايععة الن ‪،‬‬
‫حقيقة النوايا اليهودية المريكية البريطانية الفرنسية ‪ ،‬من وراء‬
‫تلك الحرب وهذا الحصار ‪ .‬وفي الحقيقة ما ُوضع بقععرار ل ُيرفععع‬
‫إل بقرار ‪ ،‬وهذا ينطبق على الحصار ‪ ،‬ولععن ُيرفععع هععذا الحصععار‬
‫اليهودي التوراتي ‪ ،‬ما دامععت أمريكععا تملععك حععق النقععض ‪ ،‬إل أن‬
‫يتم خرق هذا الحصار بدون قرار رفع ‪ ،‬من جععانب دولععة عظمععى‬
‫كروسعععيا أو الصعععين ‪ ،‬ل يسعععتطيع القعععانون العععدولي اليهعععودي‬
‫المريكي معاقبتها ‪ ،‬كونها تمتلك سععلحا نوويععا ‪ ،‬قععادرا علععى أن‬
‫يمحو أمريكا وحلفائها عن الوجود ‪ ،‬بما فيهععا مععن يهععود ‪ ،‬وهععذا‬
‫الحتمال ُيعّد نوع من الُمغامرة في الظروف الراهنعة ‪ ،‬ومعع ذلعك‬
‫بدأ التمرد الروسي على أوامر أسياد العالم يلوح في الفق ‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫المنظمات النسانية في المم المتحدة ‪:‬‬
‫ما الذي تنادي به هذه المنظمات ؟ تنادي بحرية المرأة ‪ ،‬وحقوق‬
‫النسان ‪ ،‬وحقوق الطفل ‪ ،‬وتنظيععم النسععل وتحديععده ‪ ،‬وغيرهععا ‪،‬‬
‫وكل هذه الحريات والحقوق ‪ ،‬عند المناداة بهععا ‪ ،‬غالبععا مععا تأخععذ‬
‫الطععابع السياسععي ‪ ،‬فععانظر إلععى الععدول المتهمععة ‪ ،‬بانتهععاك هععذه‬
‫الحريععات وهععذه الحقععوق ‪ ،‬هععي الععدول العربيععة السععلمية أول ‪،‬‬
‫والدول السلمية غير العربيععة ثانيععا ‪ ،‬والععدول الشععيوعية ‪ ،‬ومععا‬
‫عدا ذلك إذا كان موجودا ‪ ،‬فهو لذّر الرماد في العيون ‪ ،‬فما الععذي‬
‫يريدون من وراء ذلك ؟ انظر إلى الحياة الجتماعية في الغععرب ‪،‬‬
‫الذي سمح ويسمح بهذه الحريات والحقوق ‪ ،‬تجد أن الجابة هي‬
‫ما يلي ‪:‬‬
‫تحّرر الفكععر ‪ ،‬فنتععج الكفععر واللحععاد وعبععادة المععادة وتقديسععها ‪،‬‬
‫تحععررت النسععاء فتنععازلن عععن دورهععن الفطععري فععي المومععة‬
‫والتربيععة ‪ ،‬فنتجععت كافععة أنععواع الباحيععة والفجععور والععدعارة ‪،‬‬
‫وأصعععبحت لحعععوم النسعععاء عرضعععة للكلب الضعععاّلة ‪ .‬وتحعععّررت‬
‫الطفولة ‪ ،‬فتطاولت على الباء والمهات والمعّلمين والمعّلمات ‪،‬‬
‫وتمّردت عند البلوغ لتترك السععرة ‪ ،‬وطفقععت تبحععث عععن إشععباع‬
‫الغرائز والشهوات ‪ .‬لنخلععص مععن ذلععك إلععى أن المطالبععة بحمايععة‬
‫هععذه الحقععوق والحريععات ‪ ،‬هععي فععي الصععل دعععوة للتمععرد علععى‬
‫الطبيعة البشرية وأبجدياتها ‪ ،‬وعلى القيم الروحيععة والخلقيععة ‪،‬‬
‫التي قّدمتها الديان السماوية كمنهج للحياة ‪ .‬تهععدف إلععى ضععرب‬
‫السرة ‪ ،‬اللبنة الساسية في بناء المجتمعات ‪ ،‬بحرمان الب من‬
‫دوره القيادي ‪ ،‬مما يؤدي إلى تفكيك العلقععات معا بيعن أفرادهععا ‪،‬‬
‫وضعععياع العععرؤى المشعععتركة للبقعععاء والسعععتمرار ‪ .‬ولعععو قمعععت‬
‫بإحصائية لعدد الغربيون ذوي الولدات الشرعية ! ربما لوجععدت‬
‫‪310‬‬
‫أن معظمهععم أولد زنععا ‪ ،‬ش عّر الخلععق عنععد ال ع !! أمععا نحععن …‬
‫فماضععون علععى الععدرب لنععواكب ُمتطلبععات العصععر اليهععودي …‬
‫بجهود الجهابذة من مفكرين وخبراء واختصاصيين … من دعاة‬
‫التحّرر والتحريععر والصععلح القتصععادي والثقععافي … وسنصععل‬
‫… عّما قريب … إن لم يّداركنا ال برحمته ‪.‬‬
‫البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ‪:‬‬
‫مهمععة هععذه المؤسسععة تقععديم النصععائح ‪ ،‬بمععا ُيسععمى ببرامععج‬
‫التصحيح القتصادي ‪ ،‬ومن ثم تقديم القروض ‪ ،‬والحصول علععى‬
‫ضععمانات للسععداد ‪ ،‬ولكععن هععل تكععترث هععذه المؤسسععة بمصععير‬
‫الموال المقّدمة ‪ ،‬وهل تتععابع تنفيععذ برامجهععا التصععحيحية ؟ ومععا‬
‫هي طبيعة هذه البرامععج ومععاذا تحمععل فععي طياتهععا ؟ فععي الحقيقععة‬
‫تذهب معظم الموال المقّدمة إلى جيوب ‪ ،‬المتنّفذين فععي الحكععم ‪،‬‬
‫وكنفقات للجهزة الحكومية ‪ ،‬ول تظهر المتابعة ‪ ،‬إل عندما تقععع‬
‫الدول المديونة ‪ ،‬في أزمععات اقتصععادية يكععون سععببها فععي الصععل‬
‫برامج الصععندوق نفسععها ‪ ،‬تعجععز بسععببها مععن سععداد اسععتحقاقات‬
‫الدين ‪ ،‬فيأتي الصندوق بحزمة اقتراحات جديدة ‪ ،‬بععديون جديععدة‬
‫وفوائد جديدة ‪ ،‬ومن ثم يتم إعععادة جدولععة الععديون ‪ .‬ومععن ضععمن‬
‫القتراحععات رفععع الضععرائب والرسععوم علععى كععل شععيء ‪ .‬وربمععا‬
‫يضعوا في بيتك مسععتقبل موظفععا حكوميععا ‪ ،‬ليحصععي عليععك عععدد‬
‫لقمات الطعام ‪ ،‬التي تأكلها أنت وأبناءك ‪ ،‬أو ما تحرقه عضععلتك‬
‫من سّكر أثناء الحركة ‪ ،‬بما أنها نوع من الوقود ‪ ،‬ولُتجععبى منععك‬
‫سّكر ‪ ،‬مما يؤدي إلععى‬ ‫نسبة الضريبة على كل لقمة أو غرام من ال ُ‬
‫رفع السعار باستمرار ‪ ،‬ويكععون ضععحيتها أول وأخيععرا المععواطن‬
‫المسحوق ‪ .‬وُيضاف دين جديد للخروج من الزمة القتصععادية ‪،‬‬
‫‪311‬‬
‫وُتعاد جدولته مع الديون القديمة مرة أخرى ‪ ،‬ومن ثم تقع أزمععة‬
‫جديععدة ‪ ،‬نتيجععة النسععياب المسععتمر لععرأس المععال الععوطني ‪ ،‬فععي‬
‫المجتمعععات السععتهلكية وغيععر المنتجععة ‪ ،‬فضععل عععن السععرقات‬
‫والختلسععات ‪ ،‬ومععن ثععم ديععون جديععدة ‪ ،‬وهكععذا دواليععك … ‪،‬‬
‫فيتضخم أصل الدين القومي ليصل إلى أرقععام فلكيععة ‪ ،‬ل تسععتطيع‬
‫الشعوب حتى تسديد قيمة فوائدها السنوية …‬
‫وبالتالي تصادر أو بععالحرى ُتشععترى القععرارات السياسععية ‪ ،‬كمععا‬
‫اشُتريت قرارات التحاد السوفييتي ‪ ،‬في حرب الخليج وما بعععدها‬
‫‪ ،‬بعد أن اختلس ) غورباتشوف ( وحاشيته ‪ ،‬ما مجموعه أربعععة‬
‫مليععارات دولر ‪ ،‬ثمنععا لتععدمير التحععاد السععوفييتي ‪ ،‬لكععي يتمكععن‬
‫اليهععود مععن التفععّرد بحكععم العععالم ‪ ،‬مععن خلل نظععامهم العععالمي‬
‫الجديد ‪ .‬وبعد أن أزاح الرئيس الروسي ) يلتسععين ( غريمععه مععن‬
‫الكرملين بقععوة المععدرعات ‪ ،‬أكمععل صععفقة الععبيع ‪ ،‬فععاختلس علععى‬
‫مععدى سععنين حكمععه ‪ ،‬مععا مجمععوعه سععبعة مليععارات دولر ‪ ،‬مععن‬
‫مسعاعدات صعندوق النقعد لعدولي ‪ .‬ولمعا اُكتشعف المعر معن قبعل‬
‫الروس ‪ ،‬وصار ) يلتسين ( قاب قوسععين أو أدنععى مععن الملحقععة‬
‫القضائية ‪ ،‬اشتعلت بقععدرة قععادر أحععداث داغسععتان ‪ ،‬والتفجيععرات‬
‫شعّنت حععرب‬ ‫جل أي ضععحية ‪ ،‬و ُ‬ ‫الوهمية في موسكو ‪ ،‬التي لم ُتسع ّ‬
‫غير مبررة للقضاء على الرهاب في الشيشان ‪ ،‬وانشغل الشعععب‬
‫الروسي فيها ‪ ،‬ونسي اختلسات ) يلتسين ( ‪ ،‬الذي قّدم استقالته‬
‫‪ ،‬واشترط علنا علععى خليفتععه ) بععوتين ( ‪ ،‬عععدم ملحقتععه قضععائيا‬
‫عند تسلمه للسلطة ‪ ،‬فمن الذي مّكن ) يلتسين ( من ذلك ؟ وكيف‬
‫صعد ) بوتين ( من المجهول ‪ ،‬ليصبح رئيسا لروسيا ؟!‬
‫ُيصّرح المليععاردير اليهععودي ) سععوروس ( ‪ ،‬بععأن المسععؤول عععن‬
‫تدبير ذلععك ‪ ،‬هععو المليععاردير اليهععودي الخععر ) بيريزوفسععكي ( ‪،‬‬
‫‪312‬‬
‫الععذي قعّدم التمويععل لثععوار داغسععتان السععلميين ‪ ،‬وبعععد اشععتعال‬
‫النيععران وغععزو الشيشععان ‪ ،‬انقطععع التمويععل ‪ .‬ويصععرح زعيععم‬
‫طاب ( صحفيا ‪ ،‬بعد أن شرب المقلععب اليهععودي ‪،‬‬ ‫السلميين ) خ ّ‬
‫وتبخّرت أحلمععه فععي إقامععة دولععة إسععلمية فععي داغسععتان ‪ ،‬بععأن‬
‫التفععاق مععع ) بيريزوفسععكي ( ‪ ،‬لععم يتط عّرق إلععى تععدخل الطيععران‬
‫الروسععي لقصععف الثععوار ‪ .‬وبالتععالي ذهبععت الشعععب الشيشععاني‬
‫طععاب ‪،‬‬‫المسععلم ‪ ،‬ضععحية لمععؤامرة ) يلتسععين ‪ ،‬بيريزوفسععكي ‪ ،‬خ ّ‬
‫بوتين ( ‪ ،‬كما حصل مع الشريف حسين فععي الثععورة العربيععة فععي‬
‫غععدر بععه ‪ ،‬فكععانت نتيجتهععا السععتعمار‬‫الحععرب العالميععة بعععد أن ُ‬
‫والنتداب وضياع فلسطين وتشرذم المة العربيععة ‪ ،‬وكمععا حصععل‬
‫مع هتلععر فععي الحععرب العالميععة الثانيععة ‪ ،‬ومععع صععدام حسععين فععي‬
‫حربععي العععراق الُمععدّمرتين ‪ .‬هععل المشععكلة فععي أن العععرب ‪ ،‬ل‬
‫يقرءون التاريخ أو القرآن أو التوراة أو النجيل ؟! أم أن العععرب‬
‫ل يقرءون شيئا ‪ ،‬وإن قرءوا ل يفهمون ‪ ،‬وإن فهموا ل يعملععون‬
‫‪ .‬فععي الحقيقععة هععذا ليععس مععن قععولي ‪ ،‬وإنمععا سععمعته يومععا مععن‬
‫أحدهم ‪ ،‬منسوبا إلى أحد زعمععاء اليهععود ربمععا يكععون ) بيغععن ( ‪،‬‬
‫والغريب أن سيناريو المؤامرة هو نفسه بكل حيثياته ‪ ،‬يتكّرر في‬
‫كل مرة !!!‬
‫والسععؤال هنععا ‪ ،‬معن هععم أصععحاب صععندوق النقععد الععدولي والبنععك‬
‫الدولي الحقيقيععون ؟! وإن كععانت تملكهمععا الععدول ‪ ،‬فمععا معنععى أن‬
‫تكون بلدان كأمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابععان مثل ‪ ،‬مععن أكععثر‬
‫دول العععالم أرقامععا للععدين القععومي ؟! فالععدين القععومي المريكععي‬
‫المعلن لعام ‪ ، 2000‬كمععا ُنشععر فععي إحععدى الصععحف ‪ ،‬يصععل إلععى‬
‫‪ 300‬ألف مليار دولر ‪ ،‬والدين القومي اليابععاني يصععل إلععى ‪280‬‬
‫ألف مليار دولر ‪ ،‬وهما أكبر اقتصادان في العالم ‪ .‬ولم يكفهم كل‬
‫‪313‬‬
‫ذلك ‪ ،‬وكما أخوة يوسف ‪ ،‬لم ينتظروا الفرصععة ولععم يتقاعسععوا ‪،‬‬
‫بل سارعوا لخلق الفرصة بالمكر والحيلععة ‪ ،‬للظفععر بععأخيهم ‪ ،‬لععم‬
‫تستكن أبالسععة الشععر ‪ ،‬ولععم يهععدأ لهععم بععال ‪ ،‬فهععم دائمععو الحركععة‬
‫والبحث ‪ ،‬في مطابخ السياسة والقتصاد هناك في الغععرب ‪ ،‬وكععل‬
‫جيل ُيكمل ما بععدأه الخععر ‪ ،‬ويضععيف عليععه تعععديلته ‪ ،‬ويسععتعجل‬
‫تنفيذ خطععوات المخطععط الشععيطاني ‪ ،‬ويحلععم كععل جيععل بععأن يكععون‬
‫خر التنفيعذ يعنععي تعأخر‬ ‫مجيء مليكهععم المنتظعر فععي زمععانه ‪ ،‬وتععأ ّ‬
‫المجيععء ‪ ،‬وآخععر مععا تفّتقععت عنععه أذهععانهم ‪ ،‬فععي حلقععات هععذا‬
‫المسلسل الطويععل ‪ ،‬هعو فكععرة العولمععة ‪ ،‬الععتي ل تعععدو أكععثر مععن‬
‫كونها ‪ ،‬وحيا شيطانيا ‪ ،‬لنشعر المععذهب الشععيطاني وفرضعه علععى‬
‫شعوب العالم ‪.‬‬
‫العولمة ‪:‬‬
‫العولمة ‪ :‬كلفظ ُمجّرد مصععطلح ُمبهععم ‪ ،‬ويصععبح مفهومععا وتضععح‬
‫مععاهيته ‪ ،‬عنععدما ُتضععاف إليععه كلمععة أخععرى ‪ ،‬كععأن نقععول عولمععة‬
‫الثقافة وعولمة القتصاد ‪ .‬وبما أننا نعلم أن من ُينععادي بالعولمععة‬
‫ويععدعوا إليهععا هععي أمريكععا ‪ ،‬فععذلك يعنععي أول ‪ :‬تعميععم الثقافععة‬
‫المريكية ‪ ،‬وثانيا ‪ :‬تعميم النظام القتصادي المريكي الرأسمالي‬
‫‪ .‬وبشكل شمولي هععو فععرض الحضععارة المريكيععة الغربيععة بكافععة‬
‫جوانبها ‪ ،‬كأسلوب جديد للحياة علععى كافععة شعععوب العععالم ‪ ،‬ولععو‬
‫قمنععا بتقييععم بسععيط للحضععارة المريكيععة ‪ ،‬لوجععدنا أن مععن رسععم‬
‫وشّكل معالم وأبعاد هذه الحضارة ‪ ،‬منذ بدايات القععرن الماضععي ‪،‬‬
‫هم السياد الجدد لمريكا ‪ ،‬أعني أرباب المال اليهععود ‪ ،‬مععن خلل‬
‫سعععيطرتهم المطلقعععة ‪ ،‬علعععى كافعععة أدوات النتعععاج المريكعععي‬
‫القتصادي والثقافي ‪.‬‬
‫‪314‬‬
‫أما ملمح الحضارة المريكية ‪ ،‬فهي في الواقع ترجمة حّيععة لمععا‬
‫يحمله اليهود ‪ ،‬من عقائد كفرية إلحادية ‪ ،‬ل تؤمن إل بكل ما هو‬
‫محسععوس ‪ ،‬تععدعوا إلععى تععأليه رأس المععال والقتصععاد وعبععادة‬
‫سععمتها‬‫أصععحابه ‪ .‬وتععدعوا إلععى أخلقيععات اجتماعيععة تلموديععة ‪ِ ،‬‬
‫النحلل والباحية ‪ ،‬والدعوة لممارسة كل رذيلععة ‪ ،‬والتحلععل مععن‬
‫كل فضيلة ‪ .‬لنخلص إلى القول إلى أن الغايععة مععن العولمععة ‪ ،‬هععو‬
‫نشععر العقيععدة اليهوديععة الماديععة الدنيويععة ‪ ،‬الخاصععة بأصععحاب‬
‫البروتوكولت اليهود تمهيدا لضربتهم النهائية ‪.‬‬
‫في أواخر القرن الماضي ‪ ،‬تمكن اليهود من نشر هذه العقيدة في‬
‫أمريكا والدول الغربية ‪ ،‬وبعد أن استحكمت قبضتهم على مواقععع‬
‫صنع القرار فيها ‪ ،‬من خلل امتلكهم لرؤوس المععوال المحّركععة‬
‫لقتصاديات هذه الدول ‪ .‬ومع انتهاء الحرب الباردة وتفّرد أمريكا‬
‫بحكم العالم ‪ ،‬امتلك هؤلء القعوة العظمعى والوحيعدة فعي الععالم ‪،‬‬
‫التي أصبحت كالمعّلم الشرس بعصاه الطويلععة ‪ ،‬الععذي يسعععى كععل‬
‫التلميذ لنيل رضاه ‪ ،‬بالنصياع لوامره وترك نواهيه ‪ ،‬وينفذون‬
‫ما يفرضه عليهم رغبة ورهبة ‪ ،‬حتى لو أوردهم موارد الهلك ‪.‬‬
‫فأصععبح لععدى هععؤلء القععدرة أكععثر مععن أي وقععت مضععى – حسععب‬
‫تصورهم ‪ -‬على تنفيذ ما تبقى من خطوات مخططهم الشيطاني ‪.‬‬
‫في الجانب الخر من العالم ‪ ،‬تقف بشموخ المجتمعات الشرقية ‪،‬‬
‫من المؤمنين بال وحتى الملحدين والوثنيععون ‪ ،‬ذوي المعتقععدات‬
‫والقيعععم الراسعععخة ‪ ،‬والعععتي غرسعععها وحعععافظ عليهعععا النبيعععاء‬
‫والمفّكرين ورجال الدين ‪ ،‬قديما وحديثا ‪ ،‬فشّكلت حععواجز منيعععة‬
‫أمععام طموحععات اليهوديععة العالميععة ‪ ،‬وكععانت آخععر القلع الععتي‬
‫يتطّلعععون إلععى تحطيمهععا ‪ ،‬ومععا تبقععى مععن أسععوارها فععي طريقععه‬
‫للنهيار ‪.‬‬
‫‪315‬‬
‫ولما أصبحت الرياح مواتية لهم ‪ ،‬جلععس أسععياد العععالم وائتمععروا‬
‫فتفّتقت أذهععانهم ‪ ،‬عععن هععذه الفكععار الجهنميععة الخاصععة بمنظمععة‬
‫التجارة العالمية وقوانينها ‪ ،‬ومتطلبات النتساب إليها ‪ ،‬لختراق‬
‫جميععع الحععواجز القتصععادية ‪ ،‬الععتي أقامتهععا الحكومععات لحمايععة‬
‫ثرواتها الوطنية ‪ ،‬من النسياب التلقائي إلى جيوب أربععاب المععال‬
‫اليهععود ‪ .‬والععتي سععيكون بمقععدورهم مععن خللهععا ‪ ،‬إصععابة عععدة‬
‫عصافير بحجر واحد ‪.‬‬
‫وسائلها الثقافية ‪ :‬بالترتيب هي ‪ ،‬المطبوعات والراديو والسينما‬
‫والتلفععاز والفيععديو والطبععاق اللقطععة وأخيععرا النععترنت ‪ .‬وكععان‬
‫ابتكار النترنت بُمشاركة الطباق اللقطععة ‪ ،‬الععتي ُأجععبرت الععدول‬
‫العربية ‪ ،‬على السماح بدخولها واقتناها ‪ ،‬قبل ‪ 4‬إلى ‪ 5‬سنوات ‪،‬‬
‫أكبر ضربة لما أقامه هؤلء مععن حععواجز ‪ ،‬لحمايععة شعععوبهم مععن‬
‫الغععزو الثقععافي الغربععي ‪ .‬وجععاءت العولمععة القتصععادية لععترفع‬
‫الرسوم الجمركية عنها ‪ ،‬لتصععبح فععي متنععاول مععن ل يملععك ثمععن‬
‫رغيععف الخععبز ‪ ،‬ولتكععون بمثابععة حصععان طععروادة ولكععن بحّلععة‬
‫جديدة ‪ ،‬لتصععل إلععى البععدوي فععي خيمتععه ‪ ،‬والمشعّرد فععي كهفععه ‪،‬‬
‫والموظف فععي مكععان عملععه ‪ ،‬والطععالب فععي جععامعته ومدرسععته ‪،‬‬
‫وحتى الطفل في مهده ‪.‬‬
‫التحذير من خطر العقائد والخلقيات اليهوديععة ‪ ،‬والععتي يسعععون‬
‫الن لنشرها تحت ُمسميات عولمععة الثقافععة وعولمععة القتصععاد ‪،‬‬
‫جاء في بعض أقوال رؤساء الغرب ‪:‬‬
‫) لنكععولن ( ‪ … " :‬فقععد أصععبحت السععيادة للهيئات والشععركات‬
‫الكبرى … إذ أن أصحاب رؤوس الموال ‪ ،‬سيعملون على إبقاء‬
‫سيطرتهم على الدولة … وستصبح ثععروة البلد بأكملهععا ‪ ،‬تحععت‬
‫‪316‬‬
‫سيطرة فئة قليلة … المر الذي سيؤدي إلععى تحطععم الجمهوريععة‬
‫"‪.‬‬
‫) فرانكلين ( ‪ " :‬ومع أنهععم يعيشععون بيننععا منععذ أجيععال … فععإن‬
‫ُمُثلهععم العليععا مععا زالععت تختلععف كليععا ‪ ،‬عمععا يتحلععى بععه الشعععب‬
‫المريكي من ُمُثل … فالفهععد الرقععط ل يمكنععه تغييععر لععون جلععده‬
‫) عبارة مقتبسة من التوراة ( " ‪.‬‬
‫) هتلععر ( ‪ " :‬ومععن جهععة أخععرى يحععارب ‪ ،‬الععروح الماديععة‬
‫اليهودية ‪ ،‬المتغلغلة في نفوسنا وفي نفوس الخرين " ‪.‬‬
‫بعد هذا العرض نستطيع تعريف لفظ العولمة على أنها ‪:‬‬
‫مصعطلح مضعلل اسعتعمل كغطعاء ‪ ،‬للتععبير ععن برنامعج يهعودي‬
‫أمريكي لتهويد العالم بأسره ‪ .‬أدواته الثقافية هي وسائل التصال‬
‫والعلم المختلفععة ‪ ،‬وأدواتععه القتصععادية صععندوق النقععد والبنععك‬
‫الدولي والخصخصععة ومنظمععة التجععارة العالميععة ‪ .‬وغععايته أول ‪:‬‬
‫ضععر ‪،‬‬
‫خلععق ديانععة ماديععة جديععدة ‪ ،‬تحععت عنععوان الثقافععة والتح ّ‬
‫وثانيا ‪ :‬نهب ثععروات الشعععوب ‪ ،‬تحععت عنععوان تحريععر التجععارة ‪.‬‬
‫وذلععك لتهيئة الجععواء ‪ ،‬لظهععور اليهععود كأسععياد للعععالم بأسععره ‪،‬‬
‫عندما يحين الوقت المناسب لذلك ‪.‬‬
‫أخطار العولمة على أرض الواقع ‪:‬‬
‫الخطععر الجتمععاعي ؛ يتمّثععل فععي ضععرب منظومععة العقععائد والقيععم‬
‫والخلق ‪ ،‬لععدى الشعععوب المختلفععة فععي العععالم ‪ ،‬والععتي بععدورها‬
‫تشكل الضمير النساني للفرد ‪ ،‬الذي ُيحاول السمو بالنسان إلععى‬
‫مرتبععة الملئكععة ‪ .‬وأمععا الهععدف النهععائي المرتجععى مععن بعععدها‬
‫الجتمععاعي ‪ ،‬هععو تشععكيل أجيععال جديععدة تبحععث بشععتى الوسععائل‬
‫والسععبل ‪ ،‬عمععا ُيشععبع غرائزهععا ورغباتهععا ونزواتهععا ‪ ،‬لتهبععط‬
‫‪317‬‬
‫بالنسععان إلععى مععا دون مرتبععة الحيععوان ‪ ،‬وبععذلك يسععهل علععى‬
‫مخططي المؤامرة اليهود سياسة هذه الجيال وتذليلها ‪ .‬وبالتالي‬
‫حكمععوا مععن قبععل‬
‫لن تكون هناك معارضة ‪ ،‬لمثل هععؤلء فيمععا لععو ُ‬
‫سادة العالم الجدد ‪ ،‬ملوك اللحاد والباحية ‪ ،‬وهذا ما تصبوا إليه‬
‫الجيال التي هي في طور التشّكل الن ‪.‬‬
‫وقععد بععدأنا فععي السععنوات الخيععرة ‪ ،‬نععرى نمععاذج مععن المسععوخ‬
‫البشععرية ‪ ،‬فععي العديععد مععن بيععوت المسععلمين ‪ .‬فتيععان وفتيععات ل‬
‫يرغبون فععي التعلععم أو العمععل ‪ ،‬والفشععل هععو السععمة البععارزة فععي‬
‫أعمععالهم وتوجهععاتهم ونتععائجهم ‪ .‬يجوبععون الشععوارع ويرتععادون‬
‫المععاكن العامععة ويععذهبون إلععى الجامعععات ‪ ،‬بحثععا عععن الحععب‬
‫والمجععون والخلعععة ‪ ،‬بعععد أن أصععبحت جامعاتنععا وشععوارعنا‬
‫معارض لدور الزياء العالمية ‪ ،‬ول أحد يريععد العفععاف والطهععر ‪،‬‬
‫لذلك تجدهم يعزفون عن الزواج ‪ ،‬وكما قال أحد المتعععولمين ‪" :‬‬
‫ما دام الحليب موجود فععي السععوق ‪ ،‬فمععا الععداعي لشععراء البقععر ؟‬
‫"‪.‬‬
‫وأكععبر الثععر فععي تشععكيل هععذه النمععاذج ‪ ،‬هععي القنععوات الفضععائية‬
‫العربية – فضل عن قنوات الباحة الجنبية – وخاصة التي تضم‬
‫فععي طاقمهععا مقععّدمي ومقععّدمات البرامععج اللبنععانيون ‪ ،‬بعععرض‬
‫الكاسيات العاريات المععائلت المميلت ‪ ،‬اللععواتي يتحععدثن بلسععان‬
‫عربي مبين ‪ ،‬مما أعطى المبرر لفتياتنا ‪ ،‬وكسر الحاجز النفسععي‬
‫لديهن ‪ ،‬ليّتخععذن منهععن قععدوة ُتحتععذى ‪ ،‬بمباركععة مععن الب الععذي‬
‫ُيرّبععت علععى كتععف ابنتععه ‪ ،‬أثنععاء مشععاهدته لتلععك الغععواني وأولئك‬
‫المخّنعععثين ‪ ،‬بعيعععن الرضعععا والقبعععول والعجعععاب والستحسعععان‬
‫والستمتاع ‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫مععا تععراه اليععوم أن رجععال أمععة السععلم ‪ ،‬يتح عّدون ال ع وحععدوده‬
‫صععد ‪ ،‬وهععم يععدفعون فتيععاتهم‬ ‫حرمععاته ‪ ،‬عععن سععبق إصععرار وتر ّ‬ ‫وُ‬
‫بشععكل مباشععر لممارسععة مهنععة عععرض الزيععاء ‪ ،‬فععي الشععوارع‬
‫والماكن العامة والجامعات وأماكن العمععل ‪ .‬هععدفهن دائمععا وأبععدا‬
‫الغواء والفتنة بحركات وأصوات ‪ ،‬ل تقوم بهععا إل إنععاث القطععط‬
‫في شهر شباط ‪ ،‬ولمرة واحدة في السنة ‪ ،‬أّما رجععال بلد العععرب‬
‫أوطاني ‪ ،‬شيوخا وشبابا ‪ ،‬أصبحوا كذكورها ‪ ،‬ولكععن علععى مععدار‬
‫السععنة ‪ .‬لينتهععي بهععن المطععاف فععي أحضععان الرذيلععة ‪ ،‬فل أحععد‬
‫معصوم ‪ ،‬والذباب البشري الجائع يمل الجواء ‪ ،‬بحثعا ععن قطعة‬
‫الحلوى أو كيس للقمامة ‪ ،‬فل فرق عنده ‪ .‬وأما النععترنت فح عّدث‬
‫ول حرج ‪ ،‬والنساء تتهافت عليها أكثر من الرجال …‬
‫أما أطفال أمة السلم ‪ ،‬فهم بين أيدي أمهات صفتهن قععد تق عّدمت‬
‫أعله ‪ ،‬ل يفقهععن مععن الععزواج شععيئا ‪ ،‬ول يملكععن مععن عاطفععة‬
‫المومععة واحععد بععالمليون ‪ ،‬ممععا تمتلكععه وحععوش القفععر ‪ .‬وتربيععة‬
‫الطفععال لععديهن ‪ ،‬تقععوم علععى مبععادئ تربيععة الععدواجن وتسععمين‬
‫الخراف ‪ .‬أطفال مهملون في زوايا الغرف ‪ ،‬يحملقون في برامععج‬
‫المسوخ المتحركة ‪ ،‬وأغاني ومسلسلت وأفلم الععدعارة العربيععة‬
‫عِمععَد إلععى تغييععر المناهععج‬
‫والجنبيععة ‪ .‬أمععا فععي المدرسععة فقععد ُ‬
‫حععذفت‬‫المدرسية ‪ ،‬لسلخ الطفل عن هويته السععلمية العربيععة ‪ ،‬ف ُ‬
‫أمجععاد البطععال والبطععولت السععلمية ‪ ،‬وبععدل منهععا تععم تصععميم‬
‫بطولت وهمية لبطععال مععن ورق ‪ .‬وربمععا يضععيفون غععدا مناهععج‬
‫التربية الجنسية لتثقيف الجيععال الناشععئة ‪ ،‬فععالغرائز تحتععاج إلععى‬
‫تعلععم ‪ .‬وتععم تغييععر أسععاليب التربيععة والتععدريس ‪ ،‬بإلغععاء عقوبععة‬
‫الضععرب ‪ ،‬وإلغععاء عقوبععة الرسععوب ‪ ،‬وإدخععال لغععة العولمععة ‪،‬‬
‫كمبحث أساسي في المناهج الدراسية ‪.‬‬
‫‪319‬‬
‫وخلصة القععول بععأنهم سعُيهّودون العععالم ‪ ،‬تحععت غطععاء أمريكععي‬
‫ب ) ‪ ، ( made in USA‬لدرجة أنهم ربما ‪ُ ،‬يجععبروك‬ ‫مدموغ ِ‬
‫على الذهاب لصلة الجمعة ‪ ،‬في يوم السبت أو الحد ‪ ،‬بعد إحدى‬
‫ندوات حوار الديان ‪.‬‬
‫أما الخطر القتصادي ؛ فيتمّثل في ضرب قوانين الحمايععة ‪ ،‬الععتي‬
‫ُوضعت للمحافظة علععى الععثروة الوطنيععة ‪ .‬لتسععهيل عمليععة سععلب‬
‫ثععروات الشعععوب ‪ ،‬وتكديسععها فععي المصععارف العالميععة وإفقارهععا‬
‫وتجويعها ‪ .‬إذ لم يكفهم ما يقوم به البنك الدولي وصععندوق النقععد‬
‫والخصخصععة ‪ ،‬مععن نهععب لععثروات الشعععوب ‪ ،‬مععن خلل تغلغععل‬
‫الستثمارات اليهودية ‪ ،‬في شتى أقطار العععالم ‪ ،‬بعععد كععل هععزة أو‬
‫أزمة اقتصادية مفتعلة ‪ ،‬بشععكل مباشععر أو غيععر مباشععر ‪ .‬فموجععة‬
‫الخصخصة التي هي أحد برامج صععندوق النقععد الععدولي ‪ ،‬أتععاحت‬
‫لععرؤوس المععوال اليهوديععة ‪ ،‬لععدخول الععدول العربيععة ‪ ،‬تحععت‬
‫ُمسميات شركات أجنبية عالمية كععبرى ‪ ،‬أو عععن طريععق شععركات‬
‫محلية بأسماء عربية صورية ‪ ،‬مقابل حفنة من الدولرات ‪.‬‬
‫بععل ابتكععروا مععا هععو أخطععر بكععثير ‪ ،‬الشععق الخععر الععذي كععان‬
‫) كلينتععون ( ُيععرّوج للنضععمام لععه ‪ ،‬أل وهععو ) منظمععة التجععارة‬
‫العالمية ( ‪ ،‬والتي تععدعو لتحريععر التجععارة وتحريععر رأس المععال ‪.‬‬
‫والملحظ أن كل مبادئهم الهداّمة ‪ ،‬عادة ما تحمل صععفة التحريععر‬
‫أو التحرر ‪ ،‬وانظر إلى هععذا القععول العععرج العععوج ‪ ،‬فالشعععوب‬
‫عنععدما تحمععي سععلعتها وصععنعتها ‪ ،‬تصععبح ُمسععتعِمرة لتجارتهععا ‪،‬‬
‫لذلك فهي بحاجععة إلععى التحريععر ‪ .‬أمععا المععراد مععن وراء ذلععك فععي‬
‫الحقيقة ‪ ،‬فهععو السععطو علععى مكتسععبات الععدول الغنيععة والفقيععرة ‪،‬‬
‫طاة بأوراق التغليف البراّقة الملّونععة ‪،‬‬ ‫بطرق شرعية ملتوية ‪ ،‬مغ ّ‬
‫لتسععحر أعيععن الشعععوب المسععحوقة ‪ ،‬بمععا ُيشععبه عمليععة التنععويم‬
‫‪320‬‬
‫المغناطيسععي ‪ .‬ولنوضععح مععا نقصععده بععذلك ‪ ،‬بأنععك تسععتطيع فععي‬
‫البداية على سبيل المثال ‪ ،‬الحصول على سيارة جيدة بثمن زهيد‬
‫‪ ،‬نتيجععة تخفيععض الجمععارك والرسععوم ‪ ،‬ولكععن هععذا التخفيععض‬
‫سيترتب عليه ‪ ،‬عجز كبير في الموازنة العامة للدولة ‪ ،‬فمن أيععن‬
‫ستغطي الدولة هذا العجز برأيك ‪ ،‬إن لم تعتمد على فرض رسععوم‬
‫وضرائب بديلة تحت مسميات أخرى ‪ ،‬لتصل في النهاية إلى عدم‬
‫القدرة ‪ ،‬على شراء الوقود لتلك السيارة ‪ ،‬لعدم قدرة الراتب على‬
‫تأمين متطلبات الحياة الساسية ‪.‬‬
‫فبعد أن تمّكنوا مععن خلععق قطعععان مععن المسععتهلكين ‪ ،‬تنظععر بعيععن‬
‫القداسععة لكععل مععا هععو غربععي ومسععتورد ‪ ،‬مععن منتجععات ثقافيععة‬
‫وتكنولوجية استهلكية الطابع ‪ ،‬جاءوا باتفاقيات هذه المنظمععة ‪،‬‬
‫لرفععع القيععود ‪ ،‬مععن قععوانين جمركيععة وضععريبية علععى السععلع‬
‫المستوردة ‪ ،‬وذلك بغية فتح السواق الوطنيععة للسععلع الجنبيععة ‪،‬‬
‫وبالتععالي تتهععافت المجتمعععات السععتهلكية ‪ ،‬علععى تلععك السععلع ‪،‬‬
‫فتتسّرب العملة الوطنيعة إلععى الخعارج بل توقعف ‪ ،‬ويععترّتب علععى‬
‫ذلك عجز كبير ‪ ،‬في ميزانيات دول العععالم الثععالث ‪ ،‬الععتي ل تملععك‬
‫صناعات منافسععة ‪ ،‬تععّوض وتعيععد جععزء مععن العملععة المفقععودة ‪.‬‬
‫لذلك ستضطر الحكومات ‪ ،‬إلى اتخاذ إجععراءات علجيععة عديععدة ‪،‬‬
‫لسدّ عجععز الموازنععة ‪ ،‬الععتي غالبععا مععا يتكفععل بهععا صععندوق النقععد‬
‫الدولي ‪ ،‬بزيادة الضرائب بكافة الشكال والُمس عّميات ‪ ،‬بمععبررات‬
‫ومن غير مبررات أحيانععا ‪ ،‬بالضععافة إلععى تراكععم ديععون جديععدة ‪،‬‬
‫وزيادة الضرائب تعني رفع السعار تلقائيا ‪ ،‬وهكذا دواليععك … ‪،‬‬
‫وسيظهر التأثير المدّمر علععى شعععوب الععدول الععتي انضعّمت لهععذه‬
‫المنظمة ‪ ،‬خلل فععترة ربمععا ل تزيععد عععن سععنة أو سععنتان ‪ .‬وذلععك‬
‫عندما تبدأ المؤسسات والشركات الوطنية ‪ ،‬بععالفلس والنهيععار‬
‫‪321‬‬
‫تباعا ‪ ،‬ومن ثم انتشار البطالة والفقععر والجععوع بيععن مواطنيهععا ‪،‬‬
‫انتشار النار في الهشيم ‪.‬‬
‫هناك فرق شاسع ‪ ،‬بين فلسفة القتصاد وفلسفة الدمار والخراب‬
‫‪ .‬تقضععي فلسععفة القتصععاد بععأن تنفععق أقععل ممععا ُتنتععج ‪ ،‬وت عّدخر‬
‫الفائض لتقلبات الزمن ‪ ،‬وأمععا فلسععفة الععدمار والخععراب ‪ ،‬تقضععي‬
‫بأن تنفق أضعاف أضعاف ما تنتج ‪ ،‬لتنتهي في أحضان صععندوق‬
‫النقد الدولي ‪ ،‬ول أظن من قال ‪ " :‬على قّد لحافععك معّد رجليععك "‬
‫كان حاصل على دكتوراه في القتصاد ‪ ،‬ليصل إلى هذه النتيجععة ‪.‬‬
‫وأتسععاءل كيععف عاشععت البشععرية مععا ُيقععارب السععتة آلف سععنة ‪،‬‬
‫بدون صندوق النقد الدولي وبرامجه الصلحية ‪.‬‬
‫أما الن … فأمعن النظر والفكر والوجدان ‪ ،‬في كل ما يدور مععن‬
‫حولك ‪ ،‬في بيتك ‪ ،‬في الشارع ‪ ،‬في المدرسة ‪ ،‬في الجامعة ‪ ،‬في‬
‫وطنك ‪ ،‬بل في العالم أجمع … وأجب هن هذا التسععاؤل … علععى‬
‫ي هدي ‪ ،‬يسير هععذا الواقععع الععذي نحععن عليععه الن … ؟! علععى‬ ‫أ ّ‬
‫هدي القرآن … أم على هدي أسياد هذا الزمان !‬
‫نبذة بسيطة عن يهود العالم‬
‫من حيث المنشأ ‪ ،‬ينقسم الشعب اليهودي‬
‫إلى ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫عع اليهععود الغربيععون ‪ :‬وأغلبهععم أثريععاء ‪ ،‬اسععتطاعوا التغلغععل فععي‬
‫أوروبععا الغربيععة فععي نهايععة القععرون الوسععطى ‪ ،‬وبععدايات عصععر‬
‫النهضة ) ‪ ، (17-16‬فازدادوا ثراء فععوق ثععراء ‪ ،‬بمععا لععديهم مععن‬
‫وسععائل وإمكانيععات وأخلقيععات ‪ ،‬لجمععع المععال بطععرق مشععروعة‬
‫وغالبععا غيععر مشععروعة ‪ ،‬لععم يكععن الوروبيععون والمريكيععون‬
‫ُيمارسععونها أو يتنّبهععوا إليهععا ‪ ،‬رغععم كععل تحععذيرات الرؤسععاء‬
‫‪322‬‬
‫والساسة والخبراء المخلصين لممهم ‪ ،‬حتى " وقععع الفععأس فععي‬
‫الرأس " ‪ ،‬فتربعوا على عرش القتصاد العالمي حاليا ‪.‬‬
‫ع اليهود الشرقيون الشكناز ‪ :‬وأغلبهم فقراء ‪ ،‬وقععد بقععي حععالهم‬
‫كععذلك ‪ ،‬فععي بلععدان أوروبععا الشععرقية وروسععيا الفقيععرة ‪ ،‬وكععانوا‬
‫مضطهدين ومنبوذين ‪ ،‬في أغلب الحيان ‪ ،‬ويعيشون فيما ُيسّمى‬
‫بالغيتوهات أو الكيبوتس ‪.‬‬
‫ع اليهود الشرقيون العرب ‪ :‬وهم الذين عاشوا في البلدان العربية‬
‫‪ ،‬كأفراد وجماعات ‪ ،‬يتمتعون بحق المواطنة مثلهم مثل غيرهم ‪،‬‬
‫وكثير منهم ُأجبر على الهجرة إسرائيل ‪ ،‬من خلل دّبره الموساد‬
‫السرائيلي ‪ ،‬من أزمات لرغععامهم علععى المغععادرة ‪ ،‬وبقععي جععزء‬
‫منهم في البلدان العربية لغاية الن ‪.‬‬
‫أما من حيث التننوجه فينقسننموا إلننى ثلث‬
‫أقسام ‪:‬‬
‫ع المتحّررون ‪ :‬وأغلبهم من يهععود الغععرب ‪ ،‬ومهمتهععم تنفيععذ مععا‬
‫جاء في بروتوكولت الحكماء ‪ ،‬وحكم العالم اقتصاديا وسياسيا ‪،‬‬
‫يكونععون فيععه شععيوخ المععة ‪ ،‬ويضعععون الدسععتور ‪ ،‬ويرسععمون‬
‫صبون َمِلكععا معن أنفسععهم ‪ ،‬دكتععاتورا ُمطلقععا علععى‬
‫السياسية ‪ ،‬وُين ّ‬
‫العالم ‪ ،‬يؤمر فُيطاع ‪ ،‬ويكون بمثابة الله علعى الرض ‪ ،‬ول إلعه‬
‫في السماء ‪ ،‬فُيصبح اليهود أسيادا وبقية خلق الع ‪ ،‬بل اسععتثناء‬
‫عبيدا لهم ‪.‬‬
‫ع العلمانيون ‪ :‬وأغلبهم من يهععود الشععرق الوروبععي ‪ ،‬ومهمتهععم‬
‫هععي تنفيععذ أهععداف الحركععة الصععهيونية السياسععية ‪ ،‬الععتي تلّفعععت‬
‫بالدين اليهودي ‪ ،‬من أجل تحقيق أهععدافها السياسععية ‪ ،‬بإيجععاد "‬
‫غيتو " قومي لليهود في فلسطين ‪ ،‬لرفع الضطهاد والععذل الععذي‬
‫‪323‬‬
‫لزمهم طيلة ‪ ،‬وليجاد موطئ قدم لهععم ‪ ،‬فنععوائب الععدهر الغربيععة‬
‫غير مضمونه ‪ ،‬فربما ينقلبون عليهم يوما ما ويطردونهم ‪ ،‬وهععم‬
‫الذين يشّكلون الحزاب العلمانية في الدولة اليهودية ‪.‬‬
‫ع المتدينون ‪ :‬وأغلبهم مععن يهععود الشععرق بمععا فيهععم يهععود البلد‬
‫العربية ‪ ،‬وظهرت منهم حركات دينية متطرفة كثيرة ‪ ،‬ومهمتهععم‬
‫طها أحبععارهم القععدماء علععى‬ ‫هي تنفيذ الوصايا التوراتية ‪ ،‬التي خ ّ‬
‫شكل نبوءات ‪ ،‬وتتلخص في استلب الراضي ‪ ،‬وتهجير السكان‬
‫الوثنيين ‪ ،‬والستيطان ‪ ،‬وهدم المسجد القصععى وبنععاء الهيكععل ‪،‬‬
‫تمهيدا للملك اليهودي الداودي القادم ‪ ،‬الذي سععيأتي مععن ربععوات‬
‫القدس ‪ ،‬ليحكم العالم إلى البد ‪ ،‬فينتشععر الحععق والعععدل والسععلم‬
‫اليهععودي فععي الرض ‪ ،‬وهععم الععذين يشععّكلون الحععزاب الدينيععة‬
‫المتطّرفة ‪.‬‬
‫وكل هذه الصناف اليهودية ‪ ،‬في المحصلة وجععوه عديععدة لعملععة‬
‫واحععدة ‪ ،‬هععي التععوراة والتلمععود ‪ ،‬أخطععر وثيقععتين علععى مسععتقبل‬
‫البشرية والعععالم ‪ ،‬لععذلك احتععل التحععذير مععن اليهععود واليهوديععة ‪،‬‬
‫مساحة شاسعة من قرآننععا العظيععم ‪ .‬بينمععا احتععل الفكععر اليهععودي‬
‫المادي ‪ ،‬مساحة شاسعة ‪ ،‬من عقول أمة السلم ‪ ،‬فنسيت إلهها‬
‫‪ ،‬وعبدت العجول الذهبية المادية للسامرّيون الجدد ‪.‬‬
‫آخر معا نعود قعوله ‪ ،‬أن اليهعود قطععوا شعوطا كعبيرا ‪ ،‬فعي تنفيعذ‬
‫مخططهم الشيطاني للسيطرة على العالم ‪ ،‬حتى صاروا ) نظريا (‬
‫قاب قوسين أو أدنى ‪ ،‬من الوصول إلى هدفهم النهائي في ظععرف‬
‫سنين قليلة ‪ ،‬ونجععاحهم اعتمععد فععي الدرجععة الولععى ‪ ،‬ليععس علععى‬
‫ذكائهم ومكرهم ودهائهم فحسب ‪ ،‬بل في العزف على وتر يطرب‬
‫له جميع الناس ‪ ،‬بل استثناء إل من رحم وهععدى ربععي ‪ ،‬أل وهععو‬
‫‪324‬‬
‫سهولة وقوع النفس البشرية أسيرة لهوائها وأطماعهععا ‪ ،‬ومععن‬
‫ثععم إرغامهععا علععى الخلععود إلععى الرض ‪ ،‬لترضععى بالحيععاة الععدنيا‬
‫ن بهععا ‪ ،‬عنععدما تنعععدم لععديها القيععم الروحيععة اليمانيععة ‪،‬‬ ‫وتطمئ ّ‬
‫صععلة مععن فهععم حقيقععة العلقععة مععا بيععن السععماء والرض ‪،‬‬ ‫الُمتح ّ‬
‫والتي توضحها سورة السراء بكل فصولها ‪ ،‬فاقرأهععا إن رغبععت‬
‫في الفهم ‪ ،‬فهي تحكي واقعنا المعاصر بكل فصععوله ‪ ،‬ومععن أجععل‬
‫أن تفهم فصولها ‪ ،‬كان هذا الفصل في هذا الكتاب ‪.‬‬
‫وقد يسأل سائل ‪ :‬ثم ماذا ؟ ُنجيب بقوله تعالى ‪َ ) :‬وَقْد مََكَر اّلِذي َ‬
‫ن‬
‫س عَيْعَلُم‬
‫س ‪َ ،‬و َ‬‫ب ُكّل َنْف ٍ‬ ‫س ُ‬
‫جِميًعا ‪َ ،‬يْعَلُم َما َتْك ِ‬ ‫ن َقْبِلِهْم ‪َ ،‬فِلّلِه اْلَمْكُر َ‬
‫ِم ْ‬
‫عْقَبى الّداِر )‪ 42‬الرعد ( وقوله ‪َ ) :‬قْد َمَكَر اّلِذينَ ِمععنْ‬ ‫ن ُ‬ ‫اْلُكّفاُر ِلَم ْ‬
‫س عْقفُ مِ عنْ‬ ‫عَلْيِه عُم ال ّ‬
‫خ عّر َ‬
‫ع عِد ‪َ ،‬ف َ‬
‫ن اْلَقَوا ِ‬
‫ل ُبْنَياَنُهْم ِم َ‬
‫َقْبِلهِْم ‪َ ،‬فَأَتى ا ُّ‬
‫ن )‪ 26‬النحل ( ‪.‬‬ ‫شُعُرو َ‬ ‫ث َل َي ْ‬ ‫حْي ُ‬
‫ن َ‬ ‫ب ِم ْ‬‫َفْوِقِهْم ‪َ ،‬وَأَتاُهُم اْلَعَذا ُ‬
‫والعلو اليهودي قائم على قاعععدتين ‪ ،‬همععا إسععرائيل كمععوطن بمععا‬
‫فيها القدس ‪ ،‬كعاصمة مستقبلية للدولة اليهودية العالمية البدية‬
‫‪ ،‬وأمريكا كقوة اقتصادية عسكرية ‪ ،‬لتمكين هذا الحلم اليهودي ‪.‬‬
‫فل غرابة ول عجب ‪ ،‬إن أتى ال هذا البنيان من القواعععد ‪ ،‬فخ عرّ‬
‫علععى رؤوسععهم وعلععى رؤوس مععن يش عّد علععى أيععديهم ‪ ،‬سععقف‬
‫أحلمهم وطموحاتهم ‪ ،‬فأتاهم العذاب من حيث ل يشعرون ‪.‬‬
‫ونختم هععذا الفصععل بنععص مععن التععوراة ‪ ،‬يؤكععد لليهععود أن عاقبععة‬
‫أفعالهم ‪ ،‬ستكون مععدمرة ل محالععة ‪ ،‬وأن الكععأس الععتي جّرعوهععا‬
‫للشعوب ‪ ،‬ل بد أن يتجّرعوها في النهاية ‪ ،‬حتى لو تخنععدقوا فععي‬
‫الحصععن المريكععي البريطععاني المنيععع ‪ ،‬فععذلك لععن ُيجععدي نفعععا ‪،‬‬
‫ومهمععا ُكععبرت أمريكععا وعظمععت وتعععالت ‪ ،‬فععال أكععبر وأعظععم‬

‫‪325‬‬
‫وأعلععى ‪ ،‬وليععت عبععدة أمريكععا مععن أمععتي يفقهععون ذلععك ‪ ،‬لعلهععم‬
‫يرجعون ‪ ،‬قبل فوات الوان ‪.‬‬
‫" ويل لمن يكّوم لنفسه السلب ‪ ،‬ويثرى على حساب ما نهععب ‪،‬‬
‫إنما إلى متى ؟ أل يقوم عليك دائنوك بغتععة ‪ ،‬أول يثععورون عليععك‬
‫وُيملونك ُرعبا ‪ .‬فتصبح لهم غنيمة لنك سلبت أمما كثيرة ‪ ،‬فإن‬
‫بقية الشعوب ينهبونك ثأرا ‪ ،‬لما سفكت من دماء ‪ ،‬وارتكبت مععن‬
‫جور في الرض ‪ ،‬فدّمرت ُمدنا ‪ ،‬وأهلكععت السععاكنين فيهععا ‪ .‬ويععل‬
‫لمن يّدخر لبنيه مكسب ظلم ‪ ،‬وُيشيد مسععكنه فععي مقععام حصععين ‪،‬‬
‫ت مؤامرتععك بيتععك بالعععار ‪،‬‬ ‫طخع ْ‬ ‫ليكون في مأمن من الخطر ‪ .‬لقد ل ّ‬
‫حين استأصلت أمما عديدة ‪ ،‬وجلبععت الععدمار علععى نفسععك ‪ ،‬حععتى‬
‫حجععارة الجععدران تصععرخ مععن ش عّرك ‪ ،‬فععترّدد الععدعائم الخشععبية‬
‫أصداءها ‪ .‬ويل لمن يبني مدينة بالدماء ‪ ،‬وُيؤسس قرية بالثم "‬
‫‪ ) .‬التوراة ‪ :‬سفر حبقوق ‪( 12-6 :2‬‬
‫قال تعالى‬
‫ت َأْيِديِهْم ‪َ ،‬وُلِعُنوا ِبَما َقععاُلوا ‪،‬‬ ‫غّل ْ‬ ‫ل َمْغُلوَلٌة ‪ُ ،‬‬ ‫ت اْلَيُهوُد َيُد ا ِّ‬ ‫) َوَقاَل ِ‬
‫ن َكِثيًرا مِْنُهْم ‪َ ،‬مععا‬ ‫شاُء ‪َ ،‬وَلَيِزيَد ّ‬ ‫ف َي َ‬
‫ق َكْي َ‬ ‫ن ‪ُ ،‬يْنِف ُ‬ ‫طَتا ِ‬
‫سو َ‬ ‫َبْل يََداُه َمْب ُ‬
‫طْغَياًنععا َوُكْف عًرا ‪َ ،‬وَأْلَقْيَنععا َبْيَنُه عُم اْلَع عَداَوَة‬
‫ك‪ُ ،‬‬ ‫ن َرّب ع َ‬
‫ك ِم ع ْ‬‫ُأْن عِزَل ِإَلْي ع َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫طَفَأَها ا ُّ‬
‫ب َأ ْ‬‫حْر ِ‬ ‫ضاَء ِإَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة ‪ُ ،‬كّلَما َأْوَقُدوا َناًرا ِلْل َ‬ ‫َواْلَبْغ َ‬
‫ن )‪ 64‬المائدة‬ ‫سِدي َ‬ ‫ب اْلُمْف ِ‬ ‫ح ّ‬
‫ل َل ُي ِ‬ ‫ساًدا ‪َ ،‬وا ُّ‬ ‫ض َف َ‬ ‫ن ِفي اَْلْر ِ‬ ‫سَعْو َ‬ ‫َوَي ْ‬
‫(‬

‫‪326‬‬
‫النبوءات التوراتية بين الماضي‬
‫والمستقبل‬
‫بععالرغم مععن تحريععف التععوراة ‪ ،‬ونسععخها وتأليفهععا عععدة مععرات ‪،‬‬
‫وضعف الترجمة إلى العربية وانحيازها ‪ .‬إل أنها ما زالت تحععوي‬
‫بقية من كلم ال جّل وعل ‪ ،‬تستطيع الستدلل عليها ‪ ،‬من خلل‬
‫مقابلتها ومقارنتها ‪ ،‬معع معا لعدينا معن وحعي ‪ ،‬وتسعتطيع أحيانعا‬
‫ملحظععة السععاليب ‪ ،‬الععتي تععم بهععا كتابععة التععوراة ‪ ،‬مععن إضععافة‬
‫وحععذف وتبععديل لمواضععع العبععارات ‪ ،‬كمععا أخععبر عنهععا القععرآن‬
‫الكريم ‪ .‬وهذه البقية هي ما كان يسععتدل اليهععود مععن خللهععا ومععا‬
‫زالوا ‪ ،‬على بعض الحععداث المسععتقبلية ‪ ،‬كبعععث عيسععى ومحمععد‬
‫عليهما السلم قديما ‪ ،‬وما سيقع من أحداث النهاية مستقبل ‪.‬‬
‫وكما قلنا في الفصل السععابق ‪ ،‬أن معرفتهععم بمععا وجععد لععديهم مععن‬
‫نبوءات ‪ ،‬كععانت بمثابععة القععوة الدافعععة ‪ ،‬فععي تحركععاتهم لسععتباق‬
‫تحّقق هذه النبوءات ‪ ،‬على أرض الواقع ‪ ،‬ولم ولن يألوا جهععدا ‪،‬‬
‫في استعجالها إن وافقت أهوائهم ‪ ،‬أو في تعطيلها إن خالفتها ‪،‬‬
‫في هذا الفصل ‪ ،‬سنتتبع في البداية ‪ ،‬بعععض الخبععار الععتي وردت‬
‫في التوراة ‪ ،‬بشكل مقتضب وسريع ‪ ،‬ومن ثم سنعرض جانبا من‬
‫النبععوءات التوراتيععة ‪ ،‬الععتي تحققععت فععي الماضععي ‪ ،‬وجانبععا مععن‬
‫النبوءات التي لم تتحقق بعد ‪ ،‬مما ُيسععاعد علععى اسععتقراء بعععض‬
‫النبوءات المستقبلية لديهم ‪ ،‬لنتعّرف على المخععاوف اليهوديععة ‪،‬‬
‫وتطلعاتهم وأحلمهم وأمانّيهم ‪ ،‬المتعّلقة بعععودتهم إلععى فلسععطين‬
‫للمرة الثانية ‪.‬‬
‫ومن خلل هععذا الكشععف تسععتطيع التعععرف علععى حقيقععة العقليععة ‪،‬‬
‫التي ُيفّكر بها يهود ‪ ،‬ومن ثم قراءة مععواقفهم وسياسععتهم ‪ ،‬علععى‬
‫‪327‬‬
‫الساحتين العالمية والقليمية ‪ ،‬وتسععتطيع أيضععا قععراءة سياسععات‬
‫ومواقععف أمريكععا ‪ ،‬الععتي يحكمهععا ويععديرها فععي الخفععاء ‪ ،‬زعمععاء‬
‫المؤامرة العالمية ‪ ،‬من الثريععاء والحاخامععات اليهععود ‪ ،‬لتجععد أن‬
‫التوراة ونبوءاتها هي مععا سعّير اليهععود فععي الماضععي ‪ ،‬وهععي مععا‬
‫ُيسّيرهم في الحاضر والمستقبل ‪.‬‬
‫ن َهعَذا‬ ‫ب ِبَأْيِديِهْم ‪ُ ،‬ثّم َيُقوُلعو َ‬ ‫ن اْلِكَتا َ‬ ‫ن َيْكُتُبو َ‬ ‫قال تعالى ) َفَوْيٌل ِلّلِذي َ‬
‫ل ‪َ ،‬فَوْي عٌل َلُه عْم مِّمععا َكَتَب ع ْ‬
‫ت‬ ‫ش عَتُروا ِب عِه َثَمًنععا َقِلي ً‬ ‫ل ع ‪ِ ،‬لَي ْ‬‫عْن عِد ا ِّ‬
‫ن ِ‬‫ِم ع ْ‬
‫ن )‪ 79‬البقرة (‬ ‫سُبو َ‬ ‫َأْيِديهِْم ‪َ ،‬وَوْيٌل َلُهْم ِمّما َيْك ِ‬
‫ق ِلَما َمَعُهععْم ‪،‬‬ ‫صّد ٌ‬‫ل ‪ُ ،‬م َ‬ ‫عْنِد ا ِّ‬
‫ن ِ‬ ‫ب ِم ْ‬ ‫جاَءُهْم ِكَتا ٌ‬ ‫وقال أيضا ) َوَلّما َ‬
‫جععاَءُهْم مَععا‬‫ن َكَفعُروا َفَلّمععا َ‬ ‫عَلععى اّلعِذي َ‬ ‫ن َ‬ ‫حو َ‬ ‫سعَتْفِت ُ‬‫ن َقْبعُل َي ْ‬‫َوَكاُنوا ِمع ْ‬
‫ن )‪ 89‬البقرة (‬ ‫عَلى اْلَكاِفِري َ‬ ‫ل َ‬ ‫عَرُفوا َكَفُروا ِبِه ‪َ ،‬فَلْعَنُة ا ِّ‬ ‫َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫سععَنَتُهْم ِباْلِكَتععا ِ‬
‫ن َأْل ِ‬
‫ن ِمْنُهععْم َلَفِريًقععا ‪َ ،‬يْلععُوو َ‬ ‫وقععال أيضععا ) َوِإ ّ‬
‫ن ُهَو ِمنْ عِْنِد‬ ‫ب ‪َ ،‬وَيُقوُلو َ‬ ‫ن اْلِكَتا ِ‬‫ب ‪َ ،‬وَما ُهَو ِم َ‬ ‫ن اْلِكَتا ِ‬ ‫سُبوُه ِم َ‬
‫ح َ‬‫ِلَت ْ‬
‫ب َوُهعمْ‬ ‫عَلععى الِّع اْلَكعِذ َ‬ ‫ن َ‬ ‫لع ‪َ ،‬وَيُقوُلععو َ‬ ‫عْنعِد ا ِّ‬ ‫ن ِ‬ ‫لع ‪َ ،‬وَمععا ُهعَو ِمع ْ‬ ‫ا ِّ‬
‫ن )‪ 78‬آل عمران (‬ ‫َيْعَلُمو َ‬
‫خننبر إبراهيننم وإسننماعيل عليهمننا السننلم‬
‫في سفر التكوين‬
‫وعد الله لنسل إبراهيم بامتلك الرض ‪:‬‬
‫" تكععوين ‪ :18 :15 :‬فععي ذلععك اليععوم ‪ ،‬عقععد الععرب ميثاقععا مععع‬
‫إبراهيم ‪ ،‬قائل ‪ :‬سأعطي نسلك هذه الرض ‪ ،‬من نهر مصر إلععى‬
‫النهر الكبير نهر الفرات " ‪.‬‬
‫" تكوين ‪ :8-4 :17 :‬ها أنا أقطع لك عهععدي ‪ ،‬فتكععون أبععا لمععم‬
‫كثيرة ‪ ،‬وُأصّيرك ُمثمرا جععدا ‪ ،‬يخععرج معن نسععلك ملععوك ‪ ،‬فععأكون‬
‫‪328‬‬
‫إلها لك ولنسلك من بعدك ‪ .‬وأهبك أنت وذرّيتك أرض كنعان التي‬
‫نزلت فيها غريبا ‪ُ ،‬ملكًا أبديا " ‪.‬‬
‫ع تكرار الوعععد لبراهيععم ‪ ،‬بأرضععين مختلفععتين ‪ ،‬ناتععج عععن كععون‬
‫جمعت مععن مصععدرين ُمختلفيععن كمععا سععبق وأوضععحنا ‪،‬‬ ‫التوراة ‪ُ ،‬‬
‫وأحد المصدرين أقل تطّرفا وُمغالة ‪ ،‬فععي التحريععف والكععذب مععن‬
‫الخر ‪ ،‬وهذا الوعععد بمععا أنععه كععان لبراهيععم ونسععله ‪ ،‬فهععو ليععس‬
‫حكرا على نسل إسحاق ‪ ،‬بل يشمل نسل إسماعيل أيضا ‪.‬‬
‫وعد الله لهاجر في إسماعيل ‪:‬‬
‫ن نسلك فل ُيععّد‬ ‫" تكوين ‪ 10 :16 :‬وقال لها ملك الرب ‪ُ :‬لكّثر ّ‬
‫من الكثرة ‪ ،‬هو ذا أنت حامل ‪ ،‬وستلدين ابنا وتدعينه إسماعيل ‪،‬‬
‫ويكون إنسانا وحشّيا ُيعادي الجميع والجميع ُيعععادونه ‪ ] ،‬وأمععام‬
‫جميع أخوته يسكن [ " ‪.‬‬
‫ي متّوحش وإرهابي ‪ ،‬معاد للبشععرية ‪ ،‬هععذه هععي صععورة ‪،‬‬ ‫ع همج ّ‬
‫إسماعيل عليه السلم نبي ال ‪ ،‬جد العرب ‪ ،‬وهععي ذاتهععا صععورة‬
‫النسان العربي في وسائل العلم الغربية ‪ ،‬من سينما وتلفزيون‬
‫لت ‪ ،‬ومصدر هذه الصورة هو التععوراة ‪ ،‬والُمنتععج‬ ‫وصحف ومج ّ‬
‫الُمنفّذ هم اليهود ‪ ،‬الُمسيطرون على كافة وسائل العلم الغربيععة‬
‫‪ .‬فالرب يقول ذلك ‪ ،‬ل كذبة التوراة ‪ ،‬وإذا كان العععرب مسععتاءون‬
‫مععن هععذه النظععرة لهععم ‪ ،‬فليجععرؤ أحععدهم علععى مطالبععة اليهععود‬
‫والنصارى ‪ ،‬بحذف كلمات الرب هذه ‪ ،‬من كتابهم المقّدس ‪ ،‬كمععا‬
‫ض علععى قتععالهم ‪ ،‬مععن الكتععب‬
‫ُيطالبوننععا بحععذف اليععات الععتي تحع ّ‬
‫المدرسية ‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫وعد الله لبراهيم في سارة ونسلها ‪:‬‬
‫" تكععوين ‪ :19-15 :17 :‬وقععال الععرب لبراهيععم ‪ :‬أمععا سععاراي‬
‫زوجتك ‪ ،‬وُأباركها وُأعطيععك منهععا ابنععا ‪ ،‬سععأباركها وأجعلهععا أّمععا‬
‫لشعوب ‪ ،‬ومنها يتحّدر ملوك أمم ‪ ،‬إنّ سارة زوجتك هي التي تلد‬
‫لك ابنا ‪ ،‬وتدعو اسمه اسحق وُأقيم عهدي معه ‪ ،‬ومع ذرّيته معن‬
‫بعده إلى البد " ‪.‬‬
‫وعد الله لبراهيم في إسماعيل ونسله ‪:‬‬
‫" تكوين ‪ :20 :17 :‬وأّمععا إسععماعيل فقععد اسععتجبت لطلبتععك مععن‬
‫أجله ‪ ،‬سُأباركه حقا ‪ ،‬وأجعله ُمثمرا ‪ ،‬وأكّثر ذرّيته جدا ‪ ،‬فيكععون‬
‫أبا لثني عشر رئيسا يلد ‪ ،‬وُيصبح أّمة كبيرة " ‪.‬‬
‫هجنننرة هننناجر وإسنننماعيل إلنننى صنننحراء‬
‫فاران ‪:‬‬
‫" تكوين ‪ :21-14 :21 :‬فنهعض إبراهيععم فععي الصعباح البععاكر ‪،‬‬
‫وأخذ خبزا وقربة مععاء ‪ ،‬ودفعهمععا إلععى هععاجر ‪ ،‬ووضعععهما علععى‬
‫كتفيها ‪ ،‬ثم صرفها مع الصبي ‪ ،‬فهامت على وجهها في برية بئر‬
‫سبع ‪ .‬وعندما فرغ الماء من القربة ‪ ،‬طرحت الصبي تحت إحدى‬
‫الشععجار ‪ ،‬ومضععت وجلسععت قبععالته ‪ ،‬علععى ُبعععد مععائة مععتر ‪،‬‬
‫) تبريرهم ‪ :‬حتى ل تشهد موت الصبي ( ‪ ،‬ورفعت صوتها وبكت‬
‫‪ ) .‬ناداهعععا ملك العععرب قعععائل ( ‪ " :‬قعععومي واحملعععي الصعععبي ‪،‬‬
‫وتشّبثي بععه لّنععي سععأجعله أّمععة عظيمععة " ‪ ،‬ثععم فتحععت عينيهععا ‪،‬‬
‫فأبصرت بئر ماء ‪ ،‬فذهبت وملت القربة وسقت الصععبي ‪ .‬وكععان‬
‫ال مع الصبي فكُبر ‪ ،‬وسكن في صحراء فاران ‪ ،‬وبرع في رمععي‬
‫القوس ‪ ،‬واّتخذت له ُأّمه زوجة من مصر " ‪.‬‬
‫‪330‬‬
‫ع في هذا النص ُيوحي كتبة التوراة ‪ ،‬أن إبراهيم تخّلى عن هععاجر‬
‫وابنها وطردهما طردا ‪ ،‬ويقولون في بداية النص ‪ ،‬أنه سكن بئر‬
‫جرت فيها ‪ ،‬وفي نهاية النععص يقولععون‬ ‫السبع ‪ ،‬وأن بئر زمزم تف ّ‬
‫بأنه سكن في صحراء فععاران ‪ ،‬وهععذا يعنععي أن التسععمية العبريععة‬
‫القديمة ‪ ،‬لصحراء الجزيرة العربية هو صععحراء فععاران ‪ ،‬وجبععال‬
‫فاران هي جبععال مكععة أو الجزيععرة العربيععة ‪ ،‬ولععذلك كععان اليهععود‬
‫يعلمون على وجه التحديد ‪ ،‬أن نبيًا من نسل إسععماعيل ‪ ،‬س عُيبعث‬
‫في جزيرة العرب ‪ ،‬فارتحلوا إليها وسكنوا فيها ‪.‬‬
‫التبشير بمحمد عليه الصننلة والسننلم فنني‬
‫سننفر التثنيننة علننى لسننان موسننى عليننه‬
‫السلم‬
‫" تثنية ‪ :18 :18 :‬فقال لي الرب ‪ :‬لهذا ُأقيم لهم نبيععا مععن بيععن‬
‫ُأخوتهم مثلك ‪ ،‬وأضع كلمي في فمه ‪ ،‬فُيخاطبهم بكل ما آمره به‬
‫‪ ،‬وكّل من يعصي كلمي ‪ ،‬الذي يتكلم به باسععمي ‪ ،‬فععإني ُأحاسععبه‬
‫"‪.‬‬
‫ع وقول موسى عليه السلم ‪ ،‬نبيا من بين ُأخوتهم ‪ ،‬يعني أنه من‬
‫غير بني إسرائيل ‪ ،‬بل من أخوتهم ‪ ،‬وأخوتهم كما نعلم هععم نسععل‬
‫إسماعيل عليه السلم ‪ ،‬بدللة التوراة نفسععها فععي النععص الععوارد‬
‫أعله ) ‪ ، ( 12 :16‬وهععذا القععول بطبيعععة الحععال ‪ ،‬ل ُيشععير إلععى‬
‫عيسى عليه السلم ‪ ،‬كععون ُأمععه مععن بنععي إسععرائيل ‪ .‬وقععوله نبيععا‬
‫مثلك ‪ ،‬يعني يماثله في كل شيء تقريبا ‪ ،‬مععن لحظععة ولدتععه بمععا‬
‫شمله ال من رعاية وعناية ‪ ،‬وبعثه ورسالته ومعانععاته ‪ ،‬وحععتى‬
‫مماته عليه السلم ‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫" تثنية ‪ ] 2 :33 :‬فقال ) موسى عليه السلم ( ‪ :‬جاء الرب من‬
‫سيناء ‪ ،‬وأشرق لهم من سعير ‪ ،‬وتلل مععن جبععال فععاران ‪ ،‬وأتععى‬
‫من ربوات القدس ‪ ،‬وعن يمينه نار شريعة لهم [ " ‪.‬‬
‫ع وهذا النص يحمل في ثناياه أربع نبوءات هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬جاء الرب من سيناء ‪ .‬وسيناء هو ) طور سيناء ( فععي وادي‬
‫عربة ‪ ،‬مكان الوحي العذي ُأنزلعت فيعه اللعواح ‪ ،‬علعى موسعى‬
‫عليه السلم ‪.‬‬
‫‪ .2‬وأشرق لهم مععن سعععير ‪ ، .‬حيععث ُبعععث عيسععى عليععه السععلم‬
‫ت ِمعنْ‬ ‫ب َمْرَيعَم ِإِذ اْنَتَبعَذ ْ‬ ‫بالنجيل ‪ ،‬قال تعالى ) َواْذُكْر ِفععي اْلِكَتععا ِ‬
‫ن َمْرَيعَم َوُأّمعُه‬ ‫جَعْلَنا اْبع َ‬ ‫شْرِقّيا )‪ 16‬مريم ( وقال ) َو َ‬ ‫َأهِْلَها َمَكاًنا َ‬
‫ن )‪ 50‬المؤمنععون (‬ ‫ت َقعَراٍر َوَمِعيع ٍ‬ ‫َءاَيًة َوَءاَوْيَنُهَما ِإَلى َرْبَوٍة َذا ِ‬
‫وسعير على ما يبدو من اليات الكريمععة ‪ ،‬هععي منطقععة شععرقي‬
‫القععدس ‪ ،‬تقععع علععى تلععة ذات أشععجار مثمععرة وفيهععا عيععن مععاء‬
‫جارية ‪.‬‬
‫‪ .3‬وتلل مععن جبععال فععاران ‪ .‬جبععال فععاران هععي جبععال الجزيععرة‬
‫سكنى إسماعيل بدللة التععوراة‬ ‫العربية ‪ ،‬حيث تقع مكة ‪ ،‬مكان ُ‬
‫نفسها ‪ ،‬حيث ُبعث محمد عليه الصلة والسلم بالقرآن ) لحظ‬
‫هنا الفعععل تلل ( ‪ ،‬دللععة علععى مععا سععيكون للسععلم مععن شععأن‬
‫عظيم ‪ .‬وهذا دعاء إبراهيم وإسععماعيل عليهمععا السععلم ) َرّبَنععا‬
‫ب‬‫ك َوُيَعّلُمُه عُم اْلِكَتععا َ‬ ‫عَلْيِه عْم َءاَيِت ع َ‬
‫سوًل ِمْنُهْم َيْتُلععو َ‬ ‫ث ِفيِهْم َر ُ‬ ‫َواْبَع ْ‬
‫حِكيعُم )‪129‬إبراهيععم ( ‪،‬‬ ‫ت اْلَعِزيعُز اْل َ‬‫ك َأْنع َ‬‫حْكَمَة َوُيَزّكيِهعْم ِإّنع َ‬
‫َواْل ِ‬
‫سعوًل‬ ‫ث ِفعي اُْلّمّييعنَ َر ُ‬ ‫وهذه استجابة دعائهمعا ) ُهعَو اّلعِذي َبَعع َ‬
‫حْكمَ عةَ‬ ‫ب َواْل ِ‬‫عَلْيِه عْم َءاَيععاِتِه َوُيَزّكيِه عْم َوُيَعّلُمُه عُم اْلِكَتععا َ‬
‫ِمْنُهْم َيْتُلو َ‬
‫ن )‪ 2‬الجمعة (‬ ‫لٍل ُمِبي ٍ‬‫ضَ‬ ‫ن َقْبُل َلِفي َ‬ ‫ن َكاُنوا ِم ْ‬‫َوِإ ْ‬
‫‪332‬‬
‫‪ .4‬وأتى من ربوات القدس ‪ .‬وهي النبوءة التي لم تتحقق لغايععة‬
‫الن ‪ ،‬حيث ل شريعة جديدة ‪ ،‬بل تجديد لشريعة قائمة ‪.‬‬
‫ع والنبوءة الخيرة ُفسّرت على ثلثة أقوال ‪:‬‬
‫• المسلمون ‪ :‬ظهور المهدي وعودة الخلفة السلمية واّتخاذ‬
‫القدس عاصمة لها ‪.‬‬
‫• اليهود ‪ :‬ظهور َمِلك اليهود المنتظر ‪ ،‬الذي سينتصر علععى‬
‫أعداء إسرائيل ‪ ،‬في حرب العالمية النوويععة الثالثععة ‪ ،‬ومععن ثععم‬
‫يحكم العالم إلى البد ‪.‬‬
‫• النصععارى ‪ :‬عععودة عيسععى عليععه السععلم ‪ ،‬ليخّلععص أتبععاعه‬
‫برفعهم فوق السحاب ‪ ،‬عند نشوب تلك الحرب ‪ ،‬ومن ثم يحكم‬
‫العالم مدة ألف عام ‪.‬‬
‫سفر إشعياء ُيخبر عننن نبينننا عليننه الصننلة‬
‫والسلم وعن أمته‬
‫سععاٍر ‪َ ،‬قععاَل ‪:‬‬‫ن َي َ‬ ‫طععاِء ْبع ِ‬‫عَ‬‫عنْ َ‬ ‫مما روى البخاري في صحيحه " َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫عْنُهَمععا ‪ُ ،‬قْلع ُ‬‫ي الُّع َ‬ ‫ضع َ‬‫ص َر ِ‬ ‫ن اْلَعععا ِ‬ ‫عْمعِرو ْبع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ْب َ‬‫عْبَد ا ِّ‬ ‫َلِقيتُ َ‬
‫سّلَم ِفي الّتْوَراِة ‪،‬‬ ‫عَلْيِه َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل‪َ ،‬‬ ‫سوِل ا ِّ‬ ‫صَفِة َر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عْ‬‫خِبْرِني َ‬ ‫َأ ْ‬
‫صعَفِتِه ِفععي‬
‫ض ِ‬ ‫ف ِفي الّتعْوَراِة ‪ِ ،‬بَبْعع ِ‬ ‫صو ٌ‬ ‫ل ِإّنُه َلَمْو ُ‬ ‫جْل ‪َ ،‬وا ِّ‬ ‫َقاَل ‪َ :‬أ َ‬
‫ش عًرا َوَنعِذيًرا ( ‪،‬‬ ‫شععاِهًدا َوُمَب ّ‬ ‫ك َ‬ ‫س عْلَنا َ‬
‫ي ِإّنععا َأْر َ‬‫ن ) َيا َأّيَهععا الّنِبع ّ‬ ‫اْلُقْرآ ِ‬
‫ظ‬
‫س ِبَفع ّ‬‫ك المَتَوّكَل ‪َ ،‬لْيع َ‬ ‫سّمْيُت َ‬‫سوِلي َ‬ ‫عْبِدي َوَر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ن َأْن َ‬‫لّمّيي َ‬ ‫حْرًزا ِل ُْ‬‫َو ِ‬
‫س عّيَئةَ ‪،‬‬
‫س عّيَئِة ال ّ‬
‫ق ‪َ ،‬وَل َيْدَفُع ِبال ّ‬ ‫سَوا ِ‬ ‫ب ِفي اَْل ْ‬ ‫خا ٍ‬ ‫سّ‬‫ظ ‪َ ،‬وَل َ‬ ‫غِلي ٍ‬‫َوَل َ‬
‫جاَء ‪،‬‬ ‫حّتى ُيِقيَم ِبِه اْلِمّلَة اْلَعْو َ‬ ‫ل َ‬‫ضُه ا ُّ‬ ‫ن َيْقِب َ‬ ‫ن َيْعُفو َوَيْغِفُر ‪َ ،‬وَل ْ‬ ‫َوَلِك ْ‬
‫صعّما ‪،‬‬ ‫عْمًيععا ‪َ ،‬وآَذاًنععا ُ‬ ‫ح ِبَها َأعُْيًنا ُ‬ ‫ل ‪َ ،‬وَيْفَت ُ‬ ‫ن َيُقوُلوا َل ِإَلَه ِإّل ا ُّ‬ ‫ِبَأ ْ‬
‫غْلًفا " ‪ .‬وأخرجه أحمد في مسنده ‪.‬‬ ‫َوُقُلوًبا ُ‬
‫‪333‬‬
‫ل ِلِميَقاتَِنععا ‪َ ،‬فَلمّععا‬‫جً‬ ‫ن َر ُ‬ ‫سعْبِعي َ‬‫سععى َقعْوَمُه َ‬ ‫خَتاَر ُمو َ‬ ‫وقال تعالى ) َوا ْ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ن َقْبعُل َوِإّيععا َ‬ ‫ت َأْهَلْكَتُهعْم ِمع ْ‬ ‫شعْئ َ‬ ‫ب َلعْو ِ‬ ‫جَفعُة ‪َ ،‬قععاَل َر ّ‬ ‫خعذَْتُهُم الّر ْ‬ ‫َأ َ‬
‫ضعّل ِبَهععا مَع ْ‬
‫ن‬ ‫ك ‪ُ ،‬ت ِ‬ ‫ي ِإّل ِفْتَنُتع َ‬
‫ن ِهع َ‬ ‫سَفَهاُء ِمّنا ‪ِ ،‬إ ْ‬ ‫َأُتْهِلُكَنا ِبَما َفَعَل ال ّ‬
‫حْمَنععا ‪َ ،‬وَأْن ع َ‬
‫ت‬ ‫غِفْر َلَنا َواْر َ‬ ‫ت َوِلّيَنا ‪َ ،‬فا ْ‬ ‫شاُء ‪َ ،‬أْن َ‬ ‫ن َت َ‬ ‫شاُء َوَتْهِدي َم ْ‬ ‫َت َ‬
‫خَرِة‬ ‫لِ‬ ‫سَنًة َوِفي ا ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ب َلَنا ِفي َهِذِه الّدْنَيا َ‬ ‫ن )‪َ (155‬واْكُت ْ‬ ‫خْيُر اْلَغاِفِري َ‬ ‫َ‬
‫حمَِتععي‬ ‫شععاُء ‪َ ،‬وَر ْ‬ ‫ن َأ َ‬‫ب ِبعِه َمع ْ‬ ‫صععي ُ‬ ‫ععَذاِبي ُأ ِ‬ ‫ك ‪َ ،‬قععاَل َ‬ ‫‪ِ ،‬إّنععا ُهعْدَنا ِإَلْيع َ‬
‫ن ‪َ ،‬وُيْؤُتععونَ الّزَكععاَة ‪،‬‬ ‫ن َيّتُقععو َ‬‫سعَأْكُتُبَها ‪ِ ،‬لّلعِذي َ‬ ‫يٍء ‪َ ،‬ف َ‬ ‫ش ْ‬‫ت ُكّل َ‬ ‫سَع ْ‬ ‫َو ِ‬
‫سععوَل الّنِبعيّ‬ ‫ن الّر ُ‬‫ن َيّتِبُعععو َ‬ ‫ن )‪ (156‬اّلعِذي َ‬ ‫ن ُهْم ِبآَياِتَنا ُيْؤِمُنو َ‬ ‫َواّلِذي َ‬
‫جي عِل ‪،‬‬ ‫عْن عَدُهْم ِفععي الّت عْوَراِة َواْلِْن ِ‬ ‫ج عُدوَنُه َمْكُتوًبععا ِ‬ ‫ي ‪ ،‬اّل عِذي َي ِ‬ ‫اُْلّم ع ّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫طّيَبععا ِ‬‫حعّل َلُهعُم ال ّ‬ ‫ن اْلُمْنَكِر ‪َ ،‬وُي ِ‬ ‫عِ‬ ‫ف ‪َ ،‬وَيْنَهاُهْم َ‬ ‫َيْأُمُرُهْم ِباْلَمْعُرو ِ‬
‫لَل اّلِتععي‬ ‫غَ‬ ‫صعَرُهْم ‪َ ،‬واَْل ْ‬ ‫عْنُهعْم ِإ ْ‬ ‫ضعُع َ‬ ‫ث ‪َ ،‬وَي َ‬ ‫خَبععاِئ َ‬
‫عَلْيِهُم اْل َ‬‫حّرُم َ‬ ‫َوُي َ‬
‫صُروُه َواّتَبُعوا الّنععورَ‬ ‫عّزُروُه َوَن َ‬ ‫ن َءاَمُنوا ِبِه َو َ‬ ‫عَلْيِهْم ‪َ ،‬فاّلِذي َ‬ ‫َكاَنتْ َ‬
‫س ِإّنععي‬ ‫ن )‪ُ (157‬قْل َيَأّيَهععا الّنععا ُ‬ ‫حو َ‬ ‫ك ُهُم اْلُمْفِل ُ‬‫اّلِذي ُأْنِزَل َمَعُه ُأوَلِئ َ‬
‫ض َل ِإَلعَه ِإّل‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫سعَمَوا ِ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫جِميًعا اّلِذي َلُه ُمْل ُ‬ ‫ل ِإَلْيُكْم َ‬‫سوُل ا ِّ‬ ‫َر ُ‬
‫سععوِلهِ الّنِبعيّ اُْلّمعيّ اّلعِذي ُيعْؤِمنُ‬ ‫ل َوَر ُ‬ ‫ت َفآِمُنوا ِبا ِّ‬ ‫حِيي َوُيِمي ُ‬ ‫ُهَو ُي ْ‬
‫سى ُأمٌّة‬ ‫ن َقْوِم ُمو َ‬ ‫ن )‪َ (158‬وِم ْ‬ ‫ِبالِّ َوَكِلَماِتِه َواّتِبُعوُه َلَعّلُكْم َتْهَتُدو َ‬
‫ن )‪ 159‬العراف (‬ ‫ق َوِبِه َيْعِدُلو َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ِباْل َ‬‫َيْهُدو َ‬
‫خاتم النبوة على كتفه واسمه أحمد ‪:‬‬
‫من كتاب ) المنتظم في تاريخ الملوك والمم ( لبي الفرج " عععن‬
‫حسان بن ثابت ‪ ،‬قال ‪ :‬إني لغلٍم يفعة ‪ ،‬ابععن سععبع أو ثمععان ‪ ،‬إذا‬
‫ي بيثرب ‪ ،‬يصرخ ذات غداة ‪ :‬يا معشر يهود ‪ ،‬فلما قععالوا ‪:‬‬ ‫يهود ٌ‬
‫ما لك ‪ ،‬ويلك ! قععال ‪ :‬طلععع نجععم أحمععد ‪ ،‬الععذي ولععد هععذه الليلععة ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فأدركه اليهودي ولم يؤمن به " ‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫من كتاب ) المنتظم ( " أخبرنا أبو الحسن بن البراء قالت آمنة ‪:‬‬
‫… وكان بمكة رجل من اليهود حين ولد ‪ ،‬فلما أصبح ‪ ،‬قال ‪ :‬يععا‬
‫معشر قريش ‪ ،‬هل ولد فيكم مولود ؟ قالوا ‪ :‬ل نعلمه ‪ ،‬قال ‪ :‬ولد‬
‫الليلة نبي العرب ‪ ،‬به شامة بيعن منكعبيه سعوداء فيهعا شععرات ‪،‬‬
‫فرجععع القععوم ‪ ،‬فسععألوا أهليهععم فقيععل ‪ :‬ولععد الليلععة لعبععد المطلععب‬
‫غلم ‪ ،‬فلقوه فأخبروه ‪ ،‬فنظر إليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ذهبت النبوة من بنععي‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬هععذا الععذي سعّره أحبععارهم ‪ ،‬يععا معشععر قريععش ‪ ،‬والع‬
‫ن بكم سطوة ‪ ،‬يخرج نبأها من المشرق إلى المغرب " ‪.‬‬ ‫ليسطو ّ‬
‫" إشعععياء ‪ :2 :9 :‬الشعععب السععالك فععي الظلمععة أبصععر نععورا‬
‫عظيما ‪ ،‬والمقيمون في أرض ظلل المععوت ‪ ،‬أضععاء عليهععم نععور‬
‫عظيم … ‪ :7-6 :9‬لنه ُيولععد لنععا ولععد ‪ ،‬وُيعطععى لنععا ابععن يحمععل‬
‫الرياسة على كتفه ‪ ،‬وُيدعى اسمه عجيبا ‪ُ ،‬مشيرا ‪ ،‬إلها قععديرا ‪،‬‬
‫أبعععا أبعععديا ‪ ،‬رئيعععس السعععلم ‪ ،‬ول تكعععون نهايعععة لنمعععو رياسعععته‬
‫وللسلم ‪ ،‬اللَذْين يسودان عععرش داود ومملكتععه ‪ ،‬لُيثبتهععا بععالحق‬
‫والبّر ‪ ،‬من الن وإلى البد ‪ ،‬إن غيرة الرب ُتتم هذا " ‪.‬‬
‫" إشعياء ‪ :13 :9 :‬إن الشعب لم يرجع تائبععا إلععى مععن عععاقبه ‪،‬‬
‫ول طلب الرب القدير ‪ .‬لذلك سيقطع الرب من إسرائيل ‪ ،‬في يععوم‬
‫واحد الرأس والذنب ‪ ،‬النخل والسل " ‪.‬‬
‫طععم الغصععان‬ ‫" إشعععياء ‪ :34-33 :10 :‬لكععن الععرب القععدير ُيح ّ‬
‫بعنفوان ‪ ،‬فكل ُمتطاول ُيقطع ‪ ،‬وكل ُمتشامخ ُيذّل " ‪.‬‬
‫ع علم اليهود من خلل النص الول ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن نجما عظيما سيظهر عند مولد أحمد ‪،‬‬
‫‪ .2‬ومن النص الثاني أن علمة النبوة ستكون على كتفه ‪،‬‬

‫‪335‬‬
‫‪ .3‬أما اسمه العجيب فعي هعذا الموضعع فوصعفته أقلم الكهنعة ‪،‬‬
‫بمشير وإله وأب ورئيس سلم ‪.‬‬
‫‪ .4‬أمعا رسععالته فتشععمل مشععارق الرض ومغاربهععا ‪ ،‬حعتى قيعام‬
‫الساعة ‪،‬‬
‫‪ .5‬أما إضافة عرش داود ومملكته فهي من أمانيهم وأحلمهم ‪.‬‬
‫‪ .6‬أما النص الثالث والرابع يؤكد انقطاع النبوة وخروجهععا مععن‬
‫بني إسرائيل بمولد هذا النبي ومبعثه ‪.‬‬
‫ع ويعود الكهنة ويسّمون هذا الله بأحمد ‪ ،‬في النص التالي ‪:‬‬
‫" إشعععياء ‪ :3-1 :25 :‬يععا رب أنععت إلهععي ‪ُ ،‬أعظّمععك وأحمععد‬
‫اسمك ‪ ،‬لنك صنعت عجائب كنت قد قضيت بها منذ القدم ‪ ،‬وهعي‬
‫جدك شعععب قععوي ‪ ،‬وتخشععاك مععدن آهلععة‬ ‫حق وصدق … لذلك ُيم ّ‬
‫بأمم فظة لنك كنت حصععنا للبععائس ‪ ،‬وملذا منيعععا للمسععكين فععي‬
‫ل تقيه وهج الحّر … "‬ ‫ضيقه ‪ ،‬وملجأ له من العاصفة ‪ ،‬وظ ّ‬
‫هو ملك البّر ورؤساءه يحكمون بالعدل ‪:‬‬
‫" إشعياء ‪ :1 :32 :‬ها إن ملكا يملك بالبّر ) محمد ( ‪ ،‬ورؤسععاء‬
‫يحكمون بالعععدل ) الخلفععاء ( ‪ ] :2 ،‬ويكععون إنسععان [ ) أي ليععس‬
‫إلها كما صّوره النص السععابق ( كملذ مععن الريععح ‪ ،‬وكملجععأ مععن‬
‫العاصفة ‪ ،‬أو كجداول مياه في صحراء ‪ ،‬أو كظل صخرة عظيمععة‬
‫في أرض جدباء ‪ :3 ،‬عندئذ تنفتح عيون الناظرين وتصععغي آذان‬
‫السامعين ‪ :4 ،‬فتفهم وتعلععم العقععول المتهعّورة ‪ ،‬وتنطععق بطلقععة‬
‫اللسنة الثقيلة ) اُلمّيون ( ‪ ، … .‬حتى تنسععكب علينععا روح مععن‬
‫السععماء ‪ ،‬فتتحععّول البريععة ) الصععحراء ( إلععى مععرج خصععيب ‪،‬‬
‫وُيحسب المرج غابة ‪ ،‬عندئذ يسكن العدل في الصععحراء ‪ ،‬وٌيقيععم‬
‫‪336‬‬
‫البّر في المرج الخصيب ‪ ،‬فيكععون ثمععر الععبّر سععلما ‪ ،‬وفعععل الععبرّ‬
‫سكينة وطمأنينة إلى البد " ‪.‬‬
‫نص آخر " إشعياء ‪ :1 :35 :‬ستفرح الصحراء والقفر الجرد )‬
‫جزيعععرة الععععرب ( ‪ ،‬و تبتهعععج البريعععة وتزهعععر كعععالورد ‪ ،‬تزهعععر‬
‫ازدهارا ‪ ،‬وتبتهج أشّد بهجة ‪ ،‬ويضفي عليها مجععد لبنععان وجلل‬
‫الكرمععل ‪ ،‬ويشععهدون مجععد الععرب وبهععاء إلهنععا ‪ :5 ، … ،‬عنععدئذ‬
‫تبصر عيون العمي ‪ ،‬وتنفتح آذان الصّم ‪ ] :6 ،‬ويقفععز [ العععرج‬
‫كالظبي ‪ ،‬ويترنم لسان البكم فرحا ‪ ،‬إذ تنفجر المياه في البريععة ‪،‬‬
‫وتتدفق الجداول في الصحراء ‪ :7 ،‬و يتحّول السراب إلى واحة ‪،‬‬
‫والرض الظمععأى إلععى جععداول ‪ ، … ،‬حيععث كععانت تععأوي بنععات‬
‫ي‪"…،‬‬ ‫أوى ‪ ،‬ينمو العشب القصب و البرد ّ‬
‫صفة المصطفى عليه الصلة والسلم ‪:‬‬
‫" إشعياء ‪ :1 :42 :‬هو ذا عبدي الذي أعضده ‪ ،‬مختععاري الععذي‬
‫ابتهجت به نفسي ‪ ،‬وضعت روحي عليه ليسوس المععم بالعععدل ‪،‬‬
‫‪ :2‬ل يصيح ول يصععرخ ‪ ،‬ول يرفععع صععوته فععي الطريععق ‪ :3 ،‬ل‬
‫يكسعععر قصعععبة مرضوضعععة ) أي ُيقيمهعععا ( ‪ ،‬ول يطفعععئ فتيلعععة‬
‫] خامدة [ ) أي ُيشعلها ( ‪ ،‬إنما بأمانة ُيجري عععدل ‪ ) ،‬أي أنععه ل‬
‫يسيء إلى الناس ‪ ،‬بل ُيحسن إليهم ( ‪ 4 ،‬ل يكّل ول ُتثّبط له هّمة‬
‫سخ العدل في الرض ‪ ،‬وتنتظععر الجععزائر شععريعته ‪:6 ،‬‬ ‫‪ ،‬حتى ير ّ‬
‫أنععا الععرب قععد دعوتععك بععالّبر ‪ ،‬أمسععكت بيععدك وحععافظت عليععك ‪،‬‬
‫وجعلتك عهععدا للشعععب ونععورا للمععم ‪ :7 ،‬لتفتععح عيععون العمععي ‪،‬‬
‫وتطلق سععراح المأسععورين فععي السععجن ‪ ،‬وتحعّرر الجالسععين فععي‬
‫ظلمة الحبس ‪ :9 ،‬ها النبّوات السععالفة تتحقععق ‪ ،‬وأخععرى جديععدة‬
‫ئ بها قبل أن تحدث ‪" … ،‬‬ ‫ن عنها ‪ ،‬وُأنب ُ‬
‫ُأعل ُ‬
‫‪337‬‬
‫نبي الهدى ُيعّرف بنفسه من خلل التنوراة‬
‫‪:‬‬
‫ي أّيتها الجزائر ‪ ،‬وأصغوا يا شعوب‬ ‫" ‪ " :1-13 :49‬أنصتي إل ّ‬
‫ب وأنا ما زلت جنينععا ‪،‬‬ ‫الرض البعيدة ‪ :‬قد دعاني ) سّماني ( الر ّ‬
‫وذكر اسمي وأنا ما برحت في رحم ُأّمي ‪ ،‬جعل فمي كسيف قاطع‬
‫‪ ،‬وواراني في ظل يديه ‪ ،‬فصنع منععي سععهما مسععنونا ‪ ،‬وأخفععاني‬
‫في جعبتعه ‪ ،‬وقععال لععي ‪ :‬أنعت عبععدي إسعرائيل الععذي بعه أتّمجعد ‪،‬‬
‫ولكنني أجبت ‪ :‬لقد تعبععت بععاطل ‪ ،‬وأفنيععت ق عّوتي سععدى وعبثععا ‪،‬‬
‫ن حقي محفوظ عند الرب ‪ ،‬وُمكافأتي عند إلهي " ‪.‬‬ ‫غير أ ّ‬
‫ع وحعتى يسعتقيم النعص ضعع أحمعد بعدل معن إسعرائيل ‪ ،‬واحعذف‬
‫الكلمات ‪ ،‬التي تحتها خط ‪ ،‬وأقرأ النص من جديععد ‪ ،‬فهععي ليسععت‬
‫جعرٍ‬
‫سعَأْلُتُكْم ِمعنْ َأ ْ‬
‫من قول رسولنا الكريم ( ‪ ،‬وهذا قوله ) ُقعْل َمععا َ‬
‫ل … )‪ 47‬سبأ ( ‪.‬‬ ‫عَلى ا ِّ‬
‫ي ِإّل َ‬
‫جِر َ‬
‫ن َأ ْ‬
‫َفُهوَ َلُكْم ِإ ْ‬
‫الجزيرة العربية ُتشرق بنور رّبها ‪:‬‬
‫"إشعععياء ‪ :1 :60 :‬قععومي استضععيئي ) صععهيون ‪ ،‬والصععل‬
‫الجزيرة العربية ( ‪ ،‬فإن نورك قد جاء ‪ ،‬ومجد الرب أشرق عليك‬
‫‪ :3 … ،‬فتقبععل المععم إلععى نععورك ‪ ،‬وتتوافععد الملععوك فععي إشععراق‬
‫ضياءك ) الحج ( ‪ :15 … ،‬وبعد أن كنت مهجورة وممقوتة ‪ ،‬ل‬
‫يعبر بك أحد ‪ ،‬سأجعلك بهّية إلى البد ‪ ،‬وفععرح كععل الجيععال ‪… ،‬‬
‫‪ :18‬ول يسمع بظلم في أرضك ‪ :21 … ،‬وشعععبك كلهععم أبععرار ‪،‬‬
‫جد‬
‫ويرثون الرض إلى البد ‪ ،‬فهم غصن غرسي وعمل يدي لتم ّ‬
‫‪ :22 ،‬ويضحي أقّلهم ألفا ‪ ،‬وأصغرهم أمة قوية ‪ ،‬أنا الرب ُأسرع‬
‫في تحقيق ذلك في حينه ‪. "… ،‬‬

‫‪338‬‬
‫رسالة السلم وصفة حملتها ‪:‬‬
‫ي ) الوحي ( لن الرب‬ ‫" إشعياء ‪ :1 :61 :‬روح السيد الرب عل ّ‬
‫شععر المسععاكين ‪ ،‬أرسععلني لض عّمد جععراح منكسععري‬ ‫مسععحني ُلب ّ‬
‫القلععوب ‪ ،‬لنععادي للمسععبيين بععالعتق وللمأسععورين بالحريععة ‪:2 ،‬‬
‫خَتَلفَ‬ ‫لُم َوَما ا ْ‬ ‫سَ‬ ‫ن عِْنَد الِّ اِْل ْ‬‫ن الّدي َ‬‫لعلن سّنة الرب المقبولة ) ِإ ّ‬
‫جاَءُهُم اْلِعْلُم َبْغًيا َبْيَنُهْم )‪ 19‬آل‬ ‫ن َبْعِد َما َ‬
‫ب ِإّل ِم ْ‬ ‫ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ‬ ‫اّلِذي َ‬
‫عمععران ( ‪ :7 ، … ،‬وعوضععا عععن عععاركم تنععالون ضعععفين مععن‬
‫جَرُه عمْ‬‫ك ُيْؤَت عْونَ َأ ْ‬ ‫ن )‪ُ (53‬أوَلِئ َ‬ ‫س عِلِمي َ‬
‫ن َقْبِل عِه ُم ْ‬
‫الميراث ) ِإّنا ُكّنا ِم ع ْ‬
‫ب العععدل ‪،‬‬ ‫ن … )‪ 54‬القصععص ( ‪ :8 ،‬لنععي أنععا الععرب ُأح ع ّ‬ ‫َمّرَتْي ع ِ‬
‫جَرُهعْم‬ ‫جِزَيّنُهعْم َأ ْ‬‫وأمقت الختلس والظلم ‪ ،‬وُأكافئهم بأمانة ) َوَلَن ْ‬
‫ن )‪ 97‬النحل ( ‪ ،‬وأقطع معهم عهععدا أبععديا‬ ‫ن َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ‬ ‫سِ‬ ‫ح َ‬‫ِبَأ ْ‬
‫‪ :9 ،‬وتشتهر ذريتهم بين المم ‪ ،‬ونسلهم وسععط الشعععوب ‪ ،‬وكععل‬
‫جوِد َذِلعكَ‬ ‫سع ُ‬‫ن َأَثعِر ال ّ‬ ‫جععوِهِهْم ِمع ْ‬
‫سيَماُهْم ِفي ُو ُ‬ ‫من يراهم يعرفهم ) ِ‬
‫َمَثُلهُْم ِفي الّتْوَراِة ( ‪ ،‬وُيقّر أنهم شعععب بععاركه الععرب ‪:11 ، … ،‬‬
‫كما تنبت الرض مزروعاتها ‪ ،‬والحديقععة تخععرج نباتاتهععا ‪ ،‬هكععذا‬
‫السيد الرب ينبت البّر والتسبيح ‪ ،‬ينبتان أمععام كععل المععم ) َكعَزْرعٍ‬
‫ب العّزّراعَ‬ ‫جع ُ‬‫سععوِقِه ُيْع ِ‬ ‫عَلعى ُ‬ ‫سَتَوى َ‬ ‫ظ َفا ْ‬
‫سَتْغَل َ‬‫طَأُه َفآَزَرُه َفا ْ‬ ‫شْ‬
‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫َأ ْ‬
‫ظ ِبِه عُم اْلُكّفععاَر ( ‪ :1 :62 ،‬إكرامععا لصععهيون ) هععذه إحععدى‬ ‫ِلَيِغي ع َ‬
‫تحريفععاتهم ‪ ،‬والصععل إكرامععا لخيععر أمععة ُأخرجععت للنععاس ( ‪ ،‬ل‬
‫أصعععمت ‪ ،‬و… ل أسعععتكين ‪ ] ،‬حعععتى يخعععرج بّرهعععا كضعععياء ‪،‬‬
‫ك وكعّل الملعوك‬ ‫وخلصها كمصعباح ُمتقعد [ ‪ :2 ،‬فعترى المعم ِبعّر ِ‬
‫سعّماُكُم‬‫مجدك ‪ ،‬وتدعين باسم جديد يطلقه عليععك فععم الععرب ) ُهعَو َ‬
‫ن َقْبُل )‪ 78‬الحج ( ‪.‬‬ ‫ن ِم ْ‬‫سِلِمي َ‬‫اْلُم ْ‬

‫‪339‬‬
‫انتشار رسالة السلم بين المننم ‪ ،‬وصننفة‬
‫جاج بيت الله الحرام ‪:‬‬ ‫مجيء ح ّ‬
‫" إشعياء ‪ :20-18 :66 :‬ولني عالم بأعمالهم وأفكارهم ‪ ،‬فأنععا‬
‫ُمزمععع أن آتععي لجمععع كععل المععم واللسععنة ‪ ،‬فيتوافععدون ويععرون‬
‫مجععدي ‪ ،‬وأجعععل بينهععم آيععة ‪ ،‬وأبعععث بعععض النععاجين منهععم إلععى‬
‫المم ‪ ،‬إلى ترشيش وفول ولود ‪ ،‬المهرة في رمي السهام ‪ ،‬وإلى‬
‫توبعععال ويعععاوان ‪ ،‬وإلعععى الجعععزائر البعيعععدة ‪ ،‬ممعععن لعععم يسععمعوا‬
‫بشعععهرتي ‪ ،‬أو يعععروا مجعععدي ‪ ،‬فيعععذيعون مجعععدي بيعععن المعععم ‪.‬‬
‫وُيحضرون جميع أخوتكم من سعائر المعم ‪ ،‬تقدمعة للعرب ‪ ،‬علعى‬
‫متون الجياد ‪ ،‬وفي المركبععات والهععوادج ‪ ،‬وعلععى ظهععور البغععال‬
‫وأسنمة الجمال ‪ ،‬إلى أورشليم جبل قدسي " ‪.‬‬
‫شْيًئا‬
‫شِركْ ِبي َ‬ ‫ن َل ُت ْ‬ ‫ت ‪َ ،‬أ ْ‬
‫ن اْلَبْي ِ‬
‫قال تعالى ) َوِإْذ َبّوْأَنا ِلْبَراِهيَم َمَكا َ‬
‫ن ِفي‬ ‫جوِد )‪َ (26‬وَأّذ ْ‬ ‫سُ‬ ‫ن َوالّرّكِع ال ّ‬ ‫ن َواْلَقاِئِمي َ‬‫طاِئِفي َ‬
‫ي ِلل ّ‬ ‫طّهْر َبْيِت َ‬
‫‪َ ،‬و َ‬
‫ن ُكّل َفجّ‬ ‫ن ِم ْ‬
‫ضاِمٍر ‪َ ،‬يْأِتي َ‬
‫عَلى ُكّل َ‬ ‫جاًل ‪َ ،‬و َ‬ ‫ك ِر َ‬‫ج ‪َ ،‬يْأُتو َ‬ ‫حّ‬‫الّناسِ ِباْل َ‬
‫ق )‪ 27‬الحج (‬ ‫عِمي ٍ‬‫َ‬
‫وهب بن منبه ُيجمل ما تفّرق مننن نصننوص‬
‫التوراة ‪:‬‬
‫وقارن كل ما تقّدم مع ما قاله وهب بن منبه أحد ُمسلمي اليهود ‪،‬‬
‫حيث أجمل كل هذه النبوءات في هذا النص من كتاب ) المنتظم (‬
‫لبي الفرج " قال وهب بن منبه ‪ :‬أوحى ال تعالى إلى إشعععياء ‪،‬‬
‫إني ُمبعث نبيا أمّيا ‪ ،‬أفتح به آذانا صععما ‪ ،‬وقلوبععا غلفععا ‪ ،‬وأعينععا‬
‫عميا ‪ ،‬مولده بمكة ومهاجره طيبة ) المدينة المنععورة ( ‪ ،‬وملكععه‬
‫بالشععام ‪ ،‬عبععدي المتوكععل المرفععوع الحععبيب المجيععب ‪ ،‬ل يجععزي‬
‫بالسيئة السيئة ‪ ،‬ولكن يعفو ويصفح ‪ ،‬ويغفر بالمؤمنين ‪ ،‬وليس‬
‫‪340‬‬
‫بفظ ول غليظ ‪ ،‬ول صععخاب فععي السععواق ‪ ،‬ول مععتزّين بععالفحش‬
‫ول قّوال ‪ُ ،‬أسّدده لكل جميل ‪ ،‬وأهب له كععل خلععق كريععم ‪ ،‬وأجعععل‬
‫السععكينة لباسععه ‪ ،‬والععبّر شعععاره ‪ ،‬والتقععوى والحكمععة مقععولته ‪،‬‬
‫والصدق والوفاء طبيعته ‪ ،‬والعفو والمغفععرة والمعععروف خلقععه ‪،‬‬
‫والعدل والحق شريعته ‪ ،‬والهدى إمامه ‪ ،‬والسلم ملته ‪ ،‬وأحمد‬
‫اسمه ‪ ،‬أهدي به بعد الضللة ‪ … ،‬بععه بعععد الجهالععة ‪ ،‬وُأكععثر بععه‬
‫بعد القلة ‪ ،‬وأغنعي بععه بعععد العيلععة ‪ ،‬وأجمعع بععه بعععد الفرقععة بيععن‬
‫قلوب مختلفة ‪ ،‬وأهواء متشتتة ‪ ،‬وأمم متفرقة ‪ ،‬أجعل أمته خيععر‬
‫أمة أخرجت للناس ‪ ،‬تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ‪ ،‬توحيدا‬
‫لي ‪ ،‬وإيمانا بي ‪ ،‬وإخلصا لي ‪ ،‬وتصديقا لمععا جععاء بععه رسععلي ‪،‬‬
‫وهم دعاة الشمس ) النور ( ‪ ،‬طوبى لتلك القلوب " ‪.‬‬
‫وة أحمنند عليننه الصننلة‬ ‫اليهننود ينكننرون نب ن ّ‬
‫والسلم حسدا وبغيا ‪:‬‬
‫من كتاب ) المنتظم ( " عن عاصم بن عمر عن قتادة عععن رجععل‬
‫من قومه ‪ ،‬قال ‪ :‬إن مما دعانا إلى السلم ‪ ،‬مع رحمة ال ع إيانععا‬
‫وهداه ‪ ،‬لما كنا نسمع مععن يهععود ‪ ،‬كنععا أصععحاب أوثععان ‪ ،‬وكععانوا‬
‫أهععل كتععاب ‪ ،‬عنععدهم علععم ليععس عنععدنا ‪ ،‬وكععانت ل تععزال بيننععا‬
‫وبينهم ‪ ،‬فإذا نلنا منهم بعععض مععا يكرهععون ‪ ،‬قععالوا لنععا ‪ :‬إنععه قععد‬
‫تقارب زمان نبي يبعث الن ‪ ،‬فنقتلكم معه قتععل عععاد وإرم ‪ ،‬وكنععا‬
‫كثيرا ما نسمع ذلك منهم ‪ ،‬فلما بعثه ال عز وجل ‪ ،‬أجبنععاه حيععن‬
‫دعانا إلى ال ‪ ،‬وعرفنا ما كانوا يتّوعدونا به ‪ ،‬فبادرنععاهم إليععه ‪،‬‬
‫جعاَءُهمْ‬ ‫وآمنا وكفروا ‪ ،‬ففينا وفيهععم ‪ ،‬نزلعت هععذه اليعات ) َوَلمّععا َ‬
‫حونَ‬ ‫س عَتْفِت ُ‬
‫ن َقْب عُل َي ْ‬
‫ق ِلَما َمَعُه عْم َوَكععاُنوا ِم ع ْ‬
‫صّد ٌ‬
‫ل ُم َ‬
‫عْنِد ا ِّ‬
‫ن ِ‬
‫ِكَتابٌ ِم ْ‬

‫‪341‬‬
‫ل عََلععى‬‫عَرُفوا َكَفُروا ِبِه َفَلْعَنُة ا ِّ‬
‫جاَءُهْم َما َ‬
‫ن َكَفُروا َفَلّما َ‬
‫عَلى اّلِذي َ‬
‫َ‬
‫ن )‪ 89‬البقرة ( " ‪.‬‬ ‫اْلَكاِفِري َ‬
‫من كتاب ) المنتظم ( " وعن عاصم عن شيخ من بنععي قريظععة ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬قال لي ‪ :‬هل تدرون عّما كان إسلم ثعلبة بععن سعععيد وأسععد‬
‫بن عبيد ‪ ،‬نفر من بني ذهل أخوة بني قريظععة ‪ ،‬كععانوا معهععم فععي‬
‫جاهليتهم ‪ ،‬كانوا ساداتهم فععي السععلم ‪ ،‬قععال ‪ :‬قلععت ‪ :‬ل أدري ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فإن رجل من يهود من أهل الشام ‪ُ ،‬يقال لععه ابععن الهيبععان ‪،‬‬
‫قدم علينا قبععل السععلم بسععنين ‪ ،‬فحعّل بيععن أظهرنععا ‪ ،‬ل والع مععا‬
‫رجل قط ‪ ،‬كان يصلي الخمس أفضل منه ‪ ،‬فأقام عندنا ‪ ،‬فكّنععا إذا‬
‫قحط عنا المطر ‪ ،‬قلنا اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنععا ‪ ،‬فيقععول‬
‫ل وال ‪ ،‬حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة له ‪ ،‬فنقول ‪ :‬كم ؟‬
‫فيقول ‪ :‬صاعا من تمر أو ُمّدين من شعير ‪ ،‬قال ‪ :‬فُيخععرج ذلععك ‪،‬‬
‫ثم يخرج بنا إلى حّرتنا ‪ ،‬فيستسقي لنا ‪ ،‬فوال ما يبرح مجلسه ‪،‬‬
‫حتى يمر السحاب ويسقي ‪ ،‬قد فعل ذلك غير مععرة ول مرتيععن ول‬
‫ثلثا ‪ ،‬قال ‪ :‬ثم حضععرته الوفععاة عنععدنا ‪ ،‬فلمععا عععرف أنععه ميععت ‪،‬‬
‫قععال ‪ :‬يععا معشععر يهععود ‪ ،‬مععا ترونععه أخرجنععي مععن أرض الخمععر‬
‫والخمير ‪ ،‬إلى أرض الجوع والبؤس ‪ ،‬قالوا ‪ :‬قل لنا أنت ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فإني إنما جئت هذه البلدة ‪ ،‬أتّوكف خروج نبي قد أظّلكعم زمعانه ‪،‬‬
‫هذه البلدة مهاجره ‪ ،‬فكنت أرجععو أن ُأدركععه فععأتبعه ‪ ،‬وقععد أظّلكععم‬
‫زمانه ‪ ،‬فل يسععبقّنكم أحععد إليععه ‪ ،‬يععا معشععر اليهععود ‪ ،‬فععإنه ُيبعععث‬
‫يسفك ويسبي العذراري والنسعاء ممعن خعالفه ‪ ،‬فل يمنعّنكععم ذلعك‬
‫منه ‪ ،‬فلما بعث ال رسوله … بني قريظة ‪ ،‬قال هععؤلء الفتيععة ‪،‬‬
‫وكانوا شبابا أحداثا ‪ ،‬يا بني قريظة ‪ ،‬وال إنععه الععذي عهععد إليكععم‬
‫فيه ابن الهيبان ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ليس به ‪ ،‬قععالوا ‪ :‬بلععى والع ‪ ،‬إنعه لهععو‬
‫بصفته ‪ ،‬فأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهاليهم " ‪.‬‬
‫‪342‬‬
‫من كتاب ) المنتظم ( " عن ابن عباس قال ‪ :‬كانت يهععود قريظععة‬
‫والنضير وفدك وخيبر ‪ ،‬يجدون صفة النبي قبيععل أن ُيبعععث ‪ ،‬وأن‬
‫دار مهاجره المدينة ‪ ،‬فلما ُولد رسول ال ع ‪ ،‬قععالت أحبععار اليهععود‬
‫ولد أحمد الليلة ‪ ،‬هذا الكوكب طلع ‪ ،‬فلما تنّبأ ‪ ،‬قالوا تنبععأ أحمععد ‪،‬‬
‫قد طلع الكوكب ‪ ،‬كانوا يعرفون ذلك ‪ ،‬وُيقعّرون بععه ‪ ،‬ومععا منعهععم‬
‫من اّتباعه ‪ ،‬إل الحسد والبغي " ‪.‬‬
‫كان هذا عرضا لبعععض مععن نبععوءات التععوراة ‪ ،‬الععتي تحّققععت فععي‬
‫الماضي ‪ ،‬وعرضا لكيفية فهمهم لشاراتها ورموزها وتفسععيرهم‬
‫لهععا ‪ .‬وفيمععا يلععي سععنبدأ بعععرض أغلععب نبععوءاتهم المسععتقبلية ‪،‬‬
‫والتفسعيرات المعاصعرة لهعا ‪ ،‬معن العرواد الغربيعون معن اليهعود‬
‫والنصارى ‪ ،‬مع التعقيب عليها أحيانا ‪.‬‬
‫نبوءات المننرة الولننى والثانيننة فنني سننفر‬
‫ارميا‬
‫المرة الولى وما بعدها ‪:‬‬
‫" ارميععا ‪ :3 :25 :‬علععى مععدى ثلث وعشععرين سععنة ‪ ،‬والععربّ‬
‫ي بكلمته ‪ ،‬فخاطبتكم بها ‪ ،‬ولكنكععم لععم تسععمعوا ‪:5 … ،‬‬ ‫يوحي إل ّ‬
‫وقد قالوا لكم ) النبياء ( ‪ :‬توبععوا الن ليرجععع كععل واحععد منكععم ‪،‬‬
‫طرِقععه الش عّريرة ‪ ،‬وممارسععاته الثيمععة ‪ :6 … ،‬ول تضععلوا‬ ‫عععن ُ‬
‫ى ‪ :7 ،‬غيععر أنكععم لععم‬
‫وراء آلهة أخرى … عندئذ ل ُأنععزل بكععم أذ ً‬
‫تسمعوا لي ‪ ،‬بل أثرتم غيظي بما جنته أيععديكم ‪ ،‬فاسععتجلبتم علععى‬
‫أنفسععكم الشععّر ‪ :8 ،‬لععذلك يقععول الععرب القععدير ‪ :‬لنكععم عصععيتم‬
‫كلمي ‪ :9 ،‬فها أنا ُأجّند جميع قبائل الشمال ‪ ،‬بقيادة نبوخذ نصر‬
‫عبدي ‪ ،‬وآتي بها إلى هذه الرض ‪ ،‬فيجتاحونها ويهلكون جميععع‬
‫سّكانها ‪ ،‬مع سععائر المععم المحيطععة بهععا ‪ ،‬وأجعلهععم مثععار دهشععة‬
‫‪343‬‬
‫وصفير ‪ ،‬وخرائب أبدية ‪ :10 ،‬وُأبيععد مععن بينهععم أهازيععج الفععرح‬
‫والطرب ‪ … ،‬وضجيج الرحى ونور السراج ‪ :11 ،‬فتصبح هععذه‬
‫الرض بأسععرها قفععرا خرابععا ‪ ،‬وُتسععتعبد هععذه المععم لملععك بابععل ‪،‬‬
‫طوال سبعين سنة ‪ :12 ،‬وفي ختععام السععبعين سععنة ُأعععاقب ملععك‬
‫بابل وأّمته ‪ ،‬وأرض الكلدانيين على إثمهم ‪ ،‬وُأحولها إلى خععراب‬
‫أبديّ ‪ ،‬يقععول الععرب ‪ :13 ،‬وُأنّفععذ فععي تلععك الرض ‪ ،‬كععل القضععاء‬
‫الذي نطقت به عليهععا ‪ ،‬كعّل مععا دّون فععي هععذا الكتععاب ‪ ،‬وتنبععأ بععه‬
‫ن أممعا كعثيرة وملوكعا عظمعاء‬ ‫إرميا على جميع المععم ‪ :14 ،‬إذ أ ّ‬
‫يستعبدونهم أيضا ‪ ،‬وهكذا ُأجازيهم بمقتضى أفعالهم ‪ ،‬وما جنتععه‬
‫أيديهم من أعمال أثيمة " ‪.‬‬
‫عع نععص النبععوءة فععي هععذه الفقععرة ‪ ،‬بالمقارنععة مععع نععص النبععوءة‬
‫الصلي في سفر التثنية ‪ ،‬هععو محعض افععتراء وتزويععر ‪ ،‬فالكععاتب‬
‫في الواقع يسرد تاريخا لحداث بعد وقوعهععا ‪ ،‬يحعّدد فيععه أسعماء‬
‫وأمكنة وأزمنة ‪ ،‬مع أنه يحكيها بصيغة المستقبل ‪ ،‬وفعي النهايعة‬
‫يسكب بعضا من حقده الدفين ‪ ،‬على بابل وأهلهععا ‪ ،‬فاضععحا الثععر‬
‫النفسععي الععذي كععان يعععتريه عنععد كتابتهععا ‪ ،‬وهععذا يؤكععد أنّ هععذا‬
‫النص ‪ُ ،‬أعيدت كتابته بالضافات ‪ ،‬من قبل مؤلفي التععوراة ‪ ،‬بعععد‬
‫السبي البابلي ‪ ،‬فمثل سععفر إشعععياء ‪ ،‬يقععول بععأن الطععائر الجععارح‬
‫سيأتي من المشرق ‪ ،‬وسفر إرميععاء يقععول أن نبوخععذ نصععر يععأتي‬
‫من الشمال ‪ ،‬وفي الحقيقة ‪ ،‬ربمععا يكععون كل المريععن بنععاًء علععى‬
‫نصوص التوراة صحيح ‪ ،‬ليكون خروج نبوخذ نصر مععن الشععرق‬
‫) بابععل ( ‪ ،‬وغععزوه لمملكتهععم مععن الشععمال ) حمععاة ( ‪ ،‬أمععا جهععة‬
‫المخرج في المرة الولى ‪،‬لم تكن معروفة إل بعد تحقععق البعععث ‪،‬‬
‫فلذلك كانت الفقرة السابقة سردا تاريخيا ‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫المرة الثانية وما بعدها ‪:‬‬
‫" ارميععا ‪ :3 :30 :‬هععا أيععام مقبلععة أرّد فيهععا سععبي شعععبي … ‪،‬‬
‫وأعيععدهم إلععى الرض الععتي أعطيتهععا لبععائهم فيرثونهععا ‪ ) ،‬ثععم‬
‫يقععول ( ‪ :‬سعمعنا صععراخ رعععب ‪ ،‬عععم الفععزع وانقععرض السععلم ‪،‬‬
‫… ‪ ،‬ما أرهب ذلك اليوم ‪ ،‬إذ ل مثيل له ‪ ،‬هععو زمععن ضععيق علععى‬
‫ذرية يعقوب ‪ ،‬ولكنها ستنجو ‪ ،‬في ذلك اليوم ‪ ،‬يقول الرب القدير‬
‫طهععم ) أي أرفععع قيععود العبوديععة‬ ‫طم أنيار أعنععاقهم وأقطععع ُرب َ‬ ‫‪ُ :‬أح ّ‬
‫والذل عنهم ( فل يستعبدهم غريب فيما بعععد ‪ ،‬بععل يعبععدون الععرب‬
‫إلههععم ‪ ،‬وداود ملكهععم الععذي ُأقيمععه عليهععم ‪ … ،‬فيرجععع نسععل‬
‫ن ويستريح ‪ ،‬من غيععر أن ُيضععايقه أحععد ‪، … ،‬‬ ‫إسرائيل ‪ ،‬ويطمئ ّ‬
‫ك بينهععا ‪ ،‬أّم أنععت فل ُأفنيععك ُأوّدبععك‬‫فُأبيعُد جميععع المععم الععتي شعّتت َ‬
‫جه‬‫بعععالحق ‪ ،‬ول ُأبعععّرئك تعععبرئة كاملعععة ‪ ) ، … ،‬الخطعععاب معععو ّ‬
‫لورشليم ( إن جرحك ل شفاء له ‪ ،‬وضربتك ل علج لهععا ‪ ،‬إذ ل‬
‫يوجد من يدافع عن دعواك ‪ ، … ،‬قد نسيك محّبععوك ‪ ،‬وأهملععوك‬
‫ب مبغ ع ٍ‬
‫ض‬ ‫ك عقععا َ‬‫ب عدّو ‪ ،‬وعاقبت ِ‬ ‫إهمال ‪ ،‬لني ضربتك كما ُيضر ُ‬
‫قاسٍ ‪ ،‬لن إثمععك عظيعٌم وخطايععاك متكععاثرة ‪ ، … ،‬لهععذا أوقعتععك‬
‫بالمحن ‪ ،‬ولكن سيأتي يوم ُيفترس فيه جميع ُمفترسيك ‪ ،‬ويذهب‬
‫جميع مضايقيك إلى السبي ‪ ،‬ويصبح ناهبيك منهوبين ‪ ،‬لني أرّد‬
‫لك عافيتك وُأبرئ جراحك " ‪.‬‬
‫ع هذه الفقرة تتحعدث عععن المععرة الثانيععة وعقععابهم الثعاني ‪ ،‬وهعذا‬
‫النص منقول كامل ‪ ،‬مععع حععذف بعععض العبععارات الععزائدة كعبععارة‬
‫يقول الرب أو ما شابه ‪ ،‬فانظر ماذا أضافوا إليهععا ‪ ،‬لقععد أضععاعوا‬
‫الحقيقة ‪ ،‬وظلموا أجيالهم القادمة من حيععث ل يعلمععون ‪ ،‬فكععذبوا‬
‫الكذبععة وصععّدقها أبنععائهم ‪ ،‬وأصععبحت مععن صععميم معتقععداتهم ‪،‬‬
‫فالمعاصرين من اليهود والنصارى ‪ ،‬يتعاملون مععع كععل نصععوص‬
‫‪345‬‬
‫التوراة ‪ ،‬بغثها وسععمينها ‪ ،‬علععى أنهععا مععن عنععد الع ‪ ،‬ول مجععال‬
‫لتكععذيبها ‪ .‬ومععا ُأضععيف إلععى هععذه النبععوءة المسععتقبلية ‪ ،‬كمععا‬
‫يعتبرونها هم ‪ ،‬هو كل ما تحته خط ‪ .‬وأخطر ما في هذه الضععافة‬
‫‪ ،‬هو تفسيرهم المعاصر لها ‪.‬‬
‫نبوءات حزقيال المستقبلية‬
‫سععبوا إلععى‬
‫حزقيال هو ثالث النبياء الكبار ‪ ،‬ويقال أنه أحد الععذين ُ‬
‫بابل ‪ ،‬ويحتوي كتابه على كثير من النبععوءات المسععتقبلية ‪ ،‬فيمععا‬
‫يخص عودة اليهود الثانية ‪ ،‬وأحداث آخر الزمان وما سيقع فيها‬
‫من حروب ‪ ،‬وهذا الكتاب وما يأتي بعده في الععترتيب ‪ ،‬مععن كتععب‬
‫أنبياء التوراة ‪ ،‬أصبح مادة دسمة للباحثين في القععرن الماضععي ‪،‬‬
‫فيمععا يتعّلععق بأحععداث آخععر الزمععان ‪ ،‬كنهايععة اليهععود ‪ ،‬والحععرب‬
‫والعالمية الثالثة ‪ ،‬وظروفها ‪ ،‬ونتائجها ‪ ،‬وعودة المسيح الثانيععة‬
‫إلعى الرض ‪ ،‬وفيمعا يلعي ععرض لنبعوءاته حسعب تسلسعلها فعي‬
‫التوراة ‪ ،‬الذي كما يبدو حافظ عليه كتبة التوراة ‪.‬‬
‫تأكيد الوعد بالعقاب وتبيان أسبابه وغاياته‬
‫‪:‬‬
‫" حزقيععال ‪ :5 :5 :‬هععذه هععي أورشععليم الععتي أقمتهععا فععي وسععط‬
‫الشعوب … ‪ ،‬فخالفت أحكامي بأشّر مما خالفتها المععم … لععذلك‬
‫من حيث أنكم تمّردتم أكثر من المم المحيطة بكععم ‪ ، … ،‬هععا أنععا‬
‫أنقلب عليك يا أورشليم ‪ ،‬وأجري عليععك قضععاء علععى مشععهد مععن‬
‫المم ‪ ،‬فأصنع بك ما لم أصنعه من قبل ‪ ،‬وما لم أصععنع مثلععه مععن‬
‫بعد ‪ ،‬عقابا لك على جميع أرجاسك ‪ ، … ،‬فأنا أيضععا أستأصععل ‪،‬‬
‫س عّكانك يموتععون بالوبععأ‬
‫ول تترأف عليك عيني ول أعفو … ُثلث ُ‬
‫ن ُيقتل حولك بالسيف ‪ ،‬وُثلث أخير‬ ‫والجوع في وسطك ‪ ،‬وُثلث ثا ٍ‬
‫‪346‬‬
‫ُأشّتته بين المععم ‪ ،‬وأتعقبععه بسععيف مسععلول ‪ ،‬وهكععذا ُأنّفععس عععن‬
‫غضبي ‪ ،‬ويخمد سخطي ‪ ،‬إذ أكون قد انتقمت … وأجعلك خرابععا‬
‫وعارا بين المم … أنا الرب قد قضيت " ‪.‬‬
‫ع هذا النص يؤكد مقتل ثلثي اليهود ‪ ،‬وشتات ثلث سيكون عرضة‬
‫للقتل والتنكيل والضطهاد ‪.‬‬
‫نننزول العقنناب ببننني إسننرائيل فنني جميننع‬
‫مواطن إقامتهم ‪:‬‬
‫" حزقيال ‪ :3 :6 :‬ها أنا أجلب عليكم سععيفا وأهععدم مرتفعععاتكم ‪،‬‬
‫فتصععبح مععذابحكم أطلل ‪ ، … ،‬وأطععرح قتلكععم أمععام أصععنامكم ‪،‬‬
‫وُألقي جثث أبناء إسععرائيل أمععام أوثععانهم ‪ ،‬وأذري عظععامهم حععوا‬
‫مذابحكم ‪ ،‬وحيثما ُتقيمون تتحول ُمععدنكم إلععى أطلل ‪ … ،‬يمععوت‬
‫البعيعععد بالوبعععأ ‪ ،‬والقريعععب يصعععرعه السعععيف ‪ ،‬والبعععاقي منهعععم‬
‫والُمحاصر تقضي عليهم المجاعة ‪ ، … ،‬وأمعّد يععدي عليهععم فععي‬
‫جميع مواطن إقامتهم " ‪.‬‬
‫ع هنا يؤكد نزول العقاب بهم على اختلف أمكنة إقامتهم ‪ ،‬ويؤكععد‬
‫بأن مدنهم التي يتواجدون فيها ستصبح خرابا ‪.‬‬
‫شدة العقاب وآثاره النفسننية علننى البقيننة‬
‫الناجية ‪:‬‬
‫" حزقيال ‪ :15 :7 :‬السيف ُمسّلط من الخارج ‪ ،‬والوبأ والجععوع‬
‫مععن الععداخل … أمععا النععاجون منهععم ‪ ،‬فيلععوذون بالجبععال كحمععام‬
‫الوديععة ‪ ،‬يبكععي كععل واحععد منهععم علععى إثمععه ‪ ،‬جميععع اليععدي‬
‫مسععترخية ‪ ،‬وكععّل الركععب مائعععة كالميععاه ‪ ،‬يتلفعععون بالمسععوح‬
‫) الملبس الخشنة ( ‪ ،‬ويغشاهم الرعب ‪ ،‬ويكسو العار وجععوههم‬
‫‪347‬‬
‫جميعا ‪ ،‬ويطغى الق عَرع ) الصععلع ( علععى رؤوسععهم ‪ .‬ويطرحععون‬
‫ضتهم في الشوارع ‪ ،‬ويضحي ذهبهم نجاسععة ‪ ،‬وتعجععز فضععتهم‬ ‫ف ّ‬
‫وذهبهم عن إنقاذهم في يوم غضب الرب " ‪.‬‬
‫الوعد بالعودة إلى فلسطين من الشتات ‪:‬‬
‫" حزقيال ‪ 14 :11 :‬ثم أوحى الرب إليّ بكلمته ‪ ،‬قائل ‪ :‬يععا ابععن‬
‫آدم ‪ ،‬قل لخوتك وأقربائك وسععائر شعععب إسععرائيل ‪ ،‬فععي الشععتات‬
‫معك ‪ ،‬الذين قال لهم سكان أورشليم ‪ :‬ابتعدوا عن الرب ‪ ،‬لنا قد‬
‫وهبععت هععذه الرض ميراثععا ‪ .‬ولكععن إن كنععت ‪ ،‬قععد فّرقتهععم بيععن‬
‫المم ‪ ،‬وشّتتهم بين البلد ‪ ،‬فإني أكون لهم َمقِدسععا صععغيرا ‪ ،‬فععي‬
‫الراضي التي تبّددوا فيهععا ‪ .‬لععذلك قععل لهععم ‪ :‬سععأجمعكم مععن بيععن‬
‫الشعوب ‪ ،‬وأحشععدكم مععن الراضععي الععتي ش عّتتكم فيهععا ‪ ،‬وأهبكععم‬
‫أرض إسععرائيل ‪ .‬وعنععدما ُيقبلععون إليهععا ينععتزعون منهععا جميععع‬
‫أوثانهععا الممقوتععة ورجاسععاتها ) أي الحسععان والصععلح بععترك‬
‫أوثععانهم وأرجاسععهم ‪ ،‬ولكنهععم عملععوا ويعملععون علععى انععتزاع‬
‫الفلسطينيين وهدم أوثانهم المقدسة ( ‪ ،‬أعطيهم جميعا قلبا واحدا‬
‫‪ ،‬وأجعععل فععي دواخلهععم روحععا جديععدا ‪ ،‬وأنععزع قلععب الحجععر مععن‬
‫لحمهم ‪ ،‬وأستبدله بقلب مععن لحععم ‪ ،‬لكععي يسععلكوا فععي فرائضععي ‪،‬‬
‫ويطيعوا أحكامي ويعملوا بها ‪ ،‬ويكونون لي شعبا وأنا أكون لهم‬
‫إلها ‪ .‬يقول السّيد الرب ‪ :‬أّما الععذين ضعّلت قلععوبهم وراء أوثععانهم‬
‫طُرقهععم علععى رؤوسععهم‬ ‫ورجاساتهم ‪ ،‬فإني أجعلهم يلَقْون عقععاب ُ‬
‫) فإن أحسنوا فلها وإن أساءوا فعليها ( " ‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫الحث على الحسان والتوبة والرجوع إلننى‬
‫الله ‪ ،‬لنها السبيل الوحيد للنجاة ‪:‬‬
‫" حزقيال ‪ :32-29 :18 :‬يقول السععيد الععرب ‪ :‬ومععع ذلععك يقععول‬
‫ن طريق الرب غير عادلة ‪ ،‬أطرقي غيععر عادلععة يععا‬ ‫بيت إسرائيل إ ّ‬
‫جععة ؟! لععذلك ُأدينكععم يععا‬
‫بيت إسرائيل ؟! أليست طرقكععم هععي المعو ّ‬
‫طُرقعه ‪ .‬يقعول السعيد العرب ‪:‬‬ ‫شعب إسرائيل ‪ ،‬كل واحد بُمقتضعى ُ‬
‫توبوا وارجعوا عن ذنوبكم كّلها ‪ ،‬فل يكون لكم الثم معثرة هلك‬
‫‪ .‬اطرحوا عنكم كل ذنوبكم ‪ ،‬واحصلوا لنفسععكم علععى قلععب جديععد‬
‫وروح جديععدة ‪ ،‬فلمععاذا تموتععون يععا شعععب إسععرائيل ؟! إذ ل ُأسعّر‬
‫بموت أحد ‪ ،‬فتوبوا واحيوا " ‪.‬‬
‫ع ع يؤكععد النععص علععى فسععادهم علععى الععدوام ‪ ،‬وأنهععم ل يعععترفون‬
‫بذلك ‪ ،‬بل يّدعون بأن الرب غيععر عععادل بعقععابهم علععى فسععادهم ‪،‬‬
‫ضهم النص على التوبة والعودة ‪ ،‬وُيح عّذرهم مععن الهلك‬ ‫كما ويح ّ‬
‫إن لم يفعلوا ‪.‬‬
‫ذكر المرتين وعقابهما بشكل رمزي ‪:‬‬
‫" حزقيععال ‪ :9-1 :19 :‬أمععا أنععت فاتععُل مرثععاة علععى رؤسععاء‬
‫إسرائيل ‪ ،‬وقل ‪ :‬ماذا كععانت أمععك ؟! لبععؤة ربضععت بيععن السععود ‪،‬‬
‫ورّبت جراءها بيععن الشععبال ‪ ،‬حععتى إذا كُبععر أحععد جرائهععا وصععار‬
‫شبل ) الولى ( ‪ ،‬وتعّلم الصيد ‪ ،‬أكل النععاس ‪ .‬وعنععدما بلععغ أمععره‬
‫المم وقع في حفرتهم ‪ ،‬فأخذوه مسوقا بخزائمه إلى أرض مصععر‬
‫‪ ،‬وعنععدما أدركععت أثنععاء انتظارهععا أن رجاءهععا قععد هلععك ‪ ،‬أخععذت‬
‫جروا آخر وجعلته شبل ) الثانية ( ‪ ،‬فتمشععى بيععن السععود وتعّلععم‬
‫الصيد ‪ ،‬أكل الناس ‪ ،‬وهععدم قصععورهم وخعّرب مععدنهم ‪ ،‬فععارتعبت‬
‫الرض ومن فيها صوت زمجرته ‪ ،‬فاجتمعت عليه المم مععن كععل‬
‫‪349‬‬
‫صوب ‪ ،‬وألقوا عليه شبكتهم فوقع في حفرتهم ‪ ،‬فساقوه بخععزائم‬
‫جوه في قفص وأحضروه إلى ملك بابل ‪ ،‬واعتقلوه في القلع‬ ‫وز ّ‬
‫لكيل تترّدد أصداء صوته بعد ‪ ،‬فوق جبال إسرائيل " ‪.‬‬
‫مسبق من الغترار بالقوة ‪ ،‬ومن‬ ‫التحذير ال ُ‬
‫الستهانة بما أنذرهم الله به ‪:‬‬
‫" حزقيال ‪ :16-6 :21 :‬يقول السيد الرب ‪ :‬أّما أنت يا ابن آدم ‪،‬‬
‫فتنّهععد بقلععب ُمنكسععر وحععزن ومععرارة ‪ ،‬فععإن سععألوك علععى مععاذا‬
‫تتنّهععد ؟ تجيبهععم ‪ :‬علععى الخبععار الععواردة الععتي ُتععذيب كععل قلععب ‪،‬‬
‫فتسععترخي اليععدي ويعععتري القنععوط كععل روح ‪ ،‬وتصععبح الركععب‬
‫ي بكلمتععه‬
‫كالماء ‪ ،‬ها هي الخبار واردة ول بد أن تتم ‪ .‬وأوحى إل ّ‬
‫قائل ‪ :‬يا ابن آدم ‪ ،‬تنّبأ وقل ‪ :‬هذا ما ُيعلنه الرب ‪ :‬سيفٌ ‪ ،‬سععيفٌ‬
‫ن للذبععح الُمععبرم ‪ ،‬وصععقل ليععومض‬ ‫سع ّ‬
‫قععد تععم سعّنه وصععقله ‪ ،‬قععد ٌ‬
‫بععالبريق ‪ ،‬فهععل نبتهععج قععائلين ‪ :‬عصععا ابنععي ) البععن إسععرائيل‬
‫الدولة ‪ ،‬والعصا كناية عن القوة ( تحتقر كل قضععيب ؟! ) بمعنععى‬
‫فهععل نسععخر مععن هععذا السععيف ونسععتهزئ بجععبروته مغععتّرين‬
‫بقوتنا ( ‪ ،‬وقد ُأعطي السيف ليصقل ويجّرد بالكف ‪ ،‬وها هو بعععد‬
‫سّنه وصقله ُيسّلم ليد القاتل ‪ ،‬اصععرخ واعععول يععا ابععن آدم ‪ ،‬لنععه‬
‫يتسّلط على شعبي ‪ ،‬وعلى كل رؤساء إسرائيل ‪ ،‬يتععّرض شعععبي‬
‫لهوال من جراء هذا السيف ‪ ،‬لععذلك اضععرب علععى صععدرك فزعععا‬
‫) ندبا ( ‪ .‬يقول السيد الرب ‪ :‬لنه امتحععان ) وجععود إسععرائيل فععي‬
‫فلسعععطين ( ‪ ،‬ومعععاذا يحعععدث إن لعععم ُتقبعععل العصعععا الُمحتقعععِرة‬
‫) اُلمزدِريععة ‪ ،‬غيععر البهععة بالعقععاب ( ؟! ) بمعنععى مععاذا سععتكون‬
‫عاقبتهعا ‪ ،‬إذا رسعبت بالمتحعان اللهعي ( ‪ .‬أنعا العرب قعد تكّلمعت‬
‫) قضيت ( ‪ :‬فتنبأ يا ابن آدم ‪ ،‬واصفق كفا على كععف ‪ ،‬وليضععرب‬
‫‪350‬‬
‫السععيف مرتّيععن ‪ ،‬بععل ثلث مععّرات ‪ ،‬إنععه سععيف القتلععى ‪ ،‬سععيف‬
‫المجزرة العظيمة الُمحّدقة بهععم ‪ ،‬لكععي تععذوب القلععوب ‪ ،‬ليتهععاوى‬
‫كثيرون عند كل بواباتهم ‪ ،‬لهذا جّردت سيفا متقلبا بّراقا مصقول‬
‫جه‬
‫للذبح ‪ .‬فيا سيف اجرح يمينا ‪ ،‬اجرح شمال ‪ ،‬اجرح حيثما تععو ّ‬
‫حّدك ‪ ،‬وأنا أيضا ُأصّفق بكفي ‪ ،‬وُأسكن غضبي " ‪.‬‬
‫ععع هعععذا النععص يصععف الجبعععن اليهععودي وحالععة الرععععب الععتي‬
‫ستصيبهم ‪ ،‬عندما يدخل عليهم هذا السيف الذي يعرفونه جيععدا ‪،‬‬
‫والذي مّزق أجسادهم شّر ُممععزق ذات م عّرة ‪ .‬ويح عّذر النععص مععن‬
‫الستهزاء بهذا السيف ‪ ،‬والغترار بالقوة ‪ ،‬لنه سيف من صععنع‬
‫ال ‪ ،‬وسيسّلم ليد القاتل في الموعد الُمحّدد ‪ ،‬ويؤكد أن الرسععوب‬
‫في المتحان أي الفساد ‪ ،‬معناه نفاذ القضاء بوقوع المجزرة ‪.‬‬
‫من أرض واحدة يخرج البعثان ‪:‬‬
‫ب بكلمته قائل ‪ :‬أّما أنت يا‬ ‫ي الر ّ‬‫" حزقيال ‪ :19 :21 :‬وأوحى إل ّ‬
‫طععط طريقيععن لزحععف ملععك بابععل ‪ .‬مععن أرض واحععدة‬ ‫ابععن آدم ‪ ،‬فخ ّ‬
‫تخععرج الطريقععان ] وأنععت يععا ابععن آدم ‪ ،‬عّيععن لنفسععك طريقيععن ‪،‬‬
‫لمجيععء سععيف ملععك بابععل ‪ ،‬مععن أرض واحععدة تخععرج الثنتععان [‬
‫) النص الثاني من النسخة الخرى ( ‪ ، ... ،‬لنكم ذّكرتم بإثمكم ‪،‬‬
‫إذ انكشف تمردكم ‪ ،‬فتجّلععت خطايععاكم فععي كععل مععا ارتكبتمععوه مععن‬
‫أعمال ‪ ،‬لهذا إذ ذّكرتم بأنفسكم ‪ُ ،‬يقبض عليكم باليد ‪ ،‬وأنععت أّيهععا‬
‫المطعون الثيم ‪ ،‬ملععك إسععرائيل ‪ ،‬يععا مععن أِزف يععومه فععي سععاعة‬
‫العقاب النهائي ‪ ،‬اخلع العمامععة وانععزع التععاج ‪ ،‬فلععن يبقععى الحععال‬
‫كسالف العهد به ‪ ،‬ارفع الوضيع ‪ ،‬وضع الرفيع ) اجعععل الوضععيع‬
‫عاليا ‪ ،‬والعالي وضيعا ( ‪ ،‬ها أنا أقلبععه ‪ ،‬أقلبععه ‪ ،‬أقلبععه ‪ ،‬حععتى ل‬

‫‪351‬‬
‫يبقى منه أثر ) تاج الملك ( إلى أن يأتي صاحب الحكم ‪ ،‬فععأعطيه‬
‫إياه ) للذي يأتي من ربوات القدس ( " ‪.‬‬
‫ع هذه النبوءة توضح لهم ‪ ،‬أن أرض الخروج الثععاني هععي بابععل ‪،‬‬
‫بما ل يدع مجال للشك ‪ ،‬وأن البعععث عقععاب لهععم لفسععادهم ‪ ،‬وأن‬
‫ملكهععم سععيزول ل محالععة ‪ ،‬وأن تععاج الُملععك س عُيعطى لصععاحبه ‪،‬‬
‫عندما يأتي من ربوات القدس ‪ ،‬وهي النبوءة الرابعة والخيرة ‪،‬‬
‫التي أخبر عنهععا موسععى عليععه السععلم قبععل مععوته ‪ .‬وبمععا أنهععم ل‬
‫يفقهون ول يعلمون ‪ ،‬وعقولهم وقلوبهم كالحجارة أو أشّد قسوة‬
‫‪ ،‬فهم ل يتقّبلون فكرة زوال ملكهم ‪ ،‬وذهاب الملك لغير شعب ال‬
‫الُمختعععار وأبنعععاء الععع وأحبعععائه ‪ ،‬حسعععب معععا عّلمهعععم كهنتهعععم‬
‫وأحبععارهم ‪ ،‬لععذلك فهععم سععيعملون المسععتحيل ‪ ،‬للمحافظععة علععى‬
‫بقائهم في فلسطين ‪ ،‬بغض النظر عن إفسادهم فيها ‪ ،‬ليخرج هذا‬
‫الملك التوراتي الُمنتظر فيهم ‪ ،‬ليحكموا العالم من خلله إلى البد‬
‫‪.‬‬
‫وصنننف الفسننناد والعقننناب فننني المنننرة‬
‫الثانية ‪:‬‬
‫ب بكلمته قععائل ‪ :‬وأنععت‬ ‫ي الر ّ‬‫" حزقيال ‪ :17-2 :22 :‬وأوحى إل ّ‬
‫يععا ابععن آدم ‪ ،‬أُتععدين المدينععة السععافكة الععدماء ؟! إذًا عرّفهععا بكععل‬
‫رجاساتها ) أي بّين صفة إفسادها ( ‪ ،‬وقل ‪ :‬هذا ما ُيعلنععه السععيد‬
‫الرب ‪ :‬أّيتها المدينة التي تسفك الععدماء فععي وسععطها ‪ ،‬لتسععتجلب‬
‫العقععاب علععى نفسععها ‪ ، … ،‬قععد أثمععت بمععا سععفكت مععن دمععاء ‪،‬‬
‫جست بما عملت من أصنامك ‪ .‬قد قّربت يوم دينونتك ‪ ،‬وبلغ ِ‬
‫ت‬ ‫وتن ّ‬
‫منتهععى أيامععك ‪ ،‬لععذلك جعلتععك عععارا عنععد المععم ‪ ،‬ومثععار سععخرية‬
‫لجميع البلدان ‪ ، … ،‬أنت يا نجسة ‪ ،‬يا كثيرة الشغب ‪ ،‬هو ذا كل‬
‫‪352‬‬
‫واحد من رؤساء إسرائيل ‪ ،‬ممععن كععانوا فيععك ‪ ،‬انهمععك فععي سععفك‬
‫العدماء علعى قعدر طعاقته ‪ .‬فيعك اسعتخّفوا بعأب وأم ‪ ،‬واضعطهدوا‬
‫جسععت أيععام سععبوتي ‪ .‬أقععام‬ ‫ت ُمقّدساتي ون ّ‬‫اليتيم والرملة ‪ ،‬احتقر ِ‬
‫فيك وشععاة عملععوا علععى سععفك الععدم ‪ ،‬وأكلععوا أمععام الصععنام علععى‬
‫الجبال ‪ ،‬وارتكبوا في وسطك الموبقات ‪ ، … ،‬أخذت الربا ومععال‬
‫ظلما ونسيتني " ‪.‬‬ ‫الحرام ‪ ،‬وسلبت أقربائك ُ‬
‫" حزقيال ‪ :16-13 :22 :‬ها أنا قد صّفقت بكفي من جّراء ‪ ،‬مععا‬
‫سفك من دم في وسععطك ‪ .‬فهععل‬ ‫حصلت عليه من ربح حرام ‪ ،‬وما ُ‬
‫يصمد قلبك أو تحتفظ يداك بقوتهما ‪ ،‬في اليام التي أتعامععل معععك‬
‫فيها ؟! أنا الرب قد تكّلمت ‪ ،‬وُأتمم مععا أنطععق بععه ‪ .‬سُأشععتتك بيععن‬
‫المم وُأبعععثرك بيععن البلععدان ‪ ،‬وأزيععل نجاسععتك منععك ‪ ،‬وتتدّنسععين‬
‫بنفسك على مرأى من المم ‪ ،‬وتدركين أّني أنا الرب " ‪.‬‬
‫ي الرب بكلمته قائل ‪ :‬يا ابن‬ ‫" حزقيال ‪ :31-23 :22 :‬وأوحى إل ّ‬
‫آدم ‪ ،‬تنبأ وقل لها أنت أرض ‪ ،‬لم تتطّهري ولم ُيمطععر عليهععا فععي‬
‫جسععوا مقادسععي ‪،‬‬ ‫يوم الغضب ‪ ، ... ،‬خالف كهنتها شععريعتي ‪ ،‬ون ّ‬
‫لم ُيمّيزوا بين الُمقّدس والرجس ‪ ،‬ولم يعلموا الفرق بين الطععاهر‬
‫والّنجس ‪ ،‬رؤساؤها فيهععا كععذئاب خاطفععة ‪ُ ،‬تم عّزق فرائسععها ‪ ،‬إذ‬
‫يسفكون دماء الناس ‪ ،‬في سبيل الربح الحععرام ‪ ،‬وأنبياؤهععا ) أي‬
‫المتنبئون الجدد كعوفاديا يوسف ( يَرْون لها رؤى باطلععة ‪، … ،‬‬
‫قععائلين ‪ :‬هععذا مععا يعلنععه الععرب ‪ -‬مععع أن الععرب لععم يعلععن شععيئا ‪: -‬‬
‫َأِفرطوا في ظلم شعب الرض ‪ ،‬فاغتصبوا سععالبين ‪ ،‬واضععطهدوا‬
‫الفقير والمسكين ‪ ،‬وظلموا الغريب جععورا ‪ .‬فالتمسععت مععن بينهععم‬
‫رجل واحدا ‪ ،‬يبني جععدارا ) رجل ُمصععلحًا ( ‪ ،‬ويقععف فععي الثغععرة‬
‫أمععامي ‪ ،‬حععتى ل ُأخربهععا فلععم أجععد ‪ .‬فصععببت سععخطي عليهععم ‪،‬‬

‫‪353‬‬
‫والتهمتهم بنار غضبي ‪ ،‬جازيتهم بحسععب طرقهععم ‪ ،‬يقععول السععيد‬
‫الرب " ‪.‬‬
‫ع هذه النصوص تصف إفساد دولة اليهود الحالية ‪ ،‬بدقة متناهية‬
‫جل وقعععائع عاينهعععا العععراوي ‪ ،‬وتؤكعععد أن الهلك‬ ‫‪ ،‬وكأنهعععا ُتسععع ّ‬
‫والخراب واقععع بهععم ل محالععة ‪ ،‬عنععدما تبلععغ هعذه الدولععة منتهععى‬
‫أيامها ‪.‬‬
‫التعقيب علننى المرتيننن وعقابهمننا بشننكل‬
‫رمزي ‪:‬‬
‫ي الرب بكلمته قائل ‪ :‬يا ابععن‬ ‫" حزقيال ‪ :35-1 :23 :‬وأوحى إل ّ‬
‫آدم ‪ ،‬كانت هناك امرأتععان ‪ ،‬ابنتععا أم واحععدة ‪ ، … ،‬اسععم الكععبرى‬
‫) ُأهولة أي السععامرة ( واسععم أختهععا ) ُأهوليبععة أي أورشععليم ( ‪،‬‬
‫وكانتا لي وأنجبتا أبناء وبنات ‪ ،‬وزنت أهولة ) المملكة الولععى (‬
‫جسععت بكععل مععن‬ ‫) أي فسدت وأفسدت ( مععع أنهععا كععانت لععي ‪ ،‬وتن ّ‬
‫عشقتهم ‪ ،‬وبكل أصنامهم ‪ ،‬ولم تتخل عن زناهععا منععذ أيععام مصععر‬
‫شععاقها أبنععاء‬
‫عّ‬ ‫) فسععاد البععاء وعصععيانهم ( ‪ ،‬لععذلك سععلّمتها ليععد ُ‬
‫أشور ‪ ،‬ففضحوا عورتها ‪ ،‬وأسععروا أبنائهععا وبناتهععا ‪ ،‬وذبحوهععا‬
‫بالسيف ‪ ،‬فصارت عبرة للنساء ‪ ،‬ونّفععذوا فيهععا قضععاًء ‪ .‬ومععع أن‬
‫أختها ُأهوليبة ) المملكة الثانية ( شهدت هذا ‪ ،‬فإّنها أوغلت أكثر‬
‫منها في عشقها وزناها ‪ ، … ،‬فرأيت أنها قد تنجسععت ‪ ،‬وسععلكتا‬
‫كلتاهما في ذات الطريق ‪ ، … ،‬وإذ واظبت على زناها علنيععة ‪،‬‬
‫عرّيهععا ‪ ،‬كرهتهععا كمععا كرهععت أختهععا ‪ .‬لععذلك يععا‬ ‫وتبععاهت بعععرض ُ‬
‫شاقك ‪ ، … ،‬وآتععي بهععم عليععك مععن‬ ‫أهوليبة ‪ :‬ها أنا ُأثير عليك ع ّ‬
‫كل ناحيعة ‪ ،‬أبنعاء البعابليين ‪ ،‬وسعائر الكلعدانيين ‪ ،‬ومعهعم جميعع‬
‫أبناء أشععور ‪ ،‬معن ولة وقععادة ورؤسععاء ‪ ،‬وكلهععم فرسععان خيعل ‪،‬‬
‫‪354‬‬
‫ب سععخطي‬ ‫فُيهاجمونك بأسلحة ومركبععات وعربععات ‪ ، … ،‬وأص ع ّ‬
‫عليك ‪ ،‬فيعاملونك بغيظ ‪ ،‬يجدعون أنفععك وأذنيععك ‪ ،‬وُتقتععل بقّيتععك‬
‫بالسعععيف ‪ .‬يأسعععرون أبنعععاءك وبناتعععك ‪ ،‬وتلتهعععم النعععار بقّيتعععك ‪،‬‬
‫حلّيك ‪ .‬وهكععذا أضععع حعّدا‬ ‫وُيجّردونك من ثيابك ‪ ،‬ويستولون على ُ‬
‫لعهرك وزنععاك ‪ . … ،‬وهععذا مععا ُيعلنععه السععيد الععرب ‪ :‬ستشععربين‬
‫كأس عقاب أختك العميقة ) فععي الِقععدم ( ‪ ،‬وتكععونين مثععار ضععحك‬
‫سععكرا وحزنععا ‪،‬‬ ‫واسععتهزاء ‪ ،‬لن الكععأس تسععع كععثيرا ‪ ،‬تمتلئيععن ُ‬
‫فكععأس أختععك السععامرة ‪،‬كععأس الرعععب والخععراب ‪ ،‬تشععربينها‬
‫وتمتصينها ‪ ، … ،‬لنك نسيتني ونبذتني وراء ظهرك " ‪.‬‬
‫خراب أمريكا بعد زوال إسرائيل ‪:‬‬
‫في الصحاحات ) ‪ ، ( 28 ، 27 ، 26‬تجد وصفا تفصيليا لمدينة‬
‫صه بما‬
‫سّماها كتبة التوراة ) صور ‪ :‬مدينة ساحلية لبنانية ( نلخ ّ‬
‫يلي ‪:‬‬
‫سّكانها على البحر ‪.‬‬
‫‪ُ .1‬مسيطرة هي و ُ‬
‫‪ُ .2‬ترعب جميع جيرانها ‪.‬‬
‫‪ .3‬تاجرة الشعوب وكاملة الجمال ‪.‬‬
‫‪ .4‬تقبع في قلب البحار ‪.‬‬
‫‪ .5‬تأتيها السفن التجارية من كل مكان ‪.‬‬
‫‪ .6‬شعبها وجيشها خليط من أمم أخرى ‪.‬‬
‫‪ .7‬تتمتع بكونها مركز للتجارة العالمية ‪.‬‬
‫ع وهذه الوصاف ل تنطبق إل على أمريكا كدولة ‪ ،‬أو ) نيويورك‬
‫( كمدينة ‪ ،‬وأما صفة عقابها فهي كما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬دمارها سيتحصل بريح شرقية ) أي من الشرق ( ‪.‬‬
‫‪355‬‬
‫‪ .2‬اندلع النيران في وسطها ‪.‬‬
‫‪ .3‬تحّولها إلى رماد ‪.‬‬
‫‪ .4‬مصيرها الغرق ولن يبقى منها أثر ‪.‬‬
‫‪ .5‬القائمون على خرابها غرباء من أعتى المم ‪.‬‬
‫ع وأما أسباب الغضب اللهي عليها وعلى ملكها فهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬تنصيب ملكها لنفسه كإله للبشر ‪.‬‬
‫‪ .2‬تربعه في مجلس اللهة في قلب البحار ‪.‬‬
‫‪ .3‬الدعاء بامتلكه حكمة اللهة ‪.‬‬
‫‪ .4‬الستحواذ على الذهب والفضة واّدخارها ‪.‬‬
‫‪ .5‬مضاعفة الثروة بمهارتها في التجارة ‪.‬‬
‫‪ .6‬التجارة الظالمة ‪.‬‬
‫‪ .7‬البهاء والجلل والتكبر والستعلء لفرط الغنى ‪.‬‬
‫ع وفي النص التالي تسمية أخرى لها ‪ ،‬هي مصر ‪:‬‬
‫" حزقيال ‪ :16-3 :29 :‬ها أن أنقلب عليك يا فرعون ملك مصر‬
‫‪ ،‬أيها التمساح الكامن في وسط أنهاره ‪ … ،‬وُأخرجك قسرا مععن‬
‫أنهارك ‪ ،‬وأسماكها مععا برحععت عالقععة بحراشععفك ‪ ،‬وأهجععرك فععي‬
‫البرية ‪ ،‬مععع جميععع سععمك أنهععارك ‪ ،‬فتتهععاوى علععى سععطح أرض‬
‫الصععحراء ‪ ،‬فل ُتجمععع ول ُتل عّم ‪ ،‬بععل تكععون قوتععا لوحععوش الععبّر‬
‫وطيور السماء ‪ .‬فُيدرك كل أهل مصر أني أنا الرب ‪ ،‬لّنهم كععانوا‬
‫ب هشًة لبني إسرائيل ‪ ،‬ما أن اعتمععدوا عليععك بععأكفهم ‪،‬‬ ‫عّكاز قص ٍ‬
‫ُ‬
‫طمععت‬ ‫حتى انكسرت ومّزقت أكتافهم ‪ ،‬وعندما توّكععأوا عليععك ‪ ،‬تح ّ‬
‫وقصفت كّل متونهم ‪ .‬لذلك ها أنععا أجلععب سععيفا ‪ ،‬وأستأصععل منععك‬
‫‪356‬‬
‫النسععان والحيععوان ‪ ،‬وأجعععل ديععار مصععر ‪ ،‬الكععثر وحشععة بيععن‬
‫الراضي المقفرة ‪ ،‬وتظّل مدنها الكثر خرابا بيععن المععدن الخربععة‬
‫… وأجعلهم أقلية لئل يتسلطوا على الشعععوب ‪ ،‬فل تكععون بعععد ‪،‬‬
‫موضع اعتماد لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬بععل ُتععذّكرهم بععإثمهم حيععن ضعّلوا‬
‫وراءهم … "‬
‫ع قد يظن القععارئ للوهلععة الولععى أن هععذا النععص ‪ ،‬يتنبععأ بخععراب‬
‫مصر ‪ ،‬ولكن بعد إمعان النظر في العلقة مععا بيععن هععذا الفرعععون‬
‫ضحة بما تحته خط ‪ ،‬ستجد أن المقصود بهذا‬ ‫وبين اليهود ‪ ،‬المو ّ‬
‫النص ‪ ،‬هم فراعنة هذا العصر ‪ ،‬أمريكا ومن شايعها ‪ ،‬وعلى مععا‬
‫يبدو أن المقصود بالتمساح هو السطول ‪ ،‬والمقصععود بالسععماك‬
‫هو السفن الحربية ‪ ،‬والمقصود بالنهار هععي البحععار الععتي تنشععر‬
‫فيهعا القعوات البحريعة المريكيعة ‪ ،‬وعلعى معا يبعدو أن السعاطيل‬
‫المريكية ‪ ،‬ستخرج وتجتمع في مكععان مععا ) البحععر المتوسععط ( ‪،‬‬
‫بعععد إنهععاء الوجععود اليهععودي فععي فلسععطين ‪ ،‬لتلقععي مصععيرها‬
‫المحتوم الذي ُيخبر عنه هذا النص ‪.‬‬
‫ع وفععي نصععوص أخععرى ‪ ،‬ربمععا نوردهععا لحقععا ‪ ،‬سععتجد أن هنععاك‬
‫تسععميات أخععرى ‪ ،‬اسععتخدمها كتبععة التععوراة والنجيععل ‪ ،‬لنفععس‬
‫المدينة كبابل الجديدة ‪ ،‬وبابل الُعظمى ‪ .‬كناية عن دولة عظمععى ‪،‬‬
‫سيتزامن وجودها مع ظهور الدولة اليهودية في فلسطين ‪.‬‬
‫تحالف أعداء الله ضد اليهود والنصارى ‪:‬‬
‫صر ملك بابععل ‪،‬‬‫ن نبوخذ ن ّ‬ ‫" حزقيال ‪ : -18 :29 :‬يا ابن آدم ‪ :‬إ ّ‬
‫خر جيشا أشّد تسخير ‪ ،‬ضعّد صععور فأصععبحت كععل رأس مععن‬ ‫قد س ّ‬
‫رؤوس جنوده صلعاء ‪ ،‬وكل كتف ُمجّردة من الثيععاب ‪ ،‬ولكععن لععم‬
‫يغنم هعو ول جيشعه شعيئا معن صعور ‪ ،‬رغعم معا كابعده معن جهعد‬
‫‪357‬‬
‫للستيلء عليها ‪ .‬لذلك … ‪ ،‬ها أنا أبذل ديار مصر لنبوخذ نصععر‬
‫ملك بابل ‪ ،‬فيستولي على ثروتها ‪ ،‬ويسععلبها غنائمهععا وينهبهععا ‪،‬‬
‫فتكون هذه ُأجرًة لجيشه " ‪.‬‬
‫ي الرب بكلمته قائل ‪ :‬يا ابععن‬ ‫" حزقيال ‪ :13-1 :30 :‬وأوحى إل ّ‬
‫ب بات وشيكا ‪ ، … ،‬إّنه يععوم‬ ‫ن يوم الر ّ‬‫آدم ‪ ،‬تنّبأ ‪ ،‬وقل ‪ ، … :‬إ ّ‬
‫ُمكفهّر بالغيوم ‪ ،‬ساعة دينونة ) نهاية ( للمم ‪ ،‬إذ ُيج عّرد سععيف‬
‫على مصر ‪ ،‬فيُععّم الععذعر الشععديد إثيوبيععا ‪ ،‬عنععدما يتهععاوى قتلععى‬
‫مصر ‪ ،‬ويستولي على ثروتها ‪ ،‬وُتنقض ُأسسها ‪ .‬ثم تسقط معهم‬
‫بالسيف ‪ ،‬إثيوبيا وفوط ولود ‪ ،‬وشععبه الجزيععرة العربيععة وليبيععا ‪،‬‬
‫سّكانها مععن مجععدل‬ ‫وشعوب الرض الُمتحالفة معهم … فيتهاوى ُ‬
‫إلى أسوان ‪ ...‬فُتصبح أكثر الراضي الُمقفععرة وحشععة ‪ ،‬وُتضععحي‬
‫ُمدنها أكثر الُمدن خرابا … في يوم هلك مصععر ‪ ،‬الععذي ل بععد أن‬
‫يتحّقق ‪.‬‬
‫صععر ملععك بابععل ‪،‬إذ ُيقبععل‬
‫لني سأفني جماهير مصععر بيععد نبوخععذ ن ّ‬
‫بجيشه ‪ ،‬أعتى جيوش المم لخراب ديار مصر ‪ ،‬فُيجّردون عليها‬
‫سيوفهم ‪ ،‬ويملئون أرضها بالقتلى ‪ ،‬وُأجّفف مجاري نهر النيل ‪،‬‬
‫وأبيع الرض لقوم أشرار ‪ ،‬وُأخّرب البلد فيها بيد الغربععاء ‪ ،‬أنععا‬
‫طم الصنام ‪ ،‬وُأزيل الوثان من ممفيس ‪،‬‬ ‫الربّ قد قضيت ‪ .‬ثّم ُأح ّ‬
‫ول يبقى بعد ‪ ،‬رئيس في ديار مصر ‪ ،‬وُألقي فيها الرعب " ‪.‬‬
‫ي الرب بكلمتععه قععائل ‪ :‬يععا ابععن آدم ‪،‬‬ ‫" ‪ :18-30 :32‬وأوحى إل ّ‬
‫ولععول علععى جنععد مصععر ‪ ، … ،‬يسععقطون صععرعى وسععط قتلععى‬
‫السيف ‪ .‬قد أسلمت مصر للسععيف ‪ ،‬وأسععروها مععع كععل حلفائهععا ‪،‬‬
‫وهنععاك أشععور ) سععوريا ( وقععومه ‪ … ،‬وحلفععاؤه ‪ .… ،‬وهنععاك‬
‫أيضععا أيلم ) أفغانسععتان ( وحلفاؤهععا … وهنععاك أيضععا ماشععك‬
‫‪358‬‬
‫وتوبال ) مدن روسية ( ‪ ،‬وكّل حلفائهما ‪ … ،‬وهناك أيضععا أدوم‬
‫) الردن ( وملوكها ورؤسائها ‪ … ،‬وهناك ُأمراء الشمال ‪ ،‬وكل‬
‫الصيدونيين ) اللبنانيين ( ‪ … ،‬أولئك الذين أشاعوا الرعععب فععي‬
‫أرض الحياء ‪ ، … ،‬كلهم قتلى ‪ ،‬وصرعى السيف " ‪.‬‬
‫ع هذه الفقرات الثلثة ‪ ،‬مقتطعة مععن الصععحاحات ) ‪ ، 30‬ع ‪، 31‬‬
‫‪ ، ( 32‬الععتي كعّررت بإسععهاب مععا جععاء فععي الصععحاح ) ‪( 29‬ع ‪،‬‬
‫وعلى ما يبدو أن محتوى هذه الصععحاحات الثلثععة ‪ ،‬قععد تنععاولته‬
‫أقلم الكتبة ‪ ،‬بكثير من التبديل والتحوير والضافة ‪ ،‬وقد أوردنععا‬
‫هععذه الفقععرات لتعيينهععا بعععض الشعععوب والععدول ‪ ،‬الععتي يعتبرهععا‬
‫الغرب أعداًء ل ‪ ،‬الذي هععو المسععيح عنععد النصععارى ‪ .‬ويفععترض‬
‫سرين الجدد للتوراة ‪ ،‬أن الدول المذكورة في هععذه‬ ‫الكثير من المف ّ‬
‫النصوص ‪ ،‬ستقوم بالتحالف مستقبل ‪ ،‬ومن ثم ستغزو إسععرائيل‬
‫وتنهي وجودها ‪ ،‬بقيادة مصر أو العراق أو روسععيا ‪ ،‬منفععردة أو‬
‫مجتمعة ‪ ،‬مما يتسبب في مواجهععة مصععيرية كععبرى بيععن الشععرق‬
‫والغععرب ‪ ،‬يطلقععون عليهععا تسععمية ‪ ،‬الحععرب العالميععة الثالثععة ‪،‬‬
‫ويجزمون بأن النصر ‪ ،‬سيكون فيها حليف أحباء ال من اليهععود‬
‫والنصععارى ‪ ،‬علععى أعععداءه مععن المسععلمين وغيرهععم ‪ ،‬وحتميععة‬
‫وقوع هذه الحرب المستقبلية ‪ ،‬أصبحت فععي السععنوات الخيععرة ‪،‬‬
‫حقيقة وعقيدة راسخة ‪ ،‬لدى عامعة نصعارى الغعرب وساسعتهم ‪،‬‬
‫المهووسون بالنبوءات التوراتية ‪ ،‬وهذا مما ساهم فيه واستغلته‬
‫اليهود في أمريكا ‪ ،‬لدفع أمريكا لخععوض هععذه الحععرب الوهميععة ‪،‬‬
‫الععتي فيهععا كععل المصععلحة ليهععود الشععرق والغععرب ‪ ،‬ضععد العععرب‬
‫والمسلمين ‪ ،‬من قبل أن تبدأ ‪.‬‬
‫وقد تكون هذه النصععوص ‪ ،‬فععي الحقيقععة ‪ُ ،‬تخععبر عععن السععتعمار‬
‫الغربي ‪ ،‬لكل البلدان العربية والبلدان الخرى المذكورة فيها ‪ ،‬أو‬
‫‪359‬‬
‫ُتخبر عن توحيد البلدان المذكورة بالقوة ‪ ،‬من قبععل ورثععة نبوخععذ‬
‫نصر الجدد ‪ ،‬بعد قيامهم بإنهاء الوجود اليهودي في فلسطين ‪.‬‬
‫خراب الرض بعد خراب إسرائيل ‪:‬‬
‫ي الرب بكلمته قائل ‪ :‬يا ابن‬ ‫" حزقيال ‪ :29-24 :33 :‬فأوحى إل ّ‬
‫آدم ‪ ،‬إن المقيميععن فععي خععرائب أرض إسععرائيل ‪ ،‬يقولععون ‪ :‬إن‬
‫إبراهيم كان فردا واحدا ‪ ،‬ومععع ذلععك ورث الرض ‪ ،‬وهكععذا نحععن‬
‫كثيرون ‪ ،‬وقد ُوهبت لنععا الرض ميراثععا ‪ .‬لععذلك قععل لهععم أتععأكلون‬
‫اللحم بالدم ‪ ،‬وتتعّلق عيونكم بأصععنامكم ‪ ،‬وتسععفكون العّدم ‪ ،‬فهععل‬
‫ترثون الرض ؟! اعتمدتم على سععيوفكم ‪ ،‬وارتكبتععم الموبقععات ‪،‬‬
‫… ‪ ،‬فهل ترثون الرض ؟! قعل لهعم ‪ :‬هعذا معا ُيعلنعه العرب ‪ :‬إن‬
‫الذين ُيقيمون في الخرائب ‪ُ ،‬يقتلععون بالسععيف ‪ .‬والععذين يسععكنون‬
‫في العراء ‪ ،‬أبععذلهم قوتععا للوحععوش ‪ .‬والمتمّنعععون فععي الحصععون‬
‫سععرونه علععى أنععه السععلح النععووي‬ ‫والمغاور يموتون بالوبععأ ) ُيف ّ‬
‫والكيمععاوي ( ‪ .‬فأجعععل الرض أطلل ُمقفععرة ‪ ،‬وُيععذّل كبريائهععا‬
‫وعّزتها … فُيدركون أّني أنععا الععرب ‪ ،‬حيععن أجعععل الرض خربععة‬
‫ُمقفرة ) وهذا ما سُتحدثه أسععلحة الععدمار الشععامل الععتي يرتعبععون‬
‫منها لتوافقها مع ما جاءت به التوراة ( ‪ ،‬من ج عّراء مععا ارتكبععوه‬
‫من رجاسات " ‪.‬‬
‫ع وهذه النبوءة تؤكد زوال الدولععة اليهوديععة بعععد قيامهععا ‪ ،‬وذبععح‬
‫اليهععععود وتشععععريدهم وفنععععائهم ) بععععالنووي والكيمععععاوي كمععععا‬
‫يعتقدون ( ‪ ،‬وبالضععافة إلععى ذلععك تؤكععد خععراب الرض إجمععال ؟‬
‫ولكنهم يرفضون هذه النبوءة جملععة وتفصععيل ‪ ،‬ويص عّرون علععى‬
‫مخالفة ما جاء فيها ‪ ،‬ويبععذلون قصععارى جهععدهم لمنععع تحّققهععا ‪.‬‬
‫ولو طالعت نصوص التوراة بمجملها ‪ ،‬ستجد أنه بعععد كععل مععرة ‪،‬‬
‫‪360‬‬
‫ُتخبر التوراة بحتمية نفاذ قضاء ) الرب ( ‪ ،‬في إسرائيل وشعععبها‬
‫عند الفساد ‪ُ ،‬يضيف ) كتبة التععوراة ( نصوصععا تفيععد بععأن ربهععم‬
‫دائمععا وأبععدا ‪ ،‬يعععود ويعفععوا عنهععم ‪ ،‬فيجمعهععم مععن الرض الععتي‬
‫شتتوا فيها ‪ ،‬مععن جميععع الشعععوب ‪ ،‬ويعيععدهم إلععى أرض الميعععاد‬ ‫ُ‬
‫التي ُوهبت لهم ‪ ،‬فّيفسدون فيها ‪ ،‬فُيعّذبون وُيشتتون ‪ ،‬فيجمعهععم‬
‫ويعيدهم إليهععا ‪ ،‬وهكععذا دواليععك ‪ ) … ،‬حسععب مععا يشععتهيه كتبععة‬
‫التوراة ( ‪ ،‬واليهود حتى بعد زوال دولتهم الحاليععة لععن يسععتكينوا‬
‫صععل لهععم فيهععا الملععك البععدي ‪ ،‬الععذي‬
‫أو يهععدءوا ‪ ،‬إلععى أن يتح ّ‬
‫يحلمون به ‪ ،‬وهو ما رسم معالمه أقلمهم الكهنة والحبار ‪ ،‬فععي‬
‫النص التالي ‪:‬‬
‫مِلك القدس المنتظر من نسننل محمنند ‪ ،‬ل‬ ‫َ‬
‫من نسل داود ‪:‬‬
‫ي الرب بكلمته قائل ‪ :‬يا ابن‬ ‫" حزقيال ‪ :28-21 :37 :‬وأوحى إل ّ‬
‫آدم ‪ ، … ،‬وها أنعا أحشعد أبنعاء إسعرائيل معن بيعن المعم ‪ ،‬العتي‬
‫تفّرقوا فيها ‪ ،‬وأجمعهم من كل جهة ‪ ،‬وُأحضععرهم إلععى أرضععهم ‪،‬‬
‫وأجعلهم أمة واحدة ‪ ، … ،‬تحععت رئاسععة ملععك واحععد ‪ ، … ،‬ول‬
‫ينقسمون إلى مملكتين ‪ .‬ول يتدّنسون بعد بأصنامهم ورجاساتهم‬
‫ي مععن معاصععيهم ‪ ،‬بععل ُأخّلصععهم مععن مععواطن إثمهععم ‪،‬‬ ‫‪ ،‬ول بععأ ّ‬
‫وُأطّهرهم فيكونون لععي شعععبا ‪ ،‬وأكععون لهععم إلهععا ‪ .‬وُيصععبح داود‬
‫عبدي ملكا عليهم ‪ ، … ،‬فيمارسون أحكامي وُيطيعون فرائضععي‬
‫ويعملون بمقتضاها ‪ .‬وُيقيمعون فعي الرض العتي وهبتهعا لعبعدي‬
‫يعقععوب ‪ ،‬الععتي سععكن فيهععا آبععاؤهم ‪ ،‬فيسععتوطنون فيهععا ‪ ،‬هععم‬
‫وأبناؤهم وأحفادهم إلى البد ‪ ،‬ويكون عبععدي داود رئيسععا عليهععم‬
‫مدى الدهر ‪ .‬وُأبرم معهم ميثاق سلم ‪ ،‬فيكون معهم عهدا أبديا ‪،‬‬
‫‪361‬‬
‫… ‪ ،‬فتدرك المم أّنععي أنععا الععرب ُمقعّدس إسععرائيل ‪ ،‬حيععن يكععون‬
‫سععرونها بإقامععة‬ ‫مقِدسي قائما فيهم ) أي العبععادة ل ع ‪ ،‬ولكنهععم ُيف ّ‬
‫الهيكل ( إلى البد " ‪.‬‬
‫ع هذه النبوءة الُمحّرفة ‪ ،‬هي ما يسير عليه اليهعود ‪ ،‬منعذ أجيععال‬
‫ومععا زالععوا ‪ ،‬حيععث أن كتبععة هععذا النععص ‪ ،‬استخلصععوا مععا ُيوافععق‬
‫أهوائهم وأطمععاعهم ‪ ،‬مععن ُمجمععل النبععوءات السععابقة واللحقععة ‪،‬‬
‫وصهروها في بوتقة واحدة ‪ ،‬وبات من جاء بعدهم مععن اليهععود ‪،‬‬
‫يحملها ويعتقععد بهععا كحقيقعة ‪ ،‬غيعر قابلععة للنقععض أو المناقشععة ‪،‬‬
‫فهي ُنسبت إلى الرب ‪ .‬ومؤدى هذه النبوءة يقول ‪ :‬عنععد مجيئهععم‬
‫من الشتات ) نبوءة العلو والفساد الثاني مععع اسععتثناء العقععاب ‪،‬‬
‫الذي طالما تحّدثت عنه النصععوص السععابقة ( ‪ ،‬سععيبعث الع لهععم‬
‫ملكا ) وجععاءت شخصععية هععذا الملععك مععن خلل تجميععع النبععوءات‬
‫جال ( ‪ ،‬وجعلوه من نسععل داود‬ ‫الخاصة برسولنا ‪ ،‬وعيسى ‪ ،‬والد ّ‬
‫) َمِلَكهم الول ( ‪ ،‬ويكون ُملكه البدي هذا ‪ ،‬في فلسععطين ) يععأتي‬
‫ق والعدل ) اليهودي‬ ‫من ربوات القدس ( ‪ ،‬وفي زمانه ينتشر الح ّ‬
‫طبعا ( ‪ ،‬في أرجاء المعمورة ‪ .‬وعلى هذا يعتقد عامععة اليهععود أن‬
‫عععودتهم الحاليععة ‪ ،‬هععي العععودة الخيععرة والنهائيععة ‪ ،‬والععتي ورد‬
‫ععّدتم ععدنا ( ‪،‬‬ ‫ذكرها فعي سعورة السعراء ‪ ،‬تحعت عبعارة ) وإن ُ‬
‫وليست المرة الثانية ‪ ،‬التي سعيتحّقق فيهعا وعععد الخعرة ‪ ،‬ولكعن‬
‫هذا العتقاد ليس يقينا ‪ ،‬بل هناك نسبة من الشععك ‪ ،‬وهععذا الش عكّ‬
‫توّلد نتيجة التناقض في النصوص التوراتية ‪ ،‬فهم يعملععون علععى‬
‫الحتمععال الول ‪ ،‬مععع عععدم إغفععالهم للحتمععال الثععاني ‪ .‬وحقيقععة‬
‫النص أعله ُتخبر عن ُملك المهدي ‪ ،‬في القدس ‪ ،‬وهو من نسععل‬
‫محمد عليه الصلة والسلم ‪ ،‬مؤسس دولة السلم الولى ‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫روسننيا وحلفاؤهننا مننن نصننارى الشننرق‬
‫ُيهننناجمون دولنننة السنننلم فننني زمنننن‬
‫المهدي ‪:‬‬
‫ي الرب بكلمته قائل ‪ :‬يا ابععن‬ ‫" حزقيال ‪ :12-1 :38 :‬وأوحى إل ّ‬
‫آدم ‪ ،‬التفععت بوجهععك نحععو جععوج أرض مععاجوج ‪ ،‬رئيععس روش‬
‫) روسيا ( ماشك ) موسكو ( وتوبال ‪ ،‬وتنّبععأ عليععه ‪ ،‬وقععل ‪ :‬هععذا‬
‫ما ُيعلنه السّيد الرب ‪ :‬ها أنا أنقلب عليك ‪ ،‬يا جوج رئيععس روش‬
‫وماشك وتوبال ‪ ،‬وأقهرك … ‪ ،‬وأطععردك أنععت وكععل جيشععك خيل‬
‫وفرسانا ‪ ،‬وجميعهم ُمرتدون أفخر ثياب ‪ ،‬جمهورا غفيرا ‪ ،‬كلهععم‬
‫ن ‪ .‬ومعن جملتهعم ‪ ،‬رجعال‬ ‫قعابض سعيف ‪ ،‬وحامعل أتعراس ومجعا ّ‬
‫فععارس ) إيععران ( ‪ ،‬وإثيوبيععا ) السععودان ( وفععوط ‪ ، … ،‬وأيضععا‬
‫جومر ) اليمن ‪ /‬أوروبا الشرقية ( وكل جيوشه ‪ ،‬وبيت توجرمة‬
‫) بلد القوقاز الروسية ‪ /‬الشيشان ( من أقاصي الشععمال مععع كععل‬
‫جيوشه ‪ ،‬جيوش غفيرة اجتمعت إليععك ) أي لرئيععس روش ( ‪ .‬إذ‬
‫بعد أيام كثيرة ُتستدعى للقتال ‪ ،‬فتقبل في السنين الخيععرة ) آخععر‬
‫الزمان ( ‪ ،‬إلى الرض الناجية من السيف ) فلسطين ( ‪ ،‬التي تععم‬
‫جمع أهلها من بين شععوب كعثيرة ‪ ،‬فتعأتي ُمنععدفعا كزوبعععة ‪… ،‬‬
‫أفكععار سععوء تععراودك ‪ ، … ،‬للسععتيلء علععى السععلب ‪ ،‬ونهععب‬
‫الغنععائم ‪ ،‬ومهاجمععة الخععرائب الععتي أصععبحت آهلععة ‪ ،‬ولمحاربععة‬
‫الشعععب المجتمععع مععن بيععن المععم ‪ ، … ،‬الُمسععتوطن فععي مركععز‬
‫الرض " ‪.‬‬
‫ع ع هععذا النععص النبععوي ‪ ،‬وقععع فيععه خلععط كععبير ‪ ،‬بيععن نبععوءتين ‪،‬‬
‫وحقيقة هذا النص تحكععي وقععائع الملحمععة الكععبرى ‪ ،‬الععتي سععتقع‬
‫مستقبل بين الروس والعرب ‪ ،‬والععتي سععنتطرق لععذكرها لحقععا ‪،‬‬
‫ولنكمل النص …‬
‫‪363‬‬
‫خننروج يننأجوج ومننأجوج ‪ ،‬ونهننايتهم عننند‬
‫وصولهم لمشارف مدينة القدس ‪:‬‬
‫"حزقيال ‪ :23-14 :38 :‬لذلك تنّبأ يا ابن آدم وقل لجوج ‪ ،‬هذا‬
‫ما ُيعلنه الرب ‪ :‬في ذلك اليوم عندما يسكن شعععبي إسععرائيل آمنععا‬
‫… وُتقبععل أنععت مععن مق عّرك فععي أقاصععي الشععمال ‪ ،‬مععع جيععوش‬
‫غفيرة ‪ ،‬تغشععى الرض ‪ ،‬كّلهععم راكبععو خيععل ‪ … ،‬وتزحععف علععى‬
‫شعبي إسععرائيل ‪ ،‬كسععحابة تغطععي الرض ‪ ،‬فععي اليععام الخيععرة ‪،‬‬
‫أني آتي بك إلى أرضي ‪ ،‬لكععي تعرفنععي الشعععوب ‪ ،‬عنععدما تتجّلععى‬
‫قداستي ‪ ،‬حين ُأدّمرك يا جوج أمام عيونهم ‪ .‬هذا ما يقوله السععيد‬
‫الرب ‪ :‬ألست أنت الذي ‪ ،‬تحّدثت عنععه فععي اليععام الغععابرة ‪ ،‬علععى‬
‫ألسنة عبيدي أنبياء إسرائيل ‪ ،‬الذين تنّبأوا في تلك اليععام لسععنين‬
‫كثيرة ؟! … ‪ ،‬وُأسّلط عليه السيف في كل جبالي ‪ ،‬فيكون سععيف‬
‫كععلّ رجععل ضععّد أخيععه ‪ .‬وُأدينععه بالوبععاء وبالععدم ‪ ،‬وُأمطععر عليععه‬
‫وجيوشه ‪ ،‬وعلى جموع حلفائه الغفيععرة ‪ ،‬مطععرا جارفععا ‪ ،‬وبععردا‬
‫عظيما ‪ ،‬ونارا وكبريتا ‪ … ،‬فيدركون أني أنععا الععرب … فيخععرج‬
‫سكان ُمدن إسرائيل ) بعد أن يكونوا قد اعتصموا منهم في جبععال‬
‫ن ‪ ،‬والترسععة والقس عيّ‬ ‫القععدس ( ‪ ،‬ويحرقععون السععلحة والمجععا ّ‬
‫والسهام ‪ ،‬والحراب والرماح ‪ ،‬ويوقدون بها النار سععبع سععنين ‪،‬‬
‫وينهبون ناهبيهم ‪ ،‬ويسلبون سالبيهم " ‪.‬‬
‫سععره وُيععأوّله‬
‫عع مفععاد هععذه النبععوءة ‪ ،‬والنبععوءة السععابقة ‪ ،‬كمععا ُيف ّ‬
‫البععاحثون الجععدد حععديثا ‪ ،‬مععن اليهععود والنصععارى ‪ ،‬أن روسععيا‬
‫) جععوج ومععاجوج ( وحلفائهععا ‪ ،‬سععتقوم بغععزو أرض إسععرائيل ‪،‬‬
‫آنععذاك سععيقف الععرب بجععانب إسععرائيل وحلفائهععا ‪ ،‬فيكععون النصععر‬
‫حليفهم ‪ .‬والخلط الذي أوجده مؤلفو التوارة ‪ ،‬بتكرار ذكر يأجوج‬
‫سري التععوراة للعتقععاد ‪،‬‬ ‫ومأجوج ‪ ،‬في نصين مختلفين ‪ ،‬دفع مف ّ‬
‫‪364‬‬
‫بأن الروس هم يععأجوج ومععأجوج ‪ ،‬والحقيقععة الععتي نعلمهععا نحععن‬
‫كمسلمون أن خععروج يععأجوج ومععأجوج ‪ ،‬سععيقع بعععد زوال دولععة‬
‫إسرائيل ‪ ،‬بل بعد ذبععح اليهععود النهععائي ‪ ،‬وبعععد خععروج الععدجال ‪،‬‬
‫ونزول عيسععى عليععه السععلم ‪ ،‬وأمععا غععزو الععروس لبلد الشععام ‪،‬‬
‫فسععيكون لقتععال المسععلمين ‪ ،‬فععي زمععن المهععدي وقبععل خععروج‬
‫الدجال ‪.‬‬
‫مواصفات الهيكل الهندسية ‪:‬‬
‫وعلى مدى ‪ 16‬صععفحة تقريبععا ‪ُ ،‬يفردهععا سععفر حزقيععال ‪ ،‬لتحديععد‬
‫المواصفات الهندسية للهيكل الجديد ‪ ،‬بلغة الكلمات ‪ ،‬من بوابععات‬
‫وساحات ‪ ،‬وحجرات لعداد الذبائح ‪ ،‬وحجرات للكهنة ‪ ،‬ودعععائم‬
‫الهيكل وجدرانه وغرفه ‪ ،‬ومخععادع الكهنععة ‪ ،‬ومقععاييس المنطقععة‬
‫التي سععيقام فيهععا الهيكععل ‪ ،‬ومقععاييس المذبععح ‪ .‬ويصععف مراسععيم‬
‫تقععديم القرابيععن الُمقّدسععة ‪ ،‬ويوضععح شععرائع لسععتخدام الهيكععل ‪.‬‬
‫وُيحععععّدد الرض الممنوحععععة للكهنععععة ‪ ،‬والممنوحععععة للشعععععب ‪،‬‬
‫والممنوحة للملك ‪ .‬ومن ثععم يصععف طريقعة تقععديم الملععك للقربععان‬
‫الُمقّدس ‪ ،‬إلى آخره ‪ .‬وبناًء على هذه المواصفات ‪ ،‬قام كثير مععن‬
‫اليهود بعمل مخططات ونمععاذج ‪ ،‬للهيكععل الععذي يسعععون لتشععييده‬
‫مكان المسجد القصى ‪ ،‬كما تأمرهم التوراة ‪.‬‬
‫الطار العنام للحنداث المسنتقبلية حسنب‬
‫الترتيب الزمني لحزقيال ‪:‬‬
‫‪ .1‬غزو الجيش العراقي لسرائيل وإنهاء وجود اليهود فيها ‪.‬‬
‫‪ .2‬توحيد البلدان العربية تحت لواء واحد ‪.‬‬
‫‪ .3‬خراب الرض في حرب عالمية نووية ُمدّمرة ‪.‬‬
‫‪365‬‬
‫‪ .4‬نزول الخلفة السلمية في القدس ‪.‬‬
‫‪ .5‬روسيا وحلفاؤها من نصارى الشععرق يغععزون دولععة السععلم‬
‫في زمن المهدي ‪.‬‬
‫‪ .6‬خروج يأجوج ومأجوج ‪ ،‬ونهايتهم عنععد وصععولهم لمشععارف‬
‫مدينة القدس ‪.‬‬
‫ع هذه هي قراءتنا لنبوءات حزقيععال ‪ ،‬مععن خلل معرفتنععا بأحععداث‬
‫آخر الزمان ‪ ،‬مما ورد فععي القععرآن والسععنة ‪ ،‬أمععا فهععم النصععارى‬
‫واليهود لهذه النبععوءات ‪ ،‬هععو فهععم مرتبععك ومضععطرب ‪ ،‬إذ أنهععم‬
‫عند تفسيرها ‪ ،‬ل ُيعيرون انتباها لترتيبهععا الزمنععي ‪ ،‬كمععا جععاءت‬
‫في سفر حزقيال ‪ ،‬فمعظم تفسيراتهم على اختلفهععا ‪ ،‬تععذهب إلععى‬
‫أن كل هذه الحداث ‪ ،‬ستتحقق في زمن واحد ‪ ،‬متمثلة في حععرب‬
‫عالمية ثالثة ‪.‬‬
‫رؤى دانيال ونبوءاته‬
‫سبوا إلى بابععل طفل ‪،‬‬ ‫دانيال هو آخر النبياء الكبار ‪ ،‬وأحد الذين ُ‬
‫وكتابه في ُمعظمه يشتمل على رؤى نبوية ‪ ،‬تصف ما سيقع مععن‬
‫صة فيما يتعّلععق بقيععام دولععة اليهععود‬
‫أحداث في آخر الزمان ‪ ،‬وخا ّ‬
‫الثانية وزوالها ‪ ،‬وعودة المسيح عليه السلم ‪.‬‬
‫غننزو العننراق لسننرائيل سُيشننعل الحننرب‬
‫العالمية الثالثة ‪:‬‬
‫تفسعير جبريعل لحعدى رؤى النعبي دانيعال ‪ " :‬دانيعال ‪:19 :8 :‬‬
‫وقال ‪ :‬ها أن ُأطلعك على ما سيحدث ‪ ،‬فععي آخععر حقبععة الغضععب ‪،‬‬
‫ن الرؤيا ترتبط بميعاد النتهععاء ] وقععت الُمنتهععى [ ‪ ،‬أن الكبععش‬
‫لّ‬
‫ذو القرنيععن الععذي رأيتععه هععو ملععوك مععادي وفععارس ) إيععران‬
‫‪366‬‬
‫والعراق ( ‪ ،‬والتيس الشعر هو ملك اليونان ) الغرب ( ‪ ،‬والقرن‬
‫العظيم النابت بين عينيه ‪ ،‬هو الملك الول وما أن انكسععر ‪ ،‬حععتى‬
‫خلفه أربعة عوضا عنه ‪ ،‬تقاسموا مملكته ‪ ،‬ولكن لم ُيماثلوه فععي‬
‫قوته ‪ .‬وفي أواخر ملكهم ‪ ،‬عنععدما تبلععغ المعاصععي أقصععى مععداها‬
‫) عند اكتمال الظلم ( ‪ ،‬يقوم ملك فظ حاذق وداهية ] جافي الوجه‬
‫سرون يرون بأنه الرئيس العراقي ( ‪،‬‬ ‫وفاهم الحيل [ ) بعض المف ّ‬
‫فُيعظم شأنه ‪ ،‬إنما ليس بفضل قّوته ) أي بقععدرة ال ع ( ‪ .‬وُيس عّبب‬
‫دمارا رهيبا ) نتيجة اسععتخدام أسععلحة الععدمار الشععامل ( ‪ ،‬ويفلععح‬
‫في القضاء على القوياء ) أمريكا والغرب ( ‪ ،‬ويقهر شعب ال )‬
‫اليهععود ( ‪ .‬وبععدهائه ومكععره ُيحّقععق مععآربه ‪ ،‬ويتكّبععر فععي قلبععه ‪،‬‬
‫وُيهلعععك الكعععثيرين وهعععم فعععي طمأنينعععة ‪ ،‬ويتمعععّرد علعععى رئيعععس‬
‫طععم بغيععر يععد النسععان ) أي يمععوت موتععا‬ ‫الرؤسععاء ‪ ،‬لكنععه يتح ّ‬
‫طبيعيا ( " ‪.‬‬
‫ع يعرى نوسععتراداموس قعديما ‪ ،‬معن خلل هعذا النععص ‪ ،‬أن نقطعة‬
‫البداية ) الشرارة ( للحرب العالميععة النهائيععة المععدّمرة ‪ ،‬سععتكون‬
‫محصورة في ثلثة بلدان هي ) إيران والعراق وفلسطين ( ‪ ،‬أمععا‬
‫أتباعه الجدد ‪ ،‬فيرون أن هذه النبوءة تتحدث عن صدام حسين ‪،‬‬
‫وغععزوه لسععرائيل وتععدميرها ‪ ،‬وإشعععاله لنععار الحععرب العالميععة‬
‫الثالثععة ‪ ،‬فتععارة يصععفونه بنبوخععذ نصععر جديععد ‪ ،‬وتععارة يصععفونه‬
‫بصلح الدين الجديد ‪ ،‬وتارة بدجال آخر الزمان ‪ ،‬الذي يظهر في‬
‫إيران أو العراق ‪ ،‬وهذه النبوءة وتفسيراتها الحديثة ‪ ،‬مما ُيفسر‬
‫ي المزمعن ‪ ،‬للعععراق وللعراقييععن‬ ‫جانبا من العداء الغربععي المرضع ّ‬
‫ولشخص الرئيس العراقي ‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫فسنناد إسننرائيل وإفسننادها يؤكنند حتميننة‬
‫زوالها ‪:‬‬
‫" دانيال ‪ :11 :9 :‬قد تعّدى كّل شعب إسععرائيل علععى شععريعتك ‪،‬‬
‫وانحرفوا فلم يسمعوا صوتك ‪ ،‬فسكبت علينا اللعنععة ومععا أقسعمت‬
‫صععت عليععه شععريعة موسععى عبععد الع ‪ ،‬لننععا‬ ‫أن توقعه بنا ‪ ،‬كما ن ّ‬
‫أخطأنا إليك ‪ .‬وقد نفّذت قضاءك الععذي قضععيت بععه علينععا ‪ ،‬وعلععى‬
‫قضاتنا الذين توّلوا أمرنا ‪ ،‬جالبا علينا على أورشليم شرا عظيما‬
‫‪ ،‬لم يحععدث لعه مثيععل تحعت السعماء ‪ ، … .‬ولعم ] نتضعّرع إلعى [‬
‫وجهك أيهععا الععرب إلهنععا ‪ ،‬تععائبين عععن آثامنععا وُمتنّبهيععن لحقععك ‪،‬‬
‫فأضمرت لنا العقاب ‪ ،‬وأوقعته بنا لنك إلهنا الباّر في كل أعمالععك‬
‫‪ ،‬التي صنعتها لننا لم نستمع إليك "‪.‬‬
‫ع هنا ُيخبر دانيعال ععن العقععاب علعى اعتبعار معا سععيكون ‪ ،‬وبعأنه‬
‫قضاء كان موسى عليه السلم قد أخبر عنه في كتابه ‪ ،‬وموضحا‬
‫السباب التي أوجبت العقععاب ‪ ،‬وأن العقععاب س عُيرفع ‪ ،‬لععو سععبقته‬
‫التوبة ‪ ،‬ويقّرر أن ال عادل في عقابه لشعبه المختار ‪.‬‬
‫قيام دولة اليهود الثانية ‪:‬‬
‫ص متداخل ‪ ،‬على ما يبععدو أنععه تكععرار‬ ‫ع النص التالي هو تكملة لن ّ‬
‫لنفس نص الرؤيا الولى أعله ‪ ،‬لم أسععتطع تتّبععع بععداياته بدقععة ‪،‬‬
‫يتحّدث عن حروب وعن ملععك مععا ‪ ،‬لععم أسععتطع تحديععد مععاهيته أو‬
‫مخرجه ‪ ،‬ولكن من قراءة النص اللحق ‪ ،‬يتبين أنه الذي تسععبب‬
‫فععي زوال الحكععم السععلمي وقيععام دولععة إسععرائيل فععي فلسععطين ‪.‬‬
‫ويصف هذا النص بدقة ‪ ،‬الواقع الحععالي لهععل فلسععطين وللعععرب‬
‫والمسلمين إجمعال ‪ ،‬ويحمعل بشعرى لهعم ‪ ،‬بالنصعر والفعرج معن‬
‫عند ال ‪ ،‬عندما يحين موعد نهايععة الدولععة اليهوديععة ‪ ،‬ومععا كععان‬
‫‪368‬‬
‫عودة اليهود لفلسطين إل امتحانععا ‪ ،‬ليميععز الطيععب مععن الخععبيث ‪،‬‬
‫والمؤمن من المنافق ‪.‬‬
‫" دانيععال ‪ :31 :11 :‬فُتهععاجم بعععض قععّواته حصععن الهيكععل‬
‫جسععه ‪ ،‬وتزيععل المحرقععة الدائمععة ) أي الحكععم السععلمي ( ‪،‬‬ ‫وتن ّ‬
‫وتنصعععب الرجعععس الُمخعععّرب ) أي دولعععة إسعععرائيل ( ‪ .‬وُيغعععوي‬
‫بالُمداهنععة المعتععدين علععى عهععد الععرب ) اليهععود ( ‪ ،‬أّمععا الشعععب‬
‫) الفلسطينيون ( الذين يعرفون إلههم فإّنهم يصمدون وُيقععاومون‬
‫‪ .‬والعارفون منهععم ُيعّلمععون كععثيرين ‪ ،‬مععع أّنهععم ُيقتلععون بالسععيف‬
‫والنار ‪ ،‬ويتعّرضون للسر والنهب أّياما ) سنين معععدودة ( ‪ ،‬ول‬
‫يتلقون عند سقوطهم ) قتلى وجرحى ( ‪ ،‬إل عونا قليل ‪ ،‬وينض عّم‬
‫إليهععم كععثيرون نفاقععا ) حععال العععرب ( ‪ ،‬ويعععثر بعععض الحكمععاء‬
‫تمحيصا لهم وتنقية ‪ ،‬حتى يأزف وقت النهاية ) نهاية إسرائيل (‬
‫‪ ،‬في ميقات ال المعّين ) أي عند مجيء وعد الخرة ( " ‪.‬‬
‫حتمية نهاية إسرائيل على يد العراقيين ‪:‬‬
‫" دانيال ‪ :36 :11 :‬ويصنع الملك ) ملععك إسععرائيل ( مععا يطيععب‬
‫ظععم علععى كععل إلععه وُيجعّدف بالعظععائم علععى إلععه اللهععة ‪،‬‬ ‫له ‪ ،‬ويتع ّ‬
‫وُيفلح إلى أن يحين اكتمال الغضب ‪ ،‬إذ ل بّد أن يتم ما قضى العع‬
‫بععه ‪ ،‬ولععن يبععالي هععذا الملععك بآلهععة آبععائه ‪ ، … ،‬إّنمععا يكععرم إلععه‬
‫الحصون بدل منهم ) أي يّتكل على القوة ( ‪ . … ،‬وعندما تأزف‬
‫ض عليععه ملععك الشععمال ‪،‬‬‫النهايععة ‪ُ ،‬يحععاربه ملععك الجنععوب ‪ ،‬فينقع ّ‬
‫كالزوبعععة بمركبععات وفرسععان وسععفن كععثيرة ‪ ،‬ويقتحععم ديععاره‬
‫كالطوفععان الجععارف ‪ .‬ويغععزو أرض إسععرائيل ‪ ،‬فيسععقط عشععرات‬
‫اللععوف صععرعى ‪ ،‬ول ينجععو منععه سععوى ‪ ،‬أرض أدوم وأرض‬
‫معععوآب ‪ ،‬والجعععزء الكعععبر معععن أرض عمعععون ) ممالعععك الردن‬
‫‪369‬‬
‫القديمة ( ‪ ،‬يبسط يده على الراضي ‪ ،‬فل تفلععت منععه حععتى أرض‬
‫مصر ‪ .‬ويستولي على كنوز الذهب والفضععة ‪ ،‬وعلععى كععل ذخععائر‬
‫مصعععر ‪ ،‬ويسعععير الليعععبيون والثيوبيعععون فعععي ركعععابه ) ليبيعععا‬
‫والسودان ( ‪ ،‬وتبلغه أخبععار مععن الشععرق ومعن الشععمال ‪ ،‬فيرجععع‬
‫بغضععب شععديد ‪ ،‬لُيععدّمر ويقضععي علععى كععثيرين ‪ ،‬وينصععب خيمتععه‬
‫الملكية ‪ ،‬بين البحر وأورشليم ‪ ،‬ويبلغ نهاية مصيره ) الوفاة ( ‪،‬‬
‫وليس له من نصير " ‪.‬‬
‫ع يبدو أن هذا النص يتحّدث عن آخر رئيس لسرائيل ‪ ،‬وهو ملك‬
‫ل يععؤمن إل بععالقوة ول يتك عّل إل عليهععا ‪ ،‬والنععص يصععف الغععزو‬
‫العراقي القعادم لسعرائيل ‪ ،‬وسعيطرة رئيعس الععراق علعى معظعم‬
‫بلدان المنطقة وحكمه لها ‪ ،‬واتخاذه القدس عاصمة لملكه ‪ ،‬ومن‬
‫ثم موته موتا ‪ ،‬ل قتل ‪ .‬وأما ذكر ملكين من الشععمال والجنععوب ‪،‬‬
‫فهو ناتج عن ارتباك كتبة التوراة ‪ ،‬في تحديد هوية هععذا الملععك ‪،‬‬
‫والععذي تععبين لععدينا مععن النبععوءات السععابقة ‪ ،‬أن هنععاك ملكيععن‬
‫سيقومان بغزو إسععرائيل ‪ ،‬الول هععو ملععك بابععل ‪ ،‬وكععان مخرجععه‬
‫حسب إشعياء من الشرق ‪ ،‬وكععان غععزوه لسععرائيل حسععب ارميععا‬
‫من الشمال ‪ ،‬وهععذا يفيععد بععأنه خععرج مععن الشععرق ‪ ،‬وغزاهععم مععن‬
‫الشمال عن طريق سوريا حيث كان ُمعسكرا ‪ ،‬في منطقة حمععاة ‪.‬‬
‫والملك الثاني هععو جععوج رئيععس مععاجوج أي الرئيععس الروسععي ‪،‬‬
‫الذي سيغزوهم من أقصى الشمال ‪ ،‬ومععع أن كععل منهمععا ‪ ،‬حععادث‬
‫منفصل عن الخر ‪ ،‬إل أنهم جمعوهما فعي نعص واحعد ‪ ،‬بطريقعة‬
‫مربكة للقارئ ‪ ،‬وهذا أدى إلى حيرة الدارسععين والبععاحثين الجععدد‬
‫لهذه النصوص ‪ ،‬في محاولتهم لمعرفة ظروف الحععرب العالميععة‬
‫ي النععزاع فيهععا وأحلف كععل منهععم ‪ ،‬وهععذا‬
‫الثالثععة ‪ ،‬ولتحديععد شععق ّ‬
‫النص تكرار لنص تفسير جبريل للرؤيا الذي تقّدم أعله ‪.‬‬
‫‪370‬‬
‫" ‪ :9 :12‬اذهب يا دانيال ‪ ،‬لن الكلمات مكتومة ومختومة إلى‬
‫حصععون بالتجععارب‬ ‫وقت النهاية ‪ .‬كثيرون يتطّهرون ويتنّقون وُيم ّ‬
‫) ُيمتحنون ( ‪ ،‬أما الشرار فيرتكبععون شععرا ول يفهمععون ‪ ،‬ولكععن‬
‫ذوو الفطنة ُيدركون ] يفهمون [ " ‪.‬‬
‫ع يؤكد هذا النص ‪ ،‬أن الحداث التي أخبر عنها ‪ ،‬ستأخذ مكانهععا‬
‫في زمان النهاية ‪ ،‬وسُيمتحن من خللها أناس كععثيرون ‪ ،‬فمنهععم‬
‫من يقع بشّر أعماله ‪ ،‬ومنهم مععن ينجععو بجميععل صععنعه وفهمععه ‪،‬‬
‫واختيععاره للطريععق الصععوب ‪ ،‬بنععاًء علععى مععا جععاء فععي هععذه‬
‫النبوءات ‪.‬‬
‫بعض رؤى ونبوءات النبياء الصغار‬
‫وهم اثنا عشر نبيا ‪ ،‬وعلى ما يبدو أنهم ُبعثوا فععي الفععترة ‪ ،‬الععتي‬
‫كان لليهود فيها تواجد في جزئي في القدس ‪ ،‬وتمتعوا فيها بحكم‬
‫شععبه ذاتععي ‪ ،‬للقلععة الععتي بقيععت فيهععا ولمععن عععادوا مععن السععبي‬
‫البابلي ‪ ،‬وامتدت هذه الفترة ‪ ،‬ما بعد السبي البابلي ‪ ،‬إلى ما قبععل‬
‫س عّموا بالنبيععاء الصععغار ‪ ،‬كععون‬‫بعععث عيسععى عليععه السععلم ‪ ،‬و ُ‬
‫أسفارهم صغيرة الحجم ‪ ،‬حيث يتراوح عدد صععفحات كععل منهععا ‪،‬‬
‫ما بين ) ‪ ( 12-2‬صفحة ‪ ،‬ومعظم رؤاهم ونبوءاتهم تتحدث عععن‬
‫أحداث آخر الزمان ‪ ،‬المرتبطة بعودتهم الثانية إلى فلسطين ‪:‬‬
‫سفر يوئيل‬
‫وصف أصحاب البعث الثاني ‪:‬‬
‫" هذا ما أوحى به الرب ‪ ،‬إلى يوئيععل بععن فثوئيععل ‪ :‬اسععمعوا هععذا‬
‫أّيها الشيوخ ‪ ،‬وأصغوا يا جميع أهل الرض ‪… ،‬‬

‫‪371‬‬
‫‪ :15 :1‬يا له من يوم رهيب ‪ ،‬لن يوم الرب قريب ‪ ،‬حامل معععه‬
‫الدمار من عند القععدير ‪ … ،‬اصععحوا أيهععا السععكارى ‪ ،‬وابكععوا يععا‬
‫جميع مدمني الخمر … فإن أمًة قويععة قعد زحفعت علععى أرضعي ‪،‬‬
‫ُأمة قوية ل ُتحصى لكثرتها ‪ ،‬لها أسنان ليث وأنياب لبؤة ‪… ،‬‬
‫‪ :2 :2‬هو يوم ظلمة وتجّهم ‪ ،‬يوم غيوم ُمكفهّرة وقتام دامععس ‪،‬‬
‫فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ‪ ،‬كما يزحف الظلم علععى الجبععال ‪،‬‬
‫أّمة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ‪ ،‬تلتهم النار مععا أمامهععا ‪،‬‬
‫وُيحرق اللهيب ما خلفهععا ‪ ،‬الرض أمامهععا جنععة عععدن ‪ ،‬وخلفهععا‬
‫صحراء موحشة ‪ ،‬يثبون على رؤوس الجبال ‪ ،‬فععي جلبععة كجلبععة‬
‫ش ‪ ،‬وكجيععش عععات‬ ‫المركبععات ‪ ،‬كفرقعععة لهيععب نععار يلتهععم القعع ّ‬
‫ف للقتال ‪ .‬تنتاب الرعدة منهم كععل الشعععوب ‪ ،‬وتشععحب كععل‬ ‫ُمصط ّ‬
‫الوجععوه ‪ ،‬ينععدفعون كالجبععابرة وكرجععال الحععرب ‪ ، … ،‬ينسعّلون‬
‫ضععون علععى المدينععة ‪،‬‬‫بيععن السععلحة مععن غيععر أن يتوقفععوا ‪ ،‬ينق ّ‬
‫ويتواثبععون فععوق السععوار ‪ ،‬يتس عّلقون الععبيوت ‪ ،‬ويتس عّللون مععن‬
‫الكععوى كاللصععوص ‪ ،‬ترتعععد الرض أمععامهم وترجععف السععماء ‪،‬‬
‫جنده ل ُيحصععى‬ ‫… ‪ ،‬يجهر الرب بصوته في ُمقّدمة جيشه ‪ ،‬لن ُ‬
‫لهم عدد ‪ ،‬ومن ُينّفذ أمره يكععون ُمقتععدرا ‪ ،‬لن يععوم الععرب عظيععم‬
‫ومخيف ‪ ،‬فمن يحتمله ؟! " ‪.‬‬
‫ض فيععه ‪،‬‬ ‫ع يوم الغضب الذي يصفه يوئيل ‪ ،‬هو اليوم الذي سععتنق ّ‬
‫تلك المة القوية ‪ ،‬لتنفيذ وعد الخرة ‪ ،‬في شعب ال المختار ‪.‬‬
‫الشننارة إلننى موعنند زوال دولننة إسننرائيل‬
‫فلكيا ‪:‬‬
‫" يوئيل ‪ :30 :2 :‬وأجري آيات فععي السععماء ‪ ،‬وعلععى الرض ‪،‬‬
‫دما ونارا وأعمدة دخععان ‪ .‬وتتحععول الشععمس إلععى ظلم ) كسععوف‬
‫‪372‬‬
‫الشمس ( ‪ ،‬والقمر إلى دم ) وخسوف القمر ( ‪ ،‬قبل مجيععء يععوم‬
‫الرب العظيم الُمخيف ‪ .‬إّنما كععل معن يععدعو باسععم الععرب يخلععص ‪،‬‬
‫لن النجاة تكون في جبل صهيون وفي أورشليم …‬
‫ع ع ُيشععير هععذا النععص إلععى أن نهايععة إسععرائيل ‪ ،‬سيسععبقها بعععض‬
‫الشععارات والععدلئل ‪ ،‬فععي السععماء وفععي الرض ‪ ،‬أمععا الشععارات‬
‫الرضية ‪ ،‬فهي قتل وسفك دماء ‪ ،‬ودمار ونار ‪ ،‬وحرائق ودخان‬
‫‪ ،‬وأما الشارات السععماوية ‪ ،‬فهععي أول كسععوف كّلععي للشععمس ‪،‬‬
‫يليععه خسععوف كّلععي للقمععر ‪ ،‬تتععم مشععاهدتهما مععن فلسععطين علععى‬
‫التععوالي ‪ ،‬والملفععت للنظععر أن الشععارات السععماوية قععد وقعععت‬
‫بالفعععل ‪ ،‬فالكسععوف الكلععي للشععمس ‪ ،‬حععدث بتاريععخ ‪/ 8 / 11‬‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬وتبعه خسوف كلي للقمععر بتاريععخ ‪، 2001 / 1 / 9‬‬
‫صععل هععذا الحععدث علععى‬
‫ولول مرة بعد قيام الدولة اليهودية ‪ ،‬يتح ّ‬
‫هذا النحو ‪ ،‬وهو ما لن يتكّرر قبل ‪ 180‬سنة على القل ‪.‬‬
‫فلسطين مسرح الحرب العالمية الثالثة ‪:‬‬
‫‪ :1 :3‬لّنه في تلك اليام ‪ ،‬وفععي ذلععك الحيععن ‪ ،‬عنععدما أرّد سععبي‬
‫يهععوذا وأورشععليم ‪ ،‬أجمععع المععم كّلهععا ‪ ،‬وأحضععرهم إلععى وادي‬
‫يهوشعععافاط ‪ ،‬وأحعععاكمهم هنعععاك ‪ ،‬معععن أجعععل شععععبي وميراثعععي‬
‫إسرائيل ‪ ، … ،‬نادوا بهذا بيععن المععم ‪ ،‬وتععأهبوا للحععرب ‪، … ،‬‬
‫أسرعوا وتعالوا من كل ناحية ‪ ، … ،‬لتنهععض المععم وتقبععل إلععى‬
‫وادي القضاء ‪ ، … ،‬تعالوا ودوسوا ‪ ،‬فععإن المعصععرة الخمععر قععد‬
‫امتلت ‪ ،‬والحياض فاضت بكثرة شّرهم …‬
‫ع يوم الغضب يشمل أيضا ‪ ،‬مععا سععيقع مععن غضععب إلهععي لحععق ‪،‬‬
‫على بقية شعوب الرض ‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫عننودة المننن والطمأنينننة لفلسننطين بعنند‬
‫الحرب ‪:‬‬
‫وتقطر الجبال في ذلك اليوم خمرة عذبة ‪ ،‬وتفيض التلل باللبن ‪،‬‬
‫وجميععع ينععابيع يهععوذا تتععدفق مععاء ‪ ،‬ويخععرج ينبوعععا مععن هيكععل‬
‫الععرب ‪ ،‬يععروي واد السععنط ‪ ،‬وتصععبح مصععر خرابععا ‪ ،‬وأدوم قفععرا‬
‫موحشا ‪ ،‬لفععرط مععا أنزلععوه مععن ظلععم ‪ ، … ،‬ولنهععم سععفكوا دمععا‬
‫بععريئا فععي ديععارهم ‪ .‬أمععا يهععوذا فععإّنه يسععكن الرض إلععى البععد ‪،‬‬
‫وتعمر أورشليم مدى الجيال ‪ ،‬وُأزّكي دمهم الذي لم ُأبععّرئه ‪ ،‬لن‬
‫الرب يسكن في صهيون ) كناية عن الدين ( " ‪.‬‬
‫رؤيا حبقوق‬
‫وصف الفساد وأصحاب البعث الثاني ‪:‬‬
‫" ‪ :3-11 :1‬أينما تلّفت أشهد أمامي جورا واغتصععابا ‪ ،‬ويثععور‬
‫حولي خصام ونزاع ‪ ،‬لذلك بطلت الشريعة ) تعطّلت ( وباد العععدل‬
‫‪ ،‬لن الشرار ُيحاصرون الصعّديق ‪ ،‬فيصعدر الحكعم ُمنحرفععا عععن‬
‫ق‪.‬‬‫الح ّ‬
‫جبوا وتحّيروا ‪ ،‬لني ُمقبل على إنجععاز‬ ‫تأّملوا المم وأبصروا ‪ ،‬تع ّ‬
‫أعمال ‪ ،‬في عهدكم ‪ ،‬إذا ُأخبرتم بها ل تصعّدقونها ‪ .‬فهععا أنععا ُأثيععر‬
‫الكلععدانيين ‪ ،‬هععذه المععة الحانقععة الُمندفعععة ‪ ،‬الزاحفععة فععي رحععاب‬
‫الرض ‪ ،‬لتستولي على مساكن ليست لها ‪ ،‬أّمة ُمخيفة ُمرعبععة ‪،‬‬
‫حكمها وعظمتها من ذاتها ‪ .‬خيولهعا أسععرع معن النمععور ‪،‬‬ ‫تستمّد ُ‬
‫وأكثر ضععراوة معن ذئاب المسععاء ‪ ،‬فرسععانها ينععدفعون بكبريععاء ‪،‬‬
‫قعععادمين معععن أمعععاكن بعيعععدة ‪ُ ،‬متسعععابقين كالنسعععر الُمسعععرع ‪،‬‬
‫للنقضععاض علععى فريسععته ‪ُ ،‬يقبلععون جميعهععم ليعيثععوا فسععادا ‪،‬‬
‫ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ‪ ،‬فيجمعععون‬
‫‪374‬‬
‫أسرى كالرمل ‪ .‬يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ‪ ،‬ويسععخرون‬
‫مععن الحصععون ‪ ،‬يجعلععون حولهععا تلل مععن الععتراب ‪ ،‬ويسععتولون‬
‫عليها ‪ .‬ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ‪ ،‬فقوة هؤلء الرجال هععي‬
‫إلههم " ‪.‬‬
‫" ‪ 3 :2‬لن الرؤيععا ل تتحّقععق إل فععي ميعادهععا ‪ ،‬وتسععرع إلععى‬
‫نهايتها ‪ ،‬إنهععا ل تكععذب ‪ ،‬وإن تععوانت فانتظرهععا ‪ ،‬لنهععا ل بعّد أن‬
‫تتحّقق ‪ ،‬ولن تتأخر طويل " ‪.‬‬
‫عننودة السننلم بخننروج المهنندي مننن مكننة‬
‫وانتصاره في جميع حروبه ‪:‬‬
‫" ‪ :3-13 :3‬قد أقبل ال من أدوم ) الردن ( ‪ ،‬وجاء الق عّدوس‬
‫مععن جبععل فععاران ) مكععة ( ‪ ،‬غمععر جللععه السععماوات ‪ ،‬وامتلت‬
‫الرض مععن تسععبيحه ‪ ،‬إن بهععاؤه كععالنور ‪ ،‬ومععن يععده يععومض‬
‫شعاع ‪ ،‬وهناك يحجب قّوته ‪ .‬يتقّدمه وبأ ‪ ،‬والموت يقتفي خطاه ‪.‬‬
‫وقععف وزلععزل الرض ‪ ،‬تفععّرس فععأرعب المععم ‪ ،‬انععدّكت الجبععال‬
‫البدية ‪ ،‬وانهارت التلل القديمة ‪ ،‬أما مسععالكه فهععي منععذ الزل ‪،‬‬
‫شععقق أخبيععة ديععار مععديان‬ ‫لقد رأيت خيام كوشان تنوء بالبليععة ‪ ،‬و ُ‬
‫ترجف رعبا " ‪.‬‬
‫ع هذا النص مشابه للنععص النبععوي الععذي ورد فععي سععفر التثنيععة ‪،‬‬
‫بداية هذا الفصل ‪ ،‬فعبععارة ) جععاء القعّدوس ( ‪ُ ،‬تشععير إلععى عععودة‬
‫الدين ‪ ،‬وعبارة ) معن جبععل فععاران ( ‪ُ ،‬تحعّدد مكععان ظهععور القععائم‬
‫على أمره ‪ ،‬وهي جبال الجزيرة العربيععة ‪ ،‬أمععا عبععارة ) قععد أقبععل‬
‫العع ( ‪ ،‬فتعنععي قععدوم شععيء مععن أمععر العع ‪ ،‬كععالبعث أو الملععك‬
‫المنتظر ‪ ،‬وعبارة ) من أدوم ( أي من الردن ‪ُ ،‬تشير إلى الجهععة‬
‫التي سيأتي منها البعععث ‪ ،‬أو الععتي سععيأتي منهععا المهععدي لععدخول‬
‫‪375‬‬
‫صععل‬
‫سععر وُيف ّ‬
‫القععدس ‪ ،‬وعلععى مععا يبععدو أن هععذا النععص ‪ ،‬جععاء لُيف ّ‬
‫النبوءة ‪ ،‬التي جاءت على لسان موسى عليه السلم ) وأتى مععن‬
‫ربععوات القععدس ‪ ،‬وعععن يمينععه نععار شععريعة لهععم ( ‪ ،‬وتؤكععد أن‬
‫المهدي ‪ ،‬سيظهر في مكة ‪ ،‬ومن ثم سينتقل إلععى القععدس ‪ ،‬لُيعيععد‬
‫للسلم مجده وبهاءه ‪ ،‬ولُييدد بنوره ‪ ،‬عصورا من ظلم القلععوب‬
‫والعقول ‪.‬‬
‫رؤيا صفنيا‬
‫وصف إفساد إسرائيل والوعد بعقابها ‪:‬‬
‫‪ :1-4 :3‬ويل للمدينة الظالمة الُمتمّردة الدنسة ‪ ،‬التي ل ُتصعغي‬
‫لصوت أحد ‪ ،‬وتأبى التقويم ‪ ،‬ول تتك علّ علععى الععرب ‪ ،‬ول تتق عّرب‬
‫من إلهها ‪ ،‬رؤساؤها في داخلها ُأسععود زائرة ‪ ،‬وقضععاتها كععذئاب‬
‫المساء الجائعة ‪ ،‬التي ل تبقي شيئا ‪ ،‬من فرائسها إلى الصععباح ‪،‬‬
‫أنبياؤهعععا مغعععرورون وخونعععة ‪ ،‬وكهنتهعععا ُيدّنسعععون المقعععدس ‪،‬‬
‫ويتعّدون على الشريعة …‬
‫" ‪ :2 :1‬يقععول الععرب ‪ :‬سععأمحو محععوا كععل شععيء عععن وجععه‬
‫الرض ‪ . … ،‬أمّد يدي ُلعاقب يهوذا وكل أهل أورشليم ‪ ،‬وُأفني‬
‫مععن هععذا الموضععع بقيععة عبععدة البعععل ‪ ،‬وكععل كهنععة الععوثن ‪، … .‬‬
‫فتصبح ثروتهم غنيمة ‪ ،‬وبيتهم خرابا " ‪.‬‬
‫مباغتة وسريعة ‪:‬‬ ‫الحرب القادمة ُ‬
‫‪ :14-18 :1‬إن يوم الرب العظيم قريب ‪ ،‬وشععيك وسععريع جععدا ‪.‬‬
‫دويّ يوم الرب ُمخيف ‪ ،‬فيه يصرخ الجبار مرتعبععا ‪ ،‬يععوم غضععب‬
‫هو ذلك اليععوم ‪ ،‬يععوم ضععيق وعععذاب ‪ ،‬يععوم خععراب ودمععار ‪ ،‬يععوم‬
‫ظلمععة واكععتئاب ‪ ،‬يععوم غيععوم وقتععام ‪ ، … .‬فيععه ُأضععايق النععاس‬
‫‪376‬‬
‫ق الرب ‪ ،‬فتنسكب دماؤهم‬ ‫فيمشون كالعمي ‪ ،‬لنهم أخطئوا في ح ّ‬
‫كالتراب ‪ ،‬ويتناثر لحمهم كالجّلة ‪ .‬ل ُينقذهم ذهبهم ول فضععتهم ‪،‬‬
‫في يوم غضب الععرب ‪ ،‬إذ بنععار غيرتععه ُتلتهععم كعّل الرض ‪ ،‬وفيععه‬
‫يضع نهاية ‪ُ ،‬مباغتة كاملة سريعة ‪ ،‬لكّل سكان المعمورة " ‪.‬‬
‫سععرون الغربيععون ‪،‬‬‫ع اعتمادا على هذا النععص ‪ ،‬يعتقععد معظععم المف ّ‬
‫بأن الحععرب العالميععة القادمععة ‪ ،‬سععتكون مباغتععة وسععريعة جععدا ‪،‬‬
‫وستحسععم فععي فععترة زمنيععة قصععيرة جععدا ‪ُ ،‬تع عّد باليععام ‪ .‬وقصععر‬
‫المدة ‪ُ ،‬يشير إلى حتميععة اسععتخدام أسععلحة الععدمار الشععامل بكافععة‬
‫أشكالها ‪.‬‬
‫جي‬
‫سفر ح ّ‬
‫إعننادة بننناء الهيكننل طمعننا فنني الننذهب‬
‫والفضة ‪:‬‬
‫" ‪ :7-8 :1‬هكذا يقول الرب القدير ‪ :‬تأملوا فيما فعلتم ‪ ،‬اصعدوا‬
‫جد …‬ ‫الجبل ‪ ،‬واجلبوا خشبا وشّيدوا الهيكل ‪ ،‬فأرضى عنه وأتم ّ‬
‫‪ :5-9 :2‬بمقتضى عهدي الذي أبرمته معكم ‪ ،‬عندما خرجتم من‬
‫ديععار مصععر ‪ ،‬إن روحععي مععاكث معكععم ‪ ،‬فل تفزعععوا ‪ .‬لنععه هكععذا‬
‫يقععول الععرب ‪ :‬هععا أنععا ُمزمععع معّرة أخععرى ‪ ،‬عّمععا قليععل أن ُأزلععزل‬
‫السععماء والرض والبحععر واليابسععة ‪ ،‬وأن ُأزعععزع أركععان جميععع‬
‫المم ‪ ،‬فُتجلب نفائسهم إلى هذا المكععان ‪ ،‬وأمل الهيكععل بالمجععد ‪،‬‬
‫فالذهب والفضة لي يقول الرب القدير ‪ ،‬ويكون مجد هععذا الهيكععل‬
‫الخير ‪ ،‬أعظم من مجد الهيكل السابق ‪ ،‬وأجعل السلم يسود هذا‬
‫الموضع ‪ ،‬يقول الرب القدير " ‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫ع هذا النععص الُمحعّرف ‪ ،‬ممععا يّتخععذه اليهععود كععدعوة لعععادة بنععاء‬
‫الهيكععل ‪ ،‬والحقيقععة أن العع أمرهععم بعبععادته وإقامععة شععريعته ‪،‬‬
‫ولكنهععم يعبععدون الععذهب والفضععة ‪ ،‬ومسععتودعها هععو الهيكععل ‪،‬‬
‫ويسعون لبناءه لجعله مصرف دولي أو بورصععة عالميععة ‪ ،‬وهععذا‬
‫كان حالهم عند مجيء المسيح عليه السلم ‪ ،‬وكما هو موصععوف‬
‫بالنجيل ‪ ،‬وأما النص غير الُمحّرف ‪ ،‬الذي يخععبرهم فيععه ربهععم ‪،‬‬
‫بأنه ل يريد منهععم هيكل ‪ ،‬وإنمععا يريععد منهععم صععلحا وإصععلحا ‪،‬‬
‫فهو موجود أيضا في نفس السفر ‪ ،‬بعد أسطر قليلة وهذا نصه ‪:‬‬
‫" ‪ :14-15 :2‬هذا هو حال الشعب ‪ ، … ،‬فكّل أعمال أيععديهم ‪،‬‬
‫ومععا ُيقعّدمونه نجععس ‪ .‬والن تععأملوا فيمععا صععنعتم اليععوم ‪ ،‬وفيمععا‬
‫صنعتم في اليععام السععالفة ‪ ،‬قبععل أن تضعععوا حجععرا فععوق حجععر ‪،‬‬
‫لبناء هيكل الرب !!! " ‪.‬‬
‫سفر زكريا‬
‫تحذير يهود هذا الزمان علننى لسننان زكريننا‬
‫عليه السلم ‪:‬‬
‫ب أشّد الغضب على آبائكم ‪ ،‬ولكن ُقل لهم‬ ‫‪ :2-6 :1‬لقد غضب الر ّ‬
‫ي فأرجع إليكم ‪ .‬ول تكونععوا‬ ‫هذا ما ُيعلنه الرب القدير ‪ :‬ارجعوا إل ّ‬
‫كآبائكم ‪ ،‬الذين حّذرهم النبياء السابقون ‪ ،‬قائلين ‪ :‬ارجعععوا عععن‬
‫طرقكععم الباطلععة ‪ ،‬وأعمععالكم الشعّريرة ‪ ،‬ولكّنهععم لععم يسععمعوا ولععم‬
‫ُ‬
‫ي ‪ … ،‬ألم تععدركوا أقععوالي وفرائضععي ‪ ،‬الععتي أمععر بهععا‬ ‫ُيصغوا إل ّ‬
‫عبيدي النبياء آباءكم ‪ ،‬قائلين ‪ :‬لقد نّفذ الععرب القععدير ‪ ،‬مععا عععزم‬
‫أن ُيعاقبنا به ) في المرة الولععى ( ‪ ،‬بمقتضععى مععا ارتكبنععاه ‪ ،‬مععن‬
‫أعمال باطلة " ‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫" ‪ :8 :7‬هذا ما يقوله الرب القدير ‪ :‬اقضوا بالعدل ‪ ،‬ولُيب عِد كععل‬
‫منكم إحسانا ورحمة لخيه ‪ .‬ول تجوروا علععى الرملععة واليععتيم ‪،‬‬
‫والغريععب والمسععكين ‪ .‬ولكنهععم أَبععْوا أن ُيصععغوا ‪ ،‬واعتصععموا‬
‫سععوا‬
‫بعنععادهم غيععر عععابئين ‪ ،‬وأصععموا آذانهععم لئل يسععمعوا ‪ .‬وق ّ‬
‫ب غضععب عظيععم مععن‬ ‫قلوبهم كالصّوان لئل يسمعوا ‪ ، … ،‬فانصع ّ‬
‫لدن الرب القدير ‪ … ،‬وأضحت الرض المبهجة قفرا " ‪.‬‬
‫مصير الشعب اليهودي في إسرائيل ‪:‬‬
‫" ‪ :7-9 :13‬ويقول الرب القدير ‪ :‬استيقظ أيها السيف ‪ ،‬وهاجم‬
‫ي ورجل رفقتي ‪ ،‬اضرب الراعي فتتبّدد الخراف ‪ ،‬ولكّني أرّد‬ ‫راع ّ‬
‫صغار ) أي المستضعفين ( ‪ .‬يقول الرب ‪ :‬فيفنععى ُثلثععا‬ ‫يدي عن ال ّ‬
‫شعب أرضي ‪ ،‬ويبقى ُثلثهم حيا فقط ‪ .‬فُأجيز هذا الثلث في النار ‪،‬‬
‫حص الذهب " ‪.‬‬ ‫حصه كما ُيم ّ‬
‫ُلنقيه تنقية الفضة ‪ ،‬وأُم ّ‬
‫ع هذا النص ُيشير إلى الوعد الثععاني وعقععابه ‪ ،‬حيععث يفنععى ثلثععان‬
‫وينجو ثلث ‪ ،‬وهذا الثلث ُيمتحن بمجيء الدجال ‪ ،‬فيفنى من تبععه‬
‫منهم ‪ ،‬وينجو منهم من يعتنق السلم ‪.‬‬
‫سلب منكععم‬ ‫" ‪ :1 :14‬انظروا ها يوم ُمقبل للرب ‪ُ ،‬يقسم فيه ما ُ‬
‫في وسطكم ‪ .‬لني أجمع المم علععى أورشععليم لتحاربهععا ‪ ،‬فُتؤخععذ‬
‫المدينة وُتنهب البيوت ‪ ،‬وُتغتصب النساء ‪ ،‬وُيسبى نصععف أهلهععا‬
‫إلى المنفى ‪ ،‬إّنما ل ينقرض بقية الشعب من المدينة " ‪.‬‬
‫الحرب العالمية النووية الثالثة ‪:‬‬
‫سععري‬
‫عع يعتقععد ُمجمععل الغربيععون مععن يهععود ومسععيحيين ‪ ،‬مععن مف ّ‬
‫النصوص التوراتية ‪ ،‬أن حربا نووية ستقع في المستقبل القريب‬
‫‪ ،‬تبععدأ بهجععوم علععى إسععرائيل ‪ ،‬مععن قبععل روسععيا وحلفائهععا مععن‬
‫‪379‬‬
‫الشرقيين ‪ ،‬المذكورين في النصوص السععابقة ‪ .‬وسععتكون نتيجععة‬
‫هذه الحرب ‪ ،‬هي انتصععار إسععرائيل وحلفائهععا الغربّيععون ‪ ،‬وفيمععا‬
‫بعض النصوص ‪ ،‬التي ُتخبر عن ظروف هذه الحرب ‪.‬‬
‫" ‪ :1-6 :12‬هععا أنععا ُمزمععع ‪ ،‬أن أجعععل أورشععليم كععأس خمععر ‪،‬‬
‫تترّنح منها جميع الشعععوب الُمحيطععة بهععا ‪ ، … ،‬فععي ذلععك اليععوم‬
‫أجعل أورشليم كصخرة ثقيلة ‪ ،‬تعجز عن حملها جميع الشعععوب ‪.‬‬
‫ق شّقا ‪ ،‬ويتأّلب عليهععا جميععع شعععوب‬ ‫وكل من ُيحاول حملها ينش ّ‬
‫الرض ‪ ،‬فععي ذلععك اليععوم ‪ ،‬يقععول الععرب ‪ُ :‬أصععيب كععل فععرس مععن‬
‫جيوش العداء بالرعب ‪ ،‬وفارسه بالجنون ‪ ، … ،‬أجعل عشععائر‬
‫ب بيععن أكععداس الحنطعة ‪ ،‬فيلتهمععون‬ ‫يهععوذا ‪ ، … ،‬كمشعععٍل ملتهع ٍ‬
‫الشعوب من حولهم ‪ ،‬ممن عن يمينهم وعن يسارهم ‪ ،‬بينما تظّل‬
‫أورشليم ‪ ،‬آمنة آهلة في موضعها " ‪.‬‬
‫ن هذا النص ُيشير إلى أن إسرائيل ‪ ،‬سُتهاجم معن قبععل أمععم‬ ‫ع مع أ ّ‬
‫كثيرة ‪ ،‬فينتصر الرب لورشليم وعشائرها ‪ ،‬وتبقى آمنة مطمئنة‬
‫‪ ،‬لكن في النصوص التي تلي هذا النص ‪ ،‬تجد نواحا ونحيبعا معن‬
‫قبععل ذريععة داود ‪ ،‬والنععواح والنحيععب ل يكععون عععادة مععن شععدة‬
‫الفرح ‪ ،‬وإنما من شدة اللم ‪ ،‬لوقوع فاجعة ما حّلععت بهععم ‪ ،‬وفععي‬
‫النص التالي ‪ ،‬وصفا لهذا النواح ‪:‬‬
‫" ‪ :11 :12‬في ذلك اليوم يكون النععواح فععي أورشععليم ‪ ،‬ممععاثل‬
‫للنواح في هدد رّمون في سهل مجّدو ‪ ،‬فيشيع النحيب بيععن أهععل‬
‫البلد " ‪.‬‬
‫عع وحسعب معا يعتقعد اليهعود والنصعارى ‪ ،‬فعإن هعذا النعص ُيحعّدد‬
‫سععععاحة المعركععععة البريععععة ‪ ،‬فععععي الحععععرب القادمععععة الُمسععععّماة‬

‫‪380‬‬
‫) هرمجدون ( ‪ ،‬بين إسرائيل وأعدائها ‪ ،‬في سععهل مج عّدو شععمال‬
‫فلسطين ‪.‬‬
‫" ‪ :12 :14‬وهععذا هععو البلء الععذي ُيعععاقب بععه الععرب ‪ ،‬جميععع‬
‫الشعععوب الععذين اجتمعععوا علععى أورشععليم ‪ :‬تته عّرأ لحععومهم وهععم‬
‫واقفععون علععى أرجلهععم ‪ ،‬وتتآكععل عيععونهم فععي أوقابهععا ‪ ،‬وتتلععف‬
‫ألسنتهم في أفواههم ‪ :13 .‬في ذلععك اليععوم ُيلقععي الععرب ‪ ،‬الرعععب‬
‫في قلوبهم ‪ ،‬حتى ترتفع يد الرجل ضد رفيقه فيهلكان معععا ‪:14 .‬‬
‫وُيحارب أبناء يهوذا أيضا دفاعا عن أورشليم ‪ ،‬ويغنمون ثروات‬
‫من المم الُمحيطة " ‪.‬‬
‫ع ُيشّكل هذا النص توليفة غريبععة ‪ ،‬مععن صععنع الكتبععة ‪ .‬فععالفقرة )‬
‫‪ (12‬تصف ما ُيشبه تععأثير تععّرض الجسععم لحععرارة شععديدة جععدا ‪.‬‬
‫والية )‪ (13‬تصف ما ُيشبه قيام الساعة ‪ .‬والفقرة )‪ (14‬وكأنهععا‬
‫نص مأخوذ ‪ ،‬مما يلي الفقرة )‪ (16‬في النععص اللحععق ‪ ،‬إذ كيععف‬
‫يقوم أبناء يهوذا بمحاربة الجثث المحترقة !!!‬
‫" ‪ :13 :9‬ها أنا ُأتر يهوذا كقوس ‪ ،‬وأجعل أفرايم كسهم ‪ ،‬وُأثير‬
‫رجال صهيون على أبناء اليونان ‪ ،‬فتكونين كسيف جّبععار ‪، … .‬‬
‫‪ :15‬يقيهععم الععرب القععدير حجععارة المقلع ‪ ،‬بععل تقصععر عنهععم‬
‫ويطئونها ‪ ،‬ويشععربون ويصععخبون كالسععكارى مععن الخمععر ) مععن‬
‫ب إلههم لنهععم‬ ‫نشوة النصر ( ‪ :16 .‬في ذلك اليوم ‪ُ ،‬يخّلصهم الر ّ‬
‫شعبه وقطيعه ‪ ،‬ويتألقون في أرضه كحجارة كريمة مرصّعععة فععي‬
‫تاج ‪ ،‬فما أجملهم وأبهاهم ! " ‪.‬‬
‫عع هععذا النععص يصععف رجععال ‪ُ ،‬يقععاتلون أبنععاء اليونععان ‪ ،‬أي ليععس‬
‫آباءهم ‪ ،‬واليونان هععم الغععرب ‪ ،‬وُيمّثلهععم الن أمريكععا وبريطانيععا‬

‫‪381‬‬
‫وحلف الناتو ‪ ،‬وهم كمععا نعلععم حلفععاء لسععرائيل ‪ ،‬فكيععف سععيقاتل‬
‫حلفائهم من أبناء اليونان ؟‬ ‫رجال صهيون ‪ُ ،‬‬
‫ع ملخص ما ُتفصح عنه هذه النصوص ‪:‬‬
‫بربط هذه النصوص مع النصوص السععابقة ‪ ،‬نجععد أن النصععوص‬
‫السابقة ‪ُ ،‬تحّذر اليهود من الفسععاد فععي الرض ‪ ،‬ومععن ثععم ُتخععبر‬
‫بأن الفساد سععيقع منهععم ل محالععة ‪ ،‬ممععا ُيحتععم انسععكاب الغضععب‬
‫اللهي عليهم ‪ ،‬والنتيجة هي وفاة ثلثيهم ‪ ،‬ونجاة ثلعث ‪ ،‬وخعراب‬
‫أرضععهم ‪ ،‬بمعنععى نهايععة دولتهععم فععي فلسععطين ‪ ،‬وهععذا يعنععي أن‬
‫القدس ‪ ،‬ستكون في أيعدي أنعاس معن غيعر اليهعود ‪ ،‬وهعم العذين‬
‫أنهوا الوجود اليهودي فيها ‪.‬‬
‫ومن ثم تبععدأ بالخبععار بععأن أورشععليم أي القععدس ‪ ،‬سععتكون محععط‬
‫أنظار جميع شعوب العععالم ‪ ،‬وبععأن شعععوبا كععثيرة ‪ ،‬سععتأتي لقتععال‬
‫أهلها والستيلء عليهععا ‪ ،‬فيهلكععوا جميعععا ‪ ،‬وتبقععى القععدس آمنعة‬
‫ععععامرة بسعععكانها ‪ .‬وهلك هعععذه الشععععوب سعععيكون باحتراقهعععا‬
‫بالسععلحة النوويععة ‪ ،‬وُيحععارب أهععل فلسععطين آنععذاك فععي معركععة‬
‫برية ‪ ،‬فُينصرون ويغنمون ويسلمون ‪.‬‬
‫والخصم ُيحّدده النص الخير ‪ ،‬بأبنععاء اليونععان ‪ ،‬أي حلعف النعاتو‬
‫بقيادة أمريكا ‪ ،‬وُيخبر النص بأن ال سععيقي شعععبه المتواجععد فععي‬
‫فلسععطين ‪ ،‬مععن صععورايخ أعععداءهم وقنععابلهم ‪ ،‬ويكععون النصععر‬
‫حليفهم ‪ ،‬ومن ثم ُيخبر عن صععفة القععوم ‪ ،‬الععذين ُيحععاربون أبنعاء‬
‫اليونان ‪ ،‬وهي صفة ل تليق إل بالمسلمين ‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫بننناء الهيكننل تعننبير مجننازي والمننراد منننه‬
‫إقامة الدين وليس إقامة البناء ‪:‬‬
‫" ‪ :14-17 :1‬هذا ما يقوله الرب القدير ‪ :‬إّنععي قععد غععرت علععى‬
‫أورشليم ‪ ،‬وعلى صهيون ) جبل المسجد ( غيرة عظيمة ‪ ) ،‬مععن‬
‫ن غضبي ُمتأجج على المم المتنعمة )‬ ‫أجل ما فعلوه فيها ( ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ح كععثيرا ( مععن‬ ‫وهععم علععى رأسععها ( ‪ .‬لقععد اغتظععت قليل ) والصع ّ‬
‫شعبي ‪ ،‬إل أّنهم زادوا من فواجعهم ‪ .‬لذلك يقول الععرب ‪ :‬سععأرجع‬
‫إلى أورشليم بفيض من المراحم ) بعودتهععا إلععى أهلهععا ( ‪ ،‬فُيبنععى‬
‫هيكلي ) فُيقام الدين ( ‪ ،‬وتعمر أورشععليم ) ُتّتخععذ عاصععمة للحكععم‬
‫السلمي ( ‪ ،‬واهتف قائل ‪ :‬هذا ما يقوله الرب القدير ‪ :‬ستفيض‬
‫ُمععدني خيععرا ثانيععة ويرجععع الععرب ‪ ،‬فُيع عّزي صععهيون ويصععطفي‬
‫أورشليم " ‪.‬‬
‫ع وفيما يلي تكرار لنفس النععص ‪ ،‬ولكععن بععدون التشععويهات الععتي‬
‫أضافها الكهنة إلى النص أعله ‪:‬‬
‫" ‪ :2-3 :8‬هذا ما يقوله الرب القدير ‪ :‬إّنني أغار على صهيون‬
‫غيرة عظيمة ‪ُ ،‬مفعمة بغضب شديد على أعدائها ) وأعداءها هععم‬
‫اليهععود أنفسععهم ( ‪ .‬لهععذا يقععول الععرب القععدير ‪ :‬هعا أنععا عععائد إلععى‬
‫ق ‪ ،‬كما ُيدعى‬ ‫صهيون ُلقيم في أورشليم ‪ ،‬فُتدعى آنئذ مدينة الح ّ‬
‫جبل الرب القدير بالجبل الُمقّدس " ‪.‬‬
‫ع وهذا سيكون عند ظهععور ملععك القععدس المنتظععر ‪ ،‬الععذي تتحعّدث‬
‫عنه النصوص التالية ‪:‬‬

‫‪383‬‬
‫ماه وصفة ملكه ‪:‬‬ ‫المهدي ومس ّ‬
‫" ‪ :8 :3‬فأصغ يا يهوشع رئيععس الكهنععة ‪ ،‬أنععت وسععائر رفاقععك‬
‫الكهنة الجالسين أمامك ‪ ،‬أنتم رجال آية ) أي شهود ( ‪ :‬وهععا أنععا‬
‫آتي بعبدي الذي ُيدعى الغصن " ‪.‬‬
‫" ‪ :12-15 :6‬هكذا يقول الععرب القععدير ‪ :‬هععا هععو الرجععل الععذي‬
‫اسمه الغصععن ‪ ،‬ينبععت مععن ذاتععه ] وفععي الترجمععة الثانيععة ‪ /‬ومععن‬
‫مكانه ينبت [ ‪ ،‬ويبني هيكل الرب ) أي يقيععم الععدين ( ‪ .‬هععو الععذي‬
‫يبني هيكل الععرب ويتجّلععل بالمجععد ‪ ،‬ويكععون ملكععا وكاهنععا فععي آن‬
‫واحد ) أي خليفة قائم بأمر الدين والدنيا ( ‪ ،‬فيجلس ويحكم علععى‬
‫عرشه ‪ ،‬فيعمل بفضععل مشععورة رتبععتيه ) أي الملععك والكهانععة ( ‪،‬‬
‫على إشاعة السلم بين قومه ‪ .‬ويتوافد قوم من بعيد ليبنوا هيكععل‬
‫الرب ‪.‬‬
‫ع وهذا الرجل ‪ ،‬غصن من شجرة محمد عليععه الصععلة والسععلم ‪،‬‬
‫وينبت في نفس المكان أي من جزيرة العرب ‪ ،‬التي ُيسّمونها في‬
‫التوراة ‪ ،‬جبال فاران ‪.‬‬
‫" ‪ :19-22 :8‬ستكون مواسعم ابتهعاج وفعرح وأعيعاد سععيدة ‪،‬‬
‫ق والسلم ‪ . … ،‬فتتوافد‬ ‫يتمتع بها شعب يهوذا ‪ ،‬لهذا أحّبوا الح ّ‬
‫أمععم كععثيرة وشعععوب قوّيععة ‪ ،‬ليلتمسععوا وجععه الععرب القععدير ‪ ،‬فععي‬
‫ُأورشليم وليحظوا برضاه ‪.‬‬
‫ع قارن ما بين النصين لتكتشف التحريف والتبديل ‪ ،‬حيث وضعوا‬
‫شعب يهوذا فعي النعص ) ‪ (22-19‬بعدل معن قععومه فععي النعص )‬
‫‪ (15-12‬أعله ‪ ،‬وأضععافوا إلععى النععص الثععاني ‪ ،‬ابنععة صععهيون‬
‫وابنة أورشليم ‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫ملننك القنندس المنتظننر ‪ ،‬الننذي ُتخننبر عنننه‬
‫توراة اليهود ‪ ،‬هو المهدي ‪:‬‬
‫" ‪ :9-10 :9‬ابتهجي جععدا يععا ابنععة صععهيون ‪ ،‬واهتفععي يععا ابنععة‬
‫أورشليم ‪ ،‬لن هو ذا ملكك ُمقبل إليك ‪ .‬هععو عععادل ظععافر ‪ ،‬ولكّنععه‬
‫وديع راكب على أتان ‪ .‬وأستأصل المركبات الحربية من أفرايععم ‪،‬‬
‫والخيل من أورشليم ‪ ،‬وتبيد أقواس القتال ‪ ،‬ويشععيع السععلم بيععن‬
‫المم ‪ ،‬ويمتّد ملكه من البحر إلى البحر ‪ ،‬ومععن نهععر الفععرات إلععى‬
‫أقاصي الرض " ‪.‬‬
‫ع يقول اليهود أنه الملك الرب ‪ ،‬ويقول النصارى أنه عيسى عليه‬
‫السلم وقد تحقععق ذلععك ‪ ،‬والحقيقععة أن هععذه النبععوءة مسععتقبلية ‪،‬‬
‫ولم تتحقق لغاية الن ‪ ،‬فصاحبها هو المهدي ‪ ،‬الذي سععيقهر كععل‬
‫خصععومه ‪ ،‬ومععن ثععم يشععيع السععلم والمععن ‪ ،‬علععى امتععداد ملكععه‬
‫ب‬
‫الموصوف بالنص ‪ ،‬وهذا مما يجعل أي صععحوة إسععلمية ‪ ،‬تععد ّ‬
‫الرعب في قلوبهم الفزعة ‪.‬‬
‫الدجال وصفته في التوراة ‪:‬‬
‫" ‪ :16 :11‬فها أنا مزمع ‪ ،‬أن ُأقيم في الرض راعيععا ‪ ،‬ل يعبععأ‬
‫بععالغنم الشععاردة ‪ ،‬ول يفتقععد الحملن أو يجععبر المكسععورين ‪ ،‬ول‬
‫سمان منهم ‪ ،‬وينزع أظلفهععم ‪،‬‬ ‫ُيغذي الصحيح ‪ ،‬ولكنه يفترس ال ِ‬
‫ويل للراعي الحمق الععذي يهجععر القطيععع ‪ .‬ليبععتر السععيف ذراعععه‬
‫ف عينععه اليمنععى عععن‬
‫ويفقأ عينععه اليمنععى ‪ ،‬فُتيّبععس ذراعععه ‪ ،‬فتكع ّ‬
‫البصر " ‪.‬‬
‫ب إلهي في موكب ‪ ،‬من جميع قّديسيه‬ ‫" ‪ ، … :5 :14‬ويأتي الر ّ‬
‫‪ .‬في ذلك اليوم ‪ ،‬يتلشى نور الكواكب ‪ ،‬ول يكون برد ول صقيع‬
‫ب ‪ ،‬ل نهار فيه ول ليععل ‪،‬‬ ‫‪ .‬ويكون يوم متواصل معروف عند الر ّ‬
‫‪385‬‬
‫إذ يغمر النهار ساعات المساء ‪ .‬في ذلك اليععوم تجععري ميععاه حيععة‬
‫ب نصععفها فععي البحععر الشععرقيّ ‪ ،‬ونصععفها فععي‬ ‫من أورشليم ‪ ،‬يص ّ‬
‫ب على الرض كلها ‪ ،‬فيكععون فععي ذلععك‬ ‫البحر الغربي ‪ ،‬ويملك الر ّ‬
‫ب واحد ل ُيذكر سوى اسمه " ‪.‬‬ ‫اليوم ‪ ،‬ر ّ‬
‫" ‪ :16 :14‬فيصعععد النععاجون مععن المععم ‪ ،‬الععتي تععأّلبت علععى‬
‫أورشليم ‪ ،‬سنة بعد سنة ليعبدوا الملععك الععرب القععدير ‪ ،‬ويحتفلععوا‬
‫لت " ‪ .‬وإن تقاعسععت أّيععة عشععيرة مععن عشععائر أمععم‬ ‫بعيععد المظ ّ‬
‫الرض ‪ ،‬عن الصعود إلى أورشليم ‪ ،‬لتسجد للملك الرب القدير ‪،‬‬
‫يمتنععع المطععر عععن الهطععول علععى ديععارهم ‪ ،‬وإن أبععى أهععل مصععر‬
‫الصعود ‪ ،‬للشعتراك فعي الحتفعال ‪ ،‬يحعّل البلء العذي ُيععاقب بعه‬
‫لت … ‪ ،‬ول يبقى‬ ‫الرب المم ‪ ،‬التي ل تجيء للحتفال بعيد المظ ّ‬
‫جار في ذلك اليوم " ‪.‬‬ ‫في هيكل الرب القدير ت ّ‬
‫ع من يملك درايععة بالحععاديث النبويععة الخاصععة بععآخر الزمععان ‪ ،‬ل‬
‫يشك بأن هذه النصوص بالرغم من تلعب الكتبة بها وتشععويهها‬
‫‪ ،‬تصععف حععال الععدجال ‪ ،‬ومععا يملععك مععن خععوارق ‪ ،‬فععي الفقرتيععن‬
‫الولى والثالثة ‪ ،‬فهو يأتي لُيفسد في الرض ‪ ،‬وهو أعور العيععن‬
‫الُيمنى ‪ .‬يومه الول كسنة ليس فيه تعاقب لليععل والنهععار ‪ ،‬وبيععن‬
‫يعديه نهعران ‪ ،‬نهعر معن معاء ونهعر معن نعار ‪ ،‬ويعّدعي الربوبيعة‬
‫ويجوب الرض كلها ‪ ،‬وإن امتنعع قعوم معن السعتجابة لعه ‪ ،‬أمعر‬
‫السماء فأمسكت ‪ ،‬وأصبحت سععمان مواشععيهم هزيلععة ‪ ،‬والعكععس‬
‫بالعكس ‪ .‬والنص الخير يدعوهم لعبادة هذا الملك الرب القععدير ‪،‬‬
‫فلذلك فهم ينتظرون ظهوره ‪ ،‬ويريدون استعجال المر ‪ ،‬ليحارب‬
‫أعدائهم ‪ ،‬كما كان ُيحارب عنهم في اليام الغععابرة ‪ ،‬وأمععا الفقععرة‬
‫الثانية ‪ ،‬فكأنها تصف يععوم القيامععة فععي قععوله تعععالى ) َيعْوَم ُتَبعّدُل‬
‫حعِد اْلَقّهععاِر )‪48‬‬‫ت َوَبعَرُزوا لِّع اْلَوا ِ‬
‫سعَمَوا ُ‬
‫ض َوال ّ‬‫غْيَر اَْلْر ِ‬
‫ض َ‬
‫اَْلْر ُ‬
‫‪386‬‬
‫ظَلعٍل مِعنَ‬
‫ن ِإّل َأنْ َيعْأِتَيُهُم الُّع ِفععي ُ‬
‫ظُرو َ‬‫إبراهيم ( ‪ ،‬وقوله ) َهْل َيْن ُ‬
‫جعُع اُْلُمععوُر )‪210‬‬ ‫لع ُتْر َ‬‫ي اَْلْمعُر َوِإَلععى ا ِّ‬‫ضع َ‬ ‫لِئَكعُة َوُق ِ‬
‫اْلَغَمععاِم َواْلَم َ‬
‫البقرة ( ‪.‬‬
‫النبننوءات التوراتيننة وأثرهننا فنني تشننكيل‬
‫وهة ‪:‬‬ ‫القناعات والعقائد اليهودية المش ّ‬
‫هعذه النبعوءات التوراتيعة الواععدة ‪ ،‬شعكّلت أحعد أبعرز العقعد فعي‬
‫الشخصية اليهودية ‪ ،‬وهي التطلععع الععدائم إلععى الملععك والسععيادة ‪،‬‬
‫في أرض الميعاد ‪ .‬وهذه النبوءات ‪ ،‬كانت ُتس عّير اليهععود ‪ ،‬علععى‬
‫مععدى تععاريخهم الطويععل ‪ ،‬ومععا زالععت ‪ ،‬فععي حّلهععم وترحععالهم فععي‬
‫أرجاء الرض ‪ ،‬بحثا عن هععذا الُملععك التععوراتي الموعععود ‪ ،‬الععذي‬
‫نسجته أقلم الكهنة ‪ ،‬فظلموا أنفسهم وظلمععوا مععن جععاء بعععدهم ‪،‬‬
‫عميععان البصععر‬ ‫ممععن آمععن بععأن هععذا مععن عنععد العع ‪ ،‬لُيلقععي ُ‬
‫والبصيرة ‪ ،‬من أبنائهم هذه اليام ‪ ،‬مصيرهم المظلم والمحتععوم ‪،‬‬
‫والذي تقشعّر من وصفه في التععوراة ‪ ،‬أبععدان الععذين يعقلععون مععن‬
‫الناس ‪ .‬ولكععن اليهععود … ل يسععمعون … ول ُيبصععرون … ول‬
‫يعقلعععون … ول يفقهعععون … إل أكعععاذيب أربعععابهم معععن الكهنعععة‬
‫والحبار ‪ .‬ولذلك سيكون من ينجو منهم ‪ ،‬من عقاب وعد الخرة‬
‫جال عنععد ظهععوره بملكععه المععادي ‪ ،‬الععذي هععو‬ ‫‪ ،‬صععيدا سععهل للععد ّ‬
‫القععرب للوصععف الععذي خطععه الكهنععة ‪ ،‬وهععو القععرب لهععوائهم‬
‫وأطمععاعهم ‪ ،‬الععتي لععم تختلععف قيععد أنملععة عععن أهععواء وأطمععاع‬
‫أسلفهم ‪.‬‬
‫قراءة في العقائد اليهودية ‪:‬‬
‫اليهود أقرب إلى القرار بوجععود الع مععن إنكععاره ‪ ،‬ولكععن معرفععة‬
‫الُمقِ عّر منهععم بععال محصععورة ‪ ،‬فععي إطععار مععا جععاء فععي التععوراة‬
‫‪387‬‬
‫والتلمود ‪ ،‬التي تصف ال بصفات ‪ ،‬أقرب مععا يكععون إلععى صععفات‬
‫الب البشري ‪ ،‬الذي يعطي ويعطف ويعفو ويصععفح ‪ ،‬ول يغضععب‬
‫علععى أبنععائه ‪ ،‬مهمععا بلغععوا مععن السععوء ‪ ،‬وُيخطععئ ولكنععه يعععود‬
‫ويعترف بخطئه فععي حععق أبنععائه ‪ ،‬ويرجععع عنعه ‪ ،‬وهععم يعتععبرون‬
‫أنفسهم البن البكر ‪ ،‬صاحب الحظوة عند الب كمععا هععي العععادة ‪،‬‬
‫ويتعاملون مع ال على هذا السععاس ‪ ،‬لفهمهععم الخععاطئ لمسععألة‬
‫التفضيل ‪ ،‬باختيارهم لحمل الرسالة السماوية ‪ ،‬ورعاية الع لهععم‬
‫فيما مضى من الزمان ‪ ،‬وتستطيع تصّور العقلية الععتي يتعععاملون‬
‫بها مع ال ‪ ،‬بعقلية البن الُمدّلل الناني الفاسد والمفسععد ‪ ،‬عععديم‬
‫البصر والبصيرة ‪ ،‬والذي ل يتوقع من أبيه الذى ‪ ،‬مهما ارتكععب‬
‫من أخطاء ‪ .‬حتى ولو حّذره والده مرارا وتكرارا ‪ ،‬من استمراره‬
‫على نفس الحال ‪ ،‬فهو ل يريععد أن ُيص عّدق أن هععذا الب المعطععاء‬
‫الحاني ‪ ،‬من الممكن يومععا مععن اليععام ‪ ،‬أن ُيعععاقب ابنععه المععدّلل ‪،‬‬
‫مهما كانت السباب ‪ .‬وتستطيع تصّور الكيفيععة الععتي يتعامععل بهععا‬
‫اليهود ‪ ،‬مع باقي البشر ‪ ،‬من خلل الكيفية التي يتعامل بهععا ذلععك‬
‫البن مع بععاقي أخععوته ‪ ،‬وهععذه الكيفيععة هععي مععا تجععده فععي تعععاليم‬
‫التلمود ‪.‬‬
‫خر ‪ ،‬فمععؤدى‬ ‫وأخطر معتقدات اليهود ‪ ،‬هو عدم اليمان باليوم ال ِ‬
‫خععر ‪ ،‬هععو نكععران للبعععث بعععد المععوت ‪ ،‬ونكععران‬ ‫نكععران اليععوم ال ِ‬
‫للحسععاب ‪ ،‬ونكععران للجععزاء الخععروي ‪ ،‬والبععديل إن ُوجععد فهععو‬
‫الجزاء الدنيوي ‪ .‬وهذا مما يععؤدي إلععى العتقععاد بعبثيععة الخلععق ‪،‬‬
‫وعبثية اليمان بال أصل ‪ ،‬فل جدوى مععن الصععلح والصععلح ‪،‬‬
‫إن لم يكن هناك ثععواب ‪ ،‬ول ضععير مععن الفسععاد والفسععاد ‪ ،‬إن لععم‬
‫يكن هناك عاقبة ‪ ،‬وبعض من هذه الفكار اللحادية ‪ ،‬تجععدها فععي‬
‫التوراة فععي سععفر الجامعععة ‪ ،‬سععفر العبععث والعبثيععة ‪ .‬ولععذلك أخععذ‬
‫‪388‬‬
‫اليهود على عاتقهم ‪ ،‬مسؤولية الفساد فععي الرض دونمععا وازع‬
‫أو رادع ‪ ،‬بمععا أخفععاه مؤلفععو التععوراة مععن ذكععر لليععوم الخععر‬
‫ومتعّلقاته ‪ ،‬فالثواب حسب اعتقادهم ‪ ،‬هو مقدار مععا ينععالونه مععن‬
‫كسب دنيععوي بشععتى الوسععائل والسععبل ‪ ،‬والعقععاب هععو مقععدار مععا‬
‫يخسرونه من هذا الكسب ‪ .‬وحتى ُيجّنععب رب العععزة أّمععة السععلم‬
‫خطر هذا العتقاد ‪ ،‬اقترن ذكر اليمان بال بععذكر اليمععان بععاليوم‬
‫الخر والخععرة ‪ ،‬بصععريح اللفععظ ‪ 26‬معرة فعي القععرآن ‪ ،‬وتكععاد ل‬
‫تخلو سورة من ذكر متعّلقاته أو التذكير بها ‪ ،‬مععن بعععث وحسععاب‬
‫وجزاء ‪ ،‬ومعا يليعه معن عقعاب وثععواب ‪ .‬وانعععدام إيمععانهم بععاليوم‬
‫الخر ‪ ،‬أوجد لديهم الصفات السلبية ‪ ،‬التي تمتعوا بهععا علععى معرّ‬
‫العصععور ‪ ،‬مثععل الحععرص علععى الحيععاة ‪ ،‬والجبععن ‪ ،‬والبخععل ‪،‬‬
‫والسعي وراء الكسب المادي ‪ ،‬وانعدام المبادئ والقيم والصععفات‬
‫البشرية المحمودة ‪.‬‬
‫وللتعععويض عمععا حععذفوه مععن الصععول العقائديععة الصععحيحة ‪،‬‬
‫وللتوفيععق مععا بيععن المعتقععدين السععابقين ‪ ،‬طععرح مؤلفععو التععوراة‬
‫والتلمود ‪ ،‬الكثير من الفكار اللحادية ‪ ،‬كفكرة الملك اللععه الععرب‬
‫من نسل داود ‪ ،‬الذي سيظهر بلحمه ودمه ‪ ،‬ليسكن جبل صهيون‬
‫في القدس ‪ ،‬ويحكم العالم إلى البد ‪ ،‬لينفوا بعبارة ) إلععى البععد (‬
‫أي أمععل لليهععود ليعتقععدوا بنهايععة الحيععاة الععدنيا ‪ ،‬وبوجععود حيععاة‬
‫أخرى هي التي تتصف بالبديععة ‪ ،‬ممععا أبهععم علععى العامععة مصععير‬
‫الروح بعد الموت ‪ ،‬فطرحوا حول مصيرها أفكار متضاربة ‪ ،‬هععي‬
‫أقرب إلى المعتقدات الوثنية ‪ ،‬منها إلى أي شيء آخر ‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫أثر هذه المعتقدات في الشخصية اليهودية‬
‫‪:‬‬
‫كععان السععبي البعابلي بمعا أحععدثه معن دمععار وتنكيعل وأسعر ‪ ،‬أكعبر‬
‫صدمة يتعرض لها الشعععب اليهععودي ‪ ،‬حيعث قلبععت كيععانهم رأسععا‬
‫على عقب ‪ ،‬ولم تقم لهم قائمة منذ ذلك اليوم ‪ ،‬حععتى تمكنععوا مععن‬
‫تحقيععق علععوهم الثععاني فععي فلسععطين ‪ ،‬ولععول مشععيئة ال ع الععتي‬
‫ينكرونها ما كان ‪ .‬والذي لم يكن يتخيله أو يتصوره اليهود آنذاك‬
‫وهم في قمة علععوهم الول ‪ ،‬أن يتخلععى عنهععم رب الجنععود ‪ ،‬وأن‬
‫يبعث عليهم أمة جافية الوجه ‪ ،‬لتعمل فيهم سععيف انتقععامه ‪ ،‬وأن‬
‫ُينزل بهم ضعة وذّل وخزيا ‪ ،‬بعد عزة وقوة وعلععو ‪ ،‬بععالرغم مععن‬
‫كل ذلك الععدلل ‪ -‬الموّثععق فععي التععوراة ‪ -‬الععذي أحععاطهم بععه ‪ ،‬منععذ‬
‫خروجهععم مععن مصععر ‪ ،‬ومععا أجععراه لهععم مععن معجععزات ‪ ،‬وعفععوه‬
‫سععبحانه عنهععم رغععم كفرهععم وعصععيانهم وعععدوانهم ‪ ،‬مععرارا‬
‫وتكرارا ‪ ،‬حتى أدخلهم إلى الرض المقّدسععة ‪ ،‬وأقععام لهععم مملكععة‬
‫بل جهد أو عناء ‪.‬‬
‫وبالرغم من وضع نبوءة الفسادين وما يليهما من عقاب ‪ ،‬سيفا‬
‫إلهيا مسلطا على رقابهم ‪ ،‬لم ولن يرجعوا عن غيهم وطغيانهم ‪،‬‬
‫فهعععم مسعععكونون بمعععا تقعععّوله كهنتهعععم وأحبعععارهم وحاخامعععاتهم‬
‫) الحكماء ( ‪ ،‬على ال وعلى رسله ‪ ،‬وعلى كل مععا هععو مقعّدس ‪،‬‬
‫مما أدى إلى إصابتهم كأّمة ‪ ،‬بحالة معقعّدة مععن الفصععام العقلععي ‪،‬‬
‫من جراء اعتناقهم لمعتقدات خاطئة ‪ ،‬نتيجة ما زرعععه حكمععاؤهم‬
‫في التوراة والتلمود ‪ ،‬من خرافات وأسععاطير وآراء وتفسععيرات ‪،‬‬
‫هي أقرب ما يكون إلى الوهام والهلوس ‪ ،‬فأنبتت تلك المسععوخ‬
‫الشيطانية ‪ ،‬عديمة البصر والبصيرة ‪ ،‬التي اّتحدت وآمنت بشععكل‬
‫جمععاعي بمعتقععدات خاصععة بهععا ‪ ،‬تتنععافى مععع الطبيعععة البشععرية‬
‫‪390‬‬
‫السليمة ‪ ،‬فُرفضت واضطهدت من كل المجتمعات البشرية ‪ ،‬التي‬
‫ساءها ذلك السلوك الجماعي الشععاذ والمنحععرف لتلععك المسععوخ ‪،‬‬
‫وبالتالي لم تجد الشعوب ‪ ،‬حل لمشكلتهم ‪ ،‬إل الطرد والنفي ‪ ،‬أو‬
‫إجبارهععا بمراسععيم ملكيععة ‪ ،‬علععى التقوقععع والعيععش كالبهععائم فععي‬
‫حظائر المواشي ‪ ،‬المسماة بالغيتوهات أو الكيبوتس ‪ ،‬ومععع ذلععك‬
‫ن الغعرب أنهعم بإيجععاد غيتععو كععبير لهععم‬
‫لم ينجح هعذا الحععل ‪ ،‬وظع ّ‬
‫فلسطين ‪ ،‬ونفيهم إليه وحشرهم فيه ‪ ،‬سيتخلصون من مشععكلتهم‬
‫إلى البد ‪ ،‬ولكن تععبين لهععم بعععد فععوات الوان ‪ ،‬أنهععم كععانوا علععى‬
‫خطأ ‪ ،‬إذ أنهععم بعععد تمّكنهععم مععن إقامععة وطععن قععومي لهععم ‪ ،‬أصعرّ‬
‫معظمهم وخاصة الغنياء منهم على البقاء في الغععرب ‪ ،‬فأصععيب‬
‫نصارى الغرب مؤخرا بعدوى الفصعام اليهعودي ‪ ،‬لنهعم يملكعون‬
‫استعدادا وراثيا توراتيا لذلك ‪ ،‬لما يحملونه بدورهم من معتقععدات‬
‫خاطئة ‪ ،‬بنععاًء علععى مععا جععاء فععي النجيععل ‪ ،‬مععن أوهععام وهلوس‬
‫مشععابهة ‪ .‬لععذلك مععن الطععبيعي جععدا ‪ ،‬أن تععرى زعمععاء اليهععود‬
‫يصعععافحون الععععرب ‪ ،‬راسعععمين علعععى شعععفاهم تلعععك البتسعععامة‬
‫العريضة ‪ ،‬بينما أيديهم تقطععر مععن دم أبنععائهم وأخععوانهم ‪ ،‬وكععأن‬
‫شيئا لم يكن ‪.‬‬
‫ما يعتقده اليهود بالنسبة لوجودهم الحالي‬
‫في فلسطين ‪:‬‬
‫خلصة ما يعتقده اليهود هذه اليام ‪ ،‬وهم القععرب والكععثر فهمععا‬
‫لنبعوءات التعوراة ‪ ،‬لمعرفتهعم بعالطرق السعرية العتي ُكتبعت فيهعا‬
‫نصوص التوراة ‪ ،‬وما تضمنته من أسرار ورموز ‪ ،‬مفاتيح حلها‬
‫موجودة ‪ ،‬في كتب خاصة لديهم ‪ ،‬بناًء على ما تقّدم ‪:‬‬

‫‪391‬‬
‫‪ُ .1‬تخبرهم بعععض نصععوص التععوراة بععأنهم ‪ ،‬بعععد العععودة مععن‬
‫الشتات ‪ ،‬ل محالة سُيفسدون ‪ ،‬وأن ال سععيبعث عليهععم مععن‬
‫ُيعاقبهم ‪ ،‬من العراق أو إيران أو كليهما ‪.‬‬
‫ن ُملكهععم بعععد العععودة مععن‬‫‪ .2‬وُتخععبرهم نصععوص أخععرى ‪ ،‬أ ّ‬
‫الشتات ‪ ،‬سينضوي مستقبل ‪ ،‬تحت لواء ملك من نسل داود‬
‫أو الملك الععرب القععدير ‪ ،‬يظهععر آخععر الزمععان ‪ ،‬يقععود اليهععود‬
‫وينتصر على أعداء إسرائيل ‪ ،‬في الحرب القادمععة ‪ ،‬ويحكععم‬
‫العالم أجمع من القدس ‪ ،‬ملكا أبديا ‪ ،‬يتصععف بععالحق والعععدل‬
‫والسلم ‪ ،‬وأن أوانععه قععد اقععترب ‪ ،‬ولتعجيععل ظهععوره ‪ ،‬ل بععد‬
‫لهععم مععن السععتيلء علععى أرض فلسععطين كاملععة ‪ ،‬وتفريععغ‬
‫شعبها منها ‪ .‬وهدم المسجد القصى ‪ ،‬وبنععاء الهيكععل ‪ ،‬لكععي‬
‫يتسععنى لهععذا الملععك تقععديم القربععان الُمقععّدس علععى مذبععح‬
‫الهيكل ‪ ،‬وهو أول عمل سيقوم به فور ظهععوره ‪ ،‬ويعتقععدون‬
‫جل بظهور هذا الملك ‪.‬‬ ‫بأن سرعة إنجاز هذه المور ‪ ،‬سُتع ّ‬
‫‪ .3‬وُتخبرهم نصوص أخرى ‪ ،‬أن هناك كم هائل من العداء ‪،‬‬
‫الذين سُيهاجمون إسرائيل مستقبل ‪ ،‬وسيكون النصر حليف‬
‫إسرائيل وحلفائها ‪ .‬لذلك فهم يعملون بل كلععل أو ملععل ‪ ،‬مععن‬
‫وراء السععتار الغربععي المريكععي البريطععاني ‪ ،‬لتععأمين هععذا‬
‫النصر الموعود ‪.‬‬
‫ع لذلك ل بد لهم من أجععل مخالفععة النبععوءة الععتي تخععبر عععن دمععار‬
‫دولتهععم ‪ ،‬ومععن أجععل تحقععق النبععوءة ‪ ،‬الععتي تنسععب إليهععم الملععك‬
‫البدي ‪ ،‬الذي سيقوم في القدس في نهاية المر ‪ ،‬أن يعملوا ‪:‬‬
‫‪ .1‬علععى تقويععة إسععرائيل بإمععدادها بععالموال والتكنولوجيععا‬
‫العسكرية الُمتطّورة التقليدية والنووية ‪.‬‬
‫‪392‬‬
‫‪ .2‬على إجبار دول هؤلء العداء التوراتيععون علععى المععوالة‬
‫للغععرب ‪ ،‬ومععن ثععم المععوالة لسععرائيل عععن طريععق الععترغيب‬
‫والترهيب ‪.‬‬
‫‪ .3‬على حرمان الدول المعادية لسرائيل مععن هععذه القععدرات ‪،‬‬
‫وإضعاف هذه القدرات حين امتلكها وتدميرها ‪.‬‬
‫‪ .4‬علععى تععدمير السععتقرار الععداخلي لتلععك الععدول ‪ ،‬سياسععيا‬
‫واقتصاديا واجتماعيا ‪ ،‬إن تعّذر ذلك عسكريا ‪.‬‬
‫ع ويعتقدون أن الخطر القادم يتمّثل بشكل أساسي في ‪:‬‬
‫‪ .1‬البلدان العربية والسلمية وعلى رأسها العراق ‪.‬‬
‫‪ .2‬البلدان الشععيوعية المناهضععة للديموقراطيععة الرأسععمالية ‪،‬‬
‫وعلى رأسها روسيا ‪.‬‬
‫‪ .3‬شخص الميععر الُمسععلم الععذي أخععبرت عنععه التععوراة ‪ ،‬بععأنه‬
‫سعععيخرج معععن جزيعععرة الععععرب ‪ ،‬ليملعععك مشعععارق الرض‬
‫ومغاربها ‪.‬‬
‫وللسباب الثلثععة مجتمعععة ‪ ،‬عمععل اليهععود ومععا زالععوا يعملععون ‪،‬‬
‫على تواجد الساطيل والقواعد العسكرية المريكية البريطانيععة ‪،‬‬
‫بشععكل مكثععف فععي منطقععة الخليععج العربععي والجزيععرة العربيععة ‪،‬‬
‫وتركيا والبحر الحمر والبحر البيض المتوسععط سععابقا ولحقععا ‪،‬‬
‫لكي تمنع العراق من مهاجمة إسرائيل ‪ ،‬ولكعي تمنععع هعذا الميععر‬
‫المسععلم مععن الخععروج مععن أرض الجزيععرة ‪ ،‬وظهععور أمععره وأمععر‬
‫السلم من جديد ‪ .‬فكما أنهم أي اليهود ‪ ،‬سكنوا جزيرة العععرب ‪،‬‬
‫ليحاربوا جّده عليه الصلة والسععلم ‪ .‬فهععم الن متواجععدون فيهععا‬
‫تحت القناع المريكي ‪ ،‬في انتظار خروجه ‪ ،‬ليحععاربونه بل أدنععى‬
‫شك ‪ .‬ولقطع الطريق علععى الجيععش الروسععي عنععد هجععومه علععى‬
‫‪393‬‬
‫إسرائيل ‪ ،‬أما اّدعائهم بالتواجد في منطقة الخليج ‪ ،‬للحفاظ علععى‬
‫مصععالح الوليععات الُمتحععدة ‪ ،‬فععذلك لععذّر الرمععاد فععي العيععون ‪،‬‬
‫فمصالحهم محمّية بسواعد عربية ‪ ،‬وأوامرهم مطاعععة حععتى فععي‬
‫غرف النوم ‪.‬‬
‫وغزو العراق لسرائيل ‪ ،‬الذي هو أول مشهد في الحلقة الخيرة‬
‫‪ ،‬من مسلسل اليهود التاريخي الطويل ‪ ،‬قد اقترب أوانه وأشععرف‬
‫زمععانه ‪ ،‬وهععم يعلمععون ذلععك مععن خلل الحسععاب ‪ ،‬ومععن خلل‬
‫الظواهر الفلكية ‪ ،‬كمعا علمعوا قعديما ععن طريعق الفلعك ‪ ،‬بموععد‬
‫مولده عليه السلم وموعد بعثه ‪.‬‬
‫مياتها‬ ‫أعداء دولة إسرائيل التوراتيون بمس ّ‬
‫القديمة والحديثة حسب تفسيرهم ‪:‬‬
‫‪ .1‬بابععل وآشععور وبلد الكلععدانيين ورجععال فععارس عع العععراق ‪.‬‬
‫) درجة أولى في العداء التععوراتي لسععرائيل ‪ ،‬وبامتيععاز مععع‬
‫ي الخليععج الولععى‬‫مرتبععة الشععرف ( ‪ .‬تععم تععوريطه فععي حرب ع ّ‬
‫والثانية ‪ ،‬وضرب المفاعل النووي ‪ ،‬وفرض حصار أبععدي ‪،‬‬
‫ويطمحون إلععى إبععادة شعععبه بالسععلحة النوويععة ‪ ،‬فععي أقععرب‬
‫فرصة ممكنة ‪ .‬ومشمول في قائمة الدول الراعية للرهاب ‪.‬‬
‫‪ .2‬روش وماشك وتوبال وكّل حلفائهما ‪ ،‬وبيت توجرمععة مععن‬
‫أقاصي الشمال ع دول التحععاد السععوفييتي السععابق ‪ ) .‬درجععة‬
‫ثانيععة ( ‪ .‬تععم تفكيععك التحععاد السععوفييتي ‪ ،‬وإضعععاف الحععزب‬
‫الشعععيوعي المنعععاهض للغعععرب ‪ ،‬وتعععدمير اقتصعععاد روسعععيا‬
‫وتوريطها مع صندوق النقد الدولي ‪ .‬وتوريطها فععي حربيععن‬
‫استنزافيتين في جمهورية الشيشان ‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫‪ .3‬مععادي ‪ ،‬ملععوك الشععرق ععع إيععران ‪ ) .‬درجععة ثانيععة ( ‪ .‬تععم‬
‫توريطهععا فععي حععرب الخليععج الولععى ‪ ،‬ومقاطعععة اقتصععادية‬
‫أمريكية وعداء ُمعلن ‪ ،‬تشجيع الحركات الصلحية الهدامععة‬
‫‪ ،‬وإثارة الفتن والثورات الداخلية ‪ ،‬لشعععال حععروب أهليععة ‪،‬‬
‫طمعا في قلب نظام الحكم السلمي فيها ‪ ،‬وهي مشمولة في‬
‫القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب ‪.‬‬
‫‪ .4‬إثيوبيا عع السععودان ‪ ) .‬درجععة ثالثععة ( ‪ .‬مععا زالععت الحععروب‬
‫الهليععة الععتي يععدعمها الغععرب مشععتعلة فيهععا ‪ ،‬ومقاطعععة‬
‫اقتصععادية أمريكيععة وعععداء ُمعلععن ‪ُ ،‬وقصععفت بالصععواريخ‬
‫المريكية في زمن ) كلينتون ( ‪ ،‬لتهامها بالتعاون مععع ابععن‬
‫لدن ‪ ،‬وهي مشمولة في القائمععة المريكيععة للععدول الراعيععة‬
‫للرهاب ‪.‬‬
‫‪ .5‬ليبيا ‪ ) .‬درجة ثالثة ( ٌقصفت من قبل الطععائرات المريكيععة‬
‫فععي زمععن الرئيععس المريكععي ) ريغععان ( ‪ ،‬تععم فبركععة حادثععة‬
‫تفجير الطععائرة ) لععوكربي ( ‪ ،‬واُتهمععت بتععدبيرها ‪ ،‬ومععن ثععم‬
‫ُفععرض عليهععا ‪ ،‬حظععر دولععي مععن مجلععس المععن ‪ ،‬ومقاطعععة‬
‫اقتصعادية أمريكيعة ‪ ،‬وهعي مشعمولة فعي القائمعة المريكيعة‬
‫للدول الراعية للرهاب ‪.‬‬
‫‪ .6‬أشععور وحلفائهععا عع سععوريا ‪ ) .‬درجععة ثالثععة ( ‪ .‬موضععوعة‬
‫على جدول مؤامراتهم القادمة ‪ ،‬وهي مشععمولة فععي القائمععة‬
‫المريكية للدول الراعية للرهاب ‪.‬‬
‫‪ .7‬عيلم وحلفاؤها ‪ ،‬ملوك الشرق ع أفغانستان وباكسععتان ‪) .‬‬
‫درجة ثالثة ( ‪ .‬حظر ومقاطعة اقتصادية على كلتا الدولتين ‪،‬‬
‫تعععم قصعععف معسعععكرات تنظيعععم القاععععدة فعععي أفغانسعععتان ‪.‬‬
‫‪395‬‬
‫وأفغانسععتان غيععر مشععمولة فععي القائمععة المريكيععة للععدول‬
‫الراعية للرهاب ‪ ،‬كونهم ل يعترفون بنظام الحكم فيها ‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫النبوءات النجيلية بين الماضي‬
‫والمستقبل‬
‫النجيععل فععي الصععل كتععاب سععماوي ‪ُ ،‬أنععزل علععى عيسععى عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬بنص واحد مصدقا لمععا جععاء فععي التععوراة ‪ ،‬ويحمععل فععي‬
‫طياته شريعة جديدة لليهود ‪ ،‬وناسخة لبعض ما جاء في شععريعة‬
‫موسى ‪ ،‬لتخّفف عنهم الكثير مععن العبععاء ‪ ،‬والكععثير مععن القيععود‬
‫والغلل ‪ ،‬التي كانوا قد ألزموا بها في التععوراة ‪ ،‬نتيجععة فسععقهم‬
‫وعصيانهم وظلمهم ‪.‬‬
‫ومن أهم ما جععاء بععه عيسععى عليععه السععلم ‪ ،‬هععي البشععرى بنععبي‬
‫الهععدى ) أحمععد ( عليععه الصععلة والسععلم ‪ .‬وكلمععة النجيععل فععي‬
‫اليونانية تعني البشععرى أو البشععارة ‪ ،‬ويعّدعي النصععارى أن هععذه‬
‫البشرى هي بشرى الخلص ‪ .‬أّما فيمععن كععانت البشععارة حقيقععة ‪،‬‬
‫س عَراِئيَل‬‫ن َمْرَي عَم َيَبِنععي ِإ ْ‬‫سى اْب ع ُ‬ ‫عي َ‬ ‫فنجده في قوله تعالى ) َوِإْذ َقاَل ِ‬
‫ش عًرا‬
‫ن الّت عْوَراِة َوُمَب ّ‬ ‫ي ِم ع َ‬‫ن َي عَد ّ‬
‫صّدًقا ِلَمععا َبْي ع َ‬
‫ل ِإَلْيُكْم ُم َ‬
‫سوُل ا ِّ‬ ‫ِإّني َر ُ‬
‫ت َقاُلوا َهَذا‬‫جاَءُهْم ِباْلَبّيَنا ِ‬ ‫حَمُد َفَلّما َ‬ ‫سُمُه َأ ْ‬ ‫ن َبْعِدي ا ْ‬ ‫سوٍل َيْأِتي ِم ْ‬ ‫ِبَر ُ‬
‫ن )‪ 6‬الصععف ( ‪ .‬ونععص البشععارة بنبينععا محمععد عليععه‬ ‫س عحٌْر ُمِبي ع ٌ‬
‫ِ‬
‫الصلة والسعلم ‪ ،‬موجععود فعي النجيعل الرابعع المنسعوب ليحيعى‬
‫) يوحّنعععا ( عليعععه السعععلم ‪ ،‬فعععي الصعععحاحات ) ‪ ( 16-14‬ع ‪،‬‬
‫وُمسّمياته هي " المؤّيد" و " المؤّيد الروح الُقدس " و " روح‬
‫الحق " و" سّيد هذا العالم " ‪ ،‬في الترجمة الععتي اقتبسععت منهععا‬
‫هذا النص ‪ .‬وفي ترجمات أخرى ‪ " :‬الععروح الُقععدس المُِعيعن " ‪،‬‬
‫" الُمَعّزي " ‪.‬‬
‫أما ما هو موجود هذه اليام في الناجيععل ‪ ،‬هععو ُمج عّرد بقايععا مععن‬
‫الععوحي اللهععي ‪ ،‬الُمنععزل علععى الرسععل ‪ .‬وهععذا مععا يؤك عّده حععتى‬
‫‪397‬‬
‫المؤمنين به من النصارى أنفسهم ‪ .‬فقععد جععاء فععي مقّدمععة نسعخة‬
‫العهد الجديد من الكتاب الُمقّدس ‪ ،‬دار المشرق ط ‪ ، 13‬مععا نصععه‬
‫" إن القارئ فععي عصععرنا ‪ ،‬وهععو حريععص علععى الّدقععة ‪ ،‬ل ينفع ّ‬
‫ك‬
‫يبحث عن الحععداث ‪ ،‬الععتي تعم إثباتهعا والتحّقعق منهعا ‪ ،‬يقعع فععي‬
‫حيرة أمام تلك المؤلفات ) الناجيععل الربعععة وملحقاتهععا ( ‪ ،‬الععتي‬
‫تبدو له مفّككة ‪ ،‬يخلو تصميمها من التنسيق ‪ ،‬ويسععتحيل التغلععب‬
‫على تناقضععاتها ‪ ،‬ول ُيمكنهععا أن تععرّد علععى السععئلة الععتي ُتطععرح‬
‫عليها " ‪.‬‬
‫وهكععذا يعععترف رجععالت الععدين المسععيحي ‪ ،‬أن محتويععات كتععابهم‬
‫المقععّدس ُمتناقضععة ‪ ،‬وأنهععا مؤلفععات ُكتبععت بأيععدي بشععر ‪ ،‬بعععد‬
‫المسيح بما يزيد على ‪ 300‬سععنة ‪ ،‬وأقععدم النسععخ المتععوافرة ذات‬
‫أصل يوناني ‪ ،‬تعود إلى القرن الرابع الميلدي ‪ .‬وأمععا النصععوص‬
‫الصلية للنجيل بلغته العبرية أو الرامية ‪ ،‬فهي غير موجععودة ‪.‬‬
‫وللحقيقة يستحيل أن يكون ذلك صحيحا ‪ .‬فقععد سععمعت يومععا ‪ ،‬أن‬
‫الكععثير مععن المخطوطععات الصععلية ‪ ،‬موجععود علععى شععكل لفععائف‬
‫وقراطيس ‪ ،‬في قوارير زجاجية على رفوف ‪ ،‬في أقبية الكنععائس‬
‫الكبرى ‪ .‬ول ُيسمح لي كان من الوصول إليها ‪ ،‬إل كبار رجالت‬
‫الكنيسععة ‪ ،‬الحريصععون علععى إضععلل النععاس ‪ ،‬بكتععم مععا فععي تلععك‬
‫المخطوطععات مععن حقععائق ‪ ،‬تنفععي ألوهيععة عيسععى ‪ ،‬وتععدعوا إلععى‬
‫وحدانية ال ‪.‬‬
‫ي النصارى ‪ ،‬فهو ل يعععدو أكععثر‬ ‫أما الكتاب الموجود حاليا بين يد ّ‬
‫من كونه كتاب ‪ ،‬يحكي سيرة المسيح عليه السلم ‪ -‬كمععا التععوراة‬
‫تحكي سيرة موسى ‪ -‬بشكل حعائر وُمضعطرب ‪ ،‬تغلعب عليعه ِذكعر‬
‫أفعاله أكثر من أقواله ‪ ،‬حتى أنك تشعر عند قراءته ‪ ،‬أن المسععيح‬
‫شخصععية خياليععة أسععطورية سععاذجة غبيععة وبليععدة ‪ ،‬خاليععة مععن‬
‫‪398‬‬
‫الحكمععة والمنطععق ‪ ،‬وحاشععا لع أو لبنععه كمععا يعّدعون ‪ ،‬أو حععتى‬
‫لرسول أن يكون كذلك ‪ .‬غير أن إنجيل يوحّنععا ) يحيععى ( ‪ ،‬وسععفر‬
‫الرؤيا المنسوب ليوحّنععا ‪ ،‬يبععدو أنهمععا أكععثر قربععا ‪ ،‬إلععى السععفار‬
‫الُمتععأخرة مععن التععوراة ‪ ،‬حيععث أنهمععا يتفقععان مععع أسععلوب كتابععة‬
‫النصععوص التوراتيععة ‪ ،‬إلععى درجععة التطععابق ‪ ،‬معن حيععث النشععاء‬
‫واللفععاظ الُمسععتخدمة والُمسععمّيات ‪ ،‬وحععتى تكععرار وازدواجيععة‬
‫جمعععا ونسععخا مععن مصععدرين‬ ‫النصععوص ‪ ،‬الععتي تؤكععد أنهمععا ُ‬
‫ُمختلفين ‪.‬‬
‫وقد جاء في مقّدمة سعفر الرؤيععا ‪ ،‬معن نسعخة العهعد الجديععد معن‬
‫الكتاب الُمقّدس ‪ ،‬دار المشرق ط ‪ ، 13‬ما نصه ‪ " :‬ل يأتينا سفر‬
‫رؤيا يوحّنا ‪ ،‬بشععيء مععن اليضععاح عععن كععاتبه ‪ .‬لقععد أطلععق علععى‬
‫نفسه اسم يوحّنا ‪ ،‬واسم نععبي ‪ ،‬ولععم يععذكر قععط ‪ ،‬أنععه أحععد الثنعيّ‬
‫عععثر‬‫عشر ) التلميذ ( ‪ .‬هناك تقليد على شيء من الثبوت ‪ ،‬وقد ُ‬
‫على بعض آثاره منععذ القععرن الثععاني ) الميلدي ( ‪ ،‬وورد فيععه أن‬
‫كاتب الرؤيا هو الرسول يوحّنععا ‪ ،‬وقععد ُنسععب إليععه أيضععا النجيععل‬
‫الرابع ‪ .‬بيد أنه ليس في التقليد القديم إجماع على هذا الموضوع‬
‫‪ .‬وقد بقي المصدر الرسععولي لسععفر الرؤيععا ‪ ،‬عرضععة للشععك معّدة‬
‫سععرين فععي‬‫طويلة ‪ ،‬في بعض الجماعات المسيحية ‪ .‬إن آراء الُمف ّ‬
‫عصرنا ُمتشعبة كثيرا ‪ ،‬ففيهم من يؤكد أن الختلف في النشععاء‬
‫والبيئة والتفكير اللهععوتي ‪ ،‬يجعععل نسععبة سععفر الرؤيععا والنجيععل‬
‫سرون يععرون أن‬ ‫الرابع ‪ ،‬إلى كاتب واحد أمرا عسيرا ‪ .‬وهناك ُمف ّ‬
‫ظروف إنشاء سفر الرؤيا ‪ ،‬أشّد تشعبا من ذلك بكثير ‪ ،‬فهو ليس‬
‫ُمؤّلفا ُمتجانسا ‪ ،‬بل محاولة غير ُمحكمة لجمععع أجععزاء ُمختلفععة ‪،‬‬
‫ُأنشئت ‪ ،‬ثم ُنّقحت في العقود الخيرة من القرن الول " ‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫وللحق نستطيع الجزم ‪ ،‬بأن التوراة تم تنقيحهععا وجمعهععا بشععكل‬
‫نهائي ‪ ،‬في هععذه الحقبععة مععن الزمععن ‪ ،‬بعععد وفععاة عيسععى ويحيععى‬
‫عليهما السلم ‪.‬‬
‫نجد من خلل ما تقّدم أن النصععارى أنفسععهم ‪ ،‬كععان لععديهم الكععثير‬
‫من الشكوك حول سفر الرؤيا ‪ ،‬وبعد قراءتي لمحتوى هذا السفر‬
‫تبين لي ‪ ،‬أن أسلوب إنشاءه هو نفس السلوب ‪ ،‬الذي ُأنشئت به‬
‫أسععفار التععوراة ‪ ،‬مععن حيععث اللفععاظ والعبععارات ‪ ،‬وحععتى تكععرار‬
‫الفكار والنصوص وتحويرها وتحريفها ‪ ،‬وتبديل مواضعععها مععن‬
‫تقديم وتأخير ‪ ،‬لتشويه الرؤى النبوية التي تععأتي عععادة فععي غيععر‬
‫صالح اليهود ‪ .‬والسفر يحتوي علععى نبععوءات ُمشععابه ‪ ،‬لمععا جععاء‬
‫فععي السععفار الُمتععأخرة مععن التععوراة ‪ .‬حيععث أن سععفر زكريععا فععي‬
‫التوراة ‪ ،‬ينتهي عنععد ذكععر الععدجال ‪ ،‬وُيغفععل مععا سععيأتي بعععده معن‬
‫أحداث ‪ .‬وتجد أن سفر الرؤيععا ُيعيععد بعععض مععا جععاء فععي السععفار‬
‫الُمتأخرة من التوراة ومن ضمنها سفر زكريععا ‪ ،‬ويكمععل الحععداث‬
‫حتى دخول أهل الجنة الجنة ‪ ،‬ودخول أهل النار النار ‪.‬‬
‫وما تقّدم يععدفعني إلععى العتقععاد ‪ ،‬أن كتبععة هععذين السععفرين ‪ ،‬هععم‬
‫كهنة اليهعود الععذين ألفععوا التععوراة ‪ ،‬إذ أن آثععار أقلمهعم واضعحة‬
‫للعيععان ‪ ،‬ممععا فيععه مععن تنععاقض أحيانععا وتكععرار أحيانععا أخععرى ‪،‬‬
‫لمحاولتهم فهم هععذه النبععوءات وتفسععيرها ‪ ،‬حسععبما يتناسععب مععع‬
‫زمانهم ‪ ،‬أي مععع بدايععة التقععويم الميلدي ‪ ،‬حيععث كععانت مقومععات‬
‫ذلك العصر ورموزه ‪ ،‬تختلف كليا عّما لدينا في العصععر الحععالي ‪،‬‬
‫حيث بدأت هذه النبععوءات هععذه اليععام ‪ ،‬تأخععذ مكانهععا علععى أرض‬
‫الواقع ‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫ويبدو أن الُمتأخرين من الكهنععة اليهععود ‪ ،‬كععانوا عاقععدي العععزم ‪،‬‬
‫على ضّم سفر الرؤيا والنجيل المنسوب إلى يوحّنا إلى التوراة ‪،‬‬
‫فعععأعملوا أقلمهععم فيهمععا ‪ ،‬ويبععدوا أنهععم تراجعععوا عععن ذلععك فععي‬
‫اللحظة الخيرة ‪ ،‬فقّرروا إسقاطهما ‪ ،‬بعد أن تنكّروا لنبععوة يحيععى‬
‫وعيسى عليهما السلم ‪ .‬فسفر الرؤيا كما الحال بالنسععبة لنجيععل‬
‫جمعععات كهنتهععم‬ ‫يوحنععا ‪ُ ،‬يهععاجم اليهععود أنفسععهم ‪ ،‬ويهععاجم م ّ‬
‫) الُمس عّماة بالسععنهدرين ( الععتي كععانوا يتدارسععون فيهععا التععوراة‬
‫) والحقيقة أنهم كانوا يدرسون التععوراة كمععا نععدرس الزيتعون ( ‪،‬‬
‫والتي وصفها هذا السفر بُمجمعات الشيطان ‪ .‬حيععث جععاء فيععه "‬
‫رؤيا ‪ :9 :2‬وأعلم افتراء الذين يقولون أنهم يهود وليسوا بيهود‬
‫‪ ،‬بل هم َمجَمع للشياطين " ‪ .‬رؤيا ‪ :9 :3‬ها إنععي أعطيععك ُأناسععا‬
‫من َمجَمع للشيطان ‪ ،‬يقولععون أنهععم يهععود ‪ ،‬ومععا هععم إل كعّذابون‬
‫" ‪ ،‬وهاتين العبارتين مثال علعى التكععرار لنفععس المعنعى وبنفعس‬
‫اللفاظ تقريبا ‪.‬‬
‫بالضافة إلععى ذلععك جععاء سععفر الرؤيععا ‪ ،‬بنبععوءات ُتخععالف أهععواء‬
‫طه الكهنة الُمتقّدمين ‪ .‬ومنهععا‬ ‫الكهنة ‪ ،‬وتتناقض مع ما كان قد خ ّ‬
‫أّنه ُيثبععت البعععث والحسععاب والجععزاء ‪ ،‬وهععذا ممععا ُينكععره اليهععود‬
‫ويجحدونه ‪ .‬فالتوراة على امتدادها الشاسععع ‪ ،‬ل تجععد فيهععا حععتى‬
‫ضععح مصععير الععروح بعععد المععوت ‪ .‬ومععا يملكععونه مععن‬ ‫كلمععة ‪ ،‬تو ّ‬
‫معتقدات ‪ ،‬فيا يتعلق بالروح والبعث والجزاء ‪ ،‬تعتمد في الدرجة‬
‫الولى على أقوال متناقضة ومرتبكععة لحكمععائهم ‪ ،‬وهععذه القععوال‬
‫مثبتة في التلمود ‪ ،‬وهي أقرب ما تكون إلى معتقععدات الععوثنيين ‪،‬‬
‫كتناسخ الرواح والحلولية ‪.‬‬
‫وربما تكون نسبة هععذا السععفر إلععى ) يوحّنععا ( ‪ ،‬وهععو يحيععى بععن‬
‫زكريعا عليهمعا السعلم صعحيحه ‪ ،‬حيعث أن يحيعى كعان قعد سعبق‬
‫‪401‬‬
‫عيسى عليه السلم في البعث لليهود ‪ ،‬وحععال سععفر الرؤيععا يشععبه‬
‫حال السفار المتأخرة من التوراة ‪ ،‬التي امتازت بالطابع الدعوي‬
‫النبععوي فععي معظمهععا ‪ .‬وبعععد أن أسععقط اليهععود النجيععل وسععفر‬
‫الرؤيععا ‪ ،‬المنسععوبين إلععى يوحنععا مععن التععوراة ‪ ،‬تلّقفتععه كهنععة‬
‫النصارى ‪ ،‬ومن ثم قاموا بتحريفه بالحذف والضععافة والتبععديل ‪،‬‬
‫لثبععات ُألوهيععة عيسععى عليععه السععلم ‪ ،‬وأضععافوه إلععى كتععابهم‬
‫الُمقّدس ‪ ،‬على ما هو عليه معن ازدواجيعة وتكعرار ‪ ،‬فعي اللفعاظ‬
‫والفكار ‪.‬‬
‫أّما الكلم في النجيل المنسوب إلى يوحّنا ‪ ،‬هععو أقععرب مععا يكععون‬
‫إلى كلم عيسى عليه السلم ‪ ،‬حيث جععاءت علععى لسععانه البشععارة‬
‫بنبّينا عليه الصععلة والسععلم ‪ ،‬كمععا نععص عليهععا القععرآن الكريععم ‪،‬‬
‫وهذا النجيل يتمّيز عن باقي الناجيل ‪ ،‬بععأنه ُيرّكععز علععى القععوال‬
‫الععتي جععاء بهععا عيسععى عليععه السععلم ‪ ،‬أكععثر مععن طععابع السععرد‬
‫القصصي للفعال التي قام بها ‪ ،‬الذي غلب على الناجيل الخرى‬
‫‪.‬‬
‫إنجيل يوحنا‬
‫نص البشننارة بنننبي السننلم عليننه الصننلة‬
‫والسلم ‪:‬‬
‫سععوُل‬ ‫سَراِئيَل ِإّنععي َر ُ‬ ‫ن َمْرَيَم ‪َ ،‬يَبِني ِإ ْ‬ ‫سى اْب ُ‬‫عي َ‬ ‫قال تعالى ) َوِإْذ َقاَل ِ‬
‫سععوٍل‬ ‫شعًرا ِبَر ُ‬
‫ن الّتعْوَراِة ‪َ ،‬وُمَب ّ‬ ‫ي ِمع َ‬
‫ن َيعَد ّ‬ ‫صّدًقا ِلَما َبْيع َ‬
‫ل ِإَلْيُكْم ‪ُ ،‬م َ‬
‫ا ِّ‬
‫ت ‪َ ،‬قععاُلوا َهعَذا‬‫جععاَءُهْم ِباْلَبّيَنععا ِ‬
‫حَمعُد ‪َ ،‬فَلّمععا َ‬‫سعُمُه َأ ْ‬‫ن َبْعِدي ا ْ‬‫َيْأِتي ِم ْ‬
‫ن )‪ 6‬الصف (‬ ‫سحٌْر ُمِبي ٌ‬ ‫ِ‬
‫" ‪ :16-18 :14‬وأنا سأسأل الب ‪ ،‬فيهب لكم مؤّيدًا آخر ‪ ،‬يكون‬
‫ق ‪ ،‬الذي ل يستطيع العععالم أن يتلّقععاه ‪،‬‬ ‫معكم إلى البد ‪ ،‬روح الح ّ‬
‫‪402‬‬
‫لّنععه ل يععراه ول يعرفععه ‪ .‬أّمععا أنتععم فتعلمععون ‪ ،‬أّنععه ُيقيععم عنععدكم‬
‫ويكون فيكم ‪ ،‬لن أدعكم يتامى ‪ ،‬فإني أرجع إليكم " ‪.‬‬
‫ع ُيخبر عيسى أتباعه في هذا النص أن الب سيرسععل لهععم مؤيععدا‬
‫آخر ‪ ،‬غير عيسى عليه السلم ‪ ،‬فإن كان عيسععى هععو ال ع ‪ ،‬فععإن‬
‫ال سيبعث للنصارى إلها غير عيسى ‪ ،‬وإن كعان ابعن الع ‪ ،‬فعإن‬
‫ال سيبعث لهم ابنا له غير عيسى ‪ ،‬وإن كان عيسى رسول ال ‪،‬‬
‫فإن ال سيبعث لهم رسول آخر غيره ‪ .‬وُيخبر أيضا أن رسالته ‪،‬‬
‫ق ويعععدل بععه ‪،‬‬ ‫ستكون خاتمة الرسالت السععماوية ‪ ،‬ويععأتي بععالح ّ‬
‫وُيخبرهم بععأنهم امتععازوا علععى الخريععن مععن سععكان العععالم ‪ ،‬بععأن‬
‫لديهم علم بهذا الرسول ‪ ،‬وبإخبععارهم أيضععا أن الععوحي معن بعععده‬
‫لن ينقطع ‪.‬‬
‫" ‪ : 24-25 :14‬ومن ل ُيحبني ل يحفظ كلمي ‪ ،‬والكلمة الععتي‬
‫تسمعونها ليست كلمتي ‪ ،‬بل كلمة الب الذي أرسععلني ‪ .‬قلععت لكععم‬
‫هذه الشياء وأنا ُمقيم عندكم " ‪.‬‬
‫" ‪ :26-31 :14‬ولكن المؤّيد الروح القدس ‪ ،‬الذي ُيرسله الب‬
‫باسمي ‪ ،‬هو ُيعلمكم جميع الشععياء ‪ ،‬وُيععذّكركم بجميععع مععا قلتععه ‪.‬‬
‫… لقععد أنبععأتكم ُمنععذ الن بععالمر قبععل حععدوثه ‪ ،‬حععتى إذا حععدث‬
‫تؤمنون ‪ .‬لن ُأطيل عليكم الكلم بعد ذلك ‪ ،‬لن سيد هذا العععالم آت‬
‫ب الب ‪،‬‬ ‫ي ‪ .‬وما ذلك إل ليعرف العععالم أّنععي ُأح ع ّ‬ ‫‪ ،‬وليس له يد عل ّ‬
‫وأّني أعمل كما أوصاني " ‪.‬‬
‫ع يخبرهم بأن هذا المؤّيد ‪ ،‬سُيذّكرهم من خلل الوحي بما سبقه ‪،‬‬
‫وُيعّلمهم أشياء جديدة ‪ ،‬وسععبب إخبععاره لهععم بععذلك ‪ ،‬هععو وجععوب‬
‫اليمان به واّتباعه عنععد ظهععوره ‪ .‬يصععفه عيسععى بععأنه سعّيد هععذا‬

‫‪403‬‬
‫العالم ‪ ،‬ويؤكد مجيئه ‪ ،‬وأنه ذو أفضلية على من قبله ‪ ،‬وُيخبرهم‬
‫في نهاية النص أّنه بّلغهم البشارة بأمانة ‪ ،‬كما أخبره ربه ‪.‬‬
‫" ‪ :26-27 :15‬ومتى جاء الُمؤّيد ‪ ،‬الذي أرسله لكم روح الحقّ‬
‫الُمنبثق من الب ‪ ،‬فهو يشهد لي ‪ ،‬وأنتم أيضععا تشععهدون ‪ ،‬لنكععم‬
‫معي منذ البدء " ‪.‬‬
‫ع هذا النص تكرار لجزاء مما تقدم من نصوص ‪.‬‬
‫‪ُ :1-14 :16‬قلت لكم هذه الشياء لئل تعثروا ‪ .‬سيفصلونكم عععن‬
‫ن فيها كّل من يقتلكم ‪ ،‬بعأنه يعؤدي‬ ‫المجامع ‪ ،‬بل تأتي ساعة ‪ ،‬يظ ّ‬
‫عبادة ل ‪ … .‬وقد قلت هذه الشياء لكم لتذكروا إذا أتت السععاعة‬
‫‪ ،‬أّني ُقلتها لكععم ‪ .‬ولععم أقلهععا منععذ البععدء ‪ ،‬لّنععي كنععت معكععم ‪ .‬أّمععا‬
‫الن ‪ ،‬فإّني ذاهب إلى الذي أرسلني ‪ ،‬وما مععن أحععد يسععألني إلععى‬
‫أيععن أذهععب ؟ ل بععل مل الحععزن قلععوبكم ‪ ،‬لّنععي قلععت لكععم هععذه‬
‫ض ‪ ،‬ل يأتكم المؤّيععد ‪ .‬أّمععا إذا ذهبععت فأرسععله‬ ‫الشياء ‪ .‬فإن لم أم ِ‬
‫إليكم " ‪.‬‬
‫_ ُيثبععت هععذا النععص بمععا ل يععدع مجععال للشععك ‪ ،‬أن هععذا المؤّيععد‬
‫سُيرسل ل محالة ‪ ،‬وأن بعثه مرتبط بذهاب عيسى عليه السلم ‪.‬‬
‫" ‪ :8-11 :16‬وهو ‪ ،‬متى جاء ‪ ،‬أخزى العععالم ‪ ،‬علععى الخطيئة‬
‫والبّر والدينونة ‪ :‬أما على الخطيئة ‪ ،‬فلنهم ل يؤمنون بي ‪ .‬وأّما‬
‫على البّر ‪ ،‬فلني ذاهب إلى أبي ‪ ،‬وأما على الدينونة ‪ ،‬فلن سعّيد‬
‫هذا العالم قد ِدين ‪. ".‬‬
‫ع هذا النص فيه فلسفة تفسيرية مععن الكععاتب ‪ ،‬محععاول ترميععم مععا‬
‫أفسده من تغيير لللفاظ والعبارات ومواضعها ‪ ،‬والمعنععى المععراد‬
‫شععرا ونععذيرا ‪ ،‬يععدعوا‬‫من وراء هذا النص ‪ ،‬أنه يععأتي شععاهدا وُمب ّ‬
‫شرا بالثواب وُمنذرا بالعقاب وشعاهد‬ ‫إلى البّر وُيدين الخطيئة ‪ُ ،‬مب ّ‬
‫‪404‬‬
‫على الخلق يوم الدينونة أي يوم القيامة ‪ ،‬وال أعلم ‪ ،‬قال تعععالى‬
‫شًرا َوَنِذيًرا )‪ 45‬الحزاب ( ‪.‬‬ ‫شاِهًدا َوُمَب ّ‬
‫ك َ‬‫سْلَنا َ‬
‫ي ِإّنا َأْر َ‬
‫) َيَأّيَها الّنِب ّ‬
‫ق ‪ ،‬أرشععدكم إلععى‬ ‫" ‪ :13-14 :16‬فمتى جاء هو ‪ ،‬أي روح الح ّ‬
‫ق كلععه ‪ ،‬لّنععه لععن يتكّلععم مععن عنععده ‪ ،‬بععل يتكّلععم بمععا يسععمع ‪،‬‬ ‫الحع ّ‬
‫جدني لنه يأخذ مما لي وُيخبركم " ‪.‬‬ ‫ويخبركم بما سيحدث ‪ ،‬سُيم ّ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ق " ‪ ،‬سيرشععدهم إلععى الح ع ّ‬ ‫ع هذا النص ُيخبر بأن " روح الح ّ‬
‫ن اْلَه عَوى )‪(3‬‬‫عع ِ‬
‫ق َ‬‫طُ‬‫وُيبّلغ رسالة ربه على أكمل وجه ‪َ ) ،‬وَما َيْن ِ‬
‫حى )‪ 4‬النجم ( ‪ .‬وُينبئهم بأمور غيبية ستحدث‬ ‫ي ُيو َ‬‫حٌ‬ ‫ن ُهَو ِإّل َو ْ‬ ‫ِإ ْ‬
‫لحقا ‪.‬‬
‫ولو أمعنت النظر أخي القععارئ ‪ ،‬فععي النصععوص أعله أو رجعععت‬
‫إلعععى الكتعععاب نفسعععه ‪ ،‬ستكتشعععف بسعععهولة محعععاولت التضعععليل‬
‫والتمععويه ‪ ،‬مععن خلل تتّبععع النصععوص ومقارنتهععا مععع بعضععها‬
‫البعض ‪ ،‬فاللفاظ والُمسّميات تتكعّرر بصععورة ُمزدوجععة ‪ ،‬وتتقعّدم‬
‫أحيانا وتتأخر أحيانا أخرى ) ُيحّرفون الكلم عن مواضعععه ( ‪،‬كمععا‬
‫هو الحال في النصوص التوراتية تماما ‪ .‬وغالبععا معا يكشععف أحعد‬
‫النصوص المزدوجة كذب ‪ ،‬وتضليل النص الخر ‪.‬‬
‫إنجيل متى‬
‫ذر‬‫النجيننل يكشننف حقيقننة اليهننود وُيحنن ّ‬
‫الناس من اّتباعهم ‪:‬‬
‫" مععتى ‪ :13 :23 :‬ولكععن الويععل لكععم أّيهععا الكتبععة والفّريس عّيون‬
‫المراءون ‪ ،‬فإنكم ُتغلقون ملكوت السععماوات فععي وجععوه النععاس ‪،‬‬
‫فل أنتععم تععدخلون ‪ ،‬ول تععدعون النععاس يععدخلون ‪ ، … ،‬فععإنكم‬
‫تطوفععون الععبّر والبحععر ‪ ،‬لتكسععبوا ُمتهععّودا واحععدا ‪ ،‬فععإذا تهععّود‬
‫‪405‬‬
‫جعلتموه أهل لجهّنم ‪ ،‬ضعف ما أنتم عليه ‪ .‬الويل لكم أيها القععادة‬
‫العميان ‪ ،‬تقولون ‪ :‬من أقسم بالهيكل ‪ ،‬فقسععمه غيععر ُملععزم ‪ ،‬أمّععا‬
‫من أقسم بذهب الهيكل ‪ ،‬فقسمه ُملزم " ‪.‬‬
‫" ‪ :27 :23‬الويل لكم … فإنكم كالقبور المطلية بالكلس ‪ ،‬تبدو‬
‫جميلة من الخارج ‪ ،‬ولكّنهععا مععن الععداخل ‪ ،‬ممتلئة بعظععام المععوتى‬
‫وكل نجاسة ‪ .‬كذلك أنتم أيضا تبدون للنععاس أبععرارا ‪ ،‬ولكّنكععم مععن‬
‫الداخل ممتلئون بالرياء والفسق ‪ … .‬الويل لكم … فإنكم تبنععون‬
‫قبور النبياء وُتزّينون مدافن البرار ‪ ،‬وتقولون ‪ :‬لععو عشععنا فععي‬
‫زمععن آبائنععا ‪ ،‬لمععا شععاركناهم فععي سععفك دمععاء النبيععاء ‪ .‬فبهععذا‬
‫تشهدون على أنفسكم ‪ ،‬بأنكم أبنععاء قععاتلي النبيععاء ‪ ،‬فععأكملوا مععا‬
‫بدأه آباؤكم ‪ ،‬ليطفح الكيل " ‪.‬‬
‫الجريمة وعقابها ‪:‬‬
‫" ‪ :33 :23‬أيهععا الحّيععات ‪ ،‬أولد الفععاعي ‪ ،‬كيععف ُتفلتععون مععن‬
‫عقععاب جهّنععم ؟ لععذلك هععا أنععا ذا ُأرسععل إليكععم ‪ ،‬أنبيععاء وحكمععاء‬
‫ومعّلمين ‪ ،‬فبعضهم تقتلون وتصععلبون ‪ ،‬وبعضععهم فععي مجععامعكم‬
‫تجلدون ‪ ،‬ومن مدينة إلى ُأخرى ُتطاردون ‪ ،‬حتى يقع عليكععم كععل‬
‫سععفك فععي الرض ‪ ،‬مععن دم هابيععل الّبععار إلععى دم زكرّيععا بععن‬ ‫دٍم ُ‬
‫برخيا ‪ ،‬الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح ‪ .‬الحق أقععول لكععم ‪ :‬أن‬
‫عقاب ذلك كله سينزل بهذا الجيل " ‪.‬‬
‫" ‪ :37 :23‬أورشععليم ‪ ،‬يععا قاتلععة النبيععاء وراجمععة المرسععلين‬
‫إليهععا ‪ .‬كععم مععّرة أردت أن أجمععع أولدك ‪ ،‬كمععا تجمععع الدجاجععة‬
‫فراخها تحت جناحيها ‪ ،‬فععأَبْيتم ‪ .‬هعا إن بيتكععم ُيععترك لكعم خرابعا ‪،‬‬
‫فإني أقول لكم ‪ :‬أّنكم لن تروني من الن ‪ ،‬حععتى تقولععوا ‪ُ :‬مبععارك‬
‫التي باسم الرب " ‪.‬‬
‫‪406‬‬
‫" ‪ :1 :24 :‬ثم خرج يسوع من الهيكل ‪ ، … ،‬فقال لهععم ‪ :‬أمععا‬
‫ق أقععول لكععم ‪ :‬لععن ُيععترك هنععا حجععر‬
‫ترون هذه المباني كلها ؟ الح ّ‬
‫فوق حجر إل وُيهدم " ‪.‬‬
‫المسيح ُينبئ بأحداث آخر الزمان ‪:‬‬
‫" ‪ :3 :24‬وبينما كععان جالسععا علععى جبععل الزيتععون ‪ ،‬تقعّدم إليععه‬
‫التلميذ على انفراد ‪ ،‬وقععالوا لععه ‪ :‬أخبرنععا مععتى يحععدث هععذا ) أي‬
‫خراب أورشليم ( ‪ ،‬وما هي علمة رجوعععك ‪ ،‬وانتهععاء الزمععان ؟‬
‫فأجاب يسوع ‪ :‬انتبهععوا ‪ ،‬إّيععاكم أن ُيض عّلكم أحععد ‪ ،‬فسععوف يععأتي‬
‫كععثير مععن النععاس منتحليععن اسععمي ‪ ،‬ويض عّلون ُأناسععا كععثيرين ‪.‬‬
‫وستسععمعون بععالحروب وبإشععاعات عععن الحععروب ‪ ،‬فإيععاكم أن‬
‫تفزعوا ‪ ،‬فل بّد معن حعدوثها ‪ ،‬ولكعن لععن تكعون النهايععة عنععدئذ ‪.‬‬
‫فستقوم أمة على أمة ‪ ،‬ومملكة علععى مملكععة ‪ ،‬وتحععدث مجاعععات‬
‫وزلل في أماكن كثيرة ‪ ،‬وهذا ليس إل بدء المخاض " ‪.‬‬
‫اضننطهاد المننؤمنين بننالله وفسنناد النندنيا‬
‫شر بقرب النهاية ‪:‬‬ ‫ُيب ّ‬
‫" ‪ :9 :24‬وستسلمون عندئذ إلى الضيق وتقتلععون ‪ ،‬وُيبغضععكم‬
‫جميع الوثنيين من أجععل اسععمي ‪ .‬فيعععثر أنععاس كععثيرون ‪ ،‬وُيسععلم‬
‫بعضهم بعضا ويتباغضون …‪ .‬ويزداد الثم ‪ ،‬فتفععتر المحبععة فععي‬
‫أكععثر النععاس ‪ ،‬والععذي يثبععت إلععى النهايععة فععذاك الععذي يخلععص ‪.‬‬
‫وسُتعلن بشارة الملكوت هذه ‪ ،‬في المعمورة كّلهععا ‪ ،‬شععهادة لععدى‬
‫الوثنيين أجمعين ‪ ،‬وحينئذ تأتي النهاية " ‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫قيام دولة إسرائيل ودمارهننا ُيبشننر بقننرب‬
‫النهاية ‪:‬‬
‫" متى ‪ :15 :24 :‬فإذا رأيتم الُمخّرب الشنيع ‪ ،‬الذي تكّلم عليععه‬
‫النععبي دانيععال ‪ ،‬قائمععا فععي المكععان الُمق عّدس – ليفهععم القععارئ –‬
‫فليهرب إلى الجبال من كان عندئذ في اليهودية ‪ .‬ومن كععان علععى‬
‫السطح ‪ ،‬فل ينزل ليأخذ ما في بيتععه ‪.‬ومععن كععان فععي الحقععل ‪ ،‬فل‬
‫يرجع ليأخذ رداءه ‪ .‬الويل للحوامل والمرضعات في تلععك اليععام ‪،‬‬
‫صّلوا لئل يكون هربكم في الشتاء أو في يوم سبت " ‪.‬‬
‫" لوقا ‪ :24-20 :21 :‬فإذا رأيتم أورشليم قد حاصرتها الجيوش‬
‫‪ ،‬فاعلموا أن خرابها قد اقععترب ‪ .‬فمععن كععان يععومئذ فععي اليهوديععة‬
‫فليهرب إلى الجبال ‪ ،‬ومن كان في وسط المدينة فليخععرج منهععا ‪،‬‬
‫ومن كان في الحقول فل يدخل إليهععا ‪ ،‬لن هععذه اليععام أيععام نقمععة‬
‫يتم فيها جميععع مععا ُكتععب ‪ .‬الويععل للحوامععل والمرضعععات فععي تلععك‬
‫اليام ‪ ،‬فستنزل الشّدة على هذا البلد ‪ ،‬وينععزل الغضععب علععى هععذا‬
‫الشعب ‪ ،‬فيسععقطون قتلععى بحعّد السععيف ‪ ،‬ويؤخععذون أسععرى إلععى‬
‫جميع المم " ‪.‬‬
‫ع المقصود بالُمخّرب الشنيع ‪ ،‬في النص الول المأخوذ من إنجيل‬
‫ضحه النص الثاني‬ ‫متى ‪ ،‬هي دولة الفساد إسرائيل ‪ ،‬وهذا ما يو ّ‬
‫من إنجيل لوقا بنص صريح بعبارة )فإذا رأيتم أورشععليم ( ‪ .‬ولععو‬
‫تمّعنععت فععي النصععائح الُمقّدمععة للشعععب اليهععودي ‪ ،‬لتجّنععب القتععل‬
‫والسععر ‪ .‬سععتجد أن دخععول الجيععوش علععى أورشععليم ‪ ،‬سععيكون‬
‫ُمفععاجئا وسععريعا وبععدون ضععجة ‪ ،‬لدرجععة أن مععن علععى سععطح‬
‫المنزل ‪ ،‬ل يشعععر بععدخولهم إلععى بيتععه ‪ .‬وأن مععن فععي الريععاف ل‬
‫يسععمع بهععم ‪ ،‬إل ُمتععأخرا ‪ ،‬وأمععا النصععارى الجععدد فععي الغععرب ‪،‬‬
‫‪408‬‬
‫فيرون أن المقصععود بععالُمخّرب الشععنيع ‪ -‬أو رجسععة الخععراب فععي‬
‫سععفر دانيععال ‪ -‬هععو الععدجال عععدو المسععيح ‪ ،‬الععذي سععيظهر فععي‬
‫القدس ‪ ،‬وأما اليهود فيرون أنه المسجد القصى ‪.‬‬
‫الحرب الكونية النووية ‪:‬‬
‫" ‪ :21 :24‬فستحدث عندئذ شّدة عظيمة ‪ ،‬لم يحدث مثلها ‪ ،‬منذ‬
‫صععر تلععك اليععام ‪،‬‬
‫بدء الخليقة إلى اليوم ‪ ،‬ولن يحدث ‪ .‬ولو لععم تق ّ‬
‫لما نجا أحد من البشر ‪ ،‬ولكن من أجل الُمختارين ‪ ،‬ستقصر تلععك‬
‫اليام " ‪.‬‬
‫ع ع وهععذا أحععد النصععوص الععتي يسععتند إليهععا نصععارى الغععرب فععي‬
‫تحليلتهم ‪ ،‬بالقول بأن الحرب العالمية الثالثععة سععتكون نوويععة ل‬
‫محالة ‪ ،‬لسرعة هذه السلحة في حسم المعركة ‪.‬‬
‫جال ‪:‬‬ ‫ذر من أتباعه الد ّ‬ ‫المسيح ُيح ّ‬
‫" ‪ :23 :24‬فإذا قال عندئذ أحد من الناس ‪ :‬هععا هععو ذا المسععيح‬
‫جععالون وأنبيععاء‬
‫هنا ‪ ،‬بل هنا ‪ ،‬فل ُتصعّدقوه ‪ .‬فسععيظهر ُمسععحاء د ّ‬
‫كعععّذابون ‪ ،‬يعععأتون بآيعععات عظيمعععة وأععععاجيب ‪ ،‬لُيضعععّلوا حعععتى‬
‫الُمختارين ) التقياء ( لو استطاعوا ‪ .‬فها أنا قد أنبأتكم " ‪.‬‬
‫" ‪ :26 :24‬فإن قيل لكم ها هو في البرية ‪ ،‬فل تخرجوا إليهععا ‪،‬‬
‫أو ها هو ذا في المخععابئ ‪ ،‬فل ُتصعّدقوا ‪ .‬وكمععا أن الععبرق يخععرج‬
‫من المشرف ‪ ،‬ويلمعع حعتى المغعرب ‪ ،‬فكعذلك يكعون مجيعء ابعن‬
‫النسان ‪ ،‬وحيث تكون الجيفة ) الدجال ( تتجّمع النسور ) اليهود‬
‫("‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫ظواهر فلكية تسبق بداية النهاية ‪:‬‬
‫" ‪ :29 :24‬وعلععى أثععر الشعّدة فععي تلععك اليععام ‪ُ ،‬تظلععم الشععمس‬
‫) كسععوف ( ‪ ،‬والقمععر ل ُيرسععل ضععوءه )خسععوف ( ‪ ،‬وتتسععاقط‬
‫النجععوم مععن السععماء ) الصععواريخ ( ‪ ،‬وتععتزعزع قععوات السععماء‬
‫) دوي النفجعععارات ( ‪ .‬وتظهعععر عنعععدئذ فعععي السعععماء آيعععة ابعععن‬
‫النسان ‪ .‬فتنتحب جميع قلئل الرض ‪ ،‬وترى ابععن النسععان آتيععا‬
‫على غمام السماء ‪ ،‬في تمام العزة والجلل " ‪.‬‬
‫ع وهذا النص جعل الصوليون النجيليون ‪ ،‬يعتقدون بععأن مجيععء‬
‫عيسى عليه السلم ‪ ،‬يسبقه حرب كونية نوويععة شععاملة ‪ ،‬تحععرق‬
‫الخضر واليابس ‪ ،‬وهم يعملون على دفع القععادة السياسععيين فععي‬
‫أمريكا ‪ ،‬إلى التحضير لهععا ‪ ،‬بغيععة النتصععار فيهععا ‪ ،‬والنجععاة مععن‬
‫أهوالها ‪ ،‬فهي ل محالة قادمة ‪ ،‬ومن ضمن التحضيرات ‪ -‬فضععل‬
‫عن التسلح النووي ‪ -‬إصرار أمريكا مؤخرا ‪ ،‬على إنشععاء الععدرع‬
‫المضاّد للصورايخ البالستية ‪.‬‬
‫أحداث النهاية ستكون مباغتة ‪:‬‬
‫" ‪ :32 :24‬من التينة خذوا العبرة ‪ ،‬فمتى لنت أغصانها ونبتت‬
‫أوراقها ‪ ،‬علمتم أن الصيف قريععب ‪ ،‬وكععذلك أنتععم ‪ ،‬إذا رأيتععم ك عّل‬
‫هذه المور ‪ ،‬فاعلموا أن ابن النسان قريععب ‪ ،‬بععل علععى البععواب‬
‫… السماء والرض تزولن ‪ ،‬وكلمي ل يزول … " ‪.‬‬
‫" ‪ :37 :24‬وكما كانت الحال في زمن نوح ‪ ،‬كذلك ستكون عند‬
‫رجععوع ابععن النسععان ‪ ،‬فقععد كععان النععاس قبععل الطوفععان ‪ ،‬يععأكلون‬
‫ويشربون ويععتزّوجون وُيزّوجععون ‪ ،‬ومععا كععانوا يتوقعععون شععيئا ‪،‬‬
‫حتى جاء الطوفان فجرفهم أجمعين " ‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫رؤيا يوحّنا‬
‫خننروج أصننحاب البعننث الثنناني مننن أرض‬
‫الفرات ‪:‬‬
‫" ‪ :14 :9‬فقععال للملك السععادس ‪ " :‬أطلععق الملئكععة الربعععة‬
‫الُمقّيععدين ‪ ،‬علععى النهععر الكععبير ‪ ،‬نهععر الفععرات " ‪ .‬وكععان هععؤلء‬
‫الملئكععة الربعععة ‪ُ ،‬مجّهزيععن اسععتعدادا لهععذه السععاعة واليععوم‬
‫والشععهر والسععنة ‪ ،‬فععُأطلقوا ليقتلععوا ثلععث البشععر ‪ .‬وسععمعت أن‬
‫جيشهم يبلغ مائتي مليععون ُمحععارب ‪ ،‬ورأيععت فعي الرؤيععا الخيععول‬
‫وعليها فرسان ‪ ،‬يلبسون دروعا … ‪ .‬وكانت رؤوس الخيل مثععل‬
‫رؤوس السود ‪ ،‬تلفظ من أفواههععا نععارا ودخانععا وكبريتععا ‪ ،‬فُقتععل‬
‫ثلث الناس بهذه البليا الثلث … ‪ .‬وكععانت قععوة الخيععل القاتلععة ‪،‬‬
‫تكمن في أفواهها وفي أذنابها أيضا ‪ ،‬أما سععائر النععاس الععذين لععم‬
‫يموتوا من هذه النكبات ‪ ،‬لم يتوبوا عن أعمالهم … " ‪.‬‬
‫ع هذا النص ُيبين أن هنالععك جيععش كععبير العععدد ‪ ،‬مقّيععد علععى نهععر‬
‫ك قيده فععي موعععد ُمعيععن ‪ .‬ويصععف‬ ‫الفرات أي في العراق ‪ ،‬وسُيف ّ‬
‫هذا النص ما يملكه هذا الجيععش مععن آلّيععات حربيععة حديثععة ‪ ،‬وأن‬
‫هناك ُأناس سينجون من هذا الجيش ‪ ،‬ولكنهم بالرغم من ذلك لن‬
‫يتوبوا ‪.‬‬
‫جفنناف نهننر الفننرات والحننرب العالميننة‬
‫النهائية ‪:‬‬
‫" ‪ :12-14 :16‬وسععكب الملك السععادس ‪ ،‬كأسععه علععى نهععر‬
‫ف مععاؤه ‪ ،‬ليصععير ممععرا للملععوك القععادمين مععن‬
‫الفرات الكبير فجع ّ‬
‫الشرق ‪ .‬وعند هذا رأيت ثلثة أرواح نجسة ‪ ، … ،‬وهععي أرواح‬
‫شيطانية ‪ ،‬قادرة على صنع الُمعجزات ‪ ،‬تذهب إلى ملععوك الرض‬
‫‪411‬‬
‫جميعا ‪ ،‬وتجمعهم للحرب في ذلك اليوم العظيم ‪ ،‬يععوم ال ع القععادر‬
‫على كل شيء " ‪.‬‬
‫عع هععذا النععص ُيخععبر بععأن العععراق سُيضععرب بععالنووي ل محالععة ‪،‬‬
‫ف نهععر الفععرات مععن جععراء ذلععك ‪ ،‬إمععا قبععل أو بعععد ‪ ،‬نشععوب‬ ‫فيجع ّ‬
‫الحرب العالمية ‪ ،‬ليصير ممرا للدول الشرقية لتشارك في الحرب‬
‫القادمة ‪ ،‬والععدول الواقعععة شععرق الفععرات ‪ ،‬تبععدأ بععإيران وتنتهععي‬
‫بالصين ‪ .‬ومن ثم يجتمع ملوك العالم لتبدأ الحععرب البريععة ‪ ،‬الععتي‬
‫ُيحّدد مكانها في النص اللحق ‪.‬‬
‫" ‪ :16-21 :16‬وجمعت الرواح الشيطانية ‪ ،‬جيوش العالم كلها‬
‫‪ ،‬فععي مكععان ُيسعّمى بالعبريععة " هرمجععدون " ‪ .‬ثععم سععكب الملك‬
‫السابع ‪ ،‬كأسه على الهععواء ‪ ،‬فععدوى صععوت مععن العععرش ‪، … ،‬‬
‫ي المععر " ‪ .‬فحععدثت بععروق وأصععوات ورعععود‬ ‫يقععول ‪ُ " :‬قضعع َ‬
‫وزلزال عنيف ‪ ،‬لم تشهد الرض له مثيل ‪ ،‬منذ أن ُوجد النسععان‬
‫علععى الرض ‪ ،‬لنععه كععان زلععزال عنيفععا جعّدا ‪ .‬فانقسععمت المدينععة‬
‫الُعظمى إلى ثلثة أقسام ‪ ،‬وحّل الدمار بُمدن المم ‪ .‬فقعد ذكعر الع‬
‫جععزر‬‫بابل الُعظمى ‪ ،‬ليسقيها كأسا تفور بخمر غضبه ‪ .‬وهربععت ال ُ‬
‫كلها ‪ ،‬واختفت الجبال ‪ .‬وتساقط من السماء على الناس َبَرٌد كبير‬
‫‪ ،‬كلّ حّبة بقدار وزنة واحععدة ‪ ،‬فجعّدف النععاس علععى الع ‪ ،‬بسععبب‬
‫هذه البلية الشديدة جدا " ‪.‬‬
‫عع هععذا النععص يصععف هععذه الحععرب ‪ ،‬فهنععاك صععواريخ تسععقط مععن‬
‫السععماء ‪ ،‬وأصععوات انفجاراتهععا ُمدّويععة كالرعععد ‪ ،‬محدثععة زلزل‬
‫جععزر تحععت‬ ‫عنيفة ‪ ،‬واختفاء الجبال من شدة الزلزل ‪ ،‬وهروب ال ُ‬
‫طحات المائيععة ‪،‬‬ ‫خععر المس ع ّ‬
‫المععاء ‪ ،‬لععذوبان الكتععل الجليديععة ‪ ،‬وتب ّ‬
‫نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ‪ ،‬التي ستحدثها السلحة النووية ‪.‬‬
‫‪412‬‬
‫أّما المدينة الُعظمى التي ستنقسم إلى ثلثة أقسام ‪ ،‬فهععي بل شعك‬
‫أمريكا ‪ ،‬وإن كان هناك مدينة بعينها فهي نيويورك ‪ ،‬بالرغم مععن‬
‫أن كتبة التوراة ‪ ،‬أضافوا عبارة ) فقد ذكر ال ع بابععل الُعظمععى ( ‪.‬‬
‫فلفظ مدينة بالعبريععة يعنععي دولععة ‪ ،‬وبمععا أن النبععوءة تحكععي عععن‬
‫عظمى في العصر الحالي ‪ ،‬فهم أضافوا هععذه العبععارة لكععون‬ ‫دولة ُ‬
‫بابل في ُمخّيلتهععم ‪ُ ،‬تمّثععل الدولععة العظمععى والقويععة فععي العصععور‬
‫القديمة ‪ ،‬أما بابل الحالية أي العراق ‪ ،‬فهي ليست بععأي حععال مععن‬
‫الحوال بالدولة العظمى ‪ ،‬وهذا اللقب حاليا ُيطلق على أمريكا ‪.‬‬
‫سري النبوءات التوراتية والنجيلية ُمععؤخرا ‪،‬‬ ‫ويبدو أن بعض مف ّ‬
‫اكتشفوا هذا المر ‪ ،‬ومنهم من قام بتأليف كتب تنبأوا فيها بدمار‬
‫إسرائيل ‪ ،‬ومن ثم أمريكا ‪ ،‬وبالتالي تستطيع قععراءة النصععوص ‪،‬‬
‫التي ُتخبر عن دمار بابععل العظمععى أو الجديععدة ‪ ،‬علععى أنهععا ُتخععبر‬
‫عّما سيحّل بأمريكا نتيجععة هععذه الحععرب ‪ ،‬وليععس العععراق ‪ .‬ولكععن‬
‫اليهععود يريععدونها بابععل القديمععة ‪ ،‬ولكععن سععتجري الريععاح بمععا ل‬
‫سفنهم ‪ ،‬بإذن ال ‪.‬‬ ‫تشتهيه ُ‬
‫عرس الحمل ‪:‬‬
‫" ‪ :6-10 :19‬ثّم سمعت صوتا ‪ ، … ،‬يقول ‪ " :‬هّللويا ! فععإن‬
‫الععرب اللععه القععادر علععى كععل شععيء ‪ ،‬قععد َمَلععك ‪ ،‬لنفععرح ونبتهععج‬
‫جده ‪ ،‬فععإن عععرس الحمععل ‪ ،‬قععد حععان موعععده ‪ ،‬وعروسععه قععد‬ ‫ونم ّ‬
‫هّيععأت نفسععها ‪ ،‬ووهععب لهععا أن تلبععس الكتععان البيععض الناصععع ‪،‬‬
‫والكتان يرمز إلى أعمال الصلح التي قام بها القّديسون " ‪.‬‬
‫" ‪ :11 :19‬ثم رأيت السماء مفتوحة ‪ ،‬وإذا حصان أبيض ُيسّمى‬
‫راكبه " المين الصادق " ‪ ،‬الذي يقضععي ويحععارب بالعععدل ‪… .‬‬
‫وكان الجناد الذين في السماء ‪ ،‬يتبعونه راكبين خيععول بيضععاء ‪،‬‬
‫‪413‬‬
‫… ‪ ،‬وكععان يخععرج مععن فمععه سععيف حععاّد ‪ ،‬ليضععرب بععه المععم ‪،‬‬
‫ويحكمهم بعصا من حديد ‪. " … ،‬‬
‫ع ل أجد تفسيرا لهذه النبوءة ‪ ،‬إل أنها ُتخبر عن المهدي ) الحمل‬
‫( وعروسه ) القدس ( ‪ ،‬وجيوشه ) الجنععاد ( ‪ ،‬وانتصععاراته فععي‬
‫حروبه التي سيخوضها ‪.‬‬
‫عودة المسيح ‪:‬‬
‫" ‪ :4 :20‬ثّم رأيت عروشا ُمنح الجالسون عليها حق القضاء ‪.‬‬
‫ورأيت نفوس الذين ُقتلوا في سبيل الشهادة ليسوع ‪ ،‬وفي سععبيل‬
‫كلمععة الع ‪ ،‬والععذين … ‪ ،‬وقععد عععادوا إلععى الحيععاة ‪ ،‬وملكععوا مععع‬
‫المسيح ألف سنة ‪ .‬هذه هي القيامة الولى ‪ .‬أما بقية الموات فل‬
‫يعودون إلى الحياة حتى تنقضي اللف سنة " ‪.‬‬
‫عع ظععاهر هععذا النععص ُيبشععر بعععودة المسععيح ‪ ،‬وبععأنه سععيحكم مععن‬
‫انتسب إلععى الديانععة المسععيحية ‪ ،‬بعععد بعثهععم مععن المععوت ‪ ،‬بغععض‬
‫النظععر عععن فسععاد مععن انتسععب إليععه أو صععلحه ‪ ،‬مععدة ألععف عععام‬
‫يعيشععون فيهععا بسععلم ‪ ،‬أمععا بقيععة البشععر مععن غيععر المسععيحين ‪،‬‬
‫فسععيقومون بعععد ألععف سععنة ‪ ،‬فيمععا ُيسععّمونه بالقيامععة الثانيععة ‪.‬‬
‫وسُيخّلدون في نار جهنم ‪ ،‬ول في خلقه شؤون ‪.‬‬
‫جال ويأجوج ومأجوج ‪:‬‬ ‫الد ّ‬
‫" ‪ :7-10 :20‬فحين تنقضي اللف سنة ‪ُ ،‬يطلععق الشععيطان مععن‬
‫سجنه ‪ ،‬فيخععرج لُيضعّلل المععم فععي زوايععا الرض الربععع ‪ ،‬جععوج‬
‫وماجوج ‪ ،‬ويجمعهم للقتال ‪ ،‬وعددهم كععثير ج عّدا كرمععل البحععر ‪.‬‬
‫فيصعدون على سععهول الرض العريضععة ‪ ،‬ويحاصععرون مععن كععل‬
‫جععانب ُمعسععكر القّديسععين ) عيسععى ومععن معععه مععن المسععلمين (‬
‫‪414‬‬
‫والمدينععة المحبوبععة ) القععدس ( ‪ ،‬ولكععن نععارا مععن السععماء تنععزل‬
‫عليهم وتلتهمهم ‪ .‬ثم ُيطرح إبليس الذي كان ُيضّللهم ‪ ،‬في ُبحيرة‬
‫النعععار والكعععبريت ‪ ،‬حيعععث العععوحش ) أمريكعععا ( والنعععبي العععدجال‬
‫) إسرائيل ( ‪ ،‬هناك سوف ُيعّذبون نهارا وليل ‪ ،‬إلعى أبععد البععدين‬
‫"‪.‬‬
‫) في هذا النص ُيذكر الشيطان ) الدجال ( الذي سُيطلق ‪ ،‬بعد أن‬
‫كان مقيدا مدة ألف سنة ‪ .‬وهو في الصل سععابق لمجيععء عيسععى‬
‫عليععه السععلم ‪ ،‬ويععذكر خععروج يععأجوج ومععأجوج ‪ ،‬حيععث أنهععم‬
‫يحصرون عيسى ومن معععه معن المععؤمنين ‪ ،‬فععي جبععال القععدس ‪،‬‬
‫هربا منهم حيث ل ِقبل لحد بهم ‪ ،‬فيتم القضاء عليهعم والتخّلعص‬
‫سرون هععذا‬‫من جثثهم ‪ ،‬بأمر من عند ال ‪ ،‬أّما النصارى ‪ ،‬فُهم ُيف ّ‬
‫سره العهد القديم أي التوراة ‪ ،‬حيث أخععبرت أن‬ ‫النص ‪ ،‬على ما ف ّ‬
‫جوج وماجوج هم الروس ‪.‬‬
‫البعث والحساب ‪:‬‬
‫" ‪ :11-12 :20‬ثم رأيت عرشا عظيما أبيض ‪ ،‬هربععت السععماء‬
‫والرض من أمام الجالس عليه ‪ ،‬فلععم يبععق لهمععا مكععان ‪ .‬ورأيععت‬
‫الموات كبارا وصغارا ‪ ،‬واقفين أمععام العععرش ‪ .‬وُفتحععت الكتععب ‪،‬‬
‫ثم ُفتح كتاب آخر هو سجّل الحياة ‪ ،‬وِدين الموات بحسب ما هععو‬
‫طععرح‬‫ُمععدّون فععي تلععك الكتععب ‪ ،‬كععل واحععد حسععب أعمععاله ‪ … .‬و ُ‬
‫طععرح فععي‬
‫الموت … وكل من لم ُيوجد اسمه فععي سععجل الحيععاة ‪ُ ،‬‬
‫ُبحيرة النار " ‪.‬‬
‫السماء الجديدة والرض الجديدة‬
‫"‪ :1 :12‬ثم رأيت سماء جديدة ‪ ،‬وأرضا جديدة ‪ ،‬ل بحر فيهععا ‪،‬‬
‫لن السماء والرض القديمتين قد زالتا ‪ .‬ورأيت المدينة الُمقّدسة‬
‫‪415‬‬
‫أورشليم الجديدة ‪ ،‬نازلة من السماء من عند ال ‪ . … ،‬وسمعت‬
‫صوتا هاتفا من العرش ‪ " :‬الن صار مسكن ال مع الناس ‪ ،‬هو‬
‫يسكن بينهم ‪ .‬وال نفسه يكععون معهععم إلهععا لهععم ‪ ،‬وسيمسععح كععل‬
‫دمعة عععن عيععونهم ‪ .‬إذ يععزول المععوت والحععزن … ‪ ،‬لن المععور‬
‫القديمة كلها زالت " ‪.‬‬
‫ع في الحقيقة يصف هذا النص يوم الحشععر والحسععاب ‪ ،‬حيععث أن‬
‫أورشليم هي أرض المحشر ‪ ،‬وهععذا الموقععف العظيععم الععوارد فععي‬
‫هذا النص ‪ ،‬موصوف بالتفصيل في مواضع كععثيرة مععن القععرآن ‪.‬‬
‫ولكن النصارى يفهمون النص على أن إلههم ) المسيح ( سينزل‬
‫ليسكن معهم ‪ ،‬في أورشليم الجديعدة ‪ ،‬العتي يصعفونها فعي نهايعة‬
‫السفر ‪ ،‬وهو في الحقيقة وصف ُيشبه وصف الجّنة في القععرآن ‪،‬‬
‫والموت ل يزول ‪ ،‬إل عندما يدخل أهل الجنة إلععى الجنععة ‪ ،‬وأهععل‬
‫النار إلى النار ‪.‬‬
‫ع يفهم عامة النصععارى وخاصععتهم مععن ُمجمععل النصععوص أعله ‪،‬‬
‫أنععه عنععدما تبععدأ الحععداث الُمععدّمرة الععتي سععيتعّرض لهععا كععوكب‬
‫الرض ‪ ،‬بأن المسيح سيعود وسيرتفع بهم فوق السحاب ‪ ،‬وبعد‬
‫نهاية الحداث التي لن تستمّر طويل ‪ ،‬سينزل بهم ويحكمهم مععدة‬
‫ألف عام ‪ ،‬تحت أرض وسماء جديدتين ‪ .‬وهنا وقع خلط ما بين ‪،‬‬
‫اسععتعادة الرض لبركتهععا بعععد الخععراب ‪ ،‬وبيععن تبععّدل السععماء‬
‫والرض يععوم القيامععة ‪ ،‬كمععا جععاء فععي قععوله تعععالى ) َي عْوَم ُتَب عّدُل‬
‫حعِد اْلَقّهععاِر )‪48‬‬ ‫ت َوَبعَرُزوا لِّع اْلَوا ِ‬
‫سعَمَوا ُ‬
‫ض َوال ّ‬
‫غْيَر اَْلْر ِ‬
‫ض َ‬
‫اَْلْر ُ‬
‫إبراهيم ( ‪.‬‬
‫ولذلك ظهرت جماعة التدبيريين ‪ ،‬التي تدعوا إلععى تععدمير كععوكب‬
‫الرض بالسلحة النوويععة ‪ ،‬لقناعععاتهم الجديععدة نتيجععة تفسععيرهم‬
‫‪416‬‬
‫الجديععد ‪ ،‬بععأن هنععاك أرض جديععدة وسععماء جديععدة سععتأتي بعععد‬
‫الععدمار ‪ .‬والمصععيبة الكععبرى أن رؤسععاء وساسععة ‪ ،‬أكععبر دولععة‬
‫عظمى في العالم يؤمنون بذلك ‪ ،‬ويسيرون بالعالم نحو الهاوية ‪،‬‬
‫) فجورج بوش البن ( ل يكععترث بظععاهرة النحبععاس الحععراري ‪،‬‬
‫وارتفاع درجة حرارة الرض ‪ ،‬وهو غيععر معنععي بتوقيععع اتفاقيععة‬
‫) كيوتو ( للحد من هععذه الظععاهرة ‪ ،‬بمععا أن هععذه الرض سععتؤول‬
‫إلى الزوال ‪ ،‬وما يعنيه في الدرجة الولى ‪ ،‬هو الستعداد للحرب‬
‫النووية القادمة هجوما ودفاعا ‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫الغربيون وهوس النبوءات التوراتية‬
‫والنجيلية‬
‫يعتقععد اليهععود ونصععارى الغععرب ‪ ،‬أن قيععام دولععة إسععرائيل للمععرة‬
‫الثانيععة فععي فلسععطين ‪ ،‬هععو علمععة لقععرب ظهععور الملععك المنتظععر‬
‫بالنسبة لليهود ‪ ،‬وللمجيء الثععاني للمسععيح بالنسععبة للنصععارى ‪،‬‬
‫ولععذلك يعكععف الكععثير مععن النصععارى واليهععود ‪ ،‬علععى اختلف‬
‫تخصصععاتهم العلميععة والمهنيععة ‪ ،‬فععي السععنوات الخيععرة ‪ ،‬علععى‬
‫دراسععة وتحليععل وتفسععير النبععوءات التوراتيععة والنجيليععة ‪ ،‬الععتي‬
‫ُتخععبر عععن أحععداث آخععر الزمععان ‪ .‬وخاصععة فيمععا يتعّلععق بنهايععة‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬ودمععار العععالم الغربععي ‪ ،‬وعععودة السععلم ‪ ،‬فععي نهايععة‬
‫المطاف ‪ ،‬لواجهة الصدارة ‪ .‬ونطععاق هععذه البحععوث فععي الغععالب ‪،‬‬
‫يدور حول ما جاء في التوراة والنجيل من نصوص نبوية ‪ ،‬وما‬
‫سععر هععذه النصععوص ‪،‬‬ ‫ُقعّدم فيهععا مععن كتععب ومؤلفععات مععؤخرا ‪ ،‬تف ّ‬
‫والكتععاب الكععثر شععهرة فععي هععذا المجععال ‪ ،‬هععو كتععاب ) نبععوءات‬
‫نوستراداموس ( الغععامض ‪ ،‬والسععوق الرائجععة لطروحععاتهم فععي‬
‫هذا المجال ‪ ،‬هي شبكة النترنت ‪.‬‬
‫وإذا أردت أن تعرف مقدار ما تشغله هذه النبوءات المسععتقبلية ‪،‬‬
‫من فكر كبار رجالت السياسة والدين والعلععم ‪ ،‬وعامععة الشعععوب‬
‫الغربيععة ‪ ،‬وفععي مقععّدمتها المريكيععة والبريطانيععة والفرنسععية ‪،‬‬
‫وحتى عامة النصارى واليهود في شتى بقاع الرض ‪ ،‬فما عليععك‬
‫إل أن تععزور شععبكة النععترنت ‪ ،‬وأن تقععوم بععالبحث – علععى سععبيل‬
‫المثال – عن إحدى الكلمات التالية ‪World War III ) ، ) :‬‬
‫) ‪(WW III ) ، (WW3 ) ، ( Armegeddon‬‬
‫‪( Nostradamus ) ، ( Prophecy ) ، ( Miracle) ،‬‬
‫‪418‬‬
‫‪ ، ( ( Piple ) ، ( Torah‬لتجد أن هناك عشرات اللف ‪ ،‬من‬
‫المواقع التي تعرض البحععاث والكتععب والدراسععات ‪ ،‬الععتي تبحععث‬
‫في تفسير النصوص التوراتية والنجيلية ‪.‬‬
‫ع وفيما يلي ‪ ،‬غيض من فيض هذه المواقع ‪:‬‬
‫•‪NOSTRADAMUS, CATHOLIC PROPHECY‬‬
‫‪(ON WORLD WAR III (1999-2030‬‬
‫‪A Catholic Prophecy Nostradamus ...‬‬
‫‪prophesied that World War III would be‬‬
‫‪initiated‬‬
‫‪by Russia and Iran on July 4th of 1999 with‬‬
‫‪... .nuclear and chemical weapons‬‬
‫‪http://web.tusco.net/newone/nostradamus.htm‬‬
‫‪[[More Results From: web.tusco.net‬‬
‫نبععوءة الكععاثوليكي نوسععتراداموس بععالحرب العالميععة الثالثععة )‬
‫‪1999‬م – ‪2030‬م (‬
‫… الكععاثوليكي نوسععتراداموس ‪ ،‬كععان قععد تنبععأ ‪ ،‬بععأن الحععرب‬
‫العالميععة الثالثععة ‪ ،‬سععتبدأ باسععتخدام كععٍل مععن روسععيا وإيععران ‪،‬‬
‫للسلحة النووية … والكيميائية ‪ ،‬في الرابععع مععن حزيععران عععام‬
‫‪1999‬م …‬
‫•‪Armageddon, World War III, Antichrist, and‬‬
‫‪... the second coming‬‬
‫‪Armageddon, World War III, Antichrist, and‬‬
‫‪the second‬‬
‫‪419‬‬
‫‪... coming of Jesus‬‬
‫هرمجدون ‪ ،‬الحرب العالمية الثالثة ‪ ،‬عدو المسيح ) الععدجال ( ‪،‬‬
‫العودة الثانية للمسيح …‬
‫‪Web Directory: Resources for Nostradamus‬‬
‫‪Research‬‬
‫مصادر لبحاث نوستراداموس ‪.‬‬
‫‪.Nostradamus Society of America‬‬
‫مجتمع نوستراداموس في أمريكا ‪.‬‬
‫‪International Center for Nostradamian‬‬
‫‪Studies – description of Nostradamus, his‬‬
‫‪prophecies, and Prof. Vlaicu Ionescu’s‬‬
‫‪.interpertations‬‬
‫المركز العالمي لدارسات نوستراداموس …‬
‫وصععف لنوسععتراداموس ‪ ،‬نبععوءاته ‪ ،‬وتفسععيرات البروفيسععور )‬
‫‪. ( Vlaicu Ionescu‬‬
‫‪Nostradamus, Saddam Hussein, Armegeddon‬‬
‫‪.– by Storm Ministries‬‬
‫نوستراداموس ‪ ،‬صدام حسين ‪ ،‬هرمجدون‬
‫كتععاب لكععاتب البريطععاني ) سععتورم مينيسععتريز ( ‪ ،‬يبحععث فععي‬
‫النصععوص النبويععة التوراتيععة ‪ ،‬يجيععب فيععه عععن ع عّدة تسععاؤلت‬
‫يطرحهععا فععي بدايععة كتععابه ‪ ،‬وأحععد هععذه التسععاؤلت ‪ :‬هععل صععدام‬
‫جال آخر الزمان الذي تنبأ به ) نوستراداموس ( ؟! ‪.‬‬ ‫حسين هو د ّ‬

‫‪420‬‬
‫من هو ) نوستراداموس ( ‪ ...‬؟‬
‫ع من كتاب ) نبوءات نوستراداموس ( للطععبيب الفرنسععي د‪ ) .‬دو‬
‫فونبرون ( ‪ ،‬ترجمة أسامة الحاج ‪ ،‬دار مكتبة التربية ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫طبعة ‪1996‬م ‪.‬‬
‫هععو مسععيحي كععاثوليكي فرنسععي ‪ ،‬ذو أصععل يهععودي ‪ ،‬عععاش فععي‬
‫الفترة ) ‪1566 – 1503‬م ( ‪ ،‬أّلععف أحععد أشععهر كتععب النبععوءات‬
‫التوراتية والنجيلية ‪ .‬يقعول هعذا المتنعبئ فعي مقدمعة كتعابه ‪ ،‬أن‬
‫مصدر نبوءاته ‪ ،‬هو مجموعة مععن الكتععب والمجلععدات القديمععة ‪،‬‬
‫التي كان قد ورثها عن أجداده اليهود ‪ ،‬كععانت مخبععأة منععذ قععرون‬
‫عديدة ‪ ،‬وعلى ما يبععدو أنععه اسععتطاع مععن خللهععا ‪ ،‬الكشععف عععن‬
‫الرمععوز التوراتيععة اللفظيععة والعدديععة ‪ ،‬الععتي اسععتخدمها مؤلفععو‬
‫التععوراة مععن الكهنععة والحبععار ‪ ،‬ومععن ثععم قععام بقععراءة الحععداث‬
‫الواردة في النبوءات ‪ .‬ووضعععها فععي كتععاب ‪ ،‬علععى شععكل رسععائل‬
‫نثرية ‪ ،‬وأبيات شعرية سّماها الرباعيععات ‪ ،‬اسععتخدم فيهععا الكععثير‬
‫من الستعارات والرموز ‪ ،‬الواضععحة الدللععة أحيانععا ‪ ،‬والمضعّللة‬
‫والُمحّيرة أغلب الحيان ‪.‬‬
‫وقععد اجتهععد كععثير مععن البععاحثين الغربييععن ‪ ،‬وخاصععة فععي العصععر‬
‫الحععديث ‪ ،‬وأجهععدوا أنفسععهم ‪ ،‬بمحععاولت مضععنية لحععل رمععوزه‬
‫وطلسمه ‪ ،‬ومحععاولت مضععنية لمطابقتهععا ‪ ،‬لمععا جععرى ويجععري‬
‫وسيجري على أرض الواقع ‪ ،‬لدرجععة أنععك لععو بحثععت عععن لفععظ )‬
‫‪ ( Nostradamus‬فعععي أحعععد محّركعععات البحعععث علعععى شعععبكة‬
‫النترنت ‪ ،‬ستجد أكثر من ) ‪ ( 57‬ألف موقع ‪ ،‬لمراكز وجمعيععات‬
‫وكتب ودراسات ‪ ،‬تبحث في أمر نبععوءاته وتجتهععد فععي مطابقتهععا‬
‫مع الواقع ‪ ،‬في محاولة لستقراء المستقبل ‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق‬
‫‪421‬‬
‫بأحععداث النهايععة ‪ ،‬وخاصععة الحععرب العالميععة الثالثععة ‪ ،‬ونهايععة‬
‫الحضارة الغربية ‪ ،‬المرتبطة بعودة الخلفة السلمية ‪.‬‬
‫ومن أشهر الكتب في تفسير نبوءاته ‪ ،‬وفععك رمععوزه وطلسعمه ‪،‬‬
‫هععو كتععاب ) نبععوءات نوسععتراداموس ( ‪ ،‬الععذي أّلفععه الطععبيب‬
‫طبع هععذا‬ ‫الفرنسي ) دو فونبرون ( ‪ ،‬المتوفى عام ‪1959‬م ‪ ،‬وقد ُ‬
‫الكتاب عدة مرات ‪ ،‬أعععوام ‪ 38‬و ‪ 39‬و ‪1940‬م ‪ ،‬ومععن ثععم ُأعيععد‬
‫طبعه بعد عدة سنوات من خلل ابن المؤلف ‪ ،‬ومما أضافه البععن‬
‫إلى الطبعة الجديدة من الكتاب ‪ ،‬نص مخطوط بقلم أبيه الطبيب ‪،‬‬
‫كتبه قبععل وفععاته بأربعععة أشععهر ‪ ،‬بعنععوان ‪ ) :‬بحععث فععي الحععداث‬
‫القادمة (‬
‫وهذا نصه ‪:‬‬
‫" يجب النظر بصورة منفصلة إلععى الحععداث وتتابعهععا الزمنععي ‪،‬‬
‫إن ترتيبها من حيث الزمان ل يمكععن تص عّوره ‪ ،‬إل ضععمن عمليععة‬
‫افتراضية ‪ ،‬إذ أن المعطيات المتعلقة بها شععديدة التشععذر ‪ ،‬بحيععث‬
‫ل يمكن أن تؤدي إلى استنتاجات أكيدة كليا …‬
‫إن جميع النبوءات القّيمة ‪ ،‬مترّكزة علععى الحقبععة ‪ ،‬الععتي سععتغدو‬
‫فيها الحضارة الغربية ‪ ،‬مهّددة بالدمار ‪ .‬والوقائع الساسية لهذه‬
‫الزمة العالمية ‪ ،‬هي كالتالي ‪ :‬الحرب والثورة العامتان ‪ ،‬تععدمير‬
‫باريس الكلي بالنار ‪ ،‬وتدمير جزء من مرسيليا ‪ ،‬بتلطم لمععواج‬
‫البحر ‪ ،‬هزات أرضية مخيفة ‪ ،‬وبععاء طععاعون يقضععي علععى ثلععثي‬
‫البشرية ‪ ،‬البابا المطرود من روما ‪ ،‬انشقاق كنسي …‬
‫يبدو أن هذه الحداث ستبدأ بععالحرب بيععن الشععرق والغععرب ‪ ،‬أمععا‬
‫ذريعتهععا فسععتكون فععي الشععرق الوسععط ) العععراق ‪ ،‬إيععران ‪ ،‬أو‬

‫‪422‬‬
‫فلسطين ( ‪ ،‬ومن المرجح أن تجري على مرحلتين ‪ ،‬علععى غععرار‬
‫حرب ‪1945– 39‬م …‬
‫في تلك اللحظععة يظهععر نجععم مععذّنب سععوف يمعّر علععى مقربععة مععن‬
‫الرض ‪ ،‬لدرجععة أنهععا سععتجتاز شعععره الُمحّمععل بالحصععى ‪ ،‬هععذه‬
‫النيازك الجويععة الععتي سععتكون بمثابععة انتقععام السععماء العجععائبي ‪،‬‬
‫سوف تسقط على أمكنة مح عّددة ‪ ،‬حيععث سععتكون محتشععدة قععوات‬
‫الثورة الحمراء ‪ ،‬والسطول الروسي في البحر المتوسط …‬
‫من المرجح أن تععدمير بععاريس ‪ ،‬سععيتم فععي المرحلععة الثانيععة مععن‬
‫النزاع ‪ ،‬قبل وقت قصير من طرد البابا من روما … " ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫وجععاء فععي نفععس المقدمععة مععا مفععاده أن المحنععة الكععبرى ‪ ،‬الععتي‬
‫ستشعععهد بدايعععة تعععدمير الحضعععارة اليهوديعععة المسعععيحية ‪ ،‬كعععان‬
‫) نوستراداموس ( قد حّدد نقطة انطلقها في الشهر السععابع مععن‬
‫عام ‪1999‬م ‪.‬‬
‫نصوص من نبوءات ) نوستراداموس ( مننن‬
‫كتاب الطبيب الفرنسي ‪:‬‬
‫صه ‪:‬‬‫في الرسالة إلى هنري الثاني ورد ما ن ّ‬
‫" وسععوف تتععم حملعة جديععدة ‪ ،‬مععا وراء البحععر المتوسععط لنقععاذ‬
‫النععدلس ‪ ،‬الععتي ُيه عّددها النهععوض الول للمحمععديين ‪ ) .‬إشععارة‬
‫للستعمار الغربي للبلد العربية ( ‪.‬‬
‫والمكان الذي كععان بععه مسععكن إبراهيععم فععي الماضععي البعيععد ) أي‬
‫العراق ( سوف ُتهاجمه رسل المسيح ) إشارة للعدوان الثلثينععي‬
‫النصراني على العراق ( ‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫ومدينة ) سيشم ( أي فلسطين ‪ ،‬سوف ُتحيط بهععا وتهاجمهععا مععن‬
‫كععل الجهععات ‪ ،‬جيععوش غربيععة قويععة جععدا ‪ ،‬سععتحد مععن قععوة‬
‫أساطيلهم ‪ .‬وفي هذا الملك سوف يحدث حزن عظيم ‪ ،‬تقفر مععدنه‬
‫الكبرى ‪ ) .‬إشارة لستلب فلسطين (‬
‫والذين يعودون إليها ‪ ،‬أولئك الذين سُيمارس ال غضبه ضدهم‬
‫) أي اليهععود فععي فلسععطين ( ‪ ،‬والمكععان الُمقعّدس لععن يععؤوي بعععد‬
‫ذلك ‪ ،‬سوى عدد صغير جدا من الكفار ) يقصد المسلمين ( ‪ ،‬أوه‬
‫! في أي حزن فاجع ‪ ،‬سععتكون عنععدئذ النسععاء الحبععالى ‪ ،‬اللععواتي‬
‫ستمنعهن ثمرة أحشائهن من الهرب …‬
‫وخلل كل هذا التقدير الكرونولوجي ) الممتد طوليا عبر الزمن (‬
‫‪ ،‬الُمعاد إلى الكتابات المقّدسة ‪ ،‬سيتولد اضطهاد رجال الكنيسة ‪،‬‬
‫من خلل تحالف قادة الشعمال العسععكريين )مععن قبعل دول التحععاد‬
‫السوفييتي السابق ‪ ،‬يأجوج ومأجوج ( ‪ ،‬وهذا الضطهاد سععيدوم‬
‫‪ 11‬عامععا غيععر مكتملععة ‪ ،‬وستسععقط خللهععا الدولععة الشععمالية‬
‫الرئيسية ) روسيا ( ‪ ،‬بعد أن ُتنجز تلك السنوات من الضطهاد ‪،‬‬
‫سععيأتي حليفهععا الجنععوبي ) العععرب ( ‪ ،‬الععذي سيضععطهد رجععال‬
‫الكنيسة على مدى ثلثة أعوام وبقسععوة أش عّد … إلععى ح عّد أن دم‬
‫رجال الدين الحقيقيين سيسبح في كل مكان …‬
‫وللمرة الخيرة أيضا سععترتجف كععل الممالععك المسععيحية ‪ ،‬وكععذلك‬
‫ممالك الكفار خلل ‪ 25‬عامععا ‪ ،‬سععتكون الحععروب والمعععارك أكععثر‬
‫دموية من أي وقت مضى ‪ ،‬وسوف ُتحرق المدن والقصعور وكعل‬
‫المباني الخرى ‪ ،‬وسيتم هجرهععا وتععدميرها ‪ ،‬مععع إهععراق عظيععم‬
‫لدماء العذارى والمهات والرامل المغتصبات ‪ ،‬والطفال الُرضع‬
‫طععم عظععامهم ) وصععف‬ ‫الذين سُيرمى بهم على جدران المدن وتح ّ‬
‫‪424‬‬
‫لعقاب اليهود في فلسطين ( ‪ ،‬الكثير من الشععرور سععيتم ارتكابهععا‬
‫بفعل الشيطان ‪ ،‬الميععر الجهنمععي ‪ ،‬بحيععث كععل العععالم الكععاثوليكي‬
‫تقريبا ‪ ،‬سيتعّرض للخراب للبادة ‪ ،‬وقبل أن تتم هععذه الحععداث ‪،‬‬
‫سععتدوي فععي الفضععاء طيععور غريبععة ) هععي الطععائرات ( … ‪،‬‬
‫وسععتختفي بعععد قليععل ‪ ،‬بفعععل الكارثععة النهائيععة للعععالم ) الحععرب‬
‫العالمية النووية الثالثة ( … ومن ثم ستقوم حقبة جديدة ‪ ،‬عهععد‬
‫ذهبي سيأمر به الخالق ‪ .‬وعنععدئذ سععيبدأ بيععن الع والبشععر سععلم‬
‫شامل ) زمن عيسى عليه السلم ( … "‬
‫وفي نهاية الفصل )‪ (11‬من الكتاب يخلص المؤلف إلععى القععول ‪:‬‬
‫" كععل الشععرق إذن ‪ ،‬سععينتفض مععن جديععد ضععد الغععرب ‪ ،‬وحععبره‬
‫العظم الخير بطرس الروماني ) أمريكا ( … "‬
‫ععععع نجععععد أن المؤلععععف مععععن خلل فهمععععه لمجمععععل نصععععوص‬
‫) نوستراداموس ( ‪ ،‬يخلص إلى أن الشعععوب الشععرقية بمععا فيهععا‬
‫من إثنيات متنوعة ‪ ،‬سععتتحد ضععد الغععرب فععي مواجهععة مصععيرية‬
‫نهائية ‪.‬‬
‫وفي بدايات الفصل )‪ (14‬على لسان المتنبئ ‪:‬‬
‫‪ " 1-9‬من الشرق سيأتي العمل الغادر ‪ .‬الذي سُيصععيب إيطاليععا‬
‫وورثة رومولوس ‪ .‬بصحبة السطول الليبي ‪ .‬ارتجفوا يععا سععكان‬
‫مالطا والجزر القريبة المقفرة " ‪.‬‬
‫ع نجد أن المتنبئ يصف انتفاضة الشرق ‪ ،‬بالعمععل الغععادر ‪ ،‬الععذي‬
‫سيطيح بإيطاليا وورثععة المبراطوريععة الرومانيععة ‪ ،‬ونجععده يععذكر‬
‫ليبيععا بالسعم مؤكعدا انضعمامها للتحعالف الشععرقي ‪ ،‬معثيرا رععب‬
‫الغربيين من هذا العمل الغادر ‪.‬‬
‫وفي الفصل ) ‪ ، (27‬يقول المؤلف ‪:‬‬
‫‪425‬‬
‫" بمقدار ما نبتعد في المستقبل ‪ ،‬يغدو مععن الصعععوبة بمععا كععان ‪،‬‬
‫أن نربط بيععن الحععداث ‪ ،‬الععتي ستعيشععها البشععرية فععي انحععدارها‬
‫القصععى ‪ .‬إل أن التكععرار المتواصععل للتاريععخ متشععابه ‪ ،‬وعلععى‬
‫شععبكته الُمتجععّددة باسععتمرار ‪ُ ،‬يمكععن أن ُتطععّرز سععلفا المعركععة‬
‫الخيرة والُمخيفة ‪ ،‬التي سيظفر بها الشرق البربري على الغرب‬
‫المسيحي ‪.‬‬
‫ع هنا يلصق المؤلف صفة البربرية بالشرق ‪ ،‬ويؤكد انتصار هععذا‬
‫الشرق المتوحش ‪ ،‬على الغرب المسيحي المسالم والمتحضر ‪.‬‬
‫مستفيدين من النقسامات التي سُيثيرها المسععيح الععدجال ‪ ،‬ومععن‬
‫الضععععف والفوضعععى الناتجعععة ععععن معععذاهبه ‪ ،‬ينجعععح الععععرب‬
‫والسيوّيون والمغول في اجتياح أوروبععا ‪ ،‬بعضععهم عععبر إيطاليععا‬
‫وإسبانيا ‪ ،‬كما هي العادة ‪ ،‬والخععرون عععبر القععارة والجععو ‪ ،‬فععي‬
‫حين تنهار فرنسا والكنيسة ‪ ،‬ويتعرض البابا بالذات إلى الغتيال‬
‫وسط الفساد العام ‪ ،‬تظهر ظواهر مرعبة في السماء ‪.‬‬
‫ع نجد أن المتنبئ ‪ُ ،‬يحّدد في هذا النص ماهيععة الشعععوب الشععرقية‬
‫التي يقصدها ‪ ،‬ويضع العرب على رأس القائمة ‪ ،‬ويؤكد نجاحهم‬
‫في اجتياح معظم دول أوروبا ‪ ،‬برا وبحرا وجوا ‪.‬‬
‫في عام الكسوفين الكاملين ‪ ،‬مععن طععرف لخععر طععرف فععي العععالم‬
‫القديم ‪ ،‬تحصل أمور غريبة ‪ :‬تظلم الشمس ويفقد القمععر نععوره ‪،‬‬
‫وضجيج البحععر والمععوج ‪ ،‬سععيجعل النععاس ييبسععون رعبععا ‪ ،‬لنععه‬
‫سيصل الطوفان التكفيري الجديد ) عودة الخلفععة السععلمية ( ‪،‬‬
‫ليختم فجأة العصر الذي بدأ مع زمن نوح " ‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫ع في هذا النص ‪ُ ،‬يح عّدد المتنععبئ فلكيععا ‪ ،‬نقطععة البدايععة ‪ ،‬لحععداث‬
‫مسلسل الرعب الخير ‪ ،‬الععذي يصععفه فععي كتععابه ‪ ،‬بكسععوف كلععي‬
‫كبير للشمس ) ‪1999‬م ( ‪ ،‬متبوعا بخسوف كلي للقمر ‪.‬‬
‫يؤكد المؤلف علععى حتميععة وقععوع مواجهععة أخيععرة ‪ ،‬بيععن الغععرب‬
‫والشععرق ‪ ،‬وعلععى حتميععة ظفععر الشععرق بهععا ‪ ،‬وكنتيجععة لهععذه‬
‫المواجهة ‪ ،‬ستنهار فرنسععا ) الععتي كععانت ُتمثععل الدولععة الصععليبية‬
‫العظمى آنذاك ‪ ،‬في العصععر الععذي عععاش فيععه المتنععبئ ‪ ،‬أمععا الن‬
‫فأمريكا هي الدولة العظمى ‪ ،‬وراعية الحملت الصليبية الجديععدة‬
‫على الشرق ( ‪ ،‬وستنهار الكنيسة ) بمعنى انهيار الدين ‪ ،‬بظهور‬
‫الدين السلمي من جديععد ( ‪ .‬ويعععزو المؤلععف نجععاح الشععرق فععي‬
‫غزوه أوروبا ‪ ،‬إلى ما أثاره المسيح الدجال ‪ ،‬من ضعف وفوضى‬
‫وانقسام ‪ ،‬وليس غضبا إلهيا لكفرهععم وضععللهم ‪ ،‬ورغبععة إلهيععة‬
‫في إظهار الحق وزهق الباطل ‪ ،‬والحقيقة أن الذي سيتسععبب فععي‬
‫ظهور الضعف والنقسععام الوروبععي ‪ ،‬بيععن مؤيععد ومعععارض هععو‬
‫إسرائيل ) المسيح الدجال الحقيقي ( ‪ ،‬والشعععب اليهععودي بشععكل‬
‫عام ‪.‬‬
‫سععرو النبععوءات التوراتيععة‬‫والمسيح الععدجال هععو لفععظ ‪ ،‬يطلقععه مف ّ‬
‫على شخص مفسد ومخّرب ‪ ،‬سيظهر في المكان المقّدس ‪ ،‬معععاٍد‬
‫لليهود وللمسيح وأتباعه ‪ ،‬سععيقود الشععرق فععي معركتععه الخيععرة‬
‫مع إسرائيل الغرب ‪ ،‬وينسبون إليه كل ما ُيوصف في التوراة من‬
‫إفسعععاد ‪ ،‬حعععتى إفسعععاد الدولعععة اليهوديعععة الحاليعععة الموصعععوف‬
‫بععالتوراة ‪ ،‬وبععذلك أصععبح الفسععاد اليهععودي السععرائيلي ‪ ،‬الععذي‬
‫حّذرت منه التوراة ووصفته بدقة متناهية ‪ ،‬منسوبا إلععى شععخص‬
‫المسيح الدجال الذي لم يظهر بعععد ‪ ،‬لتكععون إسععرائيل وحلفائهععا ‪،‬‬
‫بمنأى عن الغضب والعقاب اللهي ‪ ،‬الذي سينسكب على الععدجال‬
‫‪427‬‬
‫وأتبععاعه ‪ ،‬وأتبععاعه هععم مععن العععرب والععروس والمغععول ‪ ،‬حسععب‬
‫اعتقادهم ‪.‬‬
‫وفيمععا يلععي بعععض النصععوص ‪ ،‬الععتي اسععتقى منهععا المؤلععف هععذه‬
‫الفكار ‪:‬‬
‫مشاهد من الحرب العالمية الثالثة ‪:‬‬
‫‪ " 2-70‬سيف السماء يمتد فوق العععالم … يجععري إعععدام عظيععم‬
‫لمن سيموتون وهم يتخاطبون "‬
‫‪ " 2-18‬مطر جديد مفاجئ وعنيف … تتساقط من السماء علععى‬
‫البحر ‪ ،‬الحجارة والنار … تموت بغتععة الجيععوش السععبعة البريععة‬
‫والبحرية " ‪.‬‬
‫‪ " 2-56‬من لم ينجح الطاعون والسلح في الجهععاز عليهععم …‬
‫سُيضربون من أعالي السماء ‪" ..‬‬
‫‪ " 2-86‬خلل الغععرق الععذي سععيتم قععرب البحععر الدريععاتيكي …‬
‫ستهتز الرض لُتميت من كانوا يحومون في الهواء … "‬
‫‪ " 3-83‬الجععو والسععماء والرض سععُتظلم وتضععطرب … حينئذ‬
‫سيتضرع الكافر ل وقّديسيه "‬
‫أمريكا ‪:‬‬
‫‪ " 9-44‬اهربوا ‪ ،‬اهربععوا يععا سععكان جنيععف أجمعيععن … عهععدكم‬
‫الذهبي سيغدو عهدا حديديا … "‬
‫ع هذه الدعوة للهرب من جنيف ‪ ،‬هي في الصل دعوة للهرب من‬
‫بابل في النصوص التوراتية ‪ ،‬ليتبين لنععا أن لفععظ بابععل اسععتخدمه‬
‫كتبععة التععوراة ‪ ،‬للتعععبير عععن دولععة أو مدينععة ذات مععال وجمععال‬
‫وسععطوة ‪ ،‬سععتظهر مسععتقبل ‪ ،‬كمععا كععانت جنيععف فععي عصععر‬
‫‪428‬‬
‫نوسعععتراداموس ‪ ،‬العععذي لعععم ُيعاصعععر العصعععر العععذهبي لمريكعععا‬
‫وعاصمتها التجارية ) نيويورك ( ‪.‬‬
‫‪ " 1-26‬الصاعقة العظيمة ستسقط في وضح النهار "‬
‫‪ " 1-87‬النععار المركزيععة الععتي تجعععل الرض تهععتز … سععتتجلى‬
‫حول المدينة الجديدة ) نيويورك ( "‬
‫‪ " 10-49‬بسعععتان الععععالم قعععرب المدينعععة الجديعععدة … سعععُيؤخذ‬
‫طس في البحيرة الغالية "‬ ‫وُيغ ّ‬
‫‪ " 6-97‬سععماء خععط التععوازي ‪ ، 45‬سععتحترق تقععترب النععار مععن‬
‫المدينة الجديدة العظيمة … "‬
‫بريطانيا وفرنسا وبقية دول أوروبا ‪:‬‬
‫‪ " 9-55‬أية حرب مخيفة ستتهيأ في الغرب … وفي العام التالي‬
‫شعّبان والعجععزة‬
‫سيأتي الطععاعون … رهيبععا إلععى حعّد أنععه علععى ال ُ‬
‫والقطعان … سيكون للدم والنار سلطة في فرنسا …‬
‫‪ " 4-67‬في العععام الععذي سيشععتعل فيععه الزمععن والحععرب معععا …‬
‫سيكون ثمة مسار كبير للمقذوف في الهواء الجاف ) الصععواريخ‬
‫النووية ( … يحترق المكان الكبير بنيران آتية من بعيد … يرى‬
‫الناس القحط والعاصفة ‪ ،‬تحصل حروب وغزوات " ‪.‬‬
‫‪ " 8-16‬في روما ‪ ،‬حيعث كلعي القعدرة بنعى هيكلععه … سعيكون‬
‫طوفان كبير ومفععاجئ … بحيععث مععا مععن مكععان ‪ ،‬ومععا مععن أرض‬
‫ستسمح باتقائه … ستمر المياه من فوق الولمب فيزول " ‪.‬‬
‫‪ " 3-32‬القبر الكبير للشعب البريطاني … سيكون علععى وشععك‬
‫النفتاح … حين تزمجر الحرب قرب حدود ألمانيا … وفععي بلد‬
‫مانتو ) إيطاليا ( " ‪.‬‬
‫‪429‬‬
‫‪ " 3-70‬بريطانيا العظمى ‪ ،‬أي إنكلترا … تتعرض لثورة عنيفة‬
‫) تغمرها المياه ( … " ‪.‬‬
‫‪ " 8-15‬نحععو الشععمال تعزيععزات كععبرى مععن الحشععود البشععرية‬
‫) روسععيا ( … تضععرب أوروبععا والعععالم أجمععع تقريبععا … خلل‬
‫الكسوفين ‪ ،‬تقوم بمطاردة مهمة … وتععدخل هنغاريععا فععي الحيععاة‬
‫والموت " ‪.‬‬
‫خلصة ما يتنبأ به ) نوستراداموس ( ‪ ،‬هو دمار الدول الغربية )‬
‫أمريكا وبريطانيا وفرنسا ( ‪ ،‬بهجوم صععاروخي نععووي مفععاجئ ‪،‬‬
‫يصفه بكل دقععة ) مطععر جديععد مفععاجئ وعنيععف …( وُيععّرف هععذا‬
‫المطععر الجديععد ) تتسععاقط مععن السععماء علععى البحععر ‪ ،‬الحجععارة‬
‫والنععار ( وُيعّرفععه أكععثر بقععوله ) للمقععذوف فععي الهععواء الجععاف (‬
‫وُيحّدد مصدره ) بنيران آتيععة مععن بعيععد ( ويصععف تععأثيره ) يععرى‬
‫الناس القحط والعاصفة ( ويصف ما يعقبه ) سيكون طوفان كبير‬
‫ومفاجئ ( نتيجة ارتفاع درجة حرارة الرض ‪ ،‬التي ستعمل على‬
‫خر مياه البحار والمحيطات ‪ ،‬ومن ثععم‬ ‫ذوبان الكتل الجليدية ‪ ،‬وتب ّ‬
‫لتعود وتسقط على شكل مطر غزير ‪ ،‬مسببة طوفانا ‪ ،‬تغععرق فععي‬
‫مياهه أمريكا وبريطانيا إلى غير رجعة ‪.‬‬
‫وما يعطي مصداقية ‪ ،‬لنبععوءات هععذا المتنععبئ ‪ ،‬واهتمامععا منقطععع‬
‫النظير بها لدى الغربيين ‪ ،‬هو تحّقق الكثير منها حسب اعتقادهم‬
‫‪ ،‬بالرغم من إبهامها وعموميتها ‪ ،‬ووصفه الدقيق ‪ -‬قبععل )‪(450‬‬
‫سععنة تقريبععا ‪ -‬للسععلحة ووسععائل النقععل ‪ ،‬الععتي اسععتخدمت فععي‬
‫الحروب العالمية ‪ ،‬والععتي لععم تكععن موجععودة أصععل فععي عصععره ‪.‬‬
‫وهذا مما ُيعّزز مخاوف هؤلء من صععدق نبععوءاته ‪ ،‬بشععأن دمععار‬

‫‪430‬‬
‫الحضارة الغربية برمتها ‪ ،‬من قبل الشرقيين ‪ ،‬كما ُيعلن عن ذلك‬
‫بصراحة ‪.‬‬
‫من خلل هذه النصععوص والنصععوص التوراتيععة الصععلية ‪ ،‬تععبين‬
‫للكععثير مععن البععاحثين المريكييععن والبريطععانيين والفرنسععيين ‪،‬‬
‫المشغولين بنبوءات ) نوسععتراداموس ( ‪ ،‬أن المقصععود بالمدينععة‬
‫الجديععدة ‪ ،‬الععتي سععيلحقها الععدمار والخععراب ‪ ،‬هععي ) نيويععورك (‬
‫بشععكل خععاص ‪ ،‬وأمريكععا بشععكل عععام ‪ .‬وخوفععا مععن صععدق هععذه‬
‫النبععوءات المرعبععة ‪ُ ،‬تجهععد أمريكععا نفسععها – بقيععادة الحععزب‬
‫ث الخطععى ‪ ،‬سعععيا لمتلك‬ ‫الجمهوري التععوراتي النجيلععي ‪ -‬وتحع ّ‬
‫الدرع النووي المضاد ‪ ،‬للنبوءات التوراتية بصواريخها النوويععة‬
‫الروسية والصينية ‪ ،‬ل الصواريخ النووية العراقيععة أو اليرانيععة‬
‫أو الكورية الشمالية كما تّدعي ‪.‬‬
‫فععي تقريععر لوكالععة ) أ ف ب ( مععن واشععنطن ‪ ،‬نقل عععن صععحيفة‬
‫الدستور الردنية ‪ ،‬الصادرة بتاريخ ‪2001 - 7 - 12‬م ‪ ،‬جاء ما‬
‫نصعععه ‪ " :‬أعلنعععت وزارة العععدفاع المريكيعععة أمعععس ‪ ،‬تسعععريع‬
‫برنامجها للدرع المضععاد للصععواريخ ‪ ،‬الععذي قععد يصععطدم بععالقيود‬
‫التي تفرضها معاهدة ) إيه بي أم ( ‪ " :‬وذلك في غضععون بضعععة‬
‫أشهر عوضا عن بضع سنين " ‪ .‬وص عّرح مسععاعد وزيععر الععدفاع‬
‫المريكععي ) بععول فولفععوفيتس ( فععي كلمععة أمععام لجنععة القععوات‬
‫المسلحة في مجلس الشيوخ ‪ " :‬لقععد بععدأنا متععأخرين سععباقا ضععد‬
‫الزمن " ‪ .‬وبحسب المسؤول المريكي ‪ ،‬فععإن عمليععات التجععارب‬
‫وتطعوير نظعام العدرع المضعاد للصعواريخ ‪ ،‬سيصعطدم بل شعك ‪،‬‬
‫بقيود نصت عليها معاهدة ) إيه بي أم ( ‪ ،‬وأشار إلى " أن هنععاك‬
‫فرصا عديدة ليتم ذلك فععي غضععون بضعععة أشععهر بععدل مععن بضععع‬
‫سعنين " ‪ ،‬وأكعد أنعه " ينبغعي أن نتجعاوز قيعودا تفرضعها علينعا‬
‫‪431‬‬
‫معاهععدة ) إيععه بععي أم ( ‪ ،‬وقععال أن الوليععات المتحععدة ‪ ،‬سععتحاول‬
‫العمل على إبعرام اتفعاق معع روسعيا ‪ ،‬يتضعّمن ترتيبعات جديعدة ‪،‬‬
‫بهدف تجاوز معاهدة ) إيه بي أم ( ‪ ،‬وأشار مع ذلك إلى أنععه ‪" :‬‬
‫سيكون من الصعب التأكد من تأمين ذلك خلل السنة المقبلععة " ‪.‬‬
‫ضععل التوصععل لععذلك مععن خلل التعععاون ) مععع‬ ‫وأضاف ‪ " :‬كنععا ُنف ّ‬
‫روسيا ( ‪ ،‬ول نزال متفائلين بأن مثل هذا الخيار أمععر ممكععن " ‪.‬‬
‫وذكرت صععحيفة واشععنطن بوسععت ( فععي عععددها أمععس أن وزارة‬
‫الخارجيعععة ‪ ،‬أن وزارة الخارجيعععة المريكيعععة أمعععرت السعععبوع‬
‫الماضعععي ‪ ،‬سعععفارات الوليعععات المتحعععدة فعععي الععععالم ‪ ،‬بعععاطلع‬
‫الحكومععات الجنبيععة ‪ ،‬علععى النيععة المريكيععة ‪ ،‬بتطععوير مشععروع‬
‫الدرع المضادة للصواريخ " انتهى ‪.‬‬
‫لمنناذا بنندءوا هننذا السننباق المحمننوم مننع‬
‫الزمن لنتاج هذا الدرع ؟‬
‫الذريعة المريكية بتخّوفها مععن مهاجمتهععا بصععواريخ باليسععتية ‪،‬‬
‫من قبل العراق وإيران وكوريا الشععمالية ‪ ،‬غيععر مقنعععة لكععل دول‬
‫العععالم ‪ ،‬وحععتى حلفععاء أمريكععا مععن الوروبييععن ‪ ،‬أمععا السععباب‬
‫الحقيقيععة لنتععاج هععذا الععدرع ‪ ،‬فمرّدهععا هععو مخععاوف توراتيععة‬
‫وإنجيلية بحتة ‪ ،‬وهي على أربعة احتمالت ‪:‬‬
‫‪ .1‬وقاية نفسها من أي هجوم روسي ‪ ،‬أثناء المواجهة القادمععة‬
‫بين الشرق والغرب ‪ ،‬فيما لو فكرت روسيا ببدء هجوم مباغت‬
‫‪ ،‬بعد تحالفها مع الععدول العربيععة والسععلمية ‪ ،‬وهععو الحتمععال‬
‫الضعف ‪.‬‬
‫‪ .2‬التفكير بالمبادرة بالهجوم على روسيا ‪ ،‬استعجال للمواجهععة‬
‫الحتميععة الععتي فرضععتها عليهععم النبععوءات ‪ ،‬فكسععب المعركععة‬
‫‪432‬‬
‫جه الضربة الولى للطرف الخععر ‪،‬‬ ‫سيكون من نصيب ‪ ،‬من ُيو ّ‬
‫شععرين النجيليععن ‪ ،‬اسععتعجال‬‫وقد يكون اسععتجابة لععدعوات الُمب ّ‬
‫للمجيء الثاني للمسيح ‪.‬‬
‫‪ .3‬تنفيذ نواياها المعلنة اتجععاه العععراق ‪ ،‬بالقيععام بعمععل إجرامععي‬
‫جديد ‪ُ ،‬يريح أعصاب اليهود فععي الشععرق والغععرب إلععى البععد ‪،‬‬
‫من خطر زوال إسرائيل على أيدي العراقييععن ‪ ،‬بشععن حععرب أو‬
‫بتععوجيه ضععربة نوويععة واسعععة النطععاق أو محععدودة ‪ ،‬وهععو‬
‫الحتمال القوى ‪.‬‬
‫‪ .4‬منع إمكانية ظهور ذلك القععائد المسععلم ‪ ،‬الععذي سيتسععبب فععي‬
‫دمععار الحضععارة الغربيععة ‪ ،‬بضععرب بععؤر القيععادات السععلمية‬
‫الحالية ‪.‬‬
‫وعلى ما يبدو أن صععفة السععتعجال ‪ ،‬جععاءت مععن فهععم حاخامععات‬
‫اليهود للنصوص النبوية ‪ ،‬ومعرفتهم من خلل الشارات الفلكيععة‬
‫‪ ،‬والحسابات الموجودة في التوراة ‪ ،‬بقرب تحقععق هععذه الحععداث‬
‫على أرض الواقع ‪.‬‬
‫العدوان على العراق ‪:‬‬
‫‪ " 10-86‬سيأتي ملك أوروبا مثل غريفون … ُترافقععه جماعععة‬
‫الشمال … سيقود حشدا كبيرا من الحمر والبيض … ويسيرون‬
‫ضد ملك بابل " ‪.‬‬
‫‪ " 1-55‬في ظععل المنععاخ الععذي سععيواجه بابععل … سععيكون الععدم‬
‫المراق غزيرا … والرض والبحر والجو والسععماء جععائرات …‬
‫بفعل البدع والمجاعة والحكومات والطاعون والفوضى " ‪.‬‬

‫‪433‬‬
‫خروج المهنندي مننن مكننة ‪ ،‬وحتميننة ظهننور‬
‫الدين السلمي من جديد ‪:‬‬
‫وهعععو المعععر العععذي ُيرععععب نصعععارى ويهعععود الغعععرب ويقععع ّ‬
‫ض‬
‫مضاجعهم ‪ ،‬وهو المبّرر الوحيد لحربهم الشعواء ‪ ،‬التي يشعّنوها‬
‫ضععد السععلم ومععن ُيمّثلععه ‪ ،‬دون كلععل أو ملععل ‪ ،‬بععدفع مععن أحبععار‬
‫اليهود وكهنتهم ‪ ،‬في كععواليس ودهععاليز السياسععة الغربيععة ‪ ،‬كمععا‬
‫كانوا ُيزّينون لكفار قريش سوء أفععالهم ‪ ،‬فعي كعواليس ودهعاليز‬
‫السياسععة فععي مكععة ‪ ،‬خوفععا مععن ظهععور أمععر الدولععة المحمديععة‬
‫الولى ‪ ،‬وكنععا قععد أشععرنا سععابقا إلععى بعععض النصععوص التوراتيععة‬
‫الصععلية ‪ ،‬الععتي اسععتطاع ) نوسععتراداموس ( مععن خللهععا التنبععؤ‬
‫بهذا المر بنصوص صريحة ل ُلبس فيها ‪:‬‬
‫‪ " 5-55‬من الجزيرة العربية السعيدة … سيولد قائد مسلم كبير‬
‫… يهزم إسبانيا ويحتععل غرناطععة … يصععد المسععلمون الصععليب‬
‫… يخون البلد واحد من قرطبة " ‪.‬‬
‫‪ " 5-25‬أمام المير العربي ‪ ،‬بعد الحرب الملكيععة الفرنسععية …‬
‫تسقط مملكة الكنيسة في البحر … يأتون من جهة فارس مليونععا‬
‫… حين يستولي الشيطان على مصر واستنبول ‪.‬‬
‫‪ " 2-29‬سُيغادر الشرقي مقّره … يجتاز جبال البينين ويععدخل‬
‫فرنسا … يعبر الثلوج الخالدة ) جبععال اللععب ( … ويضععرب كععل‬
‫واحد بعصاه " ‪.‬‬
‫‪ " 9-100‬سععيجري كسععب المعركععة البحريععة ليل … يكععون ذلععك‬
‫خراب الغرب … سيكون ثمة ميثاق أحمر ‪ ،‬تتلطخ الكنيسة بالدم‬
‫… يشهد المهزوم إفلت النصر منه ويستشيط غضبا " ‪.‬‬

‫‪434‬‬
‫‪ " 2-93‬قريبا من نهر التيبر ‪ُ ،‬تهّدد آلهة الموت … بعد فيضععان‬
‫عظيععم بقليععل … يقععع البابععا فععي السععر … يحرقععون القصععر‬
‫والفاتيكان " ‪.‬‬
‫ع إذن يعلم الغربيون يهودا ونصارى ‪ ،‬ممععا جععاء فععي كتبهععم ‪ ،‬أن‬
‫هناك قائد مسلم كبير ‪ ،‬هو نفس المير العربي والشععرقي ‪ ،‬الععذي‬
‫سععيولد فععي الجزيععرة العربيععة ‪ ،‬وأن هععذا القععائد سينتصععر فععي‬
‫حروبععه ‪ ،‬موحععدا بععذلك جميععع دول العععالم السععلمي ‪ ،‬ومععن ثععم‬
‫سيجتاح أوروبا كاملة ‪ ،‬بجيوشه الجرارة البالغة في نععص ) ‪( 1‬‬
‫مليون ‪ ،‬وفي نص آخععر ) ‪ ( 200‬مليععون مقاتععل ‪ ،‬مسععببا سععقوط‬
‫الحضارة المسيحية اليهودية واندثارها ‪ .‬لذلك تجد الغرب يسعععى‬
‫حثيثا ‪ ،‬لوأد أية بادرة تلوح في الفق ‪ ،‬لحياء الخلفة السلمية‬
‫‪.‬‬
‫الصحوة السلمية ‪:‬‬
‫يقول مؤلف الكتاب ‪ :‬إذا كانت أوروبععا ‪ ،‬وفرنسععا بععوجه خععاص ‪،‬‬
‫بقيت بمنعأى ععن أي غعزو معن جعانب الععالم العربعي ‪ ،‬منعذ أيعام‬
‫) شارلمان ( ‪ ،‬فالحرب الكبرى ستشهد عودتهم المؤذية ‪ ،‬هذا ما‬
‫سععماه ) نوسععتراداموس ( فععي الرسععالة إلععى هنععري الثععاني ‪" ،‬‬
‫العودة المحمدية الولى " ‪ .‬حيث يقول ) نوستراداموس ( ‪:‬‬
‫‪ " 3-4‬حين سيقترب تمّرد المسلمين ‪ ،‬لن نكون بعيدين جدا عن‬
‫هذا وذاك … البرد والقحط والخطر على الحععدود … حععتى حيعث‬
‫بدأ الوحي اللهي " ‪.‬‬
‫‪ … " 4-39‬لن إمبراطورية الهلل ستخرج من سباتها … "‬

‫‪435‬‬
‫‪ " 6-42‬سععععيجري التخلععععي عععععن السععععلطة للكلم الفتععععان …‬
‫لمبراطورية الهلل التي ستفرض نفسها … وتمّد رايتها إلى ما‬
‫فوق اليطاليين … ستكون في يد شخص يتظاهر بالحكمة " ‪.‬‬
‫‪ " 5-73‬سيتم اضطهاد كنيسة ال … وتصععادر البنيععة الدينيععة‬
‫… سُيعري الولد أمه … وسيتفق العرب مع البولنديين " ‪.‬‬
‫‪ " 10-33‬الجماعة القاسية ذات العرداء الطويعل ) المسعلمون (‬
‫… ستأتي مخععبئة خناجرهععا … يسععتولي قائدهععا علععى فلورنسععا‬
‫ومكععان اللهبععة المزدوجععة ) رومععا ( … قائمععا بفتحععه مععع القتلععة‬
‫والحالمين " ‪.‬‬
‫ععع تؤكععد هععذه النصععوص ‪ ،‬أن المععة السععلمية سععتنهض مععن‬
‫سباتها ‪ ،‬وستفرض نفسها كدولة عظمى ‪ ،‬وعلى مساحة واسعععة‬
‫معععن الرض ‪ ،‬تشعععمل أجعععزاء معععن أوروبعععا الغربيعععة ‪ ،‬وُيخعععبر‬
‫) نوستراداموس ( بخبث ودهاء يهوديين ‪ ،‬بععأنهم أي المسععلمون‬
‫الغادرون القساة القتلة ‪ ،‬سيضععطهدون كنيسععة الع ‪ ،‬ويسععتولون‬
‫على إيطاليا كلها ‪ .‬وهععذه إحععدى الصععور الععتي شععكلتها النبععوءات‬
‫التوراتيععة والنجيليععة ‪ ،‬عععن السععلم والمسععلمين بشععكل عععام ‪،‬‬
‫صععر ‪ .‬وهععذه‬‫وبععدون اسععتثناء لي عربععي أو مسععلم ‪ ،‬حععتى لععو تن ّ‬
‫الصور أجاد فععي تشععويهها والتخويععف منهععا ‪ ،‬والتحريععض علععى‬
‫سرو هذه النبوءات قديما وحععديثا ‪ ،‬حععتى أصععبحت‬ ‫محاربتها ‪ ،‬مف ّ‬
‫مععن المسععلمات العقديععة لععدى عامععة الغربييععن ‪ ،‬فل عجععب ول‬
‫غرابة ‪ ،‬من حمل الغربيين لهذا الععداء العقعائدي المزمععن للععرب‬
‫سععرو الكتععاب المقععدس ‪،‬‬ ‫والمسلمين ‪ ،‬فهععذا مععا ُيخععبرونهم بععه مف ّ‬
‫الععذي ل يععأتيه الباطععل مععن بيععن يععديه أو مععن خلفععه ‪ ،‬حسععب‬
‫اعتقادهم ‪.‬‬
‫‪436‬‬
‫نزول عيسى عليه السلم وتسّلمه لمقاليد‬
‫الحكم ‪:‬‬
‫‪ " 4-77‬إمبراطورية الهلل ) المسلمون ( ‪ ،‬وإيطاليا المسالمة )‬
‫حكمععان ‪ ،‬علععى يععد ملععك العععالم‬
‫النصععارى ( … يتحععّد فيهمععا ال ُ‬
‫المسيحي ) المسيح عليه السلم ( … " ‪.‬‬
‫ع هذا النص ‪ ،‬يؤكد عملية تسّلم عيسععى عليععه السععلم للحكععم مععن‬
‫المهدي ‪ ،‬أما النصارى فليس لديهم استعداد ‪ ،‬لطععرح أي تسععاؤل‬
‫عععن سععبب اتحععاد المسععلمين ) الكفععار غيععر المععؤمنين بألوهيععة‬
‫المسععيح ( والنصععارى ؟ ولمععاذا يتنععازل خليفععة المسععلمين ‪ ،‬عععن‬
‫مقاليععد الحكععم للمسععيح عليععه السععلم ‪ ،‬بعععد أن يكععون قععد فععرض‬
‫سيطرته على العالم بأسره ؟ ولماذا ل يصععلبه المسععلمون ‪ ،‬وهععم‬
‫المتوحشععون والغععادرون والقتلععة والقسععاة والرهععابيون ‪ ،‬كمععا‬
‫صلبه اليهود المساكين الضعفاء ؟‬
‫نحن نعلم أن النععاس قععديما وحععديثا ‪ ،‬كععانوا ومععا زالععوا ‪ ،‬يلجئون‬
‫للعرافيععن والكهععان ‪ ،‬لكشععف الطععالع ومعرفععة أنبععاء الغيععب ‪ ،‬كععل‬
‫حسب مآربه وغاياته ‪ ،‬ومنها الفضععول وحععب المعرفععة ‪ ،‬ومنهععم‬
‫العوام وأكثرهم الملوك والرؤساء ‪ ،‬ول غرابة عندما أقرأ يوما ‪،‬‬
‫أن زوجة أحععد رؤسععاء أمريكععا المعاصععرين ‪ ،‬وأظنععه بععوش الب‬
‫كانت تلجأ إليهم ‪.‬‬
‫إن أخطععر معا فعلتععه هععذه الكتعب ‪ ،‬هعو أنهعا خلقعت لععدى نصعارى‬
‫الغرب ‪ ،‬عقائد جديدة مرتبكة ومشوهة ‪ ،‬فيما يتعّلق بشكل خاص‬
‫بالمسلمين والعرب ‪ ،‬ودورهم القادم في دمععار الحضععارة الغربيععة‬
‫المسيحية ‪ ،‬التي صنعتها اليهودية العالمية ‪ ،‬حتى أنستهم تعععاليم‬
‫المسيح نفسععه ‪ ،‬الععتي مععا زالععت تععدعوا إلععى التسععامح والتعععايش‬
‫‪437‬‬
‫السلمي ‪ ،‬بالرغم من إعععادة صععيغتها مععن قبععل اليهععوديين بععولس‬
‫وبطرس ‪ .‬مما خلق لديهم حالة من الرعب والقلععق ‪ ،‬مععن كععل مععا‬
‫هو إسلمي وعربي ‪ ،‬بمساعدة حثيثة من خبثاء اليهععود ‪ ،‬الععذين‬
‫يؤمنون بأن استمرارية وجععودهم وبقععائهم ‪ ،‬ونجععاح مخططععاتهم‬
‫الشيطانية ‪ ،‬تعتمد في الساس على القضاء علعى الديعان ‪ ،‬العتي‬
‫ُيحاربهم ال بها ‪ ،‬ويعلمون أن ألّد أعدائهم هععو القععرآن العظيععم ‪،‬‬
‫الذي ل بد له في يوم من اليام ‪ ،‬إن بقي المر علععى حععاله ‪ ،‬ولععم‬
‫يتم مسحه من قلوب وعقول حملتععه ‪ ،‬ومسععخ تعععاليمه وتشععويها‬
‫كمععا ش عّوه آبععاءهم وأجععدادهم التععوراة والنجيععل ‪ ،‬سععيبعث فيهععم‬
‫الحياة من جديد ‪.‬‬
‫الحرب الشاملة ‪2006‬‬
‫هو عنوان لكتاب صععدر فععي بريطانيععا ‪ ،‬عععام ‪1999‬م ‪ ،‬وعنععوانه‬
‫بالنجليزيععة هععو ) ‪ ، ( Total War 2006‬للكععاتب البريطععاني‬
‫) سيمون بيرسون ( ‪ ،‬الذي شغل منصب ‪ ،‬مساعد رئيس أركععان‬
‫الحرب البريطاني لشؤون السياسة ‪ ،‬وهذا الكتاب واحد من آلف‬
‫الكتب والبحاث ‪ ،‬التي كادت أن ُتصيب كبد الحقيقة ‪ ،‬لول تضليل‬
‫مؤلفي نصوص التوراة ‪ ،‬بتحريف الكلم عن مواضعه ‪ ،‬وتضععليل‬
‫الواقع ‪ ،‬مما أدى إلى الخلط بين الحععداث ‪ ،‬مععن حيععث شخوصععها‬
‫وزمانها ومكانها ‪.‬‬
‫* من مقال للكاتب محمد عارف ‪ ،‬مععن صععحيفة الحيععاة اللندنيععة ‪،‬‬
‫في النصف الثاني من عام ‪1999‬م ‪.‬‬
‫" كل فصل من فصول الكتاب تقريبا ‪ُ ،‬يستهل بقول للنبي ارميا ‪،‬‬
‫ويسععتهّل الفصععل الخيععر منععه ‪ ،‬بععأربع فقععرات مععن سععفر ارميععا ‪،‬‬
‫أخفهععا وقع عًا ‪ " :‬أرضععهم أضععحت قفععرا يبابععا ‪ ،‬شععارة للزدراء‬
‫‪438‬‬
‫السرمدي ‪ ،‬ويُهّز كل عابر فيها رأسه فزعا " ‪ .‬هععذا مععا سعُتخّلفه‬
‫الحععرب الشععاملة عععام ‪، 2006‬ع بيععن التحععالف السععلمي العظيععم‬
‫وروسيا من جانب ‪ ،‬والوليععات المتحعّدة مععن جععانب آخععر ‪ ،‬حيععث‬
‫تبدأ الحداث بنشوب حرب البلقان ُمج عّددا عععام ‪ ، 2002‬وانععدلع‬
‫الحرب الكورية الثانية ‪ ،‬وثورات إسلمية تكتسح البلدان العربية‬
‫حدها ععام ‪ ، 2004‬تحعت رايعة صعلح ديعن جديعد ‪ ،‬نصعفه‬ ‫‪ ،‬وتو ّ‬
‫كردي ونصفه الخر ألماني ‪.‬‬
‫ويبلععغ البععاحث السععتراتيجي البريطععاني الععذروة ‪ ،‬عنععدما يتوقععع‬
‫الحعععداث السياسعععية ‪ ،‬العععتي ستشعععمل قيعععام مملكعععة فلسعععطين‬
‫السععلمية ‪ ،‬وتضععم الردن ويقودهععا العاهععل الردنععي ‪ ،‬وثععورة‬
‫جديدة في روسيا ‪ ،‬تأتي بحكومة عسكرية ‪ُ ،‬يسيطر عليها صلح‬
‫الدين ‪ ،‬من مقّره في مدينععة قععم اليرانيععة ‪ ،‬وانتفاضععات ُمتعاطفععة‬
‫شّنها متطرفون في مدن فرنسععا وإيطاليععا‬ ‫مع الحلف السلمي ‪ ،‬ي ُ‬
‫وبريطانيا ‪ .‬ول يخلو الكتاب ‪ ،‬من صور فوتوغرافية لحععرب عععام‬
‫‪ ، 2006‬بينها صورة لخر البطال السععرائيليين الحيععاء ‪ ،‬يقععف‬
‫تحت ُملصق جداري لحركة حماس ‪.‬‬
‫وعندما ُتقّرر السيدة رئيسة الوليات المتحّدة المريكية ‪ ،‬اللجوء‬
‫إلععى السععلح النععووي الشععامل ‪ ،‬تجععد أن صععلح الععدين ‪ ،‬اسععتبق‬
‫تفكيرهععا مععرة أخععرى ‪ ،‬إّنععه انفجععار السععلح الكهرومغناطيسععي ‪،‬‬
‫الذي طعّوره ألمععع " علمععاء المسععلمين " ‪ ،‬لُيضععيء السععماء ليل‬
‫علععى امتععداد المسععافة ‪ ،‬مععن قععبرص والسععكندرية ‪ ،‬حععتى حععدود‬
‫الردن والحععدود السععورية العراقيععة ‪ ،‬حيععث ُيطلععق هععذا السععلح‬
‫السععلمي ‪ ،‬نبضععا إلكترونيععا جبععارا ينفععذ مععن خلل كععل شععيء‬
‫معدني ‪ ،‬في البنايات والجهزة والعربععات والععدبابات والسععلحة ‪،‬‬
‫وتكمععن قععوته فععي قععدرته علععى تععدمير ‪ ،‬الععدارات الكهربائيععة‬
‫‪439‬‬
‫المسععتخدمة فععي كععل شععيء ‪ ،‬مععن الترانزيسععتور والكمععبيوتر‬
‫والتلفزيون ‪ ،‬إلى أجهزة الهاتف والتصالت ‪ ،‬وأنظمعة المصعانع‬
‫والمختبرات ‪ ،‬وحتى الطائرات والقمار الصطناعية والصواريخ‬
‫جهعععة ‪ .‬خلل لحظعععة تحعععّولت دولعععة التكنولوجيعععا الرفيععععة‬ ‫المو ّ‬
‫) إسععرائيل ( ‪ ،‬إلععى مجتمععع العصععر الحجععري ‪ ،‬مععن دون معععدات‬
‫حععرارة وإنععارة وضععخ ميععاه ونقععل ‪ُ ،‬محاطععة بجبععل مععن الدوات‬
‫المعدنية واللكترونية ‪ ،‬لعصر أصبح فجأة غابرا " ‪.‬‬
‫وعندما ُتهّدد الرئيسة المريكية ‪ ،‬بشنّ الحرب النووية الشاملة ‪،‬‬
‫ُيجيبها صلح الدين ‪ " :‬بأن كّل شيء قد انتهى ‪ ،‬إسرائيل انتهت‬
‫سعّكانها قععد مععاتوا ‪ ،‬مخزونهععا النععووي قععد ُدمّععر ‪،‬‬
‫كشعب ‪ ،‬معظم ُ‬
‫ولن يشعكر التاريعخ الرئيسعة ‪ ،‬لتسعّببها فعي قتعل مئات اللعوف ‪،‬‬
‫وربمععا الملييععن لجععل بلععد خععاٍو " ‪ .‬كمععا ويبععدي صععلح الععدين‬
‫اسععتعداده ‪ ،‬فععي حععال تراجععع قععوات حلععف النععاتو ‪ ،‬الععتي تسععتعد‬
‫للتحرك ضّده من تركيععا ‪ ،‬لوقععف العمليععات العسععكرية ‪ ،‬لمشععاهدة‬
‫إسرائيل وهي تموت " ‪.‬‬
‫تعقيب على الكتاب ‪:‬‬
‫الملفععت للنظععر أن كععثير مععن البععاحثين ‪ ،‬فععي نصععوص النبععوءات‬
‫التوراتية والنجيلية ‪ ،‬هم ممن يشغلون مراكز حساسة ومرموقة‬
‫‪ ،‬فععي السععلك السياسععي والعسععكري والععديني ‪ ،‬وهععذا الكععاتب هععو‬
‫أحدهم ‪ ،‬ول ُيعقل أل تتأثر القرارات السياسية والعسكرية لهؤلء‬
‫‪ ،‬بما يحملونه مععن أفكععار ومعتقععدات ‪ُ ،‬تشعّكل خطععرا علععى المععن‬
‫والستقرار العالمي ‪ ،‬ول ُيعقل أل تؤثر أفكارهم ومعتقععداتهم فععي‬
‫قرارات رؤساء دولهم ‪ ،‬هععذا إن لععم يكععن رؤسععاء الععدول أنفسععهم‬
‫) كريغان وبوش ( يحملون هذه الفكار والمعتقدات ‪.‬‬
‫‪440‬‬
‫ع تفصيل الحداث بشخوصها ومكانها وزمانها ‪ ،‬سنعرضه لحقععا‬
‫فععي الفصععول الخيععرة ‪ ،‬ولكععن سععنتوقف قليل مععع هععذا الكتععاب ‪،‬‬
‫حح بعضا من أحداثه وشخوصه ‪:‬‬ ‫لنوضح ونص ّ‬
‫‪ .1‬صلح الدين الجديد ع كناية عن القائد الععذي س عُينهي الوجععود‬
‫اليهودي في فلسطين ‪.‬‬
‫‪ .2‬مملكة فلسطين السلمية ع كناية عن الخلفة السععلمية فععي‬
‫القدس ‪.‬‬
‫‪ .3‬العاهل الردني ع كناية عن ملك القدس المنتظر ‪ ،‬أي المهدي‬
‫الذي يعود بنسبه ‪ ،‬إلى الرسول عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫‪ .4‬ثعورات إسعلمية تكتسعح البلعدان العربيعة عع حعروب المهعدي‬
‫لتوحيد البلدان العربية والسلمية ‪.‬‬
‫‪ .5‬السععلح الكهرومغناطيسععي ‪ ،‬لُيضععيء السععماء ليل عع شععريعة‬
‫السلم التي ستبعث من جديد بخلفة المهدي ‪.‬‬
‫‪ .6‬مععن قععبرص والسععكندرية ‪ ،‬حععتى حععدود الردن والحععدود‬
‫السورية العراقية ع امتداد الدولة السلمية ‪.‬‬
‫‪ .7‬إنتععاج السععلح الكهرومغناطيسععي ع ع ربمععا تكععون صععحيحة ‪،‬‬
‫ولكن من الرجح أنها فكرة ابتدعها الكتاب ‪ ،‬لتفسير النتصععار‬
‫المقبعععل للععععرب علعععى إسعععرائيل وتعععدميرها ‪ ،‬رغعععم امتلكهعععا‬
‫للتكنولوجيا العسكرية ‪ ،‬وأسلحة الدمار الشامل ‪ ،‬وتحالفها مع‬
‫الغرب ‪ ،‬حسب رأيه ‪ .‬والحقيقة أن فلسطين لن يتععم تععدميرها ‪،‬‬
‫لتصععبح قفععرا ل تصععلح للسععكن للبععد ‪ ،‬كمععا ُتخععبر النصععوص‬
‫التوراتية ‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫‪ .8‬الععدمار الموصععوف ‪ -‬هععو دمععار لمريكععا ل فلسععطين ‪ ،‬أمععا‬
‫فلسطين فسيتم اسععتعادتها بععدون تععدمير ‪ ،‬وهععي الععتي سععتكون‬
‫أكثر البلدان ‪ ،‬أمانا وطمأنينة خلل الحداث القادمة ‪ ،‬وستكون‬
‫بمنأى ‪ ،‬عن ضربات أسلحة الدمار الشامل ‪ ،‬بإذن ال ع ‪ ،‬حيععث‬
‫ُقسععم لهععا بعععد تلععك الحععداث ‪ ،‬أن تكععون عاصععمة الخلفععة‬
‫السلمية ‪.‬‬
‫حقيقة ما وقع فيه هذا الكاتب ‪ ،‬أنه قام ببناء هععرم نبععوءاته علععى‬
‫أسععاس ‪ ،‬صععحة النصععوص التوراتيععة ‪ ،‬إذ أنععه ل يعلععم أن كتبععة‬
‫التععوراة ‪ ،‬قععاموا ببعععثرة وجمععع ‪ ،‬ثلثععة أخبععار نبويععة ‪ ،‬متباعععدة‬
‫ن الكععاتب أنهععا‬
‫ومتتابعة ‪ ،‬في نصوص مرتبكة ومضععطربة ‪ ،‬ليظع ّ‬
‫تحكي حدثا نبويا واحدا ‪ .‬وهذه الخبار النبويععة الثلثععة بععالترتيب‬
‫هي ؛ أول ‪ :‬الغزو العراقي لسعرائيل ‪ ،‬وثانيعا ‪ :‬تحععالف الععروس‬
‫والعععرب ضععد الغععرب فععي الحععرب العالميععة الثالثععة ‪ ،‬بعععد سععقوط‬
‫الدولععة اليهوديععة ‪ ،‬وثالثععا ‪ :‬خععروج المهععدي مععن مكععة ‪ ،‬واتخععاذ‬
‫القدس عاصمة لخلفته الممتدة ‪ ،‬مععن النيععل إلععى الفععرات ‪ ،‬ومععن‬
‫تركيا إلى اليمن ‪.‬‬
‫ولحععظ هنععا ‪ ،‬أن مؤلععف هععذا الكتععاب ‪ ،‬كععان قععد شععغل منصععب ‪،‬‬
‫مساعد رئيس أركان الحرب البريطاني ‪ ،‬ولشؤون السياسة أيضا‬
‫‪ ،‬ونحععن هنععا ل نطععرح تكهنععات أو تخّرصععات ‪ ،‬حععول معتقععداتهم‬
‫بالنسبة لنا كمسلمين وعرب ‪ ،‬فهذا مععا يعتقععدون ويؤمنععون بععه ‪،‬‬
‫ويطرحععونه فععي كتبهععم ‪ ،‬والععتي هععي مععن أكععثر الكتععب مبيعععا فععي‬
‫بلدانهم ‪ ،‬وأن هذا المؤلف وغيره الكثير ‪ ،‬من الذين يحملون هذه‬
‫الفكععار ‪ ،‬كععانوا فععي المععس القريععب جععدا ‪ ،‬يشععتركون فععي صععنع‬
‫القرارات الخاصة بالمنطقة ‪ ،‬ولو اطلعت على غزارة إنتاجهم في‬
‫ك أنك ستصععاب بالععذهول ‪ ،‬ممععا يطرحععونه معن‬ ‫هذا المجال ‪ ،‬ل ش ّ‬
‫‪442‬‬
‫أفكار وقناعات جنونية ومرعبة ‪ُ ،‬يقّدمونها لشعععوبهم علععى أنهععا‬
‫مسلمات ‪ ،‬وستصاب بالذهول لغفلة أمتنا عما يحملونه من عقائد‬
‫وقناعات ‪ ،‬وما يقععترفونه بنععاًء عليهععا مععن سياسععات ‪ُ ،‬يحيكونهععا‬
‫تحت سععتر الظلم ‪ ،‬فععي كععواليس السياسععة الغربيععة ‪ ،‬وينفععذونها‬
‫على أرض واقع أمتنا ‪ ،‬ونشاركهم نحن أيضا فععي تنفيععذها ‪ ،‬بعععد‬
‫أن ُيقّدموها لنا ‪ ،‬فععي غلف مععن ورق السععولفان الملععون ‪ ،‬الععذي‬
‫يكشف من خلل شععفافيته وسععخافته ‪ ،‬حقيقععة أهععدافهم البشعععة ‪،‬‬
‫والمشبعة بالحقد علععى أمععة القععرآن ‪ ،‬الععتي تخّلععت عنععه طوعععا ل‬
‫كرها ‪ ،‬منذ أمد ليس بالقصير ‪ ،‬ولكن ذلك ل ولن يرضيهم ‪ ،‬حتى‬
‫ُيحّققوا كامل أحلمهم وأمانيهم ‪ ،‬وُيتخّلصوا مععن كامععل مخععاوفهم‬
‫وهواجسهم ‪ ،‬الععتي لععن تععزول ‪ ،‬إل بععزوال هععذه المععة عععن وجععه‬
‫الرض ‪ ،‬التي وعدها ربها بالبقععاء حععتى تقععوم السععاعة ‪ ،‬ولععذلك‬
‫عععاجل أم آجل ‪ ،‬سععتقودهم أوهععامهم وهواجسععهم ‪ ،‬إلععى تععدمير‬
‫أنفسهم ‪ ،‬بكسب مزيد من العداء والحقاد ‪ ،‬من جععراء تخبطهععم‬
‫العمععى ‪ ،‬وسععيرحلوا قريبععا جععدا ‪ ،‬إلععى غيععر رجعععة ‪ ،‬وسععيرث‬
‫الصالحون من هذه المة الرض بأسععرها ‪ ،‬بععإذن ال ع ‪ِ … ) ،‬إنّ‬
‫ن )‪128‬‬ ‫عَبععاِدِه َواْلَعاِقَب عُة ِلْلُمّتِقي ع َ‬
‫ن ِ‬
‫شاُء ِم ع ْ‬
‫ن َي َ‬
‫ل ُيوِرُثَها َم ْ‬
‫ض ِّ‬
‫اَْلْر َ‬
‫العراف ( ‪.‬‬

‫قال تعالى‬

‫حّتى َتّتِبَع ِمّلتَُهْم ‪ُ ،‬قلْ‬


‫صاَرى ‪َ ،‬‬ ‫ك اْلَيُهوُد َوَل الّن َ‬ ‫عْن َ‬
‫ضى َ‬ ‫ن َتْر َ‬ ‫) َوَل ْ‬
‫ك‬
‫جاَء َ‬‫ت َأْهَواَءُهْم ‪َ ،‬بْعَد اّلِذي َ‬ ‫ن اّتَبْع َ‬‫ل ُهَو اْلُهَدى ‪َ ،‬وَلِئ ِ‬ ‫ن ُهَدى ا ِّ‬ ‫ِإ ّ‬
‫صيٍر )‪(120‬‬ ‫ن َوِليّ َوَل َن ِ‬
‫ل ِم ْ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫ك ِم َ‬
‫ن اْلِعْلِم ‪َ ،‬ما َل َ‬
‫ِم َ‬
‫‪443‬‬
‫) البقرة (‬

‫‪444‬‬
‫السياسة المريكية ونبوءات التوراة‬
‫والنجيل‬
‫ستناول في هذا الفصل ‪ ،‬مسألة تأثير نبوءات التوراة والنجيل ‪،‬‬
‫على القرارات السياسععة المريكيععة ‪ ،‬وخاصععة مععا يتعلععق بمنطقععة‬
‫الشرق الوسط ‪ ،‬لنفهم أبجديات هذه السياسة المنحازة لسرائيل‬
‫‪ ،‬والمعادية للعرب والمسلمين بشكل عام ‪ ،‬والععتي اجتهععد الكععثير‬
‫من المحللين في تفسيرها وتحليععل دوافعهععا ‪ .‬وخيععر مععن تععّرض‬
‫لهذه المسألة ‪ ،‬وأفاض في بحثها هي الكاتبة المريكية ) غريععس‬
‫هالسل ( في كتاب ) النبوءة والسياسععة ( ‪ ،‬وهععو مععن منشععورات‬
‫) الناشر للطباعة ( ‪ ،‬ط ‪1990 3‬م ‪ ،‬ترجمة محمد السّماك ‪.‬‬
‫دمة المترجم ) بتصرف ( ‪:‬‬ ‫ملخص مق ّ‬
‫يمثل العالم العربي موقعا متميزا وفريدا مععن نععوعه ‪ ،‬فععي عمليععة‬
‫صنع القرار السياسي المريكععي ‪ ،‬فبالضععافة إلععى أهميععة مععوقعه‬
‫الجغرافععي ‪ ،‬وكععونه سععوقا تجاريععة اسععتهلكية ‪ ،‬ويملععك أكععبر‬
‫احتياطي من النفط ‪ ،‬فإن هناك عامل آخعر ‪ ،‬يتقعدم علعى كعل هعذه‬
‫العوامععل ‪ ،‬وهععو تععأثير الفكععر المسععيحي الععديني ‪ ،‬علععى صععياغة‬
‫القرار المريكي ‪ ،‬المتعلق بالصععراع العربععي السععرائيلي ‪ .‬حيععث‬
‫نشأ في نهاية القرن التاسع عشر ‪ ،‬وبدايععة القععرن الماضععي ‪ ،‬مععا‬
‫يسمى بالصهيونية المسيحية النجيلية القائمة على اعتناق ثلثة‬
‫مبادئ ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬اليمان بعودة المسيح ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن عودته مشروطة بقيام دولة إسرائيل ‪،‬‬
‫ثالثا ‪ :‬وبالتالي تجّمع اليهود في فلسطين ‪.‬‬
‫‪445‬‬
‫وقد لعب هععذا المععر دورا أساسععيا ‪ ،‬فععي صععناعة القععرار الخععاص‬
‫بقيام إسرائيل ‪ ،‬وتهجير اليهود إليها ومن ثم دعمها ومسععاعدتها‬
‫‪ ،‬وإعفاءهععا مععن النصععياع للقععوانين والمواثيععق الدوليععة ‪ .‬وأن‬
‫شريعة ال وحدها ‪ -‬التوراة – التي يجععب أن تطبععق علععى اليهععود‬
‫في فلسطين ‪ ،‬بما أنهم شعب ال المختار ‪.‬‬
‫ونتيجععة لهععذه المعتقععدات ‪ ،‬ظهععر الكععثير مععن الحركععات الدينيععة‬
‫المسيحية النجيلية الصولية ‪ ،‬في بريطانيا والوليات المتحععدة ‪،‬‬
‫وأهععم وأخطععر هععذه الحركععات هععي ) الحركععة التدبيريععة ( ‪ ،‬الععتي‬
‫نشأت في الوليات المتحدة ‪ ،‬بعد قيام دولة إسرائيل ‪ .‬وتضعّم فععي‬
‫عضويتها أكثر مععن أربعيععن مليععون أمريكععي ‪ ،‬لحظععة تععأليف هععذا‬
‫الكتععاب فععي أواسععط الثمانينيععات ‪ ،‬ومععن بيععن أعضععائها الرئيععس‬
‫المريكي آنذاك ) رونالد ريغان ( وهي تسيطر على قطععاع واسععع‬
‫من المنابر العلمية المريكية ‪ ،‬وتمتلععك محطععات تلفععزة خاصععة‬
‫بهععا ‪ ،‬ويشععارك قادتهععا ‪ ،‬كبععار المسععؤولين فععي الععبيت البيععض ‪،‬‬
‫ومجلس المن القومي المريكي ‪ ،‬ووزارة الخارجية في صععناعة‬
‫القععرارات السياسععية والعسععكرية ‪ ،‬المتعلقععة بالصععراع العربععي‬
‫السرائيلي ‪.‬‬
‫ن الع قععد وضععع فععي الكتععاب المقععدس ‪،‬‬ ‫عع وتعتقععد هععذه الحركععة أ ّ‬
‫نبوءات واضحة ‪ ،‬حول كيفيععة تععدبيره لشععؤون الكععون ونهععايته ‪،‬‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬قيام إسرائيل وعودة اليهود إليها ‪.‬‬
‫‪ .2‬هجوم أعداء الع علعى إسعرائيل ووقعوع محرقعة هرمجعدون‬
‫النووية ) وأعداء إسرائيل هم الععروس والعععرب ‪ ،‬وعلععى مععدى‬
‫أوسع هم الشيوعيون والمسلمون بشكل عام ( ‪.‬‬
‫‪446‬‬
‫‪ .3‬انتشار الخراب والدمار ومقتل المليين ‪.‬‬
‫‪ .4‬ظهور المسيح المخلص وتخليصه لتباعه ) أي المؤمنين به‬
‫( من هذه المحرقة ‪.‬‬
‫‪ .5‬إيمان من بقي من اليهود بالمسيح بعد المحرقة ‪.‬‬
‫‪ .6‬انتشار السلم فععي مملكععة المسععيح فععي أرض جديععدة وتحععت‬
‫سماء جديدة مدة ألف عام ‪.‬‬
‫ع وأن مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها ‪ ،‬هععي تععدبير وتهيئة ‪-‬‬
‫ن ال قد أوصاهم بععذلك ‪ -‬كععل المععور الععتي مععن الممكععن ‪ ،‬أن‬ ‫وكأ ّ‬
‫جل في عودة المسيح إلى الرض ‪ ،‬ومن ضمن تلك المور ‪:‬‬ ‫تع ّ‬
‫أول ‪ :‬ضرورة إضعاف العرب عسكريا ‪،‬‬
‫وثانيا ‪ :‬تلبية جميععع مطععالب إسععرائيل بالععدعم المععالي والسياسععي‬
‫والعسكري ‪،‬‬
‫وثالثا ‪ :‬تعزيز ترسانتها النووية ‪.‬‬
‫مقتطفات من مقدمة الكاتبة ‪:‬‬
‫تؤكععد الكاتبععة المريكيععة ) غريععس هالسععل ( ‪ ،‬أن بععذور هععذه‬
‫الُمعتقدات الُمدّمرة ‪ ،‬نشأت في نهاية القرن التاسع عشر ‪ .‬وكععان‬
‫رائد هذا التجاه ‪ ،‬في تفسير الكتععاب الُمق عّدس ‪ ،‬هععو ) سععايروس‬
‫طبع أول مرجع إنجيلي لععه عععام ‪1909‬م ‪ ،‬زرع‬ ‫سكوفيلد ( ‪ ،‬وقد ُ‬
‫فيه آراءه الشخصية في النجيل ‪ ،‬وصععار أكععثر الكتععب المتداولععة‬
‫حول المسيحية ‪ .‬وبدأت هذه الُمعتقععدات فععي الظهععور وتع عّززت ‪،‬‬
‫عندما تتابعت انتصارات إسععرائيل ‪ ،‬علععى دول الجععوار العربيععة ‪،‬‬
‫وبلغت ذروتها بعد الجتياح السرائيلي لجنوب لبنان ‪.‬‬

‫‪447‬‬
‫تقول ‪ ،‬وفي إحدى المناسععبات كععان ) سععكوفيلد ( يععذّكر ُمسععتمعيه‬
‫بأنه ‪ " :‬عام بعد عام ‪ ،‬كان ُيرّدد التحععذير بععأن عالمنععا ‪ ،‬سيصععل‬
‫إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية " ‪ .‬ولكنععه يقععول‬
‫حبععوا بهععذه‬
‫أيضععا ‪ " :‬أن المسععيحيين الُمخّلصععين ‪ ،‬يجععب أن ُير ّ‬
‫الحادثة ‪ ،‬لنه ُمجّرد ما أن تبدأ المعركععة النهائيععة ‪ ،‬فععإن المسععيح‬
‫سوف يرفعهم فوق السحاب ‪ ،‬وس عُينقذون ‪ ،‬وأنهععم لععن ُيواجهععوا‬
‫شيئا من المعاناة ‪ ،‬التي تجري تحتهم " ‪.‬‬
‫وتقول " بالرغم من أن بعض الصوليين ‪ ،‬لم يتقّبلوا هذه الفكرة‬
‫‪ ،‬إل أنها تسّببت في انقسام كععبير ‪ .‬فهنععاك مؤشععر إلععى أن أعععداد‬
‫المسععيحيين الععذين يتعّلقععون بنظريععة ) هرمجععدون ( فععي تزايععد‬
‫ُمضععطرد ‪ .‬فُهععم مثععل سععكوفيلد ‪ ،‬يعتقععدون أن المسععيح ‪ ،‬وعععد‬
‫المسيحيين الُمخّلصين ‪ ،‬بسماء جديععدة وأرض جديععدة ‪ .‬وبمععا أن‬
‫المععر كععذلك ‪ ،‬فليععس عليهععم أن يقلقععوا حععول مصععير الرض ‪،‬‬
‫فليذهب العالم كّله إلى الجحيم ‪ ،‬لُيحّقق المسيح للقّلععة الُمختععارة ‪،‬‬
‫سماًء وأرضا جديدتين " ‪.‬‬
‫" إن استقصععاء عععام ‪1984‬م ‪ ،‬الععذي أجرتععه مؤسسععة ) بععاتكيلو‬
‫فيتش ( أظهر أن ‪ 39‬بالمععائة مععن الشعععب المريكععي ‪ ،‬يقولععون ‪،‬‬
‫أنه عندما يتحّدث عن تدمير الرض بالنار ‪ ،‬فإن ذلك يعني ‪ ،‬أننععا‬
‫نحععن أنفسععنا سععوف ُنععدّمر الرض ب ) هرمجععدون ( نوويععة ‪.‬‬
‫وأظهرت دراسة لمؤسسة ) نلسن ( ُنشرت في ُأكتععوبر ‪1985‬م ‪،‬‬
‫شععرين ‪ ،‬يقولععون‬ ‫أن ‪ 61‬مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلععى ُمب ّ‬
‫أننععا ل نسععتطيع أن نفعععل شععيئا ‪ ،‬لمنععع حععرب نوويععة تتفجععر فععي‬
‫حياتنا " ‪.‬‬

‫‪448‬‬
‫ع ومن أكثر الصععوليين النجيلييععن شععهرة ‪ ،‬مععن الععذين ُيبشععرون‬
‫على شاشة التلفزيون بنظرية ) هرمجدون ( ‪:‬‬
‫‪ .1‬بات روبرتسون ‪ :‬يملك شععبكة تلفزيونيععة مسععيحية ‪ ،‬مكونععة‬
‫من ثلث محطععات ‪ ،‬عععائداته السععنوية تصععل إلععى ‪ 200‬مليععون‬
‫دولر ‪ ،‬ومساهم في محطة تلفزيون الشرق الوسط في جنوب‬
‫لبنان ‪ ،‬يشاهد برامجه أكثر من ‪ 16‬مليون عائلة أمريكية ‪.‬‬
‫‪ .2‬جيمععي سععواغرت ‪ :‬يملععك ثععاني أكععبر المحطععات النجيليععة‬
‫شهرة ‪ُ ،‬يشاهد برامجه ما مجموعه ‪ 9,25‬مليون منزل ‪.‬‬
‫‪ .3‬جيععم بيكععر ‪ :‬يملععك ثععالث أشععهر محطععة تبشععيرية ‪ ،‬عععائداته‬
‫السععنوية تصععل إلععى ‪ 100-50‬مليععون دولر ‪ُ ،‬يشععاهد برامجععه‬
‫حععوالي ‪ 6‬ملييععن منععزل ‪ ،‬يعتقععد أن علينععا أن نخععوض حربععا‬
‫رهيبة ‪ ،‬لفتح الطريق أمام المجيء الثاني للمسيح ‪.‬‬
‫‪ .4‬أورال روبرتس ‪ :‬تصل برامجه التلفزيونية إلى ‪ 5,77‬مليون‬
‫منزل ‪.‬‬
‫‪ .5‬جيععري فولويععل ‪ :‬تصععل دروسععه التبشععيرية إلععى ‪ 5,6‬مليععون‬
‫منزل ‪ ،‬يملك محطععة الحريعة للبععث بالكابععل ‪ ،‬أقععام بعععد شععرائها‬
‫بأسبوع ‪ ،‬حفل عشاء على شرف جورج بععوش نععائب الرئيععس‬
‫ريغان آنعذاك ‪ .‬وقعد أخعبر فولويععل يومهعا بعأن جعورج بععوش ‪،‬‬
‫سيكون أفضل رئيس في عام ‪1988‬م ‪.‬‬
‫‪ .6‬كينين كوبلند ‪ُ :‬يشاهد برامجه ‪ 4,9‬مليون منزل ‪ .‬يقول ‪" :‬‬
‫أن ال أقام إسرائيل ‪ .‬إّننا ُنشاهد ال يتحرك من أجععل إسععرائيل‬
‫… إنه لوقت رائع أن نبدأ في دعم حكومتنا ‪ ،‬طالما أّنها تععدعم‬
‫إسععرائيل … إنععه لععوقت رائع أن ُنشعععر العع ‪ ،‬مععدى تقععديرنا‬
‫لجذور إبراهيم " ‪.‬‬
‫‪449‬‬
‫‪ .7‬ريتشععارد دي هععان ‪ :‬يصععل فععي برنععامجه إلععى ‪ 4,75‬مليععون‬
‫منزل ‪.‬‬
‫شععر‬
‫‪ .8‬ريكس همععبرد ‪ :‬يصععل إلععى ‪ 3,7‬مليععون منععزل ‪ ،‬وهععو ُيب ّ‬
‫بتعاليم سكوفيلد التي تقول ‪ " :‬أن ال كان يعععرف منععذ البدايععة‬
‫الولععى ‪ ،‬أننععا نحععن الععذين نعيععش اليععوم ‪ ،‬سععوف ُنععدّمر الكععرة‬
‫الرضية " ‪.‬‬
‫وتعّقب الكاتبة بقولها ‪ " :‬لقد ذكععرت ثمانيععة مععن الععذين ٌيق عّدمون‬
‫شرون بنظرية هرمجدون نووية في الذاعة‬ ‫البرامج الدينية ‪ ،‬وُيب ّ‬
‫والتلفزيععون ‪ ،‬ومععن بيععن ‪ 4‬آلف أصععولي إنجيلععي ‪ … ،‬هنععاك ‪3‬‬
‫آلف من التدبيريين ‪ ،‬يعتقدون أن كارثة نوويععة فقععط ‪ ،‬يمكععن أن‬
‫ُتعيععد المسععيح إلععى الرض ‪ .‬إن هععذه الرسععالة ُتبععث عععبر ‪1400‬‬
‫سيس إنجيلي ‪ ،‬يععذيعون‬ ‫محطة دينية في أمريكا ‪ .‬ومن بين ألف ق ّ‬
‫يوميا برامج من خلل ‪ 400‬محطة راديو ‪ ،‬فإن الكثرية الساحقة‬
‫منهم من التدبيريين " ‪ .‬وتقول ‪ " :‬أن بعض هؤلء القساوسة ‪،‬‬
‫ورؤساء الكنائس ‪ ،‬هم مععن القععوة بحيععث يظهععرون كععالملوك فععي‬
‫مناطقهم " ‪.‬‬
‫والرسالة التي ُيرسلها هؤلء على الدوام هي ‪ " :‬لن يكون هناك‬
‫سععلم حععتى يعععود المسععيح ‪ ،‬وأن أي تبشععير بالسععلم ‪ ،‬قبععل هععذه‬
‫العودة هو هرطقة ) تخريف وكفر ( ‪ ،‬إنه ضد كلمة ال ) ضد مععا‬
‫جاء في الُكتب المقدسة ( ‪ ،‬إنه ضد المسععيح " ‪ .‬وهععذا مععا يقععوله‬
‫أيضععا ) جيععم روبرتسععون ( التلفزيععوني النجيلععي الععذي دعععاه‬
‫الرئيعععس ) ريغعععان ( ‪ ،‬للقعععاء صعععلة افتتعععاح المعععؤتمر الحعععزب‬
‫الجمهوري عام ‪1984‬م ‪.‬‬

‫‪450‬‬
‫كتاب ) آخر أعظم كننرة أرضننية ( ومننؤلفه‬
‫) هال لندسي ( ‪:‬‬
‫تقول الكاتبة أن هذا الكتاب ‪ ،‬أصبح الكثر مبيعا خلل السععبعينات‬
‫‪ ،‬حيث بيع منه حوالي ‪ 18‬مليون نسخة ‪ ،‬وفي تعليقها على هععذا‬
‫سر كل التاريخ ‪ ،‬قععائل أن‬ ‫الكتاب ومؤلفه ‪ ،‬تقول " أن المؤلف يف ّ‬
‫دولععة إسععرائيل ‪ ،‬هععي الخععط التععاريخي لمعظععم أحععداث الحاضععر‬
‫والمستقبل " ‪.‬‬
‫) ومن هنا يعأتي تقععديس النصععارى المريكععان لسعرائيل ‪ ،‬فضعل‬
‫عععن اليهععود ‪ ،‬ولحععظ أن هععذا الكتععاب ‪ ،‬قععرأه مععا ل يقععل عععن ‪18‬‬
‫مليون أمريكي ‪ ،‬في بداية صدوره ‪ ،‬أما الن فربما قد قرأه معظم‬
‫الشعب المريكي ‪ ،‬وخطورة هععذا الكتععاب تنبععع مععن كععون الفكععار‬
‫والمعتقدات التي أوردها المؤلف ‪ ،‬منسوبة إلى ال ‪ ،‬كما أوضععح‬
‫في كتابه المقّدس لديهم ( ‪.‬‬
‫" ويقععول لندسععي ‪ :‬أن الجيععل الععذي ُولععد عععام ‪1948‬م ‪ ،‬سععوف‬
‫يشهد العودة الثانية للمسيح ‪ .‬ولكن قبععل هععذا الحععدث ‪ ،‬علينععا أن‬
‫نخوض حربين ‪ ،‬الولى ضعد يعأجوح ومعأجوج ) أي العروس ( ‪،‬‬
‫والثانيععة فععي هرمجععدون ‪ .‬والمأسععاة سععتبدأ هكععذا ‪ :‬كععل العععرب‬
‫بالتحالف مع السوفييت ) الروس ( ‪ ،‬سععوف ُيهععاجمون إسععرائيل‬
‫"‪.‬‬
‫) وهذا تحذير من ‪ ،‬وتحريض للغرب النصراني ‪ ،‬لمعاداة العععرب‬
‫المسلمين والروس الشيوعيين (‬
‫وتقول الكاتبة بعد مقابلتها للمؤلف ‪ " :‬أن لندسععي ل يبععدو عليععه‬
‫الحزن ‪ ،‬عندما ُيعلن ‪ :‬أن كل مدينة في العالم ‪ ،‬سيتم تدميرها في‬
‫الحرب النووية الخيرة ‪ ،‬وتعّقب الكاتبة ‪ :‬تصّوروا أن مُععدنا مثععل‬
‫‪451‬‬
‫لندن وباريس وطوكيو ‪ ،‬ونيويععورك ولععوس أنجلععوس وشععيكاغو‬
‫وقد ُأبيدت " ‪.‬‬
‫ويقول لندسي ‪ " :‬إن القوة الشرقية سوف ُتزيعل ثلعث الععالم …‬
‫عندما تصل الحرب الكبرى إلى هذا المستوى ‪ ،‬بحيععث يكععون كععل‬
‫شخص تقريبا قد ُقتل ‪ ،‬سععتحين سععاعة اللحظععة العظيمععة ‪ ،‬فُينقععذ‬
‫المسيح النسانية من الندثار الكامل ) الفناء ( " ‪.‬‬
‫وُيتابع لندسععي ‪ " :‬وفععي هععذه السععاعة سععيتحول اليهععود ‪ ،‬الععذين‬
‫نجععوا مععن الذبععح إلععى المسععيحية … سععيبقى ‪ 144‬ألععف يهععودي‬
‫فقط ‪ ،‬على قيد الحياة بعد معركة هرمجدون " ‪.‬‬
‫) إذن يجععب أل يكععترث نصععارى الغععرب ‪ ،‬بنشععوب حععرب عالميععة‬
‫نوويععة ثالثععة مععدمرة ‪ ،‬مععا دامععت مجمععل ضععحايا هععذه الحععرب ‪،‬‬
‫ستكون من المسلمين واليهود وبقية الوثنيين في الشععرق ‪ ،‬غيععر‬
‫المؤمنين بألوهية المسععيح ‪ ،‬بععل عليهععم أن يسععتعجلوا نشععوبها ‪،‬‬
‫بالعمل على تسريع المواجهة بين الشععرق والغععرب ‪ ،‬حععتى يعععود‬
‫للرض مرة لُينقذ البشرية النصرانية فقط ‪ ،‬مععن النععدثار الكامععل‬
‫"‪.‬‬
‫شنننر النجيلننني ) جينننري‬ ‫مب ّ‬‫وقفنننة منننع ال ُ‬
‫فولويل ( ‪:‬‬
‫بععععد عرضعععه لنظريععة هرمجعععدون مسعععتخدما الدلعععة التوراتيعععة‬
‫والنجيلية ‪ .‬تقول الكاتبة بعد حضورها للعرض ‪ " :‬رسم فولويل‬
‫صورة ُمرعبة ععن نهايعة الععالم ‪ ،‬ولكنعه لعم يبعُد حزينعا أو حعتى‬
‫مهتّما ‪ .‬في الواقع أنهى عظته بابتسامه كبيرة ‪ ،‬قائل ‪ :‬ما أعظععم‬
‫أن نكون مسيحيين ! إن أمامنا ُمستقبل رائعا " ‪.‬‬
‫وفي إحدى تسجيلته يقول ‪:‬‬
‫‪452‬‬
‫" وهكذا ترون أن هرمجدون حقيقة ‪ ،‬إنها حقيقة ُمرّكبة ‪ .‬ولكععن‬
‫نشكر الع لنهععا سععتكون نهايععة العامععة ‪ ،‬لنععه بعععد ذلععك سععيكون‬
‫المسرح ُمعّدا ‪ ،‬لتقديم الملك الرب المسيح ‪ ،‬بقوة وعظمة … إنّ‬
‫شرين بالكتاب الُمقّدس ‪ ،‬يتوّقعععون العععودة الحتميععة لللععه‬ ‫كل الُمب ّ‬
‫… وأنا نفسي ُأصّدق ‪ ،‬بأننا جععزء مععن جيععل النهايععة ‪ ،‬الععذي لععن‬
‫ُيغادر قبل أن يأتي المسيح " ‪.‬‬
‫" ومنذ ‪ 2600‬سنة تنبأ النبي العبراني حزقيال ‪ ،‬أن أمععة سععتقوم‬
‫إلى الشمال معن فلسعطين ‪ ،‬قبعل وقعت قصعير معن العععودة الثانيععة‬
‫للمسيح … في الفصلين ‪ 38‬و ‪ 39‬مععن حزقيععال ‪ ،‬نقععرأ أن اسععم‬
‫هذه الرض هععو روش ‪ .‬ويععذكر أيضععا اسععم معدينتين همععا ماشععك‬
‫وتوبال … إن هذه السماء تبدو ُمشابهة بشكل ُمععثير ‪ ،‬لموسععكو‬
‫وتيبولسك ‪ ،‬العاصمتين الحاكمتين اليععوم فععي روسععيا … وكععذلك‬
‫كتب حزقيال ‪ ،‬أن هذه الرض سععتكون ُمعاديععة لسععرائيل ‪ ،‬وأنععه‬
‫مععن أجععل ذلععك سععيكون ضععدها ‪ .‬وقععال أيضععا أن روسععيا ‪ ،‬سععوف‬
‫حلفاء ُمختلفين ‪ ،‬في اليععام الخيععرة …‬ ‫تغزوا إسرائيل بمساعدة ُ‬
‫وقد سّمى هؤلء الحلفاء ‪ :‬إيعران ) العتي كنعا ُنسعميها فعارس ( ‪،‬‬
‫وجنوب إفريقيعا أو إثيوبيعا ‪ ،‬وشعمال إفريقيعا أو ليبيعا ‪ ،‬وأوروبعا‬
‫الشرقية ) جومر ( ‪ ،‬والقوقاز جنوب روسيا ) توجرمة ( " ‪.‬‬
‫" بالرغم من المال الوردية وغير الواقعية تمامععا ‪ ،‬الععتي أبععدتها‬
‫حكومتنا ‪ ،‬حول اتفاقية كامب ديفيد بين مصععر وإسعرائيل ‪ ،‬إل أن‬
‫هذه التفاقية لن تدوم ‪ .‬إننععا نصععلي بالفعععل مععن أجععل السععلم فععي‬
‫ي حكومتيّ إسرائيل ومصر …‬ ‫القدس … إننا نحترم كثيرا رئيس ّ‬
‫ولكن أنععت وأنععا نعععرف أنععه ‪ ،‬لععن يكععون هنععاك سععلم حقيقععي فعي‬
‫الشرق الوسط ‪ ،‬إلى أن يأتي يوم ‪ ،‬يجلععس فيععه اللععه المسععيح ‪،‬‬
‫على عرش داود في القدس " ‪.‬‬
‫‪453‬‬
‫وفي كتابه ) الحرب النووية والمجيععء الثععاني … ( ‪ ،‬فععي فصععل‬
‫الحععرب القادمععة مععع روسععيا ‪ ،‬يتنبععأ ) فولويععل ( بغععزو سععوفييتي‬
‫لسرائيل ‪ ...‬وفي نهاية المعركة سيسقط خمععس أسععداس الجنععود‬
‫السوفييت ‪ ،‬وبذلك يبدأ أول احتفال للععرب ‪ .‬ويجععري احتفععال آخععر‬
‫بعععد معركععة هرمجععدون … وسععيتوقف التهديععد الشععيوعي إلععى‬
‫البد ‪ ،‬وسيستغرق دفن الموتى مدة ‪ 7‬أشهر ‪.‬‬
‫الرئيننس المريكنني ) ريغننان ( كننان أحنند‬
‫فرسان هرمجدون النووية ‪:‬‬
‫تقول الكاتبة ‪ " :‬كان ) رونالد ريغان ( واحدا ‪ ،‬من الذين قععرءوا‬
‫كتاب ) آخععر أعظععم كععرة أرضععية ( … فععي وقععت مبكععر مععن عععام‬
‫‪1986‬م ‪ ،‬أصبحت ليبيا العدو الول ) لريغان ( … واستنادا إلععى‬
‫) جيمس ميلععز ( ‪ ،‬الرئيععس السععابق لمجلععس الشععيوخ فععي وليععة‬
‫كاليفورنيا ‪ ،‬فإن ) ريغان ( كره ليبيا ‪ ،‬لنه رأى أنهععا واحععدة مععن‬
‫أعداء إسرائيل ‪ ،‬الذين ذكرتهم النبععوءات ‪ ،‬وبالتععالي فإنهععا عععدو‬
‫ال " ‪.‬‬
‫" وعندما كععان ) ريغععان ( مرشععحا للرئاسععة عععام ‪1980‬م ‪ ،‬كععان‬
‫ُيواصل الحديث عن هرمجدون ‪ ،‬ومن أقواله ‪ " :‬إن نهاية العالم‬
‫قد تكون في متناول أيدينا … إن هذا الجيععل بالتحديععد هععو الجيععل‬
‫الذي سيشهد هرمجدون " ‪.‬‬
‫" إن معظم المؤمنين ) بالتدبيرية ( ‪ ،‬ينظرون إلى روسيا علععى‬
‫أنها شيطانية ‪ ،‬وأنها ُتمّثععل إمبراطوريععة الشععيطان ‪ .‬ولقععد جععاهر‬
‫) ريغان ( بذلك في ‪1983 / 3 / 8‬م ‪ ،‬عندما قال ‪ " :‬إن التحاد‬
‫السععوفييتي هععو حجععر الزاويععة فععي العععالم المعاصععر " ‪ " .‬إننععي‬

‫‪454‬‬
‫أؤمن أن الشيوعية ‪ ،‬فصل حزين وسيئ في التاريععخ النسععاني ‪،‬‬
‫الذي يكتب الن صفحاته الخيرة " ‪.‬‬
‫وتقول الكاتبة ‪ :‬يقول )جيمعس ميلعز ( فعي مقعال صعحفي ‪ " :‬إن‬
‫استعمال ) ريغان ( لعبارة إمبراطورية الشععيطان … كععان إعلنععا‬
‫انطلق مععن اليمععان الععذي أعععرب لععي عنعه ‪ ،‬فعي تلععك الليلععة عععام‬
‫‪1971‬م … إن ) ريغان ( كرئيس أظهر بصورة دائمة ‪ ،‬الععتزامه‬
‫القيععام بواجبععاته ‪ ،‬تمشععيا مععع ارادة ال ع … إن ) ريغععان ( كععان‬
‫صيصععا ‪ ،‬وهععو يعمععل علععى بنععاء ‪ ،‬القععدرة‬
‫يشعععر بهععذا اللععتزام خ ّ‬
‫العسكرية للوليات المتحدة وحلفائها …‬
‫… صععحيح أن حزقيععال تنبععأ بانتصععار إسععرائيل وحلفائهععا ‪ ،‬فععي‬
‫المعركة الرهيبة ضد قوى الظلم ‪ ،‬إل أن المسيحيين المحععافظين‬
‫مثل رئيسنا ‪ ،‬ل يسمح لهم التطععرف الروحععي ‪ ،‬بععأن يأخععذوا هععذا‬
‫ق لتربععح هععذا الصععراع‬ ‫النتصار كُمسّلمات ‪ .‬إن تقويععة قععوى الحع ّ‬
‫المهم ‪ ،‬هو في عيون مثل هؤلء الرجال ‪ ،‬عمل ُيحّقق نبوءة ال‬
‫انسجاما مع إرادته السامية ‪ ،‬وذلك حتى يعود المسيح مّرة ثانيععة‬
‫…‬
‫… وبالتأكيد فإن توجهه بالنسععبة للنفععاق العسععكري ‪ ،‬وبرودتععه‬
‫اتجاه ُمقترحات نزع السععلح النععووي ‪ ،‬متفقععة مععع وجهععة نظععره‬
‫هذه ‪ ،‬التي يستمّدها من سفر الرؤيا … إن هرمجدون الععتي تنبععأ‬
‫بها حزقيال ‪ ،‬ل ُيمكن أن تحدث في عالم منزوع السلح ‪ .‬إن كععل‬
‫من يؤمن بحتمية وقوعها ‪ ،‬ل ُيمكن توقع تحقيقه لنزع السلح ‪.‬‬
‫إن ذلك ُيناقض مشيئة ال كما وردت على لسانه …‬
‫… إن سياسات الرئيس ) ريغان ( الداخلية والماليععة ‪ُ ،‬منسععجمة‬
‫مع التفسير اللفظي ‪ ،‬للنبوءات التوراتيععة والنجيليععة ‪ .‬فل يوجععد‬
‫‪455‬‬
‫أي سبب للغضب من مسألة الَدْين القومي المريكي ‪ ،‬إذا كان ال‬
‫سيطوي العالم كّله قريبا " ‪.‬‬
‫وتقول الكاتبة ‪ " :‬وبناء على ذلك ‪ ،‬فإن جميع البرامج المحلية ‪،‬‬
‫التي تتطلب إنفاقا كبيرا ‪ ،‬يمكن بل يجب أن ُتعّلق من أجععل تععوفير‬
‫المال ‪ ،‬لتمويل برامج تطوير السلحة النوويععة ‪ ،‬معن أجععل إطلق‬
‫الحمععم الُمععدّمرة علععى الشععياطين ‪ ،‬أعععداء ال ع وأعععداء شعععبه ‪،‬‬
‫وأضاف ميلز ‪:‬‬
‫" لقد كان ) ريغان ( على حق عندما اعتقد أن أمامه فرصة أكبر‬
‫‪ ،‬لينفق المليعارات معن العدولرات ‪ ،‬اسعتعدادا لحععرب نوويعة معع‬
‫يأجوج ومععأجوج ‪ ،‬لععو كععان معظععم الشعععب الععذي أعععاد انتخععابه ‪،‬‬
‫يؤمن كما أخبرني ‪ ،‬بما يؤمن هععو بععه ‪ ،‬بالنسععبة ) لهرمجععدون (‬
‫والعودة الثانية للمسيح " ‪.‬‬
‫وتقول نقل عن كتاب ) ساحات المعارك النووية ( ‪ " :‬أن أمريكا‬
‫تملك في الداخل ‪ 14500‬رأس نووي ‪ ،‬موزعة على ‪ 40‬وليععة ‪،‬‬
‫وتملك ‪ 3396 :‬في ألمانيا ‪ ،‬و ‪ 1268‬في بريطانيععا ‪ ،‬و ‪ 549‬فععي‬
‫إيطاليععا ‪ ،‬و ‪ 489‬فععي تركيععا ‪ ،‬و ‪ 164‬فععي اليونععان ‪ ،‬و ‪ 151‬فععي‬
‫كوريا الجنوبية ‪ ،‬و ‪ 81‬في هولندا ‪ ،‬و ‪ 25‬في بلجيكا " ‪.‬‬
‫ونقل ععععن صعععحيفة واشعععنطن بوسعععت ‪ ،‬تقعععول ‪ " :‬أن الدارة‬
‫المريكيععة ‪ ،‬اقععترحت مواصععلة البنععاء العسععكري فععي السععنوات‬
‫الخمس الُمقبلة ‪ .‬وأن النفاق على مشاريع وزارة الدفاع ‪ُ ،‬يشير‬
‫إلى ارتفاع مععن ‪ 258.4‬مليععار دولر عععام ‪1986‬م ‪ ،‬إلععى ‪356.6‬‬
‫مليار عام ‪1991‬م " ‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫النجيليننون الصننوليون يؤمنننون بأكنناذيب‬
‫التوراة أكثر من اليهود أنفسهم ‪:‬‬
‫في لقاء للكاتبة مع محام فلسطيني مسيحي بروتستنتي إنجيلععي ‪،‬‬
‫يعمل في القدس ‪ ،‬بعد أن عاد من أمريكععا ليعيععش فععي فلسععطين ‪،‬‬
‫جععاج المريكييععن ‪،‬‬ ‫في معرض رّده على سؤال ‪ ،‬عن رأيه في الح ّ‬
‫شر ) فولويل ( لزيارة أرض المسيح ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫ظمهم الُمب ّ‬
‫الذين ُين ّ‬
‫" بالنسبة للنجيليين الصوليين مثل ) فولويععل ( ‪ ،‬فععإن اليمععان‬
‫بإسععرائيل يتقععدم علععى تعععاليم المسععيح ‪ .‬إن الصععهاينة ُيفسععدون‬
‫تعاليم المسيح ‪ .‬إن صهيونية ) فولويل ( سياسية ل علقة لهععا ‪،‬‬
‫بععالقيم أو الخلق أو بمواجهععة المشععاكل الحقيقيععة ‪ .‬إنععه يععدعو‬
‫أتباعه إلى تأييد إسرائيل ‪ ،‬ويطلب من دافع الضرائب المريكي ‪،‬‬
‫أن ُيقّدم لسرائيل ‪ 5‬مليار دولر كععل سعنة ‪ .‬إذ أنعه يؤكععد لتبعاعه‬
‫وبما أنهم مؤيععدون للصععهيونية ‪ ،‬فهععم علععى الطريععق الصععحيح ‪،‬‬
‫وفي الجانب الرابح دوما …‬
‫وفعععي الواقعععع فعععإن مسعععيحيين مثعععل ) فولويعععل ( ‪ُ ،‬يعععوّفرون‬
‫للسععرائيليين الععدافع للتوسععع ومصععادرة المزيععد مععن الراضععي ‪،‬‬
‫ولضطهاد مزيد من الشعوب ‪ ،‬لنهم ي عّدعون أن ال ع إلععى جععانب‬
‫إسرائيل ‪ ،‬وأن العم سام راغب في التوقيع على الفاتورة …‬
‫إن السععرائيليين ‪ ،‬يعرفععون أن مسععيحيين جيععدين ومععؤثرين مثععل‬
‫) فولويل ( ‪ ،‬يقفون معهم على الدوام ‪ ،‬بغض النظر عما يفعلععون‬
‫أخلقيععا ومعنويععا ‪ .‬ومهمععا بلغععوا مععن القمععع ‪ ،‬فععإن السععرائيليين‬
‫يعرفععععون أن الصععععهيونيين المسععععيحيين المريكييععععن معهععععم ‪،‬‬
‫ويرغبعععون فعععي إعطعععائهم السعععلحة ومليعععارات العععدولرات ‪،‬‬
‫وسُيصّوتون إلى جانبهم في المم المتحّدة " ‪.‬‬
‫‪457‬‬
‫مبشننر ) فولويننل ( والترويننج لسننرائيل‬ ‫ال ُ‬
‫سياسيا ‪:‬‬
‫فععي بحععث قععام بععه اثنععان مععن السععاتذة الجععامعيين عععن حيععاة‬
‫) فولويععل ( ‪ ،‬يؤكععد د‪ ) .‬غودمععان ( أن ) فولويععل ( تحععّول مععن‬
‫الوعظ الديني ‪ ،‬إلى الوعظ السياسي المؤيد للدولة الصععهيونية ‪،‬‬
‫بعد النتصار العسععكري السععرائيلي فععي عععام ‪1967‬م ‪ .‬حيععث أن‬
‫هععذا النتصععار الُمععذهل ‪ ،‬كععان لععه تععأثير كععبير علععى العديععد مععن‬
‫المريكيين ‪ ،‬في الوقت الذي كان فيه شعععور الهزيمععة والخيبععة ‪،‬‬
‫ُيخّيم على الكثير من المريكيين مععن جعّراء الحععرب الفيتناميععة ‪،‬‬
‫ومععن هععؤلء كععان ) فولويععل ( الععذي نظععر إلععى المععر بطريقععة‬
‫مختلفة ‪ ،‬حيث قال ‪ :‬أن السرائيليين ‪ ،‬ما كانوا لينتصروا لععو لععم‬
‫خل من ال ‪.‬‬ ‫يكن هناك تد ّ‬
‫ونتيجعععة لعععذلك بعععدأ السعععرائيليون باسعععتخدام ) فولويعععل ( فعععي‬
‫السععبعينيات ‪ ،‬لتحقيععق أغراضععهم ومطععالبهم ‪ ،‬وتأييععد سياسععاتهم‬
‫لدي الشعب والساسة المريكععان ‪ ،‬وفععي خطععاب لععه عععام ‪1978‬م‬
‫في إسععرائيل ‪ ،‬قععال ‪ " :‬إن الع ُيحععب أمريكععا ‪ ،‬لن أمريكععا ُتحععب‬
‫اليهود " ‪ .‬وفي مناسععبات عديععدة كععان يقععول للمريكييععن ‪ " :‬إن‬
‫قدر المة يتوقف على التجاه ‪ ،‬الذي يتخععذونه مععن إسععرائيل …‬
‫وإذا لععم ُيظهععر المريكيععون ‪ ،‬رغبععة جازمععة فععي تزويععد إسععرائيل‬
‫بالمععال والسععلح ‪ ،‬فععإن أمريكععا ستخسععر الكععثير " ‪ .‬وقععد قععامت‬
‫وسععائل العلم الصععهيونية بععإبرازه وتلميععع صععورته ‪ ،‬ليصععبح‬
‫شخصية سياسععية وإعلميععة مرموقععة علععى السععاحة المريكيععة ‪،‬‬
‫لدرجة أن الرئيععس ) ريغععان ( رتععب لععه حضععور اجتمععاع مجلععس‬
‫المن القومي ) البنتاغون ( ‪ ،‬ليستمع وُيناقش كبععار المسععؤولين‬
‫فيه ‪ ،‬حول احتمال نشوب حرب نووية مع روسيا ‪.‬‬
‫‪458‬‬
‫ُيتععابع د‪ ) .‬غودمععان ( ‪ " :‬فععي عععام ‪1981‬م ‪ ،‬عنععدما قصععفت‬
‫إسرائيل المفاعل النووي قععرب بغععداد ‪ ،‬تخعّوف ) بيغععن ( مععن رد‬
‫يء فععي الوليععات الُمتح عّدة ‪ .‬ومععن أجععل الحصععول علععى‬
‫فعععل س ع ّ‬
‫الععدعم ‪ ،‬لععم يتصععل بسععيناتور أو كععاهن يهععودي ‪ ،‬إنمععا اتصععل‬
‫) بفولويل ( … وقبل أن ُيغلق سماعة الهاتف ‪ ،‬قععال ) فولويععل (‬
‫) لبيغن ( ‪ " :‬السيد رئيس الوزراء ‪ ،‬أريد أن أهنئك على المهمة‬
‫‪ ،‬التي جعلتنا فخورين جدا بإنتاج طائرات ف ‪. " 16‬‬
‫وقال د‪ ) .‬برايس ( ‪ " :‬إن أي عمل عسكري قامت أو ستقوم به‬
‫إسرائيل ‪ ،‬تستطيع أن تعتمد فيه على دعم اليمين المسيحي " ‪.‬‬
‫هنندم المسننجد القصننى وبننناء الهيكننل ‪،‬‬
‫مطلنننب إلهننني منصنننوص علينننه فينننه‬
‫التننوراة ‪ ،‬كمننا يعتقنند مسننيحيو الغننرب ‪،‬‬
‫فضل عن يهود الشرق والغرب ‪:‬‬
‫أثناء رحلة الحج الثانية للكاتبة ‪ ،‬وفععي لقععاء مععع أحععد مسععتوطني‬
‫ُمستعمرة ) غوش أمونيم ( ‪ُ -‬معقبععة علععى قععوله ‪ -‬قععالت لععه ‪ :‬إن‬
‫بنععاء هيكعل للعبعادة شعيء ‪ ،‬وتععدمير المسعجد شعيء آخعر ‪ ،‬فمعن‬
‫الممكن ‪ ،‬أن ُيؤدي ذلك إلععى حععرب بيععن إسععرائيل والعععرب ‪ ،‬فععرّد‬
‫قائل ‪ " :‬تماما ‪ ،‬هذا ما ُنريده أن يحدث ‪ ،‬لننععا سععوف نربحهععا ‪،‬‬
‫ومن ثم سنقوم بطرد العععرب مععن أرض إسععرائيل ‪ ،‬وسعُنعيد بنععاء‬
‫الهيكل ‪ ،‬وننتظر مسيحنا " ‪.‬‬
‫تقول الكاتبة ‪ " :‬لقد زرت قبة الصخرة ‪ ،‬وهي واحدة مععن أجمععل‬
‫الصروح في العالم – والععتي ُتقععارن بجمععال تععاج محععل – وقععد تععم‬
‫بناؤهععا عععام ‪685‬م ‪ ،‬بععأمر مععن الخليفععة المععوي عبععد الملععك بععن‬
‫مععروان ‪ ،‬وهععو البنععاء الجمععل فععي القععدس " ‪ .‬وتقععول ‪ " :‬علععى‬
‫‪459‬‬
‫الرغم من أن المسيح ‪ ،‬دعا إلى إقامة المعابععد فععي النفععس ‪ ،‬فععإن‬
‫الصوليين المسيحيين ‪ُ ،‬يصعّرون علععى أن الع ‪ُ ،‬يريععد أكععثر مععن‬
‫بنععاء معبععد روحععي ‪ ،‬إنععه ُيريععد معبععدا حقيقيععا مععن السععمنت‬
‫والحجععارة ‪ُ ،‬يقععام تمامععا فععي الموقععع الععذي توجععد فيععه الصععروح‬
‫السلمية " ‪.‬‬
‫وتقول الكاتبة ‪ " :‬قال زميل لي فععي الجولععة ‪ " :‬إننععي أعتقععد أن‬
‫الرهابيين اليهود ‪ ،‬سوف ينسفون الماكن السلمية الُمقّدسععة ‪.‬‬
‫وأن ذلك سيتسّبب في إثععارة العععالم السععلمي ‪ ،‬ودفعععه إلععى شع ّ‬
‫ن‬
‫حرب ُمقّدسة على إسرائيل ‪ ،‬ممععا يحمععل المسععيح علععى التععدخل ‪.‬‬
‫يعتقد اليهود أن المسيح سيأتي للمرة الولى ‪ ،‬ونحن كمسععيحيين‬
‫نعلم أن عودته ستكون الثانية ‪ ،‬وأنا واثق من أنه سععيكون هنععاك‬
‫هيكل يهودي ثالث " ‪.‬‬
‫ويقول ) لندسي ( في كتععاب ) آخععر أعظععم كععرة أرضععية ( ‪ " :‬لععم‬
‫يبق سوى حدث واحععد ‪ ،‬ليكتمععل المسععرح تمامععا أمععام إسععرائيل ‪،‬‬
‫لتقعععوم بعععدورها فعععي المشعععهد العظيعععم الخيعععر ‪ ،‬معععن مأسعععاتها‬
‫التاريخية ‪ ،‬وهو إعادة بناء الهيكل القععديم ‪ ،‬فععي مععوقعه القععديم ‪.‬‬
‫ول يوجد سوى مكان واحد ‪ ،‬يمكن بنععاء الهيكععل عليععه ‪ ،‬اسععتنادا‬
‫إلى قانون موسى ‪ ،‬في جبل موريا حيث الهيكلن السابقان " ‪.‬‬
‫نشأة المسيحية الصهيونية ‪:‬‬
‫تقول الكاتبة ‪ " :‬أواخر أغسطس ‪1985‬م ‪ ،‬سافرت من واشنطن‬
‫إلى سويسرا ‪ ،‬لحضور المؤتمر المسععيحي الصععهيوني الول فععي‬
‫بازل ‪ ،‬برعاية السفارة المسيحية العالمية فععي القععدس ‪ ،‬لتع عّرف‬
‫على خلفية الصهيونية السياسية … فععي أحععد مقععررات المععؤتمر‬
‫ث المسيحيون إسرائيل ‪ ،‬على ضععم الضععفة الغربيععة ‪ ،‬بسععكانها‬
‫ح ّ‬
‫‪460‬‬
‫المليععون فلسععطيني … فععاعترض يهععودي إسععرائيلي ‪ :‬بععأن ثلععث‬
‫السرائيليين ‪ُ ،‬يفضلون مقايضة الراضي المحتلة ‪ ،‬بالسععلم مععع‬
‫الفلسطينيين … فرّد عليععه مقععرر المععؤتمر ‪ " :‬إننععا ل نهتععم بمععا‬
‫ُيصّوت عليه السرائيليون ‪ ،‬وإنما بمععا يقععوله الع ‪ .‬والع أعطععى‬
‫هذه الرض لليهود " ‪.‬‬
‫وتقعععول ‪ " :‬كعععان تقعععديري أنععه معععن بيعععن ‪ 36‬سعععاعة … فعععإن‬
‫المسععيحيين الععذين أشععرفوا علععى المععؤتمر ‪ ،‬خصصععوا ‪ %1‬مععن‬
‫الوقت لرسالة المسيح وتعععاليمه ‪ ،‬وأكععثر مععن ‪ %99‬مععن الععوقت‬
‫للسياسععة ‪ .‬ول ُيوجععد فععي المععر مععا ُيععثير السععتغراب ‪ ،‬ذلععك أن‬
‫المشرفين على المؤتمر ‪ ،‬برغم أنهععم مسععيحيون فهععم أول وقبععل‬
‫كل شيء صهاينة ‪ ،‬وبالتععالي فععإن اهتمععامهم الول هععو الهععداف‬
‫الصهيونية السياسية " ‪.‬‬
‫وفي بحثها عن أصل الصهيونية السياسية ‪ ،‬الداعيععة إلععى عععودة‬
‫اليهود إلى فلسطين ‪ ،‬تؤكد الكاتبة أن ) ثيودور هرتزل ( لعم يكعن‬
‫أصل صاحب هععذه الفكععرة ‪ ،‬وإنمععا كععان ُدعاتهععا هععم المسععيحيون‬
‫البروتستانت ) ذوي الغلبية في أمريكععا وبريطانيععا الن ( ‪ ،‬قبععل‬
‫ثلث قرون من المؤتمر الصهيوني الول ‪ .‬حيث ضّم لوثر زعيععم‬
‫حركععة الصععلح الكنسععي ‪ ،‬فععي القععرن السععادس عشععر ‪ ،‬تععوراة‬
‫اليهود إلى الكتععاب المقعّدس ‪ ،‬تحععت اسععم العهععد القععديم ‪ .‬فأصععبح‬
‫المسيحيون الوربيععون ُيبععدون اهتمامععا أكععبر بععاليهود ‪ ،‬وبتغييععر‬
‫التجاه السائد الُمعادي لهم في أوروبا ‪.‬‬
‫وتقول الكاتبة ‪ " :‬توجه البروتسععتانت إلععى العهععد القععديم ‪ ،‬ليععس‬
‫فقط لنه أكثر الكتب شهرة ‪ ،‬ولكن لنععه المرجععع الوحيععد لمعرفععة‬
‫التاريخ العام ‪ .‬وبذلك قّلصوا تاريخ فلسطين مععا قبععل المسععيحية ‪،‬‬
‫‪461‬‬
‫إلى تلك المراحل الععتي تتضعّمن فقععط الوجععود العععبراني فيهععا ‪ .‬إن‬
‫ضعوا في إطار العتقاد ‪ ،‬أنععه لععم‬ ‫أعدادا ضخمة من المسيحيين ُو ِ‬
‫يحدث شععيء فععي فلسععطين القديمععة ‪ ،‬سععوى تلععك الخرافععات غيععر‬
‫الموثقة من الروايات التاريخية المدّونة في العهد القديم " ‪.‬‬
‫وتقول ‪ " :‬في منتصف عععام ‪1600‬م ‪ ،‬بععدأ البروتسععتانت بكتابععة‬
‫معاهدات ‪ُ ،‬تعلععن بععأن علععى جميععع اليهععود ‪ُ ،‬مغععادرة أوروبععا إلععى‬
‫فلسععطين ‪ .‬حيععث أعلععن ) أوليفععر كرمويععل ( ‪ ،‬بصععفته راعععي‬
‫الكومنولث البريطاني الععذي ُأنشععئ حععديثا ‪ ،‬أن الوجععود اليهععودي‬
‫في فلسطين ‪ ،‬هو الذي سُيمّهد للمجيء الثاني للمسعيح " ‪ .‬ومعن‬
‫هناك في بريطانيا ‪ ،‬بععدأت بععذرة الدولععة الصععهيونية الحديثععة فععي‬
‫التخّلق ‪.‬‬
‫وفي خطاب لمندوب إسرائيل في المم المتحّدة ) بنيامين نتنياهو‬
‫( عام ‪1985‬م ‪ -‬الععذي أصععبح فيمععا بعععد رئيسععا لسععرائيل ‪ -‬أمععام‬
‫المسععععيحيين الصععععهاينة ‪ ،‬قععععال ‪ " :‬إن كتابععععات المسععععيحيين‬
‫الصهاينة ‪ ،‬من النجليز والمريكان ‪ ،‬أّثرت بصورة ُمباشرة على‬
‫تفكير قادة تاريخيين ‪ ،‬مثل ) لويد جورج ( و ) آرثر بلفععور ( و )‬
‫ودرو ويلسععون ( ‪ ،‬فععي مطلععع هععذا القععرن … الععذين لعبععوا دورا‬
‫أساسيا ‪ ،‬في إرساء القواعد السياسية والدولية ‪ ،‬لحيععاء الدولععة‬
‫اليهودية " ‪.‬‬
‫وتقول ‪ " :‬لم يكن حلم هرتزل روحانيا ‪ ،‬بل كععان جغرافيععا ‪ ،‬كععان‬
‫حلمععا بععالرض والقععوة ‪ .‬وعلععى ذلععك فععإن السياسععة الصععهيونية‬ ‫ُ‬
‫ضّللت الكثير من اليهود … وقععد اّدعععى الصععهاينة السياسععيون ‪،‬‬
‫أنه لم يكن هناك فلسطينيون ‪ ،‬يعيشون في فلسطين … ويقول )‬
‫موش مانوحين ( ‪ :‬أنه انتقل إلى الدولة اليهودية الجديدة ‪ ،‬علععى‬
‫‪462‬‬
‫أمععل أن يجععد جّنععة روحيععة ‪ ،‬ولكّنععه اكتشععف أن الصععهاينة " ل‬
‫يعبدون ال ‪ ،‬ولكنهم يعبدون قوتهم " ‪.‬‬
‫وتقول ‪ " :‬لن يهود أمريكععا – مثععل ) آنععدي غريععن ( – يعرفععون‬
‫أنععه يمكنهععم العتمععاد ‪ ،‬علععى دعععم ‪ 40‬مليععون مسععيحي إنجيلععي‬
‫أصولي ‪ ،‬فهم ُيصادرون الرض من الفلسطينيين بقوة السععلح ‪.‬‬
‫ويقول غرين الععذي انتقععل إلععى إسععرائيل عععام ‪1975‬م ‪ ،‬ول يععزال‬
‫يحتفععظ بجععواز سععفره المريكععي ‪ " :‬ليععس للعععرب أي حععق فععي‬
‫الرض ‪ ،‬إنها أرضنا على الطلق ‪ ،‬هكذا يقول الكتاب المقّدس ‪،‬‬
‫إنه أمر ل نقاش فيه ‪ .‬من أجل ذلك ‪ ،‬ل أجد أي ُمبرر للتحّدث مع‬
‫العععرب ‪ ،‬حععول ادعععاءاتهم المنافسععة لنععا ‪ .‬إن القععوى هععو الععذي‬
‫يحصل على الرض " ‪.‬‬
‫الحصول على الدعم السياسي والعسنكري‬
‫والقتصننادي ‪ ،‬هننو غايننة إسننرائيل مننن‬
‫التحالف مع اليمين المسيحي ‪:‬‬
‫يوضح ) ناتععان بيرلمععتر ( يهععودي أمريكععي ‪ ،‬مععن حركععة ) بنععاي‬
‫بععرث ( – منظمععة يهوديععة ‪ -‬فععي أمريكععا ‪ ،‬أسععباب تحععالف يهععود‬
‫الوليععات المتحععدة مععع الصععوليين المسععيحيين ‪ ،‬بقععوله ‪ " :‬أن‬
‫سرون نصوص الكتاب الُمقّدس بالقول‬ ‫الصوليين النجيليين ‪ُ ،‬يف ّ‬
‫‪ " :‬أن على جميع اليهود ‪ ،‬أن يؤمنوا بالمسيح أو أن ُيقتلوا فععي‬
‫معركة هرمجدون ‪ .‬ولكنه يقول في الوقت نفسه ‪ " :‬نحن نحتععاج‬
‫إلى كل الصدقاء لدعم إسرائيل … وعندما يأتي المسيح فسععوف‬
‫نفكر في خياراتنا آنذاك ‪ .‬أما الن دعونا ُنصّلي ونرسععل السععلحة‬
‫"‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫تشععير الكاتبععة إلععى كتععاب ) مصععير اليهععود ( للمؤلفععة اليهوديععة‬
‫) فيورليخت ( ‪ ،‬الععذي تصععفه بععالرائع ‪ ،‬حيععث تقععول فيععه الكاتبععة‬
‫اليهودية ‪ " :‬أن أول مساهمة لليهودية كانت القانون الخلقي ‪،‬‬
‫وأن عظمة اليهودية ‪ ،‬لم تكن في ملوكها وإنما في أنبيائها ‪ .‬وأن‬
‫ال لم يأمر اليهود بالموت ‪ ،‬ولكّنه أمرهععم بالحيععاة ‪ .‬وُتععدّلل علععى‬
‫قولها بنص من التوراة " لقد وضعت أمامكم الحياة والمععوت …‬
‫ولععذلك عليكععم أن تختععاروا الحيععاة " ‪ .‬وُتضععيف ‪ :‬مععع ذلععك فععإن‬
‫السعععرائيليين بوضعععع مصعععيرهم بيعععد الجيعععوش والسعععلحة ‪،‬‬
‫وبتشريفهم الجنرالت أكثر من النبياء ‪ .‬ل يختارون الحياة وإنما‬
‫ن أولئك الععذين يجعلععون مععن‬ ‫يختارون المععوت "‪ .‬وُتح عّذر ‪ ،‬مععن أ ّ‬
‫إسرائيل إلها ُيعبد ‪ ،‬يدفعوننا في هذا التجاه " ‪.‬‬
‫عع وتلخععص الكاتبععة أهععداف إسععرائيل مععن التحععالف ‪ ،‬مععع اليميععن‬
‫المسيحي في الوليات المتحدة ‪:‬‬
‫• الحصول على المال ‪.‬‬
‫• أن يكععون الكععونغرس مجععرد خععاتم مطععاطي للموافقععة علععى‬
‫أهدافها السياسية ‪.‬‬
‫• تمكينها من السيطرة الكاملة والمنفردة على القدس ‪.‬‬
‫وتقول على لسان ) إسرائيل شاهاك ( ‪ " :‬إن طبيعة الصععهيونية‬
‫جه الصععهاينة‬ ‫هي البحث الدائم ‪ ،‬عن حاٍم ومعيل ‪ .‬في البدايععة تععو ّ‬
‫جهععون ويعتمععدون كلّيععا علععى‬ ‫السياسيون إلى إنجلترا ‪ ،‬والن يتو ّ‬
‫الوليات المتحدة ‪ .‬وقد أقاموا هععذا الحلععف مععع اليميععن المسععيحي‬
‫الجديععد ‪ ،‬لكععي ُيععبّرر أي عمععل عسععكري أو إجرامععي ‪ ،‬تقععوم بععه‬
‫إسرائيل " ‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫وتقول الكاتبة ‪ " :‬إن للقادة الصععوليين النجيلييععن اليععوم ‪ ،‬قععوة‬
‫سياسية ضخمة ‪ .‬إن اليمين المسيحي الجديد ‪ ،‬هو النجم الصاعد‬
‫في الحزب الجمهوري ‪ ،‬وتحصد إسرائيل مكاسب سياسية جمة ‪،‬‬
‫داخل البيت البيض من خلل تحالفها معه " ‪.‬‬
‫وتنقل الكاتبة ‪ :‬إن ) مارفن ( – أحععد زملئهععا فععي رحلععة الحععج ‪-‬‬
‫كغيععره مععن اليميععن المسععيحي الجديععد ‪ ،‬يشعععر بالنشععوة لنععه مععع‬
‫الحليف الرابح ‪ .‬وقد نقل إلي مرة المقطع ‪ 110‬الذي يتحّدث عععن‬
‫يهعععوه وهعععو يسعععحق العععرؤوس ‪ ،‬ويمل الرض بجثعععث غيعععر‬
‫المععؤمنين ‪ ،‬والمقطععع ‪ 137‬الععذي ُيعععرب فيععه عععن الرغبععة مععن‬
‫النتقععام ‪ ،‬مععن أطفععال بععابليين وإلقععائهم فععوق الصععخور ‪ .‬ثععم قععال‬
‫) مارفن ( ‪ :‬وهكذا يتوجب على السععرائيليين أن ُيعععاملوا العععرب‬
‫بهععذه الطريقععة ‪ .‬ورغععم أن ) معارفن ( كععان معجبعا ومطلعععا علعى‬
‫نصععوص التاريععخ التععوراتي ‪ ،‬إل أنععه كععان جععاهل فيمععا يتعلععق‬
‫بالصراع العربي السرائيلي ‪ .‬لنه يعرف مسبقا ‪ ،‬كل ما يعتقد أن‬
‫ال يريععد منععه أن يعرفععه ‪ .‬وقععال لععي ‪ " :‬إن علععى المريكييععن أن‬
‫يتعلموا من السرائيليين كيف ُيحاربون " ‪ .‬ويشععارك ) مععارفن (‬
‫كذلك ‪ ،‬هؤلء بالعتقاد " بأننععا نحععن المسععيحيين نععؤخر وصععول‬
‫المسيح ‪ ،‬من خلل عدم مسععاعدة اليهععود ‪ ،‬علععى مصععادرة مزيععد‬
‫من الرض من الفلسطينيين " ‪.‬‬
‫وتخُلععص الكاتبععة إلععى القععول أن عععدة ملييععن ‪ ،‬مععن المسععيحيين‬
‫المريكييععن ‪ ،‬يعتقععدون أن القععوانين الوضعععية ‪ ،‬يجععب أل ُتطبععق‬
‫علععى مصععادرة اليهععود واسععترجاعهم لكععل أرض فلسععطين ‪ .‬وإذا‬
‫تسّبب ذلك في حرب عالمية نووية ثالثة ‪ ،‬فععإنهم يعتقععدون بععأنهم‬
‫تصّرفوا بمشيئة ال " ‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫وتععذكر الكاتبععة أن هنععاك قائمععة ‪ ،‬بأسععماء ‪ 250‬منظمععة إنجيليععة‬
‫أصععولية مواليععة لسععرائيل ‪ ،‬مععن مختلععف الحجععام والعمععق فععي‬
‫أمريكععا ‪ ،‬ومعظععم هععذه المنظمععات نمععا خلل السععنوات الخمععس‬
‫الخيرة ‪ ،‬أي منذ عام ‪1980‬م ‪.‬‬
‫وتقعععول الكاتبعععة فعععي فصعععل معععزج العععدين بالسياسعععة ‪ " :‬أن‬
‫السرائيليون ُيطعالبون بفعرض سعيادتهم وحعدهم ‪ ،‬علعى المدينعة‬
‫التي ُيقّدسها مليار مسيحي ومليععار مسععلم ‪ ،‬وحععوالي ‪ 14‬مليععون‬
‫يهعععودي ‪ .‬وللعععدفاع عععن اّدععععائهم هععذا ‪ ،‬فععإن السعععرائيليين –‬
‫ومعظمهم ل يؤمن بال – يقولون ‪ :‬بأن ال أراد للعبرانيون ‪ ،‬أن‬
‫جه‬ ‫يأخذوا القدس إلى البد ‪ .‬ومن أجل ترويج هعذه الرسععالة ‪ ،‬تععو ّ‬
‫السرائيليون إلى ) مايك ايفنز ( اليهودي المريكععي ‪ ،‬الععذي ُق عّدم‬
‫صععر ليسععاعد شعععبه ‪ ،‬وأنععه‬ ‫س تن ّ‬
‫فععي أحععد المعابععد ‪ ،‬علععى أنععه قع ّ‬
‫صععديق لجععورج بععوش ‪ ،‬ويحتععل مكانععة مرموقععة فععي الحععزب‬
‫الجمهوري ‪ ،‬ومن حديثه في هععذا المعبععد قععوله ‪ " :‬إن الع يريععد‬
‫من المريكييعن ‪ ،‬نقعل سعفارتهم معن تعل أبيعب إلعى القعدس ‪ ،‬لن‬
‫القدس هي عاصععمة داود ‪ .‬ويحععاول الشععيطان أن يمنععع اليهععود ‪،‬‬
‫مععن أن يكععون لليهععود حععق اختيععار عاصععمتهم ‪ .‬إذا لععم تعععترفوا‬
‫بالقدس ملكية يهودية ‪ ،‬فإننا سععندفع ثمععن ذلععك مععن حيععاة أبنائنععا‬
‫وآبائنععا ‪ .‬إن الع ‪ ،‬سعُيبارك الععذين ُيبععاركون إسععرائيل ‪ ،‬وسععيلعن‬
‫لعنيها " ‪.‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫وفي الخاتمة تقول الكاتبة ‪ " :‬فكرت في خيارنا للحياة أو المععوت‬
‫‪ ،‬طوال السنين العديدة الماضية ‪ ،‬مستمعة إلى ) جيري فولويل (‬
‫وغيععره مععن النجيلييععن ‪ ،‬الععذين يطّلععون علينععا عععبر الهععاتف ‪،‬‬
‫‪466‬‬
‫والكتعاب المقعّدس باليعد الخعرى ‪ ،‬نعاقلين ععن كتعاب دانيعال معن‬
‫العهد القديم ‪ ،‬وعن كتاب سفر الرؤيا من العهد الجديد ‪ ،‬قائلين ‪:‬‬
‫أن ال قد قضى علينا أن نخوض حربا نووية مع روسيا ‪...‬‬
‫اقتناعا منهم بأن هرمجدون نووية ل مفر منها ‪ ،‬بمقتضى الخطة‬
‫اللهية ‪ .‬فإن العديد من النجيليين المؤمنين بالتدبيريععة ‪ ،‬ألزمععوا‬
‫أنفسععهم سععلوك طريععق مععع إسععرائيل ‪ ،‬يععؤدي بشععكل مباشععر –‬
‫باعترافهم أنفسهم – إلى محرقة أشّد وحشية ‪ ،‬وأوسع انتشارا ‪،‬‬
‫مععن أي مجععزرة ‪ُ ،‬يمكععن أن يتصععورها عقععل ) أدولععف هتلععر (‬
‫الجرامي …‬
‫لقد وجدت فكرهم الوعظي ‪ ،‬تحريضيا تصادميا ‪ ،‬في حّثهم علععى‬
‫الستعداد لنهاية العالم ‪ ،‬إنهم يدفعونني إلى العتقاد ‪ ،‬بأننا قطعنا‬
‫مسععافة طويلععة بعيععدا عععن بععداياتنا كبشععر ‪ .‬إن معظمنععا يتمسععك‬
‫باعتبعار حسعن الجعوار ‪ ،‬كعلقعة رائععة فعي حياتنعا المتحضعرة ؛‬
‫معاملععة الخريععن كمععا نحععب أن ُيعاملونععا ‪ ،‬وفععوق ذلععك عععاش‬
‫الكثيرين بهدف أكثر نبل ؛ وهععو مغععادرة هععذه الععدنيا فععي حععاله ‪،‬‬
‫أفضل من تلك التي وجدوها عليها " ‪.‬‬
‫بعد هذا العرض لبعض ما جاء في هععذا الكتععاب ‪ ،‬نسععتطيع القععول‬
‫أن الحلف المنعقد بيععن إسععرائيل والوليععات المتحعّدة ‪ ،‬هععو حلععف‬
‫عقائدي عسكري ‪ُ ،‬تغذيه النبوءات التوراتية والنجيلية ‪ .‬لدرجععة‬
‫أن الكثير من أفراد الشعب المريكي الضاّل ‪ ،‬يتمنى لععو أنعه ولععد‬
‫يهوديا ‪ ،‬لينعم بالنتساب إلى شعب ال المختار ‪ ،‬الذي يقاتل العع‬
‫عنهم في جميع حروبهم ضد الكفرة من المسلمين والشيوعيين ‪.‬‬
‫ونحعععن كمسعععلمين بتواجعععدنا علعععى أرض اليهعععود ‪ ،‬وبمقاومتنعععا‬
‫للحتلل الصععهيوني ‪ ،‬نمنععع ال ع مععن تحقيععق إرادتععه ‪ ،‬بإعطععاء‬
‫‪467‬‬
‫أرض فلسطين لليهود ‪ .‬فالشعب المريكي ينظععر علععى أن اليهععود‬
‫هم جنود ال ‪ ،‬وأن الفلسطينيون هم إرهابيون وجنود الشيطان ‪،‬‬
‫شعرفاء أمريكعا ‪ ،‬يعتقعدون بعكعس ذلعك ‪ ،‬معن‬ ‫وأن قلة قليلعة معن ُ‬
‫الععذين سععبروا أغععوار الحقيقععة ‪ ،‬ودرسععوا التاريععخ والجغرافيععا‬
‫والواقع ‪ ،‬بعين العدالععة والنصععاف ‪ ،‬حععتى أن بعضععهم طعععن فععي‬
‫مصداقية كتبهم الُمقّدسة ‪ ،‬ولكن كل جهود الشرفاء ‪ ،‬من مواقف‬
‫ومحاضرات وبرامج ومؤلفات ‪ ،‬ذهبت أدراج الرياح ‪ ،‬لنهم قلععة‬
‫ول يملكون ‪ ،‬ما يملكه اليهود وأتباعهم من القوة والمال ‪ ،‬فكانوا‬
‫كمن ُيجّدف بالرمال ‪.‬‬
‫ع ونستطيع تلخيععص العلقععة مععا بيععن إسععرائيل وأمريكععا ) اليهععود‬
‫والنصارى ( كما يلي ‪:‬‬
‫• أن التحالف بين الدولتين ‪ ،‬فضل عن كععل شععيء ‪ ،‬هععو حلععف‬
‫ديني عقائدي ‪ ،‬أقوى من أي معاهععدة أو اتفاقيععة مكتوبععة علععى‬
‫الورق ‪.‬‬
‫• كل من المريكان والسرائيليون ينتظععرون المسععيح الخععاص‬
‫بهم ‪.‬‬
‫• يتفق الطرفععان علععى أن قيععام الدولععة اليهوديععة فععي فلسععطين‬
‫إشارة لقرب مجيئه ‪.‬‬
‫• ويتفق الطرفان على وجوب سيطرة اليهععود ‪ ،‬علععى فلسععطين‬
‫كاملة ‪ ،‬واتخاذ القدس عاصمة لهم ‪ ،‬ومععن ثععم يتععوجب عليهععم‬
‫إقامة الهيكل مكان المسجد القصى ‪ ،‬وأن هذه المور ‪ ،‬مععا لععم‬
‫تأخذ مجراها على أرض الواقع ‪ ،‬فإنها ستعطل مجيء المسيح‬
‫بالنسبة للطرفين ‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫• وأن ظهور المسيح سععيكون مسععبوقا ‪ ،‬بحععرب ُمعدمرة سععتقع‬
‫بين إسرائيل وأعدائها ‪ ،‬تحصد ما ل ُيعّد ول ُيحصى من أرواح‬
‫البشععر ‪ ،‬وتنتهععي بخععراب الرض ‪ ،‬ورّواد المععؤامرة اليهوديععة‬
‫العالميععة ‪ ،‬يبععذلون قصععارى جهععدهم لشعععالها ‪ ،‬لقطععف ثمععار‬
‫مخططهم الشيطاني ‪ ،‬بإثارة الفتن وافتعال الزمات ‪.‬‬
‫• وبناء على ذلك ‪ ،‬تجد أمريكا نفسها ملزمة عقائديا ‪ ،‬بتسليح‬
‫إسرائيل ما أمكنهععا ذلععك ‪ ،‬وبععدعمها فععي كععل مخططاتهععا داخععل‬
‫فلسطين وخارجهععا ‪ .‬اسععتعدادا لوقععوع هععذه الحععرب المععدمرة ‪،‬‬
‫لضمان انتصار إسرائيل وحلفائها ضد أعداء ال ‪.‬‬
‫هكذا هي المعادلة بكل بساطة ‪ ،‬فساسععة الشعععب المريكععي جملععة‬
‫وتفصيل ‪ ،‬صهاينة أكثر من ساسة إسرائيل أنفسهم ‪ ،‬وما عبععادة‬
‫المريكيين ‪ ،‬لسرائيل إل لتقّربهم إلى الع زلفععى ‪ ،‬ولععذلك يسعععى‬
‫المريكيون قبل السرائيليون ‪ ،‬لتلبية متطلبات مجيء المسععيح ‪،‬‬
‫وأعجب من العرب عندما يطلبون من صهاينة الغرب ‪ ،‬رفع ظلععم‬
‫صهاينة الشرق ‪.‬‬
‫ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء ‪ ،‬وبدأنا بتتّبع الرؤساء المريكييععن‬
‫المتأخرين ‪ ،‬لتععبين لنععا أن الرؤسععاء مععن الحععزب الععديموقراطي ‪،‬‬
‫كانوا أكثر اعتدال وأكعثر ميل إلعى السعلم معع العععرب وروسععيا ‪،‬‬
‫بغععض النظععر عععن مفهععومهم لععه ‪ ،‬وأقععل تجاوبععا مععع متطلبععات‬
‫الصهيونية اليهوديععة ‪ ،‬والصععهيونية المسععيحية الُمتطّرفععة ‪ ،‬كمععا‬
‫هو حال الرئيس ) كارتر ( – الذي انتهت وليتععه عععام ‪1980‬م –‬
‫حيععث ُأنجععزت فععي عهععده اتفاقيععة ) كععامب ديفيععد ( بيععن مصععر‬
‫وإسعععرائيل ‪ ،‬والرئيعععس ) كلينتعععون ( ‪200-1992 ،‬م ‪ ،‬العععذي‬
‫ُأنجععزت فععي عهععده اتفاقيععة وادي عربععة بيععن الردن وإسععرائيل ‪،‬‬
‫‪469‬‬
‫وحاول جاهععدا صععنع ) كععامب ديفيععد ( أخععرى مععع الفلسععطينيين ‪،‬‬
‫رغم محاولته الخجولة لرضاء هععؤلء بقصععف مصععانع الدويععة‬
‫السودانية ‪ ،‬وقصف العراق بين حين وأخر ‪.‬‬
‫ولتبين لنا أيضا ‪ ،‬أن الرؤسععاء مععن الحععزب الجمهععوري اليمينععي‬
‫المسععيحي النجيلععي التععوراتي الصععولي المتطعّرف ‪ ،‬كععانوا أكععثر‬
‫تطرفععا وعدوانيععة ‪ ،‬وأقععل اهتمامععا بالسععلم ‪ ،‬ويتجععاوبون مععع‬
‫متطلبات اليهود ‪ ،‬بل ُينّفععذونها بحععذافيرها ‪ .‬فععالرئيس ) ريغععان (‬
‫ن الحرب على ليبيا ‪ ،‬وتم في عصععره ضععرب‬ ‫‪1988-1980‬م ‪ ،‬ش ّ‬
‫المفاعل العراقي ‪ ،‬واجتياح بيروت ‪ ،‬واشتعلت الحرب اليرانية ‪،‬‬
‫وتم إطالة أمدها ‪ ،‬وانتهت بنهاية وليته ‪ .‬والرئيس ) بوش الب‬
‫ن الحععرب علععى العععراق ‪ ،‬وفععرض عليععه‬ ‫( ‪1992-1988 ،‬م ‪ ،‬شع ّ‬
‫الحصععار ‪ ،‬وتععم إسععقاط الشععيوعية وتفكيععك التحععاد السععوفييتي ‪،‬‬
‫وأعلن عععن النظععام العععالمي الجديععد ‪ ،‬المععذكور فععي بروتوكععولت‬
‫اليهود ‪.‬‬
‫ومؤخرا جاء دور ) بوش البن ( ‪ ،‬لُيكمل سلسلة جععرائم أسععلفه‬
‫من الجمهوريين ‪ ،‬وُينفذ ما ُأعّد لععه هععؤلء مععن برامععج مسععبقة ‪،‬‬
‫طوها ‪ ،‬قبععل وصععوله لسععدة الحكععم ‪ ،‬كمععا‬‫كان أبالسة اليهود قد خ ّ‬
‫ط أجدادهم أسفار التوراة والنجيل ‪ ،‬وبروتوكععولت الحكمععاء ‪،‬‬ ‫خّ‬
‫فيمععا ُيسعّمى ) بتقريععر معهععد واشععنطن لسياسععات الشععرق الدنععى‬
‫‪ ، ( 2001‬حيث بدأ بتنفيذ ما جاء فيععه مععن أوامععر ‪ ،‬فععور تسعّلمه‬
‫للسلطة ‪:‬‬
‫‪ .1‬فضرب بغداد دون سابق إنععذار ‪ ،‬وبععدأت إدارتععه بالترويععج "‬
‫للعقوبات الذكية " ‪ ،‬التي طالب بها خبثاء معهد واشنطن ‪.‬‬
‫‪ .2‬وأظهر عداءه لروسيا والصين ‪.‬‬
‫‪470‬‬
‫‪ .3‬وطلععب الرئيععس المصععري لمعاقبععة مصععر ‪ ،‬علععى موقفهععا‬
‫المتشّدد مع إسععرائيل فععي قمععة القععاهرة ‪ ،‬بخفععض المسععاعدات‬
‫وتأخير إنشاء منطقة التجارة الحرة ‪ ،‬فيما لو أصّرت على ذلك‬
‫‪.‬‬
‫‪ .4‬وصّرح عن رغبته في نقل السفارة المريكية إلى القدس ‪.‬‬
‫‪ .5‬ودعم إسرائيل في قمعها لنتفاضة الرهابيين الفلسطينيين ‪،‬‬
‫وبّرر وما زال ُيبّرر جرائمها ‪.‬‬
‫‪ .6‬وظهر هناك مععن يععدعو إلععى انسععحاب الجيععش السععوري مععن‬
‫لبنععان ‪ ،‬مععن اللبنععانيين المععدعومين بععالموال اليهوديععة تحععت‬
‫غطاء الدين ‪.‬‬
‫‪ .7‬وقععام وزيععر الخارجيععة بجولععة فععي دول المنطقععة ‪ ،‬لشععرح‬
‫السياسععة الجديععدة الععتي جععاء بهععا هععذا التقريععر ‪ ،‬الععذي تمععت‬
‫صياغته بذكاء ودهععاء يهععودي صععرف ‪ ،‬بنععاء علععى المخععاوف‬
‫النبوية التوراتية ‪.‬‬
‫تقريننر معهنند واشنننطن لسياسننة الشننرق‬
‫الدنى لعام ‪2001‬م‬
‫ُيؤكد هذا التقرير أن مصير هذه المنطقة ‪ ،‬مرهون بمععا جععاء مععن‬
‫نبوءات في الكتععب المقّدسععة ‪ ،‬ومرهععون أيضععا بكيفيععة تفسععيرهم‬
‫طلععت علعى هععذا التقريعر ‪ ،‬العذي يوضععح‬ ‫لهععذه النبعوءات ‪ .‬وإذا ا ّ‬
‫السياسععات ‪ ،‬الععتي يتععوجب علععى الرئيععس المريكععي نهجهععا ‪،‬‬
‫للسيطرة على هذه المنطقععة واسععتعباد شعععوبها ‪ ،‬سععتجد أنهععا قععد‬
‫س السععم فععي العسععل ‪ ،‬بنععاًء‬
‫ُرسمت بدهاء ومكر ‪ ،‬على طريقععة د ّ‬
‫على المخاوف اليهودية ‪ ،‬المنبثقة من النبوءات التوراتية ‪ .‬حيث‬
‫أن ُمجمل بنود هذا التقريععر ‪ ،‬جععاءت لععدرء المخععاطر عععن الدولععة‬
‫‪471‬‬
‫اليهوديععة فقععط ل غيععر ‪ .‬وفيمععا يلععي سععنعرض مععن فصععول هععذا‬
‫التقرير الخمسة ‪ ،‬بعض المقتطفات شديدة التعلق بموضععوع هععذا‬
‫الكتاب ‪ .‬وقد ُنشر هذا التقرير مترجما على حلقععات ‪ ،‬فععي جريععدة‬
‫العرب اليوم الردنية ‪ ،‬في النصف الول من شهر ‪3/2001‬م ‪.‬‬
‫تأسعععس معهعععد واشعععنطن ععععام ‪1985‬م ‪ ،‬وهعععو يعمعععل كوحعععدة‬
‫للبحوث ‪ ،‬تابعة للجنععة للعلقععات العاّمععة المريكيععة السععرائيلية ‪،‬‬
‫ب ) ايبععاك ( ‪ ،‬وهععي الُمنظّمععة الصععهيونية الولععى فععي‬
‫المسععماة ِ‬
‫الوليات الُمتحدة ‪ ،‬التي ُتعتبر " خط الدفاع الول عن إسرائيل "‬
‫‪ ،‬ويضم فععي عضععويته مفكععرون وسياسععيون وخععبراء أمريكيععون‬
‫يهودا ومسيحيين ‪ ،‬صهاينة في الفكر والمعتقد ‪ .‬وقععد تطعّور هععذا‬
‫المعهععد ليصععبح مصععدر التععأثير العظععم ‪ ،‬فععي صععنع القععرارات‬
‫السياسععية الخاصععة بالمنطقعة ‪ ،‬الععتي تتخعذها الدارات المريكيعة‬
‫المتعاقبة ‪ .‬ويصدر هذا التقرير في بداية كل ولية رئاسية جديععدة‬
‫‪ ،‬ليكون نورا يهتدي به الرئيس المريكععي الجديععد ‪ ،‬ونجععاح هععذا‬
‫الرئيس وفشله لدى سادته اليهود ‪ ،‬يعتمععد علععى مععدى الععتزامه ‪،‬‬
‫ومقععدار مععا أنجععزه مععن الهععداف الععواردة فععي التقريععر ‪ ،‬وهععذه‬
‫ظمة على علقة وثيقععة مععع الرؤسععاء والساسععة المريكععان ‪،‬‬ ‫المن ّ‬
‫وفي العادة ‪ ،‬تقيم مأدبة عشاء علععى شععرف الرئيععس المريكععي ‪،‬‬
‫بيععن الحيععن والخععر ‪ ،‬لُيعلععن فععي خطععابه الفتتععاحي ‪ -‬كمععا جععرت‬
‫الععععادة ‪ -‬ععععن ولئه المطلعععق لسعععرائيل ‪ ،‬وعبعععوديته لليهعععود‬
‫العالميون ‪.‬‬
‫الفصل الول ‪:‬‬
‫دبلوماسععية عربيععة إسععرائيلية ‪ -‬اردع الحععرب القليميععة ‪ ،‬بيععن‬
‫إسرائيل والدول العربية ‪ ،‬واستطلع مسالك جديدة ‪.‬‬
‫‪472‬‬
‫تقننويم دروس تجربننة أوسننلو ‪ ،‬واسننتطلع‬
‫مسارات بديلة للسلم ‪:‬‬
‫التأكيععد علععى أن الوليععات المتحععدة حليفععة لسععرائيل ‪ ،‬وأنهععا ل‬
‫ترتبط معها بأحكام ومعاهدات مكتوبة ‪ ،‬وإنما بروابععط أقععوى مععن‬
‫القيم والمصالح المشتركة ‪ .‬المضي قدما في نقل سفارة الوليات‬
‫المتحدة إلى الموقع المقرر في القدس الغربية ‪.‬‬
‫تشننجيع الجهننود الدوليننة للمسنناعدة فنني‬
‫تخفيف التوتر القليمي ‪:‬‬
‫التركيز على الدول الموالية للغرب ‪ :‬تحتاج الوليات المتحدة إلى‬
‫التواصل مع الزعماء العععرب والمسععلمين ‪ ،‬ومععع شعععوبهم ‪ ،‬فععي‬
‫السعي إلععى إشععراكهم ‪ ،‬فععي حععوار صععادق وصععريح ‪ ،‬حععول آراء‬
‫ن دور الدول الموالية للغرب في المنطقععة‬ ‫ومصالح كل منهم ‪ .‬إذ أ ّ‬
‫مهععم جععدا ‪ ،‬فععي وضععع الجنععدة السياسععية الجتماعيععة الثقافيععة‬
‫للشرق الوسط ‪ ،‬ويصدق ذلك بشكل خاص على مصععر وتركيععا ‪،‬‬
‫والعربية السعودية والمغرب والردن ‪ .‬وقد اتضح ذلك أثناء قمة‬
‫كععامب ديفيععد ‪ 2000‬وبعععدها ‪ ،‬عنععدما أدى غيععاب التشععاور ‪ ،‬مععع‬
‫العدول العربيعة الرئيسعية ‪ ،‬حعول قضعية القعدس خصوصعا ‪ ،‬إلعى‬
‫تقليص فرصة قبول عرفات ‪ ،‬بععأي مععن الحلععول المختلفععة ‪ ،‬الععتي‬
‫طرحت في الجتماع ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫تتحمل مصر من بين جميع الدول ‪ ،‬المسؤولية الكععبر ‪ ،‬بصععفتها‬
‫الدولععة العربيععة القععوى ‪ ،‬والدولععة الععتي تحمععل إجراءاتهععا الثععر‬
‫الكثر أهمية في المنطقة ‪ .‬إذ ُتعتبر تصريحات الرئيس المصععري‬
‫حسني مبارك ‪ ،‬ضد أي توسيع للنععزاع الفلسععطيني السععرائيلي ‪،‬‬
‫وضد تحويله إلى حرب عربية إسععرائيلية ‪ ،‬جععدارا واقيععا ‪ ،‬بععوجه‬
‫‪473‬‬
‫انتشععار المزيععد مععن الراديكاليععة ) أي التععوجه المعععادي لسععرائيل‬
‫والغرب ( ‪.‬‬
‫المثلعععث السعععرائيلي اللبنعععاني السعععوري ‪ :‬ينبغعععي علعععى الدارة‬
‫المريكيعععة الجديعععدة ‪ ،‬أن ُتععععّزز قعععوة العععردع السعععرائيلية ضعععد‬
‫احتمععالت تعرضععها ‪ ،‬لهجمععات بريععة أو صععاروخية ‪ ،‬تقععوم بهععا‬
‫قععوات حععزب ال ع ‪ ،‬المععدعوم مععن سععوريا وإيععران ‪ .‬علععى الدارة‬
‫المريكيععة أن تععدعم الحركععة الناشععئة فععي لبنععان ‪ ،‬والداعيععة إلععى‬
‫الضغط من أجل المزيد من الحرية فعي الععداخل ‪ ،‬وتخفيععف قبضعة‬
‫سوريا المطبقة على الشؤون اللبنانية ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫أسلحة الدمار الشامل ‪ -‬امنع النتشار ‪ ،‬واردع الستخدام ‪.‬‬
‫من الممكن أن تشهد السععنوات الربععع المقبلععة ‪ ،‬تحقععق تقععديرات‬
‫الستخبارات المريكية ‪ ،‬بأن إيران سوف تطور نظاما صاروخيا‬
‫متعدد المراحل ‪ُ ،‬يمّكنها من تطوير صاروخ عابر للقارات ‪ .‬ومن‬
‫الممكععن خلل الفععترة نفسععها أن ُيطععور العععراق أو إيععران سععلحا‬
‫نوويععا ‪ ،‬خصوصععا فععي حالععة حصععولها علععى الوقععود النععووي ‪،‬‬
‫بصورة سرية مععن التحععاد السععوفييتي السععابق مثل ‪ .‬والحصععول‬
‫عليها من قبل جماعات إرهابية بمساعدة بعض الحكومات ‪.‬‬
‫الكععثيرون فععي المنطقععة يتهمععون الوليععات المتحععدة بازدواجيععة‬
‫المواقف ‪ ،‬فيما يتعّلق بقدرة العععراق النوويععة ‪ .‬فعلععى الرغععم مععن‬
‫القلق الذي توّلده السلحة النووية ‪ ،‬من وجهة النظر الداعية إلى‬
‫عدم النتشار ‪ .‬فإن هذه السلحة توفر لسرائيل هامشا من المن‬
‫‪ ،‬يمكنها من المجازفة بعقد السلم مع جارات معينة ‪ .‬في الععوقت‬

‫‪474‬‬
‫الذي تطور فيه دول أخرى في المنطقة ‪ -‬مععا زالععت تهععدد بتععدمير‬
‫إسرائيل ) أي العراق ( ‪ -‬الوسائل الكفيلة بتنفيذ تلك التهديدات ‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪:‬‬
‫الرهاب ‪ -‬اعمل على تقوية الرد على التهديدات الجديدة ‪.‬‬
‫اعنننزل جهنننود مكافحنننة الرهننناب عنننن‬
‫ديناميكيننات العمليننة السننلمية ‪ ،‬وعننزز‬
‫الرد على التحديات المستمرة ‪:‬‬
‫ينبغي على الوليات المتحدة ‪ ،‬أن تتبع سياسععة ل تسععامح فيهععا ‪:‬‬
‫ففععي الععوقت الععذي يحععق للسععلطة الفلسععطينية ‪ ،‬أن تختلععف مععع‬
‫إسععرائيل حععول القضععايا الدبلوماسععية ‪ ،‬فععإن العلقععة المريكيععة‬
‫الفلسطينية ‪ ،‬يجب أن تدفع ثمععن التهععاون ‪ ،‬الععذي ُتبععديه السععلطة‬
‫الفلسطينية بشأن التزامها بمكافحة الرهاب ‪.‬‬
‫ينبغي على الوليات المتحدة ‪ ،‬أن ُتعزز جهودها الرامية للرتقاء‬
‫بالتعععاون الععدولي ‪ ،‬ضععد شععبكات العنععف السععلمية الُمتطّرفععة ‪.‬‬
‫وينبغي أن تعمععل مععع دول أوروبععا والشععرق الوسععط ‪ ،‬لممارسععة‬
‫ضغط جماعي على تلك الدول القليلة ‪ ،‬التي ما زالععت تقععدم الملذ‬
‫للرهععابيين ‪ ،‬أو تغععض النظععر عنهععم ‪ ،‬وهععي إيععران وباكسععتان‬
‫واليمن وأفغانستان ‪.‬‬
‫* وقفعععة قصعععيرة معععع مقعععال ‪ ،‬فعععي جريعععدة الدسعععتور الردنيعععة‬
‫الصادرة ‪ ،‬بتاريخ ‪2001 – 7 – 5‬م ‪ ،‬نقل عن رويترز ‪:‬‬
‫) تصععدير المقععال ‪ :‬فععي حععال هععاجم ابععن لدن مصععالح أمريكيععة ‪-‬‬
‫واشنطن ُتهّدد طالبان بانتقام عسكري (‬

‫‪475‬‬
‫" واشععنطن – رويععترز ؛ قععال نععائب وزيععر الخارجيععة المريكيععة‬
‫) ريتشععارد أرميتععاج ( ‪ :‬أن الوليععات المتح عّدة قععد تش عنّ‬
‫ن أسامة بن‬ ‫انتقاما عسكريا ‪ ،‬على حركة طالبان ‪ ،‬إذا ش ّ‬
‫لدن ‪ ،‬علععععى هجمععععات مصععععالح أمريكيععععة ‪ .‬وكععععان‬
‫) أرميتاج ( ُيعّقب على تحذير قّدمه إلى طالبععان ‪ ،‬سععفير‬
‫الوليععات المتحععدة لععدى باكسععتان ) ويليععام ملم ( ‪ ،‬فععي‬
‫عقد في إسلم أباد ‪ ،‬يوم الجمعة الماضي ‪ .‬وقال‬ ‫اجتماع ُ‬
‫مسععؤول فععي طالبععان لرويععترز ‪ ،‬أن طالبععان الععتي تععوفر‬
‫المأوى لبن لدن ‪ ،‬تم إبلغها بأنها ستتحمل المسؤولية‬
‫‪ ،‬عن أي هجمات على مصالح أمريكية … " ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫عننال لدوات السياسننة‬ ‫طور السننتخدام الف ّ‬
‫المريكية المتوفرة ‪:‬‬
‫لخضععاع الرهععابيين للدانععة الجنائيععة ‪ ،‬يتحتععم علععى الوليععات‬
‫المتحدة ‪ ،‬متابعة اللععتزام بملحقععة أولئك المجرميععن ‪ ،‬حععتى وإن‬
‫واجه المر عقبات دبلوماسية ‪ .‬على الحكومة التحاديععة ‪ ،‬العمععل‬
‫على إيقاف المناصرين المحليين المؤيدين للجماعات الرهابية ‪،‬‬
‫) المقصود هنا هو الجاليات العربية الداعمة للحركععات الجهاديععة‬
‫في فلسطين ( ‪.‬‬
‫لقد تقلص عدد الدول الداعمة للرهععاب ‪ ،‬إلععى سععبع دول ‪ .‬وآخععر‬
‫الدول ‪ ،‬التي ُرفععع اسععمها هععي العععراق عععام ‪1982‬م وأعيععد عععام‬
‫‪1991‬م ‪ ،‬أمععا آخععر اسععم ُأضععيف للقائمععة هععو السععودان عععام‬
‫‪1993‬م ‪ .‬على الرئيس كجزء من عملية إعععادة النظععر ‪ ،‬أن ُيفكععر‬
‫بتحديد الطرق ‪ ،‬الععتي تسععتطيع مععن خللهععا تلععك الععدول مععن رفععع‬
‫اسمها من القائمة ) أي وضععع متطلبععات جديععدة لشععهادات حسععن‬
‫‪476‬‬
‫السععيرة والسععلوك المريكيععة ( ‪ .‬وخصوصععا تلععك الععتي أظهععرت‬
‫اهتماما بذلك مثل ليبيا والسودان وسوريا ‪ .‬بعععد ذلععك يجععب ربععط‬
‫درجة الدعم المق عّدم للرهععاب ‪ ،‬بدرجععة العقوبععات الععتي تفرضععها‬
‫الوليات المتحععدة ‪ ،‬وكععذلك بمسععتوى التعامععل ‪ ،‬الععذي يقععوم بيععن‬
‫الحكومة المعنية ‪ ،‬وحكومة الوليات المتحدة ‪.‬‬
‫الفصل الرابع ‪:‬‬
‫العراق وإيران ‪ -‬اعمل من أجل التغيير ‪.‬‬
‫إن الموقف من العراق وإيران ‪ُ ،‬يعتبر من أهم القضايا السياسععية‬
‫التي تواجه الدارة المريكية الجديدة ‪ .‬فك عٌل مععن الععدولتين ُيعتععبر‬
‫لعبععا ُمهّمععا فععي الخطريععن الرئيسععين ‪ ،‬اللععذين يتهععددان مصععالح‬
‫الوليات المتحدة في المنطقععة ) والمصععالح هععي وجععود إسععرائيل‬
‫فقط ( ‪ .‬واللذين حّددهما هذا التقرير بزعزعة العملية السععلمية –‬
‫لدرجة النزلق نحو الحرب – وبامتلك أسلحة الدمار الشامل ‪.‬‬
‫فععي إيععران يبععدو التغييععر يلععوح فععي الفععق ‪ ،‬وأنععه سععيكون ثمععرة‬
‫للديناميكيات السياسية الداخلية ‪ .‬أما بالنسبة للعراق فععإن القصععة‬
‫مختلفة ‪ ،‬ومن المور الُمحزنة ‪ ،‬كوننا مقتنعيععن بععأن التغييععر فعي‬
‫العراق يكاد يكون مرتبطا بصورة حتمية بالعنف ‪ ،‬أي بانقلب أو‬
‫بانتفاضععة داخليععة ‪ ، … ،‬ينبغععي علععى الرئيععس المريكععي ‪ ،‬أن‬
‫ُيطور استراتيجية شاملة ‪ ،‬تنطوي علععى خطععوات فّعالععة ‪ ،‬تهععدف‬
‫إلى الضغط على صدام حسين في عدة جبهات ‪.‬‬
‫وحتى يحين موعد التغيير في العراق وإيران ‪ ،‬فإن على الوليات‬
‫المتحدة أن تواجه التحععدي لحتععواء الضععرر الععذي تسععببه هاتععان‬
‫الدولتان ‪ ،‬بالضافة للعقوبات والقيود المفروضة على الصادرات‬
‫صصععها الععدولتان‬ ‫مععن أجععل تقليععص المععوارد ‪ ،‬الععتي يمكععن أن ُتخ ّ‬
‫‪477‬‬
‫للتحديث العسكري ونشر السلحة ‪ ،‬والحصول علععى التكنولوجيععا‬
‫اللزمة لذلك ‪.‬‬
‫ضننح التهدينند الننذي ُيمّثلننه صنندام حسننين‬ ‫و ّ‬
‫لمصالح الوليات المتحدة ‪:‬‬
‫نعتقد أن من المهم تحديد تلك المصالح المريكية الحيوية ‪ ،‬الععتي‬
‫يمكععن لصععدام أن ُيه عّددها ‪ ،‬ووضععع خطععوط حمععراء ُتش عّكل عنععد‬
‫تجاوزهععا ‪ ،‬تحعّديا غيععر مقبععول ‪ ،‬يسععتدعي ردا عسععكريا أمريكيععا‬
‫واسع النطاق ‪.‬‬
‫ما أن يتم النتهاء من هذه المراجعة ‪ ،‬يتوجب على الرئيععس ‪ ،‬أن‬
‫يطرح مقرراتها علععى الشعععب ‪ ،‬كتهيئة لحتمععال وقععوع مواجهععة‬
‫عسكرية ‪ ،‬واسعة النطاق مع صدام ‪ ،‬إذا ما اقتضى المر … في‬
‫حالععة العععدوان خععارج أراضععيه ‪ ،‬أو اسععتخدامه لسععلحة الععدمار‬
‫الشععامل ‪ ،‬أو حععتى نشععرها فععي حععالت معينععة ‪ ،‬أو عععدوانه علععى‬
‫الكراد ‪.‬‬
‫ع ُيقصد بالقوة واسعة النطاق ‪:‬‬
‫أول ؛ حملت القصععف المتواصععلة ‪ ،‬ضععد الهععداف الععتي تحمععي‬
‫النظام ‪،‬‬
‫ثانيععا ؛ إذا كععانت النتهاكععات العراقيععة خطيععرة بمععا يكفععي ‪ ،‬يعنععي‬
‫إرسال قوات أرضية ‪ ،‬بقدرات كافية بمشععاركة الحلفععاء ‪ ،‬لغععرض‬
‫إحلل التغيير في النظام العراقي ‪،‬‬
‫ثالثا ؛ في حالة استخدام أسلحة الدمار الشامل ‪ ،‬يتوجب استخدام‬
‫جميع الوسائل الُمتاحة ‪ ،‬ضد نظععام صععدام حسععين ) أي اسععتخدام‬
‫السلح النووي ( ‪.‬‬
‫‪478‬‬
‫على الوليات المتحدة ‪ ،‬أن تكون مستعدة ‪ ،‬للعمععل بالتنسععيق مععع‬
‫الحلفاء الرئيسيين ‪ ،‬وبععالخص السعععودية والكععويت وبريطانيععا ‪.‬‬
‫وبذل مزيد من الجهد لقناع تركيا ‪ ،‬بلعب دور أكثر فاعليععة ‪ ،‬فععي‬
‫الرد على التحّدي الذي ُيمّثله صدام حسين ‪.‬‬
‫أحد الخطوط الصفراء التي تجاوزها صدام بالفعععل ‪ ،‬هععو التوقععف‬
‫عععن التعععاون مععع مفتشععي السععلحة ‪ .‬أظهععرت دروس التاريععخ‬
‫الليمة ‪ ،‬أن صدام ل يسمح بعمليات تفتيش ‪ ،‬تكشف ما تبقى من‬
‫برامجععه ‪ ،‬لنتععاج الصععواريخ وأسععلحة الععدمار الشععامل ‪ ،‬كمععا أن‬
‫السرة الدولية غير مستعدة ‪ ،‬لتأييد استخدام القوة لرغام صدام‬
‫على التعاون ‪.‬‬
‫إلى جانب التفتيش المهني الدقيق الععذي يجععب أن تصعّر الوليععات‬
‫المتحدة عليه ‪ .‬يوجد عنصر مهم آخر ‪ ،‬هو الدعم الععذي يجععب أن‬
‫توفره واشنطن ‪ ،‬لجماعات المعارضة العراقية ‪ ،‬كعنصر إضععافي‬
‫لحتواء صدام ‪.‬‬
‫ضمن عملها مع المعارضة العراقية ‪ ،‬ينبغي للوليات المتحدة أن‬
‫تضع رؤية أوضح لعراق ما بعد صدام ‪ ،‬على واشنطن أن توضح‬
‫‪ ،‬انه كلمععا ازداد العععراق مسععالمة وانفتاحععا وديموقراطيععة ‪ ،‬كلمععا‬
‫ازداد دعمها له ‪.‬‬
‫ة لنفتاح العراق ‪:‬‬ ‫ول العقوبات إلى أدا ٍ‬ ‫ح ّ‬
‫نعتقععد بععأن علععى الوليععات المتحععدة ‪ ،‬أن تقععوم بمجهععود عاجععل ‪،‬‬
‫لععتركيز العقوبععات علععى نحععو أكععثر ح عّدة ‪ ،‬علععى صععدام ونظععامه‬
‫العسععكري ‪ .‬مععن أجععل ذلععك ينبغععي لواشععنطن ‪ ،‬أن تأخععذ زمععام‬
‫المبععادرة فععي إعععادة صععياغة العقوبععات ‪ ،‬بععدل مععن أن توافععق‬
‫مرغمة ‪ ،‬على خطوات يفرضها الخرون ‪.‬‬
‫‪479‬‬
‫فععي الععوقت نفسععه ‪ ،‬ينبغععي للوليععات المتحععدة التععوجه للمنظمععات‬
‫النسانية ‪ ،‬لتحسين طرق إيصععال المسععاعدات للشعععب العراقععي ‪.‬‬
‫بدل مععن أن تكعّرس هععذه المنظمععات ‪ ،‬الكععثير مععن جهععدها لنتقععاد‬
‫السياسة المريكيععة إزاء العععراق ‪ .‬وأن ُتظهععر لهععذه المنظمععات ‪،‬‬
‫أنها تشاركها همومها النسانية ‪ ،‬مؤكدة بععأن السععبب فععي معانععاة‬
‫الشعب العراقععي هععو حكومععة العععراق السععتبدادية ) أي اسععتخدام‬
‫النفاق السياسي ( ‪.‬‬
‫ينبغععي للقيععود العتي ُفرضععت علعى السععفر ‪ ،‬معن تلععك الدولعة ‪ ،‬أن‬
‫ُتعكس بشكل تام ‪ .‬سيكون من الفضل تشععجيع التبععادل الفععردي ‪،‬‬
‫وسععفر العراقييععن العععاديين ‪ ،‬ومنععع سععفر المسععؤولين العراقييععن‬
‫وأفراد أسرهم ‪ ،‬من الذين ُيعيقون تنفيذ قععرارات مجلععس المععن ‪،‬‬
‫أو الععذين ُيشععتبه بارتكععابهم جععرائم حععرب ‪ ،‬أو انتهاكععات فظيعععة‬
‫لحقوق النسان ‪ .‬لقد حصععل هععذا النععوع مععن " العقوبععات الذكيععة‬
‫طبق على يوغسلفيا ‪.‬‬ ‫" ‪ ،‬على التأييد في المم المتحدة عندما ُ‬
‫الفصل الخامس ‪:‬‬
‫الستراتيجية القليمية ‪ :‬استثمر في العلقات الحاسمة ‪.‬‬
‫علععى الدارة المريكيععة الجديععدة أن تأخععذ زمععام المبععادرة ‪ ،‬فععي‬
‫توسيع التواصل الثقافي والتربوي مع الدول العربية والمسلمة ‪،‬‬
‫لغععرض تطععوير المعرفععة المحليععة ‪ ،‬بثقافععة ومجتمععع وسياسععة‬
‫الوليععات المتحععدة وتفّهمهععا ‪ .‬وإيجععاد وسععائل لمحاربععة النطبععاع‬
‫شععي فععي الشععرق الوسععط ‪ ،‬حععول معععاداة أمريكععا‬ ‫الخععاطئ ‪ ،‬المتف ّ‬
‫للسلم والمسلمين ‪.‬‬
‫في الطرف الخر من الطيف ‪ ،‬ينبغي للدبلوماسية المريكية ‪ ،‬أن‬
‫ُتبرز العيوب الفاضحة لدول المنطقععة ‪ ،‬الععتي تمععارس أقصععى حععد‬
‫‪480‬‬
‫مععن انتهاكععات حقععوق النسععان ‪ ،‬وبععالخص العععراق والسععودان‬
‫وليبيا وسوريا ‪.‬‬
‫تقوية العلقات الثنائية المهمة ‪:‬‬
‫إسرائيل ‪ :‬أكععد علععى التحععالف غيععر المكتععوب ‪ ،‬فهععو يعكععس‬
‫عمق ينابيع الدعم والتععآخي ‪ ،‬الععذي يشعععر بععه الشعععب المريكععي‬
‫إزاء إسرائيل ‪ ،‬والذي يشمل كافة الطياف السياسية المريكيععة ‪.‬‬
‫ينبغعععي علعععى الدارة أن تأخعععذ زمعععام المبعععادرة ‪ ،‬فعععي الرتقعععاء‬
‫بشععععراكتها لسععععرائيل ‪ ،‬إلععععى مسععععتوى مواجهععععة التهديععععدات‬
‫الستراتيجية المشتركة … وسط جو التهديععدات الجديععدة ‪ ،‬ومععع‬
‫اضععطراد تق عّدم السععلحة الحديثععة ‪ .‬فععإن علععى الدارة أن تععواجه‬
‫التحدي السياسي المتمثل فععي التوضععيح لجععارات إسععرائيل ‪ ،‬بععأن‬
‫أمريكا سوف تعارض أي مجهود ‪ ،‬للتوصل إلععى مسععتوى النديععة‬
‫الستراتيجية مع إسرائيل ‪.‬‬
‫دول مجلننس التعنناون الخليجنني ‪ :‬تقويععة المععن‬
‫النفطي والعسكري والقتصادي ‪ ،‬لضععمان اسععتمرار تععدفق النفععط‬
‫بأسععععار مناسعععبة ‪ .‬علعععى الوليعععات المتحعععّدة تعميعععق دعمهعععا ‪،‬‬
‫للصععلحات القتصععادية فععي تلععك الععدول ‪ ،‬بسععبب مصععلحتها فععي‬
‫استقرار النظمة الملكية الخليجية ‪.‬‬
‫مصر ‪ :‬لععدى مصعر قععدرة علععى لعععب دور إيجععابي ‪ ،‬فععي تعزيععز‬
‫العتدال والستقرار في المنطقة ‪ ،‬أو لعب دور سععلبي فععي تعقيععد‬
‫وإعاقة مبادرات الوليات المتحدة القليمية ‪ .‬ولعو حعافظت مصعر‬
‫علععى وضعععها المقبععول فععإن علععى الوليععات المتحععدة ‪ ،‬أن تكععون‬
‫مستعدة للمضي قدما ‪ ،‬في مبادراتها القتصادية ‪.‬‬

‫‪481‬‬
‫الردن ‪ :‬ادعم السععلم مععع إسععرائيل ‪ ،‬واحععذر مععن العععودة إلععى‬
‫احتضان عراق صدام ‪ .‬أما علععى الجععانب العسععكري ‪ ،‬فينبغععي لععه‬
‫المسععاعدة فععي عمليععة التعامععل مععع المععن الحععدودي ‪ ،‬ومكافحععة‬
‫الرهععاب ‪ ،‬والخطععر العراقععي المحتمععل ‪ .‬أحععد السععباب المععبررة‬
‫لتقديم معونة أمريكية كععبيرة هععو المسعععى الععذي يبععذله العععراق ‪،‬‬
‫لجذب الردن بتقععديم مسععاعدة نفطيععة ‪ 900-600‬مليععون دولر ‪.‬‬
‫ولحبععاط الغععراء العراقععي ‪ ،‬بوسععع دول الخليععج تقععديم النفععط‬
‫بشععروط ملئمععة ‪ ،‬وتوسععيع دائرة التجععارة ‪ ،‬واسععتخدام العمالععة‬
‫الردنية ‪.‬‬
‫تركيا ‪ُ :‬يعتععبر بقاؤهععا ‪ ،‬كدولععة ديموقراطيععة علمانيععة مواليععة‬
‫للغععرب ‪ ،‬مصعلحة حيويععة للوليعات المتحعدة ‪ .‬حيعث تلععب تركيععا‬
‫دورا مركزيا في عملية احتواء العراق ‪.‬‬
‫ادعم التعاون معا بيعن شعركاء أمريكعا القليمييعن ‪ ،‬ومعن ضعمنها‬
‫إسرائيل وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي والردن ومصر ‪.‬‬
‫ن التعاون بين تركيا وإسرائيل ‪ُ ،‬يعتبر الفضل بين جميع حالت‬ ‫إّ‬
‫التعاون المني القليمي في المنطقة ‪.‬‬
‫الطار الستراتيجي ‪:‬‬
‫لدى الوليات المتحدة مصععالح دائمععة فععي الشععرق الوسععط ‪ ،‬مععن‬
‫بينها ؛ منع وقوع الحرب ‪ ،‬وتسعهيل التقععدم باتجعاه سعلم عربعي‬
‫إسرائيلي ‪ ،‬وضمان أمن وسععلمة إسععرائيل ‪ ،‬وتوطيععد السععتقرار‬
‫والمن والرفاهية والتنمية ‪ ،‬في تركيا والدول العربية المعتدلععة ‪،‬‬
‫والمحافظععة علععى حريععة تععدفق النفععط وبأسعععار معقولععة ‪ .‬بعععد‬
‫النتصعععار فعععي الحعععرب البعععاردة ‪ ،‬وحعععرب الخليعععج فعععي مطلعععع‬
‫التسعينيات ‪ ،‬تمكنت الوليات المتحدة ‪ ،‬من ممارسة الزعامة في‬
‫‪482‬‬
‫مجالين مهمين ‪ ،‬هما ؛ بناء السلم العربي السرائيلي ‪ ،‬وتعزيععز‬
‫المن في الخليج ‪.‬‬
‫العولمة ‪:‬‬
‫على مععدى العقععد الخيععر ‪ ،‬كععان سعجل المنطقعة مشوشعا بالنسعبة‬
‫للعولمة ‪ ،‬فمن جانب ‪ ،‬لم تستطع الحععواجز الوطنيععة القويععة ‪ ،‬أن‬
‫تمنععع انتشععار وسععائل العلم الحديثععة ‪ ،‬مثععل القنععوات الفضععائية‬
‫العربية ‪ ،‬التي أنهت – بمصاحبة النترنت – سيطرة الدولة علععى‬
‫المعلومات ‪ ،‬كما تم العتراف ‪ ،‬علععى مسععتوى المنطقععة باقتصععاد‬
‫السوق ‪ ،‬والنفتاح على التجارة والسععتثمار الععدوليين ‪ ،‬بصععفتها‬
‫أفضل الطرق لتحقيق التنمية … إل أن الشععرق الوسععط ‪ُ ،‬يعتععبر‬
‫صععته فععي التجععارة العالميععة‬
‫خاسرا نسبيا في سباق العولمععة ‪ ،‬فح ّ‬
‫في تدهور مستمر ‪.‬‬
‫طععات الفضععائية والنععترنت ‪ ،‬وأخيععرا‬ ‫بفضل أجهزة الفيديو والمح ّ‬
‫وليس آخرا ‪ .‬فمن المحتمل جدا ‪ ،‬أن يرتدي المتظاهرون فععي رام‬
‫ال أو طهران ‪ ،‬بنطلونات وأحذية من إنتاج أمريكي ‪.‬‬
‫* بقولهم هذا ‪ ،‬يكشف رواد العولمة ودعاتها ‪ ،‬عن الوجه القذر‬
‫لها ولغاياتها ‪ ،‬بشقّيها الثقافي والقتصادي ‪ ،‬فغايات العولمة هي‬
‫‪:‬‬
‫أول ‪ :‬مسخ الهوية العربية والسلمية بشكل خاص ‪ ،‬والشععرقية‬
‫بشععكل عععام ‪ ،‬باسععتهلك الثقافععة المريكيععة ‪ ،‬عععن طريععق وسععائل‬
‫العلم المختلفة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ومن ثم جعل جميع دول العالم سععوقا مفتوحععة ‪ ،‬للمنتجععات‬
‫المريكية بمختلف أنواعها ‪ ،‬بإجبار الحكومات على رفع القيود ‪،‬‬
‫التي ُوضعت لحماية ودعم الصناعات الوطنية ‪.‬‬
‫‪483‬‬
‫إذ ليععس هنععاك أي أهميععة ُتععذكر لععدى رواد العولمععة ‪ ،‬بالنسععبة‬
‫لتظعععاهرك ضعععد إسعععرائيل وأمريكععا ‪ ،‬وحععرق أعلمهعععا وصعععور‬
‫زعمائها ‪ ،‬بما أنك تععدعم فععي نفععس الععوقت ‪ ،‬اقتصععاد الععدولتين ‪،‬‬
‫باسععتهلك منتجاتهمععا ‪ ،‬ممععا ُيسععاهم بزيععادة النمععو القتصععادي‬
‫فيهما ‪ ،‬وأمريكا سيطرت على العالم اقتصاديا ‪ ،‬وبذلك تمّكنت من‬
‫السيطرة عليه عسكريا ‪.‬‬
‫انهيار تحالف حرب الخليج ‪:‬‬
‫على المستوى الدولي ‪ ،‬ما زالت هيمنة أمريكا القليمية علععى مععا‬
‫كععانت عليععه ‪ ،‬إل أن هنععاك تصععاعدا ‪ ،‬فععي عععزم القععوى الخععرى‬
‫وقدرتها ‪ ،‬على التأثير في مجرى الحداث في الشععرق الوسععط ‪،‬‬
‫خصوصا باتجاه إعاقة السياسة المريكيععة فععي المنطقععة ‪ .‬ويععبرز‬
‫في هذا المجال ثلثة لعبين مهمين ‪:‬‬
‫روسيا ‪ :‬أصعبحت روسعيا أكعثر قوميعة خلل العقعد الماضعي ‪،‬‬
‫وازدادت شكوكها فيما يتعلق بعلقاتها مع الوليععات المتحععدة …‬
‫لكنها أصبحت من جديد ‪ ،‬لعبا ُمثيرا للمشععاكل … دأبععت روسععيا‬
‫على تقويض جهود المم المتحععدة ‪ ،‬الراميععة إلععى السععيطرة علععى‬
‫التسلح وفرض العقوبععات ‪ ،‬حععتى أن الرئيععس الروسععي مععؤخرا ‪،‬‬
‫أثنى بنفسه على التعاون التام بين موسكو وبغداد ‪ .‬لم ُتبِد روسيا‬
‫تعاونا ُيذكر ‪ ،‬مع مساعي الوليات المتحدة المدعومععة بععدولرات‬
‫المسععاعدات ‪ ،‬للحيلولععة دون انتشععار أسععلحة الععدمار الشععامل ‪،‬‬
‫وتكنولوجيعععا الصعععواريخ ‪ ،‬معععن روسعععيا إلعععى الشعععرق الوسعععط‬
‫وخصوصا إلى إيران ‪.‬‬
‫الصين ‪ :‬فالصععين ‪ ،‬تمتلععك القععدرة علععى تغييععر ميععزان القععوى‬
‫القليميععة ‪ ،‬بتزويععد دول فععي المنطقععة ‪ ،‬بتكنولوجيععا الصععواريخ‬
‫‪484‬‬
‫وأسلحة الدمار الشامل ‪ .‬في الوقت الععذي تسععتطيع الصععين فيععه ‪،‬‬
‫أن تصععبح قععوة إيجابيععة بالنسععبة لنمععو اقتصععاد العولمععة ‪ ،‬إذا مععا‬
‫واصلت فتح أسواقها ‪ ،‬وخصخصة اقتصادها ‪.‬‬
‫أوروبا ‪ :‬على سبيل المثال لعبت الدول الوروبية ‪ ،‬دورا مهما‬
‫في تسهيل الدبلوماسية الهععادئة ‪ ،‬بيععن إسععرائيل والفلسععطينيين ‪.‬‬
‫وفععي تععأمين التمويععل السععخي للسععلطة الفلسععطينية بعععد عععام‬
‫‪1993‬م ‪ .‬وفععي فععرض منععاطق حظععر الطيععران ‪ ،‬شععمال وجنععوب‬
‫العراق ‪ .‬إن مما ُيؤسف له ‪ ،‬أن فرنسا قد أصبحت العقبة الكععبرى‬
‫‪ ،‬في طريق تحقيق التنسععيق المريكععي الوروبععي ‪ ،‬حععول الكععثير‬
‫مععن قضععايا الشععرق الوسععط ‪ ،‬خصوصععا تلععك المتعلقععة بالعمليععة‬
‫السلمية ‪ ،‬والسياسة الُمتبعة إزاء العراق ‪.‬‬
‫على خلفية هذا الطار الستراتيجي ‪ ،‬نعتقد بأن الشرق الوسط ‪،‬‬
‫مرشح لن يكععون منطقععة مضععطربة ‪ ،‬خلل فععترة وليععة الرئيععس‬
‫المريكي الجديد ‪ .‬سيتغذى بعض ذلك الضطراب ‪ ،‬علعى مشعاعر‬
‫عدم الرضا والرغبة في تحقيق الوحدة ‪ ،‬والمععور غيععر المنجععزة‬
‫في النزاع العربي السرائيلي ‪ .‬كما أن بعضا منععه ‪ ،‬سععوف يتولععد‬
‫نتيجععة التغييععرات البركانيععة الععتي تنتظععر إيععران ‪ .‬وسععوف ينتععج‬
‫بعضه الخر عن ردود الفعل المترتبة ‪ ،‬على عودة انبعاث صععدام‬
‫حسين ‪.‬‬
‫يحتععاج الرئيععس المريكععي الجديععد وكبععار مسععاعديه ‪ ،‬لدراك أن‬
‫الشرق الوسط يدخل القععرن الواحععد والعشععرين ‪ ،‬بقيععادة زعمععاء‬
‫جدد بل خبرة ‪ ،‬يتولون الزعامة من المحيط الطلسي إلى الخليج‬
‫الفارسي ‪ ،‬باقتصاديات راكعدة وبأسععلحة مرعبعة عاليععة التقنيععة ‪،‬‬
‫لها القدرة على نقععل النزاعععات ‪ ،‬إلععى شععواطئ أمريكععا ‪ .‬إن لجنععة‬
‫‪485‬‬
‫الدراسة الرئيسية ‪ ،‬في معهد واشنطن لسياسععة الشععرق الوسععط‬
‫الدنى ‪ ،‬قد وضعت هذا التقرير ‪ ،‬من أجل تقععديم النصععح للرئيععس‬
‫المريكععي الجديععد ‪ ،‬حععول الطععرق الكفيلععة بععإدارة هععذه اللحظععة‬
‫العاصفة ‪ ،‬على نحو يحمعي مصعالح الوليععات المتحعدة وحلفائهعا‬
‫… انتهى القتباس ‪.‬‬
‫بنود هذا التقريععر اليهععودي المقعّدم للرئيععس المريكععي واضععحة ‪،‬‬
‫وربمعععا ل تحتعععاج لتعليعععق ‪ ،‬فالمخعععاوف والهعععداف التوراتيعععة‬
‫واضععحة ‪ ،‬خلععف مععا يععّدعي اليهععود ‪ ،‬بععأنه مصععالح للوليععات‬
‫المتحّدة ‪ ،‬تقضي بتحجيم وتدمير ثلثة قوى ‪ ،‬ذات الخطععر الكععبر‬
‫على مسععتقبل الدولععة اليهوديععة فععي المنطقععة ‪ ،‬حسععبما أوضععحته‬
‫التفسيرات الجديدة للنبوءات التوراتية ‪ ،‬وهععي روسععيا ) يععأجوج‬
‫ومأجوج ( ‪ ،‬والعراق وإيران ) مادي وفارس وبابععل وأشععور ( ‪،‬‬
‫كافععة الععدول ذات التععوجه السععلمي ‪ ،‬الععتي يسععمونها بالراعيععة‬
‫للرهاب ) خوفا من إحياء الخلفة السلمية ( ‪.‬‬
‫والسؤال المطروح بعد الطلع علععى هععذا التقريععر ‪ :‬لمععاذا يشععغل‬
‫العراق المساحة الكبر ‪ ،‬في مفردات صحيفة برتوكولت حكمععاء‬
‫صهيون الجديدة ‪ ،‬المسّماة بتقرير معهد واشنطن ؟!‬
‫ونختععم هعذا الفصعل ‪ ،‬بقععول لظفعر السعلم خعان ‪ ،‬صعاحب كتععاب‬
‫) تعاليم التلمعود ( ‪ " :‬وقعد سعاعدت كراهيعة بريطانيعا العميعاء ‪،‬‬
‫وغعععدرها بعععالعرب والمسعععلمين ‪ ،‬ووجعععود النزععععة الصعععليبية‬
‫الخاطئة ‪ ،‬لدى البلدان الوربية وأمريكا ‪ ،‬على نجاح المخططععات‬
‫الصهيونية ‪ ،‬وغزو البلدان العربية في الحرب العالميععة الولععى ‪،‬‬
‫فنرى القائد الفرنسي ) غععورو ( الععذي فتععح دمشععق يقععول ‪ ،‬وقععد‬
‫عدنا يععا صععلح‬‫وضع قدمه على قبر صلح الدين ‪ " :‬ها نحن قد ُ‬
‫‪486‬‬
‫الدين ! " ‪ ،‬والجنرال النجليزي ) اللنبي ( عند دخوله القععدس ‪،‬‬
‫يقول أمام كنيسة القيامة ‪ " :‬اليوم ‪ ،‬انتهت الحروب الصععليبية "‬
‫‪.‬‬
‫قال تعالى‬
‫ن‬
‫ن َءاَمُنععوا ‪ ،‬اْلَيُهععوَد ‪َ ،‬واّل عِذي َ‬ ‫ع عَداَوًة ِلّل عِذي َ‬
‫س َ‬‫ش عّد الّنععا ِ‬ ‫ن َأ َ‬ ‫) َلَتجِ عَد ّ‬
‫ن َقععاُلوا ِإّنععا‬
‫ن َءاَمُنععوا اّلعِذي َ‬‫ن َأْقَرَبُهعْم َمعَوّدًة ِلّلعِذي َ‬
‫جعَد ّ‬
‫شعَرُكوا ‪َ ،‬وَلَت ِ‬ ‫َأ ْ‬
‫ن )‪82‬‬ ‫سَتْكِبُرو َ‬ ‫ن َوُرْهَباًنا َوَأّنُهْم َل َي ْ‬ ‫سي َ‬ ‫سي ِ‬‫ن ِمْنُهْم ِق ّ‬
‫ك ِبَأ ّ‬‫صاَرى َذِل َ‬ ‫َن َ‬
‫المائدة (‬

‫‪487‬‬
‫دسة تأمر اليهود بتدمير‬
‫الكتب المق ّ‬
‫أصحاب البعث‬
‫احتل العراق مساحة شاسعععة فععي التقريععر السععابق ‪ ،‬لن التععوراة‬
‫ُتخبر اليهود صراحة ‪ ،‬بأن العراقيون هم أصحاب البعث الثععاني ‪.‬‬
‫وتوصععيهم وتعأمرهم كععذلك ‪ ،‬بتعدمير الععراق ‪ ،‬بعععد ععودتهم معن‬
‫الشععتات لفلسععطين فععي المععرة القادمععة ‪ ،‬لقامععة دولتهععم الثانيععة ‪،‬‬
‫وُتحّرضععهم وتحّثهععم بععأّل يعّدخروا جهععدا ‪ ،‬مععن أجععل إعععادته إلععى‬
‫العصر الحجري ‪ ،‬حتى ل يتمّكن أهل بابل ‪ ،‬مععن النبعععاث عليهععم‬
‫مرة أخرى ‪ ،‬عندما يأذن ال لهم بذلك ‪.‬‬
‫بعض مقتطفات مننن النصننوص التوراتيننة ‪،‬‬
‫صر البعث بالعراقيين ‪:‬‬
‫التي تح ُ‬
‫موسى ‪:‬‬
‫سفر التثنية " ‪ 49 :28‬ويجلب الرب عليكم أمة من بعيععد ‪ ،‬مععن‬
‫ض عليكم كالنسر ‪ :50 ،‬أّمة ] جافية الوجه‬ ‫أقصى الرض ‪ ،‬فتنق ّ‬
‫[ يثير منظرها الرعب ‪ ،‬ل تهاب الشيخ ول ترأف بالطفل ) أولععي‬
‫بأس شديد ( ‪ :51 ،‬فتستولي على نتاج بهععائمكم ‪ ،‬وتلتهععم غلت‬
‫ق لععك قمحععا ول خمععرا ول زيتععا ‪… ،‬‬ ‫أرضكم حتى تفنوا ‪ ،‬ول ُتب ع ِ‬
‫حععتى تفنيععك ‪ :52 ،‬وتحاصععركم فععي جميععع مععدنكم ‪ ،‬حععتى تتهععدم‬
‫أسواركم الشامخة الحصينة ‪ ،‬التي وثقتم بمناعتها ‪" … ،‬‬
‫‪ :29 :31‬لنني واثق أنكم بعد موتي ‪ ،‬تفسععدون وتضععلون عععن‬
‫الطريععق الععذي أوصععيتكم بهععا ‪ ،‬فيصععيبكم الش عّر فععي آخععر اليععام‬
‫) المرة الثانية تكون في آخر اليام ( ‪ ،‬لنكم تقترفون الشععر أمععام‬
‫الرب ‪ ،‬حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيديكم … " ‪.‬‬
‫‪488‬‬
‫‪ :19 :32‬فرأى الرب ذلك ورذلهم ‪ ،‬إذ أثار أبناؤه وبناته غيظه ‪،‬‬
‫‪ :20‬وقال ‪ :‬سأحجب وجهي عنهم فأرى ماذا سيكون مصيرهم ؟‬
‫إنهم جيل متقلب وأولُد خونة ‪:21 ،‬ع …ع ‪،‬ع لذلك سأثير غيرتهعم‬
‫بشعب متععوحش ) أولععي بععأس شععديد ( ‪ ،‬وأغيظهععم بأمععة حمقععاء‬
‫] أمة ل تفهمون لغتها [ ‪.‬‬
‫إشعياء ‪:‬‬
‫‪ :3 :10‬فماذا تصنعون في يوم العقاب ‪ ،‬عندما تقبل الكارثة مععن‬
‫بعيد !‬
‫" ‪ :29 :14‬ل تفرحي يا كّل فلسطين ) إسرائيل ( ‪ ،‬لن القضيب‬
‫الذي ضربك قد انكسر ‪ .‬فانه من أصل تلك الفعى يخرج ُأفعوان ‪،‬‬
‫وذرّيته تكون ثعبانا ساّما طّيارا … ولععول أّيهععا البععاب ‪ ،‬ونععوحي‬
‫أّيتها المدينة ‪ ،‬ذوبي خوفا يا فلسععطين قاطبعة ‪ ،‬لن جيشععا ُمععدّربا‬
‫قد زحف نحوك من الشمال … " ‪.‬‬
‫‪ :11 :46‬أدعععو مععن المشععرق الطععائر الجععارح ‪ ،‬ومععن الرض‬
‫البعيدة برجل مشورتي ‪ ،‬قد نطقت بقضائي ‪ ،‬ول بد أن ُأجريه ‪.‬‬
‫ارميا ‪:‬‬
‫‪ :9 :25‬فها أنا ُأجّند جميع قبائل الشععمال ‪ ،‬بقيععادة نبوخععذ نصععر‬
‫عبععدي* ‪ ،‬وآتععي بهععا إلععى هععذه الرض ‪ ،‬فيجتاحونهععا ويهلكععون‬
‫جميع سعّكانها ‪ ،‬مععع سععائر المععم المحيطععة بهععا ‪ ،‬وأجعلهععم مثععار‬
‫دهشة وصفير ‪ ،‬وخرائب أبدية ‪.‬‬
‫* ) عبدي ( جاءت صفة لنبوخذ نصر في التوراة ‪.‬‬
‫‪ :22 :10‬اسمعوا ‪ ،‬ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ‪ ،‬مقبل من‬
‫الشمال ‪ ،‬ليحّول مدن يهوذا ‪ ،‬إلى خرائب ومأوى لبنات آوى ‪.‬‬
‫‪489‬‬
‫ب زاحععف مععن الشععمال ‪ ،‬وأّمععة عظيمععة‬
‫‪ :22 :6‬انظروا ‪ ،‬ها شع ٌ‬
‫ب من أقاصي الرض ‪ ، … ،‬لمحاربتك يا أورشليم ‪.‬‬ ‫ته ّ‬
‫حزقيال ‪:‬‬
‫ب بكلمته قائل ‪ :‬أّما أنععت يععا ابععن آدم ‪،‬‬
‫ي الر ّ‬‫‪ :19 :21‬وأوحى إل ّ‬
‫طععط طريقيععن لزحععف ملععك بابععل ‪ .‬مععن أرض واحععدة تخععرج‬ ‫فخ ّ‬
‫الطريقان ‪ ،‬وفي ترجمة أخرى ] وأنت يا ابععن آدم ‪ ،‬عّيععن لنفسععك‬
‫طريقيععن ‪ ،‬لمجيععء سععيف ملععك بابععل ‪ ،‬مععن أرض واحععدة تخععرج‬
‫الثنتان [‬
‫‪ :22-23 :23‬وآتي بهم عليك من كل ناحيععة ‪ ،‬أبنععاء البععابليين ‪،‬‬
‫وسائر الكلدانيين ‪ ،‬ومعهم جميع أبناء أشور ‪.‬‬
‫ع ع يعلععم اليهععود علععم اليقيععن ‪ ،‬أن المبعععوثين عليهععم فععي المععرة‬
‫الثانية ‪ ،‬سيخرجون من أرض بابل وأشور ‪ ،‬فالكلدانيون بععابليين‬
‫وآشوريون هم سكان العراق القدماء ‪ .‬وبابل مدينة عراقية ‪ ،‬تقع‬
‫في وسط العراق إلى الجنوب من بغداد ‪ ،‬وأشور تقع في شماله ‪.‬‬
‫ورغم معرفتهم هذه فهم مسععتمّرون فععي غيهععم وطغيععانهم ‪ ،‬ذلععك‬
‫لنهم لم يؤمنوا بععال ول بأنبيععائه سععابقا ولحقععا ‪ ،‬فمعرفتهععم بععه‬
‫سبحانه جاءت من خلل آراء كهنتهععم وأحبععارهم ‪ .‬فهععم يأخععذون‬
‫مععن التععوراة مععا يوافععق أهععوائهم ‪ ،‬ويععتركون مععا سععواه ‪ .‬أمععا مععا‬
‫يؤمنون بععه حقععا فهععو المععال والقععوة ‪ .‬وبمععا أنهععم يملكععون القععوة‬
‫والمععال ‪ ،‬وبمععا أن الع قععد كشععف لهععم عععن ُمخططععاته ‪ ،‬بالنسععبة‬
‫لحتمية القضاء على وجودهم فععي فلسععطين ‪ ،‬فالحععل لععديهم ليععس‬
‫التوبععة والرجععوع إلععى ال ع ) الععذي ل يقيمععون لععه وزنعًا ‪ ،‬نتيجععة‬
‫افتراءات زنادقة التلمود عليه ‪ ،‬سبحانه وتعالى عّما يصععفون ( ‪،‬‬
‫ططات الع وإبطالهععا ‪ ،‬معتمععدين علععى مععا أّلفععه‬ ‫وإنما بمخالفة ُمخ ّ‬
‫‪490‬‬
‫الكهنة من نبوءات خاطئة عن الملك الموعود ‪ .‬وذلك بكل بساطة‬
‫ططععات الكهنععة والحبععار القديمععة الجديععدة ‪،‬‬ ‫‪ ،‬من خلل تنفيععذ مخ ّ‬
‫التي ُوضعت كحّل لمعضععلتهم المستعصععية مععع الع ‪ ،‬وهععي إبععادة‬
‫الكلععدانيين ‪ ،‬ومحععو بابععل الجديععدة عععن الوجععود ‪ ،‬وتحويلهععا إلععى‬
‫صحراء قاحلة ‪ ،‬ل تسععكنها إل الثعععالب ‪ ،‬ومععا كععان تصععريح أحععد‬
‫كلبهم ) بوش الب ( ‪ ،‬عنععدما قععال ‪ ) :‬بععأنه سعُيعيد العععراق إلععى‬
‫العصر الحجري ( ‪ ،‬إل من خلفية توراتية حاقدة ‪.‬‬
‫نبوءة عن دمار بابل في سفر إشعياء‬
‫" ‪ :1-8 :13‬رؤيا إشعياء بن آمععوص بشععأن بابععل ‪ " :‬انصععبوا‬
‫راية فوق جبل أجعرد ‪ ،‬اصععرخوا فيهععم لوحععوا بأيعديكم ‪ ،‬ليعدخلوا‬
‫أبواب ] العتععاة [ … لن الععرب القععدير يسععتعرض جنععود القتععال ‪.‬‬
‫يقبلععون مععن أرض ] بعيععدة [ مععن أقصععى السععماوات ‪ ،‬هععم جنععود‬
‫الرب وأسلحة سخطه لتدمير الرض كلها ‪ ] .‬ولولوا [ ‪ ،‬فإن يوم‬
‫الرب بات وشععيكا ‪ ،‬قادمععا مععن عنععد الععرب ُمحّمل بالععدمار ‪ .‬لععذلك‬
‫ترتخي كل يد ‪ ،‬ويذوب قلب كل إنسان ‪ .‬ينتابهم الفزع ‪ ،‬وتأخذهم‬
‫أوجاع ‪ ،‬يتلوون كوالدة ُتقاسي من الم المخاض …‬
‫" ‪ :9-16 :13‬ها هو يوم الرب قادم ‪ ،‬مفعما بالقسوة والسععخط‬
‫والغضب الشديد ‪ ،‬ليجعععل الرض خرابععا ويبيععد منهععا الخطععاة …‬
‫والشمس تظلم عند بزوغها ) كسوف ( ‪ ،‬والقمر ل يلمع بضععوئه‬
‫) خسوف ( ‪ .‬وأعاقب العالم على شّره والمنافقين على آثامهم ‪،‬‬
‫وأضع حّدا لصلف الُمتغطرسععين وُأذّل كبريععاء العتععاة … وُأزلععزل‬
‫السععماوات فتععتزعزع الرض فععي موضعععها ‪ ،‬مععن غضععب الععرب‬
‫القععدير فععي يععوم احتععدام سععخطه ‪ .‬وتععوّلي جيععوش بابععل ) عبععارة‬
‫جيوش بابل ‪ ،‬غير موجودة في الترجمة الخععرى ( حععتى ُينهكهععا‬
‫‪491‬‬
‫التعب ‪ ،‬عائدين إلى أرضهم كأنهم غزال ُمطارد أو غنععم ل راعععي‬
‫لهععا ‪ .‬كععل مععن ُيؤسععر ُيطعععن ‪ ،‬وكععل مععن ُيقبععض عليععه ُيصععرع‬
‫بالسيف ‪ ،‬وُيمعّزق أطفععالهم علععى مععرأى منهععم ‪ ،‬وُتنهععب بيععوتهم‬
‫وُتغتصب نسائهم " ‪.‬‬
‫" ‪ :17-22 :13‬هععا أنععا ُأثيععر عليهععم المععاديين ) اليرانييععن ( ‪،‬‬
‫الذين ل يكترثون للفضة ول ُيسّرون بالذهب ‪ ] ،‬فتحطم [ قس عّيهم‬
‫الفتيعععان ‪ ،‬ول يرحمعععون الولد أو الرضعععع … أمعععا بابعععل مجعععد‬
‫الممالك وبهاء وفخر الكلدانيين ‪ ،‬فُتصبح كسدوم وعمورة اللععتين‬
‫قلبهما ال ‪ .‬ل ُيسععكن فيهععا ‪ ،‬ول تعمععر مععن جيععل إلععى جيععل ‪ ،‬ول‬
‫ينصب فيها بععدوي خيمتععه ‪ ،‬ول ُيربععض فيهععا راع ُقطعععانه ‪ .‬إنمععا‬
‫ج البوم خرائبها ‪ ،‬وتلجأ إليها بنععات‬ ‫تأوي إليها وحوش القفر وتع ّ‬
‫النعام ‪ ،‬وتتععواثب فيهععا ] معععز الععوحش [ ‪ ،‬وتعععوي الضّععباع بيععن‬
‫أبراجها ‪ ،‬وبنات آوى في قصورها الفخمة ‪ .‬إن وقت عقابها بات‬
‫وشيكا ‪ ،‬وأيامها لن تطول " ‪.‬‬
‫ن الرب ] سيرحم [ ذرّية يعقوب ‪ ،‬ويصطفي شعب‬ ‫" ‪ 1 :14‬ولك ّ‬
‫إسععرائيل ثانيععة ‪ُ ،‬ويحّلهععم فععي أرضععهم ‪ ،‬فينضععم الغربععاء إليهععم‬
‫ويلحقون ببيت يعقوب ‪ .‬وتُمّد شعععوب الرض إليهععم يععد العععون ‪،‬‬
‫ويصيرون عبيدا لبنععي إسععرائيل ‪ ،‬فععي أرض الععرب ‪ ،‬ويتسعّلطون‬
‫علععى آسععريهم وظععالميهم ‪ .‬فععي ذلععك اليععوم ُيريحكععم الععرب ‪ ،‬مععن‬
‫عنائكم وشقائكم وعبوديتكم القاسية " ‪.‬‬
‫" ‪ :4-23 :14‬فتسخرون من ملك بابل قائلين ‪ " :‬كيف استكان‬
‫طععم الععرب عصععا‬ ‫الظالم وكيف خمدت غضععبته الُمتعجرفععة ؟ قععد ح ّ‬
‫المنافق وصولجان الُمتسلطين … حتى شجر السرو وأرز لبنععان‬
‫عّمها الفرح ‪ ،‬فقالت ‪ " :‬منذ أن انكسرت شوكتك ‪ ،‬لم يصعد إلينا‬
‫‪492‬‬
‫قاطع حطب " … والذين يرونك ‪ ،‬يحملقععون فيععك ويتسععاءلون ‪:‬‬
‫" أهذا هععو النسععان الععذي زعععزع الرض وهعّز الممالععك ‪ ،‬الععذي‬
‫حّول المسكونة إلى مثل القفر ‪ ،‬وقلب ُمدنها ‪ ،‬ولععم ُيطلععق أسععراه‬
‫طرحععت بعيععدا عععن‬ ‫ليرجعععوا إلععى بيععوتهم ؟ " … أمععا أنععت فقععد ُ‬
‫قبرك ‪ ،‬كغصن مكسور … لنك خّربت أرضك ‪ ،‬وذبحت شعععبك ‪،‬‬
‫فذرّية فاعلي الثم ‪ ،‬يبيد ذكرها إلى البد ‪ .‬أع عّدوا مذبحععة لبنععائه‬
‫جععزاء إثععم آبععائهم ‪ ،‬لئل يقومععوا ويرثععوا الرض فيملئوا وجععه‬
‫ب ضععدهم ‪ ،‬وأمحععو‬ ‫البسيطة ُمدنًا ‪ .‬يقول الرب القدير ‪ " :‬إني أه ّ‬
‫ل وذري عًة ‪ ،‬وأجعلهععا ميراث عًا للقنافععذ ‪،‬‬‫من بابل ‪ ،‬اسمًا وبقيًة ونس ً‬
‫ت للمياه ‪ ،‬وأكنسها بمكنسة الدمار " ‪.‬‬ ‫ومستنقعا ٍ‬
‫ع دعوة للشماتة والسخرية من بابل بعد سقوطها ‪ .‬ودعوة لعداد‬
‫مذبحة لبنائهععا ؛ أول ‪ :‬للنتقععام منهععم لمععا فعلععه آبععائهم سععابقا ‪،‬‬
‫وثانيععا ‪ :‬لمنعع البنعاء معن تكععرار فعععل البععاء لحقعا ‪ ،‬وتلععك هعي‬
‫ُمبّرراتهم لتدمير العراق ‪.‬‬
‫" ‪ :29 :14‬ل تفرحععي يععا كععّل فلسععطين ) إسععرائيل ( ‪ ،‬لن‬
‫القضيب الذي ضربك قد انكسر ‪ .‬فانه من أصل تلك الفعى يخععرج‬
‫ُأفعوان ‪ ،‬وذرّيته تكون ثعبانا ساّما طّيارا … ولععول أّيهعا البعاب ‪،‬‬
‫ونوحي أّيتها المدينة ‪ ،‬ذوبي خوفا يا فلسطين قاطبة ‪ ،‬لن جيشععا‬
‫ُمدّربا قد زحف نحوك من الشمال … " ‪.‬‬
‫ع وهذا النعص ُيحعذر اليهععود معن الفعرح ‪ ،‬بانكسععار قضعيب بابعل‬
‫) أي بانكسار العراق في بادئ المر ( ‪ ،‬لنه في النهاية سينهض‬
‫مععن جديععد ‪ ،‬لُينجععز مععا قضععاه ال ع عليهععم ‪ .‬فععاُلفعوان ل محالععة‬
‫خارج ‪ ،‬من أصل تلك الفعى ‪ ،‬طععال الزمععان أو قصععر ‪ ،‬وسععينفث‬

‫‪493‬‬
‫سّمه في أجسععادهم عنععد مجيععء الموعععد ‪ ،‬وذريتععه سععتكون أشععد‬
‫بأسا وأشد تنكيل ‪.‬‬
‫نبوءة عن دمار بابل من سفر ارميا‬
‫جاء هذا النص ‪ ،‬تحت ) ُمسمى النبوءة التي قضى بها الععرب ( ‪،‬‬
‫والحقيقة أنه وثيقة للثأر وتسديد للحسععاب القععديم لمملكععة بابععل ‪،‬‬
‫كتبععه كهنتهععم وأحبععارهم ‪ ،‬بعععد أن سععامهم أهععل بابععل فععي المععرة‬
‫الولى ‪ ،‬أشكال وألوانا من الذل والهوان والعذاب ‪ ،‬ولععم يسععتطع‬
‫أولئك الكهنة ‪ ،‬تقّبل فكرة أن إلههم ‪ -‬الذي أرادوه حسب أهوائهم‬
‫‪ ،‬فجعلوه كالعجينة بين أيديهم ‪ُ ،‬يش عّكلونها كمععا شععاءوا ‪ -‬يتخلععى‬
‫عنهم ويسمح لولئك البابلّيون الوثنيون ‪ ،‬بالقضاء علععى حععبيبته‬
‫أورشععليم ‪ ،‬وأبنععاؤه وأحبععاؤه وشعععب ال ع الُمختععار ‪ .‬فكععان وقععع‬
‫الصدمة شديد عليهم ‪ ،‬حيث أتاهم العذاب من حيث لم يحتسععبوا ‪،‬‬
‫وكان غاية في البشاعة ‪ ،‬حتى أّنهم شّبهوه في توراتهم ‪ ،‬بعععذاب‬
‫قوم لوط ‪ ،‬مما أشعععل نيععران الحقععد والكراهيععة اتجععاه البععابليين ‪،‬‬
‫التي ما زالت مشتعلة في قلععوبهم إلععى الن ‪ ،‬بعععد أن توارثوهععا ‪،‬‬
‫جيل بعد جيل ‪.‬‬
‫حفظة التوراة من الحبار والكهنة ‪ ،‬هم أنفسهم مععن كععان سععببا ‪،‬‬
‫في دمار دولتهععم الولععى ‪ ،‬بفسععادهم وإفسععادهم ‪ ،‬وحثهععم النععاس‬
‫على الفساد والفساد ‪ ،‬من حّكام وُمععترفين وعامععة ‪ ،‬وهععم الععذين‬
‫كععذبوا وحععاربوا أنبيععاء ال ع والصععالحين مععن النععاس ‪ ،‬وتععآمروا‬
‫عليهم وأمروا بقتلهم ‪ ،‬لّما كانوا يأتونهم من عند ال بما ُيخععالف‬
‫حسععبانهم ‪ ،‬أنكععروا ذلععك‬ ‫أهواءهم ‪ .‬وعندما وقع مععا لععم يكععن فععي ُ‬
‫وأنكروا أنه جاء فععي ُكتبهععم ‪ ،‬وأنكععروا أنععه جععاء مععن عنععد الع ‪،‬‬
‫ك ِبعَأّنُهْم َقعْوٌم لَ‬
‫وأنكععروا أنععه عقابععا لهععم علععى إفسععادهم ) … َذِلع َ‬
‫‪494‬‬
‫ن )‪ 14‬الحشععر ( ‪.‬‬ ‫ك ِبععَأّنُهْم َقععْوٌم َل َيْعِقُلععو َ‬
‫ن )‪َ … (13‬ذِلعع َ‬
‫َيْفَقُهععو َ‬
‫فخععروج البععابليين كععان حسععدا مععن عنععد أنفسععهم ‪ ،‬ورغبععة منهععم‬
‫للستيلء على كنوزهم ‪ ،‬لذلك كان ل بد لهم من النتقععام منهععم ‪،‬‬
‫طععوا بععأقلمهم مععا سععتقرأه‬ ‫عندما ُترّد لهم الكّرة مععرة أخععرى ‪ ،‬فخ ّ‬
‫لحقا ‪.‬‬
‫أخععبر سععبحانه بععأنه سععيكون لليهععود ‪ ،‬كععّرة علععى أولئك العبععاد‬
‫) الكلدانيين ( ‪ ،‬وذلك بهزيمتهم عسكريا في حروبهم معها ‪ ،‬وقد‬
‫صل ذلك في كافة حروبها مع العرب ‪ ،‬ومن ضععمنها العععراق ‪،‬‬ ‫تح ّ‬
‫في بدايات نشوء الدولة اليهودية ‪ ،‬ونسب سبحانه رّد الكرة إلععى‬
‫ن ما تّم لهم ذلك ‪ ،‬إل بإذنه ومشيئته‬ ‫نفسه ‪ ،‬لُيذّكرهم وُيؤكّد لهم أ ّ‬
‫‪ ،‬مّنا وكرمًا ‪ ،‬وعقابا للعرب على نكوصهم عن دينهم ‪ ،‬وتخليهععم‬
‫عن حمععل رسععالتهم ‪ ،‬فمععا مععن مصععيبة تقععع فععي النععاس ‪ ،‬إل مععن‬
‫كسب أيديهم ‪ ،‬كما أخبر سبحانه في غير موضع من كتابه العزيز‬
‫‪ ،‬بالضافة إلى ما أوردناه سابقا من حكععم إلهيععة ‪ ،‬لعععودة اليهععود‬
‫إلى فلسطين ‪.‬‬
‫أّمععا أن الع قععد أمرهععم ‪ ،‬بتععدمير العععراق وإبععادة أهلععه ‪ ،‬وتحويععل‬
‫العراق إلعى صعحراء قاحلعة ‪ ،‬تسعكنها الثععالب ‪ ،‬فحاشعا لع ‪ ،‬أن‬
‫يععأمر أو ُيحعّرض النععاس علععى الفسععاد فععي الرض ‪ ،‬وهععو الععذي‬
‫سيمحو ذكرهععم عععن فلسععطين ‪ ،‬علععى أيععدي العراقييععن أنفسععهم ‪،‬‬
‫لعظم ما أفسدوه في أرضه ‪ ،‬ولجل الفسععاد ذاتععه ‪ ،‬ولجععل سععفك‬
‫دماء البرياء الذي هو أعظم الفسععاد فععي الرض ‪ .‬إذ أنهععم فععور‬
‫امتلكهععم للقععوة والسععلطة ‪ ،‬أسععرفوا فععي القتععل والتنكيععل ‪ ،‬أّيمععا‬
‫إسععراف ‪ ،‬فععي الرض علععى عمومهععا ‪ ،‬فأصععابعهم ملوثععة بععدماء‬
‫ضحايا كافة الحععروب علعى معّر العصععور ‪ .‬ففعي مملكتهععم الولعى‬

‫‪495‬‬
‫أوقعوا القتععل والنهععب والنفععي فععي أبنععاء جلععدتهم ‪ ،‬وفععي دولتهععم‬
‫الثانية كّرروا فعلتهم في شعب فلسطين ‪.‬‬
‫ول يغب عن البال أن هذه النص التحريضي ‪ ،‬بمععا يحفععل بععه مععن‬
‫مبالغة وتهويل ‪ ،‬وتكرار وتطويل ‪ُ ،‬كتب بعد السبي البابلي ‪ ،‬قبععل‬
‫‪ 2500‬عععام تقريبععا ‪ ،‬كععدعوة للنتقععام مععن بابععل القديمععة ‪ ،‬عنععد‬
‫عودتهم من السبي والشعتات إلععى فلسعطين ‪ ،‬وإن كععانت بابععل قعد‬
‫وقعععت فعي أيعدي الفععرس قعديما كمععا جععاء فعي التععوراة ‪ ،‬فمملكععة‬
‫فارس تقع إلى الشرق من بابل وأشور ‪ ،‬والنبععوءة تقععول أن مععن‬
‫سُيدّمرها جمع من الملععوك يجتمعععون عليهععا مععن الشععمال ‪ .‬حععتى‬
‫جاءت دولتهم الحالية ‪ ،‬وأخذ يهود هععذا العصععر ‪ ،‬بكععل مععا لععديهم‬
‫معععن طاقعععات وإمكانيعععات ووسعععائل ‪ ،‬علعععى ععععاتقهم تنفيعععذ هعععذا‬
‫البرنامععج ‪ ،‬الععذي وضعععه لهععم أربععابهم مععن الحبععار والكهنععة‬
‫) الحكماء ( ‪ .‬ولو أنك أمعنت النظر في الواقع ‪ ،‬وما مّر بععالعراق‬
‫من أحداث ‪ ،‬خلل عشرين سنة ماضية ‪ ،‬تجد أن مرجعية كل تلك‬
‫الحداث ‪ ،‬موجودة في هذا النص التوراتي وبالتفصيل ‪.‬‬
‫ع ع وفععي مععا يلععي النععص الكامععل لوثيقععة الثععأر ‪ ،‬والععدعوة لتسععديد‬
‫الحساب القديم لبابل الجديدة ‪ ،‬كما جاء في الصحاح ) ‪51 – 50‬‬
‫( من سفر ارميا ‪ ،‬بما فيها من تكرار وتطويل ‪:‬‬
‫التحريض العلمي ‪:‬‬
‫" النبعععوءة العععتي قضعععى بهعععا العععرب ‪ ،‬علعععى بابعععل وعلعععى بلد‬
‫الكلععدانيين ‪ ،‬علععى لسععان ارميععا النععبي ‪ :‬أخِبععروا فععي الشعععوب‬
‫وأسععِمعوا وارفعععوا رايععة ‪ ،‬أسععِمعوا ل تخفععوا ‪ ،‬قولععوا ‪ :‬قععد تععم‬
‫طععم مععردوخ ) أسععماء‬ ‫الستيلء على بابل ‪ ،‬ولحق ببيل العار وتح ّ‬
‫لصنام بابل ( ‪ ،‬خربت أصنامها وانسحقت أوثانها ‪ ،‬لن أمة مععن‬
‫‪496‬‬
‫الشمال ‪ ،‬قد زحفت عليها ‪ ،‬لتجعل أرضها مهجورة ‪ ،‬شععرد منهععا‬
‫الناس والبهائم جميعا " ‪.‬‬
‫التنفيذ مرتبط بعودتهم إلى فلسطين ‪:‬‬
‫" وفي تلك اليام ‪ ،‬يقول الرب ‪ ،‬يتوافد بنو إسرائيل وبنعو يهععوذا‬
‫معا ‪ ،‬يبكون في سيرهم ويلتمسععون الععرب إلههععم ‪ ،‬يسععألون عععن‬
‫جهون إليها قائلين ‪ :‬هلم ننضّم إلى الرب ‪،‬‬ ‫الطريق صهيون ويتو ّ‬
‫ن شعبي كغنم ضاّلة قععد أض عّلهم رعععاتهم ‪،‬‬ ‫بعهد أبدي ل ُينسى ‪ ،‬إ ّ‬
‫وشّردوهم على الجبععال ‪ ،‬فتععاهوا مععا بيععن الجبععل والتععل ‪ ،‬ونسععوا‬
‫مربضهم ‪ ،‬كععل مععن وجععدهم افترسععهم ‪ ،‬وقععال أعععدائهم ‪ :‬ل ذنععب‬
‫ق الرب ‪ ،‬الععذي هععو ملذهععم‬ ‫علينا لنهم ‪ ،‬هم الذين أخطأوا في ح ّ‬
‫ق ‪ ،‬ورجاء آبائهم "‬‫الح ّ‬
‫دعوة لخروج الغرباء من بابل ‪:‬‬
‫" اهربوا من وسط بابل ‪ ،‬واخرجوا من ديار الكلدانيين ‪ ،‬وكونوا‬
‫كالتيوس أمام قطيع الغنم ‪ ) ،‬الطلب من جميععع الغربييععن ُمغععادرة‬
‫العراق قبل القصف ( فها أنا ُأثير وأجلب على بابل ‪ ،‬حشععود ُأمععم‬
‫عظيمععة ) ‪ 30‬دولععة ( ‪ ،‬مععن أرض الشععمال ‪ ،‬فيتععأّلبون عليهععا ‪،‬‬
‫ويستولون عليها من الشمال ‪ ،‬وتكون سهامهم كجّبار متمّرس ل‬
‫يرجع فارغا ) معن الصععيد ( ‪ ،‬فتصععبح أرض الكلععدانيين غنيمععة ‪،‬‬
‫وكععل مععن يسععلبها ُيتخععم ) عععوائد النفععط ( ‪ ،‬يقععول الععرب ‪ .‬لنكععم‬
‫تبتهجون وتطفرون غبطة يععا نععاهبي شعععبي ‪ ،‬وتمرحععون كِعجلعةٍ‬
‫ن أّمكععم قععد لحقهععا الخععزي‬
‫فععوق العشععب وتصععهلون كالخيععل ‪ ،‬فععإ ّ‬
‫الشديد ‪ ،‬وانتابها الخجل ‪ ،‬ها هي ُتضحي أقّل الشعوب ‪ ،‬وأرضها‬
‫تصير قفرا جافا وصحراء ‪ ،‬وتظّل بأسرها مهجورة وخربة ‪ ،‬كععل‬

‫‪497‬‬
‫من يمّر ببابل ‪ُ ،‬يصيبه الذعر ويصفر دهشة ‪ ،‬لما ابتليت بععه مععن‬
‫نكبات " ‪.‬‬
‫تحريض على تدمير بابل ‪:‬‬
‫" اصطّفوا على بابل من كل ناحية ‪ ،‬يا جميع موتري القععواس ‪،‬‬
‫ارموا السهام ول تبقوا سهما واحدا ‪ ،‬لنها قععد أخطععأت فععي ح ع ّ‬
‫ق‬
‫الععرب ) لنهععا أنزلععت بهععم العقععاب اللهععي فععي المععرة الولععى ( ‪،‬‬
‫أطلقوا هتاف الحرب عليها مععن كععل جععانب ) طبععل وزمععر العلم‬
‫الغربععي قبععل بععدء الحععرب ( ‪ ،‬فقععد استسععلمت ) لقععرارات مجلععس‬
‫المن ( وانهارت أسسها وتقوضت أسوارها ) البنية التحتيععة ( ‪،‬‬
‫لن هععذا هععو انتقععام الععرب ) بععل هععو انتقععامهم ( ‪ ،‬فاثععأروا منهععا‬
‫) تحريض ( ‪ ،‬وعاملوها بمثععل مععا عععاملتكم ‪ ،‬استأصععلوا العّزارع‬
‫من بابل ‪ ،‬والحاصد بالمنجل في يوم الحصاد ‪ ،‬إذ يرجع كل واحد‬
‫إلى قومه ‪ ،‬ويهرب إلى أرضه فرارا من سيف العاتي " ‪.‬‬
‫دوافع النتقام ‪:‬‬
‫" إسرائيل قطيع غنم مشّتت ‪ ،‬طردته السععود ‪ ،‬كععان ملععك أشععور‬
‫شم عظامه ) كععان هععذا‬ ‫خر من ه ّ‬ ‫أوّل من افترسه ‪ ،‬ونبوخذ نصر آ ِ‬
‫واقع حال الكهنة ‪ ،‬عند كتابة هذه الوثيقة ‪ ،‬موضحين دوافع هععذا‬
‫التحريض ( ‪ ،‬لذلك هذا ما ُيعلنه الرب القدير إله إسرائيل ‪ :‬ها أنا‬
‫ُأعاقب ملك بابل وأرضه ‪ ،‬كما عاقبت ملك أشور مععن قبععل ‪ ،‬وأرّد‬
‫إسرائيل إلى مرتعه ‪ ،‬فيرعى في الكرمل وباشان ‪ ،‬وتشععبع نفسععه‬
‫في جبل أفرايم وجلعاد ‪ .‬وفي ذلك الزمان والوان ) المستقبل ( ‪،‬‬
‫يقول الرب ) وما هو بقوله ( ‪ُ :‬يلتمععس إثععم إسععرائيل فل يوجععد ‪،‬‬
‫وخطيئة يهوذا فل تكون ‪ ،‬لنعي أعفعو عمعن أبقيتعه منهمععا ) فعي‬
‫المرة الثانية بعد السبي البابلي ( " ‪.‬‬
‫‪498‬‬
‫تحريض مستمر‪:‬‬
‫" ازحف على أرض ميراثايم ) الجّبار المتمّرد ‪ ،‬أي ملك بابل ( ‪،‬‬
‫خعّرب ودمّععر‬ ‫وعلى المقيمين في فقععود ) أرض العقععاب ‪ ،‬بابععل ( َ‬
‫وراءهم ) أثنععاء فرارهععم ( ‪ ،‬يقععول الععرب ‪ ،‬وافعععل حسععب كععل مععا‬
‫ت جلبعة القتععال فععي الرض ) علععى مععرآى معن‬ ‫عَلع ْ‬
‫آمرك بعه ‪ .‬قععد َ‬
‫ي وُمباشر ( ‪ ،‬صوت تحطيم عظيم ) دوي القنابل‬ ‫العالم في بث ح ّ‬
‫طمععت بابععل ‪ ،‬مطرقععة الرض كلهععا ؟ قععد‬ ‫( ‪ ،‬كيععف تكس عّرت وتح ّ‬
‫ت فيععه يععا بابععل ) تععورطت فععي الحععرب نتيجعة‬ ‫ت الشرك فوقع ِ‬ ‫نصب ُ‬
‫ض‬
‫ت ( وُقبع َ‬ ‫مؤامرة ( ‪ ،‬من غيعر أن تشععري ‪ ،‬قعد ُوجعّدت ) ُأخعذ ِ‬
‫ب ‪ ،‬قععد فتععح الععرب ) أمريكععا الععتي‬ ‫عليععك ‪ ،‬لّنععك خاصععمت الععر ّ‬
‫يعبدون ( مخزن سلحه ‪ ،‬وأخرج آلت سخطه ) التعبير هنا أكثر‬
‫دقة وبمصطلحات حديثة ( ‪ ،‬لنععه مععا بععرح للسععيد الععرب القععدير ‪،‬‬
‫عمل ُينجزه في ديار الكلدانيين ) حربيععن مععدّمرتين وحصععار ومععا‬
‫زال فععي جعبتهععم أكععثر ‪ ،‬لحقععا ( ‪ ،‬ازحفععوا عليهععا مععن أقاصععي‬
‫الرض ‪ ،‬وافتحععوا أهراءهععا ‪ ،‬وكّوموهععا أعرامععا واقضععوا عليهععا‬
‫قاطبععة ‪ ،‬ول تععتركوا منهععا بقيععة ‪ ) ،‬نهععب ثرواتهععا وخيراتهععا ( ‪،‬‬
‫اذبحوا جميع ثيرانها ‪ ،‬أحضروها للذبح ‪ ،‬ويل لهم لن يوم موعد‬
‫عقابهم قد حان " ‪.‬‬
‫اسنننتخدام وسنننائل العلم فننني الطبنننل‬
‫والزمر ) تكرار ( ‪:‬‬
‫" اسمعوا ها جلبة الفاّرين الناجين ‪ ،‬من ديععار بابععل ليععذيعوا فععي‬
‫صهيون ‪ ،‬أنباء انتقام الرب إلهنا والثععأر لهيكلععه ‪ ،‬اسععتدعوا إلععى‬
‫خري السععلح ( ‪،‬‬ ‫بابل رماة السهام ‪ ،‬جميععع مععوتري القسععي )ُمععذ ّ‬
‫عسععكروا حولهععا فل ُيفلععت منهععا أحععد ) الحصععار ( ‪ ،‬جازوهععا‬
‫‪499‬‬
‫بُمقتضى أعمالها ‪ ،‬واصععنعوا بهععا كمععا صععنعت بكععم ‪ ،‬لنهععا بغععت‬
‫على الرب قّدوس إسرائيل ‪ ،‬لذلك ُيصرع ش عّبانها فععي سععاحاتها ‪،‬‬
‫ويبيد في ذلك اليوم جميع جنودها ‪ ،‬يقول الرب ‪ .‬هععا أنععا ُأقاوم عكِ‬
‫أيتها المتغطرسة ‪ ،‬يقول الرب القدير ‪ ،‬لن يععوم إدانتععك ‪ ،‬وتنفيععذ‬
‫العقاب فيك قععد حععان ‪ ،‬فيتعّثععر الُمتغطععرس ويكبععو ‪ ،‬ول يجععد مععن‬
‫ُينهضه ‪ ،‬وُأضرم نارا في ُمدنه فتلتهم ما حوله " ‪.‬‬
‫دوافع النتقام ) تكرار ( ‪:‬‬
‫" وهذا ما يعلنه الرب القدير ‪ :‬قد وقع الظلم على شعب إسععرائيل‬
‫) عقابهم من قبل بابعل كعان ظلمعًا لهعم ( ‪ ،‬وعلعى شععب يهعوذا ‪،‬‬
‫وجميع الذين سبوهم وتشّبثوا بهم ولم يطلقوهم ‪ ،‬غير أن فاديهم‬
‫قوي ‪ ،‬الرب القدير اسمه ‪ ،‬وهو حتما ُيدافع ععن قضعيتهم ‪ ،‬لكععي‬
‫ُيشععيع راحععة فععي الرض ‪ ،‬وُيقلععق أهععل بابععل ‪ .‬هععا سععيف علععى‬
‫الكلدانيين ‪ ،‬يقول الرب وعلى أهل بابل ‪ ،‬وعلععى أشععرافها وعلععى‬
‫حكامها " ‪.‬‬
‫طبيعنننة العقنناب النننذي يأمنننل اليهننود أن‬
‫يوقعوه في بابل وأهلها ‪:‬‬
‫" ها سيف علععى عّرافيهععا فيصععبحون حمقععى ‪ ،‬وهععا سععيف علععى‬
‫ُمحاربيها فيمتلئون رعبا ‪ .‬ها سيف على خيلها وعلى مركباتها ‪،‬‬
‫وعلى ِفرق ُمرتزقتها فيصيرون كالنساء ‪ ،‬ها سيف على كنوزهععا‬
‫حّر على مياهها فُيصععيبها الجفععاف ) بسععبب ضععربة‬ ‫فُتنهب ‪ ،‬ها ال َ‬
‫نووية قادمة ( لنهععا أرض أصععنام ‪ ،‬وقععد ُأولععع أهلهععا بالوثععان ‪.‬‬
‫لذلك يسكنها وحععش القفععر مععع بنععات آوى ‪ ،‬وتععأوي إليهععا رعععال‬
‫النعام ‪ ،‬وتظّل مهجورة إلى البد ‪ .‬غير آهلععة بالسععكان إلععى مععدى‬
‫الدهر ‪ .‬وكما قلب ال سدوم وعمععورة ومععا جاورهمععا ‪ ،‬هكععذا لععن‬
‫‪500‬‬
‫يسكن فيها أحد ‪ ،‬أو يقيم فيها إنسععان ) وهععذا مععا يصععبون إليععه ‪،‬‬
‫ولن يهدأ لهم بال حتى يحققوه ( " ‪.‬‬
‫العنندوان الثلثيننني لتنندمير بابننل وإسننقاط‬
‫نظام الحكم فيها ‪:‬‬
‫ف مععن الملععوك‬‫" ها شعب ُمقبل من الشععمال ‪ ،‬أّمععة عظيمعٌة ولفيع ٌ‬
‫) العدوان الثلثيني ( ‪ ،‬قععد هّبععوا مععن أقاصععي الرض ‪ ،‬يمسععكون‬
‫ي ويتقّلدون بالرماح ‪ُ ،‬قسععاة ل يعرفععون الرحمععة ‪ ،‬جلبتهععم‬ ‫بالقس ّ‬
‫كهععدير البحععر ‪ ،‬يمتطععون الخيععل وقععد اصععطفوا كرجععل واحععد ‪،‬‬
‫لمحاربتك يا بنت بابل ) بابل الجديدة هي بنت بابععل القديمععة ‪ ،‬أي‬
‫الععراق ( ‪ ،‬قعد بلعغ خعبرهم ملعك بابعل ‪ ،‬فاسعترخت يعده وانتعابته‬
‫ض عليها‬‫الضيقة ‪ ،‬ووجع امرأة في مخاضها ‪ .‬انظر ‪ ،‬ها هو ينق ّ‬
‫ض أسععد مععن أجمععات نهععر الردن ‪ ،‬هكععذا وفععي لحظععة‬ ‫‪ ،‬كمععا ينقع ّ‬
‫أطردهم منهععا ‪ ،‬وُأولععي عليهععا مععن أختععاره ) قلععب نظععام الحكععم ‪،‬‬
‫وإسععقاط الرئيععس ‪ ،‬وتوليععة مععن يرضععون عنععه ( ‪ .‬لنععه مععن هععو‬
‫نظيري ؟ ومععن ُيحععاكمني ؟ وأي راع يقععوى علععى مواجهععتي ؟ "‬
‫) من منطلق العنجهية والقوة العمياء ( ‪.‬‬
‫قصف بابل بالقنابل التوراتية ‪:‬‬
‫ططععه ودّبععره‬
‫ب ضّد بابل ) بععل مععا خ ّ‬‫ططه الر ّ‬ ‫" لذلك اسمعوا ما خ ّ‬
‫عميان القلب والبصيرة ‪ ،‬من كهنتهم وأحبارهم الحاقدين ( ‪ ،‬وما‬
‫دّبره ضد ديار الكلدانيين ‪ ،‬هععا صععغارهم ُيجعّرون جعّرا ‪ ،‬وُيخعّرب‬
‫سقوط ) القنابل التوراتية على‬ ‫مساكنهم عليهم ‪ .‬من دوي أصداء ُ‬
‫( بابل ترجف الرض ‪ ،‬ويترّدد صراخها بين المم " ‪.‬‬
‫" وهذا ما ُيعلنه الرب ) أربابهم ( ‪ :‬ها أنا ُأثير على بابل ‪ ،‬وعلى‬
‫الُمقيميععن فععي ديععار الكلععدانيين ريحععا ُمهلكععة ‪ ،‬وأبعععث إلععى بابععل‬
‫‪501‬‬
‫ُمذّرين ُيذّرونها ‪ ،‬ويجعلون أرضها قفععرا ‪ ،‬وُيهاجمونهععا مععن كععل‬
‫جععج‬‫خر ( الرامععي قوسععه وليتد ّ‬‫جانب في يوم بلّيتهععا ‪ .‬ليععوتر ) ُيععذ ّ‬
‫بسلحه ) لتلقي طائراتهم كل حمولتها فوق بابل ( ‪ ،‬ل تعفوا عن‬
‫شّبانها ‪ ،‬بل أبيدوا كل جيشععها إبععادة كاملععة ‪ ،‬يتسععاقط القتلععى فعي‬ ‫ُ‬
‫أرض الكلعععدانيين ‪ ،‬والجرحعععى فعععي شعععوارعها ) معععن المعععدنيين‬
‫ب القدير ‪ ،‬وإن تكععن‬ ‫طبعا ( ‪ ،‬لن إسرائيل ويهوذا لم ُيهملهما الر ّ‬
‫ض بالثم ضعّد قعّدوس إسععرائيل ) ربهععم معهععم دائمععا‬ ‫أرضهما تفي ُ‬
‫حتى لو وصل إفسادهم عنان السماء ( " ‪.‬‬
‫دعوة لخروج الغرباء من بابل ) تكرار ( ‪:‬‬
‫ج كل واحد بحياته ‪ ،‬ل تبيععدوا مععن‬ ‫" اهربوا من وسط بابل ‪ ،‬ولين ُ‬
‫جراء إثمها ) دعوة للجاليات الغربية لمغادرة العراق ( ‪ ،‬لن هذا‬
‫هععو وقععت انتقععام الععرب ) الععوقت الععذي حععدده جععورج بععوش ( ‪،‬‬
‫وموعععد ُمجازاتهععا ) تصععفية الحسععاب القععديم قبععل ‪ 2500‬عععام‬
‫تقريبا ( ‪ ،‬كانت بابل كأس ذهب فععي يععد الع ) الععثروة والقععوة ( ‪،‬‬
‫جّنععت‬
‫فسكرت الرض قاطبة ‪ ،‬تجّرعت المم مععن خمرهععا ‪ ،‬لععذلك ُ‬
‫طمععت ‪ ،‬فولولععوا عليهععا ‪ ،‬خععذوا‬‫الشعوب ‪ .‬فجأة سقطت بابل وتح ّ‬
‫بلسما لجرحهععا لعلهععا تععبرأ ‪ُ .‬قمنععا بمععداواة بابععل ) حععرب الخليععج‬
‫الولى ‪ ،‬وضرب المفاعل النووي ( ‪ ،‬ولكن لم ينجع فيهععا علج )‬
‫إذ قععامت بالتهديععد بحععرق نصععفها حععال اعتععدائها علععى أي بلععد‬
‫ض كععل واحععد منععا إلععى أرضععه ‪ ،‬لن‬ ‫عربععي ( ‪ .‬اهجروهععا وليم ع ِ‬
‫قضاءها قد بلغ عنان السماء ‪ ،‬وتصاعد حتى ارتفع إلى الغيععوم )‬
‫تهديدها لدولة الفاعي مرارا وتكرارا ( " ‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫تحريض اليرانيين على تدمير بابل ‪:‬‬
‫" قد أظهر الرب بّرنا ‪ ،‬فتعععالوا لُنععذيع فععي صععهيون ‪ ،‬مععا صععنعه‬
‫الرب إلهنا ‪ .‬سّنوا السهام وتقّلعدوا العتروس ‪ ،‬لن العرب قعد أثعار‬
‫طععد العععزم علععى إهلك‬ ‫روح ملوك المععاديين ) اليرانييععن ( ‪ ،‬إذ و ّ‬
‫بابل ‪ ،‬لن هذا هععو انتقععام الععرب ‪ ،‬والثععأر لهيكلععه ‪ .‬انصععبوا رايععة‬
‫علعععى أسعععوار بابعععل ‪ ،‬شعععّددوا الحراسعععة ‪ ،‬أقيمعععوا الرصعععاد‬
‫) الجواسععيس والعملء ( أعععدوا الكمععائن ) المععؤامرات ( ‪ ،‬لن‬
‫طط وأنجز ما قضى به على أهل بابععل ‪ ،‬أيتهععا السععاكنة‬ ‫الرب قد خ ّ‬
‫إلى جوار المياه الغزيععرة ‪ ،‬ذات الكنععوز الععوفيرة ‪ ،‬إن نهايتععك قععد‬
‫أزفت ‪ ،‬وحان موعد اقتلعك ‪ ،‬قد أقسم الرب القدير بذاته ‪ ،‬قععائل‬
‫‪ :‬لملّنك ُأناسا كالغوغاء فتعلوا جلبتهم عليك " ‪.‬‬
‫بقدرة الرب القدير سيتم تدمير بابل ‪:‬‬
‫سس الععدنيا بحكمتععه ‪ ،‬وم عّد‬
‫" هو الذي صنع الرض بقدرته ‪ ،‬وأ ّ‬
‫السععماوات بفطنتععه ‪ ،‬مععا إن ينطععق بصععوته ‪ ،‬حععتى تتجمععع غمععار‬
‫الميععاه فععي السععماوات ‪ ،‬وتصعععد السععحب مععن أقاصععي الرض ‪،‬‬
‫ئ خامل‬ ‫ويجعل للمطر بروقا ‪ ،‬وُيطلق الريح من خزائنه ‪ ،‬كل امر ٍ‬
‫ي مععن تمثععاله ‪ ،‬لن صععنمه‬‫وعععديم المعرفععة ‪ ،‬وكععل صععائغ خععز َ‬
‫المسععبوك كععاذب ول حيععاة فيععه ‪ ،‬جميععع الصععنام باطلععة وصععنعة‬
‫ضلل ‪ ،‬وفي زمن عقابها تبيععد ‪ .‬أمععا نصععيب يعقععوب فليععس مثععل‬
‫هذه الوثان ‪ ،‬بل جابععل كععل الشععياء ‪ .‬وشعععب إسععرائيل ميراثععه ‪،‬‬
‫واسمه الرب القدير ‪ ،‬أنت فأس معركتي وآلة حربعي ‪ ،‬بعك ُأمعّزق‬
‫طم ممالععك ‪ ،‬بععك أجعععل الفععرس وفارسععها أشععلء ‪،‬‬ ‫المم إربا وُأح ّ‬
‫طععم الرجععل والمععرأة ‪ ،‬والشععيخ‬
‫شم المركبة وراكبهععا ‪ ،‬بععك ُأح ّ‬‫وأه ّ‬

‫‪503‬‬
‫والفعععتى والشعععاب والععععذراء ‪ ،‬بعععك أسعععحق الراععععي وقطيععععه ‪،‬‬
‫والحارث وفّدانه والحّكام والولة " ‪.‬‬
‫خطيئة بابل في حق صهيون ‪:‬‬
‫" سُأجازي بابل وسائر الكلدانيين علععى شعّرهم ‪ ،‬الععذي ارتكبععوه‬
‫في حق صهيون ‪ ،‬على مرأى منكم ‪ ،‬يقول الععرب ‪ .‬هععا أنععا أنقلععب‬
‫عليك أيها الجبل المخّرب ‪ ،‬أنت ُتفسد كل الرض ‪ ،‬لذلك أمّد يععدي‬
‫عليك ‪ ،‬وأدحرجك من بين الصخور ‪ ،‬وأجعلك جبل محترقععا ‪ ،‬فل‬
‫ُيقطع منك حجعر لزاويعة ‪ ،‬ول حجعر ُيوضععع لسعاس ‪ ،‬بعل تكعون‬
‫خرابا أبديا ‪ ،‬يقول الرب " ‪.‬‬
‫تحريض المم والممالك علننى تنندمير بابننل‬
‫) تكرار ( ‪:‬‬
‫" انصبوا رايًة في الرض ‪ ،‬انفخوا في البوق بين المم ) وسائل‬
‫العلم الغربيععة ( ‪ ،‬أثيععروا عليهععا الم عَم لقتالهععا ‪ ،‬وأّلبععوا عليهععا‬
‫ك أراراط ومّني وأشكناز ) تركيا وما حولها ( ‪ ،‬أقيموا عليها‬ ‫ممال َ‬
‫ب الشرسععة ‪.‬‬ ‫قائدًا ‪ ،‬اجعلوا الخيل تزحف عليها ‪ ،‬كجحافِل الجنععاد ِ‬
‫ك الماديين ) اليرانيين ( ‪ ،‬وكل حّكععامهم‬ ‫أثيروا عليها المَم وملو َ‬
‫وولتهععم وسععائر الععديار الععتي يحكمونهععا ) إمبراطوريععة فععارس‬
‫ض ترتجف وتقشعّر ‪ ،‬لن قضاء الرب علعى بابععل‬ ‫القديمة ( ‪ .‬الر ُ‬
‫يتّم ‪ ،‬ليجعل أرض بابل خرابا وقفرا " ‪.‬‬
‫أهل بابل بيدر ‪ ،‬أزف موعد حصاده في ‪16‬‬
‫– ‪1991 – 1‬م ‪:‬‬
‫" قد أحجم ُمحاربو بابععل الجبععابرة عععن القتععال ‪ ،‬واعتصععموا فععي‬
‫معاقلهم ‪ ،‬خارت شجاعتهم وصاروا كالنسععاء ‪ ،‬احععترقت مسععاكن‬
‫‪504‬‬
‫طمععت مزاليجهععا ‪ ،‬يركععض ع عّداء لملقععاة ع عّداء آخععر ‪،‬‬ ‫بابععل وتح ّ‬
‫وُيسرع ُمخبر للقاء ُمخععبر ‪ ،‬لُيبلععغ ملعك بابععل أن مععدينته ‪ ،‬قععد تععم‬
‫الستيلء عليها ‪ ،‬من كل جانب ‪ ،‬قععد سععقطت المعععابر ‪ ،‬وُأحرقععت‬
‫أجمات القصب بالنار ‪ ،‬واعترى المحععاربين الععذعر ‪ ،‬لن هععذا مععا‬
‫ن أهل بابل كالبيدر ‪ ،‬وقععد حععان‬ ‫ُيعلنه الرب القدير إله إسرائيل ‪ :‬أ ّ‬
‫أوان درس حنطته ‪ ،‬وبعد قليل يأزف موعد حصادهم " ‪.‬‬
‫دوافع النتقام ) تكرار ( ‪:‬‬
‫" يقععول المسععبيون ‪ " :‬قععد افترسععنا نبوخععذ نصععر ملععك بابععل ‪،‬‬
‫وسععحقنا وجعلنععا إنععاًء فارغععا ‪ ،‬ابتلعنععا كتّنيععن ‪ ،‬ومل جععوفه مععن‬
‫حّل ببابل‬
‫أطايبنا ‪ ،‬ثم لفظنا من فمه " ‪ .‬يقول أهل أورشليم ‪ " :‬لي ُ‬
‫ما أصابنا ‪ ،‬وما أصاب لحومنا من ظلم " ‪ ،‬وتقعول أورشعليم ‪" :‬‬
‫دمي على أهل أرض الكلععدانيين " ) مطالبععة بالثععأر مسععتقبل مععن‬
‫الجيال القادمة ( ‪.‬‬
‫الكيفية التي تم بهنا إشننعال حنرب الخليننج‬
‫الثانية ‪:‬‬
‫" لذلك هذا ما ُيعلنه الرب ‪ :‬ها أنا ُأدافع عن دعواك وانتقععم لععك ‪،‬‬
‫فأجفف بحر بابل وينابيعها ‪ ،‬فتصير بابل ركامععا ‪ ،‬ومععأوى لبنععات‬
‫صل لهم ذلك‬ ‫آوى ‪ ،‬ومثار دهشة وصفير وأرضا موحشة ) سيتح ّ‬
‫في حال ضرب العراق نوويا ‪ ،‬وهو ما ُيفّكرون به حاليا ( ‪ ،‬إنهععم‬
‫يععزأرون كالسععود ‪ ،‬وُيزمجععرون كالشععبال ‪ ) ،‬أي العراقيععون ‪،‬‬
‫وهععذا مععا ُيغيععظ تلععك الفئران ‪ ،‬الععتي ترتعععد فرائسععها ‪ ،‬وتصععطك‬
‫أسنانها هلعا وجزعا ‪ ،‬عند سماعها للتهديدات العراقيععة ( ‪ ،‬عنععد‬
‫شبعهم ‪ُ ،‬أعّد لهم مأدبة ) دولععة الكععويت ‪ ،‬وحكامهععا باسععتجابتهم‬
‫لبالسة المكععر والععدهاء جعلععوا منهععا مأدبععة ( ‪ ،‬وُأسععكرهم حععتى‬
‫‪505‬‬
‫تأخععذهم نشععوة ) الغعراء والمديعح لحكعام العععراق ‪ ،‬باسعتجابتهم‬
‫للفريق الثاني من البالسة ( ‪ ،‬فيناموا نوما أبععديا ل يقظععة منععه ‪،‬‬
‫يقعععول العععرب ‪ .‬وُأحضعععرهم ) العراقييعععن ( كعععالحملن للذبعععح ‪،‬‬
‫وكالكباش والتيوس " ‪.‬‬
‫عع وكل الفريقيععن وبقيععة الععدول العربيععة ‪ ،‬بعلععم ومععن غيععر علععم ‪،‬‬
‫وقعوا في الفخ الذي ُنصععب لهععم ‪ ،‬وكلهععم ملععومين بل اسععتثناء ‪،‬‬
‫ومن يضع اللوم على فريععق دون الخععر ‪ ،‬فقععد جععانبه الصععواب ‪،‬‬
‫فكل عربي كان له دور في المؤامرة ‪ ،‬ونف عّذه علععى أكمععل وجععه ‪،‬‬
‫وكلٌ أخذ نصععيبه فععي تأجيععج نععار الفتنععة ‪ .‬وفععي المحصععلة ُنهبععت‬
‫ثروات المة ‪ ،‬واستخدمت لشباع بعضا من الرغبة اليهودية في‬
‫النتقام من بابل ‪ ،‬ولديهم مزيععد ‪ ،‬فتععوراتهم تععأمرهم بععأّل يععتركوا‬
‫العععراق ‪ ،‬حععتى يعععود إلععى " العصععر الحجععري " ‪ ،‬كمععا صععرح‬
‫الرئيععس المريكععي آنععذاك ‪ ،‬وأقصععى أمععانّيهم ‪ ،‬هععي اختفععاء أي‬
‫مظهر من مظاهر الحياة فععي العععراق ‪ ،‬خوفععا مععن تكععرار كععابوس‬
‫السعععبي البعععابلي ‪ ،‬العععذي معععا زال يعععؤرق أجفعععانهم ‪ ،‬ويقععع ّ‬
‫ض‬
‫مضاجعهم ‪ ،‬ما دام هناك عععراق قععوي ‪ُ ،‬يه عّدد وجععودهم ‪ ،‬وقععادر‬
‫على الوصول إليهم ‪.‬‬
‫المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنننونه‬
‫لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا ‪:‬‬
‫ي على بابل ! كيف سقطت فخر كل الرض ! كيععف‬ ‫" كيف اسُتول َ‬
‫صارت بابل مثار دهشة بين المم ! قععد طغععى البحععر علععى بابععل ‪،‬‬
‫فغمرها بععأمواجه الهائجععة ‪ ،‬وأصععبحت ُمععدنها موحشععة ‪ ،‬وأرض‬
‫قفعععر وصعععحراء ‪ ،‬أرض ل يعععأوي إليهعععا أحعععد ‪ ،‬ول يجتعععاز بهعععا‬
‫ب الصنم بيل فععي بابععل ‪ ،‬وأسععتخرج مععن فمععه مععا‬ ‫إنسان ‪ ،‬وأعاق ُ‬
‫‪506‬‬
‫ابتلعععه ‪ ) ،‬نهععب ثععروات العععراق تعويضععا عععن كنععوز الهيكععل ( ‪،‬‬
‫فتكفّ المم من التوافد إليه ‪ ،‬وينهدم أيضا سور بابل " ‪.‬‬
‫ع ل بد لهم ‪ ،‬من ضرب العراق بععالنووي ‪ ،‬عععاجل أم آجل ‪ ،‬حععتى‬
‫يتمكنوا من تحقيق هذا الحلععم التععوراتي ‪ ،‬فالسععلحة التقليديععة لععم‬
‫ي اليهودي من اسععم بابععل وأشععور ‪،‬‬ ‫ضّ‬‫ُتجدي نفعا ‪ ،‬والرعب المَر ِ‬
‫كما هو واضح من هذه النصوص ‪ ،‬ليععس لععه علج إل محععو هععذا‬
‫البلد بأهله ‪ ،‬عن الوجود وإلى البد ‪ ،‬وهذا ما ُيصّرحون به ‪ ،‬في‬
‫هععذه النصععوص ‪ ،‬ومععن معرفتععك بطبيعععة العلج الععذي يصععفونه‬
‫لنفسععهم ‪ ،‬تسععتطيع التعععرف علععى خطععورة الحالععة المرضععّية‬
‫المستعصية ‪ ،‬التي ُيعانون منها ‪ ،‬وخطورة ما قععد ُيقععدمون عليععه‬
‫مستقبل في حق العراق ‪.‬‬
‫دعننوة أخننرى لخننروج الغربنناء مننن بابننل‬
‫) تكرار ( ‪:‬‬
‫" اخرجوا من وسطها يععا شعععبي )لععذلك لععم يبععدأ العععدوان إل بعععد‬
‫خروج رعايا الدول المعتديععة ‪ ،‬والنيععة كععانت تععدمير العععراق عععن‬
‫ج كعل واحعد بحيععاته ‪ ،‬هربعا‬ ‫بكرة أبيه ‪ ،‬لو ُأتيح لهم ذلك ( ‪ ،‬ولينع ُ‬
‫من احتدام غضب الرب ‪ ،‬ل تخّر قلوبكم ول تفزعوا ‪ ،‬ممععا يشععيع‬
‫في الديار من أنباء ‪ ،‬إذ تروج شائعة في هذه السنة ‪ ،‬وُأخرى في‬
‫السععنة التاليععة ‪ ،‬ويسععود العنععف الرض ‪ ،‬ويقععوم ُمتسععّلط علععى‬
‫ُمتسّلط ‪ .‬لذلك ها أيام ُمقبلة ‪ُ ،‬أعاقب فيهععا أصععنام بابععل ‪ ،‬ويلحععق‬
‫العار بأرضها كلها ‪ ،‬ويتساقط قتلها في وسععطها ‪ ،‬عنععدئذ تتغنععى‬
‫بسقوط بابل ‪ ،‬السماوات والرض وكل مععا فيهععا ‪ ،‬لن الُمععدّمرين‬
‫يتقاطرون عليها من الشمال ‪ ،‬يقول الرب " ‪.‬‬

‫‪507‬‬
‫المستهدف هو شعب بابل ‪:‬‬
‫" كما صرعت بابل قتلى إسرائيل ‪ ،‬هكذا ُيصععرع قتلععى بابععل فععي‬
‫كل الرض ) السن بالسن والعين بالعين ( ‪ ،‬يا أّيها النععاجون مععن‬
‫السيف ‪ ،‬اهربوا ل تقفوا ‪ ،‬اذكروا الععرب فععي مكععانكم البعيععد ‪ ،‬ول‬
‫ي لننععا اسععتمعنا‬
‫تبرح أورشععليم مععن خععواطركم ‪ .‬قععد لحقنععا الخععز َ‬
‫للهانععة ‪ ،‬فكسععا الخجععل وجوهنععا ) إسععاءة الععوجه ( ‪ ،‬إذ انتهععك‬
‫الغرباء ) أي البابليون ( مقادس هيكل الرب ) بعدما حّوله الكهنة‬
‫إلعععى بورصعععة ‪ ،‬للتبعععادلت التجاريعععة الربوّيعععة ‪ ،‬حسعععبما ذكعععر‬
‫أنبياؤهم ( " ‪.‬‬
‫" لذلك ها أيام ُمقبلة ‪ ،‬يقول الرب ‪ُ ،‬أنّفذ فيها قضائي على أصنام‬
‫ن جرحاهععا فععي كععل ديارهععا ‪ ،‬وحععتى لععو ارتفعععت بابععل‬‫بابععل ‪ ،‬ويئ ّ‬
‫صنت معاقلهععا الشععامخة ‪ ،‬فععإنّ‬ ‫فبلغت عنان السماء ‪ ،‬وحتى لو ح ّ‬
‫الُمدّمرين ينقضون عليها من عندي ‪ ،‬يقول الرب " ‪.‬‬
‫المصير المرعب الذي كان اليهننود يتمنننونه‬
‫لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا ) تكرار‬
‫(‪:‬‬
‫" ها صوت صراخ يترّدد في بابععل ‪ ،‬صععوت جلبععة دمععار عظيععم ‪،‬‬
‫من أرض الكلدانيين ‪ ،‬لن الرب قد خّرب بابل ‪ ،‬وأخععرس جلبتهععا‬
‫جاجععة ‪ ،‬وعل‬ ‫العظيمة ‪ ،‬إذ طغت عليها جحافل أعدائها ‪ ،‬كميعاه ع ّ‬
‫ضععجيج أصععواتهم ‪ ،‬لن الُمععدّمر قععد انقععض علععى بابععل ‪ ،‬وأس عرَ‬
‫ُمحاربيهععا ‪ ،‬وتكسععرت كععل قس عّيها ) أسععلحتها ( ‪ ،‬لن الععرب إلععه‬
‫ُمجازاة ‪ ،‬وهو حتما ُيحاسبها ‪ ،‬إنععي ُأسععكُر رؤسععاءها وحكماءهععا‬
‫ومحاربيها ‪ ،‬فينامون نومععا أبععديا ل يقظععة منععه ‪ ، … ،‬وهععذا مععا‬
‫ُيعلنه العرب القععدير ‪ :‬إن سعور بابععل العريعض ‪ُ ،‬يقعّوض وُيسعّوى‬
‫‪508‬‬
‫بالرض ‪ ،‬وبّواباتها العالية تحترق بالنار ‪ ،‬ويذهب تعب الشعوب‬
‫باطل ‪ ،‬ويكون مصير جهد المم للنار " ‪.‬‬
‫" وكععان ارميععا قععد دّون فععي كتععاب واحععد ‪ ،‬جميععع الكععوارث الععتي‬
‫س عُتبتلى بهععا بابععل ‪ ،‬أي جميععع النبععوءات المدّونععة عععن بابععل ‪،‬‬
‫) وأرسله ارميا إلى بابل وقال لحامله ( ‪ " :‬حالما تصل إلى بابععل‬
‫‪ ،‬اعمل على تلوة جميع هذه النبوءات ‪ ،‬وقعل ‪ :‬أيهعا العرب ‪ ،‬قعد‬
‫قضيت على هذا الموضععع بععالنقراض ‪ ،‬فل يسععكن فيععه أحععد مععن‬
‫الناس والبهعائم ‪ ،‬بعل ُيصعبح خرابعا أبعديا " ‪ ،‬ومعتى فرغعت معن‬
‫تلوة هذا الكتاب ‪ ،‬اربط به حجععرا واطرحععه فععي وسععط الفععرات ‪،‬‬
‫وقل ‪ " :‬كذلك تغرق بابل ‪ ،‬ول تطفو بعد ‪ ،‬لما ُأوقعععه عليهععا مععن‬
‫عقاب ‪ ،‬فيعيا كل أهلها " ‪.‬‬
‫طهععا مؤلفعو التعوراة ‪ ،‬علعى أنهععا‬ ‫ع هذه الوثيقعة المرعبعة الععتي خ ّ‬
‫عقوبة ال لبابل ‪ ،‬ما هي إل العقوبة التي تنتظر إسرائيل وأمريكا‬
‫مستقبل ‪ ،‬ولكنهم أرادوها لبابل ‪ ،‬ونفّذوا فصععولها فععي العععراق ‪،‬‬
‫فصل تلو الخر ‪ ،‬وهععم يسعععون الن مععن وراء الكععواليس لتنفيععذ‬
‫بقية فصولها ‪.‬‬
‫صفة العقاب اللهي لمريكا ‪:‬‬
‫سبب العقاب اللهي هععو اسععتعلئها وإضععللها لشعععوب الرض ‪،‬‬
‫وما أوقعته من ظلم بهم ‪ .‬ودمارها سيأتي من الشمال ‪ .‬من خلل‬
‫تحععالف عععدة دول ‪ ،‬وبضععربات نوويععة كثيفععة ومفععاجئة ‪ .‬تتسععبب‬
‫بدمار عظيععم وحععرائق وجفععاف ‪ ،‬ومععن ثععم طوفععان عظيععم يجتععاح‬
‫أراضععيها ‪ ،‬ليتركهععا قفععرا أجععرد ل يصععلح للسععكن أبععد الععدهر ‪.‬‬
‫وجيوشها التي كانت قععد خرجععت منهععا ‪ ،‬سععيتم ذبحهععا كععالحملن‬
‫والتيوس ‪.‬‬
‫‪509‬‬
‫نبوءة عن سننقوط بابننل مننن سننفر الرؤيننا‬
‫ليوحنا‬
‫قلنا في السابق أن إنجيل يوحنا ورؤيععاه ‪ ،‬ل بععد أن تكععون أسععفار‬
‫توراتية ‪ ،‬وكان من المفروض أن تكون ُملحقة بالتوراة ‪ ،‬ولكّنها‬
‫ُأسقطت في وقت ُمتأخر ‪ ،‬بعد أن تّم التلعب فيها من قبل اليهععود‬
‫‪ ،‬فتلقفها النصارى وضّموها إلى النجيل ‪ ،‬أثناء جمعه وتحريفععه‬
‫ونسخه ‪ ،‬وليس أدل على ذلك ‪ -‬بالضافة لما تقّدم وأشرنا إليععه ‪-‬‬
‫من تكرار نصوص الوثيقة السابقة من سفر ارميععا فععي التعوراة ‪،‬‬
‫بنفس الفكار والعبارات تقريبا ‪ ،‬ولكن بدرجععة أقععل مععن المبالغععة‬
‫والتهويل والتطويل ‪ ،‬في سفر الرؤيا الملحق بأناجيل النصارى ‪.‬‬
‫" ‪ : -1 :18‬بعد هذا رأيت ملكا آخر ‪ ،‬نازل من السماء ‪، … ،‬‬
‫وصاح بأعلى صوته ‪ " :‬سععقطت بابععل ‪ ،‬سععقطت بابععل العظمععى ‪،‬‬
‫وصععارت وكععرا للشععياطين ‪ ،‬ومعأوى لكععل روح نجععس ‪ ، … ،‬ثعم‬
‫سععمعت صععوتا آخععر ‪ُ ،‬ينععادي مععن السععماء ‪ " :‬اخرجععوا منهععا يععا‬
‫شعععبي ‪ ،‬لئل تشععتركوا فععي خطاياهععا ‪ ،‬فتصععابوا ببلياهععا ‪ ،‬فقععد‬
‫تراكمت خطاياها حتى بلغت عنان السماء ‪ ،‬وتذّكر ال ما ارتكبته‬
‫من آثام ‪ .‬افعلععوا بهععا كمععا فعلععت بكععم ‪ ،‬وضععاعفوا لهععا جععزاء مععا‬
‫ض عليها البليا فعي يعوم واحعد ‪ ،‬معن معوت‬ ‫اقترفت ‪ . … ،‬ستنق ّ‬
‫ب‬
‫وحزن وجوع ‪ ،‬وستحترق بالنار فإن ال الععذي ُيععدينها ‪ ،‬هععو ر ّ‬
‫قدير " ‪.‬‬
‫" ‪ :9-10 :18‬وسععيبكي عليهععا ملععوك الرض ‪ ،‬الععذين زنععوا‬
‫وترّفهوا معها ‪ ،‬وسينوحون وهم ينظععرون إلععى دخععان حريقهععا ‪،‬‬
‫فيقفون علععى ُبعععد منهععا ‪ ،‬خوفععا مععن عععذابها ‪ ،‬وهععم يصععرخون ‪:‬‬

‫‪510‬‬
‫الويل ‪ ،‬الويل ‪ ،‬أيتها المدينة العظمى ‪ ،‬بابعل القويعة ! فعي سعاعة‬
‫واحدة حل بك العقاب ! " ‪.‬‬
‫" ‪ :12-17 :18‬وسيبكي ُتجار الرض ويحزنون عليها ‪، … ،‬‬
‫هؤلء التجار الذين اغتنوا من التجعارة معهعا ‪ ،‬يقفعون علعى بععد‬
‫منهعا ‪ ،‬خوفعا معن ععذابها ‪ ،‬يبكعون عليهعا وينتحبعون ‪ ،‬قعائلين ‪:‬‬
‫الويل ‪ ،‬الويل ‪ ،‬على المدينة العظمى ‪ ، … ،‬وقد زال هذا كله في‬
‫ساعة واحدة ! " ‪.‬‬
‫لحوها على بعد‬ ‫" ‪ :18-19 :18‬ويقف قادة السفن ورّكابها وم ّ‬
‫منها ‪ ،‬ينظرون إلى ُدخان حريقها ‪ ،‬أية مدينععة مثععل هععذه المدينععة‬
‫العظمععى ؟! ويععذرون الععتراب علععى رؤوسععهم ‪ ،‬وهععم يصععرخون‬
‫باكين منتحععبين ‪ :‬الويععل ‪ ،‬الويععل ‪ ،‬علععى المدينععة العظمععى ‪ ،‬الععتي‬
‫اغتنى أصحاب سفن البحر جميعععا بفضععل ثروتهععا ! هععا هععي فععي‬
‫ساعة واحدة قد زالت ! " ‪.‬‬
‫" ‪ :20 :18‬اشععمتي بهععا أيتهععا السععماء ! واشععمتوا بهععا أيهععا‬
‫حكمه عليها بعععد أن‬ ‫القّديسون والرسل والنبياء ‪ ،‬فقد أصدر ال ُ‬
‫أصدرت أحكامها عليكم " ‪.‬‬
‫" ‪ :21-24 :18‬وتناول ملك قوي ‪ ،‬حجرا كأّنه حجعر طاحونعة‬
‫عظيععم ‪ ،‬وألقععاه فععي البحععر ‪ ،‬قععائل ‪ " :‬هكععذا ُتععدفع وُتطععرح بابععل‬
‫الدينة الُعظمى ‪ ،‬فتختفي إلى البد ! لن ُيسمع فيك عزف موسيقى‬
‫بعد ‪ ، … ،‬ولن تقععوم فيععك صععناعة بعععد الن ‪ ،‬ولععن ُيسععمع فيععك‬
‫جععارك‬‫صوت رحى ‪ ،‬ولن ُيضيء فيك نور مصباح … فقععد كععان ُت ّ‬
‫سادة الرض ‪ ،‬وبسحرك ضّللت جميع أمم الرض ‪ .‬وفيها ُوجدت‬
‫دماء أنبياء وقّديسين وجميع الذين ُقتلوا على الرض " ‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫" ‪ :1-2 :19‬وبعععد هععذا سععمعت صععوتا عاليععا ‪ … ،‬يقععول ‪" :‬‬
‫ب إلهنععا ! فععإن‬
‫هّللويا ! الخلص والمجععد والكرامععة والقععدرة للععر ّ‬
‫أحكامه حق وعدل ‪ ،‬لّنععه عععاقب الزانيععة الكععبرى ‪ ،‬الععتي أفسععدت‬
‫الرض ‪ ،‬وانتقم لدم عبيده منها " ‪.‬‬
‫ع الحقيقة أن هذه النبوءة ‪ ،‬تتحدث عن دولععة عظمععى فععي العصععر‬
‫الحديث ‪ُ ،‬تضاهي عظمة بابل القديمة وقوتها ‪ ،‬وهععذه النصععوص‬
‫في الواقع ‪ ،‬تصف حال أمريكععا بقوتهعا القتصععادية والعسععكرية ‪،‬‬
‫وما أحدثته في هذا العصر من فساد وإفساد ‪ ،‬وسعفك للعدماء فعي‬
‫مشارق الرض ومغاربها ‪ ،‬فهععي تحكععم الكععرة الرضععية بأسععرها‬
‫صبت نفسععها كععإله ُيعبععد وُيقعّدس ‪ ،‬فهعي تحعّدد فعي‬ ‫من خلل ‪ ،‬ون ّ‬
‫تقارير وزارة خارجّيتهععا ‪ ،‬مععن أصععلح ومععن أفسععد ‪ ،‬ومععن حععافظ‬
‫على الحقوق ومن هضمها ‪ ،‬ومن أرهب ومن لم يرهععب ‪ .‬وعلععى‬
‫قائمععة مقاطعاتهععا القتصععادية حععوالي ‪ 46‬دولععة ‪ ،‬فهععي الُمنِعععم‬
‫ضل على خلق ال ‪ ،‬والكّل يخطب وّد ورضععا هععذه‬ ‫والُمكِرم والُمتف ّ‬
‫اللهة الجديدة ‪ ،‬وهي تسعععى الن لعولمععة اقتصععادها وثقافتهععا ‪،‬‬
‫وفرضععها علععى شعععوب تععارة بععالترهيب وتععارة بععالترغيب ‪ ،‬وأمععا‬
‫كلمة بابل في هذه النص إما أن تكون ُأضيفت عن قصععد مععن قبععل‬
‫الكهنة ‪ ،‬بسبب الحقد والكراهية والرغبة في النتقععام مععن بابععل ‪،‬‬
‫وإما أن تكون قد استخدمت لععترمز إلععى الدولععة الُعظمععى فععي هععذا‬
‫العصر ‪ .‬ولو حذفت كلمة بابل ووضعت كلمة أمريكا ‪ ،‬لوجدت أن‬
‫النص سُيصبح أكثر صدقا وتطابقا مع الواقع ‪.‬‬
‫سرين الجععدد مععن النصععارى بععوجه خععاص ‪ ،‬كمععا‬ ‫ولكن أغلب المف ّ‬
‫تشير الكاتبة المريكيععة فععي الفصععل السععابق ‪ ،‬يأخععذون بالتفسععير‬
‫اللفظعععي للمسعععميات ‪ ،‬العععتي جعععاءت فعععي النصعععوص التوراتيعععة‬
‫والنجيلية ‪ ،‬ويقّدمون شروحاتهم وتفسيراتهم ‪ ،‬لنصارى الغععرب‬
‫‪512‬‬
‫من ساسة وعامة ‪ ،‬علععى نحععو مغععاير لمععا ُتخععبر عنععه النصععوص‬
‫حقيقة ‪ ،‬فبابل القديمة أينما جاءت في النصوص ‪ ،‬تعني بالنسععبة‬
‫لهم بابل الجديدة أي العععراق ‪ ،‬بععالرغم مععن أن النصععوص تصععف‬
‫دولة عظمى ‪ ،‬هي أقرب إلى أمريكا منهععا إلععى العععراق ‪ ،‬وتععوحي‬
‫بأن لفظ بابل استخدام كاستعارة لفظية ‪.‬‬
‫أما اليهود فهم يعلمون حقيقععة مععا ُتخععبر عنععه النصععوص ‪ ،‬وبععأن‬
‫الدمار القععادم والععذي ُتخععبر عنععه النصععوص ‪ ،‬سععيكون لسععرائيل‬
‫وأمريكا وحلفائهما ‪ ،‬ولكنهم يستغلون الفهم الخاطئ والمضطرب‬
‫للنصارى ‪ ،‬لخدمة أغراضهم ومخططعاتهم الشعيطانية ‪ ،‬ولحمايعة‬
‫دولتهم مععن الخطععار المحّدقععة بهععا ‪ .‬فهععم مّتفقععون علععى أن هععذه‬
‫النبوءات تتحدث عن تدمير العراق ‪ ،‬وبما أنها جععاءت تحريضعية‬
‫بصيغة المر ‪ ،‬فقد اّتحدوا لتنفيذ ما قضععى بععه الععرب علععى بابععل ‪،‬‬
‫ولن تستكين لهم حال أو تلين لهم عزيمة ‪ ،‬حتى يتحقععق مععا جععاء‬
‫في هععذه النصععوص ‪ ،‬بجعععل العععراق أرضععا قفععرا صععحراء قاحلععة‬
‫خاوية على عروشها ‪ ،‬لععذلك هععم ل يكععترثون بالشععرعية الدوليععة‬
‫ول بالقانون الدولي ‪ ،‬إذ ل يمتثععل لهمععا إل الضعععفاء والغبيععاء ‪،‬‬
‫فععالقوانين اللهيععة بشععأن العععراق ‪ ،‬هععي مععا ينصععاعون إليععه‬
‫ويلتزمون بتطبيقه ‪ ،‬فالحرب على العراق حععرب ُمقّدسععة ‪ ،‬لنهععم‬
‫ن بقاء العراق يعني حتميععة زوال إسععرائيل …‬ ‫موقنون تماما ‪ :‬بأ ّ‬
‫ن بقاء إسرائيل يعني حتمية زوال العراق …‬ ‫وأ ّ‬
‫ومععا دامععوا يمتلكععون مق عّدرات الكععاوبوي المريكععي البريطععاني ‪،‬‬
‫الُمشترى بالرشوة والشهوة والرعب ‪ ،‬والمأخوذ بجنون القععوة ‪.‬‬
‫فلععن ُيثنيهععم عععن عزمهععم ‪ ،‬إل أن ُيبععادوا قبععل أن ُيبيععدوا الحععرث‬
‫والنسل ‪ .‬وبالتالي فإن بقاء العراق ‪ ،‬يتحّتم عليه محو إسععرائيل ‪،‬‬

‫‪513‬‬
‫من قلب الوطن العربي ‪ ،‬وسععحق تلععك الفئران ‪ ،‬المتلّفعععة بريععش‬
‫النسر المريكي القرع ‪.‬‬
‫وإن لم تكععن الحععرب العراقيععة اليرانيععة مععن صععنع أيععديهم ‪ ،‬فهععم‬
‫ساهموا فيها بشكل أو بآخر ‪ ،‬فإيران تأتي في الدرجة الثانية فععي‬
‫العداء التوراتي لسرائيل ‪ ،‬وكلنا سمع بفضيحة ) إيععران غيععت (‬
‫في الثمانينيات ‪ ،‬الععتي كععان بطلهععا الرئيععس المريكععي ) ريغععان (‬
‫حيث كانوا ُيؤيدون العراق علنا ‪ ،‬وُيععزّودون إيععران ‪ -‬الععتي كععانت‬
‫تنظر إلى أمريكععا علععى أنهععا الشععيطان الكععبر ‪ -‬بالسععلحة سععرا ‪،‬‬
‫لطالة أمد هذه الحرب ‪ ،‬ولبقاء العراق وإيران منشغلين فيها ‪.‬‬
‫والسبب الهم لشعالها ‪ ،‬هععو الرعععب الععذي دب فععي قلععوبهم مععن‬
‫المارد العراقي ‪ ،‬الععذي أعععاد إلععى أذهععانهم النبععوءات التوراتيععة ‪،‬‬
‫وأيقظ في مخيلتهم شبح نبوخذ نصر ‪ ،‬وكابوس السبي البععابلي ‪،‬‬
‫ليقض مضاجعهم فلم ترقععأ لهععم عيععن ‪ ،‬ولععم يغمععض لهععم جفععن ‪،‬‬
‫والععذي بععدأ يسععتيقظ مععن غفععوته بععامتلكه المفاعععل النععووي ‪.‬‬
‫وسععيكون بعععد سععنوات قليلععة ‪ ،‬قععاب قوسععين أو أدنععى مععن إنتععاج‬
‫القنابععل النوويععة ‪ .‬ومععا أن انشععغل العععراق فععي الحععرب ‪ ،‬وأصععبح‬
‫ظهععره مكشعوفا ‪ ،‬حعتى انسعلت خفافيشععهم ‪ ،‬تحععت جنععح الظلم ‪،‬‬
‫ب حممها التوراتية الحاقدة ‪ ،‬على ذلك المفاعل ‪ ،‬فععي سععنين‬ ‫لتص ّ‬
‫صباه الولى ‪ ،‬لُتبيده عن بكرة أبيه ‪.‬‬
‫وبععععد أن خعععرج الععععراق معععن تلعععك الحعععرب ‪ ،‬محتفظعععا بقعععوته‬
‫وجععبروته ‪ ،‬ومععع أول تصععريح وتهديععد لععه ‪ " ،‬بحععرق نصععف‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬حععال اعتععدائها علععى أي قطععر عربععي " ‪ ،‬علععى لسععان‬
‫الرئيععس العراقععي ‪ ،‬جهععارا نهععارا فععي مععؤتمر قمععة بغععداد ‪ ،‬عععام‬
‫‪1989‬م ‪ ،‬أقامت وسائل العلم المرئية والمسموعة والمقععروءة‬
‫‪514‬‬
‫‪ -‬التي تمتلك معظمهععا تلععك الفععاعي ‪ -‬الععدنيا ولععم تقعععدها ‪ ،‬حععتى‬
‫جععه وتععوريطه ‪ ،‬فععي الععدخول إلععى الكععويت ‪ ،‬بالتععآمر‬‫استطاعت ز ّ‬
‫ضععت عليععه‬‫والتواطؤ وبمكرهم ودهائهم المعهودين ‪ ،‬ومن ثم حر ّ‬
‫مععن بأقطارهععا ‪ ،‬بحجععة رفععع الظلععم عععن دولععة الكععويت ‪ ،‬وتععأمين‬
‫طععوا‬
‫منععابع النفععط ‪ ،‬الععتي سيسععطر عليهععا العراقيععون ‪ .‬وكمععا خ ّ‬
‫بعععأقلمهم سعععيناريو الحعععرب العالميعععة الثانيعععة ‪ ،‬أععععادوا نفعععس‬
‫السيناريو ‪ ،‬في حرب الخليج ‪ ،‬من ألفه إلى يائه ‪.‬‬
‫فهععا قععد تح عّررت الكععويت ‪ ،‬وتععأّمنت منععابع النفععط ‪ ،‬فلمععاذا هععذا‬
‫الحصار الظالم علععى أطفععال العععراق ؟! ي عّدعون أن العععراق يهععدد‬
‫جيرانعه ‪ ،‬فعانظر معن يعّدعي ! وانظععر إلعى جيرانعه ! ومععا علقعة‬
‫المععّدعي بععالجيران ؟! المععّدعون هععم ) مععادلين ُألععبرايت وزيععرة‬
‫الخارجيعة المريكيعة ‪ ،‬ووليعام كعوهين وزيعر العدفاع المريكعي ‪،‬‬
‫وساندي بيرغععر مسععؤول المععن القععومي المريكععي ‪ ،‬وهلععم جععرا‬
‫… ( وكلهععم يهععود ‪ .‬فمععا عليععك إل اسععتبدال كلمععة المريكععي فععي‬
‫مناصععبهم ومسععؤولياتهم ‪ ،‬بكلمععة السععرائيلي ‪ ،‬لتعععرف مععن هععم‬
‫الجيران الذين سيهددهم وجود عراق قوي ‪.‬‬
‫أما الحصار ‪ ،‬فقد ُوجد ليبقى ‪ ،‬وغايته منععع المععارد العراقععي مععن‬
‫الصحوة ‪ .‬واستمّر الحصار ليبقى المععارد محصععورا فعي القمقعم ‪،‬‬
‫وعندما تّم لهم ذلك ‪ ،‬عمععدوا إلععى تقليععم مخععالبه واقتلع أنيععابه ‪،‬‬
‫فمنظرها ُيرعب تلك الفئران المسكينة ‪ ،‬ويجعععل فرائصععها ترتعععد‬
‫هلعععا وجزعععا ‪ .‬واسععتمّر الحصععار لمنععع أطفععال العععراق ‪ ،‬مععن‬
‫الوصول إلى مرحلة الرجولة ‪ ،‬كي ل يكونوا مستقبل أفراد جيش‬
‫طر على أجساد تلك الفئران أساطير البطولة ‪ ،‬فهععم وحسععب‬ ‫‪ُ ،‬يس ّ‬
‫رؤاهعععم التوراتيعععة ‪ ،‬يعرفعععون ويعلمعععون أن دولتهعععم سعععتزول ‪،‬‬
‫وسعععيكون فيهعععم القتعععل والنهعععب والنفعععي ‪ ،‬وأن المرشعععح الول‬
‫‪515‬‬
‫والوحيععد للقضععاء عليهععم هععو غريمهععم الزلععي ‪ ،‬وأن دولتهععم‬
‫سيعيش فيها ‪ ،‬ل أكثر من جيععل واحععد ‪ .‬لععذلك بمععا أنهععم موقنععون‬
‫تمامععا ‪ ،‬بععأن زوال دولتهععم أمععر حتمععي ‪ ،‬كععان ل بععد لهععم مععن أن‬
‫يعملوا بكل طاقاتهم ‪ ،‬من أجل حماية هذا المسععخ الخععداج ‪ ،‬الععذي‬
‫حملت به عروس المدائن غصبا واغتصابا ‪ ،‬من مرتزقععة الغععرب‬
‫المأجورين ‪ ،‬في غفلة من الزمان ‪.‬‬
‫لذلك … فالحصار لن ُيرفع … ما دامت تلك الفئران … في‬
‫القدس ترتع‬
‫الفعوان العراقي في سفر إشعياء‬
‫خطورة هذا الفعوان المرعب ‪ ،‬تتمثل في ما يحملععه فععي أحشععائه‬
‫من سموم ُمميتة ‪ ،‬كان أسلفهم قد تجّرعوها من قبل ‪ ،‬ووصععفوا‬
‫تأثيرها المؤلم على امتداد التوراة الشاسع ‪ ،‬فشغلت حّيععزا كععبيرا‬
‫مععن فكرهععم ووجععدانهم ‪ ،‬فمج عّرد التفكيععر بتكععرار ذلععك المصععير‬
‫المرعب ‪ ،‬الذي حّل بأسلفهم ‪ ،‬من جّراء تلك الفعى التي أنجبععت‬
‫هععذا الفعععوان ‪ُ ،‬يصععيبهم بحالععة مععن الععذعر والهلععع ‪ ،‬لععذلك كععان‬
‫وسيكون لهم ‪ ،‬محاولت عديدة للتخّلص من خطر هععذا الفعععوان‬
‫على وجودهم ‪:‬‬
‫• الُمحاولة الولى ‪ :‬هي الحععرب اليرانيععة العراقيععة ‪ ،‬لصععابته‬
‫بالشععلل وقععد ُأصععيب ‪ ،‬فتس عّنى لهععم ضععرب مفععاعله النععووي ‪،‬‬
‫واجتيععاح بيععروت ‪ ،‬وترحيععل منظمععة التحريععر الفلسععطينية مععن‬
‫لبنان ‪.‬‬
‫• الُمحاولة الثانية ‪ :‬هععي الحععرب المريكيععة العراقيععة ‪ ،‬لتغييععر‬
‫رأس هذا الفعوان ‪ ،‬وزرع رأس جديععد لععه ‪ ،‬وتقطيععع أوصععاله‬

‫‪516‬‬
‫وتفريق شملها ‪ ،‬وتوزيع دمه على جميع القبائل التي اجتمعت‬
‫عليه ‪ ،‬ولم ُيكتب لها النجاح ‪.‬‬
‫• الُمحاولععة الثالثععة ‪ :‬هعي الحصععار الممعي ولجععان التفععتيش ‪،‬‬
‫لنزع النياب التي تنفث السّم ‪ ،‬بتدمير أسلحة الدمار الشععامل ‪،‬‬
‫وحرمعععانه معععن امتلك أسعععلحة جديعععدة ‪ ،‬فعععاقتلعوا النيعععاب‬
‫واسععتخرجوا الس عّم ‪ ،‬ولكععن النيععاب نبتععت مععن جديععد ‪ ،‬والسععم‬
‫يتجّدد ول ينقطع ‪.‬‬
‫• الُمحاولععة الرابعععة ‪ :‬هععي الحععرب المريكيععة الشععاملة ‪ ،‬مععع‬
‫احتماليععة تععوجيه ضععربات نوويععة محععدودة إن أمكععن ‪ ،‬لقطععع‬
‫الرأس والوصال معا ‪ ،‬حيث لم يُعد هنععاك أهميععة لتوزيععع دمعه‬
‫على القبائل ‪ .‬وستصععبح احتماليععة الضععربات النوويععة ‪ ،‬قائمععة‬
‫وحتميعععة فعععور امتلك أمريكعععا ‪ ،‬للعععدرع الُمضعععاد للصعععواريخ‬
‫الُمحّملععة بععالرؤوس النوويععة ‪ ،‬وهععذه الحععرب قائمععة بل أدنععى‬
‫حسععبان أمريكععا وإسععرائيل ‪،‬‬ ‫شك ‪ ،‬إن لم يقع ‪ ،‬ما لععم يكععن فععي ُ‬
‫ططععون لهععا ويسععتعجلونها ‪ ،‬ويطلبععون مععن الرئيععس‬ ‫فهععم ُيخ ّ‬
‫المريكعععي ‪ ،‬تهيئة الشععععب المريكعععي لتقّبلهعععا ‪ ،‬وسعععيعملون‬
‫جهدهم لشعالها في أقععرب فرصععة ممكنععة ‪ ،‬ظنععا مععن الععذين ل‬
‫يعقلون ول يفقهون ‪ ،‬بأنهم قادرين على منععع رب العععزة ‪ ،‬مععن‬
‫إنجاز وعده فيهم ‪ ،‬بإبعادة العراقييعن وتقسعيم الععراق وإسعقاط‬
‫قيادته ‪.‬‬

‫] نهاية الجزء الثاني [‬

‫‪517‬‬
‫الجزء الثالث‬

‫‪518‬‬
‫الفصل الول ‪:‬‬
‫وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫وليتبروا ما علوا تتبيرا‬
‫الفصل الثالث ‪:‬‬
‫وجعلنا لمهلكهم موعدا‬
‫الفصل الرابع ‪:‬‬
‫سرناه بلسانك لعّلهم يتذ ّ‬
‫كرون‬ ‫فإنما ي ّ‬
‫الفصل الخامس ‪:‬‬
‫فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين‬
‫الفصل السادس ‪:‬‬
‫بل هم في شك يلعبون‬
‫الفصل السابع ‪:‬‬
‫معّلم مجنون‬
‫ثم تولوا عنه وقالوا ُ‬
‫الفصل الثامن ‪:‬‬
‫يوم نبطش البطشة الكبرى‬
‫الفصل التاسع ‪:‬‬
‫الطوفان الخير وطوق النجاة‬
‫‪519‬‬
520
‫وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة‬
‫تععبين لنععا مععن خلل هععذه القععراءة الجديععدة ‪ ،‬فععي تاريععخ بنععي‬
‫إسرائيل ‪ ،‬في القرآن والس عّنة والتععوراة والتلمععود ‪ ،‬أن البععابلّيون‬
‫هم أصععحاب البعععث الول ‪ ،‬وبنععاًء علععى ذلععك ‪ ،‬يكععون العراقيععون‬
‫حصرا ‪ ،‬بل أدنى شك ‪ ،‬هم أصحاب البعث الثععاني ‪ .‬وسععيتبين لنععا‬
‫في هذا الفصل ‪ ،‬من خلل قراءة جديدة للواقع ‪ ،‬بأن اليهود علععى‬
‫علععم بهععذا البعععث وأصععحابه ‪ ،‬وظّنععا منهععم بععأنهم قععادرون علععى‬
‫مخالفة أمر ال ‪ ،‬بمنع تحقق البعث الثاني ‪ ،‬خططوا ونّفععذوا ومععا‬
‫زالوا يخططون ‪ ،‬لدرء خطر هذا البعععث الموعععودين بععه ‪ ،‬بإبععادة‬
‫أصحابه بشتى الوسعائل والسعبل ‪ ،‬لقنعاعتهم بعأن بقعاء دولتهعم ‪،‬‬
‫يتحتم عليه محو العراق وشعبه عن خريطة العالم ‪.‬‬
‫حقيقة ما ُيضمره الغرب للعراق ‪:‬‬
‫دأبت أمريكا ومععن سععار فععي ركبهععا ‪ ،‬علععى إعلن عععدائها لقيععادة‬
‫العراق الحالية ‪ ،‬والرغبة في إسقاطها ‪ ،‬وجعلت من بقاء القيععادة‬
‫العراقية ‪ ،‬على سدة الحكم في بغداد ‪ ،‬وسابقتها في غزو الكويت‬
‫‪ ،‬مثال لعدوانية هذه الحكومة وخطورتها على جيرانها ‪ ،‬وذريعة‬
‫لدامة الحصععار ‪ ،‬لتجريععد العععراق مععن مقومععات وجععوده ‪ .‬ليصععل‬
‫العالم والشعب العراقي إلى قناعععة ‪ ،‬بععأن المسععتهدف حقيقععة مععن‬
‫وراء الصععرار المريكععي ‪ ،‬علععى إبقععاء الحصععار مفروضععا علععى‬
‫العراق ‪ ،‬هي القيادة العراقية الحالية ‪ ،‬بتوجهاتها العدوانيععة ضععد‬
‫جيرانها ‪ ،‬مما ُيهدد أمن منطقة الخليج الحيوية للعالم ‪ ،‬وبإسععقاط‬
‫هذه القيادة ‪ ،‬ستنعم منطقة الخليج بالمن مجّددا ‪ ،‬حسععب الععرؤى‬
‫المريكية ‪.‬‬
‫‪521‬‬
‫ومع أن أمريكا ل ُتبِد أدنى اهتمام بمصير الشعععب العراقععي ‪ ،‬بععل‬
‫علععى العكععس مععن ذلععك ‪ ،‬كععان ومععا زال بعععض مسععؤوليها مععن‬
‫اليهعود ‪ُ ،‬يبعدون سععادة عارمعة ‪ ،‬بل خجعل أو مواربعة ‪ ،‬بوقعوع‬
‫المزيععد مععن الضععحايا فععي العععراق ‪ ،‬حيععث الغالبيععة العظمععى مععن‬
‫الطفال ‪ ،‬الذين سقطوا ‪ ،‬من جراء نقص الدوية والغذاء ‪ ،‬حيععن‬
‫تصععرح وزيععرة الخارجيععة المريكيععة ) أولععبرايت ( ‪ ،‬فععي حععوار‬
‫صحفي في محطععة )‪ : ( CBS‬بععأن تسعّبب أمريكععا بمععوت نصععف‬
‫مليععون طفععل عراقععي " أمععر يسععتحق العنععاء " ‪ ،‬إل أن العععالم‬
‫أجمع ‪ ،‬والشعب العربي وحتى الشعععب العراقععي ‪ ،‬لععم يبحععث عععن‬
‫الدوافع الحقيقية ‪ ،‬لهذا العداء المريكي للعراق ‪.‬‬
‫" إشعياء ‪ :16 :13 :‬كععل مععن ُيؤسععر ُيطعععن ‪ ،‬وكععل مععن ُيقبععض‬
‫عليععه ُيصععرع بالسععيف ‪ ،‬وُيم عّزق أطفععالهم علععى مععرأى منهععم ‪،‬‬
‫وُتنهب بيوتهم وُتغتصب نسائهم " ‪.‬‬
‫" إشعياء ‪ :23-20 :14 :‬فذرّية فاعلي الثم ‪ ،‬يبيععد ذكرهععا إلععى‬
‫البد ‪ .‬أعّدوا مذبحة لبنائه جزاء إثم آبائهم ‪ ،‬لئل يقوموا ويرثوا‬
‫الرض فيملئوا وجه البسيطة ُمدنًا ‪ .‬يقول الععرب القععدير ‪ " :‬إنععي‬
‫أهعبّ ضععدهم ‪ ،‬وأمحععو مععن بابععل ‪ ،‬اسععمًا وبقيعًة ونسعلً وذريعةً ‪،‬‬
‫ت للميععاه ‪ ،‬وأكنسععها بمكنسععة‬ ‫وأجعلها ميراثًا للقنافذ ‪ ،‬ومسععتنقعا ٍ‬
‫الدمار " ‪.‬‬
‫" وهذا ما ُيعلنه الرب ‪ :‬ها أنا ُأثير على بابل ‪ ،‬وعلععى الُمقيميععن‬
‫في ديار الكلدانيين ريحا ُمهلكة ‪ ،‬وأبعث إلى بابل ُمذّرين ُيذّرونها‬
‫‪ ،‬ويجعلون أرضها قفععرا ‪ ،‬وُيهاجمونهععا مععن كععل جععانب فععي يععوم‬
‫جععج بسععلحه ‪ ،‬ل‬ ‫خر ( الرامععي قوسععه وليتد ّ‬ ‫بلّيتهععا ‪ .‬ليععوتر ) ُيععذ ّ‬
‫شّبانها ‪ ،‬بل أبيععدوا كععل جيشععها إبععادة كاملععة ‪ ،‬يتسععاقط‬‫تعفوا عن ُ‬
‫‪522‬‬
‫القتلععى فععي أرض الكلععدانيين ‪ ،‬والجرحععى فععي شععوارعها ) مععن‬
‫المدنيين طبعا ( " ‪.‬‬
‫وباستجابة ) أولبرايت ( ‪ ،‬وكافة الجوقة اليهودية ‪ ،‬فععي الدارات‬
‫المريكية المتعاقبة ‪ ،‬لوامر الرب القدير ‪ ،‬الواردة في التععوراة ‪،‬‬
‫استطاع بنوا إسرائيل ‪ ،‬من رّد الصاع صاعين لهل بابل ‪ ،‬وهكذا‬
‫يكون العراقيون حصرا ‪ ،‬من ُرّدت لبني إسععرائيل الكععرة عليهععم ‪،‬‬
‫إذ أنهم أنزلوا بالعراقيين أضعععاف أضعععاف ‪ ،‬مععا أنزلععه البععابليون‬
‫بهم في المرة الولى ‪.‬‬
‫ولو عدنا إلى كامل النصوص التوراتية ‪ ،‬ونظرنا إلععى مععا يجععري‬
‫حقيقة على أرض الواقع ‪ ،‬لتبين لنا أن المستهدف الحقيقي ‪ ،‬هو‬
‫العراق لنه أرض البعث ‪ ،‬والشعب العراقي لنه يحمل صفة أهععل‬
‫البعععث ‪ ،‬والقيععادة العراقيععة لرسععالها البعععوث فععي كععل الحععروب‬
‫العربيععة السععرائيلية ‪ ،‬وعععدم قبولهععا وتوقيعهععا علععى اتفاقيععات‬
‫الهدنععة ‪ ،‬ولعلنهععا المتجعّدد ععن نيععة البععث ‪ ،‬بمناسععبة وبععدون‬
‫مناسععبة ‪ ،‬فععي السععنوات الخيععرة ‪ ،‬منععذ انتهععاء حععرب الخليععج‬
‫الولى ‪ ،‬ورفضها لمعاهدات السلم والتطبيع ‪ ،‬ولصععرارها علععى‬
‫مقولععة ‪ ،‬فلسععطين عربيععة مععن البحععر إلععى النهععر ‪ ،‬والععدعوة إلععى‬
‫تحرير فلسطين بالقوة ‪.‬‬
‫وفععي حععال اسععتطاع الغععرب اليهععودي إسععقاط القيععادة العراقيععة ‪،‬‬
‫فسيكون البديل ‪ ،‬كما هي العادة ‪ ،‬قيادة موالية للغرب ‪ ،‬ومعاديععة‬
‫للشعب العراقععي وللمععة العربيععة ‪ ،‬المتخمععة أصععل بالعععداء مععن‬
‫أبنععاء جلععدتنا ‪ ،‬لتزيععد المععة ذل وهوانععا أضعععافا مضععاعفة ‪ ،‬أمععا‬
‫مصير العراق بين يدي هكذا قيادة ‪ ،‬فسيكون بل شك كمععا يتمّنععى‬
‫يهود الغرب والشرق ويشععتهون ‪ ،‬ليتحّقععق لهععم ‪ ،‬مععا لععم يحلمععوا‬
‫‪523‬‬
‫ججة بالسععلحة المتطععورة ‪ .‬وانظععر إلععى‬ ‫بتحقيقه ‪ ،‬بجيوشهم المد ّ‬
‫حال ألمانيا بعععد الحععرب ‪ ،‬وانظععر إلععى حععال التحععاد السععوفييتي ‪،‬‬
‫العدو الثاني للوجود اليهودي في فلسطين ‪ ،‬كمععا ُتخععبر التععوراة ‪،‬‬
‫عندما استطاعوا إيصال الخونة – من شعبه – إلى سععدة الحكععم ‪،‬‬
‫وما فعلوه به ‪ .‬لنقول بأن مهمة القيادة المستقبلية للعراق ‪ ،‬فيمععا‬
‫لو ُأسقطت القيادة الحالية ‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫• تفكيك العراق وتقسيمه إلى دويلت صغيرة ‪ ،‬كرديععة وسععنية‬
‫وشيعية ‪ ،‬في الشمال والوسط والجنوب ‪.‬‬
‫• إثععارة الحععروب والفتععن بيععن هععذه الععدويلت ‪ ،‬لشععغالها عععن‬
‫المهمة الساسية ‪ ،‬التي ُأنيطت بأصحاب البعث ‪.‬‬
‫• تدمير القتصاد وإفقار الشعب العراقي ‪ ،‬ليركض لهثععا وراء‬
‫قروض صندوق النقد الدولي ‪.‬‬
‫• حظر امتلك وتصنيع السلحة ‪.‬‬
‫• تقععديم فععروض الطاعععة والععولء ليهععود الغععرب والشععرق ‪،‬‬
‫وإنهاء حالة الحرب مع إسرائيل ‪ ،‬ومباركة عملية السلم ‪.‬‬
‫فالمعضلة الساسية لدى الغرب ‪ ،‬المملوك من قبل اليهععود ‪ ،‬هععي‬
‫وجود عراق قععوي وقععادر ‪ ،‬فكمععا صععدقت نبععوءات التععوراة ‪ ،‬فععي‬
‫عودتهم من الشتات إلعى فلسعطين ‪ .‬فهعم يخشعون أيضعا ‪ ،‬صعدق‬
‫النبوءات الخرى ‪ ،‬فيما تصفه في نصععوص عديععدة ‪ ،‬مععن عقععاب‬
‫حتمي ‪ ،‬غاية في البشاعة ‪ ،‬سينزل بهععم بعععد العععودة إليهععا ‪ ،‬مععن‬
‫قبل أصحاب البعث الول ‪ ،‬بالرغم مما ُأضيف إليها مععن نصععوص‬
‫قليلة مضللة ‪ ،‬ل ُتسمن ول تغنععي مععن جععوع ‪ُ ،‬تخععبر عععن ملكهععم‬
‫البدي ‪ ،‬تبعث في تخّبطها وعدم منطقيتها ‪ ،‬في نفوسهم القلععق ‪،‬‬
‫‪524‬‬
‫أكثر مما تبعث على الطمأنينة ‪ .‬ليجععد اليهععود أنفسععهم ملزمععون ‪،‬‬
‫بتسخير كل إمكانياتهم ‪ ،‬دون كلل أم ملل ‪ ،‬لدفع قععادة الغععرب إلععى‬
‫القضععاء المععبرم علععى العععراق ‪ ،‬كمععا هععي عععادتهم دائمععا وأبععدا ‪،‬‬
‫يدفعون الخرين لخععوض حروبهععم نيابععة عنهععم ‪ ،‬مععذ طلبععوا مععن‬
‫موسى وربه الذهاب للقتال عنهم ‪ ،‬وحععتى حربهععم الخيععرة علععى‬
‫العراق ‪ ،‬التي خاضتها ومازالت تخوضها ‪ ،‬أمريكا وبريطانيا فععي‬
‫العلن ‪ ،‬وفرنسا المنافقععة فععي الخفععاء ‪ ،‬والحععرب الوحيععدة ‪ ،‬الععتي‬
‫كسبها اليهود منفرديعن فعي مواجهعة جيعش ‪ ،‬هعي عنعد دخعولهم‬
‫فلسطين مع طالوت في المرة الولى ‪ ،‬وكان ذلععك بتأييععد مععن الع‬
‫للقلة المؤمنة ‪ ،‬وبشجاعة نبي ال داود عليه السععلم ‪ ،‬فالمسععألة‬
‫لديهم مسألة حياة أو مععوت ‪ ،‬وبقععاء العععراق ‪ ،‬يعنععي تبخععر أحلم‬
‫الشعب اليهودي بسيادة العالم من القدس ‪.‬‬
‫ومما يؤذي الذان اليهودية فععي الشععرق والغععرب هععو سععماعها ‪،‬‬
‫لتصريحات هذه القيادة المتكررة ‪ ،‬بضرورة تحرير فلسععطين مععن‬
‫ض مضطجعهم فععي‬ ‫البحر إلى النهر ‪ ،‬وطرد اليهود منها ‪ ،‬مما يق ّ‬
‫فلسطين ‪ ،‬وُيعيد إلى أذهانهم تلك الذكريات الليمة للبعععث الول ‪،‬‬
‫التي أشععبعتها أسععفار التععوراة وصععفا وتفصععيل ‪ ،‬لتععتراءى لهععم ‪،‬‬
‫صورة نبوخعذ نصعر وهتلععر وصعلح الععدين ‪ ،‬دفععة واحعدة ‪ ،‬فعي‬
‫شخص الرئيس العراقي ‪.‬‬
‫الخيننارات القائمننة أمننام اليهننود ‪ ،‬لنندرء‬
‫الخطر العراقي ‪:‬‬
‫‪ .1‬العمل على بقاء الحصار على ما هو عليه ‪ ،‬ما أمكنهم ذلك ‪،‬‬
‫ومنع أي محاولة لتفكيكععه أو إضعععافه ‪ .‬والسععتمرار فععي نهععب‬
‫ثروات العراق ‪ ،‬وحرمانه من تطوير أسلحته وتجديدها ‪.‬‬
‫‪525‬‬
‫‪ .2‬محاولععة إسععقاط القيععادة العراقيععة ‪ ،‬عععن طريععق إحععداث فتععن‬
‫وثععورات داخليععة ‪ ،‬أو عععن طريععق مواجهععة عسععكرية واسعععة‬
‫النطععاق ‪ ،‬بعععد خلععق المععبررات لهععا ‪ ،‬باسععتفزاز جديععد للعععراق‬
‫للقيام بعمل عدواني داخلي ‪ ،‬ضد الكراد في الشمال أو الشيعة‬
‫في الجنوب ‪ ،‬أو القيام بعمل عدواني خارجي ‪ ،‬ضد إحدى دول‬
‫الجوار ‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرب العراق نوويا كخيار أخير ‪ ،‬وهذا الحتمععال غيععر قععائم‬
‫حاليا ‪ ،‬حيث أنه مرفوض عالميا ‪ ،‬فمثععل هععذا المععر ‪ ،‬سععيؤلب‬
‫العععالم بأسععره ضععد أمريكععا ومؤيععديها ‪ .‬ولكععن هععذا الحتمععال‬
‫سععيقوى ‪ ،‬فعي حععال فشععلت الخيعارات السععابقة ‪ ،‬وخاصععة عنعد‬
‫امتلك أمريكا للدرع المضاد للصورايخ البالستية ‪.‬‬
‫ع والسؤال الن ‪ :‬هل من الممكععن أن يكععون هنععاك ضععربة نوويععة‬
‫للعراق ؟‬
‫جاء في سفر الرؤيا ما نصه ‪ " :‬وسكب الملك السادس ‪ ،‬كأسععه‬
‫ف مععاؤه ‪ ،‬ليصععير ممععرا لملععوك‬ ‫علععى نهععر الفععرات الكععبير فجعع ّ‬
‫القادمين من الشرق " ‪.‬‬
‫ن َأِبي ُهَرْي عَرَة ‪َ ،‬قععاَل ‪:‬‬ ‫عْ‬‫أما في السنة النبوية فقد جاء ما نصه ‪َ :‬‬
‫سعرَ‬‫ح ِ‬
‫ن َي ْ‬‫ت َأ ْ‬
‫ك اْلُفَرا ُ‬‫شُ‬ ‫سّلَم ‪ُ " :‬يو ِ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬
‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫سوُل ا ِّ‬ ‫َقاَل َر ُ‬
‫ش عْيًئا " ‪ .‬رواه‬ ‫خ عْذ ِمْن عُه َ‬
‫ل َيْأ ُ‬
‫ض عَرُه َف َ‬
‫ح َ‬
‫ن َ‬ ‫ب َفَم ع ْ‬
‫ن َذَه ع ٍ‬‫ن َكْن عٍز ِم ع ْ‬
‫عع ْ‬
‫َ‬
‫البخععاري ‪ ،‬وأخرجععه مسععلم والترمععذي ‪ ،‬وأبععو داود وابععن مععاجه‬
‫حّتى‬‫عةُ َ‬ ‫سا َ‬
‫وأحمد ‪ .‬وفي نص آخر من رواية مسلم ‪َ " :‬ل َتُقوُم ال ّ‬
‫ب " ‪ ،‬يحسر أي ينكشف عن ‪.‬‬ ‫ن َذَه ٍ‬ ‫جَبٍل ِم ْ‬‫ن َ‬‫عْ‬ ‫ت َ‬ ‫سَر اْلُفَرا ُ‬ ‫ح ِ‬
‫َي ْ‬
‫ُيخبر النععص فععي سععفر الرؤيععا ‪ ،‬أن شععيئا مععا سيسععكب علععى نهععر‬
‫الفععرات فيجععف مععاؤه ‪ ،‬وُيخععبر الحععديث الصععحيح ‪ ،‬عععن انحسععار‬
‫‪526‬‬
‫الفرات عن كنز من ذهب ‪ ،‬قبل قيام السععاعة ‪ ،‬وانحسععار الفععرات‬
‫يعنععي ذهععاب مععاءه ‪ ،‬فهععل سععيكون جفععافه نتيجععة ‪ ،‬لمععا تنتجععه‬
‫السلحة النووية ‪ ،‬من حرارة شديدة عند انفجارها ‪.‬‬
‫وبالضافة إلى ما ورد من مخططات ‪ ،‬لتععدمير العععراق والطاحععة‬
‫بقيادته ‪ ،‬كما جاءت في تقرير واشنطن السابق ‪ ،‬يقول الصععحفي‬
‫فتحي خطاب من القاهرة ‪ ،‬في مقال لعه فعي جريعدة الععرب اليعوم‬
‫الردنية ) لم أنتبه لتوثيق تاريخ صدورها ‪ ،‬ولكنه علععى الرجععح‬
‫كان في بداية شهر ‪: ( 2001/ 3‬‬
‫" حعععّذر خعععبراء عسعععكريون معععن ُمخطعععط عسعععكري أمريكعععي‬
‫إسرائيلي ‪ ،‬يسععتهدف فععرض السععيطرة الُمطلقععة علععى المنطقععة ‪،‬‬
‫وتطبيق ما ُيعرف في ) البنتاغون ( بخطععة إعععادة دمععج المنطقععة‬
‫جه ) شارون ( لستحداث وزارة تعنى‬ ‫عسكريا وأمنيا … وأن تو ّ‬
‫بتطوير السلحة النووية ‪ ،‬وأسلحة الععدمار الشععامل ‪ ،‬واسععتحداث‬
‫وزارة للشععؤون السععتخباراتية ‪ ،‬فععي سععابقة هععي الولععى مععن‬
‫نوعها ‪ ،‬يأتي في إطار ما تفرضه ضرورات نظام الحماية المنية‬
‫الجديد … وكشف الخبراء العسكريون في مصر ‪ ،‬عن الترتيبات‬
‫المريكية لنشاء أكبر شبكة صاروخية في منطقة الخليج العربي‬
‫‪ ،‬تتمتع بمدى قتالي واسع ‪ ،‬يشمل العراق وإيران ودول أخرى ‪،‬‬
‫بالضافة إلى مناطق شمال إفريقيا والبحر الحمر ‪ .‬لضععمان أمععن‬
‫منطقة الخليج ‪ ،‬وملحقة الطععائرات الُمغيععرة ‪ ،‬والتععدمير السععريع‬
‫لية أهداف ُمعادية ‪.‬‬
‫وأكععد الخععبراء أن وزيععر الخارجيععة المريكععي ) كععولن بععاول ( ‪،‬‬
‫حصل على موافقة دول خليجيععة … علععى إنشععاء الشععبكة ‪ ،‬الععتي‬
‫سيتم تزويدها بأحدث أجهزة التصالت الحديثة والنذار المبّكر ‪،‬‬
‫‪527‬‬
‫الععتي سععتكون لهععا القععدرة علععى التعامععل السععريع ‪ ،‬مععع العمليععات‬
‫الطععارئة ‪ ،‬وقععادرة علععى منععع إصععابة الشععبكة ‪ ،‬بععأي خلععل أثنععاء‬
‫العمليات العسكرية ‪ .‬وسوف تتحمل دول الخليج النصيب الكبر ‪،‬‬
‫معععن تكلفعععة مشعععروع هعععذه الشعععبكة الصعععاروخية ‪ ،‬وأن هنعععاك‬
‫مشاورات واتصالت عسععكرية ‪ ،‬للععترتيب لنشععاء هععذه الشععبكة ‪،‬‬
‫ولعداد التفصيلت الفنية المتعّلقععة بهععا … وح عّذر الخععبراء مععن‬
‫الُمخطعععط العسعععكري السعععرائيلي ‪ ،‬لضعععرب الععععراق بالقنابعععل‬
‫النيترونية ‪ ،‬والععتي سععيتم إطلقهععا علععى منطقععة غععرب العععراق ‪،‬‬
‫وفععق إعلن ) شععارون ( ‪ .‬الععتي تعتععبر نقلععة نوعيععة فععي التسععلح‬
‫بالمنطقة …‬
‫وأوضح العععالم الفيزيععائي الععدكتور طععارق النمععر ‪ ،‬بقععوله ‪ " :‬أن‬
‫القنابل النيوترونية النوويععة ‪ ،‬هععي قنابععل إشعععاعية ‪ ،‬ذات أحجععام‬
‫مختلفة ‪ ،‬منها أسطوانات إبرية فععي حجععم القلععم ‪ ،‬وتسععتطيع قتععل‬
‫جميع الكائنات الحية ‪ ،‬في مساحة قطرها ُمحّدد سلفا ‪ ،‬وتأثير كل‬
‫قنبلععة منهععا يتحععدد حسععب حجمهععا ‪ ،‬بحيععث يتععم زراعتهععا داخععل‬
‫الراضي العراقية ‪ ،‬وفي الوقت المحدد ‪ ،‬سيتم تفجير هذه القنابل‬
‫بواسطة أشعة الليزر … وأن إسعرائيل مهتمعة بتجربعة أسعلحتها‬
‫الجديدة على أرض العراق ‪ ،‬بعدما نفذت عدة تجارب أسععفل ميععاه‬
‫خليج العقبععة … ول أسععتبعد أن تعمععل أمريكععا وبريطانيععا ‪ ،‬علععى‬
‫زرع قنابل نيوترونية في مناطق من العراق ‪ ،‬بحيث تبقععى بغععداد‬
‫تحت التهديد الدائم ‪ ،‬بتدمير حقول القنابععل النيوترونيععة بواسععطة‬
‫أشعة الليزر ‪ ،‬في نطاق العقوبات الذكية " ‪.‬‬
‫ما لفععت انتبععاهي فععي هععذا التقريععر الصععحفي ‪ ،‬هععو انسععجامه مععع‬
‫المخاوف اليهودية التوراتية ‪ ،‬حيث ُيسّمي الدول والمناطق الععتي‬
‫تضم الدول المعادية لسرائيل توراتيا ‪ ،‬ومنهععا إيععران والعععراق ‪،‬‬
‫‪528‬‬
‫وليبيععا فععي شععمال إفريقيععا ‪ ،‬والسععودان وإثيوبيععا بمحععاذاة البحععر‬
‫الحمععر ‪ ،‬واللتععان كانتععا قععديما دولععة واحععدة ‪ ،‬وُيشععير أيضععا إلععى‬
‫ضععرورة ضععرب العععراق ‪ ،‬حسععب مععا تععدعو وُتحععّرض عليععه‬
‫النصوص التوراتية ‪ .‬ولفت انتبععاهي أيضععا الععتركيز علععى منطقععة‬
‫غععرب العععراق ‪ ،‬الععتي مععن المتوقععع ‪ ،‬أن يتواجععد فيهععا الجيععش‬
‫العراقي ‪ ،‬قبل تحّركه لغزو لسرائيل ‪.‬‬
‫وفي تقرير آخر من واشنطن ‪ ،‬للصفحي محمععد دلبععح ‪ُ ،‬نشععر فععي‬
‫جريدة الدستور الردنية ) التاريخ غير مّوثق ( ‪ ،‬يقول فيه ‪:‬‬
‫" تبحععث وزارة الععدفاع المريكيععة ) البنتععاغون ( ‪ ،‬إنتععاج قنابععل‬
‫نوويععة مععن نععوع جديععد ‪ ،‬قععادرة علععى اخععتراق مراكععز القيععادة ‪،‬‬
‫والتحصينات التي يستخدمها الزعمععاء والقععادة ‪ .‬ونقلععت صععحيفة‬
‫) واشعععنطن بوسعععت ( ععععن مصعععادر فعععي الحكومعععة المريكيعععة‬
‫والكونغرس قولها ‪ :‬أن الهدف من إنتاج هذه القنابل ‪ ،‬هو تجّنععب‬
‫ما ُتس‍ّميه الحكومععة المريكيععة الضععرار الجانبيععة ‪ ،‬الععتي ُتحععدثها‬
‫السلحة التدميرية بأنواعها ‪ .‬ويقول المععدافعون عععن هععذا النععوع‬
‫من القنابل النووية الصععغيرة – مقارنععة بغيرهععا – أنهععا قععد تعمععل‬
‫علععى قيععام الوليععات المتحععدة ‪ ،‬بتخفيععض مخزونهععا الحععالي مععن‬
‫القنابل النووية ‪ ،‬دون أن تتع عّرض مفاهيمهععا المنيععة لخطععار أو‬
‫ي وزيعععر العععدفاع‬‫تععععديلت ‪ .‬ونسعععبت الصعععحيفة إلعععى مستشعععار ّ‬
‫المريكععي ) دونالععد رامسععفيلد ( قععوله ‪ :‬أن السععلحة النوويععة‬
‫المريكية الحالية ‪ ،‬لن تردع الرئيس العراقي صدام حسين ‪ ،‬لنه‬
‫يعلم بأن الرئيس المريكي ‪ ،‬لن يقوم بإلقاء قنبلة نوويععة – بقععوة‬
‫مائة كيلو طن ‪ -‬علععى بغععداد ‪ ،‬لُيععدّمر المدينععة بأكملهععا ‪ ،‬ويقضععي‬
‫سعّكانها ‪ ،‬بهععدف القضععاء علععى أسععلحة الععدمار الشععامل …‬ ‫على ُ‬
‫ومن ناحيععة أخععرى ‪ ،‬يعععتزم اتحععاد العلمععاء المريكييععن ‪ ،‬إصععدار‬
‫‪529‬‬
‫تقرير هذا السبوع يقول فيه " أن إضافة هذا النوع مععن القنابععل‬
‫النووية ‪ ،‬إلى المخزون النووي في العالم ‪ ،‬سيجعل استخدام هععذا‬
‫النوع من السلح أكثر احتمال " ‪.‬‬
‫أستطيع القول بأن التفكير المريكععي السععرائيلي العسععكري علععى‬
‫المدى القريب ‪ ،‬بعد المعارضة والدانععة العالميععة لضععربهم بغععداد‬
‫مؤخرا ‪ ،‬سيكون محصورا في الردع وليععس فععي الهجععوم ‪ ،‬لعععدم‬
‫وجععود ذريعععة للهجععوم مقبولععة دوليععا ‪ ) ،‬كذريعععة القضععاء علععى‬
‫أسلحة الدمار الشامل العراقية ( ‪ ،‬منتظرين فبركة مؤامرة جديدة‬
‫‪ ،‬أو تحّرك عراقي خاطئ ‪ ،‬وأعتقد أنهم سُيحاولون استفزازه في‬
‫المستقبل القريب ‪ ،‬بشتى الوسائل والسبل ‪ ،‬ليعلنوا عليه حربهععم‬
‫الشاملة ‪ .‬أما على المدى البعيد – إن لععم ُيعطهععم الععراق الذريععة‬
‫ن تلك الحرب – أستطيع القول ‪ ،‬أنهععم وفععور امتلكهععم للععدرع‬ ‫لش ّ‬
‫النووي – الذي سيكون جاهزا بعد خمس سنوات حسب تقععديرهم‬
‫– والذي سُيوفر لهم الحماية من أي ردود فعل نووية ‪ ،‬سيشّنون‬
‫حربهم الُمقّدسععة علععى العععراق ‪ ،‬وسععيقومون بضععربه بوابععل مععن‬
‫القنابعععل النوويعععة ‪ ،‬حعععتى يغعععدو صعععحراء قاحلعععة خاويعععة علعععى‬
‫عروشها ‪ .‬لكي يتخلص يهود العالم ‪ ،‬مععن هععذا الرعععب التععوراتي‬
‫الُمسّلط على رقابهم ‪ ،‬لينتظروا بسععلم ملكهععم العذي سعيظهر فعي‬
‫القدس ‪ ،‬والذي سيعيشون معه أحلمهم الوردية إلى البد ‪ ،‬ومن‬
‫المحتمععل جععدا أن تكععون الضععربة النوويععة للعععراق ‪ ،‬كععرد فعععل‬
‫أمريكععي علععى الععدخول العراقععي لفلسععطين ‪ ،‬لتبععدأ بععذلك الحععرب‬
‫العالمية الثالثة ‪.‬‬

‫‪530‬‬
‫الموقف العالمي إزاء العراق ‪:‬‬
‫كانت غاية الغرب في السنوات الخيععرة ومععا زالععت ‪ ،‬هععي تععدمير‬
‫العراق تحقيقععا لرغبععات اليهععود فععي حمايععة إسععرائيل ‪ .‬ومععا كععان‬
‫للغرب أن ُيحّقق هذا الهدف ‪ ،‬بالخروج على العراف والمواثيععق‬
‫الدوليععة ‪ ،‬بععأي شععكل مععن الشععكال ‪ ،‬كالقيععام بعععدوان مباشععر‬
‫ومكشوف على العععراق ‪ ،‬ومععا كععان لمريكععا بعظمتهععا ‪ ،‬أن تقععوم‬
‫منفردة بعمل عدواني ضد العراق ‪ ،‬لنها في هذه الحالة سععتجابه‬
‫العالم بأسععره ‪ .‬وبمععا أن معآرب اليهععود ‪ ،‬مععن خلل إشعععال حعرب‬
‫الخليج الولى ‪ ،‬لم تتحّقق ‪ .‬بل على العكس من ذلك تماما ‪ ،‬خرج‬
‫العراق من هعذه الحعرب محتفظعا بقعوته ‪ ،‬وقعامت قيعادته بتهديعد‬
‫إسرائيل جهارا نهارا ‪ ،‬بحرق نصف إسرائيل حال اعتدائها علععى‬
‫ك لليهود علععى جععرب‬ ‫أي بلد عربي ‪ ،‬فكانت هذه القيادة " كمن ح ّ‬
‫"‪.‬‬
‫آنذاك قامت الدنيا ولم تقعععد ‪ ،‬طبععل وزمععر فععي الشععرق والغععرب ‪،‬‬
‫لتأكيد عدوانية العراق ونازيته ‪ ،‬فحرق اليهععود هععو فعععل هتلععر ّ‬
‫ي‬
‫ي ‪ ،‬وكان ذلك لتهيئة الرأي الغربي والعالمي ‪ ،‬لستقبال هتلر‬ ‫ناز ّ‬
‫جديد يسعععى لحععرق اليهععود ‪ .‬وفععي الخفععاء كععانت ُتطبععخ مععؤامرة‬
‫خضت عن غععزو العععراق للكععويت ‪ ،‬وبععذلك اسععتطاعت‬ ‫جديدة ‪ ،‬تم ّ‬
‫أمريكا ‪ ،‬أن ُتوجد مبّررا قانونيععا لتععدمير العععراق ‪ ،‬فغععزو العععراق‬
‫للكويت ‪ ،‬كان مخالفععا للقععوانين والعععراف والمواثيععق الدوليععة ‪،‬‬
‫وبععذلك اسععتطاعوا إضععفاء الشععرعية علععى عععدوانيتهم ‪ ،‬لتحقيععق‬
‫مآربهم الحقيقية تحععت غطععاء الشععرعية الدوليععة ‪ ،‬وبععدل مععن أن‬
‫تواجه أمريكا المعتدية العالم بأسره ‪ ،‬أصبحت الضععحية العراقيععة‬
‫تواجه العالم ‪ ،‬بعد أن أصبحت معتدية ‪ ،‬كمععا حصععل مععع ألمانيععا ‪،‬‬
‫بنفس السيناريو ما قبل الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬وبكل حيثيععاته ‪،‬‬
‫‪531‬‬
‫والسبب هو عععداء قيععادة البلععدين لسععياد العععالم ‪ ،‬وبععذلك ُأجععبرت‬
‫دول العالم المختلفة ‪ ،‬على اتخععاذ موقععف معععادي للعععراق ‪ ،‬حععتى‬
‫من قبل حلفاءه التقليديين ‪ ،‬في ذلك الوقت ‪.‬‬
‫أما في الوقت الحالي ‪ ،‬فقد بدأت دول العالم مؤخرا ‪ ،‬تصععحو مععن‬
‫أكععاذيب الدارات المريكيععة المتعاقبععة ‪ ،‬لتععبرير مععا تنتهجععه مععن‬
‫سياسات إزاء العراق ‪ ،‬فكل المبّررات السابقة لم تعععد موجععودة ‪،‬‬
‫وأصععبحت العمععال المريكيععة العدوانيععة ‪ُ ،‬تجععابه بالمعارضععة‬
‫الشععديدة مععن قبععل أغلععب دول العععالم ‪ .‬وحععتى قععرارات الشععرعية‬
‫الدوليععة ‪ ،‬تميععل كععثير مععن الععدول ومنهععا روسععيا والصععين ‪ ،‬إلععى‬
‫التغاضي عن البحث ‪ ،‬في مسألة التزام العععراق بهععا مععن عععدمه ‪،‬‬
‫ومنها مسألة فرق التفتيش ععن السععلحة ‪ .‬بععل تعمععد هعذه الععدول‬
‫أحيانا ‪ ،‬إلى خرق هذه القرارات سرا ‪ ،‬حتى وصل المر بمجلععس‬
‫الععدوما الروسععي ‪ ،‬إلععى المطالبععة بالتصععويت ‪ ،‬علععى عمليععة رفععع‬
‫الحصار عن العراق من جانب واحد ‪ .‬أما الكثر تمسععكا بقععرارات‬
‫الشرعية الدولية ‪ ،‬فهععم الععذين يععذرفون دمععوع التماسععيح ‪ ،‬علععى‬
‫الشعععب العراقععي ‪ ،‬بععدعوى أنهععم حريصععون علععى مصععلحة هععذا‬
‫الشعب ‪ ،‬وأن قيادة هذا الشعب ليسععت حريصععة عليععه ‪ ،‬بمععا أنهععا‬
‫عصت وتمّردت على قرارات الشرعية الدولية ‪ ،‬التي جعلععوا مععن‬
‫يعصيها ‪ ،‬بمنزلة من عصى ال ‪ ،‬إن لم تكن أعظم ‪.‬‬
‫وأمععا دعععوى المريكععان ‪ ،‬بععأن العععراق ُيشععكل تهديععدا للمصععالح‬
‫المريكية ‪ ،‬في منطقعة الشععرق الوسعط ‪ ،‬وأهععم هععذه المصعالح ‪،‬‬
‫هععي تععدفق النفععط بأسعععار معقولععة ‪ ،‬واسععتمرارية فتععح السععواق‬
‫الخليجيععة للبضععائع المريكيععة ‪ ،‬فهععي دعععوى باطلععة ‪ ،‬فهععذان‬
‫المران هما تحصيل حاصل ‪ ،‬منذ اغتيال الزعيم العربي الوحيد ‪،‬‬
‫الععذي عععارض اللععه المريكععي بقطععع النفععط ‪ ،‬ليشعّل بععذلك العععالم‬
‫‪532‬‬
‫الغربي بأسره ‪ .‬وأما التذّرع بعدوانية العراق على جيرانه بغععزوه‬
‫للكويت ‪ ،‬فهو محض افتراء ‪ ،‬لن مععن أجععبر العععراق علععى غععزو‬
‫الكويت ‪ ،‬هم المريكان بعلععم ‪ ،‬وحلفععائهم الكويععتيون بغيععر علععم ‪،‬‬
‫وبتخطيط وتدبير وتشجيع من المريكان أنفسععهم لكل الطرفيععن ‪،‬‬
‫وبمسععاعدة مععن العععرب أنفسععهم ‪ .‬لنخلععص إلععى القععول أن العععداء‬
‫المريكي للعراق ‪ ،‬أصبح غير مبّرر ‪ ،‬في نظر شعوب العالم كافة‬
‫‪ ،‬حععتى مععن قبععل الشعععب المريكععي نفسععه ‪ ،‬الععذي أصععبح ُيحععرج‬
‫قادته ‪ ،‬بتفنيد كافة الحجج والذرائع ‪ ،‬التي ُيبّررون فيها مواقفهم‬
‫المتناقضة من العراق وإسرائيل ‪.‬‬
‫ولنخلص إلى القول ‪ ،‬أول ؛ بععأن الموقععف العععالمي إزاء الصععراع‬
‫المريكي العراقي ‪ ،‬أصبح مختلفا بععل مغععايرا لمععا كععان عليععه فععي‬
‫السابق ‪ ،‬فهناك بعض الدول العظمى وحتى الصغرى منها ‪ ،‬باتت‬
‫تتخذ موقفا مناهضا لمريكععا ولسععرائيل ‪ ،‬ومتعاطفععا مععع العععراق‬
‫وفلسطين ‪ ،‬وخير مثععال علععى ذلععك موقععف كولومبيععا فععي مجلععس‬
‫المن المؤيد ‪ ،‬لرسععال قععوة حمايعة دوليعة للفلسعطينيين ‪ ،‬مبديععة‬
‫عدم اكتراثهععا بمقاطعععات أمريكععا القتصععادية ‪ ،‬ومععوقفي كععل مععن‬
‫روسععيا والصععين ‪ .‬وثانيععا ؛ بععأن الموقععف المريكععي المعععادي‬
‫للعراق ‪ ،‬عند عدم عزوه للمخاوف التوراتيععة اليهوديععة ‪ُ ،‬يصععبح‬
‫أمرا ل ُيمكن فهمه من قبل الخرين ‪.‬‬
‫الموقف العربي من العراق ‪:‬‬
‫دأبععت أمريكععا علععى دفععع المععور ‪ ،‬باتجععاه جعععل الععرأي العععالمي‬
‫والعربععي والعراقععي ‪ ،‬يعتقععد بععأن السععبب فععي معانععاة الشعععب‬
‫العراقي ‪ ،‬هو القيادة العراقيععة بتوجهاتهععا العدوانيععة ‪ ،‬حععتى بععات‬
‫كثير من العرب ‪ ،‬يعتقدون بأن هذه القيادة هي السبب الحقيقععي ‪،‬‬
‫‪533‬‬
‫فيما وصل إليه العرب من ذل وهوان وفرقة ‪ ،‬وضععياع لععثرواتهم‬
‫النفطية ‪ ،‬فضل عما كانوا عليععه فععي السععابق ‪ .‬بععل مضععى الكععثير‬
‫منهم إلى أبعد من ذلك ‪ ،‬فععاتهموا هععذه القيععادة بالتععآمر والتواطععؤ‬
‫مع الغرب نفسععه ‪ ،‬ضععد العععرب وضععد الشعععب العراقععي ‪ ،‬ليصععبح‬
‫إسقاط القيادة العراقية مطلبععا عالميععا وعربيععا وعراقيععا ‪ ،‬وليبقععى‬
‫رفععع المعانععاة عععن الشعععب العراقععي مرتبطععا ‪ ،‬بإسععقاط القيععادة‬
‫العراقية الحالية ‪ .‬وهذا مما جعل البعض يذهب إلى القول أيضععا ‪،‬‬
‫أن الغرب مستفيد من وجود القيادة العراقية على رأس السلطة ‪،‬‬
‫لذلك ل يرغب بإسقاطها ‪ ،‬وأن الرئيس العراقي متآمر ومتععواطئ‬
‫مع أمريكا ‪ ،‬للضرار بشعبه وأمته ‪ ،‬وحتى ضربه لسرائيل كععان‬
‫فقط ‪ ،‬لذر الرماد في العيون ‪ .‬ولو أن أمريكا لم تكن مستفيدة من‬
‫وجوده ‪ ،‬لعملت على إزاحته ‪ ،‬تأليها من أولئك لمريكا بغير علععم‬
‫‪ ،‬وكأّنها القادر على كل شيء ‪.‬‬
‫وكما أخطأ الشريف حسين بوضع ثقته في النكليز ‪ ،‬فععي الحععرب‬
‫العالمية الولى ‪ ،‬وساهم بتنفيععذ مخططعات اليهعود ‪ ،‬معن حيععث ل‬
‫يدري ‪ ،‬أخطأت القيععادة العراقيععة مرتيععن ‪ ،‬عنععدما وثقععت بأمريكععا‬
‫وبعض مواليها من العرب ‪ ،‬المتآمرين في ظهر الغيععب ‪ ،‬فععانطلى‬
‫عليها معسول الكلم ‪ ،‬فسيق العراق كما ُيساق الفهععد إلععى قفععص‬
‫الصععياد ‪ ،‬فععدخل حربيععن مععدمرتين ‪ ،‬كععان الهععدف منهمععا تحطيععم‬
‫قدراته ‪ .‬وعلى ما يبدو أن هععذه القيععادة اسععتيقظت مععن غفوتهععا ‪،‬‬
‫فور دخولها للكويت ‪ ،‬وانكشاف الوجه الحقيقي لمريكععا ‪ ،‬ولكععن‬
‫بعد فوات الوان ‪ ،‬فانسحبت من حرب الخليج الثانية ‪ ،‬لنقععاذ مععا‬
‫يمكن إنقاذه ‪ ،‬ولكن المتآمرون على العراق من عرب وعجم ‪ ،‬لم‬
‫ُيعطوها الفرصة للتقاط أنفاسها ‪ ،‬فتوالت قرارات مجلععس المععن‬
‫تباعا ‪ ،‬وكان الحصار الذي لم يكن فععي الحسععبان ‪ ،‬وكععانت لجععان‬
‫‪534‬‬
‫حصر المارد العراقي ‪ ،‬في قمقم‬ ‫التفتيش ‪ ،‬وكانت التعويضات ‪ ،‬ف ُ‬
‫قرارات مجلس المن الدولي ‪ ،‬ريثما يجد المتآمرون عليه طريقة‬
‫للجهاز عليه تماما ‪.‬‬
‫كان مقتل القيادة العراقية الول ‪ ،‬الععذي اسععتغله المتععآمرون خيععر‬
‫استغلل ‪ ،‬هي ما يتمتع به العراقيون إجمال ‪ ،‬مععن صععفات العععزة‬
‫والنفعععة وامتلكهعععم للقعععوة ‪ ،‬وععععدم قبعععولهم للعععذل والهعععوان ‪،‬‬
‫والتطععاول عليهععم مععن قبععل الخريععن ‪ .‬فعنععدما ُأغععري الكويععتيون‬
‫بالتطاول على الععراق ‪ ،‬كعانت الحعرب النتقاميعة ‪ .‬وكعان المقتعل‬
‫الثاني وما زال ‪ ،‬هو أن العراقيين رجال حععرب ‪ ،‬وليسععوا برجععال‬
‫مكر وكذب ومراء ‪ .‬لذلك كان من السهولة بمععا كععان ‪ ،‬أن تنطلععي‬
‫عليهم دسائس المكرة الفجععرة مععن الغععرب والشععرق ‪ .‬وأمععا رجععم‬
‫القيععادة العراقيععة بالخيانععة والتواطععؤ مععع الغععرب ‪ ،‬مععن بعععض‬
‫المحبطيععن العععرب ‪ ،‬فععذلك أول ‪ :‬لجهلهععم بمععا يععدور فععي مطابععخ‬
‫الغرب والشرق ‪ ،‬ضد هذه المة بشكل عام ‪ ،‬وضد العراق بشععكل‬
‫خاص ‪ ،‬وثانيا ‪ :‬لخيبة أملهم فيما عقدوه من آمال ‪ ،‬على القيععادة‬
‫العراقية ‪ ،‬لرفع حالة الذل والهوان المزمنة الععتي ُيعععانون منهععا ‪،‬‬
‫وخاصة بعد أن توقفت الصواريخ العراقيععة ‪ ،‬الععتي كععانت تضععيء‬
‫سماء العروبععة ‪ ،‬لتععدك معاقععل الصععهاينة ‪ ،‬قبععل أن تتحّقععق أحلم‬
‫الشعب العربي في العزة والكرامة ‪.‬‬
‫دوافع ومبررات العراق لمحو إسرائيل عن‬
‫الوجود ‪:‬‬
‫‪ .1‬التخّلص من الشعععور بعقععدة الععذنب ‪ ،‬حيععث أن أفعععال القيععادة‬
‫العراقيععة ‪ ،‬أضعّرت حقيقعة بالشععب العراقععي والمعة العربيعة ‪،‬‬
‫حتى لو كانت عن غير قصد ‪.‬‬
‫‪535‬‬
‫‪ .2‬تععبيض الصععفحة ونفععي تهمععة الخيانععة والتواطععؤ ‪ ،‬حيععث أن‬
‫القيادة العراقية ‪ ،‬أصبحت متهمة من قبل الخرين ‪.‬‬
‫‪ .3‬ضعععرورة التععععويض عمعععا لحعععق الشععععب العراقعععي والمعععة‬
‫العربية ‪ ،‬من ذل وهوان نتيجة النكسار العراقي ‪.‬‬
‫‪ .4‬إثبععات القععدرة العراقيععة علععى النهععوض بالمععة العربيععة ‪،‬‬
‫وقيادتها لما تصبو إليه من منازل العز والكرامة ‪ ،‬والتي طالما‬
‫كانت تتحدث عنها فيما مضععى ‪ ،‬ولكنهععا لععم تفلععح لغايععة الن ‪،‬‬
‫مما شّكك في مصداقية القيعادة العراقيععة ‪ ،‬فعي تصعديها لهمعوم‬
‫المة العربية ‪ ،‬كما تّدعي ‪.‬‬
‫‪ .5‬إثبععات صععدق تبنععي القيععادة العراقيععة ‪ ،‬لمقولععة " عاشععت‬
‫فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر " ‪ ،‬والتي ُتعتععبر مععن‬
‫أولويات الحزب الحاكم ‪.‬‬
‫‪ .6‬الخروج مععن الوضععع المأسععاوي والُمهيععن ‪ ،‬الععذي نجععم عععن‬
‫الحصار البدي ‪ ،‬المفروض على العراق منذ أحد عشر عاما ‪.‬‬
‫‪ .7‬قطععع الطريععق علععى المخططععات اليهوديععة المريكيععة لتععدمير‬
‫العراق ‪ ،‬التي أصبح العراقيون يعونها تماما ‪.‬‬
‫‪ .8‬النتقام مععن التطععاول السععرائيلي الجبععان ‪ ،‬بضععرب المفاعععل‬
‫النووي العراقي ‪ ،‬أثناء انشغاله في الحرب مع إيران ‪.‬‬
‫‪ .9‬النتقام من التطاول المريكي ‪ ،‬بتكنولوجيته الجبانععة ‪ ،‬أثنععاء‬
‫وما بعد حرب الخليج الثانية ‪.‬‬
‫‪ .10‬إظهار عدم مقدرة أمريكا ‪ ،‬على حماية مسععخها الخععداج فععي‬
‫المنطقة ‪ ،‬في أي مواجهة عسكرية حقيقية ‪.‬‬

‫‪536‬‬
‫‪ .11‬سلبية مواقف القيادات العربيعة غيعر المعبّررة معن الععراق ‪،‬‬
‫ويأس القيادة العراقية وقنوطها من هذه القيادات ‪ ،‬خاصة بعععد‬
‫مؤتمري القمة الخيرين ‪ ،‬في القاهرة وعمان ‪.‬‬
‫‪ .12‬تعّلععق آمععال الشعععب الفلسععطيني اليععائس ‪ ،‬بصععحوة المععارد‬
‫العراقي المحاصر ‪ ،‬وخروجه من القامة الجبرية في القمقععم ‪.‬‬
‫وهذا ما ُيظهره الفلسطينيون أثناء مسيراتهم ‪ ،‬مععن خلل رفععع‬
‫صور الرئيس العراقي ‪ ،‬والعلم العراقية ‪.‬‬
‫‪ .13‬حاجة الشعوب العربية إلى بطل حقيقي يعيععد لهععا أمجادهععا ‪،‬‬
‫فععي زمععن ع عّزت فيععه البطولععة ‪ ،‬إل مععن بطععولت ‪ ،‬علععى نمععط‬
‫بطولت الدون كيشععوت ‪ ،‬فععي معععاركه مععع طععواحين الهععواء ‪،‬‬
‫التي ما فتئت تتغنى بهععا وبأبطالهععا شاشععات التلفععزة العربيععة ‪،‬‬
‫ليل ونهارا ‪.‬‬
‫‪ .14‬العععراق ‪ ،‬غريععق لععن يخشععى البلععل ‪ ،‬وعلععى مععا يبععدو ‪ ،‬أنععه‬
‫سععيعمل علععى مبععدأ " أنععا والطوفععان مععن بعععدي " ‪ ،‬وإن لععم‬
‫يكسب ‪ ،‬فل شيء يخسره ‪.‬‬
‫‪ .15‬الستفزاز أو العدوان المريكي القادم ‪ ،‬بناًء على التحريض‬
‫اليهععودي ‪ ،‬كمععا ورد فععي تقريععر واشععنطن ‪ ،‬بإثععارة مسععألة‬
‫المفتشين ‪ ،‬مع نهاية شهر ‪11/2001‬م ‪ ،‬أو بإثارة فتنة جديدة‬
‫‪ ،‬تدفع العراق للقيام بعمل عدواني ‪ ،‬داخل أو خارج أراضيه ‪.‬‬
‫دث عن علقة ثأرية بينن‬ ‫النص القرآني يتح ّ‬
‫طرفين ‪ ،‬ول اعتبار لي طرف آخر ‪:‬‬
‫يتحععّدث النععص القرآنععي عععن نععزاع بيععن طرفيععن ‪ ،‬فععي سععورة‬
‫السععراء ‪ ،‬تربععط مععا بينهمععا علقععة ثأريععة متأصععلة فععي النفععس‬
‫اليهودية ‪ ،‬منذ آلف السععنين ‪ ،‬ول يضععع فععي حسععبانه أي طععرف‬
‫‪537‬‬
‫ظعم شعأنه أو صعُغر ‪ ،‬وكعأنه ل يوجعد علعى الكععرة‬ ‫آخعر ‪ ،‬مهمععا ع ُ‬
‫الرضية ‪ ،‬سوى اليهود وأولئك العباد ‪ .‬وهذا ما نجععده فععي اليععة‬
‫عمُْتعْم‬
‫عوا اّلِذينَ َز َ‬ ‫السادسة والخمسين من سورة السراء ) ُقِل اْد ُ‬
‫ح عِويلً )‪(56‬ع ‪،‬‬ ‫ض عّر عَْنُك عْم ‪َ ،‬وَل َت ْ‬
‫ف ال ّ‬
‫ش َ‬‫ن َك ْ‬
‫ل َيْمِلُكو َ‬
‫ن ُدوِنِه ‪َ ،‬ف َ‬
‫ِم ْ‬
‫ضّر ( ورد في القرآن ‪ (29) ،‬مرة فقط ‪ ،‬وبمعنى واحععد‬ ‫ولفظ ) ال ّ‬
‫هو الذى أو العذاب في الحياة الدنيا ‪ ،‬والمعنى الجمععالي لليععة ‪،‬‬
‫بأن ال سبحانه وتعالى ‪ُ ،‬يخاطب ُأناسا أثنععاء نععزول العععذاب بهععم‬
‫متحديا إّياهم ‪ ،‬بدعوة من اّتكلوا عليهم مععن دونععه ‪ ،‬لرفععع عععذاب‬
‫ال عنهم ‪ .‬ووعد الخرة هو وعد إلهي لليهود بالعذاب – وليس‬
‫للمسلمين بالنصر ‪ -‬سيقع ل محالة ‪ ،‬والذين نهاهم ال في نفععس‬
‫السورة ‪ ،‬عن اتخاذ وكلء من دونه ‪ ،‬هم بنوا إسرائيل أنفسهم ‪،‬‬
‫ولن يملك أحد من الجن والنس ‪ ،‬رفعه أو حتى تحععويله عنهععم ‪،‬‬
‫ولكن كيف ؟‬
‫لنتفق أول على أن تحقق هذا الوعععد ‪ ،‬بغععزو العععراق لسععرائيل ‪،‬‬
‫يعتمد أساسا على انفراد العراق بإسرائيل ‪ ،‬ويمكن لهذا المر أن‬
‫يتحّقق في حالتين ‪:‬‬
‫الحتمععال الول ‪ :‬أن يكععون هععذا الغععزو مسععبوقا ‪ ،‬بععدمار جميععع‬
‫القوى العسكرية التي يمتلكها الغرب وإسععرائيل ‪ ،‬كنتيجععة لتععدخل‬
‫بشععري بقيععام حععرب نوويععة عالميععة ‪ ،‬بيععن الغععرب والشععرق ‪ ،‬أو‬
‫كنتيجة لتدخل إلهي ‪ ،‬بإحداث كوارث طبيعية هائلععة فععي الغععرب ‪،‬‬
‫شبيهة بأحداث يوم القيامة ‪.‬‬
‫الحتمععال الثععاني ‪ :‬أن يكععون هععذا الغععزو ضععمن معطيععات الواقععع‬
‫الحالي ‪ ،‬مع بقعاء جميعع القععوى العسعكرية الععتي يمتلكهععا الغععرب‬
‫وإسرائيل ‪ .‬باستخدام العراق لتقنيات وخطععط عسععكرية بسععيطة ‪،‬‬
‫‪538‬‬
‫تحمل في طياتها منطععق عسععكري جديععد ‪ ،‬لععم تععألفه الشعععوب ول‬
‫تتوقعه ضمن المعطيات الحالية ‪ ،‬يكون مععن شععأنه أثنععاء الغععزو ‪،‬‬
‫إلغاء أو تهميش القدرات العسكرية السرائيلية والغربية كليا ‪.‬‬
‫والحتمال الول ضعيف جدا ‪ ،‬حيععث أنععه يتطلععب أن تقععوم القععوى‬
‫الغربيععة ‪ ،‬بفعععل عععدواني ُيه عّدد السععتقرار العععالمي ‪ ،‬ممععا ُيجععبر‬
‫القوى الشرقية المتمثلة بروسيا والصين مثل ‪ ،‬على الععرد بشععكل‬
‫عنيف ومععدّمر ‪ ،‬لعععادة المععور إلععى نصععابها ‪ .‬وضععمن المنظععور‬
‫القريب ل يوجد من السباب ‪ ،‬ما يدفع القوى الغربية للقيام بمثععل‬
‫هذا الفعل العدواني ‪ .‬أمععا الفعععل اللهععي بتععدمير القععوى الغربيععة ‪،‬‬
‫فهو أمر مستبعد كليا ‪ ،‬لن الحاديث النبوية ‪ ،‬فيما ُيخص الفععترة‬
‫الزمنية التي يظهر فيهععا المهععدي ‪ُ ،‬تشععير إلععى فنععاء التكنولوجيععا‬
‫العسكرية وغير العسكرية بمجملها ‪ ،‬سواء ما يمتلكه الشععرق أو‬
‫ما يمتلكه الغرب ‪ ،‬ول ُتشير إلععى فنععاء جميععع الععدول والشعععوب ‪،‬‬
‫التي تمتلك هذه التكنولوجيا ‪ ،‬فكيف فنيععت التكنولوجيععا بكليتهععا ‪،‬‬
‫ولم تفنى الشعوب … ؟!‬
‫وهذا مما يؤكد أمرين ‪ ،‬أول ‪ :‬بقععاء بعععض الععدول وفنععاء البعععض‬
‫الخععر ‪ ،‬وثانيععا ‪ :‬فنععاء جميععع السععلحة المتطععورة وعلععى رأسععها‬
‫السععلحة النوويععة مععن كل الطرفيععن ‪ .‬فالععدمار القععادم للحضععارة‬
‫صل ل محالة ‪ ،‬وعلى ما يبدو ‪ ،‬من ج عّراء‬ ‫الغربية برمتها ‪ ،‬سيتح ّ‬
‫حععرب عالميععة نوويععة مععدمرة ‪ ،‬تسععتنفذ فيهععا كافععة السععلحة‬
‫المتطععورة مععن علععى وجععه البسععيطة ‪ ،‬مععع بقععاء بعععض الشعععوب‬
‫المنتصرة ‪ ،‬بعد أن تكون ألقت ما في جعبتها مععن أسععلحة ‪ ،‬علععى‬
‫خصععومها المنكسععرة ‪ ،‬وبععذلك يغععدو مععن الممكععن قيععام الخلفععة‬
‫السلمية ‪ ،‬في ظل غياب تلك القوى ‪ ،‬ليحكععم الكععون بأسععره ‪ ،‬إذ‬

‫‪539‬‬
‫ل بععد للنصععر مععن أسععباب ومسععببات ماديععة ‪ ،‬فضععل عععن العقععائد‬
‫الروحية ‪.‬‬
‫أما الحتمال الثاني فهو القوى ‪ ،‬إذ أن المؤشرات علععى السععاحة‬
‫العالمية والمحلية ‪ ،‬تؤكد على أن العراق ‪ ،‬لن يسععتطيع الصععمود‬
‫حععتى وقععت متععأخر جععدا ‪ ،‬فصععبر القيععادة العراقيععة بععدأ ينفععذ ‪،‬‬
‫والتحركععات السياسععية المتعععددة للخلص مععن الحصععار ‪ ،‬علععى‬
‫المستوى القليمي والدولي باتت غير مجدية ‪ ،‬ورغععم كععل ذلععك ‪،‬‬
‫ل يبدو أن هناك ضععوء فععي آخععر النفععق ‪ ،‬والضععغوط والتهديععدات‬
‫المريكيععة فععي تزايععد مسععتمر ‪ ،‬فل بععد لهععا مععن القيععام بعمععل مععا‬
‫لتحريك المور ‪ ،‬أو قلبها رأسا على عقب ‪ .‬وكذلك المر بالنسبة‬
‫للشعب الفلسطيني في فلسطين ‪ ،‬إذا ما اسععتمر الحععال ‪ ،‬علععى مععا‬
‫هو عليه من الخذلن العربي والعالمي ‪ ،‬فهو أقرب إلععى النهيععار‬
‫منععه إلععى السععتمرار ‪ ،‬وسععتكون النتيجععة مأسععاوية علععى المععدى‬
‫البعيد ‪ ،‬وعلى عكس مععا يتععوقعه النععاس منهععم ‪ ،‬فللنسععان طاقععة‬
‫محدودة على الصبر ‪ ،‬وسيبدأ الفلسطينيون مجّددا بالنسياب إلى‬
‫الخارج شيئا فشيئا ‪.‬‬
‫معطيات الواقع الحالي تؤكنند حتميننة نفنناذ‬
‫هذا الوعد في وقت قريب ‪:‬‬
‫وسّر قابلية نفاذ هذا الوعد في الوقت الراهععن ‪ ،‬يكمععن أول ‪ :‬فععي‬
‫القيادة الحالية للعراق ‪ ،‬التي إن زالت لن تتكّرر ‪ ،‬فهي التي تملك‬
‫إرادة الغزو ‪ ،‬بعدما تولدت لديها نتيجة عملية مخععاض عسععيرة ‪،‬‬
‫تمثلت بما لحق بالعراق ‪ ،‬من ظلم وإجحاف وإذلل فععي السععنوات‬
‫الخيرة ‪ ،‬على عهد هذه القيادة ‪ ،‬وهي الُمطالَبة بإزالة هذا الظلم‬
‫والهوان ‪ ،‬والثأر ممن تسعّبب فيععه ‪ ،‬وبعععث أولئك العبععاد المشععار‬
‫‪540‬‬
‫حنا سابقا ‪ ،‬قععائم علعى‬ ‫إليهم في النص القرآني أساسا ‪ ،‬وكما وض ّ‬
‫علقة ثأرية بينهم وبين اليهود ‪ ،‬غايته النتقام ليس إل ‪.‬‬
‫ويكمن ثانيا ‪ :‬في القيادة الحالية لسععرائيل ‪ ،‬بقيععادة أكععثر اليهععود‬
‫إجراما ووحشية ‪ ،‬ودورهععا فععي ازديععاد حعّدة ودمويععة النتفاضععة‬
‫الجديدة ‪ ،‬التي ساهمت وستساهم ‪ ،‬في استمرارية انغماس يهود‬
‫إسععرائيل فععي شععأنهم الععداخلي ‪ ،‬وإهمععالهم وعععدم التفععاتهم لمععن‬
‫يترّبص بهم الدوائر من الخارج ‪ ،‬مما يعطي فرصععة أكععبر لنجععاح‬
‫الغزو العراقي ‪.‬‬
‫ويكمن ثالثا ‪ :‬في حالععة المجتمععع السععرائيلي الراهنععة ‪ ،‬وخاصععة‬
‫بعد اختياره لقيادة هععي الكععثر دمويععة بيععن سععابقاتها ‪ ،‬وبأغلبيععة‬
‫ساحقة مما ُيشير إلى أن الشعب بكليته ‪ ،‬أصبح أيضا شعبا دمويا‬
‫فاسدا ومفسدا ‪ ،‬وعندما تصبح المة بأسرها تملك هذه الصععفة ‪،‬‬
‫وحسب السنن اللهيععة ‪ ،‬نجععد أن هلكهععا بععات وشععيكا جععدا ‪ .‬وإذا‬
‫علمنا أن السفاح ) شععارون ( يحمععل علععى عععاتقه ‪ ،‬تنفيععذ مجمععل‬
‫أحلم اليهود التوراتية ‪ ،‬الواردة في الفصول السابقة ‪ ،‬قبل نهاية‬
‫وليته ‪ ،‬وعلى رأسها هدم المسجد القصى ‪ ،‬نستطيع القول بععأن‬
‫هلك هذه المة ‪ ،‬لن يتجاوز الربع سنوات على أبعد الحتمالت‬
‫‪.‬‬
‫ويكمن رابعا ‪ :‬في القيادة الحالية المريكية غيععر المتزنععة ‪ ،‬الععتي‬
‫أعلنععت عععدائيتها غيععر المععبررة للعععراق ‪ ،‬وقععامت بضععربه فععور‬
‫تسععلمها للسععلطة ‪ ،‬دون سععابق إنععذار ‪ ،‬بععالرغم مععن سياسععاته‬
‫التصععالحية ‪ ،‬وتجععاوبه الكامععل مععع قععرارات الشععرعية الدوليععة ‪،‬‬
‫وانتهاجه لسلوب الحوار مع مجلس المن _ وكععل ذلععك لععم ولععن‬
‫ُيجدي نفعععا ‪ ،‬إذ أن المطلععوب مععن العععراق ‪ ،‬هععو عبععادة إسععرائيل‬
‫‪541‬‬
‫التي يعبدون ‪ ،‬وتقديم فروض الطاعة والولء للسامرّيون الجععدد‬
‫في الغرب المتصهين _ والتي أظهرت أيضا فععي المقابععل تغاضععيا‬
‫وصمتا ‪ ،‬على ما تقترفه القيادة السرائيلية ‪ ،‬بشكل غير مسبوق‬
‫‪ ،‬مما أثار حفيظعة حععتى المنععافقين مععن حلفععاء أمريكععا ‪ ،‬فتعععاقبت‬
‫التنديدات والنتقادات لهذا التصععرف الهععوج ‪ ،‬مععن قبععل الُمهعّرج‬
‫المريكي بوش ‪.‬‬
‫هععذا ‪ ،‬فضععل عمععا أثععارته القيععادة المريكيععة مععن اسععتياء عععالمي‬
‫ودولي ‪ ،‬لسياستها المعادية لععدول الشععرق القصععى والدنععى مععن‬
‫روسيا شمال وحتى اليمن جنوبا ‪ ،‬ومن الصين شرقا وحتى ليبيا‬
‫غربا ‪ ،‬ولحلفائها الغربيين من الدول غير المنحععازة لسياسععاتها ‪،‬‬
‫وللبشرية جمعاء بعدم توقيعهععا علععى اتفاقيععة الحععد مععن النبعععاث‬
‫الحراري ‪ ،‬حتى انعكس ذلك ‪ ،‬على مشاركة أمريكا ‪ ،‬فععي اللجععان‬
‫المنبثقة عن هيئة المععم المتحععدة ‪ ،‬فُأسععقطت مععن لجنععتي حقععوق‬
‫النسان ومكافحة المخععدرات ‪ ،‬خلل فععترة قصععيرة ‪ ،‬ممععا يعكععس‬
‫السخط الدولي على أمريكا وسياساتها ‪.‬‬
‫فضل عن ذلك ‪ ،‬يأتي مشروع الععدرع المضععاد للصععواريخ المععثير‬
‫للجدل ‪ ،‬والذي ترّوج له أمريكا على أنه مشروع دفععاعي بحععت ‪،‬‬
‫تسععى لمتلكعه ‪ ،‬متذّرععة بمخعاوف غيعر منطقيعة ‪ ،‬معن هجعوم‬
‫نووي ‪ ،‬ربمععا تقععوم بععه إحععدى الععدول المارقععة ‪ ،‬كععإيران وكوريععا‬
‫الشمالية ‪ ،‬أو جماعات إرهابية ‪ ،‬من الممكن أن تحصل يومععا مععا‬
‫على السعلح النعووي ‪ ،‬لضعمان تأييعد حلفائهعا لهعذا المشعروع ‪،‬‬
‫العععذين أبعععدوا حعععوله الكعععثير معععن التحفظعععات ‪ ،‬لععععدم قنعععاعتهم‬
‫بالمسععوغات المريكيععة لهععذا المشععروع ‪ .‬والععذي ُيجععابه أيضععا‬
‫بمعارضة شديدة من قبل روسيا والصععين ‪ ،‬كععون هععذا المشععروع‬
‫سيلغي قوة الردع النوويععة ‪ ،‬لي دولععة تمتلععك السععلح النععووي ‪.‬‬
‫‪542‬‬
‫فالسلح النووي في الصل هو قوة ردع كفيلععة ‪ ،‬بمنععع أي دولععة‬
‫مارقة أو غير مارقة ‪ ،‬من مجرد التفكير بضععرب أمريكععا نوويععا ‪،‬‬
‫ليتععبين لنععا أن دوافععع أمريكععا المعلنععة لمتلك هععذا الععدرع ‪ ،‬غيععر‬
‫مبررة وغير منطقية ‪.‬‬
‫أما دوافعهععا غيععر المعلنععة لمتلك هععذا الععدرع ‪ ،‬فهععي نابعععة مععن‬
‫المخاوف التوراتية والنجيلية ‪ ،‬فيمععا يتعّلععق بالمواجهععة المقبلععة‬
‫بيععن الشععرق والغععرب ‪ ،‬والععتي تناولناهععا فععي فصععل سععابق ‪،‬‬
‫ومحركاتها الرئيسية هي العععراق وروسععيا والمهععدي ‪ .‬وبععامتلك‬
‫أمريكععا لهععذا الععدرع ‪ ،‬تتحععول صععواريخها النوويععة إلععى أسععلحة‬
‫هجومية ‪ ،‬قادرة على ضرب أي جماعة ‪ ،‬أو دولة نوويا أو غيععر‬
‫نووية من المذكورة آنفا ‪ ،‬فععي حالععة قيامهععا بتهديععد المصععالح أو‬
‫أمن أمريكا وحلفائها ‪ ،‬دون أن تكترث بأي هجوم نووي مضععاد ‪،‬‬
‫حتى من قبل روسيا والصععين ‪ ،‬وبععذلك تسععتطيع أمريكععا ‪ ،‬فععرض‬
‫إرادتها على أي دولة بعالقوة إن لعم تمتثعل لسياسعاتها طواعيعة ‪،‬‬
‫عععرض‬ ‫ضععاربة بهيئة المععم ومجالسععها وقراراتهععا ومواثيقهععا ُ‬
‫الحائط ‪.‬‬
‫ولو بحثت عمن يسعععى بحمععاس لترويععج فكععرة هععذا الععدرع ‪ ،‬فععي‬
‫الدارة المريكية ومجلسي الشيوخ والنععواب ‪ ،‬لوجععدت أنهعم فعي‬
‫معظمهععم ‪ ،‬مععن اليهععود ومععن المتصععهينين النصععارى مععن عبععدة‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬المسععكونين بالمخععاوف التوراتيععة والنجيليععة ‪ .‬وأن‬
‫الهععدف المنشععود مععن إقامععة هععذا الععدرع ‪ ،‬هععو تمكيععن النبععوءات‬
‫التوراتية المستقبلية التي توافق أهوائهم وأمانيهم من التحقععق ‪،‬‬
‫وتعطيل جميع النبوءات التي تخالفها ‪ ،‬وبذلك تصبح قابليععة نفععاذ‬
‫هععذا الوعععد ‪ ،‬بالشععكل الععذي نتحععدث عنععه شععبه معدومععة بععل‬
‫مستحيلة ‪ ،‬ففور شعور أمريكا بأي بوادر تحركات عراقي باتجاه‬
‫‪543‬‬
‫إسرائيل ‪ ،‬لن تععتردد الدارة المريكيععة التوراتيععة ‪ ،‬فععي أن تجعععل‬
‫أرض العراق صعيدا جرزا ‪ ،‬دون خوف أو وجل ‪ ،‬وليصععبح اسععم‬
‫العراق نسيا منسيا ‪ .‬هذا إن لم تسععتبق المععور كمععا هععي العععادة ‪،‬‬
‫بضرب العراق والخلص من أمره ‪ ،‬حتى قبل أن ُيفكر بالتحرك ‪،‬‬
‫فور امتلكها لهذا الدرع ‪ ،‬بعد خمس سنوات من البدء في تنفيذه‬
‫‪ ،‬حسب تقديراتها ‪ ،‬ليصبح أمر نفاذ هذا الوعد ‪ ،‬بعععد هععذه المععدة‬
‫الزمنية ضربا من الخيال ‪ .‬فل بد من تحقق هذا الوعد قبل مضععي‬
‫هذه المدة ‪.‬‬
‫وقد يقول قععائل أن أمريكععا ل تخشععى أحععدا ‪ ،‬ولععو أرادت بععالعراق‬
‫السعوء لفعلعت ‪ ،‬ونقعول بعأن هعذا القعول غيعر صعحيح ‪ ،‬فلتعدمير‬
‫القععدرة العسععكرية التقليديععة وأسععلحة الععدمار الشععامل العراقيععة ‪،‬‬
‫احتاجت أمريكا أول ‪ :‬مبررا وهو غزو الكويت ‪ ،‬وثانيا ‪ :‬لجماع‬
‫أممي لستصععدار قععرار باسععتخدام القععوة ‪ ،‬وثالثععا ‪ :‬لمشععاركة ‪30‬‬
‫دولة لتنفيذ الهجوم ‪ ،‬لتوزيععع دمععه علععى القبععائل ‪ ،‬ومععن ثععم ُفتععح‬
‫المجال لجراءاتها العدائية المسععتمرة اتجعاه الععراق ‪ .‬فلعو كعانت‬
‫قادرة ‪ ،‬فمععا الععداعي لمععا قععامت بععه مععن خطععوات سععبقت الضععرب‬
‫الفعلي للعراق ! ونقول بأن أمريكا ‪ ،‬لن تجرؤ على ضرب العراق‬
‫نوويا ‪ ،‬بداعي الخوف على مصالحها أو أمنها ‪ ،‬فععي ظععل امتلك‬
‫نفس السلح ‪ ،‬من قبععل دول مناهضععة لهععا ولسياسععاتها كروسععيا‬
‫والصين ‪ ،‬لنها بالمقابععل ‪ ،‬سععتعطي لهمععا مععبررا لضععربها نوويععا‬
‫دون سععابق إنععذار ‪ ،‬فععي حععال قيععام أمريكععا بتهديععد مصععالحهما‬
‫وأمنهما ‪ .‬فالمخاوف المريكية معن أسعلحة العدمار الشعامل تعأتي‬
‫من العراق ‪ ،‬وكما نعلم فععإن العععراق كععان علععى علقععة طيبععة مععع‬
‫أمريكععا ‪ ،‬قبععل حععرب الخليععج الثانيععة ‪ ،‬ولععم ُيه عّدد يومععا ل أمععن‬
‫الوليات المتحدة ول مصالحها ‪ ،‬وحتى بعد احتلله للكععويت ‪ ،‬لععم‬
‫‪544‬‬
‫يكن ذلك لُيغّير من طبيعة تلك العلقة ‪ ،‬والذين هّدد العراق أمنهععم‬
‫قبل جّره لغزو الكويت وما زال ‪ ،‬وتستطيع صععواريخه الكيماويععة‬
‫والبيولوجية أن تصلهم ‪ ،‬هععم يهععود إسععرائيل ‪ ،‬وهععو مععا كععان قععد‬
‫أيقظ المخععاوف التوراتيععة لسععياد أمريكععا مععن اليهععود ‪ ،‬فكععان مععا‬
‫كان ‪ ،‬ووقع ما لم يكن في الحسبان ‪.‬‬
‫الجواء الن مغايرة تمامننا ‪ ،‬للجننواء الننتي‬
‫قامت في ظلها الدولة اليهودية ‪:‬‬
‫منذ أكثر من مائتي سنة ‪ ،‬قام اليهود بوضع مخطط طويل المد ‪،‬‬
‫جمعوا فيه ‪ ،‬مععا بيععن مطععامع أربععاب المععال اليهععود فععي السععيطرة‬
‫القتصادية ‪ ،‬وأحلم الحاخامععات التوراتيععة فععي فلسععطين ‪ .‬وكععان‬
‫الهدف النهائي للعمل الجماعي اليهودي ‪ ،‬وما زال ‪ ،‬هو السععيادة‬
‫الكاملة على كوكب الرض ‪ ،‬مععن خلل حكععم ملكععي ديكتععاتوري ‪،‬‬
‫يتخذ من القدس عاصمة له ‪ ،‬لتحقيق مطلب الطرفين معا ‪ .‬نظريا‬
‫وبإغفال القدرة اللهيعة ‪ ،‬العتي ل يعؤمن اليهعود بوجودهعا ‪ ،‬فعإن‬
‫مخططهم الفسادي قابل للتحقق على أرض الواقع ‪ .‬أمععا عمليععا ‪،‬‬
‫وبإدخال القدرة اللهية ‪ُ ،‬يصبح أمر تحقق مخططهم هذا ‪ ،‬ضربا‬
‫من الخيال ‪.‬‬
‫وقد تمكن اليهود من خلل هععذا المخطععط ‪ ،‬مععن تحقيععق السععيطرة‬
‫القتصادية ‪ ،‬على العالم الغربي ‪ ،‬بامتلك الصععناعة المصععرفية ‪،‬‬
‫وشعععراء السعععتثمارات بكافعععة أشعععكالها ‪ ،‬وأهمهعععا الصعععناعات‬
‫العسععكرية والعلميععة ‪ .‬ممععا مّكنهععم مععن السععيطرة علععى مجمععل‬
‫سياسيات تلك الدول الداخلية والخارجية ‪ ،‬ومن ثم تم تسخيرها ‪،‬‬
‫لخدمة أهداف المخطط اليهودي آنف الذكر ‪.‬‬

‫‪545‬‬
‫ولو أمعنععت النظععر فععي ظععروف المنطقععة ‪ ،‬الععتي سععبقت الحربيععن‬
‫العععالميتين الولععى والثانيععة ‪ ،‬لوجععدت أنهععا تتقععاطع كليععا مععع‬
‫المخططات اليهودية ‪ ،‬بإقامة وطن قومي لهم في فلسععطين ‪ ،‬فععي‬
‫ظل موقف السلطان عبععد الحميعد ‪ ،‬الرافععض حعتى لقامعة اليهعود‬
‫فيها كأفراد ‪ ،‬حتى استيئست رسل اليهود من المر ‪ .‬ولو أمعنععت‬
‫النظر في نتائج الحربين ‪ ،‬ستجد أنهععا خععدمت المخطععط اليهععودي‬
‫بشكل ملفت للنظععر ‪ ،‬حيععث تمخضععت الحععرب الولععى عععن انهيععار‬
‫الدولة العثمانية ‪ ،‬ومن ثم إصدار وعد بلفععور ‪ ،‬ووضععع فلسععطين‬
‫تحت النتداب البريطاني ‪ ،‬ومن ثم فتععح بععاب الهجععرة اليهوديععة ‪.‬‬
‫خععض عنهععا إنشععاء المععم‬ ‫ومععن ثععم قععامت الحععرب الثانيععة ‪ ،‬فتم ّ‬
‫المتحدة من خمس دول حليفة ومنتصرة ‪ ،‬وفي تلععك الجععواء تععم‬
‫استصدار قععرار أممععي بتقسععيم فلسععطين ‪ ،‬مععن خلل دعععم غربععي‬
‫أمريكي بريطاني فرنسي ‪ ،‬وعدم معارضة شرقية روسية صينية‬
‫‪ ،‬حيث كان لكل دولة ‪ ،‬من تلك الدول والمأخوذة بنشوة النتصار‬
‫‪ ،‬أطماع لنيل جزء من الكعكة العالميععة بعععد الحععرب ‪ ،‬وكععان أحععد‬
‫المطععالب الغربيععة ‪ ،‬هععو تقععديم فلسععطين لليهععود علععى طبععق مععن‬
‫ذهععب ‪ .‬وفععي المقابععل ‪ ،‬سععتجد أن نتععائج هععذه الحععرب ‪ ،‬كععانت‬
‫مأساوية على مجمل الدول ‪ ،‬التي شاركت فيها ‪ ،‬حتى المنتصععرة‬
‫منهععا ‪ ،‬بمععا أنهععا تكّبلععت بالععديون اليهوديععة إلععى مععا ل نهايععة ‪،‬‬
‫جععار الحععروب مععن سععادات‬ ‫والمستفيد الوحيد دائمععا وأبععدا ‪ ،‬هععم ت ّ‬
‫اليهود ‪ ،‬أثريععاء وحاخامععات ‪ ،‬ممععن يحكمععون العععالم الغربععي فععي‬
‫الخفاء ‪.‬‬
‫ع لنخلص إلى أن قيععام إسععرائيل واسععتمرارها ‪ ،‬اعتمععد علععى عععدة‬
‫أمور ‪:‬‬

‫‪546‬‬
‫‪ .1‬تمكين بريطانيا من السيطرة على فلسطين ‪ ،‬لستصدار وعد‬
‫بلفور ‪ ،‬الذي لععم يكععن كافيععا لتحقيععق الحلععم اليهععودي ‪ ،‬بإقامععة‬
‫وطن قومي لهم في فلسععطين ‪ .‬ومععن ثععم وضععع فلسععطين تحععت‬
‫النتداب البريطاني ‪ ،‬لتمكين بريطانيا من تنفيععذ الوعععد ‪ ،‬بفتععح‬
‫أبععواب الهجععرة ‪ ،‬وخلععق واقععع جديععد ‪ ،‬يسععمح لليهععود بإقامععة‬
‫الدولة ‪.‬‬
‫‪ .2‬التضليل العلمي المستمر للرأي العععالمي ‪ ،‬بترويععج مقولععة‬
‫" أرض بل شعععععب ‪ ،‬وشعععععب بل أرض " ‪ .‬بالضععععافة إلععععى‬
‫التضخيم العلمي لمسألة الضطهاد الممي لليهود ‪ ،‬وخاصة‬
‫ترويج حكاية ضحايا المحرقة النازيععة السععتة ملييععن ‪ .‬لكسععب‬
‫تعاطف وتأييد الرأي العالمي الغربي ‪ .‬ومن ثم استغلل الحلفاء‬
‫الخمسة المنتصرين ‪ ،‬والمؤسسين للمم المتحدة ‪ ،‬لستصععدار‬
‫قرار أممي بتقسيم فلسطين ‪ ،‬تمخض عنه قيام دولة إسرائيل ‪.‬‬
‫بطلب وتأييد من الدول الغربية ‪ ،‬وقبول مععن الععدول الشععرقية ‪،‬‬
‫حيععث كععانت حسععبة المصععالح للععدول الخمسععة الكععبرى آنععذاك ‪،‬‬
‫تسير في مركب واحعد ‪ ،‬بينمعا كعانت العدول العربيعة بأسعرها ‪،‬‬
‫مملوكة من قبل الغرب ‪.‬‬
‫‪ .3‬الرعايعععة القتصعععادية والسياسعععية والعسعععكرية المريكيعععة‬
‫والوربية المستمرة لسرائيل ‪ ،‬في حالتي السلم والحرب ‪.‬‬
‫ع ع والسععؤال الن هععل الظععروف ‪ ،‬الععتي أوجععدت دولععة إسععرائيل ‪،‬‬
‫وحافظت على بقائها واستمراريتها ‪ ،‬ما زالت قائمة ؟‬
‫‪ .1‬فععور خععروج الجيععش البريطععاني ‪ ،‬وفععور العلن عععن قيععام‬
‫الدولععة اليهوديععة ‪ ،‬اسععتطاعت الجيععوش العربيععة قهععر الجيععش‬
‫السرائيلي ‪ ،‬والوصول إلى مشارف تل أبيب ‪ ،‬ولول اسععتجابة‬
‫‪547‬‬
‫العرب للوامر المريكية بوقف القتال ‪ ،‬لما استطاع الغرب من‬
‫إمداد إسرائيل بالعدة والعتاد ‪ ،‬مما مّكنها لحقا من النتصععار ‪،‬‬
‫ولما كان هناك ما ُيسمى بدولة إسرائيل ‪ ،‬ولكععن قعّدر الع ومععا‬
‫شاء فعل ‪.‬‬
‫‪ .2‬بعد النفتاح العلمععي ‪ ،‬وعالميععة وسععائل التصععال ‪ ،‬وتع عّدد‬
‫مصادر المعلومات ‪ُ ،‬أتيح للرأي العععالمي ‪ ،‬وخاصععة المنععاهض‬
‫لمريكا وسياساتها ‪ ،‬رؤية الجانب الخر مععن الصععورة ‪ ،‬الععذي‬
‫عملت وسائل العلم الغربية على التعتيم عليه ‪ ،‬فيما مضععى ‪،‬‬
‫فبات الكل يعلم ‪ ،‬أن فلسطين لم تكن يوما من اليام ‪ ،‬أرضا بل‬
‫شعب ‪ ،‬بل فيها شعب ‪ ،‬ل مثيل له بين الشعوب ‪ ،‬له إرادة تفععل‬
‫الحديد ‪ ،‬ويسععتحق التقععدير والحععترام ‪ .‬وبععات الكععل يعلععم ‪ ،‬أن‬
‫الشعب الذي كان يتباكى من الضطهاد النععازي لععه ‪ ،‬تععبين أنععه‬
‫أكثر نازية ووحشية من النازيين أنفسهم ‪ ،‬فتبّدل التعاطف معه‬
‫ط عليه ‪ ،‬واسععتياٍء وخجعٍل عععالميّ مععن أفعععاله ‪ ،‬ولععول‬
‫إلى سخ ٍ‬
‫الفيتو المريكي والدعم البريطاني والفرنسي والتخاذل العربي‬
‫‪ ،‬المسعّلط علععى رقععاب الفلسععطينيين ‪ ،‬واُلمحِبععط حععتى لنصععار‬
‫القضية الفلسطينية ‪ ،‬من الشعوب غير العربية ‪ ،‬لمععا اسععتمرت‬
‫هذه الدولة النازية الجديدة في الوجود ‪.‬‬
‫‪ .3‬لععو تتبعنععا كافععة الحععروب العربيععة السععرائيلية ‪ ،‬لوجععدنا أن‬
‫إسرائيل لم تكن قادرة ‪ ،‬بأي حال من الحععوال ‪ ،‬علععى مجابهععة‬
‫الجيوش العربية ‪ ،‬بل لم تكن قادرة على حمايععة نفسععها ‪ ،‬لععول‬
‫العععدعم العسعععكري المريكعععي البريطعععاني الفرنسعععي ‪ ،‬المعلعععن‬
‫والخفعي بالسععلح والفعراد ‪ ،‬معن خلل الجسعور الجويععة العتي‬
‫كانت توصل هذا الدعم ‪ .‬فالمواجهة في كل الحععروب ‪ ،‬لععم تكععن‬
‫بيععن العععرب وإسععرائيل ‪ ،‬وإنمععا كععانت بيععن العععرب والغععرب ‪.‬‬
‫‪548‬‬
‫ولوجععدنا أن مجمععل نوايععا القيععادات العربيععة ‪ ،‬كععانت معروفععة‬
‫باليوم والساعة ‪ ،‬وأن تحركات الجيوش العربيععة وإمععداداتها ‪،‬‬
‫كانت معلنة ومكشوفة وبطيئة ‪ ،‬وغير منسقة لتعدد القيععادات ‪،‬‬
‫ولوجدنا أن عامل الوقت كان حاسما في مجمل تلك الحععروب ‪،‬‬
‫مما كعان ُيمّكعن إسععرائيل معن السعتعداد ‪ ،‬وطلععب النصعرة معن‬
‫الغرب ‪.‬‬
‫كانت هذه قراءتنععا للواقععع ‪ .‬أمععا معطيععات الواقععع المنظععور ‪ ،‬كمععا‬
‫يقرأهععا عامععة النععاس ‪ ،‬والععتي ل تععوحي بععاقتراب تحّقععق وعععد‬
‫الخرة ‪ ،‬بإساءة وجوه الصهاينة ‪ ،‬والدخول العراقي لفلسععطين ‪.‬‬
‫سنحاول تصحيح هذه القراءة ما أمكن ‪ ،‬من خلل رسم صععورة ‪،‬‬
‫للدخول القادم مععن خلل صععور ومشععاهد ‪ ،‬مععن القععرآن والتاريععخ‬
‫والواقع ‪ ،‬لتقريب صفة هذا الدخول لععذهن القععارئ ‪ ،‬وذلععك أول ‪:‬‬
‫لتأكيد مصداقية ما جاء به كتععاب الع ‪ ،‬مععن أمععر هععذا الوعععد قبععل‬
‫تحّققه ‪ ،‬وعلى النحو الذي أراده رب العزة ‪ ،‬ل كما أرادته أهععواء‬
‫البشر ‪ ،‬وثانيا ‪ :‬بيان مدى قابليععة تحّقععق هععذا البعععث ‪ ،‬فععي زمععن‬
‫قريب جدا ‪ ،‬وضمن معطيات الواقع الحالي ‪ ،‬الذي قد يراه النعاس‬
‫مخالفا ‪ ،‬لما نذهب إليه جملة وتفصيل ‪.‬‬
‫من صور الدخول في القرآن ‪:‬‬
‫نطرح فيما يلععي بعضععا مععن صععور الععدخول ‪ ،‬ممععا ورد ذكععره فععي‬
‫القرآن الكريم ‪:‬‬
‫غ عًدا ‪،‬‬
‫شْئتُْم َر َ‬
‫ث ِ‬‫حْي ُ‬‫خُلوا َهِذِه اْلَقْرَيَة ‪َ ،‬فُكُلوا ِمْنَها َ‬‫• ) َوِإْذ ُقْلَنا اْد ُ‬
‫طاَيععاُكْم ‪،‬‬
‫خَ‬‫طعٌة ‪َ ،‬نْغِفعْر َلُكعْم َ‬
‫حّ‬
‫جًدا ‪َ ،‬وُقوُلععوا ِ‬ ‫سع ّ‬
‫ب ُ‬ ‫خُلععوا اْلَبععا َ‬ ‫َواْد ُ‬
‫ن )‪ 58‬البقرة (‬ ‫سِني َ‬
‫ح ِ‬‫سَنِزيُد اْلُم ْ‬ ‫وَ َ‬

‫‪549‬‬
‫كان هذا وصف لكيفية الدخول ‪ ،‬التي ُأمر بها بنععو إسععرائيل علععى‬
‫قريععة مععدين شععبه الخاويععة ‪ ،‬بعععد هلك أغلبيععة أهلهععا بالعععذاب ‪،‬‬
‫وتركهم لرضهم ومساكنهم وممتلكاتهم من الزروع والمواشي ‪،‬‬
‫وهذا ما ُيشير إليه قوله تعالى ) فكلوا منها حيث شععئتم رغععدا ( ‪،‬‬
‫أي أن معا فيهععا معن خيععرات وأنعععام ‪ ،‬أصععبح فعي متنعاول أيععديهم‬
‫بمجرد الععدخول ‪ ،‬وهععذه العبععارة قيلععت لدم وزوجععه عنععد أمرهععم‬
‫بدخول الجنة ‪ ،‬وكان هذا من لطف ال بهم ومّنه وكرمه عليهم ‪،‬‬
‫طلب منهم عند دخول باب القرية ‪ ،‬التعبير بععالقول والهيئة‬ ‫ولذلك ُ‬
‫‪ ،‬عن شععكرهم وطععاعتهم لع علععى هععذه النعمععة ‪ ،‬الععتي كععانوا قععد‬
‫صععلوا عليهععا دون جهععد أو عنععاء ‪ ،‬إذ لععم‬ ‫طلبوهععا سععابقا ‪ ،‬وتح ّ‬
‫ُيجععابهوا بأيععة ممانعععة أو مقاومععة ‪ ،‬بععل علععى العكععس ‪ ،‬قوبلععوا‬
‫بالترحيب ‪ ،‬من قبل شعيب والقلة المؤمنة ممن بقي مععن قععومه ‪،‬‬
‫لمصاهرة موسى عليه السلم لهم ‪ ،‬وإقامته عندهم فيما مضععى ‪،‬‬
‫وال أعلم ‪.‬‬
‫خُلععوا‬
‫عَلْيِهَما ‪ ،‬اْد ُ‬
‫ن ‪َ ،‬أْنَعَم الُّ َ‬
‫خاُفو َ‬ ‫ن َي َ‬‫ن اّلِذي َ‬
‫ن ‪ِ ،‬م َ‬ ‫لِ‬‫جَ‬‫• ) َقاَل َر ُ‬
‫ن )‪ 23‬المائدة (‬ ‫غاِلُبو َ‬ ‫خْلُتُموُه َفِإّنُكْم َ‬
‫ب ‪َ ،‬فِإَذا َد َ‬
‫عَلْيِهُم اْلَبا َ‬
‫َ‬
‫كان هعذا وصعف لكيفيعة العدخول ‪ ،‬العذي ُأمعر بعه بنعو إسعرائيل ‪،‬‬
‫لععدخول الرض المقّدسععة المأهولععة بالسععكان ‪ ،‬فععي محاولععة مععن‬
‫رجليعن معؤمنين ععالمين بواقعع الحعال ‪ ،‬لتشعجيعهم وطمعأنتهم ‪،‬‬
‫لعلهم يرجعون عععن مععوقفهم الرافععض ‪ ،‬لععدخولها وطععرد سععكانها‬
‫الوثنيون ‪ ،‬والستيطان فيها بدل منهم ‪ ،‬حيث يؤكد لهما الرجلن‬
‫‪ ،‬بأنهم لن يتعرضوا للذى عند الدخول ‪ ،‬وفععي حععال كععانت هنععاك‬
‫مواجهة ‪ ،‬فلععن ُيكّلفهععم ذلععك سععوى كسععر البععاب ‪ ،‬بقتععل الحععراس‬
‫المتواجدين عليه ومباغتة أهلها في الداخل ‪ .‬وعلععى مععا يبععدو أن‬
‫موسى عليه السلم ‪ ،‬قبل أن يأمر بنععي إسععرائيل بالععدخول ‪ ،‬كععان‬
‫‪550‬‬
‫قد بعث هذين الرجلين ‪ ،‬للتجسس علععى أهععل المدينععة المقّدسععة ‪،‬‬
‫فوجدا أن أهلهععا علععى غيععر اسععتعداد للحععرب ‪ ،‬وأنهععم ل يملكععون‬
‫جيشا ‪ ،‬ولععم يكونععوا جبععارين حقيقععة ‪ ،‬كمععا ادعععى بنععوا إسععرائيل‬
‫لحقا ‪ ،‬وأنهم ل يملكون سوى بضعة حّراس ‪ ،‬على باب المدينععة‬
‫فقععط ‪ .‬وعنععدما أمععر موسععى قععومه بالععدخول ‪ ،‬رفضععوا ُمتععذرعين‬
‫بجبروت أهلهععا تقاعسععا وخععذلنا وجبنععا ‪ ،‬فعّقععب هععذين الرجليععن‬
‫علععى قععول موسععى ‪ ،‬بقععولهم ذلععك تفنيععدا لّدعععائهم ‪ ،‬وتوضععيحا‬
‫لحقيقععة المععر ‪ ،‬كمععا رأوهععا ب عُأّم أعينهععم ‪ ،‬ومععع ذلععك أص عّر بنععو‬
‫إسرائيل على موقفهم ‪ ،‬بقلة إيمانهم وفسععقهم وجبنهععم ‪ .‬ودخععول‬
‫كهععذا يحتععاج للمباغتععة كعنصععر أساسععي ‪ ،‬لمنععع الخصععم مععن‬
‫السععتعداد والجاهزيععة للقتععال ‪ ،‬ممععا ُيقّلععل أو يمنععع الخسععائر فععي‬
‫المواجهات المكشوفة ‪ ،‬ويدفع الخصم إلى الستسععلم والرضععوخ‬
‫للمر الواقع ‪ ،‬ومن ثم الرحيل عن الرض ‪.‬‬
‫عععّزَة‬
‫جَعُلوا َأ ِ‬‫سُدوَها ‪َ ،‬و َ‬ ‫خُلوا َقْرَيًة َأْف َ‬ ‫ك ‪ِ ،‬إَذا َد َ‬ ‫ن اْلُمُلو َ‬‫ت ِإ ّ‬
‫• ) َقاَل ْ‬
‫ن )‪ 34‬النمل (‬ ‫ك َيْفَعُلو َ‬ ‫َأهِْلَها َأِذّلًة ‪َ ،‬وَكَذِل َ‬
‫وكان هذا وصععفا لكيفيععة دخععول الملععوك ‪ ،‬علععى القععرى المتمعّردة‬
‫والمتطاولععة ‪ ،‬علععى أمرهععم ومكععانتهم ‪ ،‬علععى لسععان ملكععة سععبأ ‪،‬‬
‫تحذيرا لقومها مععن عصععيان أمععر الملععك سععليمان عليععه السععلم ‪،‬‬
‫وهذا الدخول هو السوأ على الطلق ‪ .‬وانظر فععي قععول سععليمان‬
‫عليه السلم ‪ ،‬عندما تمّردوا على أمره ‪ ،‬ولم يأتوه مسععلمين كمععا‬
‫جُنوٍد َل ِقَبَل َلُهْم ِبَهععا ‪،‬‬
‫جْع ِإَلْيِهْم ‪َ ،‬فَلَنْأِتَيّنُهْم ِب ُ‬
‫طلب ‪ ،‬حيث قال ) اْر ِ‬
‫ن )‪ 37‬النمل ( ‪ ،‬فعصيان أمر‬ ‫غُرو َ‬ ‫صا ِ‬
‫جّنُهْم ِمْنَها َأِذّلًة َوُهْم َ‬ ‫خِر َ‬‫َوَلُن ْ‬
‫الملوك ‪ ،‬ذوي القوة والعزة والنفة والتطاول عليهم ‪ ،‬بأي شععكل‬
‫من الشكال ‪ُ ،‬يحمل على أنه تحقير وتقليل من شععأنهم ‪ ،‬وُيعتععبر‬
‫إهانة ل يستطيعون غفرانها ‪ .‬والرد عليها عادة مععا يكععون ‪ ،‬كمععا‬
‫‪551‬‬
‫هو ظاهر في رد سليمان عليهم ‪ ،‬بإرسال جيش ل قبل للخصم به‬
‫‪ ،‬ل من حيث العدد ول من حيث العدة ‪ ،‬ونتيجة فعلهم ‪ ،‬هععي كمععا‬
‫وصفته ملكة سبأ في الية الولععى ‪ ،‬ومععا أكعّد عليععه سععليمان فععي‬
‫الية الثانية أعله ‪.‬‬
‫وغايععة هعذا الععدخول فعي العععادة ‪ ،‬تكعون للنتقععام ورد العتبعار ‪،‬‬
‫باستباحة الرض والمال والعععرض ‪ ،‬بتخريععب الممتلكععات والقتععل‬
‫والتنكيل في العامة ‪ ،‬وأسر علية القوم وإذللهم ‪ ،‬ومن ثععم قتلهععم‬
‫والتنكيععل بهععم ‪ ،‬وسععبي نسععائهم وأطفععالهم ‪ ،‬وتسععخيرهم للعمععل‬
‫كجواري وخدام في القصور إمعانا فععي إذللهععم ‪ .‬ودخععول كهععذا ‪،‬‬
‫عادة ما ُتعلن فيه الرغبة فعي النتقعام ‪ ،‬ويتعم فيعه تهديعد الخصعم‬
‫مسععبقا ‪ ،‬لذللععه وإدخععال الرعععب فععي قلبععه ‪ ،‬ممععا يكععون أدعععى‬
‫لنهياره ‪ ،‬وسرعة تداعيه عند المواجهعة ‪ ،‬فعي حعال تجعّرأ علعى‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫جَد‬‫سع ِ‬ ‫ن اْلَم ْ‬‫خُل ّ‬
‫ق ‪َ ،‬لَت عْد ُ‬
‫ح ّ‬
‫سععوَلُه الّرْؤَيععا ِبععاْل َ‬
‫ل ع َر ُ‬
‫ق ا ُّ‬ ‫ص عَد َ‬
‫• ) َلَق عْد َ‬
‫ص عِرينَ‬ ‫س عُكْم ‪َ ،‬ومَُق ّ‬ ‫ن ُرُءو َ‬‫حّلِقي َ‬ ‫ن ‪ُ ،‬م َ‬‫ل َءاِمِني َ‬‫شاَء ا ُّ‬ ‫ن َ‬ ‫حَراَم ‪ِ ،‬إ ْ‬
‫اْل َ‬
‫حا َقِريًبععا‬‫ك َفتْ ً‬
‫ن َذِل َ‬ ‫ن ُدو ِ‬
‫جَعَل ِم ْ‬ ‫ن ‪َ ،‬فَعِلَم َما َلْم َتْعَلُموا ‪َ ،‬ف َ‬‫خاُفو َ‬‫َل َت َ‬
‫)‪ 27‬الفتح (‬
‫هذه هي المرة الخرى ‪ ،‬والوحيدة في القرآن ‪ ،‬التي يرتبععط فيهععا‬
‫ذكر الدخول بالمسجد ‪ ،‬وهو دخول المسجد الحرام في مكة ‪ ،‬ولو‬
‫أمعنت النظر في نص الية ‪ ،‬ستجد أنهععا تصععف المسععلمين أثنععاء‬
‫تأدية العمرة ‪ ،‬وقععد جععاء فععي كتععب التفسععير ‪ ،‬أن هععذه الرؤيععا قععد‬
‫سّمي لحقا بعمرة القضاء ‪ ،‬في العام التالي لصععلح‬ ‫تحّققت ‪ ،‬فيما ُ‬
‫الحديبية ‪ ،‬فأنزلت هذه الية تصديقا للرؤيا ووعدا بالفتععح ‪ .‬وأمععا‬
‫سّمي في القرآن فتحا‬ ‫الدخول العسكري لمكة والمسجد الحرام ‪ ،‬ف ُ‬
‫‪552‬‬
‫وليععس دخععول ‪ .‬والمعععروف أن المسععلمين عنععدما خرجععوا لغععزو‬
‫مكة ‪ ،‬كانوا قد أعدوا عدة الحععرب ‪ .‬وقععد روى المععام مسععلم عععن‬
‫جابر ‪ " :‬أن رسول ال دخل مكة ‪ ،‬وعليه عمامععة سععوداء ‪ ،‬مععن‬
‫غير إحرام " ‪ ،‬وقال ابن كثير في تفسيره لليععة )‪ (24‬مععن نفععس‬
‫السععورة ‪ ،‬والععتي سععيرد نصععها فععي الحععديث عععن فتععح مكععة ‪ ،‬أن‬
‫الرسول عليعه الصعلة والسعلم ‪ " :‬لعم يسعق ععام الفتعح هعديا ‪،‬‬
‫وإنما جاء محاربا مقاتل في جيش عرمرم " ‪.‬‬
‫المقصود بدخول المسجد ‪:‬‬
‫الدخول القادم للمسجد القصى ‪ ،‬لن يكون لتخريبه كمععا وقععع فععي‬
‫المرة الولى ‪ ،‬ولن يكون بقصععد الزيععارة فقععط ‪ ،‬لداء عبععادة مععن‬
‫العبادات ‪ ،‬كما هو الحال عند دخول المسجد الحرام ‪ ،‬الموصععوف‬
‫في الية أعله ‪ .‬فالمقصود بقوله تعالى ) وليدخلوا المسجد ( هو‬
‫الععدخول إلععى الرض المباركععة ‪ ،‬الععتي تحععوي هععذا المسععجد ‪ ،‬أي‬
‫فلسطين ككل والسيطرة عليها ‪ .‬وِذكر المسجد ‪ ،‬الذي هو بمثابععة‬
‫القلب مععن الجسععد ‪ ،‬بالنسععبة للرض المباركععة والمقّدسععة ‪ ،‬جععاء‬
‫للشععارة وللتأكيعد علعى أن نفععاذ الوعععد بشععكل كامعل ‪ ،‬سيتحصععل‬
‫أخيرا بدخول القدس ‪ ،‬بعد إزالععة العلععو اليهععودي مععن فلسععطين ‪،‬‬
‫وإنهاء الوجود اليهودي فيها ‪ ،‬الذي يفيده تقّدم ذكر الساءة عععن‬
‫ِذكر الدخول ‪.‬‬
‫سععوُءوا‬
‫خعَرِة ‪ِ ،‬لَي ُ‬
‫لِ‬
‫ععُد ا ْ‬
‫جعاَء َو ْ‬
‫ولو تمعّنت في قوله تعععالى ) َفعِإَذا َ‬
‫جَد )‪ ، (7‬ستجد أن الغاية من البعث في‬ ‫سِ‬‫خُلوا اْلَم ْ‬
‫جوَهُكْم ‪َ ،‬وِلَيْد ُ‬
‫ُو ُ‬
‫صععل هععذه السععاءة ‪،‬‬ ‫الصل ‪ ،‬هي إساءة وجععوه اليهععود ‪ ،‬وستتح ّ‬
‫من جّراء ما وقع فيهم ‪ ،‬من قتل وتنكيل وسبي وفرار ‪ .‬ومععن ثععم‬
‫جاء ذكر المسجد ‪ ،‬ليكون دخول القدس واستعادتها ‪ ،‬نتيجة تأّتى‬
‫‪553‬‬
‫من جّراء ما وقع في اليهود من إساءة ‪ .‬والنكععى والكععثر إيلمععا‬
‫لليهععود ‪ ،‬هععو أن ُتّتخععذ القععدس عاصععمة لدولععة عربيععة كععبرى ‪،‬‬
‫لتصبح أحلم يهود الشرق والغرب المتعلقععة بهععا هبععاًء منثععورا ‪،‬‬
‫بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنععى مععن التحقععق ‪ .‬وبالتععالي يكععون‬
‫مجيععء لفععظ الععدخول فععي هععذه الحالععة ‪ ،‬تأكيععدا لتحريععر فلسععطين‬
‫واسععتعادة المسععجد والسععتيلء عليععه مععن قبععل المبعععوثين ‪ ،‬وأن‬
‫البعث لم يقتصر علععى إسععاءة الوجععوه فقععط ‪ .‬والتشععبيه هنععا كععان‬
‫لصععفة الععدخول ‪ ،‬منععذ اجتيععازهم لحععدود الرض المقّدسععة ‪ ،‬بمععا‬
‫تخلله معن قتعل وتنكيعل وأسعر وإذلل ‪ ،‬حعتى وصعولهم إلعى قلعب‬
‫مدينة القدس ‪ ،‬ليتأكععد لنععا زوال علععوهم منهععا بشععكل كامععل قهععرا‬
‫وقسععرا ‪ ،‬بالضععبط كمععا حصععل فععي المععرة الولععى ‪ ،‬عنععد دخععول‬
‫صر ‪.‬‬
‫البابليين بقيادة نبوخذ ن ّ‬
‫وعلى ما يبدو أن الععدخول القععادم ‪ ،‬سععيجمع بيععن صععفتي الععدخول‬
‫الثاني والثالث ‪ ،‬المشار إليهما أعله ‪ ،‬لن غاية الدخول القععادم ‪،‬‬
‫تجمع ما بين غايتيهما ‪ ،‬وهما أول ‪ :‬طرد اليهود وإعععادة الرض‬
‫لصحابها الصليين ‪ ،‬وثانيا ‪ :‬إشباع الرغبة العراقية في النتقام‬
‫من اليهود وإذللهم ‪.‬‬
‫ومن جانب آخر ‪ ،‬نجعد أن قععوله تعععالى ) ليسعوءوا … وليعدخلوا‬
‫… كمععا دخلععوه … ( يصععف مععا سععيجري علععى أرض فلسععطين‬
‫لحظععة الوصععول إليهععا ‪ ،‬وحععتى اسععتعادة كامععل أرضععها ‪ .‬والععذي‬
‫سعيجري حقيقعة علعى أرض الواقعع ‪ ،‬حسعب الوصعف القرآنعي ‪،‬‬
‫ليس بمعركة ‪ ،‬وإنما غزو من قبل أمععة ل تعععرف الرحمععة ‪ ،‬لمععة‬
‫ضعععيفة وجبانععة مسععتباحة الرض والمععال والعععرض ‪ .‬ولععو أنععك‬
‫فّكرت بهذا الحدث نظريا ‪،‬كما جاء به النععص القرآنععي ‪ ،‬وحععاولت‬
‫مطابقته مع معطيات الواقععع الحععالي ‪ ،‬سععتجد بععأن عمليععة تحققععه‬
‫‪554‬‬
‫ضرب من الخيال ‪ ،‬ضمن الظروف الراهنة ‪ ،‬الععتي تؤكععد رجحععان‬
‫كفة موازين القوى العالمية ‪ ،‬لصالح اليهود وحلفائهم الغربيين ‪.‬‬
‫صور من الواقع ‪:‬‬
‫ع حال إسرائيل في المنطقة ‪ ،‬كحال ثري يملك منزل ‪ ،‬فععي منطقععة‬
‫معزولععة عععن المدينععة ‪ ،‬يحتععوي علععى كععّم هععائٍل مععن الكنععوز‬
‫والمقتنيات الثمينة ‪ ،‬ويقتني عتاد جيش كامل من السلحة ‪ ،‬مععن‬
‫مسدسات وأسلحة رشاشة وقنابل يدوية وصواريخ ‪ ،‬لحماية هذه‬
‫الممتلكات من هجمات اللصوص ‪.‬‬
‫فلو أن مجموعة كععبيرة مععن اللصععوص ‪ ،‬ل تملععك سععوى السععلح‬
‫البيض ‪ ،‬فّكرت بالسطو على مثل هذا المنزل ‪ ، ،‬فهل ستنجح ؟!‬
‫للجابة فّكر مليا بالحالت التالية ‪:‬‬
‫• إذا وقع السععطو ‪ ،‬وشععر صعاحب المنعزل باللصعوص ‪ ،‬وهعم‬
‫خععارج السععوار ‪ ،‬سععيكون بمقععدوره التصععال برجععال المععن ‪،‬‬
‫ومشععاغلتهم بمععا لععديه مععن السععلحة متنوعععة وفتاكععة ‪ ،‬حععتى‬
‫يتمكن من الحصول على المساعدة ‪ ،‬هذا إن لععم يكععن قععد فععرق‬
‫شملهم ‪ ،‬وأبادهم عععن بكععرة أبيهععم ‪ ،‬قبععل وصععول المسععاعدة ‪،‬‬
‫وستكون إمكانية صدهم في هذه الحالة كبيرة جدا ‪.‬‬
‫• إذا وقع السطو ‪ ،‬ولم يشعر صععاحب المنععزل باللصععوص ‪ ،‬إل‬
‫بعد دخولهم إلى المنزل والنتشار في أرجاءه ‪ ،‬فهععو خاسععر ل‬
‫محالة ‪ ،‬ولكن أمامه عدة خيارات ‪ ،‬أول ‪ :‬التصال بالمسععاعدة‬
‫التي لن تصل في الوقت المناسب ‪ ،‬وسيكون ضررها أكثر مععن‬
‫نفعها ‪ ،‬في حال أحس اللصوص بذلك ‪ ،‬فقد ُيصععبح قتلععه أمعرا‬
‫محتما ‪ ،‬وكععذلك الحععال فيمععا لععو حوصععر اللصععوص ‪ ،‬مععن قبععل‬
‫‪555‬‬
‫رجعععال المعععن ‪ ،‬داخعععل المنعععزل الُمتخعععم بالسعععلحة ‪ ،‬ثانيعععا ‪:‬‬
‫المواجهة المسلحة ‪ ،‬فيما لو لم يتمكن من التصال ‪ ،‬والنتيجععة‬
‫مععع كععثرتهم ‪ ،‬محسععومة لصععالحهم ‪ ،‬بقتلععه ونهععب محتويععات‬
‫المنزل ‪ ،‬وثالثا ‪ :‬الفرار أو الختفاء ‪ ،‬والتسليم بالمر الواقع ‪،‬‬
‫لتنهب محتويات المنزل ‪.‬‬
‫• إذا وقع السطو ‪ ،‬ولم يشعر صععاحب المنععزل باللصععوص ‪ ،‬إل‬
‫وسكين أحدهم تضغط على حنجرته ‪ ،‬منبهين إيععاه مععن النععوم ‪.‬‬
‫هنا ستكون النتيجة محسومة ‪ ،‬فنهععب المنععزل أصععبح تحصععيل‬
‫حاصععل ‪ ،‬وأمععا أمععر نجععاته مععن عععدمها ‪ ،‬فمرهععون بأيععدي‬
‫اللصوص ‪.‬‬
‫ولغزو إسرائيل ‪ ،‬يتطلب المععر تجّنععب الحالععة الولععى ‪ ،‬وهععي مععا‬
‫جععرت عليععه العععادة ‪ ،‬فععي كافععة الحععروب العربيععة السععرائيلية ‪،‬‬
‫والعمععل علععى مععا أمكععن علععى تحقيععق الحالععة الثالثععة ‪ ،‬أو الحالععة‬
‫الثانية على القل ‪ ،‬بهجوم كبير وشامل ومباغت وسريع ‪ ،‬تكفلععه‬
‫ق والمحافظععة علععى السععرية‬ ‫وحدة القيادة من خلل العمععل المنسع ّ‬
‫التامة ‪ ،‬مما يحرم إسرائيل من الستعداد ‪ ،‬ويلغي جميعع قعدراتها‬
‫الدفاعيععة والهجوميععة ‪ ،‬ويحرمهععا حععتى مععن القععدرة علععى طلععب‬
‫المساعدة كذلك ‪ .‬ولنخلص إلى القععول بععأن نجععاح هععذه المهمععة ‪،‬‬
‫يتطّلب عدة عوامل ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬إعداد جيش كبير العدد ‪ ،‬يفععوق تعععداد الجيععش السععرائيلي‬
‫أضعععافا مضععاعفة ‪ ،‬يتععم تععدريبه علععى كافععة السععاليب القتاليععة‬
‫الحديثععة ‪ ،‬ويكععون لفععراده القععدرة علععى تحمععل الجهععد والجععوع‬
‫والعطش ‪ ،‬والقدرة على البقاء والستمرارية في أقسى الظععروف‬
‫‪ ،‬تملؤهم رغبة جامحة بالنتقام ‪ ،‬وُيسّيرهم حقد جارف ‪.‬‬
‫‪556‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المحافظة على السرية التامة ‪ ،‬منععذ لحظععة النطلق حععتى‬
‫الوصول ‪ ،‬لتوفير عنصر المباغتة ‪.‬‬
‫ثالثععا ‪ :‬سععرعة الوصععول ‪ ،‬باسععتخدام كافععة الوسععائل والتقنيععات‬
‫العصرية المتاحة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬شمولية الهجوم ‪ ،‬من خلل تعدد الجبهات ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬سرعة النتشار ‪.‬‬
‫ن ولو نظرنا إلى واقع إسرائيل ‪ ،‬ستجد أنها أشبه بالطفل الخداج‬
‫‪ ،‬الذي يعيش في بيئة مصطنعة ‪ ،‬ويحتاج فيها إلععى مععن ٌيقعّدم لععه‬
‫الحماية والرعاية والعناية المستمرة والحثيثة ‪ ،‬والمداد بالغععذاء‬
‫والهععواء فععي الظععروف الطبيعيععة ‪ ،‬وإلععى العلج المكثععف فععي‬
‫الزمععات الصععحية بسععبب نقععص المناعععة ‪ ،‬وعععدم القععدرة علععى‬
‫المقاومة ‪.‬‬
‫ومشععكلة إسععرائيل ‪ ،‬أن حاضععنتها تقععع فععي بيئة معاديععة ‪ ،‬وهععي‬
‫عرضة لن ُيفتك بها ‪ ،‬في أي لحظععة ‪ ،‬وأن أمريكععا القائمععة علععى‬
‫رعايتها والعنايععة بهععا ‪ ،‬تبعععد عنهععا آلف الميععال ‪ .‬وتحتععاج إلععى‬
‫وقت ليس بالقصير ‪ ،‬لتقععديم العععون لهععا ‪ ،‬كلمععا ألعّم بهععا عععارض‬
‫مفاجئ ‪ ،‬وغالبا ما كانت أمريكا تلجأ إلى الحيلة والمماطلة ‪ ،‬فععي‬
‫كل مّرة لكسب الوقت ‪ ،‬كي تؤمن لها العلج المناسععب ‪ ،‬وتنقععذها‬
‫من الهلك ‪.‬‬
‫وللتخلص مععن هععذا المسععخ ‪ ،‬يتطلععب المععر ‪ ،‬المباغتععة بععالهجوم‬
‫وسعععرعة النجعععاز وععععدم التعععأخير ‪ ،‬أثنعععاء عمليعععة القتعععل ‪،‬‬
‫والستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد ‪ ،‬لحرمان القائمععة علععى‬
‫الرعاية ‪ ،‬من كسععب الععوقت ‪ ،‬الععذي تحتععاجه لتعطيععل عمليععة قتععل‬
‫المسععخ ‪ ،‬ومعن ثععم لتقعوم بإنعاشععه ‪ ،‬كمعا جعرت الععادة فعي كافعة‬
‫‪557‬‬
‫الحروب العربية السرائيلية ‪ .‬ولنخلص إلى القول بأن نجاح هذه‬
‫المهمة ‪ ،‬يعتمد على ثلثة عوامل ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬المباغتة بالهجوم ‪.‬‬
‫وثانيا ‪ :‬سرعة النجاز ‪.‬‬
‫وثالثا ‪ :‬الستمرارية حتى مفارقة الروح الجسد ‪ ،‬إذ ليس بإمكان‬
‫أمريكا أن تحيي الموتى ‪ ،‬ولو فّكرت بذلك فلن تجد من ُيؤّيدها ‪.‬‬
‫صور من التاريخ السلمي ‪:‬‬
‫في السنة السادسة للهجرة ‪ ،‬كان الرسول عليه الصلة السععلم ‪،‬‬
‫وألععف وأربعمععائة رجععل مععن المسععلمين ‪ ،‬قععد أحرمععوا بععالعمرة‬
‫متععوجهين إلععى مكععة ‪ ،‬فعلععم مشععركي قريععش بععذلك ‪ ،‬فخرجععوا‬
‫بخيلهم ‪ ،‬لصّدهم عن دخول المسجد الحرام ‪ .‬فسلك عليه الصععلة‬
‫والسععلم طريقععا ‪ ،‬غيععر الععتي كععان عليهععا ‪ ،‬حععتى وصععل إلععى‬
‫الحديبية ‪ ،‬بركت الناقععة علععى غيععر عادتهععا ‪ ،‬فعلععم عليععه الصععلة‬
‫والسلم ‪ ،‬أنها لن تعدو مكانها ‪ ،‬وبأن العمرة لععم ُتكتععب لهععم ذلععك‬
‫العام ‪ ،‬فأقام ومن معه فيهععا ‪ .‬فكععان فيهععا الصععلح الععذي كععان مععن‬
‫بنوده ‪ ،‬حرمان المسلمين من أداء العمرة فععي ذلععك العععام ‪ ،‬علععى‬
‫ق ذلععك علععى المسععلمين ‪،‬‬ ‫ش ّ‬‫أن يعودوا لدائها في العام المقبل ‪ ،‬ف ُ‬
‫ومنهععم عمععر بععن الخطععاب رضععي ال ع عنععه ‪ ،‬الععذي أراد قتععالهم‬
‫سعْورة غضععبه ‪ ،‬إل بعععض أن ُأنزلععت‬ ‫والدخول قسرا ‪ ،‬ولععم تهععدأ َ‬
‫آيات سورة الفتح ‪ُ ،‬مبّينة الحكمة اللهية ‪ ،‬التي غفل عنها بعض‬
‫من أّيد قتال أهل مكة ‪ ،‬من الصحابة رضوان ال عليهم ‪.‬‬
‫ط عنِ‬‫عْنُه عْم ِبَب ْ‬
‫عْنُك عْم ‪َ ،‬وَأْي عِدَيُكْم َ‬
‫ف َأْي عِدَيُهْم َ‬‫قال تعالى ) َوُهَو اّلِذي َك ّ‬
‫صععيًرا )‬ ‫ن َب ِ‬ ‫عَلْيِهْم ‪َ ،‬وَكانَ الُّ ِبَما َتْعَمُلو َ‬ ‫ظَفَرُكْم َ‬
‫ن َأ ْ‬
‫ن َبْعِد َأ ْ‬
‫َمّكَة ‪ِ ،‬م ْ‬
‫حعَراِم ‪َ ،‬واْلَهعْديَ‬ ‫جِد اْل َ‬ ‫سع ِ‬
‫ن اْلَم ْ‬ ‫عع ِ‬
‫صّدوُكْم َ‬ ‫ن َكَفُروا ‪َ ،‬و َ‬ ‫‪ُ (24‬هُم اّلِذي َ‬
‫‪558‬‬
‫ت ‪َ ،‬لمْ‬ ‫ساٌء ُمْؤِمَنا ٌ‬ ‫ن َوِن َ‬ ‫جاٌل ُمْؤِمُنو َ‬ ‫حّلُه ‪َ ،‬وَلْوَل ِر َ‬‫ن َيْبُلَغ َم ِ‬‫َمْعُكوًفا َأ ْ‬
‫خَل‬ ‫عْل عٍم ‪ِ ،‬لُي عْد ِ‬
‫صيَبُكْم ِمْنُهْم َمَعّرٌة ِبَغْي عِر ِ‬
‫طُئوُهْم ‪َ ،‬فُت ِ‬ ‫ن َت َ‬
‫َتْعَلُموُهْم ‪َ ،‬أ ْ‬
‫ن َكَفعُروا مِْنُهعْم‬ ‫شاُء ‪َ ،‬لْو َتَزّيُلوا ‪َ ،‬لَععّذْبَنا اّلعِذي َ‬‫ن َي َ‬
‫حَمِتِه َم ْ‬ ‫ل ِفي َر ْ‬ ‫ا ُّ‬
‫عَذاًبا َأِليًما )‪ 25‬الفتح ( ‪ ،‬فبالرغم من توافر الرغبععة اللهيععة فععي‬ ‫َ‬
‫تعذيب الكفار ‪ ،‬وتوافر التأييد اللهععي للمسععلمين فععي مواجهععاتهم‬
‫للمشركين ‪ ،‬وأسر المسلمين لمن خرج لصّدهم عن المسععجد مععن‬
‫مشركي قريش ‪ُ ،‬منععع المسععلمين مععن الععدخول لمكععة قسععرا ‪ ،‬لئل‬
‫ُيلحقوا الذى بالمؤمنين ‪ ،‬غير المعلومين من أهل مكة ‪ ،‬وأنه لو‬
‫سعععمح للمسعععلمين بقتعععال‬ ‫كعععان هعععؤلء ظعععاهرين ومعلعععومين ‪ ،‬ل ُ‬
‫المشركين ‪ ،‬ودخول مكة قسرا ‪.‬‬
‫قلنا في فصل سابق أن صفة دخول المسجد القصى ‪ ،‬فععي المععرة‬
‫الثانية مشابهة لصفة دخوله في المععرة الولععى ‪ ،‬والععدخول الول‬
‫كما علمنا ‪ ،‬كان من قبل البابليين ‪ .‬ولكن مععا نععود أن نؤكععد عليععه‬
‫هنععا ‪ ،‬أن ظععروف الععدخول الول مختلفععة ‪ ،‬عععن ظععروف الععدخول‬
‫الثاني ‪ ،‬فالدخول الول ‪ ،‬وقع على كفرة اليهععود وفسععقتهم ‪ ،‬بعععد‬
‫أن قاموا بإخراج المؤمنين المستضعفين من ديععارهم ‪ ،‬وإبعععادهم‬
‫إلى خارج حدود المملكة ‪ .‬وما نراه أمامنا على أرض الواقع فععي‬
‫فلسطين ككععل ‪ ،‬هععو تععداخل المععدن الفلسععطينية بالمععدن اليهوديععة‬
‫والمستوطنات ‪ ،‬واختلط السكان معن ععرب ويهعود ‪ ،‬فعي بععض‬
‫المدن وخاصة في مدينة القععدس ‪ .‬وهععذا الواقععع مشععابه إلععى حععد‬
‫مععا ‪ ،‬ظععروف مكععة قبععل الفتععح ‪ ،‬حيععث اختلط المععؤمنين سععّرا‬
‫بالكفععار ‪ .‬وهععذا ممععا ينفعي ‪ ،‬والع أعلععم ‪ ،‬اسععتخدام القععوة بشععكل‬
‫مفععرط ‪ ،‬أثنععاء الععدخول العراقععي لفلسععطين ‪ ،‬وممععا ينفععي وقععوع‬
‫مواجهة شععاملة ‪ ،‬فععي حععرب معلنععة ومكشععوفة ‪ ،‬ولنتعععرف علععى‬
‫الفكر العسكري ‪ ،‬لرسول ال عليه الصععلة والسععلم ‪ ،‬فععي كيفيععة‬
‫‪559‬‬
‫التعامل مع هذا الواقع ‪ ،‬وكيفية التدبير اللهي في تنفيععذ وعععده ‪،‬‬
‫سنعرض بعض الملمح من فتح مكة ‪.‬‬
‫لما كان صلح الحديبية ‪ ،‬دخل بنو بكر في عقععد قريععش ‪ ،‬ودخلععت‬
‫خزاعععة فععي عقععد رسععول ال ع عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬وكععانت‬
‫الهدنععة ‪ .‬فاغتنمهععا جماعععة مععن بنععي بكععر ‪ ،‬فععي السععنة الثامنععة‬
‫للهجرة ‪ ،‬فأصابوا من خزاعة ثأرا قديما لهم ‪ ،‬وكععانت قريععش قععد‬
‫رفدت بني بكر بالسلح والرجال ‪ .‬فخرج نفر من خزاعععة ‪ ،‬حععتى‬
‫قععدموا علععى رسععول ال ع عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬فععأخبروه بمععا‬
‫أصععيب منهععم ‪ ،‬ومظععاهرة قريععش لبنععي بكععر عليهععم ‪ ،‬فوعععدوا‬
‫بالنصععر ‪ ،‬ثععم انصععرفوا راجعيععن ‪ .‬فخععرج أبععو سععفيان حععتى قععدم‬
‫المدينة ‪ ،‬ليطلب الشفاعة ‪ ،‬ويشّد في العقععد ‪ ،‬ويزيععد فععي المععدة ‪،‬‬
‫فرجع خائبا ‪.‬‬
‫في تلك الثناء ‪ُ ،‬أمر المسلمون بالجهاد ‪ ،‬وُأخفيت جهة الخععروج‬
‫عن الناس في بادئ المععر ‪ ،‬كمععا ُأخفععي موعععد الخععروج ‪ ،‬ثععم إن‬
‫رسول ال أخبر الناس ‪ ،‬قبيل خروجه بفترة قصععيرة ‪ ،‬أنععه سععائر‬
‫خععذ العيععون‬
‫إلى مكة ‪ ،‬وأمرهم بالجّد والتهيععؤ ‪ ،‬وقععال ‪ " :‬اللهععم ُ‬
‫والخبار عن قريش ‪ ،‬حتى نبغتها في بلدها " ‪ .‬وكلنا يعلم قصة‬
‫حاطب بن أبي بلتعه ‪ ،‬عندما حاول إعلم قريش بما كان من أمععر‬
‫المسلمين ‪ ،‬فكشف الع أمععره عععن طريععق الععوحي ‪ .‬وشععاء الع ‪،‬‬
‫فُعّميت الخبار عن قريش ‪ ،‬ونزل جيش الفتح بالقرب من مكة ‪.‬‬
‫كان العباس عم الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬قد أعلن إسععلمه‬
‫عنععد مقععدم جيععش المسععلمين لغععزو مكععة ‪ ،‬وممععا قععاله حيععن نععزل‬
‫رسععول الع معّر الظهععران ‪ " :‬واصععباح قريععش ‪ ،‬والع لئن دخعل‬
‫رسععول ال ع مكععة عنععوة ‪ ،‬قبععل أن يععأتوه فيسععتأمنوه ‪ ،‬إنععه لهلك‬
‫‪560‬‬
‫قريش إلى آخر الدهر " ‪ .‬فخرج العباس رضي ال عنه ‪ ،‬ليبحععث‬
‫عن رجل من قريش ‪ ،‬ليطلب لها المععان ‪ ،‬مععن رسععول الع عليععه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬خوفا من أن ُيهلكهععا جيععش المسععلمين ‪ ،‬القععادم‬
‫للنتقام منها لنقض العهد ‪ ،‬فوجد صاحبه أبي سفيان ‪ ،‬فاستجلبه‬
‫ليطلب المان ‪ .‬ولول ما ُأعطي أبو سفيان ‪ ،‬من المان لهل مكععة‬
‫‪ ،‬وإطلق سراحه صباحا ‪ ،‬لُيخبرهم قبل دخول جيش المسلمين ‪،‬‬
‫لهلكت قريش ‪.‬‬
‫كععانت قريععش – بعععد أن نقضععت العهععد – تتوقععع خععروج الرسععول‬
‫ن معرفتها لوقت خروجععه علععى‬ ‫عليه الصلة والسلم عليها ‪ ،‬ولك ّ‬
‫صععلة ‪ ،‬لععذلك لععم تقععم بالسععتعداد‬‫وجععه الدقععة ‪ ،‬لععم تكععن متح ّ‬
‫للمواجهة ‪ ،‬وكانت تعتمد على خبر يأتيها من عمليات التجسس ‪،‬‬
‫الععتي دأبععت علععى القيععام بهععا ‪ ،‬منععذ نقضععها للعهععد ‪ ،‬للبععدء فععي‬
‫الستعداد ‪ .‬ولكن ذلك الخععبر لععم يععأت ‪ ،‬بمشععيئة الع ‪ ،‬حععتى كععان‬
‫صباح يوم الفتح ‪ ،‬على لسان أبي سفيان ‪ ،‬الذي كععان قععد أسععلم ‪،‬‬
‫داعيا أهل مكة إلى الستسلم ‪ ،‬ل داعيا إياهم إلى النفير ‪.‬‬
‫مقومات وظروف فتح مكة ‪:‬‬
‫كان ُمحّرك الخروج على قريش ‪ ،‬هععو الرغبععة فععي النتقععام منهععا‬
‫لنقضها العهد ‪ ،‬والثأر لبني خزاعععة ‪ ،‬بالضععافة لععدوافع أخععرى ‪،‬‬
‫أمععا رسععول ال ع عليععه السععلم ‪ ،‬فكععان أرحععم بأهععل قريععش مععن‬
‫أنفسهم ‪.‬‬
‫‪ .1‬توافر الوعد اللهي لرسوله وللمؤمنين بالفتح ‪.‬‬
‫‪ .2‬إحاطععة عمليععة الخععروج بالسععرية التامععة ‪ ،‬لتععوفير عنصععر‬
‫المباغتة ‪ ،‬مما حرم قريععش مععن السععتعداد للمواجهععة ‪ ،‬سععواء‬
‫بإعداد العدد والععدة ‪ ،‬أو بالسعتعانة بمعا حولهعا معن القبعائل ‪،‬‬
‫‪561‬‬
‫ممن كانوا على عداء مع المسلمين ‪ .‬مع العلم بأن المسافة مععا‬
‫بين المدينة ومكة ‪ ،‬تزيد على ‪ 400‬كععم ‪ ،‬وأن وسععائل النتقععال‬
‫كانت بدائيععة وبطيئة جععدا ‪ ،‬ومععع ذلععك تمّكععن المسععلمون ‪ ،‬مععن‬
‫الوصول ومباغتة أهل مكة ‪ ،‬من خلل الخذ بالسععباب ‪ ،‬ومععن‬
‫ثم العتماد على التأييد اللهي ‪.‬‬
‫‪ .3‬تأمين الكثرة ‪ ،‬لدب الرعب في قلوب المشركين ‪ ،‬وإجبععارهم‬
‫على الستسلم لنعععدام القععدرة علععى المواجهععة ‪ ،‬ولسععحق أي‬
‫مقاومة محتملة ‪ ،‬مهما كان حجمها ‪ ،‬حيث بلععغ تعععداد الجيععش‬
‫قرابة عشععرة آلف رجععل ‪ ،‬وهععو نفععس العععدد الععذي اسععتطاعت‬
‫قريش ‪ ،‬وحلفائها من القبائل ‪ ،‬جمعه في غزوة الخندق ‪ ،‬وهو‬
‫حرمت قريش من فعله عند فتح مكة ‪.‬‬ ‫ما ُ‬
‫‪ .4‬علم المسععلمين التععام ‪ ،‬بجغرافيععة مكععة ومحيطهععا ‪ ،‬ممععا أفععاد‬
‫المسلمين قبل وأثناء الدخول ‪.‬‬
‫‪ .5‬والهععم مععن كععل مععا تق عّدم ‪ ،‬هععو التأييععد والتمكيععن والتععدبير‬
‫اللهي ‪ ،‬من البداية إلى النهاية ‪ ،‬لنجاز ذلك الوعد ‪.‬‬
‫ع والن لو طرحنا التساؤل التالي ‪ ،‬أليععس مععن الممكععن أن تتععوفر‬
‫ذات المقومات للعراقيين ‪ ،‬لُينجز ال وعده لبني إسرائيل ؟!‬
‫‪ .1‬تععوافر نفععس الُمح عّرك للخععروج ‪ ،‬وتععوافر دوافععع ومععبررات‬
‫أخرى طرحناها أعله ‪.‬‬
‫‪ .2‬توافر الوعد اللهي بعقاب بني إسرائيل على أيدي العراقييععن‬
‫‪ ،‬حتى لو لم ُيذكروا بالسم في النص القرآني ‪.‬‬
‫‪ .3‬توافر وحدة القيادة ‪ ،‬وقدرتها في هععذه الحالعة ‪ ،‬علعى إخفععاء‬
‫أمر الخروج ‪ ،‬من حيث توقيته وكيفّيتععه ‪ ،‬ممععا يضععمن عنصععر‬
‫المباغتة ‪.‬‬
‫‪562‬‬
‫‪ .4‬القرب المكاني ‪ ،‬وتوافر آليععات النقععل الحديثععة ‪ ،‬ممععا يضععمن‬
‫سرعة الوصول ‪.‬‬
‫‪ .5‬توافر الكععثرة والسععتعداد والتععدريب المكثععف ‪ ،‬فهععذا هععو مععا‬
‫ُيشععاهده القاصععي والععداني ‪ ،‬علععى شاشععة التلفزيععون العراقععي‬
‫مؤخرا ‪ .‬ول يأخذ هذا المر على محمل الجّد ‪ ،‬إل يهود أمريكععا‬
‫وإسععرائيل مععن المععؤمنين بععالنبوءات التوراتيععة ‪ ،‬لدرجععة أن‬
‫) شععارون ( سععافر مععؤخرا لمريكععا فقععط ‪ ،‬لبحععث أمععر جيععش‬
‫القصى الذي ُيعّده الرئيععس العراقععي ‪ ،‬حيععث وع عَده المريكععان‬
‫بالتكفل بأمره ‪ ،‬وطلبوا منه الهتمام بالشأن الداخلي ‪ ،‬والعمععل‬
‫على تهدئة المور ظاهريا ‪ .‬ومربط الفرس ‪ ،‬أن العالم ل ُيعيععر‬
‫أدنععى اهتمععام للسععتعدادات العراقيععة الجاريععة حاليععا علععى قععدم‬
‫وساق ‪ ،‬وحتى أمريكا نفسها على ما يبدو تقلل مععن شععأن هععذا‬
‫الجيش ‪ ،‬ول تتوقع أن يقوم العراق بغزو إسرائيل برا ‪.‬‬
‫‪ .6‬توافر التجربة والخبرة الميدانية للقيادات العسكرية العراقيعة‬
‫‪ ،‬بمشاركتها في كافة الحروب العربية السععرائيلية ‪ ،‬والحععرب‬
‫اليرانية ‪ ،‬ودخولها المفاجئ للكويت ‪.‬‬
‫‪ .7‬تعععوافر التأييعععد والتمكيعععن اللهعععي ‪ ،‬بتعععذليل السعععبل أمعععام‬
‫العراقيين ‪ ،‬والتي من شأنها تحقيق هذا الوعد ‪ ،‬بالكيفية الععتي‬
‫جاءت بها النصوص القرآنية ‪.‬‬
‫صفة جيش البعث في التوراة ‪:‬‬
‫ع سفر يوئيل ‪ :1 :1 " :‬هذا ما أوحععى بععه الععرب إلععى يوئيععل بععن‬
‫فثوئيععل ‪ :‬اسععمعوا هععذا أّيهععا الشععيوخ ‪ ،‬وأصععغوا يععا جميععع أهععل‬
‫الرض ‪… ،‬‬

‫‪563‬‬
‫‪ :15 :1‬يا له من يوم رهيب ‪ ،‬لن يوم الرب قريب ‪ ،‬حامل معععه‬
‫الدمار من عند القععدير ‪ … ،‬اصععحوا أيهععا السععكارى ‪ ،‬وابكععوا يععا‬
‫جميع مدمني الخمر … فإن أمًة قويععة قعد زحفعت علععى أرضعي ‪،‬‬
‫ُأمة قوية ل ُتحصى لكثرتها ‪ ،‬لها أسنان ليث وأنياب لبؤة ‪… ،‬‬
‫‪ :2 :2‬هو يوم ظلمة وتجّهم ‪ ،‬يوم غيوم ُمكفهّرة وقتام دامععس ‪،‬‬
‫فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ‪ ،‬كما يزحف الظلم علععى الجبععال ‪،‬‬
‫أّمة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ‪ ،‬تلتهم النار مععا أمامهععا ‪،‬‬
‫وُيحرق اللهيب ما خلفهععا ‪ ،‬الرض أمامهععا جنععة عععدن ‪ ،‬وخلفهععا‬
‫صحراء موحشة ‪ ،‬يثبون على رؤوس الجبال ‪ ،‬فععي جلبععة كجلبععة‬
‫ش ‪ ،‬وكجيععش عععات‬ ‫المركبععات ‪ ،‬كفرقعععة لهيععب نععار يلتهععم القعع ّ‬
‫ف للقتال ‪ .‬تنتاب الرعدة منهم كععل الشعععوب ‪ ،‬وتشععحب كععل‬ ‫ُمصط ّ‬
‫الوجععوه ‪ ،‬ينععدفعون كالجبععابرة وكرجععال الحععرب ‪ ، … ،‬ينسعّلون‬
‫ضععون علععى المدينععة ‪،‬‬‫بيععن السععلحة مععن غيععر أن يتوقفععوا ‪ ،‬ينق ّ‬
‫ويتواثبععون فععوق السععوار ‪ ،‬يتس عّلقون الععبيوت ‪ ،‬ويتس عّللون مععن‬
‫الكععوى كاللصععوص ‪ ،‬ترتعععد الرض أمععامهم وترجععف السععماء ‪،‬‬
‫جنده ل ُيحصععى‬ ‫… ‪ ،‬يجهر الرب بصوته في ُمقّدمة جيشه ‪ ،‬لن ُ‬
‫لهم عدد ‪ ،‬ومن ُينّفذ أمره يكععون ُمقتععدرا ‪ ،‬لن يععوم الععرب عظيععم‬
‫ومخيف ‪ ،‬فمن يحتمله ؟! " ‪.‬‬
‫ععع سععفر حبقععوق ‪ :3 :1 " :‬أينمععا تلّفععت أشععهد أمععامي جععورا‬
‫واغتصابا ‪ ،‬ويثور حولي خصععام ونععزاع ‪ ،‬لععذلك بطلععت الشععريعة‬
‫) تعطّلععت ( وبععاد العععدل ‪ ،‬لن الشععرار ُيحاصععرون الصععّديق ‪،‬‬
‫ق‪.‬‬
‫فيصدر الحكم ُمنحرفا عن الح ّ‬
‫جبوا وتحّيروا ‪ ،‬لنععي ُمقبععل‬ ‫" ‪ :5 :1‬تأّملوا المم وأبصروا ‪ ،‬تع ّ‬
‫على إنجاز أعمال ‪ ،‬في عهععدكم ‪ ،‬إذا ُأخععبرتم بهععا ل تص عّدقونها ‪.‬‬
‫‪564‬‬
‫فها أنا ُأثير الكلدانيين ‪ ،‬هذه المة الحانقة الُمندفعة ‪ ،‬الزاحفة في‬
‫رحاب الرض ‪ ،‬لتستولي على مسععاكن ليسععت لهععا ‪ ،‬أّمععة ُمخيفععة‬
‫حكمها وعظمتها من ذاتها ‪ .‬خيولهععا أسععرع مععن‬ ‫ُمرعبة ‪ ،‬تستمّد ُ‬
‫النمععور ‪ ،‬وأكععثر ضععراوة مععن ذئاب المسععاء ‪ ،‬فرسععانها ينععدفعون‬
‫بكبرياء ‪ ،‬قادمين من أماكن بعيدة ‪ُ ،‬متسابقين كالنسر الُمسععرع ‪،‬‬
‫للنقضععاض علععى فريسععته ‪ُ ،‬يقبلععون جميعهععم ليعيثععوا فسععادا ‪،‬‬
‫ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ‪ ،‬فيجمعععون‬
‫أسرى كالرمل ‪ .‬يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ‪ ،‬ويسععخرون‬
‫مععن الحصععون ‪ ،‬يجعلععون حولهععا تلل مععن الععتراب ‪ ،‬ويسععتولون‬
‫عليها ‪ .‬ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ‪ ،‬فقوة هؤلء الرجال هععي‬
‫إلههم " ‪.‬‬
‫" ‪ 3 :2‬لن الرؤيععا ل تتحّقععق إل فععي ميعادهععا ‪ ،‬وتسععرع إلععى‬
‫نهايتها ‪ ،‬إنهععا ل تكععذب ‪ ،‬وإن تععوانت فانتظرهععا ‪ ،‬لنهععا ل بعّد أن‬
‫تتحّقق ‪ ،‬ولن تتأخر طويل " ‪.‬‬
‫اليهننودي وصننفة الجبننن الملزمننة لننه عننبر‬
‫العصور ‪:‬‬
‫كلنا يعلم أن وجود إسرائيل وبقائها ‪ ،‬ل يعتمد في الدرجة الولععى‬
‫على مقّوماتها الذاتيععة ‪ ،‬مهمععا بلغععت قوتهععا العسععكرية مععن عععدة‬
‫وعتاد ‪ ،‬فحصنهم المنيع هو أمريكا بقوتها وعظمتها ‪ ،‬والحصععن‬
‫الخعععر هعععو الطعععوق المنعععي معععن معاهعععدات السعععلم والحلف‬
‫العسكرية ‪ ،‬التي سعوا جاهدين للتوقيع عليهععا مععع دول الجععوار ‪.‬‬
‫وهذين الحصنين هما ما يتكل عليه اليهععود ‪ ،‬كضععمانة لسععتمرار‬
‫وجودهم ‪ ،‬وشعورهم نسبيا بالمان ‪ ،‬الععذي ُيمّكنهععم مععن البععدء ‪،‬‬
‫في تنفيذ مشاريعهم التوراتية على أرض فلسطين ‪.‬‬
‫‪565‬‬
‫أما اليهود فععي الحقيقععة ‪ ،‬فليععس لععديهم عقيععدة أو مبععدأ ‪ ،‬ليبععذلوا‬
‫أرواحهم في سبيل الدفاع عنها ‪ ،‬كما هي الحال عنعد غيرهعم معن‬
‫شعوب الرض ‪ .‬لذلك تجدهم أشّد الناس حرصا على الحياة ‪ ،‬فل‬
‫ُيقععاتلون إل مجععبرين ‪ ،‬وفععي قععرى محصععنة أو مععن وراء جععدر ‪،‬‬
‫فعادة الخروج للقتال ليست من شأنهم ‪ ،‬أما الخروج للقتل وسفك‬
‫دماء غير المقاتلين ‪ ،‬فهذا أكثر ما يستطيعون القيام بععه ‪ ،‬وعلععى‬
‫تخّوف من إصابتهم ‪ ،‬من قبل خصمهم العزل ‪ ،‬وهذا ما نشاهده‬
‫على أرض الواقع هذه اليام ‪.‬‬
‫أمععا فععي حععال المواجهععة المعلنععة المكشععوفة ‪ ،‬فععأول معا ُيفّكععر بععه‬
‫جععج بالسععلح ‪ ،‬هععو البحععث عععن ملجععأ‬ ‫الجنععدي السععرائيلي المد ّ‬
‫صن خلفه ‪ ،‬هذا إن تجرأ على القتععال ‪ .‬وإن لععم يجععرؤ ‪ ،‬فععأول‬ ‫يتح ّ‬
‫ما ُيفّكر به ‪ ،‬هو أن يععولي الدبعار مطلقععا لسعاقيه العنعان ‪ ،‬هاربععا‬
‫إلى حيث ل يدري ‪ .‬فكيف إذا لععم يكععن هنععاك مواجهععة ‪ ،‬بععل غععزو‬
‫مفاجئ ‪ ،‬أتخّيل هذا الجندي وفععور سععماعه ‪ ،‬بععأمر خععروج أحفععاد‬
‫نبوخذ نصر ‪ ،‬من بابل وقبل اجتيازهم للحععدود العراقيععة ‪ ،‬باتجععاه‬
‫إسرائيل ‪ ،‬وقد تسّمر في مكانه ‪ ،‬وتجّمد الدم في عروقه ‪ ،‬وشّلت‬
‫أطرافه ‪ ،‬فلم يقو على حمل سلحه ‪ .‬وخلصة القعول أن دولتهعم‬
‫محكوم عليها بالفناء ‪ ،‬منذ لحظة قيامها ‪ ،‬وهم يعلمون ذلك علععم‬
‫اليقين ‪ ،‬وأن الجندي السععرائيلي ‪ ،‬مهععزوم بععالرعب مععن قبععل أن‬
‫تبدأ المعركة ‪.‬‬
‫الكيفية المتوقعة لهذا الدخول ‪:‬‬
‫على ما يبدو ‪ ،‬وبعد هذه القراءة المطّولعة ‪ ،‬أنعه لعن تكعون هنعاك‬
‫معركة معلنععة ومكشععوفة وطويلععة المععد ‪ ،‬تسععتخدم فيهععا الليععات‬
‫الحربية ‪ ،‬من مدافع ودبابات وصواريخ وطععائرات ‪ .‬وإنمععا غععزو‬
‫‪566‬‬
‫سريع ومباغت ‪ ،‬لجيش عرمرم ‪ ،‬بعدد هائل من الجند ‪ُ ،‬مععدّربين‬
‫على سرعة النتقال والنتشار ‪ ،‬ومزودين بأسععلحة خفيفععة ‪ ،‬هععم‬
‫أشبه – كمععا تصععورهم التععوراة – باللصععوص فععي خفععة حركتهععم‬
‫وانسيابهم وتسّللهم ‪ ،‬وبالنسور بسعرعة انقضاضعها ‪ ،‬وبالسعود‬
‫في قوتها وجبروتها وبطشها ‪ .‬وقد ل يخلو المر ‪ ،‬من مواجهات‬
‫ولكنها ستكون محدودة وقصيرة ‪ ،‬ربمععا ل تتعععدى كسععر البععاب ‪،‬‬
‫بمعنى أن العقبة الوحيدة التي ربما تععواجه المهععاجمين ‪ ،‬ل تعععدو‬
‫عن كونها ‪ ،‬مقاومة بسيطة على الحدود ‪.‬‬
‫وكون هذا الهجوم مباغتا ‪ُ ،‬يفهم من تحذير النجيل لليهود ‪ ،‬بأن‬
‫من سمع بمحاصرة أورشليم بالجيوش ‪ ،‬إذا كان فعي الحقعل ‪ ،‬فل‬
‫يرجع إلى المدينة ‪ ،‬وإذا كان على سععقف المنععزل ‪ ،‬فل ينععزل إلععى‬
‫أسفل ‪ ،‬ليجلب متاعا أو ما شابه ‪ ،‬أي أن هناك من سيسمع بهععذا‬
‫الغزو بعد خروجه إلى الحقل ‪ ،‬وأن هنععاك مععن سيسععمع بععالغزو ‪،‬‬
‫بعد صعوده إلى سطح منزله ‪ ،‬والخروج من المدينععة إلععى الحقععل‬
‫والعودة ‪ ،‬ربما ل يتجاوز سويعات معععدودة ‪ ،‬وأمععا الصعععود إلععى‬
‫سطح المنزل والنععزول عنعه ‪ ،‬فربمعا ل يتجععاوز دقععائق مععدودة ‪.‬‬
‫فالفارق الزمني قصير جدا ‪ ،‬ما بين الحالتين ‪ ،‬فالععذي خععرج إلععى‬
‫الحقل ‪ ،‬لم يكن يعلم بالغزو قبل خروجه ‪ ،‬والذي صعد إلى سععطح‬
‫المنزل ‪ ،‬لم يكن قد سمع بالغزو قبل صعوده ‪.‬‬
‫ومن المحتمل أن يكون هععذا الغععزو ليل ‪ ،‬ومععن المحتمععل أن يبععدأ‬
‫الهجوم ليل الجمعة ‪ ،‬لينتهي يوم السبت قبل الظهيععرة ‪ ،‬اسععتغلل‬
‫لنقطاع أغلب اليهود عن العمل ‪ ،‬بحجة التزامهم بشريعة حرمععة‬
‫السبت ‪ ،‬التي ما ألعزم الع بهعا ‪ ،‬إل أصعحاب تلعك القريعة ‪ ،‬والع‬
‫أعلععم ‪ .‬وسععينجم عععن هععذا الغععزو ‪ ،‬تفريععغ كامععل لليهععود مععن‬
‫فلسطين ‪ ،‬سواء بالقتل أو الفرار ‪ ،‬وسيطرة كاملة ‪ ،‬على مساحة‬
‫‪567‬‬
‫فلسطين كلهععا ‪ ،‬وبالتععالي فععرض واقععع جديععد ‪ُ ،‬يعيععد المععور إلععى‬
‫نقطة الصفر ‪ ،‬أي ما قبل قيام إسرائيل بخمسين عاما ‪ ،‬أيعام خلعو‬
‫فلسطين من اليهود ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫ردود الفعل العالمية المتوقعة ‪:‬‬
‫هععذا الحععدث ‪ ،‬السععريع والمبععاغت ‪ ،‬المرعععب والعجيععب ‪ ،‬عنععدما‬
‫يقع ‪ ،‬سُيصععاب العععالم بأسععره بالععذهول والشعلل ‪ ،‬ربمععا لشععهر أو‬
‫لعدة أشهر ‪ ،‬وأول ما ُيجابه به سماع خبره ‪ ،‬هو عدم التصديق ‪،‬‬
‫وسيحتاج الغرب اليهععودي الحليععف لسعرائيل ‪ ،‬إلععى وقععت طويععل‬
‫ليفيق من هول الصدمة ‪ ،‬وليجد الغرب نفسه عاجزا ‪ ،‬عن القيععام‬
‫بأي رد فعل سريع ومؤثر للمساعدة ‪ ،‬فل إسرائيل ول يهود ‪ .‬أما‬
‫من هععم فععي الصععف المنععاهض لسععرائيل وأمريكععا مععن الشععرق ‪،‬‬
‫فسيصابون بنفس الشعععور ‪ ،‬ولكععن شعععور ل يخلععو مععن الشعماتة‬
‫بععاليهود إجمععال ‪ ،‬وبأمريكععا بشععكل خععاص ‪ .‬أمععا اليهععود إجمععال ‪،‬‬
‫ويهود أمريكا بشكل خاص ‪ ،‬فسيصابون بخيبة أمل كبيرة ‪ ،‬وهععم‬
‫يرون أحلهم التوراتية ‪ ،‬تتحول إلى سراب ‪.‬‬
‫وبعد امتصاص الصدمة الولى ‪ ،‬ستبدأ المواقف العالمية من هذا‬
‫الحدث في التبلور ‪ ،‬لتجععد أمريكععا نفسععها عنععدما تبععدأ بععالتحرك ‪،‬‬
‫لعععادة إحيععاء الدولععة اليهوديععة ‪ ،‬بععدفع مععن سععادتها اليهععود‬
‫المععتربعين علععى عروشععها ‪ ،‬أنهععا تغنععي منفععردة خععارج السععرب‬
‫العالمي ‪ ،‬الذي أضحى مؤيدا ومعجبا بمععا قعّدمه العراقيععون ‪ ،‬مععن‬
‫حل سحري لتلك المشكلة المستعصية ‪ ،‬التي أّرقععت جفععون العععالم‬
‫طوال قرن من الزمان ‪.‬‬
‫طلعععة علععى أدق‬‫فالعرب من وجهة النظر العالميععة ‪ ،‬العتي بععاتت م ّ‬
‫تفاصيل القضية الفلسععطينية ‪ ،‬قععد اسععتعادوا أرضععهم وحقععوقهم ‪،‬‬
‫‪568‬‬
‫وإسرائيل بما قّدمته مععن أعمععال وحشععية وهمجيععة ‪ ،‬خلل سععنين‬
‫عمرها ‪ ،‬ضد أرض فلسطين وشعبها ‪ ،‬وعدم استجابتها لقرارات‬
‫الجهة التي أوجععدتها ‪ ،‬ل تسععتحق الوجععود والبقععاء ‪ .‬فععالحق هععو‬
‫عودة فلسطين إلى أهلهععا العععرب ‪ ،‬والباطععل هععو وجععود إسععرائيل‬
‫على أرض العرب ‪ ،‬فإذا جاء الحق وزهق الباطععل ‪ ،‬فليععس هنععاك‬
‫مشكلة بالنسبة لمجمععل دول العععالم ‪ ،‬الععتي ل تقععع تحععت النتععداب‬
‫المريكي اليهودي المعاصر ‪ ،‬فالمشكلة ُوجدت بإقامة إسععرائيل ‪،‬‬
‫في قلب الوطن العربي ‪ ،‬وزالت هذه المشكلة بزوالها ‪.‬‬
‫الوعد والموعد والواقع ‪:‬‬
‫وبالعودة إلى الوراء قليل ‪ ،‬نجععد أن المسععلمون اسععتاءوا كععثيرا ‪،‬‬
‫عندما ُمنعوا من أداء العمرة ‪ ،‬بصحبة رسععول الع عليععه الصععلة‬
‫السلم ‪ ،‬في السنة السادسععة للهجععرة ‪ ،‬ومععا زاد فععي قهرهععم هععو‬
‫ذلك الصلح ‪ ،‬الذي منع دمععاء المشععركين منهعم ‪ ،‬وأبقعى المسعجد‬
‫الحرام في أيديهم ‪ ،‬لمععدة عشععر سععنوات قادمععة ‪ ،‬فعّقععب سععبحانه‬
‫وتعالى على ذلك قععائل ) َفَعِلعَم َمععا َلعْم َتْعَلُمععوا … ( ‪ ،‬والععذي كععان‬
‫يعلمععه رب العععزة مسععبقا ‪ ،‬هععو أنهععم سععيؤدون العمععرة فععي العععام‬
‫التالي ‪ ،‬وأن هذا الصلح ‪ ،‬الذي استاءوا مععن عقععده مععع مشععركي‬
‫قريش ‪ ،‬وأضفى عليهم شعععورا باليععأس والحبععاط ‪ ،‬سععيكون هععو‬
‫نفسه ‪ ،‬سببا ومبررا لفتح مكة ‪ ،‬عند نقضه مععن قبععل قريععش بعععد‬
‫حععا‬
‫ن َذِلعكَ َفْت ً‬
‫ن ُدو ِ‬
‫جَععَل ِمع ْ‬
‫سنتين من إبرامه ‪ ،‬فعّقب بقوله ) … َف َ‬
‫َقِريًبا )‪ 27‬الفتح ( ‪.‬‬
‫حتى أكععثر المسععلمين إيمانععا ويقينععا وتفععاؤل ‪ ،‬لععم يكععن يتصععور ‪،‬‬
‫لحظععة منعهععم مععن أداء العمععرة وإبععرام الصععلح ‪ ،‬بععأن فتععح مكععة‬
‫سيكون بعد سنتين فقط ‪ ،‬من تاريخ تلك اللحظة ‪ ،‬وبتلك الصععورة‬
‫‪569‬‬
‫الحتفالية والمش عّرفة ‪ ،‬لتكععون تأديععة فريضععتي الحععج والعمععرة ‪،‬‬
‫متاحة لهم في أي وقت شاءوا ‪.‬‬
‫وبالنظر لواقع المسلمين في غزوة الحزاب ‪ ،‬وهم قلة ‪ ،‬وقريش‬
‫وقبائل الجزيرة بمشركيها ويهودها ‪ ،‬يتربصون بهم ريب المنون‬
‫‪ ،‬من الداخل والخارج ‪ ،‬هل كان ممن المكععن أن يتصععور أن هععذه‬
‫الحال ‪ ،‬سععتنقلب رأسععا علععى عقععب ‪ ،‬بعععد ثلث سععنوات ‪ ،‬فيغععزو‬
‫المسلمين مكة بعشرة آلف مقاتل ؟‬
‫وبالرغم من اختلف طبيعة الوعععود اللهيععة ‪ ،‬مععن حيععث الثععواب‬
‫والعقاب ‪ ،‬إل أننا نتحّدث هنا ععن الوععد بحعد ذاتعه ‪ ،‬لنقعول بعأن‬
‫الوعد اللهي ‪ ،‬ل يحّده زمان ول مكان ول واقع ‪ ،‬ول ننسى بععأن‬
‫وعد الخرة ‪ ،‬هو وعععد بعقععاب اليهععود فععي المقععام الول ‪ ،‬ولكععن‬
‫هناك أسباب ومسععببات ل بععد أن تأخععذ مجراهععا ‪ ،‬قبععل إتيععان أمععر‬
‫ال ‪.‬‬
‫قال تعالى‬
‫ب‪،‬‬ ‫جععاَءُهُم اْلَععَذا ُ‬
‫سعّمى ‪َ ،‬ل َ‬ ‫جعٌل ُم َ‬ ‫ب ‪َ ،‬وَلْوَل َأ َ‬ ‫ك ِباْلَعَذا ِ‬‫جُلوَن َ‬
‫سَتْع ِ‬‫) َويَ ْ‬
‫ن )‪ 53‬العنكبععوت ( ‪ ،‬وقععال ) ُه عَو‬ ‫شُعُرو َ‬ ‫َوَلَيْأِتَيّنُهْم َبْغَتًة ‪َ ،‬وُهْم َل َي ْ‬
‫ن ِدَيععاِرِهْم ‪َِ ،‬لّوِل‬
‫ب ِمع ْ‬ ‫ن َأْه عِل اْلِكَتععا ِ‬
‫ن َكَف عُروا ‪ِ ،‬مع ْ‬ ‫ج اّل عِذي َ‬
‫خَر َ‬ ‫اّلِذي َأ ْ‬
‫صععوُنُهمْ‬
‫ح ُ‬ ‫ظّنععوا َأّنُه عْم َمععاِنَعُتُهْم ُ‬
‫جوا ‪َ ،‬و َ‬ ‫خُر ُ‬‫ن َي ْ‬‫ظَنْنُتْم َأ ْ‬
‫شِر ‪َ ،‬ما َ‬ ‫ح ْ‬ ‫اْل َ‬
‫ف ِفععي ُقُلععوِبِهُم‬ ‫سعُبوا ‪َ ،‬وَقعَذ َ‬ ‫حَت ِ‬
‫ث َلعْم َي ْ‬
‫حْيع ُ‬‫ن َ‬ ‫ل ِم ْ‬‫ل ‪َ ،‬فَأَتاُهُم ا ُّ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫ِم َ‬
‫ن ‪َ ،‬فععاعَْتِبُروا‬ ‫ن ُبُيععوَتُهْم ِبَأْيعِديِهْم َوَأْيعِدي اْلُمعْؤِمِني َ‬ ‫خِرُبو َ‬ ‫ب ‪ُ ،‬ي ْ‬ ‫ع َ‬‫الّر ْ‬
‫صاِر )‪ 2‬الحشر (‬ ‫َيُأوِلي اَْلْب َ‬

‫‪570‬‬
‫وليتبروا ما علوا تتبيرا‬
‫قلنا في نهاية تفسيرنا لعبععارة ) وليتععبروا مععا علععوا تتععبيرا ( ‪ :‬أن‬
‫كل ما عل بنو إسععرائيل عليععه أو بععه أو فيععه ‪ ،‬سيصععله الععدمار ل‬
‫محالة ‪ ،‬لعموم لفظ العلو ‪ ،‬حتى علوهم في الغععرب ‪ ،‬إذ أن الععذي‬
‫أبقععى علععوهم قائمععا ومسععتمرا فععي فلسععطين ‪ ،‬هععو علععوهم فععي‬
‫الغرب ‪ .‬ولذلك يصبح دمععار الععدول الغربيععة أمععر محتمععا ‪ ،‬ليععزول‬
‫علو بني إسرائيل فيها أيضا بشععكل نهععائي ‪ ،‬وبععذلك تنتفععي تمامععا‬
‫قدرتهم علععى العلععو معرة أخعرى ‪ ،‬إذ أن هعذا العلععو ‪ ،‬هعو علعوهم‬
‫الخير في الرض ‪.‬‬
‫ويؤكععد سععبحانه أن السععبب ‪ ،‬فععي زوال هععذا العلععو ‪ ،‬هععم اليهععود‬
‫أنفسهم ‪ ،‬حيث أن ال ‪ ،‬كان قععد اشععترط عليهععم الحسععان لدامععة‬
‫هذا العلو ‪ ،‬وحذرهم من زواله إن هم أساءوا ‪ ،‬وجاء هذا الشرط‬
‫مباشععرة ‪ ،‬قبععل إخبععاره عععن وعععد الخععرة فععي اليععة السععابعة ‪،‬‬
‫فاليهود حكموا على أنفسهم بالهلك ‪ ،‬وعلى علوهم بالزوال ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬وذلك لنهم لم ُيحسنوا ‪ ،‬بل على العكس ‪ ،‬من ذلك أسععاءوا‬
‫‪ ،‬ولععم يععألوا جهععدا ‪ ،‬بالفسععاد فععي الرض ‪ ،‬ضععاربين بالتحععذير‬
‫اللهي عرض الحائط ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬والنكى من ذلك أنهم ‪ ،‬بأنهم قاموا بتوجيه رسععالة أخععرى‬
‫لرب العزة ‪ ،‬ومؤداها يقول ‪ :‬بأننا سنفعل ما يحلو لنا ‪ ،‬وسنفسععد‬
‫في الرض ‪ ،‬وسنمنعك من بعث عبععادك الشععداء ‪ ،‬الععذين ُتهعّددنا‬
‫بهم ‪ ،‬لننا سُنبيدهم عن بكرة أبيهععم ‪ ،‬قبععل أن ُتفكععر فععي بعثهععم ‪،‬‬
‫مظهرين إصرارا عز نظيره في تحعّديهم لععرب العععزة ‪ ،‬بععأن ينععزل‬
‫بهم ما وعدهم ‪ ،‬مّتكلين على من هم دونه ‪ ،‬لحمععايتهم ووقععايتهم‬
‫مععن أمععر ال ع ‪ ،‬منكريععن ربوبيععة ال ع وألععوهيته ‪ ،‬وقععدرته علععى‬
‫‪571‬‬
‫تصريف أمور الكون ‪ ،‬وكذلك حقيقععة البعععث بعععد المععوت ‪ ،‬وهععذه‬
‫المور هي ما تتناوله سورة السراء ‪ ،‬على امتدادها ‪ ،‬من وجوه‬
‫متعععددة ‪ ،‬وبععذلك تكععون عععداوتهم للعععراق ‪ ،‬وعععدوانهم عليععه ‪،‬‬
‫ورغبتهم في تدميره وإبادة أهله سببا ‪ ،‬فععي خععروج أهععل العععراق‬
‫عليهم ‪ ،‬انتقاما ودفعا لما ُيحيق بهم من أخطار ‪ ،‬في حال اسععتمر‬
‫تواجعد الدولعة اليهوديعة علعى أرض فلسعطين ‪ ،‬ليخربعوا بيعوتهم‬
‫بأيديهم وأيدي المسلمين ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬هي حرب الع عليهععم ‪ ،‬ل حععرب أحععد ‪ ،‬ذلععك بععأنهم تحععدوا‬
‫ال ‪ ،‬وأعلنوا حربهم عليه ‪ ،‬وعلى كل من يؤمن بععه ‪ ،‬ربععا وإلهععا‬
‫واحدا أوحدا ‪ ،‬خاب وخسر الذين من دونه ‪ ،‬وأن رب العععزة قِبععل‬
‫التحعّدي ‪ ،‬وأعلععن حربععه عليهععم ‪ ،‬وهععذا مععا تستشعععره مععن خلل‬
‫مجمل آيات سورة السراء ‪ ،‬ولكن لعم يتبّقعى إل أن تحيعن سعاعة‬
‫الصفر ‪ ،‬ليروا من ال ما لم يكونوا يحتسبون ‪.‬‬
‫وفي الصل كما أوضحنا سععابقا ‪ ،‬أن علععوهم غيععر المسععبوق فععي‬
‫الغرب ‪ ،‬هو الذي أوجد علععوهم فععي فلسععطين لحقععا ‪ ،‬وإذا كععانت‬
‫النتيجة ‪ ،‬أي علوهم في فلسطين ‪ ،‬تستحق الععزوال ‪ ،‬فععالولى أن‬
‫ُيزال المتسّبب فيها ‪ ،‬أي علوهم في الغرب ‪ ،‬حععتى تنتفععي فرصععة‬
‫ظهور تلك النتيجة ) أي العلو اليهععودي ( مععرة أخععرى ‪ ،‬فكمععا أن‬
‫زوال دولة إسرائيل أمر حتمي ‪ ،‬فزوال أمريكا أمر أكثر حتمية ‪.‬‬
‫فاليهود لهم من حيث المكان إفسادين ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬في فلسطين ‪ ،‬إفسععاد بسععفك الععدماء ‪ ،‬وإخععراج النععاس مععن‬
‫ديارهععععا ‪ ،‬والسععععتيلء علععععى ممتلكععععاتهم ‪ ،‬وإتلف الخضععععر‬
‫واليابس ‪ ،‬ومنع مساجد ال أن ُيععذكر فيهععا اسععمه ‪ ،‬والسعععي فععي‬
‫خرابها … إلى آخره ‪.‬‬
‫‪572‬‬
‫وثانيا ‪ :‬في أمريكا والدول الغربية ‪ ،‬إفساد بنشععر العقععائد الماديععة‬
‫اللحادية ‪ ،‬وإشععاعة الرذيلععة والنحلل الخلقععي والخلقععي ‪ ،‬فععي‬
‫شععتى منععاحي الحيععاة ‪ ،‬بالضععافة إلععى تفريععق النععاس وتصععنيفهم‬
‫واستضعععاف طععوائف منهععم ‪ ،‬وسععومهم سععوء العععذاب ‪ ،‬لدرجععة‬
‫حرقهم وإبادتهم ‪ ،‬بالسععلحة التقليديععة والنوويععة ‪ ،‬وعلععى قاعععدة‬
‫الجععزاء مععن جنععس العمععل ‪ ،‬ل شععك لععدي مععن أن كععبرى المععدن‬
‫المريكية ‪ ،‬سُتضرب من السععماء بصععواريخ نوويععة ‪ ،‬أو بشععهب‬
‫من السماء ‪ ،‬مسببة دمارا كالدمار ‪ ،‬الذي أحععدثته قنابلهععا المععدن‬
‫اليابانية ‪ ،‬ولكن على مدى أوسع بكثير ‪.‬‬
‫زوال العلننو اليهننودي فنني أمريكننا ‪ ،‬لننن‬
‫يتوانى كثيرا ‪ ،‬عن زوال العلننو اليهننودي‬
‫في فلسطين ‪:‬‬
‫حْبٍل ِمععنْ‬
‫ن َما ُثِقُفوا ع ِإّل بِ َ‬‫عَلْيِهْم الّذّلُة ع َأْي َ‬
‫ت َ‬
‫ضِرَب ْ‬‫قال تعالى ) ُ‬
‫ن الِّع ‪ 112) … ،‬آل‬ ‫ب ِمع ْ‬ ‫ضع ٍ‬
‫س ‪َ ،‬وَبععاُءوا ِبَغ َ‬ ‫ن الّنععا ِ‬
‫حْبعٍل ِمع ْ‬
‫ل َو َ‬
‫ا ِّ‬
‫عمران ( ‪ ،‬الذلة هععي الضعععة والنخفععاض ‪ ،‬وهععي نقيععض العععزة‬
‫والعلو ‪ ،‬وأين ما ثقفوا ‪ ،‬أينما وجععدوا ‪ ،‬فععي الرض علععى امتععداد‬
‫رقعتها ‪ ،‬وخلصة ما تقوله هذه الية ‪ ،‬أن الشعب اليهودي كأمة‬
‫وأفراد ‪ ،‬سيمّر بخمسة مراحععل ‪ ،‬هععي ذات المراحععل الععتي أشععرنا‬
‫إليهععا ‪ ،‬فععي نهايععة الجععزء الول ‪ ،‬وهععي علععى التععوالي ‪ ) :‬ذل ‪،‬‬
‫علو ‪ ،‬ذل ‪ ،‬علو ‪ ،‬ذل ( ‪ .‬ومن ذلك نفهععم أن صععفة العلععو ‪ ،‬وهععي‬
‫المرحلة الرابعة ‪ ،‬ستزول عنهم فععي شععتى بقععاع الرض ‪ ،‬سععواء‬
‫فععي إسععرائيل أو فععي أمريكععا ‪ ،‬أو فيمععا سععواها مععن دول العععالم ‪،‬‬
‫ليدخل الشعب اليهودي بأسره ‪ ،‬في المرحلة التي تليها ‪ ،‬ولتعععود‬
‫إليععه صععفة الععذل الععتي هععي القاعععدة ‪ ،‬أينمععا وجععد أيضععا ‪ ،‬وعلععى‬
‫‪573‬‬
‫مستوى الفراد والجماعععات ‪ ،‬حيععث كععان العلععو اسععتثناًء لمرتيععن‬
‫صل ذلك إل بانكسار وزوال كل الدول ‪ ،‬التي يوجععد‬ ‫فقط ‪ .‬ولن يتح ّ‬
‫بها علو يهودي ظاهر ‪ ،‬وفي مقّدمتها أمريكا ‪.‬‬
‫ولو أننا نظرنا إلى أمريكععا كدولععة ‪ ،‬ومععا تقععوم بععه حاليععا ‪ ،‬نظععرة‬
‫صععة وشععاملة ‪ ،‬سععنجد أنهععا فععاقت فرعععون ‪ ،‬فععي علععوه‬ ‫ُمتفح ّ‬
‫واسعععتعلئه وفسعععاده وإفسععاده ‪ ،‬باحتضعععانها للعقععائد اليهوديععة‬
‫الشيطانية ‪ ،‬والسهر على تطبيقها وترويجها ‪ ،‬فععي الرض علععى‬
‫عمومها ‪ ،‬بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى ‪.‬‬
‫والعقاب اللهي الموعود به بنععو إسععرائيل ‪ ،‬كععان للفسععاد النععاجم‬
‫عن العلو ‪ ،‬وعلوهم الن يتمثل في مكانين تحديدا ‪ ،‬هما فلسطين‬
‫وأمريكا ‪ ،‬وفضل عن ذلععك ‪ ،‬فععإن أمريكععا المتعاليععة علععى شعععوب‬
‫الرض ‪ ،‬وبصععرف النظععر عععن كونهععا مكانععا للعلععو اليهععودي ‪،‬‬
‫ستكون هدفا مؤكدا لنسكاب الغضععب اللهععي عليهععا ‪ ،‬بمععا يفععوق‬
‫الغضب اللهي على إسرائيل ‪ ،‬وذلك لن أمريكا ‪ ،‬تجمععع مععا بيععن‬
‫علععوين وإفسععادين ‪ ،‬همععا ‪ :‬العلععو والفسععاد اليهععودي ‪ ،‬والعلععو‬
‫والفساد الذاتي لها ‪ ،‬ليتأكد لنا أنها أولى من إسععرائيل بالعقععاب ‪،‬‬
‫وبما هو أشد بأسا وأشد تنكيل ‪ ،‬وهذا بإذن ال ‪ ،‬ما سنشهده في‬
‫السنوات القليلة القادمة ‪ ،‬وما ذلك على ال بعزيز ‪.‬‬
‫وقد يستغرب ويسععتنكر كععثير ‪ ،‬مععن أمععة السععلم ‪ ،‬والصععح مععن‬
‫المؤمنين بالله ) أمريكا ( ‪ ،‬مجرد التفكير بععأن أمريكععا سععتزول ‪،‬‬
‫ض‪،‬‬ ‫سععيُروا ِفععي اْلَْر ِ‬ ‫وكععأنهم ل يقععرءون قععوله تعععالى ) َأوََلععْم َي ِ‬
‫ن َقْبِلِهعْم ‪َ ،‬وَكععاُنوا َأشَعّد مِْنُهعمْ‬‫ن ِمع ْ‬
‫عاِقَبعُة اّلعِذي َ‬‫ن َ‬ ‫ف َكععا َ‬
‫َفَيْنظُُروا َكْي َ‬
‫ت َوَل ِفععي‬ ‫سعَمَوا ِ‬
‫يٍء ‪ِ ،‬فععي ال ّ‬ ‫شع ْ‬ ‫ن َ‬‫جعَزُه ِمع ْ‬‫لع ِلُيْع ِ‬‫ن ا ُّ‬‫ُقّوًة ‪َ ،‬وَمععا َكععا َ‬
‫عِليًما َقِديًرا )‪ 44‬فاطر ( ‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫ض ‪ِ ،‬إّنُه َكا َ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫‪574‬‬
‫عاِقَبعُة‬
‫ف َكععانَ َ‬ ‫ظعُروا َكْيع َ‬ ‫ض ‪َ ،‬فَيْن ُ‬ ‫سععيُروا ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫وقععوله ) َأَوَلعْم َي ِ‬
‫شعّد ِمْنُهعْم ُقعّوًة َوَءاَثععاًرا ِفععي‬ ‫ن َقْبِلِهعْم ‪َ ،‬كععاُنوا ُهعْم َأ َ‬
‫ن َكاُنوا ِمع ْ‬‫اّلِذي َ‬
‫ق)‬ ‫ن َوا ٍ‬‫ن الِّ ع مِع ْ‬ ‫ن َلُهْم ِم ع َ‬‫ل ِبُذُنوِبِهْم ‪َ ،‬وَما َكا َ‬ ‫خَذُهُم ا ُّ‬ ‫ض ‪َ ،‬فَأ َ‬
‫اَْلْر ِ‬
‫‪ 21‬غافر (‬
‫ما بعد الغزو العراقي لسرائيل ‪:‬‬
‫بعد امتصاص يهود أمريكا والغرب للصدمة ‪ ،‬من ج عّراء الكارثععة‬
‫التي حّلت ببني جلدتهم فععي فلسععطين ‪ ،‬سععتبدأ الماكينععة اليهوديععة‬
‫في الغرب ‪ ،‬في بذل أقصى طاقاتهععا ‪ ،‬وعمععل مععا بوسعععها لعععادة‬
‫عقارب الساعة ‪ ،‬قبل فععوات الوان ‪ ،‬مععن خلل الدبلوماسععية فععي‬
‫مجلس المن ‪ ،‬لشن حرب دولية تحت غطاء الشععرعية الدوليععة ‪،‬‬
‫لتحريععر إسععرائيل مععن العععرب ‪ ،‬كمععا كععان المععر عنععد مطععالبتهم‬
‫بتحريععر الكععويت ‪ ،‬وسععُتفاجأ هععذه الماكينععة اليهوديععة ‪ ،‬بععبرود‬
‫وجمود شديدين ‪ ،‬لععم يسععبق لهععا أن واجهتهمععا ‪ ،‬معن قبععل معظععم‬
‫دول العالم ‪ ،‬لُتثبت عدم نجاعتهععا هععذه المععرة ‪ ،‬وسععتجد مشععاريع‬
‫طرحععت ‪،‬‬ ‫القرارات المريكية والبريطانية والفرنسععية ‪ ،‬فيمععا لععو ُ‬
‫معارضة شديدة من قبل روسيا والصين ‪ ،‬حععتى لععو تطّلععب المععر‬
‫اسععتخدام حععق النقععض مععن قبلهمععا ‪ ،‬خوفععا مععن الععدخول فععي‬
‫مواجهععة ‪ ،‬ل ُتحمععد عقباهععا مععع العععالم ‪ ،‬بيععن الغععرب المسععيحي‬
‫والشرق المسلم ‪.‬‬
‫وربما يأخذ المر قرابة السنتين بيععن معّد وجععزر ‪ ،‬حععتى يسععتطيع‬
‫اليهود تحريض أمريكا ‪ ،‬وبعععض دول الغععرب مععن حلععف النععاتو ‪،‬‬
‫وحملها على تحريك أساطيلها ‪ ،‬باتجاه شواطئ البحر المتوسط ‪،‬‬
‫ن حرب مصيرية على العرب ‪ ،‬ضاربة بمجلس المن وغطاءه‬ ‫لش ّ‬
‫عرض الحائط ‪.‬‬ ‫الشرعي ‪ -‬بعد اليأس من الحصول عليه ‪ُ -‬‬
‫‪575‬‬
‫وعلععى الجععانب الخععر ‪ ،‬سيضععطر العععرب والمسععلمون ‪ ،‬لتوحيععد‬
‫صععفوفهم كرهععا مععن البعععض ‪ ،‬وطواعيععة مععن البعععض الخععر ‪،‬‬
‫والنضواء تحت لواء واحد ‪ ،‬للدفاع عن القصى بعد عودته إلععى‬
‫حظيرة السلم ‪ ،‬وسيبدأ التقارب العربي الروسي الصيني ‪ ،‬على‬
‫ما يبععدو فععي التشعكل ‪ ،‬إلعى معا ُيشعبه الحلععف العسعكري ‪ ،‬وربمععا‬
‫يكون باتفاقيات مكتوبة ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫الحنننرب العالمينننة الثالثنننة ‪ ،‬والسنننيناريو‬
‫المحتمل ‪:‬‬
‫بوجود القيادة الحالية غير المتزنة لمريكا ‪ ،‬وبتأييد من صهاينة‬
‫الحععزب الجمهععوري ‪ ،‬سععيتمكن اليهععود أخيععرا مععن جعّر أمريكععا ‪،‬‬
‫للععدخول فععي مواجهععة غيععر محسععوبة ‪ ،‬مععع العععالمين العربععي‬
‫والسععلمي ‪ ،‬بععدفع مععن العقععائد الدينيععة المشعّوهة ‪ ،‬فيمععا يخععص‬
‫وجود اليهععود فععي فلسععطين ‪ ،‬وعععودة المسععيح الثانيععة للنصععارى‬
‫والولععى لليهععود ‪ ،‬بالضععافة إلععى الرغبععة فععي النتقععام للمكانععة‬
‫المريكية ‪ ،‬التي ُمّرغععت فععي الععتراب أمععام العععالم أجمععع ‪ ،‬بععزوال‬
‫مسخها الخداج بطرفة عين ‪ ،‬دون أن ُيعير العرب عظمععة أمريكععا‬
‫وجبروتها أدنى انتباه ‪.‬‬
‫في ظرف سنتين من استعادة العرب لفلسطين ‪ ،‬س عُتعلن أمريكععا ‪،‬‬
‫حربها اليهودية الصليبية المقّدسة على العرب والمسلمين ‪ ،‬ممععا‬
‫ُيثير حالة من عدم السععتقرار فععي سععائر أرجععاء العععالم ‪ ،‬وسععتبدأ‬
‫المواقعععف العالميعععة معععن هعععذا العلن شعععيئا فشعععيئا ‪ ،‬بالتبعععاين‬
‫والتمايز ‪ ،‬بشكل لم يسبق له مثيل ‪ ،‬لينقسم إلى العالم معسععكرين‬
‫شرقي وغربي ‪ .‬يقف إلى جععانب العععرب معظععم الععدول المناهضععة‬

‫‪576‬‬
‫لمريكععا فععي الشععرق وفععي مقععدمتها روسععيا ‪ ،‬ويقععف إلععى جععانب‬
‫أمريكا دول حلف الناتو وملحقاته ‪.‬‬
‫وعندما تبدأ أمريكا بحشد قواتها وأساطيلها في البحععر البيععض ‪،‬‬
‫وتبوء كععل المحععاولت والتحععذيرات والتهديععدات العالميععة ‪ ،‬لثنععي‬
‫أمريكا عن عزمها بالفشل ‪ ،‬وتصبح المواجهة أمر ل مفععر منعه ‪،‬‬
‫ستتطور المواقف الدولية فجأة ‪ ،‬وتتحول إلى أحلف عسععكرية ‪،‬‬
‫بحيث تضطر وتنجعّر الكععثير مععن الععدول ‪ ،‬للمشععاركة الفعليععة فععي‬
‫الحرب الدائرة ‪ ،‬وعلى ما يبععدو أن أمريكععا نتيجععة لععذلك ‪ ،‬سععتفقد‬
‫زمام السيطرة مبكرا ‪ ،‬وربما تلجأ إلى استخدام السلح النووي ‪،‬‬
‫في وقت ما بضععرب بعععض العواصععم العربيععة ‪ ،‬كبغععداد والقععاهرة‬
‫على سبيل المثال ‪ ،‬وربمععا يكععون ذلععك قبععل الحعرب البريععة ‪ ،‬ظنععا‬
‫منها أن ذلك ‪ ،‬سيحسم المعركة لصالحها ‪ ،‬في وقت مبكر ‪.‬‬
‫ولكن ما لن يكععون فععي حسععاب أمريكععا ‪ ،‬هععو رّد الفعععل الروسععي‬
‫والصععيني العنيععف ‪ ،‬علععى اسععتخدام أمريكععا لهععذا السععلح ‪ ،‬لتبععدأ‬
‫الصواريخ النووية الروسية وربما الصينية ‪ ،‬تنهال علععى أمريكععا‬
‫تباعا ‪ ،‬دون سابق إنذار ‪ ،‬لتبيععدها عععن بكععرة أبيهععا ‪ ،‬هععذا إن لععم‬
‫ُيسقط عليها رب العزة ‪ ،‬كسفا من السماء ‪ .‬ومن ثم تبدأ الحروب‬
‫البينية ‪ ،‬بين دول العععالم المختلفععة المتخاصععمة ‪ ،‬فيختلععط الحابععل‬
‫بالنابل ‪ ،‬لتشمل هذه الحرب معظم بقاع العالم ‪ .‬ولدخول السععلحة‬
‫النووية دائرة الصععراع ‪ ،‬سععتكون هععذه الحععرب سععريعة وقصععيرة‬
‫وحاسمة ‪ ،‬ولكن حجم الدمار فيها سيكون هائل جععدا ‪ ،‬وسععتنتهي‬
‫بالمواجهة البرية البحريععة علععى سععواحل فلسععطين ‪ ،‬بيععن الغععرب‬
‫والشرق ‪ ،‬بانتصار العرب والروس نصرا مؤزرا ‪ ،‬بإذن ال ‪.‬‬

‫‪577‬‬
‫تحالف الروس والعرب ونصرهم على عنندو‬
‫مشترك ‪:‬‬
‫سّلَم ‪ِ ،‬في‬ ‫عَلْيِه َو َ‬ ‫صّلى الُّ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ت الّنِب ّ‬ ‫ك ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬أَتْي ُ‬ ‫ن َماِل ٍ‬‫ف ْب َ‬‫عْو َ‬ ‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫س عّتا َبْي عنَ َي عَد ْ‬
‫ي‬ ‫عُدْد ِ‬ ‫ن َأَدٍم ‪َ ،‬فَقاَل ‪ " :‬ا ْ‬ ‫ك َوُهَو ِفي ُقّبٍة ِم ْ‬ ‫غْزوَِة َتُبو َ‬ ‫َ‬
‫خعُذ ِفيُكعْم‬‫ن َيْأ ُ‬
‫س ‪ُ ،‬ثعّم ُمْوَتععا ٌ‬ ‫ت اْلَمْقعِد ِ‬ ‫ح َبْيع ِ‬‫عِة ؛ َمْوِتي ‪ُ ،‬ثّم َفْتع ُ‬ ‫سا َ‬‫ال ّ‬
‫جُل ِماَئةَ ِديَناٍر‬ ‫طى الّر ُ‬ ‫حّتى ُيْع َ‬ ‫ضُة اْلَماِل ‪َ ،‬‬ ‫سِتَفا َ‬ ‫ص اْلَغَنِم ‪ُ ،‬ثّم ا ْ‬ ‫َكُقَعا ِ‬
‫خَلْتعهُ ‪ُ ،‬ثعّم‬ ‫ب ِإّل َد َ‬ ‫ن اْلَععَر ِ‬ ‫ت مِع ْ‬ ‫طا ‪ُ ،‬ثّم ِفْتَنعٌة َل َيْبَقععى َبْيع ٌ‬ ‫خً‬‫سا ِ‬‫ظلّ َ‬ ‫َفَي َ‬
‫ت‬
‫حع َ‬ ‫ن َفَيعْأُتوَنُكْم َت ْ‬‫صعَفِر ‪َ ،‬فَيْغعِدُرو َ‬ ‫ن َبِنععي اَْل ْ‬ ‫ن َبْيَنُكْم َوَبْيع َ‬
‫ُهْدَنٌة َتُكو ُ‬
‫شعَر َأْلًفععا ( رواه البخععاري ‪،‬‬ ‫ع َ‬ ‫غاَيعٍة اْثَنععا َ‬ ‫ت ُكعّل َ‬ ‫ح َ‬‫غاَيًة ‪َ ،‬ت ْ‬ ‫ن َ‬‫َثَماِني َ‬
‫وأخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد ‪.‬‬
‫جاء في شرح هذا الحديث في فتح الباري ‪ " :‬قععوله هدنععة ‪ ،‬هععي‬
‫الصلح على ترك القتال بعد التحرك فيه ‪ ،‬قوله بني الصفر ‪ ،‬هععم‬
‫الروم ‪ ،‬قوله غاية أي راية " ‪.‬‬
‫يخععبر هععذا الحععديث عععن هدنععة تكععون بيععن المسععلمين والععروم ‪،‬‬
‫والهدنة كما جاء في الشرح ‪ ،‬هي صلح علععى إيقععاف القتععال قبععل‬
‫اشتعال فتيله أو في بداياته ‪ ،‬ومن ثععم يغعدر العروم فيغععزون ديععار‬
‫المسلمين ‪ ،‬بجيش قوامه ما ُيقارب المليون جندي ‪.‬‬
‫أما الهدنة وما يسبقها ‪ ،‬فيوضحه الحديث التالي ‪:‬‬
‫ن َأِبععي َزَكِرّيععا ‪ِ ،‬إَلععى‬ ‫حوٌل َواْب ُ‬ ‫طّيَة ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬ماَل َمْك ُ‬ ‫عِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ْب ِ‬‫سا َ‬‫حّ‬ ‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬
‫ن ُنَفْي عٍر ‪ ،‬عَ عنْ‬ ‫جَبْيِر ْب ع ِ‬
‫ن ُ‬ ‫عْ‬‫حّدَثَنا َ‬ ‫ت َمَعُهْم ‪َ ،‬ف َ‬ ‫ن ‪َ ،‬وِمْل ُ‬ ‫ن َمْعَدا َ‬‫خاِلِد ْب ِ‬
‫َ‬
‫جعٍل ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫خَبعٍر ‪َ ،‬ر ُ‬ ‫ق ِبَنععا ِإَلععى ِذي ِم ْ‬ ‫طِلع ْ‬
‫جَبْيٌر ‪ :‬اْن َ‬ ‫اْلُهْدَنِة ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬قاَل ُ‬
‫ععنْ‬ ‫جَبْيعٌر َ‬ ‫سعَأَلُه ُ‬ ‫سّلَم ‪َ ،‬فَأَتْيَنععاُه ‪َ ،‬ف َ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ي َ‬ ‫ب الّنِب ّ‬‫حا ِ‬‫صَ‬ ‫َأ ْ‬
‫سّلَم ‪َ ،‬يُقععوُل ‪:‬‬ ‫عَلْيِه َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫سوَل ا ِّ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫سِمْع ُ‬‫اْلُهْدَنِة ‪َ ،‬فَقاَل ‪َ :‬‬
‫ع عُدّوا مِ عنْ‬ ‫ن َأْنُت عْم َوُه عْم َ‬ ‫حا آِمًنا ‪َ ،‬فَتْغ عُزو َ‬ ‫صْل ً‬
‫ن الّروَم ُ‬ ‫حو َ‬ ‫صاِل ُ‬
‫سُت َ‬‫" َ‬
‫‪578‬‬
‫حّتععى‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫جُعو َ‬ ‫ن ‪ُ ،‬ثّم َتْر ِ‬ ‫سلَُمو َ‬ ‫ن ‪َ ،‬وَت ْ‬ ‫ن ‪َ ،‬وَتْغَنُمو َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫َوَرائُِكْم ‪َ ،‬فُتْن َ‬
‫صععَراِنّيِة‬
‫ن َأْهععِل الّن ْ‬ ‫جععٌل ِمعع ْ‬ ‫ج ِذي ُتُلععوٍل ‪َ ،‬فَيْرَفععُع َر ُ‬ ‫َتْنِزُلععوا ِبَمععْر ٍ‬
‫ن‪،‬‬ ‫سعِلِمي َ‬
‫ن اْلُم ْ‬‫جٌل ِمع ْ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ب ‪َ ،‬فَيْغ َ‬ ‫صِلي ُ‬
‫ب ال ّ‬ ‫غَل َ‬‫ب ‪َ ،‬فَيُقوُل ‪َ :‬‬ ‫صِلي َ‬
‫ال ّ‬
‫حَمعِة " ‪ ،‬رواه أبععو‬ ‫جَمعُع ِلْلَمْل َ‬ ‫ك ‪َ ،‬تْغِدُر العّروُم ‪َ ،‬وَت ْ‬ ‫َفَيُدّقُه ‪َ ،‬فِعْنَد َذِل َ‬
‫ححه اللبععاني وأخرجععه ابععن مععاجه وأحمععد والحععاكم‬ ‫داود ‪ ،‬وص ع ّ‬
‫والبيهقي ‪.‬‬
‫وتكملععة للحععديث ‪ ،‬فععي روايععة أخععرى بسععند آخععر لبععن مععاجه "‬
‫ت‬
‫حع َ‬ ‫غاَيعٍة ‪َ ،‬ت ْ‬
‫ن َ‬ ‫ت َثَمععاِني َ‬‫حع َ‬ ‫حيَنِئٍذ ‪َ ،‬ت ْ‬
‫ن ِ‬ ‫حَمِة ‪َ ،‬فَيْأُتو َ‬‫ن ِلْلَمْل َ‬
‫جتَِمُعو َ‬‫َفَي ْ‬
‫شَر َأْلًفا " ‪.‬‬ ‫ع َ‬‫غاَيٍة اْثَنا َ‬ ‫ُكّل َ‬
‫جاء في شرح هذا الحديث في ) عون المعبععود ( ‪ " :‬الععروم جيععل‬
‫معععروف ‪ ،‬فععي بلد واسعععة تضععاف إليهععم ‪ ،‬فيقععال بلد الععروم ‪،‬‬
‫ومشارق بلدهم وشععمالهم الععترك والععروس والخععزر ‪ ،‬وجنععوبهم‬
‫الشام والسكندرية ‪ ،‬ومغاربهم البحعر والنعدلس ‪ ،‬وكعانت الرقعة‬
‫والشامات كلها ‪ ،‬تعد في حدودهم أيام الكاسرة ‪ ،‬وكانت أنطاكيععة‬
‫دار ملكهم ‪ ،‬إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلدهم انتهععى ‪...‬‬
‫فسأله جبير عن الهدنععة ‪ ،‬أي الهدنععة الععتي تكعون بيعن المسععلمين‬
‫وبين الروم ‪ ،‬آمنا أي ذا أمن ‪ ،‬فتغزون أنتععم ‪ ،‬أي فتقععاتلون أيهععا‬
‫المسلمون ‪ ،‬وهم أي الروم المصالحون معكم ‪ ،‬عدوا من ورائكععم‬
‫أي من خلفكم ‪ ،‬وقال السندي فععي حاشععية ابععن مععاجه ‪ ،‬أي عععدوا‬
‫آخريعععن بالمشعععاركة والجتمعععاع ‪ ،‬بسعععبب الصعععلح العععذي بينكعععم‬
‫وبينهم ‪ ،‬فُتنصرون بصيغة المجهول ‪ ،‬وتغنمون بصيغة المعلععوم‬
‫أي المععوال ‪ ،‬وتسععلمون مععن السععلمة ‪ ،‬أي تسععلمون مععن القتععل‬
‫والجرح في القتال ‪ ،‬ثم ترجعون أي من عععدوكم ‪ ،‬حععتى تنزلععوا ‪،‬‬
‫أي أنتم وأهل الروم بمرج ‪ ،‬أي الموضع الذي ترعى فيه الععدواب‬
‫قاله السندي ‪ ،‬وفي النهاية أرض واسعععة ذات نبععات كععثيرة ‪ ،‬ذي‬
‫‪579‬‬
‫تلول بضم التاء جمع تل ‪ ،‬وهععو موضععع مرتفععع ‪ ،‬قععاله القععاري ‪،‬‬
‫وقال السندي ‪ :‬كل مععا اجتمععع علععى الرض ‪ ،‬مععن تععراب أو رمععل‬
‫انتهعععى ‪ .‬فيقعععول أي الرجعععل منهعععم ‪ ،‬غلعععب الصعععليب أي ديعععن‬
‫النصارى ‪ ،‬فيدّقه ‪ ،‬أي فيكسر المسلم الصععليب ‪ ،‬تغععدر الععروم أي‬
‫تنقض العهد ‪ ،‬وتجمع أي رجالهم ويجتمعون للملحمة أي للحرب‬
‫"‪.‬‬
‫هذا الحديث ُيخبر بأن هناك صلحا آمنا ‪ ،‬أي ل قتال فيه ‪ ،‬سيكون‬
‫بين المسلمين والنصارى ‪ ،‬لمدة من الزمن ‪ ،‬ثم ُيقاتلون جنبا إلى‬
‫جنب عدوا مشتركا ‪ ،‬فينتصعرون بل خسعائر ‪ ،‬وبععد النصعر يقعع‬
‫الخلف بيععن المنتصععَرْين ‪ ،‬بسععبب إدعععاء أحععد النصععارى ‪ ،‬أن‬
‫النصر كععان للصععليب دون السععلم ‪ ،‬فيقتتععل الطرفععان ‪ ،‬ومععن ثععم‬
‫ُيفض الشتباك ‪ ،‬وتعلععن الهدنععة ‪ ،‬ومععن ثععم يعععود النصععارى إلععى‬
‫ديارهم مضمرين الغدر ‪ ،‬ليعودوا في قادم في اليععام ‪ ،‬فععي جيععش‬
‫عرمرم ‪ ،‬لغزو المسلمين في زمن المهدي ‪.‬‬
‫الروم قديما وحديثا ‪:‬‬
‫نعلم أن المبراطورية الرومانية القديمة ‪ ،‬كانت قد انقسععمت إلععى‬
‫قسمين شرقي وغربععي ‪ ،‬واّتخععذت القسعطنطينية عاصعمة للجعزء‬
‫الشععرقي ‪ ،‬ورومععا عاصععمة للجععزء الغربععي ‪ ،‬وذلععك قبععل ظهععور‬
‫السععلم بحععوالي مععائتي سععنة ‪ ،‬وبقيععت القسععطنطينية عاصععمة ‪،‬‬
‫لمملكة الروم الشرقية منذ ذلك الوقت ‪ ،‬حتى تم فتحها ‪ ،‬علععى يععد‬
‫محمد الفاتح ‪ ،‬سابع السلطين العثمانيين ‪ ،‬وبذلك اختفت مملكععة‬
‫الروم الشرقية إلى البد ‪ ،‬وأما سكان تركيا الحاليين فمعظهم مععن‬
‫التععراك المتأسععلمون ‪ ،‬الععذين يعععودون فععي أصععولهم إلععى غععرب‬
‫الصين ‪ ،‬مع بقاء نسبة قليلة من النصعارى فيهعا ‪ ،‬ذوي الصععول‬
‫‪580‬‬
‫الرومية ‪ ،‬أما النسبة الكبر من الروم ‪ ،‬فقد هععاجرت وانتشععرت ‪،‬‬
‫فيما حولها من بلدان أوروبا الشرقية ‪.‬‬
‫ولنذكر هنا أن المسلمين ‪ ،‬حاصروا القسععطنطينية إحععدى عشععرة‬
‫مرة ‪ ،‬ولم يتمكنوا من فتحها ‪ ،‬إل بعد أن بدأت شمس العثمانيون‬
‫الترك ‪ ،‬بالظهور فيما ُيسمى بآسيا الصغرى ‪ ،‬بعد ضعععف الدولععة‬
‫السعععلجوقية وانحللهعععا ععععام ‪1300‬م تقريبعععا ‪ ،‬فبعععدأت دولتهعععم‬
‫بالتسععاع غربععا ‪ ،‬علععى حسععاب مملكععة الععروم الشععرقية ‪ ،‬شععيئا‬
‫فشيئا ‪ ،‬حتى اقتصرت مملكة الروم الشرقية ‪ ،‬على القسععطنطينية‬
‫وضواحيها ‪ ،‬عندما تسّلم محمد الفاتح لمقاليد الحكم ‪ ،‬وهو الذي‬
‫لم يتوانى عن فتحها سععنة ‪1453‬م ‪ .‬ومععن ثععم اسععتمرت فتوحععات‬
‫العثمانيين ‪ ،‬حتى شملت معظم بلدان منطقة البلقان ‪ ،‬في أوروبععا‬
‫الشرقية ‪.‬‬
‫والمتتبع للتاريخ الحديث ‪ ،‬سيجد أن روسيا القيصرية بعد بععزوغ‬
‫شمسها ‪ ،‬أصبحت الوريث الكععبر ‪ ،‬لمملكععة الععروم الشععرقية بعععد‬
‫زوالهععا ‪ ،‬حيععث كععانت ومععا زالععت فععي القععرون الخيععرة ‪ ،‬تحععاول‬
‫تنصيب نفسها كراعية وحامية ‪ ،‬لمصععالح نصععارى الشععرق ذوي‬
‫المذهب الرثوذكسي ‪ ،‬وأخذت على عاتقها ‪ ،‬بعد أن اشتد عودها‬
‫‪ ،‬مهمععة اسععتعادة القسععطنطينية مععن التععراك ‪ ،‬ومععن ثععم إعادتهععا‬
‫كعاصمة دينية للكنيسععة الرثوذكسععية ‪ ،‬كمععا كععانت فععي السععابق ‪،‬‬
‫وهو ما تحاول الستئثار بععه حاليععا ‪ ،‬الكنيسععة اليونانيععة المواليععة‬
‫للغرب ‪ .‬وفيما يلي بعض البنود الععتي جععاءت فععي وصععية بطععرس‬
‫الكبر ‪ ،‬المؤسس الحقيقي للملكععة الروسععية ‪ ،‬فععي أواخععر القععرن‬
‫السابع عشر ‪ ،‬مععن كتععاب ) تاريععخ الدولععة العثمانيععة ( لفريععد بععك‬
‫المحامي ‪:‬‬

‫‪581‬‬
‫" البنععد التاسععع ‪ :‬ينبغععي التقععرب بقععدر المكععان ‪ ،‬مععن اسععتنبول‬
‫والهند ‪ ،‬وحيث انععه مععن القضععايا المسععلمة ‪ ،‬أن مععن يحكععم علععى‬
‫استنبول ‪ ،‬يمكنه حقيقة أن يحكم على الدنيا بأسرها ‪… ،‬‬
‫البند الحادي عشر ‪ ، … :‬وحينما نستولي على استنبول ‪ ،‬علينععا‬
‫أن نسععلط دول أوروبععا القديمععة ‪ ،‬علععى دولععة النمسععا حربععا ‪ ،‬أو‬
‫ُنسععكن حسععدها ومراقبتهععا لنععا ‪ ،‬بإعطائهععا حصععة صععغيرة مععن‬
‫الماكن ‪ ،‬التي نكون قد أخذناها مععن قبععل ‪ ،‬وبعععدها ‪ ،‬نسعععى إلععى‬
‫نزع هذه الحصة منها ‪.‬‬
‫البند الثاني عشر ‪ :‬ينبغي أن نستميل لجهتنا جميع المسععيحيين ‪،‬‬
‫الذين هم من مذهب الععروم ‪ ،‬المنكريععن لرياسععة البابععا الروحيععة ‪،‬‬
‫والمنتشععرين فععي بلد المجععر والممالععك العثمانيععة ‪ ،‬ونجعلهععم أن‬
‫يتخذوا دولععة روسععيا مرجعععا ومعينععا لهععم ‪ ،‬ومععن اللزم قبععل كععل‬
‫شيء ‪ ،‬إحداث رياسة مذهبية ‪ ،‬حتى نتمكن من إجععراء نععوع مععن‬
‫السلطة الدينية عليهم … " ‪.‬‬
‫المذاهب النصرانية ‪:‬‬
‫كععل النصععارى بل اسععتثناء أعععداء للسععلم والمسععلمين ‪ ،‬ولكععن‬
‫بععالنظر إلععى الطععوائف الثلثععة الكععبرى ‪ ،‬المهيمنععة علععى العععالم‬
‫المسيحي ‪ ،‬نجد أن معتنقي المذهب البروتستانتي ‪ ،‬والذي ُتمّثلععه‬
‫أمريكا وبريطانيا وهولندا ‪ ،‬هم الشّد عدواة وكراهيععة للمسععلمين‬
‫والعرب بشععكل خععاص ‪ ،‬والمعروفيععن بميلهععم وتأييععدهم لليهععود ‪.‬‬
‫ويليهم في ذلك معتنقي المذهب الكاثوليكي ‪ ،‬والذي ُتمّثله فرنسععا‬
‫وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وباقي الدول الغربيععة ‪ ،‬وأقّلهععم عععدواة‬
‫وكراهية هم معتنقي المذهب الرثوذكسي ‪ ،‬والذي ُتمّثلععه روسععيا‬
‫ودول أوروبا الشرقية ‪.‬‬
‫‪582‬‬
‫والمتتبع للتاريخ القديم والحديث ‪ ،‬سيجد أن الطوائف المسععيحية‬
‫الثلثععة علععى خلف دائم ‪ ،‬وأن العععداوة والبغضععاء ‪ ،‬مسععتفحلة‬
‫وذات جذور عميقة ‪ ،‬فنصععارى الشععرق الرثععوذكس ‪ ،‬لععم ينسععوا‬
‫ولم يغفروا ‪ ،‬لنصارى الغرب من الكاثوليك ‪ ،‬ما أوقعوه بهععم مععن‬
‫مذابح في حملت الغععرب الصععليبية ‪ ،‬ولععم يقبلععوا مععؤخرا اعتععذار‬
‫البابا عنها ‪ .‬والعداوة والبغضاء مستفحلة ‪ ،‬حععتى بيععن الكاثوليععك‬
‫والبروتسععتنت مععن جهععة أخععرى ‪ ،‬كمععا هععو الحععال فععي أيرلنععدا‬
‫الشمالية ‪ ،‬وهذا ما أخبر عنه سععبحانه وتعععالى فععي قععوله ) َومِعنْ‬
‫ظععا ِمّمععا ُذّكعُروا‬
‫حّ‬‫سوا َ‬ ‫خْذَنا ِميَثاَقُهْم ‪َ ،‬فَن ُ‬
‫صاَرى ‪َ ،‬أ َ‬ ‫ن َقاُلوا ِإّنا َن َ‬ ‫اّلِذي َ‬
‫سْوفَ‬ ‫ضاَء ‪ِ ،‬إَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة ‪َ ،‬و َ‬‫غَرْيَنا َبْيَنُهْم اْلَعَداَوَة َواْلَبْغ َ‬
‫ِبِه ‪َ ،‬فَأ ْ‬
‫ن )‪ 14‬المععائدة ( ‪ ،‬وهععذه العععداوة‬ ‫صعَنُعو َ‬‫لع ِبَمععا َكععاُنوا َي ْ‬ ‫ُيَنّبُئهُ عْم ا ُّ‬
‫والبغضاء ل انقطاع لها ‪ ،‬مسععتمرة إلععى يععوم القيامععة ‪ ،‬وهععذا مععا‬
‫أكّده التاريخ الوروبي القديم والحديث ‪.‬‬
‫والمتتبع للتاريخ السلمي والعربي ‪ ،‬سيجد أن ما ُتخبر عنه هذا‬
‫الحاديث النبوية أعله ‪ ،‬من شأن مصالحة المسععلمين أو العععرب‬
‫صععلهم معععا‬ ‫للنصارى ‪ ،‬والتحالف معهم ضععد عععدو مشععترك ‪ ،‬وتح ّ‬
‫على النصر والغنيمععة والسععلمة ‪ ،‬ومععن ثععم الختلف ‪ ،‬وإضععمار‬
‫صل قععديما‬ ‫الغدر ‪ ،‬وعودة الروم لمقاتلة المسلمين ‪ ،‬لم يكن قد تح ّ‬
‫أو حديثا ‪ .‬وبما أن الدنيا تعّد سنواتها الخيرة ‪ ،‬وأشراط السععاعة‬
‫الكععبرى بععاتت علععى البععواب ‪ ،‬فل شععك أن هععذه الحععرب ‪ ،‬الععتي‬
‫سيخوضها المسلمين والنصععارى جنبععا إلععى جنبععا ‪ ،‬ضععد عععدوهم‬
‫المشععترك ‪ ،‬للمععرة الولععى والخيععرة ‪ ،‬سععتقع فععي وقععت قريععب ‪.‬‬
‫والحاديث النبوية ‪ُ ،‬تخبر أن هناك ثلثععة أطععراف ؛ المسععلمون ‪،‬‬
‫والروم ‪ ،‬وعدو مشترك للمسلمين والروم ‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫وبما أن هذا الحدث سيقع ضمن معطيععات الواقععع الحععالي ‪ ،‬ومععن‬
‫خلل قراءة الواقع ‪ ،‬في ضوء ما أخبرت عنه الحععاديث ‪ ،‬سععنجد‬
‫أن الروم ما زالوا ينقسمون إلى قسمين ‪:‬‬
‫• نصععارى الشععرق مععن معتنقععي المععذهب الرثوذكسععي ‪ ،‬وهععم‬
‫الُمقيمون إجمال فعي أوروبعا الشعرقية ‪ ،‬أو دول حلعف وارسعو‬
‫القديم ‪ ،‬الذي كانت فيه الزعامة ‪ ،‬وما زالت للدولة الروسية ‪.‬‬
‫• نصارى الغرب من معتنقي المذهب البروتسععتانتي والمععذهب‬
‫الكاثوليكي ‪ ،‬وهم المقيمون إجمال في أمريكا وأوروبا الغربيععة‬
‫‪ ،‬أو دول حلف الناتو بزعامة أمريكا ‪.‬‬
‫ن عداوة مذهبية ‪ ،‬قل نظيرها ‪ ،‬للفريععق الخععر ‪.‬‬ ‫وكل الفريقين ُيك ّ‬
‫ولععو نظرنععا إلععى الواقععع الحععالي ‪ ،‬لوجععدنا أن أمريكععا وبريطانيععا‬
‫وفرنسععا ‪ ،‬هععي الععدول الشععّد عععداًء للعععرب والمسععلمين ‪ ،‬منععذ‬
‫حروبهم الصععليبية الولععى ‪ ،‬الععتي كععانت تقودهععا فرنسععا بصععفتها‬
‫الراعية للمذهب الكاثوليكي ‪ ،‬منضويا تحت لوائها كل من ألمانيععا‬
‫وإيطاليععا وإنكلععترا ‪ ،‬وحععتى حروبهععم السععتعمارية فععي العصععر‬
‫الحععديث بقيععادة أمريكععا ‪ ،‬ومععا مععوالة هععذه الععدول لبعععض الععدول‬
‫العربية إل مداهنة ‪ ،‬من قبيل الحرص علععى مصععالحها فقععط ‪ ،‬بععل‬
‫هي أكثر مقتا واحتقارا وامتهانا ‪ ،‬لتلك الدول نفسها من غيرهعا ‪.‬‬
‫ولوجععدنا أيضععا أن الععروس ‪ ،‬ونصععارى الشععرق إجمععال ‪ ،‬ممععن‬
‫يعتنقون المذهب الرثوذكسي ‪ ،‬هم القّل عداًء للعرب والمسلمين‬
‫من مجموع المذاهب النصرانية ‪.‬‬
‫لنخلص إلى القول ‪ ،‬بأن الفريق الذي سيكون حليفنا في المعركععة‬
‫القادمة هم الروس ‪ ،‬ضد عدونا وعدوهم المشترك ‪ ،‬أمريكا ومن‬
‫شععايعها مععن دول حلععف النععاتو ‪ .‬وأن هععذا التحععالف بيععن الععروس‬
‫‪584‬‬
‫والعععرب ‪ ،‬سيحصععل بععدافع المصععالح أول ‪ ،‬وعلععى قاعععدة عععدو‬
‫عدوي صديقي ثانيا ‪ ،‬وليس حبععا بععالعرب أو بالمسععلمين ‪ ،‬ولكععن‬
‫لتعارض مصععالحهم مععع مصععالح المريكععان ‪ ،‬ولكراهيععة الععروس‬
‫المذهبية لمريكا واليهود ‪.‬‬
‫هذه الحرب البشع في تاريععخ البشععرية ‪ ،‬أجععد أحععداثها ونتائجهععا‬
‫موصوفة في كثير من اليات ‪ ،‬في مطالع سور كععثيرة مععن سععور‬
‫القرآن ‪ ،‬والتي يعتقد معظم الناس ‪ ،‬أنهععا ُتخععبر عععن أحععداث يععوم‬
‫القيامة ‪ ،‬ومنهععا اشععتعال البحععار ‪ ،‬واضععطراب السععماء ‪ ،‬وزلزلععة‬
‫الجبال وانهيار بعضها ‪ ،‬وحتى السلحة المستخدمة في الحععروب‬
‫الحديثة ‪ ،‬كان سبحانه قد أخبر عنها ‪ ،‬أيضا فعي مطعالع السعور ‪،‬‬
‫فالطارق هو الصاروخ ‪ ،‬والعاديععات هععي الععدبابات ‪ ،‬وربمععا نفععرد‬
‫لهذا المر بحثا خاصا ‪ ،‬إن شاء ال ‪ ،‬في وقت لحععق ‪ ،‬وسععيكون‬
‫متوافرا على نفس موقع الكتاب ‪ ،‬هذا إن أسعععفنا الععوقت ‪ ،‬وكععان‬
‫في العمر بقية ‪.‬‬
‫النتائج المتوقعة للحرب العالمية الثالثة ‪:‬‬
‫‪ .1‬تدمير عدد كبير من المدن الكبرى ‪ ،‬وخاصة في أمريكا ومن‬
‫شايعها من الدول في الشرق والغرب ‪.‬‬
‫‪ .2‬ارتفععاع هععائل ومفععاجئ ‪ ،‬فععي درجععة حععرارة الرض نتيجععة‬
‫التفجيرات النووية ‪ ،‬ذوبان الكتل الجليدية القريبعة معن القطعب‬
‫الشمالي للكععرة الرضععية ‪ ،‬وتبخععر ميععاه المحيطععات والبحععار ‪،‬‬
‫وعودتها على شكل أمطععار غزيععرة ‪ ،‬ممععا يتسععبب فععي طوفععان‬
‫كبير ‪ ،‬أشبه مععا يكععون بطوفععان نععوح عليععه السععلم ‪ ،‬وبالتععالي‬
‫اختفاء بعض البلدان والجزر غرقا ‪.‬‬

‫‪585‬‬
‫‪ .3‬اختفاء معالم الحضارة الغربية ومظاهرها ‪ ،‬من خلل الموت‬
‫البطيععء للتكنولوجيععا المتبقيععة ‪ ،‬لعععدم القععدرة علععى تجديععدها ‪،‬‬
‫بكسععر حلقععة أو أكععثر مععن حلقععات سلسععلة إنتاجهععا ‪ ) ،‬نفععط _‬
‫كهرباء _ تقنية _ كهرباء _ نفط ( ‪.‬‬
‫‪ .4‬عععودة منطقععة الشععرق الوسععط كبععؤرة للنشععاط والصععراع‬
‫العالمي ‪ ،‬كما كانت في العصور القديمة ‪.‬‬
‫‪ .5‬عودة عصور الجاهلية الولى ‪ ،‬في أبشع صورها ‪ ،‬بما فيها‬
‫من ظلم وجور وفساد وإفساد ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫قال تعالى‬
‫خَذ الُّ َوَلًدا )‪(4‬‬ ‫ن َقاُلوا اّت َ‬ ‫) َوُيْنِذَر اّلِذي َ‬
‫ن َأْفَواِهِهْم ِإنْ‬
‫ج ِم ْ‬ ‫خُر ُ‬‫ت َكِلَمًة َت ْ‬ ‫لَباِئِهْم َكُبَر ْ‬ ‫عْلٍم َوَل ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫َما َلُهْم ِبِه ِم ْ‬
‫ن ِإّل َكِذًبا )‪(5‬‬ ‫َيُقوُلو َ‬
‫سًفا‬
‫ث َأ َ‬
‫حِدي ِ‬‫ن َلْم ُيْؤِمُنوا ِبَهَذا اْل َ‬ ‫عَلى َءاَثاِرِهْم ِإ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫سَ‬ ‫خٌع َنْف َ‬
‫ك َبا ِ‬‫َفَلَعّل َ‬
‫)‪(6‬‬
‫عمَلً )‪(7‬‬ ‫ن َ‬ ‫سُ‬ ‫ح َ‬‫ض ِزيَنًة َلَها ِلَنْبُلَوُهْم َأّيُهْم َأ ْ‬ ‫عَلى اَْلْر ِ‬ ‫جَعْلَنا َما َ‬‫ِإّنا َ‬
‫جُرًزا )‪(8‬‬ ‫صِعيًدا ُ‬ ‫عَلْيَها َ‬ ‫ن َما َ‬ ‫عُلو َ‬‫جا ِ‬‫َوِإّنا َل َ‬
‫) الكهف (‬

‫‪586‬‬
‫وجعلنا لمهلكهم موعدا‬
‫كان جّل اهتمامي في البداية محصورا ‪ ،‬لثبات نظرية زوال دولة‬
‫إسرائيل قبععل ظهععور المهععدي ‪ ،‬ومععن ثععم معرفععة هععؤلء العبععاد ‪،‬‬
‫الذين سيكونون سببا في زوالهععا ‪ ،‬والكيفيععة الععتي سععتزول بهععا ‪،‬‬
‫ولم أكن قد فّكرت في بحث مسألة معرفة موعد زوالهععا ‪ ،‬إل بعععد‬
‫طلعت على كتاب ) زوال إسرائيل عام ‪2022‬م ( للكاتب بسام‬ ‫أن ا ّ‬
‫جرار ‪ ،‬والذي كان قد بحث هذا المر من قبل ‪ .‬وجدت أن الكععاتب‬
‫توغل في حسابات كثيرة ومعّقدة ‪ ،‬كانت أحيانا عصّية على الفهم‬
‫ن محععاولته لتحديععد موعععد زوال إسععرائيل ‪ ،‬مععن‬ ‫والمتابعععة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن طرحععه لفكععرة اسععتخراج‬ ‫خلل تلك الحسابات غير مقنعة ‪ .‬ولك ع ّ‬
‫الموعد ‪ ،‬من سورة السراء ‪ ،‬أمععر لفععت انتبععاهي ‪ ،‬وأوجععد لععدي‬
‫الدافع للبحث في أمععر العععدد والحسععاب ‪ ،‬لسععتخراج موعععد زوال‬
‫الدولة اليهودية ‪.‬‬
‫مسألة العدّ في القرآن ‪:‬‬
‫أغلب رجال الدين إل من رحم ربي ‪ُ ،‬ينّفرون من مسألة الععّد فععي‬
‫القععرآن ‪ ،‬ومنهععم مععن ُينكععر ذلععك جملععة وتفصععيل ‪ ،‬وربمععا يععذهب‬
‫البعض إلى اتهام من يبحث فععي هععذا المععر ‪ ،‬بالسععحر والشعععوذة‬
‫والتنجيم ‪ .‬بالرغم من ذلك فععإن هععذا النععوع مععن العجععاز ‪ ،‬الععذي‬
‫ُيظهر ما يكتنفه القرآن ‪ ،‬من توافععق وترابععط عععددي لغععوي ‪ ،‬بععدأ‬
‫مؤخرا يفرض نفسه بشععكل ظععاهر ‪ ،‬وصععدرت فيععه بعععض الكتععب‬
‫والمؤلفات حديثا ‪.‬‬
‫ويتذّرع البعض في معرض إنكاره واستنكاره ‪ ،‬لمسععألة الععّد فععي‬
‫القرآن ‪ ،‬بعدم وجععود ‪ ،‬خععبر صععريح وصععحيح ‪ ،‬عععن رسععول الع‬
‫‪587‬‬
‫عليه الصععلة والسععلم ‪ ،‬أتععى مععن قريععب أو بعيععد علععى ذكععر هعذه‬
‫المسألة ‪ ،‬ولكن في المقابل ‪ ،‬هل يوجد خععبر أو حععتى أثععر ‪ُ ،‬ينكععر‬
‫وجود العجاز العددي في القرآن ‪ ،‬أو ينهى عن البحععث فععي أمععر‬
‫إثباته وبيانه ‪ ،‬وهععل وضععع رسععول الع عليععه الصععلة والسععلم ‪،‬‬
‫تفسيرا للقرآن أو كتابا بّين فيها أوجه العجاز كلهععا ‪ ،‬فلععم يععترك‬
‫المجال لباحث أو مجتهد ؟! وهل نجعل من اسععتغلل أشععخاص أو‬
‫طوائف ‪ ،‬للعداد الواردة في القرآن ‪ ،‬بشكل غيععر سععوي ‪ ،‬عقبععة‬
‫في طريق بحث هذه المسألة ‪.‬‬
‫وأمععا الفععترة الزمنيععة الععتي سععينفذ فيهععا وعععد الخععرة ‪ ،‬والععتي‬
‫سنكشف عنها في هعذا الفصععل ‪ ،‬فنحعن لععم نقععم بتحديععدها ‪ ،‬فهعي‬
‫محددة أصل من قبله سبحانه وتعالى ‪ ،‬في سورة السراء ‪ ،‬وكل‬
‫ما قمنععا بععه ‪ ،‬هععو الكشععف عععن هععذه الفععترة الزمنيععة ‪ ،‬وقراءتهععا‬
‫بشكل صحيح ودقيق ‪ .‬وبما أن القرآن جاء بكععل هعذه التفاصععيل ‪،‬‬
‫من حيث ماهية العبععاد وكيفيععة الععدخول وموعععده ‪ ،‬وبععالرغم مععن‬
‫كونه حدثا مستقبليا ‪ ،‬فإن حيثيات هذا الوعد ‪ ،‬لععم تعععد بوجودهععا‬
‫في القرآن غيبا على الطلق ‪ ،‬وقراءة وفهم ما هععو معلععوم ‪ ،‬إذا‬
‫اعترى النسان قصور في القراءة أو الفهم ‪ ،‬ل ٌيقععال عنععه كشععفا‬
‫للغيب ‪ ،‬إل إذا كان ذلك مععن قبيععل تعزيععة النسععان لنفسععه ‪ ،‬فععذلك‬
‫شأن آخر ‪.‬‬
‫ورد في القرآن والسنة ‪ ،‬الكثير من النبوءات المستقبلية ‪ ،‬وفيما‬
‫يلي سنطرح مثال ‪ ،‬ربما يجعل هذا الفصل قابل للهضم والفهععم ‪،‬‬
‫فلنأخذ على سبيل المثال ‪ ،‬النبععوءة المسععتقبلية ‪ ،‬بانتصععار الععروم‬
‫ت الّروُم )‬ ‫غِلَب ِ‬
‫على الفرس ‪ ،‬في سورة الروم ‪ ،‬حيث قال تعالى ) ُ‬
‫ضِع‬ ‫ن )‪ِ (3‬في ِب ْ‬ ‫سَيْغِلُبو َ‬
‫غَلِبِهْم َ‬‫ن َبْعِد َ‬‫ض ‪َ ،‬وُهْم ِم ْ‬ ‫‪ِ (2‬في َأْدَنى اَْلْر ِ‬
‫ن )‪(4‬‬ ‫ح اْلُمْؤمُِنو َ‬
‫ن َبْعُد ‪َ ،‬وَيْوَمِئٍذ َيْفَر ُ‬‫ن َقْبُل َوِم ْ‬
‫ل اَْلْمُر ِم ْ‬
‫ن ‪ِّ ،‬‬
‫سِني َ‬
‫ِ‬
‫‪588‬‬
‫ل‪،‬‬ ‫عَد ا ِّ‬
‫حيُم )‪َ (5‬و ْ‬ ‫شاُء ‪َ ،‬وُهَو اْلَعِزيُز الّر ِ‬ ‫ن َي َ‬ ‫صُر َم ْ‬
‫ل ‪َ ،‬يْن ُ‬ ‫صِر ا ِّ‬
‫ِبَن ْ‬
‫ن )‪َ (6‬يْعَلُمعو َ‬
‫ن‬ ‫س َل َيْعَلُمععو َ‬
‫ن َأْكَثعَر الّنعا ِ‬
‫ععَدُه ‪َ ،‬وَلِكع ّ‬
‫ل َو ْ‬ ‫ف ا ُّ‬‫َل ُيخِْل ُ‬
‫ن )‪(7‬‬
‫غاِفُلو َ‬‫خَرِة ُهْم َ‬
‫لِ‬ ‫نا ْ‬ ‫عِ‬ ‫حَياِة الّدْنَيا ‪َ ،‬وُهْم َ‬ ‫ن اْل َ‬
‫ظاِهًرا ِم َ‬‫َ‬
‫‪ .1‬جاء النص القرآني ‪ ،‬بفعععل مععاض مبنععي للمجهععول ‪ ،‬فععأظهر‬
‫المغلوب ولم يظهر الغالب ‪.‬‬
‫‪ .2‬وأضاف نبأ جديدا ‪ ،‬وهو غلبة الروم مسععتقبل ‪ ،‬لمععن غلبهععم‬
‫في الماضي ‪.‬‬
‫‪ .3‬وحّدد فترة زمنية لتحّقق ذلك ببضع سنين ‪.‬‬
‫‪ .4‬وأفاد بأن المؤمنين سيفرحون عند تحّقق هذا المر ‪.‬‬
‫‪ .5‬وأكّد على أنه وعد من ال ‪ ،‬وأن ال ل ُيخلف وعده ‪.‬‬
‫ن أكععثر النععاس ل يعلمععون ( ‪ ،‬ممععا يكععون‬ ‫‪ .6‬وعّقب بقوله ) ولك ّ‬
‫من أمر ال ‪.‬‬
‫‪ .7‬وأما ما يعلمه الناس ‪ ،‬فهو ظعاهر الحيعاة العدنيا ‪ ،‬أي الواقعع‬
‫الذي يستشعرونه بحواسهم فقط ‪.‬‬
‫‪ .8‬أما أمر الغيبيات ‪ ،‬التي أخبر عنها سبحانه في كتابه ‪ ،‬ومنها‬
‫الحياة الخرة فهم عنها غافلون ‪.‬‬
‫فلو قلنا بأن هذه النبوءة تقول ‪ :‬بأن الروم سيهزمون الفرس في‬
‫فترة زمنية ‪ ،‬تتراوح ما بين ] ‪ [ 9 – 3‬سنوات ‪ ،‬سيقول من لم‬
‫يعلععم بظععروف هععذه النبععوءة ‪ ،‬ولععم يعلععم التاريععخ ‪ ،‬ولععم يعلععم أن‬
‫البضع في لغة العرب يسععاوي ) ‪ ، ( 9 – 3‬أن هععذا النععص غيععر‬
‫مكتوب في القرآن ‪ ،‬فكيف عرفت أن الذين سُيهزمون هم الفرس‬
‫؟ وأن ذلك سيتم في فترة ‪ ،‬ل تقل عن ‪ 3‬سععنوات ‪ ،‬ول تزيععد عععن‬
‫‪ 9‬سنوات ؟‬
‫‪589‬‬
‫نلحظ أن هذه النبوءة كععانت واضععحة بالنسععبة للمسععلمين ‪ ،‬مععن‬
‫حيث من سيغلب من ‪ ،‬ولكن زمن التحّقق جععاء فضفاضععا ‪ ،‬إذ لععم‬
‫يشأ سبحانه مع علمه ‪ ،‬الكشف عن الزمن بشععكل دقيععق ‪ ،‬ولكنععه‬
‫أعطى فترة زمنية علعى معدى ‪ 6‬سعنوات تقريبعا ‪ ،‬ليعترك المجعال‬
‫لجريان السباب والمسّببات ‪ ،‬التي من شأنها أن تععترجم النبععوءة‬
‫علععى أرض الواقععع ‪ ،‬دون تعطيععل مععن البشععر ‪ ،‬مععن جعّراء العلععم‬
‫المسبق بحيثياتها ‪.‬‬
‫ولو تمعّنا في التعقيب الخير في الية )‪ ، (7‬الذي جاء فيها على‬
‫مجمل ‪ ،‬ما أخبر عنه سبحانه في اليات السابقة لهععا ‪ ،‬سععتجد أن‬
‫هناك حكمة إلهية ‪ ،‬من الخبار عن شأن هذا الحدث المسععتقبلي ‪.‬‬
‫ف البشرى للمؤمنين ‪ ،‬بحتمية النصر مسععتقبل ‪ ،‬فكمععا‬ ‫أل وهي ز ّ‬
‫تحّققت هذه النبوءة وهذا الوعععد ‪ ،‬علععى أرض الواقععع ‪ ،‬فسعُينجز‬
‫ال كل معا وعععد بعه فعي كتععابه الكريعم ‪ ،‬ليعزداد المؤمنعون إيمانععا‬
‫ويقينا ‪ ،‬بصدق كل ما حواه هذا الكتاب ‪ ،‬من شأن الدنيا والخععرة‬
‫‪ ،‬ماضيا وحاضرا ومستقبل ‪ ،‬وصدق من أنزله ‪ ،‬وصدق وأمانععة‬
‫من ُأرسل به ‪ ،‬هدى ورحمة للعالمين ‪.‬‬
‫وتراوحت غايات الخبار عن أنبعاء المسعتقبل ‪ ،‬معا بيعن البشعارة‬
‫والنععذارة ‪ ،‬وأهععم النبععاء المسععتقبلية ‪ ،‬الععتي يريععد رب العععزة أن‬
‫يتيقن منها الناس ‪ ،‬هي اليوم الخر ‪ ،‬بما فيه مععن بعععث وحسععاب‬
‫وثععواب وعقععاب ‪ ،‬وهععذه الحقيقععة تكععاد ل تخلععو أي مععن سععور‬
‫القرآن ‪ ،‬من ذكرها والتذكير بها ‪ ،‬إذ أن مؤدى إنكار اليوم الخر‬
‫‪ ،‬حتى ولو ُقرن مع اليمععان بععال ‪ ،‬هععو عبععث وعبثيععة ‪ ،‬لُيصععبح‬
‫صععل عليععه مععن مكاسععب دنيويععة‬ ‫إحسان النسان ‪ ،‬مرتبط بما يتح ّ‬
‫فقط ‪ ،‬وبذلك يفسععد النععاس وتفسععد الرض ‪ ،‬فيحععل بهععم الهلك ‪،‬‬
‫ولذلك عّقب سبحانه ‪ ،‬بعد الخبار عن هععذه النبععوءة بقععوله ) …‬
‫‪590‬‬
‫حَيععاِة‬
‫ن اْل َ‬
‫ظععاِهًرا ِم ع َ‬
‫ن َ‬
‫ن )‪َ (6‬يْعَلُمععو َ‬ ‫س َل َيْعَلُمععو َ‬
‫ن َأْكَث عَر الّنععا ِ‬
‫َوَلِك ع ّ‬
‫ن )‪ 7‬الروم ( ‪.‬‬ ‫غاِفُلو َ‬
‫خَرِة ُهْم َ‬ ‫لِ‬
‫نا ْ‬
‫عِ‬ ‫الّدْنَيا ‪َ ،‬وُهْم َ‬
‫وقععد جععاءت أخبععار النبععوءات المسععتقبلية فععي القععرآن والسععّنة‬
‫مسبقا ‪ ،‬لتتحّقق في أزمان يكون المؤمنين فيها ‪ ،‬بععأمس الحاجععة‬
‫لما يقوي إيمانهم ‪ ،‬وُيثّبتهم على دينهم ‪ ،‬ويشّد من أزرهععم ‪ ،‬فععي‬
‫مواجهععة أهععل الكفععر والفسععوق والعصععيان ‪ ،‬كمععا هععو الحععال مععع‬
‫النبوءة السععابقة ‪ .‬وجععاءت أيضععا لتتحّقععق فععي أزمععان يكععاد فيهععا‬
‫اليمان ‪ ،‬أن يلفظ أنفاسععه الخيععرة ‪ ،‬لُتعيععد لععه الحيععاة فععي قلععوب‬
‫أصحابه ‪ ،‬ولينفضوا ما علعق بععأرواحهم ‪ ،‬ومعا أغشععى أبصعارهم‬
‫وبصائرهم ‪ ،‬من رماد هذه الدنيا ‪ ،‬التي أوشكت على الفناء ‪ .‬فإذا‬
‫ما عاصر الناس ‪ ،‬تحّقق نبوءة على أرض الواقع ‪ ،‬مما أخبر بععه‬
‫القععرآن ‪ ،‬أثبععت هععذا القععرآن للنععاس ‪ ،‬بشععكل قععاطع وملمععوس‬
‫محسوس ‪ ،‬بأنه من لععدن حكيععم عليععم ‪ ،‬عععالم للغيععب والشععهادة ‪،‬‬
‫وأن ل بععد للنععاس مععن المثععول بيععن يععديه ‪ ،‬فععالموت ليععس نهايععة‬
‫المطاف ‪ ،‬بل هو بداية رحلععة ل نهايععة لهععا ‪ ،‬مععن الشععقاء أو مععن‬
‫السعادة ‪.‬‬
‫سورة الكهف ‪:‬‬
‫كنت قد قرأت فيما سععبق ‪ ،‬بعضععا معن كتعب العجععاز الععددي فعي‬
‫القرآن ‪ ،‬ومن ضمنها كتاب بسععام جععرار بعنععوان ) إعجععاز الرقععم‬
‫‪ ، ( 19‬حيث قال بسام جرار فيه ‪:‬‬
‫)) كنت أقرأ سورة الكهععف ‪ ،‬فخطععر ببععالي أن أحصععي الكلمععات ‪،‬‬
‫ف َوالّرِقيِم ( ‪،‬‬
‫ب اْلَكْه ِ‬
‫حا َ‬
‫صَ‬ ‫ن َأ ْ‬ ‫ت َأ ّ‬
‫سْب َ‬
‫ح ِ‬
‫من بداية قصة الكهف ) َأْم َ‬
‫وعندما وصععلت إلععى اليععة )‪َ ) : (25‬وَلِبُثععوا ِفععي َكْهِفِهعْم ( ‪ ،‬وإذا‬
‫بالكلمة ‪ ،‬التي تأتي بعد هذه العبارة مباشرة ‪ ،‬هععي الكلمععة رقععم )‬
‫‪591‬‬
‫‪ ، (309‬ونحن نعلم أنهم لبثوا فععي كهفهععم )‪ (309‬سععنوات ‪ ،‬كمععا‬
‫نععص القععرآن الكريععم (( ‪ .‬كععان هععذا نقل حرفيععا ‪ ،‬لمععا جععاء فععي‬
‫الكتاب ‪ ،‬وكان هذا الكتاب ‪ ،‬سابقا لكتاب ) زوال إسععرائيل ( بعععدة‬
‫سنوات ‪.‬‬
‫عندما قرأت هذه المعلومة ‪ ،‬أحببت أن أتأكد من صحتها ‪ ،‬فقمععت‬
‫بإجراء نفس عملية الحصععاء آنععذاك ‪ ،‬فتععبّين لععي صععحة الخععبر ‪.‬‬
‫ظننت في بادئ المر ‪ ،‬أن المقصود هععو إظهععار التوافععق العععددي‬
‫اللغععوي ‪ ،‬مععا بيععن عععدد السععنين الععتي لبثهععا هععؤلء الفتيععة فععي‬
‫الكهف ‪ ،‬وعدد كلمات القصة التي تروي خبرهم ‪ ،‬وهو بحّد ذاتععه‬
‫شيء جميل وعجيب ‪ .‬ولكن عندما رغبت في البحث ‪ ،‬في مسألة‬
‫زوال إسرائيل فيما بعد ‪ ،‬حيث لععم أقتنععع بحسععابات بسععام جععرار ‪،‬‬
‫ى أخرا ‪.‬‬ ‫أصبح لهذا المثال المطروح في سورة الكهف ‪ ،‬معن ً‬
‫تصععّفحت سععورة السععراء مععرارا وتكععرارا ‪ ،‬ولفععت انتبععاهي أن‬
‫موضوع السورة بشكل عام ‪ ،‬هم بني إسرائيل أنفسهم ‪ " ،‬وبني‬
‫إسععرائيل " هععو السععم التععوقيفي للسععورة ‪ ،‬كمععا ورد فععي جميععع‬
‫الحاديث والروايات ‪ ،‬التي جععاءت علععى ذكرهععا ‪ ،‬وأمععا مععا ُترّكععز‬
‫عليه السورة بشكل خاص ‪ ،‬هو قصة المرتيععن ‪ ،‬ومععا فيهمععا مععن‬
‫إفساد وعلو ووعععد كععل منهمععا ‪ ،‬والملحعظ أن القصععة لهععا بدايععة‬
‫ولها نهاية ‪ .‬قمت بالمقارنة بين القصتين ‪ ،‬وفي مخيلععتي تسععاؤل‬
‫مفاده ‪ ،‬أليس من الممكن أن يكون سبحانه ‪ ،‬قد طرح هذا المثععال‬
‫الموجععود فععي سععورة الكهععف ‪ ،‬لكععي نقععوم بتطععبيقه فععي سععورة‬
‫السراء ‪ ،‬لستخراج موعد هلك بني إسرائيل في المرة الثانية ‪.‬‬

‫‪592‬‬
‫وجعلنا لمهلكهم موعدا ‪:‬‬
‫ُترّكز سورة السراء بشكل كبير ‪ ،‬على ذكر وعععد الخععرة ‪ ،‬وهععو‬
‫وعد بهلك بني إسرائيل وزوال دولتهم ‪ ،‬وهذا الوعد له موعد ‪،‬‬
‫ويقععول سععبحانه وتعععالى فععي سععورة الكهععف ‪ ،‬الععتي تلععي سععورة‬
‫ععًدا )‪(48‬‬ ‫جَععَل َلُكعْم َمْو ِ‬ ‫عْمُتعْم َأّلعنْ َن ْ‬
‫السراء مباشرة ) … ‪َ ،‬بْل َز َ‬
‫ك اْلُق عَرى َأْهَلْكنَععاُهْم َلمّععا‬
‫ع عٌد ‪َ (58) … ،‬وِتْل ع َ‬ ‫…ع ‪ ،‬ع َب عْل َلُه عْم َمْو ِ‬
‫عععًدا )‪ ، (59‬هععذا التكععرار لكلمععة‬ ‫جَعْلَنععا ِلَمْهِلِكِهععْم َمْو ِ‬
‫ظَلُمععوا ‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬
‫موعد ‪ ،‬والتأكيد على أن هناك موعد ‪ ،‬أمر ملفت للنظر ‪ .‬حععاولت‬
‫في البداية إيجاد أوجه الشبه بين السورتين ‪ ،‬ومن ثم عُ عّدت إلععى‬
‫سورة الكهف ‪ ،‬وقمت بدارسععة وتحليععل المثععال المطععروح فيهععا ‪،‬‬
‫فوجدت نفسي أمععام درس إلهععي ‪ ،‬فعي رياضععات معن نععوع آخععر ‪.‬‬
‫خرجت منه بعدة قواعد رياضية ‪ ،‬فتملكني شعور آنذاك ‪ ،‬أن هععذا‬
‫المثال ‪ ،‬إنمععا ُوضععع ليكععون بمثابععة مفتععاح ‪ ،‬للكشععف عععن موعععد‬
‫هلك بني إسرائيل ‪ ،‬في سورة السراء ‪.‬‬
‫قصة أصحاب الكهف ‪:‬‬
‫بعد إطلعي على قصة أصحاب الكهععف ‪ ،‬مععن خلل كتععاب ) أهععل‬
‫الكهف ( ‪ ،‬لحدى دور النشر الردنيععة – ل أذكععر اسععم المؤلععف ‪-‬‬
‫الذي يؤكد فيه المؤلف ‪ ،‬أن الكهف المعني ‪ ،‬هو الكهف الموجود‬
‫‪ ،‬بالقرب من مدينة مادبا الردنية ‪ ،‬وأن أحععداث القصععة ‪ ،‬وقعععت‬
‫بعد وفاة عيسى عليععه السععلم ‪ ،‬وقبععل بعععث محمععد عليععه الصععلة‬
‫والسلم ‪ ،‬حيععث كععانت المبراطوريععة الرومانيععة الوثنيععة آنععذاك ‪،‬‬
‫مسععيطرة علععى المنطقععة ‪ ،‬وأن القضععية الععتي كععانت مطروحععة‬
‫آنذاك ‪ ،‬هي مسألة البعث بعد الموت ‪ ،‬التي كان ينكرها الوثنّيععون‬
‫الرومانيون ‪ ،‬واليهود الخاضعين لسيطرتهم كذلك ‪.‬‬
‫‪593‬‬
‫والحكمة من جّراء تنويمهم ‪ ،‬ومععن ثععم بعثهععم ‪ ،‬ومععن ثععم العثععور‬
‫عليهم من قبل أهععل المدينععة ‪ ،‬كععانت لثبععات البعععث بعععد المععوت ‪،‬‬
‫لدى ُأناس ذلك العصر ‪ ،‬من وثنيون ويهود ‪ ،‬وهذا ما ُيخععبر عنععه‬
‫عَلْيِهعْم ‪،‬‬‫عَثْرَنععا َ‬‫ك َأ ْ‬‫سععبحانه وتعععالى صععراحة ‪ ،‬فععي قععوله ) َوَكعَذِل َ‬
‫ب ِفيَهعععا ‪ِ ،‬إْذ‬ ‫عَة َل َرْيععع َ‬ ‫سعععا َ‬‫ن ال ّ‬ ‫ق ‪َ ،‬وَأ ّ‬‫حععع ّ‬
‫لععع َ‬ ‫ععععَد ا ِّ‬
‫ن َو ْ‬‫ِلَيْعَلُمعععوا َأ ّ‬
‫ن َبْيَنُه عْم َأْمَرُه عْم … )‪ (21‬أي أن ال ع أعععثر ُأنععاس تلععك‬ ‫عو َ‬ ‫َيَتَنععاَز ُ‬
‫ع عَد‬‫المدينة المجاورة للكهف ‪ ،‬لكي يعلم أولئك الناس ‪ ،‬بع ع ) َأنّ َو ْ‬
‫ب ِفيَهععا ( ‪.‬‬ ‫عَة َل َرْيع َ‬ ‫سععا َ‬‫ق _ بععالبعث بعععد المععوت _ َوَأنّ ال ّ‬ ‫حع ّ‬
‫لع َ‬ ‫ا ِّ‬
‫ومجيء قصة أصحاب الكهف في القرآن ‪ ،‬لععم يكععن فععي الصععل ‪،‬‬
‫لطرح التساؤلت عن عددهم وعن مدة لبثهم ‪ ،‬فهذا أمر ل طععائل‬
‫ل ُتَمععارِ‬ ‫منه ول فائدة فيه ‪ ،‬فهو سبحانه ينهى عن ذلك بقععوله ) َف َ‬
‫حَدًا )‪ 22‬الكهععف ( ‪،‬‬ ‫ت ِفيِهْم مِْنُهْم َأ َ‬ ‫سَتْف ِ‬
‫ظاِهَرًا َوَل َت ْ‬ ‫ِفيِهْم ِإّل ِمَراًء َ‬
‫سْبَعٌة َوَثاِمنُُهْم َكْلُبُهْم‬
‫ن َ‬ ‫وقد قّرر سبحانه عددهم ‪ ،‬بقوله ) َوَيُقوُلو َ‬
‫عَل عُم ِبِع عّدِتِهْم َمععا َيْعَلُمُه عْم ِإّل َقِلي عٌل ) ‪ 22‬الكهععف ( ‪ ،‬إذ‬ ‫ُق عْل َرّبععي َأ ْ‬
‫استثنى هذه العبارة من قوله ) رجما بالغيب ( ‪ ،‬واقتصععرها علععى‬
‫القععوال السععابقة فقععط ‪ .‬وأمععا مععدة لبثهععم فقععد قّررهععا فععي قععوله‬
‫س عًعا )‪(25‬ع ‪،‬‬ ‫ن َواْزَداُدوا ِت ْ‬ ‫س عِني َ‬‫ث ِمععاَئٍة ِ‬ ‫ل َ‬‫) َوَلِبُثععوا ِفععي َكْهِفِه عْم َث َ‬
‫ض )‪26‬‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫س عَمَوا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫غْي ُ‬
‫عَلُم ِبَما َلِبُثوا ‪َ ،‬لُه َ‬ ‫ل َأ ْ‬‫وقوله ) ُقِل ا ُ‬
‫الكهععف ( ‪ ،‬تأكيععد علععى أن مععا أخععبر عنععه ‪ ،‬مععن مععدة لبثهععم هععو‬
‫الحق ‪ ،‬فهو أعلم بغيب الماضي والمستقبل ‪ ،‬كما أكّد على إخباره‬
‫عن عّدتهم فيما سبق ‪.‬‬
‫ل ُيمكن إحصاء عدد السنين ‪:‬‬
‫نخلص من ذلععك ‪ ،‬إلععى أن المسععألة المععراد الععتركيز عليهععا ‪ ،‬هععي‬
‫شععيء آخععر غيععر إحصععاء عععددهم أو مععدة لبثهععم ‪ ،‬هععي إشععارات‬
‫‪594‬‬
‫لععدرس رائع فععي الرياضععيات اللهيععة ‪ ،‬ولتوضععيح هععذا الععدرس ‪،‬‬
‫خععص سععبحانه القصععة كاملععة فععي‬ ‫سنبدأ مع بداية القصة ‪ ،‬حيث ل ّ‬
‫ف َوالّرِقيعِم‬ ‫ب اْلَكْهع ِ‬ ‫حا َ‬‫صع َ‬‫ن َأ ْ‬‫ت َأ ّ‬
‫سعْب َ‬ ‫ح ِ‬‫أربع آيععات ‪ ،‬فععي قععوله ) َأْم َ‬
‫ف َفَقععاُلوا َرّبَنععا‬
‫جًبا )‪ِ (9‬إْذ َأَوى اْلِفْتَيُة ِإَلى اْلَكْه ِ‬ ‫عَ‬‫ن َءاَياِتَنا َ‬ ‫َكاُنوا ِم ْ‬
‫ض عَرْبَنا‬
‫ش عًدا )‪َ (10‬ف َ‬ ‫ن َأْمِرَنععا َر َ‬
‫ئ َلَنععا ِم ع ْ‬
‫حَمًة َوَهّي ع ْ‬
‫ك َر ْ‬‫ن َلُدْن َ‬
‫َءاِتَنا ِم ْ‬
‫ععَدًدا )‪ُ (11‬ثعّم َبَعْثَنععاُهْم ِلَنْعَلعَم َأ ّ‬
‫ي‬ ‫ن َ‬‫سعِني َ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى َءاَذاِنِهْم ِفي اْلَكْه ِ‬ ‫َ‬
‫خععص يقععول ‪ :‬أن‬ ‫صى ِلَما َلِبُثوا َأَم عًدا )‪ ، (12‬هععذا المل ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫حْزَبْي ِ‬
‫اْل ِ‬
‫أصحاب الكهف فتية ‪ ،‬لجئوا إلى الكهععف ‪ ،‬وطلبععوا مععن ربهععم أن‬
‫يرحمهم ‪ ،‬وأن ُيهيععئ لهععم سععبيل للنجععاة مععن قععومهم ‪ ،‬فأسععلمهم‬
‫سبحانه للنوم في الكهف ‪ ،‬عددا من السنين ‪ ،‬ثم بعثهم ‪ ،‬ثم عّلععل‬
‫أمر نومهم ثم بعثهم ‪ ،‬بأنه يريععد أن يعلععم ‪ ،‬مععن أحصععى ممععن لععم‬
‫ص مدة لبثهم في الكهف ‪ ،‬من عدد السنين ‪.‬‬ ‫ُيح ِ‬
‫وتعليل النععوم والبعععث حقيقععة ‪ ،‬كنععا قععد أوضععحناه سععابقا ‪ ،‬ولكععن‬
‫الملفت للنظر هنا هو تعليل البعث ‪ ،‬فععي بدايععة القصععة علععى غيععر‬
‫الوجه الحقيقي له ‪ ،‬بقوله تعالى ) لنعلم أي الحزبيعن أحصعى لمعا‬
‫لبثوا أمدا ( ‪ ،‬إذ ل ُيعقل أن يكون المقصد الحقيقععي ‪ ،‬هععو معرفععة‬
‫صها ‪ .‬وفي الواقع ‪ ،‬فإن المععد )‬ ‫من أحصى مدة اللبث ممن لم ُيح ِ‬
‫صل بالحساب ‪.‬‬ ‫أي الفترة الزمنية ( ل ُيحصى إحصاًء ‪ ،‬وإنما يتح ّ‬
‫ولو فّكرت في معنى الحصاء رياضيا ‪ ،‬لوجدت أن هذا الذي جاء‬
‫في اليتين ‪ ،‬غير منطقي من الناحية الرياضية العمليععة ‪ ،‬فعمليععة‬
‫الحصاء والعّد ل يمكن القيام بها ‪ ،‬إل إذا كان المراد إحصاءه أو‬
‫عّده ‪ ،‬ماثل أمامك عيانا ‪ ،‬كأن تحصي مجموعة من الشياء ‪ .‬أما‬
‫أن تحصععي شععيئا ‪ ،‬ل تلمسععه بيععديك أو تععراه بعينيععك ‪ ،‬فهععذا أمععر‬
‫مستحيل ‪ .‬وأما بالنسبة للسنين ‪ ،‬فل ُيمكن بأي حال من الحععوال‬
‫إحصائها أيضا ‪ ،‬لنها ليسععت أشععياء قابلععة للععّد ‪ ،‬وإنمععا تتحصععل‬
‫‪595‬‬
‫معرفتهععا بالحسععاب ‪ ،‬فهععي نتيجععة لجمععع عععدد مععن الشععهور ‪،‬‬
‫والشهور نتيجة لعدد من اليام ‪ ،‬وعلععى سععبيل المثععال ‪ ،‬إذا أردت‬
‫معرفة عمر شخص مععا ‪ ،‬أو عمععر ُأّمععة مععا ‪ ،‬فمععا سععتقوم بععه هععو‬
‫عملية طرح للتواريخ ‪ ،‬لتحصيل عدد السععنين ‪ ،‬الععتي ُتمّثععل عمععر‬
‫ذلك الشخص ‪ ،‬أو عمر تلك المة ‪.‬‬
‫الحصاء لمدة اللبث ‪:‬‬
‫وبالتالي نستطيع القول بععأن هععذا الععتركيب اللغععوي ‪ ،‬جععاء ليلفععت‬
‫انتباهنا إلى ما جاء في هذه القصة ‪ ،‬مععن إعجععاز عععددي لغععوي ‪،‬‬
‫ولحصاء أشععياء ماثلععة أمععام أعيننععا ‪ ،‬أل وهععي كلمععات القصععة ‪،‬‬
‫التي توافق عدد السنين ‪ ،‬التي لبثها أصحاب الكهف في كهفهم ‪،‬‬
‫والتي إن قمت بإحصاءها ‪ ،‬سععتكون فععي الحقيقععة قمععت بععّد مععدة‬
‫اللبث بالسنين ‪ ،‬لن عدد الكلمععات يوافععق عععدد السععنين ‪ ،‬ويقععول‬
‫سبحانه تعقيبا على هذا العجاز ‪ ،‬فيما يلي القصة من آيات ) َلععهُ‬
‫ض ( ‪ ،‬أي ما كشفه من شععأن هعؤلء الفتيععة‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫سَمَوا ِ‬‫ب اْل ّ‬
‫غْي ُ‬ ‫َ‬
‫ث علععى‬ ‫سعِمْع )‪ (26‬وكععأنه حع ّ‬ ‫صعْر ِب عِه َوَأ ْ‬‫من غيب الماضي ‪َ ) ،‬أْب ِ‬
‫إمعان النظر ‪ ،‬فيما بين يديك من إعجاز ‪ ،‬وكشفه والخبار عنه ‪،‬‬
‫ويؤكععد سععبحانه مععن خلل هععذا التوافععق العععددي أن ) ل مَُبععّدَل‬
‫ِلَكِلَمععاِته ) ‪ 27‬الكهععف ( ‪ ،‬كمععا أكععّد أيضععا فععي سععورتي النعععام‬
‫ل ع )‪َ ) ، (34‬ل َتْب عِديَل ِلَكِلَمععا ِ‬
‫ت‬ ‫ت ا ِّ‬ ‫ويونس بقوله ) َوَل ُمَبّدَل ِلَكِلَما ِ‬
‫ل )‪ (64‬ليتبين لك أن ل تبديل لمواقع الكلمععات فيععه ‪ ،‬ول زيععادة‬ ‫ا ِّ‬
‫فيه ول نقص ‪ ،‬وهذا مععا تثبتععه هععذه السععورة ‪ ،‬وسععورة السععراء‬
‫ن َنّزْلَنععا اْل عّذْكَر َوِإّنععا َل عهُ‬
‫حع ُ‬ ‫أيضععا ‪ ،‬مصععداقا لقععوله تعععالى ) ِإّنععا َن ْ‬
‫عْن عِد غَْي عِر الِّ ع‬
‫ن ِ‬ ‫ن ِم ع ْ‬ ‫ن )‪ 9‬الحجععر ( ‪ ،‬وقععوله ) َوَل عْو َكععا َ‬ ‫ظو َ‬ ‫حععاِف ُ‬‫َل َ‬
‫لًفا َكِثيًرا )‪ 82‬النساء ( ‪.‬‬ ‫خِت َ‬
‫جُدوا ِفيِه ا ْ‬‫َلَو َ‬
‫‪596‬‬
‫يقول سععبحانه ) أحصععى لمععا لبثععوا أمععدا ( ‪ ،‬نتععبين مععن ذلععك ‪ ،‬أن‬
‫المراد هو إجراء عملية إحصاء أو ععّد ‪ ،‬وأن المععراد إحصععاؤه _‬
‫حسب ظاهر النص القرآني ‪ -‬هععو مععدة اللبععث ‪ ،‬وبمععا أن إحصععاء‬
‫مدة اللبث ُمتعّذر ‪ ،‬فالحصاء سيكون لشياء ُتمّثل هذه المّدة ‪ ،‬أل‬
‫وهععي الكلمععات الماثلععة أمامنععا ‪ ،‬والععتي ُتشععكل أحععداث القصععة ‪،‬‬
‫لنستطيع مععن خلل إحصععائها ‪ ،‬معرفععة عععدد سععنين مععدة اللبععث ‪،‬‬
‫وكأنه سبحانه أراد أن ُيعلمنا درسا رياضععيا ‪ ،‬نسععتطيع مععن خلل‬
‫القواعد التي سنستنبطها منه ‪ ،‬من استخراج عععدد السععنين لمععدة‬
‫لبععث ُأنععاس ‪ ،‬قععد سععبق ذكرهععم فععي السععورة الععتي سععبقت سععورة‬
‫الكهف ‪ ،‬وهذا يعني أن مدة لبثهم لها نهايععة بهلكهععم ‪ ،‬والمشععار‬
‫إليها بوعد الخرة ‪.‬‬
‫طريقة العدّ في سورة الكهف ‪:‬‬
‫‪307‬‬
‫ف‪َ … … 5‬وَلِبُثوا ‪ِ 306‬فعي‬ ‫ب‪ 4‬اْلَكْه ِ‬‫حا َ‬‫صَ‬‫ن‪َ 3‬أ ْ‬‫ت‪َ 2‬أ ّ‬‫سْب َ‬ ‫) َأْم‪َ 1‬‬
‫ح ِ‬
‫سًعا (‪(25)309‬‬‫ن َواْزَداُدوا ِت ْ‬
‫سِني َ‬
‫ث ِماَئٍة ِ‬
‫ل َ‬‫َكْهِفعِهْم‪َ ) 308‬ث َ‬
‫تبدأ القصة من الية )‪ ، (9‬بعبارة ) أم حسبت ( وتنتهي في الية‬
‫)‪ ، (25‬بعبععارة ) ثلثمععائة سععنين وازدادوا تسعععا ( ‪ .‬نلحععظ أن‬
‫كلمة ) كهفهم ( تحمل العدد ) ‪ ، ( 308‬وأن العدد الذي يلي العدد‬
‫)‪ ، (308‬هو )‪ ، (309‬وبدل من أن ينتهي العّد عند الكلمة ‪ ،‬التي‬
‫تلي كلمة ) كهفهم ( مباشععرة ‪ ،‬بقولنععا ‪ :‬ثلثمععائة وتسعععة ‪ ،‬جععاء‬
‫سبحانه بعبارة ‪ ،‬تحكي العدد نفسه بالكلمععات ‪ ) ،‬ثلثمععائة سععنين‬
‫وازدادوا تسعا ( ‪ ،‬لتحمل العبارة كاملة ‪ ،‬العدد ) ‪. ( 309‬‬
‫وقوله سبحانه ) ثلثمععائة سععنين وازدادوا تسعععا ( ‪ ،‬وعععدم قععوله‬
‫) تسععع وثلثمععائة ( ‪ ،‬جععاءت لُيعّلمنععا قاعععدة حسععابية ‪ ،‬لحسععاب‬
‫الفععرق بيععن السععنين الشمسععية والسععنين القمريععة ‪ ،‬بإضععافة ‪3‬‬
‫‪597‬‬
‫سنوات لكل ‪ 100‬شمسية ‪ ،‬لنحصل علععى مععا ُيعادلهععا بالقمريععة ‪،‬‬
‫حيث أن كل )‪ (100‬سنة شمسية ‪ ،‬تععادل )‪ (103‬سعنوات قمريعة‬
‫تقريبا ‪ .‬ومفاد هذه العبارة أنهم لبثوا )‪ (300‬سنة شمسععية ‪ ،‬و )‬
‫‪ (309‬سنة قمرية ‪ ،‬والهم من ذلك أن عدد الكلمات جاء متفقععا ‪،‬‬
‫مععع مععدة لبثهععم بالسععنين القمريععة ‪ ،‬أي أن كععل كلمععة مّثلععت سععنة‬
‫قمريععة ل شمسععية ‪ .‬وبنععاء علععى ذلععك ‪ ،‬وعنععد اسععتخدام هععذه‬
‫الطريقة ‪ ،‬في سورة السراء سنتعامل ‪ ،‬مع السنين القمرية ‪.‬‬
‫قواعد الحصاء في سورة الكهف ‪:‬‬
‫‪ .1‬الحصاء للكلمات ‪ ،‬إذ ل ُيمكن إحصاء السنين ‪.‬‬
‫‪ .2‬الكلمة لغة ‪ ،‬هي التي تتكون من حرفين فما فوق ‪.‬‬
‫‪ .3‬بداية العّد كانت من بداية قصة أصحاب الكهف ‪.‬‬
‫‪ .4‬قصة أصحاب الكهف سبقتها مقدمععة ‪ ،‬تكعّونت مععن ‪ 8‬آيععات ‪.‬‬
‫وعملية العّد لم تشملها ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن بعض اليات التي وردت ضععمن القصععة ‪ ،‬دخلععت كلماتهععا‬
‫في العّد ‪ ،‬مع أن علقتها بالقصة ليست ظاهرة ‪ ،‬كاليات ) ‪23‬‬
‫‪. ( 24 ،‬‬
‫‪ .6‬أن نهاية العّد كان بانتهاء القصة ‪.‬‬
‫‪ .7‬أن عدد الكلمات ‪ ،‬توافق مع عدد السنين ‪ ،‬الععتي لبثوهععا فععي‬
‫الكهف ‪ ،‬إذ أن كل كلمة تمثل سنة ‪.‬‬
‫‪ .8‬أن كل كلمة ‪ ،‬تمّثل سنة قمرية ‪ ،‬ذلععك لن نتيجععة الع عّد كععانت‬
‫‪ 309‬كلمات ‪ ،‬قد توافقت مع مدة لبثهم بالسنين القمرية ‪.‬‬

‫‪598‬‬
‫قابليننة هننذا المثننال للتطننبيق علننى سننورة‬
‫السراء ‪:‬‬
‫عَدًدا )‪ُ (11‬ثمّ‬ ‫ن َ‬ ‫سِني َ‬‫ف ِ‬‫عَلى َءاَذاِنِهْم ِفي اْلَكْه ِ‬ ‫ضَرْبَنا َ‬ ‫قال تعالى ) َف َ‬
‫صى ِلَما َلِبُثوا َأَمعًدا )‪ (12‬لععو أمعنععت‬ ‫ح َ‬
‫ن َأ ْ‬‫حْزَبْي ِ‬‫ي اْل ِ‬ ‫َبَعْثَناُهْم ِلَنْعَلَم َأ ّ‬
‫النظر فيما تحته ‪ ،‬لوجدت أن الظععاهر يقععول ‪ ،‬أن بعثهععم كععان لن‬
‫ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬أراد أن يعلم أي الحزبيععن أحصععى ! أحصععى‬
‫ماذا ؟ أحصى مدة ما لبثوا في الكهععف مععن عععدد السععنين ‪ .‬أي أن‬
‫المراد من الحصاء هو معرفة عدد السنين ‪ .‬في المقابل نجد فععي‬
‫اليععة )‪ (12‬مععن سععورة السععراء عبععارة تقععول ) ولتعلمععوا عععدد‬
‫السنين والحساب ( ‪ ،‬للشارة إلى أن السورة ‪ ،‬تحمل بين ثناياها‬
‫ص ُأنععاس سععبق‬ ‫معرفة لعدد سنين ‪ ،‬تتحصل بالعّد والحساب ‪ ،‬تخ ّ‬
‫ذكرهم فيما ورد من آيات ‪ ،‬سبقت هذه العبارة ‪.‬‬
‫وللفت النتباه إلى أن الحصععاء متعلععق بمععدة اللبععث ‪ ،‬تكعّرر ِذكععر‬
‫مشتقات هذه الكلمة )‪ (6‬مرات في سورة الكهف ‪ ،‬وهي ) َلِبُثوا ‪،‬‬
‫َلِبْثُتععععْم ‪َ ،‬لِبْثَنععععا ‪َ ،‬لِبْثُتععععْم ‪َ ،‬وَلِبُثععععوا ‪َ ،‬لِبُثععععوا ( فععععي اليععععات )‬
‫‪ . ( 12،19،25،26‬وفي المقابل نجعد أن مشعتقات هعذه الكلمععة ‪،‬‬
‫ظّنععونَ‬ ‫تكّررت مرتين في سورة السراء ‪ ،‬في قوله سععبحانه ) َوَت ُ‬
‫ل)‬ ‫ك ِإّل َقِلي ً‬‫لَف ع َ‬
‫خَ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل )‪ (52‬وقععوله ) َوِإًذا َل َيْلَبُثععو َ‬ ‫ن َلِبْثُتْم ِإّل َقِلي ً‬‫ِإ ْ‬
‫‪ُ ، (76‬يقال أن المقصودين في هاتين اليتين هم مشعركي قريععش‬
‫حصرا ‪ ،‬وهذا القول غيععر صععريح ‪ .‬ولععو أنععك تتبعععت النععص منععذ‬
‫البداية ‪ ،‬لوجدت أن القول الول قيل لمنكري البعث ‪ ،‬وعلى رأس‬
‫القائمة في إنكار البعث هم اليهود ‪.‬‬
‫ن َكععاُدوا َلَيْفِتُنوَنعكَ عَعنِ‬ ‫ولو أنك تتبعت النص من قوله تعالى ) َوِإ ْ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ن اْلَْر ِ‬ ‫ك ِمععع َ‬‫سعععَتِفّزوَن َ‬‫ن َكعععاُدوا َلَي ْ‬
‫ك … َوِإ ْ‬ ‫حْيَنعععا ِإَلْيععع َ‬
‫اّلعععِذي َأْو َ‬
‫‪599‬‬
‫ل )‪ ، (76‬لوجععدت‬ ‫ك ِإّل َقِلي ً‬
‫لَف ع َ‬
‫خَ‬‫ن ِ‬
‫ك ِمْنَها ‪َ ،‬وِإًذا َل َيْلَبُثععو َ‬
‫جو َ‬
‫خِر ُ‬
‫ِلُي ْ‬
‫أن القععول الثععاني قيععل فععي اليهععود حصععرا ‪ ،‬حيععث تؤكععد معظععم‬
‫الروايععات أن هععذه اليععات مدنيععة ‪ ،‬ولععو تمعّنععت فععي قععوله تعععالى‬
‫) وإن كادوا ليفتنونك ( وتسععاءلت عمععن لععه القععدرة ‪ ،‬علععى فتنععة‬
‫الرسععول عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬أهععم أهععل الكتععاب أم عبععدة‬
‫الصنام ! ولو تمعّنت في قوله تعالى ) وإن كادوا ليستفّزونك من‬
‫الرض لُيخرجعععوك منهععا ( وتسععاءلت عمععن حعععاولوا اسعععتفزاز‬
‫الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬لخراجه ولم ُيكتب لهم النجععاح !‬
‫لو قلت أنهعم اليهعود ‪ ،‬عنعدما أرادوا منعه أن يخعرج معهعم ‪ ،‬معن‬
‫أرض الجزيععرة ككععل إلععى الرض المقّدسععة ‪ ،‬لُيعيععد لهععم ملكهععم‬
‫المنقرض ‪ ،‬لكان ذلك أقرب إلى العقل والمنطق ‪ ،‬وهناك روايععات‬
‫تؤكد ذلك ‪ .‬ولو قلت أنهم مشركي قريش ‪ ،‬فقد جانبت الصععواب ‪،‬‬
‫لنهم قد استفّزوه بالفعل ‪ ،‬وأخرجوه من بلدته حقيقة ‪.‬‬
‫أوجه التشابه ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬ذكر أحد مشتقات لفظ اللبث في السورتين ‪ ،‬وهو لفظ يأتي‬
‫ت‬‫أينما ورد في القرآن ‪ ،‬للشارة إلى مدة زمنيععة ‪َ ) ،‬قععاَل َب عْل َلِبْثع َ‬
‫ن )‪42‬‬ ‫س عِني َ‬
‫ض عَع ِ‬ ‫ن ِب ْ‬
‫جِ‬‫سع ْ‬
‫ث ِفععي ال ّ‬ ‫عاٍم )‪ 259‬البقرة ( ‪َ ) ،‬فَلِب َ‬ ‫ِماَئَة َ‬
‫ن )‪ 40‬طععه ( ‪ِ ) ،‬إنْ َلِبْثُتعْم‬ ‫ن ِفي َأْهعِل َمعْدَي َ‬ ‫سِني َ‬‫ت ِ‬‫يوسف ( ‪َ ) ،‬فَلِبْث َ‬
‫ن)‬ ‫سعِني َ‬ ‫ععَدَد ِ‬‫ض َ‬ ‫شًرا )‪ 103‬طعه ( ) َقععاَل َكعْم َلِبْثُتعْم ِفعي اَْلْر ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ِإّل َ‬
‫عامًععا )‪14‬‬ ‫ن َ‬‫سععي َ‬‫خْم ِ‬
‫سَنٍة ِإّل َ‬
‫ف َ‬ ‫ث ِفيِهْم َأْل َ‬‫‪ 112‬المؤمنون ( ‪َ ) ،‬فَلِب َ‬
‫العنكبوت ( ‪.‬‬
‫ثانيععا ‪ :‬ذكععر لفععظ ُيشععير إلععى الحصععاء أو الع عّد فععي السععورتين ‪،‬‬
‫صى ِلَما َلِبُثوا َأَمًدا ( في الكهف ‪َ ) ،‬وِلَتْعَلمُععوا‬ ‫ح َ‬ ‫عَدًدا … َأ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سِني َ‬
‫) ِ‬
‫ب ( في السراء ‪ ،‬بإضافة لفظ الحساب ‪.‬‬ ‫سا َ‬
‫ح َ‬ ‫ن َواْل ِ‬‫سِني َ‬
‫عَددَ ال ّ‬
‫َ‬
‫‪600‬‬
‫سورة السراء ‪:‬‬
‫ما سنقوم بإحصائه هو الكلمات ‪ ،‬في قصة المرتين ووعععديهما ‪،‬‬
‫والتركيز في المجمل ‪ -‬كما سبق وأشرنا في فصل التفسير ‪ -‬كععان‬
‫على المرة الثانية ووعدها ‪ .‬وهذه الكلمات التي سنقوم بعععّدها أو‬
‫بإحصائها ‪ ،‬تمثل مدة ُلبث اليهود بالسنين القمرية ‪.‬‬
‫جاء في بداية سورة السراء ‪ ،‬مقّدمة تمهيديععة مكونععة مععن ثلث‬
‫آيات ‪ ،‬ومن ثم تبدأ رواية القصة من الية ) ‪ ، ( 4‬بقوله تعالى )‬
‫ض َمّرَتْي عنِ‬
‫ن ِفععي اَْلْر ِ‬
‫س عُد ّ‬
‫ب َلُتفْ ِ‬
‫سراِئيَل ِفي اْلِكَتا ِ‬ ‫ضْيَنا ِإَلى َبِني إ ْ‬ ‫َوَق َ‬
‫عُل عّوا َكِبي عًرا )‪ ، (4‬وتنتهععي فععي اليععة ) ‪ ، ( 104‬بقععوله‬ ‫ن ُ‬ ‫َوَلَتْعُل ع ّ‬
‫جععاَء‬ ‫ض َفعِإَذا َ‬
‫سعُكُنوا اَْلْر َ‬
‫سعَراِئيَل ا ْ‬ ‫ن َبْععِدِه ِلَبِنععي ِإ ْ‬
‫تعالى ) َوُقْلَنا ِم ْ‬
‫جْئَنا ِبُكْم َلِفيًفا )‪ . (104‬وإذا قمععت بإحصععاء الكلمععات‬ ‫خَرِة ِ‬ ‫لِ‬‫عدُ ا ْ‬ ‫َو ْ‬
‫سراِئيَل‪ ، (4) …4‬حتى تصععل‬ ‫ضْيَنا ‪ِ 1‬إَلى ‪َ 2‬بِني ‪ 3‬إ ْ‬ ‫من عبارة ) َوَق َ‬
‫جْئعَنا ِبكُععْم َلِفيًفععا )‪ ، (104‬سععتجد أن كلمععة ) لفيفععا (‬ ‫إلى عبارة ) ِ‬
‫تحمل العدد ‪ ، 1422‬وهو عدد كلمات القصعة ‪ ،‬وهععو ممععا خالفنععا‬
‫به الخ بسام جّرار ‪ ،‬الذي اعتبر بداية القصة من الية الثانية ‪.‬‬
‫) ملحظععة ‪ :‬لععو قمععت بعععّد كلمععات السععورة ‪ ،‬مععن خلل العععّد‬
‫التسلسلي العادي ‪ ،‬ستخطئ مرارا وتكرارا ‪ ،‬فالصوب والسععهل‬
‫هو استخدام الحساب التراكمي ‪ ،‬بحيث تعّد كلمات كل آيععة بشععكل‬
‫منفرد ‪ ،‬ومن ثم تقوم بجمع كل عشر مع بعضها ‪ ،‬ومن ثععم تقععوم‬
‫بجمعع الناتعج الكلععي ‪ .‬وإن كنععت تملعك جهععاز حاسعوب ‪ ،‬سععتكون‬
‫عملية غايععة فععي السععهولة ‪ ،‬فمععا عليععك إل أن تنقععل نععص سععورة‬
‫السراء ‪ ،‬من أحد برامج القرآن ‪ ،‬كما هعو مرسععوم بالمصععحف ‪،‬‬
‫واستثناء أرقام اليات ‪ ،‬أو إلصاقها بالكلمة التي تسععبقها ‪ ،‬ومععن‬
‫ثم تظليل نقطة البدايععة حععتى نقطعة النهايععة ‪ ،‬ومععن ثععم طلعب أمععر‬
‫‪601‬‬
‫) عدد الكلمات ( من قائمة ) أدوات ( ‪ ،‬لتظهععر لععك النتيجععة علععى‬
‫الفور ( ‪.‬‬
‫صعلنا عليعه ‪ ،‬هعو ععدد معن السعنين القمريعة ‪،‬‬ ‫هذا العدد الذي تح ّ‬
‫التي ربما ُتشير إلى نهايعة معدة لبعث بنعي إسعرائيل ‪ ،‬فعي الرض‬
‫المذكورة بداية السورة ‪ ،‬أي أن نهاية هععذا اللبععث ‪ ،‬سععتكون بعععد‬
‫‪ 1422‬سنة قمرية ‪ ،‬ومن هنا تكون نقطة النهاية معلومة ‪ ،‬بينما‬
‫نقطة البداية مجهولة ‪.‬‬
‫فهل ستكون نقطة البداية هي حادثة السععراء والمعععراج ‪ ،‬أم هععو‬
‫وقت نزول سورة السععراء ‪ ،‬أم حادثععة الهجععرة النبويععة نفسععها ‪،‬‬
‫التي اّتخذت اصطلحا كنقطة بداية للتقويم الهجري ‪ ،‬ال أعلم ؟!‬
‫حيث ورد في كتاب ) الكامل في التاريخ ( للشععيباني ‪ ،‬مععا نصععه ‪:‬‬
‫" والصحيح المشهور أن عمر بن الخطاب رضي ال عنه ‪ ،‬أمععر‬
‫بوضع التاريخ ‪ ،‬وسبب ذلك أن أبا موسععى الشعععري ‪ ،‬كتععب إلععى‬
‫عمر ‪ ،‬أنه يأتينا منك ‪ ،‬كتب ليس لها تاريخ ‪ ،‬فجمع عمععر النععاس‬
‫للمشورة ‪ ،‬فقال بعضهم ‪َ :‬أّرخ بمبعث النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬بمهاجرة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال‬
‫عمر ‪ :‬بل نؤرخ بمهاجرة رسول الع ‪ ،‬فععإن مهععاجرته فععرق بيععن‬
‫الحق والباطل ‪ ،‬قاله الشعبي " ‪.‬‬
‫اختبار العدد ‪ ، 1422‬على فرض أنننه يمث ّننل‬
‫السنة الهجرية ‪: 1422‬‬
‫جععة ‪ ،‬وذو‬
‫آخععر أيععام السععنة الهجريععة ‪ ، 1422‬هععو ‪ - 29‬ذو الح ّ‬
‫جة هو الشهر الثاني عشر من السنة الهجرية ‪ .‬وقععامت دولععة‬ ‫الح ّ‬
‫إسرائيل بتاريخ ‪1948 / 5 / 15‬م ‪ ،‬ويقابل هذا التاريخ بالهجري‬
‫‪ / 6‬رجععب ‪ 1367 /‬هعع ‪ ،‬ورجععب هععو الشععهر السععابع مععن السععنة‬
‫‪602‬‬
‫الهجرية ‪ .‬ولحساب أطول مدة ممكنة ‪ ،‬لبقاء دولة إسرائيل علععى‬
‫قيد الحياة ‪ ،‬سنقوم بطرح التاريخ الثاني من الول ‪:‬‬
‫‪ 1422 / 12 / 29‬هع ‪ 1367 / 7 / 6 -‬هع = ‪ 23‬يوم ‪ ،‬و ‪5‬‬
‫أشهر و ‪ 55‬سنة قمرية‬
‫أي سععتكون نهايععة الدولععة اليهوديععة فععي بحععر السععنة ) السادسععة‬
‫والخمسين ( من عمرها ‪.‬‬
‫اختبار العدد ) ‪: ( 56‬‬
‫ض عْيَنا‬
‫• بما أن قصة وعدي الولى والخرة ‪ ،‬بدأت بعبارة ) َوَق َ‬
‫سراِئيَل … )‪ (4‬وإذا فرضنا أنهععا ‪ ،‬تمّثععل بدايععة قيععام‬ ‫ِإَلى َبِني إ ْ‬
‫دولة إسرائيل ‪ ،‬فما هي العبارة التي ُتشير إلى نهايتها ‪ ،‬ونفععاذ‬
‫وعد الخرة فيها ؟ بل شعك سععتكون الجابععة هعي عبععارة ) …‬
‫جَد … )‪ ، (7‬إذ أن ما جاء بعدها ‪ ،‬هي عبارات‬ ‫سِ‬ ‫خُلوا اْلَم ْ‬‫وَِلَيْد ُ‬
‫ضعْيَنا‬
‫للتعقيب فقط ‪ .‬وإذا قمت بإحصاء الكلمات من عبارة ) َوَق َ‬
‫سععراِئيَل‪ ، (4) …4‬حععتى تصععل إلععى عبععارة‬ ‫‪ِ 1‬إَلععى ‪َ 2‬بِنععي ‪ 3‬إ ْ‬
‫جَد … )‪ (7‬ستجد أن كلمة ) المسجد ( تحمل‬ ‫سِ‬ ‫خُلوا اْلَم ْ‬ ‫) َوِلَيْد ُ‬
‫صلنا عليه في الحسبة‬ ‫العدد ) ‪ ، ( 56‬وهو نفس العدد الذي تح ّ‬
‫السابقة ‪.‬‬
‫• ُيعاد ِذكر بني إسرائيل مرة أخرى ‪ ،‬في نهايععة السععورة ‪ ،‬فععي‬
‫سعَئْل َبِنععي‬
‫ت َف ْ‬
‫ت َبّيَنععا ٍ‬
‫سَع َءاَيا ٍ‬‫سى ِت ْ‬
‫قوله تعالى ) َوَلَقْد َءاَتْيَنا ُمو َ‬
‫سععَراِئيَل … )‪ ، (101‬وينتهععي ذكرهععم بععالمر الخععر الععذي‬ ‫ِإ ْ‬
‫سيتحّقق بمجيء وعد الخرة ‪ ،‬وهو مجيئهم من الشتات ‪ ،‬فععي‬
‫جْئَنععا ِبُك عْم َلِفيًفععا )‪. (104‬‬ ‫خعَرِة ِ‬‫لِ‬
‫ععُد ا ْ‬
‫جاَء َو ْ‬ ‫قوله تعالى ) َفِإَذا َ‬
‫وإذا قمععت بإحصععاء الكلمععات ‪ ،‬منععذ بدايععة ذكرهععم وذكععر وعععد‬
‫الخرة للمرة الثانية بعبارة ) َوَلَقْد‪ 1‬آَتْيَنا ‪ُ 2‬موسى ‪(101) … 3‬‬
‫‪603‬‬
‫جْئَنا ِبُكعْم َلِفيًفععا )‪ ، (104‬سععتجد أن‬
‫حتى تصل إلى عبارة ) … ِ‬
‫كلمة ) لفيفا ( أيضا ‪ ،‬تحمل العدد ) ‪. ( 56‬‬
‫اختبار العدد ‪ 56‬من خلل العدّ والحساب ‪:‬‬
‫ل )‪(52‬ع ‪،‬‬ ‫ن َلِبْثُت عْم ِإّل َقِلي ً‬
‫ن ِإ ْ‬
‫ظّنععو َ‬‫والن نعود إلى قوله تعالى ) َوَت ُ‬
‫ل )‪ ، (76‬حيععث ُذكععر لفععظ‬ ‫ك ِإّل َقِلي ً‬
‫لَف ع َ‬
‫خَ‬‫ن ِ‬‫وقععوله ) َوِإًذا َل َيْلَبُثععو َ‬
‫اللبث ‪ .‬وكما قلنا فيما سبق ‪ ،‬أن المقصود باللبث ‪ ،‬في العبععارتين‬
‫هو لبث اليهود ‪ .‬وهذا اللبث منذ بدايععة دولتهععم وحععتى نهايتهععا ‪،‬‬
‫تبين لنا أنه ل يتجاوز ‪ 56‬سنة ‪ ،‬وهو موصوف بالقليل ‪:‬‬
‫• إذا قمت بإحصاء ‪ 56‬كلمة ‪ ،‬من حيث الكلمة التي تلععي كلمععة‬
‫ل)‬ ‫ن َلِبْثُتعْم ِإّل َقِلي ً‬
‫ن ِإ ْ‬
‫ظّنعو َ‬ ‫قليل مباشرة ‪ ،‬فعي قععوله تعععالى ) وََت ُ‬
‫‪َ (52‬وُقْل‪ِ 1‬لِعَباِدي ‪ (53) … 2‬وتوقفت عند الكلمة التي تحمل‬
‫العدد )‪ ، (56‬ستجد أنك توقفت في نهاية العبارة ) فل يملكععون‬
‫عْمُت عْم ِم عنْ‬ ‫ن َز َ‬ ‫عععوا اّل عِذي َ‬ ‫كشف الضّر عنكم ( ‪ ،‬في الية ) ُقِل اْد ُ‬
‫ل )‪(56‬‬ ‫ح عِوي ً‬‫عنُكْم‪َ ، 56‬وَل َت ْ‬ ‫ضّر‪َ 55‬‬ ‫ف‪ 54‬ال ّ‬ ‫ش َ‬‫ن َك ْ‬
‫ل َيْمِلُكو َ‬ ‫ُدوِنِه ‪َ ،‬ف َ‬
‫ضعّر أي الذى والعععذاب الععدنيوي ‪ ،‬عنععد‬ ‫‪ ،‬والذين سيقع بهععم ال ُ‬
‫مجيء وعد الخرة هم اليهود ‪ .‬ولو نظرت إلععى نهايععة اليععة ‪،‬‬
‫التي تسععبق هععذه اليععة مباشععرة ‪ ،‬سععتجد قععوله تعععالى ) َوآَتْيَنععا‬
‫سععس مملكتهععم‬ ‫َداُووَد َزُبوًرا )‪ (55‬وداود عليععه السععلم هعو مؤ ّ‬
‫الولى ‪ ،‬وكأن ذكره جاء للشارة إليهم ‪ .‬ولو قرأت نص اليععة‬
‫كامل ‪ ،‬ستجد المخاطبين ‪ ،‬كانوا قد اّتخذوا أولياء ووكلء مععن‬
‫دون ال ع ‪ ،‬ويؤكععد سععبحانه أن هععؤلء الوليععاء والععوكلء ‪ ،‬ل‬
‫يملكون إزالة الذى أو تحويله عنهم ‪ ،‬حال وقوعه بهم ‪.‬‬
‫ولو كنت دقيق الملحظة ‪ ،‬ستكتشف أن الية التي توقععف الع عّد‬
‫فيها عنععد العععدد ‪ ، 56‬علععى عبععارة ) فل يملكععون كشععف الضعرّ‬
‫‪604‬‬
‫عنكم ( ‪ ،‬هي الية التي تحمل العدد ) ‪ ( 56‬أيضا ‪ ،‬وهذه اليععة‬
‫تقع في منتصف السورة تمامعًا ‪ .‬إذ لععو أنععك قمععت بقسععمة عععدد‬
‫آيات السورة )‪ (111‬على )‪ (2‬ستحصل على ) ‪ ، ( 55.5‬وهعي‬
‫تقريبا نفس الحسععبة الععتي خرجنععا بهععا سععابقا ‪ ،‬لُتشععير إلععى أن‬
‫زوال دولتهم ‪ ،‬سيكون في بحر السنة السادسة والخمسين مععن‬
‫عمر دولتهم ‪.‬‬
‫• وإذا قمت بإحصاء ‪ 56‬كلمة ‪ ،‬من حيث الكلمة التي تلي كلمة‬
‫ك ِإّل َقِليلً‬‫لَفعع َ‬
‫خَ‬ ‫ن ِ‬ ‫قليل مباشرة ‪ ،‬في قوله تعالى ) َوِإًذا َل َيْلَبُثو َ‬
‫سْلَنا ‪ ، (77) … 4‬وتوقفت عند الكلمة‬ ‫ن‪َ 2‬قْد‪َ 3‬أْر َ‬
‫سّنَة‪َ 1‬م ْ‬‫)‪ُ (76‬‬
‫التي تحمل العدد )‪ ، (56‬ستجد أنك تععوقفت فععي نهايععة العبععارة‬
‫‪54‬‬
‫حع ّ‬
‫ق‬ ‫جععاَء‪ 53‬اْل َ‬‫ق وزهق الباطل ( ‪ ،‬في الية ) َوُق عْل َ‬ ‫) جاء الح ّ‬
‫ن َزُهوًقععا )‪ ، (81‬ومجيععء‬ ‫ط عَل َكععا َ‬ ‫ط عُل‪ِ ، 56‬إ ّ‬
‫ن اْلَبا ِ‬ ‫ق‪ 55‬اْلَبا ِ‬
‫َوَزَه ع َ‬
‫جَعَلُه َدّكععاَء َوَكععانَ‬
‫عُد َرّبي َ‬ ‫جاَء َو ْ‬ ‫ق هو مجيء الوعد ) َفِإَذا َ‬ ‫الح ّ‬
‫ق الباطل هععو بل شععك نفععاذ‬ ‫حّقا )‪ 98‬الكهف ( ‪ ،‬وَزه ِ‬ ‫عُد َرّبي َ‬ ‫وَ ْ‬
‫وعد الخرة ‪ ،‬بزوال دولة الفساد وهلك أهلها ‪.‬‬
‫التأريخ لقيام دولة إسرائيل ‪:‬‬
‫خ عَرِة ‪َ … ( 7 ) … :‬وُقْلَنععا … ِلَبِنععي‬ ‫لِ‬
‫ع عُد ا ْ‬
‫جععاَء َو ْ‬
‫) … َف عِإَذا َ‬
‫جْئَنععا ِبُكعمْ‬
‫خعَرِة ‪ِ :‬‬
‫لِ‬
‫ععُد ا ْ‬
‫جععاَء َو ْ‬
‫ض … َفعِإَذا َ‬ ‫سعُكُنوا اَْلْر َ‬ ‫سَراِئيَل ا ْ‬
‫ِإ ْ‬
‫َلِفيًفا )‪. (104‬‬
‫تكرار ذكر بني إسععرائيل فععي بدايععة السععورة ونهايتهععا ‪ ،‬هععو أمععر‬
‫ملفت للنظر ‪ ،‬وتكرار ذكر وعد الخرة في بدايتها ونهايتها كذلك‬
‫‪ ،‬هو أمر آخر ملفععت للنظععر أيضععا ‪ ،‬وأثنععاء محععاولتي المتك عّررة‬
‫للربط العددي ‪ ،‬بين عبارتي ) فإذا جاء وعد الخرة ( في اليععة )‬
‫‪ ( 7‬والية ) ‪. ( 104‬‬
‫‪605‬‬
‫خَرِة‪… 4‬‬ ‫لِ‬‫عُد‪ 3‬ا ْ‬
‫جاَء‪َ 2‬و ْ‬ ‫قمت بعّد الكلمات من قوله تعالى ) َفِإَذا ‪َ 1‬‬
‫)‪ (7‬في بداية السورة ‪ ،‬إلى ما قبل عبارة ) فإذا جاء وعد الخرة‬
‫)‪ (104‬فععي نهايععة السععورة ‪ ،‬وتععوقفت عنععد عبععارة ) اسععكنوا‬
‫‪1366‬‬
‫سععُكُنوا‬
‫سععَراِئيَل ا ْ‬
‫الرض ( ‪ ،‬فععي قععوله ) َوُقْلَنععا … ِلَبِنععي ِإ ْ‬
‫ض‪ . (104) … 1367‬فوجدت أنني قععد تععوقفت علععى العععدد )‬ ‫اَْلْر َ‬
‫‪ ، (1367‬وهذا العععدد ‪ ،‬هععو موعععد قيععام دولععة إسععرائيل بععالتقويم‬
‫الهجري ‪ ،‬وهو موعععد اسععتيلئهم الفعلععي علععى أرض فلسععطين ‪،‬‬
‫وبدء استيطانهم فيها ‪ ،‬وتجّمعهم من شتى بقاع الرض ‪.‬‬
‫وكأن واقع الحال ‪ُ ،‬يخبر بأنه في عام ‪ 1367‬هع ‪ ،‬سيأذن ال لهم‬
‫بالسكن في الرض المقّدسة واستيطانها ‪ ،‬وإقامة علععوهم الثععاني‬
‫والخير فيها ‪.‬‬
‫مجموع كلمات السننورة يحمننل فنني ثناينناه‬
‫العددين ‪ 56‬و ‪: 1422‬‬
‫عدد كلمات القصة من بدايتها حتى نهايتها هو )‪ (1422‬كلمة ‪.‬‬
‫س عَرى‬
‫ن اّل عِذي َأ ْ‬
‫حا َ‬
‫س عْب َ‬ ‫عدد كلمات المقدمة بدءا من قوله تعععالى ) ُ‬
‫شُكوًرا )‪، (3‬‬ ‫عْبًدا َ‬
‫ن َ‬
‫… )‪ (1‬إلى قوله تعالى ) … َكا َ‬
‫هو )‪ (42‬كلمة ‪.‬‬
‫ق َأنَزْلَناُه … )‬‫ح ّ‬‫عدد كلمات الخاتمة ‪ ،‬بدءا من قوله تعالى ) َوِباْل َ‬
‫‪ (105‬إلى قوله تعالى ) … َوَكّبْرُه َتْكِبيًرا )‪، (111‬‬
‫هو )‪ (92‬كلمة ‪.‬‬
‫وبجمع النواتج الثلثة ‪ ،‬نحصل على عدد كلمات السورة كاملة ‪:‬‬
‫‪ 1556 = 92 + 1422 + 42‬كلمة‬

‫‪606‬‬
‫والن تمّعن في العدد الكلي لكلمات السورة ‪ ،‬فما الذي يقوله هذا‬
‫ي المئات‬ ‫ي الحععاد والعشععرات ‪ ،‬عععن خععانت ّ‬ ‫العدد ؟ لو فصلت خانت ّ‬
‫واللوف ‪ ،‬ستحصل علععى العععددين )‪ (56‬و )‪ ، (15‬والعععدد الول‬
‫معلوم ‪ ،‬والعدد الثاني ُيعّبر عن القرن الخامس عشععر الهجععري ‪،‬‬
‫الذي نعيشه الن ‪.‬‬
‫كما أن مجموع أرقام هذا العدد ‪ُ ،‬يمّثل ترتيب سورة السراء فععي‬
‫القرآن ‪17 = 1 + 5 + 5 + 6 :‬‬
‫جععاَء َوعْ عُد‬‫والملفععت للنظععر أيضععا أن عععدد كلمععات عبععارة ) َف عِإَذا َ‬
‫جَد ( هو ثمانية كلمات ‪،‬‬ ‫سِ‬
‫خُلوا اْلَم ْ‬
‫جوَهُكْم َوِلَيْد ُ‬
‫سوُءوا ُو ُ‬
‫خَرِة ِلَي ُ‬
‫لِ‬‫اْ‬
‫جْئَنععا ِبُكعْم َلِفيًفععا (‬
‫خعَرِة ِ‬
‫لِ‬
‫عُد ا ْ‬
‫جاَء َو ْ‬
‫وأن عدد كلمات عبارة ) َفِإَذا َ‬
‫هو سبعة كلمات ‪.‬‬
‫حاصل ضرب العددين هو ‪56 = 7 × 8 :‬‬
‫وحاصل جمع العددين هو ‪15 = 7 + 8 :‬‬
‫ومجمععوع النععاتجين ‪ ،‬هععو ‪ ، 71 = 15 + 56 :‬وهععذا العععدد‬
‫سنوضح أمره فيما يلي ‪.‬‬
‫تحديد الفترة الزمنية ‪:‬‬
‫بعععد انقضععاء الموعععد ‪ ،‬الععذي كنععا قععد رجحنععاه فععي الصععدارات‬
‫السابقة ‪ ،‬وبعد العودة لسورة السععراء ‪ ،‬والتفكيععر مليععا فععي أمععر‬
‫جاَء َوعُْد‬
‫العدد ‪ ، 1442‬تبين لنا أن هذا العدد ارتبط بعبارة ) َفِإَذا َ‬
‫جْئَنا ِبُكْم َلِفيفًا )‪ ، (104‬ممعا يععدفعنا للعتقععاد بععأن ارتبعاط‬
‫خَرِة ِ‬
‫لِ‬‫اْ‬
‫هذه العبارة بهذا العدد ‪ ،‬يشير إلععى اكتمععال مجيععء بنععي إسععرائيل‬
‫من الشتات ‪ ،‬بانقضاء سنة ‪ 1422‬هع ‪ ،‬وليس موعععدا لنهايتهععا ‪،‬‬

‫‪607‬‬
‫وأن الموعد الكععثر احتمعال ‪ ،‬هعو بحعر السععنة ‪ 56‬معن عمرهعا ‪،‬‬
‫والتي بقي منها الن هو النصف الثاني فقط ‪.‬‬
‫وبعد التدقيق في أمعر الععدد ‪ ، 56‬تعبين لنعا أن سعورة السعراء ‪،‬‬
‫ُتظهر هذا العدد أكثر من العععدد ‪ ،1422‬وبصععورة ملفتععة للنظععر ‪،‬‬
‫وهو ما لم نعتمد عليه بشكل كلي ‪ ،‬لتحديد أقصععى موعععد محتمععل‬
‫لنهاية إسرائيل ‪.‬‬
‫وبذلك تكون الفترة الزمنيععة المحتملععة لنهايععة الدولععة اليهوديععة ‪،‬‬
‫هي الفترة التي تمتد ما بين ‪ ،‬أول يوم حتى آخر يوم ‪ ،‬من السععنة‬
‫‪ 56‬من عمرها ‪:‬‬
‫] ‪ / 6‬رجب ‪ 1422 /‬هع – ‪ / 5‬رجب ‪ 1423 /‬هع [‬
‫ويقابلها بالميلدي ‪:‬‬
‫] ‪2001 / 9 / 23‬م ‪2002 / 9 / 12 -‬م [‬
‫وإذا ثبت خطأ هذا الحتمال ‪ ،‬ولععم يتحقععق وعععد الخععرة فععي بنععي‬
‫إسرائيل في الموعد المحدد ‪ ،‬فلن يكون هناك احتمععالت جديععدة ‪،‬‬
‫صعلنا‬
‫لعدم وجود أيعة دلئل أخعرى ‪ ،‬تعوحي بأرقعام غيعر العتي تح ّ‬
‫عليها سابقا ‪ ،‬ونود أن ننبه الخوة القّراء ‪ ،‬بأن إصابتنا في هععذا‬
‫الموعد ‪ ،‬فيما لو حصلت ‪ ،‬فذلك ل يعني بالضرورة إصابتنا ‪ ،‬في‬
‫المواعيد التي تليها ‪ ...‬والتصديق بهذه مسألة من عدمها ‪ ،‬يعععود‬
‫لقناعة القارئ الشخصية ‪.‬‬
‫ونكّرر ما ختمنا به مقدمة كتابنا ‪ ،‬وإن أخطأنا فمن أنفسععنا ‪ ،‬وإن‬
‫أصبنا فمن ال ‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال ‪ ،‬وال ولي التوفيق ‪.‬‬

‫‪608‬‬
‫دة‬ ‫الموعد المتوقع لنهايننة الوليننات المتح ن ّ‬
‫المريكية ‪:‬‬
‫ش عفَ‬ ‫ل َيْمِلُكععونَ َك ْ‬ ‫ن ُدوِن عِه َف َ‬ ‫عْمُتْم ِم ع ْ‬‫ن َز َ‬ ‫عوا اّلِذي َ‬ ‫قال تعالى ) ُقِل اْد ُ‬
‫ن ِإَلععى‬
‫ن َيْبَتُغععو َ‬
‫عو َ‬ ‫ن َيعْد ُ‬‫ك الّعِذي َ‬ ‫ل )‪ُ (56‬أوَلِئ َ‬ ‫حعِوي ً‬ ‫عْنُكعْم َوَل َت ْ‬ ‫الضّّر َ‬
‫ع عَذاَبُه ِإنّ‬‫ن َ‬ ‫خععاُفو َ‬ ‫حَمَت عُه َوَي َ‬
‫ن َر ْ‬ ‫جععو َ‬ ‫ب َوَيْر ُ‬‫سيَلَة َأّيُهْم َأْق عَر ُ‬
‫َرّبِهُم اْلَو ِ‬
‫ن ُمْهِلُكوَهععا ‪،‬‬ ‫حُ‬‫ن ِمنْ َقْرَيٍة ِإّل َن ْ‬ ‫حُذوًرا )‪َ (57‬وِإ ْ‬ ‫ن َم ْ‬ ‫ك َكا َ‬‫ب َرّب َ‬
‫عَذا َ‬ ‫َ‬
‫ك ِفععي اْلِكَتععا ِ‬
‫ب‬ ‫ن َذِل َ‬‫شِديًدا ‪َ ،‬كا َ‬ ‫عَذاًبا َ‬ ‫َقْبَل َيْوِم اْلِقَياَمِة ‪َ ،‬أْو ُمَعّذُبوَها َ‬
‫طوًرا )‪ 58‬السراء (‬ ‫سُ‬ ‫َم ْ‬
‫إذا كانت الية ) ‪ ، ( 56‬تتحدث عن نهاية دولة إسرائيل ‪ ،‬فاليععة‬
‫) ‪ ( 58‬تتحدث عن قععرى ‪ -‬ظالمععة بل شععك ‪ -‬سععيتم إهلكهععا ‪ ،‬أو‬
‫إنزال العذاب الشديد بها ‪ ،‬قبل يوم القيامة ‪ ،‬ولم يبععق الكععثير مععن‬
‫الوقت ‪ ،‬فُدول هذا العصر ‪ ،‬هي القرى الخيرة قبل يوم القيامععة ‪،‬‬
‫وتكاد ل تجععد فيهععا قريععة غيعر ظالمعة ‪ ،‬وأكععثر القعرى المعاصععرة‬
‫ظلما هي أمريكا ‪.‬‬
‫وإذا كععان رقععم اليعة ) ‪ُ ، ( 56‬يعّبععر عععن موعععد هلك إسععرائيل ‪،‬‬
‫فمععن المحتمععل أن رقععم اليععة ) ‪ُ ( 58‬يشععير إلععى موعععد هلك‬
‫أمريكععا ‪ ،‬أي بعععد زوال إسععرائيل بسععنتين قمريععتين ‪ ،‬فععي السععنة‬
‫الثامنة والخمسون ‪ ،‬من قيام دولة إسرائيل ‪ ،‬وهي ُتقابععل ‪ ،‬سععنة‬
‫‪ 1424‬هع تقريبا ‪.‬‬
‫لقننند بننندأ ينننوم القيامنننة ‪ ،‬بقينننام دولنننة‬
‫إسرائيل ‪ ،‬بل منذ عل اليهود في الرض‬
‫‪ ،‬والناس في غفلة من أمرهم ‪:‬‬
‫ن وترّوي ‪ ،‬وتوقف عنععد كععل‬ ‫إن لم ُتصّدق ذلك ‪ ،‬فتفّكر معي ‪ ،‬بتأ ٍ‬
‫سععى ِإّنععي‬
‫مقطع ‪ ،‬وكل عبارة ‪ ،‬في قوله تعالى ) ِإْذ َقععاَل الُّ ع ‪َ ،‬يِعي َ‬
‫‪609‬‬
‫ععلُ‬‫جا ِ‬‫ن َكَفعُروا ‪َ ،‬و َ‬ ‫ن اّلعِذي َ‬‫ك مِع َ‬‫طّهعُر َ‬ ‫ي ‪َ ،‬وُم َ‬‫ك ِإَلع ّ‬
‫ك ‪َ ،‬وَراِفُعع َ‬ ‫ُمَتَوّفيع َ‬
‫ن َكَفعُروا ‪ِ ،‬إَلععى َيعْوِم اْلِقَياَمعِة ‪ُ ،‬ثعّم ِإَلع ّ‬
‫ي‬ ‫ق اّلعِذي َ‬‫ك ‪َ ،‬فعْو َ‬ ‫ن اّتَبُعو َ‬
‫اّلِذي َ‬
‫ن )‪ 55‬آل عمران (‬ ‫خَتِلُفو َ‬‫حُكُم َبْيَنُكْم ‪ِ ،‬فيَما ُكْنُتْم ِفيِه َت ْ‬
‫جُعُكْم ‪َ ،‬فَأ ْ‬
‫َمْر ِ‬
‫‪.‬‬
‫يقول سبحانه وتعالى ‪ ،‬في معرض خطابه لعيسى عليععه السععلم ‪،‬‬
‫ن َكَفُروا ( ‪ ،‬والذين كفروا بعيسى وطّهره ال‬ ‫ن اّلِذي َ‬‫ك ِم َ‬ ‫طّهُر َ‬
‫) َوُم َ‬
‫ك(‬ ‫ن اّتَبُعععو َ‬
‫ععُل اّلعِذي َ‬‫جا ِ‬‫من أقععوالهم وأفعععالهم ‪ ،‬هععم اليهععود ‪َ ) ،‬و َ‬
‫والععذين اتبعععوه هععم النصععارى إجمععال ‪ ،‬بغععض النظععر عععن صععحة‬
‫ق اّلععِذينَ َكَفععُروا (‬ ‫معتقععدهم وصععدق الععتزامهم بتعععاليمه ‪َ ) ،‬فععْو َ‬
‫والفوقية تعنععي العلععو والسععتعلء ‪ ،‬والععذين كفععروا هععم اليهععود ‪،‬‬
‫) ِإَلى َيْوِم اْلِقَياَمِة ( واليوم في الميقات السععماوي ‪ ،‬يسععاوي ألععف‬
‫سنة بالميقات الرضي ‪ ،‬وهذا اليوم ‪ ،‬هو الذي سيقوم الناس فيه‬
‫من قبورهم ‪ ،‬ول ندري فيما كانت الناس ‪ ،‬سععتقوم فعي أولعه ‪ ،‬أم‬
‫في وسطه ‪ ،‬أم في آخره ‪.‬‬
‫ومفاد الية أعله ‪ ،‬أن الفوقية ستكون للنصععارى علععى اليهععود ‪،‬‬
‫إلى يوم القيامة ‪ ،‬بمعنى أن فوقيععة النصععارى علععى اليهععود ‪ ،‬لهععا‬
‫منتهى ‪ ،‬وقد حّددته هذه الية بمجيء يععوم القيامععة ‪ ،‬وأن تح عّول‬
‫هذه الحالة إلى العكس تماما ‪ ،‬أي أصبحت الفوقيععة لليهععود علععى‬
‫النصارى ‪ ،‬فهي إيذان ببدء يوم القيامة بالميقات السماوي ‪.‬‬
‫ولو تتبعنععا التاريععخ اليهععودي ‪ ،‬لوجععدنا أن الضععطهاد النصععراني‬
‫لليهود ‪ ،‬بدأ منععذ اعتنععاق الرومععان للنصععرانية ‪ ،‬واتخاذهععا كععدين‬
‫رسمي للمبراطوريععة الرومانيععة ‪ ،‬واسععتمر حععتى بععدايات القععرن‬
‫الماضععي ‪ ،‬وزال كليععة بعععد الحععرب العالميععة الثانيععة ‪ ،‬وبعععد قيععام‬
‫الدولععة اليهوديععة فععي فلسععطين ‪ ،‬حيععث انقلععب الحععال ‪ ،‬فأصععبحت‬
‫‪610‬‬
‫الفوقية لليهود على النصارى ‪ ،‬وبدأ عصععر الضععطهاد اليهععودي‬
‫للنصارى وغيرهم ‪ ،‬فرئيس الوليات المتحدة بعظمتععه ‪ ،‬ل يملععك‬
‫من أمره ‪ ،‬إل السمع والطاعة لسياده اليهود ‪.‬‬
‫الموعد المتوقع لعودة عيسى عليه السلم‬
‫‪ ،‬والقضاء على الدجال وأتباعه اليهود ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫ضعْيَنا ‪ِ 1‬إَلععى ‪َ 2‬بِنععي‬
‫عنععدما قمنععا بععّد الكلمععات ‪ ،‬مععن عبععارة ) َوَق َ‬
‫جَد …‬ ‫سِ‬‫خُلوا اْلَم ْ‬ ‫سراِئيَل‪ ، (4) …4‬حتى تصل إلى عبارة ) َوِلَيْد ُ‬ ‫إ ْ‬
‫)‪ (7‬وجععدنا أن كلمععة ) المسععجد ( تحمععل العععدد ) ‪ ، ( 56‬وهععي‬
‫السنة التي ستكون فيها نهاية إسرائيل ‪ .‬فلنكمل الععّد حععتى نصععل‬
‫ععععْدَنا ( ‪ ،‬العععتي ُتخعععبر ععععن ععععودتهم‬ ‫ععععْدُتْم ُ‬
‫ن ُ‬
‫لعبعععارة ) … َوِإ ْ‬
‫للفسععاد ‪ ،‬وعععودة ال ع عليهععم بالعقععاب ‪ ،‬علععى يععد عيسععى عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬ومن معه من المؤمنين ‪ ،‬ستجد أن كلمة ) عدنا ( تحمععل‬
‫العدد ) ‪ ، ( 71‬وهي ُتمّثل السععنة الواحععدة والسععبعون ‪ ،‬مععن قيععام‬
‫دولتهم ‪ ،‬وهي تقابل سنة ‪ 1437‬هع تقريبا ‪.‬‬
‫ومجمععوع العععدد ) ‪ ، ( 71‬ومقلععوبه ) ‪ ( 17‬الععذي ُيمثععل ترتيععب‬
‫السورة هو ‪88 = 17 + 71 :‬‬
‫والناتج ) ‪ ( 88‬هو رقم اليعة ‪ ،‬العتي تحعدى سعبحانه فيهعا الجعن‬
‫والنس ‪ ،‬على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ‪.‬‬
‫الموعد المتوقع لظهور المهدي ‪:‬‬
‫سّلَم َقععاَل ‪ُ ) :‬ث عّم‬‫عَلْيِه َو َ‬‫ل َ‬
‫صّلى ا ُّ‬
‫ي َ‬
‫ن الّنِب ّ‬‫ي َأ ّ‬
‫خْدِر ّ‬‫سِعيٍد اْل ُ‬
‫ن َأِبي َ‬‫عْ‬‫َ‬
‫سْبًعا َأْو َثَمانَِيًا ‪َ ،‬يْعِني‬
‫ش َ‬ ‫ي ‪َ ، … ،‬يِعي ُ‬ ‫خِر ُأّمِتي اْلَمْهِد ّ‬ ‫ج ِفي آ ِ‬‫خُر ُ‬
‫َي ْ‬
‫ححه اللباني ‪ ،‬وأخرجه الترمععذي ) …‬ ‫جًا ( رواه الحاكم وص ّ‬ ‫جَ‬‫حَ‬‫ِ‬
‫سعًعا‬‫سعْبًعا َأْو ِت ْ‬
‫ك َ‬ ‫سعٌع ( ‪ ،‬وأحمععد ) … َيْمِلع ُ‬ ‫سْبٌع َوِإّل َفِت ْ‬
‫صَر َف َ‬
‫ن ُق ِ‬
‫ِإ ْ‬
‫‪611‬‬
‫س عًعا ( ‪ ،‬وأبععو داود ) … َيْمِل عكُ‬ ‫سْبًعا َأْو ِت ْ‬
‫سا َأْو َ‬
‫خْم ً‬‫…(و)… َ‬
‫سٌع … ( كّلهم‬ ‫سْبٌع َوِإّل َفِت ْ‬
‫صَر َف َ‬
‫ن ُق ِ‬‫ن ( ‪ ،‬وابن ماجه ) ِإ ْ‬ ‫سِني َ‬
‫سْبعَ ِ‬
‫َ‬
‫ي‪.‬‬
‫خْدِر ّ‬‫سِعيٍد اْل ُ‬
‫ن َأِبي َ‬‫عْ‬‫َ‬
‫جععح لععدي أن خععروج المهععدي ‪ ،‬سععيكون قبععل خععروج‬ ‫ومععن المر ّ‬
‫الدجال ‪ ،‬وستنتهي خلفته ‪ ،‬بنزول عيسى عليه السلم وتسليمها‬
‫له ‪ ،‬ومتوسععط مععدة خلفتععه ‪ ،‬إذا أخععذنا بعيععن العتبععار ‪ ،‬اختلف‬
‫ح هععذا التقععدير ‪ ،‬نسععتطيع‬ ‫الروايات ‪ ،‬هو سبع سععنوات ‪ ،‬فععإن صع ّ‬
‫حساب موعد خروجه بطرح ) ‪ ( 7‬سنوات ‪ ،‬من الموعد المتوقععع‬
‫لنزول عيسى عليه السلم ) ‪: ( 1437‬‬
‫‪1430 = 7 – 1437‬‬
‫الموعد المتوقع لخروجه هو عام ‪ 1430‬هعع ‪ ،‬بتقععديم سععنتين أو‬
‫تأخير سنتين ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫المواعيد المتوقعة للحداث الكبرى ‪:‬‬
‫ميلدي‬ ‫هجري‬ ‫الحدث‬
‫‪2002 - 2001‬‬ ‫‪1423 - 1422‬‬ ‫نهاية إسرائيل‬
‫‪2004 - 2003‬‬ ‫‪1425 - 1424‬‬ ‫نهاية الوليات المتحّدة‬
‫المريكية‬
‫‪2010 - 2009‬‬ ‫‪1431 - 1430‬‬ ‫خروج المهدي‬
‫‪2017 - 2016‬‬ ‫‪1438 - 1437‬‬ ‫خروج الدجال ونزول‬
‫عيسى عليه السلم‬

‫‪612‬‬
‫قال تعالى‬
‫َ‬
‫عَلى أ ْ‬
‫ن‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫ج ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت اْل ِن ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫جت َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل ل َئ ِ‬ ‫) ُ‬
‫ق ْ‬
‫ْ‬ ‫يأ ْ‬
‫ن ‪َ ،‬ل ي َأُتو َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ءا‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫توا‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫هيًرا‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬
‫ضظ ِ‬ ‫ع ٍ‬‫م ل ِب َ ْ‬‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫بِ ِ‬
‫)‪(88‬‬

‫ن‪،‬‬
‫ءا ِ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬
‫قْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫في َ‬ ‫س‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فَنا ِللّنا‬‫صّر ْ‬
‫قد ْ َ‬‫ول َ َ‬
‫) َ‬
‫س إ ِّل‬ ‫ْ‬ ‫فأ َبى أ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫ِ‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ل‪َ َ ،‬‬ ‫مث َ ٍ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫فوًرا )‪(89‬‬ ‫كُ ُ‬
‫) السراء (‬

‫‪613‬‬
‫سرناه بلسانك لعّلهم يتذ ّ‬
‫كرون‬ ‫فإنما ي ّ‬
‫تبدأ سورة الععدخان بتعظيععم شععأن القععرآن الكريععم ‪ ،‬وتعظيععم شععأن‬
‫الليلععة الععتي ُأنععزل فيهععا ‪ ،‬وترّكععز السععورة ‪ ،‬علععى النععذار دون‬
‫البشععرى ‪ ،‬حيععث قععال سععبحانه فععي إرسععال محمععد عليععه الصععلة‬
‫شعًرا َوَنعِذيًرا )‪45‬‬
‫شعاِهًدا َوُمَب ّ‬
‫ك َ‬
‫سعْلَنا َ‬
‫ي ِإّنعا َأْر َ‬
‫والسلم ) َيَأّيَها الّنِبع ّ‬
‫الحزاب ( ‪ .‬ويؤكد سبحانه أنه أرسله ‪ ،‬منذرا للبشر مععن قبععل أن‬
‫يحل بهم العقاب ‪ ،‬رحمة منه بعبععاده ‪ .‬والعقععاب الععذي تععأتي علععى‬
‫خبره اليات وتحّذر منه ‪ ،‬هو البطشععة الكععبرى ‪ ،‬الععتي لععم ُتحعّدد‬
‫ماهيتها هنا ‪ ،‬ونذير هذه البطشععة ‪ ،‬الععذي سيسععبقها بقليععل ‪ ،‬هععو‬
‫الععدخان ‪ ،‬فليرتقبععه النععاس ‪ ،‬فععإن ظهععر وعععاينوه فليعتععبروا ‪،‬‬
‫وليحذروا ‪ ،‬وليعودوا عما هم عليهم من الشك والتشكيك في أمععر‬
‫ربهم ‪ ،‬واللعب فععي أمععر دينهععم ‪ ،‬والطعععن فععي رسععولهم الكريععم ‪،‬‬
‫الععذي ُبععث إليهعم بشعيرا ونععذيرا ‪ ،‬فعإن لعم يفعلعوا ولععن يفعلععوا ‪،‬‬
‫فليرتقبوا البطشة الكبرى ‪ .‬وقد ظهر الدخان الموصوف فععي هععذه‬
‫السععورة ‪ ،‬فععي عاصععمة أحععد القطععار العربيععة ‪ ،‬فععاقرأ معنععا هععذا‬
‫سععرت هععذه النبععوءة‬ ‫الفصل والفصول التي تليععه ‪ ،‬لتعععرف كيععف ُف ّ‬
‫على أرض الواقع ‪ ،‬ولتعرف من هم الموعودين بالبطشة الكبرى‬
‫قريبا ‪ ،‬بعد إصعرارهم علعى معا هعم عليعه ‪ ،‬معن الكفعر والفسعوق‬
‫والعصيان ‪ ،‬بععالرغم مععن غشععيان الععدخان لهععم ‪ ،‬بنفععس الصععفة ‪،‬‬
‫التي أخبرت عنها اليات ‪.‬‬
‫تعريف بسورة الدخان ‪:‬‬
‫" مكية ‪ ،‬كمععا روي عععن ابععن عبععاس ‪ ،‬وابععن الزبيععر رضععي الع‬
‫تعالى عنهم ‪ ،‬ووجه مناسبتها لما قبلها أنععه عععز وجععل ‪ ،‬ختععم مععا‬
‫قبلها ) الزخععرف ( بالوعيععد والتهديععد ‪ ،‬وافتتععح هععذه بشععيء مععن‬
‫‪614‬‬
‫النذار الشعديد ‪ ،‬وذكعر سعبحانه هنعا ‪ ،‬كقعول الرسعول صعلى الع‬
‫تعالى عليه وسلم ‪ ،‬يا رب إن هؤلء قوم ل يؤمنععون ) فععي نهايععة‬
‫سورة الزخرف ( ‪ ،‬وهنععا نظيععره ‪ ،‬فيمععا حكععى عععن أخيععه موسععى‬
‫عليهم الصلة والسلم ‪ ،‬بقوله تعالى فدعا ربععه ‪ ،‬أن هععؤلء قععوم‬
‫مجرمون ‪ ،‬وورد بفضلها أخبار " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫سننرين فنني آيننات سننورة‬ ‫أقوال بعض المف ّ‬
‫الدخان ‪:‬‬
‫ه‬ ‫نا‬‫ن‬‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫) حم )‪ (1‬وال ْكت َنناب ال ْمبينن )‪ (2‬إن ّننا أ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫ن )‪ِ (3‬‬ ‫ري َ‬ ‫ذ ِ‬
‫من ْ ِ‬ ‫ة إ ِّنا ك ُّنا ُ‬ ‫مَباَرك َ ٍ‬ ‫ة ُ‬ ‫في ل َي ْل َ ٍ‬ ‫ِ‬
‫دَنا‬ ‫َ‬ ‫ل أَ‬ ‫فَرقُ ك ُ ّ‬ ‫يُ ْ‬
‫عن ْ ن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫من ْ‬ ‫مًرا ِ‬ ‫كيم ٍ )‪ (4‬أ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬
‫ْ‬
‫ه‬
‫ك إ ِن ّن ُ‬ ‫ن َرب ّن َ‬ ‫من ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬
‫ن )‪َ (5‬ر ْ‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫إ ِّنا ك ُّنا ُ‬
‫م )‪(6‬‬ ‫عِلي ُ‬ ‫ع ال َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫" يقول تعععالى مخععبرا عععن القععرآن العظيععم ‪ ،‬أنععه أنزلععه فععي ليلععة‬
‫مباركة ‪ ،‬وهي ليلة القدر ‪ ،‬أمر حكيم ‪ ،‬أي محكم ل ُيبّدل ول ُيغّير‬
‫‪ ،‬ولهذا قال جل جلله ‪ ) ،‬أمرا من عندنا ( ‪ ،‬أي جميععع مععا يكععون‬
‫وُيقّدره ال تعالى وما يوحيه ‪ ،‬فبأمره وإذنععه وعلمععه ‪ ) ،‬إنععا كنععا‬
‫مرسلين ( أي إلى الناس رسععول يتلععوا عليهععم آيععات الع مبينععات‬
‫" ‪ ،‬ابن كثير ‪.‬‬
‫ن‬ ‫منننا إ ِ ْ‬ ‫ت واْل َ‬
‫ه َ‬ ‫منننا ب َي ْن َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ض‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ر‬ ‫وا ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫سننن َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫) َر ّ‬
‫حي ِنني‬ ‫و يُ ْ‬ ‫هن َ‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫ن )‪َ (7‬ل إ ِل َن َ‬ ‫قِني َ‬ ‫مننو ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ك ُن ْت ُن ْ‬
‫ءاَبائ ِك ُم اْل َ‬
‫ن )‪(8‬‬ ‫وِلي َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ب َ‬ ‫وَر ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت َرب ّك ُ ْ‬ ‫مي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫َ‬
‫" أي إن كنتععم مععن أهععل اليقععان ‪ ،‬علمتععم كععونه سععبحانه رب‬
‫السماوات والرض ‪ ،‬لنه معن أظهعر اليقينيععات دليل ‪ ،‬وفعي هعذا‬
‫‪615‬‬
‫الشرك تنزيععل إيقععانهم ‪ ،‬منزلععة عععدمه ‪ ،‬لظهععور خلفععه عليهععم ‪،‬‬
‫وهو مراد من قال ‪ :‬إنععه مععن بععاب تنزيععل العععالم منزلععة الجاهععل ‪،‬‬
‫لعدم جريه على مععوجب العلععم ‪ ،‬قيععل ‪ :‬ول يصععح أن يقععال ‪ :‬إنهععم‬
‫نزلوا منزلة الشاكين ‪ ،‬لما كان قوله سبحانه بعد ‪ :‬بل هم في شك‬
‫جل‬‫‪ ،‬ول أدري بأسا في أن يقال ‪ :‬إنهم نزلوا أول كععذلك ‪ ،‬ثععم س ع ّ‬
‫عليهم بالشك ‪ ،‬لنهم وأن أقّروا بععأنه عععز وجععل ‪ ،‬رب السععماوات‬
‫ك للحادهم في صععفاته ‪ ،‬وإشععراكهم‬ ‫والرض ‪ ،‬لم ينفّكوا عن الش ّ‬
‫به تعالى شأنه " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫ن )‪(9‬‬ ‫ك ي َل ْ َ‬
‫عُبو َ‬ ‫ش ّ‬
‫في َ‬ ‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫ل ُ‬‫) بَ ْ‬
‫" بل هؤلء المشركون ‪ ) ،‬في شك يلعبون ( أي قد جاءهم الحق‬
‫اليقين ‪ ،‬وهم يشّكون فيه ‪ ،‬ويمترون ول يصععدقون بععه ‪ ،‬ثععم قععال‬
‫عز وجل متوعدا لهم ومهّددا ‪ ) ،‬فارتقب يوم تأتي السععماء ( " ‪،‬‬
‫ابن كثير ‪.‬‬
‫" ) بععل هععم فععي شععك يلعبععون ( أي ليسععوا علععى يقيععن ‪ ،‬فيمععا‬
‫يظهرونه من اليمان والقرار ‪ ،‬في قولهم إن ال خالقهم ‪ ،‬وإنما‬
‫يقولععونه لتقليععد آبععائهم ‪ ،‬مععن غيععر علععم ‪ ،‬فهععم فععي ش عكّ ‪ ،‬وإن‬
‫توهموا أنهم مؤمنون ‪ ،‬فهم يلعبون فععي دينهععم ‪ ،‬وقيععل يلعبععون ‪،‬‬
‫يضيفون إلى النبي صلى ال عليه وسععلم الفععتراء والسععتهزاء ‪،‬‬
‫ويقال أعرض عن المواعظ لعب ‪ ،‬وهععو كالصععبي الععذي يلعععب ‪،‬‬
‫فيفعل ما ل يدري عاقبته " القرطبي ‪.‬‬
‫" ل يقولون ما يقولون ‪ ،‬مما هو مطععابق لنفععي المععر عععن جععدر‬
‫وإذعان ‪ ،‬بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعععب ‪ ،‬وهععذه الجملععة خععبر‬
‫بعععد خععبر لهععم ‪ ،‬واللتفععات عععن خطععابهم ‪ ،‬لفععرط عنععادهم وعععدم‬
‫التفاتهم ‪ ،‬والفاء في قوله تعالى ‪ :‬فارتقب لععترتيب الرتقععاب ‪ ،‬أو‬
‫‪616‬‬
‫المر به على ما قبلها ‪ ،‬فإن كونهم في شك يلعبون ‪ ،‬مما يععوجب‬
‫ذلععك ‪ ،‬أي فععانتظر لهععم ‪ ،‬يععوم تععأتي السععماء بععدخان مععبين " ‪،‬‬
‫اللوسي ‪.‬‬
‫ن)‬ ‫بينن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫خا‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫تي‬ ‫قب يوم ت َأ ْ‬ ‫) َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫فاْرت َ ِ ْ َ ْ َ‬
‫ذاب أ َ‬ ‫غ َ‬
‫م )‪(11‬‬ ‫ٌ‬ ‫لي‬
‫ِ‬ ‫ع َ ٌ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬
‫س َ‬‫شى الّنا َ‬ ‫‪ (10‬ي َ ْ‬
‫" ارتقععب معنععاه انتظععر ‪ ،‬يععا محمععد بهععؤلء الكفععار ‪ ،‬يععوم تععأتي‬
‫السماء بدخان مبين ‪ ،‬قاله قتادة ‪ .‬وقيل معناه احفظ قولهم هععذا ‪،‬‬
‫لتشهد عليهم " ‪ ،‬القرطبي ‪.‬‬
‫" يعني تعالى ذكره بقوله ) فارتقب ( ‪ ،‬فانتظر ‪ ،‬يا محمد بهؤلء‬
‫المشركين من قومك ‪ ،‬الذين ) هععم فععي شععك يلعبععون ( ‪ ) ،‬يغشععى‬
‫الناس ( يقول يغشى أبصارهم ‪ ،‬من الجهد الذي يصيبهم ‪ ) ،‬هععذا‬
‫عععذاب أليععم ( يعنععي أنهععم يقولععون ‪ ،‬ممععا نععالهم مععن ذلععك الكععرب‬
‫والجهد ‪ ،‬هذا عذاب أليم ( " الطبري ‪.‬‬
‫سرين في الدخان ‪:‬‬ ‫أقوال المف ّ‬
‫ث‬
‫ح عّد ُ‬ ‫ج عٌل ُي َ‬
‫ق ‪َ ،‬قععاَل ‪َ " :‬بْيَنَمععا َر ُ‬ ‫سُرو ٍ‬ ‫ن َم ْ‬ ‫عْ‬ ‫تفسير ابن مسعود ‪َ :‬‬
‫ع‬
‫س عَما ِ‬‫خ عُذ ِبَأ ْ‬
‫ن َي عْوَم اْلِقَياَم عِة ‪َ ،‬فَيْأ ُ‬‫خععا ٌ‬
‫جي عُء ُد َ‬ ‫ِفععي ِكْن عَدَة ‪َ ،‬فَقععاَل ‪َ :‬ي ِ‬
‫عَنععا ‪.‬‬ ‫ن َكَهْيَئِة الّزَكععاِم ‪َ ،‬فَفِز ْ‬ ‫خ عُذ اْلُم عْؤِم َ‬‫صععاِرِهْم ‪َ ،‬يْأ ُ‬ ‫ن َوَأْب َ‬ ‫اْلُمَنععاِفِقي َ‬
‫س ‪َ ،‬فَقععاَل ‪َ :‬معنْ‬ ‫جَلع َ‬ ‫ب ‪َ ،‬ف َ‬ ‫ضع َ‬‫ن ُمّتِكًئا ‪َ ،‬فَغ ِ‬ ‫سُعوٍد ‪َ ،‬وَكا َ‬ ‫ن َم ْ‬ ‫ت اْب َ‬‫َفَأَتْي ُ‬
‫ن اْلِعْلعِم ‪َ ،‬أنْ‬ ‫ن ِمع ْ‬ ‫عَلعُم ‪َ ،‬فعِإ ّ‬‫لع َأ ْ‬
‫ن َلْم َيْعَلْم ‪َ ،‬فْلَيُقْل ا ُّ‬‫عِلَم َفْلَيُقْل ‪َ ،‬وَم ْ‬ ‫َ‬
‫س عّلَم‬
‫عَلْيهِ َو َ‬‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َقاَل لَِنِبّيِه َ‬ ‫ن ا َّ‬
‫عَلُم ‪َ ،‬فِإ ّ‬ ‫َيُقوَل ِلَما َل َيْعَلُم َل َأ ْ‬
‫شععا‬
‫ن ( َوِإنّ ُقَرْي ً‬ ‫ن اْلُمَتَكّلِفيع َ‬
‫جٍر َوَما َأَنا ِم ْ‬ ‫ن َأ ْ‬‫عَلْيِه ِم ْ‬‫سَأُلُكْم َ‬‫) ُقلْ َما َأ ْ‬
‫س عّلَم ‪،‬‬
‫عَلْي عهِ َو َ‬‫ص عّلى الُّ ع َ‬ ‫عَلْيِهْم الّنِبيّ َ‬ ‫عا َ‬ ‫لِم ‪َ ،‬فَد َ‬ ‫سَ‬‫ن اِْل ْ‬ ‫عْ‬‫طُئوا َ‬ ‫َأْب َ‬
‫سعَنةٌ‬ ‫خعَذْتُهْم َ‬ ‫ف ‪َ ،‬فَأ َ‬ ‫سع َ‬ ‫سعْبِع ُيو ُ‬ ‫سعْبٍع َك َ‬ ‫عَلْيِهعْم ِب َ‬ ‫عّنععي َ‬ ‫َفَقاَل ‪ :‬الّلُهّم َأ ِ‬
‫جعُل َمعا َبْيعنَ‬ ‫ظاَم ‪َ ،‬وَيعَرى الّر ُ‬ ‫حّتى َهَلُكوا ِفيَها ‪َ ،‬وَأَكُلوا اْلَمْيَتَة َواْلِع َ‬ ‫َ‬
‫‪617‬‬
‫ن ‪َ ،‬فَقععاَل ‪َ :‬يععا‬ ‫سْفَيا َ‬‫جاَءُه َأُبو ُ‬ ‫ن ‪َ ،‬ف َ‬ ‫خا ِ‬‫ض ‪َ ،‬كَهْيَئِة الّد َ‬ ‫سَماِء َواَْلْر ِ‬ ‫ال ّ‬
‫لعع‬‫ك َقْد َهَلُكوا ‪َ ،‬فاْدعُ ا َّ‬ ‫ن َقْوَم َ‬ ‫حِم ‪َ ،‬وِإ ّ‬ ‫صَلِة الّر ِ‬‫ت َتْأُمُرَنا ِب ِ‬ ‫جْئ َ‬ ‫حّمُد ِ‬ ‫ُم َ‬
‫ن ‪ِ -‬إَلععى َق عْوِلهِ ‪-‬‬ ‫ن ُمِبي ع ٍ‬‫خا ٍ‬ ‫س عَماُء ِب عُد َ‬ ‫ب َي عْوَم َت عْأِتي ال ّ‬ ‫) َفَق عَرَأ َفععاْرَتِق ْ‬
‫عععاُدوا ِإَلععى‬ ‫جععاَء ُث عّم َ‬ ‫خَرِة ‪ِ ،‬إَذا َ‬ ‫لِ‬ ‫با ْ‬ ‫عَذا ُ‬‫عْنُهْم َ‬ ‫ف َ‬‫ش ُ‬ ‫ن ( َأَفُيْك َ‬ ‫عاِئُدو َ‬ ‫َ‬
‫ش عَة اْلُكْب عَرى ( َي عْوَم‬ ‫ط َ‬ ‫ش اْلَب ْ‬‫ط ُ‬ ‫ك َقْوُلُه َتَعاَلى ‪َ ) :‬يْوَم َنْب ِ‬ ‫ُكْفِرِهْم ‪َ ،‬فَذِل َ‬
‫ن(‬ ‫سعَيْغِلُبو َ‬‫ت العّروُم ( ِإَلععى ) َ‬ ‫غِلَبع ْ‬ ‫َبْدٍر َو ) ِلَزاًما ( َيْوَم َبعْدٍر ) الععم ُ‬
‫ضععى " ‪ .‬رواه البخععاري وأخرجععه مسععلم والترمععذي‬ ‫َوالّروُم َقعْد َم َ‬
‫وأحمد ‪.‬‬
‫سعُعوٍد ‪،‬‬ ‫ن َم ْ‬ ‫لع بع َ‬ ‫عْبعِد ا ِّ‬ ‫ن َ‬ ‫ق عَع ْ‬ ‫سعُرو ٍ‬ ‫ن َم ْ‬ ‫عع ْ‬‫رواية لبن مسعععود ‪َ :‬‬
‫ش عةُ َوالّل عَزامُ‬‫ط َ‬‫ن َوال عّروُم َواْلَقَم عُر َواْلَب ْ‬ ‫خا ُ‬‫س ال عّد َ‬‫خْم ٌ‬ ‫ضى َ‬ ‫َقاَل ‪َ " :‬م َ‬
‫" ‪ .‬رواه البخاري وأخرجه مسلم والترمذي وأحمد ‪.‬‬
‫طَل عَع الّنِب ع ّ‬
‫ي‬ ‫ي ‪َ ،‬قععاَل ‪ :‬ا ّ‬ ‫سيٍد اْلِغَفاِر ّ‬ ‫ن َأ ِ‬‫حَذْيَفَة ْب ِ‬
‫ن ُ‬ ‫عْ‬ ‫حديث حذيفة ‪َ :‬‬
‫ن َنَتَذاَكُر ‪َ ،‬فَقاَل ‪َ ) :‬ما َتَذاَكُرو َ‬
‫ن‬ ‫حُ‬ ‫عَلْيَنا ‪َ ،‬وَن ْ‬‫سّلَم َ‬‫عَلْيِه َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫َ‬
‫ن َقْبَلَهععا‬‫حّتى َتَرْو َ‬ ‫ن َتُقوَم َ‬ ‫عَة ‪َ ،‬قاَل ‪ِ ) :‬إّنَها َل ْ‬ ‫سا َ‬‫؟ ( َقاُلوا ‪َ :‬نْذُكُر ال ّ‬
‫س‬
‫شععْم ِ‬ ‫ع ال ّ‬‫طُلو َ‬ ‫جاَل ‪َ ،‬والّداّبَة ‪َ ،‬و ُ‬ ‫ن ‪َ ،‬والّد ّ‬ ‫خا َ‬ ‫ت ‪َ ،‬فَذَكَر الّد َ‬ ‫شَر آَيا ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫سعّلَم ‪،‬‬ ‫عَلْيعهِ َو َ‬ ‫صعّلى الُّع َ‬ ‫ن َمْرَيعَم َ‬ ‫سععى اْبع ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ن َمْغِرِبَها ‪َ ،‬وُنُزوَل ِ‬ ‫ِم ْ‬
‫س عفٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ق ‪َ ،‬و َ‬ ‫ش عِر ِ‬‫ف ِباْلَم ْ‬ ‫سع ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫سععو ٍ‬ ‫خُ‬ ‫لَثَة ُ‬‫ج ‪َ ،‬وَث َ‬ ‫جو َ‬ ‫ج َوَمْأ ُ‬ ‫جو َ‬ ‫َوَيَأ ُ‬
‫ج ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫خ عُر ُ‬‫ك َنععاٌر َت ْ‬‫خ عُر َذِلع َ‬ ‫ب ‪َ ،‬وآ ِ‬ ‫جِزيَرِة اْلَععَر ِ‬ ‫ف ِب َ‬
‫س ٌ‬ ‫خ ْ‬‫ب ‪َ ،‬و َ‬ ‫ِباْلَمْغِر ِ‬
‫شععِرِهْم ( رواه مسععلم وأخرجععه‬ ‫ح َ‬ ‫س ِإَلععى َم ْ‬ ‫طععُرُد الّنععا َ‬ ‫ن ‪َ ،‬ت ْ‬ ‫اْلَيَمعع ِ‬
‫الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد ‪.‬‬
‫قال ابن كثير " وقد وافق ابن مسعععود ‪ ،‬رضععي الع عنععه ‪ ،‬علععى‬
‫تفسير اليععة بهععذا ‪ ،‬وأن الععدخان مضععى ‪ ،‬جماعععة مععن السععلف ‪،‬‬
‫كمجاهععد وأبععي العاليععة وإبراهيععم النخعععي ‪ ،‬والضععحاك وعطيععة‬
‫العوفي وهو اختيار ابن جرير ‪ .‬وروى ابن جرير ‪ ،‬عن ربعي بن‬
‫‪618‬‬
‫حراش قال سمعت حذيفة بن اليمان ‪ ،‬رضععي ال ع عنععه ‪ ،‬يقععول ‪،‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسعلم ‪ ) :‬إن أول اليعات العدجال ‪،‬‬
‫ونزول عيسى بن مريم عليهما الصلة والسلم ‪ ،‬ونار تخرج من‬
‫قعععر عععدن أبيععن ‪ ،‬تسععوق النععاس إلععى المحشععر ‪ ،‬تقيععل معهععم إذا‬
‫قالوا ‪ ،‬والدخان ‪ ،‬قال ‪ :‬حذيفة رضي ال عنه يا رسول ال ‪ :‬وما‬
‫الععدخان ؟ فتل رسععول ال ع صععلى ال ع عليععه وسععلم هععذه اليععة ‪:‬‬
‫) فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ‪ ،‬يغشى الناس هذا عذاب‬
‫أليم ( يمل ما بين المشرق والمغرب ‪ ،‬يمكث أربعين يوما وليلة ‪،‬‬
‫أمععا المععؤمن فيصععيبه منععه كهيئة الزكمععة ‪ ،‬وأمععا الكععافر فيكععون‬
‫بمنزلة السكران ‪ ،‬يخرج من منخريه وأذنيه ودبععره ( ‪ ،‬قععال ابععن‬
‫ح هععذا الحععديث لكععان فاصععل ‪ ،‬وإنمععا لععم أشععهد لععه‬
‫جريععر لععو صع ّ‬
‫بالصحة ‪.‬‬
‫وقععال ابعن جريعر أيضععا ‪ :‬ععن أبععي مالععك الشععري ‪ ،‬رضعي الع‬
‫عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسعول الع صعلى الع عليعه وسعلم ‪ ) :‬إن ربكعم‬
‫أنذركم ثلثا ؛ الدخان ‪ ،‬يأخذ المععؤمن كالزكمععة ‪ ،‬ويأخععذ الكععافر ‪،‬‬
‫فينفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ‪ ،‬والثانية الدابة ‪ ،‬والثالثععة‬
‫الدجال ( ورواه الطبراني ‪ ،‬ععن هاشععم بععن مرثععد ععن محمععد بععن‬
‫إسماعيل بن عياش به ‪ ،‬وهذا إسناد جيد ‪.‬‬
‫وروى ابن جرير ‪ :‬عن عبععد الع بععن أبععي مليكععة ‪ ،‬قععال ‪ :‬غععدوت‬
‫على ابن عباس رضي الع عنهمععا ‪ ،‬ذات يععوم ‪ ،‬فقععال ‪ :‬مععا نمععت‬
‫الليلة حتى أصععبحت ! قلععت ‪ِ :‬لعَم ؟ قععال ‪ :‬قععالوا طلععع الكععوكب ذو‬
‫الععذنب ‪ ،‬فخشععيت أن يكععون الععدخان قععد طععرق ‪ ،‬فمععا نمععت حععتى‬
‫أصبحت ( وهكذا رواه ابن أبي حاتم فععذكره وهععذا إسععناد صععحيح‬
‫إلى ابن عباس رضي ال عنهما ‪ ،‬حبر المة وترجمععان القععرآن ‪،‬‬
‫وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين ‪ ،‬رضي ال عنهم ‪،‬‬
‫‪619‬‬
‫مع الحاديث المرفوعة من الصحاح والحسععان وغيرهمععا ‪ ،‬الععتي‬
‫أوردوها ‪ ،‬مما فيه مقنع ‪ ،‬ودللة ظاهرة ‪ ،‬على أن الدخان ‪ ،‬مععن‬
‫اليات المنتظرة ‪ ،‬مع أنه ظاهر القرآن ‪ ،‬قععال الع تبععارك وتعععالى‬
‫ح ‪ ،‬يععراه‬
‫) فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ( أي بّيععن واضع ٌ‬
‫سر به ابن مسعود ‪ ،‬رضععي ال ع عنععه ‪ ،‬إنمععا‬ ‫كل أحد ‪ ،‬وعلى ما ف ّ‬
‫هو خيال ‪ ،‬رأوه فععي أعينهععم مععن شععدة الجععوع والجهععد ‪ ،‬وهكععذا‬
‫قوله تعالى ) يغشى الناس ( ‪ ،‬أي يتغشاهم ويعميهععم ‪ ،‬ولععو كععان‬
‫ص أهععل مكععة المشععركين ‪ ،‬لمععا قيععل فيععه يغشععى‬‫أمرا خياليا ‪ ،‬يخع ّ‬
‫النععاس ‪ ،‬وقععوله تعععالى ) هععذا عععذاب أليععم ( ‪ ،‬أي يقععال لهععم ذلععك‬
‫تقريعا وتوبيخا " ‪.‬‬
‫وقال القرطععبي ‪ " :‬وفععي الععدخان أقععوال ثلثععة ؛ الول ‪ :‬أنععه مععن‬
‫أشراط الساعة ‪ ،‬لم يجععئ بعععد ‪ ،‬وأنععه يمكععث فععي الرض أربعيععن‬
‫يوما ‪ ،‬يمل ما بين السماء والرض ‪ ،‬فأما المععؤمن فيصععيبه مثععل‬
‫الزكام ‪ ،‬وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم ‪ ،‬فيثقب مسامعهم‬
‫‪ ،‬ويضيق أنفاسهم ‪ ،‬وهو من آثار جهنم يوم القيامة ‪ ،‬وممن قال‬
‫إن الدخان لم يأت بعد ‪ ،‬علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريعرة‬
‫وزيد بن علي والحسن وابن أبي ملكيععة وغيرهععم ؛ والثععاني ‪ :‬أن‬
‫الدخان ‪ ،‬هو ما أصاب قريشا من الجوع ‪ ،‬بدعاء النبي صلى الع‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬حتى كان الرجل يرى بين السماء والرض دخانععا ‪،‬‬
‫قاله ابن مسعود ؛ والثالث ‪ :‬إنه يوم فتح مكة لما حجبعت السعماء‬
‫الغبرة ‪ ،‬قاله عبد الرحمن العرج " ‪.‬‬
‫وقال اللوسي ‪ " :‬أي يوم تأتي بجدب ومجاعة ‪ ،‬فإن الجائع جدا‬
‫سععر أبععو عبيععدة‬
‫‪ ،‬يَر بينه وبيععن السععماء ‪ ،‬كهيئة الععدخان ‪ ،‬وقععد ف ّ‬
‫الدخان به ‪ ،‬والمراد باليوم مطلق الزمععان ‪ ،‬أي ارتقععب وعععد ال ع‬
‫ذلك اليوم ‪ ،‬وبالسماء جهة العلو ‪ ،‬وإسناد التيان بععذلك إليهمععا ‪،‬‬
‫‪620‬‬
‫من قبيل السناد إلى السبب ‪ ،‬لنه يحصل بعدم إمطاره ‪ ،‬وتفسععير‬
‫الدخان بما فسرناه به ‪ ،‬مروي عن قتادة وأبي العالية والنخعي ‪،‬‬
‫جععاج ‪ ،‬وقععد‬‫والضحاك ومجاهد ومقاتل ‪ ،‬وهو اختيار الفعّراء والز ّ‬
‫روي بطرق كثيرة عن ابن مسعود رضي ال تعععالى ‪ ،‬وظععاهره ‪،‬‬
‫يدّلك ما فععي تاريععخ ابععن كععثير ‪ ،‬علععى أن القصععة ‪ ،‬كععانت بمكععة ‪،‬‬
‫فالية مكية ‪ ،‬وفي بعض الروايات ‪ ،‬أن قصة أبي سفيان ‪ ،‬كععانت‬
‫بعد الهجرة ‪ ،‬فلعلها وقعت مرتين ‪ ،‬وقد تقّدم ما يتعلععق بععذلك فععي‬
‫سورة المؤمنين ‪ ،‬وقال علي كّرم ال تعععالى وجهعه ‪ ،‬وابععن عمعر‬
‫وابن عباس وأبو سعيد الخدري ‪ ،‬وزيد بن علععي والحسععن ‪ ،‬أنععه‬
‫دخان يععأتي مععن السععماء ‪ ،‬قبععل يععوم القيامععة ‪ ،‬يععدخل فععي أسعماع‬
‫الكفععرة ‪ ،‬حععتى يكععون رأس الواحععد ‪ ،‬كععالرأس الحنيععذ ‪ ،‬ويعععتري‬
‫المؤمن كهيئة الزكام ‪ ،‬فالدخان علععى ظععاهره ‪ ،‬والمعنععى فععارتقب‬
‫يوم ظهور الدخان ‪.‬‬
‫وحمل ما في الية ‪ ،‬على ما يعم الدخانين ‪ ،‬ل يخفععى حععاله ‪ .‬هععذا‬
‫والظهر ‪ ،‬حمل الدخان علععى مععا روي عععن ابععن مسعععود أولععى ‪،‬‬
‫لنه أنسب بالسياق ‪ ،‬لما أنه في كفار قريش ‪ ،‬وبيان سوء حالهم‬
‫‪ ) .‬يغشى النععاس ( أي يحيععط بهععم ‪ ،‬والمععراد بهععم كفععار قريععش ‪،‬‬
‫ومن جعل الدخان ‪ ،‬ما هو من أشراط الساعة ‪ ،‬حمل ) الناس ( ‪،‬‬
‫على من أدركه ذلك الوقت ‪ ،‬ومن جعل ذلععك يععوم القيامععة ‪ ،‬حمععل‬
‫النععاس علععى العمععوم ‪ ،‬والجملععة ) يغشععى النععاس ( صععفة أخععرى‬
‫للدخان ‪ ،‬وقوله تعالى هذا عععذاب أليععم ‪ ،‬وقيععل ‪ :‬يجععوز أن يكععون‬
‫هذا عذاب أليم ‪ ،‬إخبارا منه عز وجعل ‪ ،‬تهعويل للمعر ‪ ،‬كمعا قعال‬
‫سبحانه وتعالى ‪ ،‬في قصة الذبيح ‪ ،‬إن هذا لهو البلء المبين " ‪.‬‬

‫‪621‬‬
‫ن )‪(12‬‬ ‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ب إ ِّنا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫عّنا ال ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ش ْ‬ ‫) َرب َّنا اك ْ ِ‬
‫" أي يقول الكافرون ‪ ،‬إذا عععاينوا عععذاب ال ع وعقععابه ‪ ،‬سععائلين‬
‫رفعه وكشفه عنهم ‪ ) ،‬ربنا اكشف عنا العذاب ( " ابن كثير ‪.‬‬
‫" وقوله ) ربنععا اكشععف عنععا العععذاب ( يعنععي أن الكععافرين الععذين‬
‫ضرعون إلى ربهم ‪ ،‬بمسألتهم إيععاه كشععف‬ ‫يصيبهم ذلك الجهد ‪ ،‬ي ّ‬
‫ذلك الجهد " ‪ ،‬الطبري ‪.‬‬
‫" كما صرح به غير واحد من المفسرين ‪ ،‬وعُد منهم باليمععان ‪،‬‬
‫ف جّل وعل عنهم العذاب ‪ ،‬فكأنهم قالوا ‪ :‬ربنععا إن كشععفت‬ ‫إن كش َ‬
‫عنا العذاب آمنا ‪ ،‬لكن عدلوا عنه " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫سننو ٌ‬
‫ل‬ ‫ر‬ ‫م‬‫ه‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫نا‬
‫ن‬ ‫ج‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫و‬ ‫رى‬ ‫ْ‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫نى‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫ن‬ ‫) أَ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫م‬‫عل ّن ٌ‬‫م َ‬‫قنناُلوا ُ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عن ْن ُ‬
‫وا َ‬ ‫ول ّن ْ‬‫م تَ َ‬ ‫ن )‪ (13‬ث ُ ّ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ُ‬
‫ن )‪(14‬‬ ‫جُنو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫" يقععول كيععف لهععم بالتععذكر ‪ ،‬وقععد أرسععلنا إليهععم رسععول ‪ ،‬بيععن‬
‫الرسالة والنذارة ‪ ،‬ومع هذا توّلوا عنه ‪ ،‬وما وافقوه بل كععّذبوه ‪،‬‬
‫وقالوا ُمعّلم مجنون " ابن كثير ‪.‬‬
‫" قععال ابععن عبععاس ‪ :‬أي يتعظععون ‪ ،‬والعع أبعععدهم مععن التعععاظ‬
‫والتذكر ‪ ،‬بعد توليهم عن محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وتكععذيبهم‬
‫إياه ‪ ) ،‬وقالوا ُمعّلم مجنون ( أي عّلمععه بشععر ‪ ،‬أو عّلمععه الكهنععة‬
‫والشياطين ‪ ،‬ثم هو مجنون وليس برسول " ‪ ،‬القرطبي ‪.‬‬
‫" يقول تعالى ِذكره ‪ ،‬من أي وجه لهؤلء المشركين التذّكر ‪ ،‬من‬
‫بعععد نععزول البلء بهععم ‪ ،‬وقععد تولععوا عععن رسععولنا ‪ ،‬حيععن جععاءهم‬
‫مععدبرين عنععه ‪ ،‬ل يتععذكرون بمععا يتلععى عليهععم مععن كتابنععا ‪ ،‬ول‬

‫‪622‬‬
‫حججنععا ‪ ،‬ويقولععون إنمععا هععو مجنععون‬ ‫يتعظون بما يعظهم به مععن ُ‬
‫عّلم هذا الكلم " الطبري ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫" ) أنى لهم الععذكرى ( نفععي صععدقهم فععي الوعععد ‪ ،‬وأن غرضععهم‬
‫إنما هو كشف العذاب والخلص ‪ ،‬أي كيف يتذكرون ‪ ،‬أو من أين‬
‫يتذكرون بععذلك ‪ ،‬ويفععون بمععا وعععدوه مععن اليمععان ‪ ،‬عنععد كشععف‬
‫العععذاب عنهععم ‪ ،‬وقععد جععاءهم رسععول مععبين ‪ ،‬أي والحععال ‪ ،‬أنهععم‬
‫شاهدوا من دواعي التذكر وموجبات التعاظ ‪ ،‬ما هععو أعظععم مععن‬
‫ذلك في إيجابهم ‪ ،‬حيث جاءهم رسول عظيم الشععأن ‪ ،‬ظععاهر أمععر‬
‫رسععالته باليععات والمعجععزات ‪ ،‬الععتي تخععز لهععا صععم الجبععال ‪ ،‬أو‬
‫مظهرا لهم مناهج الحق ‪ ) ،‬ثم تولوا عنه ( أي عن ذلك الرسععول‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ولم يقل ومجنععون بععالعطف لن المقصععود‬
‫تعديد قبائحهم " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫ن)‬ ‫دو َ‬ ‫عننائ ِ ُ‬
‫م َ‬ ‫كنن ْ‬‫قِليًل إ ِن ّ ُ‬‫ب َ‬ ‫ذا ِ‬‫ع َ‬‫فوا ال ْ َ‬ ‫ش ُ‬
‫كا ِ‬ ‫) إ ِّنا َ‬
‫ة ال ْك ُْبننَرى إ ِّنننا‬‫شنن َ‬ ‫ش ال ْب َطْ َ‬
‫طنن ُ‬ ‫م ن َب ْ ِ‬
‫و َ‬‫‪َ (15‬ينن ْ‬
‫ن )‪(16‬‬ ‫مو َ‬ ‫ق ُ‬‫من ْت َ ِ‬
‫ُ‬
‫" والحتمال الثاني أن يكون المععراد ‪ ،‬إنععا مععؤخرو العععذاب عنكععم‬
‫قليل ‪ ،‬بعد انعقاد أسععبابه ‪ ،‬ووصععوله إليكععم ‪ ،‬وأنتععم مسععتمرون ‪،‬‬
‫فيما أنتم فيه من الطغيان والضلل ‪ ،‬ول يلزم مععن الكشععف عنهععم‬
‫أن يكون باشرهم " ابن كثير ‪.‬‬
‫" ) إنا كاشفوا العذاب ( يعنععي الض عّر النععازل بهععم ‪ ،‬يقععول تعععالى‬
‫ذكععره ‪ ،‬إنكععم أيهععا المشععركون ‪ ،‬إن كشععفت عنكععم العععذاب النععازل‬
‫بكم ‪ ،‬والضّر الحاّل بكم ‪ ،‬ثم عّدتم فععي كفركععم ونقضععتم عهععدكم ‪،‬‬
‫الذي عاهدتم ربكععم ‪ ،‬انتقمععت منكععم ‪ ،‬يععوم أبطععش بكععم ‪ ،‬بطشععتي‬
‫الكبرى ‪ ،‬في عاجل الدنيا ‪ ،‬فأهلككم " ‪ ،‬الطبري ‪.‬‬
‫‪623‬‬
‫" إنا كاشفوا العععذاب قليل ‪ ،‬وعععد أن يكشععف عنهععم ذلععك العععذاب‬
‫قليل ‪ ،‬أي فععي زمععان قليععل ‪ ،‬ليعلععم أنهععم ل يفععون بقععولهم ‪ ،‬بععل‬
‫يعودون إلى الكفر ‪ ،‬بعد كشفه ‪ ،‬قاله ابن مسعود ‪ .‬ومن قال ‪ ،‬إن‬
‫الدخان منتظر ‪ ،‬قال ‪ ،‬أشار بهذا إلى ما يكون ‪ ،‬مععن الفرجععة بيععن‬
‫آية وآية ‪ ،‬من آيات قيام السععاعة ‪ ،‬ثععم مععن قضععى عليععه بععالكفر ‪،‬‬
‫يستمر على كفره ‪ .‬ومن قال هذا في القيامة ‪ ،‬قععال أي لععو كشععفنا‬
‫عنكم العذاب لعدتهم إلى الكفر ‪ ،‬وقيل ‪ ،‬معنى إنكم عائدون إلينا ‪،‬‬
‫أي مبعوثون بعد الموت " ‪ ،‬القرطبي ‪.‬‬
‫" وقيل ‪ :‬المعنى وارتقب الدخان ‪ ،‬وارتقب يوم نبطععش ‪ ،‬فحععذف‬
‫واو العطععف ‪ ،‬كمععا تقععول ‪ :‬اتععق النععار ‪ ،‬اتععق العععذاب ‪ ،‬والبطشععة‬
‫الكبرى في قول ابن مسعود ‪ ،‬يوم بدر ‪ ،‬وهو قععول ابععن عبععاس ‪،‬‬
‫وأبي بن كعب ‪ ،‬ومجاهععد والضععحاك ‪ ،‬وقيععل ‪ :‬عععذاب جهنععم يععوم‬
‫القيامععة ‪ ،‬قععاله الحسععن وعكرمععة وابععن عبععاس أيضععا ‪ ،‬واختععاره‬
‫الزجاج " ‪ ،‬القرطبي ‪.‬‬
‫" أي إن كشفنا عنكم العذاب ‪ ،‬كشفا قليل ‪ ،‬أو زمانا قليل عدتم ‪،‬‬
‫والمراد على ما قيل ‪ ،‬عائدون إلى الكفر ‪ ،‬وأنت تعلععم أن عععودهم‬
‫إليه ‪ ،‬يقتضي إيمانهم ‪ ،‬وقد مر أنهععم لععم يؤمنععوا ‪ ،‬وإنمععا وعععدوا‬
‫عُدهم ُمنزل ‪َ ،‬منزلة إيمانهم ‪ ،‬أو المراد‬ ‫اليمان ‪ ،‬فإما أن يكون و ْ‬
‫عائدون إلى الثبات ‪ ،‬على الكفر أو على القرار والتصريح به ‪) .‬‬
‫يوم نبطش ( يوم نسّلط القتل عليهم ونوسععع الخععذ منهععم ‪ ،‬وفععي‬
‫القععاموس ‪ ،‬بطععش بععه ‪ ،‬أخععذه بععالعنف والسععطوة ‪ ،‬كأبطشععه ‪،‬‬
‫والبطش ‪ ،‬الخذ الشديد في كل شيء " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫" فسر ذلك ابن مسعود رضي ال عنه ‪ ،‬بيععوم بععدر ‪ ،‬وهععذا قععول‬
‫جماعة ‪ ،‬ممن وافق ابن مسعود رضي الع عنععه ‪ ،‬علععى تفسععيره‬
‫‪624‬‬
‫الععدخان بمععا تقععدم ‪ ،‬وروي أيضععا ‪ ،‬عععن ابععن عبععاس رضععي ال ع‬
‫عنهما ‪ ،‬من رواية العوفي عنه ‪ ،‬وعن أبي بععن كعععب رضععي ال ع‬
‫عنه ‪ ،‬وهو محتمل ‪ .‬والظاهر أن ذلك يوم القيامة ‪ ،‬وإن كان يععوم‬
‫بدر يوم بطشة ‪ .‬وروى ابن جرير عععن عكرمععة ‪ ،‬قععال ‪ :‬قععال ابععن‬
‫عباس رضي ال عنهمعا ‪ ) :‬قعال ابعن مسععود رضعي الع عنعه ‪،‬‬
‫البطشة الكبرى يوم بدر ‪ ،‬وأنععا أقععول هععي يععوم القيامععة ( ‪ ،‬وهععذا‬
‫إسناد صحيح عنه ‪ ،‬وبه يقععول الحسععن البصععري وعكرمععة ‪ ،‬فععي‬
‫ح الروايتين عنه ‪ ،‬وال أعلم " ‪ ،‬ابن كثير ‪.‬‬ ‫أص ّ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫جنناءَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫عن ْ‬ ‫فْر َ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬ ‫قن ْ‬ ‫م َ‬ ‫هن ْ‬ ‫قب ْل َ ُ‬
‫فت َن ّننا َ‬ ‫ق ند ْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عَبادَ الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ي ِ‬ ‫دوا إ ِل َ َ ّ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م )‪ (17‬أ ْ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ل كَ‬ ‫سو ٌ‬ ‫َر ُ‬
‫عُلننوا‬ ‫ل أَ‬
‫ن َل ت َ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫(‬‫‪18‬‬ ‫)‬ ‫ن‬
‫ٌ‬ ‫مي‬‫ِ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫إ ِّني ل َك ُ ْ‬
‫ن)‬ ‫س نل ْ َ‬ ‫ءاِتيك ُن ْ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬
‫مِبين ٍَ‬ ‫ن ُ‬ ‫طا ٍ‬ ‫م بِ ُ‬ ‫ه إ ِن ّنني َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مأ ْ‬ ‫وَرب ّك ُنننن ْ‬ ‫ت ب َِرب ّنننني َ‬ ‫عننننذْ ُ‬ ‫وإ ِن ّنننني ُ‬ ‫‪َ (19‬‬
‫مُننننوا ِلننني‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ن َلننن ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ن )‪َ (20‬‬ ‫منننو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ت َْر ُ‬
‫ؤَل ِ‬ ‫عا رب َ‬
‫م‬ ‫و ٌ‬
‫ق ْ‬‫ء َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ّ‬ ‫فدَ َ َ ّ ُ‬ ‫ن )‪َ (21‬‬ ‫زُلو ِ‬ ‫عت َ ِ‬‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(22‬‬ ‫مو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫" يقول تعالى ‪ ،‬ولقد اختبرنا قبل هؤلء المشركين ‪ ،‬قوم فرعون‬
‫‪ ،‬وهم قبط مصر ‪ ،‬وجاءهم رسول كريم ‪ ،‬يعنععي موسععى كليمععه ‪،‬‬
‫عليه الصلة والسلم " ‪ ،‬ابن كثير ‪.‬‬
‫ظععم عنععد الع عععز وجععل ‪ ،‬أو عنععد‬ ‫" ) رسول كريم ( أي ُمكرم مع ّ‬
‫المؤمنين ‪ ،‬أو عنده تعالى وعندهم ‪ ،‬أو كريععم فعي نفسعه متصعف‬
‫بالخصعععال الحميعععدة والصعععفات الجليلعععة حسعععبا ونسعععبا ‪ ،‬وقعععال‬
‫الراغععب ‪ :‬الكععرم إذا وصععف بععه النسععان ‪ ،‬فهععو اسععم للخلق‬

‫‪625‬‬
‫والفعال المحمودة ‪ ،‬التي تظهر منه ‪ ،‬ول يقال هععو كريععم ‪ ،‬حععتى‬
‫يظهر ذلك منه " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫" ) وإني عذت بربي وربكم ( أي التجععأت إليععه تعععالى ‪ ،‬وتععوكلت‬
‫عليه جل شأنه ) أن ترجمون ( ‪ ،‬من أن ترجموني ‪ ،‬أن تععؤذوني‬
‫ضعععربا أو شعععتما ‪ ،‬أو أن تقتلعععوني ‪ ،‬وروي هعععذا ععععن قتعععادة‬
‫عدوه بالقتل ‪،‬‬ ‫وجماعة ‪ ،‬قيل ‪ :‬لما قال ‪ :‬أن ل تعلوا على ال ‪ ،‬تو ّ‬
‫فقال ذلعك ‪ ،‬وفعي البحعر أن هعذا ‪ ،‬كعان قبعل أن يخعبره ععز وجعل‬
‫بعجزهم عن رجمه بقععوله ‪ ) ،‬وإن لععم تؤمنععوا لععي فععاعتزلون ( ‪،‬‬
‫فكونوا بمعزل منععي ل علععي ول لععي ‪ ،‬ول تتعرضععوا لععي بسععوء ‪،‬‬
‫فليس ذلك جزاء ‪ ،‬من يدعوكم إلى ما فيه فلحكم ‪ ،‬فدعا ربه بعد‬
‫أن أصّروا على تكذيبه عليه السلم ‪ ) ،‬أن هؤلء قوم مجرمون (‬
‫" ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫" وفيه اختصار كأنه قيل ‪ :‬أن هعؤلء مجرمععون ‪ ،‬تنععاهى أمرهععم‬
‫في الكفر ‪ ،‬وأنت أعلم بهم ‪ ،‬فافعل بهم ما يستحقونه ‪ ،‬قيل ‪ :‬كان‬
‫جعل لهعم معا يسعتحقون بعإجرامهم ‪،‬‬ ‫دعاؤه عليه السلم ‪ ،‬اللهم ع ّ‬
‫وقيل ‪ :‬قوله ربنا ل تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ‪ ،‬إلععى قععوله ‪ ،‬فل‬
‫يؤمنوا حتى يروا العذاب الليم ‪ ،‬وإنما ذكر ال سبحانه السععبب ‪،‬‬
‫الذي استوجبوا به الهلك ‪ ،‬لُيعلم منه دعاؤه والجابة معععا ‪ ،‬وإن‬
‫دعاءه على يأس من أيمانهم ‪ ،‬وهذا من بليغ اختصععارات الكتععاب‬
‫المعجز " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬

‫‪626‬‬
‫ن‬‫قننو َ‬ ‫غَر ُ‬ ‫م ْ‬‫جن ْندٌ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا إ ِن ّ ُ‬‫ه ً‬‫حَر َر ْ‬ ‫ك ال ْب َ ْ‬‫وات ُْر ِ‬‫)… َ‬
‫ن )‪(25‬‬ ‫عي ُننو ٍ‬‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫جن ّننا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫من ْ‬ ‫كوا ِ‬ ‫م ت ََر ُ‬ ‫)‪ (24‬ك َ ْ‬
‫ك وأ َ‬
‫ن )‪(28‬‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ري‬
‫َِ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ءا‬
‫َ‬ ‫نا‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ ً‬‫و‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫نا‬‫ن‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫… ك َذَل ِ َ َ ْ َ‬
‫ر‬ ‫و‬
‫مننا‬‫و َ‬‫ض َ‬ ‫واْلْر ُ‬ ‫ماءُ َ‬ ‫سن َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫هن ُ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ت َ َ‬ ‫مننا ب َك َن ْ‬
‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(29‬‬ ‫ري َ‬ ‫من ْظَ ِ‬ ‫كاُنوا ُ‬ ‫َ‬
‫" يقول تعالى ذكره ‪ ،‬كععم تععرك فرعععون وقععومه مععن القبععط ‪ ،‬بعععد‬
‫مهلكهم ‪ ،‬وتغريق ال إياهم ‪ ،‬من بساتين وأشجار وعيون ومقام‬
‫كريععم ‪ ،‬يقععول وموضععع كععانوا يقومععونه شععريف كريععم ‪ .‬وقععوله‬
‫) كععذلك وأورثناهععا قومععا آخريععن ( يقععول تعععالى ذكععره ‪ ،‬وأورثنععا‬
‫جنععاتهم وعيععونهم وزروعهععم ومقامععاتهم ‪ ،‬ومععا كععانوا فيععه مععن‬
‫ي بالقوم الخرين بنو إسرائيل " ‪،‬‬ ‫عن َ‬ ‫النعمة قوما آخرين ‪ ،‬وقيل ُ‬
‫الطبري ‪.‬‬
‫" ) كععذلك وأورثناهععا قومععا آخريععن ( وهععم بنععو إسععرائيل ‪ ،‬كمععا‬
‫تقعععدم ‪ ،‬وقعععوله سعععبحانه وتععععالى ) فمعععا بكعععت عليهعععم السعععماء‬
‫والرض ( أي لععم تكععن لهععم أعمععال صععالحة ‪ ،‬تصعععد فععي أبععواب‬
‫السماء ‪ ،‬فتبكي على فقدهم ‪ ،‬ول لهم فععي الرض ‪ ،‬بقععاع عبععدوا‬
‫ال ع تعععالى فيهععا ‪ ،‬فقععدتهم ‪ ،‬فلهععذا اسععتحقوا أن ل ُينظععروا ‪ ،‬ول‬
‫ُيؤخروا ‪ ،‬لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم " ‪ ،‬ابن كثير ‪.‬‬
‫" قال الزجاج ‪ :‬أي المر كذلك ‪ ،‬فيوقف على كععذلك ‪ ،‬وقيععل ‪ :‬إن‬
‫الكاف في موضع نصب ‪ ،‬على تقدير نفعل فعل كذلك ‪ ،‬بمن نريععد‬
‫إهلكه ‪ ،‬وقال الكلبي ‪ :‬كذلك أفعععل بمععن عصععاني ‪ ،‬وقيععل ‪ :‬كععذلك‬
‫كععان أمرهععم ‪ ،‬فععأهلكوا ‪ ،‬وأورثناهععا قومععا آخريععن ‪ ،‬يعنععي بنععي‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬مّلكهععم ال ع تعععالى أرض مصععر ‪ ،‬بعععد أن كععانوا فيهععا‬
‫مستعبدين ‪ ،‬فصاروا لها وارثيععن لوصععول ذلععك إليهععم ‪ ،‬كوصععول‬
‫‪627‬‬
‫الميراث ونظيره ‪ ،‬وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق‬
‫الرض ومغاربها ‪ ،‬الية " ‪ ،‬القرطبي ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ذا ِ‬ ‫عن َ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫من َ‬‫ل ِ‬ ‫س نَراِئي َ‬ ‫جي َْنا ب َِني إ ِ ْ‬ ‫قد ْ ن َ ّ‬ ‫ول َ َ‬‫)… َ‬
‫عال ِي ًننا‬
‫ن َ‬ ‫ه ك َننا َ‬‫ن إ ِن ّ ُ‬‫و َ‬ ‫ع ْ‬
‫فْر َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن )‪ِ (30‬‬ ‫هي‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال ْ‬
‫ِ ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫خت َْرَنننا ُ‬ ‫دا ْ‬ ‫قنن ِ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫ن )‪َ (31‬‬ ‫في َ‬‫ر ِ‬
‫سنن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫منن َ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ءات َي َْنا ُ‬‫و َ‬‫ن )‪َ (32‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬‫عَلى ال ْ َ‬ ‫عل ْم ٍ َ‬ ‫عَلى ِ‬ ‫َ‬
‫ن )‪… (33‬‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ه ب ََلءٌ ُ‬ ‫في ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ن اْلَيا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫" يعنععي مععا كععانت القبععط ‪ ،‬تفعععل بهععم بععأمر فرعععون ‪ ،‬مععن قتععل‬
‫البنعععاء ‪ ،‬واسعععتخدام النسعععاء ‪ ،‬واسعععتعبادهم إيعععاهم ‪ ،‬وتكلفهعععم‬
‫العمعععال الشعععاقة ‪ ،‬وقيعععل ‪ :‬أي أنجينعععاهم معععن الععععذاب ‪ ،‬ومعععن‬
‫فرعون ‪ ،‬إنه كان عاليا من المسرفين ‪ ،‬ولقد اخترناهم يعني بني‬
‫إسرائيل " ‪ ،‬القرطبي ‪.‬‬
‫" واختلف أهل التأويل ‪ ،‬فععي ذلععك البلء ‪ ،‬فقععال بعضععهم ابتلهععم‬
‫بنَعِمععه عنععدهم ‪ ،‬وقععال آخععرون ‪ ،‬بععل ابتلهععم بالرخععاء والشععدة ‪،‬‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصواب ‪ ،‬أن يقال إن ال أخبر ‪ ،‬أنه آتعى‬
‫بني إسرائيل من اليات ‪ ،‬ما فيه ابتلؤهم واختبارهم ‪ ،‬وقد يكون‬
‫البتلء والختبار بالرخاء ‪ ،‬ويكون بالشدة ‪ ،‬ولم يضع لنا دليل ‪،‬‬
‫من خبر ول عقل ‪ ،‬أنه عنى بعض ذلك دون بعض ‪ ،‬وقد كان ال ع‬
‫اختبرهم ‪ ،‬بالمعنيين كليهما جميعا " ‪ ،‬الطبري ‪.‬‬

‫‪628‬‬
‫ي إ ِّل‬ ‫هنن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن )‪ (34‬إ ِ ْ‬ ‫قوُلننو َ‬ ‫ء ل َي َ ُ‬ ‫ؤَل ِ‬ ‫هنن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫) … إِ ّ‬
‫ن )‪(35‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫موت َت َُنا ا ْ ُ‬
‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫شن‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫حن‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫لى‬ ‫لو‬ ‫َ ْ‬
‫م‬ ‫ن‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫(‬ ‫‪36‬‬ ‫)‬ ‫ن‬ ‫قي‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫صا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫با‬ ‫بآ‬ ‫توا‬ ‫ُ‬ ‫فأ ْ‬‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫م‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫م‬ ‫خير ‪ ،‬أ َ‬
‫ْ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ُ ّ ٍ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ٌ‬
‫ن )‪… (37‬‬ ‫مي‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫نوا‬ ‫ُ‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫أَ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْ ِ‬ ‫ِ ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫" ) إن هععؤلء ( ‪ ،‬كفععار قريععش ‪ ،‬لن الكلم فيهععم ‪ ،‬وذكععر قصععة‬
‫فرعععون وقععومه ‪ ،‬اسععتطرادي للدللععة علععى أنهععم مثلهععم ‪ ،‬فععي‬
‫الصرار على الضللة ‪ ،‬والنذار على مثل ما حّل بهم ‪ ،‬وفي اسم‬
‫الشارة )هؤلء ( تحقير لهععم ) ليقولععون ( ‪ ) :‬إن هععي إل موتتنععا‬
‫الولى ( أي ما العاقبة ونهاية المر ‪ ،‬إل الموتععة الولععى المزيلععة‬
‫للحياة الولى ‪ ) ،‬وما نحن بمنشععرين ( أي بمبعععوثين بعععدها " ‪،‬‬
‫اللوسي ‪.‬‬
‫" ) إن هؤلء ليقولععون ‪ ،‬إن هععي إل موتتنععا الولععى ‪ ،‬ومععا نحععن‬
‫بمنشععرين ‪ ،‬فععأتوا بآبآئنععا ‪ ،‬إن كنتععم صععادقين ( ‪ ،‬يقععول تعععالى‬
‫ذكره ‪ ،‬مخبرا عن قيل مشركي قريش ‪ ،‬لنبي ال صلى ال ع عليععه‬
‫وسلم ‪ ،‬إن هؤلء المشركين من قومك ‪ ،‬يا محمد ‪ ،‬ليقولععون إن‬
‫هي إل موتتنا الولى ‪ ،‬التي نموتها ‪ ،‬وهي الموتة الولععى ‪ ،‬ومععا‬
‫نحن بمنشرين بعد مماتنا ‪ ،‬ول بمبعععوثين ‪ ،‬تكععذيبا منهععم بععالبعث‬
‫والثواب والعقاب " ‪ ،‬الطبري ‪.‬‬
‫" ) أهم خيععر أم قععوم تبععع ‪ ،‬والععذين مععن قبلهععم أهلكنععاهم ‪ ،‬إنهععم‬
‫كانوا مجرمين ( ‪ ،‬يقول تعالى ذكره ‪ ،‬لنبيه محمد صلى ال عليععه‬
‫وسلم ‪ ،‬أهؤلء المشركون يا محمد من قومك خيععر ‪ ،‬أم قععوم تبععع‬
‫يعني تبعا الحميري ‪ ،‬وكانت عائشععة تقععول ‪ :‬ل تسععبوا تبعععا فععإنه‬
‫كععان رجل صععالحا ‪ .‬وقععوله ) والععذين مععن قبلهععم ( ‪ ،‬مععن المععم‬
‫‪629‬‬
‫الكععافرة بربهععا ‪ ،‬يقععول فليععس هععؤلء بخيععر مععن أولئك ‪ ،‬فنصععفح‬
‫عنهم ول نهلكهم ‪ ،‬وهم بال كافرون ‪ ،‬كما كان الذين أهلكنععاهم ‪،‬‬
‫من المم من قبلهم كفارا ‪ ،‬وقوله ) إنهم كانوا مجرميععن ( ‪ ،‬إنمععا‬
‫أهلكناهم لجرامهم وكفرهم بربهم " ‪ ،‬الطبري ‪.‬‬
‫" عععن عائشععة قععالت ‪ :‬كععان تبععع رجل صععالحا ‪ ،‬أل تععرى أن الع‬
‫تعالى ذم قومه ولم يذمه " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫" ) أهععم خيععر أم قععوم تبععع ( هععذا اسععتفهام إنكععار ‪ ،‬أي إنهععم‬
‫مستحقون في هذا القول العذاب ‪ ،‬إذ ليسوا خيععرا مععن قععوم تبععع ‪،‬‬
‫والمم المهلكة ‪ ،‬وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلء " ‪ ،‬القرطبي ‪.‬‬
‫" ) والذين من قبلهععم ( أي قبععل قععوم تبععع كعععاد وثمععود ‪ ،‬أو قبععل‬
‫قريععش فهععو تعميععم ‪ ،‬بعععد تخصععيص ‪ ) ،‬أهلكنععاهم ( ‪ ،‬اسععتئناف‬
‫لبيان عاقبة أمرهم هّدد به كفار قريش ‪ ) ،‬إنهم كانوا مجرمين (‬
‫‪ ،‬تعليععل لهلكهععم ‪ ،‬أي أهلكنععاهم ‪ ،‬بسععبب كععونهم مجرميععن ‪،‬‬
‫فليحذر كفار قريشا " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫ن)‬ ‫م ي ََتننذَك ُّرو َ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫سان ِ َ‬‫سْرَناهُ ب ِل ِ َ‬ ‫ما ي َ ّ‬ ‫) َ‬
‫فإ ِن ّ َ‬
‫ن )‪(59‬‬ ‫قُبو َ‬ ‫مْرت َ ِ‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫ب إ ِن ّ ُ‬‫ق ْ‬‫فاْرت َ ِ‬‫‪َ (58‬‬
‫" أي أنزلناه سهل واضحا بينا جليععا ‪ ،‬بلسععانك الععذي هععو أفصععح‬
‫اللغععات ‪ ،‬وأجلهععا وأحلهععا وأعلهععا ‪ ) ،‬لعلهععم يتععذكرون ( أي‬
‫يتفّهمون ويعلمون ‪ ،‬ثم لما كان مع هعذا الوضعوح والبيعان ‪ ،‬معن‬
‫ف وعانَد ‪ ،‬قال ال تعالى لرسوله صلى ال‬ ‫الناس ‪ ،‬من َكفَر وخال َ‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬مسليا له وواعدا له بالنصععر ‪ ،‬ومتوععدا لمعن كعّذبه‬
‫بالعطب والهلك ‪ ) ،‬فارتقب ( أي انتظر ‪ ) ،‬إنهععم مرتقبععون ( أي‬
‫فسيعلمون لمن ستكون النصرة ‪ ،‬والظفر وعلو الكلمة فععي الععدنيا‬
‫والخرة " ابن كثير ‪.‬‬
‫‪630‬‬
‫" ) فإنمععا يسععرناه بلسععانك ‪ ،‬لعلهععم يتععذكرون ‪ ،‬فععارتقب إنهععم‬
‫مرتقبون ( يقول تعالى ذكره ‪ ،‬لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فإنمععا سعّهلنا قععراءة هععذا القععرآن ‪ ،‬الععذي أنزلنععاه إليععك بلسععانك ‪،‬‬
‫ليتعععذكر هعععؤلء المشعععركون ‪ ،‬العععذين أرسعععلناك إليهعععم ‪ ،‬بِععععبِره‬
‫حججه ‪ ،‬ويتعظوا بعظاته ‪ ،‬ويتفكروا في آيععاته ‪ ،‬إذا أنععت تتلععوه‬ ‫وُ‬
‫عليهم ‪ ،‬فُينيبوا إلى طاعة ربهم ‪ ،‬ويذعنوا للحق عندما تبينهموه‬
‫‪ .‬وقععوله ) فععارتقب إنهععم مرتقبععون ( يقععول تعععالى ذكععره ‪ ،‬لنععبيه‬
‫محمد صلى ال عليععه وسععلم ‪ ،‬فععانتظر أنععت يععا محمععد الفتععح مععن‬
‫ربك ‪ ،‬والنصر على هؤلء المشركين بال ‪ ،‬من قومك من قريش‬
‫‪ ،‬إنهم منتظععرون ‪ ،‬عنععد أنفسععهم قهععرك وغلبتععك ‪ ،‬بصععدهم عمععا‬
‫أتيتهم به من الحق ‪ ،‬من أراد قبوله واتباعك عليه " ‪ ،‬الطبري ‪.‬‬
‫" ) فإنمععا يسععرناه بلسععانك لعلهععم يتععذكرون ( أي كععي يفهمععوه ‪،‬‬
‫ويتذكروا به ويعملوا بموجبه ‪ ) ،‬فارتقب ( ‪ ،‬أي وأن لم يتععذكروا‬
‫بما يحّل بهم ‪ ،‬وهو تعميم بعد تخصيص ‪ ،‬بقوله تعالى ) فععارتقب‬
‫يوم تأتي السماء …حتى قوله … إنهم مرتقبون ( وقيل ‪ :‬معناه‬
‫مرتقبون ما يحل بهم تهكما ‪ ،‬وفي الية من الوعد له ‪ ،‬صلى ال‬
‫تعالى عليه وسلم ‪ ،‬ما ل يخفى " ‪ ،‬اللوسي ‪.‬‬
‫سورة الدخان ُتنذر قوما من أمة السلم‬
‫كفروا بعد إيمانهم‬
‫ن )‪(9‬‬ ‫عُبو َ‬ ‫ك ي َل ْ َ‬
‫ش ّ‬
‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ل ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫هععذا الوصععف لععم يكععن بحععال مععن الحععوال ‪ ،‬لمشععركي قريععش ‪،‬‬
‫فهؤلء كّذبوا وكفروا بما جاء به ‪ ،‬محمد عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫ك في المعتقد عععادة ‪ ،‬يتععأّتى بعععد اليمععان ‪،‬‬
‫جملة وتفصيل ‪ .‬والش ّ‬
‫ن والهوى ‪ ،‬مما يدفع النسان في‬ ‫بوحي من شياطين النس والج ّ‬
‫‪631‬‬
‫النهاية إلى الكفر ‪ .‬وأما اللعب ‪ ،‬جاء بمعنى العراض عمععا ينفععع‬
‫والستهزاء به ‪ ،‬والنشغال بما ل ينفع ‪ ،‬بععل وبمععا يض عّر ‪ ،‬وهععي‬
‫صفة يمتاز بها الصبية والولد الصغار ‪ ،‬لصغر عقععولهم ‪ ،‬وقلععة‬
‫مععداركهم ‪ ،‬وضععيق أفقهععم ‪ ،‬وعععدم مقععدرتهم ‪ ،‬علععى أخععذ العععبرة‬
‫والعظة ‪.‬‬
‫أما هؤلء القععوم مععن أمععة محمععد ‪ ،‬فهععم فععي شععك مععن أمععر الع ‪،‬‬
‫والشك هو انعدام اليقين ‪ ،‬بمعنى أنهم غيععر مععوقنين ‪ ،‬ممععا أخععبر‬
‫عنه في كتابه المععبين ‪ ،‬الععذي جععاء بععه الرسععول المععبين ‪ ،‬بلسععان‬
‫عربععي مععبين ‪ ،‬مععن أمععور الغيععب ‪ ،‬وعلععى رأسععها انعععدام اليقيععن‬
‫بربوبية وألوهية ال ووحدانيته وإنكار البعث ‪ ،‬أي الشك بملكيععة‬
‫ال ع للسععماوات والرض ومععا بينهمععا ‪ ،‬وقععدرته علععى تصععريف‬
‫المور ‪ ،‬والشك بأمر البعث بعد الموت ‪ .‬لذلك فهم ل يتورعون ‪،‬‬
‫عن اتخاذ دينهععم هععزوا ولعبععا ‪ ،‬إذ ل بعععث ول حسععاب ول عقععاب‬
‫يردعهم ‪.‬‬
‫خعُذوا ِديَنُكعْم‬ ‫ن اّت َ‬ ‫خعُذوا اّلعِذي َ‬ ‫ن َءاَمُنععوا ‪َ ،‬ل َتّت ِ‬ ‫قال تعالى ) َيَأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن َقْبِلُكعْم َواْلُكّفععاَر َأْوِلَيععاَء ‪،‬‬‫ب ِمع ْ‬ ‫ن ُأوُتوا اْلِكَتا َ‬‫ن اّلِذي َ‬ ‫ُهُزًوا َوَلِعًبا ‪ِ ،‬م َ‬
‫ن )‪ 57‬المععائدة ( ‪ ،‬فالععذين يوالععون‬ ‫ن ُكْنُت عْم ُم عْؤِمِني َ‬
‫ل ع ‪ِ ،‬إ ْ‬‫َواّتقُععوا ا َّ‬
‫الذين اتخذوا دين ال هزوا ولعبا ‪ ،‬من اليهود والنصارى والكفار‬
‫إجمال ‪ ،‬وهم ُيظهرون اليمان ليسععوا بمععؤمنين ‪ ،‬فمععا بالععك بمععن‬
‫يتخذ دين السلم ‪ ،‬هزوا ولعبا ويحاربه ‪ ،‬وهو ينتسب إليه ‪.‬‬
‫حَيععاُة‬‫غّرْتُهُم اْل َ‬‫خُذوا ِديَنُهْم َلِعًبا َوَلْهًوا َو َ‬ ‫ن اّت َ‬‫وقال تعالى ) َوَذِر اّلِذي َ‬
‫لِع‬
‫ن ُدونِ ا ّ‬ ‫س َلَهععا ِمع ْ‬‫ت َلْيع َ‬ ‫سعَب ْ‬‫س ِبَما َك َ‬ ‫سَل َنْف ٌ‬‫ن ُتْب َ‬ ‫الّدْنَيا َوَذّكْر ِبِه َأ ْ‬
‫خ عْذ ِمْنَهععا ُأوَلِئكَ اّل عِذي َ‬
‫ن‬ ‫ع عْدٍل َل ُيْؤ َ‬‫ن َتْع عِدْل ُك عّل َ‬‫ش عِفيٌع َوِإ ْ‬ ‫ي َوَل َ‬ ‫َوِل ع ّ‬
‫ب َأِليعٌم ِبَمععا َكععاُنوا‬
‫ععَذا ٌ‬ ‫حِميعٍم َو َ‬ ‫ن َ‬‫ب ِمع ْ‬ ‫شعَرا ٌ‬ ‫سُبوا َلُهْم َ‬ ‫سُلوا ِبَما َك َ‬ ‫ُأْب ِ‬
‫‪632‬‬
‫خعُذوا ِديَنُهعْم َلْهعًوا َوَلِعًبععا‬ ‫ن اّت َ‬‫ن )‪ 70‬النعام ( ‪ ،‬وقال ) اّلعِذي َ‬ ‫َيْكُفُرو َ‬
‫سععوا ِلَقععاَء َيعْومِِهْم َهعَذا‬ ‫ساُهْم َكَمععا َن ُ‬ ‫حَياُة الّدْنَيا َفاْلَيْوَم َنْن َ‬‫غّرْتُهُم اْل َ‬
‫َو َ‬
‫ن )‪ 51‬العراف ( ‪.‬‬ ‫حُدو َ‬ ‫جَ‬‫َوَما َكاُنوا ِبآَياِتَنا َي ْ‬
‫فهؤلء القوم يتصفون بأمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنهم ل يؤمنون بال واليوم الخر ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن شععغلهم الشععاغل هععو الحيععاة الععدنيا ‪ ،‬وأنهععم يتخععذون‬
‫أمور دينهم ‪ ،‬مادة للهزء والسخرية واللهو ‪.‬‬
‫ن)‬ ‫بين‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫خا‬ ‫د‬ ‫بن‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫سن‬ ‫ال‬ ‫تي‬ ‫قب يوم َتنأ ْ‬ ‫َ‬
‫َ ٍ ُ ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫فاْرت َ ِ ْ َ ْ َ‬
‫م )‪(11‬‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬‫س َ‬ ‫شى الّنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫‪ (10‬ي َ ْ‬
‫نلحظ أن المفسرين اختلفوا على ثلثة مواقف ‪ ،‬فمنهم من وافق‬
‫تفسير ابن مسعود ‪ ،‬ومنهم من وافق تفسير ابن عباس ‪ ،‬ومنهععم‬
‫من أخذ بالحتمالين ‪ .‬وكّل منهم أكمل تفسععير السععورة ‪ ،‬علععى مععا‬
‫ارتأى مععن صععوابية اعتقععاده ‪ ،‬بالنسععبة لهععذا الععدخان ‪ .‬وأمععا مععن‬
‫حيث زمن الوقوع ‪ ،‬فالحتمال الول ‪ ،‬يقول بأن الدخان والبطشة‬
‫‪ ،‬قد مضيا في مشركي قريش ‪ ،‬والحتمال الثاني يقول بععأنه قبععل‬
‫يععوم القيامععة ‪ ،‬والحتمععال الثععالث يقععول بععأنه مععن أحععداث يععوم‬
‫القيامة ‪ ،‬وللفصل في هذه القوال والمواقف ‪ ،‬سنسععتنبط صععفات‬
‫هذا الدخان من اليات نفسها ‪ ،‬وصفات هؤلء القععوم وأفعععالهم ‪،‬‬
‫في نهاية الفصل ‪ ،‬بمعزل عععن الروايععات والتفسععيرات السععابقة ‪،‬‬
‫فظاهر اليات الكريمة ‪ ،‬يدل على أن ما ورد في اليات ‪ ،‬هععو نبععأ‬
‫دخان سيظهر في المستقبل ‪ ،‬والقدر على بيععان أمععره ‪ ،‬هععو مععن‬
‫يعاصر ظهوره ‪ ،‬بعد اكتمال معالمه ‪ ،‬كمععا هععي العععادة ‪ ،‬فععي فهععم‬
‫وتفسير النبوءات المستقبلية ‪.‬‬

‫‪633‬‬
‫ن )‪(12‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ب إ ِّنا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫عّنا ال ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َرب َّنا اك ْ ِ‬
‫وهذا هو دعاء المُعرضين عن ذكععر الع ‪ ،‬كمععا هععي العععادة ‪ ،‬مععن‬
‫سععتهم‬ ‫المسرفين والمشركين والكفار ‪ ،‬من الناس إجمال ‪ ،‬كلما م ّ‬
‫الضراء والبأساء ‪ ،‬سواء من أمععة السععلم أو مععن غيرهععا ‪ ،‬كمععا‬
‫جْنِبعِه َأْو َقاعِعًدا‬ ‫عاَنععا ِل َ‬
‫ضعّر َد َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سا َ‬
‫س اِْلْن َ‬ ‫في قوله تعالى ) َوِإَذا َم ّ‬
‫سعهُ‬ ‫عَنا ِإَلععى ضُعّر مَ ّ‬ ‫ضّرُه َمّر َكعَأنْ َلعْم َيعْد ُ‬ ‫عْنُه ُ‬ ‫شْفَنا َ‬ ‫َأْو َقاِئًما َفَلّما َك َ‬
‫ن )‪ 12‬يونس ( ‪.‬‬ ‫ن َما َكاُنوا َيْعَمُلو َ‬ ‫سِرِفي َ‬ ‫ن ِلْلُم ْ‬
‫ك ُزّي َ‬‫َكَذِل َ‬
‫ولحظ ضمير المخععاطب ) كععم ( ‪ ،‬والععذي يعععود علععى المخععاطبين‬
‫لع ‪ُ ،‬ثعّم ِإَذا‬‫ن ا ِّ‬ ‫ن ِنْعَمعٍة َفِمع َ‬ ‫بالقرآن ‪ ،‬في قوله تعالى ) َوَما ِبُكعْم ِمع ْ‬
‫ض عّر عَْنُك عْم ِإَذا‬
‫ف ال ّ‬ ‫شع َ‬ ‫ن )‪ُ (53‬ث عّم ِإَذا َك َ‬ ‫جَأُرو َ‬ ‫ضّر ‪َ ،‬فِإَلْيِه َت ْ‬ ‫سُكُم ال ّ‬ ‫َم ّ‬
‫سعُكُم‬
‫ن )‪ 54‬النحعل ( ‪ ،‬وقعوله ) َوِإَذا مَ ّ‬ ‫شعِرُكو َ‬ ‫ق ِمْنُكْم ِبَرّبِهعْم ُي ْ‬ ‫َفِري ٌ‬
‫جععاُكْم ِإَلععى اْلَبعّر‬‫ن ِإّل ِإّيععاُه َفَلّمععا َن ّ‬
‫عو َ‬ ‫ن َتعْد ُ‬‫ضعّل َمع ْ‬‫حعِر َ‬ ‫الضّّر ِفي اْلَب ْ‬
‫ن َكُفوًرا )‪ 67‬السراء ( ‪.‬‬ ‫سا ُ‬‫ن اِْلْن َ‬ ‫ضُتْم َوَكا َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َأ ْ‬
‫والقرب والظهر ‪ ،‬بالنظر في دعواهم تلك ‪ ،‬وإقرارهم بألسععنتهم‬
‫ما ليس في قلوبهم من اليمععان ‪ ،‬عنععد غشععيان الععدخان لهععم ‪ ،‬أن‬
‫يكون هؤلء من أمة محمد عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬فسععقوا عععن‬
‫دينهم مع كونهم مسلمين ‪ ،‬نفاقا على الغلب ‪ ،‬وشركهم فععي الع‬
‫جاء بعد اليمان به ‪ .‬أما قريش فلععم يكععن هععذا حععالهم ‪ ،‬ومععا كععان‬
‫ليصدر منها هذا الدعاء ‪ ،‬فمنهععم مععن أسععلم ‪ ،‬ومنهععم أصعّر علععى‬
‫كفره ‪ ،‬أما النفاق فلم يعرفوه ‪ ،‬ولم يكن لهم فيه مصععلحة ‪ ،‬ومععن‬
‫المعروف أن النفاق ‪ ،‬ظهر بعد انتشار السلم ‪ ،‬وهععو مععا حصععل‬
‫في المدينة المنورة ‪ ،‬لعدة غايات وأهمها وأخطرها ‪ ،‬هو سعععيهم‬
‫لمحاربعععة تععععاليم العععدين وهعععدم مععععالمه ‪ ،‬داخعععل المجتمععععات‬

‫‪634‬‬
‫السلمية ‪ ،‬وسورة الدخان مكية ‪ ،‬وحال هؤلء ‪ ،‬كحال مععن قععال‬
‫فيهم سبحانه ‪ ،‬في مطلع سورة البقرة ‪:‬‬
‫خعِر ‪َ ،‬ومَععا ُهعمْ‬ ‫لِ‬ ‫ل ‪َ ،‬وِبععاْلَيْوِم ا ْ‬ ‫ن َيُقوُل ‪َ :‬ءاَمّنا ِبا ِّ‬ ‫س َم ْ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫) وَِم َ‬
‫ن ِإّل‬ ‫عو َ‬ ‫خ عَد ُ‬
‫ن َءاَمُنوا ‪َ ،‬وَمععا َي ْ‬ ‫ل ‪َ ،‬واّلِذي َ‬ ‫ن ا َّ‬‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫ن )‪ُ (8‬ي َ‬ ‫ِبُمْؤِمِني َ‬
‫ضععا‬ ‫ض َفَزاَدُهعُم الُّع َمَر ً‬ ‫ن )‪ِ (9‬في ُقُلوِبِهْم مَعَر ٌ‬ ‫شُعُرو َ‬ ‫سُهْم َوَما َي ْ‬ ‫َأْنُف َ‬
‫سعُدوا‬ ‫ن )‪َ (10‬وِإَذا ِقيعَل َلُهعْم َل ُتْف ِ‬ ‫ب َأِليٌم ِبَما َكاُنوا َيْكِذُبو َ‬ ‫عَذا ٌ‬ ‫َوَلُهْم َ‬
‫ن‬
‫سُدو َ‬ ‫ن )‪َ (11‬أَل ِإّنُهْم ُهُم اْلُمْف ِ‬ ‫حو َ‬ ‫صِل ُ‬
‫ن ُم ْ‬ ‫حُ‬ ‫ض َقاُلوا ِإّنَما َن ْ‬ ‫ِفي اَْلْر ِ‬
‫س‬
‫ن )‪َ (12‬وِإَذا ِقيعَل َلُهعْم َءاِمُنععوا َكَمععا َءاَمعنَ الّنععا ُ‬ ‫شُعُرو َ‬ ‫ن َل َي ْ‬ ‫َوَلِك ْ‬
‫ن لَ‬ ‫سعَفَهاُء َوَلِكع ْ‬ ‫سعَفَهاُء َأَل ِإّنُهعْم ُهعُم ال ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن َكَمعا َءاَمع َ‬ ‫َقاُلوا َأُنعْؤِم ُ‬
‫خَلعْوا ِإَلععى‬ ‫ن َءاَمُنوا َقععاُلوا َءاَمّنععا َوِإَذا َ‬ ‫ن )‪َ (13‬وِإَذا َلُقوا اّلِذي َ‬ ‫َيْعَلُمو َ‬
‫لعع‬ ‫ن )‪ (14‬ا ُّ‬ ‫سععَتْهِزُئو َ‬ ‫ن ُم ْ‬ ‫حعع ُ‬‫طيِنِهْم َقععاُلوا ِإّنععا َمَعُكععْم ِإّنَمععا َن ْ‬ ‫شععَيا ِ‬ ‫َ‬
‫ن )‪ُ (15‬أوَلِئكَ اّل عِذي َ‬
‫ن‬ ‫طْغَيععاِنِهْم َيْعَمُهععو َ‬ ‫ئ ِبِهْم َوَيُم عّدُهْم ِفععي ُ‬ ‫سَتْهِز ُ‬ ‫َي ْ‬
‫ن)‬ ‫جاَرُتُهْم َوَما َكعاُنوا ُمْهَتعِدي َ‬ ‫ت ِت َ‬ ‫ح ْ‬‫لَلَة ِباْلُهَدى َفَما َرِب َ‬ ‫ضَ‬ ‫شَتَرُوا ال ّ‬ ‫ا ْ‬
‫‪ 16‬البقرة ( ‪.‬‬
‫حيععث قععال سععبحانه ) ومععن النععاس ( ‪ ،‬ولععم يحصععر هععذا السععلوك‬
‫بطائفة من الناس ‪ ،‬أو بزمن معين ‪ ،‬وهذا السلوك بدأ بالظهور ‪،‬‬
‫بعدما قويت شوكة السلم فععي المدينععة المنععورة ‪ ،‬واسععتمر علععى‬
‫مّر العصور ‪ ،‬حتى يومنا هذا ‪.‬‬
‫ن‬ ‫سننو ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫مِبين ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫جاءَ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫َ‬ ‫رى‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫نى‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫جُنننو ٌ‬ ‫م ْ‬‫م َ‬ ‫عل ّ ٌ‬‫م َ‬‫قاُلوا ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْ ُ‬‫وا َ‬ ‫ول ّ ْ‬ ‫م تَ َ‬ ‫)‪ (13‬ث ُ ّ‬
‫)‪(14‬‬
‫من أين لهؤلء القوم الذكرى ؟! أي التوبة والنابة إلى ال ‪ ،‬وقد‬
‫سبق منهم العععراض ‪ ،‬عمععا جععاء بععه الرسععول الكريععم ‪ ،‬الععذي ل‬
‫ُيشّكك في كععرم أخلقععه ‪ ،‬أو حسععبه أو نسععبه أو لسععانه العربععي ‪،‬‬
‫‪635‬‬
‫محمعععد عليعععه الصعععلة والسعععلم ‪ ،‬بععععد مجيئه واليمعععان بعععه ‪،‬‬
‫والنتساب إلى دينه ‪ .‬وفضل عن سبق العععراض عععن رسععالته ‪،‬‬
‫بعد احتضانها لمدة من الزمن ‪ ،‬توّلوا عنععه وأعرضععوا عمععا جععاء‬
‫بعععه ‪ ،‬واتهمعععوه بعععالتعّلم معععن الكّهعععان والشعععياطين ‪ ،‬بحعععوادث‬
‫ميتافيزيقية ‪ ،‬وأضععافوا إليععه صععفة الجنععون ‪ ،‬إمعانععا منهععم ‪ ،‬فععي‬
‫الجرام والفتراء والستهزاء ‪ ،‬فإن سلم من الكهانععة ‪ ،‬لععم يسععلم‬
‫مععن الجنععون ‪ .‬فيععرّد عليهععم ربهععم قععولهم هععذا ‪ ،‬بقععوله لرسععوله‬
‫ن )‪ 29‬الطععور ( ‪) ،‬‬ ‫جُنو ٍ‬‫ن َوَل َم ْ‬ ‫ك ِبَكاِه ٍ‬
‫ت ِبِنْعَمِة َرّب َ‬
‫) َفذَّكْر ‪َ ،‬فَما َأْن َ‬
‫سععوٍل َكِريعٍم )‪40‬‬‫ظيٍم )‪ 4‬القلم ( ‪ِ ) ،‬إّنُه َلَقعْوُل َر ُ‬ ‫عِ‬ ‫ق َ‬‫خُل ٍ‬‫ك َلَعلى ُ‬ ‫َوِإّن َ‬
‫الحاقة (‬
‫ستفاجأ أخي المسلم ‪ ،‬أن المقصود بهذا القول ليسععوا مشععركي‬ ‫وُ‬
‫قريش ‪ ،‬بل مشركي ومنافقي هذا العصر من أمة السلم ‪ ،‬وأنهم‬
‫قالوا هذا القول وأكثر ‪ ،‬في رسععول الع عليععه الصععلة والسععلم ‪،‬‬
‫تحت رعاية ودعععم حكععومي مععادي ومعنععوي ‪ ،‬وأن هععذا الفععتراء‬
‫ذاتعه ‪ ،‬هعو العذي أخعبر عنعه سعبحانه ‪ ،‬وهعو معن أكعبر السعباب‬
‫الموجبة لعقابهم ‪.‬‬
‫ن)‬ ‫دو َ‬ ‫عننائ ِ ُ‬
‫م َ‬ ‫قِليًل إ ِن ّك ُن ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫عن َ‬ ‫فوا ال ْ َ‬ ‫شن ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫إ ِن ّننا َ‬
‫‪(15‬‬
‫وُيخععبر سععبحانه بععأنه سععيرفع العععذاب عنهععم قليل ‪ ،‬بعععد انعقععاد‬
‫أسبابه ‪ ،‬بكشف الدخان ‪ ،‬بعد نيلهم قسععطا مععن أذاه ‪ ،‬نععزول عنععد‬
‫رغبتهم السابقة ‪ ،‬وإقرارهم باليمان عند غشيانه لهم ‪ ،‬فالععدخان‬
‫مجععرد تحععذير ‪ ،‬ولفععت انتبععاه لهععم ‪ ،‬بععأن ال ع هععو رب السععموات‬
‫والرض ‪ ،‬وبأنه قادر على إماتتهم وإهلكهم ‪ ،‬كما أمات آبائهم ‪،‬‬
‫جة ‪ ،‬بأنه لم يعطهععم الفرصععة للتوبععة والنابععة ‪.،‬‬ ‫ولئل تكن لهم ح ّ‬
‫‪636‬‬
‫ومن ثم ٌيقّرر سععبحانه بعأنهم سععيعودون ‪ ،‬لمعا كععانوا عليعه ‪ ،‬معن‬
‫الشك واللعب ‪ ،‬وسيضيفون إليها التععولي والعععراض والعصععيان‬
‫والتهام لرسوله الكريم ‪ ،‬ليستوجبوا عن جدارة واسععتحقاق ‪ ،‬أن‬
‫يبطش بهم رب العزة بطشته الكبرى ‪.‬‬
‫ب َأِليععم )‪61‬‬ ‫ععَذا ٌ‬‫سععولَ الِّع َلُهعْم َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن ُيعْؤُذو َ‬ ‫قععال تعععالى ‪َ ) :‬واّلعِذي َ‬
‫سوَلُه َلَعَنُهُم الُّ ِفععي ال عّدْنَيا‬ ‫ل َوَر ُ‬ ‫ن ا َّ‬‫ن ُيْؤُذو َ‬ ‫التوبة ( ‪ ،‬وقال ) اّلِذي َ‬
‫عَذاًبا ُمِهيًنا )‪ 57‬الحزاب ( ‪.‬‬ ‫عّد َلُهْم َ‬ ‫خَرِة َوَأ َ‬‫لِ‬‫َوا ْ‬
‫ن)‬ ‫مو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫من ْت َ ِ‬‫ة ال ْك ُب َْرى إ ِّنا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ش ال ْب َطْ َ‬ ‫م ن َب ْطِ ُ‬ ‫و َ‬‫يَ ْ‬
‫‪(16‬‬
‫شعِديٌد )‪12‬‬ ‫ك َل َ‬‫ش َرّبع َ‬ ‫طع َ‬‫ن َب ْ‬‫أما بطش رب العزة ‪ ،‬فهععذا وصععفه ) ِإ ّ‬
‫البروج ( ‪ .‬ونستطيع تصّور طبيعة هذه البطشة ‪ ،‬من قوله تعالى‬
‫عَلْيِهعْم‬‫سعْلَنا َ‬ ‫ط ِبالّنُذِر )‪ِ (33‬إّنا َأْر َ‬ ‫ت َقْوُم ُلو ٍ‬ ‫في سورة القمر ) َكّذَب ْ‬
‫عْنعِدَنا َكعَذِل َ‬
‫ك‬ ‫ن ِ‬‫حٍر )‪ِ (34‬نْعَمعًة ِمع ْ‬ ‫سع َ‬
‫جْيَناُهْم ِب َ‬ ‫ط َن ّ‬‫حاصًِبا ِإّل َءاَل ُلو ٍ‬ ‫َ‬
‫شَتَنا َفَتَماَرْوا ِبالّن عُذِر )‪(36‬‬ ‫ط َ‬ ‫شَكَر )‪َ (35‬وَلَقْد َأْنَذَرُهْم َب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫جِزي َم ْ‬ ‫َن ْ‬
‫ععَذاِبي َوُنعُذِر )‬ ‫عُيَنهُعْم َفعُذوُقوا َ‬‫سعَنا َأ ْ‬ ‫طَم ْ‬‫ضْيِفِه َف َ‬‫ن َ‬ ‫عْ‬‫َوَلَقدْ َراَوُدوُه َ‬
‫عَذاِبي َوُنُذِر‬ ‫سَتِقّر )‪َ (38‬فُذوُقوا َ‬ ‫ب ُم ْ‬ ‫عَذا ٌ‬ ‫حُهْم ُبْكَرًة َ‬ ‫صّب َ‬
‫‪َ (37‬وَلَقْد َ‬
‫ن ُمعّدِكٍر )‪ 40‬القمععر ( ‪،‬‬ ‫ن ِللعّذْكِر َفَهعْل ِمع ْ‬ ‫سْرَنا اْلُقْرَءا َ‬‫)‪َ (39‬وَلَقْد َي ّ‬
‫وتماروا بالُنذر ‪ ،‬أي كّذبوا إنذارات لوط عليععه الصععلة والسععلم ‪،‬‬
‫وتحذيراته لهم ‪ ،‬وأكثروا الجدال والستهزاء بها ومنها ‪ ،‬فبطش‬
‫بهم ربهم ‪ ،‬وما وقع من قوم لوط ‪ ،‬هو ما وقع من هععؤلء ‪ ،‬بعععد‬
‫أن جاءهم هذا رسولهم الكريم ‪ ،‬نذيرا من غضععب ال ع ‪ ،‬فغشععيهم‬
‫الععدخان ‪ ،‬وسععتبغتهم البطشععة الكععبرى ‪ ،‬وهععم مععا زالععوا ُيمععارون‬
‫ك يلعبععون ‪ ،‬مععن أمععر هععذا الرسععول المععبين ‪،‬‬ ‫ويتمارون ‪ ،‬فععي شع ٍ‬
‫وأمر هذا الكتاب المبين ‪ ،‬وأمر هذا الدخان المبين ‪.‬‬
‫‪637‬‬
‫ع وما نزل بقوم لوط نستخلصه من اليات التالية ‪:‬‬
‫جععاَء‬‫ب )‪َ (81‬فَلّمععا َ‬ ‫ح ِبَقِري ع ٍ‬‫ص عْب ُ‬
‫س ال ّ‬ ‫ح َأَلْي ع َ‬
‫صْب ُ‬‫عَدُهُم ال ّ‬‫ن َمْو ِ‬ ‫) … ِإ ّ‬
‫جععاَرًة ِم ع ْ‬
‫ن‬ ‫حَ‬ ‫عَلْيَهععا ‪ِ ،‬‬‫طْرَنععا َ‬ ‫سععاِفَلَها ‪َ ،‬وَأْم َ‬ ‫عاِلَيَهععا َ‬‫جَعْلَنععا َ‬
‫َأْمُرنَععا ‪َ ،‬‬
‫ظعاِلِمينَ‬ ‫ن ال ّ‬‫ي ِمع َ‬ ‫عْنَد َرّبعكَ ‪َ ،‬وَمعا ِهع َ‬ ‫سّوَمًة ِ‬ ‫ضوٍد )‪ُ (82‬م َ‬ ‫جيٍل َمْن ُ‬ ‫سّ‬ ‫ِ‬
‫ِبَبِعيٍد )‪ 83‬هود ( ‪.‬‬
‫كان ذلك في الصباح الباكر ‪ ،‬حيث ُرفعت قرية لوط عليععه الصععلة‬
‫والسععلم بمععن فيهععا ‪ ،‬إلععى السععماء ‪ ،‬وتقععول بعععض الروايععات أن‬
‫الملئكة في السماء الولى سمعت نباح كلبهم ‪ ،‬ومن ثم ُقلبععت ‪،‬‬
‫وُرميععت مععن ذلععك الرتفععاع الشععاهق إلععى الرض ‪ ،‬فأحععدثت ذلععك‬
‫الجععرف الجغرافععي ‪ ،‬الممتععد مععن علععى طععول نهععر الردن ووادي‬
‫عربة ‪ ،‬ومن ثم ُأمطععرت بالحجععارة ‪ ،‬الععتي ل تععزال ظععاهرة ‪ ،‬إلععى‬
‫جععر ‪ ،‬فععي تلععك المنطقععة‬ ‫يومنا هذا ‪ ،‬بانغراسععها فععي الطيععن المتح ّ‬
‫على سواحل البحر الميت ‪ ،‬وفي سفوح الجبال حععوله ‪ .‬وخلصععة‬
‫القععول ‪ ،‬أن البطشععة تعنععي خععراب الععديار وهلك أهلهععا ‪ ،‬بغععض‬
‫النظر عن الوسيلة ‪ ،‬مشهد يحمل في ثناياه أبشععع صععور للنتقععام‬
‫اللهي ‪ ،‬حين يوغل الناس بإصرار في الجرام ‪ ،‬بحق الع وحععق‬
‫رسععله الكععرام ‪ ،‬دون وازع أو رادع ‪ ،‬ضععاربين بإنععذارات ربهععم‬
‫عرض الحائط ‪ ،‬مستحّقين بععذلك غضععبا إلهيععا عارمععا ‪ ،‬سيسععكبه‬ ‫ُ‬
‫على رؤوسهم عاجل أم آجل ‪.‬‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫جنناءَ ُ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫عن ْ‬‫فْر َ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬ ‫قن ْ‬ ‫م َ‬ ‫هن ْ‬ ‫قب ْل َ ُ‬
‫فت َن ّننا َ‬‫ق ند ْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫َ‬
‫ؤَل ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫و ٌ‬‫قن ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ّ‬ ‫عا َرب ّ ُ‬ ‫فد َ َ‬‫م… َ‬ ‫ري ٌ‬‫ل كَ ِ‬ ‫سو ٌ‬ ‫َر ُ‬
‫ن )‪(22‬‬ ‫مو َ‬ ‫ر ُ‬‫ج ِ‬ ‫م ْ‬‫ُ‬
‫ومفاد اليات أعله ‪ ،‬هو أن حال هؤلء القوم ‪ ،‬مع محمد الكريععم‬
‫المين المبين ‪ ،‬عليه الصلة والسلم ‪ ،‬كحال فرعون وقومه مععع‬
‫‪638‬‬
‫موسى الكريم المين المبين ‪ ،‬عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وذلععك نفيععا‬
‫لما قععاله هععؤلء عنهمععا ‪ ،‬سععواء مععن فرعععون وقععومه ‪ ،‬أو ممععن‬
‫أشرك وكفر من أمة محمد ‪ .‬ومن تشبيه الحال بالحععال ‪ ،‬نسععتطيع‬
‫التعرف على موقف هعؤلء القععوم معن محمعد ‪ ،‬معن خلل معرفععة‬
‫موقععف فرعععون وقععومه مععن موسععى ‪ ،‬الععذي ورد بالتفصععيل فععي‬
‫القععرآن الكريععم ‪ ،‬حيععث أن اليععات ‪ ،‬الععتي تصععف موقععف فرعععون‬
‫وقععومه مععن موسععى ورسععالته ‪ ،‬تكععاد تععبين مععا تحععويه سععورة‬
‫الدخان ‪ ،‬من مقاصد إلهية ‪ ،‬تكتنفها اليات الكريمة ‪.‬‬
‫حال فرعون وقومه مع موسى ‪:‬‬
‫ع دعا موسى عليه الصلة والسلم فرعععون وقععومه ‪ ،‬إلععى تقععوى‬
‫ال ‪ ،‬فجادلوه واستهزءوا به ‪ ،‬وبما جععاء بععه ‪ ،‬وأنكععروا ربوبيععة‬
‫ال ‪ ،‬واتهمه فرعون بالجنون ‪ ،‬وهعّدده بالسععجن ‪ ،‬إن اّتخععذ إلهععا‬
‫غيععره ‪ ،‬فععأراه موسععى آيععات ربععه الكععبرى ‪ ،‬فععاتهمه بالسععحر ‪،‬‬
‫وببلوغه مرتبة عالية في علمه ‪ ،‬ليصععبح كععبيرا السععحرة ‪ ،‬ونّفععذ‬
‫تهديده فيمن اتبعه وآمن به من السحرة ‪.‬‬
‫ن )‪َ (10‬قععْومَ‬ ‫ظععاِلِمي َ‬ ‫ت اْلَقععْوَم ال ّ‬ ‫ن اْئ ِ‬ ‫سععى َأ ِ‬ ‫ك ُمو َ‬ ‫) وَِإْذ َنععاَدى َرّبعع َ‬
‫ن )‪… (12‬‬ ‫ن ُيَكّذُبو ِ‬ ‫ف َأ ْ‬‫خا ُ‬ ‫ب ِإّني َأ َ‬ ‫ن )‪َ (11‬قاَل َر ّ‬ ‫ن َأَل َيّتُقو َ‬ ‫عْو َ‬‫ِفْر َ‬
‫س عْل مََعَنععا‬
‫ن َأْر ِ‬‫ن )‪َ (16‬أ ْ‬ ‫ب اْلَعععالَِمي َ‬ ‫سوُل َر ّ‬ ‫ن َفُقوَل ِإّنا َر ُ‬ ‫عْو َ‬‫َفْأِتَيا ِفْر َ‬
‫ن )‪َ (23‬قععاَل‬ ‫ب اْلَعععاَلِمي َ‬
‫ن َوَما َر ّ‬ ‫عْو ُ‬‫سَراِئيَل )‪َ … (17‬قاَل ِفْر َ‬ ‫َبِني ِإ ْ‬
‫ن )‪َ (24‬قععاَل‬ ‫ض َوَمععا َبْيَنُهَمععا ِإنْ ُكْنُتعْم ُمععوِقِني َ‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫سعَمَوا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫َر ّ‬
‫ن)‬ ‫ب َءاَبعاِئُكُم اْلَّوِليع َ‬‫ن )‪َ (25‬قعاَل َرّبُكعْم َوَر ّ‬ ‫سَتِمُعو َ‬‫حْوَلُه َأَل َت ْ‬‫ن َ‬ ‫ِلَم ْ‬
‫ن )‪َ (27‬قععاَل َر ّ‬
‫ب‬ ‫جُنععو ٌ‬‫سعَل ِإَلْيُكعْم َلَم ْ‬‫سوَلُكُم اّلعِذي ُأْر ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫‪َ (26‬قاَل ِإ ّ‬
‫ن )‪َ (28‬قععاَل َلِئنِ‬ ‫ن ُكْنُت عْم َتْعِقُلععو َ‬‫ب َوَمععا َبْيَنُهَمععا ِإ ْ‬‫ق َواْلَمْغ عِر ِ‬‫ش عِر ِ‬‫اْلَم ْ‬
‫جْئُت عكَ‬ ‫ن )‪َ (29‬قاَل َأَوَلْو ِ‬ ‫جوِني َ‬ ‫سُ‬ ‫ن اْلَم ْ‬ ‫ك ِم َ‬ ‫جَعَلّن َ‬
‫غْيِري َل ْ‬ ‫ت ِإَلًها َ‬‫خذْ َ‬‫اّت َ‬
‫‪639‬‬
‫ن )‪َ (31‬فَأْلَقى‬ ‫صاِدِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ت ِم َ‬ ‫ن ُكْن َ‬‫ت ِبِه ِإ ْ‬‫ن )‪َ (30‬قاَل َفْأ ِ‬ ‫شيٍْء ُمِبي ٍ‬ ‫ِب َ‬
‫ضععاُء‬ ‫ي َبْي َ‬‫ع َيعَدُه َفعِإَذا ِهع َ‬ ‫ن )‪َ (32‬وَنعَز َ‬ ‫ن ُمِبيع ٌ‬‫ي ُثْعَبععا ٌ‬ ‫صاُه َفعِإَذا ِهع َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫عِليعٌم )‪… (34‬‬ ‫حٌر َ‬ ‫سععا ِ‬‫ن َهعَذا َل َ‬‫حعْوَلُه ِإ ّ‬‫ل َ‬ ‫ن )‪َ (33‬قععاَل ِلْلَم َِ‬ ‫ِللّناظِِري َ‬
‫حرَ‬ ‫سع ْ‬ ‫عّلَمُكعُم ال ّ‬‫ن َلُكْم ِإّنُه َلَكِبيُرُكعُم اّلعِذي َ‬ ‫ن َءاَذ َ‬ ‫َقاَل َءاَمْنُتْم َلُه َقْبَل َأ ْ‬
‫صعّلَبّنُكْم‬‫ف َولَُ َ‬ ‫ل ٍ‬ ‫خَ‬ ‫ن ِ‬ ‫جلَُكعْم ِمع ْ‬‫ن َأْيعِدَيُكْم َوَأْر ُ‬‫طَعع ّ‬ ‫ن َُلَق ّ‬‫ف َتْعَلُمو َ‬ ‫سْو َ‬ ‫َفَل َ‬
‫ن )‪ ) … (49‬الشعراء ( ‪.‬‬ ‫جَمِعي َ‬‫َأ ْ‬
‫ولهذا تشابهت لغة الخطاب وتشابهت الحجة في قععول الرسععولين‬
‫الكريمين ‪:‬‬
‫ن ُكْنُتععْم‬
‫ض َوَمععا َبْيَنُهَمععا ِإ ْ‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫سععَمَوا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫موسععى ‪َ ) :‬قععاَل َر ّ‬
‫ن )‪ 26‬الشعراء (‬ ‫ب َءاَباِئُكُم اَْلّوِلي َ‬‫ن )‪َ … (24‬قاَل َرّبُكْم َوَر ّ‬ ‫ُموِقِني َ‬
‫ن ُكْنتُْم ُموِقِني َ‬
‫ن‬ ‫ض َوَما َبْيَنُهَما ِإ ْ‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫سَمَوا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫محمد ‪َ … ) :‬ر ّ‬
‫ن )‪ 8‬الدخان (‬ ‫ب َءاَباِئُكُم اَْلّوِلي َ‬ ‫)‪َ … (7‬رّبُكْم َوَر ّ‬
‫ع فأنذرهم ال بعذابات ‪ ،‬من المألوفة للناس ‪ ،‬كععالقحط والجععوع ‪،‬‬
‫مشعرا إياهم بقدرته على أخذهم ‪ ،‬لعلهم يرجعون ‪ ،‬ولكنهععم رّدوا‬
‫ش النحس " ) باللهجة المصععرية ( ‪،‬‬ ‫هذه البتلءات ‪ ،‬إلى " الو ّ‬
‫لموسععى ومععن معععه ‪ ،‬ولععم ينسععبوها إلععى العع ‪ .‬وأصععّروا علععى‬
‫كفرهم ‪ ،‬فأرسل عليهم ما لم يألفوه ‪ ،‬كالطوفعان والجععراد والقمعل‬
‫والضفادع والدم ‪ ،‬فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ‪ .‬ولكنهم لمععا‬
‫وقع بهم العععذاب وعععاينوه ‪ ،‬وعععدوا موسععى باليمععان ‪ ،‬فععي حععال‬
‫ُكشف عنهعم ‪ .‬وُرفعع الععذاب عنهعم لجعل مسعمى ‪ ،‬هعم بعالغوه ‪،‬‬
‫وفور شعورهم بالرخاء ‪ ،‬نكثوا عهدهم وعادوا لما سبق ‪ ،‬فانتقم‬
‫ال منهم ‪ ،‬لتكذيبهم ليات ال وغفلتهم عنها ‪.‬‬
‫ت ‪َ ،‬لَعّلُه عْم‬‫ن الّثَم عَرا ِ‬ ‫ص ِم ع َ‬‫ن َوَنْق ٍ‬ ‫سِني َ‬
‫ن ِبال ّ‬ ‫عْو َ‬ ‫خْذَنا َءاَل ِفْر َ‬ ‫) وََلَقْد َأ َ‬
‫سععَنُة ‪َ ،‬قععاُلوا َلَنععا َهععِذِه ‪َ ،‬وِإنْ‬ ‫ح َ‬
‫جععاَءْتُهُم اْل َ‬ ‫ن )‪َ (130‬فععِإَذا َ‬ ‫َيععّذّكُرو َ‬
‫‪640‬‬
‫طععاِئُرُهْم عِْنعدَ‬ ‫ن َمَعُه ‪َ ،‬أَل ِإّنَمععا َ‬ ‫سى َوَم ْ‬ ‫طّيُروا ِبُمو َ‬ ‫سّيَئٌة ‪َ ،‬ي ّ‬‫صبُْهْم َ‬ ‫ُت ِ‬
‫ن )‪ (131‬وََقععاُلوا َمْهَمععا َتْأِتَنععا ِبعهِ ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫ن َأْكَثَرُهْم َل َيْعَلُمو َ‬ ‫ل ‪َ ،‬وَلِك ّ‬ ‫ا ِّ‬
‫س عْلَنا‬
‫ن )‪َ (132‬فَأْر َ‬ ‫ك ِبُم عْؤِمِني َ‬ ‫ن َل ع َ‬
‫حع ُ‬ ‫حَرَنا ِبَهععا ‪َ ،‬فَمععا َن ْ‬ ‫سع َ‬‫َءاَي عٍة ‪ِ ،‬لَت ْ‬
‫ت‬‫ع َوالععّدَم ‪َ ،‬ءاَيععا ٍ‬ ‫ضععَفاِد َ‬‫جععَراَد َواْلُقّمععَل َوال ّ‬ ‫ن َواْل َ‬‫طوَفععا َ‬ ‫عَلْيِهععُم ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن )‪َ (133‬وَلّمععا َوَقعَع‬ ‫جِرِمي َ‬ ‫سَتْكَبُروا ‪َ ،‬وَكاُنوا َقْوًما ُم ْ‬ ‫ت ‪َ ،‬فا ْ‬ ‫ل ٍ‬ ‫ُمَفصّ َ‬
‫عْنععَدكَ ‪َ ،‬لِئنْ‬ ‫عِهَد ِ‬ ‫ك ِبَما َ‬ ‫ع َلَنا َرّب َ‬ ‫سى اْد ُ‬ ‫جُز ‪َ ،‬قاُلوا ‪َ :‬يُمو َ‬ ‫عَلْيهُِم الّر ْ‬ ‫َ‬
‫سعَراِئيَل )‬ ‫ك َبِنععي ِإ ْ‬ ‫ن َمَعع َ‬ ‫سعَل ّ‬‫ك ‪َ ،‬وَلُنْر ِ‬ ‫ن َلع َ‬‫جعَز َلُنعْؤِمَن ّ‬ ‫عّنا الّر ْ‬ ‫ت َ‬ ‫شْف َ‬
‫َك َ‬
‫جعٍل ُهعْم َبععاِلُغوُه ‪ِ ،‬إَذا ُهعْم‬ ‫جعَز ِإَلععى َأ َ‬ ‫عْنُهعُم الّر ْ‬ ‫شعْفَنا َ‬ ‫‪َ (134‬فَلّمععا َك َ‬
‫غَرْقَناُهْم ِفي اْلَيّم ‪ِ ،‬بَأنُّهْم َكعّذُبوا‬ ‫ن )‪َ (135‬فاْنَتَقْمَنا ِمْنُهْم ‪َ ،‬فَأ ْ‬ ‫َيْنُكُثو َ‬
‫ن َكععاُنوا‬ ‫ن )‪َ (136‬وَأْوَرْثَنععا اْلَقعْوَم اّلعِذي َ‬ ‫غاِفِلي َ‬‫عْنَها َ‬ ‫ِبآَياتَِنا ‪َ ،‬وَكاُنوا َ‬
‫ض َوَمَغاِرَبَها اّلِتي َباَرْكَنا ِفيَها ‪َ ،‬وَتّم ْ‬
‫ت‬ ‫ق اَْلْر ِ‬ ‫شاِر َ‬ ‫ن ‪َ ،‬م َ‬ ‫ضَعُفو َ‬ ‫ستَ ْ‬ ‫ُي ْ‬
‫صَبُروا ‪َ ،‬وَدّمْرَنا َما َكا َ‬
‫ن‬ ‫سَراِئيَل ِبَما َ‬ ‫عَلى َبِني ِإ ْ‬ ‫سَنى َ‬ ‫ح ْ‬‫ك اْل ُ‬‫َكِلَمُة َرّب َ‬
‫ن )‪ 137‬العراف ( ‪.‬‬ ‫شو َ‬ ‫ن َوَقْوُمُه ‪َ ،‬وَما َكاُنوا َيْعِر ُ‬ ‫عْو ُ‬ ‫صَنُع ِفْر َ‬ ‫َي ْ‬
‫ع فما آمن لموسى ‪ ،‬سوى فئة قليلة من مجمععوع بنععي إسععرائيل ‪،‬‬
‫وتبعهم فرععون إلعى البحعر ‪ ،‬وعنعدما أدركعه الغعرق ‪ ،‬نعدم اللعه‬
‫فرعون ‪ ،‬فخان قومه ‪ ،‬وأعلن توبته وإيمانه بإله آخر ‪ ،‬هو الله‬
‫‪ ،‬الذي آمنت به بنوا إسرائيل ‪ ،‬حسب قوله ‪.‬‬
‫ن َوَمَلِئهِ ِبآَياِتَنععا‬ ‫ع عْو َ‬
‫ن ِإَلععى ِفْر َ‬ ‫سى َوَهععاُرو َ‬ ‫ن َبْعِدِهْم ُمو َ‬ ‫) ُثّم َبَعْثَنا ِم ْ‬
‫سى ِإّل‬ ‫ن ِلُمو َ‬ ‫ن )‪َ … (75‬فَما َءاَم َ‬ ‫جِرِمي َ‬ ‫سَتْكَبُروا َوَكاُنوا َقْوًما ُم ْ‬ ‫َفا ْ‬
‫ن َيْفِتَنُه عْم ‪،‬‬‫ن َوَمَلِئِه عْم ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫ع عْو َ‬ ‫ن ِفْر َ‬ ‫ف ِم ع ْ‬ ‫خْو ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َقْوِمِه ‪َ ،‬‬ ‫ُذّرّيٌة ِم ْ‬
‫ن )‪… (83‬‬ ‫س عِرِفي َ‬‫ن اْلُم ْ‬‫ض َوِإّن عُه لَِم ع َ‬ ‫ن َلَعععاٍل ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫ع عْو َ‬‫ن ِفْر َ‬ ‫َوِإ ّ‬
‫جُنععوُدُه َبْغًيععا‬‫ن َو ُ‬ ‫ععْو ُ‬‫حعَر ‪َ ،‬فعَأْتَبَعُهْم ِفْر َ‬ ‫سعَراِئيَل اْلَب ْ‬ ‫جاَوْزَنا ِبَبِنععي ِإ ْ‬ ‫َو َ‬
‫ت َأّنعُه َل ِإَلعهَ ِإّل اّلعِذي‬ ‫ق ‪َ ،‬قععاَل َءاَمْنع ُ‬ ‫حّتى ِإَذا َأْدَرَكُه اْلَغَر ُ‬ ‫عْدًوا ‪َ ،‬‬ ‫َو َ‬
‫ن )‪ 90‬يونس ( ‪.‬‬ ‫سِلِمي َ‬ ‫ن اْلُم ْ‬ ‫سَراِئيَل ‪َ ،‬وَأَنا ِم َ‬ ‫ت ِبِه َبُنو ِإ ْ‬ ‫َءاَمَن ْ‬

‫‪641‬‬
‫ع وأما عامة المصريين ‪ ،‬فقد اتبعوا إلههم وربهم العلى فرعععون‬
‫ف عقععولهم فأطععاعوه ‪ ،‬وأض عّلهم عععن السععبيل ‪،‬‬ ‫‪ ،‬بعععد أن اسععتخ ّ‬
‫فكانوا قوما فاسقين كإلههم ‪ ،‬ومن الغريب أن صفة خفة العقععل ‪،‬‬
‫صفة متوارثععة لغايععة الن فععي عامععة الشعععب المصععري ‪ ،‬إل مععن‬
‫رحععم ربععي ‪ ،‬كمععا ورث أهععل العععراق صععفة البععأس الشععديد مععن‬
‫أجدادهم البابليين ‪.‬‬
‫غْيعِري ‪َ ،‬فَأْوِقعْد‬ ‫ن ِإَلعٍه َ‬ ‫ت َلُكعْم ِمع ْ‬ ‫عِلْم ُ‬
‫ل َما َ‬ ‫ن َيَأّيَها اْلَم َُ‬
‫عْو ُ‬ ‫) َوَقاَل ِفْر َ‬
‫طِل عُع ِإَلععى ِإَل عهِ‬‫حا ‪َ ،‬لَعّلي َأ ّ‬ ‫صْر ً‬‫جَعْل ِلي َ‬ ‫ن ‪َ ،‬فا ْ‬ ‫طي ِ‬ ‫عَلى ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ِلي َياَهاَما ُ‬
‫ن )‪ 38‬القصععص ( ‪َ ) .‬فعَأَراُه الَْيعةَ‬ ‫ن اْلَكععاِذِبي َ‬‫ظّنُه ِم َ‬ ‫سى َوِإّني َل ُ‬ ‫ُمو َ‬
‫شعرَ‬ ‫ح َ‬‫س عَعى )‪َ (22‬ف َ‬ ‫صى )‪ُ (21‬ث عّم َأْدَب عَر َي ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ب َو َ‬ ‫اْلُكْبَرى )‪َ (20‬فَكّذ َ‬
‫خفّ‬ ‫سعَت َ‬
‫عَلعى )‪ 24‬النازععات ( ‪َ ) .‬فا ْ‬ ‫َفَناَدى )‪َ (23‬فَقاَل َأَنا َرّبُكْم اَْل ْ‬
‫ن )‪ 54‬الزخععرف ( ‪.‬‬ ‫سععِقي َ‬ ‫عوُه ِإّنُهععْم َكععاُنوا َقْوًمععا َفا ِ‬ ‫طععا ُ‬‫َقععوَْمُه َفَأ َ‬
‫ن َقْوَمُه َوَما َهَدى )‪ 79‬طه ( ‪.‬‬ ‫عْو ُ‬ ‫ضّل ِفْر َ‬ ‫) َوأَ َ‬
‫ع أما علية القوم ‪ ،‬حاشية السوء فكان رأيهم أنهم هم المصلحون‬
‫‪ ،‬وأن موسى ومن معه من المععؤمنين بععال ‪ ،‬هععم الُمفسععدون فععي‬
‫الرض ‪ ،‬وكذلك رأي فراعنععة هععذا العصععر ‪ ،‬فععي المصععلحين مععن‬
‫الناس ‪ ،‬بمعنى أنهم سعيدفعون النعاس إلعى عبعادة الع ‪ ،‬فيعتركوا‬
‫عبادة آلهة فرعون ‪ ،‬مما يجعلهم يستنكفوا عن طاعته ‪ ،‬فُتقوض‬
‫بذلك أركان ملكه ‪ ،‬مما يععؤول بععه إلععى الععزوال ‪ ،‬فتفسععد الرض ‪،‬‬
‫لععذلك يجععب التخلععص مععن شععرورهم ‪ ،‬بقتععل أبنععائهم واسععتحياء‬
‫نسائهم وقهرهم ‪ ،‬وقتل الرأس المحّركة للفتنة ‪.‬‬
‫س عُدوا ِفععي‬‫سععى َوَق عْوَمُه ِلُيْف ِ‬ ‫ن َأَت عَذُر ُمو َ‬‫ع عْو َ‬ ‫ن َقْوِم ِفْر َ‬ ‫ل ِم ْ‬‫) َوَقاَل اْلَم َُ‬
‫سععاَءُهْم‬‫حِيي ِن َ‬ ‫سعَت ْ‬‫سعُنَقّتُل َأْبَنععاَءُهْم َوَن ْ‬
‫ك َقاَل َ‬ ‫ك َوَءاِلَهَت َ‬ ‫ض َوَيَذَر َ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫ن َذُروِنععي‬ ‫ع عْو ُ‬
‫ن )‪ 127‬العععراف ( ‪َ ) .‬وَقععاَل ِفْر َ‬ ‫َوِإّنا َفْوَقُهْم َقاِهُرو َ‬
‫‪642‬‬
‫ن ُيَبعّدَل ِديَنُكعْم ‪َ ،‬أْو َأنْ‬ ‫ف َأ ْ‬‫خععا ُ‬‫ع َرّبعُه ‪ِ ،‬إّنععي َأ َ‬ ‫سععى ‪َ ،‬وْلَيعْد ُ‬ ‫َأْقُتعْل ُمو َ‬
‫ساَد )‪(26‬‬ ‫ض اْلَف َ‬ ‫ظهَِر ِفي اَْلْر ِ‬ ‫ُي ْ‬
‫ع وأما مؤمن آل فرعون ‪ ،‬كان له رأي آخر ‪ ،‬إذ قال لقومه ‪ ،‬فمن‬
‫ينصرنا من بأس ال إن جاءنا ؟!‬
‫صعُرَنا مِعنْ‬ ‫ن َيْن ُ‬ ‫ض ‪َ ،‬فَمع ْ‬ ‫ن ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫ظععاِهِري َ‬ ‫ك اْلَيْوَم َ‬ ‫) َيَقْوِم َلُكُم اْلُمْل ُ‬
‫ن ‪َ :‬ما ُأِريُكْم ِإّل َما َأَرى ‪َ ،‬وَمععا‬ ‫عْو ُ‬ ‫جاَءَنا ‪َ … ،‬قاَل ِفْر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ِإ ْ‬
‫َبْأسِ ا ِّ‬
‫شععاِد )‪ 29‬غععافر ( ‪ .‬وعلععى هععذا ‪ ،‬فليحععذر‬ ‫سععِبيَل الّر َ‬ ‫َأْهععِديُكْم ِإّل َ‬
‫فراعنععة أمععة السععلم الجععدد ‪ ،‬الععذين يهععدون النععاس إلععى سععبيل‬
‫الرشاد الخاص بهم ‪ ،‬من بأس ال !!‬
‫ع ع وجععاء نصععر ال ع لرسععوله الكريععم ‪ ،‬فأنجععاه مععن مكععر فرعععون‬
‫وملئه ‪ ،‬وأنزل بهم ما استجلبوه على أنفسهم ‪ ،‬من عععذاب الععدنيا‬
‫والخرة ‪.‬‬
‫ب)‬ ‫سععوُء اْلَععَذا ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ععْو َ‬ ‫ق ِبآِل ِفْر َ‬ ‫حا َ‬ ‫ت َما َمَكُروا َو َ‬ ‫سّيَئا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫) َفَوَقاُه ا ُّ‬
‫عُة‬
‫سععا َ‬‫ش عّيا َوَي عْوَم َتُقععومُ ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫غ عُدّوا َو َ‬ ‫عَلْيَهععا ُ‬
‫ن َ‬ ‫ضععو َ‬ ‫‪ (45‬الّنععاُر ُيْعَر ُ‬
‫ب )‪ 46‬غافر (‬ ‫شّد اْلَعَذا ِ‬ ‫ن َأ َ‬
‫عْو َ‬ ‫خُلوا َءاَل ِفْر َ‬ ‫َأْد ِ‬
‫ع وأخيرا ‪ ،‬تهديد وتحذير شديد اللهجة ‪ ،‬لمن كفر بالنذير محمد ‪،‬‬
‫من ملقاة نفس المصير ‪ ،‬فليس هناك استثناء لحععد ‪ ،‬حععتى ولععو‬
‫انتسب لمته وادعى السلم ‪ ،‬فملة الكفر عند رب العزة واحدة ‪،‬‬
‫ومصيرها واحد ‪ ،‬إذ ل خيرية في الكفر ‪.‬‬
‫خعْذَناُهْم‬ ‫ن الّنُذُر )‪َ (41‬كّذُبوا ِبآَياِتَنععا ُكّلَهععا َفَأ َ‬ ‫عْو َ‬ ‫جاَء َءاَل ِفْر َ‬ ‫) َوَلَقْد َ‬
‫ن ُأوَلِئُكْم َأْم َلُكْم َبعَراَءٌة ِفعي‬ ‫خْيٌر ِم ْ‬‫عِزيٍز ُمْقَتِدٍر )‪َ (42‬أُكّفاُرُكْم َ‬ ‫خَذ َ‬ ‫َأ ْ‬
‫عَلْيُك عْم ‪،‬‬
‫شععاِهًدا َ‬ ‫سععوًل ‪َ ،‬‬ ‫سْلَنا ِإَلْيُك عْم َر ُ‬
‫الّزبُِر )‪ 43‬القمر ( ‪ِ ) .‬إّنا َأْر َ‬
‫سوَل ‪،‬‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫عْو ُ‬ ‫صى ِفْر َ‬ ‫سوًل )‪َ (15‬فَع َ‬ ‫ن َر ُ‬‫عْو َ‬ ‫سْلَنا ِإَلى ِفْر َ‬ ‫َكَما ‪َ ،‬أْر َ‬
‫ل )‪ 16‬المزمل ( ‪.‬‬ ‫خًذا َوِبي ً‬ ‫خذَْناُه َأ ْ‬
‫َفَأ َ‬
‫‪643‬‬
‫ن ‪ ،‬بأن الذين ورثوا أرض مصععر ‪ ،‬هععم‬ ‫وقد جانب الصواب من ظ ّ‬
‫بني إسرائيل ‪ ،‬فتاريخ مصر القديم والحديث ‪ ،‬ل يدل علعى ذلعك ‪،‬‬
‫وكععذلك تاريععخ بنععي إسععرائيل ‪ ،‬فععي القععرآن والسععنة والتععوراة‬
‫والتلمود ‪ ،‬كما بيّناه سابقا ‪ ،‬وأما المقصودين بوراثتها هععا هنععا ‪،‬‬
‫هم أهل مصر ‪ ،‬من أبناء من بقععي ‪ ،‬مععن قععوم فرعععون وعبيععده ‪،‬‬
‫الذين لم ُيهلك منهم في اليم غرقا ‪ ،‬سوى من تبع بني إسععرائيل ‪،‬‬
‫أثناء خروجهم من مصر ‪ ،‬أما الرض التي ورثها بنو إسععرائيل ‪،‬‬
‫بعد خروجهععم مععن مصععر ‪ ،‬فهععي الرض المقّدسععة والمباركععة أي‬
‫فلسطين ‪.‬‬
‫ب‬‫ذا ِ‬ ‫عنن َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫منن َ‬ ‫ل ِ‬‫سننَراِئي َ‬ ‫جي َْنننا ب َِننني إ ِ ْ‬ ‫قنندْ ن َ ّ‬ ‫ول َ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫في ن ِ‬ ‫مننا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ن اْلَيا ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ءات َي َْنا ُ‬
‫و َ‬
‫ن… َ‬ ‫هي ِ‬ ‫م ِ‬‫ال ْ ُ‬
‫ن )‪(33‬‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ب ََلءٌ ُ‬
‫وُيذّكر سبحانه بإنجائه بني إسرائيل ‪ ،‬من فرعون وقومه ‪ ،‬وبمععا‬
‫آتى نبيهم موسى عليه الصلة والسععلم ‪ ،‬مععن معجععزات بّينععات ‪،‬‬
‫في مصر وأثناء خروجهم منها ‪ ،‬شاهدوها بععأم أعينهععم ‪ ،‬ويععذّكر‬
‫سعععبحانه بعععأنه وبعععالرغم معععن تفضعععيلهم ‪ ،‬وابتلئهعععم بالسعععّراء‬
‫والضّراء ‪ ،‬فما كان من أكثرهم إل الكفععر والفسععوق والعصععيان ‪،‬‬
‫وإيذاء نبيهم موسى عليه الصلة والسععلم ‪ ،‬فععأنزل بهععم وعليهععم‬
‫ربهم العذاب تلو الععذاب ‪ ،‬ممعا فصععلناه فعي فصععل سععابق ‪ .‬وكمععا‬
‫حاول فرعون إيذاء موسى ومن منعه من المؤمنين ‪ ،‬كععذلك فعععل‬
‫سععى‬‫بنو إسععرائيل أنفسععهم ‪ ،‬بموسععى بعععد النجععاة ‪َ ) ،‬وِإْذ َقععاَل ُمو َ‬
‫ل ع ِإَلْيُك عْم ‪،‬‬
‫سوُل ا ِّ‬ ‫ن َأّني َر ُ‬‫ِلَقْوِمِه ‪َ :‬يَقْوِم ِلَم ُتْؤُذوَنِني ؟! َوَقْد َتْعَلُمو َ‬
‫س عِقينَ )‪5‬‬ ‫ل َل َيْهِدي اْلَقْوَم اْلَفا ِ‬‫ل ُقُلوَبُهْم ‪َ ،‬وا ُّ‬‫غ ا ُّ‬
‫غوا ‪َ ،‬أَزا َ‬ ‫َفَلّما َزا ُ‬

‫‪644‬‬
‫الصف ( ‪ ،‬ومجمل مععن تق عّدم ذكرهععم فععي سععورة الععدخان ‪ ،‬يقععول‬
‫فيهم سبحانه ‪:‬‬
‫وت َت َُنننا‬ ‫م ْ‬ ‫ي إ ِّل َ‬ ‫هنن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ‪ :‬إِ ْ‬ ‫قوُلننو َ‬ ‫ء ل َي َ ُ‬‫ؤَل ِ‬ ‫هنن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫إِ ّ‬
‫كننناُنوا‬ ‫م َ‬ ‫هننن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ننننا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫لوَلنننى … أ َ‬ ‫ا ْ ُ‬
‫ْ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ْ‬
‫ن )‪(37‬‬ ‫مي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ج ِ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ُيقععّرر سععبحانه وتعععالى بععأن ) َهععُؤَلِء ( أي أصععحاب الععدخان ‪،‬‬
‫ُينكرون البعث والنشور ‪ ،‬كما ُيقّرر سبحانه وتعالى ‪ ،‬أنهم ليسععوا‬
‫بخيععر مععن قععوم تبععع ‪ ،‬والععذين مععن قبلهععم ‪ ،‬حيععث أهلكهععم ال ع‬
‫بععإجرامهم ‪ .‬ومععن المفهععوم ضععمنا ‪ ،‬بععأن فععي هععذا وعيععد ‪ ،‬لمععن‬
‫ُيجرمون في حق ال ورسله وكتبه ‪ ،‬وينكرون البعث ‪ .‬حيث أنهم‬
‫لععو آمنععوا ‪ ،‬بحقيقععة رجعتهععم إلععى ال ع فععي اليععوم الخععر لتقععديم‬
‫الحساب ‪ ،‬ونيل ما ترتب على أقوالهم وأفعالهم تلععك ‪ ،‬مععن ثععواب‬
‫صل لديهم اليقين بذلك ‪ ،‬لما تجّرأوا على الجععرام ‪،‬‬ ‫وعقاب ‪ ،‬وتح ّ‬
‫كما أجرم الذين مععن قبلهععم ‪ .‬فهععم فععي شععك يلعبععون ‪ ،‬ومصععيرهم‬
‫الهلك ل محالة ‪ ،‬وانظر قوله تعالى موضحا حقيقة حالهم ‪ ،‬وهو‬
‫أعلععم بمععا يعتمععل فععي صععدورهم ‪ ،‬وحقيقععة مععوقفه منهععم ‪ ،‬ومععن‬
‫أمثالهم ماضيا ومستقبل ‪:‬‬
‫ت‬‫ض ‪ِ ،‬إّنُه عَِليٌم ِبَذا ِ‬ ‫ت َواَْلْر ِ‬ ‫سَمَوا ِ‬‫ب ال ّ‬ ‫غْي ِ‬‫عاِلُم َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫قال تعالى ) ِإ ّ‬
‫ض ‪َ ،‬فمَ عنْ َكَف عَر‬ ‫ف ِفععي اَْلْر ِ‬ ‫لِئ َ‬ ‫خَ‬‫جَعَلُك عْم َ‬‫الصُّدوِر )‪ُ (38‬ه عَو اّل عِذي َ‬
‫عْنَد َرّبِه عْم ‪ِ ،‬إّل َمْقًتععا ‪َ ،‬وَل‬ ‫ن ُكْفُرُهْم ِ‬‫َفَعَليِْه ُكْفُرُه ‪َ ،‬وَل َيِزيُد اْلَكاِفِري َ‬
‫جْهعَد‬ ‫ل َ‬ ‫سُموا بِععا ِّ‬ ‫ساًرا )‪َ … (39‬وَأْق َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن ُكْفُرُهْم ‪ِ ،‬إّل َ‬ ‫َيِزيدُ اْلَكاِفِري َ‬
‫حَدى اُْلمَِم ‪َ ،‬فَلّمععا‬ ‫ن ِإ ْ‬ ‫ن َأْهَدى ِم ْ‬ ‫جاَءُهْم َنِذيٌر ‪َ ،‬لَيُكوُن ّ‬ ‫ن َ‬ ‫َأْيَماِنِهْم ‪َ ،‬لِئ ْ‬
‫ض‪،‬‬ ‫سعِتْكَباًرا ِفععي اْلَْر ِ‬ ‫جاَءُهْم َنِذيٌر ‪َ ،‬مععا َزاَدُهعْم ِإّل ُنُفععوًرا )‪ (42‬ا ْ‬ ‫َ‬
‫ظ عُرونَ‬ ‫س عّيئُ ِإّل ِب عَأْهِلِه ‪َ ،‬فَه عْل َيْن ُ‬‫ق اْلَمْكُر ال ّ‬ ‫حي ُ‬ ‫ئ ‪َ ،‬وَل َي ِ‬ ‫سّي ِ‬‫َوَمْكَر ال ّ‬
‫‪645‬‬
‫لع‬ ‫سعّنةِ ا ِّ‬ ‫جعَد ِل ُ‬
‫ن َت ِ‬‫ل ‪َ ،‬وَلع ْ‬ ‫ل َتْبِدي ً‬‫سّنِة ا ِّ‬
‫جَد ِل ُ‬‫ن َت ِ‬
‫ن ‪َ ،‬فَل ْ‬ ‫سّنَة اَْلّوِلي َ‬ ‫ِإّل ُ‬
‫عاِقَبُة‬ ‫ن َ‬ ‫ف َكا َ‬ ‫ظُروا َكْي َ‬ ‫ض ‪َ ،‬فَيْن ُ‬‫سيُروا ِفي اَْلْر ِ‬ ‫ل )‪َ (43‬أَوَلْم َي ِ‬ ‫حِوي ً‬ ‫َت ْ‬
‫ج عَزُه‬‫ل ع ِلُيْع ِ‬
‫ن ا ُّ‬
‫شّد ِمْنُهْم ُق عّوًة ‪َ ،‬وَمععا َكععا َ‬ ‫ن َقْبِلِهْم ‪َ ،‬وَكاُنوا َأ َ‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫اّلِذي َ‬
‫عِليًما َق عِديًرا )‬ ‫ن َ‬ ‫ض ‪ِ ،‬إّنُه َكا َ‬ ‫ت َوَل ِفي اَْلْر ِ‬ ‫سَمَوا ِ‬ ‫يٍء ‪ِ ،‬في ال ّ‬ ‫ش ْ‬‫ن َ‬ ‫ِم ْ‬
‫ظْهِرَها ِمنْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سُبوا ‪َ ،‬ما َتَر َ‬ ‫س ‪ِ ،‬بَما َك َ‬ ‫ل الّنا َ‬ ‫خُذ ا ُّ‬ ‫‪َ (44‬وَلْو ُيَؤا ِ‬
‫لع‬ ‫جُلُهْم ‪َ ،‬فِإنّ ا َّ‬ ‫جاَء َأ َ‬ ‫سّمى ‪َ ،‬فِإَذا َ‬ ‫جٍل ُم َ‬ ‫خُرُهْم ِإَلى َأ َ‬‫ن ُيَؤ ّ‬ ‫َداّبٍة ‪َ ،‬وَلِك ْ‬
‫صيًرا )‪ 45‬فاطر ( ‪.‬‬ ‫ن ِبِعَباِدِه َب ِ‬ ‫َكا َ‬
‫ل اّلِتي َقعْد‬ ‫سّنَة ا ِّ‬‫سَنا ‪ُ ،‬‬ ‫ك َيْنَفُعُهْم ِإيَماُنُهْم ‪َ ،‬لّما َرَأْوا َبْأ َ‬ ‫وقال ) َفَلْم َي ُ‬
‫ن )‪ 85‬غافر ( ‪.‬‬ ‫ك اْلَكاِفُرو َ‬ ‫سَر ُهَناِل َ‬‫خ ِ‬‫عَباِدِه ‪َ ،‬و َ‬ ‫ت ِفي ِ‬ ‫خَل ْ‬ ‫َ‬
‫‪ -‬إذن ل أحد ممن أجرم في حق الع ‪ ،‬بمفعازة معن الععذاب ‪ ،‬ومعا‬
‫ترِكهم فععي طغيععانهم يعمهععون ‪ ،‬إل لحيععن مجيععء أجلهععم الُمعلععوم‬
‫سلفا ‪ ،‬وتأخير العذاب عنهم ‪ ،‬ما كان لعجز ‪ ،‬أو لقصععر ذات يععد ‪.‬‬
‫إذ أنهععم كلمععا أمعنععوا فععي الكفععر ‪ ،‬كلمععا ازدادوا مقتععا وغضععبا‬
‫وخسارة ‪ ،‬وكلما اقععترب إليهععم أجلهععم ‪ ،‬وهععم ل يشعععرون ‪ ،‬ولععن‬
‫يقبل إيمانهم ‪ ،‬عند معاينة العععذاب ‪ ،‬بعععد أن حععق القععول عليهععم ‪،‬‬
‫وصدر الحكم بكفرهم ‪ ،‬ونفذ قضاء ال فيهم ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫م ي َت َنذَك ُّرو َ‬ ‫هن ْ‬ ‫عل ّ ُ‬‫ك لَ َ‬ ‫سننان ِ َ‬ ‫سنْرَناهُ ب ِل ِ َ‬ ‫مننا ي َ ّ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬‫َ‬
‫ن )‪(59‬‬ ‫قُبو َ‬ ‫مْرت َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫ب إ ِن ّ ُ‬‫ق ْ‬ ‫فاْرت َ ِ‬ ‫َ‬
‫أي أن ال ع سععبحانه س عّهل هععذا القععرآن ‪ ،‬بلسععان عربععي مععبين ‪،‬‬
‫وجعله قابل للفهم والهضم ‪ ،‬لمن أراد فهمه ‪ ،‬رغبة فععي الععذكرى‬
‫والتذّكر ‪ ،‬ومن لم ُيرد الذكرى منه ‪ ،‬وارتاده لمر ما غيععر ذلععك ‪،‬‬
‫حجب عنه الفهم ‪ ،‬ووجععده طلسععم ورمععوز ل يفقععه منهععا شععيئا ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فك عّذب وجععادل وكفععر ‪ ،‬ونسععب إلععى كتععاب ال ع ‪ ،‬مععا ليععس فيععه ‪،‬‬

‫‪646‬‬
‫وأعععرض عععن اتبععاعه ‪ ،‬ونهععى عععن العمععل بععه ‪ ،‬وحععاربه بشععتى‬
‫الوسائل والسبل ‪:‬‬
‫ب ِبآَيععاِتهِ‬ ‫ل ع َك عِذًبا َأْو َك عّذ َ‬
‫عَلى ا ِّ‬ ‫ن اْفَتَرى َ‬ ‫ظَلُم ِمّم ِ‬‫ن َأ ْ‬‫قال تعالى ) َوَم ْ‬
‫جَعْلَنععا‬
‫ك ‪َ ،‬و َ‬ ‫سَتِمُع ِإَلْيع َ‬
‫ن َي ْ‬ ‫ن )‪َ … (21‬وِمْنُهْم َم ْ‬ ‫ظاِلُمو َ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ِإّنُه َل ُيْفِل ُ‬
‫ن َيَرْوا ُكععّل‬ ‫ن َيْفَقُهوُه ‪َ ،‬وِفي َءاَذاِنِهْم َوْقًرا ‪َ ،‬وِإ ْ‬ ‫عَلى ُقُلوِبِهْم َأِكّنًة َأ ْ‬ ‫َ‬
‫ك ‪َ ،‬يُقععوُل اّلعِذينَ‬ ‫جاِدُلوَنع َ‬ ‫جععاُءوكَ ُي َ‬ ‫حّتععى ِإَذا َ‬ ‫َءاَيٍة َل ُيْؤِمُنععوا ِبَهععا ‪َ ،‬‬
‫ن )‪َ (25‬وُهعْم َيْنَهعْونَ عَْنعُه ‪،‬‬ ‫طيُر اَْلّوِليع َ‬ ‫سععا ِ‬
‫ن َهعَذا ِإّل َأ َ‬ ‫َكَفعُروا ‪ِ ،‬إ ْ‬
‫ن )‪َ (26‬وَلعْو‬ ‫شُعُرو َ‬ ‫سُهْم ‪َ ،‬وَما َي ْ‬ ‫ن ِإّل َأْنُف َ‬
‫ن ُيْهِلُكو َ‬ ‫عْنُه ‪َ ،‬وِإ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َوَيْنَأْو َ‬
‫ت‬
‫ب ِبآَيععا ِ‬ ‫عَلععى الّنععاِر ‪َ ،‬فَقععاُلوا ‪َ :‬يَلْيَتَنععا ُنعَرّد َوَل ُنَكعّذ َ‬ ‫َتَرى ِإْذ ُوِقُفوا َ‬
‫خُفععو َ‬
‫ن‬ ‫ن )‪َ (27‬بْل َبَدا َلُهعْم ‪َ ،‬معا َكععاُنوا ُي ْ‬ ‫ن اْلُمْؤِمِني َ‬‫ن ِم َ‬ ‫َرّبَنا ‪َ ،‬وَنُكو َ‬
‫ن )‪(28‬‬ ‫عْنعُه ‪َ ،‬وِإّنُهعْم َلَكععاِذُبو َ‬ ‫ن َقْبُل ‪َ ،‬وَلْو ُرّدوا َلَعاُدوا ِلَما ُنُهوا َ‬ ‫ِم ْ‬
‫ن )‪ 29‬النعام ( ‪.‬‬ ‫ن ِبَمْبُعوِثي َ‬ ‫حُ‬ ‫حَياُتَنا الّدْنَيا َوَما َن ْ‬
‫ي ِإّل َ‬ ‫ن ِه َ‬ ‫َوَقاُلوا ِإ ْ‬
‫) فارتقب ( خاص برسوله عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬وفيععه وعععد‬
‫بنصرته ونصرة أتباعه ‪ ،‬بإهلك خصومه ‪ ،‬وعام لمععن ُيخععاطبهم‬
‫القعععرآن ‪ ) ،‬إنهعععم مرتقبعععون ( أي مرتقعععبين هلكهعععم ‪ ،‬غيعععر‬
‫مصّدقين ‪ ،‬مسعتهزئين غيععر ععابئين ‪ ،‬بمعا وععدهم الع معن أمععر‬
‫البطشععة الكععبرى ‪ ،‬وفيععه تهّكععم مععن ال ع بهععم وتحقيععرا لشععأنهم ‪.‬‬
‫ث علععى‬ ‫وقوله ) فارتقب ( يفيد أن ذلك سيقع مسععتقبل ‪ ،‬وفيععه حع ّ‬
‫الترّقب والنتظار ‪ ،‬كقوله ) فارتقب يوم تأتي السععماء ( لمعاينععة‬
‫الحدث الول ‪ ) ،‬أي الدخان ( الذي بّين رب العععزة خععبره ‪ ،‬وبّيععن‬
‫ما سععيكون قععولهم عنععد نزولععه بهععم ‪ ،‬ومععا سععيكون مععوقفهم بعععد‬
‫كشفه عنهععم ‪ ،‬ومعن ثععم ) فععارتقب ( فعي آخعر السععورة ‪ ،‬لمعاينععة‬
‫الحدث الثاني ) أي البطشة الكبرى ( ‪ ،‬لتعلم وليعلععم المؤمنععون ‪،‬‬
‫بأن ما أخبر عنه هذا القرآن الكريم المععبين هععو الحععق ‪ ،‬وأن مععن‬
‫أنزله هو الحق ‪ ،‬وأن مععا ُينكععره هععؤلء بكفرهععم ‪ ،‬هععو الحععق فل‬
‫‪647‬‬
‫ُيضيرك وُيضععير المععؤمنين بعه ‪ ،‬كفرهععم وفسععوقهم وعصععيانهم ‪،‬‬
‫فلن تأسف عليهم السماء ول الرض ‪ ،‬كمععا لععم تأسععف علععى مععن‬
‫عَلْيُكععْم‬
‫ن َءاَمُنععوا َ‬‫أهلكنععاهم مععن قبععل ‪ ،‬قععال تعععالى ) َيَأّيَهععا اّلععِذي َ‬
‫جِميًعععا‬ ‫جُعكُْم َ‬
‫ضّل ِإَذا اْهَتَدْيُتْم ‪ِ ،‬إَلى الِّ َمْر ِ‬
‫ن َ‬‫ضّرُكْم َم ْ‬‫سُكْم ‪َ ،‬ل َي ُ‬ ‫َأْنُف َ‬
‫ن )‪105‬المائدة ( ‪.‬‬ ‫َفُيَنّبُئُكْم ِبَما ُكْنُتْم َتْعَمُلو َ‬
‫صفات الدخان ‪:‬‬
‫‪ .1‬بّيععن واضععح ل ُلبععس فيععه ‪ ،‬ل يختلععف عليععه اثنععان ‪ ،‬وهععو‬
‫المعروف المألوف بين النععاس ‪ ،‬وهعو الععذي ينجعم ععن عمليعة‬
‫الحرق في العادة ‪ ،‬ذو طبيعة غازيععة ‪ ،‬ولععون أسععود ‪ ،‬ورائحععة‬
‫ن ُمِبينٍ ( ‪.‬‬
‫خا ٍ‬
‫كريهة نّفاثة مؤذية ‪ ،‬بدللة قوله تعالى ) ِبُد َ‬
‫‪ .2‬هو من المور المنتظرة والمرتقبة ‪ ،‬قادم ل محالععة فععي يععوم‬
‫من اليام ‪ ،‬بدللة تنكير كلمة ) َيْوَم ( ‪.‬‬
‫‪ .3‬مصدره من السماء ‪ ،‬ل الرض ‪ ،‬بدللة قععوله تعععالى ) َت عْأِتي‬
‫سَماُء ( ‪ ،‬أي أن السماء ستأتي به ‪ ،‬وبذلك سععتكون الغععازات‬ ‫ال ّ‬
‫المؤلفة لهذا الدخان ‪ ،‬غير تلك الغععازات ‪ ،‬الععتي تؤلععف الععدخان‬
‫الناجم ‪ ،‬عن الحرائق على الرض ‪.‬‬
‫‪ .4‬ظهععوره مفععاجئ ومبععاغت ‪ ،‬وغيععر مسععبوق بمععا ُينععبئ عععن‬
‫قععدومه ‪ ،‬لكععي يتعععذر علععى النععاس ‪ ،‬إيجععاد تععبريرات وأسععباب‬
‫مادية ومنطقيعة لظهعوره ‪ ،‬ليؤكعد سعبحانه ‪ ،‬بعأن مصعدره هعو‬
‫السماء ‪ ،‬وأنه عذاب من عنده ‪ ،‬وأنه نععذير سععوء ‪ ،‬وأن هنععاك‬
‫ما هو أفظع منه وأقسععى ‪ ،‬أل وهععو البطشععة الكععبرى ‪ ،‬بدللععة‬
‫ب ( ‪ ،‬وهععو خطععاب بلفععظ المفععرد خععاص‬ ‫قععوله تعععالى ) َفععاْرَتِق ْ‬
‫برسول ال عليه السلم ‪ ،‬ومراد به العموم ‪ ،‬ممن يسوءهم ما‬

‫‪648‬‬
‫يسوء ال ورسوله ‪ ،‬أي فارتقبوه لتعرفوه إذا ظهر ‪ ،‬وليرتقبه‬
‫المعنيين به ليحذروا ‪ ،‬ما يكون من أمر ال بعده ‪.‬‬
‫‪ .5‬إحععاطته بالنععاس مععن كععل الجععوانب ‪ .‬بمعنععى أنععه ينععزل مععن‬
‫السععماء ‪ ،‬ويمكععث قريبععا مععن الرض ‪ ،‬ملزمععا للنععاس ‪ ،‬يمل‬
‫شععى‬‫عليهععم معايشععهم ومسععاكنهم ‪ ،‬بدللععة قععوله تعععالى ) َيْغ َ‬
‫س ( ‪ ،‬والناس هنا ‪ ،‬هم الذين سُيظهرون الشك واللعب في‬ ‫الّنا َ‬
‫أمععر دينهععم ‪ ،‬دون غيرهععم ‪ ،‬لن اليععات السععابقة لهععا ح عّددت‬
‫حقيقة معتقدهم ) في شك ( ووصفت فعلهم ) يلعبععون ( ‪ .‬وفععي‬
‫العععادة فععإن الععدخان ‪ ،‬يتصععاعد إلععى أعلععى بعيععدا عععن النععاس‬
‫ومساكنهم ‪ ،‬ومععن ثععم ينتشععر فععي السععماء ويختفععي تععدريجيا ‪،‬‬
‫ومععن ثععم تمععتزج ذراتععه مععع ذرات المععاء والغبععار ‪ ،‬وتترسععب‬
‫وتعود إلععى سععطح الرض ‪ ،‬خلل سععويعات قليلععة ‪ .‬ولكععن هععذا‬
‫مخععالف لكععل مععا سععبق ‪ ،‬يهبععط مععن أعلععى إلععى أسععفل ‪ ،‬ويبقععى‬
‫ملزمعععا للرض وللنعععاس ‪ ،‬ول ينتشعععر ول يترسعععب ‪ ،‬حعععتى‬
‫صل الغاية من إرساله ‪ ،‬بتعذيب أولئك القوم ‪.‬‬ ‫تتح ّ‬
‫‪ُ .6‬يصاب الناس منه بالذى والضرر ‪ ،‬وعادة ما ُيحدث الععدخان‬
‫ضررا ‪ ،‬فععي النععف والعيععن والحنجععرة ‪ ،‬وقععد يتسعّبب بحععالت‬
‫اختنععاق نتيجععة نقععص الوكسععجين ‪ ،‬فععي أسععوأ الحععوال ‪ ،‬مععن‬
‫جععراء غشععيانه وإحععاطته بهععم ‪ ،‬ولكععن دون المععوت والهلك ‪،‬‬
‫ب َأِليعٌم ( ‪ ،‬وهععذا تقريعر معن رب‬ ‫ععَذا ٌ‬
‫بدللة قوله تععالى ) َهعَذا َ‬
‫العزة بأنه عذاب ‪ ،‬لمن قععد ُيش عّكك فععي ذلععك ‪ ،‬أي أن المقصععود‬
‫بععإنزاله ‪ ،‬تعععذيب مععن ينععزل بهععم ‪ ،‬وليععس مععوتهم ‪ ،‬لمععور‬
‫ضحها اليات فيما يليها ‪.‬‬ ‫اقترفوها ‪ ،‬تو ّ‬

‫‪649‬‬
‫‪ .7‬هععذا الععدخان حععدث عععارض ‪ ،‬وغشععيانه للنععاس مععؤقت ‪،‬‬
‫وانكشاف هععذا الععدخان ‪ ،‬سععيكون بععأمر مععن الع ‪ ،‬لقععوله ) ِإّنععا‬
‫ل ( ‪ ،‬إذ أن الهععدف منععه هععو النععذار فقععط ‪،‬‬ ‫ب َقِلي ً‬
‫شُفوا اْلَععَذا ِ‬
‫َكا ِ‬
‫بععالرغم مععن انعقععاد السععباب الموجبععة للعععذاب ‪ ،‬ولكععن يلععزم‬
‫الصرار من قبل القوم ‪ ،‬على ما هم فيه من العتو والكبر ‪ ،‬قبل‬
‫نزول البطشة الكبرى بهم ‪ ،‬وهذا رحمععة مععن الع ‪ ،‬حععتى بمععن‬
‫يؤذيه ‪ ،‬ويؤذي ُرسله من عباده ‪.‬‬
‫حقيقة معتقد هؤلء القوم وصفة أقوالهم‬
‫وأفعالهم ‪:‬‬
‫‪ .1‬انعدام اليقين بال ‪ ،‬وملئكته وكتبه ورسععله واليععوم الخععر ‪،‬‬
‫شكّ ( ‪.‬‬‫وكل ما أخبرت عنه الكتب السماوية ‪َ ) ،‬بْل ُهْم ِفي َ‬
‫‪ .2‬العراض عن آيات ال ‪ ،‬والستهزاء بهععا ‪ ،‬واتخاذهععا هععزوا‬
‫ن(‪.‬‬ ‫ولعبا ‪ ،‬كمادة للتسلية والفكاهة والتندر ) َيْلَعُبو َ‬
‫‪ .3‬النفععاق حععتى مععع العع ‪ ،‬فحقيقععة أفعععالهم ‪ ،‬تتنععافى مععع مععا‬
‫ُيظهرونه ‪ ،‬من إيمان أو انتساب للسلم ‪ ،‬فقععولهم هععو ) َرّبَنععا‬
‫ن ( ‪ ،‬وشععهادة رب العععزة ُتك عّذب‬ ‫ب ِإّنععا ُمْؤِمُنععو َ‬
‫عّنا اْلَعَذا َ‬
‫ف َ‬‫ش ْ‬‫اْك ِ‬
‫قولهم ) َأّنى َلُهُم الّذْكَرى ( ‪.‬‬
‫‪ .4‬الكفر بعد اليمان ‪ ،‬بالعراض عن هدي رسععول ال ع ‪ ،‬عليععه‬
‫عْنُه ( ‪.‬‬
‫الصلة والسلم ‪ُ ) ،‬ثّم َتَوّلْوا َ‬
‫‪ .5‬الطعععن فععي خلقععه الكريععم ‪ ،‬واتهععامه بععالجنون أي المععس ‪،‬‬
‫وبعععالتعّلم معععن البشعععر والكهعععان والسعععحرة ‪َ ) ،‬وَقعععاُلوا ُمَعّلعععمٌ‬
‫ن(‪.‬‬ ‫جُنو ٌ‬
‫َم ْ‬

‫‪650‬‬
‫‪ .6‬محاربة ال وإيذاء رسوله وأوليائه من الناس ‪ ،‬من تضععييق‬
‫وتعععذيب وقتععل ‪ ،‬ومحاربععة السععلم ‪ ،‬والطعععن فععي تعععاليمه ‪،‬‬
‫وإضلل النععاس وإبعععادهم عععن الحقيقععة ‪ ،‬وهععدي النععاس بغيععر‬
‫هدي محمد ‪ ،‬عليه الصععلة والسععلم ‪ ،‬واتهععام الُمصععلحين مععن‬
‫النعععاس ‪ ،‬بالمفسعععدين فعععي الرض ‪ ،‬خشعععية أن ُيبعععّدل هعععؤلء‬
‫المصعععلحون دينهعععم الجديعععد العععذي يعععدينون ‪ ،‬بإحيعععاء العععدين‬
‫السععلمي مععن جديععد ‪ ، ،‬وهععذه هععي أقععوال وأفعععال فرعععون‬
‫وقععومه ‪ ،‬ومسععتفادة مععن تشععبيه حععال هععؤلء القععوم ‪ ،‬بحععال‬
‫فرعون وقومه ‪ ،‬وكذلك بحال بني إسرائيل ‪.‬‬
‫‪ .7‬إنكععار البعععث والنشععور ومععا يليععه مععن حسععاب ‪ ،‬وثععواب‬
‫ن ِهيَ ِإّل َمْوَتُتَنا اُْلوَلععى َوَمععا‬ ‫ن ‪ِ :‬إ ْ‬‫ن َهُؤَلِء َلَيُقوُلو َ‬ ‫وعقاب ‪ِ ) ،‬إ ّ‬
‫ن(‪.‬‬ ‫شِري َ‬ ‫ن ِبُمْن َ‬
‫َنحْ ُ‬
‫عّبععاد‬‫‪ .8‬مادّيون منشغلون ومتفانون في الحياة الدنيا ‪ ،‬فهم من ُ‬
‫الدنيا ومظاهرها الخادعة ‪ ،‬ل يؤمنون إل بما هععو محسععوس ‪،‬‬
‫مععن الععدلئل الدافعععة للشععك والموجبععة لليقيععن ‪ ،‬لطلبهععم الععدليل‬
‫ن ( ‪ ،‬للتأكعد معن‬ ‫صعاِدِقي َ‬ ‫ن ُكْنُتعْم َ‬ ‫المادي بقولهم ) َفْأُتوا ِبآَباِئَنعا ِإ ْ‬
‫حقيقة القدرة على البعث ‪ ،‬وما هم بموقنين ‪ ،‬فعقولهم قاصععرة‬
‫ععن فهععم العدلئل العقليععة ‪ ،‬المطروحعة فعي القععرآن ‪ ،‬والععتي ل‬
‫صل إل بالتفّكر والتدّبر ‪.‬‬ ‫تتح ّ‬
‫‪ .9‬مجرمععون ومص عّرون علععى إجرامهععم ‪ ،‬فل وازع ول رادع ‪،‬‬
‫يثنيهم عن غيهم وطغيععانهم ‪ ،‬ول تعنيهععم التحععذيرات والنععذر ‪،‬‬
‫ن َقْبِلِه عْم َأْهَلْكَنععاُهْم ِإّنُه عْم َكععاُنوا‬
‫ن ِم ع ْ‬‫خْيٌر َأْم َقْوُم ُتّبٍع َواّلِذي َ‬
‫) َأُهْم َ‬
‫ن(‪.‬‬ ‫جِرِمي َ‬‫ُم ْ‬

‫‪651‬‬
‫صل في حياته‬ ‫ظهور هذا الدخان بصفته الموضحة أعله ‪ ،‬لم يتح ّ‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ ،‬حيث لو عاينه في حياته لخبر عنععه ‪ ،‬أو‬
‫أخبر عنه أصعحابه ‪ ،‬ولععورد خعبره فعي كتععب السععيرة والتاريععخ ‪،‬‬
‫وليس من المنطقععي أن يكععون مععن أحععداث يععوم القيامععة ‪ ،‬أو مععن‬
‫أشععراطها الكععبرى ‪ ،‬فصععفته وصععفة هععؤلء القععوم ‪ ،‬والغايععة مععن‬
‫غشيانه لهم ‪ ،‬كما ُتبينها اليات ‪ ،‬ل تتفق مع كونهععا أحععد أشععراط‬
‫السععاعة الكععبرى ‪ ،‬والععتي س عُيعاينها مجمععل البشععر ‪ ،‬بينمععا هععذا‬
‫الدخان ‪ ،‬خاص بأناس من أمة السععلم ‪ ،‬وسععبب غشععيانه لهععم ‪،‬‬
‫هو أنهععم كفععروا بعععد أن كععانوا مسععلمين ‪ ،‬وأمععا السععبب المععوجب‬
‫للبطشععة الكععبرى ‪ ،‬هععو إيععذاءهم لرسععوله الكريععم ‪ ،‬بععالرغم مععن‬
‫تحذيرهم بالدخان ‪.‬‬
‫م‬‫ه ْ‬‫جنناءَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫عنن ْ‬ ‫فْر َ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬‫ق ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قب ْل َ ُ‬‫فت َّنا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫) َ‬
‫م(‬ ‫ري ٌ‬ ‫ل كَ ِ‬ ‫سو ٌ‬ ‫َر ُ‬
‫جعععاء فعععي لسعععان الععععرب أن " جمعععاع معنعععى الفتنعععة ‪ ،‬البتلء‬
‫والمتحان والختبار ‪ ،‬وأصلها ‪ ،‬مأخوذ مععن قولععك فتنععت الفضععة‬
‫والععذهب ‪ ،‬إذا أذبتهمععا بالنععار ‪ ،‬لتميععز الرديععء مععن الجيععد " ‪.‬‬
‫خْيِر ِفْتَنةً )‪35‬‬ ‫شّر َواْل َ‬
‫ويتضح معناها من قوله تعالى ) َوَنْبُلوُكْم ِبال ّ‬
‫ن ُيْتَرُكععوا ‪،‬‬‫س ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫ب الّنععا ُ‬ ‫سع َ‬ ‫ح ِ‬‫النبياء ( ‪ ،‬وقوله تعالى ) الععم )‪َ (1‬أ َ‬
‫ن ِمنْ َقْبِلِهْم ‪،‬‬ ‫ن )‪َ (2‬وَلَقْد َفَتّنا اّلِذي َ‬ ‫ن َيُقوُلوا َءاَمّنا ‪َ ،‬وُهْم َل ُيْفَتُنو َ‬ ‫َأ ْ‬
‫ن )‪َ … ( 3‬وَلَيْعَلمَ ّ‬
‫ن‬ ‫ن اْلَكاِذِبي َ‬ ‫صَدُقوا ‪َ ،‬وَلَيْعَلَم ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ل اّلِذي َ‬‫ن ا ُّ‬‫َفَلَيْعَلَم ّ‬
‫ن )‪ 11‬العنكبععوت ( ‪ ،‬ليكععون‬ ‫ن اْلُمَنععاِفِقي َ‬
‫ن َءاَمُنععوا َوَلَيْعَلَمع ّ‬ ‫ل اّلعِذي َ‬‫ا ُّ‬
‫معنععى الفتنععة ‪ ،‬هعو المتحععان والختبعار ‪ ،‬ويكععون ذلعك بععالبتلء‬
‫بالشر أو بالخير ‪ ،‬ليعلم ال الصادق من الكاذب ‪ ،‬وليعلم المععؤمن‬
‫من المنافق ‪.‬‬
‫‪652‬‬
‫والملحظ في اليات أعله ‪ ،‬أن المخععاطب فععي اليععة ) ‪ ( 35‬مععن‬
‫النبياء ‪ ،‬هم المعاصرين لرسالة السلم ‪ ،‬وأن الحديث في اليععة‬
‫) ‪ ( 2‬من العنكبوت ‪ ،‬كان عععن النععاس إجمععال وبشععكل عععام ‪ .‬أمععا‬
‫قوله ) ولقد فتنا الذين مععن قبلهععم ( فالضععمير ) هععم ( يعععود علععى‬
‫المعاصرين لرسالة السلم ‪ ،‬والذين فتنوا من قبلهم ‪ ،‬هم كل من‬
‫سبقت فتنتهم ‪ ،‬قبل مجي السلم ‪ ،‬إذ لم يكععن فععي هععذه العبععارة ‪،‬‬
‫تحديد لقوام بعينها سبقت فتنتها ‪ ،‬فهي أسبقية زمانية ل مكانيععة‬
‫‪.‬‬
‫وأما في سععورة الععدخان ‪ ،‬فيقععول سععبحانه وتعععالى ‪ ) ،‬ولقععد فتنععا‬
‫قبلهععم ( ‪ ،‬وضععمير الغععائب ) هععم ( فععي كلمععة ) قبلهععم ( ‪ ،‬يعععود‬
‫حصععرا علععى أصععحاب الععدخان ‪ ،‬الموعععودين بالبطشععة الكععبرى ‪،‬‬
‫وبمجيء التحديد لقوم بعينهععم ‪ ،‬بقععوله تعععالى ) قععوم فرعععون ( ‪،‬‬
‫تصبح أسبقية ) قوم فرعون ( لهععؤلء النععاس ‪ ،‬مكانيععة وزمانيععة‬
‫في آن واحد ‪ ،‬ونلحظ هنا ‪ ،‬أن الفتنة كانت للقوم بشكل عام ‪ ،‬إذ‬
‫لم يقل سععبحانه ) فرعععون ( أو ) فرععون وقععومه ( أو ) فرععون‬
‫وملئه ( ‪ ،‬وإنما قال ) قوم فرعون ( ‪.‬‬
‫ليصععبح المعنععى ‪ ،‬بأننععا قمنععا بامتحععان واختبععار ‪ ،‬هععؤلء القععوم‬
‫) أصحاب الدخان ( ‪ ،‬فكععان منهععم مععا كععان ‪ ،‬معن أمععر رسععولهم ‪،‬‬
‫ورسععبوا فععي المتحععان الععذي ُق عّدم إليهععم ‪ ،‬بمجيععء محمععد عليععه‬
‫الصععلة والسععلم ‪ ،‬الرسععول الكريععم ‪ ،‬وتععبّين لنععا وتأّكععد أنهععم‬
‫كاذبون ‪ ،‬فاستحقوا بطشتنا الكبرى ‪ ،‬فبطشععنا بهععم ‪ ،‬كمععا كنععا قععد‬
‫فتنا قبلهم في نفس الرض ‪ ،‬قوم فرعون ‪ ،‬ببعث رسولنا الكريععم‬
‫موسععى إليهععم ‪ ،‬فكععذبوه وحععاربوه واتهمععوه بالسععحر والجنععون ‪،‬‬
‫فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ‪.‬‬

‫‪653‬‬
‫وهنا نفهم من قوله تعالى ‪ ) ،‬يغشى النععاس ( ‪ ،‬بععأن المقصععودين‬
‫هنععا ‪ ،‬أنععاس بعينهععم ل جملععة البشععر ‪ ،‬وحقيقععة هععؤلء النععاس‬
‫موضحة ‪ ،‬في اليات بشكل ل لبس فيعه ‪ ،‬وأهععم مععا يتمّيعزون بعه‬
‫هععو الكفععر والنفععاق ‪ ،‬وأن هععذا الععدخان سيغشععاهم كعععذاب وليععس‬
‫كععابتلء ‪ ،‬وذلععك لكفرهععم ونفععاقهم ‪ ،‬ممععا ينفععي أن هععذا الععدخان‬
‫سُيبتلى به عامة البشر ‪ ،‬من مععؤمنين وكفععار ومنععافقين ‪ ،‬وُيفهععم‬
‫من قععوله ) النععاس ( ‪ ،‬أنععه سيغشععى عامععة النععاس المقيميععن فععي‬
‫المكان ‪ ،‬الذي أحدث الناس فيه ‪ ،‬ما وصفته اليععات أعله ‪ ،‬دون‬
‫سائر البشر ‪.‬‬
‫جْيَنععا‬
‫أما الشارة الثانية للمكان فجاءت فععي قععوله تعععالى ) َوَلَقعْد َن ّ‬
‫ن…(‪،‬‬ ‫عععْو َ‬‫ن ِفْر َ‬
‫ن )‪ِ (30‬معع ْ‬
‫ب اْلُمِهيعع ِ‬
‫ن اْلَعععَذا ِ‬
‫سععَراِئيَل ِمعع َ‬‫َبِنععي ِإ ْ‬
‫ونجاتهم كانت بخروجهم من مصععر ‪ ،‬وذكععر بنععي إسععرائيل أيضععا‬
‫جاء هنا ‪ ،‬لشتراكهم مع الفراعنة بالفساد والفساد في الرض ‪،‬‬
‫وانعععدام اليمععان بععال واليععوم الخععر ‪ ،‬ومحععاربتهم ل ع ولرسععله‬
‫وأنبيائه والصالحين من الناس ‪ ،‬قبل العلو وبعده ‪ ،‬فأنزل ال بهم‬
‫العذاب تلو العذاب ‪.‬‬
‫ن َهعععُؤَلِء … ( أصعععحاب العععدخان ‪… ) ،‬‬ ‫وقعععوله تععععالى ) … ِإ ّ‬
‫ن )‪ (37‬وفيععه تهديععد ضععمني ‪،‬‬ ‫جِرِميعع َ‬‫َأْهَلْكَنععاُهْم ‪ِ ،‬إّنُهععْم َكععاُنوا ُم ْ‬
‫للمخاطبين بالقرآن ‪ ،‬من كفرة أمة محمد عليه الصلة والسععلم ‪،‬‬
‫بالهلك كما ُأهلك الذين من قبلهم ‪ ،‬لما فعلوا مثل فعلهم ‪.‬‬
‫ترتيب المشاهد حسننبما وردت فنني سننورة‬
‫الدخان ‪:‬‬
‫المشهد الول ‪ :‬الشك واللعب ‪.‬‬
‫المشهد الثاني ‪ :‬غشيان الدخان للناس ‪ ،‬ومن ثم زواله ‪.‬‬
‫‪654‬‬
‫المشهد الثالث ‪ :‬العودة لما كانوا عليه ‪ ،‬بل والمعان فععي التععولي‬
‫والعراض ‪ ،‬وأخيرا الساءة لرسول ال ‪.‬‬
‫المشهد الرابع ‪ :‬البطشة الكبرى ‪.‬‬
‫تساؤلت ‪:‬‬
‫والسؤال الول ‪ :‬هل ظهر الدخان في مصععر ‪ ،‬حيععث مكععان إقامععة‬
‫فرعون وقومه ؟‬
‫ك َيْلَعُبععونَ ( ‪ ،‬قبععل‬
‫شّ‬‫والسؤال الثاني ‪ :‬هل كان أهل مصر ‪ِ ) ،‬في َ‬
‫ظهور الدخان ؟‬
‫والسؤال الثالث ‪ :‬هل أمعن أهل مصر ‪ ،‬في التععولي والععراض ‪،‬‬
‫عما جاء به رسول ال عليه الصلة والسلم ‪ ،‬بعد ظهور الدخان‬
‫ن ( أيضا ؟‬
‫جُنو ٌ‬
‫‪َ ) ،‬وَقاُلوا _ عنه _ ُمَعّلٌم َم ْ‬

‫‪655‬‬
‫فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين‬
‫في هذا الفصل ‪ ،‬سنعرض جانبا مععن مقععالت ‪ ،‬أوردتهععا صععحيفة‬
‫الهرام المصرية ‪ ،‬تتحدث عن سحابة كثيفة من الدخان السود ‪،‬‬
‫غشَيت سكان القاهرة ‪ ،‬في الفترة الواقعة ‪ ،‬ما بين ‪/ 30 – 20‬‬
‫‪1999 / 10‬م ‪.‬‬
‫سننر سننحابة النندخان الننتي أزعجننت سننكان‬
‫القاهرة الكبرى !!‬
‫الصفحة الولى ‪ /‬الحد ‪ 15 /‬من رجععب ‪ 1420‬هع ع ‪ 24 ،‬أكتععوبر‬
‫‪ ، 1999‬السنة ‪ – 124‬العدد ‪41229‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/24/F‬‬
‫‪RON15.HTM‬‬
‫تزايدت طوال الليلة الماضععية ‪ ،‬ظععاهرة تراكععم الدخنععة والغععازات‬
‫والروائح النفاذة ‪ ،‬فععي سععماء مدينععة القععاهرة ‪ ،‬والمسععتمرة منععذ‬
‫نحو ثلث ليال سععابقة ‪ ،‬وقععد وصععلت هععذه الظععاهرة ‪ ،‬فععي مسععاء‬
‫أمس إلى حد ‪ ،‬تسبب في حالة من القلق ‪ ،‬بيععن سععكان القععاهرة ‪،‬‬
‫وطوال الليل ‪ ،‬لم تنقطععع التصععالت التليفونيععة مععن المععواطنين ‪،‬‬
‫إلى الهرام ‪ ،‬يشكون ويستفسرون ‪ ،‬بعد أن اضطروا إلععى إغلق‬
‫نوافذ منععازلهم ‪ ،‬وبعععد لجععوء بعضععهم إلععى المستشععفيات ‪ ،‬لعلج‬
‫اللتهابات التي أصيبت بها عيون أطفالهم ‪.‬‬
‫وفععي محاولععة لتفسععير هععذه الظععاهرة ‪ ،‬أجععرت الهععرام عععدد مععن‬
‫التصالت ‪ ،‬مع مسئولي الرصععاد الجويععة والععبيئة ‪ ،‬طععوال ليلععة‬
‫أمس ‪ .‬فقد صرح مصدر مسئول بهيئة الرصاد الجوية ‪ ،‬لفععوزي‬
‫‪656‬‬
‫عبد الحليععم ‪ ،‬منععدوب الهععرام ‪ ،‬بععأن الظععاهرة ناتجععة عععن حععرق‬
‫المزارعين ‪ ،‬في المحافظععات حعول القعاهرة ‪ ،‬لمخلفععات محصععول‬
‫الرز ‪ ،‬بالضافة إلى تراكم الدخنة ‪ ،‬الناتج عن عوادم السيارات‬
‫والمصععانع ‪ ،‬وتزامنععت هععذه الدخنععة ‪ ،‬مععع وجععود مرتفععع جععوي‬
‫شععمال البلد ووسععطها ‪ ،‬أدى إلععى احتبععاس حععراري ‪ ،‬واسععتقرار‬
‫الحالة الجوية ‪ ،‬المر الذي أدى بدوره إلى تركيععز الدخنععة ‪ ،‬فععي‬
‫طبقة الهواء القريبععة مععن سععطح الرض ‪ ،‬واحتفععاظ الهععواء بكععل‬
‫مكوناته ‪ .‬وقععال إنعه مععن المنتظععر ‪ ،‬انتهععاء هععذه الظععاهرة ‪ ،‬فععور‬
‫تحرك المرتفع الجوي بعيدا عن القاهرة ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬نفى الدكتور إبراهيععم عبععد الجليععل ‪ ،‬الرئيععس‬
‫التنفيذي لجهاز شئون البيئة ‪ ،‬ما ترّدد علععى ألسععنة المععواطنين ‪،‬‬
‫عن وجود حرائق بمناطق تجّمع القمامة ‪ ،‬حول القاهرة والجيزة‬
‫‪ ،‬كمصدر لنتشععار هععذه الدخنععة فععي القععاهرة ‪ .‬وقععال إنععه أجععرى‬
‫اتصال بمحافظ القليوبية ‪ ،‬المستشار صبري الععبيلي ‪ ،‬أكعّد خللععه‬
‫انتشار الدخنة بالمحافظة ‪ ،‬نتيجة حرق قش الرز بها ‪ ،‬كما أكععد‬
‫الدكتور حسين كاظم ‪ ،‬محافظ الشرقية ‪ ،‬المعلومععات نفسععها فععي‬
‫محافظته ‪ ،‬خلل اتصال مماثل ‪ .‬وأضاف عبد الجليععل ‪ ،‬أن جهععاز‬
‫شئون البيئة ‪ ،‬طلب من وزارة الزراعععة ‪ ،‬إصععدار تعليمععات بمنععع‬
‫حرق قش الرز ‪ ،‬أو أي مواد مماثلععة لمنععع تكعرار هععذه الظعاهرة‬
‫مستقبل ‪.‬‬
‫وفي محاولة لطمأنة المواطنين ‪ ،‬ناشد الدكتور محمععود عمععرو ‪،‬‬
‫أستاذ ورئيععس قسععم المععراض المهنيععة ‪ ،‬ومععدير مركععز السععموم‬
‫بقصر العيني ‪ ،‬المواطنين بعدم المبالغة في القلععق ‪ ،‬ووصععف مععا‬
‫حدث بأنه ليس كارثعة ‪ ،‬علعى الرغعم معن أن الععراض المبدئيعة‬
‫للتعرض لها ‪ ،‬تشععمل التهععاب العيععون والنععف والذن والصععدر ‪،‬‬
‫‪657‬‬
‫وأك عّد أن الحتياطععات اللزمععة ‪ ،‬تسععتدعي الععتركيز علععى حمايععة‬
‫الطفال ‪ ،‬وعدم إغلق النوافذ ضععمانا للتهويععة اللزمععة ‪ ،‬وكععذلك‬
‫توفير الحمايععة اللزمععة للمرضععى بالمستشععفيات ‪ ،‬أمععا الصععحاء‬
‫البالغين ‪ ،‬فلن يتعرضوا لخطورة من التعععرض للدخنععة ‪ ،‬مشععيرا‬
‫إلى أن ندى الفجر سيغسل الهععواء ‪ ،‬ويخّفععف مععن حععدة التلععوث ‪.‬‬
‫وأكّد الدكتور عمرو ‪ ،‬أن هععذه الظععاهرة قععد حععدثت مععن قبععل عععام‬
‫‪ 1949‬م في لندن ‪ ،‬بسععبب ارتفععاع نسععبة الرطوبععة ‪ ،‬والحمععاس‬
‫الععزائد للتوسععع الصععناعي ‪ ،‬وانتشععار المععداخن ‪ ،‬أمععا فععي مصععر‬
‫فالطبيعة الصحراوية للبلد ‪ ،‬تمتص الملوثات الزائدة في المدن ‪،‬‬
‫لذا فلن يشعر بها سكان الصعيد ‪.‬‬

‫‪658‬‬
‫سننحابة النندخان تتلشننى نهائيننا مننن فننوق‬
‫القاهرة خلل ‪ 48‬ساعة‬
‫الصععفحة الولععى ‪ /‬الثنيععن ‪ 16 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪25 ،‬‬
‫أكتوبر ‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41230‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬

‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/F‬‬
‫‪RON13.HTM‬‬
‫صورة نهارية ‪ :‬واختفت القاهرة خلف دخان حريق قش الرز‬
‫توقع خبراء الرصاد الجوية ‪ ،‬أن تتلشى نهائيا ‪ ،‬سحابة الدخان‬
‫الكثيف ‪ ،‬التي خّيمت ليلة أمس الول على القععاهرة وضععواحيها ‪،‬‬
‫خلل الساعات الثمععاني والربعيععن المقبلععة ‪ ،‬وأضععافوا أن الكتلععة‬
‫الهوائية التي حملت هذه السحابة ‪ ،‬الناتجة عن إحععراق مخلفععات‬
‫محصولي الرز والقطن ‪ ،‬في المحافظععات المجععاورة ‪ ،‬آخععذة فععي‬
‫التحععرك شععرقا ‪ ،‬لتحععل محلهععا كتلععة هوائيععة نظيفععة ‪ ،‬مقبلععة مععن‬

‫‪659‬‬
‫الشمال الغربي ‪ ،‬وأوضحوا أن نسبة الرطوبععة ‪ ،‬سععوف تنخفععض‬
‫أيضا ‪ ،‬بفعل هذه التغيرات في حالة الطقس ‪.‬‬
‫وقد قععامت الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ‪ ،‬وزيععرة الدولععة لشععئون‬
‫العععبيئة ‪ ،‬أمعععس بجولعععة فعععي محعععافظتي الشعععرقية والقليوبيعععة ‪،‬‬
‫بوصفهما المصدر الرئيسي للدخان ‪ ،‬الناتج عن إحععراق مخلفععات‬
‫الرز والقطن ‪ ،‬وصعّرحت بعأنه سعيتّم تعدريب المزارعيعن ‪ ،‬علعى‬
‫اسعععتخدام غعععاز المونيعععا ‪ ،‬لتحويعععل قعععش الرز ‪ ،‬إلعععى أعلف‬
‫حيوانية ‪ ،‬بحيث تنتفي الحاجة تماما ‪ ،‬إلى إحراقه ‪ ،‬كمععا أعلنععت‬
‫الجهعععات المسعععؤولة فعععي المحعععافظتين ‪ ،‬ععععن اتخعععاذ إجعععراءات‬
‫حاسمة ‪ ،‬لوقف عمليات إحراق المخلفات الزراعية في الحقول ‪.‬‬

‫‪660‬‬
‫سر اختناق القاهرة !‬
‫تحقيقععات ‪ /‬الثنيععن ‪ 16 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪ 25 ،‬أكتععوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41230‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I‬‬
‫‪NVE1.HTM‬‬
‫حرق حطععب القطععن وقععش الرز ‪ ،‬مععع خليععط الغععازات المركبععة ‪،‬‬

‫سبب سععحابة الععدخان ‪ .‬المواطنععون ‪ :‬إصععابات بععالنف والحلععق ‪،‬‬


‫وصعوبة في التنفس ‪ ،‬نتيجة للتلوث ‪ .‬مصعدر أمنعي ‪ 5 :‬بلغات‬
‫فقط حول حرائق المخلفات وتم إخمادها ‪.‬‬
‫صورة نهارية ‪ :‬اختفاء القاهرة خلف سحابة الدخان‬
‫تحقيق وجدي رياض ومحمود النوبي ‪:‬‬
‫تعرضععت سععماء الععدلتا والقععاهرة حععتى الجيععزة ‪ ،‬لتلععوث هععوائي‬
‫شديد ‪ ،‬خلق حالة من الهباء الجعوي عع بخعار معاء معع ملوثعات عع‬
‫‪661‬‬
‫أثار ذعر السكان ‪ ،‬وسععبب بعععض حععالت الختنععاق ‪ ،‬لمععن لععديهم‬
‫حساسععية صععدرية ‪ ،‬أو ربويععة أو أمععراض سععوء التنفععس ‪ .‬كمععا‬
‫تعرض بعض سكان القاهرة ‪ ،‬إلى أزمات تنفسية ‪ ،‬نتيجة لزمتة‬
‫الهواء وغياب الوكسجين الكافي ‪.‬‬
‫ويرجع سبب حدوث هذه الحالة النادرة ‪ ،‬إلععى عععدة اعتبععارات تععم‬
‫رصدها ‪ ،‬كان من أبرزها ‪:‬‬
‫• صدور الوامر إلععى المزارعيععن مععن مععديريات الزراعععة ‪،‬‬
‫بضععرورة حععرق حطععب القطععن ‪ ،‬المتخّلععف عععن زراعععات‬
‫القطن ‪ ،‬للتخلص من دودة اللوز ‪ ،‬ومن المعععروف أن الععدلتا‬
‫بخصوبة أرضها ‪ ،‬تزرع حوالي‪ 750‬ألف فدان ‪ ،‬بزراعات‬
‫القطن الذي تم جمعه هذا الشهر ‪.‬‬
‫• ارتفاع نسبة الرطوبة في مثل هذا الوقت من السنة ‪ ،‬مععع‬
‫ارتفاع في درجة الحرارة ‪ ،‬ممععا أدى إلععى حععدوث حالععة مععن‬
‫الهباء الجوي ‪ ،‬أدى إلى كتمععة الهععواء ‪ ،‬وغيععاب الكسععجين‬
‫الكافي ‪.‬‬
‫• ساعد على ذلك ع أيضا عع انتشععار احععتراق آثععار الحصععاد ‪،‬‬
‫من حطب القطن وقش الرز ‪ .‬ومععع حركععة الريععاح أدى إلععى‬
‫تغطية هواء سكان القاهرة ‪ ،‬بحالة من الدخان ‪ ،‬مععع سععكون‬
‫للهععواء ‪ ،‬وارتفععاع فععي درجععة الحععرارة ‪ ،‬مععع رطوبععة ‪ ،‬مععع‬
‫ملوثععات كربونيععة ‪ ،‬آزوتيععة وغازيععة ‪ ،‬وكبريتيععة ‪ ،‬وذرات‬
‫عالقة في الجو ‪.‬‬
‫ومععن ناحيععة أخععرى فقععد أدت عمليععات احععتراق أحطععاب القطععن ‪،‬‬
‫للقضاء على دودة اللوز ‪ ،‬وفقا للقرار الععذي صععدر مععن مععديريات‬
‫الزراعة بالمحافظات ‪ ،‬بالعقوبات المقررة لمن يحتفظ بععالحطب ‪،‬‬
‫‪662‬‬
‫مما دفع الفلحين ‪ ،‬إلى سرعة حرق الحطععاب ‪ ،‬تنفيععذا لقععرارات‬
‫وزارة الزراعة في الحقول ‪.‬‬
‫ومن جانبه آثععار المستشععار صععبري الععبيلي ‪ ،‬محععافظ القليوبيععة ‪،‬‬
‫مشكلة حرق حطععب القطععن فععي المععزارع ‪ ،‬أمععام وزيععرة الععبيئة ‪،‬‬
‫ورئيس جهاز شؤون البيئة ‪ ،‬فععي اجتمععاع هععذا السععبوع ‪ .‬وقععال‬
‫المستشار البيلي ‪ ،‬أن القانون ‪ 4‬لسنة ‪ 1994‬المادة ‪ ، 37‬بشأن‬
‫الععبيئة ‪ ،‬يمنععع منعععا باتععا حععرق المخلفععات والقمامععة ومخلفععات‬
‫الحقول ‪ ،‬حتى ل يتلوث الهواء ‪ ،‬وفي نفس الوقت ‪ ،‬يحتم القعرار‬
‫الععوزاري علععى الفلحيععن ‪ ،‬حععرق الحطععاب ‪ .‬مععن هنععا ‪ ،‬وقععف‬
‫المحافظ عاجزا ‪ ،‬عن إصدار قرار بمنععع الحععرق ‪ ،‬أو الحععرق فععي‬
‫الحقول ! ومن ناحية أخرى ‪ ،‬تدرس وحدة البيئة والتنميععة ‪ ،‬فععي‬
‫الصندوق الجتماعي ‪ ،‬السععتفادة مععن دراسععات عديععدة ‪ ،‬أشععارت‬
‫إلى أهمية الستفادة ‪ ،‬من حطب القطن ‪ ،‬في صععناعات خشععبية ‪،‬‬
‫كأحد مقومات المشاريع الصععغيرة ‪ ،‬الععتي يععدفع بهععا الصععندوق ‪،‬‬
‫إلى السوق لتشجيع الشععباب ‪ ،‬علععى الععدخول فععي هععذه المشععاريع‬
‫التنموية ‪.‬‬
‫ومععن المعععروف ‪ ،‬أن هنععاك ‪ 32‬محطة ‪ ،‬أقامتها الدانمرك في‬
‫الرض المصععرية ‪ ،‬لرصععد حالععة الهععواء ‪ ،‬بالكاسععيد الزوتيععة‬
‫الكبريتية والكربونيععة ‪ .‬وقععد تععم تركيععب هععذه المحطععات ‪ ،‬لتغطععي‬
‫أرض الدلتا ‪ ،‬وهي تعمل لمدة‪ 24‬ساعة ‪ ،‬ويتم بها رصد حالة‬
‫الهواء ومكونععاته ‪ ،‬ولععم نسععمع أن أحععدا ‪ ،‬فتععح هععذه المحطععات ‪،‬‬
‫ورصد ما بها من تسجيل ‪ ،‬وما حدث من ملوثات ‪ ،‬بهععواء الععدلتا‬
‫وعواصم مدنها ‪.‬‬

‫‪663‬‬
‫وفي القاهرة الكبرى ‪ ،‬حوالي‪ 40‬محطة لرصد الهواء ‪ ،‬وقد أقععام‬
‫المشعععروع المريكعععي ‪ ،‬لتحسعععين هعععواء القعععاهرة ‪ ،‬حعععوالي ‪33‬‬
‫محطععة ‪ ،‬لرصععد الععذرات الصععغيرة ‪ ،‬العالقععة مععن ‪ 2.5‬جزء في‬
‫المليععون ‪ ،‬إلععى عشععرة أجععزاء فععي المليععون ‪ ،‬كمععا تقععوم برصععد‬
‫الرصاص ‪ ،‬وهناك ‪ 7‬محطات دانمركية ‪ ،‬تقوم برصد أول وثععاني‬
‫أكسيد الكربون ‪ ،‬وأول أكسيد الكبريت ‪ ،‬والغازات الخرى ‪ ،‬ولععم‬
‫َتُبح هذه المحطععات ‪ ،‬بأسععرار مععا حععدث مععن تلععوث ‪ ،‬فععي هععواء‬
‫القاهرة الكبرى والدلتا والجيزة ‪.‬‬
‫قام اليابانيون ‪ ،‬بإنشاء معمل مركزي ‪ ،‬تابع لجهاز شؤون البيئة‬
‫‪ ،‬ومعامل أخرى متنقلة ‪ ،‬لرصد حالة الجو عنععد حععدوث أزمععة أو‬
‫كارثعة ‪ ،‬أو رد فععل لي شعكوى ‪ ،‬ويشعرف علعى المعامعل جهعاز‬
‫شععؤون الععبيئة ‪ ،‬ويععديرها خععبراء مصععريون ‪ ،‬وتععدرب عليهععا‬
‫الخبراء ‪.‬‬
‫ومن المعروف أيضا أن المصادر الطبيعية ‪ ،‬لتلوث هواء القاهرة‬
‫‪ ،‬مصدرها بخار الماء الضار ‪ ،‬والبكتيريا والفطريععات والملح ‪،‬‬
‫ونواتج الحتراق ذو النشاط الطبيعي ‪ .‬أما المصععادر الصععناعية ‪.‬‬
‫في تلوث هواء القاهرة الكععبرى ‪ ،‬فهععي حععرق الوقععود والطاقععة ‪،‬‬
‫وعمليعععات النتعععاج الصعععناعي ‪ ،‬ووسعععائل النقعععل والقطعععارات‬
‫والطائرات والسفن ‪..‬‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬لم تنقطع التصالت التليفونيععة ‪ ،‬للمععواطنين‬
‫بالهرام ‪ ،‬طععوال ليلععة أمععس الحععد ‪ ،‬حيععث اشععتكوا مععن وجععود ‪،‬‬
‫طععت أجععواء القععاهرة ‪ ،‬خاصععة منطقععتي‬‫سععحابة دخععان كثيفععة ‪ ،‬غ ّ‬
‫مدينععة نصععر ومصععر الجديععدة ‪ ،‬ومنععاطق وسععط البلععد ومصععر‬
‫القديمة ‪ ،‬وأصابت الطفال وكبار السن بالختناق ‪.‬‬
‫‪664‬‬
‫وتقول السيدة نجية الشال ‪ ،‬من سكان شارع مصععطفى النحععاس‬
‫بمدينععة نصععر ‪ ،‬أن سععحابة الععدخان أصععابتها وأطفالهععا ‪ ،‬بحالععة‬
‫اختناق ‪ ،‬حيث تعععاني مععن حساسععية فععي الصععدر ‪ ،‬أدت إلععى عععدم‬
‫قدرتها على التنفس ‪ ،‬رغم إغلق النوافذ بالشقة ‪ ،‬وتتساءل هععل‬
‫عمعععال جمععع القمامعععة هعععم السعععبب ‪ ،‬أم القعععائمون علعععى حععرق‬
‫القمامة ؟! أم العمال المختصين ‪ ،‬بجمع القمامععة مععن الشععوارع ‪،‬‬
‫هععم الععذين أحرقععوا هععذه القمامععة ‪ ،‬الععتي أدت إلععى هععذا الععدخان‬
‫الكععثيف ؟! وتتسععاءل السععيدة نجيععة الشععال ‪ ،‬أيععن وزيععرة شععؤون‬
‫البيئة ‪ ،‬وأين القائمون على النظافة فععي بلععدنا ‪ ..‬وكيععف يععتركون‬
‫هذا المر دون متابعة ‪ ،‬أدت إلى عدم قدرتها على التنفس ‪ ،‬رغم‬
‫إغلق النوافذ بالشقة‬
‫ومن الروضة بالمنيل ‪ ،‬استغاث بنا محمد أبو سريع عبد الكريم ‪،‬‬
‫قائل ‪ :‬ما هي حكاية الدخان الكثيف ‪ ،‬الذي يمتد من حلععوان إلععى‬
‫المعادي والمنيل والمهندسين ؟! ويقول أننا ل نستطيع التنفس ‪،‬‬
‫ونكاد نصاب بحالة اختناق شديدة ‪.‬‬
‫أما السععيدة سععمر عمععر محمععود ‪ ،‬مععن سععكان مدينععة نصععر ‪ ،‬فقععد‬
‫وصفت الدخان ‪ ،‬بأنه عبارة عن دخان ‪ ،‬ينبعععث مععن آبععار بععترول‬
‫تحترق ‪ ،‬وليس دخانا عاديا ‪ ،‬ينبعث من مخلفات قمامة ‪ ،‬كمععا أن‬
‫الجو الحار ‪ ،‬ساعد على حدوث انقباض في حالععة الجعو ‪ ،‬جعلتنععا‬
‫ل نستطيع التنفس ‪.‬‬
‫أحمععد علععي أبععو الحسععن ‪ ،‬مشععرف اجتمععاعي بجامعععة الزهععر ‪،‬‬
‫بمدينة نصر ‪ ،‬يقول إنعه يشععر بحالعة اختنعاق شعديدة ‪ ،‬وحرقعان‬
‫بعينيه ‪ ،‬لم يستطع معها ‪ ،‬البصار بصورة جيدة ‪.‬‬

‫‪665‬‬
‫ومن جانبه أكد مصدر أمني بنجدة القاهرة ‪ ،‬بأن النجدة لععم تتلععق‬
‫بلغات حرائق ‪ ،‬ليلة أمس ‪ ،‬عدا حريق محدود شععب فععي محطععة‬
‫بنزين التعاون ‪ ،‬بشارع قصر العيني ‪ .‬وذكر المصدر المني ‪ ،‬أن‬
‫الدارة تلقت ليلة أمععس ‪ ،‬حععوالي ‪ 5‬بلغات حريق في مخلفات‬
‫قمامة ‪ ،‬وتم إخمادها فورا ‪ ،‬وأوضح أن الدارة تلّقت إشارة بععأن‬
‫الشبورة ‪ ،‬التي أحاطت سماء القعاهرة ليلعة أمعس ‪ ،‬كعانت نتيجعة‬
‫حرق ‪ ،‬مخلفات محصول القطن والرز بالرياف ‪.‬‬
‫وحععول أسععباب الظععاهرة ‪ ،‬كتععب عبععد المجيععد الشععوادفي مععن‬
‫الشرقية ‪ ،‬في محاولة سريعة وعاجلععة ‪ ،‬لحتععواء السععباب الععتي‬
‫أدت إلى ظهور السحابة السوداء ‪ ،‬فعوق سعماء القعاهرة ‪ ،‬وععدد‬
‫مععن محافظععات الععدلتا ‪ ،‬نتيجععة لقيععام الفلحيععن بحععرق قععش الرز‬
‫المتخلععف ‪ ،‬عععن حصععاد المحصععول ‪ ،‬ممععا ترتععب عليععه ‪ ،‬حععدوث‬
‫اختناقععات ‪ ،‬وإصععابات فععي العيععون ‪ ،‬بيععن الكععثيرين مععن أبنععاء‬
‫ومحافظة الشرقية ‪.‬‬
‫قّرر المحافظ الدكتور حسين رمزي كاظم ‪ ،‬تنفيذ عدة إجععراءات ‪،‬‬
‫للقضاء على هذه الظاهرة ‪ ،‬التي انتشعرت فعي مختلعف مسعاحات‬
‫الراضي المزروعة بالرز ‪ ،‬والتي تبلغ حوالي‪ 150‬ألف فدان ‪.‬‬
‫وتم التفاق ‪ ،‬مع اللواء محمد صادق أبععو النععور ‪ ،‬مسععاعد وزيععر‬
‫الداخلية لمن الشرقية ‪ ،‬على تكليف رؤساء الوحععدات المحليععة ‪،‬‬
‫بععالقرى والمععدن ومععأموري مراكععز الشععرطة ‪ ،‬بتنظيععم حملت‬
‫لخمععاد عمليععات حععرق قععش الرز ‪ ،‬والسععتعانة بفععرق الععدفاع‬
‫المععدني ‪ ،‬والحريععق لطفععاء النيععران المشععتعلة فععي الحقععول ‪،‬‬
‫وتحرير محاضر للمخالفين ‪.‬‬

‫‪666‬‬
‫كما تم التفاق على تشكيل غرفة عمليات ‪ ،‬تضم ممثلين لجهععزة‬
‫الحكععم المحلععي والشععرطة ‪ ،‬لمتابعععة هععذه العمليععة ‪ ،‬وتجميععع‬
‫البلغععات بشععأنها ‪ .‬وتععم إخطععار وزارة الزراعععة ‪ ،‬للبحععث فععي‬
‫إمكانية الستفادة ‪ ،‬من مخلفععات محصععول الرز ‪ ،‬والتوصععل إلععى‬
‫وسائل لسععتثمارها ‪ ،‬بمععا يعععود بععالنفع العععام علععى المزارعيععن ‪،‬‬
‫وحتى ل تتكرر هذه الظاهرة مرة أخرى ‪.‬‬
‫وكععانت سععحابة الععدخان الكثيفععة ‪ ،‬الععتي خّيمعت علععى مععدى اليععام‬
‫الماضية ‪ ،‬فوق محافظة الشرقية ‪ ،‬نتيجعة حعرق قعش الرز ‪ ،‬قعد‬
‫طععت‬‫امتدت إلى مناطق متعددة ‪ ،‬فععي المحافظععات المجععاورة ؟ وغ ّ‬
‫الطرق الرئيسية التي تربععط بينهععا ‪ ،‬وبيععن الطععرق الصععحراوية ‪،‬‬
‫مما أدى إلى إعاقة الرؤية ‪ ،‬أمام سائقي السععيارات ‪ ،‬وعرضععتهم‬
‫إلى ارتكاب حوادث التصادم ‪.‬‬
‫ومععن جععانبه صععرح المهنععدس محمععود الجمععل ‪ ،‬وكيععل وزارة‬
‫الزراعة بمحافظة الشرقية ‪ ،‬بأن عمليات حرق قش الرز ‪ ،‬الععتي‬
‫يقوم بها الفلحععون ‪ ،‬وسععط الحقععول ‪ ،‬يسععتهدفون مععن ورائهععا ‪،‬‬
‫زيادة نسبة التسميد للراضي ‪ ،‬حيث أن مخلفات حريععق القععش ‪،‬‬
‫تسهم في خصوبة الرض ‪ ،‬وارتفاع الخصوبة فيها ‪ ،‬نتيجععة لمععا‬
‫يحويه القش المحروق ‪ ،‬مععن عناصععر متعععددة ومختلفععة ‪ ،‬تععؤدي‬
‫إلى تحسين التربة الزراعية ‪ ،‬وترفع من إنتاجيتها ‪ ،‬فعي مختلعف‬
‫المحاصيل التي تزرع فيها ‪.‬‬
‫ومن القليوبيعة ‪ ،‬كتعب أبعو سعريع إمعام ‪ ،‬أكعد المستشعار ‪ ،‬أحمعد‬
‫صبري البيلي محافظ القليوبية ‪ ،‬أنه بالنسبة للشععبورة الملوثععة ‪،‬‬
‫الناتجعععة ععععن صعععرف مخلفعععات زراععععة الرز ‪ ،‬فعععإنني اتخعععذت‬
‫الجراءات ‪ ،‬منذ يوم ‪ 12‬أكتوبر ‪ ،‬وتّمت إحالة بعض المخالفين‬
‫‪667‬‬
‫والمتسببين ‪ ،‬في هذه الدخنة الملوثة ‪ ،‬إلى النيابة العامة ‪ ،‬طبقا‬
‫لقععانون الععبيئة ‪ ،‬والكععثر مععن ذلععك ‪ ،‬بععأنني قمععت بعععرض هععذه‬
‫المشععكلة ‪ ،‬فععي مععؤتمر حمايععة الععبيئة يععوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ ،‬برئاسة‬
‫الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ‪ ،‬وزيععرة الدولععة لشععئون الععبيئة ‪.‬‬
‫وأوضح محافظ القليوبية ‪ ،‬أنه طلب مععن وكيععل وزارة الزراعععة ‪،‬‬
‫اتخاذ الجراءات لوقف عمليات حرق مخلفات الرز ‪ ،‬فأكد أنععه ل‬
‫يوجععد تعليمععات ‪ ،‬بمنععع الحععرق بالراضععي الزراعيععة ‪ .‬ويقععول‬
‫المهندس عبد الحميد خاطر ‪ ،‬وكيعل وزارة الزراععة بالقليوبيععة ‪،‬‬
‫إن المحافظة غير مسموح لها بزراعة الرز ‪ .‬وإنما زراعععة هععذا‬
‫المحصول ‪ ،‬تمت على مساحة ‪ 21‬ألف فدان بالمحافظة ‪ ،‬وقامت‬
‫أجهزة الري ‪ ،‬بعمل محاضر لصحاب هذه الراضي ‪ ،‬لن أجهزة‬
‫الععري ‪ ،‬هععي الجهععة الوحيععدة المسععؤولة عععن تحريععر محاضععر ‪،‬‬
‫بالمخالفات لمزارعي الرز ‪.‬‬
‫وأوضععح اللععواء محمععود وجععدي ‪ ،‬مسععاعد وزيععر الداخليععة لمععن‬
‫القليوبيععة ‪ ،‬أنععه تععم علععى الفععور عمععل دوريععات مروريععة ‪ ،‬ليليععة‬
‫ونهارية ‪ ،‬لمحاولة السيطرة السريعة ‪ ،‬للحد من عمليات الحريق‬
‫‪ ،‬حتى يتم بشكل منظم ‪.‬‬
‫انتهاء السحابة الملوثة خلل ‪ 48‬ساعة‬
‫تحقيقععات ‪ /‬الثنيععن ‪ 16 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪ 25 ،‬أكتععوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41230‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I‬‬
‫‪NVE2.HTM‬‬

‫‪668‬‬
‫أكد فوزي غنيمععي ‪ ،‬مععدير مركععز التنبععؤات ‪ ،‬أن خععبراء الرصععاد‬
‫الجوية ‪ ،‬يتوقعون انتهاء هذه الظاهرة الجويععة ‪ ،‬خلل السععاعات‬
‫ال ‪ 48‬المقبلة ‪ ،‬بسبب تحرك هذه الكتلة الهوائية جهة الشرق ‪،‬‬
‫وتقدم الكتلة الهوائية المقبلة ‪ ،‬من جنوب وشععرق أوروبععا ‪ ،‬ممععا‬
‫يحعرك الهععواء ويجععدده ويقلععل نسعبة الرطوبعة ‪ ،‬وبالتعالي سععيبدأ‬
‫العععدخان فعععي الختفعععاء التعععدريجي ‪ ،‬وتنبعععه المسعععؤولون فعععي‬
‫المحافظععات المجععاورة للقععاهرة ‪ ،‬لعطععاء تعليمععات بمنععع حععرق‬
‫مخلفات الزراعة ‪ ،‬إل بأسععلوب علمعي ‪ ،‬وفعي الععوقت المناسعب ‪،‬‬
‫والهيئة على اسععتعداد ‪ ،‬لمععدادهم بالبيانععات اللزمععة ‪ ،‬والحععوال‬
‫الجوية المتوقعة ‪.‬‬
‫الزراعة تقول أحرقوه‪ ..‬والبيئة تقول ل‬
‫تحقيقات ‪ /‬الثنين ‪ 16 /‬من رجب ‪ 1420‬هع ‪ 25 ،‬أكتوبر ‪1999‬م‬
‫‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41230‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I‬‬
‫‪NVE3.HTM‬‬
‫كتب عبد الوهاب حامد ‪ :‬تناقضععات غريبععة ‪ ،‬ومعععادلت صعععبة ‪،‬‬
‫يتع عّرض لهععا الفلح المصععري ) نتيجععة تخبععط خععبراء الععبيئة ( ‪.‬‬
‫فبينما تطالبه وزارة الزراعة ‪ ،‬بضرورة حرق عيدان القطععن بعععد‬
‫جنيه ‪ ،‬كشرط لتمتع الفلح ‪ ،‬بالحصول على الدعم المقععرر ‪ ،‬فععي‬
‫عمليات المقاومة ‪ ،‬الذي تحمّلته الدولة بالكامععل ‪ ،‬لول مععرة هععذا‬
‫العام ‪ ،‬نظرا لنخفاض أسعار القطععن عالميععا ‪ ،‬وهععي علععى حععق ‪،‬‬
‫وبناء على هذا الحق للمصلحة العامة ‪ ،‬تقععوم مععديريات الزراعععة‬
‫بالمحافظععات ‪ ،‬بتحريععر محاضععر مخالفععات للفلحيععن ‪ ،‬الععذين ل‬
‫‪669‬‬
‫يقومون بحرق عيدان القطن ‪ .‬على الجانب الخر ‪ ،‬نجد تعليمععات‬
‫وزارة البيئة ‪ ،‬تركز على الحماية من التلوث ‪ ،‬وذلك بحظر حرق‬
‫أيععة مخلفععات ‪ ،‬بأسععاليب بدائيععة ‪ ،‬ومنهععا طبعععا ‪ ،‬حععرق مخلفععات‬
‫زراعات القطن والرز ‪.‬‬
‫يقول المسؤولون بالبنوك الزراعية ‪ ،‬إن ما يجععري مععن تعليمععات‬
‫الحععرق ‪ ،‬وتقععدير النسععبة المقععّررة للمقاومععة ‪ ،‬عععن محصععول‬
‫القطععن ‪ ،‬هععو حععق كامععل لععوزارة الزراعععة ‪ ،‬ول دخععل لنععا بععه ‪،‬‬
‫ومهمتنععا تحصععيل الععديون ‪ ،‬وتقععديم الخععدمات الئتمانيععة للفلح ‪.‬‬
‫والسؤال ‪ :‬لماذا لم يتم وضع خطععة شععاملة ‪ ،‬للسععتفادة مععن هععذه‬
‫المخلفعععات ‪ ،‬فعععي مجعععالت كعععثيرة أهمهعععا صعععناعة العلف ؟‬
‫ويضيفون ‪ :‬لو فعلنا ذلك ‪ ،‬لمنعنا وقوع مثل هذا التنععاقض ‪ ،‬بيععن‬
‫وزارتي الزراعة والبيئة ‪ ،‬ولحمينا الفلح من الحيرة والتضععارب‬
‫فععي القععرارات ‪ .‬ويمكععن للدولععة بإمكاناتهععا الكععثيرة ‪ ،‬أن تجععذب‬
‫الفلح ‪ ،‬إلى توريد فضلت القطن والرز ‪ ،‬إلععى مصععانع العلف‬
‫والورق ‪ ،‬حماية للبيئة من التلوث ‪.‬‬
‫المزارعون ‪ :‬القش بريء‬
‫تحقيقات ‪ /‬الثنين ‪16 /‬من رجب ‪ 1420‬هع ‪ 25‬أكتععوبر ‪1999‬م ‪،‬‬
‫السنة ‪ -124‬العدد ‪41230‬‬

‫‪670‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬

‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/I‬‬
‫‪NVE4.HTM‬‬
‫صورة لحرق القش‬
‫كتبععت أهععداف البنععداري ‪ :‬فععي قريععة النععاي بمحافظععة القليوبيععة ‪،‬‬
‫إحدى المحافظات التي تزرع الرز ‪ ،‬قال عبد ال إبراهيععم فلح ‪،‬‬
‫أنه يتم حرق ‪ 5‬أطنان قش في كل فدان أرز ‪ ،‬وتستغرق كل كمية‬
‫يتم حرقها ربع ساعة ‪ ،‬ول يصل دخان هذا الحريق ‪ ،‬إلععى مدينععة‬
‫قليوب التي تبعد خمسة كيلو مترات ‪ ،‬عن قرية النععاي ‪ .‬ويضععيف‬
‫عادل عطا أن مواعيد حرق القش ‪ ،‬تختلف في القريععة الواحععدة ‪،‬‬
‫من مكان لخر ‪ ،‬ومازالت أماكن لععم تبععدأ الحععرق بعععد ‪ .‬وتسععاءل‬
‫فلح آخر ‪ ،‬بأن رماد حريق القععش يترسععب ‪ ،‬ثععم يتبخععر ‪ ،‬فكيععف‬
‫يصععل إلععى القععاهرة ‪ ،‬الععتي تبعععد عععن قليععوب ‪ 30‬كيلو مترا ؟!‬
‫) تساؤل وجيه ( ‪ ،‬وأضاف أن ميعاد حرق القععش ‪ ،‬يبععدأ مععن ‪15‬‬
‫أكتوبر ‪ ،‬ويستمر‪ 20‬يوما ‪ ،‬وما يصل ارتفاع الدخان إلى حععوالي‬
‫عشععرة أمتععار ‪ .‬وفععي مركععز شععبين القنععاطر ‪ ،‬أرجععع فلح سععبب‬
‫‪671‬‬
‫الدخان الغامق اللععون ‪ ،‬الععذي ظهععر اليععام الماضععية ‪ ،‬إلععى طبقععة‬
‫مفتوحة في الوزون ‪ ،‬وقال انععه شععاهد شععبورة مععع دخععان أزرق‬
‫) أي أنها أتت من السماء ( ‪ ،‬ل يعرف سببها وإدارات المععرور ‪،‬‬
‫هي المفترض أن تشرح أسبابها !‬
‫سر اختناق القاهرة ) ‪( 2‬‬
‫تحقيقععات ‪ /‬الثلثععاء ‪ 17 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪ 26 ،‬أكتععوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41231‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/26/I‬‬
‫‪NVE1.HTM‬‬
‫تحقيق أهداف البنداري ‪ :‬كشععف اختنععاق القععاهرة ‪ ،‬الععذي اسععتمر‬
‫لثلثة أيام متتالية ‪ ،‬عن وجود العديد مععن الملوثععات ‪ ،‬فععي سععماء‬
‫العاصععمة ‪ .‬ففععي الععوقت الععذي تقععوم فيععه الدولععة ‪ ،‬بالحفععاظ علععى‬
‫سلمة المواطنين ‪ ،‬والهتمام بتجميععل القععاهرة الكععبرى ‪ ،‬تنتشععر‬
‫مقالب القمامة بين الشوارع والميادين ‪ ،‬وعلى أسطح المنععازل ‪،‬‬
‫حسب ما شععاهدته وزيععرة الععبيئة ‪ ،‬فععي جولتهععا بالطععائرة ‪ ،‬فععوق‬
‫القاهرة ‪ ،‬ويععؤدي حرقهععا بل أيععة ضععوابط ‪ ،‬إلععى تلععوث هععوائي ‪،‬‬
‫ُيصيب العديد من المواطنين بالمراض ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن مقالب القمامععة الرسععمية ‪ ،‬قععد أوقفععت حععرق‬
‫القمامة ‪ ،‬منذ أكثر من عام ‪ ،‬بقرار صادر من وزيععرة الععبيئة ‪ ،‬إل‬
‫أن مقالب القمامة الخاصة ‪ ،‬مازالت تعمل بل ضوابط ‪ .‬والسععؤال‬
‫الن ‪ ..‬متى تختفي مقالب القمامععة مععن شععوارع العاصععمة ؟! فععي‬
‫البداية ‪ ،‬تقول د‪ .‬نادية مكرم عبيععد وزيععرة الععبيئة ‪ ،‬إنهععا رصععدت‬
‫سحابة الدخان ‪ ،‬وشعرت بهععا مثععل كععل المععواطنين ‪ ،‬وأدركععت أن‬
‫‪672‬‬
‫هناك شيئا غير طبيعي ‪ ،‬في الهواء منذ عشرة أيام ‪ ،‬فبحثععت مععع‬
‫كل الجهات المعنية ‪ ،‬لتعرف حقيقة هذا الدخان ‪..‬‬
‫وتضيف ‪ :‬قمت بجولة جوية بالطععائرة ‪ ،‬لمععدة ثلث سععاعات بعععد‬
‫اسععتجابة فوريععة ‪ ،‬مععن المشععير محمععد طنطععاوي وزيععر الععدفاع ‪،‬‬
‫شعععملت القعععاهرة الكعععبرى ‪ ،‬فعععي محافظعععات القعععاهرة والجيعععزة‬
‫والقليوبية ‪ .‬وشاهدت حععالت اشععتعال ذاتععي فععي حععوالي ‪ 7‬أو ‪8‬‬
‫مواقع للقمامة ‪ ،‬في مناطق عشوائية ‪ ،‬وتلوث في جنوب القاهرة‬
‫‪ ،‬مععن بعععض المصععانع ‪ .‬كمععا شععاهدت حععرق قععش الرز ‪ ،‬ولفععت‬
‫نظري انتشار القمامة ‪ ،‬على أسطح المنازل ‪.‬‬
‫من هنا أرجعت هذه السحابة الدخانية ‪ ،‬إلى تزامن عدة عوامععل ‪،‬‬
‫فععي آن واحععد ‪ .‬فالنبعاثععات الععتي تصععدر مععن الشععتعال الععذاتي‬
‫للقمامة ‪ ،‬التي يلقيها الهععالي بطريقعة عشععوائية ‪ ،‬نتيجععة سعلوك‬
‫غير سوي ‪ ،‬مععع اسععتقرار الهععواء بععدون ريععاح ‪ ،‬أدى إلععى تعّلععق‬
‫دخان القمامة المشتعلة والقش المحترق ‪ ،‬والذي يقوم الفلحون‬
‫‪ ،‬بحرقه منذ سنوات ‪ ،‬لكننا شعرنا بدخان هذا الحععتراق ‪ ،‬نتيجععة‬
‫اتحاد العوامل السابقة معا ‪ .‬فالدخنة المعّلقة سبب شعورنا ‪ ،‬بأن‬
‫هناك شيئا يحرق في الهواء ‪.‬‬
‫وأضافت د‪ .‬نادية مكرم عبيد ‪ ،‬أنه سيتم إعداد برنامععج تنفيععذي ‪،‬‬
‫للتعامل مع الحرق المكشوف ‪ .‬فقععانون الععبيئة يعطععي للمععواطن ‪،‬‬
‫الحق في البلغ ‪ ،‬عن أية مخالفة بيئية في القسم ‪ ،‬وعلى ملععّوث‬
‫البيئة أن يدفع الثمععن ‪ .‬وعلععى الرغععم أن الععوزارة ‪ ،‬ليسععت لععديها‬
‫شرطة بيئية ‪ ،‬إل أننا نعتمد في المحافظة على الععبيئة ‪ ،‬علععى ‪60‬‬
‫مليععون مصععريا ‪ ،‬فبعععد تصععريحات الرئيععس حسععني مبععارك ‪ ،‬أن‬
‫الحفاظ على البيئة أصبحت ضرورة ‪ ،‬وليست ضربا من الرفاهية‬
‫‪673‬‬
‫‪ .‬وجهود السععيدة سععوزان مبععارك ‪ ،‬فععي توعيععة المععواطنين بععذلك‬
‫خاصة الطفععال ‪ ،‬أصعبحت الععبيئة علعى الجنعدة السياسععية ‪ ،‬وقععد‬
‫لمست صحوة بيئية ‪ ،‬في آلف الشكاوي ‪ ،‬الععتي تتلقاهععا الععوزارة‬
‫من المواطنين ‪.‬‬
‫وأوضحت أن قانون البيئة ‪ ،‬ينص على عقوبات لملوثي الععبيئة ‪،‬‬
‫منها غرامة مالية ألف جنيه لحععارق القمامععة ‪ ،‬وهععذا المبلععغ مععن‬
‫وجهععة نظععر وزيععرة الععبيئة ‪ ،‬مناسععب لكععن المشععكلة فععي تنفيععذ‬
‫العقوبات ‪ ،‬وهي مهمة منوط بها الوزارة والمحافظععات ‪ ،‬والهععم‬
‫سلوك المواطنين ‪ ،‬والجمعيات الهلية ‪ ،‬وأجهععزة العلم عليهععم‬
‫دور كبير لتحقيق الستجابة المطلوبة ‪ ،‬من الموطنين ‪ ،‬للحفععاظ‬
‫علي بيئتهم ‪.‬‬
‫وكمععا يقععول د‪ .‬أحمععد نعيععم البنععداق ‪ ،‬المشععرف علععى المجععالس‬
‫النوعية بأكاديمية البحث العلمي ‪ ،‬أن المحععاور الرئيسععية ‪ ،‬الععتي‬
‫يجععب أن تنتهجهععا الدولععة ‪ ،‬لمعالجععة مشععكلة القمامععة ‪ ،‬وكيفيععة‬
‫الستفادة منها ‪ ،‬عن طريق دراسة مكونات القمامة ‪ … ،‬ويؤكععد‬
‫د‪ .‬أحمععد نعيععم علععى أن كععل هععذا ل يتععم دون وضععع التشععريعات‬
‫الخاصععة بالنفايععات ‪ ،‬بشععكل عععام ‪ ،‬والتطععبيق الععذي تععم إصععداره‬
‫بالفعل منها ‪ ،‬فععي قععانون الععبيئة ‪ ،‬الععذي صععدر عععام ‪ ، 94‬وعمل‬
‫حصر للمؤسسات المختلفة ‪ ،‬لمتابعة تشريعات حماية الععبيئة مععن‬
‫التلوث ‪ ،‬وكيفية الستفادة منها بشكل نافع ‪.‬‬
‫أما الدكتور فععوزي عبعد القعادر الرفععاعي ‪ ،‬المشعرف علععى قطعاع‬
‫تنميععة التكنولوجيععا والخععدمات ‪ ،‬بأكاديميععة البحععث العلمععي ‪ ،‬فقععد‬
‫طعرح نموذجعا عمليعا ‪ ،‬بوحعدات تحععول القمامعة إلعى سعماد ‪ ،‬ثععم‬

‫‪674‬‬
‫بنائها ‪ ،‬وتعميمها بأيد مصرية ‪ ،‬وبتكلفععة أقععل بكععثير مععن مثيلهععا‬
‫المستوردة ‪… ،‬‬
‫ويقول د‪ .‬شريف عيسععى ‪ ،‬رئيععس المركععز القععومي للبحععوث ‪ ،‬أن‬
‫هنععاك خطععة قادمععة لتطععوير التكنولوجيععا المصععرية ‪ ،‬فععي مجععال‬
‫تصنيع القمامة ‪. … ،‬‬
‫ويوضح المهندس مدحت حسين ‪ ،‬مدير مصنع ) شبرامنت ( أحد‬
‫المصانع الخاصة ‪ ،‬بتحويل القمامة إلى سععماد عضععوي ‪ ،‬بمدينععة‬
‫شععبرامنت أن هععذا المصععنع ُأنشععئ بسعععة كليععة‪ 10‬أطنان قمامة‬
‫يوميا ‪. … ،‬‬
‫ومععن جععانبه أكععد د‪ .‬عبععد الرحيععم شععحاته ‪ ،‬محععافظ القععاهرة ‪ ،‬أن‬
‫سحابة الدخان ‪ ،‬الععتي غطععت القععاهرة ‪ ،‬ليسععت بسععبب القمامععة ‪،‬‬
‫فالمحافظة خصصت ‪ 18‬مليون جنيه سنويا ‪ ،‬لميزانية شركات‬
‫القمامععة ‪ ،‬وأن الدولععة تقععوم بععدورها ‪ ،‬مععن حيععث تععوفير جهععاز‬
‫بمسئوليه ومعداته ‪ ،‬لنظافة القاهرة ‪ ،‬ولم تعد لدى إدارات مقالب‬
‫القاهرة الرسمية أية محععارق ‪ ،‬إل أن المحافظععة ‪ ،‬وكععل الجهععزة‬
‫المعنيععة ‪ ،‬لععن تسععتطيع أن تقضععي علععي القمامععة فععي الشععوارع ‪،‬‬
‫فذلك يتوقف بنسبة‪ 100%‬على سلوك المواطنين ‪ ،‬واستشهد‬
‫محافظ القاهرة بسلوك المواطنين ‪ ،‬الععذي يسععاعد علععى اسععتمرار‬
‫تلل القمامععة فععي الشععوارع ‪ ،‬حيععث إن ‪ 50%‬فقط من سكان‬
‫القاهرة ‪ ،‬يتعاملون مع جامعي القمامة ‪ ،‬والبععاقي يرفععض دفععع ‪3‬‬
‫جنيهععات ‪ ،‬مفضععل إلقععاء مخلفععاته علععى الجزيععرة الوسععطية فععي‬
‫الشارع ‪. ...‬‬

‫‪675‬‬
‫رئيننس هيئة النظافننة وتجميننل القنناهرة‬
‫ُيبّرئ مقالب القمامة ويتهم القش‬
‫تحقيقععات ‪ /‬الثلثععاء ‪ 17 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪ 26 ،‬أكتععوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41231‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/26/I‬‬
‫‪NVE2.HTM‬‬
‫كتب عبد العظيم الباسل ‪ :‬أثععارت سععحابة الععدخان الخععانق ‪ ،‬الععتي‬
‫غطععت القععاهرة ‪ ،‬أول أمععس ‪ ،‬تسععاؤلت عديععدة حععول أسععبابها ‪..‬‬
‫البعض أرجعها لحرق ‪ ،‬مقالب القمامة المنتشرة حععول القععاهرة ‪،‬‬
‫وعّللهععا البعععض الخععر ‪ ،‬بحععرق بقايععا جععذور نبععات الرز ‪ ،‬فععي‬
‫الحقول المنتشرة حول القاهرة الكبرى ‪.‬‬
‫وأيًا كانت أسععبابها الحقيقيععة ‪ ،‬فقععد انزعععج العديععد مععن الهععالي ‪،‬‬
‫التي أصابها احمرار بالعين ‪ ،‬وضيق بالتنفس الصععدري ‪ ،‬نتيجععة‬
‫لهذا الدخان الخانق ‪ ،‬الذي لف القاهرة ‪.‬‬
‫من جانبه يؤكد اللععواء مجععدي البسععيوني ‪ ،‬رئيععس هيئة التجميععل‬
‫والنظافة بالقاهرة ‪ :‬إن هذه السحابة العالقة بسععماء القععاهرة ‪ ،‬ل‬
‫ترجع إلى حرق القمامععة ‪ ،‬خاصععة أن لععدينا ثلث مقععالب كععبرى ‪،‬‬
‫بالوفععاء والمععل والقطاميعة ودار السععلم ‪ ،‬مسعاحة كعٍل منهعا ‪15‬‬
‫فععدانا ‪ ،‬ولععم يتععم حععرق قمامععة إحععداها ‪ ،‬طععوال اليععام الثلثععة‬
‫الماضية ‪ ..‬فضل عععن أننععا ‪ ،‬قمنععا بععالتفتيش علععى مقععالب قمامععة‬
‫القطاع الخاص ‪ ،‬ووجدناها ل تعمل أيضا ‪ ،‬وقبل هذا وذاك ‪ ،‬فان‬
‫رائحة حرق القمامة مميزة ‪ ،‬وهي تختلف عععن رائحععة الععدخان ‪،‬‬
‫التي انبعث فوق القاهرة ‪.‬‬
‫‪676‬‬
‫ومععن هنععا فقععد تأكععدنا ‪ ،‬وفقععا لشععكاوي المععواطنين القععادمين مععن‬
‫الطرق السريعة ‪ ،‬والذين أكّدوا انهم فقععدوا الرؤيععة علععى الطععرق‬
‫السريعة ‪ ،‬نتيجة لنبعاث الدخنععة مععن الحقععول المجععاورة ‪ ،‬علععى‬
‫جانبي الطريق ‪ ،‬على غرار مععا حععدث فععي العععام الماضععي ‪ ،‬خلل‬
‫نفس التعوقيت ‪ .‬وأضعاف ‪ :‬معن المعاينعة ‪ ،‬تأكعدنا معن اشعتعال ‪9‬‬
‫مواقع في المساحة المحصورة ‪ ،‬من مزارع الرز ‪ ،‬بين الطريععق‬
‫الععدائري والطريععق الزراعععي ‪ ،‬عنععد مدينععة قليععوب ‪ ،‬بالضععافة‬
‫لمساحات أخرى ‪ ،‬كانت ظاهرة من طريععق بلععبيس الصععحراوي ‪،‬‬
‫باتجاه الخانكة ‪. ...‬‬

‫‪677‬‬
‫عودة سحابة الدخان إلى سماء القاهرة‬
‫الصععفحة الولععى ‪ /‬الربعععاء ‪ 18 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪27 ،‬‬
‫أكتوبر ‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41232‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬

‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/F‬‬
‫‪RON1.HTM‬‬
‫صورة ليلية ‪ :‬سحابة الدخان حجبت مباني القاهرة مرة أخرى‬
‫مساء أمس‬
‫تجدد انتشار الدخان ‪ ،‬في سماء القاهرة الكبرى ‪ ،‬مساء أمععس ‪،‬‬
‫وتلقت الهرام اتصالت هاتفية ‪ ،‬من قاطني الساحل وشبرا مصر‬
‫ومصععر الجديععدة ‪ ،‬ومدينععة السععلم والعجععوزة والمنيععل والهععرم ‪،‬‬
‫بإحساسععهم بتكععاثر الععدخان ‪ ،‬وأنهععم أغلقععوا نوافععذ مسععاكنهم ‪.‬‬
‫وصرحت الدكتورة نادية مكرم عبيد ‪ ،‬وزيرة شئون العبيئة ‪ ،‬بعأن‬
‫كثافة سحابة الدخان ‪ ،‬التي عادت إلى سععماء القععاهرة ‪ ،‬أقععل ممععا‬
‫كانت عليه مساء السبت الماضي ‪ ،‬حيععن بلغععت ذروتهععا ‪ .‬وقععالت‬
‫لمنععدوبي الهععرام ‪ ،‬أنهععا فععي اجتمععاع دائم مععع خععبراء الععبيئة‬
‫المصععريين ‪ ،‬وبعععض الخععبراء مععن الععدنمارك ‪ ،‬لرصععد وتحليععل‬
‫‪678‬‬
‫الدخنة الموجودة ‪ ،‬فعي سعماء القعاهرة الكععبرى ‪ .‬وأكعّدت وجعود‬
‫مرتفع جوي ‪ ،‬قادم من شععمال الجمهوريععة ‪ ،‬وأنععه أدى إلععى عععدم‬
‫تشتت الملوثات العالقة في الجو ‪ ،‬وزيادة شعور المواطنين بها ‪،‬‬
‫فععي بعععض منععاطق القععاهرة الكععبرى ‪ .‬وحععذر الععدكتور طععارق‬
‫صفوت ‪ ،‬رئيس قسم المراض الصععدرية بجامعععة عيععن شععمس ‪،‬‬
‫مععن أن هععذه السععحابة ‪ ،‬تزيععد مخععاطر التهععاب الشعععب الهوائيععة‬
‫للمعععواطنين ‪ ،‬وحعععدوث النعععزلت الربويعععة ‪ ،‬وحساسعععية جهعععاز‬
‫التنفععس ‪ .‬ونفععى مععدير أمععن القليوبيععة ‪ ،‬مععا تععرّدد عععن احععتراق ‪،‬‬
‫مخلفات أحد المصانع الكبرى بع ) بنها ( ‪.‬‬

‫‪679‬‬
‫عودة الدخان الخانق ! طننوارئ فنني وزارة‬
‫البيئة لفك لغز السحابة السوداء‬
‫تحقيقععات ‪ /‬الربعععاء ‪ 18 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪ 27 ،‬أكتععوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41232‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/I‬‬
‫‪NVE1.HTM‬‬
‫متابعة ‪ :‬عبد العظيععم الباسععل ونععاجي الجرجععاوي وسععالي وفععائي‬

‫وأشرف أمين‬
‫صورة ليلية‬
‫في حوالي الساعة السابعة والنصف مساء أمععس ‪ 26 ،‬أكتوبر ‪،‬‬
‫تلقت الهرام العديد من المكالمات التليفونية ‪ ،‬تؤكد عودة سحابة‬
‫الدخان مرة أخرى ‪ ،‬في مناطق الساحل وشبرا ومصر الجديععدة ‪،‬‬
‫ومدينة السلم والعجوزة والمنيل والهرم ‪ .‬وقد أغلق المواطنععون‬
‫النوافععذ لشعععورهم بالختنععاق ‪ .‬وصععرحت الععدكتور ناديععة مكععرم‬
‫‪680‬‬
‫عبيد ‪ ،‬وزيرة شؤون البيئة ‪ ،‬بأن سحابة الدخان الخانق ‪ ،‬عععادت‬
‫إلى سماء القاهرة بالمس ‪ ،‬ولكن ليست بكثافععة السععحابة ‪ ،‬الععتي‬
‫غطت القاهرة منذ ثلثة أيام ‪ .‬وقالت ‪ :‬أنها في اجتماع دائم ‪ ،‬مع‬
‫خبراء البيئة المصععريين وبعععض الخععبراء الععدانماركيين ‪ ،‬لرصععد‬
‫وتحليل الدخنة المنبثقة والمنتشرة ‪ ،‬في سماء القاهرة الكبرى ‪.‬‬
‫وأشارت إلى أن التحليل المبدئي للدخنة ‪ ،‬أكد وجود نسبة عالية‬
‫‪ ،‬من الجسيمات العالقة والتربة الرفيعة ‪ ،‬ساعد علععى انتشععارها‬
‫سكون الجو ‪ ،‬وعدم تحريكها بواسطة الرياح ‪ ،‬ومععازالت أبحاثنععا‬
‫مستمرة للوصول إلى حقيقة هععذه الدخنععة ‪ ،‬خلل الع ع ‪ 48‬ساعة‬
‫المقبلععة ‪ .‬وعّللععت عععودة الدخنععة إلععى تضععافر مجموعععة مععن‬
‫العوامل ‪ ،‬أهمهععا المسععابك والصععناعات الملوثععة للععبيئة ‪ ،‬وحععرق‬
‫بقايا محصولي الرز والقطن ‪ ،‬في الحقول المجاورة للقاهرة ‪.‬‬
‫أك عّدت السععيدة ناديععة مكععرم عبيععد ‪ ،‬أن اسععتمرار ظهععور الععدخان‬
‫المنتشر ‪ ،‬في سماء القاهرة الكععبرى ‪ ،‬هععو نتيجععة وجععود مرتفععع‬
‫جععوي ‪ ،‬قععادم مععن شععمال الجمهوريععة ‪ ،‬أدى إلععى عععدم تشععتت‬
‫الملوثات العالقة فععي الجععو ‪ ،‬والععتي شعععر بهععا المواطنععون ‪ ،‬فععي‬
‫بعض مناطق القاهرة الكبرى ‪ .‬وقالت الععوزيرة إن الععوزارة تقععوم‬
‫حاليا ‪ ،‬بالتعاون مع الجهزة المعنية ‪ ،‬بمتابعة الموقف للتخفيف‬
‫من تركيز تلك الملوثات ‪ ،‬حيث أشارت مصادر الرصاد الجوية ‪،‬‬
‫إلى توقع استمرار هذه الظاهرة لمدة ‪ 3‬أيام على القل ‪.‬‬
‫ومن جانبه ‪ ،‬قال الدكتور محمود نصعر الع ‪ ،‬معدير معمعل تلعوث‬
‫الهعععواء بعععالمركز القعععومي للبحعععوث ‪ :‬إن حعععرائق القمامعععة ‪،‬‬
‫والملوثات الناتجععة مععن العربععات والصععناعات الصععغيرة ‪ ،‬ليسععت‬
‫السبب الوحد في هذه الحالة المناخية ‪ ،‬فهناك نععوع مععن الركععود‬
‫‪681‬‬
‫للحركة الرئيسية والفقية للهواء ‪ ،‬هععذا بالضععافة إلععى انخفععاض‬
‫سرعة الرياح ‪ ،‬وتغير العوامل الجوية ‪ ،‬مما يؤدي إلى حالة مععن‬
‫الحتباس الحراري ‪ ،‬لذلك يجععب أن تشععكل غرفععة عمليععات ‪ ،‬فععي‬
‫مثل هذه الحالت ليقاف الملوثات المنبعثة ‪ ) .‬تبريرات وتكهنات‬
‫جديدة ( ‪.‬‬
‫وشرح الدكتور محمود نصر ال مدير معمل تلععوث الهععواء ‪ ،‬أنععه‬
‫من المتوقع أن تكون الدخنة ) وليس من المؤكد ( ‪ ،‬ناتجععة عععن‬
‫احععتراق وقععود البععترول أو القمامععة ! هععذه الدخنععة عبععارة عععن‬
‫جسعيمات عالقععة ‪ ،‬معن العدخان السععود ‪ ،‬ثعاني أكسعد الكربعون ‪،‬‬
‫وثعععاني أكسعععيد الكعععبريت ‪ ،‬أول أكسعععيد الكربعععون ‪ ،‬وأكاسعععيد‬
‫النيععتروجين ‪ ،‬لععذلك يجععب أن يكععون هنععاك حععل سععريع وفععوري ‪،‬‬
‫وتشكيل غرفععة عمليععات ‪ ،‬لرصععد مصععادر التلععوث ‪ ،‬وكععل منطقععة‬
‫سععكنية ‪ ،‬بهععا محرقععة أو مقلععب زبالععة ‪ ،‬يجععب أن تبلععغ الجهععات‬
‫المسؤولة ‪ ،‬مثل وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة ‪ ،‬حععتى تخمععد‬
‫هذه الحرائق فورا ‪.‬‬
‫ويضيف الدكتور محمود نصر ال ‪ :‬إننا الن أمام احتمالين ‪ ،‬إمععا‬
‫أن تنشععط حركععة الهععواء مععرة أخععرى ‪ ،‬ويعععود المنععاخ لوضعععه‬
‫الطبيعي ‪ ،‬أو يستمر الوضع على ما هععو عليععه ‪ ،‬ممععا يععؤدي إلععى‬
‫تركز الهواء ‪ ،‬وبالتالي تراكم الملوثات ‪ ،‬والععتي سُيضععاّر منهععا ‪،‬‬
‫مرضععى الصععدر والععدورة الدمويععة والقلععب ‪ .‬ويضععيف الععدكتور‬
‫محمود نصر ال ‪ ،‬أنه للسف ل توجععد خريطععة ‪ ،‬توضععح مراكععز‬
‫التلععوث بالقععاهرة ‪ ،‬مثععل المحععارق وبعععض الععورش والمصععانع ‪،‬‬
‫والتي معن الممكعن التحكعم بهععا ‪ ،‬فعي مثعل هعذه الحعالت بإيقععاف‬
‫مصادر التلوث ‪ ،‬بشععكل تععدريجي ومععؤقت ‪ ،‬لحيععن عععودة الريععاح‬
‫لنشاطها ‪.‬‬
‫‪682‬‬
‫ويضيف الدكتور محمود نصر ال ‪ :‬أن حادثا مشععابها ‪ ،‬وقععع فعي‬
‫لندن عام ‪ ) 56‬المسؤول السابق قال أنه وقععع عععام ‪ ، ( 49‬حيععث‬
‫ازدادت كثافة السععحب المعبععأة بالملوثععات ‪ ،‬ممععا أدى إلععى إصععابة‬
‫العديد باللتهابات الشعبية ‪ ،‬وتطور المععر إلععى مرحلععة الختنععاق‬
‫والوفععاة ‪ .‬لععذلك يطععالب الععدكتور محمععود نصععر ال ع ‪ ،‬بععأن تتععابع‬
‫محطات الرصد ‪ ،‬التابعة لجهاز شؤون الععبيئة ‪ ،‬تغيععرات مكونععات‬
‫الهعواء ‪ ،‬فعي كعل منطقعة ‪ ،‬وتحعدد مصعادر التلعوث سعواء كعانت‬
‫محارق أو مصانع ‪ .‬ووقفها بشكل مععؤقت ‪ ،‬لحيععن تحسععن الحالععة‬
‫الجوية ‪ ،‬وعودة الرياح لسرعتها الطبيعية ‪.‬‬
‫ومن جانبه أكد مجدي البسيوني ‪ ،‬رئيععس هيئة النظافععة وتجميععل‬
‫القاهرة ‪ :‬أنه قام بجولة ميدانية ‪ ،‬للوقععوف علعى مصععادر انبععاث‬
‫الدخنة ‪ ،‬من جديد ‪ ،‬فوجد أن المقالب الرسعمية ‪ ،‬لععم يحععدث بهعا‬
‫أي اشععتعال للقمامععة ‪ ،‬بينمععا لحععظ وجععود الدخنععة ‪ ،‬بكثافععة فععي‬
‫المناطق المتاخمعة للراضعي الزراعيعة ‪ ،‬علعى امتعداد المشعروع‬
‫البلبيسي ‪ .‬وأجمعت المصادر على أن الحرائق ‪ ،‬ل تزال مشععتعلة‬
‫فععي الحقععول ‪ ،‬بمنطقععة الخانكععة والطريععق الععدائري ‪ .‬وطععالب‬
‫البسيوني ‪ :‬بضرورة تحرك الرصاد والععبيئة ‪ ،‬للكشععف عععن سععر‬
‫هذه الظاهرة ‪ ،‬التي تفاجئ القاهرة بين الحين والخر ‪.‬‬
‫ومن جانبه أكد المستشار صبري الععبيلي ‪ ،‬محععافظ القليوبيععة أنععه‬
‫بالمس فقط ‪ ،‬تم تحرير ‪ 35‬محضرا ‪ ،‬بع ) قها وطوخ ( لحرق‬
‫قش الرز المخالف ‪ ،‬والحملت مازالت مسععتمرة مععن الزراعععة ‪،‬‬
‫ومجالس المععدن لمتابعععة المخععالفين ‪ .‬مؤكععدا أن سععبب الععدخان ‪،‬‬
‫يرجععع للرز المحععترق ‪ ،‬مععن بعععض المزارعيععن ‪ ،‬بمنطقععة اللععج‬
‫والخانكة بجوار الطريق الدائري ‪ .‬ونفى المستشار البيلي ‪ ،‬عععدم‬
‫حرق أي كاوتش كما ترّدد عن أحد المصانع الكبرى ‪.‬‬
‫‪683‬‬
‫ومن جانبه صرح د‪ .‬محمد عطية الفيومي ‪ ،‬رئيس مجلس محلي‬
‫محافظعععة القليوبيعععة ‪ :‬بعععأنه ل توجعععد حعععرائق فعععي المنشعععآت‬
‫الموجودة ‪ ،‬على أرض المحافظة ‪ ،‬حتى الساعة التاسعة ‪ ،‬مساء‬
‫الثلثاء ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،‬ولم تتلق النجدة أو المطافئ ‪ ،‬أية بلغات‬
‫في هععذا الخصععوص ‪ ،‬إل أنععه قععد توجععد بعععض حععرائق ‪ ،‬يشعععلها‬
‫بعض المزارعين للمحاصيل المنتهية ‪ ،‬لكنها ل تخرج عن كونها‬
‫‪ ،‬حرائق محدودة الثر ‪ ،‬وغير ذات تأثير‪ .‬وعلى الجانب الخععر ‪،‬‬
‫لم يشعر سكان القليوبية بالدخان ‪ ،‬الذي شعر به سكان القاهرة ‪،‬‬
‫ولم تتغير طبيعة المناخ ‪ ،‬ول رائحة الجو ‪ ،‬عن المععور المعتععادة‬
‫) بالرغم من أن الحرق يتم في القليوبية ‪ ،‬وهي تبعد عن القاهرة‬
‫‪ 25‬كععم ( ‪ .‬ونفععى مععدير أمععن القليوبيععة ‪ ،‬مععا تععرّدد عععن احععتراق‬
‫مخلفات أحد المصانع الكبرى بع ) بنهععا ( مسععببة الععدخان ‪ ،‬الععذي‬
‫طى سماء القاهرة ‪.‬‬ ‫غّ‬
‫مرضى الصدر ضحايا التلوث !‬
‫تحقيقععات ‪ /‬الربعععاء ‪ 18 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪ 27 ،‬أكتععوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41232‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/I‬‬
‫‪NVE2.HTM‬‬
‫تحقيق ‪ :‬عبد المحسن سلمة ونادية يوسف‬
‫أدى الععدخان الكععثيف ‪ ،‬الععذي تعرضععت لععه القععاهرة مععؤخرا ‪ ،‬إلععى‬
‫ازديععاد معانععاة مرضععى الحساسععية الصععدرية ‪ ،‬وزيععادة أعععداد‬
‫المععترددين علععى أقسععام الصععدر بالمستشععفيات ‪ ،‬بعععد أن شعععر‬
‫المرضى بالختناق ‪ ،‬وضيق التنفس ‪ ،‬الناتج عن تهيج الغشععية‬
‫‪684‬‬
‫المخاطية للعين والنععف ‪ .‬ويقععول د‪ .‬محمععد عععوض تععاج الععدين ‪،‬‬
‫أستاذ المراض الصدرية ‪ ،‬ونعائب رئيععس جامعععة عيعن شعمس ‪:‬‬
‫… وبالنسععبة لععدخان السععحابة الخيععرة ‪ ،‬فقععد اتسععم بالكثافععة ‪،‬‬
‫ووجود رائحة نفاذه مصاحبة له ‪ ،‬مما أحدث تهيجا فععي الغشععية‬
‫المخاطية ‪ ،‬للعيععن والنععف ‪ ،‬لمععن تعرضععوا لععه ‪ ،‬وأدى ذلععك إلععى‬
‫إصععابتهم ‪ ،‬بضععيق فععي التنفععس ‪ ،‬نتيجععة تهيععج هععذه الغشععية ‪،‬‬
‫فارتفع عدد الحالت المصابة ‪ ،‬وزاد عدد المترّددين علععى أقسععام‬
‫الصععدر ‪ ،‬بالمستشععفيات العامععة والخاصععة ‪ .‬وقععد تلقععى هععؤلء‬
‫المرضععى العلج ‪ ،‬وخرجععوا علععى الفععور ‪ ،‬لن معظمهععا حععالت‬
‫مؤقتة كان الدخان السبب الرئيسععي لهععا ‪ ،‬وتركععز علجهععم ‪ ،‬فععي‬
‫موسعات الشعب الهوائية ‪ ،‬وعلج للغشية المخاطية ‪.‬‬
‫وأكد د‪ .‬طارق صفوت ‪ ،‬رئيس قسم المراض الصدرية ‪ ،‬بجامعة‬
‫عين شمس ‪ :‬أن هذه السحابة ‪ ،‬مبعث للتلوث ‪ ،‬وانتقال أمععراض‬
‫التهابات الشعب الهوائيععة والنععزلت الربويعة ‪ ،‬وتشععكل حساسععية‬
‫شععديدة ‪ ،‬فععي الجهععاز التنفسععي لمرضععى المععراض الصععدرية ‪،‬‬
‫ومرضى النف والذن ‪ ،‬لنها تسبب التهابات في الجيوب النفية‬
‫‪ ،‬والعيون ‪ ،‬أي جميع الغشية المخاطية ‪ .‬وينصععح د‪ .‬صععفوت ‪:‬‬
‫بوضععع ماسععكات واقيععة للععذين لععديهم حساسععية ربويععة ‪ ،‬لتجنععب‬
‫استنشاق هذه الدخنة ‪ .‬وقد اسععتقبل قسععم المععراض الصععدرية ‪،‬‬
‫أكثر من ضعف العداد التي يستقبلها القسععم فععي اليععام العاديععة ‪.‬‬
‫ولبد من اللتزام بعلج مرضى الصدر ‪ ،‬مع طبيبهم الستشععاري‬
‫واستخدام بخاخات ‪ .‬وأضاف أنه ل يشترط أن تكون الزمة حادة‬
‫‪ ،‬لكن تزيد أعراض المرض في فترة انتشار الدخان ‪.‬‬
‫ويقول الدكتور هشععام قاسععم أخصععائي الصععدر بمستشععفى الصععدر‬
‫بالعباسية ‪ :‬أنه لم ترد أي حالت اختنععاق أو إعيععاء للمستشععفى ‪،‬‬
‫‪685‬‬
‫بسععبب التلععوث ‪ ،‬ويوصععي الععدكتور هشععام مرضععى الحساسععية ‪:‬‬
‫بإغلق النوافذ والبتعاد عن الملوثات بقدر المكععان ‪ ،‬كمععا يجععب‬
‫وضع منديل مبلل ‪ ،‬على النف والفم والتنفععس مععن خللععه ‪ .‬كمععا‬
‫مععن الممكععن ‪ ،‬أن يصععاب النععاس ‪ ،‬فععي حالععة كثافععة الدخنععة ‪،‬‬
‫باحتقان الحلق والتهاب شديد ‪ ،‬فععي الشعععب الهوائيععة والعينيععن ‪.‬‬
‫) يغشى الناس هذا عذاب أليم ( ‪.‬‬
‫تقرير لرئيس مجلس الوزراء حول ظنناهرة‬
‫الدخان‬
‫الصععفحة الولععى ‪ /‬الخميععس ‪ 19 /‬مععن رجععب ‪ 1420‬هععع ‪28 ،‬‬
‫أكتوبر ‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41233‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/28/F‬‬
‫‪RON.HTM‬‬
‫مرتفعع جعوي فعوق القعاهرة ‪ ،‬تسعبب فعي تكععوين طبقععة عازلععة ‪،‬‬
‫منعت انسياب الدخان والملوثات ‪ ،‬إلى طبقات الجو العليا ‪.‬‬
‫تلقععى الععدكتور عععاطف عبيععد ‪ ،‬رئيععس مجلععس الععوزراء ‪ ،‬تقريععرا‬
‫شامل ‪ ،‬مساء أمس ‪ ،‬مععن الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ‪ ،‬وزيععرة‬
‫الدولة لشؤون البيئة ‪ ،‬حول ظاهرة الدخان الكثيف ‪ ،‬الذي غطععى‬
‫سماء القاهرة ‪ ،‬منذ يوم السبت الماضععي ‪ ،‬وعععاد إلععى الظهععور ‪،‬‬
‫يععومي أمععس وأمععس الول ‪ .‬وقععال عبيععد ‪ :‬أنععه سععيتم بحععث هععذا‬
‫التقرير ‪ ،‬بشكل تفصيلي ‪ ،‬لمعرفة أسباب تلععك الظععاهرة ‪ ،‬وكععانت‬
‫الهرام ‪ ،‬قد تلقت طوال ليلة أمس ‪ ،‬سيل من الشععكاوي حولهععا ‪،‬‬
‫من عشرات المواطنين ‪ ،‬الععذين يشععكون مععن الختنععاق ‪ ،‬وعععودة‬
‫الدخان إلى الظهور بشكل كثيف ‪ ،‬في أنحاء متفرقة من القاهرة ‪.‬‬
‫‪686‬‬
‫كما أكدت وزيرة البيئة ‪ :‬أن السبب وراء زيادة نسبة الدخان فععي‬
‫الجععو ‪ ،‬هععو ظهععور المرتفععع الجععوي ‪ ،‬الععذي سععاد منطقععة شععمال‬
‫الجمهورية ‪ ،‬وأدى إلى تحرك كتلة مععن الهععواء المشععبع ‪ ،‬ببخععار‬
‫الماء ‪ ،‬باتجاه الدلتا والقاهرة ‪ ،‬وقععالت ‪ :‬إن هععذه الكتلععة ‪ ،‬كععونت‬
‫طبقة عازلة فوق الهواء ‪ ،‬تمنع انسياب الملوثععات ‪ ،‬إلععى طبقععات‬
‫الجععو العليععا ‪ .‬وأضععافت فععي مععؤتمر صععحفي ‪ ،‬عقععدته بعععد ظهععر‬
‫أمععس ‪ :‬أن ذلععك تزامععن مععع انخفععاض سععرعة الريععاح ‪ ،‬وحععرق‬
‫المخلفات الزراعية داخل الحقول ‪ ،‬في محافظات الدلتا القريبععة ‪،‬‬
‫وهععي ‪ :‬القليوبيععة والشععرقية ‪ ،‬بالضععافة إلععى مصععادر التلععوث‬
‫الموجودة ‪ ،‬علععى مععدار العععام ‪ ،‬ممععا أدى إلععى تكعّون سععحابة مععن‬
‫طت أجواء القاهرة الكبرى ‪ ،‬وشعر بها المواطنععون ‪،‬‬ ‫الدخان ‪ ،‬غ ّ‬
‫نتيجة لتركيز تلععك الملوثععات ‪ ،‬وعععدم تشععتتها أو انسععيابها ‪ ،‬إلععى‬
‫طبقات الجو العليا ‪.‬‬
‫وكان بيان لهيئة الرصاد ‪ ،‬قد أعلن ‪ :‬أن العاصمة تأثرت أمس ‪،‬‬
‫بمرتفع جوي أدى إلى تباطؤ سرعة الرياح ‪ .‬كذلك أكدت الوزيرة‬
‫‪ :‬ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ‪ ،‬حتى يمكن التخفيف مععن حععدة‬
‫تلك الظاهرة ‪ ،‬بما في ذلك التنبيه على المصععانع الكععبرى ‪ ،‬حععول‬
‫القاهرة الكبرى ‪ ،‬للعمل على التقليل من حدة النبعاثات الملوثة ‪،‬‬
‫خلل اليام القليلععة المقبلععة ‪ ،‬وقيععام الجهععزة المعنيععة ‪ ،‬باليقععاف‬
‫الفوري للنشطة العشوائية الملوثة ‪ ،‬مثل الجيارات والفععواخير ‪،‬‬
‫والمسعععابك ومصعععانع الطعععوب والحعععرق المكشعععوف ‪ ،‬أيعععا كعععان‬
‫مصدره ‪ ،‬وقيام أجهععزة الشععرطة ‪ ،‬بمنععع سععير السععيارات ‪ ،‬الععتي‬
‫ينتج عنها عادم كثيف ‪ ،‬تطبيقا لحكام قانون المرور ‪.‬‬

‫‪687‬‬
‫والي يطلننب سننرعة وقننف حننرق مخلفنات‬
‫الزراعة‬
‫الصفحة الولى‪ /‬الجمعة ‪ 20 /‬من رجب ‪ 1420‬هع ‪ 29 ،‬أكتوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ – 124‬العدد ‪41234‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/F‬‬
‫‪RON10.HTM‬‬
‫الرصاد ‪ :‬المرتفع الجوي مستمر اليوم‬
‫أصععدر الععدكتور يوسععف والععي ‪ ،‬نععائب رئيععس مجلععس الععوزراء ‪،‬‬
‫ووزير الزراعة واستصععلح الراضععي ‪ ،‬تعليمععات بسععرعة وقععف‬
‫حرق قش الرز وحطب القطن ‪ ،‬للحد من ظاهرة تراكم الدخنة ‪،‬‬
‫فععي سععماء القععاهرة الكععبرى ‪ .‬وصععرحت الععدكتورة ناديععة مكععرم‬
‫عبيد ‪ ،‬وزيرة الدولة لشؤون البيئة ‪ ،‬بأن معدلت تلوث الهععواء ‪،‬‬
‫وصععلت أخيععرا إلععى ‪ 300‬ميكروجرام في المتر المكعب ‪ ،‬بمععا‬
‫يتجععاوز أربعععة أضعععاف نسععب التلععوث المنيععة ) إحععدى الحقععائق‬
‫المرعبة ( ‪ .‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬قال خبراء الرصاد الجوية ‪ ،‬أن‬
‫القاهرة الكبرى ‪ ،‬ستتأثر اليوم بامتداد مرتفع جععوي ‪ ،‬قريععب مععن‬
‫سععطح الرض ‪ ،‬يععؤدي إلععى اسععتمرار السععتقرار فععي الحععوال‬
‫الجوية ‪ ،‬وهدوء في سرعة الرياح ليل ‪ ،‬مما يساعد على ظهععور‬
‫الدخنة ‪ ،‬في سماء القاهرة الكبرى ‪ ،‬في حالة استمرار ‪ ،‬عمليععة‬
‫حرق مخلفات المحاصيل الزراعية ‪ ،‬في الرض المحيطععة بععإقليم‬
‫القاهرة الكبرى ‪.‬‬

‫‪688‬‬
‫وزيننرة الننبيئة ‪ :‬اسننتمرار متابعننة ظنناهرة‬
‫الدخان للحد من أثارها‬
‫الصفحة الولى ‪ /‬الجمعة ‪ 20 /‬من رجب ‪ 1420‬هع ‪ 29 ،‬أكتوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41234‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/F‬‬
‫‪RON11.HTM‬‬
‫كتبت سالي وفائي ‪ :‬صرحت السععيدة ناديععة مكععرم عبيععد ‪ ،‬وزيععرة‬
‫الدولة لشؤون البيئة ‪ ،‬بأن غرفة العمليات المشكلة في الوزارة ‪،‬‬
‫في حالة عمل مستمر لمواجهة ظاهرة الدخان ‪ ،‬والحد من آثارها‬
‫‪ .‬وقععالت أنهععا تلّقععت تقريععرا ‪ ،‬مععن الععدكتور حسععين رمععزي كععاظم‬
‫محافظ الشرقية ‪ ،‬أكّد خلله ‪ ،‬أنه تم إيقاف عمليات ‪ ،‬حععرق قععش‬
‫الرز وأعواد القطن ‪ ،‬وإخماد النيران عن طريق رشها بالماء ‪.‬‬
‫وأشارت الوزيرة إلى أنه يتععم التصععال بصععورة دائمععة ‪ ،‬بالسععادة‬
‫الععوزراء والمحععافظين ‪ ،‬ومتابعععة المصععانع ‪ ،‬للتأكععد مععن خفععض‬
‫نسععب النبعاثععات الملوثععة ‪ ،‬خلل اليععام القليلععة القادمعة ‪ ،‬وحععتى‬
‫ينتهي المرتفع الجوي المشبع ببخار الماء ‪ ،‬والععذي يسععود البلد‬
‫حاليا ‪ ،‬مع استمرار الجولت المفاجئة للععوزيرة ‪ ،‬بالشععتراك مععع‬
‫قوات الشرطة ‪ ،‬لوقف الممارسات البيئية الخاطئة ‪.‬‬
‫وقالت السيدة نادية مكععرم عبيععد ‪ ،‬أن القياسععات المسععجلة لنسععب‬
‫تلوث الهواء ‪ ،‬والصادرة عن ثماني محطات ‪ ،‬منتشرة في نطععاق‬
‫القاهرة الكبرى ‪ ،‬وصلت أخيرا إلععى ‪ 300‬ميكروجرام في المتر‬
‫المكعب ‪ ،‬من الجسيمات العالقة ‪ ،‬في حين أن الحعدود الععتي نعص‬
‫عليها قانون البيئة ‪ ،‬هي‪ 70‬ميكروجرام ‪ ،‬حيث تسبب المنخفض‬
‫‪689‬‬
‫الجععوي ‪ ،‬فععي عععدم انسععياب تلععك الجسععيمات ‪ ،‬والععتي تنتععج عععن‬
‫النشطة الصناعية الكعبرى ‪ ،‬وكعذلك الصعناعات التقليديعة ‪ ،‬مثعل‬
‫المسععابك والفععواخير وقمععائن الطععوب ‪ ،‬بالضععافة إلععى عععوادم‬
‫السععيارات ‪ ،‬والرمععال القادمععة مععن الصععحراء ‪ ،‬وكععذلك النشععطة‬
‫الموسمية للزراعات ‪.‬‬
‫مشكلة الدخان وتطوير مطار القاهرة‬
‫الصفحة الولى ‪ /‬السبت ‪ 21 /‬من رجب ‪ 1420‬هع ‪ 30 ،‬أكتوبر‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬السنة ‪ -124‬العدد ‪41235‬‬
‫موقعععععععع الصعععععععفحة علعععععععى شعععععععبكة النعععععععترنت هعععععععو ‪:‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/29/F‬‬
‫‪RON10.HTM‬‬
‫يعقد الدكتور عاطف عبيد ‪ ،‬رئيس مجلععس الععوزراء ‪ ،‬اجتمععاعين‬
‫متتععاليين اليععوم وغععدا ‪ ،‬لبحععث عععدد مععن المشععكلت ‪ ،‬الععتي تهععم‬
‫الجماهير ‪ .‬يخصص اجتماع اليوم للمجموعععة الوزاريععة ‪ ،‬لبحععث‬
‫مشععكلة الععدخان ‪ ،‬الععذي غطععى سععماء القععاهرة فععي السععبوع‬
‫الماضي ‪ ،‬والتعرف على أسبابها ‪ ،‬واتخاذ الجراءات الحازمععة ‪،‬‬
‫التي تقلل من حدوث مثل هذه الظاهرة ‪ ،‬مرة أخرى ‪ ،‬ويخصععص‬
‫الجتماع الثاني ‪ ،‬لدراسة ارتفاعات المباني ‪ ،‬حول مطار القاهرة‬
‫الدولي ‪ ،‬واتخاذ الجراءات الخاصة لتطوير المطارات … انتهى‬
‫‪.‬‬
‫صحيفة الشعب‬
‫* فيما يلي سنعرض تعليقععا ‪ ،‬للكععاتب عععادل حسععين مععن صععحيفة‬
‫) الشعب ( المصرية ‪ ،‬في عددها الذي صدر يوم الجمعة ‪11 / 5‬‬
‫‪690‬‬
‫‪1999 /‬م ‪ .‬عنععوان المقععال علععى شععبكة النععترنت ‪www. ) :‬‬
‫‪ ، ( elshaab.com/05-11-1999/2.htm‬تصدير المقال ‪:‬‬
‫• السحابة وسقوط الطائرة وتهديد السودان ‪ :‬حلقات متكاملععة‬
‫لرهابنا ‪.‬‬
‫• بيرجر ‪ :‬المخاطر الصاروخية في الشععرق الوسععط ‪ ،‬تتطلععب‬
‫التحرك المريكي القوي ‪.‬‬
‫• إخضععاع مصععر بالكامععل هععو الهععدف الول ‪ :‬مععا المطلععوب ؟‬
‫وكيف نقاوم ؟‬
‫• السقوط المفاجئ للطائرة ‪ ،‬يضع دولتنا تحت رحمة أمريكا ‪،‬‬
‫هل هذا مصادفة ؟‬
‫• التحرك المجنون لفصل جنوب السودان قد يورط مصععر فععي‬
‫مواجهة عسكرية حتى ل نموت عطشا ‪.‬‬
‫جع‬‫جع موريتانيععا ‪ ،‬وُيشع ّ‬‫• استمرار ) والي ( في مناصبه ‪ ،‬شع ّ‬
‫غيرها على العتراف بإسرائيل ‪.‬‬
‫• بقاء مجدي حسين وصحبه في السجن مرفوض … وتقععديم‬
‫الخوان للمحاكمة ‪ ،‬مرفوض … مرفوض ‪.‬‬
‫الجزء الخاص بالدخان من نص المقال ‪:‬‬
‫لحعععظ المواطنعععون ‪ ،‬أن المصعععائب تعععوالت علينعععا ‪ ،‬منعععذ إعلن‬
‫النقلب الععوزاري الخيععر ‪ ،‬بععدءا مععن اختطععاف طععائرة بسععكين ‪،‬‬
‫وانهيعععار بععععض المعععدارس ‪ ،‬ثعععم انتهعععاًء بالسعععحابة السعععوداء‬
‫الغامضععة ‪ ،‬والسععقوط المععروع للطععائرة المصععرية ‪ ،‬فععي الميععاه‬
‫المريكيععة ‪ ،‬وهععذه الملحظععة عععن تتععابع المصععائب ‪ ،‬صععحيحة‬
‫شها نحس ( ‪.‬‬ ‫بالقطع ‪ ،‬وقد استنتج الناس أن الوزارة ) و ّ‬
‫‪691‬‬
‫إل أننا ل نتفق طبعا ‪ ،‬مع هذا التفسير ‪ ،‬ومععن واجبنععا أن ننتبععه ‪،‬‬
‫إلى مععا جععرى ‪ ،‬أخطععر كععثيرا مععن كععونه مجععرد أحععداث متفرقععة ‪،‬‬
‫تتابعت بسبب النحس ‪.‬‬
‫ونحععن فععي تحليلنععا ُنف عّرق بيععن نمطيععن مععن الحععداث ‪ ،‬الول لععه‬
‫أسبابه المحلية الظاهرة ‪ ،‬ومثل ذلك اختطاف الطائرة بالسععكين ‪،‬‬
‫وسقوط المدارس ‪ ،‬وما سععبقه مععن تصععادم القطععارات ‪ ،‬وتهععاوي‬
‫ركابها فوق القضبان ‪ ،‬فمثل هذه الحععداث ‪ ،‬كععوارث داخليععة فععي‬
‫أسبابها ومغازيها ‪ ،‬فهي تكشف عن مدى النحطاط ‪ ،‬الععذي بلغععه‬
‫جهازنا الداري ‪ ،‬الذي ل يعععرف كيععف ُينظععم العمععل ‪ ، ،‬ول كيععف‬
‫تتم الصيانة والمتابعة ‪ ،‬والذي أصبح ل يعرف العقععاب الفععوري ‪،‬‬
‫للمهمل والفاسد ‪ .‬ويتفّرع عن هذا ‪ ،‬كل ما ُيعانيه المواطن ‪ ،‬مععن‬
‫ظلم وإذلل ‪ ،‬لدى تعامله مع أية مصلحة حكومية ‪.‬‬
‫إل أنني ُأرّكز هنا على النمط الثاني ‪ ،‬من المصائب التي اجتاحتنا‬
‫‪ ،‬والذي يتمّثل في السحابة السععوداء ‪ ،‬وفععي سععقوط الطععائرة فععي‬
‫الميععاه المريكيععة ‪ ،‬وسأضععيف أيضععا ‪ ،‬التهديععد باسععتقلل جنععوب‬
‫السودان ‪.‬‬
‫لغز السحابة السوداء ‪:‬‬
‫بالنسبة للسحابة السوداء ‪ ،‬مؤكد أن هناك إجماعا ‪ ،‬علععى رفععض‬
‫التفسير الرسمي المعلن ‪ ،‬بحكايععة مقععالب الزبالععة ‪ ،‬وحععرق قععش‬
‫ح التفسععير ‪ ،‬لكععان سععببا إضععافيا‬
‫الرز وما شابه … طبعا لععو صع ّ‬
‫لعزل ) يوسف والي ( !! ولكننا ل نصّدق مثل غيرنا هذا التفسير‬
‫‪ ،‬المتهععافت والمهيععن للعقععول ‪ ،‬ونحععن ل نتس عّقط أسععبابا ‪ ،‬لعععزل‬
‫) والي ( ‪ ،‬فوالي مش نععاقص ‪ ،‬والتهامععات الخععرى الثابتععة فععي‬
‫حقه ‪ ،‬تكفي وزيادة ‪ ،‬للطاحة به ومحاكمته ‪.‬‬
‫‪692‬‬
‫ولكن مع الرفععض الجمععاعي ‪ ،‬لعلن الحكومععة عععن حكايععة قععش‬
‫الرز ‪ ،‬حععاول النععاس أن يتوصععلوا بمعرفتهععم ‪ ،‬للسععباب الكععثر‬
‫احتمال ومنطقية ‪ ،‬لحكاية السحابة السوداء ‪ ،‬وفي سعيهم هععذا ‪،‬‬
‫حععاولوا أن يرصععدوا أي تغّيععر جديععد ‪ ،‬يربطععونه بنشععوء هععذه‬
‫الظععاهرة ‪ ،‬المفععاجئة وغيععر المألوفععة ‪ ،‬فلععم يجععدوا أمععامهم إل‬
‫مناورات النجم الساطع ‪ ،‬وانتشر بين الناس أنها السععبب ‪ ،‬وهععذا‬
‫التفسير للظاهرة العجيبة والمؤذية ‪ُ ،‬يعّبر في تقديري عععن اتجععاه‬
‫سليم في التحليل ‪ ،‬فهو من ناحية يعكس وعيا شعبيا عميقا ‪ ،‬فعي‬
‫التعامل مع الحلف الصهيوني المريكي ‪ ،‬على أمننا ووجودنا …‬
‫ومن جهة أخرى ‪ ،‬فقد خّمن الناس ‪ ،‬أن لجوء الحكومة إلى كذبة‬
‫مفضوحة وسخيفة ‪ُ ،‬يخفي حرجها من إعلن السععبب الحقيقععي ‪،‬‬
‫لمأسععاة السععحابة السععوداء ‪ ،‬فتأكععد عنععدهم ‪ ،‬أن منععاورات النجععم‬
‫الساطع ‪ ،‬قد تكون السبب ‪ ،‬الُمثير للحرج ‪.‬‬
‫وقد ذكرت ‪ ،‬أن ما وصل إليه جمهور النععاس وخاصععتهم ‪ُ ،‬يعتععبر‬
‫تحليل في التجاه الصععحيح ‪ ،‬ولكععن قععد ل تكععون منععاورات النجععم‬
‫الساطع ‪ ،‬بالذات مسؤولة ‪ ،‬وبشعكل مباشععر ععن هعذه الظععاهرة ‪،‬‬
‫إذن كيف حععدثت ؟ ل أسععتبعد أن تكععون الحكومععة عععاجزة مثلنععا ‪،‬‬
‫عععن المسععاك وبالععدليل ‪ ،‬بالسععبب الحقيقععي لمصععيبة السععحابة‬
‫السععوداء ‪ ،‬ول غرابععة فععي قععولي هععذا ‪ ،‬فمععن الثععابت الن ‪ ،‬أن‬
‫ترسانة العداء ‪ ،‬في مجال الحرب البيولوجية والكيمائية ‪ ،‬فيهععا‬
‫الكثير من الطلسم والسرار ‪ ،‬التي يصعععب فهععم كنههععا ‪ ،‬وفيهععا‬
‫تنويععع هععائل ‪ ،‬فبعضععها ُيمكععن أن يقتععل ‪ ،‬والبعععض الخععر ُيمكنععه‬
‫اليذاء ‪ ،‬دون القتععل ‪ ،‬وحسععب الدرجعة المطلوبععة … ‪ ،‬وفععي كععل‬
‫الحوال ‪ ،‬فإن الميزة العظمى لهذه السلحة السرية ‪ ،‬أنها ُتحععدث‬
‫فعلها المدمر ‪ ،‬دون أن تتمكععن الضععحية ‪ ،‬مععن معرفععة السععبب أو‬
‫‪693‬‬
‫من التثبت ‪ ،‬من نوع الوسائل ‪ ،‬الععتي حملععت إليهععا أسععلحة القتععل‬
‫واليذاء ‪.‬‬
‫) ويسععهب الكععاتب قليل ‪ ،‬فععي الحععديث عععن السععلحة السععرية ‪،‬‬
‫ويضععرب قصععة المحاولععة السععرائيلية الفاشععلة ‪ ،‬لغتيععال خالععد‬
‫مشغل ‪ ،‬واستخدام اليورانيوم المستنفذ في العراق ويوغسلفيا ‪،‬‬
‫ومنتجات الهندسة الوراثية في الغذية ‪ ،‬ومن ثععم يختععم كععل ذلععك‬
‫بقوله ( ‪:‬‬
‫في إطار ما سبق ‪ ،‬لم ل تكون سحابتنا الغامضة ‪ ،‬ضععمن وسععائل‬
‫الحرب السرية ؟! ول يعني هذا ‪ ،‬أن ما جععرى كععان بالضععرورة ‪،‬‬
‫في إطار أسلحة البادة الشاملة ‪ ،‬فقد ذكرت أن أسلحتهم ‪ ،‬أصبح‬
‫فيها درجععات متصععاعدة مععن اليععذاء ‪ ،‬الععذي قععد ل يصععل فععي كععل‬
‫الحالت إلى القتل ‪.‬‬
‫ن البتلء الععذي مّثلتععه السععحابة السععوداء الغامضععة ‪ ،‬قععد يكععون‬ ‫إّ‬
‫مجّرد إشارة تحذير ) لقد أصاب الكاتب هنا كبععد الحقيقععة ‪ ،‬وهععي‬
‫كذلك ( ‪ ،‬وشّد للذن ‪ ،‬فالدولععة قععد تتوصععل إلععى نفععس السععتنتاج‬
‫الذي وصلناه ‪ ،‬وهذا في ظنهم يكفي – مع ضععغوط أخععرى ‪ -‬لكععي‬
‫تخضع الدولة ‪ ،‬وُتنّفذ ما ُيطلب منها ‪ ،‬خوفا مععن تكععرار الظععاهرة‬
‫وتصاعدها ‪ ،‬إن الدولععة قععد ل تتمكععن مععن تقععديم ‪ ،‬أدلععة قاطعععة ‪،‬‬
‫تثبععت وقععوع الجريمععة ‪ ،‬وإن كععانت ترجععح قيامهععا ‪ ،‬ولكععن هععذا‬
‫الغموض ‪ ،‬هععو مععا ُيمّيععز الشععكال الجديععدة ‪ ،‬للحععروب الكيماويععة‬
‫والبيولوجية ‪ ،‬والتي ُيمكن أن تحقق ما يستهدفه القصف النووي‬
‫بالصواريخ ‪ ،‬ولكن دون ضجيج ودليل … انتهى ‪.‬‬
‫* صحيفة الشعب ‪ ،‬والتي ُأخععذ منهععا هععذا المقععال ‪ ،‬موقوفععة عععن‬
‫العمل ‪ ،‬من قبل الحكومة المصرية ‪.‬‬
‫‪694‬‬
‫قراءة سريعة في مقالت الهرام‬
‫والشعب‬
‫صحيفة الهرام‬
‫وصننف المسننؤولين الصننحفيين والطبنناء‬
‫والمواطنين للظاهرة ‪:‬‬
‫الدخنة والغازات والروائح النفاذة … ظاهرة غريبة بحاجة إلععى‬
‫تفسير … سحابة دخان كثيفععة … الععدخان الكععثيف … السععحابة‬
‫العالقة بسماء القاهرة … دخان ينبعث من آبار بعترول تحعترق ‪،‬‬
‫وليس دخانا عاديا … بأن هناك شيئا يحرق في الهععواء … هععذا‬
‫الدخان الخانق … وبالنسبة لدخان السحابة الخيرة ‪ ،‬فقععد اتسععم‬
‫بالكثافة ‪ ،‬ووجود رائحة نّفاذه مصاحبة له ‪ .‬تقول د‪ .‬نادية مكععرم‬
‫عبيد وزيرة البيئة ‪ ،‬إنها رصدت سععحابة الععدخان ‪ ،‬وشعععرت بهععا‬
‫مثل كل المواطنين ‪ ،‬وأدركععت أن هنععاك شععيئا غيععر طععبيعي ‪ ،‬فععي‬
‫الهواء منذ عشرة أيام … لغز السحابة السوداء ‪.‬‬
‫مدى انتشار الدخان ‪:‬‬
‫تعرضت سماء الدلتا والقاهرة حتى الجيزة ‪ ،‬لتلوث هوائي شععديد‬
‫طت أجواء القاهرة ‪ ،‬خاصععة منطقععتي مدينععة نصععر ومصععر‬ ‫…غّ‬
‫الجديععدة ‪ ،‬ومنععاطق وسععط البلععد ومصععر القديمععة … الععدخان‬
‫الكثيف ‪ ،‬الذي يمتد من حلوان إلى المعادي والمنيل والمهندسين‬
‫… نتيجة لهذا الدخان الخانق ‪ ،‬الذي لف القاهرة ‪ ...‬فوق سععماء‬
‫القاهرة ‪ ،‬وعدد من محافظات الععدلتا … الععتي خّيمععت علععى مععدى‬
‫اليعععام الماضعععية ‪ ،‬فعععوق محافظعععة الشعععرقية … تجعععدد انتشعععار‬
‫الععدخان ‪ ،‬فععي سععماء القععاهرة الكععبرى ‪ ،‬مسععاء أمععس ‪ ،‬وتلقععت‬
‫‪695‬‬
‫الهععرام اتصععالت هاتفيععة ‪ ،‬مععن قععاطني السععاحل وشععبرا مصععر‬
‫ومصععر الجديععدة ‪ ،‬ومدينععة السععلم والعجععوزة والمنيععل والهععرم ‪،‬‬
‫بإحساسهم بتكاثر الدخان ‪.‬‬
‫الضرر النفسي والجسدي الذي أحدثه ‪:‬‬
‫اختناق القاهرة ‪ ،‬الذي استمر لثلثة أيععام متتاليععة … وأيعًا كععانت‬
‫أسبابها الحقيقية ‪ ،‬فقد انزعج العديد من الهالي … ‪ ،‬تسبب فععي‬
‫حالة من القلق ‪ ،‬بيععن سععكان القععاهرة … أثععار ذعععر السععكان …‬
‫بعدم المبالغة في قلق ‪ ،‬ووصف الحدث ‪ ،‬بالكارثة …‬
‫العراض المبدئية للتعرض لها ‪ ،‬تشمل التهاب العيون ‪ ،‬والنععف‬
‫والذن والصدر والحلق ‪ ،‬وصعوبة في التنفس … وسّبب بعععض‬
‫حععالت الختنععاق … أزمععات تنفسععية ‪ ،‬نتيجععة لزمتععة الهععواء ‪،‬‬
‫وغيععاب الوكسععجين الكععافي ‪ ،‬وأصععابت الطفععال وكبععار السععن‬
‫بالختنععاق … عععدم القععدرة علععى التنفععس ‪ ،‬رغععم إغلق نوافععذ‬
‫الشععقق … ل نسععتطيع التنفععس ‪ ،‬ونكععاد نصععاب بحالععة اختنععاق‬
‫شديدة … أصععيب بحالععة اختنععاق شععديدة ‪ ،‬وحرقععان بعينيععه ‪ ،‬لععم‬
‫طت الطرق الرئيسية‬ ‫يستطع معها ‪ ،‬البصار بصورة جيدة ‪ ...‬وغ ّ‬
‫‪ ،‬ممعععا أدى إلعععى إعاقعععة الرؤيعععة ‪ ،‬أمعععام سعععائقي السعععيارات ‪،‬‬
‫وعرضتهم إلى ارتكاب حوادث التصادم ‪ ...‬وقد أغلق المواطنععون‬
‫النوافذ لشعورهم بالختناق ‪.‬‬
‫ويقول د‪ .‬محمد عوض تاج الدين ‪ ،‬أسععتاذ المععراض الصععدرية ‪،‬‬
‫ونائب رئيس جامعة عين شمس ‪ … :‬وبالنسبة لدخان السععحابة‬
‫الخيرة ‪ ،‬فقد اتسم بالكثافة ‪ ،‬ووجود رائحة نفاذه مصععاحبة لععه ‪،‬‬
‫مما أحدث تهيجا في الغشععية المخاطيععة ‪ ،‬للعيععن والنععف ‪ ،‬لمععن‬
‫تعرضععوا لععه ‪ ،‬وأدى ذلععك إلععى إصععابتهم ‪ ،‬بضععيق فععي التنفععس ‪،‬‬
‫‪696‬‬
‫نتيجة تهيج هذه الغشية ‪ ،‬فارتفع عدد الحالت المصععابة ‪ ،‬وزاد‬
‫عععدد المععترّددين علععى أقسععام الصععدر ‪ ،‬بالمستشععفيات العامععة‬
‫والخاصة ‪.‬‬
‫السباب المحتملة ‪:‬‬
‫ثلثععة احتمععالت ‪ :‬حععرق المخلفععات الزراعيععة ‪ ،‬حععرق القمامععة ‪،‬‬
‫عوادم السيارات … أثارت سحابة الدخان الخععانق ‪ ،‬الععتي غطععت‬
‫القاهرة ‪ ،‬أول أمس ‪ ،‬تسععاؤلت عديععدة حععول أسععبابها ‪ ..‬البعععض‬
‫أرجعها لحرق ‪ ،‬مقالب القمامة المنتشرة حول القععاهرة ‪ ،‬وعّللهععا‬
‫البعض الخر ‪ ،‬بحرق بقايا جذور نبات الرز ‪.‬‬
‫مقالب الزبالة بريئة من التهمة ‪:‬‬
‫من جانبه يؤكد اللععواء مجععدي البسععيوني ‪ ،‬رئيععس هيئة التجميععل‬
‫والنظافة بالقاهرة ‪ :‬إن هذه السحابة العالقة بسععماء القععاهرة ‪ ،‬ل‬
‫ترجع إلى حرق القمامة ‪ .‬لُيبّرئ مقالب القمامة ‪ ،‬ويتهم القش ‪.‬‬
‫ع أما المزارعون فقد بّرءوا القش بحجج منطقية ‪ ،‬بالضععافة إلعى‬
‫أن دخععان حععرق القععش والخشععاب ‪ ،‬ذو لععون أبيععض ‪ ،‬ورائحععة‬
‫خاصة ومميزة ‪ ،‬من الممكن احتمالها ‪ ،‬تختلف ععن دخعان حعرق‬
‫المواد البترولية ‪ ،‬ذو اللون السود ‪ ،‬والرائحععة النفاثععة ‪ ،‬وكععذلك‬
‫تختلععف عععن دخععان حععرق القمامععة ‪ ،‬ذو اللععون القععل سععوادا ‪،‬‬
‫والرائحة الكريهة ‪.‬‬
‫المختص ل يعرف الحقيقة ‪ ،‬وُيبّرئ القننش‬
‫ويتهم القمامة ‪:‬‬
‫وشرح الدكتور محمود نصر ال ‪ ،‬مدير معمل تلوث الهواء ‪ ،‬أنه‬
‫من المتوقع أن تكون الدخنة ) وليس من المؤكد ( ‪ ،‬ناتجععة عععن‬
‫‪697‬‬
‫احتراق وقود البترول ! ‪ ،‬أو القمامة ! هععذه الدخنععة عبععارة عععن‬
‫جسيمات عالقة ‪ ،‬من الدخان السود ‪:‬‬
‫‪ .1‬ثاني أكسد الكربون ‪،‬‬
‫‪ .2‬وثاني أكسيد الكبريت ‪،‬‬
‫‪ .3‬أول أكسيد الكربون ‪،‬‬
‫‪ .4‬وأكاسيد النيتروجين ‪.‬‬
‫لذلك يجب أن يكععون هنععاك حعل سععريع وفععوري ‪ ،‬وتشععكيل غرفعة‬
‫عمليععات ‪ ،‬لرصععد مصععادر التلععوث ‪ ،‬وكععل منطقععة سععكنية ‪ ،‬بهععا‬
‫محرقة أو مقلب زبالة ‪ ،‬يجب أن تبلعغ الجهعات المسعؤولة ‪ ،‬مثعل‬
‫وزارة البيئة وجهععاز شععؤون الععبيئة ‪ ،‬حععتى تخمععد هععذه الحععرائق‬
‫فورا ‪.‬‬
‫ع وبما أنه ل يوجد حقول نفط تحترق فععي القععاهرة ‪ ،‬نجععد أن هععذا‬
‫المختص ‪ُ ،‬يبعد الشبهة عععن القععش ‪ ،‬ويعععزوه لمقععالب القمامععة ‪،‬‬
‫والتي أكد المسؤولون ‪ ،‬أنها موقوفة عن العمل منذ مدة ‪ ،‬وأنهععا‬
‫ليست السبب ‪.‬‬
‫عننودة النندخان … ول حننرائق تؤخننذ بعيننن‬
‫العتبار … ؟!‬
‫ع ورغم كّل الجراءات الحترازيععة والحتياطععات اللزمععة ‪ ،‬الععتي‬
‫اتخذت على الرض ‪ ،‬بمنععع الحععرائق فععي القععاهرة ومععا حولهععا ‪،‬‬
‫يعود الدخان بنفس الكثافععة ‪ ،‬ويبقععى عالقععا فععي سععماء القععاهرة ‪،‬‬
‫ليدبّ الذعر والرعب ‪ ،‬بين سكان القاهرة ‪ ،‬مععن جديععد ‪ ،‬فععي ليععل‬
‫‪1999 / 10 / 26‬م ‪ ،‬ليصععبح لغععزا غامضععا ‪ ،‬ل يقبععل تععبريرا‬
‫منطقيا ‪ ،‬ول يجد تفسيرا علميا ‪.‬‬
‫‪698‬‬
‫وقععالت الععوزيرة ‪ :‬أنهععا فععي اجتمععاع دائم ‪ ،‬مععع خععبراء الععبيئة‬
‫المصريين وبعض الخبراء الدانماركيين ‪ ،‬لرصد وتحليل الدخنععة‬
‫المنبثقة والمنتشرة ‪ ،‬في سماء القععاهرة الكععبرى ‪ .‬وأشععارت إلععى‬
‫أن التحليععل المبععدئي للدخنععة ‪ ،‬أكععد وجععود نسععبة عاليععة ‪ ،‬مععن‬
‫الجسيمات العالقة والتربة الرفيعة ‪ ،‬ساعد على انتشارها سكون‬
‫سعر المعاء بععد‬‫الجو ‪ ،‬وععدم تحريكهعا بواسعطة الريعاح ) كمعن ف ّ‬
‫الجهد بالماء ( ‪ ،‬وما زالت أبحاثنا مستمرة للوصععول إلععى حقيقععة‬
‫هذه الدخنة ‪.‬‬
‫ع أي بالرغم من كل محطات الرصد ‪ ،‬الععتي ععّددها أحععد المقععالت‬
‫أعله ‪ ،‬لععم تسععتطع الععوزيرة وخبرائهععا الععدنمركيين مععن معرفععة‬
‫أسبابها ‪.‬‬
‫ونفى المستشار البيلي ‪ ،‬حرق أي كععاوتش ‪ ،‬كمععا تععرّدد عععن أحععد‬
‫المصانع الكبرى ‪.‬‬
‫ومن جانبه صرح د‪ .‬محمد عطية الفيومي ‪ ،‬رئيس مجلس محلي‬
‫محافظعععة القليوبيعععة ‪ :‬بعععأنه ل توجعععد حعععرائق فعععي المنشعععآت‬
‫الموجودة ‪ ،‬على أرض المحافظة ‪ ،‬حتى الساعة التاسعة ‪ ،‬مساء‬
‫الثلثاء ‪ 26‬أكتوبر ‪.‬‬
‫اهتمنننام علنننى مسنننتوى رئاسنننة مجلنننس‬
‫الوزراء ‪:‬‬
‫تلقععى الععدكتور عععاطف عبيععد ‪ ،‬رئيععس مجلععس الععوزراء ‪ ،‬تقريععرا‬
‫شامل ‪ ،‬مساء أمس ‪ ،‬مععن الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ‪ ،‬وزيععرة‬
‫الدولة لشؤون البيئة ‪ ،‬حول ظاهرة الدخان الكثيف ‪ ،‬الذي غطععى‬
‫سماء القاهرة ‪ ،‬منذ يوم السبت الماضععي ‪ ،‬وعععاد إلععى الظهععور ‪،‬‬
‫يععومي أمععس وأمععس الول ‪ .‬وقععال عبيععد ‪ :‬أنععه سععيتم بحععث هععذا‬
‫‪699‬‬
‫التقرير ‪ ،‬بشكل تفصيلي ‪ ،‬لمعرفة أسباب تلععك الظععاهرة ‪ ،‬وكععانت‬
‫الهرام ‪ ،‬قد تلقت طوال ليلة أمس ‪ ،‬سيل من الشععكاوي حولهععا ‪،‬‬
‫من عشرات المواطنين ‪ ،‬الععذين يشععكون مععن الختنععاق ‪ ،‬وعععودة‬
‫الدخان إلى الظهور بشكل كثيف ‪ ،‬في أنحاء متفرقة من القاهرة ‪.‬‬
‫إحدى الحقائق المرعبة ‪ ،‬على لسان وزيرة‬
‫الدولة لشؤون البيئة ‪:‬‬
‫وصععرحت الععدكتورة ناديععة مكععرم عبيععد ‪ ،‬وزيععرة الدولععة لشععؤون‬
‫الععبيئة ‪ ،‬بععأن معععدلت تلععوث الهععواء ‪ ،‬وصععلت أخيععرا إلععى ‪300‬‬
‫ميكروغرام في المتر المكعب ‪ ،‬بما يتجاوز أربعععة أضعععاف نسععب‬
‫التلوث المنية ‪.‬‬
‫ع فكيععف وصععلت نسععبة التلععوث بالععدخان ‪ ،‬إلععى هععذه الدرجععة بيععن‬
‫عشية وضحاها … ؟! ولماذا لم ُتطلععع الععوزيرة وخععبراء الرصععد‬
‫الشعععب المصععري ‪ ،‬علععى تقععارير التحليلت المخبريععة ‪ ،‬أثنععاء‬
‫حععدوث الظععاهرة أو بعععد انتهائهععا ‪ ،‬واقتصععرت علععى تععبريرات‬
‫وتفسيرات ‪ ،‬أشبه ما يكون بحكايا جدتي ‪.‬‬
‫صحيفة الشعب ‪:‬‬
‫تؤكد الصحيفة ‪ ،‬أن هناك إجماعا ‪ ،‬على رفض التفسير الرسععمي‬
‫المعلن ‪ ،‬بحكايععة مقععالب الزبالععة ‪ ،‬وحععرق قععش الرز ومععا شععابه‬
‫…!! وتصف التفسير الحكععومي للظععاهرة ‪ ،‬بالمتهععافت والمهيععن‬
‫للعقول ‪ .‬ولذلك ‪ ،‬حاول الناس أن يتوصلوا بمعرفتهععم ‪ ،‬للسععباب‬
‫الكثر احتمال ومنطقية ‪ ،‬لحكاية السحابة السوداء ‪ ،‬وفي سعيهم‬
‫هذا ‪ ،‬حاولوا أن يرصدوا أي تغّير جديد ‪ ،‬يربطععونه بنشععوء هععذه‬
‫الظاهرة ‪ ،‬المفاجئة وغير المألوفة ‪.‬‬
‫‪700‬‬
‫التطّير من الناس والشياء من عادات أهل‬
‫مصر قديما وحديثا ‪:‬‬
‫وكما تطّير فرعون وقومه بموسى ومن معه ‪ ،‬لما كان ينزل بهععم‬
‫ش النحععس ( للععوزارة الجديععدة ‪،‬‬ ‫العذاب ‪ ،‬تطّير أهل مصر ) بععالو ّ‬
‫طاِئُرُهْم عِْنععَد‬
‫وكان جواب رب العزة لهل مصر القدماء ) َأَل ِإّنَما َ‬
‫ن(‪.‬‬
‫ن َأْكَثَرُهْم َل َيْعَلُمو َ‬
‫ل ‪َ ،‬وَلِك ّ‬
‫ا ِّ‬
‫الوصنناف الننتي أطلقتهننا الصننحيفة علننى‬
‫ظاهرة الدخان ‪:‬‬
‫الظاهرة العجيبععة والمؤذيععة ‪ ،‬المفععاجئة وغيععر المألوفععة ‪ ،‬مأسععاة‬
‫السحابة السوداء ‪ ،‬مصيبة السحابة السوداء ‪ ،‬سحابتنا الغامضة‬
‫‪ ،‬السحابة السوداء الغامضة ‪.‬‬
‫هي ابتلء ونذير شؤم لهل مصر ؟!‬
‫ن البتلء الذي ‪ ،‬مّثلته السععحابة‬ ‫وتخلص الصحيفة إلى القول ‪ :‬إ ّ‬
‫السوداء الغامضة ‪ ،‬قد يكون مجّرد إشارة تحذير ‪ ،‬وشّد للذن ‪.‬‬
‫ع وهنا أصاب كاتب المقال كبد الحقيقععة ‪ ،‬نعععم هععو تحععذير وإنععذار‬
‫نهائي ‪ ،‬ولكن من قبل من … ؟!‬

‫‪701‬‬
‫بل هم في شك يلعبون‬
‫* النصوص الكاملة لمادة هذا الفصل ‪ ،‬تجدها على موقع باسم )‬
‫ملف وليمة لعشاب البحر ( ‪ ،‬على شبكة النترنت على العنوان‬
‫‪:‬‬
‫‪www.mohammadabbas.com/books/alwaai/alw‬‬
‫‪ ، aai8.htm‬أو العنوان ‪:‬‬
‫‪www.alshaab.com/GIF/31-08-‬‬
‫‪2001/Walima.htm‬‬
‫" الروايننة فنني ميننزان السننلم ‪ :‬سنناقطة‬
‫داعرة ‪..‬‬
‫في ميزان العقل ‪ :‬مختلة فاسدة ‪..‬‬
‫في ميزان الدب ‪ :‬ضعيفة مهترئة ‪. " ..‬‬
‫الستاذ الدكتور جابر قميحة أستاذ الدب العربي‬
‫مقتطفات ‪ ،‬مننن مقننالت د‪ .‬محمنند عبنناس‬
‫في رواية وليمة لعشاب البحر ‪:‬‬
‫صحيفة الشعب ‪ ، 28/4/2000 :‬عنوان المقال ‪:‬‬

‫‪702‬‬
‫ل إلنه إل الله ‪..‬‬
‫من يبايعني على الموت ‪..‬‬
‫تّبت أيديكم‪ ..‬لم يبق إل القرآن ‪..‬‬
‫ماذا لو قلنا أن رئيس الوزراء خنراء ؟!‬
‫" ل إلعه إل ال … بكيت …لم يكن طععول الجععرح بالمسععافة بععل‬
‫بععالزمن ‪ ..‬جععرح طععوله ألععف وخمسععمائة عععام ‪ ..‬صععرخت ‪ :‬تبععت‬
‫أيديكم ‪ ..‬أيما كنتم ‪ ..‬وأينمععا كنتععم ‪ ..‬وأيمععا أنتععم ‪ ..‬وأيععا كععان مععن‬
‫وراءكم ‪ ..‬يا كلب النار يا حطب جهنم ‪...‬‬
‫أمسكت بالعهاتف واتصلت بصععديق كععي أبثععه همععي … اسععتطعت‬
‫بعد جهد جهيعد ‪ ،‬أن أقعرأ للصعديق بععض الجمعل ‪ ،‬العتي انصعبت‬
‫على جسدي كالنار ‪ ..‬كرصاص منصهر‪ ..‬طفحت من كتاب داعر‬
‫فاسععق فععاجر كععافر ‪ ..‬طبعتععه لنععا ونشععرته بيننععا ‪ ،‬وزارة الثقافععة‬
‫المصرية ‪ ..‬وليس السرائيلية ول المريكية …‬
‫حرون هععو القلععم فععي يععدي ‪ ..‬وقلععبي ل يطععاوعني ‪ ،‬أن أنقععل لكععم‬
‫الكلمات الفاسقة الداعرة الكافرة ‪ ،‬التي أوردها كتاب فاسق داعر‬
‫كافر‪ ..‬نشرته هيئة ‪ ،‬لبد أن تكععون فاسععقة داعععرة كععافرة ‪ ،‬تحععت‬
‫رئاسة مسئول ‪ ،‬لبد أن يكون داعرا فاسقا كافرا ‪..‬‬
‫إليكععم مععا طبعتععه ونشععرته وزارة الثقافععة المصععرية ‪ " :‬وهععؤلء‬
‫يهمشون التاريخ ‪ ،‬ويعيدونه مليون عام إلى الوراء ‪ ،‬فععي عصععر‬
‫الذرة والفضاء والعقل المتفجر ‪ ،‬يحكموننا بقوانين آلعهة البععدو ‪،‬‬
‫وتعاليم القرآن ‪ ..‬خعراء "‪..‬‬
‫ل إلعه إل ال‪ ..‬ل إلعه إل ال ‪ ..‬ل إلعه إل ال ‪...‬‬

‫‪703‬‬
‫صععرخت فعي نفسعي ‪ :‬كيععف يععا صععفيق قرأتهعا فلععم تمععت الفعور‪..‬‬
‫كيف ؟! …‬
‫تراءى لي الرسول ‪ ،‬صلى ال ع عليععه وسععلم ‪ ،‬ينععاظرني معاتبععا ‪،‬‬
‫يوم القيامة ‪ ،‬فصرخت من الخجل …‬
‫تراءى لي الزبير بن العوام ‪ ،‬يهتف صععارخا فععي حععروب الععردة ‪:‬‬
‫من يبايعني على الموت ‪...‬‬
‫تععراءى لععي ملييععن ومليععن مععن الشععهداء والصععابرين ‪ ..‬بععذلوا‬
‫حياتهم واحتسبوا صبرهم ‪ ،‬لتقديس اسم ال ‪ ،‬ورفع كلمته ‪ ..‬ثععم‬
‫أتععى الشععيطان ‪ ،‬ليكتععب مععا يسععميه كتابععا ‪ ،‬تعتععبره وزارة الثقافععة‬
‫المصرية – وهى الخرى شيطان ‪ -‬أدبا ‪ ،‬فتنشره على الناس كي‬
‫تنّورهم ‪...‬‬
‫وزارة الثقافة المصععرية فععي بلععد الزهععر ‪ ،‬وصععلح الععدين وقطععز‬
‫وخالد السلمبولي ‪ ،‬تنشر يععا قععراء كتابععا ‪ ،‬يععدعى أنععه روايععة ‪،‬‬
‫يقول ‪ :‬أن القرآن خعراء ‪ ..‬ثم ل يلبث أن يقول ‪ :‬إخرأ بربك …‬
‫ل إلعه إل ال … أول مرة ألقى مثل هذا اللم في حياتي ‪..‬‬
‫ول حتى ‪ ،‬استدراجنا كقطيع من الخراف ‪ ،‬إلععى مقتلععة الخليععج ‪..‬‬
‫حين اندفع بالشرك والغباوة والخيانة والجهععل والنفععاق ‪ ،‬نصععفنا‬
‫يقتعععل نصعععفنا ‪ ..‬كقطيعععع ‪ ..‬قطيعععع معععن الخعععراف ‪ ،‬ينعععدفع إلعععى‬
‫المجزرة ‪ ،‬وهو فرح بها نشوان ‪..‬‬
‫ول حععتى ‪ ،‬عنععدما حمععل السععادات ‪ ،‬كفننععا وكرامتنععا وتاريخنععا ‪،‬‬
‫ليذهب مذموما مدحورا إلى القدس ‪..‬‬
‫ول حتى مع الذبح اليومي ‪ ،‬الذي نشارك فيه للعععراق ‪ ..‬ول حعتى‬
‫يوم موت أبى ‪ ..‬أبدا ‪ ..‬لم أشعر بمثل هذا اللم ‪...‬‬
‫‪704‬‬
‫القرآن ‪ ..‬خعراء …‬
‫ملذنا الخير ينتهك ويهان ‪...‬‬
‫كان صديقي ما يزال على العهاتف … وكنت ما أزال أبكى ‪ ،‬وأنععا‬
‫أقرأ له ‪ ،‬مما نشرته وزارة الثقافععة المصععرية ‪ ..‬رائدة التكفيععر ل‬
‫التنوير ‪ " :‬ال قال انكحوا مععا طععاب لكععم ‪ .‬رسععولنا المعظععم كععان‬
‫مثالنا جميعا ‪ ،‬ونحن على سنته ‪ ..‬لقععد تععزوج أكععثر مععن عشععرين‬
‫امرأة ‪ ،‬بين شرعية وخليلة ومتعة ‪" ..‬‬
‫ثم يستطرد الكتاب الفععاجر الكععافر ‪ ،‬الععذي يلبععس عبععاءة روايععة ‪،‬‬
‫وليععس بروايععة ‪ ،‬إل فععي عقععول مخصععية شععاذة مريضععة ‪ ،‬سعععت‬
‫وتسعى إلى نشر الكفر والفاحشة ‪ ..‬يستطرد مجعترئا علعى العذات‬
‫اللعععهية ‪ ،‬ليقععول ‪ " :‬إن رب هععذه الرض ‪ ،‬كععان يزحععف وهععو‬
‫يتسلل من عصور الرمل والشمس ‪ ،‬ببطيء السلحفاة " ‪.‬‬
‫ويسوق في حوار فاجر كافر ‪ " :‬هو مععن صععنع ربععى ‪ ..‬ل بععد أن‬
‫ربك فنان فاشل إذن ‪" ..‬‬
‫ل إلعه إل ال …‬
‫ويقععول الفععاجر بععن الفععاجر ‪ ،‬الفاسععق بععن الفاسععق ‪ ،‬الكععافر بععن‬
‫الكافر ‪ :‬مؤلفععا وطابعععا وناشععرا ووزارة ‪ " :‬داخععل هععذه الهععواز‬
‫التي خلقها الرب ‪ ،‬في الزمنة الموغرة في القدم ‪ ،‬ثم نسيها فيما‬
‫بعد ‪ ،‬لتراكم مشاغله ‪ ،‬التي ل تحد في بلد العرب وحدها ‪ ،‬حيععث‬
‫الزمن يدور على عقبيه منذ ألفي عام " ‪.‬‬
‫و " أقام ال مملكته الوهمية ‪ ،‬في فراغ السماوات " ‪..‬‬
‫و " وخلع الجلععد المتخلععف والبععالي ‪ ،‬الععذي خععاطه السععلم فععوق‬
‫جلودنا القديمة " ‪..‬‬
‫‪705‬‬
‫و " إن حبل السرة ‪ ،‬مععا يععزال موصععول مععع الزمنععة الرعويععة ‪،‬‬
‫وأزمنة عبععادة الع الواحععد القهععار فععي السععماء والرض ‪ ،‬وذلععك‬
‫الذي يقول للشيء ‪ ،‬كن فيكون " ‪.‬‬
‫آه ينصدع لها القلب ‪ ،‬وينحطم الفؤاد ‪ ،‬وتنكسر الروح ‪...‬‬
‫برح الخفاء يا ناس ‪ ،‬وهععذا وقععت المفاصععلة ‪ ،‬إمععا إيمععان ‪ ،‬وإمععا‬
‫كفر ‪...‬‬
‫للوهلععة الولععى ‪ ..‬والععدوار يكتنفنععي ‪ ،‬قلععت لنفسععي ‪ :‬اذهععب إلععى‬
‫الزهر على الفور ‪ ،‬واصعد منبره ‪ ،‬واصرخ ‪ :‬من يبععايعني علععى‬
‫الموت ‪ ..‬؟!‬
‫ثععم آخععذ الرهععط الععذي يجتمععع حععولي ‪ ،‬وأتععوجه بهععم إلععى قصععر‬
‫الرئيس مبارك ‪ ..‬عراة صدورنا ‪ ،‬نازفة قلوبنا ‪ ،‬دامعة عيوننععا ‪،‬‬
‫عّزل أيدينا ‪ ..‬نسألعه ‪ ،‬والسؤال دم ‪ :‬ما هي الحدود بين السععلم‬ ‫ُ‬
‫والكفععر ‪ ..‬؟ مععا هععي التخععوم بيععن التنععوير والتعهيععر ‪ ..‬؟ مععا هععى‬
‫الطخوم بين تجفيععف المنععابع ‪ ،‬والخععروج مععن الملععة ‪ ..‬؟ مععا هععى‬
‫البيون ‪ ،‬بين أن تكون مصر قائدة للتنوير حقا ‪ ،‬يرتضيها العععرب‬
‫والمسععععلمون ‪ ،‬وبيععععن أن تكععععون قععععوادة ‪ ،‬للكفععععر والفسععععوق‬
‫والعصيان ‪ ..‬؟‬
‫نهتف فيعه ‪ :‬أنععت ولععى المععر … وليععس لنععا أن نقيععم الحععد علععى‬
‫الفجرة الكفرة الفسقة بأيدينعا …‬
‫تسلل إلى نفسي أمل ميت ‪ ..‬أن يكون ثمة لبععس ‪ ،‬قععد حععدث أمععام‬
‫صععحيفة السععبوع ‪ ،‬عنععدما فجععرت هععذه الفضععيحة منععذ أسععابيع‬
‫قليلعة ‪ ..‬لععل الكتعاب طبعع فعي إسعرائيل مثل ‪ ..‬وقلعت لنفسعي أن‬
‫السلم يأمرني بالتثبت ‪ ..‬بحثت عن الكتاب ‪ ..‬ووجدته ‪:‬‬

‫‪706‬‬
‫) وليمة لعشاب البحر ‪ ..‬حيدر حيععدر ‪ ..‬سلسععلة آفععاق الكتابععة ‪..‬‬
‫العدد ‪ -35‬العععهيئة العامععة لقصععور الثقافععة ‪ ..‬وعنوانهععا كمععا هععو‬
‫مثبععت ‪ 16 :‬أ شععارع أميععن سععامي‪ -‬قصععر العينععي – القععاهرة ت‪:‬‬
‫‪ – 3564842 – 3564841‬فاكس ‪ – 3564202‬أما الطابع فهو‬
‫‪ :‬شععركة المععل للطباعععة والنشععر ‪ ،‬أمععا قائمععة العععار الدنعععسة ‪،‬‬
‫المكتوبة على صفحات الكتاب الولععى ‪ ،‬فتجمععع ‪ :‬رئيععس مجلععس‬
‫الدارة ‪ :‬علععى أبععو شععادي ‪ ،‬أميععن عععام النشععر ‪ :‬محمععد كشععيك ‪،‬‬
‫رئيس التحرير ‪ :‬إبراهيم أصععلن ‪ ،‬الشععراف الفنععي ‪ :‬د ‪.‬محمععود‬
‫عبد العاطي ‪ ،‬مدير التحرير ‪ :‬حمدي أبو جليعل ( ‪...‬‬
‫ل إلعه إل ال …‬
‫كنت أظن أني محتاج ‪ ،‬لقراءة الرموز بين السطور ‪ ،‬كععي أكشععف‬
‫الشرك الخفي ‪ ..‬حتى جاء هذا الكتاب ‪ ،‬وفجرت صحيفة السبوع‬
‫قضيته …‬
‫ليس الشرك الخفي ‪ ،‬بل الكفر البواح ‪...‬‬
‫هو الخيانععة لع ولرسععوله ‪ ..‬هععو الخيانععة للمععة وللععوطن ‪ ..‬هععي‬
‫العمالة الصريحة المباشرة ‪ ،‬لمريكا وإسرائيل ‪...‬‬
‫هو التسلل إلى عقول أبنائنا ‪ ،‬لخراجهم من السلم تمامععا ‪ ،‬كمععا‬
‫قال ) زويمعر ( ‪ ..‬هو نشععر الباحيععة والسععفالة والشععذوذ ‪ ،‬وقتععل‬
‫روح المة …‬
‫إن العععار ل يلحععق بععوزارة الثقافععة فقععط ‪ ..‬فتضععامن المسععؤولية‬
‫الوزاريععة ‪ ،‬يجعععل مجلععس الععوزراء كلععه مسععئول ‪ ،‬وكععل وزيععر‬
‫مسئول ‪ ..‬ورئيس الوزراء مسئول ‪ ..‬و‪..‬‬

‫‪707‬‬
‫لكن الفععاجر يكتععب والفععاجر ينشععر أن "القععرآن خععععراء " ‪ ..‬و "‬
‫خرا بربك " ‪ ..‬ثم يجد من يدافع عنه ‪ ..‬أما من وزير يستقيل …‬
‫؟!‬
‫ل إلعه إل ال ‪...‬‬
‫يا جللة ملوك وفخامة رؤساء الدول السلمية ‪ ..‬لطالما تعاونتم‬
‫على الثم والعدوان ‪ ..‬فتعععاونوا ولععو مععرة للععدفاع عععن القععرآن ‪..‬‬
‫اطلبععوا الرئيععس مبععارك اليععوم‪ ..‬قولععوا لععه أن مععا نشععرته وزارة‬
‫الثقافة المصرية ‪ ،‬لععم يذبععح المسععلمين فععي مصععر فقععط ‪ ،‬بععل فععي‬
‫العالم السلمي كله ‪ ..‬من لععم يفعععل منكععم ذلععك ‪ ،‬فليععأت الع يععوم‬
‫القيامة ‪ ،‬والقرآن خصمه … !‬
‫من كان منكم يحب ال والرسول ‪ ،‬فليدافع عن القرآن …‬
‫من كان منكم مذنبا ‪ ،‬فليكفر عن ذنوبه ‪ ،‬بالدفاع عن القرآن ‪..‬‬
‫يععا شععيخ الزهععر ‪ ...‬ل إلعععه إل الع … يععا فضععيلة المفععتى … يععا‬
‫شيوخ الزهر ‪ ،‬ويا طلبة جامعة الزهععر … يععا خطبععاء المسععاجد‬
‫… ل إلعه إل ال ‪...‬‬
‫يا كل هيئة ومؤسسععة وصععحيفة فععي العععالم السععلمي … اكتبععوا‬
‫أنهم في بلد الزهر ‪ ،‬ينشرون أن القرآن خعراء …‬
‫يا شيخ يوسف القرضاوي … دافع عن القرآن بما أنععت لععه أهععل‬
‫… إن المة تنتظر فتواك ‪ ،‬في كل مسئول عن نشععر هععذا الكتععاب‬
‫… أصرخ فيك … أهتف فيك ‪ :‬مصر لععم تعععد بخيععر ‪ ..‬مصععر لععم‬
‫تعد بخير ‪ ..‬مصر لم تعد بخيعر … فالنجدة النجدة والغوث الغوث‬
‫… فإنه القعرآن … ول إلعه إل ال …‬
‫يا سيادة الرئيس … أطفئ الفتنعة …‬
‫‪708‬‬
‫واعلم هدانا وهداك الع ‪ ،‬أن المععر ليععس أمععر وزيععر فاسععق ‪ ،‬أو‬
‫وزارة فاجرة ‪ ،‬بل هو منهج مشرك تسلل إلى النظام ‪ ،‬مسئوليتك‬
‫أمام ال أن تزيلععه ‪ ،‬وأن تحععاربه ‪ ،‬حععتى لععو استشععهدت دونععه ‪..‬‬
‫منهععج مشععرك ‪ ،‬ل يقتصععر علععى وزارة ‪ ،‬ول يقععوم بععه مجععرد‬
‫أفراد ‪...‬‬
‫واعلم هدانا وهداك ال ‪ ،‬أن مثل هذا المنهج الفععاجر ‪ ،‬هععو الععذي‬
‫يغيب في السجون والمعتقلت ‪ ،‬عشرات اللف مععن شععباب ‪ ،‬لععم‬
‫يأخذوا عليهم ‪ ،‬سوى أن السلم دينهم والقععرآن كتععابهم ‪ ..‬بينمععا‬
‫يرى ذلك المنهج الخائن الفاجر الكافر العميل ‪ ،‬أن القرآن خعععراء‬
‫… وذلك ما ينقمونه عليهم …‬
‫واعلم هعدانا وهعداك الع ‪ ،‬أن أسعوأ معا تفععل أن تكتفعي ‪ ،‬بإقالعة‬
‫وزير أو تنحية مسئول ‪...‬‬
‫فالخطب أطم والمصيبة أعم ‪...‬‬
‫قععل لععي يععا سععيادة الرئيععس ‪ :‬هععل ترضععى لعهععدك – دون العهععود‬
‫جميعا – أن تصمه هذه الوصمة ‪ ..‬فالقرآن لم يتعرض ‪ ،‬لمثل مععا‬
‫يتعرض له الن ‪ ..‬أبدا ‪ ..‬ول حتى في عهد كرومر ‪ ..‬بل ‪ ،‬وحععتى‬
‫الفراعنة كانوا يقدسون كتب الدين ‪...‬‬
‫قل لي يا سيادة الرئيس ‪ :‬هععل كععانت الدولععة تسععكت ‪ ،‬لععو أن مععن‬
‫كتب هذا الكتاب ‪ ،‬أو طبعععه ‪ ،‬أو نشععره ووزعععه ‪ ،‬كععان قععد وضععع‬
‫النجيعععل ‪ ،‬أو التعععوراة ‪ ،‬مكعععان القعععرآن ؟!‪ ..‬معععا كعععانت الدولعععة‬
‫لتسكت ‪ ..‬وما كنا نحن أيضا سنسكت ‪..‬‬
‫يا سيادة الرئيس ‪ :‬إنك مسئول عن هذه الفئة المنحرفة الشاذة ‪..‬‬
‫مسئول أمام المة ‪ ،‬وأمام التاريخ ‪ ،‬وأمام ال ‪ ..‬إن القععانون فععي‬
‫بريطانيا ‪ ،‬يحمي النجيل والتوراة ‪ ..‬وأخوتنا المسععلمون هنععاك ‪،‬‬
‫‪709‬‬
‫يجاهدون لمّد مظلة الحماية إلى القععرآن ‪ ..‬فهععل ترضععى لنفسععك ‪،‬‬
‫أن نجاهد أمامك ‪ ،‬لسن قانون يحمي القرآن ؟! …‬
‫يا سيادة الرئيس ‪ :‬إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه ‪ ..‬وإني والع‬
‫لمشفق عليك ‪ ،‬من أن تلقععاه وهععذه الفعلععة الشععنعاء فععي كتابععك ‪..‬‬
‫توضع في ميزانك ‪ ..‬وما أثقلها ‪ ..‬ما أثقلها ‪ ..‬ما أثقلها ‪!..‬‬
‫وإنني أناشدك يا سيادة الرئيس ‪ -‬أبيععت اللعععن ‪ -‬أن تطفععئ لهيععب‬
‫الفتنة ‪ ،‬ببيععان يصععدر عععن الرئاسعة اليععوم ‪ ..‬بيعان اسعتغفار إلعى‬
‫ال ‪ ..‬واعتذار إلى المعة ‪..‬‬
‫فإن لم تفعععل يععا سععيادة الرئيععس … فععإنني أرجععوك ‪ :‬مععر رجالععك‬
‫بقتلي … قتلة غلم أهل الخدود " ‪.‬‬
‫* مقتطفات من مقال آخر ‪ ،‬د‪ .‬محمد عبععاس ‪ ،‬صععحيفة الشعععب ‪:‬‬
‫‪5/5/2000‬م ‪ ،‬تصدير المقال ‪:‬‬
‫الجريمة مستمرة ‪..‬‬
‫ثلثية الثقافة في مصر ‪:‬‬
‫الكفر والعهر والتطبيع ‪..‬‬
‫هل الله جليسة أطفال ‪ ..‬ويعلمنا الحب ؟!‬
‫وهل النبياء آبقون ‪ ..‬؟!‬
‫الجريمة مستمرة … وسععوف تخطئون خطععأ مروعععا ‪ ،‬إذا ظننتععم‬
‫أنه مجرد كتاب داعر فاجر كعافر أفلععت ‪ ..‬وأن المععر قعد ل يتكععرر‬
‫مرة أخرى ‪...‬‬
‫ليس مجرد الكتاب ‪ ،‬بععل إنععه المنهععج ‪ ..‬منهععج متعمععد مقصععود ‪..‬‬
‫منهج أخطبوطي ‪ ،‬ينفذ بالضبط تعاليم المستشرقين والمبشرين ‪،‬‬
‫‪710‬‬
‫والستعمار في صورته الحديثة ‪ ..‬منهج يدرك ‪ ،‬أن أخطر ما فععي‬
‫السععلم والقععرآن ‪ ،‬هععو ذلععك اليمععان اليقينععي ‪ ،‬الععذي يجعععل مععن‬
‫المسلمين بشرا ‪ ،‬يمكن أن يتفوقوا حتى علععى الملئكععة ‪ ،‬ويجعععل‬
‫من المنافقين ‪ ،‬أشععبه بالخنععازير والقععردة ‪ ..‬وتلععك هععي النقطععة ‪،‬‬
‫التي تثير عجب وحنق المنععافقين ‪ ،‬عنععدما يلحظععون اسععتعلءنا‬
‫عليهم ‪ ،‬مهما أدبرت عنا الدنيا ‪ ،‬وأقبلت عليهم ‪ ..‬استعلء البشر‬
‫علععى الخنععازير ‪ ..‬ولقععد أدرك الغععرب منععذ قععرون ‪ ،‬أنععه هععزم فععي‬
‫المواجهة المسلحة مع الحضارة السلمية ‪ ..‬وأنه ل سبيل أمامه‬
‫‪ ،‬إل إفراغ السلم من محتععواه ‪ ..‬ولقععد اسععتعان علععى ذلععك حينععا‬
‫بالسععتعمار ‪ ،‬حععتى اطمععأن إلععى أنععه رّبععى بيننععا ‪ ،‬نخبععة فاسععدة‬
‫مفسدة ‪ ،‬فتركها لتنوب عنه ‪ ..‬وهم منا ‪ ،‬لكن قلوبهم قلعوب ذئاب‬
‫‪...‬‬
‫ليس مجرد كتاب يا أمة ‪ ...‬الجريمة مستمرة ول إلعه إل ال …‬
‫الجريمة مستمرة … والثقافة في بلدنا تهدف إلى ثلثة أشععياء ل‬
‫تنسوها ‪:‬‬
‫أن تكون حرية التفكير مرادفة للكفر ‪...‬‬
‫وأن تكون حقوق المرأة مرادفة للعهر ‪...‬‬
‫وأنه بعد نشر الكفععر والعهععر ‪ ،‬سععيكون المجتمععع السععلمي ‪ ،‬قععد‬
‫غرق في غيبوبة ‪ ،‬فقد معها كل مناعة ‪ ..‬ليسهل التطبيع بعد ذلك‬
‫مع إسرائيل ‪ ،‬والنسحاق أمام الغرب ‪...‬‬
‫الجريمععة مسععتمرة يععا نععاس ‪ ..‬وسععأعرض عليكععم علععى الفععور ‪،‬‬
‫نماذج ل تقل سفالة وبشععاعة ‪ ،‬عمععا عرضععت عليكععم فععي المقالععة‬
‫الماضععية ‪ ...‬فلنتنععاول معععا كتابععا أخرجتععه وزارة الثقافععة أيضععا ‪،‬‬
‫العهيئة العامععة لقصععور الثقافععة ‪ ) ،‬كتابععات نقديععة ‪ ،‬العععدد ‪، 97‬‬
‫‪711‬‬
‫ديسمبر ‪ ، 99‬والكتاب معروض ‪ ،‬عند باعة الصحف ‪ ،‬وإن كنععت‬
‫أحسب أن السيد الوزير ‪ ،‬الذي يطلقون عليععه ) زيععن الرجععال ( ‪،‬‬
‫سوف يأمر بسحبه غدا ‪ ،‬قبل انتشار الفضيحة ‪ ..‬عنوان الكتاب ‪:‬‬
‫شعر الحداثة فععي مصععر ‪ ،‬وقائمععة العععار للهيئة المشععرفة عليععه ‪،‬‬
‫هععي ذات قائمععة العععار ‪ ،‬الععتي نشععرناها فععي السععبوع الماضععي ‪،‬‬
‫وعلى رأسها أيضا ‪ :‬علي أبو شادي ( ‪...‬‬
‫ولقد وّفر علينا إدوارد الخراط ‪ ،‬مئونة البحث في عشععرات ‪ ،‬مععن‬
‫إصدارات وزارة الثقافة المصرية ‪ ،‬لعشرات الشعراء المصععريين‬
‫‪ -‬وأغلبهم وال ليسوا شعراء ‪ ،‬وليسوا بشرا ‪ -‬حين استعرضععها‬
‫في هذا الكتاب ‪ 700 :‬صفحة تقريبا ‪ ..‬وسعره خمسة جنيهععات ‪..‬‬
‫وتذكروا يا قراء ‪ ،‬أن هذه الكتب هي العتي يخرءونهعا – إذا صعح‬
‫التعبير‪ -‬لتشكيل وجدان المة ‪...‬‬
‫فلنععدلف معععا ‪ ،‬إلععى كلمععات السععفالة والشععذوذ والكفععر البععواح ‪..‬‬
‫فلندلف دامعين إلى السخرية ‪ ،‬من الععذات اللعععهية والمرسععلين ‪..‬‬
‫فلندلف إلى محاكععاة هازلععة هععازئة ‪ ،‬كمحاكععاة مسععيلمة الكععذاب ‪..‬‬
‫فلندلف إلى خيوط الشبكة ‪ ،‬التي يصطادون بها المععة ‪ ..‬إل أننععي‬
‫ي ‪ ،‬أن أنبه القراء ‪ ،‬أن ما سيقرؤونه علععى الفععور ‪،‬‬ ‫أجد لزاما عل ّ‬
‫بالغ الفحش ‪ ،‬وأن يبعدوه عن أيدي أبنائهم …‬
‫) لم نشأ أن نورد شيئا ‪ ،‬ممعا اقتبسعه المؤلعف معن أمثلعة ‪ ،‬علعى‬
‫شعر الحداثة في مصر … حيث أن ما يطرحععونه مععن تصععويرات‬
‫شعر منها جلود الذين كفروا ‪ ،‬وهي ل تقل سععفالة‬ ‫وتشبيهات ‪ ،‬تق ّ‬
‫وانحطاطا ‪ ،‬عن الرواية السععابقة ‪ ،‬بععل تفوقهععا أحيانععا ‪ .‬تسععتطيع‬
‫الطلع على ما لم نقم بإيراده هنا ‪ ،‬ممععا اقتبسععه كععاتب المقععال ‪،‬‬

‫‪712‬‬
‫وشيوخ الزهر في تقاريرهم ‪ ،‬من نصوص ‪ ،‬على موقععع الملععف‬
‫على شبكة النترنت ( ‪.‬‬
‫ويستطرد الكاتب قوله ‪:‬‬
‫لم ينته العهزء بالقرآن ‪ ،‬ولكننععي أكتفععي – مؤقتععا – بمععا ذكععرت ‪،‬‬
‫لننتقل إلى السخرية ‪ ،‬من الحاديث النبوية الشريفة ‪:‬‬
‫" زمليني أنا العاشععق المرتبععك " ‪ ..‬و‪" :‬دثرينععي وخلععي نهععودك‬
‫تحععرث قلععبي بنصععلين مععن وبععر"‪ ..‬و‪ " :‬نمضععي إلععى الععوادي‬
‫المقدس ‪ ،‬أنبياء آبقين ‪ ،‬نأمر بالمنكر ‪ ،‬وننهععى عععن المعععروف ‪،‬‬
‫دون أن نكظععم الغيععظ ‪ ،‬أو نعفععو عععن النععاس " ‪ ) .‬مرجعيععة هععذا‬
‫الشاعر هي التوراة ‪ ،‬حيث ُأتهم فيها النبياء بالفحش والكفر ( ‪.‬‬
‫"دثرينععي دثرينععي ‪ ..‬ورطععبي لععي جععبيني ‪ ..‬النععار فععي عيععوني ‪..‬‬
‫والريح في يقيني " ‪.‬‬
‫هذا هو تنوير وزارة الثقافة المصرية ‪ ،‬يا مسلمون ويا عععرب ‪...‬‬
‫هذا هو ما يحاربون به السلم ‪...‬‬
‫وأكثر من عشرين ألف معتقل ‪ ،‬يسومونهم سوء العععذاب ‪ ،‬لنهععم‬
‫يقرءون القرآن …‬
‫ل إلعه إل ال …‬
‫عهععر‬‫يا عععاطف عبيععد ‪ ..‬هععذا هععو الفجععر بعينععه ‪ُ ..‬فجععر فععاجر ‪ ،‬و ُ‬
‫عاهر ‪ ،‬ل يرعاه إل فععاجر وعععاهر ‪ ..‬وتععذّكر ‪ ..‬أن مععن وّلععى أمععر‬
‫المسلمين فاجرا ‪ ،‬فهو فاجر مثله …‬
‫تصععورت يععا نععاس أن نشععر المقععال ‪ ،‬سيسععفر عععن نسععف ‪ ،‬كععل‬
‫مؤسسات وزارة الثقافة على الفور ‪..‬‬

‫‪713‬‬
‫لكن تصّوري ‪ ،‬كععان أمل جهيضععا فععي القلععب ‪ ..‬وعلععى العكععس ‪..‬‬
‫وجدت من المثقفين والنخبة ‪ ،‬من يدافع عن الكفر البواح ‪...‬‬
‫لقد احتفظت حضارتنا ‪ ،‬بععتراث أوغععل فععي الفحععش بععل والكفععر ‪..‬‬
‫ونذكر أبي نواس والغاني ‪ ،‬والفرق المختلفععة الععتي زاغععت عععن‬
‫السلم ‪ ..‬كان المجرى الرئيسي للنهر سععليما ‪ ،‬ولععم يكععن يضععره‬
‫كثيرا ‪ ،‬أن يبول كلععب أو خنزيععر فيععه ‪ ..‬لكععن عنععدما يكععون المععاء‬
‫راكدا ‪ ..‬وليس لدينا سوى كوب مععن المععاء ‪ ،‬ونحععن تععائهون فععي‬
‫البيداء في العععهجير ‪ ،‬فكيععف نسععمح للكلب ‪ ،‬أن تبععول فععي مائنععا‬
‫الخعير ‪..‬‬
‫* مقتطفات من مقال آخر ‪ ،‬د‪ .‬محمد عبععاس ‪ ،‬صععحيفة الشعععب ‪:‬‬
‫‪12/5/2000‬م ‪ ،‬تصدير المقال ‪:‬‬
‫ل إلنه إل الله ‪..‬‬
‫يا سيادة الرئيس ‪ :‬الفتنة تطل ‪ ..‬فأطفئها‬
‫‪..‬‬
‫يا شيخ الزهر ‪ :‬دافع عن دين الله ‪..‬‬
‫يا فضيلة المفتي ‪ :‬صمتك مذهل ‪..‬‬
‫إن وزيرة في الحكومة المصععرية ‪ ،‬هععي الععتي صععرحت أن ‪%17‬‬
‫من طالبات الجامعة ‪ ،‬قد تزوجن زواجا عرفيا ‪...‬‬
‫فكم يا ترى ؟! لم يحتجن إلى ورقة التععوت المغشوشععة ‪ ،‬يغطيععن‬
‫بها سوءاتهن ‪...‬‬
‫ولماذا نندهش لذلك ‪ ،‬إذا كانت مطبوعات وزارة الثقافععة ‪ ،‬تتععدنى‬
‫حتى تنشر الفسق والفجور ‪ ،‬وتصف بعهععر ‪ ،‬كععل مععا يهععدم القيععم‬
‫والثوابت ‪...‬‬
‫‪714‬‬
‫لماذا نندهش ‪ ،‬عندما تتحدث بعض الدراسات ‪ ،‬إلى أن أكععثر مععن‬
‫‪ %50‬من طلب الجامعة ‪ ،‬يتعاطون البانجو ) مخدر ( ‪...‬‬
‫وبرغم ذلك كله ‪ ،‬فإن اعتراضنا على تشبيه القرآن بالخعراء ‪ ،‬لم‬
‫يترّكز على المؤلف ‪ ،‬ول على روايته ‪ ..‬فليذهب إلى الجحيم ‪ ،‬ما‬
‫دام قد اختار الطريق إليهععا ‪ ..‬لقععد انصععب اعتراضععي ‪ ،‬علععى قيععام‬
‫وزارة الثقافععة المصععرية ‪ ،‬بإعععادة نشععر الروايععة فععي مصععر‪..‬‬
‫والرواية الععتي تبععاع فععي السععواق ‪ ،‬بثلثيععن أو أربعيععن جنيهععا ‪،‬‬
‫دعمتها وزارة الثقافة ‪ ،‬حتى بيعت بأربعة جنيهات ‪ ..‬هل هذا هععو‬
‫الفكر ‪ ،‬الذي ننقله ونعلمه لبنائنا …‬
‫نعععم ‪ ..‬كععذب المسععؤولون فععي وزارة الثقافععة ‪ ،‬وكععانت مجلتهععم‬
‫وصحفهم تكذبهم ‪ ..‬لقد صرحوا بأن الروايععة مسععموح بهععا ‪ ،‬فععي‬
‫كل الدول العربية ‪...‬‬
‫لكععن أخبععار الدب ‪ :‬تععذكر بععالنص علععى لسععان حيععدر حيععدر ‪" :‬‬
‫عشت في بيئة تحععاربني ‪ ،‬علععى المسععتوى الععديني ‪ ،‬ول يقولععون‬
‫أنني علماني ول عقلني وتنويري ‪ ،‬بل يقولون ملحدا "‬
‫ويسألونه ‪ :‬هل كنت تجد صعوبة في نشر أعمالععك ؟ فيجيععب ‪" :‬‬
‫صعوبة شععديدة جععدا … فقععد عشععت أنععا وكتععبي ‪ ،‬فععي حالععة منععع‬
‫مستمر ‪ ،‬من بلد عربية كثيرة " …‬
‫اقرءوا أيضا فععي نفععس العععدد مععن أخبععار الدب ‪ ،‬تعليععق السععتاذ‬
‫محمععود أميعن العععالم ‪ " :‬أخععذت أقلعب بيعن يععدي روايعة ‪ ،‬وليمعة‬
‫لعشاب البحر ‪ ،‬أو نشيد الموت ‪ ،‬للستاذ حيدر حيدر ‪ .‬بحثا عن‬
‫اسم ناشر أو مطبعة ‪ ،‬فلم أجعد ‪ ،‬وأخيعرا علمعت ‪ ،‬أن دور النشعر‬
‫العربية جميعا ‪ ،‬رفضت نشر هذه الرواية ‪ ،‬فقام هو بطبعها علععى‬
‫نفقته ‪ ،‬ولكن يبدو أن المطبعة التي قامت بطبع هذه الرواية ‪ ،‬قععد‬
‫‪715‬‬
‫آثرت هي أيضا السععلمة ‪ ،‬فععاكتفت بععالطبع ‪ ،‬وامتنعععت عععن ذكععر‬
‫اسمها ‪ .‬صععدرت الروايععة مجّهلععة ‪ ،‬إل مععن اسععم مؤلفهععا ‪ .‬ولقععد‬
‫علمت كذلك ‪ ،‬أن الرواية ‪ ،‬تكاد تعتمعد فعي توزيعهعا علعى اليعد ‪.‬‬
‫وعلى العلقععات الشخصععية ‪ ،‬كمععا تععوزع المخععدرات أو المنبهععات‬
‫المحظورة " ‪.‬‬
‫فلماذا كذبت أجهزة وزارة الثقافة ‪ ...‬؟!‬
‫لمععاذا ُيكععذب الععوزير نفسععه كععل يععومين ‪ ..‬لقععد صععرح أول ‪ ،‬بععأن‬
‫الرواية مصادرة ‪ ،‬منععذ منتصععف نوفمععبر الماضععي ‪ ..‬وفععى نفععس‬
‫شِر بيانه ‪ ،‬كان بيان علي أبععو شععادي ‪ ،‬يقععول ‪ :‬أن الروايععة‬ ‫يوم َن ْ‬
‫صدرت في منتصف نوفمبر ) أي بعد ظهور الدخان بأسععبوعين (‬
‫‪...‬‬
‫لماذا حاول الوزير باستمرار ‪ ،‬أن يخلط بين طبعة مصععرية ‪ ،‬هععو‬
‫الععذي أصععدرها ورعاهععا ‪ ،‬وباعهععا بعشععر ثمنهععا ‪ ،‬وبيععن طبعععات‬
‫لبنانية ‪ ،‬لم نسألعه ‪ ،‬ولععم نطلععب حسععابه عنهععا ‪ ،‬رغععم أنععه بحكععم‬
‫مسئوليته الوزارية ‪ ،‬مسئول عما يدخل إلى البلد ‪ ،‬مععن عناصععر‬
‫الثقافة …‬
‫إنني أتهم وزير الثقافة ‪ ،‬أنه بسبب مواقفه المتناقضة ‪ ،‬قد أشعععل‬
‫غضععب النععاس ‪ ..‬أشعععل غضععب الطلب ‪ ..‬يععوم الخميععس نشععرت‬
‫صحيفة الوفد بدهشة ‪ ،‬تصريحا عن اللجنة التي شععكلها ‪ ،‬وقععوله‬
‫أنها ليست لجنة تحقيق ‪ ،‬بل لجنة ستشرح للناس ما خفي عليهم‬
‫‪ ،‬من إبداع في الرواية ‪ ..‬يععوم الجمعععة الماضععي نشععرت صععحيفة‬
‫الهرام ‪ ،‬فععي مكععان بععارز خععبر مصععادرة الروايععة ‪ ..‬ويععوم الحععد‬
‫نشرت صحيفة الخبار ‪ ،‬تصععريح وزيععر الثقافععة بععأن الروايععة لععم‬
‫تصادر ‪ ..‬وانفجرت مظاهرات الطلب يوم الثنين ‪...‬‬
‫‪716‬‬
‫إن القعععانون النجليعععزي مثل ‪ُ ،‬يجعععّرم العتعععداء علعععى التعععوراة‬
‫والنجيل‪ ..‬وهععم ل يعتععبرون القععرآن كتابععا سععماويا مقدسععا ‪ ..‬هععم‬
‫ق للقعرآن فععي بلده أن يقعّدس ‪ ..‬لقعد منعع‬ ‫وشأنهم ‪ ..‬لكعن أل يحع ّ‬
‫فيلم العشاء الخير للمسيح في لندن ‪ ،‬وخرجت المظاهرات تحطم‬
‫دور السينما ‪ ،‬التي تعرضه في باريس ‪...‬‬
‫لماذا لجأ بعض مثقفينا ) المدافعين عن وزارة الثقافة ( إلععى هععذا‬
‫العهجوم الضاري ؟ …‬
‫لماذا اعتبرتم فاروق حسني فرعونكم ‪َ ،‬فُرحتم كالكهنة القدامى ‪،‬‬
‫تدعون لعبادته من دون ال ؟ …‬
‫وأقول لكم على الرغم مني يا نعاس ‪ ،‬أنهعم حققعوا بععض النجعاح‬
‫في خطتهم ‪ ..‬فقد وعدتكم في السبوع الماضي ‪ ،‬أن أتناول اليوم‬
‫كتابععا مععن كتععب وزارة الثقافععة ‪ ،‬تععدعو فيععه كععاتبته ‪ ،‬إلععى تعععديل‬
‫القرآن ‪ ،‬كي يتوافق مع النظام العالمي الجديد ‪ ،‬ومواثيق حقععوق‬
‫النسان …‬
‫وأن هععؤلء النععاس ‪ ،‬ينظععرون إلععى السععلم وإلينععا ‪ ،‬كمععا ينظععر‬
‫مبدعهم حيدر حيدر ‪ ،‬الذي يقععول فععي صععفحة ‪ ، 510‬مععن كتععابه‬
‫الملعون ‪:‬‬
‫"ضحك الرجل وهو يرمععم جثععة البععدوي فيععه ‪ :‬لكننععي ملحععد كمععا‬
‫تعرفيععن ‪ ..‬الشععرف والبكععاة ) لعلععه يقصععد البكععارة( ‪ ،‬وأخلق‬
‫المسلمين في مؤخرتي ‪ ،‬من عشرات العوام " ‪.‬‬
‫ل تعترضععوا يععا قععراء ‪ ..‬فنقادنععا الجهابععذة ‪ ،‬يععرون أن هععذا الكلم‬
‫السافل البذيء إبداعا ‪..‬‬
‫" في تلك الليلة تحدث عن تحطيععم الوثعان ‪ ،‬الععتي أقامهعا البعاء‬
‫والجععداد ‪ ،‬وضععرورة النفصععال عععن الععدين والعع ‪ ،‬والخلق‬
‫‪717‬‬
‫والتقاليععد ‪ ،‬والزمنععة الموحلععة والجنععة والجحيععم الخرافييععن ‪،‬‬
‫وطاعععة أولععى المععر والوالععدين ‪ ،‬والععزواج المبععارك بالشععرع ‪،‬‬
‫وسائر الكاذيب والطقوس ‪ ،‬التي رسمتها دهور الكذب " ‪.‬‬

‫‪718‬‬
‫بيان مجمع البحوث السلمية‬
‫بيان الزهر‬
‫الزهر ‪ /‬مكتب المام الكبر ‪ /‬شيخ الزهر ‪ ،‬بيان مجمع البحععوث‬
‫السلمية بشأن ‪ ،‬رواية ) وليمة لعشاب البحر ( لمؤلفها السيد‬
‫حيدر حيدر ‪ .‬طبع ونشر العهيئة العامة لقصععور الثقافععة ‪ ،‬التابعععة‬
‫لوزارة الثقافة بالقاهرة ‪.‬‬
‫تم عرض موضوع الروايععة المشععار إليهععا ‪ ،‬علععى لجنععة البحععوث‬
‫الفقهيععة ‪ ،‬فكّلفععت اثنيععن مععن أعضععائها المتخصصععين ‪ ،‬بكتابععة‬
‫تقريرين منفصلين عن الرواية ‪ ،‬لعرضها في جلسععة اسععتثنائية ‪،‬‬
‫حّدد لها يوم الربعاء ‪ 17‬مععايو سععنة‬ ‫لمجمع البحوث السلمية ‪ُ ،‬‬
‫‪ ، 2000‬وقد تم عرض هذين التقريرين والرواية ‪ ،‬على المجمععع‬
‫في جلسته الستثنائية ‪ ،‬وتبين ما يأتي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬أن وزارة الثقافة الععتي نشععرت هععذه الروايععة ‪ ،‬لععم تسععتطلع‬
‫رأي الزهر الشريف ‪ ،‬أو مجمع البحوث السلمية ‪ ،‬مع مععا ورد‬
‫فيها من أمور كثيرة ‪ ،‬تتصل بالسلم والعقيدة والشريعة ‪ ،‬وذلك‬
‫على خلف ‪ ،‬ما يقضى به القانون ‪ 103‬لسنة ‪… 1961‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن الرواية مليئة باللفععاظ والعبععارات ‪ ،‬الععتي تحّقععر وتهيععن‬
‫جميععع المقدسععات الدينيععة ‪ ،‬بمععا فععي ذلععك ‪ ،‬ذات العع سععبحانه‬
‫وتعععالى ‪ ،‬والرسععول صععلى الع عليععه وسععلم ‪ ،‬والقععرآن الكريععم ‪،‬‬
‫واليوم الخر ‪ ،‬والقيم الدينية ‪.‬‬
‫ومن ذلك أنها تستهزئ بذات ال ‪ ،‬مثل وصععفه بععأنه فنععان فاشععل‬
‫) ص ‪ ، ( 219 :‬وأنه نسي بعض مخلوقاته ‪ ،‬من تراكم مشععاغله‬
‫التي ل تحد ‪ ،‬في بلد العرب وحععدها ) ص ‪ ، ( 257 :‬وأنععه أقععام‬
‫‪719‬‬
‫مملكته الوهمية في فراغ السماوات ‪ ،‬ليدخل في خلود ذاته بععذاته‬
‫) ص ‪. ( 426 :‬‬
‫كما يفتري على الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬بأنه تزوج أكععثر‬
‫من عشرين امرأة ‪ ،‬مععا بيععن شععرعية ‪ ،‬وخليلععة ‪ ،‬ومتعععة ) ص ‪:‬‬
‫‪ ، ( 148‬وأنه كان يتزوج من عذارى القبائل بغية توحيدها ) ص‬
‫‪. ( 427 ، 426 :‬‬
‫وأنه حّرف في آيات القرآن الكريم ‪ ،‬ونسب إليه ‪ ،‬ما ليس منععه ‪،‬‬
‫كقوله " وال تعالى قال في كتابه العزيز‪ " :‬إذا بليتععم بالمعاصععي‬
‫فاستتروا ( " ) ص ‪ ، ( 148 :‬كما أن الرواية تحّرض صراحة ‪،‬‬
‫علعععى الخعععروج علعععى الشعععريعة السعععلمية ‪ ،‬وععععدم التمسعععك‬
‫بأحكامهعا ‪ ،‬وذلعك بالعدعوة إلعى ضعرورة النفصعال ‪ ،‬ععن العدين‬
‫والع والخلق والتقاليععد والزمنععة الموحلععة ‪ ،‬والجنععة والجحيععم‬
‫الخرافيين ‪ ،‬وطاعععة أولععى المععر والوالععدين ‪ ،‬والععزواج المبععارك‬
‫بالشععرع ‪ ،‬وسععائر الكععاذيب والطقععوس ‪ ،‬الععتي رسععمتها دهععور‬
‫الكذب ) ص ‪. ( 348 :‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إن الرواية خرجت على الداب العامة ‪ ،‬خروجععا فاضععحا ‪،‬‬
‫وذلك بالدعوة إلى الجنس غير المشروع ‪ ،‬واستعمال اللفاظ فععي‬
‫الوقاع ‪ ،‬وأعضائه الجنسية للذكر والنععثى ‪ ،‬بل حيععاء ممععا يعععف‬
‫اللسان عن ذكرها ‪ ،‬وكتابة نصها حفظا على الحياء العام ‪ ،‬الععذي‬
‫انتهكته الرواية ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إن الرواية لعم تكتعف بعذلك ‪ ،‬بعل حّرضعت صعراحة ‪ ،‬علعى‬
‫إهانة جميع الحكام العرب ‪ ،‬ووصفتهم بأقبح وأقععذع الوصععاف ‪،‬‬
‫مما يعف المقام عن ذكرها ‪ ،‬وطالبت بالخروج عليهععم ‪ ،‬والثععورة‬
‫ولو بإراقة الدماء ‪.‬‬
‫‪720‬‬
‫خامسا‪ :‬اتضح لمجمع البحوث السلمية ‪ ،‬من كل مععا سععبق ‪ ،‬أن‬
‫ما ورد برواية " وليمة لعشاب البحر" ‪ ،‬لمؤلفها حيدر حيدر ‪،‬‬
‫خروج عما هو معلوم من الدين بالضرورة ‪ ،‬وينتهععك المقدسععات‬
‫الدينية والشرائع السماوية ‪ ،‬والداب العامععة ‪ ،‬والقيععم القوميععة ‪،‬‬
‫ويثير الفتن ‪ ،‬ويزعزع تماسك وحععدة المععة ‪ ،‬الععتي هععي الركيععزة‬
‫الساسععية لبنععاء الدولععة ‪ ،‬ويضععع علععى عععاتق مععن نشععروا هععذه‬
‫الروايععة ‪ ،‬دون اسععتطلع رأي أهععل الختصععاص ‪ ،‬المسععؤولية‬
‫الكاملة ‪ ،‬عن هذا التجاوز والثار المترتبة عليه دينيا واجتماعيععا‬
‫ضح تفصيل ‪ ،‬بالتقريرين المقدمين ‪ ،‬من‬ ‫‪ ،‬وذلك على النحو المو ّ‬
‫ي مجمع البحوث السلمية المشار إليهما ‪.‬‬ ‫عضو ّ‬
‫وال ولى التوفيق ‪ ..‬تحريرا في ‪ 13‬من صععفر سععنة ‪ 1421‬هعع ‪..‬‬
‫الموافععق ‪ 17‬مععن مععايو سععنة ‪ 2000‬م ‪ ،‬شععيخ الزهععر ‪ :‬الععدكتور‬
‫محمد سيد طنطاوي‬
‫تقرير عن رواية ) وليمة لعشاب البحر (‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع‬
‫الصادقين‬
‫المؤلف ‪ :‬حيدر حيدر ‪ ،‬طبع ونشر العهيئة العامة لقصور الثقافععة‬
‫بالقاهرة ‪.‬‬
‫تقع فعي ) ‪ ( 690‬صعفحة ‪ ،‬معن القطعع المتوسععط ‪ ،‬وهععى القصعة‬
‫الخامسة والثلثون ‪ ،‬في سلسععلة آفععاق الكتابععة ‪ ،‬وسعععر الععبيع ‪4‬‬
‫جنيهات ‪ ،‬بتكليف من لجنة البحوث الفقهية بالمجمع ‪ ،‬في جلسة‬
‫الربعاء ‪ ، 10/5/2000‬قرأت هذه الروايععة ‪ ،‬قععراءة محايععدة فععي‬
‫خمس وعشرين ساعة ‪ ،‬وقد وجدت فيها ما يأتي ‪-:‬‬
‫‪721‬‬
‫أول ‪ :‬الدعوة إلى الشععيوعية والكفععاح المسععلح والسععتيلء علععى‬
‫السلطة بالعنف والدماء ‪ :‬ويورد صاحب التقرير ‪ 12‬موضعا مععن‬
‫الرواية للدللة ( ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬السععتهزاء بثععوابت العقيععدة السععلمية وإهانتهععا ‪ ) ،‬لع ‪،‬‬
‫والرسول ‪ ،‬والقرآن ‪ ،‬واليوم الخر ( ‪ ) :‬ويورد صاحب التقريععر‬
‫‪ 19‬موضعا في الرواية للدللة ( ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إهانة حكام العععرب ‪ ،‬ووصععفهم بأقععذع وأقبععح الوصععاف ‪:‬‬
‫) ويورد صاحب التقرير ‪ 3‬مواضع في الرواية للدللة ( ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬عبارات فاضععحة فععي الجنععس ‪ ،‬ومنافيععة للداب العامععة ‪:‬‬
‫) ويورد صاحب التقرير ‪ 14‬موضعا في الرواية للدللة ( ‪.‬‬
‫‪ .1‬وبعد ‪ :‬فإنه مععن غيععر المعقععول ‪ ،‬أن تقععوم وزارة مسععؤولة ‪،‬‬
‫في نظام حكم لبلد مسععلم ‪ ،‬بطبعع ونشععر هعذه الروايععة ) وليمععة‬
‫لعشاب البحر ( ‪ ،‬وأن تدعمها ماليا ‪ ،‬لُتّيسر قراءتها للجميععع‬
‫‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬غير معقععول أن تقععوم هيئة مسععؤولة ‪ ،‬فععي نظععام الدولععة ‪،‬‬
‫بطبع ونشر وتدعيم مثل هذه الرواية ‪ .‬ولعلها ل تدرى ما فيهععا ‪،‬‬
‫وأن الذين اختاروها خدعوا رئاستهم ‪ ،‬ولكن الشععاعر يقععول ‪ :‬إن‬
‫كنت ل تدري فتلك مصيبة ‪ ..‬وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ‪.‬‬
‫ولو أن أحدا ‪ ،‬أدخل هذه الرواية خلسة ‪ ،‬وضبطت عنده لحاكمته‬
‫الدولة ‪ ،‬على جلب هذه المفاسد ‪ ،‬التي تصيب وحدة هذه المععة ‪،‬‬
‫وتدعو إلى الفتنة والحرب والدم بيععن أبنائهععا ‪ ...‬فهععل صععرنا فععي‬
‫زمن اللمعقول !! نرجو أل يكون ‪.‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الرحمن العدوي ‪ :‬عضو مجمع البحوث السلمية‬
‫‪722‬‬
‫تقرير عن رواية ) وليمة لعشاب البحر (‬
‫بقلم ‪ :‬الدكتور محمد رأفت عثمان ‪ /‬عميد كلية الشريعة والقانون‬
‫بالقاهرة ‪ /‬عضو مجمع البحوث السلمية‬
‫الروايععة ‪ :‬مععن تععأليف حيععدر حيععدر كععاتب سععوري ‪ ،‬طبععع ونشععر‬
‫العهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر ‪ ،‬سنة ‪ ، 1999‬وهي مكونة‬
‫من ‪ 690‬صفحة ‪ ،‬عدا الفهرست ‪ ،‬من القطع المتوسط ‪.‬‬
‫والنطباع العام عن هذه الرواية ‪ ،‬أنها مكتوبععة بأسععلوب ركيععك ‪،‬‬
‫غامض في كثير من صفحاتها ‪ ،‬ل فكر فيها ‪ ،‬ول تنبئ عن ملكععة‬
‫فنية عند كتابتهععا ‪ ،‬مليئة بالعبععارات الفاحشععة الخادشععة للحيععاء ‪،‬‬
‫والتي تحّقر وتهين المقدسات الدينية ‪ ،‬معا بيععن السععتهزاء بعذات‬
‫ال تبارك وتعالى ‪ ،‬والسخرية بأحكععام شععريعة السععلم ‪ ،‬وإهانععة‬
‫القرآن الكريم ‪ ،‬ويتبين ذلك مما يأتي ‪:‬‬
‫) ويورد صاحب التقرير ‪ 32‬موضعا في الرواية للدللة ( ‪.‬‬
‫ويسععتطرد قععائل ‪ :‬وبعععد ‪ ،‬فهععذا قليععل مععن كععثير ‪ُ ،‬ملئت بععه هععذه‬
‫الرواية المنحطة ‪ ،‬في التعبير والفكر والفن ‪ ،‬وأرى مصادرتها ‪،‬‬
‫ومحاكمة مؤلفها ‪ ،‬وكععل الععذين سععاعدوه علععى نشععرها ‪ ،‬بععل أرى‬
‫كفععر مؤلفهععا ‪ ،‬لععذكره العبععارات السععاخرة ‪ ،‬بععذات العع تبععارك‬
‫وتعالى ‪ ،‬وبرسوله ‪ ،‬وبالقرآن ‪ ،‬وبالسلم كله ‪.‬‬
‫وإذا كان بعض المدافعين عن هذا النوع ‪ ،‬من الكتابععة السععاقطة ‪،‬‬
‫يقولون أنه يحكي ذلك ‪ ،‬على لسان أبطال روايته ‪ ،‬فالرد ‪:‬‬
‫أول‪ :‬أن بعض العبارات ‪ ،‬التي تؤدي إلى السخرية ‪ ،‬من ال عععز‬
‫وجععل ‪ ،‬ومععن رسععوله ‪ ،‬ومععن القععرآن ‪ ،‬والسععلم ‪ ،‬جععاءت علععى‬
‫لسان الكاتب نفسه ‪.‬‬
‫‪723‬‬
‫ثانيععا‪ :‬العبععارات الععتي قالعععها المؤلععف ‪ ،‬علععى لسععان أشععخاص‬
‫روايتععه ‪ ،‬الععتي تععؤدي إلععى كفععر قائلهععا ‪ ،‬تععؤدي أيضععا إلععى كفععر‬
‫المؤلف ‪ ،‬وذلك لن ذكر الكفريات ‪ ،‬سواء أكانت أقوال أم أفعال ‪،‬‬
‫إما أن تكون على سبيل الحكاية ‪ ،‬عن إنسان قالعععها ‪ ،‬أو صععدرت‬
‫منععه فعل ‪ ،‬أو تكععون علععى سععبيل التخيععل والخععتراع ‪ ،‬لقععول أو‬
‫فعل ‪ ،‬لم يحدث في الواقع ‪.‬‬
‫فإن كان ذكر الكفريات حكاية عن إنسان قالعها ‪ ،‬أو صععدرت منععه‬
‫فهذا جائز ‪ ،‬فيما يأتي ‪:‬‬
‫أول‪ :‬إذا كان ذكر هذا ‪ ،‬في مقام بيان قبح ‪ ،‬هذا القول أو الفعل ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إذا ذكر هذا ‪ ،‬في مقام بيان حكمة ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إذا ذكر هذا ‪ ،‬في مقام بيان الرد عليه ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إذا ذكر هذا ‪ ،‬في مقام الشهادة ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬إذا ذكر هذا ‪ ،‬في مقام بيان آراء الفرق والمذاهب ‪.‬‬
‫وإما إن كانت الكفريات ‪ ،‬قد عبر بها المؤلف ‪ ،‬على سبيل التخيل‬
‫‪ ،‬ولم ينطق بها صاحبها ‪ ،‬أو يفعلها في الواقع ‪ ،‬وإنمععا هععو فقععط‬
‫على لسان المؤلف ‪ ،‬فهذا محّرم ‪ ،‬بل ويصل في رأيي إلى درجععة‬
‫الكفععر ‪ ،‬بععدليل أنععه ل يجععوز ‪ ،‬لمؤلععف روايععة أو قصععة مثل ‪ ،‬أن‬
‫يتخيل إنسانا معينا حقيقيا ‪ ،‬موجععود علععى قيععد الحيععاة ‪ ،‬أو توفععاه‬
‫ال ‪ ،‬في موقف مهين ‪ ،‬ويكتب عنه في الرواية أو القصععة ‪ ،‬أنععه‬
‫كان يزني مثل ‪ ،‬ويجري حوارا بينه ‪ ،‬وبين من يتخيل أنععه يزنععى‬
‫بها ‪ ،‬فإن هذا يعد جريمة قذف ‪ ،‬في الشريعة والقانون ‪ ،‬مععع أنععه‬
‫أجراه في قالب روائي ‪.‬‬

‫‪724‬‬
‫ول يشععفع لععه أنععه يتخيععل ذلععك ‪ ،‬وليععس علععى سععبيل الحقيقععة‬
‫والواقععع ‪ ،‬فععإذا كععان هععذا ل يجععوز بالنسععبة للنسععان ‪ ،‬فهععل مععن‬
‫المعقول أو المقبول ‪ ،‬أن يكون ذلك جائزا بالنسبة إلى ربنا تبارك‬
‫وتعععالى ؟! فعأي عبععارة تكتععب تخيل ‪ ،‬ولعو علعى لسععان شخصعية‬
‫وهمية ‪ ،‬مععن شخصععيات الروايععات أو القصععص ‪ ،‬أو غيععر ذلععك ‪،‬‬
‫يصععدر عنهععا عبععارة أو فعععل ‪ ،‬فيععه سععخرية بععال عععز وجععل ‪ ،‬أو‬
‫برسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أو بالقرآن ‪ ،‬أو بأحكام السععلم ‪،‬‬
‫تؤدي إلى كفر مؤلفها ‪ ،‬وقد وجدنا علماءنا رضى ال عنهم ‪ ،‬قععد‬
‫بينوا أنه ‪ ،‬إذا قال شخص عن عدوه ‪ " :‬لو كان ربععى مععا عبععدته‬
‫" فإنه يكفر ‪ ،‬وكذا لو قال ‪ " :‬لو كان نبيا ما آمنععت بععه " ‪ ،‬مععع‬
‫أن هذه العبارة ‪ ،‬هي فرض لما قد يحدث ‪.‬‬
‫إن البععداع فععي الكتابععة ‪ ،‬ل يكععون بالسععخرية مععن ذات ال ع عععز‬
‫وجل ‪ ،‬أو بإهانة المقدسات ‪ ،‬وإنما البداع تعبير سام راق ‪ ،‬عععن‬
‫فكر محترم دينيا ‪ ،‬يتفق وتقاليد المجتمع وثقععافته ومثلععه العليععا ‪،‬‬
‫وأما غير ذلك ‪ ،‬مما يريدوننا أن نوافقهم عليه ‪ ،‬فهو ليس إبداعا‬
‫‪ ،‬ول ينتمي إلععى الدب ‪ ،‬بععل أحعرى أن يوصعف بقلعة الدب ‪ ،‬بعل‬
‫بانعدام الدب ‪.‬‬
‫القرضاوي يطالب مبارك بالتدخل لوقف‬
‫الموجة الثقافية الفاجرة‬
‫ناشد فضيلة العلمععة د‪ .‬يوسععف القرضععاوي ‪ ،‬الرئيععس المصععري‬
‫حسني مبارك ‪ ،‬أن يتدخل لوقف الموجة الثقافية الفاجرة ‪ -‬حسب‬
‫وصفه‪ -‬عند حّدها ‪ ،‬وشّدد فضيلته علععى أهميععة الحععرص ‪ ،‬علععى‬
‫وحدة المة ‪ ،‬كما حّيا شعيخ الزهر ‪ ،‬والزهععر ‪ ،‬ورئيععس جامعععة‬
‫الزهر ‪ ،‬والطلب والطالبات ‪ ،‬الذين وقفوا موقفععا موحععدا ‪ ،‬ضععد‬
‫‪725‬‬
‫رواية الكععاتب السععوري ‪ ،‬وليمععة لعشععاب البحععر ‪ ،‬الععتي طبعتهععا‬
‫وزارة الثقافة المصرية ‪ ،‬وتسببت في حالة العهياج الععتي شععهدها‬
‫الشععارع المصععري مععؤخرًا ‪ ،‬واعتععبر د‪ .‬القرضععاوي فععي خطبععة‬
‫الجمعة أمس ‪ ،‬أن الرواية تدخل في باب الكفر ‪ ،‬مستندًا فععي ذلععك‬
‫على بيان الزهر الشريف ‪ ،‬ورأي فضععيلته أن هععذا العمععل كفععر ‪،‬‬
‫بغععض النظععر عععن الشععخاص ‪ ،‬واعتععبر مععن قالعععه ‪ ،‬ورضععي بععه‬
‫كععافرا ‪.‬‬
‫منكر "‬ ‫ل ما في وليمة لعشاب البحر ُ‬ ‫" كُ ّ‬
‫العلمعععة القعرضعععاوي فععي خطبععة الجمعععة ) ‪ 15‬صععفر ‪– 1420‬‬
‫‪( 19/5/2000‬‬
‫أنععا وأنتععم وشععيخ جععامع الزهععر ‪ ،‬ومجمععع البحععوث السععلمية ‪،‬‬
‫ورئيس جامعة الزهر ‪ ،‬وخطباء المساجد في العععالم ظلميععون ‪،‬‬
‫ووزير الثقافة المصري وحده يحمل النور !!!!!‬
‫يييي ي ييييي ي ي ييي ي ي‪ .‬يي ي يي ي‬
‫ييي ‪:‬‬
‫ييي‬
‫ن فضيلة العلمة د‪ .‬يوسف القرضععاوي ‪ ،‬هجومععا شععديدا علععى‬ ‫شّ‬
‫وزارة الثقافة المصععرية ‪ ،‬علععى مععا نشععرته مععن روايععة "وليمععة‬
‫لعشاب البحر" لكاتب سععوري ‪ ،‬واسععتنكر مععا بهععا ‪ ،‬مععن منكععر‬
‫وتحقيععر وإهانععة الععذات اللعععهية ‪ ،‬والقععرآن والرسععول والقيععم‬
‫الدينيععة ‪ ،‬وتحريضعها علععى الخعروج علعى الشععريعة السعلمية ‪،‬‬
‫وطالب فضيلته المسؤول الول في مصر ‪ ،‬الرئيس حسني مبارك‬
‫‪ ،‬وناداه أن يوقف هذه الموجة الثقافية الفاجرة عند حععدها ‪ ،‬وأن‬
‫يعيد الثقافة عند حقيقتها ‪ ،‬فل يجوز أن نقسم المة ‪ ،‬بين الثقافة‬
‫الغربية المستغربة الصادة عن سبيل ال ع ‪ ،‬والسععائرة فععي ركععاب‬
‫‪726‬‬
‫الشيطان ‪ ،‬والثقافة التي مع القيم الدينية ‪ ،‬مع ال ورسله وكتابه‬
‫ومع الربانيين ‪ ،‬وشّدد فضيلته على أهمية وحدة المععة ‪ ،‬خاصععة‬
‫فععي هععذا الزمععان التعيععس – حسععب وصععفه – الععذي اسععتغلته‬
‫إسععرائيل ‪ ،‬وبغععت فيععه وطغععت ‪ ،‬فينبغععي أن نضععم صععفوف المععة‬
‫بعضها إلى بعضها ‪.‬‬
‫ل ‪ :‬الكلمة الن للرئيس مبارك ‪،‬‬ ‫ثّم تابع الدكتور القرضاوي ‪ ،‬قائ ً‬
‫الذي أسأل ال أن يهديه سواء السبيل ‪ ،‬وأن يوّفقه لموقف الحق‬
‫‪ ،‬الذي ل يخاف في ال لومة لئم ‪.‬‬
‫كما حيا د‪ .‬القرضاوي الزهر وشيخ الزهر ‪ ،‬ورغم اختلفه معه‬
‫في قضية الربا وغيرها ‪ ،‬وحّيا جامعة الزهر ‪ ،‬ورئيسها وطلب‬
‫الزهر وطالباته ‪ ،‬وجريععدة الشعععب والكععاتب السععلمي د‪ .‬محمععد‬
‫عبععاس ‪ ،‬الععذي صععرخ فععي المععة قععائلً ‪" :‬ل إلعععه إل ال ع ‪ :‬مععن‬
‫يبايعني علي الموت" ‪ .‬قال ‪ :‬غضب الرجل لدينه ‪ ،‬لربه ‪ ،‬وربمععا‬
‫في غمرة هذا الغضب ‪ ،‬خرجععت منععه بعععض اللفععاظ ‪ ،‬فععي بعععض‬
‫الناس ‪ ،‬لكن النسان في حالة غضبه ‪ ،‬يقول مععا قععد ل يحمععد فععي‬
‫بعععض الحععالت ‪ ،‬كمععا حيععا الشععاعر الكععبير فععاروق جويععده ‪ ،‬فععي‬
‫صحيفة الهرام ‪ ،‬والمثقفين الشرفاء الذين وقفوا ضد هذا الباطل‬
‫‪ ،‬وهعععذا الفجعععور الدبعععي ‪ ،‬العععذين يحعععترمون عقعععائد المعععة‬
‫ومقدساتها ‪ ،‬أقف مع كل هؤلء أشد أزرهم ‪ ،‬وأصععلب ظهرهععم ‪،‬‬
‫بكل قوتي ‪ ،‬وأقول الحق ‪ ،‬ل أخاف في ال لومة لئم ‪.‬‬
‫وكععان فضعيلته قعد بعدأ خطبتعه ‪ ،‬متحععدثا ععن انشععغال المععة بهعّم‬
‫جديد ‪ ،‬أضيف إلى همومها ‪ ،‬هو العهم الثقافي ‪ ،‬الذي بععدأ بنشعععر‬
‫وزارة الثقافة المصرية ‪ ،‬لرواية تسمى وليمة لعشععاب البحععر –‬
‫معععبرًا عععن اسععتغرابه مععن العنععوان – لكععاتب سععوري مغمععور ‪،‬‬
‫‪727‬‬
‫أشهرته تلك الرواية شهرة كبيرة ‪ ،‬وقال ‪ :‬لم أشأ أن أتحدث عععن‬
‫تلععك الروايععة ‪ ،‬حععتى أراهععا و) الحكععم علععى الشععيء فععرع عععن‬
‫تصوره ( ‪ ،‬كما قال علماؤنا ‪ ،‬وقرأت ما يقارب نصععفها ‪ ،‬أغععالب‬
‫نفسي ‪ ،‬فهععي مععن أول صععفحة ‪ ،‬تقعّزز نفععس النسععان المععؤمن ‪،‬‬
‫وهععي روايععة ‪ ،‬ل تعععرف شععيئا اسععمه الحععرام ‪ ،‬ول العيععب ‪ ،‬ول‬
‫تعرف ال ‪ ،‬ول تقدره حق قدره ‪ ،‬ول عجععب ‪ ،‬فقععد كتبهععا إنسععان‬
‫صعيري العقيدة ‪ ،‬شعيوعي الفكرة ‪.‬‬‫َن ِ‬
‫ثم ذكر فضيلته ‪ ،‬أن عقيدة النسان الدينية واليدلوجيععة ‪ ،‬تنضعح‬
‫على فكره ‪ ،‬وعلى كتابته وعلى أسععلوبه ‪ ،‬وكععل إنععاء بالععذي فيععه‬
‫ينضععح ‪ ،‬وأضععاف ‪ :‬لكنععي سععأتجاوز عععن عقيععدة الرجععل الدينيععة‬
‫واليدلوجية ‪ ،‬ونحاكم النص الذي كتبه ‪ :‬لم أستطع أن أستمر في‬
‫قراءة الرواية ‪ ،‬في أكثر من النصععف‪ ،‬لقععد بلععغ الشععمئزاز منععي‬
‫مبلغه ‪ ،‬فاكتفيت بتصّفح الباقي ‪ ،‬وكلما تصّفحتها ‪ ،‬وجدت أشياء‬
‫وأشياء ينكرها الدين ‪ ،‬وينكرها الخلق ‪ ،‬والعقل والعععراف ‪ ،‬كععل‬
‫ما فيها والعياذ بال منكر ‪ ،‬فوجععدت فيهععا أكععثر ممععا انتقععد عليهععا‬
‫الناقدون ‪ ،‬في السطور وما بين السطور ‪.‬‬
‫المؤلف يرسم شخصياته ‪:‬‬
‫وبععدأ د‪ .‬القرضععاوي ‪ ،‬يععرد علععى أصععحاب الععرأي الخععر ‪ ،‬الععذين‬
‫وقفوا مع الكاتب ‪ ،‬فقال ‪ " :‬قالوا إن ما ذكععره الكععاتب جععاء علععى‬
‫ألسنة شخصععيات الروايععة " ‪ ،‬وأقععول نحععن نعععرف ‪ ،‬أن الروايععة‬
‫قصة يتخيلها الكععاتب ‪ ،‬قععد يكععون لهععا أصععل فععي الواقععع ‪ ،‬وقععد ل‬
‫يكععون ‪ ،‬هععو الععذي يرسععم صععورتها ‪ ،‬مبععدأها ونهايتهععا وعقععدتها‬
‫وحلها ‪ ،‬وهو الذي ينشئ شخصياتها ‪ ،‬وُينطق هذه الشخصيات ‪،‬‬
‫بمععا يريععد أن تنطععق بععه ‪ ،‬يعّبععر عععن نفسععه ‪ ،‬أو يعّبععر عععن هععذه‬
‫‪728‬‬
‫الشخاص ‪ ،‬ولو كان له فكرة معينععة ‪ ،‬فهععو يجريهععا علععى لسععان‬
‫أحد الشخاص ‪ ،‬ويقوي هذه الفكععرة ‪ ،‬ثععم يععأتي الععرد عليهععا مععن‬
‫الطرف الخر ضعيفا ‪ ،‬أو ل يأتي رد عليها قط ‪ ،‬هذه حيلة نجدها‬
‫عند القصاصين والروائيين ‪.‬‬
‫وأضععاف إذا كععان مععن حععق النسعععان ‪ ،‬أل يعععري جسععده أمععام‬
‫الجمهور ‪ :‬فهل من حقه أن ُيعري أدبه ‪ ،‬وفنععه أمععام النععاس ؟ إن‬
‫ي فضائحي بأهدافها وأسلوبها‬ ‫عر ّ‬‫العري الذي في هذه الرواية ‪ُ ،‬‬
‫وكتابتها ‪ ،‬أشّد من العري الجسدي ‪ ،‬هل من حق النسان المبدع‬
‫‪ ،‬أن يتجرأ على ال ‪ ،‬وعلى رسله ‪ ،‬وعلععى كتبععه ‪ ،‬وعلععى اليععوم‬
‫الخر ‪ ،‬وعلى القيم والععدين والخلق‪ ،‬كمععا يفعععل هععذا الكععاتب ؟‬
‫أيستطيع أن يقول ذلك لرئيس دولته ‪ ،‬يتجعرأ عليععه ‪ ،‬ويقععول كععذا‬
‫وكععذا ‪ ،‬أم أن الععدين والعع والكتععب والرسععل ‪ ،‬أصععبحت الحععائط‬
‫الواطئ ‪ ،‬التي يتجرأ عليها كل الناس ‪.‬‬
‫ورجععع بالععذاكرة إلععى مععا مضععى ‪ ،‬فقععال‪ :‬لقععد رأينععا كععثيرا مععن‬
‫القصاصين الكبار ‪ ،‬يذكرون النواحي الجنسععية ‪ ،‬ويتحععدثون عععن‬
‫الشعواذ والجناة واللواطين وتجار المخدرات ‪ ،‬لكنهم ل يذكرونها‬
‫‪ ،‬بمثل هذه اللفاظ المسفة العارية ‪ ،‬رأينا ذلك في قصص محمود‬
‫تيمور ‪ ،‬وتوفيق الحكيم ‪ ،‬ومحمد عبد الحليم عبععد الع ‪ ،‬والطيععب‬
‫صععالح ونجيععب الكيلنععي ‪ ،‬ويوسععف السععباعي وإحسععان عبععد‬
‫القدوس ‪ ،‬رغم أنهم ذكروا أشياء كععثيرة ‪ ،‬تحععدث فععي الفععراش ‪،‬‬
‫لكن لم يجرؤ أحدهم ‪ ،‬ولم ينزل أحدهم إلى مثل هذا الدرك ‪.‬‬
‫واستمر د‪ .‬القرضاوي ‪ ،‬يرد ‪ :‬قعالوا فعي أدبنعا أشعياء مكشعوفة ‪،‬‬
‫مثل مععا قالعععه امععرؤ القيععس ‪ ،‬أو مثععل مععا ورد فععي خمريععات أبععي‬
‫نواس ‪ ،‬أو في التغزل بالذكور ‪ ،‬وقال ‪ :‬بأن هذه الشياء في أدبنا‬
‫‪729‬‬
‫‪ ،‬ل تمثل التجاه العام ‪ ،‬وليس لها أثر في مجرى الحياة ‪ ،‬وكانت‬
‫أشياء خاصعة يتععداولها بعععض النعاس فعي مجالسععهم ‪ ،‬أو يقرأهعا‬
‫بعض الناس في كتبهم ‪ ،‬وكانت هذه الكتب محدودة النتشار ‪.‬‬
‫وتناول مظاهرة شباب الزهر ‪ ،‬فقععال ‪ :‬لقععد عععابوا علععى طالبععات‬
‫وطلب الزهر ‪ ،‬أن غضبوا لهذا الدين ‪ :‬وهل يلم النسععان ‪ ،‬إذا‬
‫ل ‪ :‬إذا مشيت في الشارع ‪ ،‬ومعك زوجتك‬ ‫غضب لدينه ! وقال مث ً‬
‫أو ابنتك أو أختععك ‪ ،‬ثععم اجععترأ عليهععا أحععد مععن أولئك الفاسععقين ‪،‬‬
‫فنبذها بكلمععة نابيععة جارحععة‪ :‬أل تغععار لهععا ؟؟ أل يثععور الععدم فععي‬
‫عروقععك ؟؟ أل تقععف لععه بالمرصععاد ؟؟ هععذا مععا يفعلععه النسععان‬
‫الحر ‪ ،‬فالشريف ل يقبل أن يهان في عرضه ‪.‬‬
‫أكان الدين أهون على النسععان مععن العععرض ‪ ،‬أكععان الع وقرآنععه‬
‫ونبيه محمد ‪ ،‬أهون لدى النسان المسلم ‪ ،‬من الغيرة على ابنتععه‬
‫وامرأته وأخته ؟‬
‫وقّرر ‪ :‬لقد كان طلبة الزهر وطلبه معذورين ‪ ،‬حينما سمعوا ما‬
‫سمعوا ‪ ،‬وقرؤوا ما قرؤوا ‪.‬‬
‫قالوا‪ " :‬إن طلبة الزهر لم يقرؤوا الرواية " ‪.‬‬
‫ورد ‪ :‬وهعل يجعب أن يقعرأ جميعع طلب الزهعر وطالبعاته ‪ ،‬هعذه‬
‫القصة حتى يغضبوا من أجلها ‪ ،‬لقد رأينا فععي صععحيفة الهععرام ‪،‬‬
‫كاتبا يّدعي أنه تقدمي ‪ ،‬يدافع عععن الروايععة ‪ ،‬وفععي نفععس الععوقت‬
‫يقول ‪ :‬أنا لم اقرأها ‪.‬‬
‫وزير الثقافة يدافع عن الخط التنويري ‪:‬‬
‫ورد فضيلة الدكتور القرضاوي ‪ ،‬على وزير الثقافععة المصععري ‪،‬‬
‫فقال ‪:‬‬
‫‪730‬‬
‫لقد قال وزير الثقافة ‪ :‬إننا منذ بضع عشععرة سععنة ‪ ،‬ونحععن ننشععر‬
‫هذه الثقافة المستنيرة ‪ ،‬لنقاوم بها ثقافععة الظلمييععن الرجعييععن ‪،‬‬
‫وارتفع صععوت د‪ .‬القرضععاوي يععرد عليععه ‪ :‬أنععا وأنععت وانتععم أيهععا‬
‫الخوة ظلميععون ! كععل مععن يتمسععك بكتععاب الع وسععنة رسععوله ‪،‬‬
‫وفهععم القععرون الولععى لهععذه المععة خيععر القععرون ‪ ،‬كععل هععؤلء‬
‫ظلميععون ‍! أنععا وأنععت ظلمععي ‪ ..‬الزهععر ظلمععي ‪..‬شععيخ الزهععر‬
‫ظلمععي ‪ ..‬مجمععع البحععوث ظلمععي ‪ ..‬ورئيععس جامعععة الزهععر ‪..‬‬
‫واللجنععة الدينيععة فععي مجلععس الشعععب ‪ ..‬وحععزب العمععل ‪ ،‬جريععدة‬
‫الشعب ‪ ،‬الجمعيات السلمية في مصر ‪ ،‬وخطباء المسععاجد كلهععا‬
‫ظلمي ‪ .‬هم إذن أهل النور … !! وزير الثقافة وحده ‪ ،‬هو الععذي‬
‫يحمل النععور … ! والثقافععة المسععتنيرة … !! وهععي هنععا الثقافععة‬
‫التي َتسعخر بالدين ‪ ،‬وتسععتهين بععالقيم الدينيععة ‪ ،‬ومععن ال ع ومععن‬
‫رسله ومن كتعب الع ‪ ،‬وقععد سعكت النععاس ‪ ،‬علعى قصععص وكتععب‬
‫وروايات دهر من الزمعن ‪ ،‬ثععم كعان لبععد أن يحعدث النفجعار ‪" :‬‬
‫ضب ‪ ،‬ولم يغضب فهو حمار " ‪.‬‬ ‫ومن اسُتغ ِ‬
‫ل بأس بالمظاهرات ‪:‬‬
‫وأضاف ‪ :‬أنا ل أرى في تظاهرات الطلب شععيئا منكععرا ‪ ،‬إذا كععان‬
‫تظاهرا سلميا ‪ ،‬يجب أن نعّود أمتنا ‪ ،‬ما تعّودته أمم الحضارة من‬
‫التظاهر السلمي ‪ ،‬وقد كنا طلبا ‪ ،‬في المعاهععد الدينيععة البتدائيععة‬
‫والثانوية في كليععات الزهعععر ‪ ،‬وكنععا نخعرج نحتععج علعى كعل أمععر‬
‫يخالف الععدين ‪ ،‬كععل أمععر يهتععم بععه المسععلمون ‪ :‬خرجنععا مععن أجععل‬
‫فلسطين ‪ ،‬وتونس والجزائر ومراكش وسوريا ولبنان وكشمير ‪،‬‬
‫الطلب هم نبض المة ‪ ،‬ل يستطيعون العيش بعيدا عنها ‪ ،‬كل ما‬

‫‪731‬‬
‫نمنعععه هععو التخريععب ‪ ،‬أمععا التظععاهر السععلمي ‪ ،‬فل مععانع منععه‬
‫) واستشهد في ذلك بتظاهرات سياتل ( ‪.‬‬
‫وتابع ‪ :‬إن من حعق النعاس أن تغضعب لعدينها ‪ ،‬ومعن حعق أبنعاء‬
‫الشارع ‪ ،‬خصوصا الطلبة في الجامعات ‪ ،‬فُهم أوعى الناس بهذه‬
‫القضايا ‪ ،‬فهم الععذين يحملععون الععروح الثوريععة ‪ ،‬ويتععأججون مععن‬
‫داخلهعععم ‪ ،‬فمعععن حقهعععم أن يقولعععوا ‪ :‬ل ‪ ،‬دون أن يعععدخلوا فعععي‬
‫تخريب ‪ ،‬أن يستغلوا من الخرين ‪.‬‬
‫وعلععل عععدم التغاضععي عععن الروايععة ‪ ،‬بأنهععا نشععرت مععن قبععل‬
‫مؤسسععة ‪ ،‬مععن مؤسسععات الدولععة ‪ ،‬ووزارة تطبععع طبعععة شعععبية‬
‫‪ 690‬صفحة ‪ ،‬بأربعة جنيهات ‪ .‬ولو كان المؤلف ‪ ،‬نشععرها علععى‬
‫نفقته ‪ ،‬أو على نفقة دار نشععر خاصععة ‪ ،‬فلهععا مععن المععر ‪ ،‬وكععان‬
‫يمكننا أن نسكت ‪ ،‬ويحكم في ذلك القارئ ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬كنت أتمنى أل أتحدث عن هععذه الشععياء ‪ ،‬حععتى ل أجعلهععا‬
‫تشتهر ‪ ،‬فكم كنت أتمنى أل يقف المسلمون ‪ ،‬مععن روايععة سععلمان‬
‫رشدي ‪ ،‬ذاك الموقععف ‪ ،‬الععذي شععهرها فععي الفععاق ‪ .‬ثععم قععال ‪ :‬ل‬
‫يجوز لوزارة تحترم نفسها ‪ ،‬وتعمل من أجععل الشعععب ‪ ،‬أن تنشععر‬
‫أشياء ضد قيم الشعععب ‪ ،‬وعقععائد الشعععب ومقدسععاته ‪ ،‬ومععن هنععا‬
‫كانت غضبة ‪ ،‬كل المثقفين المسلمين ‪ ،‬إل طائفة معينة للسف ‪،‬‬
‫إما لنها جهلت دينها وتراثها ‪ ،‬أن باعت نفسها ‪ ،‬لما تنتفع بععه ‪،‬‬
‫من وراء هذه الوزارة ‪ ،‬وإني أعجب كل العجب ‪ ،‬لبعععض اللجععان‬
‫التي تشعّكلها الععوزارة ‪ ،‬تععدافع عععن هععذه الروايععة السععاقطة ‪ ،‬فععي‬
‫مضمونها وأساليبها ‪.‬‬

‫‪732‬‬
‫مة في الرواية ‪:‬‬ ‫السمة العا ّ‬
‫ن ‪ :‬الشععرب والخمععر مععن أول الروايععة‬ ‫وعاد إلى الروايععة فععذكر أ ّ‬
‫حععتى آخرهععا ‪ ،‬فحيععن تععزوج الرجععل العراقععي بفتععاته الجزائريععة‬
‫احتفلوا بشرب الكونياك ‪ ..‬هذه هي السععمة العامععة فععي الروايععة ‪:‬‬
‫ليس منها خشية ل ‪ ،‬ول توقيرا لععه ‪ ،‬ول اعتبععارا لحسععابه ‪ ،‬ول‬
‫ليوم الجزاء ول الجنة والنار ‪ ،‬بل هي تسخر من هذا كله ‪..‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫واستشهد ببعض العبارات من الرواية ‪ ،‬منها مث ً‬
‫ما قالعععه الرجععل ‪ ،‬الععذي قععال للمععرأة العععاهرة ‪ ،‬الععتي كععان يصععف‬
‫ن الذي يقف بيني وبينك ‪ ،‬هععو أنفععك‬ ‫جسدها وصفا مكشوفا ‪ " ،‬إ ّ‬
‫هذا ‪ ،‬قالت ‪ :‬له معاذا أفعل ؟ هذا خلقة ربي ! قال لهععا ‪ :‬رّبععك إذن‬
‫فنان فاشل " ‪.‬‬
‫ن ربك ل يحسععن التصععوير !! ورد القرضععاوي عليهععم ‪ :‬إن‬ ‫أي أ ّ‬
‫ص عَوَرُكْم )‪ 64‬غععافر ( …‬ ‫ن ُ‬ ‫سع َ‬‫ح َ‬‫ص عّوَرُكْم َفَأ ْ‬ ‫ال تعالى يقول ‪َ ) :‬و َ‬
‫ن َتْقِويٍم )‪ 4‬التين ( ‪.‬‬ ‫سِ‬ ‫ح َ‬‫ن ِفي َأ ْ‬ ‫سا َ‬ ‫خَلْقَنا اِْلْن َ‬
‫) َلقَْد َ‬
‫وتابع ‪ :‬لقد قالت اللجنة ‪ ،‬التي شّكلها وزير الثقافة ‪ ،‬أنه قال ذلك‬
‫في مقام الدعابة والمزاح ‪ ،‬ورّد ‪ :‬يا عجبًا ‪ ،‬هل هنا مقععام دعابععة‬
‫ومزاح ؟! الحععديث عععن الع جععل جللعععه ‪ ،‬يععدخل فيععه المععزاح ؟!‬
‫ب ُق عْل‬ ‫ض َونَْلَع ع ُ‬
‫خععو ُ‬ ‫ن ِإّنَما ُكّنا َن ُ‬
‫سَأْلَتُهْم َلَيُقوُل ّ‬
‫ن َ‬ ‫يقول تعالى ‪َ ) :‬وَلِئ ْ‬
‫ن )‪َ (65‬ل َتْعَتِذُروا َقْد َكَفْرُتْم‬ ‫سَتْهِزُئو َ‬ ‫سوِلِه ُكْنُتْم َت ْ‬‫ل َوَءاَياِتِه َوَر ُ‬ ‫َأِبا ِّ‬
‫َبْعَد ِإيَماِنُكْم … )‪ 66‬التوبة ( ‪ .‬وهذا في أمثال هؤلء ‪.‬‬
‫وأضاف مثاًل آخر ‪ ،‬مما ورد في الرواية ‪ :‬إنه يتحدث في روايته‬
‫ل‪:‬‬ ‫‪ ،‬قائ ً‬

‫‪733‬‬
‫" وهؤلء الناس ‪ ،‬يهّمشون التاريخ ‪ ،‬ويعيدونه مليون عام إلععى‬
‫الوراء ‪ ،‬في عصر الععذرة والفضععاء والعقعل المتفجعر ‪ ،‬يحكموننعا‬
‫بقوانين آلعهة البدو ‪ ،‬وتعاليم القرآن ‪ . .‬خعراء " ‪.‬‬
‫هكذا يذكر الكلمة خعراء !! وأنا أقولها مضععطرًا ‪ .‬وتععترّدد كلمععة‬
‫آلعهة كثيرا في كلمه ‪ ،‬فهو ل يؤمن بإلعه واحد ‪ ،‬بل آلعهة ‪.‬‬
‫* بعععد انتهععاء الخطبععة ‪ ،‬اتصععلنا بفضععيلة العلمععة د‪ .‬يوسععف‬
‫القرضاوي ‪ ،‬وسألناه عن مدى دخعول هعذا العمعل العروائي ‪ ،‬فعي‬
‫باب الكفر فأجاب ‪:‬‬
‫" إن بيان مجمععع البحععوث السععلمية ‪ ،‬بععالزهر الشععريف ‪ ،‬يععدل‬
‫على أن هذا من الكفر ‪ ،‬لنه خروج على ما هو معلوم مععن الععدين‬
‫بالضععرورة ‪ ،‬وانتهععاك للمقدسععات الدينيععة والشععرائع السععماوية ‪،‬‬
‫وهذا واضح لكل من قرأ الرواية ‪ ،‬لما فيه من ازدراء واستخفاف‬
‫باللوهية والقرآن والرسول والقيم الدينية كلها في مواضع شتى‬
‫‪ ،‬وأضاف ‪:‬‬
‫ونحن نقول ‪ :‬إن هذا العمل كفر ‪ ،‬بغض النظر عععن الشعععخاص ‪،‬‬
‫فمن قالعه واعيا متعمدا ذاكرا ‪ ،‬فهو كافر ‪ ،‬ورضي به وهععو يعلععم‬
‫هذا ‪ ،‬فهو كافر ‪ ،‬ومن كان يجهل بمععا فيععه ‪ ،‬ثععم ُأعلععم بمضععمونه‬
‫ورضيه ‪ ،‬فهو كافر ‪ ،‬هذا هو الحكععم الشععرعي ‪ ،‬أمععا الحكععم علععى‬
‫الشخاص ‪ ،‬فل ندخل فيه ‪ ،‬فهو يحتاج إلى تحقيق وقضاء " ‪.‬‬
‫مقتطفات من حاشية الملف ‪:‬‬
‫بقلم د‪ .‬محمد عباس ‪:‬‬
‫كانت صحيفة السبوع ‪ ،‬أول من تعّرض للموضوع ‪ ،‬تعرضت له‬
‫بهععدوء ‪ ،‬ولععو أن فعي أجهععزة وزارة الثقافععة ‪ ،‬مععن يععرى ويحععس‬
‫‪734‬‬
‫ويسمع ‪ ،‬لستدركوا المر ‪ ،‬ولدارْوا عورتهم ‪ ،‬وكان يمكن للمر‬
‫أن ينتهعععي باعتععذارهم ‪ ،‬واععععترافهم بالخطععأ ‪ ،‬لكعععن العع شعععاء‬
‫للمور ‪ ،‬أن تتخذ مجرى آخرا ‪ ،‬كي يفضحهم على الشهاد ‪ .‬لقععد‬
‫استنكروا علينا حدة أسلوبنا ‪ ،‬فماذا فعلوا عندما نشرت السععبوع‬
‫‪ ،‬يوم ‪28/2/2000‬م ‪ ،‬مقال صغيرا ‪ ،‬بقلم حسععن نععور ‪ ،‬يعععترض‬
‫فيه ‪ ،‬على قيام وزارة الثقافة بنشر الرواية …‬
‫لمدة شهر ونصف بعععد ذلععك ‪ ،‬لععم تتععدارك وزارة الثقافععة المععر ‪..‬‬
‫وبدأت الشعععب تنععاول القضععية ‪ ،‬يععوم ‪28/4/2000‬م ‪ ،‬بعععد بدايععة‬
‫النشر في السبوع ‪ ،‬بشهرين كاملين …‬
‫في البداية ‪ ،‬حاولت وزارة الثقافة ‪ ،‬التنصل من المععر كلععه‪ .‬وقععد‬
‫أوردت أخبععار الدب ‪ :‬العععدد ‪ 356‬ص ‪ 6‬ذلععك بالتفصععيل ‪ ،‬فععي‬
‫مقال وائل عبد الفتاح ‪ ،‬عن تصريح وزيععر الثقافععة المنشععور فععي‬
‫الهرام ‪ ،‬في ‪30/4/2000‬م ‪ ،‬وهو أن الهدف من اللجنة العلميععة‬
‫التي شكلها ‪ " ،‬التحقيععق فععي ظهععور طبعععة لبنانيععة ‪ ،‬مععن روايععة‬
‫وليمة لعشععاب البحععر للسععوري ‪ ،‬حيععدر حيععدر منسععوبة لععوزارة‬
‫الثقافععة "‪ ..‬ويسععتطرد الكععاتب أنععه يبععدو أن الععوزير وجععدها "‬
‫واسعة " ‪ ،‬فغير أقواله بعد ذلك ‪.‬‬
‫نفس الخبر نشرته بتفصيل أكثر ‪ ،‬صحيفة آفاق عربية ‪ ،‬في عدد‬
‫‪ 4‬مايو ص ‪ ، 11‬تحت عنععوان ‪ :‬وزارة الثقافععة تزعععم ‪ ،‬أن جهععة‬
‫مجهولة نشرت الرواية المجهولة ‪ ،‬ونسبتها إليها ‪.‬‬
‫كان التخبط هائل وشمل الجميععع ‪ ،‬فرئيععس الععوزراء علععى سععبيل‬
‫المثععال صععرح ‪ :‬لسععت أدرى كيععف؟! أنععه اسععتعان بخععبير أجنععبي‬
‫لمواجهة الزمة ‪ ،‬كما نشرت صععحيفة الوفععد ‪ ،‬و صععرح الععدكتور‬
‫أحمد فتحي سرور ‪ ،‬بأنه طلب تقريرا عاجل ‪ ،‬لتخاذ الجراءات‬
‫‪735‬‬
‫القانونيععة اللزمععة ‪ ،‬ومحاكمععة المؤلععف طبقععا للقععانون الععدولي ‪،‬‬
‫) أخبععار الدب ‪ 14‬مععايو ( ‪ ،‬كععانت المععة تغلععي بالغضععب ‪ ،‬وكععان‬
‫قلبها متمثل ‪ ،‬في طلبععة جامعععة الزهععر ‪ ،‬حيععث تظععاهر ‪ 25‬ألععف‬
‫طععالب ‪ ،‬وكععانت الدولععة مععترددة ‪ ،‬حععتى حسععمت أمرهععا بععإطلق‬
‫الرصاص ‪ ،‬على قلب المة ‪ ،‬على طلبة جامعة الزهععر ‪ .‬وأصععبح‬
‫من المستحيل مواصلة اسععتطلع الععرأي ‪ ،‬تحععت التهديععد بععإطلق‬
‫الرصاص مرة أخرى ‪ ،‬وبلغ النفععاق ببعععض التنععويريين ومععدعي‬
‫البععداع ‪ ،‬الععذين أجععازوا الجععتراء علععى ال ع ‪ ،‬أن وجهععوا اللععوم‬
‫لصععحيفة الشعععب ‪ ،‬ولحععزب العمععل ولشخصععي الضعععيف ‪ ،‬فنحععن‬
‫الذين حرضنا ‪ ،‬ونحن الذين أخرجنا الطلبة ‪ ،‬فتسععببنا فيمععا حععدث‬
‫لهم ‪ ،‬أكثر من مائة جريح ‪ ،‬منهم خمسة فقئت عيونهم ‪ .‬وجهععوا‬
‫اللوم لنا ‪ ،‬ولم يجرؤ منهم أحد ‪ ،‬على توجيه اللوم على المعالجة‬
‫المنية الخاطئة‪ ،‬ل تعقيب على المن ‪ ،‬وكأنه القدر ‪ ،‬بل أكثر من‬
‫القدر ‪ ،‬لننا في القدر نسأل ال اللطف فيه ‪ ،‬هم لم يسألوا أجهزة‬
‫المععن اللطععف ‪ ،‬وهععذه الواقعععة وحععدها ‪ ،‬كافيععة لفضععحهم تمامععا‬
‫ونهائيععا ‪ ،‬أمععام الجيععال وأمععام التاريععخ ‪ ،‬لكععن هععذه الفضععيحة ل‬
‫تنفجر ‪ ،‬ول تأتي بالتأثير المتوقع ‪ ،‬بسبب تهديععد جععاثم مسععتمر ‪،‬‬
‫بإمكانيععة إطلق الرصععاص فععي أي وقععت ‪ ،‬بعععد مععا حععدث لطلبععة‬
‫جامععععة الزهعععر ‪ ،‬خفتعععت أصعععوات معظعععم الغاضعععبين لعععدينهم ‪،‬‬
‫وارتفعت أصععوات الحيععدريين ‪ ،‬وأصععبح الكععذب مجانيععا ‪ ،‬خاصععة‬
‫عندما أقدمت السلطة ‪ ،‬على عقاب صحيفة الشعب ‪ ،‬التي دافعععت‬
‫عن المقدسات ‪ ،‬وأصبح الجععتراء علععى الععذات اللعععهية ‪ ،‬إبععداعا‬
‫وتقدما واستنارة ‪ ،‬وفي نفس الوقت ‪ ،‬أصبحت إدانة وزير ثقافععة‬
‫النظام الباقي ‪ ،‬في مكانه منذ أربعة عشر عاما ‪ ،‬رغم كل ما أثيععر‬
‫حععوله ‪ ،‬إرهابععا وظلميععة وتخلفععا ‪ ،‬ووقععف الععوزير الععذي قلععت‬
‫‪736‬‬
‫تناقضععات تصععريحاته ‪ ،‬بعععد أن اطمععأن إلععى تععدعيم الدولععة لععه ‪،‬‬
‫ليصععرح أن مصععر دولععة علمانيععة ‪ ،‬وارتفعععت أصععوات ‪ ،‬تنععادى‬
‫بإلغاء المادة الثانيعة فعي الدسعتور ‪ ،‬والعتي تنعص علعى إسعلمية‬
‫مصر ‪ ،‬ونشرت صحيفة الحياة اللندنية ‪ ،‬مقال لكععاتب ‪ ،‬ظععن أنععه‬
‫يفحم السلميين ‪ ،‬بقوله أنععه إذا كععان علينععا أن نحععترم الععتراث ‪،‬‬
‫فليس علينا أن نحترم التراث السلمي فقط ‪ ،‬بل علينا أن نعطععي‬
‫اهتماما مسعاويا ‪ ،‬لمصعر المسعيحية والفرعونيعة ‪ ،‬كعان السعلم‬
‫بالنسبة للمسكين تراثا ‪ ،‬مجرد تععراث‪ ،‬لععم يكععن دينععا ‪ ،‬ول مطلقععا‬
‫مععن المطلقععات ‪ ،‬وبععدا أن هععؤلء النععاس وأقرانهععم فععي مصععر ‪،‬‬
‫ينظععرون إلععى السععلم تمامععا ‪ ،‬كمععا ينظععر لععه المتعصععبون مععن‬
‫المستشرقين ‪ ،‬فالقرآن من تأليف محمد ‪ -‬صلى ال عليععه وسععلم‬
‫– أمععا هععو نفسععه فكععذاب – أسععتغفر العع العظيععم‪ -‬وأن أولئك‬
‫التنععويريين ‪ ،‬قععد ابتلععوا بمجموعععة مععن المتخلفيععن أمثالنععا ‪ ،‬ومععا‬
‫القابضون علععى الجمععر ‪ ،‬سععوى حععزب متخلععف ‪ ،‬ل يسععتحق مععن‬
‫الحترام ما يستحقه ‪ ،‬حععزب كحععزب المععة ‪ ،‬بععل ول الع نفسععه ‪،‬‬
‫يستحق من الدب في الحديث معه ‪ ،‬ما يستحقه الشيخ الصععباحي‬
‫‪ ،‬كععان أسععطورة قضععت عليهععا السععتنارة ‪ ،‬وبقععي المتخلفععون‬
‫يؤمنون به ‪ ،‬ولعل المؤمنين به ‪ ،‬يشفون من تخلفهععم ذات يععوم ‪.‬‬
‫وإنهم يحتملون تخلفنا ووجودنا ذاته على مضض ‪ ،‬فنحن ضعيف‬
‫ثقيل عليهم ‪ ،‬أل يضاعف من ثقله بأن يتكلم ‪ .‬نظر كلب جهنععم ‪،‬‬
‫إلى الدين ‪ ،‬كما لو كان مرضا ‪ ،‬كّلفهم الشيطان بالقضععاء عليععه ‪،‬‬
‫وبععدا لهععم ‪ ،‬أنهععم كلمععا أوشععكوا علععى إنجععاز مهمععة الشععيطان ‪،‬‬
‫واجهناهم نحن ‪ ،‬لنصيب المة بنكسة جديدة …‬
‫وانفجر اللم بصحيفة ) آفاق عربية ( ‪ ،‬فنشرت بمانشيت كععبير ‪،‬‬
‫أنها ل تستبعد ‪ ،‬أن ينجح التنويريون ‪ ،‬في استبدال المادة الثانية‬
‫‪737‬‬
‫في الدستور ‪ ،‬لكي يصععبح حيععدر حيععدر ‪ ،‬هععو المصععدر الرئيسععي‬
‫للتشريع … !! …‬
‫ي قضععية تبععدأ محكمععة‬ ‫بععدل مععن التوبععة والعتععذار ‪ ..‬رفعععوا عل ع ّ‬
‫جنايات جنوب القاهرة نظرها يوم ‪16/9/2000‬م …‬
‫مذيعة للبرامج الدينية في التليفزيون المصري ‪ ،‬وفي كتابها ) ل‬
‫يععا زمععري ( ‪ ،‬نشععرت مععا ل يصععدقه عقععل ‪ ،‬مععن الجععتراء علععى‬
‫الععدين ‪ ،‬ورفععض المسععؤولين اسععتمرار أي برنامععج ناجععح ‪ ،‬أو‬
‫استضافة أي شخصية دينية لها شععبية ‪ ،‬فالشعيخ محمعد الغعزاي‬
‫والدكتور يوسف القرضاوي ‪ ،‬على سبيل المثععال إرهابيععان ‪ ،‬أمععا‬
‫عندما حاولت ‪ ،‬تغطية أداء بعض كبععار المسععؤولين وزوجععاتهم ‪،‬‬
‫لداء العمععرة ‪ ،‬فقععد رفععض التليفزيععون ذلععك ‪ ،‬حععتى مععع السععيدة‬
‫سععوزان مبععارك ‪ ،‬وكععانت حجتهععم ‪ ،‬أنععه ل داعععي لربععط كبععار‬
‫المسؤولين بالدين ‪ ،‬بأي شكل ‪ ،‬وأنهعم يطبقععون تعليمعات ‪ ،‬تععأتي‬
‫من فوق بمحاصرة البرامج الدينية ‪ ،‬وتصرخ كاريمان حمزة فععي‬
‫النهايععة ‪ ،‬أنهععا تنععزه وزيععر العلم ‪ ،‬ورئيععس الععوزراء ورئيععس‬
‫الجمهورية ‪ ،‬أن يكونوا مصدر هذه التعليمات ‪ ،‬ولكنها في نفععس‬
‫الععوقت ‪ ،‬تؤكععد أن هععذه التعليمععات ‪ ،‬الععتي تععأتي " مععن فععوق "‬
‫حقيقية ‪ ،‬لكن هذا الفوق ل يوجد داخل مصر ‪ ،‬إنما خارجها ‪ .‬في‬
‫أحععد برامجهععا ‪ ،‬كععانت تعععد موضععوعا ‪ ،‬عععن العشععرة المبشععرين‬
‫بالجنعععة ‪ ،‬واحتعععج المسعععؤول الكعععبير علعععى اقتصعععارها ‪ ،‬علعععى‬
‫شخصيات من عهد الرسول ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وطلب منها‬
‫أن تختار جزءا منهم ‪ ،‬وأن تكملهم بالمعاصرين ‪ ) ،‬مثععل عععاطف‬
‫صدقي ( ‪ ،‬لم تكن طرفة ‪ ،‬ول مأساة جاهل ‪ ،‬بل كارثة أمة ‪...‬‬
‫صرح وزير الثقافة أنه لن يستقيل طول عهد الرئيس مبارك …‬
‫‪738‬‬
‫أما صحافته ) وزيععر الثقافععة ( ‪ ،‬خاصعة القععاهرة وأخبععار الدب ‪،‬‬
‫فقد بلغ بها ‪ ،‬أن اتهمت الزهر ‪ ،‬بأنه ينصععب مععن نفسععه محكمععة‬
‫من محاكم التفتيش ‪ ،‬وأنه ل علقة له بالدب ‪ ،‬ول حععق لععه ‪ ،‬أن‬
‫يحكم فيما هو خارج الدين ‪ ،‬بل وشععبهت هععذه الصععحف ‪ ،‬رئيععس‬
‫جامعة الزهر بالنازيين ‪...‬‬
‫يلخص مأساوية الوضع كله ‪ ،‬ما قاله الدكتور أحمد عمر هاشم ‪،‬‬
‫في حديث نشرته مجلة المصور ‪ ،‬الصععادرة فععي ‪25/5/2000‬م ‪،‬‬
‫من أنه كرئيس للجنة الدينية ‪ ،‬في مجلس الشعب ‪ُ ،‬مِنع من إلقاء‬
‫بيان ‪ُ ،‬يدافع فيه عععن الع والقععرآن والرسععول ‪ ،‬صععلى الع عليععه‬
‫سمح لفاروق حسني ‪ ،‬أن يلقي بيانه ‪ ،‬الععذي ُيععدافع‬ ‫وسلم ‪ ،‬بينما ُ‬
‫فيععه ‪ ،‬عمععن يسععبون ال ع والقععرآن والرسععول ‪ ،‬صععلى ال ع عليععه‬
‫وسلم ‪ ،‬وراح الرجل يردد في ألم ‪ :‬حسبنا ال ونعم الوكيل ‪...‬‬
‫كان موقف شيوخ الزهر وطلبتععه رائعععا ‪ ،‬فقععد أصععدر ‪ 70‬عالمععا‬
‫أزهريعععا بيانعععا ‪ ،‬يطعععالبون فيعععه بوقعععف جعععرائم وزارة الثقافعععة ‪،‬‬
‫وتطهيرهععا ممععن أسععاءوا إلععى الععدين والععوطن ‪ ،‬كمععا دعععا البيععان‬
‫الرئيععس مبععارك ‪ ،‬إلععى رفععع الحصععار عععن الععدعاة المخلصععين ‪.‬‬
‫وأوضح البيان أن وزارة الثقافة ‪ ،‬قععد دأبععت منععذ سععنوات ‪ ،‬علععى‬
‫إصدار مطبوعات ‪ ،‬استهدفت أخص خصائص المة ‪ ،‬في العقععائد‬
‫والخلق والسععيرة النبويععة ‪ .‬ونععدد البيععان بسععيطرة الماركسععيين‬
‫والشيوعيين ‪ ،‬على أبععواب الثقافععة ‪ ،‬مؤكععدين أن لهععا رموزهععا ‪،‬‬
‫معععن اللعععوان الخعععرى ‪ ،‬ذات النتمعععاء إلعععى الثقافعععة العربيعععة‬
‫والسععلمية ‪ ،‬الرافضععة لرتععداء عبععاءة الخععر ‪ ،‬والععذوبان فععي‬
‫بضاعته ‪ .‬إن تسليم إدارة دفة الثقافة ‪ ،‬لرموز تغريبية أمععر غيععر‬
‫معقول ‪ ،‬ول مقبول ‪ ،‬وهو ل يمكن أن يصب في صععالح الععوطن ‪،‬‬
‫في الدول التي تحعترم شععوبها وثقافتهعا ‪ ،‬يكعون القععائمون علعى‬
‫‪739‬‬
‫الشأن الثقافي ‪ ،‬من أكععثر المععؤمنين بثقافععة أمتهععم وحضععارتهم ‪،‬‬
‫أما في بعض دولنا العربية والسلمية ‪ ،‬فيؤتى بأعتى المتغربين‬
‫وُيسّلمون تلك المواقع ‪...‬‬
‫بمجهععود فععردي ‪ ،‬أحصععيت حععوالي ‪ 700‬مقععال ‪ ،‬فععي الصععحف‬
‫المصرية ‪ ،‬خلل شهر واحد ‪ ،‬ومثلها تقريبا في الصحف العربية‬
‫‪ ،‬كان ‪ %75‬تقريبا ‪ ،‬من هذه المقالت ‪ ،‬يصب في اتجاه السلطة‬
‫‪ ،‬التي حددت اتجاهها مع أدعياء التنوير ‪ .‬المر قد يبدو محزنا ‪،‬‬
‫لكننا من وجهة نظر أخععرى ‪ ،‬نسععتطيع القععول أن نسععبة ‪%25‬ع ‪،‬‬
‫انتصرت لربها ولععدينها وللحععق ‪ ،‬فععي هععذا الخضععم مععن الرهععاب‬
‫والبطش وتزييف الوعي ‪ ،‬هي نسبة مرتفعة ومبشرة ‪...‬‬
‫بدأت المظاهرات في الزهر ‪ ،‬مساء الحد ‪7/5/2000‬م ‪ ،‬اشترك‬
‫فيها ‪ 25000‬طالب ‪ ،‬وأطلق المن الرصاص على الطلب ‪ ،‬كععان‬
‫القناصة ‪ ،‬يصععطادونهم داخععل الحجععرات فععي المدينععة الجامعيععة ‪،‬‬
‫وكانت رسائل البريد الليكععتروني مععن الطلب ‪ ،‬أقسععى علععى مععن‬
‫ذوب الرصععاص المنصععهر ‪ ،‬فكتبععت هععذا النععداء إلععى الرئيععس‬
‫ونشرته صحيفة الشعب …‬
‫نداء ورجاء إلى سيادة الرئيس ‪..‬‬
‫أستحلفك بحق خالقك عليععك ‪ ..‬أسععتحلفك بمععن اسععترعاك علينععا ‪،‬‬
‫وجعععل رعيتععك أمانععة فععي عنقععك ‪ ..‬أسععتحلفك بحععق القععرآن ‪..‬‬
‫أستحلفك بحق رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬أسععتحلفك ‪ ..‬أن‬
‫تصدر أوامرك الشخصععية ‪ ،‬بمنععع أي تعععذيب عععن أبنائنععا ‪ ،‬طلبععة‬
‫وطالبات جامعة الزهر ‪ ..‬وأن توصي بهم خيععرا ‪ ،‬تمامععا كمععا لععو‬
‫كانوا أبنععاءك ‪ ،‬فهععم أبنععاؤك ‪ ..‬وهععم رعيتععك ‪ ،‬الععذين يسععألك الع‬
‫عنهم يوم القيامة ‪...‬‬
‫‪740‬‬
‫تعععرض الععدكتور أحمععد عمععر هاشععم ‪ ،‬لهانععات بالغععة بسععبب‬
‫تصريحاته عن الرواية الكافرة ‪ .‬ونشرت بعض الصحف أخبارا ‪،‬‬
‫عععن اسععتبعاده مععن عضععوية مجلععس الشعععب ‪ ،‬وعععن فصععله مععن‬
‫منصبه ‪ ،‬كرئيس لجامعة الزهر ‪.‬‬
‫من أعجب مععا حععدث ‪ ،‬كععانت الزمععة ‪ ،‬فععي الظععاهر ‪ ،‬تتكععون مععن‬
‫شقين ‪ ،‬شق مع الدولة ‪ ،‬وشق مع أدعياء التنوير ‪ ،‬لععذلك عنععدما‬
‫بدأت التهديدات بقتلي ‪ ،‬تصععلني عععبر الهععاتف ‪ ،‬عجبععت … كععان‬
‫معدل المكالمات ‪ ،‬يصل إلى خمس أو ست ‪ ،‬مكالمات في اليععوم ‪،‬‬
‫بعد البلغ عنها ‪ ،‬لم يتكرر التهديد ولو لمرة واحدة ‪.‬‬
‫كان موقف التلفزيون المصري غريبا ‪ ،‬والحععق أنعه طلععب منعي ‪،‬‬
‫أن أسجل معه ‪ ،‬لكنني كنت قد لدغت من صحافة بلدي ‪ ،‬التي لم‬
‫تععرع إل ول ذمععة ‪ ،‬فاعتععذرت ‪ ،‬لكععن غيععري لععم يعتععذر ‪ ،‬وأذاع‬
‫التليفزيون الحلقات ‪ ،‬التي تؤيد الحيدريين ‪ ،‬ومنع إذاعة الحلقات‬
‫‪ ،‬التي تنتصر للدين ‪.‬‬
‫في مواجهة على قناة الجزيرة الفضائية ‪ ،‬في يوم ‪7/8/2000‬م ‪،‬‬
‫كان حيدر حيدر ‪ ،‬يتكلم في برنامعج التجعاه المععاكس ‪ ،‬كعان هعو‬
‫شخصععيا ‪ ،‬ل أبطععال الروايععة المتخيليععن ول المؤلععف ‪ ،‬بععل هععو‬
‫بشحمه ولحمه ‪ ،‬وكان يكّرر ‪ :‬نعم ‪ ،‬كان للرسول خليلت ‪ ،‬وكان‬
‫يتزوج زواج متعة …!!‬
‫بعد إغلق صحيفة الشعب ‪ ،‬اطمأن الذين في قلوبهم مرض ‪ ،‬أننا‬
‫لن نستطيع الرد عليهم ‪ ،‬فتضععاعفت مسععاحات مععا ينشععرونه مععن‬
‫كذب ‪ ،‬وتشويه وقلب للحقائق ‪ ،‬وكان يجععب علععى أن أبحععث عععن‬
‫طريقععة للععرد ‪ .‬لكععن الصععحف المتوازنععة كالوفععد ‪ ،‬اعتععذرت ‪،‬‬
‫والصحف السلمية اعتذرت أيضا ‪ ،‬بعد أن رأت أن الدولععة ‪ ،‬قععد‬
‫‪741‬‬
‫كشرت عن أنيابها ‪ ،‬ويمكععن أن تغلععق صععحف التجععاه السععلمي‬
‫جميعا … انتهى القتباس ‪.‬‬

‫‪742‬‬
‫مصر الفساد والفساد‬
‫كانت مصر قد اضطلعت ‪ ،‬منذ استقللها السياسي ‪ ،‬بدور ريععادي‬
‫فععي الفسععاد والفسععاد ‪ ،‬والضععرار بالسععلم والمسععلمين ‪ ،‬علععى‬
‫مستوى العالمين العربي والسلمي ‪ ،‬والذي تمّثل فععي كععثير مععن‬
‫المجالت ‪ ،‬ونذكر منها على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪ .1‬التخلعععي ععععن الحضعععارة السعععلمية وتراثهعععا وقيمهعععا ‪،‬‬
‫والعتزاز بالنتساب إلععى حضععارة الفراعنعة ‪ ،‬الععذين ظلمععوا‬
‫أنفسهم ‪ ،‬فأخذهم ال بذنوبهم ‪ ،‬وتقديس آثارهم وأوثععانهم ‪،‬‬
‫التي ما تركها ال إل عظة وعبرة ‪ .‬فهععا هععم ينفقععون نصععف‬
‫مليون دولر ‪ ،‬تحت سفوح الهرامات ‪ ،‬على حفلت غنائية‬
‫غربية حتى الصعباح ‪ ،‬بمناسعبة حلععول عععام ألفيععن ميلدي ‪،‬‬
‫فععي شععهر رمضععان ‪ ،‬الععذي أنععزل فيععه القعرآن ‪ ،‬حيععث قععامت‬
‫الحكومة المصععرية مشععكورة ‪ ،‬بحظععر شععرب الخمععور أثنععاء‬
‫الحفل ‪ ،‬إكراما لحرمة الشهر الفضيل ‪ .‬ويأبى عالم الكيميععاء‬
‫المصععري ‪ ،‬إل أن يتسععّلم جععائزة نوبععل ‪ ،‬تحععت سععفوحها ‪،‬‬
‫تعظيما منه لها ولبناتها ‪ ،‬واعتزازا بالنتماء لهم ‪.‬‬
‫‪ .2‬نشر رذائل الخلق ‪ ،‬وتعميمها كنموذج ُيحتذى بين أبنععاء‬
‫المععة السععلمية ‪ ،‬مععن خلل السععينما والمسععرح والغنععاء ‪،‬‬
‫بالضافة إلى تشويه صور أولياء ال ‪ ،‬مععن الرسععل والئمععة‬
‫والعلمععاء ‪ ،‬فععي أفلمهععم ومسلسععلتهم وبرامجهععم الدينيععة ‪،‬‬
‫لتجد ممثل يزني ويشرب الخمر ‪ ،‬في فيلععم ‪ ،‬ومععن ثععم تجععده‬
‫في أحد البرامج الدينية ‪ ،‬يدعوا ويبتهل إلععى ال ع ‪ ،‬متوشععحا‬
‫ثععوب العفععاف والتقععى ‪ ،‬ممتهنععا قدسععية الععدين وشعععائره ‪،‬‬
‫بالضععافة إلععى مععا يطرحععونه فععي أفلمهععم ومسلسععلتهم‬
‫‪743‬‬
‫وأغععانيهم ‪ ،‬مععن أفكععار ُيعّلمونهععا لبنائنععا وبناتنععا ‪ ،‬تعجععز‬
‫الشياطين عن التيان بمثلها ؛ فتكلفععة إعععادة غشععاء البكععارة‬
‫إلععى طععبيعته ‪ ،‬كمععا أخععبرني أحععدهم ممععن شععاهد أحععد الفلم‬
‫المصععرية ‪ ،‬وعلععى لسععان إحععدى بغايععا مصععر ‪ ،‬فععي الفيلععم ‪،‬‬
‫داعيععة أخععرى لممارسععة الرذيلععة مثلهععا ‪ ،‬ل تتجععاوز المععائة‬
‫والخمسعععين جنيهعععا ‪ " ،‬وكعععل شعععيء يرجععع زي الول " ‪،‬‬
‫ل…)‬ ‫ق ا ِّ‬
‫خْل َ‬
‫ن َ‬
‫لُمَرّنُهْم َفَلُيَغّيُر ّ‬
‫مصداقا لقول إبليس ) … َو َ‬
‫‪ 119‬النساء ( ‪ ،‬لتتسععاوى البغععي فععي الحصععانة ‪ ،‬مععع مريععم‬
‫ابنععة عمعران ‪ ،‬وشعتان معا بيععن العثرى والثريععا ‪ ،‬وهعذا ممععا‬
‫ُتعّلمه السينما المصرية ‪ ،‬لفتيات أمة محمععد ‪ ،‬عليععه الصععلة‬
‫والسلم ‪.‬‬
‫‪ .3‬تمجيععد وتقععديس سععفلة النععاس ‪ ،‬مععن الممثليععن والممثلت‬
‫والمطربيعععن والمطربعععات ‪ ،‬وإقامعععة الصعععنام والوثعععان ‪،‬‬
‫وزرعهعععا فعععي الميعععادين العامعععة ‪ ،‬وإن لعععم تصعععّدق بعععأنهم‬
‫جدونها وُيقّدسونها ‪ ،‬فحععاول أن تشععتم أحععد عمالقععة الفععن‬ ‫ُيم ّ‬
‫العربي ‪ ،‬في حضور أحد المصريين ‪.‬‬
‫‪ .4‬تأليه وعبادة أصحاب المال والسلطة من البشر ‪ ،‬كما عبد‬
‫المصريون القدماء ‪ ،‬ربهم العلى فرعون ‪.‬‬
‫‪ .5‬موالة أعداء ال ورسوله معن اليهعود والنصععارى ‪ ،‬وبيعع‬
‫قضايا المة العربية والسلمية المصيرية ‪ ،‬لقاء حفنععة مععن‬
‫الدولرات المريكية ‪.‬‬
‫‪ .6‬محاربععة تعععاليم السععلم ورمععوزه ‪ ،‬فععي السععّر والعلععن ‪،‬‬
‫والعمل على محو أثارها من نفوس الناس ‪.‬‬

‫‪744‬‬
‫عرضت في ملف الجريمة ‪ ،‬لما كان يجري في مصر‬ ‫الصور التي ُ‬
‫‪ ،‬من حععرب شعععواء مبرمجععة ‪ ،‬شعّنها الفراعنععة الجععدد علععى الع‬
‫ورسوله ‪ ،‬منععذ سععنوات ‪ ،‬رسعمتها ريشعة فنععان مبععدع معن أبنععاء‬
‫مصر ‪ ،‬ل من غيرها ‪ .‬أشهد ال على أن قومه أصبحوا مجرميععن‬
‫‪ ،‬بل وفععاقوا الفراعنععة القععدماء فععي إجرامهععم ‪ ،‬وكععأنه أعععذر الع‬
‫سبحانه وتعععالى ‪ ،‬فععي إنععزال العععذاب ببنععي جلععدته ‪ ،‬مععن حيععث ل‬
‫يدري ‪ ،‬وهذه المر ُيذّكرني بقصة النبي ارميا ‪ ،‬عندما أعذر ربععه‬
‫في عذاب قومه ‪ ،‬بني إسرائيل فععي المععرة الولععى ‪ .‬الععتي أوردهععا‬
‫الطبري ‪ ،‬في تفسيره ج ‪ 3‬ص ) ‪ ، ( 33 – 32‬وهي قصة جميلة‬
‫‪ُ ،‬تبين بعضا من الحكمة اللهية في تصريف المععور ‪ .‬وكمععا قععال‬
‫سعععُفوَنا اْنَتَقْمَنعععا مِْنُهعععمْ‬
‫رب الععععزة فعععي قعععوم فرععععون ) َفَلّمعععا َءا َ‬
‫خِري عنَ )‪56‬‬ ‫لِ‬‫ل ِل ْ‬ ‫س عَلًفا َوَمَث ً‬
‫جَعْلَنععاُهْم َ‬
‫ن )‪َ (55‬ف َ‬
‫جَمِعي ع َ‬
‫غَرْقَنععاُهْم َأ ْ‬
‫َفَأ ْ‬
‫الزخرف (‬
‫حيث يؤكد د‪ .‬محمد عباس ‪ ،‬وبيان شيوخ وطلبة الزهر ‪ ،‬الوارد‬
‫ذكره في الحاشية ‪ ،‬أن هناك مخطط ‪ ،‬تنتهجه الحكومة المصععرية‬
‫‪ ،‬منذ سنوات ‪ ،‬لتدمير معالم السلم ورموزه ‪ ،‬معلما تلو الخر ‪.‬‬
‫واستنادا لبيان علي أبو شادي ‪ ،‬رئيععس مجلععس الهيئة المشععرفة‬
‫علععى النشععر ‪ ،‬والععذي يقععول ‪ " :‬بععأن الروايععة ) وليمععة لعشععاب‬
‫البحر ( صععدرت فععي منتصععف نوفمععبر " ‪ ،‬أي ‪15/11/1999‬م ‪،‬‬
‫ش النحععس‬ ‫نسععتطيع القععول أن هععذه الروايععة المشععؤومة ) أو و ّ‬
‫الحقيقي ( ‪ ،‬علعى القععل ‪ ،‬كعانت فعي مخعازن دار النشعر ‪ ،‬عنععدما‬
‫ي الدخان سكان القاهرة ‪ ،‬في الفترة الواقعة بين ] ‪– 20/10‬‬ ‫غش َ‬
‫‪1999[ 30/10‬م ‪ .‬ليأتي التحذير والنععذير اللهععي ‪ ،‬قبععل نشععرها‬
‫وتوزيعها بين الناس مجانا ‪ ،‬من قبل الحكومة المصععرية ‪ .‬لكنهععم‬
‫نشععروها ‪ ،‬ونشععروا كتابععا آخععر ‪ ،‬كتابععات نقديععة ‪ ،‬العععدد ‪، 97‬‬
‫‪745‬‬
‫ديسمبر ‪1999‬م ‪ ،‬بعنوان ‪ :‬شعر الحداثة فععي مصععر ‪ ،‬بعععد شععهر‬
‫واحد من نشر الكتاب الول ‪ ،‬بعد أن كشععف ال ع الععدخان عنهععم ‪،‬‬
‫واستمروا في النشر ‪.‬‬
‫بعد هذا العرض ‪ ،‬نكون قد عايشنا علععى التععوالي ‪ ،‬مشععهدين مععن‬
‫المشععاهد الععتي تعرضععها اليععات ‪ ،‬همععا الشععك واللعععب ‪ ،‬وظهععور‬
‫الدخان في مصر ‪ ،‬والن إلى المشهد الثععالث ‪ ،‬عنععدما ُيتهععم خيععر‬
‫النام ‪ ،‬عليه الصلة والسععلم ‪ ،‬بععالتعّلم والجنععون والسععحر ‪ ،‬فععي‬
‫كتاب ) فترة التكوين في حياة الصادق المين ( ‪ ،‬الذي صععدر فععي‬
‫النصف الول ‪ ،‬من العام الحععالي ‪2001‬م ‪ ،‬وهععو الكتععاب السععابع‬
‫للمجرم ‪ ،‬خليل عبد الكريم ‪.‬‬
‫قال تعالى‬
‫قوا‬ ‫حّتى ي َُل ُ‬ ‫عُبوا ‪َ ،‬‬ ‫وي َل ْ َ‬‫ضوا َ‬ ‫خو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ه ْ‬‫فذَْر ُ‬‫) َ‬
‫ن )‪(83‬‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬‫ذي ُيو َ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫ه ُ‬
‫م ُ‬‫و َ‬‫يَ ْ‬
‫) الزخرف (‬
‫وقال‬
‫ه‬
‫في ِ‬‫ذي ِ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫ه ُ‬
‫م ُ‬‫و َ‬‫قوا ي َ ْ‬ ‫حّتى ي َُل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫فذَْر ُ‬‫) َ‬
‫ن )‪(45‬‬ ‫قو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ص َ‬‫يُ ْ‬
‫) الطور (‬

‫‪746‬‬
‫معّلم مجنون‬ ‫ثم تولوا عنه وقالوا ُ‬
‫ملف خليل عبد الكريم‬
‫في هذا الملف يجد القارئ ‪ ،‬جزءا يسيرا من التغطية العلمية ‪،‬‬
‫الععتي نشععرت مععؤخرا ‪ ،‬عععن خليععل عبععد الكريععم وكتععابه ‪ .‬ومنهععا‬
‫صحيفة القععدس العربععي ‪ ،‬والهععرام القتصععادي وصععحيفة أخبععار‬
‫الدب ‪ ،‬والخيرة كرست نفسععها ‪ ،‬للععدفاع عععن كععل اجععتراء علععى‬
‫الععذات اللهيععة ‪ ،‬ويبععدو أنهععا ذهبععت فععي ذلععك ‪ ،‬إلععى أبعععد ممععا‬
‫نتصور ‪ ،‬ويكفي دليل على ذلك ‪ ،‬أن محاميها في قضايا الععرأي ‪،‬‬
‫هععو فريععد الععديب ‪ ..‬محععامي الجاسععوس السععرائيلي عععزام عععزام‬
‫وسعد الدين إبراهيم ‪ ..‬كما أنه محامي الشواذ عبدة الشيطان ‪..‬‬
‫نعم ‪..‬‬
‫جاسوسية ‪ ..‬وخيانة ‪ ..‬وشذوذ ‪..‬‬
‫فذلك هو الوجه الخر ‪ ،‬للدفاع عن الكفر ‪..‬‬
‫السلم الشيوعي‬
‫سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري‬
‫خليل عبد الكريم‬
‫موقع المقال على شبكة النترنت ‪:‬‬
‫‪http://www.lailatalqadr.com/stories/p6260501.‬‬
‫‪shtml‬‬
‫‪http://www.alshaab.com/GIF/31-08-‬‬ ‫‪:‬‬ ‫أو‬
‫‪2001/Khalil%20Abd%20Alkareem.htm‬‬
‫بقلم بدر الشبيب ‪:‬‬
‫‪747‬‬
‫" خليل عبد الكريم ‪ ،‬كاتب يساري أو شيوعي أو تقعدمي ‪ ،‬يكتعب‬
‫في السععلم ‪ ..‬ول بععأس أن يكتععب ‪ ،‬كععائن مععن كععان ‪ ،‬عععن الععدين‬
‫الحنيف ‪ ،‬ولكن السؤال هو ‪ :‬ماذا يكتب ؟‬
‫وقد كان خليل عبد الكريم ‪ ،‬عضًوا في جماعة الخوان المسلمين‬
‫‪ ،‬منذ سنوات طويلة خلت ‪ ،‬ولكنه ترك موقعه هذا ‪ ،‬وتح عّول مععن‬
‫أقصى اليمين ‪ ،‬إلى أقصععى اليسععار ‪ ،‬فأصععبح عض عًوا فععي اللجنععة‬
‫المركزيععة ‪ ،‬لحععزب التجمععع الععوطني التقععدمي الوحععدوي ‪ ،‬وهععو‬
‫حزب يساري يقول عنه السلميون ‪ :‬إنه حزب شيوعي ‪.‬‬
‫ومنذ عشر سنوات أو أكثر ‪ ،‬يثير خليل عبععد الكريععم عاصععفة فععي‬
‫مصر وخارجها ‪ ،‬بكتبه التي يضعها عن السلم ‪ ..‬وتتعرض هذه‬
‫الكتب ‪ ،‬للمنععع والمصععادرة والهجععوم العنيععف ‪ ،‬ومععع هععذا ‪ ،‬فععإن‬
‫الرجععل لععم يتوقععف عععن الكتابععة ‪ ،‬ولععم يتوقععف عععن تغييععر خطععه‬
‫الفكععري ‪ ،‬الععذي يصععدم الجميععع ‪ .‬ورغععم أن عععدًدا مععن أسععاتذة‬
‫الجامعات الكبار ‪ ،‬قد حعاولوا كشعف معا فعي دراسععاته هعذه ‪ ،‬معن‬
‫زيف وافتراءات على السلم ‪ ،‬إل أن شيًئا ‪ ،‬ل يمنععع الرجععل مععن‬
‫الستمرار ‪ ،‬بل إنه يزداد غلًوا ‪ ،‬مع كل كتاب جديد ‪ ،‬غيععر عععابئ‬
‫بما تثيره كتبه ‪ ،‬من رفض عنيف ‪.‬‬
‫ويستخدم خليل عبد الكريم ‪ ،‬لغة جارحععة فععي كتبععه ‪ ،‬كمععا يطععرح‬
‫آراء وأفكار ‪ ،‬ل يمكن أن توصف ‪ ،‬إل بأنها خروج علععى الملععة ‪،‬‬
‫وعلى رأي الجماعة ‪ ،‬وعلى رأي الجمهور ‪.‬‬
‫وهو ينطلععق فععي هععذا مععن مقولععة ‪ :‬إننععا يجععب أن نتمتععع بععالجرأة‬
‫العقلية ‪ ،‬وأن نطرح كععل الفكععار وكععل الشخصععيات ‪ ،‬علععى مععائدة‬
‫التشريح العقلي الموضوعي ‪ ،‬البعيد عن الهععوى ‪ ،‬وعععن الفكععار‬
‫الجاهزة ‪ ،‬التي يكتب بها المؤرخعون والدارسعون للسعلم ‪ ،‬ععن‬
‫‪748‬‬
‫الدعوة والرسالة وسيدنا محمد ‪ ..‬يقععول خليععل عبععد الكريععم ‪ ،‬فععي‬
‫صدر كتاب أخير لععه ‪ " ..‬وآمععل ‪ -‬وهععذا أمععر متوقععع ‪ -‬أل يسععيء‬
‫البعض ‪ ،‬فهم هذه الدراسععة ‪ ،‬علععى نحععو لععم يععرد علععى خاطرنععا ‪،‬‬
‫وكنا قد طالبنا بضرورة كتابععة التاريععخ السععلمي ‪ ،‬كتابععة علميععة‬
‫موضوعية بداية بالحبيب المصطفى ‪ ،‬وكّررنا أن الكتابة بطريقععة‬
‫مغععايرة للكتابععات التقليديععة ‪ ،‬يتعيععن أن تقابععل ‪ ،‬بععأفق رحيععب‬
‫وعقلنية بعيدة عن التشنج ‪ ،‬ونذكر هععؤلء بععأن الميععن نفسععه ‪،‬‬
‫أكد أن من اجتهد واخطععأ فلععه أجععر ‪ ،‬ونحععن نأمععل فععي أن نحظععى‬
‫بالجرين ‪ ..‬أجر الجتهاد ‪ ،‬وأجر الصابة "‪.‬‬
‫وفى ظل ما يدعيه من جرأة عقلية ‪ ،‬على هذا النحو ‪ ،‬فععإن خليععل‬
‫ل فععي‬ ‫عبد الكريم ‪ ،‬يمضي في هذه الكتابات ‪ ،‬التي ل نجد لها مثي ً‬
‫تاريععخ السععلم ‪ .‬ونحععن ل نععدعو بععالطبع ‪ ،‬إلععى مصععادرة هععذه‬
‫الكتب ‪ ،‬أو الحجر على حرية الرجل ‪ ،‬ولكننا ندعو المتخصصععين‬
‫وعلماء الدين وشيوخ المة ‪ ،‬إلى مناقشة أفكار الرجل ‪ ،‬ودحض‬
‫ما فيها من شععبهات ‪ ،‬بشععكل علمععي هععادئ بعيعًدا ‪ ،‬عععن الععترويع‬
‫والتخويف والرهاب الفكري ‪.‬‬
‫وهناك الن ‪ ،‬ما ل يقل عن سععبعة كتععب هامععة ‪ ،‬أصععدرها الرجععل‬
‫في السنوات الخيرة ‪ ،‬وهي تستحق المناقشة والتحليل ‪ ،‬لعرض‬
‫ما فيها من آراء والرد عليها ‪.‬‬
‫ولسنا هنا بالطبع ‪ ،‬في معرض تحليل هععذه الكتععب أو مناقشععتها ‪،‬‬
‫فليس هنا ‪ ،‬ول الن ‪ ،‬يتم هذا المر ‪ ،‬ولكننا قد نكتفي بععالتعريف‬
‫عا فكرًيععا ‪ ،‬لهععذا‬
‫صععا أنهععا تك عّون الن مشععرو ً‬
‫السريع بها ‪ ،‬خصو ً‬
‫الرجل ‪ .‬والكتب السبعة التي سنعرض لها هنا ‪ ،‬هي ‪:‬‬

‫‪749‬‬
‫أول ً ‪ :‬كتاب ) للشريعة ل لتطبيق الحكم ( ‪:‬‬
‫وهذا الكتععاب يقععوم علععى فكععرة واحععدة أساسععية ‪ ،‬هععي أن تطععبيق‬
‫حا فععي هععذا العصععر ‪ ،‬لن هععذا‬ ‫الشريعة السععلمية ‪ ،‬لععم يعععد صععال ً‬
‫التطبيق سوف يجر علينا ‪ ،‬من المشاكل مععا ل حصععر لهععا ‪ .‬ومععع‬
‫أن السلم ‪ ،‬وكما جاء فععي القععرآن العظيععم ‪ ،‬هععو الععدين الخالععد ‪،‬‬
‫الذي يصلح للبشر كافة ‪ ،‬ويصعلح فعي كعل زمعان ومكعان ‪ ،‬إل أن‬
‫خليععل عبععد الكريععم ‪ ،‬لععه رأي آخععر ‪ ،‬فهععو يقععول بععالحرف ‪ " :‬إن‬
‫ضععا تشععريعات وعقوبععات‬ ‫السلم ليس عبععادات فقععط ‪ ،‬بععل هععو أي ً‬
‫ونظام سياسي " ‪ ،‬وهنا الخطورة من وجهة نظععره ‪ ،‬إذ يععرى أن‬
‫تطبيق الشريعة ‪ ،‬سوف يؤدي بنععا إلععى أضععرار ‪ ،‬تفععوق بمراحععل‬
‫الضرار ‪ ،‬التي تترتب على إهمالنععا لتطبيقهععا ‪ .‬وتلععك هععي دعععوة‬
‫العلمانيين واللدينيين ‪ ،‬الععذين يفضععلون القععانون الوضعععي علععى‬
‫الشريعة السلمية ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬كتنناب ) الجننذور التاريخيننة للشننريعة‬
‫السلمية ( ‪:‬‬
‫ل للكتععاب الول ‪ ،‬إذ أنععه‬ ‫وهععذا الكتععاب ‪ ،‬يعتععبر اسععتكماًل وتأصععي ً‬
‫ينطلععق مععن نفععس الفكععرة ‪ ،‬الععتي ترفععض الشععريعة السععلمية ‪،‬‬
‫وترفععض تطبيقهععا ‪ ،‬وهنععا يقععول خليععل عبععد الكريععم ‪ " :‬إن هععذه‬
‫الشريعة التي ينادون بها ‪ ،‬هي مجرد تعععاليم ‪ ،‬كععان يقععول ويأخععذ‬
‫بها عرب الجاهلية ‪ ،‬ثم جاء محمد ‪ ،‬فأخذ هذه التعععاليم ‪ ،‬وأعمععل‬
‫فيها عقله وفكره ‪ ،‬حتى بدت وأنهععا شععيء جديععد " ‪ .‬ولهععذا فععإن‬
‫السؤال الذي يطرحه خليععل عبععد الكريععم ‪ ،‬هععو ‪ :‬هععل تصععلح هععذه‬
‫التعاليم ‪ ،‬التي كان يطبقها بدو الصععحراء ‪ ،‬قبععل أكععثر مععن أربعععة‬
‫عشر قرًنا ‪ ،‬لكي تحكمنا اليوم ؟! على أن ما هععو أخطععر مععن هععذا‬
‫‪750‬‬
‫السؤال ‪ ،‬ما معنععاه وخلصععته ‪ ،‬أنععه ليععس ثمععة شععيء منععزل مععن‬
‫السماء ‪ ،‬بل إن الشياء كلها من صنع سيدنا محمد … !!‬
‫ثالثننا ً ‪ :‬كتنناب ) السننس الفكريننة لليسننار‬
‫السلمي ( ‪:‬‬
‫وفى هذا الكتاب ‪ ،‬يقول خليل عبد الكريم صراحة ‪ " ،‬إن السععلم‬
‫ليععس شععيًئا غيععر العبععادات " ‪ ،‬مععع أن طلبععة المراحععل التعليميععة‬
‫الولى ‪ ،‬يعرفون أن السلم يقوم على دعامتين ‪ ،‬هما ‪ :‬العبادات‬
‫‪ ،‬والمعاملت ‪ .‬ولكنه يحصر السلم فععي العبععادات فقععط ‪ ،‬ولهععذا‬
‫فعععإن ميعععدانه الصعععلي ‪ ،‬هعععو المسعععاجد والجوامعععع والتكايعععا‬
‫والحسععينيات ‪ ،‬أو الخلوي والخانقاهععات والزوايععا والمصععلّيات ‪،‬‬
‫وحضرات الصوفية وحلقععات الععذكر ‪ ،‬ومجععالس دلئل الخيععرات ‪.‬‬
‫ومعنعى هعذا أن السعلم ديعن للعبعادة ‪ ،‬وليعس ديًنعا للحيعاة ‪ .‬أنعه‬
‫يحصر وظيفتعه فعي دور العبعادة ‪ ،‬أمعا شعؤون النعاس وتصعريف‬
‫حيععاتهم ‪ ،‬فليععس للسععلم شععأن بهععا ‪ .‬وهنععا نعععود إلععى مقععولت‬
‫المغرضين ‪ ،‬الذين يقولون إن السععلم ‪ ،‬ليععس ديًنععا ودولععة ‪ ،‬بععل‬
‫هو دين فقط ‪.‬‬
‫عا ‪ :‬كتاب ) مجتمع يثرب ‪ ..‬العلقة بيننن‬ ‫راب ً‬
‫الرجل والمرأة في العهنندين المحمنندي‬
‫والخليفي ( ‪:‬‬
‫وهذا كتاب َمْعَيبة ‪ ،‬لنه يشوه السععلم فععي أعظععم عصععوره ‪ ،‬أي‬
‫فععي مرحلععة النبععوة ‪ ،‬وصععدر السععلم ‪ ،‬والخلفععاء الراشععدين ‪.‬‬
‫وسوف يلحظ القارئ ‪ ،‬في اللحظة الولى ‪ ،‬أن الكاتب يستخدم ‪،‬‬
‫كلمة ) يثرب ( ول يستخدم اسععم ) المدينععة المنععورة ( علًمععا بععأن‬
‫السم الول ‪ ،‬قد نسععخه السععلم ‪ ،‬وألغععاه النععبي ‪ ،‬وأطلععق عليهععا‬
‫‪751‬‬
‫هذا السم الجديد الجميل ‪ .‬ولكن ليست هذه هي المشكلة في هععذا‬
‫الكتعععاب ‪ ،‬ولكعععن المشعععكلة ‪ ،‬هعععي فعععي الدراسعععة الجتماعيعععة‬
‫المزعومة ‪ ،‬التي قّدمها ‪ ،‬والتي شوه بها ‪ ،‬ومن خللهععا ‪ ،‬أعظععم‬
‫المجتمعات وأعظم العصور وأعظم الشخصيات ‪ ،‬حين نكتشععف ‪،‬‬
‫أن المجتمععع فععي مدينععة رسععول الع ‪ ،‬وهععو المجتمععع الععذي أقععام‬
‫دولة ‪ ،‬ونشر ديًنا ‪ ،‬هذا المجتمع ورجاله ‪ ،‬لععم يكونععوا مشععغولين‬
‫…!‬
‫بشيء ‪ ،‬قدر انشغالهم بالمرأة والجنس مًعا ‍‬
‫خامسنًا‪ :‬كتناب ) قرينش مننن القبيلنة إلنى‬
‫الدولة المركزية ( ‪:‬‬
‫وهذا الكتاب ‪ ،‬ينزع عن النععبي محمععد ‪ ،‬صععلى الع عليععه وسعلم ‪،‬‬
‫صفات الرسالة والنبععوة والععوحي جميًعععا ‪ ،‬إذ يحععاول المؤلععف أن‬
‫يثبععت ‪ ،‬أنعه ليعس هنععاك شعيء معن هععذا كلعه ‪ ،‬ولكعن المعر كعان‬
‫ينحصر في رغبة قريش ‪ ،‬فععي أن تقيععم دولععة ‪ ،‬وأن تسععود علععى‬
‫القبائل العربية ‪ ،‬في شبه الجزيرة وما حولها ‪ .‬وقد تم هععذا وفععق‬
‫تخطيط محكم قام به ‪ ،‬رجععل داهيععة ‪ ،‬هععو جعّد النععبي ‪ ،‬صععلى الع‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وهو عبد المطلب الععذي جععاء بحفيععده " محمععد " ‪،‬‬
‫سععا لهععذه‬‫ولععم يكععن أقععل منععه ذكععاًء ‪ ،‬وصععنع منععه حاكًمععا ومؤس ً‬
‫الدولة ‪ .‬لقد أراد عبد المطلب ‪ ،‬أن " يصنع " ملًكا فصععنع نبًيععا ‪،‬‬
‫أي أن الحكاية كلها هي الحكم ‪ ،‬وهععي السععيطرة ‪ ،‬وهععي السععيادة‬
‫إلى جوار ملوك وأباطرة ‪ ،‬يحيطععون بقبععائل العععرب ‪ ،‬ابتععداء مععن‬
‫كسرى حتى هرقل ‪.‬‬

‫‪752‬‬
‫سادسننًا‪ :‬كتنناب ) شنندو الربابننة بننأحوال‬
‫الصحابة ( ‪:‬‬
‫وهذا كتاب ل يقل سوًءا ‪ ،‬إن لم يععزد عععن الكتععب السععابقة ‪ ،‬وهععو‬
‫أيضًععا يععأتي اسععتكماًل لكتععابي مجتمععع يععثرب ‪ ،‬وقريععش القبيلععة‬
‫والدولععة ‪ .‬وفععي هععذا الكتععاب الجديععد ‪ ،‬يعععرض المؤلععف لحععوال‬
‫صحابة رسول ال ‪ ،‬فيقول فيهم كلًما ‪ ،‬لم يرد في كتب السيرة ‪،‬‬
‫ول في كتب التاريخ ‪ ،‬ومنه أن رسول ال ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،‬كان يختلي بالصععحابي الجليعل سععلمان الفارسعي ‪ ،‬ليعام طويلععة‬
‫لكي يأخذ منه ‪ ،‬ويتعلم على يديه ‪ ،‬لن سععلمان ‪ ،‬فيمععا يقععال كععان‬
‫من كبار مثقفي عصره ‪ ،‬وكععان عالًمععا بالعقععائد والديععان ‪ ،‬وكععان‬
‫يحيط بالمذاهب المختلفة ‪ .‬وقد جلس النبي بين يديه ‪ ،‬كما يجلس‬
‫تلميععذ بيععن يععدي أسععتاذه ‪ ،‬ليتعلععم منععه كععل السععس والقواعععد‬
‫والتجارب والتواريخ والسير ‪ ،‬التي استفاد منها النبي ‪ ،‬بعد ذلععك‬
‫في رسالته السلمية المحمدية ‪.‬‬
‫عا‪ :‬كتنناب ) فننترة التكننوين فنني حينناة‬ ‫سنناب ً‬
‫الصادق المين ( ‪:‬‬
‫وهذا هو آخر كتب ‪ ،‬خليل عبد الكريم ‪ ،‬ولعله من أخطرها جميًععا‬
‫‪ .‬ويقوم هذا الكتاب علععى فكععرة واحععدة أساسععية ‪ ،‬هععي أن سععيدنا‬
‫محمد ليس نبًيا ‪ ،‬ولكنه تلميذ عبقععري ‪ ،‬لمجموعععة مععن السععاتذة‬
‫هم ‪ :‬السيدة خديجة ‪ ،‬وابن عمها ورقة بععن نوفععل ‪ ،‬وبقيععة أفععراد‬
‫السععرة وهععم ‪ :‬ميسععرة ‪ ،‬والراهععب بحيععرا ‪ ،‬والراهععب عععداس ‪،‬‬
‫والبطرك عثمان بن الحويرت ‪ ..‬وكلهم مسععيحيون ‪ ..‬ولقععد قععامت‬
‫هذه المجموعة النصرانية ‪ ،‬على " صناعة" هذا النبي ‪ ،‬بعععد أن‬
‫عكفوا على تعليمه ‪ ،‬لكثر مععن خمسععة عشععر عاًمععا ‪ ،‬حفععظ فيهععا‬
‫‪753‬‬
‫كتب الولين والخرين ‪ ،‬وعععرف التععوراة والنجيععل ‪ ،‬والمععذاهب‬
‫والعقعائد ‪ ،‬وانتهعى هعذا كلعه بنجعاح " التجربعة " أي الرسعالة ‪،‬‬
‫وصععنع هععذا العبقععري ‪ ،‬الععذي أصععبح نبًيععا ‪ ،‬ووضععع كتععاب حّيععر‬
‫العاملين ‪ ،‬على امتداد القرون هو القرآن الكريم ‪.‬‬
‫ويقول خليل عبد الكريم بالحرف الواحد ‪ " :‬وهذا الكتععاب ‪ ،‬يقععدم‬
‫رؤية جديدة ‪ ،‬نزعم أنها غير مسبوقة ‪ ،‬لحل هذا اللغععز الععذي مل‬
‫الدنيا ‪ ،‬وشغل الناس ‪ ،‬وقد بدأنا بمحمد ‪ ،‬قبل أن يلتقي أبوه بأمه‬
‫‪ ،‬حتى التقطته سيدة قريش ‪ ،‬بعد أن توسمت فيه ‪ ،‬بفراسععة يعععز‬
‫مثلها ‪ ،‬أنه هو القادم المنتظر ‪ ،‬ثععم قيامهععا بمعونععة سععخية ‪ ،‬مععن‬
‫ابن عمها القس ‪ ،‬بدور ل نجد له في تاريخ الديان مجرد شبيه ‪،‬‬
‫أنها ملحمععة خالععدة ‪ ،‬سععلخت مععن عمععر الطععاهرة والقععس ‪ ،‬عقعًدا‬
‫ونصععف العقععد مععن الزمععان ‪ ،‬فععي العععداد والتصععنيع والتهيئة‬
‫والتأهيععل ‪ ،‬حععتى طععرح ذلععك العمععل ‪ ،‬الصععبور الععدءوب المتععأني‬
‫المخطععط ‪ ،‬والمرسععوم بدقععة متناهيععة ثمرتععه الناجحععة ‪ ،‬وحععدثت‬
‫واقعة غار حراء ‪ ،‬بصورة فذة معجبة ‪ ،‬أدهشععت حععتى فاعليهععا ‪،‬‬
‫وهما سيدة نساء قريش ‪ ،‬وورقة بن نوفل ‪ ،‬لنها جاءت بصورة‬
‫‪ ،‬لم تخطر لهما على بال ‪ ،‬ول شك أن هذا النجاح ‪ ،‬يؤوب بنسبة‬
‫كبيرة إلى موضوع التجربة ‪ ،‬وهو " محمد " فقد كعان عبقرًيعا ‪،‬‬
‫ل يفري فرية أحد ‪ ،‬ذلك أن سيرته الذاتية ‪ ،‬وخععبراته الشخصععية‬
‫وملكاته العقلية والنفسية واللسععانية ‪ ،‬كععانت ركععائز أساسععية فععي‬
‫فلح التجربة " ‪.‬‬
‫ع ل يفري فرية أحد ‪ ) :‬أي ل يكذب كذبة أحد ‪ ،‬بمعنى جاء بكذبععة‬
‫لم يسبقه إليها أحد من قبله ‪ ،‬حيععث كععان ُيسععمى الصععادق الميععن‬
‫فععي مكععة ‪ ،‬وبععذلك ينفععي عنععه الكععاتب هععاتين الصععفتين ‪ ،‬فيكععون‬
‫إيرادهما في عنوان الكتاب ‪ ،‬من قبيل السععتهزاء والسععتخفاف ‪،‬‬
‫‪754‬‬
‫به وبمععن صعّدقوه علععى مععدى ‪ 1400‬سععنة ‪ ،‬وهععذا ممععا مل قلععب‬
‫مسيلمة الكذاب هذا ‪ ،‬وأمثعاله ‪ ،‬غيظعا وحسعدا علعى خيعر الخلعق‬
‫وأكرمهم ‪ ،‬محمد عليه الصلة والسلم (‬
‫ضا في نفس الكتاب ‪ " ...‬أما في المساء ‪ ،‬وفي ليل مكة‬ ‫ويقول أي ً‬
‫الطويل شتاًء ‪ ،‬فكان مع الطاهرة ‪ -‬أي خديجة ‪ -‬بمفردها أحيانًا ‪،‬‬
‫وبحضععور القععس أحياًنععا أخععرى ‪ ،‬حيععث تتععم فععي تلععك القعععدات ‪،‬‬
‫مععذاكرة الصععحاحات مباشععرة ) التععوراة والنجيععل ( ‪ ،‬ثععم إدارة‬
‫الحوار بشأنها ‪ ،‬وأما بتلّقيها مععن الم الععرءوم والزوجععة الحنععون‬
‫خديجة ‪ ،‬التي ل شك أنها أجععادت القععراءة والكتابععة ‪ ،‬وقععد قععرأت‬
‫تلك الصحاحات ‪ ،‬وخزنّتها في ذاكرتهععا ‪ ،‬أو أنهععا طفقععت تقرأهععا‬
‫له مباشرة ‪ .‬وكل هععذا يععدور بالنهععار ‪ ،‬فععي السععواق والحععوانيت‬
‫والعيععاد ‪ ،‬ومععا يتععم سععماعه مععن القععس ورقععة ‪ ،‬وخديجععة مععن‬
‫الصحاحات ‪ ،‬التي عّربها القععس فععي الليععالي الطععوال ‪ ) ،‬لتخععرج‬
‫في شععكل سععور القععرآن ( ‪ ،‬ومععا يعقبهععا مععن شععروح وإيضععاحات‬
‫) السنة النبوية ( ‪ ،‬وحوارات بالجلسات ‪ ،‬الععتي قععد تسععتمر حععتى‬
‫بزوغ الفجر ‪ .‬نقول أن كل هذا ‪ ،‬كان يجععري تخزينععه ‪ ،‬وبرمجتععه‬
‫في ذاكرة العبقري ‪ ،‬الذي لععم تععر جزيععرة العععرب لععه مععثيلً ‪ ،‬ولععم‬
‫صععة وقععد آمنععا‬
‫تشهد له ضريًبا ‪ ،‬ولم تعاين له شبيًها أو ن عًدا ‪ ،‬خا ّ‬
‫ي ‪ -‬يتمتععع بعذاكرة‬ ‫ي ُأمع ّ‬
‫أنععه أمعي ل يقعرأ ول يكتععب ‪ ،‬والمعي ‪ -‬أ ّ‬
‫حديديععة ‪ ،‬وحافظععة واعيععة أشععد الععوعي ‪ ،‬فمععا بالععك إذا اجتمعععت‬
‫المية والعبقرية الفذة ‪ ،‬في شخص واحد ‪.‬‬
‫ويقول في موضععع آخععر ‪ " ..‬ومهمععا كععانت الجهععود الععتي بععذلتها‬
‫الطاهرة ‪ ،‬وعاضدها فيها ابن عمهععا القععس ‪ ،‬فأنهععا ل تنفععي عععن‬
‫التجربة ‪ ،‬وفى مقعدمتها حعادث الغعار ‪ ،‬جانبهعا الغيعبي وناحيتهعا‬
‫الميتافيزيقية ) المتافيزيقية ‪ :‬لفظ توصععف بععه الظععواهر الخارقععة‬
‫‪755‬‬
‫الطبيعية ‪ ،‬الععتي عععادة مععا تتععأتى ‪ ،‬علععى أيععدي الكهععان والسععحرة‬
‫ضري الرواح ‪ ،‬وذلك لنفي الوحي‬ ‫والمشعوذين والدراويش ومح ّ‬
‫( ‪ ،‬إذ ل تعععارض بيععن المريععن ‪ ،‬بععل إن كل منهمععا يكمععل الخععر‬
‫ضا ‪ " ..‬حتٌم علينا ‪ ،‬أن نقّر ونعترف بمهععارة‬ ‫ويدعمه ‪ .‬ويقول أي ً‬
‫خديجة ‪ ،‬فععي المععزج بيععن المومععة الفياضععة ‪ ،‬بععالحب والحنععان ‪،‬‬
‫وبين العداد الكريم الدقيق ‪ ،‬لتلقععى التجربعة ) النجععاح ( ‪ ،‬ولععول‬
‫هذا الخلط البارع ‪ ،‬لما ُقعّدر للتجربععة الفلح والنجععاح ‪ ،‬الععذي مل‬
‫الدنيا ‪ ،‬وشغل الناس منذ أربعة عشر قرًنا ‪ ،‬ومازال يشغلهم حتى‬
‫الن ‪ ،‬وربما لمد بعيد ‪ ،‬ما لم تتبدل جذرًيا ‪ ،‬أحوالهم الجتماعية‬
‫والقتصععادية والثقافيععة ‪ ،‬ومععا لععم يتحّلععل حععراس السععاطير ‪،‬‬
‫لس التراث المبارك ‪ ،‬عن أماكنهم الميمونة ‪ ) ،‬بمعنى ما لععم‬ ‫وج ّ‬
‫يعمل جهابذة المفّكرين من أمثال الكاتب ‪ ،‬على رفع هالة القداسة‬
‫عن محمد ورسالته ‪ ،‬فتعالى ال عما ُيشرك به المجرمون ( " ‪.‬‬
‫ثم يقول خليل عبد الكريم في موضع آخر وأخيععر ‪ " ..‬كععان أسععى‬
‫محمد المرير ‪ ،‬على فقد خديجة أمعًرا بععديهًيا ‪ ،‬لنهععا الم الععرءوم‬
‫والزوجة الحبيبة ‪ ،‬ولولها ما أكمل التجربة حتى نهايتها ‪ ،‬وهي‬
‫التي أتاحت لععه الّتمععاس ‪ ،‬مععع ورقععة وعععداس وبحيععرا ‪ ،‬وقضععاء‬
‫الليعععالي الطعععوال معععع ابعععن نوفعععل ‪ ،‬فعععي المدارسعععة والمعععذاكرة‬
‫والمحاورة ‪ ،‬وهععي الععتي كععانت تقععرأ لععه الصععحف ‪ ،‬الععتي عّربهععا‬
‫القس نوفععل ‪ ،‬وهععي الععتي هيععأت لععه الختلط ‪ ،‬بأصععحاب جميععع‬
‫ظت بهععم مكععة ‪ ،‬ولععول‬‫الملل والنحل والعقائد والديان ‪ ،‬الذين اكت ّ‬
‫التفرغ الدائم ‪ ،‬وهو أحد عطايا أم هند ‪ ،‬لما انفسحت له الفرصععة‬
‫الثمينة ‪ .‬ول شك أن الخلطة بأصحاب الديانات ‪ ،‬شّكلت جزًءا من‬
‫الخطععة المرسععومة ‪ .‬لمععا انضععوت عليععه الخطععة ‪ ،‬مععن تمععّرس‬
‫واسععتماع ‪ ،‬وحفععظ وحععوار ومدارسععة وتخزيععن معلومععات ‪ .‬لقععد‬
‫‪756‬‬
‫أدركت خديجة ‪ ،‬منذ فجر التجربعة ‪ ،‬أن احععترامه التجععارة ل يعدع‬
‫لععه فسععحة مععن الععوقت ‪ ،‬فععي حيععن أن التجربععة ‪ ،‬تحّتععم ضععرورة‬
‫التفرغ الكامل ‪ ،‬وطلق كل ما يشغله عنهععا ‪ ،‬طلًقععا بائًنععا بينونععة‬
‫كبرى " ‪.‬‬
‫وبعد ‪ ..‬فهذه مجرد وقفة سريعة ‪ ،‬عند كتب خليععل عبععد الكريععم ‪..‬‬
‫وليس منها كتاًبا أقل خطورة معن الخعر ‪ ..‬ولكعن ربمعا كعان هعذا‬
‫الكتاب الخير هو أخطرها ‪ ..‬فسوف نلحظ هنا ‪ ،‬أن سيدنا محمد‬
‫‪ ،‬صلى ال عليهم وسلم ‪ ،‬ليععس نبًيععا يععوحى إليععه ‪ ،‬بععل هععو رجععل‬
‫عبقري ‪ ،‬تمت صناعته على يد السيدة خديجة وجماعتهععا ‪ ،‬وهععم‬
‫مجموعة من أقباط مكة ‪ ،‬وأنه تم تحفيظه الكتب السماوية ‪ ،‬التي‬
‫سبقته كلها ‪ ،‬فكان النتاج هو هذا الرسول ‪ .‬وأغرب من هذا ‪ ،‬أن‬
‫الكتاب كله ‪ ،‬ل ترد فيه كلمة " الرسععالة " ‪ ،‬للدللععة علععى الععدين‬
‫الحنيف ‪ ،‬بل هو يسميها " التجربة " ‪ ..‬فلقد نجحت " تجربة "‬
‫خديجة ومن معها ‪ ،‬بما يعني أنها شععيء أرضععي ‪ ،‬وليسععت شععيًئا‬
‫علوًيا منزًل ‪ ،‬من فوق سبع سماوات ‪ .‬وفععي هععذا السععياق ‪ ،‬فهععو‬
‫يسععمي السععيدة خديجععة باسععم " الطععاهرة " تيمًنععا باسععم مريععم‬
‫العذراء ‪ ،‬التي طّهرها رب العزة والجلل واصعطفاها علعى نسعاء‬
‫العالمين ‪ ،‬ودللة السم هو أن السععيدة خديجععة كععانت نصععرانية ‪،‬‬
‫وبعد هذا ‪ ،‬فهو ل يتورع ‪ ،‬عن وصف الوحي ‪ ،‬الععذي نععزل علععى‬
‫رسول ال ‪ ،‬صلى ال عليه وسععلم ‪ ،‬فععي غععار حععراء بععأنه حععادث‬
‫غيبي ميتافيزيقي !‬
‫بين البداع والحرية‬
‫بقلم ‪ :‬الستاذ بدر الشبيب ‪.‬‬

‫‪757‬‬
‫البداع أمر ل يختلف على أهميته اثنان ‪ ،‬والحتفاء بالمبععدعين ‪،‬‬
‫دأب المجتمعات الحضارية ‪ ،‬التي تنشد الرقي والتقدم دائما وأبدا‬
‫‪.‬‬
‫ولكن كيف يكتسب عمل ما ‪ ،‬صفة البداع ؟ هذا سؤال جوهري ‪،‬‬
‫ينبغي على المهتمين ‪ ،‬بالشأن الثقافي والفلسفي الجابععة عليععه ‪،‬‬
‫لنه أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبععل ‪ ،‬بخاصععة مععع ظهععور موجععة‬
‫في العععالم العربععي ‪ ،‬تععرى البععداع فععي الخععروج علععى المععألوف ‪،‬‬
‫والحديث في المسعكوت عنعه ‪ ،‬وذلعك فعي مجعالين اثنيعن ل ثعالث‬
‫لهما ) الدين والجنس ( ‪.‬‬
‫فباسم البداع وحرية النشر والتعبير ‪ ،‬تقذف لنا دور النشر كتابععا‬
‫هنا ‪ ،‬ورواية هناك ‪ ،‬يكون هذان المجالن محورهمععا ‪ ،‬مععع كععثير‬
‫من التطاول ‪ ،‬على حرمة المقدسات والرموز الدينية ‪ ،‬وكثير من‬
‫السفاف والبتذال ‪ ،‬والخروج على الداب العامة ‪.‬‬
‫وقائمععة السععماء طويلععة ‪ ،‬تبععدأ مععن المشععرق ‪ ،‬ول تنتهععي فععي‬
‫المغرب ‪ ،‬ويأتي على رأس القائمة ‪ ،‬جمععع مععن الروائييععن أمثععال‬
‫حيدر حيععدر ) وليمععة لعشععاب البحععر ( ‪ ،‬محمععد شععكري ) الخععبز‬
‫الحافي ( ‪ ،‬منى فياض ) فخ الجسعد ( ‪ ،‬إلهعام منصعور ) أنعا هعي‬
‫ت ( ‪ ... ،‬الخ ‪.‬‬‫أن ِ‬
‫وأما الُكّتاب فهم كععثر أيضععا ) نععوال السعععداوي ‪ ،‬ليلععى العثمععان ‪،‬‬
‫نصر حامد أبو زيد ‪ ،‬خليل عبد الكريم ‪ ... ،‬الخ (‬
‫ولعل هذا الخير ‪ ،‬أعني خليل عبد الكريم ‪ ،‬هعو آخعر المتطععاولين‬
‫فععي كتععابه ) فععترة التكععوين فععي حيععاة الصععادق الميععن ( ‪ ،‬حيععث‬
‫يتناول مرحلة ما قبل النبوة في حياة النبي ) ص ( محععاول النيععل‬

‫‪758‬‬
‫من قدسية الرسول ) ص ( ‪ ،‬والتشكيك في كونه مرسل من عنععد‬
‫ال ‪.‬‬
‫والملحععظ أن هععؤلء الكتععاب والروائييععن يؤسسععون لكتابععاتهم‬
‫بمصطلحات تبععدو للوهلععة الولععى حضععارية وتقدميععة ‪ ،‬مععن مثععل‬
‫البداع وحرية النشر والتعبير ‪ ،‬وإعادة قراءة النصوص التراثية‬
‫‪ ،‬بمعععا فيهعععا القعععرآن ‪ ،‬بالسعععتفادة معععن المناهعععج التاريخيعععة ‪،‬‬
‫والمدارس اللسنية الحديثة ‪.‬‬
‫ولكننععا حيععن نتأمععل فععي مجمععل إنتاجععاتهم ‪ ،‬نجععدها تهععدف أول‬
‫وآخرا ‪ ،‬إلى المس من المقّدس السلمي ‪ ،‬وجعله غير مق عّدس ‪،‬‬
‫وإلى هدم قلع الحياء والعفة ‪ ،‬فععي المجتمععع المسععلم ‪ ،‬وإل فععأي‬
‫معنى لحصر البداع ‪ ،‬فععي كععل مععا مععن شععأنه الحععط ‪ ،‬مععن الععذوق‬
‫الجمععالي الرفيععع ‪ ،‬بععدل مععن أن يكععون البععداع أساسععا ‪ ،‬لتععدريب‬
‫الذائقة وتنميتها ؟‬
‫وسؤال آخر يطرح نفسه ‪ :‬هل يحق لكل أحد ‪ ،‬أن يكتب في الدين‬
‫‪ ،‬ويناقش مسائله ‪ ،‬ولماذا يصبح النص الديني مباحا لكععل أحععد ؟‬
‫ألسنا نعيش عصر التخصص ؟‬
‫وأخيرا ‪ ،‬لماذا يغضب هؤلء الكتععاب ‪ ،‬عنععد رفععع دعععوى حسععبية‬
‫ضدهم أمام القضاء ‪ ،‬إذا كانوا متحضرين فعل ؟ أليععس التقاضععي‬
‫أسلوبا حضاريا ؟‬
‫ونقطة أخرى هامة ‪ ،‬ينبغي الشارة إليها هنا ‪ ،‬فنحن ل نسععتطيع‬
‫أن نعمم على جميع الكتاب ‪ ،‬تهمة التآمر ضد السععلم والمجتمععع‬
‫المسلم ‪ ،‬فهناك طائفة من الكتاب ‪ ،‬تنشععد الحععق ‪ ،‬ولكنهععا تخطععئ‬
‫الوسيلة والمنهج ‪ ،‬و ) ليس من طلب الحق فأخطأه ‪ ،‬كمن طلععب‬
‫الباطل فأدركه ( ‪.‬‬
‫‪759‬‬
‫نحععن لسععنا ضععد البععداع ‪ ،‬ولسععنا ضععد السععتفادة مععن المنتجععات‬
‫الثقافيععة للخريععن ‪ ،‬ول نريععد هنععا أن نؤسععس لفقععه المصععادرة ‪،‬‬
‫ولكننععا نريععد أن نؤسععس منهجععا منطلقععا ‪ ،‬مععن ثقافتنععا السععلمية‬
‫ي البداع والحرية وحدودهما ‪ ،‬في‬ ‫الصيلة ‪ ،‬في تعريف مصطلح ّ‬
‫نفس الوقت الذي ندعو فيه ‪ ،‬لعادة صياغة فقه الحسععبة ‪ ،‬بلغععة‬
‫عصرية ‪ ،‬وبثه في أوساط المجتمع ‪.‬‬
‫وهذا التأصيل ضروري ‪ ،‬لكي نتعرف على قيمة المنفعة والمتعععة‬
‫وغيرهمععا ‪ ،‬فععي تحديععد إبداعيععة العمععل ‪ ،‬وكععذلك للتعععرف علععى‬
‫الطر ‪ ،‬الععتي تعمععل الحريععة فععي حععدودها ‪ ،‬إذ ل يمكننععا العتمععاد‬
‫على المنهج الغربي ‪ ،‬الذي يكيل بألف مكيععال ‪ ،‬فيحتفععي بسععلمان‬
‫رشدي ‪ ،‬باعتبععاره مبععدعا ‪ ،‬ويضععيق صععدرا بروجيععه جععارودي ‪،‬‬
‫فيسععن قععانون ) جيسععو – فععابيو ( ليقععدمه للمحاكمععة ‪ ،‬لنعه كتععب‬
‫) السععاطير المؤسسععة للسياسععة السععرائيلية ( ‪ ،‬كمععا لععم يتسععع‬
‫صدره لع ) دافيد ايرفنج ( ‪ ،‬المؤرخ البريطاني ‪ ،‬الععذي شععكك فععي‬
‫أرقام الهولوكوست " ‪.‬‬
‫جولنننة الصنننحافة ‪ :‬الجزينننرة ننننت ‪ ،‬ثنننورة‬
‫المشايخ‬
‫" الكلم الوارد ‪ ،‬في كتاب فترة التكوين في حياة الصادق المين‬
‫‪ ،‬ل يحتمل حكمًا آخر ‪ ،‬غير الكفر " د‪ .‬يحيى إسماعيل ‪ ،‬الهععرام‬
‫العربي ‪.‬‬
‫ونشععرت المجلععة ملف عًا عععن الثععورة ‪ ،‬الععتي أحععدثها كتععاب "فععترة‬
‫التكوين في حياة الصادق المين" ‪ ،‬لخليل عبععد الكريععم ‪ ،‬الكععاتب‬
‫اليساري ‪ ،‬الذي ينسب نفسه إلى ما يسمى بع " اليسار السلمي‬
‫" ‪ ،‬أو " السلم المستنير " ‪.‬‬
‫‪760‬‬
‫وأصععدر مجمععع البحععوث السععلمية مععن جهتععه ‪ ،‬تقريععرًا عععن‬
‫الكتاب ‪ ،‬أوضح فيه أن الكتاب ‪ ،‬يعتبر إنكارا لرسععالت النبيععاء ‪.‬‬
‫ويعرض الكتاب لحياة الرسععول الكريععم بشععكل مععزر ‪ ،‬حيععث صععار‬
‫فاقععد الرادة أمععام زوجتععه السععيدة خديجععة ‪ ،‬ثععم خضععع خضععوعًا‬
‫تامًا ‪ ،‬لما أرادته هي وابن عمها ورقععة بععن نوفععل ‪ ،‬مععن تصععييره‬
‫نبيًا ‪ ،‬تدين له جزيرة العرب وغيرها ‪.‬‬
‫وانتهى التقريععر ‪ ،‬إلععى التوصععية بمصععادرة الكتععاب ‪ ،‬الععذي يمثععل‬
‫ل عدوانيًا ‪ ،‬على عقيدة المة السلمية ‪ ،‬ينكر مبدأ الرسالت‬ ‫عم ً‬
‫السععماوية إنكععارًا قاطع عًا ‪ ،‬ويزعععم أن جميععع النبيععاء ‪ ،‬صععناعة‬
‫أرضية بشرية ‪ .‬مععن الجععدير بالععذكر ‪ ،‬أن التوصععية بالمصععادرة ‪،‬‬
‫صدرت بإجماع آراء علماء مجمع البحوث ‪.‬‬
‫من ناحيته ‪ ،‬أكد د‪ .‬يحيى إسماعيل المين العععام ‪ ،‬لجبهععة علمععاء‬
‫الزهر ‪ ،‬أن الكلم الوارد في الكتاب ‪ ،‬ل يحتمعل حكمعًا آخعر غيعر‬
‫ل ‪ :‬لسعنا أمعام ثقافعة أو فكعر ‪ ،‬ول يمكعن أن‬ ‫الكفر ‪ .‬وأضعاف قعائ ً‬
‫تكون الوقاحة إبداعًا ‪.‬‬
‫وليمة جديدة ‪ :‬وفي نفس الطار ‪ ،‬نشرت صحيفة الوفد ‪ ،‬تقريععرا‬
‫تحععت عنععوان " وزارة الثقافععة تطبععع كتاب عًا يهععاجم السععلم " ‪،‬‬
‫ويقول التقريععر ‪ :‬أن مجمعع البحععوث السعلمية ‪ ،‬طلعب مصعادرة‬
‫كتاب " المرأة والجنوسة في السلم " ‪ ،‬والذي قععامت بتععأليفه ‪،‬‬
‫ليلععى أحمععد باللغععة النجليزيععة ‪ ،‬وطبعتععه وزارة الثقافععة ‪ ،‬علععى‬
‫نفقتها بعد ترجمته ‪.‬‬
‫وكشععف التقريععر ‪ ،‬أن الكتععاب يزعععم ‪ ،‬أن القععرآن اقتبععس مععادته‬
‫التاريخية من التوارة ‪ ،‬وأن السلم سلب حقوق المععرأة ‪ .‬واتهععم‬
‫التقريععر المؤلفععة بالتشععكيك ‪ ،‬فععي سععماوية القععرآن ‪ ،‬وبععالتحريف‬
‫‪761‬‬
‫المتعمععد لوقععائع السععيرة النبويععة ‪ .‬وطلععب التقريععر ‪ ،‬مسععاءلة‬
‫المجلس العلى للثقافة ‪ ،‬عن إضععاعة أمععوال الدولععة ‪ ،‬فععي عمععل‬
‫يدعو لهدم السلم " ‪.‬‬
‫معارك السلميين‬
‫* جزء من مقال في صحيفة القدس العربي ‪:‬‬
‫" وإلى جماعة الخوان المسلمين ‪ ،‬في جريدتهم آفععاق عربيععة ‪،‬‬
‫وانععدهاش الععدكتور عبععد العظيععم المطعنععي ‪ ،‬السععتاذ بجامعععة‬
‫الزهر ‪ ،‬من الحملة العنيفععة ضععد صععحيفة النبععأ ‪ ،‬بسععبب نشععرها‬
‫موضوع الراهب برسوم المحرقي ‪ ،‬وغلقهععا وإسععقاط عضععوية ‪،‬‬
‫صعععاحبها ممعععدوح مهعععران معععن نقابعععة الصعععحافيين ‪ ،‬وتقعععديمه‬
‫للمحاكمة ‪ ،‬والحملة التي تعرضت لها الدكتورة نوال السعداوي ‪،‬‬
‫بينما لم يحدث تحرك ضد خليل عبد الكريعم ‪ ،‬بسععبب كتعابه فعترة‬
‫التكوين في حياة الصادق المين ‪.‬‬
‫المهم أن الدكتور المطعني ‪ ،‬قال ‪ :‬د‪ .‬نععوال ‪ ،‬اخععترقت جانبعًا مععن‬
‫حصععن العقيععدة والتشععريع ‪ ،‬وجريععدة النبععأ ‪ ،‬اخععترقت جانب عًا مععن‬
‫الطععار الخلقععي ‪ ،‬بمععا يعععد تحريضععا علععي الفسععق والفجععور ‪،‬‬
‫وخدش عًا للحيععاء وإسععاءة إلععى مشععاعر الشعععب المصععري كلععه ‪،‬‬
‫مسلمين وأقباطا ‪ ،‬أما خليل عبد الكريم عبد الناصر ) الكععاتب ( ‪،‬‬
‫ومحمد هاشم ) الناشر ( ‪ ،‬فإن جريمتهما أفظععع جريمععة يشععهدها‬
‫المجتمععع المصععري ‪ ،‬جريمععة تععدعو إلععى تقععويض وهععدم حقععائق‬
‫اليمععان ‪ ،‬ومحوهععا مععن الوجععود ‪ ،‬حيععث تصععور كععل أنبيععاء ال ع‬
‫ورسله ‪ ،‬على مدى التاريخ النبوي كلععه ‪ ،‬بععأنهم صععناعة أرضععية‬
‫بشععرية مفبركععة !! وليسععت لهععم صععلة بععوحي العع ‪ ،‬بععل هععم‬

‫‪762‬‬
‫صنفرون والمقلوظون في ورش بشرية ‪ ،‬تخصصت في إنتاج‬ ‫الُم َ‬
‫النبياء والرسل المخدوعين !!‬
‫هذه الجريمة الفظيعة ‪ ،‬لم تتجاوز مواجهتها ع حتى الن ع ع سععوى‬
‫الرفععض العلمععي القععولي ‪ ،‬ولععم يتخععذ ضععد أطرافهععا أي موقععف‬
‫رسمي حاسععم ‪ ،‬لوقععف هعذه المهععاترات المشععبوهة ‪ ،‬الععتي تمععس‬
‫نظام المجتمع من الجذور ‪ ،‬والواجب أن ُيحاسب قانونًا ‪ ،‬كل مععن‬
‫المؤلععف والناشععر ‪ ،‬وأن تحععذو نقابععة المحععامين ‪ ،‬حععذو نقابععة‬
‫الصحافيين ‪ ،‬بشطب اسم خليل عبد الكريم من جدول المحععامين ‪،‬‬
‫وأن يتخذ اتحاد الناشرين قرارا ‪ ،‬برفع دعوى لسحب ترخيععص ‪،‬‬
‫مكتبة ميريت للنشر والمعلومات ‪ ،‬من مزاولة مهنة النشر ‪ .‬أجل‬
‫‪ ،‬إن خليل أولى بالمحاكمة ‪ ،‬من نوال وإن ميريت أولى بالغلق‬
‫مععن النبععأ ‪ ،‬وإل فععان نجععاة خليععل ومحمععد هاشععم مععن المسععاءلة‬
‫الرادعة ‪ ،‬سوف يفسح المجععال للعشععرات مععن أمثععال خليععل ‪ ،‬فععي‬
‫مجال التأليف المخّرب ‪ ،‬وللعشرات من أمثال محمد هاشععم ‪ ،‬مععن‬
‫الناشرين المخربين ‪ .‬وحسبنا ال ونعم الوكيل " ‪.‬‬
‫ة‬
‫شي َ ً‬‫خ ْ‬‫شد ّ َ‬ ‫و أَ َ‬
‫ِ ْ‬
‫شية الل ّه أ َ‬
‫خ ْ َ ِ‬‫س كَ َ‬
‫ن الّنا َ‬ ‫و َ‬
‫ش ْ‬‫خ َ‬
‫) يَ ْ‬
‫(‬
‫في نيجيريا تخرج المليين من الناس ‪ ،‬لتجتمع فععي صعععيد واحععد‬
‫مطالبععة بتطععبيق الشععريعة ‪ ،‬فتبععدأ وليععة تلععو أخععرى بتطبيقهععا ‪،‬‬
‫بالرغم من معارضة الغرب النصراني ‪ ،‬أما فععي مصععر أم الععدنيا ‪،‬‬
‫بلد الزهر ‪ ،‬كما ُيسّميها الشقاء المصريون ‪ ،‬وفي أرض الكنانة‬
‫كما ُيسميها الشقاء العرب ‪ ،‬فالشععريعة السععلمية لععديهم انتهععت‬
‫معععدة صعععلحيتها ‪ ،‬لعععذلك يتعععوجب علينعععا أن ُنلقيهعععا فعععي سعععلة‬
‫المهملت ‪ ،‬ليكون مصيرها الحرق في مقالب قمامة القاهرة ‪.‬‬
‫‪763‬‬
‫هي نفسها ‪ ،‬حرب فرعون وملئه ‪ ،‬علععى موسععى ومععن معععه مععن‬
‫المؤمنين ‪ ،‬تتجّدد على نفس الرض ‪ ،‬وعلى نفس الشععاكلة ‪ ،‬ول‬
‫وازع ول رادع ‪ ،‬بالرغم من سعكنهم ‪ ،‬فعي مسععاكن الععذين ظلمعوا‬
‫أنفسهم ‪ ،‬فأخذهم وأبقى أثرهم ‪ ،‬لتذكير من يأتي بعدهم ‪ ،‬ببطشععه‬
‫وجبروته ‪.‬‬
‫في مصر ُتصدر المحكمة الدارية في القععاهرة ‪ ،‬فععي مطلععع شععهر‬
‫‪7/2001‬م ‪ ،‬قععرارا بععإغلق صععحيفتي ) النبععأ ( و ) آخععر نبععأ ( ‪،‬‬
‫لنها أساءت لمشاعر القباط ‪ ،‬بنشر صععور فاضععحة ‪ ،‬انحرافععات‬
‫جنسية لراهب مطععرود مععن الععدير ‪ ،‬ممععا أثععار تظععاهرات غاضععبة‬
‫للقباط في حزيران الماضي ‪ .‬وهذا القرار عععادل بل أدنععى شععك ‪،‬‬
‫فديننا ل يقبل هذا الفعل ‪.‬‬
‫ولكن ماذا عععن إسععاءة مشععاعر المسععلمين ‪ ،‬ومععاذا عععن السععاءة‬
‫لكتاب ال ‪ ،‬وماذا عن الساءة لرسول ال ‪ ،‬وماذا عععن الجععتراء‬
‫على الع ‪ ،‬لقععد ُرفعععت قضععايا ضععد مععن قععاموا بععذلك ‪ ،‬ولكععن هععل‬
‫اتخععذت تلععك المحكمععة قععرارا مشععابها ‪‍‍ ...‬؟! نعععم ‪ ..‬لقععد أخععذت‬
‫الحكومة المصرية قععرارا ‪ ،‬ولكععن بععإغلق الصععحف الععتي دافعععت‬
‫عن مقدسات المة ‪ ،‬بدعوى الرهاب الفكري للمبععدعين ‪ ،‬الععذين‬
‫انهععالوا علععى السععلم ليحطمععوا أوثععانه وأصععنامه ‪ ،‬الععتي ألفععوا‬
‫آبععاءهم وأجععدادهم عليهععا عععاكفين ‪ ،‬منععذ أربعععة عشععر قرنععا مععن‬
‫الزمان … !!‬
‫مععا يلفععت النتبععاه إلععى أن أقبععاط مصععر ‪ ،‬غضععبوا لععدينهم بشععكل‬
‫جماعي ‪ ،‬وهم أقلية في مصر ‪ ،‬ومععن حععق النسععان ‪ ،‬بععل واجععب‬
‫عليه أن يغضب ‪ ،‬ول يكون الغضب محمودا إل في هذا الموقف ‪،‬‬

‫‪764‬‬
‫ولكن هععل غضععب المسععلمون فععي مصععر ‪ ،‬عنععدما انتهكععت ‪ ،‬ومععا‬
‫زالت ‪ ،‬مقّدساتهم الدينية جمل وتفصيل ‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬محمد عباس ‪ " :‬كانت المة تغلي بالغضب ‪ ،‬وكان قلبها‬
‫متمثل ‪ ،‬في طلبة جامعة الزهر ‪ ،‬حيث تظععاهر ‪ 25‬ألععف طععالب ‪،‬‬
‫وكانت الدولة مترددة ‪ ،‬حتى حسمت أمرهععا بععإطلق الرصععاص ‪،‬‬
‫على قلب المة ‪ ،‬على طلبة جامعععة الزهععر " ‪ .‬ويقععول ‪ " :‬كععان‬
‫موقف شيوخ الزهر وطلبته رائعا ‪ ،‬فقد أصدر ‪ 70‬عالما أزهريععا‬
‫بيانا " ‪.‬‬
‫رائعا ‪ ،‬لكععونهم أصععدروا بيانععا ‪ ،‬ولكععن مععا شععاهدناه علععى شاشععة‬
‫التلفزيون هو مظاهرة ‪ ،‬تضم بضعة عشرات من فتيات الزهععر ‪،‬‬
‫وأدتها الشرطة المصععرية ‪ ،‬مععن قبععل أن تبععدأ ‪ ،‬حسععبما جععاء فععي‬
‫النشععرات الخباريععة ‪ ،‬ومععا نععود أن ُنشععير إليععه هنععا ‪ ،‬أن المععة‬
‫المصرية ‪ ،‬لم ُتحرك ساكنا ‪ ،‬فهي منشععغلة بععدنياها ‪ ،‬مععن رأسععها‬
‫حتى أخمص قدمها ‪ ،‬لتستمر المعركة على صفحات الصحف مععن‬
‫قبل القلة ‪ ،‬مععن أبنععاء الععذين انتصععروا لععدينهم ‪ ،‬وخععذلتهم أمتهععم‬
‫وخذلت دينها ‪ ،‬قبععل أن تخععذلهم حكععومتهم ‪ ،‬ومععا نسععبة ‪ 25‬ألععف‬
‫طالب ‪ ،‬مما يزيد عن ‪ 50‬مليون مسلم في مصر … ؟!‬
‫وهععذا الوضععع المؤسععف والمأسععوي فععي مصععر ‪ ،‬الععذي حععاول د‪.‬‬
‫محمد عباس تجميله ‪ ،‬والذي يبعث السى والحععزن فععي قلععب كععل‬
‫مسلم ‪ ،‬هععو مععا تستشعععره فععي ثنايععا مقععالت وبيانععات ‪ ،‬د‪ .‬محمععد‬
‫عباس نفسه ‪ ،‬وهو ينادي في أمته ‪ ،‬فل سامع ول مجيععب ‪ ،‬ممععا‬
‫اضطره للستنجاد بالزهر وطلبتععه والمفععتي والقرضععاوي ‪ ،‬بعععد‬
‫ي كماشععة إعلم الكفععر‬ ‫أن وجد نفسععه وحيععدا محاصععرا ‪ ،‬بيععن فكع ّ‬

‫‪765‬‬
‫والضععللة ‪ ،‬وجععبروت فرعععون وسععطوته ‪ ،‬فاسععتجابوا لععه بعععد‬
‫حين ‪.‬‬
‫فلماذا انتصرت الحكومة ‪ ،‬لنصارى مصر وحععاربت مسععلميها ؟!‬
‫أليس لنهم يخشون الناس ‪ ،‬من نصارى الغرب ‪ ،‬كخشية ال ع أو‬
‫أشد خشية ‪ ،‬نعععم ‪ ..‬هععذا هععو الشععرك بعينععه ‪ ،‬لععذلك اعتقععد بعععض‬
‫سرون القدماء ‪ ،‬أن المقصود في اليات هم مشركي قريش ‪،‬‬ ‫المف ّ‬
‫ظنا منهم أن الشرك ‪ ،‬وّلى من غير رجعة ‪.‬‬
‫نعععم ‪ ..‬إنهععم يشععّكون بربوبيععة العع وألععوهيته ‪ ،‬ول يععدينون لععه‬
‫بالعبادة ‪ ،‬ويشّكون في قدرته على نصععر أوليععائه ‪ ،‬والنتقععام مععن‬
‫خصومه ‪ ،‬وُيضاف إلى شركهم صفة أخرى ‪ ،‬هي النفععاق ‪ ،‬وهععو‬
‫سععرين ‪،‬‬ ‫ما لععم ينتبععه إليععه ‪ ،‬معن ذهبععوا إلععى ذلععك القععول مععن الُمف ّ‬
‫فمشععركو قريععش أخععذتهم العععزة بععالثم ‪ ،‬فل حاجععة بهععم لُينععافقوا‬
‫رسول ال وصحبه ‪ ،‬ولم ُيعطوا الدنية فععي معتقععدهم بععالرغم مععن‬
‫بطلنه ‪ ،‬حتى ُفتحت مكة ودخلوا في السلم ‪ ،‬ومععا ظهععر النفععاق‬
‫إل في المدينة ‪.‬‬
‫وفععي خضععم هععذه الموجععة ‪ ،‬ومععع ضعععف نععور السععلم ‪ ،‬وأفععول‬
‫شمسه ‪ ،‬سيتحول النفاق قريبا ‪ ،‬إلى كفر بواح ‪ ،‬فلن يكون هنععاك‬
‫داعيا للخجل ‪ .‬حينها ستكون بطشة ربك الكبرى ‪ ،‬على البواب ‪،‬‬
‫ويكون أهل مصر قد أعذروا ال في أنفسهم ‪ ،‬بما كسبت أيديهم ‪،‬‬
‫وبما سكتوا عععن الحععق ‪ ،‬فالسععاكت عععن الحععق شععيطان أخععرس ‪،‬‬
‫ث ِفععي‬ ‫حّتى َيْبَع َ‬
‫ك اْلُقَرى َ‬ ‫ك مُْهِل َ‬‫ن َرّب َ‬
‫لنعود إلى قوله تعالى ) َوَما َكا َ‬
‫عَلْيِهْم َءاَياِتَنا َوَما ُكّنا ُمْهِلِكععي اْلُقعَرى ِإّل َوَأْهُلَهععا‬
‫سوًل َيْتُلو َ‬
‫ُأّمَها َر ُ‬
‫ن )‪ 59‬القصص ( ‪ ،‬ورحمة من ربك ‪ ،‬بعث رسله الكععرام ‪،‬‬ ‫ظاِلُمو َ‬
‫َ‬
‫مبشرين بعظم ثواب الدنيا والخرة ‪ ،‬ومنذرين من بأسععه الشععديد‬
‫‪766‬‬
‫في الدنيا والخرة ‪ ،‬ورحمة بأهل مصر ‪ ،‬ها قد أنذرهم بالدخان ‪،‬‬
‫حتى يوقظهم من غفلتهم لعلهم يرجعون ‪ ،‬مصععداقا لقععوله ) َذِل عكَ‬
‫غععاِفُلونَ )‪131‬‬ ‫ظْل عٍم ‪َ ،‬وَأْهُلَهععا َ‬
‫ك اْلُق عَرى ِب ُ‬ ‫ك ‪ُ ،‬مْهِل ع َ‬
‫ن َرّب ع َ‬
‫ن َل عْم َيُك ع ْ‬
‫َأ ْ‬
‫ظْلعٍم ‪َ ،‬وَأْهُلَهععا‬
‫ك اْلُقعَرى ِب ُ‬ ‫ك ِلُيهِْلع َ‬
‫ن َرّبع َ‬
‫النعام ( ‪ ،‬وقوله ) َوَمععا َكععا َ‬
‫ن )‪ 117‬هود ( ‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫ُمصِْل ُ‬

‫مان ِك ُ ْ‬
‫م(‬ ‫عدَ ِإي َ‬
‫م بَ ْ‬ ‫قد ْ ك َ َ‬
‫فْرت ُ ْ‬ ‫) َ‬

‫ن ‪ُ ،‬ق عْل‬ ‫ن ُه عَو ُأُذ ٌ‬ ‫ي ‪َ ،‬وَيُقوُلععو َ‬ ‫ن الّنِب ّ‬‫ن ُيْؤُذو َ‬ ‫قال تعالى ) َوِمْنُهُم اّلِذي َ‬
‫حمَ عٌة ِلّل عِذي َ‬
‫ن‬ ‫ن ‪َ ،‬وَر ْ‬ ‫ن لِْلُم عْؤِمِني َ‬‫ل َوُي عْؤِم ُ‬ ‫ن ِبععا ِّ‬‫خْي عٍر َلُك عْم ‪ُ ،‬ي عْؤِم ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ُأُذ ُ‬
‫ب َأِليعٌم )‪(61‬‬ ‫ععَذا ٌ‬ ‫سععوَل الِّع َلُهعْم َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن ُيعْؤُذو َ‬ ‫َءاَمُنوا ِمْنُكْم ‪َ ،‬واّلِذي َ‬
‫ضوُه ‪ِ ،‬إنْ‬ ‫ن ُيْر ُ‬ ‫ق َأ ْ‬‫ح ّ‬‫سوُلُه َأ َ‬‫ل َوَر ُ‬ ‫ضوُكْم ‪َ ،‬وا ُّ‬ ‫ل َلُكْم ِلُيْر ُ‬ ‫ن ِبا ِّ‬‫حِلُفو َ‬ ‫َي ْ‬
‫سوَلُه ‪َ ،‬ف عَأنّ‬ ‫حاِدِد الَّ َوَر ُ‬ ‫ن )‪َ (62‬أَلْم َيْعَلُموا َأّنُه َمنْ ُي َ‬ ‫َكاُنوا ُمْؤِمِني َ‬
‫حععَذرُ‬ ‫ظيععُم )‪َ (63‬ي ْ‬ ‫ي اْلَع ِ‬‫خععْز ُ‬‫ك اْل ِ‬‫خاِلععًدا ِفيَهععا ‪َ ،‬ذِلعع َ‬ ‫جَهّنععَم َ‬ ‫َلععُه َنععاَر َ‬
‫سععوَرٌة ُتَنّبُئُهعْم ِبَمععا ِفععي ُقُلععوِبِهْم ‪ُ ،‬قعِل‬ ‫عَلْيِهْم ُ‬ ‫ن ُتَنّزَل َ‬ ‫ن ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫اْلُمَناِفُقو َ‬
‫سععَأْلَتُهْم ‪،‬‬ ‫ن َ‬ ‫ن )‪َ (64‬وَلِئ ْ‬ ‫حععَذُرو َ‬ ‫ج َمععا َت ْ‬ ‫خععِر ٌ‬ ‫لعع ُم ْ‬‫ن ا َّ‬ ‫سععَتْهِزُئوا ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫ا ْ‬
‫سععوِلِه ُكْنُت عْم‬‫ب ‪ُ ،‬قْل َأِبالِّ َوَءاَياِتِه َوَر ُ‬ ‫ض َوَنْلَع ُ‬ ‫خو ُ‬ ‫ن ِإّنَما ُكّنا َن ُ‬ ‫َلَيُقوُل ّ‬
‫ع عنْ‬ ‫ن نَْع عفُ َ‬ ‫ن )‪َ (65‬ل َتْعَتِذُروا َقْد َكَفْرُتْم َبْعَد ِإيَماِنُكْم ‪ِ ،‬إ ْ‬ ‫سَتْهِزُئو َ‬ ‫َت ْ‬
‫جِرِميعععنَ )‪(66‬‬ ‫طاِئَفعععًة ‪ِ ،‬بعععَأّنُهْم َكعععاُنوا ُم ْ‬ ‫ب َ‬ ‫طاِئَفعععٍة ِمْنُكعععْم ‪ُ ،‬نَععععّذ ْ‬ ‫َ‬
‫ض ‪َ ،‬يععْأُمُرونَ ِبععاْلمُْنَكِر‬ ‫ن َبْععع ٍ‬ ‫ضععُهْم ِمعع ْ‬ ‫ت َبْع ُ‬ ‫ن َواْلُمَناِفَقععا ُ‬ ‫اْلُمَنععاِفُقو َ‬
‫س عَيُهْم ‪،‬‬ ‫سوا الَّ ع َفَن ِ‬ ‫ن َأْيِدَيُهْم ‪َ ،‬ن ُ‬ ‫ضو َ‬ ‫ف ‪َ ،‬وَيْقِب ُ‬ ‫ن اْلَمْعُرو ِ‬ ‫عِ‬‫ن َ‬ ‫َوَيْنهَْو َ‬
‫ت‬‫ن َواْلُمَناِفَقععا ِ‬ ‫عَد الُّ اْلُمَنععاِفِقي َ‬ ‫ن )‪َ (67‬و َ‬ ‫سُقو َ‬ ‫ن ُهُم اْلَفا ِ‬ ‫ن اْلُمَناِفِقي َ‬‫ِإ ّ‬
‫لع َوَلُهعْم‬ ‫سُبُهْم َوَلَعَنُهعُم ا ُّ‬ ‫ح ْ‬‫ي َ‬ ‫ن ِفيَها ‪ِ ،‬ه َ‬ ‫خاِلِدي َ‬ ‫جَهّنَم َ‬ ‫َواْلُكّفاَر ‪َ ،‬ناَر َ‬
‫شعّد ِمْنُكعْم ُقعّوًة َوَأْكَثعرَ‬ ‫ن َقْبِلُكْم ‪َ ،‬كاُنوا َأ َ‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫ب ُمِقيٌم )‪َ (68‬كاّلِذي َ‬ ‫عَذا ٌ‬‫َ‬
‫‪767‬‬
‫لِقُك عْم َكمَععا‬ ‫خَ‬‫س عَتْمَتْعُتْم ِب َ‬‫لِقِه عْم ‪َ ،‬فا ْ‬ ‫خَ‬ ‫س عَتْمَتُعوا ِب َ‬ ‫َأْم عَواًل َوَأْوَلًدا ‪َ ،‬فا ْ‬
‫ك‬
‫ضوا ‪ُ ،‬أوَلِئ َ‬ ‫خا ُ‬ ‫ضُتْم َكاّلِذي َ‬ ‫خ ْ‬ ‫لِقِهْم ‪َ ،‬و ُ‬ ‫خَ‬ ‫ن َقْبِلُكْم ِب َ‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫سَتْمَتَع اّلِذي َ‬ ‫ا ْ‬
‫سعُرونَ )‪(69‬‬ ‫خا ِ‬ ‫ك ُهُم اْل َ‬ ‫خَرِة ‪َ ،‬وُأوَلِئ َ‬ ‫لِ‬ ‫عَماُلُهْم ِفي الّدْنَيا َوا ْ‬ ‫ت َأ ْ‬
‫حِبطَ ْ‬‫َ‬
‫عععاٍد َوَثُمععوَد َوَقعْوِم‬ ‫ح َو َ‬ ‫ن َقْبِلِهعْم ‪َ ،‬قعْوِم ُنععو ٍ‬ ‫ن ِمع ْ‬ ‫َأَلْم َيعْأِتِهْم َنَبعُأ اّلعِذي َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫سعُلُهْم ِباْلَبّيَنععا ِ‬‫ت ‪َ ،‬أَتْتُهعْم ُر ُ‬ ‫ن َواْلُمْؤَتِفَكععا ِ‬ ‫ب َمعْدَي َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صَ‬ ‫ِإْبَراِهيَم َوَأ ْ‬
‫ن )‪(70‬‬ ‫ظِلُمععو َ‬ ‫سععُهْم َي ْ‬‫ن َكععاُنوا َأْنُف َ‬ ‫ظِلَمُهععْم ‪َ ،‬وَلِكعع ْ‬ ‫لعع ِلَي ْ‬ ‫ن ا ُّ‬ ‫َفَمععا َكععا َ‬
‫ض ‪َ ،‬يعععْأُمُرونَ‬ ‫ضعععُهْم َأوِْلَيعععاُء َبْعععع ٍ‬ ‫ت َبْع ُ‬ ‫ن َواْلُمْؤِمَنعععا ُ‬ ‫َواْلُمْؤِمُنعععو َ‬
‫ن الّزَكاَة‬ ‫لَة َوُيْؤُتو َ‬ ‫صَ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن اْلُمْنَكِر ‪َ ،‬وُيِقيُمو َ‬ ‫عِ‬ ‫ن َ‬ ‫ف َوَيْنَهْو َ‬ ‫ِباْلَمْعُرو ِ‬
‫لع عَِزيعٌز‬ ‫ن ا َّ‬ ‫لع ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫حُمُهُم ا ُّ‬ ‫سعَيْر َ‬‫ك َ‬ ‫سععوَلُه ‪ُ ،‬أوَلِئ َ‬ ‫لع َوَر ُ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫طيُعععو َ‬‫َوُي ِ‬
‫جعِري ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫ت َت ْ‬‫جّنعا ٍ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫ن َواْلُمْؤِمَنعا ِ‬ ‫لع اْلُمعْؤِمِني َ‬ ‫عَد ا ُّ‬ ‫حِكيٌم )‪َ (71‬و َ‬ ‫َ‬
‫ععْدنٍ ‪،‬‬ ‫ت َ‬ ‫جّنعا ِ‬‫طّيَبعًة ِفعي َ‬ ‫ن َ‬ ‫سعاِك َ‬‫ن ِفيَهعا ‪َ ،‬وَم َ‬ ‫خاِلعِدي َ‬ ‫حِتَها اَْلْنَهعاُر َ‬ ‫َت ْ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ظيُم )‪َ (72‬يَأّيَها الّنِب ّ‬ ‫ك ُهَو اْلَفْوُز اْلَع ِ‬ ‫ل َأْكَبُر ‪َ ،‬ذِل َ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫ن ِم َ‬ ‫َوِرضَْوا ٌ‬
‫س‬
‫جَهّنعُم َوِبْئ َ‬ ‫عَلْيِهعْم ‪َ ،‬وَمعْأَواُهْم َ‬ ‫ظ َ‬ ‫غُلع ْ‬‫ن َوا ْ‬ ‫جاِهِد اْلُكّفعاَر َواْلُمَنعاِفِقي َ‬ ‫َ‬
‫ل َما َقععاُلوا ‪َ ،‬وَلَقعْد َقععاُلوا َكِلَمعَة اْلُكْفعِر ‪،‬‬ ‫ن ِبا ِّ‬ ‫حِلُفو َ‬ ‫صيُر )‪َ (73‬ي ْ‬ ‫اْلَم ِ‬
‫لِمِهْم ‪َ ،‬وَهّمعوا ِبَمعا َلعْم َيَنعاُلوا ‪َ ،‬وَمعا َنَقُمعوا ِإّل َأنْ‬ ‫سَ‬ ‫َوَكفَُروا َبْعَد ِإ ْ‬
‫خْيعًرا َلُهعْم ‪َ ،‬وِإنْ‬ ‫ك َ‬ ‫ن َيُتوُبوا َيع ُ‬ ‫ضِلِه ‪َ ،‬فِإ ْ‬ ‫ن َف ْ‬ ‫سوُلُه ِم ْ‬ ‫ل َوَر ُ‬ ‫غَناُهُم ا ُّ‬ ‫َأ ْ‬
‫خ عَرِة ‪َ ،‬وَمععا َلُه عْم ِفععي‬ ‫لِ‬ ‫عَذاًبا َأِليًما ِفي ال عّدْنَيا َوا ْ‬ ‫ل َ‬ ‫َيَتَوّلْوا ُيَعّذْبُهُم ا ُّ‬
‫لع ‪َ ،‬لِئنْ‬ ‫عاَهعَد ا َّ‬ ‫ن َ‬ ‫صععيٍر )‪َ (74‬ومِْنُهعْم َمع ْ‬ ‫ي َوَل َن ِ‬ ‫ن َوِلع ّ‬ ‫ض ِمع ْ‬ ‫اَْلْر ِ‬
‫ن )‪َ (75‬فَلّمععا‬ ‫حي َ‬ ‫صععاِل ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫ن ِمع َ‬ ‫ن َوَلَنُكععوَن ّ‬ ‫صعّدَق ّ‬ ‫ضعِلِه ‪َ ،‬لَن ّ‬ ‫ن َف ْ‬ ‫َءاَتاَنا ِم ْ‬
‫ن )‪(76‬‬ ‫ضععو َ‬ ‫خُلععوا ِبععِه َوَتَوّلععْوا َوُهععْم ُمْعِر ُ‬ ‫ضععِلِه ‪َ ،‬ب ِ‬ ‫ن َف ْ‬ ‫َءاَتععاُهْم ِمعع ْ‬
‫لع َمععا‬ ‫خَلُفععوا ا َّ‬ ‫عَقَبُهْم ِنَفاًقا ِفي ُقُلععوِبِهْم ِإَلععى َيعْوِم َيْلقَعْوَنُه ‪ِ ،‬بَمععا َأ ْ‬ ‫َفَأ ْ‬
‫س عّرُهمْ‬ ‫ن الَّ َيْعَل عُم ِ‬ ‫ن )‪َ (77‬أَلْم َيْعَلُموا َأ ّ‬ ‫عُدوُه ‪َ ،‬وِبَما َكاُنوا َيْكِذُبو َ‬ ‫َو َ‬
‫ب )‪ 78‬التوبة ( ‪.‬‬ ‫لُم اْلُغُيو ِ‬ ‫عّ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫جَواُهْم ‪َ ،‬وَأ ّ‬ ‫َوَن ْ‬
‫قال تعالى‬

‫‪768‬‬
‫خَرِة ‪،‬‬
‫لِ‬‫سوَلُه ‪َ ،‬لَعَنُهُم الُّ ِفي الّدْنَيا َوا ْ‬
‫ل َوَر ُ‬‫ن ا َّ‬‫ن ُيْؤُذو َ‬‫ن اّلِذي َ‬‫) ِإ ّ‬
‫عَذاًبا ُمِهيًنا )‪ 57‬الحزاب (‬ ‫عّد َلُهْم َ‬
‫َوَأ َ‬
‫وقال‬
‫ساًنا‬
‫ق ِل َ‬
‫ب ُمصَّد ٌ‬ ‫حَمًة ‪َ ،‬وَهَذا ِكَتا ٌ‬‫سى ِإَماًما َوَر ْ‬ ‫ب ُمو َ‬‫ن َقْبِلِه ِكَتا ُ‬
‫) َوِم ْ‬
‫ن )‪ 12‬الحقاف (‬ ‫سِني َ‬
‫ح ِ‬‫شَرى ِلْلُم ْ‬‫ظَلُموا ‪َ ،‬وُب ْ‬
‫ن َ‬‫عَرِبّيا ‪ِ ،‬لُيْنِذَر اّلِذي َ‬
‫َ‬

‫‪769‬‬
‫يوم نبطش البطشة الكبرى‬
‫وهكذا نكون قد عايشنا أجواء المشهد الثالث ‪ ،‬قبل الخيععر ‪ ،‬مععن‬
‫فصول سورة الدخان ‪ ،‬وبقي المشععهد الرابععع والخيععر ‪ ،‬المشععهد‬
‫الكثر رعبا ‪ ،‬إنها البطشة الكبرى ‪ ،‬التي سينتقم فيهععا رب العععزة‬
‫ممن آذوا رسوله ‪ ،‬وهو وعد خاص لمحمد عليه الصلة والسلم‬
‫س عَلَنا ‪َ ،‬واّل عِذي َ‬
‫ن‬ ‫ص عُر ُر ُ‬ ‫‪ ،‬ول يخلف ال وعده ‪ ،‬قال تعالى ) ِإّنا َلَنْن ُ‬
‫شعَهاُد )‪ ، (51‬وقععال‬ ‫حَيععاِة العّدْنَيا ‪َ ،‬وَيعْوَم َيُقععوُم اَْل ْ‬ ‫َءاَمُنععوا ‪ِ ،‬فععي اْل َ‬
‫عِزي عٌز ُذو اْنِتَقععاٍم )‬ ‫ن الَّ ع َ‬ ‫سَلُه ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫عِدِه ُر ُ‬ ‫ف َو ْ‬‫خِل َ‬ ‫ل ُم ْ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫سَب ّ‬‫ح َ‬‫ل َت ْ‬‫) َف َ‬
‫‪ 47‬إبراهيم ( ‪.‬‬
‫أما المؤمنون من أهل مصر ‪ ،‬فربهم أعلم بهم ‪ ،‬وهععو كفيععل بععأن‬
‫يقيهم العذاب ‪ ،‬حيععث وعععدهم بالنصععر كمععا وعععد رسععله ‪َ ) ،‬وَلَقعْد‬
‫ت ‪َ ،‬فاْنَتَقمَْنععا‬‫جاُءوُهْم ِباْلَبّيَنععا ِ‬ ‫ل ‪ِ ،‬إَلى َقْوِمِهْم َف َ‬ ‫سً‬ ‫ك ُر ُ‬ ‫ن َقْبِل َ‬
‫سْلَنا ِم ْ‬‫َأْر َ‬
‫ن )‪47‬‬ ‫صععُر اْلُمععْؤمِِني َ‬ ‫علَْيَنععا َن ْ‬
‫حّقععا َ‬ ‫ن َ‬ ‫جَرُمععوا ‪َ ،‬وَكععا َ‬ ‫ن َأ ْ‬ ‫ن اّلععِذي َ‬‫ِمعع َ‬
‫الروم ( ‪ ،‬ووعدهم بالنجععاة كمععا وعععد رسععله ‪ ،‬قععال تعععالى ) َفَهعْل‬
‫ظُروا ‪ِ ،‬إّني‬ ‫ن َقْبِلِهْم ‪ُ ،‬قْل َفاْنَت ِ‬ ‫خَلْوا ِم ْ‬‫ن َ‬ ‫ن ‪ِ ،‬إّل ِمْثَل َأّياِم اّلِذي َ‬ ‫ظُرو َ‬ ‫َيْنَت ِ‬
‫ن َءاَمُنععوا ‪،‬‬ ‫س عَلَنا ‪َ ،‬واّل عِذي َ‬
‫جععي ُر ُ‬ ‫ن )‪ُ (102‬ثّم ُنَن ّ‬ ‫ظِري َ‬ ‫ن اْلُمْنَت ِ‬‫َمَعُكْم ِم َ‬
‫ن )‪ 103‬يونس ( ‪.‬‬ ‫ج اْلُمْؤِمِني َ‬ ‫عَلْيَنا ُنْن ِ‬ ‫حّقا َ‬‫ك َ‬ ‫َكَذِل َ‬
‫وبعععد جععدال طويععل ‪ ،‬لمععؤمن آل فرعععون ‪ ،‬مععع أئمععة الكفععر مععن‬
‫قومه ‪ ،‬في حوار يمتد من الية ‪ 28‬في سورة غافر وحععتى اليععة‬
‫ض َأمْعِري‬ ‫ن َما َأُقععوُل َلُكعْم ‪َ ،‬وُأَفعّو ُ‬ ‫سَتْذُكُرو َ‬ ‫‪ ، 44‬يقول لقومه ‪َ ) :‬ف َ‬
‫ت َما مََكُروا ‪،‬‬ ‫سّيَئا ِ‬ ‫صيٌر ِباْلِعَباِد )‪َ (44‬فوََقاُه الُّ َ‬ ‫ل َب ِ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫ل ‪ِ ،‬إ ّ‬‫ِإَلى ا ِّ‬
‫غُدّوا‬ ‫عَلْيَها ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ضو َ‬ ‫ب )‪ (45‬الّناُر ُيْعَر ُ‬ ‫سوُء اْلَعَذا ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫عْو َ‬ ‫ق ِبآِل ِفْر َ‬ ‫حا َ‬ ‫َو َ‬
‫ب)‬ ‫ش عّد اْلَع عَذا ِ‬‫ن َأ َ‬‫عْو َ‬ ‫خُلوا َءاَل ِفْر َ‬ ‫عُة ‪َ ،‬أْد ِ‬ ‫سا َ‬‫شّيا ‪َ ،‬وَيْوَم َتُقوُم ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫َو َ‬
‫‪ ، (46‬وكذلك سيفعل الذين من بعدهم ‪ ،‬عندما يسمعون بأمر هععذا‬
‫‪770‬‬
‫الكتاب ‪ ،‬فسُيمارون وُيكثرون من الجدل الجدال ‪ ،‬لُيثبتوا أن هععذه‬
‫السورة ‪ ،‬لم تكن بأي حال من الحوال بشأن مصر ‪ ،‬ومععا يجععري‬
‫فععي مصععر ‪ ،‬ومععا ذلععك بمنجيهععم مععن العععذاب ‪ ،‬فععالولى بهععم أن‬
‫ُيصلحوا ما فسد من أمرهم ‪ ،‬ويعودوا إلى ربهم ‪.‬‬
‫ماهية هذه البطشة ‪:‬‬
‫المكععان هععو القععاهرة ‪ ،‬بشععكل خععاص حيععث ظهععر الععدخان ‪ ،‬ومععن‬
‫المرجح أل يمتد إلى غيرها من المدن المصرية الكععبرى ‪ ،‬وربمععا‬
‫يمتد ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫النتيجة هي دمار القاهرة وخرابها ‪ ،‬وهلك أهلها ‪ ،‬دمارا وهلكا‬
‫عامععا ‪ ،‬غايععة فععي البشععاعة ‪ ،‬وهععذا مسععتفاد مععن قععوله تعععالى‬
‫) بطشععتنا ( عنععد حععديثه عععن عععذاب قععوم لععوط ‪ ،‬الععتي أوضععحنا‬
‫صفتها ‪ ،‬في فصل سابق ‪ ،‬فتلك بطشة ‪ ،‬وهذه بطشة كبرى ‪.‬‬
‫ومن المرجح ‪ ،‬وال أعلم ‪ ،‬أل تكون هععذه البطشععة ‪ ،‬بفعععل إله ع ّ‬
‫ي‬
‫خاص وظاهر ‪ ،‬كعععذابات القععوام السععابقة ‪ ،‬معع بقععاء الحتماليععة‬
‫قائمة ‪ ،‬كالخسف والععزلزل ‪ .‬ومععن المحتمععل أن تكععون ضععربة أو‬
‫ضربات نووية ‪ ،‬تترافق وتتزامن مع أحداث الحرب القادمة ‪ ،‬في‬
‫ظرف ثلثة سنوات على الكثر ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫ومما يدعم احتمال ضرب القاهرة نوويا ‪ ،‬هو ما جاء فععي أسععفار‬
‫التععوراة ‪ ،‬مععن أخبععار بخععراب مصععر وحريقهععا بالنععار ‪ ،‬وهلك‬
‫أهلهععا ‪ ،‬وجفععاف النيععل وروافععده ‪ ،‬فربمععا تصععدق إن كععانت هععي‬
‫المقصودة فعل ‪ ،‬في النصوص التالية ‪:‬‬
‫ع نص من سفر إشعععياء ‪ ،‬وهععو السععفر القععل تشععويها وتحريفععا ‪،‬‬
‫وهو السفر الذي مازال يحتفظ بنصوص البشرى ‪ ،‬بمحمععد عليععه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬وإليك نصه ‪:‬‬
‫‪771‬‬
‫" إشعياء ‪ :16-1 :19 :‬نبوءة بشأن مصر ‪ ،‬ها هو الععرب قععادم‬
‫إلى يركب سحابة سريعة ‪ ،‬فترتجف أوثععان مصععر فععي حضععرته ‪،‬‬
‫وتععذوب قلععوب المصععريين فععي داخلهععم ‪ ،‬وُأثيععر مصععريين علععى‬
‫مصريين فيتحاربون ‪ ،‬ويقوم الواحد على أخيععه ‪ ،‬والمدينععة علععى‬
‫المدينة ‪ ،‬والمملكة على المملكة ‪ ،‬فتععذوب أرواح المصععريين فععي‬
‫داخلهعععم ‪ ،‬وُأبطعععل مشعععورتهم ‪ ،‬فيسعععألون الوثعععان والسعععحرة‬
‫ى قاس‬ ‫وأصحاب التوابع والعّرافين ‪ ،‬وُأسّلط على المصريين مول ً‬
‫‪ ،‬فيسود ملك عنيف عليهم ‪ ،‬هذا ما يقوله الرب القدير ‪.‬‬
‫وتنضب مياه النيل ‪ ،‬وتجف الحواض وتيبععس ‪ُ ،‬تنتععن القنععوات ‪،‬‬
‫وتتناقص تفّرعات النيل وتجف ‪ ،‬ويتلف القصب والسل ‪ ،‬وتععذبل‬
‫النباتات على ضععفاف نهععر النيععل ‪ ،‬والحقععول والمزروعععات كلهععا‬
‫تجععف ‪ ،‬وكأنهععا لععم تكععن مخضععّرة ‪ .‬فيئن الصععيادون وطععارحو‬
‫سععر الععذين يلقععون شععباكهم‬ ‫الشصوص في النيل وينوحون ‪ ،‬ويتح ّ‬
‫شط ‪،‬‬ ‫في المياه ‪ ،‬ويتوّلى اليأس قلوب الذين يصنعون الكتان المم ّ‬
‫ويفقد حائكو الكتان الفععاخر كععل أمععل ‪ ،‬وُيسععحق الرجععال ‪ ،‬أعمععدة‬
‫الرض ‪ ،‬ويكتئب كل عامل أجير ‪.‬‬
‫رؤساء صوعن حمقى ‪ ،‬ومشورات أحكم حكماء فرعععون غبيععة ‪,‬‬
‫كيف تقولون لفرعععون ‪ ،‬نحععن مععن نسععل حكمععاء ‪ ،‬وأبنععاء ملععوك‬
‫قدامى ؟! أين حكماؤك يا فرعععون ‪ ،‬ليطلعععوك علععى مععا قضععى بععه‬
‫حمععق رؤسعاء صععوعن ‪ ،‬وانخععدع‬ ‫الرب القدير على مصععر ؟! قععد َ‬
‫أمراء نوف ‪ ،‬وأضّل مصر شرفاء قبائلها ‪ .‬جعل الرب فيهععا روح‬
‫فوضى ‪ ،‬فأضّلوا مصر في كل تص عّرفاتها ‪ ،‬حععتى ترّنحععت كترّنععح‬
‫السععكران فععي قيئه ‪ ،‬فلععم يبععق لُعظمائهععا أو أدنيائهععا مععا يفعلععونه‬
‫فيها ‪ .‬في ذلك اليوم ‪ ،‬يرتعد المصريون كالنسععاء ‪ ،‬خوفععا مععن يععد‬
‫الرب القدير التي يهّزها فوقهم " ‪.‬‬
‫‪772‬‬
‫ع ومقتطفات من نص آخر لرميا ‪ُ ،‬ينّبئ بخراب مصر ‪:‬‬
‫" ارميا ‪ : -13 :46 :‬النبوءة التي أوحععى بهععا الععرب إلععى ارميععا‬
‫النععبي ‪ ،‬عععن زحععف نبوخععذ نصععر لمهاجمععة مصععر ‪ :‬أذيعععوا فععي‬
‫مصر ‪ ،‬وأعلنوا في مجدل ‪ ،‬خّبروا في ممفيس ‪ ،‬وفي تحفنحيععس‬
‫‪ ،‬قولوا ‪ :‬قف متأهبععا لن السععيف يلتهععم ِمععن حولععك ‪ … .‬فتقععول‬
‫بقيععة اليهععود آنععذاك ‪ " :‬قومععوا لنرجعع إلععى قومنععا ‪ ،‬وإلععى أرض‬
‫موطننا ‪ ،‬هربا مععن السععيف الطععاغي " ‪ .‬ويهتفععون هنععاك ‪ " :‬إن‬
‫فرعون ملك مصر ‪ ،‬ليس سوى طبل أجوف ‪ ،‬أضاع فرصععته " ‪.‬‬
‫… تععأهبوا للجلء يأهععل مصععر ‪ ،‬لن ممفيععس ستصععبح أطلل ‪،‬‬
‫وخربا مهجورا ‪ .‬مصر عجلة فاتنة هاجمها الهلك من الشععمال ‪،‬‬
‫حععتى مرتزقتهععا فععي وسععطها كعجععول مسعّمنة ‪ ،‬قععد نكصععوا علععى‬
‫أعقابهم هاربين معا ‪ ،‬ولم يصمدوا لن يوم بلئهم ‪ ،‬قد حععل بهععم‬
‫في وقت عقابهم … " ‪.‬‬
‫ع ومقتطفات من نص آخر لحزقيال ‪ُ ،‬ينّبئ بخراب مصر ‪:‬‬
‫ي الرب بكلمته قائل ‪ :‬يا ابععن‬ ‫" حزقيال ‪ :13-1 :30 :‬وأوحى إل ّ‬
‫ب بات وشيكا ‪ ، … ،‬إّنه يععوم‬ ‫ن يوم الر ّ‬
‫آدم ‪ ،‬تنّبأ ‪ ،‬وقل ‪ ، … :‬إ ّ‬
‫ُمكفهّر بالغيوم ‪ ،‬ساعة دينونة ) نهاية ( للمم ‪ ،‬إذ ُيج عّرد سععيف‬
‫على مصر ‪ ،‬فيُععّم الععذعر الشععديد إثيوبيععا ‪ ،‬عنععدما يتهععاوى قتلععى‬
‫مصر ‪ ،‬ويستولي على ثروتها ‪ ،‬وُتنقض ُأسسها ‪ .‬ثم تسقط معهم‬
‫بالسيف ‪ ،‬إثيوبيا وفوط ولود ‪ ،‬وشععبه الجزيععرة العربيععة وليبيععا ‪،‬‬
‫سّكانها مععن مجععدل‬ ‫وشعوب الرض الُمتحالفة معهم … فيتهاوى ُ‬
‫إلى أسوان ‪ ...‬فُتصبح أكثر الراضي الُمقفععرة وحشععة ‪ ،‬وُتضععحي‬
‫ُمدنها أكثر الُمدن خرابا … في يوم هلك مصععر ‪ ،‬الععذي ل بععد أن‬
‫يتحّقق ‪.‬‬
‫‪773‬‬
‫صععر ملععك بابععل ‪،‬إذ ُيقبععل‬
‫لني سأفني جماهير مصععر بيععد نبوخععذ ن ّ‬
‫بجيشه ‪ ،‬أعتى جيوش المم لخراب ديار مصر ‪ ،‬فُيجّردون عليها‬
‫سيوفهم ‪ ،‬ويملئون أرضها بالقتلى ‪ ،‬وُأجّفف مجاري نهر النيل ‪،‬‬
‫وأبيع الرض لقوم أشرار ‪ ،‬وُأخّرب البلد فيها بيد الغربععاء ‪ ،‬أنععا‬
‫طم الصنام ‪ ،‬وُأزيل الوثان من ممفيس ‪،‬‬ ‫الربّ قد قضيت ‪ .‬ثّم ُأح ّ‬
‫ول يبقى بعد ‪ ،‬رئيس في ديار مصر ‪ ،‬وُألقي فيها الرعب " ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫قد أ َ‬
‫ر(‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬‫ّ‬ ‫ن‬ ‫بال‬ ‫وا‬‫ر‬
‫َ ْ ِ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ط‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ول َ َ ْ‬
‫) َ‬
‫ط ِبالّنعُذِر )‪ِ (33‬إّنععا‬ ‫ت َقعْوُم ُلععو ٍ‬ ‫قال تعععالى فععي سععورة القمععر ) َكعّذَب ْ‬
‫حٍر )‪ (34‬نِْعمَةً ِمععنْ‬ ‫سَ‬ ‫جْيَناُهْم ِب َ‬‫ط َن ّ‬
‫صًبا ِإّل َءاَل ُلو ٍ‬ ‫حا ِ‬
‫عَلْيِهْم َ‬‫سْلَنا َ‬ ‫َأْر َ‬
‫شعَتَنا َفَتمَععاَرْوا‬
‫ط َ‬‫شَكَر )‪َ (35‬وَلَقْد َأْنعَذَرُهْم َب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫جِزي َم ْ‬ ‫ك َن ْ‬
‫عْندَِنا َكَذِل َ‬
‫ِ‬
‫عُيَنُه عْم َف عُذوُقوا‬
‫س عَنا َأ ْ‬
‫طَم ْ‬‫ض عْيِفِه َف َ‬
‫ن َ‬ ‫عع ْ‬
‫ِبالّن عُذِر )‪َ (36‬وَلَق عْد َراَوُدوُه َ‬
‫سَتِقّر )‪َ (38‬فُذوُقوا‬ ‫ب ُم ْ‬ ‫عَذا ٌ‬‫حُهْم ُبْكَرًة َ‬ ‫صّب َ‬
‫عَذاِبي َوُنُذِر )‪َ (37‬وَلَقْد َ‬ ‫َ‬
‫ن ُمّدِكٍر )‪40‬‬ ‫ن ِللّذْكِر َفَهْل ِم ْ‬ ‫سْرَنا اْلُقْرَءا َ‬
‫عَذاِبي َوُنُذِر )‪َ (39‬وَلَقْد َي ّ‬ ‫َ‬
‫القمر ( ‪.‬‬
‫فتماروا بالُنذر ‪ :‬جماع معنى كلمة مراء ‪ ،‬هو الكثار في الجععدال‬
‫بل طائل ‪ ،‬بغية إلبععاس الحععق بالباطععل ‪ ،‬والصععورة الععتي تشعّكلت‬
‫لدينا ‪ ،‬مما جاء من معاني في لسان العرب ‪ ،‬هععو أن قععوم لععوط ‪،‬‬
‫عندما أنذرهم وحّذرهم عليه السلم مععن العععذاب ‪ ،‬اسععتهزءوا بععه‬
‫وبتحذيره ‪ ،‬بل وطفقوا في مجالسهم ‪ ،‬يتبارون فيمععا بينهععم أيهععم‬
‫أقوى حجة ‪ ،‬بكل ما ُأتوا من ملكات وبيان ‪ ،‬لستخراج واستنباط‬
‫البراهين ‪ ،‬لتفنيد ما يّدعيه لوط ‪ ،‬من قععدرة ربععه علععى إهلكهععم ‪،‬‬
‫دون أن يألوا جهدا في التشععكيك بععذلك ‪ ،‬مظهريععن أكععبر قععدر مععن‬
‫الصلبة والثبات ‪ ،‬في مواقفهم المخالف للععوط ‪ ،‬وأكععبر قععدر مععن‬
‫الخصومة ‪ ،‬كل من بما يدعيه من الحق ‪ ،‬فيمععا يقععول ‪ .‬وهععذا مععا‬
‫‪774‬‬
‫يقوم به عادة ‪ ،‬المدافعين عععن الباطععل ‪ ،‬لضععلل النععاس ‪ ،‬وهععذه‬
‫الصورة كثيرا ‪ ،‬ما نراها هععذه اليععام ‪ ،‬فععي حععوارات أهععل الباطععل‬
‫ومناقشاتهم ‪ ،‬حتى من بعض رجال الدين ‪ ،‬عندما يجتمعون فيمععا‬
‫بينهم ‪ ،‬على منابر العلم المرئية والمسموعة والمكتوبععة ‪ .‬قععال‬
‫جاِدُل اّلِذي َ‬
‫ن‬ ‫ن َوُي َ‬
‫ن َوُمْنِذِري َ‬
‫شِري َ‬‫ن ِإّل ُمَب ّ‬
‫سِلي َ‬‫سُل اْلُمْر َ‬
‫تعالى ) َوَما ُنْر ِ‬
‫خعُذوا َءاَيععاِتي َوَمععا ُأْنعِذُروا‬‫ق َواّت َ‬
‫حع ّ‬‫ضععوا ِبعِه اْل َ‬
‫ح ُ‬ ‫طِل ِلُيْد ِ‬
‫َكَفُروا ِباْلَبا ِ‬
‫ُهُزًوا )‪ 56‬الكهف (‬
‫والسؤال الن ‪ :‬هل سيتمارى أهل مصععر بهععذا الكتععاب ‪ ،‬فيمععا لععو‬
‫وقع تحت أيديهم ‪ ،‬كما تمارى الذين من قبلهععم ؟ نقععول ‪ :‬نعععم بل‬
‫أدنى ! ألم يقل سبحانه ) أّنى لهم الذكرى ( ‪ ،‬وقععد ك عّذبوا برسععالة‬
‫محمد عليه الصلة والسععلم ‪ ،‬فععالحرى بهععم أن ُيكععذبوا مععن هععو‬
‫دونه من البشر ‪ ،‬أيا كانت درجتهم أو صفتهم ‪ ،‬وألم يقل سبحانه‬
‫) يوم نبطش … ( وعقععب علععى هععذا اليععوم ‪ ،‬بقععوله ‪ ) ،‬فععارتقب‬
‫إنهععم مرتقبععون ( ‪ ،‬فالمسععألة بععاتت مسععألة وقععت ‪ ،‬ل أكععثر …‬
‫فلنرتقب … ونرى … !‬
‫ولكن هل يفيد هذا النذار ‪ ،‬السابق للعذاب ؟ نقول ‪ :‬نعم ‪ ،‬لععو لععم‬
‫يكن فيه فائدة ‪ ،‬لما أنزله ال في كتابه ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬إذ لو عاد أهل مصر عامة ‪ ،‬عّمععا هععم عليععه ‪ ،‬لُرفععع عنهععم‬
‫العذاب ‪ ،‬كما ُرفع عن قوم يععونس عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬وأمععا‬
‫التأكيد على أنهم سينزل بهم ‪ ،‬كان لسبق علم ال ع ‪ ،‬بمععا سععيكون‬
‫من إصرارهم على ما هم عليه ‪ ،‬بعد كشف الدخان ‪.‬‬
‫ثانيععا ‪ :‬وربمععا سععيكون هنععاك عععودة ‪ ،‬لبعععض أهععل مصععر علععى‬
‫المستوى الفردي ‪ ،‬فيما لو انتبه أحدهم ‪ ،‬لهذا المععر ‪ ،‬مععن خلل‬
‫قراءته لسورة الدخان ‪ ،‬أو تم تنبيهه لهذا النذير اللهععي ‪ .‬وكععون‬
‫‪775‬‬
‫الناس منشغلون بدنياهم عن قراءة القرآن ‪ ،‬فععذلك حجععة إضععافية‬
‫عليهم ‪ ،‬يوم القيامة فيما لو تذّرعوا بأن لم يأتهم نذير ‪ ،‬في أنهععم‬
‫كانوا حقا معرضين عن كتابه ‪ ،‬كما أخععبر سععبحانه بحععالهم ‪ ،‬مععن‬
‫سابق علمه ‪ ،‬في كتابه العزيز ‪ ،‬ليكون النذير في متنععاول أيععديهم‬
‫وهم ل يشعرون ‪ .‬وربما يكون أحدهم قععد انتبععه ‪ .‬ولمععا لععم ُيكّلععف‬
‫نفسه بالبحث ‪ ،‬إذ ل يرى نفسه ملزما ‪ ،‬بفهم كتاب ال ‪ ،‬فتساءل‬
‫… ؟! فضّلله عاّمي أو عالم أو فقيه ‪ ،‬بغير علم … !‬
‫ثالثا ‪ :‬ليكون فععي كععل هععذا عععبرة ‪ ،‬لمععن يعتععبر مععن المصععريين ‪،‬‬
‫خِريععنَ )‬
‫لِ‬ ‫ل ِل ْ‬
‫سَلًفا َوَمَث ً‬
‫جَعْلَناُهْم َ‬
‫وغيرهم من المم ‪ .‬قال تعالى ) َف َ‬
‫‪ 56‬الزخرف (‬
‫مسألة إهلك العامة والخاصة ‪:‬‬
‫قد يستنكر البعض إهلك ال للعامة ‪ ،‬كونهم مسلمين … ! نقععول‬
‫أن ربهععم أعلععم بهععم ‪ ،‬وهععو القععدر علععى كيفيععة التعامععل معهععم ‪،‬‬
‫ق‪.‬‬‫وحكمه في خلقه عدل ‪ ،‬وقضاؤه فيهم ح ّ‬
‫ع ومما قاله رب العزة فععي سععنن إهلك القععرى ‪ ،‬موضععحا أسععباب‬
‫استحقاق أهلها للعقاب بفعل ساداتها ‪:‬‬
‫جِرِميَهععا ِلَيْمُك عُروا‬
‫جَعْلَنا ِفي ُكّل َقْرَيٍة ‪َ ،‬أَكععاِبَر ُم ْ‬ ‫ك َ‬ ‫قال تعالى ) َوَكَذِل َ‬
‫ن )‪ 123‬النعععام ( ‪،‬‬ ‫ش عُعُرو َ‬ ‫سِهْم َوَمععا َي ْ‬‫ن ِإّل ِبَأْنُف ِ‬‫ِفيَها ‪َ ،‬وَما َيْمُكُرو َ‬
‫سُقوا ِفيَهععا ‪،‬‬ ‫ك َقْرَيًة ‪َ ،‬أَمْرَنا ُمْتَرِفيَها ‪َ ،‬فَف َ‬‫ن ُنْهِل َ‬ ‫وقال ) َوِإَذا َأَرْدَنا َأ ْ‬
‫عَلْيَها اْلَقْوُل ‪َ ،‬فَدّمْرَناَها َتْدِميًرا )‪ 16‬السراء (‬ ‫ق َ‬
‫ح ّ‬
‫َف َ‬
‫‪ -‬وأمععا أسععباب اسععتحقاق العامععة للعقععاب ‪ ،‬كمععا ُيبّينوهععا هععم‬
‫بأنفسهم ‪:‬‬

‫‪776‬‬
‫خاِلعِدينَ‬ ‫سعِعيًرا )‪َ (64‬‬ ‫عّد َلُهعْم َ‬ ‫ن َوَأ َ‬ ‫ن اْلَكاِفِري َ‬‫ل َلَع َ‬‫ن ا َّ‬ ‫قال تعالى ) ِإ ّ‬
‫جععوُهُهْم ِفععي‬ ‫ب ُو ُ‬ ‫صيًرا )‪َ (65‬يْوَم ُتَقّل ُ‬ ‫ن َوِلّيا َوَل َن ِ‬ ‫جُدو َ‬ ‫ِفيَها َأَبًدا َل َي ِ‬
‫سععوَل )‪َ (66‬وَقععاُلوا َرّبَنععا‬ ‫طْعَنععا الّر ُ‬ ‫ل َوَأ َ‬
‫طْعَنا ا َّ‬ ‫ن َيَلْيَتَنا َأ َ‬
‫الّناِر َيُقوُلو َ‬
‫ل )‪َ (67‬رّبَنععا َءاِتِهعمْ‬ ‫سعِبي َ‬‫ضعّلوَنا ال ّ‬ ‫سععاَدَتَنا َوُكَبَراَءَنععا َفَأ َ‬ ‫طْعَنععا َ‬ ‫ِإّنععا َأ َ‬
‫ن َءامَُنوا ‪،‬‬ ‫ب َواْلَعْنُهْم َلْعًنا َكِبيًرا )‪َ (68‬يَأّيَها اّلِذي َ‬ ‫ن اْلَعَذا ِ‬ ‫ن ِم َ‬ ‫ضْعَفْي ِ‬ ‫ِ‬
‫ل ِمّما َقاُلوا ‪َ ،‬وَكععانَ عِْن عَد‬ ‫سى ‪َ ،‬فَبّرَأُه ا ُّ‬ ‫ن َءاَذْوا ُمو َ‬ ‫َل َتُكوُنوا َكاّلِذي َ‬
‫سعِديًدا‬
‫ن َءاَمُنوا اّتُقوا الَّ َوُقوُلوا َقعْوًل َ‬ ‫جيًها )‪َ (69‬يَأّيَها اّلِذي َ‬ ‫ل َو ِ‬‫ا ِّ‬
‫)‪ 70‬الحزاب (‬
‫جُنععوُد ِإْبِليع َ‬
‫س‬ ‫ن )‪َ (94‬و ُ‬ ‫وقال تعععالى ) َفُكْبِكُبععوا ِفيَهععا ُهعْم َواْلَغععاُوو َ‬
‫ل ِإنْ ُكّنا َلِفععي‬ ‫ن )‪َ (96‬تا ِّ‬ ‫صُمو َ‬ ‫خَت ِ‬ ‫ن )‪َ (95‬قاُلوا َوُهْم ِفيَها َي ْ‬ ‫جَمُعو َ‬ ‫َأ ْ‬
‫ض عّلَنا ِإّل‬
‫ن )‪َ (98‬وَما َأ َ‬ ‫ب اْلَعاَلِمي َ‬‫سّويُكْم ِبَر ّ‬ ‫ن )‪ِ (97‬إْذ ُن َ‬ ‫لٍل ُمِبي ٍ‬ ‫ضَ‬ ‫َ‬
‫حِمي عٍم )‬‫ص عِديقٍ َ‬ ‫ن )‪َ (100‬وَل َ‬ ‫شععاِفِعي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن )‪َ (99‬فَما َلَنا ِم ْ‬ ‫جِرُمو َ‬ ‫اْلُم ْ‬
‫‪ 101‬الشعراء ( ‪.‬‬
‫ن ‪َ ،‬وَل‬ ‫ن ِبَهعَذا اْلُقعْرَءا ِ‬ ‫ن ُنعْؤِم َ‬ ‫ن َكَفعُروا ‪َ ،‬لع ْ‬ ‫وقال تعالى ) َوَقاَل اّلِذي َ‬
‫عْن عَد َرّبِه عْم ‪،‬‬ ‫ن ِ‬ ‫ن َمْوُقوُفو َ‬ ‫ظاِلُمو َ‬‫ن َيَدْيِه ‪َ ،‬وَلْو َتَرى ‪ِ ،‬إِذ ال ّ‬ ‫ِباّلِذي َبْي َ‬
‫ض عِعُفوا ‪ِ ،‬لّل عِذينَ‬ ‫سُت ْ‬
‫نا ْ‬ ‫ض اْلَقْوَل ‪َ ،‬يُقوُل اّل عِذي َ‬ ‫ضُهْم ِإَلى َبْع ٍ‬ ‫َيْرجُِع َبْع ُ‬
‫ن )‪ 31‬سبأ (‬ ‫سَتْكَبُروا ‪َ ،‬لْوَل َأْنُتْم َلُكّنا ُمْؤِمِني َ‬ ‫ا ْ‬
‫وذلعععك بسعععبب طعععاعتهم وتعععأليههم لسعععادتهم وكعععبرائهم معععن‬
‫المجرمين ‪ ،‬ورضاهم واتباعهم لمنهج كبرائهم ‪ ،‬سواء كان ذلععك‬
‫كرها أم طوعا ‪ ،‬وممارستهم للفساد والفساد كل حسععب طععاقته ‪.‬‬
‫وفساد الحكام عادة ما يكون مسبوقا ‪ ،‬بفساد الشعوب وانحرافهععا‬
‫ظرين ‪ ،‬الطععامعين فععي‬ ‫‪ ،‬وليس العكس كما يتصور الكثير من المن ّ‬
‫السلطة ‪ ،‬صابين جععام غضععبهم علععى الحكععام ‪ ،‬والجععدى بهععؤلء‬
‫والجدر ‪ .‬بأن يشعروا بالرثاء لحععال الملععوك ‪ ،‬والشععفاق عليهععم‬
‫‪777‬‬
‫مععن حسععابهم العسععير ‪ ،‬بيععن يععدي ملععك الملععوك ‪ ،‬إن كععانوا مععن‬
‫الظالمين ‪ ،‬وليصلحوا أنفسهم أول ‪ ،‬ورب العزة كفيل ‪ ،‬بأن يوّلي‬
‫عليهم من هو خير منهم ‪ ،‬ول أذكععر بالضععبط مععن القععائل ‪ " :‬لععو‬
‫يعلم الملوك ‪ ،‬ما نشعععر بععه مععن حلوة اليمععان ‪ ،‬لقاتلونععا عليهععا‬
‫بالسيوف " ‪ .‬وهل يضمن هؤلء أل ُيفتنوا ببريق المال والسلطة‬
‫صلوا‬ ‫‪ ،‬كما افُتتن الملوك والحكام ‪ ،‬على مّر العصور ‪ ،‬فيما لو تح ّ‬
‫حّتععى ُيغَّيعُروا َمععا‬ ‫لع َل ُيَغّيعُر َمععا ِبَقعْوٍم َ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫عليهما ‪ .‬قععال تعععالى ) ِإ ّ‬
‫سِهْم )‪ 11‬الرعد ( ‪.‬‬ ‫ِبَأْنُف ِ‬
‫وتدّبر دعاء نوح عليه السلم على قععومه ‪ ،‬حيععث شععملت دعععوته‬
‫عَبععاَدكَ َولَ‬ ‫ضعّلوا ِ‬ ‫ن َتعَذْرُهْم ُي ِ‬ ‫ك ِإ ْ‬‫من هم فععي ظهععور آبععائهم ‪ِ ) :‬إّنع َ‬
‫جًرا َكّفاًرا )‪ 27‬نوح (‬ ‫َيِلُدوا ِإّل َفا ِ‬
‫وتفّكر وتدّبر في قصة أصحاب السبت ‪ ،‬فيما يلي من آيات ‪:‬‬
‫ن ِفععي‬ ‫حعِر ِإْذ َيعْعُدو َ‬ ‫ضعَرَة اْلَب ْ‬‫حا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ن اْلَقْرَيعِة اّلِتععي َكععاَن ْ‬ ‫عِ‬ ‫سَأْلُهْم َ‬ ‫) َوا ْ‬
‫ن َل‬ ‫سعِبُتو َ‬ ‫عا َوَيعْوَم َل َي ْ‬ ‫شعّر ً‬ ‫سعْبِتِهْم ُ‬ ‫حيَتاُنُهْم َيعْوَم َ‬ ‫ت ِإْذ َتْأِتيِهْم ِ‬‫سْب ِ‬‫ال ّ‬
‫ت ُأمّةٌ مِْنُهْم‬ ‫ن )‪َ (163‬وِإْذ َقاَل ْ‬ ‫سُقو َ‬ ‫ك َنْبُلوُهْم ِبَما َكاُنوا َيْف ُ‬ ‫َتْأِتيهِْم َكَذِل َ‬
‫شعِديًدا َقععاُلوا َمْععِذَرًة‬ ‫عَذاًبا َ‬ ‫ل ُمْهِلُكُهْم َأْو ُمَعّذُبُهْم َ‬ ‫ن َقْوًما ا ُّ‬ ‫ظو َ‬ ‫ِلَم تَِع ُ‬
‫جْيَنععا‬
‫سععوا َمععا ُذّكعُروا بِعهِ َأْن َ‬ ‫ن )‪َ (164‬فَلّمععا َن ُ‬ ‫ِإَلى َرّبُكْم َوَلَعّلُهْم َيّتُقو َ‬
‫س ِبمَععا‬ ‫ب َبِئيع ٍ‬ ‫ظَلُمعوا ِبَععَذا ٍ‬ ‫ن َ‬‫خعْذَنا اّلعِذي َ‬ ‫سوِء َوَأ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫عِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َيْنَهْو َ‬ ‫اّلِذي َ‬
‫عْنُه ُقْلَنا َلُهْم ُكوُنععوا‬ ‫ن َما ُنُهوا َ‬ ‫عْ‬ ‫عَتْوا َ‬ ‫ن )‪َ (165‬فَلّما َ‬ ‫سُقو َ‬ ‫َكاُنوا َيْف ُ‬
‫ن )‪ 166‬العراف ( ‪.‬‬ ‫سِئي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ِقَرَدةً َ‬
‫إذن ‪ ،‬هناك نجاة لمععن ينهععون عععن السععوء أول ‪ ،‬ومععن ثععم هنععاك‬
‫عذاب للذين ظلموا ثانيا ‪ ،‬بما كانوا يفسقون ‪ ،‬والفسق اصععطلحا‬
‫هو الخروج من الدين ‪ ،‬ولحظ هنا أن النجاة ‪ُ ،‬كتبت لمععن أمععروا‬
‫بالمعروف ونهوا عن المنكععر ‪ ،‬فهععل نجععرؤ أو نقععوى هععذه اليععام‬
‫‪778‬‬
‫على فعل ذلك ‪ ،‬وإيمععان الواحععد منععا علععى حععرف ‪ ،‬وخوفنععا علععى‬
‫فقدان متاع الحياة الدنيا ‪ ،‬أشد من خوفنا من أمر ال … ؟!‬
‫صععاَبهُ‬ ‫ن َأ َ‬‫ف ‪َ ،‬ف عِإ ْ‬ ‫حعْر ٍ‬ ‫عَلععى َ‬ ‫لع َ‬ ‫ن َيْعُبعُد ا َّ‬ ‫س َم ْ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫قال تعالى ) َوِم َ‬
‫س عرَ‬ ‫خ ِ‬ ‫جِه عهِ ‪َ ،‬‬ ‫عَلععى َو ْ‬ ‫ب َ‬ ‫صاَبْتُه ِفْتَن عٌة ‪ ،‬اْنَقَل ع َ‬ ‫ن َأ َ‬ ‫ن ِبِه ‪َ ،‬وِإ ْ‬ ‫طَمَأ ّ‬ ‫خْيٌر ا ْ‬‫َ‬
‫ن اْلُمِبينُ )‪ 11‬الحج (‬ ‫سَرا ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ك ُهَو اْل ُ‬ ‫خَرَة َذِل َ‬ ‫لِ‬ ‫الّدْنَيا َوا ْ‬
‫لع‬ ‫ن َرسُععوَل ا ِّ‬ ‫س عَأُلو َ‬‫س ‪َ ،‬ي ْ‬ ‫ن الّنا ُ‬ ‫ن ‪ ،‬قال ‪َ :‬كا َ‬ ‫ن اْلَيَما ِ‬ ‫حَذْيَفَة ْب َ‬ ‫وعن ُ‬
‫خاَفةَ‬ ‫شّر ‪َ ،‬م َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫عْ‬ ‫سَأُلُه َ‬ ‫ت َأ ْ‬‫خْيِر ‪َ ،‬وُكْن ُ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫عْ‬ ‫سّلَم َ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫َ‬
‫شعّر ‪،‬‬ ‫جاِهِلّيعٍة َو َ‬ ‫لع ِإّنععا ُكّنععا ِفععي َ‬ ‫سععوَل ا ِّ‬ ‫ت ‪َ :‬يععا َر ُ‬ ‫ن يُْدِرَكِني ‪َ ،‬فُقْلع ُ‬ ‫َأ ْ‬
‫شّر ؟ َقاَل ‪َ :‬نَععْم ‪،‬‬ ‫ن َ‬ ‫خْيِر ِم ْ‬‫خْيِر ‪َ ،‬فَهْل َبْعَد َهَذا الْ َ‬ ‫ل ِبَهَذا اْل َ‬ ‫جاءََنا ا ُّ‬ ‫َف َ‬
‫ت‬
‫خنٌ ‪ُ ،‬قْل ُ‬ ‫خْيٍر ؟ َقاَل ‪َ :‬نَعْم ‪َ ،‬وِفيِه َد َ‬ ‫ن َ‬ ‫شّر ِم ْ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ُقْلتُ ‪َ :‬وَهْل َبْعَد َذِل َ‬
‫ن ِبَغْي عِر َه عْدِيي ‪َ ،‬تْع عِرفُ مِْنُه عْم‬ ‫خُن عُه ؟ َقععاَل ‪َ :‬ق عْوٌم َيْه عُدو َ‬ ‫‪َ :‬وَمععا َد َ‬
‫شّر ؟ َقاَل ‪َ :‬نَعْم ُدعَععاٌة ِإَلععى‬ ‫ن َ‬ ‫خْيِر ِم ْ‬ ‫ك اْل َ‬ ‫ت ‪َ :‬فَهْل َبْعَد َذِل َ‬ ‫َوُتْنِكُر ‪ُ ،‬قْل ُ‬
‫لع‬ ‫ت ‪َ :‬يا َرسُععوَل ا ِّ‬ ‫جاَبُهْم ِإَلْيَها َقَذُفوُه ِفيَها ‪ُ ،‬قْل ُ‬ ‫ن َأ َ‬ ‫جَهّنَم ‪َ ،‬م ْ‬ ‫ب َ‬ ‫َأْبَوا ِ‬
‫ت‪:‬‬ ‫س عَنِتَنا ‪ُ ،‬قْل ع ُ‬‫ن ِبَأْل ِ‬‫جْل عَدِتَنا َوَيَتَكّلُمععو َ‬‫ن ِ‬ ‫صْفُهْم َلَنا ؟! َفَقاَل ‪ُ :‬هْم ِم ع ْ‬ ‫ِ‬
‫س عِلِمينَ‬ ‫ع عَة اْلُم ْ‬ ‫جَما َ‬ ‫ك ؟ َقععاَل ‪َ :‬تْل عَزُم َ‬ ‫ن َأْدَرَكِنععي َذِل ع َ‬ ‫َفَمععا َت عْأُمُرِني ِإ ْ‬
‫عَتِزْل‬ ‫جَماعٌَة َوَل ِإَماٌم ؟ َقاَل ‪َ :‬فا ْ‬ ‫ن َلُهْم َ‬ ‫ن َلْم َيُك ْ‬ ‫ت ‪َ :‬فِإ ْ‬ ‫َوِإَماَمُهْم ‪ُ ،‬قْل ُ‬
‫حّتععى ُيعْدِرَك َ‬
‫ك‬ ‫جَرٍة ‪َ ،‬‬ ‫شع َ‬‫صعِل َ‬ ‫ض ِبَأ ْ‬ ‫ن َتَعع ّ‬ ‫ق ُكّلَهععا ‪َ ،‬وَلعْو َأ ْ‬ ‫ك اْلِفعَر َ‬ ‫ِتْلع َ‬
‫ك " ‪ .‬رواه البخععاري ومسععلم ‪ ،‬وأخرجععه‬ ‫عَلععى َذِلع َ‬ ‫ت َ‬ ‫ت ‪َ ،‬وَأْنع َ‬ ‫اْلَموْ ُ‬
‫الترمذي والنسائي وأبو داود وابن وأحمد ‪.‬‬
‫لع ‪،‬‬ ‫سوَل ا ِّ‬ ‫عْنُه ‪َ ،‬قاَل ‪ِ " :‬قيَل َيا َر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ي ا ُّ‬ ‫ضَ‬ ‫ي َر ِ‬ ‫خْدِر ّ‬ ‫سِعيٍد اْل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫وَ‬
‫س عّلَم ‪:‬مُ عْؤِمنٌ‬ ‫عَلْيِه َو َ‬ ‫ل َ‬ ‫صّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫سوُل ا ِّ‬ ‫ضُل ؟ َفَقاَل َر ُ‬ ‫س َأْف َ‬ ‫ي الّنا ِ‬ ‫َأ ّ‬
‫ن ؟ َقععاَل ‪ :‬مُ عْؤِمنٌ‬ ‫سِه َوَماِلِه ‪َ ،‬قاُلوا ‪ُ :‬ثّم َم ْ‬ ‫ل ِبَنْف ِ‬‫سِبيِل ا ِّ‬ ‫جاِهُد ِفي َ‬ ‫ُي َ‬
‫شععّرِه " ‪ .‬رواه‬ ‫ن َ‬ ‫س ِم ْ‬ ‫ع الّنا َ‬ ‫ل ‪َ ،‬وَيَد ُ‬ ‫ب َيّتِقي ا َّ‬ ‫شَعا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ب ِم ْ‬ ‫شْع ٍ‬‫ِفي ِ‬
‫البخاري ومسلم ‪ ،‬وأخرجه وأبو داود وابن ماجه وأحمد ‪.‬‬
‫‪779‬‬
‫صعًة ‪،‬‬ ‫خا ّ‬ ‫ظَلُموا ِمْنُكعْم َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ‪ ،‬الِّذي َ‬ ‫صيَب ّ‬‫وقال تعالى ) َواّتُقوا ِفْتَنًة َل ُت ِ‬
‫ب )‪ 25‬النفال (‬ ‫شِديُد اْلِعَقا ِ‬‫ل َ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫عَلُموا َأ ّ‬ ‫َوا ْ‬
‫ل‬‫مننن ُ‬ ‫ع َ‬‫منننا ي َ ْ‬ ‫ع ّ‬‫فًل ‪َ ،‬‬ ‫غنننا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّننن َ‬ ‫سنننب َ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫وَل ت َ ْ‬ ‫) َ‬
‫ن(‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ن ‪ِ ،‬إّنمَععا‬ ‫ظععاِلُمو َ‬ ‫عّما َيْعَمُل ال ّ‬ ‫ل‪َ ،‬‬ ‫غاِف ً‬‫ل َ‬ ‫ن ا َّ‬‫سَب ّ‬‫ح َ‬‫قال تعالى ‪َ ) :‬وَل َت ْ‬
‫ن ُمْقِنِعععي‬ ‫طِعي ع َ‬‫صععاُر )‪ُ (42‬مْه ِ‬ ‫ص ِفي عِه اَْلْب َ‬ ‫خ ُ‬ ‫شع َ‬‫خُرُهْم ِلَي عْوٍم ‪َ ،‬ت ْ‬ ‫ُي عَؤ ّ‬
‫س‬‫طْرُفُهْم َوَأْفِئَدُتهُْم َهَواٌء )‪َ (43‬وَأنِْذِر الّنا َ‬ ‫سِهْم َل َيْرَتّد ِإَلْيِهْم َ‬ ‫ُرُءو ِ‬
‫جعٍل‬ ‫خْرَنععا ِإَلعى َأ َ‬‫ظَلُموا ‪َ :‬رّبَنععا َأ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ب ‪َ ،‬فَيُقوُل اّلِذي َ‬ ‫‪َ ،‬يْوَم َيْأِتيِهُم اْلَعَذا ُ‬
‫سعمُْتْم ِمع ْ‬
‫ن‬ ‫سعَل ‪َ ،‬أَوَلعْم َتُكوُنععوا َأْق َ‬ ‫ك ‪َ ،‬وَنّتِبِع الّر ُ‬ ‫عَوَت َ‬
‫ب َد ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ب ‪ُ ،‬ن ِ‬ ‫َقِري ٍ‬
‫ظَلُمععوا‬‫ن َ‬ ‫ن اّل عِذي َ‬
‫سععاِك ِ‬‫س عَكْنُتْم ِفععي َم َ‬ ‫ن َزَواٍل )‪َ (44‬و َ‬ ‫َقْبُل ‪َ ،‬ما َلُكْم ِم ْ‬
‫ض عَرْبَنا َلُك عُم اَْلْمثَععاَل )‪(45‬‬ ‫ف َفَعْلَنا ِبِهْم ‪َ ،‬و َ‬ ‫ن َلُكْم َكْي َ‬‫سُهْم ‪َ ،‬وَتَبّي َ‬ ‫َأْنُف َ‬
‫ن َمْكُرُهعْم ِلَتعُزوَل‬ ‫ن َكععا َ‬ ‫ل َمْكُرُهعْم ‪َ ،‬وِإ ْ‬ ‫عْنَد ا ِّ‬‫َوَقْد َمَكُروا َمْكَرُهْم ‪َ ،‬و ِ‬
‫لع‬‫س عَلُه ‪ِ ،‬إنّ ا َّ‬ ‫عِدِه ُر ُ‬ ‫ف َو ْ‬ ‫خِل َ‬ ‫ل ‪ُ ،‬م ْ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫سَب ّ‬
‫ح َ‬ ‫ل َت ْ‬
‫جَباُل )‪َ (46‬ف َ‬ ‫ِمْنُه اْل ِ‬
‫عِزيٌز ُذو اْنِتَقاٍم )‪ 47‬إبراهيم ( …‬ ‫َ‬
‫حٌد ‪،‬‬‫س ‪َ ،‬وِلُيْنَذُروا ِبِه ‪َ ،‬وِلَيْعَلُموا َأّنَما ُهَو ِإَلٌه َوا ِ‬ ‫غ ِللّنا ِ‬ ‫لٌ‬ ‫… َهَذا َب َ‬
‫ب )‪ 52‬إبراهيم (‬ ‫َوِلَيذّّكَر ُأوُلو اَْلْلَبا ِ‬
‫مننن هننم الظننالمون ومننن هنني القننرى‬
‫الظالمة ؟!‬
‫جاء في إهلك القرى الظالمة ‪:‬‬
‫صععيرُ‬
‫ي اْلمَ ِ‬
‫خْذُتَها َوِإَل ّ‬
‫ظاِلَمٌة ُثّم َأ َ‬
‫ي َ‬‫ت َلَها َوِه َ‬
‫ن َقْرَيٍة َأْمَلْي ُ‬
‫ن ِم ْ‬‫) َوَكَأّي ْ‬
‫)‪ 48‬الحج (‬
‫شِديٌد )‬
‫خَذُه َأِليٌم َ‬
‫ن َأ ْ‬
‫ظاِلَمٌة ِإ ّ‬
‫ي َ‬ ‫خَذ اْلُقَرى َوِه َ‬‫ك ِإَذا َأ َ‬
‫خُذ َرّب َ‬‫ك َأ ْ‬
‫) َوَكَذِل َ‬
‫‪ 102‬هود (‬
‫‪780‬‬
‫ن)‬ ‫لَي عًة ِلَق عْوٍم يَْعَلمُععو َ‬
‫ك َ‬‫ن ِفي َذِل َ‬ ‫ظَلُموا ِإ ّ‬ ‫خاِوَيًة ِبَما َ‬ ‫ك ُبُيوُتُهْم َ‬ ‫) َفِتْل َ‬
‫‪ 52‬النمل (‬
‫ن)‬ ‫خِريع َ‬ ‫شْأَنا َبْعَدَها َقْوًمعا آ َ‬‫ظاِلَمًة َوَأن َ‬ ‫ت َ‬ ‫ن َقْرَيٍة َكاَن ْ‬‫صْمَنا ِم ْ‬ ‫) َوَكْم َق َ‬
‫‪ 11‬النبياء (‬
‫سعُبونَ )‪(129‬‬ ‫ضععا ِبَمععا َكععاُنوا َيْك ِ‬
‫ن َبْع ً‬ ‫ظاِلِمي َ‬‫ض ال ّ‬‫ك ُنَوّلي َبْع َ‬ ‫) َوَكَذِل َ‬
‫ن )‪131‬‬ ‫غععاِفُلو َ‬‫ظْلٍم َوَأْهُلَها َ‬ ‫ك اْلُقَرى ِب ُ‬ ‫ك ُمْهِل َ‬
‫ن َرّب َ‬ ‫ن َلْم َيُك ْ‬
‫ك َأ ْ‬ ‫… َذِل َ‬
‫النعام ( ‪.‬‬
‫ك ِإّل‬
‫جْه عَرًة ‪َ ،‬ه عْل ُيْهَل ع ُ‬ ‫ل ‪َ ،‬بْغَت عًة َأْو َ‬‫ب ا ِّ‬ ‫عَذا ُ‬‫ن َأَتاُكْم َ‬ ‫) ُقْل َأَرَأْيَتُكْم ِإ ْ‬
‫ن )‪ 47‬المائدة (‬ ‫ظاِلُمو َ‬ ‫اْلَقْوُم ال ّ‬
‫مفهننوم الظلننم بننالمنظور اللهنني ‪ ،‬علننى‬
‫المستوى الفردي والجماعي ‪:‬‬
‫ن َيُقلْ ِمْنُهْم ‪ِ ،‬إّني ِإَل عهٌ مِ عنْ‬ ‫‪ .1‬إدعاء البشر لللوهية ‪َ ) :‬وَم ْ‬
‫ن )‪29‬‬ ‫ظععاِلِمي َ‬ ‫ج عِزي ال ّ‬ ‫ك َن ْ‬‫جَهّن عَم ‪َ ،‬ك عَذِل َ‬‫جِزي عِه َ‬‫ك َن ْ‬‫ُدوِنِه ‪َ ،‬فَذِل َ‬
‫النبياء (‬
‫ي َل‬ ‫ظ عُه َيُبَن ع ّ‬‫ن ِلْبِنِه َوُهَو َيِع ُ‬ ‫‪ .2‬الشرك بال ‪َ ) :‬وِإْذ َقاَل ُلْقَما ُ‬
‫ظيٌم )‪ 13‬لقمان (‬ ‫عِ‬ ‫ظْلٌم َ‬ ‫ك َل ُ‬
‫شْر َ‬‫ن ال ّ‬ ‫ل ِإ ّ‬
‫ك ِبا ِّ‬‫شِر ْ‬ ‫ُت ْ‬
‫لع َمعا‬‫ن ا ِّ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫ع ِمع ْ‬ ‫‪ .3‬الشرك في الدعاء والولء ‪َ ) :‬وَل َتْد ُ‬
‫ظعاِلِمينَ )‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ك ِإًذا ِمع َ‬ ‫ت َفِإّنع َ‬
‫ن َفَعْلع َ‬‫ك َفعِإ ْ‬
‫ضعّر َ‬‫ك َوَل َي ُ‬ ‫َل َيْنَفُعع َ‬
‫‪ 106‬يونس (‬
‫ظَل عُم مِمّ عنْ‬ ‫ن َأ ْ‬‫‪ .4‬الكذب على ال أو التكععذيب بآيععاته ‪َ ) :‬وَم ع ْ‬
‫ن)‬ ‫ظاِلُمو َ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ب ِبآَياِتِه ِإّنُه َل ُيْفِل ُ‬ ‫ل َكِذًبا َأْو َكّذ َ‬‫عَلى ا ِّ‬ ‫اْفَتَرى َ‬
‫‪ 21‬النعام (‬

‫‪781‬‬
‫ت‬‫ن ُذّك عَر ِبآَيععا ِ‬ ‫ظَلُم ِمّم ع ْ‬‫ن َأ ْ‬‫‪ .5‬العراض عن آيات ال ‪َ ) :‬وَم ْ‬
‫ن )‪22‬‬ ‫ن ُمْنَتِقُمععو َ‬ ‫جِرِميع َ‬‫ن اْلُم ْ‬ ‫عْنَهععا ِإّنععا ِمع َ‬
‫ض َ‬ ‫ععَر َ‬ ‫َرّبِه ُثعّم َأ ْ‬
‫السجدة (‬
‫ل ع َقْوًمععا َكَف عُروا َبْع عَد‬ ‫ف َيْه عِدي ا ُّ‬ ‫‪ .6‬الكفر بعد اليمان ‪َ ) :‬كْي َ‬
‫ل ع َل‬ ‫ت َوا ُّ‬ ‫جاَءُهُم اْلَبّيَنا ُ‬ ‫ق َو َ‬ ‫حّ‬ ‫سوَل َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫شِهُدوا َأ ّ‬ ‫ِإيَماِنِهْم َو َ‬
‫ن )‪ 86‬آل عمران (‬ ‫ظاِلِمي َ‬ ‫َيْهِدي اْلَقْوَم ال ّ‬
‫لعع‬ ‫ن ا َّ‬ ‫‪ .7‬إنكار البعث وقدرة ال على الخلق ‪َ ) :‬أَوَلْم َيَرْوا َأ ّ‬
‫ق ِمثَْلُهعْم‬ ‫خُلع َ‬‫ن َي ْ‬‫عَلعى َأ ْ‬ ‫ض َقعاِدٌر َ‬ ‫ت َواَْلْر َ‬ ‫سَمَوا ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫خَل َ‬
‫اّلِذي َ‬
‫ن ِإّل ُكُفععوًرا )‪99‬‬ ‫ظاِلُمو َ‬‫ب ِفيِه َفَأَبى ال ّ‬ ‫ل َل َرْي َ‬ ‫جً‬‫جَعَل َلُهْم َأ َ‬‫وَ َ‬
‫السراء (‬
‫‪ .8‬التكذيب المسبق بدون علم ‪ ،‬ممن أخذتهم العزة بالثم ‪:‬‬
‫طوا ِبِعْلِمِه َوَلّمععا َيعْأِتِهْم َتعْأِويُلُه َكعَذِل َ‬
‫ك‬ ‫حي ُ‬‫) َبْل َكّذُبوا ِبَما َلْم ُي ِ‬
‫ظععاِلِمينَ )‬ ‫عاِقَب عُة ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ف َكععا َ‬‫ظْر َكْي ع َ‬‫ن َقْبِلِهْم َفاْن ُ‬
‫ن ِم ْ‬ ‫ب اّلِذي َ‬‫َكّذ َ‬
‫‪ 39‬يونس (‬
‫ن ِفي‬ ‫ضو َ‬ ‫خو ُ‬ ‫ن َي ُ‬‫ت اّلِذي َ‬‫‪ .9‬الخوض في آيات ال ‪َ ) :‬وِإَذا َرَأْي َ‬
‫غْيِرِه َوِإّما‬ ‫ث َ‬ ‫حِدي ٍ‬ ‫ضوا ِفي َ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى َي ُ‬ ‫عْنُهْم َ‬ ‫ض َ‬ ‫عِر ْ‬ ‫َءاَياِتَنا َفَأ ْ‬
‫ظععاِلِمينَ‬ ‫ل َتْقُعْد َبْعَد الّذْكَرى َمَع اْلَق عْوِم ال ّ‬ ‫ن َف َ‬‫طا ُ‬‫شْي َ‬
‫ك ال ّ‬ ‫سَيّن َ‬
‫ُيْن ِ‬
‫)‪ 68‬النعام (‬
‫سععوٌل ِمْنُه عْم َفَك عّذُبوُه‬ ‫جععاَءُهْم َر ُ‬ ‫‪ .10‬تكععذيب الرسععل ‪َ ) :‬وَلَق عْد َ‬
‫ن )‪ 113‬النحل (‬ ‫ظاِلُمو َ‬ ‫ب َوُهْم َ‬ ‫خَذُهْم اْلَعَذا ُ‬ ‫َفَأ َ‬
‫‪ .11‬اتهععام الرسععل بععالمس ‪ ،‬إنكععارا للععوحي ‪ِ ) :‬إْذ َيُقععوُل‬
‫حوًرا )‪ 47‬السراء (‬ ‫سُ‬ ‫ل َم ْ‬‫جً‬ ‫ن ِإّل َر ُ‬ ‫ن َتّتِبُعو َ‬‫ن ِإ ْ‬‫ظاِلُمو َ‬ ‫ال ّ‬

‫‪782‬‬
‫‪ .12‬اللهو والتجني على الرسل فععي السععر والعلععن ‪ ) :‬لَِهَيعةً‬
‫شعٌر‬ ‫ظَلُمععوا َهعْل َهعَذا ِإّل بَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫جَوى اّلعِذي َ‬ ‫سّروا الّن ْ‬ ‫ُقُلوُبُهْم ‪َ ،‬وَأ َ‬
‫صُرونَ )‪ 3‬النبياء (‬ ‫حَر َوَأْنُتْم ُتْب ِ‬ ‫سْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ِمْثُلُكْم َأَفَتْأُتو َ‬
‫‪ .13‬اتهام الرسول بالكذب والتعّلم من البشر ‪َ ) :‬وَقاَل اّلععِذينَ‬
‫خعُرونَ‬ ‫عَلْيعِه َقعْوٌم َءا َ‬ ‫عععاَنهُ َ‬ ‫ك اْفَتعَراُه َوَأ َ‬ ‫ن َهَذا ِإّل ِإْف ٌ‬ ‫َكَفُروا ِإ ْ‬
‫ظْلًما َوُزوًرا )‪ 4‬الفرقان (‬ ‫جاُءوا ُ‬ ‫َفقَْد َ‬
‫‪ .14‬العععراض عععن هععدي الرسععل واتبععاع سععبلهم ‪َ ) :‬وَي عْوَم‬
‫سععوِل‬ ‫ت َمعَع الّر ُ‬ ‫خعْذ ُ‬
‫عَلى َيَدْيِه َيُقععوُل َيَلْيَتِنععي اّت َ‬ ‫ظاِلُم َ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫َيَع ّ‬
‫ل )‪ 27‬الفرقان (‬ ‫سِبي ً‬ ‫َ‬
‫‪ .15‬منع ذكر ال في المساجد والسعي في خرابهععا ‪َ ) :‬ومَ عنْ‬
‫س عَعى ِفععي‬ ‫سُمُه َو َ‬ ‫ن ُيْذَكَر ِفيَها ا ْ‬ ‫ل َأ ْ‬‫جَد ا ِّ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن َمَنَع َم َ‬ ‫َأظَْلُم ِمّم ْ‬
‫خَراِبَها )‪ 114‬البقرة (‬ ‫َ‬
‫‪ .16‬كتم ما ُأوتي الناس من علم من عند ربهععم ‪ُ) :‬ق عْل َءَأْنُت عْم‬
‫لع )‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫عْنعَدُه ِمع ْ‬‫شعَهاَدًة ِ‬ ‫ن َكَتَم َ‬ ‫ظَلُم ِمّم ْ‬ ‫ن َأ ْ‬‫ل ‪َ ،‬وَم ْ‬ ‫عَلُم َأِم ا ُّ‬ ‫َأ ْ‬
‫‪ 140‬البقرة (‬
‫ق ِم عنْ‬ ‫حع ّ‬ ‫شَهاَدُتَنا َأ َ‬
‫ل َل َ‬ ‫ن ِبا ِّ‬‫سَما ِ‬ ‫‪ .17‬شهادة الزور ‪َ … ) :‬فُيْق ِ‬
‫ن )‪107‬‬ ‫ظعععاِلِمي َ‬‫ن ال ّ‬ ‫عَتعععَدْيَنا ِإّنعععا ِإًذا َلمِععع َ‬
‫شعععَهاَدِتِهَما َوَمعععا ا ْ‬ ‫َ‬
‫المائدة (‬
‫عْلٍم‬
‫ظَلُموا َأْهَواَءُهْم ِبَغْيِر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫‪ .18‬اتباع الهوى ‪َ ) :‬بْل اّتَبَع اّلِذي َ‬
‫ن )‪29‬‬ ‫ص عِري َ‬‫ن َنا ِ‬ ‫ل ع َوَمععا َلهُ عْم ِم ع ْ‬ ‫ض عّل ا ُّ‬ ‫ن َأ َ‬ ‫ن َيْه عِدي َم ع ْ‬ ‫َفَم ع ْ‬
‫الروم (‬
‫ت َأْه عَواَءُهْم ِم عنْ‬ ‫ن اّتَبْع ع َ‬‫‪ .19‬اتباع أهواء أهل الكتععاب ‪َ ) :‬وَلِئ ْ‬
‫ن)‬ ‫ظعععاِلِمي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ك ِإًذا َلِمععع ْ‬‫ن اْلِعْلعععِم ِإّنععع َ‬‫ك ِمععع ْ‬ ‫جعععاَء َ‬‫َبْععععِد َمعععا َ‬
‫‪145‬البقرة (‬
‫‪783‬‬
‫ن ِفْتَنععةٌ‬ ‫حّتععى َل َتُكععو َ‬ ‫‪ .20‬السعععي فععي الفتنععة ‪َ ) :‬وَقععاِتُلوُهْم َ‬
‫ن)‬ ‫ظاِلِمي َ‬‫عَلى ال ّ‬ ‫ن ِإّل َ‬ ‫عْدَوا َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن انَتَهْوا َف َ‬ ‫ل َفِإ ْ‬ ‫ن ِّ‬ ‫ن الّدي ُ‬ ‫َوَيُكو َ‬
‫‪ 193‬البقرة (‬
‫جَرَة َفَتُكوَنععا ِمعنْ‬ ‫شع َ‬
‫‪ .21‬معصية أمر ال ‪َ ) :‬وَل َتْقَرَبععا َهعِذِه ال ّ‬
‫ن )‪ 35‬البقرة (‬ ‫ظاِلِمي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ل َتْعَت عُدوَها‬ ‫ل ع َف َ‬‫ح عُدوُد ا ِّ‬ ‫ك ُ‬ ‫‪ .22‬العتداء على حدود ال ‪ِ ) :‬تْل َ‬
‫ن )‪ 229‬البقرة (‬ ‫ظاِلُمو َ‬ ‫ك ُهْم ال ّ‬ ‫ل َفُأْوَلِئ َ‬
‫حُدوَد ا ِّ‬ ‫ن َيَتَعّد ُ‬‫َوَم ْ‬
‫‪ .23‬القتل وسفك الدماء ‪ِ ) :‬إّني ُأِريُد َأنْ َتُبوَء ِب عِإْثِمي َوِإْثِم عكَ‬
‫ن )‪29‬‬ ‫ظععاِلِمي َ‬‫جععَزاُء ال ّ‬ ‫ك َ‬‫ب الّنععاِر َوَذِلعع َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صعع َ‬‫ن َأ ْ‬ ‫ن ِمعع ْ‬‫َفتَُكععو َ‬
‫المائدة (‬
‫لع‬ ‫حُكعْم ِبَمععا َأنعَزَل ا ُّ‬ ‫ن َلْم َي ْ‬‫‪ .24‬الحكم بغير ما أنزل ال ‪َ ) :‬وَم ْ‬
‫ن )‪ 45‬المائدة (‬ ‫ظاِلُمو َ‬ ‫ك ُهْم ال ّ‬ ‫َفُأْوَلِئ َ‬
‫عَلْيِهععْم‬‫ب َ‬ ‫‪ .25‬الستنكاف عن القتال في سبيل ال ‪َ ) :‬فَلّما ُكِت َ‬
‫ن )‪246‬‬ ‫ظععاِلِمي َ‬‫لع عَِليعٌم ِبال ّ‬ ‫ل ِمْنُهعْم َوا ُّ‬ ‫اْلِقَتععاُل َتَوّلعْوا ِإّل َقِلي ً‬
‫البقرة (‬
‫‪ .26‬خيانة العهد ونكران المعروف ‪َ ) :‬وَراَوَدْتُه اّلِتي ُهَو ِفي‬
‫ك َقععاَل َمَعععاَذ‬ ‫ت َل َ‬ ‫ت َهْي َ‬ ‫ب َوَقاَل ْ‬ ‫ت اَْلْبَوا َ‬ ‫غّلَق ْ‬‫سِه َو َ‬ ‫ن َنْف ِ‬‫عْ‬ ‫َبْيِتَها َ‬
‫ن )‪23‬‬ ‫ظعاِلُمو َ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ي ِإّنعُه َل ُيْفِلع ُ‬ ‫ن َمْثعَوا َ‬ ‫سع َ‬ ‫ح َ‬‫الِّع ِإّنعُه َرّبعي َأ ْ‬
‫يوسف (‬
‫‪ .27‬مععوالة الععذين يقععاتلون المسععلمين ‪ ،‬وُيخرجععونهم مععن‬
‫ديعععارهم ‪ ،‬ومعععوالة العععذين ُيؤيعععدونهم وُيسعععاندونهم فعععي‬
‫ن َقععاَتُلوُكْم ِفععي العّدي ِ‬
‫ن‬ ‫ن اّلعِذي َ‬‫عع ِ‬ ‫لع َ‬ ‫فعلهم ‪ِ ) :‬إّنَما َيْنَهععاُكُم ا ُّ‬
‫ن َتَوّلْوُهْم‬‫جُكْم َأ ْ‬‫خَرا ِ‬ ‫عَلى ِإ ْ‬ ‫ظاَهُروا َ‬ ‫ن ِدَياِرُكْم َو َ‬ ‫جوُكْم ِم ْ‬ ‫خَر ُ‬ ‫وََأ ْ‬
‫ن )‪ 9‬الممتحنة (‬ ‫ظاِلُمو َ‬‫ك ُهُم ال ّ‬ ‫ن َيَتَوّلُهْم َفُأوَلِئ َ‬‫َوَم ْ‬
‫‪784‬‬
‫ن آَمُنععوا لَ‬ ‫‪ .28‬مععوالة اليهععود والنصععارى ‪َ ) :‬يَأّيَهععا اّلععِذي َ‬
‫ض عُهْم َأْوِلَيععاُء َبعْ ع ٍ‬
‫ض‬ ‫صععاَرى َأْوِلَيععاَء َبْع ُ‬ ‫خُذوا اْلَيُهععوَد َوالّن َ‬ ‫َتّت ِ‬
‫لعع َل َيْهععِدي اْلَقععْوَم‬ ‫ن ا َّ‬ ‫ن َيَتععَوّلُهْم ِمْنُكععْم َفععِإّنُه ِمْنُهععْم ِإ ّ‬ ‫وََمعع ْ‬
‫ن )‪ 51‬المائدة (‬ ‫ظاِلِمي َ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ .29‬موالة الكافرين ولو كععانوا أولععي قربععى ‪َ ) :‬يَأّيَهععا اّلعِذينَ‬
‫حّبوا اْلُكْفَر‬ ‫سَت َ‬‫نا ْ‬ ‫خَواَنُكْم َأْوِلَياَء ِإ ْ‬ ‫خُذوا آَباَءُكْم َوِإ ْ‬ ‫آَمُنوا َل َتّت ِ‬
‫ن )‪23‬‬ ‫ظععاِلُمو َ‬ ‫ك ُهعْم ال ّ‬ ‫ن َيَتَوّلُهْم ِمْنُكْم َفُأْوَلِئ َ‬ ‫ن َوَم ْ‬ ‫عَلى اِْليَما ِ‬ ‫َ‬
‫التوبة (‬
‫‪ .30‬إخعراج النعاس معن ديعارهم وتشعريدهم ‪َ ) :‬وَقعاَل اّلعِذينَ‬
‫ن ِفععي مِّلِتَنععا‬ ‫ضَنا َأْو َلَتُعععوُد ّ‬ ‫ن َأْر ِ‬ ‫جّنُكْم ِم ْ‬ ‫خِر َ‬
‫سِلِهْم َلُن ْ‬‫َكَفُروا ِلُر ُ‬
‫ن )‪13‬إبراهيم (‬ ‫ظاِلِمي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫حى ِإَلْيِهْم َرّبُهْم َلُنْهِلَك ّ‬ ‫َفَأْو َ‬
‫ظععاِلِمينَ ِإّل‬ ‫ضّلوا َكِثيًرا َوَل َتِزِد ال ّ‬ ‫‪ .31‬إضلل الناس ‪َ ) :‬وَقْد َأ َ‬
‫لًل )‪ 24‬نوح (‬ ‫ضَ َ‬
‫‪ .32‬الشعور بالفوقيععة ‪ ،‬والتكععبر والسععتعلء علععى النععاس ‪:‬‬
‫ن َتِبي عَد َه عِذِه‬
‫ن َأ ْ‬‫ظع ّ‬ ‫سِه َقاَل َمععا َأ ُ‬ ‫ظاِلٌم ِلَنْف ِ‬ ‫جّنَتُه َوُهَو َ‬ ‫خَل َ‬ ‫) َوَد َ‬
‫َأبًَدا )‪ 35‬الكهف (‬
‫طععُرِد‬ ‫‪ .33‬ازدراء فقراء المؤمنين والعراض عنهم ‪َ ) :‬وَل َت ْ‬
‫جَهعهُ َمععا‬ ‫ن َو ْ‬ ‫شعيّ ُيِريعُدو َ‬ ‫ن َرّبُهعْم ِباْلَغعَداِة َواْلَع ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيعْد ُ‬ ‫اّلِذي َ‬
‫عَلْيِه عْم مِ عنْ‬ ‫ك َ‬ ‫سععاِب َ‬
‫ح َ‬ ‫ن ِ‬‫يٍء َوَما ِم ع ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ساِبِهْم ِم ْ‬ ‫ح َ‬‫ن ِ‬ ‫ك ِم ْ‬ ‫عَلْي َ‬
‫َ‬
‫ن )‪ 52‬النعام (‬ ‫ظاِلِمي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن ِم َ‬ ‫طُرَدُهْم َفَتُكو َ‬ ‫يٍء َفَت ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫‪ .34‬الستهزاء بالخرين والتقليل من شأنهم ‪َ ) :‬يَأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن‬
‫خْيًرا مِْنُهععْم‬ ‫ن َيُكوُنوا َ‬ ‫سى َأ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َقْوٍم َ‬ ‫خْر َقوٌم ِم ْ‬ ‫سَ‬‫َءاَمُنوا َل َي ْ‬
‫ن َوَل َتْلمِ عُزوا‬ ‫خْيًرا ِمْنُه ع ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َيُك ّ‬ ‫سى َأ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ساٍء َ‬ ‫ن ِن َ‬ ‫ساٌء ِم ْ‬ ‫وََل ِن َ‬

‫‪785‬‬
‫ق َبْعععدَ‬ ‫سععو ُ‬ ‫سععُم اْلُف ُ‬‫س اِل ْ‬ ‫ب ِبْئ َ‬ ‫سععُكْم َوَل َتَنععاَبُزوا ِباَْلْلَقععا ِ‬ ‫َأنُْف َ‬
‫ن )‪ 11‬الحجرات (‬ ‫ظاِلُمو َ‬ ‫ك ُهُم ال ّ‬ ‫ب َفُأوَلِئ َ‬‫ن َلْم َيُت ْ‬
‫ن َوَم ْ‬ ‫اِْليَما ِ‬
‫‪ .35‬الستعاضة عن اليمان بال واليوم الخر ‪ ،‬والجهاد في‬
‫عَمععاَرَة‬ ‫ج َو ِ‬‫حععا ّ‬‫سَقاَيَة اْل َ‬
‫جَعْلُتْم ِ‬ ‫سبيله ‪ ،‬بخدمة الحجاج ‪َ ) :‬أ َ‬
‫جاَه عَد ِفععي‬ ‫خ عِر َو َ‬‫لِ‬ ‫ل َواْلَيوِْم ا ْ‬‫ن ِبا ِّ‬ ‫ن َءاَم َ‬ ‫حَراِم َكَم ْ‬ ‫جِد اْل َ‬‫سِ‬‫اْلَم ْ‬
‫لعع َل َيْهععِدي اْلَقععْوَم‬ ‫لعع َوا ُّ‬ ‫عْنععَد ا ِّ‬‫ن ِ‬ ‫سععَتُوو َ‬ ‫لعع َل َي ْ‬ ‫سععِبيِل ا ِّ‬‫َ‬
‫ن )‪ 19‬التوبة (‬ ‫ظاِلِمي َ‬
‫ال ّ‬
‫‪ .36‬حمل القرآن والعمل بنقيض مععا جععاء بععه ‪َ ) :‬مَثعُل اّلعِذي َ‬
‫ن‬
‫س عَفاًرا‬ ‫حِم عُل َأ ْ‬‫حَمععاِر َي ْ‬‫حِمُلوَها َكَمَثِل اْل ِ‬ ‫حّمُلوا الّتْوَراَة ُثّم َلْم َي ْ‬ ‫ُ‬
‫ت الِّ َوالُّ َل َيْهِدي اْلَقْوَم‬ ‫ن َكّذُبوا ِبآَيا ِ‬ ‫س َمَثُل اْلَقْوِم اّلِذي َ‬‫ِبئْ َ‬
‫ن )‪ 5‬الجمعة (‬ ‫ظاِلِمي َ‬
‫ال ّ‬
‫هذا الكتاب يؤكد علععى أن زمععن النهايععة قععد اقععترب ‪ ،‬وأن الحلقععة‬
‫الولى من مسلسل أحداثها ‪ ،‬ستبدأ على أبعععد الحتمععالت ‪ ،‬خلل‬
‫فترة زمنية ‪ ،‬ل تزيد عن أشععهر معععدودة ‪ .‬وأن أحععداث النهايععة ‪،‬‬
‫سيهلك فيها الكثير من الناس ‪ ،‬وتنهععار فيهععا الكععثير مععن المععم ‪،‬‬
‫وقد يستنكر الكثيرون هذا المر ‪.‬‬
‫ن َبْععِد ُنععوحٍ )‪ 17‬السععراء (‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫ن اْلُقُرو ِ‬ ‫قال تعالى ) َوَكْم َأْهَلْكَنا ِم َ‬
‫ولو رجعنا إلى الوراء قليل ‪ ،‬واستذكرنا تلك القوام الععتي ُأهلكععت‬
‫سِلِه )‪ 8‬الطلق ( ‪ ،‬لوجدنا أن أشكال‬ ‫ن َأْمِر َرّبَها َوُر ُ‬ ‫عْ‬ ‫ت َ‬ ‫عَت ْ‬
‫لّما ) َ‬
‫الظلم التي مارستها تلك القوام ‪ ،‬ل ُتقارن مع ما تمارسه القوام‬
‫المعاصععرة ‪ .‬أفل تسععتحق القععوام المعاصععرة الهلك ؟ وإن كععانت‬
‫كذلك أليس هلكها بقريب ؟!‬
‫ولو استذكرنا تاريخ المة السلمية ‪ ،‬سنجد أنها ُمنيت بكثير من‬
‫النكبععات والمصععائب ‪ ،‬كلمععا كععانت تبتعععد عععن الخععرة وتلتصععق‬
‫‪786‬‬
‫بالحياة الدنيا ‪ .‬والحالة التي نعيشها الن ‪ ،‬هي السععوأ علععى مععر‬
‫التاريخ ‪ ،‬فنحن منغمسععون فععي الحيععاة الععدنيا ‪ ،‬مععن الععرأس حععتى‬
‫أخمص القدم ‪ ،‬وأما السلم ‪ ،‬فهو مجرد شعار تسويقي ‪ ،‬نلَبسععه‬
‫كلما اقتضت الحاجة لععذلك ‪ .‬أفل نسععتحق الهلك ‪ ،‬أو السععتبدال ‪،‬‬
‫أو التأديب على القل ‪:‬‬
‫س‬
‫ن اَْلْم عَواِل َواْلَْنُف ع ِ‬ ‫ص ِم ع َ‬ ‫ع َوَنْق ع ٍ‬
‫جو ِ‬ ‫ف َواْل ُ‬‫خْو ِ‬ ‫ن اْل َ‬
‫يٍء ِم َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ولو ) ِب َ‬
‫ت ) ‪ 155‬البقرة ( ؟!‬ ‫َوالّثَمَرا ِ‬
‫جِلُكعْم ‪َ ،‬أْو‬ ‫ت َأْر ُ‬‫حع ِ‬
‫ن َت ْ‬‫ن َفْوِقُكْم ‪َ ،‬أْو ِمع ْ‬ ‫عَذاًبا ِم ْ‬‫عَلْيُكْم َ‬ ‫ث َ‬‫ن َيْبَع َ‬ ‫أو ) َأ ْ‬
‫صعّرفُ‬ ‫ف ُن َ‬ ‫ظعْر َكْيع َ‬‫ض ‪ ،‬اْن ُ‬ ‫س َبْع ٍ‬ ‫ضُكْم َبْأ َ‬
‫ق َبْع َ‬ ‫شَيًعا ‪ ،‬أَو ُيِذي َ‬ ‫سُكْم ِ‬ ‫َيْلِب َ‬
‫ن )‪ 65‬النعام ( ؟‬ ‫ت َلَعّلُهْم َيْفَقُهو َ‬ ‫لَيا ِ‬‫اْ‬
‫وعلى ما يبدو أن إهلك القرى ‪ ،‬سيبدأ بثلثية الفساد والظلم في‬
‫الرض ‪ ،‬على مسععتوى الععديانات الثلث ‪ ،‬اليهوديععة والنصععرانية‬
‫والسلم ‪ ،‬متمثلة في إسرائيل وأمريكا ومصععر ‪ ،‬ومععن ثععم بقيععة‬
‫القرى المفسدة والظالمة تباعا ‪ ،‬علععى قاعععدة الجععزاء مععن جنععس‬
‫العمل ‪ ،‬بإذن ال ‪ ،‬وما ذلك على ال بعزيز ‪.‬‬
‫مننا‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫سنن‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫كننأ َ‬
‫ك َ‬ ‫عْننندَ َرّبنن َ‬ ‫مننا ِ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫و ً‬‫ن يَ ْ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫) َ‬
‫ن(‬ ‫دو َ‬ ‫ع ّ‬‫تَ ُ‬
‫ت‬
‫سَفَل ِمْنُكْم ‪َ ،‬وِإْذ َزاغَ ع ِ‬ ‫ن َأ ْ‬
‫ن َفْوِقُكْم ‪َ ،‬وِم ْ‬ ‫جاُءوُكْم ِم ْ‬ ‫قال تعالى ) ِإْذ َ‬
‫ظُنوَنععا )‪10‬‬ ‫ن ِبعالِّ ال ّ‬ ‫ظّنعو َ‬ ‫جَر ‪َ ،‬وَت ُ‬
‫حَنعا ِ‬‫ب اْل َ‬‫ت اْلُقُلعو ُ‬‫صاُر ‪َ ،‬وَبَلَغ ِ‬ ‫اَْلْب َ‬
‫الحععزاب ( ‪ ،‬كععان هععذا حععال صععحابة رسععول ال ع عليععه الصععلة‬
‫والسلم ‪ ،‬أكثر الناس إيمانا وعزيمة وصبرا وثباتا على دينهععم ‪،‬‬
‫لقععد بلععغ منهععم الخععوف مبلغععا عظيمععا ‪ ،‬حععتى سععاورتهم الشععكوك‬
‫ب عليهعععم معععن‬ ‫والظنعععون ‪ ،‬فعععي غعععزوة الحعععزاب ‪ ،‬عنعععدما تعععأل ّ‬
‫بأقطارها ‪ ،‬من ملل الكفر والشرك ‪ ،‬جمعتها الصهيونية اليهودية‬
‫‪787‬‬
‫الحاقدة قععديما ‪ ،‬لععوأد دولععة السععلم الحديثععة ‪ ،‬خوفععا مععن ضععياع‬
‫السيطرة اليهودية ‪ ،‬على مجريات المور في الجزيععرة العربيععة ‪،‬‬
‫بإثارة الفتن والحروب بين القبائل ‪ ،‬حيث كععان اليهععود المرجعيععة‬
‫الستشارية ‪ ،‬لمشركي قريش وغيرهم من القبععائل ‪ ،‬فيمععا يتعّلععق‬
‫بأساطير الولين ‪.‬‬
‫وفععي العععالم العربععي والسععلمي شععرقا وغربععا ‪ ،‬يشعععر النععاس‬
‫بالحباط واليأس والخوف ‪ ،‬من الوضععع الُمتععأزم الععذي يعيشععونه‬
‫فععي السععنوات الخيععرة إجمععال ‪ ،‬وفععي هععذه اليععام علععى وجععه‬
‫الخصععوص ‪ ،‬وهععم يشععاهدون مععا يجععري علععى أرض السععراء‬
‫والمعراج وغيرها ‪ ،‬من هجمة شرسة شنها أوغاد الصهانية فععي‬
‫الشرق ‪ ،‬مدعومين بأوغاد الصععهانية مععن يهععود ومسععيحيين فععي‬
‫الغرب ‪ ،‬حتى بدأ اليأس والقنععوط مععن رحمععة ال ع ‪ ،‬يتس عّرب إلععى‬
‫ن السوء ‪ ،‬بل‬ ‫ن بال ظ ّ‬ ‫قلوب الكثير منهم ‪ ،‬لدرجة أن منهم من ظ ّ‬
‫ومنهم من كفر بال رّبا ‪ ،‬وبالسلم دينا في لحظة من اللحظات ‪،‬‬
‫ومنهععم مععن دعععا علععى أهلععه وولععده ‪ ،‬وعلععى الشعععوب العربيععة‬
‫وحّكامها بالهلكة والخراب ‪.‬‬
‫لمثل أولئك في هذا الزمان ‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى ‪ ،‬قبل مععا يزيععد‬
‫على ‪ 1400‬سنة ‪ ،‬في كتابه المجيعد ‪ ،‬فعي نهايعة سعورة النحعل ‪،‬‬
‫قبععل أن يبععدأ فععي الخبععار ‪ ،‬عععن وعععد الخععرة فععي السععورة الععتي‬
‫تليها ‪:‬‬
‫خْي عرٌ‬
‫ص عَبْرُتْم َلُه عَو َ‬
‫ن َ‬‫عوِقْبُتْم ِبِه َوَلِئ ْ‬
‫عاَقْبُتْم َفَعاِقُبوا ِبِمْثِل َما ُ‬
‫ن َ‬‫) َوإِ ْ‬
‫حععَز ْ‬
‫ن‬ ‫ك ِإّل ِبععالِّ ‪َ ،‬وَل َت ْ‬ ‫صععْبُر َ‬‫صععِبْر َوَمععا َ‬‫ن )‪َ (126‬وا ْ‬ ‫صععاِبِري َ‬
‫ِلل ّ‬
‫ن الَّ مَ عَع اّل عِذي َ‬
‫ن‬ ‫ن )‪ِ (127‬إ ّ‬ ‫ق ِمّما َيْمُكُرو َ‬‫ضْي ٍ‬‫ك ِفي َ‬ ‫عَلْيهِْم ‪َ ،‬وَل َت ُ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(128‬‬ ‫سُنو َ‬‫ح ِ‬ ‫ن ُهْم ُم ْ‬‫اّتَقْوا ‪َ ،‬واّلِذي َ‬
‫‪788‬‬
‫وفي معرض تعقيبه علععى وعععد الخععرة ‪ ،‬الععذي نعيشععه الن بكععل‬
‫حيثّياته ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫جععوًل )‬ ‫ن عَ ُ‬ ‫سععا ُ‬
‫ن اِْلْن َ‬ ‫خْيِر ‪َ ،‬وَكا َ‬ ‫عاَءُه ِباْل َ‬ ‫شّر ُد َ‬‫ن ِبال ّ‬‫سا ُ‬ ‫ع اِْلْن َ‬
‫) َوَيْد ُ‬
‫‪ 11‬السراء (‬
‫سععانِ‬‫عَلععى اْلِْن َ‬‫ويقععول أيضععا فععي نفععس السععورة ‪َ ) :‬وِإَذا َأْنَعْمَنععا َ‬
‫سا )‪(83‬‬ ‫ن َيُئو ً‬ ‫شّر َكا َ‬ ‫سُه ال ّ‬ ‫جاِنِبِه ‪َ ،‬وِإَذا َم ّ‬ ‫ض َوَنَأى ِب َ‬ ‫عَر َ‬ ‫َأ ْ‬
‫خْي عِر ‪،‬‬
‫عععاِء اْل َ‬‫ن ُد َ‬ ‫ن ِم ع ْ‬ ‫سععا ُ‬
‫سَأُم اِْلْن َ‬ ‫صلت ‪َ ) :‬ل َي ْ‬ ‫ويقول في سورة ُف ّ‬
‫ط )‪(49‬‬ ‫س َقُنو ٌ‬‫شّر َفَيُئو ٌ‬ ‫سُه ال ّ‬ ‫ن َم ّ‬ ‫َوِإ ْ‬
‫جًبععا‬
‫عَ‬‫س عّلَم ‪َ " :‬‬ ‫عَلْي عِه َو َ‬ ‫لع َ‬ ‫ص عّلى ا ُّ‬ ‫ل َ‬ ‫سوُل ا ِّ‬ ‫ب ‪َ ،‬قاَل َر ُ‬ ‫صَهْي ٍ‬‫ن ُ‬ ‫عْ‬ ‫وَ‬
‫ح عٍد ِإّل ِلْلُم عْؤمِنِ ‪،‬‬ ‫ك َِل َ‬ ‫س َذا َ‬
‫خْيٌر ‪َ ،‬وَلْي َ‬ ‫ن َأْمَرُه ُكّلُه َ‬‫ن ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫َِلْمِر اْلُمْؤِم ِ‬
‫ضعّراُء ‪،‬‬‫صععاَبْتهُ َ‬ ‫ن َأ َ‬ ‫خْيعًرا لَعُه ‪َ ،‬وِإ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫شعَكَر ‪َ ،‬فَكععا َ‬‫سّراُء َ‬ ‫صاَبْتُه َ‬ ‫ن َأ َ‬‫ِإ ْ‬
‫خْيًرا َلُه " ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫صَبَر َفَكا َ‬
‫َ‬
‫كثير من الناس ‪ ،‬ببعدهم عن القرآن والسنة ‪ ،‬ل يفهمععون الكععثير‬
‫من الغايات والمقاصد اللهية ‪ ،‬من تصريف أمور الناس بالشععكل‬
‫المنظععور والمحسععوس ‪ ،‬وخاصععة فيمععا يتعّلععق بععالبتلء ‪ ،‬سععواء‬
‫جُعععونَ )‬ ‫خْيِر ِفْتَنًة َوِإَلْيَنا ُتْر َ‬ ‫شّر َواْل َ‬ ‫بالخير أو الشّر ‪َ ) ،‬وَنْبُلوُكْم ِبال ّ‬
‫ضح وبّين فععي كتععابه‬ ‫‪ 35‬النبياء ( مع أن ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬و ّ‬
‫العزيز للمؤمنين ‪ ،‬أن عاقبة المور ‪ ،‬هي ما يجب أن ُنرّكز عليععه‬
‫أنظارنععا وعقولنععا وقلوبنععا ‪ .‬وأن نعّلععق آمالنععا دائمععا وأبععدا علععى‬
‫العاقبة ‪ ،‬أي المنتهى الذي ستؤول إليه المور فيمععا بعععد ‪ ،‬سععواًء‬
‫في الدنيا أو الخرة ‪ ،‬مهما طال الزمن أو قصر ‪ ،‬وأل نعّلق آمالنا‬
‫على الواقع الذي نعيش فيه ‪ ،‬فبعد غزوة الحزاب ‪ ،‬الععتي زاغععت‬
‫فيها أبصععار المععؤمنين ‪ ،‬وبلغععت قلععوبهم الحنععاجر ‪ ،‬وظنععوا بععال‬
‫الظنععون ‪ُ ،‬فتحععت مكععة ‪ ،‬وكععانت تلععك الفئة المؤمنععة الصععابرة‬
‫‪789‬‬
‫والثابتة ‪ ،‬هي نفسها التي قععادت جيوشععا ‪ ،‬زلزلععت عععروش أكععبر‬
‫دول الكفر والطغيان ‪ ،‬في ذلك الزمان ‪.‬‬
‫كان يوسف عليععه السععلم قععد ُأبعععد عععن أبععويه طفل ‪ ،‬وُرمععي فععي‬
‫البئر ‪ ،‬وُأخذ من قبل ُأناس غرباء إلى أرض غريبة ‪ ،‬وبيععع عبععدا‬
‫بدارهم قليلة ‪ ،‬وعععاش غريبععا حععتى بلععغ أشعّده ‪ ،‬واُتهععم بمععراودة‬
‫زوجة سيده ‪ ،‬وألقي في السجن سنينا طويلة ‪ .‬ولكن بعد كل تلععك‬
‫المعاناة ‪ ،‬وفي نهاية المطاف ‪ ،‬كان المععر مختلفععا كليععا ) َوَك عَذِل َ‬
‫ك‬
‫حمَِتَنععا‬
‫ب ِبَر ْ‬
‫صععي ُ‬ ‫شععاُء ُن ِ‬‫ث َي َ‬ ‫حْيع ُ‬
‫ض َيَتَبّوُأ ِمْنَها َ‬ ‫ف ِفي اَْلْر ِ‬ ‫س َ‬‫َمّكّنا ِلُيو ُ‬
‫س عِنينَ )‪ 56‬يوسععف ( وأمععا فععي‬ ‫ح ِ‬ ‫ج عَر اْلُم ْ‬
‫ضععيُع َأ ْ‬ ‫شععاُء َوَل ُن ِ‬
‫ن َن َ‬
‫َم ع ْ‬
‫ن )‪57‬‬ ‫ن َءاَمُنععوا َوَكععاُنوا َيّتُقععو َ‬ ‫خْيعٌر ِلّلعِذي َ‬
‫خعَرِة َ‬ ‫لِ‬‫جعُر ا ْ‬‫الخرة ) َوَل ْ‬
‫يوسف (‬
‫ويؤكد سعبحانه بعأن بدايعة التمكيعن ليوسعف ‪ ،‬كعانت منعذ دخعوله‬
‫ص عرَ‬ ‫شَتَراُه ِمنْ مِ ْ‬ ‫لبيت العزيز ‪ ،‬مع كونه دخله عبدا ) َوَقاَل اّلِذي ا ْ‬
‫خَذُه َوَلًدا َوَك عَذِلكَ مَّكّنععا‬
‫ن َيْنَفَعَنا َأْو َنّت ِ‬
‫سى َأ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِلْمَرَأِتِه َأْكِرِمي َمْثَواُه َ‬
‫ث … ( ‪ ،‬ولك ع ّ‬
‫ن‬ ‫حععاِدي ِ‬ ‫ن َتْأِوي عِل اَْل َ‬‫ض َوِلُنَعّلَم عُه ِم ع ْ‬‫ف ِفي اَْلْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ِلُيو ُ‬
‫النععاظر إلععى يوسععف عبععدا سععجينا ‪ ،‬قابعععا فععي زوايععا النسععيان‬
‫والهمال ‪ ،‬ولو كان أكثر الناس تفاؤل ‪ ،‬لم يكن يخطر ببععاله ‪ ،‬أن‬
‫حال هذا العبد السععجين ‪ ،‬المتهععم بالخيانععة ‪ ،‬سععينقلب رأسععا علععى‬
‫عقععب ‪ ،‬لُيصععبح وزيععر ماليععة مصععر ‪ ،‬أكععبر دول العععالم القععديم ؟!‬
‫ولكععن حكمععة العع اقتضععت ‪ ،‬عكععس مععا قععد يتصععّوره ‪ ،‬أغلععب‬
‫الواقعيون من ُأناس ذلك العصر ‪ ،‬وعلى رأسهم العزيز وامرأته ‪.‬‬
‫لذلك أكد سبحانه ‪ ،‬على أن الناس – خاصة غيععر المععؤمنين بععال‬
‫وصفاته ‪ ،‬جّلت قععدرته – ُيعععانون فععي الغععالب ‪ ،‬مععن قصععر النظععر‬
‫والفكععر ‪ ،‬بععأنه قععادر علععى تنفيععذ مشععيئته ‪ ،‬فععي أقسععى الظععروف‬
‫وأحلكها واستحالتها ‪ ،‬مخالفا كل معطيعات الواقعع ‪ ،‬العذي يتعذّرع‬
‫‪790‬‬
‫ب‬‫ل ع غَععاِل ٌ‬ ‫به الناس هذه اليام ‪ ،‬لذلك قال في تكملة الية ) … َوا ُّ‬
‫ن )‪ ، (21‬وفععي سععورة‬ ‫س َل َيْعلَُمععو َ‬ ‫ن َأْكَثعَر الّنععا ِ‬
‫عَلععى َأْمعِرِه ‪َ ،‬وَلِكع ّ‬ ‫َ‬
‫ضح سبحانه ‪ ،‬حقيقة ما يعلمه النععاس ويؤمنععون بععه ‪،‬‬ ‫الروم ‪ُ ،‬يو ّ‬
‫خَرِة ُهععْم‬ ‫لِ‬ ‫نا ْ‬ ‫عِ‬‫حَياِة الّدْنَيا ‪َ ،‬وُهْم َ‬ ‫ن اْل َ‬
‫ظاِهًرا ِم َ‬ ‫ن َ‬ ‫في قوله ) َيْعَلُمو َ‬
‫ن )‪ ، (7‬وظاهر الحياة الدنيا ‪ ،‬هو الواقع المشاهد ‪.‬‬ ‫غاِفُلو َ‬ ‫َ‬
‫أما بالنسبة لواقع المة السلمية الحالي ‪ ،‬ومععا يععواجهه الشعععب‬
‫الفلسطيني ‪ ،‬من معاناة ‪ ،‬من قبل المفسدون الصهاينة في الغرب‬
‫والشرق ‪ ،‬فععإن الع وعععد المععؤمنين بالنصععر مععن عنععده ‪ ،‬ووعععد‬
‫عدوهم قبل ثلثة آلف سععنة ‪ ،‬بالعععذاب إن أفسععدوا فععي الرض ‪،‬‬
‫وقد أفسدوا فيها ما يزيد على خمسين سنة ‪ ،‬وبلغ إفسععادهم هععذه‬
‫اليععام عنععان السععماء ‪ ،‬فهععذان وعععدان ‪ ،‬صععدرا ممععن ل يخلععف‬
‫الميعاد ‪ ،‬ولكن المر يحتاج إلى اليمان بععال ‪ ،‬والصععبر والثبععات‬
‫على الدين ‪ ،‬وعلى مواجهة عدوهم ‪ ،‬وحسن ظنهم بال ‪.‬‬
‫يقعول سعبحانه فعي شعأن المفسعدين فعي الرض مخاطبعا رسعوله‬
‫ن َيْوًما‬‫عَدُه ‪َ ،‬وِإ ّ‬ ‫ف الُّ َو ْ‬
‫خِل َ‬ ‫ن ُي ْ‬‫ب ‪َ ،‬وَل ْ‬ ‫ك ِباْلَعَذا ِ‬
‫جُلوَن َ‬
‫سَتْع ِ‬
‫وأمته ) َوَي ْ‬
‫صِبْر َكَما‬
‫ن )‪ 47‬الحج ( وقال ) َفا ْ‬ ‫سَنٍة ِمّما َتُعّدو َ‬‫ف َ‬ ‫ك ‪َ ،‬كَأْل ِ‬ ‫عْندَ َرّب َ‬‫ِ‬
‫جْل َلُهْم ‪َ ،‬كَأّنُهْم يَْوَم َيَرْونَ‬ ‫سَتْع ِ‬
‫سِل ‪َ ،‬وَل َت ْ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫صَبَر ُأوُلو اْلَعْزِم ِم َ‬ ‫َ‬
‫ك ِإّل اْلَقععْومُ‬‫غ َفَهْل ُيْهَل ُ‬
‫لٌ‬‫ن َنَهاٍر َب َ‬ ‫عًة ِم ْ‬‫سا َ‬‫ن َلْم َيْلَبُثوا ِإّل َ‬‫عُدو َ‬‫َما ُيو َ‬
‫ن )‪ 35‬الحقاف ( ‪.‬‬ ‫سُقو َ‬ ‫اْلَفا ِ‬
‫هعذه اليعام ‪ ،‬يعأس النعاس معن الشعّر ‪ ،‬فهعم يسعتعجلون زوالعه ‪،‬‬
‫ورغبوا في الخير ‪ ،‬وهم يستعجلون إطلله ‪ ،‬فقد استقوى الباطل‬
‫خ عُرو ٍ‬
‫ج‬ ‫ق وطالت غيبته ‪َ ) .‬فَهْل ِإَلععى ُ‬ ‫وزادت سطوته ‪ ،‬وغاب الح ّ‬
‫سِبيٍل )‪ 11‬غافر ( ؟ !‬ ‫ن َ‬ ‫ِم ْ‬

‫‪791‬‬
‫الفنننرق بينننن المنننواقيت بينننن التقننندير‬
‫السماوي والتقدير الرضي ‪:‬‬
‫عادة ما يشعر النسان ‪ ،‬في حالت الفععرح ‪ ،‬بععأن الزمععن ينقضععي‬
‫كلمح البرق ‪ ،‬فالسبوع يمّر وكأنه يوم ‪ ،‬واليععوم وكععأنه سععاعة ‪،‬‬
‫والساعة وكأنها دقيقة ‪ ،‬أما في حالت الفراغ أو الحزن ‪ ،‬فيشعر‬
‫بأن الزمن يسير ببطئ شديد ‪ ،‬ويكععاد أن يتوقععف ‪ ،‬فالدقيقععة تم عرّ‬
‫وكأنهععا سععاعة ‪ ،‬والسععاعة وكأنهععا يععوم ‪ ،‬واليععوم كععأنه شععهر ‪،‬‬
‫فالحساس بالزمن أمر نسبي ‪ ،‬يعتمد علعى الحالعة النفسعية العتي‬
‫تعتري النسان بين حين وآخر ‪.‬‬
‫وحتى ل يتخّبط النسان ‪ ،‬في تقديراته للزمن تبعا لحالته النفسية‬
‫‪ ،‬اُتخعععذت اليعععام والشعععهور والسعععنون ‪ ،‬وهعععي مقعععاييس ثابتعععة‬
‫ومنتظمة ‪ ،‬لعتمادها على الحركة المنتظمععة ‪ ،‬والثابتععة للجععرام‬
‫السماوية ‪ ،‬التي أبععدعها رب هععذا الكععون ‪ .‬وبقيععت مسععألة كيفيععة‬
‫تقععدير الزمععن ‪ ،‬بالنسععبة لليععوم الواحععد ‪ ،‬فاصععطلح علععى تقسععيم‬
‫اليوم ‪ ،‬إلى ‪ 24‬ساعة ‪ ،‬والسععاعة إلععى ‪ 60‬دقيقععة ‪ ،‬والدقيقععة ‪60‬‬
‫ثانية ‪.‬‬
‫ويععرى كععثير مععن المسععلمين ‪ ،‬أن فععترة الظلععم والفسععاد علععى‬
‫الرض ‪ ،‬طالت جدا ‪ ،‬وربما ستطول أكععثر عنععد البعععض ‪ .‬ونقععول‬
‫هععي فععي الميقععات السععماوي قصععيرة جععدا ‪ ،‬ولتوضععيح الفكععرة‬
‫وتقريبها إلى الذهان ليس إل ‪ ،‬سنقوم بعملية حسابية بسيطة ‪.‬‬
‫اليوم في الميقات السماوي = ‪ 1000‬سنة ‪ ،‬واليععوم فععي الميقععات‬
‫الرضي = ‪ 24‬ساعة‬

‫‪792‬‬
‫فعععإذا قمنعععا بقسعععمة ‪ 1000‬سعععنة ‪ ،‬علعععى ‪ 24‬سعععاعة ‪ ،‬سعععنكون‬
‫قادرين ‪ ،‬على التوصل لمعرفة نسبية لمقععدار السععاعة الواحععدة ‪،‬‬
‫في الميقات السماوي ‪ 41,6 = 24 ÷ 1000 :‬سنة‬
‫إذن السععاعة الواحععدة فععي الميقععات السععماوي تقابععل ‪ 41,6‬سععنة‬
‫أرضية‬
‫أي أن الساعة في الميقععات السععماوي ‪ُ ،‬تقابععل ‪ 42‬سععنة تقريبععا ‪،‬‬
‫بالمقارنة مع الميقات الرضي‬
‫ولحساب عمر الدولة اليهوديععة ‪ ،‬علععى سععبيل المثععال ‪ ،‬بالميقععات‬
‫السماوي ‪ ،‬وبما أن العمر المتوقع لهععا ‪ ،‬لععن يتجععاوز ‪ 56‬سععنة ‪،‬‬
‫نجد أن‬
‫) ‪ ( 1‬ساعة سماوية ‪ 41,6 :‬سنة أرضية‬
‫) س ( ساعة سماوية ‪ 56 :‬سنة أرضية‬
‫ومن خلل الضرب التبادلي ‪:‬‬
‫نجععد أن ) س ( = ) ‪ 1,344 = 41,6 ÷ ( 1 × 41,6‬سععاعة‬
‫سماوية‬
‫أي أن عمرها ‪ ،‬هو ساعة واحععدة و ‪ 0,344‬مععن السععاعة ‪ .‬وبمععا‬
‫أن الساعة لدينا ‪ ،‬تتكون من ) ‪ ( 60‬دقيقة ‪.‬‬
‫فإن ‪ 0,344‬من الساعة = ‪ 20 = 60 × 0,344‬دقيقة ‪.‬‬
‫ليتعععبين لنعععا ‪ ،‬أن إحسعععاس أهعععل السعععماء ‪ ،‬بانقضعععاء ‪ 56‬سعععنة‬
‫أرضععية ‪ُ ،‬يماثععل إحساسععنا بانقضععاء ‪ ،‬سععاعة واحععدة وعشععرين‬
‫دقيقة فقط علععى الرض ‪ ،‬وهععو زمععن قصععير جععدا بالنسععبة لهععل‬
‫السماء ‪ ،‬وطويل جدا بالنسبة لهل الرض ‪.‬‬

‫‪793‬‬
‫لذلك يشعر الناس على الرض ‪ ،‬بطول الزمن وامتداده ‪ ،‬فتجدهم‬
‫يسععتعجلون الوعععود اللهيععة ‪ ،‬بععإهلك القععرى الظالمععة وبنصععر‬
‫خرها ‪ ،‬وأما أهل السماء ‪ ،‬فهععم علععى‬ ‫المؤمنين ‪ ،‬ويعجبون من تأ ّ‬
‫العكس تماما ‪ ،‬يرون أن العععذاب أو النصععر ‪ ،‬يتنععزل علععى النععاس‬
‫بسرعة كبيرة جدا ‪ ،‬وأن الحداث تجري كلمح البصر ‪ ،‬وهععذا مععا‬
‫يؤكععده الخبععار اللهععي ‪ ،‬عععن السععاعة فععي القععرآن ‪ ،‬حععتى ظ ع ّ‬
‫ن‬
‫صععحابة رسععول ال ع ‪ ،‬مععن كععثرة مععا أّكععد سععبحانه وتعععالى علععى‬
‫قربها ‪ ،‬أن ستقع في زمععانهم ‪ ،‬لععذلك كععان النععاس آنععذاك يكععثرون‬
‫السؤال عنها ‪ ،‬إشفاقا من أمرهععا ‪ ،‬وهععا قععد معّر أكععثر معن ‪1400‬‬
‫سععنة ‪ ،‬ولععم تقععم بعععد ‪ ،‬وهععذه الحقيقععة هععي مععا ُيق عّرره سععبحانه‬
‫سعائٌِل ِبَععَذا ٍ‬
‫ب‬ ‫وتعالى ‪ ،‬في مطلع سورة المععارج ‪ ،‬حيعث قعال ‪َ ) :‬‬
‫ج )‪(3‬‬ ‫لع ِذي اْلَمعَععاِر ِ‬‫ن ا ِّ‬ ‫س َلُه َداِفعٌع )‪ِ (2‬مع َ‬ ‫ن َلْي َ‬ ‫َواِقعٍ )‪ِ (1‬لْلَكاِفري َ‬
‫ن َأْلعفَ‬ ‫سععي َ‬
‫خْم ِ‬‫ن ِمْقعَداُرُه َ‬‫ح ِإَلْيعِه ِفععي َيعْوٍم َكععا َ‬
‫لِئَكُة َوالّرو ُ‬ ‫َتْعُرجُ اْلَم َ‬
‫ل )‪ِ (5‬إّنهُْم َيَرْوَنُه َبِعيعًدا )‪َ (6‬وَنعَراُه‬ ‫جِمي ً‬
‫صْبًرا َ‬ ‫صِبْر َ‬‫سَنٍة )‪َ (4‬فا ْ‬ ‫َ‬
‫َقِريًبا )‪ 7‬المعارج ( ‪ ،‬وقال تعالى ‪:‬‬
‫ن(‬ ‫قُبو َ‬ ‫مْرت َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب إ ِن ّ ُ‬‫ق ْ‬ ‫فاْرت َ ِ‬‫) َ‬

‫‪794‬‬
‫الطوفان الخير وطوق النجاة‬
‫الرض حبلى بالفساد ‪:‬‬
‫ت َأْيعِدي الّنععا ِ‬
‫س‬ ‫سعَب ْ‬‫حِر ِبَما َك َ‬ ‫ساُد ِفي اْلَبّر َواْلَب ْ‬ ‫ظَهَر اْلَف َ‬‫قال تعالى ) َ‬
‫ن )‪ 41‬الروم (‬ ‫جُعو َ‬ ‫عِمُلوا َلَعّلُهْم َيْر ِ‬ ‫ض اّلِذي َ‬ ‫ِلُيِذيَقُهْم َبْع َ‬
‫لم تحمل الرض ‪ ،‬حمل فاسدا ومفسععدا ‪ ،‬فععي تاريخهععا الطويععل ‪،‬‬
‫كهذا الحمل ‪ ،‬الذي حملته في المائة سنة الخيرة ‪ .‬فقد حوت فععي‬
‫رحمها ‪ ،‬جميع خطايا ومعاصي المم السابقة ‪ ،‬الععتي كععانت فيمععا‬
‫مضععى ‪ُ ،‬تهلععك لمجععرد خطيئة أو معصععية واحععدة ُتص عّر عليهععا ‪،‬‬
‫كعبادة الصنام ‪ ،‬أو إتيععان الفععواحش ‪ ،‬أو تطفيععف الكيععل ‪ ،‬وذلععك‬
‫بععالرغم مععن وجععود ‪ ،‬تعععاليم موسععى وعيسععى ومحمععد ‪ ،‬عليهععم‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬حية مسطورة بين دفات الكتب ‪ .‬فالرض حبلى‬
‫بالفساد ‪ ،‬ول بد لهذا الحمل ‪ ،‬الذي عظم شأنه وكبر حجمه ‪ ،‬مععن‬
‫جراحععة قيصععرية مؤلمععة جععدا ‪ ،‬لنقععاذ رحععم الرض ‪ ،‬قبععل أن‬
‫تتسّرب لبقيته العفونة ‪ ،‬فل ُيسمح له بحمل آخر ‪.‬‬
‫س عَماِء ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫حَياِة ال عّدْنَيا ‪َ ،‬كَمععاٍء َأْنَزْلَنععاُه ِم ع ْ‬ ‫قال تعالى ) ِإّنَما َمَثُل اْل َ‬
‫حّتععى ِإَذا‬‫س َواَْلْنَعععاُم ‪َ ،‬‬ ‫ض ‪ِ ،‬مّمععا َيْأُكعُل الّنععا ُ‬ ‫ت اَْلْر ِ‬ ‫ط ِبعِه َنَبععا ُ‬
‫ختََل َ‬
‫َفا ْ‬
‫ن َأْهُلَهععا َأّنُهععمْ َقععاِدُرو َ‬
‫ن‬ ‫ظعع ّ‬‫ت ‪َ ،‬و َ‬ ‫خُرَفَهععا َواّزّيَنعع ْ‬ ‫ض ُز ْ‬‫ت اَْلْر ُ‬ ‫خععذَ ْ‬ ‫َأ َ‬
‫ن َلْم َتْغ َ‬
‫ن‬ ‫صيًدا ‪َ ،‬كَأ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫جَعْلَناَها َ‬ ‫ل َأْو َنَهاًرا ‪َ ،‬ف َ‬ ‫عَلْيَها ‪َ ،‬أَتاَها َأْمُرَنا َلْي ً‬‫َ‬
‫ن )‪ 24‬يونس (‬ ‫ت ِلَقْوٍم َيَتَفّكُرو َ‬ ‫لَيا ِ‬
‫صُل ا ْ‬ ‫ك ُنَف ّ‬‫س ‪َ ،‬كَذِل َ‬‫ِباَْلْم ِ‬
‫هذه الية تحمل في ثناياها سنة إلهية ‪ ،‬جععاءت علععى شعكل شعرط‬
‫ت‪،‬‬ ‫خُرَفَهععا َواّزّيَنع ْ‬ ‫ض ُز ْ‬ ‫ت اَْلْر ُ‬ ‫خعَذ ْ‬ ‫وجواب للشرط ‪ ،‬والشععرط ‪َ ) ،‬أ َ‬
‫عَلْيَهععا ( ‪ ،‬هععو أن تأخععذ الرض أبهععى‬ ‫ن َ‬ ‫ن َأْهُلَهععا َأّنُهعْم َقععاِدُرو َ‬
‫ظّ‬ ‫َو َ‬
‫صععورها ‪ ،‬وأن ُيصععبح أهلهععا منشععغلون بمظاهرهععا ‪ ،‬مفتونععون‬
‫بجمالها ‪ ،‬يبذلون قصارى جهدهم في تحصععيل متاعهععا ‪ ،‬غععافلين‬
‫‪795‬‬
‫عن شكر خالقها وبارئهععا ‪ ،‬ظععانين أنهععم قععادرين ‪ ،‬وبل منععازع ‪،‬‬
‫على تصريف شؤونها ‪ ،‬وشؤون من على ظهرها من المخلوقات‬
‫‪ ،‬منتقصين قدر وقدرة ‪ ،‬خالقهم وخالقها ‪.‬‬
‫ل َأْو‬
‫أما جواب الشرط ‪ ،‬فهععو مجيععء أمععر الع ‪َ ) ،‬أَتاَهععا َأْمُرَنععا َلْي ً‬
‫َنَهاًرا ( ‪ ،‬وماهية أمر ال تتبين من النتيجة ‪ ،‬في تعقيبه سععبحانه‬
‫س ( ‪ ،‬وهي خراب‬ ‫ن ِباَْلْم ِ‬
‫ن َلْم َتْغ َ‬
‫صيًدا ‪َ ،‬كَأ ْ‬
‫ح ِ‬
‫جَعْلَناَها َ‬
‫وتعالى ‪َ) ،‬ف َ‬
‫الرض ‪ ،‬بزوال زينتها وزخرفها ‪ ،‬التي أشغلت الناس عن عبادة‬
‫ال ‪ ،‬وهي تشمل كل ما تراه من حولك ‪ ،‬من مفاتن الحياة ‪ ،‬التي‬
‫اغتر بها الناس ‪ ،‬إل من رحم ربي وهم قليل ‪ ،‬وذلععك يعنععي هلك‬
‫الكثير من الناس ‪ .‬وإن لم تستخدم السععلحة النوويععة ‪ ،‬فععي جعععل‬
‫الرض صحراء قاحلة ‪ ،‬أينما وقعع معن أهلهعا ‪ ،‬معا أخعبرت عنعه‬
‫اليععات ‪ ،‬فمععا الععذي سععيجعلها كععذلك ‪ ،‬مععع حتميععة زوال هععذه‬
‫السلحة ‪ ،‬كما كنا قد أوضحنا في فصول سابقة ‪.‬‬
‫وهذه السنة اللهية ‪ ،‬ستمضي في عصععرنا ‪ ،‬وقريبععا جععدا ‪ ،‬كمععا‬
‫مضت مرارا وتكرارا في القوام ‪ ،‬كلمععا ابتعععد النععاس عععن الغايععة‬
‫اللهية ‪ ،‬من جعل النسان خليفة في الرض ‪ ،‬وُيعّقععب سععبحانه ‪،‬‬
‫صععل فعي اليععة ‪ ،‬مطعروح‬ ‫صل اليععات ‪ ،‬وأن هعذا المععر المف ّ‬ ‫أنه ف ّ‬
‫للتفّكر فيععه ‪ ،‬بمعنععى أنععك مععتى عععاينت مععا أخععبرت عنععه اليععات ‪،‬‬
‫متمّثل على أرض الواقع ‪ ،‬فتوقع أمر ال في أي لحظة ‪ ،‬هععذا إن‬
‫كنت ممن يتفّكرون ‪.‬‬
‫المننة السننلمية فسننقت عننن أمننر ربهننا‬
‫وموعودة بالعقاب أيضا ‪:‬‬
‫خعععَواُنُكْم ‪،‬‬
‫ن َءاَبعععاُؤُكْم ‪َ ،‬وَأْبَنعععاُؤُكْم ‪َ ،‬وِإ ْ‬
‫ن َكعععا َ‬
‫قعععال تععععالى ) ُقعععْل ِإ ْ‬
‫ش عْونَ‬‫خ َ‬ ‫جععاَرٌة َت ْ‬
‫شيَرُتُكْم ‪َ ،‬وَأْمَواٌل اْقَتَرْفُتُموَها ‪َ ،‬وِت َ‬ ‫ع ِ‬ ‫جُكْم ‪َ ،‬و َ‬
‫َوَأْزَوا ُ‬
‫‪796‬‬
‫سععوِلهِ ‪،‬‬‫لع َوَر ُ‬ ‫ن ا ِّ‬ ‫ب ِإَلْيُكعْم ِمع َ‬
‫حع ّ‬ ‫ضعْوَنَها ‪َ ،‬أ َ‬
‫ن َتْر َ‬ ‫سععاِك ُ‬
‫ساَدَها ‪َ ،‬وَم َ‬ ‫َك َ‬
‫ل ِبَأْمِرِه ‪َ ،‬والُّ َل َيْهِدي‬ ‫ي ا ُّ‬ ‫حّتى َيْأِت َ‬ ‫صوا َ‬ ‫سِبيِلِه ‪َ ،‬فَتَرّب ُ‬‫جَهاٍد ِفي َ‬ ‫َو ِ‬
‫ن )‪ 24‬التوبة ( ‪.‬‬ ‫سِقي َ‬‫اْلَقوَْم اْلَفا ِ‬
‫وهنا شرط آخر خاص بأمة السلم ‪ ،‬فععإن تحّقععق منهععا مععا ُتخععبر‬
‫عنه اليات ‪ ،‬وقد تحّقق هذه اليام ‪ ،‬بل حالنا أسوأ من ذلك بكثير‬
‫‪ ،‬إذ لمن نكتفي بحب الحياة الدنيا ومفرداتها ‪ ،‬فقد بدأنا مععؤخرا ‪،‬‬
‫نمارس الفساد والظلم والعصيان ‪ ،‬والتعدي علععى حععدود الع فععي‬
‫وضح النهار ‪ ،‬وفي الماكن العامة ‪ ،‬في الشارع ‪ ،‬في الجامعععة ‪،‬‬
‫في التلفاز ‪ ،‬في الصحف ‪ ،‬في الكتب ‪ ،‬ولكن الرحمن الرحيم ‪ ،‬لم‬
‫ك أنه على وشك … !‬ ‫ُينزل بنا غضبه حتى هذه اللحظة ‪ ،‬ول ش ّ‬
‫أمر ال سيحيق بنا قريبععا ‪ ،‬وأقّلععه شععيء مععن الخععوف والجععوع ‪،‬‬
‫ونقص من الموال والنفععس والثمععرات ‪ ،‬وأكععثره الهلك العاجععل‬
‫في الدنيا ‪ ،‬ونار جهنم في الخرة ‪ ،‬هذا لمن فسق عن أمر ربععه ‪،‬‬
‫من أمة محمد عليععه الصععلة والسععلم ‪ ،‬أمععا مععن ضععرب بمظععاهر‬
‫الحياة الدنيا عرض الحائط ‪ ،‬وتاجر بما عند ربععه ‪ ،‬فععآمن وصععبر‬
‫وعمععل صععالحا ‪ ،‬فععأولئك لهععم البشععرى مععن ربهععم ‪ ،‬فععي الععدنيا‬
‫والخرة ‪.‬‬
‫حَيععاِة العّدْنَيا ‪،‬‬
‫ضععوا ِباْل َ‬‫ن ِلَقاَءَنا ‪َ ،‬وَر ُ‬ ‫جو َ‬ ‫ن َل َيْر ُ‬‫ن اّلِذي َ‬‫قال تعالى ) ِإ ّ‬
‫ك مَ عْأَواُهْم‬
‫ن )‪ُ (7‬أْوَلِئ َ‬ ‫غععاِفُلو َ‬‫ن آَياِتَنععا َ‬ ‫عْ‬ ‫ن ُهْم َ‬ ‫َواطَْمَأّنوا ِبَها ‪َ ،‬واّلِذي َ‬
‫ن )‪ 8‬يونس (‬ ‫سُبو َ‬ ‫الّناُر ِبَما َكاُنوا َيْك ِ‬
‫صراع بين مذهبين ‪:‬‬
‫مرت البشععرية بعععدة محطععات ‪ ،‬بععدأت بهبععوط آدم عليععه السععلم ‪،‬‬
‫ي يععدعو إلععى الصععلح والصععلح ‪ ،‬وهبععوط إبليععس‬ ‫بمععذهب إله ع ّ‬
‫بمذهب شيطاني يدعو إلى الفساد والفساد ‪ .‬ومنذ ذلك اليععوم بععدأ‬
‫‪797‬‬
‫الصراع الحقيقي بين مذهبين ‪ ،‬بيععن مععذهب إبليععس ومععذهب رب‬
‫العزة ‪ ،‬وكل له جنده ‪ ،‬وُتركت للبشر حرية الختيار ‪ ،‬فععي تجنيععد‬
‫أنفسهم لنصرة أحد المذهبين ‪ ،‬وكل من الفريقيععن سععيتحّمل تبعععة‬
‫اختياره ‪.‬‬
‫حيععن بععدأت الحيععاة البشععرية علععى الرض ‪ ،‬كععان مقععام آدم عليععه‬
‫السلم ‪ ،‬في أرض الجزيععرة العربيععة ‪ ،‬حيععث كععانت جنععة الع فععي‬
‫الرض ‪ ،‬فقام ببناء أول بيت وضع لعبادة ال ‪ ،‬في مكة المكرمععة‬
‫‪ .‬وتناسل فيهععا وكععثر أولده وأحفععاده ‪ .‬ومعع مععرور الزمععن ‪ ،‬بععدأ‬
‫المذهب الشيطاني ينتشر فععي نسععله ‪ ،‬والمععذهب اللهععي يضععمحل‬
‫شععيئا فشععيئا ‪ .‬وبعععد وفععاة آدم عليععه السععلم ‪ ،‬اسععتفحل المععذهب‬
‫الشيطاني ‪ ،‬حتى عّم أرجععاء المعمععورة ‪ ،‬الععتي لععم تتجععاوز حععدود‬
‫الجزيرة العربية آنذاك ‪.‬‬
‫فععي هععذه الجععواء ‪ُ ،‬بعععث سععبحانه نععوح عليععه السععلم ‪ ،‬لععدعوة‬
‫قومه ‪ ،‬فلم يستجب له ‪ ،‬إل قلة من المستضعفين ‪ ،‬ولما واجهععوه‬
‫بإصرارهم على الكفر ‪ ،‬واستمرارهم بالفساد في الرض ‪ ،‬ولمععا‬
‫انقطع رجاءه في هدايتهم ‪ .‬هنالك دعا ربه ليقطع دابر الكافرين ‪،‬‬
‫فُأمر بصناعة الفلك ‪ .‬وبععدأ بإقععامته وسععط اليابسععة ‪ ،‬حيععث أقععرب‬
‫بحر يبعد آلف الميال ‪ ،‬وإقامة الفلك في ذلك المكان هو الجنععون‬
‫بعينه ‪ ،‬فما كان من قومه إل أن سخروا منه وممن معه ‪ ،‬وهم ل‬
‫يعلمون ‪ ،‬وعععن عععاقبتهم غععافلون ‪ .‬وفجععأة … انقلععب كععل شععيء‬
‫رأسا على عقب ‪ ،‬كان الطوفان الذي رافقه انقلب كععوني هععائل ‪،‬‬
‫فععي جغرافيععة الرض ‪ ،‬جعلععت مععن الجزيععرة العربيععة صععحراء‬
‫قاحلة ‪.‬‬

‫‪798‬‬
‫ورست سفينته على جبل الجودي ‪ ،‬في الموصل شمالي العراق ‪،‬‬
‫فنزل الذين انتصععروا للمععذهب اللهععي ‪ ،‬واسععتوطنوا العععراق فععي‬
‫بادئ المر ‪ ،‬ومع مرور الزمن ‪ ،‬ومععن هنععاك بععدءوا بالنتشععار ‪،‬‬
‫شيئا فشيئا ‪ ،‬في شتى بقاع الرض ‪ .‬وعادت المور بعد الطوفان‬
‫‪ ،‬كما كانت فععي بدايععة عهععد آدم عليععه السععلم ‪ ،‬وبععدأ النععاس فععي‬
‫التناسل والتكاثر ‪.‬‬
‫وبعععد نععوح عليععه السععلم ‪ ،‬ومععع مععرور الزمععن ‪ ،‬بععدأ المععذهب‬
‫الشيطاني دورته الثانية ‪ ،‬أخذ سبحانه يبعث الرسععل تباعععا ‪ ،‬إلععى‬
‫تلععك القععوام الععتي كععانت محصععورة ‪ ،‬فععي هععذه منطقععة الهلل‬
‫الخصيب والجزيرة العربية ‪ ،‬حيععث أن المنععاطق البععد ‪ ،‬لعم تكعن‬
‫مأهولة آنذاك ‪ ،‬وُأخذت معظععم أقععوام الرسعل السعابقين بالععذاب ‪،‬‬
‫ومن ثم بدأ الناس منععذ تلععك اللحظععة ‪ ،‬فععي النتشععار إلععى البلععدان‬
‫البعد شيئا فشيئا ‪ -‬حتى عمروا الرض كلها في عصععرنا الحععالي‬
‫– ومعع ذلععك بقيعت الكثافععة السعكانية آنععذاك ‪ ،‬متمركعزة فعي هعذه‬
‫المنطقععة ‪ ،‬ولععذلك اختصععت بالرسععالت السععماوية دون غيرهععا ‪.‬‬
‫ومن ثم ُبعث إبراهيم عليه السلم ‪ ،‬إلى قومه في بلدة أور جنوب‬
‫العراق ‪ ،‬فلم يؤمنوا له ‪ ،‬فتركهم وهععاجر إلععى الرض المقّدسععة ‪،‬‬
‫لُيسلم الراية إلى نسله من بعده ‪.‬‬
‫وبعد مرور الزمن ‪ ،‬وبعد ضععلل بنععي إسععرائيل ‪ ،‬أثنععاء تواجععدهم‬
‫في مصر ‪ ،‬عن شععريعة آبععائهم إبراهيععم واسععحق ويعقععوب عليععه‬
‫السلم ‪ُ ،‬بعث فيهم موسى عليه السلم ‪ ،‬فلم يؤمنعوا لعه ول لمعن‬
‫بعععده إل قليل ‪ .‬وبعععد سعنين طويلععة ‪ ،‬معن انتصععار بنععي إسعرائيل‬
‫للمععذهب الشععيطاني ‪ُ ،‬بعععث فيهععم عيسععى عليععه السععلم رسععول‬
‫مجّددا ‪ ،‬فلم يؤمنوا له ‪ ،‬بل حاولوا قتله ‪ ،‬فتوفاه ال ورفعععه إلععى‬
‫السععماء ‪ ،‬ليعععود آخععر الزمععان ‪ ،‬وينهععي آخععر حلقععات مسلسععل‬
‫‪799‬‬
‫الطوفععان الخيععر ‪ ،‬والععذي سععتبدأ حلقععاته بالتتععابع ‪ ،‬بعععد شععهور‬
‫قليلة ‪ ،‬والناس لهية قلوبهم ‪ ،‬وهم عنه غافلون ‪.‬‬
‫ويكمل المذهب الشيطاني مشواره ‪ ،‬ومع مععرور الزمععن ‪ ،‬وفجععأة‬
‫يتعطل هذا المذهب ‪ ،‬في هذه البقعة من العععالم ‪ ،‬لفععترة دامععت مععا‬
‫يقععارب )‪ (1350‬عععام ‪ِ ،‬ببعععث نععبي الهععدى عليععه أفضععل الصععلة‬
‫والسلم ‪ ،‬بخاتمععة الرسععالت السععماوية ‪ ،‬ومععن ثععم يتوفععاه الع ‪،‬‬
‫ليترك لنا هذا القرآن العظيم ‪ ،‬حبل متينا ممدودا مععا بيععن السععماء‬
‫والرض ‪ ،‬لمن ابتغى الهداية ‪ ،‬ووجد فععي نفسععه العععزم والقععوة ‪.‬‬
‫فُدحر ذلك المذهب اللعين وولى هاربا ‪ .‬وفي السععنوات الخيععرة ‪،‬‬
‫عادت أمة السلم لتحذوا حذو سابقيها من المم ‪ ،‬وتحتضن ذلك‬
‫المععذهب ‪ ،‬لينُبععت فععي هععذه البقعععة مععن العععالم ‪ ،‬وينمععوا ويزدهععر‬
‫جة التقدم والحضععارة ‪ ،‬فعععاد ذلععك‬ ‫مشمول بالعناية والرعاية ‪ ،‬بح ّ‬
‫المععذهب وشععمل كافععة أرجععاء الععدنيا ‪ ،‬بمععا فيهععا مهععد الرسععالت‬
‫السماوية ‪ ،‬بلد الشام والعراق وجزيععرة العععرب ‪ ،‬فأصععبح العععالم‬
‫أجمع ‪ ،‬أسوأ مما كان عليه قبل طوفان نوح عليه السلم ‪.‬‬
‫وفي نهاية الطوفان ‪ُ ،‬يبعث عيسى بن مريم عليه السععلم ‪ ،‬ليعيععد‬
‫المعععور إلعععى نصعععابها ‪ ،‬وتسعععتعيد الرض بركتهعععا ‪ ،‬ويمضعععي‬
‫المهدي ‪ ،‬ويمضي عيسى عليه السلم ‪ ،‬بعد أن يبلغ سن الكهولة‬
‫‪ ،‬وتبقععى القلععة المؤمنععة ‪ ،‬فيبععدأ المععذهب الشععيطاني مععن جديععد ‪،‬‬
‫انتشار النار في الهشيم في نسل تلك القلععة ‪ ،‬وتخطععف ريععح لينععة‬
‫أرواح البقية المؤمنة ‪ ،‬وتبقى الغلبية الكافرة ‪ ،‬وتجري الزمنة‬
‫مسرعة إلى حيث الساعة ‪.‬‬

‫‪800‬‬
‫مراحل الطوفان القادم‬
‫هذا الطوفان الذي نتحدث عنه ‪ ،‬هعو معا سعُيعيد البشعرية إلععى مععا‬
‫كانت عليه ‪ ،‬بعد الطوفان الول زمععن نععوح عليععه السععلم ‪ ،‬ليعيععد‬
‫التاريععخ نفسععه مععرة أخععرى ‪ .‬وهععو يختلععف بعععض الشععيء عععن‬
‫سابقه ‪ ،‬حيث ستكون بدايته من صنع البشر ‪ ،‬وسيأتي على عدة‬
‫مراحل ‪- :‬‬
‫المرحلة الولى ‪ :‬أكبر وأبشع مذبحة ‪ ،‬في تاريخ الشعععب‬
‫اليهودي ‪ ،‬على يد العراقيين في فلسطين ‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬تحالف العرب مععع الععروس ‪ ،‬فععي حععرب‬
‫عالمية نووية ثالثة ‪ ،‬تنتهي فناء الحضارة الغربية ومظاهرها ‪.‬‬
‫المرحلننة الثالثننة ‪ :‬احتماليعععة ععععودة أجعععواء داحعععس‬
‫والغععبراء ‪ ،‬فععي المنطقععة العربيععة ‪ ،‬فيمععا بعععد الحععرب العالميععة‬
‫الثالثة ‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة ‪ :‬خععروج المهععدي مععن مكععة ‪ ،‬وحروبععه‬
‫لضم الجزيرة العربية ‪ ،‬وإيععران وتركيععا ‪ ،‬والملحمععة الكععبرى مععع‬
‫الروس ‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة ‪ :‬سقوط عبععدة المععادة وظععاهر الحيععاة‬
‫جال ‪ ،‬في حرب الجوع والعطش ‪.‬‬ ‫الدنيا بين براثن الد ّ‬
‫المرحلة السادسة ‪ :‬نزول عيسى عليه السلم ‪ ،‬والذبععح‬
‫النهائي للدجال وأتباعه من اليهود ‪ ،‬على مشارف القدس ‪.‬‬
‫المرحلة السابعة ‪ :‬فناء من بقي من الشعوب الشععرقية ‪،‬‬
‫في حرب يأجوج ومأجوج ‪ ،‬وحصر الصفوة مععن عبععاد الع ‪ ،‬مععع‬
‫عيسى عليه السلم ‪ ،‬في جبال فلسطين ‪.‬‬
‫‪801‬‬
‫المرحلة الثامنة ‪ :‬فنععاء يععأجوج ومععأجوج ‪ ،‬وتغّيععر فععي‬
‫جغرافيعععة الرض ‪ ،‬وععععودة مناخهعععا الفردوسعععي ) جنعععة آخعععر‬
‫الزمان ( ‪ ،‬كما كانت على عهد آدم عليه السلم ‪.‬‬
‫المرحلة التاسعة ‪ :‬عصععر المععن والسععلم ‪ ،‬تحععت حكععم‬
‫عيسى عليه السلم ‪ ،‬مكمل سنين عمره ‪ ،‬حتى يبلغ سن الكهولة‬
‫‪.‬‬
‫* ملحظععة ‪ :‬المراحععل تحمععل ترتيبععا زمنيععا ‪ ،‬وقععد يكععون هنععاك‬
‫اندماج بين المراحل ‪ ،‬أو تقديم أو تأخير ‪ ،‬وال أعلم ‪.‬‬
‫إذا بقي البصر حيث مععوطئ القععدم … فلععن تعَر النجععوم فععي بطععن‬
‫السععماء … ول القمععر فععي ليععل تمععامه … ول الشععمس فععي ع عزّ‬
‫الظهيرة … فمنذ هذه اللحظة …‬
‫فلك‬ ‫ابدأ هدانا وهداك الله بصناعة ال ُ‬
‫وابععذل قصععارى جهععدك فععي إتقععان صععنعته ‪ ..‬فلعلععك تنجععو مععن‬
‫الغععرق ‪ ..‬كلفتععه ليسععت باهظععة جععدا ‪ ..‬أو ل ُتق عّدر بثمععن ‪ ..‬أو ل‬
‫ُتشترى بمال ‪ ..‬وحتى لو كانت كذلك ‪ ..‬فالنجععاة أغلععى وأثمععن …‬
‫هذا الفلك … خشبه صععفحات مععن ذهععب ‪ ..‬محصععورة بيععن دفععتي‬
‫كتاب ‪ ..‬يقبع في إحدى زوايا المنزل ‪ ..‬ومساميره كلمات من نور‬
‫‪ ..‬إذا عرفععت مععا هععو ‪ ..‬سععتجد فيععه رسععالة ُأنزلععت مععن أجلععك ‪..‬‬
‫واجتهد كثير من الناس ‪ ..‬في حملها وبيانها … على مدى أربعة‬
‫عشر قرنا من الزمان ‪ ..‬ليصالها إليك ‪ ..‬فل ُتذهب جهدهم أدراج‬
‫الرياح ‪..‬‬
‫لع ‪،‬‬‫شَع ُقُلععوُبُهْم ِل عِذْكِر ا ِّ‬
‫خ َ‬‫ن َت ْ‬
‫ن َءاَمُنوا ‪َ ،‬أ ْ‬ ‫ن ِلّلِذي َ‬
‫قال تعالى ) َأَلْم َيْأ ِ‬
‫ن َقْب عُل ‪،‬‬
‫ب مِع ْ‬ ‫ن ُأوُتععوا اْلِكَتععا َ‬
‫ق ‪َ ،‬وَل َيُكوُنوا َكاّلعِذي َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن اْل َ‬‫َوَما َنَزَل ِم َ‬

‫‪802‬‬
‫ن )‪16‬‬ ‫سعُقو َ‬ ‫ت ُقُلععوُبُهْم ‪ ،‬وََكِثيعٌر ِمْنُهعْم َفا ِ‬ ‫سع ْ‬‫عَلْيِهُم اَْلَمُد ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫طاَل َ‬‫َف َ‬
‫الحديد (‬
‫ن‬
‫طععوا ِمع ْ‬‫سعِهْم ‪َ ،‬ل َتْقَن ُ‬ ‫عَلععى َأْنُف ِ‬
‫سعَرُفوا َ‬ ‫ن َأ ْ‬‫ي اّلعِذي َ‬‫وقال ) ُقْل َيِعَبععاِد َ‬
‫حي عُم )‬
‫جِميًعا ‪ِ ،‬إّنُه ُهَو اْلَغُفوُر الّر ِ‬ ‫ب َ‬‫ل َيْغِفُر الّذُنو َ‬ ‫ن ا َّ‬‫ل ‪ِ ،‬إ ّ‬ ‫حَمِة ا ِّ‬
‫َر ْ‬
‫‪ 53‬الزمر (‬
‫حَزُنععونَ )‪(38‬‬ ‫عَلْيهِعْم َوَل ُهعْم َي ْ‬‫ف َ‬ ‫خعْو ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫ي َف َ‬
‫ن َتِبعَع ُهعَدا َ‬ ‫وقال ) َفَم ْ‬
‫ن )‪ 155‬البقرة (‬ ‫صاِبِري َ‬‫شِر ال ّ‬ ‫… َوَب ّ‬
‫أخععي القععارئ … سععاهم معنععا فععي نشععر هععذا الكتععاب … بتوزيععع‬
‫نسخة على قرص مرن … أو مطبوعة على الورق … أو عععبر‬
‫البريد اللكتروني …‬
‫قال تعالى‬
‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫عن ْدَهُ ِ‬ ‫هادَةً ِ‬ ‫ش َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك َت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬‫م‪ِ ،‬‬ ‫ن أظْل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫) َ‬
‫ن(‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫ما ت َ ْ‬‫ع ّ‬‫ل َ‬ ‫ف ٍ‬‫غا ِ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ما الل ّ ُ‬ ‫و َ‬‫ه‪َ ،‬‬ ‫الل ّ ِ‬
‫)‪ 140‬البقرة (‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد ل رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫سيد المرسلين‬

‫] نهاية الكتاب [‬

‫‪803‬‬
‫كتاب‬
‫نهاية إسرائيل والوليات المتحدة المريكية‬
‫متوفر على شبكة النترنت ضمن موقع وعد الخرة‬
‫موقع شخصي للمؤلف يتم من خلله تقديم فكرة عن الكتاب ‪،‬‬
‫وتقديم خدمة تحميل الكتاب مجانا‬
‫هذا الكتاب لم ُيعط حق نشره ‪ ،‬لي من دور النشر ‪ ،‬حتى يتسنى‬
‫لنا عرضه من خلل شبكة النترنت ‪ ،‬وليتسنى للجميع الطلع‬
‫على ما يحويه هذا الكتاب من أفكار وطروحات‬
‫الكتاب غير متوفر مطبوعا في السواق ‪ ،‬ومن رغب بطباعته‬
‫ونشره فله الحق بذلك ‪ ،‬ودون داع للرجوع إلى المؤلف‬
‫إذ ل نبتغ من وراءه منفعة مادية أو معنوية ‪ ،‬قل شأنها أو كبر‬
‫حق النشر متاح للجميع‬

‫احصل على أحدث نسخة من الكتاب مجانا من خلل أحد مواقعنا‬


‫عناوين الموقع‬
‫‪http://www.geocities.com/kalwid/index.htm‬‬
‫‪http://kalwid.freeservers.com/index.htm‬‬
‫‪http://kalwid.jeeran.com/index.htm‬‬
‫‪http://www.freecoolpages.com/thestrip/kalwid/‬‬
‫‪index.htm‬‬
‫‪http://kalwid.bravepages.com/index.htm‬‬

‫‪804‬‬
http://kalwid.0pi.com/index.htm
( ‫أو من خلل محرك بحث ) جوجل‬
http://www.google.com
‫بريد المؤلف اللكتروني‬
kalwid@yahoo.com
kalwid@hotmail.com

805

You might also like