You are on page 1of 344

‫بحار النوار‬

‫العلمة المجلسي ج ‪16‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر‬
‫المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء‬
‫السادس عشر مؤسسة الوفاء بيروت لبنان الطبعة الثانية المصححة‬
‫‪‍ 1403‬ه‪ 1983 .‬م بسم ال الرحمن الرحيم * )باب ‪) * * (5‬تزوجه صلى‬
‫ال عليه وآله بخديجة رضى ال عنها( * * )وفضائلها وبعض أحوالها( *‬
‫أقول‪ :‬سيأتي بعض فضائلها في باب أحوال أبي طالب‪ - 1 .‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن‬
‫ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن العباس بن عامر‪،‬‬
‫عن أبان‪ ،‬عن بريد‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال )‪ :(1‬لما توفيت خديجة‬
‫رضي ال عنها جعلت فاطمة عليها السلم تلوذ برسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وتدور حوله‪ ،‬وتقول‪ :‬أبه )‪ (2‬أين أمي ؟ قال‪ :‬فنزل جبرئيل عليه‬
‫السلم فقال له‪ :‬ربك يأمرك أن تقرء فاطمة السلم وتقول لها‪ :‬إن أمك في‬
‫بيت من قصب )‪ (3‬كعابه من ذهب‪ ،‬وعمده ياقوت أحمر‪ ،‬بين آسية ومريم‬
‫بنت عمران‪ ،‬فقالت فاطمة عليها السلم‪ :‬إن ال هو السلم‪ ،‬ومنه السلم‪،‬‬
‫وإليه السلم )‪ - 2 .(4‬ما‪ :‬أبو عمرو )‪ ،(5‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن يحيى الجعفي‪ ،‬عن جابر ابن الحر النخعي‪ ،‬عن عبد الرحمن بن‬
‫ميمون‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬سمعت ابن عباس يقول‪ :‬أول‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬سمعت أبا عبد ال جعفر بن محمد عليهما السلم يقول‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬يا أبه‪ (3) .‬القصب‪ :‬ما كان مستطيل من الجوهر‪ .‬الدر الرطب‪.‬‬
‫الزبرجد الرطب المرصع‪ (4) .‬المجالس‪ (5) .110 :‬في المصدر‪ :‬أبو‬
‫عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد ال بن محمد بن مهدى‪ .‬وفيه‪ :‬محمد‬
‫ابن يحيى الجعفي قال‪ :‬حدثنا أبى قال‪ :‬حدثنا الحسين بن عبد الكريم وهو‬
‫أبو هلل الجعفي قال‪ :‬حدثنا جابر بن الحر الجعفي‪.‬‬

‫]‪[2‬‬

‫من آمن برسول ال صلى ال عليه وآله من الرجال علي عليه السلم‪ ،‬ومن النساء‬
‫خديجة عليها السلم )‪ - 3 .(1‬ل‪ :‬محمد بن علي بن إسماعيل‪ ،‬عن أبي‬
‫القاسم بن منيع‪ ،‬عن شيبان بن فروخ‪ ،‬عن داود بن أبي الفرات‪ ،‬عن علباء‬
‫بن أحمر‪ ،‬عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬خط رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله أربع خطط في الرض‪ ،‬وقال‪ :‬أتدرون ما هذا ؟ قلنا‪ :‬ال ورسوله‬
‫أعلم‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أفضل نساء الجنة أربع‪ :‬خديجة‬
‫بنت خويلد‪ ،‬وفاطمة بنت محمد‪ ،‬ومريم بنت عمران‪ ،‬وآسية بنت مزاحم‬
‫امرأة فرعون )‪ - 4 .(2‬ل‪ :‬سليمان بن أحمد اللخمي )‪ ،(3‬عن علي بن عبد‬
‫العزيز‪ ،‬عن حجاج بن المنهال‪ ،‬عن داود بن أبي الفرات عن علباء )‪،(4‬‬
‫عن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬خط رسول ال صلى ال عليه وآله أربع‬
‫خطوط‪ ،‬ثم قال‪ :‬خير نساء الجنة مريم بنت عمران‪ ،‬وخديجة بنت خويلد‬
‫وفاطمة بنت محمد‪ ،‬وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون )‪ - 5 .(5‬ل‪ :‬ابن‬
‫إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أبي عبد ال الرازي‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عثمان‪ ،‬عن موسى بن بكر‪ ،‬عن أبي الحسن الول عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال اختار من النساء أربعا‪ :‬مريم‪،‬‬
‫وآسية‪ ،‬وخديجة‪ ،‬وفاطمة )‪ .(6‬أقول‪ :‬سيأتي فيما أجاب أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم اليهودي الذي سأل عن خصال الوصياء‪ ،‬فقال عليه السلم‬
‫فيما قال‪ :‬كنت أول من أسلم‪ ،‬فمكثنا بذلك ثلث حجج‪ ،‬وما على وجه‬
‫الرض خلق يصلي ويشهد لرسول ال صلى ال عليه وآله بما أتاه غيري‪،‬‬
‫وغير ابنة خويلد رحمها ال وقد فعل‪.‬‬

‫)‪ (1‬المجالس‪ (2) .162 :‬الخصال ‪ (3) .96 :1‬اللخمى بالخاء نسبة إلى لخم‪ ،‬وهو‬
‫بطن عظيم ينتسب إلى لخم واسمه مالك بن عدى بن الحارث بن مرة بن‬
‫ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلن بن سبأ بن يشجب بن‬
‫يعرب بن قحطان‪ ،‬والرجل من مشايخ الصدوق كتب إليه من اصبهان‪) .‬‬
‫‪ (4‬علباء بالكسر فالسكون ثم الباء والمد‪ ،‬وهو علباء بن أحمر اليشكرى‬
‫البصري‪ ،‬كان من القراء‪ (5) .‬الخصال ‪ (6) .96 :1‬المصدر ‪.107 :1‬‬

‫]‪[3‬‬

‫‪ - 6‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبي علي الواسطي‪ ،‬عن عبد ال‬
‫ابن عصمة‪ ،‬عن يحيى بن عبد ال‪ ،‬عن عمرو بن أبي المقدام‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬دخل رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫منزله‪ ،‬فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول‪ :‬وال يا بنت‬
‫خديجة ما ترين إل أن لمك علينا فضل‪ ،‬وأى فضل كان لها علينا ؟ ! ما‬
‫هي إل كبعضنا‪ ،‬فسمع مقالتها لفاطمة فلما رأت فاطمة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله بكت‪ ،‬فقال‪ :‬ما يبكيك يا بنت محمد ؟ ! قالت‪ :‬ذكرت امي‬
‫فتنقصتها فبكيت‪ ،‬فغضب رسول ال صلى ال عليه وآله ثم قال‪ :‬مه يا‬
‫حميراء‪ ،‬فإن ال تبارك وتعالى بارك في الودود الولود‪ ،‬وإن خديجة رحمها‬
‫ال ولدت مني طاهرا وهو عبد ال وهو المطهر‪ ،‬وولدت مني القاسم‬
‫وفاطمة ورقية وام كلثوم وزينب‪ ،‬وأنت ممن أعقم ال رحمه فلم تلدي شيئا‬
‫)‪ - 7 .(1‬ص‪ :‬تزوج النبي صلى ال عليه وآله بخديجة وهو ابن خمس‬
‫وعشرين سنة‪ ،‬وتوفيت خديجة بعد أبي طالب بثلثة أيام‪ - 8 .‬يج‪ :‬روي‬
‫عن جابر قال‪ :‬كان سبب تزويج خديجة محمدا أن أبا طالب قال‪ :‬يا محمد‬
‫إني اريد أن ازوجك ول مال لي اساعدك به‪ ،‬وإن خديجة قرابتنا‪ ،‬وتخرج‬
‫كل سنة قريشا في مالها مع غلمانها يتجر لها ويأخذ وقر بعير )‪ (2‬مما أتى‬
‫به‪ ،‬فهل لك أن تخرج ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فخرج أبو طالب إليها وقال لها‪ :‬ذلك‪،‬‬
‫ففرحت وقالت لغلمها ميسرة‪ :‬أنت وهذا المال كله بحكم محمد صلى ال‬
‫عليه وآله‪ ،‬فلما رجع ميسرة حدث أنه ما مر بشجرة ول مدرة إل قالت‪:‬‬
‫السلم عليك يا رسول ال‪ ،‬وقال‪ :‬جاء بحيرا الراهب‪ ،‬وخدمنا لما رأى‬
‫الغمامة على رأسه تسير حيثما سار تظله بالنهار‪ ،‬وربحا في ذلك السفر )‬
‫‪ (3‬ربحا كثيرا‪ ،‬فلما انصرفا قال ميسرة‪ :‬لو تقدمت يا محمد إلى مكة‬
‫وبشرت خديجة بما قد ربحنا لكان أنفع لك‪ ،‬فتقدم محمد على راحلته‪،‬‬
‫فكانت خديجة في ذلك اليوم جالسة على غرفة مع نسوة فظهر لها محمد‬
‫راكبا )‪ ،(4‬فنظرت خديجة إلى غمامة عالية على رأسه تسير بسيره‪،‬‬
‫ورأت ملكين‬

‫)‪ (1‬المصدر ‪ 37 :2‬و ‪ (2) .38‬أي حمل بعير‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وربحنا في هذه‬
‫السفرة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬راكبا على راحلته‪.‬‬

‫]‪[4‬‬

‫عن يمينه وعن شماله )‪ ،(1‬في يد كل واحد سيف مسلول‪ ،‬يجيئان )‪ (2‬في الهواء‬
‫معه‪ ،‬فقالت‪ :‬إن لهذا الراكب لشأنا عظيما ليته جاء إلى داري‪ ،‬فإذا هو‬
‫محمد صلى ال عليه وآله قاصد لدارها )‪ ،(3‬فنزلت حافية إلى باب الدار‪،‬‬
‫وكانت إذا أرادت التحول من مكان إلى مكان حولت الجواري السرير الذي‬
‫كانت عليه‪ ،‬فلما دنت منه قالت‪ :‬يا محمد اخرج و واحضرني )‪ (4‬عمك أبا‬
‫طالب الساعة‪ ،‬وقد بعثت إلى عمها )‪ (5‬أن زوجني من محمد إذا دخل‬
‫عليك‪ ،‬فلما حضر أبو طالب قالت‪ :‬اخرجا إلى عمي ليزوجني من محمد فقد‬
‫قلت له في ذلك‪ ،‬فدخل على عمها‪ ،‬وخطب أبو طالب الخطبة المعروفة‪،‬‬
‫وعقد النكاح‪ ،‬فلما قام محمد صلى ال عليه وآله ليذهب مع أبي طالب قالت‬
‫)‪ (6‬خديجة‪ :‬إلى بيتك‪ ،‬فبيتي بيتك‪ ،‬وأنا جاريتك )‪ - 9 .(7‬د‪ ،‬قب‪ :‬زوج أبو‬
‫طالب خديجة من النبي‪ ،‬وذلك أن نساء قريش اجتمعن في المسجد في‬
‫عيد‪ ،‬فإذا هن بيهودي يقول‪ :‬ليوشك أن يبعث فيكن نبي‪ ،‬فأيكن استطاعت‬
‫أن تكون له أرضا يطأها فلتفعل‪ ،‬فحصبنه‪ ،‬وقر ذلك القول في قلب خديجة‪،‬‬
‫وكان النبي صلى ال عليه وآله قد استأجرته خديجة على أن تعطيه‬
‫بكرين‪ ،‬ويسير مع غلمها ميسرة إلى الشام‪ ،‬فلما أقبل في سفرهما )‪(8‬‬
‫نزل النبي صلى ال عليه وآله تحت شجرة فرآه راهب يقال له‪ :‬نسطور‪،‬‬
‫فاستقبله وقبل يديه ورجليه وقال‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأشهد أن محمدا‬
‫رسول ال‪ ،‬لما رأى منه علمات‪ ،‬وإنه نزل تحت الشجرة‪ ،‬ثم قال لميسرة‪:‬‬
‫طاوعه في أوامره ونواهيه فإنه نبي‪ ،‬وال ما جلس هذا المجلس بعد‬
‫عيسى عليه السلم أحد غيره‪ ،‬ولقد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ملك عن يمينه‪ ،‬وملك عن شماله‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬يحثان‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬إلى دارها‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬واحضر لى‪ (5) .‬في المصدر‪:‬‬
‫عمها ورقة‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬قالت له‪ (7) .‬الخرائج‪ 186 :‬و ‪(8) .187‬‬
‫من سفرهما خ ل‪.‬‬

‫]‪[5‬‬

‫بشر به عيسى عليه السلم‪ ،‬ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد‪ ،‬وهو يملك‬
‫الرض بأسرها‪ ،‬وقال ميسرة‪ :‬يا محمد لقد جزنا عقبات بليلة كنا نجوزها‬
‫بأيام كثيرة‪ ،‬وربحنا في هذه السفرة ما لم نربح من أربعين )‪ (1‬سنة‬
‫ببركتك يا محمد‪ ،‬فاستقبل خديجة‪ ،‬وأبشرها بربحنا‪ ،‬وكانت وقتئذ جالسة‬
‫على منظرة لها‪ ،‬فرأت راكبا على يمينه ملك مصلت سيفه‪ ،‬وفوقه سحابة‬
‫معلق عليها قنديل من زبرجدة‪ ،‬وحوله قبة من ياقوتة حمراء فظنت ملكا‬
‫يأتي بخطبتها وقالت‪ :‬اللهم إلي وإلى داري‪ ،‬فلما أتى كان محمدا وبشرها‬
‫بالرباح‪ ،‬فقالت‪ :‬وأين ميسرة ؟ قال‪ :‬يقفو أثري‪ ،‬قالت‪ :‬فارجع إليه وكن‬
‫معه‪ ،‬ومقصودها لتستيقن حال السحابة‪ ،‬فكانت السحابة تمر معه‪ ،‬فأقبل‬
‫ميسرة إلى خديجة وأخبرها بحاله‪ ،‬وقال لها‪ :‬إني كنت آكل معه حتى يشبع‬
‫)‪ (2‬ويبقي الطعام كما هو‪ ،‬وكنت أرى وقت الهاجرة ملكين يظللنه‪ ،‬فدعت‬
‫خديجة بطبق عليه رطب‪ ،‬ودعت رجال ورسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫فأكلوا حتى شبعوا‪ ،‬ولم ينقص شيئا‪ ،‬فأعتقت ميسرة وأولده وأعطته‬
‫عشرة آلف درهم لتلك البشارة‪ ،‬ورتبت الخطبة من عمرو بن أسد عمها‪.‬‬
‫قال النسوي في تاريخه‪ :‬أنكحه إياها أبوها خويلد بن أسد‪ ،‬فخطب أبو‬
‫طالب بما رواه الخركوشي في شرف المصطفى‪ ،‬والزمخشري في ربيع‬
‫البرار‪ ،‬وفي تفسيره الكشاف‪ ،‬وابن بطة في البانة‪ ،‬والجويني في السير‬
‫عن الحسن‪ ،‬والواقدي وأبي صالح والعتبي فقال‪ " :‬الحمد ل الذي جعلنا‬
‫من زرع إبراهيم الخليل‪ ،‬ومن ذرية الصفي إسماعيل‪ ،‬وصئصئ )‪ (3‬معد‪،‬‬
‫وعنصر مضر‪ ،‬وجعلنا حضنة بيته‪ ،‬وسواس )‪ (4‬حرمه‪ ،‬وجعل مسكننا‬
‫بيتا محجوجا‪ ،‬وحرما أمنا‪ ،‬وجعلنا الحكام على الناس‪ ،‬ثم إن ابن أخي هذا‬
‫محمد بن عبد ال ل يوازن برجل من قريش إل رجح به‪ ،‬ول يقاس بأحد‬
‫منهم إل عظم عنه‪ ،‬وإن كان في المال مقل‪،‬‬

‫)‪ (1‬في أربعين خ ل‪ (2) .‬في المناقب‪ :‬حتى نشبع ويبقى الطعام بحاله‪ (3) .‬ضئصئ‬
‫خ ل‪ (4) .‬قوله‪ :‬حضنة البيت أي مربيه وكافله‪ .‬وسواس جمع السائس‪:‬‬
‫المدبر والمتولي لمر القوم ومن يصلح الخلق بارشادهم إلى الطريق‬
‫المنجى في عاجلهم وآجلهم‪.‬‬

‫]‪[6‬‬

‫فإن المال ورق حائل )‪ ،(1‬وظل زائل‪ ،‬وله وال خطب عظيم‪ ،‬ونبأ شائع‪ ،‬وله رغبة‬
‫في خديجة‪ ،‬ولها فيه رغبة‪ ،‬فزوجوه والصداق ما سألتموه من مالي‬
‫عاجلة وآجلة " فقال خويلد‪ :‬زوجناه ورضينا به‪ .‬وروي أنه قال بعض‬
‫قريش‪ :‬يا عجبا أيمهر النساء الرجال‪ ،‬فغضب أبو طالب وقال‪ :‬إذا كانوا‬
‫مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الثمان‪ ،‬وإذا كانوا أمثالكم لم‬
‫تزوجوا )‪ (2‬إل بالمهر الغالي‪ ،‬فقال رجل من قريش يقال له‪ :‬عبد ال بن‬
‫غنم‪ :‬هنيئا مريئا يا خديجة قد جرت * لك الطير فيما كان منك بأسعد‬
‫تزوجته )‪ (3‬خير البرية كلها * ومن ذا الذي في الناس مثل محمد ؟ وبشر‬
‫به المرءآن )‪ (4‬عيسى بن مريم * وموسى بن عمران فيا قرب موعد‬
‫أقرت به الكتاب قدما بأنه * رسول من البطحاء هاد ومهتد )‪ (5‬بيان‪:‬‬
‫قوله‪ :‬فحصبنه أي رمينه بالحصباء‪ ،‬وصئصئ بالمهملتين والمعجمتين‪:‬‬
‫الصل‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬في حديث الخوارج يخرج من ضئضئ هذا قوم‬
‫يمرقون من الدين‪ ،‬الضئضئ‪ :‬الصل‪ ،‬يقال‪ :‬ضئصئ صدق‪ ،‬وضؤضؤ‬
‫صدق‪ ،‬وحكى بعضهم ضئضيئ بوزن قنديل‪ ،‬يريد أنه يخرج من نسله ومن‬
‫عقبه‪ ،‬ورواه بعضهم بالصاد المهملة وهو بمعنا انتهى‪ .‬وفي القاموس‪:‬‬
‫الورق مثلثة‪ ،‬وككتف وجبل‪ :‬الدارهم المضروبة‪ ،‬ومحركة الحي من كل‬
‫حيوان‪ ،‬والمال من إبل ودراهم وغيرها انتهى‪ .‬وفي الفقية‪ :‬رزق كما‬
‫سيأتي‪ ،‬و الحائل‪ :‬المتغير‪ - 10 .‬قب‪ :‬خرج النبي صلى ال عليه وآله إلى‬
‫الشام في تجارة لخديجة وله خمس وعشرون‬

‫)‪ (1‬في العدد‪ :‬أمر حائل‪ (2) .‬في المناقب‪ :‬لم يزوجوا‪ (3) .‬تزوجت خ ل‪(4) .‬‬
‫البران خ ل‪ (5) .‬مناقب آل أبي طالب ‪ 29 :1‬و ‪ .30‬العدد مخطوط‪.‬‬

‫]‪[7‬‬
‫سنة‪ ،‬وتزوج بها بعد أشهر‪ ،‬قال الكليني‪ :‬تزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين‬
‫سنة ولبث بها أربعا وعشرين سنة وأشهرا‪ ،‬وبنيت الكعبة ورضيت قريش‬
‫بحكمه فيها وهو ابن خمس وثلثين سنة )‪ .(1‬أقول‪ :‬أوردنا تاريخ وفاتها‬
‫في باب المبعث‪ - 11 .‬شى‪ :‬عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬حدث أبو سعيد الخدري أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬إن جبرئيل عليه السلم قال لي ليلة اسري بي حين رجعت‬
‫وقلت‪ :‬يا جبرئيل هل لك من حاجة ؟ قال‪ :‬حاجتى أن تقرأ على خديجة من‬
‫ال ومني السلم‪ ،‬وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقاها نبي ال صلى ال‬
‫عليه وآله فقال لها‪ :‬الذي قال جبرئيل‪ ،‬فقالت‪ :‬إن ال هو السلم‪ ،‬ومنه‬
‫السلم‪ ،‬وإليه السلم‪ ،‬وعلى جبرئيل السلم )‪ - 12 .(2‬كشف‪ :‬من مسند‬
‫أحمد بن حنبل‪ ،‬عن عبد ال ابن جعفر‪ ،‬عن علي بن أبي طالب قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬خير نسائها خديجة‪ ،‬وخير نسائها مريم‪.‬‬
‫ومنه‪ ،‬عن عبد ال بن جعفر قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله امرت‬
‫أن ابشر خديجة ببيت من قصب ل صخب فيه ول نصب‪ .‬ومنه‪ ،‬عن ابن‬
‫عباس‪ :‬إن أول من صلى مع رسول ال صلى ال عليه وآله بعد خديجة‬
‫علي عليه السلم‪ ،‬وقال مرة‪ :‬أسلم‪ .‬وقد تقدم ذكر إسلمها رضي ال عنها‪،‬‬
‫وأنها سبقت الناس كافة‪ ،‬فل حاجة إلى إعادة ذلك‪ ،‬وهو مشهور‪ .‬ومن‬
‫المسند عن أنس بن مالك‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬حسبك من‬
‫نساء العالمين مريم بنت عمران‪ ،‬وخديجة بنت خويلد‪ ،‬وفاطمة بنت محمد‪،‬‬
‫وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون‪ .‬ومنه‪ ،‬عن عبد ال بن أبي أوفى قال‪:‬‬
‫بشر رسول ال صلى ال عليه وآله خديجة ببيت في الجنة‬

‫)‪ (1‬المناقب ‪ (2) .119 :1‬تفسير العياشي‪ :‬مخطوط‪.‬‬

‫]‪[8‬‬

‫ل صخب فيه )‪ (1‬ول نصب‪ .‬وروي أن جبرئيل أتى النبي صلى ال عليه وآله فسأل‬
‫عن خديجة فلم يجدها‪ ،‬فقال‪ :‬إذا جاءت فأخبرها أن ربها يقرؤها السلم‪.‬‬
‫وروى أبو هريرة قال‪ :‬أتى جبرئيل النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬هذه‬
‫خديجة قد أتتك معها إنآء مغطى فيه إدام أو طعام أو شراب‪ ،‬فإذا هي أتتك‬
‫فاقرأ عليها السلم من ربها‪ ،‬ومني السلم‪ ،‬وبشرها ببيت في الجنة من‬
‫قصب ل صخب فيه ول نصب )‪ .(2‬وقال شريك‪ :‬وقد سئل عن القصب‬
‫قصب الذهب )‪ .(3‬وقال الجوهري‪ :‬القصب‪ :‬أنابيب من جوهر وذكر‬
‫الحديث‪ .‬وقال غيره‪ :‬اللؤلؤ‪ ،‬وقال صاحب النهاية في غريب الحديث‪:‬‬
‫القصب‪ :‬لؤلؤ مجوف واسع كالقصر المنيف في هذا الحديث‪ .‬والقصب من‬
‫الجوهر‪ :‬ما استطال منه في تجويف‪ .‬وروي أن عجوزا دخلت على النبي‬
‫صلى ال عليه وآله فألطفها‪ ،‬فلما خرجت سألته عائشة فقال‪ :‬إنها كانت‬
‫تأتينا في زمن خديجة‪ ،‬وإن حسن العهد من اليمان‪ .‬وعن علي عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ذكر النبي صلى ال عليه وآله خديجة يوما وهو عند نسائه‬
‫فبكى‪ ،‬فقالت عائشة‪ :‬ما يبكيك على عجوز حمراء من عجائز بني أسد ؟‬
‫فقال‪ :‬صدقتني إذ كذبتم‪ ،‬وآمنت بي إذ كفرتم‪ ،‬وولدت لي إذ عقمتم‪ ،‬قالت‬
‫عائشة‪ :‬فما زلت أتقرب إلى رسول ال صلى ال عليه وآله بذكرها‪ .‬ونقلت‬
‫من كتاب معالم العترة النبوية لبي محمد بن عبد العزيز بن الخضر‬
‫الجنابذي الحنبلي ذكر خديجة بنت خويلد ام المؤمنين‪ ،‬وتقدم إسلمها‪،‬‬
‫وحسن موازرتها‪ ،‬وخطر فضلها‪ ،‬وشرف منزلتها‪ ،‬ذكر مرفوعا عن محمد‬
‫بن إسحاق )‪ (4‬قال‪ .‬كانت خديجة بنت خويلد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من قصب ل صخب فيه‪ (2) .‬قلت‪ :‬الحاديث كلها موجودة في‬
‫مسند أحمد في باب مسند علي عليه السلم ومسند عبد ال جعفر وابن‬
‫عباس وأنس وعبد ال بن أبي أوفى وأبي هريرة‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬انه‬
‫قصب الذهب‪ .‬قلت‪ :‬ولعل الصحيح‪ :‬قال‪ :‬إنه قصب الذهب‪ (4) .‬وأخرجه‬
‫أيضا ابن هشام في السيرة النبوية ‪ 203 :1‬باسناده عن ابن اسحاق‪.‬‬

‫]‪[9‬‬

‫امرأة تاجرة ذات شرف ومال‪ ،‬تستأجر الرجال في مالها‪ ،‬وتضاربهم إياه بشئ‬
‫تجعله لهم منه‪ ،‬وكانت قريش قوما تجارا‪ ،‬فلما بلغها عن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله من صدق حديثه و عظيم أمانته وكرم أخلقه بعثت إليه‬
‫وعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام‪ ،‬وتعطيه أفضل ما كانت‬
‫تعطي غيره من التجار‪ ،‬مع غلم لها يقال له‪ :‬ميسرة‪ ،‬فقبله منها رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وخرج في مالها ذلك‪ ،‬ومعه غلمها ميسرة حتى‬
‫قدم الشام‪ ،‬فنزل رسول ال صلى ال عليه وآله في ظل شجرة قريبا من‬
‫صومعة راهب‪ ،‬فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال‪ :‬من هذا الرجل الذي نزل‬
‫تحت هذه الشجرة ؟ فقال ميسرة‪ :‬هذا رجل من قريش من أهل الحرم‪ ،‬فقال‬
‫له الراهب‪ :‬ما نزل تحت هذه الشجرة إل نبي‪ ،‬ثم باع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله سلعته التي خرج فيها )‪ ،(1‬واشترى ما أراد أن يشتري‪ ،‬ثم أقبل‬
‫قافل إلى مكة ومعه ميسرة‪ ،‬وكان ميسرة فيما يزعمون قال‪ :‬إذا كانت‬
‫الهاجرة )‪ (2‬واشتد الحر نزل ملكان يظلنه من الشمس‪ ،‬وهو يسير على‬
‫بعيره‪ ،‬فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا‪،‬‬
‫وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلل الملكين‪ ،‬فبعثت‬
‫إلى رسول ال فقالت له فيما يزعمون‪ :‬يا ابن عم قد رغبت فيك لقرابتك‬
‫مني‪ ،‬و شرفك في قومك‪ ،‬وسطتك )‪ (3‬فيهم‪ ،‬وأمانتك عندهم‪ ،‬وحسن‬
‫خلقك وصدق حديثك‪ ،‬ثم عرضت عليه نفسها‪ ،‬وكانت خديجة امرأة حازمة‬
‫لبيبة‪ ،‬وهي يومئذ أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا‪ ،‬وأكثرهم مال‪ ،‬وكل‬
‫قومها قد كان حريصا على ذلك لو يقدر عليه‪ ،‬فلما قالت لرسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله ما قالت ذكر ذلك لعمامه‪ ،‬فخرج معه منهم حمزة بن عبد‬
‫المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ .‬وروى بإسناده عن ابن شهاب الزهري قال‪ :‬لما‬
‫استوى رسول ال صلى ال عليه وآله وبلغ أشده وليس له كثير مال‬
‫استأجرته خديجة بنت خويلد إلى سوق حباشة‪ ،‬وهو سوق بتهامة‪ ،‬و‬
‫استأجرت معه رجل آخر من قريش‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫ما رأيت من صاحبة لجير‬

‫)‪ (1‬في السيرة‪ :‬خرج بها‪ (2) .‬الهاجرة‪ :‬نصف النهار في القيظ‪ ،‬أو من عند زوال‬
‫الشمس إلى العصر‪ (3) .‬سطتك بكسر السين وفتح الطاء أي شرفك‬
‫وسامى منزلتك‪.‬‬

‫] ‪[ 10‬‬

‫خيرا من خديجة‪ ،‬ما كنا نرجع أنا وصاحبي إل وجدنا عندها تحفة من طعام تخبأه‬
‫لنا‪ .‬ومنه‪ ،‬قال الدولبي يرفعه عن رجاله‪ :‬إنه كان من بدء أمر رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله أنه رأى في المنام رؤيا فشق عليه‪ ،‬فذكر ذلك‬
‫لصاحبته خديجة‪ ،‬فقالت له‪ :‬أبشر‪ ،‬فإن ال تعالى ل يصنع بك إل خيرا‪،‬‬
‫فذكر لها أنه رأى أن بطنه اخرج فطهر وغسل ثم اعيد كما كان‪ ،‬قالت‪ :‬هذا‬
‫خير فأبشر‪ ،‬ثم استعلن له جبرئيل فأجلسه على ما شاء ال أن يجلسه‬
‫عليه‪ ،‬وبشره برسالة ال حتى اطمأن‪ ،‬ثم قال‪ :‬اقرأ‪ ،‬قال كيف أقرء ؟ قال‪:‬‬
‫" اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق النسان من علق * اقرأ وربك الكرم‬
‫" فقبل رسول ال صلى ال عليه وآله رسالة ربه واتبع الذي جاء به‬
‫جبرئيل من عند ال‪ ،‬وانصرف إلى أهله‪ ،‬فلما دخل على خديجة قال‪:‬‬
‫أرأيتك الذي كنت احدثك ورأيته في المنام فإنه جبرئيل استعلن‪ ،‬وأخبرها‬
‫بالذي جاءه من عند ال وسمع‪ ،‬فقالت‪ :‬أبشر يا رسول ال‪ ،‬فو ال ل يفعل‬
‫ال بك إل خيرا‪ ،‬فاقبل الذي أتاك ال‪ ،‬وأبشر فإنك رسول ال حقا‪ .‬وروي‬
‫مرفوعا إلى الزهري قال‪ :‬كانت خديجة أول من آمن برسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ .‬وعن ابن شهاب‪ :‬أنزل ال على رسوله القرآن والهدى وعنده‬
‫خديجة بنت خويلد‪ .‬وقال ابن حماد‪ :‬بلغني أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله تزوج خديجة على اثنتى عشرة أوقية ذهبا وهي يومئذ ابنة ثماني‬
‫وعشرين سنة‪ .‬وحدثني ابن البرقي أبو بكر‪ ،‬عن ابن هشام‪ ،‬عن غير‬
‫واحد‪ ،‬عن أبي عمرو بن العلء قال‪ :‬تزوج رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة‪ .‬وعن قتادة بن دعامة قال‪ :‬كانت‬
‫خديجة قبل أن يتزوج بها رسول ال صلى ال عليه وآله عند عتيق ابن‬
‫عائذ بن عبد ال بن عمرو بن مخزوم‪ ،‬يقال‪ :‬ولدت له جارية وهي ام‬
‫محمد بن صيفي المخزومي‪ ،‬ثم خلف عليها بعد عتيق أبو هالة هند بن‬
‫زرارة التيمي‪ ،‬فولدت له هند بن هند‪ ،‬ثم تزوجها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ .‬وبإسناده يرفعه إلى محمد بن إسحاق قال‪ :‬كانت خديجة أول من آمن‬
‫بال ورسوله وصدقت بما جاء من ال‪ ،‬ووازرته على أمره‪ ،‬فخفف ال‬
‫بذلك عن رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وكان ل يسمع شيئا يكرهه من‬
‫رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إل فرج ال ذلك عن رسول ال‬

‫] ‪[ 11‬‬

‫صلى ال عليه وآله بها‪ ،‬إذا رجع إليها تثبته‪ ،‬وتخفف عنه‪ ،‬وتهون عليه أمر الناس‬
‫حتى ماتت رحمها ال‪ .‬وعن إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير أنه‬
‫حدث عن خديجة أنها قالت لرسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أي ابن عم‬
‫أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫فإذا جاءك فأخبرني‪ ،‬فجاء جبرئيل عليه السلم فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله لخديجة‪ :‬يا خديجة هذا جبرئيل قد جاءني‪ ،‬قالت‪ :‬قم يا بن عم‬
‫فاجلس على فخذي اليسرى‪ ،‬فقام رسول ال صلى ال عليه وآله فجلس‬
‫عليها‪ ،‬قالت‪ :‬هل تراه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬فتحول فاقعد على فخذي اليمنى‪،‬‬
‫فتحول‪ ،‬فقالت‪ :‬هل تراه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬فاجلس في حجري‪ ،‬ففعل‪،‬‬
‫قالت‪ :‬هل تراه ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قالت‪ :‬يا بن عم اثبت وأبشر‪ ،‬فو ال إنه لملك )‬
‫‪ (1‬وما هو بشيطان‪ .‬قال ابن إسحاق‪ :‬قد حدثت بهذا الحديث عبد ال بن‬
‫حسن قال‪ :‬سمعت امي فاطمة بنت حسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة‬
‫إل أني سمعتها تقول‪ :‬أدخلت رسول ال صلى ال عليه وآله بينها وبين‬
‫درعها‪ ،‬فذهب عند ذلك جبرئيل‪ ،‬فقالت خديجة لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن هذا لملك وما هو بشيطان‪ .‬وعن ابن إسحاق أن خديجة بنت‬
‫خويلد وأبا طالب ماتا في عام واحد‪ ،‬فتتابع على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله هلك خديجة وأبي طالب‪ ،‬وكانت خديجة وزيرة صدق على السلم‪،‬‬
‫وكان رسول ال صلى ال عليه وآله يسكن إليها‪ .‬وعن عروة بن الزبير‬
‫قال‪ :‬توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلة‪ ،‬وقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬اريت بخديجة بيتا من قصب ل صخب فيه ول نصب‪ .‬وقال ابن‬
‫هشام‪ :‬حدثني من أثق به أن جبرئيل أتى النبي صلى ال عليه وآله فقال‪:‬‬
‫أقرء خديجة من ربها السلم فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا‬
‫خديجة هذا جبرئيل يقرئك من ربك السلم‪ ،‬فقالت خديجة‪ :‬ال السلم‪،‬‬
‫ومنه السلم‪ .‬وعلى جبرئيل السلم‪ .‬وروي أن آدم عليه السلم قال‪ :‬إني‬
‫لسيد البشر يوم القيامة إل رجل من ذريتي‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬إن هذا الملك كريم‪.‬‬

‫] ‪[ 12‬‬

‫نبي من النبياء يقال له‪ :‬محمد صلى ال عليه وآله )‪ ،(1‬فضل علي باثنتين‪:‬‬
‫زوجته عاونته وكانت له عونا‪ ،‬وكانت زوجتي على عونا‪ ،‬وإن ال أعانه‬
‫على شيطانه فأسلم‪ ،‬وكفر شيطاني )‪ .(2‬وعن عائشة قالت‪ :‬كان رسول‬
‫ال إذا ذكر خديجة لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها‪ :‬فذكرها ذات يوم‬
‫فحملتني الغيرة فقلت‪ :‬لقد عوضك ال من كبيرة السن‪ ،‬قالت‪ :‬فرأيت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله غضب غضبا شديدا‪ ،‬فسقطت في يدي )‪،(3‬‬
‫فقلت‪ :‬اللهم إنك إن أذهبت بغضب رسولك صلى ال عليه وآله لم اعد‬
‫بذكرها )‪ (4‬بسوء ما بقيت‪ ،‬قالت‪ :‬فلما رأى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫ما لقيت قال‪ :‬كيف قلت ؟ وال لقد آمنت بي إذ كفر الناس‪ ،‬وآوتني إذ‬
‫رفضني الناس‪ ،‬وصدقتني إذ كذبني الناس‪ ،‬ورزقت مني )‪ (5‬حيث‬
‫حرمتموه‪ ،‬قالت‪ :‬فغدا وراح علي بها شهرا‪ .‬وروي أن خديجة رضوان ال‬
‫عليها كانت تكنى ام هند‪ .‬وعن ابن عباس أن عم خديجة عمرو بن أسد‬
‫زوجها رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وأن أباها مات قبل الفجار‪ .‬وعن‬
‫ابن عباس أنه تزوجها صلى ال عليه وآله وهي ابنة ثماني وعشرين‬
‫سنة‪ ،‬ومهرها )‪ (6‬اثنتي عشرة أوقية‪ ،‬وكذلك كانت مهور نساؤه‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫إنها ولدت قبل الفيل بخمسة عشر سنة‪ ،‬وتزوجها صلى ال عليه وآله‬
‫وهي بنت أربعين سنة‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وآله ابن خمس‬
‫وعشرين سنة‪ .‬وحديث عفيف ورؤيته النبي صلى ال عليه وآله وخديجة‬
‫وعليا يصلون حين قدم تاجرا إلى‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أحمد‪ (2) .‬لعل المراد بالشيطان النفس المارة‪ ،‬أي أن ال أعانه‬
‫على نفسه ووفقه فغلب عليها‪ ،‬و أدخلها تحت قيادة التسليم لمر مولها‪،‬‬
‫ولكني لم اوفق على قيادتها فعصت وصدرت عنها ما يخالف رضى ال‬
‫تعالى‪ ،‬هذا ما تحمتله ألفاظ الحديث‪ ،‬لكنه غير موافق لما عليه المامية‬
‫من عصمة النبياء عليهم السلم‪ ،‬فيجب طرحه أو حمله على غير ذلك‬
‫مما تقدم في بابه‪ (3) .‬أي ندمت على ذلك‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬لم أعد لذكر‬
‫لها بسوء ما بقيت‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ورزقت منى الولد‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ومهرها النبي صلى ال عليه وآله‪.‬‬

‫] ‪[ 13‬‬
‫العباس‪ ،‬وقوله‪ :‬ل وال ما علمت على ظهر الرض كلها على هذا الدين غير هؤلء‬
‫الثلثة قد تقدم ذكره بطريقه فل حاجة لنا إلى ذكره‪ ،‬لنه لم يختلف في أنها‬
‫رضي ال عنها أول الناس إسلما‪ .‬وقال ابن سعد يرفعه إلى حكم بن حزام‬
‫)‪ :(1‬قال‪ :‬توفيت خديجة في شهر رمضان سنة عشرة من النبوة‪ ،‬وهي‬
‫ابنة خمس وستين سنة‪ ،‬فخرجنا بها من منزلها حتى دفناها بالحجون‪،‬‬
‫فنزل رسول ال صلى ال عليه وآله في حفرتها‪ ،‬ولم يكن يومئذ صلة على‬
‫الجنازة‪ ،‬قيل‪ :‬ومتى ذلك يا أبا خالد ؟ قال‪ :‬قبل الهجرة بسنوات ثلث أو‬
‫نحوها‪ ،‬وبعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير‪ ،‬قال‪ :‬فكانت أول امرأة‬
‫تزوجها رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وأولده كلهم منها إل إبراهيم‪،‬‬
‫فأنه من مارية القبطية‪ .‬هذا آخر ما نقلته من كتاب الجنابذي )‪ .(2‬بيان‪:‬‬
‫قوله‪ :‬وسطتك بكسر السين‪ ،‬أي كونك وسطهم ومتوسطا بينهم‪ ،‬أي‬
‫أشرفهم‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬وسطت القوم أسطهم وسطا ووسطة‪ ،‬أي‬
‫توسطتهم‪ ،‬وفلن وسيط في قومه‪ :‬إذا كان أوسطهم نسبا وأرفعهم محل‬
‫انتهى‪ .‬قوله صلى ال عليه وآله‪ :‬ورزقت مني‪ ،‬أي الولد‪ ،‬أو السلم )‪.(3‬‬
‫قولها‪ :‬فغدا وراح علي بها شهرا‪ ،‬لعل المعنى أنه صلى ال عليه وآله كان‬
‫إلى شهر يذكر خديجة وفضلها في الغدو والرواح‪ ،‬أو لما علم ندامتي في‬
‫أمرها كان يغدو ويروح إلي لطفا بي )‪ - 13 .(4‬كا‪ :‬بعض أصحابنا‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحسين‪ ،‬عن علي بن حسان‪ ،‬عن عبد الرحمن بن كثير‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لما أراد رسول ال صلى ال عليه وآله أن‬
‫يتزوج خديجة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬حكيم بن حزام‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬وهو حكيم بن حزام بن خويلد بن‬
‫أسد بن عبد العزى السدي‪ ،‬أبو خالد المكى‪ ،‬ابن أخى خديجة أم‬
‫المؤمنين رضى ال عنها‪ ،‬وحزام بالحاء المهملة والزاء المعجمة‪(2) .‬‬
‫كشف الغمة‪ (3) .153 - 151 :‬قد عرفت أن الموجود في المصدر‪:‬‬
‫ورزقت منى الولد‪ .‬فل مجال لحتمال الثاني‪ ،‬مع أن السلم قد ذكر قبل‬
‫فل وجه للعادة‪ (4) .‬والظهر أن المعنى كان يغدو ويروح شهرا بهذه‬
‫الحالة أي بحالة الغضب‪ .‬وأخرج ابن الثير الحديث مسندا باختلف في‬
‫ألفاظه في اسد الغابة ‪.438 :5‬‬

‫] ‪[ 14‬‬

‫بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخل على ورقة‬
‫بن نوفل عم خديجة‪ ،‬فابتدأ أبو طالب بالكلم فقال‪ " :‬الحمد لرب )‪ (1‬هذا‬
‫البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم‪ ،‬وذرية إسماعيل وأنزلنا حرما آمنا‪،‬‬
‫وجعلنا الحكام على الناس‪ ،‬وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه‪ ،‬ثم إن ابن‬
‫أخي هذا يعني رسول ال صلى ال عليه وآله ممن ل يوزن برجل من‬
‫قريش إل رجح به‪ ،‬ول يقاس به رجل إل عظم عنه‪ ،‬ول عدل له في‬
‫الخلق‪ ،‬وإن كان مقل في المال‪ ،‬فإن المال رفد جار‪ ،‬وظل زائل‪ ،‬وله في‬
‫خديجة رغبة‪ ،‬ولها فيه رغبة‪ ،‬وقد جئناك )‪ (2‬لنخطبها إليك برضاها‬
‫وأمرها‪ ،‬والمهر علي في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله‪ ،‬وله ورب هذا‬
‫البيت حظ عظيم‪ ،‬ودين شائع‪ ،‬ورأي كامل " ثم سكت أبو طالب فتكلم عمها‬
‫وتلجلج‪ ،‬وقصر عن جواب أبي طالب وأدركه القطع والبهر‪ ،‬وكان رجل‬
‫من القسيسين‪ ،‬فقالت خديجة مبتدئة‪ :‬يا عماه إنك وإن كنت أولى )‪(3‬‬
‫بنفسي مني في الشهود فلست أولى بى من نفسي‪ ،‬قد زوجتك يا محمد‬
‫نفسي‪ ،‬والمهر علي في مالي‪ ،‬فأمر عمك فلينحر ناقة فليولم بها‪ ،‬وأدخل‬
‫على أهلك‪ ،‬قال )‪ (4‬أبو طالب‪ :‬اشهدوا عليها بقبولها محمدا وضمانها‬
‫المهر في مالها‪ ،‬فقال بعض قريش‪ :‬يا عجباه )‪ (5‬المهر على النساء‬
‫للرجال ؟ فغضب أبو طالب غضبا شديدا وقام على قدميه‪ ،‬وكان ممن يهابه‬
‫الرجال ويكره غضبه )‪ ،(6‬فقال‪ :‬إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال‬
‫بأغلى الثمان‪ ،‬وأعظم المهر‪ ،‬وإذا كانوا أمثالكم لم يزوجوا إل بالمهر‬
‫الغالي‪ ،‬ونحر أبو طالب ناقة ودخل رسول ال صلى ال عليه وآله بأهله‪،‬‬
‫فقال رجل من قريش يقال له‪ :‬عبد ال )‪ (7‬بن غنم‪ :‬هنيئا مرئيا يا خديجة‬
‫قد جرت * لك الطير فيما كان منك بأسعد‬

‫)‪ (1‬الحمد ل خ ل‪ (2) .‬ولقد جئناك خ ل‪ (3) .‬أولى لى خ ل‪ (4) .‬فقال خ ل‪(5) .‬‬
‫واعجباه خ ل‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬وكان ممن تهابه الرجل وتكره غضبه‪) .‬‬
‫‪ (7‬أبو عبد ال خ ل وفي المصدر‪ :‬فقال رجل من قريش يقال له‪ :‬عبد ال‬
‫بن غنم شعرا‪.‬‬

‫] ‪[ 15‬‬

‫تزوجت خير البرية كلها * ومن ذا الذي في الناس مثل محمد ؟ وبشر به البر ان‬
‫عيسى بن مريم * وموسى بن عمران فيا قرب موعد أقرت به الكتاب قدما‬
‫بأنه * رسول من البطحاء هاد ومهتد )‪ (1‬بيان‪ :‬الزرع‪ :‬الولد‪ .‬قوله‪ :‬فإن‬
‫المال رفد جار أي عطاء مستمر‪ ،‬يجريه ال على عباده بقدر حاجتهم‪ ،‬وقد‬
‫مر مكانه‪ :‬ورق حائل‪ ،‬وسيأتي من الفقيه‪ :‬رزق حائل‪ .‬والبهر بالضم‪:‬‬
‫انقطاع النفس من العياء‪ ،‬قولها‪ :‬وإن كنت أولى بنفسي مني‪ ،‬لعل المعنى‬
‫إنك وإن كنت أولى بأمري في محضر الناس عرفا‪ ،‬فلست أولى بأمري‬
‫واقعا‪ ،‬أو إن كنت أولى في الحضور والتكلم بمحضر الناس‪ ،‬فلست أولى‬
‫مني في أصل الرضا والقبول‪ ،‬أو إن كنت قادرا على إهلكي وامكنك فيه‪،‬‬
‫لكني ل امكنك في ترك هذا المر‪ ،‬ولعل الوسط أظهر‪ ،‬قوله‪ :‬قد جرت لك‬
‫الطير‪ ،‬يقال للحظ من الخير والشر‪ :‬طائر‪ ،‬لقول العرب‪ :‬جرى لفلن الطائر‬
‫بكذا من الخير والشر‪ ،‬على طريقة التفأل والطيرة‪ ،‬وأصله أنهم كانوا‬
‫يتفألون ويتطيرون بالسوانح والبوارح )‪ (2‬من الطير عند توجههم إلى‬
‫مقاصدهم ويحتمل أن يكون المعنى انتشر أسعد الخبار منك في الفاق‬
‫سريعا بسبب ما كان منك من حسن الختيار‪ ،‬فإن الطير أسرع في إيصال‬
‫الخبار من غيرها‪ ،‬والول أظهر‪ .‬والبر بالفتح‪ :‬الصادق‪ ،‬والكثير البر‪.‬‬
‫والقدم بالكسر‪ :‬خلف الحدوث‪ ،‬يقال‪ :‬قد ما كان كذا‪ - 14 .‬كا‪ :‬أبو علي‬
‫الشعري‪ ،‬عن محمد بن سالم‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪،‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬دخل رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله على خديجة حيث مات )‪ (3‬القاسم ابنها وهي تبكي‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما‬
‫يبكيك‪ ،‬فقالت‪ :‬درت دريرة فبكيت‪ ،‬فقال‪ :‬يا خديجة أما ترضين إذا كان يوم‬
‫القيامة أن تجئ إلى باب الجنة وهو قائم فيأخذ بيدك‬

‫)‪ (1‬الفروع ‪ 19 :2‬و ‪ (2) .20‬السوانح جمع السانح‪ :‬الذى يأتي من جانب اليمين‪،‬‬
‫ويقابله البارح وهو الذى يأتي من جانب اليسار‪ ،‬والعرب تتيمن‬
‫بالسوانح‪ ،‬وتتشأم بالبوارح‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬حين مات‪.‬‬

‫] ‪[ 16‬‬

‫فيدخلك الجنة‪ ،‬وينزلك أفضلها ؟ وذلك لكل مؤمن‪ ،‬إن ال عزوجل أحكم وأكرم أن‬
‫يسلب المؤمن ثمرة فؤاده ثم يعذبه بعدها أبدا )‪ - 15 .(1‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن إسماعيل بن مهران‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬توفي طاهر ابن رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫فنهى رسول ال صلى ال عليه واله خديجة عن البكاء‪ ،‬فقالت‪ :‬بلى يا‬
‫رسول ال‪ ،‬ولكن درت عليه الدريرة فبكيت‪ ،‬فقال لها‪ :‬أما ترضين أن‬
‫تجديه قائما على باب الجنة‪ ،‬فإذا رآك أخذ بيدك فأدخلك )‪ (2‬أطهرها مكانا‪،‬‬
‫وأطيبها ؟ قالت‪ :‬وإن ذلك كذلك ؟ قال‪ :‬فإن ال أعز وأكرم من أن يسلب‬
‫عبدا ثمرة فؤاده فيصبر ويحتسب ويحمد ال عزوجل ثم يعذبه )‪- 16 .(3‬‬
‫نهج‪ :‬ولم يجمع بيت واحد يومئذ في السلم غير رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله وخديجة وأنا ثالثها )‪ - 17 .(4‬يه‪ :‬خطب أبو طالب رحمه ال لما‬
‫تزوج النبي صلى ال عليه واله خديجة بنت خويلد رحمها ال بعد أن‬
‫خطبها إلى أبيها‪ ،‬ومن الناس من يقول‪ :‬إلى عمها‪ ،‬فأخذ بعضادتي )‪(5‬‬
‫الباب ومن شاهده من قريش حضور‪ ،‬فقال‪ " :‬الحمد ل الذي جعلنا من‬
‫زرع إبراهيم و ذرية إسماعيل‪ ،‬وجعل لنا بيتا محجوجا‪ ،‬وحرما آمنا‪ ،‬يجبى‬
‫)‪ (6‬إليه ثمرات كل شئ وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن فيه‬
‫)‪ (7‬ثم إن ابن أخي محمد بن عبد ال بن عبد المطلب ل يوزن برجل من‬
‫قريش إل رجح‪ ،‬ول يقاس بأحد منهم إل عظم عنه‪ ،‬وإن كان في المال قل‬
‫فإن المال رزق حائل‪ ،‬وظل زائل‪ ،‬وله في خديجة رغبة‪ ،‬ولها فيه‬

‫)‪ (1‬الفروع ‪ (2) .59 :1‬فادخلك الجنة خ ل‪ (3) .‬الفروع ‪ (4) .60 :1‬نهج البلغة‪:‬‬
‫الجزء الول‪ (5) .417 :‬عضادتا الباب‪ :‬خشبتاه من جانبيه‪ (6) .‬أي‬
‫يجمع‪ (7) .‬في تاريخ اليعقوبي‪ :‬بعد قوله‪ :‬على الناس‪ :‬وبارك لنا في‬
‫بلدنا الذى نحن به‪.‬‬

‫] ‪[ 17‬‬

‫رغبة‪ ،‬والصداق ما سألتم عاجله وآجله )‪ (1‬من مالي‪ ،‬وله خطر )‪ (2‬عظيم‪ ،‬وشأن‬
‫رفيع‪ ،‬ولسان شافع جسيم‪ ،‬فزوجه ودخل بها من الغد‪ ،‬فأول ما حملت‬
‫ولدت عبد ال بن محمد صلى ال عليه واله )‪ - 18 .(3‬اقول‪ :‬قال‬
‫الكازروني في المنتقى‪ :‬روي أن خزيمة بن حكيم السلمي كانت بينه وبين‬
‫خديجة بنت خويلد رضي ال عنها قرابة‪ ،‬وإنه قدم عليها‪ ،‬وكان إذا قدم‬
‫عليها أصابته بخير‪ ،‬فوجهته مع رسول ال صلى ال عليه واله وغلم لها‬
‫يقال له‪ :‬ميسرة في تجارة إلى بصرى من أرض الشام‪ ،‬فأحب خزيمة‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله حبا شديدا‪ ،‬فكان ل يفارقه في نومه ول في‬
‫يقظته‪ ،‬فساروا حتى إذا كانوا بين الشام والحجاز قام على ميسرة بعيران‬
‫لخديجة‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه واله في أول الركب فخاف ميسرة‬
‫على نفسه وعلى البعرين‪ ،‬فانطلق يسعى إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله فأخبره بذلك فأقبل النبي صلى ال عليه واله إلى البعيرين فوضع يديه‬
‫على أخفافهما وعوذهما‪ ،‬فانطلق البعيران يسعيان في أول الركب لهما‬
‫رغاء )‪ ،(4‬فلما رأى خزيمة ذلك علم أن له شأنا عظيما‪ ،‬فحرص على‬
‫لزومه ومحافظته‪ ،‬وساروا حتى إذا دخلوا الشام نزلوا براهب من رهبان‬
‫الشام‪ ،‬فنزل رسول ال صلى ال عليه واله تحت شجرة‪ ،‬ونزل الناس‬
‫متفرقين‪ ،‬وكانت الشجرة التي نزل تحتها شجرة يابسة قحلة )‪ ،(5‬قد‬
‫تساقط ورقها‪ ،‬ونخر عودها‪ ،‬فلما نزل رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫واطمأن تحتها أنورت وأشرقت واعشوشب ما حولها‪ ،‬وأينع )‪ (6‬ثمرها‪،‬‬
‫وتدلت أغصانها‪ ،‬فرفرفت )‪ (7‬على رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وكان‬
‫ذلك بعين الراهب فلم يتمالك أن انحدر من صومعته‪ ،‬فقال له‪ :‬سألتك‬
‫باللت والعزى )‪ ،(8‬فقال‪ :‬إليك عني‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬عاجلة وآجلة‪ (2) .‬الخطر‪ :‬الشرف وارتفاع القدر‪ .‬وفي تاريخ‬
‫اليعقوبي‪ :‬وله وال خطب عظيم ونبأ شايع‪ (3) .‬من ل يحضره الفقيه‪:‬‬
‫‪ .413‬واخرج نحوه اليعقوبي في تاريخه ‪ (4) .15 :2‬الرغاء‪ :‬صوت‬
‫البل‪ (5) .‬قحل الشئ‪ :‬يبس‪ (6) .‬أينع الثمر‪ :‬أدرك وطاب وحان قطافه‪) .‬‬
‫‪ (7‬أي فبسطت أغصانها عليه‪ (8) .‬في المصدر‪ :‬سألتك باللت والعزى‬
‫ما اسمك ؟‬

‫] ‪[ 18‬‬

‫ثكلتك امك‪ ،‬فما تكلمت العرب بكلمة أثقل علي من هذه الكلمة‪ ،‬وكان ذلك مكرا من‬
‫الراهب‪ ،‬وكان معه حين نزل من صومعته رق )‪ (1‬أبيض‪ ،‬فجعل ينظر فيه‬
‫مرة وإلى النبي صلى ال عليه واله اخرى‪ ،‬ثم أكب ينظر فيه مليا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫هو هو ومنزل النجيل‪ ،‬فلما سمع بذلك خزيمة ظن أن الراهب يريد بالنبي‬
‫صلى ال عليه واله مكرا‪ ،‬فضرب بيده إلى قائمة سيفه فانتزعه وجعل‬
‫يصيح بأعلى صوته‪ :‬يا آل غالب‪ ،‬فأقبل الناس يهرعون إليه من كل ناحية‬
‫يقولون‪ :‬ما الذي راعك ؟ فلما نظر الراهب إلى ذلك أقبل يسعى إلى‬
‫صومعته فدخلها وأغلق عليه بابها‪ ،‬ثم أشرف عليهم فقال‪ :‬يا قوم ما الذي‬
‫راعكم مني ؟ فوالذي رفع السماوات بغير عمد ما نزل بي ركب هو أحب‬
‫إلي منكم‪ ،‬وإني لجد في هذه الصحيفة أن النازل تحت هذه الشجرة ‪-‬‬
‫وأومأ بيده إلى الشجرة التي تحتها رسول ال صلى ال عليه واله ‪ -‬هو‬
‫رسول رب العالمين‪ ،‬يبعث بالسيف المسلول‪ ،‬وبالذبح الكبر‪ ،‬وهو خاتم‬
‫النبيين‪ ،‬فمن أطاعه نجا‪ ،‬ومن عصاه غوى‪ ،‬ثم أقبل على خزيمة فقال‪ :‬ما‬
‫تكون من هذا الرجل ؟ أرجل من قومه ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن خادم له‪ ،‬وحدثه‬
‫بحديث البعيرين‪ ،‬فقال له الراهب‪ :‬أيها الرجل إنه النبي الذي يبعث في آخر‬
‫الزمان‪ ،‬وإني مفوض إليك أمرا‪ ،‬ومستكتمك خبرا‪ ،‬وعاهد إليك عهدا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما هو ؟ فإني سامع لقولك‪ ،‬وكاتم لسرك‪ ،‬ومطيع لمرك‪ ،‬فقال‪ :‬إني‬
‫أجد في هذه الصحيفة أنه يظهر على البلد‪ ،‬وينصر على العباد‪ ،‬ول ترد له‬
‫راية‪ ،‬ول تدرك له غاية‪ ،‬وإن له أعداء أكثرهم اليهود أعداء ال‪ ،‬فأحذرهم‬
‫عليه‪ ،‬فأسر خزيمة ذلك في نفسه‪ ،‬ثم أقبل على رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله فقال‪ :‬يا محمد إني لرى فيك شيئا ما رأيته في أحد من الناس‪ ،‬إني‬
‫لحسبك النبي الذي يذكر أنه يخرج من تهامة‪ ،‬وإنك لصريح )‪ (2‬في‬
‫ميلدك‪ ،‬والمين في أنفس قومك‪ ،‬وإني لرى عليك من الناس محبة‪ ،‬وإني‬
‫مصدقك في قولك‪ ،‬وناصرك على عدوك‪ ،‬فانطلقوا يؤمون الشام‪ ،‬فقضوا‬
‫بها حوائجهم‪ ،‬ثم رجعوا‪،‬‬

‫)‪ (1‬الرق‪ :‬جلد رقيق يكتب فيه‪ .‬الصحيفة البيضاء‪ (2) .‬الصريح‪ :‬الخالص‪ ،‬ولعل‬
‫المراد أن ميلدك لم يشب بشئ من رسوم الجاهلية‪ ،‬أو أن نسبك‬
‫الخالص‪ ،‬أو أنك خرجت من النكاح لم يدنسك السفاح‪ .‬قال الكازرونى في‬
‫المنتقى‪ :‬أي لست بكاذب عندهم‪.‬‬
‫] ‪[ 19‬‬

‫ثم قال‪ :‬فأرسلت خديجة إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها‪ ،‬فحضر‪ ،‬ودخل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله في عمومته فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين‬
‫سنة‪ ،‬وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة‪ .‬وقد روى قوم أنه زوجها أبوها في‬
‫حال سكره )‪ .(1‬قال الواقدي‪ :‬هذا غلط‪ ،‬والصحيح أن عمها زوجها‪ ،‬وأن‬
‫أباها مات قبل الفجار‪ .‬وذكر أن أبا طالب خطب يومئذ‪ ،‬وذكر ما مر‪ ،‬فلما‬
‫أتم أبو طالب خطبته تكلم ورقة بن نوفل‪ ،‬فقال‪ " :‬الحمد ل الذي جعلنا كما‬
‫ذكرت‪ ،‬وفضلنا على ما عددت‪ ،‬فنحن سادة العرب وقادتها‪ ،‬وأنتم أهل ذلك‬
‫كله‪ ،‬ل تنكر العشيرة فضلكم‪ ،‬ول يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم‪ ،‬وقد‬
‫رغبنا بالتصال بحبلكم وشرفكم‪ ،‬فاشهدوا علي معاشر قريش بأني قد‬
‫زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد ال على أربعمأة دينار‪ ،‬ثم‬
‫سكت ورقة‪ ،‬وتكلم أبو طالب وقال‪ :‬قد أحببت أن يشركك عمها‪ ،‬فقال‬
‫عمها‪ ،‬اشهدوا علي يا معشر قريش إني قد أنكحت محمد بن عبد ال‬
‫خديجة بنت خويلد‪ ،‬وشهد علي بذلك صناديد قريش‪ ،‬فأمرت خديجة‬
‫جواريها أن يرقصن ويضربن بالدفوف‪ ،‬وقالت‪ :‬يا محمد مر عمك أبا طالب‬
‫ينحر بكرة من بكراتك‪ ،‬وأطعم الناس على الباب‪ ،‬وهلم فقل )‪ (2‬مع‬

‫)‪ (1‬ذكره الطبري في تاريخه ‪ 36 ،2‬عن الواقدي‪ ،‬وروى اليعقوبي في تاريخه ‪:2‬‬
‫‪ 14‬و ‪ 15‬ذلك عن عمار بن ياسر في عمه عمرو بن أسد‪ ،‬إل أنه قال‬
‫فلما أصبح عمها عمرو بن أسد أنكر ما رأى فقيل له‪ :‬هذا‪ ،‬فقال‪ :‬متى‬
‫زوجته ؟ قيل له‪ :‬بالمس‪ ،‬قال‪ :‬ما فعلت‪ ،‬قيل له‪ :‬بلى نشهد أنك قد فعلت‪،‬‬
‫فلما رأى عمرو رسول ال قال‪ :‬اشهدوا أنى لم أكن زوجته بالمس‪ ،‬فقد‬
‫زوجته اليوم ا‍ه‪ .‬قلت‪ :‬فيهما غرابة وشذوذ‪ ،‬ولم يرد ذلك من طرق‬
‫المامية‪ .‬بل ورد من طرق ل يعتمد عليها المامية‪ ،‬وقد عرفت قبل ذلك‬
‫في رواية الكليني أن خديجة لما رأت أن عمها تلجلج وقصر عن الجواب‬
‫قالت‪ :‬يا عم لست أولى من نفسي‪ ،‬قد زوجتك يا محمد نفسي‪ ،‬وان ثبت‬
‫في حديث صحيح أن غيرها كان المزوج لها فل ينافى ذلك بل يجمع‬
‫بوقوع العقد منهما جميعا‪ ،‬كما يأتي نظير ذلك في عقد ورقة بن نوفل‪) .‬‬
‫‪ (2‬من قال يقيل قيلولة‪ :‬نام في القائلة أي منتصف النهار‪.‬‬

‫] ‪[ 20‬‬

‫أهلك فأطعم الناس‪ ،‬ودخل رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال مع أهله خديجة )‬
‫‪ - 19 .(1‬اقول‪ :‬قال أبو الحسن البكري في كتاب النوار‪ :‬مر النبي صلى‬
‫ال عليه واله يوما بمنزل خديجة بنت خويلد‪ ،‬وهي جالسة في مل من‬
‫نسائها وجواريها وخدمها‪ ،‬وكان عندها حبر من أحبار اليهود‪ ،‬فلما مر‬
‫النبي صلى ال عليه واله نظر إليه ذلك الحبر وقال‪ :‬يا خديجة اعلمي أنه‬
‫قد مر الن ببابك شاب حدث السن‪ ،‬فأمري من يأتي به‪ ،‬فأرسلت إليه‬
‫جارية من جواريها‪ ،‬وقالت‪ :‬يا سيدي مولتي تطلبك‪ ،‬فأقبل ودخل منزل‬
‫خديجة‪ ،‬فقالت‪ :‬أيها الحبر هذا الذي أشرت إليه‪ ،‬قال‪ :‬نعم هذا محمد بن‬
‫عبد ال‪ ،‬قال له الحبر‪ :‬اكشف لي عن بطنك‪ ،‬فكشف له‪ ،‬فلما رآه قال‪ :‬هذا‬
‫وال خاتم النبوة‪ ،‬فقالت )‪ (2‬له خديجة‪ :‬لو رآك عمه وأنت تفتشه لحلت‬
‫عليك منه نازلة البلء‪ ،‬وإن أعمامه ليحذرون عليه من أحبار اليهود‪ ،‬فقال‬
‫الحبر‪ :‬ومن يقدر على محمد هذا بسوء‪ ،‬هذا وحق الكليم رسول الملك‬
‫العظيم في آخر الزمان‪ ،‬فطوبى )‪ (3‬لمن يكون له بعل‪ ،‬وتكون له زوجة‬
‫وأهل‪ ،‬فقد حازت شرف الدنيا والخرة‪ ،‬فتعجبت خديجة‪ ،‬وانصرف محمد‬
‫وقد اشتغل قلب خديجة بنت خويلد بحبه‪ ،‬وكانت خديجة ملكة عظيمة‪،‬‬
‫وكان لها من الموال والمواشي شئ ل يحصى‪ ،‬فقالت‪ :‬أيها الحبر بم‬
‫عرفت محمدا أنه نبي ؟ قال‪ :‬وجدت صفاته في التوارة‪ ،‬إنه المبعوث آخر‬
‫الزمان )‪ ،(4‬يموت أبوه وامه‪ ،‬ويكفله جده وعمه‪ ،‬وسوف يتزوج بامرأة‬
‫من قريش سيدة قومها‪ ،‬وأميرة عشيرتها‪ ،‬وأشار بيده إلى خديجة‪ ،‬ثم بعد‬
‫ذلك قال لها‪ :‬احفظي ما أقول لك يا خديجة وأنشأ يقول‪:‬‬

‫)‪ (1‬المنتقى في مولود المصطفى‪ :‬الباب الثامن فيما كان سنة خمس وعشرين من‬
‫مولده صلى ال عليه وآله ا‍ه فيه‪ :‬فقال مع أهله‪ ،‬فأقر ال عينه‪ ،‬وفرح‬
‫أبو طالب فرحا شديدا وقال‪ :‬الحمد ل الذى أذهب عنا الحزن ودفع عنا‬
‫الهموم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فكشف عن بطنه‪ ،‬فلما رأى الحبر خاتم النبوة‬
‫دهش لذلك‪ ،‬قالت‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬هذا وحق الكليم على الجبل العظيم‬
‫محمد صاحب البرهان‪ ،‬المبعوث في آخر الزمان‪ ،‬المعطل بدينه سائر‬
‫الديان‪ .‬فطوبى ا‍ه‪ (4) .‬أضاف في المصدر هنا‪ :‬يكسر الصنام‪.‬‬

‫] ‪[ 21‬‬

‫يا خديجة ل تنسي الن قولي * وخذي منه غاية المحصول يا خديجة هذا النبي بل‬
‫شك * هكذا قد قرأت في النجيل سوف يأتي من الله بوحي * ثم يجبى )‬
‫‪ (1‬من الله بالتنزيل ويزوجه بالفخار ويحظى )‪ * (2‬في الورى شامخا‬
‫على كل جيل فلما سمعت خديجة ما نطق به الحبر تعلق قلبها بالنبي صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬وكتمت أمرها‪ ،‬فلما خرج من عندها قال‪ :‬اجتهدي أن ل‬
‫يفوتك محمد‪ ،‬فهو الشرف في الدنيا والخرة )‪ ،(3‬وكان لخديجة عم يقال‬
‫له‪ :‬ورقة‪ ،‬وكان قد قرأ الكتب كلها )‪ ،(4‬وكان عالما حبرا‪ ،‬وكان يعرف‬
‫صفات النبي الخارج في آخر الزمان‪ ،‬وكان عند ورقة أنه يتزوج بامرأة )‬
‫‪ (5‬سيدة من قريش‪ ،‬تسود قومها‪ ،‬وتنفق عليه مالها‪ ،‬وتمكنه من نفسها‪،‬‬
‫وتساعده على كل المور‪ ،‬فعلم ورقة أنه ليس بمكة أكثر مال من خديجة‪،‬‬
‫فرجا ورقة أن تكون ابنة أخيه خديجة‪ ،‬وكان يقول لها‪ :‬يا خديجة سوف )‬
‫‪ (6‬تتصلين برجل يكون أشرف أهل الرض والسماء‪،‬‬

‫)‪ (1‬أي يعطى‪ (2) .‬ويزوج بذات الفخار فيضحى خ ل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فهو وال‬
‫شرف الدنيا والخرة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬يقال له‪ :‬ورقة بن نوفل‪ ،‬وكان‬
‫من كهان قريش‪ ،‬وكان قد قرأ صحف شيث عليه السلم وصحف ابراهيم‬
‫عليه السلم‪ ،‬وقرأ التوراة والنجيل وزبور داود عليه السلم‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬بامرأة من قريش تكون سيدة قومها وأميرة عشيرتها‪ ،‬تساعده‬
‫وتعاضده و تنفق عليه مالها‪ ،‬فعلم ورقة ا‍ه‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فرجا ورقة‬
‫أن تكون زوجته حتى تفوز بالنبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬وكان ورقة إذا‬
‫دخل على خديجة تقول لها‪ :‬يا خديجة سوف تتصلين برجل يكون فيه‬
‫شرف الدنيا ونعيم الخرة‪ ،‬وكانت خديجة أغنى أهل مكة‪ ،‬وكان لها في‬
‫كل قبيلة من العرب قريب من الوف من النوق والخيل والغنم‪ ،‬لنها قد‬
‫زوجت عبيدها بجواريها‪ ،‬وفرقهم مع العرب‪ ،‬وأعطتهم بيوت الشعر‪،‬‬
‫والخيل والبل‪ ،‬وجعلوا يتوالدون ويكثرون‪ ،‬والدواب تلد وتكثر‪ ،‬وكان لها‬
‫ازيد من أربعين ألف جمل تسافر بالتجارة إلى الشام والعراق والبحرين‬
‫وعمان والطائف ومصر والحبشة وغيرها من المصار‪ ،‬ومعها العبيد‬
‫والغلمان والوكلء‪ ،‬وكان أبو طالب ا‍ه‪.‬‬

‫] ‪[ 22‬‬

‫وكان لخديجة في كل ناحية عبيد ومواشي حتى قيل‪ :‬إن لها أزيد من ثمانين ألف‬
‫جمل متفرقة في كل مكان‪ ،‬وكان لها في كل ناحية تجارة‪ ،‬وفي كل بلد مال‪،‬‬
‫مثل مصر والحبشة وغيرها‪ ،‬وكان أبو طالب رضي ال عنه قد كبر‬
‫وضعف عن كثرة السفر‪ ،‬وترك ذلك من حيث كفل النبي صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬فدخل عليه النبي صلى ال عليه واله ذات يوم فوجده مهموما‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ما لي أراك يا عم مهموما ؟ فقال‪ :‬يا ابن أخي اعلم أنه ل مال لنا‪ ،‬وقد اشتد‬
‫الزمان علينا‪ ،‬وليس لنا مادة‪ ،‬وأنا قد كبرت‪ ،‬وضعف جسمي‪ ،‬وقل ما‬
‫بيدي‪ ،‬واريد أن أنزل إلى ضريحي )‪ ،(1‬واريد أن أرى لك زوجة تسر قلبي‬
‫يا ولدي لتسكن إليها‪ ،‬ومعيشة يرجع نفعها إليك‪ ،‬فقال له النبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬ما عندك يا عم من الرأي ؟ قال‪ :‬اعلم يابن أخي أن هذه خديجة‬
‫بنت خويلد قد انتفع بمالها أكثر الناس‪ ،‬وهي تعطي مالها سائر من يسألها‬
‫التجارة )‪ ،(2‬ويسافرون به‪ ،‬فهل لك يا ابن أخي أن تمضي معي إليها‬
‫ونسألها أن تعطيك مال تتجر فيه‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬قم إليها وافعل ما بدا لك‪ .‬قال‬
‫أبو الحسن البكري‪ :‬لما اجتمع بنو عبد المطلب قال أبو طالب لخوته‪:‬‬
‫امضوا بنا إلى دار خديجة بنت خويلد حتى نسألها أن تعطي محمدا مال‬
‫يتجر به‪ ،‬فقاموا من وقتهم وساعتهم وساروا إلى دار خديجة‪ ،‬وكان‬
‫لخديجة دار واسعة تسع أهل مكة جميعا‪ ،‬وقد جعلت أعلها قبة من الحرير‬
‫الزرق‪ ،‬وقد رقمت في جوانبها صفة الشمس والقمر والنجوم‪ ،‬وقد ربطته‬
‫من حبال البريسم )‪ (3‬وأوتاد من الفولذ‪ ،‬وكانت قد تزوجت برجلين‬
‫أحدهما اسمه أبو شهاب وهو عمرو الكندي )‪ ،(4‬والثاني اسمه عتيق بن‬
‫عائذ‪ ،‬فلما ماتا خطبها عقبة بن أبي معيط‪ ،‬والصلت بن أبي يهاب‪ ،‬وكان‬
‫لكل واحد منهما أربعمأة عبد وأمة‪ ،‬وخطبها أبو جهل بن هشام وأبو‬
‫سفيان‪ ،‬وخديجة ل ترغب في واحد منهم‪ ،‬وكان‬

‫)‪ (1‬قبل أن انزل ضريحي أرى خ ل‪ .‬أقول‪ :‬هو الموجود في المصدر‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وهى تعطى مالها من سألها التجارة‪ (3) .‬بحبال من البريسم خ‬
‫ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪ (4) .‬المشهور أنه أبو هالة مالك بن النباش‬
‫بن زرارة التميمي‪ ،‬أو النباش بن زرارة أو هند بن النباش على اختلف‪.‬‬

‫] ‪[ 23‬‬

‫قد تولع قلبها بالنبي صلى ال عليه واله لما سمعت )‪ (1‬من الحبار والرهبان‬
‫والكهان‪ ،‬وما يذكرونه من الدللت‪ ،‬وما رأت قريش من اليات‪ ،‬فكانت‬
‫تقول‪ :‬سعدت من تكون لمحمد قرينة‪ ،‬فإنه يزين صاحبه )‪ ،(2‬وازداد بها‬
‫الوجد‪ ،‬ولج بها الشوق )‪ ،(3‬فبعثت إلى عمها ورقة ابن نوفل فقالت له‪ :‬يا‬
‫عم اريد أن أتزوج وما أدري بمن يكون‪ ،‬وقد أكثر علي الناس وقلبي ل‬
‫يقبل منهم أحدا‪ ،‬فقال لها ورقة‪ :‬يا خديجة أل اعلمك بحديث غريب وأمر‬
‫عجيب ؟ قالت‪ :‬وما هو يا عم ؟ قال‪ :‬عندي كتاب من عهد عيسى عليه‬
‫السلم فيه طلسم وعزائم‪ ،‬أعزم بها على ماء وتأخذينه وتغسلين به‪ ،‬ثم‬
‫أكتب كتابا فيه كلمات من الزبور‪ ،‬وكلمات من النجيل‪ ،‬فتضعيه تحت‬
‫رأسك عند النوم وأنت على فراشك ملتفة بثيابك‪ ،‬فإن الذي يكون زوجك‬
‫يأتيك في منامك حتى تعرفيه باسمه وكنيته‪ ،‬فقالت‪ :‬افعل يا عم‪ ،‬قال‪ :‬حبا‬
‫وكرامة‪ ،‬وكتب الكتاب‪ ،‬وأعطاها إياه‪ ،‬وفعلت ما أمرها به ونامت فرأت‬
‫كأن قد جاء إليها رجل ل بالطويل الشاهق‪ ،‬ول بالقصير اللذق‪ ،‬أدعج‬
‫العينين‪ ،‬أزج الحاجبين‪ ،‬أحور المقلتين )‪ ،(4‬عقيقي الشفتين‪ ،‬مورد‬
‫الخدين‪ ،‬أزهر اللون‪ ،‬مليح الكون‪ ،‬معتدل القامة‪ ،‬تظله الغمامة‪ ،‬بين كتفيه‬
‫علمة‪ ،‬راكب على فرس من نور‪ ،‬مزمم )‪ (5‬بسلسلة من ذهب‪ ،‬على‬
‫ظهره سرج من العقيان‪ ،‬مرصع بالدر والجوهر‪ ،‬له وجه كوجه الدميين‬
‫منشق الذنب‪ ،‬له أرجل كالبقر‪ ،‬خطوته مد البصر‪ ،‬وهو يرقل بالراكب‪،‬‬
‫وكان خروجه من دار أبي طالب‪ ،‬فلما رأته خديجة ضمته إلى صدرها‪،‬‬
‫وأجلسته في حجرها‪ ،‬ولم تنم باقي ليلتها إلى أن أقبلت إلى عمها ورقة‪،‬‬
‫وقالت‪ :‬أنعمت صباحا يا عم‪ ،‬قال‪ :‬وأنت لقيت‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وكان قد وقع محبة النبي صلى ال عليه واله في قلبها وقد تولع‬
‫خاطرها به لما سمعت‪ (2) .‬فانه يزين صاحبه ول يشين خ ل‪ (3) .‬لح‬
‫عليها خ ل‪ (4) .‬دعجت العين‪ :‬صارت شديدة السواد مع سعتها فصاحبها‬
‫أدعج‪ .‬وحورت العين‪ :‬اشتد بياض بياضها وسواد سوادها فصاحبها‬
‫أحور‪ .‬والمقلة‪ :‬شحمة العين‪ ،‬أو هي السواد والبياض منها‪ .‬العين ذاتها‪.‬‬
‫)‪ (5‬مزموم خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 24‬‬

‫نجاحا‪ ،‬فلعلك رأيت شيئا في منامك‪ ،‬قالت‪ :‬رأيت رجل صفته كذا وكذا‪ ،‬فعندها قال‬
‫ورقة‪ :‬يا خديجة إن صدقت رؤياك تسعدين وترشدين‪ ،‬فإن الذي رأيته‬
‫متوج بتاج الكرامة‪ ،‬الشفيع في العصاة يوم القيامة‪ ،‬سيد العرب والعجم‪،‬‬
‫محمد بن عبد ال بن عبد المطلب ابن هاشم‪ ،‬قالت‪ :‬وكيف لي بما تقول يا‬
‫عم وأنا كما يقول الشاعر‪ :‬أسير إليكم قاصدا لزوركم * وقد قصرت بي‬
‫عند ذاك رواحلي وملك الماني خدعة غير أنني * اعلل حد الحادثات بباطل‬
‫احمل برق الشرق شوقا إليكم * وأسأل ريح الغرب رد رسائلي قال‪ :‬فزاد‬
‫بها الوجد‪ ،‬وكانت إذا خلت بنفسها فاضت عبرتها أسفا‪ ،‬وجرت دمعتها‬
‫لهفا‪ ،‬وهي تقول‪ :‬كم أستر الوجد والجفان تهتكه * واطلق الشوق‬
‫والغضاء )‪ (1‬تمسكه جفاني القلب لما أن تملكه * غيري فوا أسفا لو‬
‫كنت أملكه ما ضر من لم يدع مني سوى رمقي * لو كان يمسح بالباقي‬
‫فيتركه قال الراوي‪ :‬وأعجب ما رأيت في هذا المر العجيب والحديث‬
‫الغريب أن خديجة لم تفرغ من شعرها إل وقد طرق الباب‪ ،‬فقالت‬
‫لجاريتها‪ :‬انزلي وانظري من بالباب‪ ،‬لعل هذا خبر من الحباب‪ ،‬ثم أنشأ‬
‫يقول‪ :‬أيا ريح الجنوب لعل علم * من الحباب يطفى بعض حري ولم ل‬
‫حملوك إلي منهم * سلما أشتريه ولو بعمري وحق ودادهم إني كتوم *‬
‫وإني ل أبوح لهم بسري أراني ال وصلهم قريبا * وكم يسر أتى من بعد‬
‫عسر فيوم من فراقكم كشهر * وشهر من وصالكم كدهر‪ .‬قال‪ :‬ثم نزلت‬
‫الجارية وإذا أولد عبد المطلب بالباب‪ ،‬فرجعت إلى خديجة و قالت‪ :‬يا‬
‫سيدتي إن بالباب سادات العرب‪ ،‬ذوي )‪ (2‬المعالي والرتب‪ ،‬أولد عبد‬
‫المطلب‪،‬‬

‫)‪ (1‬العضاء خ ل‪ (2) .‬من ذوي المعالى خ ل‪(*) .‬‬


‫] ‪[ 25‬‬

‫فرمقت )‪ (1‬خديجة رمق الهوى‪ ،‬ونزل بها دهش الجوى )‪ ،(2‬وقالت‪ :‬افتحي لهم‬
‫الباب‪ ،‬وأخبري ميسرة يعتد لهم المساند والوسائد‪ ،‬فإني أرجو أن يكونوا‬
‫قد أتوني بحبيبي محمد‪ ،‬ثم قالت شعرا‪ :‬ألذ حياتي وصلكم ولقاكم * ولست‬
‫ألذ العيش حتى أراكم وما استحسنت عيني من الناس غيركم * ول لذ في‬
‫قلبي حبيب سواكم على الرأس والعينين جملة سعيكم * ومن ذا الذي في‬
‫فعلكم قد عصاكم )‪ (3‬فها أنا محسوب )‪ (4‬عليكم بأجمعي * وروحي ومالي‬
‫يا حبيبي فداكم وما غيركم في الحب يسكن مهجتي * وإن شئتم تفتيش‬
‫قلبي فهاكم قال صاحب الحديث‪ :‬وبسط لهم ميسرة المجلس بأنواع الفرش‬
‫فما استقر بالقوم الجلوس إل وقد قدم لهم أصناف الطعام والفواكه من‬
‫الطائف والشام‪ ،‬فأكلوا وأخذوا في الحديث‪ ،‬فقالت لهم خديجة من وراء‬
‫الحجاب بصوت عذب‪ ،‬وكلم رطب‪ :‬يا سادات مكة أضاءت بكم الديار‪،‬‬
‫وأشرقت بكم النوار‪ ،‬فلعل لكم حاجة فتقضى‪ ،‬أو ملمة )‪ (5‬فتمضى‪ ،‬فإن‬
‫حوائجكم مقضية‪ ،‬وقناديلكم مضيئة‪ ،‬فقال أبو طالب رضي ال عنه‪ :‬جئناك‬
‫في حاجة يعود نفعها إليك‪ ،‬وبركتها عليك‪ ،‬قالت‪ :‬يا سيدي وما ذلك ؟ قال‪:‬‬
‫جئناك في أمر ابن أخي محمد‪ ،‬فلما سمعت ذلك غاب )‪ (6‬رشدها عن‬
‫الوجود‪ ،‬وأيقنت بحصول المقصود‪ ،‬وقالت شعرا‪ :‬بذكر كم يطفئ الفؤاد من‬
‫الوقد * ورؤيتكم فيها شفا أعين الرمد ومن قال‪ :‬إني أشتفي )‪ (7‬من‬
‫هواكم * فقد كذبوا لو مت فيه من الوجد وما لي ل أمل سرورا بقربكم *‬
‫وقد كنت مشتاقا إليكم على البعد‬

‫)‪ (1‬رمق‪ :‬أطال النظر‪ (2) .‬الجوى‪ :‬شدة الوجد من حزن أو عشق‪ (3) .‬فيما أردتم‬
‫عصاكم خ ل‪ (4) .‬محبوب خ ل‪ (5) .‬الملمة‪ :‬النازلة الشديدة من نوازل‬
‫الدنيا‪ (6) .‬غابت عن الوجود خ ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪(7) .‬‬
‫أشتكى لهواكم خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 26‬‬

‫تشابه سري في هواكم وخاطري )‪ * (1‬فابدي الذي أخفى وأخفى الذي ابدي ثم‬
‫قالت بعد ذلك‪ :‬يا سيدي أين محمد حتى نسمع ما يقول )‪ (2‬؟ قال العباس‬
‫رضي ال عنه‪ :‬أنا آتيكم به‪ ،‬فنهض وسار يطلبه من البطح )‪ (3‬فلم يجده‪،‬‬
‫فالتفت يمينا وشمال فقالوا‪ :‬ما تريد )‪ (4‬؟ فقال‪ :‬اريد محمدا‪ ،‬فقالوا له‪:‬‬
‫في جبل حرى )‪ ،(5‬فسار إليه فإذا هو فيه نائما في مرقد إبراهيم الخليل‬
‫عليه السلم ملتفا ببرده وعند رأسه ثعبان عظيم في فمه طاقة ريحان‬
‫يروحه بها‪ ،‬فلما نظر إليه العباس قال‪ :‬خفت عليه من الثعبان‪ ،‬فجذبت‬
‫سيفي وهممت بالثعبان )‪ ،(6‬فحمل الثعبان على العباس‪ ،‬فلما رأى العباس‬
‫ذلك صاح من وقته ادركني يا ابن أخي‪ ،‬ففتح النبي صلى ال عليه واله‬
‫عينيه فذهب الثعبان كأنه لم يكن‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬ما لي‬
‫أرى سيفك مسلول ؟ قال‪ :‬رأيت هذا الثعبان عندك‪ ،‬فسللت سيفي وقصدته‬
‫خوفا عليك منه‪ ،‬فعرفت في نفسي الغلبة فصحت بك )‪ ،(7‬فلما فتحت عينك‬
‫ذهب كأنه لم يكن‪ ،‬فتبسم النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬وقال‪ :‬يا عم ليس هذا‬
‫بثعبان‪ ،‬ولكنه ملك من الملئكة‪ ،‬ولقد رأيته مرارا‪ ،‬وخاطبته )‪ (8‬جهارا‪،‬‬
‫وقال لي‪ :‬يا محمد إني ملك من عند ربي موكل بحراستك في الليل والنهار‬
‫من كيد العداء والشرار‪ ،‬قال‪ :‬ما ينكر فضلك يا محمد )‪ ،(9‬فقال له‪ :‬سر‬
‫معي إلى دار خديجة بنت خويلد تكون أمينا على أموالها‪ ،‬تسير‬

‫)‪ (1‬وظاهرى خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وأين محمد حتى نحدثه بما تريدون‪ ،‬ونسمع‬
‫ما يقول‪ (3) .‬في البطح خ ل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬قال له بعض أهل مكة‪:‬‬
‫أراك يا سيدى التفت يمينا وشمال‪ ،‬من تطلب ؟‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬قال‪:‬‬
‫كان هنا من ساعة وتوجه طالب جبل حرى‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فلما نظر‬
‫إليه العباس خاف عليه من الثعبان أن يقتله فجذب سيفه وهم بالثعبان‪) .‬‬
‫‪ (7‬في المصدر‪ :‬بعد قوله‪ :‬مسلول‪ :‬قال‪ :‬رأيت ما أرعبني‪ ،‬قال‪ :‬وما‬
‫رأيت شيئا يشبه السحر‪ ،‬وما كان أبونا يعرف السحر ول أنت أيضا‬
‫تعرفه‪ ،‬فأيش هذا ؟ قال‪ :‬رأيت عند رأسك ثعبان عظيم فخفت عليك منه‪،‬‬
‫وأردت قتله فحمل على فأرعبني فصحت بك ا‍ه قلت‪ :‬ولعل الصحيح‪ :‬قال‪:‬‬
‫وما رأيت ؟ قال‪ :‬رأيت شيئا‪ (8) .‬خاطبني خ ل‪ .‬وهو الموجود في‬
‫المصدر‪ (9) .‬في المصدر بعد ذلك‪ :‬وانى وجدت لك مكانا تعمل فيه‪،‬‬
‫فتبسم النبي صلى ال عليه وآله وقال‪ :‬وأين يكون هذا ؟ قال عند خديجة‬
‫تكون أمينا على أموالها‪.‬‬

‫] ‪[ 27‬‬

‫بها حيث شئت‪ ،‬قال‪ :‬اريد الشام‪ ،‬قال‪ :‬ذلك إليك‪ ،‬فسار النبي صلى ال عليه واله‬
‫والعباس إلى بيت خديجة‪ ،‬وكان من عادته صلى ال عليه واله إذا أراد‬
‫زيارة قوم سبقه النور إلى بيتهم‪ ،‬فسبقه النور إلى بيت خديجة‪ ،‬فقالت‬
‫لعبدها ميسرة‪ :‬كيف غفلت عن الخيمة حتى عبرت الشمس إلى المجلس ؟‬
‫قال‪ :‬لست بغافل عنها‪ ،‬وخرج فلم يجد تغير وتد ول طنب‪ ،‬ونظر إلى‬
‫العباس فوجده قد أقبل هو والنبي صلى ال عليه واله معه‪ ،‬فرجع وقال‬
‫لها‪ :‬يا مولتي هذا الذي رأيته من أنوار محمد صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫فجاءت خديجة لتنظر إلى محمد‪ ،‬فلما دخل المجلس نهض أعمامه إجلل‬
‫له‪ ،‬وأجلسوه في أوساطهم‪ ،‬فلما استقر بهم الجلوس قدمت لهم خديجة‬
‫الطعام )‪ (1‬فأكلوا‪ ،‬ثم قالت خديجة‪ :‬يا سيدي أنست بك الديار‪ ،‬وأضاءت‬
‫بك القدار )‪ ،(2‬وأشرقت من طلعتك النوار‪ ،‬أترضى أن تكون أمينا على‬
‫أموالي تسير بها حيث شئت ؟ قال‪ :‬نعم رضيت‪ ،‬ثم قال‪ :‬اريد الشام‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫ذلك إليك‪ ،‬وإني قد جعلت لمن يسير على أموالي مائة وقية من الذهب‬
‫الحمر‪ ،‬ومائة وقية من الفضة البيضاء‪ ،‬وجملين وراحلتين )‪ ،(3‬فهل أنت‬
‫راض ؟ فقال أبو طالب رضي ال عنه‪ ،‬رضي ورضينا‪ ،‬وأنت يا خديجة‬
‫محتاجة إليه‪ ،‬لنه من حين خلق ما وقف له العرب على صبوة‪ ،‬وأنه مكين‬
‫أمين‪ ،‬قالت خديجة‪ :‬تحسن يا سيدي تشد على الجمل وترفع عليه‬
‫الحمال ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬يا ميسرة‪ :‬ايتني ببعير حتى أنظر كيف يشد‬
‫عليه محمد‪ ،‬فخرج ميسرة وأتى ببعير شديد المراس‪ ،‬قوى الباس‪ ،‬لم‬
‫يجسر أحد من الرعاة أن يخرجه من بين البل لشدة بأسه‪ ،‬فأدناه ليركبه‬
‫فهدر وشقشق )‪ (4‬واحمرت عيناه‪ ،‬فقال له العباس‪ :‬ما كان عندك أهون‬
‫من هذا البعير ؟ تريد أن تمتحن به ابن أخينا ؟ فعند ذلك قال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬دعه يا عم‪ ،‬فلما سمع البعير كلم البشير النذير برك على‬
‫قدمي النبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬وجعل يمرغ وجهه علي قدمي النبي صلى‬
‫ال عليه وآله ونطق بكلم فصيح وقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬وما يوجب به الكرام خ‪ .‬قلت والزيادة موجودة في المصدر‪ (2) .‬القطار خ ل‪.‬‬
‫)‪ (3‬وراحلة خ ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪ (4) .‬هدر البعير‪ :‬ردد‬
‫صوته في حنجرته‪ .‬شقشق‪ :‬هدر وأخرج شقشقته‪ .‬والشقشقة‪ :‬شئ‬
‫كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج‪.‬‬

‫] ‪[ 28‬‬

‫من مثلى وقد لمس ظهري سيد المرسلين ؟ فقلن النسوة اللتى كن عند خديجة‪:‬‬
‫ماهذا إل سحر عظيم قد أحكمه هذا اليتيم‪ ،‬قالت لهم خديجة‪ :‬ليس هذا‬
‫سحرا‪ ،‬وإنما هو آيات بينات‪ ،‬وكرامات ظاهرات‪ ،‬ثم قالت‪ :‬نطق البعير‬
‫بفضل أحمد مخبرا * هذا الذي شرفت به ام القرى هذا محمد خير مبعوث‬
‫أتى * فهو الشفيع وخير من وطأ الثرى يا حاسديه تمزقوا من غيظكم *‬
‫فهو الحبيب ول سواه في الورى قال‪ :‬وخرج أولد عبد المطلب وأخذوا في‬
‫اهبة السفر )‪ ،(1‬فالتفتت خديجة إلى النبي صلي ال عليه وآله وقالت‪ :‬يا‬
‫سيدي ما معك غير هذه الثياب‪ ،‬فليست هذه تصلح للسفر‪ ،‬فقال‪ :‬لست أملك‬
‫غيرها‪ ،‬فبكت خديجة وقالت‪ :‬عندي يا سيدي ما يصلح للسفر‪ ،‬غير أنهن‬
‫طوال فامهل )‪ (2‬حتى اقصرها لك‪ ،‬فقال‪ :‬هلمي بها‪ ،‬وكان صلى ال عليه‬
‫وآله إذا لبس القصير يطول وإذا لبس الطويل يقصر‪ ،‬كأنه مفصل عليه )‬
‫‪ ،(3‬فأخرجت له ثوبين من قباطي )‪ (4‬مصر‪ ،‬وجبة عدنية‪ ،‬وبردة يمنية‪،‬‬
‫وعمامة عراقية‪ ،‬وخفين من الديم‪ ،‬وقضيب خيزران‪ ،‬فلبس النبي صلى‬
‫ال عليه وآله الثياب وخرج كأنه البدر في تمامه )‪ ،(5‬فلما نظرت إليه‬
‫جعلت تقول‪ :‬اوتيت من شرف الجمال فنونا * ولقد فتنت بها القلوب فتونا‬
‫قد كونت للحسن فيك جواهر * فيها دعيت الجوهر المكنونا يا من أعار )‬
‫‪ (6‬الظبي في لفتاته )‪ * (7‬للحسن جيدا ساميا وجفونا انظر إلى جسمي‬
‫النحيل وكيف قد * أجريت من دمع العيون عيونا‬

‫)‪ (1‬الهبة‪ :‬العدة‪ .‬وزاد في المصدر‪ :‬وإصلح شأنهم‪ (2) .‬فتمهل خ ل‪ (3) .‬قد‬
‫فصل عليه خ ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪ (4) .‬القباطى والقباطي جمع‬
‫القبطية‪ ،‬القبطية والقبطية‪ :‬ثياب من كتان منسوبة إلى القبط‪ .‬و في‬
‫المصدر‪ :‬وبردة يمانية‪ .‬وفيه‪ :‬وعمامة شربية من دق العراق بحاشيتين‬
‫من حرير‪ (5) .‬كأنه البدر عند التمام‪ ،‬إذا انجلى عنه الغمام خ ل‪ ،‬وهو‬
‫الموجود في المصدر‪ (6) .‬أغار خ‪ (7) .‬في فلواته خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 29‬‬

‫أسهرت عيني في هواك صبابة * وملئت قلبي لوعة )‪ (1‬وجنونا ثم قالت‪ :‬يا سيدي‬
‫عندك ما تركب عليه ؟ قال‪ :‬إذا تعبت ركبت أي بعير أردت‪ ،‬قالت‪ :‬وما‬
‫يحملني على ذلك )‪ (2‬؟ ل كانت الموال دونك يا محمد )‪ ،(3‬ثم قالت‬
‫لعبدها ميسرة‪ :‬ايتني بناقتي الصهباء حتى يركبها سيدي محمد‪ ،‬فأتى بها‬
‫ميسرة وهي تزيد على الوصاف‪ ،‬ل يلحقها في سيرها تعب‪ ،‬ول يصيبها‬
‫نصب‪ ،‬كأنها خيمة مضروبة‪ ،‬أو قبة منصوبة‪ ،‬ثم التفتت إلى ميسرة‬
‫وناصح وقالت لهما‪ :‬اعلما أنني قد أرسلت إليكما أمينا على أموالي‪ ،‬وأنه‬
‫أمير قريش وسيدها )‪ ،(4‬فل يد على يده‪ ،‬فإن باع ل يمنع‪ ،‬و ترك ل‬
‫يؤمر‪ ،‬وليكن كلمكما له بلطف وأدب‪ ،‬ول يعلو كلمكما على كلمه‪ ،‬قال‬
‫عبدها ميسرة‪ :‬وال يا سيدتي إن لمحمد عندي محبة عظيمة قديمة‪ ،‬والن‬
‫قد تضاعفت لمحبتك له‪ ،‬ثم إن النبي صلى ال عليه واله ودع خديجة‬
‫وركب راحلته وخرج وميسرة وناصح بين يديه‪ ،‬وعين ال ناظرة إليه‪،‬‬
‫فعندها قالت خديجة شعرا‪ :‬قلب المحب إلى الحباب مجذوب * وجسمه بيد‬
‫السقام منهوب وقائل كيف طعم الحب قلت له‪ * :‬الحب عذب ولكن فيه‬
‫تعذيب أقذى )‪ (5‬الذين علي خدي لبعدهم * دمي ودمعي مسفوح ومسكوب‬
‫ما في الخيام وقد سارت ركابهم )‪ * (6‬إل محب له في القلب )‪ (7‬محبوب‬
‫كأنما يوسف في كل ناحية )‪ * (8‬والحز )‪ (9‬في كل بيت فيه يعقوب‬

‫)‪ (1‬اللوعة‪ :‬الحزن والهوى والوجد‪ (2) .‬على تعبك خ ل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬دونك‬
‫وفداك يا محمد‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬قد ارسلت محمدا على اموالي‪ ،‬فانه‬
‫أمين قريش وسيدها‪ (5) .‬أفدى خ ل‪ (6) .‬جمالهم خ ل‪ (7) .‬في الركب خ‬
‫ل‪ (8) .‬راحلة خ ل‪ (9) .‬والحى خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ .‬والحز‪:‬‬
‫ألم في القلب‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 30‬‬

‫ثم إن النبي صلى ال عليه واله سار مجدا للسير إلى البطح‪ ،‬فوجد القوم‬
‫مجتمعين‪ ،‬وهم لقدومه منتظرون‪ ،‬فلما نظروا إلى جمال سيد المرسلين‬
‫وقد فاق الخلق أجمعين فرح المحب )‪ ،(1‬واغتم الحاسد )‪ ،(2‬وظهر‬
‫الحسد والكمد فيمن )‪ (3‬سبقت له الشقاوة من المكذبين )‪ ،(4‬وزادت‬
‫عقيدة من سبقت له السعادة من المؤمنين‪ ،‬فلما نظر العباس إليهم أنشأ‬
‫يقول‪ :‬يا مخجل الشمس والبدر المنير إذا * تبسم الثغر لمع البرق منه أضا‬
‫كم معجزات رأينا منك قد ظهرت * يا سيدا ذكره يشفي به المرضى فلما‬
‫نظر النبي صلى ال عليه واله إلى أموال خديجة على الرض ولم يحمل‬
‫منها شئ زعق على العبيد‪ ،‬وقال‪ :‬ما الذي منعكم عن شد رحالكم ؟ قالوا يا‬
‫سيدنا لقلة عددنا‪ ،‬وكثرة أموالنا‪ ،‬فأبرك راحلته‪ ،‬ونزل ولوى ذيله في دور‬
‫منطقته وصار يزعق بالبعير فيقول‪ :‬بإذن ال تعالى‪ ،‬فتعجب الناس من‬
‫فعله‪ ،‬فنظر العباس إلى النبي صلى ال عليه واله وقد احمرت وجناته من‬
‫العرق‪ ،‬فقال‪ :‬كيف اخلي الشمس تقرح هذا الوجه الكريم ؟ فعمد إلى خشبة‬
‫وقال‪ :‬لتخذن منها حجفة )‪ (5‬تظل )‪ (6‬محمدا من حر الشمس‪ ،‬فارتجت‬
‫القطار وتجلى الملك الجبار‪ ،‬وأمر المين جبرئيل عليه السلم أن يهبط )‬
‫‪ (7‬إلى رضوان خازن الجنان وقل له‪ :‬يخرج لك الغمامة التي خلقتها‬
‫لحبيبي محمد صلى ال عليه واله قبل أن أخلق آدم بألفي عام‪ ،‬وانشرها‬
‫على رأس حبيبي محمد‪ ،‬فلما رأوها شخصت نحوها البصار‪ ،‬وقال‬
‫العباس‪ :‬إن )‪ (8‬محمدا لكريم على ربه‪ ،‬ولقد استغنى عن حجفتي )‪ ،(9‬ثم‬
‫أنشأ يقول‪:‬‬

‫)‪ (1‬المحبون خ ل‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬المحبوب‪ (2) .‬الحاسدون خ ل‪ ،‬وفي المصدر‪:‬‬


‫الحسود‪ (3) .‬ممن خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫وكتب من المكذبين‪ ،‬وبعده‪ :‬وكتب من المؤمنين‪ (5) .‬الحجفة‪ :‬الترس من‬
‫جلد بل خشب وفي المصدر المحفة‪ (6) .‬تظلل خ ل‪ (7) .‬اهبط خ ل‪(8) .‬‬
‫وال إن خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ (9) .‬في المصدر‪ :‬عن محفتى‪.‬‬

‫] ‪[ 31‬‬

‫وقف الهوى بي حيث كنت )‪ (1‬فليس لي * متقدم عنكم ول متأخر ثم سار القوم‬
‫حتى نزلوا بجحفة الوداع وحطوا رحالهم حتى يلحق بهم المتأخرون فقال‬
‫مطعم بن عدي‪ :‬يا قوم إنكم سائرون إلى أرض كثيرة المهامه والوعار )‬
‫‪ ،(2‬وليس لكم مقدم تستشيرون به وترجعون إلى أمره‪ ،‬والرأي عندي‬
‫أنكم تقدمون عليكم رجل لتستندوا إلى رأيه‪ ،‬وترجعوا إلى أمره عن‬
‫المنازع والمخالف‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم ما أشرت به‪ ،‬فقال بنو مخزوم‪ :‬نحن نقدم‬
‫علينا أخانا عمرو بن هشام المخزومي‪ ،‬وقال بنو عدي‪ :‬نحن نقدم علينا‬
‫أميرنا مطعم بن عدي‪ ،‬وقال بنو النضر‪ :‬نحن نقدم علينا أميرنا النضر بن‬
‫الحارث‪ ،‬وقال بنو زهرة‪ :‬نحن نقدم علينا أميرنا احيحة بن الجلح‪ ،‬وقال‬
‫بنو لوي‪ :‬نحن نقدم علينا أبا سفيان صخر بن حرب‪ ،‬وقال ميسرة‪ :‬وال ما‬
‫نقدم علينا إل سيدنا محمد بن عبد ال‪ ،‬و قال بنو هاشم‪ :‬ونحن أيضا نقدم‬
‫علينا محمدا‪ ،‬فقال أبو جهل‪ :‬لن )‪ (3‬قدمتم علينا محمدا لضعن هذا‬
‫السيف في بطني‪ ،‬واخرجه من ظهري‪ ،‬فقبض حمزة على سيفه وقال‪ :‬يا‬
‫وغد )‪ (4‬الرجال‪ ،‬ويا نذل الفعال )‪ ،(5‬وال ما اريد إل أن يقطع ال يديك‬
‫ورجليك ويعمى عينيك‪ ،‬فقال له النبي صلى ال عليه واله‪ :‬اغمد سيفك يا‬
‫عماه‪ ،‬ول تستفتحوا سفركم بالشر‪ ،‬دعوهم يسيرون أول النهار‪ ،‬ونحن‬
‫نسير آخره‪ ،‬فإن التقدم لقريش‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله أول من تكلم‬
‫بهذه الكلمة‪ ،‬وسار أبو جهل ومن يلوذ به‪ ،‬وقد استغنم )‪ (6‬من بني هاشم‬
‫الفرصة‪ ،‬وهو ينشد ويقول‪ :‬لقد ضلت حلوم بني قصي * وقد زعموا‬
‫بتسييد )‪ (7‬اليتيم‬

‫)‪ (1‬أنت خ ل‪ (2) .‬المهامه‪ :‬المفازة البعيدة‪ .‬البلد القفر‪ .‬والوعر‪ :‬المكان الصلب‪.‬‬
‫المكان المخيف الوحش‪ (3) .‬وال لن خ ل‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬وال وال‬
‫لن‪ (4) .‬الوغد‪ :‬الضعيف العقل‪ .‬الحمق‪ .‬الدنى‪ (5) .‬الفعال خ ل قلت‪:‬‬
‫وهو الموجود في المصدر‪ ،‬قوله نذل من نذل أي كان خسيسا محتقرا‪.‬‬
‫كان ساقطا في دين أو حسب فهو نذل‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬وقد استغنموا‬
‫الفرصة‪ (7) .‬بتسديد خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 32‬‬

‫وراموا للخلفة )‪ (1‬غير كفو * فكيف يكون ذا المر العظيم ؟ وإني فيهم ليث حمي‬
‫* بمصقول ولي جد كريم فلو قصدوا عبيدة أو ظليما * وصخر الحرب ذا‬
‫الشرف القديم لكنا راضيين لهم وكنا * لهم تبعا على خلف )‪ (2‬ذميم‬
‫فأجابه العباس يقول‪ :‬أل أيها الوغد الذي رام ثلبنا * أتثلب قرنا )‪ (3‬في‬
‫الرجال كريم أتثلب ياويك الكريم أخا التقى * حبيب لرب العالمين عظيم‬
‫ولو ل رجال قد عرفنا محلهم * وهم عندنا في مجدب )‪ (4‬ومقيم )‪(5‬‬
‫لدارت سيوف يفلق الهام حدها * بأيدي رجال كالليوث تقيم حماة كماة )‪(6‬‬
‫كالسود ضراغم * إذا برزوا ردوا لكل زعيم ثم إن القوم ساروا إلى أن‬
‫بعدوا عن مكة‪ ،‬فنزلوا بواد يقال له‪ :‬واد المواه‪ ،‬لنه مجتمع السيول )‪(7‬‬
‫وأنهار الشام‪ ،‬ومنه تنبع عيون الحجاز‪ ،‬فنزل به القوم وحطوا رحالهم‪،‬‬
‫وإذا بالسحاب قد اجتمع )‪ ،(8‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬ما أخوفني‬
‫على أهل هذا الوادي أن يدهمهم )‪ (9‬السيل فيذهب بجميع أموالهم‪ ،‬والرأي‬
‫)‪ (10‬عندي أن نستند إلى هذا الجبل‪ ،‬قال له العباس‪ :‬نعم ما رأيت يا ابن‬
‫أخي‪ ،‬فأمر النبي صلى ال عليه واله أن ينادي‬

‫)‪ (1‬للرياسة خ ل‪ (2) .‬بل خلف خ ل‪ (3) .‬القرن‪ :‬السيد‪ (4) .‬المجذب خ ل‪(5) .‬‬
‫ومهيم خ ل‪ (6) .‬الكماة جمع الكمى‪ :‬الشجاع‪ ،‬أو لبس السلح لنه يكمى‬
‫نفسه أي يسترها بالدرع و البيضة‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬وسمى بذلك لنه‬
‫مجمع السيول‪ (8) .‬قد أقبل خ ل وهو الموجود في المصدر‪ (9) .‬أي‬
‫غشيهم‪ (10) .‬ولكن الرأى خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 33‬‬

‫في القافلة أن ينقلوا رحالهم إلى نحو الجبل )‪ (1‬مخافة السيل‪ ،‬ففعلوا إل رجل من‬
‫بني جمح )‪ (2‬يقال له‪ :‬مصعب‪ ،‬وكان له مال كثير‪ :‬فأبى أن يتغير )‪ (3‬من‬
‫مكانه‪ ،‬وقال‪ :‬يا قوم ما أضعف قلوبكم ؟ تنهزمون عن شئ لم تروه ولم‬
‫تعاينوه ؟ فما استتم كلمه إل وقد ترادفت السحاب والبرق ونزل السيل‬
‫وامتل الوادي من الحافة إلى الحافة )‪ ،(4‬و أصبح الجمحي وأمواله كأنه‬
‫لم يكن‪ ،‬وأقام القوم في ذلك المكان أربعة أيام والسيل يزداد‪ ،‬فقال ميسرة‪:‬‬
‫يا سيدي هذه السيول ل تنقطع إلى شهر‪ ،‬ول تقطعه السفار )‪ ،(5‬و إن‬
‫أقمنا هاهنا أضر بنا المقام‪ ،‬ويفرغ الزاد‪ ،‬والرأي )‪ (6‬عندي أن نرجع إلى‬
‫مكة‪ ،‬فلم يجبه النبي صلى ال عليه واله إلى ذلك‪ ،‬ثم نام فرأى في منامه‬
‫ملكا يقول له‪ :‬يا محمد ل تحزن‪ ،‬إذا كان غداة غد مر قومك بالرحيل‪ ،‬وقف‬
‫على شفير الوادي‪ ،‬فإذا رأيت الطير البيض قد خط بجناحه فاتبع الخط‪،‬‬
‫وأنت تقول‪ :‬بسم ال وبال‪ ،‬وأمر قومك أن يقولوا‪ :‬هذه الكلمة‪ ،‬فمن قالها‬
‫سلم‪ ،‬ومن حاد عنها غرق‪ ،‬فاستيقظ النبي صلى ال عليه واله وهو فرح‬
‫مسرور‪ ،‬ثم أمر ميسرة أن ينادي في الناس بالرحيل‪ ،‬فرحلوا وشد ميسرة‬
‫رحاله‪ ،‬فقال الناس‪ :‬يا ميسرة وكيف نسير وهذا الماء ل تقطعه إل‬
‫السفن ؟ فقال‪ :‬أما أنا فإن محمدا أمرني‪ ،‬وأنا ل اخالفه فقال القوم‪ :‬ونحن‬
‫أيضا ل نخالفه‪ ،‬فبادر القوم‪ ،‬وتقدم النبي صلى ال عليه واله ووقف على‬
‫شفير الوادي‪ ،‬وإذا بالطير البيض قد أقبل من ذروة الجبل‪ .‬وخط بجناحه‬
‫خطا أبيض يلمع‪ ،‬فشمر النبي صلى ال عليه واله أذياله واقتحم الماء وهو‬
‫يقول‪ :‬بسم ال وبال‪ ،‬فلم يصل الماء إلى نصف ساقه‪ ،‬ونادى أيها الناس‬
‫ل يدخل أحد منكم الماء حتى يقول هذه الكلمة‪ ،‬فمن قالها سلم‪،‬‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لحف الجبل قلت‪ :‬هو بالكسر‪ :‬أصل الجبل‪ (2) .‬في نهاية الرب‬
‫‪ :203‬بنو جمح بطن من بنى هصيص من قريش من العدنانية‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬أن ينتقل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬والبرق قد لمع‪ ،‬والغيث قد نزل‪،‬‬
‫والسيل قد تكاثر‪ ،‬وامتلء الوادي من الفج إلى الفج‪ (5) .‬السفن خ ل‬
‫وهو الموجود في المصدر‪ (6) .‬ولكن خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 34‬‬

‫ومن حاد عنها هلك‪ ،‬فاقتحم القوم الماء وهم يقولون‪ :‬الكلمة )‪ ،(1‬ولم يتأخر من‬
‫القوم سوى رجلين‪ :‬أحدهما من بني جمح‪ ،‬والخر من بني عدي‪ ،‬فقال‬
‫العدوي‪ :‬بسم ال و بال‪ ،‬وقال الجمحي‪ :‬بسم اللت والعزى‪ ،‬فغرق‬
‫الجمحي وأمواله‪ ،‬وسلم العدوي و أمواله‪ ،‬فقال القوم للعدوي‪ :‬ما بال‬
‫صاحبك غرق ؟ قال‪ :‬إنه قد عوج لسانه وخالف قول النبي صلى ال عليه‬
‫واله )‪ (2‬فغرق‪ ،‬فاغتم أبو جهل لعنه ال وقومه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما هذا إل سحر‬
‫عظيم‪ ،‬فقال له بعض أصحابه‪ :‬يا ابن هشام ما هذا بسحر‪ ،‬ولكن وال ما‬
‫أظلت الخضراء ول أقلت الغبراء أفضل من محمد‪ ،‬فلم يرد جوابا‪ ،‬وساروا‬
‫حتى نزلوا على بئر وكان تنزل عليه العرب في طريق الشام )‪ ،(3‬فقال أبو‬
‫جهل‪ :‬وال لجد في نفسي غبنة )‪ (4‬عظيمة إن رد محمد من سفره هذا‬
‫سالما‪ ،‬ولقد عزمت على قتله‪ ،‬وكيف لي بالحيلة في قتله وهو ينظر من‬
‫ورائه كما ينظر من أمامه‪ ،‬ولكن أفعل فسوف تنظرون‪ ،‬ثم عمد إلى الرمل‬
‫والحصى ومل حجره وكبس )‪ (5‬به البئر‪ ،‬فقال أصحابه‪ :‬ولم تفعل ذلك ؟‬
‫فقال‪ :‬اريد دفن البئر حتى إذا جاء ركب بني هاشم وقد أجهدهم العطش‬
‫فيموتوا عن آخرهم‪ ،‬فتبادر القوم بالرمل و الحصى ولم يتركوا للبئر أثرا‪،‬‬
‫فقال أبو جهل لعنه ال‪ :‬الن قد بلغت مرادي‪ ،‬ثم التفت إلى عبد له اسمه‬
‫فلح وقال له‪ :‬خذ هذه الراحلة‪ ،‬وهذه القربة والزاد واختف تحت الجبل )‬
‫‪ ،(6‬فإذا جاء ركب بني هاشم يقدمهم محمد‪ ،‬وقد أجهدهم العطش والتعب‬
‫ولم يجدوا للبئر أثرا فيموتوا فأتني بخبرهم‪ ،‬فإذا أتيتني وبشرتني بموتهم‬
‫أعتقتك وزوجتك بمن تريد من أهل مكة‪ ،‬فقال‪ :‬حبا وكرامة‪ ،‬ثم سار أبو‬
‫جهل وتأخر العبد كما أمره موله‪ ،‬وإذا بركب بني هاشم قد أقبل يتقدمهم‬
‫محمد‪ ،‬فتبادر القوم إلى البئر فلم يجدوا له أثرا‪ ،‬فضاقت صدورهم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وهم يقولون‪ :‬بسم ال وبال‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬قول محمد‪(3) .‬‬
‫أضاف في المصدر‪ :‬فحطوا رحالهم‪ ،‬وسقوا دوابهم‪ ،‬وأخذوا راحة‪(4) .‬‬
‫حرقة خ ل‪ (5) .‬كبس البئر‪ :‬سواها ودفنها‪ (6) .‬لحف الجبل‪.‬‬

‫] ‪[ 35‬‬
‫وأيقنوا بالهلك‪ ،‬فلذوا بمحمد صلى ال عليه واله )‪ ،(1‬فقال لهم‪ :‬هل هنا موضع‬
‫يعرف بالماء ؟ قالوا نعم بئر قد ردمت )‪ (2‬بالرمل والحجارة )‪ ،(3‬فمشى‬
‫النبي صلى ال عليه واله حتى وقف على شفير البئر فرفع طرفه إلى‬
‫السماء ونادى‪ :‬يا عظيم السماء‪ ،‬يا باسط الرض‪ ،‬ويا رافع السماء‪ ،‬قد‬
‫أضر بنا الظمآء‪ ،‬فاسقنا الماء‪ ،‬فإذا بالحجارة والرمل قد تصلصلت )‪،(4‬‬
‫وعين الماء قد نبعت وتفجرت‪ ،‬وجرى الماء من تحت أقدامه‪ ،‬فسقى القوم‬
‫دوابهم‪ ،‬وملؤوا قربهم‪ ،‬وساروا و سار العبد إلى موله‪ ،‬وقال‪ :‬ما وراءك‬
‫يا فلح ؟ وقال‪ :‬وال ما أفلح من عادى محمدا‪ ،‬وحدثهم بما عاين منه‪،‬‬
‫فامتلى أبو جهل غيظا‪ ،‬وقال للعبد‪ :‬غيب وجهك عني‪ ،‬فل أفلحت أبدا‪ ،‬ثم‬
‫سار حتى وصل واديا من أودية الشام يقال له‪ :‬ذبيان‪ ،‬وكان كثير الشجار‪،‬‬
‫إذ خرج من ذلك الوادي ثعبان عظيم كأنه النخلة السحوق‪ ،‬ففتح فاه وزفر‪،‬‬
‫وخرج من عينيه الشرار‪ ،‬فجفلت منه ناقة أبي جهل لعنه ال‪ ،‬ولعبت‬
‫بيديها ورجليها ورمته فكسرت أضلعه‪ ،‬فغشي عليه‪ ،‬فلما أفاق قال‬
‫لعبيده‪ :‬تأخروا )‪ (5‬إلى جانب الطريق‪ ،‬فإذا جاء ركب بني هاشم يتقدمهم‬
‫محمد قدموه علينا حتى إذا رأت ناقته الثعبان فعسى أن ترميه إلى الرض‬
‫فيموت‪ ،‬ففعل العبيد ما أمرهم به‪ ،‬وإذا بركب بني هاشم قد أقبل يتقدمهم‬
‫محمد‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬يا ابن هشام أراكم قد نزلتم وليس‬
‫هو وقت نزولكم ؟ فقال له‪ :‬يا محمد‪ ،‬وال قد استحييت أن أتقدم عليك‪،‬‬
‫وأنت سيد أهل الصفا‪ ،‬وأعل حسبا ونسبا‪ ،‬فتقدم‪ ،‬فلعن ال من يبغضك‪،‬‬
‫ففرح العباس بذلك‪ ،‬وأراد العباس أن يتقدم فنهاه النبي صلى ال عليه واله‬
‫وقال‪ :‬ارفق يا عم‪ ،‬فما تقديمهم لنا إل لمكيدة لنا )‪ ،(6‬ثم إنه صلى ال‬
‫عليه واله تقدم أمامهم ودخل إلى ذلك الشعب‪ ،‬و إذا بالثعبان قد ظهر‬
‫فجفلت منه ناقة النبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬فزعق بها النبي صلى ال عليه‬
‫واله وقال‪ :‬ويحك‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وشكوا إلى النبي صلى ال عليه وآله‪ (2) .‬أي سدت‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬والحصى‪ .‬مكان والحجارة‪ (4) .‬تصلصل‪ :‬صوت‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬تنحوا‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فما قدمونا سوددا‪ ،‬وانما هي مكيدة‪،‬‬
‫فقف حتى أتقدم أنا‪ .‬ثم إن النبي‪ .‬إ‍ه‪.‬‬

‫] ‪[ 36‬‬

‫كيف تخافين وعليك خاتم الرسل وإمام البشر )‪ (1‬؟ ثم التفت إلى الثعبان وقال له‪:‬‬
‫ارجع من حيث أتيت‪ ،‬وإياك أن تتعرض لحد من الركب )‪ ،(2‬فنطق الثعبان‬
‫بقدرة ال تعالى‪ ،‬وقال‪ :‬السلم عليك يا محمد‪ ،‬السلم عليك يا أحمد‪ ،‬فقال‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ :‬السلم على من اتبع الهدى‪ ،‬وخشي عواقب‬
‫الردى‪ ،‬وأطاع الملك العلى‪ ،‬فعندها قال‪ :‬يا محمد ما أنا من هوام الرض‪،‬‬
‫وإنما أنا ملك من ملوك الجن واسمي الهام بن الهيم‪ ،‬وقد آمنت على يد‬
‫أبيك إبراهيم الخليل‪ ،‬وسألته الشفاعة‪ ،‬فقال‪ :‬هي لولد يظهر من نسلي يقال‬
‫له‪ :‬محمد‪ ،‬ووعدني )‪ (3‬أن أجتمع بك في هذا المكان‪ ،‬وقد طال بي‬
‫النتظار‪ ،‬وقد شاهدت المسيح عيسى بن مريم عليه السلم ليلة عرج به‬
‫إلى السماء وهو يوصي الحواريين باتباعك‪ ،‬والدخول في ملتك‪ ،‬والن قد‬
‫جمع ال شملي بك‪ ،‬فل تنسني من الشفاعة يا سيد المرسلين‪ ،‬فقال له‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ :‬لك ذلك علي‪ ،‬فعد من حيث جئت‪ ،‬ول تتعرض‬
‫لحد من الركب‪ ،‬فغاب الثعبان‪ ،‬فلما نظر القوم إلى كلمه عجبوا من ذلك‬
‫وازداد أعمام النبي صلى ال عليه وآله يقينا وفرحا‪ .‬وازداد الجنود )‪(4‬‬
‫غيظا وحسدا‪ ،‬فأنشأ العباس يقول‪ :‬يا قاصدا نحو الحطيم وزمزم * بلغ‬
‫فضائل أحمد المتكرم واشرح لهم ما عاينت عيناك من * فضل لحمد‬
‫والسحاب الركم قل وأت باليات )‪ (5‬في السيل الذي * ملء الفجاج بسيله‬
‫المتراكم )‪ (6‬ونجى الذي لم يخط قول محمد * وهو الذي أخطا بوسط جهنم‬
‫والبئر لما أن أضربنا الظمآء * فدعا الحبيب إلى الله المنعم فاضت عيونا‬
‫ثم سالت أنهرا * وغدا السحود بحسرة وتغمغم‬

‫)‪ (1‬خاتم النبيين وامام المرسلين خ ل وفي المصدر‪ :‬سيد المرسلين وخاتم النبيين‪.‬‬
‫)‪ (2‬أضاف في المصدر‪ :‬فانى محمد رسول ال‪ ،‬وال شكوتك إلى إله‬
‫السماء‪ (3) .‬وأوعدني خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ (4) .‬الحسود خ‬
‫ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ (5) .‬قد بانت اليات خ ل‪ (6) .‬المتلطم خ‬
‫ل‪.‬‬

‫] ‪[ 37‬‬

‫والهام بن الهيم لما أن رأى * خير البرية جاء كالمستسلم ناداه أحمد فاستجاب‬
‫ملبيا * وشكى المحبة كالحبيب )‪ (1‬المغرم من عهد إبراهيم ظل مكانه *‬
‫يرجو الشفاعة خوف جسر )‪ (2‬جهنم من ذا يقاس أحمد في الفضل من *‬
‫كل البرية من فصيح وأعجم وبه توسل في الخطيئة آدم * فليعلم الخبار‬
‫من لم يعلم ولما فرغ العباس من شعره أجابه الزبير وأنشأ يقول شعرا‪ :‬يا‬
‫للرجال ذوي البصائر والنظر * قوموا انظروا أمرا مهول قد خطر )‪ (3‬هذا‬
‫بيان صادق في عصرنا * من سيد عالي المراتب مفتخر آياته قد أعزجت‬
‫كل الورى * من ذا يقائس عدها أو يختصر )‪ (4‬منها الغمام تظله مهما‬
‫مشى * أنى يسير تظله وإذا خطر )‪ (5‬وكذلك الوادي أتى مترادفا * بالسيل‬
‫يسحب للحجارة والشجر ونجى الذي قد طاع قول محمد * وهوى المخالف‬
‫مستقرا في سقر وأزال عنا الضيم من حر الظماء * من بعد ما بان التقلقل‬
‫والضجر والبئر فاضت بالمياء وأقبلت * تجري على الرض )‪ (6‬أشباه‬
‫النهر )‪ (7‬والهام فيه عبارة )‪ (8‬ودللة * لذوي العقول ذوي )‪ (9‬البصائر‬
‫والفكر كاد الحسود يذوب مما عاينت * عيناه من فضل لحمد قد ظهر‬

‫)‪ (1‬كالكئيب خ ل‪ (2) .‬حر خ ل‪ (3) .‬حضر خ ل‪ (4) .‬مال يقاس بعدها أو تنحصر‬
‫خ ل‪ (5) .‬خضر خ ل‪ (6) .‬أراض وآراض جمع الرض‪ (7) .‬على وجه‬
‫الثرى شبه النهر خ ل‪ (8) .‬عزة خ ل‪ (9) .‬ذووا خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 38‬‬

‫يا للرجال أل انظروا أنواره * تعلوا على نور الغزالة والقمر ال فضل أحمدا‬
‫واختاره * ولقد أذل عدوه ثم احتقر فأجابه حمزة رضي ال عنه يقول‪ :‬ما‬
‫نالت الحساد فيك مرادهم * طلبوا نقوص الحال منك فزادا كادوا وما خافوا‬
‫عواقب كيدهم * والكيد مرجعه على من كادا ما كل من طلب السعادة نالها‬
‫* بميكدة أو أن يروم عنادا يا حاسدين محمدا يا ويلكم * حسدا تمزق منكم‬
‫الكبادا ال فضل أحمدا واختاره * ولسوف يملكه الورى وبلدا )‪(1‬‬
‫وليملن الرض من إيمانه * وليهدين عن الغوى )‪ (2‬من حادا قال‪:‬‬
‫فشكرهم النبي صلى ال عليه واله على ذلك وساروا جميعا ونزلوا واديا‬
‫كانوا يتعاهدون فيه الماء قديما فلم يجدوا فيه شيئا من الماء‪ ،‬فشمر النبي‬
‫صلى ال عليه واله عن ذراعيه‪ ،‬وغمس كفيه في الرمل‪ ،‬ورمق السماء )‬
‫‪ ،(3‬وهو يحرك شفتيه فنبع الماء من بين أصابعه تيارا )‪ ،(4‬وجرى على‬
‫وجه الرض أنهارا‪ ،‬فقال العباس‪ :‬امسك يا ابن أخي حذرا من الماء أن‬
‫يغرق أموالنا ثم شربوا )‪ ،(5‬وملؤا قربهم‪ ،‬وسقوا دوابهم‪ ،‬فقال النبي‬
‫صلى ال عليه واله لميسرة‪ :‬لعل عندك شيئا من التمر فأحضره‪ ،‬وكان‬
‫يأكل التمر‪ ،‬ويغرس النوى في الرض )‪ ،(6‬فقال له العباس‪ :‬لم تفعل ذلك‬
‫يابن أخي ؟ قال‪ :‬يا عم اريد أن أغرسها نخل‪ ،‬قال‪ :‬ومتى تطعم )‪ (7‬؟‬

‫)‪ (1‬وليملكن جمع الورى وبلدا خ ل‪ (2) .‬من الغوى خ ل‪ (3) .‬ورمق بطرفه إلى‬
‫السماء خ ل‪ (4) .‬من تار الماء‪ :‬هاج‪ .‬والتيار‪ :‬سريع الجرى‪ .‬والموج‬
‫الهائج‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬امسك يابن أخي فقد كاد الماء يغرق رحالنا‪ ،‬ثم‬
‫شربوا‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يا عم ما عندك‬
‫شئ من التمر نأكل ؟ قال العباس‪ :‬نعم‪ ،‬فأتاه العباس بقليل من التمر‪،‬‬
‫وكان يأكل التمر ويبل النوى بريقه ثم يغمسه في الثرى‪ (7) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬متى يثمر ويطعم ؟‪.‬‬
‫] ‪[ 39‬‬

‫قال‪ :‬الساعة نأكل منها ونتزود إن شاء ال تعالى‪ ،‬فقال له العباس‪ :‬يابن أخي‬
‫النخلة إذا غرست تثمر في خمس سنين )‪ ،(1‬قال‪ :‬يا عم سوف ترى من‬
‫آيات ربي الكبرى‪ ،‬ثم ساروا حتى تواروا عن الوادي‪ ،‬فقال‪ :‬يا عم )‪(2‬‬
‫ارجع إلى الموضع الذي فيه النخلت واجمع لنا ما نأكله‪ ،‬فمضى العباس‬
‫فرأى النخلت قد كبرت‪ ،‬وتمايلت )‪ (3‬أثمارها‪ ،‬وأزهرت )‪ (4‬فأوقر منها‬
‫راحلته‪ ،‬والتحق بالنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فكان يأكل من التمر ويطعم‬
‫القوم فصاروا متعجبين من ذلك‪ ،‬فقال أبو جهل لعنه ال‪ :‬ل تأكلوا يا قوم‬
‫مما يصنعه محمد الساحر‪ ،‬فأجابه قومه وقالوا‪ :‬يابن هشام اقصر عن‬
‫الكلم‪ ،‬فما هذا بسحر‪ ،‬ثم سار القوم حتى وصلوا عقبة أيله‪ ،‬وكان بها‬
‫دير‪ ،‬وكان مملوا رهبانا‪ ،‬وكان فيهم راهب يرجعون إلى رأيه وعقله يقال )‬
‫‪ (5‬له‪ :‬الفيلق بن اليونان بن عبدالصليب‪ ،‬وكان يكنى أبا خبير‪ ،‬وقد قرء‬
‫الكتب‪ ،‬وعنده سفر فيه صفة النبي صلى ال عليه واله من عهد عيسى بن‬
‫مريم عليه السلم‪ ،‬وكان إذا قرأ النجيل على الرهبان ووصل إلى صفات‬
‫النبي صلى ال عليه وآله بكى‪ ،‬وقال‪ :‬يا أولدي متى تبشروني بقدوم‬
‫البشير النذير‪ ،‬الذي يبعثه ال من تهامة‪ ،‬متوجا بتاج الكرامة‪ ،‬تظله‬
‫الغمامة‪ ،‬يشفع في العصاة يوم القيامة )‪ ،(6‬فقال له الرهبان‪ :‬لقد قتلت‬
‫نفسك بالبكاء والسف على هذا الذي تذكره‪ ،‬وعسى أن يكون قد قرب‬
‫أوانه‪ ،‬فقال‪ :‬إي وال إنه قد ظهر بالبيت الحرام‪ ،‬ودينه عنه ال السلم‪،‬‬
‫فمتى تبشروني بقدومه من أرض الحجاز‪ ،‬وهو تظله الغمامة‪ ،‬وأنشأ يقول‬
‫شعرا‪ :‬لن نظرت عيني جمال أحبتي * وهبت لبشرى الوصل ما ملكت يدي‬
‫وملكته روحي ومالي غيرها * وهذا قليل في محبة أحمد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ثلث سنين‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فالتفت النبي صلى ال عليه وآله‬
‫إلى عمه العباس فقال‪ :‬يا عم‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وبسقت بالتمر‪ ،‬وتمايلت‪.‬‬
‫)‪ (4‬أزهت خ ل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬يعتمدون بقوله ويرجعون إلى رأيه‬
‫يقال‪ (6) .‬أضاف في المصدر بعد ذلك‪ :‬ودام على ذلك زمانا طويل‪.‬‬

‫] ‪[ 40‬‬

‫سألت إلهي أن يمن بقربه * ويجمع شملي بالنبي محمد قال‪ :‬وما زال الراهب كلما‬
‫ذكر الحبيب أكثر النحيب إلى أن حال )‪ (1‬منه النظر وزاد به الفكر‪ ،‬فعند‬
‫ذلك أشرف بعض الرهبان‪ ،‬وقد أشرقت النوار من جبين النبي المختار‪،‬‬
‫فنظر الرهبان إلى النوار وقد تللت من الركب‪ ،‬وقد أقبل من الفل وأشرق‬
‫)‪ (2‬وعل‪ ،‬تقدمهم سيد المم‪ ،‬وقد نشرت على رأسه الغمامة‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أبا‬
‫الرهبان )‪ (3‬هذا ركب قد أقبل من الحجاز‪ ،‬فقال‪ :‬يا أولدي وكم ركب قد‬
‫أقبل وأتى وأنا اعلل نفسي بلعل وعسى ؟ قالوا‪ :‬يا أبانا قد رأينا نورا قد‬
‫عل‪ ،‬فقال )‪ :(4‬الن قد زال الشقاء‪ ،‬وذهب العناء‪ ،‬ثم رفع طرفه نحو‬
‫السماء وقال‪ :‬إلهي وسيدي ومولي بجاه هذا المحبوب الذي زاد فيه‬
‫تفكري إل ما رددت علي بصري‪ ،‬فما استتم كلمه حتى رد ال عليه‬
‫بصره‪ ،‬فقال الراهب للرهبان‪ :‬كيف رأيتم جاه هذا المحبوب عند علم‬
‫الغيوب‪ ،‬ثم أنشأ يقول‪ :‬بدا النور من وجه النبي فأشرقا * وأحيا محبا‬
‫بالصبابة محرقا )‪ (5‬وأبرأ عيونا قد عمين من البكاء * وأصبح من سوء‬
‫المكاره مطلقا ترى هل ترى عيناي طلعة وجهه * وأصبح من رق الضللة‬
‫معتقا ثم قال‪ :‬يا أولدي إن كان هذا النبي المبعوث في هذا الركب ينزل )‪(6‬‬
‫تحت هذه الشجرة فإنها )‪ (7‬تخضر وتثمر‪ ،‬فقد جلس تحتها عدة من‬
‫النبياء‪ ،‬وهي من عهد عيسى ابن مريم عليه السلم يابسة‪ ،‬وهذه البئر لم‬
‫نر فيها )‪ (8‬ماء فإنه يأتي إليها ويشرب منها‪ ،‬فما كان‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬خلل‪ (2) .‬والنور قد أشرق خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪،‬‬
‫وفيه‪ :‬والركب قد أقبل من الفل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يا أبانا‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬بعد قوله‪ :‬قد عل‪ :‬فقال‪ :‬رأيتم النور ؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪(5) .‬‬
‫موثقا خ ل‪ (6) .‬فهو ينزل خ ل‪ (7) .‬وانها خ ل‪ (8) .‬من مدة مديدة لم نر‬
‫خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 41‬‬

‫إل قليل وإذا الركب قد أقبل وحول البئر قد نزلوا‪ ،‬وحطوا الحمال عن الجمال‪،‬‬
‫وكان النبي صلى ال عليه واله يحب الخلوة بنفسه‪ ،‬فأقبل تحت الشجرة‬
‫فاخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها‪ ،‬فما استقر بهم الجلوس حتى قام‬
‫النبي صلى ال عليه واله فمشى إلى البئر فنظر إليها واستحسن عمارتها‪،‬‬
‫وتفل فيها فتفجرت منها عيون كثيرة‪ ،‬ونبع منها ماء معين‪ ،‬فلما رأى‬
‫الراهب ذلك قال‪ :‬يا أولدي هذا هو المطلوب فبادروا بصنع الولئم من‬
‫أحسن الطعام لنتشرف بسيد بني هاشم‪ ،‬فإنه سيد النام‪ ،‬لنأخذ منه الذمة )‬
‫‪ (1‬لسائر الرهبان‪ ،‬فبادر القوم لمره طائعين‪ ،‬وصنعوا الولئم‪ ،‬وقال لهم‪:‬‬
‫انزلوا إلى أمير هذا القوم )‪ (2‬وقولوا له‪ :‬إن أبانا يسلم عليك‪ ،‬ويقول لك‪:‬‬
‫إنه قد عمل )‪ (3‬وليمة وهو يسألك أن تجيبه وتأكل من زاده‪ ،‬فنزل بعض‬
‫الرهبان فما رأى أحسن من أبي جهل لعنه ال‪ ،‬ولم ير رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ ،‬فأخبر أبا جهل بمقالة الراهب‪ ،‬فنادى في العرب‪ :‬إن هذا‬
‫الراهب قد صنع لجلي وليمة‪ ،‬واريد أن تجيبوا لدعوته )‪ ،(4‬فقال القوم‪:‬‬
‫من نترك عند أموالنا ؟ فقال أبو جهل‪ :‬اجعلوا محمدا عند أموالنا فهو‬
‫الصادق المين‪ ،‬وفي هذا المعنى قيل‪ :‬شعر‪ :‬ومناقب شهد العدو بفضلها *‬
‫والفضل ما تشهد به العداء فسار القوم إلى النبي صلى ال عليه واله‬
‫وسألوه أن يجلس عند متاعهم‪ .‬وسار القوم إلى الراهب يتقدمهم أبو جهل‬
‫لعنه ال‪ ،‬وقد أعجب بنفسه‪ ،‬فلما دخلوا الدير أحضر )‪ (5‬لهم الطعام‬
‫وناداهم بالرحب والكرام‪ ،‬فأخذ القوم في الكل‪ ،‬وأخذ الراهب القلنسوة‬
‫جعل ينظر فيه ويدور على القوم رجل رجل )‪ ،(6‬وجعل ينظر فيهم رجل‬
‫رجل‪ ،‬فلم ير صفة النبي‬

‫)‪ (1‬الذمم خ ل‪ (2) .‬الركب خ ل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬عمل لك‪ .‬وفيه‪ :‬أن تجيب‬
‫عزيمته وتأكل وليمته‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬أن تجيبوا عزيمته‪ .‬وتأكلوا من‬
‫وليمته‪ (5) .‬أحضروا‪ (6) .‬وأخذ الراهب السفر في يده وهو ينظر فيه‬
‫ويدور على القوم رجل خ ل وهو الموجود في المصدر‪.‬‬

‫] ‪[ 42‬‬

‫صلى ال عليه وآله )‪ ،(1‬فرمى القلنسوة عن رأسه ونادى‪ :‬واخيبتاه‪ ،‬واطول‬


‫شقوتاه )‪ ،(2‬ثم جعل يقول‪ :‬شعرا‪ :‬يا أهل نجد تقضى العمر في أسف *‬
‫منكم وقلبي لم يبلغ أمانيه يا ضيعة العمر ل وصل ألوذ به * من قربكم ل‬
‫ول وعد ارجيه قال‪ :‬ثم بعد ذلك قال‪ :‬يا سادات قريش هل بقي منكم أحمد )‬
‫‪ (3‬؟ فقال أبو جهل‪ :‬نعم بقي منا صبي صغير أجير على أموال بعض‬
‫نسائنا‪ ،‬فما استتم كلمه حتى قام له حمزة وضربه ضربا وجيعا‪ ،‬وألقاه‬
‫على قفاه‪ ،‬وقال‪ :‬يا وغد النام لم ل قلت‪ :‬تأخر منا البشير النذير‪ ،‬السراج‬
‫المنير‪ ،‬وما تركناه عند بضائعنا وأموالنا إل لمانته وما فينا أصلح منه‪ ،‬ثم‬
‫التفت حمزة إلى الراهب وقال‪ :‬أرني السفر‪ ،‬وأخبرني بما فيه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫سيدي هذا سفر فيه صفة النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬ل بالطويل الشاهق‪،‬‬
‫ول بالقصير اللصق‪ ،‬معتدل القامة‪ ،‬بين كتفيه علمة‪ ،‬تظله الغمامة‪ ،‬يبعث‬
‫من تهامة‪ ،‬شفيع العصاة يوم القيامة‪ ،‬قال العباس‪ :‬يا راهب إذا رأيته‬
‫تعرفه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬سر معي إلى الشجرة‪ ،‬فإن صاحب هذه الصفة‬
‫تحتها‪ ،‬فخرج الراهب من الدير يهرول في خطواته حتى لحق بالنبي صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬فلما رآه نهض قائما ل متكبرا ول متجبرا‪ ،‬فقال‪ :‬مرحبا‬
‫بالفيلق‪ ،‬بعد ما قال له الراهب‪ :‬السلم عليك يا أبا الفتيان‪ ،‬فقال له النبي‬
‫صلى ال عليه وآله وعليك السلم يا عالم الرهبان‪ ،‬ويا ابن اليونان يا ابن‬
‫عبد الصليب )‪ ،(4‬فقال الراهب‪ :‬وما أدراك أني الفيلق بن اليونان بن‬
‫عبدالصليب ؟ قال‪ :‬الذي أخبرك أني ابعث في آخر الزمان بالمر العجيب‪،‬‬
‫فانكب الراهب على قدميه يقبلهما وهو يقول‪ :‬يا سيد البشر‪ ،‬لعلك أن تجيب‬
‫لوليمتنا لتحصل لنا بها )‪ (5‬الكرامة‪ .‬ونفوز بمحبتك يوم القيامة‪ ،‬فقال له‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ :‬اعلم أن القوم‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فلم يجد أحدا فيه الصفات التى عنده‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬واطول‬
‫تبعاه )‪ (3‬في المصدر‪ :‬أحد لم يحضر‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬يابن اليونان بن‬
‫عبدالصليب‪ ،‬قال‪ :‬ومن أخبرك أنى‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬بك‪.‬‬

‫] ‪[ 43‬‬

‫أودعوني في أموالهم‪ ،‬فقال‪ :‬يا مولي تصدق علينا بالمسير‪ ،‬إن عدم لهم عقال‬
‫علي ببعير‪ ،‬فقال له النبي صلى ال عليه واله‪ :‬سر‪ ،‬وسار معهم إلى‬
‫ديرهم‪ ،‬وكان له بابان‪ :‬واحد كبير‪ ،‬والخر صغير‪ ،‬وقد وضعوا بحيال‬
‫الباب الصغير كنيسة فيها تصاوير وتماثيل‪ ،‬فإذا دخل الرجل من الباب‬
‫الصغير ينحني برأسه‪ ،‬وذلك برسم السجود للتصاوير في الكنيسة‪ ،‬فخطر‬
‫في نفسه أنه يدخل النبي صلى ال عليه واله من الباب الصغير ليتلذذ‬
‫بمعاجزه )‪ (1‬وغرائب كراماته‪ ،‬فلما دخل الراهب أمامه داخله الفزع من‬
‫النبي صلى ال عليه واله فلما دخل النبي صلى ال عليه واله من الباب‬
‫القصير أمر ال تعالى عضادتي الباب أن ترتفع‪ ،‬فارتفع الباب حتى دخل‬
‫النبي صلى ال عليه واله منتصب القامة‪ ،‬فلما أشرف على القوم قاموا له‬
‫إجلل‪ ،‬وأجلسوه في أوساطهم على أعلى مكان‪ ،‬ووقف الراهب بين يديه‪،‬‬
‫والرهبان حوله‪ ،‬فقدموا بين يديه طرائف الشام )‪ ،(2‬ثم رمق الراهب‬
‫بطرفه إلى السماء فقال‪ :‬إلهي وسيدي ومولي أرني خاتم النبوة‪ ،‬فأرسل‬
‫ال عزوجل جبرئيل ورفع ثيابه عن ظهره‪ ،‬فبان خاتم النبوة بين كتفيه‪،‬‬
‫فسطع منه نور ساطع‪ ،‬فلما رآه الراهب خر ساجدا هيبة من ذلك النور‪ ،‬ثم‬
‫رفع رأسه وقال‪ :‬هو أنت حقا‪ ،‬ثم إن حمزة أنشأ يقول‪ :‬أنت المظلل بالغمام‬
‫وقد رأى * الرهبان أنك ذاك وانكشف الخبر ربيت في بحبوح )‪ (3‬مكة بعد‬
‫ما )‪ * (4‬وضع الخليل وفاق فخرك من فخر ورضعت في سعد لثدي حليمة‬
‫* كرما ففاض الثدي نحوك وانحدر قال‪ :‬فشكره النبي صلى ال عليه واله‬
‫وتفرق القوم إلى رحالهم‪ ،‬وقد كمد أبو جهل غيظا‪ ،‬وبقي ميسرة والراهب‬
‫مع النبي صلى ال عليه واله فقال الراهب‪ :‬يا سيدي أبشر‪ ،‬فإن ال يوطئ‬
‫لك رقاب‬

‫)‪ (1‬بمعجزاته خ ل وفي المصدر‪ :‬لسدد معجزاته‪ ،‬ويشهدون غرائب كراماته ا‍ه‬
‫قلت‪ :‬لعله مصحف يسددون بمعجزاته‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬والرهبان‬
‫حواليه‪ ،‬ومدحوه بأفصح لسان‪ ،‬وأوعدوه بالجلل والكرام‪ ،‬وقدموا بين‬
‫يديه من ظرائف الشام‪ (3) .‬بحبوحة مكة‪ :‬وسطها‪ (4) .‬حيث ما خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 44‬‬
‫العرب‪ ،‬وتملك سائر البلد‪ ،‬وينزل عليك القرآن‪ ،‬وتدين لك النام‪ ،‬ودينك عند ال‬
‫هو السلم )‪ ،(1‬وتنكس الصنام‪ ،‬وتمحق الديان‪ ،‬وتخمد النيران‪ ،‬وتكسر‬
‫الصلبان‪ ،‬ويبقى ذكرك إلى آخر الزمان‪ ،‬فأسألك يا سيدي أن تتصدق علينا‬
‫بالذمام لسائر الرهبان لتأخذ منهم امتك الجزية في ذلك الزمان‪ ،‬فياليتني‬
‫كنت معك حتى تبعث يا سيدي )‪ ،(2‬فأعطاهم النبي صلى ال عليه واله‬
‫الذمام‪ ،‬وأكرمهم )‪ (3‬غاية الكرام‪ .‬وقال الراهب لميسرة‪ :‬يا ميسرة اقرأ‬
‫مولتك مني السلم‪ ،‬واعلم )‪ (4‬أنها قد ظفرت بسيد النام‪ ،‬وأنه سيكون لك‬
‫)‪ (5‬شأن من الشأن‪ ،‬وتفضل على سائر الخاص والعام‪ ،‬واحذرها أن‬
‫تفوتها القرب من هذا السيد‪ ،‬فإن ال تعالى سيجعل نسلها من نسله‪ ،‬وتبقى‬
‫ذكرها إلى آخر الزمان‪ ،‬ويحسدها عليه كل أحد‪ ،‬وأعلمها أنه ل يدخل الجنة‬
‫إل من يؤمن به‪ ،‬ويصدق برسالته‪ ،‬وأنه أشرف النبياء وأفضلهم‪،‬‬
‫وأصفاهم سريرة‪ ،‬واحذر عليه من أعدائه اليهود في الشام حتى يعود إلى‬
‫بيت الحرام‪ ،‬ثم ودع الراهب وخرج النبي صلى ال عليه واله ولحق‬
‫بالقوم‪ ،‬وساروا من وقتهم وساعتهم إلى أن نزلوا بأرض الشام )‪،(6‬‬
‫وحطوا رحالهم‪ ،‬فبادر أهل المدينة‪ ،‬واشتروا بضاعتهم‪ ،‬وباعت قريش‬
‫بضائعها بأغلى أثمان‪ ،‬في أحسن بيع‪ ،‬وأما ما كان من النبي صلى ال‬
‫عليه واله فإنه لم يبع شيئا من بضاعته‪ ،‬فقال أبو جهل لعنه ال‪ :‬وال ما‬
‫رأت خديجة سفرة أشأم من هذه‪ ،‬لم يبع من بضاعتها شيئا )‪ ،(7‬فلما‬
‫أصبح الصباح نادى العرب )‪ ،(8‬فلما أقبلت من كل جانب ومكان يريدون‬
‫البضائع‪ ،‬فلم‬

‫)‪ (1‬أضاف في المصدر هنا‪ .‬وتبعث بالمعجزات والدلئل واليات البينات‪ .‬وفيه‬
‫تنكسر الصنام وتمحو الوثان‪ (2) .‬يا سيد ولد عدنان خ ل‪ .‬وهو‬
‫الموجود في المصدر‪ (3) .‬وأكرمه خ ل‪ (4) .‬وأعلمها خ ل‪ (5) .‬لها خ ل‬
‫وهو الموجود في المصدر‪ (6) .‬فنزلوا بمدينة يقال لها‪ :‬برا خ ل‪ .‬وفي‬
‫المصدر‪ :‬حتى وصلوا الشام ونزلوا بمدينة برا‪ (7) .‬قط خ ل‪ (8) .‬أقبلت‬
‫العرب من دل خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 45‬‬

‫يجدوا إل بضائع خديجة‪ ،‬فباعها النبي صلى ال عليه واله بأضعاف ما باعت قريش‬
‫)‪ ،(1‬فاغتم أبو جهل لذلك غما شديدا‪ ،‬ولم يبق من بضائع خديجة إل حمل‬
‫أديم‪ ،‬فجاء رجل من اليهود يقال له سعيد بن قطمور‪ ،‬وكان من أحبار‬
‫اليهود وكهانهم‪ ،‬وكان قد اطلع على صفة النبي صلى ال عليه واله فلما‬
‫نظر إليه عرفه بالنور‪ ،‬وقال‪ :‬هذا الذي يسفه أحلمنا )‪ ،(2‬ويعطل أدياننا‪،‬‬
‫ويرمل نسواننا‪ ،‬وأنا أحتال على قتله‪ ،‬ثم دنا من النبي صلى ال عليه واله‬
‫وقال‪ :‬يا سيدي بكم هذا الحمل ؟ فقال‪ :‬بخمس مأة درهم‪ ،‬ل ينقص منها‬
‫شئ‪ ،‬قال‪ :‬اشتريت بشرط أن تسير معي إلى منزلي‪ ،‬وتأكل من طعامي حتى‬
‫تحصل لنا البركة )‪ ،(3‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬نعم‪ ،‬فأخذ اليهودي‬
‫حمل الديم وسار إلى منزله‪ ،‬وسار النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فلما قرب‬
‫اليهودي من منزله سبق إلى زوجته‪ ،‬وقال لها‪ :‬اريد منك أن تساعديني‬
‫على قتل هذا الذي يعطل أدياننا‪ ،‬قالت‪ :‬وكيف أصنع به ؟ قال‪ :‬خذي فردة )‬
‫‪ (4‬الرحى واقعدي على باب الدار‪ ،‬فإذا رأيتيه قبض منا ثمن حمل الديم‬
‫وخرج امي عليه فردة الرحى )‪ (5‬حتى تقتليه‪ ،‬ونستريح منه‪ ،‬قال‪ :‬فأخذت‬
‫زوجة اليهودي الرحى‪ ،‬وطلعت على سطح الدار‪ ،‬فلما خرج النبي صلى ال‬
‫عليه واله همت أن تلقى عليه الرحى فأمسك ال يديها )‪ ،(6‬ورجف قلبها‪،‬‬
‫وقد غشي )‪ (7‬عليها من نور وجه رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وكان‬
‫لها ولدان قائمان )‪ (8‬بفناء الدار فسقطت الرحى عليهما فماتا‪ ،‬فلما نظر‬
‫اليهودي إلى ما جرى على أولده نادى بأعلى صوته‪ :‬يا بني قريظة‬
‫فأجابوه من كل جانب ومكان‪ ،‬وقالوا له‪ :‬ما ورائك ؟ قال )‪ :(9‬اعلموا أنه‬
‫قد حل )‪(10‬‬

‫)‪ (1‬واضاف في المصدر‪ :‬وربحت بضائعها ربحا لم يخطر ببالهم‪ (2) .‬أي عقولنا‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬حتى تصل بكم البركة لنكم سكان بيت ال الحرام‪ 4) .‬و‬
‫‪ (5‬طبقة الرحى خ ل‪ (6) .‬على يديها خ ل‪ (7) .‬وكان قد غشى خ ل وهو‬
‫الموجود في المصدر‪ (8) .‬نائمان خ ل وهو الموجود في المصدر‪(9) .‬‬
‫فقال خ ل وهو الموجود في المصدر‪ (10) .‬في المصدر‪ :‬دخل‪.‬‬

‫] ‪[ 46‬‬

‫ببلدكم هذا الرجل الذي يعطل أديانكم‪ ،‬ويسفه أحلكم )‪ ،(1‬وقد دخل منزلي‪ ،‬و أكل‬
‫من طعامي‪ ،‬وقتل أولدي‪ ،‬فلما سمعت اليهود ذلك منه ركبوا خيولهم‪،‬‬
‫وجردوا سيوفهم‪ ،‬وحملوا على قريش بأجمعهم‪ ،‬فلما نظر أعمام النبي‬
‫صلى ال عليه واله إلى اليهود لبسوا دروعهم وبضهم )‪ (2‬وركبوا‬
‫خيولهم العربية‪ ،‬وارتفع الصياح‪ ،‬وشهروا الصفاح )‪ ،(3‬وقالوا‪ :‬ما أبركه‬
‫من صائح صاح )‪ ،(4‬وركب حمزة على جواده وهو أشقر مضمر‪ ،‬حسن‬
‫المنظر‪ ،‬مليح المخبر‪ ،‬صافي الجوهر‪ ،‬من خيل قيصر‪ ،‬وتقلد سيفه‪،‬‬
‫واعتقل رمحه‪ ،‬ولبس درعه‪ ،‬وحملي على اليهود فهناك جاشت عليهم‬
‫الخيل من كل مكان‪ ،‬وحل بهم الوبال‪ ،‬فأجمع )‪ (5‬رأيهم على أن ينفذوا‬
‫منهم )‪ (6‬سبعة رجال من رؤسائهم بل سلح‪ ،‬فلما رأتهم قريش من غير‬
‫سلح قالوا‪ :‬ما شأنكم ! قالوا‪ :‬يا معشر العرب إن هذا الرجل الذي معكم ‪-‬‬
‫يعنون بذلك النبي صلى ال عليه واله ‪ -‬أول من يبدئ بخراب دياركم‪ ،‬وقتل‬
‫رجالكم‪ ،‬وتكسير أصنامكم‪ ،‬والرأي عندنا أن تسلموه لنا حتى نقتله‬
‫ونستريح منه نحن وأنتم‪ ،‬فلما سمع حمزة الكلم قال‪ :‬يا ويلكم هيهات‬
‫هيهات أن نسلمه إليكم‪ ،‬فهو نورنا وسراجنا‪ ،‬ولو تلفت فيه ارواحنا فهي‬
‫فداه دون اموالنا‪ ،‬فلما سمع اليهود ذلك آيسوا )‪ (7‬من بلوغ مرادهم‪،‬‬
‫ورجعوا على أعقابهم )‪ ،(8‬فلما عاين قريش اليهود وقد إنقلب بعضهم‬
‫على بعض رأوها فرصة‬

‫)‪ (1‬أضاف في المصدر‪ :‬ويخرب دياركم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لبسوا الدروع الداودية‪،‬‬
‫واليسوف الهندية‪ ،‬والبيض الحلبية‪ ،‬والرماح الخطية‪ (3) .‬أي سلوا‬
‫سيوفهم ورفعوها‪ (4) .‬أضاف في المصدر‪ :‬واليهود ثابتون لوقع‬
‫الصفاح‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فهناك حانت الجال‪ ،‬ودارت عليهم الحوال‪،‬‬
‫وطحنت رحى الحرب رؤوس البطال‪ ،‬وحل بهم الويل والنكال‪ ،‬وانهزموا‬
‫اليهود‪ ،‬وقد علهم الويل‪ ،‬وحل بهم العذاب‪ ،‬فاجمعوا‪ (6) .‬في المصدر‪:‬‬
‫إليهم‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬وان الرواح فداه والموال‪ ،‬وان أردتم قطع‬
‫الرؤوس واتلف النفوس هلموا‪ ،‬فلما سمع اليهود كلمهم آيسوا‪ (8) .‬في‬
‫المصدر أضاف‪ :‬خائبين‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 47‬‬

‫فرحل القوم يجدون السير إلى ديارهم‪ ،‬وقد غنموا أسلبا من اليهود‪ ،‬وخيلهم‬
‫وسلحهم‪ ،‬وقد فرحوا بالنصر والظفر‪ ،‬فلما استقاموا على الطريق قال لهم‬
‫ميسرة‪ :‬ما منكم أحد يا قوم إل وقد سافر مرة أو مرتين أو أكثر‪ ،‬فهل رأيتم‬
‫أبرك من هذه السفرة‪ ،‬وأكثر من ربحها ؟ وما ذلك إل ببركة محمد صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬وهو قد نشأ فيكم وهو قليل المال‪ ،‬فهل لكم أن تجمعوا له‬
‫شيئا من بينكم على جهة الهدية حتى يستعين به على حاله‪ ،‬فقالوا له‪:‬‬
‫وال لقد أصبت الرأي يا ميسرة‪ ،‬ثم إن القوم نزلوا منزل كثير الماء‬
‫والشجار والنهار‪ ،‬فاستخرج كل واحد منهم شيئا لطيفا‪ ،‬وجاؤا به على‬
‫سبيل الهدية‪ ،‬وكان يحب الهدية‪ ،‬ويكره الصدقة‪ ،‬فلما جمعوه )‪ (1‬بين يديه‬
‫قالوا له‪ :‬خذها مباركة عليك‪ ،‬فدفعها إلى ميسرة ولم يرد جوابا‪ ،‬ثم إن‬
‫القوم رحلوا يجدون السير‪ ،‬ويقطعون الفيافي والودية إلى أن نزلوا دير‬
‫الراهب‪ ،‬وهو الوادي الذي تزودوا منه التمر‪ ،‬ثم إنهم رحلوا حتي قربوا‬
‫من مكة ونزلوا بحجفة )‪ (2‬الوداع‪ ،‬فأخذ الناس ينفذون إلى أهاليهم‬
‫يبشرونهم بقدومهم وغنمهم‪ ،‬قال أبو جهل لعنه ال‪ :‬يا قوم ما رأيت ربحا‬
‫أكثر من سفرتنا هذه‪ ،‬فقالو )‪ :(3‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬وأكثرنا أرباحا محمد صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬قال‪ :‬ما كنت أحسب أنه يجلبهم من أماكنهم‪ ،‬ويبيع عليهم‬
‫بأغلى الثمن‪ ،‬ثم أخذ القوم في إنفاذ رسلهم‪ ،‬ونفذ أبو جهل وغيره )‪(4‬‬
‫رسل‪ ،‬فأقبل ميسرة إلى النبي صلى ال عليه واله وقال‪ :‬يا قرة العين هل‬
‫ارشدك إلى خير يصل إليك ؟ قال‪ :‬ما هو ؟ قال‪ :‬تسير من وقتك وساعتك‬
‫إلى مولتي خديجة‪ ،‬وتبشرها بسلمة أموالنا‪ ،‬فإنها تعطي من يبشرها‬
‫خيرا كثيرا‪ ،‬وأنا احب أن يكون ذلك لك‪ ،‬فقم الن وسر إلى مكة‪ ،‬وادخل‬
‫على مولتي خديجة وبشرها بسلمة أموالها‪ ،‬فقام النبي صلى ال عليه‬
‫واله وقال‪ :‬يا ميسرة اوصيك بمالك ونفسك خيرا‪ ،‬وركب مستقبل الطريق‬
‫وحده يريد مكة‪ ،‬وغاب عن البصار‪ ،‬فبعث ال ملكا يطوي له البعيد‪،‬‬
‫ويهون عليه الصعب الشديد‪ ،‬فلما أشرف على الجبال‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬جمعوها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بجحفة الوداع‪ ،‬بتقديم الجيم‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬قالوا يا سيدنا ما فينا من ربح مثل ما ربح محمد‪ (4) .‬ذكر في‬
‫المصدر مكان غيره أسماء يطول ذكرهم‪.‬‬

‫] ‪[ 48‬‬

‫أرسل ال عليه النوم‪ ،‬فنام‪ ،‬فأوحى ال تعالى إلى جبرئيل‪ :‬أن اهبط إلى جنات عدن‪،‬‬
‫واخرج منه القبة التي خلقتها لصفوتي محمد صلى ال عليه واله قبل أن‬
‫أخلق آدم عليه السلم بألفي عام‪ ،‬وانشرها على رأسه )‪ ،(1‬وكانت من‬
‫الياقوت الحمر‪ ،‬معلقة بعلئق من اللؤلؤ البيض يرى باطنها من ظاهرها‪،‬‬
‫وظاهرها من باطنها‪ ،‬لها أربعة أركان‪ ،‬وأربعة أبواب‪ ،‬ركن من الزبرجد‪،‬‬
‫وركن من الياقوت‪ ،‬وركن من العقيان )‪ (2‬وركن من اللؤلؤ‪ ،‬وكذا البواب‪،‬‬
‫فنزل جبرئيل واستخرجها فتباشرت الحور العين‪ ،‬وأشرفت من قصورها‪،‬‬
‫وقلن‪ :‬لك الحمد يا رحمان‪ ،‬هذا الن يبعث صاحب القبة وهبت ريح‬
‫الرحمة‪ ،‬وصفقت الشجار‪ ،‬ونشر جبرئيل عليه السلم القبة على رأس‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬وأحدقت الملئكة بأركانها‪ ،‬ثم أعلنوا )‪(3‬‬
‫بالتقديس والتسبيح‪ ،‬ونشر جبرئيل بين يديه ثلثة أحلم‪ ،‬وتطاولت الجبال‪،‬‬
‫ونادت الشجار والطيار والملك‪ ،‬يقولون‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬محمد رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬هنيئا لك من عبد‪ ،‬ما أكرمك على ال تعالى ؟ قال‪:‬‬
‫وكانت خديجة متكئة على موضع عال وجواريها حولها‪ ،‬وعندها جماعة‬
‫من نساء قريش‪ ،‬وهي تطيل النظر إلى شعاب مكة‪ ،‬إذ كشف ال تعالى عن‬
‫بصرها دون غيرها‪ ،‬وقد نظرت )‪ (4‬نورا ساطعا وضياء لمعا من جهة‬
‫باب المعلى‪ ،‬ثم إنها حققت النظر فرأت القبة والمحدقين بها‪ ،‬ناشرين‬
‫أعلمها‪ ،‬والنبي صلى ال عليه واله نائم بها‪ ،‬فحارت في أمرها‪ ،‬فجعلت‬
‫تنظر إليه‪ ،‬فقلن لها النسوة‪ :‬ما لنا نراك باهتة يا بنت العم ؟ فقالت‪ :‬يا بنات‬
‫العرب أنا نائمة أم يقظانة ؟ فقلن‪ :‬نعيذك بال‪ ،‬بل أنت يقظانة‪ ،‬قالت لهن‪:‬‬
‫انظروا )‪ (5‬إلى باب المعلى وانظروا )‪ (6‬إلى القبة‪ ،‬قلن‪ :‬نعم رأينا‪ ،‬قالت‬
‫لهن‪ :‬وما‬

‫)‪ (1‬أضاف في المصدر‪ :‬قال صاحب الحديث‪ (2) .‬العقيان‪ :‬الذهب الخالص‪(3) .‬‬
‫رفعوها خ ل‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬ثم أعلنوا بالتسبيح والتقديس والتهليل‬
‫والتكبير والثناء على رب العالمين‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فرأت‪ 5) .‬و ‪(6‬‬
‫هكذا في نسخة المصنف والمصدر‪ ،‬والصحيح كما استظهر المصنف في‬
‫الهامش‪ ،‬انظرن‪.‬‬

‫] ‪[ 49‬‬

‫الذي ترون )‪ (1‬غير ذلك ؟ قلن‪ :‬نرى نورا ساطعا‪ ،‬وضيآء لمعا‪ ،‬قد بلغ عنان‬
‫السماء‪ ،‬قالت‪ :‬وما الذي ترون )‪ (2‬غير ذلك ؟ قلن‪ :‬لم نر شيئا‪ ،‬قالت‪ :‬أما‬
‫ترون )‪ (3‬القبة و والراكب والطيار الخضر المحدقين بالقبة‪ ،‬فقلن لها‪ :‬لم‬
‫نر شيئا‪ ،‬قالت‪ :‬أرى راكبا أبهى من نور الشمس في قبة خضراء )‪ (4‬لم أر‬
‫أحسن منها على ناقة واسعة الخطا‪ ،‬ول شك أن الناقة هي ناقتي الصهباء‪،‬‬
‫والراكب محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬فقلن‪ :‬يا سيدتنا ومن أين لمحمد صلى‬
‫ال عليه واله ما تقولين‪ ،‬وليس يقدر على هذا كسرى ول قيصر ؟ فقالت‬
‫لهن‪ :‬فضل محمد أعظم من ذلك‪ ،‬ثم إن الناقة دخلت بين الشعاب‪ ،‬ثم‬
‫قصدت باب المعلى‪ ،‬ثم إن الملئكة عرجت إلى السماء‪ ،‬وعرج جبرئيل‬
‫عليه السلم بالقبة والعلم‪ ،‬وانتبه النبي صلى ال عليه واله من نومه‪،‬‬
‫ودخل مكة‪ ،‬وقصد منزل خديجة فوجدها وهي تقول‪ :‬متى يصل محمد حتى‬
‫امتع بالنظر إليه ؟ وهي تقوم وتقعد‪ ،‬وإذا بالنبي صلى ال عليه واله قد‬
‫قرع الباب‪ ،‬قالت الجارية‪ :‬من بالباب ؟ قال‪ :‬أنا محمد‪ ،‬قد جئت ابشر‬
‫خديجة بقدوم أموالها وسلمتها‪ ،‬فلما سمعت خديجة كلم رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله انحدرت إلى وسط الدار‪ ،‬ووقفت بالحجاب‪ ،‬وفتحت الجارية‬
‫الباب‪ ،‬فقال‪ :‬السلم عليكم يا أهل البيت‪ ،‬فقالت خديجة‪ :‬هنيئا لك السلمة‬
‫يا قرة عيني‪ ،‬قال‪ :‬وأنت )‪ (5‬يهنئك سلمة أموالك‪ ،‬قالت خديجة‪ :‬تهنئني‬
‫سلمتك أنت يا قرة العين‪ ،‬فوال أنت عندي خير من جميع الموال والهل‪،‬‬
‫ثم قالت‪ :‬شعرا‪ :‬جاء الحبيب الذي أهواه من سفر * والشمس قد أثرت في‬
‫وجهه أثرا عجبت للشمس من تقبيل وجنته )‪ * (6‬والشمس ل ينبغي أن‬
‫تدرك القمرا ثم قالت‪ :‬يا حبيبي أين خلفت الركب ؟ قال‪ :‬بالجحفة‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫ومتى عهدك بهم ؟ قال‪ :‬ساعتي هذه‪ ،‬فلما سمعت خديجة كلمه اقشعر‬
‫جلدها‪ ،‬وقالت‪ :‬سألتك بال إنك فارقتهم بالجحفة ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولكن طوى‬
‫ال لي البعيد‪ ،‬قالت‪ :‬وال ما كنت احب أن تجئ هكذا وحيدا‪ ،‬إنما كنت احب‬
‫أن تكون أول القوم‪ ،‬وأنظر إليك‪ ،‬وأنت مقدم‬
‫)‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪ (3‬هكذا في النسخة‪ ،‬واستظهر المصنف في الهامش أن الصحيح‪ :‬ترين‪.‬‬
‫)‪ (4‬في المصدر‪ :‬إنى أرى راكبا قد أنار من وجهه المشرق والمغرب في‬
‫قبة خضراء‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬واننى‪ .‬قلت‪ :‬فعليه فيهنئك مصحف‬
‫فنهنئك‪ (6) .‬غرته خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 50‬‬

‫الرجال‪ ،‬وارسل إليك جواري على رؤوس الجبال )‪ (1‬بأيديهم المباخر والمعازف‪،‬‬
‫وآمر عبيدي بالذبايح والعقائر‪ ،‬ويكون لك يوم مشهور‪ ،‬قال‪ :‬يا خديجة إني‬
‫أتيت ولم يعلم بي أحد من أهل مكة‪ ،‬فإن أمرتيني بالرجوع رجعت من هذه‬
‫الساعة وتفعلين مرادك ؟ فقالت له‪ :‬يا سيدي امهل قليل‪ ،‬ثم عملت له زادا‬
‫ساخنا فوضعته في مزادة )‪ ،(2‬و كانت العرب تعرفه بنقائه وطيب ريحه‪،‬‬
‫وملت له قربة من ماء زمزم‪ ،‬وقالت له‪ :‬ارجع أودعتك من طوى لك‬
‫البعيد من الرض‪ ،‬فرجع النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬ثم إن خديجة رجعت‬
‫إلى موضعها لتنظر هل تعود القبة أم ل‪ ،‬وإذا بالقبة قد عادت وجبرئيل قد‬
‫نزل‪ ،‬والملئكة قد أحدقوا بها كالول‪ ،‬ففرحت خديجة بذلك‪ ،‬وأنشأت تقول‪:‬‬
‫نعم لي منكم ملزم أي ملزم * ووصل مدى اليام لم يتصرم ولو لم يكن قلب‬
‫المتيم )‪ (3‬فيكم * جريحا لما سالت دموعي بالدم ولم يخل طرفي ساعة من‬
‫خيالكم * ومن حبكم قلبي ومن ذكركم فمي ولو جبل حملتموه بعادكم *‬
‫لمال وما زال )‪ (4‬جسمي وأعظمي أشد على كبدي يدي فيردها * بما فيه‬
‫من وجد )‪ (5‬من الشوق مضرم طويت الهوى والشوق ينشر طيه *‬
‫وكتمت أشجاني فلم تتكتم فيارب قد طالت بنا شقة )‪ (6‬النوى * وأنت قدير‬
‫تنظم الشمل فانظم قال‪ :‬ثم إن النبي صلى ال عليه واله سار قليل والتحق‬
‫بالقوم‪ ،‬وبعضهم يقظان )‪ ،(7‬و بعضهم رقود‪ ،‬فلما أحس به ميسرة قال‪:‬‬
‫من الطارق )‪ (8‬في هذا الليل العاكر )‪ (9‬؟ قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وارتب لك جواري وعبيدى على رؤوس الجبال‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫في مزادته‪ (3) .‬المتيم‪ :‬المحب العاشق‪ (4) .‬حال خ ل‪ (5) .‬جمر خ ل‪) .‬‬
‫‪ (6‬مدة خ ل‪ (7) .‬أيقاظ خ ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪ (8) .‬السائر خ‬
‫ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪ (9) .‬من عكر الليل‪ :‬اشتد سواده‪.‬‬

‫] ‪[ 51‬‬

‫أنا محمد بن عبد ال‪ .‬قال‪ (1) :‬يا سيدي ما عهدتك أن تهزء وعهدي بك أنك سائر‪،‬‬
‫فما الذي أرجعك يا سيدي ؟ فقال له‪ :‬يا ميسرة إني سافرت ثم عدت‪،‬‬
‫فضحك ميسرة وقال‪ :‬سافرت إلى ذيل هذا الجبل‪ ،‬ثم عدت ؟ قال النبي صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬بل قصدت البيت الحرام‪ ،‬فقال له ميسرة‪ :‬ما عهدت منك يا‬
‫سيدي إل الصدق‪ ،‬فقال‪ :‬يا ميسرة ما قلت لك إل الصدق‪ ،‬فإن كان عندك‬
‫شك فهذا خبز مولتك خديجة‪ ،‬وهذا ماء زمزم‪ ،‬فلما نظر ميسرة إلى ذلك‬
‫نهض قائما على قدميه‪ ،‬ونادى‪ :‬يا معاشر قريش‪ ،‬ويا بني النضر‪ ،‬ويا بني‬
‫زهرة‪ ،‬ويا بني هاشم هل غاب محمد عنكم غير ساعتين أو أقل من ذلك ؟‬
‫فقالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬قد سار إلى مكة ورجع‪ ،‬وهذا خبز مولتي خديجة‪ ،‬وهذا‬
‫ماء زمزم‪ ،‬فتعجب القوم ودهشت عقولهم‪ ،‬وصاح أبو جهل لعنه ال وقال‪:‬‬
‫ل يبعد هذا على الساحر )‪ ،(2‬فلما أصبح الصباح بلغ العرب‪ ،‬سبق الخبر‬
‫بقدوم القافلة‪ ،‬وخرج أهل مكة مبادرين‪ ،‬وسبق عبيد خديجة وجواريها و‬
‫تفرقوا في شعاب مكة وأوديتها‪ ،‬بأيديهم المعازف والمباخر‪ ،‬فكان النبي‬
‫صلى ال عليه واله ما يمر على عبد من عبيد خديجة إل يعقر ناقة فرحا‬
‫بقدومه‪ ،‬ثم تفرق الناس إلى منازلهم‪ ،‬و نظرت خديجة إلى جمالها وقد‬
‫أقبلت كالعرائس‪ ،‬وكانت معتادة أن يموت بعض جمالها )‪ (3‬ويجرب‬
‫بعضها إل تلك السفرة فإنها لم تنقص منها شعرة‪ ،‬فوقف قريش متعجبين‬
‫من تلك الجمال‪ ،‬كلما مر بهم جمل بإزائه ناقة هيفاء فيقولون‪ :‬لمن هذا )‬
‫‪ (4‬؟ فيقال هذا )‪ (5‬ما‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬يا سيدي من ردك عن سرور يغم عليك ؟ وكان عهدي بك أنك‬
‫سائر إلى مولتي خديجة‪ ،‬قال له النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يا ميسرة‬
‫سافرت ثم عدت‪ ،‬فضحك ميسرة وقال وال سيدي ! ما عهدتك تستهزئ‬
‫قط قال‪ :‬يا ميسرة ما قلت لك ال صدقا‪ (2) .‬استظهر المصنف أن )على(‬
‫مصحف )عن(‪ .‬وفي المصدر‪ :‬قال‪ :‬فصاح بهم أبو جهل لعنه ال وقال‪:‬‬
‫ما الذي أراه بكم ؟ قالوا‪ :‬ان محمدا سار إلى مكة ورجع من ساعته‪ ،‬قال‪:‬‬
‫انصرفوا إلى رحالكم‪ ،‬فلو كان غير محمد لكان عجبا‪ ،‬ولكن الساحر ل‬
‫يبعد عليه مشارق الرض ومغاربها‪ ،‬قال‪ :‬فتفرق القوم إلى رحالهم‬
‫وباتوا تلك الليلة‪ ،‬فرحلوا العرب‪ ،‬وسبق البشير بقدوم العير‪ ،‬و خرج أهل‬
‫مكة مبادرين‪ (3) .‬بعضها خ ل‪ (4) .‬هذه خ ل‪ ،‬وهو الموجود في‬
‫المصدر‪ (5) .‬هذه مما أفاد خ ل وهو الموجود في المصدر‪.‬‬

‫] ‪[ 52‬‬

‫أفاده محمد صلى ال عليه واله لخديجة من الشام‪ ،‬فذهلت عقول قريش لذلك‪ ،‬فلما‬
‫اجتمعت أموال خديجة فكوا رحالها‪ ،‬وعرضوا الجميع على خديجة وكانت‬
‫جالسة خلف الحجاب‪ ،‬والنبي صلى ال عليه واله جالس وسط الدار‪،‬‬
‫وميسرة يعرض عليها المتعة شيئا فشيئا‪ ،‬فنظرت خديجة إلى شئ قد‬
‫أدهشها‪ ،‬فبعثت إلى أبيها تعرفه بذلك‪ ،‬وترغبه في محمد صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬فلم تك إل ساعة واحدة وإذا بخويلد قد أقبل ودخل منزل ابنته‬
‫خديجة‪ ،‬وهو متزين بالثياب‪ ،‬متقلد سيفا‪ ،‬فلما نظرت إليه قامت وأجلسته‬
‫إلى جنبها‪ ،‬وابتدأته بالترحيب‪ ،‬وجعلت تعرض عليه البضائع‪ ،‬وهي تقول‪:‬‬
‫يا أبت هذا كله ببركة محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬وال يا أبتاه إنه مبارك‬
‫الطلعة‪ ،‬ميمون الغرة فما ربحت ربحا أغنم )‪ (1‬من هذه السفرة‪ ،‬ثم التفت‬
‫إلى ميسرة وقالت‪ :‬حدثني كيف كان سفركم ؟ وما الذي عاينتم من محمد‬
‫صلى ال عليه واله ؟ قال‪ :‬يا سيدتي وهل اطيق أن أصف لك بعضا من‬
‫صفاته وما عاينت منه صلى ال عليه واله ؟ ثم أخبرها بحديث السيل‪،‬‬
‫والبئر‪ ،‬والثعبان‪ ،‬والنخل‪ ،‬وما أخبره الراهب‪ ،‬وما أوصاه إلى خديجة‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬حسبك يا ميسرة‪ :‬لقد زدتني شوقا إلى محمد صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫إذهب فأنت حر لوجه ال‪ ،‬وزوجتك وأولدك‪ ،‬ولك عندي ما تادرهم‪،‬‬
‫وراحلتان‪ ،‬وخلعت عليه خلعة سنية‪ ،‬وقد امتل سرورا وفرحا‪ ،‬ثم إن‬
‫خديجة التفتت إلى النبي صلى ال عليه واله وقالت‪ :‬ادن مني فل حجاب‬
‫اليوم بيني وبينك‪ ،‬ثم رفعت عنها الحجاب‪ ،‬وأمرت أن ينصب له كرسي من‬
‫العاج والبنوس‪ ،‬وأجلسته عليه‪ ،‬وقالت‪ :‬يا سيدي كيف كان سفركم ؟ فأخذ‬
‫يحدثها بما باعه وما شراه‪ ،‬فرأت خديجة ربحا عظيما‪ ،‬وقالت‪ :‬يا سيدي‬
‫لقد فرحتني بطلعتك‪ ،‬وأسعدتني برؤيتك‪ ،‬فل لقيت بؤسا‪ ،‬ول رأيت نحوسا‪،‬‬
‫ثم جعلت تقول‪ :‬شعرا‪ :‬فلو أنني أمسيت في كل نعمة * ودامت لي الدنيا‬
‫وملك الكاسرة فما سويت عندي جناح بعوضة * إذا لم يكن عيني لعينك )‬
‫‪ (2‬ناظرة قال‪ :‬ثم إن خديجة قالت‪ :‬يا سيدي لك عندي حق البشارة زيادة‬
‫على ما كان بيننا فهل لك الساعة من حاجة فتقضى ؟ قال صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬حتى أستريح وأعود إليك‪ ،‬ثم خرج و‬

‫)‪ (1‬أعظم خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ (2) .‬لعينيك خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 53‬‬

‫دخل منزله عمه أبي طالب‪ ،‬وكان أبو طالب فرحا بما عاين من ابن أخيه‪ ،‬فقبل ما‬
‫بين عينيه وجاءت )‪ (1‬أعمامه حوله‪ ،‬وقال أبو طالب‪ :‬يا ولدي ما الذي‬
‫أعطتك خديجة ؟ قال‪ :‬وعدتني )‪ (2‬الزيادة على ما بيننا‪ ،‬قال‪ :‬هذه نعمة‬
‫جليلة‪ ،‬وقد عزمت أن أترك لك بعيرين تسافر عليهما‪ ،‬وراحلتين تصلح‬
‫بهما شأنك‪ ،‬وأما الذهب والفضة أخطب لك بهما فتاة من نسوان قريش من‬
‫قومك )‪ (3‬ثم ل ابالي بالموت حيث أتى‪ ،‬وكيف نزل‪ ،‬فقال‪ :‬يا عماه افعل ما‬
‫بدا لك‪ ،‬فلما كان وقت الغداة اغتسل النبي صلى ال عليه واله من وعك‬
‫السفر )‪ ،(4‬وتطيب وسرح رأسه‪ ،‬ولبس أفخر أثوابه وسار إلى منزل‬
‫خديجة‪ ،‬فلم يجد عندها سوى ميسرة‪ ،‬فلما رأته فرحت بقدومه‪ ،‬وجعلت‬
‫تقول‪ :‬دنا فرمى من قوس حاجبه سهما * فصادفني حتى قتلت به ظلما‬
‫وأسفر عن وجه وأسبل شعره * فبات يباهي )‪ (5‬البدر في ليلة ظلماء ولم‬
‫أدر حتى زار من غير موعد * على رغم واش ما أحاط به علما وعلمني‬
‫من طيب حسن حديثه * منادمة يستنطق الصخرة الصماء قال‪ :‬ثم التفتت‬
‫إليه وقالت‪ :‬يا سيدي نعمت الصباح‪ ،‬ودامت لك الفراح‪ ،‬هل من حاجة‬
‫فتقضى ؟ فاستحيا وطأطأ رأسه وعرق جبينه‪ ،‬فأقبلت عليه تلطفه في‬
‫الكلم‪ ،‬ثم قالت‪ :‬يا سيدي إذا سألتك عن شئ تخبرني ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‬
‫خديجة‪ :‬إذا أخذت الجمال والمال من عندي ما تريد أن تصنع به ؟ قال لها‪:‬‬
‫وما تريدين بذلك يا خديجة ؟ قالت‪ :‬أزيدك وما أقدر عليه‪ ،‬قال اعلمي أن‬
‫عمي أبا طالب قد أشار على أن يترك لي بعيرين اسافر بهما‪ ،‬وبعيرين‬
‫أصلح بهما شأني‪ ،‬والذهب والفضة يخطب لي بهما امرأة من قومي تقنع‬
‫مني بالقليل‪ ،‬ول تكلفني ما ل اطيق‪ ،‬فتبسمت خديجة‪ ،‬وقالت‪ :‬يا سيدي أما‬

‫)‪ (1‬دارت خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ (2) .‬أوعدتني بالزيادة خ ل‪ ،‬وهو‬


‫الموجود في المصدر‪ (3) .‬من نسوان قومك خ ل‪ (4) .‬أي من شدة السفر‬
‫والمه وتعبه‪ (5) .‬فبت اباهى خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 54‬‬

‫ترضى )‪ (1‬أني أخطب لك امرأة تحسن بقلبي )‪ (2‬؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬قد وجدت لك‬
‫زوجة‪ ،‬وهي من أهل مكة من قومك‪ ،‬وهي أكثرهن مال واحسنهن جمال‬
‫وأعظمهن كمال‪ ،‬و أعفهن فرجا‪ ،‬وأبسطهن يدا‪ ،‬طاهرة مصونة‪ ،‬تساعدك‬
‫على المور‪ ،‬وتقنع منك بالميسور ول ترضى من غيرك بالكثير‪ ،‬وهي‬
‫قريبة منك في النسب )‪ ،(3‬يحسدك عليها جميع الملوك والعرب‪ ،‬غير أني‬
‫أصف لك عيبها‪ ،‬كما وصفت لك خيرها‪ ،‬قال‪ :‬وما ذلك ؟ قال‪ :‬عرفت قبلك‬
‫رجلين‪ ،‬وهي أكبر منك سنا‪ ،‬قال صلى ال عليه واله‪ :‬سميها لي‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫هي مملوكتك خديجة‪ ،‬فأطرق منها خجل حتى عرق جبينه‪ :‬وأمسك عن‬
‫الكلم‪ ،‬فأعادت عليه القول مرة اخرى‪ ،‬وقالت‪ :‬يا سيدي مالك ل تجيب ؟‬
‫وأنت وال لي حبيب‪ ،‬وإني ل اخالف لك أمرا‪ ،‬و أنشأت )‪ (4‬تقول‪ :‬يا سعد‬
‫إن جزت بوادي الراك * بلغ )‪ (5‬قليبا ضاع مني هناك واستفت غزلن‬
‫الفل سائل * هل لسير الحب منهم فكاك ؟ وإن ترى ركبا بوادي الحمى *‬
‫سائلهم عنى ومن لي بذاك ؟ نعم سروا واستصحبوا ناظري * والن عيني‬
‫تشتهي أن تراك ما في من عضو ول مفصل * إل وقد ركب منه )‪ (6‬هواك‬
‫عذبتني )‪ (7‬بالهجر بعد الجفاء )‪ * (8‬يا سيدي ماذا جزاء )‪ (9‬بذاك ؟‬
‫فاحكم بما شئت وما ترتضي * فالقلب ما يرضيه إل رضاك‬
‫)‪ (1‬ترضاني خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ (2) .‬تحسن لك قلبى خ ل‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وتقنع منك باليسير‪ ،‬ول ترضى من غيرك ولو بذل لها كثير‪،‬‬
‫كبيرة في قومها مطاعة في أمرها‪ ،‬وعشيرتها قريبة منك في النسب‪(4) .‬‬
‫بلسان حالها خ ل‪ (5) .‬أنشد خ ل‪ (6) .‬فيه خ ل‪ (7) .‬أو عدتني خ ل‪(8) .‬‬
‫بعد الوفاء خ ل‪ (9) .‬ما جزاء هذا خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 55‬‬

‫قال‪ :‬ثم ألحت عليه بالكلم )‪ ،(1‬فقال لها‪ :‬يا ابنة العم أنت امرأة ذات مال‪ ،‬وأنا فقير‬
‫ل أملك إل ما تجودين به علي‪ ،‬وليس مثلك من يرغب في مثلي )‪ ،(2‬وأنا‬
‫أطلب امرأة يكون حالها كحالي‪ ،‬ومالها كمالي )‪ ،(3‬وأنت ملكة ل يصلح لك‬
‫إل الملوك‪ ،‬فلما سمعت كلمه قالت‪ :‬وال يا محمد إن كان مالك قليل فمالي‬
‫كثير‪ ،‬ومن يسمح )‪ (4‬لك بنفسه كيف ل يسمح لك بماله ؟ وأنا ومالي‬
‫وجواري )‪ (5‬وجميع ما أملك بين يديك وفي حكمك‪ ،‬ل أمنعك منه شيئا‪،‬‬
‫وحق الكعبة والصفا ما كان ظني أن تبعدني عنك‪ ،‬ثم ذرفت )‪ (6‬عبرتها‬
‫وقالت‪ :‬شعرا‪ :‬وال ما هب نسيم الشمال * إل تذكرت ليالي )‪ (7‬الوصال‬
‫ول أضا من نحوكم بارق * إل توهمت لطيف الخيال أحبابنا ! ما خطرت‬
‫خطرة )‪ * (8‬منكم غداة الوصل مني ببال جور الليالي خصني بالجفا *‬
‫منكم ومن يأمن جور الليال ؟ رقوا وجودوا واعطفوا وارحموا * ل بد لي‬
‫منكم على كل حال قال‪ :‬ثم إن خديجة قالت‪ :‬ورب احتجب عن البصار )‪،(9‬‬
‫وعلم حقيقة )‪ (10‬السرار‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في الكلم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وليس مثلك من يرغب في ووصل‬
‫مثلى‪ ،‬والراغب في الفقير قليل‪ (3) .‬زاد في المصدر‪ :‬أقنع بها وتقنع بي‪،‬‬
‫وفيه‪ :‬وأنت تصلح لك الملوك يكونوا مثلك‪ ،‬مالهم كمالك‪ ،‬وحالهم كحالك‪.‬‬
‫)‪ (4‬أي من يجود لك‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وعبيدى وجواري‪ (6) .‬أي سال‬
‫دمعها‪ (7) .‬أيام خ ل‪ (8) .‬فرقة خ ل‪ (9) .‬في المصدر‪ :‬ورب الكعبة‪،‬‬
‫وحق من اختفى عن البصار‪ (10) .‬في المصدر‪ :‬وعلم خفية السرار ما‬
‫قلت لك قول اداعبك فيه‪ ،‬وما أنا ال فيما قلته محقة ولم أقل باطل‪ ،‬قم‬
‫وأمض إلى عمومتك‪.‬‬

‫] ‪[ 56‬‬

‫أني محقة لك في هذا المر‪ ،‬قم )‪ (1‬إلى عمومتك وقل لهم‪ :‬يخطبوني لك من أبي‪،‬‬
‫ول تخف من كثرة المهر‪ ،‬فهو عندي وأنا أقوم لك بالهدايا والمصانعات‪،‬‬
‫فسر وأحسن الظن فيمن أحسن بك الظن )‪ ،(2‬فخرج النبي صلى ال عليه‬
‫واله من عندها‪ ،‬ودخل على عمه أبي طالب و السرور في وجهه )‪،(3‬‬
‫فوجد أعمامه مجتمعين‪ ،‬فنظر إليه أبو طالب وقال‪ :‬يابن أخي يهنئك ما‬
‫أعطتك خديجة وأظنها قد غمرتك من عطاياها‪ ،‬قال محمد صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬يا عم لي إليك حاجة‪ ،‬قال‪ :‬وما هي ؟ قال‪ ،‬تنهض أنت وأعمامي هذه‬
‫الساعة إلى خويلد‪ ،‬وتخطبون لي منه خديجة‪ ،‬فلم يرد أحد منهم عليه‬
‫جوابا غير أبي طالب‪ ،‬فقال‪ :‬يا حبيبي إليك نصير‪ ،‬وبأمرك نستشير في‬
‫امورنا‪ ،‬وأنت تعلم أن خديجة امرأة كاملة ميمونة فاضلة تخشي العار‪،‬‬
‫وتحذر الشنار )‪ ،(4‬وقد عرفت قبلك رجلين‪ :‬أحدهما عتيق بن عائذ‪،‬‬
‫والخر عمرو الكندي‪ ،‬وقد رزقت منه ولدا‪ ،‬وخطبها ملوك العرب‬
‫ورؤساؤهم وصناديد قريش وسادات بني هاشم وملوك اليمن وأكابر‬
‫الطائف‪ ،‬وبذلوا لها الموال‪ ،‬فلم ترغب في أحد منهم‪ ،‬ورأت أنها أكبر‬
‫منهم‪ ،‬وأنت يابن أخي فقير ل مال لك ول تجارة‪ ،‬وخديجة امرأة مزاحة‬
‫عليك‪ ،‬فل تعلل نفسك بمزاحها‪ ،‬ول تسمع قريشا هذا المر )‪ ،(5‬فقال أبو‬
‫لهب‪ :‬يا ابن أخي ل تجعلنا في أفواه العرب‪ ،‬وأنت ل تصلح لخديجة‪ ،‬فقام‬
‫إليه العباس وانتهره‪ ،‬وقال‪ :‬وال إنك لرذل الرجال‪ ،‬ردي الفعال‪ ،‬وما‬
‫عسى أن يقولوا في ابن أخي‪ ،‬وال إنه أكثر منهم جمال‪ ،‬وأزيد كمال‪،‬‬
‫وبماذا تتكبر عليه خديجة ؟ لمالها أم لزيادة كمالها وجمالها ؟ فاقسم برب‬
‫الكعبة لن طلبت عليه مال لركبن جوادي وأطوف في الفلوات‪ ،‬ولدخلن‬

‫)‪ (1‬ولكن قم خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ ،‬ول تخف إن كان يطلب منك مال‪ ،‬فأنا وال‬
‫أقوم لك بالهدايا والموال ومهما طلب أبي من المال أنا أقوم به‪ ،‬وهذه‬
‫أموالي وذخائري وعبيدى وجواري كلها بين يديك خذ منها ما شئت‪ ،‬فأنا‬
‫لك طالبة‪ ،‬وفيك راغبة‪ ،‬ول اريد سواك‪ ،‬فسر وأحسن الظن فيمن تحسن‬
‫الظن بك‪ ،‬ول تخيب قاصديك‪ (3) .‬قد زاد خ ل‪ (4) .‬الشنار‪ :‬العار‪ .‬أقبح‬
‫العيب‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ول تسمع قريش هذا الكلم أبدا‪.‬‬

‫] ‪[ 57‬‬

‫على الملوك حتى أجمع له ما تطلب عليه )‪ (1‬خديجة‪ .‬قال النبي صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬يا معاشر العمام قد أطلتم الكلم فيما ل فائدة فيه‪ ،‬قوموا واخطبوا‬
‫لي خديجة من أبيها‪ ،‬فما عندكم من العلم مثل ما عندي منها‪ ،‬فنهضت‬
‫صفية بنت عبد المطلب رضي ال عنها‪ ،‬وقالت‪ :‬وال أنا أعلم أن ابن أخي‬
‫صادق فيما قاله‪ ،‬ويمكن أن تكون خديجة مازحة عليه‪ ،‬ولكن أنا أروح‬
‫وابين لكم المر‪ ،‬ثم لبست أفخر ثيابها وسارت نحو منزل خديجة‪ ،‬فلقيتها‬
‫بعض جواريها في الطريق فسبقتها إلى الدار‪ ،‬وأعلمت خديجة بقدوم‬
‫صفية بنت عبد المطلب‪ ،‬وكانت قد عزمت على النوم فأخلت لها المكان )‬
‫‪ ،(2‬وقد عثرت خديجة بذيلها‪ ،‬فقالت‪ :‬ل أفلح من عاداك يا محمد‪ ،‬فسمعت‬
‫صفية كلم خديجة فقالت في نفسها‪ :‬أجاد الدليل‪ ،‬ثم طرقت الباب‪ ،‬ففتح و‬
‫جاءت إلى خديجة فلقيتها بالرحب والتحية‪ ،‬وأرادت أن تأتي لها بطعام‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬يا خديجة ما جئت لكل طعام‪ ،‬بل يا ابنة العم جئت أسألك عن كلم‬
‫أهو صحيح أم ل ؟ فقالت خديجة‪ :‬بل هو صحيح إن شئت تخفيه أو شئت‬
‫تبديه‪ ،‬وأنا قد خطبت محمدا لنفسي‪ ،‬وتحملت عنه مهري‪ ،‬فل تكذبوه إن‬
‫كان قد ذكر لكم بشئ )‪ ،(3‬وإني قد علمت أنه مؤيد من رب السماء‪،‬‬
‫فتبسمت صفية وقالت‪ :‬وال إنك لمعذورة فيمن أحببت‪ ،‬وال ما شاهدت‬
‫عيني مثل نور جبينه‪ ،‬ول أعذب من كلم ابن أخي‪ ،‬ول أحلى من لفظه ثم‬
‫أنشأت تقول‪ :‬شعرا‪ :‬ال أكبر كل الحسن في العرب * كم تحت غرة هذا‬
‫البدر من عجب قوامه )‪ (4‬ثم إن مالت ذوائبه * من خلفه فهي تغنيه عن‬
‫الدب تبت يد اللئمي فيه وحاسده * وليس لي في سواه قط من أرب )‪(5‬‬

‫)‪ (1‬منه خ ل‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬ما طلبت من المال‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وقد عزمت على‬
‫النوم ونزلت إلى أسفل الدار‪ ،‬ولم تترك عندها أحدا من الجوارى وقامت‬
‫تمشى‪ (3) .‬شيئا خ ل‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬إن كان قد نقل اليكم حديثا‪(4) .‬‬
‫قوائمه خ ل‪ (5) .‬الرب‪ :‬الحاجة‪ .‬الغاية‪.‬‬

‫] ‪[ 58‬‬

‫قال‪ :‬ثم إن صفية رضي ال عنها عزمت على الخروج من بيتها‪ ،‬فقالت لها خديجة‪:‬‬
‫امهلي قليل‪ ،‬ثم أخرجت خلعة سنية وخلعتها على صفية‪ ،‬وضمتها إلى‬
‫صدرها‪ ،‬وقالت يا صفية‪ :‬بال عليك إل ما أعنتيني على وصال محمد صلى‬
‫ال عليه واله )‪ ،(1‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬ثم خرجت طالبة لخوتها‪ ،‬فقالوا لها‪ :‬ما‬
‫وراءك يا صفية‪ ،‬يا ابنة الطيبين ؟ قالت‪ :‬يا إخواتي قوموا إن كنتم قائمين‪،‬‬
‫فوال إن لها في ابن أخيكم محمد صلى ال عليه واله رغبة ليس تدرك‪،‬‬
‫ففرحوا بذلك كلهم غير أبي لهب‪ ،‬فإن كلمها زاده غيظا وحسدا لمحمد‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬وذلك بسبب الشقاوة السابقة )‪ ،(2‬فزعق بهم العباس‬
‫وقال‪ :‬فما قعودكم إذ كان قد حصل المر ؟ فنهضوا جميعا إلى دار خويلد‪،‬‬
‫وقد عمد أبو طالب إلى النبي صلى ال عليه واله وألبسه أحسن الثياب‪،‬‬
‫وقلده سيفا‪ ،‬وأركبه على جواده‪ ،‬ودار حوله عمومته وكلهم محدقون به‪،‬‬
‫فلقاهم أبو بكر بن أبي قحافة وقال‪ :‬إلى أين تريدون يا أولد عبد المطلب ؟‬
‫لقد كنت قاصدا إليكم في حاجة خطرت ببالي‪ ،‬فقال له العباس‪ :‬وما هي ؟‬
‫اذكرها‪ ،‬قال‪ :‬رأيت في منامي كأن نجما قد ظهر في منزل أبي طالب‬
‫وارتفع إلى افق السماء‪ ،‬وأنار واستنار إلى أن صار كالقمر الزاهر‪ ،‬ثم نزل‬
‫بين الجدران فتبعته‪ ،‬فإذا هو قد دخل في بيت خديجة بنت خويلد‪ ،‬ودخل‬
‫معها تحت الثياب‪ ،‬فما تأويله ؟ قال له أبو طالب‪ :‬ها نحن لها قاصدون‪،‬‬
‫وعلى خطبتها معولون‪ ،‬ثم ساروا حتى وصلوا منزل خويلد فسبقتهم‬
‫الجواري إليه‪ ،‬وكان يشرب الخمر‪ ،‬وقد لعب الخمر في رأسه‪ ،‬فلما نظر‬
‫إلى بني هاشم قام لهم وقال‪ :‬مرحبا وأهل بأبناء آبائنا وأعز الخلق علينا‪،‬‬
‫فقال أبو طالب‪ :‬يا خويلد ما جئنا إل لحاجة )‪ ،(3‬وأنت تعلم قربنا منكم‪،‬‬
‫ونحن في هذا الحرم أبناء أب واحد‪ ،‬وقد جئنا خاطبين ابنتك خديجة لسيدنا‬
‫)‪ ،(4‬ونحن لها راغبون‪ ،‬فقال خويلد‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬برب الكعبة ال ما ساعدتيني على ما أطلب من قرب محمد‪(2) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬وذلك بسبب الشقاوة السابقة ظهر به الحسد‪ ،‬وزاد الكمد‪،‬‬
‫حيث أن خديجة تصل إلى محمد صلى ال عليه وآله‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يا‬
‫خويلد ما أتيناك للطعام ول للشراب‪ ،‬وأنت تعلم أننا لك قرابة‪ ،‬وأنتم لنا‬
‫بنو عم‪ ،‬ونحن في هذا الحرم بنو أب واحد‪ ،‬ليس لحد شرف كشرفنا‪،‬‬
‫ونحن وأنت في الحال سوى‪ ،‬ونحب أن ل تخالفنا‪ ،‬وتقرب ابنتك لسيدنا‪،‬‬
‫فهو يزينها ول يشينها‪ ،‬وقد جئناك خاطبين وفي ابنتك راغبين‪(4) .‬‬
‫محمد خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 59‬‬

‫ومن الخاطب منكم ؟ ومن المخطوبة مني ؟ فقال أبو طالب‪ :‬الخاطب منا محمد ابن‬
‫أخي‪ ،‬و المخطوبة خديجة‪ ،‬فلما سمع ذلك خويلد تغير لونه وكبر عليه‬
‫وقال‪ :‬وال إن فيكم الكفاية‪ ،‬وأنتم أعز الخلق علينا‪ ،‬ولكن خديجة قد ملكت‬
‫نفسها وعقلها أوفر من عقلي )‪ .(1‬وأنا لم تطب قلبي إن خطبها الملوك‪،‬‬
‫فكيف وهذا محمد فقير صعلوك )‪ (2‬؟ فقام إليه حمزة رضي ال عنه فقال‬
‫له‪ :‬ل يقدر )‪ (3‬اليوم بأمس‪ ،‬ول تشاكل القمر بالشمس يا بادي الجهل‪ ،‬ويا‬
‫خسيف )‪ (4‬العقل‪ ،‬أما علمت أنك قد ضل رشدك‪ .‬وغاب عقلك‪ ،‬أتثلب ابن‬
‫أخينا ؟ أما علمت أنه إذا أراد أموالنا وأرواحنا قدمنا الكل بين يديه‪ ،‬ولكن‬
‫سوف يبين لك غب )‪ (5‬فعلك‪ ،‬ثم نفض أثوابه ونهض‪ ،‬ونهض إخواته‬
‫وساروا إلى منازلهم‪ ،‬وبلغ الخبر خديجة من جارية لها‪ ،‬فقالت‪ :‬ما‬
‫وراءك ؟ قالت‪ :‬أمر يغم القلوب )‪ ،(6‬فقالت لها‪ :‬ماذا يا ويحك ؟ قالت‪ :‬إن‬
‫أباك قد رد أولد عبد المطلب خائبين‪ ،‬فلما سمعت خديجة كلمها قالت‪:‬‬
‫اطلبي لي عمي ورقة‪ ،‬فخرجت الجارية وعادت ومعها ورقة‪ ،‬فلما جاءها‬
‫استقبلته بأحسن قبول‪ ،‬وقالت‪ :‬مرحبا بك يا عم‪ ،‬فل غابت طلعتك عني‪ ،‬ثم‬
‫طرقت إلى الرض وقد قطب حاجباها )‪ ،(7‬فقال ورقة‪ :‬حاشاك يا خديجة‬
‫من السوء‪ ،‬ما الذي حل بك ؟ قالت‪ :‬يا عم ما حال السائل ؟ وما نال )‪(8‬‬
‫المسؤل ؟ قال‪ :‬في أنحس حال‪ ،‬قال )‪ :(9‬ولكن أراك )‪ (10‬يا‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وأرى أن عقلها أعز من عقلي‪ ،‬ورأيها أعلى من رأى‪ ،‬وأنا فما‬
‫يطيب قلبى أن تخطبها الملوك‪ ،‬وازوجها بفقير صعلوك ؟ )‪ (2‬الصعلوك‪:‬‬
‫الفقير‪ (3) .‬ل تقدر خ ل وفي المصدر‪ :‬ل يقاس‪ (4) .‬سخيف خ ل وفي‬
‫المصدر‪ :‬خسيس‪ .‬قلت‪ :‬خسيف العقل أي ناقص العقل‪ (5) .‬الغب‪:‬‬
‫العاقبة‪ (6) .‬زاد في المصدر ويرد المعافى مكروبا‪ (7) .‬قطبت حاجبيها خ‬
‫ل قلت‪ :‬هو الموجود في المصدر‪ .‬قوله‪ :‬قطبت أي قبضت ما بين عينيه‬
‫كما يفعله العبوس‪ (8) .‬بال خ ل‪ (9) .‬في المصدر‪ :‬وإنى أراه في أنحس‬
‫حال‪ .‬وأسقط قوله‪ :‬قال‪ (10) .‬في المصدر‪ :‬وأراك‪.‬‬

‫] ‪[ 60‬‬

‫خديجة تخاطبيني بهذا الكلم‪ ،‬كأنك تريدين الزواج ؟ قالت‪ :‬أجل‪ ،‬قال‪ :‬يا خديجة لقد‬
‫خطبك الملوك والصناديد‪ ،‬ولم ترضى بأحد منهم‪ ،‬قالت‪ :‬ما اريد من‬
‫يخرجني من مكة‪ ،‬فقال‪ :‬وال ما منها )‪ (1‬أحد إل وقد خطبك‪ ،‬مثل شيبة‬
‫بن ربيعة‪ ،‬وعقبة بن أبي معيط‪ ،‬وأبي جهل بن هشام‪ ،‬والصلت بن أبي‬
‫يهاب فأبيتي )‪ (2‬عنهم جميعا‪ ،‬قالت‪ :‬ما اريد من فيه عيب‪ ،‬ثم قالت‪ :‬يا عم‬
‫صف لي عيبهم‪ ،‬قال‪ :‬يا خديجة أما شيبة ففيه سوء الظن‪ ،‬و أما عقبة فهو‬
‫كثير السن‪ ،‬وأما أبو جهل فهو بخيل متكبر‪ ،‬كريه النفس‪ ،‬وأما الصلت فهو‬
‫رجل مطلق‪ ،‬فقالت‪ :‬لعن ال من ذكرت‪ ،‬وهل تعلم أنه خطبني )‪ (3‬غير‬
‫هؤلء ؟ قال‪ :‬سمعت أنه قد خطبك محمد بن عبد ال بن عبد المطلب بن‬
‫هاشم‪ ،‬قالت يا عم صف لي عيبه‪ ،‬وكان ورقة عنده علم من الكتب السالفة‬
‫بما يكون من أمر محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬فلما سمع كلمها طأطأ رأسه‬
‫وقال‪ :‬أصف لك عيبه ؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أصله أصيل‪ ،‬وفرعه طويل )‪(4‬‬
‫وطرفه كحيل‪ ،‬وخلقه جميل‪ ،‬وفضله عميم‪ ،‬وجوده عظيم‪ ،‬وال يا خديجة‬
‫ما كذبت فيما قلت‪ ،‬قالت‪ :‬يا عم صف لي عيبه كما وصفت لي خيره‪ ،‬قال‪:‬‬
‫يا خديجة‪ :‬وجهه أقمر‪ ،‬وجبينه أزهر‪ ،‬وطرفه أحور‪ ،‬ولفظه أعذب )‪ (5‬من‬
‫المسك الذفر‪ ،‬وأحلى من السكر‪ ،‬وإذا مشى كأنه البدر إذا بدر‪ ،‬والوبل إذا‬
‫أمطر‪ ،‬قالت )‪ :(6‬يا عم صف لي عيبه‪ ،‬قال‪ :‬يا خديجة مخلوق من الحسن‬
‫)‪ (7‬الشامخ‪ ،‬والنسب الباذخ‪ ،‬وهو أحسن العالم سيرة‪ ،‬وأصفاهم سريرة )‬
‫‪ ،(8‬إذا مشى تخاله ينحدر من صبب‪ ،‬شعره كالغيهب‪ ،‬وخده أزهر من‬
‫الورد الحمر‪ ،‬وريحه‬

‫)‪ (1‬فيها خ ل‪ .‬وفي المصدر‪ :‬قال‪ :‬يا ابنتى أما خطبك شيبة بن ربيعة‪ (2) .‬أبيت خ‬
‫ل صح‪ (3) .‬قد خطبني خ ل‪ (4) .‬زاد في المصدر‪ :‬وخده أسيل‪(5) .‬‬
‫أحسن خ ل‪ .‬وفي المصدر‪ :‬أحلى من السكر‪ ،‬وريحه أطيب من المسك‬
‫الذفر‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬إذا مشى تخاله البدر إذا أبدر‪ ،‬ل وال بل هو‬
‫أنور‪ ،‬قالت‪ (7) .‬هكذا في الصل‪ ،‬وفي نسخة وفي المصدر‪ :‬الحسب‪(8) .‬‬
‫زاد في المصدر‪ :‬ل بالقصير اللصق‪ .‬قلت‪ :‬الصبب‪ :‬الموضع المنحدر‪.‬‬
‫والغيهب الشديد السواد من الخيل والليل‪ .‬وفي المصدر‪ :‬الغيهب الدجن‪.‬‬

‫] ‪[ 61‬‬

‫أزكى من المسك الذفر‪ ،‬ولفظه أعذب من الشهد وأخير‪ ،‬اشهدك يا خديجة أني‬
‫احبه‪ .‬قالت‪ :‬يا عم أراك كلما قلت لك‪ :‬صف لي عيبه وصفت لي حسنه ؟‬
‫قال‪ :‬يا ابنتي وهل أنا أقدر على وصف خيره‪ ،‬ثم أنشأ يقول‪ :‬لقد علمت كل‬
‫القبائل والمل * بأن حبيب ال أظهرهم قلبا وأصدق من في الرض قول‬
‫وموعدا * وأفضل خلق ال كلهم قربا فقالت‪ :‬يا ورقة إن أكثر الناس‬
‫يثلبونه‪ ،‬قال‪ :‬ثلبهم له إنه فقير‪ ،‬قالت‪ :‬يا عم أما سمعت قول الشاعر‪ :‬إذا‬
‫سلمت رؤوس الرجال من الذى * فما المال إل مثل قلم الظافر ولكن يا‬
‫عم إذا كان ماله قليل فما لي كثير‪ ،‬وإني يا عم محبة له على كل حال‪ ،‬فقال‬
‫لها‪ :‬إذن وال تسعدين وترشدين وتحضين )‪ (1‬بنبي كريم‪ ،‬فقالت‪ :‬يا عم‬
‫أنا الذي خطبته لنفسي‪ ،‬فقال لها ورقة‪ :‬وما الذي تعطيني وأنا ازوجك في‬
‫هذه الليلة بمحمد ؟ فقالت‪ :‬يا عم وهل لي شئ دونك‪ ،‬أم يخفى عليك ؟‬
‫وهذه ذخائري بين يديك‪ ،‬ومنزلي لك‪ ،‬وأنا كما قال القائل شعرا‪ :‬إذا تحققتم‬
‫ما عند صاحبكم * من الغرام فذاك العذر يكفيه أنتم سكنتم بقلبي فهو‬
‫منزلكم * وصاحب البيت أدرى بالذي فيه ثم قال ورقة‪ :‬يا خديجة لست‬
‫اريد شيئا من حطام الدنيا‪ ،‬وإنما اريد أن تشفعي لي عند محمد صلى ال‬
‫عليه واله يوم القيامة واعلمي يا خديجة أن بين أيدينا حساب وكتاب‬
‫وعقاب وعذاب )‪ ،(2‬ول ينجو إل من تبع محمدا‪ ،‬وصدق برسالته‪ ،‬فياويل‬
‫من زحزح )‪ (3‬عن الجنة وادخل النار‪ ،‬فلما سمعت خديجة كلمه قالت‪ :‬يا‬
‫عم لك عندي ما طلبت‪ ،‬فخرج ورقة و‬

‫)‪ (1‬تحظين خ ل قلت‪ :‬هكذا في الصل‪ ،‬والصحيح إما الثاني أو ما في المصدر وهو‬
‫هكذا‪ :‬وتقربين من نبي كريم‪ ،‬وزاد في المصدر‪ :‬ورسول عظيم‪ ،‬وإنه يا‬
‫خديجة نبى هذه المة‪ ،‬فقالت‪ :‬يا عم وال انى احبه‪ ،‬وأنا الذي أمرته أن‬
‫يخطبني‪ ،‬فالن أنا الذي أمرته وأبي ابعده‪ ،‬قال ورقة‪ :‬وهو ان أبيك‪ ،‬يا‬
‫خديجة ما الذي تعطيني حتى ازوجك‪ (2) .‬هكذا في الصل والمصدر‬
‫بالرفع‪ (3) .‬زحزحه‪ :‬باعده أو أزاله عنه فتباعد فتنحى‪.‬‬

‫] ‪[ 62‬‬
‫دخل على أخيه خويلد وقد غلب عليه السكر‪ ،‬فجلس ورقة وقد ظهر الغيظ في‬
‫وجهه )‪ ،(1‬و قال‪ :‬يا أخي ما أغفلك عن نفسك ؟ تريد أن تقتلها أنت‬
‫بنفسك ؟ فقال‪ :‬ومن أين علمت يا أخي ؟ فقال‪ :‬لقد خلفت بني عبد المطلب‬
‫وقلوبهم تغلي عليك كغلي القدر‪ ،‬وقد أراد حمزة أن يهجم عليك في دارك‪،‬‬
‫فقال خويلد‪ :‬يا أخي وأي ذنب أذنبته عليهم حتى يفعلوا بي ذلك ؟ قال‪:‬‬
‫سمعتهم يقولون إنك تثلب ابن أخيهم وهو عليك قبيح‪ ،‬إن كان قد وقع منك‬
‫ذلك وال ما وطئ الحصى مثل محمد‪ ،‬أنسيت )‪ (2‬ما جرى له في صغره‪،‬‬
‫وما بان له في كبره ؟ وال ما يثلبه إل لئيم‪ ،‬قال خويلد‪ :‬وال يا أخي ما‬
‫ثلبت الرجل‪ ،‬وإنه خير مني وإنما أراد أن يتزوج بخديجة‪ ،‬فقال له أخوه‪:‬‬
‫ماذا تنكر منه ؟ قال خويلد‪ :‬وال يا أخي ما أقول فيه‪ :‬شيئا‪ ،‬ولكن خشيت‬
‫من وجهين‪ :‬الول تسبني العرب حيث أنى رددت أكابرهم وساداتهم‪،‬‬
‫وازوجها الن بفقير ل مال له‪ ،‬والثاني أنها ل ترضاه فقال ورقة‪ :‬إن‬
‫العرب ما منهم إحد إل ويحب أن يزوجه بابنته‪ ،‬ويشتهي أن يكون محمد‬
‫نسيبه وقريبه‪ ،‬وأما خديجة فمذ عاينت فضله رضيت به‪ ،‬وأما أنت فقد‬
‫جلبت لنفسك عداوة بني هاشم على غير شئ‪ ،‬وإنهم ما يتركونك غير‬
‫ساعة ل سيما )‪ (3‬السد الهجوم‪ ،‬حمزة القضاء المحتوم‪ ،‬ل يصده عنك‬
‫صاد‪ ،‬ول يرده عنك راد‪ ،‬وال إن قبلت نصحي‪ ،‬وسرت معي إلي بني‬
‫هاشم سألتهم أن يرفعوا عنك يد العداوة‪ ،‬وتزوج محمدا صلى ال عليه‬
‫واله بخديجة )‪ ،(4‬وال ما تصلح إل له‪ ،‬ول يصلح إل لها‪ ،‬فقال‪ :‬يا أخي‬
‫أخاف أن يهجموا بي ويقتلوني‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬ضمان هذا المر علي‪ ،‬فل‬
‫تخف‪ ،‬فنهضا جميعا وسارا حتى دخل على أولد عبد المطلب‪ ،‬فوقفا على‬
‫الباب وكان من المر المقدر أن في ذلك الوقت كان أولد عبد المطلب‬
‫جالسين‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬في المصدر بعد ذلك‪ :‬فقال له خويلد‪ :‬ما تشرب ؟ قال‪ :‬من يقتل أخوه فكيف‬
‫يشرب ؟ فقال خويلد‪ :‬ومن يقتلني ؟ قال‪ :‬أنت تقتل‪ ،‬قال خويلد‪ :‬وكيف‬
‫ذلك ؟ قال‪ :‬وال لقد خلفت‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فان كنت فعلت ذلك فقد وال‬
‫وجب عليك القتل‪ :‬والصدق أوفى‪ ،‬وصاحبه انجى وأعفى‪ ،‬وال ما احد‬
‫أكبر من محمد‪ ،‬انسيت‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬غير ساعة‪ ،‬أو بعض ساعة‪،‬‬
‫كل من يلقاك منهم قتلك‪ ،‬ل سيما‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وتزوج خديجة‪.‬‬
‫بمحمد‪.‬‬

‫] ‪[ 63‬‬

‫بينهم النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فنظر إليه حمزة وقال‪ :‬يا قرة العين ما تقول )‪ (1‬؟‬
‫وال لئن أمرتني لتينك في هذه الساعة برأس خويلد‪ ،‬فقال خويلد لورقة‪:‬‬
‫اسمع يا أخي‪ ،‬فقال ورقة اسمع أنت‪ ،‬فقال‪ ،‬خويلد‪ :‬دعني أرجع‪ ،‬قال‬
‫ورقة‪ :‬ل‪ ،‬وانظر الن ما أصنع‪ ،‬دعنا نأتي إليهم فإنهم ل يبعدون‪ ،‬من يأتي‬
‫إليهم‪ ،‬ثم إن ورقة قرع الباب فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬لقد جاءكم‬
‫خويلد وأخوه ورقة‪ ،‬فقام حمزة فأدخلهم‪ ،‬ويد خويلد في يد ورقة‪ ،‬ونادى‪:‬‬
‫نعمتم صباحا ومساء وكفيتم شر العداء‪ ،‬يا أولد زمزم والصفا‪ ،‬فناداه أبو‬
‫طالب‪ :‬وأنت يا خويلد كفيت ما تحذر وتخشى‪ ،‬فانتهره حمزة وقال‪ :‬ل أهل‬
‫ول سهل لمن طلب منا بعدا‪ ،‬وأرانا هجرا وصدا‪ ،‬قال خويلد‪ :‬ما كان ذلك‬
‫مني يا سيدي‪ ،‬وأنتم تعلمون أن خديجة وافرة العقل‪ ،‬مالكة نفسها‪ ،‬وإنما‬
‫تكلمت بهذا الكلم حتى أسمع ما تقول‪ ،‬والن عرفت أن المرأة فيكم راغبة‬
‫)‪ ،(2‬فل تؤاخذوني بما جرى‪ ،‬ونحن كما قال الشاعر‪ :‬ومن عجب اليام‬
‫إنك هاجري * وما زالت اليام تبدئ العجائبا وما لي ذنب أستحق به الجفا‬
‫* وإن كان لي ذنب أتيتك تائبا والن قد رضيت لرضاها‪ ،‬ولجل القرابة‬
‫والنسب‪ ،‬وقال‪ :‬شعرا‪ :‬عودوني الوصال فالوصل عذب * وارحموا‬
‫فالفراق والهجر صعب زعموا حين عاينوا أن جرمى * فرط حبي لهم وما‬
‫ذاك ذنب ل وحق الخضوع عند التلقي * ما جزى من يحب أن ل يحب‬
‫فقال عند ذلك حمزة‪ :‬يا خويلد أنت عندنا عزيز كريم‪ ،‬ولكن ما كان يجوز‬
‫منك إذا جئناك أن تبعدنا‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬إنا لنحب محمدا أشد محبة‪ ،‬ونحن‬
‫على ما تقولون‪ ،‬ولكن اريد يا بني هاشم أن تكون هذه الخطبة في غداة غد‬
‫على رؤوس النام )‪ ،(3‬حتى‬

‫)‪ (1‬ما فكرك ؟ وهو الموجود في المصدر‪ (2) .‬في المصدر بعد ذلك‪ :‬ولكم طالبة‪،‬‬
‫وقد جئتكم لتقبلوا عذرى‪ ،‬وتغفروا ذنبي‪ ،‬والن يا أولد عبد المطلب فان‬
‫خديجة لكم محبة‪ ،‬وأنا أيضا موافق لها لجل القرابة والنسابة‪ ،‬فل‬
‫تشتموا بنا العداء‪ ،‬قال‪ :‬فقال حمزة‪ :‬يا خويلد أنت عندنا عزيز كريم‪) .‬‬
‫‪ (3‬الشهاد خ ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪.‬‬

‫] ‪[ 64‬‬

‫يسمع الغائب والحاضر‪ ،‬فقال حمزة‪ :‬ل نخالفكم فيما تقولون‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬اعلمكم‬
‫أن أخي له لسان )‪ (1‬ل يخلص به عند العرب‪ ،‬واريد أن يوكلني في أمر‬
‫ابنته خديجة‪ ،‬حتى أصير أنا المجاوب‪ ،‬وأنتم تعلمون أنى قد قرأت سائر‬
‫الكتب وعرفت )‪ (2‬سائر الديان‪ ،‬فقال حمزة‪ :‬وكله يا خويلد على ذلك‪،‬‬
‫فقال خويلد‪ :‬اشهدكم يا أولد هاشم أني قد وكلت أخي ورقة في أمر ابنتي‬
‫خديجة‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬اريد أن يكون هذا المر عند الكعبة‪ ،‬فساروا جميعا‬
‫إلى الكعبة‪ ،‬فوجدوا العرب مجتمعين بين زمزم والمقام‪ ،‬وهم جماعات‬
‫كثيرة‪ ،‬منهم )‪ (3‬الصلت بن أبي يهاب‪ ،‬ولئيمة بن الحجاج‪ ،‬وهاشم بن‬
‫المغيرة‪ ،‬وأبو جهل بن هشام‪ ،‬وعثمان بن مبارك )‪ (4‬العميري‪ ،‬وأسد بن‬
‫غويلب الدارمي‪ ،‬وعقبة بن أبي معيط‪ ،‬وامية بن خلف‪ ،‬وأبو سفيان بن‬
‫حرب )‪ ،(5‬فناداهم ورقة‪ :‬نعمتم صباحا يا سكان حرم ال‪ ،‬فقالوا كلهم‪:‬‬
‫أهل وسهل يا أبا البيان‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬يا جميع من حضر‬
‫أني أسألكم‪ ،‬ما تقولون في خديجة بنت خويلد ؟ فنطق العرب بأجمعهم‬
‫فقالوا‪ :‬بخ بخ‪ ،‬لقد ذكرت وال الشرف الوفى‪ ،‬والنسب العلى‪ ،‬والرأي ال‬
‫زكى‪ ،‬ومن ل يوجد لها نظير في نساء العرب والعجم‪ ،‬فقال‪ :‬أتحمدون أن‬
‫تكون بل بعل ؟ فقالوا‪ :‬ليس بواجب‪ ،‬وقد وجدنا الخطاب لها كثيرا‪ ،‬وهي‬
‫تأبى‪ ،‬قال ورقة‪ :‬يا سادات العرب أل وإن هذا أخي قد وكلني في أمرها‪،‬‬
‫وهي قد أمرتي ن أن ازوجها‪ ،‬وأعلمتني أن لها رغبة في سيد من سادات‬
‫قريش‪ ،‬وسألتها أن تسميه لي‪ ،‬فأبت‪ ،‬واحب أن تسمعوا الوكالة منه‪ ،‬وأن‬
‫تحضروا كلكم جميعا غداة غد في منزلها‪ ،‬فما تسعكم غير دارها‪ ،‬وكان لها‬
‫دار واسعة تسع أهل مكة‪ ،‬فلما سمعوا كلمه لم يبق أحد منهم إل يقول‪ :‬أنا‬
‫هو المطلوب‪ ،‬فقالوا‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لشأن‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وفهمت‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬مثل النضر بن‬
‫الحارث‪ ،‬ومطعم بن عدى‪ ،‬والصلت بن أبى أهاب المخزومى‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬مالك‪ (5) .‬زاد في المصدر‪ :‬وصفوان بن امية وسادات مكة‪،‬‬
‫فلما أشرف ورقة وخويلد عليهم نادى ورقة‪ :‬يا أولد زمزم والصفا‪ ،‬ومن‬
‫بهما يضرب المثال في جميع القطار‪ ،‬فرغبوا العيب وقالوا أهل‪ .‬ا‍ه‪.‬‬

‫] ‪[ 65‬‬

‫نعم الوكيل والكفيل أنت‪ ،‬فقال ورقة لخيه خويلد‪ :‬تكلم ما دامت السادات حاضرين‪،‬‬
‫قال خويلد‪ :‬اشهدكم يا سادات العرب على أني قد نزعت نفسي من أمر‬
‫ابنتي خديجة‪ ،‬وجعلت وكيلي وكفيلي في هذا المر أخي‪ ،‬فل رأي فوق‬
‫رأيه‪ ،‬ول أمر فوق أمره‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬اسمعوا أيها السادات‪ ،‬وإنه غير‬
‫مجنون ول مجبور ول مخمور‪ ،‬وإني ازوجها بمن شئت‪ ،‬فقال العرب‪:‬‬
‫سمعنا وأطعنا وشهدنا‪ ،‬وخرج خويلد وقد ذهب حكمها من يده‪ ،‬وسار‬
‫ورقة إلى منزل خديجة وهو فرح مسرور‪ ،‬فلما نظرت إليه قالت‪ :‬مرحبا و‬
‫أهل بك يا عم‪ ،‬لعلك قضيت الحاجة‪ ،‬قال‪ :‬نعم يا خديجة يهنئك‪ ،‬وقد رجعت‬
‫أحكامك )‪ (1‬إلي‪ ،‬فأنا وكيلك‪ ،‬وفي غداة غد ازوجك إن شاء ال تعالى‬
‫بمحمد صلى ال عليه واله‪ ،‬فلما سمعت خديجة كلمه فرحت وخلعت عليه‬
‫خلعة قد اشتراها عبدها ميسرة من الشام بخمس مأة دينار‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬ل‬
‫ترغبيني في مثل هذا‪ ،‬فلست براغب فيه‪ ،‬وإنما الرغبة في شفاعة محمد‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬فقالت‪ :‬لك ذلك‪ ،‬ثم قال لها‪ :‬يا خديجة قومي هذه‬
‫الساعة‪ ،‬وجهزي أمرك‪ ،‬وجملي منزلك‪ ،‬واخرجي ذخائرك‪ ،‬وعلقي‬
‫ستورك‪ ،‬وانشري حللك‪ ،‬واكمدي عدوك‪ ،‬فما يدخر المال إل لمثل هذا‬
‫اليوم‪ ،‬واصنعي وليمة ل يعوزك )‪ (2‬فيها شئ‪ ،‬فإن العرب في غداة غد‬
‫يأتون كلهم إلى دارك‪ ،‬فلما سمعت منه ذلك نادت في عبيدها وجواريها‪ ،‬و‬
‫أخرجوا الستور والمساند والوسائد والبسط المختلفة اللوان والحلل ذات‬
‫الثمان و العقود والقلئد ونشرت الرايات‪ .‬وقد روت الرواة الذين شاهدوا‬
‫تلك الليلة أن تلك العبيد والماء الذين كانوا برسم الخدمة لحمل النية‬
‫ثمانون عبدا‪ ،‬وذبحت )‪ (3‬الذبائح‪ ،‬وعقرت العقائر‪ ،‬وعقدت الحلوات من‬
‫كل لون‪ ،‬وجمعت الفواكه من كل فاكهة‪ ،‬وقصد ورقة منزل أبي طالب‬
‫فوجده وإخوته‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أمرك‪ (2) .‬أعوزه المطلوب‪ :‬أعجزه وصعب عليه نيله‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ولقد روت الرواة الذين كانوا شاهدوا تلك الليلة ذكروا أنه كان‬
‫في منزل خديجة برسم الخدمة من الجوار والعبيد مائة وستون‪ ،‬والجوار‬
‫الذي برسم الخدمة ل غير ستون‪ ،‬وكان لها من جملة النية في البيت‬
‫ثمانون هاونا من ذهب‪ ،‬وكان لها ما ل يحصى‪ ،‬وذبحت ا‍ه‪.‬‬

‫] ‪[ 66‬‬

‫مجتمعين‪ ،‬فقال لهم‪ :‬نعمتم صباحا ومساء‪ ،‬ما يحبسكم عن إصلح أمركم‪ ،‬انهضوا‬
‫في أمر خديجة‪ ،‬فقد صار أمرها بيدي‪ ،‬فجذا كان غداة غد إن شاء ال‬
‫تعالى ازوجها بمحمد صلى ال عليه وآله )‪ ،(1‬فعندها قال محمد صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬ل أنسى ال لك ذلك يا ورقة‪ ،‬وجزاك فوق صنيعك معنا )‪ ،(2‬ثم‬
‫قال أبو طالب‪ :‬الن وال طاب قلبي‪ ،‬وعلمت أن أخي قد بلغ المنى‪ ،‬وقام‬
‫لعمل الوليمة وإخوته عنده‪ ،‬فعند ذلك اهتز العرش والكرسي‪ ،‬وسجد‬
‫الملئكة وأوحى ال تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن يزينها‪ ،‬ويصف‬
‫الحور والولدان‪ ،‬ويهيأ أقداح الشراب‪ ،‬ويزين الكواعب والتراب )‪،(3‬‬
‫وأوحى إلى المين جبرئيل عليه السلم‪ ،‬أن ينشر لواء الحمد على الكعبة‪،‬‬
‫وتطاولت الجبال‪ ،‬وسبحت بحمد الملك المتعال‪ ،‬على ما خص به محمدا‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬وفرحت الرض‪ ،‬وباتت مكة تغلي بأهلها كما يغلي‬
‫المرجل )‪ (4‬على النار‪ ،‬فلما أصبحوا أقبلت الطوائف والكابر والقبائل‬
‫والعشائر‪ ،‬فلما دخلوا منزل خديجة وجدوها وقد أعدت لهم المساند‬
‫والوسائد والكراسي والمراتب‪ ،‬وجعلت مجلس كل واحد منهم في مرتبته‬
‫ومحله‪ ،‬فدخل أبو جهل لعنه ال وهو يختال )‪ (5‬في مشيته وزينته‪ ،‬وقد‬
‫أرخى ذوائبه من ورائه‪ ،‬وحمائل سيفه على منكبه‪ ،‬وقد أحدقت به بنو‬
‫مخزوم‪ ،‬فنظر إلى صدر المجلس وقد نصب فيه كرسي عظيم‪ ،‬وتحته أحد‬
‫عشر كرسيا‪ ،‬في أعلى مكان مصفوفا لم ير أحسن منها‪ ،‬فتقدم وأراد‬
‫الجلوس على ذلك السرير العالي‪ ،‬فصاح به ميسرة وقال له‪ :‬يا سيدي‬
‫تمهل قليل ول تعجل‪ ،‬فقد وضعت منزلك عند بني مخزوم‪ ،‬فرجع هو‬
‫خجلن‪ ،‬وجلس فما كان إل قليل وإذا بأصوات قد علت‪ ،‬والعرب قد‬
‫تواثبت‪ ،‬وقد أقبل العباس )‪(6‬‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر‪ :‬وما فعلت ذلك ال محبة لبن أخيكم‪ (2) .‬لنا خ ل‪(3) .‬‬
‫كواعب‪ :‬فتيات تكعبت ثديهن أي نتأت وبرزت‪ .‬والتراب‪ :‬لدات قرينات‪،‬‬
‫مفردها ترب‪ ،‬وفي الصل الجارية التى تلعب مع نظائرها في التراب‪(4) .‬‬
‫المرجل‪ :‬القدر‪ (5) .‬أي يتكبر‪ ،‬والمصدر‪ :‬وهو يسحب أذياله‪ ،‬ويجر‬
‫أطماره‪ (6) .‬النبي والعباس خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 67‬‬

‫وحمزة إلى جانبه‪ ،‬وسيفه مجرد من غمده‪ ،‬وأبو طالب يقدمهم‪ ،‬وحمزة يقول‪ :‬يا‬
‫أهل مكة الزموا الدب‪ ،‬وقللوا الكلم‪ ،‬وانهضوا على القدام‪ ،‬ودعوا الكبر‪،‬‬
‫فإنه قد جاءكم صاحب الزمان )‪ (1‬محمد المختار‪ ،‬من الملك الجبار‪،‬‬
‫المتوج بالنوار‪ ،‬صاحب الهيبة والوقار‪ ،‬قد )‪ (2‬ورد عليكم‪ ،‬فنظرت العرب‬
‫وإذا بالنبي صلى ال عليه واله قد جاء‪ ،‬وهو معتم بعمامة سوداء‪ ،‬تلوح‬
‫ضياء جبينه من تحتها‪ ،‬وعليه قميص عبد المطلب‪ ،‬وبردة الياس‪ ،‬وفي‬
‫رجليه نعلن لجده عبد المطلب‪ ،‬وفي يده قضيب إبراهيم الخليل‪ ،‬متختم‬
‫بخاتم من العقيق الحمر‪ ،‬والناس محدقون به‪ ،‬ينظرون إليه‪ ،‬وقد أحاطت‬
‫به عشيرته‪ ،‬وحمزة يحجبه عن أعين الناظرين‪ ،‬وقد شخصت إليه جميع‬
‫المخلوقات والموجودات بالشارة يسلمون عليه‪ ،‬وقد ذهلت العرب مما‬
‫رأوا منه )‪ ،(3‬وقام كل قاعد منهم على قدميه‪ ،‬وجلس النبي صلى ال‬
‫عليه واله وأعمامه في أعلى موضع ومكان‪ ،‬وهو المكان الذي نحي عنه‬
‫أبو جهل وأصحابه‪ ،‬ولم يبق منهم جالس غير أبو جهل لعنه ال وأخزاه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬إن كان المر لخديجة لتأخذن محمدا )‪ ،(4‬فتقدم إليه حمزة كالسد‪،‬‬
‫وقبض على أطرافه )‪ ،(5‬وقال له‪ :‬قم لسلمت من النوائب‪ ،‬ول نجوت من‬
‫المصائب‪ ،‬فأخذ أبو جهل يده وضربها في قائم )‪ (6‬سيفه‪ ،‬فسبقه حمزة‪،‬‬
‫وقبض على يده حتى نبع الدم من تحت أطفاره‪ ،‬ووكزه الحارث وقال له‪:‬‬
‫ويلك يا ابن هاشم ما أنت عديل من نهض إليك من جملة الناس‪ ،‬ورأيت‬
‫أنك أشرف منهم‪ ،‬لئن لم تقعد لخذ رأسك‪ ،‬فخاف الفتنة وسكت وظن أنه‬
‫زوج خديجة )‪ ،(7‬فلما استقر بالناس الجلوس إذا )‪ ،(8‬بخويلد‬
‫)‪ (1‬راعى الذمار‪ ،‬هذا محمد خ ل‪ (2) .‬فقد خ ل‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬قد أقبل عليكم‪(3) .‬‬
‫وقد ذهلت العقول مما رأوا منه‪ ،‬وخرست اللسن خ ل‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فنزل به الحسد وظهر به الكمد‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬على أطواقه‪ (6) .‬على‬
‫قائم خ ل‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬وخاف أن يكون خديجة قد علمت ما جرى‬
‫عليه‪ ،‬لنه كان ممن يرجوا أن يتزوج بها‪ (8) .‬وإذا خ ل وفي المصدر‪:‬‬
‫وإذا بصرخة قد علت‪ ،‬فنظر الناس إليها وإذا بخويلد‪.‬‬

‫] ‪[ 68‬‬

‫قد أقبل‪ ،‬ودخل على خديجة )‪ (1‬وهي تحت حجابها‪ ،‬وقال‪ :‬يا خديجة أين عقلك ؟‬
‫وأين سوددك ؟ أنا لم أرض لك بالملوك‪ ،‬ورددتهم كبرا عليهم‪ ،‬وترضين‬
‫الن لنفسك بصبي صغير فقير يتيم ليس له مال أبدا‪ ،‬قد كان لك أجيرا‪،‬‬
‫وهذا اليوم يكون لك بعل ؟ ل كان ذلك أبدا‪ ،‬والن إن قبلتيه لعلينك بهذا‬
‫السيف‪ ،‬واليوم ل شك فيه تسفك الدماء‪ ،‬ونهض على قدميه وخرج كأنه‬
‫مجنون حتى وقف على صدر المجلس وقال‪ :‬يا معاشر العرب‪ ،‬ويا ذوي‬
‫المعالي والرتب‪ ،‬اشهدكم على أني لم أرض محمدا لبنتي بعل‪ ،‬ولو دفع لي‬
‫وزن جبل أبي قبيس ذهبا‪ ،‬فما بيني وبينه إل السيوف‪ ،‬فما مثلي من يخدع‬
‫بشرب المدام‪ ،‬ثم قال‪ :‬ولو أنها قالت‪ :‬نعم لعلوتها * بشفرة حد )‪(2‬‬
‫للجماجم فاصل فمن رام تزويج ابنتي بمحمد * وإن رضيت يا قوم لست‬
‫بقابل قال‪ :‬فلما سمع أعمام النبي صلى ال عليه واله كلمه والحاضرون‬
‫قال حمزة لخيه أبي طالب مع إخوته‪ :‬ما بقي للجلوس موضع‪ ،‬قوموا بنا )‬
‫‪ ،(3‬فبينا هم في ذلك إذ أقبلت جارية لخديجة‪ ،‬وأشارت إلى أبي طالب فقام‬
‫معها‪ ،‬ووقف أبو طالب خلف الحجاب‪ ،‬فسلمت عليه خديجة‪ ،‬وقالت‪ :‬نعمت‬
‫صباحا ومساء‪ ،‬يا سيد الحرم‪ ،‬ل تغتر بشقشقة أبي‪ ،‬فإنه ينصلح بشئ‬
‫قليل‪ ،‬ثم أعطته كيسا فيه ألفا دينار‪ ،‬وقالت‪ :‬يا سيدي خذ هذا وسر به إليه‪،‬‬
‫كأنك تعاتبه وصبه في حجره‪ ،‬فإنه يرضى‪ ،‬فسار أبو طالب والناس‬
‫حاضرون‪ ،‬وقال له‪ :‬يا خويلد ادن مني‪ ،‬قال‪ :‬ل أدنو منك أبدا‪ ،‬قال‪ :‬يا‬
‫خويلد إنه كلم تسمعه‪ ،‬فإن لم يرضك فما أحد يقهرك‪ ،‬وفتح )‪ (4‬أبو طالب‬
‫الكيس وصبه في حجر خويلد‪ ،‬وقال له‪ :‬هذه عطية من ابن أخي لك‪ ،‬غير‬
‫مهر ابنتك‪ ،‬فلما رأى خويلد المال انطفت ناره‪ ،‬وأقبل ووقف في‬

‫)‪ (1‬وقد صار معها خلق كثير خ‪ (2) .‬عضب خ ل‪ .‬قلت‪ :‬حد السكين‪ :‬تشحذت ورق‬
‫حدها‪ .‬والحد من السيف‪ :‬مقطعه‪ .‬و العضب‪ :‬السيف القاطع‪ (3) .‬زاد في‬
‫المصدر‪ :‬فما بقى قعود عند ثارات الفتن‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ثم دنا من أبي‬
‫طالب‪ ،‬ففتح‪.‬‬
‫] ‪[ 69‬‬

‫الموقف الول على رؤوس الجمع ونادى بأعلى صوته‪ :‬يا معاشر العرب‪ ،‬وذوي‬
‫المعالي والرتب‪ ،‬فوال ما أظلت الخضراء ول أقلت الغبراء بأفضل من‬
‫محمد‪ ،‬ولقد رضيته لبنتي بعل وكفوا‪ ،‬فكونوا على ذلك من الشاهدين‪ ،‬ثم‬
‫قال العباس وقال‪ :‬يا معاشر العرب لم تنكرون الفضل لهله‪ ،‬هل سقيتم‬
‫الغيث إل بابن أخي ؟ وهل اخضر زرعكم إل به ؟ وكم له عليكم من أياد‬
‫كتمتموها‪ ،‬ولزمتم له الحسد والعناد ؟ وبال اقسم ما فيكم من يعادل‬
‫صيانته ول أمانته‪ ،‬واعلموا أن محمدا صلى ال عليه واله لم يخطب‬
‫خديجة لمالها ول جمالها‪ ،‬إن المال زائل وإلى نفاد‪ ،‬ثم إن خويلدا )‪ (1‬أقبل‬
‫وجلس إلى جانب رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وأمسك الناس عن الكلم‬
‫حتى يسمعوا ما يقول خويلد‪ ،‬فقال خويلد‪ :‬يا أبا طالب ما النتظار عما‬
‫طلبتم ؟ اقضوا المر‪ ،‬فإن الحكم لكم‪ ،‬وأنتم الرؤوساء )‪ (2‬والخطباء‪،‬‬
‫والبلغاء والفصحاء‪ ،‬فليخطب خطيبكم‪ ،‬ويكون العقد لنا ولكم‪ ،‬فنهض أبو‬
‫طالب وأشار إلى الناس أن انصتوا‪ ،‬فأنصتوا فقال‪ " :‬الحمد ل الذي جعلنا‬
‫من نسل إبراهيم الخليل‪ ،‬وأخرجنا من سللة إسماعيل‪ ،‬وفضلنا وشرفنا‬
‫على جميع العرب‪ ،‬وجعلنا في حرمه‪ ،‬وأسبغ علينا من نعمه‪ ،‬وصرف عنا‬
‫شر نقمه )‪ ،(3‬وساق إلينا الرزق من كل فج عميق‪ ،‬ومكان سحيق‪،‬‬
‫والحمد ل على ما أولنا‪ ،‬وله الشكر على ما أعطانا‪ ،‬وما به حبانا وفضلنا‬
‫على النام‪ ،‬وعصمنا عن الحرام‪ ،‬وأمرنا بالمقاربة والوصل‪ ،‬وذلك ليكثر )‬
‫‪ (4‬منا النسل‪ ،‬وبعد فاعلموا يا معاشر من حضر‪ ،‬أن ابن أخينا محمد بن‬
‫عبد ال خاطب كريمتكم الموصوفة بالسخاء والعفة‪ ،‬وهي فتاتكم‬
‫المعروفة‪ ،‬المذكور فضلها‪ ،‬الشامخ )‪ (5‬خطبها‪ ،‬وهو قد خطبها من أبيها‬
‫خويلد على ما يحب من المال "‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اعلموا أن المال يزول‪ ،‬والفخر ل يزول‪ ،‬فل تظهروا الشر‪ ،‬ول‬
‫تطلبوا الفكر‪ ،‬قال‪ :‬وكان قد ألجمهم بلجام واسكتهم من الكلم‪ ،‬قال‪ :‬ثم ان‬
‫خويلد ا‍ه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬يا أبا طالب ما الذي يؤخركم عما انتم له‬
‫طالبون‪ ،‬افصلوا المر‪ ،‬فلكم الحكم وأنتم الحباء‪ ،‬ولبن أخيكم الرضى‬
‫وانتم الرؤساء ا‍ه‪ (3) .‬زاد في المصدر‪ :‬وجعلنا في الباد القفر‪ (4) .‬سقط‬
‫من نسختي النوار من قوله‪ :‬وذلك ليكثر إلى قوله‪ :‬وفي رجليها خلخالن‬
‫من الذهب‪ (5) .‬الشائع خ ل قلت‪ :‬الخطب‪ :‬الشأن‪.‬‬

‫] ‪[ 70‬‬

‫ثم نهض ورقة وكان إلى جانب أخيه خويلد وقال‪ :‬نريد مهرها المعجل دون المؤجل‬
‫أربعمائة ألف )‪ (1‬دينار ذهبا‪ ،‬ومأة )‪ (2‬ناقة سود الحدق‪ ،‬حمر الوبر‪،‬‬
‫وعشر حلل‪ ،‬وثمانية وعشرين عبدا وأمة‪ ،‬وليس ذلك بكثير علينا )‪،(3‬‬
‫قال له أبو طالب‪ :‬رضينا بذلك‪ ،‬فقال خويلد‪ :‬قد رضيت وزوجت خديجة‬
‫بمحمد على ذلك‪ ،‬فقبل النبي صلى ال عليه واله عقد النكاح‪ ،‬فنهض عند‬
‫ذلك حمزة وكان معه دراهم فنثرها على الحاضرين‪ ،‬وكذلك أصحابه‪ ،‬فقام‬
‫أبو جهل لعنه ال وقال‪ :‬يا قوم رأينا الرجال يمهرون النساء أم النساء )‪(4‬‬
‫يمهرون الرجال ؟ فنهض أبو طالب رضي ال عنه‪ ،‬وقال‪ :‬ما لك يا لكع )‬
‫‪ (5‬الرجال‪ ،‬ويا رئيس الرذال ؟ مثل محمد صلى ال عليه واله يحمل إليه‬
‫ويعطى‪ ،‬ومثلك من يهدي ول يقبل منه‪ ،‬ثم سمع الناس مناديا ينادي من‬
‫السماء‪ :‬إن ال تعالى قد زوج بالطاهر الطاهرة‪ ،‬وبالصادق الصادقة‪ ،‬ثم‬
‫رفع الحجاب‪ ،‬وخرجت منه جوار بأيديهن نثار ينثرن على الناس‪ ،‬وأمر‬
‫ال عزوجل جبرئيل أن يرسل على الناس الطيب على البر والفاجر‪ ،‬فكان‬
‫الرجل يقول لصاحبه‪ :‬من أين لك هذا الطيب ؟ فيقول‪ :‬هذا من طيب محمد‪،‬‬
‫ثم نهض الناس إلى منازلهم‪ ،‬ومضى رسول ال صلى ال عليه واله إلى‬
‫منزل عمه أبي طالب رضي ال عنه‪ ،‬وأعمامه حوله‪ ،‬وهو كالقمر‪،‬‬
‫فاجتمعت نسوان قريش ونسوان بني عبد المطلب وبني هاشم في دار‬
‫خديجة‪ ،‬والفتيان )‪ (6‬يضربن الدفوف‪ ،‬وبعثت خديجة من يومها أربعة‬
‫آلف دينار إلى رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وقالت‪ :‬يا سيدي انفذها إلى‬
‫عمك العباس ينفذها إلى أبي‪ ،‬وأرسلت مع المال خلعة سنية‪ ،‬فسار بها‬
‫العباس وأبو طالب إلى منزل خويلد وألبساه الخلعة‪ ،‬فقام خويلد من وقته‬
‫وساعته إلى دار خديجة‪ ،‬وقال‪ :‬يا بنتي ما النتظار بالدخول ؟ جهزي‬
‫نفسك‪ ،‬فهذا مهرك قد أتوا به إلي‪ ،‬وأعطوني هذه الخلعة‪ ،‬وال‬

‫)‪ (1‬أربعة آلف خ ل‪ ،‬ولعله الصحيح كما يأتي بعد ذلك‪ (2) .‬ألف خ ل‪ (3) .‬عليكم‬
‫خ ل‪ (4) .‬وما رأينا النساء خ ل‪ (5) .‬اللكع‪ :‬اللئيم‪ .‬الحمق‪ (6) .‬القينات‬
‫خ ل صح‪ .‬أقول‪ :‬هي جمع القينة‪ :‬المة المغنية‪.‬‬

‫] ‪[ 71‬‬

‫ما تزوج أحد بزوج مثلك‪ ،‬ل في الحسن ول في الجمال‪ ،‬فسمع أبو جهل ذلك فقام‬
‫في الناس يقول‪ :‬هذا المال من عند خديجة‪ ،‬فبلغ الخبر أبا طالب فخرج من‬
‫وقته وساعته متقلدا سيفه‪ ،‬ووقف في البطح والعرب مجتمعون‪ ،‬وقال‪ :‬يا‬
‫معاشر العرب سمعنا قول قائل وعيب عائب‪ ،‬فإن كانت النساء قد أقمن‬
‫بواجب حقنا فليس ذلك بعيب‪ ،‬وحق لمحمد أن يعطى ويهدى إليه‪ ،‬فهذا‬
‫جرى منها على رغم أنف من تكلم‪ ،‬وتكلم )‪ (1‬بعض قريش من المبغضين‬
‫بالزراء على خديجة حيث تزوجها محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬وبلغ الخبر‬
‫إلى خديجة فصنعت طعاما ودعت نساء المبغضين‪ ،‬فلما اجتمعن وأكلن‬
‫قالت لهن‪ :‬معاشر النساء بلغني أن بعولتكن عابوا علي فيما فعلته من أني‬
‫تزوجت محمدا‪ ،‬وأنا أسألكم هل فيكم مثله‪ ،‬أو في بطن مكة شكله من‬
‫جماله )‪ (2‬وكماله وفضله وأخلقه الرضية ؟ وأنا قد أخذته لجل ما قد‬
‫رأيت منه‪ ،‬وسمعت منه أشياء ما أحد رآها‪ ،‬فل يتكلم أحد فيما ل يعنيه )‬
‫‪ ،(3‬فكف كل منهن )‪ (4‬عن الكلم‪ .‬ثم إن خديجة قالت لعمها ورقة‪ :‬خذ‬
‫هذه الموال وسر بها إلى محمد صلى ال عليه واله وقل له‪ :‬إن هذه‬
‫جميعها هدية له‪ ،‬وهي ملكه يتصرف فيها كيف شاء‪ ،‬وقل له‪ :‬إن مالي‬
‫وعبيدي وجميع ما أملك وما هو تحت يدي فقد وهبته لمحمد صلى ال‬
‫عليه واله إجلل وإعظاما له‪ ،‬فوقف ورقة بين زمزم والمقام ونادى بأعلى‬
‫صوته‪ :‬يا معاشر العرب إن خديجة تشهدكم على أنها قد وهبت نفسها‬
‫ومالها وعبيدها وخدمها وجميع ما ملكت يمينها والمواشي والصداق‬
‫والهدايا لمحمد صلى ال عليه واله‪ ،‬وجميع ما بذل لها مقبول منه‪ ،‬وهو‬
‫هدية منها إليه إجلل له وإعظاما ورغبة فيه‪ ،‬فكونوا عليها من الشاهدين‪،‬‬
‫ثم سار ورقة إلى منزل أبي طالب رضي ال عنه‪ ،‬وكانت خديجة قد بعثت‬
‫جارية ومعها خلعة سنية‪ ،‬وقالت‪ :‬ادخليها إلى محمد صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫فإذا دخل عليه عمي ورقة يخلعها عليه ليزداد فيه حبا‪ ،‬فلما دخل ورقة‬
‫عليهم قدم المال إليهم‪،‬‬

‫)‪ (1‬وتكلمت بعض نساء قريش خ ل‪ (2) .‬في جماله خ ل‪ (3) .‬من عنى المر فلنا‪:‬‬
‫شغله وأهمه‪ (4) .‬منهم خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 72‬‬

‫وقال‪ :‬الذي قالته خديجة‪ ،‬فقام النبي صلى ال عليه واله وأفرغ عليه الخلعة‪ ،‬وزاده‬
‫خلعة اخرى‪ ،‬فلما خرج ورقة تعجب الناس من حسنه وجماله‪ ،‬ثم أخذت‬
‫خديجة في جهازها‪ ،‬واعتدت صوافي )‪ (1‬الذهب والفضة‪ ،‬وفيها الطيب‬
‫والمسك والعنبر‪ ،‬فلما كانت الليلة الثالثة دخل عليها عمات النبي صلى ال‬
‫عليه واله واجتمع السادات والكابر في اليوم الثالث كعادتهم‪ ،‬ونهض‬
‫العباس وهو يقول‪ :‬أبشروا بالمواهب آل )‪ (2‬فهر وغالب ! * افخروا يا آل‬
‫قومنا بالثناء )‪ (3‬والرغائب شاع في الناس فضلكم وعلى )‪ (4‬في المراتب‬
‫* قد فخرتم بأحمد زين كل الطايب فهو كالبدر نوره مشرق )‪ (5‬غير‬
‫غائب * قد ظفرتي خديجة بجليل المواهب بفتى هاشم الذي ماله من‬
‫مناسب * جمع ال شملكم فهو رب المطالب أحمد سيد الورى خير ماش‬
‫وراكب * فعليه الصلة ما سار عيس )‪ (6‬براكب ثم إن خديجة قالت‪:‬‬
‫اعلموا أن شأن محمد صلى ال عليه واله عظيم‪ ،‬وفضله عميم‪ ،‬وجوده‬
‫جسيم‪ ،‬ثم نثرت عليهن )‪ (7‬من المال والطيب ما دهش الحاضرين‪ ،‬وشجر‬
‫طوبى تنثر في الجنة على الحور العين‪ ،‬فجعلن يلتقطن النثار‪ ،‬ثم يتهادينه‪،‬‬
‫ثم إن خديجة أنفذت إلى أبي طالب غنما كثيرا ودنانير ودراهم وثيابا‬
‫وطيبا‪ ،‬وعمل أبو طالب وليمة عظيمة‪ ،‬ووقف النبي صلى ال عليه واله‬
‫وشد وسطه‪ ،‬وألزم نفسه خدمة جميع الناس‪ ،‬وأقام لهل مكة الوليمة ثلثة‬
‫أيام‪ ،‬وأعمام النبي صلى ال عليه واله تحته في الخدمة‪ ،‬وأنفذت خديجة‬
‫إلى الطائف وغيره‪ ،‬ودعت أهل الصنايع إلى منزلها‪ ،‬وصاغت المصاغ‬
‫والحلي‪ ،‬وفصلت الثياب‪ ،‬وعملت الشمع بالعنبر‬

‫)‪ (1‬صواني خ ل‪ (2) .‬يا آل خ ل‪ (3) .‬بالسناء خ ل‪ (4) .‬عل خ ل‪ (5) .‬طالع خ ل‪.‬‬
‫)‪ (6‬العيس‪ :‬البل البيض يخالط بياضها سواد خفيف‪ .‬كرام البل‪(7) .‬‬
‫عليهم خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 73‬‬

‫على هيئة الشجار )‪ ،(1‬وأجرت عليه الذهب‪ ،‬وعملت فيه التماثيل من المسك‬
‫والعنبر‪ ،‬ولم تزل تعمل في شغل العرس ستة أشهر حتى فرغت من جميع‬
‫ما تحتاج إليه‪ ،‬وعلقت ستور الديباج المطرز )‪ ،(2‬ونقشت فيها صورة‬
‫الشمس والقمر‪ ،‬وفرشت المجالس‪ ،‬ووضعت المساند والوسائد من الديباج‬
‫والخز‪ ،‬وفرشت لرسول ال صلى ال عليه واله مجلسا على سرير تحت‬
‫البريسم والوشي )‪ ،(3‬والسرير من العاج والبنوس‪ ،‬مصفح بصفائح‬
‫الذهب الوهاج )‪ ،(4‬وألبست جواريها وخدمها ثياب الحرير والديباج‬
‫المختلفات اللوان‪ ،‬ونظمت شعورهن باللؤلؤ والمرجان‪ ،‬وسورتهن )‪،(5‬‬
‫ووضعت في أعناقهن قلئد الذهب‪ ،‬وأوقفت الخدم )‪ (6‬بأيديهن المجامر‬
‫من الذهب‪ ،‬وفيها الطيب والعنبر والبخور من العود والند )‪ ،(7‬و جعلت‬
‫في يد كل واحدة من الخدم مراوح منقوشة بالذهب‪ ،‬مقصبة )‪ (8‬بالفضة‪،‬‬
‫وأوقفتهن عند مجلس رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬ودفعت إلى بعضهن‬
‫الدفوف والشموع‪ ،‬ونصبت في وسط الدار شمعا كثيرا على أمثال النخيل‪،‬‬
‫فلما فرغت من ذلك دعت نسوان أهل مكة جميعهن فأقبلن إليها‪ ،‬ورفعت‬
‫مجلس عمات النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬ثم أرسلت إلى أبي طالب ليحضر‬
‫وقت الزفاف‪ ،‬فلما كان تلك الليلة أقبل النبي صلى ال عليه واله بين‬
‫أعمامه‪ ،‬وعليه ثياب من قباطي )‪ (9‬مصر‪ ،‬و عمامة حمراء‪ ،‬وعبيد بني‬
‫هاشم بأيديهم الشموع والمصابيح‪ ،‬وقد كثر الناس في شعاب مكة ينظرون‬
‫إلى محمد صلى ال عليه وآله‪ ،‬ومنهم من وقف على السرادقات والنور‬
‫يخرج من بين ثناياه )‪(10‬‬
‫)‪ (1‬الشجر خ ل‪ (2) .‬المسطر خ ل‪ (3) .‬الوشى‪ :‬الثياب المنقشة‪ (4) .‬الوهاج‪:‬‬
‫شديد الوهج‪ .‬والوهج‪ :‬اتقاد النار أو الشمس‪ (5) .‬أي ألبستهن السوار‪.‬‬
‫والسوار‪ :‬حلية كالطوق تلبسها المرأة في زندها أو معصمها‪ (6) .‬الخدام‬
‫خ ل‪ (7) .‬المسك خ ل‪ .‬أقول‪ :‬الند‪ :‬عود يتبخر به‪ (8) .‬مقضبة خ ل‬
‫مفصصة خ ل‪ (9) .‬القباطي بتشديد الياء وتخفيفها جمع القبطية بضم‬
‫القاف وكسرها‪ :‬ثياب من كتان منسوبة إلى القبط‪ (10) .‬ثيابه خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 74‬‬

‫ومن جبينه ومن تحت ثيابه‪ ،‬فلما وصلوا إلى دار خديجة دخل هو صلوات ال عليه‬
‫وآله وهو كأنه القمر في تمامه‪ ،‬قد خرج من الفق‪ ،‬وأعمامه محدقون به‬
‫كأنهم اسود الشرى )‪ ،(1‬في أحسن زينة وفرحة‪ ،‬يكبرون ال ويحمدونه‬
‫على ما وصلوا إليه من الكرامة‪ ،‬فدخلوا جميعا إلى دارها‪ ،‬وجلس النبي‬
‫صلى ال عليه واله في المجلس الذي هيئ له في دار خديجة رضي ال‬
‫عنها‪ ،‬ونوره قد عل نور المصابيح‪ ،‬فذهلت النساء مما رأين من حسنه‬
‫وجماله‪ ،‬ثم هيئوا خديجة للجلء )‪ ،(2‬فخرجت أول مرة وعليها ثياب‬
‫معمدة )‪ ،(3‬وعلى رأسها تاج من الذهب الحمر‪ ،‬مرصع بالدر والجوهر‪،‬‬
‫وفي رجليها خلخالن من الذهب‪ ،‬منقوش بالفيروزج‪ ،‬لم تر العين له‬
‫نظيرا‪ ،‬وعليه قلئد ل تحصى من الزمرد والياقوت‪ ،‬فلما برزت ضربن‬
‫النساء الدفوف‪ .‬وجعلت بعض النساء تقول‪ :‬شعرا‪ :‬أضحى الفخار لنا وعز‬
‫الشأن * ولقد فخرنا يا بني العدنان )‪ (4‬أخديجة نلت العل )‪ (5‬بين الورى‬
‫* وفخرت فيه جملة الثقلن أعني محمدا الذي ل مثله * ولد النساء في‬
‫سائر الزمان فيه )‪ (6‬المكارم والمعالي والحيا * ما ناحت الطيار في‬
‫الغصان صلوا عليه وسلموا وترحموا * فهو المفضل من بني عدنان‬
‫فتطاولي فيه خديجة ! واعلمي * أن قد خصصت بصفوة الرحمان ثم أقبلن‬
‫بها نساء بني هاشم للجلوة الثانية على رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫وقد أشرق من نور وجهها نور عل على جميع المصابيح والشموع‪،‬‬
‫فتعجبت منها بنات عبد المطلب حتى زاد فيها نور لم يرى الراؤون مثله‪،‬‬
‫وذلك فضل لرسول ال صلى ال عليه واله وعطية من ال تعالى لها‪،‬‬

‫)‪ (1‬الشرى‪ :‬مأسدة جانب الفرات يضرب بها المثل‪ (2) .‬من جل العروس على‬
‫زوجه‪ :‬عرضها عليه مجلوة‪ (3) .‬مغمدة خ ل‪ (4) .‬ولقد سمونا في بنى‬
‫عدنان خ ل صح‪ (5) .‬بيت العل فينا ونعلو في الورى * وتقاصرت عن‬
‫مجدك الثقلن خ ل‪ (6) .‬فله خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 75‬‬
‫وأقبلوا بها‪ ،‬وقد فاقت على جميع من حضر‪ ،‬وعليها سقلط أبيض )‪ (1‬مذهب‪،‬‬
‫مرصع بالجوهر الحمر والخضر والصفر‪ ،‬ومن كل اللوان‪ ،‬وكانت‬
‫خديجة امرأة طويلة شامخة عريضة من النساء بيضاء لم ير في عصرها‬
‫ألطف منها‪ ،‬ول أحسن‪ ،‬وخرجت بين يديها صفية بنت عبد المطلب رضي‬
‫ال عنها‪ ،‬وقالت شعرا‪ :‬جاء السرور مع الفرح * ومضى النحوس مع‬
‫الترح أنوارنا قد أقبلت * والحال فيها قد نجح بمحمد المذكور في * كل‬
‫المفاوز والبطح لو أن يوازن أحمد * بالخلق كلهم رجح ولقد بدا من فضله‬
‫* لقريش أمر قد وضح ثم السعود لحمد * والسعد عنه ما برح بخديجة‬
‫نبت الكمال )‪ * (2‬وبحر نايلها طفح يا حسنها في حليها * والحلم منها ما‬
‫برح )‪ (3‬هذ النبي )‪ (4‬محمد * ما في مدائحه كلح )‪ (5‬صلوا عليه تسعدوا‬
‫* وال عنكم قد صفح ثم أقبلن بها رضي ال عنها حتى أوقفوها بين يدي‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬ثم بعد ذلك أخذوا التاج ورفعوه من رأسها‪،‬‬
‫ووضعوه على رأس النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬ثم أتوا بالدفوف وهن‬
‫يضربن لها‪ ،‬وقلن لها‪ :‬يا خديجة لقد خصصت هذه الليلة بشئ ما خص به‬
‫غيرك‪ ،‬ول ناله سواك من قبائل العرب والعجم‪ ،‬فهنيئا لك بما اوتيته‪،‬‬
‫ووصل إليك من العز والشرف‪ ،‬وخرجت في الجلوة الثالثة‪ ،‬وعليها ثوب )‬
‫‪ (6‬أصفر‪ ،‬وعليها حلي وجوهر‪ ،‬وقد أضاء الموضع‬

‫)‪ (1‬أسود خ ل‪ (2) .‬خص الكريم خ ل‪ (3) .‬متضح خ ل‪ (4) .‬المين خ ل‪(5) .‬‬
‫الكلح‪ :‬العبوس والقبح‪ (6) .‬في ثوب خ ل وهو الموجود في المصدر‪.‬‬

‫] ‪[ 76‬‬

‫من لمعان ذلك الجوهر الذي في وسط الكليل‪ ،‬وفي آخر الكليل ياقوتة حمراء‬
‫تضئ‪ ،‬وقد أشرقت الدار من ذلك الجوهر )‪ (1‬ومن نورها وحسنها‪،‬‬
‫وأقبلت بين يديها صفية بنت عبد المطلب رضي ال عنها‪ ،‬وهي تقول‪:‬‬
‫شعرا‪ :‬أخذ الشوق موثقات الفؤاد * وألقت السهاد )‪ (2‬بعد الرقاد فليالي‬
‫اللقا بنور التداني * مشرقات خلف طول البعاد فزت بالفخر يا خديجة إذ‬
‫نلت * من المصطفى عظيم الوداد فغدا )‪ (3‬شكره على الناس فرضا *‬
‫شامل كل حاضر ثم بادي كبر الناس والملئك جمعا * جبرئيل لدى السماء‬
‫ينادي فزت يا أحمد بكل الماني * فنحى ال عنك أهل العناد فعليك الصلة‬
‫ما سرت )‪ (4‬العيس * وحطت لثقلها في البلد قال‪ :‬ثم بعد ذلك أجلسوها‬
‫مع النبي صلى ال عليه واله وخرج جميع الناس عنها‪ ،‬وبقي عندها في‬
‫أحسن حال‪ ،‬وأرخى بال‪ ،‬ولم يأخذ عليها أحدا من النساء حتى ماتت بعد ما‬
‫بعث صلوات ال عليه وآله‪ ،‬وآمنت به‪ ،‬وصدقته وانتقلت إلى جنات عدن‬
‫في أعلى عليين من قصور الجنة )‪ .(5‬أقول‪ :‬وفي بعض النسخ بعد‬
‫البيات‪ :‬وخل رسول ال صلى ال عليه واله مع عروسه‪ ،‬وأوحى ال إلى‬
‫جبرئيل‪ :‬أن اهبط إلى الجنة‪ ،‬وخذ قبضة من مسكها‪ ،‬وقبضة من عنبرها‪،‬‬
‫وقبضة من كافورها‪ ،‬وانثرها على جبال مكة‪ ،‬ففعل فامتلت شعاب مكة‬
‫وأوديتها ومنازلها وطرقها‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من الجواهر ومن لونها ومن نورها وحسنها وجمالها‪ .‬أقول‪:‬‬
‫ومن نورها أي من نور خديجة رضى ال عنها‪ (2) .‬في النسخ‬
‫المطبوعة‪ :‬وألفت السهار‪ ،‬والسهاد والسهار قريب في المعنى‪ .‬يقال‪:‬‬
‫سهد أي ذهب عنه النوم‪ .‬وسهر أي لم ينم ليل‪ (3) .‬أي فصار‪(4) .‬‬
‫سارت خ ل‪ (5) .‬النوار ومفتاح السرور والفكار‪ :‬نسخة مخطوطة‬
‫موجودة في مكتبتي‪ ،‬فيها زيادات أوردت بعضها في الذيل‪.‬‬

‫] ‪[ 77‬‬

‫من ذلك الطيب‪ ،‬حتى أن الرجل يقول إذا خل مع زوجته‪ :‬ما هذا الطيب ؟ فتقول‪:‬‬
‫هذا من طيب خديجة ومحمد صلى ال عليه واله‪ .‬توضيح‪ :‬المزمم‪ :‬هو‬
‫الذي شد عليه الزمام‪ ،‬وهو الذي يقاد به البعير‪ .‬والعقيان من الذهب‪:‬‬
‫الخالص‪ .‬والرقال‪ :‬ضرب من العدو‪ ،‬وفي بعض النسخ بالفاء من قولهم‪:‬‬
‫فلن يرفل في مشيته‪ ،‬أي يتبختر‪ .‬والغضاء‪ :‬إدناء الجفون‪ .‬وباح بسره‪:‬‬
‫أظهره‪ .‬والجوى‪ :‬الحرقة‪ ،‬وشدة الوجد من عشق أو حزن‪ .‬والصبوة‪:‬‬
‫الميل إلى الجهل‪ .‬والمراس بالكسر‪ :‬الشدة والقوة‪ .‬ويقال‪ :‬لفت وجهه أي‬
‫صرفه‪ .‬والصبابة‪ :‬رقة الشوق وحرارته‪ .‬ولوعة الحب‪ :‬حرقته‪ .‬والكمد‬
‫بالتحريك‪ :‬الحزن المكتوم‪ .‬والحجفة‪ :‬الترس‪ .‬والوغد‪ :‬الرجل الذي يخدم‬
‫بطعام بطنه‪ .‬والنذل‪ :‬الخسيس والثلب‪ :‬التصريح بالعيب والتنقص‪.‬‬
‫والتغمغم‪ :‬الكلم ل يبين‪ .‬وأغرم بالشئ‪ :‬أولع به‪ .‬وخطر الرجل في مشيته‪:‬‬
‫رفع يديه ووضعهما‪ .‬وجفل‪ :‬أسرع‪ .‬والجافل‪ :‬المنزعج‪ .‬والغزالة‪ :‬الشمس‪.‬‬
‫والتيار )‪ :(1‬الموج‪ ،‬ويقال‪ :‬قطع عرقا تيارا‪ ،‬أي سريعة الجري‪ ،‬واعتكر‬
‫الليل‪ ،‬وأعكر‪ :‬اشتد سواده‪ .‬والهيف بالتحريك‪ :‬ضمر البطن والخاصرة‪.‬‬
‫وفرس هيفاء‪ :‬ضامرة‪ .‬والسحيق‪ :‬البعيد‪ .‬والسقلط‪ :‬شئ من صوف تلقيه‬
‫المرأة على هودجها‪ ،‬أو ثياب ككتان موشية‪ ،‬وكان وشيه خاتم‪ .‬والعيس‬
‫بالكسر‪ :‬البل البيض يخالط بياضها شئ من الشقرة‪ .‬أقول‪ :‬إنما أوردت‬
‫تلك الحكاية لشتمالها على بعض المعجزات والغرائب‪ ،‬وإن لم نثق بجميع‬
‫ما اشتملت عليه‪ ،‬لعدم العتماد على سندها )‪ ،(2‬كما أومأنا إليه‪ ،‬وإن كان‬
‫مؤلفه من الفاضل والماثل‪ - 20 .‬د‪ :‬في الدر‪ :‬إن فاطمة عليها السلم‬
‫ولدت بعد ما أظهر ال نبوة أبيها صلى ال عليه واله‬
‫)‪ (1‬في المطبوع‪ :‬كشداد‪ (2) .‬جل روايات الواردة فيها مرسلت لم يعلم مأخذها‪،‬‬
‫وهي بقصص العامة أشبه‪ ،‬وأما المؤلف فقد عرفت قبل الشك في كونه‬
‫من مشايخ الشهيد بل هو متقدم عليه وعلى ابن تيمية المتوفى سنة‬
‫‪ ،728‬وعلى أي فالرجل مجهول ل نعرف شيئا من حاله غير ما قدمناه‬
‫في اول الحكاية‪.‬‬

‫] ‪[ 78‬‬

‫بخمس سنين‪ ،‬وقريش تبني البيت )‪ ،(1‬وروي أنها ولدت عليها السلم في جميدى‬
‫الخرة يوم العشرين منه‪ ،‬سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ .‬في المناقب روي أن فاطمة عليها السلم ولدت بمكة بعد‬
‫المبعث بخمس سنين‪ ،‬وبعد السرى بثلث سنين في العشرين من جميدى‬
‫الخرة‪ ،‬وولدت الحسن عليه السلم ولها اثنتا عشرة سنة‪ ،‬وقيل‪ :‬إحدى‬
‫عشرة سنة بعد الهجرة )‪ ،(2‬وكان بين ولدتها الحسن وبين حملها‬
‫بالحسين عليه السلم خمسون يوما‪ .‬وروي أنها ولدت خمس سنين قبل‬
‫ظهور الرسالة )‪ ،(3‬ونزول الوحي‪ ،‬وقيل‪ :‬بينا النبي صلى ال عليه واله‬
‫جالس بالبطح ومعه عمار بن ياسر‪ ،‬والمنذر بن الضحضاح‪ ،‬وأبو بكر‪،‬‬
‫وعمر‪ ،‬وعلي بن أبي طالب‪ ،‬والعباس بن عبد المطلب‪ ،‬وحمزة بن عبد‬
‫المطلب‪ ،‬إذ هبط عليه جبرئيل عليه السلم في صورته العظمى‪ ،‬قد نشر‬
‫أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب‪ ،‬فناداه‪ :‬يا محمد العلي العلى‬
‫يقرء عليك السلم‪ ،‬وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحا‪ ،‬فشق‬
‫ذلك على النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬وكان لها محبا وبها وامقا )‪ ،(4‬قال‪:‬‬
‫فأقام النبي صلى ال عليه وآله أربعين يوما‪ ،‬يصوم النهار‪ ،‬ويقوم الليل‪،‬‬
‫حتى إذا كان في آخر أيامه تلك بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر وقال قل‬
‫لها‪ :‬يا خديجة ل تظني أن انقطاعي عنك ول قلي )‪ ،(5‬ولكن ربي عزوجل‬
‫أمرني بذلك لتنفذ أمره‪ ،‬فل تظني يا خديجة إل خيرا‪ ،‬فإن ال عزوجل‬
‫ليباهي بك كرام ملئكته كل يوم مرارا‪ ،‬فإذا جنك الليل فأجيفي )‪ (6‬الباب‪،‬‬
‫وخذي مضجعك من فراشك‪ ،‬فإني في منزل فاطمة بنت أسد‪ ،‬فجعلت‬
‫خديجة تحزن في‬

‫)‪ (1‬قد عرفت سابقا ان بناء البيت كان قبل مبعثه صلى ال عليه وآله‪ .‬نعم ذكر ذلك‬
‫ايضا ابن الخشاب في كتابه‪ (2) .‬أي وقيل‪ :‬ولدت الحسن بعد الهجرة‪،‬‬
‫ولها إحدى عشرة سنة‪ (3) .‬ذلك قول العامة‪ ،‬وسيأتي الخلف في وللتها‬
‫وبيان أقوى القوال في باب ولدتها في المجلد العاشر على ترتيب‬
‫المصنف‪ (4) .‬الوامق‪ :‬المحب‪ (5) .‬هجرة ول قلى خ ل‪ ،‬أقول‪ :‬أي ول‬
‫غضب‪ (6) .‬قال الجوهري‪ :‬أجفت الباب‪ :‬رددته‪ .‬منه رحمه ال‪.‬‬
‫] ‪[ 79‬‬

‫كل يوم مرارا لفقد رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فلما كان في كمال الربعين هبط‬
‫جبرئيل عليه السلم فقال‪ :‬يا محمد العلي العلى يقرئك السلم‪ ،‬وهو‬
‫يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬يا جبرئيل‬
‫وما تحفة رب العالمين ؟ وما تحيته ؟ قال‪ :‬ل علم لي‪ ،‬قال‪ :‬فبينا النبي‬
‫صلى ال عليه واله كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس‪،‬‬
‫أو قال‪ :‬إستبرق‪ ،‬فوضعه بين يدي النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬وأقبل‬
‫جبرئيل عليه السلم وقال‪ :‬يا محمد يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك‬
‫على هذا الطعام‪ ،‬فقال علي بن أبي طالب عليه السلم‪ :‬كان النبي صلى ال‬
‫عليه واله إذ أراد أن يفطر أمرني أن افتح الباب لمن يرد إلى الفطار‪ ،‬فلما‬
‫كان في تلك الليلة أقعدني النبي صلى ال عليه واله على باب المنزل‪،‬‬
‫وقال‪ :‬يا بن أبي طالب إنه طعام محرم إل علي‪ ،‬قال علي عليه السلم‪:‬‬
‫فجلست على الباب وخل النبي صلى ال عليه واله بالطعام‪ ،‬وكشف الطبق‪،‬‬
‫فإذا عذق )‪ (1‬من رطب‪ ،‬وعنقود من عنب‪ ،‬فأكل النبي صلى ال عليه واله‬
‫منه شبعا‪ ،‬وشرب من الماء ريا‪ ،‬ومد يده للغسل فأفاض الماء عليه‬
‫جبرئيل‪ ،‬وغسل يده ميكائيل‪ ،‬وتمند له إسرافيل‪ ،‬وارتفع فاضل الطعام مع‬
‫الناء إلى السماء‪ ،‬ثم قام النبي صلى ال عليه واله ليصلي فأقبل عليه‬
‫جبرئيل‪ ،‬وقال‪ :‬الصلة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة‬
‫فتواقعها‪ ،‬فإن ال عزوجل آلى )‪ (2‬على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه‬
‫الليلة ذرية طيبة‪ ،‬فوثب رسول ال صلى ال عليه واله إلى منزل خديجة‪،‬‬
‫قالت خديجة رضوان ال عليها‪ :‬وكنت قد ألفت الوحدة‪ ،‬فكان إذا جنتني‬
‫الليل غطيت رأسي‪ ،‬وأسجفت )‪ (3‬ستري‪ ،‬وغلقت بأبي‪ ،‬وصليت وردي )‬
‫‪ ،(4‬واطفأت مصباحي‪ ،‬وآويت إلى فراشي‪ ،‬فلما كان في تلك الليلة لم أكن‬
‫بالنائمة ول بالمنتبهة إذ جاء النبي صلى ال عليه وآله فقرع الباب‪،‬‬
‫فناديت‪ :‬من هذا الذي يقرع حلقة ل يقرعها إل محمد صلى ال عليه واله ؟‬
‫قالت خديجة‪ :‬فنادى النبي صلى ال عليه واله بعذوبة كلمه وحلوة‬
‫منطقه‪ :‬افتحي يا خديجة فإني محمد‪ ،‬قالت خديجة‪ :‬فقمت فرحة مستبشرة‬
‫بالنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬وفتحت الباب‪ ،‬ودخل‬

‫)‪ (1‬العذق بالكسر‪ :‬عنقود العنب والرطب‪ ،‬يقال بالفارسية‪ " :‬خوشه "‪ (2) .‬أي‬
‫حلف‪ (3) .‬قال الجوهري‪ :‬اسجفت الستر‪ :‬أرسلته‪ .‬منه‪ (4) .‬الورد‪:‬‬
‫الصلة‪ ،‬أو الجزء من القرآن يقوم به النسان كل ليلة‪.‬‬

‫] ‪[ 80‬‬
‫النبي المنزل‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله إذا دخل المنزل دعا بالناء فتطهر للصلة‪،‬‬
‫ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيهما‪ ،‬ثم يأوي إلى فراشه‪ ،‬فلما كان في تلك‬
‫الليلة لم يدع بالناء‪ ،‬ولم يتأهب بالصلة )‪ (1‬غير أنه أخذ بعضدي‪،‬‬
‫وأقعدني على فراشه‪ ،‬وداعبني ومازحني‪ ،‬و كان بيني وبينه ما يكون بين‬
‫المرأة وبعلها‪ ،‬فل والذي سمك السماء وأنبع الماء ما تباعد عني النبي‬
‫صلى ال عليه واله حتى حسست بثقل فاطمة في بطني‪ .‬وفيه عن المفضل‬
‫بن عمر قال‪ :‬قلت لبي عبد ال بن جعفر بن محمد عليهما السلم‪ :‬كيف‬
‫كانت ولدة فاطمة عليها السلم ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إن خديجة عليها رضوان ال‬
‫لما تزوج بها رسول ال صلى ال عليه واله هجرتها نسوة مكة‪ ،‬فكن ل‬
‫يدخلن عليها ول يسلمن عليها ول يتركن امرأة تدخل عليها‪ ،‬فاستوحشت‬
‫خديجة من ذلك‪ ،‬فلما حملت بفاطمة عليها السلم صارت تحدثها في بطنها‬
‫وتصبرها‪ ،‬وكانت خديجة تكتم ذلك عن رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫فدخل يوما وسمع خديجة تحدث فاطمة‪ ،‬فقال لها‪ :‬يا خديجة من يحدثك ؟‬
‫قالت‪ :‬الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني‪ ،‬فقال لها‪ :‬هذا جبرئيل‬
‫يبشرني أنها انثى‪ ،‬وأنها النسمة الطاهرة الميمونة‪ ،‬وأن ال تبارك وتعالى‬
‫سيجعل نسلي منها‪ ،‬وسيجعل من نسلها أئمة في المة‪ ،‬يجعلهم خلفاءه في‬
‫أرضه بعد انقضاء وحيه‪ ،‬فلم تزل خديجة رضي ال عنها على ذلك إلى أن‬
‫حضرت ولدتها‪ ،‬فوجهت إلى نساء قريش ونساء بني هاشم يجئن ويلين‬
‫منها ما تلي النساء من النساء‪ ،‬فأرسلن إليها عصيتينا ولم تقبلي قولنا‪،‬‬
‫وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا ل مال له‪ ،‬فلسنا نجئ ول نلي من‬
‫أمرك شيئا‪ ،‬فاغتمت خديجة لذلك‪ ،‬فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة‬
‫طوال كأنهن من نساء بني هاشم‪ ،‬ففزعت منهن‪ ،‬فقالت لها إحداهن‪ :‬ل‬
‫تحزني يا خديجة‪ ،‬فإنا رسل ربك إليك‪ ،‬ونحن أخواتك‪ :‬أنا سارة‪ ،‬وهذه‬
‫آسية بنت مزاحم‪ ،‬وهي رفيقتك في الجنة‪ ،‬وهذه مريم بنت عمران‪ ،‬وهذه‬
‫صفراء )‪ (2‬بنت شعيب‪ ،‬بعثنا ال تعالى إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء‬
‫من النساء‪ ،‬فجلست واحدة عن يمينها‪ ،‬والخرى عن يسارها‪ ،‬والثالثة من‬
‫بين يديها‪ ،‬والرابعة من خلفها‪ ،‬فوضعت خديجة فاطمة عليها السلم‬
‫طاهرة مطهرة‪ ،‬فلما سقطت إلى‬

‫)‪ (1‬للصلة خ ل‪ (2) .‬تقدم في باب أحوال موسى عليه السلم الخلف في اسمها‬
‫وانها الصفوراء أو الصفراء‪.‬‬

‫] ‪[ 81‬‬

‫الرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة‪ ،‬ولم يبق في شرق الرض ول‬
‫غربها موضع إل أشرق فيه ذلك النور‪ ،‬فتناولتها المرأة التي كانت بين‬
‫يديها فغسلتها بماء الكوثر‪ ،‬وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من‬
‫اللبن‪ ،‬وأطيب رائحة من المسك والعنبر‪ ،‬فلفتها بواحدة‪ ،‬وقنعتها بالخرى‪،‬‬
‫ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلم بشهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن‬
‫أبي رسول ال صلى ال عليه واله سيد النبياء‪ ،‬وأن بعلي سيد الوصياء‪،‬‬
‫وأن ولدي سيد السباط‪ ،‬ثم سلمت عليهن‪ ،‬وسمت كل واحدة منهن‬
‫باسمها‪ ،‬وضحكن إليها وتباشرت )‪ (1‬الحور العين‪ ،‬وبشر أهل الجنة‬
‫بعضهم بعضا بولدة فاطمة عليها السلم‪ ،‬وحدث في السماء نور زاهر لم‬
‫تره الملئكة قبل ذلك اليوم‪ ،‬فلذلك سميت الزهراء عليها السلم‪ ،‬و قالت‪:‬‬
‫خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة‪ ،‬بورك فيها وفي نسلها‪،‬‬
‫فتناولتها خديجة عليها السلم فرحة مستبشرة‪ ،‬فألقمتها ثديها‪ ،‬فشربت‬
‫فدر عليها‪ ،‬وكانت عليها السلم تنمي في كل يوم كما ينمي الصبي في‬
‫شهر‪ ،‬وفي شهر كما ينمي الصبي في سنة‪ ،‬صلى ال عليها وعلى أبيها‬
‫وبعلها وبنيها )‪ .(2‬كتاب الدر النظيم مثل ما مر من الروايات كلها )‪.(3‬‬
‫أقول‪ :‬سيأتي أحوال فاطمة صلوات ال عليها وولدتها في المجلد العاشر‪،‬‬
‫وأحوال سائر أولد خديجة رضي ال عنها في باب أحوال أولد النبي صلى‬
‫ال عليه واله‪.‬‬

‫)‪ (1‬وتباشرن خ ل‪ (2) .‬العدد‪ :‬مخطوط‪ ،‬ليست نسخته موجودة عندي‪ (3) .‬الدر‬
‫النظيم‪ :‬ليست نسخته موجودة عندي‪.‬‬

‫] ‪[ 82‬‬

‫* )باب ‪) * * (6‬أسمائه صلى ال عليه وآله وعللها‪ ،‬ومعنى كونه صلى ال عليه‬
‫و * )آله اميا وانه كان عالما بكل لسان‪ ،‬وذكر خواتيمه ونقوشها( * *‬
‫)وأثوابه وسلحه‪ ،‬ودوابه وغيرها مما يتعلق( * * )به صلى ال عليه‬
‫وآله( * اليات‪ :‬العراف " ‪ :" 7‬الذين يتبعون الرسول النبي المي ‪.157‬‬
‫وقال‪ :‬فآمنوا بال ورسوله النبي المي ‪ .158‬التوبة " ‪ :" 9‬لقد جاءكم‬
‫رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف‬
‫رحيم ‪ .128‬هود " ‪ :" 11‬إنني لكم منه نذير وبشير ‪ .2‬العنكبوت " ‪29‬‬
‫"‪ :‬وما كنت تتلو من قبله من كتاب ول تخطه بيمينك إذا لرتاب المبطلون‬
‫‪ .48‬الحزاب " ‪ :" 33‬يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا‬
‫وداعيا إلى ال بإذنه وسراجا منيرا ‪ 45‬و ‪ .46‬الفتح " ‪ :" 48‬محمد‬
‫رسول ال ‪ .29‬المزمل " ‪ :" 73‬يا أيها المزمل * قم الليل إل قليل ‪ 1‬و ‪.2‬‬
‫المدثر " ‪ :" 74‬يا أيها المدثر * قم فأنذر ‪ 1‬و ‪ * .2‬تفسير‪ :‬قال الطبرسي‬
‫رحمه ال المي ذكر في معناه أقوال‪:‬‬
‫وها هنا ايات اخرى لم يذكره المصنف‪ ،‬منها في سورة آل عمران ‪ " :143‬وما‬
‫محمد ال رسول "‪ .‬وفي سورة الحزاب ‪ " :40‬ما كان محمد أبا أحد من‬
‫رجالكم "‪ .‬وفي سورة محمد ‪ " :2‬وآمنوا بما نزل على محمد "‪ .‬وفي‬
‫سورة الصف ‪ " :6‬ومبشروا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد "‪ .‬بل‬
‫مقتضى ما يذكر من الروايات وتأويلها أن يذكر آيات اخرى كقوله تعالى‪:‬‬
‫" طه " و " حم " و " يس " و " النجم " و " الشمس وضحيها " و‬
‫" التين والزيتون " و " ذكرا رسول " و " ن والقلم " و " عبد ال "‬
‫وغير ذلك مما سيمر بك‪.‬‬

‫] ‪[ 83‬‬

‫أحدها الذي ل يكتب ول يقرء‪ .‬وثانيها‪ :‬أنه منسوب إلى المة‪ ،‬والمعنى أنه على‬
‫جبلة المة قبل استفادة الكتابة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن المراد بالمة العرب لنها لم تكن‬
‫تحسن الكتابة‪ .‬وثالثها‪ :‬أنه منسوب إلى الم‪ ،‬والمعنى أنه على ما ولدته‬
‫امه قبل تعلم الكتابة‪ .‬ورابعها‪ :‬أنه منسوب إلى ام القرى وهو مكة‪ ،‬وهو‬
‫المروي عن أبي جعفر عليه السلم )‪ .(1‬وفي قوله‪ " :‬ما عنتم "‪ :‬شديد‬
‫عليه عنتكم‪ ،‬أي ما يلحقكم من الضرر بترك اليمان )‪ .(2‬وفي قوله تعالى‪:‬‬
‫" إذا لرتاب المبطلون "‪ :‬أي ولو كنت تقرء كتابا أو تكتبه لوجد‬
‫المبطلون طريقا إلى الشك في أمرك )‪ ،(3‬ولقالوا‪ :‬إنما يقرء علينا ما‬
‫جمعه من كتب الولين‪ ،‬قال السيد المرتضى قدس ال روحه‪ :‬هذه الية‬
‫تدل على أن النبي صلى ال عليه واله ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة‪،‬‬
‫فأما بعدها فالذي نعتقده في ذلك التجويز لكونه عالما بالقرائة والكتابة‪،‬‬
‫والتجويز لكونه غير عالم بهما من غير قطع على أحد المرين‪ ،‬وظاهر‬
‫الية يقتضي أن النفي قد تعلق بما قبل النبوة دون ما بعدها‪ ،‬ولن التعليل‬
‫في الية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة‪ ،‬لن المبطلين إنما‬
‫يرتابون في نبوته صلى ال عليه واله لو كان يحسن الكتابة قبل النبوة‪،‬‬
‫فأما بعد النبوة فل تعلق له بالريبة والتهمة‪ ،‬فيجوز أن‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .487 :4‬مجمع البيان ‪ (3) .86 :5‬في المصدر بعد ذلك‪:‬‬
‫وإلقاء الريبة لضعفة الناس في نبوتك‪ ،‬ولقالوا‪ :‬إنما تقرأ علينا ما جمعته‬
‫من كتب الولين‪ ،‬فلما ساويتهم في المولد والمنشأ ثم أتيت بما عجزوا‬
‫عنه وجب أن يعلموا أنه من عند ال تعالى‪ ،‬وليس من عندك‪ ،‬إذ لم تجر‬
‫العادة أن ينشأ النسان بين قوم يشاهدون أحواله من صغره إلى كبره‬
‫ويرونه في حضره وسفره ل يتعلم شيئا من غيره ثم يأتي من عنده بشئ‬
‫يعجز الكل عنه وعن بعضه‪ ،‬ويقرأ عليهم أقاصيص الولين‪ .‬قال الشريف‬
‫الجل المرتضى قدس ال روحه ا‍ه‪.‬‬
‫] ‪[ 84‬‬

‫يكون قد تعلمها من جبرئيل عليه السلم بعد النبوة )‪ .(1‬وقال البيضاوي‪ " :‬المزمل‬
‫" أصله المتزمل‪ ،‬من تزمل بثيابه‪ :‬إذا تلفف بها‪ ،‬سمي به النبي صلى ال‬
‫عليه واله تهجينا لما كان عليه‪ ،‬لنه كان نائما أو مرتعدا مما دهشه بدء‬
‫الوحي‪ ،‬متزمل في قطيفة‪ ،‬أو تحسينا له‪ ،‬إذ روي أنه صلى ال عليه واله‬
‫كان يصلي متلففا ببقية مرط )‪ (2‬مفروش على عائشة‪ ،‬فنزل أو تشبيها له‬
‫في تثاقله بالمتزمل‪ ،‬لنه لم يتمرن بعد في قيام الليل‪ ،‬أو من تزمل الزمل‪:‬‬
‫إذا تحمل الحمل‪ ،‬أي الذي تحمل أعباء )‪ (3‬النبوة )‪ .(4‬وقال‪ " :‬المدثر "‬
‫المتدثر‪ ،‬وهو لبس الدثار )‪ ،(5‬وسيأتي بيانه في باب المبعث‪ - 1 .‬في‪:‬‬
‫بإسناده )‪ (6‬عن سليم بن قيس الهللي قال‪ :‬لما أقبلنا من صفين مع أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم نزل قريبا من دير نصراني‪ ،‬إذ خرج علينا شيخ من‬
‫الدير جميل الوجه‪ ،‬حسن الهيئة والسمت )‪ ،(7‬معه كتاب أتى أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم فسلم عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬إني من نسل حواري عيسى بن‬
‫مريم‪ ،‬وكان أفضل حواري عيسى بن مريم الثنى عشر وأحبهم إليه‬
‫وآثرهم عنده‪ ،‬وإن عيسى أوصى إليه ودفع إليه كتبه وعلمه وحكمته‪،‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .287 :8‬المرط‪ :‬كل ثوب غير مخيط‪ .‬كساء من صوف‬
‫ونحوه يؤتزر به‪ (3) .‬العباء جمع العبء‪ :‬الثقل والحمل‪ (4) .‬أنوار‬
‫التنزيل ‪ (5) .557 :2‬أنوار التنزل ‪ (6) .560 :2‬والسناد هكذا‪ :‬أحمد بن‬
‫محمد بن سعيد بن عقده ومحمد بن همام بن سهيل وعبد العزيز و عبد‬
‫الواحد ابنا عبد ال بن يونس‪ ،‬عن رجالهم‪ ،‬عن عبد الرزاق بن همام‪،‬‬
‫عن معمر بن راشد‪ ،‬عن أبان بن أبي عياش‪ ،‬عن سليم بن قيس‪ .‬وأخبرنا‬
‫به من غير هذه الطرق هارون بن محمد قال‪ :‬حدثنى أحمد بن عبيد )عبد‬
‫خ( ال بن جعفر بن المعلى الهمداني قال‪ :‬حدثنى أبو الحسن عمرو بن‬
‫جامع ابن عمرو بن حرب الكندى قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن المبارك شيخ لنا‬
‫كوفى ثقة قال‪ :‬حدثنا عبد الرزاق ابن همام‪ .‬عن معمر‪ ،‬عن أبان بن أبى‬
‫عياش‪ ،‬عن سليم بن قيس‪ (7) .‬السمت‪ :‬هيئة أهل الخير‪.‬‬

‫] ‪[ 85‬‬

‫فلم تزل )‪ (1‬أهل هذا البيت على دينه متمسكين عليه )‪ (2‬لم يكفروا ولم يرتدوا ولم‬
‫يغيروا‪ ،‬وتلك الكتب عندي إملء عيسى بن مريم عليه السلم‪ ،‬وخط أبينا‬
‫بيده‪ ،‬فيها كل شئ يفعل الناس من بعده‪ ،‬واسم ملك ملك )‪ ،(3‬وإن ال‬
‫يبعث رجل من العرب من ولد إبراهيم خليل ال عليه السلم من أرض يقال‬
‫لها‪ :‬تهامة‪ ،‬من قرية يقال لها مكة ‪ -‬وساق الحديث إلى أن قال ‪ :-‬اسمه‬
‫محمد‪ ،‬وعبد ال‪ ،‬ويس‪ ،‬والفتاح‪ ،‬والخاتم‪ ،‬والحاشر‪ ،‬والعاقب‪ ،‬و الماحي‪،‬‬
‫والقائد‪ ،‬ونبي ال‪ ،‬وصفي ال‪ ،‬وجنب ال )‪ ،(4‬وإنه يذكر إذا ذكر‪ ،‬أكرم )‬
‫‪ (5‬خلق ال على ال‪ :‬وأحبهم إلى ال‪ ،‬لم يخلق ال ملكا مقربا )‪ (6‬ول نبيا‬
‫مرسل من آدم عليه السلم فمن سواه خيرا عند ال‪ ،‬ول أحب إلى ال منه‪،‬‬
‫يقعده يوم القيامة على عرشه‪ ،‬ويشفعه )‪ (7‬في كل من يشفع فيه باسمه‬
‫جرى القلم في اللوح المحفوظ‪ ،‬محمد رسول ال الخبر )‪ - 2 .(8‬فس‪ :‬أبي‪،‬‬
‫عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن علي )‪ ،(9‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫وأبي جعفر عليهما السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا‬
‫صلى قام على أصابع رجليه حتي تورمت‪ ،‬فأنزل ال تعالى‪ " :‬طه " وهى‬
‫بلغة طي يا محمد " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " )‪ - 3 .(10‬كا‪ :‬حميد‬
‫بن زياد‪ ،‬عن الحسن بن محمد بن سماعة‪ ،‬عن وهيب بن حفص‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير عن أبي جعفر عليه السلم ‪ -‬وساق الحديث إلى أن قال‪ - :‬وكان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يقوم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فلم يزل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بملته خ صح‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬واسم‬
‫ملك ملك منهم‪ (4) .‬حبيب ال خ ل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬من أكرم‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬مكرما‪ (7) .‬أي يقبل شفاعته‪ (8) .‬غيبة النعماني‪ 35 :‬و ‪) .36‬‬
‫‪ (9‬أي على بن أبي حمزة‪ (10) .‬تفسير القمى‪ 417 :‬و ‪(*) .418‬‬

‫] ‪[ 86‬‬

‫على أطراف أصابع رجليه‪ ،‬فأنزل ال سبحانه‪ " :‬طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى‬
‫" )‪ - 4 .(1‬مع‪ :‬محمد بن هارون الزنجاني )‪ ،(2‬عن المعاذ بن المثنى‪،‬‬
‫عن عبد ال بن أسماء‪ ،‬عن جويرية‪ :‬عن سفيان بن سعيد )‪ ،(3‬عن‬
‫الصادق عليه السلم في خبر طويل سيأتي في كتاب القرآن قال‪ :‬وأما "‬
‫طه " فاسم من أسماء النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬ومعناه يا طالب الحق‬
‫الهادي إليه‪ ،‬وأما " يس " فاسم من أسماء النبي صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫معناه يا أيها السامع لوحيي " والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على‬
‫صراط المستقيم " )‪ - 5 .(4‬م‪ :‬وبجاه ذريته الطيبة الطاهرة من آل طه‬
‫ويس )‪ - 6 .(5‬فس‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ " :‬يس " اسم رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬والدليل عليه قوله‪ " :‬إنك لمن المرسلين * على‬
‫صراط مستقيم " قال‪ :‬على الطريق الواضح " تنزيل العزيز الرحيم "‬
‫قال‪ :‬القرآن " لتنذر قوما ما انذر آباؤهم " إلى قوله‪ " :‬على أكثرهم "‬
‫يعني نزل )‪ (6‬به العذاب " فهم ل يؤمنون " )‪ - 7 .(7‬فر‪ :‬بإسناده عن‬
‫سليمان بن قيس العامري )‪ (8‬قال‪ :‬سمعت عليا عليه السلم يقول‪ :‬رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله يس ونحن آله )‪ - 8 .(9‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن صفوان رفعه إلى أبي جعفر وأبي عبد ال‬
‫عليهما السلم قال‪ :‬هذا محمد أذن لهم في التسمية به‪ ،‬فمن أذن لهم في‬
‫يس يعني‬

‫)‪ (1‬الصول ‪ (2) .95 :2‬في المعاني‪ :‬حدثنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني‬
‫فيما كتب إلى على يدى على بن أحمد البغدادي الوراق قال‪ :‬حدثنا معاذ‬
‫بن المثنى العنبري‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬الثوري‪ (4) .‬معاني الخبار‪) .11 :‬‬
‫‪ (5‬تفسير العسكري‪ (6) .‬من نزل خ ل‪ (7) .‬تفسير القمى‪ (8) .548 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬فرات قال‪ :‬حدثنا أحمد بن الحسن معنعنا عن سليم بن قيس‬
‫العامري‪ (9) .‬تفسير فرات‪.131 :‬‬

‫] ‪[ 87‬‬

‫التسمية وهو اسم النبي صلى ال عليه واله )‪ - 9 .(1‬ن‪ :‬عن الريان بن الصلت )‬
‫‪ ،(2‬عن الرضا عليه السلم في حديث طويل في الفرق بين العترة والمة‪،‬‬
‫وساق الحديث إلى أن قال عليه السلم‪ :‬أخبروني عن قول ال عزوجل‪" :‬‬
‫يس والقرآن الحكيم " فمن عنى بقوله‪ " :‬يس " ؟ قالت العلماء‪ " :‬يس‬
‫" محمد صلى ال عليه واله لم يشك فيه أحد‪ ،‬قال أبو الحسن عليه السلم‪:‬‬
‫فإن ال عزوجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضل ل يبلغ أحد كنه‬
‫وصفه إل من عقله‪ ،‬وذلك أن ال عزوجل لم يسلم على أحد إل على‬
‫النبياء عليهم السلم فقال تعالى‪ " :‬سلم على نوح في العالمين " وقال‪:‬‬
‫" سلم على إبراهيم " وقال‪ " :‬سلم على موسى وهارون " ولم يقل‪:‬‬
‫سلم على آل نوح‪ ،‬ولم يقل‪ :‬سلم على آل إبراهيم‪ ،‬ول قال )‪ :(3‬سلم‬
‫على آل موسى وهارون‪ ،‬وقال‪ " :‬سلم على آل يس "‪ :‬يعني آل محمد‪،‬‬
‫وساق الحديث إلى أن قال‪ :‬في قوله تعالى‪ " :‬قد أنزل ال إليكم ذكرا‬
‫رسول " فالذكر رسول ال ونحن أهله )‪ .(4‬أقول‪ :‬سيأتي بتمامه في كتاب‬
‫المامة‪ - 10 .‬فس‪ " :‬سلم علي آل يس " قال‪ :‬يس محمد‪ ،‬وآل محمد‬
‫الئمة )‪ - 11 .(5‬مع‪ :‬الطالقاني‪ ،‬عن الجلودي‪ ،‬عن محمد بن سهل‪ ،‬عن‬
‫الخضر بن أبي فاطمة‪ ،‬عن وهب بن نافع‪ ،‬عن كادح‪ ،‬عن الصادق عليه‬
‫السلم‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم السلم في قوله عزوجل‪ " :‬سلم على‬
‫آل يس " قال‪ " :‬يس " محمد‪ ،‬ونحن آل يس )‪ 12 .(6‬كا‪ :‬أحمد بن‬
‫مهران‪ ،‬وعلي بن إبراهيم جميعا عن محمد بن علي‪ ،‬عن الحسن ابن‬
‫راشد‪ ،‬عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم‪ ،‬عن أبي الحسن موسى عليه‬
‫السلم في حديث طويل‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .87 :2‬لم يذكر المصنف اسناد الحديث اختصارا وهو هكذا‪:‬‬
‫حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور‬
‫رضي ال عنهما قال‪ :‬حدثنا محمد بن عبد ال بن جعفر الحميري عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن الريان بن الصلت‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ولم يقل‪ (4) .‬عيون أخبار‬
‫الرضا‪ 131 :‬و ‪ (5) .132‬تفسير القمى‪ 559 :‬و ‪ (6) .560‬معاني‬
‫الخبار‪.41 :‬‬

‫] ‪[ 88‬‬

‫سأله نصراني عن قوله تعالى‪ " :‬حم والكتاب المبين " إلى قوله‪ " :‬منذرين " ما‬
‫تفسيرها في الباطن ؟ فقال‪ :‬أما " حم " فهو محمد‪ ،‬وهو في كتاب هود‬
‫الذي انزل عليه‪ ،‬وهو منقوص الحروف‪ ،‬وأما " الكتاب المبين " فهو‬
‫أمير المؤمنين علي عليه السلم الخبر )‪ - 13 .(1‬فس‪ " :‬والنجم إذا هوى‬
‫" قال‪ :‬النجم رسول ال صلى ال عليه واله‪ " ،‬إذا هوى " لما اسري به‬
‫إلى السماء‪ ،‬وهو في الهواء‪ ،‬هذا رد على من أنكر المعراج‪ ،‬وهو قسم‬
‫برسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وهو فضل له على النبياء )‪ .(2‬بيان‪:‬‬
‫هوى جاء بمعنى هبط‪ ،‬وبمعنى سعد‪ ،‬والمراد في الخبر الثاني‪ - 14 .‬فس‪:‬‬
‫" والنجم والشجر يسجدان " قال‪ :‬النجم رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫وقد سماه ال في غير موضع‪ ،‬فقال‪ " :‬والنجم إذا هوى " وقال‪" :‬‬
‫وعلمات وبالنجم هم يهتدون " فالعلمات الوصياء‪ ،‬والنجم رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬قلت‪ " :‬يسجدان " قال‪ :‬يعبدان‪ ،‬قوله‪ " :‬والسماء‬
‫رفعها ووضع الميزان " قال‪ " :‬السماء " رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫رفعه ال إليه و " الميزان " أمير المؤمنين عليه السلم نصبه لخلقه‪،‬‬
‫قلت‪ " :‬أل تطغوا في الميزان " قال‪ :‬ل تعصوا المام‪ ،‬قلت‪ " :‬وأقيموا‬
‫الوزن بالقسط " قال‪ :‬أقيموا المام العدل )‪ ،(3‬قلت‪ " :‬ول تخسروا‬
‫الميزان " قال‪ :‬ل تبخسوا المام حقه ول تظلموه )‪ - 15 .(4‬كا‪ :‬علي بن‬
‫محمد‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن علي بن حمران‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪،‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قول ال عزوجل‪ " :‬والنجم إذا‬
‫هوى " قال‪ :‬اقسم بقبض محمد إذا قبض الخبر )‪ - 16 .(5‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫سليمان الديلمي‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته‬
‫عن قول ال‪ " :‬والشمس وضحيها " قال‪ " :‬الشمس " رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬أوضح ال به‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .479 :1‬تفسير القمي‪ 650 :‬و ‪ (3) .651‬والعدل خ ل وفي‬
‫المصدر‪ :‬بالعدل‪ (4) .‬تفسير القمي‪ (5) .658 :‬الروضة‪ 379 :‬و ‪.380‬‬
‫أقول‪ :‬الحديث طويل‪ ،‬وفيه‪ :‬علي بن حماد‪ ،‬وهو الصحيح والرجل على‬
‫بن حماد المنقرى الكوفي راجع جامع الروات ‪.577 :1‬‬
‫] ‪[ 89‬‬

‫للناس دينهم‪ ،‬قلت‪ " :‬والقمر إذا تليها " قال‪ :‬ذاك أمير المؤمنين عليه السلم )‪.(1‬‬
‫‪ - 17‬فر‪ :‬بإسناده )‪ (2‬عن عكرمة وسئل عن قول ال‪ " :‬والشمس‬
‫وضحيها * والمقر إذا تليها " قال‪ " :‬الشمس وضحيها " هو محمد )‪(3‬‬
‫صلى ال عليه واله " والقمر إذا تليها " أمير المؤمنين عليه السلم )‪(4‬‬
‫" والنهار إذا جليها " آل محمد‪ ،‬وهما الحسن والحسين )‪ " (5‬والليل إذا‬
‫يغشيها " بنو امية‪ ،‬وقال ابن عباس هكذا‪ ،‬وقال أبو جعفر عليه السلم‬
‫هكذا‪ ،‬وقال الحارث العور للحسين بن علي عليه السلم‪ :‬يا ابن رسول‬
‫ال أخبرني عن قول ال في كتابه المبين‪ " :‬والشمس وضحيها " قال‪:‬‬
‫ويحك يا حارث ذلك محمد رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬قلت‪ :‬قوله‪" :‬‬
‫والقمر إذا تليها " قال‪ :‬ذلك أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلم‬
‫يتلو محمدا صلى ال عليه واله الخبر )‪ - 18 .(6‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن‬
‫محمد بن سليمان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬سألته عن‬
‫قول ال عزوجل‪ " :‬والشمس وضحيها " قال‪ " :‬الشمس " رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله أوضح ال عزوجل به للناس دينهم‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪" :‬‬
‫والقمر إذا تليها " قال‪ :‬ذاك أمير المؤمنين عليه السلم‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي‪ (2) .726 :‬والسناد هكذا‪ ،‬فرات قال‪ :‬حدثنى زيد بن محمد بن‬
‫جعفر التمار معنعنا عن عكرمة‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬محمد رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬هم آل محمد صلى ال عليه وآله الحسن‬
‫والحسين عليهما السلم أقول‪ :‬إلى هنا تم في المصدر حديث عكرمة‪،‬‬
‫وأما ما بعد ذلك فهو موجود في رواية اخرى وهي هكذا‪ :‬فرات قال‪:‬‬
‫حدثني الحسين بن سعيد معنعنا عن ابن عباس في قول ال تعالى‪" :‬‬
‫والشمس وضحاها " قال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وآله " والقمر إذا‬
‫تلها " أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم " والنهار إذا‬
‫جلها " الحسن والحسين عليهما السلم‪ " ،‬والليل إذا يغشاها " بنو‬
‫امية‪ ،‬ثم ذكر حديثا آخر مثله وفيه زيادة باسناده عن عبد ال بن زيد‪،‬‬
‫عن ابن زيد معنعنا عن ابن عباس‪ .‬وأما رواية أبي جعفر عليه السلم‬
‫والحارث فالموجود في المصدر أنهما واحد هكذا‪ :‬فرات قال‪ :‬حدثني على‬
‫بن محمد بن عمر الزهري معنعنا عن أبي جعفر قال‪ :‬قال الحارث العور‬
‫للحسين بن علي عليه السلم‪ :‬يابن رسول ال جعلت فداك أخبرني عن‬
‫قول ال في كتابه‪ " :‬والشمس وضحاها " ثم ذكر مثل حديث الحارث‪،‬‬
‫فعلى ذلك إما نسخة المصنف كانت ناقصة‪ ،‬أو أراد المصنف الختصار‬
‫فوقع ما ترى‪ (6) .‬تفسير فرات الكوفي‪.212 :‬‬
‫] ‪[ 90‬‬

‫تل رسول ال صلى ال عليه واله ونفثه بالعلم نفثا الخبر )‪ - 19 .(1‬فس‪" :‬‬
‫والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد المين " قال‪ " :‬التين " رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله " والزيتون " أمير المؤمنين عليه السلم "‬
‫وطور سينين " الحسن والحسين " وهذا البلد المين " الئمة عليهم‬
‫السلم الخبر )‪ - 20 .(2‬فس‪ " :‬قد أنزل ال إليكم ذكرا رسول " قال‪" :‬‬
‫الذكر " اسم رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬ونحن أهل الذكر )‪- 21 .(3‬‬
‫ن‪ :‬في حديث طويل عن الرضا عليه السلم في مناظرته عليه السلم مع‬
‫أصحاب المقالت قال عليه السلم لرأس الجالوت‪ :‬في النجيل مكتوب‪ :‬ابن‬
‫)‪ (4‬البرة ذاهب‪ ،‬والبار قليطا جاء من بعده‪ ،‬وهو يخفف الصار )‪،(5‬‬
‫ويفسر لكم كل شئ‪ ،‬ويشهد لي كما شهدت له‪ ،‬أنا جئتكم بالمثال وهو‬
‫يأتيكم بالتأويل‪ ،‬أتؤمن بهذا في النجيل ؟ قال‪ :‬نعم ل انكره الخبر )‪22 .(6‬‬
‫‪ -‬ن‪ :‬في أسئلة الشامي سأل أمير المؤمنين عليه السلم عن ستة من‬
‫النبياء لهم اسمان‪ ،‬فقال‪ :‬يوشع بن نون‪ ،‬وهو ذو الكفل‪ ،‬ويعقوب بن‬
‫إسحاق عليه السلم‪ ،‬وهو إسرائيل‪ ،‬والخضر عليه السلم‪ ،‬وهو حلقيا )‬
‫‪ ،(7‬ويونس عليه السلم‪ ،‬وهو ذو النون‪ ،‬وعيسى عليه السلم‪ ،‬وهو‬
‫المسيح‪ ،‬ومحمد صلى ال عليه واله‪ ،‬وهو أحمد صلوات ال عليهم )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬الروضة‪ .50 :‬قوله‪ :‬نفثه أي ألقى في قلبه أو ألهمه‪ .‬وأخرج الحديث فرات‬
‫الكوفي في تفسيره أيضا ص ‪ (2) .213‬تفسير القمي‪ (3) .830 :‬تفسير‬
‫القمي‪ (4) .686 :‬في المصدر‪ :‬ان ابن البرة‪ (5) .‬جمع الصر بتثليث‬
‫الهمزة‪ :‬الثقل‪ .‬الذنب‪ .‬العهد‪ (6) .‬عيون اخبار الرضا‪ 93 :‬و ‪،94‬‬
‫والحديث طويل وقد أخرجه المصنف مسندا في كتاب الحتجاجات راجع‬
‫ج ‪ 10‬ص ‪ ،310 - 299‬والقطعة في ‪ (7) .308‬في نسخة من المصدر‪:‬‬
‫حليقا‪ .‬وفيما تقدم من كتاب الحتجاجات‪ :‬تاليا‪ .‬جعليا خ ل‪ (8) .‬عيون‬
‫أخبار الرضا‪ ،136 :‬والحديث طويل أخرجه المصنف مسندا في كتاب‬
‫الحتجاجات ‪ 82 - 75 :10‬والقطعة في ‪(*) .80‬‬

‫] ‪[ 91‬‬

‫‪ - 23‬مع‪ :‬محمد بن عمرو البصري‪ ،‬عن عبد ال بن علي الكرخي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عبد ال عن أبيه‪ ،‬عن عبد الرزاق‪ ،‬عن معمر‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن أنس قال‪:‬‬
‫صلى رسول ال صلى ال عليه واله صلة الفجر‪ ،‬فلما انفتل )‪ (1‬من‬
‫صلته أقبل علينا بوجهه الكريم على ال عزوجل‪ ،‬ثم قال معاشر الناس !‬
‫من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر‪ ،‬ومن افتقد القمر فليتمسك بالزهرة‪،‬‬
‫ومن افتقد الزهرة فليتمسك بالفرقدين‪ ،‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬أنا الشمس‪ ،‬وعلي عليه السلم القمر‪ ،‬وفاطمة الزهرة‪ ،‬والحسن‬
‫والحسين الفرقدان )‪ - 24 .(2‬شى‪ :‬محمد بن الفضيل‪ ،‬عن أبي الحسن‬
‫عليه السلم في قول ال‪ " :‬وعلمات وبالنجم هم يهتدون " قال‪ :‬نحن‬
‫العلمات‪ ،‬والنجم رسول ال صلى ال عليه واله )‪ - 25 .(3‬ما‪ :‬المفيد‪،‬‬
‫عن ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪،‬‬
‫عن منصور بزرج )‪ ،(4‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في‬
‫قول ال عزوجل‪ " :‬وعلمات وبالنجم هم يهتدون " قال‪ :‬النجم رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬والعلمات الئمة من بعده عليه وعليهم السلم )‪.(5‬‬
‫‪ - 26‬ما‪ :‬أحمد بن محمد بن الصلت‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن سعيد‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عيسى بن هارون الضرير‪ ،‬عن محمد بن زكريا المكي‪ ،‬عن كثير‬
‫بن طارق‪ ،‬من ولد قنبر‪ ،‬عن زيد بن علي‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه واله )‪ (6‬لعلي عليه السلم‪ :‬يا علي خذ هذا‬
‫الخاتم‬

‫)‪ (1‬انفتل من صلته‪ :‬انصرف عنها‪ (2) .‬معاني الخبار‪ 39 :‬وفي ذيله‪ ،‬وكتاب ال‬
‫ل يفترقان حتى يردا على الحوض‪ .‬وذكر شيخنا الصدوق فيه بأسانيده‬
‫عن جابر بن عبد ال وأنس بن مالك نحوه‪ (3) .‬تفسير العياشي‪:‬‬
‫مخطوط‪ (4) .‬بزرج معرب بزرك‪ ،‬والرجل هو منصور بن يونس بزرج‬
‫أبويحيى القرشى مولهم كوفى ثقة‪ (5) .‬المالي‪ (6) .102 :‬في المصدر‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثنى زيد بن علي في جهار سوخ كندة بالكوفة ان أباه حدثه عن‬
‫أبيه عن ابن عباس قال‪ :‬أعطى رسول ال صلى ال عليه وآله عليا عليه‬
‫السلم فقال‪ :‬يا علي أعط هذا الخاتم النقاش لينقش عليه ا‍ه‪ .‬أقول‪ :‬سقط‬
‫مفعول قوله‪ :‬أعطى وهو " خاتما "‪.‬‬

‫] ‪[ 92‬‬

‫وانقش عليه محمد بن عبد ال‪ ،‬فأخذه أمير المؤمنين عليه السلم فأعطاه النقاش‪،‬‬
‫وقال له‪ :‬انقش عليه محمد بن عبد ال‪ ،‬فنقش النقاش‪ ،‬فأخطأت )‪ (1‬يده‬
‫فنقش عليه محمد رسول ال‪ ،‬فجاء أمير المؤمنين عليه السلم فقال‪ :‬ما‬
‫فعل الخاتم ؟ فقال‪ :‬هوذا‪ ،‬فأخذه ونظر إلى نقشه فقال‪ :‬ما أمرتك بهذا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫صدقت ولكن يدي أخطات‪ ،‬فجاء به إلى رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا رسول ال ما نقش النقاش ما أمرت به‪ ،‬ذكر أن يده أخطأت‪ ،‬فأخذ‬
‫)‪ (2‬النبي صلى ال عليه واله ونظر إليه فقال‪ :‬يا علي أنا محمد بن عبد‬
‫ال‪ ،‬وأنا محمد رسول ال‪ ،‬وتختم به‪ ،‬فلما أصبح النبي صلى ال عليه‬
‫واله نظر إلى خاتمه‪ ،‬فإذا تحته منقوش " علي ولي ال " فتعجب من ذلك‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فجاء جبرئيل فقال‪ :‬يا جبرئيل كان كذا وكذا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا محمد كتبت ما أردت‪ ،‬وكتبنا ما أردنا )‪ - 27 .(3‬ع‪ ،‬ل‪ ،‬مع‪ :‬محمد‬
‫بن علي بن الشاه‪ ،‬عن محمد بن جعفر بن أحمد البغدادي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن السخت‪ ،‬عن محمد بن السود الوراق‪ ،‬عن أيوب بن سليمان‪ ،‬عن‬
‫أبي البختري‪ ،‬عن محمد بن حميد‪ ،‬عن محمد بن المنكدر‪ ،‬عن جابر بن‬
‫عبد ال قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أنا أشبه الناس بآدم عليه‬
‫السلم‪ ،‬وإبراهيم عليه السلم أشبه الناس بي خلفه و خلقه‪ ،‬وسماني ال‬
‫من فوق عرشه عشرة أسماء‪ ،‬وبين ال وصفي‪ ،‬وبشرني على لسان كل‬
‫رسول بعثه إلى قومه‪ ،‬وسماني ونشر في التوراة اسمي‪ ،‬وبث ذكري في‬
‫أهل التوارة والنجيل‪ ،‬وعلمني كلمه )‪ ،(4‬ورفعني في سمائه‪ ،‬وشق لي‬
‫اسمي )‪ (5‬من أسمائه‪ ،‬فسماني محمدا وهو محمود‪ ،‬وأخرجني في خير‬
‫قرن من امتي‪ ،‬وجعل اسمي في التوراة أحيد‪ ،‬فبالتوحيد حرم أجساد امتي‬
‫على النار‪ ،‬وسماني في النجيل أحمد‪ ،‬فأنا محمود في أهل السماء‪ ،‬وجعل‬
‫امتي الحامدين‪ ،‬وجعل اسمي في الزبور ماح )‪ ،(6‬محا ال عزوجل بي‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وأخطأت‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فأخذه‪ (3) .‬المجالس والخبار‪ 79 :‬و‬
‫‪ (4) .80‬في المصدر‪ ،‬كتابه‪ (5) .‬في طبعة أمين الضرب‪ :‬اسما ‪ -‬ظ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وهو الموجود في المصدر‪ (6) .‬ماحى خ ل‪ .‬وهو الموجود في‬
‫العلل‪ ،‬وفيه‪ :‬يمحى ال‪.‬‬

‫] ‪[ 93‬‬

‫من الرض عبادة الوثان‪ ،‬وجعل اسمي في القرآن محمدا‪ ،‬فأنا محمود في جميع )‬
‫‪ (1‬القيامة في فصل القضاء‪ ،‬ل يشفع أحد غيري‪ ،‬وسماني في القيامة‬
‫حاشرا‪ ،‬يحشر الناس على قدمي وسماني الموقف‪ ،‬اوقف الناس بين يدي‬
‫ال جل جلله‪ ،‬وسماني العاقب‪ ،‬أنا عقب النبيين‪ ،‬ليس بعدي رسول‪،‬‬
‫وجعلني رسول الرحمة‪ ،‬ورسول التوبة‪ ،‬ورسول الملحم والمقفي )‪،(2‬‬
‫قفيت النبيين جماعة‪ ،‬وأنا القيم الكامل الجامع‪ ،‬ومن علي ربي وقال لي‪ :‬يا‬
‫محمد صلى ال عليك فقد أرسلت كل رسول إلى امته بلسانها‪ ،‬وأرسلتك‬
‫إلى كل أحمر وأسود من خلقي‪ ،‬و نصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحدا‪،‬‬
‫وأحللت لك الغنيمة ولم تحل لحد قبلك‪ ،‬و أعطيتك ولمتك كنزا من كنوز‬
‫عرشي‪ :‬فاتحة الكتاب‪ ،‬وخاتمة سورة البقرة‪ ،‬و جعلت لك ولمتك الرض‬
‫كلها مسجدا‪ ،‬وترابها طهورا‪ ،‬وأعطيت لك ولمتك التكبير‪ ،‬وقرنت ذكرك‬
‫بذكري حتى ل يذكرني أحد من امتك إل ذكرك مع ذكري‪ ،‬فطوبى لك يا‬
‫محمد ولمتك )‪ .(3‬توضيح‪ :‬قال شارح الشفاء للقاضي عياض‪ :‬احيد بضم‬
‫الهمزة‪ ،‬وفتح المهملة‪ ،‬وسكون التحتية‪ ،‬فدال مهملة‪ ،‬وقيل‪ :‬بفتح الهمزة‪،‬‬
‫وسكون المهملة‪ ،‬وفتح التحتية‪ ،‬قال‪ :‬سميت أحيد لني احيد بامتي عن نار‬
‫جهنم‪ ،‬أي أعدل بهم انتهى )‪ .(4‬وأما أحمد في اللغة فأفعل مبالغة من صفة‬
‫الحمد‪ ،‬ومحمد مفعل مبالغة من كثرة الحمد‪ ،‬فهو صلى ال عليه واله أجل‬
‫من حمد‪ ،‬وأفضل من حمد‪ ،‬وأكثر الناس حمدا‪ ،‬فهو أحمد المحمودين‬
‫الحامدين‪ ،‬فأحمد إما مبالغة من الفاعل‪ ،‬أو من مفعول‪ .‬قوله صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬يحشر الناس على قدمي‪ ،‬كنايه عن أنه أول من يحشر من الخلق‪ ،‬ثم‬
‫يحشر الناس بعده‪ ،‬وقيل‪ :‬أي في زمانه وعهده‪ ،‬ول نبي بعده‪ :‬وقيل‪ :‬أي‬
‫يقدم الخلق في المحشر وهم خلفه‪ .‬والملحم جمع الملحمة وهو القتال‪.‬‬

‫)‪ (1‬جمع خ ل صح‪ .‬وفي المعاني‪ :‬جميع أهل القيامة‪ (2) .‬في المعاني‪ :‬المقتفى‪) .‬‬
‫‪ (3‬علل الشرائع‪ ،45 :‬الخصال ‪ 47 :2‬و ‪ ،48‬معاني الخبار‪(4) .19 :‬‬
‫شرح الشفا ‪ ،498 :1‬وضبط أيضا بفتح فسكون فكسر وأيضا بضم‬
‫فكسر‪ ،‬فسكون‪.‬‬

‫] ‪[ 94‬‬

‫وقال الجزري‪ :‬في أسمائه صلى ال عليه واله المقفي وهو المولي الذاهب‪ ،‬وقد‬
‫قفى يقفي فهو مقف‪ ،‬يعني أنه آخر النبياء‪ ،‬المتبع لهم‪ ،‬فإذا قفى فل نبي‬
‫بعده‪ .‬قوله‪ :‬القيم‪ ،‬أي الكثير القيام بامور الخلق‪ ،‬والمتولي لرشادهم‬
‫ومصالحهم‪ ،‬و يظهر من سائر الكتب أنه بالثاء المثلثة‪ ،‬وإن الكامل الجامع‬
‫تفسيره‪ ،‬وهو بضم القاف وفتح الثاء‪ ،‬قال الجزري‪ :‬فيه أتاني ملك فقال‪:‬‬
‫أنت قثم‪ ،‬وخلقك قثم‪ ،‬القثم‪ :‬المجتمع الخلق‪ ،‬وقيل‪ :‬الجامع الكامل وقيل‪:‬‬
‫الجموع )‪ (1‬للخير‪ ،‬وبه سمي الرجل قثم‪ ،‬معدول عن قاثم‪ ،‬وهو الكثير‬
‫العطآء انتهى‪ .‬وقال القاضي في الشفاء‪ :‬روي أنه صلى ال عليه واله قال‪:‬‬
‫أنا رسول الرحمة‪ ،‬ورسول الراحة‪ ،‬ورسول الملحم‪ ،‬وأنا المقفي )‪،(2‬‬
‫قفيت النبيين‪ ،‬وأنا قيم‪ ،‬والقيم‪ :‬الجامع الكامل كذا وجدته ولم أروه‪ ،‬وأرى‬
‫أن صوابه قثم بالثاء وهو أشبه بالتفسير انتهى )‪ - 28 .(2‬لى‪ ،‬ع‪ ،‬مع‪ :‬ما‬
‫جيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن علي بن الحسين الرقي‪ ،‬عن عبد ال‬
‫بن جبلة‪ ،‬عن معاوية بن عمار‪ ،‬عن الحسن بن عبد ال‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن‬
‫جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬جاء نفر من اليهود‬
‫إلى رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فسأله أعلمهم فيما سأله‪ ،‬فقال له‪ :‬لي‬
‫شئ سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا و داعيا ؟ فقال النبي‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬أما محمد فإني محمود في الرض‪ ،‬وأما أحمد فإني‬
‫محمود في السماء‪ ،‬وأما أبو القاسم فإن ال عزوجل يقسم يوم القيامة‬
‫قسمة النار‪ ،‬فمن كفر بي من الولين والخرين ففي النار‪ ،‬ويقسم قسمة‬
‫الجنة‪ ،‬فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي الجنة‪ ،‬وأما الداعي فإني أدعو الناس‬
‫إلى دين بي عزوجل‪ ،‬وأما النذير فإني انذر بالنار من عصاني‪ ،‬وأما البشير‬
‫فإني ابشر بالجنة من أطاعني )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬المجموع خ ل‪ (2) .‬وفي المصدر‪ :‬المقتفى‪ ،‬وذكر الشارح‪ :‬المقفى وقال‪ :‬هو‬
‫أنسب‪ (3) .‬شرح الشفا ‪ 490 :1‬و ‪ (4) .491‬المالي‪ ،114 - 112 :‬علل‬
‫الشرايع‪ ،53 :‬معاني الخبار‪ 19 :‬و ‪ ،20‬والحديث طويل أخرجه‬
‫المصنف في كتاب الحتجاجات‪ ،‬راجع ‪ ،302 - 294 :10‬والقطعة في‬
‫‪.295‬‬

‫] ‪[ 95‬‬

‫أقول‪ :‬قد مر في باب نقوش الخواتيم )‪ (1‬في خبر الحسين بن خالد أنه كان نقش‬
‫خاتم النبي صلى ال عليه واله‪ " :‬ل إله إل ال‪ ،‬محمد رسول ال "‪- 29 .‬‬
‫ع‪ ،‬مع‪ ،‬ن‪ :‬الطالقاني‪ ،‬عن أحمد الهمداني‪ ،‬عن علي بن الحسين بن‬
‫فضال‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬سألت الرضا عليه السلم فقلت له‪ :‬لم كني النبي‬
‫صلى ال عليه واله بأبي القاسم ؟ فقال‪ :‬لنه كان له ابن يقال له‪ :‬قاسم‬
‫فكنى به‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬يا ابن رسول ال فهل تراني أهل للزيادة ؟ فقال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫أما علمت أن رسول ال صلى ال عليه واله قال‪ " :‬أنا وعلي أبوا هذه‬
‫المة " ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬أما علمت أن رسول ال صلى ال عليه واله أب‬
‫لجميع امته‪ ،‬وعلي بمنزلته )‪ (2‬فيهم ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬أما علمت أن عليا‬
‫قاسم الجنة والنار ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فقيل له‪ :‬أبو القاسم لنه أبو قاسم‬
‫الجنة والنار‪ ،‬فقلت له‪ :‬وما معنى ذلك ؟ فقال‪ :‬إن شفقة الرسول )‪ (3‬على‬
‫امته شفقة الباء على الولد‪ ،‬وأفضل امته علي عليه السلم‪ ،‬ومن بعده‬
‫شفقة علي عليه السلم عليهم كشفقته‪ ،‬لنه وصيه وخليفته والمام بعده‪،‬‬
‫فلذلك قال صلى ال عليه وآله‪ " :‬أنا وعلي أبوا هذه المة " وصعد النبي‬
‫صلى ال عليه واله المنبر فقال‪ " :‬من ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي‪،‬‬
‫ومن ترك مال فلورثته " فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وامهاتهم‪ ،‬وصار‬
‫أولى بهم منهم بأنفسهم‪ ،‬وكذلك أمير المؤمنين عليه السلم بعده جرى له‬
‫مثل ما جرى لرسول ال صلى ال عليه واله )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬فيه‬
‫من ترك ضياعا فإلي‪ ،‬الضياع‪ :‬العيال‪ ،‬وأصله مصدر ضاع يضيع‪ ،‬فسمي‬
‫العيال بالمصدر‪ ،‬كما تقول‪ :‬من مات وترك فقرا‪ ،‬أي فقراء‪ ،‬وإن كسرت‬
‫الضاد كان جمع ضائع كجائع وجياع‪ - 30 .‬ب‪ :‬هارون‪ ،‬عن ابن صدقة‪،‬‬
‫عن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم إن خاتم رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫كان من فضة‪ ،‬ونقشه " محمد رسول ال " قال‪ :‬وكان نقش خاتم علي‬
‫عليه السلم‬
‫)‪ (1‬راجع ج ‪ (2) .63 :11‬وعلي عليه السلم فيهم بمنزلته خ‪ .‬أقول‪ :‬هذه الزيادة‬
‫موجودة في العلل‪ ،‬وفي العيون‪ :‬وعلي عليه السلم منهم‪ .‬أقول‪ :‬لعله‬
‫اصح‪ (3) .‬النبي خ ل‪ ،‬أقول‪ :‬هو الموجود في المصدر‪ (4) .‬علل‬
‫الشرائع‪ 53 :‬و ‪ ،54‬معاني الخبار‪ ،20 :‬عيون الخبار‪ 238 :‬و ‪.239‬‬

‫] ‪[ 96‬‬

‫" ال الملك " وكان نقش خاتم والدي رضي ال عنه " العزة ل " )‪ - 31 .(1‬ل‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن سعد‪ :‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن محمد‬
‫بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن لرسول ال صلى ال عليه‬
‫واله عشرة أسماء‪ :‬خمسة منها في القرآن‪ ،‬وخمسة ليست في القرآن‪،‬‬
‫فأما التي في القرآن‪ :‬فمحمد‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وعبد ال‪ ،‬ويس‪ ،‬ون‪ ،‬وأما التي‬
‫ليست في القرآن‪ :‬فالفاتح‪ ،‬والخاتم‪ ،‬والكاف‪ ،‬والمقفي‪ ،‬والحاشر )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬إنما سمي الفاتح لنه أول النبيين‪ ،‬أو جميع المخلوقات خلقا‪ ،‬أو به‬
‫فتح ال أبواب الوجود والجود على العباد )‪ ،(3‬والكاف لنه يكف ويدفع‬
‫عن الناس البليا والشرور في الدنيا‪ ،‬والعذاب في الخرة وفي بعض‬
‫النسخ‪ :‬الكافي‪ - 32 .‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال الرازي‪ ،‬عن علي بن سليمان‪ ،‬عن عبد ال بن عبيد ال‬
‫الهاشمي‪ ،‬عن إبراهيم بن أبي البلد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان لرسول ال صلى ال عليه واله خاتمان‪ :‬أحدهما مكتوب‬
‫عليه‪ " :‬ل إله إل ال‪ ،‬محمد رسول ال " والخر‪ " :‬صدق ال " )‪.(4‬‬
‫‪ - 33‬فس‪ :‬قال‪ :‬وسأل بعض اليهود رسول ال صلى ال عليه واله لم‬
‫سميت محمدا وأحمدا وبشيرا ونذيرا ؟ فقال‪ :‬أما محمد فإني في الرض‬
‫محمود‪ ،‬وأما أحمد فإني في السماء أحمد منه في الرض‪ ،‬وأما البشير‬
‫فابشر من أطاع ال بالجنة‪ ،‬وأما النذير فانذر من عصى ال بالنار )‪.(5‬‬
‫‪ - 34‬فس‪ " :‬يا أيها المزمل " قال‪ :‬هو النبي صلى ال عليه واله كان‬
‫يتزمل بثوبه وينام )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ (2) .31 :‬الخصال ‪ (3) .48 :2‬أو الغالب على من كان يعبد دون‬
‫ال‪ .‬وما كان يعبد دونه‪ (4) .‬الخصال ‪ (5) .32 :1‬تفسير القمى‪) .677 :‬‬
‫‪ (6‬تفسير القمى‪.701 :‬‬

‫] ‪[ 97‬‬

‫" يا أيها المدثر " قال‪ :‬تدثر الرسول‪ ،‬فالمدثر يعني المتدثر بثوبه " قم فأنذر " هو‬
‫قيامه في الرجعة ينذر فيها )‪ .(1‬أقول‪ :‬سيجئ في الخبار أنه قال النبي‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬إن ال خلقني وعليا من نور واحد‪ ،‬وشق لنا اسمين‬
‫من أسمائه‪ ،‬فذو العرش محمود وأنا محمد‪ ،‬وال العلى وهذا علي‪- 35 .‬‬
‫ع‪ :‬عبد ال بن محمد القرشي‪ ،‬عن محمد بن إبراهيم‪ ،‬عن أبي قريش‪ ،‬عن‬
‫عبد الجبار ومحمد بن منصور الخزاز معا عن عبد ال بن ميمون القداح‪،‬‬
‫عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم عن جابر بن عبد ال أن النبي‬
‫صلى ال عليه واله كان يتختم بيمينه )‪ - 36 .(2‬ل‪ :‬ابن موسى‪ ،‬عن ابن‬
‫زكريا القطان‪ ،‬عن ابن حبيب‪ ،‬عن عبد الرحيم ابن علي الجبلي‪ ،‬وعبد ال‬
‫بن الصلت‪ ،‬عن الحسن بن نصر الخزاز‪ ،‬عن عمرو بن طلحة‪ ،‬عن أسباط‬
‫بن نصر‪ ،‬عن سماك بن حرب‪ ،‬عن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬قدم‬
‫يهوديان فسأل أمير المؤمنين عليه السلم عن أشياء وسأل عن وصف‬
‫النبي صلى ال عليه واله فقال فيما قال‪ :‬كان عمامته السحاب‪ ،‬وسيفه ذو‬
‫الفقار‪ ،‬وبغلته دلدل‪ ،‬وحماره يعفور‪ ،‬وناقته العضباء )‪ ،(3‬وفرسه لزاز‪،‬‬
‫وقضيبه الممشوق‪ .‬الخبر )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه أنه كان اسم‬
‫عمامة النبي صلى ال عليه واله السحاب‪ ،‬سميت به تشبيها بسحاب‬
‫المطر‪ ،‬لنسحابه في الهواء‪ ،‬وقال‪ :‬دلدل في الرض‪ :‬ذهب ومر‪ ،‬يدلدل‬
‫ويتدلدل في مشيه‪ :‬إذا اضطرب‪ ،‬ومنه الحديث كان اسم بغلته دلدل‪ .‬وقال‪:‬‬
‫فيه إن اسم حمار النبي صلى ال عليه واله عفير هو تصغير تحقير لعفر‪،‬‬
‫من العفرة وهي الغبرة‪ ،‬ولون التراب‪ ،‬وفي حديث سعد بن عبادة أنه خرج‬
‫على حماره يعفور ليعوده‪ .‬قيل‪ :‬سمي يعفورا للونه من العفرة‪ ،‬كما قيل في‬
‫أخضر‪ :‬يخضور‪ ،‬وقيل‪ :‬سمي به تشبيها في عدوه باليعفور وهو الظبي‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الخشف‪.‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي‪ (2) .702 :‬علل الشرائع‪ (3) .64 :‬بتقديم المهملة على المعجمة‪.‬‬
‫)‪ (4‬الخصال ‪ 146 :2‬و ‪.148‬‬

‫] ‪[ 98‬‬

‫وقال‪ :‬فيه كان اسم ناقته العضباء‪ ،‬هو علم لها‪ ،‬منقول من قولهم‪ :‬ناقة عضباء‪ ،‬أي‬
‫مشقوقة الذن‪ ،‬ولم تكن مشقوقة الذن‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬إنها كانت مشقوقة‬
‫الذن‪ ،‬والول أكثر‪ .‬وقال الزمخشري‪ :‬هو منقول من قولهم‪ :‬ناقة عضباء‪،‬‬
‫وهي القصيرة اليد‪ .‬وقال‪ :‬فيه كان لرسول ال صلى ال عليه واله فرس‬
‫يقال له‪ :‬اللزاز‪ ،‬سمي به لشدة تلززه واجتماع خلقه‪ ،‬ولز به الشئ‪ ،‬أي‬
‫لزق به‪ ،‬كأنه يلزق بالمطلوب لسرعته‪ .‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬جارية‬
‫ممشوقة‪ :‬حسنة القوام‪ ،‬وقضيب ممشوق‪ :‬طويل دقيق‪ - 37 .‬لى‪ :‬ابن‬
‫الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن عبد ال بن الصلت‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن ابن حميد‪،‬‬
‫عن ابن قيس‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن اسم رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله في صحف إبراهيم عليه السلم الماحي‪ ،‬وفي توراة موسى عليه‬
‫السلم الحاد‪ ،‬وفي إنجيل عيسى عليه السلم أحمد‪ ،‬وفي القرآن محمد‪،‬‬
‫قيل‪ :‬فما تأويل الماحي ؟ فقال‪ :‬الماحي صورة الصنام‪ ،‬وماحي الوثان‬
‫والزلم وكل معبود دون الرحمان‪ ،‬قيل‪ :‬فما تأويل الحاد ؟ قال‪ :‬يحاد من‬
‫حاد ال ودينه‪ ،‬قريبا كان أو بعيدا‪ ،‬قيل‪ :‬فما تأويل أحمد ؟ قال‪ :‬حسن ثناء‬
‫ال عزوجل عليه في الكتب بما حمد من أفعاله‪ ،‬قيل‪ :‬فما تأويل محمد ؟‬
‫قال‪ :‬إن ال وملئكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع اممهم يحمدونه‬
‫ويصلون عليه‪ ،‬وإن اسمه لمكتوب على العرش‪ :‬محمد رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله وكان صلى ال عليه واله يلبس من القلنس اليمنية )‪(1‬‬
‫والبيضآء والمضربة ذات الذنين في الحرب‪ ،‬وكانت له عنزة يتكئ عليها‪،‬‬
‫ويخرجها في العيدين فيخطب بها‪ ،‬وكان له قضيب يقال له‪ :‬الممشوق‪،‬‬
‫وكان له فسطاط يسمى الكن‪ ،‬وكانت له قصعة تسمى المنبعة‪ ،‬وكان له‬
‫قعب يسمى الري‪ ،‬وكان له فرسان يقال لحدهما‪ :‬المرتجز‪ ،‬وللخر‬
‫السكب‪ ،‬وكان له بغلتان يقال لحدهما )‪ :(2‬دلدل‪ ،‬وللخرى الشهبآء‪،‬‬
‫وكانت له ناقتان يقال لحدهما‪ :‬العضباء‪ ،‬وللخرى الجدعاء‪ ،‬وكان له‬
‫سيفان يقال لحدهما‪ :‬ذو الفقار‪ ،‬وللخر العون‪ ،‬وكان له سيفان آخران‬
‫يقال لحدهما‪ :‬المخذم‪ ،‬وللخر‬

‫)‪ (1‬اليمنة واليمنة برد يمنى‪ (2) .‬هكذا في النسخة والمصدر وكذا فيما يأتي‪،‬‬
‫والصح‪ :‬لحداهما‪ .‬كما في الفقيه‪.‬‬

‫] ‪[ 99‬‬

‫الرسوم‪ ،‬وكان له حمار يسمى يعفور‪ ،‬وكانت له عمامة تسمى السحاب‪ ،‬وكان له‬
‫درع تسمى ذات الفضول لها ثلث حلقات فضة‪ :‬حلقة بين يديها‪ ،‬وحلقتان‬
‫خلفها‪ ،‬وكانت له راية تسمى العقاب‪ ،‬وكان له بعير يحمل عليه يقال له‪:‬‬
‫الديباج‪ ،‬وكان له لواء يسمى المعلوم‪ ،‬وكان له مغفر يقال له‪ :‬السعد‪،‬‬
‫فسلم ذلك كله إلى علي عليه السلم عند موته‪ ،‬وأخرج خاتمه وجعله في‬
‫إصبعه‪ ،‬فذكر علي عليه السلم أنه وجد في قائمة سيف من سيوفه‬
‫صحيفة فيها ثلثة أحرف‪ :‬صل من قطعك‪ ،‬وقل الحق ولو على نفسك‪:‬‬
‫وأحسن إلى من أساء إليك‪ ،‬قال‪ :‬وقال رسول ال صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫خمس ل أدعهن حتى الممات‪ :‬الكل على الحضيض مع العبيد‪ ،‬وركوبي‬
‫الحمار مؤكفا )‪ ،(1‬وحلبي العنز بيدي‪ ،‬ولبس الصوف )‪ ،(2‬والتسليم على‬
‫الصبيان لتكون سنة من بعدي )‪ .(3‬يه‪ :‬عن يونس مثله إلى قوله‪ :‬من‬
‫أساء إليك )‪ .(4‬بيان‪ :‬ضرب النجاد المضربة )‪ :(5‬خاطها‪ ،‬ذكره‬
‫الجوهري‪ .‬وقال‪ :‬العنزة بالتحريك‪ :‬أطول من العصا‪ ،‬وأقصر من الرمح‪،‬‬
‫وفيه زج )‪ (6‬كزج الرمح‪ ،‬والكن‬

‫)‪ (1‬وكف وأكف وآكف الحمار‪ :‬وضع عليه الوكاف‪ .‬والوكاف‪ :‬البرذعة وكساء‬
‫يلقى على ظهر الدابة‪ (2) .‬قد ورد في بعض الخبار مدح لبس الصوف‪،‬‬
‫وفي بعضها ذمه‪ ،‬ولعل الول يختص بزمان مقفر جدب يكون الناس فيه‬
‫في ضيق وشدة‪ ،‬كما يستفاد من حديث عن الصادق عليه السلم احتج‬
‫فيه على الصوفية‪ ،‬وعلل فعل النبي صلى ال عليه وآله بذلك‪ ،‬وقال فيه‪:‬‬
‫" إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لفجارها‪ ،‬ومؤمنوها ل‬
‫منافقوها‪ ،‬ومسلموها ل كفارها " أو الثاني ورد في قوم كانوا يتقشفون‬
‫بالملبس وغيرها ويتظاهرون بها‪ ،‬ويرون أنفسهم بذلك أفضل من‬
‫غيرهم‪ ،‬ويعدون أنفسهم عاملين للسنة‪ ،‬وغيرهم تاركين لها‪ ،‬مثل جل‬
‫الصوفية والباطنية وغيرهم من أهل البدع والهواء الذين أدخلوا أنفسهم‬
‫في زى الزهد والصلح‪ :‬وقلبوا حقائق السلم واحكامه على مزعمتهم‬
‫وآرائهم الفاسدة أعاذنا ال والمسلمين من شرورهم‪ (3) .‬المالى‪) .44 :‬‬
‫‪ (4‬الفقيه‪ (5) .519 :‬النجاد هو المنجد أي من يعالج الفرش والوسائد‬
‫ويخيطها‪ .‬والمضرب‪ :‬المخيط‪ .‬و المضربة‪ .‬كساء ذو طاقين بينهما قطن‪.‬‬
‫)‪ (6‬الزج‪ :‬الحديدة التى في أسفل الرمح‪.‬‬

‫] ‪[ 100‬‬

‫بالكسر‪ :‬وقاء كل شئ وستره‪ .‬والقعب‪ :‬قدح من خشب مقعر‪ .‬وقال الجزري‪ :‬فيه‬
‫كان لرسول ال صلى ال عليه واله فرس يقال له‪ :‬المرتجز‪ ،‬سمي به‬
‫لحسن صهيله‪ .‬وقال‪ :‬فيه كان له فرس يسمى السكب‪ ،‬يقال له فرس سكب‪،‬‬
‫أي كثير الجري‪ ،‬كأنما يصب جريه صبا‪ ،‬وأصله من سكب الماء يسكبه‪.‬‬
‫وقال الجوهري‪ :‬الشهبة في اللوان‪ :‬البياض الذي غلب على السواد‪ .‬وقال‬
‫الجزري‪ :‬فيه إنه خطب على ناقته الجدعاء‪ ،‬هي المقطوعة الذن‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫لم تكن ناقته مقطوعة الذن‪ ،‬وإنما كان هذا اسما‪ ،‬وقال‪ :‬إنما سمي سيفه‬
‫صلى ال عليه واله ذا الفقار لنه كان فيه حفر صغار حسان‪ .‬وقال‪ :‬الخذم‪:‬‬
‫القطع‪ ،‬وبه سمي السيف مخذما‪ .‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬الرسوم‪ :‬الذي يبقى‬
‫على السير يوما وليلة‪ ،‬والصوب أنه بالباء كما سيأتي‪ .‬قال في النهاية فيه‬
‫كان لرسول ال صلى ال عليه واله سيف يقال له‪ :‬الرسوب‪ ،‬أي يمضي‬
‫في الضريبة‪ ،‬ويغيب فيها‪ ،‬وهي فعول من رسب‪ :‬إذا ذهب إلى أسفل‪ ،‬وإذا‬
‫ثبت‪ .‬وفيه‪ :‬إنه كان اسم درعه ذات الفضول‪ ،‬وقيل‪ :‬ذو الفضول لفضلة‬
‫كان فيها وسعة‪ .‬وقال‪ :‬فيه إنه كان اسم رآيته العقاب‪ ،‬وهي العلم الضخم‪.‬‬
‫أقول‪ :‬سيأتي في باب وصية النبي صلى ال عليه واله ذكر دوابه وسلحه‬
‫وأثوابه‪ - 38 .‬ص‪ :‬الصدوق‪ ،‬عن عبد ال بن حامد‪ ،‬عن أحمد بن حمدان‪،‬‬
‫عن عمرو بن محمد‪ ،‬عن محمد بن مؤيد‪ ،‬عن عبد ال بن محمد بن عقبة‪،‬‬
‫عن أبي حذيفة‪ ،‬عن عبد ال بن حبيب الهذلي‪ ،‬عن أبي عبد الرحمن‬
‫السلمي‪ ،‬عن أبي منصور قال‪ :‬لما فتح ال على نبيه خيبر أصابه حمار‬
‫أسود‪ ،‬فكلم النبي صلى ال عليه واله الحمار فكلمه‪ ،‬وقال‪ :‬أخرج ال من‬
‫نسل جدي ستين حمارا لم يركبها إل نبي‪ ،‬ولم يبق من نسل جدي غيري‪،‬‬
‫ول من النبياء غيرك‪ ،‬وقد كنت أتوقعك‪ ،‬كنت قبلك ليهودي أعثر به عمدا‪،‬‬
‫فكان يضرب بطني‪ ،‬ويضرب ظهري‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫سميتك يعفور‪ ،‬ثم قال‪ :‬تشتهي الناث يا يعفور ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬وكلما قيل‪:‬‬

‫] ‪[ 101‬‬

‫أجب رسول ال صلى ال عليه واله خرج إليه‪ ،‬فلما قبض رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله جاء إلى بئر فتردى )‪ (1‬فيها فصار قبره جزعا )‪ - 39 .(2‬ير‪:‬‬
‫إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن أعمش بن عيسى‪ ،‬عن حماد الطيافي )‪ ،(3‬عن‬
‫الكلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال لي‪ :‬كم لمحمد )‪ (4‬اسم في‬
‫القرآن ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬اسمان أو ثلث‪ ،‬فقال‪ :‬يا كلبي له عشرة أسماء " وما‬
‫محمد إل رسول قد خلت من قبله الرسل * ومبشرا برسول يأتي من بعدي‬
‫اسمه أحمد * ولما قام عبد ال كادوا يكونون عليه لبدا * وطه ما أنزلنا‬
‫عليك القرآن لتشقى * ويس والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على‬
‫صراط مستقيم * ون والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون *‬
‫ويا أيها المزمل * ويا أيها المدثر * وإنا أنزلنا إليكم ذكرا رسول " فالذكر‬
‫اسم من أسماء محمد صلى ال عليه واله ونحن أهل الذكر‪ ،‬فسل يا كلبي‬
‫عما بدا لك‪ ،‬قال‪ :‬فأنسيت وال القرآن كله فما حفظت منه حرفا أسأله عنه‬
‫)‪ - 40 .(5‬قب‪ :‬في أسمائه وألقابه صلى ال عليه واله‪ :‬سماه في القرآن‬
‫بأربعمأة اسم‪ :‬العالم " وعلمك ما لم تكن تعلم " الحاكم " فل وربك ل‬
‫يؤمنون حتى يحكموك " الخاتم " وخاتم النبيين " العابد " واعبد ربك "‬
‫الساجد " وكن من الساجدين " الشاهد " إنا أرسلناك شاهدا " المجاهد "‬
‫يا أيها النبي جاهد الكفار " الطاهر " طه ما أنزلنا " الشاكر " شاكرا‬
‫لنعمه " الصابر " واصبر وما صبرك " الذاكر " واذكر اسم ربك "‬
‫القاضي " إذا قضى ال ورسوله " الراضي " لعلك ترضى " الداعي "‬
‫وداعيا إلى ال " الهادي " وإنك لتهدي " القارئ " اقرأ‬

‫)‪ (1‬أي سقط فيها‪ (2) .‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (3) .‬هكذا في النسخ والمصدر‪،‬‬
‫ولعل الطيافي مصحف الطنافسي‪ .‬راجع تنقيح المقال ‪ :363 :1‬حماد بن‬
‫بشير الطنافسي‪ (4) .‬سأله عليه السلم‪ ،‬لنه كان نسابة العرب‪ ،‬ويرى‬
‫نفسه أعلم فيها‪ ،‬فأفاده أنه ناقص ل يعرف أسماء أشهر العرب وهو‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ (5) .‬بصائر الدرجات‪.150 :‬‬

‫] ‪[ 102‬‬

‫باسم ربك " التالي " يتلو عليهم " الناهي " وما نهاكم عنه " المر " وأمر أهلك‬
‫" الصادع " فاصدع بما تؤمر " الصادق " ص والقرآن " القانت "‬
‫أمسن هو قانت " الحافظ " يحفظونه من أمر ال " الغالب " وإن جندنا "‬
‫العائل " ووجدك عائل " الضال أي يهدي به الضال " ووجدك ضال "‬
‫الكريم " إنه لقول رسول كريم " الرحيم " رؤف رحيم " العظيم " وإنك‬
‫لعلى خلق " اليتيم " ألم يجدك " المستقيم " فاستقم كما امرت "‬
‫المعصوم " وال يعصمك " البشير " إنا أرسلناك بالحق " النذير "‬
‫بشيرا ونذيرا " العزيز " لقد جاءكم رسول " الشهيد " وجئنا بك شهيدا‬
‫" الحريص " حريص عليكم " القريب " ق والقرآن " الحبيب‪ ،‬والمحب‪،‬‬
‫والمحبوب‪ ،‬في سبع مواضع " حم " النبي " يا أيها النبي " القوي "‬
‫ذوي قوة " الوحي " وكذلك أوحينا إليك " المي " النبي المي " المين‬
‫" مطاع ثم أمين " المكين " عند ذي العرش " المبين " وقل إني أنا‬
‫النذير " المذكر " فذكر إنما أنت " المبشر " ومبشرا برسول " المنذر "‬
‫إنما أنت منذر " المستغفر " واستغفر لذنبك " المسبح " فسبح بحمد ربك‬
‫" المصلي " فصل لربك " المصدق " مصدقا لما معكم " المبلغ " يا أيها‬
‫الرسول بلغ " المحدث " وأما بنعمة ربك " المؤمن " آمن الرسول "‬
‫المتوكل " وتوكل على الحي " المزمل " يا أيها المزمل " المدثر " يا‬
‫أيها المدثر " المتهجد " ومن الليل فتهجد " المنادي " سمعنا مناديا "‬
‫المهتدي " وهداه إلى صراط " الحق " قد جاءكم الحق " الصدق "‬
‫والذي جاء بالصدق " الذكر " إنا أرسلناك إليكم ذكرا " البرهان " قد‬
‫جاءكم برهان " الفضل " قل بفضل ال " المرسل " إنك لمن المرسلين "‬
‫المبعوث " هو الذي بعث " المختار " وربك يخلق " المعفو " عفى ال‬
‫عنك " المغفور " ليغفر لك ال " المكفي " إنا كفيناك " المرفوع والرفيغ‬
‫" ورفعنا لك " المؤيد " هو الذي أيدك " المنصور " وينصرك ال "‬
‫المطاع " مكين مطاع " الحسنى " وصدق بالحسنى " الهدى " وما منع‬
‫الناس )‪ " (1‬الرسول " يا أيها الرسول " الرؤف " بالمؤمنين رؤف "‬
‫النعمة " يعرفون نعمة ال " الرحمة " وما أرسلناك إل رحمة " النور "‬
‫قد جاءكم من ال نور " الفجر " والفجر وليال " المصباح " المصباح‬

‫)‪ (1‬الية هكذا‪ :‬وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى‪ .‬السراء‪.94 :‬‬
‫] ‪[ 103‬‬

‫في زجاجة " السراج " وسراجا منيرا " الضحى " والضحى والليل " النجم "‬
‫والنجم إذا هوى " الشمس " ثم جعلنا الشمس " البدر " طه " )‪ (1‬الظل‬
‫" ألم تر إلى ربك " البشر " بشر مثلكم " الناس " أم يحسدون الناس "‬
‫النسان " خلق النسان " الرجل " على رجل منكم " الصاحب " ما ضل‬
‫صاحبكم " العبد " أسرى بعبده " المجتبى " ولكن ال يجتبي " المقتدي‬
‫" فبهديهم اقتده " المرتضى " إل من ارتضى " المصطفى " ال يصطفي‬
‫" أحمد " من بعدي اسمه " محمد " محمد رسول ال " كهيعص‪ ،‬يس‪،‬‬
‫طه‪ ،‬حم‪ ،‬عسق‪ ،‬كل حرف تدل على اسم له‪ ،‬مثل الكافي والهادي‪،‬‬
‫والعارف‪ ،‬والسخي‪ ،‬والطاهر‪ ،‬وغير ذلك )‪ .(2‬وأسماؤه في الخبار‪:‬‬
‫العاقب‪ ،‬وهو الذي يعقب النبياء‪ ،‬الماحي‪ :‬الذي يمحى به الكفر‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫يمحى به سيئات من اتبعه‪ ،‬ويقال‪ :‬الذي ل يكون بعده أحد‪ .‬الحاشر‪ :‬الذي‬
‫يحشر الناس على قدميه‪ .‬المقفي الذي قفى النبيين جماعة‪ .‬الموقف‪ :‬يوقف‬
‫الناس بين يدي ال‪ .‬القثم وهو الكامل الجامع‪ .‬ومنه الناشر‪ ،‬والناصح‪،‬‬
‫والوفي والمطاع‪ ،‬و النجي‪ ،‬والمأمون‪ ،‬والحنيف‪ ،‬والحبيب‪ ،‬والطيب‪،‬‬
‫والسيد‪ ،‬والمقترب‪ ،‬والدافع‪ ،‬و الشافع‪ ،‬والمشفع‪ ،‬والحامد‪ ،‬والمحمود‪،‬‬
‫والموجه‪ ،‬والمتوكل‪ ،‬والغيث )‪ .(3‬وفي التوراة‪ :‬مئيذ مئيذ )‪ ،(4‬أي غفور‬
‫رحيم‪ ،‬وقيل‪ :‬مئيد مئيد )‪ (5‬أي محمد‪ ،‬و قيل‪ :‬مود مود‪ ،‬وفي حكاية إن‬
‫اسمه فيها مرقوفا‪ ،‬أي المحمود‪ .‬وفي الزبور‪ :‬قليطا‪ ،‬مثل أبي القاسم‪،‬‬
‫فقالوا‪ (6) :‬بلقيطا‪ ،‬وقالوا‪ :‬فاروق‪ ،‬وقالوا‪ :‬محياثا‪ .‬وفي النجيل‪ :‬طاب‬
‫طاب‪ ،‬أي أحمد‪ ،‬ويقال‪ :‬يعني طيب طيب‪.‬‬

‫)‪ (1‬هكذا في النسخة والمصدر‪ ،‬ولم نجد من فسر طه بالبدر‪ (2) .‬في كون جملة‬
‫من هذه أسماءه صلى ال عليه وآله نظر‪ ،‬والوجه ظاهر‪ ،‬لنه لم يصح‬
‫مثل أن يقال لمن امر بالصلة‪ :‬ان اسمه المصلى‪ ،‬أو بالصيام ان اسمه‬
‫الصائم‪ (3) .‬المغيث خ ل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ميذميذ‪ (5) .‬ميد ميد‪(6) .‬‬
‫وقالوا خ ل‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 104‬‬

‫وفي كتاب شعيا‪ :‬نور المم‪ ،‬ركن المتواضعين‪ ،‬رسول التوبة‪ ،‬رسول البل‪ .‬وفي‬
‫الصحف‪ :‬بلقيطا‪ ،‬وفي صحف شيث‪ :‬طاليسا‪ ،‬وفي صحف إدريس‪:‬‬
‫بهيائيل‪ ،‬وفي صحف إبراهيم‪ :‬مود مود‪ ،‬وفي السماء الدنيا المجتبى‪ ،‬وفي‬
‫الثانية المرتضى‪ ،‬وفي الثالثة المزكى‪ ،‬وفي الرابعة المصطفى‪ ،‬وفي‬
‫الخامسة المنتجب‪ ،‬وفي السادسة المطهر والمجتبى‪ ،‬وفي السابعة المقرب‬
‫والحبيب‪ ،‬ويسميه المقربون عبد الواحد‪ ،‬والسفرة الول‪ ،‬والبررة الخر‪،‬‬
‫والكروبيون الصادق‪ ،‬والروحانيون الطاهر‪ ،‬والولياء القاسم‪ ،‬والرضوان‬
‫الكبر‪ ،‬والجنة عبد الملك‪ ،‬والحور عبدالعطاء‪ ،‬وأهل الجنة عبد الديان‪،‬‬
‫ومالك عبد المختار‪ ،‬وأهل الجحيم عبدالنجاة‪ ،‬والزبانية عبد الرحيم‪،‬‬
‫والجحيم عبد المنان‪ ،‬وعلى ساق العرش رسول ال‪ ،‬وعلى الكرسي نبي‬
‫ال‪ ،‬وعلى طوبى صفي ال‪ ،‬وعلى لواء الحمد صفوة ال‪ ،‬وعلى باب‬
‫الجنة خيرة ال‪ ،‬وعلى القمر قمر القمار‪ ،‬وعلى الشمس نور النوار‪ ،‬و‬
‫الشياطين عبدالهيبة‪ ،‬والجن عبد الحميد‪ ،‬والموقف الداعي‪ ،‬والميزان‬
‫الصاحب‪ ،‬والحساب الداعي‪ ،‬والمقام المحمود الخطيب‪ ،‬والكوثر الساقي‪،‬‬
‫والعرش المفضل‪ ،‬والكرسي عبد الكريم‪ ،‬والقلم عبد الحق‪ ،‬وجبرئيل عبد‬
‫الجبار‪ ،‬وميكائيل عبد الوهاب‪ ،‬وإسرافيل عبد الفتاح‪ ،‬وعزرائيل عبد‬
‫التواب‪ ،‬والسحاب عبد السلم‪ ،‬والريح عبد العلى‪ ،‬والبرق عبد المنعم‪،‬‬
‫والرعد عبد الوكيل‪ ،‬والحجار عبد الجليل‪ ،‬والتراب عبد العزيز‪ ،‬والطيور‬
‫عبد القادر‪ ،‬والسبع عبدالعطاء‪ ،‬والجبل عبدالرفيع‪ ،‬والبحر عبد المؤمن‪،‬‬
‫والحيتان عبدالمهيمن‪ ،‬وأهل الروم الحليم‪ ،‬وأهل مصر المختار‪ ،‬وأهل مكة‬
‫المين‪ ،‬وأهل المدينة الميمون‪ ،‬والزنج مهمت‪ ،‬والترك صانجي‪ ،‬والعرب‬
‫المي‪ ،‬والعجم أحمد‪ .‬ألقابه‪ :‬حبيب ال‪ ،‬صفي ال‪ ،‬نعمة ال‪ ،‬عبد ال‪،‬‬
‫خيرة ال‪ ،‬خلق ال )‪ ،(1‬سيد المرسلين‪ ،‬إمام المتقين‪ ،‬خاتم النبيين‪،‬‬
‫رسول الحمادين‪ ،‬رحمة العالمين‪ ،‬قائد الغر المحجلين‪ ،‬خير البرية‪ ،‬نبي‬
‫الرحمة‪ ،‬صاحب الملحمة )‪ ،(2‬محلل الطيبات‪ ،‬محرم الخبائث‪ ،‬مفتاح‬
‫الجنة‪ ،‬دعوة إبراهيم‪ ،‬بشرى عيسى‪ ،‬خليفة ال في الرض‪ ،‬زين القيامة‬
‫ونورها وتاجها‪ ،‬صاحب اللواء يوم القيامة‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المطبوع‪ :‬خير خلق ال‪ (2) .‬الملحمة‪ :‬الموقعة العظيمة‪ .‬القتل في الحرب‪.‬‬

‫] ‪[ 105‬‬

‫واضع الصر والغلل‪ ،‬أفصح العرب‪ ،‬سيد ولد آدم‪ ،‬ابن العواتك )‪ ،(1‬ابن الفواطم‬
‫)‪ ،(2‬ابن الذبيحين‪ ،‬ابن بطحاء مكة‪ ،‬العبد المؤيد‪ ،‬والرسول المسدد‪،‬‬
‫والنبي المهذب‪ ،‬والصفي‬

‫)‪ (1‬قال اليعقوبي في تاريخه ‪ :99 :2‬واللتي ولدنه من العواتك اثنتا عشرة عاتكة‪:‬‬
‫عشر منهن مضريات وقحطانية وقضاعية‪ ،‬والمضريات ثلث من قريش‪،‬‬
‫وثلث من سليم‪ ،‬وعدوانيتان‪ ،‬وهذلية وأسدية‪ ،‬فأما القرشيات فولدنه من‬
‫قبل أسد بن عبد العزى‪ ،‬ام اسد بن عبد العزى الحطيا وهي ريطة بنت‬
‫كعب بن سعد بن يتم بن مرة‪ ،‬وأمها قيلة بنت حذافة بن جمح‪ ،‬وامها امية‬
‫بنت عامر بن الحان بن الحارث وهو غسان بن خزاعة‪ ،‬وامها عاتكة‬
‫بنت هلل بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر‪ ،‬وام هلل بن وهيب‬
‫عاتكة بنت عتوارة بن الطرب بن الحارث بن فهر‪ ،‬وامها عاتكة بنت يخلد‬
‫بن النضر بن كنانة بن خزيمة‪ .‬وأما السليميات فولدته من قبل هاشم‪ ،‬ام‬
‫هاشم بن عبدمناف عاتكة بنت مرة بن سليم بن منصور‪ ،‬وام مرة بن‬
‫هلل عاتكة بنت مرة بن عدي بن سليمان بن قصى بن خزاعة‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫هي عاتكة بنت جابرين قنفذ بن مالك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة‬
‫بن سليم‪ .‬وأما العدوانيتان فولدتاه من قبل امهات أبيه عبد ال‪ ،‬ومن قبل‬
‫مالك بن النضر‪ ،‬فأما التى ولدته من قبل عبد ال فهى السابعة من‬
‫امهاته‪ ،‬ويقال‪ :‬الخامسة‪ ،‬وهي عاتكة بنت عامر بن ظرب بن عمرو بن‬
‫يشكر بن الحارث‪ ،‬ومن قال‪ :‬الخامسة فيقول‪ :‬عاتكة بنت عبد ال بن‬
‫الحارث بن وائلة ابن ظرب بن عمرو‪ ،‬وأما العدوانية الثالثة فام مالك بن‬
‫النضر بن كنانة‪ .‬وهي عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلن‪.‬‬
‫وأما الهذلية فولدته من قبل هاشم‪ ،‬وام هاشم عاتكة بنت مرة بن هلل‪،‬‬
‫وامها ماوية بنت حورة بن عمرو بن سلول بن صعصعة بن معاوية بن‬
‫بكر بن هوازن‪ ،‬فام معاوية بن بكر بن هوازن عاتكة بنت سعد بن هذيل‪.‬‬
‫وأما السدية فولدته من قبل كلب بن مرة‪ ،‬وهي الثالثة من امهاته وهى‬
‫عاتكة بنت دودان بن اسد بن خزيمة‪ .‬وأما القحطانية فولدته من قبل‬
‫غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة‪ ،‬وام غالب ليلى بنت سعد بن‬
‫هذيل بن مدركة‪ ،‬وامها سلمى بنت طابخة بن إلياس بن مضر‪ ،‬وامها‬
‫عاتكة بنت الزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلن بن سبا بن‬
‫يشجب بن يعر بن قحطان‪ .‬وأما القضاعية فولدته من قبل كعب بن لوى‬
‫وهى الثالثة من امهاته‪ :‬عاتكة بنت رشدان بن قيس ابن جهينة بن زيد‬
‫بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة انتهى‪ .‬أقول‪ :‬قوله في‬
‫السليميات‪ :‬مرة بن سليم‪ ،‬أي مرة بن هلل بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة‬
‫بن بهثة ابن سليم بن منصور‪ .‬فقد اختصره‪ ،‬واسقط الثالثة من‬
‫السليميات أيضا وهي ام هلل بن فالج عاتكة بنت عصية بن خفاف بن‬
‫امرئ القيس بن بهثة‪ .‬قد أورد ذلك البغدادي في المحبر‪ ،‬وفيه ما قال‬
‫اليعقوبي مع اختلف في بعض السماء‪ (2) .‬ذكر اليعقوبي في تاريخه ‪:2‬‬
‫‪ 101‬الفواطم قال‪ :‬أخبرني النسابون أنه ولدته من الفواطم أربع فواطم‪:‬‬
‫قرشية‪ ،‬وقيسيتان وأزدية‪ ،‬فأما القرشية فولدته من قبل أبيه عبد ال‬
‫وهي فاطمة بنت =‬

‫] ‪[ 106‬‬

‫المقرب‪ ،‬والحبيب المنتجب‪ ،‬والمين المنتخب‪ ،‬صاحب الحوض والكوثر‪ ،‬والتاج‬


‫والمغفر‪ ،‬والخطبة والمنبر‪ ،‬والركن والمشعر‪ ،‬والوجه النور‪ ،‬والخد‬
‫القمر‪ ،‬والجبين الزهر‪ ،‬و الدين الظهر‪ ،‬والحسب الطهر‪ ،‬والنسب‬
‫الشهر‪ ،‬محمد خير البشر‪ ،‬المختار للرسالة‪ ،‬الموضح للدللة‪ ،‬المصطفى‬
‫للوحي والنبوة‪ ،‬المرتضى للعلم والفتوة والمعجزات والدلة‪ ،‬نور في‬
‫الحرمين‪ ،‬شمس بين القمرين‪ ،‬شفيع من في الدارين‪ ،‬نوره أشهر‪ ،‬وقلبه‬
‫أطهر‪ ،‬وشرائعه أظهر‪ ،‬وبرهانه أزهر‪ ،‬وبيانه أبهر‪ ،‬وامته أكثر‪ ،‬صاحب‬
‫الفضل والعطاء‪ ،‬والجود والسخآء‪ ،‬والتذكرة والبكاء‪ ،‬والخشوع والدعآء‪،‬‬
‫والنابة والصفاء‪ ،‬والخوف والرجاء‪ ،‬والنور و الضيآء‪ ،‬والحوض‬
‫واللواء‪ ،‬والقضيب والرداء‪ ،‬والناقة العضباء‪ ،‬والبغلة الشهبآء‪ ،‬قائد الخلق‬
‫يوم الجزآء‪ ،‬سراج الصفياء‪ ،‬تاج الولياء‪ ،‬إمام التقياء‪ ،‬خاتم النبياء‪،‬‬
‫صاحب المنشور والكتاب‪ ،‬والفرقان والخطاب‪ ،‬والحق والصواب‪ ،‬والدعوة‬
‫والجواب‪ ،‬وقائد الخلق يوم الحساب‪ ،‬صاحب القضيب العجيب‪ ،‬والفناء‬
‫الرحيب )‪ ،(1‬والرأي المصيب‪ ،‬المشفق على البعيد والقريب‪ ،‬محمد‬
‫الحبيب‪ ،‬صاحب القبلة اليمانية‪ ،‬والملة الحنيفية‪ ،‬والشريعة المرضية‪،‬‬
‫والمة المهدية‪ ،‬والعترة الحسنية والحسينية‪ ،‬صاحب الدين والسلم‪،‬‬
‫والبيت الحرام‪ ،‬والركن والمقام‪ ،‬والصلة والصيام‪ ،‬والشريعة والحكام‪،‬‬
‫والحل والحرام‪ ،‬صاحب الحجة والبرهان‪ ،‬والحكمة والفرقان‪ ،‬والحق‬
‫والبيان‪ ،‬والفضل والحسان‪ ،‬والكرم والمتنان‪ ،‬والمحبة والعرفان‪ ،‬صاحب‬
‫الخلق الجلي‪ ،‬والنور المضيئ‪ ،‬والكتاب البهي‪ ،‬والدين الرضي‪ ،‬الرسول‬
‫النبي المي‪ ،‬صاحب الخلق العظيم‪ ،‬والدين القويم‪ ،‬والصراط المستقيم‪،‬‬
‫والذكر الحكيم‪ ،‬والركن والحطيم‪ ،‬صاحب الدين والطاعة‪ ،‬والفصاحة‬
‫والبراعة‪ ،‬و‬

‫= عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم‪ .‬والقيسيتان‪ :‬ام عمرو بن عائذ بن‬


‫عمران‪ ،‬وهي فاطمة بنت ربيعة بن عبد العزى بن رزام بن بكر بن‬
‫هوازن‪ ،‬وامها فاطمة بنت الحارث بن بهثة بن سليم بن منصور‪.‬‬
‫والزدية‪ :‬ام قصى بن كلب‪ ،‬وهي فاطمة بنت سعد بن سهل )سيل ‪-‬‬
‫المحبر( انتهى أقول‪ :‬وزاد البغدادي في المحبر في الخير واحدة قال‪ :‬وام‬
‫بنى قصى حبى بنت حليل بن حبشية بن كعب بن سلول الخزاعية‪ ،‬وام‬
‫حبى فاطمة بنت نصر بن عوف بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن‬
‫خزاعة‪ (1) .‬الفناء بالكسر‪ :‬الساحة أمام البيت‪ .‬الرحيب‪ :‬المتسع‪.‬‬

‫] ‪[ 107‬‬

‫الكر )‪ ،(1‬والشجاعة‪ ،‬والتوكل والقناعة‪ ،‬والحوض والشفاعة‪ ،‬صاحب الدين‬


‫الظاهر‪ ،‬والحق الزاهر‪ ،‬والزمان الباهر‪ ،‬واللسان الذاكر‪ ،‬والبدن الصابر‪،‬‬
‫والقلب الشاكر‪ ،‬والصل الطاهر‪ ،‬والباء الخاير‪ ،‬والمهات الطواهر‪،‬‬
‫صاحب الضيآء والنور‪ ،‬والبركة والحبور )‪ ،(2‬واليمن والسرور‪ ،‬واللسان‬
‫الذكور )‪ ،(3‬والبدن الصبور‪ ،‬والقلب الشكور‪ ،‬والبيت المعمور‪ .‬كناه‪ :‬أبو‬
‫القاسم‪ ،‬وأبو الطاهر‪ ،‬وأبو الطيب‪ ،‬وأبو المساكين‪ ،‬أبو الدرتين‪ ،‬وأبو‬
‫الريحانتين‪ ،‬وأبو السبطين‪ .‬وفي التوراة أبو الرامل‪ ،‬وكناه جبرئيل بأبي‬
‫إبراهيم لما ولد إبراهيم‪ ،‬وإنما يكنى بأبي القاسم بأول ولد يقال له‪ :‬القاسم‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬لنه يقسم الجنة يوم القيامة‪ .‬صفاته‪ :‬راكب الجمل‪ ،‬آكل الذراع‪،‬‬
‫قابل الهدية‪ ،‬محرم الميتة‪ ،‬حامل الهراوة )‪ ،(4‬خاتم النبوة‪ .‬نسبه‪ :‬العربي‬
‫التهامي‪ ،‬البطحي اليثربي‪ ،‬المكي المدني‪ ،‬القرشي الهاشمي المطلبي‪ ،‬فهو‬
‫من جهة الب هاشمي‪ ،‬ومن جهة الم زهري‪ ،‬ومن الرضاع سعدي‪ ،‬و من‬
‫الميلد مكي‪ ،‬ومن النشاء مدني )‪ - 41 .(5‬قب‪ :‬أفراسه‪ :‬الورد‪ ،‬أهداه‬
‫التميم الداري‪ ،‬والطرب سمي لحسن صهيله )‪ ،(6‬ويقال‪ :‬هو الطرف )‪،(7‬‬
‫واللزاز وقد أهداه المقوقس‪ ،‬سمي بذلك لنه كان ملززا موثقا‪ ،‬واللحيف‬
‫أهداه ربيعة بن أبي البرا‪ ،‬وسمي بذلك لنه كان كالملتحف بعرفه‪،‬‬
‫والصحيح‬

‫)‪ (1‬الكر بالفتح‪ :‬الحملة في الحرب‪ (2) .‬الحبور‪ :‬السرور‪ .‬النعمة‪ (3) .‬الذكور‪:‬‬
‫الكثير الذكر‪ (4) .‬الهراوة‪ :‬العصا الضخمة كهراوة الفأس والمعلول‪،‬‬
‫وبالفارسية‪ " :‬جوب دستى "‪ (5) .‬مناقب آل أبي طالب ‪106 - 102 :1‬‬
‫للطبعة الولى في ايران‪ (6) .‬سمى لتشوقه وحسن صهيله‪ (7) .‬في‬
‫هامش النسخة‪ :‬الظرب ظ‪ ،‬وكلمة )ظ( علمة للظاهر‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 108‬‬

‫أنه الورد الذي أعطاه الداري‪ ،‬وسماه النبي صلى ال عليه واله اللحيف‪ ،‬والمرتجز‬
‫)‪ ،(1‬وهو المشترى من العرابي الذي شهد فيه خزيمة‪ ،‬والسكب وكان‬
‫أول فرس ركبه‪ ،‬وأول ما غزا عليه في احد‪ ،‬وكان ابتاعه من رجل من‬
‫فزارة‪ ،‬ويقال اسمه‪ :‬بريدة الملح‪ ،‬ومنها اليعسوب‪ ،‬والسبحة‪ ،‬وذو‬
‫العقال‪ ،‬والملوح‪ ،‬وقيل‪ :‬مراوح‪ .‬بغاله‪ :‬أهدى إليه المقوقس دلدل‪ ،‬وكانت‬
‫شهباء فدفعها إلى علي عليه السلم‪ ،‬ثم كانت للحسن عليه السلم ثم‬
‫للحسين عليه السلم‪ ،‬ثم كبرت‪ ،‬وعميت‪ ،‬وهي أول بغلة ركبت في السلم‪،‬‬
‫وقال التاريخي‪ :‬أهدى إليه فروة بن عمرو الجذامي بغلة يقال لها‪ :‬فضة‪.‬‬
‫حمره‪ :‬أهدى له المقوقس يعفور مع دلدل‪ ،‬وأعطاه فروة الجذامي عفير مع‬
‫فضة‪ .‬ابله‪ :‬العضباء وكانت ل تسبق‪ ،‬والجدعاء‪ ،‬والقصواء‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫القضوآء‪ ،‬وهي ناقة اشتراها النبي صلى ال عليه واله من أبي بكر بأربع‬
‫مأة درهم‪ ،‬وهاجر عليها‪ ،‬ثم نفقت عنده‪ ،‬و الصهباء‪ ،‬ومنها البغوم )‪،(2‬‬
‫والغيم‪ ،‬والنوق‪ ،‬ومروة‪ ،‬وكان له عشر لقاح يحلبها يسار كل ليلة قرينتين‬
‫)‪ (3‬عظيمتين يفرقهما على نسائه‪ ،‬منها‪ :‬مهرة‪ ،‬أرسل بها سعد بن عبادة‬
‫و الشقراء‪ ،‬والريا ابتاعهما بسوق النبط‪ ،‬والحباء )‪ ،(4‬والسمرا والعريس‬
‫والسعدية والبغوم واليسيرة وبردة وكانت منائح رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله سبع اعنز يرعاهن ابن ام أيمن‪ ،‬وهي عجوة‪ ،‬وزمزم‪ ،‬وسقيا‪،‬‬
‫وبركة‪ ،‬وورسة‪ ،‬وأطلل‪ ،‬وأطواف‪ ،‬وكانت له مائة من الغنم‪ ،‬وكان‬
‫محزنبق )‪ (5‬أحد بني النضير حبرا عالما أسلم‪ ،‬وقاتل مع رسول ال‪،‬‬
‫وأوصى بماله‬

‫)‪ (1‬سمى بذلك لحسن صهيله‪ (2) .‬اليعوم خ ل صح‪ (3) .‬قربتين خ ل‪ ،‬وهو‬
‫الموجود في المصدر‪ (4) .‬الخبا خ ل‪ (5) .‬هكذا في النسخة‪ ،‬والصحيح‬
‫كما في السيرة النبوية والمتاع والطبري‪ :‬مخيريق‪ ،‬قاتل مع رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله في احد‪ ،‬وقال حين خرج‪ :‬ان اصبت فاموالى لمحمد‬
‫صلى ال عليه وآله يضعها حيث أراد ال‪.‬‬

‫] ‪[ 109‬‬

‫لرسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وهو سبع حوائط‪ ،‬وهي المبيت )‪ ،(1‬والصائفة )‬
‫‪ ،(2‬والحسنى‪ ،‬وبرقة )‪ ،(3‬والعواف‪ ،‬والكل )‪ ،(4‬ومشربة ام إبراهيم‪،‬‬
‫وكان له صفايا )‪ (5‬ثلثة‪ :‬مال بني النضير‪ ،‬وخيبر‪ ،‬وفدك‪ ،‬فأعطى فدك‬
‫والعوالي )‪ (6‬فاطمة عليها السلم وروي أنه وقف عليها‪ ،‬وكان له من‬
‫الغنيمة الخمس‪ ،‬وصفي يصطفيه من المغنم ما شاء قبل القسمة‪ ،‬وسهمه‬
‫مع المسلمين كرجل منهم‪ ،‬وكانت له النفال‪ ،‬وكان ورث من أبيه ام أيمن‬
‫فأعتقها‪ ،‬وورث خمسة أجمال أوارك )‪ (7‬وقطعة )‪ (8‬غنم وسيفا‪.‬‬

‫)‪ (1‬الميثب خ ل‪ ،‬أقول‪ :‬وهكذا أيضا في من ل يحضره الفقيه‪ ،‬وهو بكسر الميم‪ ،‬ثم‬
‫الياء‪ ،‬ثم الثاء‪ ،‬ذكره الطريحي في مجمع البحرين في وثب وقال‪ :‬الميثب‬
‫بكسر الميم‪ :‬الرض السهلة وماء لعقيل‪ ،‬وماء بالمدينة احدى صدقاته‬
‫صلى ال عليه واله انتهى‪ ،‬وقال الصدوق في من ل يحضره الفقيه‪541 :‬‬
‫بعد ما ذكر وصية فاطمة عليها السلم بحوائطها السبعة‪ ،‬وعد منها‬
‫الميثب‪ :‬المسموع من ذكر أحد الحوائط الميثب‪ ،‬ولكني سمعت السيد أبا‬
‫عبد ال محمد بن الحسن الموسوي أدام ال توفيقه يذكر انها تعرف‬
‫عندهم بالميثم‪ (2) .‬الصافية خ ل‪ .‬أقول‪ :‬ذكرها الصدوق أيضا الصافية‪،‬‬
‫وأوردها الطريحي في مجمع البحرين في )صفا( وقال الصافية‪ :‬أحد‬
‫الحيطان السبعة لفاطمة عليها السلم‪ (3) .‬في من ل يحضره الفقيه‪:‬‬
‫البرقة‪ ،‬وضبطها الطريحي في مجمع البحرين بضم الباء وسكون الراء‬
‫وقال‪ :‬أحد الحيطان السبعة الموقوفة على فاطمة بنت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله في المدينة‪ (4) .‬الدلل خ ل صح أقول‪ :‬هو الموجود أيضا‬
‫في من ل يحضره الفقيه‪ ،‬وأوردها الطريح في )دلل( وعدها من الحطيان‬
‫السبعة‪ .‬الصفايا‪ :‬كل ما كان يأخذه النبي ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل‬
‫القسمة‪ (6) .‬في النهاية‪ :‬العوالي في غير موضع من الحديث‪ ،‬هي أماكن‬
‫بأعلى أراضي المدينة‪ ،‬و أدناها من المدينة على أربعة أميال‪ ،‬وأبعدها‬
‫من جهة نجد ثمانية‪ ،‬وفي الصحاح‪ :‬العالية ما فوق نجد إلى أرض‬
‫تهامة‪ ،‬وإلى ما وراء مكة وهي الحجاز وما والها‪ .‬وسيأتى ذكر العوالي‬
‫وفدك في المجلد الثامن حسب ترتيب المصنف المشتمل على ما وقع من‬
‫الجور والظلم على أهل بيت النبي صلى ال عليه وآله بعده‪ (7) .‬أحمال‬
‫أوراك خ ل‪ (8) .‬قطيعة خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 110‬‬

‫سيوفه‪ :‬ذو الفقار‪ ،‬والمخذم‪ ،‬والرسوب‪ ،‬ورثه من أبيه‪ ،‬والعضب‪ ،‬أعطاه سعد بن‬
‫عبادة‪ ،‬وأصاب من بني قينقاع بتارا‪ ،‬وحتفا‪ ،‬وسيفا قلعيا‪ .‬رماحه‪ :‬أصاب‬
‫ثلثا من بني قينقاع‪ ،‬وكان له رمح يقال له‪ :‬المستوفي‪ ،‬وكان له عنزة‬
‫يقال لها‪ :‬المثنى‪ ،‬أنفذها النجاشي‪ ،‬ويقال‪ :‬إن النجاشي أعطى للزبير‬
‫عنزة‪ ،‬فلما جاء إلى النبي صلى ال عليه واله أعطاه إياها‪ ،‬فكان بلل‬
‫يحملها بين يديه يوم العيد‪ ،‬ويخرج بها في أسفاره‪ ،‬فتركز بين يديه يصلي‬
‫إليها‪ ،‬ويقولون‪ :‬هي التي تحمل المؤذنون بين يدي الخلفاء‪ .‬دروعه‪ :‬ذات‬
‫الفضول أعطاها سعد بن عبادة‪ ،‬والفضة‪ ،‬ودرعان أصابهما من بني‬
‫قينقاع‪ ،‬وهما السعدية‪ ،‬وذات الوشاح‪ ،‬ويقال‪ :‬كانت عنده درع داود التي‬
‫لبسها لما قتل جالوت‪ .‬قسيه‪ :‬البيضاء‪ ،‬وكان من شوحط‪ ،‬والصفراء من‬
‫نبع‪ ،‬والروحاء‪ ،‬أصاب هذه الثلثة من بني قينقاع‪ ،‬والكرع ويقال‪ :‬كرار‪،‬‬
‫وكان له ترس يقال له‪ :‬الزلوق‪ ،‬وترس فيه تمثال رأس كبش أذهبه ال‪،‬‬
‫وكان له جعبة يقال لها‪ :‬الكافورة‪ ،‬ودخل مكة وعلى رأسه مغفر يقال له‪:‬‬
‫ذو السبوغ‪ ،‬ورأيته العقاب‪ ،‬ولواؤه أبيض‪ ،‬وكان له قضيب يسمى‬
‫الممشوق‪ ،‬ومحجن ومخصرة تسمى العرجون‪ ،‬ومنطقة من أديم مبشور‪،‬‬
‫فيها ثلث حلق من فضة والبزيم‪ ،‬والطرف من فضة‪ ،‬وكان له قدح‬
‫مضبب بثلث ضبات فضة‪ ،‬وتور من حجارة يقال له‪ :‬المخضب‪ ،‬وقدح من‬
‫زجاج‪ ،‬ومغتسل من صفر‪ ،‬وقطيفة‪ ،‬وقصعة‪ ،‬وخاتم فضة نقشه‪ " :‬محمد‬
‫رسول ال " وأهدى له النجاشي خفين أسودين ساذجين‪ ،‬فلبسهما‪ ،‬وقالت‬
‫عائشة‪ :‬كان فراش النبي صلى ال عليه واله الذي يرقد فيه من أدم )‪(1‬‬
‫حشوه ليف‪ ،‬وكانت ملحفته مصبوغة بورس أو زعفران‪ ،‬وكان يلبس يوم‬
‫الجمعة برده الحمر‪ ،‬ويعتم بالسحاب‪ .‬ودخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة‬
‫سوداء‪ ،‬وكانت له ربعة فيها مشط عاج ومكحلة ومقراش ومسواك‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬ترك يوم مات عشرة أثواب‪ :‬ثوب حبرة )‪ ،(2‬وإزارا عمانيا‪،‬‬
‫وثوبين صحاريين‪ ،‬و‬
‫)‪ (1‬الدم جمع الديم‪ :‬الجلد المدبوغ‪ (2) .‬الحبرة‪ :‬ضرب من برود أليمن‪.‬‬

‫] ‪[ 111‬‬

‫قميصا صحاريا‪ ،‬وقميصا سحوليا‪ ،‬وجبة يمنية‪ ،‬وخميصة‪ ،‬وكساء أبيض‪ ،‬وقلنس‬
‫صغارا لطئة ثلثا أو أربعا‪ ،‬وإزارا طوله ثلثة أشبار‪ ،‬وتوفي في إزار‬
‫غليظ من هذه اليمانية‪ ،‬وكساء يدعى بالملتدة‪ ،‬وكان له سرير أعطاه أسعد‬
‫بن زرارة‪ ،‬وكان منبره ثلثة مراقي من الطرفاء )‪ (1‬إستعملت امرأة لغلم‬
‫لها نجار اسمه ميمون‪ ،‬وكان مسجده بل منارة‪ ،‬وكان بلل يؤذن على‬
‫الرض‪ ،‬وكان شعار أصحاب رسول ال صلى ال عليه واله يا منصور‬
‫أمت‪ ،‬وقال لمزنية‪ :‬ما شعاركم ؟ قالوا‪ :‬حرام‪ ،‬قال‪ :‬شعاركم حلل‪ ،‬وكان‬
‫شعار المهاجرين يوم احد يا بني عبد ال‪ ،‬والخزرج يا بني عبد الرحمن‪،‬‬
‫والوس يا بني عبد ال )‪ .(2‬توضيح‪ :‬في القاموس‪ :‬الورد من الخيل بين‬
‫الكميت والشقر‪ .‬وفي المنتقى‪ :‬إن تميم الداري أهدى لرسول ال صلى ال‬
‫عليه واله فرسا يقال له‪ :‬الورد‪ .‬قوله‪ :‬لحسن صهيله‪ ،‬يظهر منه أنه‬
‫صححه بالطاء المهملة‪ ،‬والمضبوط في سائر الكتب بالمعجمة‪ ،‬قال في‬
‫النهاية‪ :‬الظرب ككتف‪ :‬الجبل الصغير‪ ،‬وفيه كان له صلى ال عليه واله‬
‫فرس يقال له‪ :‬الظرب تشبيها بالجبل لقوته‪ ،‬ويقال‪ :‬ظربت حوافر الدابة‪،‬‬
‫أي اشتدت وصلبت‪ ،‬وقال‪ :‬فيه إنه كان اسم فرسه صلى ال عليه واله‬
‫اللجيف‪ ،‬رواه بعضهم بالجيم‪ ،‬فإن صح فهو من السرعة‪ ،‬لن اللجيف سهم‬
‫عريض النصل‪ ،‬ورواه بعضهم بالحاء المهملة لطول ذنبه‪ ،‬فعيل بمعنى‬
‫فاعل‪ ،‬كأنه يلحف الرض بذنبه‪ ،‬أي يغطيها به‪ .‬وقال‪ :‬فيه إنه كان يوم بدر‬
‫على فرس يقال له‪ :‬سبحة‪ ،‬هو من قولهم‪ :‬فرس سابح إذا كان حسن مد‬
‫اليدين في الجري‪ .‬وفي القاموس‪ :‬السبحة بالفتح‪ :‬فرس للنبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ .‬وفي النهاية‪ :‬فيه إنه كان للنبي صلى ال عليه واله فرس يقال‬
‫له‪ :‬ذو العقال‪ ،‬العقال بالتشديد‪ :‬داء في رجلي الدواب‪ ،‬وقد يخفف‪ ،‬سمي‬
‫به لدفع عين السوء عنه‪ ،‬وقال‪ :‬في أسماء دوابه صلى ال عليه وآله إن‬
‫اسم فرسه ملوح‪ ،‬وهو الضامر الذي ل يسمن‪ ،‬والسريع العطش والعظيم‬
‫اللواح )‪ ،(3‬وقال في الحديث‪ :‬إنه خطب على ناقته القصواء‪ :‬هو لقب‬
‫ناقته‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬الطرفاء‪ :‬شجر يقال له بالفارسية‪ :‬كز‪ (2) .‬مناقب آل أبي طالب ‪- 116 :1‬‬
‫‪ (3) .118‬لوح الجسد‪ :‬عظمه ما خل قصب اليدين والرجلين أو كل عظم‬
‫منه فيه عرض كالكتف‪.‬‬
‫] ‪[ 112‬‬

‫القصواء‪ .‬الناقة التي قطع طرف اذنها‪ ،‬وكل ما قطع من الذن فهو جدع‪ ،‬فإذا بلغ‬
‫الربع فهو قصو‪ ،‬فإذا جاوز فهو عضب‪ ،‬فإذا استوصلت فهو صلم‪ ،‬ولم‬
‫تكن ناقته صلى ال عليه واله قصواء‪ ،‬وإنما كان هذا لقبا لها‪ ،‬وقيل كانت‬
‫مقطوعة الذن انتهى‪ .‬واللقاح جمع اللقوح وهي الناقة الحلوب‪ .‬والمهرة‬
‫بالضم‪ :‬ولد الفرس وغيره أول ما ينتج‪ ،‬والمنيحة والمنحة‪ :‬الغنم فيها لبن‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ذكر جماعة من اللغويين وأهل السير والمناقب من العامة أن‬
‫العضباء و الجدعاء والضر ماء والصلماء والمخضرمة كلها واحدة‪ ،‬وعدو‬
‫اللقاح حنا وسمر وعريس و سعدية ويعوم ويسير وربى ومهرية وبردة‪.‬‬
‫والمنايح‪ :‬زمزم‪ ،‬وسقيا‪ ،‬وبركة‪ ،‬ودرسينة وأطلل وأطراف وعجر‪ ،‬قوله‪:‬‬
‫أوارك قال الكازروني‪ :‬أي تأكل الراك‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬العضب‪:‬‬
‫القطع‪ .‬والسيف‪ .‬و قال‪ :‬البتر‪ :‬القطع‪ ،‬وسيف باتر وبتار‪ ،‬والحتف‪ :‬الهلك‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وعدوا من سيوفه القضيب‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنه أول سيف حمله‪ ،‬والقضيب‪:‬‬
‫السيف اللطيف الدقيق‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه وصف بصاحب القضيب بهذا المعنى‪.‬‬
‫قوله‪ :‬يقال له‪ :‬المثنى‪ ،‬قيل‪ ،‬هو المثوى‪ ،‬وقيل‪ :‬هما رمحان‪ .‬قال الجزري‪:‬‬
‫فيه إن رمح النبي صلى ال عليه واله كان اسمه المثوى‪ ،‬سمي به لنه‬
‫يثبت المطعون به من الثوى‪ :‬القامة‪ .‬قوله‪ :‬السعدية منهم من صححها‬
‫بالعين المهملة‪ ،‬ومنهم بالمعجمة‪ ،‬ومنهم بالصاد والمعجمة‪ ،‬وزاد بعضهم‬
‫في دروعه‪ :‬الخريق والبتراء‪ ،‬والكازروني صححه الخرنق بالنون كزبرج‪،‬‬
‫وقال‪ :‬لعلها سميت بذلك تشبيها بالناقة إذا خرنقت‪ ،‬وإنما يقال لها‪:‬‬
‫خرنقت‪ :‬إذا كثر لحم جنبيها‪ ،‬كالخرنق وهو ولد الرنب‪ .‬وقال الجزري‪ :‬فيه‬
‫كان لرسول ال صلى ال عليه واله درع يقال لها‪ :‬البتراء‪ ،‬سميت بذلك‬
‫لقصرها انتهى‪ .‬والشوحط‪ :‬شجر يتخذ منه القسي كالنبع‪ ،‬وعد من قسيه‬
‫الكتوم‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬سميت به لنخفاض صوتها إذا رمى عنها ومنها‬
‫السداد‪ .‬قال الجزري‪ :‬سميت به تفأل بإصابة ما يرمى عليها‪ ،‬وقال‪ :‬فيه‬
‫كان اسم ترسه صلى ال عليه واله الزلوق‪ ،‬أي تزلق عنه السلح فل‬
‫يخرقه‪ .‬قوله‪ :‬أذهبه ال‪ ،‬روي أنه اهدي إليه صلى ال عليه واله ترس‬
‫كان فيه تمثال كبش أو عقاب‪،‬‬

‫] ‪[ 113‬‬

‫وكان صلى ال عليه واله يكرهه‪ ،‬فوضع يده عليه فمحاه ال‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه وضعه‬
‫فلما أصبح لم ير فيه التمثال‪ ،‬وعد من أتراسه صلى ال عليه واله الفتق‬
‫والوفر‪ ،‬واختلف في أن المصور كان أحد هذه الثلثة أو غيرها‪ ،‬وقال‬
‫الجزري‪ :‬فيه إنه كان اسم كنانته الكافور‪ ،‬تشبيها بغلف الطلع وأكمام‬
‫الفواكه لنها تسترها وتقيها كالسهام في الكنانة انتهى‪ .‬وقيل‪ :‬كان اسم‬
‫الجعبة المنصلة‪ ،‬وقيل‪ :‬كان تسمى الجمع‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬سمي درعه‬
‫صلى ال عليه واله ذو السبوغ لتمامها وسعتها‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬كان ألويته‬
‫صلى ال عليه واله بيضاء‪ ،‬وربما جعل فيها السواد‪ ،‬وربما كان من خمر‬
‫نسائه‪ ،‬والمحجن بالكسر‪ :‬عصا معوجة الرأس كالصولجان‪ ،‬وقال‬
‫الجزري‪ :‬فيه أنه خرج إلى البقيع ومعه مخصرة له‪ ،‬المخصرة‪ :‬ما يختصر‬
‫النسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب‪ ،‬وقد يتكئ‬
‫عليه‪ .‬قوله‪ :‬مبشور أي مقشور‪ ،‬قال الجزري‪ :‬بشرت الديم‪ :‬إذا أخذت‬
‫باطنه بالشفرة‪ .‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬البزيم بالكسر‪ :‬الذي في رأس‬
‫المنطقة وما أشبهه‪ ،‬وهو ذو لسان يدخل فيه الطرف الخر انتهى‪.‬‬
‫والضب‪ :‬اللصوق‪ ،‬والضبة‪ :‬حديدة عريضة يضبب بها الباب‪ ،‬والتور‪ :‬شبه‬
‫الجانة )‪ .(1‬وقال الجزري‪ :‬الورس‪ :‬نبت أصفر يصبغ به‪ ،‬وقال الربعة‪:‬‬
‫إناء مربع كالجونة‪ ،‬وقال‪ :‬فيه كفن رسول ال صلى ال عليه واله في‬
‫ثوبين صحاريين‪ ،‬صحار‪ :‬قرية باليمن نسب الثوب إليها‪ ،‬وقيل‪ :‬هو من‬
‫الصحرة‪ ،‬وهي حمرة خفية كالغبرة‪ ،‬يقال‪ :‬ثوب أصحر وصحارى‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫فيه أنه كفن في ثلثة أثواب سحولية‪ ،‬يروى بفتح السين وضمها‪ ،‬فالفتح‬
‫منسوب إلى السحول وهو القصار‪ ،‬أو إلى سحول وهي قرية باليمن‪ ،‬وأما‬
‫بالضم فهو جمع سحل‪ ،‬وهو الثوب البيض النقي‪ ،‬ول يكون إل من قطن‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬اسم القرية بالضم أيضا‪ ،‬وقال‪ :‬الخميصة‪ :‬ثوب خز أو صوف معلم )‬
‫‪ ،(2‬وقيل‪ :‬ل تسمى خميصة إل أن تكون سوداء معلمة‪ .‬قوله‪ ،‬لطئة أي‬
‫لصقة بالرأس‪ ،‬والملبد‪ :‬المرقع‪ - 42 .‬قب‪ :‬قوله‪ :‬محمد رسول ال قد‬
‫سماه ال بهذا السم في أربعة مواضع‪ " :‬وما محمد إل رسول * ما كان‬
‫محمد أبا أحد * وآمنوا بما نزل على محمد * ومحمد رسول ال " قال‬

‫)‪ (1‬الجانة‪ :‬إناء تغسل فيه الثياب‪ (2) .‬من أعلم الثوب‪ :‬جعل له علما من طراز‬
‫وغيره‪.‬‬

‫] ‪[ 114‬‬

‫سيبويه‪ :‬أحمد على وزن أفعل يدل على فضله على سائر النبياء لنه ألف التفضيل‪،‬‬
‫و محمد على وزن مفعل‪ ،‬فالنبياء محمودون‪ ،‬وهو أكثر حمدا من‬
‫المحمود‪ ،‬والتشديد للمبالغة‪ ،‬يدل على أنه كان أفضلهم‪ .‬أنس قال رجل في‬
‫السوق‪ :‬يا أبا القاسم‪ ،‬فالتفت إليه رسول ال صلى ال عليه واله فقال‬
‫الرجل‪ :‬إنما أدعو ذاك‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬سموا باسمي‪ ،‬ول تكتنوا‬
‫بكنيتي‪ .‬أبو هريرة إنه قال‪ :‬ل تجمعوا بين اسمي وكنيتي‪ ،‬أنا أبو القاسم‪،‬‬
‫ال يعطي وأنا اقسم‪ .‬وروي أن قريشا لما بنت البيت وأرادت وضع الحجر‬
‫تشاجروا في وضعه حتى كاد القتال يقع‪ ،‬فدخل رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله فقالوا‪ :‬يا محمد المين قد رضينا بك‪ ،‬فأمر بثوب فبسط ووضع الحجر‬
‫في وسطه‪ ،‬ثم أمر من كل فخذ )‪ (1‬من أفخاذ قريش أن يأخذ جانب الثوب‪،‬‬
‫ثم رفعوا‪ ،‬فأخذه رسول ال صلى ال عليه واله بيده فوضعه‪ .‬ويروي أنه‬
‫كان يسمي المين قبل ذلك بكثير وهو الصحيح )‪ - 43 .(2‬عم‪ :‬البخاري‬
‫في الصحيح عن جبير بن مطعم قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫يقول‪ :‬إن لي أسماء‪ ،‬أنا محمد‪ ،‬وأنا أحمد‪ ،‬وأنا الماحي يمحو ال بي‬
‫الكفر‪ ،‬وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي‪ ،‬وأنا العاقب الذي ليس بعده‬
‫أحد‪ .‬وقيل‪ :‬إن الماحي الذي يمحي به سيئات من اتبعه‪ .‬وفي خبر آخر‪:‬‬
‫المقفي‪ ،‬ونبي التوبة‪ ،‬ونبي الملحمة‪ ،‬والخاتم‪ ،‬والغيث‪ ،‬والمتوكل‪،‬‬
‫وأسماؤه في كتب ال السالفة كثيرة‪ ،‬منها مؤذ مؤذ بالعبرية في التوراة‪،‬‬
‫وفارق في الزبور )‪ - 44 .(3‬كشف‪ :‬من أسمائه صلى ال عليه واله أحمد‪،‬‬
‫وقد نطق به القرآن أيضا‪ ،‬واشتقاقه من الحمد كأحمر من الحمرة‪ ،‬ويجوز‬
‫أن يكون نعتا في الحمد‪ ،‬قال ابن عباس رضي ال عنه‪:‬‬

‫)‪ (1‬الفخذ‪ :‬ما انقسم فيه أنساب البطن كبنى هاشم وبنى امية‪ (2) .‬مناقب آل أبي‬
‫طالب ‪ (3) .162 :1‬اعلم الورى‪ 6 :‬وفيه‪ :‬وفاروق في الزبور‪.‬‬

‫] ‪[ 115‬‬

‫اسمه في التوارة أحمد الضحوك )‪ (1‬القتال‪ ،‬يركب البعير‪ ،‬ويلبس الشملة‪ ،‬ويجتزي‬
‫بالكسرة‪ ،‬سيفه على عاتقه‪ .‬ومن أسمائه الماحي‪ ،‬عن جبير بن مطعم‪ ،‬عن‬
‫أبيه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إن لي أسماء‪ :‬أنا محمد‪ ،‬وأنا‬
‫أحمد‪ ،‬وأنا الماحي يمحى بي الكفر‪ ،‬وقيل‪ :‬يمحى به سيئات من اتبعه‪،‬‬
‫ويجوز أن يمحى به الكفر وسيئات تابعيه‪ ،‬وأنا الحاشر يحشر الناس على‬
‫قدمي‪ ،‬وأنا العاقب وهو الذي ل نبي بعده‪ ،‬وكل شئ خلف شيئا فهو عاقب‪،‬‬
‫والمقفي وهو بمعنى العاقب لنه تبع النبياء يقال‪ :‬فلن يقفو أثر فلن أي‬
‫يتبعه‪ .‬ومن أسمائه صلى ال عليه واله‪ :‬الشاهد‪ ،‬لنه يشهد في القيامة‬
‫للنبياء بالتبليغ‪ ،‬وعلى المم أنهم )‪ (2‬بلغوا‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬فكيف إذا‬
‫جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلء شهيدا " أي شاهدا‪ ،‬وقال ال‬
‫تعالى‪ " :‬وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون‬
‫الرسول عليكم شهيدا " والمبشر من البشارة‪ ،‬لنه بشر )‪ (3‬أهل الجنة‬
‫بالجنة‪ ،‬والنذير لهل النار بالخزي نعوذ بال العظيم‪ ،‬والداعي إلى ال‬
‫لدعائه إلى ال وتوحيده وتمجيده‪ ،‬والسراج المنير‪ ،‬فلضاءة الدنيا به‪،‬‬
‫ومحو الكفر بأنوار رسالته‪ ،‬كما قال العباس عمه رضي ال عنه‪ ،‬يمدحه )‬
‫‪ :(4‬وأنت لما ولدت أشرقت * الرض وضاءت بنورك الفق فنحن في ذلك‬
‫الضياء وفي * النور وسبل الرشاد نخترق )‪ (5‬ومن أسمائه‪ :‬نبي الرحمة‪،‬‬
‫قال ال عزوجل‪ " :‬وما أرسلناك إل رحمة للعالمين " قال صلى ال عليه‬
‫واله‪ " :‬إنما أنا رحمة مهداة " والرحمة في كلم العرب العطف والرأفة‬
‫والشفاق‪ ،‬وكان بالمؤمنين رحيما كما وصفه ال تعالى‪ ،‬وقال عمه أبو‬
‫طالب رحمه ال يمدحه‪:‬‬

‫)‪ (1‬الضحوك‪ :‬الكثير الضحك‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بأنهم‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يبشر أهل‬
‫اليمان بالجنة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬يمدحه شعرا‪ (5) .‬خرق المفازة‪ :‬قطعها‬
‫حتى بلغ أقصاها‪ .‬واخترق الرض‪ :‬مر فيها عرضا على غير طريق‪.‬‬

‫] ‪[ 116‬‬

‫وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للرامل )‪ (1‬ومن أسمائه‪:‬‬
‫نبي الملحمة‪ ،‬ورد في الحديث‪ ،‬والملحمة‪ :‬الحرب‪ ،‬وسمي بذلك لنه بعث‬
‫بالذبح‪ ،‬روي أنه سجد يوما فأتى بعض الكفار بسلى )‪ (2‬ناقة فألقاه على‬
‫ظهره‪ ،‬والسلى بالقصر‪ :‬الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا معشر قريش أي جوار هذا ؟ والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم‬
‫بالذبح‪ ،‬فقام إليه أبو جهل ولذ به من بينهم‪ ،‬وقال‪ :‬يا محمد ما كنت‬
‫جهول‪ ،‬وسمي نبى الملحمة بذلك‪ .‬ومن أسمائه صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫الضحوك كما تقدم أنه ورد في التوراة‪ ،‬وإنما سمي بذلك لنه كان طيب‬
‫النفس‪ ،‬وقد ورد أنه كانت فيه دعابة‪ ،‬وقال‪ :‬إني لمزح ول أقول إل حقا‪،‬‬
‫وقال لعجوز‪ :‬الجنة ل يدخلها العجز‪ ،‬فبكت فقال‪ :‬إنهن يعدن أبكارا‪ .‬وروي‬
‫عنه مثل هذا كثير )‪ ،(3‬وكان يضحك حتى يبدو ناجده‪ ،‬وقد ذكر ال‬
‫سبحانه لنبيه لينه ورقته‪ ،‬فقال‪ " :‬فبما رحمة من ال لنت لهم ولو كنت‬
‫فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك " وكذلك كانت صفته صلى ال عليه‬
‫واله على كثرة من ينتابه )‪ (4‬من جفات العرب‪ ،‬وأجلف البادية‪ ،‬ل يراه‬
‫أحد ذا ضجر‪ ،‬ول ذا جفآء‪ ،‬ولكن لطيفا في المنطق‪ ،‬رفيقا في المعاملت‪،‬‬
‫لينا عند الجوار‪ ،‬كان وجهه إذا عبست الوجوه دارة القمر عند امتلء‬
‫نوره‪ ،‬صلى ال عليه وآله الطاهرين‪.‬‬

‫)‪ (1‬ثمال اليتامى‪ :‬غياثهم الذي يقوم بأمرهم‪ .‬وعصمة للرامل‪ ،‬العصمة‪ :‬المنعة‪.‬‬
‫والرامل‪ :‬المساكين من رجال ونساء‪ ،‬ويقال لكل واحد من الفريقين على‬
‫انفراده أرامل‪ ،‬وهو بالنساء أخص وأكثر استعمال‪ ،‬ومعناه يمنعهم من‬
‫الضياع والحاجة‪ .‬وقد يذكر الرمل والرملة ويريد بالول من ماتت‬
‫زوجته‪ .‬وبالثانى الذي مات زوجها‪ (2) .‬السلى‪ :‬الجلد الرقيق الذى يخرج‬
‫فيه الولد من بطن امه ملفوفا فيه‪ ،‬وقيل‪ :‬هو في الماشية السلى‪ ،‬وفي‬
‫الناس المشيمة والول أشبه‪ ،‬لن المشيمة تخرج بعد الولد ول يكون‬
‫الولد فيها حين يخرج‪ .‬قاله الجزري في النهاية‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪:‬‬
‫المشيمة‪ :‬محل الولد‪ ،‬ومثله قال غيره‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬كثيرا‪(4) .‬‬
‫انتابه‪ :‬أتاه مرة بعد اخرى‪.‬‬

‫] ‪[ 117‬‬

‫ومن أسمائه‪ :‬القتال‪ ،‬سيفه على عاتقه‪ ،‬سمي بذلك لحرصه على الجهاد‪،‬‬
‫ومسارعته إلى القراع‪ ،‬ودؤوبه )‪ (1‬في ذات ال‪ ،‬وعدم إحجامه‪ ،‬ولذلك‬
‫قال علي عليه السلم‪ :‬كنا إذا احمر البأس اتقيناه برسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬لم يكن أحد أقرب )‪ (2‬إلى العدو منه‪ ،‬وذلك المشهور من فعله‬
‫يوم احد‪ ،‬إذ ذهب القوم في سمع الرض وبصرها‪ ،‬ويوم حنين إذ ولوا‬
‫مدبرين‪ ،‬وغير ذلك من أيامه صلى ال عليه واله حتى أذل بإذن ال‬
‫صناديدهم‪ ،‬وقتل طواغيتهم ودوحهم )‪ ،(3‬واصطلم جماهيرهم‪ ،‬وكلفه ال‬
‫القتال بنفسه‪ ،‬فقال‪ " :‬ل تكلف إل نفسك " فسمي صلى ال عليه واله‬
‫القتال‪ .‬ومن أسمائه‪ :‬المتوكل‪ ،‬وهو الذي يكل اموره إلى ال‪ ،‬فإذا أمره )‬
‫‪ (4‬بشئ نهض غير هيوب ول ضرع )‪ ،(5‬واشتقاقه من قولنا‪ :‬رجل وكل‪،‬‬
‫أي ضعيف‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله إذا دهمه )‪ (6‬أمر عظيم‪ ،‬أو نزلت‬
‫به ملمة )‪ (7‬راجعا إلى ال عزوجل غير متوكل على حول نفسه وقوتها‪،‬‬
‫صابرا على الضنك )‪ (8‬والشدة‪ ،‬غير مستريح إلى الدنيا ولذاتها‪ ،‬ل يسحب‬
‫إليها ذيل‪ ،‬وهو القائل‪ " :‬ما لي وللدنيا إنما مثلي والدنيا كراكب أدركه‬
‫المقيل في أصل شجرة فقال )‪ (9‬في ظلها ساعة ومضى "‪ .‬وقال صلى ال‬
‫عليه واله‪ " :‬إذ أصبحت آمنا في سربك )‪ ،(10‬معافى في بدنك‪ ،‬عندك‬
‫قوت يومك‬

‫)‪ (1‬دأب دؤوبا في العمل‪ :‬جد وتعب واستمر عليه‪ .‬وأحجم عن المر‪ :‬كف أو نكص‬
‫هيبة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لم يكن منا أحد أقرب‪ (3) .‬أي وفرقهم‪ .‬وفي‬
‫المصدر‪ :‬دوخهم بالمعجمة أي ذللهم‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فإذا أمره ال‪) .‬‬
‫‪ (5‬ضرع‪ :‬من ضعف وتذلل‪ (6) .‬أي غشيه‪ (7) .‬الملمة‪ :‬النازلة الشديدة‬
‫من نوازل الدنيا‪ (8) .‬الضنك‪ :‬الضيق من كل شئ‪ (9) .‬قال يقيل قيلولة‪:‬‬
‫نام في منتصف النهار‪ (10) .‬السرب بالفتح والكسر‪ :‬الطريق‪ ،‬وبتحريك‬
‫الراء‪ :‬حجر الوحشى‪ .‬وما في الحديث هو المعنى الول‪ ،‬أو الثاني كناية‬
‫عن البيت‪ .‬ويأتى السرب بالكسر أيضا بمعنى القلب والنفس‪ ،‬فيكون‬
‫المعنى آمنا في نفسك‪.‬‬

‫] ‪[ 118‬‬
‫فعلى الدنيا العفاء " وقال لبعض نسائه‪ " :‬ألم أنهك أن تحبسي شيئا لغد فإن ال‬
‫يأتي برزق كل غد "‪ .‬ومن أسمائه صلى ال عليه واله‪ :‬القثم‪ ،‬وله‬
‫معنيان‪ :‬أحدهما من القثم وهو العطاء لنه كان أجود بالخير من الريح‬
‫الهابة‪ ،‬يعطي فل يبخل‪ ،‬ويمنح فل يمنع‪ ،‬وقال العرابي الذي سأله‪ :‬إن‬
‫محمدا يعطي عطاء من ل يخاف الفقر‪ .‬وروي أنه أعطى يوم هوازن من‬
‫العطايا ما قوم خمسمائة ألف ألف وغير ذلك مما ل يحصى‪ ،‬والوجه الخر‬
‫أنه من القثم وهو الجمع يقال للرجل الجموع للخير‪ :‬قثوم وقثم‪ ،‬كذا حدث‬
‫به الخليل‪ ،‬فإن كان هذا السم من هذا فلم تبق منقبة رفيعة ول خلة )‪(1‬‬
‫جليلة ول فضيلة نبيلة إل وكان لها جامعا‪ ،‬قال ابن فارس‪ :‬والول أصح‬
‫وأقرب‪ .‬ومن أسمائه‪ :‬الفاتح‪ :‬لفتحه أبواب اليمان المنسدة‪ ،‬وإنارته الظلم‬
‫المسودة‪ ،‬قال ال تعالى في قصة من قال‪ " :‬ربنا افتح بيننا وبين قومنا‬
‫بالحق " أي احكم‪ ،‬فسمي صلى ال عليه واله فاتحا لن ال سبحانه حكمه‬
‫في خلقه يحملهم على المحجة البيضاء‪ ،‬ويجوز أن يكون من فتحه ما‬
‫استغلق من العلم‪ ،‬وكذا روي عن علي عليه السلم أنه كان يقول في‬
‫صفته‪ " :‬الفاتح لما استغلق " والوجهان متقاربان‪ .‬ومن أسمائه صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬المين‪ ،‬وهو مأخوذ من المانة وأدائها‪ ،‬وصدق الوعد‪ ،‬وكانت‬
‫العرب تسميه بذلك قبل مبعثه‪ ،‬لما شاهدوه من أمانته‪ ،‬وكل من أمنت منه‬
‫الخلف والكذب فهو أمين‪ ،‬ولهذا وصف به جبرئيل عليه السلم فقال‪" :‬‬
‫مطاع ثم أمين "‪ .‬ومن أسمائه صلى ال عليه واله‪ :‬الخاتم‪ ،‬قال ال تعالى‪:‬‬
‫" وخاتم النبيين " من قولك‪ :‬ختمت الشئ أي تممته‪ ،‬وبلغت آخره‪ ،‬وهي‬
‫خاتمة الشئ وختامه‪ ،‬ومنه ختم القرآن " وختامه مسك " أي آخر ما‬
‫يستطعمونه عند فراغهم من شربه ريح المسك‪ ،‬فسمي به لنه آخر النبيين‬
‫بعثة )‪ (2‬وإن كان في الفضل أول قال صلى ال عليه واله‪ " :‬نحن‬
‫الخرون السابقون يوم‬

‫)‪ (1‬في نسخه من المصدر‪ :‬الخصلة‪ .‬والمعنى واحد‪ (2) .‬فهو تمم النبوة بمجيئه‪،‬‬
‫فل يأتي بعده نبي ول رسول‪.‬‬

‫] ‪[ 119‬‬

‫القيامة " يريد أنهم اتوا الكتاب من قبلنا‪ ،‬واوتيناه من بعدهم‪ ،‬فأما المصطفى فقد‬
‫شاركه فيه النبياء صلى ال عليه وعليهم أجمعين‪ ،‬ومعنى الصطفاء‬
‫الختيار‪ ،‬وكذلك الصفوة والخيرة‪ ،‬إل أن اسم المصطفى على الطلق ليس‬
‫إل له صلى ال عليه واله‪ ،‬لنا نقول‪ :‬آدم مصطفى‪ ،‬نوح مصطفى‪ ،‬إبراهيم‬
‫مصطفى‪ ،‬فإذا قلنا‪ :‬المصطفى تعين صلى ال عليه واله‪ ،‬وذلك من أرفع‬
‫مناقبه وأعلى مراتبه‪ .‬ومن أسمائه صلى ال عليه واله‪ ،‬الرسول النبي‬
‫المي‪ ،‬والرسول والنبى‪ ،‬قد شاركه فيهما النبياء عليهم السلم والرسول‬
‫من الرسالة والرسال‪ ،‬والنبي يجوز أن يكون من النباء‪ :‬الخبار )‪،(1‬‬
‫ويحتمل أن يكون من نبأ‪ :‬إذا ارتفع‪ ،‬سمي بذلك لعلو مكانه‪ ،‬ولنه خيرة‬
‫ال من خلقه‪ ،‬وأما المي فقال قوم‪ :‬إنه منسوب إلى مكة‪ ،‬وهي ام القرى‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪ " :‬بعث في الميين رسول " وقال آخرون‪ :‬أراد الذي ل‬
‫يكتب‪ ،‬قال ابن فارس‪ :‬وهذا هو الوجه‪ ،‬لنه أدل على معجزه‪ ،‬وإن ال )‪(2‬‬
‫علمه علم الولين والخرين‪ ،‬ومن علم الكائنات ما ل يعلمه إل ال تعالى‪،‬‬
‫وهو امي‪ ،‬والدليل عليه قوله تعالى‪ " :‬وما كنت تتلو من قبله من كتاب ول‬
‫تخطه بيمينك إذا لرتاب المبطلون " وروي عنه‪ " :‬نحن امة امية ل نقرء‬
‫ول نكتب " وقد روي غير هذا‪ .‬ومن أسمائه صلى ال عليه واله‪ :‬يا أيها‬
‫المزمل‪ ،‬يا أيها المدثر‪ ،‬ومعناهما واحد‪ ،‬يقال‪ :‬زمله في ثوبه أي لفه‪،‬‬
‫وتزمل بثيابه أي تدثر‪ ،‬والكريم في قوله تعالى‪ " :‬إنه لقول رسول كريم "‬
‫وسماه نورا في قوله تعالى‪ " :‬ولقد جاءكم من ال نور وكتاب مبين "‪.‬‬
‫ونعمة في قوله تعالى‪ " :‬يعرفون نعمة ال ثم ينكرونها " وعبدا في قوله‬
‫تعالى‪ " :‬نزل الفرقان على عبده " ل تدعني )‪ (3‬إل بيا عبده‪ ،‬فإنه أشرف‬
‫أسمائي‪ ،‬ورؤوفا ورحيما في قوله تعالى‪ " :‬بالمؤمنين رؤوف رحيم "‬
‫وسماه عبد ال في قوله‪ " :‬وإنه لما قام عبد ال يدعوه " وسماه طه‬
‫ويس ومنذرا في قوله تعالى‪ " :‬إنما أنت منذر " ومذكرا في قوله تعالى‪:‬‬
‫" إنما أنت مذكر "‪.‬‬

‫)‪ (1‬في طبعة‪ :‬وهو الخبار‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فان ال‪ (3) .‬هكذا في النسخة‬
‫والمصدر‪ ،‬واستظهر المصنف في الهامش أن الصحيح‪ :‬وقال‪ :‬ل تدعني‪.‬‬

‫] ‪[ 120‬‬

‫ونبي التوبة‪ ،‬وروى البيهقي في كتاب دلئل النبوة بإسناده عن ابن عباس قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ " :‬إن ال خلق الخلئق قسمين فجعلني في‬
‫خيرهما قسما‪ ،‬وذلك قوله تعالى‪ " :‬وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال "‬
‫فأنا من أصحاب اليمين‪ ،‬وأنا من خير أصحاب اليمين‪ ،‬ثم جعل القسمين‬
‫أثلثا فجعلني في خيرهما ثلثا " وقد رواه ابن الخضر الجنابذي‪ ،‬وذكر في‬
‫كتابه معالم العترة النبوية‪ ،‬فذلك قوله‪ " :‬وأصحاب الميمنة * وأصحاب‬
‫المشئمة * والسابقون السابقون " فأنا من السابقين‪ ،‬وأنا خير السابقين‪،‬‬
‫ثم جعل ال ثلث قبائل فجعلني في خيرهما قبيلة‪ ،‬وذلك قوله تعالى‪" :‬‬
‫جعلناكم شعوبا وقبائل )‪ " (1‬فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على ال ول فخر‪،‬‬
‫ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا‪ ،‬وذلك قوله عزوجل‪ " :‬إنما‬
‫يريد ال ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فأنا وأهل‬
‫بيتي مطهرون من الذنوب )‪ .(2‬قال عمه أبو طالب رضي ال عنه )‪:(3‬‬
‫وشق له من اسمه كي يجله * فذو العرش محمود وهذا محمد وقيل‪ :‬إنه‬
‫لحسان )‪ (4‬من قصيدة أولها‪ :‬ألم تر أن ال أرسل عبده * وبرهانه وال‬
‫أعلى وأمجد ومن صفاته صلى ال عليه واله التي وردت في الحديث‪:‬‬
‫راكب الجمل‪ ،‬ومحرم الميتة‪ ،‬وخاتم النبوة‪ ،‬وحامل الهراوة‪ ،‬وهي العصا‬
‫الضخمة‪ ،‬والجمع الهراوى‪ ،‬بفتح الواو مثال المطايا‪ ،‬ورسول الرحمة‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن اسمه في التوراة مادماد‪ ،‬وصاحب الملحمة‪ ،‬وكنيته أبو الرامل‪،‬‬
‫واسمه في النجيل الفارقليط‪ ،‬وقال‪ " :‬أنا الول والخر " أول في النبوة )‬
‫‪ ،(5‬وآخر في البعثة‪ ،‬وكنيته أبو القاسم‪ ،‬وروى أنس أنه لما ولد له‬
‫إبراهيم من مارية القبطية أتاه‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا‪ (2) .‬زاد في المصدر هنا‪ :‬وقد‬
‫رواه ابن الخضر في كتاب )به خ( معالم العترة النبوية‪ (3) .‬قبله‪ :‬لقد‬
‫أكرم ال النبي محمدا * فأكرم خلق ال في الناس أحمد‪ (4) .‬بل ضمن‬
‫حسان قصيدته هذا البيت‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬لنه أول في النبوة‪.‬‬

‫] ‪[ 121‬‬

‫جبريل عليه السلم فقال‪ :‬السلم عليك أبا إبراهيم‪ ،‬أو يا أبا إبراهتم صلى ال عليه‬
‫واله )‪ .(1‬توضيح‪ :‬قال في النهاية‪ :‬الموت الحمر‪ :‬القتل‪ ،‬لما فيه من‬
‫حمرة الدم أو لشدته‪ ،‬يقال‪ :‬موت أحمر‪ ،‬أي شديد‪ ،‬ومنه حديث علي عليه‬
‫السلم‪ " :‬كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول ال صلى ال عليه واله " أي‬
‫إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو به‪ ،‬وجعلناه لنا وقاية‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد إذا‬
‫اضطرمت نار الحرب وتسعرت‪ ،‬كما يقال في الشر بين القوم‪ :‬اضطرمت‬
‫نارهم‪ ،‬تشبيها بحمرة النار‪ ،‬وكثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫في حديث قيلة‪ " :‬ل تخبر اختي فتتبع أخا بكر بن وائل سمع الرض‬
‫وبصرها " يقال‪ :‬خرج فلن بين سمع الرض وبصرها‪ :‬إذا لم يدر أين‬
‫يتوجه لنه يقع على الطريق‪ ،‬وقيل‪ :‬أرادت بين طول الرض وعرضها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أرادت بين سمع أهل الرض وبصرها‪ ،‬فحذفت المضاف‪ ،‬ويقال‬
‫للرجل إذا غرر بنفسه وألقاها حيث ل يدري‪ :‬أين هو ؟ ألقى نفسه بين‬
‫سمع الرض وبصرها‪ ،‬وقال الزمخشري‪ :‬هو تمثيل‪ ،‬أي ل يسمع كلمهما‬
‫ول يبصرهما إل الرض‪ ،‬يعني اختها والبكري الذي تصحبه‪ .‬وقال في قوله‬
‫عليه السلم‪ " :‬فعلى الدنيا العفآء " أي الدروس‪ ،‬وذهاب الثر‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫العفاء‪ :‬التراب‪ - 45 .‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يلبس‬
‫من القلنس اليمنة )‪ (2‬والبيضاء والمضربة وذات الذنين في الحرب‪،‬‬
‫وكانت عمامته السحاب‪ ،‬وكانت )‪ (3‬له برنس يتبرنس به )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال‬
‫الجزري‪ :‬البرنس هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة‪ ،‬أو جبة أو‬
‫ممطر أو غيره‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬هو قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك في‬
‫صدر السلم‪ - 46 .‬كا‪ :‬علي عن أبيه‪ :‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن بعض‬
‫أصحابنا )‪ ،(5‬عن أبي عبد ال‬

‫)‪ (1‬كشف الغمة‪ (2) .64 :‬في المصدر‪ :‬اليمنية‪ .‬وكلهما صحيحان‪ (3) .‬والصحيح‬
‫كما في المصدر‪ :‬وكان‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ (5) .208 :2‬في المصدر‪:‬‬
‫بعض أصحابه‪.‬‬

‫] ‪[ 122‬‬

‫عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يلبس قلنسوة بيضاء مضربة‪،‬‬
‫وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها اذنان )‪ - 47 .(1‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫كان خاتم رسول ال صلى ال عليه واله من ورق )‪ - 48 .(2‬كا‪ :‬محمد بن‬
‫يحي‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬و‬
‫معاوية بن وهب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان خاتم رسول ال‬
‫عليه السلم من ورق‪ ،‬قال‪ :‬قلت له‪ :‬كان فيه فص ؟ قال‪ :‬ل )‪ - 49 .(3‬كا‪:‬‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن عبد الرحمن بن هاشم )‪،(4‬‬
‫عن أبي خديجة قال‪ :‬الفص مدور‪ ،‬وقال‪ :‬هكذا كان خاتم رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله )‪ - 50 .(5‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن جعفر بن محمد‬
‫الشعري‪ ،‬عن ابن القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم إن النبي صلى ال‬
‫عليه واله كان يتختم بيمينه )‪ - 51 .(6‬ثو‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن‬
‫الشعري‪ ،‬عن يوسف بن السخت‪ ،‬عن الحسن بن سهل‪ ،‬عن ابن مهزيار‬
‫قال‪ :‬دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلم فرأيت في يده خاتما فصة‬
‫)‪ (7‬فيروزج نقشه " ال الملك "‪ ،‬قال‪ :‬فأدمت النظر إليه فقال‪ :‬ما لك‬
‫تنظر فيه ؟ هذا حجر أهداه جبرئيل عليه السلم لرسول ال صلى ال عليه‬
‫واله من الجنة‪ ،‬فوهبه رسول ال صلى ال عليه واله لعلي عليه السلم )‬
‫‪ - 52 .(8‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ ،‬عن واصل بن‬
‫سليمان‪ ،‬عن عبد ال‬

‫)‪ (1‬الفروع ‪ (2) .208 :2‬الفروع ‪ (3) .210 :2‬الفروع ‪ (4) .210 :2‬هكذا في‬
‫النسخة المخطوطة والمطبوعة‪ ،‬والصحيح كما في المصدر‪ :‬عبد الرحمن‬
‫بن أبى هاشم راجع كتب الرجال‪ (5) .‬الفروع ‪ (6) .210 :2‬الفروع ‪:2‬‬
‫‪ .210‬وفيه‪ :‬في يمينه‪ (7) .‬فصه خ‪ (8) .‬ثواب العمال‪ 169 :‬و ‪.170‬‬
‫] ‪[ 123‬‬

‫ابن سنان قال‪ :‬ذكرنا خاتم رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال تحب أن اريكه ؟‬
‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬فدعا بحق مختوم ففتحه وأخرجه في قطنة‪ ،‬فإذا حلقة فضة‪،‬‬
‫وفيه فص أسود‪ ،‬عليه مكتوب سطران‪ :‬محمد رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬ثم قال‪ :‬إن‬
‫فص النبي صلى ال عليه واله أسود )‪ - 53 .(1‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان نعل سيف‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله وقائمته فضة‪ ،‬وبين ذلك حلق من فضة‪،‬‬
‫ولبست درع رسول ال صلى ال عليه واله فكنت أسحبها )‪ (2‬وفيها ثلث‬
‫حلقات فضة من بين يديها وثنتان من خلفها )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬فيه‬
‫كان نعل سيف رسول ال صلى ال عليه واله من فضة‪ ،‬نعل السيف‪:‬‬
‫الحديدة التي تكون في أسفل القراب انتهى‪ ،‬وقائم السيف وقائمته‪ :‬مقبضه‪.‬‬
‫‪ - 54‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن معلى بن محمد‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن مثنى‪،‬‬
‫عن حاتم ابن إسماعيل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم إن حلية سيف رسول‬
‫ال عليه السلم كان فضة كلها‪ ،‬قائمه وقباعه )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال الجزري‪:‬‬
‫فيه كانت قبيعة سيف رسول ال صلى ال عليه واله من فضة‪ ،‬هي التي‬
‫تكون على رأس قائم السيف‪ ،‬وقيل هي ما تحت شاربي السيف )‪- 55 .(5‬‬
‫كا‪ .‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن علي بن عطية‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ما تختم رسول ال صلى ال عليه واله إل يسيرا حتى‬
‫تركه )‪ - 56 .(6‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن ابن سنان‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم‬

‫)‪ (1‬الفروع ‪ (2) .212 :2‬أي أجرها على الرض لنها كانت أطول من قامتى‪(3) .‬‬
‫الفروع ‪ (4) .212 :2‬الفروع ‪ (5) .212 :2‬في القاموس‪ :‬الشاربان‪:‬‬
‫انفان طويلن في أسفل قائم السيف‪ (6) .‬الفروع ‪ .210 :2‬أقول‪ :‬قوله‪:‬‬
‫ما تختم ال يسيرا لعل المعنى في خاتم ذهب‪ ،‬وهو اشارة إلى حديث ورد‬
‫أن النبي صلى ال عليه وآله تختم في يساره بخاتم من ذهب ثم خرج‬
‫على الناس فطفق ينظرون إليه فوضع يده اليمنى على خنصره اليسرى‬
‫حتى رجع إلى البيت فرمى به فما لبسه‪.‬‬

‫] ‪[ 124‬‬

‫قال‪ :‬كان نقش خاتم النبي صلى ال عليه واله محمد رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫)‪ - 57 .(1‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن الحسين بن‪ ،‬خالد‪،‬‬
‫عن الرضا عليه السلم مثله )‪ - 58 .(2‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن ابن‬
‫شمون‪ ،‬عن الصم‪ ،‬عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬كانت برة ناقة رسول ال صلى ال عليه واله من فضة )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫البرة بالضم‪ :‬حلقة تجعل في لحم النف‪ - 59 .‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫بعض أصحابه‪ ،‬عن أبان عن رجل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫في منزل رسول ال صلى ال عليه واله زوج حمام أحمر )‪ - 60 .(4‬كا‪:‬‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن أشيم‪ ،‬عن صفوان قال‪ :‬سألت أبا‬
‫الحسن الرضا عليه السلم عن ذي الفقار سيف رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬فقال‪ :‬نزل به جبرئيل عليه السلم من السماء‪ ،‬وكانت )‪ (5‬حلقته‬
‫فضة )‪ - 61 .(6‬كا‪ :‬حميد‪ ،‬عن عبيدال الدهقان‪ ،‬عن الطاطري‪ ،‬عن محمد‬
‫بن زياد‪ ،‬عن أبان عن يحيى‪ ،‬عن )‪ (7‬أبي العل قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬درع رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬ذات الفضول لها‬
‫حلقتان من ورق في مقدمها‪ ،‬وحلقتان من ورق في مؤخرها‪ ،‬وقال‪ :‬لبسها‬
‫علي عليه السلم يوم الجمل )‪ - 62 .(8‬وبهذا السناد‪ ،‬عن أبان‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير قال‪ :‬كانت ناقة رسول ال صلى ال عليه واله‬

‫)‪ (1‬الفروع ‪ .211 :2‬وللحديث ذيل أورده في باب نقش أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ (2) .‬الفروع ‪ .212 :2‬وللحديث صدر وذيل‪ (3) .‬الفروع ‪:2‬‬
‫‪ (4) .230‬الفروع ‪ (5) .232 :2‬وكانت حليته من فضة‪ (6) .‬روضة‬
‫الكافي‪ (7) .267 :‬هكذا في نسخة المصنف وغيره‪ ،‬وفيه وهم‪،‬‬
‫والصحيح كما في المصدر‪ :‬يحيى بن أبى العلء‪ (8) .‬روضة الكافي‪:‬‬
‫‪.331‬‬

‫] ‪[ 125‬‬

‫القصواء‪ ،‬إذا نزل عنها علق عليها زمامها‪ ،‬قال‪ :‬فتخرج فتأتي المسلمين فيناولها‬
‫الرجل الشئ‪ ،‬ويناولها هذا الشئ‪ ،‬فل تلبث أن تشبع‪ ،‬قال فأدخلت رأسها‬
‫في خباء سمرة بن جندب فتناول عنزة فضرب بها على رأسها فشجها‪،‬‬
‫فخرجت إلى النبي صلى ال عليه واله فشكته )‪ - 63 .(1‬أقول‪ :‬روى‬
‫الكازروني في المنتقى بإسناده عن ابن عباس قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله يلبس القلنس تحت العمائم وبغير العمائم‪ ،‬ويلبس العمائم‬
‫بغير القلنس‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه واله يلبس القلنس‬
‫اليمانية‪ ،‬ومن البيض المضربة‪ ،‬ويلبس ذوات الذان في الحرب‪ ،‬ما كان‬
‫من السيجان الخضر‪ ،‬وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه و‬
‫هو يصلي‪ ،‬وكان من خلق رسول ال صلى ال عليه واله أن يسمي سلحه‬
‫ومتاعه ودوابه‪ ،‬وكان للنبي صلى ال عليه وآله أربعة أسياف‪ :‬المجذم‪،‬‬
‫والرسوب أهداهما له زيد الخير‪ ،‬وكان له أيضا القضيب وذو الفقار صار‬
‫إليه يوم بدر‪ ،‬وكان للعاص بن منبه بن الحجاج‪ ،‬وكان ل يفارقه في‬
‫الحرب‪ ،‬وكان قباع سيفه وقائمته وحلقته وذوابته وبكراته ونعله من‬
‫فضة‪ ،‬وكانت له حلقتان في الحمائل في موضعها من الظهر‪ ،‬وكانت له‬
‫أربع أدراع‪ :‬ذات الوشاح‪ :‬والبتراء‪ ،‬وذات المواشي‪ ،‬والخرنق‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫كانت عنده درع داود النبي عليه السلم التي كان لبسها يوم قتل جالوت‪،‬‬
‫وكانت له أربعة أفراس‪ :‬المرتجز‪ ،‬وذو العقال‪ ،‬والسكب‪ ،‬والشحاء‪ ،‬ويقال‬
‫البحر‪ ،‬وكان يركب البحر‪ ،‬وكان كميتا )‪ ،(2‬وكانت منطقته من أديم مبشور‬
‫فيها ثلث حلق من فضة‪ ،‬والبزيم )‪ ،(3‬والحلق على صنعة الفلك‬
‫المضروبة من فضة‪ ،‬وكان اسم رمحه المثوى‪ ،‬وكانت له حربة يقال لها‪:‬‬
‫العنزة‪ ،‬وكان يمشي بها ويدعم )‪ (4‬عليها‪ ،‬وكانت تحمل بين يديه في‬
‫العياد‪ ،‬فيركزها أمامه‪ ،‬ويستتر بها ويصلي‪ ،‬وكان له محجن قدر ذراع‬
‫يمشي به‪ ،‬ويركب به‪ ،‬ويعلقه بين يديه على بعيره‪.‬‬

‫)‪ (1‬روضة الكافي‪ .332 :‬قوله‪ :‬فشكته إما باللسان أو بالشارة‪ ،‬وعلى التقديرين‬
‫فهو من معجزاته صلى ال عليه وآله‪ .‬قاله المصنف في مرآت العقول‪) .‬‬
‫‪ (2‬الكميت‪ :‬ما كان لونه بين السود والحمر‪ (3) .‬تقدم تفسير ألفاظه‬
‫الغريبة‪ (4) .‬أي يسند ويتكئ عليها‪.‬‬

‫] ‪[ 126‬‬

‫وفي رواية‪ :‬ويأخذ الشئ‪ ،‬وكانت له مخصرة تسمى العرجون‪ ،‬وكان اسم قوسه‬
‫الكتوم‪ ،‬واسم كنانته الكافور‪ ،‬ونبله الموتصلة‪ ،‬وترسه الزلوق‪ ،‬ومغفره ذو‬
‫السبوغ‪ ،‬واسم عمامته السحاب‪ ،‬واسم ردائه الفتح‪ ،‬واسم رآيته العقاب‪،‬‬
‫وكانت سوداء من صوف‪ ،‬وكانت ألويته بيضاء وربما جعل فيها السواد‪،‬‬
‫وربما كان من خمر نسائه‪ ،‬وكانت له بغلة شهباء يقال لها‪ :‬الدلدل‪ ،‬أهداها‬
‫له المقوس ملك السكندرية‪ ،‬وهي التي قال لها في بعض الماكن‪ :‬اربضي‬
‫دلدل فربضت‪ ،‬وكان علي عليه السلم يركبها بعد رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬وقال غير ابن عباس‪ ،‬وكان يركبها الحسن بعد علي‪ ،‬ثم ركبها‬
‫الحسين‪ ،‬ومحمد بن الحنفية حتى كبرت وعميت‪ ،‬فدخلت مطبخة لبني‬
‫مذحج فرماها رجل بسهم فقتلها‪ ،‬وكانت له بغلة يقال لها‪ :‬اليلية‪ ،‬وكانت‬
‫محذوفة )‪ (1‬طويلة‪ ،‬كأنها تقوم على رماح‪ ،‬حسنة السير‪ ،‬فأعجبته‪ ،‬وكان‬
‫له حمار يدعى عفيرا‪ ،‬قال صلى ال عليه واله له‪ :‬اليعفور‪ ،‬وكان أخضر‪،‬‬
‫وكانت له ناقة تسمى العضباء‪ ،‬ويقال‪ :‬القصواء‪ ،‬وكانت صهباء‪ ،‬وكانت له‬
‫شاة يشرب لبنها يقال لها‪ :‬غينة‪ ،‬و يقال‪ :‬غوثة‪ ،‬وكان له قدحان اسم‬
‫أحدهما الريان‪ ،‬والخر المضبب‪ ،‬وكان يسع كل واحد منهما قدر مد‪ ،‬فيه‬
‫ثلث ضبات حديد‪ ،‬وحلقة تعلق بها‪ ،‬وكان له تور من حجارة يقال له‪:‬‬
‫المخضب والمخضد يتوضأ فيه‪ ،‬وكان له مخضب من شبه )‪ (2‬يكون فيه‬
‫الحنآء و الكتم )‪ (3‬من حر كان يجده في رأسه صلى ال عليه واله‪ ،‬وكانت‬
‫له أربعة اسكندرانية أهداها المقوقس ملك مصر‪ ،‬وكان له نعلن من‬
‫السبت )‪ ،(4‬وكان له مخصرة ذات قبالين‪ ،‬وكانت صفراء‪ ،‬و كان له خفان‬
‫ساذجان أهداهما النجاشي ملك الحبشة‪ ،‬وكان له سرير وقطيفة وقصعة‬
‫وجارية اسمها روضة‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬مخذوفة‪ ،‬أقول‪ :‬الخذوف من الدواب‪ :‬السريعة السير‪ (2) .‬الشبه‪:‬‬
‫النحاس الصفر‪ .‬التى ترمى الحصى من سرعتها‪ .‬التى ترفع رجليها إلى‬
‫شق بطنها عند السير‪ (3) .‬الكتم بالتحريك قيل‪ :‬هو الوسمة وقيل‪ :‬شئ‬
‫يزرع مع الحناء ويشبه ورقه ورق الحناء ويطلع أعلى منه حتى يقع‬
‫استظلل الحناء به‪ ،‬وبالضم‪ :‬ورق نبت يجعل منه شئ يقال له‬
‫بالفارسية‪ :‬نيل‪ (4) .‬السبت‪ :‬الجلد المدبوغ‪.‬‬

‫] ‪[ 127‬‬

‫وفي رواية اخرى عن ابن عباس أيضا أنه قال‪ :‬كان لرسول ال صلى ال عليه‬
‫واله سيف محلى قائمه من فضة‪ ،‬ونعله من فضة‪ ،‬وفيه حلق من فضة‪،‬‬
‫وكان يسمى ذا الفقار‪ ،‬وكانت له قوس نبع )‪ (1‬تسمى السداد‪ ،‬وكانت له‬
‫كنانة تسمى الجمع‪ ،‬وكانت له درع وشجه بالنحاس تسمى ذات الفضول‪،‬‬
‫وكانت له حربة تسمى البيضاء‪ ،‬وكان له مجن )‪ (2‬يسمى الوفر‪ ،‬وكان له‬
‫فرس أدهم يسمى السكب‪ ،‬وكانت له بغلة شهباء تسمى دلدل‪ ،‬وكانت له‬
‫ناقة تسمى العضباء‪ ،‬وكان له حمار يسمى يعفور‪ ،‬وكان له فسطاط يسمى‬
‫التركي‪ ،‬وكان له عنز يسمى اليمن‪ ،‬وكانت له ركوة تسمى الصادر‪ ،‬وكانت‬
‫له مرآة تسمى المدلة‪ ،‬وكانت له مقراض تسمى الجامع‪ ،‬وكانت له قضيب‬
‫شوحط يسمى الممشوق‪ .‬وفي بعض الروايات أنه كان لرسول ال صلى‬
‫ال عليه واله ناقة جدعاء‪ ،‬وفي رواية حزماء‪ ،‬وفي رواية صرماء‪ ،‬وفي‬
‫رواية صلماء‪ ،‬وفي رواية مخضرمة‪ ،‬وهي التي قطع طرف اذنها‪ ،‬والتي‬
‫هاجر عليها رسول ال صلى ال عليه واله كانت القصواء‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الجدعاء‪ ،‬ابتاعها أبو بكر بأربعمائة درهم‪ ،‬فهاجر صلى ال عليه واله‬
‫عليها مع أبي بكر‪ ،‬وكانت عنده حتى نفقت‪ ،‬وكانت حين قدم رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله رباعية‪ ،‬قال بعض المحققين من علمائنا‪ :‬هذه الصفات‬
‫كلها كأنها لناقة واحدة كان باذنها ما عبر كل واحد من الرواة عنه بما‬
‫يغلب على ظنه‪ ،‬وبما يعرفه منها‪ .‬وروي عن موسى بن عبيد أنه سأل ابن‬
‫عمريا أبا عبد الرحمن أكنتم تراهنون على عهد رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬لقد راهن على فرس يقال له‪ :‬سبحة‪ ،‬فجاءت سابقة‪،‬‬
‫فلهش )‪ (3‬ذلك وأعجبه‪ .‬وفي رواية عن سهل بن سعد قال‪ :‬كان للنبي‬
‫صلى ال عليه واله عند أبي سعد ثلثة أفراس يعلفهن‪ ،‬وسمعت أبي‬
‫يسميهن اللزاز‪ ،‬واللحيف‪ ،‬والظرب‪ ،‬وقيل‪ :‬اللجيف‪ ،‬وقيل‪ :‬إن تميم الداري‬
‫أهدى له صلى ال عليه واله فرسا يقال له‪ :‬الورد‪ ،‬فأعطاه عمر‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫أول فرس ملكه رسول ال صلى ال عليه وآله كان فرسا ابتاعه بالمدينة‬
‫من رجل من بني فزارة بعشرة اواق‪ ،‬وكان‬

‫)‪ (1‬النبع‪ :‬شجر تتخذ منه السهام والقسى‪ (2) .‬المجن‪ :‬كل ما وقى من السلح‪.‬‬
‫الترس‪ (3) .‬أي فلقدهش‪ ،‬وسيفسره قريبا‪.‬‬

‫] ‪[ 128‬‬

‫اسمه الظرب فسماه السكب‪ ،‬وكان أول ما غزى عليه في احد‪ ،‬ويقال‪ :‬إن المرتجز‬
‫هو الذي اشتراه صلى ال عليه واله من أعرابي من بني مرة فجحده فشهد‬
‫له خزيمة بن ثابت‪ ،‬وكان فرسا أبيض‪ .‬ثم قال‪ :‬السيجان جمع الساج وهو‬
‫الطيلسان‪ .‬قوله‪ :‬فجعلها سترة بين يديه يدل على طولها‪ ،‬لنه صلى ال‬
‫عليه واله لما سئل عن قدر ما يستر المصلي‪ ،‬قال‪ :‬مثل آخرة الرحل‪ .‬و‬
‫القضيب‪ :‬السيف اللطيف في قول الصمعي‪ ،‬تشبيها بالقضيب من الشجر‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬بل القضيب من القضب بمعنى المقضوب‪ ،‬ل يسمى قضيبا إل بعد‬
‫القطع‪ .‬والقباع‪ :‬ما يضبب طرف قائمة السيف‪ ،‬وأكثر ما يقال له‪ :‬القبيعة‪،‬‬
‫والذوابة ما يعلق به من قائمه‪ .‬والبكرات‪ :‬الحلق‪ .‬ونعلق السيف‪ :‬حديدة‬
‫تكون في آخر الغمد‪ ،‬كانت فضة في سيف رسول ال صلى ال عليه واله‪.‬‬
‫والسكب الواسع الجري كأنه يسكب الرض‪ ،‬أي يصبها )‪ .(1‬وقال‬
‫الجزري‪ :‬يقال‪ :‬ناقة شحوى‪ ،‬أي واسعة الخطو‪ ،‬ومنه أنه كان للنبي صلى‬
‫ال عليه واله فرس يقال له الشحاء‪ ،‬هكذا روي بالمد وفسر بأنه الواسع‬
‫الخطو‪ .‬وقال الكازروني‪ :‬وسمي بالبحر لسعة جريه‪ .‬والفلك بكسر الفاء‬
‫جمع فلكة للثدي‪ ،‬أو فلكة المغزل‪ .‬والعنزة‪ :‬رمح صغير‪ .‬ويدعم عليها أي‬
‫يتكئ‪ .‬والعرجون‪ :‬من عيدان العنب‪ .‬والموتصله من الوصل‪ ،‬كأنه سمي‬
‫بذلك تفأل بوصوله إلى العدو‪ .‬و الدلدل لعلها سميت به تشبيها بالدلدل وهو‬
‫القنفذ‪ ،‬أو بشئ يشبهه‪ ،‬فلعلها شبهت به لقلة سكونها‪ .‬واليلية‪ :‬منسوبة‬
‫إلى قرية بالشام‪ .‬والمحذوفة )‪ :(2‬المقطوعة الذنب‪ .‬و العفير‪ :‬تصغير‬
‫العفر كسويد وأسود حذفت همزتهما‪ .‬والقياس اعيفر‪ ،‬وهو لون أبيض‬
‫تعلوه حمرة‪ ،‬ويعفور مثل أعفر كأخضر ويخضور‪ .‬والسبت بالكسر‪ :‬جلود‬
‫البقر المدبوغة )‪ (3‬وإنما سميت الركوة بالصادر لنه يصدر عنها بالري‪.‬‬
‫والجامع في اسم المقراض لنه يجمع ما يراد قرضه به‪ ،‬وذلك من جودته‪.‬‬
‫قوله‪ :‬فلهش أي فلقدهش‪ ،‬يقال هش للمعروف‪،‬‬
‫)‪ (1‬المنتقى في مولود المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه صلى ال عليه‬
‫وآله‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬محذوفة ولعله مصحف‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫والسبت‪ :‬جلد لم يدبغ‪ .‬أقول‪ :‬فيه وهم والصحيح ما في الصلب‪.‬‬

‫] ‪[ 129‬‬

‫أي اشتهاه‪ ،‬ورجل هش‪ :‬طلق المحيا انتهى )‪ - 64 .(1‬وقال القاضي عياض في‬
‫الشفاء‪ :‬روي عن محمد بن جبير )‪ (2‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫لي خمسة أسماء‪ :‬أنا محمد‪ ،‬وأنا أحمد‪ ،‬وأنا الماحي الذي يمحو ال بي‬
‫الكفر‪ ،‬وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي‪ ،‬وأنا العاقب‪ ،‬قد سماه‬
‫ال في كتابه محمدا وأحمد‪ ،‬فمن خصائصه تعالى له أن ضمن أسماءه‬
‫ثناءه‪ ،‬وطوى أثناء ذكر )‪ (3‬عظيم شكره‪ ،‬فأما اسمه أحمد فأفعل مبالغة‬
‫من صفة الحمد‪ ،‬ومحمد مفعل مبالغة من كثرة الحمد‪ ،‬فهو صلى ال عليه‬
‫واله أجل من حمد‪ ،‬وأفضل من حمد‪ ،‬وأكثر الناس حمدا‪ ،‬فهو أحمد‬
‫المحمودين‪ ،‬وأحمد الحامدين‪ ،‬ومعه لواء الحمد يوم القيامة ليتم له كمال‬
‫الحمد‪ ،‬ويتشهر في تلك العرصات بصفة الحمد‪ ،‬ويبعثه ربه هناك مقاما‬
‫محمودا‪ ،‬كما وعده‪ ،‬يحمده فيه الولون والخرون بشفاعته لهم‪ ،‬ويفتح‬
‫عليه من المحامد كما قال صلى ال عليه واله ما لم يعط غيره‪ ،‬وسمي امته‬
‫في كتب أنبيائه بالحامدين‪ ،‬فحقيق أن يسمي محمدا وأحمد‪ ،‬ثم في هذين‬
‫السمين من عجائب خصائصه‪ ،‬وبدايع آياته فن آخر‪ ،‬وهو أن ال جل‬
‫اسمه حمى أن يسمى بهما أحد قبل زمانه‪ ،‬أما أحمد الذي أتى في الكتب‬
‫وبشرت به النبياء فمنع ال تعالى بحكمته أن يسمى به أحد غيره‪ ،‬ول‬
‫يدعى به مدعو قبله حتى ل يدخل )‪ (4‬لبس على ضعيف القلب‪ ،‬أو شك‪،‬‬
‫وكذلك محمد أيضا لم يسم به أحد من العرب ول غيرهم إلى أن شاع قبيل‬
‫وجوده وميلده أن نبيا يبعث اسمه محمد‪ ،‬فسمي قوم قليل أبنائهم لرجاء‬
‫أن يكون أحدهم هو‪ ،‬وال أعلم حيث يجعل رسالته‪ ،‬وهم محمد بن احيحة‬
‫بن الجلح الوسي‪ ،‬ومحمد بن مسلمة النصاري‪ ،‬ومحمد بن براء )‪(5‬‬
‫البكري‪ ،‬ومحمد بن سفيان بن مجاشع‪ ،‬ومحمد بن حمران )‪ (6‬الجعفي‪،‬‬
‫ومحمد بن خزاعي‬

‫)‪ (1‬المنتقى في مولود المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه صلى ال عليه‬
‫وآله‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬محمد بن جبير‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أقول‪ :‬هو الصواب‪،‬‬
‫لنه محمد بن جبير بن مطعم ابن عدى بن نوفل المتوفى على رأس‬
‫المائة‪ ،‬وهو تابعي‪ (3) .‬في نسخة المصنف‪ :‬ذكره‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫حتى يدخل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬محمد بن بداء‪ ،‬وفي المحبر‪ :‬محمد بن بر‬
‫بن عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر ابن عبد مناة بن كنانة انتهى وقال‬
‫شارح الشفاء‪ :‬بداء بفتح موحدة‪ ،‬وتشديد دال مهملة بعدها الف ممدودة‪،‬‬
‫وفي نسخة صحيحة بباء موحدة فراء ممدودة‪ .‬وعده أبو موسى من‬
‫الصحابة‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬عمران‪ ،‬وفي المحبر وشرح الشفاء عن‬
‫نسخة‪ :‬حمران مثل ما في الصلب‪.‬‬

‫] ‪[ 130‬‬

‫السلمي )‪ (1‬ل سابع لهم‪ ،‬حتى تحققت السمتان له صلى ال عليه واله‪ ،‬ولم ينازع‬
‫فيهما‪ ،‬وأما قوله‪ " :‬وأنا الماحي " فقد ورد في الحديث في تفسيره أنه‬
‫الذي محيت به سيئات من اتبعه‪ ،‬وقيل‪ :‬معنى على قدمي‪ ،‬أي يحشر الناس‬
‫بمشاهدتي‪ ،‬كما قال‪ " :‬لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم‬
‫شهيدا " وروي عنه صلى ال عليه واله‪ :‬لي عشرة أسماء‪ ،‬وذكر منه "‬
‫طه ويس " حكاه مكي‪ ،‬وقد قيل في بعض التفاسير‪ " :‬طه " أنه يا طاهر‪،‬‬
‫يا هادي‪ ،‬وفي " يس " يا سيد‪ ،‬حكاه السلمي عن الواسطي‪ ،‬وعن جعفر‬
‫بن محمد‪ .‬ومن أسمائه صلى ال عليه واله‪ :‬رسول الرحمة‪ ،‬ورسول‬
‫الراحة‪ ،‬ورسول الملحم‪ .‬وفي حديثه صلى ال عليه واله قال‪ " :‬أتاني‬
‫ملك فقال لي‪ :‬أنت قثم " أي مجتمع‪ ،‬والقثوم‪ :‬الجامع للخير‪ ،‬ومن أسمائه‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬النور‪ ،‬والسراج المنير‪ ،‬والمنذر‪ ،‬والنذير‪ ،‬والمبشر‪،‬‬
‫والبشير‪ ،‬والشاهد‪ ،‬والشهيد‪ ،‬والحق المبين‪ ،‬وخاتم النبيين‪ ،‬والرؤوف‬
‫الرحيم‪ ،‬والمين‪ ،‬وقدم صدق‪ ،‬ورحمة للعالمين‪ ،‬ونعمة ال‪ ،‬والعروة‬
‫الوثقى‪ ،‬والصراط المستقيم‪ ،‬والنجم الثاقب‪ ،‬والكريم‪ ،‬والنبي المي‪،‬‬
‫وداعي ال‪ ،‬والمصطفى‪ ،‬والمجتبى‪ ،‬وأبو القاسم‪ ،‬والحبيب‪ ،‬و رسول رب‬
‫العالمين‪ ،‬والشفيع المشفع‪ ،‬والمتقي‪ ،‬والمصلح‪ ،‬والطاهر‪ ،‬والمهيمن‪،‬‬
‫والصادق‪ ،‬والمصدق‪ ،‬والهادي‪ ،‬وسيد ولد آدم )‪ ،(2‬وإما المتقين‪ ،‬وقائد‬
‫الغر المحجلين‪ ،‬وحبيب ال‪ ،‬وخليل الرحمن‪ ،‬وصاحب الحوض المورود‬
‫والشفاعة‪ ،‬والمقام المحمود‪ ،‬وصاحب الوسيلة‪ ،‬و صاحب التاج‬
‫والمعراج‪ ،‬واللواء والقضيب‪ ،‬وراكب البراق والناقة والنجيب‪ ،‬وصاحب‬
‫الحجة والسلطان‪ ،‬والخاتم والعلمة والبرهان‪ ،‬وصاحب الهراوة والنعلين‪.‬‬
‫ومن أسمائه صلى ال عليه واله في الكتب المتوكل‪ ،‬والمختار‪ ،‬ومقيم‬
‫السنة‪ ،‬والمقدس‪ ،‬وروح القدس )‪ ،(3‬وهو معنى البار قليط في النجيل‪،‬‬
‫وقال تغلب‪ :‬البار قليط‪ :‬الذي يفرق بين الحق والباطل‪ .‬ومن أسمائه صلى‬
‫ال عليه واله في الكتب السالفة ماذ ماذ‪ ،‬ومعناه طيب طيب‪ ،‬وحمطايا‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬ذكرهم أيضا البغدادي في المحبر‪ (2) .130 :‬زاد في المصدر‪ :‬وسيد‬
‫المرسلين‪ (3) .‬زاد في المصدر‪ :‬وروح الحق‪.‬‬
‫] ‪[ 131‬‬

‫الخاتم‪ ،‬والخاتم حكاه كعب الحبار‪ ،‬وقال تغلب‪ :‬فالخاتم الذي ختم النبياء )‪ ،(1‬و‬
‫الخاتم أحسن النبياء خلقا وخلقا‪ ،‬ويسمى بالسريانية مشفح والمتخمنا )‬
‫‪ ،(2‬واسمه أيضا في التوراة أحيد‪ ،‬روي ذلك عن ابن سيرين‪ ،‬ومعنى‬
‫صاحب القضيب أي السيف‪ ،‬وقع ذلك مفسرا في النجيل‪ ،‬قال‪ :‬معه قضيب‬
‫من حديد يقاتل به‪ ،‬وامته كذلك‪ ،‬وقد يحمل على أنه القضيب الممشوق‬
‫الذي كان يمسكه‪ ،‬وأما الهراوة فهي العصا‪ ،‬وأراها العصا المذكورة في‬
‫حديث الحوض‪ ،‬وأما التاج فالمراد به العمامة‪ ،‬ولم يكن حينئذ إل للعرب‪،‬‬
‫والعمائم تيجان العرب‪ ،‬وكانت كنيته المشهورة أبا القاسم‪ ،‬وعن أنس أنه‬
‫لما ولد له إبراهيم جاء جبرئيل عليه السلم فقال له‪ :‬السلم عليك يا أبا‬
‫إبراهيم )‪ - 65 .(3‬ع‪ :‬العطار‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن عبد ال بن عامر‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي نجران‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫سئل عن قول ال عزوجل‪ " :‬واوحي إلي هذا القرآن لنذركم به ومن بلغ‬
‫" قال‪ :‬بكل لسان )‪ .(4‬ير‪ :‬عبد ال بن عامر )‪ .(5‬بيان‪ :‬اختلف في قوله‬
‫تعالى‪ " :‬ومن بلغ " فقيل‪ :‬المعنى ول خوف به من بلغه القرآن إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وروى الحسن في تفسيره عن النبي صلى ال عليه واله أنه قال‪:‬‬
‫من بلغه أني أدعو إلى أن ل إله إل ال فقد بلغه‪ ،‬يعني بلغته الحجة‪ ،‬وقامت‬
‫عليه‪ ،‬وسيأتي الخبار الكثيرة في أن معناه ومن بلغ أن يكون إماما من آل‬
‫محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وأما‬
‫هذا الخبر فلعله عليه السلم حمله على أحد المعنيين الولين‪ ،‬والتقدير‬
‫لنذر به من بلغه القرآن من أهل كل لسان‪ ،‬ول يختص بالعرب‪ ،‬أو لنذر‬
‫كل من بلغه دعوتي بلغتهم‪ ،‬واكلمهم بلسانهم‪ ،‬وهو أظهر‪ ،‬وال يعلم‪- 66 .‬‬
‫ع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪ ،‬ومحمد‬
‫البرقي‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ختم به النبياء‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬المنحمنا‪ (3) .‬شرح الشفا ‪:1‬‬
‫‪ (4) .500 - 485‬علل الشرائع‪ (5) .53 :‬بصائر الدرجات‪.62 :‬‬

‫] ‪[ 132‬‬

‫عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫النبي صلى ال عليه واله يقرؤ الكتاب ول يكتب )‪ - 67 .(1‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن أبان‪ ،‬عن الحسن الصيقل قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬كان مما من ال عزوجل به على‬
‫نبيه صلى ال عليه واله أنه كان اميا ل يكتب ويقرؤ الكتاب )‪- 68 .(2‬‬
‫فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن معاوية بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم في قوله‪ " :‬هو الذي بعث في الميين رسول منهم " قال‪ :‬كانوا‬
‫يكتبون‪ ،‬ولكن لم يكن معهم كتاب من عند ال‪ ،‬ول بعث إليهم رسول‬
‫فنسبهم إلى الميين )‪ - 69 .(3‬فس‪ :‬قال علي بن إبراهيم في قوله‪ " :‬وما‬
‫كنت تتلو من قبله من كتاب ول تخطه بيمينك إذا لرتاب المبطلون "‪ :‬وهو‬
‫معطوف على قوله في سورة الفرقان‪ " :‬اكتتبها وهي تملى عليه بكرة‬
‫وأصيل " فرد ال عليهم فقال‪ :‬كيف يدعون أن الذي تقرءه أو تخبر به‬
‫تكتبه عن غيرك وأنت ما كنت تتلو من قبله من كتاب ول تخطه بيمينك إذا‬
‫لرتاب المبطلون‪ ،‬أي شكوا )‪ - 70 .(4‬مع‪ ،‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن محمد البرقي‪ ،‬عن جعفر بن محمد الصوفي قال‪ :‬سألت أبا‬
‫جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلم فقلت‪ :‬يا ابن رسول ال لم سمي‬
‫النبي صلى ال عليه واله المي ؟ فقال‪ :‬ما تقول الناس ؟ قلت‪ :‬يزعمون‬
‫أنه إنما سمي المي لنه لم يحسن أن يكتب‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬كذبوا‬
‫عليهم لعنة ال‪ ،‬أنى ذلك وال يقول في محكم كتابه‪ " :‬هو )‪ (5‬الذي بعث‬
‫في الميين رسول منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب‬
‫والحكمة " فكيف كان يعلمهم ما ل يحسن ؟ وال لقد كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله يقرأ‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ (2) .53 :‬علل الشرائع‪ (3) .53 :‬تفسير القمى‪(4) .678 :‬‬
‫تفسير القمي‪ (5) .497 :‬في نسخة المصنف والمصدر‪ :‬وهو الذي‪.‬‬
‫والمصحف الشريف خال عن العاطف‪.‬‬

‫] ‪[ 133‬‬

‫ويكتب باثنين وسبعين‪ ،‬أو قال‪ :‬بثلثة وسبعين لسانا‪ ،‬وإنما سمي المي لنه كان‬
‫من أهل مكة‪ ،‬ومكة من امهات القرى‪ ،‬وذلك قول ال عزوجل‪ " :‬لتنذر ام‬
‫القرى ومن حولها " )‪ .(1‬ختص‪ ،‬ير‪ :‬ابن عيسى مثله )‪ - 71 .(2‬ع‪ :‬ابن‬
‫الوليد‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن الخشاب‪ ،‬عن علي بن حسان وعلي بن أسباط و‬
‫غيره رفعه عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬إن الناس يزعمون أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله لم يكتب ول يقرأ فقال‪ :‬كذبوا لعنهم ال‪ ،‬أنى‬
‫يكون ذلك ؟ وقد قال ال عز وجل‪ " :‬هو الذي )‪ (3‬بعث في الميين رسول‬
‫منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل‬
‫لفي ضلل مبين " فيكون يعلمهم الكتاب والحكمة‪ ،‬وليس يحسن أن يقرأ‬
‫أو يكتب ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬فلم سمي النبي المي ؟ قال‪ :‬نسب إلى مكة وذلك قول‬
‫ال عز وجل‪ " :‬لتنذر ام القرى ومن حولها " فام القرى مكة‪ ،‬فقيل‪ :‬امي‬
‫لذلك )‪ .(4‬ير‪ :‬عبد ال بن محمد‪ ،‬عن الخشاب )‪ .(5‬شى‪ :‬عن ابن أسباط‬
‫مثله )‪ - 72 .(6‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن معاوية بن حكيم‪ ،‬عن البزنطي‪،‬‬
‫عن بعض أصحابه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان مما من ال‬
‫عزوجل على رسول ال )‪ (7‬صلى ال عليه واله أنه كان يقرأ ول يكتب‪،‬‬
‫فلما توجه أبو سفيان إلى احد كتب العباس إلى النبي صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة‪ ،‬فقرءه ولم يخبر أصحابه‬
‫وأمرهم أن يدخلوا المدينة‪ ،‬فلما‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ ،53 :‬معاني الخبار‪ (2) .20 :‬بصائر الدرجات‪.62 :‬‬
‫الختصاص‪ :‬مخطوط‪ (3) .‬في نسخة المصنف وعلل الشرائع‪ :‬وهو‬
‫الذي‪ .‬والبصائر والمصحف الشريف خاليان عن العاطف‪ (4) .‬علل‬
‫الشرائع‪ (5) .52 :‬بصائر الدرجات‪ 62 :‬وفيه‪ :‬علي بن أسباط أو غيره‪) .‬‬
‫‪ (6‬تفسير العياشي‪ :‬مخطوط‪ (7) .‬على رسوله خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 134‬‬

‫دخلوا المدينة أخبرهم )‪ .(1‬بيان‪ :‬يمكن الجمع بين هذه الخبار بوجهين‪ :‬الول أنه‬
‫صلى ال عليه واله كان يقدر على الكتابة‪ ،‬ولكن كان ل يكتب‪ ،‬لضرب من‬
‫المصلحة‪ ،‬الثاني أن نحمل أخبار عدم الكتابة والقراءة على عدم تعلمها من‬
‫البشر‪ ،‬وسائر الخبار على أنه كان يقدر عليهما بالعجاز‪ ،‬وكيف ل يعلم‬
‫من كان عالما بعلوم الولين والخرين‪ ،‬إن هذه النقوش موضوعة لهذه‬
‫الحروف‪ ،‬ومن كان يقدر بإقدار ال تعالى له على شق القمر وأكبر منه‬
‫كيف ل يقدر على نقش الحروف والكلمات على الصحائف واللواح ؟ وال‬
‫تعالى يعلم‪ - 73 .‬ع‪ :‬الطالقاني‪ ،‬عن أحمد بن إسحاق المادرائي )‪ ،(2‬عن‬
‫أبي قلبة عبد الملك ابن محمد‪ ،‬عن غانم بن الحسن السعدي‪ ،‬عن مسلم‬
‫بن خالد المكي‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬ما أنزل‬
‫ال تبارك وتعالى كتابا ول وحيا إل بالعربية‪ ،‬فكان يقع في مسامع النبياء‬
‫بألسنة قومهم‪ ،‬وكان يقع في مسامع نبينا صلى ال عليه واله بالعربية‪،‬‬
‫فإذا كلم به قومهم )‪ (3‬كلمهم بالعربية‪ ،‬فيقع في مسامعهم بلسانهم‪ ،‬وكان‬
‫أحد ل يخاطب رسول ال صلى ال عليه واله بأي لسان خاطبه إل وقع في‬
‫مسامعه بالعربية‪ ،‬كل ذلك يترجم جبرئيل عليه السلم له وعنه تشريفا من‬
‫ال عزوجل له صلى ال عليه واله )‪ - 74 .(4‬ير‪ :‬الحسن بن علي‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن هلل‪ ،‬عن خلف بن حماد‪ ،‬عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن النبي صلى ال عليه واله كان يقرأ ويكتب‬
‫ويقرأ ما لم يكتب )‪ - 75 .(5‬قب‪ :‬قوله‪ " :‬النبي المي الذي يجدونه "‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬نحن امة امية ل نكتب ول نحسب‪.‬‬
‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ (2) .53 :‬في المصدر‪ :‬الماذرائى بالبصرة‪ .‬أقول‪ :‬لعل الصحيح‬
‫ما في المتن بالدال المهملة‪ ،‬نسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬قومه‪ (4) .‬علل الشرائع‪ (5) .53 :‬بصائر الدرجات‪.62 :‬‬

‫] ‪[ 135‬‬

‫وقيل‪ :‬امي منسوبة إلى امة يعني جماعة عامة‪ ،‬والعامة ل تعلم الكتابة‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫سمي بذلك لنه من العرب‪ ،‬وتدعى العرب الميون‪ .‬قوله‪ " :‬هو الذي بعث‬
‫في الميين " وقيل‪ :‬لنه يقول يوم القيامة‪ :‬امتي امتي‪ ،‬وقيل‪ :‬لنه الصل‪،‬‬
‫وهو بمنزلة الم التي يرجع الولد إليها‪ ،‬ومنه ام القرى‪ ،‬و قيل‪ :‬لنه‬
‫لمته بمنزلة الوالدة الشفيقة بولدها‪ ،‬فإذا نوي في القيامة‪ " :‬يوم يفر‬
‫المرء من أخيه " تمسك بامته‪ ،‬وقيل‪ :‬منسوبة إلى ام وهي ل تعلم الكتابة‪،‬‬
‫لن الكتابة من أمارات الرجال‪ ،‬وقالوا‪ :‬نسب إلى أمة‪ ،‬يعني الخلقة‪ ،‬قال‬
‫العشى‪ :‬وإن معاوية الكرمين * حسان الوجوه طوال المم قال المرتضى‬
‫في قوله تعالى‪ " :‬وما كنت تتلو من قبله من كتاب " الية‪ ،‬ظاهر الية‬
‫يقتضي نفي الكتابة والقراءة بما قبل النبوة دون ما بعدها‪ ،‬ولن التعليل في‬
‫الية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة‪ ،‬لنهم إنما يرتابون في نبوته‬
‫لو كان يحسنها قبل النبوة‪ ،‬فأما بعدها فل تعلق له بالريبة‪ ،‬فيجوز أن يكون‬
‫تعلمهما من جبرئيل بعد النبوة‪ ،‬ويجوز أن لم يتعلم فل يعلم‪ ،‬قال الشعبي‬
‫وجماعة من أهل العلم‪ :‬ما مات رسول ال صلى ال عليه واله حتى كتب‬
‫وقرأ‪ ،‬وقد شهر في الصحاح والتواريخ قوله صلى ال عليه واله‪ :‬ايتوني‬
‫بدوات وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬مناقب آل أبى طالب ‪.161 :1‬‬

‫] ‪[ 136‬‬

‫* )باب ‪) * * (7‬آخر نادر في معنى كونه صلى ال عليه وآله يتيما وضال‬
‫وعائل‪) * * (،‬ومعنى انشراح صدره * وعلة يتمه‪ ،‬والعلة التى من( * *‬
‫)أجلها لم يبق له صلى ال عليه وآله ولد ذكر( * اليات‪ :‬الضحى " ‪93‬‬
‫"‪ :‬والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى * وللخرة خير‬
‫لك من الولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى * ألم يجدك يتيما فآوى *‬
‫ووجدك ضال فهدى * ووجدك عائل فأغنى * فأما اليتيم فل تقهر * وأما‬
‫السائل فل تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث ‪ .11 - 1‬بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫* ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك *‬
‫ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت‬
‫فانصب * وإلى ربك فارغب ‪ .8 - 1‬تفسير‪ :‬قال المفسرون‪ :‬في سبب نزول‬
‫سورة الضحى‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬احتبس الوحي عنه صلى ال عليه واله‬
‫خمسة عشر يوما‪ ،‬فقال المشركون‪ :‬إن محمدا صلى ال عليه واله قد‬
‫ودعه ربه و قله‪ ،‬ولو كان أمره من ال تعالى لتتابع عليه‪ ،‬فنزلت‪ :‬وقيل‪:‬‬
‫إنما احتبس اثنى عشر يوما‪ ،‬وقيل أربعين يوما‪ ،‬وقيل‪ :‬سألت اليهود‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله عن ذي القرنين‪ ،‬وأصحاب الكهف‪ ،‬وعن‬
‫الروح‪ ،‬فقال‪ :‬سأخبركم غدا‪ ،‬ولم يقل‪ :‬إن شاء ال‪ ،‬فاحتبس عنه الوحي‬
‫هذه اليام‪ ،‬فاغتم لشماتة العداء‪ ،‬فنزلت تسلية لقلبه‪ " :‬والضحى " أي‬
‫وقت ارتفاع الشمس أو النهار " والليل إذا سجى " أي سكن أهله‪ ،‬أو ركد‬
‫ظلمه " ما ودعك ربك " ما قطعك ربك قطع المودع‪ ،‬وهو جواب القسم "‬
‫وما قلى " أي ما أبغضك " ولسوف يعطيك ربك فترضى " أي من‬
‫الحوض والشفاعة وسائر ما أعد له من الكرامة‪ ،‬أو في الدنيا أيضا من‬
‫إعلء الدين‪ ،‬وقمع الكافرين‪ " ،‬ألم يجدك يتيما فآوى " قال الطبرسي‬
‫رحمه ال‪ :‬في‬

‫] ‪[ 137‬‬

‫معناه قولن‪ :‬أحدهما أنه تقرير لنعمة ال عليه حين مات أبوه وبقي يتيما فآواه ال‬
‫بأن سخر له عبد المطلب ثم أبا طالب )‪ ،(1‬وكان صلى ال عليه واله مات‬
‫أبوه وهو في بطن امه أو بعد ولدته بمدة قليلة‪ ،‬وماتت امه وهو ابن‬
‫سنتين‪ ،‬ومات جده وهو ابن ثماني سنين‪ .‬وسئل الصادق عليه السلم لم‬
‫اوتم النبي صلى ال عليه واله عن أبويه ؟ فقال‪ :‬لئل يكون لمخلوق عليه‬
‫حق‪ .‬والخر أن يكون المعنى ألم يجدك واحدا ل مثل لك في شرفك وفضلك‬
‫فآواك إلى نفسه‪ ،‬واختصك برسالته‪ ،‬من قولهم‪ :‬درة يتيمة‪ :‬إذا لم يكن لها‬
‫مثل‪ ،‬وقيل‪ :‬فآواك‪ ،‬أي جعلك مأوى لليتام بعد أن كنت يتيما‪ ،‬وكفيل للنام‬
‫بعد أن كنت مكفول‪ " .‬ووجدك ضال فهدى " فيه أقوال‪ :‬أحدها وجدك‬
‫ضال عما أنت عليه الن من النبوة والشريعة‪ ،‬أي كنت غافل عنهما فهداك‬
‫إليهما‪ ،‬ونظيره " ما كنت تدري ما الكتاب ول اليمان " وقوله‪ " :‬وإن‬
‫كنت من قبله لمن الغافلين " فمعنى الضلل على هذا هو الذهاب عن العلم‪،‬‬
‫مثل قوله تعالى‪ " :‬أن تضل إحداهما "‪ .‬وثانيها‪ :‬أن المعني وجدك متحيرا‬
‫ل تعرف وجوه معاشك فهداك إليها‪ ،‬فإن الرجل إذا لم يهتد إلى طريق‬
‫مكسبه يقال‪ :‬إنه ضال )‪ .(2‬وثالثها‪ :‬أن المعنى وجدك ل تعرف الحق‬
‫فهداك إليه بإتمام العقل‪ ،‬ونصب الدلة واللطاف حتى عرفت ال بصفاته‬
‫بين قوم ضلل مشركين‪ .‬ورابعها‪ :‬وجدك ضال في شعاب مكة فهداك إلى‬
‫جدك عبد المطلب‪ ،‬فروي أنه ضل في شعاب مكة وهو صغير فرآه أبو جهل‬
‫ورده إلى جده عبد المطلب‪ ،‬فمن ال سبحانه بذلك عليه إذ رده إلى جده‬
‫على يدي عدوه عن ابن عباس‪ .‬وخامسها‪ :‬ما روي أن حليمة بنت أبي‬
‫ذؤيب لما أرضعته مدة وقضت حق الرضاع ثم أرادت رده إلى جده جاءت‬
‫به حتى قربت من مكة فضل في الطريق‪ ،‬فطلبته جزعة‬

‫)‪ (1‬في المصدر زيادة هي‪ :‬وسخره للشفاق عليه وحببه إليه حتى كان أحب إليه‬
‫من أولده‪ ،‬فكفله ورباه‪ ،‬واليتيم من ل أب له‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬انه ضال‬
‫ل يدري إلى أين يذهب‪ ،‬ومن أي وجه يكتسب‪.‬‬

‫] ‪[ 138‬‬

‫وكانت تقول‪ :‬لئن لم أره لرمين نفسي عن شاهق‪ ،‬وجعلت تصيح‪ :‬وا محمداه‪،‬‬
‫قالت‪ :‬فدخلت مكة على تلك الحال‪ ،‬فرأيت شيخا متوكئا على عصا‪ ،‬فسألني‬
‫عن حالي فأخبرته فقال‪ :‬ل تبكي فأنا أدلك على من يرده عليك‪ ،‬فأشار إلى‬
‫هبل صنمهم العظم‪ ،‬ودخل البيت وطاف بهبل وقبل رأسه وقال‪ :‬يا سيداه‬
‫لم تزل منتك جسيمة‪ ،‬رد محمدا على هذه السعدية‪ ،‬قال )‪ :(1‬فتساقطت‬
‫الصنام لما تفوه باسم محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬وسمع صوت‪ :‬إن هلكنا‬
‫على يدي محمد‪ ،‬فخرج وأسنانه تصطك‪ ،‬وخرجت إلى عبد المطلب‬
‫وأخبرته بالحال‪ ،‬فخرج وطاف بالبيت‪ ،‬ودعا ال سبحانه فنودي واشعر‬
‫بمكانه‪ ،‬فأقبل عبد المطلب فتلقاه ورقة بن نوفل في الطريق‪ ،‬فبيناهما‬
‫يسيران إذا النبي صلى ال عليه واله قائم تحت شجرة يجذب الغصان‪،‬‬
‫ويعبث )‪ (2‬بالورق‪ ،‬فقال عبد المطلب‪ :‬فداك نفسي‪ ،‬وحمله ورده إلى مكة‬
‫)‪ .(3‬وسادسها‪ :‬ما روي أنه صلى ال عليه واله خرج مع عمه أبي طالب‬
‫في قافلة ميسرة )‪ (4‬غلم خديجة‪ ،‬فبينا هو راكب ذات ليلة ظلماء إذ جاء‬
‫إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن الطريق‪ ،‬فجاء جبرئيل عليه السلم‬
‫فنفخ إبليس )‪ (5‬نفخة وقع منها إلى الحبشة‪ ،‬ورده إلى القافلة‪ ،‬فمن ال‬
‫عليه بذلك‪ .‬وسابعها‪ :‬أن المعنى وجدك مضلول عنك في قوم ل يعرفون‬
‫حقك فهداهم إلى معرفتك وأرشدهم إلى فضلك‪ ،‬والعتراف بصدقك‪،‬‬
‫والمراد أنك كنت خامل ل تذكر ول تعرف فعرفك ال إلى الناس حتى‬
‫عرفوك وعظموك‪ " .‬ووجدك عائل " أي فقيرا ل مال لك " فأغنى " أي‬
‫فأغناك بمال خديجة‪ ،‬ثم بالغنائم‪ ،‬وقيل‪ :‬فأغناك بالقناعة‪ ،‬ورضاك بما‬
‫أعطاك وروى العياشي بإسناده عن أبي الحسن الرضا عليه السلم في‬
‫قوله‪ " :‬ألم يجدك يتيما فآوى " قال عليه السلم‪ :‬فردا ل مثل لك في‬
‫المخلوقين فآوى الناس إليك‪.‬‬

‫)‪ (1‬قالت خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ويلعب‪ (3) .‬ذكره في المصدر عن كعب‪(4) .‬‬
‫مسيرة خ ل‪ ،‬أقول‪ :‬هو وهم‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فنفخ بابليس‪.‬‬
‫] ‪[ 139‬‬

‫" ووجدك ضال فهدى " أي ضالة في قوم ل يعرفون فضلك فهداهم إليك‪" .‬‬
‫ووجدك عائل " تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك‪ " .‬فأما اليتيم فل تقهر "‬
‫أي ل تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه‪ .‬وقيل‪ :‬أي ل تحقر اليتيم فقد‬
‫كنت يتيما " وأما السائل فل تنهر " أي ل تنهره ول ترده إذا أتاك يسألك‪،‬‬
‫فقد كنت فقيرا‪ ،‬فإما أن تطعمه‪ ،‬وإما أن ترده ردا لينا " وأما بنعمة ربك‬
‫فحدث " معناه اذكر نعم ال تعالى وأظهرها وحدث بها انتهى )‪ (1‬كلمه‬
‫رفع ال مقامه‪ .‬وقال البيضاوي )‪ (2‬في قوله تعالى‪ " :‬ألم نشرح لك‬
‫صدرك "‪ :‬ألم نفسحه حتى وسع مناجات الحق ودعوة الخلق‪ ،‬فكان غائبا‬
‫حاضرا ؟ أو ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم‪ ،‬وأزلنا عنه ضيق‬
‫الجهل ؟ أو بما يسرنا لك تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك ؟ وقيل‪ :‬إنه‬
‫إشارة إلى ما روي أن جبرئيل أتى رسول ال صلى ال عليه واله في صباه‬
‫أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه وغسله‪ ،‬ثم مله إيمانا وعلما‪ ،‬ولعله إشارة‬
‫إلى نحو ما سبق‪ ،‬ومعنى الستفهام إنكار نفي النشراح مبالغة في إثباته‪،‬‬
‫ولذلك عطف عليه " ووضعنا عنك وزرك " عبأك الثقيل " الذي أنقض‬
‫ظهرك " الذي حمله على النقيض‪ ،‬وهو صوت الرحل عند النتقاض من‬
‫ثقل الحمل‪ ،‬وهو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة‪ ،‬أو جهله بالحكم و‬
‫الحكام‪ ،‬أو حيرته‪ ،‬أو تلقي الوحي‪ ،‬أو ما كان يرى من ضلل قومه مع‬
‫العجز عن إرشادهم‪ ،‬أو من إصرارهم وتعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى‬
‫اليمان‪ " .‬ورفعنا لك ذكرك " بالنبوة وغيرها " فإن مع العسر " كضيق‬
‫الصدر والوزر المنقض للظهر وضلل القوم وإيذائهم " يسرا " كالشرح‬
‫والوضع والتوفيق للهتداء والطاعة‪ ،‬فل تيأس من روح ال إذا عراك ما‬
‫يغمك " إن مع العسر يسرا " تكرير للتأكيد‪ ،‬أو استيناف وعدة بأن العسر‬
‫مشفوع بيسر آخر‪ ،‬كثواب الخرة " فإذا فرغت " من التبليغ " فانصب "‬
‫فاتعب في العبادة شكرا بما عددنا عليك من النعم السالفة‪ ،‬ووعدنا بالنعم‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .506 - 504 :10‬ما نقله عن البيضاوي ل ينطبق على ما‬
‫في تفسيره‪ ،‬والظاهر أنه أخرجه عن غيره‪ ،‬ول ينطبق أيضا على ما قاله‬
‫الرازي والزمخشري في تفسيرهما‪.‬‬

‫] ‪[ 140‬‬

‫التية‪ ،‬وقيل‪ :‬فإذا فرغت من الغزو فانصب في العبادة‪ ،‬أو فإذا فرغت من الصلة‬
‫فانصب في الدعاء " وإلى ربك فارغب " بالسؤال‪ ،‬ول تسأل غيره‪ ،‬فإنه‬
‫القادر وحده على إسعافه )‪ .(1‬أقول‪ :‬اعلم أن شق بطنه صلى ال عليه‬
‫واله في صغره في روايات العامة كثيرة مستفيضة كما عرفت‪ ،‬وأما‬
‫رواياتنا وإن لم يرد فيها بأسانيد معتبرة لم يرد نفيها أيضا‪ ،‬ول يأبى عنه‬
‫العقل أيضا‪ ،‬فنحن في نفيه وإثباته من المتوقفين‪ ،‬كما أعرض عنه أكثر‬
‫علمائنا‬

‫)‪ (1‬قال الشريف الرضى قدس ال روحه الشريفة في تلخيص البيان‪ :279 :‬وهذا‬
‫القول مجاز واستعارة‪ ،‬لن النبي صلى ال عليه وآله ل يجوز أن ينتهى‬
‫عظم ذنبه إلى حال انقاض الظهر وهو صوت تقعقع العظام من ثقل‬
‫الحمل‪ ،‬لن هذا القول ل يكون ال كناية عن الذنوب العظيمة و الفعال‬
‫القبيحة‪ ،‬وذلك غير جائز على النبياء عليهم السلم‪ ،‬في قول من ل يجيز‬
‫عليهم الصغائر و الكبائر‪ ،‬وفي قول من يجيز عليهم الصغائر دون‬
‫الكبائر‪ ،‬لن ال تعالى قد نزههم عن موبقات النام ومستحقات "‬
‫مستقبحات ظ " الفعال‪ ،‬إذ كانوا امناء وحيه‪ ،‬وألسنة أمره ونهيه‪،‬‬
‫وسفرائه إلى خلقه‪ ،‬وقد استقصينا الكلم في باب مفرد من كتابنا الكبير‪،‬‬
‫فنقول‪ :‬إن المراد هاهنا بوضع الوزر ليس على ما يظنه المخالفون‪ ،‬من‬
‫كونه كناية عن الذنب‪ ،‬وإنما المراد به ما كان يعانيه النبي صلى ال عليه‬
‫وآله من المور المستصعبة والمواقف الخطرة في أداء الرسالة‪ ،‬وتبليغ‬
‫النذارة‪ ،‬وما كان يلقيه صلى ال عليه وآله من مضار قومه‪ ،‬ويتلقاه من‬
‫مرامي ايدى معشره‪ ،‬وكل ذلك حرج في صدره‪ ،‬وثقل على ظهره‪ ،‬فقرره‬
‫ال تعالى بأنه أزال عنه تلك المخاوف كلها‪ ،‬و حط عن ظهره تلك العباء‬
‫بأسرها‪ ،‬وأداله من أعدائه‪ ،‬وفضله على أكفائه‪ ،‬وقدم ذكره على كل ذكر‪،‬‬
‫ورفع قدره على كل قدر‪ ،‬حتى أمن بعد الخيفة‪ ،‬واطمأن بعد القلقة‪،‬‬
‫وخرج من حقائق الضغطة إلى مفاسح الغبطة‪ ،‬ومن عقال النقباض إلى‬
‫محال النبساط‪ ،‬فلذلك قال سبحانه‪ " :‬ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا‬
‫عنك وزرك * الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك " وهذه المور التى‬
‫امتن ال تعالى عليه بأنه فعلها به متشابهة في المعنى‪ ،‬لن شرح الصدر‬
‫ووضع الوزر إذا كان بمعنى ازالة الثقل من الهم‪ ،‬ورفع الذكر أحوال‬
‫يشبه بعضها البعض‪ ،‬فل معنى لتاول الوزر هنا على أنه الذنب‬
‫والمعصية‪ ،‬ول دليل في الية على ذلك‪ ،‬مع ما في القول به من الغمز في‬
‫مزايا النبياء الذين قد رفع ال سبحانه أقدارهم‪ ،‬وأعلى منارهم‪ ،‬وألزمنا‬
‫اتباع مناهجهم وثقيل طرائقهم وتقبل أوامرهم‪ .‬فان قال قائل‪ :‬إن هذه‬
‫السورة مكية وكان نزولها وهو عليه السلم بعد في حال الخوف‬
‫والمراقبة وضعف اليد عن المغالبة‪ ،‬قيل له‪ :‬ل يمتنع أن يكون ال تعالى‬
‫بشره بما تؤول إليه عواقب أمره من انجلء الكربة‪ ،‬وانحسار اللزبة‪،‬‬
‫وقوة السلطان‪ ،‬وانتشار العلم‪ ،‬فقال المتوقع من ذلك عنده مقام الواقع‬
‫لتصديقه وسكونه إلى صحته‪ ،‬فزال ما كان يعانيه من أثقال الهموم‪ ،‬و‬
‫يقاسيه من خناق الكروب‪ ،‬وهذا جواب مقنع بتوفيق ال وعونه‪.‬‬
‫] ‪[ 141‬‬

‫المتقدمين )‪ ،(1‬وإن كان يغلب على الظن وقوعه‪ ،‬وال يعلم وحججه عليهم السلم‪.‬‬
‫‪ - 1‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬سئل‬
‫علي بن الحسين عليه السلم لم اوتم النبي صلى ال عليه واله من أبويه ؟‬
‫قال‪ :‬لئل يجب عليه حق لمخلوق )‪ - 2 .(2‬مع‪ ،‬ع‪ :‬حمزة العلوي‪ ،‬عن‬
‫أحمد الهمداني‪ ،‬عن علي بن الحسين بن فضال‪ ،‬عن أخيه أحمد‪ ،‬عن محمد‬
‫بن عبد ال بن مروان‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل أيتم نبيه صلى ال عليه واله لئل‬
‫يكون لحد عليه طاعة )‪ - 3 .(3‬ع‪ :‬علي بن حاتم القزويني فيما كتب إلي‬
‫عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن حمدان بن الحسين بن الوليد‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫حماد‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪:‬‬
‫لي علة لم يبق لرسول ال صلى ال عليه واله ولد ؟ قال‪ :‬لن ال عزوجل‬
‫خلق محمدا صلى ال عليه وآله نبيا وعليا عليه السلم وصيا‪ ،‬فلو كان‬
‫لرسول ال صلى ال عليه واله ولد من بعده كان )‪ (4‬أولى برسول ال‬
‫صلى ال عليه واله من أمير المؤمنين عليه السلم فكانت ل تثبت )‪(5‬‬
‫وصية أمير المؤمنين عليه السلم )‪ - 4 .(6‬مع‪ ،‬ع‪ :‬القطان‪ ،‬عن ابن‬
‫زكريا القطان‪ ،‬عن ابن حبيب‪ ،‬عن ابن بهلول‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي الحسن‬
‫العبدي‪ ،‬عن سليمان بن مهران‪ ،‬عن عباية بن ربعي‪ ،‬عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫سئل عن قول ال‪ " :‬ألم يجدك يتيما فآوى " قال‪ :‬إنما سمي يتيما لنه لم‬
‫يكن له نظير على وجه الرض من الولين والخرين‪ ،‬فقال عزوجل )‪(7‬‬
‫ممتنا عليه‬

‫)‪ (1‬لعل المتقدمين من علمائنا أعرضوا عن ذكره لغرابته وشذوذه‪ ،‬وعدم وروده‬
‫في حديث صحيح عن طريق المعصومين‪ (2) .‬عيون أخبار الرضا‪.210 :‬‬
‫)‪ (3‬معاني الخبار‪ ،20 :‬علل الشرائع‪ (4) .55 :‬لكان خ ل‪ (5) .‬فيه‬
‫غموض‪ ،‬لن الوصاية والخلفة عند المامية تثبت بنص النبي صلى ال‬
‫عليه وآله‪ ،‬عن ال‪ ،‬فهى موهبة الهية ول يشترط فيها فقدان الولد أو‬
‫وجوده‪ (6) .‬علل الشرائع‪ (7) .55 :‬في المصدر‪ :‬فقال ال‬

‫] ‪[ 142‬‬

‫نعمه‪ " :‬ألم يجدك يتيما " أي وحيدا ل نظير لك ؟ " فأوى " إليك الناس‪ ،‬وعرفهم‬
‫فضلك حتى عرفوك " ووجدك ضال " يقول‪ :‬منسوبا عند قومك إلى‬
‫الضللة فهداهم بمعرفتك " ووجدك عائل " يقول‪ :‬فقيرا عند قومك‬
‫يقولون‪ :‬ل مال لك‪ ،‬فأغناك ال بمال خديجة‪ ،‬ثم زادك من فضله‪ ،‬فجعل‬
‫دعاءك مستجابا حتى لو دعوت على حجر أن يجعله ال لك ذهبا لنقل عينه‬
‫إلى مرادك‪ ،‬وأتاك بالطعام حيث ل طعام‪ ،‬وأتاك بالمآء حيث ل ماء‪ ،‬و‬
‫أعانك )‪ (1‬بالملئكة حيث ل مغيث فأظفرك بهم على أعدائك )‪ - 5 .(2‬ن‪:‬‬
‫في خبر ابن الجهم )‪ ،(3‬عن الرضا عليه السلم قال ال عزوجل لنبيه‬
‫محمد صلى ال عليه واله‪ " :‬ألم يجدك يتيما فآوى " يقول‪ :‬ألم يجدك‬
‫وحيدا فآوى إليك الناس ؟ " ووجدك ضال " يعني عند قومك " فهدى "‬
‫أي هداهم إلى معرفتك " ووجدك عائل فأغنى " يقول‪ :‬أغناك بأن جعل‬
‫دعاءك مستجابا )‪ - 6 .(4‬فس‪ :‬علي بن الحسين‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن خالد بن يزيد‪ ،‬عن أبي الهيثم‪ .‬عن زرارة‪ ،‬عن المامين عليهما السلم‬
‫في قول ال تعالى‪ " :‬ألم يجدك يتيما فآوى " أي فآوى إليك الناس "‬
‫ووجدك ضال فهدى " أي هدى إليك قوما ل يعرفونك حتى عرفوك "‬
‫ووجدك عائل فأغنى " أي وجدك تعول أقواما فأغناهم بعلمك‪ .‬قال علي بن‬
‫إبراهيم‪ :‬ثم قال )‪ " :(5‬ألم يجدك يتيما فآوى " قال‪ :‬اليتيم الذي ل مثل له‪،‬‬
‫ولذلك سميت الدرة‪ :‬اليتيمة‪ ،‬لنه ل مثل لها " ووجدك عائل فأغنى "‬
‫بالوحي‪ ،‬فل تسأل عن شئ أحدا " ووجدك ضال فهدى " قال‪ :‬وجدك ضال‬
‫في قوم ل يعرفون فضل نبوتك فهداهم ال بك )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أغاثك‪ (2) .‬معاني الخبار‪ ،20 :‬علل الشرائع‪ 54 :‬و ‪(3) .55‬‬
‫والخبر طويل قطعه المصنف‪ ،‬ولم يذكر إسناده‪ ،‬وذكره الصدوق بهذا‬
‫السناد‪ :‬تميم ابن عبد ال بن تميم القرشى رضى ال عنه قال‪ :‬حدثني‬
‫أبى‪ ،‬عن حمدان بن سليمان النيسابوري‪ ،‬عن على بن محمد بن الجهم‪) .‬‬
‫‪ (4‬عيون أخبار الرضا‪ (5) .111 :‬في قوله خ ل‪ (6) .‬تفسير القمى‪:‬‬
‫‪ 729‬والمراد بالمامين في صدر الحديث الباقر والصادق عليهما السلم‪.‬‬

‫] ‪[ 143‬‬

‫‪ - 7‬صح‪ :‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬سئل محمد بن علي بن الحسين‬
‫عليه السلم لم اوتم النبي صلى ال عليه واله من أبويه ؟ قال‪ :‬لئل يوجد‬
‫عليه حق لمخلوق )‪ - 8 .(1‬كنز‪ :‬محمد بن العباس‪ ،‬عن أبي داود‪ ،‬عن‬
‫بكار )‪ ،(2‬عن عبد الرحمن‪ ،‬عن إسماعيل ابن عبد ال )‪ ،(3‬عن علي بن‬
‫عبيد ال )‪ (4‬بن العباس قال‪ :‬عرض على رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫ما هو مفتوح على امته من بعده كفرا كفرا‪ ،‬فسر بذلك‪ ،‬فأنزل ال تعالى‪" :‬‬
‫وللخرة خير لك من الولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى " قال‪ :‬فأعطاه‬
‫ال ألف قصر في الجنة‪ ،‬ترابه المسك‪ ،‬في كل قصر ما ينبغي له من‬
‫الزواج والخدم )‪ .(5‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ ،‬أهل الشام يسمون القرية كفرا‪،‬‬
‫ومنه الحديث عرض على رسول ال صلى ال عليه واله ما هو مفتوح‬
‫على امته بعده كفرا كفرا‪ ،‬فسر ذلك‪ .‬أي قرية قرية‪ - 9 .‬كنز‪ :‬محمد بن‬
‫العباس‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن الحكم‪ ،‬عن محمد بن يونس‪ ،‬عن حماد بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم عن جابر بن عبد ال قال‪:‬‬
‫دخل رسول ال صلى ال عليه واله على فاطمة عليها السلم وهي تطحن‬
‫بالرحى وعليها كساء من أجلة البل‪ ،‬فلما نظر إليا بكى وقال لها‪ :‬يا فاطمة‬
‫تعجلي مرارة الدنيا لنعيم الخرة غدا‪ ،‬فأنزل ال عليه‪ :‬وللخرة خير لك‬
‫من الولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى )‪ - 10 .(6‬كنز‪ :‬محمد بن‬
‫العباس‪ ،‬عن أحمد بن محمد النوفلي‪ ،‬عن أحمد بن محمد الكاتب‪ ،‬عن‬
‫عيسى بن مهران بإسناده إلى زيد بن علي عليه السلم في قول ال تعالى‪:‬‬
‫" ولسوف يعطيك ربك فترضى " قال‪ :‬إن رضا رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله إدخال ال أهل بيته وشيعتهم الجنة )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬صحيفة الرضا‪ (2) .38 :‬عن ابن بكار خ ل‪ .‬اقول‪ :‬وفى المصدر‪ :‬عن بكار بن‬
‫عبد الرحمن‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬عبيد ال‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬عبد ال‪ ،‬وهو‬
‫الصحيح‪ (5) .‬كنز جامع الفوائد‪ 391 :‬و ‪ 392‬والكنز هذا مختصر من‬
‫كتاب تأويل اليات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة‪ (6) .‬كنز جامع‬
‫الفوائد‪ (7) .392 :‬كنز جامع الفوائد‪ ،392 :‬وفي ذيله وكيف ل وانما‬
‫خلقت الجنة لهم‪ ،‬والنار لعدائهم =‬

‫] ‪[ 144‬‬

‫* )باب ‪) * * (8‬أوصافه صلى ال عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة( *‬


‫‪ - 1‬ك‪ ،‬لى‪ :‬الطالقاني‪ ،‬عن الجلودي‪ ،‬عن محمد بن عطية‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫عمرو‪ ،‬عن هشام بن جعفر‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن عبد ال بن سليمان وكان قاريا‬
‫للكتب قال‪ :‬قرأت في النجيل يا عيسى جد في أمري‪ ،‬ول تهزل‪ ،‬واسمع‬
‫وأطع يابن الطاهرة الطهر البكر البتول‪ ،‬أنت من غير فحل أنا خلقتك آية‬
‫للعالمين‪ ،‬فإياي فاعبد‪ ،‬وعلي فتوكل‪ ،‬خذ الكتاب بقوة‪ ،‬فسر لهل سوريا‬
‫السريانية )‪ ،(1‬بلغ من بين يديك أني أنا ال الدائم الذي ل أزول‪ ،‬صدقوا‬
‫النبي المي‪ ،‬صاحب الجمل والمدرعة والتاج‪ ،‬وهي العمامة‪ ،‬والنعلين‬
‫والهراوة وهي القضيب‪ ،‬النجل العينين‪ ،‬الصلت الجبين‪ ،‬الواضح الخدين‪،‬‬
‫القنى )‪ (2‬النف‪ ،‬مفلج الثنايا‪ ،‬كأن عنقه إبريق فضة‪ ،‬كأن الذهب يجري‬
‫في تراقيه‪ ،‬له شعرات من صدره إلى سرته‪ ،‬ليس على بطنه ول على‬
‫صدره شعر‪ ،‬أسمر اللون‪ ،‬دقيق المسربة )‪ ،(3‬شثن الكف والقدم )‪ ،(4‬إذا‬
‫التفت التفت جميعا‪ ،‬وإذا مشى كأنما يتقلع‬

‫أقول‪ :‬محمد بن العباس في صدر السند هو أبو عبد ال محمد بن العباس بن على‬
‫بن مروان بن الماهيار البزاز المعروف بابن الحجام‪ ،‬صاحب كتاب ما‬
‫نزل من القرآن في أهل البيت‪ ،‬وكان ثقة جليل من أصحابنا‪ ،‬قد ظفر‬
‫السيد شرف الدين الشولستانى المترجم في المقدمة‪ 149 :‬على قطعة من‬
‫كتابه هذا واخرجه في كتابه تأويل اليات الظاهرة‪ (1) .‬بالسريانية خ ل‪.‬‬
‫)‪ (2‬أقنى أنفه‪ :‬ارتفع وسط قصبته وضاق منخراه فهو أقنى‪ (3) .‬في‬
‫النهاية‪ :‬في صفته عليه السلم أنه كان ذا مسربة‪ ،‬وفي حديث آخر‪ :‬كان‬
‫دقيق المسربة‪ .‬المسربة بضم الراء‪ :‬ما دق من شعر الصدر سائل إلى‬
‫الجوف‪ (4) .‬في النهاية‪ :‬شثن الكفين والقدمين أي أنهما يميلن إلى‬
‫الغلظ والقصر‪ ،‬وقيل هو الذي في أنامله غلظ بل قصر في الرجال لنه‬
‫أشد لقبضهم‪ ،‬ويذم في النساء‪.‬‬

‫] ‪[ 145‬‬

‫من الصخرة )‪ ،(1‬وينحدر من صبب‪ ،‬وإذا جاء مع القوم بذهم‪ ،‬عرقه في وجهه‬
‫كاللؤلؤ )‪ ،(2‬وريح المسك ينفح منه‪ ،‬لم ير قبله مثله ول بعده‪ ،‬طيب‬
‫الريح‪ ،‬نكاح النساء‪ ،‬ذو النسل القليل‪ ،‬إنما نسله من مباركة لها بيت في‬
‫الجنة ل صخب فيه ول نصب )‪ (3‬يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا‬
‫امك‪ ،‬لها فرخان مستشهدان‪ ،‬كلمه القرآن ودينه السلم‪ ،‬وأنا السلم‪،‬‬
‫طوبى لمن أدرك زمانه‪ ،‬وشهد أيامه وسمع كلمه‪ ،‬قال عيسى‪ :‬يا رب وما‬
‫طوبى ؟ قال‪ :‬شجرة في الجنة أنا غرستها )‪ ،(4‬تظل الجنان‪ ،‬أصلها من‬
‫رضوان‪ ،‬ماؤها من تسنيم‪ ،‬برده برد الكافور‪ ،‬وطعمه طعم الزنجبيل‪ ،‬من‬
‫يشرب من تلك العين شربة ل يظمأ بعدها أبدا‪ ،‬فقال عيسى عليه السلم‪:‬‬
‫اللهم اسقني منها‪ ،‬قال‪ :‬حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا منها حتى‬
‫يشرب ذلك النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬وحرام على المم أن يشربوا منها‬
‫حتى يشرب امة ذلك النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬أرفعك إلي ثم اهبطك في‬
‫آخر الزمان لترى من امة ذلك النبي صلى ال عليه واله العجائب‪،‬‬
‫ولتعينهم على اللعين الدجال‪ ،‬اهبطك في وقت الصلة لتصلي معهم إنهم‬
‫امة مرحومة )‪ .(5‬بيان‪ :‬ل يبعد أن يكون سوريا في تلك اللغة اسم سورى‪،‬‬
‫قال في القاموس‪ :‬السورى كطوبى موضع بالعراق‪ ،‬وهو من بلد‬
‫السريانيين‪ .‬وقال‪ :‬المدرعة كمكنسة‪ :‬ثوب كالدراعة‪ ،‬ول تكون إل من‬
‫صوف‪ ،‬وقال‪ :‬النجل بالتحريك‪ :‬سعة العين فهو أنجل‪ .‬قوله‪ :‬صلت الجبين‪،‬‬
‫قال الجزري‪ :‬أي واسعة‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬رجل مفجل الثنايا‪:‬‬
‫منفرجها‪ ،‬قوله‪ :‬كأن الذهب يجري في تراقيه‪ ،‬لعله كناية عن حمرة ترقوته‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬أو سطوع النور منها‪ .‬قوله‪ :‬بذهم‪ ،‬قال الجزري‪ :‬فيه‬
‫بذ العالمين‪ ،‬أي سبقهم وغلبهم‪.‬‬
‫)‪ (1‬أراد قوة مشيه‪ ،‬كأنه يرفع رجليه من الرض رفعا قويا ل كمن يمشى اختيال‬
‫ويقارب خطاه فان ذلك من مشى النساء‪ (2) .‬في كمال الدين‪ :‬كاللؤلؤ‬
‫الرطب‪ (3) .‬الصخب‪ :‬الضجة واضطراب الصوات للخصام‪ .‬والنصب‪:‬‬
‫التعب‪ .‬الداء‪ (4) .‬زاد في كمال الدين‪ :‬بيدى‪ (5) .‬كما الدين‪ 95 :‬و ‪،96‬‬
‫المالي‪ 163 :‬و ‪.164‬‬

‫] ‪[ 146‬‬

‫أقول‪ :‬فالمعنى أنه كان يغلبهم في الحسن والبهاء‪ ،‬ويمتاز بينهم‪ ،‬أو يسبقهم في‬
‫المشي‪ ،‬و والول أظهر‪ ،‬إذ سيأتي ما يخالف الثاني‪ ،‬والصخب بالتحريك‪:‬‬
‫الصياح والجلبة‪ - 2 .‬فس‪ :‬الحسين بن عبد ال السكيني‪ ،‬عن أبي سعيد‬
‫البجلي‪ ،‬عن عبد الملك ابن هارون‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫أن ملك الروم عرض على الحسين بن علي عليه السلم صور النبياء‬
‫فعرض عليه صنما يلوح )‪ ،(1‬فلما نظر إليه بكى بكاء شديدا‪ ،‬فقال له‬
‫الملك‪ :‬ما يبكيك ؟ فقال‪ :‬هذه صفة جدي محمد صلى ال عليه واله‪ :‬كث‬
‫اللحية‪ ،‬عريض الصدر‪ ،‬طويل العنق‪ ،‬عريض الجبهة‪ ،‬أقنى النف‪ ،‬أفلج‬
‫السنان )‪ ،(2‬حسن الوجه‪ ،‬قطط الشعر‪ ،‬طيب الريح‪ ،‬حسن الكلم‪ ،‬فصيح‬
‫اللسان‪ ،‬كان يأمر بالمعروف‪ ،‬وينهى عن المنكر‪ ،‬بلغ عمره ثلثا وستين‬
‫سنة‪ ،‬ولم يخلف بعده إل خاتم مكتوب عليه‪ " :‬ل إله إل ال محمد رسول‬
‫ال " وكان يتختم في يمينه‪ ،‬وخلف سيفه ذا الفقار‪ ،‬وقضيبه وجبة‬
‫صوف‪ ،‬وكساء صوف كان يتسرول به لم يقطعه ولم يخيطه حتى لحق‬
‫بال‪ ،‬فقال الملك‪ :‬إنا نجد في النجيل إنه يكون له ما يتصدق على سبطيه )‬
‫‪ ،(3‬فهل كان ذلك ؟ فقال له الحسن عليه السلم‪ :‬قد كان ذلك‪ ،‬فقال الملك‪:‬‬
‫فبقي لكم ذلك ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬قال الملك‪ :‬أول فتنة هذه المة عليها‪ ،‬ثم على‬
‫ملك نبيكم واختيارهم على ذرية نبيهم )‪ ،(4‬منكم القائم بالحق‪ ،‬المر‬
‫بالمعروف‪ ،‬والناهي عن المنكر‪ .‬الخبر )‪ .(5‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ :‬قطط‬
‫الشعر )‪ (6‬مناف لما سيأتي من الخبار‪ ،‬ولعل المراد‬

‫)‪ (1‬واستظهر المصنف في الهامش أن الصحيح‪ :‬بلوح‪ .‬وفي المصدر أيضا مثل‬
‫المتن بالياء‪ ،‬والمعنى يلمع عنه النور‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ابلج السنان‪.‬‬
‫وهو من ابلج الصبح‪ :‬أضاء وأشرق‪ (3) .‬في المطبوع وفي المصدر‪ :‬ما‬
‫يتصدق به على سبطيه‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬لهذه أول فتنة هذه المة‪ ،‬غلبا‬
‫أباكما وهما الول والثانى على ملك نبيكم واختيار هذه المة على ذرية‬
‫نبيهم‪ (5) .‬تفسير القمى‪ 598 :‬والحديث طويل قد أخرجه المصنف في‬
‫كتاب الحتجاجات‪ :‬ج ‪ ،136 - 132 :10‬والقطعة في‪ (6) .134 :‬رجل‬
‫قطط الشعر‪ :‬قصير الشعر جعده‪.‬‬
‫] ‪[ 147‬‬

‫عدم السترسال التام كما سيأتي‪ ،‬ول يبعد أن يكون تصحيف السبط‪ - 3 .‬ما‪ :‬ابن‬
‫الصلت‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن قراءة عن‬
‫محمد بن عيسى العبدي )‪ (1‬قال‪ :‬حدثنا مول علي بن موسى‪ ،‬عن علي بن‬
‫موسى‪ ،‬عن أبيه موسى ابن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي عليهم‬
‫السلم أنهم قالوا‪ :‬يا علي صف لنا نبينا صلى ال عليه واله كأننا نراه‪ ،‬فإنا‬
‫مشتاقون إليه‪ ،‬فقال‪ :‬كان نبي ال صلى ال عليه واله أبيض اللون‪ ،‬مشربا‬
‫حمرة‪ ،‬أدعج العين‪ ،‬سبط الشعر‪ ،‬كثف )‪ (2‬اللحية‪ ،‬ذا وفرة‪ ،‬دقيق‬
‫المسربة‪ ،‬كأنما عنقه إبريق فضة‪ ،‬يجري في تراقيه الذهب‪ ،‬له شعر من‬
‫لبته إلى سرته كقضيب خيط إلى السرة‪ ،‬وليس في بطنه ول صدره شعر‬
‫غيره‪ ،‬شثن الكفين والقدمين‪ ،‬شثن الكعبين‪ ،‬إذا مشى كأنما يتقلع من‬
‫صخر‪ ،‬إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب‪ ،‬إذا التفت التفت جميعا بأجمعه كله‪،‬‬
‫ليس بالقصير المتردد‪ ،‬ول بالطويل المتمعط )‪ ،(3‬وكان في الوجه تدوير )‬
‫‪ ،(4‬إذا كان في الناس غمرهم‪ ،‬كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ‪ ،‬عرفه أطيب‬
‫من ريح المسك‪ ،‬ليس بالعاجز ول باللئيم‪ ،‬أكرم الناس عشرة )‪ ،(5‬وألينهم‬
‫عريكة‪ ،‬وأجودهم كفا‪ ،‬من خالطه بمعرفة أحبه‪ ،‬ومن رآه بديهة هابه‪ ،‬عزه‬
‫بين عينيه‪ ،‬يقول باغته )‪ :(6‬لم أر قبله ول بعده مثله‪ ،‬صلى ال عليه وآله‬
‫تسليما )‪ .(7‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬الشراب‪ :‬خلط لون بلون‪ ،‬كأن أحدهما‬
‫سقى الخر‪ ،‬وإذا شدد يكون للتكثير والمبالغة‪ ،‬ويقال‪ :‬أشرب البيض‬
‫حمرة‪ ،‬أي عله ذلك‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬هكذا في النسخة‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬المعبدى‪ ،‬ولعلهما مصحفان‪ ،‬والصحيح‬


‫العبيدي فهو محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين العبيدي اليقطينى‬
‫السدي‪ (2) .‬كث خ ل‪ .‬أقول‪ :‬هو الموجود في المصدر‪ .‬والمعنى واحد‪) .‬‬
‫‪ (3‬المنمغط خ ل‪ .‬أقول‪ :‬هكذا في النسخة‪ ،‬والمصدر مثل المتن‪ ،‬وظاهر‬
‫ما يأتي في البيان أنه الممغط‪ .‬فعلى أي فالمعنى واحد‪ (4) .‬تداوير خ ل‪) .‬‬
‫‪ (5‬استظهر المصنف أن الصحيح‪ :‬عشيرة‪ .‬أقول‪ :‬كلهما يصحان‬
‫والمصدر مثل المتن‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬ناعته‪ (7) .‬أمالى ابن الشيخ‪:‬‬
‫‪.217‬‬

‫] ‪[ 148‬‬

‫الفيروزآبادي‪ :‬الدعج بالتحريك والدعجة‪ :‬شدة سواد العين مع سعتها‪ ،‬والدعج‪:‬‬


‫السود‪ .‬وقال الجزري في صفته صلى ال عليه واله‪ :‬في عينيه دعج‪،‬‬
‫يريد أن سواد عينيه كان شديد السواد‪ ،‬وقيل‪ :‬الدعج‪ :‬شدة سواد العين في‬
‫شدة بياضها‪ ،‬وقال‪ :‬السبط من الشعر‪ :‬المنبسط المسترسل‪ .‬وقال‪ :‬الوفرة‪:‬‬
‫شعر الرأس إذا وصل إلى شجمة الذن‪ .‬قوله‪ :‬المتردد‪ ،‬قال الجزري أي‬
‫المتناهي في القصر‪ ،‬كأنه تردد بعض خلقه على بعض وتداخلت أجزاؤه‪،‬‬
‫وقال في صفته صلى ال عليه واله‪ :‬لم يكن بالطويل الممغط‪ ،‬وهو بتشديد‬
‫الميم الثانية‪ :‬المتناهي في الطول‪ ،‬وامغط النهار‪ :‬إذا امتد‪ ،‬وممغطت الحبل‬
‫وغيره‪ :‬إذا مددته‪ ،‬وأصله منمغط‪ ،‬والنون للمطاوعة فقلبت ميما‪ ،‬وادغمت‬
‫في الميم‪ ،‬ويقال‪ :‬بالعين المهملة بمعناه‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬غمرهم‪ ،‬قال‬
‫الجزري‪ :‬أي كان فوق كل من كان معه‪ ،‬و العريكة‪ :‬الطبيعة‪ ،‬قوله عليه‬
‫السلم‪ :‬من رآه بديهة هابه‪ ،‬قال الجزري‪ :‬أي مفاجاة وبغتة‪ ،‬يعني من لقيه‬
‫قبل الختلط به هابه لوقاره وسكونه‪ ،‬وإذا جالسه وخالطه بان حسن‬
‫خلقه‪ ،‬قوله‪ :‬عزه بين عينيه‪ ،‬تأكيد للسابق‪ ،‬ويفسره اللحق‪ ،‬أي يظهر‬
‫العز في وجهه أول قبل أن يعرف‪ ،‬يقول‪ :‬باغته بالباء الموحدة والغين‬
‫المعجمة أي من رآه بغتة‪ ،‬وفي بعض النسخ غرة بالغين المعجمة والراء‬
‫المهملة‪ ،‬ولعله من الغر بالفتح بمعنى حد السيف‪ ،‬فيرجع إلى الول‪ ،‬أو هو‬
‫بالضم بمعنى الغرة وهي البياض في الجبهة‪ ،‬وفي بعض النسخ ناعته‬
‫بالنون والعين المهملة‪ ،‬ول يخفى توجيهه‪ ،‬وسيأتي شرح سائر الفقرات‬
‫في الخبار التية‪ - 4 .‬ن‪ :‬الحسن بن عبد ال بن سعيد العسكري‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن محمد بن عبد العزيز )‪ ،(1‬عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن‬
‫جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلم‪ ،‬بمدينة الرسول صلى‬
‫ال عليه وآله‪ ،‬قال‪ :‬حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمد عليهم‬
‫السلم عن موسى بن جعفر عليه السلم عن جعفر بن محمد عليه السلم‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن علي بن الحسين عليه السلم قال‪ :‬قال الحسن بن علي بن‬
‫أبي طالب عليه السلم سألت خالي هند بن أبي هالة )‪ (2‬عن حلية رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله وكان‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬عبد العزيز بن منيع‪ .‬أقول‪ :‬هو البغوي الحافظ المعروف )‪ (2‬هو‬
‫هند بن أبي هالة التميمي‪ ،‬ربيب رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬امه‬
‫خديجة ام المؤمنين رضى ال عنها‪ .‬شهد بدرا وقيل‪ :‬بل شهد احدا وكان‬
‫وصافا لحلية رسول ال صلى ال عليه وآله وشمائله وأوصافه‪.‬‬

‫] ‪[ 149‬‬

‫وصافا للنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله فخما‬
‫مفخما‪ ،‬يتللؤ وجهه تللؤ القمر ليلة البدر‪ ،‬أطول من المربوع‪ ،‬وأقصر‬
‫من المشذب‪ ،‬عظيم الهامة )‪ (1‬رجل الشعر‪ ،‬إن انفرقت عقيقته )‪ (2‬فرق‪،‬‬
‫وإل فل يجاوز شعره شحمة اذنيه‪ ،‬إذا هو وفرة‪ ،‬أزهر اللون‪ ،‬واسع‬
‫الجبين‪ ،‬أزج الحواجب )‪ ،(3‬سوابغ في غير قرن‪ ،‬بينهما له )‪ (4‬عرق‬
‫يدره الغضب‪ ،‬أقنى العرنين‪ ،‬له نور يعلوه‪ ،‬يحسبه من لم يتأمله أشم )‪،(5‬‬
‫كث اللحية‪ ،‬سهل الخدين ضليع الفم‪ ،‬أشنب مفلج السنان‪ ،‬دقيق المسربة‪،‬‬
‫كأن عنقه جيد دمية )‪ (6‬في صفاء الفضة‪ ،‬معتدل الخلق‪ ،‬بادنا متماسكا‪،‬‬
‫سواء البطن والصدر )‪ ،(7‬بعيد ما بين المنكبين‪ ،‬ضخم الكراديس‪ ،‬أنور‬
‫المتجرد‪ ،‬موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط‪ ،‬عاري الثديين‬
‫والبطن مما سوى ذلك‪ ،‬أشعر الذراعين والمنكبين‪ ،‬وأعالي الصدر‪ ،‬طويل‬
‫الزندين‪ ،‬رحب الراحة‪ ،‬شثن الكفين والقدمين‪ ،‬سائل الطراف‪ ،‬سبط‬
‫القصب‪ ،‬خمصان الخمصين‪ ،‬مسيح القدمين‪ ،‬ينبو عنهما الماء‪ ،‬إذا زال‬
‫زال قلعا‪ ،‬يخطو تكفؤا‪ ،‬ويمشي هونا‪ ،‬ذريع المشية )‪ ،(8‬إذا مشى كأنما‬
‫ينحط في صبب‪ ،‬وإذا التفت التفت جميعا‪ ،‬خافض الطرف‪ ،‬نظره إلى‬
‫الرض أطول من نظره إلى السماء‪ ،‬جل نظره الملحظة‪ ،‬يبدر )‪ (9‬من‬
‫لقيه بالسلم‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فصف لي منطقه‪ ،‬فقال‪ :‬كان صلى ال عليه واله‬
‫مواصل )‪ (10‬الحزان‪ ،‬دائم الفكر‪،‬‬

‫)‪ (1‬الهامة‪ :‬الرأس‪ (2) .‬في المكارم ونسخة من العيوم‪ :‬عقيصته‪ (3) .‬في العيون‪:‬‬
‫الحاجبين‪ (4) .‬المصادر خالية من كلمة )له(‪ (5) .‬في النهاية‪ :‬في صفته‬
‫صلى ال عليه وآله يحسبه من لم يتأمله أشم‪ ،‬الشمم‪ :‬ارتفاع قصبة‬
‫النف واستواء أعلها وإشراف الرنبة قليل‪ ،‬ومنه قصيدة كعب )شم‬
‫العرانين أبطال لبوسهم( شم جمع أشم‪ ،‬والعرانين‪ :‬النوف‪ ،‬وهو كناية‬
‫عن الرفعة والعلو وشرف النفس‪ (6) .‬الدمية‪ :‬الصورة المزينة فيها‬
‫حمرة كالدم‪ (7) .‬في مكارم الخلق هنا زيادة هي‪ :‬عريض الصدر‪(8) .‬‬
‫في المكارم‪ :‬سريع المشية‪ (9) .‬أي يسبق‪ (10) .‬متواصل خ ل‪ ،‬أقول‪:‬‬
‫هو الموجود في المصادر‪.‬‬

‫] ‪[ 150‬‬

‫ليست له راحة‪ ،‬ول يتكلم في غير حاجة‪ (1) ،‬يفتتح الكلم‪ ،‬ويختمه بأشداقه )‪،(2‬‬
‫يتكلم بجوامع الكلم فصل‪ ،‬ل فضول فيه ول تقصير‪ ،‬دمثا ليس بالجافي ول‬
‫بالمهين‪ ،‬تعظم عنده النعمة وإن ذقت‪ ،‬ل يذم منها شيئا غير أنه كان ل يذم‬
‫ذواقا )‪ (3‬ول يمدحه ول تغضبه الدنيا وما كان لها‪ ،‬فإذا تعوطي الحق لم‬
‫يعرفه أحد‪ ،‬ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له )‪ (4‬إذا أشار أشار بكفه‬
‫كلها‪ ،‬وإذا تعجب قلبها‪ ،‬وإذا تحدث اتصل بها‪ ،‬يضرب )‪ (5‬براحته اليمنى‬
‫باطن أبهامه اليسرى‪ ،‬وإذا غضب أعرض وأشاح‪ ،‬وإذا فرح غض طرفه )‬
‫‪ ،(6‬جل ضحكه التبسم‪ ،‬يفتر عن مثل حب الغمام )‪ .(7‬قال الحسن‪ :‬فكتمتها‬
‫)‪ (8‬الحسين زمانا‪ ،‬ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه‪ ،‬وسأله عما سألته‬
‫عنه‪ ،‬ووجدته )‪ (9‬قد سأل أباه عن مدخل النبي صلى ال عليه واله‬
‫ومخرجه‪ ،‬و مجلسه وشكله‪ ،‬فلم يدع منه شيئا‪ ،‬قال الحسين عليه السلم‪:‬‬
‫سألت أبي عليه السلم عن مدخل رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك‪ ،‬فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلثة‬
‫أجزاء‪ :‬جزء ل‪ .‬وجزء لهله‪ ،‬وجزء لنفسه‪ ،‬ثم جزأ جزءه بينه وبين‬
‫الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة‪ ،‬ول يدخر )‪ (10‬عنهم منه شيئا‪،‬‬
‫وكان من سيرته في جزء‬

‫)‪ (1‬في المكارم زاد‪ :‬طويل السكوت‪ .‬وفي المعاني هي موجودة قبل قوله‪ :‬ل يتكلم‪.‬‬
‫)‪ (2‬قال في النهاية بعد ذكر الحديث‪ :‬الشداق‪ :‬جوانب الفم‪ ،‬وانما يكون‬
‫ذلك لرحب شدقيه‪ ،‬والعرب تمتدح بذلك‪ (3) .‬في المكارم‪ :‬ول يذم ذواقا‪.‬‬
‫واسقط قوله‪ :‬غير أنه كان‪ (4) .‬زاد في المكارم‪ :‬ول يغضب لنفسه ول‬
‫ينتصر لها‪ (5) .‬في المعاني‪ :‬فضرب‪ ،‬وفي العيون‪ :‬وإذا تحدث قارب يده‬
‫اليمنى من اليسرى فضرب بابهامه اليمنى راحة اليسرى‪ ،‬وإذا غضب‬
‫أعرض بوجهه‪ .‬وفي المكارم‪ :‬وإذا تحدث أشار بها فضرب )فيضرب خ‬
‫ل( براحته اليمنى باطن أبهامه اليسرى‪ (6) .‬في المكارم‪ :‬من طرفه‪(7) .‬‬
‫الغمام‪ :‬السحاب‪ ،‬يقال‪ :‬يفتر عن مثل حب الغمام أي يكشف عن أسنان‬
‫بيض كالبرد‪ (8) .‬في العيون‪ :‬فكتمت هذا الخبر‪ (9) .‬في العيون‬
‫والمعاني‪ :‬فوجدته‪ (10) .‬زاد في المكام‪ :‬أو قال‪ :‬ل يدخر‪ .‬الشك من ابى‬
‫غسان‪.‬‬

‫] ‪[ 151‬‬

‫المة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين‪ ،‬فمنهم ذو الحاجة‪،‬‬
‫ومنهم ذو الحاجتين‪ ،‬ومنهم ذو الحوائج‪ ،‬فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما‬
‫أصلحهم والمة من مسألته عنهم )‪ ،(1‬وإخبارهم بالذي ينبغي )‪،(2‬‬
‫ويقول‪ " :‬ليبلغ الشاهد منكم الغائب‪ ،‬و أبلغوني حاجة من ل يقدر على‬
‫إبلغ حاجته )‪ ،(3‬فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من ل يقدر على إبلغها )‪(4‬‬
‫ثبت ال قدميه يوم القيامة " ل يذكر عنده إل ذلك‪ ،‬ول يقيد )‪ (5‬من أحد‬
‫عثرة يدخلون روادا‪ ،‬ول يفترقون إل عن ذواق‪ ،‬ويخرجون أدلة‪ .‬فسألته )‬
‫‪ (6‬عن مخرج رسول ال صلى ال عليه واله كيف كان يصنع فيه ؟ فقال‪:‬‬
‫كان صلى ال عليه واله )‪ (7‬يخزن لسانه إل عما يعنيه‪ ،‬ويؤلفهم ول‬
‫ينفرهم )‪ ،(8‬ويكرم كريم كل قوم‪ ،‬ويوليه عليهم‪ ،‬ويحذر الناس )‪(9‬‬
‫ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ول خلقه‪ ،‬ويتفقد‬
‫أصحابه‪ ،‬ويسأل الناس عما في الناس )‪ ،(10‬ويحسن الحسن ويقويه‪،‬‬
‫ويقبح القبيح ويوهنه‪ ،‬معتدل المر‪ ،‬غير مختلف‪ ،‬ل يغفل مخافة أن يغفلوا‬
‫أو يميلوا )‪ ،(11‬ول يقصر عن الحق ول يجوزه‪ ،‬الذين يلونه من الناس‬
‫خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬في العيون‪ :‬وأصلح المة من مسألته عنهم‪ .‬ومثله في المكارم ال في نسخة‬
‫من مسائلته عنهم‪ (2) .‬في العيون والمكارم‪ :‬ينبغى لهم‪ (3) .‬في‬
‫المكارم‪ :‬من ل يستطيع ابلغ حاجته‪ (4) .‬في المكارم من ل يستطيع‬
‫إبلغها‪ (5) .‬ول يقيل خ ل‪ ،‬وفي المعاني‪ :‬ول يقبل )يقيد خ ل( من أحد‬
‫عثرة‪ ،‬وفي العيون والمكارم‪ :‬ول يقبل من أحد غيره‪ (6) .‬في المعاني‬
‫والمكام‪ :‬قال فسألته‪ (7) .‬في المصادر‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ (8) .‬في المكارم‪ :‬فيما يعنيه‪ ،‬ويؤلفهم ول يفرقهم‪ ،‬أو قال‪ :‬ينفرهم‪.‬‬
‫)شك مالك( )‪ (9‬في المكارم‪ :‬الفتن خ ل‪ (10) .‬في العيون‪ :‬عما الناس‬
‫فيه‪ (11) .‬أن يملوا‪ .‬قلت هو موجود في نسخة من المكارم‪ .‬وبعده‪ :‬لكل‬
‫حال عند عتاد )عباد خ ل(‪ .‬والظاهر أن هذه الجملة قد سقطت عن العيون‬
‫والمعاني لما يأتي بعد ذلك تفسيرها في كلم الصدوق‪.‬‬

‫] ‪[ 152‬‬

‫أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة‪ .‬قال‪ :‬وسألته )‪ (1‬عن مجلسه‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كان صلى ال عليه واله ل يجلس ول يقوم إل على ذكر )‪ ،(2‬ول‬
‫يوطن الماكن )‪ (3‬وينهى عن إيطانها‪ ،‬وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث‬
‫ينتهي به المجلس ويأمر بذلك‪ ،‬ويعطي كل جلسائه نصيبه‪ ،‬ول يحسب أحد‬
‫من جلسائه أن أحدا )‪ (4‬أكرم عليه منه‪ ،‬من جالسه صابره )‪ (5‬حتى يكون‬
‫هو المنصرف عنه‪ ،‬من سأله حاجة لم يرجع إل بها )‪ (6‬أو بميسور من‬
‫القول‪ ،‬قد وسع الناس منه خلقه‪ ،‬وصار لهم أبا )‪ ،(7‬وصاروا عنده في‬
‫الحق سواء‪ ،‬مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة‪ ،‬ل ترفع فيه‬
‫الصوات‪ ،‬ول تؤبن )‪ (8‬فيه الحرم‪ ،‬ول تنثى فلتاته‪ ،‬متعادلين )‪(9‬‬
‫متواصلين فيه بالتقوى‪ ،‬متواضعين يوقرون الكبير‪ ،‬ويرحمون الصغير‪،‬‬
‫ويؤثرون ذا الحاجة‪ ،‬ويحفظون الغريب )‪ .(10‬فقلت‪ :‬فكيف كانت سيرته‬
‫في جلسائه ؟ فقال‪ :‬كان دائم البشر‪ ،‬سهل الخلق‪ ،‬لين الجانب‪ :‬ليس بفظ‬
‫ول صخاب ول فحاش ول عياب ول مداح‪ ،‬يتغافل عما ل يشتهي‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصادر‪ :‬فسألته‪ (2) .‬في المصادر‪ :‬ذكر ال جل اسمه‪ (3) .‬أي ل يتخذ‬
‫لنفسه مجلسا يعرف به‪ (4) .‬في العيون‪ ،‬كل واحد من جلسائه نصيبه‬
‫حتى ل يحسب احد‪ .‬وفي المكارم‪ :‬كل )من خ ل( جلسائه نصيبه حتى ل‬
‫يحسب جليسه أن أحدا‪ (5) .‬في العيون‪ :‬من جالسه أو نادمه لحاجة‬
‫صابره‪ .‬ومثله في المكارم ال أن فيه‪ :‬قاومه‪ .‬والمعنى‪ :‬قام معه‪ ،‬ومعنى‬
‫نادمه جالسه‪ (6) .‬في العيون والمكارم‪ :‬لم يرده ال بها‪ (7) .‬في المكارم‪:‬‬
‫قد وسع الناس منه بسطه وخلقه )بسطة وخلقا(‪ ،‬فكان )وكان( لهم أبا‪ .‬و‬
‫في العيون‪ :‬فصار لهم أبا رحيما‪ (8) .‬في المكارم‪ :‬توهن خ ل‪ (9) .‬في‬
‫المكارم‪ :‬متعادلون متفاضلون فيه بالتقوى متواضعون‪ ،‬يوقرون فيه‬
‫الكبير‪ ،‬ويرحمون فيه الصغير أقول‪ :‬قوله‪ :‬فيه أي في مجلسه صلى ال‬
‫عليه وآله‪ (10) .‬في المكارم‪ :‬ويحفظون‪ ،‬أو قال‪ :‬يحوطون )يحيطون خ‬
‫ل( الغريب‪) .‬شك أبو غسان(‪.‬‬

‫] ‪[ 153‬‬

‫فل يؤيس منه ول يخيب فيه مؤمليه‪ ،‬قد ترك نفسه من ثلث‪ :‬المراء‪ ،‬والكثار‪ ،‬وما‬
‫ل يعنيه‪ ،‬وترك الناس من ثلث‪ :‬كان ل يذم أحدا‪ ،‬ول يعيره‪ ،‬ول يطلب‬
‫عورته ول عثراته )‪ ،(1‬ول يتكلم إل فيما رجا )‪ (2‬ثوابه‪ ،‬إذا تكلم أطرق‬
‫جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير‪ ،‬وإذا سكت تكلموا ول يتنازعون عنده‬
‫الحديث‪ ،‬من تكلم انصتوا له حتى يفرغ )‪ ،(3‬حديثهم عنده حديث اوليهم )‬
‫‪ ،(4‬يضحك مما يضحكون منه‪ ،‬ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب‬
‫على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه )‪ ،(5‬ول يقبل الثناء إل من‬
‫مكافئ‪ ،‬ول يقطع على أحد كلمه حتى يجوز )‪ (6‬فيقطعه بنهي )‪ (7‬أو‬
‫قيام‪ .‬قال‪ :‬فسألته عن سكوت رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال‪ :‬كان‬
‫سكوته على أربع‪ :‬على الحلم‪ ،‬والحذر‪ ،‬والتقدير‪ ،‬والتفكير )‪ ،(8‬فأما‬
‫التقدير ففي تسوية النظر والستماع بين الناس‪ ،‬وأما تفكره ففيما يبقى‬
‫ويفنى‪ ،‬وجمع له الحلم في الصبر‪ ،‬فكان ل يغضبه شئ ول يستفزه‪ ،‬وجمع‬
‫له الحذر في أربع )‪ :(9‬أخذه الحسن ليقتدى به‪ ،‬وتركه القبيح لينتهى عنه‪،‬‬
‫واجتهاده الرأي في صلح )‪ (10‬امته‪ ،‬والقيام فيما جمع )‪ (11‬لهم خير‬
‫الدنيا و الخرة )‪.(12‬‬

‫)‪ (1‬في العيون والمعاني‪ :‬عثراته ول عورته‪ (2) .‬في العيون والمكارم‪ :‬يرجو‪(3) .‬‬
‫في العيون‪ :‬وإذا تكلم عنده أحد انصتوا له حتى يفرغ من حديثه‪(4) .‬‬
‫أولهم خ ل‪ (5) .‬فأوفدوه خ ل‪ .‬وهو الموجود أيضا في نسخة من العيون‪.‬‬
‫)‪ (6‬يجوزه خ ل‪ (7) .‬بانتهاء خ ل‪ ،‬أقول‪ :‬يوجد ذلك في نسخة من‬
‫المكارم‪ ،‬وفيه‪ :‬كلم‪ ،‬بدل قيام‪ (8) .‬في المصادر‪ :‬التفكر‪ (9) .‬في الحذر‬
‫أربع خ ل‪ (10) .‬في العيون‪ :‬في اصلح‪ .‬وفي المكارم‪ :‬فيما أصلح‪(11) .‬‬
‫بما جمع‪ (12) .‬عيون الخبار‪.178 - 176 :‬‬

‫] ‪[ 154‬‬
‫مع‪ :‬الطالقاني‪ ،‬عن القاسم بن بندار المعروف بأبي صالح الحذاء‪ ،‬عن إبراهيم بن‬
‫نصر بن عبد العزيز‪ ،‬عن مالك بن إسماعيل النهدي‪ ،‬عن جميع بن عمير‪،‬‬
‫عن عبد الرحمن العجلي قال‪ :‬حدثني رجل بمكة‪ ،‬عن ابن أبي هالة‬
‫التميمي‪ ،‬عن الحسن بن علي قال‪ :‬سألت خالي هند بن أبي هالة‪ ،‬وكان‬
‫وصافا عن حلية رسول ال صلى ال عليه واله‪ .‬وحدثني الحسن بن عبد‬
‫ال بن سعيد العسكري وساق السناد الذي مضى في " ن " )‪ (1‬إلى‬
‫قوله‪ :‬عن حلية رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬ثم قال‪ :‬وحدثني الحسن‬
‫بن عبد ال بن سعيد‪ ،‬عن عبد ال بن أحمد بن عبدان‪ ،‬وجعفر بن محمد‬
‫البزاز البغدادي معا‪ ،‬عن سفيان بن وكيع‪ ،‬عن جميع ابن عمير‪ ،‬عن رجل‬
‫من بني تميم من ولد أبي هالة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسن بن علي عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي‪ ،‬وكان وصافا للنبي صلى ال‬
‫عليه واله وأنا أشتهي أن يصف لي منه شيئا لعلي أتعلق به‪ ،‬فقال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله فخما مفخما‪ ،‬وساق الحديث إلى قوله‪ :‬مثل‬
‫حب الغمام‪ ،‬ثم قال‪ :‬إلى هاهنا رواه أبو القاسم بن منيع‪ ،‬عن إسماعيل بن‬
‫محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد‪ ،‬والباقي رواية عبد الرحمن إلى‬
‫آخره‪ ،‬ثم قال‪ :‬قال الحسن‪ :‬فكتمتها الحسين‪ ،‬وساق الحديث إلى آخره كما‬
‫نقلناه من " ن " ثم قال‪ :‬حدثنا أبو علي أحمد بن يحيى المؤدب قال‪ :‬حدثنا‬
‫محمد بن الهثيم )‪ ،(2‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن الصقر السكري أبو العباس‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح‪ ،‬قال‪ :‬حدثني جميع بن عمير العجلي‬
‫إملء من كتابه قال‪ :‬حدثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة التميمي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬سألت خالي‬
‫هند بن أبي هالة التميمي وكان )‪ (3‬وصافا للنبي صلى ال عليه واله وأنا‬
‫أشتهي أن يصف لي منه شيئا لعلي أتعلق به‪ ،‬فقال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله فخما مفخما‪ .‬وذكر الحديث بطوله )‪ .(4‬مكا‪ :‬برواية الحسن‬
‫والحسين صلوات ال عليهما من كتاب محمد بن إبراهيم بن إسحاق‬

‫)‪ (1‬أي في العيون‪ (2) .‬القاسم النباري‪ (3) .‬قال‪ :‬وكان خ ل‪ (4) .‬معاني الخبار‪:‬‬
‫‪.30 - 28‬‬

‫] ‪[ 155‬‬

‫الطالقاني‪ ،‬عن ثقاته‪ ،‬عن الحسن بن علي عليه السلم قال‪ :‬سألت خالي هند بن‬
‫أبي هالة التميمي إلى آخر الخبر )‪ .(1‬قال الصدوق رحمه ال في " مع "‬
‫)‪ :(2‬سألت أبا أحمد الحسن بن عبد ال بن سعيد العسكري عن تفسير هذا‬
‫الخبر فقال‪ :‬قوله‪ :‬كان رسول ال فخما مفخما معناه كان عظيما معظما في‬
‫الصدور والعيون‪ ،‬ولم تكن )‪ (3‬خلقته في جسمه الضخامة وكثرة اللحم‪،‬‬
‫وقوله‪ :‬يتللؤ وجهه تلل القمر‪ ،‬معناه ينير ويشرق كإشراق القمر‪،‬‬
‫وقوله‪ :‬أطول من المربوع وأقصر من المشذب‪ .‬المشذب )‪ (4‬عند العرب‪:‬‬
‫الطويل الذي ليس بكثير اللحم‪ ،‬يقال‪ :‬جذع مشذب‪ :‬إذا طرحت عنه قشوره‬
‫وما يجري مجراها‪ ،‬ويقال لقشور الجذع التي )‪ (5‬تقشر عنه‪ :‬الشذب‪ ،‬قال‬
‫الشاعر في صفة فرس‪ :‬أما إذا استقبلته فكأنه * في العين جذع من أوال‬
‫مشذب )‪ (6‬وقوله‪ :‬رجل الشعر‪ ،‬معناه في شعره تكسر وتعقف‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫شعر رجل‪ :‬إذا كان كذلك‪ ،‬فإذا كان الشعر ل تكسر فيه )‪ (7‬قيل‪ :‬شعر سبط‬
‫ورسل‪ ،‬وقوله‪ :‬إن انفرقت عقيقته‪ ،‬العقيقة‪ :‬الشعر المجتمع في الرأس‪،‬‬
‫وعقيقة المولود‪ :‬الشعر الذي يكون على رأسه من الرحم‪ ،‬ويقال لشعر‬
‫المولود المتجدد بعد الشعر الول الذي حلق‪ :‬عقيقة‪ ،‬ويقال للذبيحة التي‬
‫تذبح عن المولود‪ :‬عقيقة‪ ،‬وفي الحديث كل مولود مرتهن بعقيقته‪ ،‬وعق‬
‫النبي صلى ال عليه واله عن نفسه بعد ما جائته النبوة‪ ،‬وعق عن الحسن‬
‫والحسين عليهما السلم كبشين‪ .‬وقوله‪ :‬أزهر اللون‪ ،‬معناه نير اللون‪،‬‬
‫يقال‪ :‬أصفر يزهر‪ :‬إذا كان نيرا‪،‬‬

‫)‪ (1‬مكارم الخلق‪ (2) .14 - 9 :‬أي في المعاني‪ (3) .‬ولم يكن خ ل‪(4) .‬‬
‫فالمشذب‪ (5) .‬الذي خ ل‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬شذب‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬وإذا‬
‫كان الشعر منبسطا ل تكسير فيه‪.‬‬

‫] ‪[ 156‬‬

‫والسراج يزهر‪ ،‬معناه نير )‪ ،(1‬وقوله‪ :‬أزج الحواجب‪ ،‬معناه طويل امتداد‬
‫الحاجبين بوفور الشعر فيهما وجبينه إلى الصدغين‪ ،‬قال الشاعر‪ :‬إن‬
‫ابتساما بالنقي الفلج * ونظرا في الحاجب المزجج مئنة من الفعال العوج‬
‫مئنة‪ :‬علمة‪ ،‬وفي حديث النبي صلى ال عليه واله‪ :‬إن في طول صلة‬
‫الرجل وقصر خطبته )‪ (2‬مئنة من فقهه )‪ .(3‬وقوله‪ :‬أزج الحواجب )‪،(4‬‬
‫ولم يقل‪ :‬الحاجبين‪ :‬فهو على لغة من يوقع الجمع على التثنية‪ ،‬ويحتج‬
‫بقول ال جل ثناؤه‪ " :‬وكنا لحكمهم شاهدين )‪ " (5‬يريد لحكم داود‬
‫وسليمان عليهما السلم‪ ،‬وقال النبي صلى ال عليه واله‪ " :‬الثنان وما‬
‫فوقهما جماعة " وقال بعض العلماء‪ :‬يجوز أن يكون جمع )‪ ،(6‬فقال أزج‬
‫الحواجب على أن كل قطعة من الحاجب اسمها حاجب‪ ،‬فأوقعت الحواجب‬
‫على القواطع المختلفة‪ ،‬كما يقال للمرأة‪ :‬حسنة الجساد‪ ،‬وقد قال العشى‪:‬‬
‫ومثلك بيضاء ممكورة )‪ * (7‬وصاك العبير بأجسادها صاك معناه لصق‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬في غير قرن‪ ،‬معناه أن الحاجبين إذا كان بينهما انكشاف‬
‫وابيضاض يقال لهما‪ :‬البلج والبلجة‪ ،‬يقال‪ :‬حاجبه أبلج‪ :‬إذا كان كذلك‪،‬‬
‫وإذا اتصل الشعر في وسط الحاجب فهو القرن‪.‬‬
‫)‪ (1‬ينير خ ل‪ (2) .‬خطبه خ ل‪ (3) .‬في فقهه خ ل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وانما جمع‬
‫الحاجب في قوله‪ :‬أزج الحواجب‪ (5) .‬النبياء‪ (6) .78 :‬هكذا في نسخة‬
‫المصنف‪ ،‬والصحيح كما في غيرها وفي المصدر‪ :‬جمعا‪ (7) .‬مكر الثوب‪:‬‬
‫صبغه بالمكر أي المغرة‪ .‬والمغرة‪ :‬الطين الحمر يصبغ به‪ .‬وقال‬
‫الزمخشري في الساس‪ :‬وامرأة ممكورة الساقين‪ :‬خدلتهما‪ .‬أقول‪ :‬خدل‬
‫الساق‪ :‬كانت خدلة أي ممتلثة ضخمة‪.‬‬

‫] ‪[ 157‬‬

‫وقوله‪ :‬أقنى العرنين‪ :‬القنا‪ :‬أن يكون في عظم النف إحد يداب في وسطه‪،‬‬
‫والعرنين‪ :‬النف‪ .‬وقوله‪ :‬كث اللحية‪ ،‬معناه أن لحيته قصيرة كثيرة الشعر‬
‫فيها‪ ،‬وقوله‪ :‬ضليع الفم‪ ،‬معناه كبير الفم‪ ،‬ولم تزل العرب تمدح بكبر الفم‬
‫وتهجو بصغره‪ ،‬قال الشاعر يهجو رجل‪ :‬إن كان كدي وإقدامي لفي جرذ *‬
‫بين العواسج أجني حوله المصع معناه إن كان كدي وإقدامي لرجل فمه‬
‫مثل فم الجرذ في الصغر‪ ،‬والمصع‪ :‬ثمر العوسج‪ ،‬وقال بعض الشعراء‪:‬‬
‫لحا ال أفواه الدبا من قبيلة فعيرهم بصغر الفواه‪ ،‬كما مدحوا )‪ (1‬الخطباء‬
‫بسعة الشداق‪ ،‬وإلى هذا المعنى يصرف قوله أيضا‪ :‬كان يفتتح الكلم‬
‫ويختمه بأشداقه‪ ،‬لن الشدق جميل مستحسن عندهم‪ ،‬يقال‪ :‬خطيب أهرت )‬
‫‪ (2‬الشدقين‪ ،‬وهريت الشدق‪ ،‬وسمي عمرو بن سعيد الشدق‪ ،‬وقال‬
‫الخنساء ترثي أخاها‪ :‬وأحيى من مخبأة حياء * وأجرى من أبي ليث هزبر‬
‫هريت الشدق ريقال )‪ (3‬إذا * ما عدا لم ينه عدوته بزجر وقال ابن مقبل‪:‬‬
‫هرت الشقاشق ظلمون للجزر‪ .‬وقوله‪ :‬الشنب من صفة الفم‪ ،‬قالوا‪ :‬إنه‬
‫الذي لريقه عذوبة وبرد‪ ،‬وقالوا أيضا‪ :‬إن الشنب في الفم‪ :‬تحدر )‪ (4‬ورقة‬
‫وحدة في أطراف السنان‪ ،‬ول يكاد يكون هذا إل مع الحداثة والشباب‪ ،‬قال‬
‫الشاعر‪ :‬يا بأبي أنت وفوك الشنب * كأنما ذر عليه الزرنب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬كما مدحوا باشداقه‪ ،‬لن الشداق جميل عندهم‪ ،‬كما مدحوا‬
‫الخطباء بسعة الشداق‪ (2) .‬الهرت والهريت‪ :‬الواسع‪ (3) .‬هكذا في‬
‫نسخة المصنف وغيرها والصحيح كما في المصدر‪ :‬رئبال أو ريبال‪ .‬أي‬
‫السد‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬تحدد‪ .‬ولعله أصوب‪.‬‬

‫] ‪[ 158‬‬

‫وقوله‪ :‬دقيق المسربة‪ ،‬فالمسربة‪ :‬الشعر المستدق الممتد من اللبة إلى السرة‪ ،‬قال‬
‫الحارث بن وعلة الجومي )‪ :(1‬ألن لما ابيض مسربتي * وعضضت من‬
‫نابي على جذم وقوله‪ :‬كأن عنقه جيد دمية‪ ،‬فالدمية‪ :‬الصورة‪ ،‬وجمعها‬
‫دمى‪ .‬قال الشاعر‪ :‬أو دمية صور محرابها * أو درة سيقت إلى تاجر‬
‫والجيد‪ :‬العنق‪ .‬وقوله‪ :‬بادن متماسك‪ ،‬معناه تام خلق العضاء ليس‬
‫بمسترخي اللحم ول بكثيره‪ .‬وقوله‪ :‬سواء البطن والصدر‪ ،‬معناه أن بطنه‬
‫ضامر‪ ،‬وصدره عريض‪ ،‬فمن هذه الجهة تساوي بطنه صدره‪،‬‬
‫والكراديس‪ :‬رؤوس العظام‪ ،‬وقوله‪ :‬أنور المتجرد‪ ،‬معناه نير الجسد الذي‬
‫تجرد من الثياب‪ ،‬وقوله‪ :‬طويل الزندين‪ ،‬في كل ذراع زندان وهما جانبا‬
‫عظم الذراع‪ ،‬فرأس الزند الذي يلي البهام يقال له‪ :‬الكوع‪ ،‬ورأس الزند‬
‫الذي يلي الخنصر يقال له‪ :‬الكرسوع‪ ،‬وقوله‪ :‬رحب الراحة‪ ،‬معناه واسع‬
‫الراحة كبيرها‪ ،‬والعرب تمدح بكبر اليد‪ ،‬وتهجو بصغرها‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫فناطوا من الكذاب كفا صغيرة * وليس عليهم قتله بكبير ناطوا معناه‬
‫علقوا‪ ،‬وقالوا‪ :‬رحب الراحة‪ ،‬أي كثير العطاء‪ ،‬كما قالوا‪ :‬ضيق الباع في‬
‫الذم‪ .‬وقوله‪ :‬شثن الكفين‪ ،‬معناه خشن الكفين‪ ،‬والعرب تمدح الرجال‬
‫بخشونة الكف‪ ،‬والنساء بنعمة الكف )‪ ،(2‬وقوله‪ :‬سائل الطراف‪ ،‬أي‬
‫تامها غير طويلة ول قصيرة‪ ،‬وقوله‪ :‬سبط القصب‪ ،‬معناه ممتد القصب‪،‬‬
‫غير متعقدة‪ ،‬والقصب‪ :‬العظام الجوف )‪ (3‬التي فيها مخ‪ ،‬نحو الساقين‬
‫والذراعين‪ ،‬وقوله‪ :‬خمصان الخمصين‪ ،‬معناه أن أخمص رجله شديد‬
‫الرتفاع من الرض‪ ،‬والخمص‪ :‬ما يرتفع )‪ (4‬عن الرض من وسط باطن‬
‫الرجل وأسلفها‪ ،‬وإذا كان‬

‫)‪ (1‬الجرمى خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بنعومة الكف‪ .‬ومعناه لينة الكف‪ (3) .‬الحرف‬
‫خ ل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ما ارتفع‪.‬‬

‫] ‪[ 159‬‬

‫أسفل الرجل مستويا ليس فيها أخمص فصاحبه أرح‪ ،‬يقال‪ :‬رجل أرح‪ :‬إذا لم يكن‬
‫لرجله أخمص‪ ،‬وقوله‪ :‬مسيح القدمين‪ ،‬معناه ليس بكثير اللحم فيهما وعلى‬
‫ظاهرهما‪ ،‬فلذلك ينبو الماء عنهما‪ .‬وقوله‪ :‬زال قلعا‪ ،‬معناه متثبا‪ .‬يخطو‬
‫تكفؤا‪ ،‬معناه خطاه كأنه يتكبر )‪ (1‬فيها أو يتبختر لقلة الستعجال معها‪،‬‬
‫ول تبختر فيها ول خيلء‪ .‬وقوله‪ :‬يمشي هونا‪ ،‬معناه السكينة والوقار‪،‬‬
‫وقوله‪ :‬ذريع المشية‪ ،‬معناه واسع المشية من غير أن يظهر فيه استعجال‬
‫وبدار‪ ،‬يقال‪ :‬رجل ذريع في مشيه‪ ،‬وامرأة ذراع‪ :‬إذا كانت واسعة اليدين‬
‫بالغزل‪ .‬وقوله‪ :‬كأنما ينحط في صبب‪ ،‬الصبب‪ :‬النحدار‪ ،‬وقوله‪ :‬دمثا‪،‬‬
‫الدمث‪ :‬اللين الخلق‪ ،‬فشبه بالدمث من الرمل وهو اللين‪ ،‬قال قيس بن‬
‫الخطيم‪ :‬يمشي كمشي الزهراء )‪ (2‬في دمث * الرمل إلى السهل دونه‬
‫الجرف والمهين‪ :‬الحقير‪ ،‬وقد رواه بعضهم المهين يعني ل يحتقر )‪(3‬‬
‫أصحابه ول يذلهم‪ ،‬تعظم عنده النعمة‪ ،‬معناه من حسن خطابه أو معونته‬
‫بما يقل من الشأن كان عنده عظيما‪ ،‬وقوله‪ :‬فإذا تعوطي الحق‪ ،‬معناه إذا‬
‫تنوول غضب ل تبارك وتعالى‪ ،‬قال العشى‪ :‬تعاطى الضجيع إذا سامها *‬
‫بعيد الرقاد وعند الوسن معناه تناوله‪ ،‬وقوله‪ :‬إذا غضب أعرض وأشاح‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬في أشاح جد في الغضب وانكمش‪ ،‬وقالوا‪ :‬جد وجزع )‪ ،(4‬واستعد‬
‫لذلك‪ ،‬قال الشاعر‪ :‬وإعطائي على العلت مالي * فضربي )‪ (5‬هامة البطل‬
‫المشيح وقوله‪ :‬يسوق أصحابه‪ ،‬معناه يقدمهم بين يديه تواضعا وتكرمة‬
‫لهم‪ ،‬ومن رواه يفوق‪ ،‬أراد يفضلهم دينا وحلما وكرما‪ .‬وقوله يفتر عن‬
‫مثل حب الغمام‪ ،‬معناه يكشف شفتيه عن ثغر أبيض يشبه حب الغمام‪،‬‬
‫يقال‪ :‬قد فررت الفرس‪ :‬إذا كشفت عن أسنانه‪ ،‬وفررت الرجل عما في‬
‫قلبه‪ :‬إذا كشفته عنه‪ ،‬وقوله‪ :‬لكل حال عنده عتاد‪ ،‬والعتاد‪:‬‬

‫)‪ (1‬ينكسر خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬الزهر‪ (3) .‬ل يحقر خ ل‪ (4) .‬خلفه جزع خ ل‪.‬‬
‫)‪ (5‬وضربي خ ل‪ :‬وهو الموجود في المصدر‪ ،‬وفيه‪ :‬وأعطى لى بدل‬
‫إعطائي‪.‬‬

‫] ‪[ 160‬‬

‫العدة‪ ،‬يعني أنه أعد للمور أشكالها ونظائرها‪ ،‬ومن رواه ول يقيد من أحد عثرة‪،‬‬
‫بالدال أي من جنى )‪ (1‬عليه جناية اغتفرها وصفح عنها تصفحا وتكرما‪،‬‬
‫إذا كان تعطيلها ل يضيع من حقوق ال شيئا‪ ،‬ول يفسد متعبدا به ول‬
‫مفترضا‪ ،‬ومن رواه يقيل باللم ذهب إلى أنه صلى ال عليه واله ل يضيع‬
‫حقوق الناس التي يجب )‪ (2‬لبعضهم على بعض‪ .‬وقوله‪ :‬ثم يرد ذلك‬
‫بالخاصة على العامة )‪ ،(3‬معناه أنه كان يعتمد في هذه الحال على أن‬
‫الخاصة يرفع إلى العامة علومه وآدابه وفوائده‪ ،‬وفيه قول آخر‪ :‬فيرد ذلك‬
‫بالخاصة على العامة أن يجعل )‪ (4‬المجلس للعامة بعد الخاصة فتنوب‬
‫البآء عن " من " و " على " عن " إلى " لقيام بعض الصفات مقام‬
‫بعض‪ ،‬وقوله‪ :‬يدخلون روادا‪ ،‬الرواد جمع رائد‪ ،‬وهو الذي يتقدم القوم إلى‬
‫المنزل يرتاد لهم الكلء‪ ،‬يعني أنهم ينفعون بما يسمعون من النبي صلى‬
‫ال عليه واله من ورائهم كما ينفع الرائد من خلفه‪ ،‬وقوله‪ :‬ول يفترقون‬
‫إل عن ذواق‪ ،‬معناه عن علوم يذوقون من حلوتها ما يذاق من الطعام‬
‫المشتهى‪ ،‬والدلة‪ :‬التي تدل الناس على امور دينهم‪ ،‬وقوله‪ :‬ول تؤبن فيه‬
‫الحرم‪ ،‬أي ل تعاب‪ ،‬أبنت الرجل فأنا آبن والمأبون‪ :‬المعيب‪ ،‬والبنة‪:‬‬
‫العيب‪ ،‬قال أبو الدرداء‪ :‬إن نؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس عندنا‪،‬‬
‫ولعل ذا أن يكون بذلك‪ ،‬معناه إن نعيب بما ليس فينا‪ ،‬قال العشى‪ :‬سلجم‬
‫كالنخل ألبستها * قضيب سرآء قليل البن وقوله‪ :‬ول تنثى فلتاته‪ ،‬معناه‬
‫من غلط فيه غلطة لم يشنع )‪ (5‬ولم يتحدث بها‪ ،‬يقال‪ :‬نثوت الحديث أنثوه‬
‫نثوا‪ :‬إذا حدثت به‪ ،‬وقوله‪ :‬إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم‬
‫الطير‪ ،‬معناه أنهم كانوا لجللهم نبيهم صلى ال عليه واله ل يتحركون‪،‬‬
‫فكانت صفتهم صفة من على رأسه طائر يريد أن يصيده‪ ،‬فهو يخاف إن‬
‫تحرك طيران الطائر وذهابه‪ ،‬وفيه قول آخر‪ :‬إنهم كانوا يسكنون ول‬
‫يتحركون حتى يصيروا بذلك عند الطائر‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬قال‪ :‬أي من جنى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬تجب‪ (3) .‬في مكارم‬
‫الخلق‪ :‬ثم يرد ذلك على العامة والخاصة‪ (4) .‬أي يجعل خ ل‪ (5) .‬لم‬
‫تشع خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 161‬‬

‫كالجدران والبنية التي ل يخاف الطير وقوعا عليها‪ ،‬قال الشاعر‪ :‬إذا حلت بيوتهم‬
‫)‪ (1‬عكاظا * حسبت على رؤوسهم الغرابا معناه لسكونهم تسقط الغربان‬
‫على رؤوسهم‪ ،‬وخص بالغراب لنه من أشد الطير حذرا‪ ،‬وقوله‪ :‬ول يقبل‬
‫الثنآء إل من مكافئ‪ ،‬معناه من صح عنده إسلمه حسن موقع ثنائه عليه‬
‫عنده‪ ،‬ومن استشعر منه نفاقا وضعفا في ديانته ألقى ثنائه عليه ولم يحفل‬
‫به )‪ ،(2‬وقوله‪ :‬إذا جاءكم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه‪ ،‬معناه فأعينوه‬
‫واسعفوه على طلبته‪ ،‬يقال‪ :‬رفدت الرجل رفدا بفتح الراء في المصدر‪،‬‬
‫والرفد بكسر الراء السم‪ ،‬يعني به الهبة والعطية‪ ،‬تم الخبر بتفسيره‬
‫والحمد ل كثيرا )‪ .(3‬بيان‪ :‬أقول‪ :‬هذا الخبر من الخبار المشهورة‪ ،‬روته‬
‫العامة في أكثر كتبهم‪ ،‬قوله‪ :‬فخما مفخما‪ ،‬قال الجزري وغيره‪ :‬أي عظيما‬
‫معظما في الصدور والعيون‪ ،‬ولم تكن خلقته في جسمه الضخامة‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الفخامة في وجهه نبله )‪ ،(4‬وامتلؤه مع الجمال والمهابة‪ ،‬والمربوع‪:‬‬
‫الذي ليس بالطويل ول بالقصير‪ ،‬وقالوا‪ :‬المشذب هو الطويل البائن الطول‬
‫مع نقص في لحمه‪ ،‬وأصله من النخلة الطويلة التى شذب عنها جريدها‪،‬‬
‫أي قطع وفرق‪ ،‬وأوال كسحاب جزيرة بالبحرين‪ ،‬قوله‪ :‬رجل الشعر‪ ،‬أي لم‬
‫يكن شديد الجعودة‪ ،‬ول شديد السبوطة‪ ،‬بل بينهما‪ ،‬قوله‪ :‬إن انفرقت‬
‫عقيقته‪ ،‬قال الحسين بن مسعود الفرآء في شرح السنة‪ :‬العقيقة اسم لشعر‬
‫على المولود حين يولد‪ ،‬سمي عقيقة لنه يحلق‪ ،‬وأصل العق‪ :‬الشق‬
‫والقطع‪ ،‬ومنه قيل للذبيحة عند الولدة‪ :‬عقيقة‪ ،‬لنه يشق حلقومها‪ ،‬ثم قيل‬
‫للشعر الذي ينبت بعد ذلك عقيقة أيضا على الستعارة‪ ،‬وذلك معناه هاهنا‬
‫يقول‪ :‬إن انفرق شعر رأسه من ذات نفسه فرقه في مفرقه‪ ،‬وإن لم ينفرق‬
‫تركه وفرة واحدة على حالها‪ ،‬يقال‪ :‬فرقت الشعر أفرقه فرقا‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫العقيقة‪ :‬اسم الشعر قبل أن يحلق‪ ،‬فإذا حلق ثم نبت‬
‫)‪ (1‬سوقهم خ ل‪ (2) .‬أي لم يبال به ولم يهتم له‪ (3) .‬معاني الخبار‪) .32 - 30 :‬‬
‫‪ (4‬النبل‪ :‬الجسيم‪ .‬ذو النجابة والفضل‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 162‬‬

‫زال عنه اسم العقيقة‪ ،‬سمي شعره عقيقة إذ لم ينقل أنه حلق في صباه‪ ،‬ويروى‬
‫عقيصته‪ ،‬وهي الشعر المعقوص‪ ،‬وهو نحو من المضفور )‪ (1‬والوفرة إلى‬
‫شحمة الذن‪ ،‬والجمة إلى المنكب‪ ،‬واللمة التي المت بالمنكب‪ .‬وقال‬
‫الكازروني في المنتقى‪ :‬العقيصة‪ :‬هي الشعر المجموع المضفور‪ ،‬كأنه‬
‫يريد إن انفرق شعره بعد ما جمعه وعقصه فرق شعره وتركه كل شئ منه‬
‫في منبته‪ ،‬وإل يبقى معقوصا‪ ،‬كان موضعه الذي يجمعه فيه حذاء اذنيه‬
‫ويرسله هناك‪ ،‬وقال بعض علمائنا‪ :‬هذا في أول السلم يفعله كفعل أهل‬
‫الكتاب‪ ،‬ثم فرق بعد‪ ،‬وهذا الفرق هو الذي يعد في الخصال العشر من‬
‫الفطرة‪ ،‬وروى بعضهم عقيقته وهو تصحيف انتهى )‪ .(2‬وقال‬
‫الزمخشري‪ :‬العقيقة‪ :‬الشعر الذي يولد به‪ ،‬وكان تركها عندهم عيبا ولوما‪،‬‬
‫وبنو هاشم أكرم‪ ،‬ومحمد بن عبد ال صلى ال عليه واله أكرم عليهم من‬
‫أن يتركوه غير معقوق عنه‪ ،‬ولكن هندا )‪ (3‬سمي شعره عقيقة لنه منها‪،‬‬
‫ونباته من اصولها‪ ،‬كما سمت العرب أشياء كثيرة بأسامى ما هي منه‪،‬‬
‫ومن سببه‪ ،‬وانفرق مطاوع فرق‪ ،‬أي كان ل ينفرق شعره إل أن ينفرق‬
‫هو‪ ،‬وكان هذا في صدر السلم‪ ،‬ويروى أنه إذا كان أمر لم يؤمر فيه بشئ‬
‫يفعله المشركون وأهل الكتاب أخذ فيه بفعل أهل الكتاب‪ ،‬فسدل ناصيته ما‬
‫شاء ال‪ ،‬ثم فرق بعد ذلك وفرة‪ .‬قوله‪ :‬وفرة‪ ،‬أي أعفاه عن الفرق‪ ،‬يعني‬
‫أن شعره إذا ترك فرقه لم يجاوز شحمة اذنيه‪ ،‬وإذا فرقه تجاوزها انتهى‪.‬‬
‫وقال الجزري‪ :‬الزهر‪ :‬البيض المستنير‪ ،‬وقال‪ :‬الزجج‪ :‬تقويس في‬
‫الحاجب مع طول في طرفه وامتداده‪ ،‬وقال‪ :‬القرن بالتحريك‪ :‬التقاء‬
‫الحاجبين‪ ،‬وهذا خلف ما روت ام معبد في صفته صلى ال عليه واله‪" :‬‬
‫أزج أقرن " أي مقرون الحاجبين‪ ،‬والول الصحيح في صفته‪ ،‬وسوابغ‪،‬‬
‫حال من المجرر وهو الحواجب‪ ،‬أي أنها رقت في حال سبوغها‪ ،‬ووضع‬
‫الحواجب موضع الحاجبين‪ ،‬لن التثنية جمع‪ ،‬وقال في قوله‪ :‬يدره‬
‫الغضب‪ :‬أي يمتلي دما إذا غضب‪،‬‬

‫)‪ (1‬ضفر الشعر‪ :‬نسج بعضه على بعض عرضا‪ (2) .‬المنتقى في مولود‬
‫المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه‪ (3) .‬أي هند ابن أبى هالة‬
‫الراوى للحديث‪.‬‬

‫] ‪[ 163‬‬
‫كما يتملي الضرع لبنا إذا در‪ .‬وقال الزمخشري‪ :‬يدره الغضب‪ ،‬أي يحركه من أدرت‬
‫المرأة المغزل‪ :‬إذا فتلته فتل شديدا‪ .‬قوله‪ :‬ممكورة أي مطوية الخلق‪.‬‬
‫قوله‪ :‬أقنى العرنين‪ ،‬قال الجزري‪ :‬العرنين بالكسر‪ :‬النف‪ ،‬وقيل‪ :‬رأسه‪،‬‬
‫والقنا في النف‪ :‬طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه‪ .‬والشمم‪ :‬ارتفاع‬
‫قصبة النف‪ ،‬واستواء أعلها‪ ،‬وإشراف الرنبة قليل‪ .‬أقول‪ :‬أي القنا الذي‬
‫كان فيه لم يكن فاحشا مفرطا‪ ،‬بل كان ل يعلم إل بعد التأمل‪ ،‬قوله‪ :‬كث‬
‫اللحية‪ ،‬قالوا‪ :‬الكثاثة في اللحية أن تكون غير رقيقة ول طويلة وفيها‬
‫كثافة )‪ ،(1‬يقال‪ :‬رجل كث اللحية بالفتح‪ .‬قوله‪ :‬سهل الخدين‪ ،‬قال‬
‫الجزري‪ :‬أي سائل الخدين‪ ،‬غير مرتفع الوجنتين‪ .‬وقال الكازروني‪ :‬يجوز‬
‫أن يريد به لبس في خديه نتو‪ ،‬لن السهل ضد الحزن‪ ،‬وذكر بعضهم أنه‬
‫يريد أسيل الخدين‪ ،‬لم يكثر لحمه ولم تغلظ جلدته )‪ .(2‬قوله‪ :‬ضليع الفم‪،‬‬
‫قال الجزري‪ :‬أي عظيمه‪ ،‬وقيل‪ :‬واسعة‪ ،‬والعرب تحمد عظم الفم وتذم‬
‫صغره انتهى‪ .‬وقيل‪ :‬أراد بالفم السنان‪ ،‬فقد يكنى بالفم عنها‪ ،‬أي كان تام‬
‫السنان‪ ،‬شديدها في تراصف‪ ،‬ول يخفى بعده‪ ،‬والجرذ‪ :‬نوع من الفار‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬لحاه ال‪ ،‬أي قبحه ولعنه‪ ،‬والدبى بتخفيف الباء‪ :‬الجراد قبل أن‬
‫يطير‪ ،‬والشدق بالكسر‪ :‬جانب الفم‪ ،‬والشدق بالتحريك‪ :‬سعة الشدق‪.‬‬
‫والهريت‪ :‬الواسع الشدقين‪ .‬قوله‪ :‬وأحيى أي أكثر حياء‪ ،‬و المخبأة‪ :‬المرأة‬
‫المستورة‪ .‬والريقان فيعال من أرقل‪ :‬إذا أسرع‪ ،‬والشقشقة بالكسر شئ‬
‫كالرية يخرجها البعير من فيه إذا هاج‪ ،‬وإذا قالوا للخطيب‪ :‬ذو شقشقة‬
‫فإنما يشبه بالفحل‪ ،‬ذكره الجوهري‪ ،‬وقال‪ :‬ظلمت البعير‪ :‬إذا نحرته من‬
‫غير داء‪ ،‬قال ابن مقبل‪ :‬عاد الذلة في دار وكان بها * هرت الشقاشق‬
‫ظلمون للجزر‬

‫)‪ (1‬كثف‪ :‬غلظ وكثر والتف‪ (2) .‬المنتقى في مولود المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في‬
‫جامع أوصافه‪.‬‬

‫] ‪[ 164‬‬

‫وقال الزرنب‪ :‬ضرب من النبات طيب الرائحة‪ ،‬ثم ذكر البيت‪ ،‬وقال الجزري‪:‬‬
‫الشنب‪ :‬البياض‪ ،‬والبريق‪ :‬التحديد في السنان‪ ،‬وقال‪ :‬الفلج‪ :‬فرجة ما بين‬
‫الثنايا و الرباعيات‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬الجذم بالكسر‪ :‬أصل الشئ وقد يفتح‪،‬‬
‫وقال‪ :‬وعضضت من نابي على جذم‪ .‬قوله‪ :‬جيد دمية‪ ،‬قال الجزري‪:‬‬
‫الدمية‪ :‬الصورة المصورة‪ ،‬وجمعها دمى‪ ،‬لنها يتنوق في صنعتها ويبالغ‬
‫في تحسينها انتهى‪ .‬قوله‪ :‬معتدل الخلق‪ ،‬أي كل شئ من بدنه يليق بما لديه‬
‫في الحسن والتمام‪ .‬قوله‪ :‬بادنا‪ ،‬قال الجزري‪ :‬البادن‪ :‬الضخم‪ ،‬فلما قال‪:‬‬
‫بادنا‪ ،‬أردفه بقوله‪ :‬متماسكا‪ ،‬وهو الذي يمسك بعض أعضائه بعضها فهو‬
‫معتدل الخلق‪ .‬وقال‪ :‬سواء البطن والصدر‪ ،‬أي هما متساويان ل ينبو‬
‫أحدهما عن الخر‪ .‬وقال الزمخشري‪ :‬يعني أن بطنه غير مستفيض فهو‬
‫مساو لصدره‪ ،‬وصدره عريض فهو مساو لبطنه‪ .‬وقال الجزري‪ :‬الكراديس‬
‫هي رؤوس العظام‪ ،‬واحدها كردوس‪ ،‬وقيل هي ملتقى كل عظمين ضخمين‬
‫كالركبتين والمرفقين والمنكبين‪ ،‬أراد أنه ضخم العظاء قوله‪ :‬أنور‬
‫المتجرد‪ ،‬قال الجزري‪ :‬أي ما جرد عنه الثياب من جسده وكشف‪ ،‬يريد أنه‬
‫كان مشرق الجسد‪ .‬وقال الكازروني‪ :‬المتجرد‪ :‬الموضع الذي يستتر‬
‫بالثياب فيتجر دعنها في بعض الحيان‪ ،‬يصفها بشدة البياض‪ ،‬وقد ورد في‬
‫حديث آخر أنه كان أسمر‪ ،‬وفي حديث آخر‪ :‬أنه كان أبيض مشربا‪ ،‬وفي‬
‫هذا الحديث أنه كان أزهر اللون‪ ،‬ووجه الجمع بينها أن السمرة كانت فيما‬
‫يبرز للشمس من بدنه‪ ،‬والبياض فيما وراء الثياب‪ ،‬وقوله‪ :‬أزهر يحمل‬
‫على إشراق اللون‪ ،‬ل على البياض‪ ،‬وقيل‪ :‬إن المشرب إذا اشبع حكى‬
‫سمرا‪ ،‬فإذا ليس بينهما اختلف‪ ،‬وفي حديث آخر‪ :‬لم يكن بالبيض‬
‫المهق‪ ،‬وهو الذي يشبه بياض الجص‪ ،‬و النور وضع موضع النير‪،‬‬
‫كقوله تعالى‪ " :‬وهو أهون عليه )‪ " (1‬وكقولهم‪ :‬ال أكبر )‪ ،(2‬وقال‪:‬‬
‫اللبة بالفتح وتشديد الباء‪ :‬المنحر‪ ،‬وعاري الثديين‪ ،‬أي لم يكن عليهما‬
‫شعر‪،‬‬

‫)‪ (1‬الروم‪ (2) .27 :‬المنتقى في مولد المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه‪.‬‬

‫] ‪[ 165‬‬

‫وقيل‪ :‬أراد لم يكن عليهما لحم‪ ،‬فإنه قد جاء في صفته أشعر الذراعين والمنكبين‬
‫وأعلى الصدر انتهى‪ .‬ول يخفى بعد الخير‪ ،‬وعدم الحاجة إليه لعدم التنافي‪.‬‬
‫قوله‪ :‬رحب الراحة‪ ،‬قال الكازروني‪ ،‬يكنون به عن السخاء والكرم‪،‬‬
‫ويستدلون بهذه الخلقة على الكرم )‪ .(1‬قوله‪ :‬فناطوا من الكذاب‪ ،‬قال‬
‫الزمخشري‪ :‬قاله الخطل في صلب المختار بن أبي عبيد‪ .‬قوله‪ :‬شثن‬
‫الكفين والقدمين‪ ،‬قال الجزري‪ :‬أي أنهما يميلن إلى الغلظ و القصر‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫هو الذي في أنامله غلظ بل قصر‪ ،‬ويحمد ذلك في الرجال‪ ،‬لنه أشد‬
‫لقبضهم‪ ،‬ويذم في النساء‪ .‬وقال الصاحب ابن عباد في المحيط‪ :‬الشتون‪:‬‬
‫اللينة من الثياب‪ ،‬الواحد شتن‪ ،‬وروي في الحديث في صفة النبي صلى ال‬
‫عليه واله أنه كان شتن الكف بالتاء‪ ،‬ومن رواه بالثاء فقد صحف انتهى‬
‫وهو غريب‪ .‬قوله‪ :‬سائل الطراف‪ ،‬قال الزمخشري‪ :‬أي لم تكن متعقدة‪،‬‬
‫وقال الجزري‪ :‬أي ممتدها‪ ،‬ورواه بعضهم بالنون‪ ،‬بمعناه كجبريل وجبرين‪.‬‬
‫قوله‪ :‬سبط القصب‪ ،‬قال الجزري‪ :‬السبط بسكون الباء وكسرها‪ :‬الممتد‬
‫الذي ليس فيه تعقد ول نتو‪ ،‬والقصب يريد بها ساعديه وساقيه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫الخمص من القدم‪ :‬الموضع الذي ل يلصق بالرض منها عند الوطي‪،‬‬
‫والخمصان‪ :‬المبالغ منه‪ ،‬أي أن ذلك الموضع من أسفل قدمه شديد التجافي‬
‫عن الرض‪ ،‬وسئل ابن العرابي عنه فقال‪ :‬إذا كان خمص الخمص بقدر‬
‫لم يرتفع جدا ولم يستو أسفل القدم جدا فهو أحسن ما يكون‪ ،‬وإذا استوى‬
‫وارتفع جدا فهو ذم‪ ،‬فيكون المعنى أن أخمصه معتدل الخمص بخلف‬
‫الول‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬رجل أرح‪ ،‬أي ل أخمص لقدميه‪ ،‬كأرجل الزنج‪.‬‬
‫قوله‪ :‬مسيح القدمين‪ ،‬أي ملساوان لينتان ليس فيهما تكسر ول شقاق‪،‬‬
‫فإذا أصابهما الماء نبأ عنهما‪،‬‬

‫)‪ (1‬المنتقى في مولد المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه‪.‬‬

‫] ‪[ 166‬‬

‫أي يسيل ويمر سريعا لملستهما‪ .‬وقال الجزري‪ :‬في صفته صلى ال عليه واله إذا‬
‫مشى تقلع‪ ،‬أراد قوة مشيه‪ ،‬كأنه يرفع رجليه من الرض رفعا قويا‪ ،‬ل‬
‫كمن يمشي اختيال وتقارب خطاه‪ ،‬فإن ذلك من مشي النساء ويوصفن به‪،‬‬
‫وفي حديث أبي هالة‪ :‬إذا زال زال قلعا‪ ،‬يروى بالفتح والضم‪ ،‬فبالفتح هو‬
‫مصدر بمعنى الفاعل‪ ،‬أي يزول قالعا لرجله من الرض‪ ،‬وهو بالضم إما‬
‫مصدر أو اسم و هو بمعنى الفتح‪ ،‬وقال الهروي‪ :‬قرأت هذا الحرف في‬
‫كتاب غريب الحديث لبن النباري قلعا بفتح القاف وكسر اللم‪ ،‬وكذلك‬
‫قرأته بخط الزهري‪ ،‬وهو كما جاء في حديث آخر كأنما ينحط من صبب‪،‬‬
‫والنحداد من الصبب والتقلع من الرض قريب بعضه من بعض‪ ،‬أراد أنه‬
‫يستعمل التثبت ول يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة‪ ،‬وقال‬
‫في صفة مشيه صلى ال عليه واله‪ :‬كان إذا مشى تكفا تكفيا أي تمايل إلى‬
‫قدام‪ ،‬هكذا روي غير مهموز‪ ،‬والصل الهمز‪ ،‬وبعضهم يرويه مهموزا لن‬
‫مصدر تفعل من الصحيح كتقدم تقدما‪ ،‬وتكفأ تكفؤا‪ ،‬والهمزة حرف‬
‫صحيح‪ ،‬فأما إذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه‪ ،‬نحو تخفى تخفيا فإذا‬
‫خففت الهمزة التحقت بالمعتل فصار تكفيا بالكسر‪ .‬وقال الكازروني أي‬
‫يتثبت في مشيته حتى كأنه يميد كما يميد الغصن إذا هبت به الريح أو‬
‫السفينة )‪ .(1‬وقال الجزري‪ :‬الهون‪ :‬الرفق واللين والتثبت‪ ،‬وقال‪ :‬ذريع‬
‫المشي‪ ،‬إي واسع الخطو‪ .‬وقال الكازروني‪ :‬الذريع‪ :‬السريع‪ ،‬وربما يظن‬
‫هذا اللفظ ضد الول ول تضاد فيه‪ ،‬لن معناه أنه كان صلى ال عليه واله‬
‫مع تثبته في المشي يتابع بين الخطوات ويسبق غيره‪ ،‬كما ورد في حديث‬
‫آخر أنه كان يمشي على هينة وأصحابه يسرعون في المشي فل يدر كونه‪،‬‬
‫أو ما هذا معناه‪ ،‬ويجوز أن يريد به نفي التبختر في مشيه )‪ .(2‬وقال‬
‫القاضي في الشفاء‪ :‬التقلع‪ :‬رفع الرجل بقوة‪ ،‬والتكفؤ‪ :‬الميل إلى سنن‬
‫المشي وقصده‪ ،‬والهون‪ :‬الرفق والوقار‪ ،‬والذريع‪ :‬الواسع الخطو‪ ،‬أي‪ :‬أن‬
‫مشيه كان يرفع فيه‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المنتقى في مولد المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه‪.‬‬

‫] ‪[ 167‬‬

‫رجليه بسرعة ويمد خطوه خلف مشية المختال‪ ،‬ويقصد سمته )‪ ،(1‬وكل ذلك‬
‫برفق وتثبت دون عجلة‪ ،‬كما قال‪ :‬كأنما ينحط من صبب )‪ .(2‬وقال‬
‫الجزري‪ :‬الصبب‪ :‬ما انحدر من الرض‪ .‬قوله‪ :‬وإذا التفت التفت جميعا‪،‬‬
‫قال الجزري‪ :‬أراد أنه ل يسارق النظر‪ ،‬وقيل أراد ل يلوي عنقه يمنه‬
‫ويسرة إذا نظر إلى الشئ‪ ،‬وإنما يفعل ذلك الطائش الخفيف‪ ،‬ولكن كان يقبل‬
‫جميعا ويدبر جميعا‪ ،‬قوله‪ :‬جل نظره الملحظة‪ ،‬قال الجزري‪ :‬هي مفاعلة‬
‫من اللحظ‪ ،‬وهو النظر بشق العين الذي يلي الصدغ‪ ،‬وأما الذي يلي النف‬
‫فالموق والماق‪ .‬أقول‪ :‬وفي الفائق وغيره من كتبهم بعد ذلك‪ " :‬يسوق‬
‫أصحابه )‪ " (3‬وقالوا في تفسيره‪ :‬أي يقدمهم أمامه‪ ،‬ويمشي خلفهم‬
‫تواضعا‪ ،‬ول يدع أحدا يمشي خلفه‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬وفي حديث آخر أنه كان‬
‫يقول‪ " :‬اتركوا خلف ظهري للملئكة " قوله‪ :‬ليست له راحة‪ ،‬أي فراغ‬
‫من الفكر والعمل‪ ،‬قوله‪ :‬بأشداقه‪ ،‬قال الجزري‪ :‬الشداق‪ :‬جوانب الفم‪،‬‬
‫وإنما يكون ذلك لرحب شدقيه‪ ،‬والعرب تمتدح بذلك انتهى‪ .‬وقيل‪ :‬أي كان‬
‫ل يتشدق في الكلم بأن بفتح فاه كله‪ ،‬قوله‪ :‬بجوامع الكلم‪ ،‬قال الجزري‪:‬‬
‫أي أنه كان كثير المعاني قليل اللفاظ‪ ،‬قوله‪ :‬فصل‪ ،‬أي بينا ظاهرا يفصل‬
‫بين الحق والباطل‪ ،‬وقيل‪ :‬أي الحكم الذي ل يعاب قائله‪ ،‬قوله‪ :‬دمثا‪ ،‬قال‬
‫الجزري‪ :‬أراد أنه كان لين الخلق في سهولة‪ ،‬وأصله من الدمث‪ ،‬وهو‬
‫الرض السهلة الرخوة‪ ،‬والرمل الذي ليس بمتلبد‪ ،‬قوله‪ :‬ليس بالجافي‪،‬‬
‫قال‪ :‬أي ليس بالغليظ الخلقة والطبع‪ ،‬أو ليس بالذي يجفو أصحابه‪،‬‬
‫والمهين يروى بضم الميم وفتحها‪ ،‬فالضم على الفاعل من أهان أي ل‬
‫يهين من صحبه‪ ،‬والفتح على المفعول من المهانة‪ :‬الحقارة‪ ،‬وهو مهين‪،‬‬
‫أي حقير‪ ،‬قوله‪ :‬تعظم عنده النعمة‪ ،‬في الفائق‪ :‬يعظم النعمة‪ ،‬وقال‪ :‬أي ل‬
‫يستصغر شيئا اوتيه‪ ،‬وإن كان صغيرا‪ ،‬وقال‪ :‬الذواق‪ :‬اسم ما يذاق‪ ،‬أي ل‬
‫يصف الطعام بطيب ول‬

‫)‪ (1‬السمت‪ :‬الطريق والمحجة‪ (2) .‬شرح الشفاء ‪ 356 :1‬و ‪ (3) .357‬يوجد أيضا‬
‫في المكارم‪.‬‬
‫] ‪[ 168‬‬

‫ببشاعة )‪ ،(1‬وقال الجزري‪ :‬الذواق‪ :‬المأكول والمشروب‪ ،‬فعال بمعنى مفعول من‬
‫الذوق‪ ،‬ويقع على المصدر‪ ،‬والسم‪ .‬قوله‪ :‬فإذا تعوطي الحق‪ ،‬قال‬
‫الجزري‪ :‬أي أنه كان من أحسن الناس خلقا مع أصحابه ما لم ير حقا‬
‫يتعرض له بإهمال أو إبطال أو إفساد‪ ،‬فإذا رأى ذلك تنمر )‪ (2‬وتغير حتى‬
‫أنكره من عرفه‪ ،‬كل ذلك لنصرة الحق‪ ،‬والتعاطي‪ :‬التناول والجرأة على‬
‫الشئ‪ ،‬من عطا الشئ‪ ،‬يعطوه‪ :‬إذا أخذه وتناوله‪ .‬أقول‪ :‬وفي أكثر رواياتهم‬
‫بعد قوله‪ :‬حتى ينتصر له‪ :‬ل يغضب لنفسه ول ينتصر لها‪ .‬قوله‪ :‬يضرب‬
‫براحته اليمنى‪ ،‬في بعض رواياتهم بباطن راحته باليمنى‪ .‬وقال الكازروي‪:‬‬
‫اتصل بها تفسيره‪ :‬فيضرب بباطن راحته أي يشير بكفه إلى حديثه )‪.(3‬‬
‫وروى القاضي في الشفاء هكذا‪ :‬وإذا تحدث اتصل بها فضرب بأبهامه‬
‫اليمنى راحة اليسرى )‪ .(4‬قوله‪ :‬وأشاح‪ ،‬قال الزمخشري‪ :‬أي وجد في‬
‫العراض وبالغ‪ .‬وقال الجزري‪ :‬فيه إنه ذكر النار ثم أعرض وأشاح‪،‬‬
‫المشيح‪ :‬الحذر‪ ،‬والجاد في المر‪ ،‬وقيل‪ :‬المقبل إليك المانع لما وراء‬
‫ظهره‪ ،‬فيجوز أن يكون أشاح أحد هذه المعاني‪ ،‬أي حذر النار‪ ،‬كأنه ينظر‬
‫إليها‪ ،‬أوجد على اليصاء باتقائها‪ ،‬أو أقبل إليك في خطابه‪ ،‬ومنه في‬
‫صفته‪ :‬إذا غضب أعرض وأشاح‪ ،‬قوله‪ :‬غضن طرفه‪ ،‬أي كسره وأطرق‬
‫ولم يفتح عينه‪ ،‬وإنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الشر والمرح‪ .‬قوله‪:‬‬
‫جل ضحكه‪ ،‬بالضم أي معظمه‪ ،‬قوله‪ :‬ويفتر عن مثل حب الغمام‪ ،‬أي‬

‫)‪ (1‬بشع‪ :‬عكس حسن وطاب‪ (2) .‬أي غضب وساء خلقه‪ (3) .‬المنتقى في مولد‬
‫المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه‪ (4) .‬شرح الشفاء ‪.342 :1‬‬

‫] ‪[ 169‬‬

‫يتبسم ويكثر حتى تبدو أسنانه من غير قهقهة‪ ،‬وهو من فررت الدابة أفرها فرا‪ :‬إذا‬
‫كشف شفتها لتعرف سنها‪ ،‬وافتر يفتر افتعل منه‪ ،‬وأراد بحب الغمام البرد‪.‬‬
‫قوله عليه السلم‪ :‬وشكله‪ :‬قال الجزري‪ :‬أي عن مذهبه وقصده‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫عما يشاكل أفعاله‪ ،‬والشكل بالكسر الدل )‪ ،(1‬وبالفتح‪ :‬المثل‪ ،‬والمذهب‪.‬‬
‫وقال الكازروني‪ :‬الشكل بالفتح‪ :‬النحو‪ ،‬والسيرة )‪ .(2‬قوله‪ :‬بالخاصة‪ ،‬قال‬
‫الجزري وغيره‪ :‬أراد أن العامة كانت ل تصل إليه في هذا الوقت‪ ،‬فكانت‬
‫الخاصة تخبر العامة بما سمعت منه‪ ،‬فكأنه أوصل الفوائد إلى العامة‬
‫بالخاصة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن البآء بمعنى )من( أي يجعل وقت العامة بعد وقت‬
‫الخاصة وبدل منهم‪ ،‬قوله‪ :‬وقسمه معطوف على اليثار‪ ،‬قوله‪ :‬روادا‪ ،‬قال‬
‫الجزري‪ :‬أي طالبين العلم‪ ،‬ملتمسين الحكم من عنده‪ ،‬ويخرجون أداة‪ :‬هداة‬
‫للناس‪ ،‬والرواد جمع رائد وهو الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلء ومساقط‬
‫الغيث‪ .‬أقول‪ :‬ومنهم من قرأ أذلة بالذال المعجمة‪ ،‬أي يخرجون متعظين بما‬
‫وعظوا‪ ،‬متواضعين من قوله‪ " :‬أذلة على المؤمنين )‪ " (3‬وهو تصحيف‪.‬‬
‫قوله‪ :‬إل عن ذواق‪ ،‬قال الجزري‪ :‬ضرب الذواق مثل لما ينالون عنده من‬
‫الخير‪ ،‬أي ل يتفرقون إل عن علم وأدب يتعلمونه‪ ،‬يقوم لنفسهم مقام‬
‫الطعام والشراب لجسادهم‪ .‬وقال القاضي‪ :‬ويشبه أن يكون على ظاهره )‬
‫‪ (4‬أي في الغالب والكثر‪ ،‬قوله‪ :‬يحذر الناس بالتخفيف‪ :‬ويحترس منهم‪،‬‬
‫عطف تفسير له‪ ،‬ومنهم من قرأ على بناء التفعيل إيثارا للتأسيس على‬
‫التأكيد‪ ،‬أي كان يحذر الناس بعضهم من بعض‪ ،‬ويأمرهم بالحزم‪ ،‬ويحذر‬
‫هو أيضا منهم‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬قوله‪ :‬ل يوطن الماكن‪ ،‬أي ل يتخذ لنفسه‬
‫مجلسا يعرف به فل يجلس إل فيه‪ ،‬وقد فسره بما بعده‪ ،‬قوله‪ :‬من جالسه‪،‬‬
‫في بعض رواياتهم‬

‫)‪ (1‬الدل‪ :‬حالة السكينة وحسن السيرة‪ (2) .‬المنتقى في مولود المطفى‪ :‬الفصل‬
‫الرابع في جامع أوصافه صلى ال عليه وآله‪ (3) .‬المائدة‪(4) .54 :‬‬
‫شرح الشفاء ‪.357 :1‬‬

‫] ‪[ 170‬‬

‫بعد ذلك‪ :‬أو قاومه‪ ،‬أي قام معه‪ ،‬قوله‪ :‬ول تؤبن فيه الحرم‪ ،‬قال الجزري‪ :‬أي ل‬
‫يذكرن بقبيح‪ ،‬كان يصان مجلسه عن رفث القول‪ ،‬يقال‪ :‬أبنت الرجل ابنه‪:‬‬
‫إذا رميته بخلة )‪ (1‬سوء‪ ،‬فهو مأبون‪ ،‬وهو مأخوذ من البن وهو العقد‬
‫تكون في القسي يفسدها و تعاب بها‪ ،‬قوله‪ :‬سلجم جمع سلجم‪ ،‬وهي‬
‫الطويل‪ ،‬والسرآء بالفتح ممدودا‪ ،‬شجر يتخذ منه القسي‪ ،‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫البنة بالضم‪ :‬العقدة في العود‪ ،‬ومنه قول العشى‪ :‬قضيب سرآء كثير‬
‫البن‪ ،‬قوله‪ :‬ل تنثى فلتاته‪ ،‬قال الجزري‪ :‬أي ل تذاع‪ ،‬يقال‪ :‬نثوت الحديث‬
‫أنثوه نثوا‪ ،‬والنثآء في الكلم يطلق على القبيح والحسن‪ ،‬يقال‪ :‬ما أقبح‬
‫نثاه وما أحسنه‪ ،‬والفلتات جمع فلتة وهي الزلة‪ ،‬أراد أنه لم يكن لمجلسه‬
‫فلتات فتنثى‪ .‬أقول‪ :‬الضمير في فلتاته راجع إلى المجلس‪ .‬قوله‪ :‬متواصلين‬
‫فيه بالتقوى‪ ،‬في بعض رواياتهم‪ :‬يتواصون فيه بالتقوى‪ ،‬وفي بعضها‪:‬‬
‫يتعاطفون بالتقوى‪ ،‬والفظ‪ :‬السئ الخلق‪ ،‬والصخب بالصاد والسين‪:‬‬
‫الضجة واضطراب الصوات للخصام‪ ،‬قوله‪ :‬كأنما على رؤوسهم الطير‪،‬‬
‫قال الجزري‪ :‬وصفهم بالسكون الوقار‪ ،‬وأنهم لم يكن فيهم طيش ول خفة‪،‬‬
‫لن الطير ل تكاد تقع إل على شئ ساكن‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬كأن على‬
‫رؤوسهم الطير‪ ،‬أي سأكون هيبة‪ ،‬وأصله أن الغراب يقع على رأس البعير‬
‫فيلقط منه القراد )‪ ،(2‬فل يتحرك البعير لئل ينفر عنه الغراب‪ ،‬قوله‪ :‬ل‬
‫يتنازعون عنده الحديث‪ ،‬أي إذا تكلم أحد منهم أمسكوا حتى يفرغ ثم يتكلم‬
‫الخر‪ ،‬فما بعده تفسيره‪ ،‬قوله‪ :‬حديثهم عنده حديث اولهم )‪ ،(3‬وفي‬
‫بعض النسخ‪ :‬أولهم بالفراد‪ ،‬ولعله تأكيد للسابق‪ ،‬أي ل يتكلم إل من سبق‬
‫بالكلم‪ ،‬قوله‪ :‬على الجفوة‪ ،‬أي غلظته وبعده من الداب‪ ،‬قوله‪:‬‬
‫ليستجلبونهم‪ ،‬أي يجيئون معهم بالغرباء إلى مجلسه من كثرة احتماله‬
‫عنهم‪ ،‬وصبره على ما يكون منهم في سؤالهم إياه وغير ذلك‪،‬‬

‫)‪ (1‬الخلة بفتح الخاء وضمها‪ :‬الخصلة‪ (2) .‬القرد والقراد‪ :‬دويبة تتعلق بالبعير‬
‫ونحوه‪ ،‬وهى كالقمل للنسان‪ (3) .‬الظاهر مما بعده أنه مصحف اولهم‪.‬‬

‫] ‪[ 171‬‬

‫والصحابة كانوا ل يجترؤون على مثل ذلك‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬رفدته أرفده‪ :‬إذا أعنته‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وفي بعض رواياتهم‪ :‬فأرشده‪ ،‬والظهر أنه هنا فأوفدوه بالواو‪،‬‬
‫قوله‪ :‬إل من مكافئ‪ ،‬قال الجزري‪ :‬قال القتيبي‪ :‬معناه إذا أنعم على رجل‬
‫نعمة فكافاه بالثناء عليه قبل ثنائه‪ ،‬وإذا أثنى قبل أن ينعم عليه لم يقبله‪،‬‬
‫وقال ابن النباري‪ :‬هذا غلط‪ ،‬إذ كان أحد ل ينفك من إنعام النبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬لن ال بعثه رحمة للناس كافة‪ ،‬فل يخرج منها مكافئ ول غير‬
‫مكافئ‪ ،‬والثنآء عليه فرض ل يتم السلم إل به‪ ،‬وإنما المعنى أنه ل يقبل‬
‫الثنآء عليه إل من رجل يعرف حقيقة إسلمه‪ ،‬ول يدخل عنده في جملة‬
‫المنافقين الذين يقولون بألسنتهم‪ :‬ما ليس في قلوبهم‪ ،‬وقال الزهري‪ :‬فيه‬
‫قول ثالث إل من مكافئ‪ ،‬أي مقارب غير مجاوز حد مثله‪ ،‬ول مقصر عما‬
‫رفعه ال إليه‪ .‬قوله‪ :‬حتى يجوزه‪ ،‬أي يتجاوز عن ذلك الكلم ويتمه ويريد‬
‫إنشاء كلم آخر فيقطعه النبي صلى ال عليه واله بنهي أو قيام‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ ورواياتهم‪ :‬بانتهاء‪ ،‬فيحتمل أن يكون المعنى فيقطع السائل‬
‫بانتهاء أو قيام‪ ،‬وليس في أكثر النسخ الضمير في " يجوزه " فيحتمل أن‬
‫يكون بالراء المهملة‪ ،‬أي إل أن يجور ويتكلم بباطل كفحش أو غيبة‬
‫فيقطعه صلى ال عليه واله بنهي أو بقيام‪ .‬ثم اعلم أن الصدوق رحمه ال‬
‫ذكر في الشرح فقرتين لم يذكرهما في الرواية )‪ ،(1‬إذ الشرح شرح رواية‬
‫اخرى‪ ،‬فذكره ولم يبال بعدم موافقته لما ذكره من الرواية‪ :‬إحداهما‪ :‬قوله‪:‬‬
‫يسوق أصحابه‪ ،‬وقد مرت الشارة إليها وإلى موضعها‪ ،‬والخرى قوله‪:‬‬
‫لكل حال عنده عتاد‪ ،‬قبل قوله‪ :‬ل يقصر عن الحق‪ ،‬وقال الجزري في‬
‫بيانه‪ ،‬أي ما يصلح لكل ما يقع من المور‪ ،‬وإنما وصف الحسن عليه‬
‫السلم هندا بأنه خاله لن أبا هالة كان زوج خديجة رضي ال عنها قبل‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فولدت له هندا وهالة كما سيأتي في أحوال‬
‫خديجة رضي ال عنها‪.‬‬
‫)‪ (1‬يحتمل اسقاطهما عن قلم النساخ‪.‬‬

‫] ‪[ 172‬‬

‫‪ - 5‬ن‪ :‬بإسناد التميمي‪ ،‬عن الرضا عليه السلم‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ما رأيت أحدا أبعد ما بين المنكبين من رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫)‪ - 6 .(1‬ص‪ :‬لم يمض النبي صلى ال عليه واله في طريق فيتبعه أحد إل‬
‫عرف أنه سلكه من طيب عرقه‪ ،‬ولم يكن يمر بحجر ول شجر إل سجد له )‬
‫‪ - 7 .(2‬ير‪ :‬الحسن بن علي بن النعمان‪ ،‬عن يحيى بن عمر‪ ،‬عن أبان‬
‫الحمر‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬إنا معاشر النبياء تنام عيوننا‪ ،‬ول تنام قلوبنا‪ ،‬ونرى من‬
‫خلفنا كما نرى من بين أيدينا )‪ - 8 .(3‬ير‪ :‬محمد بن الحسين‪ ،‬عن صفوان‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن ميمون القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬طلب أبو‬
‫ذر رسول ال صلى ال عليه واله فقيل له‪ :‬إنه في حائط كذا وكذا‪ ،‬فمضى‬
‫يطلبه فدخل إلى الحائط والنبي صلى ال عليه واله نائم‪ ،‬فأخذ عسيبا يابسا‬
‫وكسره ليستبرئ به نوم رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬قال‪ :‬ففتح النبي‬
‫صلى ال عليه واله عينه وقال‪ :‬أتخدعني عن نفسي يا أبا ذر ؟ أما علمت‬
‫أني أراكم في منامي كما أراكم في يقظتي )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال الفيروزآبادي‪:‬‬
‫العسيب‪ :‬جريدة من النخل مستقيمة رقيقة يكشط خوصها‪ ،‬والذي لم ينبت‬
‫عليه الخوص من السعف انتهى والستبرآء‪ :‬كناية عن المتحان‪ ،‬أي فعل‬
‫ذلك ليستعلم أنه صلى ال عليه واله نائم أم ل‪ ،‬أو ليعلم أنه يعلم في منامه‬
‫ما يقع عنده أم ل‪ ،‬قوله صلى ال عليه واله أتخدعني عن نفسي‪ ،‬أي أتمكر‬
‫بي في أمر نفسي‪ ،‬وتدعي أنك تؤمن بي‪ ،‬وتفعل ما ينافي ذلك‪ ،‬فإن فعلك‬
‫يدل على أنك تحسب أني ل أرى في منامي ما أرى في يقظتي‪ ،‬أو المعنى‬
‫أتخفيني عن نفسي‪ ،‬أي تحسبني غافل عما يفعل بي وعندي‪ ،‬وعلى أي‬
‫حال ل يخلو من تكلف‪ ،‬فإن الشائع في هذا الكلم أنه يستعمل فيمن يريد أن‬
‫يغوي أحدا‪ ،‬ويضله عن الحق‪ ،‬ويوقعه فيما يضر بنفسه‪ ،‬فيمكن أن يكون‬
‫عبر عن الشئ بلزمه‪ ،‬أي فعلك هذا يستلزم أن يمكن لحد أن يخدعني‬
‫ويوقعني فيما يضر بنفسي‪.‬‬

‫)‪ (1‬عيون أخبار الرضا‪ (2) .222 :‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ 3) .‬و ‪ (4‬بصائر‬
‫الدرجات‪.125 :‬‬

‫] ‪[ 173‬‬
‫‪ - 9‬ير‪ :‬محمد بن الحسين‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن الحسين بن المختار‪ ،‬عن زيد‬
‫الشحام قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬طلب أبو ذر رحمه ال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقيل له‪ :‬إنه صلى ال عليه وآله في حائط‬
‫كذا وكذا‪ ،‬فتوجه في طلبه‪ ،‬فوجده نائما فأعظمه أن ينبهه‪ ،‬فأراد أن‬
‫يستبرئ نومه صلى ال عليه واله )‪ ،(1‬فسمعه رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله فرفع رأسه فقال‪ :‬يا ابا ذر أتخدعني ؟ أما علمت أني أرى أعمالكم في‬
‫منامي كما أراكم في يقظتي‪ ،‬إن عيني تنام وقلبي ل ينام )‪ .(2‬يج‪ :‬مرسل‬
‫مثله‪ - 10 .‬ير‪ :‬علي بن إسماعيل‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن العلء‪ ،‬عن محمد‪،‬‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬أراكم‬
‫من خلفي كما أراكم بين يدي‪ ،‬لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن ال بين قلوبكم )‬
‫‪ .(3‬ير‪ :‬أيوب بن نوح‪ ،‬عن ابن المغيرة‪ ،‬عن عل‪ ،‬عن محمد مثله )‪.(4‬‬
‫‪ - 11‬ير‪ :‬أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪ - 12 .(5‬ير‪ :‬الحسن بن علي‪ ،‬عن عبيس‬
‫بن هشام‪ ،‬عن أبي إسماعيل كاتب شريح‪ ،‬عن أبي عتاب زياد مولى آل‬
‫وغش‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬فيه حذف يعلم من الحديث السابق‪ (2) .‬بصائر الدرجات‪ (3) .125 :‬بصائر‬
‫الدرجات‪ ،124 :‬صدر الحديث هكذا‪ :‬قال‪ :‬قلت له‪ :‬إنا نصلى في مسجد‬
‫لنا فربما كان الصف امام وفيه انقطاع‪ ،‬فأمشي إليه بجانبى حتى اقيمه ؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬أراكم من خلفي ا‍ه‪) .‬‬
‫‪ (4‬بصائر الدرجات‪ ،124 :‬وللحديث أيضا صدر يوافق معنى ما تقدم‪) .‬‬
‫‪ (5‬بصائر الدرجات‪ ،124 :‬والحديث فيه هكذا‪ :‬قال‪ :‬إن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬أقيموا صفوفكم فانى أراكم من خلفي كما أراكم بين‬
‫يدى‪ ،‬ول تختلفوا فخالف ال بين قلوبكم‪ (6) .‬بصائر الدرجات‪،124 :‬‬
‫والحديث فيه هكذا‪ :‬قال‪ :‬سمعت يقول‪ :‬أقيموا صفوفكم إذا رأيتم خلل‪ ،‬ول‬
‫عليك‪ ،‬أن تأخذ وراك إذا وجدت ضيقا في الصفوف فتتم الصف الذي‬
‫خلفك‪ ،‬أو تمشى منحرفا فتتم الصف الذي قدامك فهو خير‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬أقيموا صفوفكم فانى أنظر إليكم من‬
‫خلفي‪ ،‬ليقيمن أو ليخالفن ال بين قلوبكم‪ .‬أقول لعل الصحيح لتقيمن‬
‫بالتاء‪.‬‬

‫] ‪[ 174‬‬

‫‪ - 13‬سر‪ :‬محمد بن الحسين‪ ،‬عن يزيد بن إسحاق‪ ،‬عن هارون بن حمزة‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم مثله )‪ - 14 .(1‬سن‪ :‬معاوية بن الحكيم‪ ،‬عن ابن‬
‫المغيرة‪ ،‬عن إبراهيم بن معرض‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن عمر‬
‫دخل على حفصة فقال‪ :‬كيف رسول ال صلى ال عليه واله فيما فيه‬
‫الرجال ؟ فقالت‪ :‬ما هو إل رجل من الرجال‪ ،‬فأنف ال لنبيه صلى ال عليه‬
‫واله فأنزل إليه صحفة فيها هريسة من سنبل الجنة‪ ،‬فأكلها فزاد في بضعه‬
‫بضع أربعين رجل )‪ .(2‬بيان‪ :‬البضع بالضم‪ :‬الجماع‪ ،‬والثاني يحتمل الضم‬
‫والكسر أيضا‪ ،‬والضم أظهر‪ ،‬قال الجزري‪ :‬فيه صلة الجماعة تفضل صلة‬
‫الواحد ببضع وعشرين درجة‪ ،‬البضع في العدد بالكسر‪ ،‬وقد يفتح‪ :‬ما بين‬
‫الثلث إلى التسع‪ ،‬وقيل‪ :‬ما بين الواحد إلى العشرة‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬تقول‬
‫بضع سنين‪ ،‬وبضعة عشر رجل‪ ،‬فإذا جاوزت لفظ العشر ل تقول‪ :‬بضع‬
‫وعشرون‪ ،‬وهذا يخالف ما جاء في الحديث انتهى‪ ،‬وترك العاطف هنا‬
‫يضعف أيضا الحمل على الكسر‪ - 15 .‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن‬
‫منصور الصيقل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى أهدى إلى رسوله هريسة من هرائس الجنة‪،‬‬
‫غرست في رياض الجنة‪ ،‬وفركها الحور العين فأكلها رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله فزاد في قوته بضع أربعين رجل‪ ،‬وذلك شئ أراد ال أن يسر به‬
‫نبيه صلى ال عليه واله )‪ - 16 .(3‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪،‬‬
‫عن محمد بن سنان مثله‪ ،‬ثم قال‪ :‬وفي حديث آخر رفعه إلى أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله شكى إلى ربه جل و‬
‫عز وجع الظهر‪ ،‬فأمره بأكل الحب باللحم‪ ،‬يعني الهريسة )‪ .(4‬بيان‪:‬‬
‫الفرك‪ :‬الدلك‪ - 17 .‬يج‪ :‬من معجزاته صلى ال عليه واله أن الخبار‬
‫تواترت واعترف بها الكافر والمؤمن‬

‫)‪ (1‬بصائر الدرجات‪ ،125 :‬والحديث فيه مثل ذيل حديث أبى عتاب ال أن فيه‪:‬‬
‫لتقيمن‪ 2) .‬و ‪ (3‬المحاسن‪ (4) .404 :‬فروع الكافي ‪.170 :2‬‬

‫] ‪[ 175‬‬

‫بخاتم النبوة الذي بين كتفيه على شعرات متراكمة‪ ،‬تقدمت بها النبياء قبل مولده‬
‫بالزمن الطويل‪ ،‬فوافق ذلك ما أخبروا به عنه في صفته صلى ال عليه‬
‫واله )‪ - 18 .(1‬يج‪ :‬روي أن النبي صلى ال عليه واله قال‪ :‬أتموا‬
‫الركوع‪ ،‬والسجود‪ ،‬فوال إني لراكم من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم )‬
‫‪ - 19 .(2‬قب‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله قبل المبعث موصوفا بعشرين‬
‫خصلة من خصال النبياء لو انفرد واحد بأحدها لدل على جلله‪ ،‬فكيف من‬
‫اجتمعت فيه‪ ،‬كان نبيا أمينا‪ ،‬صادقا حاذقا‪ ،‬أصيل نبيل‪ ،‬مكينا‪ ،‬فصيحا‪،‬‬
‫نصيحا‪ ،‬عاقل فاضل‪ ،‬عابدا زاهدا‪ ،‬سخيا مكيا )‪ ،(3‬قانعا متواضعا‪ ،‬حليما‬
‫رحيما‪ ،‬غيورا صبورا‪ ،‬موافقا مرافقا‪ ،‬لم يخالط منجما ول كاهنا ول عيافا‬
‫)‪ ،(4‬ولما قالت قريش‪ :‬إنه ساحر علمنا أنه قد أراهم ما لم يقدروا على‬
‫مثله‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذا مجنون‪ ،‬لما هجم منه على شئ لم يفكر في عاقبته منهم‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬هو كاهن‪ ،‬لنه أنبأ بالغائبات‪ ،‬وقالوا‪ :‬معلم‪ ،‬لنه قد أنبأهم بما‬
‫يكتمونه من أسرارهم‪ ،‬فثبت صدقه من حيث قصدوا تكذيبه‪ ،‬وكان فيه‬
‫خصال الضعفاء‪ ،‬ومن كان فيه بعضها ل ينظم أمره‪ :‬كان يتيما فقيرا‪،‬‬
‫ضعيفا وحيدا غريبا‪ ،‬بل حصار ول شكوة‪ ،‬كثير العداء‪ ،‬ومع جميع ذلك‬
‫تعالى مكانه‪ ،‬وارتفع شأنه‪ ،‬فدل على نبوته صلى ال عليه واله‪ ،‬وكان‬
‫الجلف )‪ (5‬البدوي يرى وجهه الكريم فيقول‪ :‬وال ما هذا وجه كذاب‪،‬‬
‫وكان صلى ال عليه واله ثابتا في الشدائد وهو مطلوب‪ ،‬وصابرا على‬
‫البأساء والضراء وهو مكروب محروب )‪ ،(6‬وكان زهدا في الدنيا‪ ،‬راغبا‬
‫في الخرة‪ ،‬فثبت له الملك‪ ،‬وكان يشهد كل عضو منه على معجزة‪:‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬لم نجد الخبرين في الخرائج‪ ،‬وقد أومأنا سابقا أن نسخة خرائج المصنف‬
‫كانت تتفاوت مع المطبوع‪ ،‬وتوجد فعل نسخة منه في مكتبة سلطان‬
‫العلماء تخالف المطبوع ايضا‪ (3) .‬استظهر المصنف في الهامش أنه‬
‫مصحف كميا‪ ،‬والكمى‪ :‬الشجاع‪ ،‬أو لبس السلح لنه يكمى نفسه أي‬
‫يسترها بالدرع والبيضة‪ (4) .‬العياف‪ :‬المتكهن‪ .‬الذى يعمل العيافة أي‬
‫زجر الطير‪ (5) .‬الجلف‪ :‬الغليظ الجافي‪ (6) .‬المحروب‪ :‬الذى سلب ماله‬
‫وترك بل شئ‪.‬‬

‫] ‪[ 176‬‬

‫نوره‪ :‬كان إذا مشى )‪ (1‬في ليلة ظلماء بداله نور كأنه قمر‪ ،‬قالت عائشة‪ :‬فقدت‬
‫إبرة ليلة فما كان في منزلي سراج‪ ،‬فدخل النبي صلى ال عليه واله‬
‫فوجدت البرة بنور وجهه‪ .‬حمزة بن عمر السلمي قال‪ :‬نفرنا مع النبي‬
‫صلى ال عليه واله في ليلة ظلماء فأضاءت أصابعه عرفه )‪ .(2‬جابر بن‬
‫عبد ال‪ :‬إنه كان ل يمر في طريق فيمر فيه إنسان بعد يومين إل عرف أنه‬
‫عبر فيه‪ .‬مسلم‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله يقيل عند ام سلمة فكانت‬
‫تجمع عرقه وتجعله في الطيب‪ .‬عبد الجبار بن وائل‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬أتى‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله بدلو من ماء فشرب ثم توضأ فتمضمض‪،‬‬
‫ثم مج )‪ (3‬مجة في الدلو فصار مسكا أو أطيب من المسك‪ .‬ظله‪ :‬لم يقع‬
‫ظله على الرض‪ ،‬لن الظل من الظلمة‪ ،‬وكان إذا وقف في الشمس والقمر‬
‫والمصباح نوره يغلب أنوارها‪ .‬قامته‪ :‬كلما مشى مع أحد كان أطول منه‬
‫برأس‪ ،‬وإن كان طويل‪ .‬رأسه‪ :‬كان يظله سحابة من الشمس‪ ،‬وتسير‬
‫لمسيره‪ ،‬وتركد لركوده‪ ،‬ول يطير الطير فوقه‪ .‬عينيه )‪ :(4‬كان يبصر من‬
‫ورائه كما يبصر من أمامه‪ ،‬ويرى من خلفه كما يرى من قدامه‪ .‬أنفه‪ :‬لم‬
‫يشم به منذ خلقه ال تعالى رائحة كريهة‪ .‬فمه‪ :‬كان يمج في الكوز والبئر‬
‫فيجدون له رائحة أطيب من المسك‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬كان إذا يمشى‪ (2) .‬العرف بالضم‪ :‬ما ارتفع من رمل أو مكان‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬وسيحتمل إيضا أن يكون ذلك مصحف عرفة‪ .‬وضبطه في‬
‫نسخة المصنف بالفتح‪ ،‬ولم نعرف له معنى يناسب المقام‪ (3) .‬أي رمى‬
‫به‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬عينه‪.‬‬

‫] ‪[ 177‬‬

‫لسانه‪ :‬كان ينطق بلغات كثيرة‪ .‬محاسنه‪ :‬كانت فيه سبع عشرة طاقة نور يتللؤ في‬
‫عوارضه‪ .‬اذنيه )‪ :(1‬كان يسمع في منامه كما يسمع في انتباهه‪ ،‬ويسمع‬
‫كلم جبرئيل عند الناس ول يسمعونه‪ .‬ربيع البرار‪ :‬إنه دخل أبو سفيان‬
‫على النبي صلى ال عليه واله وهو يقاد فأحس بتكاثر الناس‪ ،‬فقال في‬
‫نفسه‪ :‬واللت والعزى يا ابن أبي كبشه لملنها عليك خيل ورجل‪ ،‬وإني‬
‫لرجو أن أرقي هذه العواد‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬أو يكفينا ال‬
‫شرك يا أبا سفيان‪ .‬صدره‪ :‬لم يكن على وجه الرض أعلم منه‪ .‬ظهره‪ :‬كان‬
‫بين كتفيه خاتم النبوة‪ ،‬كلما أبداه غطى نوره نور الشمس‪ ،‬مكتوب عليه‪ :‬ل‬
‫إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬توجه حيث شئت فأنت منصور‪ .‬في حديث‬
‫جابر بن سمرة‪ :‬رأيت خاتمه غضروف كتفيه مثل بيض الحمامة‪ .‬وسئل‬
‫الخدري عنه فقال‪ :‬بضعة )‪ (2‬ناشزة‪ .‬أبو زيد النصاري‪ :‬شعر مجتمع‬
‫على كتفيه‪ .‬السائب بن يزيد‪ :‬مثل زر الحجلة‪ ،‬ولما شك في موت رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله وضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفيه‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫قد توفي رسول ال صلى ال عليه واله قد رفع الخاتم‪ .‬بطنه‪ :‬كان يشد‬
‫عليه الحجر من الغرث‪ ،‬فيشبع قلبه‪ ،‬كان تنام عيناه ول ينام قلبه‪ .‬يداه‪ :‬فار‬
‫الماء من بين أصابعه‪ ،‬وسبح الحصى في كفه‪ .‬ركبه‪ :‬ولد مسرورا )‪(3‬‬
‫مختونا‪ ،‬وما احتلم قط‪ ،‬لن ذلك من الشيطان‪ ،‬وكان له شهوة أربعين نبيا‪.‬‬
‫جلوسه‪ :‬عائشة‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول ال إنك تدخل الخلء‪ ،‬فإذا خرجت دخلت‬
‫على‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اذنه‪ (2) .‬البضعة بالكسر والفتح‪ :‬القطعة من اللحم‪ .‬الناشزة‪:‬‬
‫المرتفعة‪ (3) .‬أي مقطوع السرة‪ ،‬والسرة‪ :‬التجويف الصغير المعهود في‬
‫وسط البطن‪.‬‬

‫] ‪[ 178‬‬
‫أثرك فما أرى شيئا إل أني أجد رائحة المسك‪ ،‬فقال‪ :‬إنا معاشر النبياء تنبت‬
‫أجسادنا على أرواح الجنة‪ ،‬فما يخرج منه شئ إل ابتلعته الرض‪ .‬وتبعه‬
‫رجل علم مراده فقال صلى ال عليه واله‪ :‬إنا معاشر النبياء ل يكون منا‬
‫ما يكون من البشر‪ .‬ام أيمن‪ :‬أصبح رسول ال صلى ال عليه واله فقال‪ :‬يا‬
‫ام أيمن قومي فاهرقي ما في الفخارة‪ ،‬يعنى البول‪ ،‬قلت‪ :‬وال شربت ما‬
‫فيها وكنت عطشى‪ ،‬قالت‪ :‬فضحك حتى بدت نواجده‪ ،‬ثم قال‪ :‬أما إنك ل‬
‫تنجع بطنك أبدا )‪ .(1‬ومنه حديث دم الفصد‪ .‬فخذه‪ :‬كل دابة ركبها النبي‬
‫صلى ال عليه واله بقيت على سنها ل تهرم قط‪ .‬رجليه )‪ :(2‬أرسلهما في‬
‫بئر ماؤه أجاج فعذب‪ .‬قوته‪ :‬كان ل يقاومه أحد‪ .‬إسحاق بن بشار‪ :‬إن‬
‫ركانة بن عبد بن زيد بن هاشم كان من أشد قريش فخل )‪ ،(3‬فقال له‬
‫النبي صلى ال عليه واله في وادي أصم‪ :‬يا ركانة أل تتقي ال وتقبل ما‬
‫أدعوك إليه ؟ قال‪ :‬إني لو أعلم أنه حق لتبعتك‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬أفرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول‪ :‬حق ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬قم حتى‬
‫اصارعك‪ ،‬قال‪ :‬فقام إليه ركانة فصارعه‪ ،‬فلما بطش به رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله أضجعه‪ ،‬قال‪ :‬فعد‪ ،‬فعاد فصرعه‪ ،‬فقال‪ :‬إن ذا لعجب يا قوم‪،‬‬
‫إن صاحبكم أسحر أهل الرض‪ .‬حرمته‪ :‬كان القمر يحرك مهده في حال‬
‫صباه‪ ،‬وكان ل يمر على شجرة إل سلمت عليه‪ ،‬ولم يجلس عليه الذباب‪،‬‬
‫ولم تدن منه هامة ول سامة‪ .‬مشيه‪ :‬كان إذا مشى على الرض السهلة ل‬
‫يبين لقدميه أثر‪ ،‬وإذا مشى على الصلبة بان أثرهما‪.‬‬

‫)‪ (1‬هكذا في المصدر أيضا‪ ،‬وقال المصنف‪ :‬النجيع‪ :‬دم البطن‪ ،‬ونحتمل قريبا أنه‬
‫مصحف يوجع أو ييجع‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬رجلء‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فحل‪ ،‬ولعله أصوب‪.‬‬

‫] ‪[ 179‬‬

‫هيبته‪ :‬كان عظيما مهيبا في النفوس حتى ارتاعت رسل كسرى‪ ،‬مع أنه كان‬
‫بالتواضع موصوفا‪ ،‬وكان محبوبا في القلوب حتى ل يقليه )‪ (1‬مصاحب‪،‬‬
‫ول يتباعد عنه مقارب‪ ،‬قال السدي في قوله‪ " :‬سنلقي في قلوب الذين‬
‫كفروا الرعب )‪ :" (2‬لما ارتحل أبو سفيان و المشركون يوم احد‬
‫متوجهين إلى مكة قالوا‪ :‬ما صنعنا قتلناهم حتى لم يبق منهم إل الشريد )‬
‫‪ (3‬تركناهم‪ ،‬إذ هموا وقالوا‪ :‬ارجعوا فاستأصلوهم‪ ،‬فلما عزموا على ذلك‬
‫ألقى ال في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا‪ .‬وروي أن الكفار دخلوا‬
‫مكة كالمنهزمين مخافة أن يكون له الكرة عليهم‪ ،‬وقال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬نصرت بالرعب مسيرة شهر‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬وكف أيدي الناس عنكم‬
‫)‪ " (4‬وذلك أن النبي صلى ال عليه واله لما قصد خيبر وحاصر أهلها‬
‫همت قبائل من أسد وغطفان أن يغيروا )‪ (5‬على أهل المدينة‪ ،‬فكف ال‬
‫عنهم بإلقاء الرعب في قلوبهم‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬هو الذي أيدك بنصره )‪(6‬‬
‫" وقال صلى ال عليه واله‪ :‬لم نخل في ظفر )‪ (7‬إما في ابتداء المر وإنما‬
‫في انتهائه‪ ،‬وكان جميل بن معمر الفهري حفيظا لما يسمع‪ ،‬ويقول‪ :‬إن في‬
‫جوفي لقلبين أعقل بكل )‪ (8‬واحد منهما أفضل من عقل محمد‪ ،‬فكانت‬
‫قريش تسميه ذا القلبين‪ ،‬فتلقاه أبو سفيان يوم بدر وهو آخذ بيده إحدى‬
‫نعليه‪ ،‬والخرى في رجله‪ ،‬فقال له‪ :‬يابا معمر ما الخبر ؟ قال‪ :‬انهزموا‪،‬‬
‫قال‪ :‬فما حال نعليك ؟ قال‪ :‬ما شعرت إل أنها في رجلي لهيبة محمد‪ ،‬فنزل‪:‬‬
‫" ما جعل ال لرجل من قلبين في جوفه )‪." (9‬‬

‫)‪ (1‬أي ل يبغضه‪ (2) .‬آل عمران‪ (3) .151 :‬الشريد‪ :‬الطريد‪ (4) .‬الفتح‪(5) .20 :‬‬
‫أغار عليهم‪ :‬هجم وأوقع بهم‪ (6) .‬النفال‪ (7) .62 :‬من ظفر ظ‪ (8) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬لكل واحد‪ (9) .‬الحزاب‪.4 :‬‬

‫] ‪[ 180‬‬

‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬وينصر ال من لقاه إن له * نصرا يمثل بالكفار إذ‬
‫عندوا )‪ (1‬بيان‪ :‬النبل‪ :‬بالضم‪ :‬الذكاء والنجابة‪ ،‬والمكانة‪ :‬المنزلة‪،‬‬
‫والعرف بالفتح‪ :‬الريح الطيبة‪ ،‬وقال الجزري في صفة خاتم النبوة‪ :‬إنه‬
‫مثل زر الحجلة‪ ،‬الزر واحد الزرار التي تشد بها الكلل والستور‪ ،‬على ما‬
‫يكون في حجلة العروس‪ ،‬وقيل‪ :‬إنما هو بتقديم الراء على الزاي‪ ،‬ويريد‬
‫بالحجلة القبجة )‪ ،(2‬مأخوذا من أرزت الجرادة‪ :‬إذا كبست ذنبها في‬
‫الرض فباضت‪ ،‬ويشهد له ما رواه الترمذي في كتابه بإسناده عن جابر‬
‫بن سمرة قال‪ :‬كان خاتم رسول ال صلى ال عليه واله الذي بين كتفيه‬
‫غدة حمراء مثل بيضة الحمامة انتهى‪ .‬والغرث‪ :‬الجوع‪ ،‬قوله‪ :‬على أرواح‬
‫الجنة‪ ،‬في بعض النسخ بالمهملتين‪ ،‬أي الرواح التي تدخل الجنة‪ ،‬أو هي‬
‫جمع الريح‪ ،‬أي أجسادنا طيبة كطيب ريح أهل الجنة‪ ،‬وفي بعض النسخ‬
‫بالمعجمتين أي الحور‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬النجيع‪ :‬دم البطن‪ - 20 .‬قب‪:‬‬
‫الترمذي في الشمائل والطبري في التاريخ والزمخشري في الفائق والفتال‬
‫في الروضة‪ :‬رووا صفة النبي صلى ال عليه واله بروايات كثيرة منها‬
‫عن أمير المؤمنين عليه السلم وابن عباس وأبي هريرة وجابر بن سمرة‬
‫وهند بن أبي هالة أنه كان صلى ال عليه واله فخما مفخما‪ ،‬في العيون‬
‫معظما‪ ،‬وفي القلوب مكرما‪ ،‬يتللؤ وجهه تلل القمر ليلة البدر‪ ،‬أزهر‬
‫منور اللون‪ ،‬مشربا بحمرة‪ ،‬لم تزر به مقلة‪ ،‬لم تعبه ثجلة‪ ،‬أغر أبلج أحور‬
‫أدعج أكحل أزج‪ ،‬عظيم الهامة‪ ،‬رشيق القامة‪ ،‬مقصدا واسع الجبين‪ ،‬أقنى‬
‫العرنين‪ ،‬أشكل العينين‪ ،‬مقرون الحاجبين‪ ،‬سهل الخدين صلتهما‪ ،‬طويل‬
‫الزندين‪ ،‬شبح الذراعين‪ ،‬عظيم مشاشة المنكبين‪ ،‬طويل ما بين المنكبين‪،‬‬
‫شثن الكفين‪ ،‬ضخم القدمين‪ ،‬عاري الثديين‪ ،‬خمصان الخمصين‪ ،‬مخطوط‬
‫المتيتين )‪ ،(3‬أهدب الشفار‪ ،‬كث اللحية‪ ،‬ذا وفرة‪ ،‬وافر السبلة‪ ،‬أخضر‬
‫الشمط‪،‬‬

‫)‪ (1‬مناقب آل أبى طالب ‪ 86 - 84 :1‬ط ايران و ‪ 110 - 107‬ط النجف وفيه‪ :‬ما‬
‫عندوا‪ (2) .‬القبجة‪ :‬طائرة تشبه الحجل‪ ،‬يقال لها بالفارسية‪ :‬كبك‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬المتينين‪ .‬ولعله مصحف المتنين‪.‬‬

‫] ‪[ 181‬‬

‫ضليع الفم )‪ (1‬أشم أشنب )‪ (2‬مفلج السنان‪ ،‬سبط الشعر‪ ،‬دقيق المسربة‪ ،‬معتدل‬
‫الخلق‪ ،‬مفاض البطن‪ ،‬عريض الصدر‪ ،‬كأن عنقه جيد دمية في صفاء‬
‫الفضة‪ ،‬سائل الطراف‪ ،‬منهوس )‪ (3‬العقب قصير الحنك‪ ،‬داني الجبهة‪،‬‬
‫ضرب اللحم بين الرجلين‪ ،‬كان في خاصرته انفتاق‪ ،‬فعم الوصال‪ ،‬لم يكن‬
‫بالطويل البائن‪ ،‬ول بالقصير الشائن‪ ،‬ول بالطويل الممغط‪ ،‬ول بالقصير‬
‫المتردد‪ ،‬ول بالجعد القطط‪ ،‬ول بالسبط ول بالمطهم ول بالمكلثم ول‬
‫بالبيض المهق‪ ،‬ضخم الكراديس‪ ،‬جليل المشاش )‪ ،(4‬كنوز المنخر )‪،(5‬‬
‫لم يكن في بطنه ول في صدره شعر إل موصل ما بين اللبة إلى السرة‬
‫كالخط‪ ،‬جليل الكتد‪ ،‬أجرد ذا مسربة‪ ،‬وكان أكثر شيبه في فودي رأسه‬
‫وكأن كفه كف عطار مسها بطيب‪ ،‬رحب الراحة‪ ،‬سبط القصب‪ ،‬وكان إذا‬
‫رضي وسر فكأن وجهه المرآة‪ ،‬وكان فيه شئ من صور‪ ،‬يخطو تكفؤا‪،‬‬
‫ويمشي الهوينا‪ ،‬يبدؤ القوم إذا سارع إلى خير‪ ،‬وإذا مشى تقلع كأنما‬
‫ينحدر في صبب‪ ،‬إذا تبسم يتبسم عن مثل المنحدر عن بطون الغمام‪ ،‬وإذا‬
‫افتر افتر عن سنا البرق إذا تلل‪ ،‬لطيف الخلق‪ ،‬عظيم الخلق‪ ،‬لين الجانب‬
‫إذا طلع بوجهه على الناس رأوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد‪ .‬كأن‬
‫عرقه في وجهه اللؤلؤ‪ ،‬وريح عرقه أطيب من ريح المسك الذفر‪ ،‬بين‬
‫كتفيه خاتم النبوة‪ .‬أبو هريرة‪ :‬كان يقبل جميعا ويدبر جميعا‪ .‬جابر بن‬
‫سمرة‪ :‬كانت في ساقه )‪ (6‬حموشة‪ .‬أبو حجيفة‪ (7) :‬كان قد سمط‬
‫عارضاه وعنفقته بيضاء‪.‬‬

‫)‪ (1‬رجل ضليع الفم أي عظيمه‪ .‬وتقدم شرح بعض اللغات المشكلة في الخبر‬
‫السابق‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أغنب‪ ،‬أقول‪ :‬في القاموس‪ :‬الغنب كصرد‪:‬‬
‫دارات أوساط أشداق الغلمان الملح‪ (3) .‬منهوش خ ل‪ (4) .‬المشاش‬
‫جمع المشاشة‪ :‬النفس أو الطبيعة ورأس العظم اللين‪ (5) .‬في المصدر‪:‬‬
‫أنور المتجرد‪ .‬وتقدم معناه‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬في ساقيه‪ (7) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬أبو جحيفة بتقديم المعجمة وهو الصحيح‪ ،‬اسم وهب بن عبد‬
‫ال السوائى‪ .‬يقال له‪ :‬وهب الخير‪ ،‬صحابي معروف‪ ،‬وصحب امير‬
‫المؤمنين عليا عليه السلم‪ ،‬مات سنة ‪.74‬‬

‫] ‪[ 182‬‬

‫ام هاني‪ :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه واله ذا ضفائر أربع‪ ،‬والصحيح أنه كان له‬
‫ذؤابتين‪ ،‬و ومبدأها من هاشم‪ .‬أنس‪ :‬ما عددت في رأس رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله ولحيته إل أربع عشرة شعرة بيضاء‪ ،‬ويقال سبع عشرة‪ .‬ابن‬
‫عمر‪ :‬إنما كان شيبه نحوا من عشرين شعرة بيضاء‪ .‬البراء بن عازب‪:‬‬
‫كان يضرب شعره كتفيه‪ .‬أنس‪ :‬له لمة إلى شحمة اذنيه‪ .‬عائشة‪ :‬كان‬
‫شعره فوق الوفرة ودون الجمة )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬في صفته صلى‬
‫ال عليه واله كان أزهر اللون‪ ،‬الزهر‪ :‬البيض المستنير‪ ،‬والزهرة‬
‫والزهرة‪ :‬البياض النير‪ ،‬وهو أحسن اللوان انتهى‪ .‬ويقال‪ :‬زرى عليه‪ ،‬أي‬
‫عابه‪ ،‬وزرى به‪ ،‬أي تهاون‪ ،‬والمقلة بالضم‪ :‬الحدقة‪ ،‬وفي رواياتهم‬
‫بالصاد المهملة والقاف‪ ،‬قال الجزري‪ :‬في حديث ام معبد ولم تزر به‬
‫صقلة‪ ،‬أي دقة ونحول‪ ،‬يقال‪ :‬صقلت الناقة‪ :‬إذا أضمرتها‪ ،‬وقيل‪ :‬أرادت‬
‫أنه لم يكن منتفخ الخاصرة جدا‪ ،‬ول ناحل جدا‪ ،‬ويروى بالسين على‬
‫البدال من الصاد‪ ،‬ويروى صعلة‪ ،‬وهي صغر الرأس‪ ،‬وهي أيضا الدقة‬
‫والنحول في البدن‪ ،‬وقال في قوله‪ :‬لم تعبه ثجلة‪ .‬أي ضخم بطن‪ ،‬ويروى‬
‫بالنون والحاء‪ ،‬أي نحول ودقة‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬الثجلة بالضم‪ :‬عظم‬
‫البطن‪ ،‬وسعته‪ ،‬قوله‪ :‬أغر‪ ،‬أي أبيض صافي اللون‪ ،‬قوله‪ :‬أبلج‪ ،‬أي‬
‫مشرق الوجه مسفرة‪ ،‬ذكره الجزري‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬الحور‬
‫بالتحريك‪ :‬أن يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها‪ ،‬وتستدير حدقتها‪،‬‬
‫وترق جفونها‪ ،‬ويبيض ما حواليها‪ ،‬أو شدة بياضها‪ ،‬وسوادها في شدة‬
‫بياض الجسد‪ .‬وقال‪ :‬الكحل محركة‪ :‬أن يعلوا منابت الشفار سواد خلقة‪،‬‬
‫أو أن يسود مواضع الكحل كحل‪ ،‬كفرح‪ ،‬فهو أكحل‪ ،‬والكحلء‪ :‬الشديدة‬
‫سواد العين‪ ،‬أو التي كأنها مكحولة‪ ،‬وإن لم تكحل‪ ،‬وقال‪ :‬رجل رشق‪:‬‬
‫حسن القد لطيفه‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬في صفته صلى ال عليه واله‬

‫)‪ (1‬مناقب آل أبي طالب ‪ 107 :1‬و ‪ 108‬ط ايران و ‪ 135‬و ‪ 136‬ط النجف‪.‬‬

‫] ‪[ 183‬‬

‫كان أبيض مقصدا‪ ،‬هو الذي ليس بطويل ول قصير ول جسيم‪ ،‬كأن خلقه نحى )‪(1‬‬
‫القصد من المور‪ ،‬والمعتدل الذي ل يميل إلى طرفي الفراط والتفريط‪،‬‬
‫وقال في قوله‪ :‬أشكل العينين‪ :‬أي في بياضها شئ من حمرة‪ ،‬وهو محمود‬
‫محبوب‪ ،‬يقال‪ :‬ماء أشكل‪ :‬إذا خالطه الدم‪ ،‬وقال‪ :‬في صفته صلى ال عليه‬
‫واله كان صلت الجبين‪ ،‬أي واسعه‪ ،‬وقيل‪ :‬الصلت‪ :‬الملس‪ ،‬وقيل‪ :‬البارز‪،‬‬
‫وفي حديث آخر‪ .‬كان سهل الخدين صلتهما‪ ،‬وقال في صفته صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬أنه كان مشبوح الذارعين‪ ،‬أي طويلهما‪ ،‬وقيل‪ :‬عريضهما‪ ،‬وفي‬
‫رواية‪ :‬كان شبح الذراعين‪ ،‬والشبح‪ :‬مدك الشئ بين أوتاد كالجلد والحبل‪،‬‬
‫وقال الجوهري‪ :‬رجل مشبوح الذراعين‪ :‬عريضهما‪ ،‬وكذلك شبح الذراعين‬
‫بالتسكين‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬في صفته صلى ال عليه واله جليل المشاش‪،‬‬
‫أي عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكعبين والركبتين‪ ،‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫هي رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها‪ ،‬قوله‪ :‬مخطوط المتيتين‪ ،‬لم‬
‫أجد له معنى‪ ،‬ولعله إما تصحيف الليتين من ليت العنق‪ :‬صفحته‪ ،‬أو‬
‫المتنين من متني الظهر‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬في صفته صلى ال عليه واله كان‬
‫أهدب الشفار‪ ،‬وفي رواية‪ :‬هدب الشفار‪ ،‬أي طويل شعر الجفان‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫فيه إنه كان وافر السبلة‪ ،‬السبلة بالتحريك‪ :‬الشارب‪ ،‬والجمع السبال‪ ،‬قاله‬
‫الجوهري‪ :‬وقال الهروي‪ :‬هي الشعرات التي تحت اللحى السفل‪ ،‬والسبلة‬
‫عند العرب‪ :‬مقدم اللحية وما أسبل منها على الصدر‪ ،‬وقال في صفته صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬كان أخضر الشمط‪ ،‬أي كانت الشعرات التي شابت منه قد‬
‫اخضرت بالطيب والدهن المروح انتهى‪ ،‬أقول‪ :‬الظهر أن الخضرة كانت‬
‫للخضاب‪ ،‬وإنما حمل على ذلك لنكار أكثرهم اختضابه صلى ال عليه‬
‫وآله‪ ،‬وقال في قوله‪ :‬مفاض البطن‪ :‬أي مستوي البطن مع الصدر‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫المفاض ما يكون فيه امتلء من فيض الناء‪ ،‬ويريد به أسفل بطنه‪ ،‬وقال‬
‫في صفته صلى ال عليه واله‪ :‬منهوس الكعبين‪ ،‬أي لحمهما قليل‪،‬‬
‫والنهس‪ :‬أخذ اللحم بأطراف السنان‪ ،‬والنهش‪ :‬الخذ بجميعها‪ ،‬و يروى‬
‫منهوس القدمين‪ ،‬وبالشين أيضا‪ ،‬وقال في صفة موسى عليه السلم‪ :‬أنه‬
‫ضرب من الرجال‪ ،‬هو الخفيف اللحم‪ ،‬الممشوق المستدق‪ ،‬وقال‬
‫الجوهري‪ :‬الضرب‪ :‬الرجل الخفيف اللحم‪ ،‬وقال الجزري في صفته صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬كان في خاصرتيه انفتاق‪ ،‬أي اتساع‪ ،‬وهو محمود في‬

‫)‪ (1‬في النهاية‪ :‬انحى به‪.‬‬

‫] ‪[ 184‬‬

‫الرجال‪ ،‬مذموم في النساء‪ ،‬وقال‪ :‬في صفته صلى ال عليه واله كان فعم الوصال‪،‬‬
‫أي ممتلئ العضاء‪ ،‬يقال‪ :‬فعمت الناء وأفعمته‪ :‬إذا بالغت في ملئه‪ ،‬وقال‬
‫في الباين‪ :‬أي المفرط طول الذي بعد عن قد الرجال الطوال‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫المطهم‪ :‬المنتفخ الوجه‪ ،‬وقيل‪ :‬الفاحش السمن‪ ،‬و قيل‪ :‬النحيف الجسم‪،‬‬
‫وهو من الضداد‪ ،‬وقال‪ :‬المكلثم من الوجوه‪ :‬القصير الحنك‪ ،‬الداني‬
‫الجبهة‪ ،‬المستدير مع خفة اللحم‪ ،‬أراد أنه كان أسيل الوجه ولم يكن‬
‫مستديرا‪ ،‬وقال‪ :‬المهق‪ :‬الكريه البياض كلون الجص‪ :‬يريد أنه كان نير‬
‫البياض‪ ،‬وقال‪ :‬الكتد بفتح التاء وكسرها‪ :‬مجتمع الكتفين‪ ،‬وهو الكاهل‪،‬‬
‫وقال‪ :‬الجرد‪ :‬الذي ليس على بدنه شعر‪ ،‬ولم يكن كذلك‪ ،‬وإنما أراد به أن‬
‫الشعر كان في أماكن من بدنه‪ ،‬كالمسربة‪ ،‬والساعدين والساقين‪ ،‬فإن ضد‬
‫الجرد الشعر‪ ،‬وهو الذي على جميع بدنه شعر‪ ،‬وقال في فودي رأسه‪ :‬أي‬
‫ناحيته‪ ،‬كل واحد منهما فود‪ ،‬وقيل‪ :‬الفود‪ :‬معظم شعر الرأس‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫الهوينا تصغير الهونى‪ ،‬تأنيث الهون‪ ،‬والغرض اللين‪ ،‬والتثبت‪ ،‬قوله‪:‬‬
‫كان يقبل جميعا‪ ،‬قد عرفت ما قيل فيه‪ ،‬وقد سمعت بعض مشائخي يقول‪:‬‬
‫إنه كناية عن ضخامة جسمه‪ ،‬ورصافة بدنه صلى ال عليه واله‪ ،‬أي كان‬
‫ل يمكنه تحريك الرأس إل بتحريك البدن‪ ،‬وهو من علمات الشجاعة كما‬
‫هو المشاهد في المعروفين بها‪ ،‬والحموشة‪ :‬الدقة‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬فيه أنه‬
‫كان في عنفقته شعرات بيض‪ ،‬العنفقة‪ :‬الشعر الذي في الشفة السفلى‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الشعر الذي بينها وبين الذقن انتهى‪ ،‬والضفائر‪ :‬الذوائب المنسوجة‪،‬‬
‫وقال الجزري‪ :‬فيه ما رأيت ذا لمة أحسن من رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬اللمة‪ :‬من شعر الرأس دون الجمة‪ ،‬وسميت بذلك لنها ألمت‬
‫بالمنكبين‪ ،‬فإذا زادت فهي الجمة‪ :‬فقال‪ :‬الجمة من شعر الرأس‪ :‬ما سقط‬
‫على المنكبين )‪ - 21 .(1‬شى‪ :‬في رواية صفوان الجمال‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم وعن سعد السكاف عن أبي جعفر عليه السلم‪ :‬جاء أعرابي‬
‫أحد بني عامر فسأل عن النبي صلى ال عليه واله فلم يجده‪ ،‬قالوا‪ :‬هو‬
‫يفرج )‪ ،(2‬فطلبه فلم يجده‪ ،‬قالوا‪ :‬هو بمنى‪ ،‬قال‪ :‬فطلبه فلم يجده‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫هو‬

‫)‪ (1‬تقدم شرح سائر اللغات الغريبة في الحاديث السابقة‪ (2) .‬هكذا في نسخة‬
‫المصنف‪ ،‬وفي المطبوع‪ :‬بقزح وهو الصحيح‪ ،‬قال ياقوت‪ :‬قزح بضم =‬

‫] ‪[ 185‬‬

‫بعرفه‪ ،‬فطلبه فلم يجده‪ ،‬قالوا‪ :‬هو بالمشاعر‪ ،‬قالوا‪ (1) :‬فوجده في الموقف‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حلوا لي النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال الناس‪ :‬يا أعرابي ما أنكرك‪ ،‬إذا‬
‫وجدت النبي صلى ال عليه واله وسط القوم وجدته مفخما‪ ،‬قال‪ :‬بل حلوه‬
‫لي حتى ل أسأل عنه أحدا‪ ،‬قالوا‪ :‬فإن نبي ال أطول من الربعة‪ ،‬وأقصر‬
‫من الطويل الفاحش‪ ،‬كأن لونه فضة وذهب‪ ،‬أرجل الناس جمة‪ ،‬وأوسع‬
‫الناس جبهة‪ ،‬بين عينيه غرة‪ ،‬أقنى النف‪ ،‬واسع الجبين‪ ،‬كث اللحية‪،‬‬
‫مفلج السنان‪ ،‬على شفته السفلى خال‪ ،‬كأن رقبته إبريق فضة‪ ،‬بعيد ما‬
‫بين مشاشة المكنبين‪ ،‬كأن بطنه وصدره سبل )‪ (2‬سبط البنان‪ ،‬عظيم‬
‫البراثن‪ ،‬إذا مشى مشى متكفئا وإذا التفت التفت بأجمعه‪ ،‬كأن يده من لينها‬
‫متن أرنب‪ ،‬إذا قام مع إنسان لم ينفتل حتى ينفتل صاحبه‪ ،‬وإذا جلس لم‬
‫يحل حبوته )‪ (3‬حتى يقوم جليسه‪ ،‬فجاء العرابي فلما نظر إلى النبي‬
‫صلى ال عليه واله عرفه‪ ،‬قال بمحجنه )‪ (4‬على رأس ناقة رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله عند ذنب ناقته فأقبل الناس تقول‪ :‬ما أجرأك يا أعرابي‬
‫؟ قال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬دعوه فإنه أرب )‪ ،(5‬ثم قال‪ :‬ما حاجتك ؟‬
‫قال‪ :‬جاءتنا رسلك تقيموا الصلة‪ ،‬وتؤتوا الزكاة‪ ،‬وتحجوا البيت‪،‬‬
‫وتغتسلوا من الجنابة‪ ،‬وبعثني قومي إليك رائدا‪ ،‬أبغي )‪ (6‬أن أستحلفك‬
‫وأخشى أن تغضب‪ ،‬قال‪ :‬ل أغضب‪ ،‬إني أنا الذي سماني ال في التوراة‬
‫والنجيل محمد رسول ال‪ ،‬المجتبى المصطفى‪ ،‬ليس‬

‫= أوله وفتح ثانيه‪ ،‬وحاء مهملة‪ :‬القرن الذي يقف المام عنده بالمزدلفة عن يمين‬
‫المام‪ ،‬وهو الميقدة وهو الموضع الذي كانت توقد فيه النيران في‬
‫الجاهلية‪ ،‬وهو موقف قريش في الجاهلية‪ ،‬إذ كانت ل تقف بعرفة انتهى‪،‬‬
‫وفي المجمع‪ :‬قزح كصرد‪ :‬اسم جبل بالمزدلفة‪ ،‬قال الشيخ )أي‬
‫الطوسى(‪ :‬هو جبل هناك يستحب الصعود عليه‪ (1) .‬قال خ ل‪ (2) .‬سواء‬
‫خ ل‪ (3) .‬الحبوة بالفتح والضم‪ :‬ما يحتبى به أي يشتمل به من ثوب أو‬
‫عمامة‪ (4) .‬لعل المعنى‪ :‬مال أو أشار بمحجنه‪ .‬والمحجن‪ .‬العصا‬
‫المنعطفة الرأس‪ ،‬أو كل معطوف الرأس على الطلق‪ (5) .‬أديب خ ل‪) .‬‬
‫‪ (6‬أي أطلب‪.‬‬

‫] ‪[ 186‬‬

‫بفحاش ول سخاب في السواق‪ ،‬ول يتبع السيئة السيئة‪ ،‬ولكن يتبع السيئة‬
‫الحسنة‪ ،‬فسلني عما شئت‪ ،‬وأنا الذي سماني ال في القرآن‪ " :‬ولو كنت‬
‫فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك " فسل عما شئت‪ ،‬قال‪ :‬إن ال الذي‬
‫رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك ؟ قال‪ :‬نعم هو أرسلني‪ ،‬قال‪ :‬بال‬
‫الذي قامت السماوات بأمره هو الذي أنزل عليك الكتاب‪ ،‬وأرسلك بالصلة‬
‫المفروضة‪ ،‬والزكاة المعقولة ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬وهو أمرك بالغتسال من‬
‫الجنابة وبالحدود كلها ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإنا آمنا بال ورسله وكتابه واليوم‬
‫الخر والبعث والميزان والموقف والحلل والحرام صغيره وكبيره‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فاستغفر له النبي صلى ال عليه واله ودعا )‪ .(1‬توضيح‪ :‬قال الجزري‪:‬‬
‫في صفته صلى ال عليه واله أطول من المربوع‪ ،‬هو بين الطويل‬
‫والقصير‪ ،‬يقال‪ :‬رجل ربعة ومربوع‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬البرثن كقنفذ‪:‬‬
‫الكف مع الصابع‪ ،‬ومخلب السد‪ ،‬أو هو للسبع كالصبع للنسان‪ .‬وقال‬
‫الكازروني‪ :‬في رواية‪ ،‬عن علي عليه السلم يصفه صلى ال عليه واله‬
‫لعرابي‪ :‬إذا نظرت إلى رسول ال صلى ال عليه واله عرفته ليس‬
‫بالطويل المتثنى‪ ،‬ول القصير الفاحش‪ ،‬أبيض مشرب حمرة‪ ،‬ربعة‪ ،‬أحسن‬
‫الناس‪ ،‬شعره إلى شحمة اذنه‪ ،‬عريض الجبهة‪ ،‬ضخم العينين‪ ،‬أقرن‬
‫الحاجبين مفلج الثنايا‪ ،‬أسيل الخد‪ ،‬كث اللحية‪ ،‬على شفته السفلى خال‪،‬‬
‫كأن عنقه إبريق فضة‪ ،‬بعيد ما بين المنكبين‪ ،‬صخم البراثن‪ .‬كذا جاء في‬
‫الرواية‪ ،‬وقال بعض علمائنا‪ :‬وأظن الصواب‪ :‬ضخم الكراديس ليس على‬
‫ظهره ول بطنه إل شعر كقضيب الفضة يجري‪ ،‬شثن الكفين‪ ،‬كأن كفه من‬
‫لينها متن أرنب‪ ،‬إذا مشى مشى متقلعا‪ ،‬كأنه يهبط من صبب‪ ،‬وإذا التفت‬
‫التفت بأجمعه‪ ،‬وإذا صوفح لم ينزع يده حتى ينزع الخر‪ ،‬وإذا احتبى إليه‬
‫رجل لم يحل حبوته حتى يكون الرجل هو الذي يحل حبوته‪ ،‬وإذا ضحك‬
‫تبسم‪ ،‬يجزي بالحسنة الحسنة‪ ،‬وبالسيئة الحسنة‪ ،‬ليس بسخاب في‬
‫السواق‪ .‬ثم قال‪ :‬المتثنى‪ :‬الذاهب طول‪ ،‬يستعمل في طول ل عرض له‪ ،‬ل‬
‫يستمسك طوله من غير عرض كأنه ينحني‪ ،‬قوله‪ :‬إذا احتبى إليه رجل‪،‬‬
‫من عادة العرب إذا جلس‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي‪ :‬مخطوط‪.‬‬

‫] ‪[ 187‬‬

‫أحدهم متمكنا أن يحتبي بثوبه‪ ،‬فإذا أراد أن يقوم حل حبوته‪ ،‬يعني إذا جلس إليه‬
‫رجل لم يقم من عنده حتى يكون الرجل هو الذي يبدء بالقيام انتهى )‪.(1‬‬
‫وقال الجزري‪ :‬فيه أن رجل اعترض النبي صلى ال عليه واله يسأله‪،‬‬
‫فصاح به الناس فقال‪ :‬دعوا الرجل أرب ماله‪ ،‬في هذه اللفظة ثلث‬
‫روايات‪ :‬أحدها أرب بوزن علم‪ ،‬ومعناها الدعاء عليه‪ ،‬أي اصيبت آرابه )‬
‫‪ (2‬وسقطت‪ ،‬وهي كلمة ل يراد بها وقوع المر‪ ،‬كما يقال‪ :‬تربت يداك‬
‫وقاتلك ال‪ ،‬وإنما ذكر في معنى التعجب‪ ،‬وفي هذا الدعاء من رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله قولن‪ :‬أحدهما تعجبه من حرص المسائل ومزاحمته‪،‬‬
‫والثاني لما رآه بهذه الحال من الحرص غلبه طبع البشرية فدعا عليه )‪،(3‬‬
‫وقيل‪ :‬معناه احتاج فسأل‪ ،‬من أرب الرجل‪ :‬إذا احتاج‪ ،‬ثم قال‪ :‬ماله‪ ،‬أي أي‬
‫شئ به وما يريد‪ ،‬والرواية الثانية‪ :‬أرب ماله بوزن جمل )‪ ،(4‬أي حاجة‬
‫له‪ ،‬وما زائدة للتقليل‪ ،‬أي له حاجة يسيرة‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه حاجة جاءت به‪،‬‬
‫فحذف‪ ،‬ثم سأل فقال‪ :‬ماله‪ ،‬والرواية الثالثة‪ :‬أرب بوزن كتف‪ ،‬والرب‪:‬‬
‫الحاذق الكامل‪ ،‬أي هو أرب‪ ،‬فحذف المبتدآء‪ ،‬ثم سأل فقال‪ :‬ماله ؟ أي ما‬
‫شأنه‪ ،‬ومثله الحديث الخر‪ :‬أنه جاءه رجل فقال‪ :‬دلني على عمل يدخلني‬
‫الجنة‪ ،‬فقال‪ :‬أرب ما له ؟ أي أنه ذو خبرة وعلم انتهى‪ .‬اقول‪ :‬كان في‬
‫المنقول منه دعوه فإنه أديب بالدال المهملة والياء المثناة‪ ،‬ثم الموحدة‪،‬‬
‫وكان يحتمل الراء أيضا‪ ،‬وقد عرفت مما نقلنا تصحيحه وتوجيهه‪- 22 .‬‬
‫كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن حسن بن شمون‪ ،‬عن علي بن محمد‬
‫النوفلي‪ ،‬عن أبي الحسن عليه السلم قال ذكرت الصوت عنده‪ ،‬فقال‪ :‬إن‬
‫علي بن الحسين عليه السلم كان يقرء )‪ (5‬فربما يمر )‪ (6‬به المار فصعق‬
‫من حسن صوته‪ ،‬وإن المام لو أظهر من ذلك‬

‫)‪ (1‬المنتقى في مولود المصطفى‪ :‬الفصل الرابع في جامع أوصافه صلى ال عليه‬
‫وآله‪ (2) .‬آراب جمع الرب‪ :‬العضو‪ (3) .‬وذلك يصح عند من يرى جواز‬
‫غلبة طبع البشرية عليه كالجزري وأمثاله وأما المامية فهم ل يجوزون‬
‫ذلك‪ (4) .‬في النهاية‪ :‬بوزن حمل‪ (5) .‬يقرء القرآن خ ل‪ (6) .‬مر خ ل‬
‫وهو الموجود في المصدر‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 188‬‬

‫شيئا لما احتمله الناس من حسنه‪ ،‬قلت‪ :‬ولم يكن رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن ؟ فقال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله كان يحمل الناس من خلفه )‪ (1‬ما يطيقون )‪ - 23 .(2‬كا‪ :‬عدة من‬
‫أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن سيف‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪،‬‬
‫عن جابر قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه السلم‪ :‬صف لي نبي ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬قال‪ :‬كان نبي ال أبيض مشرب حمرة‪ ،‬أدعج العينين‪ ،‬مقرون‬
‫الحاجبين‪ ،‬شثن الطراف‪ ،‬كأن الذهب أفرغ على براثنه‪ ،‬عظيم مشاشة‬
‫المنكبين‪ ،‬إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله‪ ،‬سربته )‪ (3‬سائلة من‬
‫لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة‪ ،‬وكأن عنقه إلى كاهله إبريق‬
‫فضة‪ ،‬يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء‪ ،‬وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في‬
‫صبب‪ ،‬لم ير مثل نبي ال صلى ال عليه وآله قبله ول بعده صلى ال عليه‬
‫واله )‪ .(4‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ :‬كأن الذهب افرغ على براثنه‪ ،‬لعل‬
‫المراد وصف صلبة كفه صلى ال عليه واله وشدة قبضه مع عدم يبس‬
‫ينافي سهولة القبض‪ ،‬فإن الذهب لها جهة صلبة ولين‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫التشبيه في الحمرة أو في النور‪ ،‬وفي إعلم الورى‪ :‬على تراقيه‪ ،‬وقد مر‬
‫مثله‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬من شدة استرساله‪ ،‬السترسال‪ .‬الستيناس‬
‫والطمأنينة إلى النسان‪ ،‬والثقة به فيما يحدثه ذكره الجزرى‪ ،‬وهذا يدل‬
‫على أن التفاته صلى ال عليه واله جميعا إنما كان لعدم نخوته‪ ،‬وشدة‬
‫لطفه‪ ،‬وحسن خلقه‪ ،‬ل كما ظنه الكثر أنه إنما كان يفعل ذلك لمتانته‬
‫ووقاره كما مر‪ ،‬والسربة بالضم‪ :‬الشعر وسط الصدر إلى البطن‪ .‬وقوله‬
‫عليه السلم‪ :‬كأنها وسط الفضة‪ ،‬تشبيه بليغ‪ ،‬حيث شبه هذا الخيط من‬
‫الشعر في وسط البطن بما يتخيل النسان من خط أسود في وسط الفضة‬
‫المصقولة إذا كانت فيها حدبة فل تغفل‪.‬‬

‫)‪ (1‬من خلقه خ ل‪ (2) .‬الصول ‪ (3) .615 :2‬سرته خ ل‪ .‬أقول‪ :‬هو مصحف‪(4) .‬‬
‫الصول ‪.443 :1‬‬

‫] ‪[ 189‬‬

‫‪ - 24‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن أيوب بن هارون‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬أكان رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله يفرق شعره ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬لن رسول ال صلى ال عليه واله )‪ (1‬كان إذا‬
‫طال شعره كان إلى شحمة اذنه )‪ - 25 .(2‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد‬
‫بن عيسى‪ ،‬عن عمرو بن إبراهيم‪ ،‬عن خلف ابن حماد‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫ثابت‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬إنهم يروون أن الفرق من‬
‫السنة‪ ،‬قال‪ :‬من السنة‪ ،‬قلت‪ :‬يزعمون أن النبي صلى ال عليه واله فرق‪،‬‬
‫قال‪ :‬ما فرق النبي صلى ال عليه واله ول كانت النبياء تمسك الشعر )‪.(3‬‬
‫‪ - 26‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫نصر‪ ،‬عن علي بن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬الفرق من السنة ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قلت‪ :‬فهل فرق رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬كيف فرق رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫وليس من السنة ؟ قال‪ :‬من أصابه ما أصاب رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫يفرق كما فرق رسول ال صلى ال عليه واله وإل فل )‪ ،(4‬قلت‪ :‬كيف ؟‬
‫قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله لما صد )‪ (5‬عن البيت وقد كان‬
‫ساق الهدي وأحرم )‪ (6‬أراه ال " الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن‬
‫شاء ال آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين ل تخافون " فعلم رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله أن ال سيفي له بما أراه‪ ،‬فمن ثم وفر ذلك الشعر الذي‬
‫كان على رأسه حين أحرم‪ ،‬انتظارا لحلقه في الحرم حيث وعده ال‬
‫عزوجل‪ ،‬فلما حلقه لم يعد في توفير الشعر‪ ،‬ول كان ذلك من قبله صلى ال‬
‫عليه واله )‪ - 27 .(7‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن سعيد‪ ،‬عن محمد بن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ان رسول ال صلى ال عليه وآله‪ 2) .‬و ‪ (3‬فروع الكافي ‪:2‬‬
‫‪ (4) .215‬في المصدر‪ :‬كما فرق رسول ال صلى ال عليه فقد أصاب‬
‫سنة رسول ال صلى ال عليه و آله وال فل‪ (5) .‬أي منع‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وأحرم وأراه ال الرؤيا التى أخبره ال بها في كتابه‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬
‫" لقد صدق ال رسوله الرؤيا بالحق " ا‍ه‪ (7) .‬فروع الكافي ‪.215 :2‬‬
‫] ‪[ 190‬‬

‫سنان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن إسماعيل بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وآله إذا روئي في الليلة الظلماء روئي له‬
‫نور كأنه شقة قمر )‪ .(1‬اقول‪ :‬قال الكازروني في المنتقى‪ :‬روي عن علي‬
‫عليه السلم كان النبي صلى ال عليه واله ضخم الرأس‪ ،‬عظيم العينين‪،‬‬
‫هدب الشفار‪ ،‬مشرب العينين‪ ،‬حمرة‪ ،‬كث اللحية‪ ،‬أزهر اللون‪ ،‬شثن‬
‫الكفين والقدمين‪ ،‬إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد‪ ،‬وإذا التفت إلتفت‬
‫جميعا‪ .‬وفي رواية عنه عليه السلم أيضا قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله أبيض مشربا بياضه حمرة‪ ،‬أهدب الشفار‪ ،‬أسود الحدقة‪ ،‬ل‬
‫قصير ول طويل‪ ،‬وهو إلى الطول أقرب‪ ،‬ل جعد ول سبط عظيم المناكب‪،‬‬
‫في صدره مسربة‪ ،‬شثن الكف والقدم‪ ،‬كأن عرقه اللؤلؤ‪ ،‬إذا مشى تكفأ‬
‫كأنه يمشي في صعد‪ ،‬لم أر قبله ول بعده مثله صلى ال عليه واله‪ .‬وعنه‬
‫عليه السلم أيضا‪ :‬قال‪ :‬ليس بالذاهب طول‪ ،‬وفوق الربعة‪ ،‬إذا جاء مع‬
‫القوم غمرهم‪ ،‬أبيض ضخم الهامة‪ ،‬أغر أبلج‪ ،‬أهدب الشفار‪ ،‬شثن الكفين‬
‫والقدمين‪ ،‬إذا مشى يتقلع كأنما ينحدر من صبب‪ ،‬كأن العرق في وجهه‬
‫اللؤلؤ‪ ،‬لم أر قبله ول بعده مثله‪ ،‬بأبي هو وامي صلى ال عليه واله‪ .‬وفي‬
‫رواية عنه عليه السلم أيضا‪ :‬لم يكن بالطويل الممغط‪ ،‬ول القصير‬
‫المتردد‪ ،‬كأنه ربعة من القوم‪ ،‬ولم يكن بالجعد القطط‪ ،‬ول بالسبط‪ ،‬كان‬
‫جعدا رجل‪ ،‬ولم يكن بالمطهم ول المكلثم‪ ،‬وكان في الوجه تدوير )‪،(2‬‬
‫أبيض مشرب‪ ،‬أدعج العينين‪ ،‬أهدب الشفار‪ ،‬جليل المشاش والكتد‪ ،‬أجرد‪،‬‬
‫شثن الكفين والقدمين‪ ،‬إذا مشى يتقلع كأنما يمشي في صبب‪ ،‬وإذا التفت‬
‫التفت جميعه‪ ،‬بين كتفيه خاتم النبوة‪ ،‬وهو خاتم النبيين‪ ،‬أجود الناس كفا‪،‬‬
‫وأرحب الناس صدرا‪ ،‬وأصدق الناس لهجة‪ ،‬وأوفى الناس ذمة‪ ،‬وألينهم‬
‫عريكة‪ ،‬وأكرمهم عشرة‪ ،‬من رآه بديهة هابه‪ ،‬ومن خالطه معرفة أحبه‪،‬‬
‫يقول ناعته‪ :‬لم أر قبله ول بعده مثله‪.‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .446 :1‬تدويرا خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 191‬‬

‫ثم قال‪ :‬وقد فسر الصمعي هذا الحديث فقال‪ :‬الممغط‪ :‬الذاهب طول ويروى هذا‬
‫بالغين والعين‪ ،‬والمتردد‪ :‬الداخل بعضه في بعض قصرا‪ ،‬والمطهم‪ :‬البادن‬
‫الكثير اللحم‪ ،‬والمكلثم‪ :‬المدور الوجه كذا ذكره الصمعي‪ ،‬وقال غيره‪:‬‬
‫المكلثم من الوجه‪ :‬القصير الحنك‪ ،‬الداني الجبهة‪ ،‬المستدير الوجه‪ ،‬ول‬
‫يكون إل مع كثرة اللحم‪ ،‬وقال أبو عبيد‪ :‬كان أسيل ولم يكن مستدير‬
‫الوجه‪ ،‬وهذا الختلف يكون إذا لم يكن بعده قوله‪ :‬وكان في الوجه تدوير‪،‬‬
‫والوجه أن يقال‪ :‬لم يكن بالسيل جدا‪ ،‬ول المدور مع إفراط التدوير‪ ،‬كان‬
‫بين المدور والسيل‪ ،‬كأحسن ما يكون‪ ،‬إذ كل شئ من خلقه كان معتدل‪،‬‬
‫والفراط غير مستحب في شئ‪ .‬وعن جابر بن سمرة قال‪ :‬كان رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله ضليع الفم‪ ،‬أشكل العينين‪ ،‬منهوش العقب‪ .‬قال‬
‫الراوي‪ :‬قلت لسماك راويه عن جابر‪ :‬ما معنى ضليع الفم ؟ قال‪ :‬عظيم‬
‫الفم‪ ،‬قلت‪ :‬ما أشكل العينين ؟ قال‪ :‬طويل شق العين‪ ،‬قلت‪ :‬ما منهوش‬
‫العقب ؟ قال‪ :‬قليل لحم العقب‪ ،‬والمنهوس بالسين المهملة‪ :‬قليل اللحم‬
‫أيضا‪ ،‬ويروى بالحرفين‪ .‬وعن ابن عباس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله أفلج الثنيتين‪ ،‬إذا تكلم رأي كالنور يخرج من بين ثناياه‪ .‬وعن‬
‫أنس قال‪ :‬ما عددت في رأس رسول ال صلى ال عليه واله ولحيته إل‬
‫أربع عشرة شعرة بيضاء‪ .‬وقيل لجابر بن سمرة‪ :‬كان في رأس رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله شيب ؟ قال‪ :‬لم يكن في رأس رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله شيب إل شعرات في مفرق رأسه‪ ،‬إذا دهن واراهن الدهن‪ .‬وقال عبد‬
‫ال بن بشر‪ :‬كان في عنفقته شعرات بيض‪ .‬وعن ابن عمر قال‪ :‬كان شيب‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله نحوا من عشرين شعرة‪ .‬وفي الترمذي عن‬
‫أبي رمثه قال‪ :‬أتيت النبي صلى ال عليه واله فرأيت الشيب أحمر‪ .‬وعن‬
‫أنس قال‪ :‬ما شممت رائحة قط مسكة ول عنبرة أطيب من رائحة النبي‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬ول مسست شيئا قط خزة ول حريرة ألين من كف‬
‫رسول ال عليه السلم‪ ،‬وقال أنس‪ :‬كنا‬

‫] ‪[ 192‬‬

‫نعرف رسول ال صلى ال عليه واله إذا أقبل بطيب ريحه‪ .‬وعن أبي هريرة‪ :‬إن‬
‫رجل أتى النبي صلى ال عليه واله فقال‪ :‬يا رسول ال إني زوجت ابنتي‬
‫وإني أحب أن تعينني بشئ‪ ،‬فقال‪ :‬ما عندنا شئ‪ ،‬ولكن إذا كان غدا فتعال‬
‫وجئني بقارورة واسعة الرأس‪ ،‬وعود شجر‪ ،‬وآية )‪ (1‬بيني وبينك أني‬
‫اجيف الباب‪ ،‬فأتاه بقارورة واسعة الرأس وعود شجر‪ ،‬فجعل رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله يسلت العرق من ذراعيه حتى امتلت القارورة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫خذها وأمر ابنتك إذا أرادت أن تطيب أن تغمس العود في القارورة وتطيب‬
‫بها‪ ،‬وكانت إذا تطيبت شم أهل المدينة ذلك الطيب‪ ،‬فسموا بيت المتطيبين‪.‬‬
‫وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر قال‪ :‬لم يكن النبي صلى ال‬
‫عليه واله يمر في طريق فتبعه أحد إل عرف أنه سلكه من طيبه‪ .‬وذكر‬
‫إسحاق بن راهويه أن ذلك رائحته بل طيب‪ .‬وروي أنه صلى ال عليه واله‬
‫كان إذا أراد أن يتغوط انشقت الرض فابتلعت غائطه وبوله‪ ،‬وفاحت لذلك‬
‫رائحة طيبة )‪ - 28 .(2‬ل‪ ،‬لى‪ :‬محمد بن أحمد السدي‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫زيدان‪ ،‬وعلي بن العباس البجليين‪ ،‬عن أبي كريب‪ ،‬عن معاوية بن هشام‪،‬‬
‫عن شيبان )‪ ،(3‬عن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رجل‪ :‬يا رسول ال‬
‫أسرع إليك الشيب‪ ،‬قال‪ :‬شيبتني هود والواقعة و المرسلت وعم يتسائلون‬
‫)‪ - 29 .(4‬ما‪ :‬ابن مخلد‪ ،‬عن ابن السماك عن يحيى بن أبي طالب‪ ،‬عن‬
‫حماد بن سهيل )‪ ،(5‬عن أبي نعيم‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن ربيعة قال‪ :‬سمعت‬
‫أنسا يقول‪ :‬كان في رأس رسول ال صلى ال عليه واله ولحيته عشرون‬
‫طاقة بيضاء )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬إيه‪ ،‬أي انطق بكلمة‪ (2) .‬المنتقى في مولود المصطفى‪ :‬الفصل‬
‫الرابع في جامع أوصافه صلى ال عليه وآله‪ (3) .‬في الخصال‪ :‬شيبان‪،‬‬
‫عن أبي إسحاق‪ ،‬عن عكرمة‪ (4) .‬المالي‪ ،141 :‬الخصال ‪ ،93 :1‬وفي‬
‫الخصال‪ :‬أبو بكر بدل رجل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬حماد بن سهل الثوري‪،‬‬
‫وأسقط يحيى بن أبي طالب‪ (6) .‬أمالي ابن الشيخ‪ .246 :‬وفيه‪ :‬ما كان‪.‬‬

‫] ‪[ 193‬‬

‫‪ - 30‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن هاشم‪ ،‬عن ابن المغيرة‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬استأذنت زليخا على يوسف ‪ -‬وساق الحديث إلى أن‬
‫قال ‪ :-‬قال لها‪ :‬يا زليخا ما الذي دعاك إلى ما كان )‪ (1‬؟ قالت‪ :‬حسن‬
‫وجهك يا يوسف‪ ،‬فقال‪ :‬كيف لو رأيت نبيا يقال له‪ :‬محمد‪ ،‬يكون في آخر‬
‫الزمان أحسن مني وجها‪ ،‬وأحسن مني خلقا‪ ،‬وأسمح مني كفا‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫صدقت‪ ،‬قال‪ :‬وكيف علمت أني صدقت‪ ،‬قالت‪ :‬لنك حين ذكرته وقع حبه‬
‫في قلبي‪ ،‬فأوحى ال عزوجل إلى يوسف‪ :‬أنها قد صدقت‪ ،‬وقد أحببتها )‪(2‬‬
‫لحبها محمدا‪ ،‬فأمره ال تبارك وتعالى أن تزوجها )‪ - 31 .(3‬ص‪:‬‬
‫بإسناده‪ ،‬إلى الصدوق عن عبد ال بن حامد‪ ،‬عن محمد بن حمدويه‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عبد الكريم‪ ،‬عن وهب بن جرير‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن إسحاق‪،‬‬
‫عن عبد ال بن عبد الرحمن بن أبي الحسين‪ ،‬عن شهر بن حوشب قال‪:‬‬
‫لما قدم رسول ال صلى ال عليه واله المدينة أتاه رهط من اليهود‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬إنا سائلوك عن أربع خصال ‪ -‬وساق الحديث إلى أن قال ‪ :-‬قالوا‪:‬‬
‫أخبرنا عن نومك كيف هو ؟ قال‪ :‬أنشدكم بال هل تعلمون من صفة هذا‬
‫الرجل الذي تزعمون أني لست به تنام عينه وقلبه يقظان ؟ قالوا‪ :‬اللهم‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬وكذا نومي‪ .‬الخبر )‪ - 32 (4‬كا‪ :‬حميد بن زياد‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫محمد الكندي‪ ،‬عن أحمد بن الحسن الميثمي‪ ،‬عن أبان بن عثمان‪ ،‬عن‬
‫نعمان الرازي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬انهزم الناس يوم احد‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فغضب غضبا شديدا‪ ،‬قال‪ :‬وكان إذا‬
‫غضب انحدر عن جبينه )‪ (5‬مثل‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬إلى ما كان منك‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وإنى قد أحببتها‪ (3) .‬علل‬
‫الشرائع‪ 30 :‬وفيه‪ :‬أن يتزوجها‪ (4) .‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ ،‬واخرجه‬
‫المصنف بتمامه في كتاب الحتجاجات‪ ،‬راجع ج ‪ (5) .307 :9‬في‬
‫المصدر‪ :‬عن جبينيه‪.‬‬

‫] ‪[ 194‬‬

‫اللؤلؤ من العرق )‪ - 33 .(1‬كتاب الغارات‪ :‬لبراهيم بن محمد الثقفي بإسناده عن‬


‫إبراهيم بن محمد من ولد علي عليه السلم قال‪ :‬كان علي عليه السلم إذا‬
‫نعت النبي صلى ال عليه واله قال‪ :‬لم يك بالطويل الممغط‪ ،‬ول القصير‬
‫المتردد‪ ،‬وكان ربعة من القوم‪ ،‬ولم يك بالجعد القطط ول السبط‪ ،‬كان جعدا‬
‫رجل‪ ،‬ولم يك بالمطهم ول المكلثم‪ ،‬وكان في الوجه تدويرا‪ ،‬أبيض مشرب‪،‬‬
‫أدعج العين‪ ،‬أهدب الشفار‪ ،‬جليل المشاش والكتد‪ ،‬أجرد ذا مسربة‪ ،‬شثن‬
‫الكفين والقدمين‪ ،‬إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب‪ ،‬وإذا التفت التفت‬
‫معا‪ ،‬بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين‪ ،‬أجود الناس كفا‪ ،‬وأجرء‬
‫الناس صدرا‪ ،‬وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس ذمة‪ ،‬وألينهم عريكة )‬
‫‪ ،(2‬وأكرمهم عشيرة )‪ ،(3‬بأبي من لم يشبع ثلثا متوالية من خبز بر حتى‬
‫فارق الدنيا‪ ،‬ولم ينخل دقيقة )‪ .(4‬أقول‪ :‬قد مضت الخبار في وصف خاتم‬
‫النبوة في البواب السابقة فل نعيدها‪) * .‬باب ‪) * * (9‬مكارم أخلقه‬
‫وسيره وسننه صلى ال عليه وآله( * * )وما أدبه ال تعالى به( * اليات‪:‬‬
‫آل عمران " ‪ :" 3‬فبما رحمة من ال لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب‬
‫لنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في المر فإذا‬
‫عزمت فتوكل على ال إن ال يحب المتوكلين‪ .159 .‬النعام " ‪ :" 6‬قل ل‬
‫أقول لكم عندي خزائن ال ول أعلم الغيب ول أقول لكم إني ملك إن أتبع إل‬
‫ما يوحى إلي‪50 .‬‬

‫)‪ (1‬روضة الكافي‪ (2) .110 :‬العريكة‪ :‬الطبيعة‪ (3) .‬عشرة خ ل‪ (4) .‬الغارات‪ :‬لم‬
‫يطبع إلى الن‪ ،‬وما ظفرت بنسخته‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 195‬‬

‫العراف " ‪ :" 7‬خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين‪ 199 .‬التوبة " ‪9‬‬
‫"‪ :‬ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن خير لكم يؤمن بال‬
‫ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم‪ 61 .‬النحل " ‪ :" 16‬واصبر‬
‫وما صبرك إل بال ول تحزن عليهم ول تك في ضيق مما يمكرون‪127 .‬‬
‫الكهف " ‪ :" 18‬فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث‬
‫أسفا‪ 6 .‬وقال تعالى‪ :‬فل تمار فيهم إل مراء ظاهرا ول تستفت فيهم منهم‬
‫أحدا * ول تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا * إل أن يشاء ال واذكر ربك إذا‬
‫نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لقرب من هذا رشدا‪ 24 - 22 .‬طه " ‪20‬‬
‫"‪ :‬ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إل تذكرة لمن يخشى‪ 3 - 1 .‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل‬
‫غروبها ومن آنآء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى * ول تمدن‬
‫عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق‬
‫ربك خير وأبقى * وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها ل نسألك رزقا نحن‬
‫نرزقك والعاقبة للتقوى‪ 132 - 130 .‬الشعراء " ‪ :" 26‬وأنذر عشريك‬
‫القربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصوك فقل‬
‫إني برئ مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم‬
‫* وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم‪ 220 - 214 .‬النمل " ‪27‬‬
‫"‪ :‬ول تحزن عليهم ول تكن في ضيق مما يمكرون‪ 70 .‬إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫فتوكل على ال إنك على الحق المبين‪ 79 .‬وقال تعالى‪ :‬إنما امرت أن أعبد‬
‫رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وامرت أن أكون من المسلمين *‬
‫وأن أتلو القرآن‪ 91 .‬و ‪ 92‬العنكبوت " ‪ :" 28‬اتل ما اوحي إليك من‬
‫الكتاب وأقم الصلوة إن الصلوة‬

‫] ‪[ 196‬‬

‫تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر ال أكبر وال يعلم ما تصنعون‪ 45 .‬الروم " ‪30‬‬
‫"‪ :‬فاصبر إن وعد ال حق ول يستخفنك الذين ل يوقنون‪ 60 .‬الحزاب "‬
‫‪ :" 33‬وبشر المؤمنين بأن لهم من ال فضل كبيرا * ول تطع الكافرين‬
‫والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على ال وكفى بال وكيل‪ 47 .‬و ‪ 48‬فاطر "‬
‫‪ :" 35‬فل تذهب نفسك عليهم حسرات إن ال عليم بما يصنعون‪ 8 .‬يس "‬
‫‪ :" 36‬وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إل ذكر وقرآن مبين‪96 .‬‬
‫إلى قوله تعالى‪ :‬فل يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون‪76 .‬‬
‫المؤمن " ‪ :" 40‬فاصبر إن وعد ال حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك‬
‫بالعشي والبكار‪ 55 .‬السجدة " ‪ :" 41‬ول تستوي الحسنة ول السيئة‬
‫إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما‬
‫يلقاها إل الذين صبروا وما يلقاها إل ذو حظ عظيم * وإما ينزغنك من‬
‫الشيطان نزغ فاستعذ بال إنه هو السميع العليم‪ 36 - 34 .‬الزخرف " ‪43‬‬
‫"‪ :‬وقيله يا رب إن هؤلء قوم ل يؤمنون * فاصفح عنهم وقل سلم‬
‫فسوف يعلمون‪ 88 .‬و ‪ 89‬الحقاف " ‪ :" 46‬فاصبر كما صبر اولو العزم‬
‫من الرسل ول تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إل ساعة‬
‫من نهار بلغ فهل يهلك إل القوم الفاسقون‪ 35 .‬محمد " ‪ :" 47‬فاعلم أنه‬
‫ل إله إل ال واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات وال يعلم متقلبكم‬
‫ومثواكم‪ 19 .‬ق " ‪ :" 50‬فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل‬
‫طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود‪ 39 .‬و‬
‫‪ 40‬إلى قوله تعالى‪ :‬نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر‬
‫بالقرآن من يخاف وعيد‪ 45 .‬الطور " ‪ :" 52‬وصبر لحكم ربك فإنك‬
‫بأعيينا وسبح بحمد ربك حين تقوم‬

‫] ‪[ 197‬‬

‫ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم‪ 48 .‬و ‪ 49‬القلم " ‪ :" 68‬ن والقلم وما يسطرون‬
‫* ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لجرا غير ممنون * وإنك لعلى‬
‫خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون‪ 6 - 1 .‬إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫فاصبر لحكم ربك ول تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم‪48 .‬‬
‫المعارج " ‪ :" 70‬فاصبر صبرا جميل‪ 5 .‬الجن " ‪ :" 72‬قل إنما أدعو‬
‫ربي ول اشرك به أحدا * قل إني ل أمك لكم ضرا ول رشدا * قل إني لن‬
‫يجيرني من ال أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إل بلغا من ال ورسالته‬
‫ومن يعص ال ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا * حتى إذا رأوا‬
‫ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة )‪ (1‬فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل‬
‫عددا * قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا * عالم الغيب‬
‫فل يظهر على غيبه أحدا * إل من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين‬
‫يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالت ربهم وأحاط بما لديهم‬
‫وأحصى كل شئ عددا‪ 28 - 21 .‬المزمل‪ :‬يا أيها المزمل * قم الليل إل‬
‫قليل * نصفه أو انقص منه قليل * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيل * إنا‬
‫سنلقي عليك قول ثقيل * إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيل * إن لك‬
‫في النهار سبحا طويل * واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيل * رب المشرق‬
‫والمغرب ل إله إل هو فاتخذه وكيل * واصبر على ما يقولون و اهجرهم‬
‫هجرا جميل * وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليل‪ 11 - 1 .‬إلى‬
‫قوله تعالى‪ :‬إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه و‬
‫طائفة من الذين معك وال يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب‬
‫عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون‬
‫يضربون في الرض يبتغون من فضل ال وآخرون يقاتلون في سبيل ال‬
‫فاقرأوا ما تيسر منه‪20 .‬‬

‫)‪ (1‬هكذا في النسخة‪ ،‬وهو وهم‪ ،‬قوله‪ " :‬اما العذاب واما الساعة " زائدة‬
‫والمصحف الشريف خال عنها‪.‬‬

‫] ‪[ 198‬‬
‫المدثر " ‪ :" 74‬يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز‬
‫فاهجر * ول تمنن تستكثر * ولربك فاصبر‪ 7 - 1 .‬الدهر " ‪ :" 76‬إنا‬
‫نحن نزلنا عليك القرآن تنزيل * فاصبر لحكم ربك ول تطع منهم آثما أو‬
‫كفورا * واذكر اسم ربك بكرة وأصيل * ومن الليل فاسجد له و سبحه ليل‬
‫طويل‪ 26 - 23 .‬تفسير‪ :‬قال الطبرسي رحمه ال‪ " :‬فبما رحمة " ما‬
‫زائدة " من ال لنت لهم " أي أن لينك لهم مما يوجب دخولهم في الدين "‬
‫ولو كنت فظا " أي جافيا سئ الخلق " غليظ القلب " أي قاسي الفؤاد‪،‬‬
‫غير ذي رحمة " لنفضوا من حولك " لتفرق أصحابك عنك‪ " ،‬فاعف‬
‫عنهم " ما بينك وبينهم " واستغفر لهم " ما بينهم وبيني )‪" (1‬‬
‫وشاورهم في المر " أي استخراج آرائهم‪ ،‬واعلم ما عندهم‪ ،‬واختلف في‬
‫فائدة مشاورته إياهم مع استغنائه بالوحي على أقوال‪ :‬أحدها‪ :‬أن ذلك على‬
‫وجه التطييب لنفوسهم‪ ،‬والتألف لهم‪ ،‬والرفع من أقدارهم‪ .‬وثانيها‪ :‬أن ذلك‬
‫ليقتدي به امته في المشاورة‪ ،‬ول يرونها نقيصة‪ ،‬كما مدحوا بأن أمرهم‬
‫شورى بينهم )‪ .(2‬وثالثها‪ :‬أن ذلك لمرين‪ :‬لجلل أصحابه‪ ،‬وليقتدي امته‬
‫به في ذلك‪ .‬ورابعها‪ :‬أن ذلك ليمتحنهم بالمشاورة‪ ،‬ليتميز الناصح من‬
‫الغاش‪ .‬وخامسها‪ :‬أن ذلك في امور الدنيا‪ ،‬ومكائد الحرب‪ ،‬ولقاء العدو‪،‬‬
‫وفي مثل ذلك يجوز أن يستعين بآرائهم " فإذا عزمت " أي فإذا عقدت‬
‫قلبك على الفعل وإمضائه‪ ،‬ورووا عن جعفر بن محمد‪ ،‬وعن جابر بن يزيد‬
‫" فإذا عزمت " بالضم‪ ،‬فالمعنى إذا عزمت لك و وفقتك وأرشدتك "‬
‫فتوكل على ال " أي فاعتمد على ال‪ ،‬وثق به‪ ،‬وفوض أمرك إليه‪ ،‬وفي‬
‫هذه الية دللة على تخصيص )‪ (3‬نبينا صلى ال عليه واله بمكارم‬
‫الخلق‪ ،‬ومحاسن الفعال‪،‬‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر‪ :‬وقيل‪ :‬معناه فاعف عنهم فرارهم من احد واستغفر لهم من‬
‫ذلك الذنب‪ (2) .‬الشورى‪ (3) .38 :‬في المصدر‪ :‬اختصاص نبينا صلى‬
‫ال عليه وآله‪.‬‬

‫] ‪[ 199‬‬

‫ومن عجيب أمره أنه كان أجمع الناس لدواعي الترفع‪ ،‬ثم كان أدناهم إلى التواضع‪،‬‬
‫و ذلك أنه صلى ال عليه واله كان أوسط الناس نسبا‪ ،‬وأوفرهم حسبا‪،‬‬
‫وأسخاهم وأشجعهم وأزكاهم و أفصحهم‪ ،‬وهذه كلها من دواعي الترفع‪ ،‬ثم‬
‫كان من تواضعه أنه كان يرقع الثوب‪ ،‬ويخصف النعل‪ ،‬ويركب الحمار‪،‬‬
‫ويعلف الناضح )‪ ،(1‬ويجيب دعوة المملوك‪ ،‬ويجلس في الرض‪ ،‬ويأكل‬
‫في الرض )‪ ،(2‬وكان يدعو إلى ال من غير زبر ول كهر )‪ (3‬ول زجر‪،‬‬
‫ولقد أحسن من مدحه في قوله‪ .‬فما حملت من ناقة فوق ظهرها * أبر‬
‫وأوفى ذمة من محمد )‪ (4‬وفي قوله تعالى‪ " :‬قل ل أقول لكم عندي خزائن‬
‫ال " أي خزائن رحمته‪ ،‬أو مقدوراته‪ ،‬أو أرزاق الخلئق " ول أعلم‬
‫الغيب " الذي يختص ال تعالى بعلمه‪ ،‬وإنما أعلم ما علمني " ول أقول‬
‫لكم إني ملك " أي ل أقدر على ما يقدر عليه الملك‪ ،‬فاشاهد من أمر ال‬
‫وغيبه ما تشاهده الملئكة " إن أتبع إل ما يوحى إلي " يريد ما أخبركم إل‬
‫بما أنزل ال إلي )‪ .(5‬أقول‪ :‬الحاصل أني ل أقدر أن آتيكم بمعجزة وآية إل‬
‫بما أقدرني ال عليه‪ ،‬و أذن لي فيه‪ ،‬ول أعلم شيئا إل بتعليمه تعالى‪ ،‬ول‬
‫أعلم شيئا من قبل نفسي إل بإلهام أو وحي منه تعالى‪ ،‬ول أقول‪ :‬إني مبرأ‬
‫من الصفات البشرية من الكل والشرب وغير ذلك‪ .‬وقال الطبرسي رحمه‬
‫ال في قوله تعالى‪ " :‬خذ العفو " أي ما عفا من أموال الناس‪ ،‬أي ما‬
‫فضل من النفقة‪ ،‬فكان رسول ال صلى ال عليه واله يأخذ الفضل من‬
‫أموالهم ليس فيها شئ موقت‪ ،‬ثم نزلت آية الزكاة فصار منسوخا بها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬معناه خذ العفو من أخلق الناس‪،‬‬

‫)‪ (1‬الناضح‪ :‬البعير يستقى عليه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ويأكل على الرض‪ (3) .‬زبره‬
‫عن المر‪ :‬منعه ونهاه عنه‪ ،‬زبر السائل‪ :‬انتهره‪ .‬وفي المصدر‪ :‬من غير‬
‫زئر‪ ،‬وهو من زأر السد‪ :‬صات من صدره‪ .‬والكهر‪ :‬استقبالك إنسانا‬
‫بوجه عابس تهاونا به‪ (4) .‬مجمع البيان ‪ 526 :2‬و ‪ .527‬وفي المنقول‬
‫اختصار وكذا في ما يأتي‪ (5) .‬مجمع البيان ‪.304 :4‬‬

‫] ‪[ 200‬‬

‫واقبل الميسور منها‪ ،‬وقيل‪ :‬هو العفو في قبول العذر من المعتذر‪ ،‬وترك المؤاخذة‬
‫بالساءة " وأمر بالعرف " يعني بالمعروف‪ ،‬وهو كل ما حسن في العقل‬
‫فعله أو الشرع " وأعرض عن الجاهلين " أي أعرض عنهم عند قيام‬
‫الحجة عليهم‪ ،‬والياس من قبولهم‪ ،‬ول تقابلهم بالسفه صيانة لقدرك )‪.(1‬‬
‫وفي قوله تعالى‪ " :‬ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن " أي‬
‫يستمع إلى ما يقال له ويصغى إليه ويقبله " قل اذن خير لكم " أي يستمع‬
‫إلى ما هو خير لكم وهو الوحي )‪ ،(2‬أو هو يسمع الخير ويعمل به ومنهم‬
‫من قرأ‪ " :‬اذن خير لكم " بالرفع والتنوين فيهما‪ ،‬فالمعنى أن كونه اذنا‬
‫أصلح لكم‪ ،‬لنه يقبل عذركم‪ ،‬ويستمع إليكم‪ ،‬ولو لم يقبل عذركم لكان شرا‬
‫لكم‪ ،‬فكيف تعيبونه بما هو أصلح لكم ؟ " يؤمن بال ويؤمن للمؤمنين "‬
‫أي ل يضره كونه اذنا فإنه اذن خير فل يقبل إل الخير الصادق من ال‪ ،‬و‬
‫يصدق المؤمنين أيضا فيما يخبرونه‪ ،‬ويقبل منهم‪ ،‬دون المنافقين‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫" يؤمن للمؤمنين " أي يؤمنهم فيما يلقي إليهم من المان " ورحمة‬
‫للذين آمنوا منكم " أي وهو رحمة لهم لنهم إنما نالوا اليمان بهدايته‬
‫ودعائه إياهم )‪ .(3‬وفي قوله تعالى‪ " :‬واصبر "‪ :‬أي فيما تبلغه من‬
‫الرسالة‪ ،‬وفيما تلقاه من الذى " وما صبرك إل بال " أي بتوفيقه‬
‫وتيسيره وترغيبه فيه " ول تحزن عليهم " أي على المشركين في‬
‫إعراضهم عنك‪ ،‬فإنه يكون الظفر والنصرة لك عليهم‪ ،‬ول عتب عليك في‬
‫إعراضهم " ول تك في ضيق مما يمكرون " أي ل يكن صدرك في ضيق‬
‫من مكرهم بك وبأصحابك‪ ،‬فإن ال يرد كيدهم في نحورهم )‪ .(4‬وفي قوله‪:‬‬
‫" فعلك باخع نفسك على آثارهم " أي مهلك وقاتل نفسك على آثار قومك‬
‫الذين قالوا‪ :‬لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الرض ينبوعا‪ ،‬تمردا منهم‬
‫على ربهم‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .512 :4‬في المصدر‪ :‬أي هو اذن خير يستمع إلى ما هو‬
‫خير لكم وهو الوحى‪ (3) .‬مجمع البيان ‪ 44 :5‬و ‪ (4) .45‬مجمع البيان‬
‫‪.393 :6‬‬

‫] ‪[ 201‬‬

‫" إن لم يؤمنوا بهذا الحديث " أي القرآن " أسفا " أي حزنا وتلهفا )‪ .(1‬وفي‬
‫قوله تعالى‪ " :‬فل تمار فيهم " أي فل تجادل الخائضين في أمر الفتية‬
‫وعددهم " إل مرآء ظاهرا " أي إل بما أظهرنا لك من أمرهم‪ ،‬أي إل‬
‫بحجة ودللة وإخبار من ال سبحانه أو المراء يشهده الناس ويحضرونه‪،‬‬
‫فلو أخبرتهم في غير مرأى من الناس لكذبوا عليك‪ ،‬ولبسوا )‪ (2‬على‬
‫الضعفة‪ ،‬فادعوا أنهم كانوا يعرفونه‪ ،‬لن ذلك من غوامض علومهم " ول‬
‫تستفت فيهم منهم أحدا " أي ل تستخبر في أهل الكهف وعددهم من أهل‬
‫الكتاب أحدا والخطاب له صلى ال عليه واله والمراد غيره " ول تقولن‬
‫لشئ إني فاعل ذلك غدا إل أن يشاء ال " فيه وجهان‪ :‬أحدهما‪ :‬أنه نهي‬
‫من ال سبحانه لنبيه صلى ال عليه واله أن يقول‪ :‬إني أفعل شيئا في الغد‬
‫إل أن يقيد ذلك بمشية ال تعالى‪ ،‬فيقول‪ :‬إن شاء ال تعالى‪ ،‬وفيه إضمار‬
‫القول‪ .‬وثانيهما‪ :‬أن قوله‪ " :‬أن يشآء ال " بمعنى المصدر‪ ،‬وتقديره‪ :‬ول‬
‫تقولن إني فاعل شيئا غدا إل بمشية ال‪ ،‬والمعنى ل تقل‪ :‬إني أفعل إل ما‬
‫يشآء ال ويريده من الطاعات )‪ " (3‬واذكر ربك إذا نسيت " أي إذا نسيت‬
‫الستثناء ثم تذكرت فقل‪ :‬إن شآء ال‪ ،‬وإن كان بعد يوم أو شهر أو سنة‪،‬‬
‫وقد روي ذلك عن أئمتنا عليهم السلم‪ ،‬ويمكن أن يكون الوجه فيه أنه إذا‬
‫استثنى بعد النسيان فإنه يحصل له ثواب المستثني من غير أن يؤثر‬
‫الستثناء بعد انفصال الكلم في الكلم‪ ،‬وفي إبطال الحنث وسقوط الكفارة‬
‫في اليمين‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه واذكر ربك إذا غضبت بالستغفار ليزول عنك‬
‫الغضب‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه أمر بالنقطاع إلى ال تعالى‪ ،‬ومعناه واذكر ربك إذا‬
‫نسيت شيئا بك إليه حاجة يذكره لك‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد به الصلة‪ ،‬والمعنى إذا‬
‫نسيت صلة فصلها إذ ذكرتها )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .450 :6‬لبس عليه المر‪ :‬خلطه وجعله مشتبها بغيره خافيا‪.‬‬
‫)‪ (3‬في المصدر‪ :‬ويريده‪ ،‬وإذا كان ال تعالى ل يشاء إل الطاعات فكأنه‬
‫قال‪ :‬ل تقل‪ :‬إنى أفعل إل الطاعات‪ (4) .‬مجمع البيان ‪ 460 :6‬و ‪.461‬‬

‫] ‪[ 202‬‬

‫اقول‪ :‬يحتمل أن يكون الخطاب متوجها إليه صلى ال عليه واله والمراد به غيره‪،‬‬
‫ويمكن أن يكون المراد بالنسيان الترك‪ ،‬وسيأتي الكلم فيه إن شاء ال‬
‫تعالى‪ .‬ثم قال في قوله‪ " :‬وقل عسى أن يهدين ربي لقرب من هذا رشدا‬
‫"‪ :‬أي قل‪ :‬عسى أن يعطيني ربي من اليات والدللت على النبوة ما يكون‬
‫أقرب إلى الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف )‪ .(1‬قوله تعالى‪ " :‬طه "‬
‫ذهب أكثر المفسرين إلى أن معناه يا رجل بلسان الحبشية أو النبطية )‪،(2‬‬
‫وقيل‪ :‬هو من أسماء النبي صلى ال عليه واله‪ .‬وقال الطبرسي‪ :‬روي عن‬
‫الحسن أنه قرأ " طه " بفتح الطاء وسكون الهاء‪ ،‬فإن صح فأصله )طأ(‬
‫فابدل من الهمزة هاء‪ ،‬ومعناه طأ الرض بقدميك جميعا‪ ،‬فقد روي أن‬
‫النبي صلى ال عليه واله كان يرفع إحدى رجليه في الصلة ليزيد تعبه‪،‬‬
‫فأنزل ال‪ " :‬طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " فوضعها‪ ،‬وروي ذلك عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬وقال قتادة‪ :‬كان يصلي الليل كله ويعلق صدره‬
‫بحبل حتى ل يغلبه النوم‪ ،‬فأمره ال سبحانه أن يخفف عن نفسه‪ ،‬وذكر أنه‬
‫ما أنزل عليه الوحي ليتعب كل هذا التعب )‪ .(3‬قوله تعالى‪ " :‬ما أنزلنا‬
‫عليك القران لتشقى " قال البيضاوي‪ :‬ما أنزلناه عليك لتتعب بفرط تأسفك‬
‫على كفر قريس‪ ،‬إذ ما عليك إل أن تبلغ‪ ،‬أو بكثرة الرياضة وكثرة التهجد‬
‫والقيام على ساق‪ ،‬والشقآء شائع بمعنى التعب‪ ،‬وقيل‪ :‬رد وتكذيب للكفرة‪،‬‬
‫فإنهم لما رأوا كثرة عبادته قالوا‪ :‬إنك لتشقى بترك ديننا‪ ،‬وإن القرآن انزل‬
‫عليك لتشقى به " إل تذكرة " لكن تذكيرا‪ ،‬وانتصابه على الستثناء‬
‫المنقطع " لمن يخشى " لمن في قلبه خشية ورقة يتأثر بالنذار‪ ،‬أو لمن‬
‫علم ال منه أنه يخشى بالتخويف منه‪ ،‬فإنه المنتفع به )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .462 :6‬وقال الكلبي‪ :‬هي بلغة عك‪ ،‬وأنشد لتميم بن نويرة‪:‬‬
‫هتفت بطه في القتال فلم يجب * فخفت لعمري أن يكون موائل‪ .‬وقال‬
‫الخر‪ :‬إن السفاهة طه من خلئفكم * ل بارك ال في القوم الملعين‪.‬‬
‫قاله الطبرسي‪ (3) .‬مجمع البيان ‪ (4) .2 :7‬أنوار التنزيل ‪.50 :2‬‬
‫] ‪[ 203‬‬

‫قوله تعالى‪ " :‬وسبح بحمد ربك " قيل‪ :‬أي وصل وأنت حامد لربك على هدايته‬
‫وتوفيقه‪ ،‬أو نزهه عن الشرك وعن سائر ما يضيفون إليه من النقائص‬
‫حامدا له على ما ميزك بالهدى‪ ،‬معترفا بأنه المولى للنعم كلها " قبل طلوع‬
‫الشمس " يعني الفجر " وقبل غروبها " يعني الظهر والعصر‪ ،‬لنهما في‬
‫آخر النهار )‪ ،(1‬أو العصر وحده " ومن آناء الليل " ساعاته " فسبح "‬
‫يعني المغرب والعشاء‪ ،‬وقيل‪ :‬صلة الليل " وأطراف النهار " تكرير‬
‫لصلتي الصبح والمغرب‪ ،‬إرادة الختصاص‪ ،‬أو أمر بصلة الظهر‪ ،‬فإنه‬
‫نهاية النصف الول من النهار‪ ،‬وبداية النصف الخير " لعلك ترضى " أي‬
‫سبح في هذه الوقات طمعا أن تنال عند ال ما به ترضى نفسك " ول‬
‫تمدن عينيك " أي نظر عينيك " إلى ما متعنا به " استحسانا وتمنيا أن‬
‫يكون لك مثله " أزواجا منهم " أصنافا من الكفرة " زهرة الحيوة الدنيا "‬
‫الزهرة‪ :‬الزينة والبهجة‪ ،‬منصوب بمحذوف دل عليه " متعنا " أو به على‬
‫تضمينه معنى أعطينا " لنفتنهم فيه " أي لنبلوهم ونختبرهم فيه‪ ،‬أو‬
‫لنعذبهم في الخرة بسببه " ورزق ربك " وما ادخره لك في الخرة‪ ،‬أو ما‬
‫رزقك من الهدى والنبوة " خير " مما منحهم في الدنيا " وأبقى " فإنه ل‬
‫ينقطع )‪ " .(2‬وأمر أهلك بالصلة " قال الطبرسي‪ :‬أي أهل بيتك وأهل‬
‫دينك بالصلوة‪ ،‬روى أبو سعيد الخدري قال‪ :‬لما نزلت هذه الية كان رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله يأتي باب فاطمة وعلي تسعة أشهر وقت كل صلة‬
‫)‪ (3‬فيقول‪ :‬الصلة يرحمكم ال‪ ،‬إنما يريد ال ليذهب عنكم الرجس أهل‬
‫البيت ويطهركم تطهيرا‪ .‬ورواه ابن عقدة من طرق كثيرة عن أهل البيت‬
‫عليهم السلم وعن غيرهم‪ ،‬مثل أبي بردة )‪ ،(4‬وأبي رافع‪ .‬وقال أبو جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬أمره ال تعالى أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن‬
‫لهله عند ال منزلة ليست للناس‪ ،‬فأمرهم مع الناس عامة‪ ،‬وأمرهم‬
‫خاصة‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من آخر النهار‪ (2) .‬أنوار التنزيل ‪ (3) .73 :2‬في المصدر‪ :‬وقت‬
‫كل صلة‪ ،‬وفيه‪ :‬رحمكم ال‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬أبى برزة‪.‬‬

‫] ‪[ 204‬‬

‫" واصطبر عليها " أي وأصبر على فعلها وعلى أمرهم بها " ل نسألك رزقا "‬
‫لخلقنا ول لنفسك‪ ،‬بل كلفناك للعبادة وأداء الرسالة‪ ،‬وضمنا رزق جميع‬
‫العباد " نحن نرزقك " الخطاب للنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬والمراد به‬
‫جميع الخلق‪ ،‬أي نرزق جميعهم ول نسترزقهم " والعاقبة للتقوى " أي‬
‫العاقبة المحمودة لهل التقوى‪ (1) .‬قوله تعالى‪ " :‬واخفض جناحك " أي‬
‫لين جانبك لهم‪ ،‬مستعار من خفض الطائر جناحه‪ :‬إذا أراد أن ينحط " الذى‬
‫يراك حين تقوم " أي إلى التهجد‪ ،‬أو للنذار " وتقلبك في الساجدين " أي‬
‫ترددك في تصفح أحوال المتهجدين‪ ،‬كما روي أنه صلى ال عليه واله لما‬
‫نسخ فرض قيام الليل طاف تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون‬
‫حرصا على كثرة طاعاتهم‪ ،‬فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع من دندنتهم )‬
‫‪ (2‬بذكر ال والتلوة‪ ،‬أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع‬
‫والسجود والقعود إذا أمهم )‪ .(3‬قال الطبرسي‪ :‬وقيل معناه وتقلبك في‬
‫أصلب الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبيا )‪ ،(4‬وهو المروى‬
‫عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم‪ ،‬قال‪ :‬في أصلب النبيين نبي‬
‫بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير سفاح‪ ،‬من لدن آدم )‪.(5‬‬
‫قوله تعالى‪ " :‬إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر " أي سبب للنتهاء‬
‫عن المعاصي حال الشتغال بها وغيرها‪ ،‬من حيث أنها تذكر ال وتورث‬
‫للنفس خشية منه‪ ،‬أو الصلة الكاملة هي التي تكون كذلك‪ ،‬فإن لم تكن‬
‫كذلك فكأنها ليست بصلة‪ ،‬كما روى الطبرسي )‪ (6‬مرسل عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬من أحب أن يعلم أقبلت صلته أم لم‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .37 :7‬دندن الرجل‪ :‬نغم ولم يفهم منه كلم‪ (3) .‬الظاهر أنه‬
‫مصحف‪ ،‬والصحيح اممتهم بلفظة الخطاب‪ (4) .‬رواه عن ابن عباس في‬
‫رواية عطاء وعكرمة‪ (5) .‬مجمع البيان ‪ (6) .207 :7‬مجمع البيان ‪:8‬‬
‫‪.285‬‬

‫] ‪[ 205‬‬

‫تقبل ؟ فلينظر هل منعته صلته عن الفحشاء والمنكر‪ ،‬فبقدر ما منعته قبلت منه "‬
‫ولذكر ال أكبر " أي ذكر ال إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته‪ ،‬أو‬
‫ذكر العبد ل في جميع الحوال أكبر الطاعات‪ ،‬أو أكبر في النهي عن‬
‫الفحشاء والمنكر‪ ،‬وسيأتي لها في كتاب المامة تأويلت اخر‪ .‬قوله تعالى‪:‬‬
‫" فاصبر " أي على أذاهم " إن وعد ال " بنصرتك وإظهار دينك على‬
‫الدين كله " حق ول يستخفنك " أي ول يحملنك على الخفة والقلق "‬
‫الذين ل يوقنون " بتكذيبهم‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬وبشر المؤمنين بأن لهم من‬
‫ال فضل كبيرا " على سائر المم " ول تطع الكافرين والمنافقين " تهييج‬
‫له على ما هو عليه من مخالفتهم " ودع أذاهم " أي إيذاءهم إياك‪ ،‬ول‬
‫تحتفل به )‪ ،(1‬أو إيذاءك إياهم مجازاة ومؤاخذة على كفرهم‪ ،‬و لذلك قيل‪:‬‬
‫إنه منسوخ " وكفى بال وكيل " موكول إليه المر في الحوال كلها‪ .‬قوله‬
‫تعالى‪ " :‬فل تذهب نفسك عليهم حسرات " أي فل تهلك نفسك عليهم‬
‫للحسرات على غيهم وإصرارهم على التكذيب‪ " .‬إن ال عليم بما يصنعون‬
‫" فيجازيهم عليه‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬وما علمناه الشعر " قال البيضاوى‪ :‬رد‬
‫لقولهم‪ :‬إن محمدا شاعر‪ ،‬أي ما علمناه الشعر بتعليم القرآن‪ ،‬فإنه غير‬
‫مقفى ول موزون‪ ،‬وليس معناه ما يتوخاه )‪ (2‬الشعراء من التخييلت‬
‫المرغبة والمنفرة " وما ينبغي له " وما يصح له الشعر ول يتأتى له إن‬
‫أراد قرضه على ما اختبرتم طبعه نحوا من أربعين سنة‪ ،‬وقوله‪ :‬أنا النبي‬
‫ل كذب * أنا ابن عبد المطلب وقوله‪ :‬هل أنت إل أصبع دميت * وفي سبيل‬
‫ال ما لقيت اتفاقي من غير تكلف وقصد منه إلى ذلك‪ ،‬وقد يقع مثله كثيرا‬
‫في تضاعيف المنثورات‪ ،‬على أن الخليل ما عد المشطور من الرجز شعرا‪،‬‬
‫وروي أنه حرك البائين‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬أي ل تبال به ول تهتم له‪ (2) .‬وخى المر‪ :‬تطلبه دون سواه‪.‬‬

‫] ‪[ 206‬‬

‫كسر التاء الولى بل إشباع‪ ،‬وسكن الثانية‪ ،‬وقيل‪ :‬الضمير للقرآن أي وما يصح‬
‫للقرآن أن يكون شعرا )‪ .(1‬وفي قوله تعالى‪ " :‬واستغفر لذنبك "‪ :‬وأقبل‬
‫على أمر دينك وتدارك فرطاتك بترك الولى )‪ (2‬والهتمام بأمر العدى‬
‫بالستغفار‪ ،‬فإنه تعالى كافيك في النصر وإظهار المر " وسبح بحمد ربك‬
‫بالعشي والبكار "‪ :‬ودم على التسبيح والتحميد لربك‪ ،‬وقيل‪ :‬صل لهذين‬
‫الوقتين‪ ،‬إذ كان الواجب بمكة ركعتان )‪ (3‬بكرة‪ ،‬وركعتان عشاء )‪ .(4‬وفي‬
‫قوله تعالى‪ " :‬ول تستوي الحسنة ول السيئة "‪ :‬أي في الجزاء وحسن‬
‫العاقبة " إدفع " أي السيئة حيث اعترضتك " بالتي هي أحسن " منها‬
‫وهي الحسنة‪ ،‬أو بأحسن ما يمكن رفعها به من الحسنات " فإذا الذي بينك‬
‫وبينه عداوة كأنه ولي حميم " أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل‬
‫الولي الشفيق " وما يلقاها " أي هذه السجية وهي مقابلة الساءة‬
‫بالحسان " إل الذين صبروا " فإنها تحبس النفس عن النتقام " وما‬
‫يلقاها إل ذو حظ عظيم " من الخير وكمال النفس‪ ،‬وقيل‪ :‬الحظ العظيم‪:‬‬
‫الجنة " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ " أي نخس )‪ ،(5‬شبه به‬
‫وسوسته لنها بعث على ما ل ينبغي كالدفع بما هو أسوء " فاستعذ بال "‬
‫من شره ول تطعه " إنه هو السميع " لستعاذتك " العليم " بنيتك أو‬
‫بصلحك )‪ .(6‬وفي قوله تعالى‪ " :‬وقيله "‪ :‬عطف على " الساعة " )‪(7‬‬
‫أي وقول الرسول " فاصفح عنهم " فأعرض عن دعوتهم آيسا عن‬
‫إيمانهم " وقل سلم " تسلم منكم ومتاركة " فسوف‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ (2) .316 :2‬في المصدر‪ :‬كترك الولى‪ (3) .‬الصحيح كما في‬
‫المصدر‪ :‬ركعتين بكرة‪ ،‬وركعتين عشاء‪ (4) .‬أنوار التنزيل ‪(5) .378 :2‬‬
‫أي ازعاج وتهييج‪ (6) .‬أنوار التنزيل ‪ (7) .389 :2‬في قوله تعالى‪:‬‬
‫)وعنده علم الساعة( منه قدس سره‪.‬‬

‫] ‪[ 207‬‬

‫يعلمون " تسلية للرسول‪ ،‬وتهديد لهم )‪ .(1‬وفي قوله تعالى‪ " :‬ول تستعجل لهم‬
‫"‪ :‬أي لكفار قريش بالعذاب فإنه نازل بهم في وقته ل محالة " كأنهم يوم‬
‫يرون ما يوعدون لم يلبثوا إل ساعة من نهار " استقصروا من هو له مدة‬
‫لبثهم في الدنيا حتى يحسبونها ساعة " بلغ " أي هذا الذي وعظتم به‪،‬‬
‫أو هذه السورة كفاية‪ ،‬أو تبليغ من الرسول صلى ال عليه واله )‪ .(2‬قوله‬
‫تعالى‪ " :‬فاعلم أنه ل إله إل ال " قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي أقم على‬
‫هذا العلم‪ ،‬واثبت عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬يتعلق بما قبله‪ ،‬أي إذا جاءتهم الساعة‬
‫فاعلم أنه ل إله إل ال‪ ،‬أي يبطل الممالك )‪ (3‬عند ذلك فل ملك ول حكم‬
‫لحد إل ال‪ ،‬وقيل‪ :‬إن هذا إخبار بموته‪ ،‬أي فاعلم أن الحي الذي ل يموت‬
‫هو ال وحده‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه صلى ال عليه واله كان ضيق الصدر من أذى‬
‫قومه فقيل له‪ :‬فاعلم أنه ل كاشف لذلك إل ال " واستغفر لذنبك " الخطاب‬
‫له والمراد به المة‪ ،(4) ،‬وقيل‪ :‬المراد به النقطاع إلى ال تعالى‪ ،‬فإن‬
‫الستغفار عبادة يستحق به الثواب‪ " .‬وال يعلم متقلبكم ومثواكم " أي‬
‫متصرفكم في أعمالكم في الدنيا‪ ،‬ومصيركم في الخرة إلى الجنة أو إلى‬
‫النار‪ ،‬وقيل‪ :‬متقلبكم في أصلب الباء إلى أرحام المهات‪ " ،‬ومثواكم "‬
‫أي مقامكم في الرض‪ ،‬وقيل‪ :‬متقلبكم من ظهر إلى بطن‪ ،‬ومثواكم في‬
‫القبور‪ ،‬وقيل‪ :‬متصرفكم بالنهار )‪ ،(5‬ومضجعكم بالليل )‪ .(6‬وقال‬
‫البيضاوي في قوله تعالى‪ " :‬وسبح بحمد ربك "‪ :‬أي نزهه عن العجز عما‬
‫يمكن‪ ،‬والوصف بما يوجب التشبيه‪ ،‬حامدا له على ما أنعم عليك من إصابة‬
‫الحق وغيرها " قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " يعني الفجر والعصر‬
‫" ومن آناء الليل فسبحه " أي‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ (2) .415 :2‬أنوار التنزيل ‪ (3) .433 :2‬في المصدر‪ :‬يبطل‬
‫الملك‪ (4) .‬زاد في المصدر‪ :‬وانما خوطب بذلك لتستن امته بسنته‪(5) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬متصرفكم في النهار‪ (6) .‬مجمع البيان ‪ 102 :9‬و ‪.103‬‬

‫] ‪[ 208‬‬

‫وسبحه بعض الليل " وأدبار السجود " وأعقاب الصلة‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بالتسبيح‬
‫الصلة‪ ،‬فالصلة قبل الطلوع الصبح‪ ،‬وقبل الغروب الظهر والعصر‪ ،‬ومن‬
‫الليل العشاء آن والتهجد‪ ،‬وأدبار السجود النوافل بعد المكتوبات‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الوتر بعد العشاء )‪ .(1‬وقال الطبرسي رحمه ال‪ " :‬وأدبار السجود " فيه‬
‫أقوال‪ :‬أحدها‪ :‬أن المراد به الركعتان بعد المغرب " وإدبار النجوم "‬
‫الركعتان قبل الفجر عن علي والحسن بن علي عليهم السلم‪ .‬وثانيها‪ :‬أنه‬
‫التسبيح بعد كل صلة‪ .‬وثالثها‪ :‬أنه النوافل بعد المفروضات‪ .‬ورابعها‪ :‬أنه‬
‫الوتر من آخر الليل‪ ،‬وروي )‪ (2‬ذلك عن أبي عبد ال عليه السلم )‪.(3‬‬
‫قوله تعالى‪ " :‬وما أنت عليهم بجبار " قال البيضاوي‪ :‬أي بمسلط )‪(4‬‬
‫تقسرهم على اليمان‪ ،‬أو تفعل بهم ما تريد‪ ،‬وإنما أنت داع )‪ .(5‬وفي قوله‬
‫تعالى‪ " :‬واصبرك لحكم ربك "‪ :‬بإمهالهم وإبقائك في عنائهم " فإنك‬
‫بأعيننا " في حفظنا بحيث نراك ونكلك " وسبح بحمد ربك حين تقوم "‬
‫عن أي مكان قمت‪ ،‬أو من منامك‪ ،‬أو إلى الصلة " ومن الليل فسبحه "‬
‫فإن العبادة فيه أشق على النفس وأبعد عن الرئاء " وإدبار النجوم " وإذا‬
‫أدبرت النجوم من آخر الليل )‪ .(6‬وقال الطبرسي رحمه ال‪ :‬يعني الركعتين‬
‫قبل صلة الفجر وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم )‬
‫‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ 460 :2‬و ‪ (2) .461‬المصدر خال عن العاطف‪ (3) .‬مجمع‬
‫البيان ‪ (4) .150 :9‬في المصدر‪ :‬بمتسلط‪ .‬أقول‪ :‬القسر‪ .‬القهر والكراه‬
‫على أمر‪ (5) .‬أنوار التنزيل ‪ (6) .461 :2‬أنوار التنزيل ‪(7) .471 :2‬‬
‫مجمع البيان ‪.170 :9‬‬

‫] ‪[ 209‬‬

‫وقال البيضاوي في قوله تعالى‪ " :‬ن "‪ :‬من أسماء الحروف‪ ،‬وقيل‪ :‬اسم الحوت‬
‫والمراد به الجنس أو اليهموت وهو الذي عليه الرض‪ ،‬أو الدواة‪ ،‬فإن‬
‫بعض الحيتان يستخرج منه شئ أسود يكتب به )‪ .(1‬وقال الطبرسي‪ :‬روي‬
‫مرفوعا إلى النبي صلى ال عليه واله قال‪ :‬هو نهر في الجنة قال ال له‪:‬‬
‫كن مدادا فجمد‪ ،‬وكان أبيض من اللبن‪ ،‬وأحلى من الشهد‪ ،‬ثم قال للقلم‪:‬‬
‫اكتب فكتب القلم ما كان وهو كائن إلى يوم القيامة‪ ،‬عن أبي جعفر الباقر‬
‫عليه السلم )‪ " .(2‬والقلم " قال البيضاوي‪ :‬هو الذي خط اللوح‪ ،‬أو الذي‬
‫يخط به‪ ،‬أقسم به لكثرة فوائده " وما يسطرون " وما يكتبون‪ ،‬والضمير‬
‫للقلم بالمعنى الول على التعظيم‪ ،‬أو بالمعنى )‪ (3‬الثاني على إرادة‬
‫الجنس‪ ،‬وإسناد الفعل إلى اللة وإجرائه )‪ (4‬مجرى اولي العلم لقامته‬
‫مقامه‪ ،‬أو لصحابه‪ ،‬أو للحفظة‪ ،‬وما مصدرية أو موصولة " ما أنت‬
‫بنعمة ربك بمجنون " جواب القسم‪ ،‬والمعنى ما أنت بمجنون منعما عليك‬
‫بالنبوة وحصافة )‪ (5‬الرأي " وإن لك لجرا " على الحتمال أو البلغ "‬
‫غير ممنون " مقطوع‪ ،‬أو ممنون به عليك من الناس‪ ،‬فإنه تعالى يعطيك‬
‫بل توسط " وإنك لعلى خلق عظيم " إذ تحتمل من قومك ما ل يحتمله‬
‫أمثالك " فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون " أيكم الذي فتن بالجنون‪،‬‬
‫والباء مزيدة‪ ،‬أو بأيكم الجنون‪ ،‬على أن " المفتون " مصدر‪ ،‬أو بأي‬
‫الفريقين منكم الجنون ؟ أبفريق المؤمنين‪ ،‬أو بفريق الكافرين ؟ أي في‬
‫أيهما )‪ (6‬من يستحق هذا السم " فاصبر لحكم ربك " وهو إمهالهم‬
‫وتأخير نصرتك عليهم " ول تكن كصاحب‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ (2) .537 :2‬مجمع البيان ‪ ،332 :10‬أقول‪ :‬ذكر الطبرسي زائدا‬
‫على ما قال البيضاوي‪ :‬أنه اسم من أسماء السورة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو حرف من‬
‫حروف الرحمن‪ ،‬وقيل‪ :‬لوح من نور‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وبالمعنى الثاني‪.‬‬
‫)‪ (4‬في المصدر‪ :‬وإجراؤه‪ (5) .‬أي جودة الرأى‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬في‬
‫أيهما يوجد من يستحق هذا السم‪.‬‬

‫] ‪[ 210‬‬

‫الحوت " يونس " إذ نادى " في بطن الحوت " وهو مكظوم " مملو غيظا في‬
‫الضجرة فتبتلي ببلئه )‪ .(1‬وقال الطبرسي رحمه ال‪ " :‬إنك لعلى خلق‬
‫عظيم " أي على دين عظيم‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه إنك متخلق بأخلق السلم‪،‬‬
‫وعلى طبع كريم‪ ،‬وقيل‪ :‬سمي خلقه عظيما لجتماع مكارم الخلق فيه‪،‬‬
‫ويعضده ما روي عنه صلى ال عليه واله أنه قال‪ " :‬إنما بعثت لتمم‬
‫مكارم الخلق‪ ،‬وقال صلى ال عليه واله‪ " :‬أدبني ربي فأحسن تأديبي "‬
‫وقال‪ :‬وأخبرني السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني‪ ،‬عن أبي القاسم‬
‫الحسكاني بإسناده )‪ (2‬عن الضحاك بن مزاحم قال‪ :‬لما رأت قريش تقديم‬
‫النبي صلى ال عليه واله عليا عليه السلم وإعظامه له نالوا من علي‬
‫عليه السلم‪ ،‬وقالوا‪ :‬قد افتتن به محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬فأنزل ال‬
‫تعالى " ن والقلم وما يسطرون " قسم أقسم ال به " ما أنت " يا محمد‬
‫" بنعمة ربك بمجنون * وإنك لعلى خلق عظيم " يعني القرآن إلى قوله‪:‬‬
‫" بمن ضل عن سبيله " وهم النفر الذين قالوا ما قالوا " وهو أعلم‬
‫بالمهتدين " علي ابن أبي طالب عليه السلم )‪ .(3‬وقال البيضاوي في‬
‫قوله تعالى‪ " :‬ملتحدا " أي منحرفا وملتجئا " إل بلغا من ال " استثناء‬
‫من قوله‪ " :‬ل أملك " فإن التبليغ إرشاد وإنفاع‪ ،‬أو من " ملتحدا " و "‬
‫رسالته " عطف على " بلغا من ال "‪ " .‬ومن يعص ال ورسوله "‬
‫في المر بالتوحيد‪ ،‬إذ الكلم فيه " حتى إذا رأوا ما يوعدون " في الدنيا‬
‫كوقعة بدر أو في الخرة " قل إن أدري " أي ما أدري " أم يجعل له ربي‬
‫أمدا " غاية يطول مدتها‪ ،‬كأنه لما سمع المشركون " حتى إذا رأوا ما‬
‫يوعدون " قالوا‪ :‬متى يكون ؟ إنكارا‪ ،‬قيل‪ :‬قل‪ :‬إنه كائن ل محالة‪ ،‬ولكن ل‬
‫أدري وقته " فل يظهر " فل يطلع‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ 537 :2‬و ‪ 538‬و ‪ 541‬وفيه‪ :‬من الضجرة‪ (2) .‬السناد هكذا‪:‬‬
‫الحسكاني قال‪ :‬حدثنا أبو عبد ال الشيرازي قال‪ :‬حدثنا أبو بكر الجرجاني‬
‫قال‪ :‬حدثنا أبو أحمد البصري قال حدثنى عمرو بن محمد بن تركي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن الفضل‪ ،‬قال حدثنا محمد بن شعيب‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪،‬‬
‫عن دلهم بن صالح‪ ،‬عن الضحاك بن مزاحم‪ (3) .‬مجمع البيان ‪333 :10‬‬
‫و ‪.334‬‬

‫] ‪[ 211‬‬

‫" على غيبه أحدا " أي على الغيب المخصوص به علمه " إل من ارتضى " يعلم‬
‫بعضه حتى يكون له معجزة " من رسول " بيان ‍ل " من "‪ " .‬فإنه يسلك‬
‫من بين يديه " من بين يدي المرتضى " ومن خلفه رصدا " حرسا من‬
‫الملئكة يحرسونه من اختطاف الشياطين وتخاليطهم " ليعلم أن قد أبلغوا‬
‫" أي ليعلم النبي الموحى إليه أن قد أبلغ جبرئيل والملئكة النازلون‬
‫بالوحي‪ ،‬أو ليعلم ال أن أبلغ )‪ (1‬النبياء بمعنى ليتعلق علمه به موجودا‬
‫" رسالت ربهم " كما هي محروسة عن عن التغيير " وأحاط بما لديهم‬
‫" بما عند الرسل " وأحصى كل شئ عددا " حتى القطر والرمل )‪ .(2‬وفي‬
‫قوله تعالى‪ " :‬يا أيها المزمل * قم الليل " أي قم إلى الصلة‪ ،‬أو داوم‬
‫عليها " إل قليل نصفه أو انقص منه قليل أو زد عليه " الستثناء من "‬
‫الليل " و " نصفه " بدل من " قليل " وقلته بالنسبة إلى الكل‪ ،‬والتخيير‬
‫بين قيام النصف والزائد عليه كالثلثين‪ ،‬والناقص عنه كالثلث‪ ،‬أو " نصفه‬
‫" بدل من " الليل " والستثناء منه‪ ،‬والضمير في " منه " و " عليه "‬
‫للقل من النصف كالثلث‪ ،‬فيكون التخيير بينه وبين القل منه كالربع‪،‬‬
‫والكثر منه كالنصف‪ ،‬أو للنصف‪ ،‬والتخيير بين أن يقوم أقل منه على‬
‫البت‪ ،‬وأن يختار أحد المرين من القل والكثر‪ ،‬أو الستثناء من أعداد‬
‫الليل‪ ،‬فإنه عام‪ ،‬والتخيير بين قيام النصف و الناقص عنه والزائد عليه "‬
‫ورتل القرآن ترتيل " اقرأه على تؤدة وتبيين حروف بحيث يتمكن السامع‬
‫من عدها " إنا سنلقي عليك قول ثقيل " يعني القرآن‪ .‬فإنه لما فيه من‬
‫التكاليف الشاقة ثقيل على المكلفين‪ ،‬أو رصين لرزانة لفظه ومتانة معناه‪،‬‬
‫أو ثقيل على المتأمل فيه لفتقاره إلى مزيد تصفية للسر‪ ،‬وتحديد للنظر )‬
‫‪ ،(3‬أو ثقيل في الميزان‪ ،‬أو على الكفار والفجار‪ ،‬أو ثقيل تلقيه لقول‬
‫عائشة‪ :‬رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أن قد أبلغ‪ (2) .‬أنوار التنزيل ‪ 556 :2‬و ‪ (3) .557‬في المصدر‪:‬‬
‫وتجريد للنظر‪.‬‬

‫] ‪[ 212‬‬

‫الشديد البرد فينفصم عنه )‪ ،(1‬وإن جبينه ليرفض )‪ (2‬عرقا " إن ناشئة الليل "‬
‫إن النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة‪ ،‬من نشأ من مكانه‪ :‬إذا‬
‫نهض‪ ،‬أو قيام الليل على أن الناشئة له‪ ،‬أو العبادة التي تنشأ بالليل‪ ،‬أي‬
‫تحدث‪ ،‬أو ساعات الليل‪ ،‬فإنها تحدث واحدة بعد اخرى‪ ،‬أو ساعاتها الول‬
‫من نشأت‪ :‬إذا ابتدأت " هي أشد وطأ " أي كلفة‪ ،‬أو ثبات قدم " وأقوم‬
‫قيل " وأسد مقال‪ ،‬أو أثبت قراءة لحضور القلب‪ ،‬وهدوء الصوات )‪" (3‬‬
‫إن لك في النهار سبحا طويل " تقلبا في مهامك واشتغال بها‪ ،‬فعليك‬
‫بالتهجد‪ ،‬فإن مناجات الحق تستدعي فراغا " واذكر اسم ربك " ودم على‬
‫ذكره ليل ونهارا " وتبتل إليه تبتيل " وانقطع إليه بالعبادة‪ ،‬وجرد نفسك‬
‫عما سواه " رب المشرق والمغرب " خبر محذوف‪ ،‬أو مبتدأ خبره " ل‬
‫إله إل هو "‪ " .‬فاتخذه وكيل " مسبب عن التهليلة )‪ ،(4‬فإن توحده‬
‫باللوهية يقتضي أن توكل إليه المور " واصبر على ما يقولون " من‬
‫الخرافات " واهجرهم هجرا جميل " بأن تجانبهم وتداريهم ول تكافيهم‪،‬‬
‫وتكل أمرهم إلى ال كما قال‪ " :‬وذرني والمكذبين " دعني وإياهم‪ ،‬وكل‬
‫إلي أمرهم " اولي النعمة " أرباب التنعم‪ ،‬يريد صناديد قريش " ومهلهم‬
‫قليل " زمانا أو إمهال " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل‬
‫ونصفه وثلثه " استعار الدنى للقل‪ ،‬لن القرب إلى الشئ أقل بعدا منه‪،‬‬
‫و " نصفه " و " ثلثه " عطف على " أدنى "‪ " .‬وطائفة من الذين معك‬
‫" ويقوم ذلك جماعة من أصحابك " وال يقدر الليل والنهار " ل يعلم‬
‫مقادير ساعاتهما كما هي إل ال " علم أن لن تحصوه " أي لن تحصوا‬
‫تقدير الوقات‪ ،‬ولن تستطيعوا ضبط الساعات " فتاب عليكم " بالترخيص‬
‫في ترك القيام المقدور )‪ ،(5‬ورفع التبعة‬

‫)‪ (1‬أي فيقطع عنه‪ (2) .‬أي يسيل ويرشش‪ (3) .‬أي سكونها‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫التهليل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬القيام المقدر‪.‬‬

‫] ‪[ 213‬‬

‫فيه " فاقرؤا ما تيسر من القرآن " فصلوا ما تيسر عليكم من صلة الليل‪ ،‬عبر عن‬
‫الصلة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها‪ ،‬قيل‪ :‬كان التهجد واجبا على‬
‫التخيير المذكور‪ ،‬فعسر عليهم القيام به فسنخ به‪ ،‬ثم نسخ هذا بالصلوات‬
‫الخمس‪ ،‬أو فاقرؤا القرآن بعينه كيفما تيسر عليهم " علم أن سيكون منكم‬
‫مرضى " استيناف يبين حكمة اخرى مقتضية للترخيص والتخفيف‪ ،‬ولذلك‬
‫كرر الحكم مرتبا عليه‪ ،‬وقال‪ " :‬وآخرون يضربون في الرض يبتغون من‬
‫فضل ال " والضرب في الرض‪ :‬ابتغآء للفضل‪ ،‬أو المسافرة للتجارة‪،‬‬
‫وتحصيل العلم )‪ " .(1‬يا أيها المدثر " أي المتدثر‪ ،‬وهو لبس الدثار‪،‬‬
‫وسيأتي القول فيه " قم " من مضجعك‪ ،‬أو قم قيام عزم وجد " فأنذر "‬
‫مطلق للتعميم‪ ،‬أو مقدر بمفعول دل عليه قوله‪ " :‬وأنذر عشيرتك القربين‬
‫"‪ " .‬وربك فكبر " وخصص ربك بالتكبير وهو وصفه بالكبرياء عقدا‬
‫وقول " و ثيابك فطهر " من النجاسات فإن التطهير واجب في الصلة‪،‬‬
‫محبوب في غيرها‪ ،‬وذلك بغسلها أو بحفظها عن النجاسة كتقصيرها‬
‫مخافة جر الذيول فيها‪ ،‬وهو أول ما امر به من رفض العادات المذمومة‪،‬‬
‫أو طهر نفسك من الخلق والفعال الذميمة )‪ (2‬أو فطهر دثار النبوة عما‬
‫يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر " والرجز فاهجر " واهجر العذاب‬
‫بالثبات على هجر ما يؤدي إليه من الشرك وغيره من القبائح " ول تمنن‬
‫تستكثر " ول تعط مستكثرا‪ ،‬نهي عن الستغزاز‪ ،‬وهو أن يهب شيئا طامعا‬
‫في عوض أكثر‪ ،‬نهي تنزيه‪ ،‬أو نهيا خاصا به صلى ال عليه واله‪ ،‬أو ل‬
‫تمنن على ال بعبادتك مستكثرا إياها‪ ،‬أو على الناس بالتبليغ مستكثرا به‬
‫الجر منهم‪ ،‬أو مستكثرا إياه " ولربك " ولوجهه أو أمره " فاصبر "‬
‫فاستعمل الصبر‪ ،‬أو فاصبر على مشاق التكاليف وأذى المشركين )‪.(3‬‬
‫وفي قوله تعالى‪ " :‬ول تطع منهم آثما أو كفورا " أي كل واحد من مرتكب‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ (2) .560 - 557 :2‬في المصدر‪ ،‬من الخلق الذميمة والفعال‬
‫الدنية‪ .‬وزاد بعد ذلك فيكون أمر باستكمال القوة العملية بعد أمره‬
‫باستكمال القوة النظرية والدعاء إليه‪ (3) .‬أنوار التنزيل ‪ 560 :2‬و‬
‫‪.561‬‬

‫] ‪[ 214‬‬

‫الثم‪ ،‬الداعي لك إليه‪ ،‬ومن الغالي في الكفر الداعي إليه " واذكر اسم ربك بكرة‬
‫وأصيل " أي وداوم على ذكره‪ ،‬أو دم على صلة الفجر والظهر والعصر‪،‬‬
‫فإن الصيل يتناول وقتيهما " ومن الليل فاسجد له " وبعض الليل فصل‬
‫له‪ ،‬ولعل المراد به صلة المغرب والعشاء " وسبحه ليل طويل " وتهجد‬
‫له طائفة طويلة من الليل )‪ - 1 .(1‬ل‪ ،‬لى‪ :‬أبي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبان الحمر‪ ،‬عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلم‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى رسول ال صلى ال عليه واله وقد بلي ثوبه‪ ،‬فحمل‬
‫إليه اثنى عشر درهما‪ ،‬فقال‪ :‬يا علي خذ هذه الدراهم فاشتر لي ثوبا ألبسه‪،‬‬
‫قال علي عليه السلم‪ :‬فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصا باثنى عشر‬
‫درهما‪ ،‬وجئت به إلى رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فنظر إليه فقال‪ :‬يا‬
‫علي غير هذا أحب إلي‪ ،‬أترى صاحبه يقيلنا ؟ فقلت‪ :‬ل أدري‪ ،‬فقال‪ :‬انظر‪،‬‬
‫فجئت إلى صاحبه فقلت‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله قد كره هذا‬
‫يريد ثوبا دونه )‪ (2‬فأقلنا فيه‪ ،‬فرد علي الدراهم‪ ،‬وجئت به )‪ .(3‬إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصا‪ ،‬فنظر‬
‫إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي‪ ،‬فقال لها رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬ما شأنك ؟ قالت‪ :‬يا رسول ال إن أهل بيتي )‪ (4‬أعطوني أربعة‬
‫دراهم لشتري لهم بها حاجة فضاعت فل أجسر أن أرجع إليهم‪ ،‬فأعطاها‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله أربعة دراهم‪ ،‬وقال‪ :‬ارجعي إلى أهلك‪،‬‬
‫ومضى رسول ال صلى ال عليه واله إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة‬
‫دراهم‪ ،‬ولبسه وحمد ال‪ ،‬وخرج فرأى رجل عريانا يقول‪ :‬من كساني‬
‫كساه ال من ثياب الجنة‪ ،‬فخلع رسول ال صلى ال عليه واله قميصه‬
‫الذي اشتراه وكساه السائل‪ ،‬ثم رجع إلى السوق فاشترى بالربعة التي‬
‫بقيت قميصا آخر‪ ،‬فلبسه وحمد ال ورجع إلى منزله‪ ،‬وإذا الجارية قاعدة‬
‫على الطريق )‪ ،(5‬فقال لها رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما لك ل تأتين‬
‫أهلك ؟ قالت‪ :‬يا رسول ال إني قد أبطأت عليهم‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ ،573 :2‬وفيه وفى ما تقدم قبله اختصار من المصنف‪ (2) .‬في‬
‫الخصال‪ :‬يريد غيره‪ (3) .‬في الخصال‪ :‬فجئت بها‪ (4) .‬في الخصال‪ :‬إن‬
‫أهلى أعطوني‪ (5) .‬في الخصال‪ :‬فإذا الجارية قاعدة على الطريق تبكى‪.‬‬

‫] ‪[ 215‬‬

‫وأخاف )‪ (1‬أن يضربوني‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬مري بين يدي‬
‫ودليني على أهلك‪ ،‬فجاء رسول ال صلى ال عليه واله حتى وقف على‬
‫باب دارهم‪ ،‬ثم قال‪ :‬السلم عليكم يا أهل الدار‪ ،‬فلم يجيبوه‪ ،‬فأعاد السلم‬
‫فلم يجيبوه‪ ،‬فأعاد السلم فقالوا‪ :‬عليك السلم يا رسول ال ورحمة ال‬
‫وبركاته‪ ،‬فقال لهم‪ :‬ما لكم تركتم إجابتي في أول السلم والثاني ؟ قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول ال سمعنا سلمك فأحببنا أن تستكثر منه‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬إن هذه الجارية أبطأت عليكم فل تؤاخذوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول‬
‫ال هي حرة لممشاك‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬الحمد ل‪ ،‬ما‬
‫رأيت اثنى عشر درهما أعظم بركة من هذه‪ ،‬كسى ال بها عريانين‪،‬‬
‫وأعتق بها نسمة )‪ - 2 .(2‬لى‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫الصلت‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن ابن حميد‪ ،‬عن محمد بن قيس‪ ،‬عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬خمس ل أدعهن حتى‬
‫الممات‪ :‬الكل على الحضيض مع العبيد‪ ،‬وركوبي الحمار مؤكفا‪ ،‬وحلبي‬
‫العنز بيدي‪ ،‬ولبس الصوف‪ ،‬والتسليم على الصبيان‪ ،‬لتكون )‪ (3‬سنة من‬
‫بعدي )‪ - 3 .(4‬ن‪ ،‬ع‪ :‬المظفر العلوي‪ ،‬عن ابن العياشي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحسن ابن فضال‪ ،‬عن محمد بن الوليد‪ ،‬عن العباس بن هلل‪،‬‬
‫عن الرضا‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم السلم مثله )‪ .(5‬ل‪ :‬ابن المتوكل‪،‬‬
‫عن السعد آبادي‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬وصفوان معا‬
‫عن الحسين بن مصعب‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم مثله )‬
‫‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬الخصال خال عن العاطف‪ (2) .‬الخصال ‪ 86 :2‬و ‪ ،87‬المالي‪(3) .144 :‬‬
‫لتكون ذلك خ ل‪ (4) .‬المالي‪ (5) .44 :‬عيون أخبار الرضا‪ ،235 :‬علل‬
‫الشرائع‪ .54 :‬وفيهما‪ :‬ليكون‪ (6) .‬الخصال ‪.130 :1‬‬

‫] ‪[ 216‬‬

‫بيان‪ :‬الكل على الحضيض‪ :‬الكل على الرض من غير أن يكون خوان‪ ،‬قال‬
‫الجوهري‪ :‬والحضيض‪ :‬القرار من الرض عند منقطع الجبل‪ ،‬وفي الحديث‬
‫" إنه اهدي إلى رسول ال صلى ال عليه واله هدية فلم يجد شيئا يضعه‬
‫عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ضعه بالحضيض‪ ،‬فإنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد " يعني‬
‫بالرض‪ .‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬إكاف الحمار ككتاب وغراب ووكافه‪ :‬برذعته‬
‫)‪ ،(1‬والكاف‪ :‬صانعه‪ ،‬وآكف الحمار إيكافا وأكفه تأكيفا‪ :‬شده عليه‪ .‬أقول‪:‬‬
‫سيأتي شرح الخبر بتمامه في كتاب الداب والسنن إن شاء ال تعالى‪- 4 .‬‬
‫لى‪ :‬العطار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن صفوان بن يحيى‪،‬‬
‫عن العيض بن القاسم قال‪ :‬قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السلم‪:‬‬
‫حديث يروى عن أبيك عليه السلم أنه قال‪ :‬ما شبع رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله من خبز بر قط‪ ،‬أهو صحيح ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬ما أكل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله خبز بر قط‪ ،‬ول شبع من خبز شعير قط )‪ - 5 .(2‬لى‪ :‬ابن‬
‫إدريس‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن يحيى الخزاز‪ ،‬عن موسى بن‬
‫إسماعيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬إن يهوديا كان له على رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله دنانير فتقاضاه فقال له‪ :‬يا يهودي ما عندي ما‬
‫أعطيك فقال‪ :‬فإني ل افارقك يا محمد حتى تقضيني‪ ،‬فقال‪ :‬إذا أجلس معك‪،‬‬
‫فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء‬
‫الخرة والغداة‪ ،‬وكان أصحاب رسول ال صلى ال عليه واله يتهددونه‬
‫ويتواعدونه‪ ،‬فنظر رسول ال صلى ال عليه واله إليهم فقال‪ :‬ما الذي‬
‫تصنعون به ؟ فقالوا يا رسول ال يهودي يحبسك ؟ فقال صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬لم يبعثني ربي عزوجل بأن أظلم معاهدا ول غيره‪ ،‬فلما عل النهار‬
‫قال اليهودي‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫وشطر مالي في سبيل ال‪ ،‬أما وال ما فعلت بك الذي فعلت إل لنظر إلى‬
‫نعتك في التوراة‪ ،‬فإني قرأت نعتك في التوراة‪ :‬محمد بن عبد ال مولده‬
‫بمكة‬

‫)‪ (1‬البرذعة والبردعة‪ :‬كساء يلقى على ظهر الدابة‪ (2) .‬المالى‪.192 :‬‬

‫] ‪[ 217‬‬

‫ومهاجره بطيبة‪ ،‬وليس بفظ ول غليظ ول سخاب‪ ،‬ول متزين )‪ (1‬بالفحش‪ ،‬ول قول‬
‫الخنآء‪ ،‬وأنا أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأنك رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫وهذا مالي‪ ،‬فاحكم فيه بما أنزل ال‪ ،‬وكان اليهودي كثير المال‪ ،‬ثم قال‬
‫عليه السلم‪ (2) :‬كان فراش رسول ال صلى ال عليه واله عباءة‪ ،‬وكانت‬
‫مرفقته أدم حشوها ليف‪ ،‬فثنيت له ذات ليلة‪ ،‬فلما أصبح قال‪ :‬لقد منعني‬
‫الفراش الليلة الصلة‪ ،‬فأمر عليه السلم أن يجعل بطاق واحد )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫قال الجزري‪ :‬فيه من قتل معاهدا لم يقبل ال منه صرفا ول عدل‪ ،‬يجوز أن‬
‫يكون بكسر الهاء وفتحها على الفاعل والمفعول‪ ،‬وهو في الحديث بالفتح‬
‫أشهر وأكثر‪ ،‬والمعاهد‪ :‬من كان بينك وبينه عهد‪ ،‬وأكثر ما يطلق في‬
‫الحديث على أهل الذمة‪ ،‬وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا‬
‫على ترك الحرب مدة ما‪ ،‬وقال‪ :‬الشطر )‪ :(4‬النصف‪ .‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫طيبة على وزن شيبة‪ :‬اسم مدينة الرسول صلى ال عليه واله‪ ،‬والصخب‬
‫بالصاد وبالسين‪ :‬الضجة‪ ،‬واضطراب الصوات للخصام‪ .‬قوله عليه‬
‫السلم‪ :‬ول متزين‪ ،‬في بعض النسخ بالزاء المعجمة‪ ،‬أي لم يجعل الفحش‬
‫زينة كما يتخذه اللئام‪ ،‬وفي بعضها بالراء أي ل يدنس نفسه بذلك‪ .‬والخنآء‬
‫أيضا الفحش في القول‪ ،‬والمرفقة بالكسر‪ :‬الوسادة‪ - 6 .‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه واله في بيت ام سلمة في ليلتها‪ ،‬ففقدته من‬
‫الفراش‪ ،‬فدخلها في ذلك ما يدخل النساء‪ ،‬فقامت تطلبه في جوانب البيت‬
‫حتى انتهت إليه وهو في جانب من البيت قائم رافع يديه )‪ (5‬يبكي وهو‬
‫يقول‪ " :‬اللهم ل تنزع مني )‪ (6‬صالح ما أعطيتني أبدا )‪،(7‬‬

‫)‪ (1‬ول صخاب‪ ،‬ول مترين خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ثم قال علي عليه السلم‪(3) .‬‬
‫المالي‪ (4) .279 :‬شطر المال‪ :‬قسمه نصفين‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬قائما‬
‫رافعا يديه‪ (6) .‬تنزع عنى خ ل‪ (7) .‬في المصدر بعد ذلك‪ :‬اللهم ول‬
‫تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا‪ ،‬اللهم ل تشمت بى عدوا ول حاسدا أبدا‪،‬‬
‫اللهم ل تردني في سوء استنقذتني منه أبدا‪.‬‬

‫] ‪[ 218‬‬

‫اللهم ل تشمت بي عدوا ول حاسدا أبدا‪ ،‬اللهم ول تردني في سوء استنقذتني منه‬
‫أبدا‪ ،‬اللهم ول تكلني إلي نفسي طرفة عين أبدا " قال‪ :‬فانصرفت ام سلمة‬
‫تبكي حتى انصرف رسول ال صلى ال عليه واله لبكائها فقال لها‪ :‬ما‬
‫يبكيك يا ام سلمة ؟ فقالت‪ :‬بأبي أنت وامي يا رسول ال ولم ل أبكي وأنت‬
‫بالمكان الذي أنت به من ال‪ ،‬قد غفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‪،‬‬
‫تسأله أن ل يشمت بك عدوا أبدا‪ ،‬وأن ل يردك في سوء استنقذك منه أبدا‪،‬‬
‫وأن ل ينزع منك صالحا أعطاك )‪ (1‬أبدا‪ ،‬وأن ل يكلك إلى نفسك طرفة‬
‫عين أبدا ؟ فقال‪ :‬يا ام سلمة وما يؤمنني ؟ وإنما وكل ال يونس بن متى‬
‫إلى نفسه طرفة عين وكان منه ما كان )‪ - 7 .(2‬ب‪ :‬ابن طريف )‪ ،(3‬عن‬
‫ابن علوان‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬جاء إلى النبي صلى‬
‫ال عليه واله سائل يسأله‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬هل من‬
‫أحد عنده سلف ؟ فقام رجل من النصار من بني الجبلى )‪ (4‬فقال‪ :‬عندي‬
‫يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬فأعط هذا السائل أربعة أوساق تمر‪ ،‬قال‪ :‬فأعطاه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ثم جاء النصاري بعد إلى النبي صلى ال عليه واله يتقاضاه فقال له‪:‬‬
‫يكون إن شآء ال ثم عاد إليه )‪ (5‬فقال‪ :‬يكون إن شآء ال‪ ،‬ثم عاد إليه‬
‫الثالثة فقال‪ :‬يكون إنشاء ال‪ ،‬فقال‪ :‬قد أكثرت يا رسول ال من قول‪ :‬يكون‬
‫إن شآء ال‪ ،‬قال‪ :‬فضحك رسول ال‪ ،‬وقال‪ :‬هل من رجل عنده سلف ؟‬
‫قال‪ :‬فقام رجل فقال له‪ :‬عندي‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬صالح ما أعطاك‪ (2) .‬تفسير القمي‪ (3) .432 :‬هكذا في النسخة‬
‫وفيه وهم‪ ،‬والصحيح ظريف بالظاء المعجمة‪ ،‬والرجل هو الحسن بن‬
‫ظريف بن ناصح الكوفي المترجم في فهرستى النجاشي والشيخ وخلصة‬
‫العلمة وغيرها‪ (4) .‬هكذا في الكتاب ومصدره ولم نقف عليه في كتاب‬
‫النساب‪ ،‬ولعله مصحف بنو الحبلى بالحاء المهملة‪ ،‬قال القلقشندى في‬
‫نهاية الرب‪ :51 :‬بنو الحبلى بطن من الخزرج من القحطانية‪ ،‬وهم بنو‬
‫الحبلى واسمه سالم بن غنم بن عوف ابن الخزرج‪ .‬وذكره ابن الثير‬
‫أيضا في اللباب في تهذيب النساب ‪ 275 :1‬و ‪ 276‬وضبطه بضم الحاء‬
‫وسكون الباء‪ ،‬وذكره أيضا الفيروزآبادي في القاموس‪ (5) .‬في المصدر‪:‬‬
‫ثم عاد إليه الثانية‪.‬‬

‫] ‪[ 219‬‬
‫يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬وكم عندك ؟ قال‪ :‬ما شئت‪ ،‬قال‪ :‬فأعط هذا ثمانية أوسق من‬
‫تمر‪ ،‬فقال النصاري‪ :‬إنما لي أربعة يا رسول ال‪ ،‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬وأربعة أيضا )‪ - 8 .(1‬ب‪ :‬ابن طريف )‪ ،(2‬عن ابن علوان‪،‬‬
‫عن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليه السلم أن رسول ال صلى ال عليه وآله لم‬
‫يورث دينارا ول درهما ول عبدا ول وليدة ول شاة ول بعيرا‪ ،‬ولقد قبض‬
‫صلى ال عليه واله )‪ (3‬وأن درعه مرهونة عند يهودي من يهود المدينة‬
‫بعشرين صاعا من شعير استلفها )‪ (4‬نفقة لهله )‪ - 9 .(5‬ب‪:‬‬
‫أبوالبخترى‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليه السلم أن المساكين كانوا يبيتون‬
‫في المسجد على عهد رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فأفطر النبي صلى‬
‫ال عليه واله مع المساكين الذين في المسجد ذات ليلة عند المنبر في‬
‫برمة )‪ (6‬فأكل منها ثلثون رجل‪ ،‬ثم ردت إلى أزواجه شبعهن )‪- 10 (7‬‬
‫ب‪ :‬محمد بن الوليد‪ ،‬عن ابن بكير قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫الصلة قاعدا أو يتوكأ على عصا‪ ،‬أو على حائط ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬ما شأن أبيك‬
‫وشأن هذا ؟ ما بلغ ابوك هذا بعد أن رسول ال صلى ال عليه وآله بعد ما‬
‫عظم أو بعد ما ثقل كان يصلي وهو قائم‪ ،‬و رفع إحدى رجليه حتى أنزل‬
‫ال تبارك وتعالى‪ " :‬طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " فوضعها )‪.(8‬‬
‫بيان‪ :‬لعل تحمل هذه الثقال في العبادة كان في الشريعة ثم نسخ‪ - 11 .‬ل‪:‬‬
‫محمد بن عمر الحافظ البغدادي‪ ،‬عن إسحاق بن جعفر العلوي‪ ،‬عن أبيه‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬عن علي بن محمد العلوي المعروف بالمشلل‪ ،‬عن‬
‫سليمان بن محمد القرشي‪،‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ (2) .44 :‬ذكرنا آنفا أن الصحيح ظريف بالظاء المعجمة‪ (3) .‬لقد‬
‫قبض رسول ال خ ل‪ (4) .‬استسلفها خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪) .‬‬
‫‪ (5‬قرب السناد‪ (6) .44 :‬البرمة‪ :‬القدر من الحجر‪ (7) .‬قرب السناد‪:‬‬
‫‪ (8) .69‬قرب السناد‪ 79 :‬و ‪ 80‬وللحديث ذيل تركه المصنف‪.‬‬

‫] ‪[ 220‬‬

‫عن إسحاق بن أبي زياد‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه محمد بن علي عليهما‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬خمس لست بتاركهن حتى‬
‫الممات‪ :‬لباسي الصوف )‪ ،(1‬وركوبي الحمار مؤكفا‪ ،‬وأكلي مع العبيد‪،‬‬
‫وخصفي النعل بيدي‪ ،‬وتسليمي على الصبيان لتكون سنة من بعدي )‪.(2‬‬
‫‪ - 12‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬أتاني ملك فقال‪ :‬يا محمد إن ربك يقرئك‬
‫السلم‪ ،‬ويقول‪ :‬إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا‪ ،‬قال‪ :‬فرفع رأسه إلى‬
‫السماء وقال )‪ :(3‬يا رب أشبع يوما فأحمدك‪ ،‬وأجوع يوما فأسألك )‪.(4‬‬
‫صح‪ :‬عنه عليه السلم مثله )‪ .(5‬جا‪ :‬عمر بن محمد‪ ،‬عن ابن مهرويه‪،‬‬
‫عن داود بن سليمان‪ ،‬عنه عليه السلم مثله )‪ - 13 .(6‬ن‪ :‬بإسناد التميمي‬
‫)‪ ،(7‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬كان النبي صلى‬
‫ال عليه واله يضحى بكبشين أملحين أقرنين )‪ - 14 .(8‬ن‪ :‬بهذا السناد‬
‫قال‪ :‬إن النبي صلى ال عليه واله كان يتختم في يمينه )‪ - 15 .(9‬ن‪:‬‬
‫وبهذا السناد قال‪ :‬ما شبع النبي صلى ال عليه واله من خبز بر ثلثة أيام‬
‫حتى مضى لسبيله )‪.(10‬‬

‫)‪ (1‬قد أسفلنا سابقا أن الروايات تختلف في لبس الصوف‪ ،‬فبعضها تذم ذلك‪،‬‬
‫وبعضها تستحسنه وذكرنا وجها في رفع التخالف هناك‪ (2) .‬الحديث قد‬
‫سقط عن الطبع في المطبوع أول‪ ،‬وهو موجود في طبعة قم‪ .‬راجع ص‬
‫‪ (3) .221‬في المجالس‪ :‬فرفعت رأسي إلى السماء وقلت‪ (4) .‬عيون‬
‫أخبار الرضا‪ (5) .199 :‬صحيفة الرضا‪ (6) .22 :‬أمالى المفيد‪ 72 :‬و‬
‫‪ (7) .73‬السناد هكذا‪ :‬حدثنا محمد بن عمر الحافظ قال‪ :‬حدثنا الحسن بن‬
‫عبد ال التميمي قال‪ :‬حدثنى أبى قال‪ :‬حدثنى سيدى علي بن موسى‬
‫الرضا عليه السلم ا‍ه‪ 8) .‬و ‪ (9‬عيون أخبار الرضا‪ (10) .223 :‬عيون‬
‫أخبار الرضا‪.224 :‬‬

‫] ‪[ 221‬‬

‫‪ - 16‬ن‪ :‬الحسين بن أحمد البيهقي‪ ،‬عن محمد بن يحيى الصولي‪ ،‬عن سهل بن‬
‫القاسم النوشجاني قال‪ :‬قال رجل للرضا عليه السلم‪ :‬يابن رسول ال إنه‬
‫يروى عن عروة بن زبير أنه قال‪ :‬توفي النبي صلى ال عليه واله )‪(1‬‬
‫وهو في تقية‪ ،‬فقال‪ :‬أما بعد قول ال عزوجل‪ " :‬يا أيها الرسول بلغ ما‬
‫انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وال يعصمك من الناس‬
‫" فإنه أزال كل تقية بضمان ال عزوجل له وبين أمر ال‪ ،‬ولكن قريشا‬
‫فعلت ما اشتهت بعده‪ ،‬وأما قبل نزول هذه الية فلعله )‪ - 17 .(2‬ما‪:‬‬
‫المفيد‪ ،‬عن الحسين بن محمد التمار‪ ،‬عن محمد بن إسكاب )‪ ،(3‬عن‬
‫مصعب بن المقدام بن شريح‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة أن النبي صلى ال‬
‫عليه واله كان إذا رأى ناشئا ترك كل شئ‪ ،‬وإن كان في صلة‪ ،‬وقال‪" :‬‬
‫اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه " فإن ذهب حمد ال‪ ،‬وإن أمطر قال‪" :‬‬
‫اللهم اجعله ناشئا نافعا " والناشئ‪ :‬السحاب‪ ،‬والمخيلة أيضا‪ :‬السحابة )‬
‫‪ .(4‬بيان‪ :‬قوله‪ :‬والناشئ إلى آخر الكلم إما كلم الشيخ‪ ،‬أو بعض الروات‬
‫و قال الجزرى‪ :‬فيه كان إذا رأى ناشئا في افق السماء‪ ،‬أي سحابا لم‬
‫يتكامل اجتماعه و اصطحابه‪ - 18 .‬ما‪ :‬ابن حشيش )‪ ،(5‬عن أحمد‪ ،‬عن‬
‫سليمان بن أحمد الطبراني‪ ،‬عن‪ :‬عمرو ابن ثور )‪ ،(6‬عن محمد بن‬
‫يوسف )‪ ،(7‬عن سفيان الثوري‪ ،‬عن عبد الرحمن بن القاسم‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن عائشة قال‪ :‬ما شبع آل محمد عليه السلم ثلثة أيام تباعا حتى لحق‬
‫بال عزوجل )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وآله‪ (2) .‬عيون اخبار الرضا‪ 271 :‬و‬
‫‪ (3) .272‬في المصدر‪ :‬محمد بن‪ ،‬اسكاف‪ ،‬بالفاء‪ (4) .‬أمالى ابن الشيخ‪:‬‬
‫‪ (5) .80‬في المصدر‪ :‬خشيش بالخاء المعجمة‪ ،‬وفي بعض المواضع منه‬
‫خنيس‪ ،‬وفى اخرى‪ :‬محمد بن على بن خشيش بن نصر بن جعفر بن‬
‫ابراهيم التميمي‪ (6) .‬وصفه في المصدر‪ :‬بالجزامى‪ (7) .‬وصفه في‬
‫المصدر‪ :‬بالفريابى‪ (8) .‬مجالس ابن الشيخ‪.196 :‬‬

‫] ‪[ 222‬‬

‫‪ - 19‬ما‪ :‬ابن مخلد‪ ،‬عن الخالدي )‪ ،(1‬عن الحسن بن علي القطان‪ ،‬عن عباد ابن‬
‫موسى )‪ ،(2‬عن إبراهيم بن سليمان )‪ ،(3‬عن عبد ال بن مسلم‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن جبير‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫يجلس على الرض‪ ،‬ويأكل على الرض‪ ،‬و يعتقل الشاة‪ ،‬ويجيب دعوة‬
‫المملوك على خبز الشعير )‪ - 20 .(4‬ما‪ :‬حمويه بن علي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫محمد بن بكر الهزالي )‪ ،(5‬عن الفضل بن الحباب )‪ ،(6‬عن سلم‪ ،‬عن أبي‬
‫هلل‪ ،‬عن بكر بن عبد ال أن عمر بن الخطاب دخل على النبي صلى ال‬
‫عليه واله وهو موقوذ ‪ -‬أو قال‪ :‬محموم ‪ -‬فقال له عمر‪ :‬يا رسول ال ما‬
‫أشد وعكك أو حماك ؟ فقال‪ :‬ما منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلثين سورة‬
‫فيهن السبع الطول‪ ،‬فقال عمر‪ :‬يا رسول ال غفر ال لك ما تقدم من ذنبك‬
‫وما تأخر وأنت تجتهد هذا الجتهاد ؟ فقال‪ :‬يا عمر أفل أكون عبدا‬
‫شكورا ؟ )‪ .(7‬بيان‪ :‬قال الفيروزآبادي‪ :‬الموقوذ‪ :‬الشديد المرض‬
‫المشرف‪ ،‬ووقذه‪ :‬صرعه‪ ،‬و سكنه‪ ،‬وغلبه‪ ،‬وتركه عليل كأوقذه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫الوعك‪ :‬أدنى الحمى ووجعها ومغثها )‪ (8‬في البدن‪ ،‬وألم من شدة التعب‪.‬‬
‫‪ - 21‬ع‪ :‬علي بن حاتم‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن‬

‫)‪ (1‬ابن مخلد هو محمد بن محمد بن مخلد‪ ،‬والخالدي في المصدر‪ :‬الخلدي‪(2) .‬‬
‫وصفه في المصدر بالختلى‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬أبو إسماعيل ابراهيم بن‬
‫سليمان المؤدب‪ (4) .‬مجالس ابن الشيخ‪ (5) .250 :‬هكذا في النسخة‪،‬‬
‫وفي المصدر‪ :‬الهزاني وهو الصحيح‪ ،‬قال ابن الثير في اللباب ‪:290 :3‬‬
‫الهزانى بكسر الهاء وفتح الزاى المشددة وبعد اللف نون‪ ،‬هذه النسبة‬
‫إلى هزان وهو بطن من عتيك‪ ،‬والعتيك من ربيعة‪ ،‬وهو هزان بن صباح‬
‫بن عتيك‪ ،‬منهم أبوروق أحمد بن محمد بن بكر الهزانى حدث هو وأبوه‪.‬‬
‫)‪ (6‬كناه في المصدر أبا خليفة‪ .‬ولقبه بالجحمى‪ (7) .‬مجالس ابن الشيخ‪:‬‬
‫‪ (8) .257‬مغثه الحمى‪ :‬أصابته وأخذته‪.‬‬

‫] ‪[ 223‬‬

‫موسى‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي بن الحسين‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن علي بن أبي طالب عليهم السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله مكفرا ل يشكر معروفه‪ ،‬ولقد كان معروفه على القرشي‬
‫والعربي والعجمي‪ ،‬ومن كان أعظم معروفا من رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله على هذا الخلق ؟ وكذلك نحن أهل البيت مكفرون ل يشكر معروفنا‪،‬‬
‫وخيار المؤمنين مكفرون ل يشكر معروفهم )‪ - 22 .(1‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم النهاوندي‪ ،‬عن صالح بن راهويه‪،‬‬
‫عن أبي جويد مولى الرضا عليه السلم عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬نزل‬
‫جبرئيل على النبي صلى ال عليه واله فقال‪ :‬يا محمد إن ربك يقرئك‬
‫السلم‪ ،‬ويقول‪ :‬إن البكار من النساء بمنزلة الثمر على الشجر‪ ،‬فإذا أينع‬
‫الثمر فل دواء له إل اجتناؤه‪ ،‬وإل أفسدته الشمس‪ ،‬وغيرته الريح‪ ،‬وإن‬
‫البكار إذا أدركن ما تدرك النساء فل دواء لهن إل البعول‪ ،‬وإل لم يؤمن‬
‫عليهن الفتنة‪ ،‬فصعد رسول ال صلى ال عليه واله المنبر فجمع الناس ثم‬
‫أعلمهم ما امر ال عزوجل به‪ ،‬فقالوا‪ :‬ممن يا رسول ال ؟ فقال‪ :‬من‬
‫الكفاء‪ ،‬فقالوا‪ :‬ومن الكفاء ؟ فقال‪ :‬المؤمنون بعضهم أكفاء بعض‪ ،‬ثم لم‬
‫ينزل حتى زوج ضباعة من المقداد بن السود‪ ،‬ثم قال‪ :‬أيها الناس إني‬
‫زوجت ابنة عمي المقداد ليتضع النكاح )‪ - 23 .(2‬ير‪ :‬محمد بن الحسين‪،‬‬
‫عن جعفر بن محمد بن يونس‪ ،‬عن حماد بن عثمان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إن النبي صلى ال عليه واله كان في مكان ومعه رجل من‬
‫أصحابه وأراد قضاء حاجة‪ ،‬فقام إلى الشائين يعني النخلتين‪ ،‬فقال لهم‬
‫اجتمعا‪ ،‬فاستتر بهما النبي صلى ال عليه واله فقضى حاجته‪ ،‬ثم قام فجاء‬
‫الرجل فلم ير شيئا )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬الشاء بالفتح والمد‪ :‬صغار‬
‫النخل‪ - 24 .‬ص‪ :‬الصدوق‪ :‬عن عبد ال بن حامد‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫الحسين‪ ،‬عن محمد بن يحيى أبي صالح‪ ،‬عن الليث‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن ابن‬
‫شهاب‪ ،‬عن أبي سلمة‪ ،‬أن جابر بن عبد ال‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ (2) .187 :‬علل الشرائع‪ .193 :‬قوله‪ :‬ليتضع أي ليخط‪(3) .‬‬
‫بصائر الدرجات‪.18 :‬‬

‫] ‪[ 224‬‬
‫قال‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه واله بمر الظهران )‪ (1‬يرعى الغنم )‪ ،(2‬وإن‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله قال‪ :‬عليكم بالسود منه فإنه أطيبه‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ترعى الغنم ؟ قال‪ :‬نعم وهل نبي إل رعاها ؟ )‪ - 25 .(3‬ص‪ :‬الصدوق‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن سيف بن حاتم‪ ،‬عن رجل‬
‫من ولد عمار يقال له‪ :‬أبو لؤلؤة سماه عن آبائه قال‪ :‬قال عمار رضي ال‬
‫عنه‪ :‬كنت أرعى غنيمة أهلي‪ ،‬وكان محمد صلى ال عليه واله يرعى‬
‫أيضا‪ ،‬فقلت‪ :‬يا محمد هل لك في فخ فإني تركتها روضة برق ؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫فجئتها من الغد وقد سبقني محمد صلى ال عليه واله وهو قائم يذود غنمه‬
‫عن الروضة قال‪ :‬إني كنت واعدتك فكرهت أن أرعى قبلك )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال‬
‫الفيروزآبادي‪ :‬البرق محركة‪ :‬الحمل معرب برة‪ ،‬وقال‪ :‬البرق‪ :‬غلظ فيه‬
‫حجارة ورمل وطين مختلطة‪ ،‬والبرقة بالضم‪ :‬غلظ‪ ،‬البرق وبرق‪ :‬ديار‬
‫العرب تنيف على مائة منها‪ :‬برقة الثمار‪ ،‬والوجال‪ ،‬والجداد‪ ،‬وعدها إلى‬
‫أن قال‪ :‬والنجد‪ ،‬ويثرب‪ ،‬واليمامة‪ ،‬هذه برق العرب‪ - 26 .‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫النوفلي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬خلق ال العقل فقال له‪ :‬أدبر فأدبر‪ ،‬ثم قال له‪ :‬أقبل فأقبل‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬ما خلقت خلقا أحب إلى منك‪ ،‬فأعطى ال )‪ (5‬محمدا تسعة وتسعين‬
‫جزء‪ ،‬ثم قسم بين العباد جزء واحدا )‪ - 27 .(6‬صح‪ :‬عن الرضا‪ ،‬عن‬
‫آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬ضعفت عن‬

‫)‪ (1‬قال ياقوت‪ :‬ظهران‪ :‬واد قرب مكة‪ ،‬وعنده قرية يقال له‪ :‬مر‪ ،‬تضاف إلى هذا‬
‫الوادي فيقال‪ :‬مر الظهران‪ (2) .‬نرعى الغنم خ‪ 3) .‬و ‪ (4‬قصص النبياء‪:‬‬
‫مخطوط‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬قال‪ :‬فأعطى ال‪ (6) .‬المحاسن‪.192 :‬‬

‫] ‪[ 225‬‬

‫الصلة والجماع )‪ ،(1‬فنزلت علي قدر من السماء‪ ،‬فأكلت منها فزاد في قوتي قوة‬
‫أربعين رجل في البطش والجماع )‪ - 28 .(2‬صح‪ :‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬كنا مع النبي صلى ال‬
‫عليه واله في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ومعها كسيرة من خبز فدفعتها‬
‫إلى النبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬ما هذه‬
‫الكسيرة ؟ قالت‪ :‬خبزته قرصا )‪ (3‬للحسن والحسين جئتك منه بهذه‬
‫الكسيرة‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬يا فاطمة أما إنه أول طعام دخل‬
‫جوف أبيك منذ ثلث )‪ .(4‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة عنه عليه السلم مثله )‪.(5‬‬
‫‪ - 29‬سن‪ :‬علي بن الحكم‪ ،‬عن أبي المغرا‪ ،‬عن ابن خارجة‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله يأكل أكل العبد‪ ،‬ويجلس جلوس العبد‪ ،‬و يعلم أنه عبد )‪ .(6‬بيان‪ :‬أكل‬
‫العبد‪ :‬الكل على الرض كما مر‪ ،‬وجلوس العبد‪ :‬الجلوس على الركبتين‪.‬‬
‫‪ - 30‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يأكل أكل‬
‫العبد‪ ،‬ويجلس جلسة العبد‪ ،‬وكان يأكل على الحضيض‪ ،‬وينام على‬
‫الحضيض‪ - 31 .‬سن‪ :‬صفوان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن الحسن الصيقل قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬مرت امرأة بدوية )‪ (7‬برسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وهو يأكل وهو جالس على‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ضعفت عن الصلة والصيام والجماع‪ (2) .‬صحيفة الرضا‪) .11 :‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬قالت‪ :‬خبز اخبزته للحسن‪ .‬وفي العيون‪ :‬قرصا خبزتها‪.‬‬
‫)‪ (4‬صحيفة الرضا‪ (5) .15 :‬عيون اخبار الرضا‪ 205 :‬و ‪(6) .206‬‬
‫المحاسن‪ (7) .456 :‬بذية خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 226‬‬

‫الحضيض‪ ،‬فقالت‪ :‬يا محمد وال إنك لتأكل أكل العبد‪ ،‬وتجلس جلوسه‪ ،‬فقال لها‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬ويحك أي عبد أعبد مني ؟ قالت‪ :‬فناولني‬
‫لقمة من طعامك‪ ،‬فناولها‪ ،‬فقالت‪ :‬ل وال إل التي في فمك )‪ ،(1‬فأخرج‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله اللقمة من فمه فناولها‪ ،‬فأكلتها‪ ،‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬فما أصابها داء حتى فارقت الدنيا )‪ .(2‬مكا‪ :‬من‬
‫كتاب النبوة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪ .(3‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن صفوان مثله )‪ - 32 .(4‬يج‪ :‬روي عن الصادق عليه السلم أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله أقبل إلى الجعرانة )‪ (5‬فقسم فيها الموال‪ ،‬وجعل‬
‫الناس يسألونه فيعطيهم حتى ألجؤوه إلى الشجرة‪ ،‬فأخذت برده وخدشت‬
‫ظهره حتى جلوه عنها وهم يسألونه‪ ،‬فقال‪ :‬أيها الناس ردوا علي بردي‪،‬‬
‫وال لو كان عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته بينكم‪ ،‬ثم ما ألفيتموني‬
‫جبانا ول بخيل‪ ،‬ثم خرج من الجعرانة في ذي القعدة‪ ،‬قال‪ :‬فما رأيت تلك‬
‫الشجرة إل خضراء كأنما يرش عليه الماء‪ - 33 .‬وفي رواية اخرى‪ :‬حتى‬
‫انتزعت الشجرة ردائه‪ ،‬وخدشت الشجرة ظهره )‪ .(6‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪:‬‬
‫جلوا عن أوطانهم وجلوتهم أنا‪ ،‬يتعدى ول يتعدى‪ - 34 .‬قب‪ :‬أما آدابه‬
‫صلى ال عليه واله فقد جمعها بعض العلماء والتقطها من الخبار‪ :‬كان‬
‫النبي صلى ال عليه واله أحكم الناس وأحلمهم وأشجعهم وأعدلهم‬
‫وأعطفهم‪ ،‬لم تمس يده يد امرأة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في فيك‪ ،‬وفي الكافي‪ :‬إل الذي في فيك‪ (2) .‬حتى فارقت الدنيا‬
‫روحها خ ل‪ .‬المحاسن‪ (3) .457 :‬مكارم الخلق‪ (4) .15 :‬فروع الكافي‬
‫‪ (5) .157 :2‬الجعرانة بكسر اوله‪ ،‬وسكون الثاني‪ ،‬وقد يكسر ويشدد‬
‫الراء‪ :‬هي ماء بين الطائف و مكة‪ ،‬وهي إلى مكة أقرب‪ ،‬قيل‪ :‬هي من‬
‫مكة على بريد من طريق العراق‪ (6) .‬لم نجد الحديث في الخرائج‬
‫المطبوع‪ ،‬وذكرنا قبل ذلك كرارا أن نسخة خرائج المصنف كانت تتفاوت‬
‫مع المطبوع‪.‬‬

‫] ‪[ 227‬‬

‫ل تحل‪ ،‬وأسخى الناس‪ ،‬ل يثبت عنده دينار ول درهم‪ ،‬فان فضل ولم يجد من يعطيه‬
‫و يجنه الليل لم يأو إلى منزله حتى يتبرء منه إلى من يحتاج إليه‪ ،‬ل يأخذ‬
‫مما آتاه ال إل قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر والشعير‪ ،‬ويضع‬
‫سائر ذلك في سبيل ال‪ ،‬ول يسأل شيئا إل أعطاه‪ ،‬ثم يعود إلى قوت عامه‬
‫فيؤثر منه حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شئ‪ ،‬وكان يجلس‬
‫على الرض‪ ،‬وينام عليها‪ ،‬ويأكل عليها‪ ،‬وكان يخصف النعل‪ ،‬ويرقع‬
‫الثوب‪ ،‬ويفتح الباب‪ ،‬ويحلب الشاة‪ ،‬ويعقل البعير فيحلبها‪ ،‬ويطحن مع‬
‫الخادم إذا أعيا‪ ،‬ويضع طهوره بالليل بيده‪ ،‬ول يتقدمه مطرق‪ ،‬ول يجلس‬
‫مكتئا‪ ،‬ويخدم في مهنة أهله‪ ،‬ويقطع اللحم‪ ،‬وإذا جلس على الطعام جلس‬
‫محقرا‪ ،‬وكان يلطع أصابعه‪ ،‬ولم يتجشأ قط‪ ،‬ويجيب دعوة الحر والعبد ولو‬
‫على ذراع أو كراع‪ ،‬ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ويأكلها‪ ،‬ول يأكل‬
‫الصدقة‪ ،‬ل يثبت بصره في وجه أحد‪ ،‬يغضب لربه ول يغضب لنفسه‪ ،‬وكان‬
‫يعصب )‪ (1‬الحجر على بطنه من الجوع‪ ،‬يأكل ما حضر‪ ،‬ول يرد ما وجد‪،‬‬
‫ل يلبس ثوبين‪ ،‬يلبس بردا حبرة يمنية‪ ،‬وشملة )‪ (2‬جبة صوف‪ ،‬والغليظ‬
‫من القطن والكتان‪ ،‬وأكثر ثيابه البياض‪ ،‬ويلبس العمامة )‪ ،(3‬ويلبس‬
‫القميص من قبل ميامنه‪ ،‬وكان له ثوب للجمعة خاصة‪ ،‬وكان إذا لبس‬
‫جديدا أعطى خلق ثيابه مسكينا‪ ،‬وكان له عباء يفرش له حيث ما ينقل تثنى‬
‫)‪ (4‬ثنيتين‪ ،‬يلبس خاتم فضة في خنصره اليمن‪ ،‬يحب البطيخ‪ ،‬ويكره‬
‫الريح الردية‪ :‬ويستاك عند الوضوء‪ ،‬يردف )‪ (5‬خلفه عبده أو غيره‪،‬‬
‫يركب )‪ (6‬ما أمكنه من فرس أو بغلة أو حمار‪ ،‬ويركب الحمار بل سرج‬
‫وعليه العذار )‪ ،(7‬ويمشي راجل و‬

‫)‪ (1‬أي يشد‪ (2) .‬الشملة‪ :‬كساء واسع يشتمل به‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ويلبس‬
‫العمامة تحت العمامة‪ (4) .‬أي يطوى ويرد بعضه على بعض‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ويردف‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬ويركب‪ (7) .‬العذار بالكسر‪ :‬ما سال‬
‫من اللجام على خد الفرس‪.‬‬

‫] ‪[ 228‬‬
‫حافيا بل رداء ول عمامة ول قلنسوة‪ ،‬ويشيع الجنائز‪ ،‬ويعود المرضى في أقصى‬
‫المدينة‪ ،‬يجالس الفقراء‪ ،‬ويؤاكل المساكين‪ ،‬ويناولهم بيده‪ ،‬ويكرم أهل‬
‫الفضل في أخلقهم‪ ،‬و يتألف أهل الشرف بالبر لهم‪ ،‬يصل ذوي رحمه من‬
‫غير أن يؤثرهم على غيرهم إل بما أمر ال‪ ،‬ول يجفو على أحد‪ ،‬يقبل‬
‫معذرة المعتذر إليه‪ ،‬وكان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه قرآن أو لم‬
‫تجر عظة‪ ،‬وربما ضحك من غير قهقهة‪ ،‬ل يرتفع على عبيده وإمائه في‬
‫مأكل ول ملبس )‪ ،(1‬ما شتم أحدا بشتمة ول لعن امرأة ول خادما بلعنة‪،‬‬
‫ول لموا أحدا إل قال‪ :‬دعوه‪ ،‬ول يأتيه أحد حر أو عبد أو أمة إل قام معه‬
‫في حاجته‪ ،‬ل فظ ول غليظ‪ ،‬ول صخاب في السواق‪ ،‬ول يجزي بالسيئة‬
‫السيئة‪ ،‬ولكن يغفر ويصفح‪ ،‬يبدأ من لقيه بالسلم‪ ،‬ومن رامه )‪ (2‬بحاجة‬
‫صابره حتى يكون هو المنصرف‪ ،‬ما أخذ أحد يده فيرسل يده حتى يرسلها‪،‬‬
‫وإذا القي مسلما بدأه بالمصافحة‪ ،‬وكان ل يقوم ول يجلس إل على ذكر‬
‫ال‪ ،‬وكان ل يجلس إليه أحد وهو يصلي إل خفف صلته وأقبل عليه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬ألك حاجة ؟ وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا‪ ،‬يجلس )‪(3‬‬
‫حيث ينتهى به المجلس‪ ،‬وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة‪ ،‬وكان يكرم‬
‫من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه‪ ،‬ويؤثر الداخل بالوسادة التي تحته‪،‬‬
‫وكان في الرضا والغضب ل يقول‪ :‬إل حقا‪ ،‬وكان يأكل القثاء بالرطب و‬
‫الملح‪ ،‬وكان أحب الفواكه الرطبة إليه البطيخ والعنب‪ ،‬وأكثر طعامه الماء‬
‫والتمر‪ ،‬و كان يتمجع اللبن بالتمر ويسميهما الطيبين‪ ،‬وكان أحب الطعام‬
‫إليه اللحم‪ ،‬ويأكل الثريد باللحم‪ ،‬وكان يحب القرع‪ ،‬وكان يأكل لحم الصيد‬
‫ول يصيده‪ ،‬وكان يأكل الخبز والسمن‪ ،‬وكان يحب من الشاة الذراع‬
‫والكتف‪ ،‬ومن القدر الدبا‪ ،‬ومن الصباغ الخل‪ ،‬ومن التمر العجوة )‪،(4‬‬
‫ومن البقول الهندبا والباذروج )‪ (5‬والبقلة اللينة )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ول في ملبس‪ (2) .‬أي قصده وأتاه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وكان‬
‫يجلس‪ (4) .‬العجوة‪ :‬التمر المحشى في وعائه‪ (5) .‬الهندبا والهندباء‪:‬‬
‫بقل معروف‪ ،‬يقال له بالفارسية‪ :‬كاسنى‪ .‬والباذروج قال الفيروزآبادي‬
‫بفتح الذال‪ :‬بقلة يقوى القلب جدا ويقبض إل ان يصادف فضلة فيسهل‪) .‬‬
‫‪ (6‬مناقب آل أبي طالب ‪ 100 :1‬و ‪.101‬‬

‫] ‪[ 229‬‬

‫بيان‪ :‬قوله‪ :‬ل يتقدمه مطرق‪ ،‬أي كان أكثر الناس إطرافا إلى الرض حياء‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫أطرق‪ ،‬أي سكت ولم يكلم‪ ،‬وأرخى عينيه ينظر إلى الرض‪ ،‬والمهنة بالفتح‬
‫و الكسر‪ :‬الخدمة‪ ،‬ولطع الصابع‪ :‬لحسها ومصها بعد الطعام‪ :‬والكراع‬
‫كغراب من البقر والغنم‪ :‬مستدق الساق‪ .‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬المجيع‪ :‬تمر‬
‫يعجن بلبن‪ ،‬وتمجع‪ :‬أكل التمر اليابس باللبن معا‪ ،‬وأكل التمر وشرب عليه‬
‫اللبن‪ - 35 .‬مكا‪ :‬في تواضعه وحيائه‪ :‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬كان رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله يعود المريض‪ ،‬ويتبع الجنازة‪ ،‬ويجيب دعوة‬
‫المملوك‪ ،‬ويركب الحمار‪ ،‬وكان يوم خيبر ويوم قريظة والنضير على حمار‬
‫مخطوم )‪ (1‬بحبل من ليف تحته اكاف من ليف‪ .‬وعن أنس بن مالك قال‪:‬‬
‫لم يكن شخص أحب إليهم من رسول ال‪ ،‬وكانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه‬
‫لما يعرفون من كراهيته )‪ .(2‬وعن ابن عباس قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله يجلس على الرض‪ ،‬ويأكل على الرض ويعتقل الشاة‪،‬‬
‫ويجيب دعوة المملوك‪ .‬وعن أنس بن مالك قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله مر على صبيان فسلم عليهم وهو مغذ‪ .‬عن أسماء بنت يزيد أن‬
‫النبي صلى ال عليه واله مر بنسوة فسلم عليهن‪ .‬وعن ابن مسعود قال‪:‬‬
‫أتى النبي صلى ال عليه واله رجل يكلمه فأرعد‪ ،‬فقال‪ :‬هون عليك‪ ،‬فلست‬
‫بملك‪ ،‬إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد )‪ .(3‬عن أبي ذر قال‪ :‬كان رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله يجلس بين ظهراني )‪ (4‬أصحابه فيجئ الغريب فل‬
‫يدري أيهم هو‪ ،‬حتى يسأل‪ ،‬فطلبنا إلى النبي صلى ال عليه واله أن يجعل‬
‫مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه‪ ،‬فبنينا له دكانا )‪ (5‬من طين‪ ،‬وكان يجلس‬
‫عليه‪ ،‬ونجلس بجانبيه‪.‬‬

‫)‪ (1‬خطمه بالخطام‪ :‬جعله على أنفه‪ ،‬والخطام‪ :‬حبل يجعل في عنق البعير وغيره‬
‫ويثنى في خطمه وأنفه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬كراهية لذلك‪ (3) .‬مكارم‬
‫الخلق‪ (4) .14 :‬ظهرانى بالفتح أي وسطهم‪ (5) .‬الدكان‪ :‬شئ‬
‫كالمصطبة يقعد عليه‪ .‬والمصطبة‪ :‬مكان ممهد قليل الرتفاع عن الرض‪،‬‬
‫يجلس عليه‪.‬‬

‫] ‪[ 230‬‬

‫وسئلت عائشة ما كان النبي صلى ال عليه واله يصنع إذا خل ؟ قالت‪ :‬يخيط ثوبه‪،‬‬
‫ويخصف نعله‪ ،‬ويصنع ما يصنع الرجل في أهله‪ .‬وعنها‪ :‬أحب العمل إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله الخياطة‪ .‬وعن أنس بن مالك قال‪ :‬خدمت‬
‫النبي صلى ال عليه واله تسع سنين فما أعلمه قال لي قط‪ :‬هل فعلت كذا‬
‫وكذا ؟ ول عاب علي شيئا قط‪ .‬وعن أنس بن مالك قال‪ :‬صحبت رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله عشر سنين‪ ،‬وشممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب‬
‫من نكهته‪ ،‬وكان إذا لقيه واحد )‪ (1‬من أصحابه قام معه‪ ،‬فلم ينصرف حتى‬
‫يكون الرجل ينصرف عنه )‪ ،(2‬وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده‬
‫ناولها إياه‪ ،‬فلم ينزع عنه حتى يكون الرجل هو الذى ينزع عنه‪ ،‬وما‬
‫أخرج ركبتيه بين جليس )‪ (3‬له قط‪ ،‬وما قعد إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله رجل قط فقام حتى يقوم )‪ .(4‬وعن أنس بن مالك قال‪ :‬إن النبي صلى‬
‫ال عليه واله أدركه أعرابي فأخذ بردائه فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت‬
‫إلى صفحة عنق رسول ال صلى ال عليه واله وقد أثرت به حاشية الرداء‬
‫من شدة جبذته‪ ،‬ثم قال له‪ :‬يا محمد مر لي من مال ال الذي عندك‪ ،‬فالتفت‬
‫إليه رسول ال صلى ال عليه واله فضحك وأمر له بعطاء‪ .‬عن أبي سعيد‬
‫الخدري يقول‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله حييا )‪ (5‬ل يسأل شيئا‬
‫إل أعطاه‪ .‬وعنه قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله أشد حياء من‬
‫العذراء في خدرها‪ ،‬وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه‪ .‬وعن ابن مسعود‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬ل يبلغني أحد منكم عن أصحابي‬
‫شيئا‪،‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬أحد‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬حتى يكون الرجل هو الذي‬
‫ينصرف عنه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬بين يدى جليس‪ (4) .‬مكارم الخلق‪:‬‬
‫‪ (5) .15‬الحيى‪ :‬ذو الحياء‪.‬‬

‫] ‪[ 231‬‬

‫فإني احب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر )‪ .(1‬في جوده‪ :‬عن أمير المؤمنين علي‬
‫بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله أجود‬
‫الناس كفا‪ ،‬وأكرمهم عشرة )‪ ،(2‬من خالطه فعرفه أحبه‪ .‬من كتاب النبوة‬
‫عن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه واله قال‪ :‬أنا أديب ال وعلي‬
‫أديبي‪ ،‬أمرني ربي بالسخاء والبر‪ ،‬ونهاني عن البخل والجفاء‪ ،‬وما شئ‬
‫أبغض إلى ال عزوجل من البخل وسوء الخلق‪ ،‬وإنه ليفسد العمل كما‬
‫يفسد الطين )‪ (3‬العسل‪ .‬وبرواية اخرى عن أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫كان إذا وصف رسول ال صلى ال عليه واله قال‪ :‬كان أجود الناس كفا‪،‬‬
‫وأجرء الناس صدرا‪ ،‬وأصدق الناس لهجة‪ ،‬وأوفاهم ذمة‪ ،‬وألينهم عريكة‪:‬‬
‫وأكرمهم عشرة‪ ،‬ومن رآه بديهة هابه‪ ،‬ومن خالطه فعرفه أحبه‪ ،‬لم أر‬
‫مثله قبله ول بعده‪ .‬وعن ابن عمر قال‪ :‬ما رأيت أحدا أجود ول أنجد ول‬
‫أشجع ول أوضأ )‪ (4‬من رسول ال صلى ال عليه وآله )‪ .(5‬وعن جابر‬
‫بن عبد ال قال‪ :‬ما سئل رسول ال صلى ال عليه واله شئ )‪ (6‬قط قال‪:‬‬
‫ل‪ .‬وعن ابن عباس قال‪ :‬كان المسلمون ل ينظرون إلى أبي سفيان ول‬
‫يقاعدونه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال ثلث أعطنيهن‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬عندي أحسن‬
‫العرب وأجمله ام حبيبة ازوجكها )‪ ،(7‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ومعاوية تجعله كاتبا‬
‫بين يديك‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال مرني‬
‫)‪ (1‬مكارم الخلق‪ (2) .16 :‬في نسخة من المصدر‪ :‬عشيرة‪ (3) .‬في نسخة من‬
‫المصدر‪ :‬الخل‪ (4) .‬أي أنظف‪ (5) .‬مكارم الخلق‪ (6) .16 :‬شيئا خ ل‬
‫وفي نسخة من المصدر‪ :‬لم يكن يسأل رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وفيها‪ :‬فتقول‪ :‬ل‪ (7) .‬هذا ل يصح لن النبي صلى ال عليه وآله زوج ام‬
‫حبيبة سنة سبع من الهجرة وأبو سفيان أسلم عام الفتح في سنة ثمان‬
‫بعد تزويجه صلى ال عليه وآله اياها‪.‬‬

‫] ‪[ 232‬‬

‫حتى اقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال ابن زميل‪ :‬ولو ل أنه طلب ذلك‬
‫من النبي صلي ال عليه وآله ما أعطاه‪ ،‬لنه لم يكن يسأل شيئا قط إل قال‪:‬‬
‫نعم‪ .‬وعن عمر أن رجل أتى النبي صلى ال عليه واله فقال )‪ :(1‬ما عندي‬
‫شئ‪ ،‬ولكن اتبع علي‪ ،‬فإذا جاءنا شئ قضينا‪ ،‬قال عمر‪ :‬فقلت‪ :‬يا رسول‬
‫ال ما كلفك ال ما ل تقدر عليه‪ ،‬قال‪ :‬فكره النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال‬
‫)‪ (2‬الرجل‪ :‬أنفق ول تخف من ذي العرش إقلل‪ ،‬قال‪ :‬فتبسم النبي صلى‬
‫ال عليه واله وعرف السرور في وجهه )‪ .(3‬في شجاعته‪ :‬عن علي عليه‬
‫السلم قال‪ :‬لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى ال عليه واله وهو‬
‫أقربنا إلى العدو‪ ،‬وكان من أشد الناس يومئذ بأسا‪ .‬وعنه عليه السلم قال‪:‬‬
‫كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول ال صلى ال عليه واله‬
‫فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه‪ .‬وعن أنس بن مالك قال‪ :‬كان بالمدينة‬
‫فزع فركب النبي صلى ال عليه واله فرسا لبي طلحة‪ ،‬فقال‪ :‬ما رأينا من‬
‫شئ وإن وجدناه لبحرا‪ .‬وبرواية اخرى عن أنس قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله أشجع الناس‪ ،‬وأحسن الناس‪ ،‬وأجود الناس‪ ،‬قال‪ :‬فزع أهل‬
‫المدينة ليلة فانطلق الناس قبل الصوت‪ ،‬قال‪ :‬قتلقاهم رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله وقد سبقهم وهو يقول‪ :‬لن )‪ (4‬تراعوا‪ ،‬وهو على فرس لبي‬
‫طلحة وفي عنقه السيف‪ ،‬قال‪ :‬فجعل يقول للناس‪ :‬لم تراعوا وجدناه بحرا‪،‬‬
‫أو أنه لبحر )‪ .(5‬في علمة رضاه وغضبه‪ :‬عن ابن عمر قال‪ :‬كان رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله يعرف رضاه وغضبه في وجهه‪ ،‬كان إذا رضي‬
‫فكأنما تلحك الجذر )‪ (6‬وجهه‪ ،‬وإذا غضب خسف لونه واسود‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فسأله فقال‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فكره النبي صلى ال عليه وآله‬
‫قوله ذلك فقال‪ (3) .‬مكارم الخلق‪ .17 :‬وفيه‪ :‬حتى عرف السرور في‬
‫وجهه‪ (4) .‬لم تراعوا خ ل‪ (5) .‬مكارم الخلق‪ (6) .17 :‬هكذا في نسخة‬
‫المصنف‪ ،‬والظاهر أنه مصحف الجدر‪ .‬كما في المصدر وما يأتي بعد ذلك‬
‫وفي تفسير اللغات‪.‬‬
‫] ‪[ 233‬‬

‫عن كعب بن مالك قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا سره المر استنار‬
‫وجهه كأنه دارة القمر‪ .‬عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‬
‫قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا رأى ما يحب قال‪ :‬الحمد ل‬
‫الذي بنعمته تتم الصالحات‪ .‬عن عبد ال بن مسعود‪ ،‬يقول‪ :‬شهدت من‬
‫المقداد مشهدا لن أكون أنا صاحبه أحب إلي مما في الرض من شئ‪،‬‬
‫قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله إذا غضب احمر وجهه‪ .‬عن ابن عمر‬
‫قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله يعرف رضاه وغضبه بوجهه‪ ،‬كان إذا‬
‫رضي فكأنما تلحك الجدر وجهه )‪ ،(1‬وإذا غضب خسف لونه واسود‪ .‬قال‬
‫أبو البدر‪ :‬سمعت أبا الحكم الليثي يقول‪ :‬هي المرآة توضع في الشمس‬
‫فيرى ضوءها على الجدار يعني قوله‪ :‬تلحك )‪ (2‬الجدر‪ .‬في الرفق بامته‪:‬‬
‫عن أنس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا فقد الرجل من إخوانه‬
‫ثلثة أيام سأل عنه‪ ،‬فإن كان غائبا دعا له‪ ،‬وإن كان شاهدا زاره‪ ،‬وإن كان‬
‫مريضا عاده‪ .‬عن جابر بن عبد ال قال‪ :‬غزا رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله إحدى وعشرين غزوة بنفسه‪ ،‬شاهدت )‪ (3‬منها تسعة عشر‪ ،‬وغبت‬
‫عن اثنتين‪ ،‬فبينا أنا معه في بعض غزواته إذ أعيانا ضحى )‪ (4‬تحتي‬
‫بالليل فبرك‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه واله في آخرنا في آخريات‬
‫الناس‪ ،‬فيزجي الضعيف ويردف )‪ (5‬ويدعو لهم‪ ،‬فانتهى إلي وأنا أقول‪ :‬يا‬
‫لهف امياه )‪ ،(6‬وما زال لنا ناضح سوء‪ ،‬فقال‪ :‬من هذا ؟ فقلت‪ :‬أنا جابر‬
‫بأبي أنت وامي يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬ما‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فكأنما يلحك الجدر ضوء وجهه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬يلحك‪(3) .‬‬
‫شهدت خ ل‪ (4) .‬أي أعجزنا بعيرى‪ .‬وبرك البعير‪ :‬استناخ‪ ،‬وهو أن‬
‫يلصق صدره بالرض‪ (5) .‬في نسخة من المصدر‪ :‬ويردفه‪ (6) .‬في‬
‫نسخة من المصدر‪ ،‬اماه‪.‬‬

‫] ‪[ 234‬‬

‫شأنك ؟ قلت‪ :‬أعيا ناضحى‪ ،‬فقال‪ :‬أمعك عصا ؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فضربه‪ ،‬ثم بعثه‪ ،‬ثم‬
‫أناخه ووطئ على ذراعه‪ ،‬وقال‪ :‬اركب فركبت فسايرته فجعل جملي‬
‫يسبقه‪ ،‬فاستغفر لي تلك الليلة خمس وعشرين مرة‪ ،‬فقال لي‪ :‬ما ترك عبد‬
‫ال من الولد ؟ يعني أباه‪ ،‬قلت‪ :‬سبع نسوة‪ ،‬قال‪ :‬أبوك عليه دين ؟ قلت‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإذا قدمت المدينة فقاطعهم‪ ،‬فإن أبوا فإذا حضر جذاذ )‪ (1‬نخلكم‬
‫فأذني‪ ،‬وقال‪ :‬هل تزوجت ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬بمن ؟ قلت‪ :‬بفلنة بنت فلن‬
‫بأيم )‪ (2‬كانت بالمدينة‪ ،‬قال‪ :‬فهل فتاة تلعبها وتلعبك ؟ قلت‪ :‬يا رسول‬
‫ال كن عندي نسوة خرق )‪ ،(3‬يعني أخواته‪ :‬فكرهت أن آتيهن بامرأة‬
‫خرقاء‪ ،‬فقلت‪ :‬هذه أجمع لمري‪ ،‬قال‪ :‬أصبت ورشدت‪ ،‬فقال‪ :‬بكم اشتريت‬
‫جملك ؟ فقلت‪ :‬بخمس أواق من ذهب‪ ،‬قال‪ :‬قد أخذناه )‪ ،(4‬فلما قدم‬
‫المدينة أتيته بالجمل فقال‪ :‬يا بلل أعطه خمس اواق من ذهب يستعين به )‬
‫‪ (6‬في دين عبد ال‪ ،‬وزده ثلثا واردد عليه جمله‪ ،‬قال‪ :‬هل قاطعت غرماء‬
‫عبد ال ؟ قلت‪ :‬ل يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬أترك وفآء )‪ (5‬؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬ل‬
‫عليك إذا حضر جذاذ )‪ (7‬نخلكم فأذني‪ ،‬فأذنته فجاء فدعا لنا فجذذنا‬
‫واستوفى كل غريم كان يطلب تمرا وفآء‪ ،‬وبقي لنا ما كنا نجذ وأكثر‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬ارفعوا ول تكيلوا فرفعناه وأكلنا منه زمانا‬
‫)‪ .(8‬وعن ابن عباس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا حدث‬
‫الحديث أو سأل عن المر كرره ثلثا ليفهم ويفهم عنه‪.‬‬

‫)‪ (1‬جذاذ النخل‪ :‬صرامها أي قطع ثمرتها‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬جداد بالمهملة‪ ،‬والمعنى‬
‫واحد‪ (2) .‬آم الرجل من زوجته أو المرأة من زوجها‪ :‬فقدها أو فقدته‪،‬‬
‫فهو وهى أيم‪ (3) .‬جمع الخرقاء‪ :‬الحمقاء‪ (4) .‬في نسخة من المصدر‪:‬‬
‫قال‪ :‬يعينه ولك ظهره إلى المدينة‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬يستعين بها‪ ،‬وفيه‪:‬‬
‫ورد عليه جمله‪ (6) .‬في نسخة من المصدر‪ :‬أتراك وفاء ؟ أقول‪ :‬تراك‬
‫ككتاب‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬فإذا حضر جداد نخلكم‪ .‬وفيه بعد ذلك‪ :‬فجدونا‪) .‬‬
‫‪ (8‬مكارم الخلق‪ 18 :‬و ‪.19‬‬

‫] ‪[ 235‬‬

‫وعن ابن عمر قال‪ :‬قال رجل‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬فقال‪ :‬لبيك‪ .‬وروي عن زيد بن ثابت‬
‫أن النبي صلى ال عليه وآله كنا إذا جلسنا إليه إن أخذنا بحديث في ذكر‬
‫الخرة أخذ معنا‪ ،‬وإن أخذنا في الدنيا أخذ معنا‪ ،‬وإن أخذنا في ذكر الطعام‬
‫والشراب أخذ معنا‪ ،‬فكل هذا احدثكم عن رسول ال صلى ال عليه واله‪.‬‬
‫عن أبي الحميسآء )‪ (1‬قال‪ :‬بايعت النبي صلى ال عليه واله قبل أن يبعث‬
‫فواعدنيه )‪ (2‬مكانا فنسيته يومي والغد‪ ،‬فأتيته يوم الثالث‪ ،‬فقال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬يا فتى لقد شققت )‪ (3‬علي‪ ،‬أنا هاهنا منذ ثلثة أيام‪ .‬وعن‬
‫جرير بن عبد ال أن النبي صلى ال عليه واله دخل بعض بيوته فامتل‬
‫البيت‪ ،‬ودخل جرير فقعد خارج البيت‪ ،‬فأبصره النبي صلى ال عليه واله‬
‫فأخذ ثوبه فلفه فرمى به إليه‪ ،‬وقال‪ :‬اجلس على هذا‪ ،‬فأخذ جرير )‪(4‬‬
‫فوضعه على وجهه فقبله‪ .‬عن سلمان الفارسي قال‪ :‬دخلت على رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا سلمان‬
‫ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقى له الوسادة إكراما له إل غفر ال‬
‫له )‪ .(5‬في بكائه صلى ال عليه واله‪ :‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬رأيت‬
‫إبراهيم بن رسول ال صلى ال عليه واله وهو يجود بنفسه فدمعت عيناه‬
‫)‪ ،(6‬فقال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬تدمع العين‪ ،‬ويحزن القلب‪ ،‬ول‬
‫أقول‪ :‬إل ما يرضى ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون )‪ .(7‬عن خالد بن‬
‫سلمة المخزومي قال‪ :‬لما اصيب زيد بن حارثة انطلق رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬ابن أبي حمساء‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فواعدته‪ (3) .‬أي‬
‫أوقعتني في المشقة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فأخذه جرير‪ (5) .‬مكارم الخلق‪:‬‬
‫‪ 19‬و ‪ .20‬وفي المصدر بعد ذلك زيادة أوردها في الباب التى‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬عينا رسول ال صلى ال عليه واله فقال‪ :‬تدمع العين‪(7) .‬‬
‫مكارم الخلق‪.20 :‬‬

‫] ‪[ 236‬‬

‫إلى منزله‪ ،‬فلما رأته ابنته جهشت فانتحب )‪ (1‬رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫وقال له بعض أصحابه‪ :‬ما هذا يا رسول ال ؟ قال‪ :‬هذا شوق الحبيب إلى‬
‫الحبيب‪ .‬في مشيه صلى ال عليه واله‪ :‬عن علي بن أبي طالب عليه السلم‬
‫قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما يتقلع‬
‫من صبب‪ ،‬لم أر قبله ول بعده مثله‪ .‬عن جابر قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله إذا خرج مشى أصحابه أمامه‪ ،‬وتركوا ظهره للملئكة‪ .‬عن‬
‫ابن عباس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا مشى مشى مشيا‬
‫يعرف أنه ليس بمشي عاجز ول بكسلن‪ .‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬كنا إذا‬
‫أتينا النبي صلى ال عليه واله جلسنا حلقة )‪ .(2‬وروي أن رسول ال ل‬
‫يدع أحدا يمشي معه إذا كان راكبا حتى يحملهم معه‪ ،‬فإن أبى قال‪ :‬تقدم‬
‫أمامي‪ ،‬وأدركني في المكان الذي تريد‪ ،‬ودعاه صلى ال عليه واله قوم من‬
‫أهل المدينة إلى طعام صنعوه له ولصحاب له خمسة‪ ،‬فأجاب دعوتهم‪،‬‬
‫فلما كان في بعض الطريق أدركهم سادس فماشاهم‪ ،‬فلما دنوا من بيت‬
‫القوم قال للرجل السادس‪ :‬إن القوم لم يدعوك‪ ،‬فاجلس حتى نذكر لهم‬
‫مكانك ونستأذنهم بك )‪ .(3‬في جمل من أحواله وأخلقه‪ :‬من كتاب النبوة‬
‫عن علي عليه السلم قال‪ :‬ما صافح رسول ال صلى ال عليه واله أحدا‬
‫قط فنزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده‪ ،‬وما فاوضه أحد قط في‬
‫حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل ينصرف )‪ ،(4‬وما نازعه‬
‫الحديث حتى يكون )‪ (5‬هو الذي يسكت‪ ،‬وما رأى مقدما رجله بين يدي‬
‫جليس له قط‪ ،‬ول عرض له‬

‫)‪ (1‬جهش‪ :‬فزع باكيا‪ .‬أو متهيئا للبكاء‪ .‬انتحب‪ :‬بكى شديدا‪ (2) .‬خلفه خ ل ومثله‬
‫في نسخة من المصدر‪ (3) .‬مكارم الخلق‪ 21 :‬و ‪ ،22‬وفي نسخة منه‪:‬‬
‫ونستأذنهم لك‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف‪) .‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬وما نازعه أحد الحديث فيسكت حتى يكون‪.‬‬

‫] ‪[ 237‬‬

‫قط أمران إل أخذ بأشدهما )‪ ،(1‬وما انتصر نفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم ال‬
‫فيكون حينئذ غضبه ل تبارك وتعالى‪ ،‬وما أكل متكئا قط حتى فارق الدنيا‪،‬‬
‫وما سئل شيئا قط فقال‪ :‬ل‪ ،‬وما رد سائل حاجة )‪ (2‬إل بها أو بميسور من‬
‫القول‪ ،‬وكان أخف الناس صلة في تمام‪ ،‬وكان أقصر الناس خطبة وأقله‬
‫هذرا )‪ ،(3‬وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل‪ ،‬وكان إذا أكل مع القوم كان‬
‫أول من يبدأ‪ ،‬وآخر من يرفع يده‪ ،‬وكان إذا أكل أكل مما يليه‪ ،‬فإذا كان‬
‫الرطب والتمر جالت يده‪ ،‬وإذا شرب شرب ثلثة أنفاس‪ ،‬وكان يمص الماء‬
‫مصا‪ ،‬ول يعبه عبا )‪ ،(4‬وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وإعطائه‪ ،‬كان‬
‫)‪ (5‬ل يأخذه إل بيمينه‪ ،‬ول يعطي إل بيمينه‪ ،‬وكان شماله لما سوى ذلك‬
‫من بدنه‪ ،‬وكان يحب التيمن في كل اموره‪ :‬في لبسه وتنعله وترجله‪ ،‬وكان‬
‫إذا دعا دعا ثلثا‪ ،‬وإذا تكلم تكلم وترا‪ ،‬وإذا استأذن استأذن ثلثا‪ ،‬وكان‬
‫كلمه فصل يتبينه كل من سمعه‪ ،‬وإذا تكلم رأى كالنور يخرج من بين‬
‫ثناياه‪ ،‬وإذا رأيته قلت‪ :‬أفلج الثنيتين‪ ،‬وليس بأفلج‪ ،‬وكان نظره اللحظ‬
‫بعينه‪ ،‬وكان ل يكلم أحدا بشئ يكرهه‪ ،‬وكان إذا مشى ينحط من صبب )‪،(6‬‬
‫وكان يقول‪ :‬إن خياركم أحسنكم )‪ (7‬أخلقا‪ ،‬وكان ل يذم ذواقا ول يمدحه‪،‬‬
‫ول يتنازع أصحابه الحديث عنده‪ ،‬وكان المحدث عنه يقول‪ :‬لم أر بعيني‬
‫مثله قبله ول بعده صلى ال عليه وآله‪ .‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫إن رسول ال صلى ال عليه واله إذا رئي في الليلة الظلماء رئي له نور‬
‫كأنه شقة قمر‪.‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬ول خير بين أمرين إل أخذ بأشدهما‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫وما رد سائل حاجة قط‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وأقلهم هذرا‪ .‬أقول‪ :‬هذر الرجل‬
‫في كلمه‪ :‬خلط وتكلم بما ل ينبغى‪ .‬الهذر‪ :‬سقط الكلم الذي ل يعبأ به‪.‬‬
‫كثرة الكلم‪ .‬والمراد أنه صلى ال عليه وآله لم يكن يهذر‪ (4) .‬مص‬
‫الماء‪ :‬شربه شربا رفيقا مع جذب نفس‪ .‬عب الماء‪ :‬شربه بل تنفس‪(5) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬فكان‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬كأنما ينحط من صبب‪ ،‬وهو‬
‫الصحيح كما تقدم‪ (7) .‬أحاسنكم خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 238‬‬
‫عنه عليه السلم قال‪ :‬نزل جبرئيل عليه السلم على رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫فقال‪ :‬إن ال جل جلله يقرئك السلم ويقول لك‪ :‬هذه بطحاء مكة تكون لك‬
‫رضراضه )‪ (1‬ذهبا‪ ،‬قال‪ :‬فنظر النبي صلى ال عليه واله إلى السماء ثلثا‬
‫ثم قال‪ :‬ل يا رب‪ ،‬ولكن أشبع يوما فأحمدك‪ ،‬وأجوع يوما فأسألك‪ .‬وعنه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يحلب عنز أهله‪.‬‬
‫وعنه عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يحب الركوب‬
‫على الحمار مؤكفا‪ ،‬والكل على الحضيض مع العبيد‪ ،‬ومناولة السائل‬
‫بيديه )‪ .(2‬وعن جابر بن عبد ال قال‪ :‬في )‪ (3‬رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله خصال‪ :‬لم يكن في طريق فيتبعه أحد إل عرف أنه قد سلكه من طيب‬
‫عرفه‪ ،‬أو ريح عرقه‪ ،‬ولم يكن يمر بحجر ول مدر )‪ (4‬إل سجد له‪ .‬وعن‬
‫ثابت بن أنس )‪ (5‬بن مالك قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله كان‬
‫أزهر اللون‪ ،‬كأن لونه اللؤلؤ‪ ،‬وإذا مشى تكفأ‪ ،‬وما شممت رائحة مسك ول‬
‫عنبر أطيب من رائحته‪ ،‬ول مسست ديباجة ول حريرا ألين من كف رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله كان أخف الناس صلة في في تمام‪ .‬عن جرير بن‬
‫عبد ال قال‪ :‬لما بعث النبي صلى ال عليه واله أتيته لبايعه‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا‬
‫جرير‬

‫)‪ (1‬الرضراض‪ .‬ما صغر ودق من الحصى‪ .‬والموجود في المصدر‪ :‬هذه بطحاء‬
‫مكة إن شئت أن تكون لك ذهبا‪ (2) .‬الحديث في المصدر هكذا‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬لست أدع ركوب الحمار‪ .‬مؤكفا‪ ،‬والكل‬
‫على الحصير مع العبيد‪ ،‬ومناولة السائل بيدي‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬كان في‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ (4) .‬ول شجر خ ل‪ ،‬وهو الموجود في‬
‫المصدر‪ (5) .‬ثابت عن أنس خ ل‪ ،‬أقول‪ :‬في المصدر أيضا ثابت بن أنس‬
‫بن مالك‪ ،‬والظاهر أنه مصحف والصحيح ثابت عن أنس‪ ،‬أي ثابت‬
‫البنانى‪ ،‬عن أنس بن مالك بن النضر النصاري المدنى خادم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬راجع تهذيب التهذيب ‪.376 :1‬‬

‫] ‪[ 239‬‬

‫لي شئ جئت ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جئت لسلم على يديك يا رسول ال فألقى لي كساءه ثم‬
‫أقبل على أصحابه فقال‪ :‬إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه‪ .‬وعن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله وعد رجل إلى‬
‫الصخرة‪ ،‬فقال‪ :‬أنا لك هاهنا حتى تأتي‪ ،‬فاشتدت الشمس عليه‪ ،‬فقال له‬
‫أصحابه‪ :‬يا رسول ال لو أنك تحولت إلى الظل‪ ،‬قال‪ :‬وعدته إلى )‪(1‬‬
‫هاهنا‪ ،‬وإن لم يجئ كان منه المحشر )‪ .(2‬وعن عائشة قال‪ :‬قلت‪ :‬يا‬
‫رسول ال لو )‪ (3‬أنك إذا دخلت الخلء فخرجت دخلت في أثرك فلم أر شيئا‬
‫خرج منك‪ ،‬غير أني أجد رائحة المسك‪ ،‬قال‪ :‬يا عايشة إنا معشر النبياء‬
‫ينبت )‪ (4‬أجسادنا على أرواح أهل الجنة‪ ،‬فما خرج منا من شئ ابتلعته‬
‫الرض‪ .‬وعن ابن عباس قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله دخل عليه‬
‫عمر وهو على حصير قد أثر في جنبيه‪ ،‬فقال‪ :‬يا نبي ال لو اتخذت فراشا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما لي وللدنيا‪ ،‬ما مثلي ومثل الدنيا إل كراكب سار في يوم صائف )‬
‫‪ (5‬فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها‪ .‬وعن ابن عباس‬
‫قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله توفي ودرعه مرهونة عند رجل من‬
‫اليهود على ثلثين صاعا من شعير‪ ،‬أخذها رزقا لعياله‪ .‬وعن أبي رافع‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه واله يقول‪ :‬إذا سميتم محمدا فل‬
‫تقبحوه‪،‬‬

‫)‪ (1‬المصدر خال عن لفظة إلى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬كان منه الجشر‪ ،‬أقول‪ :‬قال‬
‫الجزري في النهاية‪ :‬عنه من ترك القرآن شهرين لم يقرأه فقد جشره أي‬
‫تباعد عنه‪ ،‬يقال‪ :‬جشر عن أهله أي غاب عنهم‪ ،‬فالمعنى وإن لم يجئ‬
‫كان منه التباعد والغيبة‪ (3) .‬خلى المصدر عن لفظة )لو(‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬بنيت أجسادنا‪ (5) .‬أي في يوم حار‪.‬‬

‫] ‪[ 240‬‬

‫ول تجبهوه )‪ (1‬ول تضربوه‪ ،‬بورك لبيت فيه محمد‪ ،‬ومجلس فيه محمد‪ ،‬ورفقة‬
‫فيها محمد )‪) * .(2‬في جلوسه وأمر أصحابه في آداب الجلوس( * وكان‬
‫صلى ال عليه واله يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة أو يسميه‪،‬‬
‫فيأخذه فيضعه في حجره تكرمة لهله‪ ،‬فربما بال الصبي عليه‪ ،‬فيصيح‬
‫بعض من رآه حين بال )‪ ،(3‬فيقول صلى ال عليه واله‪ :‬ل تزرموا‬
‫بالصبي‪ ،‬فيدعه حتى يقضي بوله‪ ،‬ثم يفرغ له من دعائه أو تسميته ويبلغ‬
‫سرور أهله فيه‪ ،‬ول يرون أنه يتأذى ببول صبيهم‪ ،‬فإذا انصرفوا غسل‬
‫ثوبه بعد‪ .‬ودخل رجل المسجد وهو جالس وحده فتزحزح له )‪ ،(4‬فقال‬
‫الرجل‪ :‬في المكان سعة يا رسول ال‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬إن حق‬
‫المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له‪ .‬وروي أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله قال‪ :‬من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوء‬
‫مقعده في النار )‪ .(5‬وقال صلى ال عليه واله‪ :‬ل تقوموا كما تقوم العاجم‬
‫بعضهم لبعض )‪ (6‬وروي عن أبي عبد ال عليه السلم من كتاب المحاسن‬
‫قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إذا دخل منزل قعد في أدنى‬
‫المجلس حين يدخل‪ .‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال أكثر ما يجلس‬
‫تجاه القبلة‪ .‬وروي عنه عليه السلم أن رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫قال‪ :‬إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث ما انتهى مجلسه‪.‬‬
‫)‪ (1‬أي ل تردوه عن حاجته‪ (2) .‬مكارم الخلق‪ (3) .25 - 22 :‬في نسخة من‬
‫المصدر‪ :‬حين يبول‪ (4) .‬أي تباعد وتنحى له‪ (5) .‬من النار خ ل‪ (6) .‬في‬
‫المصدر بعد ذلك‪ :‬ول بأس بأن يتخلل عن مكانه )موضعه خ ل(‪.‬‬

‫] ‪[ 241‬‬

‫وروي أن رسول ال صلى ال عليه واله قال‪ :‬إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفا‬
‫فليسلم‪ ،‬فليس الولى )‪ (1‬بأولى من الخرى‪ .‬وروي عنه عليه السلم أنه‬
‫قال‪ :‬إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع فهو أولى بمكانه‪ .‬وروي عن النبي‬
‫صلى ال عليه واله أنه قال‪ :‬أعطوا المجالس حقها‪ ،‬قيل‪ :‬وما حقها ؟ قال‪:‬‬
‫غضوا أبصاركم‪ ،‬وردوا السلم‪ ،‬وارشدوا العمى‪ ،‬وأمروا بالمعروف‪،‬‬
‫وانهوا عن المنكر‪ .‬عن أبي أمامة قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫إذا جلس جلس القرفصآء‪ .‬من كتاب المحاسن‪ :‬وكان النبي صلى ال عليه‬
‫واله يجلس ثلثا‪ :‬يجلس القرفصآء وهي أن يقيم ساقيه‪ ،‬ويستقبلهما )‪(2‬‬
‫بيديه فيشد يده في ذراعه‪ ،‬وكان يجثو على ركبتيه‪ ،‬وكان يثني رجل‬
‫واحدة ويبسط عليها الخرى‪ ،‬ولم ير متربعا قط‪ ،‬وكان يجثو على ركبتيه‬
‫ول يتكئ )‪) * .(3‬في صفة أخلقه في مطعمه( * من كتاب مواليد‬
‫الصادقين كان رسول ال صلى ال عليه واله يأكل كل الصناف من الطعام‪،‬‬
‫وكان يأكل ما أحل ال له‪ ،‬مع أهله وخدمه إذا أكلوا‪ ،‬ومع من يدعوه من‬
‫المسلمين على الرض‪ ،‬وعلى ما أكلوا عليه‪ ،‬ومما أكلوا‪ ،‬إل أن ينزل به‬
‫ضيف فيأكل مع ضيفه‪ ،‬وكان أحب الطعام إليه ما كان على ضفف )‪،(4‬‬
‫ولقد قال ذات يوم وعنده أصحابه‪ " :‬اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك‬
‫اللذين ل يملكهما غيرك " فبيناهم كذلك إذ اهدي إلى النبي صلى ال عليه‬
‫واله شاة مشوية‪ ،‬فقال‪ :‬خذوا هذا من فضل ال‪ ،‬ونحن ننتظر رحمته‪،‬‬
‫وكان صلى ال عليه واله إذا وضعت المائدة بين يديه قال‪ " :‬بسم ال‬
‫اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل )‪ (5‬بها نعمة الجنة " وكان‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فليست الولى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ويستقلهما )يستقلبهما خ ل(‬
‫بيديه‪ ،‬فيشد يده في ذراعيه‪ .‬قوله‪ :‬يجثو أي يجلس على ركبتيه‪(3) .‬‬
‫مكارم الخلق‪ 25 :‬و ‪ (4) .26‬ذكر المصنف فيما يأتي لها معاني‪،‬‬
‫ويمكن أن يكون المعنى كان احب الطعام إليه ما كان عن حاجة فل يأكل‬
‫مع الشبع وعدم الميل والحاجة‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬نصل‪.‬‬

‫] ‪[ 242‬‬
‫كثيرا إذا جلس يأكل ما بين يديه‪ ،‬ويجمع ركبتيه وقدميه )‪ ،(1‬كما يجلس المصلي‬
‫في اثنتين‪ ،‬إل أن الركبة فوق الركبة‪ ،‬والقدم على القدم‪ ،‬ويقول صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬أنا عبد آكل كما يأكل العبد‪ ،‬وأجلس كما يجلس العبد‪ .‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما أكل رسول ال صلى ال عليه واله متكئا منذ‬
‫بعثه ال عزوجل نبيا حتى قبضه ال إليه‪ ،‬متواضعا ل عزوجل‪ ،‬وكان‬
‫صلى ال عليه واله إذا وضع يده في الطعام قال‪ :‬بسم ال بارك لنا )‪(2‬‬
‫فيما رزقتنا وعليك خلفه‪ .‬من مجموع أبي‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم إن رسول ال صلى ال عليه واله كان إذا أفطر قال‪ :‬اللهم لك‬
‫صمنا‪ ،‬وعلى رزقك أفطرنا‪ ،‬فتقبله منا‪ ،‬ذهب الظمآء‪ ،‬وابتلت العروق‪،‬‬
‫وبقي الجر‪ .‬وقال‪ :‬وكان رسول ال صلى ال عليه واله إذا أكل عند قوم‬
‫قال‪ :‬أفطر عندكم الصائمون‪ ،‬و أكل طعامكم البرار‪ .‬وقال‪ :‬دعوة الصائم‬
‫يستجاب عند إفطاره‪ .‬وقد جاءت الرواية أن النبي صلى ال عليه واله كان‬
‫يفطر على التمر‪ ،‬وكان إذا وجد السكر أفطر عليه )‪ .(3‬عن الصادق عليه‬
‫السلم أن النبي صلى ال عليه واله كان يفطر على الحلو‪ ،‬فإذا لم يجد‬
‫يفطر على الماء الفاتر‪ ،‬وكان يقول‪ :‬إنه ينقي الكبد والمعدة‪ ،‬ويطيب النكهة‬
‫والفم‪ ،‬ويقوي الضراس والحدق‪ ،‬ويحدد الناظر )‪ ،(4‬ويغسل الذنوب‬
‫غسل‪ ،‬ويسكن العروق الهائجة والمرة الغالبة‪ ،‬ويقطع البلغم‪ ،‬ويطفئ‬
‫الحرارة عن المعدة‪ ،‬ويذهب بالصداع‪ .‬وكان صلى ال عليه واله ل يأكل‬
‫الحار حتى يبرد‪ ،‬ويقول‪ :‬إن ال لم يطعمنا نارا‪ ،‬إن الطعام الحار غير ذي‬
‫بركة فأبردوه‪.‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬وكان كثيرا إذا جلس ليأكل يجمع ركبتيه وقدميه‪(2) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬بسم ال اللهم بارك لنا‪ (3) .‬مكارم الخلق‪ 26 :‬و ‪(4) .27‬‬
‫من حددت السكين‪ :‬رققت حده‪ ،‬ثم يقال لكل ما دق في نفسه من حيث‬
‫الخلقة أو من حيث المعنى كالبصر والبصيرة حديد‪ ،‬فيقال‪ :‬هو حديد‬
‫النظر وحديد الفهم‪ ،‬قال عزوجل‪ " :‬فبصرك اليوم حديد "‪.‬‬

‫] ‪[ 243‬‬

‫وكان صلى ال عليه واله إذا أكل سمى ويأكل بثلث أصابع ومما يليه‪ ،‬ول يتناول‬
‫من بين يدي غيره‪ ،‬ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون‪ ،‬وكان‬
‫يأكل بأصابعه الثلث‪ :‬البهام‪ ،‬والتي يليها )‪ ،(1‬والوسطى‪ ،‬وربما استعان‬
‫بالرابعة‪ ،‬وكان صلى ال عليه وآله يأكل بكفه كلها‪ ،‬ولم يأكل بإصبعين‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬إن الكل بإصبعين هو أكلة الشيطان‪ .‬ولقد جاءه بعض أصحابه‬
‫يوما بفالوذج فأكل منه‪ ،‬وقال‪ :‬مم هذا يا أبا عبد ال ؟ فقال‪ :‬بأبي أنت‬
‫وامي نجعل السمن والعسل في البرمة )‪ (2‬ونضعها على النار‪ ،‬ثم نغليه‪،‬‬
‫ثم نأخذ مخ الحنطة إذا طحنت فنلقيه على السمن والعسل‪ ،‬ثم نسوطه )‪(3‬‬
‫حتى ينضج‪ ،‬فيأتي كما ترى‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬إن هذا الطعام‬
‫طيب‪ .‬ولقد كان يأكل الشعير إذا كان غير منخول )‪ (4‬خبزا أو عصيدة )‪(5‬‬
‫في حالة كل ذلك كان يأكل صلى ال عليه واله )‪ .(6‬ومن كتاب روضة‬
‫الواعظين‪ :‬قال العيص بن القاسم‪ :‬قلت للصادق عليه السلم‪ :‬حديث يروى‬
‫عن أبيك عليه السلم‪ :‬أنه قال‪ :‬ما شبع رسول ال صلى ال عليه واله من‬
‫خبز بر قط أهو صحيح ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬ما أكل رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫خبز بر قط‪ ،‬ول شبع من خبز شعير قط )‪ .(7‬وقالت عايشة‪ :‬ما شبع رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله من خبز الشعير يومين حتى مات‪ .‬وروي أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله لم يأكل على خوان قط حتى مات‪ ،‬ول أكل‬
‫خبزا مرققا حتى مات‪ .‬وقالت عايشة‪ :‬ما زالت الدنيا علينا عسرة كدرة‬
‫حتى قبض رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فلما‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬والتى تليها‪ (2) .‬البرمة‪ :‬القدر من الحجر‪ (3) .‬أي نخلطه‪(4) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬ولقد كان يأكل الشعير غير منخول‪ (5) .‬العصيدة‪ :‬دقيق بلت‬
‫بالسمن ويطبخ‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬كان يأكله صلى ال عليه وآله‪(7) .‬‬
‫مكارم الخلق‪.28 :‬‬

‫] ‪[ 244‬‬

‫قبض صبت الدنيا علينا صبا‪ .‬ومن كتاب النبوة عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫ما زال طعام رسول ال صلى ال عليه واله الشعير حتى قبضه ال إليه‪.‬‬
‫عن أنس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يجيب دعوة المملوك‪،‬‬
‫ويردفه خلفه‪ ،‬ويضع طعامه على الرض‪ ،‬وكان يأكل القثاء بالرطب‪،‬‬
‫والقثاء بالملح‪ ،‬وكان يأكل الفاكهة الرطبة‪ ،‬وكان أحبها إليه البطيخ‬
‫والعنب‪ ،‬وكان يأكل البطيخ بالخبز‪ ،‬وربما أكل بالسكر‪ ،‬وكان صلى ال‬
‫عليه واله ربما أكل البطيخ بالرطب فيستعين باليدين جميعا‪ .‬ولقد جلس‬
‫يوما يأكل رطبا فيأكل بيمينه )‪ ،(1‬وأمسك النوى بيساره‪ ،‬ولم يلقه في‬
‫الرض‪ ،‬فمرت به شاة قريبة منه فأشار إليها بالنوى الذي في كفه فدنت‬
‫إليه وجعلت تأكل من كفه اليسرى‪ ،‬ويأكل هو بيمينه‪ ،‬ويلقي إليها النوى‬
‫حتى فرغ‪ ،‬وانصرفت الشاة حينئذ‪ .‬وكان صلى ال عليه واله إذا كان‬
‫صائما يفطر على الرطب في زمانه‪ ،‬وكان ربما أكل العنب حبة حبة‪ ،‬وكان‬
‫صلى ال عليه واله ربما )‪ (2‬أكله خرطا )‪ (3‬حتى ترى روال على لحيته‬
‫كتحدر اللؤلؤ‪ .‬والروال‪ :‬الماء الذي يخرج من تحت القشر )‪ .(4‬وكان صلى‬
‫ال عليه واله يأكل الحيس‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يأكل التمر ويشرب‬
‫عليه الماء‪ ،‬وكان التمر والماء أكثر طعامه‪ ،‬وكان يتمجع اللبن والتمر‬
‫ويسميهما الطيبين‪ ،‬وكان يأكل العصيدة من الشعير بإهالة الشحم‪ ،‬وكان‬
‫صلى ال عليه واله يأكل الهريسة أكثر ما يأكل‪ ،‬ويتسحر بها‪ ،‬وكان‬
‫جبرئيل قد جاءه بها من الجنة يتسحر بها )‪ ،(5‬وكان يأكل في بيته مما‬
‫يأكل‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬يأكل بيمينه‪ (2) .‬وربما خ ل‪ (3) .‬خرط العنقود‪ :‬وضعه في فيه‬
‫وأخرج عمشوشه عاريا‪ ،‬والعمشوش‪ :‬العنقود اكل بعض ما عليه‪(4) .‬‬
‫مكارم الخلق‪ 29 :‬و ‪ (5) .30‬في المصدر‪ :‬فتسحر بها‪.‬‬

‫] ‪[ 245‬‬

‫الناس‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يأكل اللحم طبيخا بالخبز )‪ ،(1‬ويأكله مشويا‬
‫بالخبز‪ ،‬وكان يأكل القديد وحده‪ ،‬وربما أكله بالخبز‪ ،‬وكان أحب الطعام إليه‬
‫اللحم‪ ،‬ويقول‪ :‬هو يزيد في السمع والبصر‪ ،‬وكان يقول صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬اللحم سيد الطعام في الدنيا والخرة‪ ،‬فلو سألت )‪ (2‬ربي أن يطعمنيه‬
‫كل يوم لفعل‪ ،‬وكان يأكل الثريد بالقرع )‪ (3‬واللحم‪ ،‬وكان يحب القرع‬
‫ويقول‪ :‬إنها شجرة أخي يونس‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يعجبه الدبا )‪(4‬‬
‫ويلتقطه من الصحفة‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يأكل الدجاج ولحم الوحش‬
‫ولحم الطير الذي يصاد‪ ،‬وكان ل يبتاعه ول يصيده‪ ،‬ويحب أن يصاد له‬
‫ويؤتى به مصنوعا فيأكله‪ ،‬أو غير مصنوع فيصنع له فيأكله‪ ،‬وكان إذا أكل‬
‫اللحم لم يطأطئ رأسه إليه‪ ،‬ويرفعه إلى فيه‪ ،‬ثم ينتهسه انتهاسا )‪،(5‬‬
‫وكان يأكل الخبز والسمن‪ ،‬وكان يحب من الشاة الذراع والكتف‪ ،‬ومن‬
‫الصباغ الخل‪ ،‬ومن البقول الهندبا‪ ،‬والبادروج‪ ،‬وبقلة النصار‪ ،‬ويقال‪ :‬إنها‬
‫الكرنب‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله ل يأكل الثوم ول البصل ول الكراث ول‬
‫العسل الذي فيه المغافير‪ ،‬والمغافير‪ :‬ما يبقى من الشجر في بطون النحل‬
‫فيلقيه في العسل فيبقى له ريح في الفم‪ ،‬وما ذم رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله طعاما قط‪ ،‬كان إذا أعجبه أكله‪ ،‬وإذا كرهه تركه‪ ،‬وكان صلى ال عليه‬
‫واله ما عاف من شئ‪ ،‬فإنه ل يحرمه على غيره )‪ ،(6‬ول يبغضه إليه‪،‬‬
‫وكان صلى ال عليه واله يلحس الصحفة ويقول‪ :‬آخر الصحفة أعظم‬
‫الطعام بركة‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه‬
‫الثلث التي أكل بها‪ ،‬فإن بقي فيها شئ عاوده فلعقها حتى يتنظف )‪ ،(7‬ول‬
‫يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها واحدة واحدة‪ ،‬ويقول‪ :‬ل يدري في أي‬
‫الصابع البركة‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يأكل البرد )‪ (8‬ويتفقد‬

‫)‪ (1‬وبالخبز خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ولو سألت‪ (3) .‬القرع‪ :‬نوع من اليقطين يقال‬
‫له بالفارسية‪ :‬كدو‪ (4) .‬الدبى‪ :‬أصغر الجراد‪ ،‬والدباء بضم الفاء وتشديد‬
‫الباء والمد‪ ،‬وقيل‪ :‬يجوز القصر أيضا‪ :‬القرع‪ ،‬وقيل‪ :‬الدباء أعم لن‬
‫القرع ل يطلق إل على الرطب‪ ،‬وقيل‪ :‬الدباء هو اليابس منه‪ (5) .‬في‬
‫نسخة من المصدر‪ :‬ينتهشه انتهاشا‪ (6) .‬في نسخة من المصدر‪ :‬وكان‬
‫صلى ال عليه وآله إذا عاف شيئا ل يحرمه على غيره‪ (7) .‬في المصدر‪:‬‬
‫حتى تتنظف‪ (8) .‬البرد‪ :‬ماء الغمام يتجمد في الهواء البارد ويسقط على‬
‫الرض حبوبا‪ ،‬يقال له بالفارسية‪ :‬تكرگ‬

‫] ‪[ 246‬‬

‫ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله‪ ،‬ويقول‪ :‬إنه يذهب باكلة السنان‪ ،‬وكان صلى ال‬
‫عليه واله يغسل يديه من الطعام حتى ينقيهما‪ ،‬فل يوجد لما أكل ريح‪،‬‬
‫وكان صلى ال عليه واله إذا أكل الخبز واللحم خاصة غسل يديه غسل‬
‫جيدا‪ ،‬ثم مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه‪ ،‬و كان صلى ال عليه واله‬
‫ل يأكل وحده ما يمكنه‪ ،‬وقال‪ :‬أل انبئكم بشراركم ؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬من‬
‫أكل وحده‪ ،‬وضرب عبده‪ ،‬ومنع رفده )‪) * .(1‬في صفة أخلقه في مشربه‬
‫صلى ال عليه وآله( * وكان صلى ال عليه واله إذا شرب بدأ فسمى‪،‬‬
‫وحسا )‪ (2‬حسوة وحسوتين‪ ،‬ثم يقطع فيحمد ال‪ ،‬ثم يعود فيسمي‪ ،‬ثم يزيد‬
‫في الثالثة‪ ،‬ثم يقطع فيحمد ال‪ ،‬وكان له في شربه ثلث تسميات‪ ،‬وثلث‬
‫تحميدات‪ ،‬ويمص الماء مصا‪ ،‬ول يعبه )‪ (3‬عبا‪ ،‬ويقول‪ :‬إن الكباد من‬
‫العب‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله ل يتنفس في الناء إذا شرب‪ ،‬فإن أراد أن‬
‫يتنفس أبعد الناء عن فيه حتى يتنفس‪ ،‬وكان ربما شرب بنفس واحد حتى‬
‫يفرغ‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها‬
‫من الشام‪ ،‬ويشرب في القداح التي يتخذ من الخشب‪ ،‬وفي الجلود‪،‬‬
‫ويشرب في الخزف‪ ،‬ويشرب بكفيه‪ ،‬يصب الماء فيهما ويشرب‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫ليس إناء أطيب من اليد‪ ،‬ويشرب من أفواه القرب والداوي‪ ،‬ول يختنثها‬
‫اختناثا‪ ،‬ويقول‪ :‬إن اختناثها ينتنها‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يشرب‬
‫قائما‪ ،‬وربما شرب )‪ (4‬راكبا‪ ،‬وربما قام فشرب من القربة أو الجرة أو‬
‫الداوة‪ ،‬وفي كل إناء يجده وفي يديه‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يشرب‬
‫الماء الذي حلب عليه اللبن‪ ،‬ويشرب السويق‪ .‬وكان صلى ال عليه واله‬
‫أحب الشربة إليه الحلو‪ ،‬وفي رواية أحب الشراب إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله الحلود البارد‪ ،‬وكان يشرب الماء على العسل‪ ،‬وكان يماث )‪(5‬‬
‫له الخبز فيشربه أيضا‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬مكارم الخلق‪ (2) .32 - 30 :‬حسا الشئ‪ :‬شربه شيئا بعد شئ‪ (3) .‬تقدم‬
‫معناهما‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬يشرب‪ (5) .‬أي يخلط‪.‬‬
‫] ‪[ 247‬‬

‫كان صلى ال عليه واله يقول‪ :‬سيد الشربة في الدنيا والخر الماء‪ .‬وقال أنس بن‬
‫مالك‪ :‬كانت لرسول ال صلى ال عليه واله شربة يفطر عليها‪ ،‬وشربة‬
‫للسحر‪ ،‬و ربما كانت واحدة‪ ،‬وربما كانت لبنا‪ ،‬وربما كانت الشربة خبزا‬
‫يماث‪ ،‬فهيأتها له صلى ال عليه واله ذات ليلة فاحتبس النبي صلى ال‬
‫عليه واله فظننت أن بعض أصحابه دعاه‪ ،‬فشربتها حين احتبس‪ ،‬فجاء‬
‫صلى ال عليه واله بعد العشاء بساعة‪ ،‬فسألت بعض من كان معه هل كان‬
‫النبي صلى ال عليه واله أفطر في مكان أودعاه أحد ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فبت بليلة‬
‫ل يعلمها إل ال من غم )‪ (1‬أن يطلبها مني النبي صلى ال عليه واله ول‬
‫يجدها فيبيت جائعا‪ ،‬فأصبح صائما وما سألني عنها ول ذكرها حتى‬
‫الساعة‪ ،‬ولقد قرب إليه إناء فيه لبن وابن عباس عن يمينه وخالد بن‬
‫الوليد عن يساره‪ ،‬فشرب‪ ،‬ثم قال لعبد ال ابن عباس‪ :‬إن الشربة لك‪،‬‬
‫أفتأذن أن اعطي خالد بن الوليد ؟ يريد السن )‪ ،(2‬فقال ابن عباس‪ :‬ل‬
‫وال‪ ،‬ل اوثر بفضل رسول ال صلى ال عليه واله أحدا‪ ،‬فتناول ابن‬
‫عباس القدح فشربه‪ .‬ولقد جاءه صلى ال عليه واله ابن خولى بإناء فيه‬
‫عسل ولبن‪ ،‬فأبى أن يشربه‪ ،‬فقال شربتان في شربة‪ ،‬وإناءان في إناء‬
‫واحد ؟ فأبى أن يشربه‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما احرمه‪ ،‬ولكني أكره الفخر والحساب‬
‫بفضول الدنيا غدا‪ ،‬واحب التواضع‪ ،‬فإن من تواضع ل رفعه ال )‪* .(3‬‬
‫)في صفة أخلقه في الطيب والدهن ولبس الثياب‪) * * (،‬وفي غسل رأسه‬
‫صلى ال عليه وآله( * وكان صلى ال عليه واله إذا غسل رأسه ولحيته‬
‫غسلهما بالسدر )‪ .(4‬في دهنه‪ :‬وكان يحب الدهن‪ ،‬ويكره الشعث )‪،(5‬‬
‫ويقول‪ :‬إن الدهن يذهب بالبؤس‪ ،‬كان يدهن بأصناف من الدهن‪ ،‬وكان إذا‬
‫أدهن بدأ برأسه ولحيته‪ ،‬ويقول‪ :‬إن‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬من خوف‪ (2) .‬في نسخة من المصدر‪ :‬يريد السن‪) .‬‬
‫‪ (3‬مكارم الخلق‪ 32 :‬و ‪ (4) .33‬مكارم الخلق‪ (5) .34 :‬شعث‬
‫الشعر‪ :‬كان مغبرا متلبدا‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 248‬‬

‫الرأس قبل اللحية‪ ،‬وكان يدهن بالبنفسج ويقول‪ :‬هو أفضل الدهان‪ ،‬وكان صلى ال‬
‫عليه واله إذا أدهن بدأ بحاجبيه‪ ،‬ثم بشاربيه‪ ،‬ثم يدخل في أنفه ويشمه‪ ،‬ثم‬
‫يدهن رأسه‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يدهن حاجبيه من الصداع‪ ،‬ويدهن‬
‫شاربيه بدهن سوى دهن لحيته )‪ .(1‬في تسريحه‪ :‬وكان صلى ال عليه‬
‫واله يمتشط )‪ (2‬ويرجل رأسه بالمدرى وترجله نساؤه‪ ،‬و تتفقد نساؤه‬
‫تسريحه إذا سرح رأسه ولحيته فيأخذن المشاطة‪ ،‬فيقال‪ :‬إن الشعر الذي‬
‫في أيدي الناس من تلك المشاطات‪ ،‬فأما ما حلق في عمرته وحجته فإن‬
‫جبرئيل عليه السلم كان ينزل فيأخذه فيعرج به إلى السماء‪ ،‬ولربما سرح‬
‫لحيته في اليوم مرتين‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يضع المشط تحت‬
‫وسادته إذا امتشط به‪ ،‬ويقول‪ :‬إن المشط يذهب بالوباء‪ ،‬وكان صلى ال‬
‫عليه واله يسرح تحت لحيته أربعين مرة‪ ،‬ومن فوقها سبع مرات‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫إنه يزيد في الذهن ويقطع البلغم‪ .‬وفي رواية عن النبي صلى ال عليه واله‬
‫أنه قال‪ :‬من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره سبع مرات لم يقاربه‬
‫داء أبدا )‪ .(3‬في طيبه‪ :‬وكان صلى ال عليه واله يتطيب بالمسك حتى‬
‫يرى وبيصه في مفرقه‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يتطيب بذكور الطيب‬
‫وهو المسك والعنبر‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يتطيب بالغالية تطيبه بها‬
‫نساؤه بأيديهن‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يستجمر بالعود القماري )‪،(4‬‬
‫وكان يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بالطيب‪ ،‬فيقال‪ :‬هذا النبي صلى‬
‫ال عليه واله‪ .‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله ينفق على الطيب أكثر مما ينفق على الطعام )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬مكارم الخلق‪ (2) .34 :‬مشط ومشط الشعر‪ :‬سرحه وخلص بعضه من بعض‪،‬‬
‫وامتشط مطاوع مشط‪ .‬ورجل الشعر‪ :‬سرحه‪ (3) .‬مكارم الخلق‪ 34 :‬و‬
‫‪ (4) .35‬منسوب إلى قمار بالفتح ويروى بالكسر‪ :‬موضع بالهند‪ ،‬ينسب‬
‫إليه العود‪ ،‬قال ياقوت‪ :‬هكذا تقوله العامة‪ ،‬والذى ذكره اهل المعرفة‪:‬‬
‫قامرون‪ :‬موضع في بلد الهند يعرف منه العود النهاية في الجودة‪(5) .‬‬
‫في نسخة من المصدر‪ :‬أكثر ما ينفق على غيره‪.‬‬

‫] ‪[ 249‬‬

‫وقال الباقر عليه السلم‪ :‬كان في رسول ال صلى ال عليه واله ثلث خصال لم‬
‫يكن )‪ (1‬في أحد غيره لم يكن له فئ‪ ،‬وكان ل يمر في طريق فيمر فيه )‪(2‬‬
‫بعد يومين أو ثلثة إل عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه‪ ،‬وكان ل يمر‬
‫بحجر ول بشجر إل سجد له‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله ل يعرض عليه‬
‫طيب إل تطيب به‪ ،‬ويقول‪ :‬هو طيب ريحه‪ ،‬خفيف محمله )‪ ،(3‬وإن لم‬
‫يتطيب وضع إصبعه في ذلك الطيب ثم لعق منه‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله‬
‫يقول‪ :‬جعل )‪ (4‬لذتي في النساء والطيب‪ ،‬وجعل قرة عيني في الصلة‬
‫والصوم )‪ .(5‬في تكحله‪ :‬وكان صلى ال عليه واله يكتحل في عينه اليمنى‬
‫ثلثا‪ ،‬وفي اليسرى ثنتين‪ ،‬وقال‪ :‬من شآء اكتحل ثلثا وكل حين‪ ،‬ومن فعل‬
‫دون ذلك أو فوقه فل حرج‪ ،‬وربما اكتحل وهو صائم‪ ،‬وكانت له مكحلة‬
‫يكتحل بها بالليل‪ ،‬وكان كحله الثمد )‪ .(6‬في نظره في المرآة‪ :‬وكان صلى‬
‫ال عليه واله ينظر في المرآة‪ ،‬ويرجل جمته ويمتشط‪ ،‬وربما نطر في‬
‫الماء وسوى جمته فيه‪ ،‬ولقد كان يتجمل لصحابه فضل على تجمله لهله‬
‫)‪ ،(7‬وقال ذلك لعايشة حين رأته ينظر في ركوة فيها ماء في حجرتها‬
‫ويسوي فيها جمته‪ ،‬و هو يخرج إلى أصحابه‪ ،‬فقالت‪ :‬بأبي أنت وامي‬
‫تتمرأ في الركوة وتسوي جمتك وأنت النبي وخير خلقه ؟ فقال‪ :‬إن ال‬
‫تعالى يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل )‪ .(8‬في‬
‫اطلئه‪ :‬وكان رسول ال صلى ال عليه واله يطلي فيطليه من يطليه حتى‬
‫إذا بلغ ما تحت‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لم تكن‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فيمر فيه أحد‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬خفيف‬
‫حمله‪ (4) .‬في نسخة من المصدر‪ :‬جعل ال‪ (5) .‬مكارم الخلق‪ 34 :‬و‬
‫‪ (6) .35‬مكارم الخلق‪ (7) .36 :‬في المصدر‪ :‬فضل عن تجمله لهلة‪) .‬‬
‫‪ (8‬مكارم الخلق‪.36 :‬‬

‫] ‪[ 250‬‬

‫الزار توله بنفسه‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله ل يفارقه في أسفاره قارورة الدهن‬
‫والمكحلة والمقراض والمرآة والمسواك والمشط‪ .‬وفي رواية‪ :‬تكون معه‬
‫الخيوط والبرة والمخصف والسيور )‪ ،(1‬فيخيط ثيابه‪ ،‬و يخصف نعله‪،‬‬
‫وكان صلى ال عليه واله إذا استاك استاك عرضا )‪ .(2‬في لباسه‪ :‬وكان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يلبس الشملة يأتزر بها )‪ ،(3‬ويلبس النمرة‬
‫يأتزر بها‪ ،‬فيحسن عليه النمرة لسوادها على بياض ما يبدو من ساقيه‬
‫وقدميه‪ ،‬وقيل‪ :‬لقد قبضه ال عزوجل وأن له لنمرة تنسج في بني عبد‬
‫الشهل ليلبسها صلى ال عليه واله‪ ،‬وربما كان صلى ال عليه واله يصلي‬
‫بالناس وهو لبس الشملة‪ ،‬وقال أنس‪ :‬ربما رأيته يصلي بنا الظهر في‬
‫شملة عاقدا طرفيها بين كتفيه )‪ .(4‬في عمامته وقلنسوته‪ :‬وكان صلى ال‬
‫عليه وآله يلبس القلنس تحت العمائم‪ ،‬ويلبس القلنس بغير العمائم‪،‬‬
‫والعمائم بغير القلنس‪ ،‬وكان يلبس البرطلة‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله‬
‫يلبس من القلنس التيهية اليمنية‪ (5) ،‬ومن البيض المصرية )‪ ،(6‬ويلبس‬
‫القلنس ذوات الذان في الحرب‪ ،‬منها ما يكون من السيجان الخضر‪،‬‬
‫وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه يصلي إليها‪ ،‬وكان صلى‬
‫ال عليه واله كثيرا ما يتعمم العمائم )‪ (7‬الخز السود في أسفاره وغيرها‪،‬‬
‫ويعتجر اعتجارا وربما لم يكن )‪ (8‬له العمامة فيشد العصابة على رأسه أو‬
‫على جبته‪ ،‬و كان شد العصابة من فعاله كثيرا ما يرى عليه‪ ،‬وكانت له‬
‫عمامة يعتم بها يقال لها‪ :‬السحاب‪،‬‬
‫)‪ (1‬المخصف‪ :‬مخرز السكاف‪ ،‬والسيور جمع السير‪ :‬قدة من الجلد مستطيلة‪(2) .‬‬
‫مكارم الخلق‪ (3) .36 :‬في المصدر‪ :‬ويأتزر بها‪ ،‬وكذا فيما بعد‪ .‬وفيه‪:‬‬
‫فتحسن عليه‪ (4) .‬مكارم الخلق‪ (5) .37 :‬في المصدر‪ :‬من القلنس‬
‫اليمنية‪ (6) .‬المضربة خ ل‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬بعمائم الخز السود‪(8) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬لم تكن‪.‬‬

‫] ‪[ 251‬‬

‫فكساها عليا عليه السلم‪ ،‬وكان ربما طلع علي فيها‪ ،‬فيقول‪ :‬أتاكم علي عليه السلم‬
‫في السحاب )‪ ،(1‬يعني عمامته التي وهب له )‪ .(2‬وقالت عايشة‪ :‬ولقد‬
‫لبس رسول ال صلى ال عليه واله جبة صوف‪ ،‬وعمامة صوف ثم خرج‬
‫فخطب الناس على المنبر‪ ،‬فما رأيت شيئا مما خلق ال تعالى أحسن منه‬
‫فيها )‪ .(3‬في كيفية لبسه‪ :‬وكان صلى ال عليه واله إذا لبس ثوبا جديدا‬
‫قال‪ " :‬الحمد ل الذي كساني ما يواري عورتي‪ ،‬وأتجمل به في الناس "‬
‫وكان إذا نزعه نزع من مياسره أول‪ ،‬وكان من فعله إذا لبس الثوب الجديد‬
‫حمد ال‪ ،‬ثم يدعو مسكينا فيعطيه خلقانه )‪ ،(4‬ثم يقول‪ :‬ما من مسلم يكسو‬
‫مسلما من سمل ثيابه ل يكسوه إل ال عزوجل إل كان في ضمان ال‬
‫وحرزه وحيزه ما واراه حيا وميتا )‪ ،(5‬وكان صلى ال عليه واله إذا لبس‬
‫ثيابه واستوى قائما قبل أن يخرج قال‪ " :‬اللهم بك استترت‪ ،‬وإليك‬
‫توجهت‪ ،‬وبك اعتصمت‪ ،‬وعليك توكلت‪ ،‬اللهم أنت ثقتي‪ ،‬وأنت رجائي‪،‬‬
‫اللهم اكفني ما أهمني وما ل أهتم به وما أنت أعلم به مني‪ ،‬عز جارك‪،‬‬
‫وجل ثناؤك‪ ،‬ول إله غيرك‪ ،‬اللهم زودني التقوى‪ ،‬واغفر لي ذنبي‪،‬‬
‫ووجهني للخير حيث ما توجهت‪ ،‬ثم يندفع لحاجته‪ ،‬وكان له صلى ال عليه‬
‫واله ثوبان للجمعة خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة‪ ،‬وكانت له خرقة‬
‫ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء‪ ،‬وربما لم يكن معه المنديل فيمسح‬
‫وجهه بطرف الرداء الذي يكون عليه )‪ .(6‬في خاتمه‪ :‬وكان صلى ال‬
‫عليه واله لبس خاتما من فضة وكان فصه حبشي )‪ ،(7‬فجعل الفص مما‬
‫يلي بطن الكف‪ ،‬ولبس خاتما من حديد ملويا عليه فضة‪ ،‬أهداها له معاذ بن‬
‫جبل‪ ،‬فيه " محمد رسول ال " ولبس رسول ال )‪ (8‬خاتمه في يده‬
‫اليمنى‪ ،‬ثم نقله إلى شماله‪،‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬تحت السحاب‪ (2) .‬في نسخة من المصدر‪ :‬وهبها له‪) .‬‬
‫‪ (3‬مكارم الخلق‪ 37 :‬و ‪ (4) .38‬في نسخة من المصدر‪ :‬فيعطيه القديم‪.‬‬
‫)‪ (5‬في نسخة من المصدر‪ :‬وخيره )حيزه( وأمانه حيا وميتا‪ (6) .‬مكارم‬
‫الخلق‪ (7) .38 :‬هكذا في نسخة المصنف‪ ،‬والصحيح كما في المصدر‪:‬‬
‫وكان فصه حبشيا‪ (8) .‬خلى المصدر عن قوله‪ :‬رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ .‬وكذا فيما بعده‪.‬‬

‫] ‪[ 252‬‬

‫وكان خاتمه الخر الذي قبض وهو في يده خاتم فضة‪ ،‬فصه فضة ظاهرا‪ ،‬كما‬
‫يلبس الناس خواتيمهم‪ ،‬وفيه " محمد رسول ال " وكان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله يستنجي بيساره وهو فيها )‪ .(1‬ويروى أنه لم يزل كان في‬
‫يمينه إلى أن قبض‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله ربما جعل خاتمه في إصبعه‬
‫الوسطى في المفصل الثاني منها‪ ،‬وربما لبسه كذلك في الصبع التي تلي‬
‫البهام‪ ،‬وكان ربما خرج على أصحابه وفي خاتمه خيط مربوط ليستذكر به‬
‫الشئ‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله يختم بخواتيمه على الكتب‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫الخاتم على الكتاب حرز من التهمة )‪ .(2‬في نعله‪ :‬وكان صلى ال عليه‬
‫وآله يلبس النعلين بقبالتين‪ ،‬وكانت مخصرة معقبة حسنة التخصير مما‬
‫يلي مقدم العقب‪ ،‬مستوية ليست بملسنة‪ ،‬وكان منها ما يكون في موضع‬
‫الشئ الخارج قليل‪ ،‬وكان كثيرا ما يلبس السبتية التي ليس لها شعر‪ ،‬وكان‬
‫إذا لبس بدأ باليمنى‪ ،‬وإذا خلع بدأ باليسرى‪ ،‬وكان يأمر بلبس النعلين‬
‫جميعا‪ ،‬وتركهما جميعا‪ ،‬كراهة أن يلبس واحدة دون اخرى‪ ،‬وكان يلبس‬
‫من الخفاف من كل ضرب )‪ .(3‬في فراشه‪ :‬الذي قبض )‪ (4‬وهو عنده من‬
‫أسمال )‪ (5‬وادي القرى‪ ،‬محشوا وبرا‪ ،‬وقيل‪ :‬كان طوله ذراعين أو‬
‫نحوهما‪ ،‬وعرضه ذراع وشبر‪ .‬عن علي عليه السلم‪ :‬كان فراش رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله عباءة‪ ،‬وكانت مرفقته ادم حشوها ليف‪ ،‬فثنيت ذات‬
‫ليلة‪ ،‬فلما أصبح قال‪ :‬لقد منعني الليلة الفراش الصلة‪ ،‬فأمر عليه السلم‬
‫أن يجعل بطاق واحد‪ .‬وكان له فراش من ادم حشوه ليف‪ ،‬وكانت له صلى‬
‫ال عليه واله عباءة تفرش له حيثما انتقل‪،‬‬

‫)‪ (1‬فيه غرابة ظاهرة‪ ،‬ولعله من طرق العامة وقد ورد من أئمة أهل البيت عليهم‬
‫السلم آثار على خلفه‪ ،‬راجع كتاب وسائل الشيعة‪ (2) .‬مكارم الخلق‪:‬‬
‫‪ 38‬و ‪ (3) .39‬مكارم الخلق‪ (4) .39 :‬في المصدر‪ :‬في فراشه‪ :‬وكان‬
‫فراشه صلى ال عليه وآله الذي قبض‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬أشمال‪ .‬ولعله‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫] ‪[ 253‬‬

‫وتثني ثنتين‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله كثيرا ما يتوسد وسادة له من ادم حشوها‬
‫ليف‪ ،‬ويجلس عليها‪ ،‬وكانت له قطيفة فدكية يلبسها يتخشع بها‪ ،‬وكانت له‬
‫قطيفة مصرية قصيرة الخمل‪ ،‬وكان له بساط من شعر يجلس عليه‪ ،‬وربما‬
‫صلى عليه )‪ .(1‬في نومه‪ :‬وكان ينام على الحصير ليس تحته شئ غيره‪،‬‬
‫وكان يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله إذا‬
‫آوى إلى فراشه اضطجع على شقه اليمن‪ ،‬و وضع يده اليمنى تحت خده‬
‫اليمن ثم يقول‪ :‬اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك )‪ .(2‬في دعائه عند‬
‫مضجعه‪ :‬وكان له أصناف من القاويل يقولها إذا أخذ مضجعه‪ :‬فمنها أنه‬
‫كان يقول‪ " :‬اللهم إني أعوذ بك بمعافاتك من عقوبتك‪ ،‬وأعوذ برضاك من‬
‫سخطك‪ ،‬وأعوذ بك منك‪ ،‬اللهم إني ل أستطيع أن أبلغ في الثنآء عليك ولو‬
‫حرصت‪ ،‬أنت كما أثنيت على نفسك " وكان صلى ال عليه واله يقول عند‬
‫منامه‪ :‬بسم ال اموت وأحيا‪ ،‬وإلى ال المصير‪ ،‬اللهم آمن روعتي‪ ،‬واستر‬
‫عورتي‪ ،‬وأد عني أمانتي‪ .‬ما يقول عند نومه‪ :‬كان صلى ال عليه وآله‬
‫يقرء آية الكرسي عند منامه‪ ،‬ويقول‪ :‬أتاني جبرئيل فقال‪ :‬يا محمد إن‬
‫عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسي‪ .‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم )‪ (3‬قال‪ :‬ما استيقظ رسول ال صلى ال عليه واله من نوم قط إل‬
‫خر ل عزوجل ساجدا‪ .‬وروي أنه صلى ال عليه واله ل ينام )‪ (4‬إل‬
‫والسواك عند رأسه‪ ،‬فإذا نهض بدأ بالسواك‪ ،‬و قال صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫لقد امرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي‪ ،‬وكان صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫مما يقول إذا استيقظ‪ " :‬الحمد ل الذي أحياني بعد موتي‪ ،‬إن ربي لغفور‬
‫شكور " وكان يقول صلى ال عليه واله‪ " :‬اللهم إني أسألك خير هذا‬
‫اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته‪ ،‬اللهم إني‬

‫)‪ (1‬مكارم الخلق‪ 39 :‬و ‪ (2) .40‬مكارم الخلق‪ (3) .40 :‬في المصدر‪ :‬ما يقول‬
‫عند استيقاظه‪ :‬عن أبي جعفر عليه السلم إ‍ه‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬كان ل‬
‫ينام‪.‬‬

‫] ‪[ 254‬‬

‫أسألك خيره وخير ما فيه‪ ،‬وأعوذ بك من شره وشر ما بعده )‪ ." (1‬في سواكه‪:‬‬
‫وكان صلى ال عليه وآله يستاك كل ليلة ثلث مرات‪ :‬مرة قبل نومه‪ ،‬ومرة‬
‫إذا قام من نومه إلى ورده‪ ،‬ومرة قبل خروجه إلى صلة الصبح‪ ،‬وكان‬
‫يستاك بالراك‪ ،‬أمره بذلك جبرئيل عليه السلم‪ .‬وعن الصادق عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إني لكره للرجل أن يموت وقد بقيت خلة من خلل رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله لم يأت بها )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله‪ :‬وهو مغذ أي مسرع‪ ،‬من‬
‫قولهم‪ :‬أغذ إغذاذا‪ :‬إذا أسرع في السير‪ .‬والقد بالفتح‪ :‬جلد السخلة‬
‫الماعزة‪ ،‬وبالكسر‪ :‬سير يقد من جلد غير مدبوغ‪ .‬والقديد‪ :‬اللحم المقدد‪،‬‬
‫وفي النهاية‪ :‬فيه كانوا يأكلون القد يريد جلد السخلة في الجدب انتهى‪.‬‬
‫والجبذ‪ :‬الجذب‪ ،‬والنجدة‪ :‬الشجاعة‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬فيه لو تعلمون ما في‬
‫هذه المة من الموت الحمر‪ ،‬يعني القتل‪ ،‬لما فيه من حمرة الدم أو لشدته‪،‬‬
‫يقال‪ :‬موت أحمر‪ ،‬أي شديد‪ ،‬ومنه حديث علي عليه السلم‪ :‬كنا إذا احمر‬
‫البأس اتقينا برسول ال صلى ال عليه واله أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا‬
‫العدو به وجعلناه لنا وقاية‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد إذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت‪،‬‬
‫كما يقال في الشر بين القوم‪ :‬اضطرمت نارهم‪ ،‬تشبيها بحمرة النار‪،‬‬
‫وكثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة‪ ،‬وقال‪ :‬وفيه إنه ركب فرسا لبي‬
‫طلحة فقال‪ :‬إن وجدناه لبحرا‪ ،‬أي واسع الجري‪ ،‬وسمي البحر بحرا لسعته‬
‫انتهى‪ .‬قوله صلى ال عليه واله‪ :‬لن تراعوا‪ ،‬هو من الروع بمعنى الفزع‪،‬‬
‫وقال الجزري‪ :‬في صفته صلى ال عليه واله إذا سر فكأن وجهه المرآة‪،‬‬
‫وكان الجدر تلحك وجهه‪ ،‬الملحكة‪ :‬شدة الملئمة‪ ،‬أي يرى شخص الجدر‬
‫في وجهه‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬الدارة‪ :‬التي حول القمر‪ ،‬وهي الهالة قوله‪:‬‬
‫فيزجي الضعيف‪ ،‬أي يسوقه ليلحقه بالرفاق‪ ،‬والناضح‪ :‬البعير الذي يستقى‬
‫عليه‪ .‬قوله‪ :‬جالت يده‪ ،‬أي أخذ من كل جانب‪ .‬قوله‪ :‬ل تزرموا بالصبي‪،‬‬
‫من باب الفعال‪ ،‬أي ل تقطعوا عليه بوله‪ ،‬ومثل الرجل يمثل مثول‪ :‬إذا‬
‫انتصب قائما‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬فيه أنه لم يشبع من خبز ولحم إل على‬
‫ضفف‪ ،‬الضفف‪ :‬الضيق والشدة‪ ،‬أي لم يشبع منها إل عن ضيق‪ ،‬وقيل‪:‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬مكارم الخلق‪ 40 :‬و ‪.41‬‬

‫] ‪[ 255‬‬

‫الضفف‪ :‬اجتماع الناس‪ ،‬يقال‪ :‬ضف القوم على الماء يضفون ضفا وضففا‪ ،‬أي لم‬
‫يأكل خبزا ولحما وحده‪ ،‬ولكن يأكل مع الناس‪ ،‬وقيل‪ :‬الضفف أن تكون‬
‫الكلة أكثر من مقدار الطعام‪ ،‬والخفف‪ :‬أن يكونوا بمقداره‪ ،‬وقال‪ :‬الحيس‬
‫هو الطعام المتخذ من التمر والقط والسمن‪ ،‬وقد يجعل عوض القط‬
‫الدقيق‪ ،‬أو الفتيت‪ ،‬وقال‪ :‬كل شئ مما يؤتدم به إهالة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ما اذيب‬
‫من اللية والشحم‪ .‬وقال‪ :‬النهس‪ :‬أكل اللحم بأطراف السنان‪ ،‬والنهش‪:‬‬
‫الخذ بجميعها‪ ،‬وقال الفيروزآبادي بقلة النصار الكرنب‪ ،‬والكرنب بالضم‬
‫وكسمند‪ :‬السلق‪ ،‬أو نوع منه أحلى‪ ،‬والكباد بالضم‪ :‬وجع الكبد‪ ،‬وقال‬
‫الجزري‪ :‬فيه نهي عن اختناث السقية‪ ،‬خنثت السقاء‪ :‬إذا ثنيت فمه إلى‬
‫خارج وشربت منه‪ ،‬وقال‪ :‬المدرى‪ :‬شئ يعمل من حديد‪ ،‬أو خشب على‬
‫شكل سن من أسنان المشط وأطول منه يسرح به الشعر الملبد‪ ،‬ويستعمله‬
‫من ل مشط له انتهى‪ .‬والمشاطة بالضم‪ :‬الشعر الذي يسقط من الرأس‬
‫واللحية عند التسريح بالمشط‪ ،‬والوباء بالقصر والمد‪ :‬الطاعون والمرض‬
‫العام‪ .‬والوبيص بالمهملة‪ :‬البريق‪ .‬وقال الجزري في حديث عايشة إنه كان‬
‫يتطيب بذكارة الطيب‪ ،‬الذكارة بالكسر‪ :‬ما يصلح للرجل كالمسك والعنبر‬
‫والعود‪ ،‬وهي جمع ذكر‪ ،‬والذكورة مثله‪ ،‬ومنه الحديث كانوا يكرهون‬
‫المؤنث من الطيب‪ ،‬ول يرون بذكورته بأسا‪ ،‬هو ما ل لون له كالعود‬
‫والكافور والعنبر‪ ،‬والمؤنث‪ :‬طيب النساء كالخلوق والزعفران انتهى‪.‬‬
‫والثمد بالكسر )‪ :(1‬حجر الكحل‪ :‬وقال الجزري فيه ل يتمرأ )‪ (2‬أحدكم‬
‫في الدنيا‪ ،‬أي ل ينظر فيها‪ ،‬هو يتفعل من الرؤية‪ ،‬والميم زائدة‪ ،‬وفي‬
‫القاموس‪ :‬الشملة بالفتح‪ :‬كساء دون القطيفة يشتمل به‪ ،‬وقال‪ :‬النمرة‬
‫كفرحة‪ :‬شملة فيها خطوط بيض وسود‪ ،‬أو بردة من صوف تلبسها‬
‫العراب انتهى‪ .‬والبرطلة‪ :‬قلنسوة طويلة‪ ،‬والساج‪ :‬الطيلسان الخضر‪،‬‬
‫والجمع سيجان‪ ،‬واعتجار العمامة‪ :‬هو أن يلفها على رأسه‪ ،‬ويرد طرفها‬
‫على وجهه‪ ،‬ول يعمل منها شيئا تحت ذقنه‪،‬‬

‫)‪ (1‬بكسر الهمزة والميم وبضمهما‪ (2) .‬الموجود في النهاية هكذا‪ :‬وفيه ل يتمر‬
‫أي أحدكم في الدنيا‪ ،‬أي ل ينظر فيها‪ ،‬وهو ينفعل من الرؤية‪ ،‬والميم‬
‫زائدة‪ ،‬وفي رواية‪ :‬ل يتمرأ احدكم بالدنيا‪ ،‬من الشئ المرئ‪.‬‬

‫] ‪[ 256‬‬

‫والسمل بالتحريك‪ :‬الخلق من الثياب‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬في حديث خاتم النبي صلى ال‬
‫عليه واله فيه فص حبشي‪ ،‬يحتمل أنه أراد من الجزع أو العقيق لن‬
‫معدنهما اليمن والحبشة‪ ،‬أو نوعا آخر ينسب إليهما )‪ .(1‬قوله‪ :‬وهو فيها‪،‬‬
‫حمل على التقية‪ ،‬أو على أنه من موضوعات العامة‪ ،‬وربما حمل على بيان‬
‫الجواز‪ ،‬وكذا الستذكار إما من الموضوعات‪ ،‬أو محمول على أنه صلى ال‬
‫عليه واله إنما فعله للتعليم‪ ،‬والقبال بالكسر‪ :‬زمام النعل‪ ،‬وهو السير الذي‬
‫يكون بين الصبعين‪ ،‬قوله‪ :‬مخصرة أي مستدقة الوسط‪ .‬والمعقبة هي التي‬
‫لها نتو من عقبه من جهة الفوق‪ ،‬ويحتمل من جهة التحت على بعد‪،‬‬
‫والملسنة كمعظمة‪ :‬ما فيها طول ولطافة كهيئة اللسان‪ .‬قال الزمخشري في‬
‫الفائق‪ :‬فيه أن نعله صلى ال عليه واله كانت معقبة مخصرة ملسنة‪ ،‬أي‬
‫مصيرا لها عقب مستدقة الخصر‪ ،‬وهو وسطها‪ ،‬مخرطة الصدر‪ ،‬مرققته‬
‫من أعله على شكل اللسان انتهى‪ .‬قوله‪ :‬وكان منها‪ ،‬لعل المعنى أن‬
‫بعضها كانت ملسنة لكن قليل‪ ،‬وقال الجوهري السبت بالكسر‪ :‬جلود البقر‬
‫المدبوغة بالقرظ )‪ (2‬يحذي منه النعال السبتية‪ - 36 .‬جا‪ :‬أبو غالب‬
‫الزراري‪ ،‬عن محمد بن سليمان‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن محمد ابن‬
‫يحيى الخزاز‪ ،‬عن غياث بن إبراهيم‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا خطب حمد ال‬
‫وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب ال‪ ،‬وأفضل الهدى‬
‫هدى محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬وشر المور محدثاتها‪ ،‬وكل بدعة ضللة‪،‬‬
‫ويرفع صوته‪ ،‬وتحمار وجنتاه‪ ،‬ويذكر الساعة وقيامها‪ ،‬حتى كأنه منذر‬
‫جيش يقول‪ :‬صبحتكم الساعة‪ ،‬مستكم الساعة ثم يقول‪ " :‬بعثت أنا‬
‫والساعة كهاتين ‪ -‬ويجمع بين سبابتيه ‪ -‬من ترك مال فلهله‪ ،‬ومن ترك‬
‫دينا فعلي وإلي )‪ - 37 .(3‬مكا‪ :‬في كتاب مواليد الصادقين قال‪ :‬محمد بن‬
‫إبراهيم الطالقاني‪ :‬وخبرت‬

‫)‪ (1‬إليها خ ل‪ (2) .‬قرظ‪ :‬ورق السلم يدبغ به‪ (3) .‬مجالس المفيد‪.123 :‬‬

‫] ‪[ 257‬‬

‫أنه اعتزل صلى ال عليه واله نسائه في مشربة‪ ،‬والمشربة )‪ ،(1‬العلية‪ ،‬فدخل‬
‫عليه عمرو في البيت اهب عطنة وقرظ‪ ،‬والنبي صلى ال عليه واله نائم‬
‫على حصير قد أثر في جنبه‪ ،‬فوجد عمر ريح الهب‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال ما‬
‫هذه الريح )‪ (2‬؟ قال‪ :‬يا عمر هذا متاع الحي‪ ،‬فلما جلس النبي صلى ال‬
‫عليه واله قد أثر )‪ (3‬الحصير في جنبه‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أما أنا فأشهد أنك‬
‫رسول ال‪ ،‬ولنت أكرم على ال من قيصر وكسرى‪ ،‬وهما فيما هما فيه‬
‫من الدنيا‪ ،‬وأنت على الحصير قد أثر في جنبك‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬أما ترضى أن يكون لهم الدنيا ولنا الخرة )‪ .(4‬بيان‪ :‬العلية بضم‬
‫العين‪ ،‬وتشديد اللم المكسورة‪ ،‬واليآء‪ :‬الغرفة‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬الهب‬
‫بضم الهمزة والهاء وبفتحهما جمع إهاب وهو الجلد‪ ،‬وقيل‪ :‬إنما يقال‬
‫للجلد‪ :‬إهاب قبل الدبغ‪ ،‬فأما بعده فل‪ ،‬والعطنة‪ :‬المنتنة التي هي في دباغها‬
‫انتهى‪ .‬والقرظ بالتحريك‪ :‬ورق السلم يدبغ به‪ - 38 .‬فر‪ :‬جعفر بن أحمد‬
‫معنعنا عن محمد بن كعب القرظي قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫يتحارسه أصحابه‪ ،‬فأنزل ال تعالى إليه‪ " :‬يا أيها الرسول بلغ ما انزل‬
‫إليك من ربك " إلى آخر الية‪ ،‬قال‪ :‬فترك الحرس حين أخبره ال تعالى‬
‫أنه يعصمه من الناس بقوله‪ " :‬وال يعصمك من الناس )‪ - 39 ." (5‬كا‪:‬‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي الحسن النباري‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يحمد ال في كل‬
‫يوم ثلث مأة وستين مرة‪ ،‬عدد عروق الجسد‪ ،‬يقول‪ :‬الحمد ل رب‬
‫العالمين كثيرا على كل حال )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وروى أنه اعتزل نساءا في مشربة له شهرين‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫ما هذه الهب‪ (3) .‬كان قد أثر خ ل وفي المصدر‪ :‬وكان‪ (4) .‬مكارم‬
‫الخلق‪ 150 :‬و ‪ (5) .151‬تفسير فرات‪ (6) .37 :‬اصول الكافي ‪:2‬‬
‫‪.503‬‬
‫] ‪[ 258‬‬

‫‪ - 40‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم إن رسول ال صلى ال عليه واله كان ل يقوم من‬
‫مجلس وإن خف حتى يستغفر ال عزوجل خمسا وعشرين مرة )‪- 41 .(1‬‬
‫كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن معاوية بن عمار‪ ،‬عن الحارث‬
‫بن المغيرة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله يستغفر ال عزوجل كل يوم سبعين مرة‪ ،‬ويتوب إلى ال سبعين‬
‫مرة )‪ - 42 .(2‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن أبان‪،‬‬
‫عن ابن ميمون )‪ (3‬القداح‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬إني لعجب كيف ل أشيب إذا قرأت القرآن )‪- 43 .(4‬‬
‫كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن ابن اذينة‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬دخل يهودي على رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫وعايشة عنده‪ ،‬فقال‪ :‬السام )‪ (5‬عليكم‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬عليك‪ ،‬ثم دخل آخر فقال‪ :‬مثل ذلك فرد عليه كما رد على صاحبه‪ ،‬ثم‬
‫دخل آخر فقال‪ :‬مثل ذلك‪ ،‬فرد رسول ال صلى ال عليه واله كما رد على‬
‫صاحبه )‪ ،(6‬فغضبت عايشة فقالت‪ :‬عليكم السام )‪ (7‬والغضب واللعنة يا‬
‫معشر اليهود‪ ،‬يا إخوة القردة والخنازير‪ ،‬فقال لها رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬يا عايشة إن الفحش لو كان ممثل لكان مثال سوء‪ ،‬إن الرفق‬
‫لم يوضع على شئ قط إل زانه‪ ،‬ولم يرفع عنه قط إل شانه‪ ،‬قال‪ :‬قالت‪ :‬يا‬
‫رسول ال أما سمعت إلى قولهم‪ :‬السام عليكم ؟ فقال‪ :‬بلى‪ ،‬أما سمعت ما‬
‫رددت عليهم ؟ قلت‪ :‬عليكم‪ ،‬فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا‪ :‬السلم عليكم‪،‬‬
‫وإذا سلم‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .504 :2‬اصول الكافي ‪ 504 :2‬و ‪ (3) .505‬في المصدر‪:‬‬
‫ميمون القداح‪ ،‬وصححه الردبيلى في جامع الروات‪ (4) .‬اصول الكافي‬
‫‪ ،632 :2‬وللحديث صدر تركه المصنف‪ (5) .‬السام‪ :‬الموت‪(6) .‬‬
‫صاحبيه خ ل وهو الموجود في المصدر‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬السام عليك‪.‬‬

‫] ‪[ 259‬‬

‫عليكم كافر فقولوا عليك )‪ - 44 .(1‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن عبد‬
‫العظيم بن عبد ال العلوي رفعه قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله يجلس‬
‫ثلثا‪ :‬القرفصآء وهو أن يقيم ساقيه‪ :‬ويستقبلهما بيديه ويشد يده في‬
‫ذراعه‪ ،‬وكان يجثو على ركبتيه‪ ،‬وكان يثني رجل واحدة‪ ،‬ويبسط عليها‬
‫الخرى‪ ،‬ولم ير صلى ال عليه واله متربعا قط )‪ - 45 .(2‬كا‪ :‬محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن معمر بن خلد قال‪ :‬سألت أبا الحسن عليه‬
‫السلم فقلت‪ :‬جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلم )‪(3‬‬
‫يمزحون ويضحكون‪ ،‬فقال‪ :‬ل بأس ما لم يكن‪ ،‬فظننت أنه عنى الفحش‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله كان يأتيه العرابي فيهدي له‬
‫الهدية‪ ،‬ثم يقول مكانه‪ :‬أعطنا ثمن هديتنا‪ ،‬فيضحك رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬وكان إذا اغتم يقول‪ :‬ما فعل العرابي ليته أتانا )‪ - 46 .(4‬كا‪:‬‬
‫الحسن بن محمد‪ ،‬عن معلى بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن علي‪ ،‬عن حماد بن‬
‫عثمان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬رأى رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله امرأة فأعجبته‪ ،‬فدخل على ام سلمة )‪ (5‬وكان يومها فأصاب منها‪،‬‬
‫وخرج إلى الناس ورأسه يقطر‪ ،‬فقال‪ :‬أيها الناس إنما النظر من الشيطان‪،‬‬
‫فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله )‪ .(6‬بيان‪ :‬لعله صلى ال عليه واله‬
‫إنما فعل ذلك وأظهر لتعليم غيره )‪ - 47 .(7‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن محمد‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن جميل بن دراج‪،‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .648 :2‬اصول الكافي ‪ (3) .661 :2‬كلما خ ل أقول‪ :‬هو‬
‫مصحف‪ (4) .‬اصول الكافي ‪ (5) .663 :2‬إلى ام سلمة خ ل‪ (6) .‬الكافي‬
‫‪ (7) .664 :2‬ومع ذلك محمول على ما لم يمكن الصبر وخاف الوقوع‬
‫في حرام‪ ،‬وال فلعله يكره اتيان أهله في هذا الحال‪ ،‬لروايات مذكورة في‬
‫محله‪.‬‬

‫] ‪[ 260‬‬

‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يقسم لحظاته‬
‫بين أصحابه‪ ،‬فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية‪ ،‬قال‪ :‬ولم يبسط رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله رجليه بين أصحابه قط‪ ،‬وإن كان ليصافحه الرجل‬
‫فما يترك رسول ال صلى ال عليه واله يده من يده حتى يكون هو التارك‪،‬‬
‫فلما فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه قال )‪ (1‬بيده فنزعها من يده )‪.(2‬‬
‫‪ - 48‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن العلء‪ ،‬عن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬ما‬
‫زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن اخفي أو ادرد )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال‬
‫الجزري‪ :‬فيه لزمت السواك حتى كدت اخفي فمي‪ ،‬أي استقصي على‬
‫أسناني فأذهبها بالتسوك‪ ،‬وقال‪ :‬فيه لزمت السواك حتى خشيت أن‬
‫يدردني‪ ،‬أي يذهب بأسناني‪ ،‬والدرد‪ :‬سقوط السنان‪ - 49 .‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬وعلي‪ ،‬عن أبيه جميعا عن الصفهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن سفيان‬
‫بن عتيبة )‪ ،(4‬عن أبي عبد ال عليه السلم إن النبي صلى ال عليه واله‬
‫قال‪ :‬أنا أولى بكل مؤمن من نفسه‪ ،‬وعلي أولى به من بعدي‪ ،‬فقيل له‪ :‬ما‬
‫معنى ذلك ؟ فقال‪ :‬قول النبي صلى ال عليه واله‪ :‬من ترك دينا أو ضياعا‬
‫فعلي‪ ،‬ومن ترك مال فلورثته‪ ،‬فالرجل ليست عليه على نفسه ولية إذا لم‬
‫يكن له مال‪ ،‬وليس له على عياله أمر ول نهي إذا لم يجر عليهم النفقة‪،‬‬
‫والنبي وأمير المؤمنين ومن بعدهما ألزمهم هذا‪ ،‬فمن هناك صاروا أولى‬
‫بهم من أنفسهم‪ ،‬وما كان سبب إسلم عامة اليهود إل من بعد هذا القول‬
‫من رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وإنهم آمنوا على‬

‫)‪ (1‬حكى الفيروزآبادي في القاموس عن ابن النباري أن قال يجيئ بمعنى تكلم‬
‫وضرب و غلب ومات ومال واستراح وأقبل‪ ،‬ويعبر بها عن التهيؤ‬
‫للفعال والستعداد لها‪ ،‬يقال‪ ،‬قال فأكل‪ ،‬وقال‪ :‬فضرب‪ ،‬وقال‪ :‬فتكلم‬
‫انتهى‪ .‬أقول‪ :‬ولعل المناسب في المقام المعنى الخامس أو الخير‪(2) .‬‬
‫اصول الكافي ‪ (3) .671 :2‬فروع الكافي ‪ (4) .8 :1‬عيينة خ ل أقول هذا‬
‫هو الصحيح‪ ،‬وهو بضم العين المهملة ويائين فنون ثم هاء تصغير‪،‬‬
‫والرجل هو سفيان بن عيينة بن أبى عمران ميمون الهللي أبو محمد‬
‫الكوفي‪ ،‬ترجمه النجاشي‪ ،‬و الكشى وابن داود في رجالهم‪ ،‬وابن حجر في‬
‫التقريب‪.‬‬

‫] ‪[ 261‬‬

‫أنفسهم وعلى عيالتهم )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬فيه من ترك ضياعا فإلى‪،‬‬
‫الضياع‪ :‬العيال‪ ،‬وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا‪ ،‬فسمي العيال‬
‫بالمصدر‪ ،‬وإن كسرت الضاد كان جمع ضايع كجايع وجياع انتهى‪ .‬قوله‬
‫عليه السلم‪ :‬ليست له على نفسه ولية‪ ،‬لنه إما أن يصير أجيرا لغيره‬
‫فيكون لغيره عليه الولية‪ ،‬أو يشتغل بسائر المكاسب وجوبا‪ ،‬فليس له‬
‫الشتغال بفضول الطاعات والمباحات‪ ،‬أو ليست له على نفسه ولية أن‬
‫يمنعها عن السؤال والطلب‪ ،‬أو المعنى أن المام لما كان منفقا عليه حينئذ‬
‫فله الولية عليه‪ ،‬فليس له حقيقة على نفسه ولية‪ ،‬أو أنه لما لم يكن له‬
‫مال يجعله بضاعة للكسب فل ولية له على نفسه بأن يكلف نفسه الكسب‪،‬‬
‫وأما عدم المر والنهي له على عياله فلنه ليس له منعهم عن الخروج من‬
‫البيت‪ ،‬ول المر بالخدمات‪ ،‬لنه يجب عليهم الخروج لتحصيل المعاش‪50 .‬‬
‫‪ -‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عمر بن اذينة‪ ،‬عن زرارة‪،‬‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يصنع‬
‫بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا ل يصنعه بأحد من المسلمين‪ ،‬كان إذا‬
‫صلى على الهاشمي ونضح )‪ (2‬قبره بالماء وضع رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله كفه على القبر حتى ترى أصابعه في الطين‪ ،‬فكان الغريب يقدم‬
‫أو المسافر من أهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه أثر كف رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬فيقول‪ :‬من مات من آل محمد ؟ صلى ال عليه واله )‬
‫‪ - 51 .(3‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن معلى بن محمد‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬
‫أبان بن عثمان‪ ،‬عن زيد الشحام‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما أكل‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله متكئا منذ بعثه ال عز وجل حتى قبض )‬
‫‪ ،(4‬وكان يأكل أكلة العبد‪ ،‬ويجلس جلسة العبد‪ ،‬قلت‪ :‬ولم ذاك ؟ قال‪:‬‬
‫تواضعا ل عزوجل )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي‪ (2) .406 :‬نضحه‪ :‬رشه‪ .‬بله‪ (3) .‬فروع الكافي ‪ (4) .55 :1‬في‬
‫المصدر‪ :‬إلى أن قبضه‪ (5) .‬فروع الكافي ‪.157 :2‬‬

‫] ‪[ 262‬‬

‫‪ - 52‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن أبي المعزاء‬
‫)‪ ،(1‬عن هارون بن خارجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يأكل أكل العبد‪ ،‬ويجلس جلسة العبد‪ ،‬ويعلم‬
‫أنه عبد )‪ - 53 .(2‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن عائذ‪ ،‬عن أبي خديجة قال‪ :‬سأل بشير الدهان أبا عبد ال عليه‬
‫السلم وأنا حاضر‪ ،‬فقال‪ :‬هل كان رسول ال صلى ال عليه واله يأكل‬
‫متكئا على يمينه وعلى يساره ؟ فقال‪ :‬ما كان رسول ال يأكل متكئا على‬
‫يمينه ول على يساره صلى ال عليه واله‪ ،‬ولكن يجلس )‪ (3‬جلسة العبد‪،‬‬
‫قلت‪ :‬ولم ذلك ؟ قال‪ :‬تواضعا ل عزوجل )‪ - 54 .(4‬كا‪ :‬أبو علي‬
‫الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن معلى أبي عثمان )‬
‫‪ ،(5‬عن المعلى بن خنيس قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما أكل نبي‬
‫ال وهو متكئ منذ بعثه ال عزوجل‪ ،‬وكان يكره أن يتشبه بالملوك‪ ،‬ونحن‬
‫ل نستطيع أن نفعل )‪ - 55 .(6‬كا‪ :‬أبو علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد‬
‫الجبار‪ ،‬عن محمد بن سالم‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن‬
‫جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫يأكل‬

‫)‪ (1‬هكذا في النسخة‪ ،‬وقد تقدم قبل في الحديث ‪ :29‬المغرا‪ ،‬قال المامقاني في‬
‫تنقيح المقال ‪ 379 :1‬المعزى بكسر الميم‪ ،‬وسكون العين‪ ،‬وفتح الزاى‬
‫بعدها ألف بمعنى المعز وهو خلف الضأن‪ ،‬وقد جعلها العلمة في ايضاح‬
‫الشتباه بالقصر‪ ،‬وابن طاووس وتلميذه ابن داود والسيد الداماد بالمد‪،‬‬
‫والفرق بينهما أن الممدود يكتب باللف كصفراء‪ ،‬والمقصور بالباء‬
‫كحبلى‪ ،‬وظاهر القاموس وغيره أن القياس هو القصر لنه ذكره بالياء ثم‬
‫قال‪ :‬ويمد‪ ،‬أقول‪ :‬و بالجملة فالرجل هو حميد بن المثنى العجلى الكوفي‬
‫الصيرفي‪ (2) .‬فروع الكافي ‪ (3) .157 :2‬في المصدر‪ :‬ولكن كان‬
‫يجلس‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ (5) .157 :2‬هذا هو الصحيح‪ ،‬وأما ما في‬
‫بعض النسخ‪ :‬معلى بن أبي عثمان فهو مصحف‪ ،‬لن أبا عثمان كنية‬
‫معلى ل كنية أبيه‪ ،‬وأما اسم أبيه عثمان أو زيد على اختلف ذكره‬
‫النجاشي‪ (6) .‬فروع الكافي ‪ 157 :2‬و ‪.158‬‬

‫] ‪[ 263‬‬

‫أكل العبد‪ ،‬ويجلس جلسة العبد‪ ،‬وكان يأكل على الحضيض‪ ،‬وينام على الحضيض )‬
‫‪ - 56 .(1‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن علي بن محمد القاساني‪ ،‬عن أبي‬
‫أيوب سليمان بن مقبل المديني )‪ ،(2‬عن داود بن عبد ال بن محمد‬
‫الجعفري‪ ،‬عن أبيه أن رسول ال صلى ال عليه واله كان في بعض‬
‫مغازيه فمر به ركب وهو يصلي‪ ،‬فوقفوا على أصحاب رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله فسائلوهم )‪ (3‬عن رسول ال صلى ال عليه واله ودعوا وأثنوا‬
‫وقالوا‪ :‬لو ل أنا عجال لنتظرنا رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬فاقرأوه‬
‫منا السلم ومضوا‪ ،‬فانفتل )‪ (4‬رسول ال صلى ال عليه واله مغضبا‪ ،‬ثم‬
‫قال لهم‪ :‬يقف عليكم الركب ويسألونكم عني ويبلغوني السلم ول تعرضون‬
‫عليهم الغداء‪ ،‬ليعز علي قوم فيهم خليلي جعفر أن يجوزوه حتى يتغدوا‬
‫عنده )‪ - 57 .(5‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫محبوب‪ ،‬عن معاوية بن وهب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يجعل العنزة بين يديه إذا صلى )‪ .(6‬بيان‪:‬‬
‫قال الجوهري‪ :‬العنزة بالتحريك‪ :‬أطول من العصا‪ ،‬وأقصر من الرمح‪ ،‬و‬
‫فيه زج كزج الرمح‪ - 58 .‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان طول رحل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله ذراعا‪ ،‬وكان إذا صلى )‪ (7‬وضعه بين يديه ليستتر به ممن يمر بين‬
‫يديه )‪ - 59 .(8‬كا‪ :‬حميد بن زياد‪ ،‬عن الحسن بن محمد بن سماعة‪ ،‬عن‬
‫وهيب بن حفص‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .157 :2‬في المصدر‪ :‬سليمان بن مقاتل المدينى‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وسائلوهم‪ (4) .‬أي فانصرف عن صلته‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬فأقبل‪.‬‬
‫)‪ (5‬فروع الكافي ‪ (6) .158 :2‬فروع الكافي ‪ 81 :1‬و ‪ (7) .82‬فإذا‬
‫صلى خ ل‪ (8) .‬فروع الكافي ‪.82 :1‬‬

‫] ‪[ 264‬‬
‫أبي بصير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله عند‬
‫عايشة ليلتها‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول ال لم تتعب نفسك وقد غفر ال لك ما تقدم‬
‫من ذنبك وما تأخر ؟ فقال‪ :‬يا عايشة أل أكون عبدا شكورا ؟ قال‪ :‬وكان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يقوم على أطراف أصابع رجليه‪ ،‬فأنزل ال‬
‫سبحانه‪ :‬طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى )‪ - 60 .(1‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن عبد ال بن مسكان‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم إن رسول ال صلى ال عليه واله كان في سفر يسير على‬
‫ناقة له‪ ،‬إذ نزل فسجد خمس سجدات‪ ،‬فلما ركب قالوا‪ :‬يا رسول ال إنا‬
‫رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬نعم استقبلني‬
‫جبرئيل عليه السلم فبشرني ببشارات من ال عزوجل‪ ،‬فسجدت ل شكرا‬
‫لكل بشرى سجدة )‪ - 61 .(2‬كا‪ ،‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد‪،‬‬
‫عن حريز‪ ،‬عن بحر السقا قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا بحر‬
‫حسن الخلق يسر‪ ،‬ثم قال‪ :‬أل اخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل‬
‫المدينة ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬بينما )‪ (3‬رسول ال صلى ال عليه واله ذات‬
‫يوم جالس في المسجد إذ جاءت )‪ (4‬جارية لبعض النصار وهو قائم‪،‬‬
‫فأخذت بطرف ثوبه‪ ،‬فقام لها النبي صلى ال عليه واله فلم تقل‪ :‬شيئا‪ ،‬ولم‬
‫يقل لها النبي صلى ال عليه واله‪ :‬شيئا حتى فعلت ذلك ثلث مرات‪ ،‬فقام‬
‫لها النبي صلى ال عليه واله في الرابعة وهي خلفه‪ ،‬فأخذت هدبة من‬
‫ثوبه ثم رجعت‪ ،‬فقال لها الناس‪ :‬فعل ال بك وفعل حبست رسول ال ثلث‬
‫مرات ل تقولين له‪ :‬شيئا‪ ،‬ول هو يقول لك‪ :‬شيئا‪ ،‬ما كانت حاجتك إليه ؟‬
‫قالت‪ :‬إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لخذ هدبة من ثوبه ليستشفى بها‪ ،‬فلما‬
‫أردت أخذها رآني فقام‪ ،‬فاستحييت أن آخذها وهو يراني‪ ،‬وأكره أن‬
‫استأمره في أخذها فأخذتها )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .95 :2‬اصول الكافي ‪ (3) .98 :2‬بينا خ ل‪ (4) .‬إذا جاءت‬
‫خ ل‪ (5) .‬اصول الكافي ‪.102 :2‬‬

‫] ‪[ 265‬‬

‫بيان‪ :‬هدبة الثوب‪ :‬طرفه مما يلي طرته‪ - 62 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪،‬‬
‫عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫إن رسول ال صلى ال عليه واله اتي باليهودية التي سمت الشاة للنبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما حملك على ما صنعت ؟ فقالت‪ :‬قلت‪ :‬إن‬
‫كان نبيا لم يضره‪ ،‬وإن كان ملكا أرحت الناس منه‪ ،‬فقال‪ :‬فعفا رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله عنها )‪ - 63 .(1‬كا‪ :‬حميد بن زياد‪ ،‬عن الخشاب‪ ،‬عن‬
‫ابن بقاح‪ ،‬عن عمرو بن جميع‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬دخل‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله على عايشة فرأى كسرة كاد أن يطأها‬
‫فأخذها و أكلها‪ ،‬وقال‪ :‬يا حميري أكرمي جوار نعم ال عليك‪ ،‬فإنها لم تنفر‬
‫من قوم فكادت تعود إليهم )‪ - 64 .(2‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن عبد الرحمن بن الحجاج‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫أفطر رسول ال عشية خميس في مسجد قبا‪ ،‬فقال‪ :‬هل من شراب ؟ فأتاه‬
‫أوس بن خولى النصاري بعس )‪ (3‬مخيض )‪ (4‬بعسل‪ ،‬فلما وضعه على‬
‫فيه نحاه‪ ،‬ثم قال‪ :‬شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه‪ ،‬ل أشربه ول‬
‫احرمه‪ :‬ولكن أتواضع ل‪ ،‬فإن من تواضع ل رفعه ال‪ ،‬ومن تكبر خفضه‬
‫ال‪ ،‬ومن اقتصد في معيشته رزقه ال‪ ،‬ومن بذر حرمه ال‪ ،‬ومن أكثر ذكر‬
‫)‪ (5‬الموت أحبه ال )‪ .(6‬ين‪ :‬ابن أبي عمير مثله )‪ - 65 .(7‬كا‪ :‬العدة‪،‬‬
‫عن البرقي‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن العلء بن رزين‪ ،‬عن محمد بن‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .108 :2‬فروع الكافي ‪ (3) .165 :2‬من لبن‪ :‬ين‪(4) .‬‬
‫العس‪ :‬بضم وتشديد السين‪ :‬القدح أو الناء الكبير‪ .‬والمخيض‪ .‬ما مخض‬
‫من اللبن و اخذ زبده‪ (5) .‬ذكر ال‪ .‬ين‪ (6) .‬اصول الكافي ‪(7) .122 :2‬‬
‫الزهد‪ ،‬أو المؤمن‪ :‬مخطوط‪ ،‬ليست موجودة عندي نسختهما‪.‬‬

‫] ‪[ 266‬‬

‫مسلم قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يذكر أنه أتي رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله ملك‪ ،‬فقال‪ :‬إن ال تعالى يخيرك أن تكون عبدا رسول متواضعا‪ ،‬أو‬
‫ملكا رسول‪ ،‬قال‪ :‬فنظر إلى جبرئيل وأومأ بيده أن تواضع‪ ،‬فقال‪ :‬عبدا‬
‫متواضعا رسول‪ ،‬فقال الرسول )‪ :(1‬مع أنه ل ينقصك مما عند ربك شيئا‪،‬‬
‫قال‪ :‬ومعه مفاتيح خزائن الرض )‪ - 66 .(2‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن محمد‪ ،‬عن محمد بن يحيى الخثعمي‪ ،‬عن طلحة ابن زيد‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ما أعجب رسول ال صلى ال عليه واله شئ من‬
‫الدنيا إل أن يكون فيها جائعا خائفا )‪ - 67 .(3‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫القاسم بن يحيى‪ ،‬عن جده الحسن بن راشد‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬خرج النبي صلى ال عليه واله وهو‬
‫محزون‪ ،‬فأتاه ملك ومعه مفاتيح خزائن الرض فقال‪ :‬يا محمد هذه مفاتيح‬
‫خزائن الدنيا‪ (4) ،‬يقول لك ربك افتح وخذ منها ما شئت من غير أن ينقص‬
‫)‪ (5‬شيئا عندي‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬الدنيا دار من ل دار‬
‫له‪ ،‬ولها يجمع من ل عقل له‪ ،‬فقال الملك‪ :‬والذى بعثك بالحق )‪ (6‬لقد‬
‫سمعت هذا الكلم من ملك يقوله في السماء الرابعة حين اعطيت المفاتيح )‬
‫‪ - 68 (7‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله أجرى الخيل التى أضمرت من الحصباء إلى مسجد بني‬
‫زريق‪ ،‬وسبقها من ثلث نخلت‪ ،‬فأعطى السابق عذقا‪ ،‬وأعطى المصلي )‬
‫‪ (8‬عذقا‪ ،‬وأعطى الثالث عذقا )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬أي الملك‪ (2) .‬اصول الكافي ‪ (3) .122 :2‬اصول الكافي ‪ (4) .129 :2‬في‬
‫المصدر‪ :‬خزائن الرض )‪ (5‬في المصدر‪ :‬تنقص‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬بعثك‬
‫بالحق نبيا‪ (7) .‬اصول الكافي ‪ (8) .129 :2‬المصلي في خيل الحلبة هو‬
‫الثاني‪ ،‬سمى به لن رأسه يكون عند صل الول‪ ،‬وهو ما عن يمين الذنب‬
‫وشماله‪ ،‬قاله الجزري‪ (9) .‬فروع الكافي ‪.341 :1‬‬

‫] ‪[ 267‬‬

‫كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم مثله )‪ - 69 .(1‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان أحب الصباغ إلى رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله الخل والزيت )‪ - 70 .(2‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪،‬‬
‫عن الوشاء‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫دخل رسول ال صلى ال عليه واله إلى ام سلمة رضي ال عنها فقربت‬
‫إليه كسرة‪ ،‬فقال‪ :‬هل عندك إدام ؟ فقالت‪ :‬ل يا رسول ال ما عندي إل خل‬
‫فقال صلى ال عليه واله‪ :‬نعم الدام الخل‪ ،‬ما افتقر بيت فيه خل )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫قوله‪ :‬ما افتقر )‪ ،(4‬في بعض النسخ بتقدم القاف على الفاء‪ ،‬وفي بعضها‬
‫بالعكس‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬قال الجزري‪ :‬فيه ما أقفر بيت فيه خل‪ ،‬أي ما خل‬
‫من الدام وما عدم أهله الدام‪ ،‬والقفار‪ :‬الطعام بل ادم‪ ،‬وأقفر الرجل‪ :‬إذا‬
‫أكل الخبز وحده من القفر والقفار وهي الرض الخالية التي ل ماء بها‪.‬‬
‫‪ - 71‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن النبي صلى ال عليه واله اتي بطعام حار جدا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ما كان ال ليطعمنا النار‪ ،‬أقروه حتى يبرد ويمكن‪ ،‬فإنه طعام ممحوق )‪(5‬‬
‫البركة‪ ،‬وللشيطان فيه نصيب )‪ - 72 .(6‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫القاساني‪ ،‬عن أبي أيوب المديني‪ ،‬عن سليمان الجعفري‪ ،‬عن الرضا عليه‬
‫السلم إن رسول ال صلى ال عليه واله كان يعجبه النظر إلى الترج‬
‫الخضر‪ ،‬والتفاح الحمر )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ 2) .341 :1‬و ‪ (3‬فروع الكافي ‪ (4) .172 :2‬في المصدر‪ :‬ما‬
‫أقفر‪ (5) .‬محق ال الشئ‪ :‬نقصه وذهب ببركته‪ (6) .‬فروع الكافي ‪:2‬‬
‫‪ 170‬و ‪ (7) .171‬فروع الكافي ‪.181 :2‬‬
‫] ‪[ 268‬‬

‫‪ - 73‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن بعض أصحابه‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال يأكل الرطب بالخربز )‬
‫‪ - 74 .(1‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يأكل البطيخ بالتمر )‬
‫‪ - 75 .(2‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن جعفر بن محمد الشعري‪ ،‬عن ابن‬
‫القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله‬
‫يعجبه الرطب بالخربز )‪ - 76 .(3‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن عبيد ال الدهقان‪ ،‬عن درست‪ ،‬عن إبراهيم بن عبد الحميد‪،‬‬
‫عن أبي الحسن الول عليه السلم قال‪ :‬أكل رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫البطيخ بالسكر‪ ،‬وأكل صلى ال عليه واله البطيخ بالرطب )‪ - 77 .(4‬كا‪:‬‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬كان يعجب رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله من البقول الحوك )‪ .(5‬بيان‪ :‬قال الفيروزآبادي‪ :‬الحوك‪ :‬البادروج‪،‬‬
‫والبقلة الحمقاء‪ - 78 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن جعفر بن محمد‬
‫الشعري‪ ،‬عن ابن القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله إذا شرب الماء قال‪ :‬الحمد ل الذي سقانا عذبا‬
‫زلل‪ ،‬ولم يسقنا ملحا اجاجا‪ ،‬ولم يؤاخذنا بذنوبنا )‪ - 79 .(6‬كا‪ :‬محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن إبراهيم الكرخي‪ ،‬عن‬
‫طلحة بن زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله يشرب في القداح الشامية يجاء بها من الشام‪ ،‬وتهدى له صلى‬
‫ال عليه واله )‪ - 80 .(7‬كا‪ :‬بهذا السناد عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله يعجبه أن يشرب في القدح الشامي‪،‬‬
‫وكان يقول‪ :‬هذا أنظف آنيتكم )‪.(8‬‬

‫)‪ (4 - 1‬فروع الكافي ‪ (5) .181 :2‬فروع الكافي ‪ (6) .182 :2‬فروع الكافي ‪:2‬‬
‫‪ 7) .186‬و ‪ (8‬فروع الكافي ‪.187 :2‬‬

‫] ‪[ 269‬‬

‫‪ - 81‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ ،‬عن عنبسة بن مصعب‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬أتى النبي صلى ال عليه واله بشئ‬
‫فقسمه فلم يسع أهل الصفة جميعا‪ ،‬فخص به اناسا منهم‪ ،‬فخاف رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله أن يكون قد دخل قلوب الخرين شئ‪ ،‬فخرج إليهم‬
‫فقال‪ :‬معذرة إلى ال عزوجل‪ ،‬وإليكم يا أهل الصفة‪ ،‬إنا اوتينا بشئ فأردنا‬
‫أن نقسمه بينكم فلم يسعكم‪ ،‬فخصصت به اناسا منكم‪ ،‬خشينا جزعهم‬
‫وهلعهم )‪ - 82 .(1‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن إسماعيل بن مهران‪ ،‬عن‬
‫أيمن بن محرز‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما صافح رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله رجل قط فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع )‪ (2‬يده‬
‫منه )‪ - 83 .(3‬كا‪ :‬العدة عن سهل‪ ،‬عن جعفر بن محمد الشعري‪ ،‬عن ابن‬
‫القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لقي النبي صلى ال عليه واله‬
‫حذيفة فمد النبي صلى ال عليه واله يده فكف حذيفة يده‪ ،‬فقال النبي صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬يا حذيفة بسطت يدي إليك فكففت يدك عني ؟ فقال حذيفة‪:‬‬
‫يا رسول ال بيدك الرغبة‪ ،‬ولكني كنت جنبا فلم احب أن تمس يدي يدك‬
‫وأنا جنب‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬أما تعلم أن المسلمين إذا التقيا‬
‫فتصافحا تحاتت )‪ (4‬ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر )‪ - 84 .(5‬كا‪ :‬علي‬
‫بن محمد بن عبد ال‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن إسماعيل بن مهران‪ ،‬عن‬
‫أيمن بن محرز‪ ،‬عن زيد الشحام )‪ ،(6‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬ما منع رسول ال‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ .155 :1‬والهلع‪ :‬الجزغ والضجر عند المصائب‪ .‬الحرص والشح‬
‫على المال‪ (2) .‬هو النازع خ ل‪ (3) .‬الصول ‪ (4) .172 :2‬تحات الورق‬
‫من الشجر‪ :‬تناثر‪ (5) .‬الصول ‪ (6) .183 :2‬في المصدر‪ :‬عن أبي‬
‫اسامة عن زيد‪ ،‬وهو مصحف ولفظة )عن( زيادة من الطابع‪ ،‬لن أبا‬
‫اسامة كنية زيد الشحام‪.‬‬

‫] ‪[ 270‬‬

‫صلى ال عليه وآله سائل قط‪ ،‬إن كان عنده أعطى‪ ،‬وإل قال‪ :‬يأتي ال به )‪85 .(1‬‬
‫‪ -‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي أيوب‪ ،‬عن محمد بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله أول ما بعث يصوم )‪ (2‬حتى يقال‪ :‬ما يفطر‪ ،‬و يفطر حتى يقال‪ :‬ما‬
‫يصوم‪ ،‬ثم ترك ذلك وصام يوما وأفطر يوما وهو صوم داود عليه السلم‪،‬‬
‫ثم ترك ذلك وصام الثلثة اليام الغر‪ ،‬ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة )‬
‫‪ (3‬يوما‪ :‬خميسين بينهما أربعاء‪ ،‬فقبض عليه وآله السلم وهو يعمل ذلك‬
‫)‪ .(4‬بيان‪ :‬اليام الغر‪ :‬اليام البيض في وسط الشهر‪ - 86 .‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن‬
‫سهل‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن محمد ابن مروان‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله يصوم حتى يقال‪ :‬ل يفطر‪ ،‬ثم صام يوما وأفطر يوما‪ ،‬ثم صام الثنين‬
‫والخميس‪ ،‬ثم آل )‪ (5‬من ذلك إلى صيام ثلثة أيام في الشهر‪ :‬الخميس في‬
‫أول الشهر‪ ،‬وأربعآء في وسط الشهر‪ ،‬و خميس في آخر الشهر‪ ،‬وكان‬
‫يقول‪ :‬ذلك صوم الدهر‪ ،‬وقد كان أبي يقول‪ :‬ما من أحد أبغض إلي من رجل‬
‫يقال له‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يفعل كذا وكذا‪ ،‬فيقول‪ :‬ل‬
‫يعذبني ال على أن أجتهد في الصلة‪ ،‬كأنه يرى أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله ترك شيئا من الفضل عجزا عنه )‪ - 87 .(6‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حفص بن البختري‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬كن نساء النبي صلى ال عليه واله إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك‬
‫إلى شعبان كراهة أن يمنعن رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فإذا كان‬
‫شعبان صمن‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه واله يقول‪:‬‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .166 :1‬كان يصوم خ ل‪ (3) .‬عشرة أيام خ ل‪ (4) .‬الفروع‬
‫‪ (5) .187 :1‬أي رجع‪ (6) .‬فروع الكافي ‪ 187 :1‬و ‪.188‬‬

‫] ‪[ 271‬‬

‫شعبان شهري )‪ - 88 .(1‬كا‪ :‬أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن الحسن‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫صبيح‪ ،‬عن عنبسة العابد قال‪ :‬قبض النبي صلى ال عليه واله على صوم‬
‫شعبان ورمضان وثلثة أيام في كل شهر‪ :‬أول خميس‪ ،‬وأوسط أربعاء‪،‬‬
‫وآخر خميس )‪ - 89 .(2‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي‬
‫بن الحكم‪ ،‬عن عبد الرحمن بن عثمان‪ ،‬عن رجل من أهل اليمامة كان مع‬
‫أبي الحسن أيام حبس ببغداد‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو الحسن عليه السلم‪ :‬إن ال‬
‫عزوجل قال لنبيه صلى ال عليه واله‪ " :‬وثيابك فطهر " وكانت ثيابه‬
‫طاهرة‪ ،‬وإنما أمره بالتشمير )‪ - 90 .(3‬كا‪ :‬علي بن محمد‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن موسى بن بكر‪ ،‬عن عجلن‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله كان ل يسأله أحد من‬
‫الدنيا شيئا إل أعطاه‪ ،‬فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت‪ :‬انطلق إليه‬
‫فاسأله‪ ،‬فإن قال لك‪ :‬ليس عندنا شئ فقل‪ :‬أعطني قميصك‪ ،‬قال‪ :‬فأخذ‬
‫قميصه فرمى به إليه‪ .‬وفي نسخة اخرى‪ :‬وأعطاه‪ ،‬فأدبه ال عزوجل )‪(4‬‬
‫تبارك وتعالى على القصد فقال‪ :‬ول تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ول‬
‫تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا )‪ 91 .(5‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫ومحمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫سليمان الفزاري )‪ ،(6‬عن رجل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يكتحل بالثمد إذا آوى إلى فراشه وترا وترا‬
‫)‪ - 92 .(7‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن جعفر بن محمد الشعري‪ ،‬عن ابن‬
‫القداح‪ ،‬عن‬
‫)‪ 1‬و ‪ (2‬فروع الكافي ‪ (3) .188 :1‬فروع الكافي ‪ (4) .207 :2‬تبارك وتعالى خ‬
‫ل‪ (5) .‬فروع الكافي ‪ ،178 :1‬وللحديث صدر تركه المصنف‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬سليم الفزاري‪ (7) .‬فروع الكافي ‪.217 :2‬‬

‫] ‪[ 272‬‬

‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬ما زال جبرئيل‬
‫عليه السلم يوصيني بالسواك حتى خشيت أن أدرد واحفي )‪ - 93 .(1‬كا‪:‬‬
‫العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن موسى بن القاسم‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله كان‬
‫يكتحل قبل أن ينام أربعا في اليمنى‪ ،‬و ثلثا في اليسرى )‪ .(2‬توضيح‪ :‬لعل‬
‫المعنى أنه صلى ال عليه واله قد كان يفعل كذلك لئل ينافي الخبر السابق‪،‬‬
‫و يحتمل أن يكون المراد بالسابق كونهما معا وترا‪ ،‬فيكون التكرير للتأكيد‪،‬‬
‫أو الليالي‪ ،‬لكنه بعيد‪ ،‬ويمكن حمل السابق على التقية لكونه أوفق بأخبار‬
‫المخالفين إذ أكثرهم رووا أنه صلى ال عليه واله كان يكتحل في كل عين‬
‫ثلثا‪ - 94 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي‬
‫بن الحكم‪ ،‬عن الحصين بن أبي العلء‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫إن رسول ال صلى ال عليه واله مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط‬
‫السرقين‪ ،‬فقيل لها‪ :‬تنحي عن طريق رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬إن الطريق لمعرض )‪ ،(3‬فهم بها بعض القوم أن يتناولها‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬دعوها فإنها جبارة )‪ - 95 .(4‬ين‪ :‬عبد‬
‫ال بن سنان‪ ،‬عن علي بن شجرة‪ ،‬عن عمه بشير )‪ ،(5‬عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم مثله )‪ - 96 .(6‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله‬
‫إذا خرج في الصيف من البيت خرج يوم الخميس‪ ،‬وإذا أراد أن يدخل في‬
‫الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة‪ ،‬وروي إيضا كان دخوله وخروجه ليلة‬
‫الجمعة )‪.(7‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬فروع الكافي ‪ (3) .218 :2‬أي عريض وواسع‪ (4) .‬اصول الكافي ‪:2‬‬
‫‪ (5) .309‬أي بشير النبال‪ (6) .‬المؤمن للحسين بن سعيد‪ :‬مخطوط‪(7) .‬‬
‫فروع الكافي ‪.228 :2‬‬

‫] ‪[ 273‬‬

‫‪ - 97‬كا‪ :‬أحمد بن عبد ال‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن عبدل بن مالك )‪ ،(1‬عن هارون بن‬
‫الجهم‪ ،‬عن الكاهلي‪ ،‬عن معاذ بياع الكسية قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يحلب عنز أهله )‪ - 98 .(2‬كا‪:‬‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن أحمد‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن منصور بن العباس‪،‬‬
‫عن صفوان بن يحيى‪ ،‬عن عبد ال بن مسكان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا أفطر بدأ بحلوآء يفطر‬
‫عليها‪ ،‬فإن لم يجد فسكرة أو تمرات‪ ،‬فإذا أعوز ذلك كله فماء فاتر )‪.(3‬‬
‫‪ - 99‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن إبراهيم بن مهزم‪ ،‬عن‬
‫طلحة بن زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله يفطر على التمر في زمن التمر‪ ،‬وعلى الرطب في زمن الرطب )‬
‫‪ - 100 .(4‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جعفر بن عبد ال الشعري‪ ،‬عن ابن‬
‫القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله أول ما يفطر عليه في زمن الرطب الرطب‪ ،‬وفي زمن التمر التمر )‬
‫‪ - 101 .(5‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن عثمان بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن سماعة‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬قال‪ :‬قال أبي عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا دخل العشر الواخر شد المتزر‪،‬‬
‫واجتنب النساء‪ ،‬وأحيى الليل‪ ،‬وتفرغ للعبادة )‪ - 102 .(6‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حماد )‪ ،(7‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا كان العشر الواخر اعتكف في‬
‫المسجد وضربت له قبة من‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬عبيد بن مالك‪ ،‬وفي تنقيح المقال وجامع الروات‪ :‬عبد‬
‫ال بن مالك )‪ (2‬فروع الكافي ‪ (6 - 3) .352 :1‬فروع الكافي ‪.205 :1‬‬
‫)‪ (7‬عن الحلبي خ ل‪ .‬أقول‪ :‬الموجود في المصدر المطبوع قديما‪ :‬حماد‪،‬‬
‫عن أبى عبد ال عليه السلم وفي مرآت العقول والكافي المطبوع جديدا‪:‬‬
‫حماد عن الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬وهو الصحيح‪.‬‬

‫] ‪[ 274‬‬

‫شعر‪ ،‬وشمر المئزر‪ ،‬وطوى فراشه‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬واعتزل النساء‪ ،‬فقال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬أما اعتزال النساء فل )‪ .(1‬بيان‪ :‬طي الفراش كناية عن‬
‫اجتناب النساء‪ ،‬أو النوم‪ ،‬والول أظهر والعتزال المنفي العتزال بالكلية‪.‬‬
‫‪ - 103‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كانت بدر في شهر رمضان فلم يعتكف‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فلما أن كان من قابل اعتكف عشرين‪:‬‬
‫عشرا لعامه‪ ،‬وعشرا قضاء لما فاته )‪ - 104 .(2‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬عن داود بن الحصين‪ ،‬عن أبي العباس‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬اعتكف رسول ال صلى ال عليه واله في شهر رمضان‬
‫في العشر الول‪ ،‬ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى‪ ،‬ثم اعتكف في‬
‫الثالثة في العشر الواخر‪ ،‬ثم لم يزل يعتكف في العشر الواخر )‪105 .(3‬‬
‫كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن أبي‬
‫الفرج قال‪ :‬سأل أبان أبا عبد ال عليه السلم أكان لرسول ال عليه السلم‬
‫طواف يعرف به ؟ فقال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يطوف بالليل‬
‫والنهار عشرة أسابيع‪ :‬ثلثة أول الليل‪ ،‬وثلثة آخر الليل‪ ،‬واثنين إذا‬
‫أصبح‪ ،‬واثنين بعد الظهر وكان فيما بين ذلك راحته )‪ - 106 .(4‬كا‪ :‬علي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد ال بن سنان قال‪ :‬كان رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله يذبح يوم الضحى كبشين‪ :‬أحدهما عن نفسه‪ ،‬والخر‬
‫عمن لم يجد من امته )‪ - 107 .(5‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن مرار‪ ،‬عن‬
‫يونس‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل بأس بالرجل‬
‫يمر على الثمرة ويأكل منها ول يفسد‪ ،‬وقد نهى‬

‫)‪ (3 - 1‬فروع الكافي ‪ (4) .212 :1‬فروع الكافي ‪ (5) .283 :1‬فروع الكافي ‪:1‬‬
‫‪.301‬‬

‫] ‪[ 275‬‬

‫رسول ال صلى ال عليه واله أن تبني الحيطان بالمدينة لمكان المارة )‪- 108 .(1‬‬
‫كا‪ :‬علي بن محمد بن عبد ال‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن القاساني‪ ،‬عمن حدثه‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن القاسم الجعفري‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه واله‬
‫إذا بلغت الثمار أمر بالحيطان فثلمت )‪ - 109 .(2‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن‬
‫ابن عيسى‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال قال‪ :‬كان‬
‫النبي صلى ال عليه واله يعجبه الدبا ويلتقطه من الصحفة )‪- 110 .(3‬‬
‫محص‪ :‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬أنه وضع يده على رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله وعليه حمى فوجدها من فوق اللحاف‪ ،‬فقال‪ :‬ما أشدها عليك يا‬
‫رسول ال ؟ قال‪ :‬إنا كذلك يشتد علينا البلء ويضعف لنا الجر )‪111 .(4‬‬
‫‪ -‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن احمد بن محمد‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن‬
‫النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن معاوية بن وهب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬مات رسول ال صلى ال عليه واله وعليه دين )‪- 112 .(5‬‬
‫كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن مهران‪ ،‬عن ابن عميرة‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬يأكل الهدية‪ ،‬ول يأكل الصدقة )‪ - 113 .(6‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله‪ :‬لو اهدي إلي كراع )‪ (7‬لقبلته )‪.(8‬‬
‫)‪ 1‬و ‪ (2‬فروع الكافي ‪ (3) .161 :1‬فروع الكافي ‪ (4) .183 :2‬التمحيص‪:‬‬
‫مخطوط‪ ،‬ليست نسخته موجودة عندي‪ (5) .‬فروع الكافي ‪(6) .253 :1‬‬
‫فروع الكافي ‪ ،369 .1‬وفي ذيله‪ :‬ويقول تهادوا فان الهدية تسل‬
‫السخائم‪ ،‬وتجلى ضغائن العداوة والحقاد‪ (7) .‬الكراع من البقر والغنم‪:‬‬
‫بمنزلة الوظيف من الفرس‪ ،‬وهو مستدق الساق‪ ،‬وقيل‪ :‬الكراع من‬
‫الدواب‪ :‬ما دون الكعب‪ ،‬والكراع من النسان‪ :‬ما دون الركبة من مقدم‬
‫الساق‪ (8) .‬فروع الكافي ‪.369 :1‬‬

‫] ‪[ 276‬‬

‫‪ - 114‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن النهدي‪ ،‬عن موسى بن عمر بن بزيع‪ ،‬عن الرضا‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله كان إذا أخذ في طريق‬
‫رجع في غيره )‪ - 115 .(1‬يب‪ :‬محمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن ابن‬
‫معروف‪ ،‬عن ابن المغيرة‪ ،‬عن معاوية بن وهب قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم يقول ‪ -‬وذكر صلة النبي صلى ال عليه واله ‪ -‬قال‪ :‬كان يأتي‬
‫بطهور فيتحمر )‪ (2‬عند رأسه‪ ،‬ويوضع سواكه تحت فراشه‪ ،‬ثم ينام ما‬
‫شآء ال‪ ،‬فإذا استيقظ جلس‪ ،‬ثم قلب بصره في السماء‪ ،‬ثم تل اليات من‬
‫آل عمران‪ " :‬إن في خلق السموات والرض )‪ " (3‬الية‪ ،‬ثم يستن‬
‫ويتطهر‪ ،‬ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءته )‪(4‬‬
‫ركوعه‪ ،‬وسجوده على قدر ركوعه‪ ،‬يركع حتى يقال‪ :‬متى يرفع رأسه ؟‬
‫ويسجد حتى يقال‪ :‬متى يرفع رأسه ؟ ثم يعود إلى فراشه فينام ما شآء ال‪،‬‬
‫ثم يستيقظ فيجلس فيتلو اليات من آل عمران‪ ،‬ويقلب بصره في السماء‪،‬‬
‫ثم يستن ويتطهر ويقوم )‪ (5‬إلى المسجد فيصلي )‪ (6‬أربع ركعات كما ركع‬
‫قبل ذلك‪ ،‬ثم يعود إلى فراشه فينام ما شآء ال‪ ،‬ثم يستيقظ فيجلس فيتلو‬
‫اليات من آل عمران‪ ،‬ويقلب بصره‪ ،‬في السماء‪ ،‬ثم يستن ويتطهر )‪(7‬‬
‫ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين‪ ،‬ثم يخرج إلى الصلة )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ ،420 :1‬والحديث منقول معناه‪ ،‬والصل هكذا‪ ،‬قال‪ :‬قلت للرضا‬
‫عليه السلم‪ .‬جعلت فداك إن الناس رووا أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره‪ ،‬فكذا كان يفعل ؟ قال‪ :‬فقال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬وأنا أفعله كثيرا فافعله‪ ،‬ثم قال لى‪ :‬اما انه أرزق لك انتهى‪ ،‬وذكره‬
‫أيضا في كتاب الروضة‪ 147 :‬بهذه العبارة أيضا‪ (2) .‬هكذا في النسخة‪،‬‬
‫وفي المصدر فيتخمر‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬أي فيغطى‪ (3) .‬واختلف الليل‬
‫والنهار خ‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬على قدر قراءة ركوعه‪ (5) .‬ثم يقوم خ ل‪،‬‬
‫ومثله في المصدر‪ (6) .‬فيركع خ ل‪ ،‬ومثله في المصدر‪ (7) .‬ثم يتطهر خ‬
‫ل ومثله في المصدر‪ (8) .‬تهذيب الحكام ‪.231 :1‬‬
‫] ‪[ 277‬‬

‫بيان‪ :‬الستنان‪ :‬استعمال السواك‪ - 116 .‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل وأبو علي الشعري‪،‬‬
‫عن محمد بن عبد الجبار جميعا‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن عمرو الجعفي‪ ،‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬دخلت على أبي جعفر‬
‫عليه السلم ذات يوم وهو يأكل متكئا )‪ (1‬قال‪ :‬وقد كان يبلغنا أن ذلك يكره‬
‫)‪ ،(2‬فجلعت أنظر إليه‪ ،‬فدعاني إلى طعامه‪ ،‬فلما فرغ قال‪ :‬يا محمد لعلك‬
‫ترى أن رسول ال صلى ال عليه واله رأته عين يأكل وهو متك منذ أن‬
‫بعثه ال )‪ (3‬إلى أن قبضه ؟ ثم رد على نفسه فقال‪ :‬ل وال ما رأته عين‬
‫يأكل وهو متك من أن بعثه ال إلى أن قبضه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا محمد لعلك ترى‬
‫أنه شبع من خبز البر ثلثة أيام متوالية من أن بعثه ال إلى أن قبضه ؟ ثم‬
‫إنه رد على نفسه ثم قال )‪ :(4‬ل وال ما شبع من خبز البر ثلثة أيام‬
‫متوالية منذ بعثه ال )‪ (5‬تعالى إلى أن قبضه‪ ،‬أما أني ل أقول‪ :‬إنه كان ل‬
‫يجد‪ ،‬لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمأة من البل )‪ ،(6‬فلو أراد أن يأكل‬
‫لكل ولقد أتاه جبرئيل عليه السلم بمفاتيح خزائن الرض ثلث مرات‬
‫يخيره من غير أن ينقصه ال تبارك وتعالى مما أعد ال له يوم القيامة‬
‫شيئا‪ ،‬فيختار التواضع لربه عزوجل‪ ،‬وما سئل شيئا قط فيقول‪ :‬ل‪ ،‬إن كان‬
‫أعطى‪ ،‬وإن لم يكن قال‪ :‬يكون‪ ،‬وما أعطى على ال شيئا قط إل سلم ذلك‬
‫إليه‪ ،‬حتى أن كان ليعطي الرجل الجنة فيسلم ال ذلك له‪ ،‬ثم تناولني بيده )‬
‫‪ ،(7‬وقال‪ :‬وإن كان صاحبكم )‪ (8‬ليجلس جلسة العبد‪ ،‬ويأكل أكلة العبد‪،‬‬
‫ويطعم الناس خبز البر واللحم‪ ،‬ويرجع إلى‬

‫)‪ (1‬لعله كان يفعله لبيان الجواز‪ ،‬أو كان به ضعف أو مرض‪ (2) .‬في المجالس‪:‬‬
‫وقد كان يبلغنا أنه ينهى عن ذلك‪ (3) .‬من أن بعثه ال خ ل‪ ،‬وهو‬
‫الموجود في المصدر‪ (4) .‬فقال خ ل‪ (5) .‬من أن بعثه خ ل‪ (6) .‬أي‬
‫جعلها جائزة له‪ (7) .‬من يناوله بيده خ ل‪ (8) .‬أراد عليا عليه السلم‪.‬‬

‫] ‪[ 278‬‬

‫أهله فيأكل الخبز )‪ (1‬والزيت‪ ،‬وإن كان ليشتري القميص السنبلني )‪ ،(2‬ثم يخير‬
‫غلمه خيرهما‪ ،‬ثم يلبس الباقي‪ ،‬فإذا جاز أصابعه قطعه‪ ،‬وإذا جاز كعبه‬
‫حذفه‪ ،‬وما ورد عليه أمران قط كلهما ل رضا إل أخذ بأشدهما على بدنه‪،‬‬
‫ولقد ولى الناس خمس سنين فما وضع آجرة على آجرة‪ ،‬ول لبنة على‬
‫لبنة‪ ،‬ول أقطع قطيعة )‪ ،(3‬ول أورث بيضاء ول حمراء إل سبع مأة درهم‬
‫فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع لهله بها خادما‪ ،‬وما أطاق أحد عمله‪ ،‬لقد‬
‫كان علي بن الحسين عليه السلم لينظر في الكتاب من كتب علي عليه‬
‫السلم فيضرب به الرض ويقول‪ :‬من يطيق هذا )‪ (4‬؟ ما‪ :‬الحسين بن‬
‫إبراهيم القزويني‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن زكريا‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة مثله )‪ - 117 .(5‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن‬
‫سهل‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن حماد بن عثمان قال‪ :‬حدثني علي بن المغيرة قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن جبرئيل عليه السلم أتى رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله فخيره‪ ،‬وأشار عليه )‪ (6‬بالتواضع‪ ،‬وكان له‬
‫ناصحا‪ ،‬فكان رسول ال صلى ال عليه واله يأكل أكلة العبد‪ ،‬ويجلس‬
‫جلسة العبد تواضعا ل تبارك وتعالى‪ ،‬ثم أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن‬
‫الدنيا فقال‪ :‬هذه مفاتيح خزائن الدنيا بعث بها إليك ربك ليكون لك ما أقلت‬
‫)‪ (7‬الرض‪ ،‬من غير أن ينقصك شيئا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬في الرفيق العلى )‪ .(8‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬في حديث الدعاء‪:‬‬
‫وألحقني بالرفيق العلى‪ ،‬الرفيق جماعة‬

‫)‪ (1‬الخلل خ ل‪ (2) .‬القميصين السنبلنيين‪ (3) .‬أي لم يجعل غلة بلد رزقا‬
‫لشخص‪ ،‬أو لم يفرز بلدا له من غير حق‪ (4) .‬روضة الكافي‪- 129 :‬‬
‫‪ (5) .131‬المجالس للطوسي‪ ،68 :‬وقد سقط عن المطبوع ما بعد قوله‪:‬‬
‫ينهى عن ذلك‪ (6) .‬وأشار إليه خ ل )‪ (7‬أي حملته ورفعته‪ (8) .‬روضة‬
‫الكافي‪.131 :‬‬

‫] ‪[ 279‬‬

‫النبياء يسكنون أعلى عليين‪ ،‬وهو اسم جاء على فعيل‪ ،‬وهو معناه الجماعة‪،‬‬
‫كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ " :‬وحسن‬
‫اولئك رفيقا " وقيل‪ :‬معنى ألحقني بالرفيق العلى‪ ،‬أي بال تعالى‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫ال رفيق بعباده‪ ،‬من الرفق والرأفة‪ ،‬ومنه حديث عايشة‪ :‬سمعته يقول عند‬
‫موته‪ :‬بل الرفيق العلى‪ ،‬وذلك أنه خير بين البقاء في الدنيا وبين ما عند‬
‫ال فاختار ما عند ال‪ - 118 .‬كا‪ :‬سهل )‪ ،(1‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن‬
‫عقبة‪ ،‬عن عبد المؤمن النصاري‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬عرضت علي بطحاء مكة ذهبا‪ ،‬فقلت‪ :‬يا‬
‫رب ل‪ ،‬ولكن أشبع يوما‪ ،‬وأجوع يوما‪ ،‬فإذا شبعت حمدتك وشكرتك‪ ،‬وإذا‬
‫جعت دعوتك وذكرتك )‪ .(2‬ما‪ :‬الحسين بن إبراهيم القزويني‪ ،‬عن محمد‬
‫بن وهبان‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن زكريا‪ ،‬عن ابن فضال مثله )‪- 119 .(3‬‬
‫كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام وغيره‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ما كان شئ أحب إلى رسول ال صلى ال عليه واله من‬
‫أن يظل )‪ (4‬خائفا جائعا في ال عزوجل )‪ - 120 .(5‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن أبي المغرا )‪ ،(6‬عن‬
‫)‪ (1‬فيه وهم‪ ،‬لن الكليني ل يروي عن سهل بن زياد إل بواسطة عدة‪ ،‬فالصحيح‬
‫العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬ومنشأ الوهم أن الحديث في المصدر مصدر بسهل‬
‫معلق على ما قبله وهو الحديث المتقدم‪ ،‬وهو عدة من أصحابنا عن سهل‬
‫بن زياد‪ ،‬فغفل المصنف عن تعليق الحديث‪ ،‬أو أورده معلقا على ما قبله‬
‫كما في المصدر‪ ،‬وهو القرب‪ (2) .‬روضة الكافي‪ (3) .131 :‬أمالي‬
‫الطوسي‪ 73 :‬و ‪ (4) .74‬أي يدخله في كنفه‪ .‬وفي بعض نسخ المصدر‪:‬‬
‫يصل‪ (5) .‬روضة الكافي‪ (6) .129 :‬تقدم عن تنقيح المقال أن ضبطه‬
‫المعزى‪ ،‬أو المعزاء‪ ،‬وأضاف في الكنى وجها ثالثا و هو المغراء بتقديم‬
‫المعجمة‪.‬‬

‫] ‪[ 280‬‬

‫زيد الشحام‪ ،‬عن عمرو بن سعيد بن هلل‪ ،‬عن أبي عبد ال قال إياك أن تطمح‬
‫نفسك )‪ (1‬إلى من فوقك وكفى بما قال ال عزوجل لرسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ " :‬فل تعجبك أموالهم ول أولدهم )‪ " (2‬وقال ال عزوجل‬
‫لرسوله‪ " :‬ول تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة‬
‫الدنيا )‪ " (3‬فإن خفت شيئا من ذلك فاذكر عيش رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر‪ ،‬ووقوده )‪ (4‬السعف إذا وجده‬
‫)‪ .(5‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن عمار‬
‫بن مروان‪ ،‬عن الشحام مثله )‪ .(6‬ين‪ :‬فضالة‪ ،‬عن أبي المغرا مثله )‪.(7‬‬
‫‪ - 121‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن عمر بن عبد العزيز‪،‬‬
‫عن جميل‪ ،‬عن أبي عبد ال صلى ال عليه واله قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله يقسم لحظاته بين أصحابه‪ ،‬ينظر إلى ذا وينظر إلى ذا‬
‫بالسوية )‪ - 122 .(8‬كا‪ :‬محمد‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن بعض‬
‫أصحابنا‪ .‬قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما كلم رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله العباد بكنه عقله قط‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إنا‬
‫معشر )‪ (9‬النبياء‬

‫)‪ (1‬أي ترفع‪ (2) .‬التوبة‪ (3) .55 :‬طه‪ (4) .131 :‬الوقود‪ :‬ما توقد به النار أي ما‬
‫اشتعلت به‪ (5) .‬روضة الكافي‪ ،168 :‬وللحديث صدر تركه المصنف‬
‫وهو هكذا‪ :‬قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إنى ل أكاد ألقاك إل في‬
‫السنين‪ ،‬فأوصني بشئ آخذ به‪ :‬قال‪ :‬اوصيك بتقوى ال وصدق الحديث‬
‫والورع والجتهاد‪ ،‬واعلم أنه ل ينفع اجتهاد ل ورع معه‪ ،‬وإياك ا‍ه‪ .‬وفي‬
‫ذيله‪ :‬وإذا اصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫فان الخلق لم يصابوا بمثله قط‪ .‬وأخرج الذيل أيضا في الفروع ‪) .60 :1‬‬
‫‪ (6‬الصول ‪ ،137 :2‬وفيه‪ :‬زيد الشحام‪ ،‬عن عمرو بن هلل‪ ،‬والظاهر‬
‫أن عمرو بن هلل هو عمرو بن سعيد بن هلل‪ ،‬نسبه هنا إلى الجد‪(7) .‬‬
‫ين‪ :‬مخطوط‪ (8) .‬روضة الكافي‪ (9) .268 :‬في المصدر‪ :‬معاشر‬
‫النبياء‪.‬‬

‫] ‪[ 281‬‬

‫امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم )‪ - 123 .(1‬ين‪ :‬حماد‪ ،‬عن العقرقوفي )‪،(2‬‬
‫عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬بينا رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله ذات يوم عنده عايشة فاستأذن عليه رجل‪ ،‬فقال رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬بئس أخو العشيرة‪ ،‬وقامت عايشة فدخلت البيت‪ ،‬وأذن له‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله فدخل‪ ،‬فأقبل رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫عليه حتى إذا فرغ من حديثه خرج‪ ،‬فقالت له عايشة‪ :‬يا رسول ال بينا‬
‫أنت تذكره إذ أقبلت عليه بوجهك وبشرك )‪ ،(3‬فقال لها رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬إن من أشر عباد ال من يكره مجالسته لفحشه )‪- 124 .(4‬‬
‫ين‪ :‬محمد بن سنان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن الصيقل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬مرت برسول ال صلى ال عليه واله امرأة بذية وهو يأكل‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه‪ ،‬فقال لها‪ :‬ويحك وأي‬
‫عبد أعبد مني ؟ قالت‪ :‬اما ل فناولني لقمة من طعامك‪ ،‬فناولها رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله لقمة من طعامه‪ ،‬فقالت‪ :‬ل وال إل إلى في من فيك‪،‬‬
‫قال‪ :‬فأخرج اللقمة من فيه فتناولها إياها فأكلتها‪ ،‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم فما أصابت بداء حتى فارقت الدنيا )‪ - 125 .(5‬ين‪ :‬ابن أبي عمير‪،‬‬
‫عن ابن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن النبي صلى ال عليه‬
‫واله كان قوته الشعير من غير ادم )‪ - 126 .(6‬ين‪ :‬فضالة‪ ،‬عن ابن‬
‫عميرة‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن عمار بن حيان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله أتته اخت له من الرضاعة‪ ،‬فلما‬
‫أن نظر إليها سر بها وبسط ردائه لها فأجلسها عليه‪ ،‬ثم أقبل يحدثها‬
‫ويضحك في وجهها‪ ،‬ثم قامت فذهبت‪ ،‬ثم جاء أخوها فلم يصنع به ما صنع‬
‫بها‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رسول ال صنعت باخته ما لم تصنع‬

‫)‪ (1‬روضة الكافي‪ (2) .268 :‬نسبة إلى عقرقوف بفتح الولتين‪ ،‬وسكون الراء‬
‫وضم القاف‪ :‬قرية من نواحى نهر عيسى بينها وبين بغداد أربعة فراسخ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هي قرية من نواحى الدجيل‪ .‬والعقرقوفي هذا هو شعيب بن يعقوب‬
‫أبو يعقوب ابن اخت أبي بصير يحيى ابن القاسم‪ (3) .‬البشر‪ :‬بشاشة‬
‫الوجه‪ (6 - 4) .‬ين‪ :‬مخطوط‪ ،‬وتقدم حديث الصيقل عن المحاسن‪ ،‬ومتنه‬
‫أوضح‪.‬‬
‫] ‪[ 282‬‬

‫به وهو رجل ؟ فقال‪ :‬لنها كانت أبرا بأبيها منه )‪ - 127 .(1‬ين‪ :‬فضالة‪ ،‬عن أبان‪،‬‬
‫عن عبد ال بن طلحة‪ ،‬عن أبي عبد ال صلى ال عليه واله قال‪ :‬استقبل‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله رجل من بني فهد وهو يضرب عبدا له‪،‬‬
‫والعبد يقول‪ :‬أعوذ بال‪ ،‬فلم يقلع الرجل عنه‪ ،‬فلما أبصر العبد برسول ال‬
‫صلى ال عليه واله قال‪ :‬أعوذ بمحمد فأقلع عنه الضرب‪ ،‬فقال‪ :‬رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬يتعوذ بال فل تعيذه ؟ ويتعوذ بمحمد فتعيذه ؟ وال‬
‫أحق أن يجار عائذه من محمد‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬هو حر لوجه ال‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله‪ :‬والذي بعثني بالحق نبيا لو لم تفعل لواقع وجهك‬
‫حر النار )‪ - 128 .(2‬ين‪ :‬فضالة‪ ،‬عن أبان بن عثمان‪ ،‬عن سلمة بن أبي‬
‫حفص‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم عن جابر قال‪ :‬مر رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله بالسوق وأقبل يريد العالية والناس يكتنفه‪ ،‬فمر‬
‫بجدي أسك على مزبلة ملقى وهو ميت‪ ،‬فأخذ باذنه‪ ،‬فقال‪ :‬أيكم يحب أن‬
‫يكون هذا له بدرهم ؟ قالوا ما نحب أنه لنا بشئ‪ ،‬وما نصنع به ؟ قال‪:‬‬
‫أفتحبون أنه لكم ؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬حتى قال ذلك ثلث مرات‪ ،‬فقالوا‪ :‬وال لو كان‬
‫حيا كان عيبا‪ ،‬فكيف وهو ميت ؟ فقال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إن‬
‫الدنيا على ال أهون من هذا عليكم )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬فيه أنه مر‬
‫بجدي أسك‪ ،‬أي مصطلم الذنين مقطوعهما‪ ،‬قولهم‪ :‬كان عيبا‪ ،‬أي معيبا‪،‬‬
‫كذا فيما عندنا من النسخة‪ ،‬وكذا وجدت في كتاب رياض الصالحين )‪(4‬‬
‫للنووي رواه عن جابر‪ ،‬ولعل فيه تصحيفا‪ - 129 .‬ين‪ :‬النضر‪ ،‬عن ابن‬
‫سنان قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬دخل على النبي صلى ال‬
‫عليه واله رجل وهو على حصير قد أثر في جسمه‪ ،‬ووسادة ليف قد أثرت‬
‫في خده‪ ،‬فجعل يمسح ويقول‪ :‬ما رضي بهذا كسرى ول قيصر‪ ،‬إنهم‬
‫ينامون على الحرير والديباج‪ ،‬أنت على هذا الحصير ؟ قال‪ :‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله‪ :‬لنا خير منهما وال‪ ،‬لنا أكرم منهما‬

‫)‪ (3 - 1‬ين‪ :‬مخطوط‪ (4) .‬رياض الصالحين‪ 222 :‬وفيه‪ :‬وال لو كان حيا كان‬
‫عيبا انه أسك فكيف وهو ميت ؟ ! وقال‪ :‬رواه مسلم‪ .‬وقال‪ :‬السك‪:‬‬
‫صغير الذن‪.‬‬

‫] ‪[ 283‬‬

‫وال‪ ،‬ما أنا والدنيا‪ ،‬إنما مثل الدنيا كمثل راكب مر على شجرة ولها فئ فاستظل‬
‫تحتها‪ ،‬فلما أن مال الظل عنها ارتحل فذهب وتركها )‪ - 130 .(1‬ين‪:‬‬
‫النضر‪ ،‬عن عاصم‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬جاءني ملك فقال‪ :‬يا محمد ربك يقرئك‬
‫السلم ويقول لك‪ :‬إن شئت جعلت لك بطحاء مكة رضراض )‪ (2‬ذهب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فرفع النبي صلى ال عليه واله رأسه إلى السماء فقال‪ :‬يا رب أشبع يوما‬
‫فأحمدك‪ ،‬وأجوع يوما فأسألك )‪ 131 .(3‬ين‪ :‬بعض أصحابنا‪ ،‬عن علي بن‬
‫شجرة‪ ،‬عن عمه بشير النبال‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قدم‬
‫أعرابي النبي صلى ال عليه واله فقال‪ :‬يا رسول ال تسابقني بناقتك هذه‪،‬‬
‫فسابقه فسبقه العرابي‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه واله إنكم‬
‫رفعتموها فأحب ال أن يضعها )‪ ،(4‬إن الجبال تطاولت لسفينة نوح عليه‬
‫السلم‪ ،‬وكان الجودي أشد تواضعا فحب ال )‪ (5‬بها الجودي )‪- 132 .(6‬‬
‫ين‪ :‬صفوان بن يحيى‪ ،‬عن النضري )‪ (7‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه واله يتوب إلى ال في كل يوم سبعين مرة‬
‫من غير ذنب‪ ،‬كان يقول‪ :‬أتوب إلى ال )‪ - 133 .(8‬محص‪ :‬عن ابن أبي‬
‫يعفور قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن رجل من‬

‫)‪ (1‬المؤمن‪ :‬مخطوط‪ .‬وتقدم نحوه قبل‪ (2) .‬الرضراض‪ :‬ما صغر ودق من‬
‫الحصى‪ (3) .‬ين‪ :‬مخطوط‪ (4) .‬ذكر البرقي الحديث في المحاسن باسناده‬
‫عن ابن بكير وفيه‪ :‬انها ترفعت وحق على ال أن ل يرتفع شئ إل وضعه‬
‫ال‪ (5) .‬هكذا في النسخ‪ ،‬ولعله مصحف‪ (6) .‬ين‪ :‬مخطوط‪ (7) .‬هكذا في‬
‫النسخ‪ ،‬والظاهر أنه مصحف النصرى بالصاد المهملة‪ ،‬لقب الحارث بن‬
‫المغيرة‪ ،‬وهو من بنى نصر بن معاوية على ما صرح به النجاشي في‬
‫الفهرست‪ (8) .‬ين‪ :‬مخطوط‪.‬‬

‫] ‪[ 284‬‬

‫النصار أهدى إلى رسول ال صلى ال عليه واله صاعا من رطب‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله للخادم )‪ (1‬التي جاءت به‪ :‬ادخلي فانظري هل تجدين‬
‫في البيت قصعة أو طبقا فتأتبني به ؟ فدخلت ثم خرجت إليه فقالت‪ :‬ما‬
‫أصبت قصعة ول طبقا‪ ،‬فكنس رسول ال صلى ال عليه واله بثوبه مكانا‬
‫من الرض‪ ،‬ثم قال لها‪ :‬ضعيه هاهنا على الحضيض‪ ،‬ثم قال‪ :‬والذي نفسي‬
‫بيده لو كانت الدنيا تعدل عند ال مثقال جناح بعوضة ما أعطى كافرا ول‬
‫منافقا منها شيئا )‪ - 134 .(2‬نهج‪ :‬إلى أن بعث ال سبحانه محمدا صلى‬
‫ال عليه واله )‪ (3‬لنجاز عدته‪ ،‬وتمام نبوته‪ ،‬مأخوذا على النبيين ميثاقه‪،‬‬
‫مشهورة سماته )‪ ،(4‬كريما ميلده )‪ - 135 .(5‬نهج‪ :‬حتى بعث ال محمدا‬
‫صلى ال عليه واله شهيدا وبشيرا ونذيرا‪ ،‬خير البرية طفل‪ ،‬وأنجبها‬
‫كهل‪ ،‬أطهر المطهرين شيمة‪ ،‬وأجود المستمطرين ديمة )‪ .(6‬بيان‪ :‬الشيمة‬
‫بالكسر‪ :‬الخلق والطبيعة‪ ،‬والستمطار‪ :‬طلب المطر‪ ،‬وطلب العطآء الكثير‬
‫مجازا‪ ،‬والديمة بالكسر‪ :‬المطر الدائم‪ ،‬فيمكن أن يقرء على بناء المفعول‪،‬‬
‫أي أجود من طلب منه العطآء الدائم الكثير‪ ،‬أو على بناء الفاعل إشارة إلى‬
‫استجابة دعائه في الستسقاء فيحتمل أن يكون أجود مأخوذا من الجود‬
‫بمعنى المطر الكثير وال يعلم‪ - 136 .‬نهج‪ :‬ولقد كان في رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله كاف لك في السوة )‪ ،(7‬ودليل لك )‪ (8‬على ذم الدنيا‬
‫وعيبها‪ ،‬وكثرة مخازيها ومساويها‪ ،‬إذ قبضت عنه أطرافها‪ ،‬ووطئت لغيره‬
‫أكنافها‪ ،‬وفطم من رضاعها‪ ،‬وزوي عن زخارفها ‪ -‬وساقها إلى قوله عليه‬
‫السلم ‪ :-‬فتأس بنبيك‬

‫)‪ (1‬يطلق الخادم على المذكر والمؤنث‪ (2) .‬التمحيص‪ :‬مخطوط‪ (3) .‬محمدا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ (4) .‬سمات جمع السمة‪ :‬العلمة‪ ،‬والمراد‬
‫علماته التي ذكرت في كتب النبياء السابقين الذين بشروا به‪ (5) .‬نهج‬
‫البلغة ‪ (6) .27 :1‬نهج البلغة ‪ .216 :1‬وفيه وأمطر المستمطرين‬
‫ديمة‪ (7) .‬السوة‪ :‬القدوة‪ (8) .‬في المصدر‪ :‬ودليل ذلك‪.‬‬

‫] ‪[ 285‬‬

‫الطهر الطيب صلى ال عليه واله‪ ،‬فإن فيه اسوة لمن تأسى‪ ،‬وعزآء لمن تعزى‪،‬‬
‫وأحب العباد إلى ال تعالى المتأسي بنبيه صلى ال عليه واله‪ ،‬والمقتص‬
‫لثره‪ ،‬قضم الدنيا قضما‪ ،‬ولم يعرها طرفا‪ ،‬أهضم أهل الدنيا كشحا‪،‬‬
‫وأخمصهم من الدنيا بطنا‪ ،‬عرضت عليه الدنيا )‪ (1‬فأبى أن يقبلها‪ ،‬وعلم‬
‫أن ال سبحانه أبغض شيئا فأبغضه‪ ،‬وحقر شيئا فحقره‪ ،‬وصغر شيئا‬
‫فصغره‪ ،‬ولو لم يكن فينا إل حبنا ما أبغض ال )‪ (2‬وتعظيمنا ما صغر ال‬
‫لكفى به شقاقا ل‪ ،‬ومحادة )‪ (3‬عن أمر ال‪ ،‬ولقد كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله يأكل على الرض‪ ،‬ويجلس جلسة العبد ويخصف بيده نعله‪،‬‬
‫ويرقع بيده ثوبه‪ ،‬ويركب الحمار العاري‪ ،‬ويردف خلفه‪ ،‬ويكون الستر‬
‫على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول‪ :‬يا فلنة ‪ -‬لحدى أزواجه ‪-‬‬
‫غيبيه عني‪ ،‬فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها‪ ،‬فأعرض عن‬
‫الدنيا بقلبه‪ ،‬وأمات ذكرها من نفسه‪ ،‬وأحب أن تغيب زينتها عن عينه‪،‬‬
‫لكيل يتخذ منها رياشا‪ ،‬ول يعتقدها قرارا‪ ،‬ول يرجوا فيها مقاما‪ ،‬فأخرجها‬
‫من النفس‪ ،‬وأشخصها عن القلب )‪ ،(4‬وغيبها عن البصر‪ ،‬وكذلك من‬
‫أبغض شيئا أبغض أن ينظر )‪ (5‬إليه‪ ،‬وأن يذكر عنده‪ ،‬ولقد كان في رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله ما يدلك على مساوي الدنيا وعيوبها‪ ،‬إذ جاع فيها‬
‫مع خاصته‪ ،‬وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته‪ ،‬فلينظر ناظر بعقله‬
‫أكرم ال محمدا صلى ال عليه واله بذلك أم أهانه ؟ فإن قال‪ :‬أهانه فقد‬
‫كذب والعظيم )‪ ،(6‬وإن قال‪ :‬أكرمه فليعلم أن ال قد أهان غيره حيث بسط‬
‫الدنيا له‪ ،‬وزواها عن أقرب الناس منه‪ ،‬فتأسى متأس بنبيه‪ ،‬واقتص أثره‪،‬‬
‫وولج مولجه‪ ،‬وإل فل يأمن الهلكة‪ ،‬فإن ال جعل محمدا صلى ال عليه‬
‫واله علما للساعة‪ ،‬ومبشرا بالجنة ومنذرا بالعقوبة‪ ،‬خرج من الدنيا‬
‫خميصا‪ ،‬وورد الخرة سليما‪ ،‬لم يضع حجرا على حجر حتى‬

‫)‪ (1‬عرضت عليه الدنيا عرضا فابى خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ما أبغض ال ورسوله‪،‬‬
‫وكذا فيما بعده‪ .‬ما صغر ال ورسوله‪ (3) .‬المحادة‪ :‬المخالفة في عناد‪) .‬‬
‫‪ (4‬أي أزعجها وأبعدها‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬من ينظر إليه‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وأتى بالفك العظيم‪.‬‬

‫] ‪[ 286‬‬

‫مضى لسبيله‪ ،‬وأجاب دعي ربه‪ ،‬فما أعظم منة ال عندنا حين أنعم علينا به سلفا‬
‫نتبعه‪ ،‬وقائدا نطأ عقبه )‪ .(1‬بيان‪ :‬المخازي‪ :‬المقابح‪ ،‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫وطئت بالتشديد أي هيأت‪ ،‬وبالتخفيف من قولهم‪ :‬وطأت لك المجلس‪ ،‬أي‬
‫جعلته سهل لينا‪ ،‬قوله عليه السلم‪ :‬زوي أي قبض‪ ،‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫قضم الدنيا‪ ،‬في أكثر النسخ بالضاد المعجمة‪ ،‬وهو أكل الشئ اليابس‬
‫بأطراف السنان‪ ،‬أي تناول منها قدر الكفاف وما تدعو إليه الضرورة‪،‬‬
‫والتنوين في قضما للتقليل‪ ،‬وفي بعضها بالصاد المهملة بمعنى الكسر‪.‬‬
‫قوله عليه السلم‪ :‬ولم يعرها طرفا‪ ،‬من العارة‪ ،‬أي لم يلتفت إليها نظر‬
‫إعارة‪ ،‬فكيف بأن يجعلها مطمح نظره ؟ ويقال‪ :‬رجل أهضم‪ :‬إذا كان‬
‫خميصا لقلة الكل‪ ،‬والكشح‪ :‬الخاصرة‪ ،‬قوله‪ :‬جلسة العبد‪ ،‬قال ابن أبي‬
‫الحديد‪ :‬وهي أن يضع قصبتي ساقيه على الرض ويعتمد عليها بباطن‬
‫فخذيه )‪ ،(2‬يقال لها بالفارسية‪ :‬دوزانو‪ ،‬والرياش إما جمع الريش‪ ،‬أو‬
‫مرادفه‪ ،‬وهو اللباس الفاخر‪ ،‬ويطلق على المال والخصب والمعاش‪ .‬قوله‬
‫عليه السلم‪ :‬خميصا‪ ،‬أي جائعا‪ - 137 .‬ع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن محمد العطار‪،‬‬
‫عن الشعري‪ ،‬عن علي بن الريان‪ ،‬عن عبيد ال بن عبد ال الواسطي‪،‬‬
‫عن واصل بن سليمان‪ ،‬أو عن درست يرفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قلت له‪ :‬لم كان رسول ال صلى ال عليه واله يحب الذراع أكثر من‬
‫حبه لسائر أعضاء الشاة ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬لن آدم قرب قربانا عن النبياء من‬
‫ذريته فسمي لكل نبي عضوا‪ ،‬وسمي لرسول ال صلى ال عليه واله‬
‫الذراع‪ ،‬فمن ثم كان يحب الذراع ويشتهيها ويحبها ويفضلها )‪- 138 .(3‬‬
‫وفي حديث آخر‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه واله كان يحب الذراع‬
‫لقربها من المرعى وبعدها من المبال )‪ - 139 .(4‬ير‪ :‬إبراهيم بن هاشم‪،‬‬
‫عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن القداح‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫)‪ (1‬نهج البلغة ‪ (2) .315 - 311 :1‬شرح نهج البلغة لبن أبى الحديد ‪:2‬‬
‫‪ 3) .472‬و ‪ (4‬علل الشرائع‪ .56 :‬أقول‪ :‬ل اختلف بين الروايتين‪،‬‬
‫لجواز التعليل بكل منهما‪.‬‬

‫] ‪[ 287‬‬

‫عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يحب الذراع والكتف‪ ،‬ويكره‬
‫الورك لقربها من المبال )‪ - 140 (1‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله يعجبه الذراع )‪- 141 .(2‬‬
‫ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري‬
‫بالمصيصة )‪ (3‬من أصل كتابه‪ ،‬عن عبد ال بن الهيثم النماطي‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن علوان الكلبي‪ ،‬عن عمرو بن خالد الواسطي‪ ،‬عن محمد‪ ،‬وزيد‬
‫ابني علي‪ ،‬عن أبيهما عليه السلم عن أبيه الحسين عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم‬
‫المسكين )‪ - 142 .(4‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن أحمد بن عبد‬
‫الرحيم بن سعد‪ ،‬عن إسماعيل ابن محمد العلوي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‬
‫إسحاق بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬سمعت‬
‫النبي صلى ال عليه واله يقول‪ :‬بعثت بمكارم الخلق ومحاسنها )‪.(5‬‬
‫‪ - 143‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن جعفر‬
‫العلوي‪ ،‬عن أحمد ابن عبد المنعم الصيداوي )‪ ،(6‬عن حسين بن شداد‬
‫الجعفي‪ ،‬عن أبيه شداد بن رشيد‪ ،‬عن عمرو بن عبد ال بن هند )‪ ،(7‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال علي بن الحسين عليه السلم‪:‬‬

‫)‪ (1‬بصائر الدرجات‪ .148 :‬وللحديث صدر وذيل‪ (2) .‬فروع الكافي ‪(3) .169 :2‬‬
‫المصيصة بالفتح ثم الكسر والتشديد وياء ساكنة‪ ،‬وقيل‪ :‬بتخفيف الصاد‪:‬‬
‫مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام‪ ،‬بين انطاكية وبلد الروم‬
‫تقارب طرطوس‪ (4) .‬أمالي الشيخ‪ ،22 :‬أقول‪ :‬أي المجالس والخبار‪،‬‬
‫وهو المطبوع في آخر أمالي ابن الشيخ‪ (5) .‬أمالي الشيخ‪ (6) .27 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬حدثنا أبو عبد ال جعفر بن محمد بن جعفر بن حسن العلوي‬
‫الحسيني قال‪ :‬حدثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي‪) .‬‬
‫‪ (7‬وصفه في المصدر‪ :‬بالجملى‪ .‬ولعله عبد ال بن هند الجملى فتأمل‪.‬‬

‫] ‪[ 288‬‬
‫إن جدي رسول ال صلى ال عليه واله قد غفر ال له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪،‬‬
‫فلم يدع الجتهاد له وتعبد بأبي هو وامي حتى انتفخ الساق‪ ،‬وورم القدم‪،‬‬
‫وقيل له‪ :‬أتفعل هذا وقد غفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال‪ :‬أفل‬
‫أكون عبدا شكورا‪ .‬الخبر )‪ - 144 .(1‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن‬
‫غياث بن مصعب الخجندي )‪ ،(2‬عن محمد ابن حماد الشاشي‪ ،‬عن حاتم‬
‫الصم‪ ،‬عن شقيق )‪ (3‬البلخي‪ ،‬عمن أخبره من أهل العلم قال‪ :‬قيل للنبي‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬كيف أصبحت ؟ قال‪ :‬بخير من رجل لم يصبح صائما‪،‬‬
‫ولم يعد مريضا‪ ،‬ولم يشهد جنازة )‪ - 145 .(4‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫المفضل‪ ،‬عن إسماعيل بن موسى البجلي‪ .‬عن عبد ال ابن عمر بن أبان‪،‬‬
‫عن معاوية بن هشام‪ ،‬عن سفيان الثوري‪ ،‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ،‬عن‬
‫عطا‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬قيل للنبي صلى ال عليه واله‪ :‬كيف أصبحت ؟‬
‫قال‪ :‬بخير من قوم لم يشهدوا جنازة‪ ،‬ولم يعودوا مريضا )‪ .(5‬بيان‪:‬‬
‫الظاهر أن )من( في الخبر السابق في قوله‪) :‬من رجل( بيانية‪ ،‬وهو تميز‬
‫عن الضمير في أصبحت كقولهم‪ :‬ل درك من فارس‪ ،‬وعز من قائل‪ ،‬ويالك‬
‫من ليل‪ ،‬وفي الثاني يحتمل ذلك بأن يكون أصبحت في قوة أصبحنا‪ ،‬وأن‬
‫تكون تبعيضية‪ ،‬ويكون حال عن الضمير‪ ،‬أي حالكوني من قوم هم كذلك )‬
‫‪ - 146 .(6‬ما‪ :‬الحسين بن إبراهيم القزويني‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن إبراهيم ابن أحمد‪ ،‬عن الحسن بن علي الزعفراني‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي اسامة‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬بلغنا أن رسول ال‬

‫)‪ (1‬أمالي الشيخ‪ 47 :‬و ‪ ،48‬والحديث طويل راجعه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬غياث بن‬
‫مصعدة بن عبدة أبو العباس الخجندى الرياطى‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬شقيق‬
‫بن إبراهيم‪ (4) .‬أمالي الشيخ‪ (5) .49 :‬أمالي الشيخ‪ (6) .49 :‬الظاهر‬
‫أنه صلى ال عليه وآله ذكر التفضيل وأراد معنى آخر وهو كراهة ترك‬
‫شهود الجنازة وعيادة المريض‪.‬‬

‫] ‪[ 289‬‬

‫صلى ال عليه وآله لم يشبع من خبز بر ثلثة أيام قط‪ ،‬قال‪ :‬فقال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬ما أكله قط‪ ،‬قلت‪ :‬فأي شئ كان يأكل ؟ قال‪ :‬كان طعام رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله الشعير إذا وجده‪ ،‬وحلواه التمر‪ ،‬ووقوده السعف )‪.(1‬‬
‫‪ - 147‬ما‪ :‬أحمد بن عبدون‪ ،‬عن علي بن محمد بن الزبير‪ ،‬عن علي بن‬
‫فضال )‪ ،(2‬عن العباس بن عامر‪ ،‬عن أحمد بن رزق‪ ،‬عن الفضيل )‪(3‬‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬خرج رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله يريد حاجة فإذا )‪ (4‬بالفضل بن العباس‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬احملوا هذا الغلم‬
‫خلفي‪ ،‬قال‪ :‬فاعتنق رسول ال صلى ال عليه واله بيده من خلفه على‬
‫الغلم‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا غلم خف ال تجده أمامك‪ ،‬يا غلم خف ال يكفك ما‬
‫سواه )‪ (5‬إلى آخر ما سيأتي في باب مواعظه صلى ال عليه واله‪- 148 .‬‬
‫كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن أبي‬
‫جميلة‪ ،‬عن محمد الحلبي وزرارة ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر وأبي‬
‫عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل‪ " :‬واذكر ربك إذا نسيت )‪" (6‬‬
‫قال‪ :‬إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني‪ ،‬فليستثن إذا ذكر )‪ - 149 .(7‬كا‪:‬‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه جميعا‪،‬‬
‫عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي جعفر الحوال‪ ،‬عن سلم بن المستنير‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم في قول ال عزوجل‪ " :‬ولقد عهدنا إلى آدم من قبل‬
‫فنسي ولم نجد له عزما )‪ " (8‬قال‪ :‬فقال‪ :‬إن ال عزوجل لما قال لدم‪:‬‬
‫ادخل الجنة‪ ،‬قال له‪ :‬يا آدم ل تقرب هذه الشجرة‪ ،‬قال‪ :‬وأراه‬

‫)‪ (1‬أمالي الشيخ‪ (2) .60 :‬أي علي بن الحسين بن فضال‪ ،‬على ما في المصدر‪) .‬‬
‫‪ (3‬أي الفضيل بن يسار‪ .‬على ما في المصدر‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فإذا هو‪.‬‬
‫)‪ (5‬أمالي الشيخ‪ (6) .65 :‬الكهف‪ (7) .24 :‬فروع الكافي ‪(8) .370 :2‬‬
‫طه‪.115 :‬‬

‫] ‪[ 290‬‬

‫إياها‪ ،‬فقال آدم لربه‪ :‬كيف أقربها ولقد نهيتني عنها أنا وزوجتي‪ ،‬قال‪ :‬فقال لهما‪:‬‬
‫ل تقرباها‪ ،‬يعني ل تأكل منها‪ ،‬فقال آدم وزوجته‪ :‬نعم يا ربنا ل نقربها ول‬
‫نأكل منها‪ ،‬ولم يستثنيا في قولهما‪ :‬نعم‪ ،‬فوكلهما ال في ذلك إلى أنفسهما‬
‫وإلى ذكرهما‪ ،‬قال‪ :‬وقد قال ال عزوجل لنبيه صلى ال عليه واله في‬
‫الكتاب‪ " :‬ول تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إل أن يشاء ال )‪ " (1‬أن ل‬
‫أفعله‪ ،‬فتسبق مشية ال في أن ل أفعله‪ ،‬فل أقدر على أن أفعله‪ ،‬قال‪ :‬فلذلك‬
‫قال ال عزوجل " واذكر ربك إذا نسيت )‪ " (2‬أي استثن مشية ال في‬
‫فعلك )‪ - 150 .(3‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي البختري‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم إن رسول ال كان يتطيب بالمسك حتى يرى‬
‫وبيصه في مفارقه )‪ .(4‬بيان‪ :‬الوبيص‪ :‬البريق‪ - 151 .‬كا‪ :‬محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كانت لرسوله ال صلى ال عليه واله‬
‫ممسكة إذا هو توضأ أخذها بيده وهي رطبة‪ ،‬فكان إذا خرج عرفوا أنه‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله برائحته )‪ - 152 .(5‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن نوح بن شعيب‪ ،‬عن بعض أصحابنا‪ ،‬عن أبي الحسن عليه السلم قال‪:‬‬
‫كان يرى وبيص المسك في مفرق رسول ال صلى ال عليه واله )‪.(6‬‬
‫‪ - 153‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن غير واحد‪ ،‬عن الخشاب‪ ،‬عن غياث بن‬
‫كلوب‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم إن رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله كان إذا اشتكى رأسه استعط بدهن الجلحلن )‪ (7‬وهو‬
‫السمسم )‪ - 154 .(8‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ ،‬عن ابن‬
‫اخت الوازعي‪ ،‬عن‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكهف‪ 22 :‬و ‪ (3) .23‬فروع الكافي ‪ (6 - 4) .370 :2‬الفروع ‪.223 :2‬‬
‫)‪ (7‬هكذا في نسخة المصنف‪ ،‬وهو مصحف الجلجلن‪ .‬والجلجلن‬
‫بالفارسية‪ :‬كنجد‪ (8) .‬فروع الكافي ‪.226 :2‬‬

‫] ‪[ 291‬‬

‫مسعدة بن اليسع‪ ،‬عن قيس الباهلي )‪ (1‬إن النبي صلى ال عليه واله يحب أن‬
‫يستعط بدهن السمسم )‪ - 155 .(2‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫عيسى )‪ (3‬بن عبد ال بن محمد بن عمر بن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده قال‪:‬‬
‫كانت من أيمان رسول ال صلى ال عليه واله ل واستغفر ال )‪- 156 .(4‬‬
‫كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي أيوب الخزاز‪ ،‬عن محمد‬
‫بن مسلم قال‪ :‬إن العقرب لدغت رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال‪ :‬لعنك‬
‫ال‪ ،‬فما تبالين مؤمنا أذيت أم كافرا‪ ،‬ثم دعا بالملح فدلكه فهدأت‪ ،‬ثم قال‬
‫أبو جعفر عليه السلم‪ :‬لو يعلم الناس ما في الملح ما بغوا معه درياقا )‪.(5‬‬
‫‪ - 157‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه وعمرو بن إبراهيم جميعا‪ ،‬عن‬
‫خلف بن حماد‪ ،‬عن يعقوب بن شعيب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫لدغت رسول ال صلى ال عليه واله عقرب فنفضها وقال‪ :‬لعنك ال فما‬
‫يسلم منك مؤمن ول كافر‪ ،‬ثم دعا بملح فوضعه على موضع اللدغة ثم‬
‫عصره بإبهامه حتى ذاب‪ :‬ثم قال‪ :‬لو يعلم الناس ما في الملح ما احتاجوا‬
‫معه إلى ترياق )‪ - 158 .(6‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫بعض أصحابنا‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬وطئ رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله الرمضاء )‪ (7‬فأحرقته‪ ،‬فوطئ على الرجلة وهي البقلة‬
‫الحمقاء )‪ (8‬فسكن عنه حر الرمضاء‪ ،‬فدعا لها وكان يحبها ويقول‪ :‬من‬
‫بقلة ما أبركها )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬قيس الباهلي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ (2) .‬فروع الكافي ‪:2‬‬
‫‪ (3) .226‬في المصدر وفي مرآت العقول‪ :‬النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن‬
‫عيسى ا‍ه‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ 5) .375 :2‬و ‪ (6‬فروع الكافي ‪) .172 :2‬‬
‫‪ (7‬الرمضاء‪ :‬الرض الحامية من شدة حر الشمس‪ (8) .‬البقلة الحمقاء‬
‫والبقلة الرجلة بالفارسية‪ :‬خرفه‪ .‬ويقال لها‪ :‬البقلة المباركة أيضا‪(9) .‬‬
‫الفروع ‪(*) .182 :2‬‬

‫] ‪[ 292‬‬

‫‪ - 159‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬ومحمد بن إسماعيل‪ ،‬عن الفضل جميعا‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬وصفوان‪ ،‬عن معاوية بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫إن النبي صلى ال عليه واله مد يده إلى الحجر فلسعته عقرب‪ ،‬فقال‪ :‬لعنك‬
‫ال‪ ،‬ل برا تدعين ول فاجرا‪ - 160 .‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن‬
‫عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان بينا رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله جالسا وعنده جبرئيل إذ حانت )‪ (1‬من جبرئيل‬
‫نظرة قبل السماء فانتقع لونه حتى صار كأنه كركم‪ ،‬ثم لذ برسول ال‬
‫صلى ال عليه واله فنظر رسول ال صلى ال عليه واله إلى حيث نظر‬
‫جبرئيل عليه السلم فإذا شئ قد مل بين الخافقين مقبل‪ ،‬حتى كان كقاب‬
‫الرض )‪ ،(2‬فقال‪ :‬يا محمد إني رسول ال إليك‪ ،‬اخيرك أن تكون ملكا‬
‫رسول أحب إليك‪ ،‬أو تكون عبدا رسول ؟ فالتفت رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله إلى جبرئيل وقد رجع إليه لونه‪ ،‬فقال جبرئيل‪ :‬بل كن عبدا رسول‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬بل أكون عبدا رسول‪ ،‬فرفع الملك‬
‫رجله اليمنى فوضعها في كبد السماء الدنيا‪ ،‬ثم رفع الخرى فوضعها في‬
‫الثانية‪ ،‬ثم رفع اليمنى فوضعها في الثالثة‪ ،‬ثم هكذا حتى انتهى إلى السماء‬
‫السابعة‪ ،‬كل سماء خطوة )‪ ،(3‬وكلما ارتفع صغر حتى صار آخر ذلك مثل‬
‫الصر )‪ ،(4‬فالتفت رسول ال صلى ال عليه واله إلى جبرئيل فقال‪ :‬لقد‬
‫رأيت منك ذعرا )‪ ،(5‬وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫نبي ال ل تلمني‪ ،‬أتدري من هذا ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬هذا إسرافيل حاجب الرب‪،‬‬
‫ولم ينزل من مكانه منذ خلق ال السماوات والرض‪ ،‬فلما رأيته منحطا‬
‫ظننت أنه جاء بقيام الساعة‪ ،‬فكان الذي رأيت من تغير لوني لذلك‪ ،‬فلما‬
‫رأيت ما اصطفاك ال به رجع إلي لوني ونفسي‪ ،‬أما رأيته كلما ارتفع‬
‫صغر‪ ،‬إنه ليس شئ يدنو من الرب إل صغر لعظمته‪ ،‬إن هذا حاجب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬إذ حانت بالمعجمة‪ (2) .‬حتى دنا من الرض خ ل وفي المصدر‪:‬‬
‫حتى كان كقاب قوسين أو أدنى من الرض ثم قال ا‍ه أقول‪ :‬القاب‪:‬‬
‫المقدار‪ :‬ما بين نصف وتر القوس وطرفه‪ .‬وقاب قوسين مثل في قرب‬
‫المسافة‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬بعدد كل سماء خطوة‪ (4) .‬الصر‪ :‬طائر‬
‫كالعصفور أصفر‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬رايتك ذعرا إ‍ه‪ .‬أقول‪ :‬فيكون وصفا‪.‬‬
‫وفيه‪ :‬وما رأيت مثله‪ ،‬وما رأيت شيئا كان أذعر لي من تغير لونك‪.‬‬
‫] ‪[ 293‬‬

‫الرب وأقرب خلق ال منه‪ ،‬واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء‪ ،‬فإذا تكلم الرب‬
‫تبارك وتعالى بالوحي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه‪ ،‬ثم ألقى إلينا نسعى )‬
‫‪ (1‬به في السماوات و الرض‪ ،‬إنه لدنى خلق الرحمن منه‪ ،‬وبينه وبينه‬
‫تسعون )‪ (2‬حجابا من نور يقطع دونها البصار‪ ،‬ما يعد ول يوصف‪ ،‬وإني‬
‫لقرب الخلق منه‪ ،‬وبيني وبينه مسيرة ألف عام )‪ .(3‬بيان‪ :‬يقال‪ :‬انتقع‬
‫لونه على بناء المجهول‪ :‬إذا تغير من خوف أو ألم‪ ،‬والكركم بالضم‪:‬‬
‫الزعفران )‪ .(4‬قوله‪ :‬من الرب‪ ،‬أي من موضع ظهور عظمته وجلله‬
‫وصدور أمره ونهيه ووحيه‪ - 160 .‬نوادر الراوندي‪ :‬بإسناده )‪ (5‬عن‬
‫موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬بينا‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله يتوضأ إذ لذ به هر البيت‪ ،‬وعرف رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله أنه عطشان‪ ،‬فأصغى )‪ (6‬إليه الناء حتى شرب‬
‫منه الهر‪ ،‬وتوضأ بفضله )‪ - 161 .(7‬وبهذا السناد قال‪ :‬كان رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله إذا أكل عند القوم قال‪ :‬أفطر عندكم الصائمون‪ ،‬وأكل‬
‫طعامكم البرار‪ ،‬وصلت عليكم الملئكة الخيار )‪ - 162 .(8‬أسرار الصلة‪:‬‬
‫قال أبو ذر رضي ال عنه‪ :‬قام رسول ال صلى ال عليه واله ليلة يردد‬
‫قوله تعالى‪ " :‬إن تعذبهم )‪ (9‬فإنهم عبادك‪ ،‬وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز‬
‫الحكيم " )‪.(10‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ثم ألقاه إلينا فنسعى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬سبعون‪ .‬وفيه‪ :‬تقطع‬
‫دونها البصار‪ ،‬وما ل يعد ول يوصف‪ (3) .‬تفسير القمي‪ 389 :‬و ‪.390‬‬
‫)‪ (4‬وقيل‪ :‬هو المعصفر‪ ،‬وقيل‪ :‬شئ كالورس‪ ،‬وقيل‪ :‬عروق الصفر‪.‬‬
‫وعروق الصفر بالفارسية‪ :‬زردچوبه‪ (5) .‬راجع المجلد الول‪ 54 :‬فانك‬
‫تجد فيه إسناد النوادر‪ (6) .‬أصغى الناء‪ :‬أماله‪ (7) .‬نوادر الراوندي‪:‬‬
‫‪ 39‬فيه‪ :‬بينما‪ ،‬وفيه‪ :‬ثم توضأ بفضله‪ (8) .‬نوادر الراوندي‪(9) .35 :‬‬
‫المائدة‪ (10) .118 :‬الرسائل المنسوب إلى الشهيد‪.137 :‬‬

‫] ‪[ 294‬‬

‫ولما قال رسول ال صلى ال عليه واله لبن مسعود‪ :‬اقرء على‪ ،‬قال‪ :‬ففتحت‬
‫سورة النساء فلما بلغت " فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على‬
‫هؤلء شهيدا )‪ " (1‬رأيت عيناه تذرفان من الدمع‪ ،‬فقال لي‪ :‬حسبك الن )‬
‫‪) * .(2‬باب ‪) * * (10‬نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى ال عليه وآله(‬
‫* * )وهو من الباب الول( * ‪ - 1‬قب‪ :‬كان صلى ال عليه واله يمزح ول‬
‫يقول‪ :‬إل حقا‪ ،‬قال أنس‪ :‬مات نغير لبي عمير وهو ابن لم سليم‪ ،‬فجعل‬
‫النبي صلى ال عليه واله يقول‪ :‬يابا عمير ما فعل النغير ؟‪ .‬وكان حادي‬
‫بعض نسوته خادمه أنجشة فقال له‪ :‬يا أنجشة ارفق بالقوارير‪ .‬وفي‬
‫رواية‪ :‬ل تكسر القوارير‪ .‬وكان له عبد أسود في سفر‪ ،‬فكان كل من أعيا‬
‫ألقى عليه بعض متاعه حتى حمل شيئا كثيرا‪ ،‬فمر به النبي صلى ال عليه‬
‫واله فقال‪ :‬أنت سفينة فأعتقه‪ .‬وقال رجل‪ :‬احملني يا رسول ال‪ ،‬فقال‪ :‬إنا‬
‫حاملوك على ولد ناقة‪ ،‬فقال‪ :‬ما أصنع بولد ناقة ؟ قال صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬وهل يلد البل إل النوق‪ .‬واستدبر رجل من ورائه وأخذ بعضده‪،‬‬
‫وقال‪ :‬من يشتري هذا العبد ؟ يعني أنه عبد ال‪ .‬وقال صلى ال عليه واله‬
‫لحد‪ :‬ل تنس يا ذا الذنين‪ .‬زيد بن أسلم إنه قال لمرأة وذكرت زوجها‪:‬‬
‫أهذا الذي في عينيه بياض ؟ فقالت ل‪ ،‬ما بعينيه بياض‪ ،‬وحكت لزوجها‬
‫فقال‪ :‬أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها ؟ ورأى صلى ال عليه واله‬
‫جمل عليه حنطة‪ ،‬فقال‪ :‬تمشي الهريسة‪.‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .41 :‬الرسائل المنسوب إلى الشهيد‪.139 :‬‬

‫] ‪[ 295‬‬

‫ورأي بلل وقد خرج بطنه‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬ام حبين‪ ،‬وام حبين‪ :‬ضرب‬
‫من الغطاية ويقال‪ :‬إنها الحرباء )‪ .(1‬وقال صلى ال عليه واله للحسين‪:‬‬
‫حزقة )‪ (2‬حزقة ترق عين بقة‪ .‬ابن عباس إنه صلى ال عليه واله كسى‬
‫بعض نسائه ثوبا واسعا‪ ،‬فقال لها‪ :‬البسيه واحمدي ال‪ ،‬وجرى منه ذيل‬
‫كذيل العروس‪ .‬وقالت عجوز من النصار للنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬ادع‬
‫لي بالجنة‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬إن الجنة ل يدخلها العجز‪ ،‬فبكت‬
‫المرأة فضحك النبي صلى ال عليه واله وقال أما سمعت قول ال تعالى‪" :‬‬
‫إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا )‪ ." (3‬وقال للعجوز الشجعية‪ :‬يا‬
‫أشجعية ل تدخل العجوز الجنة‪ ،‬فرآها بلل باكية‪ ،‬فوصفها للنبي صلى ال‬
‫عليه واله فقال‪ :‬والسود كذلك‪ ،‬فجلسا يبكيان‪ ،‬فرأهما العباس فذكرهما‬
‫له‪ ،‬فقال‪ :‬والشيخ كذلك‪ ،‬ثم دعاهم وطيب قلوبهم‪ ،‬وقال‪ :‬ينشئهم ال‬
‫كأحسن ما كانوا‪ ،‬وذكر أنهم يدخلون الجنة شبانا منورين‪ ،‬وقال‪ :‬إن أهل‬
‫الجنة جردمرد مكحلون‪ .‬وقال صلى ال عليه واله لرجل‪ - :‬حين قال‪ :‬أنت‬
‫نبي ال حقا نعلمه‪ ،‬ودينك السلم دينا نعظمه نبغي مع السلم شيئا‬
‫نقضمه‪ ،‬ونحن حول هذا ندندن ‪ -‬يا علي اقض حاجته‪ ،‬فأشبعه علي عليه‬
‫السلم وأعطاه ناقة وجلة تمر‪ .‬وجاء أعرابي فقال‪ :‬يا رسول ال بلغنا أن‬
‫المسيح يعني الدجال يأتي الناس بالثريد وقد هلكوا جميعا جوعا‪ ،‬أفترى‬
‫بأبي أنت وامي أن أكف من ثريده تعففا وتزهدا ؟ فضحك رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله ثم قال‪ :‬بل يغنيك ال بما يغني به المؤمنين‪ .‬وقبل جد خالد‬
‫القسري امرأة فشكت إلى النبي صلى ال عليه واله فأرسل إليه فاعترف‪،‬‬
‫وقال‪ :‬إن شاءت أن تقتص فلتقتص‪ ،‬فتبسم رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫وأصحابه‪ ،‬وقال‪ :‬أو ل تعود ؟‬

‫)‪ (1‬الحرباء بالكسر والمد‪ :‬حيوان أكبر من العظاءة يستقبل الشمس‪ ،‬ويدور معها‬
‫كيف دارت يتلون ألوانا بحر الشمس‪ ،‬يقال له بالفارسية‪ :‬آفتاب پرست‪) .‬‬
‫‪ (2‬بفتح الحاء وضم الزاء‪ ،‬أو بضهما‪ (3) .‬الواقعة‪ 35 :‬و ‪.36‬‬

‫] ‪[ 296‬‬

‫فقال‪ :‬ل وال يا رسول ال‪ ،‬فتجاوز عنه‪ .‬ورأي صلى ال عليه واله صهيبا يأكل‬
‫تمرا‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬أتأكل التمر وعينك رمدة ؟ فقال‪ :‬يا رسول‬
‫ال إني أمضغه من هذا الجانب‪ ،‬وتشتكي عيني من هذا الجانب‪ .‬ونهى‬
‫صلى ال عليه واله أبا هريرة عن مزاح العرب‪ ،‬فسرق نعل النبي صلى ال‬
‫عليه واله ورهن بالتمر و جلس بحذائه صلى ال عليه واله يأكل‪ ،‬فقال‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬يا أبا هريرة ما تأكل ؟ فقال‪ :‬نعل رسول ال صلي ال‬
‫عليه وآله‪ .‬وقال سويبط المهاجري لنعيمان البدري‪ :‬أطعمني‪ ،‬وكان على‬
‫الزاد في سفر‪ ،‬فقال‪ :‬حتى تجئ الصحاب‪ ،‬فمروا بقوم فقال لهم سويبط‪:‬‬
‫تشترون مني عبدا لي ؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إنه عبد له كلم وهو قائل لكم‪:‬‬
‫إني حر‪ ،‬فإن سمعتم مقاله تفسدوا علي عبدي‪ ،‬فاشتروه بعشرة قلئص‪،‬‬
‫ثم جاؤا فوضعوا في عنقه حبل‪ ،‬فقال نعيمان‪ :‬هذا‪ ،‬يستهزئ بكم وإني حر‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬قد عرفنا خبرك‪ ،‬وانطلقوا به حتى أدركهم القوم و خلصوه‪ ،‬فضحك‬
‫النبي صلى ال عليه واله من ذلك حينا‪ .‬وكان نعيمان هذا أيضا مزاحا‪،‬‬
‫فسمع محرمة بن نوفل وقد كف بصره يقول‪ :‬أل رجل يقودني حتى أبول ؟‬
‫فأخذ نعيمان بيده‪ ،‬فلما بلغ مؤخر المسجد قال‪ :‬هاهنا فبل‪ ،‬فبال فصيح به‪،‬‬
‫فقال‪ :‬من قادني ؟ قيل‪ :‬نعيمان‪ ،‬قال‪ :‬ال )‪ (1‬علي أن أضربه بعصاي هذه‪،‬‬
‫فبلغ نعيمان فقال‪ :‬هل لك في نعيمان ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬قم‪ ،‬فقام معه فأتى به‬
‫عثمان وهو يصلي‪ ،‬فقال‪ :‬دونك الرجل‪ ،‬فجمع يديه بالعصا ثم ضربه‪ ،‬فقال‬
‫الناس‪ :‬أمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬من قادني ؟ قالوا‪ :‬نعيمان‪ ،‬قال‪ :‬ل أدعود إلى‬
‫نعيمان أبدا‪ .‬ورأى نعيمان مع أعرابي عكة عسل‪ ،‬فاشتراها منه‪ ،‬وجاء بها‬
‫إلى بيت عايشة في يومها‪ ،‬وقال‪ :‬خذوها‪ ،‬فتوهم النبي صلى ال عليه واله‬
‫أنه أهداها له‪ ،‬ومر نعيمان والعرابي على الباب‪ ،‬فلما طال قعوده قال‪ :‬يا‬
‫هؤلء ردوها علي إن لم تحضر قيمتها‪ ،‬فعلم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله القصة فوزن له الثمن‪ ،‬وقال لنعيمان‪ :‬ما حملك على ما فعلت ؟ فقال‪:‬‬
‫رأيت رسول ال صلى ال عليه واله يحب العسل‪ ،‬ورأيت العرابي معه‬
‫العكة‪ ،‬فضحك رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ل على‪ .‬وهو الصواب‪.‬‬

‫] ‪[ 297‬‬

‫ولم يظهر له نكرا )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال الجزري‪ :‬فيه إنه قال لبي عمير أخي أنس‪ :‬يابا‬
‫عمير ما فعل النغير ؟ هو تصغير النغر وهو طائر يشبه العصفور أحمر‬
‫المنقار‪ .‬وقال‪ :‬في حديث أنجشه‪ ،‬في رواية البراء ابن مالك‪ :‬رويدك رفقا‬
‫بالقوارير‪ ،‬أراد النساء‪ ،‬شبههن بالقوارير من الزجاج‪ ،‬لنه يسرع إليها‬
‫الكسر‪ ،‬وكان أنجشة يحدو و ينشد القرائض والرجز فلم يأمن أن يصيبهن‪،‬‬
‫أو يقع في قلوبهن حداؤه‪ ،‬فأمره بالكف عن ذلك‪ .‬وفي المثل‪ :‬الغناء رقية‬
‫الزنا‪ ،‬وقيل‪ :‬إن البل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت‪،‬‬
‫فأزعجت الراكب وأتعبته‪ ،‬فنهاه عن ذلك لن النساء يضعفن عن شدة‬
‫الحركة‪ ،‬وقال‪ :‬ام حبين هي دويبة كالحرباء عظيمة البطن‪ ،‬إذا مشت‬
‫تطأطئ رأسها كثيرا‪ ،‬وترفعه لعظم بطنها‪ ،‬فهي تقع على رأسها وتقوم‪،‬‬
‫ومنه الحديث إنه رأى بلل وقد خرج بطنه‪ ،‬فقال‪ :‬ام حبين‪ ،‬تشبيها له بها‪،‬‬
‫وهذا من مزحه صلى ال عليه واله‪ .‬وقال‪ :‬فيه إنه صلى ال عليه واله‬
‫كان يرقص الحسن والحسين عليهما السلم ويقول‪ :‬حزقة حزقة ترق عين‬
‫بقة‪ ،‬فترقى الغلم حتى وضع قديمه على صدره‪ ،‬الحزقة‪ :‬الضعيف‬
‫المقارب الخطو من ضعفه‪ ،‬وقيل‪ :‬القصير العظيم البطن‪ ،‬فذكرها له على‬
‫سبيل المداعبة والتأنيس له‪ ،‬وترق بمعنى اصعد‪ ،‬وعين بقة كناية عن‬
‫صغر العين‪ ،‬وحزقة مرفوع على خبر مبتداء محذوف‪ ،‬تقديره أنت حزقة‪،‬‬
‫وحزقة الثاني كذلك‪ ،‬أو أنه خبر مكرر‪ ،‬ومن لم ينون حزقة فحذف حرف‬
‫النداء وهي في الشذوذ‪ ،‬كقولهم‪ :‬أطرق كري )‪ ،(2‬لن حرف النداء إنما‬
‫يحذف من العلم المضموم والمضاف انتهى‪ .‬والعجز بضمتين جمع‬
‫العجوزة‪ ،‬والجرد جمع الجرد وهو الذي ل شعر عليه‪ ،‬والمرد جمع‬
‫المرد‪ ،‬والقضم‪ :‬الكل بأطراف السنان‪ .‬قال الجزري‪ :‬فيه أنه سأل رجل‬
‫ما تدعو في صلتك ؟ فقال‪ :‬أدعو بكذا وكذا‪ ،‬وأسأل ربي الجنة‪ ،‬وأتعوذ به‬
‫من النار‪ ،‬وأما دندنتك ودندنة معاذ فل نحسنها‪،‬‬

‫)‪ (1‬مناقب آل أبي طالب ‪ 101 :1‬و ‪ (2) .102‬الكرى‪ :‬المكترى‪ .‬المكارى‪.‬‬

‫] ‪[ 298‬‬

‫فقال صلى ال عليه واله‪ :‬حولهما ندندن‪ ،‬الدندنة‪ :‬أن يتكلم الرجل بالكلم تسمع‬
‫نغمته ول يفهم‪ ،‬والضمير في حولهما للجنة والنار‪ ،‬أي حولهما ندندن وفي‬
‫طلبهما انتهى‪ .‬والعكة بالضم‪ :‬وعاء من جلود مستدير يجعل فيه العسل‬
‫والسمن‪ - 2 .‬مكا‪ :‬روي أن رسول ال صلى ال عليه واله يقول‪ :‬إني‬
‫لمزح ول أقول‪ :‬إل حقا‪ .‬وعن ابن عباس‪ :‬إن رجل سأله أكان النبي صلى‬
‫ال عليه واله يمزح ؟ فقال‪ .‬كان النبي صلى ال عليه واله يمزح‪ .‬وعن‬
‫حسن )‪ (1‬بن علي عليهما السلم قال‪ :‬سألت خالي هندا عن صفة رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال‪ :‬إذا كان غضب أعرض وأشاح‪ ،‬وإذا فرح‬
‫غض طرفه‪ ،‬جل ضحكه التبسم‪ ،‬يفتر عن مثل حبة الغمام )‪ .(2‬عن أنس‬
‫بن مالك قال‪ :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه واله تبسم حتى بدت نواجده‪.‬‬
‫عن أبي الدرداء قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا حدث بحديث‬
‫تبسم في حديثه‪ .‬عن يونس الشيباني قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬كيف مداعبة بعضكم بعضا ؟ قلت‪ :‬قليل‪ ،‬قال‪ :‬فل تفعلوا )‪ ،(3‬فإن‬
‫المداعبة من حسن الخلق‪ ،‬وإنك لتدخل بها السرور على أخيك‪ ،‬ولقد كان‬
‫النبي صلى ال عليه واله يداعب الرجل يريد به أن يسره )‪ - 3 .(4‬نوادر‬
‫الراوندي‪ :‬بإسناده عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫علي عليه السلم‪ :‬بصر رسول ال صلى ال عليه واله امرأة عجوا درداء‬
‫)‪ ،(5‬فقال‪ :‬أما إنه ل يدخل الجنة عجوز درداء‪ ،‬فبكت‪ ،‬فقال صلى ال عليه‬
‫واله لها‪ :‬ما يبكيك ؟ فقالت‪ :‬يا رسول ال إني درداء‪ ،‬فضحك رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله وقال‪ :‬ل تدخلين الجنة على حالك )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬الحسن‪ (2) .‬تقدمت معاني بعض ألفاظه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬هل‬
‫تفعلوا‪ (4) .‬مكارم الخلق‪ 20 :‬و ‪ (5) .21‬درداء‪ :‬التي ذهبت أسنانه‪) .‬‬
‫‪ (6‬نوادر الراوندي‪(*) .10 :‬‬

‫] ‪[ 299‬‬

‫‪ - 4‬وبهذا السناد قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬نظر رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫إلى امرأة رمصاء العينين )‪ ،(1‬فقال أما إنه ل تدخل الجنة رمصاء العينين‪،‬‬
‫فبكت وقالت‪ :‬يا رسول ال وإني لفي النار ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن ل تدخلين‬
‫الجنة على مثل صورتك هذه‪ ،‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬ل‬
‫يدخل الجنة أعور ول أعمى على هذا المعنى )‪ .(2‬أقول‪ :‬سيأتي عدد‬
‫حججه وعمره صلى ال عليه واله في باب حجة الوداع‪) * .‬باب ‪* * (11‬‬
‫)فضائله وخصائصه صلى ال عليه وآله وما امتن ال به على عباده( *‬
‫اليات‪ :‬البقرة " ‪ :" 2‬إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ول تسأل عن‬
‫أصحاب الجحيم ‪ .119‬آل عمران " ‪ :" 3‬إن أولى الناس بإبراهيم للذين‬
‫اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا وال ولي المؤمنين ‪ .68‬العراف " ‪:" 7‬‬
‫فآمنوا بال ورسوله النبي المي الذي يؤمن بال وكلماته واتبعوه لعلكم‬
‫تهتدون ‪ .158‬وقال تعالى‪ :‬قل ل أملك لنفسي نفعا ول ضرا إل ما شاء ال‬
‫ولو كنت أعلم الغيب لستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إل نذير‬
‫وبشير لقوم يؤمنون ‪ .188‬النفال " ‪ :" 8‬واذكروا إذ أنتم قليل‬
‫مستضعفون في الرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره‬
‫ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون ‪ .26‬وقال تعالى‪ :‬وما كان ال ليعذبهم‬
‫وأنت فيهم وما كان ال معذبهم وهم يستغفرون ‪ .33‬التوبة " ‪ :" 9‬والذين‬
‫يؤذون رسول ال لهم عذاب أليم‪ .‬إلى قوله‪ :‬وال وسوله أحق أن يرضوه‬
‫إن كانوا مؤمنين * ألم يعلموا أنه من‬

‫)‪ (1‬رمصت عينه‪ :‬سال منها الرمص‪ .‬والرمص‪ :‬وسخ أبيض في مجرى الدمع من‬
‫العين‪ (2) .‬نوادر الراوندي‪.10 :‬‬

‫] ‪[ 300‬‬

‫يحادد ال ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ‪ .63 - 61‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم‬
‫بالمؤمنين رؤف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي ال ل إله إل هو عليه‬
‫توكلت وهو رب العرش العظيم ‪ 128‬و ‪ .129‬هود " ‪ :" 11‬أفمن كان‬
‫على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة‬
‫اولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الحزاب فالنار موعده فل تك في مرية‬
‫منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس ل يؤمنون ‪ .17‬الحجر " ‪:" 15‬‬
‫لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ‪ .72‬السرى " ‪ :" 17‬وما منعنا أن‬
‫نرسل باليات إل أن كذب بها الولون‪ .‬إلى قوله تعالى‪ :‬وما نرسل باليات‬
‫إل تخويفا ‪ .59‬وقال تعالى‪ :‬ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك‬
‫ربك مقاما محمودا * وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق‬
‫واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا * وقل جاء الحق وزهق الباطل إن‬
‫الباطل كان زهوقا ‪ .81 - 79‬وقال تعالى‪ :‬وما أرسلناك إل مبشرا ونذيرا‬
‫‪ .105‬النبياء " ‪ :" 21‬وما أرسلناك إل رحمة للعالمين ‪ .107‬الحزاب "‬
‫‪ :" 33‬النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولوا الرحام‬
‫بعضهم أولى ببعض في كتاب ال ‪ .6‬وقال تعالى‪ :‬ما كان محمد أبا أحد من‬
‫رجالكم ولكن رسول ال وخاتم النبيين وكان ال بكل شئ عليما ‪ .40‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى ال‬
‫بإذنه وسراجا منيرا ‪ 45‬و ‪ .46‬سبا " ‪ :" 34‬وما أرسلناك إل كافة للناس‬
‫بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس ل يعلمون ‪ .28‬الفتح " ‪ :" 48‬هو الذي‬
‫أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله‬

‫] ‪[ 301‬‬
‫وكفى بال شهيدا * محمد رسول ال ‪ 28‬و ‪ .29‬النجم " ‪ :" 53‬والنجم إذا هوى *‬
‫ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إل وحي‬
‫يوحى * علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى ‪ .6 - 1‬الحشر " ‪:" 59‬‬
‫وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا ال إن ال شديد‬
‫العقاب ‪ .7‬الجمعة " ‪ :" 62‬هو الذي بعث في الميين رسول منهم يتلو‬
‫عليهم آياته ويزكيهم ويعلمه الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل‬
‫مبين * وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم * ذلك فضل ال‬
‫يؤتيه من يشآء وال ذو الفضل العظيم ‪ .4 - 2‬الطلق " ‪ :" 65‬الذين )‪(1‬‬
‫آمنوا قد أنزل ال إليكم ذكرا * رسول يتلو عليكم آيات ال مبينات ليخرج‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ‪ .11 - 10‬الكوثر "‬
‫‪ :" 108‬إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو البتر ‪1‬‬
‫‪ .3 -‬تفسير‪ " :‬ول تسأل عن أصحاب الجحيم " فيه تسلية للرسول بأنه‬
‫ليس عليه إجبارهم على القبول‪ ،‬وليس عليه إل البلغ‪ ،‬وإنه ل يؤاخذ‬
‫بذنبهم " إن أولى الناس بإبراهيم " أي أخصهم به‪ ،‬وأقربهم منه‪ ،‬أو‬
‫أحقهم بنصرته بالحجة أو بالمعونة " للذين اتبعوه " من امته " وهذا‬
‫النبي والذين آمنوا " لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم على الصالة‪ ،‬أو‬
‫يتولون نصرته بالحجة لما كان عليه من الحق " وال ولي المؤمنين "‬
‫ينصرهم و يجازيهم الحسنى ليمانهم " وكلماته " أي ما أنزل عليه وعلى‬
‫سائر الرسل من كتبه و وحيه‪ ،‬وسيأتي في الخبار أن الئمة عليهم السلم‬
‫كلمات )‪ (2‬ال " قل ل أملك لنفسي نفعا ول ضرا " أي جلب نفع ول دفع‬
‫ضرر‪ ،‬وهو إظهار للعبودية‪ ،‬والتبري من ادعاء العلم‬

‫)‪ (1‬أول الية‪ :‬أعد ال لهم عذابا شديدا فاتقوا ال يا اولى اللباب الذين آمنوا‪(2) .‬‬
‫ارادة هذا المعنى في هذه الية بالخصوص محل تأمل بل منع ظاهر‪،‬‬
‫ضرورة أن المعنى يصير‪ :‬فآمنوا بال ورسوله النبي المي الذى يؤمن‬
‫بال وبالئمة‪ ،‬وهو كما ترى غير صحيح‪ ،‬ل يساعده ظهور‪ ،‬ول يوافقه‬
‫العتبار‪ ،‬نعم هذا المعنى الوارد في الخبار صحيح في محله ومورده ل‬
‫في أمثال تلك الية‪ ،‬وسيوافيك تلك الخبار في كتاب المامة‪.‬‬

‫] ‪[ 302‬‬

‫بالغيوب من قبل نفسه " إل ما شاء ال " من ذلك فيلهمني إياه ويوفقني له " ولو‬
‫كنت أعلم الغيب " أي لو كنت أعلمه لخالفت حالي ما هي عليه من‬
‫استكثار المنافع واجتناب المضار حتي ل يمسني سوء‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫المعنى لو كنت أعلم الغيب من قبل نفسي يغير وحي من ال لكنت أستعمله‬
‫في جلب المنافع ودفع المضار‪ ،‬ولكني لما كنت أعلمه بالوحي ل جرم أني‬
‫راض بقضائه تعالى‪ ،‬ول أسعى في دفع ما أعلم وقوعه علي من المصائب‬
‫بقضائه تعالى‪ ،‬فل ينافي ما سيأتي أنهم عليهم السلم كانوا يعلمون ما كان‬
‫وما يكون إلى يوم القيامة‪ ،‬كذا خطر بالبال وال يعلم حقيقة الحال‪" .‬‬
‫واذكروا " الخطاب للمهاجرين أو للعرب " إذا أنتم قليل مستضعفون " في‬
‫أرض مكة تستضعفكم قريش أو العرب‪ ،‬كانوا أذلء في أيدي الروم "‬
‫تخافون أن يتخطفكم الناس " التخطف‪ :‬الخذ بسرعة‪ ،‬والناس‪ :‬كفار‬
‫قريش أو من عداهم‪ ،‬فإنهم كانوا جميعا معادين مضادين لهم " فآواكم إلى‬
‫المدينة‪ ،‬أو جعل لكم مأوى يتحصنون به عن أعاديكم " وأيدكم بنصره "‬
‫على الكفار‪ ،‬أو بمظاهرة النصار‪ ،‬أو بإمداد الملئكة يوم بدر " ورزقكم‬
‫من الطيبات " يعني الغنائم أحلها لكم‪ ،‬ولم يحلها لحد قبلكم‪ ،‬أو العم مما‬
‫أعطاهم من الطعمة اللذيدة " لعلكم تشكرون " هذه النعم " وما كان ال‬
‫ليعذبهم وأنت فيهم " أي ما كان ال يعذب أهل مكة بعذاب الستيصال‬
‫وأنت مقيم بين أظهرهم لفضلك‪ ،‬ويحتمل العم‪ ،‬كما سيأتي في الخبار أنه‬
‫صلى ال عليه واله و أهل بيته عليهم السلم أمان لهل الرض من عذاب‬
‫الستيصال " وما كان ال معذبهم وهم يستغفرون " المراد باستغفارهم‬
‫إما استغفار من بقي فيهم من المؤمنين لم يهاجروا‪ ،‬فلما خرجوا أذن ال‬
‫في فتح مكة‪ ،‬أو العم بالنسبة إلى جميع أهل البلد والزمان " من يحادد‬
‫ال " المحادة‪ :‬المشاقة والمخالفة‪ " .‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم " قال‬
‫الطبرسي رحمه ال‪ :‬القراءة المشهورة " من أنفسكم " بضم الفاء‪ ،‬وقرأ‬
‫ابن عباس وابن علية وابن محيصن والزهري " من أنفسكم بفتح الفآء‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إنها قراءة فاطمة عليه السلم )‪ ،(1‬أي من أشرافكم ومن خياركم‪،‬‬
‫وعلى‬

‫)‪ (1‬لعلها سمعت عنها عليها السلم حين خطبت خطبة التى ألقاها على أبي بكر‬
‫وجماعة من الصحابة بعد فوت أبيها صلى ال عليه وآله‪ .‬وفيها تلك‬
‫الية‪.‬‬

‫] ‪[ 303‬‬

‫المشهور أي من جنسكم‪ ،‬قيل‪ :‬ليس في العرب قبيلة إل وقد ولدت النبي صلى ال‬
‫عليه واله وله فيهم نسب‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه أنه من نكاح لم يصبه شئ من‬
‫ولدة الجاهلية عن الصادق عليه السلم " عزيز عليه ما عنتم " أي شديد‬
‫عليه عنتكم وما يلحقكم من الضرر بترك اليمان " حريص عليكم " أي‬
‫على من لم يؤمن " بالمؤمنين رؤف رحيم " الرأفة‪ :‬شدة الرحمة‪ .‬قال‬
‫الطبرسي رؤوف بالمطيعين‪ ،‬رحيم بالمذنبين‪ ،‬أو رؤوف بأقربائه‪ ،‬رحيم‬
‫بأوليائه‪ ،‬أو رؤوف بمن رآه‪ ،‬رحيم بمن لم يره‪ ،‬وقال بعض السلف‪ :‬لم‬
‫يجمع ال لحد من النبياء بين اسمين من أسمائه إل النبي صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬فإنه قال‪ " :‬بالمؤمنين رؤوف رحيم " وقال‪ " :‬إن ال )‪ (1‬بالناس‬
‫لرؤف رحيم )‪ " ." (2‬فإن تولوا " عنك وأعرضوا عن قبول قولك‬
‫والقرار بنبوتك " فقل حسبي ال " أي ال كافي‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬أفمن‬
‫كان على بينة من ربه " المراد به النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬والبينة‬
‫القرآن‪ ،‬أو العم منه ومن المعجزات والبراهين‪ ،‬أو المؤمنون‪ ،‬والبينة‪:‬‬
‫الحجة " ويتلوه شاهد منه " أي ويتبعه من يشهد بصحته منه‪ ،‬فقيل‪ :‬هو‬
‫جبرئيل يتلو القرآن على النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬وسيأتي الخبار‬
‫المستفيضة بأنه أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬وذهب إليه كثير من مفسري‬
‫الخاصة والعامة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ملك يسدده ويحفظه‪ ،‬وقيل‪ :‬هو القرآن على‬
‫الحتمال الخير " ومن قبله " أي قبل القرآن أو محمد صلى ال عليه‬
‫واله " كتاب موسى " يشهد له " إماما " يؤتم به في امور الدين "‬
‫ورحمة " أي نعمة من ال على عباده " اولئك يؤمنون به " أي النبي‬
‫والشاهد‪ ،‬أو الشاهد باعتبار الجنس‪ ،‬فإنه يشمل الئمة عليهم السلم‪ ،‬أو‬
‫المؤمنون يؤمنون بالنبي‪ ،‬أو القرآن " ومن يكفر به من الحزاب " أي‬
‫من مشركي العرب وفرق الكفار " فالنار موعده " مصيره ومستقره " فل‬
‫تك في مرية " أي في شك " منه " أي من القرآن‪ ،‬أو الموعد‪ ،‬والخطاب‬
‫للنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬والمراد به المة أو عام‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬لعمرك‬
‫" قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي وحياتك يا محمد‪ ،‬ومدة بقائك )‪،(3‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ ،143 :‬والحج‪ (2) .65 :‬مجمع البيان ‪ 85 :5‬و ‪ (3) .86‬في المصدر‪:‬‬
‫ومدة بقائك حيا‪.‬‬

‫] ‪[ 304‬‬

‫قال ابن عباس‪ :‬ما خلق ال عزوجل ول ذرأ ول برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬وما سمعت ال أقسم بحياة أحد إل بحياته )‪ .(1‬قوله تعالى‪:‬‬
‫" وما منعنا أن نرسل باليات " أي التي اقترحتها قريش‪ :‬من قلب الصفا‬
‫ذهبا‪ ،‬وإحياء الموتى وغير ذلك " إل أن كذب بها الولون " من المم‬
‫السابقة فعذبوا بعذاب الستيصال‪ ،‬إذ عادة ال تعالى في المم أن من اقترح‬
‫منهم آية فاجيب إليها ثم لم يؤمن أن يعاجل بعذاب الستيصال‪ ،‬وقد صرفه‬
‫ال تعالى عن هذه المة ببركة النبي صلى ال عليه وآله " وما نرسل‬
‫باليات إل تخويفا " أي ل نرسل اليات المقترحة إل تخويفا من نزول‬
‫العذاب العاجل كالطليعة والمقدمة له‪ ،‬فإن لم يخافوا وقع عليهم‪ ،‬و يحتمل‬
‫أن يكون المراد القرآن والمعجزات الواقعة‪ ،‬فإنها تخويف‪ ،‬وإنذار بعذاب‬
‫الخرة‪ " .‬ومن الليل فتهجد به " قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬خطاب للنبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬أي فصل القرآن‪ ،‬ول يكون التهجد إل بعد النوم عن‬
‫مجاهد وأكثر المفسرين‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ما يتقلب به في كل الليل يسمى‬
‫تهجدا‪ ،‬والمتهجد‪ :‬الذي يلقى الهجود أي النوم عن نفسه‪ ،‬كما يقال‪:‬‬
‫المتحرج والمتأثم " نافلة لك " أي زيادة لك على الفرائض‪ ،‬لن صلة‬
‫الليل كانت فريضة على النبي صلى ال عليه واله وفضيلة لغيره‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫كانت واجبة عليه فنسخ وجوبها بهذه الية‪ ،‬وقيل‪ :‬إن معناه فضيلة لك‬
‫وكفارة لغيرك )‪ ،(2‬وقيل‪ :‬نافلة لك ولغيرك‪ ،‬وإنما اختصه بالخطاب لما في‬
‫ذلك من دعاء الغير للقتداء به )‪ " (3‬عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا‬
‫" عسى من ال واجبة‪ ،‬والمقام بمعنى البعث‪ ،‬فهو مصدر من غير جنسه‪،‬‬
‫أي يبعثك يوم القيامة بعثا أنت محمود فيه‪ ،‬ويجوز أن يجعل البعث بمعنى‬
‫القامة‪ ،‬أي يقيمك ربك مقاما تحمدك فيه الولون والخرون وهو مقام‬
‫الشفاعة‪ ،‬يشرف فيه‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .342 :6‬في المصدر‪ :‬لن كل إنسان يخاف أن ل يقبل فرضه‬
‫فيكون نفله كفارة‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وآله ل يحتاج إلى كفارة‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬إلى القتداء به‪ ،‬والحث على الستنان بسنته‪.‬‬

‫] ‪[ 305‬‬

‫على جميع الخلئق‪ ،‬يسأل فيعطى‪ ،‬ويشفع فيشفع‪ ،‬وقد أجمع المفسرون على أن‬
‫المقام المحمود هو مقام الشفاعة‪ ،‬وهو المقام الذي يشفع فيه للناس‪ ،‬وهو‬
‫المقام الذي يعطى فيه لواء الحمد‪ ،‬فيوضع في كفه‪ ،‬وتجتمع تحته النبياء‬
‫والملئكة‪ ،‬فيكون صلى ال عليه واله أول شافع وأول مشفع " وقل " يا‬
‫محمد " رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق " المدخل‬
‫والمخرج مصدر الدخال والخراج‪ ،‬فالتقدير أدخلني إدخال صدق‪،‬‬
‫وأخرجني إخراج صدق‪ ،‬وفي معناه أقول‪ :‬أحدها‪ :‬أن المعنى أدخلني في‬
‫جميع ما أرسلتني به إدخال صدق‪ ،‬وأخرجني منه سالما إخراج صدق )‪.(1‬‬
‫وثانيها‪ :‬أدخلني المدينة‪ ،‬وأخرجني منها إلى مكة للفتح‪ .‬وثالثها‪ :‬أنه امر‬
‫بهذا الدعاء إذا دخل في أمر‪ ،‬أو خرج من أمر‪ ،‬والمراد أدخلني في كل أمر‬
‫مدخل صدق‪ .‬ورابعها‪ :‬أدخلني القبر مدخل صدق‪ ،‬وأخرجني منه عند‬
‫البعث مخرج صدق‪ ،‬و مدخل الصدق‪ :‬ما تحمد عاقبته في الدنيا والدين "‬
‫واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " أي اجعل لي عزا أمتنع به ممن‬
‫يحاول صدي عن إقامة فرائضك‪ ،‬وقوة تنصرني بها على من عاداني فيك‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬اجعل لي ملكا عزيزا أقهر به العصاة‪ ،‬فنصر بالرعب حتى خافه‬
‫العدو على مسيرة شهر‪ ،‬وقيل‪ :‬حجة بينة أتقوى بها على سائر الديان‪،‬‬
‫وسماه نصيرا لنه يقع به )‪ (2‬النصرة على العداء فهو كالمعين " وقل‬
‫جاء الحق " أي ظهر الحق وهو السلم والدين " وزهق " أي بطل "‬
‫الباطل " وهو الشرك‪ ،‬وروي عن عبد ال بن مسعود أنه قال‪ :‬دخل النبي‬
‫صلى ال عليه واله مكة‪ ،‬وحول البيت ثلثمائة وستون صنما‪ ،‬فجعل‬
‫يطعنها ويقول‪ " :‬جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " أورده‬
‫البخاري في الصحيح‪ ،‬قال الكلبي‪ :‬فجعل )‪ (3‬ينكب لوجهه إذا قال ذلك‪،‬‬
‫وأهل مكة يقولون‪ :‬ما رأينا رجل‬

‫)‪ (1‬في المصدر زيادة هي‪ :‬أي أعنى على الوحى والرسالة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬تقع‬
‫به‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فجعل الصنم‪.‬‬

‫] ‪[ 306‬‬

‫أسحر من محمد " إن الباطل كان زهوقا " أي مضمحل ذاهبا هالكا ل ثبات له )‪.(1‬‬
‫وفي قوله تعالى‪ " :‬وما أرسلناك إل رحمة للعالمين "‪ :‬أي نعمة عليهم‪،‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬رحمة للبر والفاجر والمؤمن والكافر‪ ،‬فهو رحمة للمؤمن‬
‫في الدنيا والخرة‪ ،‬ورحمة للكافر بأن عوفي مما أصاب المم من الخسف‬
‫والمسخ‪ ،‬وروي أن النبي صلى ال عليه وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه‬
‫الية‪ :‬هل أصابك من هذه الرحمة شئ ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إي كنت أخشى عاقبة‬
‫المر فآمنت بك لما أثنى )‪ (2‬علي بقوله‪ " :‬ذي قوة عند ذي العرش مكين‬
‫)‪ " (3‬وقد قال صلى ال عليه واله‪ " :‬إنما أنا رحمة مهداة " وقيل‪ :‬إن‬
‫الوجه في أنه نعمة على الكافر أنه عرضه لليمان والثواب الدائم وهداه‬
‫وإن لم يهتد‪ ،‬كمن قدم الطعام إلى جائع فلم يأكل فإنه منعم عليه وإن لم‬
‫يقبل )‪ .(4‬وفي قوله تعالى‪ " :‬النبي صلى ال عليه واله أولى بالمؤمنين‬
‫من أنفسهم "‪ :‬قيل‪ :‬فيه أقوال‪ :‬أحدها‪ :‬أنه أحق بتدبيرهم‪ ،‬وحكمه عليهم‬
‫أنفذ من حكمهم على أنفسهم لوجوب طاعته )‪ .(5‬وثانيها‪ :‬أنه أولى بهم‬
‫في الدعوة‪ ،‬فإذا دعاهم النبي صلى ال عليه واله إلى شئ ودعتهم أنفسهم‬
‫إلى شئ كانت طاعته أولى لهم من طاعة أنفسهم )‪ .(6‬وثالثها أن حكمه‬
‫أنفذ عليهم من حكم بعضهم على بعض‪ ،‬وروي أن النبي صلى ال عليه‬
‫واله لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم‪ :‬نستأذن آباءنا‬
‫وامهاتنا‪ ،‬فنزلت‪ .‬وروي عن ابي وابن مسعود وابن عباس أنهم كانوا‬
‫يقرؤون‪ " :‬النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم وهو أب‬
‫لهم " وكذلك هو في مصحف ابي‪ ،‬وروي ذلك عن‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ 434 :6‬و ‪ (2) .435‬في المصدر‪ :‬لما أثنى ال‪ (3) .‬التكوير‪:‬‬
‫‪ (4) .20‬مجمع البيان ‪ (5) .67 :7‬في المصدر‪ :‬وحكمه أنفذ عليهم من‬
‫حكمهم على أنفسهم خلف ما يحكم به‪ ،‬لوجوب طاعته التى هو مقرونة‬
‫بطاعة ال تعالى‪ (6) .‬وهذا قريب من الول‪.‬‬

‫] ‪[ 307‬‬

‫أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم‪ ،‬قال مجاهد‪ :‬وكل نبي أب لمته‪ ،‬ولذلك صار‬
‫المؤمنين إخوة )‪ .(1‬وفي قوله تعالى‪ " :‬ما كان محمد أبا أحد من رجالكم‬
‫"‪ :‬الذين لم يلدهم‪ ،‬وفي هذا بيان أنه ليس بأب لزيد فيحرم عليه زوجته )‬
‫‪ ،(2‬فلهذا أشار إليهم فقال‪ " :‬من رجالكم " وقد ولد له صلى ال عليه‬
‫واله أولد ذكور‪ :‬إبراهيم‪ ،‬والقاسم‪ ،‬والطيب‪ ،‬والمطهر‪ ،‬فكان أباهم‪ ،‬وقد‬
‫صح أنه قال للحسن عليه السلم‪ " :‬إن ابني هذا سيد " وقال أيضا للحسن‬
‫والحسين عليهما السلم‪ " :‬ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا " وقال صلى‬
‫ال عليه واله‪ " :‬إن كل بني بنت ينسبون إلى أبيهم إل أولد فاطمة فإني‬
‫أنا أبوهم " وقيل‪ :‬أراد بقوله‪ " :‬رجالكم " البالغين من رجال ذلك الوقت‪،‬‬
‫ولم يكن أحد من أبنائه رجل في ذلك الوقت " ولكن رسول ال " أي ولكن‬
‫كان رسول ال ل يترك ما أباحه ال تعالى بقول الجهال‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الوجه‬
‫في اتصاله بما قبله أنه أراد سبحانه ليس يلزم طاعته صلى ال عليه واله‬
‫وتعظيمه لمكان النسب بينه وبينكم‪ ،‬ولمكان البوة‪ ،‬بل إنما يجب ذلك‬
‫عليكم لمكان النبوة " وخاتم النبيين " أي وآخر النبيين‪ ،‬ختمت النبوة به‪،‬‬
‫فشريعته باقية إلى يوم الدين )‪ .(3‬وفي قوله تعالى‪ " :‬إنا أرسلناك شاهدا‬
‫"‪ :‬على امتك فيما يفعلونه من طاعة و معصية وإيمان وكفر‪ ،‬لتشهد لهم‬
‫وعليهم يوم القيامة " ومبشرا " لمن أطاعني وأطاعك بالجنة " ونذيرا "‬
‫لمن عصاني وعصاك بالنار " وداعيا إلى ال " والقرار بوحدانيته )‪،(4‬‬
‫وامتثال أوامره ونواهيه " بإذنه " أي بعلمه وأمره " وسراجا منيرا "‬
‫يهتدى بك في الدين كما يهتدى بالسراج‪ ،‬والمنير الذي يصدر النور من‬
‫جهته إما بفعله‪ ،‬وإما لنه سبب له‪ ،‬فالقمر منير‪ ،‬والسراج منير بهذا‬
‫المعنى‪ ،‬وال منير السماوات والرض‪ ،‬وقيل‪ :‬عنى بالسراج المنير‬
‫القرآن‪ ،‬والتقدير ذا سراج )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .338 :8‬في المصدر‪ :‬فتحرم عليه زوجته‪ (3) .‬مجمع البيان‬
‫‪ 361 :8‬و ‪ (4) .362‬في المصدر‪ :‬أي وبعثناك داعيا إلى ال والقرار‬
‫بوحدانيته‪ (5) .‬مجمع البيان ‪.363 :8‬‬

‫] ‪[ 308‬‬
‫وفي قوله تعالى‪ " :‬إل كافة للناس " أي عامة للناس كلهم‪ :‬العرب والعجم وسائر‬
‫المم‪ ،‬ويؤيده الحديث المروي عن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬اعطيت خمسا ول أقول فخرا‪ :‬بعثت إلى الحمر والسود‪ ،‬وجعلت لي‬
‫الرض طهورا ومسجدا‪ ،‬واحل لي المغنم‪ ،‬ولم يحل لحد قبلي‪ ،‬ونصرت‬
‫بالرعب فهو يسير أمامي مسيرة شهر‪ ،‬واعطيت الشفاعة فادخرتها لمتي‬
‫يوم القيامة‪ .‬وقيل‪ :‬معناه جامعا للناس بالنذار والدعوة‪ ،‬وقيل‪ :‬كافا‬
‫للناس‪ ،‬أي مانعا لهم عما هم عليه من الكفر والمعاصي بالوعد والوعيد‪،‬‬
‫والهاء للمبالغة )‪ .(1‬وفي قوله تعالى‪ " :‬بالهدى "‪ :‬أي بالدليل الواضح‪:‬‬
‫أو بالقرآن " ودين الحق " أي السلم " ليظهره على الدين كله " أي‬
‫ليظهر دين السلم بالحجج والبراهين على جميع الديان‪ ،‬وقيل‪ :‬بالغلبة‬
‫والقهر والنتشار في البلدان‪ ،‬وقيل‪ :‬إن تمام ذلك عند خروج المهدي عليه‬
‫السلم‪ ،‬فل يبقى في الرض دين سوى دين السلم )‪ .(2‬وفي قوله تعالى‪:‬‬
‫" والنجم إذا هوى " فيه أقوال‪ :‬أحدها‪ :‬أن ال أقسم بالقرآن إذا انزل‬
‫نجوم متفرقة على رسول ال صلى ال عليه واله في ثلث وعشرين سنة‪،‬‬
‫فسمي القرآن نجما لتفرقه في النزول )‪ .(3‬وثانيها‪ :‬أنه أراد به الثريا‪،‬‬
‫أقسم بها إذا سقطت وغابت مع الفجر‪ ،‬والعرب تطلق اسم النجم على الثريا‬
‫خاصة‪ .‬وثالثها‪ :‬أن المراد به جماعة النجوم إذا هوت‪ ،‬أي سقطت وغابت‬
‫وخفيت عن الحس‪ ،‬وأراد به الجنس‪ .‬ورابعها‪ :‬أنه يعني به الرجوم من‬
‫النجوم‪ ،‬وهو ما يرمى به الشياطين عند استراق السمع‪ ،‬وروت العامة عن‬
‫جعفر الصادق عليه السلم أن رسول ال صلى ال عليه واله )‪ (4‬نزل من‬
‫السماء‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .391 :8‬مجمع البيان ‪ (3) .127 :9‬في المصدر‪ :‬والعرب‬
‫تسمى التفريق تنجيما‪ ،‬والمفرق منجما‪ (4) .‬هكذا في المصدر‪ ،‬وفيه‬
‫سقط‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬أنه قال‪ :‬محمد رسول ال صلى ال عليه وآله‪.‬‬

‫] ‪[ 309‬‬

‫السابعة ليلة المعراج‪ ،‬ولما نزلت السورة أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب‪ ،‬فجاء إلى‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وطلق ابنته وتفل في وجهه‪ ،‬وقال‪ :‬كفرت بالنجم‬
‫وبرب النجم‪ ،‬فدعا صلى ال عليه واله عليه وقال‪ " :‬اللهم سلط عليه كلبا‬
‫من كلبك " فخرج عتبة إلى الشام فنزل‪ .‬في بعض الطريق‪ ،‬وألقى ال‬
‫عليه الرعب‪ ،‬فقال لصحابه‪ :‬أنيموني بينكم )‪ ،(1‬ففعلوا فجاء أسد‬
‫فافترسه من بين الناس‪ " .‬ما ضل صاحبكم وما غوى " يعني النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ ،‬أي ما عدل عن الحق وما فارق الهدى‪ ،‬وما غوى فيما‬
‫يؤديه إليكم‪ ،‬ومعنى غوى ضل‪ ،‬وإنما أعاده تأكيدا‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ما خاب‬
‫عن إصابة الرشد‪ ،‬وقيل‪ :‬ما خاب سعيه بل ينال ثواب ال وكرامته " وما‬
‫ينطق عن الهوى " أي وليس ينطق بالهوى وميل الطبع " إن هو إل‬
‫وحي يوحى " أي ما القرآن وما ينطق به من الحكام إل وحي من ال‬
‫يوحى إليه‪ ،‬أي يأتيه به جبرئيل وهو قوله‪ " :‬علمه شديد القوى " يعني‬
‫جبرئيل‪ ،‬أي القوي في نفسه وخلقته " ذو مرة " أي ذو قوة وشدة في‬
‫خلقه عن الكلبي‪ ،‬قال‪ :‬ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء السود‬
‫فرفعها إلى السماء‪ ،‬ثم قلبها‪ ،‬ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى هلكوا‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬معناه ذو صحة وخلق حسن‪ ،‬وقيل‪ :‬شديد القوى في ذات ال‪ ،‬ذو‬
‫مرة‪ ،‬أي صحة من الجسم‪ ،‬سليم من الفات والعيوب‪ ،‬وقيل‪ :‬ذو مرة‪ ،‬أي‬
‫ذو مرور في الهواء‪ ،‬ذهابا )‪ (2‬وجائيا ونازل وصاعدا " فاستوى "‬
‫جبرئيل عليه السلم على صورته التي خلق عليها بعد انحداره إلى محمد‬
‫صلى ال عليه واله )‪ .(3‬وفي قوله تعالى‪ " :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما‬
‫نهاكم عنه فانتهوا " أي ما أعطاكم الرسول من الفئ فخذوه وارضوا به‪،‬‬
‫وما أمركم به فافعلوه‪ ،‬وما نهاكم عنه فانتهوا‪ ،‬فإنه ل يأمر ول ينهى إل‬
‫عن أمر ال‪ ،‬وروى زيد الشحام عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما‬
‫أعطى ال نبيا من النبياء شيئا إل وقد أعطى محمدا صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫قال لسليمان عليه السلم‪ " :‬فامنن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أنيمونى بينكم ليل‪ (2) .‬هكذا في نسخة المصنف‪ ،‬والصحيح كما‬
‫في الطبعة الحروفية والمصدر‪ :‬ذاهبا‪ (3) .‬مجمع البيان ‪ 172 :9‬و ‪.173‬‬

‫] ‪[ 310‬‬

‫أو أمسك بغير حساب " وقال لرسول ال صلى ال عليه واله‪ " :‬ما آتاكم الرسول‬
‫فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " )‪ .(1‬وفي قوله تعالى‪ " :‬هو الذي بعث‬
‫في الميين " يعني العرب‪ ،‬وكانت امة امية ل تكتب ول تقرأ‪ ،‬ولم يبعث‬
‫إليهم نبي‪ ،‬وقيل‪ :‬يعني أهل مكة‪ ،‬لن مكة تسمى ام القرى " رسول منهم‬
‫" يعني محمدا صلى ال عليه واله‪ ،‬نسبه نسبهم‪ ،‬وهو من جنسهم‪ ،‬ووجه‬
‫النعمة في أنه جعل النبوة في امي موافقة لما تقدمت البشارة به في كتب‬
‫النبياء السالفة‪ ،‬ولنه أبعد من توهم الستعانة على ما أتى به من الحكمة‬
‫بالحكم التي تلها‪ ،‬والكتب التي قرأها‪ ،‬وأقرب إلى العلم بأن ما يخبرهم به‬
‫من أخبار المم الماضية والقرون الخالية على وفق ما في كتبهم ليس ذلك‬
‫إل بالوحي " يتلو عليهم آياته " أي يقرأ عليهم القرآن " ويزكيهم " أي‬
‫ويطهرهم من الكفر والذنوب‪ ،‬ويدعوهم إلى ما يصيرون به أزكيآء "‬
‫ويعلمهم الكتاب والحكمة " الكتاب‪ :‬القرآن‪ ،‬والحكمة‪ :‬الشرايع‪ ،‬وقيل‪ :‬إن‬
‫الحكمة تعم الكتاب والسنة وكل ما أراده ال تعالى‪ ،‬فإن الحكمة هي العلم‬
‫الذي يعمل عليه فيما يجتبى‪ ،‬أو يجتنب من امور الدين والدنيا " وإن كانوا‬
‫من قبل لفي ضلل مبين " معناه وما كانوا من قبل بعثه إليهم إل في عدول‬
‫عن الحق‪ ،‬وذهاب عن الدين بين ظاهر " وآخرين منهم " أي ويعلم‬
‫آخرين من المؤمنين " لما يحلقوا بهم " وهم كل من بعد الصحابة إلى يوم‬
‫القيامة فإن ال سبحانه بعث النبي صلى ال عليه واله إليهم‪ ،‬وشريعته‬
‫تلزمهم‪ ،‬وإن لم يلحقوا بزمان الصحابة‪ ،‬وقيل‪ :‬هم العاجم ومن ل يتكلم‬
‫بلغة العرب‪ ،‬وروي ذلك عن أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬وروي أن النبي صلى‬
‫ال عليه واله قرأ هذه الية فقيل له‪ :‬من هؤلء ؟ فوضع يده على كتف‬
‫سلمان وقال‪ :‬لو كان الدين )‪ (2‬في الثريا لنالته رجال من هؤلء‪ .‬وعلى‬
‫هذا فإنما قال‪ " :‬منهم " لنهم إذا أسلموا صاروا منهم‪ ،‬وقيل‪ :‬إن قوله‪" :‬‬
‫لما يحلقوا بهم " يعني في الفضل والسابقة‪ ،‬فإن التابعين ل يدركون شأن‬
‫السابقين من‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ .261 :9‬أقول‪ :‬تقدم حديث الشحام وما بمعناه وشرح له في ج‬
‫‪ (2) .87 - 85 :14‬في المصدر‪ :‬لو كان اليمان‪.‬‬

‫] ‪[ 311‬‬

‫الصحابة وخيار المؤمنين " وهو العزيز " الذي ل يغالب " الحكيم " في جميع‬
‫أفعاله " ذلك فضل ال " يعني النبوة التي خص ال بها رسوله " يؤتيه "‬
‫أي يعطيه " من يشآء " بحسب ما يعلمه من صلحه للبعثة وتحمل أعباء‬
‫)‪ (1‬الرسالة " وال ذو الفضل العظيم " ذو المن العظيم على خلقه ببعث‬
‫محمد صلى ال عليه واله )‪ .(2‬وفي قوله تعالى‪ " :‬قد أنزل ال إليكم ذكرا‬
‫" يعني القرآن‪ ،‬وقيل‪ :‬يعني الرسول‪ ،‬روي ذلك عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم " رسول " إما بدل من " ذكرا " فالرسول إما جبرئيل أو محمد‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬أو مفعول محذوف‪ ،‬أي أرسل رسول‪ ،‬فالرسول محمد‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬أو مفعول قوله‪ " :‬ذكرا " أي أنزل إليكم أن ذكر‬
‫رسول‪ ،‬فالرسول يحتمل الوجهين‪ ،‬ويجوز على الول أن يكون المراد‬
‫بالذكر الشرف‪ ،‬أي ذا ذكر‪ ،‬والظلمات الكفر والجهل‪ ،‬والنور اليمان والعلم‬
‫)‪ .(3‬وفي قوله تعالى‪ " :‬إنا أعطيناك الكوثر "‪ :‬اختلفوا في تفسير الكوثر‪،‬‬
‫فقيل‪ :‬هو نهر في الجنة‪ ،‬وروي عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬نهر‬
‫في الجنة أعطاه ال نبيه عوضا من ابنه‪ .‬وقيل‪ :‬هو حوض النبي صلى ال‬
‫عليه واله الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة وقيل‪ :‬الكوثر‪ :‬الخير الكثير‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬هو النبوة والكتاب‪ ،‬وقيل‪ :‬هو القرآن‪ ،‬وقيل‪ :‬هو كثرة الشياع و‬
‫التباع )‪ ،(4‬وقيل‪ :‬هو كثرة النسل والذرية‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الشفاعة‪ ،‬رووه عن‬
‫الصادق عليه السلم‪ ،‬واللفظ محتمل للكل )‪ ،(5‬فيجب أن يحمل على جميع‬
‫ما ذكر من القوال‪ ،‬فقد أعطاه ال سبحانه الخير الكثير في الدنيا‪ ،‬ووعده‬
‫الخير الكثير في الخرة " فصل لربك وانحر " أمره سبحانه بالشكر على‬
‫هذه النعمة العظيمة بأن قال‪ " :‬فصل " صلة العيد " وانحر "‬

‫)‪ (1‬العباء جمع العبء‪ :‬الثقل والحمل‪ (2) .‬مجمع البيان ‪ (3) .284 :10‬مجمع‬
‫البيان ‪ (4) .310 :10‬في المصدر‪ :‬كثرة الصحاب والشياع‪ (5) .‬وان‬
‫كان المعنى السابع أنسب لسبب النزول وأظهر لقوله‪ :‬ان شانئك هو‬
‫البتر‪.‬‬

‫] ‪[ 312‬‬

‫هديك وقيل‪ :‬فصل لربك صلة الغداة المفروضة بجمع )‪ ،(1‬وانحر البدن بمنى‪،‬‬
‫وقيل صلى المكتوبة واستقبل القبلة بنحرك‪ ،‬وتقول العرب‪ :‬منازلنا تتناحر‪،‬‬
‫أي هذا ينحر هذا‪ ،‬أي يستقبله‪ .‬وعن علي عليه السلم معناه ارفع يديك‬
‫إلى النحر في صلتك‪ .‬وعن عمر بن يزيد قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول في قوله‪ " :‬فصل لربك وانحر " هو رفع يديك حذاء وجهك‪.‬‬
‫وروى عنه عليه السلم عبد ال بن سنان مثله‪ .‬وعن جميل قال‪ :‬قلت لبي‬
‫عبد ال عليه السلم‪ " :‬فصل لربك وانحر " فقال‪ :‬بيده هكذا‪ ،‬يعني‬
‫استقبل بيديه حذو وجهه )‪ (2‬القبلة في افتتاح الصلة‪ .‬وعن حماد بن‬
‫عثمان قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن النحر‪ ،‬فرفع يده إلى صدره‬
‫فقال‪ :‬هكذا‪ ،‬ثم رفعها فوق ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬هكذا‪ ،‬يعني استقبل بيديه القبلة في‬
‫استفتاح الصلة )‪ " .(3‬إن شانئك هو البتر " معناه أن مبغضك هو‬
‫المنقطع عن الخير‪ ،‬وهو العاص بن وائل‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه أنه القل الذل‬
‫بانقطاعه عن كل خير‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه أنه ل ولد له على الحقيقة‪ ،‬وأن من‬
‫ينتسب إليه ليس بولد له‪ ،‬قال مجاهد‪ :‬البتر‪ :‬الذي ل عقب له‪ ،‬وهو جواب‬
‫لقول قريش‪ :‬إن محمدا ل عقب له‪ ،‬يموت فنستريح منه‪ ،‬ويدرس ذكره‪ ،‬إذ‬
‫ل يقوم مقامه من يدعو إليه فينقطع أمره‪ ،‬وفي هذه السورة دللت على‬
‫صدق نبينا صلى ال عليه واله‬

‫)‪ (1‬جمع بفتح فسكون‪ :‬المزدلفة‪ .‬المشعر‪ .‬سمى جمعا لجتماع الناس به‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬حذاء وجهه‪ (3) .‬وروى الطبرسي ما في معناه من طرق العامة‬
‫قال‪ :‬روى عن مقاتل بن حيان‪ ،‬عن الصبغ‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم قال‪ :‬لما نزلت هذه السورة‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه وآله‬
‫لجبريل‪ :‬ما هذه النحيرة التى أمرني بها ربي ؟ قال‪ :‬ليست بنحيرة‪ ،‬ولكنه‬
‫يأمرك إذا تحرمت للصلة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت‪ ،‬وإذا رفعت‬
‫رأسك من الركوع‪ ،‬وإذا سجدت‪ ،‬فانه صلتنا و صلة الملئكة في‬
‫السماوات السبع‪ ،‬فان لكل شئ زينة وإن زينة الصلة رفع اليدي عند كل‬
‫تكبيرة‪.‬‬

‫] ‪[ 313‬‬

‫وصحة نبوته‪ :‬أحدها‪ :‬أنه أخبر عما في نفوس أعدائه‪ ،‬وما جرى على ألسنتهم‪،‬‬
‫ولم يكن بلغه ذلك فكان كما أخبره‪ .‬وثانيها‪ :‬أنه قال‪ " :‬أعطيناك الكوثر "‬
‫فانظر كيف انتشر دينه‪ ،‬وعل أمره‪ ،‬و كثرت ذريته حتى صار نسبه أكثر‬
‫من كل نسب‪ ،‬ولم يكن شئ من ذلك في تلك الحال‪ .‬وثالثها‪ :‬أن جميع‬
‫فصحآء العرب والعجم قد عجزوا عن التيان بمثل هذه السورة على وجازة‬
‫ألفاظها مع تحديه )‪ (1‬إياهم بذلك‪ ،‬وحرصهم على بطلن أمره منذ بعث‬
‫صلى ال عليه وآله إلى يوم الناس هذا‪ ،‬وهذا غاية العجاز‪ .‬ورابعها‪ :‬أنه‬
‫سبحانه وعده بالنصر على أعدائه‪ ،‬وأخبره بسقوط أمرهم وانقطاع دينهم‪،‬‬
‫أو عقبهم‪ ،‬فكان المخبر على ما أخبر به هذا‪ ،‬وفي هذه السورة الوجيزة‬
‫من تشاكل المقاطع للفواصل‪ ،‬وسهولة مخارج الحروف بحسن التأليف‬
‫والتقابل لكل من معانيها بما هو أولى به ما ل يخفى على من عرف‬
‫مجارى كلم العرب )‪ - 1 .(2‬لى‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن ابن أبان‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حماد بن عثمان‪ ،‬عن إسماعيل الجعفي‬
‫أنه سمع أبا جعفر يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬اعطيت‬
‫خمسا لم يعطها أحد قبلي‪ :‬جعلت لي الرض مسجدا وطهورا‪ ،‬واحل لي‬
‫المغنم‪ ،‬ونصرت بالرعب‪ ،‬واعطيت جوامع الكلم‪ ،‬واعطيت الشفاعة )‪.(3‬‬
‫بيان‪ :‬قوله صلى ال عليه واله‪ :‬مسجدا‪ ،‬أي مصلى بخلف المم السابقة‬
‫فإنهم كانوا ل يجوز لهم الصلة اختيارا إل في بيعهم وكنائسهم‪ ،‬أو ما‬
‫يصح السجود عليه‪ ،‬والول أشهر " وطهورا " أي ما يتطهر به من‬
‫الحداث بالتيمم‪ ،‬ومن الخباث لبعض الشيآء كباطن القدم والخف‪،‬‬
‫ومخرج النجو في الستنجاء بالحجار والمدر‪ ،‬والمغنم بالفتح‪ :‬ما يصاب‬

‫)‪ (1‬تحدى الرجل‪ :‬باراه وغالبه‪ .‬والمبارات‪ :‬المسابقة‪ .‬والنبى صلى ال عليه وآله‬
‫دعاهم إلى التيان بمثل القرآن‪ ،‬وأخبرهم بأنهم لم يمكنهم ذلك‪(2) .‬‬
‫مجمع البيان ‪ 549 :10‬و ‪ (3) .550‬أمالي الصدوق‪.130 :‬‬

‫] ‪[ 314‬‬

‫من أموال المشركين في الحرب‪ ،‬والمشهور أن حل المغنم من خصائصه وخصائص‬


‫امته صلى ال عليه وآله‪ ،‬وأن المم المتقدمة منهم من لم يبح لهم جهاد‬
‫الكفار‪ ،‬ومنهم من ابيح لهم لكن لم يبح لهم الغنائم‪ ،‬وكانت غنائمهم توضع‬
‫فتأتي نار فتحرقها‪ ،‬وأباحها ال لهذه المة‪ .‬قوله‪ :‬ونصرت بالرعب‪ ،‬كان‬
‫مما خصه ال تعالى به أنه كان يخافه العدو وبينه وبينه مسيرة شهر‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬المراد بجوامع الكلم القرآن حيث جمع ال فيه معاني كثيرة بألفاظ‬
‫يسيرة‪ ،‬وقيل‪ :‬سائر كلماته الموجزة المشتملة على حكم عظيمة ومعاني‬
‫كثيرة‪ - 2 .‬لى‪ :‬الدقاق‪ ،‬عن السدي‪ ،‬عن النخعي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن علي‬
‫بن أبي حمزة‪ ،‬عن يحيى بن أبي إسحاق )‪ ،(1‬عن الصادق جعفر بن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أبيه عليهم السلم قال‪ :‬سئل النبي صلى ال‬
‫عليه واله أين كنت وآدم في الجنة ؟ قال‪ :‬كنت في صلبه‪ ،‬وهبط بي إلى‬
‫الرض في صلبه‪ ،‬وركبت السفينة في صلب أبي نوح‪ ،‬وقذف بي في النار‬
‫في صلب أبي إبراهيم‪ ،‬لم يلتق في أبوان على سفاح قط‪ ،‬لم يزل )‪ (2‬ال‬
‫عزوجل ينقلني من الصلب الطيبة إلى الرحام الطاهرة‪ ،‬هاديا مهديا حتى‬
‫أخذ ال بالنبوة عهدي‪ ،‬وبالسلم ميثاقي‪ ،‬وبين كل شئ من صفتي‪ ،‬وأثبت‬
‫في التوارة والنجيل ذكري‪ ،‬ورقا )‪ ،(3‬بي إلى سمائه‪ ،‬وشق لي اسما من‬
‫أسمائه )‪ ،(4‬امتي الحمادون‪ ،‬فذو العرش )‪ ،(5‬محمود‪ ،‬وأنا محمد )‪3 .(6‬‬
‫‪ -‬مع‪ :‬القطان‪ ،‬عن السكري‪ ،‬عن الجوهري‪ ،‬عن ابن عمارة‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬

‫)‪ (1‬يحتمل كونه أبا بصير السدي لرواية علي بن أبي حمزة عنه‪ ،‬فعليه فأبو‬
‫إسحاق لعله كنية أبيه‪ ،‬بناء على ما ذكره النجاشي أنه يحيى بن القاسم‪،‬‬
‫وأما لو ثبت ما قيل‪ :‬من أنه يحيى بن أبي القاسم فكلمه )أبى( زائدة‪،‬‬
‫وصحيحه يحيى بن إسحاق‪ (2) .‬ولم يزل ال خ ل‪ (3) .‬هكذا في‬
‫المصدر‪ ،‬ورقى معتل يائى يكتب بالباء فالصحيح كما في المصدر‪ :‬رقانى‪،‬‬
‫أي رفعني وصعدني‪ (4) .‬من أسمائه الحسنى خ ل‪ ،‬وهو الموجود في‬
‫المصدر‪ (5) .‬وذو العرش خ ل‪ (6) .‬أمالي الصدوق‪.371 :‬‬

‫] ‪[ 315‬‬

‫عن جابر الجعفي‪ ،‬عن جابر النصاري قال‪ :‬سئل رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫وذكر مثله )‪ .(1‬ثم قال الصدوق‪ :‬وقد رويت هذا الحديث من طرق كثيرة‪.‬‬
‫‪ - 4‬لى‪ :‬الطالقاني‪ ،‬عن الجلودي )‪ ،(2‬عن يحيى بن عبد الحميد الحماني‪،‬‬
‫عن الحسين بن الربيع‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن عباية بن ربعي‪ ،‬عن ابن عباس‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال عزوجل قسم الخلق‬
‫قسمين‪ ،‬فجعلني في خيرهما قسما‪ ،‬وذلك قوله عزوجل في ذكر أصحاب‬
‫اليمين وأصحاب الشمال‪ ،‬وأنا من أصحاب اليمين‪ ،‬وأنا خير أصحاب‬
‫اليمين‪ ،‬ثم جعل القسمين أثلثا فجعلني في خيرهما )‪ (3‬ثلثا‪ ،‬وذلك قوله‬
‫عزوجل‪ " :‬فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة ما‬
‫أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون )‪ " (4‬وأنا من السابقين‪ ،‬وأنا‬
‫خير السابقين‪ ،‬ثم جعل ال ثلث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة‪ ،‬وذلك قوله‬
‫عزوجل‪ " :‬وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند ال أتقاكم )‪(5‬‬
‫" فأنا أتقى ولد آدم‪ ،‬وأكرمهم على ال جل ثناؤه ول فخر‪ ،‬ثم جعل القبائل‬
‫بيوتا فجعلني في خيرها بيتا‪ ،‬وذلك قوله عزوجل‪ " :‬إنما يريد ال )‪(6‬‬
‫ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )‪ - 5 ." (7‬فس‪ :‬الحسن‬
‫)‪ (8‬بن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسن بن سعيد‪ ،‬عن الحسين بن علوان‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحسن العبدي )‪ ،(9‬عن أبي هارون العبدي‪ ،‬عن ربيعة السعدي‪،‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ (2) .21 :‬في المصدر‪ :‬الجلودي قال‪ :‬حدثنا الحسين بن حميد‬
‫قال حدثنا يحيى عن عبد الحميد الحماني‪ .‬وفي نسخة من المصدر‪:‬‬
‫الحسين بن أبي الربيع‪ (3) .‬في خيرها خ ل وهو الموجود في المصدر‪) .‬‬
‫‪ (4‬الواقعة‪ (5) .10 - 8 :‬الحجرات‪ (6) .13 :‬الحزاب‪ (7) .33 :‬أمالي‬
‫الصدوق‪ (8) .374 :‬الحسين خ ل‪ (9) .‬في المصدر‪ :‬علي بن الحسين‬
‫العبدى‪ .‬أقول‪ :‬في اسم أبيه خلف‪.‬‬

‫] ‪[ 316‬‬

‫عن حذيفة بن اليمان‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه واله مثله مع زيادات )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫قوله صلى ال عليه واله‪ :‬ول فخر‪ ،‬أي أقوله معتدا بالنعمة ل فخرا‬
‫واستكبارا‪ - 6 .‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن علي بن محمد بن رياح )‪ ،(2‬عن أبي علي‬
‫الحسن بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب عن ابن رئاب‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬إن أبا ذر وسلمان‬
‫خرجا في طلب رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فقيل لهما إنه توجه إلى‬
‫ناحية قبا‪ ،‬فاتبعاه فوجداه ساجدا تحت الشجرة‪ ،‬فجلسا ينتظرانه حتى ظنا‬
‫أنه نائم‪ ،‬فأهويا ليوقظاه فرفع رفع رأسه إليهما‪ ،‬ثم قال‪ :‬قد رأيت مكانكما‪،‬‬
‫وسمعت مقالتكما‪ ،‬ولم أكن راقدا إن ال بعث كل نبي كان قبلي إلى امته‬
‫بلسان قومه‪ ،‬وبعثني إلى كل أسود وأحمر بالعربية‪ ،‬وأعطاني في امتي‬
‫خمس خصال لم يعطها نبيا كان قبلي‪ :‬نصرني بالرعب‪ ،‬تسمع )‪ (3‬بي‬
‫القوم وبيني وبينهم مسيرة شهر فيؤمنون بي‪ ،‬وأحل لي المغنم‪ ،‬وجعل لي‬
‫الرض مسجدا وطهورا‪ ،‬أينما كنت منها أتيمم من تربتها‪ ،‬واصلي عليها‪،‬‬
‫وجعل لكل نبي مسألة فسألوه إياها‪ ،‬فأعطاهم ذلك في الدنيا‪ ،‬وأعطاني‬
‫مسألة فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين )‪ (4‬من امتي يوم القيامة )‪،(5‬‬
‫ففعل ذلك‪ ،‬وأعطاني جوامع العلم‪ ،‬ومفاتيح الكلم‪ ،‬ولم يعط‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي‪ .661 :‬أقول‪ :‬وذكر فرات بن ابراهيم في تفسيره‪ 162 :‬باسناده‬
‫عن محمد بن عيسى بن زكريا الدهقان‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا يونس يعنى ابن على‬
‫القطان‪ .‬قال‪ :‬حدثني ابراهيم يعنى ابن الحكم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد العزيز‬
‫بن عبد الصمد قال‪ :‬حدثني أبو هارون العبدى‪ ،‬عن ربيعة السعدى‪ ،‬عن‬
‫حذيفة بن اليمان‪ ،‬عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬إن ال‬
‫خلق الخلق قسمين قبائل فجعلني في خيرها قبيلة‪ ،‬وذلك قوله‪ " :‬يا أيها‬
‫الناس إنا خلقناكم من ذكر‪ .‬الية " فأنا أتقى ولد آدم وقبيلتي خير القبائل‪،‬‬
‫وأكرمها على ال ول فخر‪ (2) .‬في المصدر وبشارة المصطفى أخبرني‬
‫أبو عبد ال محمد بن علي بن رياح القرشي اجازة قال‪ :‬حدثني أبي قال‪:‬‬
‫حدثنا أبو على الحسن بن محمد‪ .‬أقول‪ :‬أما رياح فقد ضبطه العلمة في‬
‫الخلصة بالباء الموحدة في علي بن محمد بن علي بن عمر بن رباح‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدرين‪ :‬يسمع‪ (4) .‬في بشارة المصطفى‪ :‬لشفاعة المذنبين‪) .‬‬
‫‪ (5‬في المصدرين‪ :‬إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫] ‪[ 317‬‬

‫ما أعطاني نبيا قبلي‪ ،‬فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقى ال ل يشرك به شيئا‪،‬‬
‫مؤمنا بي‪ ،‬مواليا لوصيي‪ ،‬محبا لهل بيتي )‪ .(1‬بشا‪ :‬الحسن بن الحسين‬
‫بن بابويه‪ ،‬عن شيخ الطائفة‪ ،‬عن المفيد‪ ،‬عن محمد بن علي ابن رياح‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن الحسن بن محمد مثله )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫بلسان قومه‪ ،‬لعل المراد أن كل نبي من اولي العزم وغيرهم إنما كان يبعث‬
‫أول إلى قوم بلسانهم‪ ،‬وإن كان اولو العزم منهم يعم دينهم بعدهم أهل سائر‬
‫اللغات بتوسط غير اولي العزم من النبياء والوصيآء‪ ،‬أو كان في زمانهم‬
‫إيضا يبعث نبي آخر إلى قوم بلسانهم‪ ،‬فيبلغهم دين هذا النبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬وأما نبينا صلى ال عليه واله فإنه قد بعث إلى الجميع بلسانه )‬
‫‪ ،(3‬وبلغهم ذلك في زمانه بنفسه‪ ،‬فبعث إلى كسرى وقيصر وسائر الفرق‪،‬‬
‫وبلغهم رسالته‪ .‬قوله صلى ال عليه واله‪ :‬فمسألتي بالغة‪ ،‬أي دعوتي‬
‫وشفاعتي كاملة تبلغ إلى يوم القيامة لهم‪ ،‬فأدعو لهم في الدنيا‪ ،‬وأشفع‬
‫لهم في الخرة‪ - 7 .‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعيد‬
‫بن عبد ال بن موسى )‪ ،(4‬عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي )‪ ،(5‬عن‬
‫المعلى بن هلل‪ ،‬عن الكلبي‪ ،‬عن أبي صالح‪ ،‬عن عبد ال بن العباس قال‬
‫سمعت رسول ال صلى ال عليه واله يقول‪ :‬أعطاني ال تعالى خمسا‪،‬‬
‫وأعطى عليا عليه السلم خمسا‪ :‬أعطاني جوامع الكلم‪ ،‬وأعطي عليا‬
‫جوامع العلم‪ ،‬وجعلني نبيا‪ ،‬وجعله‬

‫)‪ (1‬مجالس ابن الشيخ‪ 35 :‬و ‪ (2) .36‬بشارة المصطفى‪ ،103 :‬وفيه وأعطى عليا‬
‫مفاتيح الكلم‪ .‬وفيه‪ :‬ل يشرك به شيئا‪ ،‬فيرضى مواليا لوصيى محبا لهل‬
‫بيتى‪ (3) .‬أي بالعربية‪ (4) .‬هكذا في النسخة ومصدره‪ ،‬والظاهر أنه‬
‫مصحف سعد‪ ،‬عن عبد ال بن موسى‪ ،‬كما يأتي في الحديث ‪ 12‬في‬
‫طريق الصدوق‪ (5) .‬العرزمي بفتح العين وسكون الراء وفتح الزاي‬
‫نسبة إلى جبانة عرزم بالكوفة‪ ،‬أو نسبة إلى عرزم‪ :‬قوم كانوا بالبصرة‪،‬‬
‫كما حكى عن ابن دريد‪ ،‬أو كما قال السمعاني في النساب‪ :‬وظني أنه‬
‫بطن من فزاره‪ ،‬وجبانة عرزم الكوفة معروفة‪ ،‬ولعل هذه القبيلة نزلت‬
‫بها فنسب الموضع إليهم‪.‬‬

‫] ‪[ 318‬‬

‫وصيا‪ ،‬وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل‪ ،‬وأعطاني الوحي‪ ،‬وأعطاه اللهام‪،‬‬


‫واسري بي إليه‪ ،‬وفتح له أبواب السماء )‪ (1‬والحجب حتى نظر إلي‬
‫ونظرت إليه‪ ،‬قال‪ :‬ثم بكى رسول ال صلى ال عليه واله فقلت له‪ :‬ما‬
‫يبكيك فداك أبي وامي ؟ فقال‪ :‬يا ابن عباس إن أول ما كلمني )‪ (2‬به أن‬
‫قال‪ :‬يا محمد انظر تحتك‪ ،‬فنظرت إلى الحجب قد انخرقت‪ ،‬وإلي أبواب‬
‫السماء قد فتحت )‪ ،(3‬ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي )‪ (4‬فكلمني‬
‫وكلمته وكلمني ربي عزوجل فقلت‪ :‬يا رسول ال بم كلمك ربك ؟ قال‪ :‬قال‬
‫لي‪ :‬يا محمد إني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك‪ ،‬فأعلمه‪،‬‬
‫فها هو يسمع كلمك فأعلمته‪ ،‬وأنا بين يدي ربي عزوجل‪ ،‬فقال لي‪ :‬قد‬
‫قبلت وأطعت‪ ،‬فأمر ال الملئكة أن تسلم عليه ففعلت‪ ،‬فرد عليهم السلم‬
‫ورأيت الملئكة يتباشرون به‪ ،‬وما مررت بملئكة من ملئكة السماء‪ ،‬إل‬
‫هنؤني وقالوا لي‪ :‬يا محمد والذي بعثك بالحق لقد دخل السرور على جميع‬
‫الملئكة باستخلف ال عزوجل لك ابن عمك‪ ،‬ورأيت حملة العرش قد‬
‫نكسوا رؤوسهم إلى الرض‪ ،‬فقلت‪ :‬يا جبرئيل لم نكس حملة العرش‬
‫رؤوسهم ؟ فقال‪ :‬يا محمد ما من ملك من الملئكة إل وقد نظر إلى وجه‬
‫علي بن أبي طالب استبشارا به ما خل حملة العرش‪ ،‬فإنهم استأذنوا ال‬
‫عزوجل في هذه الساعة‪ ،‬فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب‬
‫فنظروا إليه‪ ،‬فلما هبطت جعلت اخبره بذلك وهو يخبرني به‪ ،‬فعلمت أني لم‬
‫أطأ موطئا )‪ (5‬إل وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه‪ ،‬قال ابن عباس‪:‬‬
‫قلت‪ :‬يا رسول ال اوصني‪ ،‬فقال‪ :‬عليك بمودة علي بن أبي طالب‪ ،‬والذي‬
‫بعثني بالحق نبيا‪ ،‬ل يقبل ال من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن‬

‫)‪ (1‬في الفضائل‪ :‬أبواب السماوات‪ (2) .‬في الروضة‪ :‬كلمني ربى‪ ،‬وفي الفضائل‪:‬‬
‫كلمني به ربى‪ (3) .‬في الفضائل‪ :‬قد انفتحت‪ .‬وفي الروضة‪ :‬فنظرت وإذا‬
‫بالحجب قد اخترقت‪ ،‬وأبواب السماء قد تفتحت‪ ،‬حتى نظرت‪ (4) .‬في‬
‫الروضة‪ :‬إلى السماء‪ (5) .‬في الروضة‪ :‬ما وطأت موضعا إل وقد كشف‬
‫له حتى نظر إلى ما نظرت إليه‪ ،‬فعند ذلك قال ابن عباس‪ :‬يا رسول ال‬
‫أحب أن توصيني بشئ قال‪ :‬يا ابن عباس اعلم أن ال عزوجل ل يقبل‬
‫حسنة من أحد حتى يسأله ا‍ه‪.‬‬

‫] ‪[ 319‬‬

‫أبي طالب وهو تعالى أعلم‪ ،‬فإن جاءه بوليته قبل عمله على ما كان منه )‪ ،(1‬وإن‬
‫لم يأت بوليته لم يسأله عن شئ ثم أمر به إلى النار‪ ،‬يا ابن عباس والذي‬
‫بعثني بالحق نبيا إن النار لشد غضبا على مبغض علي منها )‪ (2‬على من‬
‫زعم أن ال ولدا‪ ،‬يابن عباس لو أن الملئكة المقربين والنبياء المرسلين‬
‫اجتمعوا على بغضه )‪ (3‬ولن يفعلوا لعذبهم ال بالنار‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول ال‬
‫وهل يبغضه أحد ؟ قال‪ :‬يابن عباس نعم يبغضه قوم يذكرون أنهم من امتي‬
‫لم يجعل ال لهم في السلم نصيبا‪ ،‬يا ابن عباس إن من علمة بغضهم له‬
‫تفضيلهم من هو دونه عليه )‪ ،(4‬والذي بعثني بالحق )‪ (5‬ما بعث ال نبيا‬
‫أكرم عليه مني‪ ،‬ول وصيا أكرم عليه من وصيي علي‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬فلم‬
‫أزل له كما أمرني رسول ال صلى ال عليه وآله وأوصاني بمودته‪ ،‬وإنه‬
‫لكبر عملي عندي‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬ثم مضى من الزمان ما مضى‪،‬‬
‫وحضرت رسول ال صلى ال عليه واله الوفاة حضرته فقلت‪ :‬فداك أبي‬
‫وامي يا رسول ال قد دنا أجلك فما تأمرني ؟ فقال‪ :‬يا ابن عباس خالف من‬
‫خالف عليا ول‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فان جاء بوليته‪ .‬وفي الفضائل‪ :‬فمن مات على وليته وفيه‪ :‬وإن‬
‫لم يأت بوليته ل يقبل من عمله شئ‪ ،‬ثم يؤمر به إلى النار‪ .‬وفي‬
‫الروضة‪ :‬فان كان من أهل الولية قبل عمله على ما كان فيه‪ ،‬وإن لم يكن‬
‫من أهل وليته لم يسأله عن شئ حتى يأمر به إلى النار‪ ،‬وإن النار أشد‬
‫بغضا على مبغض على ممن زعم أن ل ولدا‪ (2) .‬في الفضائل‪ :‬منهم‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬على بغض علي‪ ،‬وفي الفضائل‪ :‬على بغض علي بن أبي‬
‫طالب مع ما يقع من عبادتهم في السماوات لعذبهم ال تعالى في النار‪.‬‬
‫وفي الروضة‪ :‬لو أن الملئكة والنبيين والمرسلين أجمعوا على بغض‬
‫علي عليه السلم لعذبهم ال في جهنم‪ ،‬وما كانوا ليفعلوا‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول‬
‫ال وكيف يبغضونه ؟ قال‪ :‬يابن عباس يكون قوم يذكرون أنهم من امتى‬
‫لم يجعل ال لهم في السلم نصيبا‪ ،‬ويفضلون عليه غيره‪ ،‬والذي بعثنى‬
‫بالحق نبيا‪ ،‬ل نبي أكرم على ال مني‪ ،‬ول وصى أكرم على ال من‬
‫وصيى علي ابن أبي طالب‪ .‬هذا آخر الحديث في الروضة في رواية ابن‬
‫مسعود وابن عباس‪ ،‬وذكر بعده عن ابن عباس فقط‪ (4) .‬في الفضائل‪:‬‬
‫لمن هو أدون منه عليه‪ (5) .‬في المصدر والفضائل‪ :‬بعثنى بالحق نبيا‪.‬‬
‫] ‪[ 320‬‬

‫تكونن له ظهيرا )‪ (1‬ول وليا‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول ال فلم ل تأمر الناس بترك مخالفته ؟‬
‫قال‪ :‬فبكى عليه وآله السلم حتى اغمي عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يابن عباس سبق‬
‫فيهم علم ربي‪ ،‬والذي بعثني بالحق نبيا ل يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا‬
‫وأنكر حقه حتى يغير ال تعالى ما به من نعمة‪ ،‬يابن عباس‪ ،‬إذا أردت أن‬
‫تلقى ال وهو عنك راض فاسلك طريقة علي بن أبي طالب ومل معه حيث‬
‫مال‪ ،‬وارض به إماما‪ ،‬وعاد من عاداه ووال من واله‪ ،‬يابن عباس احذر )‬
‫‪ (2‬أن يدخلك شك فيه‪ ،‬فإن الشك )‪ (3‬في علي كفر بال تعالى )‪ .(4‬فض‪،‬‬
‫يل‪ :‬بالسناد عن ابن مسعود وابن عباس مثله )‪ .(5‬بيان‪ :‬قوله صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬ولن يفعلوا‪ ،‬أي والحال أنهم ل يفعلون ذلك أبدا‪ ،‬قوله صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬وإنه لكبر عملي أي أعد وليته أكبر أعمالي‪ - 8 .‬ب‪ :‬ابن‬
‫طريف )‪ ،(6‬عن ابن علوان‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال تبارك وتعالى جعل )‪ (7‬الناس نصفين‪ ،‬فكنت‬
‫في النصف الخير‪ ،‬ثم قسم النصف الخير ثلثة فكتب في ثلث الخير‪ ،‬وما‬
‫عرق في عرق سفاح قط‪ ،‬وما عرق في إل عرق نكاح كنكاح السلم حتى‬
‫آدم )‪ .(8‬توضيح‪ :‬قوله صلى ال عليه واله‪ :‬ثم قسم النصف الخير ثلثة‪،‬‬
‫المراد بنصف الخير أصحاب اليمين‪ ،‬ولعل المراد أنه قسمه نصفين حتى‬
‫صارا مع أصحاب الشمال ثلثة كما مر‪ ،‬أو الثلثة باعتبار التسمية‬
‫بالسابقين والمقربين‪ ،‬أو قسمة السابقين إلى النبياء‪ ،‬وغيرهم‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر والفضائل‪ :‬ول تكونن لهم ظهيرا‪ (2) .‬في الفضائل‪ :‬احذر من أن‬
‫يدخلك‪ (3) .‬في الروضة‪ :‬فان اليسير من الشك فيه كفر‪ (4) .‬مجالس ابن‬
‫الشيخ‪ (5) .65 - 64 :‬فضائل شاذان بن جبرئيل‪ ،7 - 5 :‬رواه عن ابن‬
‫عباس فقط‪ ،‬الروضة‪ ،156 :‬وفيهما اختلفات لفظية ذكرت بعضها‪(6) .‬‬
‫الصحيح‪ :‬ظريف بالمعجمة‪ ،‬والرجل هو الحسن بن ظريف بن ناصح‬
‫المذكور في التراجم‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬قسم‪ .‬وفيه‪ :‬الثلث الخير‪(8) .‬‬
‫قرب السناد‪.53 :‬‬

‫] ‪[ 321‬‬

‫أو إلى اولي العزم وغيرهم‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪ :‬عرق في الرض‪ :‬ذهب‪ ،‬وأعرق‬
‫الشجر‪ :‬اشتدت عروقه في الرض‪ - 9 .‬ل‪ :‬ابن بندار‪ ،‬عن محمد بن‬
‫جمهور الحمادي‪ ،‬عن صالح بن محمد البغدادي‪ ،‬عن سعيد بن سليمان‪،‬‬
‫ومحمد بن بكار‪ ،‬وإسماعيل بن إبراهيم قالوا‪ :‬حدثنا الفرج بن فضالة‪ ،‬عن‬
‫لقمان بن عامر‪ ،‬عن أبي أمامة قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال ما كان بدؤ أمرك ؟‬
‫قال‪ :‬دعوة أبي إبراهيم‪ ،‬وبشرى عيسى بن مريم‪ ،‬ورأت امي أنه خرج‬
‫منها شئ أضاءت منه قصور الشام )‪ .(1‬بيان‪ :‬قوله‪ :‬ما كان بدؤ أمرك‪،‬‬
‫أي ابتداء ظهوره‪ ،‬ودعوة إبراهيم عليه السلم قوله‪ " :‬ربنا وابعث فيهم‬
‫رسول منهم يتلوا عليهم آياتك )‪ " (2‬وبشارة عيسى عليه السلم قوله‪" :‬‬
‫ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )‪ - 10 - ." (3‬ل‪ :‬ابن الوليد‪،‬‬
‫عن الصفار‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن الحسن بن علي ابن فضال‪،‬‬
‫عن ظريف بن ناصح‪ ،‬عن إبراهيم بن يحيى قال‪ :‬حدثني جعفر بن محمد‪،‬‬
‫عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬قسم ال‬
‫تبارك وتعالى أهل الرض قسمين‪ ،‬فجعلني في خيرهما‪ ،‬ثم قسم النصف‬
‫الخر على ثلثة‪ ،‬فكنت خير الثلثة‪ ،‬ثم اختار العرب من الناس‪ ،‬ثم اختار‬
‫قريشا من العرب‪ ،‬ثم اختار بني هاشم من قريش‪ ،‬ثم اختار بني عبد‬
‫المطلب من بني هاشم‪ ،‬ثم اختارني من بني عبد المطلب )‪ - 11 .(4‬ل‪ :‬ابن‬
‫بندار‪ ،‬عن مجاهد بن أعين‪ ،‬عن أبي بكر بن أبي العوام‪ ،‬عن بريدة )‪،(5‬‬
‫عن سليمان التميمي‪ ،‬عن سيار‪ ،‬عن أبي أمامة قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله‪ :‬فضلت بأربع‪ :‬جعلت )‪ (6‬لمتي الرض مسجدا وطهورا‪،‬‬
‫وأيما رجل من امتي أراد الصلة فلم يجد‬

‫)‪ (1‬الخصال ‪ (2) .83 :1‬البقرة‪ (3) .129 :‬الصف‪ (4) .6 :‬الخصال ‪ 19 :1‬و ‪.20‬‬
‫)‪ (5‬في المصدر في طبعيه‪ :‬عن يزيد‪ (6) .‬جعلت لى خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 322‬‬

‫ماء ووجد الرض فقد جعلت له مسجدا وطهورا‪ ،‬ونصرت بالرعب مسيرة شهر‬
‫يسير بين يدي‪ ،‬واحلت لمتي الغنائم‪ ،‬وارسلت إلى الناس كافة )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫ظاهره أن البعثة إلى الناس كافة من خصائصه صلى ال عليه واله‪ ،‬وهو‬
‫مخالف لما هو المشهور من أن بعض اولي العزم أيضا كانوا كذلك‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يحمل على أن المراد إرساله إلى كل من في زمانه ومن يأتي بعده من‬
‫غير نسخ لشريعته‪ ،‬على أن التفضيل بتلك المور ل ينافي شركة غيره‬
‫معه فيها وال يعلم‪ - 12 .‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن عبد ال بن هارون )‪ ،(2‬عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي‪،‬‬
‫عن المعلى بن هلل‪ ،‬عن الكلبي‪ ،‬عن أبي صالح‪ ،‬عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫سمعت رسول ال صلى ال عليه واله يقول‪ :‬أعطاني ال خمسا‪ ،‬وأعطى‬
‫عليا خمسا‪ :‬أعطاني جوامع الكلم‪ ،‬وأعطى عليا جوامع العلم‪ ،‬وجعلني نبيا‪،‬‬
‫وجعل عليا وصيا‪ ،‬وأعطاني الكوثر‪ ،‬وأعطي عليا السلسبيل‪ ،‬وأعطاني‬
‫الوحي‪ ،‬وأعطى عليا اللهام‪ ،‬وأسرى بي إليه‪ ،‬وفتحت له أبواب السماء‬
‫حتى رأى ما رأيت‪ ،‬ونظر إلى ما نظرت إليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا ابن عباس خالف )‬
‫‪ (3‬من خالف عليا ول تكونن له ظهيرا ول وليا‪ ،‬فوالذي بعثني بالحق ما‬
‫يخالفه أحد إل غير ال ما به من نعمة‪ ،‬وشوه )‪ (4‬خلقه قبل إدخاله النار‪،‬‬
‫يا ابن عباس ل تشك في علي فإن الشك فيه كفر )‪ (5‬يخرج عن اليمان‪،‬‬
‫ويوجب الخلود في النار )‪ .(6‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن عبد ال بن موسى بن‬
‫هارون المفتي‪ ،‬عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي إلى قوله‪ :‬إلى ما‬
‫نظرت إليه )‪ ،(7‬ثم قال‪ :‬والحديث طويل )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ‪ (2) .94 :1‬هو عبد ال بن موسى بن هارون التى بعد ذلك‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬يا بن عباس من خالف عليا فل تكونن ظهيرا له ول وليا‪(4) .‬‬
‫أي قبح خلقه‪ (5) .‬المصدر خال عن كلمة‪ :‬كفر‪ (6) .‬أمالي ابن الشيخ‪:‬‬
‫‪ (7) .118‬في الخصال‪ :‬وفتح له أبواب السماوات‪ ،‬والحجب حتى نظر‬
‫إلى ما نظرت إليه‪ (8) .‬الخصال ‪ ،141 :1‬ثم قال‪ :‬أخذنا موضع الحاجة‪،‬‬
‫وقد أخرجته بتمامه في كتاب المعراج‪.‬‬

‫] ‪[ 323‬‬

‫‪ - 13‬ل‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أبي عبد ال الرازي‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي عثمان‪ ،‬عن موسى بن بكر‪ ،‬عن أبي الحسن الول عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إن ال تبارك وتعالى اختار من النبياء‬
‫أربعة للسيف‪ :‬إبراهيم‪ ،‬وداود‪ ،‬وموسى‪ ،‬وأنا الخبر )‪ - 14 .(1‬ل‪ :‬ابن‬
‫الوليد‪ ،‬عن الصفار وسعد معا‪ ،‬عن ابن عيسى والبرقي معا‪ ،‬عن محمد‬
‫البرقي‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن أبي الجارود‪ .‬عن سعيد بن جبير‪ :‬عن‬
‫ابن عباس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬اعطيت خمسا لم‬
‫يعطها أحد قبلي‪ :‬جعلت لي الرض مسجدا وطهورا‪ ،‬و نصرت بالرعب‪،‬‬
‫واحل لي المغنم‪ ،‬واعطيت جوامع الكلم‪ ،‬واعطيت الشفاعة )‪ - 15 .(2‬ما‪:‬‬
‫المفيد‪ ،‬عن عمر بن محمد الزيات‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫منصور الرقادي )‪ ،(3‬عن محمد بن مصعب‪ ،‬عن الوزاعي‪ ،‬عن شداد أبي‬
‫عمار‪ ،‬عن واثلة بن الصقع )‪ (4‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫إن ال اصطفى إسماعيل من ولد إبراهيم‪ ،‬واصطفى كنانة من بني‬
‫إسماعيل‪ ،‬واصطفى قريشا من بني كنانة‪ ،‬واصطفى هاشما من قريش‪،‬‬
‫واصطفاني من هاشم )‪ - 16 .(5‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن محمد‬
‫بن محمد بن سليمان‪ ،‬عن عبد السلم بن عبد الحميد إمام حران‪ ،‬عن‬
‫موسى بن أعين‪ ،‬قال أبو المفضل‪ :‬وحدثني نصر بن الجهم )‪ ،(6‬عن محمد‬
‫* )هامش( )‪ (1‬الخصال ‪ ،107 :1‬وللحديث صدر وذيل ترك المصنف‬
‫ذكرهما هنا لعدم الحاجة إليهما )‪ (2‬الخصال ‪ 140 :1‬و ‪ (3) .141‬هكذا‬
‫في نسخة المصنف‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬الرمادي وهو الصحيح‪ ،‬قال ابن حجر‬
‫في التقريب‪ :16 :‬أحمد بن منصور بن سيار البغدادي الرمادي ابو بكر ثقة‬
‫حافظ‪ ،‬طعن فيه أبو داود لمذهبه في الوقف في القرآن‪ ،‬من الحادية عشرة‪،‬‬
‫مات سنة خمس وستين )أي بعد المأتين( وله ثلث و ثمانون‪ (4) .‬هكذا‬
‫في نسخة المصنف‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬واصلة بن الصقع‪ ،‬وفي كل منهما وهم‬
‫و الصحيح‪ ،‬واثلة بن السقع بالسين المهملة على ما في التقريب وأسد‬
‫الغابة وغيرهما‪ ،‬وقد صرح الفيروزآبادي أيضا بذلك في القاموس في‬
‫السقع‪ (5) .‬أمالي ابن الشيخ‪ (6) .154 :‬في المصدر‪ :‬أبو القاسم المفيد‬
‫بأردبيل‪.‬‬

‫] ‪[ 324‬‬

‫ابن مسلم بن وارة )‪ (1‬عن محمد بن مسلم بن أعين )‪ ،(2‬عن أبيه‪ ،‬عن عطاء بن‬
‫السائب‪ ،‬عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن‬
‫علي بن أبي طالب صلوات ال عليهم أجمعين عن النبي صلى ال عليه‬
‫واله قال‪ :‬اعطيت خمسا لم يعطهن نبي كان قبلي‪ :‬ارسلت إلى البيض‬
‫والسود والحمر‪ ،‬وجعلت لي الرض )‪ (3‬مسجدا‪ ،‬ونصرت بالرعب‪،‬‬
‫واحلت لي الغنائم ولم تحل لحد ‪ -‬أو قال‪ :‬لنبي قبلي‪ ،‬واعطيت جوامع‬
‫الكلم‪ ،‬قال عطا‪ :‬فسألت أبا جعفر عليه السلم قلت‪ :‬ما جوامع الكلم ؟ قال‪:‬‬
‫القرآن‪ ،‬قال أبو المفضل‪ :‬هذا حديث حران ولم يحدث به في هذا الطريق إل‬
‫موسى بن جعفر )‪ (4‬الحراني )‪ .(5‬أقول‪ :‬البواب مشحونة بأخبار فضائله‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬وقد مر خبر جابر في باب أسمائه صلى ال عليه وآله‬
‫في ذلك‪ - 17 .‬ما‪ :‬ابن بسران )‪ ،(6‬عن إسماعيل بن محمد الصفار‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن عرفة‪ ،‬عن هاشم بن القاسم‪ ،‬عن سليمان بن المغيرة‪ ،‬عن ثابت‬
‫البناني‪ ،‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬آتي‬
‫يوم القيامة باب الجنة فأستفتح‪ ،‬فيقول الخازن‪ :‬من أنت ؟‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬محمد بن مسلم بن زوارة‪ ،‬وفيه وهم‪ ،‬والصحيح ما في الصلب‪.‬‬
‫والرجل هو محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد ال الرازي المعروف بابن‬
‫وارة بفتح الراء المخففة‪ (2) .‬هكذا في نسخة المصنف‪ ،‬وفي المصدر‪:‬‬
‫محمد بن موسى بن اعين‪ ،‬وهو الصحيح وهو محمد بن موسى بن أعين‬
‫الجزري أبويحيى الحراني‪ ،‬صرح ابن حجر في تهذيب التهذيب ‪479 :9‬‬
‫أنه يروى عن أبيه‪ ،‬وفي ابن وارة المذكور في ‪ 451‬أنه يروي عن محمد‬
‫بن موسى بن أعين الجزري‪ .‬وسيأتي في ذيل الخبر ما يؤيد أيضا ذلك‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬طهورا ومسجدا‪ (4) .‬هكذا في النسخة‪ ،‬والصحيح كما‬
‫في المصدر‪ :‬موسى بن أعين الحراني‪ (5) .‬أمالي ابن الشيخ‪(6) .309 :‬‬
‫هكذا في النسخة‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬ابن بشران ولعله الصحيح‪ ،‬وسماه‬
‫الطوسي في المالي‪ :251 :‬أبا الحسن بن علي بن محمد بن عبد ال بن‬
‫بشران المعدل‪ .‬أقول‪ :‬ولعل كلمة )ابن( قبل على زيادة من النساخ‪.‬‬

‫] ‪[ 325‬‬

‫فأقول‪ :‬أنا محمد‪ ،‬فيقول‪ :‬بك امرت أن ل أفتح لحد قبلك )‪ - 18 .(1‬شى‪ :‬عن‬
‫زرارة وحمران‪ ،‬عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليه السلم قال‪ " :‬إني‬
‫أوحيت إليك كما أوحيت إلى نوح والنبيين من بعده " فجمع له كل وحي‪.‬‬
‫بيان‪ :‬في القرآن‪ " :‬إنا أوحينا إليك كما أوحينا )‪ " (2‬ولعل في قرائتهم‬
‫عليهم السلم كان هكذا‪ ،‬أو نقل للية بالمعنى )‪ ،(3‬والغرض أن المراد‬
‫بالتشبيه التشبيه الكامل‪ ،‬فكل ما اوحي إليهم أوحي إليه صلى ال عليه‬
‫واله‪ - 19 .‬جا‪ :‬المراغي‪ ،‬عن عبد الكريم بن محمد‪ ،‬عن عثمان بن أبي‬
‫شيبة‪ ،‬عن مصعب‪ ،‬عن الوزاعي‪ ،‬عن شداد أبي عمار )‪ ،(4‬عن واثلة‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إن ال اصطفى من ولد إبراهيم‬
‫إسماعيل‪ ،‬واصطفى من إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشا‪،‬‬
‫واصطفى من قريش بني هاشم‪ ،‬واصطفاني من بني هاشم )‪ - 20 .(5‬ن‪:‬‬
‫بالسناد )‪ (6‬إلى دارم‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه‬
‫واله قال‪ :‬أنا خاتم النبيين‪ ،‬وعلي خاتم الوصيين )‪ - 21 .(7‬ن‪ :‬بالسانيد‬
‫الثلثة )‪ (8‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬أنا سيد ولد آدم ول فخر )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬أمالي ابن الشيخ‪ (2) .252 :‬النساء‪ (3) .162 :‬أو وقع التصحيف من نساخ‬
‫تفسير العياشي‪ ،‬ولعله أنسب لنا رأينا أن أبا جعفر عليه السلم قرء على‬
‫ما هو الموجود في المصحف الشريف في رواية اخرى وأيضا لو كانت‬
‫له قراءة غير ما هو المشهور لنقلت لنا‪ (4) .‬المراغي هو أبو الحسن‬
‫علي بن خالد المراغي‪ ،‬وعبد الكريم وصفه في المصدر بالجبلي‪،‬‬
‫ومصعب وصفه بالقرقستاني‪ ،‬وشداد هو ابن عبد ال القرشي ابو عمار‬
‫الدمشقي‪ (5) .‬مجالس المفيد‪ ،126 :‬وفيه سقط‪ (6) .‬اسناد دارم مذكور‬
‫في الفصل الرابع من المقدمة‪ .‬راجع ج ‪ (7) .52 :1‬عيون أخبار الرضا‪:‬‬
‫‪ (8) .23‬السانيد الثلثة مذكورة بتفصيلها في الفصل الرابع من المقدمة‪.‬‬
‫راجع ج ‪ (9) .51 :1‬عيون أخبار الرضا‪.202 :‬‬

‫] ‪[ 326‬‬

‫‪ - 22‬ما‪ :‬أبو عمرو عبد الواحد بن محمد بن مهدي‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫جعفر بن مدرار‪ ،‬عن عمه طاهر‪ ،‬عن الحسن بن عمار‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫مرة‪ ،‬عن عبد ال بن الحارث‪ ،‬عن علي عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ول فخر‪ ،‬وأنا أول من‬
‫تنشق الرض عنه ول فخر‪ ،‬وأنا أول شافع وأول مشفع )‪ - 23 .(1‬شى‪:‬‬
‫عن منصور بن حازم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لم يزل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله يقول‪ " :‬إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم )‬
‫‪ " (2‬حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلم )‪ .(3‬بيان‪ :‬إنما لم يعد‬
‫صلى ال عليه واله إلى هذا القول لقوله تعالى‪ " :‬ليغفر لك ال ما تقدم من‬
‫ذنبك وما تأخر "‪ - 24 .‬ل‪ :‬إسماعيل بن منصور القصار‪ ،‬عن محمد بن‬
‫القاسم بن محمد بن عبد ال العلوي )‪ ،(4‬عن سليمان بن عبد ال‬
‫الدمشقي‪ ،‬عن أحمد بن أبان‪ ،‬عن عبد العزيز بن محمد‪ ،‬عن موسى )‪(5‬‬
‫ابن عبيدة‪ ،‬عن عبد ال بن دينار‪ ،‬عن ام هاني بنت أبي طالب قالت‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬أظهر ال تبارك وتعالى السلم على يدي‪،‬‬
‫وأنزل الفرقان علي‪ ،‬وفتح الكعبة على يدي‪ ،‬وفضلني على جميع خلقه‪،‬‬
‫وجعلني في الدنيا سيد ولد آدم‪ ،‬وفي الخرة‪ ،‬زين القيامة‪ ،‬و حرم دخول‬
‫الجنة على النبياء حتى أدخلها أنا‪ ،‬وحرمها على اممهم حتى تدخلها‬
‫امتي‪ ،‬وجعل الخلفة في أهل بيتي من بعدي إلى النفخ في الصور‪ ،‬فمن‬
‫كفر بما أقول فقد كفر بال العظيم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬أمالي ابن الشيخ‪ (2) .170 :‬النعام‪ (3) .15 :‬أخرجه البحراني أيضا في‬
‫تفسير البرهان ‪ .195 :4‬وأخرج أيضا حديث زرارة وحمران في ج ‪:1‬‬
‫‪ (4) .427‬في المصدر‪ :‬عبد ال بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن‬
‫الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلم‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ابن موسى‬
‫بن عبيدة‪ ،‬وهو مصحف‪ ،‬والرجل هو موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي‬
‫أبو العزيز المدني‪ ،‬ضعفه ابن حجر في التقريب‪ 513 :‬ل سيما في عبد‬
‫ال بن دينار‪ ،‬توفي في ‪ .153‬أقول‪ :‬في تضعيفه نظر‪ (6) .‬الخصال ‪:2‬‬
‫‪.42‬‬

‫] ‪[ 327‬‬

‫‪ - 25‬ج‪ :‬عن ابن عباس قال‪ :‬خرج من المدينة أربعون رجل من اليهود‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫انطلقوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه في وجهه ونكذبه‪ ،‬فإنه‬
‫يقول‪ :‬أنا رسول ال رب العالمين )‪ ،(1‬فكيف يكون رسول وآدم خير منه‪،‬‬
‫ونوح خير منه ؟ وذكروا النبياء عليهم السلم‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه‬
‫واله لعبدال بن سلم‪ :‬التوراة بيني وبينكم‪ ،‬فرضيت اليهود بالتوراة‪،‬‬
‫فقالت اليهود‪ :‬آدم خير منك لن ال تعالى خلقه بيده ونفخ فيه من روحه‪،‬‬
‫فقال النبي صلى ال عليه واله آدم النبي أبي‪ ،‬وقد اعطيت أنا أفضل مما‬
‫اعطي آدم‪ ،‬فقالت اليهود‪ :‬وما ذاك ؟ قال‪ :‬إن المنادي ينادي كل يوم خمس‬
‫مرات‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأشهد أن محمدا رسول ال )‪ ،(2‬ولم يقل‬
‫آدم رسول ال‪ ،‬ولواء الحمد بيدي يوم القيامة‪ ،‬وليس بيد آدم‪ ،‬فقالت‬
‫اليهود‪ :‬صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة‪ ،‬قال‪ :‬هذه واحدة‪ ،‬قالت‬
‫اليهود‪ :‬موسى خير منك‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه واله ولم ؟ قالوا‪ :‬لن‬
‫ال عزوجل كلمه بأربعة آلف كلمة‪ ،‬ولم يكلمك بشئ‪ ،‬فقال النبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬لقد اعطيت أنا أفضل من ذلك‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ذاك ؟ قال‪ :‬قوله‬
‫عزوجل‪ " :‬سبحان الذي أسرى بعبده ليل من المسجد الحرام إلى المسجد‬
‫القصى الذي باركنا حوله )‪ " (3‬وحملت على جناح جبرئيل عليه السلم‬
‫حتى انتهيت إلى السماء السابعة فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنة‬
‫المأوى‪ ،‬حتى تعلقت بساق العرش‪ ،‬فنوديت من ساق العرش‪ " :‬إني أنا‬
‫ال ل إله إل أنا‪ ،‬السلم المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرؤوف‬
‫الرحيم " ورأيته بقلبي‪ ،‬وما رأيته بعيني‪ ،‬فهذا أفضل من ذلك‪ ،‬فقالت‬
‫اليهود‪ :‬صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬هذا إثنان‪ ،‬قالوا‪ :‬نوح خير منك )‪ ،(4‬قال النبي صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬ولم ذلك ؟ قالوا‪ :‬لنه ركب في السفينة )‪ (5‬فجرت على الجودي‪ ،‬قال‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ :‬لقد اعطيت أنا أفضل من ذلك‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ذاك ؟‬
‫قال‪ :‬إن ال عزوجل أعطاني‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬رسول رب العالمين‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وأن محمدا رسول ال‪) .‬‬
‫‪ (3‬السراء‪ (4) .1 :‬في المصدر‪ :‬هذه اثنتان‪ ،‬قالوا‪ :‬نوح أفضل منك‪) .‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬ركب السفينة‪.‬‬

‫] ‪[ 328‬‬

‫نهرا في السماء مجراه من تحت العرش‪ ،‬وعليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب‪،‬‬
‫ولبنة من فضة‪ ،‬حشيشها الزعفران‪ ،‬ورضراضها )‪ (1‬الدر والياقوت‪،‬‬
‫وأرضها المسك البيض‪ ،‬فذاك خير لي ولمتي‪ ،‬وذلك قوله تعالى‪ " :‬إنا‬
‫أعطيناك الكوثر )‪ " (2‬قالوا‪ :‬صدقت يا محمد‪ ،‬وهو مكتوب في التوراة‪،‬‬
‫هذا خير من ذاك‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬هذه ثلثة‪ ،‬قالوا‪ :‬إبراهيم‬
‫خير منك‪ ،‬قال‪ :‬ولم ذاك ؟ قالوا‪ :‬لن ال اتخذه خليل‪ ،‬قال النبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬إن كان إبراهيم خليله فأنا حبيبه محمد‪ ،‬قالوا‪ :‬ولم سميت‬
‫محمدا ؟ قال‪ :‬سماني ال محمدا‪ ،‬وشق اسمي من اسمه‪ ،‬هو المحمود وأنا‬
‫محمد‪ ،‬وامتي الحامدون )‪ ،(3‬قالت اليهود‪ :‬صدقت يا محمد هذا خير من‬
‫ذاك‪ ،‬قال صلى ال عليه واله‪ :‬هذه أربعة‪ ،‬قالت اليهود‪ :‬عيسى خير منك‪،‬‬
‫قال صلى ال عليه واله‪ :‬ولم ذاك ؟ قالوا‪ :‬لن عيسى بن مريم عليه السلم‬
‫كان ذات يوم بعقبة بيت المقدس فجاءته الشياطين ليحملوه‪ ،‬فأمر ال‬
‫عزوجل جبرئيل أن اضرب بجناحك اليمن وجوه الشياطين‪ ،‬وألقاهم في‬
‫النار‪ ،‬فضرب بأجنحته وجوههم وألقاهم في النار‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬أنا اعطيت أفضل من ذلك‪ ،‬قالوا‪ :‬وما هو ؟ قال‪ :‬أقبلت يوم بدر من‬
‫قتال المشركين وأنا جائع شديد الجوع‪ ،‬فلما وردت المدينة استقبلتني‬
‫امرأة يهودية وعلى رأسها جفنة‪ ،‬وفي الجفنة جدي مشوي‪ ،‬وفي كمها‬
‫شئ من سكر‪ ،‬فقالت‪ :‬الحمد ل الذي منحك السلمة‪ ،‬وأعطاك النصر‬
‫والظفر على العداء‪ ،‬وإني قد كنت نذرت ل نذرا إن أقبلت سالما غانما‬
‫من غزاة بدر لذبحن هذا الجدي و لشوينه ولحملنه إليك لتأكله‪ ،‬قال‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ :‬فنزلت عن بغلتي الشهباء فضربت بيدي إلى‬
‫الجدي لكله فاستنطق ال الجدي‪ ،‬فاستوى على أربع قوائم‪ ،‬وقال‪ :‬يا‬
‫محمد ل تأكلني فإني مسموم‪ ،‬قالوا‪ :‬صدقت يا محمد هذا خير من ذاك‪ ،‬قال‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ :‬هذه خمسة‪ ،‬قالوا‪ :‬بقيت واحدة‪ ،‬ثم نقوم من‬
‫عندك‪ ،‬قال‪ :‬هاتوا‪ ،‬قالوا‪ :‬سليمان خير منك قال‪ :‬ولم ذاك ؟ قالوا‪ :‬لن ال‬
‫عزوجل سخر له الشياطين والنس والجن )‪ (4‬والرياح‬

‫)‪ (1‬الرضراض‪ :‬ما صغر ودق من الحصى‪ (2) .‬الكوثر‪ (3) .1 :‬وامتى الحامدون‬
‫على كل حال‪ (4) .‬زاد في المصدر‪ :‬والطير‪.‬‬

‫] ‪[ 329‬‬

‫والسباع‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬فقد سخر ال لي البراق‪ ،‬وهو خير من‬
‫الدنيا بحذافيرها‪ ،‬وهي دابة من دواب الجنة‪ ،‬وجهها مثل وجه آدمي‪،‬‬
‫وحوافرها مثل حوافر الخيل‪ ،‬وذنبها مثل ذنب البقر‪ ،‬فوق الحمار ودون‬
‫البغل‪ ،‬سرجه من ياقوتة حمراء‪ ،‬وركابه من درة بيضاء‪ ،‬مزمومة بسبعين‬
‫ألف زمام )‪ (1‬من ذهب‪ ،‬عليه جناحان مكللن بالدر والياقوت والزبرجد‪،‬‬
‫مكتوب بين عينيه إل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬محمد رسول ال‪ ،‬قالت‬
‫اليهود‪ :‬صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة‪ ،‬هذا خير من ذاك يا‬
‫محمد‪ ،‬نشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأنك رسول ال‪ ،‬قال لهم رسول ال‪ :‬لقد‬
‫أقام نوح في قومه ودعاهم ألف سنة إل خمسين عاما‪ ،‬ثم وصفهم ال‬
‫فقللهم فقال‪ " :‬وما آمن معه إل قليل " ولقد تبعني في سني القليلة )‪ (2‬ما‬
‫لم يتبع نوحا في طول عمره وكبر سنه‪ ،‬وإن في الجنة عشرين ومأة ألف‬
‫صف‪ ،‬امتي منها ثمانون صفا )‪ ،(3‬وإن ال عزوجل جعل كتابي المهيمن‬
‫على كتبهم‪ ،‬الناسخ لهم‪ ،‬ولقد جئت بتحليل ما حرموا‪ ،‬وبتحريم بعض ما‬
‫حللوا )‪ (4‬من ذلك‪ ،‬إن موسى جاء بتحريم صيد الحيتان يوم السبت حتى‬
‫أن ال قال‪ :‬لمن اعتدى منهم )‪ " :(5‬كونوا قردة خاسئين )‪ " (6‬فكانوا‪،‬‬
‫ولقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها حلل‪ ،‬قال ال عزوجل‪ " :‬احل‬
‫لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم )‪ " (7‬وجئت بتحليل الشحوم كلها وكنتم‬
‫ل تأكلونها‪ ،‬ثم إن ال عزوجل صلى على في كتابه قال ال‪ " :‬إن ال‬
‫وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما‬
‫)‪ " (8‬ثم وصفني ال تعالى بالرأفة والرحمة‪ ،‬وذكر‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬بألف زمام‪ (2) .‬في المصدر وكتاب الحتجاجات‪ :‬ولقد تبعني في‬
‫سنى القليلة وعمري اليسير‪ (3) .‬الف صف خ ل صح‪ ،‬اقول‪ :‬في‬
‫المصدر‪ " :‬وإن في الجنة عشرين ومائة صف‪ ،‬امتى منها ثمانون صفا‬
‫" وهو الصحيح كما تقدم في الحتجاجات‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ما أحلوا‪) .‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬حتى أن ال تعالى قال لمن اعدى منهم في صيدها يوم‬
‫السبت كونوا قردة خاسئين‪ (6) .‬البقرة‪ (7) .65 :‬المائدة‪(8) .96 :‬‬
‫الحزاب‪.56 :‬‬

‫] ‪[ 330‬‬

‫في كتابه‪ " :‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم‬
‫بالمؤمنين رؤوف رحيم )‪ " (1‬فأنز ال )‪ (2‬عزوجل أن ل يكلموني حتى‬
‫يتصدقوا بصدقة‪ ،‬وما كان ذلك لنبي قط‪ ،‬قال ال عز وجل‪ " :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة )‪ " (3‬ثم وضعها‬
‫عنهم بعد أن فرضها عليهم برحمته )‪ - 26 .(4‬سن‪ :‬أبو إسحاق الثقفي‪،‬‬
‫عن محمد بن مروان‪ ،‬عن أبان بن عثمان‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى أعطى محمدا شرائع نوح وإبراهيم‬
‫وموسى وعيسى عليهم السلم‪ :‬التوحيد والخلص وخلع النداد والفطرة‬
‫الحنيفية )‪ (5‬السمحة‪ ،‬ل رهبانية ول سياحة )‪ ،(6‬احل فيها الطيبات‪،‬‬
‫وحرم فيها الخبيثات‪ ،‬ووضع عنهم‬

‫)‪ (1‬التوبة‪ (2) .128 :‬في المصدر‪ :‬وأنزل ال‪ (3) .‬المجادلة‪ (4) .12 :‬الحتجاج‪:‬‬
‫‪ 28‬و ‪ ،29‬وفيه‪ :‬بعد أن افترضها عليهم برحمته ومنته‪ ،‬وأخرجه‬
‫المصنف‪ ،‬أيضا في كتاب الحتجاجات‪ .‬راجع ‪ .292 - 298 :9‬وذكر هنا‬
‫وجها لذكر عيسى عليه السلم و أكل الجدى‪ (5) .‬والحنفية خ ل‪ ،‬وهو‬
‫الموجود في المصدر‪ .‬والسمحة‪ :‬السهلة‪ (6) .‬قد كانت الرهبانية وهي‬
‫العتزال عن الناس إلى دير أو كهف أو مغارة للتعبد والسياحة في‬
‫المصار وهي التعطل عن المشاغل وعدم الدخول فيما يهم المجتمع من‬
‫الصناعات والتجارات ما شاعت في النصارى‪ ،‬وكانت بدعة ابتدعوها في‬
‫دين المسيح عليه السلم ولم تكن في دينه‪ ،‬ثم انتشرت منهم في البلد‬
‫والمذاهب حتى جاء السلم‪ ،‬فرأى أنها جريمة تضر بالمجتمع‪ ،‬وتهدم‬
‫أساس الحضارة‪ ،‬وتبطل حقوق النسانية‪ ،‬ونواميس البشرية مع أن ال‬
‫تعالى وضع الديان حفظا لنواميس الجتماع‪ ،‬وابقاء للنوع النساني‪،‬‬
‫فهدم صلى ال عليه وآله أساس الرهبنة‪ ،‬وانقض اركانه فقال‪ " :‬ل‬
‫رهبانية ول سياحة " ووضع أساس الدين على ما يصلح به الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬و شرع قوانين يفوز عامله في الدارين جميعا‪ ،‬فلم يكن حثه‬
‫على الصلة مثل بأكثر من حثه على التجارة والزراعة والنكاح‪ ،‬ولم يكن‬
‫نظره إلى ما يصلح به الدنيا أقصر من نظره إلى ما يصلح الخرة به‪،‬‬
‫وكان يصف نفسه بذى العينين إيعازا إلى ذلك‪ ،‬هذا ما جاء به نبي السلم‬
‫نبى الرحمة والحكمة‪ ،‬وأما المسلمون فلم نعلم كيفما غفلوا عن هذا‬
‫النواميس السلمية وقوانينها وتعليم نبيهم فكيف أثر فيهم ما كان نبيهم‬
‫يحذرهم عنه ؟ كيف أثر فيهم تعاليم الرهبنة ؟ ومن أين اعدوا من هذا‬
‫الداء المزمن والسم الناقع ؟ فأصبحوا مستضعفين في الرض‪ ،‬مقهورين‬
‫في أيدي من كانوا يسودون عليهم في المس‪ ،‬سبحانك اللهم ما جزيتنا‬
‫إل بسوء أعمالنا وبرفضنا تعاليم نبيك‪ ،‬نسيناك فأنسيتنا أنفسنا‪ ،‬و ما‬
‫تجازى إل الكفور‪.‬‬

‫] ‪[ 331‬‬

‫إصرهم والغلل التي كانت عليهم‪ ،‬فعرف فضله بذلك‪ ،‬ثم افترض عليه فيها‬
‫الصلة و الزكاة والصيام والحج والمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪،‬‬
‫والحلل والحرام‪ ،‬و المواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل ال‬
‫وزاده الوضوء‪ ،‬وفضله بفاتحة الكتاب‪ ،‬وبخواتيم سورة البقرة والمفصل )‬
‫‪ ،(1‬وأحل له المغنم والفئ‪ ،‬ونصره بالرعب‪ ،‬وجعل له الرض مسجدا‬
‫وطهورا‪ ،‬وأرسله كافة إلى البيض والسود‪ ،‬والجن والنس‪ ،‬وأعطاه‬
‫الجزية‪ ،‬وأسر المشركين وفداهم‪ ،‬ثم كلف ما لم يكلف أحد )‪ (2‬من‬
‫النبياء‪ ،‬أنزل عليه سيفا من السماء في غير غمد‪ ،‬وقيل له‪ " :‬قاتل )‪(3‬‬
‫في سبيل ال ل تكلف إل نفسك )‪ ." (4‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن البزنطي‪،‬‬
‫والعدة عن البرقي‪ ،‬عن إبراهيم بن محمد الثقفي‪ ،‬عن محمد بن مروان‬
‫جميعا‪ ،‬عن أبان بن عثمان مثله )‪ .(5‬بيان‪ :‬الظاهر أن المراد بالشرائع‬
‫اصول الدين‪ ،‬وقوله‪ :‬التوحيد والخلص و خلع النداد بيان لها‪ ،‬والفطرة‬
‫الحنيفية معطوف على الشرائع‪ ،‬وإنما خص عليه السلم ما به الشتراك‬
‫بهذه الثلثة مع اشتراك كثير من العبادات بينه صلى ال عليه وآله وبينهم‬
‫لختلف الكيفيات فيها دون هذه الثلثة‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد بها‬
‫الصول واصول الفروع المشتركة‪ ،‬وإن اختلف في الخصوصيات‬
‫والكيفيات‪ ،‬وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قوله عليه السلم‪ :‬وزاده‬
‫بيانا للشرائع‪ ،‬ويشكل بالرهبانية والسياحة إذ المشهور أن‬
‫)‪ (1‬قال الطريحي في مجمع البحرين‪ :‬في الحديث فصلت بالمفصل‪ ،‬قيل‪ :‬سمى به‬
‫لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور‪ ،‬وقيل‪ :‬لقصر سوره‪،‬‬
‫واختلف في اوله‪ ،‬فقيل‪ :‬من سورة ق‪ ،‬وقيل‪ :‬من سورة محمد‪ ،‬وقيل‪ :‬من‬
‫سورة الفتح‪ ،‬وعن النووي مفصل القرآن من محمد‪ ،‬و قصاره من‬
‫الضحى إلى آخره‪ ،‬ومطولته إلى عم‪ ،‬ومتوسطاته إلى الضحى‪ ،‬وفي‬
‫الخبر‪ :‬المفصل ثمان وستون سورة‪ (2) .‬أحدا خ ل أقول‪ :‬وفي المصدر‪:‬‬
‫ثم كلفه ما لم يكلف احدا من النبياء‪ (3) .‬النساء‪ ،84 :‬فيه‪ :‬فقاتل‪(4) .‬‬
‫المحاسن‪ 287 :‬و ‪ (5) .288‬الصول ‪.17 :2‬‬

‫] ‪[ 332‬‬

‫عدمهما من خصائصه صلى ال عليه وآله‪ ،‬إل أن يقال‪ :‬المراد عدم الوجوب‪ ،‬وهو‬
‫مشترك‪ ،‬أو يقال‪ :‬إنهما لم يكونا في شريعة عيسى عليه السلم أيضا‪ ،‬بل‬
‫كانتا من مبتدعات امته‪ ،‬كما يؤمي إليه قوله تعالى‪ " :‬ورهبانية ابتدعوها‬
‫ما كتبناها عليهم )‪ " (1‬أو يقال‪ :‬ذكر هذا من خصائصه صلى ال عليه‬
‫واله بين الكلم لبيان الفرق‪ ،‬وأما الجهاد فيمكن أن يكون واجبا على‬
‫عيسى عليه السلم بشرط لم يتحقق‪ ،‬فلذا لم يجاهد‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬وإن‬
‫كان قوله‪ :‬وزاده وفضله بالخير أوفق‪ ،‬والصر بالكسر‪ :‬الذنب‪ ،‬والثقل‪،‬‬
‫والمراد بالصر والغلل التكاليف الشاقة التي كانت على المم السالفة‪،‬‬
‫وخواتيم سورة البقرة من قوله تعالى‪ " :‬آمن الرسول )‪ " (2‬إلى آخر‬
‫السورة‪ ،‬والمفصل من سورة محمد إلى آخر القرآن‪ - 27 .‬قب‪ :‬فارق نبينا‬
‫صلى ال عليه واله جماعة النبيين بمأة وخمسين خصلة‪ ،‬منها في باب‬
‫النبوة‪ ،‬قوله‪ " :‬وخاتم النبيين " )‪ (3‬وقوله‪ " :‬اعطيت جوامع الكلم "‬
‫وقوله‪ " :‬ارسلت إلى الخلق كافة " وبقاء دولته‪ " :‬ليظهره على الدين‬
‫كله )‪ " (4‬والعجز عن التيان بمثل كتابه‪ " :‬قل لئن اجتمعت النس والجن‬
‫)‪ " (5‬وكان ممنوعا من الشعر وروايته‪ " :‬وما علمناه الشعر )‪" (6‬‬
‫وتسهيل شريعته‪ " :‬ما جعل عليكم في الدين من حرج )‪ " (7‬وإضعاف‬
‫ثواب الطاعة‪ " :‬من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها )‪ " (8‬ورفع العذاب‪:‬‬
‫" وما كان ال ليعذبهم وأنت فيهم )‪ " (9‬وفرض محبة أهل بيته‪ " :‬قل ل‬
‫أسئلكم عليه أجرا )‪ " (10‬وفي باب امته‪ " :‬كنتم خير امة )‪ * (11‬هو‬
‫سماكم المسلمين )‪ * (12‬إنما المؤمنون )‪ * (13‬الذين اصطفينا من عبادنا‬
‫)‪ * (14‬هو اجتباكم ال )‪ * (15‬ولي الذين آمنوا )‪ * (16‬هو الذي يصلي‬
‫عليكم )‪* (17‬‬

‫)‪ (1‬الحديد‪ (2) .27 :‬البقرة‪ 285 :‬و ‪ (3) .286‬الحزاب‪ (4) .40 :‬التوبة‪.34 :‬‬
‫والفتح‪ .28 :‬والصف‪ (5) .9 :‬السراء‪ (6) .88 :‬يس‪ (7) .69 :‬الحج‪:‬‬
‫‪ (8) .78‬النعام‪ (9) .160 :‬النفال‪ (10) .34 :‬الشورى‪ (11) .23 :‬آل‬
‫عمران‪ (12) .110 :‬الحج‪ (13) .78 :‬النفال‪ .2 :‬والنور‪(14) .62 :‬‬
‫فاطر‪ (15) .32 :‬الحج‪ (16) .78 :‬البقرة‪ (17) .255 :‬الحزاب‪.43 :‬‬

‫] ‪[ 333‬‬

‫ويستغفرون للذين آمنوا )‪ " (1‬يعني الملئكة‪ ،‬وإفشاء السلم " وإذا جاءك الذين‬
‫يؤمنون بآياتنا )‪ " (2‬وفي باب الطهارة كمال الوضوء‪ ،‬والتيمم‪،‬‬
‫والستنجاء بالحجارة‪ ،‬وإن الماء مزيل للنجاسات‪ ،‬وأن ل يؤثر النجاسة‬
‫في الماء الكثير‪ ،‬وقوله‪ :‬جعلت لي الرض مسجدا وترابها طهورا‪ ،‬وكان‬
‫ينام ثم يصلي ويقول‪ " :‬تنام عيني ول تنام قلبي " ويقال‪ :‬فرض عليه‬
‫السواك‪ ،‬وهو قد سنه لنا‪ .‬وفي باب الصلة‪ :‬الذان والقامة‪ ،‬والجمعة‪،‬‬
‫والجماعة‪ ،‬والركوع‪ ،‬والسجوتين‪ ،‬والتشهد‪ ،‬والسلم‪ ،‬وصلة الليل‪،‬‬
‫والوتر‪ ،‬وصلة الكسوفين‪ ،‬والستسقاء‪ ،‬وصلوة العشاء الخرة‪ .‬وفي باب‬
‫الزكاة‪ :‬حرم عليه الزكاة والصدقة‪ ،‬وهدية الكافر‪ ،‬وأحل له الخمس‬
‫والنفال والغنيمة‪ ،‬وجعل زكاة المال ربع الخمس‪ ،‬ل ربع المال‪ .‬وفي باب‬
‫الصيام‪ " :‬شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن )‪ " (3‬وليلة القدر‪،‬‬
‫والعيدين‪ ،‬وتحليل الطعام والشراب‪ ،‬واللمس ليال الصيام إلى وقت الصبح‪،‬‬
‫وحرم صوم الوصال‪ ،‬وقالوا‪ :‬ابيح له الوصال في الصوم‪ ،‬وكتب عليه‬
‫الضحية وسنها لنا‪ ،‬وكذلك الفطرة على وجه‪ .‬وفي باب الحج يقال‪ :‬احل له‬
‫دخول مكة بغير إحرام‪ ،‬وعقد النكاح وهو محرم‪ ،‬وفي باب الجهاد "‬
‫يمددكم ربكم )‪ " (4‬وقوله " نصرت بالرعب‪ ،‬واحلت لي الغنائم " وكان‬
‫إذا لبس لمته )‪ (5‬لم ينزعها حتى يقاتل‪ ،‬ول يرجع إذا خرج‪ ،‬ول ينهزم إذا‬
‫لقى العدو وإن كثروا عليه‪ ،‬وإنه أفرس العالمين‪ ،‬وخص بالحمى‪ .‬وفي باب‬
‫النكاح‪ :‬حرم عليه نكاح الماء والذميات‪ ،‬والمساك بمن كرهت نكاحه‪،‬‬
‫وحرم أزواجه على الخلق‪ ،‬وخص بإسقاط المهر‪ ،‬والعقد بلفظ الهبة‪،‬‬
‫والعدد ما شآء بعد‬

‫)‪ (1‬غافر‪ (2) .70 :‬النعام‪ (3) .54 :‬البقرة‪ (4) .185 :‬آل عمران‪(5) .125 :‬‬
‫اللمة‪ :‬الدرع‪.‬‬

‫] ‪[ 334‬‬

‫التخيير‪ ،‬والعزل عمن أراد‪ ،‬وكان طلقه زائدا على طلق امته‪ ،‬والواحدة من نسائه‬
‫إذا أتت بفاحشة ضعف لها العذاب‪ .‬أبو عبد ال عليه السلم في قوله‪ " :‬ل‬
‫تحل لك النساء من بعد )‪ " (1‬يعني قوله‪ " :‬حرمت عليكم امهاتكم )‪" (2‬‬
‫الية‪ .‬وفي باب الحكام‪ :‬تخفيف المر على امته‪ ،‬والقربان بغير الفضيحة‪،‬‬
‫وتيسير التوبة بغير القتل‪ ،‬وستر المعصية على المذنب‪ ،‬ورفع الخطآء‬
‫والنسيان وما استكره عليه‪ ،‬والتخيير بين القصاص والدية والعفو‪،‬‬
‫والفرق بين الخطآء والعمد‪ ،‬والتوبة من الذنب دون إبانة العضو‪ ،‬وتحليل‬
‫مجالسة الحائض‪ ،‬والنتفاع بما نالته‪ ،‬وتحليل تزويج نساء أهل الكتاب‬
‫لمته‪ .‬وفي باب الداب‪ :‬لم يكن له خائنة العين‪ ،‬يعني الغمز بالعين‪،‬‬
‫والرمز باليد‪ ،‬وحرم عليه أكل الثوم على وجهه‪ .‬وفي باب الخرة وذلك أنه‬
‫أول من تنشق عنه الرض‪ ،‬وأول من يدخل الجنة‪ :‬وأنه يشهد لجميع‬
‫النبياء بالدآء‪ ،‬وله الشفاعة‪ ،‬ولواء الحمد والحوض والكوثر‪ ،‬ويسأل في‬
‫غير يوم القيامة‪ ،‬وكل الناس يسألون في أنفسهم‪ ،‬وأنه أرفع النبيين‬
‫درجة‪ ،‬وأكثرهم امة )‪ - 28 .(3‬قب‪ :‬كان له اثنان وعشرون خاصية‪ :‬كان‬
‫أحسن الخلئق‪ " :‬الذي خلقك فسواك )‪ " (4‬وأجملهم‪ " :‬لقد خلقنا‬
‫النسان في أحسن تقويم )‪ " (5‬وأطهرهم‪ " :‬طه * ما أنزلنا )‪" (6‬‬
‫وأفضلهم‪ " :‬وكان فضل ال عليك كبيرا )‪ " (7‬وأعزهم‪ " :‬لقد جاءكم‬
‫رسول )‪" (8‬‬

‫)‪ (1‬الصحيح‪ :‬ل يحل‪ .‬راجع الحزاب‪ (2) .52 :‬النساء‪ (3) .22 :‬مناقب آل أبي‬
‫طالب ‪ 98 :1‬و ‪ (4) .99‬النفطار‪ (5) .7 :‬التين‪ (6) .4 :‬طه‪ 1 :‬و ‪) .2‬‬
‫‪ (7‬في المصحف الشريف‪ :‬عظيما‪ .‬راجع النساء‪ (8) 113 :‬التوبة‪:‬‬
‫‪.128‬‬

‫] ‪[ 335‬‬

‫وأشرفهم‪ " :‬إنا أرسلناك )‪ " (1‬وأظهر معجزة‪ " :‬قل لئن اجتمعت النس والجن )‬
‫‪ " (2‬وأهيب الناس‪ " :‬سنلقي في قلوب الذين )‪ " (3‬وأكملهم سعادة‪" :‬‬
‫عسى أن يبعثك ربك )‪ " (4‬وأكرمهم كرامة‪ " :‬سبحان الذي أسرى )‪" (5‬‬
‫وأقربهم منزلة‪ " :‬ثم دنى فتدلى )‪ " (6‬وأقواهم نصرة‪ " :‬وينصرك ال‬
‫نصرا )‪ " (7‬وأصحهم رؤيا‪ " :‬لقد صدق ال رسوله الرؤيا )‪" (8‬‬
‫وأكملهم رسالة‪ " :‬ال نزل أحسن الحديث )‪ " (9‬وأحسنهم دعوة‪" :‬‬
‫فبشر عبادي الذين )‪ " (10‬وأعصمهم عصمة‪ " :‬وال يعصمك )‪" (11‬‬
‫وأبعدهم صيتا‪ " :‬ورفعنا لك ذكرك )‪ " (12‬وأحسنهم خلقا‪ " :‬وإنك لعلى‬
‫خلق )‪ " (13‬وأبقاهم ولية‪ " :‬ليظهره على الدين كله )‪ " (14‬وأعلهم‬
‫خاصية )‪ " :(15‬لعمرك )‪ " (16‬وأجلهم خليفة‪ " :‬إنما وليكم ال ورسوله‬
‫والذين آمنوا )‪ " (17‬وأطهرهم أولدا‪ " :‬إنما يريد ال ليذهب عنكم‬
‫الرجس )‪ " (18‬وإن ال تعالى وضع ثلثة أشياء على هوى الرسول‪:‬‬
‫الصلة‪ " :‬ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار )‪ " (19‬والشفاعة‪" :‬‬
‫ولسوف يعطيك ربك )‪ " (20‬والقبلة‪ " :‬فلنولينك قبلة )‪ " (21‬كقول‬
‫الناس‪ :‬من حب فلن لفلن أنه إن أمره يتحويل القبلة لحولها‪ ،‬وأعطى‬
‫التوراة لموسى عليه السلم‪ ،‬والنجيل لعيسى عليه السلم‪ ،‬والزبور لداود‬
‫عليه السلم‪ ،‬وقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬اوتيت السبع الطوال مكان‬
‫التوراة‪ ،‬والمائين مكان النجيل‪ ،‬والمثاني مكان الزبور‪ ،‬وفضلني ربي‬
‫بالمفصل‪ ،‬وإنه‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ .119 :‬والحزاب‪ (2) .45 :‬السراء‪ (3) .88 :‬آل عمران‪(4) .151 :‬‬
‫السراء‪ (5) .79 :‬السراء‪ (6) .1 :‬النجم‪ (7) .8 :‬الفتح‪ (8) .3 :‬الفتح‪:‬‬
‫‪ (9) .27‬الزمر‪ (10) .23 :‬الزمر‪ 17 :‬و ‪ (11) .18‬المائدة‪(12) .67 :‬‬
‫الشرح‪ (13) .4 :‬القلم‪ (14) .4 :‬التوبة‪ ،33 :‬والفتح‪ .28 :‬والصف‪.9 :‬‬
‫)‪ (15‬خاصة خ ل‪ (16) .‬الحجر‪ (17) .72 :‬الحزاب‪ (18) .33 :‬المائدة‪:‬‬
‫‪ (19) .55‬طه‪ (20) .13 :‬الضحى‪ (21) .5 :‬البقرة‪.144 :‬‬

‫] ‪[ 336‬‬

‫شاركه مع نفسه في عشرة مواضع‪ " :‬ول العزة ولرسوله )‪ * (1‬أطيعوا ال‬
‫وأطيعوا الرسول )‪ * (2‬ومن يعص ال ورسوله )‪ * (3‬إن الذين يؤذون‬
‫ال ورسوله )‪ * (4‬استجيبوا ل وللرسول )‪ * (5‬وينصرون ال ورسوله‬
‫)‪ * (6‬إذا نصحوا ل ولرسوله )‪ * (7‬فأذنوا بحرب من ال ورسوله )‪* (8‬‬
‫فآمنوا بال ورسوله )‪ * (9‬ومن يتول ال ورسوله )‪ " (10‬ومن جللة‬
‫قدره أن ال نسخ بشريعته سائر الشرايع‪ ،‬ولم ينسخ شريعته )‪ ،(11‬ونهى‬
‫الخلق أن يدعوه باسمه‪ " :‬ل تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعآء بعضكم‬
‫بعضا )‪ " (12‬وإنما كان ينبغي أن يدعى )‪ (13‬له‪ :‬يا أيها الرسول‪ ،‬يا أيها‬
‫النبي‪ ،‬ولم يأذن بالجهر عليه‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم‬
‫فوق صوت النبي )‪ " (14‬وإن ال تعالى أرسل سائر النبياء إلى طائفة‬
‫دون اخرى‪ ،‬قوله‪ " :‬وما أرسلنا من نبي إل بلسان قومه )‪ " (15‬كما قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬المنافقون‪ (2) .8 :‬النساء‪ .59 :‬المائدة‪ .92 :‬النور‪ .54 :‬محمد‪ .33 :‬التغابن‪:‬‬
‫‪ (3) .12‬النساء‪ .14 :‬الحزاب‪ .36 :‬الجن‪ (4) .23 :‬الحزاب‪(5) .57 :‬‬
‫النفال‪ (6) .24 :‬الحشر‪ (7) .8 :‬هكذا في النسخة ومصدره‪ ،‬والصحيح‬
‫كما في المصحف الشريف‪ :‬ورسوله‪ .‬راجع التوبة‪ (8) .91 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (9) .279‬العراف‪ .158 :‬التغابن‪ (10) .8 :‬المائدة‪ (11) .59 :‬أي‬
‫بارسال نبى بعده‪ ،‬فانه خاتم النبيين‪ (12) .‬النور‪ (13) .63 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬أن يدعو له‪ (14) .‬الحجرات‪ (15) .2 :‬هكذا في الكتاب‬
‫ومصدره‪ ،‬والصحيح كما في المصحف الشريف‪ :‬من رسول‪ .‬راجع‬
‫ابراهيم‪4 :‬‬

‫] ‪[ 337‬‬

‫" إنا أرسلنا نوحا إلى قومه )‪ * (1‬وإلى عاد أخاهم هودا )‪ * (2‬وإلى ثمود أخاهم‬
‫صالحا )‪ " (3‬قرية واحدة لم يكمل )‪ (4‬له أربعين بيتا " وإلى مدين أخاهم‬
‫شعيبا )‪ " (5‬ولم تكمل أربعين بيتا " ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون )‪(6‬‬
‫" إلى مصر وحدها‪ ،‬وأرسل إبراهيم عليه السلم بكوثى )‪ ،(7‬وهي قرية‬
‫من السواد‪ ،‬وكان بعده لسحاق عليه السلم‪ ،‬ويعقوب عليه السلم في‬
‫أرض كنعان‪ ،‬ويوسف عليه السلم في أرض مصر‪ ،‬ويوشع عليه السلم‬
‫إلى بني إسرائيل في البرية‪ ،‬وإلياس عليه السلم في الجبال‪ ،‬وأرسل نبينا‬
‫صلى ال عليه واله إلى الناس كافة قوله‪ " :‬نذيرا للبشر )‪ " (8‬وإلى الجن‬
‫أيضا قوله‪ " :‬وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن )‪ " (9‬وإلى الشياطين أيضا‪،‬‬
‫قال صلى ال عليه واله‪ :‬إن ال أعانني على شيطان حتى أسلم على يدي‪.‬‬
‫قوله‪ " :‬وما أرسلناك إل كافة )‪ " (10‬وقال قوله صلى ال عليه واله‪" :‬‬
‫بعثت إلى الحمر والسود والبيض " وقال صلى ال عليه واله‪ " :‬بعثت‬
‫إلى الثقلين )‪ " (11‬وإنه علق خمسة أشياء باتباعه‪ :‬المحبة )‪" (12‬‬
‫فاتبعوني يحببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم )‪." (13‬‬

‫)‪ (1‬نوح‪ (2) .1 :‬العراف‪ .65 :‬هود‪ (3) .50 :‬العراف‪ .73 :‬هود‪ (4) .61 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬لم تكمل‪ (5) .‬العراف‪ 85 :‬هود‪ .84 :‬العنكبوت‪(6) .36 :‬‬
‫المؤمنون‪ (7) .45 :‬كوثى العراق كوثيان‪ :‬أحدهما كوثى الطريق‪ ،‬والخر‬
‫كوثى ربى‪ ،‬وبها مشهد ابراهيم الخليل عيله السلم وبها مولده‪ ،‬وهما‬
‫من أرض بابل‪ ،‬وبها طرح إبراهيم عليه السلم في النار‪ ،‬وهما ناحيتان‪.‬‬
‫قاله ياقوت‪ (8) .‬المدثر‪ (9) .36 :‬الحقاف‪ (10) .29 :‬سبأ‪(11) .28 :‬‬
‫الثقل محركة‪ :‬متاع السفر وحشه‪ ،‬وكل شئ نفيس مصون‪ ،‬ومنه‬
‫الحديث‪ " :‬إنى تارك فيكم الثقلين كتاب ال وعترتي " قاله الفيروزآبادي‬
‫في القاموس‪ ،‬وقال الجزري في النهاية‪ :‬فيه‪ " :‬إنى تارك فيكم الثقلين‬
‫كتاب ال وعترتي " سماهما ثقلين‪ ،‬لن الخذ بهما والعمل بهما ثقيل‪،‬‬
‫ويقال لكل خطير‪ :‬ثقل‪ ،‬فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما‪.‬‬
‫)‪ (12‬والمغفرة ظ‪ (13) .‬آل عمران‪.31 :‬‬

‫] ‪[ 338‬‬
‫والفلح‪ " :‬فاتبعوه لعلكم تفلحون )‪ " (1‬والهداية‪ " :‬فمن تبع هداي فل يضل ول‬
‫يشقى )‪ " (2‬والرحمة‪ " :‬فسأكتبها للذين )‪ (3‬الية )‪ ،" (4‬وإنه مدح كل‬
‫عضو من أعضائه‪ :‬نفسه‪ " :‬ل تكلف إل نفسك )‪ " (5‬رأسه‪ " :‬يا أيها‬
‫المدثر )‪ " (6‬شعره‪ " :‬والليل إذا سجى )‪ " (7‬عينه‪ " :‬ول تمدن عينيك )‬
‫‪ " (8‬بصره‪ " :‬ما زاغ البصر )‪ " (9‬اذنه‪ " :‬ويقولون‪ :‬هو اذن )‪" (10‬‬
‫لسانه‪ :‬فإنما يسرناه بلسانك )‪ " (11‬كلمه‪ " :‬وما ينطق عن الهوى )‪(12‬‬
‫" وجهه‪ :‬قد نرى تقلب وجهك )‪ " (13‬خده‪ " :‬ول تصعر خدك )‪" (14‬‬
‫فؤاده‪ " :‬ما كذب الفؤاد )‪ " (15‬قلبه‪ " :‬على‬

‫)‪ (1‬هكذا في الكتاب ومصدره‪ ،‬والصحيح كما في المصحف الشريف‪ " :‬واتبعوه‬
‫لعلكم تهتدون " راجع العراف‪ (2) .158 :‬هكذا في الكتاب ومصدره‪،‬‬
‫والصحيح كما في المصحف الشريف " فمن اتبع " راجع طه‪(3) .123 :‬‬
‫العراف‪ (4) .139 :‬زاد في المصدر بعد ذلك‪ ،‬المقام أربعة‪ :‬مقام الشوق‬
‫لشعيب حيث بكى من خوف ال‪ ،‬ومقام السلم لبراهيم )إذ جاء ربه بقلب‬
‫سليم( ومقام المناجاة لموسى )وقربناه نجيا( ومقام المحبة للنبي صلى‬
‫ال عليه وآله )فكان قاب قوسين(‪ .‬وسمى ال تعالى نوحا شكورا‪) :‬إنه‬
‫كان عبدا شكورا( وإبراهيم حليما‪) :‬إن ابراهيم لحليم( وموسى كليما‪:‬‬
‫)وكلم ال موسى تكليما( وجمع له كما جمع لنفسه فقال‪) :‬إن ال بالناس‬
‫لرؤوف رحيم( وله )بالمؤمنين رؤف رحيم( قيل‪ :‬هما واحد‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الرؤف شدة الرحمة‪ ،‬رؤف بالمطيعين‪ ،‬رحيم بالمذنبين‪ ،‬رؤف بأقربائه‪،‬‬
‫رحيم بأصحابه‪ ،‬رؤف بعترته‪ ،‬رحيم بامته‪ ،‬رؤف بمن رآه‪ ،‬رحيم بمن لم‬
‫يره‪ ،‬وإنه مدح ا‍ه‪ (5) .‬النساء‪ (6) .84 :‬المدثر‪ (7) .1 :‬الضحى‪) .2 :‬‬
‫‪ (8‬طه‪ (9) .131 :‬النجم‪ (10) .17 :‬التوبة‪ .61 :‬أقول‪ :‬بل قوله تعالى‪:‬‬
‫)قل اذن خير لكم(‪ (11) .‬مريم‪ .97 :‬الدخان‪ (12) .58 :‬النجم‪(13) .3 :‬‬
‫البقرة‪ (14) .144 :‬لقمان‪ ،18 :‬أقول‪ :‬ذلك قول لقمان لبنه‪(15) .‬‬
‫النجم‪.11 :‬‬

‫] ‪[ 339‬‬

‫قلبك )‪ " (1‬صدره‪ " :‬ألم نشرح لك صدرك )‪ " (2‬ظهره‪ " :‬الذي أنقض ظهرك )‬
‫‪ " (3‬يده‪ " :‬ول تجعل يدك )‪ " (4‬قيامه‪ " :‬حين تقوم )‪ " (5‬صوته‪" :‬‬
‫فوق صوت النبي )‪ " (6‬رجله‪ " :‬طه * ما أنزلنا )‪ " (7‬يعني طأ الرض‬
‫بقدميك‪ ،‬روحه‪ " :‬لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )‪ " (8‬خلقه‪ " :‬وإنك‬
‫لعلى خلق عظيم )‪ " (9‬ثوبه‪ " :‬وثيابك فطهر )‪ " (10‬علمه‪ " :‬وعلمك‬
‫ما لم تكن تعلم )‪ " (11‬صلته‪ " :‬فتهجد به نافلة لك )‪ " (12‬صومه‪" :‬‬
‫إن لك في النهار )‪ " (13‬كتابه‪ " :‬وإنه لكتاب عزيز )‪ " (14‬دينه‪" :‬‬
‫دينهم الذي ارتضى لهم )‪ " (15‬امته‪ " :‬كنت خير امة )‪ " (16‬قبلته‪:‬‬
‫فلنولينك قبلة )‪ " (17‬بلده‪ " :‬ل اقسم بهذا البلد )‪ " (18‬قضاياه‪ " :‬إذا‬
‫قضى ال ورسوله )‪ " (19‬جنده‪ " :‬والعاديات ضبحا )‪ " (20‬عزته‪" :‬‬
‫ول العزة ولرسوله )‪ " (21‬عصمته‪ " :‬وال يعصمك من الناس )‪" (22‬‬
‫شفاعته‪ " :‬فلعلك ترضى )‪ " (23‬صلبته‪ " :‬برائة من ال و رسوله )‬
‫‪ " (24‬وصيه‪ " :‬إنما وليكم ال ورسوله )‪ " (25‬أهل بيته‪ " :‬ليذهب )‬
‫‪ (26‬عنكم الرجس أهل البيت )‪." (27‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ .97 :‬الشعراء‪ (2) .194 :‬الشرح‪ (3) .1 :‬الشرح‪ (4) .3 :‬السراء‪:‬‬
‫‪ (5) .29‬الشعراء‪ (6) .218 :‬الحجرات‪ (7) .2 :‬طه‪ 1 :‬و ‪(8) .2‬‬
‫الحجر‪ (9) .72 :‬القلم‪ (10) .4 :‬المدثر‪ (11) .4 :‬النساء‪(12) .113 :‬‬
‫السراء‪ (13) .79 :‬المزمل‪ (14) .7 :‬فصلت‪ (15) .41 :‬النور‪) .55 :‬‬
‫‪ (16‬آل عمران‪ (17) .110 :‬البقرة‪ (18) .144 :‬البلد‪(19) .1 :‬‬
‫الحزاب‪ (20) .36 :‬العاديات‪ (21) .1 :‬المنافقون‪ (22) .8 :‬المائدة‪:‬‬
‫‪ (23) .67‬هكذا في الكتاب ومصدره‪ ،‬والصحيح كما في المصحف‬
‫الشريف )لعلك ترضى( راجع طه‪ (24) .130 :‬التوبة‪ (25) .1 :‬المائدة‪:‬‬
‫‪ (26) .55‬الحزاب‪ (27) .33 :‬مناقب آل أبي طالب ‪ 159 :1‬و ‪.160‬‬
‫وفي دللة بعض اليات على المدح نظر‪.‬‬

‫] ‪[ 340‬‬

‫‪ - 29‬شى‪ :‬عن سليمان بن خالد قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬قول الناس‬
‫لعلي عليه السلم‪ :‬إن كان له حق فما منعه أن يقوم به ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬إن ال‬
‫لم يكلف هذا إل إنسانا واحدا‪ :‬رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬قال‪" :‬‬
‫فقاتل في سبيل ال ل تكلف إل نفسك وحرض المؤمنين )‪ " (1‬فليس هذا‬
‫إل للرسول‪ ،‬وقال لغيره‪ " :‬إل متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة )‪ " (2‬فلم‬
‫يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره )‪ - 30 .(3‬شى‪ :‬عن زيد الشحام‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن محمد قال‪ :‬ما سأل رسول ال صلى ال عليه واله شيئا قط فقال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬إن كان عنده أعطاه‪ ،‬وإن لم يكن عنده قال‪ :‬يكون إن شآء ال‪ ،‬ول‬
‫كافئ بالسيئة قط‪ ،‬وما ألقى )‪ (4‬سرية مذ نزلت عليه " فقاتل في سبيل ال‬
‫ل تكلف إل نفسك " إل ولى بنفسه )‪ - 31 .(5‬شى‪ :‬أبان‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم لما نزلت على رسول ال صلى ال عليه واله‪ " :‬ل تكلف إل‬
‫نفسك " قال )‪ :(6‬كان أشجع الناس من لذ برسول ال عليه وآله السلم )‬
‫‪ .(7‬بيان‪ :‬أي كان عليه السلم بحيث يكون أشجع الناس من لحق به ولجأ‬
‫إليه‪ ،‬لنه كان أقرب الناس وأجرأهم عليهم‪ ،‬كما روي عن أمير المؤمنين‬
‫أنه كان يقول‪ :‬كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه‪ - 32 .‬شى‪ :‬عن الثمالي‪ ،‬عن عيص‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬كلف ما‬
‫لم يكلف أحد أن يقاتل في سبيل ال وحده‪ ،‬وقال‪ " :‬حرض المؤمنين على‬
‫القتال " وقال‪ :‬إنما كلفتم اليسير من المر أن تذكروا ال )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .84 :‬النفال‪ (3) .16 :‬تفسير العياشي‪ :‬مخطوط‪ .‬وأخرجه‬
‫البحراني في تفسير البرهان ‪ 398 :1‬وفيه‪ :‬ان ال ل يكلف هذا لنسان‬
‫واحد ال رسول ال صلى ال عليه وآله وأورد نحوه في حديث باسناد‬
‫آخر في ج ‪ (4) .70 :2‬في تفسير البرهان‪ :‬وما لقى‪ (5) .‬تفسير‬
‫العياشي‪ :‬مخطوط‪ .‬وأخرجه البحراني أيضا في البرهان ‪(6) .398 ،1‬‬
‫كذا‪ 7) .‬و ‪ (8‬تفسير العياشي‪ :‬مخطوط‪ ،‬وأخرجهما البحراني أيضا في‬
‫البرهان ‪.398 :1‬‬

‫] ‪[ 341‬‬

‫‪ - 33‬ارشاد القلوب‪ :‬بالسناد يرفعه إلى المام موسى بن جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثني أبي جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبي علي‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبي‬
‫الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬بينما أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله جلوس في مسجده بعد وفاته عليه السلم يتذاكرون‬
‫فضل رسول ال صلى ال عليه واله إذ دخل علينا حبر من أحبار يهود أهل‬
‫الشام )‪ (1‬قد قرأ التوراة والنجيل والزبور‪ ،‬وصحف إبراهيم والنبياء‪،‬‬
‫وعرف دلئلهم‪ ،‬فسلم علينا وجلس‪ ،‬ثم لبث هنيئة‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا امة محمد ما‬
‫تركتم لنبي درجة ول لمرسل فضيلة إل وقد تحملتموها )‪ (2‬لنبيكم‪ ،‬فهل‬
‫عندكم جواب إن أنا سألتكم ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬سل يا‬
‫أخا اليهود ما أحببت )‪ (3‬فإني اجيبك عن كل ما تسأل بعون ال تعالى‬
‫ومنه )‪ ،(4‬فوال ما أعطى ال عزوجل نبيا ول مرسل درجة ول فضيلة إل‬
‫وقد جمعها لمحمد صلى ال عليه واله‪ ،‬وزاده على النبياء والمرسلين‬
‫أضعافا مضاعفة‪ ،‬ولقد كان رسول ال صلى ال عليه واله إذا ذكر لنفسه‬
‫فضيلة قال‪ " :‬ول فخر " وأنا أذكر لك اليوم من فضله من غير إزرآء )‪(5‬‬
‫على أحد من النبياء ما يقر ال به أعين المؤمنين‪ ،‬شكرا ل على ما أعطى‬
‫محمدا صلى ال عليه واله الن )‪ ،(6‬فاعلم يا أخا اليهود إنه كان من‬
‫فضله عند ربه تبارك وتعالى وشرفه ما أوجب المغفرة والعفو لمن خفض‬
‫الصوت عنده‪ ،‬فقال جل ثناؤه في كتابه‪ " :‬إن الذين يغضون أصواتهم عند‬
‫رسول ال اولئك الذين امتحن ال قلوبهم للتوقى لهم مغفرة وأجر عظيم )‬
‫‪ " (7‬ثم قرن طاعته بطاعته فقال‪ " :‬ومن يطع الرسول فقد أطاع ال )‪(8‬‬
‫" ثم قربه من قلوب المؤمنين وحببه إليهم‪،‬‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من أحبار اليهود من أهل الشام‪ (2) .‬نحلتموها خ ل‪ (3) .‬عما‬
‫أحببت خ ل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ومشيته‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وأنا ذاكر لك‬
‫اليوم من فضائله من غير ازراء منى‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬وزاده عليهم‬
‫الن‪ (7) .‬الحجرات‪ (8) .3 :‬النساء‪.80 :‬‬

‫] ‪[ 342‬‬

‫وكان يقول صلى ال عليه واله‪ " :‬حبي خالط )‪ (1‬دماء امتي فهم يؤثروني على‬
‫الباء وعلى المهات وعلى أنفسهم " ولقد كان أقرب الناس )‪(2‬‬
‫وأرؤفهم‪ ،‬فقال تبارك وتعالى‪ " :‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه‬
‫ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم )‪ " (3‬وقال عزوجل‪" :‬‬
‫النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم )‪ " (4‬وال لقد بلغ‬
‫من فضله صلى ال عليه واله في الدنيا ومن فضله صلى ال عليه واله في‬
‫الخرة ما تقصر عنه الصفات‪ ،‬ولكن اخبرك بما يحمله قلبك‪ ،‬ول يدفعه‬
‫عقلك ول تنكره بعلم إن كان عندك‪ ،‬لقد بلغ من فضله صلى ال عليه واله‬
‫أن أهل النار يهتفون ويصرخون بأصواتهم ندما أن ل يكونوا أجابوه في‬
‫الدنيا‪ ،‬فقال ال عزوجل‪ " :‬يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا‬
‫أطعنا ال وأطعنا الرسول )‪ " (5‬ولقد ذكره ال تبارك وتعالى مع الرسل‬
‫فبدأ به وهو آخرهم لكرامته صلى ال عليه واله‪ ،‬فقال جل ثناؤه‪ " :‬وإذ‬
‫أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح )‪ " (6‬وقال‪ " :‬إنا أوحينا إليك‬
‫كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده )‪ " (7‬والنبيون قبله )‪ ،(8‬فبدأ به‬
‫وهو آخرهم‪ ،‬ولقد فضله ال على جميع النبياء‪ ،‬وفضل امته على جميع‬
‫المم فقال عز وجل‪ " :‬كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف‬
‫وتنهون عن المنكر )‪ " (9‬فقال اليهودي‪ :‬إن آدم عليه السلم أسجد ال‬
‫عزوجل له ملئكته‪ ،‬فهل فضل لمحمد صلى ال عليه واله مثل ذلك )‪ (10‬؟‬
‫فقال عليه السلم‪ :‬قد كان ذلك‪ ،‬ولئن أسجد ال لدم ملئكته فإن ذلك لما‬
‫أودع ال عزوجل صلبه من النوار والشرف‪ ،‬إذ كان هو الوعاء‪ ،‬ولم يكن‬
‫سجودهم عبادة له‪ ،‬وإنما كان سجودهم طاعة لمر ال عزوجل وتكرمة‬
‫وتحية‪ ،‬مثل السلم من النسان على النسان‪ ،‬واعترافا لدم عليه السلم‬
‫بالفضيلة‪ ،‬وقد أعطى ال محمد صلى ال عليه واله أفضل من ذلك‪ ،‬وهو‬
‫أن ال صلى عليه‪ ،‬وأمر ملئكته أن يصلوا‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬خالط حبى دماء امتى فانهم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أرحم الناس‪(3) .‬‬
‫التوبة‪ (4) .128 :‬الحزاب‪ (5) .6 :‬الحزاب‪ (6) .66 :‬الحزاب‪(7) .7 :‬‬
‫النساء‪ (8) .163 :‬من قبله خ ل‪ (9) .‬آل عمران‪ (10) .110 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬بمثل ذلك‪.‬‬
‫] ‪[ 343‬‬

‫عليه‪ ،‬وتعبد جميع خلقه بالصلة عليه إلى يوم القيامة‪ ،‬فقال جل ثناؤه‪ " :‬إن ال‬
‫وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما‬
‫)‪ " (1‬فل يصلي عليه أحد في حياته ول بعد وفاته إل صلى ال عليه بذلك‬
‫عشرا‪ ،‬وأعطاه من الحسنات عشرا‪ ،‬بكل صلة صلى عليه‪ ،‬ول يصلي‬
‫عليه أحد بعد وفاته إل وهو يعلم بذلك ويرد على المصلي والمسلم مثل‬
‫ذلك‪ ،‬ثم إن ال عزوجل جعل دعاء امته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه‬
‫موقوفا عن الجابة )‪ (2‬حتى يصلوا فيه عليه صلى ال عليه واله‪ ،‬فهذا‬
‫أكبر وأعظم مما أعطى ال آدم عليه السلم‪ ،‬ولقد أنطق ال عزوجل صم‬
‫الصخور والشجر بالسلم والتحية له‪ ،‬وكنا نمر معه صلى ال عليه واله‬
‫فل يمر بشعب )‪ (3‬ول شجر )‪ (4‬إل قالت‪ :‬السلم عليك يا رسول ال‪،‬‬
‫تحية له‪ ،‬وإقرار بنبوته صلى ال عليه واله‪ ،‬وزاده ال عزوجل تكرمة‬
‫بأخذ ميثاقه قبل النبيين‪ ،‬وأخذ ميثاق النبيين بالتسليم والرضا والتصديق‬
‫له‪ ،‬فقال جل ثناؤه‪ " :‬وإذ أخذنا من النبين ميثاقهم ومنك ومن نوح‬
‫وإبراهيم )‪ " (5‬وقال عزوجل‪ " :‬وإذ أخذ ال ميثاق النبيين لما آتيتكم من‬
‫كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال‪:‬‬
‫أقررتم و أخذتم على ذلكم إصري )‪ (6‬قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم‬
‫من الشاهدين )‪ " (7‬و قال ال عزوجل‪ " :‬النبي أولى بالمؤمنين من‬
‫أنفسهم )‪ " (8‬وقال ال تعالى‪ " :‬ورفعنا لك ذكرك )‪ " (9‬فل يرفع رافع‬
‫صوته بكلمة الخلص‪ :‬بشهادة أن ل إله إل ال حتى يرفع صوته معها بأن‬
‫محمدا رسول ال في الذان والقامة والصلة )‪ (10‬والعياد والجمع‬
‫ومواقيت الحج وفي كل خطبة حتى في خطب النكاح وفي الدعية‪ ،‬ثم ذكر‬
‫اليهودي مناقب النبياء وأمير المؤمنين عليه السلم يثبت للنبي صلى ال‬
‫عليه واله ما هو أعظم منها‪ ،‬تركنا ذكرها طلبا‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .56 :‬في المصدر‪ :‬موقوفا من إجابته‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يعشب‬
‫ولعله أظهر‪ (4) .‬ول شجرة خ ل‪ (5) .‬الحزاب‪ (6) .7 :‬أي عهدي )‪(7‬‬
‫آل عمران‪ (8) .81 :‬الحزاب‪ (9) .6 :‬الشرح‪ (10) .4 :‬والصلوات خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 344‬‬

‫للختصار حتى وصل إلى أن قال اليهودي‪ :‬فإن ال عزوجل ناجى )‪ (1‬موسى على‬
‫جبل طور سيناء بثلثمائة وثلثة عشر كلمة )‪ (2‬يقول لها فيها‪ " :‬يا‬
‫موسى إني أنا ال " فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك ؟ قال علي عليه السلم‪:‬‬
‫لقد كان كذلك ومحمد صلى ال عليه واله )‪ (3‬ناجاه ال جل ثناؤه فوق‬
‫سبع سماوات رفعه عليهن‪ ،‬فناجاه في موطنين‪ :‬أحدهما عند سدرة‬
‫المنتهى‪ ،‬وكان له هناك مقام محمود‪ ،‬ثم عرج به حتى انتهى إلى ساق‬
‫العرش )‪ ،(4‬فقال عزوجل‪ " :‬ثم دنى فتدلى )‪ " (5‬ودنى له رفرفا أخضر‬
‫اغشي )‪ (6‬عليه نور عظيم حتى كان في دنوه كقاب قوسين أو أدنى‪ ،‬وهو‬
‫مقدار ما بين الحاجب إلى الحاجب‪ ،‬وناجاه بما ذكره ال عزوجل في كتابه‪،‬‬
‫قال تعالى‪ " :‬ل ما في السموات وما في الرض وإن تبدوا ما في أنفسكم‬
‫أو تخفوه يحاسبكم به ال فيغفر لمن يشآء ويعذب من يشآء )‪ " (7‬وكانت‬
‫هذه الية قد عرضت على سائر المم من لدن آدم إلى أن بعث محمد صلى‬
‫ال عليه واله فأبوا جميعا أن يقبلوها )‪ (8‬من ثقلها‪ ،‬وقبلها محمد )‪،(9‬‬
‫فلما رأى ال عزوجل منه ومن امته القبول خفف عنه ثقلها‪ ،‬فقال ال‬
‫عزوجل‪ " :‬آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " ثم إن ال عزوجل تكرم‬
‫على محمد‪ ،‬وأشفق )‪ (10‬على امته من تشديد الية التي قبلها هو وامته‬
‫فأجاب عن نفسه وامته فقال‪ " :‬والمؤمنون كل امن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬نادى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بعد قوله‪ :‬كلمة‪ :‬مع كل كلمة يقول له‪ :‬يا‬
‫موسى‪ (3) .‬ومحمدا خ ل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬حتى انتهى به إلى ساق‬
‫العرش‪ .‬وقال‪ (5) .‬النجم‪ (6) .8 :‬في النهاية‪ :‬في حديث ابن مسعود في‬
‫قوله تعالى‪) :‬لقدر أي من آيات ربه الكبرى( قال رأى رفرفا أخضر سد‬
‫الفق‪ ،‬أي بساطا‪ ،‬وقيل‪ :‬فراشا‪ .‬انتهى‪ .‬وفي المصدر‪ :‬ناله رفرف أخضر‬
‫غشى عليه‪ (7) .‬البقرة‪ (8) .284 :‬أي المحاسبة‪ :‬بما يخفوه في أنفسهم‬
‫وما يضمرون والعقاب عليه‪ (9) .‬في المصدر‪ :‬وقبلها محمد صلى ال‬
‫عليه وآله وامته‪ (10) .‬أشفق عليه‪ :‬حاذر وخاف‪ .‬وحنا وعطف‪ .‬ولعل‬
‫المراد هو الثاني‪.‬‬

‫] ‪[ 345‬‬

‫بال وملئكته وكتبه ورسله ل نفرق بين أحد من رسله " فقال ال عزوجل‪ :‬لهم‬
‫المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه واله‪ " :‬سمعنا‬
‫وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " يعني المرجع في الخرة‪ ،‬فأجابه قد‬
‫فعلت بتائبي امتك قد أوجبت لهم المغفرة‪ ،‬ثم قال ال تعالى‪ :‬أما إذا قبلتها‬
‫أنت وامتك وقد كانت عرضت )‪ (1‬من قبل على النبياء والمم فلم يقبلوها‬
‫فحق علي أن أرفعها عن امتك‪ ،‬فقال ال تعالى‪ " :‬ل يكلف ال نفسا إل‬
‫وسعها لها ما كسبت " من خير " وعليها ما اكتسبت " من شر‪ ،‬ثم ألهم‬
‫ال عزوجل نبيه أن قال‪ " :‬ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقال ال‬
‫سبحانه‪ :‬أعطيتك لكرامتك يا محمد‪ ،‬إن المم السالفة كانوا إذا نسوا ما‬
‫ذكروا )‪ (2‬فتحت عليهم أبواب عذابي )‪ ،(3‬و رفعت ذلك عن امتك‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله‪ " :‬ربنا ول تحمل علينا إصرا كما حملته‬
‫على الذين من قبلنا " يعني بالصار الشدائد التي كانت على المم ممن‬
‫كان قبل محمد‪ ،‬فقال عزوجل‪ :‬لقد رفعت عن امتك الصار التي كانت على‬
‫المم السالفة‪ ،‬وذلك أني جعلت على المم أن ل أقبل )‪ (4‬فعل إل في بقاع‬
‫الرض التي اخترتها لهم وإن بعدت‪ ،‬وقد جعلت الرض لك ولمتك طهورا‬
‫ومسجدا‪ ،‬فهذه من الصار وقد رفعتها عن امتك‪ ،‬وقد كانت المم السالفة‬
‫تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس‪ ،‬فمن قبلت ذلك منه أرسلت‬
‫على قربانه نارا تأكله‪ ،‬وإن لم أقبل ذلك منه رجع به مثبورا )‪ ،(5‬وقد‬
‫جعلت قربان امتك في بطون فقرائها ومساكينها‪ ،‬فمن قبلت ذلك منه‬
‫اضاعف له الثواب أضعافا مضاعفة‪ ،‬وإن لم أقبل )‪ (6‬ذلك منه رفعت عنه‬
‫به عقوبات الدنيا‪ ،‬وقد رفعت لك عن امتك وهي من الصار التي كانت )‬
‫‪ ،(7‬وكانت المم السالفة مفروضا عليهم صلتها )‪ (8‬في كبد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من قبل عرضتها‪ (2) .‬ما ذكروا به خ ل‪ (3) .‬فلعله كان يجب‬
‫عليهم أن يتحفظوا من النسيان والخطاء‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ل أقبل منهم‬
‫فعل‪ (5) .‬أي مطرودا خائبا‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬ومن لم أقبل‪ (7) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬كانت على المم السالفة‪ (8) .‬صلواتها خ ل‪.‬‬

‫] ‪[ 346‬‬

‫الليل )‪ (1‬وأنصاف النهار‪ ،‬وهي من الشدائد التي كانت )‪ ،(2‬وقد رفعتها عن امتك‪،‬‬
‫وفرضت عليهم صلتهم في أطراف الليل والنهار في أوقات نشاطهم‪،‬‬
‫وكانت المم السالفة مفروضا عليهم خمسون صلة في خمسين وقتا‪ ،‬وهي‬
‫من الصار التي كانت عليهم‪ ،‬وقد رفعتها عن امتك‪ ،‬وكانت المم السالفة‬
‫حسنتهم بحسنة واحدة‪ ،‬وسيئتهم بسيئة واحدة‪ ،‬وجعلتك لمتك الحسنة‬
‫بعشر أمثالها‪ ،‬والسيئة بواحدة )‪ ،(3‬وكانت المم السالفة إذا نوى أحدهم‬
‫حسنة لم تكتب لهم )‪ ،(4‬وإذا هم بالسيئة كتبتها عليهم )‪ (5‬و إن لم يفعلها‪،‬‬
‫وقد رفعت ذلك عن امتك‪ ،‬فإذا هم أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه‪،‬‬
‫وإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة‪ ،‬وكانت المم السالفة إذا‬
‫أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم‪ ،‬وجعلت توبتهم من الذنب أن احرم عليهم‬
‫بعد التوبة )‪ (6‬أحب الطعام إليهم‪ ،‬وكانت المم السالفة يتوب أحدهم من‬
‫الذنب الواحد المائة سنة‪ ،‬و المأتي سنة‪ ،‬ثم لم أقبل توبته دون أن اعاقبه‬
‫في الدنيا بعقوبة‪ ،‬وقد رفعت ذلك عن امتك‪ ،‬وإن الرجل من امتك ليذنب‬
‫المائة سنة ثم يتوب ويندم طرفة عين فأغفر له ذلك كله و أقبل توبته‪،‬‬
‫وكانت المم السالفة إذا أصابهم إذا )‪ (7‬نجس قرضوه من أجسادهم‪ ،‬وقد‬
‫جعلت الماء طهورا لمتك من جميع النجاس‪ ،‬والصعيد في الوقات‪ ،‬وهذه‬
‫الصار )‪ (8‬التي كانت عليهم رفعتها عن امتك‪ .‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬اللهم إذ قد فعلت ذلك بي فزدني‪ ،‬فألهمه ال سبحانه أن قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬أي وسطها‪ .‬والنصاف جمع النصف‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬كانت عليهم‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬بسيئة واحدة‪ (4) .‬له خ ل وهو الموجود في المصدر‪ (5) .‬عليه‬
‫خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪ ،‬وفيه‪ :‬وإن لم يعملها‪ (6) .‬المصدر خال‬
‫عن قوله‪ :‬بعد التوبة‪ (7) .‬أذى نجس خ ل‪ .‬وفي المصدر‪ :‬أصابتهم أدنى‬
‫نجس‪ (8) .‬في المصدر‪ :‬وهذه من الصار‪.‬‬

‫] ‪[ 347‬‬

‫" ربنا ول تحملنا ما ل طاقة لنا به " قال ال عزوجل‪ :‬قد فعلت ذلك بامتك‪ ،‬وقد‬
‫رفعت عنهم عظيم بليا المم‪ ،‬وذلك حكمي في جميع المم أن ل اكلف نفسا‬
‫فوق طاقتها )‪ ،(1‬قال‪ " :‬واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولنا " قال‪:‬‬
‫قال ال تعالى‪ :‬قد فعلت ذلك بتائبي امتك )‪ ،(2‬ثم قال‪ " :‬فانصرنا على‬
‫القوم الكافرين )‪ " (3‬قال ال عزوجل‪ :‬قد فعلت ذلك‪ ،‬وجعلت امتك يا‬
‫محمد كالشامة البيضاء في الثور السود‪ ،‬هم القادرون‪ ،‬وهم القاهرون‪،‬‬
‫يستخدمون ول يستخدمون لكرامتك )‪ ،(4‬وحق علي أن اظهر دينك على‬
‫الديان حتى ل يبقى في شرق الرض ول غربها دين إل دينك‪ ،‬ويؤدون‬
‫إلى أهل دينك الجزية وهم صاغرون‪ " ،‬ولقد رآه نزلة اخرى * عند سدرة‬
‫المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ‬
‫البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى )‪ " (5‬فهذا أعظم يا أخا‬
‫اليهود من مناجاته لموسى عليه السلم على طور سيناء‪ ،‬ثم زاد ال‬
‫لمحمد صلى ال عليه واله )‪ (6‬أن مثل النبيين فصلى بهم وهم خلفه‬
‫يقتدون به‪ ،‬ولقد عاين تلك الليلة الجنة والنار‪ ،‬وعرج به إلى سماء سماء‪،‬‬
‫فسلمت عليه الملئكة‪ ،‬فهذا أكثر من ذلك‪ .‬قال اليهودي‪ :‬فإن ال عزوجل‬
‫ألقى على موسى محبة منه‪ ،‬فقال عليه السلم له‪ :‬لقد كان كذلك‪ ،‬ومحمد‬
‫صلى ال عليه واله ألقى عليه محبة منه‪ ،‬فسماه حبيبا‪ ،‬وذلك أن ال تعالى‬
‫جل ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد وامته‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب ما رأيت من امم‬
‫النبياء أنور ول أزهر من هذه المة‪ ،‬فمن هذا ؟ فنودي هذا محمد حبيبي‪،‬‬
‫ل حبيب لي من خلقي غيره‪ ،‬أجريت ذكره قبل أن أخلق سمائي )‪(7‬‬
‫وأرضي وسميته نبيا وأبوك آدم يومئذ من الطين‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬ولعل الصار التى سبقت ذكرها لم تكن فوق طاقتهم‪ ،‬وكانوا يطيقونها بخلف‬
‫هذه المة‪ ،‬فانهم كانوا أضعف من هؤلء طاقة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬تباهى‬
‫للمم بدل قوله‪ :‬بتائبي امتك‪ .‬وكذا فيما تقدم‪ (3) .‬البقرة‪) .286 - 284 :‬‬
‫‪ (4‬في المصدر‪ :‬ول يخدمون لكرامتك على‪ (5) .‬النجم‪(6) .18 - 13 :‬‬
‫محمدا خ ل وهو الموجود في المصدر‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬أحببته قبل أن‬
‫أخلق سمائي‪.‬‬

‫] ‪[ 348‬‬

‫أجريت فيه روحه )‪) ،(1‬ولقد القيت أنت معه في الذروة الولى )‪ (2‬وأقسم بحياته‬
‫في كتابه‪ ،‬فقال جل ثناؤه‪ " :‬لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )‪ " (3‬أي‬
‫وحياتك يا محمد‪ ،‬وكفى بهذا رفعة وشرفا من ال عز وجل ورتبة‪ ،‬قال‬
‫اليهودي‪ :‬فأخبرني عما فضل ال به امته على سائر المم‪ ،‬قال عليه‬
‫السلم‪ :‬لقد فضل ال امته صلى ال عليه واله على سائر المم بأشياء‬
‫كثيرة أنا أذكر لك منها قليل من كثير‪ ،‬من ذلك قول ال عزوجل‪ " :‬كنتم‬
‫خير امة اخرجت للناس )‪ " (4‬ومن ذلك أنه إذا كان يوم القيامة وجمع ال‬
‫الخلق في صعيد واحد سأله ال عزوجل النبيين هل بلغتم ؟ فيقولون‪ :‬نعم‪،‬‬
‫فيسأل المم فيقولون‪ :‬ما جاءنا من بشير ول نذير‪ ،‬فيقول ال جل ثناؤه‬
‫وهو أعلم بذلك للنبيين‪ :‬من شهداءكم اليوم ؟ فيقولون‪ :‬محمد و امته‪،‬‬
‫فتشد لهم امة محمد بالتبليغ‪ ،‬وتصدق شهادتهم‪ ،‬وشهادة )‪ (5‬محمد صلى‬
‫ال عليه واله فيؤمنون عند ذلك‪ ،‬وذلك قوله تعالى‪ " :‬لتكونوا شهداء على‬
‫الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )‪ " (6‬يقول‪ :‬يكون محمد عليكم‬
‫شهيدا أنكم قد بلغتم الرسالة‪ ،‬ومنها أنهم أول الناس حسابا‪ ،‬وأسرعهم‬
‫دخول إلى الجنة قبل سائر المم كلها‪ .‬ومنها أيضا أن ال عزوجل فرض‬
‫عليهم في الليل والنهار خمس صلوات في خمسة أوقات‪ :‬اثنتان بالليل‪،‬‬
‫وثلث بالنهار‪ ،‬ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلة‪ ،‬وجعلها‬
‫كفارة خطاياهم‪ ،‬فقال عزوجل‪ " :‬إن الحسنات يذهبن السيئات " )‪(7‬‬
‫يقول‪ :‬صلة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت )‪ (8‬الكبائر‪ .‬ومنها أيضا أن‬
‫ال تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد ول يعملها‬

‫)‪ (1‬روحا خ ل‪ .‬وهو الموجود في المصدر‪ (2) .‬المصدر خال عما وضعناه بين‬
‫الهللين‪ (3) .‬الحجر‪ (4) .72 :‬آل عمران‪ (5) .110 :‬وتصدق شهاداتهم‬
‫محمد صلى ال عليه وآله خ ل‪ (6) .‬البقرة‪ (7) .143 :‬هود‪(8) .114 :‬‬
‫ما اجتنب العبد خ ل‪ ،‬وهو الموجود في المصدر‪.‬‬

‫] ‪[ 349‬‬

‫حسنة واحدة يكتبها له‪ ،‬فإن عملها كتبت )‪ (1‬له عشر حسنات وأمثالها إلى‬
‫سبعمائة ضعف فصاعدا‪ .‬ومنها أن ال عز وجل يدخل الجنة من أهل هذه‬
‫المة سبعين ألفا بغير حساب‪ ،‬ووجوههم )‪ (2‬مثل القمر ليلة البدر‪ ،‬والذين‬
‫يلونهم على أحسن ما يكون الكوكب )‪ (3‬الدري في افق السماء‪ ،‬والذين‬
‫يلونهم على أشد كوكب في السماء إضاءة‪ ،‬ول اختلف بينهم ول تباغض‬
‫بينهم‪ .‬ومنها أن القاتل منهم عمدا إن شاء أولياء المقتول )‪ (4‬أن يعفوا‬
‫عنه فعلوا‪ ،‬وإن شاؤوا قبلوا الدية‪ ،‬وعلى أهل التوراة وهم أهل دينك )‪(5‬‬
‫يقتل القاتل ول يعفى عنه‪ ،‬ول تؤخذ منه دية‪ ،‬قال ال عزوجل‪ " :‬ذلك‬
‫تخفيف من ربكم ورحمة )‪ ." (6‬ومنها أن ال عزوجل جعل فاتحة الكتاب‬
‫نصفها لنفسه‪ ،‬ونصفها لعبده‪ ،‬قال ال تعالى‪ :‬قسمت بيني وبين عبدي هذه‬
‫السورة‪ ،‬فإذا قال أحدهم‪ " :‬الحمد ل " فقد حمدني‪ ،‬وإذا قال‪ " :‬رب‬
‫العالمين " فقد عرفني‪ ،‬وإذا قال‪ " :‬الرحمن الرحيم " فقد مدحني‪ ،‬وإذا‬
‫قال‪ " :‬مالك يوم الدين " فقد أثني علي‪ ،‬وإذا قال‪ " :‬إياك نعبد وإياك‬
‫نستعين )‪ " (7‬فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني‪ ،‬وبقية هذه‬
‫السورة له‪ .‬ومنها أن ال تعالى بعث جبرائيل عليه السلم )‪ (8‬إلى النبي‬
‫صلى ال عليه واله أن بشر امتك بالزين والسناء )‪ (9‬والرفعة والكرامة‬
‫والنصر‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬كتبها له‪ (2) .‬خلى المصدر عن العاطف‪ (3) .‬مثل الكوكب خ‬
‫صح‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬أولياء دم المقتول أن يعفوا عنه فعلوا ذلك‪(5) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬وهم أهل دينكم‪ ،‬والظاهر أنهما مصحف دينهم‪ (6) .‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (7) .78‬الحمد‪ (8) .5 - 1 :‬في المصدر‪ :‬جبرئيل‪ (9) .‬السناء‪ :‬الرفعة‪.‬‬
‫الضياء‪.‬‬

‫] ‪[ 350‬‬

‫ومنها أن ال سبحانه أباحهم صدقاتهم يأكلونها‪ ،‬ويجعلونها في بطون فقرائهم‬


‫يأكلون منها ويطعمون‪ ،‬وكانت صدقات من قبلهم من المم المؤمنين )‪(1‬‬
‫يحملونها إلى مكان قصي )‪ (2‬فيحرقونها بالنار‪ .‬ومنها أن ال عزوجل‬
‫جعل الشفاعة لهم خاصة دون المم‪ ،‬وال تعالى يتجاوز عن ذنوبهم العظام‬
‫لشفاعة )‪ (3‬نبيهم صلى ال عليه واله‪ .‬ومنها أن يقال يوم القيامة‪ :‬ليتقدم‬
‫الحامدون‪ ،‬فتقدم امة محمد صلى ال عليه واله قبل المم‪ ،‬وهو مكتوب‬
‫امة محمد الحامدون )‪ ،(4‬يحمدون ال عزوجل على كل منزلة‪ ،‬ويكبرونه‬
‫على كل نحد )‪ ،(5‬مناديهم في جوف السماء له )‪ (6‬دوى كدوي النحل‪.‬‬
‫ومنها أن ال ل يهلكهم بجوع‪ ،‬ول يجمعهم علي ضللة )‪ ،(7‬ول يسلط‬
‫عليهم عدوا من غيرهم‪ ،‬ول يساخ ببقيتهم )‪ ،(8‬وجعل لهم الطاعون‬
‫شهادة )‪ .(9‬ومنها أن ال جعل لمن صلى على نبيه عشر حسنات )‪،(10‬‬
‫ومحا عنه عشر سيئات‪،‬‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من كان قبلهم من المم الماضين‪ (2) .‬القصى‪ :‬البعيد‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬بشفاعة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬امة محمد هم الحامدون‪ (5) .‬كل‬
‫محل خ ل أقول‪ :‬النجد‪ :‬ما اشرف من الرض وارتفع‪ .‬وفي المصدر‪ :‬على‬
‫كل حال‪ (6) .‬لهم دوى خ ل‪ .‬أقول هو الموجود في المصدر‪ ،‬والدوى‪:‬‬
‫الصوت‪ (7) .‬فل أقل من ان تكون فيهم فرقة ناجية بخلف سائر المم‬
‫حيث اجتمعوا على ضللة‪ (8) .‬ول يساخ أي ول ينخسف‪ .‬وفي المصدر‪:‬‬
‫ول يساخ ببيضتهم‪ ،‬فمعناه‪ :‬يبقى عزهم وسلطنتهم إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫ويحتمل أنه مصحف‪ :‬ول يستباح بيضتهم‪ ،‬قال الجزري في النهاية‪ :‬فيه‬
‫ل تسلط عليهم عدوا فيستبيح بيضتهم أي مجتمعهم وموضع سلطانهم‬
‫ومستقر دعوتهم‪ ،‬وبيضة الدار‪ :‬وسطها و معظمها‪ ،‬أراد عدوا‬
‫يستأصلهم ويهلكهم جميعا‪ ،‬قيل‪ :‬أراد إذا هلك أصل البيضة كان هلك كل‬
‫ما فيها من طعم أو فرخ‪ ،‬وإذا لم يهلك أصل البيضة ربما سلم بعض‬
‫فراخها‪ ،‬قيل‪ :‬أراد بالبيضة الخوذة‪ ،‬فكأنه شبه مكان اجتماعهم والتئامهم‬
‫ببيضة الحديد‪ (9) .‬أي يثيبهم به ثواب الشهادة والطاعون‪ :‬الوباء وكل‬
‫مرض عام‪ (10) .‬في المصدر‪ :‬جعل لمن صلى منهم على نبيهم صلة‬
‫واحدة عشر حسنات‪.‬‬

‫] ‪[ 351‬‬

‫ورد ال سبحانه عليه مثل صلته على النبي صلى ال عليه واله‪ .‬ومنها أنه جعلهم‬
‫أزواجا ثلثة امما‪ ،‬فمنهم ظالم لنفسه‪ ،‬ومنهم مقتصد‪ ،‬ومنهم سابق‬
‫بالخيرات‪ ،‬والسابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب‪ ،‬والمقتصد يحاسب‬
‫)‪ .(1‬حسابا يسيرا‪ ،‬والظالم لنفسه مغفور له إنشاء ال‪ .‬ومنها أن ال‬
‫عزوجل جعل توبتهم الندم والستغفار والترك للصرار‪ ،‬وكانت بنو‬
‫إسرائيل توبتهم قتل النفس )‪ .(2‬ومنها قول ال عزوجل لنبيه صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬امتك هذه مرحومة‪ ،‬عذابها )‪ (3‬في الدنيا الزلزلة والفقر‪.‬‬
‫ومنها أن ال عزوجل يكتب للمريض الكبير )‪ (4‬من الحسنات على حسب‬
‫ما كان يعمل في شبابه وصحته من أعمال الخير‪ ،‬يقول ال سبحانه‬
‫للملئكة‪ :‬استكتبوا )‪ (5‬لعبدي مثل حسناته قبل ذلك ما دام في وثاقي )‪.(6‬‬
‫ومنها أن ال عزوجل ألزم امة محمد صلى ال عليه واله كلمة التقوى‪،‬‬
‫وجعل بدؤ الشفاعة لهم في الخرة‪ .‬ومنها أن النبي صلى ال عليه واله‬
‫رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملئكة قياما وركوعا منذ خلقوا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يا جبرئيل هذه هي العبادة‪ ،‬فقال جبرئيل‪ :‬صدقت يا محمد‪ ،‬فاسأل ربك أن‬
‫يعطي امتك القنوت والركوع والسجود في صلتهم‪ ،‬فأعطاهم ال تعالى‬
‫ذلك‪ ،‬فامة محمد صلى ال عليه واله يقتدون بالملئكة الذين )‪ (7‬في‬
‫السماء‪ ،‬قال )‪ (8‬النبي صلى ال عليه واله‪ :‬إن اليهود‬
‫)‪ (1‬يحاسب نفسه خ ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وكانت توبة بنى إسرائيل قتل أنفسهم‪.‬‬
‫أقول‪ :‬كانت توبتهم ذلك في بعض الذنوب كعبادة العجل‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫عذابهم‪ (4) .‬والكبير خ ل‪ (5) .‬اكتبوا خ ل صح‪ .‬وفي المصدر‪ :‬يقول ال‬
‫سبحانه لملئكته‪ :‬اكتبوا‪ (6) .‬الوثاق‪ :‬ما يشد به من قيد وحبل ونحوهما‪.‬‬
‫والمريض كأنه شد بالوثاق‪ ،‬لممنوعيته عن مزاوالة ما يفعله الصحيح‪) .‬‬
‫‪ (7‬في المصدر‪ :‬الذين هم في السماء‪ (8) .‬وقال خ‪.‬‬

‫] ‪[ 352‬‬

‫يحسدونكم على صلتكم وركوعكم وسجودكم )‪ .(1‬بيان‪ :‬الزراء‪ :‬التحقير والتهاون‬


‫والعيب‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬والنبيون من قبله‪ ،‬أي كان نبيون من قبل نوح‬
‫فلم يذكرهم بعد نوح‪ ،‬بل ذكر بعده من جاء بعده‪ ،‬وبدأ بنبينا قبل من تقدمه‪،‬‬
‫ويحتمل إرجاع الضمير في قبله إلى النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬أي النبيون‬
‫الذين ذكر ال‪ .‬أنهم بعد نوح كانوا قبله صلى ال عليه واله‪ ،‬وقد بدأ ال به‬
‫قبل نوح وقبلهم في الية الولى‪ ،‬ولعله أظهر )‪ ،(2‬ويؤيده أن كلمة " من‬
‫" ليست في بعض النسخ‪ .‬والشامة‪ :‬الخال‪ .‬قوله‪ :‬ولقد القيت أنت معه‪،‬‬
‫على بناء المجهول‪ .‬في الذروة الولى‪ ،‬لعله من ذرو الريح‪ ،‬وذرو الحب‬
‫أي نثره‪ ،‬أي ألقيتك معه حين أخرجت ذرية آدم من صلبه‪ ،‬ونثرتهم‪،‬‬
‫وأخذت عليهم الميثاق‪ ،‬ول يبعد أن يكون في الصل والتقيت معه في الذر‬
‫الولى‪ ،‬أي لقيته في عالم الذر السابق حين أخذت ميثاقه منك ومن سائر‬
‫النبين‪ .‬قوله‪ :‬على كل نجد‪ ،‬أي مكان مرتفع‪ - 34 .‬فر‪ :‬محمد بن أحمد‬
‫معنعنا عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين علي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم‪ :‬إن النبي صلى ال عليه واله اوتي علم النبيين‪ ،‬وعلم‬
‫الوصيين‪ ،‬وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة‪ ،‬ثم تل هذه الية يقول‬
‫ال لنبيه صلى ال عليه واله‪ " :‬هذا ذكر )‪ (3‬من معي وذكر من قبلي " )‬
‫‪ - 35 .(4‬ختص‪ :‬جماعة من أصحابنا‪ ،‬عن محمد بن جعفر المؤدب‪ ،‬عن‬
‫عدة من أصحابنا )‪ (5‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن الحسن‬
‫بن زياد‪ ،‬عن صفوان الجمال‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال لي‪:‬‬
‫يا صفوان هل تدري كم بعث ال من نبي ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ما أدري‪ .‬قال‪ :‬بعثت‬
‫ال مائة ألف نبي وأربعة وأربعين ألف نبي )‪ ،(6‬ومثلهم أوصياء بصدق‬

‫)‪ (1‬إرشاد القلوب ‪ (2) .226 - 217 :2‬والمعنى أن تعالى ذكره مع النبيين فبدأ به‬
‫والنبيون قبله صلى ال عليه وآله‪ (3) .‬النبياء‪ (4) .24 :‬تفسير فرات‪:‬‬
‫‪ (5) .96‬تقدم الحديث في باب معنى النبوة من كتاب قصص النبياء ‪:11‬‬
‫‪ 59‬وفيه‪ :‬عن بعض أصحابه‪ (6) .‬تقدمت في باب معنى النبوة روايات‬
‫فيها أن عدتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبى وفيها غير ذلك‪.‬‬
‫راجع‪.‬‬

‫] ‪[ 353‬‬

‫الحديث‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬والزهد في الدنيا‪ ،‬وما بعث ال نبيا خيرا من محمد صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬ول وصيا خيرا من وصيه )‪ - 36 .(1‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن صالح بن سهل‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم إن بعض قريش قال لرسول ال صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫بأي شئ سبقت النبياء‪ ،‬وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ قال‪ :‬إني كنت أول‬
‫من آمن بربي‪ ،‬وأول من أجاب حيث أخذ ال ميثاق النبيين " وأشهدهم‬
‫على أنفسهم ألست بربكم )‪ " (2‬فكنت أنا أول نبي قال )‪ :(3‬بلى‪ ،‬فسبقتهم‬
‫بالقرار بال عزوجل )‪ - 37 .(4‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسين‪ ،‬عن علي بن إسماعيل‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن سعدان بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن صالح بن سهل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سئل رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله بأي شئ سبقت ولد آدم ؟ قال‪ :‬إنني أول من أقر‬
‫بربي‪ ،‬إن ال أخذ ميثاق النبيين " وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم‬
‫قالوا‪ :‬بلى )‪ " (5‬فكنت أول من أجاب )‪ - 38 .(6‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪،‬‬
‫عن أحمد بن محمد بن خالد‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن سماعة قال‪ :‬قلت‬
‫لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬قول ال عزوجل‪ " :‬فاصبر كما صبر اولو‬
‫العزم من الرسل )‪ " (7‬فقال‪ :‬نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم‬
‫السلم ومحمد صلى ال عليه واله‪ ،‬قلت‪ :‬كيف صاروا اولوا العزم )‪ (8‬؟‬
‫قال‪ :‬لن نوحا بعث بكتاب وشريعة‪ ،‬وكل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح‬
‫وشريعته ومنهاجه حتى جاء إبراهيم عليه السلم بالصحف وبعزيمة ترك‬
‫كتاب‬

‫)‪ (1‬الختصاص‪ :‬مخطوط‪ (2) .‬العراف‪ (3) .172 :‬أول من قال خ ل‪ (4) .‬اصول‬
‫الكافي ‪ (5) .10 :2‬العراف‪ (6) .172 :‬اصول الكافي ‪(7) .12 :2‬‬
‫الحقاف‪ (8) .35 :‬هكذا في نسخة المصنف‪ ،‬وفي الطبعة الحروفية‬
‫والمصدر‪ ،‬اولى العزم وهو الصحيح‪.‬‬

‫] ‪[ 354‬‬

‫نوح عليه السلم لكفرا به‪ ،‬فكل نبي جاء بعد إبراهيم عليه السلم أخذ بشريعة‬
‫إبراهيم عليه السلم ومنهاجه وبالصحف حتى جاء موسى عليه السلم‬
‫بالتوراة وشريعته ومنهاجه وبعزيمة ترك الصحف‪ ،‬فكل نبي جاء بعد‬
‫موسى عليه السلم أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه‪ ،‬حتى جاء المسيح‬
‫عليه السلم بالنجيل وبعزيمة ترك شريعة )‪ (1‬موسى عليه السلم‬
‫ومنهاجه‪ ،‬فكل نبي جاء بعد المسيح عليه السلم أخذ بشريعته ومنهاجه‬
‫حتى جاء محمد صلى ال عليه واله فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه‪،‬‬
‫فحلله حلل إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة )‪ - 39 .(2‬ن‪:‬‬
‫بالسانيد الثلثة )‪ (3‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله إن موسى عليه السلم سأل ربه عزوجل فقال‪ :‬يا‬
‫رب اجعلني من امة محمد صلى ال عليه واله فأوحى ال تعالى إليه يا‬
‫موسى إنك ل تصل إلى ذلك )‪ .(4‬صح‪ :‬عنه عليه السلم مثله )‪- 40 .(5‬‬
‫ل‪ :‬في وصية النبي صلى ال عليه واله )‪ (6‬لعلي عليه السلم يا علي إن‬
‫ال عزوجل أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين‪ ،‬ثم اطلع‬
‫الثانية فاختارك على رجال العالمين بعدي‪ ،‬ثم اطلع الثالثة فاختار الئمة‬
‫من ولدك على رجال العالمين بعدك‪ ،‬ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة على‬
‫نساء العالمين )‪ - 41 .(7‬فر‪ :‬عن سليمان الديلمي )‪ (8‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم في قوله تعالى‪ " :‬اولئك‬

‫)‪ (1‬لعل المراد بعض ما كان في شريعة موسى عليه السلم‪ ،‬ونسخ في شريعة‬
‫عيسى عليه السلم‪ ،‬وال فعيسى عليه كان يتبع شريعة موسى في‬
‫الفروع‪ (2) .‬اصول الكافي ‪ (3) .17 :2‬ذكر المصنف السانيد الثلثد‬
‫بتفاصيلها في الفصل الرابع من المقدمة‪ .‬راجع ج ‪ (4) .51 :1‬عيون‬
‫أخبار الرضا‪ (5) .200 :‬صحيفة الرضا‪ (6) .29 :‬اخرج المصنف إسناد‬
‫الوصية في الفصل الرابع من المقدمة راجع ج ‪ (7) .52 :1‬الخصال ‪:1‬‬
‫‪ 96‬و ‪ (8) .97‬في المصدر‪ :‬فرات قال‪ :‬حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد‬
‫معنعنا عن سليمان الديلمي قال‪ :‬كنت عند أبي عبد ال عليه السلم إذ‬
‫دخل عليه أبو بصير وقد أخذه النفس‪ ،‬فلما أن أخذ مجلسه قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد ما هذا النفس العالي ؟ قال‪ :‬جعلت فداك يابن‬
‫رسول ال‪= :‬‬

‫] ‪[ 355‬‬

‫مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين )‪" (1‬‬
‫فرسول ال في الية النبيين )‪ ،(2‬ونحن في هذا الموضع الصديقين‬
‫والشهداء‪ ،‬وأنتم الصالحون‪ .‬الخبر )‪ - 42 .(3‬يد‪ ،‬مع‪ :‬إبراهيم بن هارون‬
‫الهيتي )‪ ،(4‬عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج‪ ،‬عن الحسين بن أيوب‪ ،‬عن‬
‫محمد بن غالب‪ ،‬عن علي بن الحسين‪ ،‬عن الحسن بن أيوب‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن سليمان‪ ،‬عن محمد بن مروان الذهلي‪ ،‬عن الفضيل بن يسار قال‪ :‬قلت‬
‫لبي عبد ال الصادق عليه السلم‪ " :‬ال نور السماوات والرض )‪" (5‬‬
‫قال‪ :‬كذلك ال عزوجل‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ " :‬مثل نوره " قال لي‪ :‬محمد صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬قلت‪ " :‬كمشكاة " قال‪ :‬صدر محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫" فيها مصباح " قال‪ :‬فيه نور العلم‪ ،‬يعني النبوة‪ ،‬قلت‪ " :‬المصباح في‬
‫زجاجة " قال‪ :‬علم رسول ال صلى ال عليه واله صدر إلى قلب علي‬
‫عليه السلم‪ ،‬قلت‪ " :‬كأنها " قال‪ :‬لي شئ تقرأ " كأنها " قلت‪ :‬وكيف )‬
‫‪ (6‬جعلت فداك ؟ قال‪ " :‬كأنه )‪ (7‬كوكب دري " قلت‪ " :‬توقد )‪ (8‬من‬
‫شجرة مباركة زيتونة ل شرقية ول غربية " قال‪ :‬ذاك أمير المؤمنين علي‬
‫بن أبي طالب‬

‫= كبرت سنى‪ ،‬ودق عظمي‪ ،‬واقترب اجلي‪ ،‬ولست أدري ما أرد عليه من أمر‬
‫آخرتي‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد وانك لتقول‪ :‬هذا ؟‬
‫فقال‪ :‬وكيف ل أقول‪ :‬هذا ؟ فذكر كلما‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أبا محمد لقد ذكركهم‬
‫ال في كتابه المبين بقوله‪ :‬اولئك ا‍ه‪ .‬وفي ذيله‪ :‬فسموا بالصلح كما‬
‫سماكم ال يا ابا محمد‪ (1) .‬النساء‪ (2) .69 :‬أي من النبيين‪ .‬وكذا فيما‬
‫بعده‪ (3) .‬تفسير فرات‪ (4) .36 :‬الهيتى منسوب إلى هيت بالكسر‪ :‬بلدة‬
‫على الفرات من نواحي بغداد فوق النبار‪ .‬وبلدة من قرى حوران من‬
‫ناحية اللوى من اعمال دمشق‪ .‬فما في المصدر‪) :‬الهيستى( مصحف‪(5) .‬‬
‫النور‪ (6) .35 :‬في معاني الخبار‪ :‬وكيف أقرأ‪ (7) .‬قراءة )كأنها(‬
‫متواتر أجمعت المة عليها‪ ،‬فل يعارضها ذلك‪ ،‬لنه خبر واحد معارض‬
‫بمثله حيث وردت في روايات اخرى قراءة )كأنها( مع أن الحديث في‬
‫نفسه أيضا ضعيف‪ (8) .‬في التوحيد المطبوع‪) :‬يوقد( وفي نسخة‬
‫مخطوطة والمعاني‪) :‬توقد( وهما قراءتان‪.‬‬

‫] ‪[ 356‬‬

‫عليه السلم ل يهودي ول نصراني‪ ،‬قلت‪ " :‬يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار "‬
‫قال‪ :‬يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫" نور على نور " قال‪ :‬المام على أثر المام )‪ - 43 .(1‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن جندب‪ ،‬عن الرضا عليه السلم‪ ،‬أنه كتب إليه‪ :‬مثلنا في كتاب‬
‫ال كمثل " المشكاة " والمشكاة في القنديل‪ ،‬فنحن المشكاة " فيها‬
‫مصباح " المصباح محمد رسول ال صلى ال عليه واله " المصباح في‬
‫زجاجة " من عنصره الطاهرة‪ ،‬إلى قوله تعالى‪ " :‬ل شرقية ول غربية "‬
‫ل دعية ول منكرة‪ " ،‬يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسه نار " القرآن " نور‬
‫على نور " إمام بعد إمام " يهدي ال لنوره من يشآء " الية‪ ،‬فالنور‬
‫علي يهدي ال لوليتنا من أحب‪ ،‬حق )‪ (2‬على ال أن يبعث ولينا مشرقا‬
‫وجهه‪ ،‬نيرا برهانه )‪ ،(3‬ظاهرة عند ال حجته‪ .‬الخبر )‪ - 44 .(4‬ختص‪،‬‬
‫ير‪ :‬محمد بن الحسين‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن عمار بن مروان‪ ،‬عن المنخل‪،‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قوله تبارك وتعالى‪ " :‬ال نور‬
‫السماوات والرض مثل نوره " فهو محمد صلى ال عليه واله " فيها‬
‫مصباح " وهو العلم " المصباح في زجاجة " فزعم أن الزجاجة أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬وعلم نبي ال عنده )‪ - 45 .(5‬كشف‪ :‬من دلئل‬
‫الحميري عن محمد الرقاشي )‪ (6‬قال‪ :‬كتبت إلى أبي محمد عليه السلم‬
‫أسأله عن المشكاة‪ ،‬فرجع الجواب‪ :‬المشكاة قلب محمد صلى ال عليه واله‬
‫)‪ (7‬أقول‪ :‬سيأتي سائر الخبار في ذلك مع شرحها في كتاب المامة‪ ،‬وقد‬
‫مر بعضها في كتاب التوحيد‪.‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ ،9 :‬التوحيد‪ ،148 :‬وفيه‪ :‬في أثر المام‪ (2) .‬وحق خ ل‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬منيرا برهانه‪ (4) .‬تفسير القمي‪ 457 :‬و ‪ .458‬والحديث‬
‫فيه طويل‪ ،‬ذكر المصنف بعضه‪ (5) .‬الختصاص‪ :‬مخطوط‪ ،‬بصائر‬
‫الدرجات‪ 48 :‬و ‪ (6) .85‬في المصدر‪ :‬محمد بن درياب المرقاشي‪(7) .‬‬
‫كشف الغمة‪ .307 :‬في الحديث تقطيع‪.‬‬

‫] ‪[ 357‬‬

‫‪ - 46‬كنز‪ :‬بإسناده عن عبد ال بن سليمان قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫قوله تعالى‪ " :‬قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا )‪" (1‬‬
‫قال‪ :‬البرهان رسول ال صلى ال عليه واله والنور المبين علي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم )‪ - 47 .(2‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن محمد بن‬
‫يحيى الخثعمي‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن ابن أبي يعفور قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬سادة النبيين والمرسلين خمسة‪ ،‬وهم اولوا العزم من‬
‫الرسل‪ ،‬وعليهم دارت الرحى‪ :‬نوح‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى‪ ،‬ومحمد‬
‫صلى ال عليهم )‪ (3‬وعلى جميع النبياء )‪ - 48 .(4‬كا‪ :‬الحسين بن‬
‫محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن أحمد بن عائذ‪ ،‬عن ابن اذينة‪ ،‬عن‬
‫بريد قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬وكذلك‬
‫جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )‪ " (5‬فقال‪ :‬نحن المة‬
‫الوسطى‪ ،‬ونحن شهداء ل على خلقه‪ ،‬وحجبه في أرضه‪ ،‬قلت‪ :‬قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬ملة أبيكم إبراهيم " قال‪ :‬إيانا عنى خاصة " هو سماكم‬
‫المسلمين من قبل " في الكتب التي مضت " وفي هذا " القرآن " ليكون‬
‫الرسول عليكم شهيدا )‪ " (6‬فرسول ال صلى ال عليه واله الشهيد علينا‬
‫بما بلغنا عن ال عزوجل‪ ،‬ونحن الشهداء على الناس )‪ ،(7‬فمن صدق‬
‫صدقناه يوم القيامة‪ ،‬ومن كذب كذبناه )‪ - 49 .(8‬وبهذا السناد عن‬
‫الوشاء‪ ،‬عن أحمد بن عمر الحلل قال‪ :‬سألت أبا الحسن‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .174 :‬كنز الفوائد‪ (3) .71 :‬في المصدر‪ :‬صلى ال عليه وآله‬
‫وعلى جميع النبياء‪ (4) .‬اصول الكافي ‪ (5) .175 :1‬البقرة‪(6) .143 :‬‬
‫في المصحف الشريف‪ " :‬شهيدا عليكم " راجع سورة الحج‪(7) .78 :‬‬
‫تفسير لما بعد الية‪ " :‬وتكونوا شهداء على الناس "‪ (8) .‬اصول الكافي‬
‫‪ .190 :1‬وفيه‪ :‬كذبناه يوم القيامة‪.‬‬

‫] ‪[ 358‬‬

‫عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه‬
‫)‪ " (1‬فقال‪ :‬أمير المؤمنين عليه السلم الشاهد على رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه واله على بينة من ربه )‪- 50 .(2‬‬
‫كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن ابن اذينة‪ ،‬عن بريد‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم في قول ال عزوجل‪ " :‬إنما أنت منذر ولكل قوم هاد )‬
‫‪ " (3‬فقال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه واله المنذر‪ ،‬ولكل زمان منا هاد‬
‫يهديهم إلى ما جاء به نبي ال صلى ال عليه واله‪ ،‬ثم الهداة من بعده‬
‫علي‪ ،‬ثم الوصياء واحد بعد واحد )‪ - 51 .(4‬كا‪ :‬أحمد بن مهران‪ ،‬عن‬
‫محمد بن علي‪ ،‬ومحمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد جميعا‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سنان‪ ،‬عن المفضل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما جاء به علي‬
‫عليه السلم آخذ به‪ ،‬وما نهى عنه أنتهي عنه‪ ،‬جرى له من الفضل ما‬
‫جرى لمحمد صلى ال عليه واله‪ ،‬ولمحمد صلى ال عليه وآله الفضل على‬
‫جميع من خلق ال‪ .‬الخبر )‪ .(5‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن‬
‫محمد بن جمهور‪ ،‬عن ابن سنان مثله )‪ - 52 .(6‬كا‪ :‬علي بن محمد‪،‬‬
‫ومحمد بن الحسن‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي‪ ،‬عن‬
‫سعيد العرج‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪ - 53 .(7‬كا‪ :‬محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬وأحمد بن محمد‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن علي بن حسان‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال الرياحي‪ ،‬عن أبي الصامت الحلواني‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬فضل )‪ (8‬أمير المؤمنين عليه السلم ما جاء به آخذ به‪ ،‬وما‬
‫نهى عنه أنتهي عنه‪ ،‬جرى له من الطاعة بعد‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .17 :‬اصول الكافي‪ (3) .190 :‬الرعد‪ (4) .7 :‬اصول الكافي‪.191 :‬‬
‫)‪ (5‬اصول الكافي ‪ .196 :1‬وفيه مثل ما جرى‪ (6) .‬اصول الكافي ‪:1‬‬
‫‪ (7) .197‬اصول الكافي ‪ ،197 :1‬والحديث طويل‪ ،‬وفيه‪ :‬يؤخذ به‪ ،‬وما‬
‫نهى عنه ينتهي عنه‪ (8) .‬فضل على بناء للمفعول من التفعيل‪ ،‬ويحتمل‬
‫المصدر‪.‬‬

‫] ‪[ 359‬‬

‫رسول ال صلى ال عليه واله ما لرسول ال صلى ال عليه واله والفضل لمحمد‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬المتقدم بين يديه كالمتقدم بين يدي ال ورسوله‪،‬‬
‫والمتفضل عليه كالمتفضل على رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬والراد‬
‫عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بال‪ ،‬فإن رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله باب ال الذي ل يؤتى إل منه‪ ،‬وسبيله الذي من سلكه وصل إلى‬
‫ال عزوجل‪ ،‬وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلم من بعده‪ ،‬الخبر )‪.(1‬‬
‫‪ - 54‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن أبي داود المسترق‪ ،‬عن داود‬
‫الجصاص قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ " :‬وعلمات وبالنجم‬
‫هم يهتدون )‪ " (2‬قال‪ :‬النجم رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬والعلمات‬
‫هم الئمة )‪ - 55 .(3‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن عجلن‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قول ال عزوجل‪" :‬‬
‫فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون )‪ " (4‬قال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله الذكر‪ ،‬أنا والئمة عليهم السلم أهل الذكر‪ ،‬وقوله عزوجل‪ " :‬وإنه‬
‫لذكر لك ولقومك وسوف تسألون )‪ " (5‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬نحن‬
‫قومه‪ ،‬ونحن المسؤولون )‪ - 56 .(6‬كا‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪،‬‬
‫عن ابن اورمة‪ ،‬عن علي بن حسان‪ ،‬عن عبد الرحمن بن كثير قال‪ :‬سألت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬ألم تر إلي الذين بدلوا‬
‫نعمة ال كفرا )‪ " (7‬الية‪ ،‬قال‪ :‬عنى بها قريشا قاطبة‪ :‬الذين عادوا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬ونصبوا له الحرب‪ ،‬وجحدوا وصية وصيه‬
‫)‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ 197 :1‬و ‪ (2) .198‬النحل‪ (3) .16 :‬اصول الكافي ‪) .206 :1‬‬
‫‪ (4‬النحل‪ (5) .43 :‬الزخرف‪ (6) .44 :‬اصول الكافي ‪(7) .210 :1‬‬
‫ابراهيم‪ (8) .28 :‬اصول الكافي ‪.217 :1‬‬

‫] ‪[ 360‬‬

‫‪ - 57‬كا‪ :‬العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن عبد ال بن بحر‪،‬‬
‫عن ابن مسكان‪ ،‬عن عبد الرحمن بن أبي عبد ال‪ ،‬عن محمد بن مسلم‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬الئمة بمنزلة رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله )‪ ،(1‬إل أنهم ليسوا بأنبياء‪ ،‬ول يحل لهم من النساء ما يحل‬
‫للنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فهم بمنزلة )‪ (2‬رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫)‪ .(3‬بيان‪ :‬ظاهر اشتراك سائر الخصائص بينه صلى ال عليه واله وبينهم‬
‫عليهم السلم‪ ،‬وهو خلف المشهور‪ ،‬ويحتمل أن يكون ذكر النساء على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬والمراد جميع الخصائص‪ - 58 .‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن أبي زاهر‪ ،‬عن الخشاب‪ ،‬عن علي بن حسان‪ ،‬عن عبد الرحمن بن‬
‫كثير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال )‪ " :(4‬الذين آمنوا واتبعتهم‬
‫ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ )‪" (5‬‬
‫قال‪ :‬الذين آمنوا النبي صلى ال عليه واله وأمير المؤمنين عليه السلم‪،‬‬
‫وذريته الئمة والوصياء صلوات ال عليهم‪ ،‬ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم‬
‫الحجة التي جاء بها محمد صلى ال عليه واله في علي صلوات ال عليه‪،‬‬
‫وحجتهم واحدة‪ ،‬وطاعتهم واحدة )‪ - 59 .(6‬كا‪ :‬أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫محمد بن الحسن‪ ،‬عن علي بن إسماعيل‪ :‬عن صفوان‪ ،‬عن ابن مسكان‪،‬‬
‫عن الحارث بن المغيرة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬نحن في المر والفهم والحلل والحرام‬
‫نجري مجرى واحد‪ ،‬فأما رسول ال صلى ال عليه واله وعلي عليه‬
‫السلم فلهما فضلهما )‪ - 60 .(7‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن الصبهاني‪ ،‬عن‬
‫المنقري‪ ،‬عن حفص‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬جاء إبليس إلى‬
‫موسى بن عمران عليه السلم وهو يناجي ربه‪ ،‬فقال له‪:‬‬

‫)‪ (1‬في وجوب الطاعة وحرمة العصيان‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فأما ما خل ذلك فهم فيه‬
‫بمنزلة رسول ال صلى ال عليه وآله‪ (3) .‬اصول الكافي ‪(4) .270 :1‬‬
‫في نسخة من المصدر‪ :‬قال ال تعالى‪ (5) .‬الطور‪ (6) .21 :‬اصول‬
‫الكافي ‪ (7) .275 :1‬اصول الكافي ‪.275 :1‬‬

‫] ‪[ 361‬‬

‫ملك من الملئكة‪ :‬ما ترجو منه وهو على هذه الحال يناجي ربه ؟ فقال‪ :‬أرجو منه‬
‫ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة‪ ،‬وكان فيما ناجاه أن قال له‪ :‬يا‬
‫موسى ل أقبل الصلة إل لمن تواضع لعظمتي‪ ،‬وألزم قلبه خوفي‪ ،‬وقطع‬
‫نهاره بذكري‪ ،‬ولم يبت مصرا على الخطيئة‪ ،‬وعرق حق أوليائي وأحبائي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا رب تعني بأحبائك وأوليائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب ؟ فقال‪ :‬هم‬
‫كذلك يا موسى‪ ،‬إل أني أردت من من أجله خلقت آدم وحواء‪ ،‬ومن من‬
‫أجله خلقت الجنة والنار‪ ،‬فقال موسى‪ :‬ومن هو يا رب ؟ قال‪ :‬محمد‪،‬‬
‫أحمد‪ ،‬شققت اسمه من اسمي‪ ،‬لني أنا المحمود‪ ،‬فقال موسى‪ :‬يا رب‬
‫اجعلني من امته‪ ،‬قال‪ :‬أنت يا موسى من امته إذا عرفته‪ ،‬وعرفت منزلته‪،‬‬
‫ومنزلة أهل بيته‪ ،‬إن مثله ومثل أهل بيته ومن خلقت كمثل الفردوس في‬
‫الجنان‪ ،‬ل ييبس ورقها‪ ،‬ول يتغير طعمها‪ ،‬فمن عرفهم وعرف حقهم‬
‫جعلت له عند الجهل حلما‪ ،‬وعند الظلمة نورا‪ ،‬واجيبه قبل أن يدعو )‪،(1‬‬
‫واعطيه قبل أن يسألني‪ .‬والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة )‪61 .(2‬‬
‫‪ -‬فر‪ :‬عن عبيد بن كثير‪ ،‬عن محمد بن الجنيد‪ ،‬عن يحيى بن معلى )‪،(3‬‬
‫عن إسرائيل‪ ،‬عن جابر الجعفي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله لما اسري بي إلى السماء قال لي العزيز )‬
‫‪ (4‬الجبار‪ :‬يا محمد إني اطلعت إلى الرض اطلعة فاخترتك منها‪،‬‬
‫واشتققت لك اسما من أسمائي‪ ،‬ل اذكر في مكان إل ذكرت معي‪ ،‬فأنا‬
‫محمود )‪ (5‬وأنت محمد‪ ،‬ثم اطلعت الثانية اطلعة فاخترت منها عليا‪،‬‬
‫واشتققت له اسما من أسمائي فأنا العلى وهو علي‪ ،‬يا محمد خلقتك‬
‫وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين أشباح نور‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬قبل أن يدعوني‪ (2) .‬معاني الخبار‪ (3) .20 :‬في المصدر‪ :‬يحيى‬
‫بن يعلي‪ ،‬ولعله يحيى بن يعلي السلمي الكوفي المترجم في التقريب‪:‬‬
‫‪ ،556‬وفيه أنه شيعي‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬قال لي العزيز‪ " :‬آمن الرسول‬
‫بما انزل إليه من ربه " قلت‪ " :‬والمؤمنون " قال‪ :‬صدقت يا محمد‪ ،‬من‬
‫خلفت لمتك من بعدك ؟ قلت‪ :‬خيرها لهلها‪ ،‬قال‪ :‬علي بن أبي طالب ؟‬
‫قلت‪ .‬نعم‪ :‬يا رب‪ ،‬قال‪ :‬يا محمد اني اطلعت‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فأنا‬
‫المحمود‪.‬‬

‫] ‪[ 362‬‬

‫من نوري‪ ،‬وعرضت وليتكم على السماوات )‪ (1‬وعلى الرضين ومن فيهن‪ ،‬فمن‬
‫قبل وليتكم كان عندي من الظفرين‪ ،‬ومن جحدها كان عندي من الكفار )‬
‫‪ ،(2‬يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي )‪ (3‬ثم‬
‫أتاني جاحدا لوليتكم ما غفرت له حتى يقر بوليتكم‪ .‬الخبر )‪ - 62 .(4‬ن‪:‬‬
‫ابن عبدوس‪ ،‬عن ابن قتيبة‪ ،‬عن حمدان بن سليمان‪ ،‬عن الهروي‪ ،‬عن‬
‫الرضا عليه السلم في خبر طويل‪ :‬قال‪ :‬إن آدم عليه السلم‪ ،‬لما أكرمه ال‬
‫تعالى بإسجاد ملئكته و بإدخال الجنة )‪ (5‬قال في نفسه‪ :‬هل خلق ال‬
‫بشرا أفضل مني ؟ فعلم ال عزوجل ما وقع في نفسه‪ ،‬فناداه ارفع رأسك يا‬
‫آدم فانظر إلى ساق عرشي‪ ،‬فرفع آدم عليه السلم رأسه فنظر إلى ساق‬
‫العرش‪ ،‬فوجد عليه مكتوبا‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬محمد رسول ال‪ ،‬علي بن أبي‬
‫طالب أمير المؤمنين‪ ،‬وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين‪ ،‬والحسن‬
‫والحسين سيد شباب أهل الجنة‪ ،‬فقال آدم عليه السلم‪ :‬يا رب من هؤلء ؟‬
‫فقال عزوجل‪ :‬هؤلء من ذريتك‪ ،‬وهم خير منك ومن جميع خلقي‪ ،‬ولو ل‬
‫هم ما خلقتك ول خلقت الجنة والنار‪ ،‬ول السماء والرض‪ ،‬فإياك أن تنظر‬
‫إليهم بعين الحسد فاخرجك عن جواري‪ ،‬فنظر إليهم بعين الحسد )‪(6‬‬
‫وتمنى منزلتهم فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهى‬
‫عنها‪ ،‬وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة عليها السلم بعين الحسد حتى‬
‫أكلت من الشجرة كما أكل آدم‪ ،‬فأخرجهما ال عزوجل عن جنته‪ ،‬وأهبطهما‬
‫عن جواره إلى الرض )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬على السماء وأهلها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬من الكافرين‪ (3) .‬أي‬
‫كالقربة الخلق‪ (4) .‬تفسير فرات‪ (5) .5 :‬في المصدر‪ :‬باسجاد ملئكته له‬
‫وبادخاله الجنة‪ (6) .‬قال المصنف‪ :‬المراد بالحسد الغبطة التي لم تكن‬
‫تنبغي له عليه السلم‪ ،‬ويؤيده قوله عليه السلم‪ :‬وتمنى منزلتهم‪(7) .‬‬
‫عيون أخبار الرضا‪ .170 :‬وأخرجه بتمامه عنه وعن المعاني في باب‬
‫ارتكاب ترك الولى ومعناه راجع ‪ 164 :11‬و ‪.165‬‬

‫] ‪[ 363‬‬

‫اقول‪ :‬سيأتي أخبار كثيرة في فضله صلى ال عليه واله في كتاب المامة‪ ،‬وأبواب‬
‫فضائل أصحاب الكساء‪ ،‬وفضائل أمير المؤمنين عليه السلم‪ - 63 .‬ب‪:‬‬
‫ابن عيسى‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن الرضا عليه السلم أنه عليه السلم كتب‬
‫إليه‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ل يستكمل عبد اليمان حتى يعرف أنه‬
‫يجري لخرهم ما يجري لولهم في الحجة والطاعة والحلل والحرام سواء‬
‫)‪ ،(1‬ولمحمد صلى ال عليه واله وأمير المؤمنين فصلهما )‪ - 64 .(2‬ن‪:‬‬
‫فيما بين الرضا عليه السلم )‪ (3‬عند المأمون من فضل العترة الطاهرة‬
‫قال‪ :‬الذكر رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬ونحن أهله‪ ،‬وذلك بين في كتاب‬
‫ال حيث يقول‪ " :‬الذين آمنوا قد أنزل ال إليكم ذكرا * رسول يتلو عليكم‬
‫آيات ال مبينات )‪ " (4‬فالذكر رسول ال صلى ال عليه واله ونحن أهله )‬
‫‪ - 65 .(5‬مع‪ :‬الطالقاني‪ ،‬عن الجلودي‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‪ ،‬عن‬
‫العبسي‪ ،‬عن محمد ابن هلل‪ ،‬عن نائل بن نجيح‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن‬
‫جابر قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬كشجرة‬
‫طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها )‪(6‬‬
‫" قال أما الشجرة فرسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬وفرعها علي عليه‬
‫السلم‪ ،‬وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫وثمرها أولدها عليهم السلم‪ ،‬وورقها شيعتنا‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬إن‬
‫المؤمن من شيعتنا ليموت فيسقط من الشجرة ورقة‪ ،‬وإن المولود من‬
‫شيعتنا ليولد فتورق الشجرة ورقة )‪ .(7‬أقول‪ :‬سيأتي مثله بأسانيد في‬
‫كتاب المامة‪.‬‬
‫)‪ (1‬المصدر خال عن كلمة‪ :‬سواء‪ (2) .‬قرب السناد‪ .153 :‬وفيه‪ :‬ولمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ (3) .‬ذكره الصدوق باسناده عن علي بن الحسين‬
‫بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور رضي ال عنهما قال‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن عبد ال بن جعفر الحميري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الريان بن‬
‫الصلت‪ (4) .‬الطلق‪ 10 :‬و ‪ (5) .11‬عيون أخبار الرضا‪(6) .132 :‬‬
‫أبراهيم‪ 24 :‬و ‪ (7) .25‬معاني الخبار‪.113 :‬‬

‫] ‪[ 364‬‬

‫‪ - 66‬ك‪ :‬الهمداني‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن معبد‪ ،‬عن الحسين بن خالد‪،‬‬
‫عن أبي الحسن )‪ (1‬موسى عليه السلم عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله أنا سيد من خلق ال‪ ،‬وأنا خير من جبرئيل‬
‫وإسرافيل‪ ،‬وحملة العرش‪ ،‬وجميع الملئكة المقربين )‪ ،(2‬وأنبياء ال‬
‫المرسلين‪ ،‬وأنا صاحب الشفاعة والحوض الشريف‪ ،‬وأنا وعلي أبوا هذه‬
‫المة‪ ،‬من عرفنا فقد عرف ال‪ ،‬ومن أنكرنا فقد أنكر ال عزوجل‪ ،‬ومن‬
‫علي سبطا امتي‪ ،‬وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين‪ ،‬ومن ولد‬
‫الحسين أئمة تسعة‪ ،‬طاعتهم طاعتي‪ ،‬ومعصيتهم معصيتي‪ ،‬تاسعهم قائمهم‬
‫ومهديهم )‪ - 67 .(3‬شف‪ :‬من كتاب المامة عن بيدار بن )‪ (4‬عاصم‪،‬‬
‫عمن حدثه‪ ،‬عن عبد ال ابن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لما‬
‫خلق ال العرش خلق ملكين فاكتنفاه فقال‪ :‬اشهدا أن ل إله إل أنا‪ ،‬فشهدا‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬اشهدا أن محمدا رسول ال فشهدا‪ ،‬ثم قال‪ :‬اشهدا أن عليا أمير‬
‫المؤمنين فشهدا )‪ - 68 .(5‬ارشاد القلوب‪ :‬عن أبي ذر الغفاري رضي ال‬
‫عنه قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬افتخر إسرافيل على‬
‫جبرائيل فقال‪ :‬أنا خير منك‪ ،‬قال‪ :‬ولم أنت خير مني ؟ قال‪ :‬لني صاحب‬
‫الثمانية حملة العرش‪ ،‬وأنا صاحب النفخة في الصور‪ ،‬وأنا أقرب الملئكة‬
‫إلى ال تعالى‪ ،‬قال جبرائيل عليه السلم‪ :‬أنا خير منك‪ ،‬فقال‪ :‬بما أنت خير‬
‫مني ؟ قال‪ :‬لني أمين ال على وحيه‪ ،‬وأنا رسوله إلى النبياء والمرسلين‪،‬‬
‫وأنا صاحب الخسوف والقذوف )‪ ،(6‬وما أهلك ال امة من المم إل علي‬
‫يدي‪ ،‬فاختصما إلى ال تعالى فأوحى إليهما‪ :‬اسكتا )‪ ،(7‬فوعزتي وجللي‬
‫لقد خلقت من هو خير منكما‪ ،‬قال‪ :‬يا رب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬علي بن موسى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬من جبرئيل وميكائيل واسرافيل‬
‫وحملة العرش‪ ،‬وجميع ملئكة ال المقربين‪ (3) .‬كمال الدين‪ 151 :‬و‬
‫‪ (4) .152‬هكذا في الكتاب‪ ،‬وفي المصدر‪ :‬نبدار بتقديم النون على الباء‪،‬‬
‫والظاهر أنهما مصحفان عن بندار بتقديم الباء‪ (5) .‬كشف اليقين‪) .55 :‬‬
‫‪ (6‬في المصدر‪ :‬صاحب الكسوف والخسوف‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬فأوحى‬
‫ال إليهما أن اسكتا‪.‬‬

‫] ‪[ 365‬‬

‫أو تخلق خيرا منا )‪ (1‬ونحن خلقنا من نور ؟ قال ال تعالى‪ :‬نعم‪ ،‬وأوحى )‪ (2‬إلى‬
‫حجب القدرة‪ :‬انكشفي )‪ ،(3‬فانكشف فإذا على ساق العرش اليمن مكتوب‪:‬‬
‫" ل إله إل ال‪ ،‬محمد )‪ (4‬وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق ال‬
‫)‪ " (5‬فقال جبرائيل‪ :‬يا رب فإني أسألك بحقهم عليك إل جعلتني خادمهم‪،‬‬
‫قال ال تعالى‪ :‬قد جعلت‪ ،‬فجبرائيل من أهل البيت وإنه لخادمنا )‪- 69 .(6‬‬
‫فس‪ :‬الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن‬
‫حسان‪ ،‬عن الهيثم بن واقد‪ ،‬عن علي بن الحسين العبدي‪ ،‬عن سعد‬
‫السكاف‪ ،‬عن الصبغ أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلم عن قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬سبح اسم ربك العلى " )‪ (7‬فقال‪ :‬مكتوب على قائمة العرش‬
‫قبل أن يخلق ال السماوات والرضين بألفي عام )‪ :(8‬ل إله إل ال وحده‬
‫ل شريك له‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬فاشهدوا بهما‪ ،‬وأن عليا عليه‬
‫السلم وصي محمد صلى ال عليه واله )‪ - 70 .(9‬شف‪ :‬من كتاب المامة‬
‫عن هشام بن سالم‪ ،‬عن الحارث بن المغيرة النضري )‪ (10‬قال‪ :‬حول‬
‫العرش كتاب جليل مسطور‪ :‬إني أنا ال ل إله إل أنا‪ ،‬محمد رسول ال‪،‬‬
‫علي أمير المؤمنين )‪ - 71 .(11‬صح‪ :‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إنا أهل بيت‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أو تخلق من هو خير منا ونحن خلقنا من نور ال‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وأومأ‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬أن انكشفي‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬محمد‬
‫رسول ال‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬أحباؤ ال‪ (6) .‬إرشاد القلوب ‪(7) .214 :2‬‬
‫العلى‪ (8) .1 :‬في المصدر‪ :‬والرض بألف سنة‪ (9) .‬تفسير القمي‪:‬‬
‫‪ 721‬و ‪ (10) .722‬الصحيح النصري بالمهملة‪ ،‬صرح به النجاشي‬
‫وقال‪ :‬إنه من بني نصر بن معاوية‪ (11) .‬كشف اليقين‪.55 :‬‬

‫] ‪[ 366‬‬

‫ل تحل لنا الصدقة وامرنا باسباغ الوضوء‪ ،‬وأن ل ننزي حمارا على )‪ (1‬عتيقة‪،‬‬
‫ول نمسح على خف )‪ - 72 .(2‬جع‪ ،‬لي‪ :‬ما جيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن هلل‪ ،‬عن الفضل بن دكين‪ ،‬عن معمر بن راشد قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬أتى يهودي النبي صلى ال عليه واله فقام بين يديه‬
‫يحد النظر )‪ (3‬إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا يهودي حاجتك ؟ )‪ (4‬قال‪ :‬أنت أفضل أم‬
‫موسى بن عمران النبي الذي كلمه ال‪ ،‬وأنزل عليه التوراة والعصا‪ ،‬وفلق‬
‫له البحر‪ ،‬وأظله بالغمام ؟ فقال له النبي صلى ال عليه واله‪ :‬إنه يكره‬
‫للعبد أن يزكي نفسه‪ ،‬ولكني أقول‪ :‬إن آدم عليه السلم لما أصاب الخطيئة‬
‫كانت توبته أن قال‪ " :‬اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت‬
‫لي " فغفرها ال له‪ ،‬وإن نوحا لما ركب في السفينة )‪ (5‬وخاف الغرق‬
‫قال‪ :‬اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني من الغرق " فنجاه‬
‫ال عنه‪ ،‬وإن إبراهيم عليه السلم لما القي في النار قال‪ :‬اللهم إني أسألك‬
‫بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني منها " فجعلها ال عليه بردا و سلما‪،‬‬
‫وإن موسى عليه السلم لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال‪" :‬‬
‫اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أمنتني " فقال ال جل جلله‪" :‬‬
‫ل تخف إنك أنت العلى " )‪ (6‬يا يهودي إن موسى لو أدركني ثم لم يؤمن‬
‫بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا‪ ،‬ول نفعته النبوة‪ ،‬يا يهودي ومن ذريتي‬
‫المهدي إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته وقدمه وصلى خلفه )‪ .(7‬ج‪:‬‬
‫عن معمر مثله )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬أنزاه‪ :‬جعله ينزو‪ ،‬أي وقع عليه ووطئه‪ .‬والعتيقة مؤنث العتيق‪ :‬الفرس‬
‫الرائع‪ (2) .‬صحيفة الرضا‪ (3) .5 :‬أحد إليه النظر‪ :‬بالغ في النظر إليه‪) .‬‬
‫‪ (4‬في جامع الخبار والحتجاج‪ :‬ما حاجتك ؟ فقال‪ (5) .‬في الحتجاج‪:‬‬
‫لما ركب السفينة‪ (6) .‬طه‪ (7) .68 :‬جامع الخبار‪ .9 - 8 :‬المالي‪131 :‬‬
‫و ‪ ،132‬فيهما وفي الحتجاج‪ :‬فقدمه‪ (8) .‬الحتجاج‪ 28 - 27 :‬فيه‪:‬‬
‫ويصلي خلفه‪.‬‬

‫] ‪[ 367‬‬

‫‪ - 73‬ص‪ :‬بالسناد عن الصدوق‪ ،‬عن هاني بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن‬
‫أحمد بن بطة عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬عن أبي الحارث‬
‫الفهري‪ ،‬عن عبد ال بن إسماعيل‪ ،‬عن عبد الرحمن بن أبي زيد بن أسلم )‬
‫‪ ،(1‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عمر بن الخطاب قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ :‬لما أكل آدم من الشجرة رفع رأسه إلى السماء فقال‪ " :‬أسألك‬
‫بحق محمد إل رحمتني " فأوحى ال إليه‪ :‬ومن محمد ؟ فقال‪ :‬تبارك‬
‫اسمك‪ ،‬لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب‪ " :‬ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬محمد رسول ال " فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممن جعلت‬
‫اسمه مع اسمك‪ ،‬فأوحى ال إليه يا آدم إنه لخر النبيين من ذريتك‪ ،‬فلو ل‬
‫محمد ما خلقتك )‪ - 74 .(2‬شى‪ :‬عن محمد بن عيسى بن عبد ال العلوي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي عليه السلم قال‪ :‬الكلمات التي تلقاها آدم من‬
‫ربه قال‪ :‬يا رب أسألك بحق محمد لما تبت علي‪ ،‬قال‪ :‬وما علمك بمحمد ؟‬
‫قال‪ :‬رأيته في سرادقك العظم مكتوبا وأنا في الجنة )‪ .(3‬أقول‪ :‬سيأتي جل‬
‫الخبار في ذلك في كتاب المامة‪ - 75 .‬ب‪ :‬الطيالسي‪ ،‬عن فضيل بن‬
‫عثمان قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬اتقوا ال وعظموا ال‬
‫وعظموا رسوله )‪ ،(4‬ول تفضلوا على رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫أحدا‪ ،‬فإن ال تبارك وتعالى قد فضله‪ .‬الخبر )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الصحيح عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‪ ،‬فلفظة أبي زائدة‪ ،‬والرجل هو عبد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم العدوى مولهم المدنى‪ ،‬ترجمه ابن حجر في‬
‫التقريب‪ ،308 :‬والتهذيب ‪ ،177 :6‬وقد تقدم الخير في باب ارتكاب ترك‬
‫الولى ومعناه ‪ ،181 :11‬وذكرنا في الهامش أنه عبد الرحمن بن زيد بن‬
‫الخطاب العدوى‪ ،‬وهو وهم‪ ،‬والصحيح ما ذكرنا هنا‪ :‬وترجمنا هناك أبا‬
‫الحارث الفهري‪ .‬راجع‪ (2) .‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (3) .‬تفسير‬
‫العياشي‪ :‬مخطوط‪ .‬وتقدم الحديث في ج ‪ 187 :11‬أيضا‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬رسول ال‪ (5) .‬قرب السناد‪.61 :‬‬

‫] ‪[ 368‬‬

‫‪ - 76‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫محمد بن أخي حماد الكاتب‪ ،‬عن الحسين بن عبد ال قال‪ :‬قلت لبي عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله سيد ولد آدم ؟ فقال‪:‬‬
‫كان وال سيد من خلق ال‪ ،‬وما برأ ال برية خيرا من محمد صلى ال‬
‫عليه واله )‪ - 77 .(1‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫الحجال‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم وذكر رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله فقال‪ :‬قال أمير المؤمنين‪ :‬ما برأ ال نسمة خيرا من محمد صلى‬
‫ال عليه واله )‪ - 78 .(2‬كا‪ :‬علي بن محمد‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن يونس بن يعقوب‪ ،‬عن سنان بن طريف‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إنا أول أهل بيت نوه ال )‪ (3‬بأسماءنا‪ ،‬إنه لما خلق السماوات‬
‫والرض أمر مناديا فنادى‪ " :‬أشهد أن ل إله إل ال " ثلثا " أشهد أن‬
‫محمدا رسول ال " ثلثل ؟ " أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا " ثلثا )‬
‫‪ - 79 .(4‬كا‪ :‬علي بن محمد وغيره‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن الوليد شباب‬
‫الصيرفي‪ ،‬عن مالك بن إسماعيل المهدي‪ ،‬عن عبد السلم بن حارث‪ ،‬عن‬
‫سالم بن أبي حفصة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان في رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله ثلثة لم تكن في أحد غيره‪ :‬لم يكن له فئ‪ ،‬و كان ل‬
‫يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلثة إل عرف أنه قد مر فيه لطيب‬
‫عرفه‪ ،‬وكان ل يمر بحجر ول شجر إل سجد له )‪ .(5‬بيان‪ :‬العرف بالفتح‪:‬‬
‫الريح الطيبة‪ .‬وسيأتي في بعض الخبار أن بعض الصحاب رأوا بعض‬
‫الئمة عليهم السلم بل فئ‪ ،‬فيمكن أن يكون دوام ذلك من خواصه صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬أو يكون الحصر إضافيا بالنسبة إلى غيرهم عليهم السلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .440 :1‬اصول الكافي ‪ .440 :1‬النسمة‪ :‬النسان‪ ،‬أو كل‬
‫دابة فيها روح‪ (3) .‬أي أشاد بذكرنا وأظهر أسماءنا‪ (4) .‬اصول الكافي‬
‫‪ (5) .441 :1‬اصول الكافي ‪.442 :1‬‬

‫] ‪[ 369‬‬

‫‪ - 80‬كا‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪،‬‬
‫عن إسحاق بن غالب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في خطبة له خاصة‬
‫يذكر فيها حال النبي صلى ال عليه واله والئمة عليهم السلم وصفاتهم‪:‬‬
‫فلم يمنع ربنا لحلمه وأناته )‪ (1‬وعطفه ما كان من عظيم جرمهم وقبيح‬
‫أفعالهم أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه‪ ،‬وأكرمهم عليه‪ ،‬محمد بن عبد ال‬
‫صلى ال عليه واله في حومة العز مولده‪ ،‬وفي دومة الكرم محتده‪ ،‬غير‬
‫مشوب حسبه‪ ،‬ول ممزوج نسبه‪ ،‬ول مجهول عند أهل العلم صفته‪ ،‬بشرت‬
‫به النبياء في كتبها‪ ،‬ونطقت به العلماء بنعتها‪ ،‬و تأملته الحكماء‬
‫بوصفها‪ ،‬مهذب ل يدانى‪ ،‬هاشمي ل يوازي أبطحي ل يسامي‪ ،‬شيمته‬
‫الحياء‪ ،‬وطبيعته السخاء‪ ،‬مجبول على أوقار النبوة وأخلقها‪ ،‬مطبوع على‬
‫أوصاف الرسالة وأحلمها‪ ،‬إلى أن انتهت به أسباب مقادير ال إلى‬
‫أوقاتها‪ ،‬وجرى بأمر ال القضاء فيه إلى نهاياتها‪ ،‬أداه محتوم قضاء ال‬
‫إلى غاياتها‪ ،‬تبشر به كل امة من بعدها‪ ،‬ويدفعه كل أب إلى أب من ظهر‬
‫إلى ظهر‪ ،‬لم يخلطه في عنصره سفاح‪ ،‬ولم ينجسه في ولدته نكاح‪ ،‬من‬
‫لدن آدم عليه السلم إلى أبيه عبد ال في خير فرقة‪ ،‬وأكرم سبط‪ ،‬وأمنع‬
‫رهط )‪ (2‬وأكل حمل‪ ،‬وأودع حجر‪ ،‬اصطفاه ال وارتضاه واجتباه‪ ،‬وآتاه‬
‫من العلم مفاتيحه‪ ،‬ومن الكرم ينابيعه‪ ،‬ابتعثه رحمة للعباد‪ ،‬وربيعا للبلد‪،‬‬
‫وأنزل ال إليه الكتاب‪ ،‬فيه البيان والتبيان‪ " :‬قرآنا عربيا غير ذي عوج‬
‫لعلهم يتقون )‪ " (3‬قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله‪ ،‬ودين قد أوضحه‪،‬‬
‫وفرائض قد أوجبها‪ ،‬وحدود حدها للناس وبينها‪ ،‬وامور قد كشفها لخلقه و‬
‫أعلنها‪ ،‬فيها دللة إلى النجاة‪ ،‬ومعالم تدعو إلى هداه )‪ ،(4‬فبلغ رسول ال‬
‫صلى ال عليه واله ما أرسل به‪ ،‬وصدع بما أمر‪ ،‬وأدى ما حمل من أثقال‬
‫النبوة‪ ،‬وصبر لربه‪ ،‬وجاهد في سبيله‪ ،‬و نصح لمته‪ ،‬ودعاهم إلى النجاة‪،‬‬
‫وحثهم على الذكر‪ ،‬ودلهم على سبيل الهدى بمناهج و دواع أسس للعباد‬
‫أساسها‪ ،‬ومنار رفع لهم أعلمها‪ ،‬كيل يضلوا من بعده‪ ،‬وكان بهم رؤفا‬
‫رحيما )‪.(5‬‬
‫)‪ (1‬الناة‪ :‬الوقار والحلم‪ (2) .‬أي أعز قوم وأقواهم‪ (3) .‬الزمر‪ (4) .28 :‬هداة خ‪.‬‬
‫)‪ (5‬اصول الكافي ‪ 444 :1‬و ‪.445‬‬

‫] ‪[ 370‬‬

‫بيان‪ :‬حومة البحر والرمل والقتال وغيره‪ :‬معظمه‪ ،‬وأشد موضع منه‪ ،‬ودومة الشئ‬
‫بالضم والفتح‪ :‬أصله‪ ،‬وكذا المحتد بكسر التاء‪ :‬الصل‪ ،‬وحتد بالمكان‪ :‬أقام‬
‫به‪ ،‬ولعل المراد بالول نسل إبراهيم أو هاشم‪ ،‬وبالثاني مكة شرفها ال‪ ،‬أو‬
‫الول إبراهيم عليه السلم‪ ،‬والثاني هاشم‪ ،‬أو هما مكة‪ ،‬والول أظهر‪،‬‬
‫والمراد بالحسب إما الخلق الكريمة‪ ،‬أو السباب الشريفة‪ ،‬أو هما معا‪،‬‬
‫قوله‪ :‬بنعتها‪ ،‬الضمير راجع إلى العلماء‪ ،‬و الضافة إلى الفاعل‪ ،‬وكذا‬
‫الفقرة التالية لها‪ ،‬قوله‪ :‬ل يدانى على بناء المجهول‪ ،‬أي ل يدانيه في‬
‫الكمال أحد‪ ،‬وكذا ل يوازي ول يسامي‪ ،‬والمساماة‪ :‬المفاخرة‪ ،‬والشيمة‬
‫بالكسر‪ :‬الخلق‪ ،‬وأوقار النبوة‪ :‬أثقالها‪ ،‬كناية عن الشرئط العظيمة التي ل‬
‫تكون النبوة بدونها‪ ،‬أي صارت تلك الخلق جبلته وطبعه وعليها خلق‪،‬‬
‫وأحلمها‪ :‬عقولها‪ ،‬أو جمع الحلم في مقابلة السفه والخرق‪ .‬قوله عليه‬
‫السلم‪ :‬إلى أوقاتها‪ ،‬الضمير راجع إلى المقادير‪ ،‬أي أوصلته أسباب‬
‫مقادير ال إلى أوقات حصول ما قدر فيه من وجوده‪ ،‬أو وفاته وانقضاء‬
‫مدته‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬وكذا ضمير نهاياتها وغاياتها راجعان إلى القضاء أو‬
‫المقادير‪ ،‬وقوله‪ :‬تبشر به‪ ،‬استياف أو عطف بيان للجمل السابقة‪ .‬قوله‪:‬‬
‫نكاح‪ ،‬أي باطل من أنكحة الجاهلية‪ ،‬و السبط بالكسر‪ :‬ولد الولد‪ ،‬والقبيلة‬
‫العظيمة‪ ،‬والكلءة‪ :‬الحفظ والحراسة‪ ،‬والحجر حجر عبد المطلب وأبي‬
‫طالب‪ ،‬ونهجه بالتخفيف أي أوضحه‪ .‬وقوله‪ :‬بعلم‪ ،‬أما متعلق بقوله‪ :‬بينه‪،‬‬
‫أو حال عن الكتاب‪ ،‬والمستتر في قوله‪ :‬وفصله وقراينه إما راجع إلى ال‪،‬‬
‫أو الرسول‪ ،‬أو الكتاب‪ .‬قوله‪ :‬فيها‪ ،‬أي في تلك المور‪ ،‬وقوله‪ :‬معالم‪ ،‬إما‬
‫مرفوع معطوف على دللة‪ ،‬أو مجرور معطوف على النجاة‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يقرأ هداة بالتاء‪ ،‬والضمير أظهر‪ .‬ويقال‪ :‬صدع بالحجة‪ :‬إذا تكلم بها‬
‫جهارا‪ ،‬والمراد بالذكر إما القرآن أو العم‪ ،‬والضمير في قوله‪ :‬أساسها‬
‫راجع إلى المناهج والدواعي‪ ،‬والمراد بالتأسيس إما الوضع أو الحكام‬
‫والتقان‪ ،‬وبسبيل الهدى منهج الشرع‪ ،‬وبالمناهج والدواعي أوصياؤه‬
‫صلوات ال عليهم‪ ،‬والمراد بالتأسيس نصب الدلة على خلفتهم‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يراد بالمناهج الئمة‪ ،‬وبالدواعي الدلة الدالة على وجوب متابعتهم‪،‬‬
‫وكذا المنار كناية عن الئمة عليهم السلم‪ ،‬و رفع العلم عن نصب‬
‫الدلة‪.‬‬

‫] ‪[ 371‬‬
‫‪ - 81‬كا‪ :‬ابن محبوب‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫سمعته يقول‪ :‬اللهم صلى على محمد صفيك وخليلك ونجيك المدبر لمرك )‬
‫‪ - 82 .(1‬ما‪ :‬الحسين بن إبراهيم القزويني‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن‬
‫علي بن جيش )‪ ،(2‬عن العباس بن محمد بن الحسين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫صفوان بن يحيى‪ ،‬عن الحسين بن أبي غندر‪ ،‬عن المفضل‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ما بعث ال نبيا أكرم من محمد صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫ول خلق ال قبله أحدا‪ ،‬ول أنذر ال خلقه بأحد من خلقه قبل محمد‪ ،‬فذلك )‬
‫‪ (3‬قوله تعالى‪ " :‬هذا نذير من النذر الولى )‪ " (4‬وقال‪ " :‬إنما أنت منذر‬
‫ولكل قوم هاد )‪ " (5‬فلم يكن قبله مطاع في الخلق‪ ،‬ول يكون بعده إلى أن‬
‫تقوم الساعة في كل قرن إلى أن يرث ال الرض ومن عليها )‪ .(6‬بيان‪:‬‬
‫قوله عليه السلم‪ :‬ول خلق ال قبله أحدا‪ ،‬أي هو أول المخلوقات )‪ (7‬كما‬
‫مرت الخبار الكثيرة في ذلك‪ ،‬قوله عليه السلم‪ :‬ول أنذر ال خلقه بأحد‬
‫من خلقه قبل محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬أي كان منذرا في عالم الذر‪ ،‬فكان‬
‫إنذاره قبل كل أحد‪ ،‬والستشهاد بالية الولى إما بحملها على أن المراد‬
‫بها أن هذا‪ ،‬أي محمدا صلى ال عليه واله من جملة النذر السابقة‪ ،‬وليس‬
‫إنذاره مختصا بهذا الزمان‪ ،‬أو بحملها على أن المعني بها إنما أنت منذر‬
‫للنذر الولى في عالم الذر‪ :‬بأن تكون كلمة )من( للتعليل كقوله تعالى‪" :‬‬
‫مما خطيئاتهم )‪ " (8‬أو بمعنى )على( كقوله تعالى‪ " :‬ونصرناه من القوم‬
‫)‪ " (9‬ويؤيد الوجهين ما رواه الصفار بإسناده إلى علي‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي‪ (2) .451 :‬هكذا في النسخة والصحيح كما في المصدر‪ :‬علي بن‬
‫حبشي‪ ،‬وهو علي بن حبشي بن قوني المترجم في رجال الشيخ‬
‫وفهرسته‪ (3) .‬فلذلك خ ل‪ (4) .‬النجم‪ (5) .56 :‬الرعد‪ (6) .7 :‬مجالس‬
‫الشيخ‪ (7) .63 :‬أو المعنى وما خلق ال قبله أحدا أكرم منه‪ (8) .‬نوح‪:‬‬
‫‪ (9) .25‬النبياء ‪(*) .77‬‬

‫] ‪[ 372‬‬

‫ابن معمر‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال تبارك وتعالى‪:‬‬
‫" هذا نذير من النذر الولى " قال‪ :‬يعني به محمدا‪ ،‬حيث دعاهم إلى‬
‫القرار بال في الذر الول‪ ،‬و بالية الثانية لن مفادها على المشهور بين‬
‫المفسرين إنما أنت منذر وهاد لكل قوم‪ ،‬فيكون هاديا للنبياء واممهم‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون غرضه عليه السلم حصر النذار فيه صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬أي لم يكن من أنذر قبله منذرا حقيقة‪ ،‬وإنما المنذر والمطاع على‬
‫الطلق هو صلى ال عليه واله‪ ،‬كما يدل عليه آخر الخبر‪ ،‬فالستشهاد‬
‫بالية الولى إما بحملها على الخير من المعنيين‪ ،‬فإنه لما كان منذرا للنذر‬
‫فهو المنذر للجميع حقيقة‪ ،‬وإنما كانوا نوابه في النذار‪ ،‬كما أن من بعده‬
‫من الوصياء كذلك‪ ،‬أو بحملها على أن المراد به الحصر‪ ،‬أي هذا منذر‬
‫حسب من جملة من يسمون بالنذر من النبياء السابقة‪ ،‬وبالثانية بحملها‬
‫على أن قوله‪ " :‬ولكل قوم هاد " من قبيل عطف الجملة على الجملة‪،‬‬
‫ويكون المراد بالجزء الولى حصر النذار فيه صلى ال عليه واله على‬
‫سبيل القلب‪ ،‬أي ليس المنذر إل أنت‪ ،‬وأما غيرك فهم هادون من قبلك‪ ،‬أو‬
‫على الوجه الذي قررناه في الوجه الول‪ ،‬ولعله أقل تكلفا‪ ،‬هذا ما خطر‬
‫بالبال في حل هذا الخبر الذي حير الفهام )‪ ،(1‬وال يعلم أسرار أئمة‬
‫النام‪ .‬وقال الصدوق رحمه ال في الهداية )‪ (2‬يجب أن يعتقد أن النبوة‬
‫حق‪ ،‬كما اعتقدنا أن التوحيد حق‪ ،‬وأن النبياء الذين بعثهم ال مائة ألف‬
‫نبي وأربعة وعشرون ألف نبي‪ ،‬جاؤا بالحق من عند الحق‪ ،‬وأن قولهم‬
‫قول ال‪ ،‬وأمرهم أمر ال‪ ،‬وطاعتهم طاعة ال‪ ،‬ومعصيتهم معصية ال‪،‬‬
‫وأنهم )‪ (3‬لم ينطقوا إل عن ال عزوجل وعن وحيه‪ ،‬وأن سادة النبياء‬
‫خمسة‪ ،‬الذين عليهم دارت الرحى‪ ،‬وهم أصحاب الشرائع‪ ،‬وهم اولو العزم‪:‬‬
‫نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات ال عليه وعليهم‪ ،‬وأن‬
‫محمدا سيدهم وأفضلهم‪ ،‬وأنه جاء بالحق وصدق المرسلين )‪ ،(4‬وأن‬
‫الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور‬

‫)‪ (1‬ومع ذلك كله الحديث ل يخلو عن غرابة‪ ،‬مع ما يرى في إسناده من الضعف‬
‫والجهالة‪ (2) .‬الهداية‪ 5 :‬و ‪ (3) .6‬في المصدر‪ :‬فانهم‪ (4) .‬في المصدر‬
‫زيادة هي‪ :‬وان الذين كذبوه ذائقوا العذاب الليم‪.‬‬

‫] ‪[ 373‬‬

‫الذي انزل معه اولئك هم المفلحون‪ ،‬ويجب أن يعتقد أن ال تبارك وتعالى لم يخلق‬
‫خلقا أفضل من محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬ومن بعده الئمة صلوات ال‬
‫عليهم‪ ،‬وأنهم أحب الخلق إلى ال عزوجل وأكرمهم عليه‪ ،‬وأولهم إقرارا‬
‫به‪ ،‬لما أخذ ال ميثاق النبيين في الذر وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم‬
‫قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬وأن ال بعث نبيه صلى ال عليه واله إلى النبياء عليهم‬
‫السلم في في الذر‪ ،‬وأن ال أعطى ما أعطى كل نبي على قدر معرفته نبينا‬
‫صلى ال عليه واله‪ ،‬وسبقه إلى القرار به‪ ،‬ونعتقد )‪ (1‬أن ال تبارك‬
‫وتعالى خلق جميع ما خلق له ولهل بيته صلوات ال عليهم‪ ،‬وأنه لولهم‬
‫ما خلق ال السماء والرض ول الجنة ول النار ول آدم ول حواء ول‬
‫الملئكة ول شيئا مما خلق صلوات ال عليهم أجمعين‪ - 83 .‬كا‪ :‬العدة‪،‬‬
‫عن سهل وأحمد بن محمد جميعا‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن إبراهيم الكرخي‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬لو‬
‫اهدي إلي كراع لقبلت‪ ،‬وكان ذلك من الدين‪ ،‬ولو أن كافرا أو منافقا اهدى‬
‫إلي وسقا )‪ (2‬ما قبلت‪ ،‬وكان ذلك من الدين‪ ،‬أبى ال تعالى لي زبد‬
‫المشركين والمنافقين وطعامهم )‪ .(3‬بيان‪ :‬هذا الخبر يدل على حرمة هدية‬
‫المشركين عليه صلى ال عليه واله‪ ،‬فيكون من خصائصه كما ذكره ابن‬
‫شهر آشوب‪ ،‬ويدل عليه خبر آخر سيأتي في باب قصة صديقه قبل البعثة‪،‬‬
‫ولم يذكره الكثر لما اشتهر من أنه صلى ال عليه واله قبل هدية النجاشي‬
‫والمقوقس واكيدر بل كسرى أيضا‪ ،‬كما رواه الصدوق في الفقيه عن ثوير‬
‫بن أبي فاختة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي عليه السلم قال‪ :‬أهدى كسرى للنبي‬
‫صلى ال عليه واله فقبل منه‪ ،‬وأهدى قيصر للنبي صلى ال عليه واله‬
‫فقبل منه‪ ،‬وأهدت له الملوك فقبل منهم )‪ .(4‬فقيل‪ :‬إنه كان حراما فنسخ‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون الحرمة مع عدم المصلحة في قبولها‪ ،‬مع أنه يحتمل أن‬
‫يكون هؤلء الذين قبل صلى ال عليه واله هديتهم كانوا أسلموا ولم‬
‫يظهروا‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ونبينا صلى ال عليه وآله سبقهم إلى القرار به‪ ،‬ويعتقد‪(2) .‬‬
‫الوسق‪ :‬ستون صاعا‪ ،‬وقيل‪ :‬حمل البعير‪ (3) .‬فروع الكافي ‪) .368 :1‬‬
‫‪ (4‬من ل يحضره الفقيه‪.390 :‬‬

‫] ‪[ 374‬‬

‫إسلمهم لقومه تقية كما هو الظاهر من أحوال النجاشي‪ ،‬لكن هذا في بعضهم‬
‫ككسرى بعيد‪ .‬قال في النهاية‪ :‬فيه‪ " :‬إنا ل نقبل زبد المشركين " الزبد‬
‫بسكون الباء‪ :‬الرفد و العطاء‪ ،‬قال الخطابي‪ :‬يشبه أن يكون هذا الحديث‬
‫منسوخا لنه قد قبل هدية غير واحد من المشركين‪ ،‬أهدى له المقوقس‬
‫مارية‪ ،‬والبغلة أهدى له اكيدر دومة فقبل منهما‪ ،‬وقيل‪ :‬إنما رد هديته‬
‫ليغيظه بردها فيحمله ذلك على السلم‪ ،‬وقيل‪ :‬ردها لن للهدية موضعا من‬
‫القلب‪ ،‬ول يجوز عليه أن يميل بقلبه إلى مشرك فردها قطعا لسبب الميل‪،‬‬
‫و ليس ذلك مناقضا لقبوله هدية النجاشي والمقوقس واكيدر‪ ،‬لنهم أهل‬
‫الكتاب انتهى )‪ - 84 .(1‬فر‪ :‬الحسين بن سعيد‪ ،‬وأحمد بن الحسن معنعنا‪،‬‬
‫عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلم قوله تعالى )‪ " :(2‬الذي يراك‬
‫حين تقوم * وتقلبك في الساجدين )‪ " (3‬قال‪ :‬يراك حين تقوم بأمره‪،‬‬
‫وتقلبك في أصلب النبياء نبي بعد نبي )‪ - 85 .(4‬فر‪ :‬علي بن محمد بن‬
‫علي بن عمر الزهري )‪ ،(5‬عن عبد ال بن عباس رضي ال عنه قال‪ :‬قام‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله فينا خطيبا فقال‪ :‬الحمد ل على آلئه وبلئه‬
‫عندنا أهل البيت‪ ،‬وأستعين ال على نكبات الدنيا وموبقات الخرة )‪،(6‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأني محمدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫أرسلني برسالته إلى جميع خلقه " ليهلك من هلك عن بينة‪ ،‬ويحيى من‬
‫حي عن بينة )‪ " (7‬واصطفاني على جميع العالمين من الولين و‬
‫الخرين‪ ،‬أعطاني مفاتيح خزائنه كلها‪ ،‬واستودعني سره‪ ،‬وأمرني بأمره‪،‬‬
‫فكان القائم‪ ،‬وأنا الخاتم‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪ ،‬و " اتقوا‬
‫ال حق تقاته ول تموتن إل‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ .128 :2‬راجع معالم السنن ‪ 41 :3‬ففيه اختلف مع المنقول‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬في قوله تعالى‪ (3) .‬الشعراء‪ 118 :‬و ‪ (4) .119‬تفسير فرات‪:‬‬
‫‪ (5) .108‬في المصدر‪ :‬معنعنا عن عبد ال بن عباس‪ (6) .‬نكبات الدنيا‪:‬‬
‫مصائبها‪ .‬والموبقات‪ :‬المهالك‪ (7) .‬النفال‪.42 :‬‬

‫] ‪[ 375‬‬

‫وأنتم مسلمون )‪ " (1‬واعلموا أن ال بكل شئ محيط وأن ال بكل شئ عليم‪ ،‬أيها‬
‫الناس إنه سيكون بعدي قوم يكذبون علي فل تقبلوا منهم ذلك‪ ،‬وامور يأتي‬
‫)‪ .(2‬من بعدي يزعم أهلها أنها عني‪ ،‬ومعاذ ال أن أقول على ال إل حقا‪،‬‬
‫فما أمرتكم إل بما أمرني به‪ ،‬ول دعوتكم إل إليه‪ ،‬وسيعلم الذين ظلموا أي‬
‫منقلب ينقلبون‪ .‬قال‪ :‬فقام إليه عبادة بن الصامت فقال‪ :‬متى ذلك يا رسول‬
‫ال ؟ ومن هؤلء ؟ عرفناهم لنحذرهم‪ ،‬فقال‪ :‬أقوام قد استعدوا للخلفة من‬
‫يومهم هذا‪ ،‬وسيظهرون لكم إذا بلغت النفس معني هاهنا‪ ،‬وأومأ بيده إلى‬
‫حلقه‪ ،‬فقال له عبادة بن الصامت‪ :‬إذا كان كذلك فإلى من يا رسول ال ؟‬
‫قال‪ :‬فإذا كان ذلك فعليكم بالسمع والطاعة للسابقين من عترتي‪ ،‬فإنهم‬
‫يصدونكم عن البغي )‪ ،(3‬ويهدونكم إلى الرشد‪ ،‬ويدعونكم إلى الحق‪،‬‬
‫فيحيون كتابي )‪ (4‬وسنتي وحديثي‪ ،‬ويموتون البدع‪ ،‬ويقمعون بالحق‬
‫أهلها )‪ ،(5‬ويزولون مع الحق حيث ما زال )‪ ،(6‬فلن يخيل إلي أنكم‬
‫تعملون‪ ،‬ولكني محتج عليكم‪ ،‬إذا أنا أعلمتكم ذلك فقد أعلمتكم )‪ ،(7‬أيها‬
‫الناس إن ال تبارك وتعالى خلقني وأهل بيتي من طينة لم يخلق منها أحدا‬
‫غيرنا )‪ ،(8‬فكنا أول من ابتدأ من خلقه‪ ،‬فلما خلقنا فتق بنورنا كل ظلمة‪ ،‬و‬
‫أحيى بنا كل طينة طيبة‪ ،‬وأمات بنا كل طينة خبيثة‪ ،‬ثم قال‪ :‬هؤلء خيار‬
‫خلقي‪ ،‬و حملة عرشي‪ ،‬وخزان علمي‪ ،‬وسادة أهل السماء والرض‪،‬‬
‫هؤلء البرار المهتدون‪ ،‬المهتدى بهم‪ ،‬من جاءني بطاعتهم ووليتهم‬
‫أولجته جنتي وكرامتي‪ ،‬ومن جاءني بعداوتهم والبراءة منهم أولجته‬
‫ناري‪ ،‬وضاعفت عليه عذابي‪ ،‬وذلك جزاء الضالمين‪ ،‬ثم قال‪ :‬نحن أهل‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .102 :‬في المصدر‪ :‬فيقبل منهم ذلك‪ ،‬وامور تأتى‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬يصدونكم عن الغى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬كتاب ربي‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فيقيمون بالحق أهلها‪ (6) .‬أي يذهبون ويتحولون مع الحق‬
‫حيثما ذهب وتحول‪ .‬قوله‪ :‬فلن يخيل أي لن أتوهم ذلك ولن يشتبه ذلك‬
‫على‪ (7) .‬أي فقد أعلمتكم بحقيقة المر وبواقعه‪ (8) .‬في المصدر‪ :‬غيرنا‬
‫وموالينا‪.‬‬

‫] ‪[ 376‬‬

‫اليمان بال ملكه )‪ (1‬وتمامه حقا حقا‪ ،‬وبنا سدد العمال الصالحة )‪ ،(2‬ونحن‬
‫وصية ال في الولين والخرين‪ ،‬وإن منا الرقيب على خلق ال‪ ،‬ونحن‬
‫قسم ال‪ ،‬أقسم بنا حيث يقول ال تعالى‪ " :‬اتقوا ال الذي تساءلون به‬
‫والرحام إن ال كان عليك رقيبا )‪ " (3‬أيها الناس إنا أهل البيت عصمنا‬
‫ال من أن نكون مفتونين أو فاتنين‪ ،‬أو مفتنين )‪ ،(4‬أو كذابين أو كاهنين‪،‬‬
‫أو ساحرين أو عائفين‪ ،‬أو خائنين أو زاجرين‪ ،‬أو مبتدعين أو مرتابين‪ ،‬أو‬
‫صادفين )‪ (5‬عن الحق منافقين‪ ،‬فمن كان فيه شئ من هذه الخصال فليس‬
‫منا‪ ،‬ول نحن منه )‪ ،(6‬وال منه برئ ونحن منه برآء‪ ،‬ومن برأ ال منه‬
‫أدخله جهنم وبئس المهاد‪ ،‬و إنا أهل البيت )‪ (7‬طهرنا ال من كل نجس‪،‬‬
‫فنحن الصادقون إذا نطقوا‪ ،‬والعالمون إذا سئلوا‪ ،‬والحافظون لما‬
‫استودعوا‪ ،‬جمع ال لنا عشر خصال لم يجتمعن لحد قبلنا )‪ ،(8‬ول يكون‬
‫لحد غيرنا‪ :‬العلم والحلم والحكم‪ ،‬واللب )‪ (9‬والنبوة )‪ (10‬والشجاعة‪،‬‬
‫والصدق والصبر والطهارة والعفاف‪ ،‬فنحن كلمة التقوى‪ ،‬وسبيل الهدى‪،‬‬
‫والمثل العلى‪ ،‬والحجة العظمى‪ ،‬والعروة الوثقى‪ ،‬فماذا بعد الحق إل‬
‫الضلل فأنى تصرفون )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬ملكه أي قوامه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وبنا سداد العمال الصالحة‪ (3) .‬النساء‪:‬‬
‫‪ .1‬أقول‪ :‬قال الطبرسي‪ :‬في معناه قولن‪ :‬أحدهما أنه من قولهم‪ :‬أسألك‬
‫بال أن تفعل كذا‪ ،‬وانشدك بال والرحم‪ ،‬ونشدتك ال والرحم‪ ،‬وعلى هذا‬
‫يكون قوله‪) :‬والرحام( عطفا على موضع قوله )به( والمعنى انكم كما‬
‫تعظمون ال باقوالكم فعظموه بطاعتكم اياه‪ (4) .‬المفتون‪ :‬الضال‪ ،‬ومن‬
‫وقع في الفتنة‪ .‬الفاتن‪ :‬المضل عن الحق‪ ،‬ومن أوقع غيره في الفتنة‪(5) .‬‬
‫في المصدر أو صادين عن الحق‪ (6) .‬في المصدر فليس مني ول أنا منه‪.‬‬
‫)‪ (7‬في المصدر وانا أهل بيت‪ (8) .‬في المصدر‪ :‬بعدنا‪ (9) .‬اللب‪ :‬العقل‬
‫الخالص من الشوائب أو ما ذكا من العقل‪ (10) .‬في المصدر‪ :‬الفتوة‪،‬‬
‫مكان النبوة‪ .‬وفيه‪ :‬الصدق والطهارة والعفافة والولية‪ .‬وفيه‪ :‬المحجة‬
‫العظمى والعروة الوثقى والحق الذي أمر ال في المودة‪ (11) .‬تفسير‬
‫فرات‪ 110 :‬و ‪ 111‬والية في سورة يونس‪.32 :‬‬
‫] ‪[ 377‬‬

‫بيان‪ :‬العائف‪ :‬المتكهن‪ ،‬قاله الجوهري‪ ،‬وقال‪ :‬الزجر‪ :‬العيافة‪ ،‬وهو ضرب من‬
‫التكهن‪ ،‬تقول‪ :‬زجرت أنه يكون كذا وكذا‪ ،‬وصدف‪ :‬أعرض‪ ،‬وسيأتي‬
‫تفسير سائر الفقرات في كتاب المامة‪ - 86 .‬يب‪ :‬محمد بن أحمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن الحسن بن علي بن عبد ال‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن مروان‪ ،‬عن‬
‫عمار الساباطي قال‪ :‬كنا جلوسا عند أبي عبد ال عليه السلم بمنى فقال له‬
‫رجل‪ :‬ما تقول في النوافل ؟ فقال‪ :‬فريضة‪ ،‬قال‪ :‬ففزعنا وفزع الرجل‪ ،‬فقال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إنما أعني صلة الليل على رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬إن ال يقول‪ " :‬ومن الليل فتهجد به نافلة لك " )‪ - 87 .(1‬كا‪:‬‬
‫أبو علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن علي بن حديد‪ ،‬عن‬
‫مرازم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال كلف رسول ال ما لم‬
‫يكلف )‪ (2‬أحدا من خلقه‪ ،‬كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن‬
‫لم يجد فئة تقاتل معه‪ ،‬ولم يكلف هذا أحدا من خلقه قبله ول بعده‪ ،‬ثم تل‬
‫هذه الية " فقاتل في سبيل ال ل تكلف إل نفسك )‪ " (3‬ثم قال‪ :‬وجعل ال‬
‫له أن يأخذ له ما أخذ لنفسه‪ ،‬فقال عزوجل‪ " :‬من جاء بالحسنة فله عشر‬
‫أمثالها )‪ " (4‬وجعلت الصلة على رسول ال صلى ال عليه واله بعشر‬
‫حسنات )‪ - 88 .(5‬ختص‪ :‬عن علي بن سويد السائي‪ ،‬عن أبي الحسن‬
‫الول عليه السلم قال‪ :‬ما خلق ال خلقا أفضل من محمد صلى ال عليه‬
‫وآله‪ ،‬ول خلق خلقا بعد محمد أفضل من علي عليه السلم )‪- 89 .(6‬‬
‫ختص‪ :‬عن جابر بن يزيد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قول ال تبارك‬
‫وتعالى‪:‬‬

‫)‪ (1‬تهذيب الحكام ‪ .204 :1‬والية في سورة السراء‪ (2) .79 :‬في المصدر‪ :‬ما‬
‫لم يكلفه‪ (3) .‬النساء‪ (4) .84 :‬العراف‪ (5) .160 :‬روضة الكافي‪:‬‬
‫‪ 274‬و ‪ (6) .275‬الختصاص‪ :‬مخطوط‪.‬‬

‫] ‪[ 378‬‬

‫" عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )‪ " (1‬قال‪ :‬يجلسه على العرش )‪- 90 .(2‬‬
‫نهج‪ :‬اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك‬
‫الخاتم لما سبق‪ ،‬والفاتح لما انغلق‪ ،‬والمعلن الحق بالحق‪ ،‬والدافع جيشات‬
‫الباطيل‪ ،‬والدامغ صولت الضاليل‪ ،‬كما حمل فاضطلع قائما بأمرك‪،‬‬
‫مستوفزا في مرضاتك‪ ،‬غيرنا كل عن قدم‪ ،‬ول واه في عزم‪ ،‬واعيا لوحيك‪،‬‬
‫حافظا على عهدك‪ ،‬ماضيا على نفاذ أمرك‪ ،‬حتى أورى قبس القابس‪،‬‬
‫وأضاء الطريق للخابط‪ ،‬وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن والثم‪ ،‬و‬
‫أقام موضحات العلم‪ ،‬ونيرات الحكام‪ ،‬فهو أمينك المأمون‪ ،‬وخازن‬
‫علمك المخزون‪ ،‬وشهيدك يوم الدين‪ ،‬وبعيثك بالحق ورسولك إلى الخلق )‬
‫‪ .(3‬تبيين‪ :‬الخاتم لما سبق‪ ،‬أي الوحي والرسالة‪ ،‬والفاتح لما انغلق‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫انغلق و استغلق‪ :‬إذا عسر فتحه‪ ،‬أي فتح ما انغلق وأبهم على الناس من‬
‫مسائل الدين والتوحيد والشرائع‪ ،‬والسبيل إلى ال تعالى‪ ،‬والمعلن الحق‬
‫بالحق‪ ،‬أي مظهر الدين بالمعجزات‪ ،‬أو بالحرب والخصومة‪ ،‬يقال‪ :‬حاق‬
‫فلنا فحقه أي خاصمه فغلبه‪ ،‬أو بالبيان الواضح‪ ،‬أو بعضه ببعض‪ ،‬فإن‬
‫بالصول تظهر الفروع‪ ،‬أو بمعونة الحق تعالى‪ ،‬والجيشات جمع جيشة من‬
‫جاشت القدر‪ :‬إذا ارتفع غليانها‪ ،‬والباطيل جمع باطل على غير قياس‪ ،‬أي‬
‫دافع ثوران الباطل‪ ،‬وفتن المشركين‪ ،‬وما كانت عادة لهم من الغارات‬
‫والحروب‪ ،‬والدامغ‪ :‬المهلك‪ ،‬من دمغه‪ :‬إذا شجه حتى بلغ الدماغ‪ ،‬وفيه‬
‫الهلك‪ ،‬والضاليل أيضا جمع ضال‪ ،‬على غير قياس‪ ،‬والصولة‪ :‬الحملة‬
‫والوثبة والسطوة‪ ،‬قوله عليه السلم‪ :‬كما حمل‪ ،‬الكاف للتعليل‪ ،‬أي صل‬
‫عليه لذلك أو للتشبيه‪ ،‬أي صلة تشبه وتناسب ما فعل‪ ،‬قوله‪ :‬فاضطلع‪ ،‬أي‬
‫قوي على حمله‪ ،‬من الضلعة‪ ،‬وهي القوة‪ ،‬قوله‪ :‬مستوفزا‪ ،‬أي مستعجل‪،‬‬
‫والنكول‪ :‬الرجوع‪ ،‬والقدم بالضم‪ :‬التقدم والقدام‪ ،‬أي لم يرجع عن التقدم‬
‫في الجهاد وغيره من امور الدين‪ ،‬والوهي‪ :‬الضعف‪ ،‬وتقول‪ :‬وعيت‬
‫الحديث‪ :‬إذا حفظته وفهمته‪ ،‬ومضى في المر‪ :‬نفذ‪ ،‬أي كان‬

‫)‪ (1‬السراء‪ (2) .79 :‬الختصاص‪ :‬مخطوط‪ .‬قوله‪ :‬يجلسه على العرش كناية عن‬
‫رفعة مقامه وتفوقه على الخلئق أجمعين‪ (3) .‬نهج البلغة ‪- 130 :1‬‬
‫‪.132‬‬

‫] ‪[ 379‬‬

‫مصرا في إنفاذ أمرك وإجرائه‪ ،‬ويقال‪ :‬روى الزند‪ ،‬أي خرجت ناره‪ ،‬وأوريته أنا‪،‬‬
‫والقبس‪ :‬الشعلة والقابس‪ :‬الذي يطلب النار‪ ،‬والمراد بالقبس هنا نور‬
‫الحق‪ ،‬أي أشعل أنوار الدين حتى ظهر الحق للمقتبسين قوله‪ :‬للخابط أي‬
‫الذي يخبط لو ل ضوء نوره‪ ،‬قوله‪ :‬بعد خوضات الفتن‪ ،‬خاض الماء‪:‬‬
‫دخله‪ ،‬أي بعد أن خاضوا في الفتن أطوارا‪ ،‬والعلم جمع علم‪ ،‬وهو ما‬
‫يستدل به على الطريق من منار وجبل ونحوهما‪ ،‬والموضحات يحتمل‬
‫الفتح والكسر كما ل يخفى‪ ،‬و نيرات الحكام‪ ،‬أي الحكام الواضحة الحقة‪،‬‬
‫والمأمون تأكيد‪ ،‬والمراد بالعلم المخزون المور التي ل تتعلق بالتكاليف‪،‬‬
‫لنها ل يخزن عن المكلفين‪ ،‬قوله عليه السلم‪ :‬وشهيدك‪ ،‬أي شاهدك على‬
‫الخلق‪ ،‬قوله‪ :‬وبعيثك‪ ،‬أي مبعوثك بالدين الثابت‪ - 91 .‬نهج‪ :‬فاستودعهم‬
‫في أفضل مستودع‪ ،‬وأقرهم في خير مستقر‪ ،‬تناسختهم كرائم الصلب إلى‬
‫مطهرات الرحام‪ ،‬كلما مضى سلف )‪ (1‬قام منهم بدين ال خلف‪ ،‬حتى‬
‫أفضت كرامة ال سبحانه إلى محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬فأخرجه من‬
‫أفضل المعادن منبتا‪ ،‬وأعز الرومات مغرسا‪ ،‬من الشجرة التي صدع منها‬
‫أنبياءه‪ ،‬وانتجب )‪ (2‬منها امناءه‪ ،‬عترته خير العتر‪ ،‬واسرته خير السر‪،‬‬
‫وشجرته خير الشجر‪ ،‬نبتت في حرم‪ ،‬وبسقت في كرم‪ ،‬لها فروع طوال‪،‬‬
‫وثمر ل ينال )‪ ،(3‬فهو إمام من اتقى‪ ،‬وبصيرة من اهتدى‪ ،‬سراج لمع‬
‫ضوؤه‪ ،‬وشهاب سطع نوره‪ ،‬وزندبرق لمعه‪ ،‬سيرته القصد‪ ،‬وسنته‬
‫الرشد‪ ،‬وكلمه الفصل‪ ،‬وحكمه العدل‪ ،‬أرسله على حين فترة من الرسل‪،‬‬
‫وهفوة عن العمل‪ ،‬وغباوة من المم )‪ .(4‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ :‬في‬
‫أفضل مستودع‪ ،‬الظاهر أن المراد بالمستودع والمستقر الصلب‬
‫والرحام‪ ،‬فيكون ما بعده بيانا له‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد محل أرواحهم‬
‫في عالم الذر‪ .‬قوله‪ :‬تناسختهم‪ ،‬أي تناقلتهم‪ ،‬قوله‪ :‬حتى أفضت أي انتهت‪،‬‬
‫والرومة‪ :‬الصل‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد بأفضل المعادن وأعز الرومات‬
‫شجرة النبوة‪ ،‬وقيل‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬مضى منهم سلف‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬انتخب‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫وثمرة ل تنال‪ (4) .‬نهج البلغة ‪ 201 :1‬و ‪.202‬‬

‫] ‪[ 380‬‬

‫مكة شرفها ال‪ ،‬وقيل‪ :‬نسبه وعشيرته‪ ،‬والصدع‪ :‬الشق‪ ،‬والعترة‪ :‬أخص من‬
‫السرة‪ ،‬والسرة‪ :‬الرهط الدنون‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد بالشجر في الموضعين‬
‫إبراهيم عليه السلم وقيل‪ :‬أراد هاشما‪ ،‬بقرينة قوله‪ :‬نبتت في حرم‪ ،‬أي‬
‫مكة‪ ،‬كذا قيل والظهر أن تحمل الشجرة ثانيا على نفسه وأهل بيته‪ ،‬كما‬
‫ورد في أخبار كثيرة في تفسير الشجرة الطيبة‪ ،‬والمراد بالفروع الئمة‪،‬‬
‫وطولها كناية عن بلوغهم في الشرف والفضل الغاية البعيدة‪ ،‬والمراد‬
‫بالثمر علومهم ومعارفهم‪ ،‬وعدم النيل لغموض أسرارها بحيث ل تصل‬
‫العقول إليها‪ ،‬والزند‪ :‬العود الذي يقدح به النار‪ ،‬والقصد‪ :‬الوسط والعتدال‬
‫في المور من غير إفراط وتفريط‪ ،‬والفصل‪ :‬الفاصل بين الحق والباطل‪،‬‬
‫والهفوة‪ :‬الزلة‪ ،‬والغباوة‪ :‬الجهل وقلة الفطنة‪ - 92 .‬نهج‪ :‬مستقره خير‬
‫مستقر‪ ،‬ومنبته أشرف منبت‪ ،‬في معادن الكرامة‪ ،‬ومماهد السلمة‪ ،‬قد‬
‫صرفت نحوه أفئدة البرار‪ ،‬وثنيت إليه أزمة البصار‪ ،‬دفن به الضغائن‪،‬‬
‫وأطفأ به النوائر )‪ ،(1‬ألف به إخوانا‪ ،‬وفرق به أقرانا )‪ ،(2‬أعز به الذلة‪،‬‬
‫وأذل به العزة‪ ،‬كلمه بيان‪ ،‬وصمته لسان )‪ .(3‬بيان‪ :‬يحتمل زائدا على ما‬
‫تقدم أن يكون المراد بالمستقر المدينة‪ ،‬وبالمنبت مكة زادهما ال تعالى‬
‫شرفا‪ ،‬قوله عليه السلم‪ :‬ومماهد السلمة‪ ،‬قال ابن الميثم‪ :‬المهاد‪:‬‬
‫الفراش‪ ،‬ولما قال‪ " :‬في معادن " وهي جمع معدن قال‪ :‬بحكم القرينة‬
‫والزدواج‪ " :‬ومماهد " وإن لم يكن الواحد منها ممهدا‪ ،‬كما قالوا‪ :‬الغدايا‬
‫والعشايا ومأجورات ومأزورات ونحو ذلك‪ ،‬ويعني السلمة هاهنا البراءة‬
‫من العيوب‪ ،‬أي في نسب طاهر غير مأبون ول معيب‪ ،‬ويحتمل أن يراد‬
‫بمعادن الكرامة ومماهد السلمة مكة والمدينة‪ ،‬فإنهما محل العبادة‬
‫والسلمة من عذابه‪ ،‬والفوز بكرامته‪ ،‬ويحتمل أن يراد بمماهد السلمة ما‬
‫نشأ عليه من مكارم الخلق الممهدة للسلمة من سخط ال‪ ،‬قوله‪ :‬وثنيت‪،‬‬
‫أي عطفت وصرفت‪ ،‬قوله‪ :‬دفن به‪ ،‬أي أخفى وأذهب‪ ،‬والضغائن جمع‬
‫ضغينة‪ ،‬وهي الحقد‪ ،‬والنوائر جمع نائرة‪ ،‬وهي العداوة‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬الثائرة‪ ،‬وهي الغضب والضجة والشغب‪ ،‬ولعله مصحف‪ (2) .‬أي‬
‫فرق به جماعة كانوا أقرانا والفا على الشرك‪ (3) .‬نهج البلغة ‪203 :1‬‬
‫و ‪.204‬‬

‫] ‪[ 381‬‬

‫والمراد بالذلة ذلة السلم‪ ،‬وبالعزة عزة الشرك‪ ،‬قوله عليه السلم‪ :‬وصمته لسان‪،‬‬
‫فيه وجهان‪ :‬أحدهما أنه كان يسكت عما ل ينبغي من القول‪ ،‬فيعلم الناس‬
‫السكوت عما ل يعنيهم‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أن سكوته صلى ال عليه واله عن‬
‫بعض أفعال الصحابة وعدم النهي عنها كان تقريرا لها‪ ،‬ودليل على‬
‫الباحة‪ - 93 .‬نهج‪ :‬حتى أورى قبسا لقابس‪ ،‬وأنار علما لحابس‪ ،‬فهو‬
‫أمينك وشهيدك يوم الدين‪ ،‬وبعيثك نعمة‪ ،‬ورسولك بالحق رحمة‪ ،‬اللهم‬
‫اقسم له مقسما )‪ (1‬من عدلك‪ ،‬وأجزه مضاعفات الخير من فضلك‪ ،‬اللهم‬
‫أعل على بناء البانين بناءه‪ ،‬وأكرم لديك نزله‪ ،‬وشرف عندك منزله‪ ،‬وآته‬
‫الوسيلة )‪ ،(2‬وأعطه السناء )‪ (3‬والفضيلة‪ ،‬واحشرنا في زمرته غير‬
‫خزايا )‪ (4‬ول نادمين‪ ،‬ول ناكبين )‪ (5‬ول ناكثين )‪ ،(6‬ول ضالين‪ ،‬ول‬
‫مفتونين )‪ .(7‬بيان‪ :‬الحابس‪ :‬الواقف في مكانه الذي حبس ناقته ضلل‪،‬‬
‫فهو يخبط ول يدري كيف يهتدي‪ ،‬والمراد ببنائه قواعد دينه أو كمالته‪،‬‬
‫والنزل بالضم‪ :‬ما يهيأ للضيف‪ - 94 .‬نهج‪ :‬اختاره من شجرة النبياء‪.‬‬
‫ومشكاة الضيآء‪ ،‬وذؤابة العلياء )‪ ،(8‬وسرة‬

‫)‪ (1‬المقسم‪ :‬النصيب والحظ من نعمه والئه التي يقسمها بين العباد‪ (2) .‬قال‬
‫الجزري في النهاية في حديث الذان‪ :‬اللهم آت محمدا الوسيلة‪ :‬الوسيلة‬
‫هي ما يتوصل به إلى الشئ ويتقرب به‪ ،‬والمراد به في الحديث القرب‬
‫من ال تعالى‪ ،‬وقيل‪ :‬هي الشفاعة يوم القيامة‪ ،‬وقيل‪ :‬هي منزلة من‬
‫منازل الجنة‪ (3) .‬السناء‪ :‬الرفعة‪ (4) .‬الخزايا جمع خزيان‪ ،‬من خزى‪:‬‬
‫وقع في بلية‪ .‬ذل وهان‪ .‬خجل من قبيح ارتكبه‪ (5) .‬من نكب عن الطريق‪:‬‬
‫إذا عدل‪ .‬أي ول عادلين عن طريق الحق والصواب‪ (6) .‬أي ول ناقضين‬
‫عهدك )‪ (7‬نهج البلغة ‪ .221 :1‬فيه‪ :‬ول ضالين ول مضلين ول‬
‫مفتونين‪ (8) .‬قال الجزري في النهاية‪ :‬الذوائب جمع ذؤابة وهي الشعر‬
‫المضفور من شعر الرأس‪ ،‬و ذؤابة الجبل أعله‪ ،‬ثم استعير للعز‬
‫والشرف والمرتبة‪ .‬أي اختاره من أشراف العرب وذوي أفدارهم‪.‬‬

‫] ‪[ 382‬‬

‫البطحاء )‪ ،(1‬ومصابيح الظلمة‪ ،‬وينابيع الحكمة )‪ - 95 .(2‬نهج‪ :‬وأشهد أن محمدا‬


‫نجيب ال )‪ ،(3‬وسفير وحيه‪ ،‬ورسول رحمته )‪ - 96 .(4‬نهج‪ :‬وأشهد أن‬
‫محمدا عبده وسيد عباده‪ ،‬كلما نسخ )‪ (5‬ال الخلق فرقتين جعله في‬
‫خيرهما‪ ،‬لم يسهم فيه عاهر‪ ،‬ول ضرب فيه فاجر )‪ .(6‬بيان‪ :‬النسخ‪:‬‬
‫الزالة والتغيير‪ ،‬استعير هنا للقسمة لنها إزالة للمقسوم وتغيير له‪،‬‬
‫والعاهر‪ :‬الزاني‪ ،‬ويطلق على الذكر والثنى‪ ،‬وكذلك الفاجر‪ .‬تذنيب‪ :‬أقول‪:‬‬
‫قد ذكر علمائنا رضي ال عنهم بعض خصائصه صلى ال عليه واله في‬
‫كتبهم‪ ،‬وجمعها العلمة رحمه ال في كتاب التذكرة‪ ،‬فلنورد ملخص ما‬
‫ذكروه رحمهم ال‪ ،‬قال في التذكرة‪ :‬فأما الواجبات عليه دون غيره من‬
‫امته امور‪ :‬الول السواك‪ ،‬الثاني الوتر‪ ،‬الثالث الضحية‪ ،‬روي عنه صلى‬
‫ال عليه واله أنه قال‪ :‬ثلث كتب علي‪ ،‬ولم يكتب عليكم‪ :‬السواك‪ ،‬والوتر‪،‬‬
‫والضحية‪ .‬وفي حديث آخر‪ :‬كتب علي الوتر‪ ،‬ولم يكتب عليكم‪ ،‬وكتب علي‬
‫السواك‪ ،‬ولم يكتب عليكم‪ ،‬وكتبت علي الضحية‪ ،‬ولم تكتب عليكم‪ .‬وتردد‬
‫الشافعي )‪ (7‬في وجوب السواك عليه صلى ال عليه واله‪ .‬الرابع‪ :‬قيام‬
‫الليل لقوله تعالى‪ " :‬ومن الليل فتهجد به نافلة لك )‪ " (8‬وإن أشعر لفظ‬
‫النافلة بالسنة‪ ،‬ولكنها في اللغة الزيادة‪ ،‬ولن السنة جبر للفريضة‪ ،‬وكان‬
‫صلى ال عليه واله معصوما من النقصان في الفرائض‪ ،‬واختلف الشافعية‬
‫فقال بعضهم‪ :‬كان ذلك واجبا عليه‪،‬‬

‫)‪ (1‬سرة الوادي‪ :‬بطنه أو أفضل مواضعه‪ (2) .‬نهج البلغة ‪ 223 :1‬و ‪(3) .224‬‬
‫أي مختاره المصطفى‪ (4) .‬نهج البلغة ‪ (5) .433 :1‬قيل‪ :‬نسخ الخلق‪:‬‬
‫نقلهم بالتناسل عن اصولهم فجعلهم بعد الوحدة في الصول فرقا‪(6) .‬‬
‫نهج البلغة ‪ (7) .456 :1‬في المصدر‪ :‬أصحاب الشافعي‪ (8) .‬السراء‪:‬‬
‫‪.79‬‬

‫] ‪[ 383‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬كان واجبا عليه وعلى امته فنسخ‪ .‬أقول‪ :‬ذكر الوتر مع قيام الليل‬
‫يشتمل على تكرار ظاهرا‪ ،‬والصل فيه أن العامة رووا حديثا عن عايشة‬
‫أن النبي صلى ال عليه واله قال‪ " :‬ثلث علي فريضة ولكم سنة‪ :‬الوتر‪،‬‬
‫والسواك‪ ،‬وقيام الليل " ولذا جمعوا بينهما تبعا للرواية‪ ،‬كما يظهر من‬
‫شارح الوجيزة‪ ،‬وتبعهم أصحابنا رضوان ال عليهم‪ .‬وقال الشهيد الثاني‬
‫قدس سره‪ :‬اعلم أن بين قيام الليل وبين الوتر الواجبين عليه مغايرة‬
‫العموم والخصوص المطلق‪ ،‬لن قيام الليل بالتهجد يحصل بالوتر وبغيره‪،‬‬
‫فل يلزم من وجوبه وجوبه‪ ،‬وأما الوتر فلما كان من العبادات الواقعة‬
‫بالليل فهو من جملة التهجد بل أفضله‪ ،‬فقد يقال‪ :‬إن إيجابه يغني عن‬
‫إيجاب قيام الليل وجوابه أن قيام الليل وإن تحقق بالوتر لكن مفهومه‬
‫مغاير لمفهومه‪ ،‬لن الواجب من القيام لما كان يتأدى به وبغيره‪ ،‬وبالكثير‬
‫منه والقليل كان كل فرد يأتي به منه موصوفا بالوجوب‪ ،‬لنه أحد أفراد‬
‫الواجب الكلي‪ ،‬وهذا القدر ل يتأدى بإيجاب الوتر خاصة‪ ،‬ول يفيد فائدته‪،‬‬
‫فلبد من الجمع بينهما‪ .‬ثم قال في التذكرة‪ :‬الخامس‪ :‬قضاء دين من مات‬
‫معسرا‪ ،‬لقوله صلى ال عليه واله‪ " :‬من مات وخلف مال فلورثته‪ ،‬ومن‬
‫مات وخلف دينا أو كل فعلي )‪ " (1‬وإلى هذا مذهب الجمهور‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم‪ :‬كان ذلك كرما منه‪ ،‬وهذا اللفظ ل يمكن حمله على الضمان‪ ،‬لن‬
‫من صحح ضمان المجهول لم يصحح على هذا الوجه‪ ،‬وللشافعية وجهان‬
‫في أن المام هل يجب عليه قضاء دين المعسر إذا مات‪ ،‬وكان في بيت‬
‫المال سعة تزيد على حاجة الحياء‪ ،‬لما في إيجابه من الترغيب في‬
‫اقتراض المحتاجين‪ .‬السادس‪ :‬مشاورة اولي النهى لقوله تعالى‪" :‬‬
‫وشاورهم في المر )‪ " (2‬وقيل‪ :‬إنه لم يكن واجبا عليه‪ ،‬بل امر لستمالة‬
‫قلوبهم‪ ،‬وهو المعتمد‪ ،‬فإن عقل النبي صلى ال عليه واله أوفر من عقول‬
‫كل البشر‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أو كل فالى‪ ،‬وعلى هذا مذهب الجمهور‪ (2) .‬آل عمران‪.159 :‬‬

‫] ‪[ 384‬‬

‫السابع‪ :‬إنكار المنكر إذا رآه وإظهاره‪ ،‬لن إقراره على ذلك يوجب جوازه‪ ،‬فإن ال‬
‫تعالى ضمن له النصر والظهار‪ .‬الثامن‪ :‬كان عليه تخيير نسائه بين‬
‫مفارقته‪ ،‬ومصاحبته بقوله تعالى‪ " :‬يا أيها النبي قل لزواجك إن كنتن‬
‫تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا جميل * وإن‬
‫كنتن تردن ال ورسوله والدار الخرة فإن ال أعد للمحسنات منكن أجرا‬
‫عظيما )‪ " (1‬والصل فيه أن النبي صلى ال عليه واله آثر لنفسه الفقر‬
‫والصبر عليه‪ ،‬فامر بتخيير نسائه )‪ (2‬بين مفارقته واختيار زينة الدنيا‪،‬‬
‫وبين اختياره والصبر على ضر الفقر‪ ،‬لئل يكون مكرها لهن على الضر‬
‫والفقر‪ ،‬هذا هو المشهور‪ ،‬وللشافعية وجه في التخيير لم يكن واجبا عليه‪،‬‬
‫وإنما كان مندوبا‪ ،‬والمشهور الول‪ ،‬ثم إن رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫لما خيرهن اخترنه والدار الخرة‪ ،‬فحرم ال تعالى على رسوله التزويج‬
‫عليهن‪ ،‬والتبدل بهن من أزواج‪ ،‬ثم نسخ ذلك ليكون المنة لرسول ال‬
‫صلى ال عليه واله بترك التزوج عليهن بقوله تعالى‪ " :‬إنا أحللنا لك‬
‫أزواجك اللتي آتيت اجورهن )‪ " (3‬قالت عايشة‪ :‬إن النبي صلى ال عليه‬
‫واله لم يمت حتى احل له النساء تعني اللتي حظرن عليه‪ ،‬وقال أبو‬
‫حنيفة‪ :‬إن التحريم باق لم ينسخ‪ ،‬وقد روي أن بعض نساء النبي صلى ال‬
‫عليه واله طلبت منه حلقة من ذهب‪ ،‬فصاغ لها حلقة من فضة وطلها‬
‫بالزعفران‪ ،‬فقالت‪ :‬ل اريد إل من ذهب‪ ،‬فاغتم النبي صلى ال عليه واله‬
‫لذلك‪ ،‬فنزلت آية التخيير‪ .‬وقيل‪ :‬إنما خيره لنه لم يمكنه التوسعة عليهن‪،‬‬
‫فربما يكون فيهن من يكره المقام معه فنزهه عن ذلك‪ .‬وروي أن النبي‬
‫صلى ال عليه واله كان يطالب بامور ل يملكها‪ ،‬وكان نساؤه يكثرن‬
‫مطالبته حتى قال عمر‪ :‬كنا معاشر المهاجرين متسلطين على نسائنا بمكة‪،‬‬
‫وكانت نساء النصار متسلطات على الزواج‪ ،‬فاختلط نساؤنا فيهن فتخلقن‬
‫بأخلقهن‪ ،‬وكلمت امرأتي‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ 28 :‬و ‪ (2) .29‬في المصدر‪ :‬فأمره بتخيير نسائه‪ (3) .‬الحزاب‪.50 :‬‬

‫] ‪[ 385‬‬

‫يوما فراجعتني‪ ،‬فرفعت يدي لضربها وقلت‪ :‬أتراجعيني يا لكعاء )‪ (1‬؟ فقالت‪ :‬إن‬
‫نساء رسول ال صلى ال عليه وآله يراجعنه‪ ،‬وهو خير منك‪ ،‬فقلت‪ :‬خابت‬
‫حفصة وخسرت‪ ،‬ثم أتيت حفصة وسألتها فقالت‪ :‬إن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله قد يظل على بعض نسائه طول نهاره غضبانا‪ ،‬فقلت‪ :‬ل تغتري‬
‫بابنة أبي قحافة‪ ،‬فإنها حبة )‪ (2‬رسول ال صلى ال عليه واله يحمل منها‬
‫ما ل يحمل منك‪ ،‬وقال عمر‪ :‬كنت قد ناوبت رجل من النصار حضور‬
‫مجلس رسول ال صلى ال عليه واله ليخبر كل واحد منا صاحبه فيما‬
‫يجري‪ ،‬فقرع النصاري باب الدار يوما‪ ،‬فقلت‪ :‬أجاءنا غسان ؟ وكان قد‬
‫اخبرنا بأن غسان تنعل خيولها لتغزونا‪ ،‬فقال‪ :‬أمر أفظع من ذلك‪ ،‬طلق‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله جميع نسائه‪ ،‬فخرجت من البيت‪ ،‬ورأيت‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه واله يبكون حوله وهو جالس‪ ،‬وكان‬
‫أنس علي البيت )‪ ،(3‬فقلت‪ :‬استأذن لي فلم يجب‪ ،‬فانصرفت فنازعتني‬
‫نفسي وعاودت فلم يجب‪ ،‬حتى فعلت ذلك ثلثا‪ ،‬فسمع رسول ال صلى ال‬
‫عليه واله صوتي فأذن‪ ،‬فدخلت فرأيته نائما على حصير من الليف‪،‬‬
‫فاستوى وأثر الليف في جنبيه‪ ،‬فقلت‪ :‬إن قيصر وكسرى يفرشان الديباج‬
‫والحرير‪ ،‬فقال‪ :‬أفي شك أنت يا عمر ؟ أما علمت أنها لهم في الدنيا‪ ،‬ولنا‬
‫في الخرة‪ ،‬ثم قصصت عليه القصة فابتسم لما سمع قولي لحفصة‪ :‬ل‬
‫تغتري بابنة أبي قحافة‪ ،‬ثم قلت‪ :‬طلقت نساءك ؟ فقال‪ :‬ل‪ .‬وروي أنه كان‬
‫آلى من نسائه شهرا‪ ،‬فمكث في غرفة شهرا‪ ،‬فنزل قوله تعالى‪ " :‬يا أيها‬
‫النبي قل لزواجك )‪ " (4‬الية‪ ،‬فبدأ رسول ال صلى ال عليه واله بعايشة‬
‫وقال‪ :‬إني ملق إليك أمرا فل تبادريني بالجواب حتى تؤامري )‪ (5‬أبويك‪،‬‬
‫وتل الية‪ ،‬فقالت‪ :‬أفيك اؤامر أبوي ؟ اخترت ال ورسوله والدار الخرة‪،‬‬
‫ثم قالت‪ :‬ل تخبر أزواجك بذلك‪ ،‬وكانت تريد أن يخترن فيفارقهن رسول‬
‫ال صلى ال عليه واله‪ ،‬فدار صلى ال عليه واله على نسائه وكان‬
‫يخبرهن‬

‫)‪ (1‬اللكعاء‪ :‬اللئيمة‪ (2) .‬الحبة بالكسر‪ :‬المحبوبة‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وكان اسامة‬
‫على البيت‪ (4) .‬ذكرنا موضعه آنفا‪ (5) .‬أي حتى تشاوري أبويك‪.‬‬

‫] ‪[ 386‬‬

‫بما جرى لعايشة‪ ،‬فاخترن بأجمعن ال ورسوله‪ ،‬وهذا التخيير عند العامة كناية في‬
‫الطلق وعندنا أنه ليس له حكم‪ .‬وقال الشهيد الثاني والشيخ علي رحمهما‬
‫ال‪ :‬هذا التخيير عند العامة القائلين بوقوع الطلق بالكناية كناية عن‬
‫الطلق‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬إنه صريح فيه‪ ،‬وعندنا ليس له حكم بنفسه‪ ،‬بل‬
‫ظاهر الية أن من اختارت الحياة الدنيا وزينتها يطلقها‪ ،‬لقوله تعالى‪ " :‬إن‬
‫كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا جميل )‬
‫‪ ." (1‬أقول‪ :‬سيأتي القول فيه في بابه‪ .‬ثم قال في التذكرة‪ :‬وأما المحرمات‬
‫فقسمان‪ :‬الول ما حرم عليه خاصة في غير النكاح‪ ،‬وهو امور‪ :‬الول‪:‬‬
‫الزكاة المفروضة‪ ،‬صيانة لمنصبه العلي عن أوساخ أموال الناس التي‬
‫تعطى على سبيل الترحم‪ ،‬وتنبئ عن ذل الخذ‪ ،‬وابدل بالفئ الذي يؤخذ‬
‫على سبيل القهر والغلبة‪ ،‬المنبئ عن عز الخذ‪ ،‬وذل المأخوذ منه‪،‬‬
‫ويشركه )‪ (2‬في حرمتها اولوا القربى‪ ،‬لكن التحريم عليهم بسببه أيضا‪،‬‬
‫فالخاصة )‪ (3‬عائدة إليه‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه واله‪ :‬إنا أهل بيت‬
‫ل تحل لنا الصدقة‪ .‬اقول‪ :‬قال الشهيد الثاني رحمه ال بعد ذكر هذا الوجه‪:‬‬
‫مع أنها ل تحرم عليهم مطلقا‪ ،‬بل من غير الهاشمي مع وفاء نصيبهم من‬
‫الخمس بكفايتهم‪ ،‬وأما عليه صلى ال عليه واله فإنها تحرم مطلقا‪ ،‬ولعل‬
‫هذا أولى من الجواب السابق‪ ،‬لن ذاك مبني على مساواتهم له في ذلك كما‬
‫تراه العامة‪ ،‬فاشتركوا في ذلك الجواب‪ ،‬والجواب الثاني مختص بقاعدتنا‪.‬‬
‫رجعنا إلى كلم التذكرة‪ :‬الثاني‪ :‬الصدقة المندوبة‪ ،‬القرب تحريمها على‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله لما تقدم‪ ،‬وهو‬

‫)‪ (1‬ذكرنا موضعه آنفا‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ويشاركه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وفي غير‬
‫نسخة المصنف‪ :‬فالخاصية‪.‬‬

‫] ‪[ 387‬‬

‫أحد قولي الشافعي تعظيما له وتكريما‪ ،‬وفي الثاني يجوز‪ ،‬وحكم المام عندنا حكم‬
‫النبي صلى ال عليه واله‪ .‬الثالث‪ :‬إنه كان صلى ال عليه واله ل يأكل‬
‫الثوم والبصل والكراث‪ ،‬وهل كان محرما عليه ؟ القرب ل‪ ،‬وللشافعية‬
‫وجهان‪ ،‬لكنه كان يمتنع منها لئل يتأذى بها من يناجيه من الملئكة‪ ،‬روي‬
‫أنه صلى ال عليه واله اتي بقدر فيها بقول فوجد لها ريحا فقربها إلى‬
‫بعض أصحابه‪ ،‬وقال له‪ :‬كل فإني اناجي من ل تناجي‪ .‬الرابع‪ :‬إنه صلى‬
‫ال عليه واله كان ل يأكل متكئا‪ ،‬روي أنه صلى ال عليه واله قال‪ :‬أنا آكل‬
‫كما تأكل العبيد‪ ،‬وأجلس كما تجلس العبيد‪ .‬وهل كان ذلك محرما عليه أو‬
‫مكروها كما في حق المة ؟ القرب الثاني‪ ،‬و للشافعي وجهان‪ .‬الخامس‪:‬‬
‫يحرم عليه الخط والشعر تأكيدا لحجته‪ ،‬وبيانا لمعجزته‪ ،‬قال ال تعالى‪" :‬‬
‫ول تخطه بيمينك " )‪ (1‬وقال تعالى‪ " :‬وما علمناه الشعر )‪ " (2‬وقد‬
‫اختلف في أنه صلى ال عليه واله كان يحسنهما أم ل‪ ،‬وأصح قولي‬
‫الشافعي الثاني‪ ،‬وإنما يتجه التحريم على الول‪ .‬السادس‪ :‬كان صلى ال‬
‫عليه واله إذا لبس لمة )‪ (3‬الحرب يحرم عليه نزعها حتى يلقى العدو‬
‫ويقاتل‪ ،‬قال صلى ال عليه واله‪ " :‬ما كان لنبي إذا لبس لمته أن ينزعها‬
‫حتى يلقى العدو " وهو المشهور عند الشافعية‪ :‬ولهم وجه‪ :‬إنه كان‬
‫مكروها ل محرما‪ .‬السابع‪ :‬كان صلى ال عليه واله إذا ابتدأ بتطوع حرم‬
‫عليه تركه قبل إتمامه‪ ،‬وفيه خلف‪ .‬الثامن‪ :‬كان يحرم أن يمد عينيه إلى ما‬
‫متع ال به الناس‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬ول تمدن عينيك )‪ " (4‬الية‪.‬‬

‫)‪ (1‬العنكبوت‪ (2) .48 :‬يس‪ (3) .69 :‬اللمة‪ :‬الدرع‪ (4) .‬الحجر‪.88 :‬‬

‫] ‪[ 388‬‬

‫التاسع‪ :‬كان يحرم عليه خائنة العين‪ ،‬قال صلى ال عليه واله‪ " :‬ما كان لنبي أن‬
‫يكون له خائنة العين " وفسروها باليماء إلى مباح‪ :‬من ضرب‪ ،‬أو قتل‬
‫علي خلف ما يظهر ويشعر به الحال‪ ،‬وإنما قيل له‪ :‬خائنة العين لنه‬
‫سبب الخيانة )‪ ،(1‬من حيث أنه يخفى‪ ،‬ول يحرم ذلك على غيره إل في‬
‫محظور‪ ،‬وبالجملة أن يظهر خلف ما يضمر‪ ،‬وطرد بعض الفقهاء ذلك في‬
‫مكائدة الحروب وهو ضعيف‪ ،‬وقد صح أن رسول ال صلى ال عليه واله‬
‫كان إذا أراد سفرا ورى بغيره‪ .‬العاشر‪ :‬اختلفوا في أنه هل كان يحرم عليه‬
‫أن يصلي على من عليه دين أم ل على قولين‪ .‬الحادي عشر‪ :‬اختلفوا في‬
‫أنه هل كان يجوز أن يصلي على من عليه دين مع وجود الضامن‪ .‬الثاني‬
‫عشر‪ :‬لم يكن له أن يمن ليستكثر‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬ول تمنن تستكثر )‪،(2‬‬
‫أي ل تعط شيئا لتنال أكثر منه‪ ،‬قال المفسرون‪ :‬إنه كان من خواصه صلى‬
‫ال عليه واله‪ .‬الثاني‪ :‬ما حرم عليه خاصة في النكاح وهو امور‪ :‬الول‪:‬‬
‫إمساك من تكره نكاحه وترغب عنه‪ ،‬لنه صلى ال عليه واله نكح امرأة‬
‫ذات جمال‪ ،‬فلقنت أن تقول لرسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أعوذ بال‬
‫منك‪ ،‬وقيل لها‪ :‬إن هذا الكلم يعجبه‪ ،‬فلما قالت ذلك قال صلى ال عليه‬
‫واله‪ :‬لقد استعذت بمعاذ وطلقها‪ .‬وللشافعية وجه غريب‪ :‬أن كان ل يحرم‬
‫إمساكها لكن فارقها تكرما منه‪ ،‬ومات رسول ال صلى ال عليه واله عن‬
‫تسع نسوة‪ :‬عايشة‪ ،‬وحفصة‪ ،‬وام سلمة بنت ابن امية المخزومي‪ ،‬وام‬
‫حبيبة بنت أبي سفيان‪ ،‬وميمونة بنت الحارث الهللية‪ ،‬وجويرية بنت‬
‫الحارث الخزاعية‪ ،‬وسودة بنت زمعة‪ ،‬وصفية بنت حي بن أخطب‬
‫الخيبرية‪ ،‬وزينب بنت جحش‪ ،‬وجميع من تزوج بهن خمسة عشر‪ ،‬وجمع‬
‫بين إحدى عشرة‪ ،‬ودخل بثلث عشرة‪ ،‬و فارق امرأتين في حياته‪:‬‬
‫إحداهما الكلبية‪ ،‬وهي التي رأى بكشحها بياضا‪ ،‬فقال لها‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لنه شبه الخيانة‪ (2) .‬المدثر‪.6 :‬‬

‫] ‪[ 389‬‬

‫الحقي بأهلك‪ ،‬والخرى التي تعوذت منه‪ ،‬وقال أبو عبيد‪ :‬تزوج رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله ثمانية عشر امرأة‪ ،‬واتخذ من الماء ثلثا )‪ .(1‬الثاني‪ :‬نكاح‬
‫الكفار )‪ ،(2‬عندنا ل يصح للمسلم على القوى‪ .‬لقوله تعالى‪ " :‬ول تنكحوا‬
‫المشركات حتى يؤمن )‪ " (3‬وقال‪ " :‬ول تمسكوا بعصم الكوافر )‪" (4‬‬
‫وقال بعض علمائنا‪ :‬إنه يصح‪ ،‬وهو مذهب جماعة من العامة‪ ،‬فعندنا‬
‫التحريم بطريق الولى ثابت في حق النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬واختلف‬
‫في مشروعيته له من جوز من العامة في حق المة على قولين‪ :‬أحدهما‬
‫المنع‪ ،‬لقوله صلى ال عليه واله‪ " :‬زوجاتي في الدنيا زوجاتي في الخرة‬
‫" والجنة محرمة على الكافرين‪ ،‬ولنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم‬
‫كافرة‪ ،‬وال تعالى أكرم زوجاته إذ جعلهن امهات المؤمنين‪ ،‬والكافرة ل‬
‫تصلح لذلك‪ ،‬لن هذه اسوة )‪ (5‬الكرامة‪ ،‬و لقوله تعالى‪ " :‬إنما المشركون‬
‫نجس )‪ " (6‬ولقوله‪ " :‬كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إل سببي‬
‫ونسبي " وذلك ل يصح في الكافرة‪ .‬والثاني الجواز لن ذبائحهم له حلل‬
‫فكذلك نساؤهم‪ ،‬والمقدمة الولى ممنوعة فإن ذبائح أهل الكتاب عندنا‬
‫محرمة‪ ،‬وأما نكاح المة فلم يجز له بل خلف بين الكثر‪ ،‬وأما وطي المة‬
‫فكان سائغا له مسلمة كانت أو كتابية‪ ،‬لقوله تعالى‪ " :‬وما ملكت أيمانكم )‬
‫‪ " (7‬وقوله تعالى‪ " :‬وما ملكت يمينك )‪ " (8‬ولم يفصل‪ ،‬وملك صلى ال‬
‫عليه واله مارية القبطية وكانت مسلمة‪ ،‬وملك صفية وهي مشركة‪ ،‬فكانت‬
‫عنده إلى أن أسلمت فأعتقها وتزوجها‪ ،‬وجوز بعضهم نكاح المة المسلمة‬
‫له صلى ال عليه واله بالعقد‪ ،‬كما يجوز بالملك والنكاح أوسع منه من‬
‫المة‪ ،‬ولكن الكثر على المنع‪ ،‬لن نكاح المة مشروط بالخوف من‬

‫)‪ (1‬سيأتي أحوال أزواجه في بابه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬نكاح الكتابية‪ (3) .‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (4) .221‬الممتحنة‪ (5) .10 :‬السوة‪ :‬القدوة‪ (6) .‬التوبة‪(7) .28 :‬‬
‫النساء‪ 3 :‬وفيه‪ :‬أو‪ (8) .‬الحزاب‪.50 :‬‬

‫] ‪[ 390‬‬

‫العنت‪ ،‬والنبي صلى ال عليه واله معصوم‪ ،‬وبفقدان طول )‪ (1‬الحرة‪ ،‬ونكاحه‬
‫صلى ال عليه واله مستغني )‪ (2‬عن المهر ابتداء وانتهاء‪ ،‬وبأن من نكح‬
‫أمة كان ولده منها رقيقا عند جماعة‪ ،‬ومنصب النبي صلى ال عليه وآله‬
‫منزه عن ذلك‪ ،‬لكن من جوز له نكاح المة قال‪ :‬خوف العنت إنما يشترط‬
‫في حق المة‪ ،‬ومنع من اشتراط فقدان الطول‪ ،‬وأما رق الولد فقد التزم )‬
‫‪ (3‬بعض الشافعية وجها مستبعدا فيه بذلك‪ ،‬والصحيح خلفه لنه عندنا‬
‫يتبع أشرف الطرفين‪ .‬واما التخفيفات‪ :‬فقسمان‪ :‬الول ما يتعلق بغير‬
‫النكاح وهي امور‪ :‬الول‪ :‬الوصال في الصوم‪ ،‬كان مباحا للنبي صلى ال‬
‫عليه واله‪ ،‬وحرام على امته‪ ،‬ومعناه أنه يطوي الليل بل أكل وشرب )‪(4‬‬
‫مع صيام النهار‪ ،‬ل أن يكون صائما‪ ،‬لن الصوم في الليل ل ينعقد‪ ،‬بل إذا‬
‫دخل الليل صار الصائم مفطرا إجماعا‪ ،‬فلما نهى النبي صلى ال عليه واله‬
‫امته عن الوصال قيل له‪ :‬إنك تواصل‪ ،‬فقال‪ :‬إني لست كأحدكم‪ ،‬إني أظل‬
‫عند ربي يطعمني ويسقيني‪ .‬وفي رواية‪ :‬إني أبيت عند ربي فيطعمني‬
‫ويسقيني‪ .‬قيل‪ :‬معناه يسقيني ويغذيني بوحيه‪ .‬وقال الشهيد الثاني نور ال‬
‫ضريحه‪ :‬الوصال يتحقق بأمرين‪ :‬أحدهما الجمع بين الليل والنهار عن‬
‫تروك الصوم بالنية‪ ،‬والثاني تأخير عشائه إلى سحوره بالنية كذلك )‪،(5‬‬
‫بحيث يكون صائما مجموع ذلك الوقت‪ ،‬والوصال بمعنييه محرم على امته‪،‬‬

‫)‪ (1‬الطول‪ :‬القدرة والغنى‪ (2) .‬هكذا في النسخة‪ :‬والصحيح‪ :‬مستغن‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فقد ألزم‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ول شرب‪ (5) .‬والروايات قد وردت‬
‫بمعنيين‪ ،‬ففى مرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلم‪ :‬الوصال الذي‬
‫نهى عنه هو أن يجعل الرجل عشاه سحوره‪ .‬وفي حديث الحلبي عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الوصال في الصيام أن يجعل عشاه سحوره‪.‬‬
‫وفي حديث سليمان الديلمي عنه عليه السلم‪ :‬وإنما قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬ل وصال في صيام يعنى ل يصوم الرجل يومين متواليين‬
‫من غير إفطار‪ .‬وفي حديث حفص عنه عليه السلم‪ :‬المواصل في الصيام‬
‫يصوم يوما وليلة ويفطر في السحر‪.‬‬

‫] ‪[ 391‬‬

‫ومباح له صلى ال عليه واله‪ ،‬ثم نقل كلم التذكرة وقال‪ :‬ليس بجيد‪ ،‬لن الكل‬
‫بالليل ليس بواجب‪ ،‬وقد صرح به هو في المنتهى‪ ،‬فقال‪ :‬لو أمسك عن‬
‫الطعام يومين ل بنية الصيام بل بنية الفطار فيه فالقوى عدم التحريم‪،‬‬
‫وعلى ما ذكره هنا ل فرق بينه صلى ال عليه واله وبين غيره‪ ،‬بل المراد‬
‫الصوم فيهما معا بالنية‪ ،‬فإن هذا حكم مختص به محرم على غيره‪ .‬اقول‪:‬‬
‫ما ذكره رحمه ال هو المطابق لكلم الكثر‪ ،‬لكن الخبار الواردة في‬
‫تفسيره تقتضي التحريم )‪ (1‬مطلقا‪ ،‬وأيضا لو كان المراد مع النية فل وجه‬
‫للتخصيص بهذين الفردين‪ ،‬بل الظاهر أنه لو نوى دخول ساعة من الليل‬
‫مثل في الصوم كان تشريعا محرما‪ ،‬وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب‬
‫الصوم إن شاء ال تعالى‪ .‬ثم قال في التذكرة‪ :‬الثاني اصطفاء ما يختاره من‬
‫الغنيمة قبل القسمة‪ ،‬كجارية حسنة‪ ،‬وثوب مترفع )‪ ،(2‬وفرس جواد‪،‬‬
‫وغير ذلك‪ ،‬ويقال لذلك الذي اختاره‪ :‬الصفي والصفية والجمع الصفايا‪،‬‬
‫ومن صفاياه صفية بنت حيى‪ ،‬اصطفاها واعتقاها وتزوجها‪ ،‬و ذو الفقار‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬خمس الفئ والغنيمة كان لرسول ال صلى ال عليه واله الستبداد‬
‫به‪ ،‬وأربعة أخماس الفئ كانت له أيضا‪ .‬الرابع‪ :‬ابيح له دخول مكة بغير‬
‫إحرام‪ ،‬خلفا لمته‪ ،‬فإنه محرم عليهم على خلف‪ .‬الخامس‪ :‬ابيحت له‬
‫ولمته كرامة له الغنائم‪ ،‬وكانت حراما على من قبله من النبياء‪ ،‬بل امروا‬
‫بجمعها‪ ،‬فتنزل نار من السماء فتأكلها‪ ،‬وإنه كان يقضي لنفسه‪ ،‬و في‬
‫غيره خلف‪ ،‬وأن يحكم لنفسه ولولده‪ ،‬وأن يشهد لنفسه ولولده‪ ،‬وأن يقبل‬
‫شهادة من شهد له )‪ .(3‬السادس‪ :‬ابيح له أن يحمي لنفسه الرض لرعي‬
‫ماشيته‪ ،‬وكان حراما على من‬

‫)‪ (1‬راجع الحاديث‪ (2) .‬رفع الثوب‪ :‬خلف غلظ‪ .‬وفي الحديث‪ :‬ثوب حسن‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬من يشهد له‪.‬‬

‫] ‪[ 392‬‬
‫قبله من النبياء عليهم السلم‪ ،‬والئمة بعده ليس لهم أن يحموا لنفسهم‪ .‬وقال‬
‫المحقق الثاني رحمه ال في شرح القواعد‪ :‬وهذا عندنا مشترك بينه وبين‬
‫الئمة عليهم السلم‪ ،‬وقول المصنف رحمه ال في التذكرة‪ :‬والئمة بعده‬
‫ليس لهم أن يحموا لنفسهم ليس جاريا على مذهبنا‪ .‬ثم قال في التذكرة‪:‬‬
‫ابيح له أن يأخذ الطعام والشراب من المالك‪ ،‬وإن اضطر إليها )‪ ،(1‬لن‬
‫حفظه لنفسه الشريفة أولى من حفظ نفس غيره‪ ،‬وعليه البذل و الفداء‬
‫بمهجته مهجة رسول ال صلى ال عليه واله‪ ،‬لنه صلى ال عليه واله‬
‫أولى بالمؤمنين من أنفسهم‪ .‬وقال المحقق في شرح القواعد‪ :‬وينبغي أن‬
‫يكون المام كذلك كما يرشد إليه التعليل‪ ،‬ولم أقف على تصريح في ذلك‪ .‬ثم‬
‫قال في التذكرة‪ :‬الثامن‪ :‬كان ل ينتقض وضوءه بالنوم‪ ،‬وبه قال الشافعية‪:‬‬
‫وحكى أبو العباس منهم وجها آخر غريبا‪ ،‬وكذلك حكى وجهين في انتقاض‬
‫وضوئه باللمس‪ .‬التاسع‪ :‬كان يجوز له أن يدخل المسجد جنبا‪ ،‬ومنعه‬
‫بعض الشافعية‪ :‬وقال ل اخا له صحيحا‪ .‬العاشر‪ :‬قيل‪ :‬إنه كان يجوز له أن‬
‫يقتل من آمنه وهو غلط‪ ،‬فإنه من يحرم )‪ (2‬عليه خائنة العين كيف يجوز‬
‫له قتل من آمنه ؟ الحادي عشر‪ :‬قيل‪ :‬إنه كان يجوز له لعن من شاء من‬
‫غير سبب يقتضبه‪ ،‬لن لعنه رحمة‪ ،‬واستبعده الجماعة‪ ،‬وروى أبو هريرة‬
‫أن النبي صلى ال عليه واله‪ ،‬قال‪ " :‬اللهم إني أتخذ عندك عهدا لن‬
‫تخلفه‪ ،‬إنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته بتهمة ولعنة )‪ (3‬فاجعلها له صلة‬
‫وزكاة وقربة يتقرب بها إليك يوم القيامة " وهو عندنا باطل لنه معصوم‬
‫ل يجوز منه لعن الغير وسبه بغير سبب‪ ،‬والحديث لو سلم إنما هو لسبب‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وإن اضطر إليهما‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فان من يحرم عليه‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬أو لعنته‪.‬‬

‫] ‪[ 393‬‬

‫ومن التخفيفات )‪ (1‬ما يتعلق بالنكاح وهي امور‪ :‬الول‪ :‬الزيادة على أربع نسوة‪،‬‬
‫فإنه صلى ال عليه واله مات عن تسع‪ ،‬وهل كان له الزيادة على تسع ؟‬
‫الولى الجواز لمتناع الجور عليه‪ ،‬وللشافعية وجهان‪ :‬هذا أصحهما‪ ،‬و‬
‫الثاني المنع‪ ،‬وأما انحصار طلقه في الثلث فالوجه في ذلك كما في حق‬
‫المة‪ ،‬وهو أحد وجهي الشافعية‪ ،‬والثاني العدم كما لم ينحصر عدد زوجاته‬
‫صلى ال عليه واله‪ .‬الثاني‪ :‬العقد بلفظ الهبة‪ ،‬لقوله تعالى‪ " :‬وامرأة‬
‫مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي )‪ " (2‬فل يجب المهر حينئذ بالعقد ول‬
‫بالدخول‪ ،‬ل ابتداء ول انتهاء كما هو قضية الهبة‪ ،‬وهو أظهر وجهي‬
‫الشافعية‪ ،‬والثاني‪ :‬المنع‪ ،‬كما في حق المة‪ ،‬وعلى الول هل يشترط لفظ‬
‫النكاح من جهة النبي صلى ال عليه واله ؟ للشافعية وجهان‪ :‬أحدهما نعم‪،‬‬
‫لظاهر قوله تعالى‪ " :‬أن يستنكحها )‪ " (3‬والثاني ل يشترط في حق‬
‫الواهبة )‪ ،(4‬وهل ينعقد نكاحه بمعنى الهبة في حق الواهبة‪ ،‬وخاصية‬
‫النبي صلى ال عليه واله ليست في إسقاط المهر‪ ،‬بل في النعقاد بلفظ‬
‫الهبة‪ .‬الثالث‪ :‬كان إذا رغب صلى ال عليه واله في نكاح امرأة فإن كانت‬
‫خلية فعليها الجابة‪ ،‬ويحرم على غيره خطبتها‪ ،‬وللشافعية وجه‪ :‬إنه ل‬
‫يحرم‪ ،‬وإن كانت ذات زوج وجب على الزوج طلقها لينكحها لقضية زيد )‬
‫‪ ،(5‬ولعل السر فيه من جانب الزوج امتحان إيمانه واعتقاده بتكليفه‬
‫النزول عن أهله‪ ،‬ومن جانب النبي صلى ال عليه واله ابتلؤه ببلية‬
‫البشرية‪ ،‬ومنعه من خائنة العين‪ ،‬ومن الضمار الذي يخالف الظهار كما‬
‫قال تعالى‪ " :‬وتخفي في نفسك ما ال مبديه )‪ " (6‬ول شئ أدعى إلى‬
‫غض البصر وحفظ لمجاريه التفاقية )‪ (7‬من هذا‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬القسم الثاني من التخفيفات‪ 2) .‬و ‪ (3‬الحزاب‪ (4) .50 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬أن يشترط في حق الواهبة‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬كقضية زيد‪(6) .‬‬
‫الحزاب‪ (7) .37 :‬في المصدر‪ :‬وحفظه عن المحابة التفاقية‪.‬‬

‫] ‪[ 394‬‬

‫التكليف‪ ،‬وليس هذا من باب التخفيفات‪ ،‬كما قاله الفقهاء‪ ،‬بل هو في حقه غاية‬
‫التشديد )‪ (1‬إذ لو كلف بذلك آحاد الناس لما فتحوا أعينهم في الشوارع‬
‫خوفا من ذلك‪ ،‬ولهذا قالت عايشة‪ :‬لو كان صلى ال عليه واله يخفى آية‬
‫لخفى هذه‪ .‬الرابع‪ :‬انعقاد نكاحه بغير ولي وشهود‪ ،‬وهو عندنا ثابت في‬
‫حقه صلى ال عليه واله وحق امته )‪ (2‬إذ ل نشترط نحن ذلك‪ ،‬وللشافعية‬
‫وجهان‪ .‬الخامس‪ :‬انعقاد نكاحه في الحرام‪ ،‬وللشافعية فيه وجهان‪:‬‬
‫أحدهما الجواز‪ ،‬لما روي أنه صلى ال عليه واله نكح ميمونة محرما‪،‬‬
‫والثاني المنع كما لم يحل له الوطئ في الحرام‪ ،‬والمشهور عندهم أنه نكح‬
‫ميمونة حلل‪ .‬السادس‪ :‬هل كان يجب عليه القسم بين زوجاته بحيث إذا‬
‫باتت عند واحدة منهن ليلة وجب عليه أن يبيت عند الباقيات كذلك أم ل‬
‫يجب ؟ قال الشهيد الثاني رحمه ال‪ :‬اختلف العلماء في ذلك‪ ،‬فقال بعضهم‪:‬‬
‫ل يجب عليه ذلك لقوله تعالى‪ " :‬ترجي من تشاء منهن و تؤوي إليك من‬
‫تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فل جناح عليك )‪ " (3‬ومعنى ترجي تؤخر‬

‫)‪ (1‬فيه تأمل واضح يعلم بمراجعة الية وتفسيرها‪ ،‬ولعله يأتي الكلم فيه في بابه‪.‬‬
‫)‪ (2‬في ثبوت جواز النكاح بغير ولي مطلقا في حق امته محل تأمل بل‬
‫منع‪ (3) .‬الحزاب‪ .51 :‬قال الطبرسي في معناه‪ :‬أي تؤخر وتبعد من‬
‫تشاء من أزواجك‪ ،‬وتضم إليك من تشاء منهن‪ ،‬واختلف في معناه على‬
‫اقوال‪ :‬احدها‪ :‬أن المراد تقدم من تشاء من نسائك في اليواء إليك وهو‬
‫الدعاء للفراش‪ ،‬وتؤخر من تشاء في ذلك‪ ،‬وتدخل من تشاء منهن في‬
‫القسم‪ ،‬ول تدخل من تشاء‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬وكان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله يقسم بين أزواجه وأباح ال له ترك ذلك‪ .‬ثانيها‪ :‬أن المراد‬
‫تعزل من تشاء منهن بغير طلق‪ ،‬وترد إليك من تشاء منهن بعد عزلك‬
‫إياها بل تجديد عقد‪ .‬ثالثها‪ :‬أن المراد تطلق من تشاء منهن وتمسك من‬
‫تشاء‪ .‬رابعها‪ :‬أن المراد تترك نكاح من تشاء من نساء امتك‪ ،‬وتنكح‬
‫منهن من تشاء‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬قال‪ :‬وكان صلى ال عليه وآله إذا خطب‬
‫امرأة لم يكن لغيره أن يخطبها حتى يتزوجها أو يتركها‪ .‬خامسها‪ :‬تقبل‬
‫من تشاء من المؤمنات اللتى يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك‪ ،‬وتترك من‬
‫تشاء منهن فل تقبلهما‪ " .‬ومن ابتغيت ممن عزلت فل جناح عليك " أي‬
‫إن أردت أن تؤوى إليك امراة ممن عزلتهن عن ذلك وتضمها إليك فل‬
‫سبيل عليك بلوم ول عتب‪ ،‬ول إثم عليك في ابتغائها‪ ،‬أباح ال سبحانه له‬
‫ترك القسم في النساء حتى يؤخر من يشاء عن وقت نوبتها‪ ،‬ويطأ من‬
‫يشاء في غير وقت نوبتها‪ ،‬وله أن يعزل من يشاء‪ ،‬وله أن يرد المعزولة‬
‫إن شاء‪ ،‬فضله ال بذلك على جميع الخلق‪.‬‬

‫] ‪[ 395‬‬

‫وتترك إيوائه إليك‪ ،‬ومضاجعته بقرينة قسيمه‪ ،‬وهو قوله‪ " :‬وتؤوي إليك من تشاء‬
‫" أي تضمه إليك وتضاجعه‪ ،‬ثم ل يتعين ذلك عليك‪ ،‬بل لك بعد الرجاء أن‬
‫تبتغي ممن عزلت ما شئت‪ ،‬وتؤويه إليك‪ ،‬وهذا ظاهر في عدم وجوب‬
‫القسمة عليه صلى ال عليه واله‪ ،‬حتى روي أن بعد نزول الية ترك‬
‫القسمة لجماعة من نسائه‪ ،‬وآوى إليه جماعة منهن معينات‪ ،‬وقال‬
‫آخرون‪ :‬بل تجب القسمة عليه كغيره لعموم الدلة الدالة عليها‪ ،‬ولنه لم‬
‫يزل يقسم بين نسائه حتى كان يطاف به وهو مريض عليهن‪ ،‬ويقول‪ :‬هذا‬
‫قسمي فيما أملك‪ ،‬وأنت أعلم بما ل أملك‪ ،‬يعني قلبه صلى ال عليه واله‪،‬‬
‫والمحقق رحمه ال استضعف الستدلل بالية على عدم وجوب القسمة‪،‬‬
‫بأنه كما يحتمل أن يكون المشية في الرجاء واليواء لجميع نسائه يحتمل‬
‫أن يكون متعلقا بالواهبات أنفسهن خاصة‪ ،‬فل يكون دليل على التخيير‬
‫مطلقا‪ ،‬وحينئذ فيكون اختيار قول ثالث وهو وجوب القسمة لمن تزوجهن‬
‫بالعقد‪ ،‬و عدمها لمن وهبت نفسها‪ ،‬وفي هذا عندي نظر‪ ،‬لن ضمير الجمع‬
‫المؤنث في قوله‪ :‬ترجي من تشاء منهن " واللفظ العام في قوله‪ " :‬ومن‬
‫ابتغيت " ل يصح عوده للواهبات‪ ،‬لنه لم يتقدم ذكر الهبة إل لمرأة‬
‫واحدة‪ ،‬وهي قوله‪ " :‬وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي‬
‫أن يستنكحها " فوجد ضمير الهبة في مواضع من الية‪ ،‬ثم عقبه بقوله‪:‬‬
‫" ترجي من تشاء منهن " فل يحسن عوده إلى الواهبات‪ ،‬إذ لم يسبق‬
‫لهن ذكر على وجه الجمع‪ ،‬بل إلى جميع الزواج المذكورات في هذه الية‪،‬‬
‫وهي قوله تعالى‪ " :‬يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللتي آتيت‬
‫اجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء ال عليك وبنات عمك وبنات عماتك و‬
‫بنات خالك وبنات خالتك اللتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت‬
‫نفسها للنبي )‪ " (1‬الية‪ ،‬ثم عقبها بقوله‪ " :‬ترجي من تشاء منهن "‬
‫الية‪ ،‬وهذا هو ظاهر في عود ضمير النسوة المخير فيهن إلى من سبق‬
‫من أزواجه جمع‪ ،‬وأيضا فإن النبي صلى ال عليه واله لم يتزوج بالهبة إل‬
‫امرأة واحدة على ما ذكره المحدثون والمفسرون‪ ،‬وهو المناسب لسياق‬
‫الية‪ ،‬فكيف يجعل ضمير الجمع عائدا إلى الواهبات‪ ،‬وليس له منهن إل‬
‫واحدة‪ ،‬ثم لو تنزلنا وسلمنا جواز عوده إلى الواهبات لما جاز حمله عليه‬
‫بمجرد الحتمال‪ ،‬مع وجود اللفظ العام‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪.50 :‬‬

‫] ‪[ 396‬‬

‫الشامل لجميعهن‪ ،‬وأيضا فإن غاية الهبة أن تزويجه صلى ال عليه واله يجوز‬
‫بلفظ الهبة من جانب المرأة أو من الطرفين‪ ،‬وذلك ل يخرج الواهبة عن أن‬
‫تكون زوجة فيلحقها ما يحلق غيرها من أزواجه‪ ،‬ل أنها تصير بسبب‬
‫الهبة بمنزلة المة‪ ،‬وحينئذ فتخصيص الحكم بالواهبات ل وجه له أصل‪،‬‬
‫وأما فعله صلى ال عليه واله فجاز كونه بطريق التفضل والنصاف وجبر‬
‫القلوب‪ ،‬كما قال ال تعالى‪ " :‬ذلك أدنى أن تقر أعينهن ول يحزن ويرضين‬
‫بما آتيتهن كلهن )‪ " (2‬انتهى كلمه رحمه ال‪ .‬ورجعنا إلى كلم التذكرة‪:‬‬
‫السابع‪ :‬إنه كان يجوز للنبي صلى ال عليه واله تزويج المرأة ممن شاء‬
‫بغير إذن وليها‪ ،‬وتزويجها من نفسه‪ ،‬وتولى الطرفين من غير إذن‬
‫وليهما‪ ،‬وهل )‪ (2‬كان يجب عليه نفقة زوجاته ؟ وجهان لهم‪ ،‬بناء على‬
‫الخلف في المهر‪ ،‬وكانت المرأة تحل له بتزويج ال تعالى‪ ،‬قال سبحانه‬
‫في قصة زيد‪ " :‬فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها )‪ " (3‬وقيل‪ :‬إنه‬
‫نكحها بمهر‪ ،‬وحملوا " زوجناكها " على إحلل ال تعالى له نكاحها‪،‬‬
‫وأعتق صلى ال عليه وآله صفية رضي ال عنها وتزوجها وجعل عتقها‬
‫صداقها‪ ،‬وهو ثابت عندنا في حق امته‪ ،‬وجوز بعض الشافعية له الجمع‬
‫بين المرأة وعمتها أو خالتها‪ ،‬وإنه كان يجوز له الجمع بين الختين‪ ،‬وكذا‬
‫في الجمع بين الم وبنتها‪ ،‬وهو عندنا بعيد‪ ،‬لن خطاب ال تعالى يدخل فيه‬
‫لنبي صلى ال عليه واله‪ .‬وأما الفضل )‪ (4‬والكرامات فقسمان‪ :‬الول في‬
‫النكاح‪ ،‬وهو امور‪ :‬الول‪ :‬تحريم زوجاته على غيره )‪ ،(5‬قال الشهيد‬
‫الثاني قدس ال سره‪ :‬من جملة خواصه صلى ال عليه واله تحريم‬
‫أزواجه من بعده على غيره‪ ،‬لقوله تعالى‪ " :‬وما كان لكم أن تؤذوا رسول‬
‫ال ول أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا )‪ " (6‬وهي متناولة بعمومها لمن‬
‫مات عنها من أزواجه‪ ،‬سواء‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .51 :‬في المصدر قبل ذلك‪ :‬وسوغ الشافعية أن ينكح المعتدة في‬
‫وجه‪ ،‬وهل كان إ‍ه‪ (3) .‬الحزاب‪ (4) .37 :‬في المصدر‪ :‬وأما الفضائل‬
‫والكرامات‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬تحريم زوجاته اللواتى مات عنهن على‬
‫غيره‪ (6) .‬الحزاب‪.53 :‬‬

‫] ‪[ 397‬‬

‫كانت مدخول بها أم ل‪ ،‬لصدق الزوجية عليهما ولم يمت صلى ال عليه واله عن‬
‫زوجة في عصمته إل مدخول بها‪ ،‬ونقل المحقق الجماع على تحريم‬
‫المدخول بها‪ ،‬والخلف في غيرها ليس بجيد‪ ،‬لعدم الخلف أول‪ ،‬وعدم‬
‫الفرض الثاني ثانيا‪ ،‬وإنما الخلف فيمن فارقها في حياته بفسخ‪ ،‬أو طلق‪،‬‬
‫كالتي وجد بكشحها بياضا‪ ،‬والمستعيذة‪ ،‬فإن فيه أوجها أصحها عندنا‬
‫تحريمها مطلقا‪ ،‬لصدق نسبة زوجيتها إليه صلى ال عليه واله بعد الفراق‬
‫في الجملة‪ ،‬فيدخل في عموم الية )‪ ،(1‬والثاني أنها ل تحرم مطلقا‪ ،‬لنه‬
‫يصدق في حياته أن يقال‪ :‬ليست زوجته الن‪ ،‬ولعراضه صلى ال عليه‬
‫واله عنها‪ ،‬وانقطاع اعتنائه بها‪ .‬والثالث‪ :‬إن كانت مدخول بها حرمت وإل‬
‫فل‪ ،‬لما روي أن الشعث بن قيس نكح المستعيذة في زمان عمر فهم‬
‫برجمها فاخبر أن النبي صلى ال عليه واله فارقها قبل أن يمسها فخلها‪،‬‬
‫ولم ينكر عليه أحد من الصحابة‪ .‬وروى الكليني في الحسن عن عمر بن‬
‫اذينة في حديث طويل أن النبي صلى ال عليه واله فارق المستعيذة‪،‬‬
‫وامرأة اخرى من كندة‪ ،‬قالت لما مات ولده إبراهيم‪ :‬لو كان نبيا ما مات‬
‫ابنه فتزوجتا )‪ (2‬بعده باذن الولين‪ ،‬وأن أبا جعفر عليه السلم قال ما نهى‬
‫ال عزوجل عن شئ إل وقد عصي فيه‪ ،‬لقد نكحوا أزواج رسول ال صلى‬
‫ال عليه واله من بعده‪ ،‬وذكر هاتين العامرية والكندية‪ ،‬ثم قال أبو جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬لو سألتم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل‬
‫لبنه لقالوا‪ :‬ل‪ ،‬فرسول ال أعظم حرمة من آبائهم‪ .‬وفي رواية اخرى عن‬
‫زرارة عنه عليه السلم نحوه‪ ،‬وقال في حديثه‪ :‬وهم يستحلون أن يتزوجوا‬
‫)‪ (3‬امهاتهم ؟ وإن أزواج النبي صلى ال عليه واله في الحرمة مثل‬
‫امهاتهم إن كانوا مؤمنين )‪ .(4‬إذا تقرر ذلك فنقول‪ :‬تحريم أزواجه صلى‬
‫ال عليه واله لما ذكرناه من النهي المؤكد عنه في‬
‫)‪ (1‬إن لم نقل‪ :‬إنها ظاهرة في اللواتي التي كن زوجاته حين موته صلى ال عليه‬
‫وآله‪ ،‬نعم يدل على ذلك الحديث التي‪ (2) .‬في الحديث‪ :‬فتزوجتا فجذم‬
‫أحد الرجلين‪ ،‬وجن الخر‪ (3) .‬في الكافي‪ :‬وهم ل يستحلون أن يتزوجوا‬
‫امهاتهم‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ 33 :2‬و ‪.34‬‬

‫] ‪[ 398‬‬

‫القرآن ل لتسميتهن امهات المؤمنين في قوله تعالى‪ " :‬وأزواجه امهاتهم )‪" (1‬‬
‫ول لتسميته صلى ال عليه وآله والدا‪ ،‬لن ذلك وقع على وجه المجاز ل‬
‫الحقيقة‪ ،‬كناية عن تحريم نكاحهن‪ ،‬ووجوب احترامهن‪ ،‬ومن ثم لم يجز‬
‫النظر إليهن‪ ،‬ول الخلوة بهن‪ ،‬ول يقال لبناتهن‪ :‬أخوات المؤمنين‪ ،‬لنهن ل‬
‫يحرمن على المؤمنين‪ ،‬فقد زوج رسول ال صلى ال عليه واله فاطمة‬
‫عليها السلم بعلي عليه السلم‪ ،‬واختيها‪ :‬رقية وام كلثوم عثمان‪ ،‬وكذا ل‬
‫يقال لبائهن و امهاتهن‪ :‬أجداد المؤمنين وجداتهم‪ ،‬ول لخوانهن‬
‫وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالتهم‪ ،‬وللشافعية وجه ضعيف في إطلق‬
‫ذلك كله‪ ،‬وهو في غاية البعد انتهى‪ .‬ثم قال رحمه ال في التذكرة‪ :‬الثاني‪:‬‬
‫إن أزواجه امهات المؤمنين‪ ،‬سواء فيه من ماتت تحت النبي‪ ،‬ومن مات‬
‫النبي صلى ال عليه واله وهي تحته‪ ،‬وليست المومة هنا حقيقة‪ ،‬ثم ذكر‬
‫نحوا مما ذكره الشهيد الثاني رحمه ال في ذلك‪ .‬الثالث‪ :‬تفضيل زوجاته‬
‫على غيرهن بأن جعل ثوابهن وعقابهن على الضعف‪ .‬الرابع‪ :‬ل يحل‬
‫لغيرهن من الرجال أن يسألهن شيئا إل من وراء حجاب لقوله تعالى‪ " :‬إذا‬
‫سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب )‪ " (2‬وأما غيرهن فيجوز أن‬
‫يسألن مشافهة‪ .‬الثاني‪ :‬في غير النكاح‪ ،‬وهو امور‪ :‬الول‪ :‬أنه خاتم‬
‫النبيين صلى ال عليه واله‪ .‬الثاني‪ :‬إن له خير المم )‪ ،(3‬لقوله تعالى‪" :‬‬
‫كنتم خير امة )‪ " (4‬تكرمة له صلى ال عليه وآله وتشريفا‪ .‬الثالث‪ :‬نسخ‬
‫جميع الشرائع بشريعته‪ .‬الرابع‪ :‬جعل شريعته مؤبدة‪ .‬الخامس‪ :‬جعل كتابه‬
‫معجزا بخلف كتب سائر النبياء عليهم السلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .6 :‬الحزاب‪ (3) .53 :‬في المصدر‪ :‬امته خير المم‪ (4) .‬آل‬
‫عمران‪.110 :‬‬

‫] ‪[ 399‬‬

‫السادس‪ :‬حفظ كتابه عن التبديل والتغيير‪ ،‬واقيم بعده حجة على الناس‪ ،‬و معجزات‬
‫غيره من النبياء انقرضت بانقراضهم‪ .‬السابع‪ :‬نصر بالرعب على مسيرة‬
‫شهر‪ ،‬فكان العدو يرهبه من مسيرة شهر‪ .‬الثامن‪ :‬جعلت له الرض‬
‫مسجدا‪ ،‬وترابها طهورا‪ .‬التاسع‪ :‬احلت له الغنائم دون غيره من النبياء‬
‫عليهم السلم‪ .‬العاشر‪ :‬يشفع في أهل الكبائر‪ ،‬لقوله صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫ذخرت شفاعتي لهل الكبائر من امتي‪ .‬الحادي عشر‪ :‬بعث إلى الناس‬
‫عامة‪ .‬الثاني عشر‪ :‬سيد ولد آدم يوم القيامة‪ .‬الثالث عشر‪ :‬أول من تنشق‬
‫عنه الرض‪ .‬الرابع عشر‪ :‬أول شافع ومشفع‪ .‬الخامس عشر‪ :‬أول من‬
‫يقرع باب الجنة‪ .‬السادس عشر‪ :‬أكثر النبياء تبعا‪ .‬السابع عشر‪ :‬امته‬
‫معصومة ل تجتمع على الضللة‪ .‬اقول‪ :‬قال المحقق في شرح القواعد‪ :‬في‬
‫عد هذا من الخصائص نظر‪ ،‬لن الحديث غير معلوم الثبوت‪ ،‬وامته صلى‬
‫ال عليه واله مع دخول المعصوم عليه السلم فيهم ل تجتمع على ضللة‬
‫لكن باعتبار المعصوم فقط‪ ،‬ول دخل لغيره في ذلك‪ ،‬وبدونه هم كسائر‬
‫المم‪ ،‬على أن المم الماضين مع أوصياء أنبيائهم كهذه المة مع‬
‫المعصوم‪ ،‬فل اختصاص )‪ .(1‬ثم قال في التذكرة‪ :‬الثامن عشر‪ :‬صفوف‬
‫امته كصفوف الملئكة‪ .‬التاسع عشر‪ :‬تنام عينه ول ينام قلبه‪ .‬العشرون‪:‬‬
‫كان يرى من ورائه كما يرى من قدامه‪ ،‬بمعنى التحفظ والحس‪ ،‬وكذلك‬
‫قوله صلى ال عليه واله‪ :‬تنام عيناي ول ينام قلبي‪.‬‬

‫)‪ (1‬يمكن أن يقال‪ :‬إن امته ل يجتمع على الضللة‪ ،‬لن فيها فرقة في جميع‬
‫العصار يتبعون الحق‪ ،‬ولو اتبع غيرهم غير سواء السبيل‪ ،‬فعليه يثبت‬
‫الختصاص‪.‬‬

‫] ‪[ 400‬‬

‫الحادي والعشرون‪ :‬كان تطوعه بالصلة قاعدا كتطوعه قائما وإن لم يكن عذر )‬
‫‪ ،(1‬وفي حق غيره ذلك على النصف من هذا‪ .‬الثاني والعشرون‪ :‬مخاطبة‬
‫المصلي بقوله‪ :‬السلم عليك ورحمة ال وبركاته )‪ ،(2‬ول يخاطب سائر‬
‫الناس‪ .‬الثالث والعشرون‪ :‬يحرم على غيره رفع صوته على صوت النبي‪.‬‬
‫الرابع والعشرون‪ :‬يحرم على غيره نداؤه )‪ (3‬من وراء الحجرات للية )‬
‫‪ .(4‬الخامس والعشرون‪ :‬نادى ال تعالى النبياء‪ ،‬وحكى عنهم بأسمائهم‪،‬‬
‫فقال تعالى‪ " :‬يوسف أعرض عن هذا )‪ * (5‬أن يا إبراهيم )‪ * (5‬يا نوح‬
‫)‪ " (7‬وميز نبينا صلى ال عليه واله بالنداء بألقابه الشريفة فقال تعالى‪:‬‬
‫" يا أيها النبي )‪ * (8‬يا أيها الرسول )‪ (9‬يا أيها المزمل )‪ * (10‬يا أيها‬
‫المدثر )‪ " (11‬ولم يذكر اسمه في القرآن إل في أربعة مواضع شهد له‬
‫فيها بالرسالة لفتقار الشهادة إلى ذكر اسمه‪ ،‬فقال‪ " :‬محمد رسول ال )‬
‫‪ * (12‬ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ولكن رسول ال وخاتم النبيين )‬
‫‪ * (13‬والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو‬
‫الحق من ربهم )‪ * (14‬برسول يأتي من بعدي )‪ (15‬اسمه أحمد " )‪،(16‬‬
‫وكان يحرم أن ينادى باسمه‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وان لم يكن له عذر‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬السلم عليك أيها النبي‬
‫ورحمة ال وبركاته‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬مناداته‪ (4) .‬والية " ان الذين‬
‫ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم ل يعقلون " الحجرات‪(5) .4 :‬‬
‫يوسف‪ (6) .29 :‬الصافات‪ (7) .104 :‬هود‪ (8) .46 :‬النفال‪ 64 :‬و ‪65‬‬
‫و ‪ 70‬والتوبة‪ 73 :‬وفي غيرها‪ (9) .‬المائدة ‪ 41‬و ‪ (10) .67‬المزمل‪.1 :‬‬
‫)‪ (11‬المدثر‪ (12) .1 :‬الفتح‪ (13) .29 :‬الحزاب‪ (14) .40 :‬محمد‪.2 :‬‬
‫)‪ (15‬الصف‪ (16) .6 :‬في الهامش‪ :‬كأنه رحمه ال غفل عما في سورة‬
‫آل عمران‪ " :‬وما محمد إل رسول قد خلت من قبله الرسل " ومعه‬
‫خمسة مواضع‪ ،‬لكن ل يخل بمقصوده‪ ،‬منه عفى عنه‪ .‬أقول‪ :‬راجع آل‬
‫عمران‪.144 :‬‬

‫] ‪[ 401‬‬

‫فيقول‪ :‬يا محمد‪ ،‬يا أحمد‪ ،‬ولكن يقول )‪ :(1‬يا نبي ال‪ ،‬يا رسول ال‪ ،‬يا خيرة ال‪،‬‬
‫إلى غير ذلك من صفاته الجليلة‪ .‬السادس والعشرون‪ :‬كان يستشفى به‪.‬‬
‫السابع والعشرون‪ :‬كان يتبرك ببوله ودمه‪ .‬الثامن والعشرون‪ :‬من زنى‬
‫بحضرته أو استهان به كفر‪ .‬التاسع والعشرون‪ :‬يجب على المصلي إذا‬
‫دعاه يجيبه )‪ (2‬ول تبطل صلته‪ ،‬و للشافعية وجه‪ :‬إنه ل يجب وتبطل به‬
‫الصلة‪ .‬الثلثون‪ :‬كان أولد بناته ينسبون إليه‪ ،‬وأولد بنات غيره ل‬
‫ينسبون إليه‪ ،‬لقوله صلى ال عليه واله‪ " :‬كل سبب ونسب ينقطع يوم‬
‫القيامة إل سببي ونسبي " وقيل‪ :‬معناه أنه ل ينتفع يومئذ بسائر النساب‪،‬‬
‫وينتفع بالنسبة إليه صلى ال عليه واله‪ .‬مسألة‪ :‬قال صلى ال عليه واله‪:‬‬
‫" سموا باسمي‪ ،‬ول تكنوا بكنيتي " واختفلوا‪ ،‬فقال الشافعي‪ :‬إنه ليس‬
‫لحد أن يكني بأبي القاسم سواء كان اسمه محمدا أو لم يكن‪ ،‬ومنهم من‬
‫حمله على كراهة الجمع بين السم والكنية‪ ،‬وجوزوا الفراد وهو الوجه‪،‬‬
‫لن الناس لم يزالوا بكنيته صلى ال عليه واله يكنون )‪ (3‬في جميع‬
‫العصار من غير إنكار‪ .‬انتهى )‪ .(4‬ويؤيد ما اختاره رحمه ال ما رواه‬
‫الكليني والشيخ عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أن النبي صلى ال عليه وآله نهى‬
‫عن أربع كنى‪ :‬عن أبي عيسى‪ ،‬وعن أبي الحكم‪ ،‬وعن أبي مالك‪ ،‬وعن أبي‬
‫القاسم إذا كان السم محمدا )‪ .(5‬أقول‪ :‬هذا جملة ما ذكره أصحابنا وأكثر‬
‫مخالفينا من خصائصه صلى ال عليه واله‪ ،‬ولم نتعرض للكلم عليها وإن‬
‫كان لبعضها مجال للقول فيه لقلة الجدوى‪ ،‬ولنا أوردنا من الخبار في هذا‬
‫الباب وغيره ما يظهر به جلية الحال لمن أراد الطلع عليه‪ ،‬وال الموفق‬
‫للسداد‪.‬‬

‫)‪ (1‬أي المنادى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أن يجيبه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يكنون بكنيته‪(4) .‬‬
‫التذكرة‪ :‬مقدمات النكاح‪ (5) .‬فروع الكافي ‪.87 :2‬‬

‫] ‪[ 402‬‬

‫* )باب ‪) * * (12‬نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى ال عليه وآله في‬


‫الفضائل( * * )والمعجزات على النبياء عليهم السلم( * ‪ - 1‬قب‪ :‬إن كان‬
‫لدم عليه السلم سجود الملئكة مرة فلمحمد صلوات ال والملئكة‬
‫والناس أجمعين كل ساعة إلى يوم القيامة‪ ،‬وإن كان آدم قبلة الملئكة‬
‫فجعله ال إمام النبياء ليلة المعراج فصار إمام آدم عليه السلم‪ ،‬وإن خلق‬
‫آدم عليه السلم من طين فإنه خلق من النور‪ ،‬قوله‪ " :‬كنت نبيا وآدم بين‬
‫الماء والطين " وإن كان آدم أول الخلق فقد صار محمد قبله قوله‪ " :‬إن‬
‫ال خلقني من نور وخلق ذلك النور قبل آدم بألفي ألف سنة "‪ .‬وإن كان‬
‫آدم عليه السلم أبو البشر فمحمد صلى ال عليه واله سيد النذر‪ ،‬قوله‬
‫صلى ال عليه واله‪ :‬آدم و من دونه تحت لوائي يوم القيامة "‪ .‬وإن كان‬
‫آدم عليه السلم أول النبياء فنبوة محمد أقدم منه‪ ،‬قوله‪ " :‬كنت نبيا وآدم‬
‫عليه السلم منخول )‪ (1‬في طينته "‪ .‬وإن عجزت الملئكة عن آدم عليه‬
‫السلم فاعطي القرآن الذي عجز عنه الولون و الخرون‪ ،‬وإن قيل لدم‬
‫عليه السلم‪ " :‬فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه )‪ " (2‬فقال له‪" :‬‬
‫ليغفر لك ال )‪ ." (3‬وإن دخل آدم في الجنة فقد عرج به إلى قاب قوسين‬
‫أو أدنى‪ .‬إدريس‪ :‬قوله‪ " :‬ورفعناه مكانا عليا )‪ " (4‬أي السماء‪ ،‬وللنبي‪:‬‬
‫" ورفعنا لك ذكرك )‪ " (5‬وناجى إدريس عليه السلم ربه‪ ،‬ونادى ال‬
‫محمدا‪ " :‬فأوحى إلى عبده ما أوحى )‪ " (6‬وأطعم إدريس عليه السلم بعد‬
‫وفاته‪ ،‬وقد أطعمه ال في حال حياته‪ ،‬قوله صلى ال عليه واله‪ " :‬إني‬
‫لست كأحدكم‬

‫)‪ (1‬من نخل الدقيق‪ :‬غربله وأزال نخالته‪ (2) .‬البقرة‪ (3) .37 :‬الفتح‪(4) .2 :‬‬
‫مريم‪ (5) .57 :‬الشرح‪ (6) .4 :‬النجم‪.10 :‬‬

‫] ‪[ 403‬‬

‫إني أبيت عند ربي ويطعمني ويسقيني‪ .‬نوح عليه السلم‪ :‬جرت له السفينة على‬
‫الماء وهي تجري للكافر والمؤمن‪ ،‬ولمحمد صلى ال عليه واله جرى‬
‫الحجر على الماء‪ ،‬وذلك أنه كان على شفير غدير ووراء الغدير تل عظيم‪،‬‬
‫فقال عكرمة ابن أبي جهل‪ :‬يا محمد إن كنت نبيا فادع من صخور ذلك التل‬
‫حتى يخوض الماء فيعبر‪ ،‬فدعا بالصخرة فجعلت تأتي على وجه الماء حتى‬
‫مثلت بين يديه‪ ،‬فأمرها بالرجوع فرجعت كما جاءت‪ .‬واجيبت دعوته على‬
‫قومه‪ " :‬ل تذر على الرض )‪ " (1‬فهطلت له السماء بالعقوبة‪ ،‬واجيبت‬
‫لمحمد بالرحمة حيث قال‪ " :‬حوالينا ول علينا " فنوح عليه السلم رسول‬
‫العقوبة‪ ،‬و محمد صلى ال عليه واله رسول الرحمة‪ " :‬وما أرسلناك إل‬
‫رحمة )‪ " (2‬دعا نوح لنفسه ولنفر يسير‪ " :‬رب اغفر لي ولوالدي )‪" (3‬‬
‫ومحمد دعا لمته من ولد منهم ومن لم يولد‪ " :‬واعف عنا )‪ " (4‬وقال‬
‫له‪ " :‬وجعلنا ذريته هم الباقين )‪ " (5‬وقال لمحمد‪ " :‬ذرية بعضها من‬
‫بعض )‪ " (6‬كانت سفينة نوح عليه السلم سبب النجاة في الدنيا‪ ،‬وذرية‬
‫محمد صلى ال عليه واله سبب النجاة في العقبى )‪ (7‬قوله‪ " :‬مثل أهل‬
‫بيتي كسفينة نوح " الخبر‪ .‬وقال نوح عليه السلم‪ " :‬إن ابني من أهلي )‬
‫‪ " (8‬فقيل له‪ " :‬إنه ليس من أهلك )‪ " (9‬ومحمد لما علنت من قومه‬
‫المعاندة شهر عليهم سيف النقمة‪ ،‬ولم ينظر إليهم بعين المقة‪ .‬قال حسان‪:‬‬
‫وإن كان نوح نجى سالما * على الفلك بالقوم لما نجى فإن النبي نجى‬
‫سالما * إلى الغار في الليل لما دجى‬

‫)‪ (1‬نوح‪ (2) .26 :‬النبياء‪ (3) .107 :‬نوح‪ (4) .28 :‬البقرة‪(5) .286 :‬‬
‫الصافات‪ (6) .77 :‬آل عمران‪ (7) .34 :‬بل في الدنيا والخرة‪ ،‬لنهم‬
‫هدوا الناس إلى مصالحهم مصالح الدنيا والخرة‪ ،‬فيهم نجوا من مهالك‬
‫الدنيا وعذاب الخرة‪ ،‬وفازوا بسعادتهما‪ (8) .‬هود‪ (9) .45 :‬هود‪.46 :‬‬

‫] ‪[ 404‬‬

‫هود عليه السلم انتصر من أعدائه بالريح‪ ،‬قوله‪ " :‬وفي عاد إذ أرسلنا عليهم )‪(1‬‬
‫" ومحمد نصره ال يوم الحزاب والخندق بالريح والملئكة‪ :‬قوله‪" :‬‬
‫بجنود لم تروها )‪ " (2‬فزاد ال محمدا على هود بثلثة آلف ملك‪ ،‬وفضله‬
‫على هود بأن ريح عاد ريح سخط‪ ،‬وريح محمد صلى ال عليه واله ريح‬
‫رحمة قوله‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة ال عليكم إذ جاءتكم )‪" (3‬‬
‫الية‪ ،‬وصبر هود في ذات ال وأعذر قومه إذ كذب‪ ،‬والنبي صلى ال عليه‬
‫واله صبر في ذات ال وأعذر قومه إذ كذب وشرد‪ ،‬وحصب بالحصى )‪(4‬‬
‫وعله أبو جهل بسلى )‪ (5‬شاة‪ ،‬فأوحى ال إلى جاجائيل ملك الجبال‪ :‬أن‬
‫شق الجبال وانته إلى أمر محمد صلى ال عليه واله‪ ،‬فأتاه فقال له‪ :‬قد‬
‫امرت لك بالطاعة‪ ،‬فإن أمرت أطبقت عليهم الجبال فأهلكتهم بها‪ ،‬قال‪ :‬إنما‬
‫بعثت رحمة اهد قومي فإنهم ل يعلمون‪ .‬صالح عليه السلم خرجت لصالح‬
‫ناقة عشراء )‪ (6‬من بين صخرة صماء‪ ،‬واخرج لنبينا صلى ال عليه واله‬
‫رجل من وسط الجبل يدعو له ويقول‪ " :‬اللهم ارفع له ذكرا‪ ،‬اللهم أوجب‬
‫له أجرا‪ ،‬اللهم احطط عنه وزرا " وعقر ناقته‪ ،‬وعقر أولد محمد أبو‬
‫القاسم البارع صلى ال عليه واله‪ .‬لناقة صالح نادت اناس * وقد جسروا‬
‫على قتل الحسين وكان لصاح ينذر قومه فقيل له‪ :‬يا صالح ائتنا بعذاب‬
‫ال‪ ،‬ومحمد نبي الرحمة‪ ،‬قوله‪ " :‬وما أرسلناك إل رحمة )‪ " (7‬والناقة لم‬
‫تناطقه ولم تشهد له بالنبوة وقد تكلم مع النبي صلى ال عليه نوق كثيرة‪.‬‬
‫لوط‪ ،‬قال حسان بن ثابت‪:‬‬

‫)‪ (1‬الذاريات‪ (2) .41 :‬التوبة‪ .40 :‬أقول‪ :‬هذه آية الغار‪ ،‬وأما نصرته في يوم‬
‫الحزاب والخندق ففي آية‪ " :‬وجنود لم تروها " وهي في الحزاب‪،9 :‬‬
‫ونصره في يوم حنين فقال‪ " :‬وأنزل جنودا لم تروها " التوبة‪(3) .26 :‬‬
‫الحزاب‪ (4) .9 :‬أي رمى بالحصى‪ (5) .‬السلى‪ :‬جلدة فيها الولد‪ ،‬وإذا‬
‫انقطع في البطن هلكت الم والولد‪ (6) .‬العشراء من النوق‪ :‬التي مضى‬
‫لحملها عشرة أشهر أو ثمانية‪ ،‬أو هي كالنفساء من النساء‪ (7) .‬النبياء‪:‬‬
‫‪.107‬‬

‫] ‪[ 405‬‬

‫وإن كان لوط دعا ربه * على القوم فاستوصلوا بالبل فإن النبي ببدر دعا * على‬
‫المشركين بسيف الفنا فناداه جبريل من فوقه * بلبيك لبيك سل ما تشاء‬
‫إبراهيم عليه السلم نظر من الملك إلى الملك‪ " :‬وكذلك نري إبراهيم )‪(1‬‬
‫" والحبيب نظر من الملك إلى الملك‪ " :‬ألم ترى إلى ربك كيف مد الظل )‬
‫‪ ." (2‬الخليل عليه السلم طالب قال‪ " :‬إني ذاهب إلى ربي )‪" (3‬‬
‫والحبيب مطلوب‪ " :‬أسرى بعبده ليل )‪ " (4‬قال الخليل عليه السلم‪" :‬‬
‫والذي أطمع أن يغفر لي )‪ " (5‬وقيل للحبيب‪ " :‬ليغفر لك ال )‪ " (6‬وقال‬
‫الخليل‪ " :‬ول تخزني )‪ " (7‬وللحبيب‪ " :‬يوم ل يخزي ال )‪ " (8‬و قال‬
‫الخليل عليه السلم وسط النار‪ :‬حسبى ال‪ ،‬وقيل للحبيب‪ " :‬يا أيها النبي‬
‫حسبك ال )‪ " (9‬قال الخليل عليه السلم‪ " :‬واجعل لى لسان صدق )‪(10‬‬
‫" وقيل للحبيب صلى ال عليه واله‪ " :‬ورفعنا لك ذكرك )‪ " (11‬قال‬
‫الخليل عليه السلم‪ " :‬وأرنا مناسكنا )‪ (12‬وقيل للحبيب صلى ال عليه‬
‫واله‪ " :‬لنريه )‪ " (13‬الخليل عليه السلم )‪ " (14‬واجعلني من ورثة جنة‬
‫النعيم )‪ " (15‬وللحبيب صلى ال عليه واله " وللخرة خير لك )‪" (16‬‬
‫الخليل عليه السلم‪ " :‬والذي هو يطعمني )‪ " (17‬وللحبيب صلى ال‬
‫عليه واله " أطعمهم من جوع )‪ " (18‬لجلك‪ .‬الخليل عليه السلم بخل‬
‫على أعدائه بالرزق " وارزق أهله من الثمرات )‪ " (19‬والحبيب صلى‬
‫ال عليه وآله سخا بها على العداء حتى عوتب‪ " :‬ول تبسطها كل البسط‬
‫)‪ " (20‬الخليل عليه السلم أقسم بال‪ " :‬وتال لكيدن أصناكم )‪" (21‬‬
‫وأقسم ال بالحبيب‪ " :‬لعمرك‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .75 :‬الفرقان‪ (3) .45 :‬الصفات‪ (4) .99 :‬السراء‪(5) .1 :‬‬
‫الشعراء‪ (6) .82 :‬الفتح‪ (7) .2 :‬الشعراء‪ (8) .87 :‬التحريم‪(9) .8 :‬‬
‫النفال‪ (10) .64 :‬الشعراء‪ (11) .84 :‬الشرح‪ (12) .4 :‬البقرة‪.128 :‬‬
‫)‪ (13‬السراء‪ (14) .1 :‬في المصدر‪ :‬قال الخليل‪ (15) .‬الشعراء‪) .85 :‬‬
‫‪ (16‬الضحى‪ (17) .4 :‬الشعراء‪ (18) .79 :‬قريش‪ (19) .4 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (20) .126‬السراء‪ (21) .29 :‬النبياء‪.57 :‬‬

‫] ‪[ 406‬‬

‫إنهم )‪ " (1‬واتخذ مقام الخليل قبلة‪ " :‬واتخذوا من مقام إبراهيم )‪ " (2‬وجعل‬
‫أحوال الحبيب وأفعاله وأقواله قبلة‪ " :‬لقد كان لكم في رسول ال اسوة )‬
‫‪ " (3‬الخليل عليه السلم كسر أصنام قوم بالخفية غضبا ل‪ ،‬والحبيب كسر‬
‫عن الكعبة ثلثمائة وستين صنما‪ ،‬وأذل من عبدها بالسيف‪ ،‬اصطفى‬
‫الخليل عليه السلم بعد البتلء‪ " :‬ولقد اصطفيناه )‪ " (4‬واصطفى‬
‫الحبيب صلى ال عليه وآله قبل البتلء‪ " :‬ال يصطفي )‪ " (5‬الخليل‬
‫عليه السلم بذل ماله لجل الجليل‪ ،‬وخلق الجليل العالم لجل الحبيب صلى‬
‫ال عليه واله‪ ،‬مقام الخليل عليه السلم مقام الخدمة‪ " :‬واتخذوا من مقام‬
‫إبراهيم )‪ " (6‬ومقام الحبيب صلى ال عليه واله مقام الشفاعة‪ " :‬عسى‬
‫أن يبعثك )‪ " (7‬والشفيع أفضل من الخادم‪ ،‬الخليل عليه السلم طلب ابتداء‬
‫الوصلة قال‪ " :‬هذا ربي )‪ " (8‬والحبيب صلى ال عليه واله طلب بقاء‬
‫الوصلة‪ " :‬وامرت أن أكون من المسلمين )‪ " (9‬وللبقاء فضل على‬
‫البتداء‪ ،‬صير ال حر النار على الخليل عليه السلم بردا وسلما‪ ،‬وصير‬
‫السم في جوفه سلما حين سمته الخيبرية‪ ،‬ثم سخر له نار جهنم التي كانت‬
‫نار الدنيا كلها جزء منها‪ ،‬كان الخليل عليه السلم مناديا بالحج والقربان‪:‬‬
‫" وأذن في الناس بالحج )‪ " (10‬والحبيب مناديا بالسلم و اليمان‪" :‬‬
‫مناديا ينادي لليمان أن آمنوا بربكم )‪ " (11‬قال للخليل عليه السلم‪ " :‬أو‬
‫لم تؤمن )‪ " (12‬وقال للحبيب صلى ال عليه واله‪ " :‬آمن الرسول )‪(13‬‬
‫" قال الخليل‪ " :‬فإنهم عدو لي )‪ " (14‬وقيل للحبيب عليه السلم‪" :‬‬
‫لولك لما خلقت الفلك " وقيل )‪ (15‬للخليل عليه السلم‪ " .‬وفديناه بذبح‬
‫)‪ " (16‬والحبيب صلى ال عليه واله فدي أبوه عبد ال بمائة ناقة‪ ،‬وبارك‬
‫في أولد الخليل عليه السلم حتى عفوا‪ ،‬فامر داود عليه السلم في أيامه‬
‫بإحصائهم فعجزوا عن ذلك‪ ،‬فأوحى‬
‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .72 :‬البقرة‪ (3) .125 :‬الحزاب‪ (4) .21 :‬البقرة‪(5) .130 :‬‬
‫الحج‪ (6) .75 :‬البقرة‪ (7) .125 :‬السراء‪ (8) .79 :‬النعام‪(9) .76 :‬‬
‫النمل‪ (10) .91 :‬الحج‪ (11) .27 :‬آل عمران‪ (12) .193 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (13) .260‬البقرة‪ (14) .285 :‬الشعراء‪ (15) .77 :‬في المصدر‪ :‬وقال‬
‫للخليل عليه السلم‪ (16) .‬الصافات‪.107 :‬‬

‫] ‪[ 407‬‬

‫ال تعالى إليه لما أطاعني بذبح ولده كثرت ذريته‪ ،‬والحبيب صلى ال عليه واله لما‬
‫ابتلي أيضا بذبح ابنه الحسين عليه السلم كثرت أولده‪ ،‬وصل الخليل إلى‬
‫الجليل بالواسطة‪ " :‬وكذلك نري إبراهيم )‪ " (1‬ووصل الحبيب صلى ال‬
‫عليه واله بل واسطة‪ " :‬ثم دنا فتدلى )‪ " (2‬أراد الخليل عليه السلم رضا‬
‫الملك في رفع الكعبة‪ " :‬وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت )‪ " (3‬وأراد‬
‫ال القبلة في رضا الحبيب‪ " :‬فلنولينك قبلة ترضاها )‪ " (4‬كان البتلء‬
‫للخليل أول‪ ،‬والجتباء آخرا‪ " :‬واذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات )‪" (5‬‬
‫والحبيب صلى ال عليه واله ابتداءه بشارة‪ " :‬ليظهره على الدين )‪" (6‬‬
‫سأل الخليل‪ " :‬واجنبني وبني أن نعبد الصنام )‪ " (7‬وقال للحبيب صلى‬
‫ال عليه وآله‪ " :‬إنما يريد ال ليذهب عنكم الرجس )‪ " (8‬الخليل من‬
‫يخالك‪ ،‬و الحبيب من تخاله )‪ ،(9‬فل جرم " ولسوف يعطيك ربك فترضى )‬
‫‪ " (10‬الخليل‪ :‬المريد‪ ،‬والحبيب‪ :‬المراد‪ ،‬الخليل‪ :‬عطشان‪ ،‬والحبيب‪:‬‬
‫ريان‪ .‬قال صاحب العين‪ :‬مخرج الحاء أقصى من مخرج الخاء بدرجة‪ ،‬فإن‬
‫الخاء من الحلق‪ ،‬والحاء من الفؤاد‪ ،‬فإذا ذكرت الخليل لم تمل فاك‪ ،‬لنه‬
‫من الحلق‪ ،‬وإذا ذكرت الحبيب ملت فاك وقلبك‪ ،‬لنه من الفؤاد‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫أظهر ال الخليل‪ ،‬ولم يظهر الحبيب‪ ،‬الجواب أنه أظهر المحبة لمتبعيه‪،‬‬
‫فكيف المتبوع‪ :‬قوله‪ " :‬إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال )‪." (11‬‬
‫يعقوب‪ :‬كان له اثنا عشر ابنا‪ ،‬ومحمد كان له اثنا عشر وصيا‪ ،‬وجعل‬
‫السباط من سللة صلبه‪ .‬ومريم بنت عمران من بناته‪ ،‬والهداة في ذريته )‬
‫‪ .(12‬قوله‪ " :‬ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريتهما النبوة‬
‫والكتاب )‪ " (13‬و‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .75 :‬النجم‪ (3) .8 :‬البقرة‪ (4) .127 :‬البقرة‪ (5) .144 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (6) .124‬التوبة‪ .33 :‬والفتح‪ .28 :‬الصف‪ (7) .9 :‬ابراهيم‪(8) .35 :‬‬
‫الحزاب‪ (9) .33 :‬خاله‪ :‬صادقه وآخاه‪ (10) .‬الضحى‪ (11) .5 :‬آل‬
‫عمران‪ (12) .31 :‬في المصدر‪ :‬والهداية في ذريته‪ (13) .‬العنكبوت‪:‬‬
‫‪.27‬‬
‫] ‪[ 408‬‬

‫محمد أرفع ذكرا من ذلك‪ ،‬جعلت فاطمة عليها السلم سيدة نساء العالمين من بناته‪،‬‬
‫والحسن و الحسين عليهما السلم من ذريته‪ ،‬وآتاه الكتاب المحفوظ ل‬
‫يبدل ول يغير )‪ ،(1‬وصبر يعقوب عليه السلم على فراق ولده حتى كاد‬
‫يحرض‪ ،‬وصبر محمد صلى ال عليه واله على وفاة إبراهيم وعلى ما علم‬
‫من فحوى ما يجري على ذريته‪ .‬يوسف عليه السلم إن كان له جمال‬
‫فلمحمد صلى ال عليه واله ملحة وكمال‪ ،‬قوله صلى ال عليه واله‪ :‬كان‬
‫يوسف عليه السلم أحسن ولكنني أملح‪ .‬وإن كان يوسف في الليل نورانيا‬
‫فمحمد في الدنيا والعقبى نوراني‪ ،‬ففي الدنيا يهدي ال لنوره‪ ،‬وفي العقبى‪:‬‬
‫" انظرونا نقتبس )‪ ." (2‬يوسف عليه السلم دعا لمالك بن ذعر ليكثر‬
‫ماله وولده‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه واله‪ " :‬ستدرك )‪ (3‬ولدا لي يسمى‬
‫الباقر‪ ،‬فإذا لقيته فاقرأه مني السلم‪ ،‬وقال لنس‪ :‬اللهم أطل عمره‪ ،‬وأكثر‬
‫ماله وولده " فبقي إلى أيام عمر بن عبد العزيز‪ ،‬وله عشرون من الذكور‪،‬‬
‫وثمانون من الناث‪ ،‬وكانت شجراته كل حول ذوات ثمرتين‪ .‬صبر يوسف‬
‫عليه السلم في الجب والحبس والفرقة والمعصية‪ ،‬ومحمد قاسى من كثرة‬
‫الغربة والفرقة‪ ،‬وحبس في الشعب ثلث سنين‪ ،‬وفي الغار ثلث ليال‪،‬‬
‫وكان ليوسف عليه السلم رؤياه‪ ،‬ولمحمد‪ " :‬لقد صدق ال رسوله الرؤيا‬
‫بالحق لتدخلن المسجد الحرام )‪ ." (4‬موسى عليه السلم أعطاه ال اثنتى‬
‫عشرة عينا‪ ،‬قوله‪ " :‬فانفجرت منه اثنتا عشرة )‪ (5‬عينا " ومحمد أمر‬
‫البراء بن عازب بغرس سهمه يوم الميضاة )‪ (6‬بالحديبية في قليب جافة‬
‫فتفجرت اثنتا عشرة عينا حتى كفت ثمانية آلف رجل‪ ،‬وكان لموسى عليه‬
‫السلم انفجار الماء من الحجر‪ ،‬ولمحمد عليه السلم انفجار الماء من بين‬
‫أصابعه‪ ،‬وهذا أعجب‪ ،‬وأنزل ال لموسى‬

‫)‪ (1‬أي ل ينسخ‪ ،‬ول يصل إليه يدى التصحيف والتحريف‪ (2) .‬الحديد‪(3) .13 :‬‬
‫المخاطب جابر بن عبد ال النصاري الصحابي‪ (4) .‬الفتح‪(5) .27 :‬‬
‫البقرة‪ (6) .60 :‬الميضأة والميضاءة‪ :‬الموضع يتوضأ فيه‪ .‬المطهرة‬
‫يتوضأ منها‪.‬‬

‫] ‪[ 409‬‬

‫عمودا من السماء يضئ لهم ليلتهم‪ ،‬ويرتفع نهارهم‪ ،‬ورسول ال أعطى بعض‬
‫أصحابه عصا تضئ أمامه وبين يديه‪ ،‬وأعطى قتادة بن النعمان عرجونا )‬
‫‪ ،(1‬فكان العرجون يضئ أمامه عشرا‪ .‬قوله‪ " :‬ولقد آتينا موسى تسع‬
‫آيات بينات )‪ " (2‬قال ابن عباس والضحاك‪ :‬اليد‪ ،‬والعصا‪ ،‬والحجر‪،‬‬
‫والبحر‪ ،‬والطوفان‪ ،‬والجراد‪ ،‬والقمل‪ ،‬والضفادع‪ ،‬والدم‪ ،‬يروى أن النبي‬
‫صلى ال عليه واله استتر للوضوء في بعض أسفاره إلى الشام فأحاط به‬
‫اليهود بالسيوف‪ ،‬فأثار ال من تحت رجله جرادا فاحتوشتهم )‪ ،(3‬وجعلت‬
‫تأكلهم حتى أتت على جملتهم‪ ،‬وكانوا مأتي نفر‪ ،‬وقال عليه السلم‪ " :‬إن‬
‫بين الركن والصفا قبور سبعين نبيا ما ماتوا إل بضر الجوع والقمل "‬
‫وتبعه قوم يوما خاليا فنظر أحدهم إلى ثياب نفسه وفيها قمل‪ ،‬ثم جعل بدنه‬
‫يحكه‪ ،‬فأنف من أصحابه‪ ،‬وانسل )‪ ،(4‬وأبصر آخر وآخر مثل ذلك حتى‬
‫وجد كلهم من نفسه‪ ،‬ثم زاد ذلك عليهم حتى استولى ذلك عليهم فماتوا‬
‫كلهم من خمسة أيام إلى شهرين‪ ،‬وهم جماعة بقتله فخرجوا نحو المدينة‬
‫من مكة فسلط ال على مزاودهم ورواياهم وسطائحهم الجرذان فخرقتها‬
‫ونقبتها وسال مياهها‪ ،‬فلما عطشوا شعروا فرجعوا القهقرى إلى الحياض‬
‫التي كانوا تزودوا منها تلك المياة‪ ،‬وإذا الجرذان قد سبقتهم إليها فنقبت‬
‫اصولها وسال في الحرة )‪ (5‬مياهها‪ ،‬فتماوتوا‪ ،‬ولم ينفلت منهم إل واحد ل‬
‫يزال يقول‪ :‬يا رب محمد وآل محمد‪ ،‬قد تبت من أذاه‪ ،‬ففرج عني بجاه‬
‫محمد وآل محمد‪ ،‬فوردت عليه قافلة فسقوه وحملوه وأمتعة القوم )‪،(6‬‬
‫فآمن بالنبي صلى ال عليه واله‪ ،‬فجعل رسول ال صلى ال عليه واله له‬
‫تلك الجمال والموال‪ ،‬واحتجم النبي صلى ال عليه واله مرة فدفع الدم‬
‫الخارج منه إلى أبي سعيد الخدري‪ ،‬وقال‪ :‬غيبه‪ ،‬فذهب فشربه‪ ،‬فقال‪ :‬ماذا‬
‫صنعت به ؟ قال‪ :‬شربته‪ ،‬قال‪ :‬أو لم‬

‫)‪ (1‬العرجون‪ :‬أصل العذق الذي يعوج ويبقى على النخل يابسا بعد أن تقطع عنه‬
‫المشاريخ‪ (2) .‬السراء‪ (3) .101 :‬أي أحدقت بهم وجعلتهم في وسطها‪.‬‬
‫)‪ (4‬انسل أي انطلق مستخفيا‪ (5) .‬الحرة‪ :‬الرض ذات حجارة نخرة سود‬
‫كأنها احرقت بالنار‪ (6) .‬أي وحملوا أمتعة القوم‪.‬‬

‫] ‪[ 410‬‬

‫أقل لك‪ :‬غيبه ؟ فقال‪ :‬قد غيبته في وعاء حريز‪ ،‬فقال‪ :‬إياك وأن تعود لمثل هذا‪ ،‬ثم‬
‫اعلم أن ال قد حرم على النار لحمك ودمك لما اختلط بدمي ولحمي‪،‬‬
‫واستهزأ به أربعون نفرا من المنافقين‪ ،‬فقال صلى ال عليه واله‪ :‬أما إن‬
‫ال يعذبهم بالدم‪ ،‬فلحقهم الرعاف الدائم‪ ،‬و سيلن الدماء من أضراسهم‪،‬‬
‫فكان طعامهم وشرابهم يختلط بدمائهم‪ ،‬فبقوا كذلك أربعين صباحا‪ ،‬ثم‬
‫هلكوا‪ .‬قوله‪ " :‬اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء )‪ " (1‬واعطي أفضل‬
‫منه‪ ،‬وهو أن نورا كان عن يمينه حيث ما جلس‪ ،‬وكان يراه الناس كلهم‪،‬‬
‫وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة‪ ،‬وكان يحب أن يأتيه الحسنان‪،‬‬
‫فيناديهما‪ :‬هلما إلي‪ ،‬فيقبلن نحوه من البعد قد بلغهما صوته‪ ،‬فيقول‬
‫بسبابته هكذا‪ ،‬يخرجهما من الباب‪ ،‬فتضئ لهما أحسن من ضوء القمر‬
‫والشمس‪ ،‬فيأتيان‪ ،‬ثم تعود الصبع كما كانت‪ ،‬وتفعل في إنصرافهما مثل‬
‫ذلك قوله‪ " :‬وأن ألق عصاك )‪ " (2‬وله ما روي أن الزبير بن العوام‬
‫انكسر سيفه في بعض الغزوات فأخذ النبي صلى ال عليه واله خشبة‬
‫فمسحها من جانبيه‪ ،‬فصارت سيفا أجود ما يكون وأضربها )‪ ،(3‬فكان‬
‫يقاتل به‪ ،‬وإن ال تعالى قلب جذوع سقوف يهود نازعوه أفاعي‪ ،‬وهي‬
‫أكثر من مائة جذع‪ ،‬وقصدت نحوهم‪ ،‬والتقمت متاع بيتهم‪ ،‬فمات منهم‬
‫أربعة‪ ،‬وخبل جماعة )‪ (4‬وأسلم آخرون‪ ،‬وقالوا‪ :‬اللهم بجاه محمد الذي‬
‫اصطفيته‪ ،‬وعلي الذي ارتضيته‪ ،‬وأوليائهما الذين من سلم لهم أمرهم‬
‫اجتبيته‪ ،‬فأنشر ال الربعة‪ .‬قوله‪ " :‬فاضرب بعصاك البحر )‪ " (5‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬خرجنا معه يعني النبي صلى ال عليه واله‬
‫إلى خيبر‪ ،‬فإذا نحن بواد يشخب فقد رناه فإذا هو أربع عشرة قامة‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫يا رسول ال العدو من ورائنا‪ ،‬والوادي أمامنا‪ ،‬كما قال أصحاب موسى‬
‫عليه السلم‪ " :‬إنا لمدركون )‪ " (6‬فنزل رسول ال صلى ال عليه واله ثم‬
‫قال‪ " :‬اللهم إنك جعلت لكل مرسل دللة‬

‫)‪ (1‬القصص‪ (2) .32 :‬القصص‪ (3) .31 :‬استظهر المصنف في الهامش أن‬
‫الصحيح‪ :‬وأعطاها‪ (4) .‬أصابهم جنون‪ (5) .‬الصحيح كما في المصحف‬
‫الشريف‪) :‬أن اضرب( راجع سورة الشعراء‪ (6) .63 :‬الشعراء‪.61 :‬‬

‫] ‪[ 411‬‬

‫فأرني قدرتك " وركب فعبرت الخيل لتندى حوافرها‪ ،‬والبل لتندى أخفافها‪،‬‬
‫فرجعنا فكان فتحها‪ ،‬وفي رواية أنس إنه مطرت السماء ثلثة أيام ولياليها‬
‫بوادي الخزان )‪ ،(1‬فقالوا‪ :‬يا رسول ال هول عظيم‪ ،‬فقال‪ :‬أيها الناس‬
‫اتبعوني‪ ،‬وكنت آخر الناس‪ ،‬ولقد رأيت الماء ما بل أخفاف البل‪ .‬قوله‪" :‬‬
‫ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين )‪ " (2‬وروي أن النبي صلى ال عليه واله‬
‫قال‪ " :‬اللهم العن رعل وذكوان )‪ ،(3‬اللهم اشدد وطأتك على مضر‪ ،‬اللهم‬
‫اجعل سنيهم كسني يوسف " ففي الخبر أن الرجل كان منهم يلحق صاحبه‬
‫فل يمكنه الدنو‪ ،‬فإذا دنا منه ل يبصره من شدة دخان الجوع‪ ،‬وكان يجلب‬
‫)‪ (4‬إليهم من كل ناحية‪ ،‬فإذا اشتروه وقبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم‬
‫حتى يتسوس )‪ (5‬وينتن‪ ،‬فأكلوا الكلب الميتة والجيف والجلود‪ ،‬ونبشوا‬
‫القبور‪ ،‬وأحرقوا عظام الموتى فأكلوها‪ ،‬وأكلت المرأة طفلها‪ ،‬وكان الدخان‬
‫متراكما بين السماء والرض‪ ،‬وذلك قوله‪ " :‬فارتقب يوم تأتي السماء‬
‫بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم )‪ " (6‬فقال أبو سفيان‬
‫ورؤساء قريش‪ :‬يا محمد أتأمرنا بصلة الرحم ؟ فأدرك قومك فقد هلكوا‪،‬‬
‫فدعا لهم‪ ،‬وذلك قوله‪ " :‬ربرنا اكشف عنا العذاب إنا موقنون )‪ " (7‬فقال‬
‫ال تعالى‪ " :‬إنا كاشفوا العذاب قليل إنكم عائدون )‪ " (8‬فعاد إليهم‬
‫الخصب والدعة‪ ،‬وهو‬

‫)‪ (1‬استظهر في المصدر‪ :‬أن الصحيح‪ :‬الخزاز‪ ،‬أقول‪ :‬ولعله كذلك راجع معجم‬
‫البلدان ‪ (2) .364 :2‬العراف‪ (3) .130 :‬بنو رعل‪ :‬بطن من بهتة من‬
‫العدنانية‪ ،‬وهم بنو رعل بن مالك ابن عوف بن امرئ القيس بن بهتة‪،‬‬
‫وبنو ذكوان أيضا بطن من بهتة من سليم من العدنانية‪ ،‬وهم بنو ذكوان‬
‫بن ثعلبة بن بهتة‪ ،‬قال القلقشندي بعد ترجمتهما بذلك‪ :‬وهم الذين مكث‬
‫النبي صلى ال عليه وآله شهر ايقنت في الصلة ويدعو عليهم‪ (4) .‬أي‬
‫يساق ويجئ بالطعام إليهم‪ (5) .‬سوس الطعام‪ :‬وقع فيه السوسو‪.‬‬
‫والسوس‪ :‬دود يقع في الصوف والخشب والثياب و البر ونحوها‪(6) .‬‬
‫الدخان‪ 10 :‬و ‪ (7) .11‬هكذا في الكتاب‪ ،‬والصحيح كما في المصدر‬
‫والمصحف الشريف‪ " :‬انا مؤمنون " راجع سورة الدخان‪(8) .12 :‬‬
‫الدخان‪.15 :‬‬

‫] ‪[ 412‬‬

‫قوله‪ " :‬فليعبدوا رب هذا البيت )‪ " (1‬الية‪ ،‬انتقم ال لموسى عليه السلم من‬
‫فرعون‪ ،‬وانتقم لمحمد صلى ال عليه واله من الفراعنة‪ " :‬سيهزم الجمع‬
‫ويولون الدبر )‪ " (2‬كان لموسى عليه السلم عصا‪ ،‬ولمحمد صلى ال‬
‫عليه واله ذو الفقار‪ ،‬خلف موسى عليه السلم هارون عليه السلم في‬
‫قومه‪ ،‬وخلف محمد صلى ال عليه واله عليا عليه السلم في قومه‪" :‬‬
‫أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وكان لموسى عليه السلم اثنا عشر‬
‫نقيبا‪ ،‬ولمحمد صلى ال عليه واله اثنا عشر إماما‪ ،‬كان لموسى عليه‬
‫السلم انفلق البحر في الرض‪ " :‬فانفلق فكان كل فرق )‪ " (3‬ولمحمد‬
‫صلى ال عليه واله انشقاق القمر في السماء وذلك أعجب‪ " :‬اقتربت‬
‫الساعة و انشق القمر )‪ " (4‬العصا بلغت البحر فانفلق‪ " :‬فاضرب بعصاك‬
‫البحر )‪ " (5‬وأشار بالصبع إلى القمر فانشق‪ ،‬وقال موسى عليه السلم‪:‬‬
‫" رب اشرح لي صدري )‪ " (6‬وقال ال له‪ " :‬ألم نشرح لك صدرك )‪(7‬‬
‫" وقال لموسى وهارون عليهما السلم‪ " :‬فقول له قول لينا )‪ " (8‬وقال‬
‫لمحمد صلى ال عليه واله واغلظ عليهم )‪ * (9‬ول تطع كل حلف )‪" (10‬‬
‫وأعطى ال موسى عليه السلم المن والسلوى‪ ،‬وأحل الغنائم لمحمد صلى‬
‫ال عليه واله ولمته‪ ،‬ولم يحل لحد قبله‪ ،‬وقال في حق موسى‪ " :‬وظللنا‬
‫عليهم الغمام )‪ " (11‬يعني في التيه‪ ،‬والنبي صلى ال عليه واله كان يسير‬
‫الغمام فوقه‪ ،‬وكلم ال موسى تكليما على طور سينآء‪ ،‬وناجى ال محمدا‬
‫عند سدرة المنتهى‪ ،‬وكان واسطة بين الحق‪ ،‬وبين موسى عليه السلم‪،‬‬
‫ولم يكن بين محمد صلى ال عليه واله وربه أحد‪ " :‬فأوحى إلى عبده )‬
‫‪ " (12‬وليس من مشى برجليه كمن اسري بسره )‪ ،(13‬وليس من ناداه‬
‫كمن ناجاه‪ ،‬ومن بعد نودي‪ ،‬ومن قرب نوجي‪ ،‬ولم يكلم موسى عليه‬
‫السلم إل بعد أربعين ليلة‪ ،‬ومحمد صلى ال عليه واله كان نائما في بيت‬
‫ام هاني فعرج به‪ ،‬ومعراج موسى عليه السلم بعد الموعود‪ ،‬ومعراج‬
‫محمد صلى ال عليه واله بل وعد‪ ،‬واختار موسى قومه سبعين رجل‪،‬‬
‫واختير محمد وهو فريد‪ ،‬ولم يحتمل موسى عليه السلم‬

‫)‪ (1‬قريش‪ (2) .3 :‬القمر‪ (3) .45 :‬الشعراء‪ (4) .63 :‬القمر‪ (5) .1 :‬الشعراء‪:‬‬
‫‪ .63‬وفي المصحف الشريف‪) :‬أن اضر ب( ولعله منقول بالمعنى‪(6) .‬‬
‫طه‪ (7) .25 :‬الشرح‪ (8) .1 :‬طه‪ (9) .44 :‬التوبة‪ (10) .73 :‬القلم‪:‬‬
‫‪ (11) .10‬العراف‪ (12) .160 :‬النجم‪ (13) .10 :‬أي بشخصه‬
‫وحقيقته‪.‬‬

‫] ‪[ 413‬‬

‫ما رآه‪ " :‬فخر موسى صعقا )‪ " (1‬واحتمل محمد ذلك‪ " :‬لقد رأى من آيات ربه )‬
‫‪ " (2‬معراج موسى عليه السلم نهارا‪ ،‬ومعراج محمد صلى ال عليه واله‬
‫ليل‪ ،‬ومعراج موسى عليه السلم على الرض‪ ،‬ومعراج محمد صلى ال‬
‫عليه واله فوق السماوات السبع‪ ،‬أخبر بما جرى بينه وبين موسى عليه‬
‫السلم‪ ،‬وكتم ما جرى بينه وبين محمد‪ " :‬فأوحى إلى عبده ما أوحى )‪(3‬‬
‫" قوله‪ " :‬ولما جاء موسى لميقاتنا )‪ " (4‬كأنه جاء من عند فرعون "‬
‫لقد جاءكم رسول )‪ " (5‬كأنه جاء من عند ال وقال لموسى‪ " :‬وأوحينا‬
‫إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا )‪ " (6‬وأخرج النبي من‬
‫مسجده ما خل العترة‪ ،‬وفي هذا تبيان قوله‪ " :‬أنت مني بمنزلة هارون من‬
‫موسى "‪ .‬حسان‪ :‬لئن كلم ال موسى على * شريف من الطور يوم الندا‬
‫فإن النبي أبا قاسم * حبي بالرسالة فوق السماء وقد صار بالقرب من ربه‬
‫* على قاب قوسين لما دنا وإن فجر الماء موسى لكم )‪ * (7‬عيونا من‬
‫الصخر ضرب العصا فمن كف أحمد قد فجرت * عيون من الماء يوم الظما‬
‫وإن كان هارون من بعده * حبي بالوزارة يوم المل فإن الوزارة قد نالها *‬
‫علي بل شك يوم الندا كعب بن مالك النصاري‪ :‬فإن يك موسى كلم ال‬
‫جهرة * على جبل الطور المنيف )‪ (8‬المعظم فقد كلم ال النبي محمدا *‬
‫على الموضع العلى الرفيع المسوم داود عليه السلم كان له سلسلة‬
‫الحكومة ليميز الحق من الباطل‪ ،‬ولمحمد صلى ال عليه واله القرآن‪:‬‬
‫)‪ (1‬العراف‪ ،142 :‬وفيه‪ :‬وخر‪ (2) .‬النجم‪ (3) .18 :‬النجم‪ (4) .10 :‬العراف‪:‬‬
‫‪ (5) .143‬التوبة‪ (6) .128 :‬يونس‪ (7) .87 :‬في المصدر‪ :‬لهم‪ .‬وهو‬
‫الصحيح‪ (8) .‬جبل منيف‪ :‬مرتفع مشرف‪.‬‬

‫] ‪[ 414‬‬

‫" ما فرطنا في الكتاب من شئ )‪ " (1‬وليست السلسلة كالكتاب‪ ،‬والسلسلة قد فنيت‬


‫والقرآن بقي إلى آخر الدهر‪ ،‬وكان له النغمة‪ ،‬ولمحمد صلى ال عليه واله‬
‫الحلوة‪ " :‬وإذا سمعوا ما انزل إلى الرسول )‪ " (2‬وكان له ثلثون ألف‬
‫حرس‪ ،‬وكان حارس محمد هو ال تعالى‪ " :‬وال يعصمك من الناس )‪(3‬‬
‫" وسبحت له الوحوش والطيور والجبال‪ ،‬فال تعالى وملئكته يشهدون‬
‫لمحمد‪ " :‬وكفى بال شهيدا * محمد رسول ال )‪ " (4‬وقال له‪ " :‬وألنا له‬
‫الحديد )‪ " (5‬وألن قلب محمد بالرحمة والشفاعة‪ " :‬فبما رحمة من ال‬
‫لنت لهم )‪ " (6‬وألن لهم )‪ (7‬الصم الصخور الصلب وجعلها غارا‪ ،‬وكان‬
‫يحلب الشاة المجهودة‪ ،‬ويمسح عرضها فيحلب منها كيف شاء‪ ،‬وسخر له‬
‫الجبال وكان يسبحن‪ ،‬وأخذ النبي أحجارا فأمسكها فسبحن في كفه‪ ،‬وله‬
‫الطير محشورة كل له أواب‪ ،‬ولمحمد البراق‪ ،‬وقال له‪ " :‬وشددنا ملكه )‬
‫‪ " (8‬وشدد ملك محمد حتى نسخ بشريعته سائر الشرائع‪ ،‬وقال لداود‪" :‬‬
‫ول تتبع الهوى )‪ " (9‬وقال لمحمد صلى ال عليه واله‪ " :‬ما ضل‬
‫صاحبكم )‪ ." (10‬حسان‪ :‬وإن كان داود قد أوبت )‪ * (11‬جبال لديه وطير‬
‫الهوا ففي كف أحمد قد سبحت * بتقديس ربي صغار الحصى سليمان‬
‫سخرت له الريح‪ " :‬غدوها شهر ورواحها شهر )‪ " (12‬يقال‪ :‬إنه غدا‬
‫من العراق‪ ،‬وقال )‪ (13‬بمرو‪ ،‬وأمسى ببلخ‪ ،‬وأكرم محمدا بالبراق خطوته‬
‫مد البصر‪ ،‬و قال‪ " :‬علمنا منطق الطير )‪ " (14‬وروي أن الحمرة فجعت‬
‫بأحد ولدها‪ ،‬فجاءت إلى‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .38 :‬المائدة‪ (3) .83 :‬المائدة‪ (4) .67 :‬الفتح‪ 28 :‬و ‪(5) .29‬‬
‫سبأ‪ (6) .10 :‬آل عمران‪ (7) .159 :‬الظاهر كما في هامش النسخة أن‬
‫الصحيح‪ :‬وألن له‪ (8) .‬ص‪ (9) .20 :‬ص‪ (10) .26 :‬النجم‪(11) .2 :‬‬
‫أي قد رجعت معه بالتسبيح‪ (12) .‬سبأ‪ (13) .12 :‬قال‪ :‬نام في القافلة‬
‫أي منتصف النهار‪ (14) .‬النمل‪.16 :‬‬

‫] ‪[ 415‬‬

‫النبي صلى ال عليه واله وقد جعلت ترف على رأس رسول ال صلى ال عليه‬
‫واله‪ ،‬فقال‪ :‬أيكم فجع )‪ (1‬هذه ؟ فقال رجل من القوم‪ :‬أنا أخذت بيضها‪،‬‬
‫فقال النبي صلى ال عليه واله‪ :‬ارددها‪ ،‬ومنه كلم البعير و العجل والضبي‬
‫والشاة والذئب والذب‪ ،‬وسخرت له )‪ " (2‬الجن والشياطين‪ ،‬وقال للنبي‬
‫صلى ال عليه واله‪ " :‬قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن )‪،" (3‬‬
‫وقوله‪ " :‬وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن )‪ " (4‬وهو التسعة من أشراف‬
‫الجن بنصيبين واليمن من بني عمرو بن عامر‪ ،‬منهم شصاه‪ ،‬ومصاه‪،‬‬
‫والهملكان‪ ،‬والمرزبان‪ ،‬والمازمان‪ ،‬ونضاه‪ ،‬وهاضب‪ ،‬وعمرو‪ ،‬وبايعوه‬
‫على العبادات‪ ،‬واعتذروا بأنهم قالوا على ال‪ :‬شططا‪ ،‬وسليمان عليه‬
‫السلم كان يصفدهم لعصيانهم‪ ،‬ونبينا أتوه طائعين راغبين‪ ،‬وسأل سليمان‬
‫ملكا دنيا‪ " :‬رب هب لي ملكا )‪ " (5‬وعرض مفاتيح خزائن الدنيا على‬
‫محمد صلى ال عليه واله فردها‪ ،‬فشتان بين من يسأل وبين من يعطى فل‬
‫يقبل‪ ،‬فأعطاه ال الكوثر والشفاعة والمقام المحمود " ولسوف يعطيك‬
‫ربك فترضى )‪ " (6‬وقال لسليمان‪ " :‬امنن أو أمسك بغير حساب )‪" (7‬‬
‫وقال لنبينا‪ " :‬ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )‪." (8‬‬
‫حسان بن ثابت‪ :‬وإن كانت الجن قد ساسها * سليمان والريح تجري رخا‬
‫فشهر غدو به دائبا * وشهر رواح به إن يشا فإن النبي سرى ليلة * من‬
‫المسجدين إلى المرتقى كعب بن مالك‪ :‬وإن تك نمل البر بالوهم كلمت *‬
‫سليمان ذا الملك الذي ليس بالعمى فهذا نبي ال أحمد سبحت * صغار‬
‫الحصى في كفه بالترنم يحيى عليه السلم قال ال تعالى له‪ " :‬وآتيناه‬
‫الحكم صبيا )‪ " (9‬وكان في عصر ل جاهلية‬

‫)‪ (1‬فجعه‪ :‬أوجعه باعدامه ما يتعلق به من أهل أو مال‪ (2) .‬أي لسليمان عليه‬
‫السلم‪ (3) .‬الجن‪ (4) .1 :‬الحقاف‪ (5) .29 :‬ص‪ 35 :‬وهو منقول معناه‬
‫والية هكذا‪ " :‬قال رب اغفر لي وهب لى ملكا "‪ (6) .‬الضحى‪(7) .5 :‬‬
‫ص‪ .39 :‬وفيه‪ :‬فامنن‪ (8) .‬الحشر‪ 7 :‬وفيه‪ :‬وما اتاكم‪ (9) .‬مريم‪.12 :‬‬

‫] ‪[ 416‬‬

‫فيه‪ ،‬ومحمد صلى ال عليه واله اوتي الحكم والفهم صبيا بين عبدة الوثان وحزب‬
‫الشيطان‪ ،‬وكان يحيى عليه السلم أعبد أهل زمانه وأزهدهم‪ ،‬ومحمد أزهد‬
‫الخلئق‪ ،‬وأعبدهم‪ ،‬حتى قيل‪ " :‬طه ما أنزلنا )‪ ." (1‬حسان بن ثابت‪ :‬وإن‬
‫كان يحيى بكت عينه * صغيرا وطهره في الصبي فإن النبي بكى قائما *‬
‫حزينا على الرجل خوف الرجا فناداه أن طه )‪ (2‬أبا قاسم * ول تشق‬
‫بالوحي لما أتى عيسى عليه السلم " وابرئ الكمه والبرص )‪" (3‬‬
‫ونبينا صلى ال عليه واله أتاه معاذ بن عفرا )‪ (4‬فقال‪ :‬يا رسول ال إني‬
‫قد تزوجت‪ ،‬وقالوا للزوجة‪ :‬إن بجنبي بياضا‪ ،‬فكرهت أن تزف إلي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اكشف لي عن جنبك‪ ،‬فكشف له عن جنبه‪ ،‬فمسحه بعود فذهب ما به من‬
‫البرص‪ ،‬ولقد أتاه من جهينة أجذم يتقطع من الجذام‪ ،‬فشكا إليه‪ ،‬فأخذ قدحا‬
‫من ماء فتفل فيه‪ ،‬ثم قال‪ :‬امسح به جسدك ففعل فبرأ‪ ،‬وأبرأ صاحب‬
‫السلعة )‪ ،(5‬وأتته امرأة فقالت‪ :‬يا رسول ال إن ابني قد أشرف على‬
‫حياض الموت‪ ،‬كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب )‪ ،(6‬فقام وقمنا معه‪،‬‬
‫فلما أتيناه قال له‪ :‬جانب يا عدو ال ولي ال‪ ،‬فأنا رسول ال‪ ،‬فجانبه‬
‫الشيطان‪ ،‬فقام صحيحا‪ ،‬وأتاه رجل وبه ادرة )‪ (7‬عظيمة‪ ،‬فقال‪ :‬هذه الدرة‬
‫تمنعني من التطهير والوضوء‪ ،‬فدعا بماء فبرك فيه ودعاه وتفل فيه‪ ،‬ثم‬
‫أمره أن يفيض عليه )‪ ،(8‬ففعل الرجل‪ ،‬وأغفى إغفائة وانتبه فإذا هي قد‬
‫تقلصت‪ ،‬وجائت امرأة ومعها‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .1 :‬في المصدر‪ :‬فناداه طه‪ (3) .‬آل عمران‪ (4) .49 :‬هكذا في‬
‫النسخة‪ ،‬والصحيح‪ :‬عفراء بالمد‪ ،‬والرجل هو معاذ بن الحارث بن رفاعة‬
‫النصاري النجاري‪ (5) .‬السلعة‪ :‬خراج في البدن أو زيادة فيه كالغدة بين‬
‫الجلد واللحم‪ (6) .‬تثاءب‪ :‬أصابه كسل وفترة كفترة النعاس‪ (7) .‬في‬
‫النهاية‪ :‬الدرة بالضم‪ :‬نفخة في الخصية‪ (8) .‬أي يفرغه عليه‪.‬‬

‫] ‪[ 417‬‬

‫عكة )‪ (1‬سمن واقط ومعها ابنة لها فقالت‪ :‬يا رسول ال ولدت هذه كمها )‪ ،(2‬فأخذ‬
‫رسول ال صلى ال عليه واله عودا فمسح به عينيها فأبصرتا‪ .‬ومنه‬
‫حديث قتادة بن ربعي ومحمد بن مسلمة و عبد ال بن أنيس‪ .‬قوله‪" :‬‬
‫واحيي الموتى بإذن ال )‪ " (3‬قال الكلبي‪ :‬كان عيسى عليه السلم يحيي‬
‫الموات بياحي يا قيوم‪ ،‬وقيل إنه أحيى أربعة أنفس‪ ،‬وهم عاذر‪ ،‬وابن‬
‫العجوز‪ ،‬وابنة العاشر‪ ،‬وسام بن نوح‪ ،‬قال الرضا عليه السلم‪ :‬لقد‬
‫اجتمعت قريش إلى رسول ال صلى ال عليه واله فسألوه أن يحيي لهم‬
‫موتاهم‪ ،‬فوجه معهم علي بن أبي طالب عليه السلم فقال‪ :‬اذهب إلى‬
‫الجبانة )‪ (4‬فناد باسم هؤلء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك‪ :‬يا‬
‫فلن‪ ،‬ويا فلن‪ ،‬ويا فلن‪ ،‬يقول لكم رسول ال‪ :‬قوموا بإذن ال‪ ،‬فقاموا‬
‫ينفضون التراب عن رؤوسهم‪ ،‬فأقبلت قريش تسألهم عن امورهم‪ ،‬ثم‬
‫أخبروهم أن محمدا قد بعث نبيا‪ ،‬فقالوا‪ :‬وددنا أنا أدركناه فنؤمن به‪ ،‬و‬
‫أحيى صلى ال عليه واله النفر الذين قتلوا يوم بدر فخاطبهم وكلمهم‬
‫وعيرهم بكفرهم‪ .‬قوله‪ " :‬وانبئكم بما تأكلون وما تدخرون )‪ " (5‬ومحمد‬
‫صلى ال عليه واله كان ينبئ بأشياء كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬قصة حاطب بن أبي‬
‫بلتعة‪ ،‬وإنفاذ كتابه إلى مكة‪ ،‬ومنها قصة عباس و سبب إسلمه‪ .‬ابن‬
‫جريح في قوله‪ " :‬ويعلمه الكتاب والحكمة )‪ " (6‬إن ال تعالى أعطى‬
‫عيسى عليه السلم تسعة أشياء من الحظ‪ ،‬ولسائر الناس جزءا وروي عن‬
‫النبي صلى ال عليه واله اوتيت القرآن ومثليه‪ .‬انشد‪ :‬وإن كان من مات‬
‫يحيى لكم * يناديه عيسى برب العلى‪.‬‬

‫)‪ (1‬العكة‪ :‬زقيق للسمن أصفر من القربة‪ (2) .‬هكذا في النسخة‪ ،‬والصحيح‪ :‬كمهاء‬
‫بالمد‪ ،‬كما في المصدر‪ (3) .‬آل عمران‪ (4) .49 :‬الجبانة‪ :‬المقبرة‪.‬‬
‫الصحراء‪ (5) .‬آل عمران‪ (6) .49 :‬آل عمران‪.48 :‬‬

‫] ‪[ 418‬‬

‫فإن الذراع لقد سمها * يهود لحمد يوم القرى )‪ (1‬فنادته أنى لمسمومة * فل‬
‫تقربني وقيت الذي )‪ (2‬بيان‪ :‬الحمرة بضم الحاء وتشديد الميم المفتوحة‪:‬‬
‫ضرب من الطير كالعصفور‪ - 2 .‬قب‪ :‬قد مدح ال اثنى عشر من النبياء‬
‫باثنى عشر نوعا من الطاعة‪ :‬مدح إسحاق عليه السلم ويعقوب عليه‬
‫السلم بالطاعة‪ " :‬ووهبنا له إسحاق ويعقوب )‪ " (3‬ولعيسى بالزهادة‪،‬‬
‫قيل له‪ :‬لو اتخذت منزل أو اشتريت دابة‪ ،‬فقال ما قال‪ ،‬ولسليمان بالسخا‪،‬‬
‫وكان يطعم كل يوم سبعمائة جريب من الحوارى )‪ ،(4‬وهو يأكل الخشكار‪،‬‬
‫)‪ (5‬ولبراهيم عليه السلم بالرحمة‪ " :‬إن إبراهيم لحليم أواه منيب )‪(6‬‬
‫"‪ ،‬وفيه قصة المجوس الذين أسلموا من ضيافته‪ ،‬ولنوح عليه السلم‬
‫بالصلبة‪ " :‬رب ل تذر على الرض )‪ " (7‬وأيضا من موسى وهارون‬
‫عليهما السلم‪ " :‬ربنا إنك آتيت فرعون )‪ " (9‬فبالغ نبينا صلى ال عليه‬
‫واله في هذه الخصال حتى نهاه عن ذلك‪ :‬الستغفار‪ " :‬استغفر لهم أو ل‬
‫تستغفر لهم )‪ " (10‬المجاهدة‪ " :‬ول تعجل بالقرآن )‪ " (11‬العبادة‪ :‬طه‬
‫ما أنزلنا )‪ " (8‬الزهد‪ " :‬لم تحرم ما أحل ال لك )‪ " (12‬وفيه حديث‬
‫مارية‪ ،‬وعرض عليه مفاتيح الدنيا فأبى‪ ،‬السخا‪ " :‬ول تجعل يدك مغلولة )‬
‫‪ " (13‬الرحمة‪ " :‬واغلظ عليهم )‪ " (14‬وقال‪ " :‬فلعلك باخع نفسك )‪(15‬‬
‫" الصلبة‪ " :‬لست عليهم بمصيطر )‪ * (16‬يا أيها النبي جاهد‬

‫)‪ (1‬أي يوم الضيافة‪ (2) .‬مناقب آل أبي طالب ‪ (3) .157 - 148 :1‬النعام‪) .84 :‬‬
‫‪ (4‬الحواري بضم الحاء وتشديد الواو‪ :‬الدقيق البيض‪ (5) .‬تقدم في باب‬
‫قصص سليمان عليه السلم نحوه عن كتاب الدعوات‪ ،‬قال المصنف‬
‫هناك‪ :‬الخشكار لم اجده في أكثر كتب اللغة‪ ،‬فكأنه معرب مولده‪ ،‬وفي‬
‫كتب الطب وبعض كتب اللغة أنه الخبز المأخوذ من الدقيق غير المنخول‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه الخبز اليابس‪ ،‬والول هو المراد هنا انتهى أقول‪ :‬في بعض‬
‫نسخ المصدر‪ :‬الخشار بالضم‪ :‬وهو فضالة المائدة‪ .‬وما ل لب له من‬
‫الشعير‪ (6) .‬هود‪ (7) .75 :‬نوح‪ (8) .26 :‬يونس‪ (9) .88 :‬التوبة‪.80 :‬‬
‫)‪ (10‬طه‪ (11) .114 :‬طه‪ (12) .1 :‬التحريم‪ (13) .1 :‬السراء‪) .29 :‬‬
‫‪ (14‬التوبة‪ (15) .73 :‬الكهف‪ (16) .6 :‬الغاشية‪.22 :‬‬

‫] ‪[ 419‬‬

‫الكفار )‪ " (1‬وفيه قصة ابن مكتوم‪ .‬النذار‪ " :‬نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم )‬
‫‪ " (2‬عيب آلهتهم‪ " :‬ول تسبوا الذين يدعون من دون ال )‪ ." (3‬وإنه‬
‫تعالى أقسم لجله بخمسة عشر قسما‪ :‬بهدايته‪ " :‬والنجم إذا هوى )‪" (4‬‬
‫برسالته‪ " :‬يس والقرآن الحكيم )‪ " (5‬بولي عهده‪ " :‬والعاديات ضبحا )‬
‫‪ " (6‬بمعراجه‪ " :‬لتركبن طبقا عن طبق )‪ " (7‬بشريعته‪ " :‬والعصر إن‬
‫النسان لفي خسر )‪ " (8‬بكتابه‪ :‬ق ‪ -‬والقرآن المجيد )‪ " (9‬بخلقه‪ " :‬لقد‬
‫خلقنا النسان في أحسن تقويم )‪ " (10‬بخلقه‪ " :‬ن والقلم )‪ " (11‬بزيادة‬
‫نوافله‪ " :‬طه ما أنزلنا )‪ " (12‬بطهارته‪ " :‬فل اقسم بما تبصرون )‪(13‬‬
‫" ببلده‪ " :‬ل اقسم بهذا البلد )‪ " (14‬بمحبته‪ " :‬والضحى والليل )‪" (15‬‬
‫بتهديد موذيه‪ " :‬كل لئن لم ينته )‪ " (16‬بعقوبة أعدائه‪ " :‬كل إنهم عن‬
‫ربهم يومئذ )‪ " (17‬بعمره‪ " :‬لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )‪" (18‬‬
‫ومن شدة فرط المحب )‪ (19‬أن يحلف بعمر حبيبه‪ ،‬وكل ما سأل النبياء‬
‫من ال تعالى أعطاه ال بل سؤال‪ :‬آدم عليه السلم‪ " :‬وإن لم تغفر لنا )‬
‫‪ " (20‬وله‪ " :‬ليغفر لك ال )‪ " (21‬نوح عليه السلم‪ " :‬ل تدر على‬
‫الرض )‪ " (22‬وله‪ " :‬إنا كفيناك المستهزئين )‪ " (23‬إبراهيم عليه‬
‫السلم‪ " :‬ول تخزني يوم يبعثون )‪ " (24‬وله " يوم ل يخزي ال النبي )‬
‫‪ " (25‬شعيب عليه السلم‪ " :‬ربنا افتح بيننا )‪ " (26‬وله‪ " :‬إنا فتحنا لك‬
‫)‪ " (27‬لوط عليه السلم‪ " :‬رب انصرني على‬

‫)‪ (1‬التوبة‪ (2) .73 :‬الحجر‪ (3) .49 :‬النعام‪ (4) .108 :‬النجم‪ (5) .1 :‬يس‪) .1 :‬‬
‫‪ (6‬العاديات‪ (7) .1 :‬النشقاق‪ (8) .19 :‬العصر‪ (9) .1 :‬ق‪(10) .1 :‬‬
‫التين‪ (11) .4 :‬القلم‪ (12) .1 :‬طه‪ (13) .1 :‬الحاقة‪ (14) .38 :‬البلد‪:‬‬
‫‪ (15) .1‬الضحى‪ (16) .1 :‬العلق‪ (17) .15 :‬المطففين‪(18) .15 :‬‬
‫الحجر‪ (19) .72 :‬في المصدر‪ :‬فرط المحبة‪ (20) .‬العراف‪(21) .22 :‬‬
‫الفتح‪ (22) .2 :‬نوح‪ (23) .26 :‬الحجر‪ (24) .95 :‬الشعراء‪(25) .87 :‬‬
‫التحريم‪ (26) .8 :‬العراف‪ (27) .89 :‬الفتح‪.1 :‬‬

‫] ‪[ 420‬‬

‫القوم )‪ " (1‬وله‪ " :‬وينصرك ال )‪ " (2‬موسى عليه السلم‪ " :‬قال رب اشرح لي‬
‫صدري )‪ " (3‬وله‪ " :‬ألم نشرح لك )‪ " (4‬موسى عليه السلم‪ " :‬اخلفني‬
‫في قومي )‪ " (5‬وله‪ :‬إنما وليكم ال )‪ ." (6‬المقام أربعة‪ :‬مقام الشوق‬
‫لشعيب عليه السلم حيث بكى من خوف ال‪ ،‬ومقام السلم لبراهيم عليه‬
‫السلم‪ :‬إذ جاء ربه بقلب سليم )‪ " (7‬ومقام المناجات لموسى عليه‬
‫السلم‪ " :‬وقربناه نجيا )‪ " (8‬ومقام المحبة للنبي صلى ال عليه واله‪" :‬‬
‫فكان قاب قوسين )‪ " (9‬وسمى ال تعالى نوحا شكورا‪ " :‬إنه كان عبدا‬
‫شكورا )‪ " (10‬وإبراهيم عليه السلم حليما‪ " :‬إن إبراهيم لحليم )‪" (11‬‬
‫وموسى عليه السلم كليما‪ " :‬وكلم ال موسى تكليما )‪ " (12‬وجمع له‬
‫كما جمع لنفسه فقال‪ " :‬إن ال بالناس لرؤوف رحيم )‪ " (13‬وله‪:‬‬
‫بالمؤمنين رؤوف رحيم )‪ " (14‬قيل‪ :‬هما واحد‪ ،‬وقيل‪ :‬الرؤوف‪ :‬شدة‬
‫الرحمة‪ ،‬رؤوف بالمطيعين‪ ،‬رحيم بالمذنبين‪ ،‬رؤوف بأقربائه رحيم‬
‫بأصحابه‪ ،‬رؤوف بعترته‪ ،‬رحيم بامته‪ ،‬رؤوف بمن رآه‪ ،‬رحيم بمن لم يره‬
‫)‪.(15‬‬

‫)‪ (1‬العنكبوت‪ (2) .30 :‬الفتح‪ (3) .3 :‬طه‪ (4) .25 :‬الشرح‪ (5) .1 :‬العراف‪:‬‬
‫‪ (6) .142‬المائدة‪ (7) .55 :‬الصافات‪ (8) .84 :‬مريم‪ (9) .52 :‬النجم‪:‬‬
‫‪ (10) .9‬السراء‪ (11) .3 :‬هود‪ (12) .75 :‬النساء‪ (13) .164 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (14) .143‬التوبة‪ (15) .128 :‬مناقب آل أبي طالب ‪160 - 158 :1‬‬

‫] ‪[ 421‬‬

‫بسمه تعالى وله الحمد إلى هنا انتهى الجزء السادس عشر من كتاب بحار النوار‬
‫للعلمة المجلسي )قدس سره( بهذه الصورة النفيسة‪ ،‬والتعاليق المحتاج‬
‫إليها‪ ،‬وهو الجزء الثاني من المجلد السادس في تاريخ نبينا صلى ال عليه‬
‫واله يحوى اثنين و أربعمائة حديث في ثمانية أبواب‪ .‬بأصحابه‪ ،‬رؤوف‬
‫بعترته‪ ،‬رحيم بامته‪ ،‬رؤوف بمن رآه‪ ،‬رحيم بمن لم يره )‪.(15‬‬

‫)‪ (1‬العنكبوت‪ (2) .30 :‬الفتح‪ (3) .3 :‬طه‪ (4) .25 :‬الشرح‪ (5) .1 :‬العراف‪:‬‬
‫‪ (6) .142‬المائدة‪ (7) .55 :‬الصافات‪ (8) .84 :‬مريم‪ (9) .52 :‬النجم‪:‬‬
‫‪ (10) .9‬السراء‪ (11) .3 :‬هود‪ (12) .75 :‬النساء‪ (13) .164 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (14) .143‬التوبة‪ (15) .128 :‬مناقب آل أبي طالب ‪160 - 158 :1‬‬

‫] ‪[ 421‬‬

‫بسمه تعالى وله الحمد إلى هنا انتهى الجزء السادس عشر من كتاب بحار النوار‬
‫للعلمة المجلسي )قدس سره( بهذه الصورة النفيسة‪ ،‬والتعاليق المحتاج‬
‫إليها‪ ،‬وهو الجزء الثاني من المجلد السادس في تاريخ نبينا صلى ال عليه‬
‫واله يحوى اثنين و أربعمائة حديث في ثمانية أبواب‪ .‬وقد قوبل بالنسختين‬
‫المطبوعتين إحديهما النسخة المشهورة بطبعة " أمين الضرب " وعدة‬
‫نسخ مخطوطة جيدة في غاية الدقة والتقان منها‪ :‬النسخة الصلية التي‬
‫هي بخط المؤلف رضوان ال عليه‪ .‬وسيصدر عاجل ‪ -‬إنشاء ال تعالى ‪-‬‬
‫الجزء السابع عشر يبتد ‍ب )باب وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى‬
‫ال عليه واله( وال تعالى ولي الوفيق‪ .‬خادم العلم والدين عبد الرحيم‬
‫الرباني الشيرازي‪.‬‬

‫مكتبة يعسوب الدين عليه السلم اللكترونية‬

You might also like