You are on page 1of 9

‫‪1‬‬

‫محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬الدرس ـ كيف نصل لمحبة الله ؟ ـ‬
‫فرق التوكل والتواكل ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ‪.‬‬

‫§‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫الستاذ جميل ‪:‬‬


‫السلم عليكم ورحمة الله أيها الخوة والحبة ‪ ،‬أسعد الله‬
‫أوقاتكم بكل خير ‪ ،‬وأهل ً بكم في لقاء جديد في برنامجنا عقل وقلب ‪.‬‬
‫ضيفنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ‪.‬‬
‫فضيلة الدكتور محل السعادة والنجاح أن يرضى السيد عن‬
‫موله ‪ ،‬وحديثنا مستمر عن أناس يستحقون بأعمالهم قبول ً ‪ ،‬وبأخلقهم‬
‫محبة وحبورا ً ‪ ،‬هل لنا المتابعة في صفات من يحبهم الله ؟‪.‬‬

‫النسان هو المخلوق الول رتبة لنه َ‬


‫قِبل حمل المانة ‪:‬‬

‫الدكتور راتب ‪:‬‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم ‪ ،‬الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬والصلة‬
‫والسلم على سيدنا محمد الصادق الوعد المين ‪.‬‬
‫أستاذ جميل النسان أول ً كائن متميز ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫نأ ْ‬‫فأب َي ْ َ‬‫ل َ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫جَبا ِ‬ ‫ض َ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬‫س َ‬ ‫عَلى ال ّ‬ ‫ة َ‬ ‫ضَنا اْل َ‬
‫مان َ َ‬ ‫عَر ْ‬‫﴿ إ ِّنا َ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫سا ُ‬ ‫ها اْل ِن ْ َ‬‫مل َ َ‬‫ح َ‬
‫و َ‬
‫ها َ‬
‫من ْ َ‬
‫ن ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ش َ‬
‫وأ ْ‬‫ها َ‬‫مل ْن َ َ‬
‫ح ِ‬
‫يَ ْ‬
‫) سورة الحزاب الية ‪. ( 72 :‬‬
‫النسان هو المخلوق الول رتبة ‪ ،‬لنه قبل حمل المانة ‪ ،‬فلما‬
‫قبل حمل المانة سخر الله له ‪:‬‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫ميعا ِ‬
‫ج ِ‬
‫ض َ‬
‫في الْر ِ‬
‫ما ِ‬
‫و َ‬
‫ت َ‬‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫ما ِ‬
‫﴿ َ‬
‫) سورة الجاثية الية ‪. ( 13 :‬‬
‫وخلقه لجنة عرضها السماوات والرض ‪ ،‬ثمنها في الحياة الدنيا ‪،‬‬
‫أتى الله بنا إلى الدنيا كي نعرفه ‪ ،‬وكي نعمل عمل ً يؤهلنا لجنته ‪ ،‬فأنا ل‬
‫أبالغ إذا قلت إن علة وجود النسان في الرض أن يعمل عمل ً صالحا ً ‪ ،‬أي‬
‫أن يكون محسنا ً ‪.‬‬

‫البشر صنفان ل ثالث لهما ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ إنسان تعرف على الله فسلم وسعد في الدنيا والخرة‬


‫يمكن أن نقسم البشر على اختلف مللهم ‪ ،‬ونحلهم ‪،‬‬
‫وانتماءاتهم ‪ ،‬وأعراقهم ‪ ،‬وأنسابهم ‪ ،‬وطوائفهم ‪ ،‬ومذاهبهم ‪ ،‬وتياراتهم ‪،‬‬
‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫إلى قسمين نموذج عرف الله ‪ ،‬فانضبط بمنهجه ‪ ،‬وأحسن إلى خلقه ‪ ،‬كان‬
‫محسنا ً ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إنسان غفل عن الله فشقي وهلك في الدنيا والخرة ‪:‬‬
‫ونموذج غفل عن الله ‪ ،‬وتفلت من منهجه ‪ ،‬وأساء إلى خلقه‬
‫فكان مسيئا ً ‪.‬‬
‫لذلك البشر يصنفون صنفين ل ثالث لهما ‪ ،‬صنف محسن ‪،‬‬
‫وصنف مسيء ‪ ،‬وهذه عبر عنها الفلسفة بالثنينية ‪ ،‬هناك حق وباطل ‪،‬‬
‫وخير وشر ‪ ،‬وإحسان وإساءة ‪ ،‬وعدل وظلم ‪.‬‬
‫فالنسان حينما أتى إلى الدنيا ‪ ،‬الله عز وجل أعطاه الشهوات ‪،‬‬
‫أعطاه العقل ‪ ،‬أعطاه الفطرة ‪ ،‬أعطاه المنهج ‪ ،‬أعطاه الوقت ‪ ،‬أعطاه‬
‫القوة ‪ ،‬فالنسان بالنهاية إما أن يكون محسنا ً وإما أن يكون مسيئا ً ‪.‬‬
‫النبي عليه الصلة والسلم رأى جنازة فقال ‪:‬‬
‫سَتراح منه ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا رسول الله‬ ‫م ْ‬
‫)) مستريح ‪ ،‬أو ُ‬
‫ن‬
‫ح ‪ ،‬وما المسَتراح منه ؟ فقال ‪ :‬العبد المؤم ُ‬ ‫ما المستري ُ‬
‫د‬
‫صب الدنيا ‪ ،‬والعبد الفاجُر ‪ :‬يستريح منه العبا ُ‬ ‫يستريح من ن َ َ‬
‫والبلدُ ‪ ،‬والشجر والدواب (( ‪.‬‬
‫]أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ومالك عن أبي قتادة [ ‪.‬‬
‫فلذلك البشر صنفان ‪ ،‬محسن و مسيء ‪ ،‬ونحن في حياتنا‬
‫الجتماعية النسان عندما يموت معظم الناس يقولون الله يرحمه ‪ ،‬كان‬
‫محسنا ً ‪ ،‬كان أبا ً مثاليا ً ‪ ،‬كان معلما ً مثاليا ً ‪ ،‬كان تاجرا ً مثاليا ً ‪ ،‬أو أن يلعنه‬
‫الناس بعد موته ‪.‬‬
‫فهذا التقييم الفطري الطبيعي ‪ ،‬فالحسان أن تحسن مع أهلك ‪،‬‬
‫مع زوجتك ‪ ،‬مع أولدك ‪ ،‬مع جيرانك ‪ ،‬مع أصدقائك ‪ ،‬مع زملئك ‪.‬‬
‫في عملك ‪ ،‬أن تتقن صنعتك ‪ ،‬أن تنصح بها الناس ‪ ،‬أن تعاملهم‬
‫معاملة طيبة ‪ ،‬كلمة إحسان واسعة جدا ً ‪ ،‬أن تحسن في علقتك بجسمك ‪،‬‬
‫أن تحسن في علقتك بزوجتك ‪ ،‬في علقتك بأولدك ‪.‬‬
‫أنت محامي ‪ ،‬أن تحسن إلى زبائنك الموكلين ‪ ،‬أنت طبيب ‪ ،‬أن‬
‫تحسن مع المرضى أن تنصحهم ‪ ،‬أل تضخم مرضهم ‪ ،‬وأل تجهل علجهم‬
‫فتبقيهم عندك ‪ ،‬وغيرك أجدر منك أن يكونوا عنده ‪.‬‬
‫أي القضية واسعة جدا ً ‪ ،‬فأنت في أي لحظة ‪ ،‬وفي أية ساعة ‪،‬‬
‫وفي أي يوم إما أن تكون محسنا ً ‪ ،‬وإما أن تكون مسيئا ً ‪.‬‬

‫الله عز وجل يحب النسان المحسن ‪:‬‬

‫م ‪ ،‬إنسان سألك سؤال ً‬‫إنسان سألك سؤال ً ‪ ،‬تجيبه بأدب ج ّ‬


‫تستعلي عليه ‪ ،‬إنسان طلب منك حاجة تقدمها له ‪ ،‬إنسان طلب منك‬
‫حاجة ترده ‪ ،‬ترفضه ‪ ،‬يعني أنت في أية لحظة تقّيم عند الله محسن أو‬
‫مسيء ‪ ،‬فالله عز وجل بكماله المطلق ‪ ،‬ولن أسماءه كلها حسنى‬
‫وصفاته كلها فضلى ‪ ،‬يحب المحسنين ‪ ،‬يحب الزوج الصالح ‪.‬‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫)) أكرموا النساء ‪ ،‬فو الله ما أكرمهن إل كريم ‪ ،‬ول‬


‫أهانهن إل لئيم ‪ ،‬يغلبن كل كريم ‪ ،‬ويغلبهن لئيم ‪ ،‬وأنا أحب أن‬
‫أكون كريما ً مغلوبا ً ‪ ،‬من أن أكون لئيما ً غالبا ً (( ‪.‬‬
‫] ابن عساكر عن علي بسند فيه مقال كبير [‬
‫يحب الله المرأة المحسنة ‪ ،‬زوجة صالحة ‪.‬‬
‫)) انصرفي أيتها المرأة ‪ ،‬وأعلمي من وراءك من‬
‫النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها‬
‫موافقته يعدل ذلك كله ـ أي يعدل الجهاد في سبيل الله ((‪.‬‬
‫]أخرجه ابن عساكر وأخرجه البيهقى فى شعب اليمان عن أسماء بنت‬
‫يزيد النصارية[‬
‫يحب الب المحسن ‪.‬‬
‫(( ‪.‬‬ ‫)) رحم الله والدا ً أعان ولده على بره‬
‫] كشف الخفاء رواه أبو الشيخ في الثواب بسند ضعيف عن علي وابن عمر‬
‫مرفوعا[‬
‫يحب البن البار ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ضى رب َ َ‬
‫سانا ﴾ ‪.‬‬
‫ح َ‬
‫ن إِ ْ‬
‫وال ِدَي ْ ِ‬
‫وِبال َ‬
‫دوا إ ِل إ ِّياهُ َ‬ ‫ك أّل ت َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫و َ‬
‫ق َ‬ ‫﴿ َ‬
‫) سورة السراء الية ‪. ( 23 :‬‬
‫يحب التاجر الصدوق ‪.‬‬
‫)) إن أطيب الكسب كسب التجار ‪ ،‬الذين إذا حدثوا لم‬
‫يكذبوا ‪ ،‬وإذا وعدوا لم يخلفوا ‪ ،‬وإذا ائتمنوا لم يخونوا ‪ ،‬وإذا‬
‫اشتروا لم يذموا ‪ ،‬وإذا باعوا لم يطروا ‪ ،‬وإذا كان لهم لم‬
‫يعسروا ‪ ،‬وإذا كان عليهم لم يشددوا (( ‪.‬‬
‫] الجامع الصغير عن معاذ بسند ضعيف [‬
‫يحب المزارع ‪ ،‬يجعل الله كل عمله في صحيفته ‪ ،‬لو أكل طير‬
‫حبة قمح من بستانه لجره الله عز وجل ‪.‬‬

‫علة وجود النسان في الرض أن يعمل عمل ً صالحا ً ‪:‬‬

‫الله عز وجل يحب من له عمل ‪ ،‬سيدنا عمر كان يحتقر من‬


‫ليس له عمل ‪ ،‬يحب من جعل همه إرضاء الله عز وجل ‪ ،‬يعني موضوع‬
‫الحسان هو الحياة كلها ‪ ،‬هناك إحسان مهني ‪ ،‬وهناك إحسان أسري ‪ ،‬و‬
‫إحسان اجتماعي ‪ ،‬و إحسان صحي ‪ ،‬إنسان يلوث البيئة ‪ ،‬الذي ُيسرف في‬
‫استهلك الماء ‪ ،‬هذا ليس محسنا ً هذا ُيسرف الماء على مزاجه ويحرم‬
‫أناسا ً كثيرين ‪ ،‬لذلك النبي الكريم توضأ من كعب ‪ ،‬فضلت فيه فضلة ‪،‬‬
‫فقال ‪:‬‬
‫ً‬
‫)) ردوها في النهر يرحم الله بها قوما آخرين (( ‪.‬‬
‫الترشيد في استهلك الماء إحسان ‪ ،‬والترشيد في استهلك‬
‫الكهرباء إحسان ‪ ،‬وعدم إلقاء الذى في الطريق إحسان ‪ ،‬وأن تنزع شيئا ً‬
‫عن الطريق إحسان ‪ ،‬وأن تعامل جارك إحسان ‪.‬‬
‫يروى أن المير عبد القادر الجزائري ‪ ،‬كان يسكن في الشام ‪،‬‬
‫له جار فقير اضطر أن يبيع بيته ‪ ،‬فجاؤوا له بثمن بخس فغضب ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫والله أنا ل أبيع جيرة المير بهذا المبلغ ‪ ،‬جاء من أبلغ المير هذا الكلم ‪،‬‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫له ‪ :‬هذه الثلثمئة لك ‪،‬‬ ‫فاستدعاه ‪ ،‬وكان دفع ببيته ثلثمئة ليرة ‪ ،‬قال‬
‫وابقَ جارنا ‪.‬‬
‫هناك جار محسن ‪ ،‬هناك حار يتفنن في إيذاء جاره ‪ ،‬النبي‬
‫الكريم قال ‪:‬‬
‫)) وأعوذ بك من جار سوء ترعاني عيناه وتسمعني‬
‫أذناه إن رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها (( ‪.‬‬
‫] أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس [ ‪.‬‬
‫)) اللهم إني أعوذ بك من إمام سوء ‪ ،‬إن أحسنت لم‬
‫يغفر (( ‪.‬‬ ‫يقبل ‪ ،‬وإن أسأت لم‬
‫]ورد في الثر[‬
‫في أية لحظة ‪ ،‬أستاذ جميل ‪ ،‬أنت محسن أو مسيء ‪ ،‬بأية‬
‫لحظة ‪ ،‬إنسان من دون قصد مس يدك ‪ ،‬فتغضب ‪ ،‬إنسان ‪ ،‬ما في‬
‫مشكلة أبدا ً ‪ ،‬فالمؤمن عنده سماحة ‪ ،‬عنده عفو ‪ ،‬عنده حلم ‪ ،‬عنده رحمة‬
‫‪.‬‬
‫مرة سيدنا عمر يمشي في المسجد ليل ً ‪ ،‬يبدو داس دون أن‬
‫يشعر على أحد المصلين ‪ ،‬فغضب ‪ ،‬فقال له ‪ :‬أأعمى أنت ؟ قال له ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬كيف ؟! قال ‪ :‬سألني فأجبته ‪.‬‬
‫هناك إنسان جبار ‪ ،‬وهناك إنسان حليم ‪ ،‬وقور ‪.‬‬

‫الحسان صفة من صفات المؤمن ‪:‬‬

‫أستاذ جميل ‪ ،‬الحسان من صفات المؤمن ‪ ،‬يحسن مع هرة ‪،‬‬


‫يصغي لها الناء ‪ ،‬يحسن مع الحيوان إذا ذبحه ‪ ،‬أنا أرى أناسا ً يذبح‬
‫الحيوان ‪ ،‬ثم يشق بطنه ‪ ،‬وتفرغ أمعاءه ول يزال يشعر باللم ‪ ،‬هذا عمل‬
‫فيه إساءة ‪.‬‬
‫ً‬
‫رأى النبي إنسانا يذبح شاة أمام أختها ‪ ،‬فغضب ‪ ،‬قال له ‪ :‬هل‬
‫أختها ؟ أتريد أن تميتها مرتين ؟ ‪.‬‬ ‫حجبتها عن‬
‫لذلك المؤمن إذا مات تبكي عليه السماء والرض من إحسانه ‪،‬‬
‫والكافر إذا مات ‪:‬‬
‫َ‬
‫واْلْر ُ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ماءُ َ‬
‫س َ‬
‫م ال ّ‬
‫ه ُ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ما ب َك َ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ف َ‬
‫) سورة الدخان الية ‪. ( 29 :‬‬
‫يرتاح الناس منه ‪ ،‬أنا أرى المؤمن كتلة كمال ‪ ،‬كتلة عطاء ‪ ،‬كتلة‬
‫ذوق ‪ ،‬كتلة لطف ‪ ،‬هذا هو الحسان ‪ ،‬هو انعكاس ‪:‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ت لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه ل ِن ْ َ‬ ‫م َ‬
‫ة ِ‬
‫م ٍ‬
‫ح َ‬
‫ما َر ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫فب ِ َ‬
‫) سورة آل عمران الية ‪. ( 159 :‬‬
‫يعني هذا الحسان سببه رحمة استقرت في قلب المؤمن ‪،‬‬
‫فانعكست لينا ً وإحسانا ً ‪.‬‬
‫ك﴾‪.‬‬‫ول ِ َ‬
‫ح ْ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ضوا ِ‬ ‫ب َلن ْ َ‬
‫ف ّ‬ ‫قل ْ ِ‬
‫ظ ال ْ َ‬
‫غِلي َ‬
‫فظّا ً َ‬ ‫ت َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و ك ُن ْ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫) سورة آل عمران الية ‪. ( 159 :‬‬
‫فهناك معادلة رياضية تتصل بالله ‪ ،‬تشتق منه الرحمة ‪ ،‬تنعكس‬
‫الرحمة لينا ً ‪ ،‬يحبك الناس ‪ ،‬يلتفون حولك ‪ ،‬ينقطع المرء عن الله ‪ ،‬يشتق‬
‫من انقطاعه غلظة ‪ ،‬تنعكس فظاظة ينفض الناس من حوله ‪ ،‬يعني اتصال‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ ،‬رحمة ‪ ،‬لين ‪ ،‬التفاف ‪ ،‬انقطاع ‪ ،‬قسوة ‪ ،‬غلظة ‪ ،‬انفضاض ‪ ،‬معادلة‬


‫رياضية ‪.‬‬
‫الستاذ جميل ‪:‬‬
‫نقرأ في كتاب الله سبحانه وتعالى أن الله يحب المتوكلين ‪ ،‬فما‬
‫هو التوكل ومن هم هؤلء المتوكلون ؟‪.‬‬

‫المتوكلون ‪:‬‬

‫الدكتور راتب ‪:‬‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم ‪.‬‬
‫أستاذ جميل ‪ ،‬هناك مشكلة كبيرة في العالم السلمي ‪ ،‬أن‬
‫التوكل يستخدمه المسلمون في جوارحهم ‪ ،‬ل يعملون ‪ ،‬بينما مكان‬
‫التوكل هو القلب ‪ ،‬المؤمن يأخذ بالسباب وكأنها كل شيء ‪ ،‬ثم يتوكل‬
‫على الله وكأنها ليست بشيء ‪.‬‬
‫فلذلك المنهج القويم هو طريق عن يمينه واد ٍ سحيق ‪ ،‬وعن‬
‫يساره وادٍ سحيق ‪ ،‬فمن أخذ بالسباب واعتمد عليها ‪ ،‬وألهها ‪ ،‬واستغنى‬
‫عن الله ‪ ،‬وقع في وادي الشرك ‪ ،‬ومن لم يأخذ بها ‪ ،‬وقع في وادي‬
‫المعصية ‪.‬‬
‫فالبطولة أن تأخذ بالسباب وكأنها كل شيء ‪ ،‬ثم تتوكل على‬
‫الله وكأنها ليست بشيء ‪.‬‬
‫ماذا يعني التوكل ؟ عندك سفر بمركبتك ‪ ،‬تراجع المركبة‬
‫مراجعة تامة ‪ ،‬كل شؤون المركبة ‪ ،‬المكابح ‪ ،‬المحرك ‪ ،‬الزيت ‪ ،‬وبعد أن‬
‫مسّلم ‪ ،‬وأنت‬ ‫تراجعها مراجعة تامة تقول يا رب أنت الحافظ ‪ ،‬وأنت ال ُ‬
‫الموفق ‪ ،‬جمعت بين الخذ بالسباب ‪ ،‬وبين التوكل على رب الرباب ‪ ،‬هذا‬
‫الموقف ليس سهل ً ‪ ،‬سهل جدا ً أن تأخذ بالسباب كالعالم الغربي ‪ ،‬وتنسى‬
‫الله ‪ ،‬وتعتمد عليها ‪ ،‬وتؤلهها ‪ ،‬وسهل أيضا ً كالعالم السلمي أن ل تأخذ بها‬
‫أصل ً ‪ ،‬يا رب أن تنصرنا على أعدائنا ‪ ،‬دعاء بل عمل ‪.‬‬
‫لذلك الذي ل يتبع الدعاء الخذ بالسباب يستهزئ بالدعاء ‪.‬‬
‫شخص عنده جمل أجرب ‪ ،‬رآه عمر فقال له ‪ :‬ماذا تفعل يا أخا‬
‫العرب بهذا الجمل ؟ قال له ‪ :‬أدعو الله أن يشفيه ‪ ،‬قال له ‪ :‬هل جعلت‬
‫مع الدعاء قطرانا ً ؟ ‪.‬‬
‫رأى أناس يتكففون الناس في الحج ‪ ،‬فقال سيدنا عمر ‪ :‬من‬
‫أنتم ؟ قال ‪ :‬نحن المتوكلون ‪ ،‬قال ‪ :‬كذبتم ‪ ،‬المتوكل من ألقى حبة في‬
‫الرض ثم توكل على الله ‪.‬‬

‫على النسان أن يأخذ بالسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على‬


‫الله وكأنها ليست بشيء‪:‬‬

‫أنا أرى أن المسلمين الن في أمس الحاجة إلى هذا المفهوم‬


‫الغائب عن معظم المسلمين ‪ ،‬يظن التوكل ل يفعل شيئا ً ‪ ،‬الله ينصرنا ‪،‬‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫الله يوفقنا ‪ ،‬نحن أمة محمد ‪ ،‬أمة مرحومة ‪ ،‬هؤلء أعداؤنا يزدادون قوة ‪،‬‬
‫ونزداد ضعفا ً ‪ ،‬ما لم نأخذ بالسباب ‪ ،‬عندنا آية كريمة وخطيرة ‪ ،‬وعدم‬
‫الخذ بها أحد أسباب ضعف المسلمين ‪ ،‬هذه الية ‪:‬‬
‫ن‬‫هُبو َ‬
‫ل ت ُْر ِ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ط ال َ‬
‫رَبا ِ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫و ِ‬‫ة َ‬ ‫و ٍ‬‫ق ّ‬‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬
‫عت ُ ْ‬‫ست َطَ ْ‬‫ما ا ْ‬
‫م َ‬ ‫دوا ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫وأ َ ِ‬
‫ع ّ‬ ‫﴿ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وك ْ‬ ‫عد ُ ّ‬‫و َ‬‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫و الل ِ‬ ‫عد ُ ّ‬‫ه َ‬‫بِ ِ‬
‫) سورة النفال الية ‪. ( 60 :‬‬
‫هم أعدوا لنا ‪ ،‬ولم نعد لهم ‪ ،‬فلذلك فرضوا على العالم‬
‫ثقافتهم ‪ ،‬وإباحيتهم ‪ ،‬وأفلمهم ‪ ،‬وانحطاطهم ‪ ،‬وصار النموذج الغربي‬
‫مطبق في العالم كله من خلل العلم ‪ ،‬أنا أرى أن المسلم يجب أن يأخذ‬
‫بالسباب وكأنها كل شيء ‪ ،‬وأن يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ‪.‬‬

‫التوكل محله القلب والجوارح محلها الخذ بالسباب ‪:‬‬

‫عندنا ملمح دقيق من حديث شريف ‪:‬‬


‫جز (( ‪.‬‬
‫ع ْ‬ ‫)) ِإن الله ي َُلو ُ‬
‫م على ال َ‬
‫] أبو داود وأحمد عن عوف بن مالك [‬
‫ما بيدنا شيء ‪ ،‬انتهينا ‪ ،‬أعداؤنا أقوياء ‪ ،‬هذا موقف انهزامي ‪.‬‬
‫ك بالك َْيس (( ‪.‬‬
‫جز ‪ ،‬ولكن علي َ‬
‫ع ْ‬
‫م على ال َ‬ ‫)) ِإن الله ي َُلو ُ‬
‫الكيس أن تأخذ بالسباب ‪.‬‬
‫َ‬
‫ي الله ونعم الوكيل ((‬ ‫غل ََبك أمر ـ عندئذٍ قل ‪َ :‬‬
‫حسب َ‬ ‫)) فِإذا َ‬
‫‪.‬‬
‫كيف ؟ طالب ما درس إطلقا ً فما نجح ‪ ،‬قال ‪ :‬هذا ترتيب الله ‪،‬‬
‫ض بحكمه ‪ ،‬ل ‪ ،‬أنت كسول ‪،‬‬ ‫هذا قضاء وقدر ‪ ،‬هكذا أراد الله ‪ ،‬أنا را ٍ‬
‫ورسبت لنك كسول فقط ‪ ،‬هذا جزاء التقصير فقط ‪ ،‬ل تدخل الله‬
‫العظيم بتقصيرك ‪ ،‬فبعض المسلمين وهم ليسوا بقلة يعزون أخطاءهم‬
‫إلى القضاء والقدر ‪ ،‬يعزون تقصيرهم ‪ ،‬يعزون عدم أخذهم بالسباب إلى‬
‫القضاء والقدر ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جز ‪ ،‬ولكن عليك بالكْيس ـ‬ ‫ع ْ‬
‫م على ال َ‬ ‫ُ‬
‫)) ِإن الله ي َلو ُ‬
‫َ‬
‫ي الله ونعم الوكيل (( ‪.‬‬ ‫حسب َ‬ ‫غل ََبك أمر فقل َ‬ ‫بالعمل ـ فِإذا َ‬
‫] أبو داود وأحمد عن عوف بن مالك [‬
‫أن الطالب درس دراسة رائعة ‪ ،‬وفر كل وسائل النجاح ‪ ،‬وفي‬
‫يوم المتحان أصابه مرض حال بينه وبين المتحان ‪ ،‬هذا مقبول منه أن‬
‫صر بالدراسة فلم ينجح‬‫يقول ‪ :‬حسبي الله ونعم الوكيل ‪ ،‬أما إنسان ق ّ‬
‫مرفوض أن يقول حسبي الله ونعم الوكيل ‪ ،‬هذا جزاء التقصير ‪ ،‬هذا‬
‫درس بليغ يحتاجه المسلمون اليوم ‪.‬‬

‫الله عز وجل يحب المتوكلين ‪:‬‬

‫الن النبي الكريم ‪ ،‬لما هاجر ‪ ،‬هو سيد الخلق ‪ ،‬وحبيب الحق ‪،‬‬
‫وسيد ولد آدم لماذا اتجه ساحل ً ؟ ولماذا قبع في غار ثور ‪ ،‬ولماذا استأجر‬
‫دليل ً غلب فيه الخبرة على الولء )دليل مشرك( ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟ لم‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫ق ثغرةً إل وغطاها بأخذ بأسباب ‪ ،‬فلما وصلوا إليه بقي ثابتا ً ‪ ،‬هو أدى‬
‫يب ِ‬
‫الذي عليه ‪ ،‬والن الله ينصره ‪ ،‬قال له يا رسول الله لقد رأونا ‪ ،‬قال له ‪:‬‬
‫)) ما ظنك باثنين الله ثالثهما (( ‪.‬‬
‫]أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك [ ‪.‬‬
‫إذا ً ينبغي أن تأخذ بالسباب وكأنها كل شيء ‪ ،‬وأن نتوكل على‬
‫الله وكأنها ليست بشيء هذا هو المطلوب ‪ ،‬وإل التوكل بمفهومه‬
‫الساذج ‪ ،‬المفهوم الذي يفهمه الناس مرفوض التوكل محله القلب ‪،‬‬
‫والجوارح محلها الخذ بالسباب ‪ ،‬فإذا نقلنا التوكل إلى الجوارح فهذه‬
‫الطامة الكبرى ‪ ،‬وهذا ما يدفعه المسلمون ثمن فهمهم للتوكل فهما ً غير‬
‫صحيح ‪ ،‬الله عز وجل يحب المتوكلين ‪.‬‬

‫العاقل من يحتاط للمر قبل وقوعه ‪:‬‬

‫النبي الكريم أخذ بالسباب ‪.‬‬

‫كرا ً * إ ِّنا‬
‫ه ِذ ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫سأ َت ُْلو َ‬
‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن ِذي ال ْ َ‬
‫قْرن َي ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬
‫ك َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫سَببا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سَببا ً * َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ع َ‬ ‫فأت ْب َ َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬‫م ْ‬
‫وآت َي َْناهُ ِ‬ ‫ض َ‬
‫في الْر ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫مك ّّنا ل َ ُ‬‫َ‬
‫) سورة الكهف ( ‪.‬‬
‫يجب أن يخطط المسلمون ‪ ،‬أن يعيشوا المستقبل ‪.‬‬
‫يروى أن غدير ماء فيه سمكات ثلث ‪ ،‬مّر صيادان أبصرا‬
‫السمكات الثلث وتوعدا أن يرجعا ‪ ،‬ومعهما شباكهما ليصيدا ما فيه من‬
‫السمك ‪ ،‬فسمع السمكات قولهما ‪ ،‬و السمكات الثلث ‪ ،‬كيسة )أي‬
‫ذكية( ‪ ،‬وأكيس منها ‪ ،‬وعاجزة ‪ ،‬قال ‪ :‬أما أكيس هذه السمكات لن تعرج‬
‫على شيء حتى خرجت من المكان الذي يدخل منه الماء من النهر إلى‬
‫الغدير ‪ ،‬خرجت ‪ ،‬وقالت ‪ :‬العاقل يحتاط للمور قبل وقوعها ‪.‬‬
‫أما القل ذكاء بقيت في مكانها حتى عاد الصيادان ‪ ،‬فذهبت‬
‫سد ّ ‪ ،‬فقالت ‪ :‬فرطت ‪،‬‬ ‫لتخرج من حيث خرجت رفيقتها ‪ ،‬فإذا بالمكان قد ُ‬
‫وهذه عاقبة التفريط ‪ ،‬غير أن العاقل ل يقنط من منافع الرأي ‪ ،‬ثم إنها‬
‫ة تارة ً على ظهرها وتارةً على‬
‫تماوتت ‪ ،‬فطفت على وجه الماء منقلب ً‬
‫بطنها ‪ ،‬فأخذها الصياد بيده ‪ ،‬ظنها ميتة ‪ ،‬وضعها على الرض ‪ ،‬بين النهر‬
‫والغدير فوثبت في النهر فنجت ‪.‬‬
‫وأما العاجزة فلم تزل في إقبال وإدبار حتى صيدت ‪.‬‬
‫فكل إنسان يحتاط للمر قبل وقوعه يكون عاقل ً ‪ ،‬والذي يحتاط‬
‫بعد وقوعه يكون أقل عقل ً ‪ ،‬هذا يسمونه الن ردود الفعل ‪ ،‬القوي يفعل ‪،‬‬
‫والضعيف يتخذ ردود أفعال ‪ ،‬والذي يضيع وقته في القيل والقال ‪ ،‬هذا‬
‫العاجز فلم تزل في إقبال وإدبار حتى صيدت ‪.‬‬
‫إذا ً التوكل يعني أن تأخذ بالسباب وكأنها كل شيء ‪ ،‬وأن تتوكل‬
‫على الله وكأنها ليست بشيء ‪ ،‬هذا المفهوم يحتاجه المسلمون في‬
‫محنتهم الن ‪.‬‬
‫الستاذ جميل ‪:‬‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫فضيلة الدكتور ‪ ،‬ما هو المر المطلوب فعله ممن أحبهم الله‬


‫سبحانه وتعالى ؟‬

‫من أحبه الله ينبغي أن يحبب الناس بالله عز وجل ‪:‬‬

‫الدكتور راتب ‪:‬‬


‫ورد في الثر القدسي ‪:‬‬
‫)) يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ فجاء‬
‫ي القلب ‪ ،‬نقي اليدين ‪ ،‬ل يمشي‬
‫الجواب ‪ :‬أحب عبادي إلي تق ّ‬
‫إلى أحد بسوء ‪ ،‬أحبني ‪ ،‬وأحب من أحبني وحببني إلى خلقي‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬يا رب إنك تعلم أني أحبك ‪ ،‬وأحب من يحبك ‪ ،‬فكيف‬
‫أحببك إلى خلقك ؟ (( ‪.‬‬
‫]من الدر المنثور عن ابن عباس [‪.‬‬
‫يعني الذي أحبه الله واجبه الول أن يحببه إلى خلقه ‪.‬‬
‫)) أحبني ‪ ،‬وأحب من أحبني ‪ ،‬وحببني إلى خلقي ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬يا رب إنك تعلم أني أحبك ‪ ،‬وأحب من يحبك ‪ ،‬فكيف‬
‫أحببك إلى خلقك ؟ قال ‪ :‬ذكرهم بآلئي ‪ ،‬ونعمائي ‪ ،‬وبلئي‬
‫ذكرهم بآلئي كي يعظموني ‪ ،‬وبنعمائي كي يحبوني ‪ ،‬وببلئي‬
‫كي يخافوني (( ‪.‬‬
‫فالذي أحبه الله ينبغي أن يحبب الناس بالله عز وجل ‪.‬‬
‫الستاذ جميل ‪:‬‬
‫القلب يحب ‪ ،‬والعقل يتفكر ‪ ،‬روينا القلوب من محبة الله ‪،‬‬
‫والعقول عطشى لمعرفة الله ‪.‬‬

‫التفكر يزيد النسان تعظيما ً و حبا ً لله عز وجل ‪:‬‬

‫الدكتور راتب ‪:‬‬


‫كلما تفكرنا في خلق السماوات والرض ‪ ،‬وكلما تفكرنا في خلق‬
‫النسان ازددنا تعظيما ً لله ‪ ،‬ومحبة له ‪ ،‬وطاعة له ‪ ،‬بالنسان جيش بكل‬
‫معاني الكلمة ‪ ،‬فيه فرقة اسمها فرقة الستطلع ‪ ،‬الجيش هو الكريات‬
‫البيضاء ‪ ،‬هذه الكريات خمس فرق ‪ ،‬فرقة الستطلع مهمتها‬
‫استخباراتية ‪ ،‬إذا دخل جرثوم إلى الجسم تتجه إليه ‪ ،‬ل تحاربه إطلقا ً ‪،‬‬
‫مهمتها استطلعية ‪ ،‬مهمتها معلوماتية ‪ ،‬تأخذ شفرته الكيماوية ‪ ،‬وتعود إلى‬
‫مركزها ‪ ،‬وتسلم هذه الشيفرة إلى فرقة ثانية مكلفة بصنع السلحة‬
‫المصول ‪ ،‬هذه الفرقة مركزها في العقد اللمفاوية ‪ ،‬هذه الفرقة تصنع‬
‫المصل المضاد لهذا الجرثوم ‪ ،‬وتحتفظ بالتركيب في الذاكرة ‪ ،‬فإذا عاد‬
‫الجرثوم بعد سبعين عاما ً الضبارة جاهزة ‪ ،‬ولول هذه الذاكرة المذهلة ل‬
‫معنى للتلقيح إطلقا ً ‪ ،‬النسان يأتيه جرثوم مضعف للكوليرا ‪ ،‬يصنع مصل ً‬
‫مضادا ً ‪.‬‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫فلذلك الجرثوم لو عاد بعد سبعين سنة يستطيع الجهاز أن يقدم‬


‫هذا المصل فورا ً هذا أول قسم )الستطلع( ‪ ،‬والقسم الثاني تصنيع‬
‫السلح ‪ ،‬عندنا فرقة ثالثة فرقة المقاتلين فرقة بكل معنى الكلمة ‪،‬‬
‫وعندنا فرقة رابعة فرقة المغاوير ‪ ،‬مهمات خاصة ‪ ،‬فأربع فرق فرقة‬
‫الستطلع ‪ ،‬وفرقة تصنيع السلح ‪ ،‬وفرقة المقاتلين ‪ ،‬الفرقة المقاتلة‬
‫تأخذ السلح من العقد اللمفاوية وتذهب إلى الجرثوم فتقاتله ‪.‬‬
‫أحيانا ً يكون هناك التهاب باليد هذا اللتهاب معركة تمت بين‬
‫الجرثوم والكريات البيضاء ‪ ،‬يعني أنا أقول ‪ :‬جيش بكل معاني الكلمة ‪،‬‬
‫فرق استطلع ‪ ،‬فرق تصنيع السلح أي معامل الدفاع ‪ ،‬فرق مقاتلة ‪،‬‬
‫فرقة خدمات ‪ ،‬مهندسون ‪ ،‬من أجل تنظيف المعركة ‪ ،‬نقل الجثث ‪ ،‬مثل ً ‪،‬‬
‫وهناك فرقة مغاوير ‪ ،‬خمس فرق ‪ ،‬هذا الجيش أكرمنا الله به ‪.‬‬
‫والنسان إذا انحرف أخلقيا ً ُيدمر هذا الجيش بمرض اليدز ‪،‬‬
‫مرض اليدز أن هذا الفيروس يدمر هذا الجيش ‪ ،‬يقضي عليه كليا ً ‪ ،‬ويلبس‬
‫ثيابا ً مشابهة له تماما ً ‪ ،‬يظن المراقب أنه من فرق الجيش ‪ ،‬فإذا تمكن‬
‫قضى على الجيش ‪.‬‬

‫خاتمة و توديع ‪:‬‬

‫الستاذ جميل ‪:‬‬


‫يا سبحان الله ! أحسن الله إليكم فضيلة الدكتور ‪ ،‬وجزاكم الله‬
‫خيرا ً ‪ ،‬مشاهدينا العزاء نودعكم على أمل اللقاء ‪ ،‬نستودعكم الله ‪.‬‬

‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬

‫)محاضرات وندوات تلفزيونية ‪ :‬عقل وقلب ‪ :‬كيف نصل لمحبة الله ـ فرق التوكل‬
‫والتواكل ـ( ‪.‬‬

You might also like