You are on page 1of 101

αχ ζδ

α
α
‫موسوعة الخلق‬
ًδ
δ

α
α ‫ والنشوء‬δ δ

α δ
α
α ‫تأليف‬ δ
δ

‫حاتم ناصر‬
α δ
α δ
α δ
α
α ‫الشرباتي‬ δ
δ
α δ
α ‫أبو ناصر‬ δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α δ
α - ‫هـ‬1424 δ
α ‫م‬2003 δ
α δ
α δ
αε θ δ
ζξξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ ξ χ

[2]‫موسوعة الخلق والنشوء‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫إني رأيت أنه ل يكتببب أحببد كتاببا ً‬


‫إل قال في غدة ‪:‬‬
‫لو غير هذا لكان أحسن‬
‫‪..........‬ـــد هـــذا لكـــان‬
‫ولـــو زي‬
‫‪..........‬‬ ‫ـــــــن‬
‫هــذا لكــان‬ ‫يستحسـ‬
‫قــدم‬ ‫ولــو‬
‫‪..........‬‬ ‫أفضــــــــــــل‬
‫هــذا لكــان‬ ‫ولــو نــزل‬
‫‪..........‬‬
‫أجمـــــــــــــل أعظــــم‬
‫وهــــذا` مــــن‬
‫العــــــــــــــبر ‪..........‬‬
‫وهو دليل على استيلء النقص‬
‫على مجموع البشر‬
‫] العماد الصفهاني [‬

‫يصرح صاحب الكتاب بإسقاطه حقوق الطبع‬


‫والنشر‪ ،‬فيصح لي شخص أن يطبعه طبعة جديدة‪،‬‬
‫ويقوم بنشره وتسويقه وبيعه متى شاء شرط أن‬

‫موسوعة الخلق والنشوء]‪[3‬‬


‫يطبعه كما هو دون أي تغيير مطلقًا‪ ،‬فل يزيد عليه‬
‫كلمة ول يحذف منه كلمه‪.‬‬

‫موسوعة الخلق والنشوء]‪[4‬‬


‫‪214,3‬‬
‫شرباتي‪ ،‬حاتم ناصر أحمد‬
‫موســوعة الخلــق والنشــوء‪ /‬حــاتم‬
‫ناصر أحمد الشرباتي‬
‫الخليــــل‪ :‬المؤلــــف ‪1424‬هـــــ‪/‬‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫] ‪ [ 487‬صفحة‬
‫]‪ [1‬السلم – خلق النسان‪.‬‬
‫]‪ [2‬العقــــــائد والفلســــــفات –‬
‫نظريات الخلق والنشوء‪.‬‬

‫موسوعة الخلق والنشوء]‪[5‬‬


‫] الهــــداء [‬
‫‪ .‬إلى والد َيّ اللذان تعهداني وأنشأني‬
‫على الدين القّيم‬
‫‪ .‬والى أساتذتي اللذين علموني‬
‫الطريق المثلي للتفكير‬
‫‪ .‬والى زوجتي عاشت معي في‬
‫سراء والضّراء‬ ‫ال ّ‬
‫‪ .‬والى أبنائي وأحفادي زينة الحياة‬
‫الدنيا‬
‫أهدي كتابي هذا‬

‫موسوعة الخلق والنشوء]‪[6‬‬


‫شاكرا ً كل الخوة العزاء الذين شجعوني على‬
‫كتابة هذا البحث ونشره‪ ،‬وأتقدم بشكر خاص‬
‫لكل من الخ عطية عبد المعطي زاهدة لقيامه‬
‫بمراجعة الّنص والحث على نشره والخ غالب‬
‫بشير ياسين أبوشخدم الحسيني للتشجيع‬
‫وإمدادي بمراجع قيمة‪ ،‬وأختي الحاجة نافذة‬
‫أول من شجعني على ذلك ولمراجعتها للنص‪،‬‬
‫ي أم عبيده ودعاء والنسة يسرى فضل‬ ‫ولبنت ّ‬
‫الحداد التي وضعت اللمسات الخيرة على‬
‫ن‬‫برمجة الكتاب على الحاسوب‪ ،‬على ما بذل َ‬
‫من جهد شاق في إخراج هذا الكتاب وبرمجة‬
‫طباعته على الحاسوب‪.‬‬
‫أمل ً أن يفي بالمطلوب‪ ،‬وأن يحقق‬
‫الهدف من كتابته‬

‫موسوعة الخلق والنشوء]‪[7‬‬


‫] ُمقـــدمـــــة[‬
‫أحمد الله تعالى حمد الشاكرين وأتوب إليه وأستغفره‪،‬‬
‫أحمده تعالى حمد الشاكرين القانتين‪ ،‬وأشهد أن ل اله إل الله‬
‫وحده ل شريك له الحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا ً‬
‫أحد‪ ،‬وأصلي وأسّلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين‬
‫ي‬
‫دين‪ ،‬رب اغفر لي ولوالد ّ‬ ‫ومن سار على هديه إلى يوم ال ّ‬
‫ولساتذتي وأصحاب الفضل علي‪ ،‬وأنر قلبي واشرح لي صدري‪،‬‬
‫واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي‪ ،‬ووفقني لصالح العمال‪.‬‬
‫ن أساس العقيدة في السلم قائم على إعطاء الجوبة‬ ‫إ ّ‬
‫المقنعة لتساؤلت النسان عن أصل وحقيقة هذا الوجود‪ ،‬ويركز‬
‫على حقائق ثابتة أولها اليمان الراسخ بالله تعالى خالقا لهذا‬
‫الوجود ومسيرا ً له‪ ،‬مشترطا ً أن يكون هذا اليمان آتيا ً عن طريق‬
‫ن‬
‫العقل وإعماله بالتفكير المستنير ليصل النسان عن طريقه أ ّ‬
‫وراء تلك الموجودات الثلث ) الكون والحياة والنسان ( خالقا ً‬
‫ن لهذه الحياة الدنيا ما قبلها وهو الله تعالى‪،‬‬‫أوجدها من العدم وأ ّ‬
‫ن لها ما بعدها وهو يوم القيامة حيث يبعث النسان ليحاسب‬ ‫وأ ّ‬
‫على ما قدمت يداه كما أوجب السلم اليمان بمحمد صلى الله‬
‫عليه وسلم ورسالته والملئكة والّرسل جميعا ً ويوم القيامة والقدر‬
‫خيره وشره من الله تعالى‪.‬‬
‫أما الشيوعّية فهي مبدأ مبنــي علــى المــادة وليــس العقــل‪،‬‬
‫ن جميــع‬‫ن فكرتها الساسية والــتي تفرعــت عنهــا كــل أفكارهــا أ ّ‬
‫ل ّ‬
‫ن المـادة‬ ‫ّ‬ ‫وأ‬ ‫فقـط‪،‬‬ ‫مـادة‬ ‫هـي‬ ‫وإنسـان‬ ‫وحياة‬ ‫كون‬ ‫من‬ ‫الموجودات‬
‫ن الّتطور المادي تبعا لوســائل النتــاج هــو‬
‫هي أصل الموجودات وأ ّ‬
‫ً‬
‫المحــرك الفعلــي والوحيــد للمجتمــع وعلقــاته جميعـا‪ ،‬وأن المــادة‬
‫أزلية واجبة الوجود لم يخلقها خالق‪ ،‬وأن ليس للمادة ما قبلهــا ول‬
‫ي‪ ،‬فهم ينكرون فكـرة الخلـق وبالتالي وجود خــالق‬ ‫يوجد بعدها ش ْ‬
‫خلق الموجودات أي أنهم يرفضون الناحيــة‬

‫الروحية في الشــياء مــن كونهــا مخلوقــة لخــالق ويعتــبرون فكــرة‬


‫دين عندهم إنما هو‬ ‫الناحية الروحية خطرا ً على الحياة‪ ،‬وبالتالي فال ّ‬
‫أفيــون الشــعوب المخــدر لمــانيهم وتطلعــاتهم وهــو بالتــالي مــن‬
‫عوامل تخلف المجتمعات‪.‬‬

‫موسوعة الخلق والنشوء]‪[8‬‬


‫أما نظرتهم للفكر فهي مادية أيضا‪ ،‬إذ هو عندهم انعكاس‬
‫دماغ كما تنعكس الصورة على صفحة المرآة‪،‬‬ ‫للواقع على ال ّ‬
‫فالمادة عندهم هي أصل الفكر وأصل الحضارة‪ ،‬وهي أصل كل‬
‫شيء ومن تطورها المادي توجد الشياء ول بد‪ ،‬هذه هي حتمية‬
‫الّتطور عندهم‪.‬‬
‫لقد ضّلت الشيوعية الطريق لمصادمتها الفطرة التي ُ‬
‫جب ِ َ‬
‫ل‬
‫عليها النسان باعتمادها نظرية الّتطور المادي تبعا لوسائل النتاج‬
‫فأعمت نفسها عن حقيقة وجود خالق لهذا الكون‪ ،‬وأكثر ما رّوج‬
‫له الشيوعيون في دعم نظرياتهم حول إنكار الخلق كانت "‬
‫نظريـة داروين " تلك النظريـة التي وافقت ما روجوا له من إنكار‬
‫سقيمة أو ساهم‬ ‫الخلق‪ .‬ومع أن كثيرا ممن ابتدعوا تلك النظرية ال ّ‬
‫في نشرها والترويج لها قد كفر بها بعد أن أتاه اليقين واقتنع‬
‫دق‬‫ل شاذ وغريب ل زال يتش ّ‬ ‫بزيفها‪ ،‬إل أن نفرا ممن يستهويهم ك ّ‬
‫بها‪ ،‬لذا رأيت أن أقوم باستعراض تلك النظرية نقاشا ومناقشة‬
‫ونقضا وأن أبين صحة وحقيقة نظرة السلم حول الخلق‪.‬‬
‫لقد انهارت إمبراطورية الشيوعية وتفسخت أركانها لفساد‬
‫عقيدتها القائمة على اللحاد‪ ،‬فهي فكرة خيالية سقيمة ل تستند‬
‫جبل عليها النسان لجحودها‬ ‫إلى الواقع وتتصادم مع الفطرة التي ُ‬
‫وإنكارها وجود الخالق‪ ،‬فأي مبدأ هذا الذي ينهار بعد سبعين عاما‬
‫من محاولة فرضه وتطبيقه ؟ إنه الباطل الذي يحمل جذور فنائه‪،‬‬
‫لذا فليس من المستغرب أن ينهار هذا النظام وأن ينقلب رجاله‬
‫صف المعارض له المطالب بالجهاز عليه‪ ،‬فقد شهد‬ ‫ودعاته إلى ال ّ‬
‫العالم حديثا انهيار إمبراطورية الشيوعية المتمثلة بالتحاد‬
‫السوفييتي انهيارا منبئا بفشل ذريع إذ كان هذا النهيار ناجما عن‬
‫مصادمة الشيوعية لفطرة البشر وفساد وعقم أفكارها‪ ،‬ومن‬
‫الفكـــار‬

‫والعقائد الفاسدة تلك كان عقيدة الّتطور المادي وإنكار الخلق‬


‫اللذان هما الساس العقائدي عندهم‪.‬‬

‫موسوعة الخلق والنشوء]‪[9‬‬


‫ما المبدأ الرأسمالي الديموقراطي فهو والشيوعية‬ ‫أ ّ‬
‫صنوان‪ ،‬إذ هو مبدأ كفر ل يرتكز على اليمان بالله الخالق‪ ،‬لقد‬
‫كان الجدر أن يتهدم هذا النظام الفاشل لقيامه على عقيدة الكفر‬
‫قبل قرينه إل أن عمليات الترقيع والتجميل عملت على إطالة‬
‫عمره وإن غدا لناظره قريب‪ ،‬فسيشهد العالم قريبا إن شاء الله‬
‫انهيارا ثانيا سيدمر ويزيل كل إمبراطوريات الرأسمالية‬
‫الديموقراطية وزوال حضارتهم واندثارها ولعنة الناس كافة لها ِلما‬
‫جّرت عليهم من ويلت ونكبات وانقلب رجالها عليها وذلك لقيامها‬
‫على أفكار وعقائد فاسدة‪ ،‬ولعجزها عن موافقة الفطرة النسانية‪،‬‬
‫ولن ينسى البشر أن تلك النظمة كانت المغذي الناشر لكل فساد‬
‫سقيمة‪.‬‬‫في العالم بما في ذلك أفكار الّتطور ومعتقداته ال ّ‬
‫نعــم‪ ،‬ستزول أنظمة الديموقراطية الفاسدة وتندرس‬
‫وستصبح أثرا بعد عين لتفسح الطريق أمام نظام سماوي كامل‬
‫شامل موافق لفطرة النسان لقيامه على اليمان بالله تعالى‬
‫خالقا ومدبرًا‪ ،‬ويومها فقط ستعيش النسانية بالمن والستقرار‬
‫والطمأنينة‪.‬‬
‫كتب هذا البحث لول مّرة مختصرا قبل ثلثون سنة‬ ‫لقد ُ‬
‫ليقدم للجمعية السلمية في مخيم النصيرات بغزة‪ ،‬حيث نال‬
‫المرتبة الولى أمام البحاث المقدمة يومها‪ ،‬ومن يومها كنت‬
‫أراقب وأراجع كل ما استجد ّ من أبحاث في موضوع البحث فأرجع‬
‫للبحث أجري عليه التعديلت والضافات اللزمة على ضوء ما‬
‫استجد من مواضيع وأبحاث‪.‬‬
‫رحت تساؤلت عدة في موضوع حياة النسان‬ ‫لقـد ط ُ ِ‬
‫والتباين في وجهات النظر حوله بين الحكم الشرعي ورأي ال ّ‬
‫طب‪،‬‬
‫وحول حكم أجهزة النعاش الطبية الحديثة ورفعها بعد الحكم‬
‫بموت النسان طبيا خلفا لما يراه الحكم الشرعي بعـدم‬
‫موت النسان‪ ،‬وهل يعتبر رفعها في مثل تلك الحالة قتل ً ؟‬
‫وتساؤلت أخرى حول موضوع نقل العضاء والتبرع بها قبل أو بعد‬
‫الوفاة …‪ .‬كما استجد موضوع أطفال النابيب بعد أن تجاوز‬
‫الموضوع مرحلة الختبارات …‪ ..‬وأخيرا ً استجدت مسألة‬
‫الستنساخ البشري بعد أن نجح العلماء في مختبرات ) بي بي إل‬
‫تيرابوتيكس ‪ (B.B. L. Terabotix‬السكتلندية في أول عملية‬
‫استنساخ حيوان بالغ بإعلنهم ولدة النعجة "دللي" بطريق‬
‫الستنساخ ‪ ،‬ومن ثم تصريحات العالم المريكي )ريتشارد سيد(‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[10‬‬
‫تصميمه على بدأ العمل في حقل الستنساخ البشري والتوقعات‬
‫بنجاح ذلك‪.‬‬
‫دة اقتضتها ما‬‫م إجراء تعديلت وإضافات ع ّ‬ ‫لــذا فقد ت ّ‬
‫وسع في ذلك‪ ،‬فمن‬ ‫استجد من مواضيع‪ .‬وحسبي أني قد بذلت ال ُ‬
‫وقف معي عند هذا الحد فقد اكتفى‪ ،‬ومن طلب المزيد فالباب‬
‫شّرع ٌ أمامه‪ ،‬وعليه فقد قمت في نهاية الكتاب بتزويد القارئ‬ ‫م َ‬
‫ُ‬
‫بكشف حاوٍ لسماء المراجع التي اعتمدتها وتلك التي اعتمدها‬
‫غيري ممن سبقني إلى الكتابة في الموضوع‪ ،‬والتي يمكن لمن‬
‫وثق أو زيادة في الفائدة والتوسع‪.‬‬ ‫شاء الرجوع إليها رغبة في الت َ َ‬
‫مة‬
‫مد َع ّ َ‬
‫لقد آثرت في بحثي هذا أن تكون جميع مواضيعه ُ‬
‫بالدلة وموجزة في العبارة لتكون أبلغ في التأثير‪ ،‬وقد استدللت‬
‫بأقوال وآراء علماء الّتطور المادي المؤيدين لنظريات الّتطور‬
‫المادي المختلفة‪ ،‬وكذلك آراء المعارضين لها من العلماء‬
‫والمفكرين مثبتا آرائهم كما وردت في كتبهم وأبحاثهم بالتفصيل أو‬
‫بتصرف مني بالّنص حيث يقتضي المر ذلك‪ ،‬مشيرا لكل في‬
‫موضعه‪.‬‬
‫م‬
‫أما في البحاث المتعلقة بالفكر السلمي فقد ت ّ‬
‫ن عندي من‬ ‫س َ‬‫ح ُ‬
‫ح أو َ‬‫الستدلل بنصوص القرآن الكريم وما ص ّ‬
‫م آراء واجتهادات‬‫الحديث مستبعدا أي حديث ضعيف أو موضوع‪ ،‬ث ّ‬
‫ما حرفيا أو بتصرف‬ ‫وتفسيرات مشاهير الفقهاء والمفسرين‪ ،‬إ ّ‬
‫مني بالّنص حيث يقتضي المر ذلك مشيرا لكل في موضعه‪.‬‬

‫وإني إذ أتشرف بنشر بحثي المتواضع هذا وإخراجه من‬


‫محبسه فل أدعي لنفسي الفخر بالقيام بعمل فريد متميز‪ ،‬بل قد‬
‫قمت بجمع ونقل وترتيب آراء من سبقني إلى ذلك حيث لم أعثر‬
‫على بحث متكامل يفي هذا الموضوع الهام حقه باستكمال كافة‬
‫جوانبه مضيفا وجهة نظري المعتمدة وترجيحي الرأي الرجح في‬
‫كل موضوع حيث تناولت نقاش كافة وجهات الّنظر نقاشا هادفا‬
‫ونقض ما يحتاج منها إلى ذلك موصل ً القارئ إلى الرأي الرجح‬
‫والصح‪ ،‬فأتى الكتاب شامل ً وافيا ً خلفا ً لكل ما نشر في الموضوع‬
‫على ما أعلم‪.‬‬
‫لقد تم تصنيف مواضيع الكتاب من خلل خمسة أبواب‪ ،‬كل‬
‫دة فصول حسب ما يقتضيه طبيعة البحث‪.‬‬
‫باب منها يحوى ع ّ‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[11‬‬
‫لقد جرى تقسيم الباب الول وهو "نظريات الّتطور‬
‫المادي" إلى خمسة عشر فصل ً تبحث في الّتطور ومذاهبه وتاريخ‬
‫ومشاهير تلك المذاهب‪ ،‬وجرى فيه استعراض كافة المذاهب‬
‫الّتطورية علما ً بأنه قد جرى التركيز بصورة خاصة على مذهب "‬
‫داروين " وتفصيلته باعتباره أشهرها‪.‬‬
‫أما الباب الثاني وهو " نقض نظريات الّتطور المادي "‬
‫فقد جرى تقسيمه إلى خمسة فصول روعي فيه أن يكون شامل ً‬
‫مستعرضا ً آراء مشاهير العلماء في الموضوع‪.‬‬
‫أما الباب الثالث وهو " السلم وخلق النسان " فقد‬
‫جرى تقسيمه إلى ثلث فصول تناولت وجهة نظر السلم حول‬
‫خلق النسان‪ُ ،‬ركز فيها على نصوص القرآن الكريم المصدر الول‬
‫في الدلة الشرعية‪ ،‬كما حوى الفصل الثالث منها مواضيع‪ :‬خلق‬
‫سلم وخلق زوجته حواء‪ ،‬وخلق عيسى بن‬ ‫آدم أبو البشر عليه ال ّ‬
‫سلم‪ ،‬وقصة أصحاب الكهف والرقيم‪ ،‬وموضوع‬ ‫مريم عليه ال ّ‬
‫إعادة الحياة‪.‬‬
‫أما الباب الرابع وهو "عملية الحمل والولدة وتكون‬
‫النسان" فقد قسم إلى تسعة فصول تناولت مواضيع الزوجية‬
‫والتكوين والحمل والولدة وأطوار الحمـل‬
‫وكل ما يتعلق بخلق النسان حسب وجهة النظر السلمية‪ ،‬كما‬
‫ُأضيف إليه موضوع " من هو الصلح للبقاء " ردا ً على أشهر أسس‬
‫وقواعد نظريات الّتطور بالصراع لبقاء الصلح‪ ،‬كما أضيف إليه‬
‫موضوع نسب النسان مرفقا بالنماذج والمثلة‪.‬‬
‫ما الباب الخامس فقد جرى تقسيمه إلى فصلين‪:‬‬
‫أ ّ‬
‫سم‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫والذي‬ ‫"‬ ‫الغريزي‬ ‫والتمييز‬ ‫الفكري‬ ‫الدراك‬ ‫"‬ ‫الفصل‬
‫إلى ستة فروع تناولت مواضيع التفكير وطرقه‬ ‫الول‬
‫والتمييز الغريزي والفرق بينهما‪.‬‬
‫" الحياة والموت والحكام الشرعية المتعلقة بهما‬ ‫الفصل‬
‫" وقد قُ ّ‬
‫سم إلى ثمانية فروع تناولت مواضيع الحياة‬ ‫الثاني‬
‫والموت وأجهزة النعاش الطبية ونقل العضاء‬
‫وأطفال النابيب والستنساخ البشري والحكام‬
‫الشرعية المتعلقة بكل تلك المواضيع‪ ،‬علما بان كل‬
‫تلك المواضيع مرتبطة بموضوع الخلق والنشوء‬
‫لرتباطها الوثيق بنشوء النسان وحياته‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[12‬‬
‫لــذا فإ ّ‬
‫ن هذا الكتاب موجه لكل مهتم بمواضيع الخلق‬
‫والنشوء وبشكل خاص فهو موجه‪:‬‬
‫سماء وأعمل عقله‬ ‫ل من تقّلب وجهه في ال ّ‬‫إلى ك ّ‬ ‫‪‬‬
‫صل إلى‬ ‫النير في التفكر في الموجودات الكونية‪ ،‬فتو ّ‬
‫ن لكل تلك المخلوقات خالقا ً أوجدها من العدم‪.‬‬ ‫حقيقة أ ّ‬
‫وإلى كل من قصر عقله عن إدراك حقيقة هذه‬ ‫‪‬‬
‫الحياة الدنيا فكفر أو ألحد أو تشكك‬
‫وإلى كل من ل زال يبحث عن الحقيقة ليثبتها‬ ‫‪‬‬
‫ببرهان قاطع‪.‬‬
‫وإلى كل الباحثين عن الحقيقة بصدق وإخلص‬ ‫‪‬‬
‫ونزاهة‪.‬‬

‫علهم يجدون في كتابي هذا ضالتهم المنشودة‪ ،‬معينا ً لهم على‬


‫الوصول إلى الحق واليقين‪.‬‬

‫وسع في بحثي هذا ‪:‬‬


‫لقد بذلت ال ُ‬
‫ليكون الكافي لمن رغب في الحقيقة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وليكون المرشد لمن نشد ضالته‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وليكون الدليل لمن بحث عن أدلة توصله‬ ‫‪‬‬
‫وليكون الجواب الشافي لكل حائر أو متسائل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وليكون الموسوعة الشاملة لبحث لم أجد في‬ ‫‪‬‬
‫المكتبة كتاب أعطى هذا الموضوع حقه من كل الجوانب‪.‬‬
‫وليكون المنارة للمبحرين المخلصين السائرين إلى‬ ‫‪‬‬
‫الهدى بحزم وثبات‪ ،‬تنير لهم الطريق لتوصلهم إلى شاطئ‬
‫النور والسلمة‪.‬‬
‫فإن تحقق ما قصدت فالحمد والشكر لله تعالى وحده‪،‬‬
‫وإن خفي علي شئ أدى إلى نقص‪ ،‬فأدعو الله تعالى الصفح‬
‫والمغفرة وقد اقتضت حكمته تعالى استيلء النقص على كافة‬
‫البشر‪.‬‬

‫ن العمل وخير الثواب‪،‬‬‫س َ‬


‫ح ْ‬
‫والله تعالى أسأل ُ‬
‫والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[13‬‬
‫حاتم ناصر أحمد‬
‫ألشرباتي‬ ‫الول من شهر جمادى الولى سنة‬
‫صندوق بريد ]‪[370‬‬ ‫‪1424‬هـ‬
‫فاكس ‪02-2225837 :‬‬ ‫الول من شهر تموز سنة ‪2003‬م‬
‫الخليل – فلسطين‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[14‬‬
‫] للمبحرين‬
‫المخلصين منارة [‬
‫شعر جواد عبد‬
‫المحسن الهشلمون‬
‫ض‬‫مــا ض ـّر لــو كــان القريـ ـ ُ‬ ‫ب–‬ ‫أهـــدي – كزهـــرٍ طيـــ ٍ‬
‫دواة‬
‫فالزهُر َيذب ُ ُ‬ ‫ت‬
‫بعـ ِ‬‫أبيــــــــــــــــــــــــــــــا‬
‫مشوهٌ‬ ‫ل والنضار ُ‬ ‫ـد‬ ‫والشعر يبقــى الشــعر‬
‫ت‬‫ـــــــــــــــــــــــــــــا ِ‬ ‫رفـ‬
‫وقد زعموا بــأن الخــل ينــدر‬ ‫ــــي‬ ‫ت َُتصـــــارف العملت فـ‬
‫عنـــــــــــــــــــــــــــــــدما‬ ‫ت‬ ‫ـــــــــــــــــــــــا ِ‬
‫الطرقــ‬
‫فـالحب خيـر وســيلة يرجــى‬ ‫قلــوب‬ ‫نيــل المصــالح مــن‬
‫بهـــــــــــــــــــــــــــــــــــا‬
‫فـ ْ‬ ‫ت‬ ‫ثقــــــــــــــــــــــــــــــاـ ِ‬
‫ل‬ ‫قالوا‪ ..‬وإن قــالوا فل أح ِ‬ ‫ـي‬ ‫م ذات‬
‫ث ولــؤ ٌ‬ ‫فكلمهــم غـ ّ‬
‫بهــــــــــــــــــــــــــــــــــم‬
‫فالضوء يضفي لللــئ رهبــة‬ ‫والضـــيق يضـــفي للكـــرام‬
‫ت‬ ‫ســــــــــــــــــــــــــــما‬
‫ـــ ِ ْ‬ ‫ِ‬
‫والتبُر يبقى التبُر أنى وجدته‬ ‫ل‬ ‫والجــــود ُ يبقــــى أن تقـ‬
‫ت‬ ‫عــــــــــــــــــــــــــــثرا ِ‬ ‫َ‬
‫والـــود ّ يبقـــى الـــود ّ جســـٌر‬ ‫ـاتم‬ ‫ب كــل الحــب لحـ‬ ‫والح ـ ّ‬
‫ل‬‫واصــــــــــــــــــــــــــــــ ٌ‬ ‫الشـــــــــــــــــــــــــرباتي‬
‫ف قــد جمعــت‬ ‫اســم ووصــ ٌ‬ ‫م ‪ ...‬وبيــــت واســــع‬ ‫علــــ ٌ‬ ‫َ‬
‫وفـــــــــــــي الـــــــــــــذرا‬ ‫الغرفــــــــــــــــــــــــــات‬
‫لولك يا ذا الوفاُء فما تــرى‬ ‫ن اللــذات‬ ‫مـ َ‬‫في هذه الدنيا ِ‬
‫نظــر المحــب إلــى الحــبيب‬ ‫ت‬ ‫ن تغني عــن الكلمــا ِ‬ ‫والعي ُ‬
‫تشــــــــــــــــــــــــــــــوقا ً‬
‫ف يحيــا لــه‬‫ل يعيش لموق ـ ٍ‬ ‫ك ٌ‬ ‫مــا عــاش مــن راقــت لــه‬
‫ت‬
‫الظلمـــــــــــــــــــــــــا ِ‬
‫قــد ســار نحــو النــور يحفــر‬ ‫ت‬‫ب من العقبا ِ‬ ‫ما عاقه صع ٌ‬
‫مســـــــــــــــــــــــــــــلكا ً‬
‫ل كصــخرِ جام ـدٍ‬ ‫ما عاقه عق ٌ‬ ‫ت‬
‫فكــأنه النقــاش للصــخرا ِ‬
‫للـمبحرين المخلصين منارةٌ‬ ‫ت‬
‫للسائرين إلى الهدى بثبا ِ‬
‫ش مــن أجــل ) النــا (‬ ‫ما عا َ‬ ‫ه مــرآةِ‬
‫عقلـ ُ‬
‫ل َ‬ ‫في كل عقـ ٍ‬
‫فكــــــــــــــــــــــــــــــأنه‬
‫جيـــ ٌ‬
‫ل مـــن الشـــباب قـــد‬ ‫ت‬
‫ح الطرقـا ِ‬ ‫ي واضـ ُ‬‫فـذ ٌ أِبـ ٌ‬
‫شــــــــــــــهدوا لــــــــــــه‬
‫ه‬
‫شــــعر الوفـــــــاء أخطــــ ُ‬ ‫ب أو عل‬‫) الحـــــق نطلـــــ ُ‬
‫لمعلمــــــــــــــــــــــــــــي‬ ‫ت(‬
‫ِ‬ ‫الجنــــــــــــــــــــــــا‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[15‬‬
‫شــعري خفضــة أو‬ ‫مــا ضــّر ِ‬ ‫ق‬
‫مـــل َرونـــ َ‬ ‫فالشــــو ُ‬
‫ك ُيك ِ‬
‫َرفعــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫ت‬‫الزهـــــــــــــــــــــــــرا ِ‬
‫‪03/03/1995‬م‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[16‬‬
‫]‬
‫وإ‬
‫ن لكم في النعام لعبرة ً ُنسقيكم مما في‬ ‫ّ‬
‫بطونها ولكم فيها منافعُ كثيرة ٌ ومنها تأكلون‪،‬‬
‫]‪[1‬‬
‫وعليها وعلى الُفلك ُتحّملون [‬

‫‪ []1‬المؤمنون ]‪.[22-21‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[17‬‬
‫الباب الول‬
‫] نظريات التطور‬
‫المادي [‬
‫]‪ [1‬الّتطور‬
‫]‪ [2‬تاريخ المذاهب الّتطورية‬
‫]‪ [3‬أشهر المذاهب الّتطورية‬
‫]‪ [4‬داروين ونظريته حول خلق النسان‬
‫]‪ [5‬شجرة الحياء‬
‫الحياة‬ ‫]‪[6‬‬
‫]‪ [7‬تطور النسان‬
‫]‪ [8‬كيف نشأ النسان ؟‬
‫]‪ [9‬تاريخ تطور الحياة حتى ظهور‬
‫النسان وسيادته‬
‫عصور الّتقدم البشري الولى‬ ‫]‪[10‬‬
‫على هامش نظرية الّتطور‬ ‫]‪[11‬‬
‫والرتقاء المادي‬
‫عوامل الّتطور‬ ‫]‪[12‬‬
‫الخلق والصدفة العشوائية‬ ‫]‪[13‬‬
‫هل النسان من سللة القرود ؟‬ ‫]‪[14‬‬
‫النسان البدائي‬ ‫]‪[15‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[18‬‬
‫التطور‬ ‫الفصل الول‬

‫التطـــور ‪Evolution‬‬ ‫]‪[1‬‬

‫ن الّتطور يعني التحول أو النتقال من حال إلى حال‪ .‬جاء‬ ‫إ ّ‬


‫ّ‬
‫في "لسان العرب" ‪ ) -:‬الطور هو الّتارة – الحال – الحد بين‬
‫ألشيئين‪ ،‬والجمع أطوار‪ ،‬والطوار هي الحالت المختلفة والتارات‬
‫والحدود واحدها طور (]‪ ،[2‬وهو في عرف علماء التطور "التحول‬
‫من نوع حي إلى نوع حي آخر"‪.‬‬

‫أما جريدة " هوستن بوست ‪ " Houston Post‬فقد‬


‫عّرفت التطور التعريف التالي‪ " :‬أنه يعني ارتقاء الحياة من جهاز‬
‫عضوي ذي خلية واحدة إلى أعلى درجات الرتقاء‪ ،‬وهو بالتالي‪:‬‬
‫التغير الذي طرأ على النسان نتيجة حلقات من التغيرات العضوية‬
‫]‪[3‬‬
‫خلل مليين السنين‪".‬‬

‫ونظرية الّتطور ترتكز على ثلث قواعد رئيسية كما حددتها‬


‫"الموسوعة العالمية"‬

‫ن الكائنات الحّية تتبدل أشكالها جيل ً بعد جيل تبدل ً بطيئًا‪،‬‬


‫]‪ [1‬إ ّ‬
‫وتنتج في النهاية أنسال ً تتمتع بصفات غير صفات أسلفها‪.‬‬

‫‪ []1‬البحث منقول بتصرف عن كتاب ) خلق ل تطور ( ‪ -‬د‪ .‬إحسان حقي‪.‬‬


‫‪ []2‬لسان العرب – ابن منظور – مجلد ) ‪ ( 4‬صفحة ) ‪( 507‬‬
‫‪ []3‬خلق ل تطور‪ ،‬صفحه ) ‪ ،( 13‬نقل ً عن ‪Houston Post‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[19‬‬
‫سبب‬‫ن هذا الّتطور قديم ُوجد يوم ُوجدت الكائنات‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫]‪ [2‬إ ً‬
‫ل الكائنات الحّية من حيوان ونبات في هذا الكون‬‫في وجود ك ّ‬
‫]‪[1‬‬
‫وتلك التي انقرضت‪ ،‬وهذا هو "التناسخ ‪" Reincarnation‬‬
‫الذي تقول به بعض الديانات‪.‬‬
‫ن جميع الكائنات الحية من حيوان ونبات مرتبط بعضه‬‫]‪ [3‬إ ّ‬
‫ببعض ارتباط صلة وقرابة‪ ،‬وكلها تجتمع عند الجد العلى‬
‫]‪[2‬‬
‫للكائنات جميعا‪.‬‬

‫وفي وصف الّتطور يقول الكاتب " بلت ‪ " Platt‬قي‬


‫كتابه " نهر الحياة " ما يلي‪:‬‬
‫) حينما خرجت الكائنات الحّية لتعيش فوق اليابسة‬
‫انقلبت زعانفها أرجل ً وخياشيمها رئات وفلوسها جلودا ً‬
‫]‪[3‬‬
‫(‬
‫بقي أن نسأل‪ :‬هل يحدث الّتطور في عرفهم فجأة وبدون‬
‫مقدمات أم أنه يحتاج إلى زمن معين‪ ،‬وإن احتاج إلى زمن فما هو‬
‫الزمن اللزم للّتطور ؟‪ .‬ويجيب على هذا التساؤل "دوبز هنسكي"‬
‫الستاذ في جامعة كولومبيا في كتابه "الوراثة وأصل النواع" قائل‪ً:‬‬
‫ن الّتطور يحتاج إلى نحو ملياري سنة وإن هناك عوامل فاعلة‬ ‫)إ ّ‬
‫يمكن دراستها دراسة تجريبية (]‪.[4‬‬
‫يقول بعض علماء الّتطور القدامى –وهم قليل‪ -‬بأن هناك‬
‫خالقا ً هو الذي يحرك آلية الّتطور لكن أكثر علماء الّتطور وخاصة‬
‫دعون أن الحياة قد نشأت من مادة غير حّية‬ ‫غير القدامى منهم ي ّ‬
‫بدون أي تدخل الهي‪ ،‬أي أن المادة قد أوجدت نفسها بنفسها دون‬
‫وجود خالق أوجدها‪ ،‬ويقف في مقدمة من قال بذلك " سير جولين‬
‫هكسله " حيث يقول‪:‬‬

‫‪ []1‬التناسخ أو التقمص هو اليمــان بــأن النفــس البشــرية تتقمــص بعــد مــوت صــاحبها‬
‫جسدا ً آخر‪ ،‬سواء أكان هذا الجسد لنسان أو حيوان أو نبات‪ ،‬وبــذلك يكــون لهــا وجــود‬
‫جديد أو أكثر من وجود‪ .‬ومن أقدم من قال بالتناسخ الفيلسوف اليوناني " فيثــاغورس‬
‫" وبعض الديانات الشرقية كالهندوسية‪.‬‬
‫‪ [ ]2‬خلق ل تطور صفحه ) ‪ ( 14‬نقل ً عن‪:‬الموسوعة العالمية ‪ -‬طبعــة ‪World .1966‬‬
‫‪book encyclopedia‬‬
‫‪ [3]3‬المصدر السابق ‪ ،‬صفحه )‪ (14 – 13‬نقل عن‪Ruthe Ford Platt: Le Fleuve :‬‬
‫‪.de la vie‬‬
‫‪ [4]4‬المصدر السابق ‪ ،‬صفحه )‪ ، (14‬نقل عن‪T. Dobzhansky : Genetics and :‬‬
‫‪.the origin of Species‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[20‬‬
‫) إننبا نقبل كل أحداث الّتطور‪ ،‬وتطور الحيباة واقع‬
‫]‪[1‬‬
‫وليس نظريبة وهبو أساس أفكارنا (‬
‫لكن هذا القول لم ينفرد به "هكسله" بل هو رأي مجمع‬
‫عليه من كل العلماء المنادون بفكرة التطور المادي‪ ،‬فنفس‬
‫الفكرة لكن بألفاظ أخرى قد وردت في كتاب "علم الحياة لك"‬
‫حيث يقول‪:‬‬
‫)إن كل علماء الحياة المحترمين يقرون بأن تطور‬
‫]‪[2‬‬
‫الحياة على الرض أمر واقع(‬
‫وفي تصريح لمدير إحدى الجامعات المريكية معبرا ً فيه‬
‫عن رأي أكثرية الساتذة المنادين بالتطور ورد ما يلي‪:‬‬
‫) ل بدّ أن يكون المرء قد اعتمد على فكرة مسبقة‬
‫وتمسك بها حتى يجرؤ على أن يرفض الواقع‪ ،‬وإن كل‬
‫من يفحص أدلة الّتطور ل بدّ له من أن يعترف بأنها‬
‫]‪[3‬‬
‫واقع تاريخي (‬
‫كما أن فريقا من رحال الوكليروس يحملون نفس الرأي‬
‫ويدعون له‪ ،‬وفي ذلك كتبت جريدة " ميلوكي جورنال‬
‫‪) " Milwaukee Journal‬صّرح خوري كنيسة سان جاك‬
‫الكاثوليكية مؤيدا ً الّتطور بقوله‪ :‬ليس هناك ش ٌ‬
‫ك بأن الّتطور‬
‫]‪[4‬‬
‫حقيقة واقعة(‬

‫‪ Sir Julian Huxley [1]1‬من كبار علماء التطور‪ ،‬وكلمته المذكورة كان قد عبر فيها‬
‫عن آراء زملئه في الكلمة التي ألقاها في الذكرى المؤوية للداروينية واتي أقيمت في‬
‫شيكاغو سنة ‪.1959‬‬
‫‪ -‬خلـــق ل تطـــور صـــفحه ) ‪ : ( 15‬نقل عـــن جريـــدة " نيويـــورك تـــايمس " بتاريـــخ‬
‫‪. 29/11/1959‬‬
‫‪ [2]2‬المصدر السابق‪ ،‬نقل ً عن‪.B.F., B.B. Vance Miller – Biology for you :‬‬
‫‪ [3]3‬المصدر السابق نقل ً عن‪:‬جريدة " ‪ " New Orleans Times Picayune‬عدد‬
‫‪.1964 / 5 / 7‬‬
‫‪ [4]4‬المصدر السابق نقل عن جريدة‪.Milwaukee Journal :‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[21‬‬
‫لقد أصبحت فكرة الّتطور مقبولة بصورة عامة في أوساط‬
‫علماء الغرب‪ ،‬وذلك مما يمكن استنتاجه من أقواهم‪ ،‬ومن ذلك‬
‫على سبيل المثال قول أحد رواد الفضاء نتيجة تجاربه خارج‬
‫كبسولته‪ ،‬وقد علقت جريدة " نيويورك تايمس " المريكية في‬
‫افتتاحية عددها الصادر بتاريخ ‪ 1966 / 11 / 14‬على قوله بما‬
‫يلي‪:‬‬
‫ن كل ردود الفعل والغرائز المنطوية في أفكار‬ ‫)إ ّ‬
‫الناس وأجسامهم بفعل مليين السنين من الّتطور‬
‫العضوي الرضي قد أخضعت لتجربة قاسية بتعريضها‬
‫]‪[1‬‬
‫لوسط غريب ومختلف وأعني به الفضاء(‬
‫ويؤكد نقس القوال عالم تطوري شهير وهو "دوبز هنسكي‬
‫" حيث يقول في كتابه " الساس الحيوي لحرية النسان "‪ ) :‬لقد‬
‫ثبت بما ل يجعل مجال للشك حتى العقد الخير من القرن التاسع‬
‫]‪[2‬‬
‫عشر بأن الّتطور أمر واقع (‬
‫وبنـاء عليه فالّتطور في نظر القائلين به " وهم كثير " هو‬
‫طعن‬‫حقيقة حتمية ل نقاش فيها ول مجال لديهم للشك بها أو ال ّ‬
‫بصحتها‪ ،‬وذلك يقتضينا دراسة تلك الّنظرية بأدلتها ودراسة أقوال‬
‫وأدلة من نادى بها وأقوال وأدلة من عارضها‪ ،‬ومن ثم نحكم على‬
‫صة وأن غالبية وسائل العلم‬ ‫صحتها أو بطلنها على ضوء ذلك‪ ،‬خا ّ‬
‫في بلدنا تروج لها‪ ،‬كما أصبحت مادة من المواد التي تفرضها دول‬
‫المنطقة على طلبنا في المدارس والمعاهد والجامعات كجزء من‬
‫التوجيه الثقافي الذي تفرضه عليهم سفارات وأجهزة الـدول‬
‫الغربية بغطاء ما يسمى بالتعاون الثقافي‪ ،‬ويفرضه عليهم الكافر‬
‫المستعمر تثبيتا لستعماره الثقافي بواسطة مراكزه المتعددة‬
‫وأشهرها "اليونسكو" والتفاقات الثقافية وغيرها‪.‬‬

‫‪ [1]1‬المصدر السابق‪ ،‬صــفحه )‪ (16‬نقل عــن‪ :‬جريــدة "نيويــورك تــايمس" فــي عــددها‬
‫الصادر بتاريخ ‪14/11/1966‬‬
‫‪ [2]2‬المصدر السابق ‪ ،‬صفحه ) ‪ ( 17‬نقل عن ‪T. Dobzhansky , Genetics and :‬‬
‫‪the Origin of Species‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[22‬‬
‫تاريخ المذاهب‬ ‫الفصل الثاني‬
‫التطورية‬
‫]‪[1‬‬
‫تاريخ المذاهب التطورية‬
‫ن مذهب الّتطور بالنشوء والرتقاء هو مذهب قديم ترجع‬ ‫إ ّ‬
‫جذوره إلى آلف السنين‪ ،‬فقد ظهر أثره في أقوال علماء بابل‬
‫وأشور ومصر والغريق‪ ،‬وقد أبدى بعض فلسفة اليونان آراء‬
‫يمكن وصفها بأنها تطورية‪ ،‬إل أن أي من نظرياتهم لم ُتقبل إذ‬
‫ن النسان‬ ‫كانت نشازا ً بين الصوات المنادية لليمان وذلك نظرا ً ل ّ‬
‫مفطور على التدين الذي هو إحدى غرائزه الفطرية الرئيسية‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال فقد تطرق من الفلسفة اليونان لموضوع‬
‫الّتطور" اناكسمندر ‪ " Anaximander‬المولود سنة " ‪ 610‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ل من‬ ‫" قائل ً ‪ ) :‬أما النسـان فظهر بعد الحيوانات كلها ‪ ،‬ولم يخ ُ‬
‫التقلبات التي ظهرت عليه ‪ ،‬فخلق أول المر شنيع الصورة ناقص‬
‫]‪[2‬‬
‫التركيب ‪ ،‬وأخذ يتقلب إلى أن حصل على صورته الحاضرة (‬

‫وفكرة الّتطور هي فكرة مصاحبـة لفكرة الخلق التلقائي‬


‫ذاتي ‪Spontaneous) .‬‬ ‫أو الّتولد التلقائي أو التولد ال ّ‬
‫‪ (generation‬التي هي إحدى الّنظريات القديمة التي وضعت‬
‫قديما لتفسير أصل نشأت الكائنات الحّية وتقول بأن تلك الكائنات‬
‫قد نشأت من تفاعل بين مواد غير حّية ‪ .‬ويعود تاريخ جذور‬
‫العتقاد بالخلق التلقائي إلى العصور الغابرة‪ ،‬فأرسطو]‪ [3‬أشهر‬
‫الفلسفة الغريق كان يؤمن بالخلق التلقائي‪ ) ،‬فقد لحظ أن‬
‫فت‬‫صغار أنواع بعض السماك ظهرت في برك كانت مياهها قد ج ّ‬
‫تماما ‪ ،‬فاعتقد أن صغار تلك السماك تنشأ من قطرات الّندى‬
‫المتساقطة على أوراق‬

‫شجر‪ ،‬وينشأ بعض آخر منها من العشب الخضر والعشب الجاف‬ ‫ال ّ‬
‫]‪[4‬‬
‫أو من شعر الحيوانات أو من اللحم المتعفن أو من النفايات(‬
‫‪ [1]1‬في تاريخ المذاهب الّتطورية‪ ،‬وخاصة القــديم منهــا‪ ،‬يمكــن الســتزادة والســهاب‬
‫بالرجوع إلى المصادر التالية ‪ :‬من الغريق إلى داروين – اوزبورن * مقدمــة إســماعيل‬
‫مظهر على أصل النواع لداروين * خلق ل تطور – د‪ .‬إحسان حقــي * دائرة المعــارف‬
‫العربية للبستاني‪.‬‬
‫‪ [2]2‬دائرة المعارف العربية للبستاني‪.‬‬
‫‪ [3]3‬أرسطو ‪ Aristotle ( 384 – 322‬ق‪ (.‬هو الفيلسوف الغريقي الشهير‪.‬‬
‫‪ [1]4‬عــن كتـــاب "البيولوجيـــا" د‪ .‬عـــدنان بـــدران وآخريـــن – طباعـــة وزارة التربيـــة‬
‫والتعليم‪/‬عمان‪ – .‬وطباعة الضفة الغربية‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[23‬‬
‫ن مثل تلك المعتقدات قد استندت على ملحظات عابرة‬ ‫إ ّ‬
‫وغير دقيقة‪ ،‬إل أنه نظرا لمنزلة أرسطو بين علماء العصور‬
‫المظلمة كعالم ومعلم فقد ظّلت تعاليمه ونتاج أفكاره تسود خلل‬
‫م لعدة قرون بعد ما يسمى بعصر‬ ‫عهود العصور المظلمة ث ّ‬
‫ل العلماء يتعلمون وينقلون عن أرسطو أكثر مما‬ ‫الّنهضة‪ .‬لقد ظ ّ‬
‫يحصلون عليه من تجاربهم واستنتاجاتهم العقلية‪ ،‬فقد كانت‬
‫الملحظة المباشرة والتجارب الخاصة وإعمال العقول في الّتفكر‬
‫من الموجودات الّنادرة في تلك العصور‪ ،‬إذ كان السائد بينهم‬
‫النبهار والّنقل بل تدبر عمن كان في نظرهم من المشاهير‬
‫وكمثال عليه ننقل ما كتبه العالم فان هيلمونت ‪Van Helmont‬‬
‫في كتاب ُنشر له عام ‪ 1652‬متأثرا ً بمقولة أرسطو النفة الذكر‪:‬‬
‫) إنك إذا وضعت بعضا ً من حبوب الحنطة مع قميص قذر في‬
‫ن فئرانا ً تنشأ من تفاعل حبوب القمح مع القذر العالق‬ ‫وعاء‪ ،‬فإ ّ‬
‫]‪[1‬‬
‫بالقميص(‬

‫كما أن العتقاد كان سائدا عن نشأة يرقات الحشرات في‬


‫اللحم المتعفن‪ ،‬مما أدى بالتالي إلى العتقاد بالخلق التلقائي‪،‬‬
‫حيث أتى بعد ذلك من أثبت بالدليل فساد تلك الّترهات‪ ،‬وكان‬
‫منهم الطبيب اليطالي "فرانسيسكو ريدي ‪ " F. Redi‬الذي بدت‬
‫له تلك المعتقدات غير مقبولة‪ ،‬فقرر أن يختبر المر بنفسه‪ ،‬فقام‬
‫بسلسلة من التجارب على لحوم وأسماك وحيات ميتة داخل‬
‫دوارق زجاجية مكشوفة وأخرى مغطاة ‪ ،‬وبعد إخضاعها لعدة‬
‫تجارب خرج بنتائج تجاربه التي نشرها‪ ،‬ومفادها‪) :‬انبه بعبد أن‬
‫نشبأت الحيوانات والنباتات الولى على أرضنا فإن‬
‫جميع الكائنات‬

‫الخرى نشأت عن طريق الّتكاثر‪ ،‬ولم يعد هناك خلق‬


‫تلقائي(]‪ [2‬إل أن ريدي لم يتطرق إلى أصل النشأة الولى‬
‫للكائنات كما يوحي بذلك ما نشره‪.‬‬

‫أما العالم البيولوجي "لويس باستور " ‪Louis Pasteur‬‬


‫‪ ((1822 – 1859‬وفي أثناء تجاربه وبحوثه المنصبة على محاولة‬
‫دراسة عملية التخمر وعلقة ذلك بالبكتيريا وتكاثرها بغرض‬
‫‪ [2]1‬عن كتاب "البيولوجيا–علم الحياة" د‪ .‬عدنان بدران وآخرين‪ ،‬طباعة ومقــرر وزارة‬
‫التربية والتعليم–عمان‪.‬‬
‫الصفحات )‪(93 – 92‬‬
‫‪ [1]2‬المصدر السابق – الصفحات ) ‪( 97 – 95‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[24‬‬
‫استنباط طريقة لمنع الحليب وغيره من السوائل من الّتعرض‬
‫للفساد‪ ،‬خرج بإثبات قاطع بفساد مقولة الخلق التلقائي مثبتا أن‬
‫كل المخلوقات بل استثناء قد ُوجدت بطريقة خلق مباشر‬
‫ومتقصد‪ ،‬ونتيجة ذلك فقد قام بالدعوة إلى اليمان بوجود خالق‬
‫ن قوانين التكاثر‬
‫خلق الموجودات جميعا من العدم كما وس ّ‬
‫]‪[1‬‬
‫والتناسل وألزم المخلوقات به‪.‬‬

‫لقد أصبح تأييد نظرية الخلق التلقائي محصور في قلة‬


‫قليلة من الّناس‪ ،‬إذ أصبح من الثابت غير المطعون به أن كل‬
‫النباتات والحيوانات ل تنشـأ إل بطريقة واحدة هي الّتناسل‬
‫سنة الوحيدة للنشـوء‪ .‬وفي القرون الوسطي‬ ‫والتكاثر الذي هو ال ّ‬
‫وجدت كتابات في "علم الحيوان" احتوى بعضها على وصفات‬
‫لبداع مخلوقات من الجماد مثل الذباب والنمل وحتى الفئران‪،‬‬
‫كما أن كثير من الناس وبعض علماء البيولوجيا كانوا يعتقدون أن‬
‫نوعا من أنواع الوز ينشأ من حيوان قشري ذي صدفتين‪ 2.‬كما‬
‫]‪[3‬‬
‫كان يشاع في كثير من بلد العالم عن وجود شجرة تنتج خرافا‪.‬‬
‫ويحاول مؤيدي فكرة الّتطور المادي الستناد إلى ما جاء في‬
‫"رسائل إخوان الصفا" حيث جاء في إحدى رسائلهم ‪:‬‬

‫ما النخل فهو آخر مرتبة الحيوان مما يلي‬


‫) … وأ ّ‬
‫الحيوانية‪ ،‬وذلك أن النخل نبات حيواني لن بعض أحواله‬
‫]‪[4‬‬
‫وأفعاله مباين لحوال الحيوان وأن كان جسمه نباتا(‬

‫ويستطردون في نفس الّرسالة‪:‬‬


‫) … وفي النبات نوع آخر فعله أيضا فعل الّنفس‬
‫الحيوانية وإن كان جسمه نباتيا وهو " الكشون " وذلك‬
‫أن هذا الّنوع في الّنبات ليس له أصل ثابت في الرض‬
‫كما يكون لسائر النبات وليس له أوراق كأوراقها‪ ،‬بل‬
‫يلتف على الشجار والزروع والبقول والحشائش‬
‫]‪[5‬‬
‫ويمتص من رطوبتها‪ ،‬ويتغذى كما يفعل الدود (‬

‫‪ [2]1‬المصدر السابق – ارجع إلى الصفحات ) ‪.( 101 – 90‬‬


‫‪ [3]2‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ [4]3‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ [1]4‬رسائل إخوان الصفا – الرسالة العاشــرة – طبعــة بومبــاي‪ .‬مجلــد ) ‪ ( 4‬صــفحة )‬
‫‪ ( 282‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ [2]5‬المصدر السابق‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[25‬‬
‫وهم يستدلون بذلك على أن المشابهة بين حالت في‬
‫النبات وحالت في الحيوان قد يجوز اعتبارها خطوة تخطوها‬
‫صور الحّية في سبيل دور انقلبي من النشوء والّتطور تتحول به‬ ‫ال ّ‬
‫صور الحيوان والنبات‪ .‬ويستدل التطوريين العرب من رسائل‬
‫إخوان الصفا أنهم كانوا من المنادين بنظرية النشوء والتطور لما‬
‫توحي به الفقرة التالية من شرح للنقلب ألنشوئي‪:‬‬
‫) … إن أدنى الحيوان وأنقصه هو الذي ليس له إل‬
‫سة واحدة وهو الحلزون‪ ،‬وهو دودة في جوف أنبوبة‬ ‫حا ّ‬
‫نبتت في تلك الصخور التي تكون في سواحل البحار‬
‫وشطوط النهار وليس لها سمع ول بصر ول شم ول‬
‫ذوق إل اللمس فحسب … لن الحكمة اللهية لم تعط‬
‫جّر المنفعة أو دفع‬
‫ت َ‬
‫الحيوان عضو ل يحتاج إليه في وق ِ‬
‫المضّرة … فهذا النوع حيواني نباتي‪ ،‬لنه ينبت كما‬
‫ينبت بعض النبات ومن أجل أنه ليس له إل حاسة واحدة‬
‫سة هي التي‬‫فهو أنقص عن الحيوان رتبة‪ ،‬وتلك الحا ّ‬
‫س اللمس‬‫يشاركه الّنبات فيها وذلك أن النبات لم ح ُ‬
‫]‪[1‬‬
‫فحسب‪(.‬‬

‫ومن تحليلهم لتلك العبارة خلصوا إلى استنتاجات لها في‬


‫صة‬
‫شأن الكبر والمهم في مذاهب التكوين والّنشوء‪ ،‬خا ّ‬ ‫نظرهم ال ّ‬
‫ّ‬
‫وأن علماء الّتطور يذكرون في الحلزون فقدانه كل الحواس عدى‬
‫سة اللمس التي يشترك بها ك ّ‬
‫ل من الحيوان والنبات حقائق‬ ‫حا ّ‬
‫يثبنها علم الحيوان والتاريخ الطبيعي وهو من استدللتهم على‬
‫صفات العامة ومؤيدا ً‬
‫اشتراك بعض الحيوان والنبات في بعض ال ّ‬
‫لما ورد في الفصل الرابع من كتاب داروين "أصل النواع" في‬
‫صفا يسمون‬ ‫موضوع "النتخاب الطبيعي" في حين أن إخوان ال ّ‬
‫]‪[2‬‬

‫تلك الظاهرة كما ورد في الّنص السابق " حكمة إلهية "وداروين‬
‫يطلق عليها "انتخابا ً طبيعيًا" ‪.‬‬

‫ويستندون كذلك إلى أقوال وردت في كتب " ابن مسكوية‬


‫وهي " الفوز الصغر" و" تهذيب الخلق " ‪ .‬كما يأولون بعض‬ ‫]‪[3‬‬
‫"‬

‫‪ [3]1‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ [1]2‬داروين – أصــل النــواع – ترجمــة إســماعيل مظهــر – الفصــل الرابــع " النتخــاب‬
‫الطبيعي "‪ .‬الصفحات )‪ ( 280 – 213‬طباعة مكتبة النهضة – بيروت وبغداد‪ .‬ويسمى‬
‫فيما بعد " المرجع "‪.‬‬
‫‪ [2]3‬هو العلمة‪ :‬أبي علي أحمد بن محمــد بـن مســكويه الخــازن المتــوفى ســنة ‪421‬‬
‫هجرية‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[26‬‬
‫ما ورد في " مقدمة ابن خلدون " بتأويلت يذهبون بها إلى أن كل‬
‫الكاتبين كانا ممن حمل فكرة " النشوء والرتقاء " ودعى لها‪ ،‬كما‬
‫يذهبون في ذلك نفس المذهب في استعرضهم لكتاب الجاحظ‬
‫"الحيوان"‪ ،‬أمـــا " أبو علي أحمد بن محمد بن مسكويه الخازن "‬
‫المتوفى عام ‪ 421‬هـ فيقول في كتابه" الفوز الصغر " ‪:‬‬
‫ن أول أثر ظهر في عالمنا هذا نحو المركز بعد‬ ‫)إ ّ‬
‫امتزاج العناصر الولى أثر حركة الّنفس في النبات ‪،‬‬
‫وذلك أنه تميز عن الجماد بالحركة والغتذاء وللنبات في‬
‫قبول الثر غرضا ً كبيرا ً …‪ .‬إن مرتبة النبات الولى في‬
‫قبول هذا الثر الشريف هو لما نجم من الرض ولم‬
‫يحتج إلى بذور ولم يحفظ نوعه ببذر كأنواع الحشائش ‪،‬‬
‫وذلك أنه في أفق الجماد ‪ ،‬والفرق بينهما هو هذا القدر‬
‫اليسير من الحركة الضعيفة في قبول أثر الّنفس(‪.‬‬

‫والنباتات المقصودة في هذا القول هي "الفطريات" أي‬


‫النباتات التي تتكاثر بانقسام الخليا الجرثومية التي يقول فيها‬
‫َ‬
‫علماء النبات في عصرنا هذا أنها قسم عظيم من أقسام العالم‬
‫طحالب وغيرها من النباتات البسيطة‬ ‫النباتي تحتوي الفطريات وال ّ‬
‫التركيب وهي " الثالوسيـات " والتي تدعى أيضا ً " المشريات‬
‫والبارضيات ‪ " Thallophytic‬وهي كما صنفها علماء النبات‬
‫شعبـة من النباتات تشمل أكثر أشكال الحياة النباتية بدائية وتضم‬
‫الشّنة أو الطحالب والفطور التي لجذور لها ول سوق ول أوراق‪،‬‬
‫إذ هي جسم نباتي بسيط غير متخّلق العضاء وتتركب من خلّية‬
‫واحدة أو من جرم من الخليا المتصلة ‪.‬‬
‫ويستطرد ابن مسكويه قائل ً ‪ … ) :‬ول يزال هذا الثر يقوى‬
‫وة‬
‫شرف والمرتبة إلى أن يصير له من الق ّ‬ ‫في نبات آخر يليه في ال ّ‬
‫في الحركة بحيث يتفّرع وينبسط ويتشّعب ويحفظ نوعه بالبذور‬
‫ويظهر فيه أثر الحكمة أكثر مما يظهر في الول‪ ،‬ول يزال هذا‬
‫المعنى يزداد شئ بعد شئ إلى أن يصير إلى الشـجر الذي له‬
‫سـاق وورق وثمر يحفظ نوعه ‪ ،‬وغراس يضعونها بها حسب حاجته‬
‫إليها ‪ ،‬وهذا هو الوسط من المنازل الثلث ( ويقصد بهذا مرتبة‬
‫ن أول‬ ‫الحشائش والعشاب‪ .‬ويستطرد الكاتب قائل ً ‪ ) :‬إل أ ّ‬
‫هذه المرتبة متصل بما قبله وواقع في أفقه ‪ ،‬وهوما‬
‫شجر على الجبال وفي البراري المنقطعة‬ ‫كان من ال ّ‬
‫وفي الغياض وجزائر البحار ول يحتاج إلى غرس بل‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[27‬‬
‫ينبت لذاته وإن يحفظ نوعه بالبذور‪ ،‬وهو ثقيل الحركة‬
‫بطئ الّنشوء (‬

‫ما المرتبة الثالثة ‪) :‬ثم يتدّرج في هذه المرتبة ويقوى الثر فيه‬‫أ ّ‬
‫‪ ،‬ويظهر شرفه على ما دونه حتى ينتهي إلى الشجار الكريمة‬
‫التي تحتاج إلى عناية من استطابه الّتربة إلى استعذاب الماء‬
‫والهواء لعتدال مزاجها وإلى صيانة ثمرها كالزيتون والُرمان‬
‫والسفرجل والتفاح والتين وأشباهها(‪ .‬ومقصد ابن مسكويه بذلك‬
‫"النباتات كاسيات البذور من مرتبة ذوات الفلقتين" حسب‬
‫ً‬
‫التقسيم الذي يجريه النباتيون الن‪ .‬ثم يتدرج بعد ذلك قائل‪) :‬إذا‬
‫انتهى إلى ذلك – أي النبات – صار في الفق العلى‬
‫من النبات‪ ،‬وصار بحيث إذا زاد قبوله لهذا الثر لم يبق له من‬
‫صورة النبات‪ ،‬وقَب ِ َ‬
‫ل حينئذ ٍ صورة الحيوان( ‪.‬‬

‫بعد استطراد ابن مسكويه في مراتب النبات يأتي لذكر"‬


‫النخل " ذاكرا ً حالت الّتشابه التي ذكرها "إخوان الصفا" والتي َ‬
‫مّر‬
‫ذكرها إلى أن يصل إلى حركة النبات النقلبية إلى الحيوان حيث‬
‫ن هذه المرتبة الخيرة من النبات وإن كانت في شرفه‬ ‫يقول ‪) :‬إ ّ‬
‫خسها وأول ما‬‫فإنها لول أفق الحيوان وهي أدنى مرتبة فيه وأ َ‬
‫يرقى النبات في منزلته الخيرة ويتمّيز بها عن مرتبته الولى‪ ،‬هو‬
‫أن ينقلع من الرض ول يحتاج لثبات عروقه فيها بما يحصل له من‬
‫الّتصرف بالحركة الختيارية‪ ،‬وهذه المرتبة الولى من الحيوان‬
‫ضعيفة لضعف أثر الحس فيها‪ ،‬وإنما يظهر فيها بجهة واحدة أعني‬
‫حسا ً واحدا ً هو الحس العام الذي يقال له حس اللمس كما في‬
‫دف وأنواع الحلزون الذي يوجد على شواطئ النهار وسواحل‬ ‫ص َ‬
‫ال ّ‬
‫البحار(‪.‬‬

‫كان هذا هو وصف لمراتب انتقال النبات من مرتبـة إلى‬


‫أخرى كما يراها "ابن مسكويه" مطابقا لما ذكره ُدعاة الّتطور‬
‫والنشوء من نشوء النبات من الجماد ونشوء الحيوان من النبات‬
‫ونشوء النسـان من الحيوان‪ ،‬مستطردا ً إلى النسان الناشئ من‬
‫آخر سلسلة البهائم‪ ،‬حيث يقول في مراتب تدرج النسان ‪:‬‬
‫)مراتب القرود وأشباهها من الحيوان الذي قارب النسان في‬
‫خلقة النسانية وليس بينها إل اليسير الذي إذا تجاوزه صار‬
‫إنسانًا(‪ .‬ويوضح تسلسله للُرتب من الحيوانية إلى النسانية قائل ً‬
‫في كتابه الثاني "تهذيب الخلق" ‪:‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[28‬‬
‫) … ثم يصير من هذه المرتبة]‪ [1‬إلى مرتبة الحيوان الذي يحاكي‬
‫النسان من تلقاء نفسه من غير تعليم كالقرود وما أشبهها ‪ ،‬وتبلغ‬
‫من ذكائها أن تستكفي من التأديب بأن ترى النسان يعمل عمل ً‬
‫فتعمل مثله من غير أن تحوج النسان إلى تعب بهـا‬

‫ل زيادة‬‫ورياضة لها‪ ،‬وهذه غاية أفق الحيوان الذي تجاوزها وَقَب ِ َ‬


‫يسيره خرج منها عن أفقه وصار في أفق النسان الذي يقبل‬
‫صور التي تلئمها‪،‬‬ ‫العقل التمييز والُنطق واللت التي يستعملها وال ّ‬
‫فإذا بلغ هذه المرتبة تحّرك إلى المعارف واشتاق إلى العلوم‬
‫وحدثت له قوى وملكات ومواهب من الله عز وجل يقتدر بها على‬
‫الترقي والمعان في هذه المرتبة كما كان ذلك في المراتب‬
‫الخرى التي ذكرناها‪ ،‬وأول هذه المراتب من الفق النساني‬
‫المتصل بآخر ذلك الفق الحيواني‪ ،‬مراتب الّناس الذين يسكنون‬
‫في أقاصي المعمورة من المم التي ل تتميز عن القرود إل بمرتبة‬
‫يسيرة‪ ،‬ثم تتزايد فيهم قوة التمييز والفهم إلى أن يصيروا إلى‬
‫أواسط القاليم‪ ،‬فيحدث فيهم الذكاء وسرعة الفهم والقبول‬
‫للفضائل‪ ،‬وإلى هذا الوضع ينتهي فعل الطبيعة التي وكلها الله عز‬
‫وجل بالمحسوسات(‬

‫هذا بعض ما ورد في كتب "ابن مسكوية" والتي يستشهد‬


‫بها دعاة الّتطور على قدم مذهبهم ‪ ،‬والملحظ أن ابن مسكويه‬
‫أيضا وكذلك "إخوان الصفا" يردون حدوث هذا التطور من‬
‫المراتب النباتية إلى الحيوانية ومن ثم إلى صورة النسان إلى‬
‫قوانين وسنن فرضها الله تعالى على المخلوقات وألزمها الّتطور‬
‫في نطاقها‪ ،‬فل يردون ذلك إلى الصدفة العشوائية ول إلى الخلق‬
‫التلقائي‪.‬‬

‫وأما استشهادهم بأقوال " ابن خلدون " فلما جاء في كتابه‬
‫" مقدمة ابن خلدون " وبالتحديد لما ورد في المقدمة الثالثة منه‬
‫في المعتدل من القاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر‬
‫والكثير من أحوالهم ‪ ،‬وهذا نصه ‪:‬‬

‫) وقد توهم بعض النسابين ممن ل علم لديه بطبائع الكائنات أن‬
‫سواد لدعوة كانت‬ ‫السودان وهم ولد حام بن نوح‪ ،‬اختصوا بلون ال ّ‬
‫عليه من أبيه ظهر أثرها في لونه وفيما جعل الله الّرق في عقبه‪،‬‬

‫‪ [1]1‬المقصود هنا مرتبة الحيوانات الــتي فــي نظــره لــم تعــط الفهــم وقــوته إل النــذر‬
‫اليسير وهي قبل مرتبة القرود التي أعطيت من قوة الفهم أكثر منها‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[29‬‬
‫وينقلون في ذلك خرافات من القصص‪ ،‬ودعاء نوح على ابنه حام‬
‫سواد ‪ ،‬وإنما دعا عليه بـأن‬
‫قد وقع في التـوراة وليس فيه ذكر ال ّ‬

‫يكون ولده عبيدا لولد أخوته ل غير ‪ .‬وفي القول بنسبة السودان‬
‫إلى حام]‪ [1‬غفلة عن طبيعة الحر والبرد وأثرهما في الهواء وبما‬
‫يتكون فيه من الحيوانات ‪ ،‬وذلك أن هذا اللون شمل أهل القليم‬
‫الول والثاني من مزاج هوائهم للحرارة المتضاعفة في الجنوب ‪،‬‬
‫شمس تسامت رؤسهم مّرتين في كل سنة قريبة إحداهما‬ ‫فإن ال ّ‬
‫من الخرى فتطول المساتمة عامة الفصول ‪ ،‬فيكثر الضوء لجلها‬
‫]‪[2‬‬
‫ويلح القيظ الشديد وتسود جلودهم لفراط الحر‪(.‬‬
‫فيستدلون من ذلك موافقة بين مذهبهم وبين رأي ابن‬
‫خلدون إذ يتقولون أنه يرى ما يرون من أثر تأثير الطبيعة في‬
‫الحياء‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه " لمارك " الذي اعتبر أن العادة تغير‬
‫من صفات العضويات بمثل ما يغير الطقس ‪ ،‬وهذا القول هو من‬
‫النظريات الولية التي بنى عليها " لمارك " مذهبه في النشوء ‪.‬‬

‫أما في المقدمة الّرابعة من كتابه في أثر الهواء في أخلق‬


‫البشر فيقول ‪) :‬ولما كان السودان ساكنين في القليم الحار‬
‫واستولى الحر على أمزجتهم وفي أصل تكوينهم كان في أرواحهم‬
‫من الحرارة على نسبة أبدانهم وأقليمهم ‪ ،‬فتكون أرواحهم‬
‫بالقياس إلى ٍأرواح أهل القليم الرابع أشد حرا ً فتكون أشد‬
‫تفشيا ‪ ،‬فتكون أسرع فرحا ً وسرورا ً وأكثر انبساطا ويجئ الطيش‬
‫على أثر هده ‪.‬وكذلك يلحق بهم قليل أهل البلد البحرية ‪ ،‬لما كان‬
‫هوائها متضاعف الحرارة بما ينعكس عليه أضواء بسيط البحر‬
‫وأشعته كانت حصتهم من توابع الحرارة في الفرح والخفة أكثر‬
‫]‪[3‬‬
‫من بلد التلول والجبال الباردة(‬

‫‪ [1]1‬ينسب القلقشندي الشهير بابن غدة في كتابه " سبائك الذهب في معرفــة قبــائل‬
‫العرب " صفحة )‪ (12‬إلى حام بن نوح أنــه أبــو الســودان بجميــع أجناســهم – الحبشــة‬
‫والنوبة والزنج ‪ -‬ويقول‪ :‬وكان حام حسن الصورة بهي الــوجه فغيــر اللــه لــونه وألــوان‬
‫ذريته من اجل دعوة أبيه لنه دعا عليه بتسويد الــوجه وســواد ذريتــه وأن يكــون أولده‬
‫عبيدا ً لولد سام ويافت …‪..‬‬
‫‪ [2]2‬مقدمة ابن خلدون – سلسلة كتاب التحرير ‪ -‬طبعة ‪ 1376‬هـ ‪ 1966 /‬م صفحة )‬
‫‪( 76‬‬
‫‪ [3]3‬المرجع السابق صفحة ) ‪( 78‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[30‬‬
‫أما في مقدمته الخامسة والتي تبحث في أثر اختلف أحوال‬
‫العمران في الخصب والجوع فيقول ‪) :‬وتجد مع ذلك هؤلء‬
‫الفاقدين للحبوب والدم من أهل القفار أحسن حال ً في جسومهم‬
‫من أهل التلل المنغمسين في العيش‪ ،‬فألوانهم أصفى وأبدانهم‬
‫أنقى وإشكالهم أتم وأحسـن وأخلقهم أبعد عن النحراف‬
‫]‪[1‬‬
‫وأذهانهم أثقب في المعارف والدراكات‪(.‬‬

‫فيقارنون بين هذا وبين أثر التحولت التي تعتمد عليها بعض‬
‫نظريات النشوء‪ ،‬زاعمين أنها من أقوى السباب في استحداث‬
‫الضروب التي تحدث في النواع بمضيها متدرجـة في قبول تلك‬
‫الصفـات حال ً بعد حال‪ .‬وأتى مطابقا ً لما يقولـه " أندورايت‬
‫‪ " ANDREWNIT‬من احتمال أن يكون لتغاير الغذية أثر في تغاير‬
‫الشكال الظاهرة في الحيوانات ما جاء في ختام المقدمة‬
‫الخامسة حيث يقول ‪) :‬ومن تأثير الغذية في البدان ما ذكره أهل‬
‫الفلحة وشاهده أهل التجربة أن الدجاج إذا غذيت بالحبوب‬
‫المطبوخة في بعر البل واتخذ بيضها ثم حضنت عليه جاء الدجاج‬
‫منها أعظم ما يكون‪ ،‬وقد يستغنون عن تغذيتها وطبخ الحبوب‬
‫بطرح ذلك البعر مع البيض المحضن فيجئ دجاجها في غاية‬
‫العظم‪ ،‬وأمثال ذلك كثير‪ ،‬فادا رأينا هده الثار من الغذية في‬
‫البدان فل شك أن للجوع أيضا ً آثارا ً على البدان‪ ،‬لن الضدين‬
‫على نسبة واحدة في التأثير وعدمه‪ ،‬فيكون تأثير الجوع في نقاء‬
‫البدان من الزيادات الفاسدة والرطوبات المختلفة المخلة‬
‫بالجسم والعقل كما كان الغداء مؤثرا في وجود دلك الجسم‪،‬‬
‫]‪[2‬‬
‫والله محيط بعلمه‪(.‬‬

‫أما في مقدمته السادسة فيقول في "تفسير حقيقة النبوة"‬


‫‪) :‬ثم أنظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم‬
‫الحيوان على هيئة بديعة من التدريج ‪ ......‬آخر أفق المعادن‬
‫متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش وما ل بذر له‪ ،‬وآخـر أفـق‬
‫النبات مثل النخل والكرم مّتصل بأول أفق الحيـوان مثل الحلـزون‬
‫والصدف ولم يوجد لهما إل قوة اللمس فقط‪ .‬ومعنى التصال في‬
‫ن آخر كل أفق منها مستعد ٌ بالستعداد القريب لن‬‫هذه الكائنات أ ّ‬
‫يصير أول أفق الذي بعده‪ ،‬واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه‪،‬‬
‫وانتهى في تدريج الّتكوين إلى النسان صاحب الفكر والّروية‪،‬‬

‫‪ [1]1‬المرجع السابق صفحة ) ‪( 79‬‬


‫‪ [2]2‬المرجع السابق صفحة ) ‪( 82‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[31‬‬
‫ترتفع إليه من عالم القردة]‪ [1‬الذي اجتمع فيه الحس والدراك‪،‬‬
‫ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل‪ ،‬وكان ذلك في أول أفق‬
‫النسان بعده‪ ،‬وهذا غاية شهودنا‪(.‬‬

‫كان هذا بعض ما ورد في "مقدمة بن خلدون" مما يعتبره‬


‫دعاة التطور غير بعيد عما ذكره داروين في ملخصه التاريخي‬
‫الذي وضعه لكتابه‪ .‬أما "الجاحظ" فقد أورد في كتابه "الحيوان"‬
‫مشاهدات يعتبرها باحثوهم من مقومات مذهب النشـوء‪ ،‬منها ما‬
‫قاله في التلقح وتزاوج الضروب وإنتاج النسال الجديدة‪ ،‬حيث‬
‫قال في فصل "باب القول في الجعلن والخنافس" ما يلي ‪:‬‬
‫)والجعل يظل دهرا ً ل جناح له ثم ينبت له جناحان كالنمل الذي‬
‫يغبر دهرا ً ل جناح له ثم ينبت له جناحان وذلك عند هلكته‪،‬‬
‫والدعاميص قد تغبر حينا ً بل أجنحة‪ ،‬ثم تصير فراشا ً وبعوضًا‪،‬‬
‫وليس كذلك الجراد والذبان‪ ،‬لن أجنحتها تنبت على مقدار من‬
‫العمر ومرور اليام‪ ،‬وزعم ثمامة عن يحيى بن خالد أن البرغوث‬
‫قد يستحيل بعوضة‪ ،‬والجعل يحرس النيام فكلما قام منهم قائم‬
‫]‪[2‬‬
‫فمضى لحاجته تبعه طمعا ً في أنه إنما يريد الغائط‪(.‬‬

‫ويرجع دعاة فكرة النشوء إلى "القزويني"]‪ [3‬صاحب كتاب‬


‫"عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" حيث يستدلون لتأييد ما‬
‫يدعون إليه بما جاء في صفحة )‪ (241‬من كتابه ‪) :‬فأول مراتب‬
‫هذه الكائنات تراب وآخرها نفس ملكية طاهرة‪ ،‬فإن المعادن‬
‫متصلة أولها بالتراب أو الماء وآخرها بالنبات‪ ،‬والنبات متصل‬

‫أوله بالمعادن وآخره بالحيوان‪ ،‬والحيوان متصل أوله بالنبات‬


‫وآخره بالنسان‪ ،‬والنفوس النسانية متصلة أولها بالحيوان وآخرها‬
‫]‪[4‬‬
‫بالنفوس الملكية‪ ،‬والله تعالى أعلم بالصواب‪(.‬‬

‫أما ما هو نوع هذا التصال فالفقرة التي سبقتها في نفس‬


‫سر بجلء تام ووضوح أن ما قصده القزويني لم يكن‬ ‫الموضوع تف ّ‬
‫أبدا ً كما أولوه وفسروه حيث يقول‪ ...) :‬وأنها مّتصلة بعضها‬
‫ببعض بترتيب عجيب ونظام بديع تعالى صانعها عما يقول‬
‫‪ [1]1‬هكذا وردت في نسخة " كتاب التحرير "‪ .‬وفي نسخة د‪ .‬علي عبد الواحــد وافــي‪.‬‬
‫إل أنها وردت في نسخة الطبعة الميرية صفحة )‪) - (80‬عالم القدرة(‪.‬‬
‫‪ [2]2‬كتاب " الحيوان " للجاحظ‪ .‬دار صعب – بيروت‪ .‬جزء ) ‪ ( 3‬صفحة ) ‪.( 591‬‬
‫‪ [3]3‬زكريا بن محمد بن محمود القزويني ) ‪.( ."682 – 600‬صاحب كتــاب " عجـائب‬
‫المخلوقات وغرائب الموجودات " ‪.‬‬
‫‪ [1]4‬عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات‪" .‬القزويني" طبعة دار الفاق الجديــدة –‬
‫بيروت‪ .‬صفحة )‪(241‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[32‬‬
‫الظالمون والجاحدون علوا ً كبيرًا‪ [1](.‬وربما يكون ما جاء في نفس‬
‫الكتاب بعنوان "في النبات" ما يكون أوضح في إبعاد القزويني‬
‫سفه حيث يقول‪:‬‬ ‫عما يصفوه به من الهرطقة والكفر وال ّ‬
‫)النبات متوسط بين المعادن والحيوان‪ ،‬بمعنى خارج‬
‫عن نقصان الجمادية الصرفة التي للمعادن وغير واصل‬
‫إلى كامل الحسن والحركة اللتين إختص بهما الحيوان‪،‬‬
‫لكنه يشارك الحيوان في بعض المور لن الباري تعالى‬
‫يخلق لكل شئ من اللت ما يحتاج إليهما في بقاء ذاته‬
‫ونوعه‪ ،‬وما زاد على ذلك تكون ثقل ً وكل ً عليه ل يخلفه‪،‬‬
‫]‪[2‬‬
‫ول حاجة للنبات للحس والحركة بخلف الحيوان‪(.‬‬

‫ن أشهر وأقدم نظريات النشوء بالتطور الحديثة كانت‬


‫إ ّ‬
‫نظرية العالم النجليزي "ايراسموس داروين ‪Erasmus‬‬
‫‪ "Darwin‬وهو جد صاحب نظرية التطور الشهيرة والذائعة الصيت‬
‫"تشارلس داروين ‪ ،"Charles Darwin‬ثم نظرية "كونت بوفون‬
‫‪ "Conte De Buffoon‬وكان ملخص النظريتين ما يلي ‪) :‬إن‬
‫وجـود نباتات أو حيوانات تحت تأثير وسط معين يكسبها صفات‬
‫جديدة‪ ،‬وهذه الصفة تنتقل إلى نسليهما فتحدث انقلبات هي‬
‫عوامل التطور‪(.‬‬

‫ثم تبعهم العالم الطبيعي الفرنسي "جان باتيست لمارك‬


‫‪ "Jean Baptiste Lamark‬الذي نشر كتابا ً في تأييد نظرية وراثة‬
‫]‪[3‬‬
‫الصفات المكتسبة مشترطا ً وجود ضرورات كوسيلة للتطور‪.‬‬
‫وبعد ذلك ظهر أستاذ علم الحياة اللماني "اوغست وايزمن‬
‫‪ "Augest Weissma‬حيث حاول الوصول إلى نتيجة التطور‬
‫بطريق الصفات المكتسبة‪ ،‬فحاول تربية فئران بل ذنب بعد ان‬
‫]‪[4‬‬
‫قطع أذناب فئرانا ً قبل تلقحها ‪(.....‬‬
‫إن العلماء المختصين استنادا لتحقيقاتهم العلمية وبعد‬
‫إعمالهم عقولهم في تجاربهم‪ ،‬قد رفضوا وبصورة قاطعة نظرية‬
‫التحول الوراثي للصفات المكتسبة‪ ،‬وأثبتوا فسادها بالدلة العلمية‪،‬‬

‫‪ [2]1‬المصدر السابق‪ .‬صفحة )‪.(241‬‬


‫‪ [3]2‬المصدر السابق‪ .‬صفحة )‪.(281‬‬
‫‪.Jean Batiste De Mont: chevalier de Lamark [1]3‬‬
‫‪ [2]4‬يمكن الرجوع إلى الرد على تلك الطريقــة إلــى كتــاب " علــم الحيــاة " المطبــوع‬
‫سنة ‪ 1966‬م‪.‬‬
‫‪Milltown, Mark, A. Hall S. Lesser: Review text in Biology.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[33‬‬
‫إل أن تلك النظرية لم تتلشى تماما ً بالرغم من تحول الكثير عنها‬
‫وقيامهم بنقضها ومهاجمتها‪ ،‬فقد بقي لها أنصار ومؤيدون ودعاة‪،‬‬
‫منهم من حمل النظرية على علتها‪ ،‬ومنهم من طفق يدعمها بأدلة‬
‫ومنهم من حاول إدخال التحسينات عليها مع البقاء على أصلها‪.‬‬
‫لقد أثار العالم الكيميائي السويدي "سفانت آرهينوس‬
‫‪ " Savante Arrthenius‬نظريته أن أصل الحياة قد أتى من‬
‫الفضاء الخارجي )‪ (Panspermia‬بطريق إنتقال وحدات شبه‬
‫جرثومية من كوكب إلى آخر عن طريق الضغط الشعاعي‪ ،‬وقد‬
‫ُنظر إلى تلك النظرية أنها قد تأثرت بقصص الخيال العلمية وأنه‬
‫ليس لها أدلة تدعمها‪ ،‬وأنها هرطقة‪ ،‬لذا فلم ترد تلك النظرية في‬
‫ً ]‪[1‬‬
‫سياق التسلسل التاريخي للمذاهب التطورية إل نادرا‪.‬‬

‫أما "هيلر ‪ (Heller " (1772–1844‬وهو عالم فرنسي‬


‫وصاحب النظرية الحاملة لسمه فتقول نظريته بأن النواع‬
‫المختلفة من الكائنات الحّية تنشأ استجابة لظروف البيئة فظروف‬
‫البيئة تتغير باستمرار مما يسبب تغيرات في الكائنات الحّية‪ ،‬فإذا‬
‫كانت التغيرات ملئمة للبيئة فإن الفراد تعيش وتتكاثر مكونة نوعا ً‬
‫جديدا ً وإذا كانت التغيرات غير ملئمة فإن أفراد هذا النوع تهلك‬
‫]‪[2‬‬
‫وتنقرض‪(.‬‬

‫أمـا في روسيا فقد ظهـر فيهـا العـالم الـبيولوجي الروسـي‬


‫"ايفـــان فــــلديميروفيتش ميتشـــورين ‪Ivan Vladimirovich‬‬
‫‪ (Michorin" (1855–1935‬والــذي رفــض قــانون الوراثــة الــذي‬
‫وضــعه الراهــب "منــدل ‪ [3]" Mendel‬ووضــع مــذهبا ً فــي التطــور‬
‫العضــوي ســمي "الميتشــورينية ‪ "Michurinism‬نســبة لــه‪ ،‬وهــو‬
‫مذهب في التطور العضــوي تعتــبر شــكل ً مــن أشــكال اللماركيــة‪،‬‬
‫]‪[4‬‬
‫والذي يقول بأن الصفات المكتسبة تنتقل بالوراثــة إلــى الذريــة‪.‬‬
‫وظهر بعده في روسيا من أتباع اللماركية العالم الــبيولوجي "تــرو‬
‫فيــم دينبــوفيتش ليســينكو "‪Trofim Denisovich Lysenko‬‬
‫‪ [3]1‬جولدزبي – البيولوجيا‪ .‬جزء )‪ (1‬صفحة )‪(11-10‬‬
‫‪ [1]2‬المصدر السابق‪ .‬صفحة ) ‪.( 123‬‬
‫‪ [2]3‬غر يغور جوهان مندل ‪ (Gregory Johann Mendel (1822 – 1884‬راهب‬
‫وعالم نبات نمساوي‪ ،‬يعد مؤسس علم الوراثة )‪ (genetics‬أجــرى فــي حديقــة الــدير‬
‫الذي يقيم فيه تجارب علـى نبـاتي البـازيل والفـول أدت إلـى اكتشـافه قواعـد الوراثـة‬
‫الساسية والتي يطلق عليها اسم )قوانين مندل( أو )المندلية( )‪.( Mendel's Laws‬‬
‫‪ [3]4‬موسوعة المورد العربية – المجلد الثاني – صفحة ) ‪.( 1182‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[34‬‬
‫‪ ((1898–1976‬والذي عمل بتشجيع من ستالين على إنتاج أنماط‬
‫جديدة من المحاصيل في فترة شكى التحاد السوفييتي خللها من‬
‫أزمة خطيرة فــي النتــاج الزراعــي )‪ (1929–1927‬فوضــع مــذهبا‬
‫ب إليه إذ أطلق عليه اســم "الليســينكورية‬ ‫في التطور العضوي ُنس َ‬
‫‪ " Lysenkorism‬وهو مــذهب فــي التطــور العضــوي وضــعه عــام‬
‫ل "الميتشورينية“ والمذهب يقــوم‬ ‫‪ ،1930‬ويعتبر امتدادا ً وتطويرا ً ًٍ‬
‫على إنكــار وجــود المورثــات )‪ (Genes‬والهرمونــات النباتيــة ودور‬
‫الصــبغيات )‪ (Chromosomes‬المتخصــص‪ ،‬ويقـــوم علــى قاعــدة‬
‫أساسية هـي الوحدة بين المتعضي )‪(Organism‬‬

‫سهم فيما نــدعوه الوراثــة‬ ‫وبيئته‪ ،‬مؤكدا ً أن جميع أجزاء المتعضي ت ُ ْ‬


‫]‪[1‬‬
‫وأن في إمكان البيئة أن تتحكم في هذه الوراثة‪.‬‬

‫لقد كتب الستاذ "دوديسـويل ‪ "Dowd swell‬في كتابه‬


‫"آلية التطور" المطبوع سنة ‪) :1960‬إن آخر جديد في النظرية‬
‫اللماركية]‪ [2‬هو ما جرى في روسيا سنة ‪ 1948‬تحت إشراف‬
‫الستاذ ليسينكو حيث استبعدت تلك النظرية من الميدان العلمي‪،‬‬
‫ولكن استبعادها جرى على أسباب عقدية "أيدلوجية" أكثر من‬
‫كونها علمية(]‪ [3‬ثم أعقبت مجلة " تايم ‪ "Time‬ذاكرة الخبر التالي‬
‫في عددها الصادر في تشرين ثاني سنة ‪ 1965‬ما يلي‪) :‬إن‬
‫الستاذ ليسينكو أعفي من منصبه‪ ،‬وأن الشيوعيون أيضا ً رفضوا‬
‫هذه النظرية علميًا‪ ،‬لن الوراثة تحددها "المولدات" وهذه تبقى‬
‫ثابتة خلل الكائن الحي مدى حياته( والمولدات أو "المضادات‬
‫‪ "Antigens‬هي البروتينيات التي ينتجها الجسم في حال تسرب‬
‫الجسام الغريبة إليه ‪ ،‬وتدعى أيضا ً "الجسام المضادة ‪Antibody‬‬
‫]‪[4‬‬
‫" وهي تتميز بقدرتها على جعل الجسام الغريبة عديمة الضرر‪.‬‬

‫إل أن كل المذهبين "الميتشورينيـة والليسينكووية" يصنفان‬


‫ضمن قائمة المدرسة اللماركية التي يطلقون عليها حديثا ً اسم‬
‫حد ََثة ‪ "Neo Lamamrkism‬وهي كل تلك‬ ‫م ْ‬
‫"اللماركية ال ُ‬
‫النظريات التي نشأت عن اللماركية في الشطر الخير من القرن‬
‫التاسع عشر والتي تعتمد على التأكيد على أثر البيئة المباشر في‬
‫التطـور العضوي للحيوانات والنباتات ‪ .‬ومن أبرز دعاة تلك‬
‫‪ [1]1‬المصدر السابق‪ .‬صفحة ) ‪.( 1054‬‬
‫‪ [2]2‬اللماركية نسبة إلى عالم النبــات "لمــارك ‪ "Lamark‬القــائل بــالتحول الفجــائي‪،‬‬
‫وهو صاحب كتاب )فلسفة الحيوان(‪.‬‬
‫‪.W.H. Dowdesweell: The mechanism of Evolution [3]3‬‬
‫‪ [4]4‬موسوعة المورد العربية‪ .‬مجلد ) ‪ ( 1‬صفحة ) ‪.( 388‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[35‬‬
‫النظرية "الفريد ماتيو جيبـار ‪ (Giard" (1846-1908‬في فرنسـا‬
‫و "إدوارد دينكر كوب ‪ (Cope" (1840–1897‬في الوليات‬
‫]‪[1‬‬
‫المتحدة المريكية‪.‬‬
‫*******‬
‫لقد وضع "هيربرت سبنسر ‪ " Herbert Spenser‬السس‬
‫والبراهين المرتكزة عليها قواعد نظرية النشوء والرتقاء في‬
‫أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬مؤكدا ً أن قانون الرتقاء عامة ينحصر‬
‫في التغاير من حال الّتجانس التركيبي إلى التنافر فيه‪ ،‬وتلك‬
‫النظرية هي نفس "نظرية داروين" إل أن النظرية قد نسبت إلى‬
‫"شارلس روبرت وارنج داروين ‪ "Charles Darwin‬المولود‬
‫سنة ‪ 1809‬والمتوفى سنة ‪ 1882‬وأخذت اسمه‪ ،‬فداروين كان‬
‫أشهر وأجرأ من تكلم بها وكتب عنها‪ ،‬وكان أشهر الكتب التي‬
‫اشتهرت في ذلك هو كتابه "أصل النواع ‪The Origin of‬‬
‫‪ " Species‬الذي ظهر سنة ‪1859‬م‪.‬‬
‫بعد أن نشر داروين كتابه المذكور‪ ،‬نشر بعده عدة كتب في‬
‫التطور والنباتات‪ ،‬وفكر أن يطبق نظريته على النسان‪ ،‬فأكب‬
‫على المعلومات التي استجمعها يرتبها ويجمع بينها‪ ،‬ويستخلص‬
‫منها النتائج التي قد يستطيع أن يثبت منها أن النسان ناشئ من‬
‫صورة دنيا هي اقرب إلى القردة العليا منها إلى أي صورة من‬
‫صور الحياء‪ .‬وقد فرغ من كتابة فصول كتابه الجديد في ثلث‬
‫سنوات‪ ،‬ونشره في شباط سنة ‪1871‬م‪ ،‬أي بعد ‪ 13‬عاما ً من‬
‫نشر كتابه الول "اصل النواع" فكان الكتاب الثاني "نشوء‬
‫النسان ‪." Evolution of Man‬‬
‫لقد ثارت عاصفة هوجاء حول الكتابين‪ ،‬وجرى معارضة‬
‫ونقض الفكار التي حوتها كتب داروين من قبل علماء وباحثين‪ ،‬إل‬
‫أنه بعد داروين والعاصفة التي ثارت حول نظريته نشر" اوزبورن‬
‫‪" Osborn‬كتابه المعروف" من الغريق إلى داروين ‪From the‬‬
‫‪ " Yreeks to Darwin‬شارحا ً تأريخ تدرج الفكر في التأمل في‬
‫تطور الشياء‪ ،‬محاول ً البرهنة على خطأ نظرية "الخلق المسـتقل‬
‫‪ ،"Sjecal Creation‬واثبات نظرية داروين القائلة بتطور‬
‫المخلوقات )‪.(Evolution‬‬

‫إل أّنه حتى داروين الذي اشـتهرت النظرية باسـمه لم يكن‬


‫أول من حاول البحث في نفـس الموضوع‪ ،‬ولم يكن مبتدعا ً‬

‫‪ [1]1‬المصدر السابق ‪ .‬مجلد ) ‪ ( 2‬صفحة ) ‪( 1025‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[36‬‬
‫لنظرية جديدة ‪ ،‬فقد سـبقه العالم الفرنـسي "كونت بوفون‬
‫‪ "Conte de Buffoon‬الذي كان أول من كتب في الموضوع‬
‫بأسلوب علمي‪ ،‬وقد تبعه "لمارك ‪ " Lamark‬سنة )‪1809‬م( أي‬
‫قبل ظهور كتاب داروين بخمسين سنه‪ ،‬وكان قد نشر كتابه‬
‫"فلسفة الحيوان" ثم أتبعه كتاب "تأريخ الفقاريات الطبيـعي" فأيد‬
‫في كل الكتابين نظرية أن النواع جميعًا– بما فيها النسـان–‬
‫كز في بحوثه أن ضروب التحول في‬ ‫ناشـئة من أنواع أخر‪ ،‬ور ّ‬
‫العالم العضوي وغيره ناشـئ عن سـنن طبيعية صرفة‪ ،‬وتوالى بعد‬
‫ذلك العلماء والباحثين متجهين نفـس التجاه‪ ،‬وكان أشـهرهم قبل‬
‫ظهور داروين‪:‬‬

‫جفروي‬ ‫‪0‬‬
‫‪A.G. Sant Lieer‬‬ ‫‪1795‬‬
‫سانتيلير‬ ‫‪1‬‬
‫‪0‬‬
‫‪D. Wills‬‬ ‫‪1813‬‬ ‫د‪ .‬ويلز‬
‫‪2‬‬
‫‪0‬‬
‫‪W. Heirbert‬‬ ‫‪1822‬‬ ‫وليم هيربرت‬
‫‪3‬‬
‫‪0‬‬
‫‪Grant‬‬ ‫‪1826‬‬ ‫جرانت‬
‫‪4‬‬
‫‪0‬‬
‫‪Partik Matio‬‬ ‫‪1831‬‬ ‫باتريك ماتيو‬
‫‪5‬‬
‫فون بوخ‬ ‫‪0‬‬
‫‪V. B. Leopold‬‬ ‫‪1836‬‬
‫ليوبولد‬ ‫‪6‬‬
‫‪0‬‬
‫‪Von Baer‬‬ ‫‪1837‬‬ ‫فون باير‬
‫‪7‬‬
‫دوماليوس‬ ‫‪0‬‬
‫‪Domallius Daliwah‬‬ ‫‪1846‬‬
‫دالوى‬ ‫‪8‬‬
‫‪0‬‬
‫‪Richard Owen‬‬ ‫‪1849‬‬ ‫رتشارد أوين‬
‫‪9‬‬
‫هيربرت‬ ‫‪1‬‬
‫‪Heirbert Spinser‬‬ ‫‪1858‬‬
‫سبينسر‬ ‫‪0‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Sir Josef Dalton Hooker‬‬ ‫‪1859‬‬ ‫هوكر‬
‫‪1‬‬
‫حتى ظهر داروين بكتابيه‪ :‬الول سنة ‪ ،1859‬والثاني سنة ‪،1871‬‬
‫فكان ظهور داروين ونظريته أكثر ما شاع وأجرأه‪ ،‬إذ حاول إثبات‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[37‬‬
‫فكرة التطور وإخراجها إلى حيز النظريات‪ ،‬لبذا فقد نسبت‬
‫النظرية له واشتهرت باسمه ‪.‬‬
‫*******‬
‫لم يكن داروين ونظريته آخر المطاف‪ ،‬بل لقد حمل الفكرة‬
‫فلسفة وعلماء وأدباء كثيرون بعده ورّوجوا لها في كتبهم وفي‬
‫محاضراتهم وفي جميع وسائل العلم‪ ،‬كان منهم " البروفيسـور‬
‫ماندير ‪ " A.E. Maunder‬الذي يعلق على نظرية التطور‬
‫العضوي قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫)لقد ثبت صدق هذه النظرية حتى أننا نستطيع أن‬
‫نعتبرها أقرب شئ إلى الحقيقة(]‪ [1‬أما العالم التطوري‬
‫الشهير " جورج سبمبسون ‪"Gaylord Simpson‬‬
‫فيقول ‪) :‬إن نظرية النشبوء والرتقاء حقيقة ثابتة‬
‫أخيرا ً وكليًا‪ ،‬وليسبت بقياس أو فرض بديل صيغ للبحث‬
‫]‪[2‬‬
‫العلمي(‬
‫أما محرر "دائرة المعارف البريطانيـة" فيعتقد أن نظريـة‬
‫الرتقاء في الحيوان حقيقة‪ ،‬وأن هذه النظرية قد حظيت بموافقة‬
‫]‪[3‬‬
‫عامة بين العلماء والمثقفين بعد داروين‪.‬‬
‫أما " ر‪ .‬س‪ .‬ليل ‪ " R.S.Lille‬فيدلي برأيه قائل ً ‪) :‬ظّلت‬
‫نظرية الرتقاء تحصل على تأييد متزايد يوما بعد يوم بعد داروين‬
‫حتى أنه لم يبق شك لدى المفكرين والعلماء في أن هذه هي‬
‫سر عملية الخلق‬ ‫الوسـيلة المنطقية الوحيدة التي تستطيع أن تف ّ‬
‫]‪[4‬‬
‫وتشرحها(‬
‫ب "سير آرثر كيت" الذي يعتبر محاميا ً متحمسا ً‬ ‫ولقد بلغ ِ‬
‫للنظرية وأحد أبرز الشخصيات الداعية لها‪ ،‬أّنه لم يعتبرها مجرد‬
‫ملحظة أو نظرية أو تسلسل منطقي‪ ،‬بل لقد اعتبرها عقيدة حيث‬
‫يقول ‪) :‬ان نظرية الرتقاء هي عقيدة أساسية في المذهب‬
‫العقلي(]‪ [5‬وهو إذ يفسر إيمانه بتلك العقيدة يعترف بأنها عقيدة بل‬
‫دافعة لعتناقها ‪:‬‬ ‫أدلة ول براهين!!! ملمحا ً إلى السباب الخفية ال ّ‬
‫)إن نظرية النشوء والرتقاء ل زالت بدون براهين وستظل كذلك‪،‬‬
‫والسبب الوحيد الذي في أننا نؤمن بها هو آن البديل الوحيد‬
‫السلم يتحدى‪ ،‬صفحه ) ‪ ،( 49‬نقل ً عن ‪Ibid , P : 113 :‬‬ ‫‪[1]1‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬نقل عن‪.Meaning of Evolution.p.127 :‬‬ ‫‪[2]2‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬نقل عن‪ :‬دائرة المعارف البريطانية ) ‪.( 1958‬‬ ‫‪[3]3‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬نقل عن‪Organic Evolution. 15:‬‬ ‫‪[4]4‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬نقل عن‪Revolt against reason P: 112 :‬‬ ‫‪[1]5‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[38‬‬
‫الممكن لها هو اليمان بالخلق المباشر‪ ،‬وهذا غير وارد على‬
‫]‪[1‬‬
‫الطلق(‬

‫هكسبلي‬‫أما الدارويني الملحد " جوليان ُ‬


‫‪ " J.Huxley‬فيقول عن النظرية ‪:‬‬
‫)هكذا يضع علم الحياة النسان في مركز مماثل لما أنعم‬
‫عليه كسيد للمخلوقات كما تقول الديان‪ .....‬من المسلم به أن‬
‫النسان في الوقت الحاضر سيد المخلوقات ولكن قد تحل محله‬
‫القطة أو الفأر(]‪ [2‬وهو يزعم بأن النسان قد اختلق فكرة "الله"‬
‫إبان عصر عجزه وجهله‪ ،‬أما الن فقد تعلم وسيطر على الطبيعة‬
‫بنفسه ولم يعد بحاجة إليه‪ ،‬فهو العابد والمعبود في آن واحد‪ ،‬إلى‬
‫أن يقول ‪) :‬بعد نظرية داروين لم يعد النسان يستطيع تجنب‬
‫ً ]‪[3‬‬
‫اعتبار نفسه حيوانا(‬
‫أما "د‪ .‬هـ‪ .‬سكوت" المشهور كدارويني شديد الّتعصب‬
‫فيقول ‪) :‬إن نظرية النشوء جاءت لتبقى‪ ،‬وليمكن أن نتخلى عنها‬
‫]‪[4‬‬
‫ولو أصبحت عمل ً من أعمال العتقاد(‬

‫أما الفيلسوف الملحد الشهير "برتراند راسل ‪Bertrand‬‬


‫‪ " Russell‬فيشيد بالثر الدارويني مركزا ً على الناحية الميكانيكية‬
‫ن الذي فعله جـاليلي ونيوتن من أجل‬ ‫في النظرية‪ ،‬حيث يقول ‪) :‬إ ّ‬
‫]‪[5‬‬
‫الفلك فعله داروين من أجل علم الحياة(‬
‫*******‬
‫خَر لنشـر نظريات التطور عمومًا‪ ،‬ونظريــــة‬ ‫سـ ِ‬
‫لقد ُ‬
‫داروين تحديدًا‪ ،‬معظم وســائل العلم العالمية‪ ،‬وُنشر حولها‬
‫العديد من المقالت والبحاث في الجرائد والمجلت والكتب‬
‫والموســوعات‪ ،‬وقام بتدريسها أساتذة المدارس والمعاهد‬
‫جت لها الجرائد والمجلت والذاعات وكل وسـائل‬ ‫والجامعات‪ ،‬وَروَ َ‬
‫العلم‪ ،‬وتبنى شـرحها كثير من الساتذة والعلماء في شـرق‬
‫العالم وغربه على السواء‪ ،‬فانتشرت في أوروبا وانتقلت بعدها‬
‫س في كثير من‬ ‫إلى جميع بقاع العالم‪ ،‬وما زالت تلك النظرية ت ُد ََر َ‬

‫‪ [2]1‬الموسوعة الميسرة في الديان والمذاهب المعاصرة‪ .‬صفحة ) ‪( 211‬‬


‫‪ [3]2‬المصدر السابق‪ .‬صفحة ) ‪( 211‬‬
‫‪ [4]3‬المصدر السابق ‪ .‬صفحة ) ‪( 212‬‬
‫‪ [5]4‬المصدر السابق‪ .‬صفحة ) ‪( 212‬‬
‫‪ [1]5‬المصدر السابق‪ .‬صفحة ) ‪( 212‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[39‬‬
‫دت أتباعا ً لها في العالم‬
‫ج َ‬
‫الجامعات العالمية‪ ،‬كما أنها قد وَ َ‬
‫الســلمي من الذين تربوا وتثقفوا تربية وثقافة غربية حيث‬
‫درسوا في جامعات أوروبية وأمريكية‪ ،‬وبالخص "جامعة‬
‫السوربون" الفرنسية‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[40‬‬
‫أشهر المذاهب‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التطورية‬

‫أشهر المذاهب التطورية‬


‫ن أشهر من إقترن اسمه بفكرة التطور العضوي هو "‬ ‫إ ّ‬
‫تشـارلس داروين ‪ " Charles Darwin‬إل أنه وكما أسلفنا في‬
‫الفصل السابق لم يكن أول من ابتدع الفكرة‪ ،‬بل لقد سبقه إلى‬
‫ذلك كثير من علماء الغريق القدمين‪ ،‬مثل " أناكسيماندر‬
‫‪ " Anaximander‬و "أمـبيدوكلـس ‪ " Ampedocles‬و‬
‫"أرسطو ‪ ." Aristole‬كما أن النظريات التطورية الحديثة تختلف‬
‫إحداها عن الخرى في المضمون وأحيانا ً تتضارب‪ ،‬وأشهر‬
‫المذاهب التطورية هي ‪:‬‬
‫"‪ "1‬نظرية "لمارك" في الستعمال وعدم الستعمال‬
‫‪:‬‬
‫لقد وضع هذه النظرية العالم الفرنسـي " لمارك‬
‫‪ " Lamark‬وافترض فيها تعرض البيئة للتغيير‪ ،‬وأن السـتعمال أو‬
‫دل من صفات الفراد‪ ،‬وافترض فيها أن‬ ‫عدم السـتعمال قد ت ُب َ ِ‬
‫الصفات التي يكتسـبها الفرد أثناء حياته تنتقل إلى ذريته بالوراثـة‬
‫‪ ،Heredity‬وقد ضرب لذلك مثل ً عنق الزرافة‪ ،‬فهذا العنق وصل‬
‫ن الزرافة تمد‬ ‫إلى درجة غير عادية من الطول‪ ،‬وَفُ ّ‬
‫سَر ذلك بأ ّ‬
‫م زاد العنق تدريجيا ً‬‫شجر العالية‪ ،‬ومن ث ّ‬‫عنقها لتصل إلى أوراق ال ّ‬
‫في الطول‪ ،‬وازداد بتوالي الجيال حتى وصل إلى ما وصل إليه‬
‫الن‪ ،‬ومن ناحية أخرى ضمرت أجنحة بعض الطيور نتيجة عدم‬
‫استعمالها في الطيران‪.‬‬
‫من المعلوم أن النظرية اللماركية في توارث الصفات‬
‫المكتسبة قد جوبهت بالّرفض من علماء الحياء لفتقارها إلى‬
‫دد "وايزمان ‪ " Weismann‬ضربة إلى‬ ‫البرهان والدلة‪ ،‬وقد س ّ‬
‫]‪[1‬‬
‫هذا المذهب بنظريته حول الخليا الجرثومية‪.‬‬

‫‪ [1]1‬د‪ .‬فؤاد خليل وآخرين‪ ،‬علم الحيوان العام‪ ،‬صفحه ) ‪.( 1108‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى عبد العزيز وآخرين‪ ،‬النبات العام‪ ،‬صفحه ) ‪.( 1001‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[41‬‬
‫"‪ "2‬نظرية داروين في النتخاب الطبيعي ‪:‬‬
‫وسنسهب في استعراض وشرح تلك النظرية قدر المكان‬
‫في الفصل التالي‪ ،‬ومذهب داروين يعتمد ويرتكز على المشاهدات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪Struggle‬‬ ‫‪for‬‬
‫‪ 01‬التناحر بين المخلوقات على البقاء ‪.‬‬
‫‪existence‬‬
‫‪Survival for the‬‬
‫‪ 02‬البقاء للصلح ‪.‬‬
‫‪fittest‬‬
‫‪Heredity‬‬ ‫‪ 03‬الوراثة وتأثيرها ‪.‬‬
‫‪Natural Selection‬‬ ‫‪ 04‬النتخاب الطبيعي ‪.‬‬
‫التجاوب أو الملئمة مع البيئة أو عــدم‬
‫‪Environmental‬‬ ‫‪05‬‬
‫الملئمة‪.‬‬
‫‪The‬‬ ‫‪Origin‬‬ ‫‪of‬‬
‫‪ 06‬أصل النواع ‪.‬‬
‫‪Species‬‬

‫هذا ولم ي َد ّ ِع داروين أن يكون شـرحه لقواعد نظريته التي‬


‫ِ‬
‫نتجت عن تلك المشاهد ذات نهائية‪ ،‬إنما لمس منذ البداية ضعف‬
‫ن كثيرا ً مما كتب قد يثبت أنه‬ ‫وهزال الدلة التي قَد ّ َ‬
‫مها‪ ،‬وقد تنبأ أ ّ‬
‫ً ]‪[1‬‬
‫ل الهيكل ثابتا‪ .‬وهذا ما حدث بالفعل إذ‬ ‫هراء‪ ،‬ولكنه يرجو أن يظ ّ‬
‫سد ّد َ ضربة إلى‬
‫ن "يوهانسن ‪ (Johannsen" (1855-1927‬قد َ‬ ‫أ ّ‬
‫البند الخامس من المشاهدات التي اعتمدها داروين‪ ،‬حيث أثبت‬
‫أن الملئمة للبيئة أو عدمها ليستا مما ي ُوَِرث التطور العضوي‪ ،‬كما‬
‫سد ّد َ العالم الهولندي "هيجو دي فريز " ‪Hugo de Vries‬‬ ‫َ‬
‫‪ ((1848-1935‬ضربة إلى المشاهدات الرئيسية التي اعتمدها‬
‫داروين وهي "النتخاب الطبيعي" في إثبات نشوء الّنوع وارتقائه‪،‬‬
‫]‪[2‬‬
‫وعزا ذلك إلى "الطفرة ‪ " mutation‬أو التنوع غير المستمر‪.‬‬

‫‪ [1]1‬المرجع – الفصل السادس – باب مشكلت النظرية‪.‬‬


‫‪ [2]2‬عن كتاب " علم الحيوان العام " صــفحه ) ‪ ( 1110‬و " النبــات العــام " صــفحه )‬
‫‪.( 1002‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[42‬‬
‫]‪[1‬‬
‫"‪ "3‬نظرية "وايزمان" حول البلزم الجرثومي‪:‬‬
‫صاحب هذا المــذهب هــو عــالم الحيــاء "اوغســت وايزمــان‬
‫‪ [2](August Weissman" (1834–1914‬الــذي حــاول نقــض‬
‫النظرية اللماركية عن طريق إثبات أن الصفات التي يرثهــا الفــرد‬
‫عن أبويه إنما تأتي عن طريق الخليــا الجرثوميــة ول دخــل للخليــا‬
‫الجسمية فيها‪ ،‬وأن الخليــا الجرثوميـــة ل تخضــع لمــؤثرات البيئـــة‬
‫ل‪ ،‬فالحــداد مثل ً‬‫التي تتطلب من بعض التراكيب اســتعمال ً أو إهمــا ً‬
‫م تغلظــان وتقويــان‪،‬‬ ‫يستعمل ذراعيه كثيرا ً فتنمو عضــلتها ومــن ثـ ّ‬
‫وة أبيــه‬‫ة فلــن يكــون فـي قـ ّ‬ ‫ن ابنه إذا لم يمارس الحدادة حرف ً‬‫ولك ّ‬
‫الحّداد‪ ،‬وتتلخص تلك النظرية بما يلي ‪:‬‬
‫تنقسم خليا الجسم الحي إلى نوعين‪ :‬خليا جسدية ‪Somatic‬‬
‫‪ cells‬تحتوي على البلزم الجسدي‪ ،‬وخليا جرثومية ‪Germ‬‬
‫‪ cells‬تحتوي على البلزم الجرثومي ‪.‬‬
‫ً‬
‫تكمن الخليا الجرثومية داخل الجسم ولكنها ليست جزءا منه‪.‬‬
‫تنشأ الخليا الجرثومية منحدرة مباشرة مــن الخليــا الجرثوميــة‬
‫التي سبقتها‪.‬‬
‫البلزم الجرثومي في تسلسل مستمر ويقوم الجسد بصيانته‪.‬‬
‫تنشأ التنوعات عن امــتزاج الصــفات المختلفــة المســتمدة مــن‬
‫الوالدين‪.‬‬
‫تنشــأ الموجهــات مــن البلزم الجرثــومي‪ ،‬وتنتقــل خلل الخليــا‬
‫الجرثومية إلى الجزاء المختلفة مــن الجســد النــامي‪ ،‬ويتــم‬
‫بهذه الطريقة تنويع الكائن الحي‪.‬‬
‫ل ينشأ طراز جديد مــن الكائنــات إل نتيجــة لطــراز متغيــر مــن‬
‫الخلية الجرثومية‪.‬‬
‫م فان نظرية وايزمان تناقض تماما ً نظريتي ‪-‬لمــارك‬ ‫ومن ث ّ‬
‫ن مرد الّتنوع هو الجسد ثم ينتقــل‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫يعتقدان‬ ‫الخيران‬ ‫وداروين‪ ،-‬إذ‬
‫إلى الخليا الجرثومية‪ ،‬أما وايزمــان فقــد أبــرز أهميــة الوراثــة فــي‬
‫حدوث التطور مغفل ً تأثير البيئة‪.‬‬

‫‪ [1]1‬علم الحيوان العام‪ ،‬صفحه ) ‪ .( 1108‬النبات العام‪ ،‬صفحه ) ‪.( 1001‬‬


‫‪ [2]2‬وايزمان أو فايزمان أو فايسمان‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[43‬‬
‫]‪[1‬‬
‫"‪ "4‬نظرية الطفرة أو " مذهب دي فريز"‬
‫وضع عالم النبات الهولندي " هيجو دي فريز ‪Hugo de‬‬
‫طفرة" في تفسـير نشـوء‬ ‫‪ " Vreis‬عام ‪1901‬م‪ ،‬نظريته حول "ال ّ‬
‫الّنوع وارتقاؤه ناقضا ً بذلك نظرية داروين واعتمادها "النتخاب‬
‫الطبيعي" والختلفات الصغيره المستمرة الحادثة عن الستعمال‬
‫أو عدمه والتي اعتمد عليها كل من داروين ولمارك‪ ،‬وحاول إثبات‬
‫ن التطور العضوي ناجم عن التنوع غير المستمر أو ما يسمى‬ ‫أ ّ‬
‫"الطفرة ‪ "Mutation‬التي تعني وجود تغيير مفاجئ أو تنوع‬
‫مفاجئ يختلف به النتاج عن الصل بشكل واضح‪ ،‬فيحدث في‬
‫بعض الحيان أن تظهر أنواع جديدة –ل يرجع نشوءها إلى تأثير‬
‫عوامل البيئة – بل تنتقل الصفات الجديدة منها إلى ما يليها من‬
‫أجيال حسب قوانين الوراثة المعروفة‪ ،‬وذلك ما يسمى بالطفرة‪.‬‬

‫"‪ "5‬نظرية الّتطور الكيماوي أو "مذهب اوبارين‬


‫]‪[2‬‬
‫وهولدين"‬
‫هناك نظرية أخرى عن أصل الحياة والنشوء ابتدعها في‬
‫عشرينات القرن العشرين كل من العالم البيوكيميائي الروسي‬
‫"الكسندر أوبارين ‪ " Alexander Oparin‬والعالم البيوكيميائي‬
‫النجليزي " هولدين ‪ ." J.B.S.Haldne‬وتتلخص النظرية بأن‬
‫الشياء الحية قد نشأت عن طريق " الّتطور الكيماوي ‪Chemical‬‬
‫‪ ،" Evolution‬فمن العناصر والمركبات البسيطة التي كانت‬
‫موجودة في الجو القديم للرض وبحارها تكونت جزئيات أكبر‪ ،‬ثم‬
‫تبع ذلك تجميع لمركبات أكثر تعقيدا ً وفي النهاية ظهرت وحدة‬
‫كيماوية كانت قادرة على وحدات مثلها‪ ،‬وهكذا فقد بدأت الحياة‪.‬‬
‫وملخص النظرية برمتها أن الحياة قد حصلت تبعا ً للقوانين‬
‫الفيزيائية‪ ،‬إذ تنفي أن هناك عمل ً خاصا ً بالخلق أو قوة غامضة‬
‫وراءه‪ ،‬أو خارقا ً للطبيعة‪.‬‬

‫وفي رأي أوبارين وهو من اشتهرت النظرية باسمه ‪) :‬ل‬


‫يوجد فرق أساسي بين الكائن الحي والمادة التي ل حياة فيها‪،‬‬

‫‪ [1]1‬علم الحيوان العام‪ ،‬صفحه ) ‪ .( 1110‬النبات العام‪ ،‬صفحه ) ‪.( 1003 – 1002‬‬
‫‪ [2]2‬جولدزبي‪ " .‬البيولوجيا " ريتشارد م‪ .‬جولدزبي ‪ .‬الصفحات ) ‪ ( 25-12‬من الجــزء‬
‫الول – الترجمة العربية‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[44‬‬
‫وأن المجموعة المعقدة للظواهر والخصائص المميزة للحياة ل بد ّ‬
‫]‪[1‬‬
‫أنها ظهرت عن طريق تطور المادة(‬
‫وقد حاول كل من "ستانلي ميلر ‪" Stanley Miller‬‬
‫وأستاذه العالم الكيميائي "هـارولـد يوري ‪ " Harold Urey‬عام‬
‫‪ 1952‬مساندة تلك النظرية ودعمها عن طريق إجراء تجارب‬
‫معينة بتكوين جو مشابه للجو البدائي للرض حيث اشتهرت تلك‬
‫المحاولة باسم " تجربة ميلر ‪ ،" Miller's Experiment‬إل أن‬
‫تلك النظرية وما رافقها من محاولت وتجارب لم تشتهر‪ ،‬لن‬
‫العلماء قد نظروا إلى كل من المحاولة والنظرية أنها ل زالت‬
‫افتراضية‪ ،[2].‬وقد أطلق على تلك النظرية اسم "نظرية أوبارين‬
‫وهولدن ‪."The Oparin-Haldane theory‬‬

‫نبرى من استعراض المذاهب الخمسة اختلفا ً واضحا ً فيما‬


‫ن كل تلك‬ ‫بين تلك المذاهب في تعليل حدوث الّتطور‪ ،‬إل أ ّ‬
‫المذاهب قد اتفقت وأجمعت على حدوث الّتطور العضوي‪ ،‬وأنها‬
‫حقيقة ثابتة مع وجود الختلف البين في تعليل كيفية حدوث هذا‬
‫التطور العضوي‪.‬‬

‫إن تلك المذاهب هي أشهر المذاهب التطورية – مــع وجــود‬


‫غيرها – وكل أصحاب المذاهب التطورية قــد دارت نظريــاتهم فــي‬
‫حدود تلك النظريات التي ذكرنا‪ ،‬مــع أن أكــثرهم كــان أقــرب إلــى‬
‫سباق فــي ذلــك‬‫مذهب داروين‪ .‬وكما أسلفنا فإن داروين لم يكن ال ّ‬
‫وإن برز واشتهر بين العامة عن الجميع‪ ،‬فقد كان هناك من سبقه‪،‬‬
‫كما كان هناك من زامنه‪ ،‬وكذلك من أتى بعــده‪ ،‬لــذا فسنســتعرض‬
‫باختصــار أشــهر مــن ارتبــط اســمه بنظريــات التطــور العضــوي‪،‬‬
‫وهـــــم ‪:‬‬

‫كونت بوفون ‪ :‬جورج لويس لكلر ‪Conte De‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪ Baffon‬عــالم فرنســي ولــد ســنة ‪1707‬م‪ ،‬وتــوفي فــي‬
‫باريس سنة ‪1788‬م‪ ،‬له كتاب في التاريــخ الطــبيعي ظهــر‬
‫في عدة مجلدات من سنة ‪ 1749‬ولغايــة ســنة ‪ ،1788‬أي‬
‫سنة وفاته‪ ،‬وعالج الكثير من مشكلت الحيوان‪.‬‬

‫‪ [1]1‬المصدر السابق‪ .‬الصفحات ) ‪.( 25 - 12‬‬


‫‪ [2]2‬المصدر السابق‪ .‬الصفحات ) ‪.( 25 – 12‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[45‬‬
‫لمارك ‪ :‬جــان باتيســت بييــر أنطــوان ده مــونت‬ ‫‪.2‬‬
‫شــيفالييه ‪(Jean Baptiste Lamark (1744–1829‬‬
‫عــالم نبــاتي وبيولــوجي فرنســي‪ ،‬درس الظــواهر الجويــة‬
‫وعلــم النبــات‪ ،‬لــه كتــاب فــي نباتــات فرنســـا فــي ثلثــة‬
‫مجلدات‪ ،‬وظهر كتابه "فلسـفة الحيوان" في بــاريس ســنة‬
‫‪ 1808‬فــي ثمانيــة مجلــدات‪ ،‬ولــه أيضــا ً كتــاب "تاريــخ‬
‫الفقاريـات الطــبيعي"‪ ،‬لـه مــذهب فــي التـطـــور العضــوي‬
‫يقول بأن التغيرات التي تكتسبها المتعضــيات خلل حياتهــا‬
‫تنتقل بالوراثة إلى الذريــة‪ ،‬علوة علــى قــانون الســتعمال‬
‫وعــدمه بالنســبة لعضــائها‪ ،‬ويــدعى هــذا المــذهب نســـبة‬
‫ب "اللماركية ‪."Lamarkism‬‬ ‫لواضعه ِ‬
‫وفي الشطر الخير من القرن التاسع عشــر بــرزت‬
‫عن اللماركية مدرسة جديدة اطلق عليها اسم "اللماركيــة‬
‫المحــدثه ‪ "Neo-Lamarkism‬قوامهــا التأكيــد علــى أثــر‬
‫البيئة المباشـر في التطــور العضــوي للحيوانــات والنباتــات‪.‬‬
‫ومن أبرز دعاة تلــك النظريــة "الفريــد مــاتيو جييــار ‪Girad‬‬
‫‪"(1846–1908‬م( فـــي فرنســـا‪ ،‬و"إدوارد دينكـــر كـــوب‬
‫‪ (Cope" (1840–1897‬في الوليات المتحدة‪.‬‬

‫‪ .3‬سببببببفانت أرهينيببببببوس ‪Savant‬‬


‫‪ Arrthenius‬عالم كيميائي سويدي‪ ،‬أثار نظريه بأن‬
‫أصــل الحيــاة أتــى مــن الفضــاء الخــارجي ‪Panspermia‬‬
‫بطريق انتقال وحدات شـبه جرثـومية من كوكب إلى آخــر‬
‫عن طريق الضغط الشـعاعي‪ ،‬وَي ُن ْظ َــر إلــى تلــك النظريــة‬
‫أنها قد تأثرت كثيرا ً بقصص الخيال‬

‫العلمية‪ ،‬وأنه ليس لها من الدلة ما يــدعمها‪ ،‬وأنهــا مجــرد‬


‫هرطقة‪ ،‬لببذا فــان تلــك النظريــة تــرد فقــط فــي ســياق‬
‫التسلسل التاريخي للمذاهب التطورية‪.‬‬
‫‪ .4‬وليم هايد وولستون)‪(1828–1766‬‬
‫‪ W. H. Wollaston‬كيميائي وفيزيائي وفيلسوف‬
‫إنجليزي‪ ،‬نبغ في الكيمائيــات والبصــريات‪ ،‬ي ُعَـد ّ واحــدا ً مــن‬
‫أغزر العلماء إنتاجــا وأبعــدهم أثــرًا‪ ،‬أّدت دراســاته للبلتيــن‬
‫إلـــى اكتشـــاف عنصـــرين شـــقيقين همـــا "البلديـــوم‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[46‬‬
‫‪ "Palladium‬عــام ‪ 1803‬و"الّروديــوم ‪ "Rhodium‬عــام‬
‫‪ 1803‬أيضا ً‪.‬‬
‫وقـــد أكـــثر دارويـــن مـــن السـتشــــهاد بـــأقوال "‬
‫وولستون " في أكثر من موضع مــن كتــابه " أصــل النــواع‬
‫ن داروين إنما وضــع‬ ‫" ‪ .‬ول يخفى على كل من قرأ الكتاب أ ّ‬
‫كتابه المذكور بمشاركة عدد ممن أشــار إليهــم مــن أمثــال‪:‬‬
‫وولستون‪ ،‬الفريد والس‪ ،‬وطسون ود‪ .‬أساغري وآخرين ‪.‬‬

‫هيللر )‪ Heller ( 1844 – 1772‬عالم‬ ‫‪.5‬‬


‫ن‬‫فرنسي‪ .‬صاحب النظرية المعروفة باسمه والتي تقول بأ ّ‬
‫النواع المختلفة من الكائنات الحّية تنشأ استجابة لظروف‬
‫الــبيئة‪ ،‬والــتي تتغيــر باســتمرار ممــا يســبب تغيــرات فــي‬
‫ن‬
‫الكائنات الحّية‪ ،‬فــإذا كــانت التغيــرات ملئمــة للبيئـــة فــإ ّ‬
‫الفــراد تعيـــش وتتكــاثر مكونــة نوعــا ً جديــدًا‪ ،‬وإذا كــانت‬
‫ن أفــراد هــذا النــوع تهلــك‬‫التغيرات غيــر ملئمــة للــبيئة فــإ ّ‬
‫وتنقرض‪.‬‬
‫‪ .6‬آتييببن جفببروي ) ‪(1844 – 1772‬‬
‫‪ A.G.Sant lieer‬عالم فرنسي‪ .‬قــدم إلــى مصــر‬
‫سنة ‪ 1791‬في بعث استعماري مرافقا ً الكــافر المســتعمر‬
‫نابليون بونابرت في غزوه الصليبي لمصر‪ ،‬ومكث بها حتى‬
‫جلء الغـزاة الكفـرة عنها ســنة ‪1801‬م‪ .‬مــن أشــهر كتبــه‬
‫"فلسفة التشريح" سنة ‪1818‬‬

‫و "مبـادئ فلسفـة الحيــوان" سـنة ‪ 1837‬و"تــاريخ الثـدييات"‬


‫في ثلثة مجلدات بين السنوات )‪ .(1842 – 1818‬وله رسالة‬
‫ن الصــور المتماثلــة‬‫نشـرها ابنه واعتمدها دعاة التطور تقول بأ ّ‬
‫لم تكن منذ بــدأ الخليقــة علــى مــا هــي عليــه الن‪ .‬وكــان جــل‬
‫اعتماده في تعليل أسباب التحول على حالت الحيــاة أو الــبيئة‬
‫المؤثرة‪.‬‬
‫‪ .7‬سير جون ريتشاردسببون ) ‪– 1782‬‬
‫‪ Sir J.Richardson ( 1865‬عــالم طــبيعي‬
‫درس الطب والجراحة‪ ،‬والتحق بالبعث القطبي الول إلــى‬
‫القطــب الشــمالي بــإمرة فراكليــن )‪ (1822–1819‬لــه‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[47‬‬
‫أبحاث كثيره في التطور وفي حيوانات القطــب الشــمالي‪،‬‬
‫ويعد ريتشاردسون من المشاهير في فكــرة التطــور‪ ،‬وقــد‬
‫أكــثر دعــاة التطــور مــن الستشــهاد بــأقواله‪ ،‬ونقــل عنــه‬
‫داروين كثيرا ً في كتابه "أصل النواع"‪.‬‬
‫‪ .8‬سانتيلير ‪ :‬ايزيدور جفروي )‪–1805‬‬
‫‪ E.G.Sant lie (1861‬عالم فرنسي‪ ،‬ولد فــي‬
‫باريس وتوفي فيها‪ ،‬من كبار علماء وظــائف العضــاء أخــذ‬
‫عن أبيه "أتيين" علم المواليد "التاريخ الطبيعي" ثم عكــف‬
‫على دراسة الســباب الطبيعيـة الــتي تسـاعد علـى ظهــور‬
‫الشواذ الخلقية ونشـوئها‪ ،‬نشر العديد مــن المؤلفــات فــي‬
‫علم الحيوان وتاريخ العضويات الطبيعي‪ .‬ومن أشهر كتبــه‪:‬‬
‫"تأريــخ النظــام الطــبيعي فــي النســان والحيــوان" ســنة‬
‫‪ .1837‬وكتــاب "إيلف الحيوانــات النافعــة واستيحاشــها"‬
‫سنة ‪.1854‬‬
‫حاول في خطبــة ألقاهــا عــام ‪ ،1850‬وظهــرت فــي‬
‫مجلة "عالم الحيــوان" فــي ينــاير عــام ‪ 1851‬إثبــات صــحة‬
‫ن الصفات النوعية تبقى ثابتة في كل نــوع مــا‬ ‫اعتقاده في أ ّ‬
‫دام باقيــا فــي بيئة تحفــظ عليــه مــؤثرات ظــروف واحــدة‬
‫وتتحول إذا اختلفت تلك الظروف‪ ،‬وأن ملحظــة الحيوانــات‬
‫البريـة‬

‫تثبــت تحــول النــواع‪ ،‬وآن التجــارب الــتي تنــاولت حيوانــات‬


‫أليفة أو حيوانات رجعت إلى الستيحاش والبرية بعد إيلفها‬
‫ن التحــولت‬‫تزيد ذلك بيانًا‪ ،‬وإن التجارب تثبت عدا ذلك‪ ،‬وا ّ‬
‫الناتجة قد يحتمل أن تكون ذات قيمة نوعية‪.‬‬

‫د‪ .‬ويلز ‪ D.Wills‬هــو أول مــن ق ـّرر صــراحة‬ ‫‪.9‬‬


‫ولول مّرة مبدأ النتخاب الطبيعي في خطبة له ألقاها في‬
‫"المجمــع الملكــي" عــام ‪ .1813‬إل أنــه أطلقهـــا علــى‬
‫السللت البشرية وقصرها على بعض صفاتها دون البعــض‬
‫الخر‪ ،‬وقام بنشر خطبته بعد أن نشر مقـالتين لـه‪ :‬الولـى‬
‫في ظاهرة "الّندى" والثانية بعنوان "الرؤيا الفريــدة" ســنة‬
‫‪.1818‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[48‬‬
‫ليببل ‪ :‬سببير تشببارلس )‪(1830-1797‬‬ ‫‪.10‬‬
‫عالم جيولوجي بريطاني‪.‬‬ ‫‪Sir Charles Lyall‬‬
‫قام بالشتراك مع د‪.‬هـ وكــر بــالطلع علــى أفكــار كــل مــن‬
‫"داروين ووولس" وتشجيعهما علــى نشــر نظريتهمــا وربمــا‬
‫يكونا قد قاما بمهمة إعدادها بالشــتراك مــع آخريــن‪ .‬أشــهر‬
‫كتبــه ‪" :‬مبــادئ الجيولوجيــة" )‪ ،(1830‬نقــض فيــه مــذهب‬
‫"النكبات الجيولوجيــة ‪ "Catastrophist‬وأقــام مــذهبه فــي‬
‫هذا العلم على أساس التطور التدريجي‪ .‬انتخب سنة ‪1850‬‬
‫رئيسـا ً للمجمــع الجيولــوجي ورئيسـا ً لجماعــة تقــدم العلــوم‬
‫البريطانية في سنة ‪.1864‬‬
‫أحــد مشــاهير نظريــة التطــور‬ ‫جرانببت ‪Grant‬‬ ‫‪.11‬‬
‫ده فــي موضــوع النتخــاب العضــوي‬ ‫العضوي‪ .‬له مقــالت عـ ّ‬
‫ُنشـــرت فـــي الجـــرائد والمجلت فـــي العـــوام )‪–1826‬‬
‫‪1834‬م(‪ ،‬فقد نشــر فــي مجلتـه المعروفـة "جريــدة أدنـبرة‬
‫قده في‬ ‫معْت َ َ‬
‫الفلسفية" سنة ‪) 1826‬مجلد ‪ 14‬صفحة ‪ُ (339‬‬
‫ن النواع متولدة من أنواع أخر‪ ،‬وأنها ارتقــت بــدوام تكيــف‬‫أ ّ‬
‫الصــفات‪ ،‬وجهــر بــذلك الــرأي عينــه فــي خطــابه الخــامس‬
‫والخمسين الذي طبع في مجلة " اللنست" سنة ‪.1834‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[49‬‬
‫وليببم هيربببرت ‪William Heirbert‬‬ ‫‪.12‬‬
‫أســقف مانشســتر‪ ،‬بــرز حــوالي العــام ‪ 1820‬كداعيــة‬
‫تطوري‪ .‬ورد في كتابه المطبوع سـنة )‪" (1822‬مقـــررات‬
‫فـــلحة البســاتين"‪ ،‬وفــي كتــابه "الفصــيلة النرجســية"‬
‫ن‬
‫المطبــوع عــام ‪ 1837‬صــفحة )‪ (19‬وصــفحة )‪) : (339‬إ ّ‬
‫التجارب في فن زراعة الحدائق قد أثبت بما ل سبيل إلــى‬
‫ن في النواع النباتية مجموعة ضروب أرقــى وأثبــت‬ ‫دفعه أ ّ‬
‫صفات من غيرها( ثم أطلــق نظريتــه علــى عــالم الحيــوان‬
‫ن أنواعا ً خاصة من كل جنس قد خلقت أصل ً وبهــا‬ ‫معتقدا ً أ ّ‬
‫جـت بالمهاجنـة ثـم بـالتحول عـن‬ ‫ُ‬
‫قابليـة الّتشـكل وأنهـا أنت َ‬
‫النواع الحالية‪.‬‬
‫عــالم‬ ‫ببباتريك مباتبيو ‪Patrick Matio‬‬ ‫‪.13‬‬
‫جيولوجي ألمــاني‪ .‬صــاحب كتــاب "خشــب الســفن البحريــة‬
‫والشــجار الخشــبية" المطبــوع ســنة ‪ .1831‬قــال بنفــس‬
‫الفكار التي وردت في كتاب "أصـل النواع"‪ ،‬ودعى لنفـس‬
‫ن‬
‫الفكار التي حملها كل من "دارويــن وألفريــد ولس"‪ ،‬إل أ ّ‬
‫أفكاره تلك قد وردت ضمن فصول شتى في سياق مواضيع‬
‫كتابه‪ ،‬فظّلت أفكــاره مجهولــة حــتى نبــه إليهــا فــي "ســجل‬
‫جــاردنز" فــي أبريــل ‪ ،1860‬ليــس هنــاك فــروق تــذكر بيــن‬
‫مذهبه ومذهب داروين – كما يقول الخير – حيث يــذكر فــي‬
‫كتابه "أصل النواع"‪) :‬وليست الفروق بين مــذهبه ومــذهبي‬
‫ن العــالم كــان يخلــوا مــن‬
‫بذات شأن‪ ،‬فالظاهر أنه يحدس أ ّ‬
‫ً‬
‫سكانه في أدوار متعاقبة ثم يعمر بعد ذلك‪ ،‬وأنه تعقيبا علــى‬
‫ذلــك تتولــد صــور أخــرى جديــدة مــن غيــر فطــر عفنــي أو‬
‫جرثومة سابقة‪ .‬ول أقطع أني فهمت بعض عباراته‪ ،‬غير أني‬
‫تبينت أنه يعزو لفعل الحياة تأثيرا ً كبيرا ً كذلك قد وضحت لــه‬
‫]‪[1‬‬
‫قدرة النتخاب الطبيعي الفعالة كل الوضوح (‬

‫‪ [1]1‬المرجع‪ .‬الصفحات ) ‪.( 107 – 106‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[50‬‬
‫عــالم‬ ‫فون بوخ ليوبولد ‪V.B.Leopold‬‬ ‫‪.14‬‬
‫ألماني‪ .‬ولد في بروسيا عام ‪ ،1774‬وتوفي في برليــن عــام‬
‫‪ .1858‬اشتهر كداعيــة تطــور عــام ‪ 1836‬حيــث يقــول فــي‬
‫كتابه "وصف جزر كناري الطبيعي"‪) :‬إن الضــروب تســتحيل‬
‫ببطء أنواعا ً ثانية ل تكون بعــد ذلــك قابلــة للمهاجنــة( وقــال‬
‫بنفس الفكار في كتبه الخرى‪" :‬سياحة فــي نرويجولبلنــد"‬
‫)‪" - (1810‬سلسل الجبال في روسيا" )‪" - (1840‬مقالت‬
‫في العمونيات ‪." Ammonites‬‬
‫فون باير )‪Von Baer (1872 – 1792‬‬ ‫‪.15‬‬
‫ص في علم الجّنة‪ ،‬لــه نظريــات‬ ‫ص َ‬‫خ ّ‬
‫عالم طبيعي بروسي‪ .‬ت َ َ‬
‫في التطور الطبيعي الجنيني‪ ،‬أظهر في عــام ‪ 1859‬نظريــة‬
‫ن الصور المتباينة تباينــا ً كليــا ً‬
‫قائمة على سنن الستيطان وا ّ‬
‫في الوقت الحاضر متولدة من صورة سفلية واحــدة‪ .‬أشــهر‬
‫كتبه ‪" :‬توالد السماك وتدرج وجودها" عام ‪ 1835‬و "تطــور‬
‫الصور الحيائية" عام ‪.1837‬‬
‫دالبببببببببوي دومببببببببباليوس ‪Daliwah‬‬ ‫‪.16‬‬
‫‪ Domallius‬جيولــوجي صــاحب رســـالة فــي التطــور‬
‫ف كصــاحب مدرسـة تطوريــة‬ ‫عـرِ َ‬
‫المقرون بتحول الصفات‪ُ ،‬‬
‫في عام ‪ ،1831‬وقد نشــر هـذه الّرسـالة فـي العـام ‪1846‬‬
‫ن القــول بنشــوء أنــواع جديــدة‬ ‫مجددا ً بي ّـ َ‬
‫ن فيهــا رأيــه فــي أ ّ‬
‫بالتسلسل المقرون بتحول الصفات أرجح مــن القــول بأنهــا‬
‫مستقلة‪ ،‬وقد ُأثب َِتت تلك الرسالة فـي "سـجل مجمـع‬ ‫خلقت ُ‬ ‫ُ‬
‫بروكسيل الملكي" )صفحة ‪ .581‬جزء ‪.(13‬‬
‫ريتشببارد أويببن )‪Richard (1892–1820‬‬ ‫‪.17‬‬
‫‪Owen‬عالم إنجليزي مـن المــبرزين فــي علــوم التشــريح‬
‫والحيوان والحفوريــات‪ ،‬أشــهر كتبــه‪" :‬طبيعــة الطــراف" )‬
‫‪" .(1849‬تشـــريح الفقاريـــات" زواحـــف جنـــوبي أفريقيـــا‬
‫الحفورية" )‪ .(1861‬يصنفه المؤرخون بيــن مشــاهير دعــاة‬
‫جعَ لنصوص كتبه وخطبــه المتعــددة يجــد‬ ‫مرا ِ‬
‫ن ال ُ‬
‫التطور إل أ ّ‬
‫أن هذا العالم متأرجح بين نظرية النتخاب الطبيعي والخلــق‬
‫ن كثير مــن القــراء‬‫المستقل‪ ،‬وفي ذلك يقول داروين‪ …) :‬إ ّ‬
‫يجدون‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[51‬‬
‫كما أجد في جدليات الستاذ أوين من الغموض والتنــافر مــا‬
‫]‪[1‬‬
‫يعذر فهمه عليهم ويعنتهم في التلفيق بين أطرافها‪(.‬‬
‫ومما يرجـح القـول بـأنه ربمـا عـدل عـن دعـوته لفكـرة‬
‫النتخاب الطبيعي إلى اليمان بالخلق لما ورد في خطبة لــه‬
‫ن حــالت‬ ‫ألقاها في "الجمعية البريطانيــة" عــام )‪) :(1858‬إ ّ‬
‫مثل حالة "القطا الحمر ‪ ،"Red Grouse‬إذا وعاها العــاِلم‬
‫بالحيوان ليســتدل بهــا علــى خلــق ذلــك الطيــر خلقـا ً خاصـا ً‬
‫واختصاصه بتلك الجزائر]‪ [2‬يظهــر قصــوره دائم ـا ً عــن إدراك‬
‫ســر الخفــي فــي وجــود ذلــك الطيــر فــي تلــك البقعــة‬ ‫ال ّ‬
‫ً‬
‫واختصاصــها بــه دون بقــاع الرض كافــة‪ ،‬مســتنجدا بفضــل‬
‫ن كل ً مــن الطيــر والجــزائر مــدينان‬ ‫اعترافه بذلك القصور‪ ،‬إ ّ‬
‫بأصلهما لسبب خلق عظيم الحول(‪.‬‬

‫هيرببببببببرت سبنسبببببببر )‪(1903–1820‬‬ ‫‪.18‬‬


‫‪ Herbert Spenser‬فيلسـوف إنجليـزي‪ ،‬صـاحب‬
‫"الفلسفة التركيبية ‪ " Synthetic philosophy‬وقــد أل ّـ َ‬
‫ف‬
‫في موضوعها العديد من الكتب منها "مبادئ علم الجتمــاع"‬
‫– "مبــادئ علــم الحيــاء" – "مبــادئ الخلق" – "الفلســفة‬
‫التركيبيــة"‪ .‬آمــن قبــل دارويــن بتطــور النــواع مــن أشــكال‬
‫بسيطة إلى أشكال معقدة‪ .‬له نظرية مشهورة فــي التطــور‬
‫بالنتقــال مــن حــال التجــانس إلــى حــال التنــافر والختلف‬
‫نشرها في جريــدة "الليــدار" شــهر آذار عــام ‪ ،1852‬وأعيــد‬
‫طبعهــا فــي كتــابه "المقـــالت"عــام ‪ .1858‬وهــو مــن أبــرز‬
‫داروينيــة الجتماعيــة ‪"Social Darwinisim‬‬ ‫ب "ال ّ‬
‫القائلين ِ‬
‫وهي نظرية فــي التطــور الجتمــاعي والثقــافي نشــأت فــي‬
‫القرن التاسع عشر واستمدت اسمها مـن صلتهـا بدراســات‬
‫ن‬
‫ن الفكرة القائلة بأ ّ‬
‫داروين البيولوجّية‪ ،‬والواقع أ ّ‬

‫حياة النسان في المجتمــع تمثــل صــراعا ً مــن أجــل الوجــود‬


‫يحكمــه مبــدأ "بقــاء الصــلح" لــم يســتحدثها دارويــن ولكــن‬
‫شهرة‪.‬‬
‫دراساته منحتها ال ّ‬

‫‪ [1]1‬المرجع‪ .‬صفحة ) ‪.( 111‬‬


‫‪ [2]2‬جزائر ‪ Natural‬في انجلترا‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[52‬‬
‫ويعتبر "هيربرت سبنسر" و "وليم غراهام" مــن أبــرز‬
‫القائلين بالداروينية الجتماعيــة‪ ،‬إذ ذهبــا إلــى أن الجماعــات‬
‫كائنات حّية تتطور بمثل الطريقة التي يتم بها تطور الفراد‪،‬‬
‫مت تلــك النظريــة لتوطيــد دعــائم الســتعمار‬ ‫وقــد اســُتخد ِ َ‬
‫ولتبرير التمايز الطبقي على أساس مــن التفــاوت الفطــري‬
‫بيــن الفــراد والقــوام فقــد اســتخدمت لتأييــد السياســات‬
‫الكافرة المجرمة من استعمارية وعنصرية وعرقية‪ ،‬ولتعزيز‬
‫شـــعوب والمـــم مثـــل‪:‬‬ ‫الّزعـــم القـــائل بتفـــوق بعـــض ال ّ‬
‫النكلوسكســونية أو الريــة أو اليهودي ّــة علــى غيرهــا تفوق ـا ً‬
‫بيولوجيا ً وثقافيًا‪ ،‬وقد اضــمحّلت هــذه النظريــة خلل القــرن‬
‫العشـرين بعد أن ثبت أنها ل تقــوم علــى أي أســاس علمــي‬
‫سليم‪.‬‬
‫وفــي عــام )‪ (1850‬أي قبــل ظهــور كتــاب "أصـــل‬
‫النـــواع" بتســع ســنين كــان هيربــرت سبنســر يضــع أســس‬
‫نظريتــه عــن التطــور الجتمــاعي ويربــط ذلــك بــالتطور‬
‫العضوي‪ ،‬وذلك في أول كتبه وهو كتاب "‪"Social statics‬‬
‫مما يعني أن تفكير سبنسـر كـان مســتقل ً عـن دارويـن فـي‬
‫ن اتصاله بالتفكير التطوري كان أقــدم‬ ‫بداية المر‪ ،‬والرجح أ ّ‬
‫من ذلك إذ يرجع إلى عام )‪ (1840‬بالذات حيــن قــرأ كتــاب‬
‫"سير تشارلز ليل" عن "مبادئ الجيولوجيــا ‪Principles of‬‬
‫‪ "Geology‬الذي تعرف فيه على تفكيــر لمــارك التطــوري‪،‬‬
‫ن فكرة التطور كانت تــدور فــي ذهنــه منــذ ذلــك‬
‫ولكن مع أ ّ‬
‫الحين فإّنها لم تصبح الفكرة المركزيــة فــي كــل تفكيــره إل‬
‫في العام )‪ (1857‬وهو يراجــع بعــض مقــالته لكــي ينشــرها‬
‫في كتاب‪ ،‬ففي تلك المقالت يظهر بوضـوح دعـوى التطـور‬
‫الــتي تقــوم علــى "قــانون بــاير فــي الفســيولوجيا ‪Beer‬‬
‫‪ "physiological low‬الخاص بنمو وظهور المادة العضويـة‬
‫من حـالــة‬

‫التجانس إلى حالة التغاير‪ ،‬أي من البقاء الموحــد المطــرد –‬


‫كما هو الحال في الخليــة الجنينيــة الولــى الــتي تحمــل كــل‬
‫وظـائف الحيـاة – إلـى الكـائن العضـوي الكامـل بكـل بنـائه‬
‫ووظائفه المعقدة المتفاضلة‪ .‬ولكن سبنسر لــم يتمكــن مــن‬
‫الّربـــط بطريقـــة محكمـــة بيـــن النظريـــتين البيولوجيـــة‬
‫والجتماعية في حدود وألفاظ الصراع العــام الكلــي والبقــاء‬
‫للصلح – وهما المبدءان الساسيان في النظريــة الداروينيــة‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[53‬‬
‫– وفــي عــام )‪ (1863‬أي بعــد ظهــور كتــاب دارويــن بــأربع‬
‫ســنوات ظهــر كتــاب سبنســر عــن "المبــادئ الولــى ‪First‬‬
‫‪ "Principles‬الذي يعتبر المــدخل الساســي لكــل فلســفته‬
‫الجتماعية حيث يعرض كل نظريته عن التطور العام‪.‬‬

‫مَنر )‪(1910–1840‬‬ ‫سب ب ْ‬


‫‪ – 19‬وليببم غراهببام َ‬
‫‪ William Graham Sumner‬عــالم اقتصــاد‬
‫واجتماع أمريكي‪ ،‬يعتبر من أبرز القائلين بالداروينية الحديثة‬
‫ه يعمل" أي‬ ‫ف بايمانه الشـديد بسياسة "د َع ْ ُ‬
‫الجتماعية ‪ ،‬ع ُرِ َ‬
‫سياسة عدم الّتدخل وبالحرّية الفردية التي نادى بهــا المبــدأ‬
‫الرأسمالي وبعدم التكافؤ الفطري بين الّناس‪.‬‬

‫‪ – 20‬سبببببير يببببوسف دالتبببون هبببوكر ‪Sir‬‬


‫‪ Joseph Dalton Hooker‬عــالم إنجليــزي‪) .‬‬
‫‪ (1910 – 1817‬تخّرج طبيبا ً ثم عكف علــى دراســة علــم‬
‫النبات‪ .‬زار القطب الجنوبي لجراء أبحاث علــى نباتــاته ثــم‬
‫رافــق بعث ـا ً إلــى جبــال هماليــا عــام )‪ .(1847‬أشــهر كتبــه‬
‫"مذكرات بعث جبــال همليــا" )‪ (1854‬و "علــم النبــات" )‬
‫‪ .(1862‬وقــد قــام عــام )‪ (1859‬بطبــع كتــابه "مجموعــة‬
‫استراليا النباتية" وقال في الجزء الول منه بصحة تسلســل‬
‫النواع وتحول صـفاتها‪ ،‬وحـاول إثبـات مقـولته بمشــاهدات‬
‫طبيعية عديدة‪.‬‬

‫‪ – 21‬ببببادن بببباول )‪Baden (1911–1896‬‬


‫عالم إنجليزي دعى إلى دراسة الطبيعيات‬ ‫‪Baul‬‬
‫والّرياضة‪ .‬له كتب كثيرة أشهرها "توافق الحقــائق الطبيعيــة‬
‫واللهية" – "حقيقة الفلسفة الستنتاجية" – "نظرة تاريخيــة‬
‫في تقدم الطبيعيات والرياضيات"‪ .‬قام عــام )‪ (1855‬بنشــر‬
‫عدة مقالت في موضوع وحدة العوالم وتولــد النــواع الــتي‬
‫وصفها بأنها "ظـاهرة مطردة ل ظـاهرة اتفاقية" واتفق مــع‬
‫"سير جــون هرشــل" أنهــا ظــاهرة طبيعيــة قياســـية ليســت‬
‫راجعة إلى أي معجزة‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[54‬‬
‫‪ – 22‬داروين ‪ :‬ايرازمبوس )‪(1802 – 1731‬‬
‫‪ Erasmus Darwin‬طبيب وشاعر بريطاني‪ .‬جد‬
‫ف بآرائه ونظرياته العلميــة الــتي كــان‬
‫تشارلس داروين‪ .‬ع ُرِ َ‬
‫لها شأن مذكور في تاريخ نظرية التطور‪ .‬يعتبر هو والكــونت‬
‫بوفــون مــن أوائل ومشــاهير المنــادين بنظريــات التطــور‬
‫المــادي علــى أســس وقواعــد علميــة‪ .‬مــن أشــهر آثــاره‪:‬‬
‫"الحديقة النباتيــة" – "هيكــل الطبيعــة أو أصــل المجتمــع" –‬
‫"معبد الطبيعــة ‪ "Temple of nature‬الــذي صــدر عــام )‬
‫‪.(1803‬‬

‫‪ – 23‬دارويبببن ‪ :‬تشبببارلس روببببرت وانبببج‬


‫‪ Charles Darwin‬عالم طبيعة بريطاني‪ .‬ولد في‬
‫‪ ،12/2/1809‬خامس أولد "روبرت وارنــج دارويــن" وحفيــد‬
‫داعية التطور "ايرازموس داروين"‪ .‬كان فاشل ً فــي تحصــيله‬
‫العلمي‪ ،‬درس الطــب وتــوجه إلــى دراســة الحيــاء المائيــة‪،‬‬
‫فشــل فــي دراســة التشــريح فــالتحق بكليــة اللهــوت فــي‬
‫كــامبردج عــام )‪ .(1827‬ألحقــه أســـتاذه "هنســلو" ليرافــق‬
‫البعث العلمي في سفينة "البيجل" سنة )‪.(1831‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[55‬‬
‫بدأ يفكر في نظريات التطور منــذ عــام )‪ ،(1837‬زار خلل‬
‫رحلتــه البحريــة والــتي امتــدت حــتى العــام )‪ (1836‬جــزر الــرأس‬
‫الخضر‪ ،‬جزر ازور‪ ،‬سواحل أمريكا الجنوبية‪ ،‬فجمع المعلومات عن‬
‫نباتاها وحيواناتها وطبيعتها الجيولوجيــة‪ ،‬فكــانت تلــك الرحلــة نــواة‬
‫لنظرياته‪.‬‬

‫أشــهر كتبــه كــان كتــاب "أصـــل النــواع" المطبــوع عــام )‬


‫داروينيــة‬‫‪ .(1859‬ويطلقــون علــى مــذهبه فــي التطــور اســم "ال ّ‬
‫‪ ،"Darwinism‬وهذا المذهب يــرد أصــل النــواع جميع ـا ً وتطورهــا‬
‫ن الكائنات الحّية تنزع إلى إنتاج مواليد تختلف اختلفا طفيف ـا ً‬ ‫إلى أ ّ‬
‫ن عملية الصطفاء الطبيعي تفضي إلى بقــاء الصــلح‬ ‫عن آبائها‪ ،‬وأ ّ‬
‫أو الكثر تكيفا ً مع البيئة‪ ،‬وبأن كل ذلك يؤدي في النهاية إلى ظهور‬
‫أنواع جديدة لم تكن معروفة من قبل‪.‬‬

‫وقد قام داروين بشرح مذهبه هذا في كتابه "أصل النــواع"‬


‫دوائر‬
‫الذي أثــار عنــد نشــره عــام )‪ (1859‬عاصــفة هوجــاء فــي الـ ّ‬
‫ه أقــوام وقــد‬
‫فه َ ُ‬
‫سـ َ‬ ‫العلمية والفلســفية والدينيــة‪ ،‬فَهَل َـ َ‬
‫ل لــه قــوم وَ َ‬
‫اشتهر كتابه كمرجع لتفسير مقولت "التطور ‪."Evolution‬‬

‫وفي أواخر القــرن التاســع عشــر وأوائل القــرن العشـــرين‬


‫ظهــرت "الداروينيــة المحدثــة ‪ ."Neo-Darwinism‬وهــي تطــوير‬
‫لنظرية داروين‪ ،‬وقوام هذا التطوير بأن الصــطفاء الطــبيعي]‪ [1‬هــو‬
‫ن الصــفات‬ ‫العامــل الساســي فــي عمليــة التطــور العضــوي‪ ،‬وبــأ ّ‬
‫المكتسبة ل يمكن أن تورث‪ .‬ويعتبر "اوغست وايزمان ‪Wissman‬‬
‫" من أبرز القائلين بالداروينية المحدثة‪.‬‬

‫‪Natural Selection [1]1‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[56‬‬
‫‪ – 24‬الفريببد روسببل وولس )‪(1935–1848‬‬
‫‪ Alfred Russel Wallace‬عـــالم طـــبيعي‬
‫انجليزي‪ .‬زميل داروين وأحد أشهر مــن ســاعده فــي وضــع‬
‫م إلى دارويــن عــام )‪ (1858‬مــذكرات وأبحــاث‬ ‫سل ّ َ‬
‫نظريته‪َ ،‬‬
‫في موضــوع التطــور أرســلت إلــى "جمعيــة لينيــه العلمــي"‬
‫ونشرت فـي المجلـد الثـالث مــن صـحيفته العلميــة‪ .‬سـاهم‬
‫بالشتراك مــع تشــارلز ليــل ود‪ .‬هــوكر وآخريــن فــي بلــورة‬
‫النظرية واعداد كتاب "أصــل النــواع"‪ .‬قضــى أربــع ســنوات‬
‫على ضفاف نهر المازون‪ ،‬وثماني ســنين فــي جــزر المليــو‬
‫منقبا ً في مشكـلت العلم الطبيعي‪ .‬صدر له‪" :‬عالم الحيــاة"‬
‫– "تاريــخ جــزر المليـــو الطــبيعي" عــام )‪" – (1869‬تمهيــد‬
‫لنظريــة النتخــاب الطــبيعي" )‪" – (1867‬طبيعـــة المنــاطق‬
‫المعتدلـــة" )‪" –(1878‬المـــذهب الـــدارويني"‪ .‬ومقـــالت‬
‫مجموعة عنوانها‪" :‬نظرات علمية وإجتماعية"‪.‬‬

‫‪ – 25‬هوجببو دي فريببز ) ‪( 1935 – 1848‬‬


‫‪ Hugo de Vreis‬عالم تطــوري هولنــدي‪ .‬صــاحب‬
‫طفــرة ‪"mutation‬‬ ‫نظرية النشوء والرتقاء عــن طريــق "ال ّ‬
‫الــتي وضــعها عــام )‪ (1901‬مخالف ـا ً بــذلك مــذهبي دارويــن‬
‫طفرة]‪ [1‬هــو تغيــر أو تحــول مفــاجئ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ولمارك‪ ،‬ملخصها أ ّ‬
‫يطــرأ علــى الكروموســات أو الجينــات فيــؤدي إلــى مواليــد‬
‫جديــدة ذات خصــائص لــم تكــن لي مــن البــوين المنتجيــن‪.‬‬
‫والطفرة أمٌر نادٌر حدوثه إل أن في المكــان إحــداثه صــنعيا ً‬
‫عــن طريــق التعريــض لشــعة إكــس – حســب نظريتهــم ‪.-‬‬
‫ويعتــبر عــالم النبــات دي فريــز هــو أول مــن افــترض وجــود‬
‫عامل الطفرة‪ ،‬ولقد أجرى العالم المريكي "هرمـان مــولر"‬
‫تجارب في هذا الحقل على ذبابة الفاكهة‪.‬‬

‫‪ [1]1‬الطفرة ‪ :mutation‬الفتجاء أو التغايرالحيائي‪.‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[57‬‬
‫‪ – 26‬أوغسبببببببت وايزمبببببان )‪(1914–1834‬‬
‫‪ Augest Weissman‬عالم بيولوجي ألماني‪ .‬يعــد‬
‫أحــد مؤسســي علــم الوراثــة‪ ،‬وأحــد مؤسســي الداروينيــة‬
‫المحدثـــة‪ ،‬وصـــاحب نظريـــة التطـــور عـــن طريـــق البلزم‬
‫الجرثومي‪ .‬من آثاره المترجمة إلى اللغة النجليزية "نظريــة‬
‫النشوء والرتقاء ‪ ."The Evolution theory‬عام )‪.(1904‬‬

‫‪ – 27‬آرنست هاينريتش هيكل )‪(1914-1834‬‬


‫‪ Ernst Heinrich Heakel‬عــالم بيولــوجي‬
‫وفيلسوف نشوئي ألماني‪ .‬أي ّد َ نظرية داروين تأييدا ً حماســيًا‪.‬‬
‫مضــغيات]‪ [1‬وفــي علــم‬ ‫ُيعــزى إليــه اكتشــافات هامــة فــي ال ُ‬
‫الحيــوان أيض ـًا‪ .‬لــه أقــوال وتصــريحات رعنــاء فــي محاولــة‬
‫الّتدليل على صحة نظرية التطور العضوي يلقبونه‪" :‬رســول‬
‫التحرر الفكري"‪.‬‬

‫‪ – 28‬توماس هنري هكسلي )‪(1895 – 1825‬‬


‫‪ Thomas Henry Huxley‬عـــالم بيولـــوجي‬
‫جد جوليان هكسلي‪ ،‬وأيضا ً جد الــروائي والشــاعر‬ ‫بريطاني‪َ ،‬‬
‫النجليزي اولدس هكسلي‪ .‬ي ُعَد ُ من كبار علماء التشريح في‬
‫القــرن العشــرين‪ .‬التقــى بشــارلس دارويــن عــام )‪،(1851‬‬
‫حتى إذا أصدر دارويــن كتــابه "أصــل النــواع" عــام )‪(1859‬‬
‫سارع هكسلي إلــى تأييــد الداروينيــة والــدفاع عنهــا والعمــل‬
‫علــى نشــرها بيــن الجمهــور‪ ،‬وكــان قــد التحــق بالبحريــة‬
‫النجليزية كمساعد جراح‪ ،‬ولــم يعــد إلــى إنجلــترا إل ســنه )‬
‫‪ .(1850‬أشهر كتبه‪" :‬مرتبة النسان في الطبيعة"‪.‬‬

‫‪ [1]1‬المضغيات‪ :‬علم الجّنة‪.‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[58‬‬
‫يعتبر ثوماس هكسلي أقوى أنصار داروين فــي ذلــك الحيــن‬
‫لدرجة أن داروين نفسه كان يصغه بأنه "وكيلــه العــام" بينمــا كــان‬
‫هكسلي يصــف نفســه بــأنه "كلــب دارويــن الحــارس" وقــد كـّرس‬
‫جهوده ووقته وعلمه لجمع كــل مــا يمكــن مــن أدلــة وبراهيــن فــي‬
‫مجالت الجيولوجيا ودراسات النســان القــديم والبيولوجيــا والنــتر‬
‫جهَــت إلــى "الكتــاب‬ ‫بيولوجيــا‪ ،‬بــل وأيض ـا ً مــن النتقــادات الــتي وُ ِ‬
‫دس" ذاته لتعضيد نظريــة دارويــن‪ ،‬وأفلــح إلــى حــد بعيــد فــي‬ ‫المق ّ‬
‫الــدفاع عنهــا ونشــرها‪ ،‬خاصــة وقــد كــانت لــه قــدرة فائقــة علــى‬
‫المناقشة والجدل‪ ،‬وذلك فضـل ً عــن شخصــيته العدوانيــة الــتي لــم‬
‫دفاع عــن النظريــة خلل‬ ‫يكـن داروين يتمتـع بمثلها‪ ،‬وبذلك تولى ال ّ‬
‫معظــم المصادمـــات العديــدة الــتي وقعــت بيــن الكنيســة ودعــاة‬
‫التطور حينها حول القضية الداروينية ومشكلت نظريات التطور‪.‬‬

‫ل أشهر حالت الصــدام الــدرامي حــول الداروينيــة كــان‬ ‫ولع ّ‬


‫اللقـــاء الـــذي تـــم أثنـــاء اجتمـــاع "الرابطـــة البريطانيـــة ‪British‬‬
‫‪ "Association‬في أكسفورد عام )‪ ،(1860‬وكانت الداروينية هي‬
‫موضوع المؤتمر‪ ،‬وكان يقوم بدور "المدفع الضخم" ‪ -‬حسب تعبير‬
‫داونز – على الجانب المعارض للفكرة الداروينية أسقف أكســفورد‬
‫"صمويل ويلبر فــورس ‪ "Wilberforce‬الــذي التفــت – فــي ختــام‬
‫خطاب طويل عنيف حاول به تحطيم نظرية داروين – إلى هكسلي‬
‫ب أن أســأل‬ ‫صة وقال لــه بســخرية‪ :‬أحـ ُ‬ ‫الذي كان يجلس على المن ّ‬
‫الســتاذ هكســلي إذا كــان ينتمــي إلــى القــرود مــن ناحيــة جــده أو‬
‫جدته؟ وقد همس هكسلي إلى أحد أصدقائه‪ :‬لقد أوقعــه اللـه بيــن‬
‫يدي‪ ،‬ثم نهض ليجيب على السؤال حيث قال‪:‬‬

‫إذا سألت عما إذا كنت أختببار بيببن النحببدار‬


‫من ذلك الحيوان المسكين ذي الذكاء المحببدود‬
‫والمشببية المنحنيببة وبيببن النحببدار مببن صببلب‬
‫رجل على درجة عالية مببن المقببدرة والمهببارة‬
‫ويحتل مكانببة مرموقببة‪ ،‬ولكنبببه يسبببتغل هبببذه‬
‫الملكبات في الستهزاء بالباحثين‬

‫المتواضبببعين عبببن الحقيقبببة والعمبببل علبببى‬


‫هدمهم‪ ،‬فأنني ل أتردد فبي الجاببة علبى هببذا‬
‫السببؤال‪ :‬ليببس للنسببان أن يخجببل أن يكببون‬
‫هل‬ ‫قردًا‪ ،‬وإذا كان لي جدٌ أخجل أن أذكببره فببإن ّ ُ‬
‫بدّ وأن يكون هببذا الجببد إنسببانا ً لببه عقببل قلببق‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[59‬‬
‫متقلب وتفكير غيبر مسببتقر ول يقنبع بالنجباح‬
‫في مجببال نشبباطه‪ ،‬وإنمببا يلقببي بنفسببه فببي‬
‫المشباكل العلميبة الببتي ليببس لببه بهببا معرفببة‬
‫حقيقية‪ ،‬وكل ما يفلح أن يفعله هو أن يضببفي‬
‫عليها ستارا ً من الغموض عببن طريببق الخطابببة‬
‫الجوفبباء‪ ،‬وأن يصببرف انتببباه مسببتمعيه عببن‬
‫النقطببة موضببوع الخلف وذلببك بالتجبباه إلببى‬
‫السببتطرادات البليغببة والعتمبباد فببي حببذق‬
‫]‪[1‬‬
‫ومهارة على العاطفة اليدينية‪.‬‬

‫–‪(1975‬‬ ‫‪ – 29‬جببببوليان هكسبببلي )‪1887‬‬


‫‪ Juliann Huxley‬عــالم بيولــوجي بريطــاني حفيــد‬
‫توماس هنري هكسلي‪ ،‬وفق إلى اكتشافات هامة فــي علــم‬
‫الحيــاء "البيولوجيــا"‪ ،‬وقــد أكــثر مــن التــأليف فــي موضــوع‬
‫الّنشوء والتطور‪ ،‬ونهج نهج جده في تأييد الداروينية والــدفاع‬
‫عنهــا والعمــل علــى نشــرها بيــن الجمهــور‪ ،‬وعنــي بدراســة‬
‫سلوك النسان السيكولوجي والخلقي والجتمــاعي‪ ،‬وكــان‬
‫له خطاب طويل في مدح الداروينيــة فــي الــذكرى المؤويــة‬
‫ن‬
‫للداروينية الــتي أقيمــت فــي شــيكاغو عــام )‪ ،(1959‬إل أ ّ‬
‫جوليــان هكســـلي قــد خــالف نظريــة سبنســر عــن الصــراع‬
‫ً ]‪[2‬‬
‫والتنافس كما سيرد لحقا‪.‬‬

‫‪ – 30‬ايفبببان فلديميروفيتبببش ميتشبببورين‬


‫‪ Ivan Vladimirovich Michurin‬عــالم‬
‫بيولوجي روسي )‪ (1975-1855‬رفض قانون الوراثــة الـذي‬
‫وضعه الراهب "مندل" ووضــع مــذهبا ً فــي التطــور العضــوي‬
‫سمي نسبة إليه "الميتشورينية ‪ "Michurinism‬وهو مذهب‬
‫في التطور العضوي يعتبــر‬

‫شــكل ً مــن أشــكال اللماركيــة والــذي يقــول بــأ ّ‬


‫ن الصــفات‬
‫المكتسبة تنتقل بالوراثة إلى الذرية‪.‬‬

‫‪Downs, R., Books that changed the world – Menetor Books, N.Y. [1]1‬‬
‫‪1956 pp. 162 - 74‬‬
‫‪ [2]2‬انظر الفصل العاشر – " عصور التقدم البشري الولى "‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[60‬‬
‫‪ – 31‬تروفيم دينيسوفتش ليسببينكو)‪-1898‬‬
‫‪Trofim Denisovich Lysnko (1976‬‬
‫عالم بيولوجي سوفييتي‪ ،‬عمــل بتشــجيع مــن ســتالين علــى‬
‫إنتاج أنماط جديدة من المحاصيل فــي فــترة شــكى التحــاد‬
‫السوفييتي خللها أزمة خطيرة في النتاج الزراعي )‪-1927‬‬
‫‪ ،(1929‬وضــع مــذهبا ً فــي التطــور العضــوي نســب إليــه إذ‬
‫أطلق عليه اسم‪" :‬الليسنكووية ‪ "Lusenkoism‬وهو مذهب‬
‫فــي التطــور العضــوي وضــعه حــوالي العــام )‪ (1930‬يعتــبر‬
‫ل "الميتشورينية"‪ .‬والمذهب يقوم على إنكار وجــود‬ ‫تطويرا ً ِ‬
‫"المورثات ‪ "Genes‬والهرمونــات النباتيــة ودور "الصــبغيات‬
‫‪ "Chromosomes‬المتخصص‪ ،‬ويقوم على قاعدة أساســية‬
‫هي "الوحدة بين المتعضــي ‪ organism‬وبيئتــه"‪ ،‬مؤكــدا ً أن‬
‫ن فــي‬ ‫جميع أجزاء المتعضي ُتســهم فيمــا نــدعوه الوراثــة وأ ّ‬
‫إمكان البيئة أن تتحكم في هذه الوراثة‪.‬‬

‫لقـد جـرى اســتعراض أســماء مشـاهير أصـحاب النظريـات‬


‫والقائلين بالتطور العضوي حسب التواريــخ الزمنيــة لظهــورهم‪ .‬إل‬
‫داروين الجد الذي ُذكر قبــل اســم حفيــده تشــارلس دارويــن لكــي‬
‫يسهل على القارئ الّربط بين السمين‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[61‬‬
‫ما المصادر التي تــم النقــل عنهــا فهــي كــثيرة‪ ،‬ونظــرا ً لن‬
‫أ ّ‬
‫النقل عن معظمهم جرى عن أكثر من مصدر فلم يجــري الشــارة‬
‫ن أهمها كان ‪:‬‬ ‫إلى تلك المصادر في محله‪ ،‬إل أ ّ‬

‫أصل النواع – داروين‬ ‫‪-‬‬


‫موسوعة المورد العربية – منير البعلبكي‬ ‫‪-‬‬
‫البيولوجيا – ريتشارد جولدزبي‬ ‫‪-‬‬
‫البيولوجيا – د‪ .‬عدنان بدران وآخرين‬ ‫‪-‬‬
‫دائرة المعارف العربية للبستاني‬ ‫‪-‬‬
‫من الغريق إلى داروين – أوزبورن‬ ‫‪-‬‬
‫خلق ل تطور – د‪ .‬إحسان حقي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫جوليان هكسلي‬
‫‪1975–1887‬‬
‫عاِلم أحياء وطبيعة بريطاني‬
‫كان من أنصار الداروينية‬
‫المتحمسين في القرن الحديث‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[62‬‬
‫داروين ونظريته حول‬ ‫الفصل الرابع‬
‫خلق النسان‬
‫داروين ونظريته حول خلق‬
‫النسان‬ ‫]‪[1‬‬

‫ط في نظرته إلى أصل الخلق‬ ‫ل وش ّ‬


‫ن أشهر من ض ّ‬ ‫إ ّ‬
‫والنشوء كان "تشارلس وارنج داروين ‪ " Darwin‬الذي برز‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫منكرا أ ّ‬
‫بفكرته عام )‪ (1859‬حول أصل النواع ونشوء النسان ُ‬
‫وراء هذا الكون خالقا ً خلقه ومعلل ً الوجود بالتطور ‪،Evolution‬‬
‫تلك الفكرة التي ما أن نشرها حتى أحدثت عاصفة هوجاء من‬
‫الّنقاش والجدل حولها‪ ،‬فأيدها قوم وعارضها أو رفضها ونقضها‬
‫أقوام‪ ،‬تلك النظرية التي سنتعرض لشرحها باختصار‬
‫والتي تقول‪:‬‬

‫دم‬
‫ق َ‬
‫طوال عهود من الزمان موغلة في ال ِ‬
‫تنشأت صنوف مختلفة من الحياء‪ ،‬ومضت متطورة‬
‫فنيت غيرها وبادت‬ ‫ضاربة في سبيل الرتقاء‪ ،‬كما َ‬
‫واندثرت منقرضة لعجزها عن مسايرة مقتضيات‬
‫ي وبادَ من‬ ‫ما من َ‬
‫فن َ‬ ‫التطور – كليا ً أو جزئيًا‪ ،-‬أ ّ‬
‫ل مكانه غيره من الكائنات لنها‬ ‫الحياء فقد احت َ‬
‫أصلح للبقاء منها‪ ،‬وذلك لقدرتها على تحصيل‬
‫الّرزق أو مقاومة أفاعيل الطبيعة مثل الحر‬
‫والّرطوبة والجفاف وغير ذلك‪ .‬وهذه الصورة‬
‫سبيل‬‫المتفوقة خلل بعض الزمان عادت فأخلت ال ّ‬
‫ب فيها معين‬ ‫ض َ‬‫ما ن َ َ‬‫صور الحّية ل َ ْ‬‫لغيرها من ال ّ‬
‫الت ّك َُيف التي من شأنها أن توائم بين حاجات حياتها‬
‫وبيئتها التي تعيش فيها‪.‬‬

‫‪ [1]1‬كتاب "أصل النواع" – تشارلس دارويــن – ترجمــة إســماعيل مظهــر –‪ .‬طبعــة‬


‫مكتبة النهضه ‪ -‬بيروت وبغداد‪ .‬الصفحات ) ‪ ( 45-39‬ويسمى فيما بعد ) المرجع (‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[63‬‬
‫لقد ظهرت الحيـاة أول ما ظهرت في تلك الصورة‬
‫الهلمية التي نسميها‪ :‬الجبلة ‪ [1]"Protoplasm‬وهي المادة‬
‫الحّية الولى التي هي ال ّ‬
‫ذخيرة أو‬
‫الصل الذي تعود إليه كل صور الحياة من نبات أو حيوان‪.‬‬
‫فأبسط صور الحياة هو عبارة عن شذّرة صغيرة من الجبلة‬
‫أو البروتوبلزم تتضمن جسما ً مستديرا ً هو "النواة‬
‫‪ "Nucleus‬علوة على الجبلة وهي ما يسميه الحيائيون‬
‫"الخلية ‪ "Cell‬والتي ليس في استطاعة العين المجردة‬

‫‪ [1]1‬أما الجبلة فهـي الـبروتوبلزم ‪ :Protoplasm‬وهـي مـادة لزجـة ُتعتـبر قـوام الخليـا‬
‫الحية‪ ،‬وعليها يعتمد النمو والتكاثر وعمليات حياتية أخــرى‪ .‬تتــألف الجبلــة مــن‪ :‬النــواة‪،‬‬
‫صلي‪ .‬والنــواة هــي جســم شــبه كــروي يشــتمل علــى‬ ‫الحشوة‪ ،‬الغشاء البلزمي أو الم ْ‬
‫صبغيات ‪ ،chloromosemes‬وتؤلف الحشوة سائر الوحدة البروتوبلزمية وتشــتمل عــادة‬
‫على حبيبيات ذات أحجام مختلفة‪ .‬أما الغشاء البلزمي فيشــكل ســطح الوحــدة‪ ،‬ويقــع‬
‫عادة بين الغلف الخارجي القاسي نسبيا ً وبين مادة الحشوة ذات القوام الهلمي‪.‬‬
‫مــا الخليــة ‪ Cell‬فهــي الوحــدة البنيويــة الصــغرى الــتي تتــألف منهــا جميــع‬
‫أ ّ‬
‫ة‪ ،‬يحيـط بهـا‬ ‫الحيوانات والنباتات‪ ،‬وهي كتلـة مـن البروتوبلزمـا‪ ،‬صـغيرة مجهـري عـاد ً‬
‫منفذ يشــتمل علــى )النــواة ‪ ( nucleus‬وعلــى )الحشــوة ‪( cytoplasm‬‬ ‫غشاء نصف ُ‬
‫وعلى مواد أحرى غير حية‪ ،‬وتضم النــواة )الصــبغيات ‪ (chromosomes‬والمورثــات )‬
‫‪.( Genes‬‬
‫والكائن الحي قد يكون وحيــد الخليــة كالميبــة ) ‪ ،( ameba‬وقــد يتــألف مــن‬
‫مليين الخليا‪ ،‬ويقدرون عدد الخليا الموجودة في جسم النسان بآلف مليار خلية‪.‬‬
‫أما النواة ‪ nucleus‬فهي الجزء المركزي الموجب الشحنة من الذرة‪ ،‬والــذي‬
‫تدور حوله اللكترونات ) الشحنات السالبة ( فــي مــداراتها المســتقلة‪ .‬تشــتمل النــواة‬
‫ذرة‪،‬‬ ‫على كامل الكتلة الذرية تقريبا ً لكنها ل تشغل غيـر حيـز صـغير جـدا ً مـن حجـم الـ ّ‬
‫وتتألف النواة من بروتونات ونيوترونــات‪ ،‬أل أن نــواة الهيــدروجين تتــألف مــن بروتــون‬
‫واحد فقط‪.‬‬
‫أمـا الصــبغيات أو الكروموسـات ‪ :chloromosomes‬فهـي تلــك الجســيمات‬
‫الخيطية التي توجد أزواجا في نواة الخلية الحيوانيــة أو النباتيــة‪ ،‬والكروموســات بالغــة‬
‫الهمية لنها تحمل المورثات أو الجينات ‪ genes‬التي تحدد الصفات الوراثية المميــزة‪،‬‬
‫وعددها ثابت في كل نوع من النواع ) ‪ ،( species‬ففي خلية النسان ‪ 23‬زوجا ً منهــا‪،‬‬
‫وفي خلية الحصان ‪ 30‬زوجًا‪ ،‬وفي خلية الضاليا ‪ 32‬زوجًا‪.‬‬
‫أما المورثات أو الجينات )‪ ( Genes‬فكل جينــة جــزء مــن الكروموســوم يحــدد‬
‫الصفات الوراثية المميزة في الحيوانــات والنباتــات‪ .‬ومــن الصــفات الــتي تتحكــم فيهــا‬
‫الجينات الحجم والوزن واللون ) كلون العينين مثل ً (‪ ،‬ول يرى العلماء حتميــة أن تكــون‬
‫ن لديهم تثبت وجــود بعضــها فــي‬ ‫الجينات جميعها في الكروموسات فقط‪ ،‬بل يقولون أ ّ‬
‫الحشوة أيضًا‪ ،‬وعلى كل حال فالجينات تتألف في المقام الول من حمض نووي يدعى‬
‫)د‪.‬ن‪.‬أ‪ ( .‬أي )حامض ديوكسي ريبونيو كلييك( ‪(.Deoxyribonucleic acid ( D.N.A‬‬
‫وهو حمض نووي يتواجد في نوى الخليا خاصة وتتألف منه الجينات أو المورثات‪ ،‬وهـذا‬
‫الحمض يتحكم تحكما ً كبيرا ً في عمليات الوراثة‪ ،‬وقــد حــدد العــالم الحيــوي الكيميــائي‬
‫ب)‬ ‫البريطــاني ) فرنســيس كريــك ‪ ( Crick‬طبيعــة الــبيئة الجزئيــة ) ‪ِ ( molecular‬‬
‫‪ (.D.N.A‬فاعُتبر هذا التحديد أعظم كشف بيولوجي وفق إليه العلماء خلل هذا القرن‪.‬‬
‫ب ) ر‪ .‬ن ‪ .‬أ( ) ) ‪RNA‬‬ ‫ن‪ .‬اعتـــبر العلمـــاء ) حمـــض الريبونيوكلييـــك ( المعـــروف ِ‬
‫ب ) ‪ (DNA‬وأن )‪ (RNA‬له‬ ‫‪ ( ( Ribonucleic acid‬بأنه الحمض النووي الوثيق الصلة ِ‬
‫أثر كبير في السيطرة على النشاطات الكيميائية لخليا الجسم‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[64‬‬
‫رؤيتها دون الستعانة بالمجهر‪ ،‬وكل الحياء على إطلق‬
‫ما أن تتألف من خلية واحدة أو من خليا متعددة ‪،‬‬
‫القول إ ّ‬
‫والنسان نفسه ل يتعدى أن يكون توليفة من عدد ل يحصى‬
‫من الخليا المختلفة‪ ،‬كما أن الحيوانات تنقسم إلى‬
‫قسمين من ناحية تركيبها ‪:‬‬
‫وحيدة الخلية‪ ،‬وتسمى " الوالى أو البرزويات "‬ ‫‪.1‬‬
‫‪Protozoa‬‬
‫متعددة الخليا‪ ،‬وتسمى " المتزويات " ‪Metazoa‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ن كافة الموجودات قد نشأ من أصل واحد وهو "وحيد‬ ‫إل أ ّ‬


‫ن متعددة الخليا كانت في أول‬ ‫الخلّية ‪ ،" Protozoa‬وذلك يعني أ ّ‬
‫أمرها بسيطة الّتركيب‪ ،‬مثل‪ :‬حيوان "المرجان ‪" ،"Corals‬قناديل‬
‫البحر ‪" ،"Jelly-fish‬شقائق البحر ‪ "Sea-anemones‬وما إلى‬
‫ذلك‪ ،‬وشجرة الحياء التي اعتمدها أصحاب النظرية والتي سنثبتها‬
‫ن أصل الحيوانات جميعا ً يعود إلى‬ ‫لحقا ً]‪ [1‬تؤكد بوضوح تام أ ّ‬
‫الجبّلة حسب ما قرروه في نظريتهم‪.‬‬

‫عقيب ذلك ظهرت صور جديدة من الحيوان الدودي الصورة أو‬


‫"الحيوانات الدودية ‪ " Worms‬التي نشأ منها " الّرخويات‬
‫‪ " Mollusks‬مثل‪ :‬المحار ‪ Oysters‬والحلزين ‪Spirally‬‬
‫والحّبارات ‪ Cattle-fish‬التي هي نوع من هي نوع من السماك‬
‫‪ . fish‬ثم ظهرت " الشوكيات ‪ "Rachidians‬والتي تعرف أيضا‬
‫باسم‪ "Echinodermata" :‬مثل‪" :‬نجوم البحر ‪ " star fish‬و‬
‫"قنافذ البحر ‪"sea-urchins‬‬

‫و"خيار البحر ‪ . " sea-cucumber‬ثم تلي ذلك " القشريات‬


‫‪ "Crustaceans‬مثل‪ :‬السراطين ‪ Crabs‬والجمبري ‪ ، Prawn‬ثم‬
‫بعد ذلك ظهرت "الحشرات ‪."Insects‬‬

‫م بعد ذلك ظهرت صور جديدة من الحيوان هي عشائر ذات‬ ‫ث ّ‬


‫ل وجودها على انقلب كبير في سير الحياة‪،‬‬ ‫صفات مستحدثة د َ ّ‬
‫فكل الحيوانات التي ذكرنا من قبل كانت رخوة القوام لينة‬
‫ن بعضا ً منها مثل السراطين‬
‫الجسام معدومة العظام‪ ،‬ولو أ ّ‬
‫وقنافذ البحر والمحار قد اختصت بأصداف تقي ذواتها من العطب‪،‬‬
‫أمــــا الصور الجديدة فكان لها حبل متين يمتد على طول الجسم‬
‫‪ [1]1‬المرجع‪ .‬صفحة ) ‪ .( 41‬ارجع أيضا ً إلى شجرة الحيــاء ألمثبتــه بتصــرف بعــد هــذا‬
‫الفصل‪ ،‬وجدول تطور الا الحياة ) الفصل التاسع من هذا الكتاب (‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[65‬‬
‫ويسمى علميا ً "الّرتمة ‪ "Notochord‬وكان ظهور هذا الحبل أول‬
‫مدارج التطور نحو تكوين واستحداث "الفقار أو الصلب ‪Oxon-‬‬
‫قارة‬ ‫‪ "loin‬المؤلف من أجزاء عظمية ك ٌ‬
‫ل منها يسمى "ف ّ‬
‫ن طبيعة العيش اقتضت استحداث تطور أو‬ ‫‪ ،"vertebro‬أي أ ّ‬
‫انقلب جديد بظهور "العظام ‪ "Bones‬فظهرت أول ً الحيوانات‬
‫ذات الّرتمة‪ ،‬وقد سميت علميا ً "الّرتميات أو الحبليات ‪Phylum‬‬
‫شكل ومن أهل الماء وأشهرها‬ ‫‪ "chordate‬فكانت سهمية ال ّ‬
‫"الطريف" الذي يسمى أيضا ً "السهيم أو الحريب ‪March‬‬
‫‪ "trefoil‬ومن السهيم ظهرت "السماك ‪."Fishes‬‬

‫لقد بدأ ظهور السماك بالصورة ذات الهيكل الغضروفي "‬


‫‪ "Cartilage‬ثم ظهر بعد ذلك "السـماك ذات الهيكل العظمي‬
‫الصلب ‪ " Skeleton‬المسماة علميا ً "‪ " Bony fish‬مثل‪:‬‬
‫"الصمون ‪ "Salmon‬و "القد ‪ "Cod‬و "الفرخ ‪ ،"Perch‬كما تفرع‬
‫من الحريب صور أخرى مثل السباذج والجلكيات ‪Sea squids‬‬
‫وهي نوع من الحياء ل رتمة لها‪ ،‬أي ليس لها حبل ظهري إل‬
‫عندما تكون صغيرة وفي أول عهدها بالحياة‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[66‬‬
‫أما الحياء التي نشأت بعد ذلك فجميعها من ذوات الفقار‬
‫‪ Vertebrata‬وبذلك تكون الحياء قد انقسمت إلى‬
‫قسمين هما ‪:‬‬
‫]‪ [1‬الفقاريات ] ذوات الفقار [ ‪Vertebrata‬‬
‫]‪ [2‬اللفقاريات ] معدومة الفقار [ ‪Invertebrates‬‬
‫ظهر بعد ذلك أسماك متطورة تستطيع أن تعيش في‬
‫الطين اللزب إذا ما غاص الماء في فصول الجفاف‪ ،‬وبدل ً من أن‬
‫تتنفس بخياشيمها كبقية السماك فقد نشأ لها مع هذا التطور‬
‫سبح‬ ‫جهاز آخر هو عبارة عن رئات أولية تحولت عن مثانة ال ّ‬
‫)العوامة( فتدرعت بجهازين للتنفس وسميت تلك السماك‬
‫"السماك ذات الّتنفسـين ‪."Diploids‬‬

‫ومن ذوات الّتنفسين تنشأت "البرمائيات ‪"Amphibians‬‬


‫وهي الكائنات البرية المائية مثل الضفادع ‪ Frogs‬وأمثالها‪ ،‬وتلك‬
‫الكائنات البرية المائية تستطيع العيش على سطح اليابسة تماما ً‬
‫كما تستطيع العيش في الماء‪.‬‬

‫ومن البرمائيات تنشأت "الزواحف ‪ "Reptiles‬أمثال‪:‬‬


‫التماسيح ‪ Crocodiles‬والعظايا ‪ Lizards‬والحّيات ‪.Ophidians‬‬
‫ومن فرع الّزواحف تنشأت "الطيور ‪."Birds‬‬

‫ومن الزواحف تنشأت أيضا ً "الثدييات – ذوات الثدي –‬


‫‪ " Mammilla‬التي تغذي صغارها بالحليب )اللبن( لبببذا سموها‬
‫م استعيض عن هذا السم‬ ‫نسبة للحليب "اللبونات ‪ "Mammals‬ث ّ‬
‫بآخر هو "الثدييات ذات البيوض ‪"Egg-laying Mammals‬ومن‬
‫الثدييات ذات البيوض تنشأت "الجلبانيات ذوات الكيس ‪Pouched‬‬
‫‪ "animals‬مثل الكنغر ‪ Kangaroo‬وغيره‪.‬‬

‫شَعب متفرقة من الحياء‬ ‫ما الجلبانيات فقد تفرع منها ُ‬


‫أ ّ‬
‫صعابير أو الليامير ‪" Lemurs‬‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫"‬ ‫البشرية‬ ‫نظر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫وجهة‬ ‫من‬ ‫أهمها‬
‫صعابير تنشأت‪:‬‬
‫ومن تلك ال ّ‬
‫‪Tailed Monkeys‬‬ ‫] ذوات‬ ‫‪.1‬‬
‫الذيول [‬ ‫سبعادي‬
‫ال ّ‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[67‬‬
‫‪Tailless Apes‬‬ ‫‪ .2‬القردة ] فاقدة‬
‫الذيول [‬
‫مــــا‬‫صعابير نشأ "النسان ‪ ." Man‬أ ّ‬ ‫ومن نوع ما من ال ّ‬
‫ي من الشعوب العديدة التي تنشأت عن الصعابير تنشأ‬ ‫من أ ٍ‬
‫شك عند داروين وزمرته‬ ‫النسان بالتأكيد فأمر ل زال محوطا ً بال ّ‬
‫من علماء الّتطور ومن واضعي نظريات الّنشوء والرتقاء‬
‫ن سلفا ً من السلف البشرّية‬ ‫عمومًا!!! ولكن الّراجح عندهم أ ّ‬
‫م جاء‬‫المشـابهة للنسان والرطان ‪ Orangutan‬والجبن ‪ .‬ث ّ‬
‫]‪[3‬‬ ‫]‪[2‬‬ ‫]‪[1‬‬

‫]‪[4‬‬
‫"النسان ‪." Man‬‬

‫ن "النسان القرد ‪ "Ape-man‬وهو أحد‬ ‫ويتقول بعضهم أ ّ‬


‫الّرئيسات ‪ Primates‬المنقرضة ُيعتبر حلقة متوسطة بين القردة‬
‫صعابير‬
‫العليا والنسان الحديث‪ .‬ويظهر من نظرياتهم أّنه من ال ّ‬
‫سـغل ‪ " Dystrophy‬وهو حيوان صغير من الّرئيسات في‬ ‫جاء "ال ّ‬
‫دماغه تلك البلديات التي على غرارها تشكل الدماغ البشري‪،‬‬
‫ن السغل قد يكون الصل الذي نشأ منه‬ ‫ومما يذهب إليه بعضهم أ ّ‬
‫النسان]‪.!!! [5‬‬
‫دت جميع‬ ‫ه بالّتطور قد ُوج َ‬
‫ويجذم القائلون بنظرية داروين أن ّ ُ‬
‫ج بعضها من بعض على طول الحقاب‬ ‫خَر َ‬
‫الكائنات الحّية‪ ،‬ف َ‬
‫ن الّزمن‬ ‫ُ‬
‫الجيولوجّية‪ .‬ومما يتقوّل به علماء الفلك والجيولوجيا بأ ّ‬
‫سديم الصلي]‪ [6‬حتى ظهور‬ ‫الذي انقضى منذ انفصال الرض من ال ّ‬
‫‪ [1]1‬القردة الشبيهة بالنسان ) أشباه النسان ( ‪ :anthropoid apes‬مجموعة مــن‬
‫الرئيسات العليا تشمل الغــوريل الشــمبانزي وإنســان الغــاب والجب ّــون‪ ،‬وهــي قــردة ل‬
‫سير منتصبة القامة وبارعة في الّتسلق‪.‬‬ ‫أذناب لها قادرة على ال ّ‬
‫‪ [2]2‬الرطان هو إنسان الغاب أو الورانغوتــان ‪ Orangutan‬وأحــد " القــردة الشــبيهة‬
‫بالنسان "‪ .‬موطنه الغابات السبخة في بعض مناطق بورينــو وسـومطره‪ .‬يبلــغ ارتفــاع‬
‫ذكر البالغ منه ‪ 137‬سنتيمترا ً ويبلغ وزنه نحو ‪ 75‬كيلو غراما ً وهو ذو ذراعين مديدتين‬ ‫ال ّ‬
‫تكادان تبلغان الرض حين يقف منتصبا ً ورجلين قصيرتين نسبيا ً وآذنين صغيرتين وشعر‬
‫بني محمر‪ .‬وإنسان الغاب شجري العادات يقتات بالثمار في المحل الول‪.‬‬
‫‪ [3]3‬الجبن‪ :‬نوع من القردة من مجموعة أشباه النسان‪.‬‬
‫‪ [5]4‬المرجع‪ .‬صفحة ) ‪ ( 44‬بتصرف‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫سديم – الغيمة السديمية ‪ :( (nebula‬كتلة سحابية الشكل مــن غــاز أو غبــار أو‬ ‫]‪ [1‬ال ّ‬
‫‪6‬‬

‫ً‬
‫كليهما معا تكون في الفضاء الواقع بين النجوم وتتوهج بفعل أشــعة النجــوم المجــاورة‬
‫المنعكسة عليها‪.‬‬
‫الفرضية السديمية ) ‪ :( nebular hypothels‬نظرية وضعها الرياضــي الفرنســي‬
‫ن الشــمس نشــأت عــن ســديم غــازي ضــخم ســاخن‬ ‫لبلس عام ) ‪ .( 1796‬تقول بأ ّ‬
‫دّوار‪ ،‬ب ََرد َ شيئا ً فشيئا ً ةتقّلص متخذا ً شكل ُ‬
‫كرة‪ .‬ولقد كــان مــن نتــائج هــذا التقلــص أن‬
‫دورها وشــكلت الكـواكب‬ ‫ت عازيــة مــا لبثـت أن تقلصــت بـ َ‬‫حلقا ٌ‬
‫انفصلت عن الشمس َ‬
‫سيارة‪ ،‬وهكذا نشأ النظام الشمسي‪ .‬وقد أخــذ علمــاء الفلــك بهــذه الفرضــية طــوال‬ ‫ال ّ‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[68‬‬
‫النسان يتراوح بين ثلثة آلف مليون سنة وبين خمسة عشر ألف‬
‫ن الفرق بين تقدير العلماء في قياس ذلك الّزمن‬
‫مليون سنة‪ ،‬أي أ ّ‬
‫يبلغ اثنى عشر ألف مليون سنة فقط]‪.!!![1‬‬

‫كان هذا تلخيصا ً شامل ً لتسلسل الحياة بدءا ً بالجبلة الولى‬


‫مرورا ً بالديدان والحشرات والبهائم والقرود وصول ً بالنسان‪ ،‬كما‬
‫دت‬‫ج َ‬
‫يفترض ذلك داروين في نظريته‪ ،‬فهو يرى أّنه بالتطور وُ ِ‬
‫ما من أي القرود تنشأ‬ ‫جميع الكائنات الحّية إلى أن ظهر النسان‪ ،‬أ ّ‬
‫النسان بالتأكيد – ذوات الذيول أم فاقدتها – فأمر ل يزال محوطا ً‬
‫ن سلفا ً من السلف‬ ‫شك لديهم!!! ولكن الراجح لديهم أ ّ‬‫بال ّ‬
‫البشرية المشابهة للنسان قد تطور عنه بالتأكيد الغوريل‬
‫م جاء بعدهم النسان ومن أحدهم‪.‬‬ ‫والشمبانزي والرطان ‪ ،‬ومن ث ّ‬

‫م فيما‬
‫س َ‬
‫ن هذا التسلسل العجيب للحياة وتطورها قد ُر ِ‬
‫إ ّ‬
‫أسموه "شـجرة الحياء" نثبتها كما وردت – وبتصرف ‪ -‬في كتاب‬
‫داروين "أصل النواع"]‪ [2‬مع ملحظتين‪:‬‬
‫رسمت شجرة الحياة من أسفل إلى أعلى وليس العكس‪،‬‬ ‫]‪[1‬‬
‫بناء على نظرية داروين "البقاء للصلح" لذا فتقرأ من‬
‫أسفل إلى أعلى وليس العكس‪.‬‬
‫حة ما ورد في نظريته حول الصول الولى‬ ‫يؤكد داروين ص ّ‬ ‫]‪[2‬‬
‫دم‪ ،‬في حين ل يستطيع‬‫ق َ‬
‫للحياء المتناهية والموغلة في ال ِ‬
‫التأكد من الصول القريبة نوعًا‪ ،‬فالنسان نشأ من الصعابير‬
‫سعادين‪ ،‬وبالتأكيد فالنسان قد نشأ‬
‫التي أنتجت القرود وال ّ‬
‫ما أيهم بالتأكيد على وجه التحديد؟ فل‬‫من أحدهم‪ ،‬أ ّ‬
‫يستطيع التأكيد!!!‪.‬‬

‫القرن التاسع عشر‪ ،‬حيث أهملت بعد التحول عنها واستبعادها‪.‬‬


‫وفي نهاية القــرن التاســع عشــر أخــذ العلمــاء بفرضــية جديــدة بــدلها هــي الفرضية‬
‫الكويكبية ‪ Planetesimal hypothesis‬وهي فرضية طلع بها العالمــان الميركيــان‬
‫توماس تشمبرلين وفورست مولتون‪ ،‬عــام ) ‪ ( 1906‬لتفســير نشــوء الكــواكب‬
‫ن الشمس لم يكن لها في الماضي السحيق كواكب سيارة تدور‬ ‫السيارة‪ .‬وهي تقول إ ّ‬
‫ن كتل ً ضخمة من المادة ُفصلت عنها بفعل جاذبية نجم أكــبر منهــا‪ ،‬وان هــذه‬ ‫حولها‪ ،‬وأ ّ‬
‫الكتل التي تسمى الكويكبات اتخذت لهـا مـدرات اهليجيـة حـول الشـمس ثـم اتحـدت‬
‫لتشكل ما ُيعرف بالكواكب السيارة‪.‬‬
‫‪ [2]1‬المرجع‪ .‬صفحة ) ‪.( 44‬‬
‫‪ [1]2‬المرجع‪ .‬صفحة ) ‪.( 41‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[69‬‬
‫شجرة الحياة حسب‬ ‫الفصل الخامس‬
‫نظرية داروين‬
‫شجرة الحياة حسب نظرية داروين‬
‫]‪[1‬‬

‫‪ [1]1‬المرجع‪ .‬صفحة ) ‪( 41‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[70‬‬
‫نشأة الحياة‬ ‫الفصل السادس‬

‫نشـــــأة الحيـــــــاة‬
‫]‪[1‬‬
‫تسرد كيفية نشأة الحياة دورية " عالم الفكر‬
‫كالتالي ‪:‬‬
‫)وكيفية ظهور الحياة ما زالت موضع دراسة وإن كانت‬
‫البحاث الحديثة في الكيمياء الحيوية ‪ Biochemistry‬وعلم‬
‫الخلية ‪ Cytology‬والفيروسـات ‪ Viruses‬قد ألقت بعض الضوء‬
‫على هذه المشكلة‪ ،‬ولكن العلماء لم يصلوا بعد إلى حل لهذا‬
‫سر نشـأة‬‫سر وربما لن يصلوا إليه إلى البد‪ ،‬وأقدم نظرية تف ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ذاتي أو التلقائي‬ ‫الحياة هي‪" :‬نظرية الّنشوء ال ّ‬
‫‪ ، "Spontaneous Generation‬وتبعا ً لهذه النظرية تنشأ‬
‫النواع المختلفة من الحياة حتى المعقدة منها تلقائيا ً من مواد غير‬
‫حّية‪ ،‬فمثل ً كان الفيلسوف الغريقي الشهير"أرسطو ‪" Aristole‬‬
‫يعتقد أن البعوض والبراغيث نشأت من المواد المتحللة‪ ،‬ولكن‬
‫تمكن الطبيب اليطالي "ريدي ‪ "Redi‬في القرن السابع عشر‬
‫والقسيس اليطالي "سبالنزاني ‪ "Spallanzani‬في القرن‬
‫الثامن عشر من إثبات خطأ هذه النظرية‪ ،‬ولكن بعد اكتشاف‬
‫ل العلماء يؤمنون بإمكانية نشوء هذه‬ ‫البكتيريا ‪ Bacteria‬ظ ّ‬
‫دقيقة جدا ً تلقائيا ً من أي وسط عضوي ‪Origanic‬‬ ‫الكائنات ال ّ‬
‫‪ medium‬حّتى تمكن العالم البكتريولوجي الفرنسي الشهير‬
‫"باستير ‪ "Pasteur‬من إثبات خطأ هذا الّرأي بالتجربة‪.‬‬

‫والّنظرية الثانية هي " النظرّية الكونّية‬


‫ن البذور أو الجراثيم‬
‫‪ "Cosmozoic theory‬التي تنادي بأ ّ‬
‫‪ Apores‬الولى للحياة وصلت إلى كوكبنا بطريقة ما من مكان‬
‫ن هذه الّنظرية غير مقنعة لسببين‪ :‬الّول‬ ‫آخر في الكـون‪ .‬ولك ّ‬
‫أنها ل تفـسر‬

‫كيفية نشوء الحياة على الطلق تغير منشأها من الرض إلى‬


‫ن الجفاف‬
‫مكان بعيد وغير محدد من الكون‪ ،‬والسبب الثاني أ ّ‬
‫‪ [1]1‬دورية " عالم الفكر "‪.‬العدد الرابع‪ .‬المجلد الثالث‪ .‬صفحة ) ‪.( 15‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[71‬‬
‫الشديد والبرد القارس والشعاع القوي الذي يتميز به الفضاء فيما‬
‫بين الكواكب المختلفة ل يسمح إطلقا ً لبذور الحياة بأن تمر من‬
‫]‪[1‬‬
‫كوكب إلى آخر‪(.‬‬

‫ما الراء الحديثة لعلماء الّتطور في كيفية نشوء الحياة‬‫أ ّ‬


‫ن حالة البحار البدائّية من حيث‬ ‫وشرحها فهي معقدة وملخصها أ ّ‬
‫درجة الحرارة والشعاع والتركيب الكيميائي شجعت على تكوين‬
‫وبقاء عدد كبير جدا ً من مركبات الكربون ‪ Carbon‬المختلفة‪ ،‬ثم‬
‫بواسطة عدد ل يحصى من اتحادات هذه المركبات بعضها ببعض‬
‫تكونت أجزاء فيزيائية كيماوية ‪ Physic-chemical‬لها طبيعة ثابتة‬
‫ن هذه الكائنات‬‫نسبيا ً وتتميز بالصفات الساسّية للحياة معتقدين أ ّ‬
‫البدائّية أو الولّية ‪ Proto-organisms‬كانت تشبه في أول‬
‫مراحلها الجين ‪ Gene‬الحامل للصفات الوراثية‪ ،‬بينما يؤكد علماء‬
‫آخرون مقارنتها بالفيروس ‪ Virus‬يعيش عيشة حّرة‪ ،‬إنما هم‬
‫ن أول الشياء التي ظهرت على الرض لم تظهر بصفة‬ ‫متفقون أ ّ‬
‫خليا إنما بصورة أشياء هي أبسط من الخليا بكثير يمكن تسميتها‬
‫ن الوقت الذي تحولت فيه‬ ‫جزيئيات حّية ‪ ،Living molecules‬وأ ّ‬
‫تلك الجزيئيات الحّية إلى مرحلة الخلية الواحدة مثل حيوان الميبا‬
‫ً ]‪[2‬‬
‫‪ Amoeba‬هو وقت طويل جدا ً نسبيا‪.‬‬

‫‪ []1‬المصدر السابق‪ .‬صفحة )‪(15‬‬


‫‪ [2]2‬المصدر السابق‪ .‬صفحة )‪.(16-15‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[72‬‬
‫تطور النسان‬ ‫الفصل السابع‬
‫]‪[1‬‬
‫تطـــور النســـــان‬
‫يتضمن سجل تطور الجنس البشري مجموعة من الشكال‬
‫اقتربت تدريجيا ً من هيئة النسان الحالي‪ ،‬ويمكن اعتبار إنسان‬
‫جنوب أفريقيا القرد ‪ Australopithecus africanus‬أول نوع‬
‫مشابه حقيقة للنسان‪ ،‬ولقد عاش هذا النوع منذ حوالي مليون‬
‫شَبه بالقرد الكبير من حيث شكل‬‫سنة وكان قصيرا ً نسبيا ً وبه َ‬
‫وصفات الجسم‪.‬‬

‫ولقد اكتشفت عدة حفريات من هذا النوع في أفريقيا‬


‫ن هذا‬
‫بواسطة العالم "دارت ‪ ."Dart‬ويعتقد الن معظم العلماء أ ّ‬
‫النوع يتميز بصفات عائلة النسان وعائلة القرود وبذلك ل يمكن‬
‫اعتباره قردا ً أو إنسانًا‪ ،‬وكان حجم مخه يساوي تقريبا ً نصف حجم‬
‫مخ النسان الحالي‪ ،‬وكان يستطيع أن يصطاد الحيوانات ليأكلها‬
‫بواسطة أسلحة حجرية‪.‬‬

‫أما النوع الذي يعتبر فعل ً إنسانا ً فيسمى "إنسـان‬


‫كرومانيون ‪ "Cro-Magnon‬الذي عاش ‪ 32000‬سنة إلى ‪15000‬‬
‫طبع ذكيا ً‬
‫سنة‪ ،‬ولقد كان هذا النوع طويل ً ومنتصب القامة وال ّ‬
‫نسـبيًا‪ .‬ولقد اكتشفت حفريات هذا النوع في كهوف بوسط‬
‫فرنسـا‪ ،‬ولحظ العلماء في هذه الكهوف وجود بقايا حضارة على‬
‫هيئة أسلحة وعاج منحوت‪ ،‬بل أن هذا النوع كان يتمتع ببعض‬
‫الموهبة الفنّية لوجود رسومات وصور زيتية لحيوانات – انقرض‬
‫معظمها الن – على جدران الكهوف التي عاش فيها هذا النوع‪.‬‬

‫ولقد اكتشف علماء الحفريات عددا ً من النواع المتوسطة‬


‫بين الّرجل القرد الفريقي وإنسان كرومانيون أذكر منها‬
‫النواع التالية ‪:‬‬
‫النسببان القببرد نسبة لجزيرة جاوه بإندونيسيا ] ‪Java ape‬‬
‫الجببببببببببباوي ‪[ man :‬‬

‫‪ [1]1‬جميع هذا البحث منقول من مقال للدكتور علم الدين كمال‪ .‬الستاذ بكلية العلوم‬
‫بجامعة القاهرة في دورية " عام الفكر " العــدد الرابــع ‪ -‬المجلــد الثــالث‪ .‬الصــفحات )‬
‫‪.( 34 – 32‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[73‬‬
‫إنسببببببببببببببان الذي اكتشفت بقاياه بالصين ] ‪[ Pecking man‬‬
‫بكيببببببببببببببن ‪:‬‬
‫إنسببببببببببببببان الذي اكتشفت حفرياته في ألمانيا ] ‪Heidelberg‬‬
‫هايبببببببببدلبرج ‪[ man :‬‬
‫إنسببببببببببببببان الذي اكتشف في وادي نياندرتال بألمانيا ]‬
‫نيانببببببببدرثال ‪[ Neanderthal :‬‬

‫وما زالت الكتشافات بخصوص‬


‫هذا الموضوع تتوالى حتى‬
‫وقتنا الحاضر‬
‫أما النسان الحديث فيسمى "النسان العاقل ‪Homo‬‬
‫‪ ،"Sapiens‬وقد بدأ ظهوره منذ حوالي ‪ 12000‬سنـة فقط‬
‫والتغيرات التي أدت إلى تكوينه كانت عقليــة أكثر منها جسمانّية‬
‫وبمعنى آخر أّدت العمليات الّتطورية – بإرادة الله سبحانه وتعالى‬
‫وة البدن‪ ،‬ولقد مك ّ َ‬
‫ن ذكاء‬ ‫وة العقل وليست ق ّ‬‫– إلى زيادة ق ّ‬
‫النسان من أن يكّيف نفسه حسب البيئة ويتحكم فيها وبذلك‬
‫سائد فوق الرض في العصر الحديث‪.‬‬ ‫أصبح النسان الحيوان ال ّ‬

‫أما أول مكان ظهر فيه النسان الحديث فل نستطيع‬


‫تحديده حتى الن‪ ،‬فبعض العلماء يعتقدون أنه ظهر أول ً في آسيا‬
‫ن النسان‬ ‫وبعضهم يقول أنها أفريقيا‪ ،‬وعلماء الّتطور ل يقولون أ ّ‬
‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫يعتقدون‬ ‫مة من الّناس وإنما‬‫انحدر من القرد كما يعتقد العا ّ‬
‫ف مشترك‪.‬‬ ‫سل َ ٌ‬
‫النسان والقرد كان لهما ّ‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[74‬‬
‫وفي بداية هذا الشهر]‪ [1‬أذاعت وكالت النباء ملخصا ً‬
‫لكتشاف هام قام به "الدكتور ريتشارد ليكي" مدير المتحف‬
‫دمه إلى‬ ‫الوطني في كينيا‪ ،‬فقد أعلن هذا العالم – في تقرير ق ّ‬
‫الجمعّية الجغرافّية الوطنّية في واشنطون – أّنه اكتشف في جبل‬
‫حجري بصحراء تقع شرق بحيرة رودلف في كينيا بقايا جمجمة‬
‫وساق يرجع تاريخها إلى مليونين ونصف مليون عام‪ ،‬ولذلك تعتبر‬
‫مها مليونا ً‬ ‫هذه البقايا أقدم أثر للنسان الول لنها تمتد في قِد َ ِ‬
‫]‪[2‬‬
‫ونصف مليون عام من أقدم أثر أمكن الحصول عليه حتى الن‪.‬‬
‫ن هذه الجمجمة ل تشبه جماجم‬ ‫وأك ّد َ ليكي أّنه بالرغم من أ ّ‬
‫النسان الحديث أل أنها تختلف كذلك عن جميع أشكال الجماجم‬
‫ن‬
‫لول‪ ،‬والكتشاف الجديد يبين أ ّ‬ ‫التي ع ُث ِر عليها للنسان ا ّ‬
‫َ‬
‫المخلوق النساني المنتصب ذا الساقين لم يتطور عن المخلوق‬
‫البدائي الذي يشبه القرد بل كان يعاصره منذ حوالي مليونين‬
‫ونصف مليون عام‪ ،‬وذكرت الجمعّية الجغرافّية المريكّية في‬
‫ن الرجل القرد‬ ‫ن نظرية هذا العالم تقوم على أساس أ ّ‬ ‫تعليق لها أ ّ‬
‫الفريقي )وكان أساسا ً من أكلة النباتات( قد وصل إلى مرحلة‬
‫تطورية مسدودة بينما استطاع النسان )الذي استخدم اللحم في‬
‫غذائه( أن يبقى على قيد الحياة‪ ،‬ولـــذا اختتم ليكي تقريره قائل ً‬
‫ن اكتشافه يمكن أن يقلب النظريات القائمة بشأن كيف ومتى‬ ‫أ ّ‬
‫]‪[3‬‬
‫تطور النسان عن أجداده فيما قبل الّتاريخ‪.‬‬

‫نماذج بعض أشكال مراحل تطور النسان‬


‫قبل الوصول‬
‫إلى مرحلة النسان العاقل‬
‫‪ [1]1‬نوفمبر عام ) ‪.( 1972‬‬
‫‪ ) [2]2‬الرجل الفريقي الذي عاش منذ مليون عام (‪.‬‬
‫‪ [3]3‬المصدر السابق‪ .‬صفحة ) ‪.( 34– 32‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[75‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[76‬‬
‫كيف نشأ النسان‬ ‫الفصل الثامن‬
‫كيف نشــأ النســـــان‬
‫]‪[1‬‬

‫ن‬
‫ك عند داروين وأمثاله‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ن ذلك ل يزال موضع ش ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ن أوالي البشر لم يكونوا على صورة النسـان الحالي بل‬ ‫نظرتهم أ ّ‬
‫كانوا أكثر مشابهة للقردة العليا كالغوريل والشمبانزي والرطان‬
‫منهم إلى النسان الحالي‪ ،‬ومن أجل انهم أول ما عاشوا في‬
‫درنات والجوز‪ ،‬واتخذوا‬ ‫الكهوف والمغاور وقد اغتذوا بالجذور وال ّ‬
‫دفاع عن الّنفس عصيا ً وأحجارا ً صنعوها خبط عشواء‪.‬‬ ‫من أدوات ال ّ‬
‫غير أنهم اصطنعوا بعد ذلك أدوات من الصوان جلبوها بالنحت ‪-‬‬
‫لتتفق مع أغراضهم ‪ -‬وتركوها غير مصقولة‪.‬‬

‫واستمر النسان يستعمل تلك الدوات الحجرية الغشيمة‬


‫أزمانا ً طويلة‪ ،‬ولكن بمرور الّزمن اكتسب قدرة على تحسين‬
‫الصناعة‪ ،‬فأخذت أدواته ترتقي متدرجة مع تدرجه في سلم‬
‫الرتقاء والتطور العضوي والذهني‪ ،‬وفي زمن ما عرف كيف‬
‫يستعمل الّنار أول ما رأى نارا ً مشتعلة بسبب انقضاض صاعقة‬
‫على الهشيم الجاف فاشتعلت ومضى محتفظا ً بها يزكيها كلما‬
‫طريقة التي يوَّلد‬‫كادت تخبو‪ ،‬ولكنه اهتدى بالصدفة بعد ذلك إلى ال ّ‬
‫طريقة التي ل زال البدائيون يستعملونها‬‫بها الّنار‪ ،‬وهي نفس ال ّ‬
‫إلى يومنا هذا‪ .‬وقد كان لستطاعته توليد النار أثر تطوري انقلبي‬
‫في حياة النسان‪ ،‬حتى أّنه قد ألفت فيها الكثير من الحكايات‬
‫والساطير‪.‬‬

‫صيد‬
‫سن من أدواته خرج لل ّ‬ ‫لما استطاع النسان أن يح ّ‬
‫درنات‬ ‫ً‬
‫وطبخ لحم الحيوان بعد أن كان مقتصرا على الجذور وال ّ‬
‫والجوز‪ ،‬واتخذ من جلد الحيوان كساءًا‪ .‬وكـان إنسـان الكهوف‬
‫ة على العاج والعظام‬ ‫خل ّ َ‬
‫ف آثاره الفنّية منقوش ً‬ ‫فنانا ً بطبعه فَ َ‬

‫صوَّرها خطوطا ً وتلوينا ً على جوانب الكهوف‬


‫والحجار وغيرها‪ ،‬أو َ‬
‫التي عاش فيها‪.‬‬
‫بعد ستمائة ألف من السنين خطا النسان خطوة أخرى‬
‫ن تقدير الطوار الُنشوئية التي تعاقبت‬
‫نحو الّتقدم والرتقاء‪ .‬على أ ّ‬

‫‪ [1]1‬المرجع‪ .‬صفحة ) ‪ ( 47 – 45‬بتصرف ومصادر أخرى‪.‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[77‬‬
‫على النسان بالسنين هو أمر ظني تقريبي صرف‪ ،‬وكلما تقدمت‬
‫البحوث العلمية وكشوفات علماء الثار والحافير ردت النسان‬
‫دم‪.‬‬
‫ق َ‬
‫إلى عهد أبعد وأعرق موغل في ال ِ‬
‫قدَرة على الكلم في مراحل لحقة‬ ‫كذلك تدرجت لديه ال ُ‬
‫من الّتطور استطاع أن ينقل إلى نسله عاداته الكلمية‪ .‬ولما بلغ‬
‫ة من القدرة على الُنطق أصبح وجوده أثبت وعيشه‬ ‫ج َ‬
‫تلك الد َّر َ‬
‫ن أدواته كانت مصنوعة‬ ‫سابقة‪ ،‬غير أ ّ‬
‫أيسر مما كان في العهود ال ّ‬
‫صلبة‪ ،‬بعد أن اتخذت صورة‬ ‫صوان وغيره من الحجارة ال ّ‬ ‫من ال ّ‬
‫جديدة فصارت حديدة السنان ملساء السطح بعد أن صقلها‬
‫ذبها واهتم بحسن مظهرها‪ ،‬واخترع القوس والسهام والصنانير‬ ‫وه ّ‬
‫والكلليب التي اتخذها من قرون اليائل‪ .‬ونسج الملبس وصنع‬
‫ف الكلب فكان‬ ‫الفخار وزرع بعض أصناف الحنطة‪ ،‬كذلك فقد آل َ َ‬
‫ليلفه أثر بعيد في حياته وأسلوبها إذ اصبح له صديقا ً ورفيقا ً‬
‫استعان به على الصيد وَردِ عادية الذئاب والوحوش المهاجمة‬
‫والتي كانت أعدى وألد وأضرى أعدائه في حياته البدائية‪.‬‬
‫وبالتأكيد أن النسان قد آلف أنواعا ً من الذئاب والوحوش‬
‫في بداية المر انحدرت منها بطريق التطور جميع سللت الكلب‬
‫التي نعرفها اليوم‪ ،‬فذئب جريح فاقد الحيلة والقدرة قد يرتد‬
‫بالتأليف والتعليم والتدريب أليفا ً بعد أن يعنى به ويتعهد ويساس‬
‫من قبل إنسان بدائي يضمد جراحه ويعوله ويتعهده فيصبح النواة‬
‫الولى في تأليف أترابه من بني جلدته وعقيب ذلك اهتدى النسان‬
‫م الجمال والقطط‪،‬‬ ‫إلى طريقة إيلف الحصان والحمار ومن ث ّ‬
‫فأضاف إلى قدراته في المسيرة التربوية قدرات أخرى ساعدته‬
‫في أساليب الحياة والتغلب على الصعاب‪.‬‬

‫مَر هذه الرض قد ترك‬‫ن النسان منذ أن ع ّ‬


‫ويؤكد العلماء أ ّ‬
‫آثاره المتحجرة في الطبقات الجيولوجية فلقد عثر العلماء على‬
‫جماجم مطمورة في رواسب الكهوف والمغاور‪ ،‬وعلى عظام‬
‫أخرى من الهيكل العظمي في رواسب النهار القديمة وفي‬
‫المحاجر‪ ،‬ومن هذه الصور الثرية استطاعوا أن يؤلفوا فكرة عن‬
‫الصور التي لبست النسان في مراحل تطوره في تلك العصور‬
‫الغابرة‪.‬‬
‫بجوار تلك العظام التي خلفها النسان من هيكله العظمي‬
‫ف النسان‬‫خل َ َ‬
‫– وهي قلية لنها سريعة العطب والنحلل – فقد َ‬
‫أدواته التي استعملها كالحراب والمدى والمطارق والبر والكلليب‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[78‬‬
‫والسهام وغيرها‪ ...‬وهي في الكثر مصنوعة من الصوان أو غيره‬
‫من المواد الصلبة‪ ،‬وقد مضى على النسان زمن طويل وهو‬
‫يستعمل تلك اللت الحجرية قبل أن يهتدي إلى المعادن‪ ،‬ومن‬
‫دراسة تلك الدوات فقد بنى علماء التطور نظرياتهم المختلفة‬
‫حول الّتطور والعصور البشرية ونمط حياة النسان ونهضته ورقيه‬
‫مّر بها‪.‬‬
‫والزمان والفترات التي َ‬
‫كان هذا هو ملخص لما ورد في كاتب داروين "‬
‫ًاصل النواع " في موضوع نشوء النسان ‪ .‬وهو ما‬
‫يجمع عليه كافة التطوريين بالتركيز على الربط بين‬
‫الدوات المستعملة وبين نهضة النسان ورقيه‬
‫وحضارته وأسلوب تفكيره ‪ .‬المطابق للفكرة‬
‫الساسية التي تبنتها الشيوعيببة بأن المادة هي‬
‫أصل الموجودات وأن الّتطور المادي تبعا ً لوسائل‬
‫النتاج هو المحرك الفعلي والوحيد للمجتمع‬
‫وعلقاته جميعا ً ‪ ،‬واعتبار فكر النسان ووجة نظره‬
‫نابعة وموجهبة مبن الدوات التي يستعملهبا‪،‬‬
‫وتدوينهم تاريخ نشأته وحضارته بالمصدر الوحيد‬
‫المعتمد لديهم لذلك وهو ما يكتشفونه في المغاور‬
‫والكهوف من أدوات استعملها في الحقبات التاريخية‬
‫المنصرمة ‪.‬‬

‫تاريخ تطور الحياة حتى‬ ‫الفصل التاسع‬


‫ظهور النسان وسيادته‬
‫تاريخ تطور الحياة حتى ظهور النسان وسيادته‬
‫جدول حسب افتراضات علماء التطور المادي‬
‫والبيلوجيا‬
‫‪1‬‬
‫*‬ ‫دور ) الحين (‬
‫ال ّ‬ ‫العصر ) الحقبه (‬ ‫الدهر‬

‫‪ [1]1‬قبل الن بمليين السنين‪.‬‬


‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[79‬‬
‫مليين‬
‫‪epoch‬‬ ‫‪Period‬‬ ‫‪era‬‬
‫السنين‬
‫‪1/10‬‬ ‫الحديث‬
‫‪3‬‬ ‫البلستوسين‬
‫‪7‬‬ ‫‪Pleistocene‬‬
‫البيوسين ‪Piocene‬‬ ‫الرابعي ‪Quaternary‬‬
‫‪26‬‬ ‫الحديث‬
‫الميوسين ‪Miocene‬‬ ‫الثلثي ‪Teriary‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪Cenozoic‬‬
‫الوليغوسين ‪Oligocene‬‬ ‫الكريتشي ‪Kreche‬‬
‫‪54‬‬ ‫اليوسين ‪Eocene‬‬
‫‪65‬‬ ‫البالوسين ‪Paleocene‬‬
‫‪130‬‬
‫‪180‬‬ ‫الجراسي ‪Jurassic‬‬
‫الترياسي ‪Triassic‬‬ ‫المتوسط‬
‫‪225‬‬
‫البيرمي ‪Permian‬‬ ‫‪Meozozo‬‬
‫]‪[1‬‬
‫‪280‬‬ ‫الكربوني‬ ‫‪ic‬‬
‫‪Pennsylvanian‬‬
‫‪310‬‬
‫‪345‬‬
‫المسسبي‬
‫‪400‬‬ ‫الردفيشي‬ ‫القديم‬
‫‪Missisippian‬‬
‫‪440‬‬ ‫‪Ordovician‬‬ ‫‪Paleozoi‬‬
‫الديفوني ‪Deovonian‬‬
‫‪500‬‬ ‫الكامبري ‪Cambirian‬‬ ‫‪c‬‬
‫السيلوري ‪Sillurian‬‬
‫‪600‬‬
‫‪4.50‬‬ ‫الفجري ‪Proterozoic‬‬ ‫القبكمبري‬
‫بليون‬ ‫العتيق ‪Archeozoic‬‬ ‫‪Preacam‬‬
‫‪irian‬‬

‫يقرأ هذا الجدول مع شجرة الحياء وأهم الحداث الواردين‬


‫بعده في هذا الفصل‪ .‬كما يقرأ من أسفل إلى أعلى وليس العكس‬
‫سر كل منها الخر‪ [2].‬كما َيسرد لحقا ً‬
‫كما في شجرة الحياء‪ .‬ويف ّ‬
‫أهم الحداث البيولوجية والجيولوجية‪ .‬مع التنبيه على ما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫هذا الجدول ُيعنى بالعصور والزمان التي تبين تطور‬ ‫‪-1‬‬
‫الحياة حتى ظهور النسان‪ .‬وهذا بداهة كان قبل عصور‬
‫التقدم البشري بمليين السنين‪ ،‬أما بالنسبة لعصور التقدم‬
‫البشري فيرجع إلى الفصل العاشر وما بعده‪.‬‬
‫إن جميع التـواريخ والعصـور والدهـور والدوار‬ ‫‪-2‬‬
‫الواردة في هذا الجدول هي افتراضية خيالية‪ ،‬لذا نجد‬

‫‪ [2]1‬العصر الكربوني هو‪ :‬العصر البنسلفاني‪.‬‬


‫‪ [1]2‬هذا الفصل بالكامل ) الجدول وبقية الفصــل ( منقــول عــن كتــاب " البيولوجيــا "‪.‬‬
‫تأليف ريتشارد جولدزبي ‪ -‬الجزء الول‪ ،‬وعن موسوعة الموارد العربية لمنير البعلبكــي‬
‫– الجزأين الول والثاني ‪.-‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[80‬‬
‫اختلفات جوهرية وعميقة في تحديد العصور والدوار‬
‫والتواريخ حتى في السماء بين مصدر وآخر‪ ،‬لبذا يجدر‬
‫النتباه لعدم ذكر بعض الفترات التي وردت في مصادر‬
‫أخرى – غير التي أخذنا عنها – مثل عصر الجليد والعصر‬
‫الطباشيري ‪ .....‬ألخ‪.‬‬

‫أهم الحداث الجيولوجية حتى ظهور النسان‬


‫]‪[1‬‬
‫وسيادته‬
‫كان أهم الحداث الجيولوجّية التي تعاقبت على مدى‬
‫دهور والزمنة ما يلي ‪:‬‬
‫ال ّ‬
‫]‪ [1‬في الدهر القبكمبري بعصريه ‪ :‬زحف الجليد على معظم‬
‫القارات ‪.‬‬
‫دهر القديم ‪:‬‬
‫]‪ [2‬في ال ّ‬
‫ظهور البحار الضحلة في أمريكا‬ ‫‪ .1‬في العصر‬
‫الشمالية‪.‬‬ ‫السيولوري‪:‬‬
‫ظهور جبال اللباش ‪.‬‬ ‫‪ .2‬في العصر‬
‫الديفوني ‪:‬‬
‫البحار الضحلة تغمر مساحات واسعة‬ ‫‪ .3‬في عصر‬
‫من اليابسة‪.‬‬ ‫المسسبي ‪:‬‬

‫‪ [2]1‬المصدر السابق‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[81‬‬
‫دهر المتوسط ‪:‬‬
‫]‪ [3‬في ال ّ‬
‫‪ .1‬في العصر البنسلفاني‬
‫)الكربوني( ‪:‬‬
‫زحف الجليد في معظم مناطق‬
‫العالم ‪ ،‬ونشوء تشكيلت صخرية‬
‫مشتمله على الفحم الحجري ‪.‬‬
‫زحف الجليد وتشكل الصخور‬ ‫‪ .2‬في العصر‬
‫الّرملية ‪.‬‬ ‫البيرمي ‪:‬‬
‫طقس دافئ شبه جاف ‪.‬‬ ‫‪ .3‬في العصر‬
‫الترياسي ‪:‬‬
‫دفء الطقس وظهور سلسل‬ ‫‪ .4‬في العصر‬
‫الجبال ‪.‬‬ ‫الجراسي ‪:‬‬
‫]‪ [4‬في العصر الحديث ‪:‬‬
‫‪ .1‬في العصر الكريتشي ظهور الصخور ‪.‬‬
‫‪:‬‬
‫‪ .2‬في الدور اليوسين ‪ :‬تقلب الطقس ‪.‬‬
‫‪ .3‬في دور الوليغوسين دفء الطقس ‪.‬‬
‫‪:‬‬
‫‪ .4‬في دور الميوسين ‪ :‬برودة الطقس وتكوين‬
‫الهماليا ‪.‬‬
‫كثرة الشللت ‪.‬‬ ‫‪ .5‬في دور البيوسين ‪:‬‬
‫امتداد الجليد وانحساره ‪.‬‬ ‫‪ .6‬في دور‬
‫البلوسيستين ‪:‬‬
‫ظهور القارات الحديثة ‪.‬‬ ‫‪ .7‬في الدور الحديث ‪:‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[82‬‬
‫أهم الحداث البيولوجية حتى ظهور النسان‬
‫وسيادته‬ ‫]‪[1‬‬

‫أما أهم الحداث البيولوجية فكانت ‪:‬‬


‫]‪ [1‬في الدهر القبكمبري ‪:‬‬
‫ً‬
‫الحفريات لهذا العصر قليلة جدا ‪.‬‬ ‫‪ .1‬العصر‬
‫العتيق ‪:‬‬
‫ظهور الحياة للمرة الولى‪ ،‬لفقاريات‬ ‫‪ .2‬العصر‬
‫رخوة ‪ ،‬طحالب‬ ‫الفجري ‪:‬‬
‫]‪ [2‬في الدهر القديم ‪:‬‬
‫‪ .1‬في الدور الكامبري‪ :‬تنوع الطحالب وانتشار اللفقاريات‪.‬‬
‫‪ .2‬في الدور الردفيشببي ‪ :‬ظهــور الســـماك البدائيــة لول‬
‫مرة‪ ،‬سيادة اللفقاريات البحرية‪.‬‬
‫‪ .3‬في العصببر السببيلوري‪ :‬انتشــار الســماك ذوات الــدروع‪،‬‬
‫انتشــار الحزازيــات والنباتــات الوعائيــة البذريــة‪ ،‬ظهــور بعــض‬
‫القشريات الكبرى والحيوانات البرية‪.‬‬
‫‪ .4‬في العصر الديفوني‪ :‬ظهور النباتات معراة البذور‪ ،‬ظهور‬
‫البرمائيات‪ ،‬سيادة السماك‪.‬‬
‫‪ .5‬في العصر المسسبي‪ :‬سيادة السراخس والليكوبسيدات‪،‬‬
‫انتشار أسماك القرش والبرمائيات‪.‬‬
‫]‪ [3‬في الدهر المتوسط‪:‬‬
‫‪ .1‬في العصر البنسلفاني‪ :‬ظهور الزواحف البدائية‬
‫والشجار‪ ،‬سيادة البرمائيات في مستنقعات الفحم والغابات‪.‬‬
‫‪ .2‬في العصر البيرمي‪ :‬استبدال البرمائيات بالزواحف ‪،‬‬
‫انتشار الحشرات‪.‬‬
‫‪ .3‬في العصر الترياسي‪ :‬ظهور الديناصورات البدائية‬
‫والبرمائيات‪ ،‬سيادة الزواحف‪ ،‬ظهور الثدييات‪.‬‬

‫في العصر الجراسي‪ :‬ظهور الطيور البدائية‪ ،‬تشعب‬ ‫‪.4‬‬


‫الحشرات‪ ،‬انتشار الزواحف والمويتبيس‪ ،‬استمرار ظهور‬
‫الثدييات البدائية‪.‬‬
‫]‪ [4‬في الدهر الحديث‪:‬‬

‫‪ [1]1‬المصدر السابق‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[83‬‬
‫في العصر الكريتشي‪ :‬سيادة النباتات‪ ،‬ظهور أكثر‬ ‫‪.1‬‬
‫النباتات المزهرة‪ ،‬انتشار الزواحف والمويبتس‪ ،‬انقراض‬
‫الديناصورات‪.‬‬
‫في دور البالوسين‪ :‬ظهور الطيور الحديثة‪ ،‬تنوع‬ ‫‪.2‬‬
‫الحيوانات ذات الحوافر‪ ،‬ظهور الثدييات المشيمية‪.‬‬
‫في دور اليوسين‪ :‬ظهور الثدييات الحديثة وانتشارها‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫في دور الوليغوسين‪ :‬ظهور كثير من العائلت الحيوانية‬ ‫‪.4‬‬
‫الحديثة‪ ،‬تطور سريع في الثدييات‪.‬‬
‫في دور الميوسين‪ :‬ظهور الحيوانات التي تتغذى على‬ ‫‪.5‬‬
‫العشاب‪ ،‬ظهور القردة البدائية والحيات والماشية‪.‬‬
‫في دور البيوسين‪ :‬ظهور الحيوانات المفترسة الكبيرة‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫ظهور الكثير من الثدييات‪.‬‬
‫في دور البيلوستين‪ :‬بدأ ظهور النسان الول‪ ،‬انقراض‬ ‫‪.7‬‬
‫عدد كبير من الثدييات الكبيرة‪.‬‬
‫أما أهم الحداث البيولوجية في الدور الحديث فهو النسان‬ ‫‪.8‬‬
‫والحيوانات العليا‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[84‬‬
‫عصور التقدم‬ ‫الفصل العاشر‬
‫البشري الولى‬
‫]‪[1‬‬
‫عصور التقدم البشري الولى‬
‫بحسب تسلسل النظريات التطورية فالنسان كان بدائيا ً "‬
‫‪ ... " Primitive‬بدائيا ً في تركيبه الحيواني‪ ،‬بدائيا ً في طريقة‬
‫الدراك والتمييز والتفكير‪ ،‬بدائيا ً في عدم استطاعته النطق‬
‫والتعبير‪ ،‬بدائيا ً في كيفية استعمال الدوات اللزمة‪ ،‬وبدائيا ً في‬
‫أسلوب العيش‪.‬‬

‫لقد تدرج النسان في الرتقاء والتطور خلل مراحل‬


‫متعدده "عصور ‪ " Periods‬أخذت أسماء أدواته التي كان‬
‫ن تطوره يسير طبقا ً لوسائل النتاج التي كان‬
‫يستعملها‪ ،‬ل ّ‬
‫]‪[2‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يستعملها‪ ،‬فتطوره مربوط ربطا حتميا ولزما بتطور أدواته‪،‬‬
‫بتطور أدواته‪ ،‬وأول تلك العصور كان "العصر الحجري ‪Stone‬‬
‫‪ "age‬وهو أقدم عصر من عصور الثقافة البشرية‪ ،‬ويقسمه‬
‫العلماء إلى أربع فترات هي ‪:‬‬

‫]‪ [1‬العصر الحجري البدائي )اليولتي = الظراني(‬


‫‪ Eolithic period‬وهو الفترة الولى من العصر الحجري‪،‬‬
‫يتميز باستخدام النسان الدوات الحجرية البدائية إلى أبعد الحدود‬
‫إذ كانت أدواته حجرية خشنة غير مهذبة‪ ،‬وقد عثر على مثال لها‬
‫عالم إنجليزي اسمه "بنيامين هريسـون" في الحصى المتراكم في‬
‫قيعان النهر القديمة في "كينت ‪" Kent‬الواقعة في مقاطعة"‬
‫"سسكس ‪ "Sussex‬في إنجلترا‪ ،‬وفي غيرها من البقاع‪.‬‬

‫]‪ [2‬العصر الحجري القديم )الباليوليثي(‬


‫‪ Paleolithic period‬وهي الفترة الثانية من العصر‬
‫الحجري‪ ،‬يتميز باستعمال الدوات الحجرية الخشنة والمهذبة على‬
‫نحو بدائي‪.‬‬

‫‪ [1]1‬المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪ ( 50 -47‬بتصرف‪.‬‬


‫‪ -‬موسوعة المورد العربية ‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬صفحة ) ‪. ( 766 – 765‬‬
‫‪ [2]2‬يلحظ أن ذلك مطابق تماما ً للفكرة الساسية التي تبنتها الشيوعية والقائلــة بــأن‬
‫التطور المادي تبعا ً لوســائل النتــاج هــو المحــرك الفعلــي والوحيــد للمجتمــع وعلقــاته‬
‫جميعا ً ‪ ،‬واعتبار أن فكره ووجهة نظره نابعة وموجهة من الدوات التي يستعملها ‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[85‬‬
‫]‪ [3‬العصر الحجري الوسيط )الميزوليثي(‬
‫‪ Mesolithic period‬وهي الفترة الثالثة من العصر‬
‫الحجري‪ ،‬يتميز بظهور الكلب بوصفه أول حيوان أليف‪ ،‬وباستخدام‬
‫القوس والّنشاب والدوات القاطعة ونشوء صناعة الفخار‪.‬‬

‫]‪ [4‬العصر الحجري الحديث ) النيوليثي ( ‪Neolithic‬‬


‫‪ period‬وهي الفترة الخيرة من العصر الحجري‪ ،‬بدأ حوالي‬
‫العام )‪ 2000‬ق‪.‬م( في الشّـرق الوسـط‪ ،‬وبعد ذلك في أماكن‬
‫أخرى‪ ،‬وهو يتميز باختراع الزراعة وبصنع الدوات الحجرية‬
‫المتطورة نسبيًا‪.‬‬

‫ن تلك العصور ل يفصل بين العصر والعصر الخر‬ ‫على أ ّ‬


‫ً‬
‫منها فواصل محددة متفق عليها زمنيا بل يتداخل بعضها ببعض‪،‬‬
‫حيث عثر على أدوات من العصر الحجري البدائي في نفس‬
‫المكان مع أدوات من العصر الحجري القديم‪ ،‬ومما يجزمون به‬
‫ه عصر أخر‬ ‫ق ُ‬
‫سب َ َ‬
‫ويؤكدونه أن العصر الحجري بأقسامه الربعة قد َ‬
‫استعمل فيه النسان الول العصي والحجارة الغشيمة مما يقع‬
‫]‪[1‬‬

‫عليه بصره خبط عشواء]‪ .[2‬على أن تلك العصور ل تدل على عهود‬
‫زمنية معينة أو محددة‪ ،‬إنما تدل علميا ً على درجات ثقافية أستدل‬
‫عليها بواسطة الثار التي ع ُث َِر عليها‪.‬‬

‫ولما اكتشف النسان المعادن تسارع ارتقاؤه مستعمل ً "‬


‫س فيه‬
‫النحاس الحمر ‪ ،"Copper‬في أول المر‪ ،‬إل أنه أن ِ َ‬
‫طراوة مما ل يتفق ومتطلباته فمزجه بالقصدير ليخرج منه‬‫ال ّ‬
‫سبيكة "البرونز ‪ ،"Bronze‬ولما اهتدى إلى البرونز وضرب‬
‫مسارعا ً إلى التقدم بدخوله في مطاوي "العصر البرونزي‬
‫‪ "Bronze age‬حوالي العام )‪ 3500‬ق‪.‬م( بدأ يعيش في جماعات‬
‫أكبر من تلك التي كان يعيش فيها من قبل‪ ،‬وكان قبل ذلك وفي‬
‫أواخر العصر الحجري الحديث قد ترك العيش في الكهوف ونزع‬
‫إلى العيش في الكواخ‪ ،‬وتجاورت الكواخ فتألفت منها مجموعات‬
‫ل النسان يعيش‬ ‫لتصبح كل مجموعة منها "قرية ‪ ،"Village‬وظ ّ‬

‫‪ [1]1‬الغشيمة ‪ :‬غير المصنعة ‪.‬‬


‫‪ [2]2‬العشوائية ‪ :‬عدم التقصد والتعمد ‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[86‬‬
‫في مجموعات قروية أزمانا ً متطاولة أقيم بعضها على جوانب‬
‫أطراف البحيرات طلبا ً للمن‪ ،‬وقد سميت تلك القرى "المرابي‬
‫حيرية ‪ – "Lake villages‬أي قرى الجيران –‬‫الب ُ َ‬

‫أما بحلول العصر البرونزي فقد تمادت بعض القرى في‬


‫الكبر والنمو والتضخم فصارت "بلدا ً ‪ ،"Towns‬وكبرت البلد‬
‫لتصبح "مدائن ‪ ،"Cites‬وكبرت المدائن أيضا ً لتصبح "عواصم‬
‫‪ ،"Capitals‬كما أن طبيعة العيش والتطور ومتطلبات الحياة‬
‫المتطورة قد أحالت الكواخ البسيطة إلى بيوت مضت في‬
‫التساع والّتشكل حتى برزت تلك القصور العظيمة والبروج‬
‫المطوحة التي تقع على أمثالها في حضارات مصر وأشور وأثينا‬
‫ورومية‪.‬‬

‫ولما اكتشف النسان "الحديد ‪ "Iron‬انتقل إلى "عصر‬


‫الحديد ‪ "Iron age‬حيث صهر الحديد واستخدمه بدل ً من البرونز‬
‫في صنع الدوات والسلحة‪ ،‬وذلك لتوفره ولندرة البرونز حيث‬
‫الثاني أصلد‪ ،‬وكان ذلك قبيل العام )‪ 1000‬ق‪.‬م( في آسيا الغربية‬
‫ومصر‪.‬‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[87‬‬
‫ولقد استغرق هذا التطور دهورا ً تلو دهور‪ ،‬إذ أنه يتبع دائما ً‬
‫تطور المهارة والفراهة الهندسية والفكرة في تطويرات الحياة‬
‫وزخارفها‪ ،‬ولما بلغت الجماعات القروية مبلغا ً من التساع والكبر‬
‫]‪[1‬‬
‫بدأ أفرادها ي ُغَِيرون نمط حياتهم فظهرت "الطبقات ‪"Classes‬‬
‫محارب وجابل الصوان وغير‬ ‫لول مّرة كالسـماك والقناص وال ُ‬
‫ذلك‪ ،‬وكان أولئك – أصحاب الطبقات – الذين أقاموا العلقات‬
‫الجتماعية]‪ [2‬والطبقات المدنية وما ترتب على ذلك من النظم‬
‫التبادلية والتجارية‪ ،‬وكان ذلك أول نشوء الحضارات الكبرى في‬
‫]‪[3‬‬
‫تاريخ البشر‪.‬‬
‫ويتكهن علماء التطور المعاصرون بأنه إذا كان النسان‬
‫خلل تلك العصور والحقاب المنصرمة منذ ظهور النسان الحديث‬
‫سيطرة على موارد الطعام‬ ‫قد عمل دائما ً على تحسين أحواله وال ّ‬
‫والتحكم في الطبيعة وتسخيرها لصالحه‪ ،‬كما تمكن من ابتكار‬
‫وسائل كثيرة ومتنوعة لتقوية روابطه الجتماعية مما أدى إلى‬
‫ظهور الحضارات العديدة السابقة عبر القرون الماضية‪ ،‬فالغلب‬
‫أنه سيستمر في مثابرته وجهاده تمهيدا للدخول في عصر جديد أو‬
‫عصور جديدة متتالية يتميز كل منها بملمح وسمات خاصة‪.‬‬
‫ن التطور الجتماعي والقتصادي والثقافي سيكون‬ ‫ويعتقدون أ ّ‬
‫أسرع وأوضح من التطور البيولوجي الذي يحتاج إلى عشرات‬
‫اللف من‬

‫‪ [1]1‬مجموعة الشخاص الذين يؤدون عمل ً واحدا ً ‪ ،‬أو الذين تجمعهم مصالح مشتركة ‪،‬‬
‫أو الذين يشتركون في وضع واحد أو في حالــة واحــدة فــي مجتمــع مــن المجتمعــات ‪.‬‬
‫والمقصود في الجملة هو المعنى الول ‪.‬‬
‫‪ [2]2‬المقصــود هنــا العلقــات بيــن النــاس فــي المجتمــع الواحــد ‪ ،‬وليــس العلقــات‬
‫الجتماعية بمعناها الصحيح ‪ ،‬إذ أن الثانية تأخذ مفهوم اجتماع الرجل بــالمرأة والمــرأة‬
‫بالرجل ‪ ،‬ومعظم الباحثين ل ينتبهون إلى الفرق بين المعنيين ‪ ،‬وبما أن القــول منقــول‬
‫عن من ل يميز الفرق – وهـو المرجـع ‪ -‬لـذا فقـد حرصـت علـى نقـل الفكـرة بنفـس‬
‫اللفاظ التي وردت في المرجع مع التنويه للفرق بين المعنيين ‪.‬‬
‫‪ [3]3‬هناك فرق بين لفظي " الحضارة ‪ " Civilization‬و " المدنية ‪ " Sciences‬من‬
‫ناحية المدلول‪ ،‬فالحضارة هي مجموع وجهات النظر عن الحياة ‪ ،‬في حين أن المدنيــة‬
‫هي أشكال التقدم في العلوم والصناعات مما ل يتعلــق بالثقافــة ووجهــات النظــر عــن‬
‫الحياة مثل ‪ :‬علوم الكيمياء والهندســة والصــناعات وغيــره ‪ ،‬وهــذا هــو المقصــود فــي‬
‫الفقرة ‪ ،‬لذا كان الولى أن يقال " نشوء المدنيات والعلوم " بدل " نشوء الحضارات ‪.‬‬
‫لذا اقتضى التنويه ‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[88‬‬
‫السنين‪ ،‬ولكن هذا التطور الجتماعي والثقافي سيكون في الوقت‬
‫ذاته تطورا ً موجها ً وسفيرا ً يستعين بخبرات اللف الطويلة من‬
‫]‪[4‬‬
‫السنين الماضية ‪.‬‬

‫لببذا فإن دراسة التطور البيولوجي والجتماعي ل تقتصر‬


‫دائما ً على دراسة الماضي ول تكتفي بالبحث عن المراحل التي‬
‫مّر بها الكائن البشري خلل تاريخه الطويل‪ ،‬وإنما تمتد إلى دراسة‬
‫الحاضر ومحاولة الّتعرف على مستقبل الجيال القادمة والتكهن‬
‫ً ]‪[2‬‬
‫بنوع التغيرات التي سوف تسود مستقبل‪.‬‬

‫أما العالم القتصادي اللماني " كارل بيشــر ‪Karl‬‬


‫مّر بثلث مراحل‬‫‪ " Bucher‬فقد ذهب إلى أن القتصاد البشري َ‬
‫قبل أن يصل إلى المرحلة الصناعية قي أوروبا في القرن التاسع‬
‫عشر‪ .‬وفي أولى تلك المراحل الثلث كانت حياة النسان تعتمد‬
‫سمك بحسب‬ ‫إما على الجمع واللتقاط أو قنص الحيوان أو صيد ال ّ‬
‫ظروف كل مجتمع على حدة‪ ،‬ثم انتقل النسـان بعد ذلك إلى‬
‫مرحلة الرعي‪ ،‬وأخيرا ً وصل إلى مرحلة الحياة المستقرة التي‬
‫]‪[3‬‬
‫تعتمد على الزراعة‪.‬‬

‫أما العالم المريكي " لويس مورجان ‪"Lewis Morgan‬‬


‫فيذكر في كتابه "المجتمع القديم ‪ " Ancient Society‬أن‬
‫حش" و "حقبة‬‫مّر بحقبتين كبيرتين هما "حقبة الت ّوَ ُ‬
‫النسان قد َ‬
‫البربرية" قبل أن يصل إلى "الحضارة الوربية الحديثة"‪ .‬ثم يقسم‬
‫كل ً من هاتين الحقبتين بعد ذلك إلى ثلث مراحل أخرى هي "دنيا‪،‬‬
‫وسطى‪ ،‬عليا"‪ .‬وبناء عليه يكون المجتمع النساني قد مّر‬
‫بحسب تقسيمه بالمراحل التالية ‪:‬‬

‫مرحلة التوحش الدنيا‪ :‬وتبدأ من طفولة‬ ‫‪.1‬‬


‫البشرية‪.‬‬
‫مرحلة التوحش الوسطى‪ :‬وتبدأ باستخدام النار‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وكان النسان يعتمد في أساسها على صيد السمك‪.‬‬

‫‪ [1]4‬لــورد تويــدز ميــور‪ ،‬فــي مقــال لــه بعنــوان "الجــانب الخــر مــن التــل"‪Lord .‬‬
‫‪Tweedsmuir- The other side of hill‬‬
‫‪ [2]2‬وليام هاولز‪ ،‬كتاب " ما وراء التاريخ " ترجمة أحمد أبــو زيــد‪ ،‬مؤسســة فرانكليــن‬
‫بالشتراك مع مكتبة نهضة مصر – القاهرة‪ .‬طبعة ) ‪ ،( 1965‬صفحة ) ‪ ( 21‬وصــفحة )‬
‫‪.( 465‬‬
‫‪ [3]3‬تيلور‪ " ،‬نوابغ الفكر الغربي "‪ ،‬ترجمة دكتور أحمد أبو زيد‪،‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[89‬‬
‫مرحلة التوحش العليا‪ :‬وتبدأ منذ اخترع النسان‬ ‫‪.3‬‬
‫القوس والنشاب والسهام‪ ،‬وبذلك كانت حياته تقوم في الغلب‬
‫على القنص‪.‬‬
‫مرحلة البربرية الدنيا‪ :‬وتبدأ باختراع الواني‬ ‫‪.4‬‬
‫الفخارية‪.‬‬
‫مرحلة البربرية الوسطى‪ :‬التي تتميز بحفظ‬ ‫‪.5‬‬
‫واستئناس الحيوانات‪ ،‬وزراعة الذرة ‪ ،‬والعتماد على الّري‪.‬‬
‫مرحلة البربرية العليا‪ :‬وتبدأ باكتشاف طريقة‬ ‫‪.6‬‬
‫سبك الحديد‪ ،‬وبالتالي استخدام اللت والدوات الحديدية‪.‬‬
‫وأخيرا ً وصلت النسانية إلى المرحلة السابعة‬ ‫‪.7‬‬
‫والخيرة وهي‪" :‬مرحلة الحضارة الصحيحة"‪ :‬التي تمتاز‬
‫]‪[1‬‬
‫باكتشاف حروف الهجاء والكتابة‪ ،‬وتمتد حتى عصرنا الحالي‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بأدوات ووسائل العيش فيقول‬


‫مورجان‪ :‬أن النسان انتحل خمس طرائق في معاشه‪ ،‬ويرد‬
‫اثنتين منها إلى حقبة التوحش‪ ،‬والثلث الخرى إلى البربرية‪،‬‬
‫وأولى تلك الوسائل هي طريقة العيش الطبيعية عن طريق جمع‬
‫الفواكه والبذور والجذور في المنطقة التي يسكنها النسان‪،‬‬
‫والثانية هي صيد السمك‪ .‬أما الوسائل الثلث الخرى فهي‬
‫العتماد على زراعة الحبوب في الحدائق‪ ،‬والعتماد على اللحم‬
‫]‪[2‬‬
‫واللبن‪ ،‬ثم ممارسة الزراعة الواسعة في الجبال‪.‬‬

‫‪ [1]1‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ [2]2‬المصدر السابق‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[90‬‬
‫ويبدو كما يقول "ايفانز ريتشارد "]‪:[1‬‬
‫ان معظم العلماء التطوريين في القرن التاسع عشر‬
‫وأوائل القرن العشرين‪ ،‬وأشهرهم‪:‬‬
‫سير هنري مين‪ ،‬في كتابة "القانون القديم"‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تايلور‪ ،‬في كتابه "أبحاث في التاريخ القديم للجنس‬ ‫‪‬‬
‫البشري"‪.‬‬
‫سير جون لبوك‪ ،‬في كتابه "أصل الحضارة "‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ماكميلن‪ ،‬في كتابه الذي ظهر في مجلدين بعنوان‬ ‫‪‬‬
‫"دراسات في التاريخ القديم"‪.‬‬
‫كانوا يذهبون إلى أن الشعوب البدائية التي ل توجد الن‪ ،‬أو‬
‫على الصح التي كانت تعيش إلى أيامهم ‪ ،‬تمثل أدنى المراحل‬
‫ن ترتيب الشعوب‬ ‫التي مرت بها البشرية‪ ،‬وأنه بناء على ذلك فإ ّ‬
‫والمجتمعات التي توجد الن حسب درجة تقدمها وارتقاءها إنما‬
‫يعطينا صورة واضحة ومتكاملة عن كل المراحل التي مّر بها‬
‫جد َ حتى الن‪ ،‬وهذا يعني أن الهتمام‬ ‫المجتمع النساني منذ وُ ِ‬
‫الزائد الذي كان يبديه هؤلء العلماء بما كان يعرف حتى عهد‬
‫قريب باسم "الشعوب البدائية" لم يكن اهتماما ً بتلك الشعوب‬
‫مُثل افتراضية كانوا‬‫بذاتها وإنما لستخدامها في إقامة نماذج و ُ‬
‫يعتقدون أنها تمثل التاريخ المبكر للجنس البشري عامة‪ ،‬ولذا‬
‫فليس من الغريب أن نجد علماء ذلك العصر يكتبون ما كانوا‬
‫ن العلوم والمعارف كانت تتجه في ذلك الوقت‬ ‫يعتبرونه تاريخًا‪ ،‬ل ّ‬
‫اتجاها ً تاريخيا ً في أساسه‪ ،‬وهي كلها مجهودات كانت تهدف دائما ً‬
‫إلى تفسير الشيء القريب بالشيء البعيد‪ ،‬أي قياس الحاضر‬
‫بالغائب‪.‬‬
‫دعاوى بأن الشعوب البدائية‬‫ولقد أدت تلك الفتراضات وال ّ‬
‫تمثل أدنى المراحل التي مّرت بها البشرية إلى الوقوع في كثير‬
‫من الخطاء نتيجة لطلقهم بعض الحكام العامة غير الصحيحة‬
‫]‪[2‬‬
‫والتي ل تستند في كثير من الحيان إلى حقائق ووقائع مؤكدة(‬

‫فواضح إذن أن النظريات التي كان يضعها هؤلء العلماء‬


‫عن الماضي لم تكن تقوم على الحدس والتخمين فقط‪ ،‬وإنما كان‬
‫يداخلها على ما يقول "ايفانز ريتشارد" كثير من العناصر التقويمية‬
‫أيضا ً !!!‪ ،[3].‬ويذهب "ايفانز ريتشـارد " إلى أن السبب الول لكل‬

‫‪ [1]1‬المصدر السابق عن ريتشارد ايفانز‪ ،‬النثربولوجيا الجتماعية‪ ،‬ترجمة دكتور أحمــد‬


‫أبو زيد‪ ،‬السكندرية )‪ ،(1958‬صفحه‪.(66):‬‬
‫‪ [2]2‬المصدر السابق‪ ،‬الصفحات ) ‪. ( 70 – 66‬‬
‫‪ [1]3‬المصدر السابق‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[91‬‬
‫ذلك الخلط ل يرجع إلى اعتقاد علماء القرن التاسع عشر في‬
‫التقدم ورغبتهم في الوصول إلى طريقه يمكنهم بها أن يعرفوا‬
‫كيف حدث ذلك التقدم‪ ،‬لنهم كانوا يدركون تماما ً أن النماذج التي‬
‫يصفونها لم تكن سوى افتراضات ل يمكن تحقيقها‪ ،‬وانما كان ذلك‬
‫الخلط يرجع في المحل الول إلى الدعوى التي ورثها هؤلء‬
‫العلماء من عصر التنوير‪ ،‬ومؤداها أن المجتمعات أنساقٌ طبيعية أو‬
‫كائنات عضوية تتطور بطريقة معينة وتمر أثناء تطورها بمراحل‬
‫]‪[1‬‬
‫ضرورية يمكن ردها إلى مبادئ عامة أو قوانين‪.‬‬
‫أما "دوجالد ستيوات ‪ " Dugald Stewart‬فهو يطلق على‬
‫أبحاث تاريخ النسـان التطوري "التاريخ الظني" أو "التاريخ‬
‫التخميني" لمعرفة الصورة الولى التي كانت عليها الّنظم‬
‫الجتماعّية‪ ،‬لعادة تركيب تاريخ المجتمعات البشرية وتصنيفها من‬
‫حيث درجة رقيها وترتيب مراحل الحضارة التي مّرت بها تلك‬
‫المجتمعات منذ نشأتها حتى الن‪ ،‬وذلك حسب نظام عقلي دقيق‬
‫يرسمون هم أنفسهم خطته ويحددون خطواته تجديدا ً تعسفيا‪،‬‬
‫]‪[2‬‬
‫ولذلك فكثيرا ً ما كانوا يصلون إلى نتائج غريبة ومتناقضة‪.‬‬
‫بل كثيرا ً ما كان العلماء الذين يستخدمون نفس الوسيلة‪،‬‬
‫ويتبعون نفس المنهج في دراسة نفس الموضوع يصلون إلى نتائج‬
‫مختلفة كل الختلف‪ .‬فبينما نجد "سير هنري مين ‪" H.S.Maine‬‬
‫مثل ً يذهب إلى أن العائلة البوية التي ينتسب إليها البناء إلى الب‬
‫ن "باخوفن‬ ‫شكل الول للنظام العائلي على الطلق ‪ .‬فإ ّ‬ ‫هي ال ّ‬
‫ن النسانية عرفت أول ً بعد الباحية المطلقة‬
‫‪ " Bachofen‬يدعي أ ّ‬
‫نظام العائلة الذي يرتكز على النتساب إلى الم قبل أن تصل إلى‬
‫ن مين وباخوفن قد نشرا نتائج‬‫العائلة البوية‪ .‬ومن الطريف أ ّ‬
‫]‪[3‬‬
‫دراستيهما في نفس السنة أي عام )‪.(1861‬‬
‫دم والرتقاء قد‬
‫ق ُ‬
‫ن فكرة الّتطور بمعنى الت ّ َ‬
‫وللحقيقة فإ ّ‬
‫استغلت لثبات ما يسمى بالتطورية الجتماعية‪ ،‬إذ امتدت من‬
‫أسلوب لفهم أصل الحياة والكون إلى فهم النسان والمجتمع عن‬
‫طريق الستعانة بما يعرف باسم "المماثلة البيولوجية ‪"Analogy‬‬
‫ومحاولة تصور المجتمع ككائن عضوي حي ومقارنة ما يحدث فيه‬
‫من تغيرات وتطورات بما يحدث في الكائنات العضوية الخرى ‪...‬‬
‫ولقد تغلغلت الفكرة إلى كل مجالت العلوم التي أصبحت بمثابة‬
‫‪ [2]1‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ [3]2‬دورية‪ ،‬نوابغ الفكر الغربي‪ ،‬صفخه ) ‪.( 24‬‬
‫‪ -‬دورية " عالم الفكر " ‪ ،‬المجلد الثالث ‪ ،‬العدد الرابع ) ‪ ، ( 1972‬صفحه ) ‪. ( 122‬‬
‫‪ [1]3‬المرجع السابق‪.‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[92‬‬
‫ميادين لختبار مدى صدق تلك النظرية‪ ،‬وتمثل ذلك بوجه خاص‬
‫في الكتابات النثربيولوجية والسوسيولوجية]‪ [1‬والتاريخية‬
‫والقتصادية وفي النظرة السياسية]‪ [2‬ونتج عن ذلك تأسيس أو‬
‫قيام ما يسمى "التطورية الجتماعية ‪" Social Evolutionism‬‬
‫وما يسمى "الداروينية الجتماعية ‪ " Social Darwinism‬ومع‬
‫ن فكرة الّتطور بمعنى الّتقدم والرتقاء‪ ،‬وكذلك فكرة‬
‫ذلك فإ ّ‬
‫الّتقدم الجتماعي لم يسلما من كثير من النتقادات العنيفة التي‬
‫وجهها إليها عدد من العلماء الّرافضون لها‪ ،‬إذ يرفض هؤلء‬
‫المعارضون أن يتصوروا المجتمع البشري يسير في ذلك الخط‬
‫الذي يرسمه له أصحاب مدرسة التقدم‪ ،‬ويرون عكس‬
‫خلق في الصل على‬ ‫ذلك تماما ً أن النسان ُ‬
‫درجة عاليه نسبيا ً من الّرقي الثقافي‪ ،‬ولكن‬
‫هذه الثقافة الولى الّراقية تعّرضت لبعض‬
‫عوامل مضادة ولبعض الظروف غير المواتية‬
‫التي دفعت بها إلى هوة الّتدهور والتأخر‬
‫والنحلل‪ .‬فتاريخ الثقافة بدأ – في رأي أصحاب تلك المدرسة‬
‫ضر على سطح الرض‪ ،‬ثم لم تلبث‬
‫– بظهور جنس بشري متح ّ‬
‫هذه الثقافة الولى أن اتجهت وجهتين مختلفتين‪ :‬إما نكـوص‬

‫وتدهور وانحطاط ترتب عليها ظهور المجتمعات المتوحشة‪ ،‬وإما‬


‫إلى تقدم وارتقاء ورفعة أّدت إلى ظهور الشعوب المتحضرة‬
‫الّراقية‪.‬‬

‫ومن أكبر مشايعي هذه النظرية "السـقف هويتلي‬


‫‪ – "Whitely‬أسـقف كانتربري‪ -‬إذ كتب في ذلك كتابا ً بعنوان‬
‫"مقال عن أصل الحضارة ‪Essay on the origin of‬‬
‫‪ " civilization‬كان له دوي كبير في حينه‪ ،‬ويبني هويتلي كتابه‬
‫على حجة استقاها من " نيبوهـر ‪ " Niebuhr‬أحد أعداء النظرية‬
‫دة إمكان نهضة‬ ‫التقدمية المتطرفين‪ .‬وكان نيبوهر ُينك ُِر بش ّ‬
‫النسان الول وتقدمه وارتقائه من مرحلة متوحشة أولى إلى‬
‫المراحل الكثر تحضرا ً عن طريق التطور التلقائي الذاتي ودون‬
‫تدخل أية عناصر أو عوامل أخرى خارجية‪ ،‬وكان يتحدى العلماء‬
‫التقدميين في أن يأتوا بمثال واحد لشعب بدائي واحد أمكنه أن‬

‫‪ [2]1‬الجتماعية‬
‫‪.Hofstadter, R., Social Darwinism in American thought. pp 3-4 - [3]2‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[93‬‬
‫يرقى إلى مرحلة الّتحضر من تلقاء نفسه‪ .‬إنما البدائيون‬
‫عنده وعند أتباع تدهور الثقافة الولى هم‬
‫سللة متدهورة من شعب متحضر في‬
‫الصل ‪.‬‬
‫ن الله تعالى قد خلق آدم عليه‬ ‫والحق الذي ل ُيمارى فيه أ ّ‬
‫ه ‪ ،‬لذا فآدم ومن سار على نهجه من نسله هم‬ ‫سلم وع َّلمه وأّدب ُ‬ ‫ال ّ‬
‫مة الثقافة والحضارة والّتقدم‪ .‬وقد انحط وتدهور أقوام من‬ ‫في ق ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عقب آدم نهجوا نهجا مخالفا لنهجه‪ ،‬فأرسل الله تعالى النبياء‬
‫سل لهداية البشر وتقويم انحرافاتهم ولرفعهم إلى المستوى‬ ‫والّر ُ‬
‫اللئق بهم كبشر‪ ،‬فآمن واستقام منهم أقوام‪ ،‬وكذبهم أقوام‬
‫استحبوا وألفوا ما هم فيه من النحراف والنحطاط والتدهور‪.‬‬
‫مة الثقافة والتقدم والرقي‪ ،‬أصحاب‬ ‫فالّرسل وأتباعهم هم في ق ّ‬
‫ب‬
‫الفكر المستنير والحضارة الراقية‪ ،‬ومن خالفهم فقد استح ّ‬
‫العمى على البصار وسار أشواطا ً بعيدة في طريق الّتخلف‬
‫ن آدم عليه‬ ‫والجهل والنحلل والنحدار والتدهور‪ ،‬وما دمنا نؤمن أ ّ‬
‫سلم هو أول البشر فالصل في بني النسان العلم والتحضر‬ ‫ال ّ‬
‫والثقافة والرقي‪ .‬أما التوحش والبدائية والنحطاط فهي خلف‬
‫الصل إذ وجدت في سللت متدهورة من أمم وشعوب متحضرة‬
‫أص ً‬
‫ل‪.‬‬

‫وقد شـايع نيبـوهر فـي فكرتـه عـدد مـن كبـار العلمـاء فـي‬
‫القرنيــن الثــامن عشــر والتاســع عشــر مثــل "الكــونت دي ميســتر‬
‫‪ "Count Josef De Maistre‬ومــن قبلــه "دي بــر وســس ‪De‬‬
‫ن‬
‫‪ "Brosses‬و "جوجيه ‪ [1]."Goguet‬إل أنــه يجــب التنــويه إلــى إ ّ‬
‫عددا ً غير قليل من التطوريين المعاصرين ُينكر أن يكــون التنــافس‬
‫والصراع من وسائط ووسائل التقدم الجتماعي‪ ،‬فكلمــة الصــلح‬
‫في رأيهم اصطلح غير دقيق ومضلل‪ ،‬ول يفيـد بالضـرورة المتيـاز‬
‫ل الحــوال‪ ،‬إذ قــد‬ ‫سمو في الخصائص والقدرات والقوى في ك ـ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫يكون البقاء من نصيب الفرد الذي ينجب أكــبر عــدد مـن الذريـة‬
‫]‪[2‬‬
‫ذرية خصائص وقوى وقــدرات متميــزه‪.‬‬ ‫حتى وإن لم تكن لتلك ال ّ‬
‫ن هــؤلء العلمــاء يميلــون للتشــكيك فــي الــدور الــذي‬
‫وهذا معناه أ ّ‬
‫يلعبه النتخاب الطــبيعي فــي التاريــخ البشــري والتهــوين مــن‬
‫‪Lewontin, R.C., The concept of Evolution in International. Encyclopedia of [1]1‬‬
‫‪- ”social science, En's “Evolution‬‬
‫‪ [2]2‬المرجع السابق‪ ،‬صفحه ) ‪.( 91‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[94‬‬
‫أهميته وفاعليته‪ ،‬ومن هــذه الناحيــة فــإنهم ينظــرون إلــى النســان‬
‫على أّنه حيوان حامل للثقافة وناقل لها عن طريــق المحاكــاة‬
‫والّتعلــم‪ ،‬وهمــا عمليتــان تختلفــان كــل الختلف عــن عمليــة نقــل‬
‫الخصائص والصفات الفيزيقية عن طريق التكاثر البيولوجي‪ ،‬وعليه‬
‫فليــس هنـاك مـا يــدعو إلــى تفســير النظريــة الجتماعيــة تفســيرا ً‬
‫بيولوجيا ً أو صياغتها في حدود مصطلحات وألفــاظ البيولوجيــا‪ ،‬وإن‬
‫كــان هــذا ل يمنــع مــن وجــود بعــض أوجــه التشــابه بيــن التطــور‬
‫]‪[1‬‬
‫البيولوجي والتطور الثقافي‪.‬‬

‫ن جوليان هكسلي عالم‬ ‫وعلى الرغم من أ ّ‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫بيولوجي تطوري فانه يقف موقفا مماثل لذلك‪،‬‬
‫ن التنافس داخل النوع الواحد ل يمكن‬‫ويذهب إلى أ ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون مصدرا للتقدم التطوري خلفا لنظرية‬
‫سبنسر عن الصراع والتنافس‪.‬‬

‫على هامش نظريات‬ ‫الفصل الحادي‬


‫التطور والرتقاء‬ ‫عشر‬
‫المادي‬
‫على هامش نظريات التطور والرتقاء المادي‬
‫ن النســان نشــأ مــن صــورة‬ ‫ن داروين حاول جاهدا ً إثبات إ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫دنيا هي أقرب إلى القردة العليا منهــا إلــى أيــة صــورة أخــرى مــن‬
‫صور الحيــاء‪ .‬ولثبــات ذلــك فهــو يــرى أن مـن الحقــائق الــتي لهـا‬
‫دللتها الواضحة القوية أن النسان مركب على نفس الغرار العــام‬
‫– وإن شئت فقــل علــى نفــس القــالب – الــذي انصــبت فيــه بقيــة‬
‫الحيوانات ذوات الثدي " ‪ ،" Mammilla‬كــل العظــام الــتي يتــألف‬
‫منها هيكله لها ما يماثلها في القرد أو السعدان أو الصــيل ‪ Seal‬أو‬
‫الخفاش " ‪ " Ordinary bats‬وكذلك عضــلته وأعصــابه وأوعيتــه‬
‫دماغ من أهم العضاء جميعا ً ل ينــد عــن ذلــك‬ ‫دموية وأمعاؤه‪ ،‬وال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شـــّرح هكســــلي وغيـــره مـــن مشـــاهير‬ ‫م َ‬
‫القـــانون كمـــا أبـــان ال ُ‬
‫ن دمــاغ النســان وحــده مــن دون‬ ‫مشـّرحين‪ ،‬ناســيا ً أو متجــاهل ً أ ّ‬ ‫ال ُ‬
‫الدمغة هو الدماغ الصالح للتفكير‪ ،‬في حين أن بقيــة الدمغــة هــي‬
‫أدمغة غير صالحة للربط والتفكير‪ [2].‬ويســتطرد الــداروينيون فــي‬
‫تبريراتهم الواهية فيقولون‪:‬‬
‫‪ [3]1‬المرجع السابق‪ ،‬صفخه ) ‪.( 91‬‬
‫‪ [1]2‬المرجع‪ ،‬صفحة ) ‪.( 53‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[95‬‬
‫) قد يتقبل النسان من حيوانات أحط منه‪ ،‬كما‬
‫ينقل إليها أمراضا ً معينة مثل‪ :‬السعار]‪ [1‬والذيبة‬
‫والزهري والكوليرا والهرس وغير ذلك‪ ،‬وهذه‬
‫دليل على المشابهة بين النسجة‬ ‫الحقيقة تقيم ال ّ‬
‫دم سواء في الّتركيب أم في الّتكوين‪ ،‬على‬ ‫وال ّ‬
‫صورة من الوضوح والجلء بحيث ل تبلغ إليها‬
‫المقارنة بأقوى المجاهر أو أدق التحليلت‬
‫]‪[2‬‬
‫الكيماوية(‬

‫أما السعادين "النسانيس" فهي عرضة للصابة بنفس‬


‫معدية التي يتعرض لها النسان‪ ،‬ولقد عرف‬ ‫العراض غير ال ُ‬
‫ً‬
‫"ريخر" بعد أن عكف طويل على ملحظة نوع منها وهو المسمى‬
‫حوَْدل الزاري" في مواطنه أن هذا السعدان كثير الستجابة‬ ‫"ال َ‬
‫ن الزكام إذا عاوده‬ ‫ّ‬ ‫وأ‬ ‫المعروفة‪،‬‬ ‫أعراضه‬ ‫بنفس‬ ‫"‬‫‪Coryza‬‬ ‫"‬ ‫للزكام‬
‫سل "‬‫في فترات قريبة فقد يكون سببا ً في إصابته بال ّ‬
‫‪ ،" Tuberculosis‬وتصاب تلك السعادين أيضا ً بأمراض‪ :‬مرض‬
‫التهاب المعـاء "‪ ،" Enteritis‬الحمره "‪"Schweinerotlauf‬‬
‫ن صغارها قد‬‫ومرض بياض العين "‪ ."Albugina ocali‬كما لحظ أ ّ‬
‫تموت وهي تشقّ أسنان الّلبن‪ .‬وللعقاقير فيها نفس تأثيرها في‬
‫النسان ‪ .‬وكثير من السعادين تهوى شرب القهوة والشاي‬
‫]‪[3‬‬
‫والمشروبات الكحولية‪ ،‬وتدخن الطباق بلذة متناهية‪.‬‬

‫ن سكان شرقي أفريقية يصطادون الّربابيخ‬ ‫ويؤكد برهم أ ّ‬


‫وهي جنس من السعادين الكبيرة بأن َيتُركوا بمقربة من مرابعها‬
‫أوعية مفعمة ببوظة المريسة لتشرب منها حتى تثمل‪.‬‬

‫ويستطرد برهم أّنه رأى بعض تلك السعادين وكانت‬


‫مأسورة عنده في مثل هذه الحال‪ ،‬ووصف من تصرفاتها‬
‫ك وَُيسـلي‪ ،‬وأردف قائ ً‬
‫ل‪ :‬أنها في‬ ‫ح ُ‬
‫وسـلوكها وحركاتها ما ُيض ِ‬
‫خمار شديد‪ ،‬كظيمة خائرة القوى‪،‬‬ ‫صبيحة اليوم التالي كانت في ُ‬
‫ك رؤوسها المصدعة بيديها معبرة عن آلمها بما يثير الشفقة‬ ‫س ُ‬
‫م ِ‬
‫تُ ْ‬

‫‪ [2]1‬السعار‪ :‬داء الك ََلب‪.‬‬


‫‪ [3]2‬المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪.( 53‬‬
‫‪ [1]3‬المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪.( 54‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[96‬‬
‫دمت لها المريسة أو الخمر ثانية عافتها‬
‫بها والعطف عليها‪ ،‬فإذا ق ّ‬
‫]‪[1‬‬
‫وتنكرت لها ورفضتها‪ ،‬واستحبت شراب الليمون‪.‬‬

‫مَرةً‬
‫مَر َ‬
‫خ ِ‬
‫وعرف عن سعدان أمريكي من نوع الكهول َ‬
‫بشراب البراندي فعافه ولم يمسه مرة أخرى‪ ،‬ويعلق الكاتب على‬
‫]‪[2‬‬
‫ل من أبناء آدم(‬ ‫ذلك الحادث قائل ً )فكان بذلك أع َ‬
‫ق َ‬

‫ويستدلون بأمثال تلك الحوادث على بساطتها بأنها تظهر‬


‫ذوق في النسان وبين‬ ‫إلى أي حد تصل المشابهة بين أعصاب ال ّ‬
‫ذوق في السعدان وعلى أي صورة من التماثل يتأثر‬ ‫أعصاب ال ّ‬
‫الجهاز العصبي في كليهما‪ ،‬وقد قمت بتفسير وتعليل أسباب تلك‬
‫ق من الكتاب تحت عنوان "الدراك الفكري‬ ‫الظواهر في فصل لح ٍ‬
‫]‪[3‬‬
‫والتمييز الغريزي" فيمكن الرجوع إليه لمن شاء‪.‬‬

‫يغزو النسان طفيليات جوفيـة " ‪ " Entozoan‬كثيرا ً ما‬


‫يكون لها آثارا ً مهلكة‪ ،‬كما أنه يصاب بطفيليات خارجيـة "‬
‫‪ ،"Entophyte‬وكلها ترتد إلى ذات الجناس أو الفصائل التي‬
‫تصيب غيره من الثدييات‪ ،‬وفي مرض الجرب "‪ "Scabies‬تكون‬
‫من نفس الّنوع في كليهما‪ ،‬ويتعّرض النسان كما تتعرض‬
‫سَنة الخفية التي‬ ‫الحيوانات والطيور وحتى الحشرات لحكم تلك ال ّ‬
‫تسبب مظاهر سوية في الفراد كالحمل ونضوج حضانة بعض‬
‫المراض ومداها‪ ،‬والجروح في النسان تلتئم بنفس الطريقة التي‬
‫تلتئم بها في الحيوان‪ ،‬وكذلك الجذامير التي تتخلف بعد بتر بعض‬
‫أطرافه وبخاصة في بداية الطور الجنيني كثيرا ً ما تكون حائزة‬
‫]‪[4‬‬
‫للقدرة على الّتجدد كما يشاهد في أحط صور الحيوان‪.‬‬

‫المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪.( 54‬‬ ‫‪[2]1‬‬


‫المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪.( 54‬‬ ‫‪[1]2‬‬
‫الباب الخامس ‪ -‬الفصل الثاني ‪.‬‬ ‫‪[2]3‬‬
‫المرجع‪ ،‬الصفحات ) ‪.( 55 – 54‬‬ ‫‪[3]4‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[97‬‬
‫ن علقة النسان بما هو أدنى منه‬ ‫مما تقدم يذهبون إلى أ ّ‬
‫في عالم الحيوان هي علقة تتجاوز وتتخطى حد ّ الّتشابه‬
‫الظاهري‪ ،‬بل تتخطى هذه العلقة الظاهرية إلى علقة النشأة‬
‫دم والستعداد الفسيولوجي‪ ،‬ويؤكد فون باير " ‪" Von Baer‬‬ ‫وال ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أنه عندما يتقدم تخلق الجنين البشري شيئا ما تبدو أطرافه "‬
‫سوية التي تظهر‬ ‫اليدان والساقان " متخلقة على نفس الصورة ال ّ‬
‫سحالي" وذوات الثدي وأجنحة الطيور‬ ‫بها أرجل العظايا "ال ّ‬
‫شّرح بيشوف‬ ‫م َ‬‫وأرجلها‪ .‬ويستندون في ذلك أيضأ إلى قول ال ُ‬
‫]‪[1‬‬

‫دماغ في الجنين البشري عندما يبلغ‬ ‫ن تلفيف ال ّ‬ ‫حيث يقول‪) :‬إ ّ‬


‫ً‬
‫الشهر السابع من العمر يكون مماثل من حيث الّنماء والتكوين‬
‫ن بيشوف نفسه يقول‪) :‬من‬ ‫لدماغ الحبن]‪ [2‬عند البلوغ (‪ [3].‬إل أ ّ‬
‫سّلم به أن كل شق وكل طية في دماغ النسان لها ما يقابلها‬ ‫الم َ‬
‫في الرطان وهو نوع من القردة‪ ،‬ولكن دماغيهما ل يتماثلن في‬ ‫]‪[4‬‬

‫أي طور من أطوار نمائهما‪ ،‬وذلك يعني عدم تماثلهما( إلى أن‬
‫ل‪ ،‬وذلك‬‫يخلص إلى نتيجة عدم تماثلهما ليبرهن على تفارقهما أص ً‬
‫]‪[5‬‬
‫يعني عدم تماثل القدرات العاقلة في كليهما‪.‬‬

‫ما العالم الطبيعي النجليزي "توماس هنري هكسلي" وهو‬ ‫أ ّ‬


‫ً‬
‫عالم تشريح أيضا ومن أشهر من ناصر داروين في الترويج لمذهبه‬
‫فيقول‪) :‬في مدارج متقدمة من تطور الجنين البشري تبدو‬
‫ن جنين القرد‬‫النحرافات التي تميزه عن جنين القرد‪ ،‬في حين أ ّ‬
‫ينحرف عن جنين الكلب في تخلقه بمقدار ما ينحرف جنين‬
‫النسان عن جنين القرد‪ ،‬وبالرغم مما في هذه الحقائق من‬
‫]‪[6‬‬
‫الّروعة البالغة فإنها حقائق ثابتة تؤيدها المشاهدة‪(.‬‬

‫ن إبهام القدم في جنين‬ ‫ما العلمة "ويمان" فقد وجد أ ّ‬‫أ ّ‬


‫بشري طوله بوصة واحدة يكون أقصر من بقية الصابع ويبرز‬
‫ة حاّدة مقدارها كنفس‬‫منحرفا ً عن القدم مكونا ً في انحرافه زاوي ٌ‬
‫مقدار نفس الزاوية التي ينحرف بها عن إبهام القدم في بقية‬
‫الصابع في اليودات التي هي القردة ِبأجناسـها الربعـة المعروفـة‬

‫المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪.( 55‬‬ ‫‪[1]1‬‬


‫الحبن هو نوع من " القرود المشابهة للنسان "‪.‬‬ ‫‪[2]2‬‬
‫المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪.( 56‬‬ ‫‪[3]3‬‬
‫الرطان‪ :‬إنسان الغاب‪ ،‬وهو نوع من " القردة المشابهة للنسان "‪.‬‬ ‫‪[4]4‬‬
‫المرجع ‪ ،‬الصفحات ) ‪. ( 56 – 53‬‬ ‫‪[5]5‬‬
‫المرجع‪ ،‬الصفحات ) ‪.( 56 – 53‬‬ ‫‪[6]6‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[98‬‬
‫ن المشرح‬ ‫"الغرلي‪ ،‬الشمزي‪ ،‬الرطان والحبن(‪ .‬في حين أ ّ‬
‫المعروف ريتشارد أوين له رأي آخر في ذلك وهو أن إبهام القدم‬
‫في النسان وهو مركز التزان عند الوقوف والمشي ربما يكون‬
‫]‪[1‬‬ ‫أخ ٌ‬
‫ص تركيب تشريحي فيه‪.‬‬‫ّ‬

‫لمتهم هكسـلي‬ ‫وخلصة القول في هذا الموضوع عند ع ّ‬


‫حيث يتساءل‪ :‬هل يتولد النسان بأسلوب غير السلوب الذي تتولد‬
‫فيه الكلب والطيور والضفادع والسماك وغيرها من ذوات‬
‫ل‪) :‬إنه ل يتردد لحظة واحدة في‬ ‫الفقار؟ فيجيب على تساؤلته قائ ً‬
‫القول بأن أسلوب الّتولد البشري وبخاصة في خلل المدارج‬
‫الولى من تخلقة الجنيني مماثل تماما ً للسلوب الذي تتوالد فيه‬
‫ن‬
‫أجّنة غيره من الحيوانات التي تنزل عنه في سلم التطور‪ ،‬وأ ّ‬
‫النسان من حيث علقته النشوئية أقرب إلى القردة من علقة‬
‫القردة بجنس الكلب‪ ،‬أي أن الفرجة بين الكلب والقردة تتسع‬
‫]‪[2‬‬
‫بينما تضيق بين النسان والقردة العليا(‬

‫ن نظام العظام لهو نفسه في‬‫أما داروين نفسه فيقول‪) :‬إ ّ‬


‫يد النسان وفي جناح الخفاش وفي زعنفة سلحفاة الماء وفي‬
‫رجل الحصان‪ ،‬ونفس العدد من الفقرات هو في رقبة الزرافة‬
‫ورقبة الفيل‪ ،‬وحقائق أخرى ل تعد كلها تغدو مفسرة واضحة في‬
‫الحال على أساس نظرية التطور عن طريـق التحولت الطفيفة‬
‫البطيئة المتتابعة‪ .‬وكذلك تشـابه النظام بين جناح الخفاش ورجله‬
‫رغم استعمالهما في غرضين مختلفيـن‪ ،‬وبين فك سرطان البحر‬
‫ورجله‪ ،‬كلها يسهل فهمها على أساس‬
‫التحول التدريجي للشياء وللجزاء أو العضاء التي كانت متشابهة‬
‫]‪[3‬‬
‫في السلف المبكرة في طائفة من الطوائف(‬
‫وتبريرات أخرى في نفس الموضوع لتأكيد الصل المشترك‬
‫ن التراكيب في بعض الحيوانات لها أصل واحد‪ ،‬مثال‬ ‫الواحد‪) :‬إ ّ‬
‫ذلك الطراف الخماسية الصابع في جميع فقاريات اليابسة نجدها‬
‫مبنية على نظام واحد وإن كانت تختلف أحيانا ً في الوظيفة التي‬
‫تؤديها‪ ،‬ومثل تلك التراكيب تسمى بالتراكيب المتشابهة تركيبيا ً "‬
‫‪ ،" homologous structures‬فجناح الخفاش ومجداف الحوت‬
‫ورجل الكلب متشابهة تركيبيا ً وإن كانت تؤدي وظيفة واحدة هي‬

‫‪ [1]1‬المرجع‪ ،‬الصفحات ) ‪.( 56 – 53‬‬


‫‪ [2]2‬المرجع‪ ،‬الصفحات ) ‪.( 56 – 53‬‬
‫‪ []3‬المرجع‪ ،‬صفحه ) ‪.( 765‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[99‬‬
‫المعاونة على الحركة ولكنها حركة تختلف من مثال لخر‪ ،‬الول‬
‫في الطيران والثاني في السباحة والثالث في المشي‪ ،‬وتختلف‬
‫أجنحة الحشرات عن أجنحة الطيور والخفافيش اختلفا تاما ً في‬
‫التراكيب ولكنها تتشابه في الوظيفة وهي معاونة الحيوان على‬
‫الطيران‪ ،‬ومثل تلك التراكيب المتشابهة وظيفيا ً " ‪analogous‬‬
‫‪ " structures‬وغني عن البيان أنها مختلفة الصول‪ ،‬وهناك أمثلة‬
‫ل حصر لها عن هذين النوعين من التراكيب‪.‬‬

‫فالتعرف على التراكيب المتشابهة تركيبيا ً دليل قوي على‬


‫التشابه الساسي في التصميم‪ ،‬وهذا ل يمكن شرحه إل بافتراض‬
‫ن الجماعات التي توجد بها هذه التراكيب ل بد أن تكون من اصل‬ ‫أ ّ‬
‫]‪[1‬‬
‫مشترك واحد‪.‬‬

‫‪ []1‬دكتور فؤاد خليل وآخرين‪ ،‬علم الحيوان العام‪ ،‬صفحة ) ‪.( 1102‬‬
‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[100‬‬
‫البهائم العجماء ‪ ،‬هل‬
‫تشترك مع النسان في‬
‫سب والقرابة بالنشوء‬‫الن ّ َ‬
‫من أصل واحد؟‬

‫موسوعة الخلق‬
‫والنشوء]‪[101‬‬

You might also like