Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
بسم ال الرحمن الرحيم
الحمد ل الذي أظهر بدائع مصنوعاته على أحسن نظام ،وخص من بينها من شاء بمزيد الطول
والنعام ،ووفقه وهداه إلى دين السلم ،وأرشده إلى طريق معرفة الستنباط لقواعد الحكام،
لمباشرة الحلل وتجنب الحرام ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ذو الجلل والكرام،
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع النام ،صلى ال وسلم عليه وعلى آله
وصحبه الغّر الكرام.
وبعد ،فهذا شرح لمختصري المسمى بـ
) لب الصول( الذي اختصرت فيه جمع الجوامع يبين حقائقه ،ويوضح دقائقه ،ويذلل من اللفظ
صعابه ،ويكشف عن وجه المعاني نقابه ،سالكا فيه غالبا عبارة شيخنا العلمة ،المحقق الفهامة
الجلل المحلي لسلستها وحسن تأليفها ،وروما لحصول بركة مؤلفها ،وسميته» :غاية الوصول إلى
شرح لب الصول« .وال أسأل أن ينفع به وهو حسبي ونعم الوكيل.
)بسم ال الرحمن الرحيم( :أي أؤلف أو أبتدىء تأليفي ،والباء للمصاحبة ليكون ابتداء التأليف
مصاحبا لسم ال تعالى المتبّرك بذكره ،وقيل :للستعانة نحو :كتبت بالقلم ،والسم من السمّو وهو
العلّو .وقيل :من الوسم وهو العلمة ،وال علم للذات الواجب الوجود المستحق لجميع الصفات
الجميلة ،والرحمن الرحيم صفتان بنيتا للمبالغة من رحم ،والرحمن أبلغ من الرحيم ،لن زيادة البناء
تدل على زيادة المعنى كما في قطع وقطع.
)الحمد ل الذي وفقنا( :أي خلق فينا قدرة) .للوصول إلى معرفة الصول( :فيه براعة الستهلل،
والحمد لغة الثناء باللسان على الجميل الختياري على جهة التبجيل والتعظيم ،وعرفا فعل ينبىء
عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره ،وابتدأت بالبسملة والحمدلة اقتداء بالكتاب
سِم ال الّرحمن الّرحيم« وفي ل لَ يبدأ فيه بب ْ
ل أمٍر ذي َبا ٍ ل بخبر أبي داود وغيرهُ» :ك ّ العزيز وعم ً
ل بالكتاب والجماع، جَذُم« أي :مقطوع البركة ،وقّدمت البسملة عم ً رواية» :بالحمد ل َفُهو أ ْ
والحمد مختص بال ،كما أفادته الجملة سواء جعلت أل فيه للستغراق أم للجنس أم للعهد ،كما بينت
سر لنا سلوك( :أي دخول) .مناهج( :جمع منهج أي طرق حسنة. ذلك في شرح البهجة وغيره) .وي ّ
)بـ( سبب )قّوة أودعها في العقول( :جمع عقل وهو غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلمة
اللت ،وقد بسطت الكلم عليه في شرح لداب البحث) .والصلة( :وهي من ال رحمة ومن
الملئكة استغفار ،ومن الدمي تضّرع ودعاء) .والسلم( :بمعنى التسليم) .على محمد( :نبينا،
ل بأنه يكثر حمد ومحمد علم منقول من اسم مفعول المضعف تسّمى به نبينا بإلهام من ال تعالى تفاؤ ً
الخلق له لكثرة صفاته الجميلة) .وآله( :هم مؤمنوا بني هاشم وبني المطلب) .وصحبه( :هو عند
سيبويه إسم جمع لصحابة بمعنى الصحابي ،وهو كما سيأتي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى ال عليه
وسّلم ،وعطف الصحب على الل الشامل لبعضهم لتشمل الصلة والسلم باقيهم ،وجملتا الحمد
والصلة والسلم على من ذكر خبريتان لفظا إنشائيتان معنى ،إذ القصد بالولى الثناء على ال بأنه
مالك لجميع الحمد من الخلق ،وبالثانية إيجاد الصلة والسلم ل العلم بذلك ،وإن كان هو القصد
بهما في الصل) .الفائزين( :أي الناجين والظافرين )من ال( :متعلق بقولي) :بالقبول( :قّدم عليه
هنا وفيما يأتي رعاية للسجع ،ويجوز تعلقه بما قبله.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)وبعد( :يؤتى بها للنتقال من أسلوب إلى أسلوب آخر ،وأصلها أما بعد بدليل لزوم الفاء في حيزها
غالبا لتضمن أما معنى الشرط والصل مهما يكن من شيء بعد البسملة والحمدلة والصلة والسلم
على من ذكر) .فهذا( :المؤلف الحاضر ذهنا )مختصر( :من الختصار ،وهو تقليل اللفظ وتكثير
المعنى) .في الصلين( :عبر به دون الصولين أي أصول الفقه وأصول الدين ،إيثارا للتخفيف
والختصار) .وما معهما( :من المقدمات والتقليد وآداب الفتيا وخاتمة التصّوف) .احتضرت فيه
جمع الجوامع للعلمة( :شيخ السلم عبد الوهاب) .التاج( :ابن المام شيخ السلم تقي الدين.
حِلي رضوانه) .وأبدلت منه( :أي من جمع الجوامع. )السبكي رحمه ال( :وتغمده بغفرانه ،وكساه ُ
)غير المعتمد والواضح بهما( :أي بالمعتمد والواضح) .مع زيادات حسنة( :ستقف عليها إن شاء ال
تعالى) .ونبهت على خلف المعتزلة( :ولو مع غيرهم) .بعندنا و( :على خلف )غيرهم( :وحده.
ل) .من ال( تعالى) .القبول وأسأله )بالصح غالبا( :فيهما) .وسميته لب الصول راجيا( :أي مؤم ً
النفع به( :لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين) .فإنه خير مأمول( :أي مرجّو) .وينحصر
مقصوده( :أي لب الصول) .في مقدمات( :بكسر الدال كمقدمة الجيش من قدم اللزم بمعنى تقدم،
وبفتحها على قلة كمقدمة الرجل في لغة من قدم المتعدي أي :في أمور متقدمة أو مقدمة على
المقصود بالذات للنتفاع بها فيه مع توقفه على بعضها ،كتعريف الحكم وأقسامه ،إذ يثبتها الصولي
تارة وينفيها أخرى كما سيجيء) .وسبعة كتب( :في المقصود بالذات ،خمسة في مباحث أدلة الفقه:
الكتاب والسنة والجماع والقياس والستدلل .والسادس في التعادل والتراجيح .والسابع في
الجتهاد ،وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا وما ضم إليه من علم الكلم المفتتح بمسألة التقليد في
أصول الدين المختتم بما يناسبه من خاتمة التصوف ،وهذا الحصر من حصر الكلي
المقدمات
أي :مبحثها .افتتحهتا كالصل بتعريف أصول الفقه ليتصّوره طالبه بما يضبط مسائله الكثيرة،
ليكون على بصيرة في تطلبها ،إذ لو تطلبها قبل بطلها لم يأمن فوات ما يرجيه وصرف الهمة إلى
ن المسمى بهذا اللقب المشعر بمدحه بابتغاء الفقه عليه ،إذ
ما ل يعنيه فقلت) :أصول الفقه( :أي الف ّ
الصل ما يبنى عليه غيره) .أدلة الفقه الجمالية( :أي غير المعينة كمطلق المر والجماع من حيث
إنه يبحث عن أّولهما ،بأنه الوجوب حقيقة ،وعن ثانيهما بأنه حجة) .وطرق استفادة جزئياتها( :التي
هي أدلة الفقه التفصيلية المستفاد هو منها ،والمراد بالطرق المرجحات التي أكثرها في الكتاب
السادس) .وحال مستفيدها( :أي :وصفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الجمالية ،وهو المجتهد لنه
الذي يستفيدها بالمرجحات عند تعارضها دون المقلد ،والمراد بصفاته شرائطه التية في الكتاب
السابع ،ويعبر عنها بشروط الجتهاد ،وخرج بأدلة الفقه غير الدلة كالفقه ،وأدلة غير الفقه كأدلة
الكلم وبعض أدلة الفقه وبالجمالية التفصيلية وإن لم يتغاير إل بالعتبار :كأقيموا الصلة ول
تقربوا الزنا ،وصلته صلى ال عليه وسّلم في الكعبة ،فليست أصول الفقه ،وإنما يذكر بعضها في
كتبه للتمثيل.
)وقيل( :أصول الفقه )معرفتها( :أي عرفة أدلة الفقه وما عطف عليها ،ورجح الول لن الدلة وما
ل ،والصل قال :أصول الفقه دلئل الفقهعطف عليها إذا لم تعرف لم تخرج عن كونها أصو ً
الجمالية ،وقيل معرفتها ،ثم قال :والصولي العارف بها وبطرق استفادتها ومستفيدها مخالفا في
ذلك الصوليين باعترافه ،وقرره في منع الموانع بما ل يشفي ،وقرره شيخنا العلمة الجلل المحلي
بما ل مزيد عليه ،واستبعده أيضا شيخه العلمة الشمس البرماوي ،وقال :ل يعرف في المنسوب
زيادة قيد من حيث النسبة على المنسوب إليه ،وعدلت عن قوله دلئل إلى قولي أدلة ،لن الموجود
هنا جمع قلة ل جمع كثرة ،ولما قيل إن فعائل لم يأت جمعا لسم جنس بوزن فعيل ،وإن رّد بأنه
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)والفقه علم بحكم( :أي نسبة تامة ،فالعلم بها تصديق بتعلقها ل تصّورها ،لنه من مبادىء أصول
الفقه ،ول تصديق بثبوتها لنه من علم الكلم) .شرعي( :أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي
الكريم) .عملي( :أي متعلق بكيفية عمل قلبي أو غيره ،كالعلم بوجوب النية في الوضوء وبندب
الوتر) .مكتسب( :ذلك العلم لمكتسبه) .من دليل تفصيلي( :للحكم .فالعلم كالجنس ،وخرج بالحكم
العلم بالذات والصفة والفعل كتصّور النسان والبياض والقيام ،وبالشرعي العلم بالحكم العقلي
والحسي واللغوي والوضعي ،كالعلم بأن الواحد نصف الثنين ،وأن النار محرقة ،وأن النور
الضياء ،وأن الفاعل مرفوع ،وبالعملي العلم بالحكم الشرعي العلمي أي العتقادي ،كالعلم في
أصول الفقه بأن الجماع حجة ،والعلم في أصول الدين بأن ال واحد ،وبالمكتسب علم ال وجبريل
بما ذكر ،وكذا علم النبي به الحاصل بوحي ،وعلمنا به بالضرورة بأن علم من الدين بالضرورة
كإيجاب الصلة والزكاة والحج وتحريم الزنا والسرقة ،وبالدليل التفصيلي العلم بذلك للمقلد ،فإنه من
المجتهد بواسطة دليل إجمالي ،وهو أن هذا الحكم أفتاه به المفتي ،وكل ما أفتاه به المفتي ،فهو حكم
ل بوجوب النية في الوضوء كذلك ليس من الفقه ،وعبروا عن الفقه هنا بالعلم ال في حقه فعلمه مث ً
وإن كان لظنية أدلته ظنا كما عبروا به في كتاب الجتهاد ،لنه ظن المجتهد الذي هو لقّوته قريب
من العلم ،ونكرت العلم والحكم وأفردتهما تبعا للعلمة البرماوي ،لن التحديد إنما هو للماهية من
غير اعتبار كمية أفرادها ،ولن في تعبيري بحكم ل بالحكام الذي عبر به الصل كغيره سلمة من
ورود أن العلم بجميع الحكام ينافي قول كل من أكابر الفقهاء في مسائل سئلوا عنها :ل أدري ،وإن
أجيب عنه بأنهم متهيئون للعلم بأحكامها بمعاودة النظر وإطلق العلم على مثل هذا التهيوء شائع
عرفا .يقال :فلن يعلم النحو ول يراد أن جميع مسائله حاضرة عنده مفصلة ،بل إنه
متهيىء لذلك.
)والحكم خطاب ال( تعالى أي :كلمه النفسي الزلي المسمى في الزل خطابا على الصح كما
سيأتي) .المتعلق( :إما )بفعل المكلف( :أي البالغ العاقل الذي لم يمتنع تكليفه تعلقا معنويا قبل وجوده
أو بعد وجوده قبل البعثة ،وتنجيزيا بعد وجوده بعد البعثة ،إذ ل حكم قبلها كما سيأتي ذلك.
)اقتضاء( :أي طلبا للفعل وجوبا أو ندبا أو حرمة أو كراهة أو خلف الولى) .أو تخييرا( :بين
الفعل وتركه أي :إباحة فيشمل ذلك الفعل القلبي العتقادي وغيره .والقولي وغيره والكف والمكلف
الواحد كالنبي صلى ال عليه وسّلم في خصائصه ،والكثر من الواحد) ،و( إما )بأعم( من فعل
المكلف )وضعا وهو( الخطاب )الوارد( بكون الشيء )سببا وشرطا ومانعا وصحيحا وفاسدا(:
وسيأتي بيانها ،فيشمل ذلك فعل المكلف كالزنا سببا لوجوب الحد ،وغير فعله كالزوال سببا لوجوب
الظهر ،وإتلف غير المكلف كالسكران سببا لوجوب الضمان ،وخطاب كالجنس وخرج بإضافته
ل بإيجاب ال تعالى أياها ،وبفعل
إلى ال خطاب غيره ،وإنما وجبت طاعة الرسول والسيد مث ً
المكلف خطاب ال تعالى المتعلق بذاته وصفاته وذوات المكلفين والجمادات ،كمدلول ال ل إله إل
هو خالق كل شيء ولقد خلقناكم ويوم نسير الجبال ،وبالقتضاء والتخيير والوضع مدلول وما
تعملون من قوله} :وال خلقكم وما تعملون{ فإنه متعلق بفعل المكلف ل باقتضاء ول تخيير ،ول
وضع بل من حيث الخبار بأنه مخلوق ل ،ول يتعلق الخطاب التكليفي بفعل غير المكلف ووليه
مخاطب بأداء ما وجب في ماله منه ،كما يخاطب صاحب البهيمة بضمان ما أتلفته حيث فرط في
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
يعلم إل بوضع الشرع كالخطاب التكليفي ،بل قيل :إنه ل حاجة لذكره لنه داخل في القتضاء
ل سببا لوجوب الظهر إل إيجابها عنده ،ول لكون الطهارة والتخيير ،إذ ل معنى لكون الزوال مث ً
شرطا للقدام على البيع إل إباحة القدام عندها وتحريمه عند فقدها .وقيل :إنه ليس بحكم حقيقة لنه
ليس بإنشاء بل خبر عن ترتب آثار هذه المور عليها .قال البرماوي :وليس لهذا الخلف كبير
فائدة ،بل هو خلف لفظي وإذا ثبت أن الحكم خطاب ال) .فل يدرك حكم إل من ال( :فل يدرك
العقل شيئا مما يأتي عن المعتزلة المعبر عن بعضه بالحسن والقبح بالمعنى التي على الثر.
ل( والثواب
)وعندنا( :أيها الشاعرة )أن الحسن والقبح( :لشيء )بمعنى ترتب( المدح و)الذم حا ً
ل( :كحسن الطاعة وقبح المعصية) .شرعيان( :أي ل يحكم بهما إل الشرع المبعوث به )والعقاب مآ ً
الرسل .أي :ل يدرك إل به ول يؤخذ إل منه ،أما عند المعتزلة فعقليان .أي :يحكم بهما العقل بمعنى
أنه طريق إلى العلم بهما يمكن إدراكه به من غير ورود سمع لما في الفعل من مصلحة أو مفسدة
يتبعها حسنه أو قبحه عند ال .أي :يدرك العقل ذلك إما بالضرورة كحسن الصدق النافع وقبح
الكذب الضار ،أو بالنظر كحسن الكذب النافع وقبح الصدق الضار ،وقيل :العكس .والشرع يؤكذ
ذلك أو بإعانة الشرع فيما خفي على العقل كحسن صوم آخر يوم من رمضان ،وقبح صوم أّول يوم
من شّوال وتركت كالصل المدح والثواب للعلم بهما من ذكر مقابلهما النسب بأصول المعتزلة ،إذ
العقاب عندهم ل يتخلف ول يقبل الزيادة والثواب يقبلهما ،وإن لم يتخلف أيضا ،وخرج بمعنى ترتب
ما ذكر الحسن والقبح بمعنى ملءمة الطبع ومنافرته كحسن الحلو وقبح المر ،وبمعنى صفة الكمال
والنقص كحسن العلم وقبح الجهل فعقليان ،أي :يحكم بهما العقل اتفاقا) .و(عندنا )أن شكر المنعم(:
وهو صرف العبد جميع ما أنعم ال به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق له )واجب بالشرع( :ل
بالعقل فمن لم يبلغه دعوة نبي ل يأثم بتركه خلفا للمعتزلة) .و(عندنا )أنه ل حكم( :متعلق بفعل
تعلقا تنجيزيا )قبله( :أي الشرع أي بعثة أحد من الرسل لنتفاء لزمه حينئذ من ترتب الثواب
ل{ف( أي ول مثيبين فاغتنى عن ذكر والعقاب بقوله تعالى} :وما كنا معذبين حتى نبعث رسو ً
الثواب بذكر مقابله الظهر في تحقق معنى التكليف ،والقول بأن الرسول في الية العقل وتخصيص
العذاب فيها بالدنيوي خلف الظاهر) .بل( انتقالية ل إبطالية) .المر( :أي الشأن في وجوب الحكم
)موقوف إلى وروده( :أي الشرع فل مخالفة بين من عبر منا في الفعال قبل البعثة بالوقف ،ومن
نفى منا الحكم فيها .أما عند المعتزلة فالحكم متعلق به تعلقا تنجيزيا قبل البعثة ،فإنهم جعلوا العقل
حاكما في الفعال قبل البعثة فما قضى به في شيء منها ضروري كالتنفس في الهواء أو اختياري
لخصوصه بأن أدرك فيه مصلحة أو مفسدة ،أو انتفاءهما ،فأمر قضائه فيه ظاهر ،وهو أن
الضروري مقطوع بإباحته ،والختياري لخصوصه ينقسم إلى القسام الخمسة الحرام وغيره ،لنه
إن اشتمل على مفسدة فعله فحرام كالظلم ،أو تركه فواجب كالعدل ،وإل فإن اشتمل على مصلحة
فعله فمندوب كالحسان ،أو تركه فمكروه .،وإن لم يشتمل على مفسدة ول مصلحة فمباح ،فإن لم
يقض العقل في شيء منها لخصوصه بأن لم يدرك فيه شيئا مما مر كأكل الفاكهة فاختلف في قضائه
فيه لعموم دليله على ثلثة أقوال :أحدها :أنه محظور لن الفعل تصرف في ملك ال تعالى بغير
إذنه إذ العالم كله ملك له تعالى .وثانيها :أنه مباح لن ال تعالى خلق العبد وما ينتفع به ،فلو لم يبح
له كان خلقهما عبثا أي خاليا عن الحكمة .وثالثها :الوقف عنهما أي ل يدري أنه محظور أو مباح
مع أنه ل يخلو عن واحد منهما ،إما ممنوع منه فمحظور أو ل فمباح ،وذلك لتعارض دليلهما ،وقد
ل{.علم بطلن الثلثة مما مر من قوله تعالى} :وما كنا معذبين حتى نبعث رسو ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ل لهم{ فإنهاتتمة :لو وقع بعد البعثة صورة ل حكم فيها فثلثة أقوال :الحظر لية} :يسألونك ماذا أح ّ
تدل على سبق التحريم والباحة لقوله تعالى} :خلق لكم ما في الرض جميعا{ والوقف لتعارض
الدليلين.
)والصح امتناع تكليف الغافل( :وهو من ل يدري كالنائم والساهي ،لن مقتضى التكليف بشيء
ل وذلك يتوقف على العلم بالمكلف به والغافل ل يعلم ذلك ،ومنه السكران وإن أجرى التيان به امتثا ً
عليه حكم المكلف تغليظا عليه كما أوضحته في حاشية شرح الصل وغيرها) .و(امتناع تكليف
)الملجأ( :وهو من يدري ول مندوحة له عما ألجىء إليه كالساقط من شاهق على شخص يقتله ل
مندوحة له عن الوقوع عليه القاتل له ،فيمتنع تكليفه بالملجأ إليه وبنقيضه لعدم قدرته على ذلك ،لن
الّول واجب الوقوع ،والثاني ممتنعه ول قدرة له على واحد منهما .وقيل :يجوز تكليف الغافل
والملجأ بناء على جواز التكليف بما ل يطاق كحمل الواحد الصحرة العظيمة ،ورّد بأن الفائدة في
التكليف بذلك من الختبار هل يأخذ في المقدمات منتفية في تكليف من ذكر ،وظاهر أن من ذكر
يمتنع أن يتعلق به خطاب غير وضعي بغير الواجب والحرام أيضا ،وإن أوهم التعبير بالتكليف
قصوره عليهما) .ل المكره( :وهو من ل مندوحة له عما أكره عليه إل بالصبر على ما أكره به ،فل
يمتنع تكليفه بالمكره عليه ،وإن خالف داعي الكراه داعي الشرع ول بنقيضه ،وإن وافقه على
طَأ والّنسيا َ
ن خَ
ن أّمتي ال َ
عْالصح فيهما لمكان الفعل ،لكن لم يقع الّول مع المخالفة لخبرُ» :رِفَع َ
عَليِه« .ول الثاني مع الموافقة قياسا على الّول ،وإنما وقعا مع غير ذلك لقدرته على سُتْكِرُهوا َ
وما ا ْ
امتثال ذلك بأن يأتي بالمكره عليه لداعي الشرع كمن أكره على أداء الزكاة فنواها عند أخذها منه،
أو بنقيضه صابرا على ما أكره به ،وإن لم يكلف الصبر عليه كمن أكره على شرب خمر فامتنع
منه صابرا على العقوبة،
وقيل :يمتنع تكليفه بذلك لعدم قدرته على امتثاله ،إذ الفعل للكراه ل يحصل المتثال به ،ول يمكن
التيان معه بنقيضه والقول الّول للشاعرة والثاني للمعتزلة وصححه الصل ورجع عنه إلى
الّول آخرا وأدرج فيما صححه امتناع تكليف المكره على القتل ،فاحتاج إلى الجواب عن إثم القاتل
المجمع عليه بأنه ليس للكراه ،بل ليثاره نفسه بالبقاء على قتيله ،وعلى ما رجحناه ل يحتاج إلى
الجواب ،ثم ما ذكر في تكليف المكره هو كلم الصوليين ،أما الفقهاء فاضطربت
أجوبتهم فيه بحسب قوة الدليل ،فمرة قطعوا بما يوافق عدم تكليفه كعدم صحة عقوده وحلها وكالتلفظ
بكلمة الكفر وقلبه مطمئن باليمان ،ومرة قطعوا بما يوافق تكليفه كإكراه الحربي والمرتد على
السلم ونحوه مما هو إكراه بحق ،ومرة رجحوا ما يوافق الّول كإكراه الصائم على الفطر وإكراه
من حلف على شيء فإنه ل يفطر ول يحنث بفعل ذلك على الراجح ،ومرة رجحوا ما يوافق الثاني
ل على الراجح .ل يقال التعبير كالكراه على القتل فإه يأثم بالقتل إجماعا ويلزمه الضمان قودا أو ما ً
بالتكليف قاصر على الوجوب والحرمة بناء على أن التكليف إلزام ما فيه كلفة لنا نمنع ذلك ،فإن ما
عداهما لزم للتكليف ،إذ لول وجوده لم يوجد ما عداهما أل ترى إلى انتفائه قبل البعثة كانتفاء
التكليف) .ويتعلق الخطاب( :من أمر أو غيره فهو أعم من قوله ويتعلق المر )عندنا( :أيها
الشاعرة )بالمعدوم تعلقا معنويا( :بمعنى أنه إذا وجد بصفة التكليف يكون مخاطبا بذلك الخطاب
النفسي الزلي ل تعلقا تنجيزيا بأن يكون حال عدمه مخاطبا ،أما المعتزلة فنفوا التعلق المعنوي
ل غير أيضا لنفيهم الكلم النفسي) ،فإن اقتضى( :أي طلب الخطاب الذي هو كلم ال النفسي )فع ً
كف( من المكلف )اقتضاء جازما( بأن لم يجز تركه )فإيجاب( :أي فهذا الخطاب يسمى أيجابا )أو(
اقتضاء )غير جازم( :بأن جّوز تركه )فندب أو( اقتضى )كفا( اقتضاء )جازما( بأن لم يجز فعله.
)فتحريم أو( اقتضاء )غير جازم بنهي مقصود( لشيء كالنهي في خير الصحيحين» :إذا دخل
أحدكم المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين )فكراهة( .أي فالخطاب المدلول عليه بالمقصود
يسمى كراهة ول يخرج عن المقصود دليل المكروه إجماعا أو قياسا ،لنه في الحقيقة مستند
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الجماع أو دليل المقيس عليه ،وذلك من المقصود وقد يعبرون عن اليجاب والتحريم بالوجوب
والحرمة لنهما أثرهما ،وقد يعبرون عن الخمسة بمتعلقاتها من الفعال كالعكس تجّوزا فيقولون في
الول :الحكم
إما واجب أو مندوب الخ .وفي الثاني :الفعل إما إيجاب أو ندب الخ) .أو بغير مقصود( :وهو النهي
عن ترك المندوبات المستفاد من أوامرها ،إذ المر بشيء يفيد النهي عن تركه) .فخلف الولى(:
ل غير كف كانأي فالخطاب المدلول عليه بغير المقصود يسمى خلف الولى كما يسماه متعلقه فع ً
كفطر مسافر ل يتضرر بالصوم كما سيأتي ،أو كفا كترك صلة الضحى ،والفرق بين قسمي
المقصود وغيره أن الطلب في المقصود أشّد منه في غيره ،والقسم الثاي
وهو واسطة بين الكراهة والباحة زاده جماعة من متأخري الفقهاء منهم إمام الحرمين على
الصوليين ،وأما المتقدمون فيطلقون المكروه على القسمين ،وقد يقولون في الول مكروه كراهة
شديدة ،كما يقال في قسم المندوب سنة مؤكدة ،وعلى ما عليه الصوليون يقال أو غير جازم
فكراهة) .أو خير( :الخطاب بين الفعل المذكور والكف عنه )فإباحة( وتعبيري بخير سالم مما يرد
على تعبيره بالتخيير من أنه يقتضي أن في الباحة اقتضاء وليس كذلك ،وإن كان عن اليراد
جواب وزدت غير كف لسلم من مقابلة الفعل بالكف الذي عبر عنه الصل بالترك هو ل يقابل به،
إذ الكف فعل والترك فعل هو كف كما سيأتي) .و(بما ذكر )عرفت حدودها( :أي حدود المذكورات
ل الخطاب المقتضي لفعل غير كف اقتضاء جازما ،وأما من أقسام خطاب التكليف ،فحد اليجاب مث ً
حدود أقسام خطاب الوضع فتعرف من حده المشهور الذي قدمته وهو الخطاب الوارد بكون الشيء
ل الخطاب الوارد بكون الشيء سببا لحكم شيء ،وأما حدود السبب سببا الخ .فحّد السببي منه مث ً
وغيره من أقسام متعلق خطاب الوضع فسيأتي ،وكذا حد الحد بالجامع المانع الدافع للعتراض بأ ّ
ن
ما عرف رسوم ل حدود ،لن المميز فيها خارج عن الماهية) .والصح ترادف( لفظي )الفرض
والواجب( :أي مسماهما واحد وهو كما علم من حّد اليجاب الفعل غير الكف المطلوب طلبا
جازما ،ول ينافي هذا ما ذكره أئمتنا من الفرق بينهما في مسائل ،كما قالوا فيمن قال :الطلق
ي ل تطلق ،إذ ذاك ليس للفرق بين حقيقتيهما ،بل لجريان العرف ي تطلق أو فرض عل ّ واجب عل ّ
بذلك أو لصطلح آخر كما بينته مع زيادة تحقيق في الحاشية .ونفت الحنفية ترادفهما فقالوا هذا
الفعل إن ثبت بدليل قطعي كالقرآن فهو الفرض كقراءة القرآن في الصلة الثابتة بقوله تعالى:
}فاقرأوا ما تيسر من القرآن{ أو بدليل ظني كخبر الواحد فهو الواجب كقراءة الفاتحة في الصلة
ن َلم يقرأ
لَة لم ْ
صَالثابتة بخبر الصحيحين» :ل َ
ب« فيأثم بتركها ول تفسد به صلته بخلف ترك القراءة) .كالمندوب( :أي كما أن حِة الِكتا ِ
بفاِت َ
الصح ترادف ألفاظ المندوب )والمستحب والتطّوع والسّنة( :والحسن والنفل والمرغب فيه أي
مسماها واحد وهو كما علم من حد الندب الفعل غير الكف المطلوب طلبا غير جازم ،ونفى القاضي
حسين وغيره ترادفها فقالوا :هذا الفعل إن واظب عليه النبي صلى ال عليه وسّلم فهو السّنة ،إل
كأن فعله مرة أو مرتين فهو المستحب ،أو لم يفعله وهو ما ينشئه النسان باختياره من الوراد فهو
التطّوع ،ولم يتعرضوا للبقية لعمومها للقسام الثلثة) .والخلف( في المسألتين )لفظي( :أي عائد إلى
ل من القسام الثلثة كما يسمى باسم من السماء الثلثة اللفظ والتسمية ،إذ حاصله في الثانية أن ك ّ
كما ذكر هل يسمى بغيره منها .فقال القاضي وغيره :ل إذ السنة الطريقة والعادة والمستحب
المحبوب والتطّوع الزيادة ،والكثر يعم ويصدق على كل من القسام أنه طريقة وعادة في الدين
ومحبوب للشارع وزائد على الواجب .وفي الولى أن ما ثبت بقطعي كما يسمى فرضا هل يسمى
واجبا ،وما ثبت بظني كما يسمى واجبا هل يسمى فرضا؟ فعند الحنفية ل أخذا للفرض من فرض
الشيء حزه أي قطُع بعضه ،وللواجب من وجب الشيء وجبة سقط وما ثبت بظني ساقط من قسم
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ل من المقدر والثابت المعلوم ،وعندنا نعم أخذا من فرض الشي قّدره ووجب الشيء وجوبا ثبت وك ّ
ل مع أنهم نقضوا أصلهم في أشياء منهاأعم من أن يثبت بقطعي أو ظني ومأخذنا أكثر استعما ً
جعلهم مسح ربع الرأس والقعدة في آخر الصلة والوضوء من الفصد فرضا مع أنها لم تثبت بدليل
قطعي ،وما مر من أن ترك الفاتحة من الصلة ل يفسدها عندهم أي دوننا ل يضر في أن الخلف
لفظي ،لنه كم فقهي ل دخل له في التسمية.
)
و( الصح )أنه( أي المندوب )ل يجب( بالشروع فيه )إتمامه( :لن المندوب يجوز تركه وترك
إتمامه المبطل لما فعل منه ترك له .وقالت الحنفية يجب إتمامه لقوله تعالى} :ول تبطلوا أعمالكم{
ع أميُرحتى يجب بترك الصلة والصوم منه إعادتهما وعورض في الصوم بخبر» :الصائُم المتطّو ُ
طَر« رواه الترمذي وغيره ،وصحح الحاكم إسناده ،ويقاس بالصوم شاَء أْف َ
ن َسه إن شاَء صاَم وإ ْ
َنْف ِ
الصلة فل تشملهما الية جمعا بين الدلة) .ووجب( إتمامه )في النسك( من حج أو عمرة )لنه
كفرضه نية( :فإنها في كل منهما قصد الدخول في النسك أي التلبس به )وغيرها( ككفارة فإنها تجب
ل منهما ل يحصل الخروج منه في كل منهما بالوطء المفسد له وكانتفاء الخروج بالفساد ،فإن ك ّ
ي في فاسده وغير النسك ليس نفله كفرضه فيما ذكر ،فالنية في نفل الصلة بفساده ،بل يجب المض ّ
والصوم غيرهما في فرضهما ،والكفارة في فرض الصوم دون نفله ودون الصلة مطلقا وبفسادهما
يحصل الخروج منهما مطلقا ،ففارق النسك المندوب غيره من باقي المندوب في وجوب إتمامه،
وتعبيري بالنسك أعم من تعبيره بالحج ،ثم أخذت في بيان متعلق خطاب الوضع من سبب وغيره
فقلت) :والسبب( الشرعي هنا )وصف(وجودي أو عدمي )ظاهر منضبط معرف للحكم( الشرعي ل
مؤثر فيه بذاته ،أو بإذن ال أو باعث عليه كما قال بكل قائل كما سيأتي بيانها في معنى العلة ،وهذا
التعريف مبين لمفهوم السبب ،وبه عرف المصنف في شرح المختصر كالمدي وعرفه في الصل
بما يبين خاصته ،ولذلك عدلت عنه إلى الّول والمعبر عنه هنا بالسبب هو المعبر عنه في القياس
بالعلة ،كالزنا لوجوب الجلد ،والزوال لوجوب الظهر ،والسكار لحرمة الخمر ،ومن قال ل يسمى
الوقت السببي كالزوال علة نظر إلى اشتراط المناسبة في العلة .وسيأتي أنها ل يشترط فيها بناء
على أنها المعّرف وهو الحق وخرج بمعرف الحكم المانع وسيأتي.
)والشرط ما يلزم من عدمه العدم( للمشروط )ول يلزم من وجوده وجود ول عدم( له خرج :القيد
الّول المانَع إذ ل يلزم من عدمه شيء ،وبالثاني السبب ،إذ يلزم من وجوده الوجود وزاد الصل
ككثير في تعريفه لذاته ليدخل الشرط المقارن للسبب ،فيلزم الوجود كوجود الحول الذي هو شرط
لوجوب الزكاة مع النصاب الذي هو سبب للوجوب ،والمقارن للمانع كالدين على القول بأنه مانع
من وجوب الزكاة فيلزم العدم فلزوم الوجود والعدم في ذلك لوجود السبب والمانع ل لذات الشرط
وحذفه لعدم الحتياج إليه فيما ذكر ،إذ المقتضي للزوم الوجود والعدم إنما هو السبب والمانع ل
الشرط ،ثم هو عقلي كالحياة للعلم ،وشرعي كالطهارة للصلة ،وعادي كنصب السلم لصعود
السطح ،ولغوي كما في أكرم فلنا إن جاء أي الجائي ،وسيأتي في مبحث التخصيص ،وتعريفي هنا
للشرط بما ذكر وإن شمل اللغوي أنسب من تأخير الصل له إلى مبحث المخصص )والمانع(
المراد عند الطلق كما هنا وهو مانع الحكم) .وصف وجودي( ل عدمي )ظاهر( :ل خفي
)منضبط( :ل مضطرب )معرف نقيض الحكم( :أي حكم السب )كالقتل في( :باب )الرث( :فإنه
مانع من وجود الرث المسبب عن القرابة أو غيرها لحكمة ،وهي عدم استعجال الوارث موت
مورثه بقتله أما مانع السبب والعلة ول يذكر إل مقيدا بأحدهما ،فسيأتي في مبحث العلة )والصحة(
الشاملة لصحة العبادة وصحة غيرها من عقد وغيره )موافقة( الفعل )ذي الوجهين( وقوعا )الشرع
في الصح( .والوجهان موافقة الشرع ومخالفته أي :الفعل الذي يقع تارة موافقا للشرع ،وتارة
مخالفا له عبادة كان كصلة أو غيرها كبيع صحته موافقته الشرع ،بخلف ما ل يقع إل موافقا له
ل ل معرفة فل يسمى الموافق له كمعرفة ال تعالى ،إذ لو وقعت مخالفة له أيضا لكان الواقع جه ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
صحيحا فصحة العبادة أخذا مما ذكر موافقة العبادة ذات الوجهين وقوعا الشرع ،وإن لم يسقط
قضاؤها ،وهذا منسوب للمتكلمين ،وقيل صحتها سقوط قضائها وهذا
منسوب للفقهاء فما وافق منها الشرع ولم يسقط القضاء كصلة من ظن أنه متطهر ثم تبين له حدثه
يسمى صحيحا على الّول نظرا إلى ظن المكلف دون الثاني نظرا إلى ما في نفس المر.
قال ابن دقيق العيد :وفي هذا البناء نظر لنه إن أريد بموافقة المر المر الصلي فلم يسقط ،أو
المر بالعمل بالظن ،فقد بان فساد الظن ،فيلزم أن ل يكون صحيحا بالتقديرين ،واستظهره
البرماوي ويجاب بأن تبين فساد الظن وإن اقتضى عدم تسمية ذلك صحيحا بالنظر إلى نفس المر
ن ،وللسبكي وغيره هنا كلم ذكرته في الحاشية) .وبصحة ل يمنع تسميته صحيحا بالنظر إلى الظ ّ
العبادة( :خبر لقولي )إجزاؤها أي كفايتها في سقوط التعبد( :أي الطلب وإن لم يسقط القضاء )في
الصح( وقيل :إجزاؤها سقوط قضائها كصحتها على القول المرجوح ،فالصحة منشأ الجزاء على
القول الراجح فيهما ومرادفة له على المرجوح فيهما) .و(بصحة )غيرها( التي هي أخذا مما مر
موافقته الشرع )ترتب أثره( أي أثر غيرها وهو ما شرع الغير له كحل النتفاع في البيع والتمتع في
النكاح ،فالصحة منشأ الترتب ل نفس الترتب ،كما زعمه المدي وغيره بمعنى أنه حيثما وجدت
فهو ناشىء عنها ل بمعنى أنها حيثما وجدت نشأ عنها حتى يرد البيع قبل انقضاء الخيار ،فإنه
ص الجزاء بالمطلوب( صحيح ولم يترتب عليه أثره وتعبيري بغيرها أعم من تعبيره بالعقد) .ويخت ّ
ح( وقيل :يختص بالواجب من واجب ومندوب ل يتجاوزهما إلى غيرهما من عقد وغيره )في الص ّ
ل يتجاوزه إلى غيره من المندوب وغيره ،ومنشأ الخلف خبر ابن ماجة وغيره :أربع ل تجزىء
في الضحى فاستعمل الجزاء في الضحية وهي مندوبة عندنا واجبة عند غيرنا كأبي حنيفة.
)ويقابلها( أي الصحة )البطلن( فهو مخالفة الفعل ذي الوجهين الشرع .وقيل :في العبادة عدم
إسقاطها القضاء )وهو( :أي البطلن )الفساد في الصح( :فكل منهما مخالفة ما ذكر الشرع وإن
اختلفا في بعض
أبواب الفقه كالخلع والكتابة لصطلح آخر ،وقالت الحنفية :مخالفته الشرع بأن كان منهيا عنه إن
كانت لكون النهي عنه لصله فهي البطلن كما في الصلة الفاقدة شرط أو ركنا ،وكما في بيع
الملقيح لفقد ركن من البيع أو لوصفه فهي الفساد كما في صوم يوم النحر للعراض بصومه عن
ضيافة ال للناس بلحوم الضاحي التي شرعها فيه ،وكما في بيع الدرهم بدرهمين لشتماله على
الزيادة فيأثم به ويفيد بالقبض ملكا خبيثا أي ضعيفا ولو نذر صوم يوم النحر صح نذره ،لن الثم
في فعله دون نذره ويؤمر بفطره وقضائه ليتخلص عن الثم ويفي بالنذر ،ولو صامه وفي بنذره
لنه أّدى الصوم كما التزمه ،فقد اعتّد بالفاسد ،أما الباطل فل يعتد به وضعف ذلك بأن التفرقة إن
كانت شرعية فأين دليلها بل يبطلها قوله تعالى} :لو كان فيهما آلهة إل ال لفسدتا{ حيث سمى ال
ل فاسدا وإن كانت عقلية ،فالعقل ل يحتج به في مثل ذلك )والخلف لفظي( من تعالى ما لم يثبت أص ً
زيادتي أي عائد إلى اللفظ والتسمية ،إذ حاصله أن مخالفة ما ذكر الشرع بالنهي عنه لصله كما
تسمى بطلنا هل تسمى فسادا أو لوصفه .كما يسمى فسادا هل تسمى بطلنا ،فعندهم ل وعندنا نعم.
)والصح أن الداء فعل العبادة( صوما أو صلة أو غيرهما )أو( فعل )ركعة( من الصلة )في
وقتها( مع فعل البقية بعده واجبة كانت أو مندوبة ،وتعبيري بالركعة هنا وبدونها في القضاء أولى ن
تعبيره بالبعض لما ل يخفى ،ولخبر الصحيحين» :من أدرك ركعة من الصلة فقد أدرك الصلة«
أي مؤداة ،وقيل الداء فعل العبادة في وقتها ففعل بعضها فيه ولو ركعة وبعضها بعده ل يكون أداء
حقيقة كما ل يكون قضاء ،كذلك ،بل يسمى بأحدهما مجازا بتبعية ما في الوقت لما بعده أو بالعكس،
وهذا ما عليه الصوليون ،واعتبار الركعة في الداء ودونها في القضاء كما سيأتي ذكره الفقهاء،
وإنما ذكرته هنا تبعا للصل ،والخبر المذكور قد ل يدل على ما ذكروه لحتمال أنه فيمن زال
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
عذره كجنون وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة فيجب عليه الصلة) .وهو( :أي وقت العبادات
المؤّداة )زمن مقدر لها شرعا( موسعا كان كزمن الصلوات المكتوبة وسننها أو مضيقا كزمن صوم
رمضان أو اليام البيض ،فما لم يقدر له زمن شرعا كنذر ونفل مطلقين وغيرهما وإن كان فوريا
كاليمان ل يسمى فعله أداء ول قضاء اصطلحا ،وإن كان الزمن ضروريا لفعله ،ومن ذلك ما
وقته العمر كالحج وتسمية بعضهم لوقته موسعا مجاز ،إذ الموسع ما يعلم المكلف آخره وآخر العمر
ل يعلمه فل يسمى فعله أداء ول قضاء اصطلحا ،بل يسماهما مجازا أو لغة كأداء الدين وقضائه
نبه على ذلك العلمة البرماوي.
)
و(الصح )أن القضاء فعلها( أي العبادة )أو( فعلها )إل دون ركعة بعد وقتها( والفرق بين ذي
الركعة وما دونها أنها تشتمل على معظم أفعال الصلة ،إذ معظم الباقي كالتكرير لها فجعل ما بعد
الوقت تابعا لها ،بخلف ما دونها ،وقيل القضاء فعل العبادة أو بعضها ولو دون ركعة بعد وقتها،
وبعض الفقهاء حقق فسمى ما في الوقت أداء وما بعده قضاء) .تداركا( بذلك الفعل )لما سبق لفعله
مقتض( وجوبا أو ندبا سواء كان المقتضي من المتدارك كما في قضاء الصلة المتروكة بل عذر أم
من غيره ،كما في قضاء النائم الصلة والحائض الصوم ،فإنه سبق لفعلهما مقتض من غير النائم
والحائض ل منهما ،وإن انعقد سبب الوجوب أو الندب في حقهما وخرج بالتدارك إعادة الصلة
المؤداة في الوقت بعده) .و(الصح )أن العادة فعلها( :أي العبادة )وقتها ثانيا مطلقا( سواء أكان
ل لكون المام أعلم أو أورع أو لعذر من خلل في فعلها أولً أو حصول فضيلة لم تكن في فعلها أو ً
الجمع أكثر أو المكان أشرف ،أم لغير عذر ظاهر بأن استوت الجماعتان أو زادت الولى بفضيلة،
وقيل العادة مختصة بخلل في الّول وعليه الكثر ،وقيل بالعذر الشامل للخلل ولحصول فضيلة لم
تكن في الّول ،وذكر الول أن زيادتي وهو ما اختاره الصل في شرح المختصر ،ويمكن حمل
أول كلمه هنا عليه كما بينته في الحاشية ،وبما ذكر علم تعريف المؤدي والمقضي والمعاد بأن
ل ما فعل مما مر في الداء في وقته ،وقس به الخرين وأن العادة يقال على الصح المؤدي مث ً
قسم من الداء فهي أخص منه وعليه الكثر ،وقيل قسيم له وعليه مشى البيضاوي حيث قال :العبادة
ل فأداء ،وإل فإعادة لكن كلمه في المرصاد يخالفه، إن وقعت في وقتها المعين ولم تسبق بأداء مخت ّ
وقد ذكرته في الحاشية مع زيادة.
)والحكم( أي الشرعي إذ الكلم فيه )إن تغير( من حيث تعلقه من صعوبة له على المكلف )إلى
سهولة( :كأن تغير من حرمة شيء إلى حله )لعذر مع قيام السبب للحكم الصلي( المتخلف عنه
للعذر) ،فرخصة( :أي فالحكم السهل المذكور يسمى رخصة وهي بإسكان الخاء أكثر من ضمها لغة
السهولة) .واجبة ومندوبة ومباحة .وخلف الولى( هذه الصفات اللزمة بيان لقسام الرخصة
الممثل لها على هذا الترتيب بقولي) :كأكل ميتة لمضطر )وقصر( من مسافر بقيد زدته بقولي:
)بشرطه( بأن كره القصر أو شك في جوازه ،وكان سفره يبلغ ثلث مراحل فأكثر ولم يختلف في
جواز قصره كما هو معلوم من محله) ،وسلم( وهو بيع موصوف في الذمة بلفظ سلم )وفطر
مسافر( في زمن صوم واجب أصالة أو بنذر أو قضاء ما فات بل تعّد )ل يضره الصوم( فإن ضره
فالفطر أولى ،والمعنى أن الرخصة كحل المذكورات من وجوب وندب وإباحة وخلف الولى
وحكمها الصلي الحرمة وأسبابها الخبث في الميتة ،ودخول وقتي الصلة والصوم في القصر
والنظر لنه سبب لوجوب الصلة تامة والصوم والغرر في السلم ،وهي قائمة حال الحل وأعذار
الحل الضطرار ومشقة السفر ،والحاجة إلى ثمن الغلت قبل إدراكها ،وسهولة الوجوب في أكل
الميتة لموافقته غرض النفس في بقائها ،وقيل إنه عزيمة لصعوبته ومن الرخصة المباحة إباحة ترك
الجماعة في الصلة لمرض أو نحوه ،وحكمه الصلي الكراهة وسببها قائم حال الباحة ،وهو
النفراد فيما يطلب فيه الجتماع من شعائر السلم ،وقد بينت في الحاشية كمية أقسام الرخصة
الحاصلة بالنتقال من حكم إلى آخر ،وقضية ما ذكر أن الرخصة ل تكون محرمة ول مكروهة،
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الصحيح أي :في غير ما طبع أو هيىء لذلك ،أما فيه فيجاب بأن هذه الحرمة ليست لخصوص
الستنجاء حتى تكون رخصة ،بل لعموم الستعمال .وعن ثانيهما :بأن الماوردي أراد أنه مكروه
كراهة غير شديدة وهي بمعنى خلف الولى ،ولك أن تقول :الرخصة إنما لم توصف بالحرمة
لصعوبتها مطلقا ،وهذا منتف في الكراهة كخلف الولى لنهما سهلن بالنسبة إلى الحرمة.
)وإل( :أي وإن لم يتغير الحكم كما ذكر بأن لم يتغير كوجوب المكتوبات أو تغير إلى صعوبة
كحرمة الصطياد بالحرام بعد إباحته قبله ،أو إلى سهولة ل لعذر كحل ترك الوضوء لصلة ثانية
ل لمن لم يحدث بعد حرمته بمعنى أنه خلف الولى ،أو لعذر ل مع قيام السبب للحكم الصلي مث ً
كإباحة ترك ثبات واحد منا لعشرة من الكفار في القتال بعد حرمته ،وسببها قلتنا ولم يبق حال
الباحة لكثرتنا حينئذ ،وعذر الباحة مشقة الثبات المذكور لما كثرنا) .فعزيمة( :أي فالحكم غر
المتغير أو المتغير إليه الصعب أو السهل المذكور آنفا يسمى عزيمة ،وهي لغة القصد المصمم من
عزمت على الشيء جزمت به وصممت عليه عزما وعزما وعزيما وعزيمة لنه عزم أمره أي
قطع وحتم وصعب على المكلف أو سهل ،وظاهر كلم كثير انقسامها إلى الحكام الستة ،وبه صرح
الشمس البرماوي ،لكن المام الرازي خصها بغير الحرمة ،والغزالي والمدي وغيرهما بالوجوب،
والقرافي بالوجوب والندب ،واعترض تعريفا الرخصة والعزيمة بوجوب ترك الصلة والصوم
على الحائض ،فإنه عزيمة ويصدق به تعريف الرخصة .وأجيب بمنع الصدق فإن الحيض وإن كان
عذرا في الترك مانع من الفعل ،ومن مانعيته نشأ وجوب الترك وتقسيم الحكم إلى الرخصة
والعزيمة كما ذكر أقرب إلى اللغة من تقسيم المام الرازي وغيره الفعل الذي هو متعلق الحكم
إليهما) .والدليل( لغة المرشد وما به الرشاد واصطلحا )ما( أي شيء )يمكن التوصل( أي
الوصول بكلفة )بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري(
بأن يكون النظر فيه من الجهة التي من شأنها أن ينتقل الذهن بها إلى ذلك المطلوب المسماة وجه
الدللة بفتح الدال أفصح من كسرها ،والخبري ما يخبر به ،ومعنى الوصول إليه بما ذكر علمه أو
اعتقاده أو ظنه فالنظر هنا الفكر ل بقيد المؤّدي إلى علم أو ظن كما سيأتي حذرا من التكرار،
والفكر حركة النفس في المعقولت بخلفها في المحسوسات ،فإنها تخييل ل فكر ،وكأنهم ضمنوا
الحركة اعتبار قصدها فيخرج الحدس وما يتوارد على النفس في المعقولت بل قصد كما في النوم
والنسيان ،ويطلق الفكر أيضا على حركة النفس من المطالب إلى المبادىء ،ثم الرجوع منها إليها،
وشمل التعريف الدليل القطعي كالعالم لوجود الصانع والظني كالنار لوجود الدخان ،وأقيموا الصلة
لوجوبها بناء على طريقة الصوليين والفقهاء من أن مطلوبهم العمل وهو ل يتوقف على العلم،
بخلف طريقة المتكلمين والحكماء ،فإن مطلوبهم العلم ولهذا زادوا لفظة في التعريف ،فقالوا إلى
العلم بمطلوب خبري فبالنظر الصحيح في الدلة المذكورة أي بحركة النفس فيما تعقله منها مما من
شأنه أن ينتقل به إلى تلك المطلوبات ،كالحدوث في الول ،والحراق في الثاني ،والمر بالصلة
في الثالث يصل إلى تلك المطلوبات بأن ترتب هكذا :العالم حادث وكل حادث له صانع فالعالم له
صانع .النار شيء محرق وكل محرق له دخان فالنار لها دخان .أقيموا الصلة أمر بها وكل أمر
بشيء لوجوبه حقيقة فأقيموا الصلة لوجوبها حقيقة ،وقالوا :يمكن التوصل دون يتوصل لن الشيء
ل ،وإن لم يوجد النظر المتوصل به فالدليل مفرد ،ويقال له المادة والمكان يكون قبل يكون دلي ً
الفكر فيه ،أما بعده فل بد من قضيتين صغرى مشتملة على موضوع المطلوب كما رأيت.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
وأما الدليل عند المناطقة فقضيتان فأكثر تكون عنهما قضية أخرى فهو عندهم مركب ،ويقال له
المادة والصورة ،وخرج بصحيح النظر فاسده فل يمكن التوصل به إلى المطلوب لنتفاء وجه
الدللة عنه ،وإن أدى إليه بواسطة اعتقاد أو ظن كما إذا نظر في العالم والنار من حيث البساطة،
فإنهما ليسا من شأنهما أن ينتقل بهما إلى وجود الصانع والدخان ،لكن يؤّدي إلى وجودهما هذان
ن أن كل مسخن له دخان كذا النظران ممن اعتقد أن العالم بسيط وكل بسيط له صانع ،وممن ظ ّ
قيل ،وهو ظاهر في المطلوب العتقادي والظني ل العلمي لما سيأتي أن العلم ل يقبل النقض،
وظاهر أن الحاصل بذلك يقبله إذا تبين فساد النظر .وبالخبري المطلوب التصوري ،فيتوصل إليه
بالحد بأن يتصور بتصوره كالحيوان الناطق حدا للنسان ،وسيأتي حد الحد الشامل لذلك ولغيره.
)والعلم( بالمطلوب الحاصل )عندنا( أيها الشاعرة )عقبه( :أي عقب صحيح النظر عادة عند
الشعري وغيره فل يتخلف إل خرقا للعادة كتخلف الحراق عن مماسة النار ،أو لزوما عند المام
ل كوجود الجوهر لوجود العرض) .مكتسب( للناظر )في الصح(: الرازي وغيره ،فل ينفك أص ً
لن حصوله عن نظره المكتسب له ،وقيل ل لن حصوله اضطراري ل قدرة على دفعه فل خلف
إل في التسمية وهي بالمكتسب أنسب والتصحيح من زيادتي ،وكالعلم فيما ذكر الظن وإن لم يكن
ل أو عادة ،لن النتيجة لزمة للقضيتين وإن بينه وبين أمر ما ارتباط بحيث يمتنع تخلفه عنه عق ً
كانتا ظنيتين ،وزواله بعد حصوله ل يمنع حصوله لزوما أو عادة وخرج بعندنا العتزلة فقالوا:
النظر يولد العلم كتوليد حركة اليد لحركة المفتاح عندهم ،وعلى وزانه يقال :الظن الحاصل متولد
عن النظر عندهم) .والحد( :لغة المنع واصطلحا عند الصوليين) .ما يميز الشيء عن غيره( :ول
يميز كذلك إل ما ل يخرج عنه شيء من أفراد المحدود ،ول يدخل فيه شيء من غيرها ،والول
وهو من زيادتي مبين لمفهوم الحّد ولهذا زدته ،والثاني لخاصته وهو بمعنى قول القاضي أبي بكر
الباقلني المذكور بقولي) :ويقال( الحد )الجامع( أي لفراد المحدود )المانع( :أي من دخول غيرها
فيه )و(يقال أيضا الحد )المطرد( :أي الذي كلما وجد وجد لمحدود فل يدخل فيه شيء من غير
أفراد المحدود فيكون مانعا) .المنعكس( :أي الذي كلما وجد المحدود وجد هو فل يخرج عنه شيء
من أفراد المحدود فيكون جامعا ،فمؤدى العبارتين واحد والولى أوضح فيصدقان بالحيوان الناطق
حدا للنسان بخلف حّده بالحيوان الكاتب بالفعل ،فإنه غير جامع وغير منعكس ،وبالحيوان الماشي
فإنه غير مانع وغير مطرد وتفسير المنعكس ،بما ذكر الموافق للعرف واللغة حيث يقال :كل إنسان
ناطق ،وبالعكس وكل إنسان حيوان ،ول عكس أظهر في معنى الجامع من تفسير ابن الحاجب
وغيره له ،بأنه كلما انتفى الحّد انتفى
المحدود اللزم لذلك التفسير ،وبما ذكر علم أنه قد يكون للشيء حّدان فأكثر ،كقولهم الحركة نقلة
وزوال وذهاب في جهة وهو المختار ،كما نقله الزركشي عن القاضي عبد الوهاب بعد نقله عن
غيره خلفه.
)والكلم( النفسي )في الزل يسمى خطابا( حقيقة في الصح بتنزيل المعدوم الذي سيوجد منزلة
الوجود ،وقيل ل يسماه حقيقة لعدم من يخاطب به إذ ذاك ،وإنما يسماه حقيقة فيما ل يزال عند
وجود من يفهم وإسماعه إياه ما بلفظ كالقرآن ،أو بل لفظ كما وقع لموسى عليه الصلة والسلم
خرقا للعادة ،وقيل سمعه بلفظ من جميع الجهات لذلك) .و(الكلم النفسي في الزل )يتنّوع( إلى أمر
ونهي وخبر وغيرها) .في الصح( بالتنزيل السابق ،وقيل ل يتنّوع إليها لعدم من تتعلق به هذه
الشياء إذ ذاك ،وإنما يتنّوع إليها فيما ل يزال عند وجود من يتعلق به فتكون النواع حادثة مع قدم
المشترك بينها ،وهذا يلزمه محال وهو وجود الجنس مجردا عن أنواعه إل أن يراد أنها أنواع
اعتبارية أي عوارض له يجوز خلّوه عنها تحدث بحسب التعلقات كما أن تنّوعه إليها على الول
بحسب التعلقات أيضا لكونه صفة واحدة كالعلم وغيره من الصفات ،فمن حيث تعلقه في الزل أو
فيما ل يزال بشيء على وجه القتضاء لفعله يسمى أمرا أو لتركه يسمى نهيا ،وعلى هذا القياس،
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
وأخرت كالصل هاتين المسألتين عن الدليل لن موضوعهما مدلوله في الجملة والمدلول متأخر
عن الدليل ،وإنما قدمتا على النظر المتعلق بالدليل أيضا لن موضوعهما أشّد ارتباطا منه بالدليل
لنه مقصود من الدليل والنظر من آلت تحصيله) ).والنظر( :لغة يقال لمعان منها العتبار
والرؤية واصطلحا )فكر( .وتقدم تفسيره )يؤّدي( :أي يوصل )إلى علم أو اعتقاد( والتصريح به
ن( بمطلوب خبري فيها أو تصّوري في العلم والعتقاد ،فخرج الفكر غير من زيادتي) ،أو ظ ّ
المؤّدي إلى ذلك كأكثر حديث النفس فليس بنظر وشمل التعريف النظر
الصحيح من قطعي وظني ،والفاسد فإنه يؤّدي إلى ذلك بواسطة اعتقاد أو ظن كما مر بيانه ،وإن لم
يستعمل بعضهم التأدية إل فيما يؤّدي بنفسه كذا قيل ،وظاهر أنه خاص بتأديته إلى العتقاد أو الظ ّ
ن
ل إلى العلم لما مر في تعريف الدليل) .والدراك( :لغة الوصول واصطلحا وصول النفس إلى تمام
المعنى من نسبة أو غيرها )بل حكم( :معه من إدراك وقوع النسبة أو ل وقوعها )تصور( :ساذج،
ويسمى علما أيضا كما علم مما مر ،أما وصول النفس إلى المعنى ل بتمامه فيسمى شعورا) .وبه(
أي بالحكم أي والدراك للنسبة وطرفيها مع الحكم المسبوق بذلك) .تصّور بتصديق( أي معه
ل في التصديق بأن النسان كاتب كإدراك النسان والكاتب وثبوت الكتابة له ،وأن النسبة واقعة أو ً
أو أنه ليس بكاتب الصادقين في الجملة) .وهو( :أي التصديق )الحكم( وهذا من زيادتي وهو رأي
المحققين ،وقيل التصديق التصور مع الحكم ،وعليه جرى الصل ،فالتصورات السابقة على الحكم
على هذا شطر منه ،وعلى الول شرط له ،وتفسيري له بأنه إدراك وقوع النسبة أو ل وقوعها هو
رأي متقدمي المناطقة .قال القطب الرازي وغيره من المحققين :وهو التحقيق ،وأما متأخروهم
ففسروه بإيقاع النسبة أو انتزاعها ،وقدماؤهم قالوا اليقاع والنتزاع ونحوهما عبارات وألفاظ :أي
ل وليس كذلك ،فالحكم عندهم من مقولة النفعال، توهم أن للنفس بعد تصور النسبة وطرفيها فع ً
وعند متأخريهم من مقولة الفعل.
)وجازمه( أي الحكم أي والحكم الجازم )إن لم يقبل تغيرا( بأن كان لموجب من حس ولو باطنا أو
عقل أو عادة ،فيكون مطابقا للواقع) .فعلم( كالحكم بأن به جوعا أو عطشا أو بأن زيدا متحرك ممن
رآه متحركا أو بأن العالم حادث ،أو بأن الجبل من حجر) .وإل( أي وإن قبل التغير بأن لم يكن
لموجب مما ذكر طابق الواقع أو ل .إذ يتغير الول بالتشكيك والثاني به أو بالطلع على ما في
نفس المر) .فاعتقاد( :وهو اعتقاد )صحيح إن طابق( الواقع كاعتقاد المقلد سنية الضحى) ،وإل(:
أي وإن لم يطابق الواقع )ففاسد( :كاعتقاد الفلسفي قدم العالم) ،و(الحكم )غير الجازم ظن ووهم
وشك لنه( :أي غير الجازم إما )راجح( لرجحان المحكوم به على نقيضه فالظن ،أو مرجوح(
لمرجوحية المحكوم به لنقيضه فالوهم ،أو مساو( لمساواة المحكوم به من كل من النقيضين على
البدل للخر فالشك فهو بخلف ما قبله حكمان ،كما قال إمام الحرمين والغزالي وغيرهما :الشك
اعتقادان يتقاوم سببهما .وقال بعض المحققين :ليس الوهم والشك من التصديق أي :بل من التصور،
إذ الوهم ملحظة الطرف المرجوح والشك الترّدد في الوقوع واللوقوع ،فما أريد مما مر من أن
العقل يحكم بالمرجوح أو المساوي عنده ممنوع على هذا ،وقد أوضحت ذلك في الحاشية ،وقد يطلق
ن مؤمنات{ أي ظننتموهن العلم على الظن كعكسه مجازا ،فالول كقوله تعالى} :فإن علمتموه ّ
والثاني كقوله تعالى} :الذين يظنون أنهم ملقو ربهم{ أي :يعلمون ويطلق الشك مجازا كما يطلق
لغة على مطلق الترّدد الشامل للظن والوهم ،ومن ذلك قول الفقهاء من تيقن طهرا أو حدثا وشك في
ضّده عمل بيقينه.
)فالعلم( أي القسم المسمى بالعلم التصديقي من حيث تصوره بحقيقته بقرينة السياق )حكم جازم ل
يقبل تغيرا فهو نظري يحد في الصح( .واختار المام الرازي أنه ضروري أي يحصل بمجرد
ل ضروري التفات النفس إليه من غير نظر واكتساب ،لن علم كل أحد بأنه عالم بأنه موجود مث ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بجميع أجزائه ،ومنها تصور العلم بأنه موجود بالحقيقة وهو علم تصديقي خاص ،فيكون تصور
مطلق العلم التصديقي بالحقيقة ضروريا وهو المدعي .وأجيب :بمنع أنه يتعين أن يكون من أجزاء
ذلك تصور العلم المذكور بالحقيقة ،بل يكفي تصوره بوجه ،فالضروري تصور مطلق العلم
التصديقي بالوجه ل بالحقيقة الذي النزاع فيه ،وعلى ما اختاره فل يحّد ،إذ ل فائدة ،في حّد
الضروري لحصوله بغير حّد قال :نعم قد يحّد الضروري لفادة العبارة عنه أي :فيكون حّده حينئذ
حّدا لفظيا ل حقيقيا .وقال إمام الحرمين :هو نظري لكنه عسر أي :ل يحصل إل بنظر دقيق لخفائه
ومال إليه الصل حيث قال :فالرأي المساك عن تعريفه أي :المسبوق بذلك التصور العسر صونا
للنفس عن مشقة الخوض في العسر .قال المام :ويميز عن غيره من أقسام العتقاد بأنه اعتقاد
جازم مطابق ثابت فليس هذا حقيقته عنده ،والترجيح من زيادتي.
)قال المحققون :ول يتفاوت( العلم )إل بكثرة المتعلقات( أي ل يتفاوت في جزئياته فليس بعضها
ولو ضروريا أقوى من بعضها ولو نظريا ،وإنما يتفاوت بكثرة المتعلقات في بعض جزئياته دون
بعض فيتفاوت فيها كما في العلم بثلثة أشياء والعلم بشيئين ،بناء على اتحاد العلم مع تعّدد المعلوم،
كما هو قول بعض الشاعرة قياسا على علم ال تعالى ،والشعري وكثير من المعتزلة على تعدد
العلم بتعدد المعلوم ،وأجابوا عن القياس بأنه خال عن الجامع ،وعلى هذا ل يقال يتفاوت بما ذكر،
ل بأن الواحد نصف الثنين أقوى في الجزم من العلم بأن وقيل يتفاوت العلم في جزئياته ،إذ العلم مث ً
العالم حادث .وأجيب :بأن التفاوت في ذلك ونحوه ليس من حيث الجزم ،بل من حيث غيره كإلف
النفس بأحد المعلومين دون الخر.
)والجهل انتفاء العلم بالمقصود في الصح( أي بما من شأنه أن يقصد ليعلم بأن لم يدرك ويسمى
الجهل البسيط أو أدرك على خلف هيئته في الواقع ،ويسمى الجهل المركب لتركبه من جهلين:
جهل المدرك بما في الواقع ،وجهله بأنه جاهل به كاعتقاد الفلسفي أن العالم قديم ،وقيل الجهل إدراك
ل على هذا ،واستغنى بانتفاء العلم عن العلوم على خلف هيئته ،فالجهل البسيط على الول ليس جه ً
التقييد في قول بعضهم عدم العلم عما من شأنه العلم لخراج الجماد والبهيمة عن التصاف بالجهل
لن انتفاء العلم إنما يقال فيما من شأنه العلم بخلف عدم العلم ،وخرج بالمقصود غيره كأسفل
ل اصطلحا ،والتعبير به أحسن كما قال البرماوي من الرض وما فيه فل يسمى انتفاء العلم به جه ً
تعبير بعضهم بالشيء ،لن الشيء ل يطلق على المعدوم بخلف المقصود ،ولنه يشمل غير
المقصود.
)والسهو الغفلة عن المعلوم( :الحاصل فيتنبه له بأدنى تنبيه بخلف النسيان ،فهو زوال المعلوم
فيستأنف تحصيله ،وعّرفه الكرماني وغيره بزوال المعلوم عن القّوة الحافظة والمدركة والسهو
بزواله عن الحافظة فقط ،وذلك قريب مما ذكر ،وجعلهما البرماوي من أقسام الجهل البسيط حيث
قسمه إليهما وإلى غيرهما ،ثم فرق بينهما بأنه إن قصر زمن الزوال سمي سهوا وإل فنسيانا .قال:
وهذا أحسن ما فرق بيه بينهما.
مسألة :هي إثبات عرض ذاتي للموضوع) .لصح أن الحسن ما( أي فعل )يمدح(أي :يؤمر بالمدح
)عليه( .وهو الواجب والمندوب وفعل ال تعالى) .والقبيح ما يذم عليه( وهو الحرام) .فما ل( يمدح
)ول( يذم عليه من المكروه الشامل لخلف الولى والمباح) .واسطة(بين الحسن والقبيح ،وهذا ما
قاله إمام الحرمين في المكروه صريحا وفي المباح ،وفعل غير المكلف لزوما ،ورجحه الصل في
شرح المختصر في المكروه ،وتبعه البرماوي فيه ،وألحق به المباح بحثا ،وقيل الحسن فعل المكلف
المأذون فيه من واجب ومندوب ومباح ،والقبيح ما نهى عنه شرعا ولو كان منهيا عنه بعموم النهي
المستفاد من أوامر الندب كما مّر ،فيشمل الحرام والمكروه ،وخلف الولى وهذا ما رجحه الصل
هنا فيهما ولصحابنا فيهما عبارات أخرى .وللمعتزلة فيهما بناء على تحكيمهم العقل عبارات أيضا
منها :أن الحسن ما للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله والقبيح بخلفه فيدخل فيه الحرام فقط ،وفي
الحسن ما سواه .ومنها :أن الحسن هو الواقع على صفة توجب المدح والقبيح هو الواقع على صفة
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
توجب الذم ،فيدخل فيه الحرام فقط أيضا .وفي الحسن الواجب والمندوب ،فالمكروه والمباح واسطة
بين الحسن والقبيح.
)و( والصح )أن جائز الترك( سواء كان جائز الفعل أيضا أم ل) .ليس بواجب( :وإل لمتنع تركه
والفرض أنه جائز .وقال بعض الفقهاء :يجب الصوم على الحائض والمريض والمسافر مع جواز
تركهم له لقوله تعالى} :فمن شهد منكم الشهر فليصمه{ وهم شهدوه ولوجوب القضاء عليهم بقدر ما
ي به بدلً عن الفائت .وأجيب بأن شهود الشهر موجب عند انتفاء العذر ل مطلقا،فاتهم فكان المأت ّ
وبأن وجوب القضاء إنما يتوقف على سبب الوجوب هو هنا شهود الشهر ،وقد وجد ل على وجوب
ل على من نام جميع وقتها .وقيل :يجب الصوم على المسافر الداء وإل لما وجب قضاء الظهر مث ً
دون الحائض والمريض لقدرته عليه دونهما .وقيل :يجب عليه دونهما أحد الشهرين الحاضر أو
آخر بعده) .والخلف لفظي( :أي راجع إلى اللفظ دون المعنى لن ترك الصوم حال العذر جائز اتفاقا
والقضاء بعد زواله واجب اتفاقا) .و( الصح )أن المندوب مأمور به( :أي مسمى به حقيقة كما نص
عليه الشافعي وغيره ،وقيل :ل .والخلف مبني على أن أ م ر حقيقة في اليجاب كصيغة افعل أو
في القدر المشترك بينه وبين الندب أي :طلب الفعل ،والترجيح من زيادته ،وعليه جرى المدي ،أما
إنه مأمور به بمعنى أنه متعلق المر أي صيغة افعل فل نزاع فيه ،سواء أقلنا إنها مجاز في الندب
أم حقيقة فيه كاليجاب خلف يأتي) .و( الصح )أنه( أي المندوب )ليس مكلفا به كالمكروه(
فالصح أنه ليس مكلفا به ،وقيل مكلف بهما كالواجب والحرام ورجحوا الول) .بناء على أن
التكليف( اصطلحا )إلزام ما فيه كلفة( أي :مشقة من فعل أو ترك) .ل طلبه( وبه فسر القاضي أبو
بكر الباقلني أي ل طلب ما فيه كلفة على وجه اللزام أو ل .فعلى تفسير التكليف بالّول يدخل
الواجب والحرام فقط ،وعلى تفسيره بالثاني يدخل جميع الحكام إل المباح ،لكن أدخله الستاذ أبو
إسحاق السفرايني من حيث وجوب اعتقاد إباحته تتميما للقسام ،وإل فغيره مثله في ذلك وإلحاقي
المكروه بالمندوب هو
الوجه ل إلحاق المباح به كما سلكه الصل ،إذ ل إلزام فيه ول طلب فل يتأتى فيه القول بأنه مكلف
به إل على ما سلكه الستاذ) .و( الصح )أن المباح ليس بجنس للواجب( :بل هما نوعان لجنس
وهو فعل المكلف الذي تعلق به حكم شرعي ،وقيل إنه جنس له لنه مأذون في فعله وتحته أنواع
الواجب والمندوب والمخير فيه والمكروه الشامل لخلف الولى ،واختص الواجب بفصل المنع من
الترك ،قلنا :واختص المباح أيضا بفصل الذن في الترك على السواء والخلف لفظي ،إذ المباح
بالمعنى الول أي :المأذون فيه جنس للواجب اتفاقا وبالمعنى الثاني أي :المخير فيه وهو المشهور
غير جنس له اتفاقا) .و( الصح )أنه( أي المباح )في ذاته غير مأمور به( :فليس بواجب ول
مندوب .وقال الكعبي :إنه مأمور به أي :واجب إذ ما من مباح إل ويتحقق به ترك حرام ما ،فيتحقق
بالسكوت ترك القذف ،وبالسكون ترك القتل ،وما يتحقق بالشيء ل يتم إل به وترك الحرام واجب،
وما ل يتم الواجب إل به واجب كما سيجيء ،فالمباح واجب ويأتي ذلك في غيره كالمكروه والخلف
لفظي ،فإن الكعبي قائل بأنه غير مأمور به من حيث ذاته ومأمور به من حيث ما عرض له من
تحقق ترك الحرام به وغيره ل يخالفه فيهما ،فقولي في ذاته قيد للقول بأن المباح غير مأمور به ل
لمحل الخلف ،وسيأتي ماله بذلك تعلق) .و( الصح )أن الباحة حكم شرعي( لنها التخيير بين
الفعل والترك المتوقف وجوده كبقية الحكام على الشرع كما مر .وقال بعض المعتزلة :ل لنها
انتفاء الحرج عن الفعل والترك وهو ثابت قبل ورود الشرع مستمر بعده) .والخلف( في المسائل
الثلث )لفظي( :أي راجع إلى اللفظ دون المعنى .أما في الوليين فلما مر ،وأما في الثالثة فلن
الدليلين لم يتواردا على محل واحد ،فتأخيري لهذا عن الثلث أولى من تقديم الصل له على
الخيرة.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
واعلم أن ما سلكته في مسألة الكعبي تبعت فيه هنا الكثر ،وأولى منه ما ملكته في الحاشية أخذا من
كلم بعض المحققين من تحريم الكلم فيها بوجه آخر ،ومن رد دليل الكعبي بما يقتضي أن الخلف
ح )أن الوجوب( لشيء )إذا نسخ( كأن قال معنوي وإن خالف ذلك ظاهر كلم الكعبي) .و( الص ّ
الشارع :نسخت وجوبه أو حرمة تركه )بقي الجواز( له الذي كان في ضمن وجوبه من الذن في
الفعل بما يقّومه من الذن في الترك .وقال الغزالي :ل يبقى لن نسخ الوجوب يجعله كأن لم يكن
ويرجع المر إلى ما كان قبله من تحريم أو إباحة أو براءة أصلية فالخلف معنوي) .وهو( أي
الجواز المذكور )عدم الحرج( في الفعل والترك من الباحة أو الندب أو الكراهة بالمعنى الشامل
لخلف الولى) .في الصح( :إذ ل دليل على تعيين أحدها ،وقيل :هو الباحة فقط ،إذ بارتفاع
الوجوب ينتفي الطلب فيثبت التخيير ،وقيل هو الندب فقط ،إذ المتحقق بارتفاع الوجوب انتفاء
الطلب الجازم فيثبت الطلب غير الجازم .والحاصل :أنه يعتبر في الجواز المذكور رفع الحرج عن
الفعل والترك في القوال الثلثة ،لكنه مطلق في الول منها ومقيد باستواء الطرفين في الثاني،
ي هكذا أفهم.
وبترجح الفعل في الثالث فالخلف معنو ّ
مسألة :في الواجب الحرام المخيرين )المر بأحد أشياء( معينة كما في كفارة اليمين) .يوجبه( :أي
ي معين منها لنه المأمور به ،وقيلالحد )مبهما عندنا( وهو القدر المشترك بينها في ضمن أ ّ
يوجبه معينا عند ال تعالى ،فإن فعل المكلف المعين فذاك أو فعل غيره منها سقط بفعله الواجب،
وقيل يوجبه كذلك ،وهو ما يختاره المكلف بأن علم ال منه أنه ل يختار سواه ،وإن اختلف باختيار
المكلفين .وقيل :يوجب الكل فيثاب بفعلها ثواب واجبات ،ويعاقب بتركها عقاب ترك واجبات،
ويسقط الكل الواجب بواحد منها ،لن المر تعلق بكل منها بخصوصه على وجه الكتفاء بواحد
منها .قلنا :إن سلم ذلك ل يلزم منه وجوب الكل المرتب عليه ذلك والقول الخير والثاني
للمعتزلة،فهم متفقون على نفي أيجاب واحد منهم كنفيهم تحريمه كما سيجيء لما قالوا من أن إيجاب
الشيء أو تحريمه لما في تركه ،أو فعله من المفسدة التي يدركها العقل ،وإنما يدركها في المعين،
ل من الشاعرة والمعتزلة تنسبه إلى الخرى فاتفق الفريقان على والثالث يسمى قول التراجم ،لن ك ّ
بطلنه) .فـ(ـعلى الصح )إن فعلها( كلها )فالمختار( أنه )إن فعلها مرتبة فالواجب( أي المثاب عليه
ثواب الواجب الذي هو كثواب سبعين مندوبا )أولها( :وإن تفاوتت لتأّدى الواجب به من حيث إنه
مبهم) .أو( فعلها كلها )معا فأعلها( ثوابا الواجب لنه لو اقتصر لثيب عليه ثواب الواجب الكمل
فضّم غيره إليه ل ينقصه عن ذلك) .وإن تركها( كلها )عوقب بأدناها( عقابا إن عوقب ،لنه لو فعله
فقط من حيث إنه مبهم لم يعاقب ،فإن تساوت وفعلت معا أو تركت فثواب الواجب والعقاب على
واحد منها .وقيل :الواجب فيما إذا تفاوتت أعلها ثوابا ،وفيما إذا تساوت أحدها وإن فعلت مرتبة
فيهما لما مر ،فإن تركت فحكمه موافق للمختار ويثاب ثواب المندوب في كل قول على غير ما ذكر
لثواب الواجب ،وذكر حكم التساوي في المرتبة مع الترجيح في البقية من زيادتي المقتضية من
حيث الترجيح لبدال قوله في المرتبة أعلها بقولي أولها ،وبما قررته علم أن محل ثواب الواجب
والعقاب أحدها مبهما ل من حيث خصوصه ،حتى إن الواجب ثوابا في المرتبة أولها من حيث إنه
مبهم ل من حيث خصوصه ،وكذا يقال في كل من الزائد على ما يتأّدى به الواجب ،منها أنه يثاب
عليه ثواب المندوب من حيث إنه مبهم ل من حيث خصوصه) .ويجوز تحريم واحد مبهم( من
أشياء معينة )عندنا( نحو ل تتناول السمك أو اللبن أو البيض ،فعلى المكلف تركه في أي معين
منها ،وله فعله في غيره ،إذ ل مانع من ذلك ومنعه المعتزلة كمنعهم إيجابه لما مر عنهم فيهما.
وزعمت طائفة منهم أنه لم ترد به اللغة ،وهذا )كـ(ـالواجب )المخير( فيما مر فيه فالنهي عن واحد
مبهم مما ذكر يحّرمه مبهما .وقيل يحرمه معينا عند ال تعالى ويسقط تركه الواجب بتركه أو ترك
غيره منها .فالتارك لبعضها إن صادف المحرم فذاك ،وإل فقد ترك بدله ،وقيل يحرمه كذلك وهو
ما يختاره المكلف ،وقيل يحرمها كلها فيعاقب بفعلها عقاب فعل محرمات ويثاب بتركها امتثا ً
ل
ثواب ترك محرمات ،ويسقط تركها الواجب بترك واحد منها ،فعلى الول إن تركها كلها امتثا ً
ل
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
وتفاوتت ،فالمختار أنه يثاب على ترك أشدها عقابا وإن فعلها مرتبة عوقب على آخرها ،وإن
تفاوتت لرتكابه المحرم به أو فعلها معا عوقب على أخفها عقابا ،فإن تساوت وفعلت معا أو تركت
فالمعتبر أحدها .وقيل :المحرم فيما إذا فعلت ولو مرتبة أخفها عقابا.
)مسألة :فرض الكفاية( المنقسم إليه وإلى فرض العين مطلق الفرض السابق حده )مهم يقصد(
شرعا )جزما( من زيادتي )حصوله من غير نظر بالذات لفاعله( وإنما ينظر إليه بالتبع للفعل
ضرورة أنه ل يحصل بدون فاعل وشمل الحد الديني كصلة الجنازة والمر بالمعروف والدنيوي
كالحرف والصنائع ،وخرج عنه السنة إذ لم يجزم بقصد حصولها ،وفرض العين فإنه منظور
بالذات لفاعله حيث قصد حصوله من كل عين أي واحد من المكلفين أو من عين مخصوصة كالنبي
صلى ال عليه وسّلم فيما خص به) .والصح أنه دون فرض العين( :أي فرض العين أفضل منه
كما نقله الشهاب ابن العماد عن الشافعي رضي ال عنه .قال :ونقله عنه القاضي أبو الطيب ،وذلك
لشدة اعتناء الشارع به بقصد حصوله من كل مكلف في الغلب ،ويدل له تعليل الصحاب تبعا
للمام الشافعي كراهة قطع طواف الفرض لصلة الجنازة بأنه ل يحسن ترك فرض العين لفرض
الكفاية .وقال إمام الحرمين وغيره :فرض الكفاية أفضل لنه يصان بقيام البعض به جميع المكلفين
عن إثمهم المترتب على تركهم له ،وفرض العين إنما يصان بالقيام به عن الثم الفاعل فقط وترجيح
الول من زيادتي) .و( الصح )أنه( أي فرض الكفاية )على الكل( لثمهم بتركه كما في فرض
العين ،ولقوله تعالى} :قاتلوا الذين ل يؤمنون بال{ وهذا ما عليه الجمهور ونص عليه الشافعي في
الم) .ويسقط( الفرض )بفعل البعض( :لن المقصود كما مر حصول الفعل ل ابتلء كل مكلف به
ول بعد في سقوط الفرض عن الشخص بفعل غيره كسقوط الّدين عنه بأداء غيره عنه ،وقيل فرض
الكفاية على البعض ل الكل ورجحه الصل وفاقا بزعمه للمام الرازي للكتفاء بحصوله من
البعض ولية :ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير{ وأجيب عن الول بما مر من أن المقصود
حصول الفعل ل ابتلء كل مكلف به ،وعن الثاني بأنه في السقوط بفعل البعض جمعا بين الدلة،
وعلى القول الثاني فالمختار كما في الصل البعض مبهم فمن قام به سقط الفرض بفعله،
وقيل معين عند ال تعالى يسقط الفرض بفعله وبفعل غيره كسقوط الدين فيما مر ،وقيل معين كذلك
وهو من قام به لسقوطه بفعله ثم مداره على الظن ،فعلى قول الكل من ظن أن غيره فعله أو يفعله
سقط عنه ،ومن ل فل ،وعلى قول البعض من ظن أن غيره لم يفعله ول يفعله وجب عليه ومن ل
فل.
واعلم أن الكل لو فعلوه معا وقع فعل كل منهم فرضا أو مرتبا ،فكذلك ،وإن سقط الحرج بالولين.
نعم إن حصل المقصود بتمامه كغسل الميت لم يقع غير الّول فرضا) .و( الصح )أنه( أي فرض
الكفاية )ل يتعين بالشروع( فيه لن القصد به حصوله في الجملة فل يتعين حصوله ممن شرع فيه.
)إل جهادا وصلة جنازة وحجا وعمرة( فتتعين بالشروع فيها لشدة شبهها بالعيني ،ولما في عدم
التعيين في الول من كسر قلوب الجند ،وفي الثاني من هتك حرمة الميت ،وهذا تبعت فيه الغزالي
وغيره ،وقيل يتعين فرض الكفاية بالشروع فيه أي :يصير به كفرض العين في وجوب إتمامه
بجامع الفرضية ،وهذا ما صححه الصل تبعا لبن الرفعة وهو بعيد ،إذ أكثر فروض الكفايات ل
تتعين بالشروع فيها كالحرف والصنائع وصلة الجماعة) .وسنتها( :أي سنة الكفاية المنقسم إليها
وإلى سنة العين مطلق السنة السابق حده) .كفرضها( :فيما مر لكن )بإبدال جزما بضده( فيصدق
ذلك بأنها مهّم يقصد بل جزم حصوله من غير نظر بالذات لفاعله كابتداء السلم والتسمية للكل
من جهة جماعة ،وبأنها دون سنة العين ،وبأنها مطلوبة من الكل ،وبأنها ل تتعين بالشروع فيها أي:
ل تصير به كسنة العين في تأكد طلب إتمامها على الصح في الثلث الخيرة.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)مسألة :الصح أن وقت( الصلة )المكتوبة( كالظهر )جوازا وقت لدائها( ففي أي جزء منه
أوقعت ،فقد أوقعت في وقت أدائها الذي يسعها وغيرها ،ولهذا يعرف بالواجب الموسع ،وقولي
جوازا راجع إلى الوقت لبيان أن الكلم في وقت الجواز ل في الزائد عليه أيضا من وقتي الضرورة
والحرمة ،وإن كان الفعل فيهما أداء بشرطه .وقيل :وقت أدائها أول الوقت فإن أخرت عنه فقضاء
وإن فعل في الوقت حتى يأثم بالتأخير عن أوله ،وقيل :هو آخر الوقت فإن قدمت عليه فتقديمها
تعجيل ،وقيل هو الجزء الذي وقعت فيه من الوقت وإن لم تقع فيه فوقت أدائها الجزء الخير من
الوقت ،وقيل :إن قدمت على آخر الوقت وقعت واجبة بشرط بقاء الفاعل مكلفا إلى آخر الوقت فإن
ل .وهذه القوال الربعة منكرة للواجب الموسع) .و( الصح )أنه( أي الشأن لم يبق كذلك وقعت نف ً
)يجب على المؤخر( :أي مريد التأخير عن أول الوقت الذي هو سبب الوجوب )العزم( فيه على
الفعل في الوقت كما صححه النووي في مجموعه ،ونقله غيره عن أصحابنا ليتميز به التأخير
الجائز عن غيره وتأخير الواجب الموسع عن المندوب في جواز التأخير عن أول الوقت ،وقيل ل
يجب اكتفاء بالفعل ،ورجحه الصل وزعم أن الول ل يعرف إل عن القاضي أبي بكر الباقلني
ومن تبعه ،وأنه من هفوات القاضي ومن العظائم في الدين.
فإن قلت :يلزم على الول تعدد البدل والمبدل واحد .قلنا :ممنوع إذ ل يجب إعادة العزم ،بل
ينسحب على آخر الوقت كانسحاب النية على أزاء العبادة الطويلة كما قاله إمام الحرمين وغيره.
فإن قلت :العزم ل يصلح بدلً عن الفعل إذ بدل الشيء يقوم مقامه والعزم ليس كذلك .قلت :ل يخفى
ل عنه أنه بدل عن إيقاعه في أول وقته ل عن إيقاعه مطلقا والعزم قائم مقامه في أن المراد بكونه بد ً
ذلك.
ل )مع ظن فوته( بموت أو حيض أو )ومن أخر( الواجب الموسع بأن لم يشتغل به أول الوقت مث ً
نحوهما .وهذا أعم من قوله مع ظن الموت) .عصى( لظنه فوت الواجب بالتأخير )و( الصح )أنه
إن بان خلفه( بأن تبين خلف ظنه )وفعله( في الوقت )فأداء( فعله لنه في الوقت المقدر له شرعا
وقيل فعله قضاء لنه بعد الوقت الذي تضيق بظنه وإن بان خطؤه ،ويظهر أثر الخلف في نية
الداء أو القضاء وفي أنه لو فرض ذلك في الجمعة تصلى في الوقت على الول وتقضى ظهرا ل
جمعة على الثاني) .و( الصح )أن من أخر( الواجب المذكور )مع ظن خلفه( :أي عدم فوته فبان
ل في الوقت قبل الفعل) .لم يعص( لن التأخير جائز له والفوت ليس باختياره، خلف ظنه ومات مث ً
وقيل يعصى وجواز التأخير مشروط بسلمة العاقبة ،هذا إن لم يكن عزم على الفعل ،وإن عصى
بتركه العزم وإل فل يعصى قطعا قاله المدي) .بخلف ما( أي الواجب الذي )وقته العمر كحج(:
ي وقتفإن من أخره بعد أن أمكنه فعله مع ظن عدم فوته كأن ظن سلمته من الموت إلى مض ّ
يمكنه فعله فيه ومات قبل فعله يعصى على الصح ،وإل لم يتحقق الوجوب ،وقيل ل يعصى لجواز
التأخير له وعصيانه في الحج من آخر سني المكان على الصح لجواز التأخير إليها ،وقيل من
أولها لستقرار الوجوب حينئذ ،وقيل غير مستند إلى سنة بعينها) .مسألة( :الفعل )المقدور( للمكلف
)الذي ل يتم( أي يوجد عنده )الواجب المطلق إل به واجب( :بوجوب الواجب )في الصح( سببا
كان أو شرطا إذ لو لم يجب لجاز ترك الواجب المتوقف عليه ،وقيل ل يجب بوجوبه لن الدال على
الواجب ساكت عنه ،وقيل يجب إن كان سببا كالنار للحراق بخلف الشرط كالوضوء للصلة لن
السبب أشد ارتباطا بالمسبب من الشرط بالمشروط ،وقيل يجب إن كان شرطا شرعيا كالوضوء
للصلة ل عقليا كترك ضد الواجب ول عاديا كغسل جزء من الرأس بغسل الوجه ول إن كان سببا
شرعيا كصيغة العتاق له أو عقليا كالنظر للعلم عند المام
يجب تحصيله فالمطلق ما ل يكون مقيدا بما يتوقف عليه وجوده وإن كان مقيدا بغيره كقوله تعالى:
}أقم الصلة لدلوك الشمس{ فإن وجوبها مقيد بالدلوك ل بالوضوء والتوجه للقبلة ونحوهما) .فلو
تعذر ترك محرم إل بترك غيره( من الجائز قيل كماء قليل وقع فيه بول) .وجب( ترك ذلك الغير
لتوقف ترك المحرم الذي هو واجب عليه) .أو اشتبهت حليلة( لرجل من زوجة أو أمة فتعبيري
بذلك أولى وأعم من قوله :أو اختلطت منكوحة )بأجنبية( منه )حرمتا( أي حرم قربانهما عليه ،أما
الجنبية فأصالة ،وأما الحليلة فلنه ل يعلم الكف عن الجنبية إل بالكف عنها )وكما لو طلق معينة(
ل )ثم نسيها( فإنهما يحرمان عليه لما مّر .وقد يظهر الحال في هذه والتي قبلهامن زوجتيه مث ً
فترجع الحليلة وغير المطلقة إلى ما كانتا عليه من الحل فلم يتعذر فيهما ترك المحرم وحده فلم
يشملهما ما قبلهما ولو شملهما لكان الولى إبدال أو بكان ليكونا مثالين له.
)مسألة :مطلق المر( بما بعض جزئياته مكروهة كراهة تحريم أو تنزيه )ل يتناول المكروه( منها
الذي له جهة أو جهتان بينهما لزوم )في الصح( .وقيل :يتناوله ،وعزى للحنفية لنا لو تناوله لكان
الشيء الواحد مطلوب الفعل والترك من جهة واحدة وذلك تناقض )فل تصح الصلة في الوقات
المكروهة( :أي التي كرهت فيها صلة النفل المطلق بشرطه كعند طلوع الشمس حتى ترتفع كرمح
وعند اصفرارها حتى تغرب) .ولو( قلنا إن كراهتها فيها )كراهة تنزيه في الصح(
)ومنه( أي القرآن )البسملة أول كل سورة في الصح( :لنها مكتوبة كذلك بخط السور في
مصاحف الصحابة مع مبالغتهم في أن ل يكتب فيها ما ليس منه ،وقيل ليست منه مطلقا عند غيرنا
وفي غير الفاتحة عندنا ،وإنما هي في الفاتحة لبتداء الكتاب على عادة ال تعالى في كتبه ،وفي
غيرها للفصل بين السور وهي منه في أثناء سورة النمل إجماعا) .غير( أول سورة )براءة( أما
أولها فليست البسملة من القرآن فيه جزما لنزولها بالقتال الذي ل تناسبه البسملة المناسبة للرحمة
والرفق ،وحيث قلنا إنها أول السور من القرآن فهي على الصحيح قرآن حكما ل قطعا بمعنى أن
السورة ل تتم إل بقراءتها أّولها حتى ل تصح الصلة بتركها أول الفاتحة ،وإنما لم نكفر جاحدها
للخلف فيها) .ل الشاذ( وهو ما نقل قرآنا آحادا ولم يصل إلى رتبة القراءة الصحيحة التي بيانها
كأيمانهما في قراءة :والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما ،فإنه ليس من القرآن) .في الصح( :لنه
ل على أنه كان متواترا في العصر الول لم يتواتر ول هو في معنى المتواتر ،وقيل إنه منه حم ً
لعدالة ناقله) .و( القراءات )السبع( المروية عن القراء السبعة أبي عمرو ونافع وابني كثير وعامر
وعاصم وحمزة والكسائي )متواترة( من النبي إلينا نقلها عنه جمع يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب
لمثلهم وهلم ،والمراد كما قال المامان أبو شامة وابن الجزري التواتر فيما اتفقت الطرق على نقله
عن السبعة دون ما اختلفت فيه بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق )ولو فيما هو من قبيل
الداء( بأن كان هيئة للفظ يتحقق بدونها )كالمد( الزائد على المّد الطبيعي المعروف أنواعه في
محله ،وكالمالة محضة كانت أو بين بين وكتخفيف الهمزة بنقل أو إبدال أو تسهيل أو إسقاط
وكالمشّدد في نحو }إياك نعبد{ بزيادة على أقل التشديد من مبالغة أو توسط خلفا لبن الحاجب في
إنكاره تواتر ما هو من قبيل الداء ،فقد قال عمدة القراء والمحدثين الشمس ابن الجزري:
ل نعلم أحدا تقدم ابن الحاجب في ذلك .قال :وقد نص أئمة الصول على تواتر ذلك كله ،وكلم
الصل يميل إليه لكنه وافق في منع الموانع ابن الحاجب على عدم تواتر المّد أي :مطلقه ،وتردد في
تواتر المالة وجزم بتواتر تخفيف الهمزة واستظهره في غير ذلك مما هو من قبيل الداء أيضا
كالمشدد في نحو }إياك نعبد{ بما مّر.
)وتحرم القراءة بالشاذ( في الصلة وخارجها لنه ليس بقرآن على الصح كما مّر ،وتبطل الصلة
به إن غير معنى أو زاد حرفا أو نقصه وكان عامدا عالما بالتحريم ،كما قاله النووي.
)والصح(وفاقا للقراء وجماعة من الفقهاء ومنهم البغوي )أنه( أي الشاذ )ما وراء العشر( أي السبع
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
السابقة وقراءات يعقوب وأبي جعفر وخلف ،وقيل ما وراء السبع وهو ما عليه الصوليون وجماعة
من الفقهاء ،ومنهم النووي فالثلثة الزائدة على هذا تحرم القراءة بها ،وعلى الّول هي كالسبع
يجوز القراءة بها لصدق تعريف القراءة الصحيحة التي عليها ،ولنها متواترة على ما قاله في منع
الموانع ووافقه تلميذه المام ابن الجزري في موضع ،وقال في آخر :المقروء به عن القراء العشرة
قسمان :متواتر وصحيح مستفيض متلقى بالقبول ،والقطع حاصل بهما إذ العدل الضابط إذا انفرد
بشيء تحتمله العربية والرسم واستفاض وتلقى بالقبول قطع به وحصل به العلم ،وعلى هذا فالقراءة
متواترة وصحيحة وشاذة ،وقد بينها ابن الجزري بأبسط مما مّر فقال :فالمتواترة ما وافقت العربية
ورسم أحد المصاحف العثمانية ولو تقديرا وتواتر نقلها ،ومعنى ولو تقديرا ما يحتمله الرسم كمالك
يوم الدين فإنه رسم بل ألف في جميع المصاحف فيحتمل حذف ألفه اختصارا كما فعل في مثله من
اسم الفاعل كقادم وصالح ،فهو موافق للرسم تقديرا ،والصحيحة ما صح سنده بنقل عدل ضابط عن
مثله إلى منتهاه ،ووافق العربية والرسم واستفاض نقله وتلقته الئمة بالقبول وإن لم يتواتر ،فهذه
كالمتواترة في جواز
القراءة والصلة بها والقطع بأن المقروء بها قرآن ،وإن لم يبلغ مبلغها والشاذة ما وراء العشرة وهو
ما نقل قرآنا ولم تتلقه الئمة بالقبول ولم يستفض أو لم يوافق الرسم ،فهذا ل تجوز القراءة ول
ح سنده عن أبي الدرداء وابن مسعود وغيرهما ،وقراءة بعض الصحابة بها فيما الصلة به ،وإن ص ّ
ح سنده كانت قبل إجماع من يعتّد به على المنع من القراءة بالشاذ مطلقا انتهى ملخصا وعليهصّ
فظاهر أن مراده بالصحيحة قراءة الثلثة الزائدة على السبع.
)و( الصح )أنه( أي الشاذ )يجري مجرى( الخبار )الحاد( في الحتجاج ،لنه منقول عن النب ّ
ي
ول يلزم من انتفاء خصوص قرآنيته انتفاء عموم خبريته ،وقيل ل يحتج به لنه إنما نقل قرآنا ولم
تثبت قرآنيته ،وعلى الول احتجاج كثير من أئمتنا على قطع يمين السارق بقراءة أيمانهما ،وإنما لم
يوجبوا التتابع في صوم كفارة اليمين بقراءة متتابعات لما صحح الدارقطني إسناده عن عائشة
رضي ال عنها :نزلت }فصيام ثلثة أيام{ متتابعات فسقطت متتابعات أي نسخت تلوة وحكما،
ولن الشاذ إنما يحتج به إذا ورد لبيان حكم كما في أيمانهما بخلف ما إذا ورد لبتداء الحكم ل
يحتج به كما في متتابعات على أنه قيل إنها لم تثبت عن ابن مسعود) .و( الصح )أنه ل يجوز
ورود ما( أي لفظ )ل معنى له في الكتاب والسنة( لنه كالهذيان فل يليق بعاقل فكيف بال
وبرسوله ،وقالت الحشوية :يجوز وروده في الكتاب لوجوده فيه كالحروف المقطعة أوائل السور
كطه ونون ،وفي السنة بالقياس على الكتاب .وأجيب :بأن الحروف المذكورة لها معان .منها :أنها
أسماء للسور والكثرون على جواز أن يقال في الكتاب والسنة زائد كفوق في قوله تعالى} :فإن ك ّ
ن
ل الكلم بدونه نساء فوق اثنتين{ وقوله} :فاضربوا فوق العناق{ بناء على تفسير الزائد بما ل يخت ّ
ل) .و( الصح أنه )ل( يجوز أن يرد فيهما )ما يعني به غير ظاهره( أي ل بما ل معنى له أص ً
معناه الخفي لنه بالنسبة إليه كالمهمل )إل بدليل( :يبين المراد منه كما في العام المخصوص،
وقالت المرجئة :يجوز وروده فيهما من غير دليل حيث قالوا :المراد باليات والخبار الظاهرة في
عقاب عصاة المؤمنين الترهيب فقط بناء على معتقدهم أن المعصية ل تضّر مع اليمان كما أن
الكفر ل تنفع معه طاعة )و( الصح )أنه ل يبقى( فيهما )مجمل كلف بالعمل به( بناء على الصح
التي من وقوعه فيهما )غير مبين( أي :باقيا على إجماله بأن لم يتضح المراد منه إلى وفاته صلى
ال
عليه وسّلم للحاجة إلى بيانه حذرا من التكليف بما ل يطاق ،بخلف غير المكلف بالعمل به ،وقيل ل
يبقى كذلك مطلقا لن ال أكمل الدين قبل وفاته لقوله} :اليوم أكملت لكم دينكم{ وقيل يبقى كذلك
مطلقا قال تعالى في متشابه الكتاب} :وما يعلم تأويله إل ال{ إذ الوقف هنا كما عليه جمهور
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
العلماء ،وإذا ثبت في الكتاب ثبت في السنة إذ ل قائل بالفرق) .و( الصح )أن الدلة النقلية قد تفيد
اليقين بانضمام غيرها( من تواتر ومشاهدة كما في أدلة وجوب الصلة ،فإن الصحابة علموا معانيها
المرادة بالقرائن المشاهدة ،ونحن علمناها بواسطة نقل القرائن إلينا تواترا ،وقيل تفيده مطلقا وعزي
للحشوية ،وقيل ل تفيده مطلقا لنتفاء العلم بالمراد منها قلنا يعلم بما ذكر آنفا.
المنطوق والمفهوم
ل عليه اللفظ في محل النطق( حكما كان كتحريمأي :هذا مبحثهما) .المنطوق ما( أي معنى )د ّ
ف{ أو حكم كزيد في نحو :جاء زيد بخلف المفهوم التأفيف للوالدين بقوله تعالى} :فل تقل لهما أ ّ
فإن دللة اللفظ عليه في محل السكوت ل في محل النطق كما سيأتي) .وهو( أي اللفظ الدال في
محل النطق )إن أفاد ما( أي معنى )ل يحتمل( أي اللفظ )غيره( أي غير ذلك المعنى )كزيد( في
نحو :جاء زيد فإنه مفيد للذات المشخصة من غير احتمال لغيرها) .فنص( أي يسمى به )أو( أفاد
)ما يحتمل بدله( معنى )مرجوحا كالسد( في نحو :رأيت اليوم السد ،فإنه مفيد للحيوان المفترس
محتمل للرجل الشجاع وهو معنى مرجوح لنه معنى مجازى والول حقيقي) .فظاهر( أي يسمى به
أما المحتمل لمعنى مساٍو للخر كالجون في نحو ثوب زيد جون فإنه محتمل لمعنييه أي السود
ل وسيأتي.
والبيض على السواء فيسمى مجم ً
)والوليان( أي دللتا المطابقة والتضمن )لفظيتان( لنهما بمحض اللفظ ول تغاير بينهما بالذات بل
بالعتبار ،إذ الفهم فيهما واحد إن اعتبر بالنسبة إلى مجموع جزأي المركب سميت الدللة مطابقة
أو إلى كل جزء من الجزأين سميت تضمنا) .والخيرة( أي دللة اللتزام )عقلية( لتوقفها على
انتقال الذهن من المعنى إلى لزمه وفارقت التضمينية بما مر ،وبأن المدلول في التضمني داخل
فيما وضع له اللفظ بخلفه في اللتزامية ،وهذا ما عليه المد ي وابن الحاجب وغيرهما من
المحققين ،وجرى عليه شيخنا الكمال ابن الهمام ،والصل تبع صاحب المحصول وغيره في أن
المطابقة لفظية والخريان عقليتان وتبعتهم في شرح ايساغوجي ،وما هنا أقعدوا أكثر المناطقة على
ل أو شرعا )على أن الثلث لفظيات )ثم هي( أي الخيرة )إن توقف صدق المنطوق أو صحته( عق ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
إضمار( :أي تقدير فيما دل عليه) ،فدللة اقتضاء( أي فدللة اللفظ اللتزامية على معنى المضمر
المقصود تسمى دللة اقتضاء في الحوال الثلثة ،فالول كما في الحديث التي في مبحث المجمل:
»رفع عن أمتي الخطأ والنسيان« أي المؤاخذة بهما لتوقف صدقه على ذلك لوقوعهما والثاني كما
ل،
في قوله تعالى} :واسأل القرية{ أي أهلها إذ القرية وهي البنية المجتمعة ل يصح سؤالها عق ً
والثالث كما في قولك لمالك عبد :أعتق عبدك عني ،ففعل فإنه يصح عنك بتقدير ملكه لي فأعتقه
عني لتوقف صحة العتق شرعا على الملك) .وإل( :أي وإن لم يتوقف صدق المنطوق ول الصحة
له على إضمار) ،فإن دل( اللفظ المفيد له )على ما لم يقصد( به )فدلله إشارة( :أي فدللة اللفظ
ل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم{
على ما لم يقصد به تسمى دللة إشارة كدللة قوله تعالى} :أح ّ
ن بالليل الصادق بآخر جزء على صحة صوم من أصبح جنبا للزومها للمقصود به من جواز جماعه ّ
ل اللفظ على ما قصد به ولم يتوقف على إضمار )فدللة إيماء( أي فدللة اللفظ منه) .وإل( بأن د ّ
على ذلك تسمى
دللة إيماء وتسمى تنبيها ،وسيأتي بيانه مع مثاله في القياس في الملك الثالث من مسالك العلة وذكره
هنا من زيادتي وعلم من تعبيري بهي دون تعبيره بالمنطوق أن هذه الدللت الثلث من قسم دللة
اللتزام ،إذ المنطوق ينقسم إلى صريح وغيره فالصريح دللتا المطابقة والتضمن وغيره دللة
اللتزام وهي تنقسم إلى الدللت الثلث.
ل من أي الدللت؟ قلت :من دللة الشارة فيما يظهر. فإن قلت :دللة النسان على قابل العلم مث ً
)والمفهوم ما( أي معنى )دل عليه اللفظ ل في محل النطق( من حكم ومحله معا كتحريم كذا كما
سيأتي )فإن وافق( المفهوم )المنطوق( به )فموافقة( ويسمى مفهوم موافقة )ولو( كان )مساويا(
للمنطوق )في الصح ثم( هو )فحوى الخطاب( أي يسمى به )إن كان أولى( من المنطوق )ولحنه(
أي لحن الخطاب )إن كان مساويا( للمنطوق والمفهوم الولى كتحريم ضرب الوالدين الدال عليه
نظرا للمعنى قوله تعالى} :فل تقل لهما أف{ فهو أولى من تحريم التأفيف المنطوق لكونه أشد منه
في اليذاء والمساوي كتحريم إحراق مال اليتيم الدال عليه نظرا لمعنى آية} :إن الذين يأكلون أموال
اليتامى ظلما{ فهو مساٍو لتحريم الكل لمساواة الحراق للكل في التلف ،وقيل ل يسمى المساوي
بالموافقة وإن كان مثل الولى في الحتجاج به ،وعليه فمفهوم الموافق هو الولى ويسمى الولى
بفحوى الخطاب وبلحن الخطاب ،وفحوى الكلم ما يفهم منه قطعا ولحنه معناه ،ومما يطلق فيه
المفهوم على محل الحكم كالمنطوق قولهم المفهوم ،إما أولى من المنطوق بالحكم أو مساٍو له فيه
ومن المعنى المعلوم به موافقة المسكوت للمنطوق نشأ خلف في أن الدللة على الموافقة مفهومية
أو قياسية أو لفظية وقد بينتها بقولي) :فالدللة( على الموافقة )مفهومية( :أي بطريق الفهم من اللفظ
ل في محل النطق) ،على الصح( والتصريح بهذا القول من زيادتي ،وقيل قياسية :أي بطريق
القياس الولى أو المساوى المسمى ذلك بالقياس الجلي كما سيأتي لصدق تعريف القياس عليه،
والعلة في المثال الول اليذاء ،وفي الثاني التلف ،وقيل الدللة عليه لفظية لفهمه من اللفظ من
غير اعتبار قياس ،لكن ل بمجرد اللفظ بل مع السياق والقرائن فتكون الدللة عليه مجازية من
إطلق الخص على العم ،فالمراد من منع التأفيف منع ازيذاء ومن منع أكل مال اليتيم منع إتلفه،
وقيل لفظية لكن ينقل اللفظ عرفا إلى العم ،فتكون الدللة عليه حقيقة عرفية ،وعلى هذين القولين
تحريم
ضرب الوالدين وتحريم إحراق مال اليتيم من المنطوق ،وإن كانا بقرينة على الول منهما) .وإن
خالفه( أي المفهوم أي المنطوق به )فمخالفة( ويسمى مفهوم مخالفة ودليل خطاب قيل ولحن
خطاب) .وشرطه( :أي مفهوم المخالفة ليتحقق )أن ل يظهر لتخصيص المنطوق بالذكر فائدة غير
نفي حكم غيره( :أي حكم السكوت) .كأم خرج( المذكور )للغالب في الصح( كما في قوله تعالى
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
}وربائبكم اللتي في حجوركم{ إذ الغالب كون الربائب في حجور الزواج أي تربيتهم ،وقيل ل
يشترط انتفاء موافقة الغالب لن المفهوم من مقتضيات اللفظ فل يسقطه موافقة الغالب وهو مندفع
بما يأتي) .أو لخوف تهمة( من ذكر المسكوت كقول قريب عهد بالسلم لعبده بحضور المسلمين
تصدق بهذا على المسلمين ،ويريد وغيرهم وتركه خوفا من تهمته بالنفاق) .أو لموافقة الواقع( ،كما
في قوله تعالى؛ }ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين{ نزل في قوم من المؤمنين
والو اليهود دون المؤمنين) .أو( لجواب )سؤال( عن المذكور) .أو لـ(ـبيان حكم )حادثة( تتعلق به،
)أو لجهل بخكمه( دون حكم المسكوت) ،أو عكسه( أي أو لجهل بحكم المسكوت دون حكم
المنطوق ،وذلك كما لو سئل رسول ال صلى ال عليه وسّلم هل في النعم السائمة زكاة ،أو قبل
بحضرته لفلن غنم سائمة أو خاطب من جهل حكم الغنم السائمة دون المعلوفة ،أو كان هو عالما
بحكم السائمة دون المعلوفة ،فقال» :في الغنم السمائمة زكاة« .وإنما لم يجعلوا جواب المسؤول
والحادثة صارفين للعام عن عمومه كنظيره هنا لقوة اللفظ فيه بالنسبة إلى مفهوم المخالفة حتى
عزى إلى الشافعي والحنفية أن دللة العام على كل فرد من أفراده قطعية ،وإنما اشترطوا للمفهوم
انتفاء المذكورات لنها فوائد ظاهرة وهو فائدة خفية فأخر عنها ،وبذلك اندفع توجيه الوجه السابق
والمقصود مما مر أنه ل مفهوم للمذكور في المثلة المذكورة ونحوها ،ويعلم حكم المسكوت فيها
من خارج بالمخالفة كما في الغنم
المعلوفة لما سيأتي ،أو بالموافقة كما في آية الربيبة للمعنى ،وهو أن الربيبة حرمت لئل يقع بينها
وبين أمها التباغض لو أبيحت نظرا للعادة في مثل ذلك ،سواء أكانت في حجر اتلزوج أم ل وتقّدم
خلف في أن الدللة في مفهوم الموافقة على حكم المسكوت قياسية أو ل .وقد حكيته هنا مع ما
يترتب عليه بقولي) :ول يمنع( ما يقتضي تخصيص المذكور بالذكر )قياس المسكوت بالمنطوق(،
بأن كان بينهما علة جامعة لعدم معارضته له) ،فل يعمه( أي المسكوت المشتمل عى العلة
)لمعروض( للمذكور من صفة أو غيرها لوجود العارض ،وإنما يلحق به قياسا) .وقيل يعمه( إذ
عارضه بالنسبة إلى المسكوت كأنه لم يذكر فيمتنع القياس ،وإنما عبرت كالصل بالمعروض أي
اللفظ دون الموصوف لئل يتوهم ،كما قال في منع المانع اختصاص ذلك بمفهوم الصفة وليس
كذلك) .وهو( أي :مفهوم المخالفة بمعنى محل الحكم )صفة( :أي مفهوم صفة والمراد بها لفظ مقيد
لخر وليس بشرط ول استثناء ول غاية ل النعت فقط )كالغنم السائمة وسائمة الغنم( أي الصفة
كالسائمة في الّول من في الغنم السائمة زكاة ،وفي الثاني من في سائمة الغنم زكاة قدم من تأخير
وكل منهما يروى حديثا) .وكالسائمة( من في السائمة زكاة )في الصح( المعز ،وللجمهور لدللته
على السوم الزائد على الذات بخلف اللقب ،وقيل ليس من الصفة ،ورجحه الصل لختلل الكلم
بدونه كاللقب ودفع بما مّر آنفا) .والمنفي( عن محلية الزكاة )في( المثالين )الولين معلوفة الغنم
على المختار( فيهما ،وهو ما رجحه المام الرازي وغيره.
)
وفي( المثال )الثالث معلوفة النعم( من إبل وبقر وغنم ،وقيل المنفي في الولين معلوفة النعم ولم
يرجح الصل منهما شيئا ،بل قال :وهل المنفي غير سائمتها أو غير مطلق السوائم؟ قولن.
فالترجيح في المنفي في الّولين مع ذكره في الثالث من زيادتي ،وقد بينت ما في الثالث وما ذكرته
من الجمع بين الّولين كالصل هنا أولى من فرقه في منع الموانع بينهما بأن الخلف خاص
بأولهما ،وبأن المنفي في الثاني سائمة غير الغنم ل غير السائمة بناء على أن الصفة فيه لفظ الغنم
على وزان »مطل الغني ظلم«.
)ومنها( :أي من الصفة بالمعنى السابق )العلة( نحو أعط السائل لحاجته أي المحتاج دون غيره.
)والظرف( زمانا أو مكانا نحو :سافر غدا أي ل في غيره ،واجلس أمام فلن أي :ل في غيره من
ن أولت بقية جهائه) .والحال( نحو أحسن إلى العبد مطيعا أي ل عاصيا) .والشرط( نحو} :وإن ك ّ
ن) .وكذا الغاية( في الصح نحو} :فإن طلقها ن ل يجب النفاق عليه ّن{ أي فغيره ّ
حمل فأنفقوا عليه ّ
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره{ أي فإذا نكحته تحل للول بشرطه ،وقيل الغاية منطوق فل تح ّ
أي بالشارة لتبادره إلى الذهان ،وأجاب الول بأنه ل يلزم من ذلك أن يكون منطوقا) .وتقديم
المعمول( بقيد زدته بقولي) :غالبا( في الصح نحو }إياك نعبد{ أي ل غيرك ،وقيل ل يفيد الحصر،
وإنما أفاده في }إياك نعبد{ للقرينة ،وهي العلم بأن قائليه أي المؤمنين ل يعبدون غير ذلك) .والعدد(
في الصح نحو} :فاجلدوهم ثمانين جلدة{ أي ل أكثر ول أقل ،وهذا ما نقله الشيخ أبو حامد وغيره
عن الشافعي وإمام الحرمين عنه وعن الجمهور ،وقيل ليس منها .وعزاه النووي إلى جماهير
الصوليين ،لكن تعقبه ابن الرفعة وتعجب منه مع أن ما نقله معارض بما مر عن المام.
)ويفيد الحصر إنما بالكسر في الصح( لشتمالها على نفي واستثناء تقديرا نحو} :إنما إلهكم ال{ أي
ل ،وقيل ليست للحصر لنها إ ّ
ن ل غيره والله المعبود بحق ونحو :إنما زيد قائم أي ل قاعد مث ً
المؤكدة وما الزائدة الكافة فل نفي فيها ،وقيل للحصر منطوقا أي بالشارة أما أنما بالفتح نحو:
}اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة{ الية فليست لحصر بناء على بقاء أن فيها على
مصدريتها مع كفها بما ،والمعنى اعلموا حقارة الدنيا فل تؤثروها على الخرة الجليلة ،فبقاء أن في
الية على المصدرية كاف في حصول المقصود بها من تحقير الدنيا ،وقيل للحصر كأصلها إنما
بالكسر ،والمراد أن الدنيا ليست إل هذه المور المحقرات أي :ل القرب فإنها من أمور الخرة
لظهور ثمرتها فيها بقولي من زيادتي في الصح راجع إلى المسائل الربع )و( نحو )ضمير
ي أي ناصر) .و( نحو )ل وإل الستثنائية( نحو :ل ي :أي فغيره ليس بول ّالفصل(نحو :فال هو الول ّ
عالم إل زيد ،وما قام إل زيد منطوقهما نفي العلم والقيام عن غير زيد ومفهومهما إثبات العلم،
والقيام لزيد ،ومما يفيد الحصر نحو :العالم زيد وصديقي زيد ،وذلك مفاد من زيادتي نحو :وقد يفاد
أيضا من قولي كالصل ،ومنها ورتبته قبل الشرط) .وهو( أي الخير وهو نحو ل وإل الستثنائية
)أعلها( :أي أنواع مفهوم المخالفة إذ قيل إنه منطوق أي صراحة لسرعة تبادره إلى الذهان ،وبه
يعلم أن في كون هذا من الصفة خلفا أيضا) .فما قيل( فيه إنه )منطوق( أي إشارة كنعت وحال
وظرف وعلة مناسبات )كالغاية وإنما( والعدد )فالشرط( إذ لم يقل أحد إنه منطوق) .فصفة أخرى
مناسبة( للحكم لن بعض القائلين بالشرط خالف في الصفة) .و( صفة )غير مناسبة( كالمذكورات
الغير المناسبة فهو سواء) .فالعدد( لنكار كثير له دون ما قبله كما) .فتقديم المعمول( آخر المفاهيم
لنه ل يفيد الحصر في كل صورة كما مّر) .والمفاهيم( المخالفة )حجة لغة في الصح(،
ي المسكوت« ظلم« إنه يدل على لقول كثير من أئمة اللغة بها ،فقال جمع منهم في خبر »مطل الغن ّ
أن مطل غير الغني ليس بظلم وهم إنما يقولون في مثل ذلك ما يعرفونه من لسان العرب ،وقيل
حجة شرعا لمعرفة ذلك من موارد كلم الشارع ،وقيل حجة معنى وهو أنه لو لم ينف المذكور
الحكم عن المسكوت لم يكن لذكره فائدة ،وأنكر بعضهم مفاهيم المخالفة كلها مطلقا ،وإن قال في
المسكوت بخلف حكم المنطوق فلمر آخر كما في انتفاء الزكاة عن المعلوفة قال :الصل عدم
الزكاة وردت في السائمة فبقيت المعلوفة على الصل ،وأنكرها بعضهم في الخبر نحو :في الشام
الغنم السائمة ،فل ينفي المعلوفة عنها لن الخبر له خارجي يجوز الخبار ببعضه فل يتعين القيد
فيه للنفي بخلف النشاء نحو :زكوا عن الغنم السائمة ،وما في معناه مما مّر فل خارجي له فل
فائدة للقيد فيه إل النفي ،وأنكرها بعضهم في غير الشرع من كلم المؤلفين والواقفين لغلبة الذهول
عليهم بخلفه في الشرع من كلم ال تعالى ورسوله .واعتمده السبكي والبرماوي قال :وهو ظاهر
المذهب وأنكر بعضهم صفة ل تناسب الحكم ،كأن يقول الشارع في الغنم العفر الزكاة فهي كاللقب
بخلف المناسبة كالسوم لخفة مؤنة السائمة فهي كالعلة ،وظاهر أن محل العمل بمفهومات
المذكورات إذا لم يعارضه معارض أقوى وإل قدم القوى كخبري» :إنما الربا في النسيئة« و»إنما
الولء لمن أعتق« فإنهما معارضان بالجماع ،أما مفهوم الموافقة فاتفقوا على حجيته وإن اختلفوا
في طريق الدللة عليه كما مّر) .وليس منها( أي من المفاهيم المخالفة )اللقب( علما كان أو اسم
جنس أو اسم جمع )في الصح( كما قال به جماهير الصوليين ،وقيل منها نحو :على زيد حج ،أي
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ل على غيره ،إذ ل فائدة لذكره إل نفي الحكم عن غيره .وأجيب :بأن نفي الحكم عن غيره إنما كان
للقرينة وبأن فائدة ذكره استقامة الكلم ،إذ بإسقاطه تختل الصفة.
)
مسألة :من اللطاف(جمع لطف بمعنى ملطوف أي :من المور الملطوف بالناس بها) .حدوث
الموضوعات اللغوية( بإحداث ل تعالى ،وإن قيل واضعها غيره من العباد لنه الخالق لفعالهم
وفائدتها أن يصبر كل أحد من الناس عما في نفسه مما يحتاجه لغيره ليعاونه عليه لعدم استقلله به.
)وهي( في الدللة على ما في النفس )أفيد من الشارة والمثال( :أي الشكل لنها تعم الموجود
والمعدوم ،وهما يخصان الموجود المحسوس) .وأيسر( منهما أيضا لموافقتها للمر الطبيعي دونهما
لنها كيفيات تعرض للنفس الضروري )وهي ألفاظ( ،ولو مقّدرة أو مركبة ولو تركيبا إسناديا )دالة
على معان( خرج باللفاظ الدوال الربع ،وهي الخطوط والعقود والشارات والنصب ،وبما بعدها
اللفاظ المهملة) .و( إنما )تعرف بالنقل( تواترا كالسماء والرض والحر والبرد لمعانيها المعروفة
أو آحادا كالقرء للحيض وللطهر) .وباستنباط العقل منه( :أي من النقل نحو الجمع المعرف باللم
عام ،فإن العقل يستنبطه مما نقل أن هذا الجمع يصح الستثناء منه بأن يضم إليه ،وكل ما صح
الستثناء منه مما ل حصر فيه فهو عام للزوم تناوله للمستثنى ،فعلم أنها ل تعرف بمجرد العقل ،إذ
ل مجال له في ذلك )ومدلول اللفظ( إما )معنى جزئي أو كلي( لنه إن منع تصّوره من الشركة فيه
كمدلول زيد فجزئي ،وإن لم يمنع منها كمدلول النسان فكلي) ،أو لفظ مفرد( إما مستعمل كمدلول
الكلمة بمعنى ما صدقها كرجل وضرب وهل ،أو مهمل كمدلول أسماء حروف الهجاء كحروف
جلس أي جه له سه) .أو( لفظ )مركب( إما مستعمل كمدلول لفظ الخبر أي ما صدقه كقام زيد أو
مهمل كمدلول لفظ الهذيان ،وسيأتي ذلك في مبحث الخبار مع زيادة وإطلق المدلول على
الماصدق كما هنا شائع ،والصل إطلقه على المفهوم وهو ما وضع له اللفظ) .والوضع( الشامل
للغوي والعرفي والشرعي )جعل اللفظ دليل المعنى( فيفهمه منه العارف لوضعه له) .وإن لم يناسبه
في الصح( لن اللفظ علمة للمعنى
بطريق الوضع ،ولن الموضوع للضدين كالجون للسود والبيض ل يناسبهما ،واشترط عباد
الصيمري من المعتزلة مناسبته له ،قال :وإل فلم اختص به ،وعليه فقيل أراد أنها حاملة على
الوضع على وفقها فيحتاج إليه ،وقيل أراد أنها كافية في دللة اللفظ على المعنى ،فل يحتاج إلى
الوضع يدرك ذلك من خصه ال به كما في القافة ويعرفه غيره منه.
حكي أن بعضهم كان يدعي أنه يعلم المسميات من السماء فقيل له ما مسمى آدغاغ وهو من لغة
البربر؟ فقال :أجد فيه يبسا شديدا وأراه اسم الحجر وهو كذلك .قال الصفهاني :والثاني هو
الصحيح عن عباد) .واللفظ( الدال على معنى ذهني خارجي أي له وجود في الذهن بالدراك،
ووجود في الخارج بالتحقق كالنسان بخلف المعدوم ل وجود له في الخارج كبحر من زئبق.
)موضوع للمعنى الذهني على المختار( وفاقا للمام الرازي وغيره ،لنا إذا رأينا جسما من بعيد
وظنناه صخرة سميناه بها ،فإذا دنونا منه وعرفنا أنه حيوان وظنناه طيرا سميناه به ،فإذا دنونا منه
عرفنا أنه إنسان سميناه به ،فاختلف السم لختلف المعنى الذهني ،وذلك يدل على أن الوضع له
والجواب بأن اختلف السم لذلك الظن أنه في الخارج كذلك ،فالموضوع له ما في الخارج والتعبير
عنه تابع لدراك الذهن له حسبما أدركه مردود بأنه ل يلزم من كون الختلف لظن ما ذكر أن
يكون اللفظ موضوعا للمعنى الخارجي .وقيل :موضوع للمعنى الخارجي لن به تستقّر الحكام
ورجحه الصل ،وقيل :موضوع للمعنى من حيث هو من غير تقييد بذهني أو خارجي ،واختاره
السبكي .قال ابنه في منع الموانع :والخلف في اسم الجنس أي في النكرة إذ المعرفة منه ما وضع
للخارجي ،ومنه ما وضع للذهني كما سيأتي .وهذا التقييد يؤيد ما اخترته إذ النكرة موضوعة لفرد
ل إل في الذهن كما أوضحته في الحاشية. شائع من الحقيقة وهو كلي ل يوجد مستق ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)ول يجب( هو أولى من قوله وليس )لكل معنى لفظ بل( إنما يجب )لمعنى محتاج للفظ( إذ أنواع
الروائح مع كثرتها ليس لها ألفاظ لعدم انضباطها ،ويدل عليها بالتقييد كرائحة كذا ،فليست محتاجة
ص أو ظاهر إلى اللفاظ وبل هنا انتقالية ل إبطالية) .والمحكم( من اللفظ )المتضح العنى( من ن ّ
)والمتشابه( منه )غيره( :أي غير المتضح المعنى ولو للراسخ في العلم) .في الصح( بناء على أن
الوقف في الية المشار إليها بعد على إل ال) .وقد يوضحه ال لبعض أصفيائه( معجزة أو كرامة،
وقيل هو غير متضح المعنى لغير الراسخ في العلم بناء على أن الوقف في الية على} :والراسخون
في العلم{ والصطلح المذكور مأخوذ من قوله تعالى} :منه آيات محكمات{ إلى آخره .وذكر
الخلف من زيادتي وتعريفي للمتشابه بما ذكر أولى من قوله :والمتشابه ما استأثر ال بعلمه لن
ذاك تعريف بالملزوم) .واللفظ الشائع( بين الخواص والعوام) .ل يجوز وضعه لمعنى خفي على
ي عليهم ل يدركونه وإن أدركه الخواص) .كقول مثبتي الحال(: العوام( لمتناع تخاطبهم بما هو خف ّ
أي الواسطة بين الموجود والمعدوم كما سيأتي أواخر الكتاب) .الحركة معنى يوجب تحرك الذات(:
ي التعقل على العوام ،فل يكون معنى الحركة الشائعة بين الجميع أي الجسم ،فإن هذا المعنى خف ّ
ومعناها الظاهر تحرك الذات أو انتقالها.
)مسألة :المختار( ما عليه الجمهور) .أن اللغات توقيفية( :أي وضعها ال تعالى فعبروا عن وضعه
لها بالتوقيف لدراكه به) .علمها ال( عباده )بالوحي( إلى بعض أنبيائه وهو الظاهر لنه المعتاد في
ل من يسمعها من العباد عليها) .أو( خلق )علم تعليم ال) .أو بخلق أصوات( في أجسام بأن تد ّ
ضروري( في بعض العباد بها واحتج للقول بالتوقيف بقوله تعالى} :وعلم آدم السماء كلها{ أي
ل منها اسم أي عال بمسماه إلى الذهن أو علمة اللفاظ الشاملة للسماء والفعال والحروف ،لن ك ً
ل على أنه الواضع دون البشر ،وقيل عليه ،وتخصيص السم ببعضها عرف طرأ وتعليمه تعالى دا ّ
هي اصطلحية ل توقيفية :أي وضعها البشر واحد أو أكثر وحصل عرفانها منه لغيره بالشارة
والقرينة ،كالطفل ،أذ يعرف لغة أبويه بهما ،واحتج لهذا القول بقوله تعالى} :وما أرسلنا من رسول
إل بلسان قومه{ أي بلغتهم فهي سابقة على البعثة ولو كانت توقيفية والتعليم بالوحي لتأخرت عنها،
وقيل القدر المحتاج إليه في التعريف بها للغير توقيفي لدعاء الحاجة إليه وغيره محتمل ،وقيل القدر
المحتاج إليه في التعريف اصطلحي وغير محتمل ،والحاجة إلى الول تندفع بالصطلح ،وتوقف
كثير من العلماء عن القول بواحد من هذه القوال لتعارض أدلتها.
)و( المختار)أن التوقيف مظنون( لظهور دليله دون دليل الصطلح ،إذ ل يلزم من تقدم اللغة على
البعثة أن تكون اصطلحية لجواز أن تكون توقيفية ويتوسط تعليمها بالوحي بين النبّوة والرسالة.
)وأن اللغة ل تثبت قياسا( :أي به بقيد زدته بقولي) :فيما في معناه وصف( فإذا اشتمل معنى اسم
على وصف مناسب للتسمية كالخمر أي :المسكر من ماء العنب لتخميره أي تغطيته للعقل ووجد
ذلك الوصف في معنى اسم آخر كالنبيذ أي :المسكر من غير ماء العنب لم يثبت له بالقياس ذلك
السم لغة ،فل يسمى النبيذ خمرا ،إذ ما من شيء إل وله اسم لغة فل يثبت له اسم آخر قياسا ،كما
إذا ثبت لشيء حكم بنص لم يثبت له حكم آخر قياسا ،وقيل يثبت به فيسمى النبيذ خمرا فيجب
اجتنابه بآية }إنما الخمر والميسر{ ل بالقياس على الخمر ،فإن قلت :ينبغي ترجيحه فقد قال به
الشافعي حيث قاس النباش بالسارق فأوجب القطع وقاس النبيذ بالخمر فأوجب الحّد .قلنا :قاس
شرعا ل لغة إذ زوال العقل وأخذ مال الغير خفية وصف مناسب للحكم ل أنه قاس وصف النباش
ووصف النبيذ بوصف السارق ووصف الخمر ،وقيل :تثبت به الحقيقة دون المجاز لنه أخفض
رتبة منها ،وقيل :غير ذلك والترجيح من زيادتي وبما تقرر علم أن محل الخلف في غير العلم،
وفيما لم يثبت تعميمه باستقراء ،فالعلم ل قياس فيها اتفاقا ،وما ثبت تعميمه باستقراء كرفع الفاعل
ونصب المفعول ل حاجة في ثبوت ما لم يسمع منه إلى قياس حتى يختلف في ثبوته ،مع أنه ل
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
يتحقق في جزئياته أصل وفرع ،لن بعضها ليس أولى من بعض بذلك ،وخرج بما في معناه وصف
غيره فل قياس فيه اتفاقا ل لنتفاء الجامع.
)مسألة :اللفظ( المفرد )والمعنى إن اتحدا( بأن كان كل منهما واحدا )فإن منع تصّور معناه( :أي:
ل )فجزئي( :أي فذلك اللفظ يسمى جزئيا حقيقيا معنى اللفظ المذكور )الشركة( فيه من اثنين مث ً
كزيد) .وإل( أي وإن لم يمنع تصّور معناه الشركة فيه )فكلي( سواء امتنع وجود معناه كالجمع بين
الضدين أم أمكن ولم يوجد منه كبحر زئبيق أو وجد وامتنع غيره كالله أي المعبود بحق ،أو أمكن
ولم يوجد كالشمس أي الكوكب النهاري المضيء ،أو وجد كالنسان أي الحيوان الناطق ،وما مر
من تسمية المدلول جزئيا وكليا هو الحقيقة ،وما هنا مجاز من تسمية الدال باسم المدلول.
)متواطىء( ذلك الكلي) .إن استوى( :معناه في أفراده كالنسان فإنه متساوي المعنى في أفراده من
زيد وعمرو وغيرهما سمي متواطئا من التواطؤ أي التوافق لتوافق أفراد معناه فيه) .وإل( فإن
تفاوت معناه في إفراده بالشدة أو التقدم كالبياض ،فإن معناه في الثلج أشد منه في العاج ،وكالوجود
فإن معناه في الواجب قبله في الممكن) ،فمشكك( سمي به لتشكيكه الناظر فيه في أنه متواطىء
نظرا إلى جهة اشتراك الفراد في أصل المعنى أو غير متواطىء نظرا إلى جهة الختلف) .وإن
تعددا( أي اللفظ والمعنى كالنسان والفرس) .فمباين( أي كل من اللفظين للخر مباينا له لمباينة
معنى كل منهما لمعنى الخر) .أو( تعدد )اللفظ فقط( أي دون المعنى كالنسان والبشر) .فمرادف(
كل من اللفظين للخر سمى مرادفا له لمرادفته له أي :موافقته له في معناه) .وعكسه( وهو أن
يتعدد المعنى دون اللفظ كأن يكون للفظ معنيان) .إن كان( أي اللفظ )حقيقة فيهما( أي في المعنيين
كالقرء للحيض والطهر) .فمشترك( لشتراك المعنيين فيه) .وإل فحقيقة ومجاز( كالسد للحيوان
المفترس وللرجل الشجاع ،وإنما لم يقولوا أو مجازان أيضا ،مع أنه يجوز أن يتجّوز في اللفظ من
غير أن يكون له معنى حقيقي كما هو الصح التي ،كأنه ،لن هذا القسم لم يثبت وجوده.
ل منها لم يعين
)والعلم ما( أي لفظ )عين مسماه( خرج النكرة )بوضع( خرج بقية المعارف فإن ك ً
ل إنما يعين مسماه بقرينة الخطاب ل بوضعه ،فإنه إنما وضع مسماه بالوضع بل بأمر آخر ،فأنت مث ً
لما يستعمل فيه من أي جزئي وما ذكرته أولى من قوله ما وضع لمعنى ل يتناول غيره) .فإن كان
تعيينه( أي المسمى )خارجيا فعلم شخص( فهو ما عين مسماه في الخارج بوضع ،فل يخرج العلم
العارض الشتراك كزيد سمي به كل من جماعة) .وإل( بأن كان تعيينه ذهنيا) ،فعلم جنس( .فهو ما
عين مسماه في الذهن بوضع بأن يلحظ وجوده فيه كأسامة علم للسبع أي لماهيته الحاضرة في
الذهن .وأما اسم الجنس ويسمى المطلق ،فهو عند جمع من المحققين ما وضع لشائع في جنسه،
وسيأتي إيضاحه في بحث المطلق وعند الصل تبعا لجمع وهو المختار ما وضع للماهية المطلقة
أي :من غير أن تعين في الخارج أو في الذهن كأسد اسم لماهية السبع واستعماله فيها كأن يقال :أسد
أجرأ من ثعلب ،كما يقال أسامة أجرأ من ثعالة ،ويدل على اعتبار التعيين في علم الجنس إجراء
الحكام اللفظية لعلم الشخص عليه كمنع الصرف مع تاء التأنيث ،وإيقاع الحال منه نحو :هذا أسامة
ل ،واستعمال علم الجنس أو اسم الجنس على القول الثاني معرفا أو منكرا في الفرد المعين أومقب ً
المبهم من حيث اشتماله على الماهية حقيقي نحو :هذا أسامة أو السد أو أسد أو إن رأيت أسامة أو
السد أو أسدا ففر منه) .مسألة :الشتقاق( :هو لغة القطاع ،واصطلحا من حيث قيامه بالفاعل.
)رد لفظ إلى( لفظ )آخر( .وإن كان الخر مجازا )لمناسبة بينهما في المعنى( :بأن يكون معنى
الثاني في الول) .و( في )الحروف الصلية( :بأن تكون فيهما على ترتيب واحد كما في الناطق من
النطق بمعنى التكلم حقيقة ،وبمعنى الدللة مجازا كما في قولك :الحال ناطقة بكذا أي دالة عليه ،وقد
ل يشتق من المجاز كما في المر بمعنى الفعل مجازا كما سيأتي،
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
وقضية الرد ما صرح به الصل أنه ل بد في تحقيق الشتراك من تغيير بين اللفظين تحقيقا كما في
ضرب من الضرب ،أو تقديرا كما في طلب من الطلب وحلب من الحلب .فتقدر فتحة اللم في
الفعل غيرها في المصدر كما قدروا ضم النون في جنب جمعا غيرها فيه مفردا ،ثم ما ذكر تعريف
للشتقاق المراد عند الطلق وهو الصغير ،أما الكبير فليس فيه الترتيب كما في الجبذ والجذب،
والكبر ليس فيه جميع الصول كما في الثلم والثلب ،ويقال فيها أيضا أصغر وصغير وكبير
وأصغر وأوسط وأكبر) .وقد يطرد( المشتق كاسم )الفاعل( :نحو ضارب لكل من وقع منه الضرب
)وقد يختص( بشيء )كالقارورة( :من القرار للزجاجة المعروفة دون غيرها مما هو مقر للمائع
ق منه( :أي من الوصف أي لفظه. ككوز) .ومن لم يقم( أي يتعلق )به( من الشياء )وصف لم يشت ّ
)اسم عندنا( خلفا للمعتزلة في تجويزهم ذلك حيث نفوا عن ال تعالى صفاته الذاتية المجموعة في
قول القائل:
ل ،لكن قالوا بذاته ل بصفات زائدة عليها متكلم ،لكن بمعنى أنه ووافقوا على أنه عالم قادر مريد مث ً
خالق الكلم في جسم كالشجرة التي سمع منها موسى عليه السلم بناء على أن الكلم عندهم ليس
إل بالحروف والصوات الممتنع اتصافه تعالى بها ،ففي الحقيقة لم يخالفوا فيها هنا ،لن صفة
الكلم بمعنى خلقه ثابتة له تعالى ،وكذا بقية الصفات الذاتية ،وإنما ينفون زيادتها على الذات
ويزعمون أنها نفس الذات فرارا بذلك من تعدد القدماء على أن تعددها ،إنما هو محذور في ذوات
ل في ذات وصفات ،وبنوا على تجويزهم المذكور ما ذكره الصل هنا وغيره في المسألة النسخ
قبل الفعل من اتفاقهم على أن إبراهيم ذبح ابنه إسماعيل عليه الصلة والسلم ،حيث أمّر عندهم آلة
الذبح على محله منه ،واختلفهم هل إسماعيل مذبوح أو ل؟ فقيل :نعم والتأم ما قطع منه ،وقيل ل.
فالقائل بهذا أطلق الذابح على من لم يقم به الذبح ،لكن بمعنى أنه ممر آلته على محله فما خالف في
الحقيقة ،وعندنا لم يمرها عليه لنسخ الذبح قبل التمكن منه لقوله تعالى} :وفديناه بذبح عظيم{.
)فإن قام به( أي بالشيء )ما( أي وصف )له اسم جواب( .الشتقاق لغة من ذلك السم لمن قام به
الوصف كاشتقاق العالم من العلم لمن قام به معناه) .وإل( :أي وإن لم يقم به ذلك بأن قام به ما ليس
له اسم كأنواع الروائح إذ لم يوضع لها أسماء استغناء عنها بالتقييد كرائحة كذا كما مّر) .لم يجز(:
أي الشتقاق لستحالته وهذا أولى من قوله لم يجب) .والصح أنه يشترط بقاء( معنى )المشتق منه(
في المحل )في كون المشتق( المطلق عليه )حقيقة إن أمكن( بقاء ذلك المعنى كالقيام) .وإل فآخر
جزء( أي وإن لم يمكن بقاؤه كالتكلم ،لنه بأصوات تنقضي شيئا فشيئا ،فالمشترط بقاء آخر جزء
منه ،فإذا لم يبق المعنى أو جزؤه الخير في المحل يكون المشتق المطلق عليه مجازا كالمطلق قبل
وجود المعنى نحو} :إنك ميت وإنهم ميتون{ وقيل :ل يشترط ما ذكر فيكون المشتق المطلق بعد
انقضائه حقيقة استصحابا للطلق ،وقيل بالوقف عن الشتراط وعدمه لتعارض دليلهما ،وإنما
عبرت كالصل بالبقاء الذي هو استمرار الوجود الكافي في الشتراط ليتأتى حكاية مقابله ،وإنما
اعتبر في الشق الني آخر جزء لتمام المعنى به وفي التعبير فيه بالبقاء تسمح احتمل لما مّر ،وقيل
ما حاصله محل الخلف إذا لم يطرأ على المحل وصف يضاد الول ،فإن طرأ عليه ذلك كالسواد
بعد البياض والقيام بعد القعود لم يسم المحل بالول حقيقة إجماعا ،وهذا القول مأخوذ من كلم
المدي في رّده دليل القول بعدم اشتراط البقاء الذي ل يلتزم الراد فيه مذهبنا ،والصح جريان
الخلف ،وقد بينت ما في كلم المدي في الحاشية ،وعلى اشتراط ما ذكر بل وعلى عدمه أيضا.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)فاسم الفاعل( من جملة المشتق )حقيقة في حال التلبس( بالمعنى أو جزئه الخير مطلقا) .ل( حال
)النطق( بالمشتق أيضا فقط خلفا للقرافي حيث قال بالثاني ،وبنى عليه سؤاله في آيات }الزانية
والزاني فاجلدوا{ }والسارق والسارقة فاقطعوا{ }فاقتلوا المشركين{ ونحوها أنها إنما تتناول من
اتصف بالمعنى بعد نزولها الذي هو حال النطق مجازا ،والصل عدم المجاز قال :والجماع على
تناولها له حقيقة ،وأجاب بأن المسألة محلها في المشتق المحكوم به نحو :زيد ضارب ،فإن كان
محكوما عليه كما في هذه اليات فحقيقة مطلقا .وقال السبكي وتبعه ابنه في دفع السؤال :إن المعن ّ
ي
بالحال حال التلبس بالمعنى ،وإن تأخر عن النطق بالمشتق ل حال النطق به الذي هو حال التلبس
بالمعنى أيضا فقط .أي فالجماع إنما هو في التناول لمن ذكره حال التلبس ل حال النطق ،فاسم
ل ومجاز ل حقيقة في من هو متصف بالمعنى حين قيامه به حاضرا عند النطق أو مستقب ً الفاعل مث ً
في من سيتصف به ،وكذا فيمن اتصف به فيما مضى على الصحيح) .ول إشعار للمشتق
ل السود جسم بخصوصية الذات( :التي دل هو عليها من كونها جسما أو غيره ،لن قولك مث ً
صحيح ولو أشعر السود فيه بالجسمية لكان قولك الجسم ذو السواد جسم وهو غير صحيح لعدم
إفادته.
)مسألة :الصح أن( اللفظ )المرادف( لخر )واقع( في الكلم جوازا مطلقا كليث وأسد ،وقيل :ل.
وما يظن مرادفا كالنسان والبشر فمباين بالصفة الول باعتبار النسيان وأنه يأنس ،والثاني باعتبار
أنه بادي البشرة أي ظاهر الجلد ،وقيل ل في السماء الشرعية لنه ثبت على خلف الصل للحاجة
إليه في نحو :النظم والسجع ،وذلك منتف في كلم الشارع) .و( الصح )أن الحد والمحدود(:
كالحيوان الناطق والنسان )ونحو حسن بسن( أي السم وتابعه كعطشان نطشان) ،ليسا منه( أي من
ل فهما
ل والمحدود يدل عليها إجما ً
المرادف أما الول فلن الحد يدل على أجزاء الماهية تفصي ً
متغايران ،ولن الترادف من عوارض المفردات ،وقيل منه بقطع النظر عن الجمال والتفصيل،
وأما الثاني فلن التابع ل يفيد المعنى بدون متبوعه وقيل منه وقائله يمنع ذلك) .والتابع( على الول
ل من المرادفين( ولو من لغتين
)يفيد التقوية( للمتبوع وإل لم يكن لذكره فائدة )و( الصح )أن ك ً
)يقع( جوازا )مكان الخر( في الكلم مطلقا ،إذ ل مانع من ذلك ،وقيل :ل ،إذ لو أتي بكلمة فارسية
مكان كلمة عربية في كلم لم يستقم لغة الكلم ،لن ضم لغة إلى أخرى كضم مهمل ومستعمل ،وإذا
عقل ذلك في لغتين عقل مثله في لغة ،وقيل :ل إن كانا من لغتين لما مّر ،وعلى الصح إنما امتنع
ذلك فيما تعبد بلفظه كتكبيرة الحرام عندنا للقادر عليها العارض شرعي ،والبحث إنما هو لغوي
فل حاجة إلى التقييد بذلك وإن قيد به الصل.
ل )واقع( في الكلم )جوازا( :كالقراء للطهر والحيض )مسألة :الصح أن المشترك( بين معنيين مث ً
ن مشتركا فهو إما وعسعس لقبل وأدبر والباء للتبعيض والستعانة وغيرهما .وقيل :ل ،وما يظ ّ
حقيقة أو مجاز أو متواطىء كالعين حقيقة في الباصرة مجاز في غيرها كالذهب لصفائه ،وكالقرء
موضوع للقدر المشترك بين الطهر والحيض ،وهو المع من قرأت الماء في الحوض أي :جمعته
فيه ،والدم يجتمع في زمن الطهر في الجسد وفي زمن الحيض في الرحم ،وقيل :ل في القرآن
والحديث لنه ولو وقع فيهما لوقع إما مبينا فيطول بل فائدة أو غير مبين فل يفيد ،والقرآن والحديث
ينزهان عن ذلك .وأجيب :باختيار الثاني ويفيد إرادة أحد معنييه الذي سيبين وإن لم يبين حمل على
معنييه كما سيأتي .وقيل :يجب وقوعه لن المعاني أكثر من اللفاظ الدالة عليها .وأجيب :بمنع ذلك
ل لفظ يدل عليه ،وقيل :هو ممتنع لخلله بفهم المراد إذ ما من مشترك إل ولكل من معنييه مث ً
المقصود من الوضع .وأجيب :بأنه يفهم بالقرينة ،والمقصود من الوضع الفهم التفصيلي أو
الجمالي المبين بالقرينة .فإن انتفت حمل على المعنيين ،وقيل :ممتنع من النقيضين فقط إذ لو وضع
لهما لفظ لم يفد سماعه غير التردد بينهما وهو حاصل في العقل .وأجيب :بأنه قد يعقل عنهما
فيستحضرهما بسماعه ثم يبحث عن المراد منهما.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ل )معا( بأن يراد به من متكلم )و( الصح )أنه( أي المشترك) .يصح لغة إطلقه على معنييه( مث ً
ل .وقرأت هند وتريد طهرت واحد في وقت واحد كقولك :عندي عين وتريد الباصرة والجارية مث ً
وحاضت) .مجازا( :لنه لم يوضع لهما معا بل لكل منهما منفردا بأن تعدد الواضع أو وضع الواحد
نسيانا للّول .وعن الشافعي :أنه حقيقة نظرا لوضعه لكل منهما وأنه ظاهر فيهما عند التجرد عن
القرائن ،وعن القاضي أبي بكر الباقلني أنه حقيقة ،وأنه مجمل لكن يحمل عليهما احتياطا .وقيل:
ل ل لغة ،وقيل :يصح ذلك في النفي نحو :ل عين عندي ،ويراد به يصح أن يراد به المعنيان عق ً
ل دون الثبات نحو :عندي عين لن زيادة النفي على الثبات معهودة ،ورّد بأن الباصرة والذهب مث ً
النفي ل يرفع إل ما يقتضيه الثبات والخلف فيما إذا أمكن الجمع بينهما ،فإن امتنع كما في
استعمال صيغة أفعل في طلب الفعل والتهديد عليه على القول التي إنها مشتركة بينهما فل يصح
قطعا) .و( الصح )أن جمعه باعتبارهما( :أي معنييه بناء على جواز جمعه ،وهو ما رجحه ابن
ل باصرتين وجارية أو باصرة وجارية وذهبا) .مبني عليه( :أي مالك كقولك :عندي عيون وتريد مث ً
على ما ذكر من صحة إطلق اللفظ المشترك المفرد عليهما معا كما أن المنع مبني على المنع،
وقيل ل يبنى عليه فقط بل يأتي على القول بالمنع أيضا ،لن الجمع في قّوة تكرير المفردات
بالعطف) .و( الصح )أن ذلك( :أي ما ذكر من صحة إطلق اللفظ على معنييه معا مجاز إلى
آخره) .آت في الحقيقة والمجاز( :كما في قولك :رأيت السد وتريد الحيوان المفترس والرجل
الشجاع ،فيكون مجازا .وقيل :حقيقة ومجازا .ومنع القاضي ذلك على ما نقله عنه الصل لما فيه
من الجمع بين متنافيين حيث أريد باللفظ الموضوع له أو ل وغيره معا .وأجيب بمنع التنافي) .و(
آت )في المجازين( كقولك :وال ل أشتري وتريد السوم والشراء بالتوكيل فيه ،وقيل ل يأتي فيهما
لما مّر ،وإذا علم صحة
ل لصيغة افعل
إطلق اللفظ على حقيقته ومجازه) .فنحو :افعلوا الخير يعم الواجب والمندوب( حم ً
ل للواجب والمندوب،
على الحقيقة والمجاز من الوجوب والندب بقرينة كون متعلقهما كالخير شام ً
وقيل :يختص بالواجب بناء على أنه ل يراد المجاز مع الحقيقة .وقيل :هو للقدر المشترك بين
الواجب والمندوب أي :مطلوب الفعل بناء على القول التي أن الصيغة حقيقة في القدر المشترك
بين الوجوب والندب أي :طلب الفعل وإطلق الحقيقة والمجاز على المعنى كما هنا مجازي من
إطلق اسم الدال على المدلول.
)الحقيقة لفظ مستعمل( خرج اللفظ المهمل وما وضع ولم يستعمل) .فيما وضع له( خرج الغلط
كقولك خذ هذا القوس مشيرا إلى حمار) .أو ل( خرج المجاز) .وهي لغوية( :بأن وضعها أهل اللغة
بتوقيف أو اصطلح كالسد للحيوان المفترس )وعرفية( :بأن وضعها أهل العرف العام كالدابة
ب على الرض أو الخاص كالفاعل للسم المعروف لذات الحوافر كالحمار ،وهي لغة لكل ما يد ّ
عند النحاة) .ووقعتا( :أي اللغوية والعرفية خلفا لقوم في العامة) .وشرعية( بأن وضعها الشارع
كالصلة للعبادة المخصوصة فالشرعي ما لم يستفد وضعه إل من الشرع) .والمختار وقوع الفرعية
منها( :أي من الشرعية كالصلة) .ل الدينية( :أي المتعلقة بأصول الدين فإنها في الشرع مستعملة
في معناها اللغوي كاليمان فإنه كذلك ،ومعناه اللغوي تصديق القلب ،وإن اعتبر الشارع في
العتداد به التلفظ بالشهادتين من القادر كما سيأتي .ونفي قوم إمكان الشرعية بناء على أن بين اللفظ
ل مستعمل في والمعنى مناسبة مانعة من نقله إلى غيره ،وقوم وقوعها محتجين بأن لفظ الصلة مث ً
الشرع في معناه اللغوي أي :الدعاء بخير ،لكن اعتبر الشارع في العتداد به أمورا كالركوع
وغيره ،وقال قوم :وقعت مطلقا ،وقوم وقعت إل اليمان فإنه في الشرع مستعمل في معناه اللغوي
كما مر) .والمجاز( في الفراد وهو المراد عند الطلق )لفظ مستعمل( فيما وضع له لغة أو عرفا
أو شرعا )بوضع( :خرج المهمل وما لم يستعمل والغلط) .ثان( خرج الحقيقة )لعلقة( بفتح العين
وكسرها أي :علقة بين ما وضع له أولً وما وضع له ثانيا بحيث ينتقل إليه الذهن بواسطتها خرج
العلم المنقول كالفضل ،وفي تقييد الوضع دون الستعمال بالثاني إشارة إلى وجوب تقدم الوضع
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
دون الستعمال وهو ما ذكرته مع زيادة بقولي) :فيجب سبق الوضع( للمعنى الول) .جزما ل(
سبق )الستعمال( فيه فل يجب في تحقيق المجاز) .في الصح( .إذ ل مانع من أن يتجوز في اللفظ
قبل استعماله فيما وضع له
ل .فل يستلزم المجاز للحقيقة كعكسه ،وقيل يجب سبق الستعمال في ذلك ،وإل لعري الوضع أو ً
الول عن الفائدة .وأجيب :بحصولها باستعماله فيما وضع له ثانيا ،وصحح الصل من عندياته أنه
ل يجب ذلك إل في مصدر المجاز بمعنى أنه ل يتحقق في المشتق مجاز إل إذا سبق استعمال
مصدره حقيقة ،وإن لم يستعمل المشتق حقيقة كالرحمن لم يستعمل إل في ال تعالى ،وفي صحة ما
صححه وقفة بينتها في الحاشية.
)وهو( أي المجاز )واقع( في الكلم مطلقا )في الصح( ونفى قوم وقوعه مطلقا قالوا :وما يظ ّ
ن
مجازا نحو :رأيت أسدا يرمى فحقيقة ،ونفي قوم وقوعه في الكتاب والسنة قالوا :لنه بحسب
الظاهر كذب نحو قولك في البليد هذا حمار ،وكلم ال ورسوله منزه عن الكذب .وأجيب :بأنه ل
كذب مع اعتبار العلقة وهي في ذلك المشابهة في الصفة الظاهرة أي عدم الفهم) .و( إنما )يعدل
إليه( عن الحقيقة التي هي الصل )لثقل الحقيقة( على اللسان كالخنفقيق للداهية يعدل عنه إلى
ل) .أو بشاعتها( :كالخرأة بكسر الخاء يعدل عنها إلى الغائط وحقيقته المكان المطمئن )أو الموت مث ً
جهلها( :للمتكلم أو المخاطب دون المجاز) .أو بلغته( نحو زيد أسد فإنه أبلغ من شجاع) .أو
شهرته( دون الحقيقة) .أو غير ذلك( كإخفاء المراد عن غير المتخاطبين الجاهل بالمجاز دون
الحقيقة وكإقامة وزن وقافية وسجع به دون الحقيقة) .والصح أنه( أي المجاز )ليس غالبا على
ل :رأيت زيدا والمرئي بعضه، الحقيقة( في اللغات ،وقيل غالب عليها في كل لغة لنك تقول مث ً
وهذا ل يدل على المدعي كما بينته في الحاشية) .ول( أي وأنه ليس )معتمدا( عليه )حيث تستحيل(
الحقيقة بل ل بد من قرينة تدل له وخالف أبو حينفة حيث قال فيمن قال لعبده الذي ل يولد مثله
لمثله :هذا ابني أنه يعتق عليه وإن لم ينو العتق اللزم للبنّوة صونا للكلم عن اللغاء .قلنا :ل
ضرورة إلى تصحيحه بذلك ،وفارق هذا ما مر من أن الحقيقة إذا جهلت يعدل إلى المجاز بأن ذاك
في الستعمال ،وهذا في الحمل ،وبأن ذلك بالنظر لتعدد اللفظ واتحاد المعنى ،وهذا بالعكس أما إذا
كان مثله يولد لمثله فيعتق عليه اتفاقا إن لم يكن معروف النسب من غيره ،وإل فكذلك على الصح
مؤاخذة له باللزم وإن لم يثبت اللزوم) .وهو( أي المجاز )والنقل( :المعلوم من ذكر كل من الحقيقة
الشرعية العرفية) .خلف الصل( :الراجح فإذا احتمل لفظ معناه الحقيقي والمجازي أو المنقول
عنه،
وإليه فالصل حمله على الحقيقي لعدم الحاجة فيه إلى قرينة أو على المنقول عنه استصحابا
للموضوع له أّول مثالهما :رأيت أسدا وصليت أي حيوانا مفترسا ودعوت بخير أي سلمة منه،
ويحتمل الرجل الشجاع والصلة الشرعية) .و( المجاز والنقل )أولى من الشتراك( :فإذا احتمل لفظ
ل فحمله على المجاز أو
هو حقيقة في معنى أن يكون في آخر حقيقة ومجازا أو حقيقة ومنقو ً
المنقول أولى من حمله على الحقيقة المؤدي إلى الشتراك ،لن المجاز أغلب من المشترك
والمنقول ل يمتنع العمل به لفراد مدلوله قبل النقل وبعده ،بخلف المشترك ل يعمل به إل بقرينة
ل إل إذا قيل بحمله عليهما ،فالول كالنكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء،
تعين أحد معنييه مث ً
وقيل العكس ،وقيل مشترك بينهما فهو حقيقة في أحدهما محتمل للحقيقة والمجاز في الخر ،والثاني
كالزكاة حقيقة في النماء أي الزيادة محتمل فيما يخرج من المال للحقيقة والنقل) .والتخصيص أولى
ل فحمله على منهما( أي من المجاز والنقل ،فإذا احتمل الكلم تخصيصا ومجازا أو تخصيصا ونق ً
التخصيص أولى ،أما الول فلتعين الباقي من العام بعد التخصيص بخلف المجاز قد ل يتعين بأن
يتعدد ول قرينة تعين ،وأما الثاني فلسلمة التخصيص من نسخ المعنى الول بخلف النقل ،فالول
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
كقوله تعالى} :ول تأكلوا مما لم يذكر اسم ال عليه{ فقال الحنفي :أي مما لم يتلفظ بالبسملة عند
ذبحه وخص منه ناسيها فتحل ذبيحته وقال غيره :أي مما لم يذبح تعبيرا عن الذبح بما يقارنه غالبا
من التسمية ،فل تحل ذبيحة المتعمد لتركها على الول دون الثاني ،وفي الية تأويل آخر ذكرته في
الحاشية ،والثاني كقوله تعالى} :وأحل ال البيع{ فقيل هو المبادلة مطلقا وخص منه الفاسد ،وقيل
نقل شرعا إلى المستجمع لشروط الصحة ،وهما قولن للشافعي ،فما شك في استجماعه لها يحل
ويصح على الول ،لن الصل عدم فساده دون الثاني ،لن الصل عدم استجماعه لها.
)
والصح أن الضمار أولى من النقل( :لسلمته من نسخ المعنى الول ،وقيل عكسه لعدم احتياج
النقل إلى قرينة كقوله تعالى} :وحرم الربا{ فقال الحنفي :أخذه وهو الزيادة في بيع درهم بدرهمين
ل ،فإذا أسقطت صح البيع وارتفع الثم ،وقال غيره نقل الربا شرعا إلى العقد فهو فاسد ،وإن مث ً
أسقطت الزيادة في ذلك والثم فيه باق ،وترجيح هذا عندنا ل للنقل بل لمرجح خاص هو تنظير
الربا بالبيع في قوله تعالى حكاية عن الكفار} :إنما البيع مثل الربا{ فإنه ظاهر في العقد كما
أوضحته في الحاشية ،وما ذكرته من الخلف هو ما في الصل مع أنه لم يصرح فيه ول فيما يأتي
أثره بترجيح ،لكن قال الزركشي والعراقي :المعروف تقديم الضمار) .و( الصح )أن المجاز
مساٍو للضمار( وقيل أولى منه لكثرته ،وقيل عكسه لن قرينة الضمار متصلة كقوله لعبده الذي
يولد مثله لمثله أو المشهور النسب من غيره :هذا ابني أي عتيق تعبيرا عن اللزم بالملزوم فيعتق،
أو مثل ابني في الشفقة عليه فل يعتق ،وتقّدم ترجيح الول وترجيحه ل للمجاز بل لمر آخر هنا
وهو تشّوف الشارع إلى العتق على أن المختار في الروضة أنه ل بد في العتق من نية ويؤخذ مما
مّر من أن التخصيص أولى من المجاز الولى من الشتراك ،والمساوي للضمار الولى من النقل
أن التخصيص أولى من الشتراك والضمار ،وأن الضمار أولى من الشتراك ،وأن المجاز أولى
من النقل ،والكل صحيح ،ووجه الخير سلمة المجاز من نسخ المعنى الول بخلف النقل ،وقد
ن ،وقد أوضحت تقدم بهذه الربعة العشرة التي ذكروها في تعارض ما يخل بالفهم أي اليقين ل الظ ّ
ذلك مع زيادة في الحاشية.
)ويكون( المجاز من حيث العلقة )بشكل( :كالفرس لصورته المنقوشة )وصفة ظاهرة( :كالسد
للرجل الشجاع دون البخر لظهور الشجاعة دون البخر للسد المفترس) .واعتبار ما يكون( في
المستقبل )قطعا( نحو }إنك ميت وإنهم ميتون{ )أو ظنا( :كالخمر للعصير بخلف ما يكون احتما ً
ل
مرجوحا أو مساويا كالحّر للعبد ل يجوز أما باعتبار ما كان كالعبد لمن عتق فتقدم في الشتقاق.
)ومضادة( :كالمفازة للبّرية المهلكة )ومجاورة( .كالراوية لظرف الماء المعروف تسمية له باسم ما
يحمله من جمل أو نحوه) .وزيادة( قالوا نحو} :ليس كمثله شيء{ فالكاف زائدة ،وإل فهي بمعنى
مثل فيكون له تعالى مثل وهو محال ،والقصد بهذا الكلم نفيه ،والتحقيق أنها ليست زائدة كما بينته
في الحاشية) .ونقص( نحو} :واسأل القرية{ أي أهلها فقد تجّوز أي توسع بزيادة كلمة أو نقصها
وإن لم يصدق على ذلك حد المجاز السابق ،وقيل يصدق عليه حيث استعمل مثل المثل في المثل،
والقرية في أهلها ،وقيد المطرزي كون كل من الزيادة والنقص مجازا بما إذا تغير به حكم وإل فل
يكون مجازا ،فلو قلت :زيد منطلق وعمرو لم يكن حذف الخبر مجازا لن حكم الباقي لم يتغير،
ل من الزيادة والنقص مجازا تجّوز لنه ليس مجازا بل علقة له) .وسبب لمسبب( وفي تسميته ك ً
نحو للمير يد أي قدرة فهي بمعنى أثرها مسببة عن اليد لحصولها بها) .وكل لبعض( :نحو:
}يجعلون أصابعهم في آذانهم{ أي أناملهم) .ومتعلق( بكسر اللم )لمتعلق( :بفتحها نحو :هذا خلق ال
أي مخلوقه ،وهذه تسمى علقة التعلق) .والعكوس( :للثلثة الخيرة أي مسبب لسببه كالموت
للمرض الشديد ،لنه سبب له عادة وبعض لكل نحو فلن ملك ألف رأس غنم ،ومتعلق بفتح اللم
لمتعلق بكسرها نحو} :أيكم المفتون{ أي :الفتنة) .وما بالفعل على ما بالقّوة( :كالمسكر للخمر في
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ن وما زيد على هذه العلقات كإطلق اللزم على الملزوم ،وعكسه يرجع إليها كأن يرادالد ّ
ل كما قال
بالمجاورة مث ً
التفتازاني ما يعم كون أحدهما في الخر بالجزئية أو الحلول ،وكونهما في محل ،أو متلزمين في
الوجود أو العقل أو الخيال وغير ذلك.
)والصح أنه( أي المجاز أي مطلقه ل المعرف بما مر قد) .يكون في السناد( :ويسمى مجازا في
التركيب ومجازا عقليا ومجازا حكميا ومجازا في الثبات وإسنادا مجازيا ،سواء أكان الطرفان
حقيقتين أم ل .وذلك بأن يسند الشيء لغير من هو له لملبسة بينهم كقوله تعالى} :وإذا تليت عليهم
أياته زادتهم أيمانا{ أسندت الزيادة وهي فعل ال تعالى إلى اليات لكون اليات المتلوة سببا لها
عادة ،وقيل :ل يكون المجاز في السناد بل المجاز فيما يذكر منه إما في المسند أو في المسند إليه،
فمعنى زادتهم على الول ازدادوا بها ،وعلى الثاني زادهم ال إطلقا لليات عليه تعالى لسناد فعله
إليها) .و( الصح أنه قد يكون في )المشتق( نحو} :ونادى أصحاب الجنة{ أي ينادي }واتبعوا ما
تتلوا الشياطين{ أي تلته ،وقيل ل يكون فيه إل بالتبع للمصدر أصله فإن كان حقيقة فل مجاز فيه.
قلنا الحصرممنوع )و( الصح أنه أعني المجاز في الفراد قد يكون في) :الحرف( بالذات نحو فهل
ترى لهم من باقية أي ما ترى وبالتبع لمتعلقه ،ول يكون إل في الستعارة نحو} :فالتقطه آل
فرعون{ الية شبه فيها ترتب العداوة والحزن على اللتقاط بترتب علته الغائية عليه وهي المحبة
والتبني ،ثم استعمل في المشبه اللم الموضوعة للدللة على ترتب العلة الغائية التي هي المشبه به
فجرت الستعارة أصالة في العلة ،وعلى هذا القول البيانيون ،وقيل ل يكون فيه إل بالتبع في
التركيب ل في الفراد ،وعليه المام الرازي ،وقيل ل يكون فيه ل بالذات ول بالتبع لنه ل يفيد إل
بضمه إلى غيره ،فإن ضم إلى ما ينبغي ضمه إليه فهو حقيقة أو إلى ما ل ينبغي ضمه إليه فمجاز
مركب .قلنا :ل نسلم الشق الثاني بل الضم فيه قرينة مجاز الفراد كقوله
تعالى} :ولصلبنكم في جذوع النخل{ أي عليها) .ل( في )العلم( أي ل يكون المجاز فيه على
ل لغير مناسبة كفضل فواضح أو ل أي :لم يسبق له وضع كسعاد أو منقو ً الصح لنه إن كان مرتج ً
لمناسبة كمن سمى ابنه بمبارك لما ظنه فيه من البركة فلصحة الطلق عند زوالها ،ولن العلم
وضع للفرق بين الذوات فلو تجّوز فيه بطل هذا الغرض ،وقيل يكون فيه إن لمح فيه الصفة
كالحارث ،إذ ل يراد منه الصفة ،وقد كان قبل العلمية موضوعا لها وهذا خلف في التسمية
وعدمها أولى ،لن وضع العلم شخصي ووضع المجاز نوعي ،ولن العلم عند الكثر ل حقيقة ول
مجاز ،وفيه كلم ذكرته في الحاشية أوائل مباحث الحقيقة والمجاز.
)و( الصح )أنه يشترط سمع في نوعه( أي المجاز فل يتجوز في نوع منه كالسبب للمسبب إل إذا
ل ،وقيل ل يشترط ذلك بل يكتفي بالعلقة التي نظروا إليها فيكفي سمع من العرب صورة منه مث ً
ل ،وخرج بنوعه شخصه فل يشترط السماع فيه السماع في نوع لصحة التجويز في عكسه مث ً
إجماعا بأن ل يستعمل إل في الصور التي استعملته العرب فيها) .ويعرف( المجاز أي معناه أو
لفظه ) .بتبادر غيره( منه إلى الفهم )لول القرينة( :بخلف الحقيقة فإنها تعرف بالتبادر بل قرينة.
)وصحة النفي( للمعنى الحقيقي في الواقع كما في قولك للبليد :هذا حمار فإنه يصح نفي الحمار
عنه) .وعدم لزوم الطراد( :فيما يدل عليه بأن ل يطرد كما في} :واسأل القرية{ أي أهلها ول يقال:
واسأل البساط أي أهله أو يطرد ل لزوما كما في :السد للرجل الشجاع فيصح في جميع جزئياته
من غير لزوم لجواز أن يعبر في بعضها بالحقيقة بخلف المعنى الحقيقي ،فيلزم المراد ما يدل عليه
من الحقيقة في جميع جزئياته لنتفاء التعبير الحقيقي بغيرها) .وجمعه( أي جمع اللفظ الدال عليه
)على خلف( صيغة )جمع الحقيقة( :كالمر بمعنى الفعل مجازا يجمع على أمور بخلفه بمعنى
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
القول حقيقة ،فيجمع على أوامر ،كذا في الصل وغيره ،وفيه اعتراض بينته في الحاشية) .والتزام
تقييده( :أي اللفظ الدال عليه كجناح الذل أي :لين الجانب ونار الحرب أي :شّدتها بخلف المشترك
من الحقيقة ،فإنه يقيد من غير التزام كالعين الجارية ،وظاهر ذلك أن إطلق الجناح على لين
الجانب ،والنار على الشدة مجاز إفراد ،وأن الضافة فيهما قرينة له ،وأن التزامها علمة تميزه عن
الحقيقة ،والظاهر أنه استعارة تخييلية كأظفار المنية كما بينته في الحاشية) .وتوقفه( في إطلق
اللفظ عليه )على المسمى الخر( الحقيقي ،ويسمى هذا بالمشاكلة وهي التعبير عن الشيء بلفظ غيره
لوقوعه في صحبته تحقيقا نحو }ومكروا ومكر ال{ أي جازاهم على مكرهم حيث تواطئوا على قتل
عيسى
عليه الصلة والسلم أو تقديرا نحو} :أفأمنوا مكر ال{ فإطلق المكر على المجازاة على مكرهم
متوقف على وجوده تحقيقا أو تقديرا) .والطلق( للفظ )على المستحيل( نحو }واسأل القرية{
فإطلق المسؤول عليها مستحيل ،لنها البنية المجتمعة ،وإنما المسؤول أهلها.
)مسألة :المعّرب( بتشديد الراء )لفظ غير علم استعملته العرب فيما( :أي في معنى )وضع له في
ل منهما استعملته العرب فيما وضع له في غير لغتهم( خرج به الحقيقة والمجاز العربيان ،فإن ك ً
لغتهم )والصح أنه( أي المعرب )ليس في القرآن( :وإل لشتمل على غير عربي ،فل يكون كله
عربيا ،وقد قال تعالى} :إنا أنزلناه قرآنا عربيا{ وقيل :إنه فيه كاستبرق فارسية للديباج الغليظ
وقسطاس رومية للميزان ومشكاة هندية أو حبشية للكّوة التي ل تنفذ .قلنا :هذه اللفاظ ونحوها اتفق
فيها لغة العرب ولغة غيرهم كالصابون والتنور ،وأما العلم العجمي الذي استعملته العرب
كابراهيم واسماعيل وعزرائيل فل يسمى معّربا ،بل هو من توافق اللغتين مطلقا أو أعجمي محض
إن وقع في غير القرآن فقط ،وإنما منع من الصرف على الّول لصالة وضعه في العجمة ،وهذا ما
مشى عليه الصل هنا ،وكلمه في شرح المختصر يقتضي أنه يسمى معّربا ،وبما قررته علم أن
المعرب أعجمي الصل ،وقيل :إن المعرب واسطة بين العجمي والعربي ،ويشبه أن ل خلف بأن
يقال الّول نظر إلى أصله .والثاني إلى حالته الراهنة.
)مسألة :اللفظ( المستعمل في معنى إما )حقيقة( فقط كالسد للحيوان المفترس) .أو مجاز( فقط
كالسد للرجل الشجاع )أو هما( أي حقيقة ومجاز )باعتبارين( كأن وضع لغة لمعنى عام ،ثم خصه
الشرع أو العرف العام أو الخاص بنوع منه كالصوم في اللغة للمساك خصه الشرع بالمساك
المعروف ،والدابة في اللغة لكل ما يدب على الرض خصها العرف العام بذات الحوافر والخاص
كأهل العراق بالفرس ،فاستعماله بالعام حقيقة لغوية مجاز شرعي أو عرفي ،وفي الخاص بالعكس،
ويمتنع كونه حقيقة ومجازا باعتبار واحد للتنافي بين الوضع أّول وثانيا )وهما( أي الحقيقة والمجاز
)منتفيان( عن اللفظ )قبل الستعمال( ،لنه مأخوذ في أحدهما فإذا انتفى انتفيا )ثم هو( أي اللفظ
)محمول على عرف المخاطب( بكسر الطاء الشارع أو أهل العرف أو اللغة) .ففي( خطاب
)الشرع( المحمول عليه المعنى )الشرعي( لنه عرف الشرع ،لن النبي صلى ال عليه وسّلم بعث
لبيان الشرعيات ،وإذا لم يكن معنى شرعي ،أو كان وصرف عنه صارف )فـ(ـالمحمول عليه
المعنى )العرفي( العام أي الذي يتعارفه جميع الناس أو الخاص بقوم لن الظاهر إرادته لتبادره إلى
الذهان) .فـ(ـإذا لم يكن معنى عرفي أو كان وصرف عنه صارف فالمحمول عليه المعنى )اللغوي
في الصح( :لتعينه حينئذ ،فعلم أن ماله مع المعنى الشرعي معنى عرفي أو معنى لغوي أو هما
ل على العرفي ،وقيل فيما يحمل أّول على الشرعي ،وأن ماله معنى عرفي ومعنى لغوي يحمل أو ً
له معنى شرعي ومعنى لغوي محمله في الثبات الشرعي وفق ما مر ،وفي النهي قيل اللفظ مجمل،
إذ ل يمكن حمله على الشرعي لوجود النهي ول على اللغوي ،لن النبي بعث لبيان الشرعيات،
وقيل محمله اللغوي لتعذر الشرعي بالنهي .قلنا :المراد بالشرعي ما يسمى شرعا بذلك السم
صحيحا كان أو فاسدا .يقال :صوم صحيح وصوم فاسد) .والصح أنه إذا تعارض( في عرف
)مجاز راجح وحقيقة مرجوحة( بأن غلب استعماله عليها )تساويا( لرجحان
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
كل منهما من وجه ،وقيل الحقيقة أولى بالحمل لصالتها ،وقيل المجاز أولى لغلبته فلو حلف ل
يشرب من هذا النهر ولم ينو شيئا ،فالحقيقة المتعاهدة الكرع منه بفيه ،والمجاز الغالب الشرب مما
ل للفظ في
يغرف به منه كإناء حنث بكل منهما على الول ،كما جزم به في الروضة كأصلها إعما ً
حقيقته ومجازه ،وبالكرع دون الشرب مما يغترف به على الثاني ،وبالعكس على الثالث فتعبيري
بالتساوي أولى من تعبيره بالمجمل المقتضي أنه ل يحنث بواحد منهما على الول ،فإن هجرت
الحقيقة قدم المجاز اتفاقا كمن حلف ل يأكل من هذه النخلة فيحنث بثمرها دون خشبها حيث ل نية،
وإن تساويا قدمت الحقيقة اتفاقا كما لو كانت غالبا.
)و( الصح )أن ثبوت حكم( بدليل كالجماع )يمكن كونه( :أي الحكم )مرادا من خطاب( له حقيقة
ومجاز) .لكن( الخطاب في ذلك المراد يكون )مجازا ل يدل( ذلك الثبوت )على أنه( :أي الحكم هو
)المراد منه( أي من الخطاب )فيبقى الخطاب على حقيقته( لعدم الصارف عنها .وقال جماعة :إنه
يدل عليه فل يبقى الخطاب على حقيقته إذ لم يظهر مستند للحكم الثابت غيره مثاله وجوب التيمم
على المجامع الفاقد للماء إجماعا يمكن كونه مرادا من آية }أو لمستم النساء{ على وجه المجاز في
الملمسة لنها حقيقة في الجس باليد مجاز في الجماع ،فقالوا :المراد الجماع فتكون الية مستند
الجماع ،إذ ل مستند غيرها ،وإل لذكر فل تدل على أن اللمس ينقض الوضوء .قلنا :يجوز أن
يكون المستند غيرها ،واستغنى عن ذكره بذكر الجماع ،فاللمس فيها على حقيقته فتدل على نقضه
الوضوء ،وإن قامت قرينة في الية على إرادة الجماع أيضا فتدل على مسألة الجماع أيضا ،كما
قال به الشافعي فيها بناء على الصح أنه يصح أن يراد باللفظ حقيقته ومجازه معا.
)مسألة :اللفظ إن استعمل في معناه الحقيقي( ل لذاته بل )للنتقال( منه )إلى لزمه فـ(ـهو )كناية(
نحو :زيد طويل النجاد مرادا به طويل القامة ،إذ طولها لزم لطول النجاد أي حمائل السيف ،قال
في التلويح :فيصح الكلم وإن لم يكن له نجاد ،بل وإن استحال المعنى الحقيقي كما في قوله تعالى:
}والسموات مطويات بيمينه{ وقوله} :الرحمن على العرش استوى{ وخرج باستعماله في معناه
الحقيقي المجاز وبما بعده الحقيقة الصريحة والتعريض) .فهي( أي الكناية )حقيقة( غير صريحة
كما أشعر به كلم صاحب التلخيص ،وصرح به السكاكي وغيره ،ومنهم السعد التفتازاني ،والفرق
بينها وبين الجمع بين الحقيقة والمجاز أن المعنى الحقيقي فيها لم يرد لذاته كما مر ،وفي الجمع
المذكور أريد لذاته ،نعم قد يراد المعنى الحقيقي لذاته فيها عند السكاكي كقولك :آذيتني فستعرف
وأنت تريد المخاطب وغيره من المؤذين ،لن ذلك كلم دال على معنى يقصد به تهديد المخاطب
بسبب اليذاء ،ويلزم منه تهديد كل مؤذ ،وقد أراد به تهديدهما ،ففيه أراد المعنى الحقيقي لذاته فيها،
فالفرق بينها وبين الجمع بين الحقيقة ،والمجاز أن المعنى الحقيقي فيها أريد لذاته وللنتقال في
الجمع المذكور لم يرد للنتقال ول حاجة لقول الصل ،فإن لم يرد المعنى الخ للعلم به من تعريف
المجاز فيما مر) .أو( استعمل في معناه )مطلقا( أي الحقيقي والمجازي والكنائي) .للتلويح بغير
معناه فـ(ـهو )تعريض( كما في قوله تعالى حكاية عن الخليل عليه الصلة والسلم} :بل فعله
كبيرهم{ هذا نسب الفعل إلى كبير الصنام المتخذة آلهة كأنه غضب أن تعبد الصغار معه والقصد
بذلك التلويح لقومه العابدين لها بأنها ل تصلح أن تكون آلهة لنهم إذا نظروا بعقولهم علموا عجز
ل عن غيره والله ل يكون عاجزا وسمي ذلك كبيرها عن ذلك الفعل أي :كسر صغارها فض ً
تعريضا لفهم المعنى من عرض اللفظ أي جانبه) .فهو( أي التعريض ثلثة أقسام )حقيقة ومجاز
وكناية(:
كما صرح بها السكاكي ،والصل جرى على أنه حقيقة أبدا ،وما ذكر من أنه حقيقة ومجاز وكناية
هو بالنسبة للمعنى الحقيقي أو المجازي أو الكنائي أما بالنسبة للمعنى التعريضي فلم يفده اللفظ،
وإنما أفاده سياق الكلم وتعريف الكناية والتعريض بما ذكر مأخوذ من البيانيين ،وهما مقابلن
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
للصريح ،وأما عند الصوليين والفقهاء ،فالكناية ما احتمل المراد وغيره كأنت خلية في الطلق
والتعريض ما ليس صريحا ول كناية كقولهم في باب القذف :يا ابن الحلل .وفائدة تسمية الكناية
حقيقة والتعريض حقيقة ومجازا مع علمهما من تعريفي الحقيقة ،والمجاز دفع توهم أنهما ل يسميان
بذلك مع أن بعضهم خالف في الكناية.
الحروف
أي :هذا مبحث الحروف التي يحتاج الفقيه إلى معرفة معانيها ،وذكر معها أسماء ،ففي التعبير بها
تغليب للكثر على المشهور.
أحدها) :إذن( من نواصب المضارع) .للجواب والجزاء قيل دائما وقيل غالبا( :وقد تتمحض
للجواب ،فإذا قلت :لمن قال أزورك إذن أكرمك فقد أجبته وجعلت إكرامك له جزاء لزيارته أي إن
زرتني أكرمتك ،وإذا قلت لمن قال أحبك إذن أصّدقك فقد أجبته فقط على القول الثاني ،ومدخول
ل للجزاء أيضا إذن فيه مرفوع لنتفاء استقباله المشترط في نصبها ويتكلف الول في جعل هذا مث ً
أي :إن كنت قلت ذلك حقيقة صدقتك ،وسيأتي عدها من مسالك العلة لن الشرط علة للجزاء.
)و( الثاني )إن( بكسر الهمزة وسكون النون )للشرط( وهو تعليق أمر على آخر نحو :إن ينتهوا
يغفر لهم ما قد سلف )وللنفي( نحو إن الكافرون إل في غرور إن أردنا إل الحسنى أي ما.
)وللتوكيد( وهي الزائدة نحو :ما إن زيد قائم ما إن رأيت زيدا.
)و( الثالث )أو( من حروف العطف )للشك( من المتكلم نحو} :قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم{ ونحو
ما أدري أسلم أو وّدع ،وقول الحريري إنها فيه للتقريب ،رّده ابن هشام كما بينته في الحاشية.
ل أو نهارا{ )وللتخيير( بين المتعاطفين سواء امتنع)وللبهام( على السامع نحو }أتاها أمرنا لي ً
الجمع بينهما نحو خذ من مالي درهما أو دينارا أم جاز نحو جالس العلماء أو الزهاد ،وقصر ابن
مالك وغيره التخيير على الول ،وسموا الثاني بالباحة .وقال الزركشي :الظاهرأنهما قسم واحد،
لن حقيقة الباحة التخيير ،وإنما امتنع في خذ درهما أو دينارا للقرينة العرفية ل من مدلول اللفظ،
كما أن الجمع بين العلماء والزهاد وصف كمال ل نقص) .ولمطلق الجمع( كالواو نحو:
وقد زعمت ليلى بأني فاجر
لنفسي تقاها أو عليها فجورها
أي :وعليها) .وللتقسيم( نحو الكلمة اسم أو فعل أو حرف أي :مقسمة إلى الثلثة تقسيم الكلي إلى
ل أو ماء أو عسل تقسيمه إلى الثلثة تقسيم الكل جزئياته فتصدق على كل منها ونحو :السكنجبين خ ّ
إلى أجزائه فل يصدق على كل منها) .وبمعنى إلى( المساوية لل فتنصب المضارع بأن مضمرة
نحو :للزمنك أو تقضيني حقي ،أي إلى أن تقضينيه) .وللضراب( :كبل نحو} :وأرسلناه إلى مائة
ألف أو يزيدون{ أي بل يزيدون أخبر عنهم أولً بأنهم مائة ألف نظرا لغلط الناس ،مع علمه تعالى
بأنهم يزيدون عليها ،ثم أخبر عنهم ثانيا بأنهم يزيدون نظرا للواقع ضاربا عن غلط الناس ،وما ذكر
من أن أو للمذكورات هو مذهب المتأخرين ،وأما مذهب المتقدمين فهي لحد الشيئين أو الشياء
وغيره إنما يفهم بالقرائن .وقال ابن هشام والسعد التفتازاني :إنه التحقيق.
)و( الرابع )أي بالفتح( للهمزة )والتخفيف( للياء )للتفسير( إما بمفرد نحو :عندي عسجد أي ذهب،
وهو بدل أو عطف بيان أو بجملة نحو:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب
وتقلينني لكن إياك ل أقلي
ي نظر مغضب ،ول يكون ذلك إل عن ذنب واسم، فأنت مذنب تفسير لما قبله ،إذ معناه تنظرين إل ّ
لكن ضمير الشأن وخبرها الجملة بعده ،وقدم مفعول أقلي للختصاص أي :ل أتركك بخلف
غيرك) .ولنداء البعيد( حسا أو حكما )في الصح( .فإن نودي بها القريب فمجاز ،وقيل هي لنداء
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
القريب نحو :أي رب وهو قريب قال تعالى} :فإني قريب{ وقيل لنداء المتوسط والترجيح من
زيادتي.
ي{
)و( الخامس :أي بالفتح و)بالتشديد( اسم )للشرط( نحو }أيما الجلين قضيت فل عدوان عل ّ
ن من كل شيعة أيهم أشّد{
)وللستفهام( نحو} :أيكم زادته هذه إيمانا{ وتأتي )موصولة( نحو }لننزع ّ
ل من معرفة نحو :مررت برجل. أي الذي هو أشّد) .ودالة على كمال( :بأن تكون صفة لنكرة أو حا ً
ل في صفات الرجولية. أي رجل أي كامل في صفات الرجولية ،ومررت بزيد أي رجل أي كام ً
)ووصلة لنداء ما فيه أل( نحو) :يا أيها النسان( أما إي بالكسر وسكون الياء فحرف جواب بمعنى
نعم ،ول يجاب بها إل مع القسم نحو} :ويستنبئونك أحق هو قل{ إي وربي وتركت لقلة احتياج
الفقيه إليها.
)و( السادس )إذ( اسم )للماضي ظرفا( :وهو الغالب نحو} :فقد نصره ال إذ أخرجه الذين كفروا{
أي وقت إخراجهم له) .ومفعولً به( :على قول الخفش وغايره إنها تخرج عن الظرفية نحو:
ل منه( أي من المفعول به نحو} :اذكروا ل فكثركم{ أي اذكروا حالتكم هذه) .وبد ً
}اذكروا إذ كنتم قلي ً
نعمة ال عليكم إذ جعل فيكم أنبياء{ الية أي :اذكروا النعمة التي هي الجعل المذكور) .ومضافا
إليها اسم زمان( :نحو} :ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا{ ونحو :يومئذ) .وكذا للمستقبل( ظرفا في
الصح نحو )فسوف يعلمون إذ الغلل في أعناقهم{ وقيل ليست للمستقبل واستعمالها فيه في هذه
الية لتحقق وقوعه كالماضي مثل} :أتى أمر ال{ )وللتعليل حرفا( في الصح كلم التعليل ،وقيل
ظرفا بمعنى وقت ،والتعليل مستفاد من قّوة الكلم نحو :ضربت العبد إذ أساء أي لساءته أو وقت
إسائته ،وظاهر أن الساءة علة للضرب) .وللمفاجأة( :بأن يكون بعد بينا أو بينما) .كذلك( أي حرفا
)في الصح( .وقيل ظرف مكان وقيل ظرف زمان نحو :بينا أو بينما أنا واقف إذ جاء زيد .أي:
فاجأ مجيئه وقوفي أو مكانه أو زمانه ،وقيل ليست للمفاجأة وهي في ذلك ،ونحوه زائدة للغتناء
عنها كما تركها منه كثير من العرب ،فقولي في الصح راجع إلى الثلثة قبله ،وتصحيح الحرفية
في الثانية مع ذكرها في الخيرة بقولي كذلك من زيادتي ،ومعنى المفاجأة كما قال ابن الحاجب:
حضور الشيء معك في وصف من أوصافك الفعلية.
)و( السابع )إذا للمفاجأة( بأن تكون بين الجملتين ثانيتهما اسمية) .حرفا في الصح( لن المفاجأة
معنى من المعاني كالستفهام والنفي ،والصل فيها أن تؤّدي بالحروف ،وقيل ظرف مكان ،وقيل
ظرف زمان نحو :خرجت فإذا زيد واقف أي فاجأ وقوفه خروجي أو مكانه أو زمانه ،وهل الفاء
فيها زائدة لزمة أو عاطفة أو سببية محضة أقوال) .وللمستقبل ظرفا مضمنة معنى الشرط غالبا(:
فيجاب بما يجاب به الشرط نحو} :إذا جاء نصر ال{ الية ،وقد ل تضمن معنى الشرط نحو :آتيك
إذا احمّر البسر أي وقت احمراره) .وللماضي والحال نادرا( نحو }وإذا رأوا تجارة{ الية .فإنها
نزلت بعد الرؤية والنفضاض ونحو} :والليل إذا يغشى{ إذ غشيانه أي طمسه آثار النهار مقارن له.
)و( الثامن )الباء لللصاق( :وهو أصل معانيها )حقيقة( نحو :به داء أي ألصق به) .ومجازا( نحو:
مررت بزيد أي ألصقت مروري بمكان يقرب منه المرور ،إذ المرور لم يلصق بزيد )وللتعدية(:
ل نحو} :ذهب ال بنورهم{ أي أذهبه ،وفرق الزمخشري بينهما بأن كالهمزة في تصيير الفاعل مفعو ً
الول أبلع لنه يفيد أن الفعل أخذ النور وأمسكه ،فلم يبق منه شيء بخلف الثاني).وللسببية( :نحو
ل أخذنا بذنبه{ ومنها الستعانة بأن تدخل الباء على آلة الفعل نحو :كتبت القلم ،فإدراجي لها في
}فك ً
السببية كابن مالك أولى من عدها قسما برأسه كما فعله الصل) .وللمصاحبة( :بأن تكون الباء
بمعنى مع أو تغني عنها وعن مصحوبها الحال ،ولهذا تسمى بالحال نحو} :قد جاءكم الرسول
بالحق{ أي مع الحق أو محقا) .وللظرفية( المكانية أو الزمانية نحو} :ولقد نصركم ال ببدر{
و}نجيناهم بسحر{ )وللبدلية( :بأن يحل محلها لفظ بدل كقول عمر رضي ال عنه :ما يسرني أن لي
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بها الدنيا أي بدلها .قاله حين استأذن النبي صلى ال عليه وسّلم في العمرة فأذن له وقال :ل تنسنا يا
ي من دعائك وضمير بها راجع ،إلى كلمة النبي المذكورة ،وأخي مصغر لتقريب المنزلة. أخ ّ
ل{
)وللمقابلة( :وهي الداخلة على العواض نحو :اشتريت فرسا بدرهم} .ول تشتروا بآياتي ثمنا قلي ً
)وللمجاوزة( :كعن نحو} :سأل سائل بعذاب واقع{ أي عنه) .وللستعلء( :كعلي نحو) :ومن أهل
ن كذا) .وللغاية( :كإلى نحو :وقد
الكتاب من إن تأمنه بقنطار( أي عليه) .وللقسم( نحو :بال لفعل ّ
ي ،وبعضهم ضمن أحسن معنى لطف )وللتوكيد( :وهي الزائدة مع الفاعل أو أحسن بي أي إل ّ
المفعول أو المبتدأ أو الخبر }كفى بال شهيدا{ )وهزي إليك بجذع النخلة{ وبحسبك درهم ،و}أليس
ال بكاف عبده{ )وكذا للتبعيض( :كمن )في الصح( نحو }عينا يشرب بها عباد ال{ أي منها ،وقيل
ليست له ،ويشرب في الية بمعنى يروى أو يلتذ مجازا والباء سببية.
)و(التاسع )بل للعطف بإضراب( أي معه بأن وليها مفرد سواء أوليت موجبا أم غيره ،ففي الموجب
نحو :جاء زيد بل عمرو ،واضرب زيدا بل عمرا انتقل حكم المعطوف عليه فيصير كأنه مسكوت
عنه إلى المعطوف ،وفي غيره نحو :ما جاء زيد بل عمرو ،ول تضرب زيدا بل عمرا .تقرر حكم
المعطوف عليه وتجعل هذه للمعطوف) .وللضراب فقط( :أي دون العطف بأن وليها جملة ،وقولي
بإضراب مع فقط من زيادتي وبهما علم أن الضراب أعم من العطف ل مباين له بخلف كلم
الصل .والحاصل :أن بل للعطف والضراب إن وليها مفرد وللضراب فقط إن وليها جملة وهي
فيه حرف ابتداء ل عاطفة عند الجمهور والضراب بهذا المعنى) .إما للبطال( :لما وليته نحو
يقولون به جنة بل جاءهم بالحق فالجائي بالحق ل جنون به) .أو للنتقال من غرض إلى آخر( نحو:
}ولدينا كتاب ينطق بالحق{ الية فما قبل بل فيها على حاله.
)و( العاشر )بيد( اسم ملزم للنصب والضافة إلى أن وصلتها) .بمعنى غير( نحو :إنه كثير المال
بيد أنه بخيل) .وبمعنى من أجل ومنه( :خبر أنا أفصح من نطق بالضاد) .بيد أني من قريش في
الصح( أي الذين هم أفصح من نطق بها ،وأنا أفصحهم ،وخصها بالذكر لعسرها على غير العرب،
والمعنى أنا أفصح العرب ،وقيل أن بيد فيه بمعنى غير ،وأنه من تأكيد المدح بما يشبه الذم وقولي
في الصح من زيادتي.
)و( الحادي عشر )ثم حرف عطف للتشريك( في العراب والحكم )والمهلة والترتيب( المعنوي
والذكري) .في الصح( :تقول جاء زيد ثم عمرو إذا شارك زيدا في المجيء وتراخى مجيئه عن
مجيئه ،وقيل قد تكون زائدة فل تكون عاطفة فل تكون لشيء من ذلك كقوله تعالى} :حتى إذا
ضاقت عليهم الرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن ل ملجأ من ال إل إليه ثم تاب
عليهم{ فإنها زائدة لن مدخولها جواب إذا وقيل ل تفيد المهلة لقول الشاعر:
كهز الرديني تحت العجا
ج جري في النابيب ثم اضطر
إذ اضطراب الرمح يعقب جري الهز في النابيب ،وقيل ل تفيد الترتيب لقوله تعالى} :فإلينا
مرجعهم ثم ال شهيد على ما يفعلون} إذ شهادة ال متقدّممة على المرجع ،وأجيب عن الّول بأن إذا
فيه لمجرد الظرف وبان جوابها مقدر أي تاب عليهم وثم تاب عليهم تأحمد بن كيد ،أو معناه استدام
التوبة ،ومعنى المقدر أنشأها ،وعن الثاني بأنه توسع في ثم بإيقاعها فيه موقع الفاء ،وعن الثالث
بإنها استعملت فيه لترتيب الخباري ،وبأنه توسع فيها بإيقاعها فيه موقع الواو.
)و(الثاني عشر )حتى لنتهاء الغاية غالبا( وهي حينئذ إما جارة لسم صريح نحو} :سلم هي حتى
مطلع الفجر{ أو مؤّول من أن والفعل نحو} :لن نبرج عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى{ أي إلى
رجوعه وأما عاطفة لرفيع أو دنيء نحو :مات الناس حتى النبياء ،وقدم الحجاج حتى المشاة ،وإما
ابتدائة بأن يستأنف بعدها جملة إما إسمية نحو:
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
أراد عيسى وآدم عليهما الصلة والسلم ،واختار ابن مالك أن ورودها للتكثير أكثر) .ول تختص
بأحدهما في الصح( .وقيل :تختص بالتكثير فلم يعتد قائله بهذا البيت ونحوه .وقيل :تختص بالتقليل
وقرره قائله في الية بأن الكفار تدهشهم أهوال يوم القيامة فل يفيقون حتى يتمنوا ذلك إل في أحيان
قليلة .وقيل :إنها حرف إثبات لم يوضع لتكثير ول تقليل ،وإنما يستفاد ذلك من القرائن واختاره أبو
حيان.
)و( الرابع عشر )على الصح أنها قد ترد( بقلة )اسما بمعنى فوق( بأن تدخل عليها من نحو:
غدوت من على السطح أي من فوقه) .و( ترد بكثرة )حرفا للعلّو( حسا نحو} :كل من عليها فان{ أو
معنى نحو} :فضلنا بعضهم على بعض{ وأما على في نحو :توكلت على ال ،فجعلها الرضي من
العلّو المجازي )وللمصاحبة( كمع نحو} :وأتى المال على حبه{ أي مع حبه )وللمجاوزة( كعن نحو:
رضيت عليه أي عنه) .وللتعليل( :نحو} :ولتكبروا ال على ما هداكم{ أي لهدايته أياكم) .وللظرفية(
كفي نحو} :ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها{ أي في وقت غفلتهم ونحو} :ما تتلو الشياطين
على ملك سليمان{ أي في زمن ملكه ونحو :اعتكفت على المسجد أي فيه) .وللستدراك( :كل كن.
نحو :فلن ل يدخل الجنة لسوء فعله على أنه ل ييأس من رحمة ال أي لكنه) .وللتوكيد( :كخبر ل
أحلف على يمين أي يمينا) .وبمعنى الباء( نحو} :حقيق علي أن ل أقول{ )و( بمعنى )من( نحو:
}إذا اكتالوا على الناس يستوفون{ وهذان من زيادتي .وقيل :هي اسم أبدا لدخول حرف الجّر عليها.
وقيل :هي حرف أبدا ول مانع من دخول حرف جّر على آخر في اللفظ بأن يقدر له مجرور
ن فرعون عل في الرض{} ،ولعل بعضهم على بعض{ فقد محذوف )أما عل يعلو ففعل( نحو} :إ ّ
استكملت على في الصح أقسام الكلمة.
ي والذكري) .وللتعقيب( في كل شيء بحسبه )و( الخامس عشر )الفاء العاطفة للترتيب( المعنو ّ
تقول :قام زيد فعمرو إذا أعقب قيامه قيام زيد ،ودخلت البصرة فالكوفة إذا لم يقم بالبصرة ول
بينهما ،وتزّوج فلن فولد له إذا لم يكن بين التزّوج والولدة إل مدة الحمل مع لحظة الوطء،
ومقدمته والترتيب الذكري أن يكون ما بعد الفاء مرتبا في الذكر دون المعنى على ما قبلها ،سواء
ن إنشاء{ الية .ل نحو} :وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتال له نحو} :إنا أنشأناه ّ
أكان تفصي ً
أو هم قائلون{ ويسمى الترتيب الخباري) .وللسببية( :ويلزمها التعقيب نحو} :فوكزه موسى فقضى
عليه{ فخرج بالعاطفة الرابطة لجواب فقد يتراخى عن الشرط نحو :إن يسلم فلن فهو يدخل الجنة
وقد ل يتسبب عن الشرط نظرا للظاهر نحو} :إن تعذبهم فإنهم عبادك{.
)و( السادس عشر )في الظرفية( نحو} :واذكروا ال في أيام معدودات{ وأنتم عاكفون في المساجد.
)وللمصاحبة( نحو} :قال ادخلوا في أمم{ أي معهم) .وللتعليل( نحو} :لمسكم فيما أفضتم فيه{ أي
لجل ما) .وللعلّو( نحو} :لصلبنكم في جذوع النخل{ أي عليها قاله الكوفيون وابن مالك ،وأنكره
غيرهم وجعلها الزمخشري وغيره للظرفية المجازية بجعل الجذع ظرفا للمصلوب لتمكنه عليه
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
تمكن المظروف من الظرف) .وللتوكيد( نحو} :وقال اركبوا فيها( وأصله اركبوها) .وللتعويض(:
عن أخرى محذوفة نحو :ضربت فيمن رغبت وأصله ضربت من رغبت فيه) .وبمعنى الباء(:
نحو} :جعل لكم من أنفسكم أزواجا{ }ومن النعام أزواجا يذرؤكم فيه{ أي يخلقكم بمعنى يكثركم
بسبب هذا الجعل بالتولد ،وجعلها الزمخشري في هذه الية للظرفية المجازية مثل} :ولكم في
القصاص حياة{ )و( بمعنى )إلى( نحو} :فرّدوا أيديهم في أفواههم{ أي إليها ليعضوا عليها من شّدة
الغيظ) .و( بمعنى )من( نحو :هذا ذراع في الثوب .أي منه يعني فل يعيبه لقلته.
)و( السابع عشر )كي للتعليل( فينصب المضارع بأن مضمرة نحو :جئت كي أنظرك .أي لن
أنظرك) .وبمعنى أن المصدرية( بأن تدخل عليها اللم نحو :جئت لكي تكرمني أي لن تكرمني.
)و( الثامن عشر )كل اسم لستغراق أفراد( المضاف إليه) .المنكر( نحو} :كل نفس ذائقة الموت{
}كل حزب بما لديهم فرحون{ )و( لستغراق أفراد المضاف إليه )المعّرف المجموع( نحو :كل
العبيد جاءوا ،كل الدرهم صرف) .و( لستغراق )أجزاء( المضاف إليه) .المعرف المفرد( :نحو كل
زيد أو الرجل حسن أي كل أجزائه.
)و( التاسع عشر )اللم( بقيد زدته بقولي) :الجارة( وهي مكسورة مع كل ظاهر نحو :لزيد إل مع
المستغاث فتتفح ،نحو :يال ،ومفتوحة مع كل مضمر نحو :لنا إل مع ياء المتكلم فمكسورة) .للتعليل(
نحو }وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس{ أي لجل أن تبين لهم} .وللستحقاق{ نحو :النار للمكافرين أي
عذابها مستحق لهم )وللختصاص( :نحو :الجنة للمؤمنين أي نعيمها مختص بهم) .وللملك( نحو:
}ل ما في السموات وما في الرض{ والمال لزيد) .وللصيرورة( :أي العاقبة نحو} :فالتقطة آل
فرعون ليكون لهم عدّوا وخرنا{ فهذا عاقبة التقاطهم له ل علته إذ هي تبنيه) .وللتمليك( نحو :وهبت
له ثوابا أي ملكته إياه) .وشبهه( :أي التمليك نحو} :وال جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من
أزواجكم بنين وحفدة{ )ولتوكيد النفي( :نحو؛ }وما كان ال ليعذبهم وأنت فيهم{ فهي في هذا ،ونحوه
لتوكيد نفي الخبر الداخلة عليه المنصوب فيه المضارع بأن مضمرة) .وللتعدية( نحو :ما أضرب
زيدا لعمرو فضرب صار بقصد التعجب به لزما يتعّدى إلى فاعله بالهمزة وإلى مفعوله باللم .و
)وللتوكيد( :وهي الزائدة كإن تأتي لتقوية عامل ضعف بالتأخير نحو} :إن كنتم للرؤيا تعبرون{
ولكونه فرعا في العمل نحو} :إن ربك فعال لما يريد{ وأصله فعال ما) .وبمعنى إلى( نحو} :فسقناه
لبلد ميت{ أي إليه) .و( بمعنى )على( نحو} :يخرون للذقان سجدا{ أي عليها) .و( بمعنى )في(
نحو}( :ونضع الموازين القسط ليوم القيامة{ أي فيه) .و( بمعنى )عند( نحو؛ }يا ليتني قّدمت
لحياتي{ أي عندها )و( بمعنى )بعد( نحو} :أقم الصلة لدلوك الشمس{ أي بعده .وجعل الزمخشري
اللم في هذه الية للتوقيت ،فتكون بمعنى عند) .و( بمعنى )من( نحو :سمعت له صراخا أي منه.
)و( بمعنى )عن( نحو} :وقال الذين كفروا للذين آمنوا{ أي عنهم }لو كان{ أي اليمان }خيرا ما
سبقونا إليه{ ولو كانت اللم في هذه الية للتبليغ لقيل ما سبقتمونا .وخرج بالجارة الجازمة
نحو} :لينفق ذو سعة من سعته{ وغير العاملة كلم البتداء نحو} :لنتم أشّد رهبة{.
ن دللة حرف على معنى حرف آخر مذهب الكوفيين ،أما البصريون فذلك عندهم على واعلم أ ّ
تضمين الفعل المتعلق به ذلك الحرف ما يصح معه معنى ذلك الحرف على الحقيقة ،لن التصرف
عندهم في الفعل أسهل منه في الحرف.
)و( العشرون )لول( ومثلها لو ما) .حرف معناه في( دخوله على )الجملة السمية امتناع جوابه
لوجود شرطه( :نحو :لول زيد ،أي موجود لهنتك امتنعت الهانة لوجود زيد ،فزيد الشرط وهو
مبتدأ محذوف الخبر لزوما) .وفي( دخوله على الجملة )المضارعية التحضيض( :أي الطلب بح ّ
ث
نحو} :لول تستغفرون ال{ أي استغفروه ول بد) .والعرض( :من زيادتي وهو طلب بلين نحو:
}لول أخرتني{ أي تؤخرني }إلى أجل قريب{ )و( في دخوله على الجملة )الماضية التوبيخ( نحو:
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
}لول جاءوا عليه بأربعة شهداء{ وبخهم ال على عدم المجيء بالشهداء بما قالوه من الفك ،وهو
في الحقيقة محل التوبيخ) .ول ترد للنفي ول للستفهام في الصح( وقيل ترد للنفي كآية} :فلول
كانت قرية آمنت{ أي فما آمنت قرية أي أهلها عند مجيء العذاب فنفعها إيمانها إل قوم يونس ،ورّد
بأنها في الية للتوبيخ على ترك اليمان قبل مجيء العذاب ،وكأنه قيل :فلول آمنت قرية قبل فنفعها
إيمانها والستثناء حينئذ منقطع ،وقيل ترد للستفهام كقوله تعالى} :لول أنزل عليه ملك{ ورّد بأنها
فيه للتحضيض أي هل أنزل بمعنى ينزل ،وقولي :ول للستفهام من زيادتي.
)و( الحادي والعشرون )لو شرط( أي حرفه )للماضي كثيرا( نحو :لو جاء زيد لكرمته ،وللمستقبل
ل نحو} :وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم{ أي إذ تركوا ونحو :أحسن قلي ً
لزيد ولو أساء أي وإن أساء) .ثم قيل( :في معناها على الّول )هي لمجرد الربط( :للجواب بالشرط
كان واستفادة ما يأتي من انتفائهما ،أو انتفاء الشرط فقط من خارج ،وقيل لمتناع تاليها واستلزامه
ما يليه وهو ما صححه الصل) .والصح أنها( في الصل )لنتفاء جوابها بانتفاء شرطها خارجا(
أي في الخارج مثبتين أو منفيين أو مختلفين ،فالقسام أربعة ،كلو جئتني أكرمتك ،لو لم تجئني ما
ل في الّول لنتفاء المجيء. أكرمتك ،لو جئتني ما أهنتك ،لو لم تجئني أهنتك ،فينتفي الكرام مث ً
)وقد ترد لعكسه( أي لنتفاء شرطها بانتفاء جوابها )علما( :كان ونحوها نحو} :لو كان فيهما آلهة
إل ال لفسدتا{ فيعلم انتفاء تعّدد اللهة بالعلم بانتفاء الفساد ،وهذا عليه أرباب العقول أيضا ،وهو من
ن انتفاء
زيادتي ،والمثال الواحد يصلح له وللول ،ويختلف بالقصد إن قصد به الدللة على أ ّ
الجواب في الخارج بانتفاء الشرط كان من الّول أو الستدل على العلم بانتفاء الشرط بالعلم بانتفاء
الجواب كان من الثاني ،وفي الول يستثنى نقيض الشرط ،وفي الثاني نقيض الجواب لينتج المراد،
ففي المثال إن قصد الّول قيل :لكن ل إله فيهما غيره فلم تفسد ،أو الثاني قيل لكنهما لم تفسدا فليس
فيهما إله غيره) .و( ترد )ل ثبات جوابها( بقسميه مع انتفاء شرطها بقسميه )إن ناسب انتفاء
شرطها( إما )بالولى كلو لم يخف لم يعص( :المأخوذ مما روي عن النبي صلى ال عليه وسّلم ،أو
عن عمر رضي ال عنه »ِنعم العبد صهيب لو لم يخف ال لم يعصه« .رتب عدم العصيان على
عدم الخوف وهو بالخوف المفاد بلو أنسب ،فيترتب عليه أيضا في قصده ،والمعنى أنه ل يعصي
ل ل مع الخوف وهو ظاهر ،ول مع انتفائه إجللً له تعالى ال أص ً
عن أن يعصيه وقد اجتمع فيه الخوف والجلل رضي ال عنه) .أو المساوي كلو لم تكن ربيبة ما
حلت للرضاع( :المأخوذ من قوله صلى ال عليه وسّلم في درة بضم المهملة بنت أم سلمة أي هند
لما بلغه تحدث النساء أنه يريد أن ينكحها بناء على تجويزهنّ أن ذلك من خصائصه ،إنها لو لم تكن
ربيبتي في حجري ما حلت لي ،إنها لبنة أخي من الرضاعة ،رواه الشيخان ،رتب عدم حلها على
عدم كونها ربيبته المبين بكونها ابنة أخي الرضاع المناسب هو له شرعا كمناسبته للول ،سواء
ل لن بها وصفين لو انفرد لمساواة حرمة المصاهرة لحرمة الرضاع ،والمعنى أنها ل تحل لي أص ً
كل منهما حرمت به كونها ربيبته ،ووها ابنة أخي الرضاع ،وقوله :في حجري على وفق الية.
وتقدم الكلم فيه) .أو الدون كـ(ـقولك فيمن عرض عليك نكاحها) :لو انتفت أخوة الرضاع( بيني
وبينها )ما حلت( لي )للنسب( :بيني وبينها بالخوة رتب عدم حلها على عدم أخوتها من الرضاع
المبين بأخّوتها من النسب المناسب هو لها شرعا ،فيترتب أيضا في قصده على أخوتها من الرضاع
المفادة بلو المناسب هو لها شرعا ،لكن دون مناسبته للول لن حرمة الرضاع أدون من حرمة
ل لن بها وصفين لو انفرد كل منهما حرمت به أخّوتها من ل لي أص ًالنسب ،والمعنى أنها ل تح ّ
النسب وأخوتها من الرضاع ،وقد تجردت لو فيما ذكر من المثلة عن الزمان على خلف الصل
فيها ،أما أمثلة بقية أقسام هذا القسم في الشق الول منه فنحو :لو أهنت زيدا لثنى عليك فيثني مع
عدم الهانة بالولى ،لو ترك العبد سؤال ربه لعطاه فيعطيه مع السؤال بالولى} :ولو أن ما في
الرض من شجرة أقلم{ إلى قوله} :ما نفدت كلمات ال{ أي فل تنفد مع انتفاء ما ذكر بالولى ،وقد
استشكل قوله تعالى{ :ولو علم ال فيهم خيرا لسمعهم{ الية .بأن الستدلل به على هيئة قياس
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
اقتراني وهو :لو علم ال فيهم خيرا لسمعهم ولو أسمعهم لتولوا ينتج :لو علم ال فيهم خيرا لتولوا،
وهذا محال
لن الذي يحصل منهم بتقدير أن يعلم ال فيهم خيرا هو النقياد ل التولي.
وأجيب بجوابين :أحدهما :أن الوسط مختلف تقديره لسمعهم إسماعا نافعا ،ولو أسمعهم إسماعا غير
نافع لتولوا ،وفيه نظر لستلزامه انتفاء السماع عنهم مطلقا ،لن الجملة الولى أفادت انتفاء
السماع النافع ،والثانية انتفاء غير النافع واللزم باطل لثبوت إسماعهم في الجملة قطعا وإل فل
تكليف .ثانيهما :ليس المراد من الية الستدلل بل بيان السببية على الصل في »لو« أي أن سبب
انتفاء إسماعهم خيرا هو انتفاء العلم بالخير فيهم ،وحينئذ فالكلم قد تّم عند قوله لسمعهم ،ويكون
قوله :ولو أسمعهم كلما مستأنفا أي أن التولي لزم بتقدير السماع ،فكيف بتقدير عدمه فهو من
قبيل لو لم يخف ال لم يعصه.
فإن قلت :التولي هو العراض عن الشيء فكيف يتصّور وجوده منهم عند عدم إسماعهم الشيء؟
قلت :بل أسمعهم الشيء وإل فل تكليف ،والنفي إنما هو إسماعهم الشيء للتفهيم ،وقد ذكرت في
الحاشية ما يؤخذ منه سبب عدولي عن تصحيح ما صححه الصل مضمنا به قول الجمهور إلى
تصحيحي لما قالوه من أن فيما صنعته بيان الكثر والقل في استعمال لو.
)و( ترد )للتمني وللتحضيض وللعرض( :فينصب المضارع بعد فاء جوابها لذلك بأن مضمرة نحو:
ن لنا كّرة فنكونلو تأتيني فتحّدثني لو تأمر فتطاع لو تنزل عندي فتصيب خيرا .ومن الول} :فلو أ ّ
ث،من المؤمنين{ أي ليت لنا والثلثة للطلب لكنه في الول لما ل طمع في وقوعه ،وفي الثاني :بح ّ
وفي الثالث :بلين كما مّر) .وللتعليل نحو( خبر النسائي وغيره» :رّدوا السائل« أي بالعطاء.
ل،
)»ولو بظلف محرق«( أي تصّدقوا بما تيسر من كثير أو قليل ولو بلغ في القلة إلى الظلف مث ً
فإنه خير من العدم وهو بكسر المعجمة للبقر والغنم كالحافر للفرس والخف للجمل ،وقيد بالحراق
ي كما هو عادتهم فيه لن النبيء قد ل يؤخذ وقد يرميه آخذه فل ينتفع به بخلف المشوي. أي الش ّ
قال الزركشي :والحق أن التقليل مستفاد مما بعدها ل منها .قلت :بل الحق أنه كغيره مما ذكر
مستفاد منها بواسطة ما بعدها) .و( ترد )مصدرية( نحو} :يوّد أحدهم لو يعمر{ وهذا من زيادتي(.
)و( الثاني والعشرون )لن حرف نفي ونصب واستقبال( للمضارع) .والصح أنها ل تفيد( :مع ذلك
)توكيد النفي ول تأييده( :لقوله تعالى لموسى عليه الصلة والسلم(} :لن تراني{ ومعلوم أنه كغيره
من المؤمنين يراه في الخرة ،وقيل يفيدهما كما في قوله تعالى} :لن يخلقوا ذبابا{ وقوله} :ولن
يخلف ال وعده{ .وأجيب :بأن استفادة ذلك في هذين ونحوهما من خارج كما في قوله} :ولن يتمنوه
أبدا{ وكون أبدا فيه للتوكيد خلف الظاهر ول تأبيد قطعا فيما إذا قيد النفي نحو} :فلن أكلم اليوم
إنسيا{ و}لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى{ )و( الصح )أنها( ترد بواسطة الفعل بعدها
)للدعاء( وفاقا لبن عصفور وغيره كقوله:
)و( الثالث والعشرون )ما ترد اسما( إما )موصولة( نحو} :ما عندكم ينفد وما عند ال باق{ أي الذي
)أو نكرة موصوفة( نحو :مررت بما معجب لك أي بشيء) .وتامة تعجبية( نحو :ما أحسن زيدا فما
نكرة تعجبية .مبتدأ وما بعدها خبره وسّوغ البتداء بها التعجب) .وتمييزية( وهي اللحقة لنعم
وبئس نحو} :إن تبدوا الصدقات فنعما هي{ فما نكرة منصوبة على التمييز أي نعم شيئا هي أي
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
إبداؤها) .ومبالغية( بفتح اللم وهي للمبالغة في الخبار عن أحد بإكثار فعل كالكتابة نحو :إن زيدا
مما أن يكتب أي إنه من أمر كتابة أي مخلوق من أمر هو الكتابة فما نكرة بمعنى شيء للمبالغة،
وأن وصلتها في موضع جر بدلً من ما فجعل لكثرة كتابته كأنه خلق منها كما في قوله} :خلق
النسان من عجل{ )واستفهامية( نحو} :فما خطبكم{ أي شأنكم) .وشرطية زمانية( :نحو} :فما
استقاموا لكم فاستقيموا لهم{ أي استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم) .وغير زمانية( نحو} :وما تفعلوا
من خير يعلمه ال{ وقولي وتمييزية ومبالغية من زيادتي تبعا للكثر،وقولي تامة أولى من قوله
للتعجب لفادته أن الموصوفة ناقصة ،وأن التعجبية والمعطوفات عليها تامة ،وإنما صرحوا به في
التعجبية وتاليتها فقط لظهور تمامها لتجردها عن معنى الحرف) .و( ترد )حرفا مصدرية لذلك( أي
زمانية نحو} :فاتقوا ال ما استطعتم{ أي مدة استطاعتكم وغير زمانية نحو} :فذوقوا بما نسيتم{ أي
بنسيانكم) .ونافية( عاملة نحو ما هذا بشرا وغير عاملة نحو }وما تنفقون إل ابتغاء وجه ال{
)وزائدة كافة( عن عمل الرفع نحو :قلما يدوم الوصال أو الرفع والنصب نحو :إنما ال إله واحد،
والجّر نحو :ربما دام الوصل) .وغير كافة( عوضا نحو :افعل هذا .إما ل أي إن كنت ل تفعل غيره
فما عوض عن كنت أدغم فيها النون للتقارب وحذف المنفي للعلم به وغير عوض للتأكيد نحو:
}فبما رحمة من ال لنت لهم{ وأصله فبرحمة.
)و( الرابع والعشرون )من( بكسر الميم )لبتداء الغاية( بمعنى المسافة من مكان نحو :من المسجد
الحرام ،وزمان نحو :من أول يوم وغيرهما .نحو} :إنه من سليمان{ )غالبا( أي ورودها لهذا المعنى
أكثر منه لغيره) .ولنتهائها( :أي الغاية نحو :قربت منه أي إليه) .وللتبعيض( نحو} :حتى تنفقوا
مما تحبون{ أي بعضه) .وللتبيين( :بأن يصح حمل مدخولها على المبهم قبلها نحو} :ما ننسخ من
آية{ }فاجتنبوا الرجس من الوثان{ كأن يقال في الول ما ننسخه آية .وفي الثاني الرجس الوثان.
)وللتعليل( نحو} :يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق{ أي لجلها والصاعقة الصيحة التي
يموت من يسمعها أو يغشى عليه) .وللبدل( نحو} :أرضيتم بالحياة الدنيا من الخرة{ أي بدلها.
)ولتنصيص العموم( :وهي الداخلة على نكرة ل تختص بالنفي نحو :ما في الدار من رجل ،فهو
بدون من ظاهر في العموم محتمل لنفي الواحد فقط وبها يتعين النفي للجنس) .ولتوكيده( أي:
تنصيص العموم وهي الداخلة على نكرة تختص بالنفي نحو :ما في الدار من أحد ،وهذا من زيادتي.
)وللفصل( :بالمهملة أي للتمييز بأن تدخل على ثاني المتضاّدين نحو} :وال يعلم المفسد من
المصلح{ }حتى يميز الخبيث من الطيب{ ولبن هشام فيه نظر ذكرته في الحاشية مع جوابه.
)وبمعنى الباء( نحو} :ينظرون من طرف خفي{ أي به )و( بمعنى )عن( نحو} :قد كنا في غفلة من
هذا{ أي عنه) .و( بمعنى )في(نحو }إذا نودي للصلة من يوم الجمعة{أي فيه ونحو }أروني ماذا
خلقوا من الرض{ أي فيها )و( بمعنى )عند( نحو }لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم من ال شيئا{
أي عنده )و( بمعنى )على( نحو ونصرناه من القوم{ أي عليهم وقيل ضمن نصرناه معنى منعناه.
)و( الخامس والعشرون من بفتح الميم إما )موصولة( نحو }ول يسجد من في السموات والرض{
)أو نكرة موصوفة( كمررت بمن معجب لك أي :بإنسان )وتامة شرطية( نحو }من يعمل سوءا يجز
به{ )واستفهامية( نحو }فمن ربكما يا موسى{ )وتمييزية( كقول الشاعر:
ونعم من هو في سّر وإعلن†
ل .وقوله :هو مخصوص بالمدح وهو راجع إلى بشر بن ففاعل نعم مستتر ومن تمييز بمعنى رج ً
مروان في البيت قبله ،وفي سر متعلق بنعم ،وهذا مذهب أبي علي الفارسي وأما غيره فنفى ذلك
وقال :من موصولة فاعل .نعم ،وقوله هو راجع إليها مبتدأ خبره هو محذوف راجع إلى بشر يتعلق
به في سر لتضمنه معنى الفعل كما سيظهر ،والجملة صلة من والمخصوص بالمدح محذوف أي
هو وهو راجع إلى بشر أيضا ،والتقدير نعم الذي هو المشهور في السر والعلنية بشر ،وفيه تكلف
وتعبيري بما ذكر في القسام المذكورة أولى مما عبر به لفادته أن الشرطية والستفهامية نكرتان
تامتان.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)و( السادس والعشرون )هل لطلب التصديق كثيرا( إيجابا أو سلبا خلفا للصل في تقييده تبعا لبن
ل؟
ي فيقال في جواب هل قام زيد مث ً هشام باليجاب سرى إليهما ذلك من أن هل ل تدخل على منف ّ
ل( خلفا نعم أو ل ،وإن لم تدخل على منفي أذ ل يقال هل لم يقم زيد) .و( لطلب )التصّور قلي ً
للصل في منع مجيئها له بخلف الهمزة تأتي لكل منهما كثيرا ،وتدخل على المنفي فتخرج عن
الستفهام إلى التقرير وهو حمل المخاطب على القرار بما بعد النفي نحو} :ألم نشرح لك صدرك{
فيجاب ببلى ،وقد تبقى على الستفهام كقولك لمن قال :لم أفعل كذا ألم تفعله؟ أي أحق انتفاء فعلك
له .فيجاب :بنعم أو ل .ومنه قوله:
أل اصطبار لسلمى أم لها جلد
إذًا ألقي الذي لقاه أمثالي
فيجاب بمعين منهما.
)و( السابع والعشرون )الواو( بقيد زدته بقولي )العاطفة لمطلق الجمع( بين المعطوفين في الحكم
)في الصح( لنها تستعمل في الجمع بمعية وبغيرها نحو :جاء زيد وعمرو إذا جاء معه أو بعده أو
قبله ،فتكون حقيقة في القدر المشترك بين الثلثة وهو مطلق الجمع حذرا من الشتراك والمجاز
واستعمالها في كل منها من حيث إنه جمع استعمال حقيقي ،وقيل هي للترتيب لكثرة استعمالها فيه
فهي في غيره مجاز ،وقيل للمعية لنها للجمع والصل فيه المعية ،فهي في غيرها مجاز وخرج
بالعاطفة غيرها كواوي القسم والحال ،وقد بينت في الحاشية وغيرها أنه ل فرق هنا بين مطلق
ل عن الجمع والجمع المطلق ،خلفا لمن زعم خلفه أخذا من الفرق بين مطلق الماء والماء غاف ً
اختلف اصطلحي الفقيه واللغوي.
المر
أي هذا مبحثه )أ م ر( :أي اللفظ المنتظم من هذه الحرف المسماة بألف ميم راء وتقرأ بصيغة
ل بوضعه على اقتضاء فعل إلى آخر ما يأتي الماضي مفككا )حقيقة في القول المخصوص( :أي الدا ّ
نحو} :وأمر أهلك بالصلة{ أي :قل لهم صلوا) .مجاز في الفعل في الصح( نحو} :وشاورهم في
المر{ أي الفعل الذي تعزم عليه لتبادر القول دون الفعل من لفظ المر إلى الذهن ،وقيل هو للقدر
المشترك بينهما وهو مفهوم أحدهما حذرا من الشتراك والمجاز ،وقيل هو مشترك بينهما لستعماله
فيهما ،وقيل مشترك بينهما وبين الشأن والصفة والشيء لستعماله فيها أيضا نحو :إنما أمرنا لشيء
أي شأننا لمر ما يسّود من يسّود أي لصفة من صفات الكمال لمر ما جدع قصير أنفه أي لشيء،
والصل في الستعمال الحقيقة .وأجيب :بأنه فيها مجاز لنه خير من الشتراك كما مّر ،وإنما
عبرت كغيري بالفعل القاصر عن تناولها لنه المقابل للقول من حيث إنهما قسمان للمقصود ،وهو
الدال على الحكم والمر لفظي ونفسي وهو الصل ،فاللفظي عرف من قولي حقيقة في كذا.
ف( :فدخل فيهف )بغير نحو ك ّ
)والنفسي اقتضاء( أي طلب )فعل غير كف مدلول عليه( :أي الك ّ
الطلب الجازم وغيره لما ليس بكف ،ولما هو كف مدلول عليه بكف أو نحوها .كاترك وذر ودع
المفادة بزيادتي نحو :وخرج منه الباحة والمدلول عليه بغير ذلك أي ل تفعل فليس كل منهما بأمر
ف أمرا ل نهيا موافقة للدال في اسمه ،ويحّد النفسي أيضا بالقول المقتضى لفعل إلى
وسمي مدلول ك ّ
آخره ،والقول مشترك بين اللفظي والنفسي أيضا) .ول يعتبر في المر( :بقسميه حتى يعتبر في حّده
أيضا) .علّو( بأن يكون الطالب عالي الرتبة على المطلوب منه) .ول استعلء( بأن يكون الطلب
بعظمة لطلق المر بدونهما .قال تعالى حكاية عن فرعون }فماذا تأمرون{ )ول إرادة الطلب(
باللفظ لطلق المر بدونها) .في الصح( :وقيل :يعتبر الّولن وإطلق المر بدونهما مجازي،
وقيل يعتبر العلّو دون
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الستعلء ،وقيل عكسه ،وقيل يعتبر العلّو وإرادة الطلب باللفظ فإذا لم يرده به لم يكن أمرا لنه
يستعمل في غير الطلب كالتهديد ول مميز غير الرادة .قلنا استعماله في غير الطلب مجازي
بخلف الطلب ،فل حاجة إلى اعتبار إرادته ،ولن المر لو كان هو الرادة لوقعت المأمورات
واللزم باطل) .والطلب بديهي( :أي متصّور بمجرد التفات النفس إليه بل نظر ،إذ كل عاقل يفرق
بالبديهة بينه وبين غيره كالخبار وما ذاك إل لبداهته فاندفع ما قيل إن تعريف المر بما يشتمل
عليه تعريف بالخفى بناء على أنه نظري) .و( المر )النفسي( المعرف باقتضاء فعل إلى آخره
)غير الرادة( لذلك الفعل) .عندنا( فإنه تعالى أمر من علم أنه ل يؤمن كأبي لهب باليمان ولم يرده
منه لمتناعه والممتنع غير مراد ،أما عند المعتزلة فهو عينها لنهم لما أنكروا الكلم النفسي ولم
يمكنهم إنكار القتضاء المعرف به المر قالوا إنه الرادة.
)مسألة :الصح( على القول بإثبات الكلم النفسي) .أن صيغة أفعل( .والمراد بها كل ما يدل ولو
ل وصه ولينفق) .مختصة بواسطة على المر من صيغه المحتملة لغير الوجوب ،كاضرب وص ّ
بالمر النفسي( :بأن تدل عليه وضعا دون غيره ،وقيل ل فل تدل عليه إل بقرينة كصل لزوما،
وعليه فقيل هو للوقف بمعنى عدم الدراية بما وضعت له حقيقة مما وردت له من أمر وتهديد
وغيرهما ،وقيل للشتراك بين المعاني التية المشتركة ،أما صحة التعبير عن المر بما يدل عليه
فل يختص بها صيغة فعل قطعا ،بل تأتي في غيرها كألزمتك وأوجبت عليك ،أما المنكرون للنفسي
فل حقيقة للمر وسائر أقسام الكلم عندهم إل العبارات) .وترد( صيغة افعل بالمعنى السابق لستة
وعشرين معنى على ما في الصل ،وإل فقد أوصلها بعضهم لنيف وثلثين وليميز بعضها عن
بعض بالقرائن) .للوجوب( نحو :أقيموا الصلة )وللندب( نحو} :فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا{
)وللباحة( نحو} :كلوا من طيبات{ أي مما يستلذ من المباحات )وللتهديد( نحو} :اعملوا ما شئتم{
قيل ويصدق مع التحريم والكراهة).وللرشاد( نحو} :واستشهدوا شهيدين من رجالكم{ والمصلحة
فيه دنيوية بخلفها في الندب )ولرادة المتثال( كقولك لغير رقيقك عند العطش :اسقني ماء.
)وللذن( كقولك لمن طرق الباب :ادخل وبعضهم أدرج هذا في الباحة) .وللتأديب( كقولك لغير
مكلف :كل مما يليك وبعضهم أدرج هذا في الندب ،والّول فرق بأن الدب متعلق بمحاسن الخلق
وإصلح العادات والندب بثواب الخرة أما أكل المكلف مما يليه فمندوب ،ومما يلي غيره مكروه
حيث ل إيذاء وإل فحرام )وللنذار( نحو} :قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار{ ويفارق التهديد
بوجوب اقترانه بالوعيد كما في الية ،وبأن التهديد التخويف والنذار إبلغ المخوف منه.
)وللمتنان( نحو؛ }كلوا مما رزقكم ال{ ويفارق الباحة باقترانه بذكر ما يحتاج إليه )وللكرام(
نحو} :ادخلوها بسلم آمنين{ )وللتسخير( أي
التذليل والمتهان نحو} :كونوا قردة خاسئين{ )وللتكوين( أي اليجاد عن العدم بسرعة نحو} :كن
فيكون{ )وللتعجيز( أي إظهار العجز نحو} :فأتوا بسورة من مثله{ )وللهانة( ويعبر عنها بالتهكم
نحو} :ذق إنك أنت العزيز الكريم{ )وللتسوية( بين الفعل والترك نحو} :فاصبروا أو ل تصبروا{
وللدعاء( نحو} :ربنا افتح بيننا وبين قومنا{ )وللتمني( كقولك :لخركن فلنا) .وللحتقار( نحو:
}ألقوا ما أنتم ملقون{ إذ ما يلقونه من السحر وإن عظم محتقر بالنظر إلى معجزة موسى عليه
الصلة والسلم ،وفرق بينه وبين الهانة بأن محله القلب ومحلها الظاهر) .وللخبر( :كخبر »إذا َلم
ت« أي صنعت )وللنعام( بمعنى تذكر النعمة نحو} :كلوا من طيبات ما صَنْع ما شئ َ
ح فا ْ
َتست ِ
رزقناكم{ )وللتفويض( :وهو رّد المر إلى غيرك ويسمى التحكيم والتسليم نحو} :فاقض ما أنت
قاض{ )وللتعجب( :نحو؛ }انظر كيف ضربوا لك المثال{ وتعبيري به أنسب بسابقه ولحقه من
تعبيره بالتعجب )وللتكذيب( .نحو} :قل فأتوا بالتوراة قاتلوها إن كنتم صادقين{ )وللمشورة( :نحو:
}فانظر ماذا ترى{ )وللعتبار( نحو} :انظروا إلى ثمره إذا أثمر{ )والصح أنها( :أي صيغة افعل
بالمعنى السابق) .حقيقة في الوجوب( فقط كما عليه الشافعي والجمهور ،لن الئمة كانوا يستدلون
بها مجردة عن القرائن على الوجوب ،وقد شاع من غير إنكار في الندب فقط لنه المتيقن من قسمي
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الطلب ،وقيل حقيقة في القدر المشترك بين الوجوب والندب وهو الطلب حذرا من الشتراك
والمجاز ،وقيل مشتركة بينهما ،وقيل بالوقف ،وقيل مشتركة فيهما ،وفي الباحة ،وقيل في الثلثة
والتهديد ،وقيل أمر ال للوجوب وأمر نبيه المبتدأ منه للندب بخلف الموافق لمر ال أو المبين له
فللوجوب أيضا ،وقيل مشتركة بين الخمسة الول الوجوب والندب والباحة والتهديد والرشاد،
وقيل بين الحكام الخمسة الثلثة الول والتحريم والكراهة ،وعلى الصح هي حقيقة في الوجوب
)لغة على
الصح( وهو المنقول عن الشافعي وغيره ،لن أهل اللغة يحكمون باستحقاق مخالف أمر سيده مث ً
ل
بها للعقاب ،وقيل شرعا لنها لغة لمجرد الطلب وجزمه المحقق للوجوب بأن ترتب العقاب على
ل لن ما يفيد المر لغة من الطلب الترك إنما يستفاد من أمره أو أمر من أوجب طاعته ،وقيل عق ً
يتعين أن يكون الوجوب لن حمله على الندب يصير المعنى افعل إن شئت ،وليس هذا القدر
مذكورا ،وقوبل بمثله في الحمل على الوجوب فإنه يصير المعنى افعل من غير تجويز ترك ،وقيل
في الطلب الجازم لغة وفي التوعد على الترك شرعا فالوجوب مركب مهما ،وهذا ما اختاره
الصل ،وقيل لسقاط الحظر ورجوع المر إلى ما كان قبله من وجوب أو غيره)و( الصح )أنه
يجب اعتقاد الوجوب( في المطلوب )بها قبل البحث( عما يصرفها عنه إن كان كما يجب على
الصح اعتقاد عموم العام حتى يتمسك به قبل البحث عن المخصص ،كما سيأتي ،وقيل ل يجب كما
في تلك) .و( الصح )أنها إن وردت بعد حظر( لمتعلقها نحو} :وإذا حللتم فاصطادوا{ )أو( بعد
)استئذان( فيه كأن يقال لمن قال أفعل لك كذا افعل) .فللباحة( الشرعية حقيقة لتبادرها إلى الذهن
في ذلك لغلبة استعمالها فيها حينئذ ،وقيل للوجوب كما في غير ذلك نحو} :فإذا انسلخ الشهر الحرم
فاقتلوا المشركين{ وقيل بالوقف فل نحكم بشيء منها) .و( الصح )أن صيغة النهي( :أي ل تفعل
الواردة) .بعد وجوب للتحريم( كما في غير ذلك ومن القائل به بعض القائل بأن المر بعد الحظر
للباحة ،وفرق بأن مقتضى النهي وهو الترك موافق للصل ،وبأن النهي لدفع المفسدة والمر
لتحصيل المصلحة واعتناء الشارع بالول أشّد ،وقيل للكراهة على قياس أن المر للباحة ،وقيل
للباحة نظرا إلى أن النهي عن الشيء بعد وجوبه يرفع طلبه فيثبت التخيير فيه ،وقيل لسقاط
الوجوب ويرجع المر إلى ما كان قبله من تحريم أو إباحة ،وقيل بالوقف ،وتعبيري بصيغة افعل
وبصيغة النهي أولى من تعبيره بالمر والنهي ليوافق
القول بالباحة ،إذ ل أمر ول نهي فيها إل على قول الكعبي ،وظاهر أن صيغة النهي بعد الستئذان
كهي بعد الوجوب.
ا.
)مسألة :الصح أنها( :أي صيغة افعل )لطلب الماهية( ل لتكرار ول مرة ول لفور ول تراخ فهي
للقدر المشترك بينها حذرا من الشتراك المجاز) .والمرة ضرورية( :إذ ل توجد الماهية بأقل منها
فيحمل عليها ،وقيل المرة لنها المتيقن وتحمل على التكرار على القولين بقرينة وقيل للتكرار مطلقا
لنه الغالب ،وتحمل على المرة بقرينة ،وقيل للتكرار إن علقت بشرط أو صفة بحسب تكرار المعلق
به نحو} :وإن كنتم جنبا فاطهروا{ }والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة{ وإن لم
تعلق بذلك فللمرة ،وقيل بالوقف عن المرة والتكرار بمعنى أنها مشتركة بينهما أو لحدهما ول
نعرفه قولن .فل تحمل على أحد منهما إل بقرينة ،وقيل إنها للفور أي للمبادرة بالفعل عقب
ورودها لنه أحوط ،وقيل للتراخي أي التأخير لنه يسّد عن الفور بخلف العكس ،وقيل مشتركة
بينهما لنها مستعملة فيهما ،والصل في الستعمال الحقيقة ،وقيل للفور أو العزم في الحال على
الفعل بعد ،وقيل بالوقف عن الفور والتراخي بمعنى أنها لحدهما ول نعرفه) .و( الصح )أن
المبادر( بالفعل )ممتثل( لحصول الغرض ،وقيل ل بناء على أن المر للتراخي وجوبا.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)مسألة :الصح أن المر( :بشيء مؤقت )ل يستلزم القضاء( له إذا لم يفعل في وقته) ،بل( إنما
)يجب بأمر جديد( كالمر في خبر الصحيحين »من نسي الصلة فليصلها إذا ذكرها« .والقصد من
المر الول الفعل في الوقت ،وقيل يستلزمه لشعار المر بطلب استدراكه لن القصد منه الفعل.
)و( الصح )أن التيان بالمأمور به( على الوجه الذي أمر به) .يستلزم الجزاء( للمأتي به ،بناء
على أن الجزاء الكفاية في سقوط الطلب ،وهو الصح كما مر ،ولنه لو لم يستلزمه لكان المر
بعد المتثال مقتضيا إما للمأتي به ،فيلزم تحصيل الحاصل أو بغيره فيلزم عدم التيان بتمام المأمور
بل ببعضه ،والفرض خلفه ،وقيل ل يستلزمه بناء على أنه إسقاط القضاء لجواز أن ل يسقط
ن طهره ثم تبين له حدثه) .و( المأتي به القضاء بأن يحتاج إلى الفعل ثانيا كما في صلة من ظ ّ
الصح )أن المر( للمخاطب )بالمر( لغيره )بشيء( نحو} :وأمر أهلك بالصلة{ )ليس أمرا( لذلك
الغير )به( أي بالشيء وقيل هو أمر به ،وإل فل فائدة فيه لغير المخاطب وقد تقوم قرينة على أن
غير المخاطب مأمور بذلك الشيء كما في خبر الصحيحين» :أن ابن عمر طلق امرأته وهي
جْعها«.
حائض فذكر ذلك عمر رضي ال عنه للنبي صلى ال عليه وسّلم فقالُ :مْره َفْلُيَرا ِ
ضَأ«.
ن قاَم َفْلَيَتَو ّ
)و( الصح أن المر( بالمد بلفظ يصلح له( :هو أولى من قوله يتناوله نحوَ» :م ْ
)غير داخل فيه( أي في ذلك اللفظ لبعد أن يريد المر نفسه ،وهذا ما صححه في بحث العام عكس
مقابله وهو ما صححه هنا ،والّول هو المشهور وممن صححه المام الرازي والمدي .وفي
الروضة :لو قال نساء المسلمين طوالق لم تطلق زوجته على الصح ،لن الصح عند أصحابنا في
الصول أنه ل يدخل في خطابه ،وخرج بالمر ومثله الناهي المخبر فيدخل في خطابه على الصح
كما صرح به في بحث العام ،إذ ل يبعد أن يريد المخبر نفسه نحو} :وال بكل شيء عليم{ وهو
تعالى عليم بذاته وصفاته ،فعلم أن في مجموع المسألتين ثلثة أقوال ،ومحلها إذا لم تقم قرينة على
ل النيابة في العبادة البدنية( دخوله أو عدم دخوله فإن قامت عمل بمقتضاها قطعا) .ويجوز عندنا عق ً
إذ ل مانع ومنعه المعتزلة لن المر بها إنما هو لقهر النفس وكسرها بفعلها والنيابة تنافي ذلك.
ل الجواز الشرعي فل قلنا :ل تنافيه لما فيها من بذل المؤنة أو تحمل المنة ،وخرج بزيادتي عق ً
تجوز شرعا النيابة في البدنية إل في الحج والعمرة ،وفي الصوم بعد الموت وبالبدنية المالية
كالزكاة فل خلف في جواز النيابة فيها ،وإن اقتضى كلم الصل أن فيها خلفا ،وتعبيري بما ذكر
أولى من تعبيره بأن الصح أن النيابة تدخل المأمور إل لمانع لقتضائه أن في العبادة المالية خلفا
وليس كذلك ،مع أن قوله إل لمانع إنما يناسب الفقيه ل الصولي لن كلمه في الجواز العقلي ل
الشرعي.
)مسألة :المختار( :تبعا لمام الحرمين والغزالي والنووي في روضته في كتاب الطلق وغيرهم
)أن المر النفسي بـ(ـشيء )معين( إيجابا أو ندبا )ليس نهيا عن ضده ول يستلزمه( لجواز أن ل
يخطر الضد بالبال حال المر تحريما كان النهي أو كراهة ،واحدا كان الضد كضد السكون أي:
التحرك أو أكثر كضد القيام أي القعود وغيره ،وقيل نهي عن ضده ،وقيل يستلزمه فالمر بالسكون
ل أي طلبه ليس نهيا عن التحّرك أي طلب الكف عنه ول مستلزما له على الول ومستلزما له مث ً
على الثالث ،وعينه على الثاني بمعنى أن الطلب واحد هو بالنسبة إلى السكون أمر وإلى التحّرك
نهي ،واحتج لهذين القولين بأنه لما لم يتحقق المأمور به بدون الكف عن ضده كان طلبه طلبا للكف
أو مستلزما له .وأجيب :بمنع الملزمة لجواز أن ل يخطر الضد بالبال حال المر كما مر ،فل
يكون مطلوب الكف به ،وقيل القولن في الوجوب دون أمر الندب ،لن الضد فيه ل يخرج به عن
أصله من الجواز بخلفه في أمر الوجوب لقتضائه الذم على الترك وخرج بالنفسي المر اللفظي
فليس عين النهي اللفظي قطعا ول يستلزمه في الصح وبالمعين المبهم من أشياء فليس المر به
بالنظر إلى ما صدقه نهيا عن ضّده منها ول مستلزما له قطعا) .و( المختار )أن النهي( النفسي عن
شيء معين تحريما أو كراهة )كالمر( فيما ذكر فيه ،فالنهي ليس أمرا بالضد ول يستلزمه ،وقيل
عينه ،وقيل يستلزمه ،وقيل هذان القولن في نهي التحريم دون نهي الكراهة ،والضد إن كان واحدا
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
فواضح أو أكثر فالمر بواحد منه ،وقيل النهي أمر بضده قطعا بناء على أن المطلوب في النهي
فعل الضد ،وقيل ل قطعا بناء على أن المطلوب في النهي انتفاء الفعل ،والترجيح في هذه والتي
قبلها من زيادتي والنهي اللفظي يقاس بالمر اللفظي.
)مسألة :المران إن لم يتعاقبا( :بأن يتراخى ورود أحدهما عن الخر بمتماثلين ولم يمنع من
التكرار مانع أو بمتخالفين) .أو تعاقبا( لكن )بغير متماثلين( :بعطف كأقيموا الصلة وآتوا الزكاة ،أو
بدونه كاضرب زيدا أعطه درهما) :فغيران( فيعمل بهما جزما) .وكذا( إن تعاقبا )بمتماثلين ول
مانع من التكرار( في متعلقهما من عادة أو غيرها فإنهما غيران )في الصح( مع عطف كص ّ
ل
ركعتين وصل ركعتين أو بدونه كصل ركعتين صل ركعتين لظهور العطف في التأسيس وأصالة
التأسيس في غير العطف ،وهذا ما نقله الصل في شرح المختصر كالصفي الهندي عن الكثرين،
وقيل الثاني تأكيد فيهما لتماثل المتعلقين ،وقيل بالوقف عن التأسيس والتأكيد في غير العطف
لحتمالهما ،والترجيح من زيادتي في غير العطف ،وما ذكرته من الخلف مع العطف حكاه
الصل .قال الزركشي :وفيه نظر فقد صرح الصفي الهندي وغيره بأنه ل خلف في أنه للتأسيس،
لن الشيء ل يعطف على نفسه ،ويجاب بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ) .فإن كان( ثّم )مانع(
من التكرار )عادي وعارضه عطف( :نحو :صل ركعتين وصل الركعتين) .فالوقف( عن التأسيس
والتأكيد لحتمالهما ،وظاهر أنه إن وجد مرجح عمل به) .وإل( بأن كان ثّم مانع عقلي نحو :اقتل
زيدا اقتل زيدا ،أو شرعي نحو :أعتق عبدك أعتق عبدك ،أو لم يعارضه عطف نحو :اسقني ماء
اسقني ماء ،صل ركعتين صل ركعتين) .فالثاني تأكيد( .وإن كان بعطف في الولين أما كونه تأكيدا
في الولين فظاهر ،وأما في الخيرتين فلن العادة باندفاع الحاجة بمرة في أولها ،وبالتعريف في
ثانيهما ترجح التأكيد ،وقولي وإل أعم من قوله فإن رجح التأكيد بعادي قدم.
)مسألة :النهي( النفسي )اقتضاء كف عن فعل ل بنحو كف( :كذر ودع المفادين كنحوهما بزيادتي
نحو :فدخل فيه القتضاء الجازم وغيره وخرج منه الباحة ،واقتضاء فعل غير كف أو كف بنحو
كف فإنه أمر كما مر ،ويحد أيضا بالقول المقتضي للكف المذكور كما يحد اللفظي بالقول الدال على
القتضاء المذكور ،ول يعتبر في مسمى النهي علو ول استعلء على الصح كالمر )وقضيته
الدوام( على الكف ،لن العلماء لم يزالوا يستدلون به على الترك مع اختلف بالوقات ل يخصونه
بشيء منها) .ما لم يقيد بغيره في الصح( :فإن قيد به نحو :ل تسافر اليوم كان الغير قضيته فيحمل
عليه ،وقيل قضيته الدوام مطلقا وتقييده بغير الدوام يصرفه عن قضيته ،وقولي بغيره أولى من قوله
بالمرة) .وترد صيغته( أي النهي وهي ل تفعل) .للتحريم( نحو }ول تقربوا الزنا{ )وللكراهة( نحو
}ول تيمموا الخبيث منه تنفقون{ والخبيث فيه الرديء ل الحرام عكس ما في قوله تعالى} :ويحرم
عليهم الخبائث{ }وللرشاد( نحو }ل تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم{ )وللدعاء( نحو} :ربنا ل
تزغ قلوبنا{ }ولبيان العاقبة{ :نحو} :ول تحسين الذين قتلوا في سبيل ال أمواتا بل أحياء{ أي عاقبة
ن عينيك إلى ما متعنا
الجهاد الحياة ل الموت )وللتقليل( :بأن يتعلق بالمنهى عنه نحو} :ول تمّد ّ
به} أي فهو قليل بخلف ما عند ال) .وللحتقار( بأن يتعلق بالمنهي نحو} :ل تعتذروا قد كفرتم بعد
إيمانكم{ }ولليأس( نحو} :ل تعذروا اليوم{ وهذا تركه البرماوي من ألفيته ،وذكره في شرحها مع
زيادة ومثل له بالية ثم قال :وقد يقال إنه راجع للحتقار أي لتحاد آيتيهما .قلت :والوجه الفرق إذ
ذكر اليوم في الية الثانية قرينة لليأس ،وتركه في الولى قرينة للحتقار.
)وفي الرادة والتحريم ما( مّر )في المر( :من الخلف ،فقيل ل تدل الصيغة على الطلب إل إذا
أريد الطلب بها ،والصح أنها تدل عليه بل إرادة وأنها حقيقة في التحريم لغة ،وقيل شرعا ،وقيل
ل ،وقيل في الطلب الجازم لغة ،وفي التوعد على الفعل شرعا وهو مقتضى ما اختاره الصل عق ً
في المر ،وقيل حقيقة في الكراهة ،وقيل فيها وفي التحريم ،وقيل في أحدهما ول نعرفه ،وقيل غير
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ذلك) .وقد يكون( :النهي )عن( شيء )واحد( :وهو ظاهر) .و( عن )متعدد جمعا كالحرام المخير(
نحو :ل تفعل هذا أو ذاك ،فعليه ترك أحدهما فقط فل مخالفة إل بفعلهما .فالمحّرم فعلهما ل فعل
أحدهما فقط) .وفرقا كالنعلين تلبسان أو تنزعان ول يفّرق بينهما( :بلبس أو نزع إحداهما فقط ،فإنه
ن أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليخلعهما
ي عنه أخذا من خبر الصحيحين» :ل يمشي ّ منه ّ
جميعا« :فهما منهي عنهما لبسا أو نزعا من جهة الفرق بينهما في ذلك ل الجمع فيه) .وجميعا
كالزنا والسرقة( :فكل منهما منهي عنه فبالنظر إليهما يصدق أن النهي عن متعدد ،وإن صدق
بالنظر إلى كل منهما أنه عن واحد.
)والصح أن مطلق النهي ولو تنزيها( مقتض )للفساد( في المنهي عنه بأن ل يعتّد به )شرعا( :إذ ل
ل وهو أن الشيء إنما ينهىيفهم ذلك من غيره ،وقيل لغة لفهم أهلها ذلك من مجرد اللفظ ،وقيل عق ً
عنه إذا اشتمل على ما يقتضي فساده) .في المنهي عنه( :من عبادة وغيرها كصلة نفل مطلق في
وقت مكروه وبيع بشرط) .إن رجع النهي( فيما ذكر )إليه( :أي إلى عينه كالنهي عن صلة
الحائض أو صومها وكالنهي عن الزنا حفظا للنسب) .أو إلى جزئه( كالنهي عن بيع الملقيح
لنعدام المبيع وهو ركن في البيع) .أو( إلى )لزمه( :كالنهي عن بيع درهم بدرهمين لشتماله على
الزيادة اللزمة بالشرط ،وكالنهي عن الصلة في الوقت المكروه لفساد الوقت اللزم لها بفعلها فيه
بخلفها في المكان المكروه ،لنه ليس بلزم لها بفعلها فيه لجواز ارتفاع النهي عن الصلة فيه مع
بقائه بحاله كجعل الحمام مسجدا فبذلك افترقا وفرق البرماوي بأن الفعل في الزمان يذهبه ،فالنهي
منصرف لذهابه في المنهي عنه ،فهو وصف لزم ،إذ ل يمكن وجود فعل إل بذهاب زمان بخلف
الفعل في المكان ،وتعبيري بما ذكر هو مراد الصل بما عبر به كما بينته في الحاشية) .أو جهل
مرجعه( من واحد مما ذكر ،كما قاله ابن عبد السلم تغليبا لما يقتضي الفساد على ما ل يقتضيه
كالنهي عن بيع الطعام حتى تجري فيه الصيعان ،وإنما اقتضى النهي الفساد لما مر أن المكروه
مطلوب الترك والمأمور به مطلوب الفعل فيتنافيان واستدلل الولين على فساد المنهي عنه بالنهي
عنه ،وقيل مطلق النهي للفساد في العبادات فقط وفساد غيرها إنما هو لمر خارج عن النهي كترك
ركن أو شرط عرف من خارج عنه ،وخرج برجوع النهي إلى ما ذكر مع ما بعده النهي الراجع
إلى أمر خارج عنه غير لزم ،فل يقتضي الفساد كالوضوء بمغصوب والبيع وقت نداء الجمعة
لرجوع النهي في الول لتلف حال الغير تعديا ،وفي الثاني بتفويت الجمعة وذلك يحصل لغير
الوضوء والبيع ،كما أنهما
يحصلن بدونه فالمنهي عنه في الحقيقة ذلك الخارج وكالصلة في المكان المكروه أو المغصوب
كما مّر ،وقيل مطلق النهي للفساد وإن كان الخارج ،وقيل ل مطلقا ولقائله تفاريع ل حاجة بنا إلى
ذكرها وخرج بمطلق النهي المقيد بما يدل للفساد أو لعدمه فيعمل به في ذلك اتفاقا.
)أما نفي القبول( عن شيء كقوله تعالى} :فلن يقبل من أحدهم ملء الرض ذهبا{ لن تقبل منهم
نفقاتهم) .فقيل دليل الصحة( :له لظهور النفي في عدم الثواب دون العتداد كما حمل عليه نحو خبر
مسلم» :من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلة أربعين يوما«) .وقيل( دليل
)الفساد( لظهور النفي في عدم العتداد ،ولن القبول والصحة متلزمان فإذا نفى أحدهما نفى
الخر) .ومثله( أي نفي القبول )نفي الجزاء( في أنه دليل الصحة أو الفساد قولن .بناء للول على
أن الجزاء إسقاط القضاء ،فإن ما ل يسقطه قد يصح كصلة فاقد الطهورين ،وللثاني على أنه
الكفاية في سقوط الطلب وهو الصح) .وقيل( هو )أولى بالفساد( من نفي القبول لتبادر عدم العتداد
منه إلى الذهن ،وعلى الفساد في نفي القبول خبر الصحيحين» :ل يقبل ال صلة أحدكم إذا أحدث
حتى يتوضا« .وفي نفي الجزاء خبر الدارقطني وغيره» :ل تجزىء صلة ل يقرأ الرجل فيها بأم
القرآن«.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
العام
ل في حقيقته أو حقيقته
بناء على الراجح التي أن العموم من عوارض اللفاظ) .لفظ( ولو مستعم ً
ومجازه أو مجازه) .يستغرق الصالح له( أي يتناوله دفعة خرج به ما ليس كذلك كالنكرة في الثبات
مفردة أو مثناة أو مجموعة أو اسم جمع كقوم أو اسم عدد ل من حيث الحاد ،فإنها تتناول ما يصلح
ل وتصدق بخمسة دراهم) .بل حصر( :خرج به اسم العدد لها بدلً ل استغراقا نحو :أكرم رج ً
والنكرة المثناة من حيث الحاد كعشرة ورجلين ،فإنهما يستغرقانها بحصر ويصدق الحّد على
المشترك المستعمل في أفراد معنى واحد لنه مع قرينة الواحد ل يصلح لغيره ،فل حاجة إلى زيادة
ل) .والصح دخول( بوضع واحد ،بل هي مضرة لخراجها المشترك المستعمل في حقيقة مث ً
الصورة )النادرة وغير المقصودة( من صور العام) .فيه( فيشملهما حكمه نظرا للعموم ،وقيل ل
نظرا للمقصود عادة في مثل ذلك والنادرة كالفيل في خبر أبي داود وغيره» :ل سبق إل في خف أو
حافر أو نصل« .فإنه ذو خف والمسابقة عليه نادرة والصح جوازها عليه وغير المقصودة ،كما لو
وكله بشراء عبيد فلن وفيهم من يعتق عليه ولم يعلم به الصح صحة شرائه أخذا من مسألة ما لو
وكله بشراء عبد فاشترى من يعتق عليه ،وفرق في منع الموانع بين النادرة وغير المقصودة بأن
النادرة هي التي ل تخطر ببال المتكلم غالبا ،وغير المقصودة قد تكون مما يخطر به .ولو غالبا،
فبينهما عموم من وجه لن النادرة قد تقصد وقد ل تقصد ،وغير المقصودة قد تكون نادرة ،وقد ل
تكون ثم إن قامت قرينة على قصد النادرة دخلت قطعا أو على قصد انتفاء صورة لم تدخل قطعا.
)و( الصح )أنه(أي العام )قد يكون مجازا( بأن يستعمل في مجازه فيصدق على العام أنه قد يكون
مجازا كما يصدق على المجاز أنه قد يكون عاما نحو :جاءني السود الرماة إل زيدا ،وقيل ل يكون
العام مجازا فل يكون المجاز عاما لن المجاز ثبت على خلف الصل للحاجة إليه ،وهي تندفع في
المستعمل في مجازه ببعض
الفراد ،فل يراد به جميعها إل بقرينة كما في المثال السابق من الستثناء) .و( الصح )أنه( أي
العموم )من عوارض اللفاظ فقط( :أي دون المعاني ،وقيل من عوارضهما معا .وصححه ابن
الحاجب حقيقة فيكون موضوعا للقدر المشترك بينهما ،وقييل مشتركا لفظيا فكما يصدق لفظ عام
يصدق معنى عام حقيقة ذهنيا كان كمعنى النسان أو خارجيا كمعنى المطر والخصب لما يقال:
النسان يعم الرجل والمرأة ،وعم المطر والخصب ،فالعموم شمول أمر لمتعدد ،وقيل بعروض
العموم في المعنى الذهني حقيقة دون الخارجي لوجود الشمول لمتعدد فيه ،بخلف الخارجي
ل في محل غيرهما في آخر ،فاستعمال العموم فيه مجازي وعلى الول والمطر والخصب مث ً
استعماله في الذهني مجازي أيضا.
)ويقال(اصطلحا )للمعنى أعم( وأخص )وللفظ عام( .وخاص تفرقة بين الدال والمدلول وخصّ
المعنى بأفعل التفضيل لنه أهم من اللفظ ،وبعضهم يقول في المعنى عام كما علم مما مّر وخاص
فيقال لمعنى المشتركين عام وأعم ،وللفظه عام ولمعنى زيد خاص وأخص وللفظه خاص.
)تنبيهان :أحدهما( :الخص يندرج في العم .وعبر بعضهم بالعكس وجمع بينهما بأن الّول في
اللفظ ،إذ الحيوان يصدق بالنسان وغيره بخلف العكس ،والثاني في المعنى إذ النسان ل بد فيه
من الحيوانية فصار العم مندرجا في الخص بمعنى الستلزام .ثانيهما :ليس المراد بوصف اللفظ
بالعموم وصفه به مجردا عن معناه ،فإنه ل وجه له بل المراد وصفه به باعتبار معناه ،فمعنى كونه
عاما أنه يشترك في معناه كثيرون ،ل أنه يكون مشتركا لفظيا فمدلوله معنى واحد مشترك بين
الجزئيات.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)ومدلوله( :أي العام في التركيب من حيث الحكم عليه) .كلية أي محكوم فيه على كل فرد( فرد
)مطابقة إثباتا( خبرا أو أمرا )أو سلبا( نفيا أو نهيا نحو :جاء عبيدي وما خالفوا فأكرمهم ول تهنهم،
لنه في قّوة قضايا بعدد أفراده أي جاء فلن وجاء فلن وهكذا فيما مّر إلى آخره ،وكل منها محكوم
ل عليه مطابقة، فيه على فرده دال عليه مطابقة فما هو في قوتها محكوم فيه على كل فرد فرد دا ّ
فقول القرافي إن دللة العام على كل فرد فرد من أفراده خارجة عن الدللت الثلث المطابقة
ي ،فليس والتضمن واللتزام مردود ،كما أوضحته في الحاشية مع زيادة وخرج بالكلية الكل والكل ّ
ل أي محكوما فيه على مجموع الفراد من حيث هو مجموع نحو :كل رجل في البلد مدلول العام ك ً
يحمل الصخرة العظيمة أي مجموعهم ،وإل لتعذر الحتجاج به في النهي على كل فرد ولم يزل
العلماء يحتجون به عليه كما في نحو} :ول تقتلوا النفس التي حّرم ال{ ول كليا أي محكوما فيه
على الماهية من حيث هي أي من غير نظر إلى الفراد نحو :الرجل خير من المرأة ،وكثيرا ما
يفضل بعض أفرادها بعض أفراده ،وذلك لن النظر في العام إلى الفراد ل إلى القدر المشترك
بينها فانحصر مدلوله في الكلية وهي مقابلة للجزئية ،والكل مقابل للجزء ،والكلي مقابل للجزئي.
)ودللته( أي العام )على أصل المعنى( من الواحد في المفرد والثنين في المثنى والثلثة أو الثنين
في الجمع على ما يأتي فيه من الخلف) .قطعية( اتفاقا )و( دللته )على كل فرد( منه بخصوصه
)ظنية في الصح( لحتماله التخصيص ،وإن لم يظهر مخصص لكثرة التخصيص في العمومات،
وقيل قطعية للزوم معنى اللفظ له قطعا حتى يظهر خلفه من قرينة كتخصيص فيمتنع تخصيص
الكتاب والسنة المتواترة بخبر الواحد ،وبالقياس على هذا دون الول فإن قام دليل على انتفاء
التخصيص كالعقل في نحو} :وال بكل شيء عليم{ فدللته قطعية اتفاقا والتصريح بالترجيح من
زيادتي) .وعموم الشخاص يستلزم عموم الحوال والزمنة والمكنة على المختار( :لنه ل غنى
ي زمان للشخاص عنها فقوله تعالى} :فاقتلوا المشركين{ أي كل مشرك على أي حال كان في أ ّ
ومكان كان ،وخص منه البعض كالذمي ،وقيل العام في الشخاص مطلق في المذكورات لنتفاء
صيغة العموم فيها فما خص به العام على الّول مبين للمراد بما أطلق فيه على هذا ورد هذا القول
بأن التعميم هنا بالستلزام كما عرف ل بالوضع فل يحتاج إلى صيغة.
)مسألة( في صيغ العموم) .كل( وتقدمت في مبحث الحروف )والذي والتي( نحو :أكرم الذي يأتيك
والتي تأتيك أي كل آت وآتية لك) .وأي وما( :الشرطيتان والستفهاميتان والموصولتان وتقدمتا ،ثم
ل وما الواقعة نكرة موصوفة ي الواقعة صفة لنكرة أو حا ً
أطلقتا للعلم بانتفاء العموم في غير ذلك كأ ّ
أو تعجبية) .ومتى( للزمان المبهم استفهامية أو شرطية نحو :متى تجئني متى جئتني أكرمتك) .وأين
وحيثما( :للمكان شرطيتين نو :أين أو حيثما كنت آتك ،وتزيد أين بالستفهام نحو :أين كنت.
)ونحوها( مما يدل على العموم لغة كجميع ،ول يضاف إل إلى معرفة وكجمع الذي والتي وكمن
ي الموصولة في نحو الستفهامية والشرطية والموصولة وتقدمت ،وأما عدم عمومها وعموم أ ّ
مررت بمن أو بأيهم قام فلقيام قرينة الخصوص ،واستشكل عموم من وما بقول الفقهاء لو قال :من
دخل داري فله درهم ،فدخلها مرة بعد أخرى ل يتكرر الستحقاق .وأجيب :بأن العموم في
الشخاص ل في الفعال إل أن تقتضي الصيغة التكرار نحو :كلما أو يحكم به قياسا لكون الشرط
علة نحو من عمل صالحا فلنفسه .فإن قلت :فلم تكرر الجزاء على المحرم بقتله صيدا بعد قتله آخر
مع أن الصيغة من في قوله تعالى} :ومن قتله منكم متعمدا{ الية؟ قلنا :لتعّدد المحل بخلفه في
مثالنا حتى لو قال :من دخل داري فله درهم وله عدة دور استحق كلما دخل دارا له درهما
لختلف المحل ،ولهذا لو قال :طلق من نسائي من شئت ل يطلق إل واحدة .ولو قال :من شاءت
طلق كل من شاءت وكل من المذكورات) .للعموم حقيقة في الصح( :لتبادره إلى الذهن ،وقيل
للخصوص حقيقة أي للواحد في المفرد ،وللثنين في المثنى ،وللثلثة أو الثنين في الجمع ،لنه
المتيقن والعموم مجاز ،وقيل مشتركة بينهما لنها تستعمل لكل منهما ،والصل في الستعمال
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الحقيقة ،وقيل بالوقف أي ل يدري أهي حقيقة في العموم أم في الخصوص أم فيهما )كالجمع
المعرف باللم( نحو} :قد أفلح المؤمنون{ )أو
الضافة( نحو} :يوصيكم ال في أولدكم{ فإنه للعموم حقيقة في الصح) .ما لم يتحقق عهد(:
لتبادره إلى الذهن ،وقيل ليس للعموم مطلقا بل للجنس الصادق ببعض الفراد كما في :تزوجت
النساء لنه المتيقن ما لم تقم قرينة على العموم كما في اليتين ،وقيل ليس للعموم إن احتمل عهد
فهو باحتماله متردد بين العهد والعموم حتى تقوم قرينة ،وعلى عمومه قيل أفراده جموع والكثر
آحاد في الثبات وغيره ،وعليه أئمة التفسير في استعمال القرآن نحو} :وال يحب المحسنين{ أي
ل منهم وأيد بصحة استثناء الواحد منه نحو:
ل منهم إن ال ل يحب الكافرين أي يعاقب ك ً يثيب ك ً
جاء الرجال إل زيدا ،ولو كان معناه جاء كل جمع من الرجال لم يصح إلأن يكون منقطعا ،نعم قد
تقوم قرينة على إرادة المجموع نحو رجال البلد يحملون الصخرة العظيمة أي مجموعهم والول
يقول قامت قرينة الحاد في نحو اليتين المذكورتين.
)و( كـ)ـالمفرد كذلك( أي المعرف باللم أو الضافة ما لم يتحقق عهد ،فإنه للعموم حقيقة في
ل له في الثاني على الستغراق لنه الصح لما مر قبله سواء تحقق استغراق أم احتمله والعهد حم ً
الصل لعموم فائدته نحو} :وأحل ال البيع{ أي كل بيع وخص منه الفاسد كالربا ونحو} .فليحذر
الذين يخالفون عن أمره{ أي كل أمر ل وخص منه أمر الندب ،وقيل ليس للعموم مطلقا بل للجنس
الصادق بالبعض كما في :لبست الثوب ولبست ثوب الناس لنه المتيقن ما لم تقم قرينة على العموم
كما في} :إن النسان لفي خسر إل الذين آمنوا{ وقيل :المعرف باللم ليس للعموم إن لم يكن واحدة
بالتاء وتميز بالوحدة كالماء والرجل ،إذ يقال فيهما ماء واحد ورجل واحد فهو في ذلك للجنس
الصادق بالبعض نحو :شربت الماء ،ورأيت الرجل ما لم تقم قرينة على العموم نحو :الدينار خير
من الدرهم أي كل دينار خير من كل درهم ،بخلف ما إذا كان واحده بالتاء كالتمر أو لم يكن بها
ولم يتميز بالوحدة كالذهب فيعم كما في خبر الصحيحين» :الذهب بالذهب ربا إل هاء وهاء والبر
بالبر ربا إل هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إل هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إل هاء وهاء« .وقولي
كذلك أولى من اقتصاره على المحلى أي باللم فإن تحقق عهد صرف إليه جزما وكأل المعّرفة أل
الموصولة هنا وفيما قبله )والنكرة في سياق النفي( وفي معناه النهي )للعموم وضعا في الصح( بأن
تدل عليه بالمطابقة كما مر من أن الحكم في العام على كل فرد مطابقة ،وقيل للعموم لزوما نظرا
إلى أن النفي أّول للماهية ،ويلزمه نفي كل فرد فيؤثر التخصيص بالنية على الول دون الثاني في
نحو :وال ل أكلت ناويا غير التمر فيحنث بأكل التمر على الثاني دون الول وعموم النكرة يكون
)نصا إن بنيت على الفتح( نحو :ل رجل في الدار) .وظاهرا إن لم تبن( نحو :ما في الدار رجل.
لحتماله نفي الواحد فقط فإن زيد فيها من كانت نصا أيضا كما مر في الحروف والنكرة في
سياق المتنان للعموم نحو} :وأنزلنا من السماء ماء طهورا{ قاله القاضي أبو الطيب :وفي سياق
الشرط للعموم نحو} :وإن أحد من المشركين استجارك فأجره{ أي كل واحد منهم وقد تكون للعموم
البدلي ل الشمولي بقرينة نحو :من يأتني بمال أجازه) .وقد يعم اللفظ( إما )عرفا كـ(ـاللفظ الدال
على مفهوم )الموافقة( بقسميه الولى والمساوي )على قول مّر( في المبحث المفهوم نحو} :فل تقل
لهما أف{ }إن الذين يأكلون أموال اليتامى{ الية قيل نقلهما العرف إلى تحريم جميع ازيذاءات
والتلفات )و( نحو} :حرمت عليكم أمهاتكم{ نقله العرف من تحريم العين إلى تحريم جميع
التمتعات المقصودة من النساء ،وسيأت قول إنه مجمل ،وقيل العموم فيه من باب القتضاء لستحالة
تحريم العيان فيضمر ما يصح به الكلم .قال الزركشي وغيره :وقد يترجح هذا بقولهم الضمار
خير من النقل كما في قوله} :وحرم الربا{ وقد أجبت عنه في الحاشية) .أو معنى( وعبر عنه
ل )كترتيب حكم على وصف( :فإنه يفيد علية الوصف للحكم كما يأتي في الصل هنا كغيره بعق ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
القياس ،فيفيد العموم بالمعنى بمعنى أنه كلما وجدت العلة وجد المعلول نحو :أكرم العالم إذا لم
تجعل اللم فيه للعموم ول عهد ،و)كـ(ـاللفظ الدال على مفهوم )المخالفة على قول مر( :أن دللة
اللفظ بالمعنى على ما عدا المذكور بخلف حكمه ،وهو أنه لو لم ينف المذكور والحكم عما عداه لم
يكن لذكره فائدة كما في خبر الصحيحين» :مطل الغني ظلم« أي بخلف مطل غيره.
)والخلف في أن المفهوم( مطلقا }ل عموم له لفظي{ أي عائد إلى اللفظ والتسمية أي هل يسمى
عاما أو ل .بناء على أن العموم من عوارض اللفاظ والمعاني أو اللفاظ فقط ،وأما من جهة المعنى
فهو شامل لجميع صور ما عدا المذكور بما مر من عرف وإن صار به منطوقا أو معنى) .ومعيار
العموم( أي ضابطه )الستثناء( :فكل ما صح الستثناء منه مما ل حصر فيه فهو عام كالجمع
المعرف للزوم تناوله المستثنى نحو :جاء الرجال إل زيدا ،ول يصح الستثناء من الجمع المنكر إل
أن يخصص فيعم ما يخصص به نحو :قام رجال كانوا في دارك إل زيدا منهم ،ويصح جاء رجل
إل زيد بالرفع على أن إل صفة بمعنى غير كما في }لو كان فيهما آلهة إل ال لفسدتا{ )والصح أن
الجمع المنكر( في الثبات نحو :جاء رجال أو عبيد) .ليس بعام( إن لم يتخصص فيحمل على أقل
الجمع ثلثة أو اثنين لنه المحقق ،وقيل إنه عام لنه كما يصدق بذلك يصدق بجميع الفراد وبما
ل فعلى أقلبينهما ،فيحمل على جميع الفراد احتياطا إل أن يمنع منه مانع كما في :رأيت رجا ً
الجمع قطعا ،والخلف كما قال جماعة جار في جمع القلة والكثرة .وقال الصفي الهندي :محله في
جمع الكثرة) .و( الصح )أن أقل( مسمى )الجمع( :كرجال ومسلمين )ثلثة( لتبادرها إلى الذهن،
وقيل اثنان ،لقوله تعالى} :إن تتوبا إلى ال فقد صغت قلوبكما{ أي عائشة وحفصة وليس لهما إل
قلبان .قلنا :مثل ذلك مجاز والداعي له في الية الكريمة كراهة الجمع بين التثنيتين في المضاف
ومتضمنة وهما كالشيء الواحد بخلف نحو :جاء عبداكما ،وينبني على الخلف ما لو أقر أو
أوصى بدراهم لزيد ،والصح أنه يستحق ثلثة ،لكن ما مثلوا به من جمع الكثرة مخالف لطباق
النحاة على أن أقله أحد عشر .ويجاب بأن أصل وضعه ذلك لكن غلب استعماله عند الصوليين في
أقل جمع القلة ،وقد أشار إلى ذلك في منع الموانع كما بينته في الحاشية.
)و( الصح )أنه( أي الجمع )يصدق بالواحد مجازا( لستعماله فيه كقول الرجل لمرأته وقد برزت
لرجل :أتتبرجين للرجال؟ لستواء الواحد والجمع في كراهة التبرج له ،وقيل ل يصدق به ولم
يستعمل فيه والجمع في هذا المثال عل بابه لن من برزت لرجل تبرز لغيره عادة) .و( الصح
)تعميم عام سيق لغرض( كمدح وذم وبيان مقدار) .ولم يعارضه عام آخر( لم يسق لذلك إذ ما سيق
له ل ينافي تعميمه ،فإن عارضه العام المذكور لم يعم فيما عورض فيه جمعا بينهما كما لو عارضه
خاص ،وقيل ل يعم مطلقا لنه لم يسق للتعميم ،وقيل يعمه مطلقا كغيره وينظر عند المعارضة إلى
مرجح مثاله ول معارض} :إن البرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم{ ومع المعارض }والذين هم
لفروجن حافظون إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم{ فإنه وقد سيق للمدح يعم بظاهره إباحة
الجمع بين الختين بملك اليمين وعارضه في ذلك} :وأن تجمعوا بين الختين{ فإنه وإن لم يسق
للمدح بل لبيان الحكم شامل لحرمة جمعهما بملك اليمين ،فحمل الول على غير ذلك بأن لم يرد
تناوله ،وقولي تبعا للبرماوي لغرض أولى من قول الصل بمعنى المدح والذم ،أما إذا سيق العام
المعارض لغرض أيضا فكل منهما عام فيتعارضان فيحتاج إلى مرجح) .و( الصح )تعميم نحو :ل
يستوون( :من قوله تعالى} :أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ل يستوون{} ،ل يستوي أصحاب النار
وأصحاب الجنة{ فهو لنفي جميع وجوه الستواء الممكن نفيها لتضمن الفعل المنفي لمصدر منكر،
وقيل ل يعم نظرا إلى أن الستواء المنفي هو الشتراك من بعض الوجوه ،فهو على هذا من سلب
العموم ،وعلى الول من عموم السلب وعليه يستفاد من اليتين بأن يراد بالفاسق في الولى الكافر
بقرينة مقابلته بالمؤمن أن الكافر ل يلي أمر ولده المسلم ،وأن المسلم ل يقتل بالذمي ،وخالف في
المسألتين الحنفية ،والمراد بنحو ل يستوون كل ما دل على نفي الستواء أو نحوه كالمساواة
والتماثل والمماثلة.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)و( الصح تعميم نحو) :ل أكلت( من قولك :وال ل أكلت فهو لنفي جميع المأكول بنفي جميع أفراد
ل فهو للمنع من جميع المأكولت فيصح تخصيص بعضها الكل) .وإن أكلت( :فزوجتي طالق مث ً
في المسألتين بالنية ويصّدق في إرادته .وقال أبو حنيفة :ل تعميم فيها فل يصح التخصيص بالنية
لن النفي والمنع لحقيقة الكل ،ويلزمهما النفي والمنع لجميع المأكولت حتى يحنث بواحد منها
اتفاقا ،وعبر الصل في الثانية بقيل على خلف تسويتي تبعا لبن الحاجب وغيره بينهما ،لما فهم
من أن عموم النكرة في سياق الشرط بدلي ،وليس كما فهم بل عمومها فيه شمولي ،وإنما يكون بدليا
بقرينة كما مّر) .ل المقتضي( :بالكسر وهو ما ل يستقيم من الكلم إل بتقدير أحد أمور ،ويسمى
ل بينها يتعين بالقرينة ،وقيلمقتضى بالفتح فل يعم جميعها لندفاع الضرورة بأحدها ،ويكون مجم ً
يعمها حذرا من الجمال قالوا مثاله الخبر التي في مبحث المجملُ» :رفع عن أمتي الخطأ
والنسيان« .فلوقوعهما من المة ل يستقيم بدون تقدير المؤاخذة أو الضمان أو نحو ذلك ،فقدرنا
المؤاخذة لفهمها عرفا من مثله وقيل يقدر جميعها فيكون المقتضى عاما) .والمعطوف على العام(
فل يعم ،وقيل يعم لوجوب مشاركة المتعاطفين في الحكم والصفة .قلنا في الصفة ممنوع مثاله خبر
أبي داود وغيره» :ل يقتل مسلم بكافر ول ذو عهد في عهده« .قيل يعني بكافر وخص منه غير
الحربي بالجماع .قلنا :ل حاجة إلى ذلك بل تقدر بحربي ،وبعضهم جعل الجملة الثانية تامة ل
تحتاج إلى تقدير ومعناها ول يقتل ذو عهد ما دام عهده ،وبعضهم جعل في الحديث تقديما وتأخيرا
والصل ول يقتل مسلم ول ذو عهد في عهده بكافر) .والفعل المثبت ولو مع كان( كخبر بلل:
»صلى النبي صلى ال عليه وسّلم داخل الكعبة« .وخبر أنس» :كان النبي صلى ال عليه وسّلم
يجمع بين الصلتين في السفر« .فل يعم أقسامه ،وقيل يعمها فل يعم
المثال الول الفرض والنفل ،ول الثاني جمع التقديم والتأخير ،إذ ل يشهد اللفظ بأكثر من صلة
ل ،والجمع الواحد في الوقتين ،وقل واحدة وجمع واحد ،ويستحيل وقوع الصلة الواحدة فرضا ونف ً
يعمان ما ذكر حكما لصدقهما بكل من قسمي الصلة والجمع ،وقد تستعمل كان مع المضارع
للتكرار كما في قوله تعالى في قصة إسماعيل} :وكان يأمر أهله بالصلة والزكاة{ وعليه جرى
العرف وتحقيقه مذكور في الحاشية) .و( الحكم )المعلق لعلة( فل يعم كل محل وجدت فيه العلة.
)لفظا لكن( يعمه )معنى( كما مّر .وقيل يعمه لفظا كأن يقول الشارع :حّرمت الخمر لسكارها فل
يعم كل مسكر لفظا ،وقيل يعمه لذكر العلة فكأنه قال :حرمت المسكر) .و( الصح أن )ترك
الستفصال( في وقائع الحوال مع قيام الحتمال) .ينزل منزلة العموم( في المقال كما في خبر
الشافعي وغيره أنه صلى ال عليه وسّلم قال لغيلن بن سلمة الثقفي ،وقد أسلم على عشر نسوة:
ن معا أو مرتبا،»أمسك أربعا وفارق سائرهن« فإنه صلى ال عليه وسّلم لم يستفصله هل تزوجه ّ
فلول أن الحكم يعم الحالين لما أطلق لمتناع الطلق في محل التفصيل ،وقيل ل ينزل منزلة
ل والعبارة المذكورة للشافعي وله عبارة أخرى وهي قوله :وقائع العموم بل يكون الكلم مجم ً
الحوال إذا تطرق إليها الحتمال كساها ثوب الجمال وسقط بها الستدلل ،وظاهرهما التعارض
وقد بينته مع الجواب عنه في الحاشية) .و( الصح )أن نحو :يا أيها النبي( اتق ال .يا أيها المزمل
)ل يشمل المة( من حيث الحكم لختصاص الصيغة به ،وقيل يشملهم لن المر للمتبوع أمر لتابعه
عرفا كما في أمر السلطان المير بفتح بلد .قلنا :هذا فيما يتوقف المأمور به على المشاركة وما نحن
فيه ليس كذلك ،ومحل الخلف ما يمكن فيه إرادة المة معه ولم تقم قرينة على إرادتهم معه،
بخلف ما ل يمكن فيه ذلك نحو} :يا أيها الرسول بلغ{ الية .أو قامت قرينة على إرادتهم معه نحو:
}يا أيها النبي إذا
و( الصح )أن نحو يا أيها الناس يشمل الرسول( عليه الصلة والسلم) .وإن اقترن بقل( لمساواتهم
له في الحكم ،وقيل ل يشمله مطلقا لنه ورد على لسانه للتبليغ لغيره ،وقيل إن اقترن بقل لم يشمله
لظهوره في التبليغ وإل شمله) .و( الصح )أنه( أي نحو :يا أيها الناس) .يعم العبد( .وقيل ل
لصرف منافعه لسيده شرعا قلنا في غير أوقات ضيق العبادة) .و( الصح أنه )يشمل الموجودين(
وقت وروده )فقط( :أي ل من بعدهم وقيل يشملهم أيضا لمساواتهم للموجودين في حكمه إجماعا قلنا
بدليل آخر وهو مستند الجماع ل منه) .و( الصح )أن من( شرطية كانت أو استفهامية أو موصولة
أو موصوفة أو تامة فهو أعم من قوله إن من الشرطية) .تشمل النساء( لقوله تعالى} :ومن يعمل من
الصالحات من ذكر أو أنثى{ وقيس بالشرطية البقية ،لكن عموم الخيرتين في الثبات عموم بدلي ل
شمولي ،وقيل تختص بالذكور فلو نظرت امرأة في بيت أجنبي جاز رميها على الول لخبر مسلم:
»من تطلع على بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينيه« .ول يجوز على الثاني قيل :ول
ن( :أيعلى الول أيضا لن المرأة ل يستتر منها) .و( الصح )أن جمع المذكر السالم ل يشمله ّ
ن ظاهرا لنه لما كثر في الشرع ن بقرينة تغليبا للذكور ،وقيل يشمله ّ
النساء )ظاهرا( وإنما يشمله ّ
ن للذكور في الحكام أشعر بأن الشارع ل يقصد بخطاب الذكور قصر الحكام عليهم مشاركته ّ
ل بمادته كرجال وما يدل على جمعيته وخرج بما ذكر اسم الجمع كقوم ،وجمع المذكر المكسر الدا ّ
بغير ما ذكر كالناس فل يشمل الولن النساء قطعا ويشملهنّ الثالث قطعا ،وأما الدال ل بمادته
ل بحكم )ل يتعداه( إلىكالزيود فملحق بجمع المذكر السالم) .و( الصح )أن خطاب الواحد( مث ً
غيره ،وقيل يعم غيره لجريان عادة الناس بخطاب الواحد وإرادة الجميع فيما يشاركون فيه .قلنا:
مجاز يحتاج إلى قرينة) .و(
الصح )أن الخطاب بيا أهل الكتاب( وهم اليهود والنصارى نحو قوله تعالى} :يا أهل الكتاب ل
تغلوا في دينكم{ )ل يشمل المة( :أي أمة محمد صلى ال عليه وسّلم الخاصة ،وقيل يشملهم فيما
يتشاركون فيه ،وتقدم في مبحث المر الكلم على أن المر بالمّد هل يدخل في لفظه أو ل) .و(
الصح أن )نحو :خذ من أموالهم( من كل اسم جنس مأمور بنحو الخذ منه مجموع مجرور بمن.
ل )من كل نوع( :من أنواع المجرور ما لم يخص بدليل ،وقيل ل بل يمتثل )يقتضي الخذ( مث ً
بالخذ من نوع واحد .وتوقف المدي عن ترجيح واحد من القولين ،والول نظرا إلى أن المعنى
من جميع النواع ،والثاني إلى أنه من مجموعهما.
التخصيص
وهو مصدر خصص بمعنى خص )قصر العام( :أي قصر حكمه) .على بعض أفراده( :أي يخص
بدليل فيخرج العام المراد به الخصوص) .وقابله( أي التخصيص )حكم ثبت لمتعّدد( لفظا نحو:
}فاقتلوا المشركين{ وخص منه الذمي ونحوه ،وعلى القول بأن العموم يجري في المعنى كاللفظ
مثلوا له بمفهوم} :فل تقل لهما أف{ من سائر أنواع اليذاء وخص منه حبس الوالد بدين الولد فإنه
جائز على ما صححه الغزالي وغيره ،والصح أنه ل يجوز كما صححه البغوي وغيره) .والصح
جوازه( :أي التخصيص )إلى واحد إن لم يكن العام جمعا( كمن والمفرد المعرف) .و( إلى )أقل
الجمع( ثلثة أو اثنين )إن كان( جمعا كالمسلمين والمسلمات ،وقيل يجوز إلى واحد مطلقا ،وقيل ل
يجوز إلى واحد مطلقا وهو شاذ ،وقيل ل يجوز إل أن يبقى غير محصور) .والعام المخصوص
ل ل حكما( لن بعض الفراد ل يشمله الحكم نظرا للمخصص) .و( العام )المراد عمومه مراد تناو ً
ل ول حكما) ،بل( هو )كلي( من حيث إن له أفرادا بحسب به الخصوص ليس( عمومه )مرادا( تناو ً
أصله) .استعمل في جزئي( أي فرد منها) ،فهو مجاز قطعا( .نظرا للجزئية كقوله تعالى} :الذين قال
لهم الناس{ ،أي نعيم ابن مسعود الشجعي لقيامه مقام كثير في تثبيطه المؤمنين عن ملقاة أبي
سفيان وأصحابه أم يحسدون الناس ،أي رسول ال صلى ال عليه وسّلم لجمعه ما في الناس من
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الخصال الجميلة ،ول يخفى أن عموم العام غير مدلوله فل ينافي التعبير في عمومه هنا بالكلي
التعبير في مدلوله فيما مّر بالكلية ،مع أن الكلم هنا في عموم العام المراد به الخصوص ،وثم في
العام مطلقا.
)والصح أن الول( أي العام المخصوص )حقيقة( في الباقي بعد التخصيص ،لن تناوله له مع
التخصيص كتناوله به بدونه ،وذلك التناول حقيقي فكذا هذا ،وقيل حقيقة إن كان الباقي غير
منحصر لبقاء خاصة العموم وإل فمجاز ،وقيل حقيقة إن خص بما ل يستقل كصفة أو شرط أو
ص بمستقل استثناء لن ما ل يستقل جزء من المقيد به فالعموم بالنظر إليه فقط ،بخلف ما إذا خ ّ
كعقل أو سمع ،وقيل حقيقة ومجاز باعتبارين باعتبار تناول البعض حقيقة وباعتبار القتصار عليه
مجاز ،وقيل مجاز مطلقا لستعماله في بعض ما وضع له أّول ،وقيل مجاز إن استثنى منه لنه
يتبين بالستثناء أنه أريد بالمستثنى منه ما عدا المستثنى ،بخلف غير الستثناء من صفة وغيرها،
فإنه يفهم ابتداء أن العموم بالنظر إليه فقط ،وقيل مجاز إن خص بغير لفظ كالعقل بخلف اللفظ أما
الثاني فمجاز قطعا كما مّر) .فهو( :أي الول وهو العام المخصوص على القول بأنه حقيقة )حجة(
جزما أخذا من منع الموانع لستدلل الصحابة به من غير نكير ،وعلى القول بأنه مجاز الصح أنه
ص بغير ما ظهر يشك فيما حجة مطلقا لذلك ،وقيل غير حجة مطلقا لنه لحتمال أن يكون قد خ ّ
يراد منه ،فل يتبين إل بقرينة ،وقيل حجة إن خص بمعين كأن يقال :اقتلوا المشركين إل الذمي
بخلف المبهم نحو :إل بعضهم ،إذ ما من فرد إل ،ويجوز أن يكون هو المخرج قلنا :يعمل به إلى
أن يبقى فرد ،وقيل حجة إن خص بمتصل كالصفة لما مّر من أن العموم بالنظر إليه فقط بخلف
المنفصل ،فيجوز أن يكون قد خص منه غير ما ظهر فيشك في الباقي ،وقيل حجة في الباقي إن أنبأ
عن الباقي العموم نحو} :فاقتلوا المشركين{ فإنه ينبىء عن الحربي لتبادر الذهن إليه كالذمي
المخرج بخلف ما ل ينبىء عنه العموم نحو} :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما{ فإنه ل ينبىء
عن السارق بقدر ربع دينار فأكثر من حرز كما ل ينبىء عن السارق لغير ذلك المخرج ،فالباقي
منه يشك فيه باحتمال اعتبار
قيد آخر ،وقيل حجة في أقل الجمع لنه المتيقن بناء على القول بأنه ل يجوز مطلقا وبذلك علم أن ما
ذكره الصل من هذا الخلف إنما هو مفّرع على ضعيف ،أما الثاني فل يحتج به ،كذا قاله الشيخ
أبو حامد) .ويعمل بالعام ولو بعد وفاة النبي( صلى ال عليه وسّلم) .قبل البحث عن المخصص(،
لن الصل عدمه ولن احتماله مرجوح وظاهر العموم راجح والعمل بالراجح واجب ،وقيل ل
يعمل به بعد وفاته قبل البحث لحتمال التخصيص ،وعليه يكفي في البحث عن ذلك الظن بأن ل
مخصص على الصح) .وهو( أي المخصص للعام) .قسمان( :أحدهما )متصل( أي ما ل يستقل
بنفسه من اللفظ بأن يقارن العام) .وهو خمسة( أحدها) :الستثناء( بمعنى صيغته )وهو( أي
ل وعدا وسوى واقعا الستثناء نفسه )إخراج( من متعّدد )بنحو إل( من أدوات الخراج وضعا كخ ً
ذلك الخراج مع المخرج منه) .من متكلم واحد في الصح( ،وقيل :ل يشترط وقوعه من واحد
فقول القائل إل زيدا عقب قول غيره جاء الرجال استثناء على الثاني لغو على الول ،ولهذا لو قال
ي صلى ال عليه لي عليك مائة فقال له إل درهما ل يكون مقرا بشيء في الصح ،نعم لو قال النب ّ
ي عقب نزول قوله تعالى} :فاقتلوا المشركين{ كان استثناء قطعا لنه مبلغ عن ال وإن وسّلم إل الذم ّ
لم يكن ذلك قرآنا) .ويجب( أي يشترط )اتصاله( أي الستثناء بمعنى صيغته بالمستثنى منه) .عادة
في الصح( فل يضر انفصاله بنحو تنفس أو سعال فإن انفصل بغير ذلك كان لغوا ،وقيل يجوز
انفصاله إلى شهر ،وقيل إلى سنة ،وقيل أبدا ،وقيل غير ذلك ول بد من نية الستثناء قبل الفراغ من
المستثنى منه.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)أما( الستثناء بمعنى صيغته )في المنقطع( وهو ما ل يكون المستثنى فيه بعض المستثنى منه
عكس المتصل السابق المنصرف إليه السم عند الطلق نحو :ما في الدار إنسان إل الحمار.
)فمجاز( فيه )في الصح( .لتبادره في المتصل إلى الذهن ،وقيل حقيقة فيه كالمتصل فيكون مشتركا
لفظيا بينهما ويحّد بالمخالفة بنحو إل بغير إخراج ،وقيل متواطىء أي موضوع للقدر المشترك
بينهما أي المخالفة بنحو :إل حذرا من الشتراك والمجاز ،وقيل بالوقف أي ل ندري أهو حقيقة
فيهما أم في أحدهما ،أم في القدر المشترك بينهما ،ول يعّد المنقطع من المخصصات والترجيح من
زيادتي ،ولما كان في الكلم الستثنائي شبه التناقض حيث يدخل المستثنى فيالمستثنى منه ،ثم ينفى
وكان ذلك أظهر في العدد لنصوصيته في آحاده دفعوا ذلك فيه بما ذكرته بقولي) :والصح أن
ي عشرة إل ثلثة العشرة باعتبار الحاد( جميعها) .ثم أخرجت المراد بعشرة في( قولك لزيد )عل ّ
ثلثة( بقولك إل ثلثة) :ثم أسند إلى الباقي( وهو سبعة)تقديرا وإن كان( السناد )قبله( :أي قبل
ي الباقي من عشرة أخرج منها ثلثة ،وليس في هذا إخراج الثلثة) .ذكرا( أي لفظا فكأنه قال له :عل ّ
ل فل تناقض ،وقيل المراد بعشرة في ذلك سبعة ،وقوله :إل ثلثة قرينة لذلك إل إثبات ول نفي أص ً
بينت إرادة الجزء باسم الكل مجازا ،وقيل معنى عشرة إل ثلثة بإزاء اسمين مفرد هو سبعة
ومركب هو عشرة إل ثلثة ول نفي أيضا على القولين فل تناقض ،ووجه تصحيح الّول أن فيه
توفية بما مّر من أن الستثناء إخراج بخلف الثاني والثالث .ول يصح( استثناء )مستغرق( بأن
ي عشرة إل عشرة لزمه عشرة) .والصح صحة يستغرق المستثنى المستثنى منه فلو قال له :عل ّ
ي عشرة إل تسعة )و( استثناء )المساوي( نحو له عشرة إل استثناء الكثر( من الباقي نحو :له عل ّ
خمسة )و( استثناء )العقد الصحيح( نحو له مائة إل عشرة ،وقيل ل يصح في الكثر ،وقيل ل يصح
فيه إن كان
العدد في المستثنى والمستثنى منه صريحا نحو ما مر ،بخلف غيره نحو :خذ الدراهم إل الزيوف
وهي أكثر ،وقيل ل يصح في المساوي أيضا ،وقيل ل يصح في العقد الصحيح) .و( الصح )أن
الستثناء من النفي إثبات وبالعكس( .وقيل ل بل المستثنى من حيث الحكم مسكوت عنه وهو منقول
عن الحنفية فنحو :ما قام أحد إل زيد وقام القوم إل زيدا يدل الول على إثبات القيام لزيد ،والثاني
على نفيه عنه من حيث القيام وعدمه ،وينبني على الخلف أن المستثنى من حيث الحكم مخرج من
ل أو مخرج من الحكم فيدخل في نقيضه أي :ل المحكوم به فيدخل في نقيضه من قيام أو عدمه مث ً
حكم إذ القاعدة أن ما خرج من شيء دخل في نقيضه وجعلوا الثبات في كلمة التوحيد بعرف
الشرع ،وفي الستثناء المفرغ نحو :ما جاء القوم إل زيد بالعرف العام.
)و( الستثناءات )المتعددة إن تعاطفت فـ(ـهي عائدة )للمستثنى منه( لتعذر عود كل منها إلى ما يليه
ي عشرة إل أربعة وإل ثلثة وإل اثنين ،فيلزمه واحد فقط ونحو :له بوجود العاطف نحو :له عل ّ
علي عشرة إل عشرة وإل ثلثة وإل اثنين فيلزمه العشرة للستغراق) .وإل( :أي وإن لم يتعاطف
)فكل( من آخرها وباقي كل من باقيها عائد )لما يليه ما لم يستغرقه( .نحو :له عشرة إل خمسة إل
أربعة إل ثلثة فيلزمه ستة ،فإن استغرق كل ما يليه بطل الكل أو استغرق غير الول نحو :له علي
عشرة إل اثنين إل ثلثة إل أربعة عاد الكل للمستثنى منه فيلزمه واحد فقط أو الول فقط نحو :له
عشرة إل عشرة إل أربعة فقيل يلزمه عشرة لبطلن الول لستغراقه ،والثاني تبعا ،وقيل أربعة
اعتبار الستثناء الثاني من الول ،وهو الموافق للصح في الطلق .وقال ابن الصباغ وغيره إنه
القيس وقيل ستة اعتبارا للثاني دون الول) .والصح أنه( أي الستثناء )يعود للمتعاطفات( :أي
لكل منها حيث يصلح له لنه الظاهر بقيد زدته بقولي) :بـ(ـحرف )مشرك( كالواو والفاء جم ً
ل
كانت المتعاطفات أو مفردات كأكرم العلماء وحبس ديارك وأعتق عبيدك وكتصدق على الفقراء
والمساكين والعلماء سواء أسيقت لغرض واحد أم ل ،وسواء تقدم الستثناء عليها أم تأخر أم توسط،
فتعبيري بذلك أولى من اقتصاره على ما إذا تأخر ،وقيل للخير فقط لنه المتيقن ،وقيل إن سيق
الكل لغرض واحد عاد للكل كحبست داري على أعمامي ،ووقفت بستاني على أخوالي ،وسبلت
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
سقايتي لجيراني إل أن يسافروا وإل عاد للخير فقط ،كأكرم العلماء وحبس ديارك على أقاربك،
وأعتق عبيدك إل الفسقة منهم ،وقيل إن عطف بالواو عاد للكل ،وإل فللخير .وقيل مشترك بين
عوده للكل وعوده للخير ،وقيل بالوقف ل ندري ما الحقيقة منهما ،ويتبين المراد على الخيرين
بالقرينة وحيث وجدت فل خلف كما في قوله تعالى} :والذين ل يدعون مع ال إلها آخر{ إلى قوله
}إل من تاب{ فإنه عائد للكل بل خلف ،وقوله تعالى} :ومن قتل مؤمنا خطأ{ إلى قوله }إل أن
يصدقوا{ فإنه عائد إلى الخير أي الدية دون الكفارة بل خلف أما قوله} :والذين يرمون
المحصنات{ إلى قوله }إل الذين تابوا{ فإنه عائد للخير ل للول أي الجلد قطعا لنه حق آدمي فل
يسقط بالتوبة ،وفي عوده للثاني أي عدم قبول الشهادة الخلف ،فعلى الصح تقبل ،وعلى الثاني ل
تقبل وخرج بالمشترك غيره كبل ولكن وأو فل يعود ذلك إل للخير.
)و( الصح )أن القران بين جملتين لفظا( بأن تعطف إحداهما على الخرى )ل يقتضي التسوية(
بينهما) .في حكم لم يذكر( وهو معلوم لحداهما من خارج فيعطف واجب على مندوب أو مباح
ن أحدكم في الماء الدائم ول يغتسل فيه وعكسه .وقيل :يقتضيها فيه مثاله خبر أبي داود» :ل يبول ّ
من الجنابة« فالبول فيه ينجسه بشرطه كما هو معلوم وذلك حكمة النهي .قال بعض القائل بالثاني،
فكذا الغتسال فيه للقران بينهما ،ومن أمثلة ذلك قوله تعالى} :فكاتبوهم{ الية) .و( ثاني
المخصصات المتصلة )الشرط( .والمراد اللغوي كما مر) .وهو( ما زدته بقولي) :تعليق أمر بأمر
كل منهما في المستقبل أو ما يدل عليه( من صيغة نحو :أكرم بني تميم إن جاءوا أي الجائين منهم.
ل وعودا لكل المتعاطفات وصحة لخراج الكثر )وهو( أي الشرط المخصص )كالستثناء( اتصا ً
به نحو :أكرم بني تميم إن كانوا علماء ،ويكون جهالهم أكثر ،فيجب مع نية الشرط اتصاله وعوده
للكل ،ولو تقدم أو توسط .ويصح إخراج الكثر به في الصح ،وقيل وفاقا .وعليه جرى الصل في
الثالث لكن أجيب عنه بأنه أراد به وفاق من خالف في الستثناء فقط) .و( ثالثها )الصفة( :المعتبر
مفهومها كأكرم بني تميم الفقهاء خرج بالفقهاء غيرهم) .و( رابعها )الغاية( :كأكرم بني تميم إلى أن
يعصوا خرج حال عصيانهم فل يكرمون فيه) .وهما( أي الصفة والغاية )كالستثناء( اتصالً
وعودا ،وصحة إخراج الكثر بهما فيجب مع نيتهما اتصالهما وعودهما للكل ،ولو تقدمتا أو
توسطتا ،ويصح إخراج الكثر بهما في الصح خلفا لما اختاره ،وتبعه عليه البرماوي من
اختصاص الصفة المتوسطة بما وليته ،وذلك كوقفت على أولدي وأولدهم المحتاجين ،ووقفت
على محتاجي أولدي وأولدهم ،ووقفت على أولدي المحتاجين وأولدهم ،فيعود الوصف للكل
على الصل في اشتراك المتعاطفات ،ولن المتوسطة بالنسبة لما وليته متأخرة ولما وليها متقدمة،
بل قيل إن عودها إليهما أولى مما إذا تقدمتهما،
وقد أوضحت ذلك في الحاشية واقتصاري على كالستثناء أولى من قوله كالستثناء في العود.
)والمراد( بالغاية )غاية صحبها عموم يشملها( ظاهرا لو لم تأت بقيد زدته بقولي) :ولم يرد بها
تحقيقه مثل( ما مّر ،ومثل قوله تعالى} :قاتلوا الذين ل يؤمنون{ إلى قوله }حتى يعطوا الجزية{ فإنها
لو لم تأت لقاتلناهم أعطوا الجزية أم ل) .وأما مثل( قوله تعالى} :سلم هي حتى مطلع الفجر{ من
غاية لم يشملها عموم صحبها ،إذ طلوع الفجر ليس من الليلة حتى تشمله) .و( مثل قولهم )قطعت
أصابعه من الخنصر( :بكسر أوله مع كسر ثالثه أو فتحه )إلى البهام( :من غاية شملها عموم لو لم
تذكر وأريد بها تحقيقه) .فلتحقيق( :أي فالغاية فيه لتحقيق )العموم( .فيما قبلها ل لتخصيصه فتحقيق
العموم في الول أن الليلة سلم في جميع أجزائها ،وفي الثاني أن الصابع قطعت كلها ،والغاية في
الثاني من المغيا بخلفها في الول ،وقولي :إلى البهام أوضح من قوله إلى البنصر) .و( خامسها
)بدل بعض( من كل كما ذكره ابن الحاجب كـ}ـّلله على الناس حج البيت من استطاع{ )أو( بدل
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)اشتمال( كما نقله مع ما قبله البرماوي عن أبي حيان عن الشافعي :كأعجبني زيد علمه وهو من
زيادتي إل أن يقال إنه يرجع إلى ما قبله تجّوزا) .ولم يذكره( أي البدل بشقيه )الكثر( ،بل أنكره
جماعة منهم الشمس الصفهاني ،وصّوب عدم ذكره السبكي كما نقله عنه ابنه في الصل لن
المبدل منه في نية الطرح ،فل محل يخرج منه فل تخصيص به .وأجاب عنه البرماوي بأن كونه
في نية الطرح قول والكثر على خلفه ،قال السيرافي والنحويون :لم يريدوا إلغاءه وإنما أرادوا أن
البدل قائم بنفسه وليس مبينا للول كتبيين النعت للمنعوت.
)و( القسم الثاني من المخصص )منفصل( أي ما يستقل بنفسه من لفظ أو غيره )فيجوز في الصح
التخصيص بالعقل( سواء أكان بواسطة الحس من مشاهدة وغيرها من الحواس الظاهرة أم بدونها
فالول كقوله تعالى في الريح المرسلة على عاد تدمر كل شيء أي :تهلكه ،فإن العقل يدرك بواسطة
الحس أي المشاهدة ما ل تدمير فيه كالسماء ،والثاني كقوله تعالى }خالق كل شيء{ فإن العقل يدرك
بالضرورة أنه تعالى ليس خالقا لنفسه ول لصفاته الذاتية ،وكقوله تعالى} :ول على الناس حج البيت
ل{ فإن العقل يدرك بالنظر أن الطفل والمجنون ل يدخلن لعدم الخطاب ،وقيل من استطاع إليه سبي ً
ل يجوز ذلك لن ما نفي العقل حكم العام عنه لم يشمله العام إذ ل تصح إرادته ،وذكر الصل أن
الخلف لفظي ،وفيه بحث ذكرته في الحاشية ،ولهذا تركته هنا ،وبما تقرر علم أن التخصيص بالعقل
شامل للحس كما سلكه ابن الحاجب ،لن الحاكم فيه إنما هو العقل فل حاجة إلى إفراده بالذكر خلفا
لما سلكه الصل) .و( يجوز في الصح )تخصيص الكتاب به( :أي بالكتاب وهو من تخصيص
ن ثلثة قروء{ الشامل قطعي المتن بقطعيه كتخصيص قوله تعالى} :والمطلقات يتربصن بأنفسه ّ
ن{ وبقوله} :يا أيها
ن أن يضعن حمله ّ ن بقوله} :وأولت الحمال أجله ّ للحوامل ولغير المدخول به ّ
ن من عدة تعتدونها{ ن فما لكم عليه ّ
ن من قبل أن تمسوه ّالذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموه ّ
وقيل :ل يجوز ذلك لقوله تعالى} :وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم{ فّوض البيان إلى
رسوله والتخصيص بيان فل يحصل إل بقوله قلنا وقع ذلك كما رأيت.
فإن قلت :يحتمل التخصيص بغير ذلك من السنة .قلنا :الصل عدمه وبيان الرسول يصدق ببيان ما
نزل عليه من الكتاب ،وقد قال تعالى} :ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء{.
)و( يجوز في الصح تخصيص )السنة( المتواترة وغيرها )بها( أي بالسنة كذلك كتخصيص خبر
الصحيحين :فيما سقت السماء العشر ،بخبرهما :ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة .وقيل ل يجوز
لية} :وأنزلنا إليك الذكر{ قصر بيانه على الكتاب .قلنا :وقع ذلك كما رأيت مع أنه ل مانع منه
لنهما من عند ال قال تعالى} :وما ينطق عن الهوى{ )و( يجوز في الصح تخصيص )كل( من
الكتاب والسنة )بالخر( :فالول كتخصيص آية المواريث الشاملة للولد الكافر بخبر الصحيحين:
»ل يرث المسلم الكافر ول الكافر المسلم« .فهذا تخصيص بخبر الواحد فبالمتواترة أولى ،وقيل ل
يجوز بالمتواترة الفعلية بناء على قول يأتي وأن فعل الرسول ل يخصص ،وقيل ل يجوز بخبر
الواحد مطلقا ،وإل لترك القطعي بالظني .قلنا :محل التخصيص دللة العام وهي ظنية والعمل
بالظنيين أولى من إلغاء أحدهما .وقيل يجوز إن خص بمنفصل لضعف دللته حينئذ ،وقيل غير
ذلك .والثاني كتخصيص خبر مسلم البكر بالبكر جلد مائة الشامل للمة بقوله تعالى} :فعليهن نصف
ما على المحصنات من العذاب{ وقيل ل يجوز ذلك لقوله تعالى} :لتبين للناس ما نزل إليهم{ جعله
مبينا للكتاب فل يكون الكتاب مبينا للسنة .قلنا :وقع ذلك كما رأيت مع أنه ل مانع منه لما مر ومن
السنة فعل النبي وتقريره ،فيجوز في الصح التخصيص بهما ،وإن لم يتأت تخصيصهمالنتفاء
عمومهما كما علم مما مر .وذلك كأن يقول :الوصال حرام على كل مسلم ،ثم يفعله أو يقر من فعله،
وقيل ل يخصصان بل ينسخان حكم العام ،لن الصل تساوي الناس في الحكم .قلنا :التخصيص
أولى من النسخ لما فيه من إعمال الدليلين وسواء أكان مع التقرير عادة بترك بعض المأمور به أو
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بفعل بعض المنهى عنه أم ل .والصل كغيره جعلها المخصصة إن أقّر بها النبي أو الجماع مع أن
المخصص في الحقيقة إنما هو التقرير أو دليل الجماع.
)و( يجوز في الصح تخصيص كل من الكتاب والسنة) .بالقياس( المستند إلى نص خاص ولو خبر
واحد كتخصيص آية الزانية والزاني الشاملة للمة بقوله تعالى} :فعليهن نصف ما على المحصنات
من العذاب{ وقيس بالمة العبد ،وقيل ل يجوز ذلك مطلقآ حذرا من تقديم القياس على النص الذي
هو أصله في الجملة ،وقيل ل يجوز إن كان القياس خفيا لضعفه وقيل غير ذلك .قلنا :إعمال الدليلين
أولى من إلغاء أحدهما .والخلف في القياس الظني ،أما القطعي فيجوز التخصيص به قطعا.
)وبدليل الخطاب( :أي مفهوم المخالفة كتخصيص خبر ابن ماجة :الماء ل ينجسه شيء إل ما غلب
على ريحه وطعمه ولونه .بمفهوم خبره» :إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث« .وقيل ل يخصص
لن دللة العام على ما دل عليه المفهوم بالمنطوق وهو مقدم على المفهوم .وأجيب :بأن المقدم عليه
منطوق خاص ل ما هو من أفراد العام فالمفهوم مقدم عليه لن إعمال الدليلين أولى من إلغاء
أحدهما) .ويجوز(التخصيص )بالفحوى( :أي مفهوم الموافقة ،وإن قلنا الدللة عليه قياسية
ي الواجد يحل عرضه وعقوبته« .أي حبسه بمفهوم} :فل تقل كتخصيص خبر أبي داود وغيره »ل ّ
لهما أف{ فيحرم حبسهما للوالد وهو ما نقل عن المعظم وصححه النووي.
)والصح أن عطف العام على الخاص( :وعكسه المشهور ل يخصص العام .وقال الحنفي:
يخصصه أي يقصره على الخاص لوجوب اشتراك المتعاطفين في الحكم وصفته .قلنا :في الصفة
ممنوع كما مر مثال العكس خبر أبي داود وغيره» :ل يقتل مسلم بكافر ول ذو عهد في عهده«.
يعني بكافر حربي للجماع على قتله بغير حربي ،فقال الحنفي :يقدر الحربي في المعطوف عليه
لوجوب الشتراك المذكور فل ينافي ما قال به من قتل المسلم بالذمي ،ومثال الول أن يقال ل يقتل
الذمي بكافر ول المسلم بكافر ،فالمراد بالكافر الول الحربي فيقول الحنفي :والمراد بالكافر الثاني
الحربي أيضا لوجود الشتراك المذكور ،وقد مر التمثيل بالخبر لمسألة أن المعطوف على العام ل
يعم ،وما قيل من أنه ل حاجة لذكر هذه المسألة لعلمها من مسألة القران يرّد بمنعه لن ما هنا في
تخصيص الحكم المذكور في عام ،وما هناك في التسوية بين جملتين فيما لم يذكر من الحكم المعلوم
لحداهما من خارج. .
)و( الصح أن )رجوع ضمير إلى بعض( من العام ل يخصصه حذرا من مخالفة الضمير لمرجعه
قلنا ل محذور فيها لقرينة مثاله قوله تعالى} :والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء{ مع قوله
بعده }وبعولتهن أحق بردهن{ فضمير وبعولتهن للرجعيات ويشمل قوله :والمطلقات معهن البوائن،
وقيل ل يشملهن ويؤخذ حكمهن من دليل آخر ،وقد يعبر في هذه المسألة بأعم مما ذكر بأن يقال وأن
يعقب العام بما يختص ببعضه ول يخصصه ،سواء أكان ضميرا كما مر أم الشامل غيره كالمحلى
بأل واسم الشارة كأن يقال بدل و بعولتهن الخ .وبعولة المطلقات أو هؤلء أحق بردهن) .و(
الصح أن )مذهب الراوي( للعام بخلفه ل يخصصه ولو كان صحابيا ،وقيل يخصصه مطلقا،
وقيل يخصصه إن كان صحابيا لن المخالفة إنما تصدر عن دليل .قلنا :في ظن المخالف ل في
نفس المر وليس لغيره اتباعه لن المجتهد ل يقلد مجتهدا وذلك كخبر البخاري من رواية ابن
عباس» :من بدل دينه فاقتلوه« مع قوله :إن صح عنه أن المرتدة ل تقتل ،أما مذهب غير الراوي
للعام بخلفه فل يخصصه أيضا كما فهم بالولى ،وقيل يخصصه إن كان صحابيا) .و( الصح أن
)ذكر بعض أفراد العام( بحكم العام )ل يخصص( العام .وقيل يخصصه بمفهومه ،إذ ل فائدة لذكره
إل ذلك .قلنا :مفهوم اللقب ليس بحجة ،وفائدة ذكر البعض نفي احتمال تخصيصه من العام مثاله
خبر الترمذي» :أيما إهاب دبغ فقد طهر« مع خبر مسلم :أنه صلى ال عليه وسّلم مر بشاة ميتة
فقال» :هل أخذتم إهابها فدبتغموه فانتفعتم به« فقالوا :إنها ميتة .فقال» :إنما حرم أكلها«.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)و( الصح )أن العام ل يقصر على المعتاد( السابق ورود العام) .ول على ما وراءه( أي المعتاد
بل يجري العام على عمومه فيهما ،وقيل يقصر على ذلك فالول كأن كانت عادتهم تناول البر ،ثم
ل فقيل :يقصر الطعام على البر المعتاد ،والثاني كأن كانت
نهي عن لبيع الطعام بجنسه متفاض ً
ل فقيل يقصر الطعام على ل ،ثم نهى عن بيع الطعام بجنسه متفاض ًعادتهم بيع البر بالبر متفاض ً
غير البر المعتاد والصح ل فيهما) .و( الصح )أن نحو( قول الصحابي :إنه صلى ال عليه وسّلم
)نهى عن بيع الغرر( كما رواه مسلم من رواية أبي هريرة) .ل يعم( كل غرر وقيل يعمه لن قائله
عدل عارف باللغة والمعنى ،فلول ظهور عموم الحكم مما قاله النبي صلى ال عليه وسّلم لم يأت
هو في الحكاية له بلفظ عام كالغرر .قلنا :ظهور عموم الحكم بحسب ظنه ول يلزمنا اتباعه في ذلك،
إذ يحتمل أن يكون النهي عن بيع الغرر بصفة يختص بها فتوهمه الراوي عاما وعدلت إلى نهي
عن بيع الغرر عن قوله قضى بالشفعة للجار لقوله كغيره من المحّدثين هو لفظ ل يعرف.
)مسألة :جواب السؤال غير المستقل دونه( :أي دون السؤال كنعم وبلى وغيرهما مما لو ابتدىء به
لم يفد )تابع له( أي للسؤال )في عمومه( وخصوصه ،لن السؤال معاد في الجواب ،فالول كخبر
الترمذي وغيره أنهصلى ال عليه وسّلم سئل عن بيع الرطب بالتمر؟ فقال» :أينقص الرطب إذا
يبس« قالوا :نعم .قال» :فل إذا« .فيعم كل بيع للرطب بالتمر صدر من السائل أو من غيره،
والثاني كقوله تعالى} :فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم{ )والمستقل( دون السؤال ثلثة أقسام:
أخص من السؤال ومساٍو له وأعم .فـ)ـالخص( منه )جائز إن أمكنت معرفة( الحكم )المسكوت
عنه( منه كأن يقول النبي صلى ال عليه وسّلم» :من جامع في نهار رمضان فعليه كفارة«.
كالمظاهر في جواب من أفطر في نهار رمضان ماذا عليه فيفهم من قوله جامع أن الفطار بغير
جماع ل كفارة فيه ،فإن لم يمكن معرفة المسكوت عنه من الجواب لم يجز لتأخير البيان عن وقت
الحاجة) .والمساوي( له في العموم والخصوص )واضح( كأن يقال لمن قال :ما على من جامع في
نهار رمضان؟ من جامع في نهار رمضان فعليه كفارة كالظهار ،وكأن يقال لمن قال :جامعت في
ي؟ عليك إن جامعت في نهار رمضان كفارة كالظهار .والعم منه مذكور في نهار رمضان ماذا عل ّ
قولي) :والصح أن العام( الوارد )على سبب خاص( في سؤال أو غيره )معتبر عمومه( :نظرا
لظاهر اللفظ ،وقيل مقصور على السبب لوروده فيه سواء أوجدت قرينة التعميم أم ل .فالول كقوله
ل سرق رداء تعالى} :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما{ ،إذ سبب نزوله على ما قيل أن رج ً
صفوان بن أمية ،فذكر السارقة قرينة على أنه لم يرد بالسارق ذلك الرجل فقط ،والثاني كخبر
ي :قيل يا رسول ال أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدر ّ
فيها الحيض ولحوم الكلب والنتن؟ فقال» :إن الماء طهور ل ينجسه شيء« .أي مما ذكر وغيره،
وقيل مما ذكر وهو ساكت عن غيره وقد تقوم قرينة على الختصاص بالسبب
كالنهي عن قتل النساء ،فإن سببه أنه عليه الصلة والسلم رأى امرأة حربية في بعض مغازيه
مقتولة ،وذلك يدل على اختصاصه بالحربيات فل يتناول المرتدة.
)و( الصح )أن صورة السبب( التي ورد عليها العام) .قطعية الدخول( فيه لوروده فيها )فل
تخص( منه )بالجتهاد( .وقيل ظنية كغيرها فيجوز إخراجها منه بالجتهاد .قال السبكي) :ويقرب
منها( :أي من صورة السبب حتى يكون قطعي الدخول أو ظنية) .خاص في القرآن تله في الرسم(
أي رسم القرآن بمعنى وضعه مواضعه ،وإن لم يتله في النزول) .عام لمناسبة( بين التالي والمتلّو
كما في آية} :ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت{ فإنها إشارة إلى كعب بن
الشرف ونحوه من علماء اليهود لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر حّرضوا المشركين على الخذ
ل محمد وأصحابه أم نحن ي صلى ال عليه وسّلم فسألوهم من أهدى سبي ً بثأرهم ،ومحاربة النب ّ
ي صلى ال عليه وسّلم المنطبق عليه ،وأخذ فقالوا :أنتم مع علمهم بما في كتابهم من نعت النب ّ
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
المواثيق عليهم أن ل يكتموه فكان ذلك أمانة لزمة لهم ولم يؤّدوها حيث قالوا للمشركين ما ذكر
ي صلى ال عليه وسّلم ،وقد تضمنت الية هذا القول والتوعد عليه المقيد للمر بمقابله حسدا للنب ّ
ي صلى ال عليه وسّلم وذلك مناسب لقوله تعالى: المشتمل على أداء المانة التي هي بيان صفة النب ّ
}إن ال يأمركم أن تؤّدوا المانات إلى أهلها{ ،فهذا عام في كل أمانة وذاك خاص بأمانة هي بيان
ي صلى ال عليه وسّلم بما ذكر والعام تال للخاص في الرسم متراخ عنه في النزول لست صفة النب ّ
سنين مدة ما بين بدر وفتح مكة ،وإنما قال السبكي :ويقرب منه كذا لنه لم يرد العام بسببه بخلفها.
)مسألة :الصح( أنه )إن لم يتأخر الخاص عن( وقت )العمل( بالعام المعارض له بأن تأخر الخاص
عن ورود العام قبل دخول وقت العمل أو تأخر العام عن الخاص مطلقا أو تقارنا بأن عقب أحدهما
الخر أو جهل تاريخهما) .خصص( الخاص) .العام( .وقيل إن تقارنا تعارضا في قدر الخاص،
فيحتاج العمل بالخاص إلى مرجح له قلنا الخاص أقوى من العام في الدللة على ذلك البعض ،لنه
يجوز أن ل يراد من العام بخلف الخاص فل حاجة إلى مرجح له .وقالت الحنفية وإمام الحرمين:
العام المتأخر عن الخاص ناسخ له كعكسه .قلنا :الفرق أن العمل بالخاص المتأخر ل يلغي العام
بخلف العكس والخاص أقوى من العام في الدللة فوجب تقديمه عليه .قالوا :فإن جهل التاريخ
بينهما فالوقف عن العمل بواحد منهما لحتمال كل منهما عندهم ،لن يكون منسوخا باحتمال تقدمه
على الخر مثال العام) :فاقتلوا المشركين( والخاص أن يقال :ل تقتلوا الذمي) .وإل( بأن تأخر
الخاص عما ذكر )نسخه( أي :نسخ الخاص العام بالنسبة لما تعارضا فيه ،وإنما لم يجعل ذلك
تخصيصا ،لن التخصيص بيان للمراد بالعام وتأخير البيان عن وقت العمل ممتنع) .و( الصح أنه
)إن كان كل( من المتعارضين )عاما من وجه( خاصا من وجه) ،فالترجيح( بينهما من خارج
واجب لتعادلهما تقارنا أو تأخر أحدهما أو جهل تاريخهما .وقالت الحنفية :المتأخر ناسخ للمتقدم
مثال ذلك خبر البخاري» :من بّدل دينه فاقتلوه« .وخبر الصحيحين» :أنه صلى ال عليه وسّلم نهى
عن قتل النساء« .فالّول عام في الرجال والنساء خاص بأهل الرّدة ،والثاني خاص بالنساء عام في
الحربيات والمرتدات ،وقد ترجح الّول بقيام القرينة على اختصاص الثاني بسببه وهو الحربيات.
المطلق والمقيد
أي :هذا مبحثهما ،والمراد اللفظي المسمى بهما) .المختار أن المطلق( :ويسمى اسم جنس كما مّر.
ل على الماهية بل قيد( من وحدة وغيرها فهو كلي ،وقيل ما دل على شائع في )ما( أي لفظ )د ّ
جنسه وقائله توهم النكرة غير العامة ،واحتج لذلك بأن المر بالماهية كالضرب من غير قيد أمر
بجزئي من جزئياتها كالضرب بسوط أو عصا أو غير ذلك ،لن الحكام الشرعية إنما تبنى غالبا
على الجزئيات ل على الماهيات المعقولة لستحالة وجودها في الخارج ،ويرّد بأنها إنما يستحيل
وجودها كذلك مجردة ل مطلقا لنها توجد بوجود جزئي لها لنها جزؤه وجزء الموجود موجود،
فالمر بالماهية أمر بإيجادها في ضمن جزئي لها ل أمر بجزئي لها ،وقيل المر بها أمر بكل
جزئي منها لشعار عدم التقييد بالتعميم ،وقيل هو أذن في كل جزئي أن يفعل ويخرج عن العهدة
بواحد وعلى المختار اللفظ في المطلق والنكرة واحد ،والفرق بينهما بالعتبار إن اعتبر في اللفظ
دللته على الماهية بل قيد يسمى مطلقا واسم جنس أيضا كما مّر أو مع قيد الشيوع يسمى نكرة،
والقائل بالثاني ينكر اعتبار الّول في مسمى المطلق.
)والمطلق والمقيد كالعام والخاص( فيما مّر فما يخص به العام يقيد به المطلق وما ل فل .لن
المطلق عام من حيث المعنى فيجوز تقييد الكتاب به وبالسنة والسنة بها وبالكتاب ،وتقييدهما بالقياس
والمفهومين ،وفعل النبي وتقريره بخلف مذهب الراوي ،وذكر بعض جزئيات المطلق على الصح
في غير مفهوم الموافقة. .
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)و( يزيد المطلق والمقيد )أنهما في الصح إن اتحد حكمهما وسببه( أي سبب حكمهما) .وكانا
مثبتين( أمرين كانا كأن يقال في كفارة الظهار في محل أعتق رقبة ،وفي آخر أعتق رقبة مؤمنة أو
غيرهما نحو :تجزىء رقبة مؤمنة تجزىء رقبة أو أحدهما أمر ،والخر خبر نحو :تجزىء رقبة
مؤمنة أعتق رقبة) .فإن تأخر المقيد( بأن علم تأخره )عن( وقت )العمل بالمطلق نسخه( أي المطلق
بالنسبة إلى صدقه بغير المقيد) .وإل( بأن تأخر المقيد عن وقت الخطاب بالمطلق دون العمل أو
تأخر المطلق عن المقيد مطلقا أو تقارنا أو جهل تاريخهما) .قيده( أي المطلق جمعا بين لدليلين،
وقيل المقيد ينسخ المطلق إذا تأخر عن وقت الخطاب به كما لو تأخر عن وقت العمل به بجامع
التأخر وقيل يحمل المقيد على المطلق بأن يلغى القيد ،لن ذكر المقيد ذكر لجزئي من المطلق فل
يقيده كما أن ذكر فرد من العام ل يخصصه .قلنا :الفرق بينهما أن مفهوم القيد حجة بخلف مفهوم
اللقب الذي ذكر فرد من العام منه كما مّر) .وإن كان أحدهما مثبتا( أمرا أو خبرا )والخر خلفه(
نهيا أو نفيا نحو :أعتق رقبة ل تعتق رقبة كافرة أعتق رقبة ل تجزىء رقبة كافرة أعتق رقبة
مؤمنة ل تعتق رقبة تجزىء رقبة مؤمنة ل تجزىء رقبة) .قيد المطلق بضد الصفة( :في المقيد
ليجتمعا فيقيد في المثالين الولين باليمان ،وفي الخيرين بالكفر) .وإل( بأن كانا منفيين أو منهيين
أو أحدهما منفيا والخر منهيا نحو :ل يجزىء عتق مكاتب ل يجزىء عتق مكاتب كافر ل تعتق
مكاتبا ل تعتق مكاتبا كافرا) .قيد( المطلق )بها( أي بالصفة )في الصح( من الخلف في حجية
مفهوم المخالفة ،وقيل يعمل بالمطلق بناء على عدم حجية المفهوم )وهي( :أي المسألة حينئذ )خاص
وعام( لعموم المطلق في سياق النفي الشامل للنهي ويكون المقيد مخصصا ل مقيدا .وقولي :إن كان
إلى قولي في الصح أعم مما عبر به) .وإن اختلف حكمهما( :مع اتحاد سببهما كما في قوله تعالى
في التيمم:
}فامسحوا بوجوهكم وأيديكم{ وفي الوضوء} :فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق{ ،وسببهما
الحدث مع القيام إلى الصلة أو نحوها واختلف الحكم من مسح المطلق وغسل المقيد بالمرفق
ظاهر ،إذ المسح خلف الغسل) .أو( اختلف )سببهما( مع اتحاد حكمهما )ولم يكن ثم مقيد( في
محلين )بمتنافيين( كما في قوله تعالى في كفارة الظهار} :فتحرير رقبة{ وفي كفارة القتل }فتحرير
رقبة مؤمنة{ )أو( كان ثم مقيد كذلك .و)كان( المطلق )أولى( بالتقييد )بأحدهما( من الخر من حيث
القياس كما في قوله تعالى في كفارة اليمين }فصيام ثلثة أيام{ وفي كفارة الظهار }فصيام شهرين
ج وسبعة إذا رجعتم{ )قيد( المطلق بالقيد أيمتتابعين{ وفي صوم التمتع }فصيام ثلثة أيام في الح ّ
حمل عليه )قياسا في الصح( :فل بد من جامع بينهما وهو في المثال الول موجب الطهر ،وفي
الثاني حرمة سببهما من الظهار والقتل ،وفي الثالث النهي عن اليمين والظهار ،فحمل المطلق فيه
على كفارة الظهار في التتابع أولى من حمله على صوم المتمتع في التفريق لتحادهما في الجامع،
والتمثيل به إنما هو على قول قديم ،وقيل يحمل عليه في الوليين لفظا أي بمجرد وجود اللفظ المقيد
من غير حاجة إلى جامع ،وقيل ل يحمل عليه في الثالثة بناء على أن الحمل لفظي .وقال الحنفي :ل
يحمل عليه لختلف الحكم أو السبب فيبقى المطلق على خلفه .أما إذا كان ثم مقيد في محلين
بمتنافيين ولم يكن المطلق في ثالث أولى بالتقييد بأحدهما من حيث القياس كما في قوله تعالى في
قضاء رمضان }فعدة من أيام أخر{ وفي كفارة الظهار }فصيام شهرين متتابعين{ وفي صوم التمتع
ما مّر .فيبقى المطلق على إطلقه لمتناع تقييده بهما لتنافيهما وبواحد منهما لنتفاء مرجحه ،فل
يجب في قضاء رمضان تتابع ول تفريق والترجيح من زيادتي ،ولو اختلف سببهما وحكمهما كتقييد
الشاهد بالعدالة وإطلق الرقبة في الكفارة لم يحمل المطلق على المقيد اتفاقا ،وقيل على الراجح.
الظاهر والمؤّول
أي هذا مبحثهما) .الظاهر( لغة الواضح واصطلحا) .ما دل( على المعنى )دللة ظنية( أي راجحة
بوضع اللغة أو الشرع أو العرف ،يحتمل غير ذلك المعنى مرجوحا كما مر أوائل الكتاب الول
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
كالسد راجح في الحيوان المفترس لغة مرجوح في الرجل الشجاع والصلة راجحة في ذات
الركوع والسجود شرعا مرجوحة في الدعاء الموضوعة له لغة ،والغائط راجح في الخارج
المستقذر عرفا مرجوح في المكان المطمئن الموضوع له لغة ،وخرج المجمل لتساوي الدللة فيه،
والمؤول لنه مرجوح ،والنص كزيد لن دللته قطعية) .والتأويل حمل الظاهر على المحتمل
ل في الواقع )ففاسد
ل( وليس دلي ً
ن دلي ً
المرجوح فإن حمل( عليه )دليل فصحيح( الحمل) .أو لما يظ ّ
أو ل لشيء فلعب( ل تأويل.
)والول( أي التأويل قسمان )قريب( يترجح على الظاهر بأدنى دليل نحو }إذا قمتم إلى الصلة{ أي
عزمتم على القيام إليها و}إذا قرأت القرآن{ أي أردت قراءته) .وبعيد( ل يترجح على الظاهر إل
بأقوى منه) .كتأويل( الحنفية )أمسك( من قوله صلى ال عليه وسّلم لغيلن لما أسلم على عشر نسوة
»أمسك أربعا وفارق سائرهن«) .بابتدىء( نكاح أربع منهن بقيد زدته بقولي )في المعية( أي فيما
إذا نكحهن معا لبطلنه كالمسلم بخلف نكاحهن مرتبا فيمسك الربع الوائل ،ووجه بعده أن
المخاطب بمحله وهو أمسك قريب عهد بالسلم لم يسبق له بيان شروط النكاح مع حاجته إلى ذلك،
ولم ينقل تجديد نكاح منه ول من غيره ممن أسلم مع كثرتهم وتوفر دواعي حملة الشرع على نقله
لو وقع) .و( كتأويلهم )ستين مسكينا{ من قوله تعالى} :فإطعام ستين مسكينا{ )بستين مدا( بتقدير
مضاف أي طعام ستين مسكينا وهو ستون مدا فيجوز إعطاؤه لمسكين واحد في ستين يوما كما
يجوز إعطاؤه لستين مسكينا في يوم واحد ،لن القصد بإعطائه دفع الحاجة ودفع حاجة الواحد في
ستين يوما كدفع حاجة الستين في يوم واحد ،ووجه بعده أنه اعتبر فيه ما لم يذكر من المضاف
وألغى فيه ما ذكر من عدد المساكين الظاهر قصده لفضل الجماعة وبركتهم وتظافر قلوبهم على
الدعاء للمحسن) .و( كتأويلهم خبر أبي داود وغيره) :ل صيام لمن لم يبيت( أي الصيام من الليل.
)بالقضاء والنذر( لصحة غيرهما بنية من النهار عندهم ووجه بعده أنه قصر للعام النص في العموم
على نادر لندرة القضاء والنذر) .و( كتأويل أبي حنيفة خبر ابن حبان وغيره )ذكاة الجنين ذكاة أمه(
بالرفع والنصب )بالتشبيه( أي مثل ذكاتها أو كذكاتها ،فالمراد بالجنين الحي لحرمة الميت عنده
وأحله صاحباه كالشافعي ،ووجه بعده ما فيه من التقدير المستغنى عنه ووجه استغنائه عنه على
رواية الرفع وهي المحفوظة أن يعرب ذكاة الجنين خبرا لما بعده أي ذكاة أم الجنين ذكاة له ،وعلى
رواية النصب إن
ثبتت أن يجعل على الظرفية أي ذكاة الجنين حاصلة وقت ذكاة أمه التي أحلتها ،فالمراد الجنين
الميت وأن ذكاة أمه أحلته تبعا لها.
عليه السم وبغيره ومسح الشارع الناصية من ذلك) .و( ل في خبر البيهقي وغيره» :رفع عن أمتي
الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه« .وقيل مجمل ،إذ ل يصح رفعها مع وجودها حسا فل بد من
ل .قلنا:
تقدير شيء وهو متردد بين أمور ل حاجة إلى جميعها ول مرجح لبعضها فكان مجم ً
المرجح موجود وهو العرف فإنه قاض بأن المراد منه رفع المؤاخذة) .و( ل في خبر الترمذي
وغيره» :ل نكاح
إل بولي« .وقيل مجمل ،إذ ل يصح النفي لنكاح بل ولي مع وجوده حسا فل بد من تقدير شيء
ل .قلنا :بتقدير تسليم ذلك
وهو متردد بين الصحة والكمال ول مرجح لواحد منهما ،فكان مجم ً
المرجح لنفي الصحة موجود وهو قربه من نفي الذات إذ ما انتفت صحته ل يعتد به ،فيكون
ل( :كما مّر بيانه فل إجمال في شيء منه )بل( كالمعدوم بخلف ما انتفى كماله )لوضوح دللة الك ّ
الجمال )وفي مثل القرء( :لتردده بين الطهر والحيض لشتراكه بينهما ،وحمله الشافعي على
الطهر ،والحنفي على الحيض لما قام عندهما) .و( مثل )النور( :لنه صالح للعقل ونور الشمس
ل لتماثلهما
ل لتشابههما في الهتداء بكل منهما) .و( مثل )الجسم( لنه صالح للسماء والرض مث ً مث ً
سعة وعددا) .و( مثل )المختار( :كمنقاد لتردده بين اسم الفاعل والمفعول بإعلله بقلب يائه
المسكورة أو المفتوحة ألفا) .و( مثل قوله تعالى) :أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح( لتردده بين الزوج
والولي وحمله الشافعي على الزوج ومالك على الولي لما قام عندهما )و( مثل قوله تعالى) :إل ما
يتلى عليكم( للجهل بمعناه قبل نزول مبينه وهو }حرمت عليكم الميتة{ الخ ويسري الجمال إلى
المستثنى منه وهو }أحلت لكم بهيمة النعام{ )و( مثل قوله تعالى) :الراسخون( من قوله }وما يعلم
تأويله إل ال والراسخون في العلم يقولون آمنا به{ لتردده بين العطف والبتداء وحمله الجمهور
على البتداء لما قام عندهم) .و( مثل )قوله عليه الصلة والسلم( في خبر الصحيحين وغيرهما:
)ل يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه في جداره( :لتردد ضمير جداره بين عوده إلى الجار أو إلى
الحد .وتردد الشافعي في المنع لذلك والجديد المنع لخبر الحاكم بإسناد صحيح في خطبة حجة
الوداع» :ل يحل لمرىء من مال أخيه إل ما أعطاه عن طيب نفس .وخشبه بلفظ الجمع والضافة
للضمير وروى خشبة بالفراد والتنوين) .و( مثل )قولك :زيد طبيب ماهر( :لتردد ماهر بين
رجوعه إلى طبيب وإلى زيد
)و( مثل قولك )الثلثة زوج وفرد( :لتردد الثلثة فيه بين اتصافها بصفتيها واتصاف أجزائها بهما،
وإن تعين الثاني نظرا إلى صدق المتكلم به ،إذ حمله على الول يوجب كذبه.
)
والصح وقوعه( أي المجمل )في الكتاب والسنة( للمثلة السابقة منهما ومنعه داود الظاهري ،قيل:
ويمكن أن ينفصل عنها بأن الول ظاهر في الزوج لنه المالك للنكاح .والثاني مقترن بمفسره،
والثالث ظاهر في البتداء ،والرابع ظاهر في عوده إلى الحد لنه محط الكلم) .و( الصح )أن
المسمى الشرعي( للفظ )أوضح من( المسمى )اللغوي( له في عرف الشرع لن النبي بعث لبيان
الشرعيات ،فيحمل على الشرعي ،وقيل ل في النهي فقيل هو مجمل ،وقيل يحمل على اللغوي،
والمراد بالشرعي ما أخذت تسميته من الشرع صحيحا كان أو فاسدا ل ما يكون صحيحا فقط) .وقد
مّر( ذلك في مسألة اللفظ إما حقيقة أو مجاز وذكر هنا توطئة لقولي) :و( الصح )أنه إن تعذر( أي
المسمى الشرعي للفظ) .حقيقة رد إليه بتجوز( محافظة على الشرع ما أمكن ،وقيل هو مجمل
لتردده بين المجاز الشرعي والمسمى اللغوي ،وقيل يحمل على اللغوي تقديما للحقيقة على المجاز،
والترجيح من زيادتي ،وهو ما اختاره في شرح المختصر كغيره مثاله خبر الترمذي وغيره:
»الطواف بالبيت صلة إل أن ال أحل فيه الكلم« تعذر فيه مسمى الصلة شرعا فيرد إليه بتجّوز
بأن يقال :كالصلة في اعتبار الطهر والنية ونحوهما ،وقيل يحمل على المسمى اللغوي وهو الدعاء
بخير لشتمال الطواف عليه فل يعتبر فيه ما ذكر ،وقيل مجمل لترّدده بين المرين) .و( الصح
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)أن اللفظ المستعمل لمعنى تارة ولمعنيين ليس ذلك المعنى أحدهما( تارة أخرى على السواء وقد
أطلق )مجمل( لتردده بين المعنى والمعنيين ،وقيل يترجح المعنيان لنه أكثر فائدة) .فإن كان( ذلك
المعنى )أحدهما عمل به( جزما لوجوده في الستعمالين )ووقف الخر( للتردد فيه ،وقيل يعمل به
أيضا
لنه أكثر فائدة مثال الول خبر مسلم» :ل ينكح المحرم ول ينكح« بناء على أن النكاح مشترك بين
العقد والوطء ،فإنه إن حمل على الوطء استفيد منه معنى واحد ،وهو أن المحرم ل يطء ول يوطىء
أي ل يمكن غيره من وطئه أو على العقد استفيد منه معنيان بينهما قدر مشترك ،وهما أن المحرم ل
يعقد لنفسه ول يعقد لغيره ،ومثال الثاني خبر مسلم» :الثيب أحق بنفسها من وليها« أي بأن تعقد
لنفسها أو بأن تعقد كذلك أو تأذن لوليها فيعقد لها ول يجبرها ،وقد قال تعقد لنفسها أبو حنيفة ،وكذا
ي فيه ول حاكم.
بعض أصحابنا ،لكن إذا كان في مكان ل ول ّ
البيان
بمعنى التبيين لغة الظهار أو الفصل واصطلحا) .إخراج الشيء من حيز الشكال إلى حيز
التجلي( :أي اليضاح ،فالتيان بالظاهر من غير سبق إشكال ل يسمى بيانا اصطلحا) .وإنما
يجب( البيان )لمن أريد فهمه( المشكل لحاجته إليه بأن يعمل به أو يفتى به بخلف غيره) .والصح
ل حكما أنه( أي البيان قد )يكون بالفعل( كالقول بل أولى ،لنه أدل بيانا لمشاهدته ،وإن كان القول أد ّ
لما يأتي ،وقيل ل لطول زمنه فيتأخر البيان به مع إمكان تعجيله بالقول وذلك ممتنع .قلنا :ل نسلم
امتناعه والبيان بالقول كقوله تعالى} :صفراء فاقع لونها{ بيان لقوله بقرة وبالفعل كخبر» :صلوا
كما رأيتموني أصلي« .ففعله بيان لقوله تعالى} :أقيموا الصلة{ وقوله :صلوا الخ .ليس بيانا ،وإنما
دل على أن الفعل بيان ومن الفعل التقرير والشارة والكتابة ،وقد قال صاحب الواضح من الحنفية
في الخيرين :ل أعلم خلفا في أن البيان يقع بهما) .و( الصح أن )المظنون يبين المعلوم( .وقيل:
ل لنه دونه فكيف يبينه .قلنا :لوضوحه) .و( الصح أن )المتقدم( وإن جهلنا عينه) .من القول
والفعل هو البيان( :أي المبين والخر تأكيد له وإن كان دونه قّوة ،وقيل إن كان كذلك فهو البيان،
لن الشيء ل يؤكد بما هو دونه .قلنا :هذا في التأكيد بغير المستقل أما بالمستقل فل ،أل ترى أن
الجملة تؤكد بجملة دونها) .هذا إن اتفقا( :أي القول والفعل في البيان كأن طاف صلى ال عليه وسّلم
بعد نزول آية الحج المشتملة على الطواف طوافا واحدا أو أمر بطواف واحد) .وإل( بأن زاد الفعل
على مقتضى القول ،كأن طاف صلى ال عليه وسّلم بعد نزول آية الحج طوافين ،وأمر بواحد ،أو
بأن نقص الفعل عن مقتضى القول كأن طاف واحدا وأمر باثنين) .فالقول( :أي فالبيان القول لنه
يدل عليه بنفسه والفعل يدل عليه بواسطة القول )وفعله مندوب أو واجب( في حقه دون أمته وإن
زاد على مقتضى قوله) :أو تخفيف(في حقه أن نقص عنه سواء أكان القول
متقدما على الفعل أو متأخرا عنه جمعا بين الدليلين ،وقيل البيان المتقدم منهما كما لو اتفقا ،فإن كان
المتقدم القول فحكم الفعل ما مر أو الفعل ،فالقول ناسخ للزائد منه وطالب لما زاده عليه .قلت :عدم
النسخ بما قلناه أولى ،والقول أقوى دللة وذكر التخفيف من زيادتي.
)مسألة :تأخير البيان( :لمجمل أو ظاهر لم يرد ظاهره بقرينة ما يأتي) .عن وقت الفعل غير واقع
وإن جاز( وقوعه عند أئمتنا المجّوزين تكليف ما ل يطاق) .و( تأخيره عن وقت الخطاب )إلى
ح سواء أكان للمبين( ببنائه للمفعول) .ظاهر( وهو غير وقته( :أي الفعل جائز )واقع في الص ّ
ل على حكم يبين نسخه أم ل .وهو المجمل المجمل كعام يبين تخصيصه ومطلق يبين مقيده ودا ّ
ل ،وقيل يمتنع تأخيره مطلقا ل ومتواطىء يبين أحد ما صدقاته مث ً المشترك يبين أحد معنييه مث ً
لخلله بفهم المراد عند الخطاب ،وقيل يمتنع فيما له ظاهر ليقاعه المخاطب في فهم غير المراد
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بخلفه في المجمل ،وقيل يمتنع تأخير البيان الجمالي دون التفصيلي فيما هو ظاهر مثل هذا العام
مخصوص ،وهذا المطلق مقيد ،وهذا الحكم منسوخ لوجود المحذور قبله بخلف المجمل ،فيجوز
تأخير بيانه الجمالي كالتفصيلي ،وقيل غير ذلك.
ومما يدل على الوقوع آية }واعلموا أنما غنمتم من شيء{ فإنها عامة فيما يغنم مخصوصة عموما
ل له عليه بينة فله سلبه« .وبل عموم بخبرهما أنه صلى ال عليه بخبر الصحيحين» :من قتل قتي ً
وسّلم قضى بسلب أبي جهل لمعاذ بن عمرو بن الجموح ،وآية} :إن ال يأمركم أن تذبحوا بقرة{
فإنها مطلقة ثم بين تقييدها بما في أجوبة أسئلتهم) .و( يجوز )للرسول( صلى ال عليه وسّلم )تأخير
التبليغ( :لما أوحي إليه من قرآن أو غيره) .إلى الوقت( :أي وقت العمل ولو على القول بامتناع
تأخير البيان عن وقت الخطاب لنتفاء المحذور السابق عنه ،ولن وجوب معرفته إنما هو للعمل
ول حاجة له قبل العمل ،وقيل ل يجوز على القول بذلك لقوله تعالى} :يا أيها الرسول بلغ ما أنزل
إليك{ أي فورا لن وجوب التبليغ معلوم بالعقل فل فائدة للمر به إلى إل الفور .قلنا :ل نسلم أن
وجوبه معلوم بالعقل بل بالشرع ولو سلم .قلنا :ففائدته تأيد العقل بالنقل) .ويجوز أن ل يعلم( المكلف
)الموجود( عند وجود المخصص )بالمخصص( بكسر الصاد) .ول بأنه مخصص( :أي يجوز أن ل
يعلم قبل وقت العمل بذات المخصص ول بوصف أنه مخصص مع علمه بذاته كأن يكون
المخصص العقل بأن ل يسبب ال العلم بذلك) .ولو على المنع( أي على القول بامتناع تأخير البيان،
وقيل ل يجوز على القول بذلك في المخصص السمعي لما فيه من تأخير إعلمه بالبيان .قلنا:
المحذور إنما هو تأخير البيان وهو منتف هنا وعدم علم المكلف بالمخصص بأن لم يبحث عنه
تقصير منه ،أما العقلي فاتفقوا على جواز أن يسمع ال المكلف العام من غير أن يعلمه بذات العقل
بأن فقد ما يخصصه وكول إلى نظره ،وقد وقع أن بعض الصحابة لم يسمع المخصص السمعي إل
ي صلى ال عليه وسّلم طلبت ميراثها مما تركه أبوها لعموم قوله بعد حين منهم فاطمة بنت النب ّ
تعالى} :يوصيكم ال في أولدكم{ فاحتج عليها أبو بكر رضي ال عنه بما رواه لها من خبر
الصحيحين» :ل نورث ما
تركناه صدقة« .وبما تقرر علم أن قولي ولو على المنع راجع إلى المسألتين.
النسخ
ل أي :أزالته والنقل مع بقاء الول كنسخت الكتاب أي نقلته لغة الزالة كنسخت الشمس الظ ّ
واصطلحا) .رفع( تعلق )حكم شرعي( بفعل )بدليل شرعي( ،والقول بأنه بيان لنتهاء أمد حكم
شرعي يرجع إلى ذلك فل خلف في المعنى ،وإن فرق بينهما بأنه في الول زال به ،وفي الثاني
زال عنده وما فرق به من أن الول يشمل النسخ قبل التمكن دون الثاني مردود كما بينته مع زيادة
في الحاشية .قال البرماوي :فإن قلت :سيأتي أن من أقسام النسخ ما ينسخ لفظه دون حكمه ول رفع
فيه لحكم .قلت :رفع اللفظ يتضمن رفع أحكام كثيرة كتعبد بتلوته وإجراء حكم القرآن عليه من منع
س المحدث وحمله له وغير ذلك ،وخرج بالشرعي أي المأخوذ من الجنب ونحوه من قراءته ،وم ّ
الشرع رفع البراءة الصلية أي المأخوذة من العقل ،وبدليل شرعي الرفع بالموت والجنون والغفلة
ي صلى ال عليه وسّلم كما سيأتي .ومخالفة المجمعين والعقل والجماع ،لنه إنما ينعقد بعد وفاة النب ّ
للنص تتضمن ناسخا له وهو مستند إجماعهم ،وأما جعل المام الرازي رفع غسل الرجلين بالعقل
ل ،وبه صّرح التفتازاني فهول وفع ً
عن قطعهما نسخا فتسمح وتعبيري بذلك يشمل الكتاب والسنة قو ً
أولى من قول الصل بخطاب لقصوره على القول ،وشمل التعريف الباحة الصلية ،فإنها عندنا
ثابتة بالشرع فرفعها يكون نسخا كما ذكره التفتازاني.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)ويجوز في الصح نسخ بعض القرآن( تلوة وحكما أو أحدهما دون الخر والثلثة واقعة .روى
مسلم عن عائشة رضي ال عنها» :كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس
معلومات« .فهذا منسوخ التلوة والحكم .وروى الشافعي وغيره عن عمر رضي ال عنه» :لول أن
تقول الناس زاد عمر في كتاب ال لكتبتها الشيخ والشيخة« .أي المحصنان» .إذا زنيا فارجموهما
ألبتة فإنا قد قرأناها« .فهذا منسوخ التلوة دون الحكم لمره صلى ال عليه وسّلم برجم المحصن
رواه الشيخان .وعكسه كثير كقوله تعالى} :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية{ إلى آخره
نسخ قوله} :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن{ إلى آخره لتأخره في النزول عن الول
وإن تقدمه في التلوة ،وقيل ل يجوز نسخ بعضه كما ل يجوز نسخ كله وقيل ل يجوز نسخ التلوة
دون الحكم وعكسه ،لن الحكم مدلول اللفظ ،فإذا قّدر انتفاء أحدهما لزم انتفاء الخر ،قلنا :إنما يلزم
إذا روعي وصف الدللة وما نحن فيه لم يراع فيه ذلك.
)و( يجوز في الصح نسخ )الفعل قبل التمكن( منه بأن لم يدخل وقته أو دخل ولم يمض منه ما
يسعه ،وقيل ل لعدم استقرار التكليف ،قلنا :يكفي للنسخ وجود أصل التكليف فينقطع به ،وقد وقع
ذلك في قصة الذبيح فإن الخليل أمر بذبح ابنه عليهما الصلة والسلم لقوله تعالى حكاية عنه }يا
ي إني أرى في المنام أني أذبحك{ إلى آخره ثم نسخ ذبحه قبل التمكن منه بقوله} :وفديناه بذبحبن ّ
عظيم{ واحتمال كونه بعد التمكن خلف الظاهر من حال النبياء في امتثال المر من مبادرتهم إلى
فعل المأمور به.
ل بالسنة بقوله
)و( يجوز في الصح )نسخ السنة بالقرآن( :كنسخ تخريم مباشرة الصائم أهله لي ً
ل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم{ وقيل ل يجوز نسخها به لقوله تعالى} :وأنزلنا إليكتعالى} :أح ّ
الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم{ جعله مبينا للقرآن فل يكون القرآن مبينا لسنته .قلنا :ل مانع لنهما
من عند ال قال تعالى} :وما ينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى{ ويدل للجواز قوله تعالى:
}ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء{ )كهو( أي كما يجوز نسخ القرآن )به( جزما كما مّر التمثيل
له بايتي عّدة الوفاة وتعبيري بذلك أولى مما عبر به ليهامه أن الخلف جار في النسخ بالقرآن
لقرآن ،وليس كذلك عند من جّوز نسخ بعضه) .و( يجوز في الصح )نسخه( أي القرآن )بها( أي
بالسنة متواترة أو آحادا قال تعالى} :لتبين للناس ما نزل إليهم{ وقيل ل يجوز لقوله تعالى} :قل ما
يكون لي أن أبّدله من تلقاء نفسي{ والنسخ بالسنة تبديل من تلقاء نفسه قلنا ممنوع .وما ينطق عن
الهوى ،وقيل :ل يجوز نسخ القرآن بالحاد لن القرآن مقطوع والحاد مظنون .قلنا :محل النسخ
الحكم ودللة للقرآن عليه ظنية) .و( لكن نسخ القرآن بالسنة )لم يقع إل بالمتواترة في الصح(.
وقيل :وقع بالحاد كنسخ خبر الترمذي وغيره» :ل وصية لوارث« لية }كتب عليكم إذا حضر
أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية{ .قلنا :ل نسلم عدم تواتر ذلك ونحوه للمجتهدين الحاكمين
بالنسخ لقربهم من زمن الوحي وسكت كالصل عن نسخ السنة بها للعلم به من نسخ القرآن به،
فيجوز نسخ المتواترة بمثلها والحاد بمثلها وبالمتواترة ،وكذا المتواترة بالحاد على الصح كما مّر
من نسخ القرآن بالحاد) .وحيث وقع( نسخ القرآن )بالسنة فمعها قرآن عاضد لها( على النسخ يبين
توافقهما لتقوم الحجة على الناس بهما معا ،ولئل يتوهم انفراد أحدهما عن الخر ،إذ كل منهما من
عند ال) .أو نسخ السنة بالقرآن فمعه سنة( :ب <1عاضدة له تبين توافقهما لما
مّر ،كما في نسخ التوجه في الصلة إلى بيت المقدس الثابت بفعله صلى ال عليه وسّلم بقوله تعالى:
ل وجهك شطر المسجد الحرام{ وقد فعله صلى ال عليه وسّلم. }فو ّ
)و( يجوز في الصح )نسخ القياس( الموجود )في زمن النبي( صلى ال عليه وسّلم )بنص أو قياس
أجلي( من القياس المنسوخ به ،فالول كأن يقول صلى ال عليه وسّلم» :الفاضلة في البّر حرام لنه
ل« .والثاني كأن يأتي بعد القياسمطعوم« .فيقاس به الرز ،ثم يقول» :بيعوا الرز بالرز متفاض ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)و( يجوز في الصح )نسخ الفحوى( :أي مفهوم الموافقة بقسميه الولى والمساوي )دون أصله( أي
المنطوق بقيد زدته بقولي) :إن تعرض لبقائه( أي بقاء أصله )وعكسه( :أي أصل الفحوى دونه إن
تعرض لبقائه لنهما مدلولن متغايران فجاز فيهما ذلك كنسخ تحريم الضرب دون تحريم التأفيف
والعكس ،وقيل ل فيهما لن الفحوى لزم لصله فل ينسخ أحدهما دون الخر لمنافاة ذلك اللزوم
بينهما ،وقيل يمتنع الول لمتناع بقاء الملزوم مع نفي اللزم بخلف الثاني لجواز بقاء اللزم مع
نفي الملزوم ،أما نسخهما معا فيجوز اتفاقا ،فإن لم يتعرض للبقاء فعن الكثر المتناع بناء على أن
نسخ كل منهما يستلزم نسخ الخر ،لن الفحوى لزم لصله وتابع له ،ورفع اللزم يستلزم رفع
الملزوم ،ورفع المتبوع يستلزم رفع التابع ،وقيل ل يستلزم نسخ كل منهما ذلك ،لن رفع التابع ل
يستلزم رفع الملزوم ،ورفع المتبوع ل يستلزم رفع اللزم ،وقيل نسخ الفحوى ل يستلزم بخلف
عكسه ،وقيل عكسه لما عرف مما قبلهما وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به ليهامه التنافي ،وقد
أوضحت لك مع الجواب عنه في الحاشية.
)و( يجوز في الصح )النسخ به( أي بالفحوى كأصله ،وقيل ل بناء على أنه قياس وأن القياس ل
يكون ناسخا ،وذكر الخلف في هذه من زيادتي) .ل نسخ النص بالقياس( :فل يجوز في الصح
حذرا من تقديم القياس على النص الذي هو أصل له في الجملة ،وعلى هذا جمهور أصحابنا .ونقله
ص .وقال القاضي حسين :إنه المذهب ،وقيل وصححه الصل يجوز أبو إسحاق المروزي عن الن ّ
ي دون الخفي ،وقيل غير ذلك.
لستناده إلى النص ،فكأنه الناسخ ،وقيل يجوز بالقياس الجل ّ
)ويجوز نسخ( مفهوم )المخالفة دون أصلها( :كنسخ مفهوم خبر» :إنما الماء من الماء« بخبر» :إذا
التقى الختانان فقد وجب الغسل« )ل عكسه( :أي ل نسخ الصل دونها ،فل يجوز في الصح لنها
تابعة له فترتفع بارتفاعه ول يرتفع هو بارتفاعها ،وقيل يجوز وتبعيتها له من حيث دللة اللفظ
عليها معه ل من حيث ذاته أما نسخهما معا فجائز اتفاقا ،كنسخ وجوب الزكاة في السائمة ونفيه في
المعلوفة ،ويرجع المر فيها إلى ما كان قبله مما دل عليه الدليل العام بعد الشرع من تحريم الفعل
إن كان مضرة ،أو إباحته إن كان منفعة ،ويرجع في السائمة إلى ما مّر في مسألة :إذا نسخ الوجوب
بقي الجواز) .ول( يجوز )النسخ بها( أي بالمخالفة )في الصح( لضعفها عن مقاومة النص ،وقيل
يجوز كالمنطوق وذكر الخلف في هذه من زيادتي) .ويجوز نسخ النشاء( الذي الكلم فيه) .ولو(
كان )بلفظ قضاء( .وقيل ل بناء على أن القضاء إنما يستعمل فيما ل يتغير نحو} :وقضى ربك أل
ن ثلثة قروء{ أي تعبدوا إل إياه{ أي أمر) .أو بصيغة خبر( نحو} :والمطلقات يتربصن بأنفسه ّ
ليتربصن نظرا للمعنى وقيل:ل يجوز نظرا للفظ) .أو قيد بتأبيد أو نحوه( :كصوموا أبدا صوموا
حتما صوموا دائما ،الصوم واجب مستمر أبدا إذا قاله إنشاء ،وقيل ل لمنافاة النسخ التقييد بذلك.
قلنا :ل نسلم ويتبين بورود الناسخ أن المراد افعلوا إلى وجوده كما يقال :لزم غريمك أبدا أي إلى
أن يعطي الحق.
)و( يجوز نسخ إيجاب )الخبار بشيء ولو مما ل يتغير بإيجاب الخبار بنقيضه( :كأن يوجب
الخبار بقيام زيد ثم بعدم قيامه قبل الخبار بقيامه لجواز أن يتغير حاله من القيام إلى عدمه،
ومنعت المعتزلة ذلك فيما ل يتغير كحدوث العالم لنه تكليف بالكذب فينزه الباري عنه لقولهم
بالتقبيح العقلي .قلنا :ل نقول به وقد يدعو إلى الكذب غرض صحيح فل يكون التكليف به قبيحا بل
حسنا ،كما لو طالبه ظالم بوديعة عنده أو بمظلوم خبأه عنده فيجب عليه إنكاره ،ويجوز له الحلف
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
عنه ويكفر عن يمينه ،ولو أكره على الكذب وجب ،والشارة إلى هذا الخلف بقولي ولو مما ل
يتغير من زيادتي) .ل( نسخ )الخبر( أي مدلوله فل يجوز )وإن كان مما يتغير( :لنه يوهم الكذب
حيث يخبر بالشيء ثم بنقيضه ،وذلك محال على ال تعالى ،وقيل يجوز في المتغير إن كان خبرا
عن مستقبل بناء على القول بأن الكذب ل يكون في المستقبل لجواز المحو ل فيما يقّدره .قال ال
تعالى} :يمحو ال ما يشاء ويثبت{ والخبار يتبعه بخلف الخبر عن ماض ،وقيل يجوز فيه عن
الماضي أيضا لجواز أن يقول ال لبث نوح في قومه ألف سنة ،ثم يقول لبث ألف سنة إل خمسين
عاما ،وإلى الخلف أشرت بقولي :وإن إلى آخره.
)ويجوز عندنا النسخ ببدل أثقل( كما يجوز بمساٍو وبأخف .وقال بعض المعتزلة :ل إذ ل مصلحة
في النتقال من سهل إلى عسر .قلنا:ل نسلم ذلك بعد تسليم رعاية المصلحة وقد وقع كنسخ وجوب
الكف عن الكفار الثابت بقوله تعالى} :ودع أذاهم{ بقوله :اقتلوا المشركين) .و( يجوز عندنا النسخ
)بل بدل( وقال بعض المعتزلة :ل إذ ل مصلحة في ذلك .قلنا :ل نسلم ذلك بعدما ذكر) .و( لكنه )لم
يقع في الصح( :وقيل وقع كنسخ وجوب تقديم الصدقة على مناجاة النبي الثابت بقوله} :إذا ناجيتم
الرسول{ الية .إذ ل بدل لوجوبه فيرجع المر إلى ما كان قبله مما دل عليه الدليل العام من تحريم
الفعل إن كان مضرة أو إباحته إن كان منفعة .قلنا :ل نسلم أنه ل بدل للوجوب بل بدله الجواز
الصادق هنا بالباحة أو الندب وقولي عندنا من زيادتي.
)مسألة :النسخ( جائز) .واقع عند كل المسلمين( .وخالفت اليهود غير العيسوية بعضهم في الجواز،
وبعضهم في الوقوع ،واعترف بهما العيسوية وهم أصحاب أبي عيسى الصفهاني المعترفون ببعثة
نبينا عليه الصلة والسلم إلى بني إسماعيل خاصة وهم العرب) .وسماه أبو مسلم( :الصفهاني من
المعتزلة )تخصيصا( وإن كان في الواقع نسخا لنه قصر للحكم على بعض الزمان فهو تخصيص
في الزمان ،كالتخصيص في الشخاص حتى قيل :إن هذا منه خلف في وقوع النسخ) .فالخلف(
في نفيه النسخ )لفظي( :لن تسميته له تخصيصا يتضمن اعترافه به إذ ل يليق به إنكاره كيف
وشريعة نبينا مخالفة في كثير لشريعة من قبله فعنده ما كان مغبا في علم ال تعالى ،فهو كالمغيا في
اللفظ ،ويسمى الكل تخصيصا فيسّوي بين قوله تعالى} :وأتموا الصيام إلى الليل{ وبين :صوموا
ل وعند غيره يسمى الول تخصيصا والثاني نسخا. مطلقا مع علمه تعالى بأنه سينزل ل تصوموا لي ً
)والمختار أن نسخ حكم أصل ل يبقى معه حكم فرعه( لنتفاء العلة التي ثبت بها بانتفاء حكم
الصل ،وقالت الحنفية :يبقى لن القياس مظهر له ل مثبت) .و( المختار )أن كل شرعي يقبل
النسخ( :فيجوز نسخ كل التكاليف وبعضها حتى وجوب معرفة ال تعالى ،ومنعت المعتزلة
والغزالي نسخ كل التكاليف لتوقف العلم به المقصود منه على معرفة النسخ والناسخ ،وهي من
التكاليف ل يتأتى نسخها .قلنا :مسلم ذلك لكن بحصولها ينتهي التكليف بها فيصدق أنه لم يبق تكليف
فل خلف في المعنى ،ومنعت المعتزلة أيضا نسخ وجوب معرفة ال تعالى ،لنها عندهم حسنة
لذاتها ل تتغير بتغير الزمان فل يقبل حكمها النسخ .قلنا :الحسن الذاتي باطل كما مر.
)ولم يقع نسخ كل التكاليف ووجوب المعرفة( :أي معرفة ال تعالى) .إجماعا( فعلم أن الخلف
السابق إنما هو في الجواز أي العقلي )و( المختار )أن الناسخ قبل تبليغ النبي( صلى ال عليه وسّلم.
)المة( له وبعد بلوغه لجبريل )ل يثبت( حكمه )في حقهم( :لعدم علمهم به ،وقيل يثبت بمعنى
استقراره في الذمة ل بمعنى المتثال كما في النائم ،أما بعد التبليغ فيثبت في حق من بلغه وكذا من
لم يبلغه إن تمكن من علمه ،وإل فعلى الخلف) .و( المختار وهو ما عليه الجمهور )أن زيادة جزء
أو شرط أو صفة على النص( :كزيادة ركعة أو ركوع أو غسل ساق أو عضد في الوضوء أو إيمان
في رقبة الكفارة أو جلدات في جلد حّد) .ليست بنسخ( للمزيد عليه ،وقالت الحنفية :إنها نسخ ومثار
الخلف أنها هل رفعت حكما شرعيا ،فعندنا ل ،وعندهم نعم .نظرا إلى أن المر بما دونها اقتضى
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
تركها فهي رافعة لذلك المقتضى .قلنا :ل نسلم اقتضاء تركها بل المقتضى له غيره ،وبنوا على ذلك
أنه ل يعمل بأخبار الحاد في زيادتها على القرآن كزيادة التغريب على الجلد الثابتة بخبر
الصحيحين» :البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام« بناء على أن المتواتر ل ينسخ بالحاد) .وكذا
نقصه( :أي نقص جزء أو شرط أو صفة من مقتضى النص كنقص ركعة أو وضوء أو اليمان في
رقبة الكفارة ،فقيل إنه نسخ لها إلى الناقص لجوازه أو وجوبه بعد تحريمه .وقال الجمهور :ل.
والنسخ إنما هو للجزء أو الشرط أو الصفة فقط ،لنه الذي يترك وقبل نقص الجزء نسخ بخلف
نقص الشرط والصفة والتصريح بذكرها من زيادتي ،وبما تقرر علم أنه ل فرق في ذلك بين العبادة
ل الجزء والشرط والصفة غيرها كعبادة مستقلة ،سواء أكانت مجانسة وغيرها ،وخرج بزيادتي أو ً
كصلة سادسة أمل .كزيادة الزكاة على الصلة فليست نسخا في الثانية إجماعا ول في الولى عند
الجمهور.
)خاتمة( :للنسخ يعلم بها الناسخ من المنسوخ )يتعين الناسخ( لشيء )بتأخره( عنه )ويعلم( تأخره
)بالجماع( :على أنه متأخر عنه أو أنه ناسخ له )وقول النبي( صلى ال عليه وسّلم) :هذا ناسخ(
لذاك )أو( هذا ) بعد ذاك( أو سابق عليه )أو كنت نهيتـ(ـكم )عن كذا فافعلوه أو نصه على خلف
النص الول( :أي أن يذكر الشيء على خلف ما ذكره فيه أّول )أو قول الراوي هذا متأخر( عن
ذاك أو سابق عليه ،وهو الذي ذكره الصل ،فيكون ذاك فيه متأخرا )ل بموافقة أحد النصين
للصل( :أي البراءة الصلية فل يعلم التأخر بها في الصح ،وقيل يعلم لن الصل مخالفة الشرع
لها ،فيكون المخالف سابقا على الموافق .قلنا :مسلم لكنه ليس بلزم لجواز العكس )و( ل )ثبوت
إحدى آيتين في المصحف( :بعد الخرى ،فل يعلم التأخرية في الصح ،وقيل يعلم لن الصل
موافقة الوضع للنزول .قلنا :لكنه غير لزم لجواز المخالفة كما مر في آيتي عدة الوفاة) .و( ل
)تأخر إسلم الراوي( :لمرويه عن إسلم الراوي للخر فل يعلم التأخر به في الصح ،لجواز أن
يسمع متقّدم السلم بعد متأخره ،وقيل يعلم لنه الظاهر .قلنا :لكنه بتقدير تسليمه غير لزم لجواز
العكس كما مر) .و( ل )قوله( أي الراوي) :هذا ناسخ( فل يكون ناسخا )في الصح( .وقيل :يكون
وعليه المحّدثون لنه لعدالته ل يقول ذلك إل إذا ثبت عنده .قلنا :ثبوته عنده يجوز أن يكون باجتهاد
ل يوافق عليه) .ل( بقوله هذا )الناسخ( :لما علم أنه منسوخ وجهل ناسخه فيعلم به أنه ناسخ له
لضعف احتمال كونه حينئذ عن اجتهاد.
)وهي أقوال النبي( صلى ال عليه وسّلم )وأفعاله( :ومنها تقريره لنه كف عن النكار والكف فعل
كما مر ،وتقدمت مباحث القوال التي تشرك فيها السنة الكتاب ،من المر والنهي وغيرهما،
والكلم هنا في غير ذلك ولتوقف حجية السنة على عصمة النبي بدأت كالصل بها مع عصمة سائر
النبياء زيادة للفائدة فقلت) :النبياء( عليهم الصلة والسلم )معصومون حتى عن صغيرة سهوا(
فل يصدر عنهم ذنب ل كبيرة ول صغيرة ل عمدا ول سهوا.
فإن قلت :يشكل بأنه صلى ال عليه وسّلم سها في صلته حيث نسي فصلى الظهر خمسا وسلم في
الظهر أو العصر عن ركعتين وتكلم .قلت :ل إشكال على قول الكثر التي ،ويدل له خبر البخاري:
»إني أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني« وأما على القول المذكور ،فيجاب عنه بأن المنع من
السهو معناه المنع من استدامته ل من ابتدائه ،وبأن محله في القول مطلقا .وفي الفعل إذا لم يترتب
عليه حكم شرعي بدليل الخبر المذكور ،لنه صلى ال عليه وسّلم بعث لبيان الشرعيات ،ثم رأيت
القاضي عياضا ذكر حاصل ذلك ،ثم قال :إن السهو في الفعل في حقه صلى ال عليه وسّلم غير
مضاّد للمعجزة ول قادح في التصديق ،والكثر على جواز صدور الصغيرة عنهم سهوا ،إل الدالة
على الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بتمرة ،وينبهون عليها لو صدرت ،وإذا تقرر أن نبينا معصوم
كغيره من النبياء.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)فل يقر نبينا( محمد صلى ال عليه وسّلم )أحدا على باطن فسكوته ولو غير مستبشر على الفعل
مطلقا( :بأن علم به في الصح وقيل إل فعل من يغريه النكار بناء على سقوط النكار عليه ،وقيل:
إل الكافر بناء على أنه غير مكلف بالفروع ،وقيل إل الكافر غير المنافق) .دليل الجواز للفاعل(
بمعنى الذن له فيه ،لن سكوته صلى ال عليه وسّلم على الفعل تقرير له) .ولغيره في الصح(.
وقيل :ل لن السكوت ليس بخطاب حتى يعّم .قلنا :هو كالخطاب فيعم) .وفعله( صلى ال عليه وسّلم
)غير مكروه( بالمعنى الشامل للمحرم ولخلف الولى لعصمته ،ولقلة وقوع المكروه وخلف
الولى من التقى من أمته ،فكيف يقع منه ول ينافيه وقوع المكروه لنا منه بيانا لجوازه ،لنه ليس
مكروها حينئذ ،بل واجب) .وما كان( من أفعاله )جبليا( :أي واقعا بجهة جبلة البشر أي خلقتهم
كقيامه وقعوده وأكله وشربه) .أو مترددا( بين الجبلي والشرعي كحجه راكبا وجلسته للستراحة.
)أو بيانا( :كقطعة السارق من الكوع بيانا لمحل القطع في آية السرقة )أو مخصصا به( :كزيادته في
النكاح على أربع نسوة )فواضح( :أن الرابع لسنا متعبدين به على الوجه الذي تعبد هو به وأن غيره
دليل في حقنا ،لنه صلى ال عليه وسّلم بعث لبيان الشرعيات فيباح لنا في الول ،وقيل يندب
ويندب في الثاني ،وقيل يباح ويندب أو يجب أو يباح بحسب المبين في الثالث) .وما سواه( :أي
سوى ما ذكر في فعله) .إن علمت صفته( من وجوب أو ندب أو إباحة )فأمته مثله( في ذلك) .في
الصح( :عبادة كان أول .وقيل مثله في العبادة فقط ،وقيل ل مطلقا بل كمجهول الصفة وسيأتي.
)وتعلم( صفة فعله أي من حيث هو ل بقيد كونه سوى ما ذكر ،فل يشكل بذكر البيان هنا مع ذكره
ل) .وتسوية بمعلوم الجهة( :كقوله هذا الفعل مساٍو لكذا في قبل) .بنص( عليها كقوله :هذا واجب مث ً
حكمه وقد علمت جهته) .ووقوعه بيانا أو امتثالً لدال على وجوب أو ندب أو إباحة( :فيكون حكمه
حكم المبين أو الممتثل) .ويخص الوجوب( عن غيره )أمارته كالصلة بأذان( :لنه ثبت باستقراء
الشريعة أن ما يؤذن لها واجبة بخلف غيرها ،كصلة العيد والخسوف) .وكونه( أي الفعل
)ممنوعا( منه) ،لو لم يجب كالحّد( ،والختان إذ كل منهما عقوبة وقد يتخلف الوجوب عن هذه
المارة لدليل كما في سجودي السهو والتلوة في الصلة )و( يخص )الندب( عن غيره )مجرد
قصد القربة( :بأن تدل قرينة على قصدها بذلك الفعل مجردا عن قيد الوجوب ،والفعل المجرد
قصدها كما صرح به الصل كثير من صلة وصوم وقراءة ونحوها من التطوعات )وإن جهلت(
صفته) ،فللوجوب في الصح( في حقه وحقنا ،لنه الحوط ،وقيل للندب لنه المتحقق بعد الطلب،
وقيل للباحة لن الصل عدم الطلب ،وقيل بالوقف في الكل لتعارض الدلة ،وقيل في الولين فقط
مطلقا ،لنهما الغالب من فعل النبي ،وقيل فيهما إن ظهر قصد القربة ،وإل فللباحة .وسواء على
غير هذا القول أظهر قصد القربة أم ل .ومجامعة القربة للباحة بأن يقصد بفعل المباح بيان الجواز
للمة فيثاب على هذا القصد.
)وإذا تعارض الفعل والقول( أي تخالفا بتخالف مقتضيهما )ودل دليل على تكرر مقتضاه( أي
ي صوم عاشوراء في كل القول) .فإن اختص( القول )به( صلى ال عليه وسّلم ،كأن قال :يجب عل ّ
سنة ،وأفطر في سنة بعد القول أو قبله) .فالمتأخر( من الفعل ،والقول بأن علم )ناسخ( للمتقدم منهما
في حقه ،فإن لم يدل دليل على تكرر ما ذكر في هذا القسم وقسيميه الثنين ،فل نسخ لكن في تأخر
الفعل ل في تقدمه لدللته على الجواز المستمّر) .فإن جهل( المتأخر منهما) .فالوقف( عن ترجيح
أحدهما على الخر في حقه إلى تبين التاريخ )في الصح( لستوائهما في احتمال تقدم كل منهما
على الخر ،وقيل يرجح القول ،وعزى إلى الجمهور لنه أقوى دللة من الفعل لوضعه لها .والفعل
إنما يدل بقرينة لن له محامل ،وقيل يرجح الفعل لنه أقوى بيانا بدليل أنه يبين به القول .قلنا:
البيان بالقول أكثر ،ولو سلم تساويهما ،لكن البيان بالقول أقوى دللة كما مر ،ولنه ل يختص
بالموجود المحسوس ،ولن دللته متفق عليها بخلف الفعل في ذلك) .ول تعارض( في حقنا حيث
ص( القول )بنا( :كأن قال :يجب دل دليل على تأسينا به في الفعل لعدم تناول القول لنا) .وإن اخت ّ
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
عليكم صوم عاشوراء إلى آخر ما مّر) .فل تعارض فيه( :أي في حقه صلى ال عليه وسّلم بين
ل دليل على الفعل والقول لعدم تناوله له) .وفينا المتأخر( منهما بأن علم )ناسخ( للمتقدم) .إن د ّ
تأسينا( به في الفعل )فإن جهل( المتأخر )عمل بالقول في الصح( :وقيل بالفعل ،وقيل الوقف لما
مّر ،وإنما اختلف التصحيح في المسألتين لنا متعبدون فيما يتعلق بنا بالعلم بحكمه لنعمل به بخلف
ما يتعلق به ،إذ ل ضرورة إلى الترجيح فيه ،فإن لم يدل دليل على تأسينا به في الفعل فل تعارض
ي وعليكم صوم في حقنا لعدم ثبوت حكم الفعل في حقنا) .وإن عمنا وعمه( القول كأن قال :يجب عل ّ
عاشوراء إلى آخر ما مّر) .فحكمهما( أي الفعل والقول) .كما مّر( من أن المتأخر منهما إن
ل دليل على تأسينا به في الفعل ،وإل فل تعارض في علم ناسخ للمتقدم في حقه ،وكذا في حقنا إن د ّ
حقنا ،وإن جهل المتأخر فالصح في حقه الوقف ،وفي حقنا تقدم القول) .إل أن يكون( القول )العام
ظاهرا فيه( صلى ال عليه وسّلم ل نصا ،كأن قال :يجب على كل مكلف صوم عاشوراء إلى آخر
ما مّر) .فالفعل مخصص( للقول في حقه تقدم عليه أو تأخر عنه أو جهل ذلك ،ول نسخ لن
التخصيص أهون منه لما فيه من إعمال الدليلين بخلف النسخ ،نعم لو تأخر الفعل عن العمل
بمقتضى القول فهو ناسخ كما مّر آخر التخصيص ،ولو لم يكن القول ظاهرا في الخصوص ول في
العموم ،كأن قال :صوم عاشوراء واجب في كل سنة ،فالظاهر أنه كالعام لن الصل عدم
الخصوص ،أما تعارض القولين فسيأتي في التعادل والترجيح ،وأما الفعلن فل يتعارضان كما
جزم به ابن الحاجب وغيره لجاز أن يكون الفعل في ووقت واجبا وفي آخر بخلفه ،لن الفعال ل
عموم لها.
الكلم في الخبار
بفتح الهمزة جمع خبر وهو يطلق على صيغته وعلى معناها ،وهو المعنى القائم بالنفس ،ولما كان
الخبر مما يصدق به المركب بدأت كالصل به تكثيرا للفائدة فقلت) :المركب( من اللفظ )إما
مهمل( :بأن ل يكون له معنى) .وليس موضوعا( اتفاقا) ،وهو موجود في الصح( ،كمدلول لفظ
الهذيان فإنه لفظ مركب مهمل كضرب من الهوس أو غيره مما ل يقصد به الدللة على شيء ،ونفاه
ل :إن التركيب إنما يصار إليه للفادة ،فحيث انتفت انتفى فمرجع خلفه إلى أن المام الرازي قائ ً
مثل ما ذكر ل يسمى مركبا) .أو مستعمل( ،بأن يكون له معنى )والمختار أنه موضوع( :أي
بالنوع ،وقيل :ل .والموضوع مفرداته والمركب المستعمل المفيد يعبر عنه بالكلم) .والكلم
اللساني لفظ تضمن إسنادا مفيدا مقصودا لذاته( :فخرج الخط والرمز والعقد والشارة والنصب
والمفرد كزيد وغير المفيد كالنار حاّرة ،وتكلم رجل ورجل يتكلم ،وغير المقصود كالصادر من
نائم ،والمقصود لغيره كصلة الموصول نحو :جاء الذي قام أبوه ،فإنها مفيدة بالضم إليه مع ما معه
مقصودة ليضاح معناه )و( الكلم )النفساني معنى في النفس( :أي قام بها) .يعبر عنه باللساني(:
أي بما صدقاته ،وهذا من زيادتي) .والصح عندنا أنه( :أي الكلم )مشترك( بين اللساني
والنفساني ،لن الصل في الطلق الحقيقة .قال المام الرازي :وعليه المحققون منا .وقيل :إنه
حقيقة في النفساني مجاز في اللساني ،واختاره الصل قال الخطل:
ن الكلم لفي الفؤاد وإنما
إّ
جعل اللسان على الفؤاد دليل
وقالت المعتزلة :إنه حقيقة في اللساني لتبادره إلى الذهان دون النفساني الذي أثبته الشاعرة دون
المعتزلة .ويجاب عما قاله الخطل بأن مراده الكلم الصلي ،فالكلم اللساني ليس أصليا ،وإن كان
ل على الصل ،وعما قاله المعتزلة بأن تبادر الشيء وإن كان علمة للحقيقة ل بمنع حقيقة ،ودلي ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
كون ما انتفى فيه التبادر حقيقة أيضا ،لن العلمة ل يشترط فيها النعكاس ،والنفساني منسوب إلى
النفس بزيادة ألف ونون للدللة على العظمة ،كما في قولهم :شعراني لعظيم الشعر.
)والصولي إنما يتكلم فيه( أي في اللساني لن بحثه فيه ل في المعنى النفسي) .فإن أفاد( :أي ما
صدق اللساني )بالوضع طلبا فطلب ذكر الماهية( :أي فاللفظ المفيد لطلب ذكرها أي ذاتا أو صفة.
)استفهام( نحو :ما هذا ومن ذا أزيد أم عمرو) .و( طلب )تحصيلها أو تحصيل الكف عنها( :أي
اللفظ المفيد لذلك) .أمر ونهي( نحو :قم ول تقم )ولو( كان تحصيل ذلك طلب )من ملتمس( أي
مساٍو لمطلوب منه رتبة) .وسائل(أي دون المطلوب منه رتبة فإن اللفظ المفيد لذلك منهما يسمى
ل وإلى الخلف أشرت بقولي ولو أمرا ونهيا ،وقيل ل بل يسمى من الول التماسا ،ومن الثاني سؤا ً
إلى آخره) .وإل( :أي وإن لم يفد بالوضع طلبا) .فما ل يحتمل( منه )صدقا وكذبا( في مدلوله )تنبيه
وإنشاء( :أي يسمى بكل منهما سواء أفاد طلبا باللزم كالتمني والترجي نحو :ليت الشباب يعود لع ّ
ل
ال يعفو عني أم لم يفد طلبا نحو :أنت طالق) .ومحتملهما( :أي الصدق والكذب من حيث هو
)خبر( .وقد يقطع بصدقه أو كذبه لمور خارجة عنه كما سيأتي ،وأبى قوم كما قاله الصل تعريف
ل منها ضروري فل حاجة إلى تعريفه، الخبر كما أبوا تعريف العلم والوجود والعدم .قيل :لن ك ً
وقيل لعسر تعريفه) .وقد يقال( هو للبيانيين) .النشاء ما( :أي كلم )يحصل به مدلوله في الخارج(
كأنت طالق .وقم ول تقم ،فإن مدلولها من إيقاع الطلق وطلب القيام وعدمه يحصل به ل بغيره،
فالنشاء بهذا المعنى أعم منه بالمعنى الول لشموله الطلب بأقسامه السابقة بخلفه بالمعنى الول،
فإنه قسيم للطلب بالوضع وللخبر فل يشمل الستفهام والمر والنهي) .والخبر خلفه( :أي ما
يحصل بغيره مدلوله في الخارج بأن يكون له خارج صدق أو كذب نحو :قام زيد فإن مدلوله أي
مضمونه من قيام زيد يحصل بغيره ،وهو محتمل لن يكون واقعا في الخارج فيكون هو صدقا
وغير واقع فيكون هو كذبا) .ول مخرج له( :أي للخبر من حيث مضمونه )عن الصدق والكذب
لنه إما مطابق للخارج(.
ل( فالكذب )فل واسطة( بينهما )في الصح( وقيل بها .وفي القول بها أقوال منها قول فالصدق )أو ً
عمرو بن بحر الجاحظ :الخبر إن طابق الخارج مع اعتقاد المخبر المطابقة فصدق أو لم يطابقه مع
اعتقاد عدمها فكذب ،وما سواهما واسطة بينهما وهو أربعة أن ينتفي اعتقاده المطابقة في المطابق
بأن يعتقد عدمها أو لم يعتقد شيئا ،وأن ينتفي اعتقاده عدمها في غير المطابق بأن يعتقدها أو لم يعتقد
شيئا.
)ومدلول الخبر( في الثبات أي :مدلول ما صدقه )ثبوت النسبة( في الخارج كقيام زيد في قام زيد،
وهذا ما رجحه السعد التفتازاني ورّد ما عداه) .إل الحكم بها( .وقيل :هو الحكم بها ورجحه الصل
وفاقا للمام الرازي مع مخالفته له في الكتاب الول ،حيث جعل ثم مدلول اللفظ المعنى الخارجي
دون المعنى الذهني خلفا للمام ،إل أن يقال ما ذكر ثّم في غير لفظ الخبر ونحوه ويقاس بالخبر
في الثبات الخبر في النفي ،فيقال مدلوله انتفاء النسبة ل الحكم به ،ثم ما ذكر ل ينافي ما حققه
المحققون من أن مدلول الخبر أي ما صدقه هو الصدق والكذب إنما هو احتمال عقلي) .ومورد
الصدق والكذب( في الخبر )النسبة التي تضمنها فقط( :أي دون غيرها) .كقيام زيد في قام زيد بن
عمرو ل بنّوته( لعمرو أيضا ،فمورد الصدق والكذب في الخبر المذكور النسبة ،وهي قيام زيد ل
بنّوته لعمرو فيه أيضا إذ لم يقصد به الخبار بها .فالشهادة بتوكيل فلن بن فلن فلنا شهادة
بالتوكيل فقط( :أي دون نسب الموكل كما هو قول عندنا وقال به المام مالك) .و( لكن )الراجح(
ل( لتضمن ثبوت التوكيل المقصود لثبوت عندنا أنها شهادة )بالنسب( للموكل )ضمنا وبالتوكيل أص ً
نسب الموكل لغيبته عن مجلس الحكم.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)مسألة :الخبر( :بالنظر لمور خارجة عنه) .إما مقطوع بكذبه( إما )قطعا كالمعلوم خلفه( إما
ل( كقول الفلسفي :العالم قديم وكبعض )ضرورة( نحو النقيضان يجتمعان أو يرتفعان) .أو استدل ً
ي فإن كان قاله فل بّد مني صلى ال عليه وسّلم لنه روى عنه أنه قال :سيكذب عل ّ المنسوب للنب ّ
وقوعه ،وإل وهو الواقع فإنه غير معروف فقد كذب به عليه ،وهذا المثال جعل فيه الصل خلفا
وليس بمعروف ،بل صرح السنوي فيه بالقطع.
ل( أي أوقعه في الوهم أي الذهن) .ولم يقبل توي ً
ل )وكل خبر( عنه صلى ال عليه وسّلم )أوهم باط ً
فـ(ـهو إما )موضوع( :أي مكذوب عليه صلى ال عليه وسّلم لعصمته كما روي أنه تعالى خلق نفسه
ل وهو حدوثه ،وقد دل العقل القاطع على أنه تعالى منزه عن الحدوث) .أو فهو كذب ليهامه باط ً
نقص منه( من جهة راويه )ما يزيل الوهم( :الحاصل بالنقصان منه كما في خبر الصحيحين عن
ابن عمر قال :صلى بنا النبي صلى ال عليه وسّلم صلة العشاء في آخر حياته ،فلما سلم قام فقال:
»أرأيتكم ليلتكم هذه على رأس مائة سنة منها ل يبقى ممن هو اليوم على ظهر الرض أحد« .قال
ابن عمر :فوهل الناس في مقالته أي غلطوا في فهم المراد منها حيث لم يسمعوا لفظة اليوم ،ويوافقه
فيها خبر مسلم عن أبي سعيد :ل تأتي مائة سنة وعلى الرض نفس منفوسة اليوم« .وقوله :منفوسة
أي موثوقة احترز به عن الملئكة )وسبب وضعه( أي الخبر )نسيان( من الراوي لمرويه ،فيذكر
غيره ظانا أنه مرويه) .أو تنفير( :كوضع الزنادقة أخبارا تخالف العقول تنفيرا لعقلء عن شريعته
المطهرة ،وقولي أو تنفير أولى من قوله أو افتراء ،لن الفتراء قسم من الوضع ل سبب له) .أو
ن أنه يؤّدي معناه أو يروي غلط( من الراوي بأن يسبق لسانه إلى غير مرويه ،أو يضع مكانه ما يظ ّ
ما يظنه حديثا) .أو غيرها( كما في وضع بعضهم أخبارا في الترغيب في الطاعة والترهيب عن
المعصية) .أو( مقطوع بكذبه )في الصح كخبر مّدعي الرسالة(
أي أنه رسول عن ال إلى الناس) .بل معجزة( تبين صدقه )و( ل )تصديق الصادق( له ،لن
الرسالة عن ال على خلف العادة والعادة تقضي بكذب من يّدعي ما يخالفها بل دليل ،وقيل ل
يقطع بكذبه لتجويز العقل صدقه ،أما مّدعي النبوة أي اليحاء إليه فقط فل يقطع بكذبه ،كما قاله
إمام الحرمين ،وظاهر أن محله قبل نزول :أنه صلى ال عليه وسّلم خاتم النبيين ،أما بعده فيقطع
بكذبه لقيام الدليل القاطع على أنه خاتم النبيين ،وقولي وتصديق أولى من قوله أو تصديق ليهامه
أنه ل بد مع المعجزة من تصديق نبي له وليس كذلك) .وخبر نقب( بضم أّوله وتشديد ثانيه وكسره
أي :فتش )عنه( في كتب الحديث )ولم يوجد عند أهله( من الرواة لقضاء العادة بكذب ناقله ،وقيل ل
يقطع بكذبه لتجويز العقل صدق ناقله ،وهذا بعد استقرار الخبار ،أما قبله كما في عصر الصحابة
فلحدهم أن يروي ما ليس عند غيره كما قاله المام الرازي.
)وما نقل آحادا فيما تتوفر الدواعي على نقله( تواترا ،إما لغرابته كسقوط الخطيب عن المنبر وقت
الخطبة ،أو لتعلقه بأصل ديني كالنص على إمامة علي رضي ال عنه في قوله صلى ال عليه وسّلم
له» :أنت الخليفة من بعدي« فعدم تواتره دليل على عدم صحته .وقالت الرافضة :ل يقطع بكذبه
لتجويز العقل صدقه) .وإما( مقطوع )بصدقه كخبر الصادق( :أي ال تعالى لتنزهه عن الكذب
ورسوله لعصمته عنه) .وبعض المنسوب للنبي( صلى ال عليه وسّلم وإن لم نعلم عينه )والمتواتر(
معنى أو لفظا) .وهو( أي المتواتر )خبر جمع يمتنع( عادة )تواطؤهم( :أي توافقهم )على الكذب عن
محسوس( ل عن معقول لجواز الغلط فيه كخبر الفلسفة بقدم العالم ،فإن اتفق الجمع المذكور في
اللفظ ،والمعنى فهو لفظي ،وإن اختلفوا فيهما مع وجود معنى كلي فهو معنوي ،كما لو أخبر واحد
عن حاتم بأنه أعطى دينارا وآخر بأنه أعطى فرسا وآخر بأنه أعطى بعيرا وهكذا .فقد اتفقوا على
معنى كلي وهو العطاء .وعن محسوس متعلق بخبر) :وحصول العلم( من خبر بمضمونه )آية(
أي علمة )اجتماع شرائطه( :أي المتواتر في ذلك الخبر .أي المور المحققة له ،وهي كما يؤخذ
من تعريفه كونه خبر جمع ،وكونهم بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب وكونه عن محسوس) .ول
تكفي الربعة( في عدد الجمع المذكور لحتياجهم إلى التزكية فيما لو شهدوا بالزنا فل يفيد قولهم
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
العلم) .والصح أن ما زاد عليها()أن العلم فيه( :أي في المتواتر )ضروري( :أي يحصل عند
سماعه من غير احتياج إلى نظر لحصوله لمن ل يتأتى منه النظر كالبله والصبيان ،وقيل نظري
بمعنى أنه متوقف على مقّدمات حاصلة عند السامع ،وهي ما مر من المور المحققة لكون الخبر
متواترا ل بمعنى الحتياج إلى النظر عقب السماع ،فل خلف في المعنى في أنه ضروري ،إذ
توقفه على تلك المقّدمات ل ينافي كونه ضروريا.
)ثم إن أخبروا( أي أهل الخبر المتواتر كلهم )عن محسوس لهم( :بأن كانوا طبقة واحدة )فذاك( أي
إخبارهم عن محسوس لهم واضح في حصول التواتر )وإل( :أي وإن لم يخبروا كلهم عن محسوس
لهم بأن كانوا طبقات فلم يخبر عن محسوس إل الطبقة الولى منهم )كفى( في حصول التواتر
)ذلك( :أي إخبار الولى عن محسوس لها مع كون كل طبقة من غيرهاجمعا يؤمن تواطؤهم على
الكذب كما علم مما مر ،بخلف ما لو لم يكونوا كذلك فل يفيد خبرهم التواتر ،وبهذا بان أن المتواتر
في الطبقة الولى قد يكون آحادا فيما بعدها كما في القراءات الشاذة ،وتعبيري بثم إلى آخره أولى
من تعبيره بما ذكره ،كما ل يخفى على المتأمل ،وقد أوضحت ذلك في الحاشية) .و( الصح )أن
علمه( :أي المتواتر أي العلم الحاصل منه )لكثرة العدد( في راويه )متفق( للسامعين له فيجب
حصوله لكل منهم) .وللقرائن( الزائدة على أقل العدد الصالح له بأن تكون لزمة له من أحواله
المتعلقة به أو بالمخبر به أو بالمخبر عنه) .قد يختلف( فيحصل لزيد دون غيره من السامعين لن
القرائن قد تقوم عند شخص دون آخر ،أما الخبر المفيد للعلم بالقرائن المنفصلة عنه فليس بمتواتر،
وقيل يجب حصول العلم من المتواتر مطلقا ،لن القرائن في مثل ذلك ظاهرة ل تخفى على السامع،
وقيل ل يجب ذلك مطلقا بل قد يحصل لكل منهم ولبعضهم فقط لجواز أن ل يحصل لبعض بكثرة
العدد كالقرائن) .و( الصح )أن الجماع على وفق خبر( ل يدل على صدقه في نفس المر مطلقا
لحتمال أن يكون للجماع مستند آخر ،وقيل يدل عليه مطلقا لن الظاهر استناد المجمعين إليه لعدم
ظهور مستند غيره ،وقيل يدل إن تلقوه بالقبول بأن تعرضوا للستناد إليه ،وإل فل يدل لجواز
استنادهم إلى غيره) .و( الصح أن )بقاء خبر تتتوفر الدواعي على إبطاله( :بأن لم يبطله ذوو
الدواعي مع سماعهم له آحادا ل يدل على صدقه ،وقل يدل عليه للتفاق على قبوله حينئذ .قلنا:
التفاق على قبوله إنما يدل
على ظنهم صدقه ،ول يلزم منه صدقه في نفس المر مثاله قوله صلى ال عليه وسّلم لعلي رضي
ال عنه» :أنت مني بمنزلة هارون من موسى إل أنه ل نبي بعدي« رواه الشيخان .فإن دواعي بني
أمية وقد سمعوه متوفرة على إبطاله لدللته على خلفة علي رضي ال عنه كما قيل كخلفة هارون
عن موسى بقوله :اخلفني في قومي وإن مات قبله ،ولم يبطلوه وأجوبة ذلك مذكورة في كتب أصول
الدين.
)و( الصح أن )افتراق العلماء( في خبر )بين مؤول( له )ومحتج( به )ل يدل على صدقه( .وقيل:
ل عليه للتفاق على قبوله حينئذ .قلنا :جوابه ما مر آنفا) .و( الصح )أن المخبر( عن محسوس يد ّ
)بحضرة عدد التواتر ولم يكذبوه ول حامل( لهم )على سكوتهم( عن تكذيبه من نحو خوف أو طمع
في شيء منه أو عدم علم بخبره صادق فيما أخبر به ،لن سكوتهم تصديق له عادة فيكون الخبر
صدقا .وقيل :ل إذ ل يلزم من سكوتهم تصديقه لجواز سكوتهم عن تكذيبه ل لشيء والتصريح بعدد
ح أن المخبر عن محسوس )بمسمع من النبي صلى ال عليه التواتر من زيادتي) .أو( أي :والص ّ
ي) .ول حامل( له )على سكوته( عن تكذيبه )صادق( فيما أخبر به وسّلم( أي بمكان يسمعه منه النب ّ
دينيا كان أو دنيويا ،لن النبي ل يقر أحدا على كذب ،وقيل ل إذ ل يدل سكوته على صدق المخبر
أما في الدين ،فلجواز أن يكون النبي بينه أو أخر بيانه بما يخالف ما أخبر به المخبر .وأما في
الدنيوي ،فلجواز أن ل يكون النبي يعلم حاله كما في إلقاح النخل ،روى مسلم عن أنس أنه صلى ال
عليه وسّلم مّر بقوم يلقحون فقال» :لو لم تفعلوا لصلح« .قال :فخرج شيصا فمّر بهم فقال» :ما
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
لنخلكم«؟ قالوا :قلت كذا وكذا .قال» :أنتم أعلم بأمر دنياكم« .وقيل :صادق في الدنيوي بخلف
الديني ،وقيل عكسه وتوجيههما يعلم مما مّر .وأجيب في الديني :بأن سبق البيان أو تأخيره ل يبيح
السكوت عند وقوع المنكر لما فيه من إيهام تغير الحكم
في الول ،وتأخير البيان عن وقت الحاجة في الثاني ،وفي الدنيوي أنه إذا كان كذبا ولم يعلم به
النبي يعلمه ال به عصمة له عن أن يقر أحدا على كذب ،أما إذا وجد حامل على ما ذكر كأن كان
المخبر ممن يعاند ول ينفع فيه النكار فل يكون صادقا قطعا.
)وأما مظنون الصدق فخبر الواحد وهو ما لم ينته إلى التواتر( :سواء أكان راويه واحدا أم أكثر أفاد
العلم بالقرائن المنفصلة أو ل) .ومنه( أي خبر الواحد )المستفيض وهو الشائع( بين الناس )عن
أصل( بخلف الشائع ل عن أصل )قد يسمى( المستفيض )مشهورا( :فهما بمعنى ،وقيل المشهور
بمعنى المتواتر ،وقيل قسم ثالث غير المتواتر والحاد ،وعند المحّدثين هو أعم من المتواتر.
ل عدد راويه )اثنان( :وهو قول الفقهاء) .وقيل ما زاد على ثلثة(: )وأقله( :أي المستفيض أي أق ّ
وهو قول الصوليين ،وقيل ثلثة وهو قول المحدثين.
)مسألة :الصح أن خبر الواحد يفيد العلم بقرينة( :كما في إخبار رجل بموت ولده المشرف على
ل على القرينة،الموت مع قرينة البكاء وإحضار الكفن والنعش ،ول يشترط في الواحدة العدالة تعوي ً
وقيل ل يفيد العلم مطلقا ،وعليه الكثر .واختاره صاحب الصل في شرح المختصر ،وقيل يفيده
مطلقا بشرط العدالة لنه حينئذ يجب العمل به كما سيأتي ،وإنما يجب العمل بما يفيد العلم لقوله
تعالى} :ول تقف ما ليس لك به علم{} ،إن يتبعون إل الظن{ نهى عن اتباع غير العلم وذم على
اتباع الظن .قلنا :ذاك فيما المطلوب فيه العلم من أصول الدين كوحدانية ال تعالى لما ثبت من
وجود العمل بالظن في الفروع ،وقيل يفيد علما نظريا إن كان مستفيضا جعله قائله واسطة بين
المتواتر المفيد للعلم الضروري والحاد المفيد للظن) .ويجب العمل به( :أي بخبر الواحد )في
الفتوى والشهادة( :أي ما يفتي به المفتي ويشهد به الشاهد بشرطه ،وفي معنى الفتوى الحكم
ح( :وإن عارضه قياس كالخبار بدخول وقت )إجماعا .وفي باقي المور الدينية والدنيوية في الص ّ
الصلة أو بتنجس الماء وكإخبار طبيب أو غيره بمضرة شيء أو نفعه ،وقيل يمتنع العمل به مطلقا
لنه إنما يفيد الظن ،وقد نهى عن اتباعه كما مر .قلنا :تقدم جوابه آنفا .وقيل يمتنع العمل به في
الحدود لنها تدرأ بالشبهة واحتمال الكذب في الحاد شبهة .قلنا :ل نسلم أنه شبهة على أنه موجود
في الشهادة أيضا ،وقيل يمتنع فيما تعم به البلوى أو خالفه راويه أو عارضه قياس ،ولم يكن راويه
فقيها وقيل غير ذلك ،وإذا قلنا بأنه يجب العمل به فيجب) .سمعا( :لنه صلى ال عليه وسّلم كان
يبعث الحاد إلى القبائل والنواحي لتبليغ الحكام ،فلول أنه يجب العمل بخبرهم لم يكن لبعثهم فائدة.
ل( أيضا .وهو أنه لو لم يجب العمل به لتعطلت وقائع الحكام المروية بالحاد ول سبيل )قيل وعق ً
إلى القول بذلك وترجيح الول من زيادتي.
)مسألة :المختار أن تكذيب الصل الفرع( :فيما رواه عنه) .وهو جازم( به .كأن قال :رويت هذا
عنه .فقال ما رويته له) .ل يسقط مرويه( عن القبول وقيل يسقطه ،لن أحدهما كاذب ،ويحتمل أن
يكون هو الفرع فل يثبت مرويه ،قلنا :يحتمل نسيان الصل له بعد روايته للفرع فل يكون واحد
ل منهما يظن أنه
منهما بتكذيب الخر له مجروحا) .لنهما لو اجتمعا في شهادة لم ترّد( :لن ك ً
صادق والكذب على النبي في ذلك بتقدير إنما يسقط العدالة إذا كان عمدا ،وإذا لم يسقط مروي
الفرع بتكذيب الصل له فبشكه في أنه رواه له أو ظنه أنه ما رواه له أولى ،وعليه الكثر كما
صرح به الصل ،وقيل يسقط به قياسا على نظيره في شهادة الفرع على شهادة الصل .قلنا :باب
الشهادة أضيق إذ يعتبر فيه الحرية والذكورة وغيرهما ودخل بقيد وهو جازم ما لو جزم الصل
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بنفي الرواية أو ظنه أو شك فيه ،وخرج به ما لو شك الفرع في الرواية أو ظنها فيسقط مرويه إل
ن الصل نفيها أو شك فيه .وبما تقرر علم أن صور الجزم والظن والشك من إن ظنها الفرع مع ظ ّ
الصل والفرع تسع ،وأن المروي يسقط في أربع منها دون البقية) .وزيادة العدل( :فيما رواه على
غيره من العدول )مقبولة إن لم يعلم اتحاد المجلس بأن علم تعدده( :لجواز أن يكون النبي ذكرها في
مجلس وسكت عنها في آخر ،أو لم يعلم تعدده ول اتحاده ،لن الغالب في مثل ذلك التعدد) .وإل(:
أي وإن علم اتحاده )فالمختار المنع( أي منع قبولها) .إن كان غيره( :أي غير من زاد )ل يغفل(:
بضّم الفاء أشهر من فتحها) .مثلهم عن مثلها عادة أو كانت الدواعي تتوفر على نقلها( :وإل قبلت،
وقيل ل تقبل مطلقا لجواز خطأ من زاد فيها .وقيل تقبل مطلقا ،وهو ما اشتهر عن الشافعي ،ونقل
عن جمهور الفقهاء والمحدثين لجواز غفلة من لم يزد عنها ،وقيل إن كان غير من زاد ل يغفل
مثلهم عن مثلها عادة لم تقبل وإل قبلت ،وقيل بالوقف عن
قبولها وعدمه) .فإن كان الساكت( عنها فيما إذا علم اتحاد المجلس) .أضبط( ممن ذكرها) .أو سّرح
بنفيها على وجه يقبل( .كأن قال ما سمعتها )تعارضا( :أي خبر الزيادة وخبر عدمها بخلف ما إذا
نفاها على وجه ل يقبل بأن محض النفي فقال :لم يقلها النبي صلى ال عليه وسّلم ،.فإنه ل أثر لذلك.
)والصح أنه لو رواها( الراوي )مرة وتركـ(ـها )أخرى أو انفرد( بها )واحد عن واحد( فيما روياه
)قبلت( .وإن علم اتحاد المجلس لجواز السهو في الترك في الولى ،ولن مع راويها زيادة علم في
الثانية ،وقيل ل يقبل لجواز الخطأ فيها في الولى ولمخالفة رفيقه في الثانية ،وقيل بالوقف في
الولى وقياسه يأتي في الثانية) .و( الصح )أنه إن غيرت( زيادة العدل )إعراب الباقي تعارضا(:
أي الخبران لختلف المعنى حينئذ كما لو روي في خبر :فرض رسول ال صلى ال عليه وسّلم
زكاة الفطر صاعا من تمر نصف صاع ،وقيل تقبل الزيادة كما إذا لم يتغير العراب) .و( الصح
)أن حذف بعض الخبر جائز إل أن يتعلق به الباقي( .فل يجوز حذفه اتفاقا لخلله بالمعنى
ل،
المقصود كأن يكون غاية أو مستثنى بخلف ما ل يتعلق به الباقي فيجوز حذفه ،لنه كخبر مستق ّ
وقيل لحتمال أن يكون للضّم فائدة تفوت بالتفريق مثاله .قوله صلى ال عليه وسّلم في البحر» :هو
الطهور ماؤه الحل ميتته« .إذ قوله الحل ميتته ل تعلق له بما قبله) .ولو أسند وأرسلوا( :أي أسند
الخبر إلى النبي واحد ووقف الباقون على الصحابي أو من دونه )فكالزيادة( :أي فالسناد أو الرفع
كالزيادة فيما مّر من التفصيل والخلف وغيرهما .ومعلوم أن التفصيل بين ما تتوفر الدواعي على
نقله ،ول تتوفر ل يمكن مجيئه هنا وتعدد مجلس السماع من الشيخ هنا كتعدد مجلس السماع من
النبي ثّم )وإذا حمل صحابي مرويه على أحد محمليه حمل عليه إن تنافيا( كالقرء يحمله على الطهر
أو الحيض ،لن الظاهر أنه إنما حمله
عليه لقرينة ،وتوقف الشيخ أبو إسحاق الشيرازي فقال :فيه نظر أي لحتمال أن يكون حمله لموافقة
رأيه ل لقرينة وخرج بالصحابي غيره ،وقيل مثله التابعي ،والفرق على الصح أن ظهور القرينة
للصحابي أقرب) .وإل( أي وإن لم يتنافيا )فكالمشترك في حمله على معنييه( :وهو الصح كما مّر
فيحمل المروي على محمليه ول يختص بحمل الصحابي إل على القول بمنع حمل المشترك على
معنييه) .فإن حمله( :أي حمل الصحابي مرويه فيما لو تنافى المحملن )على غير ظاهره( كأن
حمل اللفظ على معناه المجازى دون الحقيقي )حمل على ظاهره في الصح( اعتبارا بالظاهر ،وفيه
وفي أمثاله قال الشافعي :كيف أترك الحديث بقول من لو عاصرته لحججته ،وقيل يحمل على حمله
مطلقا لنه لم يفعله إل لدليل .قلنا :في ظنه وليس لغيره اتباعه فيه ،وقيل يحمل عليه إن فعله لظنه
أنه قصد النبي صلى ال عليه وسّلم من قرينة شاهدها .قلنا :ظنه ذلك ليس لغيره اتباعه فيه لن
ل عمل به ،أما إذا لم يتنافيا فظاهر حمله على حقيقته ومجازهالمجتهد ل يقلد مجتهدا فإن ذكر دلي ً
بناء على الراجح من استعمال اللفظ فيهما.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)مسألة :ل يقبل( :في الرواية )مختل( في عقله كجنون وإن تقطع جنونه وكمفيق من جنونه وأثر في
زمن إفاقته إذ ل يمكنه التحرز عن الخلل ،وتعبيري بمختل أعم من تعبيره بمجنون) .و( ل )كافر(
وإن علم منه التدين والتحرز عن الكذب ،إذ ل وثوق به في الجملة مع شرف منصب الرواية عنه.
ي( يميزه )في الصح( .إذ ل وثوق به لنه لعلمه بعدم تكليفه قد ل يحترز عن الكذب، )وكذا صب ّ
وقيل يقبل إن علم منه التحرز عنه ،أما غير المميز فل يقبل قطعا كالمجنون) .والصح أنه يقبل
صبي( مميز )تحمل فبلغ فأدى( ما تحمله لنتفاء المحذور السابق ،وقيل ل .إذ الصغر مظنة عدم
الضبط ويستمر المحفوظ بحاله ،ولو تحمل كافر فسلم فأّدى أو فاسق فتاب فأدى قبل) .و( الصح
أنه يقبل )مبتدع يحرم الكذب وليس بداعية ول يكفر ببدعته( :لمنه من الكذب مع تأويله في
البتداع بخلف من ل يحرم الكذب أو يكون داعية بأن يدعو الناس إلى بدعته أو يكفر ببدعته
كمنكر حدوث العالم والبعث ،وعلم ال بالمعدوم وبالجزئيات فل يقبل واحد من الثلثة ،وممن
رجحه في الثاني ابن الصلح والنووي .وقال ابن حبان :ل أعلم فيه اختلفا وقيل .يقبل ممن يحرم
الكذب ،وإن كان داعية لما مر وهو الذي رجحه الصل ،ومراده إذا لم يكفر ببدعته ،وقيل يقبل
ممن يحرم الكذب وإن كفر ببدعته ،وقيل ل يقبل مطلقا لبتداعه المفسق له) .و( الصح أنه يقبل
)من ليس فقيها وإن خالف القياس( خلفا للحنفية فيما يخالفه ،لن مخالفته ترجح احتمال الكذب.
قلنا :ل نسلم) .و( الصح أنه يقبل )متساهل في غير الحديث( :بأن يتساهل في حديث الناس،
ويتحرز في الحديث النبوي لمن الخلل فيه بخلف المتساهل فيه فيرد ،وقيل ل يقبل المتساهل
مطلقا لن التساهل في غير الحديث النبوي يجّر إلى التساهل فيه) .ويقبل مكثر( من الرواية )وإن
ندرت مخالطته للمحدثين إن أمكن تحصيل ذلك القدر( الكثير الذي رواه )في ذلك الزمن( :الذي
خالطهم فيه فإن لم يمكن لم
يقبل في شيء مما رواه لظهور كذبه في بعض ل نعلم عينه) .وشرط الراوي العدالة وهي( :لغة
التوسط وشرعا بالمعنى الشامل للمروءة )ملكة( أي هيئة راسخة في النفس) .تمنع اقتراف( :أي
ارتكاب )الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة( وتطفيف تمرة )والرذائل المباحة( :أي الجائزة
بالمعنى العم أي المأذون في فعلها ل بمعنى مستوية الطرفين) .كبول بطريق( وهو مكروه والكل
ل بالمروءة .والمعنى يمنع اقتراف كل فرد من أفراد ما في السوق لغير سوقي وغيرهما .مما يخ ّ
ذكر فباقتراف فرد منه تنتفي العدالة ،أما صغائر غير الخسة ككذبة ل يتعلق بها ضرر ونظرة إلى
أجنبية ،فل يشترط المنع من اقتراف كل فرد منها .فل تنتفي العدالة باقتراف شيء منها إل أن يصّر
عليه ولم تغلب طاعاته ،وإذا تقرر أن العدالة شرط في الرواية) .فل يقبل في الصح مجهول باطنا
وهو المستور ،و( ل )مجهول مطلقا( :أي باطنا وظاهرا )و( ل )مجهول العين( :كأن يقال عن
ن بالخيرين ن حصولها في الول وتحسينا للظ ّ رجل لنتفاء تحقق العدالة وقيل يقبلون اكتفاء بظ ّ
وحكاية الصل الجماع على عدم قبولهما مردودة بنقل ابن الصلح وغيره الخلف فيهما) .فإن
وصفه( أي الخير )نحو الشافعي( من أئمة الحديث الراوي عنه )بالثقة أو بنفي التهمة( :كقوله
أخبرني الثقة أو من ل أتهمه) .قبل في الصح( .وإن كان الثاني دون الّول رتبة وذلك لن واصفه
من أئمة الحديث ل يصفه بذلك إل وهو كذلك ،وقيل ل يقبل لجواز أن أن يكون فيه جارح ولم يطلع
عليه الواصف .قلنا :يبعد ذلك جدا مع كون الواصف مثل الشافعي محتجا به على حكم في دين ال.
)كمن أقدم معذورا( :بنحو تأويل أو جهل خل عن التدين بالكذب أو إكراه) .على( فعل )مفسق
مظنون( كشرب نبيذ )أو مقطوع( :كشرب خمر فيقبل في الصح سواء اعتقد الباحة أم لم يعتقد
شيئا لعذره ،وقيل ل يقبل لرتكابه المفسق ،وإن اعتقد الباحة ،وقيل يقبل في المظنون دون
المقطوع وخرج بالمعذور من أقدم
عالما بالتحريم باختياره أو متدينا بالكذب فل يقبل قطعا ،وبما تقرر علم أن قولي معذورا أولى من
ل.
قوله جاه ً
)
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
والمختار أن الكبيرة ما توعد عليه( بنحو غضب أو لعن )بخصوصه( في الكتاب أو السنة) .غالبا(.
وقيل هي ما فيه حّد .قال الرافعي :وهم إلى ترجيح هذا أميل ولول ما يوجد لكثرهم وهو الوفق
لما ذكروه عند تفصيل الكبائر .أي :لعّدهم منها أكل مال اليتيم والعقوق وغيرهما مما ل حّد فيه،
وذكر لصل أن المختار قول إمام الحرمين إنها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة
الديانة ،وإنما لم أختره لنه يتناول صغائر الخسة مع أن المام إنما ضبط به ما يبطل العدالة من
المعاصي مطلقا ،ل الكبيرة التي الكلم فيها والكبائر بعد أكبرها وهو الكفر كما هو معلوم) .كقتل(
عمدا أو شبهه ظلما )وزنا( بالزاي لية }والذين ل يدعون مع ال إلها آخر{ )ولواط( :لنه مضيع
لماء النسل بوطئه في فرج كالزنا) .وشرب خمر( :وإن لم يسكر لقلتها وهي المشتد من ماء العنب.
)ومسكر( ولو غير خمر كالمشتد من نقيع الزبيب المسمى بالنبيذ لخبر صحيح ورد فيه ،أما شرب
ما ل يسكر لقلته من غير الخمر فصغيرة حكما في حق من شربه معتقدا حله لقبول شهادته ،وإل
فهو كبيرة حقيقة ليجابه الحد وللتوعد عليه .وفي معنى ذلك ما اختلف في تحريمه من مطبوخ
عصير العنب) .وسرقة( لربع مثقال أو ما قيمته ذلك لية }والسارق والسارقة{ ،أما سرقة ما دون
ذلك فصغيرة .قال الحليمي :إل إن كان المسروق منه مسكينا ل غنى به عن ذلك فيكون كبيرة.
ن ظلم قيد شبر من الرض طّوقه من سبع )وغصب( لمال أو نحوه لخبر الصحيحينَ» :م ْ
أرضين« .وقده العبادي وغيره بما يبلغ قيمته ربع مثقال كما يقطع به في السرقة) .وقذف( محّرم
بزنا أو لواط لية} :إن الذين يرمون المحصنات{ ،نعم قال الحليمي قذف صغيرة ومملوكة وحرة
متهتكة صغيرة لن اليذاء فيه دونه في الحرة الكبيرة
المستترة ،أما القذف المباح كقذف الرجل زوجته إذا علم زناها أو ظنه ظنا مؤكدا فليس بكبيرة ول
صغيرة ،وكذا جرح الراوي والشاهد بالزنا إذا علم بل هو واجب) .ونميمة( :وهي نقل كلم بعض
الناس إلى بعض على وجه الفساد بينهم لخبر الصحيحين» :ل يدخل الجنة نمام« .بخلف نقل
ن المل يأتمرون بك ليقتلوك{ فإنهالكلم نصيحة للمنقول إليه كما في قوله تعالى حكاية} :يا موسى إ ّ
واجب ،أما الغيبة وهي ذكرك لنسان بما تكرهه وإن كان فيه فصغيرة قاله صاحب العدة ،وأقّره
الرافعي ومن تبعه لعموم البلوى بها .نعم قال القرطبي في تفسيره :إنها كبيرة بل خلف ،ويشملها
تعريف الكثر الكبيرة بما توعد عليه بخصوصه قال تعالى} :أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا{
قال الزركشي :وقد ظفرت بنص الشافعي في ذلك ،فالقول بأنها صغيرة ضعيف أو باطل .قلت :ليس
كذلك لمكان الجمع بحمل النص ،وما ذكر على ما إذا أصر على الغيبة أو قرنت بما يصيرها
ل وقد أخرجتها بزيادتي غالبا وتباح الغيبة في ستة مواضع مذكورة في محلها، كبيرة أو اغتاب عد ً
وقد نظمتها في بيتين فقلت:
ل لنه صلى ال عليه وسّلم عدها في خبر من الكبائر .وفي آخر من أكبر )وشهادة زور( ولو بما ق ّ
الكبائر رواهما الشيخان) .ويمين فاجرة( :لخبر الصحيحين» :من حلف على مال امرىء مسلم بغير
حقه لقي ال وهو عليه غضبان« .وخص المسلم جريا على الغالب وإل فالكافر المعصوم كذلك.
)وقطيعة رحم( :لخبر الصحيحين» :ل يدخل الجنة قاطع« .قال سفيان أي ابن عيينة :في رواية
يعني قاطع رحم ،والقطيعة فعيلة من القطع ضد الوصل والرحم القرابة) .وعقوق( للوالدين أو
أحدهما ،لنه صلى ال عليه وسّلم عّده في خبر من الكبائر وفي آخر من أكبر الكبائر رواهما
الشيخان .وأما خبرهما» :الخالة بمنزلة الم« .وخبر البخاري» :عم الرجل صنو أبيه« .أي مثله
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
لن على أنهما كالولدين في العقوق) .وفرار( من الزحف لية} :ومن يولهم يومئذ دبره{ ولنه فل يد ّ
صلى ال عليه وسّلم عّده من السبع الموبقات أي المهلكات .رواه الشيخان .نعم يجب إذا علم أنه إذا
ثبت يقتل من غير نكاية في العدو لنتفاء إعزاز الدين بثباته) .ومال يتيم( :أي أخذه بل حق وإن
كان دون ربع مثقال لية} :إن الذين يأكلون أموال اليتامى{ وقد عد أكلها صلى ال عليه وسّلم من
السبع الموبقات في الخبر السابق ،وقيس بالكل غيره وإنما عبر به في الية ،والخبر ،لنه أعم
وجوه النتفاع) .وخيانة( في غير الشيء التافه بكيل أو غيره كوزن وغلول لية} :ويل للمطففين{
ولقوله تعالى} :إن ال ل يحب الخائنين{ والغلول الخيانة من الغنيمة أو بيت المال أو الزكاة قاله
الزهري وغيره ،وإن قصره أبو عبيد على الخيانة من الغنيمة أما في التافه فصغيرة كما مر.
)وتقديم صلة( على وقتها )وتأخيرها( عنه بل عذر كسفر قال صلى ال عليه وسّلم» :من جمع بين
صلتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر« .رواه الترمذي وتركها أولى بذلك) .وكذب(
ي متعمدا فليتبّوأ مقعده من النار« .رواهعمدا )على نبي( .قال صلى ال عليه وسّلم» :من كذب عل ّ
الشيخان وغيره من النبياء مثله في ذلك كما هو ظاهر قياسا عليه ،وقد شمله تعبيري بنبي بخلف
تعبيره كغيره برسول ال صلى ال عليه وسّلم .وقد بسطت الكلم على ذلك في الحاشية ،أما الكذب
على غير نبي فصغيرة إل أن يقترن به ما يصيره كبيرة كأن يعلم أنه يقتل به قاله ابن عبد السلم،
وعليه يحمل خبر الصحيحين» :إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ،ول يزال
الرجل يكذب حتى يكتب عند ال كذابا«) .وضرب مسلم( بل حق لخبر مسلم» :صنفان من أمتي
من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ،ونساء كاسيات عاريات
ن كأسنمة البخت المائلة ،ل يدخلون الجنة ول يجدون ريحها وإن ريحها مائلت مميلت رؤوسه ّ
ليوجد من مسيرة كذا وكذا« .وخرج بالمسلم الكافر فليس ضربه كبيرة بل صغيرة ،وزعم
الزركشي أنه كبيرة) .وسب صحابي( لخبر الصحيحين» :ل تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو
أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مّد أحدهم ول نصيفه« .وروى مسلم» :ل تسبوا أحدا من
أصحابي فإن أحدكم لو أنفق« الخ .والخطاب للصحابة السابين نزلهم لسبهم الذي ل يليق بهم منزلة
ب الصّديق بنفي الصحبة فهو كفر لتكذيب القرآن، غيرهم حيث علله بما ذكره ،واستثنى من ذلك س ّ
أما سب واحد من غير الصحابة فصغيرة ،وخبر الصحيحين» :سباب المسلم فسوق« .معناه تكرار
السب فهو إصرار على صغيرة فيكون كبيرة.
)وكتم شهادة( .قال تعالى} :ومن يكتمها فإنه آثم قلبه{ أي ممسوخ وخص بالذكر لنه محل اليمان،
ل أو يبطل حقا لخبر ل ليحق باط ًولنه إذا أثم تبعه الباقي) .ورشوة( :بتثليث الراء وهي أن يبذل ما ً
الترمذي» :لعنة ال على الراشي والمرتشي« زاد الحاكم» :والرائش الذي يسعى بينهما« .أما بذله
ل فجعلة جائزة فيجوز البذل والخذ وبذله للمتكلم في واجب للمتكلم في جائز مع سلطان مث ً
كتخليص من حبس ظلما وتولية قضاء طلبه من تعين عليه أو سن له جائز والخذ فيه حرام.
)ودياثة( بمثلثة قبل الهاء ،وهي استحسان الرجل على أهله لخبر ثلثة ل يدخلون الجنة العاق والديه
والديوث ورجلة النساء .قال الذهبي :إسناده صالح) .وقيادة( :قياسا على الدياثة ،والمراد بها
استحسان الرجل على غير أهله .وقد بسطت الكلم عليه في الحاشية) .وسعاية( :وهي أن يذهب
بشخص إلى ظالم ليؤذيه بما يقوله في حقه لخبر الساعي مثلث أي :مهلك بسعايته نفسه والمسعى
به ،وإليه) .ومنع زكاة( .لخبر الصحيحين» :ما من صاحب ذهب ول فضة ل يؤدي منها حقها إل
إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليه في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه
وظهره« .إلى آخره) .ويأس رحمة( لخبر الدارقطني .لكنه صّوب وقفه» :من الكبائر الشراك بال
والياس من روح ال« .والمراد باليأس من رحمة ال استبعاد العفو عن الذنوب لستعظامها ل
إنكار سعة رحمته للذنوب ،فإنه كفر لظاهر قوله تعالى} :إنه ل ييأس من روح ال إل القوم
الكافرون{ إل أن يحمل اليأس فيه على الستبعاد والكفر على معناه اللغوي وهو الستر) .وأمن
مكر( بالسترسال في المعاصي والتكال على العفو .قال تعالى} :فل يأمن مكر ال إل القوم
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ي محرّما{ وبمعنى الخنزير الكلب وفرع كل منهما مع غيره) .وفطر في رمضان( : فيما أوحي إل ّ
ولو يوما بل عذر لخبر من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ول مرض لم يقضه صيام
الدهر ،وهو وإن تكلم فيه فله شواهد تجبره ،ولن صومه من أركان السلم ففطره يؤذن بقلة
اكتراث مرتكبه بالدين ،وتعبيري بذلك أولى من قوله وفطر رمضان) .وحرابة( :وهي قطع الطريق
على الماّرين بإخافتهم لية }إنما جزاء الذين يحاربون ال ورسوله{ )وسحر وربا( بموحدة لنه
صلى ال عليه وسّلم عدهما من السبع الموبقات في الخبر السابق) .وإدمان صغيرة( :أي إصرار
عليها من نوع أو أنواع بحيث لم تغلب طاعاته معاصيه وليست الكبائر منحصرة في المذكورات،
كما أفهمه ذكر الكاف في أولها ،وأما نحو خبر البخاري» :الكبائر الشراك بال والسحر وعقوق
الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس« .فمحمول على بيان المحتاج إليه منها وقت ذكره ،وقد قال
ابن عباس :هي إلى السبعين أقرب .وسعيد بن جبير هي إلى السبعمائة أقرب يعني باعتبار أصناف
أنواعها.
)مسألة :الخبار بعام( :أي بشيء عام )رواية( كخصائص النبي صلى ال عليه وسّلم وغيره ،إذ
القصد منها اعتقاد خصوصيتها بمن اختصت به ،وهو يعم الناس ،وما في المروي من أمر ونهي
ل الصلة واجبة ونحوهما يرجع إلى الخبر بتأويل .فتأويل :أقيموا الصلة ،ول تقربوا الزنا مث ً
ص عند حاكم شهادة( بقيد زدته بقولي) :إن كان حقا لغير المخبر والزنا حرام) .و( الخبار )بخا ّ
على غيره( :فإن كان للمخبر على غيره فدعوى أو لغيره عليه وإن لم يكن عند حاكم فإقرار.
)والمختار أن أشهد إنشاء تضمن إخبارا( بالمشهود به نظرا إلى وجود مضمونه في الخارج به،
وإلى متعلقه .وقيل محض إخبار نظر إلى متعلقه فقط ،وقيل محض إنشاء نظرا إلى اللفظ فقط .قال
شيخنا العلمة المحلي :وهو التحقيق فلم تتوارد الثلثة على محل واحد ،ول منافاة بين كون أشهد
إنشاء وكون معنى الشهادة إخبارا لنه صيغة مؤدية لذلك المعنى بمتعلقه انتهى) .و( المختار )أن
صيغ العقود والحلو كبعت( واشتريت )وأعتقت إنشاء( لوجود مضمونها في الخارج بها .وقال أبو
حنيفة :إنها إخبار على أصلها بأن يقدر وجود مضمونها في الخارج قبيل التلفظ بها ،وذكر صيغ
الحلول مع مثالها من زيادتي) .و( المختار )أنه يثبت الجرح والتعديل بواحد في الرواية فقط( :أي
بخلف الشهادة ل يثبتان فيها إل بعدد رعاية للتناسب فيهما ،فإن قال الواحد يقبل في الرواية دون
الشهادة ،وقيل يثبتان إل بعدد فيهما نظرا إلى أن ذلك شهادة ،وقيل يكفي في ثبوتهما فيهما واحد
نظرا إلى أن ذلك خبر ،والترجيح من زيادتي) .و( المختار )أنه يشترط ذكر سبب الجرح فيهما(:
أي في الرواية والشهادة للختلف فيه بخلف سبب التعديل) .و( لكن )يكفي إطلقه( أي الجرح
)في الرواية( :كالتعديل كأن يقول الجارح فلن ضعيف أو ليس بشيء )إن عرف مذهب الجارح(
من أنه ل يجرح إل بقادح ،فعلم أنه ل يكفي الطلق في الرواية إذا لم يعرف مذهب الجارح ،ول
في الشهادة مطلقا لتعلق
الحق فيها بالمشهود له ،نعم يكفي ذلك فيهما لفادة التوقف عن القبول إلى أن يبحث عن ذلك كما
ذكره في الرواية ،وظاهر أنه ل فرق بينها وبين الشهادة .وقيل :يشترط ذكر سببهما في الرواية
والشهادة ولو من العالم به ،فل يكفي إطلقهما فيهما لحتمال أن يجرح بما ليس بجارح ،وأن يبادر
ل بالظاهر ،وقيل يكفي ذلك اكتفاء بعلم الجارح والمعدل بسببهما ،وقيل يشترط ذكر
إلى التعديل عم ً
سبب التعديل دون سبب الجرح لن مطلق الجرح يبطل الثقة ومطلق التعديل ل يحصلها لجواز
العتماد فيه على الظاهر) .والجرح مقدم( عند التعارض على التعديل) .إن زاد عدد الجارح على(
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
عدد )المعدل( إجماعا) .وكذا إن لم يزد عليه( :بأن ساواه أو نقص عنه) .في الصح( لطلع
الجارح على ما لم يطلع عليه المعدل ،وقضيته أنه لو اطلع المعدل على السبب وعلم توبته منه قدم
على الجارح وهو كذلك ،وقيل :يطلب الترجيح في صورة عدم الزائد كما هو حاصل في صورة
الزائد بالزيادة وعلى وزانه قيل إن التعديل في صورة الناقص مقدم) .ومن التعديل( لشخص )حكم
ل عنده لما حكم بشهادته.
مشترط العدالة( في الشاهد) .بالشهادة( من ذلك الشخص ،إذ لو لم يكن عد ً
)وكذا عمل العالم( المشترط للعدالة في الراوي برواية شخص تعديل له في الصح ،وإل لما عمل
ل ،والعمل بروايته يجوز أن يكون احتياطا) .و( كذا )رواية من ل يروي إل بروايته وقيل ليس تعدي ً
عن عدل( :بأن صرح بذلك أو عرف من عادته عن شخص تعديل له) .في الصح( كما لو قال هو
عدل ،وقيل يجوز أن يترك عادته وتأخيري في الصح عن المسألتين قبله أولى من توسيط الصل
له بينهما) .وليس من الجرح( لشخص )ترك عمل بمرويه و( ل ترك )حكم بمشهوده( .لجواز أن
يكون الترك لمعارض) .ول حّد( له )في شهادة زنا( بأن لم يكمل نصابها لنه لنتفاء النصاب ل
لمعنى في الشاهد) .و( ل في )نحو شرب نبيذ( من المسائل الجتهادية المختلف فيها كنكاح المتعة
لجواز أن يعتقد إباحة ذلك) .ول تدليس( فيمن روى عنه )بتسمية غير مشهورة( له حتى ل يعرف،
إذ ل خلل في ذلك) .قيل( أي قال ابن السمعاني) :إل أن يكون بحيث لو سئل( عنه )لم يبينه( :فإن
صنيعه حينئذ جرح له لظهور الكذب فيه .وأجيب بمنع ذلك) .ول( تدليس )بإعطاء شخص اسم آخر
تشبيها كقول( صاحب )الصل( أخبرنا )أبو عبد ال الحافظ يعني( به )الذهبي تشبيها بالبيهقي( في
قوله :أخبرنا أبو عبد ال الحافظ )يعني( به )الحاكم( لظهور المقصود وذلك صدق في نفس المر
)ول( تدليس )بإيهام اللقى والرحلة( الول ،ويسمى تدليس السناد كأن يقول من عاصر الزهري
ل ولم يلقه .قال الزهري :أو عن الزهري موهما أنه سمعه ،والثاني كأن يقول حّدثنا فلن وراء مث ً
النهر موهما جيحون ،والمراد نهر مصر كأن يكون بالجيزة لن ذلك من المعاريض ل كذب فيه.
)أما مدلس المتون( :وهو من يدرج كلمه معها بحيث ل يتميزان) .فمجروح( ليقاعه غيره في
الكذب على النبي صلى ال عليه وسّلم.
)مسألة :الصحابي( :أي صاحب النبي صلى ال عليه وسّلم) .من اجتمع مؤمنا( مميزا )بالنبي( في
حياته )وإن لم يرو( عنه شيئا )ولم يطل( :أي اجتماعه به أو كان أنثى أو أعمى كابن أم مكتوم،
فخرج من اجتمع به كافرا أو غير مميز أو بعد وفاة النبي ،لكن قال البرماوي في غير المميز :إنه
صحابي وإن اختار جماعة خلف ذلك ،وقيل يشترط في صدق اسم الصحابي الرواية ولو لحديث
وإطالة الجتماع نظرا في الطالة إلى العرف ،وفي الرواية إلى أنها المقصود العظم من صحبة
النبي صلى ال عليه وسّلم لتبليغ الحكام ،وقيل يشترط الغزو معه ومضى على الجتماع به لن
لصحبته شرفا عظيما فل ينال إل باجتماع طويل يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص كالغزو
المشتمل على السفر الذي هو قطعة من العذاب ،والعام المشتمل على الفصول الربعة التي تختلف
فيها المزجة ،واعترض التعريف بأنه يصدق على من مات مرتّدا كعبد ال بن خطل ،ول يسمى
صحابيا بخلف من مات بعد ردته مسلما كعبد ال بن سرح .وأجيب :بأنه كان يسماه قبل الردة،
ويكفي ذلك في صحة التعريف إذ ل يشترط فيه الحتراز عن المنافي العارض) .كالتابعي معه(:
أي مع الصحابي فيكفي في صدق اسم التابعي على الشخص اجتماعه مؤمنا بالصحابي في حياته،
وهذا ما رجحه ابن الصلح والنووي وغيرهما .وقيل ل يكفي ذلك من غير إطالة للجتماع به وبه
جزم الصل تبعا للخطيب البغدادي ،وفرق بأن الجتماع بالنبي يؤثر من النور القلبي أضعاف ما
يؤثره الجتماع الطويل بالصحابي وغيره من الخيار.
)والصح أنه لو اّدعى معاصر( للنبي صلى ال عليه وسّلم )عدل صحبة قبل( :لن عدالته تمنعه
من الكذب في ذلك ،وقيل ل يقبل لّدعائه لنفسه رتبة هو فيها متهم كما لو قال أنا عدل) .و( الصح
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)أن الصحابة عدول( :فل يبحث عن عدالتهم في رواية ول شهادة لنهم خير المة لقوله تعالى:
}كنتم خير أمة أخرجت للناس{ وقوله} :وكذلك جعلناكم أمة وسطا{ فإن المراد بهم الصحابة ،ولخبر
الصحيحين» :خير أمتي قرني« وقيل هم كغيرهم فيبحث عن عدالتهم في ذلك إل من كان ظاهر
العدالة أو مقطوعها كالشيخين رضي ال عنهما ،وقيل هم عدول إلى حين قتل عثمان رضي ال
عنه فيبحث عن عدالتهم بعده لوقوع الفتن بينهم من حينئذ مع إمساك بعضهم عن خوضها .وقيل:
هم عدول إل من قاتل عليا رضي ال عنه فهم فسقة لخروجهم على المام الحق ورّد بأنهم
مجتهدون في قتالهم له فل يأثمون وإن أخطأوا بل يؤجرون كما سيأتي على كل قول من طرأ له
ل غير معصومين. منهم قادح كسرقة أو زنا عمل بمقتضاه ،لنهم وإن كانوا عدو ً
)مسألة :المرسل( المشهور عند الصوليين والفقهاء وبعض المحدثين) .مرفوع غير صحابي( تابعيا
كان أو من بعده )إلى النبي( صلى ال عليه وسّلم مسقطا لواسطة بينه وبين النبي ،وعند أكثر
المحّدثين مرفوع تابعي إلى النبي ،وعندهم المعضل ما سقط منه راويان فأكثر ،والمنقطع ما سقط
منه من غير الصحابة راٍو وقيل ما سقط منه راٍو فأكثر) .والصح أنه ل يقبل( :أي ل يحتج به
للجهل بعدالة الساقط وإن كان صحابيا لحتمال أن يكون ممن طرأ له قادح) .إل إن كان مرسله من
كبار التابعين( :كقيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي )وعضده كون مرسله ل يروي إل عن
عدل( :كأن عرف ذلك من عادته كأبي سلمة بن عبد الرحمن يروي عن أبي هريرة )وهو( حينئذ
)مسند( حكما لن إسقاط العدل كذكره) .أو عضده قول صحابي أو فعله أو قول الكثر( من العلماء
لصحابي فيهم) .أو مسند( :سواء أسنده المرسل أم غيره )أو مرسل( :أن يرسله آخر يروي عن
غير شوخ الّول) .أو انتشار( له من غير نكير )أو قياس أو عمل( أهل )العصر( على وفقه )أو
نحوها( :ككون مرسله إذا شارك الحفاظ في أحاديث وافقهم فيها ولم يخالفهم إل بنقص لفظ من
ألفاظهم بحيث ل يختل به المعنى ،فإن المرسل حينئذ يقبل لنتقاء المحذور ،وقيل يقبل مطلقا لن
العدل ل يسقط الواسطة إل وهو عدل عنده ،وإل كان ذلك تلبيسا قادحا فيه ،وقيل ل مطلقا لما مر،
وقيل يقبل إن كان المرسل من أئمة النقل كسعيد بن المسيب والشعبي ،بخلف من لم يكن منهم فقد
يظن من ليس بعدل عدلً فيسقطه لظنه.
)والمجموع( من المرسل وعاضده )حجة( ل مجرد المرسل ول مجرد عاضده لضعف كل منهما
منفردا ،ول يلزم من ذلك ضعف المجموع ،لنه يحصل من اجتماع الضعيفين قوة مفيدة للظن هذا
ج بالعاضد( وحده) ،وإل( بأن كان يحتج به كمسند صحيح )فـ(ـهما )دليلن( ،إذ العاضد )إن لم يحت ّ
ل آخر فيرجح بهما عند معارضة حديث واحد حينئذ دليل برأسه والمرسل لما اعتضد به صار دلي ً
لهما والتقييد بكبار التابعين من زيادتي) .و( الصح )أنه( :أي المرسل بقيد زدته بقولي
)باعتضاده( :أي مع اعتضاده )بضعيف أضعف من المسند( المحتج به ،وقيل أقوى منه لن العدل
ل يسقط إل من يجزم بعدالته ،بخلف من يذكره فيحيل المر فيه على غيره .قلنا :ل نسلم ذلك أما
إذا اعتضد بصحيح ،فل يكون أضعف من مسند يعارضه بل هو أقوى منه ،كما علم مما مر أما
مرسل صغار التابعين كالزهري فباق على عدم قبوله مع عاضده لشدة ضعفه ،وقيد القبول بكبار
التابعين ،لن غالب رواياتهم عن الصحابة فيغلب على الظن أن الساقط صحابي ،فإذا انضم إليه
عاضد كان أقرب إلى القبول وعليه ينبغي ضبط الكبير بمن أكثر رواياته عن الصحابة والصغير
بمن أكثر رواياته عن التابعين على أن ابن الصلح والنووي لم يقيدا بالكبار وهو قوي ،وهذا كله
في مرسل غير صحابي كما عرفت ،أما مرسله فمحكوم بصحته على المذهب لن أكثر رواية
الصحابة عن الصحابة وكلهم عدول كما مّر) .فإن تجرد( هذا المرسل عن عاضد ) ول دليل( في
الباب )سواه( ومدلوله المنع من شيء) ،فالصح( أنه يجب )النكفاف( عن ذلك الشيء )لجله( :أي
المرسل احتياطا لن ذلك يحدث شبهة توجب التوقف ،وقيل ل يجب لنه ليس بحجة حينئذ ،أما إذا
كان ثم دليل سواه فيجب النكفاف قطعا إن وافقه وإل عمل بمقتضى الدليل.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)مسألة :الصح جواز نقل الحديث بالمعنى لعارف( بمعاني اللفاظ ومواقع الكلم الذي أريد به
إنشاء أو خبر بأن يأتي بلفظ بدل آخر مساو له في المراد والفهم ،وإن لم ينس اللفظ الخر أو لم
يرادفه ،لن المقصود المعنى واللفظ آلة ،وقيل ل يجوز إن لم ينس لفوت الفصاحة في كلم النبي،
وقيل إنما يجوز بلفظ مرادف بخلف غير المرادف ،لنه قد ل يوفي بالمقصود ،وقيل ل يجوز
مطلقا حذرا من التفاوت ،وإن ظن الناقل عدمه فإن العلماء كثيرا ما يختلفون في معنى الحديث
المراد .قلنا :الكلم في المعنى الظاهر ل فيما يختلف فيه كما أنه ليس الكلم فيما نعبد بألفاظ كالذان
والتشهد والسلم والتكبير ،وقيل غير ذلك أما غير العارف فل يجوز له تغيير اللفظ قطعا) .و(
الصح )أنه يحتج بقول الصحابي قال النبي( صلى ال عليه وسّلم ،لنه ظاهر في سماعه منه ،وقيل
ل .لحتمال أن يكون بينهما واسطة من تابعي أو صحابي ،وقلنا :نبحث عن عدالة الصحابة
)فـ(ـبقوله )عنه( أي عن النبي لما مر ،وقيل ل لظهوره في الواسطة) .فـ(ـبقوله )سمعته أمر ونهى(
لظهوره في صدور أمر ونهي منه ،وقيل ل لجواز أن يطلقهما الراوي على ما ليس بأمر ول نهي
تسمحا )أو( بقوله )أمرنا أو نحوه( :مما بني للمفعول كنهينا أو أوجب أو حّرم علينا أو رخص لنا
لظهور أن فاعلها النبي ،وقيل ل .لحتمال أن يكون المر والناهي بعض الولة واليجاب والتحريم
والترخيص استنباط من قائله) .و( بقوله )من السنة( كذا لظهوره في سنة النبي ،وقيل ل لجواز
إرادة سنة البلد )فكنا معاشر الناس( نفعل في عهده صلى ال عليه وسّلم )وكان الناس يفعلون( في
عهده صلى ال عليه وسّلم) .فكنا نفعل في عهده صلى ال عليه وسّلم( لظهوره في تقرير النبي
عليه ،وقيل ل لجواز ىن ل يعلم به) .فكان الناس يفعلون فكانوا ل يقطعون في( الشيء )التافه(.
قالته عائشة رضي ال عنها لظهور ذلك في جميع الناس الذي هو إجماع ،وقيل ل لجواز إرادة ناس
مخصوصين وعطف الصور بالفاء إشارة إلى أن كل صورة دون ما قبلها رتبة ،ولهذا كان تعبيري
في عنه ،وسمعته بالفاء أولى من تعبيره فيهما بالواو ،ووجه كون الخيرتين دون ما قبلهما عدم
التصريح بكون ذلك في عهده صلى ال عليه وسّلم ،ووجه كون الخيرة دون ما قبلها عدم التصريح
بما يعود عليه ضمير كانوا.
)خاتمة( :في مراتب التحمل) .مستند غير الصحابي( في الرواية إحدى عشرة )قراءة الشيخ( عليه
)إملء( من حفظه أو من كتابه) .فتحديثا( بل إملء) .فقراءته عليه( :أي على الشيخ )فسماعه(
بقراءة غيره على الشيخ ويسمى هذا والذي قبله بالعرض) .فمناولة أو مكاتبة مع إجازة( :كأن يدفع
ل به أو يكتب شيئا من حديثه لحاضر عنده أو غائب عنه، له الشيخ أصل سماعه أو فرعا مقاب ً
ويقول له :أجزت لك روايته عني) .فإجازة( بل مناولة ول مكاتبة )لخاص في خاص( :كأجزت لك
رواية البخاري) .فخاص في عام( كأجزت لك رواية جيع مسموعاتي) .فعام في خاص( :كأجزت
لمن أدركني رواية مسلم) .فـ(ـعام )في عام( كأجزت لمن عاصرني رواية جميع مروياتي) .فلفلن
ومن يوجد من نسله( تبعا له )فمناولة أو مكاتبة( :بل إجازة إن قال معها هذا من سماعي )فإعلم(
بل إجازة كأن يقول :هذا الكتاب من مسموعاتي على فلن) .فوصية( كأن يوصي بكتاب إلى غيره
ليرويه عنه عند سفره أو موته) .فوجادة( كأن يجد حديثا أو كتابا بخط شيخ معروف.
)والمختار جواز الرواية بالمذكورات( التصريح بهذا من زيادتي والقول بامتناع الرواية بالربعة
التي قبل الوجادة مردود بأنها أرفع من الوجادة والرواية بها جائزة عند الشافعي وغيره ،فالربعة
أولى) .ل إجازة من يوجد من نسل فلن(فل يجوز ،وقيل تجوز ،وقيل ل تجوز الرواية بالجازة
بأقسامها ،وقيل ل تجوز في العامة ،أما إجازة من توجد من غير قيد فممنوعة كما فهم بالولى
وصرح به الصل ،ونقل في الجماع) .وألفاظ الداء من صناعة المحدثين( :فلتطلب منهم ومنها
ي حدثني قرأت عليه قرىء عليه ،وأنا أسمع أخبرني إجازة ومناولة أو على ترتيب ما مر أملى عل ّ
ي وجدت بخطه وقد مكاتبة أخبرني إجازة أنبأني مناولة أو مكاتبة ،أخبرني إعلما أوصى إل ّ
أوضحت الكلم على ذلك مع مراتب التحمل في شرح ألفية العراقي ،وقولي أو مكاتبة في
الموضعين مع إفادة تأخر الحديث عن الملء من زيادتي.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بالقول أو الفعل أو التقرير) .بعد وفاة محمد( صلى ال عليه وسّلم )في عصر على أي أمر( كان من
ديني ودنيوي وعقلي ولغوي كما سيأتي بيانه) .ولو بل إمام معصوم( .وقالت الروافض :ل بد منه
ول يخلو الزمان عنه وإن لم تعلم عينه والحجة في قوله فقط وغيره تبع له) .أو( بل )بلوغ عدد
تواتر( لصدق مجتهد المة بدونه ،وقيل يشترط نظرا للعادة) .أو( بل )عدول( بناء على أن العدالة
ليست ركنا في المجتهد وهو الصح ،وقيل يعتبرون بناء على أنها ركن فيه فعليه ل يعتبر وفاق
الفاسق ،وقيل يعتبر في حق نفسه دون غيره ،وقيل يعتبر إن بين مأخذه في مخالفته ،بخلف ما إذا
لم يبينه إذ ليس عنده ما يمنعه أن يقول شيئا من غير دليل) .أو( كان المجتهد )غير صحابي( فل
ص الجماع بالصحابة لصدق مجتهدي المة في عصر بغيرهم .وقالت الظاهرية :يختص بهم يخت ّ
لكثرة غيرهم كثرة ل تنضبط فيبعد اتفاقهم على شيء) .أو قصر الزمن( :كأن مات المجمعون عقب
إجماعهم بخرور سقف عليهم ،وقيل يشترط طوله في الجماع الظني بخلف القطعي) .فعلم( من
الحد زيادة على ما مر) .اختصاصه( :أي الجماع )بالمجتهدين( :بأن ل يتجاوزهم إلى غيرهم) .فل
عبرة باتفاق غيرهم قطعا ول بوفاقه لهم في الصح( .وقيل يعتبر مطلقا ،وقيل :يعتبر في المشهور
ي كدقائق الفقه ،وقيل يعتبر وفاق الصولي لهم في الفروع لتوقف استنباطها على دون الخف ّ
الصول .قلنا :هو غير مجتهد بالنسبة إليها) .و( علم اختصاصه )بالمسلمين( لن السلم شرط في
المجتهد المأخوذ في حده فل عبرة بوفاق الكافر ولو ببدعة ول بخلفه) .و( علم )أنه ل بد من الكل(
أي وفاقهم لن إضافة مجتهد إلى المة تفيد العموم )وهو الصح( فيضر مخالفة الواحد ولو تابعيا
بأن كان مجتهدا وقت اتفاق الصحابة ،وقيل يضر مخالفة الثنين دون الواحد ،وقيل مخالفة الثلثة
دون القل منهم ،وقيل من بلغ عدد التواتر دون من لم يبلغه إذا كان غيرهم أكثر منه ،وقيل يكفي
اتفاق كل
من أهل مكة وأهل المدينة وأهل الحرمين ،وقيل غير ذلك .فعلم أن اتفاق كل من هؤلء ليس بحجة
في الصح وهو ما صرح به الصل ،لنه اتفاق بعض مجتهدي المة ل كلهم) .و( علم )عدم
انعقاده في حياة محمد( صلى ال عليه وسّلم ،لنه إن وافقهم فالحجة في قوله :وإل فل اعتبار بقولهم
دونه) .و( علم )أنه لو لم يكن( في العصر )إل( مجتهد )واحد لم يكن قوله إجماعا( إذ أقل ما يصدق
به اتفاق مجتهد المة اثنان) .وليس( قوله )حجة على المختار( لنتفاء الجماع عن الواحد ،وقيل
حجة وإن لم يكن إجماعا لنحصار الجتهاد فيه) .و( علم )أن انقراض( أهل )العصر( بموتهم )ل
يشترط( في انعقاد الجماع لصدق حده مع بقاء المجمعين ومعاصريهم وهو الصح كما سيأتي،
وقيل يشترط انقراضهم ،وقيل غالبهم ،وقيل علماؤهم ،وقيل غير ذلك) .و( علم )أنه( أي الجماع
)قد يكون عن قياس( لن الجتهاد المأخوذ في حد ل بّد له من مستند كما سيأتي ،والقياس من
جملته) .وهو الصح( .وقيل :ل يجوز أن يكون عن قياس ،وقيل يجوز في الجلي دون الخفي ،وقيل
يجوز لكنه لم يقع ،وذلك لن القياس لكونه ظنيا في الغلب يجوز مخالفته لرجح منه ،فلو جاز
الجماع عنه لجاز مخالفة الجماع .قلنا :إنما يجوز مخالفة القياس إذا لم يجمع على ما ثبت به ،وقد
أجمع على تحريم أكل شحم الخنزير قياسا على لحمه) .فيهما( :أي ما ذكر هو الصح في المسألتين
كما تقرر) .و( علم )أن اتفاق( المم )السابقين( على أمة محمد صلى ال عليه وسّلم )غير إجماع
وليس حجة( في ملته )في الصح( لختصاص دليل حجية الجماع بأمته لخبر ابن ماجة وغيره
»إن أمتي ل تجتمع على ضللة« .وقيل إنه حجة بناء على أن شرعهم شرع لنا وسيأتي بيانه.
)و(علم )أن اتفاقهم( أي المجتهدين في عصر) .على أحد قولين( لهم )قبل استقرار الخلف( بينهم
بأن قصر الزمن بين الختلف والتفاق )جائز ولو( كان التفاق )من الحادث بعد ذوي القولين(:
بأن ماتوا ونشأ غيرهم لصدق
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
حد الجماع بكل من التفاقين ،ولجواز أن يظهر مستند جلى يجتمعون عليه ،وقد أجمعت الصحابة
على دفنه صلى ال عليه وسّلم في بيت عائشة بعد اختلفهم الذي لم يستقر.
)
وكذا اتفاق هؤلء( أي ذوي القولين )ل من بعدهم بعده( :أي بعد استقرار الخلف بأن طال زمنه
فإنه جائز ل اتفاق من بعدهم) .في الصح( أما الول فلصدق حد الجماع به وهذا ما صححه
النووي في شرح مسلم ،وقيل ل لن استقرار الخلف بينهم يتضمن اتفاقهم على جاز الخذ بكل من
شقي الخلف باجتهاد أو تقليد ،فيمتنع اتفاقهم على أحدهما .قلنا :تضمن ما ذكر مشروط بعدم
التفاق على أحدهما فإذا وجد فل اتفاق قبله ،وقيل يجوز إل أن يكون مستندهم في الختلف قاطعا،
فل يجوز حذرا من إلغاء القاطع والخلف مبني على أنه ل يشترط انقراض العصر ،فإن اشترط
جاز التفاق مطلقا قطعا والترجيح من زيادتي ،وأما الثاني فلنه لو انقدح وجه في سقوط الخلف
لظهر للمختلفين لطول زمنه ،وقيل يجوز لجواز ظهور سقوطه لغير المختلفين دونهم) .و( علم )أن
التمسك بأقل ما قيل( من أقوال العلماء حيث ل دليل سواه )حق( :لنه تمسك بما أجمع عليه مع كون
الصل عدم وجوب ما زاد عليه كاختلف العلماء في دية الذمي الكتابي ،فقيل كدية المسلم ،وقيل
كنصفها ،وقيل كثلثها فأخذ به الشافعي لذلك ،فإن دل دليل على وجوب الكثر أخذ به كغسلت
ولوغ الكلب قيل :إنها ثلث ،وقيل سبع ودل عليه خير الصحيحين فأخذ به) .و( علم )أنه( أي
الجماع قد )يكون في ديني( كصلة وزكاة )ودنيوي( كتدبير الجيوش وأمور الرعية) .وعقلي ل
تتوقف صحته( أي الجماع )عليه( كحدوث العالم ووحدة الصانع ،فإن توقفت صحة الجماع عليه
كثبوت الباري والنبوة لم يحتج فيه بالجماع وإل لزم الدور) .ولغوي( :من زيادتي ككون الفاء
للتعقيب) .و( علم )أنه( أي الجماع )ل بد له من مستند( :أي دليل ،وإل لم يكن لقيد الجتهاد
المأخوذ
في حده معنى) .وهو الصح( :لن القول في الحكام بل مستند خطأ ،وقيل يجوز حصوله بغير
مستند بأن يلهموا التفاق على صواب هذا كله في الجماع القولي) .أما السكوتي بأن يأتي بعضهم(:
أي بعض المجتهدين) .بحكم ويسكت الباقون عنه وقد علموا به وكان السكوت مجردا عن أمارة
رضا وسخط( :بضم السين وإسكان الخاء وبتفحهما خلف الرضا) .والحكم اجتهادي تكليفي ومضى
مهلة النظر عادة فإجماع وحجة في الصح( :لن سكوت العلماء في مثل ذلك يظن منه الموافقة
عادة ،وقيل ليس بإجماع ول حجة لحتمال السكوت لغير الموافقة كالخوف والمهابة والتردد في
الحكم ،وعزى هذا للشافعي ،وقيل ليس بإجماع بل حجة لختصاص مطلق اسم الجماع عند هذا
القائل بالقطعي ،أي المقطوع فيه بالموافقة وإن كان هو عنده إجماعا حقيقة كما يفيده كونه حجة
عنده ،وقيل حجة بشرط النقراض ،وقيل حجة إن كان فتيا ل حكما لن الفتيا يبحث فيها عادة
فالسكوت عنها رضا بخلف الحكم ،وقيل عكسه لصدور الحكم عادة بعد البحث مع العلماء واتفاقهم
بخلف الفتيا ،وقيل حجة إن كان الساكتون أقل من القائلين ،وقيل غير ذلك وخرج بما ذكر ما لو لم
يعلم الساكتون بالحكم ،فليس من محل الجماع السكوتي وليس بحجة لحتمال أن ل يكون خاضوا
في الخلف ،وقيل حجة لعدم ظهور خلف فيه ،وقيل غير ذلك وترجيح عدم حجيته من زيادتي
وهو ما عليه الكثر ،وإن اقتضى كلم الصل ترجيح حجته ،وخرج أيضا ما لو اقترن السكوت
بأمارة الرضا فإجماع قطعا أو بأمارة السخط فليس بإجماع قطعا ،وما لو كان الحكم قطعيا ل
اجتهاديا أو لم يكن تكليفيا نحو :عمار أفضل من حذيفة أو عكسه فالسكوت على القول ،بخلف
المعلوم في الولى وعلى ما قيل في الثانية ل يدل على شيء وما لم يمض زمن مهلة النظر عادة
فل يكون ذلك إجماعا.
)مسألة :الصح إمكانه( :أي الجماع ،وقيل ل يمكن عادة كالجماع على أكل طعام واحد ،وقول
كلمة واحدة في وقت واحد .قلنا :هذا ل جامع لهم عليه لختلف شهواتهم ودواعيهم ،بخلف الحكم
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الشرعي ،إذ يجمعهم عليه الدليل الذي يتفقون على مقتضاه) .و( الصح )أنه( بعد إمكانه )حجة(
شرعية )وإن نقل آحادا( قال تعالى} :ومن يشاقق الرسول( الية ،توعد فيها على اتباع غير سبيل
المؤمنين فيجب اتباع سبيلهم وهو قولهم أو فعلهم فيكون حجة وقيل ل لقوله تعالى} :فإن تنازعتم في
شيء فردوه إلى ال والرسول{ اقتصر على الرد إلى الكتاب والسنة .قلنا :وقد دل الكتاب على
حجيته كما مر آنفا ،وقيل ل إل إن نقل آحادا لنه قطعي فل يثبت بخبر الواحد) .و( الصح )أنه(
بعد حجيته )قطعي( فيها )إن اتفق المعتبرون( على أنه إجماع )ل إن اختلفوا( في ذلك )كالسكوتي(:
فإنه ظني ،وقيل ظني مطلقا ،إذ المجمعون عن ظن ل يمتنع خطؤهم والجماع عن قطع غير محقق
)وخرقه( :أي إجماع القطعي وكذا الظني عند من اعتبره بالمخالفة )حرام( للتوعد عليه بالتوعد
على اتباع غير سبيل المؤمنين في الية السابقة) .فعلم( من حرمة خرقه )تحريم إحداث( قول
)ثالث( في مسألة اختلف أهل عصر فيها على قولين )و( إحداث )تفصيل( بين مسألتين لم يفصل
بينهما أهل عصر) .إن خرقاه( أي إن خرق الثالث والتفصيل الجماع بأن خالفا ما اتفق عليه أهل
عصر ،بخلف ما إذا لم يخرقاه ،وقيل :هما خارقان مطلقا ،لن الختلف على قولين يستلزم
التفاق على امتناع العدول عنهما وعدم التفصيل بين مسألتين يستلزم التفاق على امتناعه .قلنا:
الستلزام ممنوع فيهما مثال الثالث خارقا ما قيل إن الخ يسقط الجد ،وقد اختلفت الصحابة فيه على
قولين :قيل يسقط بالجد ،وقيل يشاركه كأخ فإسقاط الجّد به خارق لما اتفق عليه القولن من أن له
نصيبا ،ومثاله غير خارق ما قيل إنه يحل متروك التسمية سهوآ ل عمدا ،وعليه الحنفي ،وقيل يحل
مطلقا ،وعليه
الشافعي ،وقيل يحرم مطلقا ،فالفارق موافق لمن لم يفرق في بعض ما قاله ،ومثال التفصيل خارقا
ما لو قيل بتوريث العمة دون الخالة أو عكسه ،وقد اختلفوا في توريثهما مع اتفاقهم على أن العلة
فيه أو في عدمه كونهما من ذوي الرحام ،فتوريث إحداهما دون الخرى خارق للتفاق ،ومثاله
ي المباح ،وقيل تجب فيهما وقيل ل غير خارق ما .قلنا :إنه تجب الزكاة في مال الصبي دون الحل ّ
تجب فيهما فالمفصل موافق لمن لم يفصل في بعض ما قاله.
)و( علم )أنه يجوز إحداث( أي إظهار )دليل( لحكم )أو تأويل( لدليل ليوافق غيره )أو علة( لحكم
غير ما ذكروه من الدليل والتأويل ،والعلة لجواز تعدد المذكورات )إن لم يخرق( :ما ذكروه بخلف
ما إذا خرقه بأن قالوا :ل دليل ول تأويل ول علة غير ما ذكرناه ،وقيل ل يجوز إحداث ذلك مطلقا
لنه من غير سبيل المؤمنين المتوعد على اتباعه في الية .قلنا :المتوعد عليه ما خالف سبيلهم ل ما
لم يتعرضوا له كما نحن فيه )و( علم )أنه يمتنع ارتداد المة( في عصر )سمعا( لخرقه إجماع من
ل قطعا )ل اتفاقها( :أي المة قبلهم على وجوب استمرار اليمان .وقيل :ل يمتنع سمعا ل يمتنع عق ً
في عصر )على جهل ما( أي شيء )لم تكلف به( بأن لم تعلمه كالتفضيل بين عمار وحذيفة فل
ل لها فيجب اتباعها فيه وهو يمتنع إذ ل خطأ فيه لعدم التكليف به ،وقيل يمتنع وإل لكان الجهل سبي ً
باطل .قلنا :يمنع أنه سبيل لها إذ سبيل الشخص ما يختاره من قول أو فعل ل ما ل يعلمه أما اتفاقها
على جهل ما كلفت به فممتنع قطعا )ول انقسامها( أي المة )فرقتين( في كل من مسألتين
متشابهتين )كل( من الفرقتين )يخطىء في مسألة( من المسألتين كاتفاق إحدى الفرقتين على وجوب
الترتيب في الوضوء وعلى عدم وجوبه في الصلة الفائتة ،والخرى على العكس ،فل يمتنع نظرا
في ذلك إلى أنه لم يخطىء إل بعضها بالنظر إلى كل مسألة على حدتها ،وقيل يمتنع نظرا إلى أنها
أخطأت في مجموع المسألتين والخطأ منفي عنها بالخبر السابق ،والتصحيح في هذه العلوم مما يأتي
من زيادتي )و( علم )أن الجماع ل يضاد إجماعا( :أي ل يجوز انعقاده على ما يضاد ما انعقد عليه
إجماع) .قبله( لستلزامه تعارض قاطعين ،وقيل يجوز إذ ل مانع من كون الّول مغيا بالثاني.
)وهو الصح في الكل( :أي كل من المسائل الست كما تقرر) .ول يعارضه( أي الجماع بناء على
ي) .دليل( قطعي ول ظني ،إذ ل تعارض بين قاطعين لستحالته ،إذ الصح أنه قطع ّ
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
التعارض بين شيئين يقتضي خطأ أحدهما ،ول بين قاطع ومظنون للغاء المظنون في مقابلة
القاطع ،أما الجماع الظني فيجوز معارضته بظني آخر) .وموافقته( :أي الجماع )خبرا ل تدل
على أنه عنه( لجواز أن يكون عن غيره ولم ينقل لنا استغناء بنقل الجماع عنه )لكنه( :أي كونه
عنه هو )الظاهر إن لم يوجد غيره( بمعناه ،إذ ل بد له من مستند كما مر ،فإن وجد فل لجواز أن
يكون الجماع عن ذلك الغير ،وقيل :موافقته له تدل على أنه عنه قال بعضهم :ومحل الخلف في
خبر الواحد أما المتواتر فهو عنه بل خلف وفيه نظر.
خاتمة.:
)جاحد مجمع عليه معلوم من الدين ضرورة( وهو ما يعرفه منه الخواص والعوام من غير قبول
تشكيك كوجوب الصلة والصوم وحرمة الزنا والخمر) .كافر( قطعا )إن كان فيه نص( لن جحده
يستلزم تكذيب النبي صلى ال عليه وسّلم فيه وما أوهمه كلم المدي ،ومن تبعه من أن فيه خلفا
ص جادحه كافر) .في الصح( لما مر ،وقيل ل لعدم النص ليس بمراد لهم) .وكذا إن لم يكن( فيه ن ّ
وخرج بالمجمع عليه غيره ،وإن كان فيه نص ،وبالمعلوم ضرورة غيره كفساد الحج بالوطء قبل
الوقوف ،وإن كان فيه نص كاستحقاق بنت البن السدس مع البنت لقضاء النبي صلى ال عليه وسّلم
به ،كما رواه البخاري وبالدين المجمع عليه المعلوم من غيره ضرورة كوجود بغداد ،فل يكفر
جاحدها ول جاحد شيء منها ،وإن اشتهر بين الناس هذا حاصل ما في الروضة كأصلها في باب
الردة وهو المعتمد ،وإن خالفه ما في الصل كما أوضحته في الحاشية.
من الدلة الشرعية) .وهو( لغة التقدير والمساواة .واصطلحا) .حمل معلوم على معلوم( بمعنى
متصّور أي إلحاقه به في حكمه) .لمساواته( له )في علة حكمه( :بأن توجد بتمامها في المحمول
)عند الحامل( :وهو المجتهد مطلقا أو مقيدا وافق ما في نفس المر أو ل ،بأن ظهر غلطه ،فتناول
الحد القياس الفاسد كالصحيح) .وإن خص( المحدود )بالصحيح حذف( من الحّد )الخير( :وهو عند
الحامل فل يتناول حينئذ إل الصحيح لنصراف المساواة المطلقة إلى ما في نفس المر والفاسد قبل
ظهور فساده معمول به كالصحيح .وحّد شيخنا الكمال ابن الهمام القياس بأنه مساواة محل لخر في
علة حكم شرعي له ،وهو ل يشمل غير الشرعي ،لكنه أخصر من الحّد الّول وأقرب إلى مدلول
القياس اللغوي الذي مّر بيانه وسالم مما أورد على الّول من أن الحمل فعل المجتهد فيكون القياس
فعله مع أنه دليل نصبه الشرع نظر فيه المجتهد أو ل ،كالنص لكن جواب اليراد أنه ل تنافي بين
ل) .وهو( أي القياس )حجة في المور الدنيوية( كونه فعل المجتهد ونصب الشارع إياه دلي ً
كالغذية) .وكذا في غيرها( كالشرعية )في الصح( لعمل كثير من الصحابة به متكررا شائعا مع
سكوت الباقين الذي هو في مثل ذلك من الصول العامة وفاق عادة ،ولقوله تعالى} :فاعتبروا{
ل ،وقيل شرعا ،وقيل والعتبار قياس الشيء بالشيء فيجوز القياس في ذلك ،وقيل يمتنع فيه عق ً
ي ،وقيل يمتنع في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات ،وقيل غير يمتنع فيه إن كان غير جل ّ
ذلك .والصح الّول فو جائز فيما ذكر) .إل في العادية والخلقية( :أي التي ترجع إلى العادة والخلقة
كأقل الحيض أو النفاس أو الحمل وأكثره فيمتنع ثبوتها بالقياس في الصح ،لنها ل يدرك المعنى
فيها ،بل يرجع فيها إلى قول من يوثق به ،وقيل يجوز لنه قد يدرك المعنى فيها) .وإل في كل
الحكام( فيمتنع ثبوتها بالقياس في الصح ،لن منها ما ل يدرك معناه كوجوب الدية على العاقلة،
وقيل يجوز
ل من الحكام صالح لن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه ووجوب الدية على العاقلة له حتى إن ك ً
معنى يدرك ،وهو إعانة الجاني فيما هو معذور فيه ،كما يعان الغارم لصلح ذات البين بما
يصرف إليه من الزكاة.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)وإل القياس على منسوخ فيمتنع( فيه) .في الصح( لكتفاء اعتبار الجامع بالنسخ وقيل يجوز فيه،
لن القياس مظهر لحكم الفرع الكمين ونسخ الصل ليس نسخا للفرع ،وقولي من زيادتي فيمتنع
تنبيه على أن الخلف ،إنما هو في امتناع القياس ل في عدم حجيته) .وليس النص عل العلة( لحكم
ولو في جانب الكف) .أمرا بالقياس( أي ليس أمرا به )في الصح( ل في جانب الفعل غير الكف
كأكرم زيدا لعلمه ،ول في جانب الكف نحو الخمر حرام لسكارها ،وقيل إنه أمر به في الجانبين،
إذ ل فائدة لذكر العلة إل ذلك .قلنا :ل نسلم الحصر لجواز كون الفائدة بيان مدرك الحكم ليكون أوقع
في النفس ،وقيل إنه أمر به في جانب الكف دون غيره لن العلة في الكف المفسدة ،وإنما يحصل
الغرض من انعدامها بالكف عن كل فرد مما تصدق عليه العلة والعلة في غيره المصلحة ،ويحصل
الغرض من حصولها بفرد .قلنا :قوله عن كل فرد إلى آخره ممنوع ،بل يكفي الكف عن كل فرد
مما يصدق عليه محل المعلل.
)وأركانه( أي القياس )أربعة( مقيس عليه ومقيس ومعنى مشترك بينهما وحكم للمقيس عليه يتعّدى
بواسطة المشترك إلى المقيس) .الول( :وهو المقيس عليه )الصل( :أي يسمى به كما يسمى
المقيس بالفرع كما سيأتي ،ولكون حكم الصل غير حكم الفرع باعتبار المحل ،وإن كان عينه
بالحقيقة صح تفرع الثاني على الول باعتبار دليلهما وعلم المجتهد بهما ل باعتبار ما في نقس
المر ،إذ الحكام قديمة ول تفرع في القديم) .والصح أنه( أي الصل المقيس عليه )محل الحكم
المشبه به( بالرفع صفة المحل أي :المقيس عليه ،وقيل هو حكم المحل ،وقيل دليل الحكم )و(
الصح )أنه ل يشترط( في الصل المذكور )دال( أي دليل )على جواز القياس عليه بنوعه أو
شخصه ول التفاق على وجود العلة فيه( :وقيل يشترطان فعلى اشتراط الول ل يقاس في مسائل
ل إل إذا قام دليل على جواز القياس فيه بنوعه أو شخصه وعلى اشتراط الثاني ل يقاس البيع مث ً
فيما اختلف في وجود العلة فيه ،بل ل بّد من التفاق على ذلك بعد التفاق على أن حكم الصل
معلل ،وكل منهما مردود بأنه ل دليل عليه.
)الثاني (:من أركان القياس )حكم الصل وشرطه ثبوته بغير قياس ولو إجماعا( :إذ لو ثبت بقياس
كان القياس الثاني عند اتحاد العلة لغو للستغناء عنه بقياس الفرع فيه على الصل في الول ،وعند
اختلفها غير منعقد لعدم اشتراك الصل ،والفرع فيه في علة الحكم ،فالتحاد كقياس التفاح على
البّر في الربوية بجامع الطعم ثم قياس السفرجل على التفاح ،فيما ذكر .وهو لغو للستغناء عنه
بقياس السفرجل على البر والختلف كقياس الرتق ،وهو انسداد محل الوطء على جب الذكر في
فسخ النكاح بجامع فوات التمتع ،ثم قياس الجذام على الرتق فيما ذكر وهو غير منعقد ،لن فوات
التمتع غير موجود فيه ،وقيل ل يثبت بإجماع أيضا ل أن يعلم أن مستنده نص ليستند القياس إليه،
ورّد بأنه ل دليل عليه ول يضر احتمال أن يكون الجماع عن قياس ،لن كون حكم الصل حينئذ
عن قياس مانع من القياس ،والصل عدم المانع) .وكونه غير متعبد به بالقطع( أي اليقين )في
قول( :لن ما تعبد فيه باليقين إنما يقاس على محله ما يطلب فيه اليقين كالعقائد والقياس ل يفيد
اليقين ،ورّد بأنه يفيده إذا علم حكم الصل وما هو العلة فيه ووجودها في الفرع ،وزدت في قول
ليوافق ما رجحته كالصل قبل من جواز القياس في العقليات) .وكونه من جنس الحكم الفرع(:
فيشترط كونه شرعيا إن كان المطلوب إثباته حكما شرعيا وكونه عقليا إن كان المطلوب إثباته
حكما عقليا وكونه لغويا إن كان المطلوب إثباته حكما لغويا )وأن ل يعدل( :أي حكم الصل )عن
سنن القياس( فما عدل عن سننه أي :خرج عن طريقه ل يقاس على محله لتعذر التعدية حينئذ
كشهادة خزيمة بن ثابت وحده ،فل يقاس به غيره ،وإن فاته رتبة كالصديق رضي ال عنه وقصة
شهادته رواها ابن خزيمة ،وحاصلها أن النبي صلى ال عليه وسّلم ابتاع فرسا من أعرابي فجحده
ي فشهد عليه خزيمة أي وحده ،فقال له النبي صلى ال عليه وسّلم: البيع ،وقال :هلم شهيدا يشهد عل ّ
ما حملك على هذا ولم
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
تكن حاضرا؟ فقال :صدقتك بما جئت به وعلمت أنك ل تقول إل حقا ،فقال صلى ال عليه وسّلم:
»من شهد له خزيمة أو شهد عليه فحسبه« .ورواها أبو داود أيضا وقال :فجعل النبي صلى ال
ل لحكم
عليه وسّلم شهادته بشهادة رجلين) .و( أن )ل يكون دليله( :أي دليل حكم الصل )شام ً
ل لبعضهاالفرع( للستغناء به حينئذ عن القياس ،مع أنه ليس جعل بعض الصور المشمولة أص ً
ل بمثل« ثم قيس أولى من العكس ،كما لو استدل على ربوية البر بخبر مسلم» :الطعام بالطعام مث ً
عليه الذرة بجامع الطعم فإن الطعام يشمل الذرة كالبر سواء ،وسيأتي أنه ل يشترط في العلة أن ل
يشمل دليلها حكم الفرع بعمومه أو خصوصه في الصح ،وفارق ما هنا بما فهم من المعية السابقة.
)وكونه( :أي حكم الصل )متفقا عليه جزما( ،وإل احتيج عند منعه إلى إثباته فينتقل إلى مسألة
أخرى ،وينتشر الكلم ويفوت المقصود ،وذلك ممنوع منه إل أن يروم المستدل إثباته فليس ممنوعا
كما يعلم مما يأتي )بين الخصمين فقط في الصح( :لن البحث ل يعدوهما وقيل بين كل المة حتى
ل.
ل يتأتى المنع أص ً
)
والصح أنه ل يشترط( مع اشتراط اتفاق الخصمين فقط )اختلف المة( غيرهما في الحكم ،بل
يجوز اتفاقهم عليه كهما ،وقيل يشترط اختلفهم فيه ليتأتى للخصم منعه ،إذ ل يتأتى له منع المتفق
عليه ،ويجاب بأنه يتأتى له منعه من حيث العلة كما هو المراد ،وإن لم يتأت له منعه من حيث هو
)فإن اتفقا عليه مع منع الخصم أن علته كذا( :كما في قياس حلى البالغة على حلى الصبية في عدم
وجوب الزكاة ،فإن عدمه في الصل متفق عليه بيننا وبين الحنفي ،والعلة فيه عندنا كونه حليا مباحا
وعنده كونه مال صبية) .و( القياس المشتمل على الحكم المذكور )مركب الصل( .سمي به لتركيب
الحكم فيه أي :بنائه على علتي الصل بالنظر للخصمين) .أو( اتفقا عليه مع منع الخصم )وجودها
في الصل( :كما في قياس إن نكحت فلنة فهي طالق على فلنة التي أنكحها طالق في عدم وقوع
الطلق بعد النكاح ،فإن عدمه في الصل متفق عليه بيننا وبين الحنفي والعلة تعليق الطلق قبل
تملكه ،والحنفي يمنع وجودها في الصل ويقول هو تنجيز) .فـ(ـالقياس المشتمل على الحكم
المذكور )مركب الوصف( سمي به لتركيب الحكم فيه أي بنائه على الوصف الذي منع الخصم
وجوده في الصل ،وقول الصل في الّول فإن كان متفقا بينهما ،ولكن لعلتين ،وفي الثاني لعلة
يوهم أن التفاق لجل العلتين أو العلة ،وليس مرادا فتعبيري بما ذكر سالم من ذلك) .ول يقبلن(:
أي القياسان المذكوران )في الصح( لمنع الخصم وجود العلة في الفرع في الّول ،وفي الصل في
الثاني ،وقيل يقبلن نظر التفاق الخصمين على حكم الصل) .ولو سلم( الخصم )العلة( للمستدل
أي :سلم أنها ما ذكره (فأثبت المستدل وجودها( حيث اختلفا فيه )أو سلمه( أي :سلم وجودها.
)الخصم انتهض الدليل( عليه لعترافه بوجودها في الثاني ،وقيام الدليل عليه في الول) .وإن لم
يتفقا( أي الخصمان )عليه و( ل )على علته ورام المستدل إثباته( بدليل) .ثم( إثبات )العلة( بطريق،
)فالصح قبوله( في
ذلك لن إثباته كاعتراف الخصم به ،وقيل ل يقبل بل ل بد من اتفاقهما عليهما صونا للكلم عن
النتشار )والصح( أنه )ل يشترط( في القياس )التفاق( أي الجماع )على أن حكم الصل معلل أو
النص على العلة( :المستلزم لتعليله ،إذ ل دليل على اشتراط ذلك بل يكفي إثبات التعليل بدليل ،وقيل
يشترط ذلك ،وقد مر أنه ل يشترط التفاق على أن علة حكم الصل كذا على الصح ،وإنما فرقت
كالصل بين المسألتين لمناسبة المحلين ،وإنما لم أستغن بهذه عن تلك مع أنها تستلزمها لبيان
المقابل للصح فيهما لنها ل تستلزم المقابل في تلك.
)الثالث( :من أركان القياس) .الفرع :وهو المحل المشبه( بالصل )في الصح( .وقيل :حكمه ول
يأتي قول كالصل بأنه دليل الحكم لن دليله القياس) .والمختار قبول المعارضة فيه( :أي في الفرع
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)بمقتضى نقيض الحكم أو ضده( .وقيل ل يقبل ،وإل لنقلب منصب المناظرة ،إذ يصير المعترض
ل وبالعكس ،وذلك خروج عما قصد من معرفة صحة نظر المستدل في دليله إلى غيره .قلنا: مستد ً
القصد من المعارضة هدم دليل المستدل ل إثبات مقتضاها المؤدي إلى ما مّر .وصورتها في الفرع
أن يقول :المعترض للمستدل ما ذكرت من الوصف ،وإن اقتضى ثبوت الحكم في الفرع فعندي
وصف آخر يقتضي نقيضه أو ضده ،فالنقيض نحو المسح ركن في الوضوء فيسن تثليثه كالوجه
ن تثليثه كمسح الخف والضد نحو الوتر واظب عليه فيقول المعارض مسح في الوضوء ،فل يس ّ
ي صلى ال عليه وسّلم ،فجب كالتشهد فيقول :المعارض مؤقت بوقت صلة من الخمس فيسن النب ّ
كالفجر ،وخرج بالمقتضى لنقيض الحكم أو ضده المعارضة بالمقتضى لخلف الحكم ،فل يقدح لعدم
منافاتها لدليل المستدل كما يقال :اليمين الغموس قول يأثم قائله فل يوجب الكفارة ،كشهادة الزور،
فيقول المعارض قول مؤكد للباطل يظن به حقيقته فيوجب التعزير كشهادة الزور) .و( المختار في
دفع المعارضة المذكورة زيادة على دفعها بكل ما يعترض به على المستدل ابتداء )دفعها
بالترجيح( :لوصف المستدل على وصف المعارض بمرجح مما يأتي في محله لتعين العمل
بالراجح .وقيل :ل تدفع به لن المعتبر فيها حصول أصل الظن ل مساواته لظن الصل ،وأصل
الظن ل يندفع بالترجيح .ورّد بأنه لو صح ذلك لقتضى منع قبول الترجيح مطلقا وهو خلف
الجماع) .و( المختار بناء على الول )أنه ل يجب اليماء إليه( أي :إلى الترجيح )في الدليل(.
ابتداء لن ترجيح وصف المستدل على وصف معارضه خارج عن الدليل ،وقيل يجب لن الدليل ل
يتم بدونه دفع المعارض .قلنا :ل معارض حينئذ فل حاجة إلى دفعه قبل وجوده.
)وشرطه( أي الفرع )وجود تمام العلة( التي في الصل )فيه( :بل زيادة أو بها كالسكار في قياس
النبيذ بالخمر ،واليذاء في قياس الضرب بالتأفيف فيتعّدى الحكم إلى الفرع) .فإن كانت( أي العلة
)قطعية( :بأن قطع بكونها علة في الصل وبوجودها في الفرع كالسكار واليذاء فيما مر.
)فقطعي( قياسها حتى كأن الفرع فيه شمله دليل الصل ،فإن كان دليله ظنيا فحكم الفرع كذلك) .أو(
كانت )ظنية( بأن ظن كونها علة في الصل ،وإن قطع بوجودها في الفرع )فظني وأدون( :أي
فقياسها ظني وهو قياس الدون والتصريح بأنه ظني من زيادتي )كتفاح( أي كقياسه )ببّر( في باب
الربا )بجامع الطعم( :فإنه العلة عندنا في الصل مع احتمال ما قيل إنها الفوت أو الكيل ،وليس في
التفاح إل الطعم فثبوت الحكم فيه أدون من ثبوته في البر المشتمل على الوصاف الثلثة ،والول
الذي هو القطعي يشمل قياس الولى والمساوي) .وأن( أي وشرط الفرع ما ذكر وأن )ل يعارض(
أي معارضة ل يتأتى دفعها كما مّر التلويح به ،والتصريح بهذا من زيادتي) .و( أن )ل يقوم القاطع
على خلفه( :أي خلف الفرع في الحكم ،إذ ل صحة للقياس في شيء مع قيام دليل قاطع على
خلفه) .وكذا خبر الواحد( :أي وأن ل يقوم خبر الواحد على خلفه )في الصح( :لنه مقدم على
القياس في الصح كما مّر في بحث الخبر) .إل لتجربة( :أي تمرين )النظر( من المستدل ،فيجوز
القياس المخالف لنه صحيح في نفسه ولم يعمل به لمعارضة ما ذكر له ،ويدل لصحته قولهم :إذا
تعارض النص والقياس قدم النص) .و( أن )يتحد حكمه( أي الفرع )بحكم الصل( في المعنى ،كما
أنه يشترط في الفرع وجود تمام العلة فيه كما مّر ،فإن لم يتحد به لم يصح القياس لنتفاء حكم
الصل عن الفرع ،وجواب عدم التحاد فيما ذكر يكون ببيان التحاد فيه كما يعلم مما يأتي في
محله كأن يقيس الشافعي ظهار الذمي بظهار المسلم في حرمة وطء الزوجة ،فيقول الحنفي :الحرمة
في المسلم تنتهي
بالكفارة ،والكافر ليس من أهلها إذ ل يمكنه الصوم منها لفساد نيته فل تنتهي الحرمة في حقه،
فاختلف الحكم ،فل يصح القياس فيقول الشافعي يمكنه الصوم بأن يسلم ثم يصوم ويصح إعتاقه
وإطعامه مع الكفر اتفاقا ،فهو من أهل الكفارة ،فالحكم متحد ،والقياس صحيح.
)
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
و( أن )ل يتقدم( حكم الفرع )على حكم الصل( في الظهور للمكلف) .حيث ل دليل له( غير القياس
على المختار ،كقياس الوضوء بالتيمم في وجوب النية بتقدير :أن ل دليل للوضوء غير القياس فإنه
تعبد به قبل الهجرة ،والتيمم إنما تعبد به بعدها إذ لو جاز تقدم حكم الفرع للزم ثبوته حال تقدمه بل
دليل ،وهو ممتنع لنه تكليف بما ل يعلم ،نعم إن ذكر إلزاما للخصم جاز لقول الشافعي للحنفي
القائل بوجوب النية في التيمم :دون الوضوء طهارتان أنى يفترقان لتحاد الصل والفرع في
المعنى ،فإن كان له دليل آخر جاز تقدمه لنتفاء المحذور السابق ،وبناء على جواز تعّدد الدليل،
وقيل ل يجوز تقدمه) .ل ثبوته( :أي حكم الفرع )بالنص جملة( فل يشترط على المختار وقيل
يشترط ويطلب بالقياس تفصيله ،فلول العلم بورود ميراث الجّد جملة لما جاز القياس في توريثه مع
ي حرام بالطلق والظهار واليلء الخوة والخوات ،ورّد اشتراط ذلك بأن العلماء قاسوا :أنت عل ّ
ل) .ول انتفاء نص أو إجماع يوافق(: بحسب اختلفهم فيه ،ولم يوجد فيه نص ل جملة ول تفصي ً
القياس في الحكم ،فل يشترط ،بل يجوز القياس مع موافقتهما أو أحدهما له) .على المختار( بناء
على جواز تعّدد الدليل ،وقيل يشترط انتفاؤهما وإن جاز تعّدد الدليل نظرا إلى أن الحاجة إلى
القياس ،إنما تدعو جواز تعّدد الدليل ،وقيل يشترط انتفاؤهما وإن جاز تعّدد الدليل نظرا إلى أن
الحاجة إلى القياس ،إنما تدعو عند فقد النص والجماع ،قلنا :أدلة القياس مطلقة عن اشتراط ذلك،
وعلى الول جرى الصل ،لكنه خالفه قبل في النص فجرى فيه على
الثاني.
)الرابع( :من أركان القياس )العلة( ويعبر عنها بالوصف الجامع بين الصل والفرع ،وفي معناها
شرعا أقوال ينبني عليها مسائل تأتي) .الصح أنها( أي العلة )المعرف( للحكم .فمعنى كون
ل علة أنه معرف ،أي :علمة على حرمة المسكر .وقالت المعتزلة :هي المؤثر بذاته في السكار مث ً
الحكم بناء على قاعدتهم من أنه يتبع المصلحة أو المفسدة ،وقيل هي المؤثر فيه بجعله تعالى ل
بالذات ،وقيل هي الباعث عليه ،ورّد بأنه تعالى ل يبعثه شيء ومن عبر من الفقهاء عنها بالباعث
أراد كما قال السبكي :أنها باعثة للمكلف على المتثال) .و( الصح )أن حكم الصل( على القول
بأنها المعرف )ثابت بها( ل بالنص .وقالت الحنفية :ثابت بالنص ،لنه المفيد للحكم قلنا لم يفده بقيد
ل يقاس به الذي الكلم فيه ،والمفيد له العلة لنها منشأ التعدية المحققة للقياس،
كون محله أص ً
فالمراد بثبوت الحكم بها معرفته لنها معرفة له) .وقد تكون( العلة )دافعة للحكم( :أي لتعلقه كالعدة
فإنها تدفع حل النكاح من غير صاحبها ول ترفعه كأن كانت عن شبهة) .أو رافعة( له كالطلق فإنه
يرفع حل التمتع ول يدفعه لجواز النكاح بعده) .أو فاعلة لهما( أي الدفع والرفع كالرضاع فإنه يدفع
حل النكاح ويرفعه وتكون العلة) .وصفا حقيقيا( :وهو ما يتعقل في نفسه من غير توقف على عرف
أو غيره) .ظاهرا منضبطا( :ل خفيا أو مضطربا كالطعم في الربوي) .أو( وصفا )عرفيا مطردا(
أي :ل يختلف باختلف الوقات كالشرف والخسة في الكفاءة) .وكذا( تكون )في الصح( وصفا
)لغويا( كتعليل حرمة النبيذ بتسميته خمرا بناء على ثبوت اللغة بالقياس ،وقيل ل يعلل الحكم
الشرعي بالمر اللغوي )أو حكما شرعيا( :سواء أكان المعلول كذلك كتعليل جواز رهن المشاع
بجواز بيعه أم أمرا حقيقيا كتعليل حياة الشعر بحرمته بالطلق وحله بالنكاح كاليد ،وقيل ل تكون
حكما لن شأن الحكم أن يكون معلولً
ل علة ،ورّد بأن العلة بمعنى المعرف ،ول يمتنع أن يعرف حكم حكما أو غيره ،وقيل ل تكون
حكما شرعيا إن كان المعلول أمرا حقيقيا) .أو( وصفا )مركبا( كتعليل وجود القود بالقتل العمد
العدوان لمكافىء ،وقيل :ل يكون علة لن التعليل بالمركب يؤدي إلى محال إذ بانتفاء جزء منه
تنتفي عليته فبانتفاء آخر يلزم تحصيل الحاصل ،لن انتفاء الجزء علة لعدم العلية .قلنا :إنما يؤدي
إلى ذلك في العلل العقلية ل المعرفات ،وكل من النتفاءات هنا معرف لعدم العلية ول استحالة في
اجتماع معرفات على شيء واحد ،وقيل :يكون علة ما لم يزد على خمسة أجزاء.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)وشرط لللحاق( بحكم الصل )بها( :أي بسبب العلة )أن تشتمل على حكمة( :أي مصلحة مقصودة
من شرع الحكم )تبعث( :أي تحمل المكلف حيث يطلع عليها )على المتثال وتصلح شاهدا لناطة
الحكم( بالعلة كحفظ النفوس فإنه حكمة ترتب وجود القود على علته السابقة ،فإن من علم أن من قتل
ف عن القتل ،وقد ل ينكف عنه توطينا لنفسه على تلفها ،وهذه الحكمة تبعث المكلف اقتص منه انك ّ
من القاتل وولي المر على امتثال المر الذي هو إيجاب القود بأن يمكن كل منهما وارث القتيل من
القود ،ويصلح شاهدا لناطة وجوب القود بعلته ،فيلحق حينئذ القتل بمثقل بالقتل بمحدد في وجوب
القود لشتراكهما في العلة المشتملة على الحكمة المذكورة ،فمعنى اشتمالها عليها كونها ضابطا لها
ل) .ومانعها( أي العلة )وصف وجودي يخل بحكمتها( :كالدين على القول كالسفر في حل القصر مث ً
بأنه مانع من وجوب الزكاة على المدين ،فإنه وصف وجودي يخل بحكمة العلة لوجوب الزكاة
المعلل بملك النصاب وهي الستغناء بملكه ،إذ المدين ل يستغني بملكه لحتياجه إلى وفاء دينه به،
ول يضر خلو المثال عن اللحاق الذي الكلم فيه ،وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به لما بينته في
الحاشية) .ول يجوز في الصح كونها الحكمة إن لم تنضبط( :كالمشقة في السفر لعدم انضباطها،
فإن انضبطت جاز كما رجحه المدي وابن الحاجب وغيرهما لنتفاء المحذور ،وقيل يجوز مطلقا
لنها المشروع لها الحكم ،وقيل ل يجوز مطلقا .وقضية كلم الصل ترجيحه ،ومحل الخلف إذا لم
تحصل الحكمة من ترتيب الحكم على الوصف يقينا أو ظنا كما سيأتي إيضاحه في مبحث المناسبة.
)و( ل يجوز في الصح وفاقا لبن الحاجب وغيره) .كونها عدمية( ولو بعدمية جزئها أو بإضافتها
بأن يتوقف تعقلها على تعقل غيرها كالبوة )في( الحكم )الثبوتي( ،فل يجوز حكمت بكذا لعدم كذا
أو للبوة بناء على أن الضافي عدمي كما سيأتي تصحيحه أواخر الكتاب ،وذلك لن العلة بمعنى
العلمة يجب أن
تكون أجلى من المعلل ،والعدمي أخفى من الثبوتي ،وقيل يجوز لصحة أن يقال ضرب فلن عبده
لعدم امتثاله أمره .وأجيب :بمنع صحة التعليل بذلك ،وإنما يصح بالكف عن امتثاله وهو أمر ثبوتي،
والخلف في العدم المضاف بخلف العدم المطلق ل يجوز التعليل به قطعا ،لن نسبته إلى جميع
المحال على السواء ،فل يعقل كونه علة ويجوز وفاقا تعليل الثبوتي بمثله كتعليل حرمة الخمر
بالسكار والعدمي بمثله ،كتعليل عدم صحة التصرف بعدم العقل والعدمي بمثله ،كتعليل عدم صحة
التصرف بعدم العقل والعدمي بالثبوتي كتعليل ذلك بالسراف.
)ويجوز التعليل بما ل يطلع على حكمته( :كتعليل الربوي بالطعم أو غيره) .ويثبت الحكم فيما يقطع
بانتفائها فيه للمظنة في الصح( :لجواز القصر بالسفر لمن ركب سفينة قطعت به مسافة القصر في
لحظة بل مشقة ،وقيل ل يثبت ،وعليه الجدليون إذ ل عبرة بالمظنة عند تحقق انتفاء المئنة ،وعلى
الّول يجوز اللحاق للمظنة كإلحاق الفطر بالقصر ،فيما ذكر فما مر من أنه يشترط في اللحاق
بالعلة اشتمالها على حكمة شرط في الجملة أو للقطع بجواز اللحاق ،ثم ثبوت الحكم فيما ذكر غير
مطرد ،بل قد ينتفي كمن قام من النوم متيقنا طهارة يده فل تثبت كراهة غمسها في ماء قليل قبل
غسلها ثلثا ،بل تنتفي خلفا لمام الحرمين والترجيح من زيادتي) .والصح جواز التعليل بـ)ـالعلة
)القاصرة( :وهي التي ل تتعدى محل النص )لكونها محل الحكم أو جزءه( الخاص بأن ل توجد في
غيره )أو وصفه الخاص( بأن ل يتصف به غيره ،فالّول كتعليل حرمة الربا في الذهب بكونه ذهبا
وفي الفضة كذلك ،والثاني كتعليل نقض الوضوء في الخارج من السبيلين بالخروج منهما ،والثالث
كتعليل حرمة الربا في النقدين بكونهما قيم الشياء .وخرج بالخاص في الصورتين غيره فل قصور
فيه ،كتعليل الحنفية النقض فيما ذكر بخروج النجس من البدن الشامل لما ينقض عندهم من الفصد
ونحوه ،وكتعليل ربوية البر بالطعم ،وقيل يمتنع التعليل بالقاصرة مطلقا لعدم فائدتها ،وقيل يمتنع إن
لم تكن ثابتة بنص أو إجماع لذلك.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)و( نحن ل نسلم ذلك بل )من فوائدها معرفة المناسبة( بين الحكم ومحله فيكون أدعى للقبول.
)وتقوية النص( الدال على معلولها بأن يكون ظاهرا ل قطعيا) .و( الصح جواز التعليل )باسم
لقب( كتعليل الشافعي نجاسة بول ما يؤكل لحمه بأنه بول كبول الدمي ،وقيل ل يجوز لنا نعلم
بالضرورة أنه ل أثر في حرمة الخمر لتسميته خمرا ،بخلف مسماه من كونه مخامرا للعقل فإنه
تعليل بالوصف) .و( الصح جواز التعليل )بالمشتق( المأخوذ من فعل كالسارق في قوله تعالى:
}والسارق والسارقة{ الية أو من صفة كأبيض فإنه مأخوذ من البياض ،وقيل يمتنع فيهما .وزعم
الصل التفاق على الجواز في الّول ،والتعليل بالثاني من باب الشبه الصوري كقياس الخيل على
ل للحكمالبغال في عدم وجوب الزكاة وسيأتي الخلف فيه) .و( الصح جواز التعليل شرعا وعق ً
الواحد الشخصي )بعلل شرعية( اثنتين فأكثر مطلقا ،لنها علمات ول مانع من اجتماع علمات
على شيء واحد) .وهو واقع( كما في اللمس والمس والبول الموجب كل منها للحدث ،وقيل يجوز
ذلك في العلل المنصوصة دون المستنبطة لن الوصاف المستنبطة الصالح كل منها للعلية يجوز
أن يكون مجموعها العلة عند الشارع ،فل يتعين استقلل كل منها بالعلية بخلف ما نص على
استقلله بها .وأجيب :بأنه يتيعن الستقلل بالستنباط أيضا وقيل يمتنع شرعا مطلقا ،إذ لو جاز
شرعا لوقع لكنه لم يقع .قلنا :بتقدير تسليم اللزوم ل نسلم عدم وقوعه لما مر من علل الحدث ،وقيل
ل وهو الذي صححه الصل ،وقيل يجوز في التعاقب دون المعية للزوم المحال التي لها يمتنع عق ً
ل مثل الّول ل عينه ،وعلى منع التعّدد فما يذكره
بخلف التعاقب ،لن الذي يوجد فيه بالثانية مث ً
المجيز من التعّدد ،إما أن يقال فيه العلة مجمع المور أو أحدها ل بعينه ،أو يقال فيه الحكم متعدد
بمعنى أن الحكم المستند إلى واحد منها غير المستند إلى آخر ،وإن اتفقا نوعا كما قيل بكل من ذلك،
أما العلل
العقلية فيمتنع تعّددها مطلقا للزوم المحال منه كالجمع بين النقيضين ،فإن الشيء باستناده إلى كل
منها يستغني عن الباقي ،فيلزم أن يكون مستغنيا عن كل منها وغير مستغن عنه ،وذلك جمع بين
النيقيضين ،ويلزم في التعاقب محال آخر ،وهو تحصيل الحاصل حيث يوجد بما عدا الولى عين ما
وجد بها .وفارقت العلل العقلية الشرعية على الصح بأن المحال المذكور إنما يلزم فيها لفادتها،
وجود المعلول بخلف الشرعية التي هي معرفات ،فإنها إنما تفيد العلم به سواء أفسر المعرف بما
يحصل به التعريف ،أم بما من شأنه التعريف.
)وعكسه( وهو تعليل أحكام بعلة )جائز وواقع(( :جزما بناء على الصح من تفسير العلة بالمعرف
)إثباتا كالسرقة( :فإنها علة لوجوب القطع ولوجوب الغرم إن تلف المسروق) .ونفيا كالحيض( ،فإنه
علة لعدم جواز الصوم والصلة وغيرهما ،أما على تفسير العلة بالباعث فكذلك على الصح ،وقيل
يمتنع تعليلها بعلة بناء على اشتراط المناسبة فيها ،لن مناسبتها لحكم يحصل المقصود منها بترتيب
الحكم عليها ،فلو ناسبت آخر لزم تحصيل الحاصل .قلنا :ل نسلم ذلك لجواز تعدد المقصود كما في
السرقة المرتب عليها القطع زجرا عنها والغرم جبرا لما تلف من المال ،وقيل يمتنع ذلك إن
تضادت الحكام كالتأبيد لصحة البيع وبطلن الجارة ،لن الشيء الواحد ل يناسب المتضادات.
)و( شرط )لللحاق( بالعلة )أن ل يكون ثبوتها متأخرا عن ثبوت حكم الصل في الصح( :سواء
أفسرت بالباعث أم بالمعرف ،لن الباعث على الشيء أو المعرف له ل يتأخر عنه ،وقيل يجوز
تأخر ثبوتها بناء على تفسيرها بالمعرف كما يقال :عرق الكلب نجس كلعابه ،لنه مستقذر لن
استقذاره إنما يثبت بعد ثبوت نجاسته .قلنا :قوله بناء على تفسيرها بالمعرف إنما يتم بتفسير
المعرف بما من شأنه التعريف ل بتفسيره بما يحصل به التعريف الذي هو المراد ،لئل يلزم عليه
تعريف المعرف ،وعلى تفسيره بالّول فتعريف المتأخر للمتقّدم جائز ،وواقع إذ الحادث يعرف
القديم كالعالم لوجود الصانع تعالى) .و( شرط اللحاق بالعلة )أن ل تعود على الصل( الذي
استنبطت منه )بالبطال( لحكمه لنه منشؤها فإبطالها له إبطال لها كتعليل الحنفية وجوب الشاة في
الزكاة بدفع حاجة الفقير ،فإنه مجوز لخراج قيمة الشاة مفض إلى عدم وجوبها عينا بالتخيير بينها
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
وبين قيمتها) .ويجوز عودها( على الصل )بالتخصيص( له )في الصح غالبا( .فل يشترط عدمه
كتعليل الحكم في آية} :أو لمستم النساء{ بأن اللمس مظنة التمتع أي التلذذ ،فإنه يخرج من النساء
المحارم فل ينقض
لمسهن الوضوء ،وقيل ل يجوز ذلك فيشترط عدم التخصيص ،فينقض لمس المحارم الوضوء عملً
بالعموم والتصحيح من زيادتي ،وخرج بالتخصيص التعميم فيجوز العود به قطعا كتعليل الحكم في
خبر الصحيحين :ل يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ،بتشويش الفكر فإنه يشمل غير الغضب أيضا
وبزيادتي غالبا تعليل نحو الحكم في خبر النهي عن بيع اللحم بالحيوان بأنه بيع ربوي بأصله ،فإنه
يقتضي جواز البيع بغير الجنس من مأكول وغيره كما هو أحد قولي الشافعي ،لكن أظهرهما المنع
نظرا للعموم.
)و( شرط لللحاق بالعلة )أن ل تكون( العلة )المستنبطة معارضة بمناف( لمقتضاها )موجود في
الصل( :إذ ل عمل لها مع وجوده إل بمرجح ،ومثل له بقول الحنفي في نفي وجوب التبييت في
صوم رمضان صوم عين فيتأدى بالنية قبل الزوال كالنفل فيعارضه الشافعي بأنه صوم فرض
فيحتاط فيه بخلف النفل ،وهو مثال للمعارض في الجملة وليس منافيا ول موجودا في الصل،
وخرج بالصل الفرع فل يشترط انتفاء وجود ذلك فيه لصحة العلة ،وقيل يشترط أيضا ومثل له
بقولنا في مسح الرأس ركن في الوضوء ،فيسن تثليثه كغسل الوجه فيعارضه الخصم بقوله مسح فل
يسن تثليثه كالمسح على الخفين ،وهو مثال للمعارض في الجملة وليس منافيا ،وإنما ضعف هذا
الشرط ،وإن لم يثبت الحكم في الفرع عند انتفائه لن الكلم في شروط العلة ،وهذا شرط لثبوت
الحكم في الفرع ل للعلة التي الكلم فيها ،وإنما قيد المعارض بالمنافي لنه قد ل ينافى كما سيأتي
فل يشترط انفاؤه ،ويجوز أن يكون هو علة أيضا بناء على جواز التعليل بعلل) .و( شرط لللحاق
بالعلة )أن ل تخالف نصا أو إجماعا( :لتقدمهما على القياس فمخالفة النص كقول الحنفي :المرأة
مالكة لبضعها فيصح نكاحها بغير إذن وليها قياسا على بيع سلعتها فإنه مخالف لخبر أبي داود
وغيره» :أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل« .ومخالفة الجماع كقياس صلة
المسافر على صومه في عدم الوجوب بجامع السفر الشاق فإنه مخالف للجماع على وجوب أدائها
عليه) .و( أن )ل تتضمن( العلة )المستنبطة زيادة عليه( :أي على النص أو الجماع) .منافية
ل على علية وصف ويزيد الستنباط قيدا فيه منافيا للنص فل يعمل مقتضاه( ،بأن يدل النص مث ً
بالستنباط لتقّدم النص عليه والتقييد بالمستنبطة من زيادتي) .و( شرط لللحاق بالعلة )أن تتعين(
في الصح ،فل تكفي المبهمة لن العلة منشأ التعدية المحققة للقياس الذي هو الدليل ومن شأن الدليل
أن يكون معينا ،فكذا منشأ المحقق
له ،وقيل يكفي المبهمة من أمرين فأكثر المشتركة بين المقيس والمقيس عليه) .ل أن ل تكون( العلة
)وصفا مقدرا( فل يشترط في الصح كتعليل جواز التصرف بالملك الذي هو معنى مقدر شرعي
في محل التصرف .وقيل :يشترط ذلك ورجحه الصل تبعا للمام الرازي) .ول أن ل يشمل دليلها
ح لجواز تعدد الدلة ،وقيل يشترط ذلك حكم الفرع لعمومه أو خصوصه( :فل يشترط في الص ّ
طعامللستغناء حينئذ عن القياس بذلك الدليل ،ورجحه الصل مثال الدليل في العموم خبر مسلم» :ال ّ
ل بمثل« .فإنه دال على علية الطعم ،فل حاجة على هذا اقول في إثبات ربوية التفاح
طعام مث ً
بال ّ
ل إلى قياسه على البر بجامع الطعم للستغناء عنه بعموم الخبر ،ومثاله في الخصوص خبر: مث ً
»من قاء أو رعف فليتوضأ« فإنه دال على علية الخارج النجس في نقض الوضوء فل حاجة
للحنفي إلى قياس القيء أو الرعاف على الخارج من السبيلين في نقض الوضوء بجامع الخارج
النجس للستغناء عنه بخصوص الخبر) .ول القطع في( صورة العلة )المستنبطة بحكم الصل(:
بأن يكون دليله قطعيا من كتاب أو سنة متواترة أو إجماع قطعي) .ول القطع بوجودها في الفرع
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
والمعارض هنا( بخلفه فيما مر حيث وصف بالمنافي) .وصف صالح للعلية كصلحية المعارض(
بفتح الراء لها )ومفض للختلف( .بين المتناظرين )في الفرع كالطعم مع الكيل في البر( ،فكل
ل فعندنا ربوي كالبر بعلة منهما صالح للعلية فيه مفض للختلف بين المتناظرين )في التفاح( مث ً
الطعم وعند الخصم المعارض بأن العلة الكيل ليس بربوي لنتفاء الكيل فيه ،وكل منهما يحتاج إلى
ترجيح وصفه على وصف الخر) .والصح( أنه )ل يلزم المعترض نفي وصفه( أي بيان انتفائه
)عن الفرع( مطلقا لحصول مقصوده من هدم ما جعله المستدل العلة بمجرد المعارضة ،وقيل يلزمه
ذلك مطلقا ليفيد انتفاء الحكم عن الفرع الذي هو المقصود ،وقيل يلزمه إن صرح بالفرق بن الصل
ل :ل ربا في التفاح بخلف البر وعارض علية الطعم فيه لنه بتصريحه والفرع في الحكم فقال مث ً
بالفرق التزمه) .و(أنه )ل( يلزمه )إبداء أصل( يشهد لوصفه بالعتبار لما مر ،وقيل يلزمه ذلك
ل ربوي. حتى تقبل معارضته كأن يقول :العلة في البّر الطعم دون القوت بدليل الملح فالتفاح مث ً
)وللمستدل الدفع( :أي دفع المعارضة بأوجه ثلثة وإن عدها الصل أربعة) .بالمنع( :أي منع
وجوب الوصف المعارض به في الصل ولو بالقدح ،كأن يقول في دفع معارضة الطعم بالكيل في
ل ل نسلم أنه مكيل لن العبرة بعادة زمن النبي صلى ال عليه وسّلم ،وكان إذ ذاك موزونا الجوز مث ً
أو معدودا وكأن يقدح في علية الوصف ببيان خفائه أو عدم انضباطه أو غير ذلك من مفسدات
العلة) .وببيان استقلل وصفه( :أي المستدل )في صورة ولو( كان البيان )بظاهر عام( ،كما يكون
بالجماع أو بالنص القاطع أو بالظاهر الخاص )إن لم يتعرض( أي المستدل )للتعميم( كأن يبين
ل بمثل والمستقل مقدم استقلل الطعم المعارض بالكيل في صورة بخبر مسلم الطعام بالطعام مث ً
على غيره ،فإن تعرض للتعميم كقوله فتثبت ربوية كل مطعوم خرج عن إثبات الحكم بالقياس الذي
هو بصدد الدفع عنه إلى إثباته
بالنص وتبقى المعارضة سالمة من القدح فل يتم القياس) .وبالمطالبة( للمعترض )بالتأثير( لوصفه
إن كان مناسبا )أو الشبه( إن كان غير مناسب ،هذا) .إن لم يكن( دليل المستدل على العلية )سبرا(
بأن كان مناسبا أو شبها لتحصل معارضته بمثله ،فإن كان سبرا فل مطالبة له بذلك إذ مجرد
الحتمال قادح فيه) .ولو قال( المستدل للمعترض) :ثبت الحكم( في هذه الصورة )مع انتفاء
وصفك( الذي عارضت به وصفي عنها) ،لم يكف( في الدفع )وإن وجد( ،ولو بفرض المتناظرين
)معه( :أي مع انتفاء وصف المعترض عنها )وصفه( :أي وصف المستدل فيها لستوائهما في
انتفاء وصفيهما إن لم يوجد مع ما ذكر وصف المستدل ،وبناء على جواز تعدد العلل مطلقا .وقيل
يكفي في الشق الثاني بناء على امتناع تعدد العلل بخلفه في الول ،ل يكفي لستوائها فيما مّر،
ل زيادة على عدم الكتفاء مبنية على ما
وهذا رجحه الصل ،ثم ذكر في انتفاء وصف المستد ّ
صححه من امتناع التعليل بعلتين.
وحاصلها مع اليضاح أن المستدل ينقطع بما قاله لعترافه فيه بإلغاء وصفه حيث ساوى وصف
ل.
المعترض فيما قدح هو به فيه) .ولو أبدى المعترض( في الصورة التي ألغى وصفه فيها المستد ّ
)ما( أي وصفا )يخلف الملغى سمى( ما أبداه )تعدد الوضع( لتعدد ما وضع :أي بنى عليه الحكم
عنده من وصف بعد أخر) .وزالت( بما أبداه )فائدة اللغاء( وهي سلمة وصف المستدل عن القدح
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
فيه) .ما لم يلغ المستدل الخلف بغير دعوى قصوره أو( دعوى )ضعف معنى المظنة( المعلل بها
أي ضعف المعنى الذي اعتبرت المظنة له) .وسلم( المستدل )أن الخلف مظنة( وذلك بأن لم
يتعرض المستدل للغاء الخلف أو تعرض له بدعوى قصوره أو بدعوى ضعف معنى المظنة فيه
وسلم ما ذكر ،بخلف ما إذا ألغاه بغير الدعوتين أو بالثانية ولم يسلم ما ذكر فل تزول فائدة إلغائه.
)وقيل دعواهما( أي القصور وضعف معنى المظنة مع التسليم )إلغاء( للخلف أيضا ينافي الولى
على امتناع التعليل بالقاصرة ،وفي الثانية على تأثير ضعف المعنى في المظنة فل تزول فيهما فائدة
اللغاء الول ،مثال تعدد الوضع ما يأتي فيما يقال يصح أمان العبد للحربي كالحّر بجامع السلم
والتكليف ،فإنهما مظنتا إظهار مصلحة اليمان من بذل المان فيعترض الحنفي باعتبار الحّرية
معهما فإنها مظنة فراغ القلب للنظر بخلف الرقبة لشتغال الرقيق بخدمة سيده فيلغي الشافعي
الحّرية بثبوت المان بدونها في العبد المأذون له في القتال اتفاقا فيجيب الحنفي بأن الذن له خلف
الحّرية لنه مظنة بذل وسعه في النظر في مصلحة القتال واليمان )ول يكفي( في دفع المعارضة
)رجحان وصف المستدل( على وصفها بمرجح ،ككونه أنسب أو أشبه من وصفها بناء على جواز
تعدد العلل ،فيجوز أن يكون كل من الوصفين علة ،وقيل يكفي بناء على منع التعدد ورجحه
الصل) .وقد يعترض( على المستدل )باختلف جنس الحكمة( في الفرع والصل) .وإن اتحد
الجامع( بين الفرع والصل كما يأتي فيما يقال يحّد اللئط كالزاني بجامع إيلج فرج في فرج
مشتهى طبعا محرم شرعا ،فيعترض بأن الحكمة في حرمة اللواط الصيانة عن رذيلته ،وفي حرمة
الزنا دفع اختلط النساب المؤدي هو إليه وهما مختلفتان ،فيجوز أن يختلف حكمهما بأن يقصر
الحد على الزنا فيكون خصوصه معتبرا في علة الحد) .فيجاب( عن العتراض )بحذف خصوص
الصل عن العتبار( في العلة بطريق من طرق إبطالها ،فيسلم أن العلة هي القدر المشترك فقط
كما مّر في المثال ل مع خصوص الزنا فيه) .والعلة إذا كانت وجود مانع( من الحكم كأبّوة القاتل
المانعة من وجوب قتله بولده) ،أو انتفاء شرط( كعدم إحصان الزاني المشترط لوجوب رجمه )ل
تستلزم وجود المقتضي في الصح( .وقيل :تستلزمه ،وإل كان انتفاء الحكم لنتفاء المقتضي ل لما
فرض من وجود مانع أو انتفاء شرط ،قلنا :يجوز أن
مسالك العلة
أي :هذا مبحث الطرق الدالة على علية الشيء) .الول :الجماع( كالجماع على أن العلة في خبر
الصحيحين» :ل يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان« .تشويش الغضب للفكر فيقاس بالغضب غيره
مما يشّوش الفكر نحو جوع وشبع مفرطين ،وكالجماع على أن العلة في تقديم الخ الشقيق في
الرث على الخ للب اختلط النسبين فيه فيقاس به تقديمه عليه في ولية النكاح ،وصلة الجنازة
ونحوهما.
)الثاني( :من مسالك العلة )النص الصريح( بأن ل يحتمل غير العلة )كلعلة كذا فلسبب( كذا )فمن
أجل( كذا )فنحو كي( التعليلية )وإذن( كقوله تعالى} :من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل{} ،كي ل
يكون دولة بين الغنياء منكم{} ،إذا لذقناك ضعف الحياة وضعف الممات{ وفيما عطف بالفاء هنا
وفيما يأتي إشارة إلى أنه دون ما قبله رتبة بخلف ما عطف بالواو) .و( النص )الظاهر( بأن
يحتمل غير العلية احتمالً مرجوحا )كاللم ظاهرة( نحو} :كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من
الظلمات إلى النور{ )فمقدرة( نحو؛ }ول تطع كل حلف{ إلى قوله} :أن كان ذا مال وبنين{ أي لن
)فالباء( نحو} :فبما رحمة من ال{ أي لجلها لنت لهم) .فالفاء في كلم الشارع( وتكون فيه في
الحكم كقوله تعالى} :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما{ وفي الوصف كخبر الصحيحين في
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
المحرم الذي وقصته ناقته» :ل تمسوه طيبا ول تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا«) .فـ(ـفي
كلم )الراوي الفقيه فـ(ـفي كلم الراوي )غيره( أي غير الفقيه ،وتكون فيهما في الحكم فقط ،وقال
بعض المحققين :في الوصف فقط ،لن الراوي يحكي ما في الوجود ،وذلك كقول عمران بن
حصين» :سها رسول ال صلى ال عليه وسّلم فسجد« .رواه أبو داود وغيره وكل من القولين
صحيح ،وإن كان الّول أظهر معنى ،والثاني أدق كما بينته في الحاشية) .فإن( المكسورة المشددة
كقوله تعالى} :رب ل تذر على الرض من الكافرين{ الية .وتعبيري بالفاء في الخيرة من
زيادتي) .وإذ( نحو :ضربت العبد إذا أساء أي لساءته) .وما مّر في( مبحث )الحروف( ،ما يرد
للتعليل غير المذكور هنا وهو بيد وحتى وعلى وفي ومن فلتراجع ،وإنما لم تكن المذكورات من
الصريح لمجيئها لغير التعليل كالعاقبة في اللم والتعدية في الباء ،ومجرد العطف في الفاء ومجرد
ن والبدل في إذ كما مّر في مبحث الحروف.التأكيد في إ ّ
)الثالث( :من مسالك العلة )اليماء وهو( لغة الشارة الخفية واصطلحا )اقتران وصف ملفوظ
بحكم ولو( كان الحكم )مستنبطا( كما يكون ملفوظا )لو لم يكن للتعليل هو( أي الوصف )أو نظيره(
لنظير الحكم حيث يشار بالوصف والحكم إلى نظيرهما أي :لو لم يكن ذلك من حيث اقترانه بالحكم
لتعليل الحكم به )كان( ذلك القتران )بعيدا( من الشارع ل يليق بفصاحته وإتيانه باللفاظ في محالها
ي» :واقعت أهلي في نهار واليماء )كحكمه( :أي الشارع )بعد سماع وصف( كما في خبر العراب ّ
رمضان ،فقال النبي صلى ال عليه وسّلم» :أعتق رقبة« .إلى آخره .رواه ابن ماجة بمعناه ،وأصله
في الصحيحين :فأمره بالعتاق عند ذكر الوقاع يدل على أنه علة له ،وإل لخل السؤال عن الجواب
وذلك بعيد فيقدر السؤال في الجواب فكأنه قال :واقعت فأعتق) .وذكره في حكم وصفا لو لم يكن
علة( له )لم يفد( ذكره كقوله صلى ال عليه وسّلم» :ل يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان« .فتقييده
المنع من الحكم بحالة الغضب المشوش للفكر يدل على أنه علة له ،وإل لخل ذكره عن الفائدة وذلك
بعيد) .وتفريقه بين حكمين بصفة( إما )مع ذكرهما( كخبر الصحيحين» :أنه صلى ال عليه وسّلم
جعل للفرس سهمين وللرجل« .أي صاحبه »سهما« ،فتفريقه بين هذين الحكمين بهاتين الصفتين لو
لم يكن لعلية كل منهما لكان بعيدا) .أو( مع )ذكر أحدهما( فقط كخبر الترمذي» :القاتل ل يرث«
أي بخلف غيره المعلوم إرثه فالتفريق بين عدم الرث المذكور والرث المعلوم بصفة القتل في
الول لو لم يكن لعليته له لكان بعيدا) .أو( تفريقه بين حكمين ،إما )بشرط( كخبر مسلم» :الذهب
ل بمثل سواءبالذهب والفضة بالفضة والبّر بابّر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مث ً
بسواء يدا بيد ،فإذا اختلفت هذه الجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد« .فالتفريق بين منع البيع
ل وجوازه عند اختلف الجنس لو لم يكن لعلية الختلف للجواز في هذه الشياء متفاض ً
ن حّتى يطهرن{ أي :فإذا تطهرن فل منع من لكان بعيدا) .أو غاية( كقوله تعالى} :ول تقربوه ّ
ن في الحيض ن كما صّرح به عقبه بقوله} :فإذا تطهرن فأتوهن{ فتفريقه بين المنع من قربانه ّ قربانه ّ
وجوازه في الطهر لو لم يكن لعلية الطهر للجواز لكان بعيدا) .أو استثناء( :كقوله تعالى} :فنصف ما
فرضتم إل أن يعفون{ أي الزوجات عن النصف فل شيء لهن فتفريقه بين ثبوت النصف له ّ
ن
ن عنه لو لم يكن لعلية العفو للنتفاء لكان بعيدا) .أو استدراك( :كقوله تعالى؛ }لوانتفائه عند عفوه ّ
يؤاخذكم ال باللغو في أيمانكم{ إلى آخره فتفريقه بين عدم المؤاخذة باليمان والمؤاخذة بها عند
تعقيدها لو لم يكن لعلية التعقيد للمؤاخذة لكان بعيدا) .وترتيب حكم على وصف( :كأكرم العلماء
فترتيب الكرام على العلم لو لم يكن لعلية العلم له لكان بعيدا )ومنعه( :أي الشارع )مما قد يفّوت
المطلوب( كقوله تعالى} :فاسعوا إلى ذكر ال وذروا البيع{ فالمنع من البيع وقت نداء الجمعة الذي
قد يفّوتها لو لم يكن لمظنة تفويتها لكان بعيدا.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
وهذه المثلة أسلم ما اتفق على أنه إيماء وهو أن يكون الوصف والحكم ملفوظين وخرج بالملفوظ
ل أو قّوة الوصف المستنبط فليس اقترانه بالحكم إيماء قطعا إن كان الحكم مستنبطا أيضا،
أي فع ً
وإل فليس بإيماء في الصح بخلف عكسه وهو الوصف الملفوظ والحكم المستنبط له فإنه كما علم
ل للمستنبط منزلة الملفوظ ،وفارق ما قبله باستلزام الوصف الحكم فيه بخلف ح تنزي ً
إيماء في الص ّ
ل ال البيع{ فحله مستلزم لصحته .ومثال ما ما قبله لجواز كون الوصف أعم مثاله قوله تعالى} :وأح ّ
قبله تعليل حكم الربويات بالطعم أو غيره والنزاع كما قال العضد لفظي مبني على تفسير اليماء،
وأما مثال النظير فكخبر الصحيحين :أن امرأة قالت :يا رسول ال .إن أمي ماتت وعليها صوم نذر
أفأصوم عنها؟ فقال» :أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤّدى ذلك عنها«؟ قالت :نعم.
قال» :فصومي عن أمك« أي فإنه يؤّدى عنها سألته عن دين ال على الميت وجواز قضائه عنه
فذكر لها دين الدمي عليه ،وأقرها على جواز قضائه عنه وهما نظيران ،فلو لم يكن جواز القضاء
فيهما لعلية الدين له لكان بعيدا) .ول تشترط( في اليماء )مناسبة( الوصف )المومي إليه( للحكم
ح( بناء على أن العلة بمعنى المعرف ،وقيل تشترط بناء على أنها بمعنى الباعث ،وقيل )في الص ّ
وهو مختار ابن الحاجب تشترط إن فهم التعليل منها كقوله صلى ال عليه وسّلم» :ل يقضي
القاضي وهو غضبان« .لن عدم المناسبة فيما شرط فيه لمناسبة تناقض ،بخلف ما إذا لم يفهم
منها لن التعليل يفهم من غيرها .قال المصنف في شرح المختصر تبعا للعضد :والمراد من
المناسبة ظهورها،وأما نفسها فل بد منها في العلة الباعثة دون المارة المجردة ومرادهما بالعلة
الباعثة العلة المشتملة على حكمه تبعث على المتثال.
)الرابع( :من مسالك العلة )السبر( وهو لغة الختبار )والتقسيم( :وهو إظهار الشيء الواحد على
وجوه مختلفة) .وهو( أي ما ذكر من السبر والتقسيم اصطلحا )حصر أوصاف الصل( المقيس
عليه )وإبطال ما ل يصلح( منها للعلية )فيتعين الباقي( لها كأن يحصر أوصاف البّر في قياس الذرة
عليه في الطعم وغيره ويبطل ما عدا الطعم بطريقة فيتعين الطعم للعلية )ويكفي( في دفع منع
المعترض حصر الوصاف التي ذكرها المستدل) .قول المستدل( في المناظرة في حصرها )بحثت
فلم أجد( غيرها لعدالته مع أهلية النظر) .والصل عدم غيرها( :فيندفع عنه بذلك منع الحصر
وتعبيري بأو كما في مختصر ابن الحاجب وبعض نسخ الصل أولى من تعبيره في أكثرها بالواو.
)والناظر( لنفسه )يرجع( في حصر الوصاف )إلى ظنه( ،فيأخذ به ول يكابر نفسه) .فإن كان
الحصر والبطال( أي كل منهما )قطعيا فـ(ـهذا المسلك )قطعي وإل( بأن كان كل منهما ظنيا أو
أحدهما قطعيا والخر ظنيا) .فظني وهو( أي الظني )حجة( للناظر لنفسه والمناظر غيره )في
ح( لوجوب العمل بالظن ،وقيل ليس بحجة مطلقا لجواز بطلن الباقي ،وقيل حجة لهما إن الص ّ
أجمع على تعليل ذلك الحكم في الصل حذرا من أداء بطلن الباقي إلى خطأ المجمعين ،وقيل حجة
للناظر دون المناظر لن ظنه ل يقوم حجة على خصمه) ،فإن أبدى المعترض( على الحصر الظني
)وصفا زائدا( على الوصاف )لم يكلف ببيان صلحيته للتعليل( :لن بطلن الحصر بإبدائه كاف
في العتراض فعلى المستدل دفعه بإبطال التعليل به) .ول ينقطع المستدل( بإبدائه )حتى يعجز عن
إبطاله في الصح( لنه لم يّدع القطع في الحصر فغاية إبداء الوصف منع المقدمة من الدليل
والمستدل ل ينقطع بالمنع لكن يلزمه دفعه ليتم دليله فيلزمه إبطال الوصف المبدى عن أن يكون
علة ،فإن عجز عن إبطاله انقطع ،وقيل ينقطع بإبدائه لنه ادعى حصرا ،وقد أظهر المعترض
بطلنه .قلنا :ل يظهر إل بالعجز عن دفعه وذكر الخلف من زيادتي.
)فإن اتفقا( أي المتناظران )على إبطال غير وصفين( من أوصاف لصل واختلفا في أيهما العلة.
)كفاه( أي المستدل )الترديد بينهما( من غير احتياج إلى ضم غيرهما إليهما في الترديد لتفاقهما
على إبطاله فيقول :العلة إما هذا أو ذاك ل جائز أن تكون ذاك لكذا فتعين أن تكون هذا.
)ومن طرق البطال( لعلية الوصف) .بيان أن الوصف طردي( :أي من جنس ما علم من الشارع
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
إلغاؤه إما مطلقا )كالطول( والقصر في الشخاص ،فإنهما لم يعتبرا في شيء من الحكام فل يعلل
بهما حكم) .و( إما مقيدا بذلك الحكم )كالذكورة( والنوثة )في العتق( ،فإنهما لم يعتبرا فيه فل يعلل
بهما شيء من أحكامه الدنيوية ،وإن اعتبرا في الشهادة والقضاء والرث وغهرها .وفي العتق
بالنظر لحكامه الخروية فقد روى الترمذي» :من أعتق عبدا مسلما أعتقه ال من النار ،ومن أعتق
أمتين مسلمتين أعتقه ال من النار« .وتعبيري هنا وفيما يأتي في السادس بالطردي أولى من تعبيره
فيهما بالطرد ،لن الطرد من مسالك العلة على رأي كما سيأتي) .و( من طرق البطال )أن ل
ل عن العتبار للحكم بعد بحثه عنها تظهر مناسبة( الوصف )المحذوف( أي الذي حذفه المستد ّ
لنتفاء مثبت العلية بخلفه في اليماء) .ويكفي( في عدم ظهور مناسبته) .قول المستدل بحثت فلم
أجد( فيه )موهم مناسبة( :أي ما يوهم مناسبته لعدالته مع أهلية النظر) ،فإن اّدعى المعترض أن(
الوصف )المبقى( أي الذي بقاه المستدل )كذلك( أي لم تظهر مناسبته) .فليس للمستدل بيان
مناسبته( :لنه انتقال من طريق السبر إلى طريق المناسبة ،وذلك يؤّدي إلى النتشار المحذور.
)لكن له ترجيح سبره( على سبر المعترض النافي لعلية المبقي كغيره) .بموافقة التعدية( لسبره حيث
يكون المبقى متعديا إذ تعدية الحكم محله أفيد من قصوره عليه.
)الخامس( :من مسالك العلة )المناسبة( .وهي لغة المليمة واصطلحا ملءمة الوصف المعين
للحكم أو ما يعلم من تعريف المناسب التي ،ويسمى هذا المسلك بالحالة أيضا ،كما ذكره الصل
سمي بها ذلك لن بمناسبته الوصف يخال أي :يظن أن الوصف علة ويسمى بالمصلحة وبالستدلل
وبرعاية المقاصد أيضا) .ويسمى استخراجها( أي العلة المناسبة )تخريج المناط( لنه إبداء ما نيط
به الحكم ،فالمناط من النوط وهو التعليق أما تنقيح المناط وتحقيقه فسيأتيان) .وهو( :أي تخريج
المناط )تعيين العلة بإبداء( :أي إظهار )مناسبة( بين العلة المعينة والحكم )مع القتران بينهما
كالسكار( في خبر مسلم» :كل مسكر حرام« ،فهو لزالته العقل المطلوب حفظه مناسب للحرمة،
وقد اقترن بها وخرج بإبداء المناسبة ترتيب الحكم على الوصف الذي هو من أقسام اليماء وغير
ذلك كالمطرد والشبه وبالقتران إبداء المناسبة في المستبقي في السبر) .ويحقق( بالبناء للمفعول
)استقلل الوصف( المناسب في العلية )بعدم غيره( من الوصاف )بالسبر( :ل بقول المستدل بحثت
فلم أجد غيره ،والصل عدمه بخلفه في السبر لنه ل طريق له ثم سواه ،ولن المقصود هنا إثبات
استقلل وصف صالح للعلية وثم نفي ما ل يصلح لها) .والمناسب( المأخوذ من المناسبة المتقدمة
ل من ترتيب الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودا )وصف( ولو حكمة )ظاهر منضبط يحصل عق ً
للشارع( في شرعية ذلك الحكم) .من حصول مصلحة أو دفع مفسدة( .والوصف فيه شامل للعلة إذا
كانت حكما شرعيا لنه وصف للفعل القائم هو به وشامل للحكمة ،فيكون للحكمة إذا علل بها حكمة
كحفظ النفس ،فإنه حكمة للنزجار الذي هو حكمة لترتب وجوب القصاص على القتل عدوانا ،وإن
جاز أن يكونا حكمتين له وخرج بيحصل الخ ،الوصف المبقي في السير ،والمدار في الدوران
ل من ترتيب الحكم عليها ما ذكر ،وقيل وغيرهما من الوصاف التي تصلح للعلية ول يحصل عق ً
هو الملئم لفعال العقلء عادة ،واختاره
الصل ،وقيل هو ما يجلب نفعا أو يدفع ضررا ،وقيل هو ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول.
وهذه القوال مقاربة للّول ،وإنما اخترته على ما اختاره الصل لنه قول المحققين ،ولنه أنسب
بقولي كغيري) .فإن كان الوصف خفيا أو غير منضبط اعتبر ملزمه( :الذي هو ظاهر منضبط،
)وهو المظنة( له فيكون هو العلة كالوطء مظنة لشغل الرحم المرتب عليه وجوب العّدة في الصل
حفظا للنسب ،لكنه لما خفي نيط وجوبها بمظنته وكالسفر مظنة للمشقة المرتب عليها الترخص في
الصل ،لكنها لما لم تنضبط نيط الترخص بمظنتها) .وحصول المقصود من شرع الحكم قد يكون
يقينا كالملك في البيع( لنه المقصود من شرع البيع ويحصل منه يقينا) .و( قد يكون )ظنا
كالنزجار في القصاص( :لنه المقصود من شرع القصاص ويحصل منه ظنا ،فإن الممتنعين عنه
ل( كاحتمال انتفائه إما )سواء كالنزجار في حد أكثر من المقدمين عليه) .و( قد يكون )محتم ً
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الخمر( على تناولها لنه المقصود من شرع الحد عليه وحصول النزجار منه وانتفاؤه متساويان
بتساوي الممتنعين عن تناولها والمقدمين عليه فيما يظهر لنا) .أو مرجوحا( لرجحية انتفائه.
)كالتوالد في نكاح المة( :لنه هو المقصود من شرع النكاح وانتفاؤه في نكاحها أرجح من
حصوله) .والصح جواز التعليل بالخيرين( من الربعة أي بالمقصود المتساوي الحصول
والنتفاء والمقصود المرجوح الحصول نظرا إلى حصولهما في الجملة وقياسا على السفر في جواز
القصر للمترفه في سفره المنتفي فيه المشقة التي هي حكمة الترخص نظرا إلى حصولها في
الجملة ،وقيل :ل يجوز التعليل بهما ،لن أولهما مشكوك الحصول ،وثانيهما مرجوحه .أما أّول
الربعة ،وثانيها فيجوز التعليل بهما قطعا.
)فإن فات( :المقصود من شرع الحكم )قطعا( في بعض الصور )فالصح( أنه )ل يعتبر( فيه
المقصود للقطع بانتفائه .وقالت الحنفية :يعتبر حتى يثبت فيه الحكم وما يترتب عليه كما سيظهر.
)سواء( في العتبار وعدمه )ما( أي الحكم الذي )فيه تعبد كاستبراء أمة اشتراها بائعها( لرجل منه
)في المجلس( :أي مجلس البيع فالمقصود من استبراء المة المشتراة من رجل وهو معرفة براءة
رحمها منه المسبوقة بالجهل بها ثابت قطعا في هذه الصورة لنتفاء الجهل فيها قطعا ،وقد اعتبره
الحنفية فيها تقديرا حتى يثبت فيها الستبراء وغيرهم لم يعتبره .وقال بالستبراء فيها تعبدا كما في
المشتراة من امرأة ،لن الستبراء فيه نوع تعبد كما علم في محله) .وما( :أي والحكم الذي )ل(
تعبد فيه )كلحوق نسب ولد المغربية بالمشرقي( عند الحنفية حيث قالوا :من تزوج بالمشرق امرأة
وهي بالمغرب ،فأتت بولد يلحقه فالمقصود من التزويج وهو حصول النطفة في الرحم ليحصل
العلوق فيلحق النسب فائت قطعا في هذه الصورة للقطع عادة بعدم تلقي الزوجين ،وقد اعتبره
الحنفية فيها لوجود مظنته وهو التزويج حتى يثبت اللحوق وغيرهم لم يعتبره .وقال :ل عبرة
بمظنته مع القطع بانتفائه وعدم التعبد فيه فل لحوق) .والمناسب( من حيث شرع الحكم له ثلثة
ل منهاأقسام) :ضروري فحاجي فتحسيني( قطعا مع ما يأتي في أقسام الضروري بالفاء ليفيد أن ك ً
دون ما قبله في الرتبة) .والضروري( :وهو ما تصل الحاجة إليه إلى حد الضرورة) .حفظ الدين(
المشروع له قتل الكفار) .فالنفس( أي حفظها المشروع له القود) ،فالعقل( :أي حفظه المشروع له
حد السكر) ،فالنسب( أي حفظه المشروع له حد الزنا) .فالمال( أي حفظه المشروع له حد السرقة
وحد قطع الطريق) .فالعرض( أي حفظه المشروع له عقوبة القذف والسب ،وهذا زاده الصل
كالطوفي على الخمسة السابقة المسماة بالمقاصد والكليات التي قالوا فيها إنها لم تبح في ملة من
الملل ،والمراد مجموعها ،وإل
فالخمر أبيحت في صدر السلم ،وعطفي للعرض بالفاء أولى من عطف الصل كالطوفي له
بالواو) .ومثله( أي الضروري )مكمله( ،فيكون في رتبته )كالحّد بـ(ـتناول )قليل المسكر( ،إذ قليله
يدعو إلى كثيره المفّوت لحفظ العقل فبولغ في حفظه بالمنع من القليل والحّد عليه كالكثير ،وكعقوبة
الداعين إلى البدع لنها تدعو إلى الكفر المفوت لحفظ الدين ،وكالقود في الطراف ،لن أزالتها
تدعو إلى القتل المفوت لحفظ النفس) .والحاجي( وهو ما يحتاج إليه ول يصل إلى حد الضرورة.
)كالبيع فالجارة( المشروعين للملك المحتاج إليه ول يفوت بفواته لو لم يشرعا شيء من
الضروريات السابقة ،وعطفت الجارة بالفاء لن الحاجة إليها دون الحاجة إلى البيع) .وقد يكون(
الحاجي )ضروريا( في بعض صوره )كالجارة لتربية الطفل( ،فإن ملك المنفعة فيها وهي تربيته
يفوت بفواته لو لم تشرع الجارة حفظ نفس الطفل) .و( مثل الحاجي )مكمله كخيار البيع( المشروع
للتروي كمل به البيع ليسلم عن الغبن) .والتحسيني( :وهو ما استحسن عادة من غير احتياج إليه
قسمان) :معارض للقواعد( الشرعية .أي لشيء منها )كالكتابة( فإنها غير محتاج إليها إذ لو منعت
ما ضر لكنها مستحسنة عادة للتوسل بها إلى فك الرقبة من الرق ،وهي خارمة لقاعدة امتناع بيع
الشخص بعض ماله ببعض آخر إذ ما يحصله المكاتب في قوة ملك السيد له بتعجيزه نفسه.
)وغيره( :أي وغير المعارض لشيء من القواعد) .كسلب العبد أهلية الشهادة( ،فإنه غير محتاج إليه
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
إذ لو ثبت للعبد الهلية ما ضر لكنه مستحسن عادة لنقص الرقيق عن هذا المنصب الشريف الملزم
للحقوق بخلف الرواية.
)ثم المناسب( من حيث اعتباره وجودا وعدما أربعة أقسام مؤثر وملئم وغريب ومرسل ،لنه )إن
اعتبر عينه في عين الحكم بنص أو إجماع فالمؤثر( .لظهور تأثيره بما اعتبر به ،والمراد بالعين
النوع ل الشخص منه فالعتبار بالنص كتعليل نقض الوضوء بمس الذكر ،فإنه مستفاد من خبر
الترمذي وغيره» :من مس ذكره فليتوضأ« .والعتبار بالجماع كتعليل ولية المال على الصغير
بالصغر فإنه مجمع عليه) .أو( اعتبر عينه في عين الحكم )بترتيب الحكم على وقفه( حيث ثبت
الحكم معه بأن أورده الشرع على وقفه ،ل بأن نص على العلة أو أومىء إليها وإل لم تكن العلة
مستفادة من المناسبة) .فإن اعتبر( بنص أو إجماع )العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في
الجنس( وكل منهما أعلى مما بعده) .فالملئم( لمليمته للحمم )وإل( أي :وإن لم يعتبر بما ذكر
شيء من ذلك) .فالغريب( .وهذا من زيادتي تبعا لبن الحاجب ،ومثل له بتعليل توريث المبتوتة في
مرض الموت بالفعل المحرم لغرض فاسد وهو الطلق البائن لغرض عدم الرث قياسا على قاتل
مورثه حيث لم يرثه بجامع ارتكاب فعل محرم ،وفي ترتيب الحكم عليه تحصيل مصلحة وهو
نهيهما عن الفعل الحرام ،لكن لم يشهد له أصل بالعتبار بنص أو إجماع ،ومثال الول من أقسام
الملئم تعليل ولية النكاح بالصغر حيث تثبت معه ،وإن اختلف في أنها له أو للبكارة أو لهما ،وقد
اعتبر في جنس الولية حيث اعتبر في ولية المال بالجماع كما مر ،ومثال الثاني تعليل جواز
الجمع حالة المطر في الحضر بالحرج حيث اعتبر معه ،وقد اعتبر جنسه في جوازه في السفر
بالنص إذ الحرج جامع لحرج السفر والمطر ،ومثال الثالث تعليل القود في القتل بمثقل بالقتل العمد
العدوان حيث ثبت معه ،وقد اعتبر جنسه في جنس القود حيث اعتبر في القتل بمحدد بالجماع إذ
القتل العمد العدوان جامع للقتل بمثقل ،وبمحدد والقود جامع للقود بالمثقل وبالمحدد) ،وإن لم يعتبر(
أي المناسب )فإن دل دليل على إلغائه(،
فهو ملغى )فل يعلل به( قطعا كما في جماع ملك نهار رمضان ،فإن حاله يناسب التكفير ابتداء
بالصوم ليرتدع به دون العتاق ،إذ يسهل عليه بذل المال في شهوة الفرج ،وقد أفتى يحيى بن يحيى
بن كثير الليثي المغربي المالكي :ملكا بالمغرب جامع في نهار رمضان بصوم شهرين متتابعين
نظرا إلى ذلك لكن الشارع ألغاه بإيجابه العتاق ابتداء من غير تفرقة بين ملك وغيره ،وفي
الحاشية زيادة على ذلك ،ويسمى هذا القسم بالغريب لبعده عن العتبار) .وإل( أي :وإن لم يدل دليل
على إلغائه كما لم يدل على اعتباره )فالمرسل( لرساله أي إطلقه عما يدل على اعتباره أو إلغائه،
ويعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالستصلح وبالمناسب المرسل )ورّده الكثر( من العلماء مطلقا
لعدم ما يدل على اعتباره وقبله المام مالك مطلقا رعاية للمصلحة حتى جّوز ضرب المتهم بالسرقة
ليقّر ،وعورض بأنه قد يكون بريئا وترك الضرب لمذنب أهون من ضرب بريء ،ورّده قوم في
العبادات إذ ل نظر فيها للمصلحة ،بخلف غيرها كالبيع والنكاح والحد ،ومحل الخلف المذكور إذا
علم اعتبار العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في الجنس ،وإل فهو مردود قطعا كما ذكره العضد
تبعا لبن الحاجب) .وليس منه( أي من المناسب الرسل) .مصلحة ضرورية كلية( أي متعلقة بكل
المة )قطعية أو ظنية قريبة منها( لدللة الدليل على اعتبارها) ،فهي حق كلي قطعا( واشترطها
الغزالي للقطع بالقول بالمناسب المرسل ،ل لصل القول به فجعلها منه مع القطع بقبولها مثالها
رمي الكفار المتترسين بأسرانا في الحرب المؤدي إلى قتل الترس معهم إذا قطع أو ظن ظنا قريبا
من القطع بأنهم إن لم يرموا استأصلونا بالقتل الترس وغيره ،وبأنهم إن رموا سلم غير الترس
فيجوز رميهم لحفظ باقي المة بخلف رمي أهل قلعة تترسوا بمسلمين ،لن فتحها ليس ضروريا
ورمى بعضنا من سفينة في بحر لنجاة الباقين ،لن نجاتهم ليست كليا ورمى المتترسين في الحرب
إذا لم يقطع أو لم يظن
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ظنا قريبا من القطع باستئصالهم لنا ،فل يجوز الرمي في شيء من الثلث ،وإن أقرع في الثانية
لن القرعة ل أصل لها شرعا في ذلك) .والمناسبة تنخرم( :أي تبطل )بمفسدة تلزم( الحكم
)راجحة( على مصلحته )أو مساوية لها في الصح( ،لن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح،
وقال المام الرازي ومتابعوه ل تنخرم بها مع موافقتهم على انتفاء الحكم فهو عندهم لوجود المانع
وعلى الول لنتفاء المقتضى فالخلف لفظي.
)
السادس( :من مسالك العلة) ،الشبه وهو مشابهة وصف للمناسب والطردي( وهذا التفسير من
زيادتي) .ويسمى الوصف بالشبه أيضا وهو منزلة( أي ذو منزلة )بين منزلتيهما( أي منزلتي
المناسب والطردي) .في الصح( لنه يشبه الطردي من حيث إنه غير مناسب بالذات ،ويشبه
المناسب بالذات من حيث التفات الشرع إليه في الجملة كالذكورة والنوثة في القضاء والشهادة،
وقيل :هو المناسب بالتبع كالطهارة لشتراط النية ،فإنها إنما تناسبه بواسطة أنها عبادة بخلف
المناسب بالذات كالسكار لحرمة الخمر) .ول يصار إليه( بأن يصار إلى قياسه) ،إن أمكن قياس
العلة( المشتمل على المناسب بالذات) .وإل( بأن تعذرت العلة بتعذر المناسب بالذات بأن لم يوجد
غير قياس الشبه) .فهو حجة في غير( الشبه )الصوري في الصح( ،نظرا لشبهه بالمناسب وقد
احتج به الشافعي في مواضع منها .قوله :في إيجاب النية في الوضوء كالتيمم طهارتان أنى
تفترقان ،وقيل مردود نظرا لشبهه بالطردي) .وأعله( :أي قياس الشبه )قياس ما( أي شبه )له أصل
واحد( كأن يقول في إزالة الخبث :هي طهارة للصلة فيتعين الماء كطهارة الحدث ،فطهارة الخبث
تشبه الطردي من حيث ظهور المناسبة بينها وبين تعين الماء ،وتشبه المناسب بالذات من حيث إن
الشرع اعتبر طهارة الحدث بالماء في الصلة وغيرها) .فـ(ـقياس )غلبة الشباه في الحكم والصفة(:
وهو إلحاق فرع متردد بين أصلين بأحدهما الغالب شبهه به في الحكم والصفة على شبهه بالخر
فيهما ،كإلحاق العبد بالماء في إيجاب القيمة بقتله بالغة ما بلغت ،لن شبهه بالمال في الحكم والصفة
أكثر من شبهه بالحّر فيهما ،أما الحكم فلكونه يباع ويؤجر ويعار ويودع ويثبت عليه اليد .وأما
الصفة فلتفاوت قيمته بحسب تفاوت أوصافه جودة ورادءة وتعلق الزكاة بقيمته إذا اتجر فيه.
)فـ(ـقياس غلبة الشباه في )الحكم فـ(ـقياس غلبتها في )الصفة( .وهذان مع الول ومع الترجيح
والتقييد بغير الصوري من زيادتي ،أما
الصوري كقياس الخيل على البغال والحمير في عدم وجوب الزكاة للشبه الصوري بينهما ،فليس
بحجة في الصح.
)السابع( من مسالك العلة )الدوران بأن يوجد الحكم( أي تعلقه) .عند وجود وصف ويعدم( هو أولى
من قوله وينعدم) .عند عدمه( والوصف يسمى مدارا والحكم دائرا) .وهو( أي الدوران )يفيد( العلية
)ظنا في الصح( .وقيل :ل يفيدها لجواز أن يكون الوصف ملزما لها ل نفسها كرائحة المسكر
ل وليست علة ،وقيل: المخصوصة ،فإنها دائرة مع السكار وجودا وعدما بأن يصير المسكر خ ً
يفيدها قطعا وكأن قائل ذلك قاله عند مناسبة الوصف كالسكار لحرمة الخمر) .ول يلزم المستدل به
بيان انتفاء ما هو أولى منه( :بإفادة العلية بل يصح الستدلل به مع إمكان الستدلل بما هو أولى
منه بخلف ما مّر في الشبه) .ويترجح جانبه( :أي المستدل )بالتعدية( لوصفه على جانب المعترض
حيث يكون وصفه قاصرا )إن أبدى المعترض وصفا آخر( :أي غير المدار) .والصح( أنه )إن
تعّدى وصفه( أي المعترض )إلى الفرع( المتنازع فيه بقيد زدته بقولي) :واتحد مقتضى وصفيهما(
أي المستدل والمعترض) ،أو إلى فرع آخر لم يطلب ترجيح( بناء على جواز تعدد العلل ،وقيل
يطلب الترجيح بناء على منعه ،وبه جزم الصل في الثاني بناء على ما رجحه من منع تعدد العلل،
أما إذا اختلف مقتضى وصفيهما كأن اقتضى أحدهما الحل والخر الحرمة فيطلب الترجيح.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)الثامن( :من مسلك العلة )الطرد بأن يقارن الحكم الوصف بل مناسبة( :ل بالذات ول بالتبع كقول
بعضهم في الخل مائع ل تبنى القنطرة على جنسه فل تزال به النجاسة كالدهن أي :بخلف الماء
فبناء القنطرة وعدمه ل مناسبة فيهما للحكم ،وإن كان مطردا ل نقض عليه ،وقولي بل مناسبة من
زيادتي وخرج به بقية المسالك )ورّده الكثر( من العلماء لنتفاء المناسبة عنه .قال علماؤنا :قياس
المعنى مناسب لشتماله على الوصف المناسب ،وقياس الشبه تقريب ،وقياس الطرد تحكم فل يفيد،
وقيل يفيد المناظر دون الناظر لنفسه لن الول دافع ،والثاني مثبت .وقيل إن قارنه فيما عدا صورة
النزاع أفاد العلية فيفيد الحكم في صورة النزاع ،وقيل تكفي مقارنته له في صورة واحدة غير
صورة النزاع.
)التاسع( :من مسالك العلة) :تنقيح المناط بأن يدل نص ظاهر على التعليل( لحكم )بوصف فيحذف
خصوصه عن العتبار بالجتهاد ويناط( الحكم )بالعم( ،كما حذف أبو حنيفة ومالك من خبر
ي الذي واقع زوجته في نهار رمضان خصوص الوقاع عن العتبار ،وأناطا الكفارة بمطلق العراب ّ
الفطار) .أو( بأن )تكون( في محل الحكم )أوصاف فيحذف بعضها( عن العتبار بالجتهاد
)ويناط( الحكم )بباقيها( ،كما حذف الشافعي في الخبر المذكور غير الوقاع من أوصاف المحل
ككون الواطىء أعرابيا ،وكون الموطوءة زوجة ،وكون الوطء في القبل عن العتبار ،وأناط
الكفارة بالوقاع ،ول ينافي التمثيل بالخبر لما هنا التمثيل به فيما مّر لليماء ،لختلف الجهة ،إذ
التمثيل لليماء بالنظر لقتران الوصف بالحكم ،ولما هنا بالنظر للجتهاد في الحذف) .وتحقيق
المناط إثبات العلة في صورة( خفى وجودها فيها) .كإثبات أن النباش( وهو من ينبش القبور ويأخذ
الكفان) .سارق( بأنه وجد منه أخذ المال خفية من حرز مثله وهو السرقة فيقطع خلفا للحنفية.
)وتخريجه( أي المناط )مّر( بيانه في مبحث المناسبة وقرنت كالصل بين الثلثة كعادة الجدليين
ويعرف من تعاريفها الفرق بينها.
)العاشر( :من مسالك العلة )إلغاء الفارق( بأن يبين عدم تأثيره في الفرق بين الصل والفرع ،فيثبت
ب البول في الماء الراكد بالبول فيه في
الحكم لما اشتركا فيه سواء أكان اللغاء قطعيا كإلحاق ص ّ
ن أحدكم في الماء الراكد« .أم ظنيا )كإلحاق المة بالعبد في السراية(
الكراهة الثابتة بخبر» :ل يبول ّ
الثابتة بخبر» :من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قّوم عليه قيمة عدل فأعطى
شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإل فقد عتق عليه ما عتق« .فالفارق في الول الصب من
غير فرج ،وفي الثاني النوثة ،ول تأثير لهما في منع الكراهة والسراية فتثبتان لما يشارك فيه
الصل والفرع ،وإنما كان الثاني ظنيا لنه قد يتخيل فيه احتمال اعتبار الشارع في عتق العبد
استقلله في جهاد وجمعة وغيرهما مما ل دخل للنثى فيه ،وقوله في الخبر ثمن العبد أي ثمن ما ل
يملكه العتق منه) .وهو( أي إلغاء الفارق )والدوران والطرد( على القول به )ترجع( ثلثتها )إلى
ن في الجملة .ول تعين جهة المصلحة المقصودة ضرب شبه( للعلة ل علة حقيقة لنها تحصل الظ ّ
من شرع الحكم ،لنها ل تدرك بواحد منها بخلف بقية المسالك.
)خاتمة( :في نفي مسلكين ضعيفين) .ليس تأتي القياس بعلية وصف ول العجز عن إفساده دليلها في
ح( فيهما .وقيل نعم فيهما ،أما الول فلن القياس مأمور به بقوله تعالى }فاعتبروا{ وبتقدير
الص ّ
علية الوصف يخرج بقياسه عن عهدة المر فيكون الوصف علة .قلنا :إنما يتعين عليته لو لم يخرج
عن عهدة المر إل بقياسه وليس كذلك ،وأما الثاني فكما في المعجزة فإنها إنما دلت على صدق
الرسول للعجز عن معارضتها .قلنا :الفرق أن العجز ثم من الخلق وهنا من الخصم.
القوادح
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
أي :هذا مبحثها وهي ما يقدح في الدليل علة كان الدليل أو غيرها) .منها تخلف الحكم عن العلة
المستنبطة( :إن كان التخلف )بل مانع أو فقد شرط في الصح( ،بأن وجدت في بعض صور بدون
الحكم لنها لو كانت علة للحكم لثبت حينئذ بخلف المنصوصة ،إذ ل نقض معها كما بينته في
ل منهما.الحاشية،وبخلف ما إذا كان التخلف لمانع أو فقد شرط ،لن العلة عند التخلف تجامع ك ً
وهذا ما اختاره ابن الحاجب وغيره من المحققين ،وعليه يحمل إطلق الشافعي القدح بالتخلف،
وقيل يقدح مطلقا ،ورجحه الصل إذ لو صحت العلية مع التخلف للزم الحكم في صورة التخلف
ضرورة استلزام العلة لمعلولها ،وقيل ل يقدح مطلقا .وقال به أكثر الحنفية وسموه تخصيص العلة،
وقيل يقدح في العلة المستنبطة دون المنصوصة ،وقيل عكسه ،وقيل يقدح إل أن يكون لمانع أو فقد
شرط وعليه أكثر فقهائنا وقيل غير ذلك) .والخلف(في القدح )معنوي( خلفا لبن الحاجب ومن
تبعه في قولهم :إنه لفظي مبني على تفسير العلة إن فسرت بالمؤثر وهو ما يستلزم وجوده وجود
الحكم ،فالتخلف قادح أو بالباعث أو بالمعرف فل.
)ومن فروعه( أي فروع أن الخلف معنوي )النقطاع( للمستدل فيحصل إن قدح التخلف ،وإل فل
يحصل ويسمع قوله :أردت العلية في غير ما حصل فيه التخلف) ،وانخرام المناسبة بمفسدة(
فيحصل إن قدح التخلف وإل فل ،لكن ينتفي الحكم لوجود المانع )وغيرهما( بالرفع أي :غير
المذكورين كتخصيص العلة فيمتنع إن قدح التخلف وإل فل) .وجوابه(:أي التخلف على القول بأنه
قادح )منع وجود العلة( فيما اعترض به) .أو( منع )انتفاء الحكم( في ذلك )إن لم يكن انتفاؤه مذهب
المستدل( .وإل فل يتأتى الجواب) ،أو بيان المانع أو( بيان )فقد الشرط( مثال ذلك :يجب القود
بالقتل بمثقل كالقتل بمحدد ،فإن نقض بقتل الصل فرعه حيث تخلف الحكم فيه عن العلة فجوابه
منع وجود العلة في ذلك ،إذ يعتبر فيها عدم أصلية القاتل أو أن التخلف لمانع ،وهو أن الصل كان
سببا ليجاد فرعه ،فل يكون هو سببا لعدام أصله) .وليس للمعترض( بالتخلف )استدلل على
وجود العلة( فيما اعترض به) .عند الكثر( من النظار ،ولو بعد منع المستدل وجودها) .لنتقاله(
من العتراض إلى الستدلل المؤدي إلى النتشار ،وقيل له ذلك ليتم مطلوبه من إبطال العلة .وقيل
له ذلك إن لم يكن ثم دليل أولى من التخلف بالقدح ،وإل فل .وقيل له ذلك ما لم تكن العلة حكما
شرعيا) .ولو دل( المستدل )على وجودها( أي العلة فيما علل حكمه بها )بـ(ـدليل )موجود في محل
النقض ثم منع وجودها( في ذلك المحل) ،فقال( له المعترض) :ينتقض دليلك( الذي أقمته على
وجودها حيث وجد في محل النقض دونها على مقتضى منعك وجودها فيه) .لم يسمع( قول
المعترض )لنتقاله من نقضها إلى ناقض دليلها( ،والنتقال ممتنع ،قال ابن الحاجب :وفيه نظر لن
القدح في الدليل قدح في المدلول بمعنى أن القدح فيه يحوج إلى النتقال إلى إثبات المدلول بدليل
ل بل دليل فل يمتنع النتقال إليه ،فإن رّدد بين المرين فقال :يلزمك انتقاض آخر ،وإل كان قو ً
العلة أو انتقاض دليلها
الدال على وجودها في الفرع فل تثبت علتك سمع قوله اتفاقا ،إذ ل انتقال )وليس له( أي للمعترض
)استدلل على تخلف الحكم( فيما اعترض به ولو بعد منع المستدل تخلفه )في الصح( ،لما مر من
النتقال من العتراض إلى الستدلل المؤدي إلى النتشار ،وقيل له ذلك ليتم مطلوبه من إبطال
العلة ،وقيل له ذلك إن لم يكن ثم طريق أولى من التخلف بالقدح وإل فل) .ويجب الحتراز منه(:
أي من التخلف بأن يذكر في الدليل ما يخرج محله ليسلم من العتراض) ،على المناظر مطلقا( عن
الستثناء التي) ،وعلى الناظر( لنفسه )إل فيما اشتهر من المستثنيات( ،كالعرايا لنه لشهرته
كالمذكور ،فل يجب الحتراز منه ،وقيل يجب عليه ذلك مطلقا وغير المذكور ليس كالمذكور ،وقيل
يجب عليه ذلك إل في المستثنيات ولو كانت غير مشهورة ،فل يجب ذلك للعلم بأنها غير مرادة،
وقيل ل يجب مطلقا .واختاره ابن الحاجب وغيره )وإثبات صورة( معينة أو مبهمة )أو نفيها ينتقض
بالنفي أو الثبات العامين( يعني :السالبة والموجبة الكليتين) .وبالعكس( :أي النفي العام أو الثبات
العام ينتقض بإثبات صورة معينة أو مبهمة أو بنفيها فنحو زيد كاتب أو إنسان ما كاتب يناقضه ل
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
شيء من النسان بكاتب ونحو :زيد ليس بكاتب ،أو إنسان ما ليس بكاتب يناقضه كل إنسان كاتب،
أما الولى بشقيها فلتحقق المناقضة بين الموجبة الجزئية والسالبة الكلية ،وأما الثانية كذلك فلتحقق
المناقضة بين السالبة الجزئية والموجبة الكلية.
)
ح( لما يعلم من تعريفه التي ،وقيل ليس بقادح، ومنها( أي من القوادح )الكسر( فإنه قادح )في الص ّ
)وهو( أي الكسر ويسمى بنقض المعنى أي المعلل به) .إلغاء بعض العلة( بوجود الحكم عند انتفائه
إما )مع إبداله( أي البعض بغيره )أو ل( مع إبداله )ونقض باقيها( أي العلة والتصريح بأو ل الخ
من زيادتي )كما يقال في( إثبات صلة )الخوف( هي )صلة يجب قضاؤها( لو لم تفعل) .فيجب
أداؤها كالمن( :فإن الصلة فيه كما يجب قضاؤها لو لم تفعل يجب أداؤها) .فيعترض( بأن
خصوص الصلة ملغى بأن يقال الحج يجب أداؤه لقضائه) .فليبدل( خصوص الصلة )بالعبادة(
ليندفع العتراض ،وكأنه قيل عبادة الخ) .ثم ينقض( هذا القول )بصوم الحائض( فإنه عبادة يجب
قضاؤها ول يجب أداؤها بل يحرم )أو ل يبدل( خصوص الصلة) .فل يبقى( للمستدل علة )إل(
قوله) :يجب قضاؤها( فيجب أداؤها كالمن) .ثم ينقض بما مر( ،بأن يقال ليس كل ما يجب قضاؤه
يؤدي بدليل صوم الحائض ،فإنه يجب عليها قضاؤه دون أدائه .وعبر ابن الحاجب عن هذا القادح
بالنقض المكسور وعرف الكسر قبيله بما لزم منه أن الراجح أنه ل يقدح ،وفي محل آخر بما
يقتضي أنه تخلف الحكم عن العلة ،فعنده أن الكسر مشترك لفظي ،وبما تقرر أّول علم أن الكسر ل
يكون إل في العلة المركبة ،وأن مفاده تخلف الحكم عن العلة فهو قسم من أقسام القادح السابق.
)ومنها( :أي من القوادح )عدم العكس( بأن يوجد الحكم بدون العلة وإنما يقدح) .عند مانع تعدد
العلل( بخلف مجّوزه لجواز أن يكون وجود الحكم لعلة أخرى ومثاله يعلم من القادح التي.
)والعكس انتفاء الحكم( ل بمعنى انتفائه نفسه ،بل )بمعنى انتفاء العلم أو الظن به لنتفاء العلة(،
وإنما عنى ذلك لنه ل يلزم من عدم الدليل الذي من جملته العلة عدم المدلول للقطع بأن ال تعالى
لو لم يخلق العالم الدال على وجوده لم ينتف وجوده ،وإنما ينتفي العلم به) .فإن ثبت مقابله( :أي
مقابل العكس وهو الطرد أي :ثبوت الحكم لثبوت العلة أبدا) ،فأبلغ( في العكسية مما لم يثبت مقابله
بأن يثبت الحكم مع انتفاء العلة في بعض الصور ،لنه في الّول عكس لجميع الصور وفي الثاني
لبعضها) .وشاهده( أي العكس في صحة الستدلل بانتفاء العلة فيه على انتفاء الحكم )قوله صلى
ال عليه وسّلم( لبعض أصحابه في خبر مسلم لما عدد وجوه البر بقوله :وفي بضع أحدكم صدقة
الخ) .أرأيتم لو وضعها( أي الشهوة )في حرام أكان عليه وزر( فكأنهم قالوا نعم ،فقال )فكذلك إذا
وضعها في الحلل كان له أجر في جواب( قولهم )أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر( :استنتج من
ثبوت الحكم أي الوزر في الوطء الحرام انتفاءه في الوطء الحلل الصادق بحصول الجر حيث
عدل بوضع الشهوة عن الحرام إلى الحلل لتعاكس حكميهما في العلة ،وهو كون هذا مباحا وذاك
حراما ،وهذا الستنتاج يسمى قياس العكس التي في الكتاب الخامس ،وإنما ذكر هنا مع العكس،
وإن كان المبحث في القدح بعدمه أما العكس فلتوقف معرفة عدمه على معرفته ،وأما قياسه فلكونه
شاهدا له.
)ومنها( :أي من القوادح )عدم التأثير أي نفي مناسبة الوصف( الذاتية للحكم )فيختص( القدح به
)بقياس معنى علته مستنبطة مختلف فيها( لشتماله على المناسب بخلف غيره كالشبه ،وقياس
المعنى الذي علته منصوصة أو مستنبطة مجمع عليها فل يأتي فيه ذلك) ،وهو( أقسام )أربعة( القسم
ل كقول الحنفية في
الّول عدم التأثير )في الوصف بكونه طرديا أو شبها( .والمعنى عدم تأثيره أص ً
الصبح صلة ل تقصر فل يقدم أذانها كالمغرب فعدم القصر بالنسبة لعدم تقديم الذان طردي ل
مناسبة فيه ول شبه ،وعدم التقييد موجود فيما يقصر ،وكقول المستدل بقياس المعنى في الوضوء
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
طهارة تفتقر إلى النية كالتيمم فالطهارة بالنسبة لفتقار الوضوء إلى النية شبه المناسبة فيه بالذات،
إذ المناسبة الذاتية له كون الوضوء عبادة .وحاصل هذا القسم طلب مناسبة علية الوصف وقولي أو
شبهه من زيادتي )و( الثاني عدم التأثير )في الصل( :بإبداء علة لحكمه )على مرجوح( وهو منع
ي فل يصح كالطير في الهواء فيقول( تعدد العلل )مثل( أن يقال في بيع الغائب )مبيع غير مرئ ّ
ي( في الصل) .إذ العجز عن التسليم( فيه )كاف( في عدم الصحة المعترض )ل أثر لكونه غير مرئ ّ
وعدمها موجود مع الرؤية .وحاصله معارضته في الصل بإبداء غير ما علل به وزدت على
مرجوح ليوافق ما اعتمدته من جواز تعّدد العلل) .و( الثالث عدم التأثير )في الحكم وهو أضرب(
ثلثة أحدها) :ما( أي وصف اشتملت عليه العلة )ل فائدة لذكره كقولهم( :أي الخصوم الحنفية )في
المرتدين( المتلفين مالنا بدار الحرب حيث استدلوا على نفي الضمان عنهم في ذلك )مشركون أتلفوا
ي( المتلف مالنا )فدار الحرب عندهم( :أي الخصوم ل بدار الحرب فل ضمان( عليهم )كالحرب ّ ما ً
ي فل فائدة لذكره( :لن من نفي الضمان في إتلف المرتد مال المسلم كما هو عندنا وصف )طرد ّ
كالحنفية نفاه ،وإن لم يكن التلف بدار الحرب ومن أثبته كالشافعية أثبته ،وإن لم يكن التلف بدار
الحرب
)فيرجع( العتراض في ذلك )للّول( من القسام لن المعترض يطالب المستدل بتأثير كون
التلف بدار الحرب ل بغيرها) .و( الضرب الثاني )ما( أي وصف اشتملت عليه العلة )له( أي
لذكره )على الصح فائدة ضرورية كقول معتبر العدد في الستجمار( بالحجار )عبادة متعلقة
بالحجار لم يتقدمها معصية فاعتبر فيها العدد كالجمار( أي كرميها )فقوله لم يتقدمها معصية عديم
التأثير( في حكم الصل والفرع )لكنه( أي معتبر العدد )مضطر لذكره لئل ينتقض ما علل به( لو لم
يذكر فيه )بالرجم( للمحصن فإنه عبادة متعلقة بالحجار ولم يعتبر فيها العدد والضرب الثالث ما
ذكرته بقولي )أو غير ضرورية( :أي أو ماله على الصح فائدة غير ضرورية )مثل( أن يقال
)الجمعة صلة مفروضة فلم تفتقر( في إقامتها )إلى أذن المام( العظم )كالظهر ،فإن( قولهم
)مفروضة حشو إذ لو حذف( مما علل به )لم ينتقض( أي الباقي منه بشيء إذ النفل كالفرض في
ذلك) .لكنه ذكر لتقريب الفرع( وهو الجمعة )من الصل( :وهو الظهر )بتقوية الشبهة بينهما إذ
الفرض بالفرض أشبه( به من غيره ،وقيل عدم التأثير ل يكون قادحا فيما له فائدة بقسميها ،وقيل
يكون قادحا في ثانيهما دون أولهما) .و( القسم الرابع عدم التأثير )في الفرع( على مرجوح يعلم من
قولي بعد في الفرض والصح جوازه) ،مثل( أن يقال في تزويج المرأة نفسها )زوجت نفسها غير
كفء فل يصح( التزويج )كما لو زوجت( بالبناء للمفعول أي :زّوجها وليها له) .وهو( أي الرابع
)كالثاني( في أنه إبداء علة وهي في هذا المثال تزويج المرأة نفسها ل تزويجها من غير كفء) ،إذ
ل أثر فيه للتقييد بغير الكفء( فإنه وإن ناسب البطلن لكنه غير مطرد في جميع صور المدعي
وهو أن تزويجها نفسها ل يصح مطلقا كما ل أثر للتقييد في مثال الثاني بكونه غير مرئي ،وإن كان
نفي الثر هنا بالنسبة إلى الفرع وثم بالنسبة إلى الصل) .ويرجع( هذا القسم )إلى المناقشة في
الفرض وهو( :أي الفرض
)تخصيص بعض صور النزاع بالحجاج( كما فعل في المثال ،إذ المدعى فيه منع تزويجها نفسها
مطلقا والحتجاج على منعه من غير كفء) .والصح جوازه( :أي الفرض مطلقا فقد ل يساعده
الدليل في كل الصور أو ل يقدر على دفع العتراض في بعضها فيستفيد بالفرض غرضا صحيحا،
وقيل :ل يجوز لن جوازه ل يدفع اعتراض الخصم ،وقيل يجوز بشرط بناء غير محل الفرض
على محله كأن يقاس عليه بجامع بينهما ،أو يقال ثبت الحكم في بعض الصور فليثبت في باقيها ،إذ
ل قائل بالفرق ،وقد قال به الحنفية في المثال حيث جّوزوا تزويجها نفسها من غير كفء.
)
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ومنها( :أي من القوادح )القلب( وهو نوعان خاص بالقياس وعرفوه بأن يربط المعترض خلف
قول المستدل على علته إلحاقا بالصل الذي جعله مقيسا عليه وعام يعترض به على القياس وغيره
ل به( المستدل) ،وصح( دليل )عليه( من الدلة) ،وهو في الصح دعوى( المعترض )أن ما استد ّ
أي على المستدل وإن دل له باعتبار آخر فتعبيري بذلك أولى من قوله عليه ل له) .في المسألة(
المتنازع فيها ل في مسألة أخرى ،وقول الصل على ذلك الوجه ل حاجة إليه كما بينته في
الحاشية ،وتقديمي عليه على ما بعده أولى من تأخير الصل له عنه) ،فـ(ـبسبب التقييد بصحة ما
استدل به )يمكن معه( أي مع القلب )تسليم صحته( ،وقيل القلب تسليم صحته مطلقا سواء أكان ما
استدل به صحيحا أم ل .وقيل :هو إفساد له مطلقا لن الغالب من حيث جعله على المستدل مسلم
لصحته ،وإن لم يكن صحيحا ومن حيث لم يجعله له مفسد له ،وإن كان صحيحا ،وعلى كل القولين
ل يذكر في الحد قيد للصحة ،وإنما ذكر في الول لن عدم ذكره فيه يخل بموضوعه إما مصححا
ل لمذهب المستدل كما سيأتي ،فهو قيد للحتراز عن الفاسد ،إذ ل يحصل لمذهب المعترض أو مبط ً
به شيء من ذلك ،وعلى الصح من إمكان التسليم مع القلب) .فهو( أي القلب )مقبول في الصح(
وهو إما )معارضة عند التسليم( لصحة دليل المستدل ،فل يكون القلب حينئذ قادحا ،بل يجاب عنه
بالترجيح وإما اعتراض) .قادح عند عدمه( :أي عدم تسليم الصحة ،وقيل هو شاهد زور يشهد على
الغالب وله حيث سلم فيه الدليل ،واستدل به على خلف دعوى المستدل فل يقبل) .وهو( أي القلب
باعتبار آخر )قسمان(.
القسم )الول( :القلب )لتصحيح مذهب المعترض( في المسألة )وإبطال مذهب المستدل( فيها سواء
أكان مذهب المستدل مصرحا به في الستدلل أم ل ،فالول )كما يقال( من جانب المستدل
كالشافعي في بيع الفضولي )عقد بل ولية( عليه) .فل يصح كالشراء( :أي كشراء الفضولي فل
يصح لمن سماه) .فيقال( من جانب المعترض كالحنفي )عقد فيصح كالشراء( :أي كشراء الفضولي
فيصح له ويلغو تسميته لغيره وهو أحد وجهين عندنا ،إذا لم يشتر بعين مال من عقد له ولم يضف
العقد إلى ذمته) .و( الثاني )مثل( أن يقول الحنفي المشترط للصوم في العتكاف )لبث فل يكون
بنفسه قربة كوقوف عرفة( ،فإنه قربة بضميمة الحرام فكذا العتكاف يكون قربة بضميمة عبادة
إليه وهي الصوم لنه المتنازع فيه) .فيقال( :من جانب المعترض كالشافعي العتكاف) .لبث فل
يشترط فيه الصوم كعرفة( ل يشترط الصوم في وقوفها ،ففي هذا إبطال لمذهب الخصم الذي هو
اشتراط الصوم ولم يصرح به في الدليل.
القسم )الثاني( :القلب )لبطال مذهب المستدل( وإبطاله إما )بصراحة( كأن يقول الحنفي في مسح
الرأس) ،عضو وضوء فل يكفي( في مسحه )أقل ما ينطلق عليه السم كالوجه( ل يكفي في غسله
ذلك) .فيقال( من جانب المعترض كالشافعي عضو ضوء) .فل يقدر بالربع كالوجه( ل يقدر غسله
بالربع )أو بالتزام( ،كأن يقول النفي في بيع الغائب )عقد معاوضة فيصح مع الجهل بالمعّوض
كالنكاح( يصح مع الجهل بالزوجة أي :عدم رؤيتها) .فيقال( من جانب المعترض كالشافعي) ،فل
يثبت( فيه )خيار الرؤية كالنكاح( فنفي الثبوت يلزمه نفي الصحة إذ القائل بها قائل بالثبوت ،وقولي:
فل يثبت أولى من قوله فل يشترط لن اللزم للصحة عند القائل بها ثبوت ما ذكر ل اشتراطه،
)ومنه( :أي من القلب لبطال مذهب المستدل باللتزام) .قلب المساواة فيقبل في الصح( :وهو أن
يكون في جهة الصل حكمان أحدهما منتف عن جهة الفرع باتفاق الخصمين ،والخر متنازع فيه
بينهما فإذا أثبته المستدل في الفرع قياسا على الصل يقول المعترض :فيجب التسوية بين الحكمين
في جهة الفرع كما في جهة الصل )مثل( قول الحنفي في الوضوء والغسل كل منهما )طهر بمائع
فل تجب فيه النية كالنجاسة( :أي إزالتها ل يجب فيها النية بخلف التيمم يجب فيه النية) .فيقال( من
جانب المعترض كالشافعي )يستوي جامده ومائعه( :أي الطهر )كالنجاسة( يستوي جامد طهرها
ومائعه في جميع أحكامها .وقد وجبت النية في التيمم ،فتجب في الوضوء والغسل ،وقيل ل يقبل
قلب المساواة ،لن التسوية في جهة الفرع غيرها ،في جهة الصل ،وأجاب الكثر بأن هذا
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
الختلف ل يضر في القياس ،لنه غير مناف لصل الستواء في الوصف الذي جعل جامعا وهو
الطهارة.
)ومنها( :أي من القوادح )القول بالموجب( بفتح الجيم أي بما اقتضاه الدليل ول يختص بالقياس
ن العز منها الذل ،المحكي عن وشاهده قوله تعالى} :ول العزة ولرسوله{ في جواب :ليخرج ّ
المنافقين أي :صحيح ذلك لكنهم الذل وال ورسوله العز وقد أخرجهم ال ورسوله) .وهو تسليم(
مقتضي )الدليل مع بقاء النزاع( ،بأن يظهر عدم استلزام الدليل لمحل النزاع وورد ذلك على ثلثة
أنواع .أحدها :أن يستنتج المستدل من دليله ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملزم له ول يكون كذلك.
والثاني :أن يستنتج منه إبطال أمر يتوهم أنه مأخذ مذهب الخصم والخصم يمنع أنه مأخذه .والثالث:
أن يسكت عن مقدمة صغرى غير مشهورة .فالول )ما يقال في( القود بقتل )المثقل( من جانب
المستدل كالشافعي )قتل بما يقتل غالبا فل ينافي القود كالحراق( بالنار ل ينافي القود) ،فيقال( من
جانب المعترض كالحنفي )سلمنا عدم المنافاة( بين القتل بالمثقل وبين القود) ،لكن لم قلت( إن القتل
بالمثقل )يقتضيه( أي القود وذلك محل النزاع ولم يستلزمه الدليل) .و( الثاني )كما يقال( في القود
بالقتل بالمثقل أيضا )التفاوت في الوسيلة( من آلت القتل وغيره )ل يمنع القود كالتوسل إليه( من
قتل وقطع وغيرهما ل يمنع تفاوته القود )فيقال( من جانب المعترض )مسلم( أن التفاوت في
الوسيلة ل يمنع القود فل يكون مانعا منه) ،لكن ل يلزم من إبطال مانع انتفاء الموانع ووجود
الشرائط والمقتضي( وثبوت القود متوقف عل جميعها) ،والمختار تصديق المعترض في قوله(
للمستدل )ليس هذا( الذي عنيته باستدللك تعريضا بي من منع التفاوت في الوسيلة للقود )مأخذي(
في نفي القود ،لن عدالته تمنعه من الكذب في ذلك لنه أعلم بمذهبه ،وقيل ل يصدق إل ببيان مأخذ
آخر لنه قد يعاند بما قاله .والثالث ما ذكرته بقولي) :وربما سكت المستدل عن مقدمة غير مشهورة
مخافة المنع( لها لو صرح بها )فيرد( بسكوته عنها )القول بالموجب( كما يقال في
اشتراط النية في الوضوء والغسل ما هو قربة يشترط فيه النية كالصلة ويسكت عن الصغرى وهي
الوضوء والغسل قربة ،فيقول المعترض مسلم أن ما هو قربة يشترط فيه النية ،لكن ل يلزم
اشتراطها في الوضوء والغسل ،فإن صرح المستدل بأنهما قربة ورد عليه منع ذلك وخرج عن
القول بالموجب أما المشهورة فكالمذكورة فل يتأتى فيها القول بالموجب.
)ومنها( أي من القوادح )القدح في المناسبة( الوصف المعلل به الحكم) .وفي صلحية إفضاء الحكم
ل منإلى المقصود( من شرعه )وفي النضباط( للوصف المذكور) ،وفي الظهور( له بأن ينفي ك ً
الربعة بأن يبدي في أّولها مفسدة راجحة أو مساوية لما مر من أنها تنخرم بذلك ،ويبين في ثانيها
عدم الصلحية للفضاء ،وفي ثالثها عدم النضباط ،وفي رابعها عدم الظهور) .وجوابه( :أي القدح
بشيء منها )بالبيان( له .الول :بيان رجحان المصلحة على المفسدة ،كأن يقال التخلي للعبادة أفضل
من النكاح لما فيه من تزكية النفس فيعترض بأن تلك المصلحة تفّوت أضعافها كإيجاد الولد وكف
النظر وكسر الشهوة ،فيجاب بأن تلك المصلحة أرجح مما ذكر لنها لحفظ الدين وما ذكر لحفظ
النسل ،والثاني :ببيان إفضاء الحكم إلى المقصود كأن يقال تحريم المحرم بالمصاهرة مؤبدا صالح،
لن يفضي إلى عدم الفجور بها المقصود من شرع التحريم فيعترض بأنه ليس صالحا لذلك ،بل
للفضاء إلى الفجور لن النفس مائلة إلى الممنوع .فيجاب :بأن تحريمها المؤبد لسد :باب الطمع
فيها بحيث تصير غير مشتهاة كالم ،والثالث ببيان انضباط الوصف بنفسه أو بوصف معه يضبطه
كالسفر للمشقة ،والرابع :ببيان ظهوره بأن يبينه بصفة ظاهرة كأن يعلل في القود بالرضا فيعترض
بأن الرضا أمر خفي فل يعلل به ،فيجاب ببيان ظهوره بصفة ظاهرة تدل عليه وهي الصيغة.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
)ومنها( :أي من القوادح )الفرق( بين الصل والفرع )والصح أنه معارضة بإبداء قيد في علية(
حكم )الصل أو( إبداء )مانع في الفرع( يمنع من ثبوت حكم الصل فيه )أو بهما( أي بالبداءين
معا .وقيل هو الثالث فقط مثاله على الشق الول أن يقول الشافعي :تجب النية في الوضوء كالتيمم
بجامع الطهارة عن حدث ،فيعترض الحنفي بأن العلة في الصل الطهارة بالتراب ،وعلى الثاني أن
ي كغير المسلم بجامع القتل العمد العدوان فيعترض الشافعي بأن
يقول الحنفي :يقاد المسلم بالذم ّ
السلم في الفرع مانع من القود ،وعلى الثالث أن يعارض بالبداءين وما عرفت به الفرق أولى من
تعريف الصل له بأنه راجع إلى المعارضة في الصل ،أو الفرع وقيل إليهما لنه أحاله على ما لم
يذكره مع إيهام أن المعارضة بالبداءين ليست فرقا مطلقا وليس كذلك) .و(الصح )أنه( :أي الفرق
)قادح( وإن قيل إنه بالثالث أو بالضعيف سؤالن .أو قلنا بجواز تعّدد العلل لنه يؤثر في جميع
المستدل ،ولنه لو لم يقدح لم يمتنع التحكم واللزم باطل وقيل ليس بقادح ،وقيل كذلك على القول
ل واحدابأنه بالثالث سؤالن ل سؤال واحد ،إذ جمع السئلة المختلفة غير مقبول ومعنى كونه سؤا ً
اتحاد المقصود منه وهو قطع الجمع ،ومعنى كونه سؤالين اشتماله على معارضة علة الصل بعلة
وعلى معارضة الفرع بأخرى مستنبطة) .وجوابه( :أي الفرق )بالمنع( كأن يمنع كون المبدى في
الصل جزءا من العلة وفي الفرع مانعا من الحكم وهذا من زيادتي )و( الصح )أنه يجوز تعدد
الصول( لفرع واحد بأن يقاس عليها لقّوة الظن به ،وصححه ابن الحاجب وغيره وهو الموافق
لجواز تعدد العلل وقيل يمتنع تعددها ،وإن جوز تعدد العلل لنتشار البحث في ذلك مع إمكان
حصول المقصود بواحد منها وصححه الصل) .فلو فرق بين الفرع وأصل منها كفى( في القدح
فيها )في الصح( :لنه يبطل جمعها المقصود ،وقيل ل يكفي لستقلل كل منها وقيل يكفي إن قصد
اللحاق بمجموعها ،لنه
يبطله بخلف ما إذا قصد بكل منها )في اقتصار المستدل على جواب أصل( واحد منها ،وقد فرق
المعترض بين جميعها) .قولن( :أحدهما يكفي لحصول المقصود بالدفع عن واحد منها ،والثاني ل
يكفي لنه التزم الجميع فلزمه الدفع عنه ،وهذا هو الوجه الموافق للصح قبله.
)ومنها( :أي من القوادح) ،فساد الوضع بأن ل يكون الدليل صالحا لترتيب الحكم( عليه كأن يكون
صالحا لضد ذلك الحكم أو نقيضه )كتلقي( أي استنتاج )التخفيف من التغليظ والتوسيع من التضييق
والثبات من النفي( .وعكسه )وثبوت اعتبار الجامع( في قياس المستدل )بنص أو إجماع في نقيض
الحكم( ،أو ضده في ذلك القياس ،فالول كقول الحنفية القتل عمدا جناية عظيمة ل يجب له كفارة
كالردة فعظم الجناية يناسب تغليظ الحكم ل تخفيفه بعدم وجوب الكفارة ،والثاني :كقولهم الزكاة
وجبت على وجه الرتفاق لدفع الحاجة ،فكانت على التراخي كالدية على العاقلة ،فالتراخي الموسع
ل يناسب دفع الحاجة المضيق ،والثالث :كأن يقال في المعاطاة في غير المحقر لم يوجد فيها مع
الرضا صيغة ،فينعقد بها البيع كما في المحقر على القول بانعقاده بها فيه ،فعدم الصيغة يناسب عدم
النعقاد ل النعقاد ،والرابع :كأن يقال في المعاطاة في المحقر وجد فيها الرضا فقط ،فل ينعقد بها
بيع كغير المحقر ،فالرضا الذي هو مناط البيع يناسب النعقاد ل عدمه .والخامس :في الجامع ذي
النص قول الحنفية :الهرة سبع ذو ناب فسؤره نجس كالكلب ،فيقال السبعية اعتبرها الشارع علة
للطهارة حيث دعي إلى دار فيها كلب فامتنع وإلى أخرى فيها سنور فأجاب فقيل له فقال :السنور
سبع .رواه المام أحمد وغيره ،وفي الجامع ذي الجماع قول الشافعية في مسح الرأس في الوضوء
مسح فيسن تكراره كالستجمار حيث يسن اليتار فيه فيقال المسح في الخف ل يسن تكراره إجماعا
فيما قيل) .وجوابه( :أي فساد الوضع )بتقرير نفيه( عن الدليل بأن يقرر
كونه صالحا لترتيب الحكم عليه كأن يكون له جهتان يناسب بإحداهما التوسيع وبالخرى التضييق
فينظر المستدل فيه من إحداهما ،والمعترض من الخرى كالرتفاق ودفع الحاجة في مسألة الزكاة،
ويجاب على الكفارة في القتل بأنه غلظ فيه بالقود فل يغلظ فيه بالكفارة ،وعن المعاطاة في الثالث
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بأن النعقاد بها مرتب على الرضا ل على عدم الصيغة ،وعن المعاطاة في الرابع بأن عدم النعقاد
بها مرتب على عدم الصيغة ل على الرضا ،وعن ثبوت اعتبار الجامع بقسميه في نقيض الحكم
بثبوت اعتباره في ذلك الحكم ،ويكون تخلفه عنه بأن وجد مع نقيضه لمانع في أصل المعترض كما
في مسح الخف فإن تكراره يفسده كغسله.
)ومنها( :أي من القوادح )فساد العتبار بأن يخالف( الدليل )نصا( من كتاب أو سنة) ،أو إجماعا(
كأن يقال في أداء الصوم الواجب صوم واجب ،فل يصح نيته من النهار كقضائه ،فيعترض بأنه
مخالف لقوله تعالى }والصائمين والصائمات{ الخ فإنه رتب فيه الجر العظيم على الصوم كغيره
من غير تعرض للتبييت فيه ،وذلك مستلزم لصحته بدونه ،وكأن يقال ل يصح قرض الحيوان لعدم
انضباطه كالمختلطات ،فيعترض بأنه مخالف لخبر مسلم عن أبي رافع أنه صلى ال عليه وسّلم
استسلف بكرا ورّد رباعيا .وقال» :إن خيار الناس أحسنهم قضاء« والبكر بفتح الباء الصغير من
البل ،والرباعي بفتح الراء ما دخل في السنة السابعة ،وكأن يقال ل يجوز للرجل أن يغسل زوجته
ي فاطمة الميتة لحرمة النظر إليها كالجنبية ،فيعترض بأنه مخالف للجماع السكوتي في تغسيل عل ّ
رضي ال عنهما) ،وهو( :أي فساد العتبار )أعم من فساد الوضع( من وجه لصدقه فقط بأن يكون
الدليل صالحا لترتيب الحكم عليه وصدق فساد الوضع فقط بأن ل يكون الدليل كذلك ،ول يعارضه
نص ول إجماع وصدقهما معا بأن ل يكون الدليل كذلك مع معارضة نص أو إجماع له )وله( أي
للمعترض بفساد العتبار )تقديمه على المنوعات( في المقدمات )وتأخيره عنها( لمجامعته لها من
غير مانع من تقديمه وتأخيره )وجوابه كالطعن في سنده( :أي سند النص أو الجماع بإرسال أو
غيره )والمعارضة( للنص بنص آخر فيتساقطان ويسلم دليل المستدل) .ومنع اظهور( له في مقصد
المعترض )والتأويل( له بدليل وزدت الكاف لدفع توهم حصر الجواب فيما ذكر ،فإنه ل ينحصر فيه
إذ منه غيره كالقول بالموجب كما بينته في الحاشية.
)ومنها( :أي من القوادح )منع علية الوصف( أي منع كونه العلة )وتسمى المطالبة( :أي بتصحيح
العلة المتبادر عند إطلق المطالبة) .والصح قبوله( وإل لدى الحال إلى تمسك المستدل بما شاء
من الوصاف لمنه المنع ،وقيل ل يقبل لدائه إلى النتشار بمنع كل ما يدعي عليته) .وجوابه
بإثباتها( :أي العلية بمسلك من مسالك العلة المتقدمة) .ومن المنع( المطلق )منع وصف العلة( :أي
منع اعتباره فيها وهو مقبول جزما) .كقولنا في إفساد الصوم بغير جماع( كأكل من غير كفارة
)الكفارة( شرعت )للزجر عن الجماع المحذور في الصوم فوجب اختصاصها به كالحد( .فإنه شرع
للزجر عن الجماع زنا وهو مختص بذلك) .فيقال( :ل نسلم أنها شرعت للزجر عن الجماع
بخصوصه) ،بل عن الفطار المحذور فيه( :أي في الصوم بجماع أو غيره) .وجوابه ببيان اعتبار
الخصوصية( أي خصوصية الوصف في العلة كأن يبين اعتبار الجماع في الكفارة بأن الشارع
رتبها عليه حيث أجاب بها من سأله عن جماعه كما مّر) .كأن المعترض( بهذا العتراض )ينقح
المناط( بحذف خصوص الوصف عن اعتباره في العلة )والمستدل يحققه( ببيان اعتبار خصوصية
الوصف فيقدم لرجحان تحقيق المناط فإنه يرفع النزاع) .و( من المنع المطلق )منع حكم الصل،
والصح أنه مسموع( كمنع وصل العلة كأن يقول الحنفي :الجارة عقد على منفعة ،فتبطل بالموت
كالنكاح فيقال له:ل نسلم حكم الصل ،إذ النكاح ل يبطل بالموت بل ينتهي به ،وقيل غير مسموع
لن لم يعترض المقصود )و( الصح )أن المستدل ل ينقطع به( :أي بمنع الحكم لنه منع مقدمة من
مقدمات القياس ،فله إثباته كسائر المقدمات .وقيل :ينقطع للنتقال عن إثبات حكم الفرع الذي هو
بصدده إلى غيره ،وقيل ينقطع به إن كان ظاهرا يعرفه أكثر الفقهاء ،ولم يقل المستدل في استدلله
إن سلمت حكم الصل وإل نقلت الكلم إليه بخلف ما ل يعرفه إل خواصهم ،أو قال المستدل ذلك،
وقيل غير ذلك) .و( الصح )أنه( أي المستدل )إن
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
دل( أي استدل )عليه( أي على حكم الصل بدليل )لم ينقطع المعترض( بمجرد ذلك) ،بل له أن
يعترض( ثانيا الدليل ،لنه قد ل يكون صحيحا ،وقيل ينقطع فليس له أن يعترض لخروجه
باعتراضه عن المقصود) ،وقد يقال( من طرف المعترض في التيان بمنوع مترتبة )ل نسلم حكم
الصل سلمنا() .ول نسلم أنه مما يقاس فيه( :لجواز كونه مما اختلف في جواز القياس فيه
والمستدل ل يراه) .سلمنا( ذلك )ول نسلم أنه معلل( لجواز كونه تعبديا) .سلمنا( ذلك) ،ول نسلم أن
هذا الوصف علته( لجواز كونها غيره) .سلمنا( ذلك) ،ول نسلم وجود فيه( :أي وجود الوصف في
الصل) .سلمنا( ذلك )ول نسلم أنه( أي الوصف )متعد( لجاز كونه قاصرا) .سلمنا( ذلك) ،ول نسلم
وجوده بالفرع(؛ فهذه سبعة منوع تتعلق الثلثة الولى منها بحكم الصل ،والربعة الباقية بالعلة مع
الصل ،والفرع في بعضها .وقد بينت ذلك في الحاشية) .فيجاب( عنها )بالدفع( لها على ترتيبها
السابق )بما عرف من الطرق( المذكورة في دفعها إن أريد ذلك ،وإل فيكفي القتصار على دفع
الخير منها) ،فـ(ـبسبب جواز تعدد المنوع )يجوز إيراد اعتراضات( هو أولى من قوله معارضات
)من نوع( ،كالنقوض أو المعارضات في الصل أو الفرع لنها كسؤال واحد مترتبة كانت أو ل،
)وكذا( يجوز إيراد اعتراضات )من أنواع في الصح( ،كالنقض وعدم التأثير والمعارضة) ،وإن
كانت مترتبة( أي يستدعي تاليها تسليم متلوه ،وذلك لن تسليمه تقديري ل تحقيقي ،وقيل ل يجوز
من أنواع للنتشار ،وقيل يجوز في غير المترتبة دون المترتبة ،لن ما قبل الخير في المترتبة
ي ل تحقيقي كما مّر ،مثال النوع في العتراضات مسلم فذكره ضائع ،ورّد بأن تسليمه تقدير ّ
المترتبة أن يقال :ما ذكر أنه علة منقوض بكذا ومنقوض بكذا ،ولئن سلم فهو منقوض بكذا ،ومثاله
في غير المترتبة أن يقال :ما ذكر أنه علة منقوض بكذا ومنقوض بكذا ومثال النواع مترتبة أن
يقال ما ذكر من الوصف غير موجود في
الصل ،ولئن سلم فهو معارض بكذا ،ومثالها غير مترتبة أن يقال :هذا الوصف منقوض بكذا أو
غير مؤثر لكذا.
)
ومنها( أي من القوادح )اختلف ضابطي الصل والفرع(؛ أي اختلف علتي حكمهما بدعوى
المعترض ،وإنما كان اختلفهما قادحا لعدم الثقة فيه بالجامع وجودا ومساواة ،كأن يقال في شهود
الزور بالقتل تسببوا في القتل ،فعليهم القود كالمكره غيره على القتل ،فيعترض بأن الضابط في
الصل الكراه ،وفي الفرع الشهادة ،فأين الجامع بينهما وإن اشتركا في الفضاء إلى المقصود.
فأين مساواة ضابط الفرع لضابط الصل في ذلك؟ )وجوابه( :أي جواب العتراض باختلف
الضابط )بأنه( أي الجامع بينهما) .القدر المشترك( بين الضابطين كالتسبب في القتل فيما مر ،وهو
منضبط عرفا) .أو بأن الفضاء( أي إفضاء الضابط في الفرع إلى المقصود )سواء( أي مساٍو
لفضاء الضابط في الصل إلى المقصود ،كحفظ النفس فيما مر ،وكالمساوي لذلك الرجح منه كما
فهم بالولى) .ل بإلغاء التفاوت( بين الضابطين بأن يقال التفاوت بينهما ملغى في الحكم ،فل يحل
الجواب به لن التفاوت قد يلغى كما في العالم يقتل بالجاهل ،وقد ل يلغى كما في الحّر ل يقتل
بالعبد.
)ومنها( :أي من القوادح )التقسيم( هو راجع للستفسار مع منع المعترض أن أحد احتمالي اللفظ
ل على السواء) .أحدهما ممنوع( دون العلة) ،وهو ترديد اللفظ( المورد في الدليل )بين أمرين( مث ً
الخر المراد مثاله أن يقال في مثال الستفسار للجمال فيما يأتي الوضوء النظافة أو الفعال
المخصوصة الول ممنوع أنه قربة ،والثاني مسلم أنه قربة ،لكنه ل يفيد الغرض من وجوب النية.
)والمختار قبوله( لعدم تمام الدليل معه وقيل ل لنه لم يعترض المراد) .وجوابه أن اللفظ موضوع(
في المراد )ولو عرفا( كما يكون لغة) .أو( أنه )ظاهر( ولو بقرينة )في المراد( ،كما يكون ظاهرا
بغيرها ويبين الوضع والظهور) .والعتراضات( كلها )راجعة إلى المنع( قال كثير أو المعارضة،
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
لن غرض المستدل من إثبات مدعاه بدليله صحة مقّدماته ليصلح للشهادة له وسلمته من المعارض
لتنفذ شهادته وغرض المعترض من هدم ذلك القدح في صحة الدليل بمنع مقدمة منه أو معارضته
بما يقاومه ،والصل كبعضهم رأى أن المعارضة منع للعلة عن الجريان فاقتصر عليه وتبعته فيه.
)ومقدمها( بكسر الدال ،ويجوز فتحها كما مر أي المتقدم أو المقدم على العتراضات) .الستفسار(
فهو طليعة لها كطليعة الجيش) .وهو طلب ذكر معنى اللفظ لغرابة أو إجمال( فيه )وبيانهما( :أي
الغرابة والجمال )على المعترض في الصح( :لن الصل عدمهما وقيل
على المستدل بيان عدمهما ليظهر دليله) .ول يكلف( المعترض بالجمال )بيان تساوي المحامل(
المحقق للجمال لعسر ذلك عليه) .ويكفيه( في بيان ذلك إن أراد التبرع به أن يقول )الصل( بمعنى
الراجح )عدم تفاوتها( :أي المحامل وإن عارضه المستدل بأن الصل عدم الجمال) .فيبين المستدل
عدمهما( أي عدم الغرابة والجمال حيث تّم العتراض عليه بهما بأن يبين ظهور اللفظ في
مقصوده بنقل عن لغة أو عرف شرعي أو غيره أو بقرينة ،كما إذا اعترض عليه في قوله:
الوضوء قربة ،فلتجب فيه النية بأن الوضوء يطلق على النظافة ،وعلى الفعال المخصوصة فيقول:
حقيقته الشرعية الثاني) .أو يفسر اللفظ بمحتمل( منه بفتح الميم الثانية) .قيل وبغيره( :أي بغير
محتمل منه ،إذ غاية المر أنه ناطق بلغة جديدة ول محذور في ذلك بناء على أن اللغة اصطلحية،
ورّد بأن فيه فتح باب ل يستد) .والمختار( أنه )ل يقبل( من المستدل إذا وفق المعترض بإجمال
اللفظ على عدم ظهوره في غير مقصده) ،دعواه الظهور( له )في مقصده( :بكسر الصاد )بل نقل(
عن لغة أو عرف) ،أو قرينة( :كأن يقول يلزم ظهوره في مقصدي لنه غير ظاهر في الخر اتفاقا،
فلو لم يكن ظاهرا في مقصدي لزم الجمال ،وإنما لم تقبل لنه ل أثر لها بعد بيان المعترض
الجمال ،وقيل تقبل دفعا للجمال الذي هو خلف الصل ،ومحله إذا لم يشتهر اللفظ بالجمال ،فإن
اشتهر به كالعين والقرء لم يقبل ذلك جزما ،وترجيح عدم القبول من زيادتي ،وهو ما اعتمده شيخنا
الكمال ابن الهمام وغيره ،وقولي بل نقل أو قرينة أظهر في المراد من قوله دفعا للجمال) .ثم
المنع( :أي العتراض بمنع أو غيره )ل يأتي في الحكاية( :أي حكاية المستدل للقوال في السمألة
المبحوث فيها حتى يختار منها قولً ويستدل عليه) .بل( يأتي )في الدليل( إما )قبل تمامه( ،وإنما
يأتي في مقدمة معينة منه) .أو بعده( أي بعد تمامه) .والول( وهو المنع قبل التمام )إما( منع
)مجرد أو( منع
)مع السند( ،وهو ما يبنى عليه المنع والمنع مع السند) .كل نسلم كذا ولم ل يكون( المر )كذا أو(
ل يسلم كذا و)إنما يلزم كذا لو كان( المر )كذا وهو( :أي الول بقسميه من المنع المجرد والمنع مع
السند) .المناقضة( :أي يسمى بها ويسمى بالنقض التفصيلي )فإن احتج( المانع )لنتفاء المقدمة(
التي منعها )فغصب( :أي فاحتجاجه لذلك يسمى غصبا لنه غصب لمنصب المستدل )ل يسمعه
المحققون( من النظار لستلزامه الخبط فل يستحق جوابا ،وقيل يسمع فيستحقه) .والثاني( :وهو
المنع بعد تمام الدليل )إما بمنع الدليل( بمنع مقدمة معينة أو مبهمة )لتخلف حكمه فالنقض
التفصيلي( :أي يسمى به إن كان المنع لمعينة كما يسمى مناقضة) .أو( النقض )الجمالي( أن يسمى
به إن كان لمبهمة أو لجملة الدليل كأن يقال في صورته ما ذكر من الدليل غير صحيح لتخلف الحكم
عنه في كذا ،ووصف بالجمالي لن جهة المنع فيه غير معينة بخلف التفصيلي ،وذكر التفصيلي
في الثاني من زيادتي) .أو بتسليمه( أي الدليل )مع( منع المدلول و)الستدلل بما ينافي ثبوت
المدلول فالمعارضة( :أي يسمى بها )فيقول( في صورتها المعترض للمستدل) .ما ذكرت( من
الدليل )وإن دل( على ما ذكرته )فعندي ما ينفيه( :أي ما ذكرته ويذكره )وينقل( المعترض بها
ل( والمستدل معترضا ،أما لو منع الدليل ل للتخلف أو المدلول ،ولم يستدل بما ينافي ثبوته)مستد ً
فالمنع مكابرة) .وعلى المستدل الدفع( لما اعترض به عليه) .بدليل( ليسلم دليله الصلي ول يكفيه
المنع )فإن منع( أي الدليل الثاني بأن منعه المعترض )فكما مّر( من المنع قبل تمام الدليل ،وبعد
تمامه الخ) .وهكذا( :أي المنع ثالثا ورابعا مع الدفع وهلم) ،إلى إفحامه( أي المستدل بأن انقطع
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بالمنوع) .أو إلزام المانع( بأن انتهى إلى ضروري أو يقيني مشهور من جانب المستدل.
)
خاتمة( :الكتاب القياس) :الصح أن القياس من الدين( :لنه مأمور به لقوله تعالى} :فاعتبروا يا
أولي البصار{ وقيل ليس منه لن اسم الدين إنما يقع على ما هو ثابت مستمر ،والقياس ليس كذلك،
لنه قد ل يحتاج إليه ،وقيل منه إن تعين بأن لم يكن للمسألة دليل غيره ،بخلف ما إذا لم يتعين لعدم
الحاجة إليه) .و( الصح )أنه( أي القياس )من أصول الفقه( ،كما عرف من حده وقيل ليس منه
وإنما يبين في كتبه لتوقف غرض الصولي من إثبات حجيته المتوقف عليها الفقه على بيانه.
)وحكم المقيس يقال( فيه )إنه دين ال( وشرعه )ل( يقال فيه )قاله ال ول نبيه( لنه مستنبط ل
منصوص وقولي ول نبيه من زيادتي) ،ثم القياس فرض كفاية( على المجتهدين) .ويتعين( :أي
يصير فرض عين )على مجتهد احتاج إليه( :بأن لم يجد غيره في واقعة) .وهو( أي القياس بالنظر
إلى قّوته وضعفه قسمان) :جلي( وهو )ما قطع فيه بنفي الفارق( أي بإلغائه )أو( ما )قرب منه( بإن
كان ثبوت الفارق أي تأثيره فيه ضعيفا بعيدا كل البعد كقياس المة على العبد في تقويم حصة
الشريك على شريكه المعتق الموسر وعتقها عليه كما مّر ،وكقياس العمياء على العوراء في المنع
من التضحية الثابت بخبّر »أربع ل تجوز في الضاحي العوراء البين عورها الخ) .وخفي( وهو
)بخلفه( :أي بخلف الجلي فهو ما كان احتمال تأثير الفارق فيه إما قويا واحتمال نفي الفارق أقوى
منه ،وإما ضعيفا وليس بعيدا كل البعد كقياس القتل بمثقل على القتل بمحدد في وجوب القود ،وقد
قال أبو حنيفة بعدم وجوبه في المثقل) .وقيل فيهما( أي الجلي والخفي )غير ذلك( :قيل الجلي ما
ذكر في تعريفه ،والخفي بالشبه ،والواضح بينهما .وقيل الجلي القياس الولى كقياس الضرب على
التأفيف في التحريم والواضح المساوي كقياس إحراق مال اليتيم على أكله في التحريم ،والخفي
الدون كقياس التفاح علي البر في الربا ثم الجلي على الولين يصدق بالولى كالمساوي) .و( ينقسم
القياس
باعتبار علته ثلثة أقسام )قياس العلة( وهو )ما صرح فيه بها( بأن كان الجامع فيه نفسها كأن يقال
يحرم النبيذ كالخمر للسكار) .وقياس الدللة( وهو )ما جمع فيه بلزمها فأثرها فحكمها( الضمائر
للعلة ،وكل من الثلثة يدل عليها ،وكل من الخيرين منها دون ما قبله بدللة الفاء فالول كأن يقال
النبيذ حرام كالخمر بجامع الرائحة المشتدة وهي لزمة للسكار .والثاني كأن يقال القتل بمثقل
يوجب القود كالقتل بمحدد بجامع الثم وهو أثر العلة وهي القتل العمد العدوان .والثالث كأن يقال
يقطع الجماعة بالواحد كما يقتلون به بجامع وجوب الدية عليهم بذلك حيث كان غير عمد ،وهو حكم
العلة التي هي القطع منهم في المقيس والقتل منهم في المقيس عليه .وحاصل ذلك استدلل بأحد
موجبي الجناية من القود والدية الفارق بينهما العمد على الخر) .والقياس في معنى الصل( .وهو
)الجمع بنفي الفارق( ،ويسمى بالجلي كما مر ،وبإلغاء الفارق وبتنقيح المناط كقياس البول في إناء
وصبه في الماء الراكد على البول فيه في المنع بجامع أن ل فارق بينهما في مقصود المنع الثابت
بخبر مسلم عن جابر» :نهى النبي صلى ال عليه وسّلم عن أن يبال في الماء الراكد.
)وهو دليل ليس بنص( من كتاب أو سنة) .ول إجماع ول قياس شرعي( .وقد تقدمت فل يقال
التعريف المشتمل عليها تعريف بالمجهول) .فدخل( فيه )قطعا( القياس )القتراني و( القياس
)الستثنائي( وهما نوعا القياس المنطقي وهو قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنه لذاته قول
آخر وهو النتيجة فإن كان اللزم أو نقيضه مذكورا فيه بالفعل فهو الستثنائي وإل فالقتراني
فالستثنائي نحو :إن كان النبيذ مسكرا فهو حرام ،لكنه مسكر ينتج فهو حرام ،أو إن كان النبيذ
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
مباحا فهو ليس بمسكر لكنه مسكر ينتج فهو ليس بمباح ،والفتراني نحو :كل نبيذ مسكر وكل
مسكر حرام ،ينتج كل نبيذ حرام وهو مذكور فيه بالقوة ل بالفعل وسمي القياس استثنائيا لشتماله
على حرف الستثناء لغة وهو لكن واقترانيا لقتران أجزائه) .و( دخل فيه قطعا )قولهم( :أي
ل،العلماء )الدليل يقتضي أن ل يكون( المر )كذا خولف( الدليل )في كذا( :أي في صورة مث ً
)لمعنى مفقود في صورة النزاع فتبقى( هي )على الصل( الذي اقتضاه الدليل كأن يقال :الدليل
يقتضي امتناع تزويج المرأة مطلقا وهو ما فيه من إذللها بالوطء وغيره الذي تأباه النسانية
لشرفها ،خولف هذا الدليل في تزويج الولي لها فجاز لكمال عقله وهذا المعنى مفقود فيها ،فيبقى
تزويجها نفسها الذي هو محل النزاع على ما اقتضاه الدليل من المتناع) .و( دخل فيه )في الصح
قياس العكس( :وهو إثبات عكس حكم شيء لمثله لتعاكسهما في العلة كما مر في خبر :أيأتي أحدنا
شهوته وله فيها أجر؟ قال» :أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر« وقيل :ليس بدليل كما
حكي عن أصحابنا ،وذكر الخلف في هذا من زيادتي) .و( دخل فيه في الصح )عدم وجدان دليل
الحكم( :هو أولى من قوله انتفاء الحكم لنتفاء مدركه ،وذلك بأن لم يجد الدليل المجتهد بعد الفحص
الشديد ،فهو دليل على انتفاء الحكم ،وقيل ليس بدليل ،إذ ل يلزم من عدم وجدان الدليل عدمه ،وذلك
)كقولنا( للخصم في إبطال الحكم
ل وإل لزم تكليف الغافل( حيث وجد الحكم بدون دليل مفيد الذي ذكره في مسألة )الحكم يستدعي دلي ً
له) ،ول دليل( على حكمك )بالسبر( فإنا سبرنا الدلة فلم نجد ما يدل عليه) .أو الصل( فإن الصل
المستصحب عدم الدليل عليه فينتفي هو أيضا ،ودخل فيه الستقراء والستصحاب والستحسان،
وقول الصحابي واللهام التية ،وإنما أفرد كل منها بالترجمة بمسألة لما فيه من التفصيل وقوة
الخلف مع طول بعضه) .ل لقولهم( أي الفقهاء )وجد المقتضي أو المانع أو فقد الشرط( ،فل يدخل
ل إذا
ل بل دعوى دليل ،وإنما يكون دلي ً ل( في الصح ،ول يكون دلي ً في الستدلل حالة كونه )مجم ً
عين المقتضى والمانع والشرط .وبين وجود الولين ول حاجة إلى بيان فقد الثالث لنه على وفق
ل على وجود الحكم بالنسبة إلى الصل ،وقيل :يدخل في الستدلل ،ورجحه الصل فيكون دلي ً
المقتضي وعلى انتفائه بالنسبة إلى الخرين ،وقيل دليل وليس باستدلل إن ثبت بنص أو إجماع أو
ل ما لو كان معينا
قياس ،وإل فهو استدلل .وقد بينت ما فيه في الحاشية .وخرج بزيادتي مجم ً
ل كما علم مما مر.
ل ودلي ً
فيكون استدل ً
)مسألة :الستقراء بالجزئي على الكلي( :بأن يتتبع جزئيات كلي ليثبت حكمها له )إن كان تاما( بأن
كان بكل الجزئيات إل صورة النزاع )فـ(ـهو دليل )قطعي( في إثبات الحكم في صورة النزاع) .عند
الكثر( من العلماء ،وقال القل منهم :ليس بقطعي لحتمال مخالفة تلك الصورة لغيرها على بعد.
قلنا :هو منزل منزلة العدم) ،أو( كان )ناقصا( بأن كان بأكثر الجزئيات الخالي عن صورة النزاع
)فظني( فيها ل قطعي لحتمال مخالفتها للمستقرإ) .ويسمى( هذا عند الفقهاء )إلحاق الفرد( النادر
ن باختلف الجزئيات ،فكلما كان الستقراء فيها أكثر كان أقوى )بالغلب( العم ،ويختلف فيه الظ ّ
ظنا.
)مسألة( :في الستصحاب وقد اشتهر أنه حجة عندنا دون الحنفية بأقسامه التية على خلف عندنا
في الخير منها ،وعند غيرنا في الولين أيضا) .الصح أن استصحاب العدم الصلي( :وهو نفي ما
نفاه العقل ولم يثبته الشرع كوجوب صوم رجب) .و( استصحاب )العموم أو النص و( استصحاب
)ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه( ،كثبوت الملك بالشراء )إلى ورود المغير( لها من إثبات
الشرع ما نفاه العقل ،ومن مخصص أو ناسخ أو سبب عدم ما دل الشرع على ثبوته أي :كل من
المذكورات )حجة( مطلقا فيعمل به إلى ورود المغير ،وقل ليس بحجة مطلقا ،وقيل الخير منها
حجة في الدفع به عما ثبت دون الرفع به لما ثبت كاستصحاب حياة المفقود قبل الحكم بموته ،فإنه
دافع للرث منه وليس برافع لعدم الرث من غيره للشك في حياته فل يثبت استصحابها له ملكا
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
جديدا ،إذ الصل عدمه ،وقيل هو حجة إن يعارضه ظاهر وإل قدم الظاهر ،وقيل فيه غير ذلك.
والصح الول فيقدم الصل على الظاهر) .إل إن عارضه ظاهر غالب ذو سبب ظن أنه أقوى( من
الصل) ،فيقدم( عليه )كبول وقع في ماء كثير فوجد متغيرا ،واحتمل تغيره به( وتغيره بغيره مما ل
يضر كطول المكث) .وقرب العهد( بعدم تغيره فإن استصحاب طهارته التي هي الصل عارضته
ل بالظاهر،ن أنها أقوى ،فقدمت على الطهارة عم ً
نجاسته الظاهرة الغالبة ذات السبب التي ظ ّ
بخلف ما لم يظن أنه أقوى بأن بعد العهد في المثال بعدم التغير قبل وقوع البول أو لم يكن عهد،
وتأخيري الغاية عن المذكورات أولى من تقديمه لها على الخير ،وذكر الخلف في الّولين مع
ن أنه أقوى من زيادتي) .و( الصح أنه )ل يحتج باستصحاب حال الجماع في التصريح بقولي ظ ّ
محل الخلف( :أي إذا أجمع على حكم في حال ثم اختلف فيه في حال آخر ،ففل يحتج باستصحاب
ذلك الحال في هذا الحال ،وقيل يحتج مثاله الخارج النجس من غير السبيلين ل ينقض الوضوء
عندنا استحصابا لما قبل الخروج من بقائه المجمع عليه.
)فالستصحاب( الشامل للنواع السابقة وينصرف السم إليه) ،ثبوت أمر في( الزمن )الثاني لثبوته
في الول لفقد ما يصلح للتغيير( من الول إلى الثاني ،فل زكاة عندنا فيما حال عليه الحول من
عشرين دينارا ناقصة تروج رواج الكاملة بالستصحاب )أما ثبوته( :أي المر )في الول( لثبوته
في الثاني )فـ(ـاستصحاب )مقلوب( كأن يقال في المكيال الموجود الن كان على عهده صلى ال
عليه وسّلم باستصحاب الحال في الماضي ،إذ الصل موافقة الماضي للحال والستدلل به خف ّ
ي
حتى قال السبكي :إنه لم يقل به الصحاب إل فيمن اشترى شيئا فادعاه غيره وأخذه بحجة مطلقة
ل باستصحاب الملك الذي ثبت الن فيما قبل ذلك ،لن البينة فيثبت له الرجوع بالثمن على البائع عم ً
ل توجد الملك ،بل تظهره ،فيجب أن يكون سابقا على إقامتها ويقدر له لحظة لطيفة ،ومن المحتمل
انتقال الملك من المشتري إلى المدعي ،ولكنهم استصحبوا مقلوبا وهو عدم النتقال منه على أن في
هذه الصورة وجها مشهورا بعدم الرجوع ،واعتمده البلقيني وقال :إنه الصواب المتعين ،والمذهب
الذي ل يجوز غيره) .وقد يقال فيه( :أي في الستصحاب المقلوب ليظهر الستدلل به لرجوعه في
المعنى إلى الستصحاب المستقيم )لو لم يكن الثابت اليوم ثابتا أمس لكان غير ثابت( أمس ،إذ ل
واسطة بين الثبوت وعدمه )فيقضي استصحاب أمس( الخالي عن الثبوت فيه) ،بأنه اليوم غير ثابت
وليس كذلك( ،لنه مفروض الثبوت اليوم )فدل( ذلك )علىأنه ثابت( أمس أيضا.
)
مسألة :المختار أن النافي( لشيء )يطالب بدليل( على انتفاء )إن لم يعلم النفي( :أي انتفاء الشيء
)ضرورة( بأن علم نظرا أو ظن لن غير الضروري قد يشتبه فيطلب دليله لينظر فيه ،وقيل ل
يطالب به ،وقيل يطالب به في العقليات ل الشرعيات) .وإل( :أي وإن علم انتفاؤه ضرورة) ،فل(
ي ل يشتبه حتى يطلب دليله لينظر فيه ،وتعبيري بما ذكر يطالب بدليل على انتفائه لن الضرور ّ
أولى مما عبر به كما بينته في الحاشية) .و( المختار )أنه ل يجب الخذ بالخف ول بالثقل( في
شيء ،بل يجوز كل منهما لن الصل عدم الوجوب ،وقيل يجب الخذ بالخف لقوله تعالى} :يريد
ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر{ وقيل :يجب الخذ بالثقل لنه أكثر ثوابا وأحوط ،والترجيح من
زيادتي ،وتقدم في الجماع ما يؤخذ منه أنه يجب الخذ بأقل ما قيل.
)مسألة :المختار( :كماقال ابن الحاجب وغيره) :أنه صلى ال عليه وسّلم كان متعبدا( بفتح الباء
وكسرها أي :مكلفا ومكلفا نفسه بالعبادة) .قبل البعثة بشرع( ،لما في الخبار من أنه كان يتعبد كان
يصلي كان يطوف .وتلك أعمال شرعية يعلم ممن مارسها قصد موافقة أمر الشرع ،ول يتصّور من
غير تعبد فإن العقل بمجرده ل يحسنه ،وقيل لم يكن متعبدا وقيل بالوقف وهو ما اختاره الصل،
)و(المختار )الوقف عن تعيينه( أي تعيين الشرع بتعيين من نسب إليه ،وقيل هو آدم ،وقيل نوح،
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ي) .و( المختار وقيل إبراهيم ،وقيل موسى ،وقيل عيسى ،وقيل ما ثبت أنه شرع من غير تعيين لنب ّ
)بعدها( :أي بعد البعثة )المنع( من تعبده بشرع من قبله ،لن له شرعا يخصه ،وقيل تعبد بما لم
ينسخ من شرع من قبله أي :ولم يرد فيه وحي له استصحابا لتعبده به قبل البعثة) .و( المختار بعد
البعثة )أن أصل المنافع الحل المضاّر التحريم( قال تعالى} :خلق لكم ما في الرض جميعا{ ذكره
ضَرار«.ضَرَر ول ِ ن إل بالجائر .وقال صلى ال عليه وسّلم» :ل َ في معرض المتنان ول يمت ّ
رواه ابن ماجة وغيره ،وزاد الطبراني »في السلم« وقيل :الصل في الشياء الحل ،وقيل الصل
فيها التحريم ،أما حكم المنافع والمضاّر قبل البعثة فتقدم أوائل الكتاب حيث قيل ل حكم قبل الشرع
بل المر موقوف إلى وروده.
ل( :إذ ل دليل يدل عليه وقيل هو دليل لقوله تعالى:)مسألة :المختار أن الستحسان ليس دلي ً
}واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم{ قلنا المراد بالحسن الظهر والولى ل الستحسان) .وفسر بدليل
ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته ورّد بأنه( :أي هذا الدليل )إن تحقق( بفتح التاء عند
المجتهد )فمعتبر( ،ول يضّر قصور عبارته عنه قطعا ،وإن لم يتحقق عنده فمردود قطعا) .و( فسر
أيضا )بعدول عن قياس إلى( قياس )أقوى( منه) ،ول خلف فيه( بهذا المعنى ،إذ أقوى القياسين
مقدم على الخر قطعا) .أو( بعدول )عن الدليل إلى العادة( لمصلحة ،كدخول الحمام بل تعيين أجرة
وزمن مكث فيه وقدر ماء وكشرب الماء من السقاء بل تعيين قدره مع اختلف أحوال الناس في
استعمال الماء) .ورّد بأنه إن ثبت أنها( :أي العادة )حق( لجريانها في زمنه صلى ال عليه وسّلم ،أو
بعده بل إنكار ول من الئمة) .فقد قام دليلها( من السنة أو الجماع فيعمل بها قطعا) .وإل( أي وإن
لم يثبت حقيتها )رّدت( قطعا فلم يتحقق بما ذكر استحسان مختلف فيه) .فإن تحقق استحسان مختلف
فيه فمن قال به فقد شرع( ،بالتخفيف .وقيل بالتشديد أي وضع شرعا من قتل نفسه وليس له ذلك
لنه كفر أو كبيرة) .وليس منه( :أي من الستحسان المختلف فيه أن تحقق )استحسان الشافعي
التحليف بالمصحف والخط في الكتابة( لشيء من نجومها) .ونحوهما( كاستحسانه في المتعة ثلثين
درهما ،وإنما قال ذلك لدلة فقهية مبينة في محالها ،ول ينكر التعبير به عن حكم ثبت بدليل.
)مسألة :قول الصحابي( :المجتهد )غير حجة على( صحابي )آخر وفاقا و( على )غيره( وكتابعي
)في الصح( ،لن قول الصحابي ليس حجة في نفسه ،والحتجاج به في الحكم التعبدي من حيث
إنه من قبيل المرفوع لظهور أن مستنده فيه التوقيف ل من حيث إنه قول صحابي ،وقيل قوله على
غير الصحابي حجة فوق القياس حتى يقدم عليه عند التعارض ،وقيل حجة دون القياس فيقدم القياس
عليه ،وقيل حجة إن انتشر من غير ظهور مخالف له ،لكنه حينئذ إجماع سكوتي ،فاحتجاج الفقهاء
به من حيث إنه إجماع سكوتي ل من حيث إنه قول صحابي ،كما لو وقع من مجتهد غير صحابي
قول باجتهاد وسكت عليه الباقون ،وقيل حجة إن خالف القياس ،وقيل قول الشيخين أبي بكر وعمر
حجة بخلف غيرهما ،وقيل غير ذلك .وعلى القول بأنه حجة لو اختلف صحابيان في مسألة
فقولهما كدليلين فيرجح أحدهما بمرجح) .والصح( ما عليه المحققون )أنه( :أي الصحابي )ل
يقلد( بفتح اللم أي :ليس لغيره أن يقلده لنه ل يوثق بمذهبه ،إذ لم يدّون بخلف مذهب غيره من
الئمة الربعة وقيل يقلد بناء على جواز النتقال في المذاهب والتصريح بالترجيح من زيادتي) .أما
وفاق الشافعي زيدا في الفرائض( حتى تردد حيث ترّدد )فلدليل ل تقليدا( لزيد بأن وافق اجتهاده
اجتهاده.
)مسألة :الصح أن اللهام وهو( لغة إيقاع شيء في القلب )يطمئن له الصدر يخص به ال( تعالى
)بعض أصفيائه غير حجة( إن ظهر )من غير معصوم( ،لعدم الثقة بخواطره لنه ل يأمن دسيسة
ي صلى ال الشيطان فيها .وقيل :هو حجة في حقه فقط وقيل لدلة ل تجدي ،أما من المعصوم كالنب ّ
عليه وسّلم فهو حجة في حقه وحق غيره إذا تعلق بهم كالوحي.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
خاتمة :للستدلل
)مبنى الفقه على( أربعة أمور ،وإن لم يرجع أكثره إليها إل بتكلف) .أن اليقين ل يرفع( من حيث
استصحاب حكمه )بالشك( ،بمعنى مطلق التردد ،ومن مسائله من تيقن الطهر وشك في الحدث يأخذ
بالطهر) ،و( أن )الضرر يزال( وجوبا ،ومن مسائله وجوب رّد المغصوب وضمانه بالتلف) .و( أن
)المشقة تجلب التيسير( ،ومن مسائله جواز القصر والجمع والفطر في السفر بشرطه) .و( أن
)العادة محكمة( بفتح الكاف المشددة ،أي :المعمول بها شرعا ،ومن مسائله أقل الحيض وأكثره،
وزاد بعضهم على الربعة أن المور بمقاصدها ،ومن مسائله وجوب النية في الطهر ،ورجعه
صاحب الصل في قواعده إلى الول ،فإن الشيء إذا لم يقصد اليقين عدم حصوله.
بين الدلة عند تعارضها وسيأتي بيانهما) ،يمتنع تعادل قاطعين( :أي تقابلهما بأن يدل كل منهما
على منافي ما يدل عليه الخر إذ لو جاز ذلك لثبت مدلولهما ،فيجتمع المتنافيات فل وجود لقاطعين
متنافيين عقليين أو نقليين أو عقلي ونقلي ،والكلم في النقليين حيث ل نسخ كما يعلم مما سيأتي.
)ل( تعادل )قطعي وظني نقليين( .فل يمتنع لبقاء دللتيهما ،وإن انتفى الظن عند القطع بالنقيض
لتقدم القطعي حينئذ ،وخرج بالنقليين غيرهما ،كأن ظن أن زيدا في الدار لكون مركبه وخدمه ببابها
ثم شوهد خارجها ،فيمتنع تعادلهما لنتفاء دللة الظني حينئذ ،وعليه يحمل قول ابن الحاجب :ل
تعارض بين قطعي وظني) .وكذا أمارتان( :ل يمتنع تعادلهما ولو بل مرجح لحداهما) .في الواقع
في الصح( :إذ لو امتنع لكان لدليل والصل عدمه ،وهذا ما عليه ابن الحاجب تبعا للجمهور ،وإن
لم يصرحوا بقيد الواقع ،وقيل يمتنع بل مرجح ورجحه الصل حذرا من التعارض في كلم
الشارع ،وأجاب الول :بأنه ل محذور في ذلك ،أما تعارضهما في ذهن المجتهد فواقع قطعا وهو
منشأ ترّدده ،وعلى الول )فإن تعادلتا( ول مرجح )فالمختار التساقط( ،كما في تعارض البينتين،
وقيل يخير بينهما في العمل ،وقيل يوقف عن العمل بواحدة منهما ،وقيل يخير بينهما في الواجبات
ويتساقطان في غيرها ،والترجيح من زيادتي) .وإن نقل عن مجتهد قولن فإن تعاقبا فالمتأخر(
منهما )قوله( المستمر والمتقدم مرجوع عنه) .وإل( :أي وإن لم يتعاقبا بأن قالهما معا) ،فما( أي
فقوله المستمر منهما ما )ذكر فيه( المجتهد )مشعرا بترجيحه( على الخر كقوله :هذا أشبه
وكتفريعه عليه) ،وإل( :أي وإن لم يذكر ذلك )فهو مترّدد( بينهما فل ينسب إليه ترجيح أحدهما،
وفي معنى ذلك ما لو جهل تعاقبهما أو علم وجهل المتأخر أو نسي) .ووقع( هذا التردد )للشافعي(
رضي ال عنه )في بضعة عشر مكانا( ستة عشر أو سبعة عشر ،كما تردد فيه القاضي أبو حامد
المروروذي.
)ثم قيل( :أي قال الشيخ أبو حامد السفرايني في ترجيح أحد قولي الشافعي المتردد بينهما) .مخالف
أبي حنيفة( منهما )أرجح من موافقة( ،فإن الشافعي إما خالفه لدليل) .وقيل عكسه( :أي موافقه
أرجح وهو قول القفال ،وصححه النووي لقّوته بتعدد قائله ،ورّد بأن القوة إنما تنشأ من الدليل فلذلك
قلت كالصل) .والصح الترجيح بالنظر( فما اقتضى ترجيحه منهما فهو الراجح) ،فإن وقف( عن
الترجيح )فالوقف( عن الحكم برجحان واحد منهما) ،وإن لم يعرف للمجتهد قول في مسألة لكن(
ح( :أي خرجه يعرف له قول )في نظيرها فهو( أي قوله في نظيرها) .قوله المخرج فيها في الص ّ
ل له فيها لحتمال أن يذكر فرقا بين المسألتين لو الصحاب فيها إلحاقا لها بنظيرها ،وقيل ليس قو ً
روجع في ذلك) .والصح( على الول )ل ينسب( القول فيها )إليه مطلقا بل( ينسب إليه )مقيدا( بأنه
مخرج حتى ل يلتبس بالمنصوص ،وقيل :ل حاجة إلى تقييده لنه جعل قوله) :ومن معارضة ن ّ
ص
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ص في نظير المسألة )تنشأ الطرق( :وهي اختلف الصحاب في نقل المذهب آخر للنظير( :أي لن ّ
في المسألتين ،فمنهم من يقّرر النصين فيهما ،ويفرق بينهما ،ومنهم من يخرج نص كل منهما في
الخرى فيحكي في كل قولين منصوصا ومخرجا ،وعلى هذا فتارة يرجح في كل منهما نصها
ويفرق بينهما ،وتارة يرجح في أحدهما نصها ،وفي الخرى المخرج ،ويذكر ما يرجحه على
نصها.
)والترجيح تقوية أحد الدليلين( بوجه من وجه الترجيح التي بعضها ،فيكون راجحا وتعبيري
بالدليلين أولى من تعبيره بالطريقين) .والعمل بالراجح واجب( .وبالمرجوح ممتنع سواء أكان
الرجحان قطعيا أم ظنيا )في الصح( .وقيل :ل يجب إن كان الرجحان ظنيا فل يعمل بواحد منهما
لفقد المرجح القطعي ،وقيل يخير بينهما في العمل إن كان الرجحان ظنيا) .ول ترجيح في
القطعيات( .إذ ل تعارض بينها ،وإل لجتمع المتنافيان كما مر ،وكذا ل ترجيح في القطعي مع
الظني غير النقليين أخذا مما مر )والمتأخر( من النصين المتعارضين )ناسخ( للمتقدم منهما إن قبل
النسخ آيتين كانا أو خبرين أو آية وخبرا) .وإن نقل( المتأخر )بالحاد( ،فإنه ناسخ فيعمل به لن
دوامه بأن ل يعارض مظنون ،ولبعضهم احتمال بالمنع ،لن الجواز يؤدي إلى إسقاط المتواتر
ح أن العمل بالمتعارضين ولو من وجه( أو كان أحدهما سنة بالحاد في بعض الصور) .والص ّ
والخر كتابا) .أولى من إلغاء أحدهما( بترجيح الخر عليه ،وقيل ل فيصار إلى الترجيح مثاله
خبر» :أيما إهاب دبغ فقد طهر« مع خبر »ل تنتفعوا من الميتة بإهاب ول عصب« الشامل للهاب
المدبوغ وغيره ،فحملناه على غير المدبوغ الخاص به عند كثير جمعا بين الدليلين ،وتقدم بيان بسط
الحمل في آخر مبحث التخصيص )و( الصح )أنه ل يقدم( في ذلك )الكتاب على السنة ول عكسه(:
أي ول السنة على الكتاب ،وقيل يقدم الكتاب لخبر معاذ المشتمل على أنه يقضي كتاب ال ،فإن لم
يجد فبسنة رسول ال ورضى رسول ال بذلك ،وقيل يقدم السنة لقوله تعالى} :لتبين للناس{ مثاله
قوله صلى ال عليه وسّلم في البحر» :هو الطهور ماؤه الحل ميتته« مع قوله تعالى} :قل ل أجد
ي محرما{ إلى قوله} :أو لحم خنزير{ وكل منهما يشمل خنزير البحر ،فحملنا الية فيما أوحي إل ّ
على خنزير البر المتبادر إلى الذهان جمعا بين الدليلين) .فإن تعذر العمل( بالمتعارضين بأن لم
يمكن بينهما جمع) ،فإن
علم المتأخر( منهما في الواقع :ولم ينس )فناسخ( للمتقدم منهما) ،وإل( أي :وإن لم يعلم ذلك بأن
تقارنا أو جهل التأخر أو المتأخر أو علم ونسي) .رجع إلى مرجح فإن تعذر فإن لم يتقارنا وقبل
النسخ طلب( الناظر )غيرهما( لتعذر العمل بواحد منهما ،فإن لم يجد غيرهما توقف) ،وإل( بأن
تقارنا ولم يقبل النسخ )يخير( الناظر بينهما في العمل )إن تعذر الترجيح( ،فإن لم يتعذر طلب
مرجحا والتقييد بقبول النسخ في صورتي جهل المتأخر ونسيانه من زيادتي.
)مسألة :يرجح بكثرة الدلة و( بكثرة )الرواة في الصح( ،لن كثرة كل منهما تفيد القوة ،وقيل ل
كالبينتين ،وفرق بأن مقصود الشهادة فصل الخصومة لئل تطول فضبطت بنصاب خاص بخلف
الدليل ،فإن مقصوده ظن الحكم والمجتهد في مهلة النظر ،وكلما كان الظن أقوى كان اعتباره أولى.
ي صلى ال عليه وسّلم )وبعلو السناد( في الخبار أي :قلة الوسائط بين الراوي للمجتهد ،وبين النب ّ
)وفقه الراوي ولغته ونحوه( لقلة احتمال الخطأ مع واحد من الربعة بالنسبة إلى مقابلتها) .وورعه
وضبطه وفطنته وإن روى( الخبر )المرجوح باللفظ( :والراجح بواحد مما ذكر بالمعنى )ويقظته
وعدم بدعته وشهرة عدالته( لشدة الوثوق به مع واحد من الستة بالنسبة إلى مقابلتها) .وكونه
مزكى بالختبار( من المجتهد ،فيرجح على المزكى عنده بالخبار لن العيان أقوى من الخبر) .أو(
كونه )أكثر مزكين ومعروف النسب قيل ومشهوره( لشدة الوثوق به والشهرة زيادة في المعرفة.
والصح ل ترجيح بها .وقال الزركشي :القوى الول لن من ليس مشهور النسب قد يشاركه
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ضعيف في السم) ،وصريح التزكية على الحكم بشهادته والعمل بروايته( ،فيرجح خبر من صّرح
بتزكيته على خبر من حكم بشهادته ،وخبر من عمل بروايته في الجملة ،لن الحكم والعمل قد يبنيان
على الظاهر بل تزكية) .وحفظ المروي( فيرحجح مروي الحافظ له على مروي غيره الراوي له
بنحو تلقين لعتناء الول بمرويه) .وذكر السبب( فيرجح الخبر المشتمل على سببه على ما لم
يشتمل عليه لهتمام راوي الول به ،ومحله في الخاصين بقرينة ما يأتي في العامين) .والتعويل
على الحفظ دون الكتابة( ،فيرجح خبر المعّول على الحفظ فيما يرويه على خبر المعّول على الكتابة
لحتمال أن يزاد في كتابه أو ينص منه ،واحتمال النسيان والشتباه في الحافظ كالعدم) .وظهور
طريق روايته( ،كالسماع بالنسبة إلى الجازة ،فيرجح المسموع على المجاز ،وقد مّر بيان طرق
الرواية ومراتبها آخر الكتاب
الثاني) .وسماعه بل حجاب( ويرجح المسموع بل حجاب على المسموع من وراء حجاب لمن
الول من تطرق الخلل في الثاني) .وكونه ذكرا وحرا في الصح( فيهما فيرجح خبر كل منهما
على خبر غيره ،لن الذكر أضبط من غيره في الجملة والحر لشرف منصبه يحترز عما ل يحترز
ن أضبط فيها، ن ،لنه ّ
عنه غيره ،وقيل :يرجح خبر الذكر في غير أحكام النساء بخلف أحكامه ّ
وقيل ل ترجيح بالذكورية ول بالحرية ،وصّوبه الزركشي في الولى والبرماوي فيهما .ونقله عن
ابن السمعاني فيهما ،ونقل عن غيره التفاق عليه في الولى وذكر الخلف في الثانية من زيادتي.
)و( كونه )من أكابر الصحابة( :أي رؤسائهم فيرجح خبر أحدهم على خبر غيره لشدة ديانتهم
وقربهم مجلسا من النبّيصلى ال عليه وسّلم ) ،و( كونه )متأخر السلم( فيرجح خبره على خبر
متقدم السلم) ،في الصح( لظهور تأخر خبره ،وقيل عكسه لن متقدم السلم لصالته فيه أشد
ل بعد التكليف( .ولو حال الكفر لنه أضبط من المتحمل قبل تحرزا من متأخره) .و( كونه )متحم ً
التكليف) .وغير مدلس( ،لن الوثوق به أقوى منه بالمدلس المقبول ،وتقدم بيانه في الكتاب الثاني.
)وغير ذي اسمين( لن صاحبهما يتطرق إليه الخلل بأن يشاركه ضعيف في أحدهما) .ومباشرا(
ل منهما أعرف بالحال من غيره ،فالّول كخبر الترمذي لمرويه )وصاحب الواقعة( المروية ،لن ك ً
ل قال :وكنت الرسول بينهما« مع خبر عن أبي رافع» :أنه صلى ال عليه وسّلم تزوج ميمونة حل ً
الصحيحين عن ابن عباس» :أنه صلى ال عليه وسّلم تزّوج ميمونة وهو محرم« .والثاني كخبر
ي صلى ال عليه وسّلم ونحن حللن بسرف« مع خبر ابن أبي داود» :عن ميمونة تزّوجني النب ّ
عباس المذكور) .وراويا باللفظ( لسلمة المروي باللفظ من تطرق الخلل في المروي بالمعنى) ،و(
كون الخبر )لم ينكره( الراوي )الصل( ،فيرجح خبر الفرع الذي لم ينكره أصله بأن قال :ما رويته
لن الظن الحاصل من الول أقوى ،وتعبيري بما
و( كونه )في الصحيحين( :أو في أحدهما ،لنه أقوى من الصحيح في غيرهما ،وإن كان على
شرطهما لتلقي المة لهما بالقبول) .والقول فالفعل فالتقرير( فيرجح الخبر الناقل ،لقول النبي على
الناقل لفعله والناقل لفعله على الناقل لتقريره ،لن القول أقوى في الدللة على التشريع من الفعل
لن الفعل محتمل للتخصيص به صلى ال عليه وسّلم ،وهو أقوى من التقرير لنه وجودي محض،
والتقرير محتمل لما ل يحتمله الفعل) .ويرجح الفصيح( على غيره لتطرق الخلل إلى غيره باحتمال
أن يكون مرويا بالمعنى) ،وكذا زائد الفصاحة( على الفصيح )في قول( مرجوح ،لنه صلى ال
عليه وسّلم أفصح العرب فيبعد نطقه بغير الفصح فيكون مرويا بالمعنى فيتطرق إليه الخلل،
والصح ل لنه صلى ال عليه وسّلم ينطق بالفصح والفصيح ،ل سيما إذا خاطب به من ل يعرف
غيره ،وقد كان يخاطب العرب بلغاتهم) .و( يرجح )المشتمل على زيادة( على غيره )في الصح(
لما فيه من زيادة العلم ،وقيل يرجح القل ،وبه أخذ الحنفية لتفاق الدليلين عليه كخبر التكبير في
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
العيد سبعا مع خبر التكبير فيه أربعا رواهما أبو داود .والولىمنه عندهم للفتتاح وذكر الخلف
في هذه من زيادتي) .والوارد بلغة قريش( :لن الوارد بغيرها يحتمل أن يكون مرويا بالمعنى
فيتطرق إليه الخلل) .والمدني( على المكي لتأخره عنه ،والمدني ما ورد بعد الهجرة والمكي قبلها،
وهذا أولى من القول بأن المدني ما نزل بالمدينة ،والمكي ما نزل بمكة) .والمشعر بعلّو شأن النبي
صلى ال عليه وسّلم( لتأخره عما لم يشعر بذلك ) .وما( ذكر )فيه الحكم مع العلة( على ما فيه
الحكم فقط ،لن الول أقوى في الهتمام بالحكم من الثاني كخبر البخاري» :من بّدل دينه فاقتلوه«
مع خبر الصحيحين» :أنه صلى ال عليه وسّلم نهى عن قتل النساء والصبيان« .نيط الحكم في
الول بوصف الرّدة
)وما قدم فيه ذكرها عليه( أي ذكر العلة على الحكم على عكسه )في الصح( ،لنه أدل على ارتباط
الحكم بالعلة من عكسه ،وقيل عكسه لن الحكم إذا تقدم تطلب نفس السامع العلة ،فإذا سمعتها ركنت
ولم تطلب غيرها ،والوصف إذا تقدم تطلب النفس الحكم فإذا سمعته قد تكتفي في علته بالوصف
المتقدم إذا كان شديد المناسبة كما في }والسارق{ الية .وقد ل تكتفي به بل تطلب علة غيره كما
في} :إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا{ الية .فيقال تعظيما للمعبود) .وما فيه تهديد أو تأكيد( على
الخالي عن ذلك ،فالول كخبر البخاري عن عمار» :من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى
ال عليه وسّلم« .فيرجح على الخبار المرغبة في صوم النفل والثاني كخبر أبي داود» :أيما امرأة
نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل« مع خبر مسلم» :اليم
أحق بنفسها من وليها«) .والعام( عموما )مطلقا على( العام )ذي السبب إل في السبب( ،لن الثاني
باحتمال إرادة قصره على السبب كما قيل بذلك دون المطلق في القّوة إل في صورة السبب فهو فيها
ي( كمن وما الشرطيتين )على النكرة أقوى لنها قطعية الدخول على الصح كما مر) .والعام الشرط ّ
المنفية في الصح( ،لفادته التعليل دونها ،وقيل العكس لبعد التخصيص فيها بقّوة عمومها دونه،
ويؤخذ من ذلك ترجيح النكرة الواقعة في سياق الشرط على الواقعة في سياق النفي) .وهي على
الباقي( من صيغ العموم كالمعّرف باللم أو الضافة لنها أقوى منه في العموم ،لنها تدل عليه
بالوضع في الصح كما مّر ،وهو إنما يدل عليه بالقرينة اتفاقا) .والجمع المعّرف( باللم أو
الضافة) .على من وما( غير الشرطيتين كالستفهاميتين ،لنه أقوى منهما في العموم لمتناع أن
يخص إلى الواحد دونهما على الصح في كل منهما كما مّر.
)وكلها( أي الجمع المعرف ومن وما )على الجنس المعرف( باللم أو الضافة لحتماله العهد
بخلف من وما فل يحتملنه ،وبخلف الجمع المعّرف فيبعد احتماله له) .وما لم يخص( على ما
خص لضعف الثاني بالخلف في حجيته بخلف الول ،ولن الثاني مجاز ،والول حقيقة وهي
ي الهندي ،وعندي عكسه لن ما خص من العام هو الغالب مقدمة عليه قطعا .وقال :الصل كالصف ّ
والغالب أولى من غيره) .والقل تخصيصا( على الكثر تخصيصا لن الضعف في القل دونه في
الكثر) .والقتضاء فاليماء فالشارة( ،لن المدلول عليه بالول مقصود يتوقف عليه الصدق أو
الصحة ،وبالثاني مقصود ل يتوقف عليه ذلك ،وبالثالث غير مقصود كما علم ذلك من محله ،فيكون
كل منها أقوى دللة مما بعده ،وترجيح الثاني على الثالث من زيادتي) .ويرجحان( :أي اليماء
والشارة )على المفهومين( :أي الموافقة والمخالفة ،لن دللة الولين في محل النطق بخلف
المفهومين) ،وكذا الموافقة على المخالفة( في الصح لضعف الثاني بالخلف في حجيته بخلف
الول ،وقيل عكسه لن الثاني يفيد تأسيسا بخلف الول) ،و( كذا )الناقل عن الصل( :أي البراءة
الصلية على المقرر له في الصح ،لن الول فيه زيادة على الصل بخلف الثاني ،وقيل عكسه
بأن يقّدر تأخر المقرر للصل ليفيد تأسيسا كما أفاده الناقل فيكون ناسخا له مثال ذلك خبر الترمذي:
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
س َذَكَرُه فليتوضأ« مع خبره» :أنه صلى ال عليه وسّلم سأله رجل مس ذكره أعليه وضوءنم ّ»َم ْ
قال ل إنما هو بضعة منك«) .و(كذا )المثبت( على النافي )في الصح( ،لما مّر ،وقيل عكسه ،وقيل
هما سواء وقيل غير ذلك) ،والخبر( المتضمن للتكليف على النشاء لن الطلب به لتحقق وقوع
معناه أقوى من النشاء ،فإن اتفق الدليلن خبرا أو إنشاء )فالحظر( على اليجاب لنه لدفع المفسدة
واليجاب لجلب المصلحة والعتناء بدفع المفسدة أشد) ،فاليجاب( على الكراهة
للحتياط) ،فالكراهة( على الندب لدفع اللوم )فالندب( على الباحة للحتياط بالطلب )فالباحة في
الصح في بعضها( وهو تقديم كل من الحظر واليجاب والندب على الباحة ،وقيل العكس في
الثلث لعتضاد الباحة بالصل ،وقيل هما سواء في الولى والقياس مجيئه في الباقيتين ،ويحتمل
خلفه ،وذكر الخلف في الثانية مع تقديم اليجاب على الكراهة من زيادتي) .و( الخبر )المعقول
معناه( على ما لم يعقل معناه لن الول أدعى للنقياد وأفيد بالقياس عليه) .وكذا نافي العقوبة( هو
أعم من قوله :ونافي الحد على الموجب لها في الصح لما في الول من اليسر وعدم الحرج
الموافق لقوله تعالى} :يريد ال بكم اليسر{} ،ما جعل عليكم في الدين من حرج{ وقيل :عكسه لفادة
الموجب التأسيس بخلف النافي) .و( كذا الحكم )الوضعي( أي مثبته )على( مثبت )التكليفي في
الصح( ،لن الول ل يتوقف على الفهم والتمكن من الفعل بخلف الثاني وقيل عكسه لترتب
ل آخر( على ما لم يوافقه ،لن الظن الثواب على التكليفي دون الوضعي) .و( الدليل )الموافق دلي ً
ل أو صحابيا أو أهل المدينة أو الكثر( من العلماء على ما في الموافق أقوى) .وكذا( الموافق )مرس ً
لم يوافق واحد مما ذكر )في الصح( لذلك .وقيل ل يرجح بواحد من ذلك لنه ليس بحجة ،وقيل
إنما يرجح بموافق الصحابي إن كان الصحابي قد ميزه نص فيما فيه الموافقة من أبواب الفقه كزيد
في الفرائض ،وقيل غير ذلك.
)ويرجح( كما قال الشافعي فيما إذا وافق كل من الدليلين صحابيا ،وقد ميز النص أحد الصحابيين
ي(
ي( فيها )ومعاذ في أحكام غير الفرائض فعل ّ فيما ذكر) .موافق زيد في الفرائض فمعاذ( فيها )فعل ّ
في تلك الحكام ،فالمتعارضان في مسألة في الفرائض يرجح منهما الموافق لزيد ،فإن لم يكن له
ي ،والمتعارضان في مسألة في غير فيها قول فالموافق لمعاذ ،فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعل ّ
ي ،وذلك لخبر: الفرائض يرجح منهما الموافق لمعاذ ،فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعل ّ
ي« فقوله أفرضكم زيد على عمومه. »أفرضكم زيد ،وعلمكم بالحلل والحرام معاذ ،وأقضاكم عل ّ
ي واللفظ فيوقوله :وأعلمكم بالحلل والحرام معاذ يعني في غير الفرائض وكذا قوله :وأقضاكم عل ّ
معاذ أصرح منه في علي فقدم عليه مطلقا) .والجماع على النص( لنه يؤمن فيه النسخ بخلف
النص) .وإجماع السابقين( على إجماع غيرهم فيرجح إجماع الصحابة على إجماع من بعدهم من
التابعين وغيرهم ،وإجماع التابعين على إجماع من بعدهم ،وهكذا لشرف السابقين لقربهم من النبي
صلى ال عليه وسّلم ولخبر» :خير القرون قرني ثم الذين يلونهم« .وتعبيري كالبرماوي بالسابقين
أعم من تعبير الصل بالصحابة) .وإجماع الكل( الشامل للعوام( على ما خالف فيه العوام( ،لضعف
الثاني بالخلف في حجيته على ما حكاه المدي) .و( الجماع )المنقرض عصره على غيره(
لضعف الثاني بالخلف في حجتيه) .وكذا ما( أي الجماع الذي )لم يسبق بخلف( على غيره )في
الصح( لذلك ،وقيل عكسه لزيادة اطلع المجمعين في الثاني على المآخذ ،وقيل هما سواء.
)والصح تساوي المتواترين من كتاب وسنة( .وقيل :يرجح الكتاب عليها لنه أشرف منها ،وقيل
ترجح السنة عليه لقوله تعالى} :لتبين للناس ما نزل إليهم{ أما المتواتران من السنة فمتساويان قطعا
كاليتين) .ويرجح القياس( على قياس آخر )بقّوة دليل حكم الصل( ،كأن يدل في أحد القياسين
بالمنطوق ،وفي الخر بالمفهوم ،أو
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
يكون في أحدهما قطعيا ،وفي الخر ظنيا لقوة الظن بقوة الدليل) .وكونه( :أي القياس )على سنن
القياس أي فرعه من جنس أصله( فيرجح على قياس ليس كذلك ،لن الجنس بالجنس أشبه فقياسنا
ما دون أرش الموضحة على أرشها حتى تحمله العاقلة مقدم على قياس الحنفية له على غرامات
ل بأن علل بها) .على ذات أصل( في الموال حتى ل تتحمله) .وكذا( ترجح علة )ذات أصلين( مث ً
الصح ،وقيل ل كالخلف في الترجيح بكثرة الدلة مثاله وجوب الضمان بيد المستام عللناه بأنه
أخذ العين لغرضه بل استحقاق ،كما علل به وجوب الضمان بيد الغاصب ويد المستعير ،وعلله
الحنفية بأنه أخذها ليتملكها ولم يعلل به نظير ذلك) .و( كذا ترجح علة )ذاتية( للمحل كالطعم
والسكار) .علي( علة )حكمية( ،كالحرمة والنجاسة في الصح ،لن الذاتية ألزم ،وقيل عكسه لن
الحكم بالحكم أشبه) .و( كذا )كونها أقل أوصافا في الصح( ،لن القليلة أسلم وقيل عكسه لن
الكثيرة أكثر شبها) .و( ترجح )المقتضية احتياطا في فرض( ،لنها أنسب به مما ل تقتضيه ،وذكر
الفرض لنه محل الحتياط ،إذ ل يحتاط في الندب وإن احتيط به كما مّر ،هذا مع أن الحتياط قد
ن له غسلة يجري في غير الفرض ،كما إذا شك هل غسل وجهه في الوضوء ثلثا أو اثنتين فإنه يس ّ
أخرى وإن احتمل كونها رابعة احتياطا) .وعامة الصل( بأن يوجد في جميع جزئياته ،لنها أكثر
ل قليله وكثيره،فائدة مما ل يعم كالطعم الذي هو علة عندنا في باب الربا ،فإنه موجود في البر مث ً
بخلف القوت الذي هو علة عند الحنفية فل يوجد في قليله ،فجوزوا بيع الحفنة منه بالحفنتين) .و(
ترجح العلة )المتفق على تعليل أصلها( المأخوذة منه لضعف مقابلها بالخلف فيه) .و( العلة
)الموافقة لصول( شرعية )على الموافقة لواحد( ،لن الولى أقوى بكثرة ما يشهد لها) .وكذا(
ترجح العلة )الموافقة لعلة أخرى( في الصح ،وقيل ل كالخلف في الترجيح بكثرة الدلة والترجيح
من زيادتي )وما( أي:
وكذا القياس الذي )ثبتت علته بإجماع فنص قطعيين فظنيين( :أي بإجماع قطعي فنص قطعي
فإجماع ظني فنص ظني )في الصح( ،لن النص يقبل النسخ بخلف الجماع وقيل عكسه ،لن
النص أصل للجماع لن حجيته إنما ثبتت به) .فإيماء فسبر فمناسبة فشبه فدوران وقيل دوران
فمناسبة( ،وما قبلها وما بعدها كما مر ،فكل من المعطوفات دون ما قبله ،ورجحان كل من اليماء،
والمناسبة على ما يليه ظاهر من تعاريفها السابقة ،ورجحان السير على المناسبة بما فيه من إبطال
ما ل يصلح للعلية والشبه على الدوران بقربه من المناسبة ،ومن رجح الدوران عليها قال :لنه يفيد
اطراد العلة وانعكاسها بخلف المناسبة ،ورجحان الدوران أو الشبه على بقية المسالك يؤخذ من
تعاريفها ،وما ذكر هنا يغني عما صرح به الصل من الترجيح بالقطع بالعلة أو الظن الغلب،
ويكون مسلكها أقوى )و( يرجح )قياس المعنى على( قياس )الدللة( لشتمال الول على المعنى
المناسب ،والثاني على لزمه أو أثره أو حكمه كما علم ذلك في مبحث الطرد ،وفي خاتمة القياس.
)وكذا( يرجح )غير المركب عليه( :أي على المركب )في الصح إن قبل( :أي المركب لضعفه
بالخلف في قبوله المذكور في مبحث حكم الصل ،وقيل عكسه لقوة المركب باتفاق الخصمين على
حكم الصل فيه) .و( يرجح )الوصف الحقيقي فالعرفي فالشرعي( :لن الحقيقي ل يتوقف على
شيء بخلف العرفي والعرفي متفق عليه بخلف الشرعي كما مر) .الوجودي( مما ذكر) .فالعدمي
قطعا البسيط( منه )فالمركب في الصح( لضعف العدمي والمركب بالخلف فيهما ،وقيل المركب
فالبسيط ،وقيل هما سواء وذكر الخلف من زيادتي.
)
والباعثة على المارة( لظهور مناسبة الباعثة و)المطردة المنعكسة( على المطردة فقط لضعف
الثانية بالخلف فيها) .فالمطردة( فقط )على المنعكسة( فقط ،لن ضعف الثانية بعدم الطراد أشّد
من ضعف الولى بعدم النعكاس) .وكذا( ترجح )المتعدية( على القاصرة في الصح لنها أفيد
باللحاق بها ،وقيل عكسه ،لن الخطأ في القاصرة أقل ،وقيل هما سواء لتساويهما فيما ينفردان به
من اللحاق في المتعدية وعدمه في القاصرة) .و( كذا يرجح )الكثر فروعا( من المتعديتين على
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
القل فروعا )في الصح( .وقيل عكسه كما في المتعدية والقاصرة ول يأتي التساوي هنا لنتفاء
علته ،والترجيح في المسألتين من زيادتي) .و( يرجح )من الحدود السمعية( أي الشرعية )العرف
على الخفى( منها ،لن الول أفضى إلى مقصود التعريف من الثاني) .والذاتي على العرضي(،
لن التعريف بالول يفيد كنه الحقيقة بخلف الثاني) .والصريح( من اللفظ على غيره بتجّوز أو
ص مطلقا )في
لعم( على الخ ّ اشتراك لتطرق الخلل إلى التعريف بالثاني) .وكذا( يرجح )ا َ
الصح( ،لن التعريف بالعم أفيد لكثرة المسمى فيه ،وقيل عكسه أخذا بالمحقق في المحدود ،وذكر
لخلف من زيادتي ،أما العم والخص من وجه فالظاهر فيهما التساوي) .و( يرجح )موافق نقل
السمع واللغة( ،لن التعريف بما يخالفهما إنما يكون لنق عنهما والصل عدمه) .و( يرجح )ما( أي
الحد الذي )طريق اكتسابه أرجح( من طريق اكتساب حّد آخر ،لن الظن بصحته أقوى منه بصحة
الخر ،إذ الحدود السمعية مأخوذة من النقل وطرق النقل تقبل القّوة والضعف) .والمرجحات ل
ن( :أي قّوته وسبق كثير منها منه تقديم بعض مفاهيم
تنحصر( فيما ذكر هنا )ومثارها غلبة الظ ّ
المخالفة على بعض وبعض ما يخل بالفهم على بعض كالمجاز على الشتراك ،وتقديم المعنى
الشرعي على العرفي ،والعرفي على اللغوي في خطاب الشارع ،ومن غيره أرجحية ما يرجح به
من التقديم بالتزكية بالحكم بشهادة الراوي على التزكية
بالعمل بروايته ،وتقديم من علم أنه عمل برواية نفسه على من علم أنه لم يعمل أو لم يعلم أنه عمل.
وصرف ومعان وبيان ،وإن كان أقسام العربية أكثر من ذلك كما بينتها في حاشية المطّول أعانني
ل( للفقه) .ومتعلقا للحكام( ،بفتح اللم أي ما تتعلق هي به بدللته عليها.
ال على إكمالها) .وأصو ً
)من كتاب وسنة وإن لم يحفظ( :أي المتوسط في هذه العلوم) .متنا لها( .وذلك ليتأتى له الستنباط
المقصود بالجتهاد ،أما علمه بآيات الحكام وأخبارها أي مواقعها وإن لم يحفظها فلنها المستنبط
منه ،وأما علمه بالصل فلنه يعرف به كيفية الستنباط وغيرها مما يحتاج إليه فيه ،وأما علمه
بالباقي فلنه ل يفهم المراد من المستنبط منه إل به ،لنه عربي بليغ ،وبالغ التقي السبكي فلم يكتف
بالتوسط في تلك العلوم حيث قال كما نقله الصل عنه :المجتهد من هذه العلوم ملكة له ،وأحاط
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
بمعظم قواعد الشرع ومارسها بحيث اكتسب قّوة يفهم بها مقصود الشارع) .ويعتبر للجتهاد( ل
ليكون صفة للمجتهد) ،كونه خبيرا بمواقع الجماع( ،وإل فقد يخرقه بمخالفته وخرقه حرام كما مّر
ل عبرة به ،ول يشترط حفظ مواقعه ،بل يكفي أن يعرف أن ما استنبطه ليس مخالفا للجماع بأن
يعلم موافقته لعالم أو يظن أن واقعته حادثة لم يسبق فيها لحد من العلماء كلم) .والناسخ
والمنسوخ( :لتقدم الول على الثاني لنه إذا لم يكن خبيرا بهما قد يعكس) .وأسباب النزول( ،إذ
الخبرة بها ترشد إلى فهم المراد )والمتواتر والحاد( ،لتقدم الول على الثاني ،لنه إذا لم يكن خبيرا
بهما قد يعكس ،وتعبيري بذلك أولى من قوله :وشرط المتواتر والحاد كما بينته في الحاشية.
ل من الولين على ما بعده ،لنه إذا لم يكن خبيرا )والصحيح وغيره( :من حسن وضعيف ليقدم ك ً
ل من الولين على ما بعده ،لنه ءذا لم بذلك قد يعكس) .وحال الرواة( في القبول ،والرد ليقدم ك ً
يكن خبيرا بذلك قد يعكس) .وحال الرواة( في اقبلو ،والرد ليقدم المقبول على المردود مطلقا،
والكبر والعلم من الصحابة على غيرهما في متعارضين ،لنه إذا لم يكن
خبيرا بذلك قد يعكس) .ويكفي( في الخبرة بحال الرواة )في زمننا الرجوع لئمة ذلك( من المحدثين
كالمام أحمد والبخاري ومسلم ،فيعتمد عليهم في التعديل والتجريح لتعذرهما في زمننا إل بواسطة،
وهم أولى من غيرهم ،والمراد بخبرته بالمذكورات خبرته بها في الواقعة المجتهد فيها ل في جميع
الوقائع.
)
ول يعتبر( ل في الجتهاد ول في المجتهد )علم الكلم( :لمكان استنباط من يجزم بعقيدة السلم
تقليدا كما يعلم مما سيأتي) .و( ل )تفاريع الفقه( ،لنها إنما تمكن بعد الجتهاد فكيف تعتبر فيه) .و(
ن ناقصات عقل ،وكذا العبيد بأن ل )الذكورة والحّرية( :لجواز أن يكون للنساء قّوة الجتهاد وإن ك ّ
ينظروا حال التفرغ من خدمة السادة) .وكذا العدالة( ل تعتبر فيه )في الصح( ،لجواز أن يكون
للفاسق قّوة الجتهاد ،وقيل يعتبر ليعتمد على قوله :وتعقب بأنه ل تخالف بين القولين إذ اعتبار
العدالة لعتماد .قوله :ل ينافي عدم اعتبارها لجتهاده ،إذ الفاسق يعمل باجتهاد نفسه ،وإن لم يعتمد
قوله اتفاقا ،ويجاب بأنها اعتبرت بالنسبة لغيره ،أما المفتي فيعتبر فيه العدالة لنه أخص فشرطه
أغلظ) .وليبحث عن المعارض( :كالمخصص والمقيد والناسخ ،والقرينة الصارفة للفظ عن ظاهره
ليسلم ما يستنبطه من تطرق الخدش إليه لو لم يبحث ،وهذا أولى ل واجب ليوافق ما مر من أنه
يتمسك بالعام قبل البحث عن المخصص على الصح ،ومن أنه يجب اعتقاد الوجوب بصيغة افعل
قبل البحث عما يصرفها عنه .وزعم الزركشي ومن تبعه أنه واجب ،وأنه ل يخالف ما مر ،لن
ذاك في جواز التمسك بالظاهر المجرد عن القرائن ،والكلم هنا في اشتراط معرفة المعارض بعد
ثبوته عنده بقرينه) .ودونه( :أي دون المجتهد المتقدم وهو المجتهد المطلق) ،مجتهد المذهب وهو
المتمكن من تخريج الوجوه( التي يبديها )على نصوص إمامه( في المسائل) ،ودونه( :أي دون
مجتهد المذهب )مجتهد الفتيا وهو
المتبحر( في مذهب إمامه) .المتمكن من ترجيح قول( له )على آخر( ،أطلقهما) .والصح جواز
تجزى الجتهاد( بأن يحصل لبعض الناس قوة الجتهاد )في بعض البواب( ،كالفرائض بأن يعلم
أدلته وينظر فيها ،وقيل يمتنع لحتمال أن يكون فيما لم يعلمه من الدلة معارض لما علمه بخلف
ي صلى من أحاط بالكل ونظر فيه ورّد بأن هذا الحتمال فيه بعيد) .و( الصح )جواز الجتهاد للنب ّ
ي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الرض{، ال عليه وسّلم ووقوعه( لقوله تعالى} :ما كان لنب ّ
}عفا ال عنك لم أذنت لهم{ عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء ،وعلى الذن لمن ظهر نفاقهم في
التخالف عن غزوة تبوك ،والعتاب ل يكون فيما صدر عن وحي ،فيكون عن اجتهاد ،وقيل غير
جائز له لقدرته على اليقين بالتلقي من الوحي بأن ينتظره ،ورّد بأن إنزال الوحي ليس في قدرته،
وقيل جائز له وواقع في الراء والحروب دون غيرهما جمعا بين الدلة السابقة )و( الصح )أن
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
اجتهاده( ل )ل يخطىء( تنزيها لمنصب النبّوة عن الخطأ في الجتهاد ،وقيل قد يخطىء لكن ينبه
عليه سريعا لما مّر في اليتين ،ويجاب :بأن التنبيه فيهما ليس على خطأ بل على ترك الولى إذ
ذاك) .و( الصح )أن الجتهاد جائز في عصره( صلى ال عليه وسّلم ،وقيل ل للقدرة على اليقين
في الحكم بتلقيه منه صلى ال عليه وسّلم ،ورّد بأنه لو كان عنده وحي في ذلك لبلغه للناس ،وقيل
جائز بإذنه ،وقيل جائز للبعيد عنه دون القريب لسهولة مراجعته ،وقيل جائز للولة حفظا لمنصبهم
ي صلى ال عليه وسّلم ،فيما وقع لهمعن استنقاص الرعية لهم لو لم يجز لهم بأن يراجعوا النب ّ
بخلف غيرهم )و( الصح على الجواز )أنه وقع( ،لنه صلى ال عليه وسّلم حكم سعد بن معاذ في
بني قريظة فقال :تقتل مقاتلتهم وتسبي ذريتهم ،فقال صلى ال عليه وسّلم» :لقد حكمت بحكم ال«.
رواه الشيخان .وقيل لم يقع للحاضر في قطره صلى ال عليه وسّلم بخلف غيره ،وقيل بالوقف عن
القول
بالوقوع وعدمه.
)مسألة :المصيب( :من المختلفين )في العقليات واحد( ،وهو من صادف الحق فيها لتعينه في الواقع
كحدوث العالم ووجود الباري وصفاته وبعثة الرسل )والمخطىء( فيها )آثم( إجماعا ،ولنه لم
يصادف الحق فيها) ،بل كافر( أيضا) .إن نفى السلم( كله أو بعضه كنافي بعثة محمد صلى ال
عليه وسّلم ،فالقول بأن كل مجتهد في العقليات مصيب أو أن المخطىء غير آثم خارق للجماع،
والتصريرح باعتماد تأثيم المخطىء في غير نفي السلم من زيادتي) .والمصيب في نقليات فيها
قاطع( من نص أو إجماع ،واختلف فيها لعدم الوقوف عليه) .واحد قطعا ،وقيل على الخلف التي(
فيما ل قاطع فيها) :والصح أنه( :أي المصيب في النقليات) .ول قاطع( فيها )واحد( وقيل :كل
مجتهد فيها مصيب) .و( الصح )أن ل فيها حكما معينا قيل الجتهاد( .وقيل :حكم ال تعالى تابع
لظن المجتهد فيما ظنه فيها من الحكم ،فهو حكم ال في حقه وحق مقلده ،وقيل فيها شيء لو حكم ال
فيها لم يحكم إل بذلك الشيء ،قيل وهذا حكم على الغيب وربما عبر عن هذا إذا لم يصادف المجتهد
ذلك الشيء بأنه أصاب فيه اجتهادا وابتداء وأخطأ فيه حكما وانتهاء) .و( الصح )أن عليه( أي
ل ظنيا ،وقيل عليه دليل قطعي ،وقيل ل ول بل هو كدفين يصادفه من شاءه الحكم )أمارة( :أي دلي ً
ال) .و( الصح )أنه( أي المجتهد )مكلف بإصابته( :أي الحكم لمكانها وقيل ل لغموضه )وأن
المخطىء( في النقليات بقسميها )ل يأثم بل يؤجر( ،لبذله وسعه في طلبه ،وقيل يأثم لعدم إصابته
المكلف بها ،وذكر الجر في القسم الول من زيادتي ويدل لذلك في القسمين خبر» :إذا اجتهد
الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد«) ،ومتى قصر مجتهد( في اجتهاده )أثم(
لتقصيره بتركه الواجب عليه من بذله وسعه فيه.
)مسألة :ل ينقض الحكم في الجتهاديات( :ل من الحاكم به ول من غيره ،إذ لو جاز نقضه لجاز
نقض النقض وهلم ،فيفوت مصلحة نصب الحاكم من فصل الخصومات) .فإن خالف( الحكم )نصا
أو إجماعا أو قياسا جليا( نقض لمخالفته الدليل المذكور) .أو حكم( حاكم )بخلف اجتهاده( ،بأن قلد
غيره نقض لمخالفته اجتهاده وامتناع تقليده فيما اجتهد فيه) ،أو( حكم حاكم )بخلف نص إمامه ولم
يقلد غيره( من الئمة) .أو( قلده و)لم يجز( لمقلد إمام تقليد غيره ،وسيأتي بيان ذلك )نقض( حكمه
لمخالفته نص إمامه الذي هو في حقه للتزامه تقليده كالدليل في حق المجتهد ،فإن قلد في حكمه
غير إمامه وجاز له تقليده لم ينقض حكمه ،لنه لعدالته إنما حكم به لرجحانه عنده ونقض الحكم
ي( باجتهاد
مجاز عن إظهار بطلنه ،إذ ل حكم في الحقيقة حتى ينقض) .ولو نكح( امرأة )بغير ول ّ
منه أو من مقلده يصحح نكاحه )ثم تغير اجتهاده أو اجتهاد مقلده( إلى بطلنه) .فالصح تحريمها(
عليه لظنه أو ظن إمامه حينئذ البطلن ،وقيل :ل تحرم إذا حكم حاكم بالصحة لئل يؤّدي إلى نقض
الحكم بالجتهاد وهو ممتنع ،ويرّد بأنه يمتنع إذا نقض من أصله وليس مرادا هنا) .ومن تغير في
ف( عن العمل إن لم يكن عمل )ول ينقض اجتهاده( بعد إفتائه )أعلم( وجوبا )المستفتى( بتغيره )ليك ّ
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
معموله( إن عمل لن الجتهاد ل ينقض بالجتهاد لما مّر) ،ول يضمن( المجتهد )المتلف( بإفتائه
بإتلفه )إن تغير( اجتهاده إلى عدم إتلفه )ل لقاطع( ،لنه معذور بخلف ماذا تغير لقاطع كنص
قاطع فإنه ينقض معموله ويضمن متلفه المفتي لتقصيره.
ي) .احكم بماي أو عالم( على لسان نب ّ )مسألة :المختار أنه يجوز أن يقال( :من قبل ال تعالى )لنب ّ
تشاء( في الوقائع من غير دليل) ،فهو حق( :أي موافق لحكمي بأن يلهمه إياه ،إذ ل مانع من هذا
الجواز) .ويكون( :أي هذا القول )مدركا شرعيا ويسمى التفويض( لدللته عليه ،وقيل ل يجوز ذلك
ي دون العالم لن رتبته ل تبلغ أن يقال له ذلك والمختار بعد جوازه) .أنه لم مطلقا .وقيل يجوز للنب ّ
سواك عند كل صلٍة« .أي ق على أمتي لَمْرُتهم بال ّ يقع( .وقيل وقع لخبر الصحيحين» :لول أن أش ّ
لوجبته عليهم قلنا :هذا ل يدل على المدعى لجواز أن يكون خير فيه أي :خير في إيجاب السواك
وعدمه أو يكون ذلك المقول بوحي ل من تلقاء نفسه) .وأنه يجوز تعليق المر باختيار المأمور(.
نحو :افعل كذا إن شئت أي فعله ،وقيل ل يجوز لما بين طلب الفعل والتخيير فيه من التنافي .قلنا:ل
تنافي إذ التخيير قرينة على أن الطلب غير جازم والترجيح في هذا من زيادتي.
)مسألة :التقليد أخذ قول الغير( :بمعنى الرأي والعتقاد الدال عليهما القول اللفظي أو الفعل أو
التقرير )من غير معرفة دليله( :فخرج أخذ قول ل يختص بالغير كالمعلوم من الدين بالضرورة،
وأخذ قول الغير مع معرفة دليله ،فليس بتقليد بل هو اجتهاد وافق اجتهاد القائل ،لن معرفة الدليل
من الوجه الذي باعتباره يفيد الحكم ل يكون إل للمجتهد ،وعرف ابن الحاجب وغيره التقليد بالعمل
بقول الغير من غير حجة ،وقد بينت التفاوت بين التعريفين في الحاشية ،ومع ذلك فل مشاحة في
الصطلح) .ويلزم غير المجتهد( المطلق عاميا كان أو غيره ،أي يلزمه بقيد زدته بقولي) :في غير
العقائد( التقليد للمجتهد )في الصح( لية} :فاسألوا أهل الذكر{ ،وقيل يلزمه بشرط أن يتبين له
صحة اجتهاد المجتهد بأن يتبين له مستنده ليسلم من لزوم اتباعه في الخطأ الجائز عليه ،وقيل ل
يجوز في القواطع ،وقيل ل يجوز للعالم أن يقلد لن له صلحية أخذ الحكم من الدليل بخلف
العامي ،أما التقليد في العقائد فيمتنع على المختار ،وإن صح مع الجزم كما سيأتي ،وقضية كلم
ن الحكم باجتهاده( لمخالفته به وجوب الصل هنا لزومه فيها أيضا) .ويحرم( أي التقليد )على ظا ّ
اتباع اجتهاده )وكذا( يحرم )على المجتهد( :أي من هو بصفات الجتهاد التقليد فيما يقع له) .في
الصح( لتمكنه من الجتهاد فيه الذي هو أصل للتقليد ،ول يجوز العدول عن الصل الممكن إلى
بدله كما في الوضوء والتيمم ،وقيل يجوز له التقليد فيه لعدم علمه به الن ،وقيل يجوز للقاضي
لحاجته إلى فصل الخصومة المطلوب نجازه بخلف غيره ،وقيل يجوز تقليد من هو أعلم منه ،وقيل
يجوز عند ضيق الوقت لما يسأل عنه ،وقيل يجوز له فيما يخصه دون ما يفتي به غيره.
)مسألة :الصح أنه لو تكررت واقعة لمجتهد لم يذكر الدليل( الول) :وجب تجديد النظر( ،سواء
أتجدد له ما يقتضي الرجوع عما ظنه فيها أم ل ،إذ لو أخذ بالّول من غير نظر لكان أخذا بشيء
من غير دليل يدل له والدليل الول لعدم تذكره ل ثقة ببقاء الظن منه ،وقيل ل يجب تجديده بناء
على قوة الظن السابق ،فيعمل به لن الصل عدم رجحان غيره أما إذا كان ذاكرا للدليل ،فل يجب
تجديد النظر ،إذ ل حاجة إليه) ،أو( أي والصح أنه لو تكررت واقعة )لعامي استفتى عالما( فيها
)وجب إعادة الستفتاء( ،لمن أفاد )ولو كان( العالم )مقلد ميت( بناء على جواز تقليد الميت وإفتاء
المقلد كما سيأتي ،إذ لو أخد بجواب السؤال الول من غير إعادة لكان أخذا بشيء من غير دليل،
وهو في حقه قول المفتي ،وقوله الول ل ثقة ببقائه عليه لحتمال مخالفته له باطلعه على ما
يخالفه من دليل إن كان مجتهدا ،ونص لمامه إن كان مقلدا ،وقيل ل يجب وذكر الخلف في
الصورتين من زيادتي ،وقول الصل في الشق الول من الولى قطعا أي عند أصحابنا ل عند
الصوليين ،ومحل الخلف في الثانية إذا عرف أن الجواب عن رأي أو قياس أو شك ،والمفتي
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
حي ،فإن عرف أنه عن نص أو إجماع ،أو مات المفتي فل حاجة للسؤال ثانيا كما جزم به الرافعي
والنووي.
)مسألة :المختار جواز تقليد المفضول( :من المجتهدين )لمعتقده غير مفضول( ،بأن اعتقده أفضل
ل باعتقاده وجمعا بين الدليلين التيين ،وقيلل عم ًمن غيره أو مساويا له ،بخلف من اعتقده مفضو ً
يجوز مطلقا .ورجحه ابن الحاجب لوقوعه في زمن الصحابة وغيرهم مشتهرا متكررا من غير
إنكار ،وقيل ل يجوز مطلقا ،لن أقوال المجتهدين في حق المقلد كالدلة في حق المجتهد ،فكما
يجب الخذ بالراجح من الدلة يجب الخذ بالراجح من القوال ،والراجح منها قول الفاضل ،وإذا
جاز تقليد المفضول لمن ذكر) .فل يجب البحث عن الرجح( من المجتهدين لعدم تعينه بخلف من
لم يجوز مطلقا وبما ذكر علم ما صرح به الصل من أن العامي إذا اعتقد رجحان واحد منهم تعين
ل باعتقاده )و( المختار )أن الراجح علما( في العتقاد لن يقلده وإن كان مرجوحا في الواقع عم ً
)فوق الراجح ورعا( فيه ،لن لزيادة العلم تأثيرا في الجتهاد بخلف زيادة الورع ،وقيل العكس،
لن لزيادة الورع تأثيرا في التثبت في الجتهاد وغيره بخلف زيادة العلم ،ويحتمل التساوي لن
لكل مرجحا) .و( المختار جواز )تقليد الميت( لبقاء قوله ،كما قال الشافعي رضي ال عنه :المذاهب
ل تموت بموت أربابها ،وقيل ل يجوز لنه ل بقاء لقول الميت بدليل انعقاد الجماع بعد موت
المخالف ،وعورض بحجية الجماع بعد موت المجمعين ،وقيل يجوز أن فقد الحي للحاجة بخلف
ما إذا لم يفقد) .و(المختار جواز )استفتاء من عرفت أهليته( للفتاء باشتهاره بالعلم والعدالة )أو
ظنت( بانتصابه والناس مستفتون له) .ولو( كان )قاضيا( ،وقيل :القاضي ل يفتي في المعاملت
للستغناء بقضائه فيها عن الفتاء) .فإن جهلت( أهليته علما أو عدالة) .فالمختار الكتفاء باستفاضة
علمه وبظهور عدالته( .وقيل :يجب البحث عنهما بأن يسأل الناس عنهما وعليه ،فالصح الكتفاء
بخبر الواحد عنهما ،وقيل ل بد من اثنين وما اخترته من الكتفاء باستفاضة علمه هو ما نقله في
الروضة عن الصحاب خلف ما صححه الصل من وجوب البحث عنه) .وللعامي سؤاله( أي
المفتي )عن مأخذه( ،فيما أفتاه به )استرشادا( أي :طلبا لرشاد نفسه بأن يذعن للقبول ببيان المأخذ
ل لرشادهل تعنتا) .ثم عليه( :أي المفتي ندبا ل وجوبا )بيانه( :أي المأخذ لسائله المذكور تحصي ً
)إن لم يخف( عليه ،فإن خفي عليه بحيث يقصر فهمه عنه ،فل يبينه له صونا لنفسه عن التعب فيما
ل يفيد ويعتذر له بخفاء ذلك عليه.
)مسألة :الصح أنه يجوز لمقلد قادر على الترجيح( :وهو مجتهد الفتوى) .الفتاء بمذهب إمامه(
مطلقا لوقوع ذلك في العصار متكررا شائعا من غير إنكار بخلف غيره فقد أنكر عليه ،وقيل ل
يجوز له لنتفاء وصف الجتهاد المطلق والتمكن من تخريج الوجوه على نصوص إمامه عنه ،وقيل
يجوز له عند عدم المجتهد المطلق والمتمكن مما ذكر للحاجة إليه ،بخلف ما إذا وجدا أو أحدهما،
وقيل يجوز للمقلد ،وإن لم يكن قادرا على الترجيح لنه ناقل لما يفتى به عن إمامه ،وإن لم يصرح
بنقله عنه وهذا هو الواقع في العصار المتأخرة ،أما القادر على التخريج وهو مجتهد المذهب
فيجوز له الفتاء قطعا ،كما ذكره الزركشي والبرماوي وغيرهما تبعا للمصنف في شرح المختصر
وهو المتجه خلفا لما اقتضاه كلم المدي ،من أن الخلف في مجتهد المذهب ،إذ قضية ذلك عدم
جواز الفتاء لمجتهد الفتوى وهو بعيد جدا مخالف لما أفاده النووي في مجموعه) .و( الصح )أنه
يجوز خلّو الزمان عن مجتهد( ،بأن ل يبقى فيه مجتهد وقيل ل يجوز مطلقا ،وقيل يجوز أن تداعى
الزمان بتزلزل القواعد بأن أتت أشراط الساعة الكبرى كطلوع الشمس من مغربها) .و( الصح بعد
جوازه )أنه يقع( لخبر الصحيحين» :إن ال ل يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض
ل فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا
العلم بقبض العلماء ،حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جها ً
وأضلوا« .وفي خبر مسلم» :إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل« ونحوه،
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
خبر البخاري إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم أي :يقبض أهله ويثبت الجهل ،وقيل ل يقع لخبر
الصحيحين أيضا بطرق» :ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر ال أي
الساعة كما صرح بها في بعض الطرق قال البخاري وهم أهل العلم .وأجيب :بأن المراد بالساعة
في هذا ما قرب منها جمعا بين الدلة ،والترجيح من زيادتي ،وعبارة الصل والمختار لم يثبت
وقوعه وهو مترّدد بين
الوقوع وعدمه.
)و( الصح )أنه لو أفتى مجتهد عاميا في حادثة فله الرجوع عنه فيها إن لم يعمل( بقوله يها) .وثم
مقت آخر( ،وقيل يلزمه العمل به بمجرد الفتاء فليه له الرجوع إلى غيره ،وقيل يلزمه العمل به
بالشروع في العمل به ،بخلف ما إذا لم يشرع ،وقيل يلزمه العمل به إن التزمه ،وقيل يلزمه العمل
به إن وقع في نفسه صحته وخرج بقولي فيها غيرها فله الرجوع عنه فيه مطلقا ،وقيل ل ،لنه
بسؤال المجتهد وقبول قوله التزم مذهبه ،وقيل يجوز في عصر الصحابة والتابعين ل في العصر
الذي استقرت فيه المذاهب ،وبقولي إن لم يعمل ما إذا عمل فليس له الرجوع جزما ،وبقولي وثم
مفت آخر ما لو لم يكن ثم مفت آخر فليس له الرجوع والتصريح في هذه بالترجيح بقيده الخير من
زيادتي) .و( الصح )أنه يلزم المقلد( عاميا كان أو غيره) .التزام مذهب معين( من مذاهب
المجتهدين) .ويعتقده أرجح( من غيره )أو مساويا( له ،وإن كان في الواقع مرجوحا على المختار
السابق) .و( لكن )الولى( في المساوي )السعي في اعتقاده أرجح( ليحسن اختياره على غيره ،وقيل
ل يلزمه التزامه فله أن يأخذ فيما يقع له بما شاء من المذاهب ،قال النووي :هذا كلم الصحاب
والذي يقتضيه الدليل القول بالثاني) .و( الصح بعد لزوم التزام مذهب معين للمقلد )أن له الخروج
عنه( ،فيما لم يعمل به لن التزام ما ل يلزم غير ملزم .وقيل ل يجوز لنه التزمه وإن لم يلزم
التزامه ،وقيل ل يجوز في بعض المسائل ،ويجوز في بعض توسطا بين القولين ،والترجيح في هذه
من زيادتي) .و( الصح )أنه يمتنع تتبع الرخص( في المذاهب ،بأن يأخذ من كل منها الهون فيما
يقع من المسائل سواء الملتزم وغيره ،ويؤخذ منه تقييد الجواز السابق فيهما بما لم يؤد إلى تتبع
الرخص ،وقيل يجوز بناء على أنه ل يلزم التزام مذهب معين.
)مسألة( :تتعلق بأصول الدين )المختار( قول الكثير )إنه يمتنع التقليد في أصول الدين( :أي مسائل
العتقاد كحدوث العالم ووجود الباري ،وما يجب له ويمتنع عليه وغير ذلك مما سيأتي ،فيجب
النظر فيه لن المطلوب فيه اليقين .قال تعالى لنبيه} :فاعلم أنه ل إله إل ال{ وقد علم ذلك .وقال
للناس} :واتبعوه لعلكم تهتدون{ ويقاس بالوحدانية غيرها ،وقيل يجوز ول يجب النظر اكتفاء بالعقد
ل للنظر بالتلفظ
الجازم لنه صلى ال عليه وسّلم كان يكتفي في اليمان من العراب وليسوا أه ً
بكلمتي الشهادة المنبىء عن العقد الجازم ويقاس باليمان غيره ،وقيل ل يجوز فيحرم النظر فيه،
لنه مظنة الوقوع في الشبه والضلل لختلف الذهان والنظار ،ودليل الثاني والثالث مدفوعان
ل للنظر ،ول أن النظر مظنة للوقوع في الشبه والضلل ،إذ بأنا ل نسلم أن العراب ليسوا أه ً
المعتبر النظر على طريق العامة كما أجاب العرابي الصمعي عن سؤاله بم عرفت ربك؟ فقال:
البعرة تدل على البعير ،وأثر القدام على المسير ،فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحر ذو
أمواج أل تدل على اللطيف الخبير؟ ول يذعن أحد منهم أو من غيرهم لليمان إل بعد أن ينظر
فيهتدى له .أما النظر على طريق المتكلمين من تحرير الدلة وتدقيقها ودفع الشكوك والشبه عنها،
ففرض كفاية في حق المتأهلين له يكفي قيام بعضهم بها أما غيرهم ممن يخشى عليه من الخوض
فيه الوقوع في الشبه والضلل فليس له الخوض فيه ،وهذا محمل نهي الشافعي وغيره من السلف
عن الشتغال بعلم الكلم ،وهو العلم بالعقائد الدينية عن الدلة اليقينية ،والترجيح من زيادتي ،بل
قضية كلمه في مسألة التقليد ترجيح لزومه هنا ،ثم محل الخلف في وجوب النظر في غير معرفة
ال تعالى أما النظر فيها فواجب إجماعا.
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ل من القوال ،وإن أثم بترك النظر )و( المختار أنه )يصح( التقليد في ذلك )بجزم( أي معه على ك ّ
ح بل ل بّد لصحة اليمان من النظر أما التقليد بل جزم ح إيمان المقلد ،وقيل ل يص ّعلى الول فيص ّ
بأن كان مع احتمال شك أو وهم ،فل يصح قطعا إذ ل إيمان مع أدنى تردد فيه وعلى صحة التقليد
الجازم فيما ذكر )فليجزم( :أي المكلف )عقده بأن العالم( وهو ما سوى ال تعالى) .حادث( ،لنه
متغير أي يعرض له التغير كما يشاهد وكل متغير حادث )وله محدث( ضرورة أن الحادث ل بّد له
من محدث )وهو ال( :أي الذات الواجب الوجود لن مبدىء الممكنات ل بّد أن يكون واجبا ،إذ لو
كان ممكنا لكان من جملة الممكنات فلم يكن مبدئا لها) .الواحد( ،إذ لو جاز كونه اثنين لجاز أن يريد
أحدهما شيئا ،والخر ضّده الذي ل ضّد له غيره كحركة زيد وسكوته فيمتنع وقوع المرادين وعدم
وقوعهما لمتناع ارتفاع الضّدين المذكورين واجتماعهما ،فتعين وقوع أحدهما فيكون مريده هو
الله دون الخر لعجزه ،فل يكون الله إل واحدا) .والواحد( الشيء )الذي ل ينقسم( بوجه )أو ل
يشبه( :بفتح الباء المشّددة أي به ول بغيره أي ل يكون بينه وبين غير شبه) .بوجه( :وهذان
التفسيران معناهما موجود فيه تعالى فتعبيري بأو أولى من تعبيره بالواو ليهامه أنهما تفسير واحد،
وموافق لقول إمام الحرمين في الرشاد الواحد معناه المتوحد المتعالي عن النقسام ،وقيل معناه
الذي ل مثل له فأفاد كلمه أنهما تفسيران ل تفسير واحد وإن تلزم معناهما هنا) .وال تعالى قديم(:
أي ل ابتداء لوجوده ،إذ لو كان حادثا لحتاج إلى محدث واحتاج محدثه إلى محدث وتسلسل
والتسلسل محال ،فالحدوث المستلزم له محال) .حقيقته( تعالى )مخالفة لسائر الحقائق .قال المحققون
ليست معلومة الن( :أي في الدنيا للناس وقال كثير إنها معلومة لهم الن لنهم مكلفون بالعلم
بوحدانيته وهو متوقف على العلم بحقيقته .قلنا :ل نسلم أنه متوقف على
العلم به بالحقيقة ،وإنما يتوقف على العلم به بوجه وهو بصفاته ،كما أجاب موسى عليه الصلة
والسلم فرعون السائل عنه تعالى كما قص علينا ذلك بقوله تعالى} :قال فرعون وما رب العالمين{
الخ) .والمختار ول ممكنة( علما )في الخرة( لن علمها يقتضي الحاطة به تعالى وهي ممتنعة،
وقيل ممكنة العلم فيها لحصول الرؤية فيها كما سيأتي .قلنا :الرؤية ل تفيد الحقيقة والترجيح من
زيادتي) .ليس بجسم ول جوهر ول عرض( ،لنه تعالى منزه عن الحدوث وهذه الثلثة حادثة لنها
أقسام العالم لنه إما قائم بنفسه أو بغيره ،والثاني العرض الول ويسمى بالعين ،وهو محل الثاني
المقوم له إما مركب وهو الجسم أو غير مركب وهو الجوهر وقد يقيد بالفرد) .لم يزل وحده ول
مكان ول زمان( أي :موجود قبلهما فهو منّزه عنهما )ثم أحدث هذا العالم( :.المشاهد من السموات
والرض بما فيها )بل احتياج( إليه )ولو شاء ما أحدثه( :فهو فاعل بالختيار ل بالذات )لم يحدث
ل للحوادث وهو كما قال في كتابه العزيز )فعال به( أي بإحداثه )في ذاته حادث( ،فليس كغيره مح ً
لما يريد ،ليس كمثله شيء( وهو السميع البصير) .القدر( وهو هنا ما يقع من العبد مما قّدر في
الزل )خيره وشره( كائن )منه( تعالى بخلقه وإرادته) ،علمه شامل لكل معلوم( :أي ما من شأنه أن
يعلم ممكنا كان أو ممتنعا جزئيا أو كليا .قال تعالى} :أحاط بكل شيء علما{ )وقدرته( شاملة )لك ّ
ل
مقدور( :أي ما من شأنه أن يقدر عليه ،وهو الممكن بخلف الممتنع والواجب )ما علم أنه يوجد
أراده( :أي أراد وجوده )وما ل( أي وما علم أنه ل يوجد) ،فل( يريد وجوده فالرادة تابعة للعلم
)بقاؤه( تعالى )غير متناه( :أي ل آخر له )لم يزل( تعالى موجودا )بأسمائه( :أي بمعانيها ،وهي هنا
ما دل على الذات باعتبار صفة كالعالم والخالق) .وصفات ذاته( وهي )ما دل عليها فعله( .لتوقفه
عليها )من قدرة( :وهي صفة تؤثر في الشيء عند تعلقها به) .وعلم( وهو صفة
أزلية تتعلق بالشيء على وجه الحاطة به على ما هو عليه) .وحياة( وهي صفة تقتضي صحة العلم
لموصوفها) ،وإرادة( :وهي صفة تخصص أحد طرفي الشيء من الفعل والترك بالوقوع) .أو( ما
دل عليها )تنزيهه( تعالى )عن النقص من سمع وبصر( وهما صفتان أزليتان قائمتان بذاته تعالى
زائدتان على العلم ليستا كسمع الخلق وبصرهم) ،وكلم( :وهو صفة يعبر عنها بالنظم المعروف
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
المسمى بكلم ال أيضا ،ويسميان بالقرآن أيضا) .وبقاء( وهو استمرار الوجود أما صفات الفعال
كالخلق والرزق والحياء والماتة ،فليست أزلية خلفا لمتأخري الحنفية ،بل هي حادثة لنها
إضافات تعرض للقدرة وهي تعلقاتها بوجودات المقدورات لوقات وجوداتها ،ول محذور في
اتصاف الباري تعالى بالضافات ،ككونه قبل العالم ومعه وبعده وأزلية أسمائه الراجعة إلى صفات
ل من شأنهالفعال كما مر في جملة السماء من حيث رجوعتها إلى القدرة ل الفعل ،فالخالق مث ً
الخلق أي :هو الذي بالصفة التي بها يصح الخلق وهو القدرة كما يقال :السيف في الغمد قاطع أي:
هو بالصفة التي بها يحصل القطع عند ملقاته المحل ،فإن أريد بالخالق من صدر منه الخلق فليس
صدوره أزليا.
)
وما صح في الكتاب والسنة من الصفات نعتقد ظاهر معناه وننزه ال عند سماع مشكله( كما في
قوله تعالى} :الرحمن على العرش استوى{} ،ويبقى وجه ربك{} .يد ال فوق أيديهم{ .وقوله صلى
ال عليه وسّلم» :إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف
شاء« .رواه مسلم) .ثم اختلف أئمتنا أنؤّول( المشكل )أم نفّوض( معناه المراد إليه تعالى) .منّزهين
ل،
له( عن ظاهره) ،مع اتفاقهم على أن جهلنا بتفصيله ل يقدح( في اعتقادنا المراد منه مجم ً
والتفويض مذهب السلف وهو أسلم ،والتأويل مذهب الخلف وهو أعلم أي أحوج إلى مزيد علم،
وكثيرا ما يقال بدل أعلم أحكم أي :أكثر إحكاما أي إتقانا فيؤّول في اليات الستواء بالستيلء
والوجه بالذات واليد بالقدرة ،والحديث من باب التمثيل المذكور في علم البيان نحو :أراك تقّدم رج ً
ل
وتؤخر أخرى ،يقال للمترّدد في أمر تشبيها له بمن يفعل ذلك لقدامه وإحجامه ،فالمراد منه
والظرف فبه خير كالجار والمجرور أن قلوب العباد كلها بالنسبة إلى قدرته تعالى شيء يسير
يصرفه كيف شاء ،كما يقلب الواحد من عباده اليسير بين أصبعين من أصابعه) .القرآن النفسي(:
أي القائم بالنفس )غير مخلوق( :وهو مع ذلك أيضا )مكتوب في مصاحفنا( ،بأشكال الكتابة وصور
الحروف الدالة عليه )محفوظ في صدورنا( :بألفاظه المخيلة) .مقروء بألسنتنا( بحروفه الملفوظة
ح أن يطلق على القرآن حقيقة المسموعة) :على الحقيقة( ل المجاز في الوصاف الثلثة :أي يص ّ
ل وأبدا اتصافأنه مكتوب محفوظ مقروء واتصافه بهذه الثلثة ،وبأنه غير مخلوق أي موجود أز ً
ل موجود وجودا في الخارج ،ووجودا في الذهن، له باعتبار وجودات الموجود الربعة ،فإن لك ّ
ووجودا في العبارة ،ووجودا في الكتابة فهي تدل على العبارة وهي على ما في الذهن وهو على ما
في الخارج ،وخرج بالنفسي اللساني فتعبيري به أولى من تعبيره بالكلم ،لنه كالقرآن مشترك بين
النفسي واللساني ،فل يخرج
ل )ويعاقبـ(ـهم )إل أن يعفو يغفر غيراللساني) .يثيب( ال تعالى عباده المكلفين )على الطاعة( فض ً
الشرك على المعصية( عدلً لخباره بذلك قال تعالى} :فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن
الجحيم هي المأوي* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوي{} .إ ّ
ن
ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء{ )وله( تعالى )إثابة العاصي وتعذيب المطيع
وإيلم الدواب والطفال( :لنهم ملكه يتصرف
فيهم كيف يشاء لكن ل يقع منه ذلك لخباره بإثابة المطيع وتعذيب العاصي كما مّر ولم يرد إيلم
ن الحقوق إلى
الخيرين في غير قود والصل عدمه أما في القود فقال صلى ال عليه وسّلم» :لتؤّد ّ
ص للخلق
أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء« .رواه مسلم .وقال» :يقت ّ
بعضهم من بعض حتى للجماء من القرناء وحتى للذّرة من الذّرة« .رواه المام أحمد بسند صحيح،
وقضية الخبرين أن ل يتوقف القود يوم القيامة على التكليف ،فيقع اليلم بالقود في الخيرين.
)ويستحيل وصفه( تعالى )بالظلم( لنه مالك المور على الطلق يفعل ما يشاء فل ظلم في
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
التعذيب ،واليلم المذكورين لو فرض وقوعهما )يراه( تعالى )المؤمنون في الخرة( قبل دخول
الجنة وبعده ،كما ثبت في أخبار الصحيحين الموافقة لقوله تعالى :وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها
ناظرة{ والمخصصة لقوله تعالى} :ل تدركه البصار{ أي ل تراه منها خبر أبي هريرة» :أن الناس
قالوا :يا رسول ال هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول ال صلى ال عليه وسّلم :هل تضاّرون في
القمر ليلة البدر .قالوا :ل يا رسول ال .قال :فإنكم ترونه كذلك الخ« .وفيه أن ذلك قبل دخول
الجنة ،وقوله :تضاّرون بتشديد الراء من الضرار وتخفيفها من الضير أي :الضرر ،وخبر صهيب
في مسلم أنه صلى ال عليه وسّلم قال» :إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول ال تبارك وتعالى تريدون
شيئا أزيدكم فيقولون :ألم تبيض وجوهنا ،ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ،فيكشف الحجاب فما
أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم« .وفي رواية :ثم تل هذه الية} :للذين أحسنوا الحسنى
وزيادة{ أي فالحسنى الجنة والزيادة النظر إليه تعالى ،بأن ينكشف لنا انكشافا تاما بأن يرى بنور
العين زائدا على نور العلم ،أو بأن يخلق لنا علما به عند توجه الحاسة له عادة منزها عن المقابلة
والجهة والمكان ،أما الكفار فل يرونه لقوله تعالى} :كل إنهم عن ربهم يومئذ
لمحجوبون{ الموافق لقوله} :ل تدرحه البصار{ )والمختار جواز رؤيته( تعالى )في الدنيا( في
اليقظة بالعين ،وفي المنام بالقلب أما في اليقظة ،فلن موسى عليه الصلة والسلم طلبها بقوله:
}رب أرني أنظر إليك{ وهو ل يجهل ما يجوز ويمتنع على ربه تعالى ،وقيل ل يجوز لن قومه
طلبوها فعوقبوا قال تعالى} :فقالوا أرنا ال جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم{ قلنا عقابهم لعنادهم
وتعنتهم في طلبها ل لمتناعها ،وأما في المنام فنقل القاضي عياض التفاق عليه ،وقيل ل يجوز إذ
المرئي فيه خيال ومثال وذلك على القديم محال .قلنا ل استحالة لذلك في المنام والترجيح من
زيادتي ،وأما وقوع الرؤية فيها فالجمهور على عدمه في اليقظة لقوله تعالى} :ل تدركه البصار{
وقوله لموسى} :لن تراني{ أي في الدنيا بقرينة السياق ،وقوله صلى ال عليه وسّلم» :لن يرى أحد
منكم ربه حتى يموت« .رواه مسلم ،نعم الصحيح وقوعها للنبي صلى ال عليه وسّلم ليلة المعراج،
وإليه استند القائل بوقوعها لغيره ،وأما وقوعها في المنام فهو المختار ،فقد ذكر وقوعها فيه لكثير
من السلف منهم المام أحمد ،وعليه المعبرون للرؤيا ،وقيل ل لما مّر في المنع من جوازها.
ي عكسه( أي من كتب ال في الزل )السعيد من كتب ال( أي علم )في الزل موته مؤمنا والشق ّ
موته كافرا وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به لشتماله على الدور ظاهرا) .ثم ل يتبّدلن( :أي
المكتوبان في الزل ،بخلف المكتوب في غيره كاللوح المحفوظ قال تعالى} :يمحو ال ما يشاء
ويثبت وعنده أّم الكتاب{ أي أصله الذي ل يغير منه شيء كما قاله ابن عباس وغيره ،وإطلق
بعضهم أنهما يتبّدلن محمول على هذا التفصيل) .وأبو بكر( رضي ال عنه )ما زال بعين الرضا
منه( تعالى ،وإن لم يتصف باليمان قبل تصديقه النبي صلى ال عليه وسّلم ،إذ لم يثبت عنه حالة
كفر كما ثبت عن غيره ممن آمن) .والمختار أن الرضا والمحبة( من ال )غير المشيئة والرادة(
منه ،إذ معنى الّولين المترادفين أخص من معنى الثانيين المترادفين ،إذ الرضا الرادة بل
اعتراض والخص غير العم بدليل قوله تعالى} :ول يرضى لعباده الكفر{ مع وقوعه من بعضهم
بمشيئته لقوله} :ولو شاء ربك ما فعلوه{ وقالت المعتزلة :وقوم من الشاعرة منهم الشيخ أبو إسحاق
الرضا والمحبة نفس المشيئة والرادة وأجابوا عن قوله) :ول يرضى لعباده الكفر( بأنه ل يرضاه
دينا وشرعا بل يعاقب عليه وبأن المراد من وفق لليمان ،ولهذا شرفهم بإضافتهم إليه في قوله} :إن
عبادي ليس لك عليهم سلطان{ وقوله} :عينا يشرب بها عباد ال{ وذكر الخلف من زيادتي) ،هو
الرزاق( كما قال تعالى} :إن ال هو الرزاق{ بمعنى الرازق أي فل رازق غيره .وقالت المعتزلة
من حصل له الرزق بتعب فهو الرازق نفسه أو بغير تعب فال هو الرازق له) .والرزق( بمعنى
المرزوق عندنا) .ما ينتفع به( في التغذي وغيره) .ولو( كان )حراما( ،وقالت المعتزلة :ل يكون إل
حللً لستناده إلى ال في الجملة والمسند إليه لنتفاع عباده يقبح أن يكون حراما يعاقبون عليه قلنا:
ل يقبح بالنسبة إليه تعالى ،فإن له أن يفعل ما يشاء وعقابهم على الحرام لسوء مباشرتهم أسبابه
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ويلزم المعتزلة أن المتعذي بالحرام فقط طول عمره لم يرزقه ال وهو مخالف لقوله تعالى} :وما
من دابة في الرض إل على ال رزقها{ ،لنه تعالى ل يترك ما أخبر بأنه عليه) .بيده( تعالى
)الهداية والضلل( وهما )خلق الهتداء( ،وهو اليمان )و( خلق )الضلل( وهو الكفر قال تعالى:
ل من يشاء ويهدي من يشاء{ } .من يشأ ال يضلله ومن }ولو شاء ال لجعلكم أمة واحدة ولكن يض ّ
يشأ يجعله على صراط مستقيم{ وزعمت المعتزلة أنهما بيد العبد يهدي نفسه ويضلها بناء على
قولهم إنه يخلق أفعاله.
)
والمختار أن اللطف خلق قدرة الطاعة( :أي قدرة العبد على الطاعة ،وقال الصل إنه ما يقع عنده
صلح العبد آخرة أي في آخر عمره) .و( أن )التوفيق كذلك( :أي خلق قدرة الطاعة وقيل خلق
الطاعة) .والخذلن ضده( :وهو خلق قدرة المعصية وقيل خلق المعصية) .والختم والطبع والكنة
والقفال( :الواردة في القرآن نحو} :ختم ال على قلوبهم{} .طبع ال عليها بكفرهم{ }جعلنا على
قلوبهم أكنة أن يفقهوه{} .أم على قلوب أقفالها{ عبارات عن معنى واحد وهو) :خلق الضللة في
القلب( كالضلل ،وأّول المعتزلة هذه اللفاظ بما ل يلئم اليات المشتملة عليها كما بين في
المطولت ،وذكر القفال من زيادتي) .والماهيات( الممكنات أي :حقائقها )مجعولة( مطلقا )في
الصح( :أي كل ماهية بجعل الجاعل ،وقيل ل مطلقا بل كل ماهية متقررة بذاتها ،وقيل مجعولة إن
كانت مركبة بخلف البسيطة) .والخلف لفظي( من زيادتي ،لن الول أراد جعلها متصفة بالوجود
ل جعلها ذوات ،والثاني أراد أنها في حّد ذاتها ل يتعلق بها جعل جاعل وتأثير مؤثر ،والثالث أراد
بالجعل التأليف والمركبة مؤلفة بخلف البسيطة) .أرسل( الرب )تعالى رسله( مؤيدين منه
ص محمدا صلى ال عليه وسّلم( منهم )بأنه خاتم النبيين( كما قال)بالمعجزات( الباهرات )وخ ّ
تعالى} :ولكن رسول ال وخاتم النبيين{ )المبعوث إلى الخلق كافة( ،كما في خبر مسلم» :وأرسلت
ي هذا
ن كما فسر بهما من بلغ في قوله تعالى} :وأوحى إل ّ إلى الخلق كافة« ،وفسر بالنس والج ّ
القرآن لنذركم به{ ومن بلغ أي بلغه القرآن والعالمين في قوله} :نّزل الفرقان على عبده ليكون
للعالمين نذيرا{ ،وصرح الحليمي والبيهقي بأنه صلى ال عليه وسّلم لم يرسل إلى الملئكة ،وفي
تفسيري المام الرازي والنسفي حكاية الجماع على ذلك ،لكن نقل بعضهم عن تفسير الرازي أنه
أرسل إليهم أيضا ،وكأنه أخذه من بعض نسخه فإن نسخه مختلفة) .المفضل عليهم( :أي على الخلق
كافة من النبياء
والملئكة وغيرهم فل يشركة غيره من النبياء فيما ذكر) .ثم( يفضل بعده )النبياء ثم خواص
الملئكة( عليهم الصلة والسلم ،فخواص الملئكة أفضل من البشر غير النبياء ،وقولي خواص
من زيادتي) .والمعجزة( المؤيد بها الرسل) ،أمر خارق للعادة( بأن يظهر على خلفها كإحياء ميت
وإعدام جيل وانفجار المياه من بين الصابع) ،مقرون بالتحّدي( منهم أي :بطلبهم التيان بمثل ما
أتوا به ولو بالشارة كدعواهم الرسالة) ،مع عدم المعارضة(
من المرسل إليهم بأن ل يظهر منهم مثل ذلك الخارق فخرج غير الخارق كطلوع الشمس كل يوم
والخارق بل تحّد والخارق المتقّدم على التحّدي والمتأخر عنه بما يخرجه عن المقارنة العرفية
والسحر والشعبذة ،فل شيء منها بمعجزة كما أوضحته مع زيادة في الحاشية) .واليمان تصديق
القلب( بما علم مجيء الرسول به من عند ال ضرورة أي الذعان والقبول له والتكليف بذلك مع
أنه من الكيفيات النفسانية دون الفعال الختيارية بالتكليف بأسبابه كإلقاء الذهن وصرف النظر
وتوجيه الحواس) .ويعتبر فيه( أي في التصديق المذكور أي :في الخروج به عندنا عن عهدة
التكليف باليمان) ،تلفظ القادر( على الشهادتين )بالشهادتين( ،لنه علمة لنا على التصديق الخفي
ن المنافقين في الدرك
عنا حتى يكون المنافق مؤمنا عندنا كافرا عند ال تعالى .قال ال تعالى} :إ ّ
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
السفل من النار ولن تجد لهم نصيرا{ حالة كون التلفظ بذلك )شرطا( لليمان كما عليه جمهور
المحققين يعني أنه شرط لجراء أحكام المؤمنين في الدنيا من توارث ومناكحة وغيرهما) .ل
شطرا( منه كما قيل به فمن صّدق بقلبه ولم يتلفظ بالشهادتين مع تمكنه من التلفظ بهما ومع عدم
مطالبته به كان مؤمنا عند ال على الول دون الثاني ،كما ذكره السعد التفتازاني في شرح
المقاصد ،وهو ظاهر كلم الغزالي تبعا لظاهر كلم شيخه إمام الحرمين ،وما نقل عن الجمهور من
أنه كافر عند ال كما هو كافر عندنا مفرع على الثاني ،وترجيح الشرطية من زيادتي) .والسلم(
هو )التلفظ بذلك( وجرى الصل على أنه أعمال الجوارح من الطاعات كالتلفظ بذلك والصلة
والزكاة أخذا بظاهر الخبر التي المحمول فيه السلم عند المحققين على أحكامه المشروعة أو على
السلم الكامل) .ويعتبر فيه( أي :في السلم أي في الخروج به عن عهدة التكليف به) .اليمان(:
أي التصديق المذكور ولم يحك أحد خلفا في أن اليمان شرط في السلم أو شطر) ،والحسان أن
تعبد ال كأنك تراه فإن
لم تكن تراه فإنه يراك( ،كذا في خبر الصحيحين المشتمل على بيان اليمان ،بأن تؤمن بال
وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وبيان السلم بالمعنى السابق بأن
تشهد أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال وتقيم الصلة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج
ل) .والفسق( :بأن يرتكب الكبيرة )ل يزيل اليمان( خلفا للمعتزلة في
البيت إن استطعت إليه سبي ً
زعمهم أنه يزيله بمعنى أنه واسطة بين اليمان والكفر
لزعمهم أن العمال جزء من اليمان لقوله تعالى} :إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم{
إلى قوله }حقا{ ولخبر» :ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن« .وأجيب جمعا بين الدلة بأن
المراد باليمان في الية كماله وبالخبر التغليظ والمبالغة في الوعيد وبأنه معارض بخبر» :وإن
زنى وإن سرق«) .والميت مؤمنا فاسقا( بأن لم يتب )تحت المشيئة( إما )يعاقب( بإدخاله النار
لفسقه )ثم يدخل الجنة( لموته مؤمنا )أو يسامح( بأن ل يدخل النار بفضله فقط أو بفضله مع الشفاعة
من النبي صلى ال عليه وسّلم أو ممن يشاؤه ال وزعمت المعتزلة أنه يخلد في النار ول يجوز
العفو عنه ول الشفاعة فيه لقوله تعالى} :ما للظالمين من حميم ول شفيع يطاع{ .قلنا :هذا
مخصوص بالكفار جمعا بين الدلة) .وأول شافع وأوله( :يوم القيامة )نبينا محمد صلى ال عليه
وسّلم( ،قال صلى ال عليه وسّلم» :أنا أول شافع وأول مشفع« رواه الشيخان ،ولنه أكرم عند ال
من جميع العالمين ،وله شفاعات أعظمها في تعجيل الحساب والراحة من طول الوقوف وهي
مختصة به الثانية في إدخال قوم الجنة بغير حساب قال النووي :وهي مختصة به وترّدد بعضهم في
ذلك ،الثالثة :فيمن استحق النار ،كما مر .الرابعة :في إخراج من أدخل النار من الموحدين ويشاركه
فيهما النبياء والملئكة والمؤمنون .الخامسة في زيادة الدرجات في الجنة لهلها ،وجوز النووي
اختصاصها به والكلم في العامة يوم القيامة ،فل يرد نحو الشفاعة في تخفيف عذاب القبر ول
الشفاعة في تخفيف العذاب عن أبي طالب) .ول يموت أحد إل بأجله( :وهو الوقت الذي كتب ال
في الزل انتهاء حياته فيه بقتل أو غيره وذلك بأن ال قد حكم بآجال العباد بل ترّدد ،وبأنه إذا جاء
أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون ،وزعم كثير من المعتزلة أن القاتل قطع بقتله أجل
المقتول ،وأنه لو لم يقتله لعاش أكثر من ذلك لخبر» :من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ أي يزاد
له
»في أثره فليصل رحمه« .قلنا :ل نسلم أن الثر هو الجل ولو سلم ،فالخبر ظني لنه من الحاد
وهو ل يعارض القطعي ،وأيضا الزيادة فيه مؤولة بالبركة في الوقات بأن يصرف في الطاعات.
)والروح( وهي النفس )باقية بعد موت البدن( منعمة أو معذبة) .والصح أنها ل تفنى أبدا( ،لن
الصل في بقائها بعد الموت استمراره وقيل تفنى عند النفخة الولى كغيرها) .كعجب الذنب( بفتح
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
العين وسكون الجيم وموحدة على الشهر ،وهو في أسفل الصلب يشبه في المحل محل أصل الذنب
من ذوات الربع ،فل يفنى في الصح لخبر الصحيحين» :ليس شيء من النسان إل يبلى إل عظما
واحدا وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة« .وفي رواية لمسلم» :كل ابن آدم يأكله
التراب إل عجب الذنب منه خلق ومنه يركب« وقيل يفنى كغيره .وصححه المزني وتأول الخبر
المذكور بأنه ل يبلى بالتراب بل بل تراب كما يميت ال ملك الموت بل ملك الموت والترجيح من
زيادتي) ،وحقيقتها(؛ أي الروح )لم يتكلم عليها نبينا( محمد صلى ال عليه وسّلم .وقد سئل عنها
لعدم نزول المر ببيانها قال تعالى} :ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي{ )فنمسك( نحن
)عنها( ،ول يعبر عنها بأكثر من موجود كما قال الجنيد وغيره:والخائضون فيها اختلفوا فقال
جمهور المتكلمين ،ونقله النووي في شرح مسلم عن تصحيح أصحابنا إنها جسم لطيف مشتبك
بالبدن اشتباك الماء بالعود الخضر .وقال كثير منهم :إنها عرض وهي الحياة التي صار البدن
بوجودها حيا .وقال الفلسفة وكثير من الصوفية :إنها ليست بجسم ول عرض بل جوهر مجرد قائم
بنفسه غير متحيز متعلق بالبدن للتدبير والتحريك غير داخل فيه ول خارج عنه ،واحتج للول
بوصفها في الخبار بالهبوط والعروج والترّدد في البرزخ.
)
وكرامات الولياء( وهم العارفون بال تعالى المواظبون على الطاعات المجتنبون للمعاصي
المعرضون عن النهماك في اللذات والشهوات )حق( :أي جائزة وواقعة له ولو باختيارهم وطلبهم
كجريان النيل بكتاب عمر ،ورؤيته وهو على المنبر بالمدينة جيشه بنهاوند حتى قال لمير الجيش:
يا سارية الجبل الجبل محذرا له من وراء الجبل لمكر العدّو ثم ،وسماع سارية كلمه مع بعد
المسافة وكالمشي على الماء وفي الهواء وغير ذلك مما وقع للصحابة وغيرهم) ،ول تختص(
الكرامات )بغير نحو ولد بل والد( مما شمله قولهم ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون
كرامة لولي) .خلفا للقشيري( :وإن تبعه الصل وغيره ،فالجمهور على خلفه ،وأنكروا على قائله
حتى ولده أبو النصر في كتابه المرشد ،بل قال النووي :إنه غلط من قائله وإنكار للحس ،بل
الصواب جريانها بقلب العيان ونحوه ،وقد بسطت الكلم على ذلك في الحاشية ،وقيل تختص بغير
الخوارق كإجابة دعاء وموافاة ماء بمحل ل تتوقع فيه المياه) ،ول نكفر أحدا من أهل القبلة( ببدعته
كمنكري صفات ال وخلقه أفعال عباده وجواز رؤيته يوم القيامة) ،على المختار( وكفرهم بعض،
ورّد بأن إنكار الصفة ليس إنكارا للموصوف أما من خرج ببدعته عن أهل القبلة كمنكري حدوث
العالم والبعث والحشر للجسام والعلم بالجزئيات ،فل نزاع في كفرهم لنكارهم بعض ما علم
مجيء الرسول به ضرورة وذكر الخلف من زيادتي) .ونرى( أي نعتقد )أن عذاب القبر( وهو
للكافر والفاسق المراد تعذيبه بأن يرّد الروح إلى الجسد أو ما بقي منه حق لخبري الصحيحين:
»عذاب القبر حق« ،وأنه صلى ال عليه وسّلم مّر على قبرين فقال» :إنهما ليعذبان«) .و( أن
)سؤال الملكين( منكر ونكير للمقبور بعد رّد روحه إليه عن ربه ودينه ونبيه ،فيجيبهما بما يوافق ما
مات عليه من إيمان أو كفر حق لخبر الصحيحين» :إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه
أتاه ملكان فيقعدانه فيقولن له ما كنت تقول في
هذا النبي محمد؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد ال ورسوله ،وأما الكافر أو المنافق فيقول :ل
أدري الخ .وفي رواية لبي داود وغيره :فيقولن له :من ربك وما دينك وما هذا الرجل الذي بعث
فيكم؟ فيقول المؤمن :ربي ال وديني السلم والرجل المبعوث رسول ال ،ويقول الكافر في الثلث
ل أدري .وفي رواية البيهقي :فيأتيه منكر ونكير) .و( أن )المعاد الجسماني( حق قال تعالى) :وهو
الذي يبدأ الخلق ثم يعيده(} ،كما بدأنا أول خلق نعيده{ وأنكرت الفلسفة إعادة الجسام قالوا :وإنما
تعاد الرواح بمعنى أنها بعد موت البدن تعاد إلى ما كانت عليه من التجّرد متلذذة بالكمال أو متألمة
بالنقصان) .وهو( :أي المعاد الجسماني )إيجاد( لجزاء الجسم الصلية ولعوارضه )بعد فناء( لها
)أو جمع بعد تفّرق( لها مع إعادة الرواح إليها فهما قولن) .والحق التوقف( :إذ لم يدل قاطع
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
سمعي على تعين أحدهما ،وإن كان كلم الصل يميل إلى تصحيح الول ،وصّرح به شارحه
الجلل المحلي ،وقد بسطت الكلم على ذلك في الحاشية) .و( أن )الحشر( للخلق بأن يجمعهم ال
للعرض والحساب بعد إحيائهم المسبوق بفنائهم حق ففي الصحيحين أخبار» :يحشر الناس حفاة
ق من
ل« أي :غير مختتنين) .و( أن )الصراط( وهو جسر ممدود على ظهر جهنم أد ّ مشاة عراة غر ً
ل به أقدام أهل النار حق ففي
الشعر وأحّد من السيف يمّر عليه جيع الخلئق فيجوزه أهل الجنة وتز ّ
الصحيحين أخبار» :يضرب الصراط بين ظهري جهنم ومرور المؤمنين عليه متفاوتين وأنه
ل به أقدام أهل النار فيها) .و( أن )الميزان( وهو جسم محسوس ذو لسان وكفتين مزلة« .أي تز ّ
يعرف به مقادير العمال بأن توزن به صحفها أو هي بعد تجسمها) .حق( لخبر البيهقي» :يؤتى
بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان الخ«) .والجنة والنار مخلوقتان الن( .يعني قبل يوم الجزاء
للنصوص الواردة في ذلك نحو) :أعّدت للمتقين( )أعدت للكافرين( وقصة آدم وحّواء في إسكانهما
الجنة وإخراجهما
منها ،وزعم أكثر المعتزلة أنهما يخلقان يوم الجزاء لقوله تعالى} :تلك الدار الخرة نجعلها للذين ل
يريدون علّوا في الرض ول فسادا{ قلنا نجعلها بمعنى نعطيها ل بمعنى تخلقها مع أنه يحتمل الحال
والستمرار) .ويجب على الناس نصب إمام( يقوم بمصالحهم كسّد الثغور وتجهيز الجيوش وقهر
المتغلبة والمتلصصة لجماع الصحابة بعد وفاة النبي صلى ال عليه وسّلم على نصبه حتى جعلوه
أهم الواجبات ،وقّدموه على دفنه صلى ال عليه وسّلم ولم يزل الناس في كل عصر على ذلك.
ل( ،فإن نصبه يكفي في الخروج عن عهدة النصب ،وقيل ل بل )ولو( كان من ينصب )مفضو ً
يتعين نصب الفاضل وزعمت الخوارج أنه ل يجب نصب إمام وبعضهم وجوبه عند ظهور الفتن
دون وقت المن وبعضهم عكسه والمامية وجوبه على ال تعالى) .ول نجّوز( نحن أيها الشاعرة.
)الخروج عليه( :أي على المام وجّوزت المعتزلة الخروج على الجائر لنعزاله بالجور عندهم.
)ول يجب على ال( تعالى )شيء( لنه خالق الخلق ،فكيف يجب لهم عليه شيء ،ولنه لو وجب
عليه شيء لكان لموجب ول موجب غير ال ،ول يجوز أن يكون بإيجابه على نفسه لنه غير
معقول وأما نحو} :كتب ربكم على نفسه الرحمة{ فليس من باب اليجاب واللزام بل من باب
التفضل والحسان .وقالت المعتزلة :يجب عليه أشياء منها الجزاء على الطاعة والعقاب على
المعصية ومنها اللطف بأن يفعل في عباده ما يقّربهم إلى الطاعة ويبعدهم عن المعصية بحيث ل
ينتهون إلى حّد اللجاء ،ومنها الصلح لهم في الدنيا من حيث الحكمة والتدبير.
)
ونرى( أن نعتقد )أن خير البشر بعد النبياء صلى ال عليهم وسلم أبو بكر( خليفة نبينا )فعمر
ي( أمراء المؤمنين )رضي ال عنهم( لطباق السلف على خيرتهم عند ال بهذا الترتيب، فعثمان فعل ّ
ي ،وذكر خيرية الربعة على أمم غير وقالت الشيعة ،وكثير من المعتزلة :الفضل بعد النبياء عل ّ
نبينا من زيادتي) .و( نرى )براءة عائشة(رضي ال عنها من كل ما قذفت به لنزول القرآن ببراءتها
قال تعالى} :إن الذين جاءوا بالفك{ اليات) .ونمسك عما جرى بين الصحابة( :من المنازعات
والمحاربات التي قتل بسببها كثير منهم ،فتلك دماء طهر ال منها أيدينا فل نلوث بها ألسنتنا ،ولنه
صلى ال عليه وسّلم مدحهم وحذر عن التكلم فيما جرى بينهم فقال» :إياكم وما شجر بين أصحابي،
فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مّد أحدهم ول نصيفه«) .ونراهم مأجورين( في ذلك ،لنه مبني
على الجتهاد في مسألة ظنية للمصيب فيها أجران على اجتهاده وإصابته وللمخطىء أجر على
اجتهاده كما في خبر الصحيحين» :إن الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله
أجر«) .و( نرى )أن أئمة المذاهب( الربعة )وسائر أئمة المسلمين( أي باقيهم )كالسفيانين( الثوري
وابن عيينة والوزاعي وإسحاق بن راهويه وداود الظاهري) .على هدى من ربهم( ،في العقائد
وغيرها ول التفات لمن تكلم فيهم بما هو بريئون منه) .و( نرى )أن( أبا الحسن )الشعري( وهو
من ذّرية أب موسى الشعري الصحابي )إمام في السة( أي الطريقة المعتقدة )مقّدم( فيها على غيره
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ول النفات لمن تكلم فيه بما هو برءي منه) .و(نرى )أن طريق( الشيخ أبي القاسم )الجنيد( سيد
ل )طريق مقّوم( :أي مسّدد لنه خال من البدع دائر على التسليم والتفويضالصوفية علما وعم ً
والتبّري من النفس ،ومن كلمه الطريق إلى ال تعالى مسدود على خلقه ل على المقتفين ،آثار
رسول ال صلى ال عليه وسّلم ،وكان يتستر بالفقه ،ويفتي على مذهب شيخه أبي ثور ول التفات
لمن رماه وأتباعه بالزندقة عند الخليفة السلطان أبي الفضل جعفر المقتدر) .ومما ل يضّر جهله( في
العقيدة بخلف ما قبله في الجملة) ،وتنفع معرفته( فيها ما يذكر إلى الخاتمة ،وهو )الصح أن
وجود الشيء( في الخارج واجبا كان أو ممكنا) .عينه( :أي ليس زائدا عليه وقيل غيره أي زائدا
عليه بأن يقوم به من حيث هو أي من غير اعتبار الوجود والعدم وإن لم يخل عنهما وقيل عينه في
الواجب وغيره في الممكن ،وعلى الصح) .فالمعدوم( الممكن الوجود )ليس( في الخارج )بشيء
ول ذات ول ثابت( :أي ل حقيقة له في الخارج ،وإنما يتحقق بوجوده فيه )و( الصح )أنه( :أي
المعدوم المذكور )كذلك( :أي ليس في الخارج بشيء ول ذات ول ثابت )على المرجوح( .وقالت
طائفة من المعتزلة :إنه شيء أي حقيقة متقّررة) .و( الصح )أن السم( هو )المسمى( ،وقيل غيره
ل غيرها ،والمراد بالول المنقول عن الشعري في اسم ال وعن كما هو المتبادر فلفظ النار مث ً
غيره مطلقا أن السم المدلول والمسمى في الجامد الذات من حيث هي ،وفي المشتق عند الشعري
الذات باعتبار الصفة وعند غيره هما معا ،فالسلم في الجامد عند الشعري وغيره هو المسمى،
ل سواه ،وفي المشتق عنده غيره إن كان صفة فعل كالخالق ول عينه ول فل يفهم من اسم ال مث ً
غيره إن كان صفة ذات كالعالم وعند غيره هو المسمى كما في الجامد ،ول يخفى أن الخلف فيما
ذكر لفظي) .و( الصح )أن أسماء ال توقيفية( أي ل يطلق عليه اسم إل بتوقيف من المشّرع.
وقالت المعتزلة :ومن وافقهم يجوز أن يطلق عليه السماء الئق معناها به ،وإن لم يرد بها الشرع.
)و( الصح )أن للمرء أن يقول أنا مؤمن إن شاء ال( :وإن اشتمل على التعليق خوفا من سوء
الخاتمة المجهولة وهو الموت على الكفر والعياذ بال تعالى ،ودفعا لتزكية النفس أو تبركا بذكر ال
تعالى ،أو تأّدبا وإحالة للمور على مشيئة ال تعالى ،فهو أعم من قوله يقول :أنا مؤمن إن شاء ال
خوفا من سوء الخاتمة) .ل شكا في الحال( في اليمان ،فإنه في الحال متحقق له جازم باستمراره
عليه إلى الخاتمة التي يرجو حسنها ومنع أبو حنيفة وغيره أن يقول ذلك ليهامه الشك المذكور،
ويرّد بأن إيهام الشك ل يقتضي منع ذلك وإنما يقتضي أنه خلف الولى وهو كذلك ،إذ الولى
الجزم كما جزم به السعد التفتازاني كغايره أما إذا قاله شكا في إيمانه فهو كافر) .و( الصح )أن
تمتيع الكافر( :أي تمتيع ال له بمتاع الدنيا) .استدراج( من ال له حيث يمتعه مع علمه بإصراره
على الكفر إلى الموت فهو نقمة عليه يزداد بها عذابه كالعسل المسموم .وقالت المعتزلة :إنه نعمة
يترتب عليها الشكر وتعبيري بتمتيع أولى من تعبيره بملذ لسلمته من التجوز في إطلق
الستدراج على الملذ لنه معنى وهي أعيان) ،و( الصح )أن المشار إليه بأنا الهيكل المخصوص(
المشتمل على النفس ،لن كل عاقل إذا قيل له ما النسان يشير إلى هذه البنية المخصوصة ،ولن
الخطاب متوجه إليها .وقال أكثر المعتزلة وغيرهم هو النفس لنها المدبرة ،وقيل مجموع الهيكل
والنفس كما أن الكلم اسم لمجموع اللفظ والمعنى) ،و( الصح )أن الجوهر الفرد وهو الجزء الذي
ل يتجزأ ثابت( في الخارج ،وإن لم ير عادة إل بانضمامه إلى غيره ونفاه الحكماء )و( الصح )أنه
ل،
ل حال أي ل واسطة بين الموجود والمعدوم( ،وقيل :إنها ثابتة كالعالمية واللونية للسواد مث ً
وعلى الول ذلك ونحوه من المعدوم ،لنه أمر اعتباري والقائل بالثاني عرفها بأنها صفة لموجود ل
توصف بوجود ول عدم ،أي :أنها غير موجودة في العيان ول معدومة في
الذهان) .و( الصح )أن النسب والضافات أمور اعتبارية( يعتبرها العقل ل وجود لها في الخارج
كما هو عند أكثر المتكلمين قالوا :إل الين فموجود وسموه كونا وجعلوا أنواعه أربعة :الحركة
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
والسكون والجتماع والفتراق ،وقال أقلهم :والحكماء العراض النسبية موجودة في الخارج وهي
سبعة الين وهو حصول الجسم في المكان والمتى وهو حصول الجسم في الزمان ،والوضع وهو
هيئة تعرض للجسم باعتبار نسبة أجزائه بعضها إلى بعض ونسبتها إلى المور الخارجة عنه كالقيام
والنتكاس والملك وهو هيئة تعرض للجسم باعتبار ما يحيط به ،وينتقل بانتقاله كالتقمص والتعمم،
وأن انفعل وهو تأثير الشيء في غيره ما دام يؤثر ،وأن ينفعل وهو تأثر الشيء عن غيره ما دام
يتأثر كحال المسخن ما دام يسخن والمتسخن ما دام يتسخن ،والضافة وهي نسبة تعرض للشيء
بالقياس إلى نسبة أخرى كالبوة والبنوة وهذه السبعة من جملة المقولت العشرة والثلثة الباقية
الجوهر والكم والكيف وهي معروفة في الكتب الكلمية ،وبما تقرر علم أن قولي كغيري
والضافات من عطف الخاص على العام ،وإنما لم أعبر عنها بالنسب لن فيها كلما مر .وأحيل
على ذكرها هنا) .و( الصح )أن العرض ل يقوم بعرض( :وإنما يقوم بالجوهر الفرد أو المركب.
أي الجسم كما مر وجوز الحكماء قيامه بالعرض ،إل أنه بالخرة تنتهي سلسلة العراض إلى
جوهر أي :جوزوا اختصاص العرض بالعرض اختصاص النعت بالمنعوت كالسرعة والبطء
للحركة ،وعلى الول هما عارضان للجسم وليسا بعرضين زائدين على الحركة ،لنها أمر ممتد
يتخلله سكنات أقل أو أكثر باعتبارها تسمى الحركة سريعة وبطيئة.
)و( الصح أن العرض )ل يبقى زمانين( بل ينقضي ويتجّدد مثله بإرادته تعالى في الزمان الثاني،
وهكذا على التوالي حتى يتوهم من حيث المشاهدة أنه مستمر باق .وقال الحكماء إنه يبقى إل
الحركة والزمان والصوات) .و( الصح أن العرض )ل يحل محلين( وإل لمكن حلول الجسم
الواحد في مكانين في حالة واحدة وهو محال ،وقال قدماء الفلسفة :القرب ونحوه مما يتعلق
بطرفين يحل محلين ،وعلى الول قرب أحد الطرفين مخالف لقرب الخر بالشخص وإن تشاركا
في الحقيقة) .و( الصح )أن( العرضين )المثلين( بأن يكونا من نوع )ل يجتمعان( في محل واحد إذ
لو قبلهما المحل لقبل الضدين ،إذ القابل لشيء ل يخلو عنه أو عن مثله أو عن ضده واللزم باطل
وجوزت المعتزلة اجتماعهما محتجين بأن الجسم المغموس في الصبغ ليسوّد يعرض له سواد ،ثم
آخر فآخر إلى أن يبلغ غاية السواد بالمكث .قلنا :عروض السواد آت له ليس على وجه الجتماع بل
على وجه البدل فيزول الول ويخلفه الثاني ،وهكذا بناء على أن العرض ل يبقى زمانين كما مر،
)كالضدين( .فإنهما ل يجتمعان كالسواد والبياض ل كالبياض والخضرة لنهما ليسا في غاية
الخلف )بخلف الخلفين( ،وهما أعم من الضدين فإنهما يجتمعان كالسواد والحلوة ،وفي كل من
القسام يجوز ارتفاع الشيئين نعم يمتنع في ضّدين ل ثالث لهما) .والنقيضان ل يجتمعان ول
يرتفعان( :كالقيام وعدمه ،ودليل الحصر فيما ذكر أن المعلومين إن أمكن اجتماعهما فالخلفان
والفان لم يمكن ارتفاعهما فالنقيضان أو الضدان اللذان ل ثالث لهما ،وإل فإن اختلفت حقيقتهما
فالضدان اللذان لهما ثالث وإل فالمثلن ،وفائدته أنه ل يخرج عن الربعة شيء إل ما تفرد ال به
ل.
لنه تعالى ليس ضّدا لشيء ول نقيضا ول خلفا ول مث ً
)و( الصح )أن أحد طرفي الممكن( وهما الوجود والعدم )ليس أولى به( من الخر ،بل هما بالنظر
إلى ذاته جوهرا كان أو عرضا على السواء ،وقيل العدم أولى به مطلقا لنه أسهل وقوعا في
الوجود لتحققه بانتفاء شيء من أجزاء العلة التامة للوجود المفتقر في تحققه إلى تحقق جميعها ،وقيل
أولى به في العراض السيالة كالحركة والزمان والصوت دون غيرها وقيل الوجود أولى به عند
وجود العلة وانتفاء الشرط لوجود العلة وإن لم يوجد هو لنتفاء الشرط) .و( الصح )أن( الممكن
)الباقي محتاج( في بقائه) ،إلى مؤثر( ،كما يحتاج إليه في ابتداء وجوده ،وقيل ل كما ل يحتاج بقاء
البناء بعد بنائه إلى فاعل) .سواء( على الول )قلنا إن علة احتياج الثر( :أي الممكن في وجوده
)إلى المؤثر( :أي العلة التي لحظها العقل في ذلك) ،المكان( :أي استواء الطرفين بالنظر إلى
الذات( )أو الحدوث( :أي الخروج من العدم إلى الوجود) ،أو هما( على أنهما )جزآ علة أو المكان
بشرط الحدوث( وهي )أقوال( :فيحتاج الممكن في بقائه إلى مؤثر على الول ،لن المكان ل ينفك
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
عنه ،وعلى جميع بقيتها ،لن شرط بقاء الجوهر العرض والعرض ل يبقى زمانين فيحتاج في كل
زمان إلى المؤثر) .و( الصح )أن المكان( الذي ل خفاء في أن الجسم ينتقل عنه ،وإليه ويسكن فيه
فيلقيه بالمماسة أو النفوذ كما سيأتي معناه اصطلحا) .بعد مفروض( :أي مقدر )ينفذ فيه بعد
الجسم وهو( :أي هذا البعد) .الخلء والخلء جائز عندنا والمراد به كون الجسمين ل يتماسان ول(
يكون )بينهما ما يماسهما( ،فهذا الكون الجائز هو الخلء الذي هو معنى البعد المفروض الذي هو
معنى المكان فيكون خاليا عن الشاغل ،وقيل المكان السطح الباطن للحاوي المماس للسطح الظاهر
من المحوى كالسطح الباطن للكوز المماس للسطح الظاهر من الماء الكائن فيه ،وقيل هو بعد
موجود ينفذ فيه بعد الجسم بحيث ينطبق عليه ،وخرج بقيد النفوذ فيه بعد الجسم ،والترجيح من
زيادتي،
وعلى ما رجحته جمهور المتكلمين والقولن بعده للحكماء أّولهما لرسطو وأتباعه ،وعليه بعض
المتكلمين ،وثانيهما لشيخه أفلطون وأتباعه ،وخرج بزيادتي عند الحكماء فمنعوا الخلء أي :خلّو
المكان بمعناه عندهم عن الشاغل إل بعض قائلي الثاني فجوزوه ،واحتج مجوزه بأنه لو لم يكن في
العالم خلء ،بل كان العالم كله مل لزم من تحرك بقة تدافع العالم بأسره وهو باطل ،واحتج مانعه
ب الماء لمزاحمة الهواء له حتى
ب في إناء مشبك أعله ،فإن الهواء يخرج عند ص ّ بأن الماء إذا ص ّ
يسمع لهما صوت عند تزاحمهما ،أما معنى المكان لغة ،فقال ابن جني :ما حاصله ما وجد فيه
سكون أو حركة.
)و( الصح )أن الزمان( معناه اصطلحا )مقارنة متجّدد موهوم لمتجدد معلوم( إزالة للبهام من
الول بمقارنته للثاني كما في آتيك عند طلوع الشمس ،وقيل :هو جوهر ليس بجسم ول جسماني،.
أي :داخل في الجسم فهو قائم بنفسه مجرد عن المادة ،وقيل فلك معّدل النهار وهو جسم سميت
دائرته أي منطقة البروج منه بمعدل النهار لتعادل الليل والنهار في جميع البقاع عند كون الشمس
عليها ،وقيل عرض فقيل حركة معدل النهار ،وقيل مقدارها ،والقول الصح قول المتكلمين
والقوال بعده للحكماء ،أما معناه لغة فالمدة من ليل أو نهار) .ويمتنع تداخل الجواهر( :هو أعم من
قوله تداخل الجسام أي دخول بعضها في بعض على وجه النفوذ فيه من غير زيادة في الحجم لما
فيه من مساواة الكل للجزء في العظم) .و( يمتنع )خلّو الجوهر( مفردا كان أو مركبا )عن كل
العراض( بأن ل يقوم به واحد منها بل يجب أن يقوم به عند وجوده شيء منها لنه ل يوجد بدون
التشخص والتشخص ،إنما هو بالعراض )والجسم غير مركب منها( :لنه يقوم بنفسه بخلفها.
)وأبعاده( :أي الجسم من طول وعرض وعمق )متناهية( :أي لها حدود تنتهي إليها وزعم بعضهم
أن لها حدودا ل نهاية لها ،وتعبيري بالجسم أولى من تعبيره بالجوهر) ،والمعلول يعقب علته رتبة(
اتفاقا.
)والصح( ما قاله الكثر وصححه النووي في أصل الروضة )أنه يقارنها زمانا( عقلية كانت
كحركة المفتاح بحركة اليد أو وضعية بوضع الشارع أو غيره كقولك لعبدك :إن دخلت الدار فأنت
حّر ،وكقول النحاة الفاعلية علة للرفع ،وقيل يعقبها مطلقا ،واختاره الصل تبعا لوالده ،لنه لو قال
لغير موطوءة :إذا طلقتك فأنت طالق ،ثم قال لها :أنت طالق وقعت المنجزة دون المعلقة فلو قارن
المعلول علته لوقعت المعلقة أيضا ،وقد يرّد بأن عدم وقوعها لتقدم المنجزة رتبة فلم يكن المحل
ل للطلق ،وقيل يعقبها إن كانت وضعية ل عقلية) .و( الصح )أن اللذة( الدنيوية من حيث تعيين قاب ً
مسماها ،وإن كانت في نفسها بديهية) .ارتياح( :أي نشاط للنفس) .عند إدراك( لما يلئم الرتياح.
)فالدراك ملزومها( :أي ملزم اللذة ل نفسها ،وقيل هي الخلص من اللم بأن تدفعه ،ورّد بأنه قد
يلتذ بشيء من غير سبق ألم بضده كمن وقف على مسألة علم أو كنز مال فجأة ومن غير خطورهما
بالبال وألم الشوق إليهما ،وقيل هي إدراك الملئم فإدراك الحلوة لذة تدرك بالذائقة ،وإدراك الجمال
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
لذة تدرك بالباصرة ،وإدراك حسن الصوت لذة تدرك بالسامعة .وقال المام الرازي :هي في
الحقيقة ما يحصل بإدراك المعارف العقلية .قال :وما يتوهم من لذة حسية كقضاء شهوتي البطن
والفرج أو خيالية كحب الستعلء والرياسة فهو في الحقيقة دفع آلم بلذة الكل والشرب والجماع
ي لوعيته ،ولذة الستعلء والرياسة دفع ألم القهر والغلبة.
دفع ألم الجوع والعطش ودغدغة المن ّ
)ويقابلها( :أي اللذة )اللم( فهو على الول انقباض عند إدراك ما ل يلئم ،وعلى الثاني ما يحصل
ما يؤلم ،وعلى الثالث إدراك غير الملئم ،وعلى الرابع ما يحصل عند عدم إدراك المعارف) .وما
تصّوره العقل إما واجب أو ممتنع أو ممكن( :لن ذات المتصّور إما أن تقتضي وجوده في الخارج
أو عدمه أو ل تقتضي شيئا منهما بأن يوجد تارة ،ويعدم أخرى .والول الواجب ،والثاني
الممتنع ،والثالث الممكن ،وكل منهما ل ينقلب إلى غيره لن مقتضى الذات لزم لها ل يعقل انفكاكه
عنها.
)أّول الواجبات المعرفة( أي معرفة ال تعالى) .في الصح( ،لنها مبنى سائر الواجبات ،إذ ل يصح
بدونها واجب ،بل ول مندوب ،وقيل أّولهاالنظر المؤدي إلى المعرفة لنه مقدمتها ،وقيل أّولها أول
النظر لتوقف النظر على أّول أجزائه ،وقيل أولها القصد إلى النظر لتوقف النظر على قصده ،والكل
صحيح ،ورجح الول لن المعرفة أول مقصود وما سواها مما ذكر أول وسيلة) .ومن عرف ربه(
بما يعرف به من صفاته )تصّور تبعيده( لعبده بإضلله )وتقريبه( له بهدايته) ،فخاف( من تبعيده
عقابه )ورجا( بتقريبه ثوابه) ،فأصغى( حينئذ )إلى المر والنهي( منه تعالى) ،فارتكب( مأموره.
)واجتنب( منهيه )فأحبه( حينئذ )موله فكان( ،موله )سمعه وبصره ويده واتخذه وليا إن سأله
ي بالنوافلأعطاه وإن استعاذ به أعاذه( :هذا مأخوذ من خبر البخاري» :وما يزال عبدي يتقّرب إل ّ
حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها،
ورجله التي يمشي بها ،وإن سألني أعطيته ،وإن استعاذ بي لعيذنه« .والمراد أنه تعالى يتولى
محبوبه في جميع أحواله فحركاته وسكناته به تعالى ،كما أن أبوي الطفل لمحبتهما له يتوليان جيع
ي الهمة( بطلبه العلّو
أحواله ،فل يأكل إل بيد أحدهما ول يمشي إل برجله إلى غير ذلك) .وعل ّ
لخروي )يرفع نفسه( بالمجاهدة )عن سفساف المور( أي دنيئها من الخلق المذمومة كالكبر اُ
والغضب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الحتمال) .إلى معاليها( من الخلق المحمودة
كالتواضع والصبر وسلمة الباطن والزهد وحسن الخلق وكثرة الحتمال ،وهذا مأخوذ من خبر
البيهقي والطبراني» :إن ال يحب معالي المور ويكره سفسافها«) .ودنيء الهمة( :بأن ل يرفع
نفسه بالمجاهدة عن سفساف المور) ،ل يبالي( بما تدعوه نفسه إليه من المهلكات) ،فيجهل( أمر
ي الهمة ودنيئها) ،صلحا( لك دينه )ويمرق من الدين فدونك( أيها المخاطب بعد أن عرفت حال عل ّ
بعملك الصالح )أو
فسادا( لك بعملك السيىء.أو سعادة( لك برضا اصلى ال عليه وسّلم عليك بإخلصك.
)واعرض( على نفسك )التوبة( حيث ذكرت الموت وخفت مقت ربك وذكرت سعة رحمته لتتوب
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
ل منه تعالى) .وهي الندم( على الذنب من حيث إنه ذنب ،فالندم عما فعلت فتقبل ويعفى عنك فض ً
على شرب الخمر لضراره بالبدن ليس بتوبة ،ول يجب استدامة الندم كل وقت ،بل يكفي
استصحابه حكما بأن ل يقع ما ينافيه) .وتتحقق( التوبة )بالقلع( عن الذنب )وعزم أن ل يعود(
إليه )وتدارك ما يمكن تداركه( من حق نشأ عن الذنب كحق القذف فيتداركه بتمكين مستحقه من
المقذوف أو وارثه ليستوفيه أو يبرئه منه ،فإن لم يمكن تداركه كأن لم يكن مستحقه موجودا سقط
هذا الشرط كما يسقط في توبة ذنب ل ينشأ عنه حق الدمي ،وكذا يسقط القلع في توبة ذنب بعد
الفراغ منه كشرب خمر ،فالمراد بتحقق التوبة بهذه الشروط أنها ل تخرج فيما تتحقق به عنها ل أنه
ل بد منها في كل توبة) .والصح صحتها( :أي التوبة )عن ذنب ولو نقضت( بأن عاود التائب ذنبا
تاب منه فهذه المعاودة ل تبطل التوبة السابقة ،بل هي ذنب آخر يوجب التوبة ،وقيل ل تصح التوبة
السابقة )أو( كانت التوبة )مع الصرار على( ذنب )كبير( ،وقيل ل تصح )و( الصح )وجوبها
عن( ذنب )صغير( ،وقيل ل تجب لتكفيره باجتناب الكبائر ،قال تعالى} :إن تجتنبوا كبائر ما تنهون
عنه نكفر عنكم سيئاتكم{.
)وإن شككت في الخاطر أمأمور( به )أم منهي( عنه )فأمسك( عنه حذرا من الوقوع في المنهى
عنه) .ففي متوضىء يشك( في )أن ما يغسله( غسلة )ثالثة( فتكون مأمورا بها) .أو رابعة( فتكون
منهيا عنها) .قيل( أي قال الشيخ أبو محمد الجويني) .ل يغسل( خوف الوقوع في المنهي عنه،
والصح أنه يغسل لن التثليث مأمور به ولم يتحقق قبل هذه الغسلة ويأتى بها) .وكل واقع( في
الوجود ومنه الخاطر وفعله وتركه كائن) .بقدرة ال وإرادته فهو( تعالى )خالق كسب العبد( :أي
فعله الذي هو كاسبه ل خالقه بأن )قّدر( ال )له قدرة( :هي استطاعته )تصلح للكسب ل لليجاد(،
بخلف قدرة ال فإنها لليجاد ل للكسب) ،فال( تعالى )خالق ل مكتسب والعبد بعكسه( :أي مكتسب
ل خالق فيثاب ويعاقب على مكتسبه الذي يخلقه ال عقب قصده له ،وهذا أي كون فعل العبد مكتسبا
له مخلوقا ل توسط بين قول المعتزلة :إن العبد خالق لفعله لنه يثاب ويعاقب عليه ،وقول الجبرية
ل ،وهو آلة محضة كالسكين بيد القاطع ،وقد يقع في كلم بعض العارفين ما إنه ل فعل للعبد أص ً
يوهم الخبر من نفيهم الختيار ،والفعل عن أنفسهم ،ومرادهم عدم الملحظة لذلك لستغراقهم في
النظر إلى ما منه تعالى ل إلى ما منهم.
)والصح أن قدرته( :أي العبد وهي صفة يخلقها ال عقب قصد الفعل بعد سلمة السباب واللت.
)مع الفعل( ،لنها عرض فل تتقدم عليه وإل لزم وقوعه بل قدرة لمتناع بقاء العراض ،وقيل
قبله لن التكليف قبله فلو لم تكن القدرة قبله لزم تكليف العاجز ،ورّد بأن صحة التكليف تعتمد القدرة
بمعنى سلمة السباب واللت ل بالمعنى السابق ،وهذا من زيادتي .وإذا كان العبد مكتسبا ل خالقا
لكون قدرته للكسب ل لليجاد وكانت قدرته مع الفعل) ،فـ(ـنقول )هي( :أي القدرة من العبد) .ل
تصلح للضدين( :أي التعلق بهما ،وإنما تصلح للتعلق بأحدهما وهو ما يقصده العبد ،إذ لو صلحت
للتعلق بهما لزم اجتماعهما لوجوب مقارنتهما للقدرة المتعلقة ،بل قالوا :إن القدرة الواحدة ل تتعلق
بمقدورين مطلقا سواء أكانا متضادين أم متماثلين أم مختلفين ل معا ول على البدل ،والقول بأنها
ل عن تعلقها بالخر ،وبالعكس إنما يستقيم تفريعه تصلح للتعلق بالضدين على البدل فتتعلق بهذا بد ً
على أنها قبل الفعل ل معه الذي الكلم فيه ،أما على القول بأن العبد خالق لفعله فقدرته كقدرة ال
تعالى ،فتوجد قبل الفعل وتصلح للتعلق بالضدين على البدل ل على الجمع لن القدرة إنما تتعلق
بالممكن واجتماع الضدين ممتنع.
)و( الصح )أن العجز( من العبد )صفة وجودية تقابل القدرة تقابل الضدين( .وقيل :هو عدم القدرة
عما من شأنه القدرة فالتقابل بينهما تقابل العدم والملكة كما أن المر كذلك على القول ،بأن العبد
خالق لفعله ،فعلى الول في الزمن معنى ل يوجد في الممنوع من الفعل مع اشتراكهما في عدم
مكتبة مشكاة السلمية غاية الوصول في شرح لب الصول
التمكن من الفعل ،وعلى الثاني ل بل الزمن ليس بقادر والممنوع قادر أي من شأنه القدرة بطريق
جري العادة) .و( الصح )أن التفضيل بين التوكل والكتساب يختلف باختلف الناس( :فمن يكون
في توكله ل يتسخط عند ضيق الرزق عليه ،ول يتطلع لسؤال أحد من الخلق ،فالتوكل في حقه
أفضل لما فيه من الصبر والمجاهدة للنفس ،ومن يكون في توكله بخلف ما ذكر ،فالكتساب في
حقه أفضل حذرا من التسخط والتطلع ،وقيل الفضل التوكل ،وهو هنا الكف عن الكتساب
والعراض عن السباب اعتمادا للقلب على ال تعالى ،وقيل الفضل الكتساب وإذا اختلف
التفضيل بينهما باختلف الناس) ،فإرادة التجريد( عما يشغل عن ال تعالى) .مع داعية السباب(
من ال في مريد ذلك )شهوة خفية( من المريد) ،وسلوك السباب( الشاغلة عن ال )مع داعية
التجريد( من ال في سالك ذلك) .انحطاط( له )عن الرتبة العلية( إلى الرتبة الدنية ،فالصلح لمن
قدر ال فيه داعية السباب سلوكها دون التجريد ولمن قدر ال فيه داعية التجريد سلوكه دون
السباب) .وقد يأتي الشيطان( للنسان )باطراح جانب ال تعالى في صورة السباب أو بالكسل في
صورة التوكل( ،كيدا منه ،كأن يقول لسالك التجريد الذي سلوكه له :أصلح من تركه له إلى متى
تترك السباب ،ألم تعلم أن تركها يطمع القلوب لما في أيدي الناس ،فاسلكها لتسلم من ذلك ،وينتظر
غيرك منك ما كنت تنتظره من غيرك ويقول لسالك السباب الذي سلوكه لها :أصلح من تركه لها
لو تركتها وسلكت التجريد ،فتوكلت على ال لصفا قلبك ،وأتاك ما يكفيك من عند ال فاتركها
ليحصل لك ذلك .فيؤّدي تركها الذي هو
)والموفق يبحث عنهما( :أي عن هذين المرين اللذين يأتي بهما الشيطان في صورة غيرهما لعله
أن يسلم منهما) ،ويعلم( مع بحثه عنهما) ،أنه ل يكون إل ما يريد( ال كونه أي :وجوده منهما أو
من غيرهما.
ب الصول) ،بحمد ال وعونه جعلنا ال به( ،لما أملناه من كثرة النتفاع به، )وقد تّم الكتاب( أي ل ّ
)مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصّديقين{ :أي أفاضل أصحاب النبيين لمبالغتهم في الصدق
والتصديق) ،والشهداء( :أي القتلى في سبيل ال) ،والصالحين( غير من ذكر) ،وحسن أولئك رفيقا(:
أي رفقاء في الجنة بأن نستمتع فيها برؤيتهم وزيارتهم والحضور معهم ،وإن كان مقرهم في
درجات عالية بالنسبة إلى غيرهم ،ومن فضل ال تعالى على غيرهم أنه قد رزق الرضا بحاله،
وذهب عنه اعتقاد أنه مفضول انتفاء للحسرة في الجنة التي تختلف المراتب فيها على قدر العمال،
وعلى قدر فضل ال على من يشاء من عباده ،وصلى ال وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه كلما
ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.