Professional Documents
Culture Documents
وأدى غ ّياب القراءة المستوعبة والماسحة لفكر هذا أو ذاك واالكتفاء بقراءة جملة أو جمل تين من نت اج ه ذا أو ذاك إلى
صدور أحكام ومنح أوسمة اإلبداع لمن ال يستحقها.
وكثيراً ما وقعت ه ذه اإلنتليجانس يا في ش بهة اإلعج اب ب النص السياس ي واكتفت ب ذلك دون تمحيص النص الفك ري أو
الثقافي والذي قد يكون مناقضا ً جملة وتفصيالً للنص السياسي المحكوم بالحدثية وسرعة التالشي.
وما أشبه الكثير من مثقفينا وأفراد شعوبنا برعية الرشيد ال تي تقب ل الق ول أي ق ول على عواهن ه ,المهم أن يك ون ه ذا
القول صادر عن فالن أو فالن من ال ذين س اهم اإلعالم الع ربي أو الغ ربي في ص نع كاريزم اتهم ..ومث ل ه ذا التعص ب
والتقوقع وعدم القراءة المتوغلة واالكتف اء بظ اهر العب ارة أو ب النص السياس ي المم ّوه والجمي ل ه و ال ذي أفض ى إلى
تعطيل االجتهاد الفقهي والسياسي والفكري والعلمي والحضاري.
ومع مرور األيام يصبح هذا النص أو ذاك بمثابة نص مقدّ س وبديهية ال يجوز الطعن فيه ا ,والعجيب أن بعض ال راكعين
يعرض ون منطقهم االس تداللي
ّ للنص البشري ثقافيا ً كان أو سياسيا ً يجيزون ألنفس هم الطعن في النص الس ماوي ,وبه ذا
مرض الشيزوفرينيا الفكرية ,والثنائية التي حولّت المطلق إلى نسبي ,والكل إلى جزء ,والعام إلى خاص ...
وهذا ينطبق على النص الثقافي والفكري لعزمي بشارة الذي قبله كثيرون واستساغه مثقفون دون محاول ة التوق ف عن
نصوصه ومدلوالته ..
والمغالطة األولى التي انزلق فيها كثيرون إطالق صفة مفكر أو منتج أفكار على عزمي بشارة ,وزادوه من القصيدة بيتا ً
يز نص ه بالتن اقض فاعتبروه مفك راً عربي ا ً بامتي از ومرجع ا ً ومنظ راً للثقاف ة العربي ة ,وع زمي بش ارة نفس ه ال ذي تم ّ
والتضارب والتناطح والذي ينم عن غياب المبنى الفكري والمستند الثقافي الخاص بعزمي بشارة لم يكش ف عن المفك ر
العربي أو المبدع العربي الذي صاغ خطه الفكري أو على األقل أثر عليه إذا قلنا أن عزمي ولد مفكراً.
أجري معه أنه " :تلميذ كارل ماركس وإيمانويل كانت وهيغل وم اكس في بر ،ومدرس ة فرانكف ورت
ّ فهو يقول في حوار
النقدية " ويتابع قائالً :
وهنا التناقض الكبير كيف يمكن لكارل ماركس الغربي صاحب كتاب الرأسمال أن يصيغ عقلية مفكر عربي؟
وكيف يمكن إليمانويل كانت الفيلسوف األلماني أحد الدعاة إلى التنوير أن يكون ملهما لمفكر عربي ,والذي جعله ع زمي
بشارة مرتكزا لتفكيره ودعوته للتنوير في بداية حياته الفكرية؟
فعزمي بشارة في تأثره بجيل التنويريين لم يأت بجديد بل هو يش به قاس م أمين وط ه حس ين ورفاع ة الطهط اوي وك ل
مؤسسي النيوليبيرالية ,وما ه ذا الفك ر الع ربي ال ذي قوام ه االس تنباط من رؤى وأفك ار ص اغتها عق ول غربي ة ,أيكفي
تعريب هذه األفكار ,لتصبح ضمن نسيج الفكر العربي ..
تتجس د عن دما ينطل ق من الواق ع الع ربي واإلنس ان الع ربي ومش كالته ,وه ذا
ّ أليس الفكر وليد البيئة ,أليس ق وة الفك ر
سيؤول بنا إلى إعادة تسويق إش كالية المفك رين الغرب يين ب أن الع رب لم يب دعوا فلس فة وال فك راً ,ب ل إن فلس فتهم هي
امتداد لفلسفة اليونان ,وفكرهم اقتباس من العصر التنويري الغربي.
" وال شك أن الفكرة القومي ة فك رة غربي ة ،مث ل فك رة المجتم ع في مقاب ل الجماع ة ،والمجتم ع الم دني وح تى الدول ة
الحديثة.
ال يمكن أبدا استنساخ نشوء العملية األصلية لنشوء القومية والديمقراطية.
ومدلول نص عزمي بشارة أن العقل العربي – نقول تجاوزاً عقالً عربيا ً – لم ينتج شيئاً ,لم يبدع شيئاً ,ال المنطلق ات وال
المرتكزات النظرية ,كل ما في نصوص المفكرين القوميين مفردات لخطاب ثقافي تابع لمجموع االمبريالية الغربي ة ال تي
انتفض العقل العربي ضدّ نصها السياسي وأستورد نصها الثقافي ,وبما أن ك ل تل ك المنطلق ات غربي ة التأس يس ,فكي ف
يكون عزمي بشارة مفكراً أو منتجا ً لفك رة عربي ة ,ب ل كي ف يك ون الفك ر الق ومي مب دعا ً وك ل م ا يملك ه أفك ار غربي ة
مستعربة ومعربة ...
ونظراً لهذا الخلط وعدم التأسيس لمدرسة فكرية واضحة المنطلقات ,عربية المرتكزات فإن مسألة يسارية عزمي بشارة
واقتباسه من مفكرين ليبراليين رأسماليين فيها الكثير من االهتزاز الفكري ,وينطبق على عزمي وأمثاله المصطلح ال ذي
استخدمه توفيق الحكيم " إشترورأسمال " ,وألجل هذا التناقض واالهتزاز في المباني الفكرية القومية ,لم ينجح أصحاب
هذه المدرسة في إيجاد حلول واقعية لألمراض التي أصبحت مزمن ة في الواق ع الع ربي ,وعن دما وص لت ه ذه المدرس ة
وبعض أتباعها إلى دوائر القرار عجزوا عن رسم مسار فكري للدولة ,وأصبحوا كما قال الحكيم " إشترورأسماليين ".
ف الليبراليون الج دد ك انوا يس اريين وماركس يين – تمام ا ً كم ا ك ان وال د ع زمي بش ارة عض واً في الح زب الش يوعي
اإلسرائيلي وتأثر بهذا الفكر عزمي بشارة -في ف ترات تاريخي ة س ابقة وعن دما ك انوا يواجه ون بالديكتاتوري ة اللينين ة
واإلجرام الستاليني – معروف أن ستالين أباد نصف سكان الشيشان – وحقائق س يبريا والمفك رين المنف يين إلى هن اك,
كانوا يردّ ون بأنّ النظرية شيء والتطبيق شيء آخر ,وأنّ الماركسية الرائعة كما كانت في نظرهم ل ّما تط ّبق أل ّنه وحس ب
تعبير كارل م ارس في الرأس مال ف إنّ الماركس ية مرحل ة مت أخرة وتتحق ق في نهاي ة المط اف عن دما ت ذوب الدول ة في
الجماعة وبهذا الشكل دافعوا عن الماركسية وحتى لما وافق اإلتحاد السوفيتي السابق على تقس يم فلس طين ,وافقت تلكم
الفئة على التقسيم باعتبار أنّ قرار موسكو معصوم وال يرقى إليه الشكّ...
وهذا االضطراب في األفكار واقتباسها وعدم وجود قاعدة معرفية للفكر القومي أفضى بهذا الفكر كما يق ول ع زمي بش ر
إلى تحوله إلى فكر مخيف مفرز للرعب أو كما قال :
على الفكر القومي أن يعلن عن نفسه في النظرية والممارسة هل هو فكر قومي ديمقراطي أم ال ،هل يدفع باتجاه العدال ة
االجتماعية ضد الخصخصة للـ”حرام ِّية” الجدد ،والنوفوريش وضد رأسمالية الدولة الفاسدة؟ أم ال؟
لم يع د بإمك ان التنظيم الق ومي أن يعفي نفس ه من اإلجاب ة عن أس ئلة المواطن ة والديمقراطي ة السياس ية والسياس ة
االقتصادية وعالقة الدين بالدولة وسياسة الرفاه والتعليم وغيرها "
و ه ذه النص وص و النص وص المض ادة من ع زمي بش ارة ت تيح لن ا الخل وص إلى نتيج ة أن ع زمي ليس منتج ا
لإلبستمولوجيا ككيان موحد ومتمتع بالتسلسل المنطقي لميالد الفكرة وصيرورتها ومآلها ,فهو مع الفكر القومي الع ربي
المتصل بالفكر التنويري التغريبي المفضي إلى التفجير والتدمير في مرحل ة التط بيق ,وع ادة ال ذين يق رؤون له ذا وذاك
بدون أدوات نقدية حضارية ,يصابون بالتكديس المعرفي والثقافي والفكري كما يقول مال ك بن ن بي وهم ال ذين ال يتم يز
فك رهم بل ون معين أو رائح ة معين ة ,وهن ا يص عب على الفك ر المس طح فهمهم أو نق دهم ,ويكتفي ه ذا العق ل المس طح
بالتصفيق فقط عندما يستوعب أو يتخيل أنه استوعب جملة لمكدس ثقافي وناقل أفكار غيره ومتأثر بإنتاج غيره كما هو
شأن عزمي بشارة ...
وهذا الداء الذي يم ّي ز عزمي بشارة في منطلقاته الفكرية نسبه إلى المقاومات العربي ة اللبناني ة والعراقي ة والفلس طينية,
والتي تدعي أنها تملك " ثقافة مقاومة " رغم إدعاء هذه المقاومات أنه ا تحتكم إلى المرجعي ة اإلس المية وعلى رأس ها
القرآن الكريم ,فهذه المقاومات لديها موقف سياسي وليس ثقافة ,و في ذلك يقول :
" ال يمكن الحديث عن ثقافة سياسية واحدة للمقاومة ،أو عن ثقافة بعينها تحملها المقاومة.
أما إذا كان الحديث حول "ثقافة المقاومة" كمصطلح ،فالمقصود هو موقف سياسي يرفض التعامل مKKع االحتالل ويKKرفض
العزوف عن السياسة في ظل االحتالل ،ويؤمن بأنه يجب فعل شKيء لكي ينKدحر .ويKترتب على هKذا الموقKKف ،كمKا يKترتب
على نقيضه ،مجموعة مسلكيات ...وكل هذا ال يكفي لكي يعيِّن ثقافة تميز المقاومة وتتميز عن غيرها ".
وفي السياق ذاته يقول عزمي بشارة :
" المقاومة ورفض االحتالل األجنبي بما فيه القيم االجتماعيKKة الKKتي تسKKانده مثKKل الخنKKوع وقبKKول الوصKKاية والتعKKاون مKKع
االحتالل ،هي شروط ضرورية ألية نهضة عربية.
ولكنها ليست شروطا كافية.
فيمكن أن تشمل المقاومة برامج غير ديمقراطية في بناء المجتمع بعد االحتالل ،وفكراً مذهبيا ً يفKرق األمKة ،ويشKق وحKدة
الوطن ،ويفرغ المواطنة من أي مضمون"
ومن ب اب االس تنتاج المنطقي فالمقاوم ة ال تمل ك ب رامج حكم ,وال ب رامج سياس ية ,هي بالتأكي د س تؤدي إلى الف راغ و
التدهور ,والفكر القومي لدى التطبيق قد يؤدي إلى التدهور ,فما ذا يكون البديل يا ترى ,األسرلة مثالً!
الحلقة الخامسة
حاول الزميل والصديق فيصل القاسم الجمع بيKKني وبين عKKزمي بشKKارة في االتجKKاه المعKKاكس ,إالّ أنKKه لم يفلح ,ففي الKKوقت
الذي أبديت استعدادي الفوري للتوجه إلى الدوحة ألناظر عزمي بشارة ,فإن بشارة ال يرغب في مثل هذه المناظرات!
وقد دعاه فيصل القاسم سابقا ً فكان يرفض ويبدو أن نرجسيته ترفض أن يظهر في مثل أشKKهر برنKKامج سياسKKي في العKKالم
العربي – االتجاه المعاكس – والذي قKالت عنKه أشKهر مؤسسKة اسKتطالع – مؤسسKة نيلسKون -في العKالم أن مشKاهدي
برنامج االتجاه المعاكس بلغ 78مليون مشاهداً!؟
والواقع لقد اُبتليت الساحة الفلسطينية بالجفKKاف الفكKKري والعقم الفلسKKفي وعKKدم القKKدرة على إنتKKاج رؤيKKة عمليKKة لتحريKKر
فلسطين ,التي ما زالت ُمحتلة إلى يومنا هذا رغم مرور أزيد من 100سنة على بداية تهاطل المحتلين الصهاينة عليها.
وعدم القدرة على تفكيك الكيان الصهيوني ليس له تفسيرات كثيرة ,والتفسيرات محصورة في عدم قKKدرة العقKKل السياسKKي
الفلسKKطيني على إنتKKاج رؤى عمليKKة للتحريKKر ,صKKحيح أن الفلسKKطينيين قKKدموا مئKKات آالف الشKKهداء على طريKKق الحريKKة
والتحرير ,لكن كانت هذه الدماء المراقة محل متاجرة وبيع وشKراء من قبKل النخب الفلسKطينية الKتي أثKرت من بيKع الKذمم
وقبض عموالت وتبرعات لم تذهب لصالح القضية الفلسطينية بل ذهبت لصالح الحسابات و األرصدة الخاصة.
وعزمي بشارة الKذي رفعت من شKأنه بعض الصراصKير والKدهماء ,لم يؤلKف كتابKا ً أو كتيبKا ً أو مقKاالت عن آليKات تفكيKك
الكيان الصهيوني رغم أنّه عاش ردحا ً من الزمن في بحبوحة الكنيست وشيكالته الكثKيرة ,وكKان قKادراً على رسKم خارطKة
طريق لتفكيك هذا الكيان الصهيوني ,وبدل أن يسKKتنفذ الجهKKد لبلKKورة مشKKروع تحKKرري من الKKداخل الفلسKKطيني ,فقKKد وجKKه
سهامه إلى النظام الرسمي العربي وراح يبحث عن الدي ُمقراطية المفقKKودة في العKKالم العKKربي ,بKKدالً من أن يبحث عن سKKبل
تفعيل الفعل التحرري الفلسطيني.
Kب في خدمKKة القضKKية الفلسKKطينية ,وقKKد اعKKترف وبهذه المنهجية حرفّ العقل الفلسطيني باتجاه آخر و رسم له دربا ً ال يصّ K
بهذه الحقيقة العديد من رمKKوز السKKاحة الفلسKKطينية الKKذين إلتقيتهم في الخKKارج الفلسKKطيني ومنهم مKKاهر الطKKاهر مسKKؤول
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الخارج ,وأحمKKد جبريKل األمين العامKKة للجبهKKة الشKKعبية القيKKادة العامKKة ,وموسKKى أبKKو
مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ,وعباس زكي سفير فلسطين في لبنKKان ,ومنKKير شKKفيق ممثKKل منظمKKة
التحرير الفلسطينية سابقا ً في لبنان وعشرات القياديين الذين حاورتهم وأمدوني بأسرار كبيرة عن عفونة الKKبيت وحاجتKKه
إلى إعادة الترتيب سواء البيت الوطني أو اإلسالمي الممثل بحركة حماس وغيرها من التنظيمات اإلسالمية.
وهذه العفونة السياسية والفكرية تحول دون تحقيق المراد وهو التحرير ,وإذا كان هللا تعKالى في قرآنKه قKال :أن تنصKروا
هللا ينصركم ,فإنّ عدم تحقق النصر معناه أن شروطه لم تتحقق بعد ,هKKذا في المنطKKق اإلسKKالمي ,أمKKا في المنطKKق الوطKKني
والتاريخي فإنّ تأخر النصر في فلسطين مرده إلى وجود أخطاء جسيمة في العقل السياسKKي الفلسKKطيني العKKاجز عن إنتKKاج
النصر ,وكيف ينتج هذا العقل النصر إذا كان أمثال عزمي بشارة مرجعا ً فكريا ً للحالة الفلسطينية.
وقد التقيت المثقف الفلسطيني ماهر الطاهر في مكتبه في دمشق ,وقلت لKه أنت تطKالب بإعKادة صKياغة الرؤيKة السياسKKية
وهذا يدعو إلى التساؤل واقعا ً ,ففي الجانب اإلسرائيلي منذ ثيودور هرتزل وإلى إيهود أولمرت ونتنياهو ,الرؤية السياسية
واحدة ,فلماذا لم يكن للفصائل الفلسطينية رؤية واحدة؟
فأجاب ماهر الطاهر حرفيا ً بقوله أنّ انعدام الرؤية السياسية الواحدة عطلت مشروع التحرير ,وأثKKرت على مسKKار القضKKية
الفلسطينية ,بل إنّ انعدام الرؤية السياسية العربية أث ّر على القضية الفلسطينية.
اليوم ومما استخلصناه من حرب تموز 2006أنّ هزيمة إسرائيل عسكريا ً إمكانية حقيقية.
فتصKKور لKKو وجKKدت رؤيKKة سياسKKية وإرادة Kعلى الصKKمود ,فحسKKب القاضKKي اإلسKKرائيلي فينKKوغراد فKKإنّ بضKKعة مئKKات من
المقاومين اللبنانيين صمدوا في وجه أقوى قوة عسكرية إسرائيلية.
وأتصور أن صياغة رؤية سياسية واضحة مع وجود قيادة سياسية فلسطينية راشدة ووجKKود دعم عKKربي كامKKل فKKإنّ ذلKKك
كفيل بإحقاق النصر ,وبقاء إسرائيل هو بسببنا بسبب انعدام الرؤية السياسية وغياب الدعم العربي الواضح.
وإذا كان الدكتور ماهر الطاهر واضح وصريح بضرورة إنتاج خطاب فلسطيني جديد ,فإن البعض اآلخر ما زال غارقا ً في
ال ُمتناقضات كشأن موسى أبي مرزوق الذي قابلته في دمشق ,وسألته قائالً :
يقول باحث إسرائيلي أنّ إسرائيل تصر على إنهاء حماس ألنها ال تريد قوة في داخلها الجغرافي!
الواقع أنّ كثيرين يريدون إنهاء حماس ,والكثKKير ال يريKKد وجودهKKا ضKKمن المشKKهد السياسKKي العKKربي ,وإسKKرائيل ال تKKرغب
مطلقا ً في وجود حماس في الداخل الفلسطيني ,ألنها تريد فرض شروطها االستسالمية على الشعب الفلسطيني.
لكن حماس التي خدعت من قبل المصريين قبل العدوان على غزة وباعتراف موسى أبو مرزوق ,الذي قال لي :بأن مKKدير
المخابرات المصرية عمر سليمان اتصل به قبل مغادرة تسKيبي ليفKني القKاهرة الKتي أطلقت فيهKا قKرار KالحKرب على غKزة,
وقال له أن إسرائيل عائدة إلى التهدئة وأن ليفني كانت منفعلة فقط ,وقعت في الفخ ,ورغم أنها خدعت من قبل مصر فإنها
تعتبرها اليوم ضرورة إستراتيجية لحماس ولفلسطين ,ومصر باعتراف أبي مرزوق حاولت إنهاء حمKKاس ,وقKKال الKKرئيس
حسني مبارك ال نريد حزب هللا الثاني في غزة.
واألكثر من ذلك عندما عرضت الدوحة ماالً وفيراً على حركة حمKاس لشKراء شKاليط ,أجKاب قKادة حمKاس بKأن مصKر أولى
بشاليط من قطر.
أال يع ّد مثل هذا العقل السياسي ُمراهقا ً وصغيراً وقزما ً ويخلط بين الثوابت والمتغيرات بل ال يعKKرف مKKا هKKو ثKKابت ومKا هKKو
متغير في الحراك السياسي.
وبالعودة إلى عزمي بشارة ذي المنطلق العلمKKاني الصKKريح فهKKو يعKترف أن حركKKات المقاومKKة الحاليKKة هي حركKات دينيKKة
مؤدلجة متنافرة مع اآلخر وال تضم في منظومتها تنوعا ً فكرياً ,وأفكاراً أخرى مغايرة لطرح هذه الحركات.
فحزب هللا ذو العقيدة الشيعية ال يوجد بين ظهرانيه من يلتزم المذهب السني أو األباضKي أو اإلسKماعيلي ,وحركKة حمKاس
التي بدأت سلفية وانتهت إلى التيار األخواني ال يوجد بين ظهرانيها شيعي واحد!
وعندما قال الرئيس اإليراني في خطاب له في دمشKKق أن جKKورج بKKوش هKKو يزيKKد العصKKر ,ويقصKKد يزيKKد بن معاويKKة قاتKKل
الحسين بن علي في معركة الطف أو معركة كربالء الشهيرة.
" حركات المقاومة الحالية إن كانت في دول مستقلة أو في بالد محتلة هي حركات مؤدلجة دينياً.
وهي غالبا ً ما تحاول عدم بحث العالقة بين إيديولوجيتها الحالية وسلوكها السياسي في مرحلة ما بعد التحريKر ،فهKذا كالم
يفرق وال يساعد على الوحدة طبعاً.
في المقابل فإن ما ميز حركات التحرر الوطني أن الوحدة كانت تتم من خالل التنوع واالتفاق على برنامج حد أدنى لما بعد
التحرير.
ولذلك فهنالك مكان للتمييز بين المقاومة وحركات التحرر الوطني ".
و طبعا ً ال بد لهذه المقاومات المؤدلجة والتي ال تملك مشروعا ً وال رؤية سياسKKية وال برنامجKا ً سياسKKيا ً وال مشKKروع دولKKة
كما ورد في معظم كتابات عزمي بشارة أن تحتذي به كمفكر مستنير ومتنوع ,وفي ذلك يقول عزمي بشارة :
" يعني الفترة اللي كنت فيها يعني أعتبر نفسي أو أسمي نفسي حKKتى ماركسKKي طبعKا ً ثم الفKKترة اللي بKKرأيي التعKKرض إلى
تيارات مختلفة باألساس نتيجة للتنوع الموجود في الجامعة العبرية في القدس حيث درست أول دراسKKتي كKKان من اليسKKار
القادم من أميركا الالتينية والقادم من أوروبا بالسبعينات ..أنا أتحدث بعد أيندي وإن كان االنكشاف بعد الخروج من البيت
للفكر العربي والعروبي وإلى حد ما اإلسالمي أيضاً ،هذا التنوع والتوتر بين كل هذه القضايا أدى إلى تغيKKير كبKKير وسKKريع
بشباب مبكر ..بتبني األشياء اللي اعتقدت أنها أخالقيا ً غنيKKة في الفكKKر الماركسKKي ومن حيث المنهج وتKKرك كKKل البKKاقي ..
ترك كل الباقي تماما ً والبحث عن أفكار جديدة ،بKKدأت بالنقKKد األول على الثKKورة السKKوفيتية على ليKKنين روزا لوكسKKمبورغ،
كارل ليب كنشت ،روزا لوكسمبورغ باألساس هما مدرسة فرانكفورت مركوز وأدورنو إلى أخره ،ثم انفتاح كامل الحقيقKKة
على فكر التنوير األوروبي وعلى الفكر الغKKربي عمومKا ً والتحKKول الكبKKير حصKKل عنKKدي في بKKرلين يعKKني على تنKKوع الفكKKر
اليساري بعد ماركس وقبل ماركس حتى ثم األفكار الدي ُمقراطية والنقاشات األساسية مع الفكر الشمولي والهKKزات الكبKKيرة
مع الفكر القومي األلماني وفاشيته والنقد الفكري القومي بهذا الشكل والتعرض يعKKني مختKKبر أساسKKي فكKKر ألمانيKKا نتيجKKة
أيضا لتعاملها المستمر مع جرح الهوية ..بلد منقسمة دلوقت رجع يتوحد "
وطبعا ً اإلسالم عند عزمي بشارة ثانوي ,وليس مكونا ً مركزيا ً للهوية العربية ,وهKKو يريKKد أن يغKKرس بKKذوراً فكريKKة غريبKKة
عن التربة العربية واإلسالمية ,ويعتبر هذه البذور منطلقات نهضة فعلية ,وبمعنى آخر هKKو يشKKبه كKKاتب ياسKKين الجزائKKري
الذي خاطب رسول اإلسالم بقوله :
يا محمد احمل حقيبتك وأخرج من الجزائر ,وقد مات كKاتب ياسKين وبق ّي محمKد حي يKرزق بحضKارته وعقيدتKه ودينKه في
الجزائر ,ويشبه طه حسين الذي قال :
لن تتحقق نهضة في العالم العربي إالّ إذا قل ّد العرب الغرب حذو القدّة بالقدة ,وقKKد أعملت في مقولتKKه التاليKKة النظKKر مKKراراًK
ولم أجعل ما يشير إلى مفردة اإلسالم في معرض حديثه عن مشروعه الفكري.
" والمحاولة تجري ضمن مشروع فكري بدا بكتاب “المجتمع المدني” ،وهو كتKKاب في تKKاريخ الفكKKر السياسKKي ،ويسKKتمر
اآلن في هذا الكتاب ،وما سوف يتبعه ككتاب ثالث.
طبعا ً بين هذا وذاك كتبت بالمنهج الحKKداثي التنKKويري نفسKKه كتبKا ً أخKKرى من “يهوديKKة الدولKKة حKتى شKKارون” و”النهضKKة
المعاقة” وكتبا ً أدبية.
ولكن هذه الكتب الثالثة بما فيها هذا الكتاب تشكل مشروعا ً فكريا ً يجمع بين القومية العربية والفكرة الدي ُمقراطية ( وفكرة
المواطنة وهي عندي تجمع بين الدي ُمقراطية والحقوق الليبرالية السياسية والحقوق االجتماعية في صKKراع مKKع الليبراليKKة
االقتصادية ) واليسار ،بمعنى إرث العدالة االجتماعية.