Professional Documents
Culture Documents
الفائقة
أمضى ألبرت أينشتين عقداه الخيران من الزمن محاول ً حل لغز كبير كان يؤرقه ،وهو
نظرية واحدة قوية تقوم بوصف كل مل يجري في الكون ،وحتى أيامه الخيرة كان
اينشتين يمسك بمفكرة صغيرة يحاول فيها حل ذلك اللغز الكبير الذي شغله حوالي آخر
عشرين عام من حياته لنه كان مقتنعا أنه على وشك حل أكبر اللغاز في تاريخ العلم.
لكن الوقت لم يسعفه ومات قبل أن يحقق ذلك .والن وبعد مضي أكثر من نصف قرن
على ذلك ،فإن العلماء يعتقدون أنهم يمسكون بحل ذلك اللغز الكبير ،معادلة واحدة،
نظرية واحدة تصف كل ما يجري في هذا الكون بأفكار جديدة مختلفة بشكل جذري عما
عرفه العلم ،نظرية تدعى (نظرية الوتار )string theory -أو نظرية الوتار الفائقة (
)superstring theoryوإن اتضح أن هذه النظرية صحيحة فإن مفاهيمنا العتيادة عن
الكون ووجودنا ستلقى صدمة كبيرة جداً.
تقول نظرية الخيوط الفائقة أننا نعيش في كون يلتقي فيه الخيال العلمي مع الحقيقة،
كون يتألف من أحد عشر بعدا ً (ل أربعة أبعاد فقط) ،وأكوان موازية لكوننا أقرب إلينا مما
نتخيل .كون منظم يتألف تماما من (موسيقى) الوتار .وبكل ما تقدمه تلك النظرية من
آفاق ،فإن الفكرة الساسية للنظرية بسيطة بشكل مذهل ،النظرية تقول أن ما هو
موجود في هذا الكون من أصغر جزيء وحتى أكبر مجرة يتكون من عنصر واحد تماماً،
خيوط مهتزة متحركة صغيرة جدا من الطاقة ندعوها أوتاراً.
وكما أن وتر الكمان يستطيع أن يعطي تشكيلة كبيرة من العلمات الموسيقية بحسب
درجة اهتزازه فإن الوتار الفائقة التي نتحدث عنها تهتز بأشكال مختلفة معطية كل
أشكال مكونات الطبيعة التي نعرفها .أو بعبارة أخرى فإن الكون عبارة عن سيمفونية
كونية عظيمة متمثلة بكل تلك النغمات التي تستطيع أوتار الطاقة إصدارها .ل تزال هذه
النظرية في مرحلتها (الجنينة) إن صح التعبير ،لكنها تكشف لنا صورة جديدة بشكل
جذري عن الكون ،صورة غريبة جدا وجميلة أيضاً.
البداية ...نيوتن...
قبل أن يسعى أينشتين لهذا الهدف ،فإن الرحلة نحوه بدأت مع أشهر الحوادث الفيزيائية
في تاريخ العلم في يوم ما عام 1665عندما كان هناك شاب يجلس تحت شجرة ورأى
تفاحة تسقط من الشجرة .ومع سقوط التفاحة فإن اسحق نيوتن غير نظرتنا إلى الكون
بشكل جذري عن السابق ،وبكلمات العلم في ذلك الوقت فقد قال نيوتن أن القوتان
الولى التي جذبت التفاحة إلى الرض و الثانية التي تبقي القمر يدور حول الرض هما
حد نيوتن تلك القوتين في نظرية واحدة دعاها (الجاذبية)في الواقع قوة واحدة ،لقد و ّ
((كان توحيد القوى التي تعمل على الرض والقوى التي تعمل في السماء (الكون
والكواكب) توحيدا ً رائعا لنظرتنا إلى الكون))
س .وينبيرغ
الجاذبية كانت أول قوة تم فهمها بشكل علمي (رغم اكتشاف ثلثة قوى أخرى فيما بعد)،
ورغم أن قانون نيوتن في الجاذبية عمره ثلثمئة سنة فإن معادلته دقيقة لدرجة
نستخدمها للحصول على توقعات دقيقة جدا حتى في أيامنا هذه ،في الواقع فإن العلماء
لم يحتاجوا لكثر من ذلك القانون لطلق الصواريخ الفضائية مثل ً وانزال النسان على
القمر.
لكن كانت هناك مشكلة ..فرغم ان قوانين نيوتن قامت بوصف ممتاز لقوى الجاذبية فإن
نيوتن كان يعاني من مشكلة محرجة ،فهو لم يملك أي فكرة عن كيفية عمل الجاذبية
حقيقة وطوال المئتان وخمسون عاما فإن العلماء أشاحوا بوجههم عن ذلك السر كلما
واجهوه.
النظرية النسبية
إلى أن أتى موظف مجهول يعمل في مكتب سويسري ليغير كل تلك المفاهيم .فإلى
جانب عمله كان ألبرت أينشتين دائما يبحث في سلوك الضوء ولم يعرف حينها أن
أسئلته عن الضوء ستقوده لحل مشكلة نيوتن عن كيفية عمل الجاذبية .في عامه الـ 26
قام اينشتين باكتشاف مذهل ،وهو أن سرعة الضوء هي حد السرعة القصى ،سرعة ل
يمكن لي شيء في هذا الكون أن يتجاوزها .وبعد نشره لتلك الفكرة وجد أينشتين نفسه
في مواجهة مع مشكلة نيوتن تماما في عدم فهم ماهية الجاذبية.
لشرح تلك المشكلة سنتخيل أن الشمس فجأة اختفت من مكانها ..إن نتائج هذه الختفاء
من وجهة نظر نيوتن تعني أن الكواكب ستخرج عن مساراتها فور اختفاء الشمس لتسير
في الكون متحررة من جاذبية الشمس .أو بعبارة أخرى فإن نيوتن اعتقد أن الجاذبية هي
قوة تأثيرها فوري مهما اختلفت المسافة ،لذا فسنشعر بشكل فوري باختفاء الشمس
وجاذبيتها وستتأثر الكواكب بذلك بشكل فوري.
لكن أينشتين وجد مشكلة كبيرة في تلك النظرة ظهرت من فهمه للضوء ،فهو يعرف أن
الضوء ل ينتقل بشكل فوري بل يملك سرعة وهو بذلك يحتاج زمنا ليقطع مسافة معينة،
في الواقع فإن الضوء يحتاج لثمان دقائق ليقطع الـ 93مليون ميل من الشمس ويصل
إلينا ،وطالما أنه وجد أن ل شيء يمكن أن يكون أسرع من الضوء ،فكيف لختفاء
الشمس أن يحرر الرض قبل أن تصل الظلمة إلى الرض بسبب اختفاء الشمس مثل؟
بالنسبة لينشتين فإن أي شيء في هذا الكون ل يمكن أن يسافر أسرع من الضوء ،وهذا
يعني أن فكرة نيوتن عن قوة الجاذبية كانت خطأ .وإن كان نيوتن مخطئا ً فكيف تبقى
الكواكب في مساراتها؟ كيف كانت حساباته صحيحة ودقيقة عن مسارات الكواكب؟ كان
على أينشتين أن يحل تلك المشكلة ،وبعد تقريبا عشر سنوات من جهده وجد الجواب
في نوع جديد من التوحيد ( )unificationفي نظرية النسبية العامة.
قال أينشتاين أن البعاد الثلثة المكانية للكون والبعد الرابع (الزمن) مرتبطة ببعضها
بنسيج كوني زماني-مكاني (أو يطلق عليه زمكان) وبفهمه للهندسة المكانية الزمانية
للنسيج الكوني فقد استطاع أن يتحدث عن حركة الشياء في ذلك النسيج .ومثل سطح
الترامبولين المطاطي (الذي يقفز عليه البهلوان) فإن هذا النسيج الكوني يمكن لفه
وتمدده وتقعره إذا وضعنا فيه أجساما ثقيلة كالكواكب والنجوم ..وهذا التغيير في النسيج
الكوني وانحاءه يخلق ما نشعر بأنه جاذبية.
لشرح هذه الفكرة بشكل أكبر سنتخيل سطحا من المطاط كالذي يقفز عليه البهلواني.
إن وضعنا كرة ثقيلة في وسطه فسوف يتقعر مشكل إنحناءاً ...وأي جسم سيسير قريبا
من الكرة سيحني مساره وفقطا لنحناء ذلك السطح.
مثال آخر ..في حلبات سباق السيارات وعند المنعطفات يكون الطريق مائل ً منحنيا ً لكن
السائق يرى نفسه عمودي على ذلك الطريق .ونحن نقع في نفس الحساس فالنسيج
الكوني المنحني بسبب وجود الشمس يفرض على الرض أن تسير وفق ذلك الميلن
فتبدو أنها مشدودة للشمس بقوة الجاذبية .فكوكب الرض ل يدور حول الشمس لنها
تطلق قوة لتمسك به .بل ببساطة لنه يسير في منحنيات النسيج الكوني الذي تسببه
الشمس.
ومع هذا الفهم الجديد فإن إعادة تجربة اختفاء الشمس ستعطي نتائج مختلفة ..لن
الرض لن تفلت من مسار الشمس فور اختفاء الشمس ،بل سيصل تأثير اختفاء
الشمس إلينا بشكل موجة بعد ثمان دقائق على القل من اختفائها (قام أينشتين بحساب
سرعة موجة النسيج الكوني ووجد أنها بسرعة الضوء تماماً).
أطلق أينشتين على هذه الصورة الجديدة للجاذبية اسم (النسية العامة) General
.relativity
ورغم ذلك النجاز الضخم فإن أينشتين لم يكن راضيا عن عمله بعد .فقد حاول جاهدا
توحيد الشكل الجديد الذي أتى به عن الجاذبية مع القوة الخرى الوحيدة المعروفة في
ذلك الوقت وهي القوة الكهرمغنطيسية . electromagnetism
هذه القوة (الكهرمغنطيسية) التي هي أصل توحيد لما كان يعتقده العلماء قوتان
مختلفتنان (الكهرباء) و (المغنطيس).
القوة الكهرمغنطيسية
من عدة عقود قبل أينشتين .لحظ العالم السكتلندي جيمس ماكسويل أن التدفق
الكهربائي يؤدي إلى نشوء قوة مغنطيسية تؤثر في المعادن .ومن خلل معادلت رياضية
أربع وصل ماكسويل إلى صيغة واحدة تصف تلك القوتان كقوة واحدة هي القوة
الكهرمغنطيسية .electromagnetismفكان كإسحاق نيوتن قد نقل العلم خطوة
أقرب على طريق توحيد المعادلت التي تصف الكون .أينشتين أعجب كثيرا بالثنين
واعتبر أن ما قدمه هؤلء العلماء خطوات مهمة جدا على طريق توحيد نظريات القوى
التي تحكم الكون .وبعد خمسين عاما من نظرية ماكسويل فإن أينشتين اعتقد أنه إن
استطاع أن يوحد فكرته عن الجاذبية مع فكرة ماكسويل عن الطاقة الكهرمغنطيسية
فإنه سيصل إلى المعادلة الم التي تصف كل شيء بذاتها وحدها.
مشكلة أينشتين
وعندما بدأ أينشتين بمحاولته لتوحيد الفكرتين واجه مشكلة الفرق العظيم في شدتهما..
فالقوة الكهرمغنطيسية أكبر بكثير من قوة الجاذبية الضعيفة ..نحن نستطيع تحطيم قوة
الجاذبية كل يوم في حياتنا اليومية وبواسطة عضلت جسمنا مثل (إن رفعنا أي شيء عن
الرض مثل) .لكن القوة الكهرمغنطيسية الكبيرة ل نستطيع تحديها بتلك السهولة ..فهي
التي تمنعنا مثل من إختراق الرض إن سقطنا من ارتفاع ما ...هي التي تعطي مقاومة
المادة الكبيرة...مثال آخر ...مهما حاولت أن تمشي داخل حائط فلن تستطيع أن تدخل
فيه لن القوة التي تمنعك بكل بساطة هي القوة الكهرمغنطيسية الموجودة في الشحنة
السالبة على محيط الذرات التي تجمع جزيئات وذرات المادة وتربطها ببعضها بشكل
متماسك .نحن نعتقد أن الجاذبية قوة كبيرة رغم أنها أضعف قوى الطبيعة .لكن الكرة
الرضية بكل جاذبيتها عندما تجذب كرة فإن الكرة ترتد بكل بساطة بسبب القوى
الكهرطيسية التي تؤثر في بنية المادة بدل من أن تغوص في الرض .في الواقع فإن
القوة الكهرمغنطيسية أقوى بمليارات المرات من قوة الجاذبية ،لكننا ل نشعر بذلك لنها
تعمل على مستوى الذرات والجزيئات .وكانت تلك أصعب مهام أينشتين بسبب الختلف
العظيم في شدة تلك القوتين.
ساءت المور أكثر بالنسبة لينشتين عندما ظهرت تغييرات واكتشافات كبيرة في
الفيزياء .تلك الكتشافات على المستوى الذري تركت أينشتين عاجزا عن المضي في
هدفه لنه كان متمسكا بنظريته النسبية -والتي قدمت الكثير فعل -وأهمل الكتشافات
والكشوف التي ظهرت في أيامه على المستوى الدقيق الذري .وفقدت أدوات أينشتين
قدرتها على مجاراة تلك الكتشافات ولم تستطع أن تساعده في توحيد القوتين
(الجاذبية) و(الكهرمغنطيسية).
أينشتين قاوم فكرة أن ذلك العالم هو عالم أفضل ما نستطيع القيام به هو حساب
الحتمالت ،وقال قوله الشهير (الله ل يرمي النرد) ،لكن التجارب اللحقة كلها أظهرت
أن أينشتين كان مخطئا وأن النظرية الكمومية استطاعت بدقة مذهلة وصف العالم على
المستوى الذري .فلفهم أي حدث وكل ما يحدث على المستوى الذري أو الجزيئي فإنك
تحتاج حتما لميكانيك الكم .ولم تظهر أي ملحظة أو مراقبة علمية على ذلك المستوى
تعارض أي توقع تقدمه حسابات ميكانيكا الكم.
كان ل بد من نظرية تجمع الطرفين لن الجسام الكبيرة مكونة من المادة ذاتها المكونة
منها الذرات .والكون بأكمله مبني من الجزيئات نفسها .فل بد من قانون وحيد يجمعهما.
ببساطة لم يستطع أحد أن يجمع النسبية العامة وميكانيكا الكم في نظرية واحدة في
تلك الوقات .وفشلت كل المحاولت لوصف الجاذبية بلغة ميكانيك الكم لعقود وعقود
وأصيب معظم العلماء بالحباط الشديد بسبب ذلك .فالقاعدة الذهبية للعلماء أن قوانين
الطبيعة الصحيحة يجب أن تطبق في كل مكان وعلى كل ما هو موجود في الطبيعة.
وهذا ما كان مستحيل ً بين النسبية والكمومية.
بقي الطرفان (النسبية) و(الكمومية) يعملن بشكل منفصل بعد موت أينشتين ..وحققا
نتائج مذهلة في فهم الكون ...لكن المشكلة أن هناك ظواهر كونية ل يمكن دراستها
بإحدى النظريتان بل هي بحاجة لنظرية تجمعهما كأعماق الثقوب السوداء مثلً.
الثقوب السوداء
في عام 1916قدم فكرة الثقوب السوداء عالم فلك ألماني يدعى كارل شوارتزشيلد.
وبينما كان على الجبهة في الحرب العالمية الولى قام بحل معادلت أينشتين بطريقة
جديدة وغامضة.
اقترح شوارتزشيلد أن كتلة كبيرة ككتلة النجوم إذا اجتمعت وتكثفت في مكان صغير جدا
بحجم ذري فإنها ستشوه النسيج الكوني وتحنيه لدرجة ل تسمح لشيء بالهروب من
جذبه ول حتى الضوء .وبقي العلماء يعتقدون أنها مجرد نظرية إلى أن رصدت القمار
والتلسكوبات الثقوب السوداء فعل ً وتحقق توقع شوارتزشيلد فعلً.
وهنا تكمن المشكلة ،فإذا أردنا دراسة الثقب السود ،هل نستخدم النسبية العامة لن
الثقب السود ذو كتلة هائلة (وزن كبير) أم نستخدم النظرية الكمومية (لن الثقب السود
صغير جدا بالحجم)؟
كان على العلماء أن يستعينوا بكلتا النظريتين بنفس الوقت .لكن عندما نحاول وضع
النظريتين في تطبيق واحد فإنهما تنهاران وتعطيان نتائج منافية للواقع وهذا مستحيل لن
الكون يجب أن يتبع قوانين فيزيائية واضحة ومحددة .هنا أيضا تبرز أهمية وجود نظرية
توحد قوانين الكون الفيزيائية..
في أواخر الثمانينات وبينما كان فيزيائي شاب إيطالي يدعى (غابرييل فينيتسيانو) يبحث
عن بعض المعادلت الرياضية التي تصف قوى النواة الكبيرة في الذرة ...وفي كتب
الرياضيات القديمة التي يملكها وجد معادلة رياضية قديمة عمرها مئتا عام كتبها عالم
سويسري يدعى ليونار أويل .فينيتسيانو ذهل باكتشافه أن تلك المعادلت التي اعتبرت
لسنين عديدة مجرد فضول رياضي كانت تصف القوى الكبيرة في النواة فعل ً وقام
باكتشافه الذي اشتهر به فيما بعد في وصف القوى الكبيرة التي تعمل في نواة الذرة.
كان ذلك حدث ولدة نظرية الوتار.
وبسبب شهرة هذا الكتشاف فقد وقعت تلك المعادلت في يد فيزيائي أمريكي يدعى
(ليونارد سسكيند) اكتشف أن وراء الرموز الرياضية وصف لشيء أكثر من مجرد
جزيئات .فالمعادلة تقدم متحولت تصف اهتزازات ووصف لخيوط .قام بدراستها أكثر
ووجد أنها عمليا تصف خيوطا مهتزة مثل الخيوط المطاطية الحرة الطرفين ،هذه
الخيوط بالضافة لصفاتها في التمدد والتقلص فهي تهتز بشكل دوراني أيضا حسب تلك
المعادلة ،المضحك أن سسكند عندما قدم بحثه للنشر تم رفضه لعدم أهميته واعتقد أن
اكتشافه سيموت.
في تلك الوقات فإن العلماء كانوا مشغولين في اكتشاف الجزيئات وأنواعها الجديدة
الدقيقة بالقيام بتعريضها لسرعات كبيرة و اصطدامها ببعضها لشطرها إلى جزيئات
أصغر ودراسة نواتج تلك النشطارات .كانت الكتشافات كبيرة جدا وأنواع الجزيئات
المكتشفة كبير .أدى ذلك إلى استنتاجات كبيرة على مستوى الفيزياء أهمها أن قوى
الطبيعة يمكن وصفها كجزيئات أيضاً .مثل ً القوة التي تنشأ بين جسمين هي عبارة عن
جزيء (رسول) بينهما ،وكلما انتقل بين الطرفين بمعدل أكثر كلما اقترب الجسمان من
بعضهما أو بعبارة أخرى – زادت القوة بينهما .أي أن تبادل الجزيئات هو ما يخلق ما
نشعر أنه طاقة .وتم فعل ً تأكيد تلك النظريات باكتشاف الجزيئات المسؤولة عن القوة
الكهرطيسية والقوى النووية القوية (المسؤولة عن تماسك النواة في الذرة) والضعيفة
(المسؤولة عن النشاط الشعاعي الذري) .وشعر العلماء أنهم اقتربوا من تحقيق حلم
توحيد القوى الذي بدأه أينشتين .لن تلك الجزيئات المسؤولة عن القوى الثلث (القوة
الكهرطيسية والقوى النووية القوية (المسؤولة عن تماسك النواة في الذرة) والضعيفة
(المسؤولة عن النشاط الشعاعي الذري)) تبدأ بالتشابه في الخصائص في حال تطبيق
حالة النفجار الكبير أي أنها تنصهر في حرارة وكثافة الكون الشديد عند النفجار لتصبح
نوعا واحدا من القوى ودعى ذلك الشكل من الفهم بـالـ (الشكل القياسي للقوى)
standard moduleالعالم ستيفن وينبيرغ ،لكن خلف ذلك النجاح برزت مشكلة
كبيرة ...فذلك الشكل القياسي لجزيئات القوى استطاع أن يصف ثلث فقط من القوى
الرئيسية في الفيزياء مهمل القوة الرابعة (الجاذبية) لنها كانت تعمل على مستوى
مختلف عن العالم الكوانتي الدقيق.
في أواخر السبعينات كان العلماء المتبنون لنظرية الوتار قليلون ومهملون ويعانون من
مشاكل كبيرة في النظرية ..فتلك النظرية مثل تنبأت بوجود جزيئات عديمة الكتلة
تستطيع أن تنطلق بسرعة أكبر من سرعة الضوء (وهذا غير ممكن حسب أينشتين).
كانت أيضا تتنبأ بجزيئات بل كتلة تماما ً (غير مرئية وغير ممكن التحقق من وجودها).
كانت تحتاج لعشر أبعاد بدل من البعاد الربعة (ثلث أبعاد للماكن وبعد زمني) .كانت
أيضا متضاربة النتائج الرياضية تعطي أرقاما تدل على خطأ معادلتها .إلى أن جاء العالم
جون شوارتز الذي بدأ بوضع تعديلت للنظرية وربط النظرية مع الجاذبية وافتراض أن
حجم تلك الوتار أصغر بمئة مليار مليار مرة من الذرة وبدأت النظرية تأخذ شكل صحيحا،
والجزيء الذي لم يكن يملك كتلة كان بنظر جون شوارتز جزيء (الجرافيتون)
.Gravitonأو الجزيء المسؤول عن نقل القوة الجاذبية على المستوى الكوانتي .وهو
بذلك حل الجزء المفقود الذي قدمه ستيفن وينبيرغ في الشكل القياسي للقوى الذي
كان يفتقد لوصف الجاذبية على المستوى الكوانتي .رغم ذلك لم يحظ البحث مرة أخرى
بالهتمام وبقيت النظرية في الظلم وبقي يعمل فيها ويؤمن بها عالمان اثنان من مجتمع
العلماء الفيزيائيين هما جون شوارتز ومايكل غرين.
وصل هذان العالمان في أوائل الثمانينات إلى حل المشاكل الرياضية في النظرية وبدأت
النظرية تصف القوى الثلثة الخرى إلى جانب الجاذبية وهي القوة الكهرطيسية والقوى
النووية القوية (المسؤولة عن تماسك النواة في الذرة) والضعيفة (المسؤولة عن
النشاط الشعاعي الذري) .وقاد هذا الكتشاف المذهل العلماء إلى التهافت على
النظرية بالمئات وحظيت النظرية أخيرا على الهتمام وتم تسميتها (نظرية الكل) (The
.)Theory Of Everything
تلك البعاد الصغيرة أقرب ما يمكن تخيلها إلى سطوح متداخلة على مستوى صغير جدا
كالشكل التالي
نتائج نظرية إم أو نظرية الوتار الفائقة وتطورها..
قبل أينشتين فإن العلماء كانوا يعتقدون أن الكون ثابت الشكل ،لكن نظرية أينشتين
النسبية تقول أن الكون عبارة عن نسيج يمكن حنيه وثنيه ..فإذا تخيلنا أننا نسير على
أرض مستوية لنقطع مسافة ما فإننا بثني تلك الرض يمكننا الوصول إلى هدفنا بشكل
أسرع ...قدم اينشتين فكرة انحناءات الكون وتشوهات النسيج الكوني بما يعرف بـ
wormholesأو الطرق الدودية .وهي طرق مختصرة للوصول إلى أجزاء قصوى من
الكون بسرعة فائقة وزمن قصير (بشكل نظري فقط).
وعلى المستوى الذري وحسب الصفات الكوانتية فإن النسيج الكوني معرض للتمزق
والتغير بشكل كبير جدا أيضا ً بسبب الختلفات الشديدة في المكان والزمان التي تسببها
فوضى الجزيئات ،بوجود تلك الفوضى فإن النسيج الكوني معرض للتمزق بشكل دائم،
وذلك يسبب كوارث زمانية ومكانية أكبر مما نتخيل ،هنا تأتي الوتار لتنظم ذلك النسيج
الفوضوي فتهتز عبر النسيج الكوني الممزق لتقوم بإصلحه وترميمه .وهذا ما يجعل
النسيج الكوني مستقر نسبيا على المستوى الدقيق .فل يمتد التمزق للنسيج الكوني
ويسبب كارثة كونية.
وسيلة أخرى للتأكد تكمن في مخبران وحيدان في العالم للشطر الذري الول يدعى
fermilabفي ولية إيلونويز المريكية ...والثاني هو مخبر cernفي سويسرا (وهو أكبر
بكثير من المخبر المريكي لكنه قيد النجاز وسيدخل العمل في عام .)2007هذه
المخابر تقوم بدراسة الجزيئات عن طريق تسريع ذرات الهيدروجين بعد فصلها عن
الكتروناتها إلى سرعات تقارب سرعة الضوء ،ثم تسييرها بإتجاهات معاكسة لتحقيق
اصطدامها ومشاهدة الجزيئات التي تخرج منها .فإن استطاع العلماء مشاهدة جزئ
الجاذبية ( )Gravitonوهو يختفي بعد الصطدام مباشرة (أو بكلمات أخرى يخرج من
الغشاء membraneالذي نعيش فيه إلى كون آخر ) فذلك يعني أن توقعات نظرية
الوتار الفائقة عن الجاذبية كانت صحيحة.
في النهاية
كثيرا ما عمل العلماء على نظريات انتهت بالفشل ،وكثيرا ما أنفق العديد الوقت على
نظريات لم تثبت صحتها تماماً ،ونظرية الوتار الفائقة ليست استثناءاً ...لكن العلماء
مؤمنون بأنها تقدم تفسيرات منطقية لظواهر محيرة في السابق ،وهم يعتقدون أن أناقة
تلك النظرية علميا ستقودهم إلى العديد من الجابات عن هذا الكون ومن أين أتى .يقول
ستيفن وينبيرغ (ل أعتقد أن نظرية بتلك القوة الرياضية التي تملكها نظرية الوتار الفائقة
في تاريخ العلم باءت بالفشل تماما ،ل بد أن تقدم هذه النظرية شيئا لمعارفنا يوما ماً.
والكل هنا يعمل عليها بجد كبير).
---------------
imane bellagnech