You are on page 1of 3

‫‪www.almuslim.at.

ma‬‬

‫العنف‬
‫‪ -1‬تحضير الستاذ محمد الخشين‬

‫‪ -2‬تحضير جماعي‬

‫إعداد ‪ :‬الستاذ محمد الخشين‬

‫تقديم المفهوم‪:‬‬

‫يبدو أن مظاهتر العنتف كثيرة‪ ،‬فهتو يمارس بأشكال متنوعتة‪ .‬هناك العنتف الفزيائي متن ذلك مثل القتتل و الغتيال‪،‬‬
‫لكن هناك العنف السيكولوجي أو الخلقي‪ ،‬مثل التعذيب عن طريق العزل‪ .‬كما يوجد العنف القتصادي من خلل استغلل‬
‫الطبقات أو البلدان الضعيفة‪ .‬مثلما‪ ،‬أن هناك عنف النظمة التوتاليتارية ذو الهداف السياسية و عنف العنصرية‪ ...‬إلخ و‬
‫اللئحة طويلة إلى درجة تدفع إلى إثارة السؤال عما إذا كان هذا التعدد في صور العنف و أشكاله يعبر عن واقع ثابت أم‬
‫أن استتعمال مفهوم وحيتد ل يعكتس الختلفات بيتن مظاهره ليتس متن الناحيتة الكميتة فحستب‪ .‬و إنمتا أيضتا الجوهريتة‪ .‬إنته‬
‫يوجتد فتي كتل مكان‪ .‬و يمكتن استتعماله كموضوع للبروباغندا و إل كعنصتر متن عناصتر تاكتيتك للوصتول إلى الستلطة و‬
‫المحافظة عليها‪ .‬إذا أدى العنف إلى تدمير الوجود برمته أو جزء منه‪ ،‬فإن العنف المنجز قد يكون أداة في خدمة مشروع‬
‫يمكن أل يكون عقلنيا‪ ،‬لكن شروط استعماله تبدو قابلة للعقلنة‪.‬‬

‫يمكن أن نسلم بصفة أولية أن العنف يوجد كلما كان هناك إلحاق للذى بالغير بصفة جسدية أو نفسية‪ ،‬سواء أخذنا‬
‫الغير كفرد أم كجماعة أو مجموعة بشرية‪.‬‬

‫إذا اعتبرنا هذا التعريف جيدا يجب أن نتصور العنف كواقعة تارخية و يتحدد بإعتباره كمحرك أو دينامو للتاريخ من‬
‫وجهتة نظتر معينتة‪ ،‬و يقوم على استتخدام القوة بشكتل غيتر مشروع لستبب متن الستباب‪ .‬فكيتف يمكتن مراقبتة العنتف و‬
‫التحكم فيه إذا كان يجب أن نبدأ بقبول حضوره الجذري في النسان؟‬

‫لقد أنتجت البشرية على مدى التاريخ آليات و وسائل للحد من العنف حيث يعتبر الدين و الثقافة كعنصرين كابحين‬
‫للعنتف بشكتل معنوي و أخلقتي‪ ،‬على أن أهتم تقنيتة للتحكتم فتي العنتف تتمثتل فتي التنظيتم الستياسي للمجتمتع ينبنتي فيته هذا‬
‫الخيتر فتي صتورة مؤستسات حديثتة تجتتث العنتف و تجعتل استتخدامه حكرا على جهاز الدولة‪ .‬و فتي هذا الستياق تتبرز‬
‫الديموقراطيتة كنظام يتطلع إلى القضاء على العنتف و تدبيتر الخلفات و الصتراعات الستياسية بكيفيتة حضاريتة تقوم على‬
‫قوة القانون و ليس على قانون القوة‪ :‬فإلى أي حد نجحت الدولة الحديثة في القضاء على العنف؟ و هل من حق الفرد أو‬
‫الجماعة ممارسة العنف من أجل فرض ما يعتقد أنه حق و عدل و خير؟‬

‫المحور الول‪:‬‬

‫ما طبيعة العنف؟‬ ‫أشكال العنف‪:‬‬

‫أفرز التاريتخ البشري أشكال متعددة متن العنتف‪ ،‬يمكتن أن نميتز ضمنهمتا بيتن نوعيتن‪ ،‬همتا‪ :‬العنتف الجستدي و العنتف‬
‫الرمزي‪ .‬كلهمتا يمارس بطرق و وستائل متعددة تتطور باستتمرار بقدر تطور العلم و التقنيتة‪ .‬و ليتس بديهيتا أن تكون هذه‬
‫الشكال دائما ظاهرة‪ ،‬ذلك أن العنف يتحقق أيضا من خلل أشكال متخفية مثلما هو المر في << نقص التغذية>> كما‬
‫يشير إلى ذلك الفيلسوف الفرنسي إيف ميشو‪ .‬يرى هذا الخير أن إنتاج وسائل العنف يشمل << وسائل التسليح الفردي‬
‫كما يشمل وسائل التخريب الجماعي>>‪.‬‬

‫و بما أن هذه الوسائل أصبحت في متناول الكل‪ :‬أفرادا‪ ،‬جماعات‪ ،‬دول‪ ،‬فإن العنف يصير أكثر فتكا‪ .‬كما أنه أضحى‬
‫أكثتر اتصتال بالعلم‪ ،‬على اعتبار أن هذا الخيتر يستخره عتن طريتق نشره أو الستكوت عنته‪ .‬و يخلص هذا الفيلستوف إلى‬
‫أن << تطبيق التقدم التقني و العلمي على استعمال العنف و على كيفية تدبيره يمكننا من فهم‪.‬‬

‫أ‪ -‬الفعاليتة المضاعفتة التتي تتم التوصتل إليهتا فيمتا يختص أشكال التحطيتم و التخريتب ‪ .‬فإبادة مجموعتة بشريتة متا‪ .‬و‬
‫إبادة مزروعات‪ ،‬و تهديد حياة المليين من الناس تتطلب وسائل و تنظيما لم يسبق له مثيل‪.‬‬

‫ب‪ -‬متن حيتث إن العنتف أصتبح قابل للحستاب و التحكتم فإنته يمكتن أن يحقتق مردوديتة حيتث أصتبح متن الممكتن فرض‬
‫الستيطرة بواستطة التعذيتب و القمتع و التهديتد بته>>‪ .‬فهتل معنتى هذا أن العنتف هتو متا يشكتل ماهيتة النستان؟ هتل النستان‬
‫كائن عنيتف بطبعته؟ هتل يوجتد العنتف فتي طبيعتة النستان؟ هذا الستؤال يطرح نفسته بالنظرإلى قدم الظاهرة و استتمرارها‬
‫عتبر التاريتخ البشري‪ ،‬و هتو يتعلق بمتا إذا كان النستان شغوفتا بالتدميتر؟ متن يجيتب الفيلستوف و عالم الجتماع و المحلل‬
‫النفستاني اللمانتي إيريتك فروم عتن هذا الستؤال بالقول‪ <<:‬إن دراستة بعتض الظواهتر الجتماعيتة و الطقوس الشعائريتة‬
‫القديمتة قتد توحتي بأن النزعتة التدميريتة لهتا جدورهتا النظريتة فتي طبيعتة النستان ‪ .‬إل أن التحليتل المعمتق لدللت هذه‬
‫الظاهرة ‪ ،‬يثبتت أن كتل الممارستات التتي تؤدي إلى التدميتر ليستت ناتجتة بالضرورة عتن < شغتف بالتدميتر> ‪ .‬بالتالي فإن‬
‫التدميتر ليتس ستلوكا ينتتج بصتفة عمليتة عتن غريزة تدميريتة توجتد فتي طبيعتة النستان بقدر متا ينتتج عتن دوافتع ونزعات‬
‫ليتس متن الضروري أن تكون طبيعيتة وذات علقتة بالممارستات والشعائر الطقوستية الدينيتة ‪ .‬يترتتب عتن ذلك أن الطبيعتة‬
‫البشريتتة ليستتت هتتي التتتي تولد العنتتف وإنمتتا هناك < طاقتتة تدميريتتة كامنتتة تغديهتتا بعتتض الظروف الخارجيتتة والحداث‬
‫المفاجئة هي التي تدفع به إلى الظهور> ‪.‬‬

‫وأمتا المقصتود بالعنتف الرمزي فهتو مختلف أشكال العنتف غيتر الفيزيائي القائمتة على الحاق الذى بالغيتر بواستطة‬
‫الكلم أو اللغة أو التربية أو العنف الذهني ‪ ،‬وهو يقوم على جعل المتلقي يتقبل هذا العنف <<اللطيف>> مثال ذلك العنف‬
‫الرمزي الذي تقوم بته الديولوجيتا متن حيتث هتو عنتف لطيتف وغيتر محستوس ‪ .‬يعرف عالم الجتماع الفرنستي المعاصتر‬
‫بيير بورديو هذا الشكل من العنف بالقول أنه هو ذلك الذي < يمارس على فاعل اجتماعي ما بموافقته > وبلغة أخرى <‬
‫فإن الفاعليتن الجتماعييتن يعرفون الكراهات المستلطة عليهتم وهتم حتتى فتي الحالت التتي يكنون فيهتا خاضعيتن لحتميات‬
‫يستاهمون فتي إنتاج المفعول الذي يمارس عليهتم نوعتا متن التحديتد و الكراه> و بالنظتر إلى أن هذا العنتف رمزي فإنته‬
‫يمارس بوسائل رمزية‪ ،‬أي التواصل و تلقين المعرفة‪.‬‬

‫المحور الثاني‪:‬‬

‫كيف يتولد العنف في التاريخ البشري؟‬ ‫العنف في التاريخ‪:‬‬

‫يتحدد وجود كتتل مجتمتتع بشري – حستتب ماركتتس‪ -‬بوجود صتتراع بيتتن طبقتيتتن اجتماعيتيتتن‪ ،‬الولى تمتلك وستتائل‬
‫النتاج و الرض و الثانية ل تمتلكها‪.‬‬

‫و ذلك منتتذ أقدم المجتمعات البشريتتة و أكثرهتتا بدائيتتة إلى المجتمعات الرأستتمالية المتطورة ‪ .‬و هكذا ‪ ،‬فإن صتتراع‬
‫الطبقات الجتماعية يمكن أن يتخذ أشكال فردية ل واعية عند الفراد أنفسهم‪ ،‬كما قد يتخذ طابع صراع نقابي أو سياسي‬
‫أو إيديولوجي واضح المعالم‪.‬‬

‫كتتب الفيلستوف اللمانتي كارل ماركتس فتي هذا الستياق الستابق‪<< :‬نلحتظ أنته منتذ العصتور التاريخيتة الولى كان‬
‫المجتمتع فتي كتل مكان مقستما إلى طبقات متمايزة ‪ ...‬ففتي رومتا القديمتة كان هناك ستادة و فرستان‪ ،‬وأقنان و عبيتد‪ ،‬و فتي‬
‫العصتور الوستطى كان هناك ستادة و شرفاء‪ ،‬و ستادة الحرف‪ ،‬و الحرفيون العاديون و أقنان‪ ،‬كمتا أن هناك داختل كتل طبقتة‬
‫متتن هذه الطبقات ستتلم تراتتتبي خاص>> و قتتد أصتتبح الصتتراع الطبقتتي فتتي المجتمتتع الرأستتمالي بيتتن البرجوازيتتة و‬
‫البروليتاريا‪.‬‬

‫و بالمقابتل يرى المفكتر الفرنستي رونتي جرار أن أستاس العنتف هتو تنافتس الرغبات ‪ ،‬و ذلك أن الرغبات النستانية‬
‫تخضتع لقانون المحاكاة‪،‬أي كرغبات فتي متا يرغتب بته الخرون‪<<،‬كلمتا كانتت رغبتة الخريتن (فتي شتتيء متا) قويتة و‬
‫شديدة كانت رغبتي أنا أيضا قوية و شديدة (فيه)‪ .‬ينتج عن ذلك احتمال اندلع العنف‪.‬‬

‫وهكذا فإن الصتراع النستاني يتولد عتن صتراع أو تنافتس بيتن الرغبات‪ .‬و إذا صتح أن الرغبات تتشكتل و تتطور متن‬
‫خلل المحاكاة‪ ،‬فإن العنف سيكون معديا من خلل انتشاره في الجماعة من فرد إلى أخر‪ .‬و دواء هذا المرض المعدي هو‬
‫القتل‪.‬‬
‫و هذا الطرح يرجع بنا إلى تصور الفيلسوف النجليزي الحديث طوماس هوبز حول جذور العنف الذي يعتقد فيه أن‬
‫مصدر هذا الخير ثلثي‪ ،‬و يتمثل في‪ :‬التنافس‪ ،‬الحذر ‪ ،‬الكبرياء‪ ،‬و هي أسباب توجد في الطبيعة النسانية‪ .‬الول يجعل‬
‫الهجوم وسيلة لتحقيق((المنفعة))‪ ،‬الثاني وسيلة ((للمن)) و الثالث وسيلة لحماية ((السمعة))‪.‬‬

‫على أن العنتف له صتلة أيضتا بالتقديتس و بالحقيقتة‪ ،‬فهتو يشكتل إلى جانبهمتا << الركان الثلثتة لكتل تراث مشكّل و‬
‫مشكّل للكينونتتة الجماعيتتة>> كمتتا ستتماها المفكتتر العربتتي محمتتد أركون الذي يشرح هذه العلقتتة على نحتتو متتا يلي‪<<:‬‬
‫الجماعتة مستتعدة دومتا للعنتف متن أجتل الدفاع عتن حقيقتهتا المقدستة‪ .‬النستان بحاجتة إلى عنتف‪ ،‬و تقديتس‪ ،‬و إلى حقيقتة‬
‫لكتتي يعيتتش و لكتتي يجتتد له معنتتى على الرض‪ .‬العنتتف مرتبتتط بالتقديتتس و التقديتتس مرتبتتط بالعنتتف و كلهمتتا مرتبطان‬
‫بالحقيقة أو ما يعتقد أنه الحقيقة‪ .‬و الحقيقة مقدسة و تستحق بالنسبة لصحابها‪ ،‬أن يسفك من أجلها دم >>‪.‬‬

‫المحور الثالث‪:‬‬

‫العنف و المشروعية‪ :‬هل يمكن القرار بمشروعية العنف من زاوية الحق و القانون و العدالة؟‬

‫يرى عالم الجتماع اللمانتتي ماكتتس فيتتبر أن جوهتتر الستتلطة هتتو ممارستتة العنتتف‪ ،‬و أنهتتا وحدهتتا تملك الحتتق و‬
‫المشروعيتة فتي استتعماله‪ .‬متن أيتن ينبتع هذا الحتق أو المشروعيتة؟ إنهمتا يرتدان إلى التعاقتد الجتماعتي الذي بموجبته‬
‫يتنازل الشعب للدولة عن حق استعمال العنف على أساس نظام سياسي حديث يتميز بتقسيم السلط و مراقبتها لبعضها و‬
‫بإجراء انتخبات بصتتورة منتظمتتة متتن أجتتل تشكيتتل هذه الستتلطة‪ .‬و بالتالي يصتتبح العنتتف مرتبطتتا بالدولة الديموقراطيتتة‬
‫الحديثتة التتي تضبتط العنتف و تحتكتر استتعماله‪ .‬و يستتشهد م‪.‬فيتبر فتي هذا الصتدد بقولة تروتستكي ‪ << :‬الدولة هتي كتل‬
‫جهاز(حكم) مؤسس على العنف>> و هذه هي ميزة عصرنا الحالي‪ ،‬بحيث أنه ل يحق لي كان استعمال العنف إل عندما‬
‫تستمح الدولة بذلك ‪ .‬فهذه الخيرة << تقوم على أستاس استتعمال العنتف المشروع >> و ستتكون الستياسة هتي ((مجموع‬
‫الجهود المبذولة من أجل المشاركة في السلطة أو من أجل التأثير على توزيع السلطة))‪.‬‬

‫لكتن هتل استتخدام العنتف حتق مشروع لكتل أشكال الدولة بمتا فيهتا الدولة الستتبدادية أم هتو حتق فقتط للدولة القائمتة‬
‫على أساس ديموقراطي حديث؟‬

‫الجابتتة عتتن هذا الستتؤال بالقول‪ :‬إن عنتتف الدولة ل يكون مشروعتتا إل عندمتتا تكون هذه الدولة قائمتتة على أستتاس‬
‫مشروع أي على التمثيلية‪ ،‬النتخابات‪ ،‬الحريات العامة‪ ،‬التعدديةالسياسية‪ ،‬و تداول السلط‪ ،‬و فصل السلطة‪ .‬لكن يفترض‬
‫هنتتتا ان العنتتتف هتتتو الوستتتيلة الوحيدة للقضاء على العنتتتف أي مواجهتتتة القوة بالقوة‪ .‬و ضتتتد هذه الفكرة يطرح غاندي‬
‫((المفكتر)) و الزعيتم الهندي الشهيتر أن العنتف رذيلة‪ ،‬و إذا كان العنتف قانونتا حيوانيتا‪ ،‬فإن اللعنتف هتو القانون الذي‬
‫يحكم البشر‪ .‬و يعرف هذا الخير على نحو ما يلي‪((:‬الغياب التام للرادة السيئة تجاه كل ما يحيى)) إنسانا كان أم حيوانا‬
‫أم نباتتا‪ << ،‬هتو إرادة طيبتة تجاه كتل متا يحيتى>> الصتداقة ستتكون حل لمشكلة العنتف‪ ،‬إذا أصتبحت عامتة بيتن الفراد و‬
‫المم‪ .‬و ذلك ليس فيه تخلّ عن الصراع النساني‪ ،‬بل على العكس من ذلك فاللعنف مناهض للشر لكن بوسائل الخير‪ .‬إن‬
‫القوة الحقيقيتة بهذا المعنتى هتي قوة الروح التتي تستتطيع أن تنجتح فتي جعتل اللعنتف ينتصتر على العنتف و الستلم على‬
‫الحرب و القوة الروحية على القوة الفزيائية‪.‬‬

‫‪www.almuslim.at.ma‬‬

You might also like