You are on page 1of 3

‫بين عوامل الدعم وعناصر العاقة‬

‫سلم هاشم حافظ‬


‫جامعة القادسية‬

‫يمضيي النسيان المعاصير مدة طويلة مين حياتيه فييي المؤسيسات التعليميية طلباً للعلم‪،‬الذي يؤهله‬
‫لمهنية المسيتقبل‪،‬ويزوده بالمهارات اللزمية للتكييف فيي عالم دائم التغيير‪.‬وإذا ميا اعتبرنيا أن غالبيية الفراد‬
‫في البلدان التي تعتمد إلزامية التعليم‪،‬لبد لهم أن يكملوا على القل مرحلة الدراسة البتدائية‪،‬صار واضحاً‬
‫أنهم يمضون مال يقل عن ست سنوات في البيئة المدرسية‪.‬‬
‫ولن البيئة المدرسيية ل تشبيه البيئة المنزليية مين نواح عدة‪،‬منهيا‪ :‬تضاؤل هاميش الحريية الفرديية‬
‫والتأكيييد على اللتزام بالضوابييط ذات الصييلة بتوقيتات الدوام‪،‬وتعقييد نمييط الحياة الجتماعييية فيهييا‪،‬وفقدان‬
‫بعيض المتيازات مميا كان يألفيه الفرد فيي المنزل؛لكيل هذه السيباب وغيرهيا‪،‬قيد تشكيل المدرسية البتدائيية‬
‫عاميل إحباط ومصيدر ضغوط لبعيض التلمييذ يسيتجيبون لهيا بأشكال مين اضطراب السيلوك فيي علقتهيم‬
‫بالذات والقران والمدرسة‪،‬أو حتى بالخرين خارج المدرسة‪.‬‬
‫قيد ل تكون المدرسية هيي المسيؤولة الوحيدة عين ظهور مثيل تلك الضطرابات‪،‬إذ إنهيا قيد (تتسيلم)‬
‫حالت لتلمييذ‪،‬هيم فيي الصيل مضطربيين نفسيياً أو على اسيتعداد للضطراب‪،‬لعواميل تكوينيية أو أسيرية‬
‫ذات صيلة بأسياليب التنشئة الوالديية أو المناخ المنزلي أو نميط العلقية بالشقاء‪.‬وهذه عواميل تجعيل الطفيل‬
‫أكثير هشاشية وأقيل مناعية وأسيرع عطباً فيي تعامله ميع ضغوط الحياة المختلفية أو الضغوط المدرسيية التيي‬
‫يخبرها‪.‬وعليه يمكن تصنيف العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للتلميذ الى ‪:‬‬
‫او ًل ) العوامل السابقة على انخراط الطفل في المدرسة ‪:‬‬
‫تعود الصيحة النفسيية للتلمييذ فيي جزء منهيا الى عواميل ميا قبيل المدرسية‪،‬والتيي يمكين إجمالهيا‬
‫بالعوامييل الذاتييية‪،‬والسييرية‪،‬والجتماعييية‪،‬والبيئييية‪.‬إن التلميييذ بسييبب عوامييل وراثتييه أو ظروف حمله‬
‫وولدتييه‪،‬أو اسييتعداده التكوينييي‪،‬قييد يكون أكثيير اسييتهدافًا لضطراب صييحته النفسييية‪،‬وهييو قييد يحمييل هذا‬
‫السيتعداد الذي (تقدحيه) ضغوط المدرسية وتيبرزه للعيان بوصيفه اضطرابًا واضحاً بمواصيفات تشخيصيية‬
‫محددة‪.‬ويدخييل فييي هذا المجال أيضًا بنييية الطفييل الجسييمانية ومسييتوى نشاطييه وقدراتييه العقلييية وكفاءة‬
‫حواسه‪.‬أما السرة فإنها حاضنة الكثير من العوامل التي تسهم في الصحة النفسية للبناء‪،‬لذا يعول الكثير‬
‫عليهييا فييي هذا المجال‪.‬فمسييتوى السييرة القتصييادي الجتماعييي‪،‬والتحصيييل العلمييي للبوييين‪،‬وطبيعيية‬
‫الهتمامات السيائدة‪،‬واتجاهات السيرة نحيو المدرسية‪،‬وأسياليب التنشئة المعتمدة‪،‬وعدد الطفال‪،‬والعدالة فيي‬
‫التعامل معهم‪،‬هي بعض العوامل السرية المؤثرة في الصحة النفسية للطفل التلميذ‪.‬وتتمثل السرة الكثير‬
‫مين اتجاهاتهيا مين المجتميع‪،‬لذا ففيي حالة غلبية التجاهات السيلبية فيي المجتميع نحيو المدرسية والتحصييل‬
‫الدراسيي‪،‬فمين المتوقيع أن تتبنيى السيرة بعيض تلك التجاهات‪.‬مين ناحيية أخرى‪،‬فإن محييط لعيب الطفيل ميع‬
‫أقرانييه هييو مجال آخيير لتنمييية اتجاهاتييه نحييو المدرسيية وتنميييط سييلوكه المدرسييي نحييو مديات السييواء أو‬
‫النحراف‪،‬خاصية لمين هيم على أعتاب مرحلة المراهقية‪.‬واذا ميا وسيعنا مجال عواميل ميا قبيل المدرسية او‬
‫خارجهيا فان لمتغيرات البيئة وعواميل الطبيعية وظروف القلييم الذي ينشيأ فييه الطفيل تأثيراتيه الفعليية على‬
‫سيلوك وصيحة التلمييذ‪.‬وتؤكيد دراسيات علم النفيس البيئي على سيبيل المثال ل الحصير‪،‬أن متغيرات الزحام‬
‫والضوضاء والتلوث هييي ميين العوامييل المسييببة لمييا يدعييى بالنعصيياب البيئي‪،‬والذي هييو أحييد أصييناف‬
‫الضطرابات السلوكية الناجمة عن اختلل بعض عوامل المجال البيئي للنسان‪.‬‬
‫ثاني ًا ‪ :‬العوامل المدرسية‬
‫يراد بالبيئة الماديية فيي المدرسية مجموع العواميل التيي تشكيل الكيان المادي للمدرسية مين قاعات‬
‫دراسييية‪،‬وحدائق‪،‬وإضاءة‪،‬وتهوييية‪،‬وفضاءات‪،‬وكييل مييا ميين شأنييه أن يوفيير البيئة المناسييبة للتحصيييل‬
‫الدراسيييي‪.‬إن القاعات الدراسيييية غيييير الصيييالحة للتدرييييس‪،‬وحدائق المدرسييية التيييي أصيييبحت أثراً بعيييد‬
‫عيين‪،‬والضاءة الرديئة‪،‬والصيفوف المزدحمية‪،‬وسيوء التهويية‪،‬هيي عواميل متفاعلة ضارة بالعمليية التعليميية‬
‫أولً‪،‬وتخلق ظروفاً أو أوضاعًا ضاغطيية على التلميييذ والمعلمييين على حييد سييواء تمهيدًا لختلل الصييحة‬
‫البدنيية والنفسيية لبعيض التلمييذ‪،‬أو على القيل تتدخيل كعواميل مشتتية للنتباه ومسيببة لشرود الذهين عين‬
‫الدرس ثانياً‪.‬وتكاد تجميييع دراسيييات علم النفيييس التربوي على أن الجيييو المدرسيييي الذي تسيييوده الحريييية‬
‫والديمقراطيييية والذي يشترك فييييه التلميييذ مييع الدارة فيييي اتخاذ القرارات المتعلقييية بالشأن المدرسيييي‪،‬‬
‫ويمكي ييّينهم مييين إشباع حاجاتهيييم وحيييل مشكلتهيييم‪،‬والذي تسيييوده العدالة وعدم التميييييز إل على أسييياس‬
‫الكفاءة‪،‬والذي يمكييّين التلمييذ مين حسين اسيتثمار قدراتهيم وتحفيزهيا لقصيى حيد ممكين‪،‬ويسياعدهم فيي فهيم‬
‫أنفسهم وتعرّف نواحي الضعف والقوة فيها‪،‬وقيامه على الحب والتعاطف بين الطلب أنفسهم وبينهم وبين‬
‫المدرسيين وادارة المدرسية؛إن مثيل هذا الجيو له دوره اليجابيي الفاعيل فيي تدعييم الصيحة النفسيية والنميو‬
‫السيليم للتلمييذ‪.‬ومين المهيم ملحظية أن مثيل هذه الجواء اليجابيية المدعمية للصيحة النفسيية تقيع مهمية‬
‫إيجادهيا وضبطهيا وإدامتهيا على الدارة والهيئة التعليميية تحديداً‪.‬وللمعلم دور أسياسي فيي سيلوك وشخصيية‬
‫التلميييذ فضلً عيين تحصيييله الدراسييي‪،‬إذ يمثييل حلقيية الوصييل بييين التلميييذ ميين جهيية والمدرسيية ميين جهيية‬
‫اخرى‪.‬وتتوقف على مهارته المهنية وقدراته العلمية الكاديمية وخصائص شخصيته الكثير من المخرجات‬
‫الخاصية بالتلمييذ مين مهارات ومعارف واتجاهات وأنماط سيلوكية وربميا حتيى أسيلوب حياة‪.‬لقيد توصيلت‬
‫دراسيات عديدة أن سيلوك الطفيل لييس تابعًا لمزاجيه فحسيب‪،‬بيل وللمعاملة التيي يلقاهيا مين المعلم‪ ،‬فالمعاملة‬
‫المتسلطة الديكتاتورية تنتج عند التلميذ ميلً الى العدوان والى انخفاض في الشعور بالمسؤولية‪.‬ومن ناحية‬
‫أخرى‪،‬فإن مستوى الصحة النفسية للتلميذ يتأثر بصحة معلمه النفسية ذلك إنه من النماذج النسانية المهمة‬
‫التيي يقابلهيا الطلب فيي حياتهيم ويتأثرون بهيا تأثرًا كيبيرًا بأسيلوب التقميص‪،‬إذ مين خلله يمتيص التلمييذ‬
‫الكثيير مين قييم واتجاهات وأسياليب تفكيير وأنماط سيلوك المعلم‪ .‬فإذا كان الخيير مسيتقراً نفسييًا ذا شخصيية‬
‫سيوية‪،‬تمكين مين خلق المناخ الملئم لنميو طلبيه نموًا سيوياً‪.‬واذا كانيت اتجاهاتيه موجبية نحيو الحياة ونحيو‬
‫الناس‪،‬نقيل هذه التجاهات السيوية الى طلبيه وأثيييّر ذلك على سيلوكهم وصيحتهم النفسيية تأثيرًا طيباً‪.‬أميا‬
‫المدرس القلق المتشاؤم المضطرب العصابي فإنه ينقل مشاعره النفسية السيئة الى الطلبة مؤثراً سلباً على‬
‫تكيفهم وصحتهم النفسية‪.‬‬
‫المشكلت السلوكية للتلميذ‬
‫أما أهم المشكلت السلوكية التي يمكن أن تواجه التلميذ‪،‬فيمكن تصنيفها الى الفئات التية ‪:‬‬
‫‪ .1‬المشكلت المتصييلة بالنمييو العام‪ :‬مثييل المشكلت الخاصيية بالنمييو الحركييي واللغوي والحسييي‬
‫وضبط البتول‪.‬‬

‫‪ .2‬المشكلت المتصلة بالوظائف العقلية ‪ :‬مثل الضعف العقلي والتأخر الدراسي وصعوبات التعلم‬
‫ومشكلت التوافق (عند المتفوقين عقلياً )‪.‬‬

‫‪ .3‬المشكلت المتصييلة بالنمييو النفعالي‪ :‬مثييل نوبات الغضييب والكتئاب والمخاوف والوسيياوس‬
‫والخجل والنطواء‪.‬‬

‫‪ .4‬المشكلت المتصييلة بالنمييو الجتماعييي ‪ :‬مثييل مشكلت الصييداقة والعدوان والكذب والسييرقة‬
‫والتكبر والنسسحاب‪.‬‬

‫العوامل الداعمة للصحة النفسية‬


‫لقيد ظهير مين السيطور السيابقة عميق التاثيير الذي تخلفيه العواميل المدرسيية فيي إنماء أو إعاقية‬
‫الصيحة النفسيية للتلمييذ‪.‬وعلييه مين الضروري العميل على التخطييط والتنفييذ لبرناميج متكاميل لدعيم‬
‫الصحة النفسية المدرسية يولي تلك العوامل الهتمام المناسب من خلل ما يأتي‪:‬‬
‫أولً) بنايففة المدرسففة بجوانبهففا الفيزيقيففة المختلفففة‪ :‬آخذييين فييي العتبار آراء ومشورة الختصيياصين‬
‫النفسييين فيي افضيل التصيميمات الممكنية لبناء مدارس المسيتقبل التيي تحترم آدميية النسيان ولييس كميا هيو‬
‫حال مدارسنا الن التي ل تصلح معظمها للستخدام البشري‪.‬‬
‫ثانياً) النظام أو المناخ المدرسي‪ :‬بما يجعل المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية فاعلة في حياة الطلبة كما‬
‫فيي حياة السيرة والمجتميع‪.‬ويتيم ذلك مين خلل العنايية بصيحة التلمييذ ونموهيم البدنيي ومراعاة الفروق‬
‫الفردية بينهم وإشباع حاجاتهم النفسية وحل المشكلت التي تعترضهم وتنمية السلوك الخلقي والجتماعي‬
‫السليم وتأهيلهم للحياة العملية‪.‬‬
‫ثالثاً) المدرس أو المعلم ‪ :‬من خلل النظر في ثلث أمور هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬حسن اختيار المرشحين لمهنة التعليم‪.‬‬
‫‪ .2‬النهوض بفترة أعداد المعلمين‪.‬‬
‫‪ .3‬حسين متابعية المعلم أثناء الخدمية‪،‬وإخضاعيه للتقوييم بيين مدة وأخرى‪،‬ورفيع مسيتواه مين خلل‬
‫الدورات المناسبة ورفع مستوى حياته القتصادي‪.‬‬
‫رابعاً) المنهج الدراسي ‪ :‬ومراعاة الجوانب النفسية في بناء المنهج‪،‬والتأكيد على أهداف بناء الثقة بالنفس‬
‫واحترام الخيييير والشعور بالمسييييؤولية والعتماد على الذات والقدرة على التكيييييف للتغيرات الدائميييية‬
‫والمتسارعة في المجتمعات المعاصرة‪.‬‬
‫قد ل نكون مغالين في القول أن الصحة النفسية للتلميذ لها من الهمية والعتبار ما يبرر الدعوة‬
‫الى عقييد مؤتميير أو مؤتمرات خاصيية يدعييى لهييا الختصيياصيون فييي المجالت ذات الصييلة‪،‬والفادة قدر‬
‫المكان مين التجارب الشبيهية فيي الدول الخرى‪،‬ومين إخفاقات وصيعوبات الفترات المنصيرمة مين تارييخ‬
‫العراق القريب ‪.‬‬

You might also like