Professional Documents
Culture Documents
الخـــــــوارج
والحقيقة الغائبة
الطبعة الولى
1420هـ 1999 -م
1
بسم الله الرحمن
الرحيم
2
3
أصل هذا الكتاب رسالة قدمت من قبل المؤلف لستكمال متطلبات
الحصول على درجة الماجستير في الحديث النبوي وعلومه في جامعة آل
البيتـ ـالردنية،ـ ـعنوانهاـ ـ"الحاديثـ ـالواردةـ ـفيـ ـالخوارجـ ـ-ـ ـتخريج
ودراسة" ،وقد أشرف على الرسالة كل من الستاذين الفاضلين الدكتور
صديق محمد مقبول من قسم الحديث (مشرفاً) ،والستاذ الدكتور فاروق
عمر فوزي من قسم التاريخ (مشرفاً مشاركاً) ،وناقشها كل من :الستاذ
الدكتورـ ـقحطانـ ـعبدـ ـالرحمنـ ـالدوري،ـ ـوالستاذـ ـالدكتورـ ـحارثـ ـسليمان
الضاري ،والستاذ المشارك الدكتور زهير عثمان علي نور ،وقد نوقشت
وأجيزت بتاريخ 1998 /7 /26م.
ويقتضي من واجب الوفاء لهل الفضل تديد العرفان للمشرفي الكريي،
ولست أنسى لما صنيعهما الليل ،فإليهما أزجي تيت وشكري وتقديري ،ولكل
الساتذة الجلء الناقشي من مزيد الشكر والمتنان.
4
5
فهرس المحتـويـات
الصفحة الموضوع
………………………………………………… المقدمة
17
وفرقهم" 187-23 الباب الول" :ظهور الخوارج وتحديد أهم آرائهم
تحليل المصادر والمراجع التاريخية ………………………………
25
أولً :المصادر الصيلة …25 …………………………………..
أ -مصادر الخوارج والمنسوبين إليهم …6 ..………………….
ب -المصادر السنية والشيعية ………………40 .………….
جـ -كتب المقالت والفرق 48 .……….………..……….
ثانياً :المراجع الحديثة …56 ……….………………………….
تمهيد :نبذة عن الحداث التاريخية قبل صفين ………61 ….……….
الفصل الول :أهل النهروان 137-65 ......………….…….....
المبحث الول :السياق التاريخي لنحيازهم إلى النهروان …67 ..……..
المبحث الثاني :الصحابة من أهل النهروان 75 …….……………..
المبحث الثالث :حجج أهل النهروان في اعتزال المام علي……87 …..
مناظرة عبدال بن عباس لهل حروراء …………………87 .
المطارحات حول مسألة التحكيم ………………94 ..……..
أولً :آية قتال البغاة …………94 ………………..……..
ثانياً :محو اسم المارة ……………102 …………………..
مناقشة المام علي لهل حروراء ………………105 ..……..
المبحث الرابع :نسبة الستعراض والتكفير إلى أهل النهروان ……121 ..
أولً :الستعراض …………121 ………………………..
حادثة مقتل عبدال بن خباب 124 ………………………….
الصفحة الموضوع
ثانياً :التكفير ……………………………………… 131
-139 الفصل الثاني :الخوارج………………………………
188
المبحث الول :ظهور مصطلح الخوارج ……………………… 141
المبحث الثاني :معنى الخوارج ……………………………….
151
6
أ -من الناحية الصرفية ……………………………… 151
ب -من الناحية اللغوية ……………………………… 151
جـ -من الناحية الصطلحية 152 ………………………….
المبحث الثالث :الراء المنسوبة إلى الخوارج 159 ..………………….
-1رفض التحكيم ………160 .…….…………………..
-2جواز أن تكون المامة في غير قريش ……160 ………….
-3الستعراض ………162 ..…………….…………….
-مقتل المام علي بن أبي طالب 163 .……….…………….
-4الخروج على المام الجائر …………175 .….………….
– 5التكفير ……176 .……………………….…….….
المبحث الرابع :الفرق المنسوبة إلى الخوارج 179 ...…………….…..
حادثة النقسام 179 ..….……………….……………….
أ -الزارقـة ………180 ……….….………………….
ب -النجدات والنجدية ……182 .……….…….………..
جـ -الصفريـــة 183 ……….……….……………..
د -الباضيـــة ……………184 ..…………….…….
الباب الثاني :الحاديث الواردة في الخوارج ………406-189 .
تمهيد :في سرد الحاديث الواردة في الخوارج 191 ..….…………...
الفصل الول :حديث المروق ……………………266 -193 .
المبحث الول :تخريج الحديث …195 ………………………….
الصفحة الموضوع
حديث أبي سعيد سعد بن مالك الخدري ……………………195 ..
حديث أنس بن مالك …198 ..…………………………….….
حديث أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري 199 ………………..….
حديث المام علي بن أبي طالب …200 …….………………….
حديث عبدال بن عمر بن الخطاب …201 .……………………..
حديث عبدال بن عباس ……202 …………………………….
حديث جابر بن عبدال ……202 .…………………………….
حديث عبدال بن مسعود …203 ..…………………………….
حديث أبي ذر جندب بن جنادة ورافع بن عمرو الغفاريين ……… 204
حديث سهل بن حنيف …………………………………205 .
حديث عقبة بن عامر الجهني ……………………………… 206
حديث أبي برزة نضلة بن عبيد السلمي ………206 …………….
حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث …………………207 ..……….
حديث أبي أمامة صدي بن عجلن الباهلي 208 .………………….
7
حديث طلق بن علي …208 ………………………………….
حديث عبدال بن عمرو بن العاص ………209 ….……………..
حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي 210 ……………….
حديث عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص …211 .…………..….
حديث عبدالرحمن بن عديس البلوي …211 ..……………….….
حديث عامر بن واثلة …………………211 ..……………….
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث …………………213 ..…..
أولً :حديث أبي سعيد الخدري ……213 ..……………………..
ثانياً :حديث أنس بن مالك ……221 ..………………………..
حديث أنس بن مالك وأبي سعيد ………224 ……………..
الصفحة الموضوع
ثالثاً :حديث المام علي بن أبي طالب ………………………226 .
رابعاً :حديث عبدال بن عمر بن الخطاب …………………… 231
خامساً :حديث عبدال بن عباس …………………………232 ..
سادساً :حديث جابر بن عبدال …………………………… 232
سابعاً :حديث عبدال بن مسعود …………………………237 ..
ثامناً :حديث أبي ذر ورافع بن عمرو الغفاريين ……………… 239
تاسعاً :حديث سهل بن حنيف …240 .………………………..
عاشراً :حديث عقبة بن عامر الجهني ………………………240 .
حادي عشر :حديث أبي برزة السلمي ……………………240 ..
ثاني عشر :حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث ………………… 241
ثالث عشر :حديث أبي أمامة الباهلي ………………………242 .
رابع عشر :حديث طلق بن علي 244 ..………………………..
خامس عشر :حديث عبدال بن عمرو بن العاص …245 .………...
سادس عشر :حديث أبي هريرة …245 .……………….……….
سابع عشر :حديث عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص 246 .……….
ثامن عشر :حديث عبدالرحمن بن عديس البلوي ………246 ..…….
تاسع عشر :حديث عامر بن واثلة …247 .……………….…….
المبحث الثالث :دراسة متن الحديث ……249 ….……………….
غريب الحديث ……249 ……………………………….…..
التحليل ……250 .………….…………………………….
المر الول :كم مرة وقعت الحادثة ……251 .…….…………..
المر الثاني :الرجل الذي اعترض على
قسمة النبي صلى ال عليه وسلم ……253 ..…….….
المر الثالث :الطالب لقتل ذي الخويصرة ………256 ..….…….
8
الصفحة الموضوع
المر الرابع :المقصودون بحديث المروق 256 ..…………………..
توجيهات الحديث 259 ..…………………………………….
الفصل الثاني :حديث المخدّج 316-267 ………………….….
المبحث الول :تخريج الحديث ………………………269 …….
أولً :حديث أبي سعيد الخدري …269 ..……………………….
ثانياً :حديث جابر بن عبدال ……271 .………………….…..
ثالثاً :حديث المام علي بن أبي طالب …272 .……………..…..
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث 283 ..……………..……..
أولً :حديث أبي سعيد الخدري ……283 ....………………….
ثانياً :حديث جابر بن عبدال ……288 .……………………….
ثالثاً :حديث المام علي بن أبي طالب 288 ..…………….……..
المبحث الثالث :دراسة متن الحديث …………………301 ..…..
غريب الحديث …301 ……………………………………..
التحليـــل …301 .……………………………..……..
شخصية المُخدّج ……301 …………………………….…..
علقة الحديث بأهل النهروان 304 ..………………..………..
326-317 الفصل الثالث :حديث شيطان الردهة ……………
المبحث الول :تخريج الحديث …………………………319 ...
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث ……………………… 321
المبحث الثالث :دراسة متن الحديث ………………………325 .
غريب الحديث 325 ………………………………………….
التحليل …………………………………………325 …..
الفصل الرابع :حديث المتعبد الذي أمر
النبي صلى ال عليه وسلم بقتله …… 345-327
الصفحة الموضوع
المبحث الول :تخريج الحديث ……329 .……………………..
أولً :حديث أنس بن مالك …329 …………………………..
ثانياً :حديث جابر بن عبدال …………………………… 330
ثالثاً :حديث أبي سعيد الخدري …………………………330 .
رابعاً :حديث أبي بكرة ………………………………… 330
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث …333 .………………….
أولً :حديث أنس بن مالك ……………………………333 ..
ثانياً :حديث جابر بن عبدال ……335 ……………………….
9
336 ثالثاً :حديث أبي سعيد الخدري …………………………..
337 رابعاً :حديث أبي بكرة ….……………………………...
339 المبحث الثالث :دراسة متن الحديث ………………………
339 غريب الحديث ……………………………………….
339 التحليل ……………………………………………..
الفصل الخامس :حديث المام علي" :لقد علمت عائشة بنت
أبي بكر أن أهل النهروان ملعونون على
لسان محمد صلى ال عليه وسلم" … 355 -347
المبحث الول :تخريج الحديث …………………………349 ..
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث …………351 .………….
المبحث الثالث :دراسة متن الحديث ……………………… 353
الفصل السادس :حديث المام علي" :أمرت بقتال
381-357 الناكثين والقاسطين والمارقين" …….
المبحث الول :تخريج الحديث 359 …………………………..
أولً :حديث المام علي بن أبي طالب 359 ..…………………..
ثانياً :حديث أبي أيوب النصاري …………………359 .……..
الصفحة الموضوع
ثالثاً :حديث عبدال بن مسعود 361 ..………………………….
رابعاً :حديث أبي سعيد الخدري …………………………… 363
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث ………………………365 .
أولً :حديث المام علي بن أبي طالب ……………………… 365
ثانياً :حديث أبي أيوب النصاري …370 ..……………………..
ثالثاً :حديث عبدال بن مسعود ……………………373 .……..
رابعاً :حديث أبي سعيد الخدري …………………………… 357
المبحث الثالث :دراسة متن الحديث ……377 …………………..
غريب الحديث ………377 ………………………………….
التحليل ………………………………………………378 .
الفصل السابع :حديث "تمرق مارقة عند فرقة من
-383 المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق" …
393
المبحث الول :تخريج الحديث …385 .………………….…….
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث 387 .……………….…….
المبحث الثالث :دراسة متن الحديث ……………………391 ….
الفصل الثامن :حديث "الخوارج كلب النار" ……406-395 ..
10
المبحث الول :تخريج الحديث …397 ………………………….
أولً :حديث أبي أمامة الباهلي ………………………397 ..….
ثانياً :حديث عبدال بن أبي أوفى ……398 ..……………….….
المبحث الثاني :دراسة أسانيد الحديث ………………399 …….
أولً :حديث أبي أمامة الباهلي ………399 ..…………….…..
ثانياً :حديث عبدال بن أبي أوفى ………………401 ………….
المبحث الثالث :دراسة متن الحديث ………403 ..…………….
خاتمة الكتاب ………409 ………………….……………….
الصفحة الموضوع
11
12
13
المقدمة
أفضل ما خط الياع ،وأحسن ما مر على الساع ،بعد كلم ال تعال ،تسبيحه
والثناء عليه جل جلله ،فاللهم لك المد والشكر كما ينبغي للل وجهك وعظيم
سلطانك ،وصل اللهم وسلم على صفوتك من عبادك وخيتك من خلقك سيدنا ممد
الادي من العمى والنقذ من الضللة ،وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إل يوم
الدين.
أما بعد:
فإن ال سبحانه قد شاء لذه المة أن تكون خي أمة أخرجت للناس ،واقتضت
حكمته جل وعل أن تتباين فيها الوجهات وتتلف فيها النازع وتتعدد الراء ،رغم
وحدة الصدر الذي ينهل منه جيع أفرادها ،فكان تبعا لذا ظهور الذاهب التعددة
والفرق الختلفة الت تتمي بمى هذه الشريعة الكرية.
ومن أقدم التيارات الت برزت عل ى ساح ة الجتمع السلم ي الفرق ة السماة
بالوارج الت كان لا أثر كبي ف الركة السياسية ف القرن الجري الول.
وموضوع الوارج موضوع شائق شائك .وعلى الرغم من الكتابات الكثية فيه
بأشكال متلفة فإنه بقي ذا حاجة إل بث يشمل الدراسة التاريية والديثية معا.
وحسبما يظهر فإن تناول كل جانب على حدة يوهن العمل فيه ،وهذا جلي ف الكتابات
الت أعطت لبعض النصوص أهية ل يكن الساس با فعصفت ببعض النتائج الت ل تتلءم
معها ،مع أن ثبوت تلك النصوص يعوزه البحث الوضوعي العمق.
وتنبع أهية موضوع الرسالة من أنا تعال الصلة بي الفئة الت أطلق عليها ف
التاريخ اسم الوارج وبي ما رددته كتب التاريخ والفرق وغيها من المور النسوبة
إليهم والحكام الصادرة فيهم من قبل الفئات السلمية الخرى ،وذلك من خلل
دراسة مصداقية الدعوى البنية على أن تلك الحكام إنا هي نص شرعي جرى على
لسان الرسول الكري .
النهجية:
أ -تعتمد هذه الدراسة على منهج استقرائي استردادي مقارن:
15
-حيث ترمي الدراسة إل تتبع كل ما ورد ف الوارج من روايات وأقوال العلماء ف
أسانيدها وتوجيهاتم لتونا.
-كما سيكون للمؤلفات ذات التوجه التاريي والكتب الت عنيت بالقالت بروز واضح
لتغطية جوانب مهمة ف الوضوع.
-وللمقارنة بي كتب الذاهب التعددة سواء منها كتب الديث والرجال والفرق دور
بارز ف إغناء هذه الدراسة إن شاء ال تعال.
ب -ما يتعلق بإثبات الوادث التاريية يكون العتماد على القرائن ل على دراسة
أسانيدها ،كأن تتفق كل الصادر على حادثة ما .وأما الحاديث النبوية فل يقبل فيها إل
صحة السند ف القام الول ث خلو الت من الشذوذ والعلة.
جـ -ما يتص بالرواة إن ذكرت كلم الافظ ابن حجر العسقلن ف "التقريب" دون
تعقّب فهو تسليم من له ،أو لن ل أملك ما ُي ْدفَع به حكمه على ذلك الراوي.
د -ما يتعلق باقتباس النصوص يكون بي علمت التنصيص " …" ،وإذا كان ف النص
القتبس ما يتاج إل توضيح فيوضع الكلم الضاف ضمن قوسي ( …).
هـ -تبتدئ الدراسة ف الباب الول بتحليل الصادر والراجع ذات العلقة بالقسم
التاريي ،ث بــتمهيد سريع عن الحداث التاريية قبل معركة صفي ،ث كان الفصل
الول عن أهل النهروان فبحث القضايا الهمة ذات العلقة بم؛ البحث الول ف العرض
التاريي لحداث اعتزالم إل النهروان ،والبحث الثان ف ذكر الصحابة الذين ورد أنم
كانوا ضمن معارضي التحكيم ،والبحث الثالث ف بيان موقف معارضي التحكيم منه
وتبيي كثي من الغالطات فيه .أما البحث الرابع فيبحث ف أهم قضيتي نسبتا إل أهل
النهروان ،وها التكفي والستعراض ،وماولة معرفة وجه الصحة ف هذه النسبة من
خلل الروايات التاريية وغيها.
أما الفصل الثان فإنه منصبّ على الوارج ،حيث تناول البحث الول مت ظهر
مصطلح الوارج ،والبحث الثان عبارة عن ماولة لتحديد معن ثابت لذا الصطلح،
وشل البحث الثالث عرضا لشهر الراء النسوبة إل الجموعة السماة تارييا بالوارج،
مع بعض التفصيل ف الوانب الت تستدعي مقارنة لعرفة صحة تلك النسبة من جانب
16
ومعرف ة اختصاصه م ب ا م ن جان ب آخر ،وش ل البح ث الراب ع بيا ن الفر ق الكبى
الشهورة الت تسب على الوارج وبيان حقيقة انتمائها إليهم ،مع إغفال الفرق الخرى
الت يصعب الطمئنان إل وجودها لسباب يأت ذكرها.
الواردة ف أما الباب الثان فإنه اختص بالدراسة لكل النصوص النسوبة إل النب
الوارج ،سواء النصوص الصرية أوالنصوص الؤولة فيهم.
وقد اجتمع من تلك النصوص ثانية ،خصصت الدراسة لكل واحد منها فصلً ف
ثلثة مباحث؛ الول ف تريج الديث ،والثان ف دراسة أسانيده ،والثالث ف دراسة
الت.
هذا ،ولعل القيام بذه الدراسة سيصل بي خصوم طالت بينهم الشحناء ،وسيسد
ثغرة ف جدار المة التصدع ،وغي بعيد أن تكون بداية لدراسة أحاديث الفرق.
وأسأل ال سبحانه وتعـال التوفيق والسداد ،إنه ول ذلك والقادر عليه ،ول
حول ول قوة إل بال العلي العظيم.
17
18
19
الباب الول:
20
21
تحليل المصادر والمراجع التاريخية
أولً :الصادر الصيلة:
تزخ ر الكتب ة العربي ة السلمي ة بعد د ج م م ن الؤلفا ت التاريي ة القدي ة منها
والديثة .وقد حظي موضوع الرسالة بعناية كثي من الرواة والؤرخي .وليس كل ما
دونوه وصل إلينا ،بل ث كثي مفقود؛ غي أن كثيا من ذلك الفقود نقله عنهم غيهم من
الؤرخي .ويكن تقسيم مصادر هذا القسم إل مصادر خارجية وغي خارجية ،وذلك
باعتبار مصادر الوارج ف هذا الجال قسيما مشتركا لكل من الصادر السنية والشيعية.
أ -مصادر الوارج والنسوبي إليهم:
شارك الذين سوا بالوارج غيهم ف نقل الحداث الول من التاريخ السلمي
لسيما التعلقة منها بأحداث الفتنة والروب الول .ونلحظ ذلك عند بعض الؤلفي
الذين جعوا الروايات الختلفة ف تلك الوقائع؛ إذ ند ابن كثي ينقل عن اليثم بن عدي
قوله" :فحدثن ممد بن النتشر المدان عمن شهد صفي وعن ناس من رؤوس الوارج
م ن ل ـيته م عل ى كذب…"( . )1كم ا ن د الب د يقول " :ذك ر أه ل العل م من
الصفرية…"( ) ،ويقول أيضا" :وتروي الشراة…"( .)3ويذكر الطبي أحيانا نادرة بعض 2
رواياتم ،كنقله عن الوارج أن عليّا بايع أهل حروراء وأنه قال لم" :ادخلوا فلنمكث
ستة أشهر حت يب الال ويسمن الكراع ث نرج إل عدونا"( ) .كما يورد الشعري
4
عنهم بعض الروايات ،وذلك مثل الب الذي يورده من طريقهم أن عبدال بن وهب
وأصحابه كانوا كارهي لقتل عبدال بن خباب( ).
5
وهذا يدل على أن للخوارج ومن نسب إليهم روايات خاصة بم ،وعلى الرغم
من أن الروايات الواردة عنهم تعد قليلة جداّ ف مقابل روايات غيهم ،إل أن ورودها
() الصدر السابق ص .1181ومصطلح الشراة يستعمل رديفا لصطلح الوارج لقولم" :شرينا أنفسنا ف طاعة 3
22
مؤشر لروايات أخرى غيها.
ويكن أن تعزى ندرة ما وصلنا من الروايات إل موقف ناقليها منهم ،فإن الطبي
مثلً بعد أن نقل الرواية السابقة عنهم قال" :ولسنا نأخذ بقولم وقد كذبوا"( ) ،وتبعه
1
على ذلك ابن الثي( ) .ولذا يقول ابن الندي عند الديث على مؤلفات فقهاء الشراة: 2
"هؤلء القوم كتبهم مستورة قلما وقعت لن العال تشنؤهم وتتبعهم بالكاره"( ) ،يقول
3
د .ممود إساعيل" :ومن الطبيعي أل نقف على روايات معاصرة تمل وجهة نظر
الوراج رغم وفرة ما صنفوه من تواليف حوت عقائدهم وسيهم وأخبارهم وطبقات
مشاهيهم ،وهو ما ذكره ابن الندي ف الفهرست ،فقد أبيدت كتب الوارج وأحرقت
على أيدي أعدائهم"( ) ،كالذي فعله ممد بن بور( ) القائد العباسي حي استول على
5 4
عمان موطن الباضية -وهم من ينسبون إل الوارج -وأحرق الكتب فيها ،وذلك
سنة 280للهجرة( ) 893 /للميلد ،ومثل ما فعله أبو عبدال الشيعي( ) عندما أحرق أغلب
7 6
الؤلفات الودعة ف مكتبة العصومة ف مدينة تيهرت( ) التابعة للدولة الرستمية الباضية،
8
() هكذا تسميه كتب التاريخ العمان .وساه الطبي ممد بن ثور (هكذا اسه ف خس طبعات) وذكر أنه افتتح 5
(على حد تعبيه) عُمان ف سن ة 280هـ قال" :وبعث (أي ابن ثور) برؤوس جـماعة من أهلها" .انظر:
الطبي (التاريخ) جـ 5ص ، 280وتبعه على ذلك ابن الثي( :الكامل) جـ 7ص .464وذكره السعودي
باسم أحد بن ثور ،وذكر قتاله الباضية ف عمان قال" :وكانت له عليهم فقتل منهم مقتلة عظيمة ،وحل كثيا
من رؤوسهم إل بغداد فنصبت بالـسر"( :مروج الذهب) جـ 4ص .244
() السالي (تفة العيان) جـ 1ص .262 ،261 6
() هو السي بن أحد بن ممد بن زكريا العروف بالشيعي ويلقب بالعلم ،مهد الدولة للعبيديي وناشر دعوتم 7
ف الغرب ،من أهل صنعاء ،اتصل ف صباه بحمد البيب أب الهدي عبيدال الفاطمي ،ورحل إل الغرب فدعا
إل بيعة الهدي ،فلما ت المر للمهدي ببايعته والقضاء على دولة الغالبة بالقيوان قتل أبا عبدال عام 298هـ/
911م .انظر :ابن الثي (الكامل) جـ 8ص /52-36الزركلي (العلم) جـ 2ص .230
( ) تيهرت أو تاهرت:ف القدي اسم لدينتي متقابلتي ف الغرب الوسط ،إحداها تاهرت القدية ،والخرى 8
تاهرت الحدثة :الموي (معجـم البلدان)جـ 2ص / 81 ، 10-8الميي (الروض العطار) ص 126،12
.7وموقع تيهرت الن ف الزائر.
23
للهجرة 909 /للميلد( ).
1
296 وذلك ف عام
هذا وقد ذكر ابن الندي لب بكر ممد بن عبدال البذعي الذي "كان خارجيا"
وقال بأنه رآه ف سنة أربعي وثلثائة للهجرة ذكر له كتاب "الذكار والتحكيم"( )،
2
كما أورد لب القاسم الديثي "وكان من أكابر الشراة وفقهائهم" كتاب " التحكيم ف
ال جل اسه"( ).
3
ولب عبيدة معمر كتاب "خوارج البحرين واليمامة"( ) ،وهو مفقود ،غي أن
7
كثيا منه حفظه البلذري فيما رواه عنه ف "أنساب الشراف" .ويظهر أن كتاب أب
عبيدة هذا ل يتناول أخبار النهروان ،وأنه خصه لا بعد ذلك من الحداث ،وهو واضح
من العنوان .ولعل مصنفه الثان "كتاب المل وصفي"( ) قد تطرق إل هذا الوضوع
8
كما هو صنيع عدد من الؤرخي ،إذ يضمون ما يتعلق بالنهروان إل الحداث التابعة
لصفي.
-ولعل أقدم مؤل ف إباضي ف هذ ا الوضو ع كتاب سال بن عطية (أو الطيئة)
اللل( ) ،وهو من علماء الباضية ،عده الدرجين من المسي الثانية من القرن الجري 9
() الاحظ (البيان والتبيي) جـ 1ص /347ابن قتيبة (العارف) ص .543 4
() روى أبو العرب التميمي ف كتابه "الحن" ص 266قال :وحدثن عبدال بن الوليد ،عن خالد بن خِداش بن 9
عجلن ،قال :حدثنا سال بن عمي قال :صل ى سال اللل على جنازة ،ث جلس ف ظل قصر أو قب فقال
24
الول( ) ،وكان من وفد الباضية على عمر بن عبد العزيز الليفة الراشد( ) .أما كتابه
2 1
فقد ذكره البّادي( ) ،وقال عنه" :كتاب سال بن عطي ة ( الطيئة) اللل ف العقائد 3
والنقض والحتجاج"( ) ،ونقل عنه أحيانا غي قليلة( ) .ومن خلل كلم البّادي يتبي أنه
5 4
ليس كتاب رواية إنا هو كتاب حِجاج ،وهذا ظاهر من قول سال بن عطية فيما نقله
عنه البّادي" :فزعمت هذه الوارج اللعونة ،) ("...ولكنه يسرد أحيانا بعض الروايات
6
ف سياق الحتجاج على القضايا الت يدافع عنها ،ومن بينها التحكيم( ).
7
-ومن مصادر الباضية الول كتاب يتحدث عن أحداث الفتنة كلها ،ذكره البّادي
ضمن الؤلفات الباضية باسم "صفة أحداث عثمان" قال" :رأيته ول أعرف مؤلفه"( ).
8
وهو مفقود ،لكن ثة متصَر له شلته بعض مطوطات السي الباضية -وسيأت الديث
عنها -نص عنوانه" :هذا متصر من كتاب فيه صفة أحداث عثمان بن عفان وما نقم
السلمون عليه ومبايعة الناس علي بن أب طالب من بعده والذي كان من حرب علي
الت جرت بينه وبي عائشة أم الؤمني وطلحة والزبي ومعاوية بن أب سفيان ومفارقة
الوارج لعلي بن أب طالب"( ) ،والختصِر مهول أيضا .ومن خلل عنوان هذا الختصر
9
يتبي أن أصل الكتاب يشمل ما يتصل بصفي والتحكيم والنهروان ،غي أن الوارد التبقي
من الختصر ل يتعدى مقتل عثمان كما يبدو لول وهلة .ولكنّ ِذكْرَ ما يتعلق بالنهروان
لصحابه :أل كل ميتة على الفراش فهي ظنون ،ث قال :هل تدرون ما حال أختكم البلجاء؟ قالوا :وما كان من
حالا؟ قال :قطع ابن زياد يديها ورجليها وسل عينيها فما قالت:حَس ،فقيل لا ذلك ،فقالت :شغلن هول
الطلع عن أل حديدكم هذا.
والظاهر أن سالا اللل هذا هو سال بن عطية اللل الباضي الذكور أعله.
() الدرجين (الطبقات) جـ 1ص .7 1
() انظر مثلً :البّادي (الـواهر) ص.142 ،103 ،102 ،53 ،52 : 5
25
إثر هذا الكتاب – ف بعض الخطوطات( ) -دونا تعلقه بسية أخرى أو بكتاب غيه
1
يدل على أن ما يتص بالنهروان هو من هذا الكتاب أيضا ،وذلك هو الوفق بعنوانه،
غي أن طابع الختصار الذي ينقل من حدث إل آخر بصورة غي منسجمة هو الذي
يعل ما يسبق إل الذهن عدم وجود الترابط الذي يفترض أن يكون صبغة للكتاب
الصلي.
وقد احتفظ هذا الختصار بطابع الكتاب الصلي الذي يتاز بالرواية السندة .ويتضح من
تتبع سنوات وفيات الذين روى عنهم الؤلف أنه قدي ،إذ تتراوح تلك السنوات ما بي
عامي ( )135و( )173من الجرة ،وهذا يعن أنه قضى نو شطر حياته ف النصف الول
من الائة الجرية الثانية.
-ومن الصادر الولية ـ كتاب أو روايات أب سفيان مبوب بن الرحيل القرشي
الخزومي ،من كبار أئمة الباضية ،توف ف أواخر القرن الثان الجري كما استظهر
صاحب كتاب "إتاف العيان"( ) .أما كتابه فقد اعتمد عليه الدرجين كثيا ،وذكره
2
البّادي( ) وقا ل عنه " :يشتم ل عل ى الخبا ر والفق ه والكل م والعقائد"( ) ،ونق ل عنه
4 3
قليلً( ) ،كما نقل عنه الشماخي أيضا( ) .وواضح من أخذ الدرجين والشماخي عنه فيما
6 5
الباضية منذ زمن أب بلل وجابر بن زيد ومن بعدهم .والكتاب مفقود ،غي أن أغلبه -
كما يبدو -مفوظ ف كتاب الدرجين والشماخي ،وفيما ضمه أبو يعقوب يوسف بن
إبراهيم الوارجلن (ت 570هـ1175 /م) إل مسند المام الربيع بن حبيب من الحاديث
26
الرفوعة إل النب الت رواها أبو سفيان بأسانيده( ).
1
-ومن أقدم مؤلفات الباضية فيما يتعلق بوضوع الرسالة التاريي كتاب "أخبار صفي
وأخبار أهل النهر وقتلهم " لؤلف مهول .ذكره البّادي بذا السم ضمن مؤلفات
الباضية وقال عنه" :أكثر آثاره عن عبدال بن يزيد الفزاري ،رأيته ول أعرف مؤلفه"( ).
2
وأغلب الظن أن الؤلف هو الفزاري نفسه ،لنه صاحب تأليف وليس براوية ،وهو من
كبار علماء فرقة النّكّار النشقة عن الباضية ،ذكر ابن الندي أنه من أكابر الوارج
ومتكلميهم( ) ،وقال ابن حزم" :وأقرب فرق الوارج إل أهل السنة أصحاب عبدال بن 3
273 يزيد الباضي الفزاري الكوف"( ) ،وذكره ابن سلم الباضي( ) التوف بعد عا م
5 4
للهجرة بسنوات قليلة ،كما ذكره الدرجين ف الطبقات( ) .وأما قول البّادي" :ول
6
أعرف مؤلفه" فربا ل تكن النسخة الت وقعت له معنونة باسم الؤلف ،وزاد المر إباما
ما فيه من العبارات مثل":حدثنا عبدال بن يزيد" ،المر الذي يوهم أنه أحد الرواة ل
غي .ولكن هذا ل يعن بالضرورة أل يكون هو مؤلف الكتاب ،كما ل ينفي ذلك عدم
ذكر ابن الندي هذا الكتاب مع مؤلفات الفزاري ،بل على العكس ،فإن كثرة مؤلفاته
ترجح أنه مكثر من التأليف ،كما أن تنوعها إل مثل":الرد على الروافض"( ) و"الرد على
7
العتزلة"( ) يقوي أن يكون تناول القضايا الساسية ف افتراق المة الت منشؤها الفتنة وما 8
تلها من حروب .إضافة إل ذلك فـإن ابتداء الرواية بـ"حدثنا" تعن رواية الكتاب،
أي أن هذا قول راوي الكتاب الذي نقله عن مؤلفه ،وهذا واضح جدا ف كثي من
الكتب الت رويت بأسانيدها إل مؤلفيها .وما تقدم فل مانـع من أن يكون عبدال بن
() الربيع (الـامع الصحيح) جـ 4ص .259-255وقد رتب أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجـلن 1
مسند المام الربيع بن حبيب حسب البواب الفقهية ،وأضاف إليه الحاديث الت رواها أبو سفيان عن شيخه
الربيع .انظر :الربيع (الـامع الصحيح) ص 4تنبيهات الشيخ السالي.
() البّادي (رسالة ف كتب الباضية) ص .54 ،53 2
() ابن سلم (بدء السلم) ص /72ابن الندي (الفهرست) ص .227 7
27
يزيد الفزار ي ه و مؤل ف كتاب النهروان ،وهذا م ا يفهم من كلم الدكتو ر عمار
الطالب( ).
1
()
175و 180للهجرة 7/ 3 والربيع هو ابن حبيب المام الباضي العروف ،وقد توف بي عامي
796-91م ،وعليه فيكون عبدال بن يزيد الفزاري قد عاصر تلمذة المام الربيع ،وتكون
وفاته ف أواخر القرن الثان أو أوائل الثالث الجري ،ولذا جعله الدكتور النامي من
علماء القرني الثان والثالث الجريي( ).
4
أما الكتاب فيبدو أنه حافل بأخبار المل وصفي والنهروان ،يقول الشماخي:
"وحديث المل والدار( ) كثي ،ومن أراد بسطه فعليه بديث السلمي يوم الدار والمل
5
من الكتاب السمى بالنهروان وغيه من الكتب البسوطة"( ) ،وقال عند ذكره بعض أهل
6
النهروان من الصحابة والتابعي" :ومن أراد معرفة أسائهم فعليه بالنهروان وغيه من
الكتب"( ) .ويترجح أن ما يورده البّادي ف "الواهر النتقاه" من أخبار صفي والنهروان 7
بأسانيد كثي منها عن عبدال بن يزيد الفزاري غي معزوة إل كتاب معي إنا هو من هذا
الكتاب ،لسيما ما يتفق على نقله مع الشماخي ف "السي" الذي يصرح بأنه أخذه من
كتاب النهروان( ) .وهذا يقضي بأن الكتاب كان موجودا إل زمن الشماخي وهو القرن 8
العاشر الجري ،غي أنه الن مفقود ول أثر له إل النقولت الوجودة ف كتاب البّادي
والشماخي الت تثل لو أفردت كتابا مستقلً قد يكون هو عي كتاب النهروان.
() أبو عمار (الوجـز) جـ 2ص 283حاشية د .عمار الطالب هامش رقم (.)7 1
() حديث الدار يراد به حادثة مقتل الليفة عثمان بن عفان بعد حصاره ف داره :الطبي (التاريخ) جـ 2ص 5
.664
() الشماخي (السي) جـ 1ص .44 6
28
-ولعل أقدم ما وصلنا من وثائق الباضية هو الرسائل الت وجهها عدد من علمائهم إل
أصحابم يشرحون فيها عددا من قضايا الذهب الباضي ،والت تذكر أحيانا كثية
أحداث الفت الول وإبداء الرأي فيها ،وهي –كما يقول د .فاروق عمر -أشبه ما
تكون بالذكرات السياسية والعقائدية( ) ،ويطلق عليها اسم "السي" .وقد جعها أبو
1
السن علي بن ممد الِبسْيَوي( )(من علماء الباضية ف النصف الثان من القرن الرابع
2
الجري) .ولعلها أضيف إليها فيما بعد سي أخرى ،فإن البسيوي نفسه له بعض السي
مضمومة إل ما جعه ،كما أن لبعض العلماء الذين جاؤوا من بعده سيا ضمت إليها
أيضا.
وما حوت تلك السي سية سال بن ذكوان ،من علماء الباضية ف أواخر القرن
()3
(ت 9 الجري الول وبداية الثان ،إذ يذكر الشماخي أنه كان من يكاتبه جابر بن زيد
3هـ 711 /م)( ) ،وإليه وجه المام جابر الرسالة رقم ( ) 11ضمن رسائله الوجودة( )،
5 4
قال البدر الشماخي" :وحقه أن يذكر ف طبقة أب عبيدة"( ) ،يعن أبا عبيدة مسلم بن أب
6
كرية التميمي أخص تلميذ جابر بن زيد ،ولد حوال عام 45هـ664 /م( ).
7
أما سية سال بن ذكوان فطابعها وعظي ،مع الستشهاد بالحداث التاريية،
وفيها شيء قليل من أمور الفتنة وما تلها من حروب وذكر بعض أحكام أهل اللل ،غي
أن معلوماتا ثرة فيما يص آراء الوارج الزارقة والنجدات .وبنا ًء على هذا فمن المكن
عد هذه السية أقدم وأصدق وثيقة وصلتنا عن آراء الوارج ،وذلك لقرب عهد صاحبها
منهم.
-ومنها رسالتا أب سفيان مبوب بن الرحيل القرش ي صاحب الروايات السالف
29
ذكرها ،الوجهتان إل كل من عمان وحضرموت ف شأن هارون بن اليمان .وف كلتا
الرسالتي مقتطفات متعلقة ببحث قضايا الوارج كبيان ما أحدثه نافع بن الزرق من
الكم على مالفيه بالشرك وتبعه عليه ندة بن عامر وغيه وتوضيح موقف الباضية من
ذلك.
لعْلن الت وجهها إل المام غسان بن عبدال اليحمدي
-ومنها سية الُني بن النّيّرا َ
(ت 207هـ822/م)( ) .والني أحد تلمذة المام الربيع بن حبيب( ) التوف كما تقدم بي
2 1
عام ي 175و 180من الجرة .وسيته عبارة عن نصيحة منه إل ذلك المام ،وفيها
شذرات عن بعض قضايا صفي ،ويتفرد بأمر واحد وهو أن عمار بن ياسر قتل بعد رفع
الصاحف وإنكاره التحكيم ،وأنه قال لعلي" :اِلق بال قبل أن يكم الكمان" ،وهو
المر الذي ل يتفق مع عامة روايات غي الباضية ،إل أن ابن كثي يورده من طريق اليثم
ابن عدي( )،كما يعتمده صاحب كتاب "المامة والسياسة"( ) ،ويرجحه الشماخي( ).
5 4 3
من أفضل ما ورد ف موضوع النهروان ،إذ خصها مؤلفها لبيان أحداث النهروان استجابة
لطلب هذا المام ،وقد ذكر ذلك بنفسه قائلً" :سألت عما اختلف الناس فيه من ُبدُوّ
إمرتم ف زمان علي بن أب طالب ومعاوية بن أب سفيان بعد أن قتل من الفريقي سبعون
ألفا وكيف كان أمر الكمي ،وإن مب أنّا من يعرف وجه الق إن شاء ال فتدبر كتابنا
هذا"( ). 8
30
فصّل الشيخ هاشم كيفية انيازهم ومفارقتهم لعلي ،وامتازت سيته بعلومات
قيمة ضن با عدد من الصادر الخرى ،كنص رسالة أهل النهروان -قبيل خروجهم من
الكوفة -البعوثة إل إخوانم من أهل البصرة والت ل يشاركه ف إيرادها كاملة غي أحد
ابن داود الدينوري( ) والبّادي( ) ،وأورد صاحب "المامة والسياسة" جزءا منها( )،
3 2 1
وذكر الشيخ هاشم أنم دفعوها إل معبد بن عبدال العبسي ووجهوه إل البصرة ،وهو
يؤيد ما يرويه البلذري من أنم بعثوها مع رجل من بن عبس( ) ،أما البّادي فيسميه
4
عبدال بن سعيد العبسي( ) ،ول يفى أن ف السي تريفا وعكسا ،ويؤيد الثان ما ف
5
"الخبار الطوال" من أن اسه عبدال بن سعد العبسي( ) .كما أورد الشيخ هاشم جواب
6
أهل البصرة إل أهل النهروان ،وقد أورد صاحب "المامة والسياسة" أكثره( ).
7
غي أن هاشا يذكر أن نـزولم بالنهروان كان بعد اجتماع الكمي ،وهو أمر
يالف ما ف أغلب الصادر ،كما يذكر أن عبدال بن عباس ناظرهم بالنهروان وليس ف
حروراء .ومع احتمال أن يكون ثة حوار آخر جرى ف النهروان إل أن نص الناظرة
الذي أورده هو ذاته الذي جرى ف حروراء .ويؤكد هاشم بن غيلن أن اللف بي
علي وابن عباس كان بسبب رأي ابن عباس ف أهل النهروان الصوب لم حسبما تفيده
سية هاشم.
-ومنه ا سي ة أب الؤث ر الصلت بن خي س الروصيي (تـ 278ه ـ 891 /م)( )،
8
وتتحدث عن مواضيع عدة ،وما يتعلق بذه الرسالة احتجاجه على عدم جواز التحكيم
الذي جرى بي علي ومعاوية ،كما ذكر أساء بعض أهل النهروان.
() البطّاشي (إتاف العيان) جـ 1ص .201ولب الؤثر سية أخرى تسمى "الحداث والصفات" وهي غي 8
هذه.
31
-ومن بي السي سية أب قحطان خالد بن قحطان الجاري الروصي (من علماء
النصف الول من القرن الرابع الجري)( ) ،وفيها بيان بعض أحداث صفي ،وبعض آراء
1
الوارج .ويؤيد أبو قحطان أن قتل عمار كان بعد رفع الصاحف.
-وتشمل السي أيضا سية أب السن علي بن ممد البسيوي جامع السي ،وقد تقدم
أنه من علماء القرن الرابع الجري .ومن الناسب تصنيفها مع كتب القالت والفرق ،إذ
يذكر الؤلف نبذا من آراء الفرق ومن بينها فرق الوارج الزارقة والنجدات.
-ومن بي متويات مطوطات السي مناظرة بي ابن عباس وأهل حروراء طويلة جدا،
وقد ضمت ف بعض الخطوطات إل سية شبيب بن عطية العمان ،من علماء الباضية
ف القرن الثان الجري( ).والواضح أنه ل علقة لذه الناظرة بسية شبيب،فإن موضوع
2
سية شبيب يعال قضية الارقي من الدين وبيان من ينطبق عليهم وصف الروق.نعم
عرض شبيب لهل النهروان ،لكن من غي بيان الدث التاريي ،بل كان هه التحقق من
انطباق وصف الروق عليهم أم ل .على أن السياق الذي ابتدأت به أحداث الناظرة
-حسبما ذكرت -منقطع الصلة با قبله من الكلم ،فأولا" :فعند ذلك أرسل علي بن
أب طالب إليهم عبدال بن عباس" بعد جلة "والمد ل رب العالي" الت يبدو أنا خاتة
سية شبيب .ولعل الناظرة جزء من سية أخرى ذهب أولا فالتبست بسية شبيب بعد
ذلك ،غي أن الفصل بينهما واضح.
هذا ،والذي يظهر أن هذه الناظرة هي من تام كتاب صفة أحداث عثمان السابق ذكره،
فإنا ذكرت بعد مقتل الليفة عثمان الذي تله مباشرة كتاب علي إل أهل النهروان ث
كتابم إل علي ث عبارة "فعند ذلك أرسل علي …" ،وذكر الناظرة( ) .ويؤكد هذه
3
النتيجة أن صاحب "كشف الغمة" يورد الحداث الت جرت زمن الليفة عثمان ث زمن
المام علي ث يورد كتاب علي إل أهل النهروان وجوابم إليه والناظرة على نفس النسق
السابق( ) ،بل بصورة أكثر ترابطا ،ما يدل على أن هذه الحداث إنا هي جزء من 4
32
كتاب واحد.
ويبدو على هذه الناظرة صفة التأليف،
كما يلفت النتباه ما فيها من عبارة" :وقال بعض الفسرين" ،المر الذي يقود إل أن
هذا الوار بذه التفاصيل شرح للمناظرة الصلية ،فإن مضمونا ف هذا الوار ل يتلف
عنه ف البلذري والطبي وغيها كما سيتبي ذلك.
-كما احتوت مطوطات السي الذكورة على عدد من الرسائل ،كرسالة علي إل أهل
النهروان وجوابم إليه ،وكالراسلت بينه وبي ابن عباس ف شأن أهل النهروان.
-وأوردت كذلك رسالة عبدال بن إباض إل عبد اللك بن مروان ف أمر الوارج كله
وبيان رأيه فيهم وف نافع بن الزرق ومن تبعه.
-هذا ،ويأت بعد ذلك كتاب "الكشف والبيان" لحمد بن سعيد الزدي القلهات .وقد
اختلف ف العصر الذي عاش فيه ،فبينما يعله د .عوض خليفات ف القرن الادي عشر
الجري( ) -دون أن يذكر سنده ف ذلك -تذهب د .سيدة إساعيل كاشف إل أنه 1
كان ف القرن الرابع الجري( ) ،معتمدة ف ذلك على نص ف هذا الكتاب" :وكان المام
2
سعيد بن عبدال يناظرن ف هذا القول وقد كنت أختاره ،وكان القول على سبيل
التعجب منه ول أقف على اعتقاده ف ذلك"( ) ،وهذا المام هو سعيد بن عبدال القرشي
3
الخزومي الباضي(ت 328هـ940 /م) ( ) .غي أن هذه العبارة ليست للقلهات ،بل هي
4
من كلم نقله عن أب ممد عبدال بن ممد بن بركة ،من مشاهي علماء القرن الرابع
الجري وأحد تلمذة المام الذكور( ) .وهو الذي لبس على مققة الكتاب ،فإن ما قبل
5
هذا النص واضح" :قال أبو ممد ، ) ("...والفاصل الكبي بي بداية الكلم وبي النص
6
السابق أوحى بانتهاء القتباس ،لكن الواقع أن ذلك كله منقول بنصه من كتاب "التقييد"
() القلهات (الكشف والبيان) جـ 1مقدمة د.سيدة إساعيل كاشف ص .8 2
33
لبن بركة( ) ،وعليه فإن الشيوخ الذين توهت مققة الكتاب أنم للقلهات إنا هم شيوخ 1
لبن بركة.
ويرجح صاحب كتاب "إتاف العيان" أن القلهات عاش ف النصف الثان من القرن
السادس الجري اعتمادا على أخذه من علماء عاشوا ف تلك الفترة ،كالشيخ سعيد بن
للهجرة( ) .يقول صاحب "التاف"" :ومن هذا
2
578 أحد بن ممد القري التوف عام
التاريخ وغيه نعرف يقينا أن الشيخ القلهات من علماء القرن السادس"( ) أي الجري.
3
أما الكتاب فقد شل قضايا ف علم الكلم والتوحيد والصفات والديان والذاهب
والفرق .ويبدو واضحا أن أغلب مادته فيما يتعلق بوضوع الرسالة مستقاة من السي
الذكورة.
-ويليه كتاب "طبقات الشائخ بالغرب " لب العباس أحد بن سعيد الدرجين (ت
670هـ1271/م) من علماء الباضية بتونس ،وليس ف كتابه كثي ما يتعلق بوضوع
الرسالة سوى ذكره بعض أهل النهروان كعبدال بن وهب وحرقوص بن زهي وأب بلل
مرداس بن أدية وأخيه عروة ،وقد اعتمد ف ذلك على روايات أب سفيان وكامل البد.
-أما كتاب "الواهر النتقاة ف إتام ما أخل به كتاب الطبقات " لب القاسم بن
()4
– ويبدو أن أبا القاسم اسه أما كنيته فأبو إبراهيم البّادي ( ت 810هـ1407/م)
الفضل -فإنه يعد أغن مصدر إباضي ف الانب التاريي من هذه الرسالة .والكتاب مرد
للفترة الول من تاريخ السلم الت تشمل حياة النب وفترة اللفاء الربعة والحداث
الت جرت فيها خاصة أحداث الفتنة ،وهو الزء الذي أغفله الدرجين كما هو واضح
من عنوان كتاب البّادي .غي أنه ل يذكر موارده الت اعتمـد عليهـا ،ولعل كتاب
سال بن عطية اللل الذي سبق الديث عنه هو الوحيد -من بي موارده -الذي نقل
منه وذكره( ) .ولكن من خلل الروايات الت أوردها البّادي من السهل التعرف على 5
34
مصادره الخرى ،ل سيما أنه ذكر ف خاتة كتابه عددا من تآليف الباضية الت اطلع
عليها .وجلي أنه اعتمد -إضافة إل كتاب سال اللل -على كتاب "صفة أحداث
عثمان" و"النهروان" اللذين صرح بالطلع عليهما ف رسالته عن تآليف الباضية ،وهي
رسالة مفردة غي ما ذكره ف خاتة "الواهر" ،وقد تقدم الديث عن هذين الكتابي.
أما أخذه عن الكتاب الول فدليله أن الروايات والسانيد الت أوردها ف كتابه ما يتعلق
بالحداث ف زمن الليفة عثمان هي ذاتا الوجودة ف "متصر صفة أحداث عثمان".
وأما أخذه عن الكتاب الثان فإ ن الروايات الت يذكره ا البّاد ي عن موقعة
النهروان مسندة غي معزوة إل شيء من التصانيف أحال الشماخي ف "السي" عليها ف
كتاب النهروان( ) .علوة على ذلك فإن كثيا من أسانيد هذه الروايات مبدوءة بعبدال 1
ابن يزيد الفزاري ،وقد مر قول البّادي نفسه عن كتاب النهروان" :أكثر آثاره عن
عبدال بن يزيد الفزاري".
-وأخيا يأت كتاب "السي" لحد بن سعيد الشماخي (ت 928هـ1522 /م) ف الرتبة
الثانية من الهية ف مؤلفات الباضية التاريية التعلقة بوضوع الرسالة ،إذ يلي "الواهر
النتقاة" للبادي ،ويتاز عن البّادي بتناوله أيام معاوية وما كان للمحكمة فيها من
مواقف ،كما أنه كثيا ما يذكر الصدر الذي نقل منه .وقد اعتمد على كل من كتاب
النهروان( ) وروايات أب سفيان مبوب بن الرحيل( ) ،كما نقل عن يوسف بن عبدال
3 2
بن عبد الب(ت 463هـ1071/م) ول يذكر اسم كتابه( ) ،ومن خلل القارنة يتضح أنه
4
35
هذا ،وقد عد بعض العلماء اليثم بن عدي صاحب كتاب "الوارج" ضمن
رجالت الوارج ،ولكن ف كونه خارجيا نظر من ناحيتي:
الول :أن عبارته ف كتابه عند روايته عن الوارج ل تفيد أنه منهم ،كقوله
السابق ذكره" :فحدثن ممد بن النتشر المدان عمن شهد صفي وعن ناس من رؤوس
الوارج من ل يتهم على كذب ،"...وكمثل الذي نقله عنه ابن حجر من "أن الوارج
تزعم أن حرقوصا من الصحابة وأنه قتل يوم النهروان ،قال اليثم :فسألت عن ذلك فلم
أجد أحدا يعرفه"( ).
1
أما الؤلفون من أهل التواريخ فكثيون ،ومنهم عدد فقدت كتبهم وحفظها أو
أغلبها من صنف بعدهم واستقى معلوماته منها ،وهناك من ل يصل من كتابه شيء.
() الدوري ،عبدالعزيز (نشأة علم التاريخ) ص /94شاكر مصطفى (التاريخ والؤرخون) جـ 1ص .158 4
36
ومن يذكر أن له تأليفا ف "الوارج" ممد بن قدامة الوهري (ت 237هـ851/م)( )،
1
ذكر ابن حجر العسقلن أنه صنف ف أخبارهم كتابا كبيا( ) ،كما ذكر أن لحمد بن
2
قدامة الروزي كتابا اسه "أخبار الوارج"( ) .ولعل أقدم مصدر تاريي يُعزى إل غي
3
الوارج شل فيما شله أخبارا عنهم كتاب "التاريخ " لعوانة بن الكم الكوف (ت
147هـ764/م) الذي ذكره إساعيل البغدادي( ) .وعلى الرغم من فقدان الكتاب فقد نقل
4
عنه البلذري شيئا قليلً فيما يتعلق بالوارج .ويتمل د .عبدالعزيز الدوري أن عوانة
كان عثمانيا ف ميوله ،أي أنه كان أقرب إل المويي حيث يقدم روايات أموية( ).
5
وعلى الرغم من ضياع هذه الكتب فقد حفظ الطبي ف تاريه كثيا ما فيها
واعتمد عليها البلذري اعتمادا كبيا .ويشبه ما رواه أبو منف عن أحداث صفي
والنهروان ف وفرة العلومات وتفصيلتا ما ف كتاب "النهروان" لعبدال بن يزيد
الفزاري الباضي .وما قيل من وجود النـزعة العلوية عند أب منف( ) ظاهر ف هذا
7
اليدان ،إذ يروي – مثلً -أن أهل النهروان لا حل عليهم جيش المام علي "أهدوا ف
( ) ابن حجر (الصابة) جـ 1ص . 12ويبدو أنما شخصان ل واحد ،حيث ذكر الزي الثني ف كتابه 3
"تذيب الكمال" جـ 2ص 307رق م 5553وص 310رق م ، 5555كما فرّق بينهما أيضا ابن حجـر
(التهذيب) جـ 9ص 352رقم 6522وص 354رقم .6524
() البغدادي ،إساعيل (هدية العارفي) جـ 5ص .804 4
() الدوري ،عبدالعزيز (نشأة علم التاريخ) ص /133شاكر مصطفى (التاريخ والؤرخون) جـ 1ص .172 5
() الدوري ،عبدالعزيز (نشأة علم التاريخ) ص /35شاكر مصطفى (التاريخ والؤرخون) جـ 1ص .172 7
37
ساعة"( ) .وروى أيضا عن حكيم بن سعد" :ماهو إل أن لقينا أهل البصرة فما لبّثناهم، 1
فكأنا قيل لم موتوا فماتوا قبل أن تشتد شوكتهم وتعظم نكايتهم"( ) ،وبعد قليل يروي
2
الطبي من طريق أب منف أن شريح بن أوف الذي كان مع أهل النهروان وقع إل
جانب جدار فقاتل على ثلمة جدار طويلً من نار ،وكان قتل ثلثة من هدان( ) ،وهذا
3
مع كون شريح قتل ثلثة فقط من هدان ،فإن بقاءه طويلً من نار يقاتل على ثلمة
جدار إضافة إل الرجز السابق ذكره يذهب بنا إل أن عدد من قتلهم شريح كثي،
ويعلهم الشماخي نو مائة ،ويزيد بذكر قول المام علي" :أفن بيت هدان رجل
واحد"( ) .وإذا تراءى أن العدد الذي ذكره الشماخي مبالغ فيه فإنه يتجاوز الثلثة ول 6
شك ،ويكفي ف تعزيز هذه النتيجة السخرية الت تضمنتها عبارة "ففتح ال لمدان
الرجل" .علوة على ذلك ،يذكر نصر بن مزاحم أنه "أصيب من أصحاب علي يوم
النهروان ألف وثلثائة"( ) ،ومقتضاه طول وقت القتتال.
7
أما كتاب "الوارج" للهيثم بن عدي (ت 207هـ822 /م) فيعده ابن كثي أحسن
ما صنف ف هذا الوضوع( ) ،ول يبق منه إل ما نقله عنه كل من البلذري والسعودي
8
38
وابن كثي وغيهم( ) .وما يؤخذ عليه كون عامة رواياته يعوزها شيء من التدقيق( ).
2 1
ومن ألف ف هذا الجال أيضا أبو السن علي بن ممد الدائن (ت 225هـ/
839م) وقد نقل عنه البلذري كثيا ،ل سيما الحداث التعلقة بالحكّمة بعد النهروان.
ووصف الدائن بأنه يثل درجة أعلى من أسلفه ف البحث والدقة وأنه صار الصدر
الساسي للمؤرخي التالي( ).
3
-ويبدو أن أقـدم مؤلـف بلغنـا كامـلً هو كتـاب "وقعة صفي" لـنـصر بن
مزاحم النقري ( ت 212هـ827/م) وهو كتاب واسع .وواضح من عنوانه أنه متص
بصفي وما جرى فيها من رفع الصاحف وما ترتب عليه .ومع ذلك فلم يتناول انياز
أهل حروراء وما حدث بعد ذلك سوى إعطائه رقما لعدد القتلى ف النهروان من
الفريقي.
ويلحظ على كتاب "صفي" أن ميول مؤلفه عراقية وعلوية( ) ،رغم أنه ف القابل
4
( ) الدوري ،عبدالعزيز (نشأة علم التاريخ) ص / 133 ، 38شاكر مصطفى (التاريخ والؤرخون) جـ 1ص 4
.172
() النقري (صفي) ص .553 5
39
تشي إل أن عبدال بن وهب ل يكن من أرغم المام عليّا ف صفي على قبول التحكيم
كما سيأت تفصيل القول فيه ،بل على العكس يروي صاحب "المامة والسياسة" أن
عبدال بن وهب كان من جاء إل علي -بعدما أجاب إل الصلح -يطلبون منه مواصلة
القتال( ) .إذن فل غرو ف أن يقال عن كتاب "صفي" بأنه مكثر من الشعار النحولة الت 1
-أما كتاب "الطبقات" لحمد بن سعد (ت 230هـ845-844 /م) فهو عنوان متواه،
على أنه وضعه "ليخدم السنة أو علم الديث"( ) ،ولذا فإن ما يورده عن مال هذه
3
الدراسة يعد قليلً ،كحديثه عن التحكيم وذكره شذرات عن الحداث التعلقة به.
-ويأت من بعده "تاريخ خليفة بن خياط العصفري" (ت 240هـ854 /م) ،وكتابه من
أفضل الكتب على اختصار شديد فيه ،وقد وضعه لتاريخ السلم خاصة ،وتناول فيه
عددا من الوادث ذات الصلة بن سوا بالوارج من غي تفصيل .وما يتاز به "أنه يتار
الواضيع ويركز على الروايات الهمة تاركا الروايات الخرى"( ) .ومع ذلك فلم يسلم
4
من بعض النات ،كعده عقبة بن عامر الهن ضمن جيش علي ف النهروان وأنه قتل
يومئذ( ) ،مع أن عقبة كان ضمن جيش معاوية ف صفي( ) ،فيكف يكون مع علي ؟!
6 5
() ابن حجر (الصابة) جـ 4ص . 521وقد جـعل ابن حجـر عقبة بن عامر الـهن القتول بالنهروان 6
غي الـهن الشهور الذي كان مع معاوية( :الصابة) جـ 4ص .521ويبدو ل أن عقبة بن عامر الذي قتل
مع علي بالنهروان ليس جـهنيا ،بل هو عقبة بن عامر السلمي ،فإن هذا كان من شهد صفي مع علي
(الصابة) جـ 4ص .522
40
القاضي ممد بن العرب (ت 543هـ1148/م)" :فأما الاهل فهو ابن قتيبة فلم يبق ول
يذر للصحابة رسا ف كتاب (المامة والسياسة) إن صح عنه جيع ما فيه"( ) وأقوال غيه
1
من العلماء ف عزو الكتاب لبن قتيبة يراها غي كافية ف تصحيح هذه النسبة( ) .وقد
2
أفاض سعيد صال ف تقيق هذه السألة وخلص إل أن مؤلف الكتاب ليس هو ابن قتيبة،
وأن الؤلف مهول ،لكنه استطاع تديد الفترة الت عاشها هذا الؤلف ،وهي الفترة
نفسها الت عاشها ابن قتيبة ،كما خلص إل أن وفاة الؤلف كانت ف منتصف القرن
الثالث الجري( ) .وهذا -بدوره -يثي الشك ف النتيجة الت توصل إليها سعيد صال، 3
مصدر غيه ،مع مراعاة أن الكتاب إنا هو تاريخ ف إطار النسب ،إذ يورد الروايات
حسب ذكر الشخص الراد بيان نسبه.
-أما كتاب "الخبار الطوال" لب حنيفة أحد بن داود الدينوري (ت 282هـ895/م)
فهو كتاب تاريخ عام ،وقد أسهب بعض الشيء ف تفصيل الحداث ،ول يتلف عن
() الدوري ،عبدالعزيز (نشأة علم التاريخ) ص / 50شاكر مصطفى (التاريخ والؤرخون) جـ 1ص .245 5
41
سائر الصادر ف ذكر تلك الحداث سوى إغفاله مقتل عمار بن ياسر على غي عادة
الؤرخي ،وسوى إيراده كتاب عبدال بن وهب وأصحابه السابق ذكره إل أصحابم من
أهل البصرة( ).
1
-ومن الكتب الفيدة ف هذا الجال كتاب "الكامل ف اللغة والدب " لحمد بن يزيد
البد (ت 286هـ899 /م) ،وقد عقد لن سوا بالوارج جزءا من كتابه ،وذكر فيه "من
أمورهم ما فيه معن وأدب ،أو شعر مستطرف ،أو كلم من خطبة معروفة متارة" كما
قال ذلك بنفسه( )" .والدير بالذكر أن البد ل يهتم بذكر سنوات الوادث ،ول يتقيد 2
بالتسلسل التاريي ،ول يشر إل مصادر معلوماته"( ) .وما فيه بعض العلومات عن مقتل
3
المام علي وبعض ما يص معركة النهروان والركات الت ظهرت فيما بعد.
292هـ897،90/ أو 284 -أما اليعقوب أحد بن أب يعقوب العروف بابن واضح (ت
5م) فله كتاب "التاريخ" ،وهو كتاب تاريخ عام ،غي أنه يقرب من الختصار .وقد
نعت بأنه ذو ميول شيعية علوية( ) ،وتبز هذه النـزعة ف مال الدراسة ف مثل نسبته إل
4
أهل حروراء أنم قالوا لبن عباس ضمن ما خطأوا به المام عليا" :وزعم أنه وصي
فضيع الوصية"( ) .ويكرر اليعقوب ما قاله أبو منف من أن الرب ف النهروان دامت 5
ساعتي فقتلوا من عند آخرهم ،ويزيد أيضا" :ول يفلت من القوم إل أقل من عشرة ،ول
يقتل من أصحاب علي إل أقل من عشرة"( ) ،وهو يالف واقع العركة الت استمرت من
6
الغداة إل الصيل ،كما يالف عدد القتلى الذين ذكرهم نصر بن مزاحم كما تقدم،
وأيضا فإن هناك أربعمائة من أهل النهروان أسفرت العركة عن جرحهم ول يقتلوا( ).
7
-ثّ يأت كتاب "تاريخ الرسل واللوك " أو "تاريخ المم واللوك " لحمد بن جرير
() الدينوري (الخبار الطوال) ص .155 1
( ) روزنثال (علم التاريخ عند السلمي) ص / 184الدوري ،عبدالعزيز (نشأة علم التاريخ) ص /136 ، 52 4
شاكر مصطفى (التاريخ والؤرخون) جـ 1ص / 252فاروق عمر (طبيعة الدعوة العباسية) ص .29
() اليعقوب (التاريخ) جـ 2ص .192 5
42
الطبي (ت 310هـ922 /م) ف الرتبة الثانية من بي كتب التاريخ ف موضوع الرسالة،
إذ يلي "أنساب الشراف" للبلذري ،والسبب كما تقدم كثرة مصادر البلذري ف
موضو ع البحث ،أم ا الطب ي فبالرغ م م ن أن ه "يعتب ـم ن أه م الراج ع ف ـالتاريخ
السلمي"( ) إل أن اعتماده ف هذا الجال كان على أب منف بشكل كبي جدا ، 1
وكانت روايات أب منف رافدا رئيسا لادة الطبي .ومع ذلك فإن ثة روايات أخرى
عن غي أب منف أفادت هذه الدراسة منها من خلل تاريخ الطبي.
وقد بي الطبي منهجه فيما نقله من الروايات بقوله" :فما يكن ف كتاب هذا من خب
ذكرناه عن بعض الاضي يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه ل يعرف له
وجها ف الصحة ول معن ف القيقة فليعلم أنه ل يؤت ف ذلك من قبلنا ،وإنا أت من
قبل بعض ناقليه إلينا ،وأنّا إنا أدينا ذلك على نو ما أدي إلينا"( ) ،وبذا قد برئت ذمته.
2
ولذا فإن ما قيل من تحيص الطبي لرواياته وما يورده من أخبار وأخذه البعض منها
دون الخر( ) فيه نظر من جهة أنه ألقى العهدة على النقلة ،وهذا واضح ف اعتماده على 3
أب منف بالدرجة الول فيما يص مال هذه الدراسة ،رغم كون أب منف شيعي
النـزعة علوي الوجهة.
هذا "ول يل الطبي مع أي هوى ف إيراد الخبار التاريية السلمية ،وكان حياده ف
الغالب عن ورع ودقة علمية"( ).
4
-أما كتاب "الفتوح" لحد بن أعثم الكوف (ت 314هـ 926 /م) فهو "تاريخ أشبه
بالقصص ،يكي أخبار الفتوحات منذ اللفاء الوائل وحت عهد العتصم"( ) ،وقد أفاض
5
كثيا ف الحداث الت تناولا ،ومن بينها موضوع الرسالة .ول يتلف كثيا فيما يسوقه
من أخبا ر عن كتب التاريخ الخرى ،ويتا ز بذك ر تفصيلت تفر د با ،خاص ة ف
الحداث منذ اعتزال أهل النهروان إل أن جرت الرب ،وكيف نشبت العركة هنالك.
43
ويبدو أن كثيا من تلك التفاصيل ل أساس لا من الصحة ،وذلك كالناظرة الت جرت
ف حروراء بي ابن عباس وبي عتاب 44بن العور 44التغلب مثل أهل حروراء ،وتنتهي
إل أن عتابا أذعن لكلم ابن عباس بصورة مضحكة( ) .وسيأت بيان نتيجة هذه الناظرة
1
ف مبحث حجج معارضي التحكيم من الفصل الول من الباب الول .ومنها أيضا
رسالة علي بن أب طالب إل أهل النهروان" :من عبدال وابن عبده أمي الؤمني وأجي
السلمي أخي رسول ال وابن عمه إل عبدال بن وهب وحرقوص بن زهي الارقي
من دين السلم …"( ) فإن الصنعة بادية عليها ،بالضافة إل مالفتها للرسالة القيقية( ).
3 2
44
مالفيه ،ومن بي متعمد للكذب ف الكاية إرادة التشنيع على من يالفه ،ومن بي تارك
للتقصي ف روايته لا يرويه من اختلف الختلفي ،ومن بي من يضيف إل قول مالفيه
ما يظن أن الجة تلزمهم به ،وليس هذا سبيل الربانيي ول سبيل الفطناء الميزين"( ).
1
ويضيف الرازي" :كتاب (اللل والنحل) للشهرستان كتاب حكى فيه مذاهب
أهل العلم بزعمه ،إل أنه غي معتمد عليه ،لنه نقل الذاهب السلمية من الكتاب
السمى (الفرق بي الفرق) من تأليف الستاذ أب منصور البغدادي ،وهذا الستاذ شديد
التعصب على الخالفي فل يكاد ينقل مذهبهم على الوجه".
وسوف تقتصر الدراسة على الديث عن أهم الؤلفات ف هذا الجال ،وبيان
الواضع الت تبز فيها تلك الظاهرة ما له علقة بوضوع الرسالة.
" -1مقالت السلميي واختلف الصلي " لب السن الشعري:
بالنظر إل سائر كتب القالت يعتب هذا الكتاب من أجودها .ويبدو أن مؤلفه
حاول أن يتحاشى الآخذ على غيه ،ولذلك نده ف أحيان غي قليلة يلقي العهدة على
الناقل ،حيث يعب بصيغة الكاية "يقال" و"حكي" ،كما يصرح بصادره ف أحيان
()2
والسي بن علي الكرابيسي (ت 248هـ 862 /م) كثية ،إذ نقل عن كل من زرقان
والدائن( ) ،بل إنه ف أحيان نادرة يبدي رأيه الحايد ف المر الحكي ،كعبارة "وحكي 3
لنا عنهم مال نتحققه…"( ) .ومن اللحظ أنه يورد – ف بعض الحايي -بعض آراء 4
الوارج والنسوبي إليهم من طريقهم أنفسهم ،كنقله عن "بعض الوارج" أن عبدال بن
وهب الراسب وأصحابه ل يكونوا راضي عن مقتل عبدال بن خباب بن الرت ( ) ،ومثل
5
() ل أجـد أحدا بذا السم سوى زرقان بن ممد الصوف ،انظر :بدران (تذيب تاريخ دمشق) جـ 5ص ،377قال: 2
"كان بـبل لبنان من ساحل دمشق ،وكان مؤاخيا لذي النون الصري" .وذو النون هو ثوبان بن إبراهيم (ت 245هـ)
وعليه فالفترة الت عاشها زرقان الصوف هي الفترة الت عاشها زرقان الذي روى عنه الشعري ،وليس بي يدي من الدلئل
ما= =يـعل الثني شخصا واحدا.
() الشعري (القالت) جـ 1ص .216 ،205 ،178 ،177 3
45
قوله( )" :وحكى اليمان بن رباب الارجي…"( ) ،ونقل عنه نقولت عدة( ).
3 2 1
غي أن الشعري – كما هو واضح – حام حول المى فوقع فيه ،ورغم حذره
فإنه كرر أخطاء من قبله ،فذكر الفرق والراء الت ل يعلم لا مصدر ،ويصعب الوثوق
با ،ويكثر الشعري أن يقول" :وحكى حاكٍ " ،و"حكي لنا".
لكن المر الذي يستلزم عناية هو أن أبا السن الشعري ينقل عن اليمان بن
رباب الذي ذكر أنه من مؤلفي الوارج ومتكلميهم( ) بعضا من فرق الوارج وآرائها
4
كما مر ،ما يوثق معلومات الشعري فيما نقله عنهم من جهة أنه أخذها من مصدر
خارجي .ولعل كتاب اليمان الذي نقله منه الشعري هو الذي ذكره ابن الندي باسم
"كتاب القالت"( ).
5
وما نسبه الشعري إل الباضية القول بأن غنيمة أموال مالفيهم من السلح
() الصدر السابق جـ 1ص .197 1
() ذكره السعودي وقال عنه" :كان من علية علماء الوارج" (الروج) جـ 3ص ،204وقال عنه ابن الندي: 2
"من جـلة الوارج ورؤسائهم ،وكان أولً ثعلبيا ،ث انتقل إل قول البيهسية ،وكان نظارا متكلما مصنفا
للكتب" ،وذكر له أساء ثانية كتب .انظر :ابن الندي (الفهرست) ص ، 227وذكره إساعيل البغدادي وعده
بصريا (هدية العارفي) جـ 6ص ،548بينما جـعله الذهب خراسانيا وساه يان بن رئاب( :الغن) جـ 2
ص 435رقم .7218
() الشعري (القالت) جـ 1ص .198 ،184 3
46
والكراع عند الرب حلل( ) ،وسيأت بيان خطأ هذه النسبة بعون ال تعال عند الديث
1
-2أما كتاب "الفرق بي الفرق" لعبد القاهر بن طاهر البغدادي ( ت 429هـ /
1037م) فيبدو أنه أقل تريا ودقة .وقد استفاد البغدادي من مقالت الشعري ف هذا
الجال ،ويظهر جليا أن أغلب مادة البغدادي ف موضوع الوارج من هذا الكتاب ،فإن
التشابه بينهما ف الضمون بل والعبارة شاهد على ذلك .كما نقل( ) قليلً عن أب القاسم
4
عبدال بن أحد الكعب( ) ،وأخذ أيضا من كتب التواريخ كما قال ذلك بنفسه( ).
6 5
وما ذكره البغدادي ما ل يرد عند الشعري أنه ل يفلت من أهل النهروان يومئذ
إل تسعة أنفس صار منهم رجلن إل سجستان ،ورجلن إل اليمن ،ورجلن إل عمان،
ورجلن إل ناحية الزيرة ،ورجل إل تل موزن( ) ،فالوارج الذكورون ف هذه النواحي
7
وهذه الكاية ل تت بصلة إل العقولية ،فإن اليمن وعمان مثلً دخلهما الباضية
-وهم عند البغدادي من الوارج -عن طريق الدعاة الذين يرسلهم قادة الباضية الذين
ف البصرة( ). 9
() السالي (مشارق أنوار العقول) جـ 2ص / 105الـعبيي (البعد الضاري) ص .641-639 3
() عبدال بن أحد بن ممود الكعب من أئمة العتزلة ،كان رأس طائفة منهم تسمى الكعبية ،له آراء ومقالت ف 5
الكلم انفرد با .وهو من أهل بلخ أقام ببغداد مدة طويلة ،وتوف ببلخ سنة 319/913م .له كتب كثية منها
"القالت" ،انظر :الزركلي (العلم) جـ 4ص .65،66
() البغدادي (الفرق) ص .111 6
() تَلّ موزن (بفتح اليم وسكون الواو وفتح الزاي أو كسرها) :بلد قدي بي رأس عي وسروج ،وبينه وبي رأس 7
47
- 3ومن ألف ف القالت والفرق علي بن أحد بن حزم الندلسي ( ت 456هـ/
1064م) .وقد تتبع ف كتابه "الفصل ف اللل والهواء والنحل " كثيا من الراء
العزوة إل الفرق النسوبة إل الوارج .ويفهم ما دونه تت عنوان "ذكر شنع الوارج"
من عبارته" :وذكر بعض من جع مقالت النتمي إل السلم ) ("...أنه أخذ عمن تقدمه
1
من كتاب الفرق .وقد صرح بالنقل عن السي بن علي الكرابيسي( ) .وف أحيان نادرة
2
يعزو بعض مادة كتابه إل ما ذكر أنه شاهده بنفسه ،كنقله بعض الراء عن الباضية
بقوله" :وشاهدنا الباضية عندنا بالندلس.) ("...
3
إل أن موثوقية كثي من العلومات الت أوردها عن الوارج أو عمن نسب إليهم
ما ذكر أنه شاهده بنفسه فضلً عن العلومات الت أخذها عمن قبله فيها نظر ،كقوله:
"وشاهدنا الباضية عندنا بالندلس يرمون طعام أهل الكتاب "....ال ما قاله ف مسائل
عدة تناولا العلمة علي يي معمر بالتفنيد ،وبيّن عدم صحة ما نسبه ابن حزم إل
الباضية( ).
4
لكن الذي يستدعي وقفة ما ذكره ابن حزم من "أن النُكّار من الباضية هم
الغالبون على خوارج الندلس"( ) أي ف عصر ابن حزم ومكانه .والنكار فرقة انشقت
5
عن الباضية ف أواخر القرن الثان الجري ف بلد الغرب ،ولا آراء خاصة با تبأ منها
أئمة الذهب الباضي يومئذ( ) ،فلعل الذي ذكره ابن حزم منسوبا إل الباضية كان ما
6
يقول به النكار ،وبكم أصل انتمائهم إل الباضية عمم ابن حزم النسبة على كل
الباضية .غي أن هذا الحتمال ل يشفع لبن حزم ،إذ ل يوجد فيما جعه الشيخ علي
يي معمر من آراء النكار( ) شيء ما نسبه ابن حزم إل الباضية فيحمل على تلك الفرقة
7
دون سائر الباضية ،ل سيما أن الباضية -وهم أدرى بفرقة النكار-ل يذكروا شيئا ما
48
ذكره ابن حزم ،وليس ف أيدينا من مؤلفات النكار ما يكن منه التحقق من صحة ما
ذكره ابن حزم( ) ،وتبقى السألة مل شك كبي شأنه شأن كثي ما أورده ابن حزم عن 1
سائر النسوبي إل الوارج ،وذلك مثل قوله ف وصف من أساهم أسلف الوارج:
"كانوا أعرابا قرأوا القرآن قبل أن يتفقهوا ف السنة الثابتة عن رسول ال ،ول يكن
فيهم أحد من الفقهاء ول من أصحاب ابن مسعود ول أصحاب عمر ول أصحاب علي
ول أصحاب عائشة ول أصحاب أب موسى ول أصحاب معاذ بن جبل ول أصحاب أب
الدرداء ول أصحاب سلمان ول أصحاب زيد وابن عباس وابن عمر"( ).
2
ول شك أن هذا التعميم – إن ل يكن قلبا للحقيقة – فهو مبالغ فيه كثيا ،فإن
القول بأنم كانوا أعرابا غي علمي ول واقعي ،ذلك أن عرب الكوفة والبصرة -كما
يقول فلهوزن -كانوا جيعا من البدو ،بعن أنم جاءوا من قبائل تقيم ف البادية ،ولكن
هذا ل يدل على شيء بالنسبة إل الوارج – على حد تعبيه -فقد انلت رابطتهم
بالبادية منذ ارتالم إل مدائن اليوش وانراطهم فيها( ) .يضاف إل ذلك قول زياد بن
3
أبيه وهو من هو ف مواجهة الذين سوا بالوارج" :العجب من الوارج أنك تدهم من
أهل البيوتات والشرف وذوي الغناء وحلة القرآن وأهل الزهد ،وما أشكل علي أمر
نظرت فيه غي أمرهم"( ) ،ول يتلف أمر أهل النهروان عن الذين بعدهم ،ل سيما أن
4
عددا من كانوا ف زمن زياد كانوا مع أهل النهـروان كأب بلل مرداس بن أدية وأخيه
عروة .وأيضا فإن كثيا منهم كانوا من القراء ،وهو -كما يقول ابن خلدون -رديف
للفظ الفقهاء والعلماء( ) ،ويقول ابن تيمية" :كان السلف يسمون أهل الدين والعلم
5
القراء"( ).
6
() ذكر الدكتور عمرو النامي أنه عثر على مطوطة لحدى مؤلفات عبدال بن يزيد الفزاري الذي ينتمي إل 1
فرقة النكار تمل عنوان "كتاب الردود" .انظرEnnami, Amr (Studies in Ibadhism) p. 155:
() ابن حزم (الفصل) جـ 4ص .237 2
() فلهوزن (الوارج والشيعة) ص /33فاروق عمر (التاريخ السلمي وفكر القرن العشرين) ص .14 3
49
أما ما ذكره ابن حزم من أنه ل يكن فيهم أحد من أصحاب أصحاب رسول ال
-وهو من باب أول ينكر وجود الصحابة فيهم -فإن من الروايات ما هو صريح ف
أن فيهم عددا من صحابة رسول ال كانوا معارضي للتحكيم ،إذ دخل على عبدال
بن عباس عدد من الرجال ،يناقشونه ف قضية التحكيم ،فأخذوا يقولون له :قال ال ف
كتابه كذا ،وقال ال ف كتابه كذا ،يقول الراوي" :حت دخلن من ذلك ،قال :ومن
هم ؟ هم وال السن الول أصحاب ممد ،هم وال أصحاب البانس والسواري" ( ) .هذا
1
عدا من سيأت ذكره من الصحابة الذين عارضوا التحكيم ف البحث الخصص لم،
وفضلً عن ذلك فإن فيهم عتريس بن عرقوب الشيبان صاحب عبدال بن مسعود( ).
2
- 4ومن أشهر كتاب القالت أبو الفتح ممد بن عبد الكري الشهرستان(ت
548هـ1153 /م) صاحب كتاب "اللل والنحل".وقد صرح بأن بعض معلومات كتابه
أخذها عن الكعب( ) والسي الكرابيسي وأب السن الشعري( ) واليمان بن رباب( ).
5 4 3
وقد تقدم النقل عن الرازي ف اعتماد الشهرستان على البغدادي ،ولذا فإن ثة تشابا بيّنا
ف كثي من مادة الكتابي .لكن هذا ل يعن أن كل ما عند الشهرستان ول أكثره هو ما
عند البغدادي ،إذ من الواضح وجود إضافات ل توجد عند البغدادي ،ل سيما ما يصرح
الشهرستان بأخذه عن كتاب القالت السابق ذكرهم قريبا.
والقيقة أن كل واحد من علماء اللل والنحل اعتمد على من سبقه ،فالعلومات
الت عند الشهرستان ل تتلف كثيا عن الت عند الشعري .والغريب أن ما ينفرد به
أحدهم يكون أكثر بعدا عن الصواب غالبا ،كالذي يورده الشهرستان من أن عبدال بن
إباض التميمي خرج ف أيام مروان بن ممد( ) ،وهو خطأ تاريي ظاهر؛ فإن عبدال بن
6
50
إباض عاصر( ) عبداللك بن مروان التوف عام ستة وثاني من الجرة( ) ،بينما توف مروان
2 1
بن ممد سنة اثنتي وثلثي ومائة من الجرة( ) ،ولعله اختلط عليه عبدال بن إباض بأب
3
حزة الختار بن عوف السليمي الشهور بأب حزة الشاري ،لنه هو الذي خرج على
مروان هذا( ) ،وبدليل قول الشهرستان" :وقيل إن عبدال بن يي الباضي كان رفيقا له 4
(يعن لعبدال بن إباض) ف جيع أحواله وأقواله"( ) ،وكـان أبو حزة أحد قادة عبدال
5
() ستأت الشارة إل رسالة ابن إباض الوجـهة إل عبداللك ف البحث الول من الفصل الثان من هذا الباب. 1
() السبئية منسوبون إل عبد ال بن سبأ اليهودي ،وينسب إليه تأجيج نار الفتنة ف زمن الليفة عثمان ،وف صحة 7
الروايات والصادر الشيعية والسنية ،لن الكتب الباضية الخرى ل تتلف عن "الواهر
النتقاة" ،وتلك ماكمة غي عادلة ،ومن مثل د .جعيط ف عمقه وفهمه يصبح هذا الكم
غريبا ،ل سيما إذا تقرر أن روايات الباضية عامة ل تنفرد إل ف النادر كما سيتضح
ذلك من تتبع هوامش القسم التاريي من هذه الرسالة .ومن الفارقات أن يعد د .جعيط
الناظرة بي أهل حروراء وابن عباس الواردة ف جواهر البّادي "أكثر معقولية واستساغة
ما يقوله أبو منف" على حد قوله( ) ،وما الفرق بي أن يروي البّادي شيئا عن أحداث
2
52
-ومن الدراسات الديثة ف هذا الوضوع كتا ب "الوارج ف العصر الموي"،
لنايف ممود معروف ،وهو دراسة مطولة .غي أنه كتاب تقليدي ل جدة ف نتائجه ،بل
على العكس ،كرّس كثيا من جهوده للتدليل على بعض القضايا الت انتهت مدة
صلحيتها ،كعلقة أهل النهروان بالسبئية ،ماولً إثبات أن عبدال بن وهب الراسب
المام الذي نصبه أهل النهروان وقتل فيها هو عبدال بن سبأ .وهي ماولة فاشلة ول
شك ،على أن ما استدل به قد نوقش قبله كما فعل فلهوزن .وما انتقد عليه "عدم تليل
الروايات ،وقلة العتماد على البلذري ،واعتماده على مصادر من الدرجة الثانية كابن
الثي وابن أب الديد ،واعتماده على كتب الفرق اعتمادا كليا عند حديثه عن آراء فرق
الوارج"( ).
1
-وهناك بعض الدراسات الت تناولت بعض الوانب من قضايا أهل النهروان ككتاب
"الفتنة الكبى" لطه حسي ،وكتاب "عبقرية علي" لعباس ممود العقاد ،وقد اقتصرا
على ما جرى ف أيام المام علي .ومن السائل الفيدة فيهما قضية مقتل المام علي.
-ومن تلك الدراسات كتاب "فرقة الزارقة" لحمد رضا الدجيلي ،وعلقة كتابه بذه
الرسالة ضعيفة ،إل ف بعض آراء الزارقة.
-ولعل رسالة ديب صال ديب الشريف الوسومة بي "نشأة حركة الوارج وتطور
حركاتم التطرفة إل ناية خلفة عبد اللك بن مروان " تثل دراسة تاريية متكاملة،
وقد غلب على دراسته الانب التحليلي للحداث .ومع أنه ف أحيان غي قليلة مايز بي
الروايات وخلص إل نتائج جيدة ،إل أنه ف أحيان أخرى غفل عن التحقق من ثبوت
الدث الذي يبن التفسي عليه .ومن النات ف هذه الرسالة قول مؤلفها بأن "الوارج ف
عامتهم كانوا من خلفية عربية أعرابية رحالة أو شبه رحالة ل تتعود على الكم الركزي
بعد"( ) ،وقد كان فلهوزن فند هذه النظرية با ل يتعرض ديب الشريف لنقضه. 2
53
السلمات ،كقضية الكفر الت حلت من غي معارضي التحكيم على أن الراد به مطلقا
الروج من السلم .ومثل اللط بي الوارج الزراقة ومن نا نوهم وبي أهل
النهروان .كما أن من الشكاليات القتصار على بعض الروايات دون اللجوء إل روايات
أخرى متوارية لعلها تدث بعد ذلك أمرا .وأيضا فإن غياب مصادر الباضية عن ساحة
عدد من الدراسات أفقدتا التوازن النهجي ف دراسة كثي من هذه القضايا ،لن كتب
الباضية تثل وجهة نظر أهل النهروان تام التمثيل ،وإن كانت ل تعكس وجهة نظر
الفر ق الخر ى النسوب ة إل ـالوار ج كالزراق ة والنجدا ت والصفرية .بالضاف ة إل
العتماد على روايات خصوم الوارج بالدرجة الول ،يقول د .ممود إساعيل" :وإذا
كانت الصادر السنية والشيعية تمل على بن أمية وتزيف أخبارهم فإن حلتها على
الوارج أشد وأنكى ،فهم كفرة مارقون يب بترهم.) (".....
1
54
55
تهيد:
نبذة عن الحداث التاريية قبل صفي
عاش السلمون ف كنف رسول ال حياة كرية نعموا فيها بي عهد من العدل
والساواة والخاء والوحدة إل أن أت ال النعمة وأكمل الدين لذه المة الكرية .فلما
قبض النب كانت أول منة تواجه السلمي هي خلفة الرسو ل ف رئاسة الدولة
السلمية وأسس اختيار الليفة .ولكنها فتنة وقى ال شرها بأن وفق السلمي إل اختيار
أب بكر الصديق أول خليفة ف السلم( ) .وف خلفتــه قضــى على حركة
1
الرتداد الطية الت بذل الصحابة -رضوان ال عليهم -أرواحهم رخيصة ف سبيل
دحرها ونصرة هذا الدين النيف( ).
2
ث خلفه عمر بن الطاب الفاروق ،فقام بإدارة شؤون الدولة خي قيام وضرب
الثل الرائع بزمه وعدالته ،ومضى عهده دون أن يدث شقاق بي السلمي( ).
3
وبعده بويع لذي النورين عثمان بن عفان الذي سلك مسلك صاحبيه من قبله أب
بكر وعمر ،ومضى المر على ذلك صدرا من خلفته ،حت ظهرت بوادر الفت وبدأت
أصوات العارضة تعلو معلنة عدم الرضا عن بعض سياسات الليفة ،وما هو إل أن اشتد
أمر العارضة واستفحل خطرها حت انتهت بركة عنيفة آلت إل أن يسقط الليفة
صريعا على أيدي أولئك الناقمي( ).
4
عقب هذه الادثة بويع لعلي بن أب طالب ابن عم الرسول صلى ال عليه وآله
() ابن خياط (التاريخ) ص /50الطبي (التاريخ) جـ 2ص /243-233ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 5 1
ص .248-244
() ابن خياط (التاريخ) ص /64- 50الطبي (التاريخ) جـ 2ص /306-247ابن كثي (البداية والنهاية) 2
إذا بطلحة بن عبيدال والزبي بن العوام تصحبهما عائشة أم الؤمني يتجهون نو البصرة
معلني الطلب بدم عثمان والقصاص من قتلته.
حاول المام علي -كرم ال وجهه -أن يل القضية سلميا ،ولكن ما لبث أن
نشبت بي الفريقي حرب المل الشهية الت كان ضحيتها كل من طلحة والزبي،
ورجعت عائشة إل الدينة( ) .غي أنه ما كادت تدأ تلك الثائرة وتسكن النفوس حت
2
أعلن معاوية بن أب سفيان مواصلة دعوى الطلب بدم عثمان .وقد كان المام علي عزله
عن ولية الشام عندما ول اللفة ،فرفض معاوية الرضوخ لذا المر حت يقتص للخليفة
عثمان حسب زعمه .وحاول المام علي جهده لخاد ثائرة أهل الشام بقيادة معاوية
فأرسل إليه الرسل بغية تفادي الفتنة وردعه عن شق عصا السلمي ومالفة الليفة
الشرعي ولكن دون جدوى .وأخيا قرر المام علي -كرم ال وجهه -الواجهة
فزحف من العراق باتاه الشام ضمن سلسلة من الحن أول حلقاتا ترد معاوية على
خليفة السلمي( ).
3
() ابن غيلن (السي) ورقة 159ب(مطوط) /البلذري (النساب) جـ 3ص /7الطبي (التاريخ) جـ 2 1
أهيييل النهييروان
60
61
البحث الول:
السياق التاريي لنيازهم إل النهروان
ف يوم الربعاء الول من شهر صفر سنة سبع وثلثي من الجرة النبوية اشتبك
اليشان العراقي بقيادة المام علي بن أب طالب والشامي بقيادة معاوية بن أب سفيان ف
معركة صفي( ) واحدة من أعنف العارك الت دارت بي السلمي( ) .وبعد قتال دام أياما
2 1
بدأت الكفة ترجح لصال المام علي ومن معه وأصبح النصر وشيكا .عندئذ لأ أهل
الشام إل إعمال اليلة والكيدة لستنقاذهم من الطر الحدق بم؛ فقد أشار عمرو ابن
العاص على معاوية برفع الصاحف على الرماح ليتفرق اليش العراقي( ).
3
أدرك المام علي -كرم ال وجهه -الغرض من رفع الصاحف على الرماح فأل
ابتداء على مواصلة القتال وعدم الغترار با صنعه الشاميون ،فإنم -كما قال المام
علي " -ما رفعوها إل خديعة ودهنا ومكيدة" ،كما كان عدد من جيش المام علي
رافضا وقف القتال والستجابة إل دعوة أهل الشام ومنهم أكثر قادته وخية أصحابه( ).
4
() موضع بالشام وقيل بالعراق على الفرات من الـانب الغرب ،قريب من الرقة :الموي (معجـم البلدان) 1
جـ 3ص /471البكري (معجـم ما استعجـم) جـ 3ص /838 ،837الميي (الروض العطار) ص
.363
() ابن سعد (الطبقـات) جـ 3ص ، 32جـ 4ص / 256 ، 255ابن خياط (التاريخ) ص ( 116وفيه: 2
لسبع خلون من صفر) /البلذري (النساب) جـ 3ص / 85اليعقوب (التاريخ) جـ 2ص / 188الطبي
(التاريخ) جـ 3ص /82ابن الثي (الكامل) جـ 3ص / 294الذهب (التاريخ) عهد اللفاء الراشدين ص
/ 543ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص / 262الميي (الروض العطار) ص ( 363وفيه :ف ربيع
الول ،وقيل :ف ربيع الخر).
() النقري (صفي) ص /478،479،484البلذري (النساب) جـ 3ص /98،103الطبي (التاريخ) جـ 3
3ص / 101ابن الـوزي (النتظم) جـ 5ص / 120،121ابن الثي (الكامل) جـ 3ص /317 ، 216
القلهات (الكشف) جـ 2ص / 234 ، 233ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص / 274 ، 273البّادي
(الـواهر) ص /112 ،111الشماخي (السي) جـ 1ص .47
() منهم )1( :سليمان بن صرد الزاعي :النقري (صفي) ص /518الدينوري (الخبار) ص )2( 197عمرو 4
بن المق الزاعي :النقري (صفي) ص / 382ابن قتيبة (المامة) منسوب ص ) 3( 109عدي بن حات:
النقري (صفي) ص / 482ابن قتيبة (المامة) منسوب ص )4( .108 ، 106مرز بن جـريش :النقري
(صفي) ص )5( 519سعيد بن قيس :النقري (صفي) ص )6( 520شبيب بن ربيعة :البّادي (الـواهر)
ص ) 7( 112يزيد بن قيس :الصدر السابق ) 8( .هاشم بن عتبة :الصدر السابق ص ) 9( .118ممد بن
النفية :الصدر السـابق ص ) 10( .114عمار بن ياسر :ابن الني (السي) جـ 1ص / 235ابن قتيبة
(المامة) منسوب ص =/109،110أبو قحطان (السي) جـ 1ص / 105القلهات (الكشف) جـ 2ص
62
ولكن سرعان ما أجاب قسم كبي من أهل العراق إل فكرة الحتكام إل القرآن وترك
القتال ،وفيهم أيضا بعض أكابر أصحاب المام علي( ) .وأخيا بعد حوار وجدال بي
1
سار الشعث بن قيس الكندي -وهو من أصر على وقف القتال -بإذن من
المام علي إل معاوية ليسأله عن دواعي رفع الصاحف فقال له معاوية" :لنرجع نن
وأنتم إل ما أمر ال به ف كتابه ،تبعثون منكم رجلً ترضون به ونبعث منا رجلً ثّ نأخذ
عليهما أن يعمل با ف كتاب ال ل يعدوانه ث نتبع ما اتفقا عليه"( ) .ورجع الشعث إل
3
المام علي فأخبه بالذي قال معاوية فقبل علي ذلك .وبعد مناقشات ومداولت وقع
اختيار أهل العراق على أب موسى الشعري مثلً لم ،بينما كان أهل الشام قد اتفقوا
على اختيار عمرو بن العاص( ).
4
ث كتب كتاب التحكيم( ) ،ومفاده التزام الكمي بكم القرآن ف القتال الدائر
5
/235 ، 233ابن كثي (البداية والنهاية) =جـ 7ص ( /274الـواهر) ص /129 ، 118الشماخي (السي)
جـ 1ص ) 11( .47الشتر النخعي :النقري (صفي) ص / 482ابن قتيبة (المامة) منسوب ص ،109
/112البلذري (النساب) جـ 3ص /104الطبي (التاريـخ) جـ 3ص /101ابن الـوزي (النتظم)
جـ 5ص /121ابن كثيـر (البداية والنهاية) الطبي (التاريخ) جـ 3ص /101ابن الوزي (النتظم) جـ
5ص / 121ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ـ ص ) 12( 274عبدال بن بديل بن ورقاء :البّادي
(الـواهر) ص ) 13( 129كردوس بن هانء :ابن قتيبة (المامة) منسوب ص ) 14( 104حريث بن
جـابر :الصدر السابق ص ) 15( 105:صعصعة بن صوحان :الصدر السابق ص ) 16( 107النذر بن
جـارود :الصدر السابق ص ) 17( 107الحنف بن قيس :الصدر السابق ص ) 17( 108 ، 107عمي بن
عطارد :الصدر السابق ص )18( 108عبد الرحن بن الارث :الصدر السابق ص )19( 109قيس بن سعد:
الصدر السابق ص .112
() منهم )1( :الشعث بن قيس :ابن قتيبة (المامة) منسوب ص /102،109،111الطبي (التاريخ) جـ 3 1
ص ) 2( .102سفيان بن ثور :ابن قتيبة (المامة) منسوب ص )3( 104خالد بن معمر :الصدر السابق ص
)4( 105عثمان بن حنيف :الصدر السابق ص .106 ،105
() النقري (صفي) ص /489البلذري (النساب) جـ 3ص /103الطبي (التاريخ) جـ 3ص ،101 2
/104ابن الثي (الكامل) جـ 3ص /318-316ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص .274 ،273
() النقري (صفي) ص /499 ، 498البلذري (النساب) جـ 3ص / 98،99الطبي (التاريخ) جـ 3 3
ص /102ابن الـوزي (النتظم) جـ 5ص /122ابن الثي (الكامل) جـ 3ص /318الشماخي (السي)
جـ 1ص .47
() ابن سعد (الطبقـات) جـ 3ص /32البلذري (النساب) جـ 3ص /103الطبي (التاريخ) جـ 3 4
=بينهما".انظر :ابن عابدين (رد الحتار) جـ 8ص /125الدوري ،قحطان (عقد التحكيم) ص .19
63
بي الطرفي ،والتزام موكليهما -علي ومعاوية -بقبول نتيجة التحكيم ،وضرب الجل
ف رمضان على أن يقع التحكيم بدومة الندل( ) ،أو أذرح( ) .فلما كتب الكتاب أخذه
2 1
الشعث بن قيس وغدا ير به على الناس وهو يقرؤه عليهم ،فعارضه أفراد من قبائل عدة،
فلما مر بطائفة من بن تيم عارضه عروة بن أدية التميمي( ) قائلً" :أتكمون ف أمر ال
3
عند طائفة من كانوا مانعي لوقف القتال ،فتعالت النداءات من كل جانب " ل حكم
إل ل" ،وفشا التحكيم( ) ف اليش العراقي وتداعى الناس إل الرب ،حت أقبلت عصابة 5
إل المام علي تطلب منه استئناف القتال فأب معتذرا بقوله" :قد جعلنا حكم القرآن
( ) دومة الـندل :ما بي برك الغماد ومكة ،ويقال لا :ما بي الجـاز والشام ،والعن واحد ،على عشر 1
مراحل من الدينة وعشر من الكوفة وثان من دمشق واثنت عشرة من مصر :الموي (معجـم البلدان) جـ 2
ص /556-554البكري (معجـم ما استعجـم) جـ 2ص .564،565
( ) البلذري (النساب) جـ 3ص / 111 ، 109 ، 108الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 105 ، 103ابن 2
الـوزي (النتظم) جـ 5ص /123ابن الثي (الكامل) جـ 3ص /321الذهب (التاريخ) عهد اللفاء
الراشدين ص /548ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص .277
أما ما يذكره نصر بن مزاحم (صفي) ص 511وابن سعد (الطبقات) جـ 3ص 32من أن الوعد كان ف
أذرح فيبدو أنه تعبي عن اللقاء الفعلي.
وأذرح :قرية بالشام ،من نواحي البلقاء وعمّان مـاورة لرض الجـاز :الموي (معجـم البلدان) جـ 1
ص /157البكري (معجـم ما استعجـم) جـ 1ص .30
() عروة بن عمرو بن حدير ،وقيل حدير أبوه ،من ربيعة بن حنظلة ،وأدية جـدته وقيل أمه وقيل كانت ظئرا – 3
له – أي مرضعا -فنسب إليها ،قتله عبيدال بن زياد بعد أن قطع يديه ورجـليه ثّ صلبه وذلك عام ثان
وخسي للهجرة :ابن قتيبة (العارف) ص / 410البلذري (النساب) جـ 5ص / 416الطبي (التاريخ)
جـ 3ص .254
( ) النقري (صفي) ص / 512البلذري (النساب) جـ 3ص / 110الطبي (التاريخ) جـ 3ص /104 4
السعودي (الروج) جـ 2ص /403ابن الوزي (النتظم) جـ 5ص / 123ابن الثي (الكامل) جـ 3ص
/321ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص /278البّادي (الواهر) ص /112الشماخي (السي) جـ 1ص
47وينفرد بالرواية عن الشعث أنه كان يعرض أمر الكومة ل كتابا (أي قبل كتابة الكتاب).
() التحكيم هنا هو قولم "ل حُكْم إل ل" و"ل حَكَمَ إل الُ" وهذا على السلب لنم ينفون الكم .انظر :ابن 5
منظور (اللسان) جـ 12ص 142باب اليم فصل الاء .ويعن ابن منظور بقوله ":لنم ينفون الكم" أنم ل
يرضون بالتحكيم الذي جرى بي علي ومعاوية .ولعله مأخوذ من حكّمت الرجـل تكيما :إذا منعته ما أراد.
انظر :الـوهري (الصحاح) جـ 5ص 1902باب اليم فصل الاء.
64
بيننا وبينهم ول يل لنا قتالم حت ننظر ب يكم القرآن"( ).
1
قفل أهل العراق إل الكوفة ،ولكن على غي الال الت ذهبوا با إل صفي كما
قيل عنهم" :خرجوا مع علي إل صفي وهم متوادون أحباء فرجعوا متباغضي أعداء"( ).
2
وتتفق الروايات( ) على أن المام عليّا لا دخل الكوفة اعتزله عدد كبي من جيشه إل 3
مكان قريب من الكوفة يسمى حَرَوْرَاء( ) متمسكي بوقفم من التحكيم وأنـه تكيـم
4
للرجال ف أمر قد حكم ال فيه ،ونادى مناديهم" :إن أمي القتـال شبث بن ربعي
التميمي( ) ،وأمي الصلة عبدال بن الكواء اليشكري"( ).
6 5
أراد المام علي -كرم ال وجهه -معرفة حجة الذين اعتزلوه إل حروراء فأرسل إليهم
عبدال بن العباس ليناظرهم .وتتضارب ها هنا الروايات ،هل استطاع ابن عباس أن يرد
على ما أبدوه من حجج فأقنعهم فدخل عدد منهم الكوفة ؟ أم ل يقنعهم وحينئذ ل
ينجح ف ردهم إليها ؟ غي أن الثابت أن المام عليّا قدم عليهم بنفسه فيما بعد( ).
7
( ) ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15ص / 317أحد بن حنبل (السند) جـ 3صص / 485،486النقري 1
3ص / 114الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 108ابن الثي (الكامل) جـ 3ص / 322الشماخي (السي)
جـ 1ص .48
() ابن خياط (التاريخ) ص /115البلذري (النساب) جـ 3ص /129 ،127 ،126 ،114البد (الكامل) 3
علي ثّ أنكر التحكيم ثّ رجـع عنهم ثّ حضر قتل السي وكان من قاتل الختار :ابن حجر (الصابة) جـ 3
ص 376رقم ( ،3959التهذيب) جـ 4ص 276رقم .2829
() عبدال بن الكواء اليشكري :رجـع عن أهل حروراء وعاود صحبة علي .ول أقف على تاريخ لوفاته ،وله 6
ذكر ف حوادث عام 44للهجـرة :ابن الثي (الكامل) جـ 3ص /440ابن حجـر (لسان اليزان) جـ 4
ص ص 103 ،102رقم .4766
() ابن غيلن (السي) ورقة 159ظ (مطوط) /ابن خياط (التاريخ) ص /115البلذري (النساب) جـ 3ص= 7
=ص ،122ـ ،127ـ / 133اليعقوب ـ(التاريخ ) جـ 2ـص / 191الطب ي (التاريخ ) جـ 3ـص /110
65
ويبدو من غالب الروايات أن أهل حروراء فهموا من المام علي تراجعه عن إنفاذ
التحكيم وقبوله استئناف القتال مع أهل الشام ،وأنم لذا السبب أجابوه إل ما أراد من
دخولم جيعا الكوفة معه( ) ،ويؤيد هذا أنم لا دخلوا الكوفة أشيع أن المام عليا رجع
1
عن التحكيم ،وأنه إنا يعد العدة لعـاودة قتـال الفئـة الباغيـة( ) .فلما بلغ عليا ذلك
2
علي ف خطبه مرددين "ل حكم إل ل"( ) .وازدادت العارضة شدة ،المر الذي أدى
5
بالمام علي إل عدم إنفاذ أب موسى الشعري إل مكان التحكيم ف الوقت الحدد له( ).
6
وظلت الحاورات والجادلت بي المام علي وبي الحكّمة ،وبينه وبي الشعث
بن قيس ومن معه إذ كان يصر الشعث على التحكيم ويلح على المام علي ف قبوله.
وف ماولة أخية من الحكّمة أقبل وفد منهم إل المام علي لثنيه عن إجابة معاوية إل
مراده .ويبدو أن ذلك اللقاء كــان حاسـما ،حي عرفوا منه إصراره على موقفه
السعودي(الروج) جـ 2ص / 405ابن الوزي (النتظم) جـ 5ص / 126ابن الثي (الكامل) جـ 3ص
/328البّادي (الـواهر) ص /122الشماخي (السي) جـ 1ص .49
() ابن غيلن (السي) ورقة 160ب (مطوط) /أبو الؤثر (السي) جـ 2ص /304البلذري (النساب) جـ 3 1
ص / 130 ، 129 ، 123البد (الكامل) جـ 3ص / 1130الطبي (التاريخ) ص / 110أبو قحطان (السي)
جـ 1ص / 106 ، 105السعودي (الروج) جـ 2ص / 405البّادي (الـواهر) ص / 125الشماخي
(السي) جـ 1ص .49،50
وينفرد اليعقوب (التاريخ) جـ 2ص 191بالقول بأن عليا طلب منهم دخول الكوفة ليتناظروا ففعلوا.
( ) البلذري (النساب) جـ 3ص / 130البد (الكامل) جـ 3ص / 1130الطبي (التاريخ) جـ 3ص 2
ص .114
() سوا بالحكّمة لنكارهم أمر التحكيم وقولم لحكم إل ل :الـوهري (الصحاح) جـ 5ص 1902باب 4
اليم فصل الاء .ويطلق لقب الحكّمة الول على الذين اعتزلوا إل حروراء ث إل النهروان .انظر :اليعقوب
(التاريخ) جـ 2ص /167البغدادي (الفرق) ص /81، 74، 72الشهرستان (اللل) جـ 1ص .107
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 114ابن الثي (الكامل) جـ 3ص / 335 ، 334البّادي (الـواهر) ص 5
.126
() يُفهم ذلك من إرسال معاوية معن بن يزيد بن الخنس السلمي إل علي يستحثه على الوفاء بوعده إياه بإنفاذ 6
أب موسى .ينظر :ابن غيلن (السي) ورقة 16ب (مطوط) /البلذري (النساب) جـ 3ص / 117الطبي
(التاريخ) جـ 3ص ، 110ويدل له أيضا أن أهل الشام أقاموا بتدمر شهرا ث تولوا منها إل دومة الندل
فأقاموا با شهرا ث توجهوا إل أذرح :البلذري (النساب) جـ 3ص .117وانظر :جعيط (الفتنة) ص.217 :
66
وعزمه على إنفاذ أب موسى للقاء عمرو بن العــاص( ).
1
عندئذ انطلق هذا الوفد ومعهم أصحابم من يرى رأيهم ،فاجتمعوا ف منـزل
عبدال بن وهب الراسب( ) وعزموا على النفصال ،ثّ عرضوا المامة على وجوههم 2
فتدافعوها ول يرض با أحد منهم ،وأخيا قبلها عبدال بن وهب قائلً" :هاتوها ،أما
وال ل آخذها رغبة ف الدنيا ،ول أدعها فَرَقا من الوت"( ).
3
بعد أن تت البيعة اجتمعوا ف منـزل شريح بن أوف( ) ،فأشار عليهم بالتوجه إل
4
الدائن ،إل أن زيد بن حصن الطائي( ) نصحهم عنها خشية أن ينعهم من دخولا سعد
5
بن مسعود الثقفي( ) وال علي عليها ،ثّ اجتمع رأيهم على التوجه إل النّهروان( )،
7 6
وكاتبوا إخوانم من أهل البصرة يعلمونم با اتفقوا عليه ،ويستنهضونم للحاق بم ،ثّ
خرجوا إل النهروان وحدانا مستخفي لئل ترى لم جاعة فيتبعوا( ).
8
ف أثناء ذلك كان علي قد وجه أبا موسى الشعري إل أذرح للقاء عمرو بن
() البلذري (النساب) جـ 3ص / 133الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 113ابن الـوزي (النتظم) جـ 5ص 1
/129ابن الثي (الكامل) جـ 3ص / 334ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص / 285البّادي (الـواهر) ص
.128 ، 127ويضم الوفد كلً من :حرقوص بن زهي السعدي ،وشريح بن أوف العبسي ،وفروة بن نوفل
الشجـعي ،وعبدال بن شجـرة السلمي ،وحزة بن سنان السدي ،وعبدال بن وهب الراسب ،وزيد بن
حصن الطائي.
() سيأت التعريف به ف البحث التال. 2
() ابن غيلن (السي) ورقة 160ب 161-ب (مطوط) /البلذري (النساب) جـ 3ص /133،134الطبي 3
(التاريخ) جـ 3ص / 115أبو قحطان (السي) جـ 1ص / 107ابن الثي (الكامل) جـ 3ص /336
القلهات (الكشف) جـ 2ص /239البّادي (الـواهر) ص /129الشماخي (السي) جـ 1ص ،50ويفهم
من كلمه أن البايعة تت بعد الروج إل النهروان.
() سيأت التعريف به ف البحث التال. 4
() سعد بن مسعود الثقفي :له صحبة ،وله علي بعض عمله ثّ استصحبه معه إل صفي .ول أقف على سنة 6
وفاته ،وله ذكر ف حوادث سنة إحدى وأربعي ،وهو عم الختار بن أب عبيد الثقفي :ابن الثي (الكامل) جـ 3
ص /404ابن حجـر (الصابة) جـ 3ص 83رقم .3204
() النهروان :مدينة صغية على أربعة فراسخ من بغداد شرقا :الميي (الروض العطار) ص .582 7
( ) اب ن غيلن (السي) ورق ة 161ب 162-ب (مطوط) /البلذر ي (النساب ) جـ 3ص /140-137 8
الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 115ابن الوزي (النتظم) جـ 5ص / 131ابن الثي (الكامل) جـ 3ص
/336البّادي (الـواهر) ص .130 ،129
ويتفق هاشم بن غيلن مع ابن الـوزي ف القول إنم اجـتمعوا ف منـزل زيد بن حصن ،ويروي البلذري
(النساب) جـ 3ص 136أن الذي أشار هو عبدال بن شجـرة.
67
العاص( ) ،واجتمع الكمان ف جع من أصحابما لصدار الكم ف القضية .وتتضارب 1
الروايات بشأن ما جرى بي الكمي ف ذلك اللقاء وما أسفر عنه التحكيم؛ فعلى حي
تؤكد روايات عدة أن عمـرو بن العاص خدع أبا موسى إذ ول معاوية اللفة بعد أن
خلع أبو موسى عليّا( ) ،ند بعض الروايات تبي أن كليهما عزلً عليّا ومعاوية وتركا
2
المر شورى( ) .وتفيد كل الروايات أنما تفرقا ول يصل إل حل يرضي الطرفي. 3
بيد أننا نلحظ أن ما افترق عليه الكمان كان مفاجئا للمام علي وأصحابه ،ما
جعله يمع جنده من جديد متجها إل الشام لستئناف القتال .وبعث إل أهل النهروان
يعلمهم با أسفر عنه التحكيم ويدعوهم إل الدخول معه لواصلة قتال معاوية وأصحابه.
ولكنهم ردوا عليه برفض النضمام إليه فأيس منهم وتركهم ومضى إل أهل الشام حت
بلغ النخيلة( ) فعسكر با( ).
5 4
() ابن غيلن (السي) ورقة 162ب (مطوط) /ابن سعد (الطبقات) جـ 3ص /33البلذري (النساب) جـ 1
3ص /118اليعقوب (التاريخ) جـ 2ص /190الطبي (التاريخ) جـ 3ص /105ابن الـوزي (النتظم)
جـ 5ص / 126الشماخي (السي) جـ 1ص . 50وقيل بدومة الـندل :ابن سعد (الطبقات) جـ 4ص
/ 256ابن خياط (التاريخ) ص / 115الذهب (التاريخ) جـ عهد اللفاء الراشدين ،ص . 549 ، 548ويقول
ياقوت الموي (معجـم البلدان) جـ 2ص " :555وقد ذهب بعض الرواة إل أن التحكيم بي علي ومعاوية
كان بدومة الـندل ،وأكثر الرواة على أنه كان بأذرح ،وقد أكثر الشعراء ف ذكر أذرح وأن التحكيم كان
با" .ولعل الذين ذكروا أن التحكيم كان بدومة الـندل عبوا عن موعد اللقاء الصلي .وانظر :جـعيط
(الفتنة) ص .218
( ) النقري (صفي) ص / 546ابن سعد (الطبقات) جـ 3ص 33جـ 4ص / 257البلذري (النساب) 2
جـ 3ص /125 ،121أبو قحطان (السي) جـ 1ص /108الطبي (التاريخ) جـ 3ص /113 ،112ابن
الـوزي (النتظم) جـ 5ص / 128ابن الثي (الكامل) جـ 3ص / 332القلهات (الكشف) جـ 2ص
/240البّادي (الـواهر) ص /134الشماخي (السي) جـ 1ص .50
() ابن خياط (التاريخ) ص /115البلذري (النساب) جـ 3ص /119السعودي (الروج) جـ 2ص .409 3
() النّخَيلة :موضع قرب الكوفة على جهة الشام :الميي (الروض العطار) ص .576 4
() البلذري (النساب) جـ 3ص /141 ،140الطبي (التاريخ) جـ 3ص /117السعودي (الروج) جـ 5
2ص / 409ابن الوزي (النتظم) جـ 5ص / 133 ، 132ابن الثي (الكامل) جـ 3ص / 339ابن كثي
(البداية والنهاية) جـ 7ص .278
() ابن سعد (الطبقات) جـ 5ص /246 ، 245ابن خياط (التاريخ) ص /119البلذري (النساب) جـ 3 6
وتورد بعض الروايات أن عليا طالب أهل النهروان أن يسلموه القتلة وأنم قالوا:
"كلنا قتلته"( ) ،إل أننا ند -ف القابل -من الروايات ما ينفي عن أهل النهروان أنم 2
ومع ذلك فإننا نرى المام عليّا -كرم ال وجهه -زحف بيشه إل النهروان،
فجرت هنالك معركة فاصلة قتل فيها معظم أهل النهروان ،ول ينج منهم إل القليل( ).
4
جـ 4ص /255أبو العرب (الحن) ص /122ابن الـوزي (النتظم) جـ 5ص /132ابن الثي (الكامل)
جـ 3ص /342 ،341 ،338الذهب (العب) جـ 1ص /32الشماخي (السي) جـ 1ص .50
( ) البلذري (النساب) جـ 3ص / 144 -142الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 119ابن الـوزي 1
/141 ، 136البد (الكامل) جـ 3ص /1105الطبي (التاريخ) جـ 3ص /120ابن الـوزي (النتظم)
جـ 5ص /133ابن الثي (الكامل) جـ 3ص /343ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص .289 ،288
() انظر البحث الرابع من هذا الفصل. 3
(النتظم) جـ 5ص /136-133ابن الثي (الكامل) ص /348-345الذهب (التاريخ) عهد اللفاء الراشدين
ص ( ،588العب) جـ 1ص /32ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص .290-288
69
البحث الثان:
الصحابة من أهل النهروان
شاركوا أهل النهروان انفصالم تذكر الصادر عددا من صحابة( ) رسول ال
1
عن المام علي ،وند أساء بعضهم تتصدر قائمة الذين كان لم دور بارز ف اللاح
على المام علي بالتراجع عن التحكيم ،ثّ العتزال إل النهروان.
ويبدو واضحا أن غالبية الصادر متفقة على ذكر بعض تلك الساء ف النهروان
والحداث الت سبقتها .وعلى الرغم من نفي بعض الروايات الت اعتمد عليها بعض
العلما ء والباحثي( ) ـوجو د الصحاب ة ف ـصفو ف أه ل النهروا ن أ و ضم ن معارضي
2
التحكيم ،كالذي يروي عن ابن عباس أنه قال لهل حروراء" :أتيتكم من عند أصحاب
النب الهاجرين والنصار ومن عند ابن عم النب وصهـره وعليهـم نـزل القرآن
فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم واحد "..فإن -ف القابل -من الروايات ما
يفيد خلف هذه الفكرة ،إذ يروى عن ابن عباس نفسه أنه لا جاء من عند معاوية ف أمر
الكمي ناقشه عدة رجال ف مسألة التحكيم وهم يستدلون عليه من كتاب ال ،يقول
سنّ الول أصحاب ممد، الراوي" :حت دخلن من ذلك ،قال :ومن هم ؟ هم وال ال ّ
هم وال أصحاب البانس والسواري"( ).
3
كما تصف هذه الرواية نفسها – مناقضة للفكرة السابقة -أحد الذين ناقشوا ابن عباس
ف مسألة التحكيم بأنه "كأنا ينـزع باجته من القرآن ف سورة واحدة" فقال له ابن
عباس" :إن أراك قارئا للقرآن عالا با قد فصلت ووصلت".
على أنه من غي القدور على دفعه ثبوت وجود بعض الصحابة فيهم ،ل سيما
مؤمنا به ومات على () للصحاب تعريفات عدة ،صحح الافظ ابن حجـر أن الصحاب "من لقي النب 1
،482لكنه يذكر ذلك ف أهل حروراء ،وهو ينسحب على أهل النهروان.
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15ص .300 ،299 3
70
الصحابة الذين تتفق عليهم معظم الصادر ،فقد حفظت لنا كتب التاريخ أعدادا كبية
من الصحابة كانوا ف جيش المام علي ف صفي( ) ،ول يعرف مصي كل واحد منهم
1
إل ما ثبت عن بعضهم من مقتله ف صفي أو بقائه إل فترة متأخرة من الزمن .ولذا فمن
الستبعد جدا أن تكون معركة صفي قد أسفرت عن مقتل كل الصحابة الذين شاركوا
فيها من ليس له ذكر بعدها ،وهذا ما تؤكده رواية خليفة بن خياط عن عبد الرحن بن
أبزى( ) قال" :شهدنا مع علي ثانائة من بايع بيعة الرضوان ،قتل منا ثلثة وستون"( )،
3 2
عنهم وف رواية "ثلثائة وستون"( ) .على أنه يروى أن عدد الصحابة الذين توف النب
4
يقدر بأكثر من مائة ألف( ) ،والذين أورد أساءهم الافظ ابن حجر ف "الصابة" -وهو5
أجع كتاب ف موضوع الصحابة -بلغوا الرقم ( .) ()12304مع أن ابن حجر ذكر فيهم
6
من أدرك النب ول يثبت أنه رآه أو لقيه -أي يتمل أن يكون صحابيا ويتمل أل
يكون -ومن ذكر ف الصحابة على جهة الغلط والسهو وليس هو منهم .إضافة إل ذلك
يقول ابن حجر بأنه ل يصل له من ذلك جيعا الوقوف عل ى العش ر من أسامي
الصحابة( ).
7
ول يفى أن عدد الصحابة الذكورة أساؤهم بعد صفي ف جهة علي أو ف جهة
معاوية يقترب مع عدد الذكورين ف الهة العارضة للتحكيم ،والتفاوت ف الوجود
القيقي للصحابة يكون بي جهة معاوية وبي الهات القابلة لا سبق من أن معظم
() يذكر خليفة بن خياط (التاريخ) ص 118وابن السكن -كما نقل عنه ابن حجـر ف (الصابة) جـ 4ص 1
-282أن فيهم ثانائة من بايع تت الشجـرة .ويورد اليعقوب (التاريخ) جـ 2ص 188سبعي بدريا وسبعمائة
من أهل الشجـرة وأربعمائة من الهاجـرين والنصار .بينما ينقل العرب التبان ف كتابه (تذير العبقري) جـ 2ص
65 ،64عن كتاب (صفي) ليحي بن سليمان الـعفي بسند قال عنه "جـيد" عن أب مسلم الولن أنم تسعون
بدريا وسبعمائة من أهل بيعة الرضوان وأربعمائة من سائر الهاجـرين والنصار.
() عبد الرحن بن أبزى الزاعي :متلف ف صحبته ،والكثر على أنه صحاب .وقيل استعمله علي على خراسان، 2
واستظهر الذهب أنه عاش إل سنة نيف وسبعي من الجـرة :ابن الثي (الكامل) جـ 3ص / 374الذهب
(السي) جـ 3ص /201،202ابن حجر (الصابة) جـ 4ص .282،283
() ابن خياط (التاريخ) ص .118 3
71
الصحابة الوجودين يومئذ كانوا ف جيش علي ف صفي ،وطبيعي أن يتجاوزوا عدد من
ذكرت أساؤهم ف كتب التاريخ ،فإن من الصعب إعطاء إحصاء لكل أفراد أهل
النهروان أو غيهم وبيان اسم كل واحد منهم.
وحينئذ -ومع غياب أساء أكثر أولئك الصحابة ف الهة القابلة لهل النهروان
-فإن إيراد الصادر أساء عدد من الصحابة أو الشارة إل جلة منهم قتلوا مع أهل
النهروان يصبح أمرا طبيعيا.
أما الصحابة الذين ورد ذكرهم ف أهل النهروان ومعارضي التحكيم فهم:
-1زيد بن حصن (أو حصي) الطائي:
ذكره عدد من الؤرخي ضمن أهل النهروان( ) ،وعده كل من أب الؤثر والبّادي
1
من الصحابة( ) ،كما أورده ابن حجر ف القسم الول( ) من أقسام كتابه "الصابة"
3 2
اعتمادا على ما ذكره اليثم بن عدي من أنه كان عامل عمر بن الطاب على حدود
الكوفة( ) ،وقد ذكر ذلك أيضا ابن حبان ف "الثقات"( ) والبادي( ) ،قال ابن حجر:
6 5 4
"وقد ق ّد ْمتُ غيمرة أنم كانوا ل يؤمّرون ف ذلك الزمان إل الصحابة"( ).
7
() ابن غيلن (السي) ورقة 161ب (مطوط) /أبو الؤثر (السي) جـ 2ص /313البلذري (النساب) جـ 3 1
ص / 147الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 148 ، 122 ، 121 ، 117 ، 115 ، 102 ، 101الشماخي (السي)
جـ 1ص .53 ،51
() أبو الؤثر (السي) جـ 2ص /313البّادي (الـواهر) ص .118 2
() قسم ابن حجـر العسقلن الذين ذكرهم ف "الصابة ف معرفة الصحابة" أربعة أقسام: 3
الول :من وردت صحبته أو وقع ذكره با يدل على الصحبة بأي طريق كان.
ومستند الافظ ف إثبات الصحبة من هذا الضابط ما عزاه إل ابن أب شيبة أنه أخرج من طريق قال" :كانوا
72
-2حرقوص بن زهي السعدي التميمي:
ذكره فيمن قتل ف أهل النهروان عدد من أهل التاريخ( ) .لكن يفهم ما نقله ابن
1
حجر عن اليثم بن عدي أن الوارج( ) تزعم أن حرقوصا من الصحابة وأنه قتل يوم
2
النهروان ،قال اليثم" :فسألت عن ذلك فلم أجد أحدا يعرفه"( ) يفهم من ذلك أن
3
حرقوص بن زهي هذا غي حرقوص القتول بالنهروان .وعليه فقد ذكر ابن حجر ثة
حرقوصا آخ ر هو العنبي ،ونقل عن ابن أب داود( ) الزم بأن ه ذو الثدية القتول
4
بالنهروان( ) ،ما ينفي أن يكون حرقوص السعدي قد قتل ف معركة النهروان ،وصنف 5
ابن حجر حرقوصا العنبي ف القسم الثالث ،وذكر أن له إدراكا وشهد فتح ُتسْتُر مع
أب موسى الشعري ،قال" :وهو غي حرقوص بن زهي السعدي"( ) .وهو كلم مناقض
6
لا ثبت ف التاريخ من أن حرقوصا الذي قتل ف النهروان هو الذي شهد فتح تستر .ول
/ 147 ، 136الطبي (التاريخ) جـ 2ص ، 497جـ 3ص / 122 ، 121 ، 115 ، 113الشماخي (السي)
جـ 1ص .53
() انظر ف تعريف الوارج :البحث الول من الفصل الثان من هذا الباب. 2
() ابن أب داود:هو عبدال بن سليمان بن داود السجستان صاحب السنن ،ذكره ابن حجـر ف مقدمة كتابه 4
73
()1
يورد أي مصدر أنه كان ف فتح تستر حرقوصان ،فقد ذكر الطبي أن عتبة بن غزوان
كتب إل عمر بن الطاب يستمده فأمده عمر برقوص بن زهي السعدي وأمّره على
القتال ،وافتتح حرقوص سوق الهواز( ) فأقام با واتسقت له إل تستر ،قال الطبي" :ث
2
إن حرقوصا ترر يوم صفي وبقي على ذلك وشهد النهروان مع الرورية"( ) ،وهو
3
صريح ف كون حرقوص بن زهي السعدي الذي فتح الهواز وتستر هو الذي قتل ف
النهروان ،لكنه غي ذي الثدية العروف كما سيأت بيانه.
هذا ،وقد عد حرقوص بن زهي السعدي ف الصحابة كثي من أهل العلم( ) ،ولذا
4
أورده ابن حجر ف القسم الول ،وقال عنه" :له ذكر ف فتوح العراق"( ) ،وسيأت أنه غي
5
ذي الويصرة.
– 3عبدال بن وهب الراسب( ) الزدي ذو الّثفِنات( ):
7 6
سبق ف البحث الول أنه بايعه أهل النهروان قبل خروجهم من الكوفة .وتشي
عبارات بعض العلماء إل أنه ليس له صحبة؛ حيث يذكر أبو الؤثر كلّ من حرقوص بن
() أسلم سابع سبعة ف السلم ،وهاجـر إل البشة ،وشهد بدرا والشاهد ،وهو الذي اختط البصرة وأنشأها 1
بعد أن استعمله عمر عليها .توف سنة 15وقيل 17وقيل 20من الجـرة :الذهب (السي) جـ 1ص - 304
/306ابن حجر (الصابة) جـ 4ص .439 ،438
( ) الهواز :هي خوزستان وهي رامهرمز ،وسوق الهواز من مدنا :الموي (العجـم) جـ 1ص ،338 2
() أبو الؤثر (السي) جـ 2ص / 313الطبي (التاريخ) جـ 2ص / 496ابن الثي (الكامل) جـ 2ص 4
/ 545ابن الثي (أسد الغابة) جـ 1ص / 474الدرجين (الطبقات) جـ 2ص /202البّادي (الـواهر)
ص /118الفيوز آبادي (القاموس) جـ 2ص /309الزبيدي (التاج) جـ 4ص .379
() ابن حجر (الصابة) جـ 2ص 49رقم .1663 5
() ساه الـوزجـان ف(أحوال الرجـال) ص 349عبدال بن راسب ،وتبعه الذهب ف (اليزان) على ذلك، 6
حيث جـعل ثة شخصي؛ أحدها عبدال بن راسب جـ 4ص 96رقم ( )4309وعبدال بن وهب جـ 4
ص 226رقم ( ،)4685وقد بي الافظ ابن حجـر أنما شخص واحد( :اللسان) جـ 4ص 12رقم (
،)4591ص 191رقم (.)4898
() يقول ابن حجـر (الصابة) جـ 5ص " :100وكان عجـبا ف كثرة العبادة ،حت لقب ذا الثفنات ،كان 7
لكثرة سجـوده صار ف يديه وركبتيه كثفنات البعي"وانظر :البلذري (النساب) جـ 3ص .135والثفنات
جـمع= =،وثفِنة البعي :ما يقع على الرض من أعضائه إذا استناخ وغلظ كالركبتي وغيها :الـوهري
(الصحاح) جـ 5ص 2088باب النون فصل الثاء.
74
ويعقب بقوله" :ث من بعدهم زهي وزيد بن حصن ف سياق ذكر صحابة رسول ال
عبدال بن وهب الراسب"( ) .ويورده ابن حجر ف القسم الثالث قائلً" :له إدراك"( ) أي
2 1
ول يرد أنه لقيه .وذكر الذهب أنه كان من أدرك الاهلية( ) ،أما ابن حزم
3
أدرك النب
فينفي أن يكون عبدال بن وهب صحابيا( ) ،بل "كان من خيار التابعي"( ) .إل أن
5 4
أن ابن حجر ينقل عنه أنه شهد فتوح العراق مع سعد بن أب وقاص ،وأنه كان من الند
الذين أرسلهم سعد( ) ،فإنه ل يشي إل أمر عمر سعدا بأن يعل عبدال بن وهب على 7
إحدى منبت أولئك الند .وبناءً على ما مر من إدراك عبدال بن وهب الراسب الاهلية
وعلى ما قرره ابن حجر من أنم كانوا ل يؤمرون يومئذ إل صحابيا فإن عبدال بن
وهب يعد -إذن -صحابيا( ) ،ويؤكد ذلك الدرجين( ) والبّادي( ).
10 9 8
() نظي هذا إيراد ابن حجـر جـارية بن عبدال الشجـعي حليف بن سلمة من النصار ف القسم الول 8
(الصابة) جـ 1ص 445 ، 444حيث قال ف ترجته (" :)1050استدركه ابن فتحون ،ونقل عن سيف بن
عمر أنه كان على اليسرة يوم اليموك مع خالد بن الوليد ،وذكره الدارقطن وابن ماكول عن سيف ،وقد تقدم
أنم كانوا ل يؤمرون ف عهد عمر إل الصحابة".
() الدرجين (الطبقات) جـ 2ص .201 9
75
ذكره فيمن شهد النهروان كل من البلذري والطبي والبّادي ،وعده فيمن بايع
تت الشجرة( ).
1
تت الشجرة ،لكنه قال "السلمي" ،ويبدو أنه خلط بينه وبي شجرة بن أوف السلمي.
- 7ثرملة (من بن حنظلة):
أورده فيمن قتل مع أهل النهروان كل من الوهري -وجعله هوذا الثدية( ) -والقلهات،
3
- 8نافيييع:
ذكره ف أهل النهروان كل من أب داود والبلذري والطبي وابن حجر والبّادي
والشماخي( ) ،وجعله الربعة الولون ذا الثدية العروف بالخدج ،وهو الذي يفيده نقل 5
البّادي والشماخي عن جابربن زيد الزدي أن نافعا "قطع الفحل يده"( ) .وعده البّادي
6
من صحابـة رسـول ال ومول لثرملة السابق ذكره( ) .ولعل كونه مول لثرملة لبس
7
على الوهري فجعـل ثرملة هو ذا الثدية .هذا وف الصحابة عدد من اسه نافع( ) من
8
() البلذري (النساب) جـ 3ص / 147 ، 134 ، 133الطبي (التاريخ) جـ 3ص /122 ، 120البّادي 1
(الـواهر) ص .118
() البلذري (النساب) جـ 3ص / 147 ، 136 ، 133الطبي (التاريخ) جـ 3ص /122 ، 121 ، 115 2
() أبو داود (السـنن) ك السنة باب قتال الوارج رقم /4770البلذري (النساب) جـ 3ص /149الطبي 5
(التاريخ) جـ 3ص /125البّادي (الـواهر) ص /118ابن حجر (نـزهة اللباب) جـ 1ص 282رقم
/1128الشماخي (السي) جـ 1ص .53
() البّادي (الـواهر) ص /141الشماخي (السي) جـ 1ص .53 6
() ذكر ابن حجـر ف (الصابة) جـ 6ص 416 - 404اثني وعشرين صحابيا من اسه نافع. 8
76
- 9عمي بن الارث:
ذكره البّادي ف أهل النهروان ونسبه أنصاريا( ) .وأورد الافظ ابن حجر اثني
1
اتفق اساها وتشابه اسا أبويهما ،الول :عمي بن الارث النصاري ،شهد العقبة وبدرا
وأحدا( ) والثان :عمي بن حارثة السلمي ،صحاب شهد صفي مع علي( ) .ول يبعد أن
3 2
يكونا شخصا واحدا ،فإن الول سلمي أيضا كما ذكر ابن الثي( ) ،وعليه يكون
4
"حارثة" مرفا عن "الارث" .وبناءً على هذا فلعله هو الذي أراده البّادي ،ل سيما أنه
ل يرد عنه أنه قتل ف صفي ،ول أجد له ذكرا بعد ذلك.
- 10أبو عمرو بن نوفل:
ذكره البّادي ف أهل النهروان وف الصحابة( ).
5
عبدال النصاري( ) ،قال عنه" :من بن عمرو بن عوف هو أحد البكائي الذين نـزلت 7
فيهم "تولوا وأعينهم تفيض من الدمع"( ) ،وأورده ابن الثي ف هرم بن عبدال النصاري
8
() سورة التوبة ،آية .92وروى الطبي ف تفسي هذه الية (جامع البيان) جـ 10ص 212 ، 211أن رسول 8
أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه فجـاءته عصابة من أصحابه فيهم عبدال بن مغفل الزن فقالوا:يارسول ال
:وال ما أجـد ما أحلكم عليه ،فتولوا وهم بكاء فأنـزل ال {ليس على ال ،احلنا ،فقال لم رسول ال
الضعفاء ول على الرضى} إل قوله {حزنا أل يـدوا ما ينفقون}.
وروى أيضا أنا نـزلت ف نفر من مزينة أو ف بن مقرن من مزينة ،قيل :فيهم عرباض بن سارية .وقيل
نـزلت فيه خاصة .وقيل نـزلت ف سبعة من قبائل شت:
- 1م ن بن ـعمر و ب ن عوف :سال ـب ن عمي ـ 2ـ -م ن بن ـواقف :حرم ي ب ن عمرو.
77
أيضا ،لكن نسبه إل بن واقف ،واعتذر لبن عبدالب بأن بن واقف كانوا حلفاء بن
عمرو بن عوف( ) ،قال ابن حجر" :وهو اعتذار حسن"( ) .وذكر ابن الثي بأنه كان
2 1
قدي السلم وأحد البكائي الذين أتوا رسول ال ليحملهم فلم يكن عنده ما يملهم
عليه فتولوا وهم يبكون .وأورده ابن حجر ف ترجة حرمي بن عمرو الواقفي ،وقال:
"يأت ف هرمي بالاء"( ) ،ث ذكره ف القسم الول وقال" :هرم أو هرمي بن عبدال 3
النصاري"( ) .وصرح ابن الثي بأن ثة رجليـن بذا السم ،وفرق بينهما بأن الثان ولد 4
قيل فيه هرمي وهرم( ) ،ولذا أورد ابن حجر الثان ف القسم
5
على عهد رسول ال
الثان ،قال عنه" :هرمي بن عبدال ويقال ابن عتبة ويقال ابن عمرو النصاري الطمي
ويقال الواقفي"( ).
6
78
شه د م ع عل ي الم ل وصفي ،وق د خر ج ع ن عل ي ب ن أب ـطال ب بسبب
التحكيم( ) ،ثّ أرسل إليه علي معقل بن قيس الرياحي( ) فقتل الريت( ).
3 2 1
وقد ذكر الريت بن راشد ف الصحابة ابن عبدالب( ) وابن الثي( ) وابن حجر ف
5 4
()7
القسم الول( ) ،لكنه أورد ف القسم الثالث الِرّيت بن راشد الشامي قائلً" :له إدراك"
6
مغايرا بذلك بي الثني ،وإن كان ذكر ف ترجة كل منهما ما يفيد أنما شخص واحد،
ذلك أنه ل تغاير بي الناجي والسامي؛ فإن السامي نسبة إل بن سامة بن لؤي( )،
8
والناجي منسوب إل ناجية قبيلة من سامة بن لؤي( ) ،وأما الشامي فواضح أنا مصحفة
9
عن السامي.
() البلذري (النساب) جـ 3ص /177الطبي (التاريخ) جـ 3ص /137ابن الوزي (النتظم) جـ 5 1
الـمل ،وكان صاحب شرطة علي .وذكر خليفة بن خياط أن الستورد بن علفة أحد الناجـي ف النهروان
بارزه لا خرج بعد علي فقتل كل منهما الخر سنة اثنتي وأربعي ،وقيل سنة تسع وثلثي للهجـرة :ابن خياط
(التاريخ) ص /119ابن حجـر (الصابة) جـ 6ص 306رقم .8455
() البلذري (النساب) جـ 3ص /182-179الطبي (التاريخ) جـ 3ص .138 3
79
80
البحث الثالث:
حجج معارضي التحكيم ف اعتزال المام علي
() ثة مـال واسع لحتمال أن يكون بعض ما يروى من جـوانب تلك الحاورة جـرى ف النهروان أيضا. 1
فقد روى البلذري (النساب) جـ 3ص 128 ، 127أن عليا أرسل إل الرورية ابن عباس وصعصعة بن
صوحان ث أعادها إليهم فرجـع منهم نو من خسمائة .كما يروي الشماخي (السي) جـ 1ص 51أن
أهل النهروان قدم عليهم صعصعة بن صوحان ،ث قيس بن سعيد فناظروه فقال :هذا أمي الؤمني يكم بكتاب
ال قالوا" :أل يلعه وكيله".
فقدوم صعصعة -عند الشماخي -يؤكد قدومه الثان عند البلذري ،كما أن قولم لقيس بن سعيد" :أل يلعه"
أي عليّا "وكيله" أي أبو موسى صريح ف أن الوار كان بعد نتيجـة التحكيم ،أي ف النهروان؛ إذ إن
اجـتماع الكمي كان بعد انصرافهم إل النهروان.
وأما قدوم ابن عباس -ثانيا -عند البلذري فتؤيده الرسالتان النسوبتان إل علي وابن عباس ف شأن أهل
النهروان ،وف كلتا الرسالتي التصريح بأن ابن عباس حاورهم ف النهروان( :السي) ورق ة 101ظ -ورقة
105ظ (مطوط) .وأما المسمائة الذين خرجوا من النهروان فل يبعد أن يكونوا فروة بن نوفل وأصحابه فإنه
انسحب ف خسمائة رجـل :البلذري (النساب) جـ 5ص / 169الطبي (التاريخ) جـ 3ص ،121
واتفاق العدد مرجـح لن يكونا جـماعة واحدة ،وإذن فذلك يرفع من نسبة الحتمال السابق.
81
إلى المام علي نفسه) . (1والثابت أن له -كرم ال وجهه -حجة أخرى
عليهم يأتي ذكرها ،كما أن لهل حروراء ومعارضي التحكيم عامة دفاعاً
عن موقفهم.
وتتفق الروايات) (2على ذكر أمرين احتج بهما أهل حروراء:
- 1أن علياً حكّم الرجال في أمر ال ،وهو المر بقتال الفئة الباغية ،أي
معاوية وأصحابه.
-2أنه محا اسم المارة عن نفسه عند كتابة وثيقة التحكيم.
- 3وتضيف بعض هذه الروايات إليهما أمراً ثالثاً ،وهو أن المام علياً لم
يغنم ولم يسبِ.
- 4وتنفرد رواية بالقول إن من جملة مآخذ معارضي التحكيم على المام
-حسب زعم علي تخليه عن المطالبة بحقه الذي أوصاه به الرسول
الرواية -وهو تسلم الخلفة من بعده).(3
ول يخفى أن الصبغة الشيعية بادية على المر الرابع؛ إذ ل يفيد أي
للمام علي مصدر البتة تبنّي أهل حروراء فكرة وصاية الرسول
بالخلفة بعده ،فكيف تكون مبدءاً من مبادئهم ،بل كان من أول ما أعلنوه أن
"المر شورى" وهي فكرة ل تتفق مع فكرة الوصاية .كما أن الخلف بين
المام علي وأهل حروراء نبع من قبوله التحكيم .بالضافة إلى أنه كان
على سدة الخلفة يومئذ ،فل أساس -إذن -لنسبة هذا الحتجاج إلى أهل
حروراء ،مما يغني عن ذكر نقضه من قبل ابن عباس.
أما المر الثالث فيبدو أنه ل علقة له بمنكري التحكيم أيضاً ،فإن هذا
الحتجاج إنما طرحه أصحاب علي بعد معركة الجمل ،حين توقعوا أن
( ) أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص / 87النسائي (السنن الكبى) ك الصائص با ب 62رق م ،8575 2
82
1
يكون السبي والغنيمة نتيجة للنصر) ( ،وجواب ابن عباس في هذه
الروايات بقوله" :أتسْبُون أمكم عائشة أم تستحلون منها ما تستحلون من
غيرها" يؤكد ذلك ،إذ ل يد للسيدة عائشة في معركة صفين .يضاف إلى
ذلك أن أهل حروراء اتخذوا موقفهم بناءً على عدم مواصلة القتال ،ولم تنته
معركة صفين بتغلب المام علي وأصحابه حتى يتسنى توقع الغنيمة
والسبي ،على أن سؤال أصحاب علي عن الغنيمة والسبي إثر معركة
الجمل يمنع من تكرره فيما بعد ل سيما أن الذين قاتلوا مع علي في الجمل
هم الذين قاتلوا معه في صفين ،والذين اعتزلوا إلى ح روراء كانوا من ذلك
الجيش .فضلً عن خلو الروايات الخرى من ذكر هذا الحتجاج.
أما المران الولن فقد أجاب عنهما ابن عباس بما يلي:
-أن ال تعالى أجاز تحكيم رجلين في الشقاق بين الزوجين في قوله
سبحانه :وإنـ ـخفتمـ ـشقاقـ ـبينهماـ ـفابعثواـ ـحكماً ـمنـ ـأهلهـ ـوحكماً ـمن
3 2
أهلها ) ( ،وفي صيد الحرم :يحكم به ذوا عدل منكم ) (.
-أن محو اسم المارة عن المام علي ل يخلعه منها اقتداء بما فعله النبي
في صلح الحديبية حين رفض المشركون كتابة اسم الرسالة للنبي
4
في وثيقة الصلح ،فمحاه ) (.
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15ص /286 ،263 ،257البيهقي (السنن الكبى) جـ 8ص .316 1
علقمة بن قيس قال :قلت لعلي :تعل بينك وبي ابن آكلة الكباد حكما ؟ قال :إن كنت كاتب رسول ال
يوم الديبية فكتب":هذا ما صال عليه ممد رسول ال وسهيل بن عمرو " ،فقال سهيل :لو علمنا أنه رسول
ما قاتلناه ،امها ،فقلت :هو وال رسول ال وإن رغم أنفك ،ل وال ل أموها ،فقال رسول ال: ال
"أرن مكانا" ،فأريته فمحاها ،وقال" :أما إن لك مثلها ،ستأتيها وأنت مضطر".
لنْبِي الكوف ،وهو
وهذا الديث بذه الزيادة منكر ل يصح ،فمن جهة السند فيه عمرو بن هاشم أبو مالك ا َ
ضعيف ،قال عنه ابن حجر ف (التقريب) ص 427رق م " : 5126لي الديث ،أفرط فيه ابن حبان ،من
التاسعة" ،وفيه ممد بن إسحاق بن يسار ،وهو"صدوق يدلس ،ورمي بالتشيع والقدر" ،انظر( :التقريب) ص
467رقم ، 5725وقد عنعن هاهنا .ومن جهة الت فهو مالف للحاديث الخرى الت روت قصة الديبية
بدون زيادة "أما إن لك مثلها ،ستأتيها وأنت مضطر" ،ولكل الروايات الواردة ف الناظرة والناقشات ف أمر
الكمي ،إذ ل توجد رواية اشتملت على مثل هذه الزيادة ،إل واحدة عند البد ف (الكامل) .على أن البلذري
روى ف (النساب) جـ 3ص 110عن علقمة بن قيس نفسه قال :قلت لعلي :أتقاضي معاوية على أن يكم
حكمان؟ فقال :ما أصنع؟ أنا مضطهد ،وليس فيها تلك الزيادة .فالظاهر أن قول المام علي" :أنا مضطهد"-إن
صح -استحال حديثا نبويا يتذرع به إل صحة ما صار إليه المام علي من قبول التحكيم حت يكون من دلئل
النبوة ،فإن ف جلة "أما إن لك مثلها" إشارة واضحة إل سلمة الوقف ف قبول التحكيم.
83
وإلى هنا تتوقف بعض الروايات لتخلص من ذلك إلى أن قسماً من أهل
حروراء رجعوا إلى الكوفة تائبين.
بيد أن القسم الخر من الروايات يبين أن أهل حروراء نقضوا على ابن
عباس ردوده تلك بما يلي:
-أن ما جعل ال حكمه إلى العباد فلهم ذلك ،وأما ما حكم ال فيه فليس لهم
أن ينظروا فيه ،فقد حكم في الزاني مائة جلدة وفي السارق بقطع يده فليس
للعباد أن ينظروا في ذلك ،وقد أمضى ال حكمه في معاوية وأصحابه أن
يقاتلوا حتى يرجعوا وقد دُعوا إلى حكم الكتاب قبل الحرب فأبوه .كما أن
حكَمَ من شرطه أن يكون عدلً ،وليس عمرو ابن العاص -بناء على ال َ
سفكه دماء أصحاب علي -عدلً ،كما أن أبا موسى كان يثبط
1
الناس عن علي ) (.
-أما ما يتعلق بمحو اسم المارة فقد أكد أهل حروراء كلم الحنف بن
قيس لعلي في صفين" :خشيت أل يرجع إليك أبداً إنه ليس لكم ما لرسوله
2
") ( بأن أمر الموادعة في الحديبية كان فترة مرحلي ة نق ل عنه ا النب ي
فيما بعد ،فما جرى في الصلح كان لهذا السبب "وقد قطع ال عز وجل
3
الستفاضة والموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ ن زلت براءة") (.
ومن اللفت للنظر أن الروايات كلها ل تضيف ردوداً من جانب ابن عباس
4
على هذه الحتجاجات ،بل إنه "لم يقدر أن يرد عليهم") ( .وإذن فل ضير
5
في أن تقول الروايات بأن ابن عباس كلمهم "فلم يقع منهم موقعاً") ( ،وأنه
( ) ابن غيلن (السي)ورق ة 159ظ 161-ظ (مطوط) /أبو الؤثر (السي) جـ 2ص / 306 ، 305البلذري 1
(النساب) جـ 3ص /122الطبي (التاريخ) جـ 3ص /110 ،109أبو قحطان (السي) جـ 1ص ،106
/ 107القلهات (الكشف) جـ 2ص / 245 ، 244البّادي (الـواهر) ص / 122-120الشماخي (السي)
جـ 1ص .49
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص /103البّادي (الـواهر) ص /116الشماخي (السي) جـ 1ص .48 2
() أبو الؤثر (السي) جـ 2ص /306 ، 305الطبي (التاريخ) جـ 3ص /117أبو قحطان (السي) جـ 2 3
84
2 1
رجع إلى علي "ولم يصنع شيئاً") ( ،وأنه "لم يجبه منهم أحد") ( ،وأنهم
4 3
"احتجوا عليه") ( ،وأنه لما رجع إلى علي قال له" :خصمك القوم") (.
وسير الحداث بعد المناظرة يؤكد أن حِجاج ابن عباس أهل حروراء لم
يؤثر في موقفهم شيئاً إن لم يكن موقفهم هو المؤثر فيه ،وذلك بناء على ما
يلي:
أ -مجيء علي بن أبي طالب إليهم بعد ابن عباس لمناظرتهم ،فلو كان ابن
عباس قد استطاع أن يقنعهم ويردهم إلى الكوفة لما كان ثمة مسوغ لمجيء
علي إليهم .يقول د .محمود إسماعيل" :ولم يخامر الشك عليا في عدالة
موقف )الخوارج( بل كان حريصاً على استمالتهم فبعث إليهم ابن عمه
عبدال بن عباس فناظروه -على علمه وفقهه -وقارعوه الحجة بالحجة
وكان رد الخوارج عليه مقنعاً حاسماً ولم يجد علي مناصاً من الخروج
5
إليهم بنفسه") ( .ويروي الطبري أن عليا خرج إلى أهل حروراء فانتهى
إليهم وهم يخاصمون ابن عباس فقال" :انته عن كلمهم ،ألم أنهك رحمك
6
ال") (.
ب -الخلف الحاصل بين علي وابن عباس فيما بعد في قضية بيت مال
البصرة ،حيث يروى أن ابن عباس تأول أن له نصيباً في بيت المال فأخذ
منه ،وقد كان بينهما مراسلت ل تخلو من حدة في القول وإغلظ في
العبارة مما أدى بابن عباس إلى أن يكتب إلى علي بقوله" :ابعث إلى عملك
7
من أحببت فإني ظاعن عنه" ،ثم رحل إلى مكة) (.
والذي يثير التساؤل في هذه القضية كلم ابن عباس لعلي في إحدى
رسائله" :ووال لن ألقى ال بما في بطن هذه الرض من عقيانها ولجينها
() أبو قحطان (السي) جـ 1ص /107الشماخي (السي) جـ 1ص .49 4
ول منافاة بي كون المام علي وجـد ابن عباس يناظرهم فنهاه وبي كونه رجـع إليه فقال "خصمك القوم"
فإن أكثر من حوار جـرى بينهم وبينه كما ف رواية البلذري أن عليا أعاد ابن عباس إليهم( :النساب) جـ 3
ص .128
() البلذري (النساب) جـ 2ص /396الطبي (التاريخ) جـ 3ص .154 7
85
وبطلع ما على ظهرها أحب إلي من أن ألقاه وقد سفكت دماء هذه المة
1
لنال بذلك الملك والمارة") ( ،وفي أخرى" :ولو كان أخذي المال باطلً
2
كان أهون من أن أشرك في دم مؤمن") (.
ومن الثابت أن ابن عباس كان مع علي في حروبه قبل النهروان ،فقد كان
علىالميمنة في
4 3
جيش علي في مسيره إلى البصرة) ( ،وكان على الميسرة في صفين) (،
ولهذا عقّب المام علي على ابن عباس بقوله" :أو ابن عباس لم يشركنا في
5
هذه الدماء") ( .وعليه فمن المستبعد أن يحمل ابن عباس عليّا مسؤولية دم
أحد من المسلمين في الجمل وصفين ،اللهم إل أن يحمل ذلك على قتاله
6
أهل النهروان .ويؤيده عدم اشتراك ابن عباس مع علي في قتاله إياهم) (،
7
وهذا ما يؤكده قول ابن عباس لعلي" :إن لم أكن معهم لم أكن عليهم") (.
هذا وواضح من خلل هذه النصوص أن الخلف بين علي وابن
عباس ليس فقط في مسألة بيت مال البصرة ،بل هو خلف على قتاله أهل
8
النهروان ،فإنه نصحه بالكف عنهم) ( .ونجد الشماخي ينقل عن ابن عباس
9
قوله "أصاب أهل النهروان السبيل") (.
وبناء على كل ما تقدم يتضح أن ما ينسب إلى ابن عباس من تغلبه
على أهل حروراء أمر بعيد .وهذا الذي ذهب إليه ابن أبي الحديد ،لكنه
زعم أن السبب في ذلك مخالفة عبدال بن عباس وصية علي له بأل
يخاصمهم بالقرآن وأن يخاصمهم بالسنة ،يقول ابن أبي الحديد" :فإن قلت:
() البلذري (النساب) جـ 2ص /398ابن عبد ربه (العقد الفريد) جـ 4ص .326 1
() ينفرد ابن عبد الب (الستيعاب) جـ 3ص 939بالقول بأن ابن عباس شهد مع علي النهروان ،وهذا ما ل 6
يذكر ه أ ي مصد ر آخر ،والذ ي يرد ه أ ن اب ن عبا س كا ن ف ـالبصر ة عن د انعطا ف عل ي م ن النخيل ة إل
النهروان،انظر :الطبي (التاريخ) جـ 3ص .117
() ابن غيلن (السي) ورقة 161ظ (مطوط) /أبو قحطان (السي) جـ 1ص /107القلهات (الكشف) جـ 2 7
ص .250
() ابن غيلن (السي) ورقة 161ظ (مطوط) /القلهات (الكشف) جـ 2ص .251 8
86
فهل حاجهم بوصيته؟ قلت :ل ،بل حاجهم بالقرآن ،مثل قوله :فابعثوا
حكماً من أهله وحكماً من أهلها ،وقوله في صيد المحرم :يحكم به
ذواـ ـعدلـ ـمنكم ـ ،ولذلك لم يرجعوا والتحمت الحرب ،وإنما رجع
1
باحتجاجه نفر منهم") (.
وهذا كلم غريب ،ل سيما صدوره من معتزلي يشيد بالعقل ،لن الطريقة
التي أريد أن يجري بها التحكيم وشرعية التحكيم نفسها مأخوذتان من
هاتين اليتين وأمثالهما .قد مضى كلم معاوية إثر رفع المصاحف:
"لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر ال به في كتابه ،تبعثون منكم رجلً ترضون
به ونبعث منا رجلً."...
والمهم أن ابن عباس لم يصنع شيئاً ،خاصة أننا ل نجد في أي
مصدر -كما تقدم -أن ابن عباس رد على احتجاجات أهل حروراء بعدما
أجابوه على ردوده ،ول سيما إذا تطرقنا إلى المطارحات في مسألة التحكيم
بين مؤيديه ومعارضيه.
() ابن أب الديد (شرح النهج) جـ 18ص .72وتام قول ابن أب الديد :فإن قلت :فما هي السنة الت أمره 1
أن= =ياجهم با؟ قلت(....:علي مع الق والق مع علي ،يدور معه حيثما دار) وقوله( :اللهم وال من واله
وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) .وهذان الديثان على فرض التسليم بصحتهما فإن المام
عليا نفسه ل يتج بما على منكري التحكيم لّا قدم عليهم ف حروراء.
)(2سورة الجرات ،آية .9
87
-1أن هنالك فارقاً بين الستدلل بالية السابقة وبين الستدلل بالية التي
تشرع التحكيم بين الزوجين وأخذ منها جواز التحكيم مطلقاً ،ويتضح ذلك
من تتبع النص القرآني:
((1
وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها
فإن بغت إحداهما على الخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر ال
88
تطبيق النص كاملً فيهم ،وإذن فإنه ل يجوز توقف القتال دون بلوغ الغاية
1
في إعمال النص القرآني ،إذ إن ذلك يحتاج إلى نص آخر) (.
ويؤكد هذا المعنى القرطبي حيث يقول" :في هذه الية دليل على وجوب
)(2
قتال الفئة الباغية المعلوم بغيها على المام أو على أحد من المسلمين"
والجصاص في قوله" :قد اقتضى ظاهر الية المر بقتال الفئة الباغية حتى
ترجع إلى أمر ال وهو عموم في سائر ضروب القتال").(3
أما وجهة نظر المؤيدين للتحكيم فتتمثل لدى بعضهم في فهمهم للية
الكريمة فيما يلي:
-1أن موضع الشاهد من الية ليس هو قوله تعالى :فقاتلوا التي تبغي
،وإنما هو قوله سبحانه :فأصلحوا بينهما ،إذ "إن الشتغال ينبغي
أن يكون أولً بالدعاء إلى الصلح ثم بعد وقوع اليأس عن الصلح يُرجع
4
إلى القتال ليحصل المقصود بذلك وهو تآلف القلوب واجتماع الكلمة") (.
ولكن ل يمكن التسليم بهذا المر ،وذلك:
أولً :أنه لو كان المام علي قاتل قبل الدعاء إلى الصلح للزم منه أن
يكون قتاله بغير بينة ،ولستوى هو ومعاوية في احتمالية البغي على
6 5
الخر) ( .على أن عليّا قد أرسل الرسل إلى معاوية يدعونه إلى الطاعة ) (،
وهذا هو ما احتج به أهل حروراء إذ قالوا" :وقبل ذلك )أي القتال( ما
7
دعوناهم إلى كتاب ال عز وجل فأبوه") ( .ولعل محاولة توجيه القتال بين
علي ومعاوية ليتفق مع قوله تعالى :وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا
وليتسق التحكيم بعد ذلك مع قوله سبحانه :فأصلحوا بينهما في
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .110ول يفى أن "ما" ف قولم" :ما دعوناهم" ليست نافية بل هي مصدرية، 7
() التبان (تذير العبقري) جـ 2ص .79 ،62وقد اعتمد ف النتيجـة الت انتهى إليها على ضعف سند الرواية 1
الت رواها الطبي (التاريخ) جـ 3ص .76وهذا على فرض قبوله كمنهج ف إثبات ونفي الوادث التاريية،
فإن ثة من الروايات ما ل يتكلم على إسنادها :الطبي (التاريخ) جـ 3ص .70على أن الشيخ التبان نقل جـ
2ص 64عن يي بن سليمان الـعفي أحد شيوخ البخاري ف تأليفه ف صفي بسند حكم عليه بأنه "جـيد"
عن أب مسلم الولن ما يفيد صراحة بأن كلّ من علي ومعاوية قد كان بينهما مراسلة قبل صفي.
() البلذري (النساب) جـ 3ص .131 2
90
1
قابلته وأتباعها ،وقال النبي لعمار) :تقتلك الفئة الباغية( ) ( ،وهذا خبر
مقبول من طريق التواتر ،حتى أن معاوية لم يقدر على جحده لما قال له
2
عبدال بن عمرو ،فقال" :إنما قتله من جاء به فطرحه بين أسنتنا") (.
وقال ابن العربي" :والذي قاتل علي طائفة أبوا الدخول في بيعته وهم
أهل الشام ،وطائفة خلعته وهم أهل النهروان ،وأما أصحاب الجمل فإنما
خرجوا يطلبون الصلح بين الفرقتين ،وكان من حق الجميع أن يصلوا
إليه ويجلسوا بين يديه ويطالبوه بما رأوا أنه عليه ،فلما تركوا ذلك بأجمعهم
3
صاروا بغاة بجملتهم فتناولت هذه الية جميعهم") (.
وقال الشيخ التباني" :والقول بأن الصحابة الذين حاربوا أمير
4
المؤمنين عليّا ومن معه بغاة هو قول أهل الحق") (.
وأما البحث في أسباب القتال فمحله قبل القتال ،وهو الذي يتمشى مع
المر بالصلح ،أما وقد ثبت عند المام علي بغي أهل الشام وامتنع
معاوية من التفاوض فالبحث في أسبابه حينئذٍ يصير عبثاً.
- 3يرى محب الدين الخطيب أن الفئة الباغية هم الذين قتل بسببهم كل
5
مقتول في وقعتي الجمل وصفين وما تفرع عنهما) ( .وقد رده الشيخ التباني
لمصادمته صريح الية ،وبقوله" :ولو كان هذا الفهم صحيحاً للزم منه أن
يكون هناك أربع طوائف :اثنتان متقاتلتان وأخرى متسببة في القتال بينهما
وهي الباغية ،وأخرى مأمورة بالصلح بينهما وقتال الثالثة الباغية
بالتسبب ،وللزم على هذا الفهم أن يقول ال :وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما ،فإن بغت ثالثة بالتسبب في القتال بينهما فقاتلوها،
() البخاري (الصحيح) ك الصلة باب 63رقم ،447ك الـهاد باب 17رقم /2812مسلم (الصحيح) ك 1
() الـصاص (أحكام القرآن) جـ 5ص .280وقد أجـاب المام علي على هذا الكلم بقوله" :فرسول ال 2
91
ول يقول :فإن بغت إحداهما على الخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء
1
إلى أمر ال ول يخفى فساد هذا الفهم") (.
-4يوجه الدكتور محمد عليان الية التوجيه التي:
يفهم من آية قتال البغاة المور التالية:
-أن المر اللهي بالصلح بين الطرفين المتقاتلين موجه إلى طرف ثالث
غيرهما ،وأن إثبات وقوع البغي عن طرف ثالث محايد ،وأن يكون هذا
الطرف الثالث قوياً قادراً على ردع الطائفة الباغية إلى الحد الذي يرجعها
إلى أمر ال ورسوله.
-ل يتصور أن تتقاتل طائفتان مؤمنتان إل إذا كانت كل منهما تعتقد أنها
على الحق ،أو يغلب على ظنها أنها كذلك.
-أن قوله تعالى :فإن بغت إحداهما على الخرى معناه على وجهين،
أحدهما :بغت بالتعدي بالقتال ،والثاني :بغت بالعدول عن الصلح ،ومعنى
قوله تعالى :حتى تفيء إلى أمر ال فسره سعيد بن جبير بأن ترجع
إلى الصلح الذي أمر ال به ،وقال قتادة بن دعامة السدوسي بأنه الرجوع
إلى كتاب ال تعالى وسنة رسوله فيما لهم وعليهم.
-ل يعقل أن يكون المقصود من هذه الية استمرار إحدى الطائفتين في
قتال الخرى حتى تفيء ،لنه من المحتمل أن تكون الطائفة الباغية هي
القدر على إفناء الخرى غير الباغية).(2
ويمكن الرد على هذه العتراضات بما يلي:
أن كون المر بالصلح بين الطرفين المتقاتلين موجهاً إلى طرف
ثالث غيرهما وارد لكنه غير لزم ،ولربما جاز ذلك إن كان المتقاتلن
طائفتين ل ينتمي المام إلى إحداهما ،فيكون المام هو الذي يصلح بينهما
أو يقاتل الطائفة الباغية ،أو يأمر من يقوم بذلك .أما إذا بغت فئة على إمام
المسلمين وجماعته فمن غير المنطقي أن ينتظر طرف ثالث ليحل الن زاع.
ويلزم حينئذ أل يتم إصلح إن لم يوجد طرف ثالث قادر على ذلك .ويلزم
منه أيضاً أن من بان له الحق مع جانب أنه ل يجوز له القتال معه حتى يتم
الصلح ،وهذا منافٍ لشتراك معظم الصحابة مع علي ،وندم عبدال بن
92
عمر على عدم اشتراكه معه) .(1يقول الشيخ التباني" :فأي مبدأ ديني يجب
على المة الوصول إلى تقريره أعظم من نصرها إماماً عادلً قد بايعته
على من امتنع عن بيعته وحاربه بطائفة منها") .(2وأيضاً فإن الطرف
الثالث المتمثل في الحكمين أبي موسى وعمرو بن العاص لم يكن "قوياً
قادراً على ردع الطائفة الباغية إلى الحد الذي يرجعها إلى أمر ال
ورسوله".
وأما كون الدعوة إلى التحكيم تحقيقاً لقول ال تعالى :فأصلحوا
بينهما فقد مضى بيان أنها تجاوزت مرحلة الصلح بأن المام علياً قد
دعا معاوية إلى التفاوض فأبى .على أن الدعاء إلى التحكيم صدر عن
الفريق الباغي الذي أوشك على الهزيمة ،وقد تبين بذلك أن رفع المصاحف
إنما كان خديعة ومكراً ودهاءً كما سبق نقله عن المام علي .على أنه يلزم
أيضاً أن يكون المام علي -لو لم يوافق على وقف القتال -مخطئاً لتركه
إجابة الدعوة إلى التحكيم.
كذلك فمن غير المسلم به عدم إمكان تصور أن تتقاتل طائفتان
مؤمنتان إل إذا كانت كل منهما تعتقد أنها على الحق أو يغلب على ظنها
أنها كذلك ،فإن الثورات والنقلبات من أجل السلطة أمور مشاهدة ل
تنكر .ولئن سلم ذلك الفتراض في أهل الشام فإن الخروج على المام
الذي انتخبته المة والمتناع من بيعته -لية دعوى كانت قبل التفاوض
معه -أمر ل مسوغ له.
كما أن التصور بأن المقصود من هذه الية استمرار إحدى الطائفتين
في قتال الخرى حتى تفيء فإنه -بالضافة إلى إمكانه -قد تحقق في
موقعة الجمل حين قاتلهم المام علي إلى أن قضى على ثائرتهم .واحتمالية
أن تكون الطائفة الباغية هي القدر على إفناء الخرى غير الباغية ل يلغي
النص بالمر بقتالها والحكم عليها بالبغي ،ولذا جاء عن عمار قوله" :وال
لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على الحق وأنهم على
الباطل") .(3كما أن حقيقة المر في صفين مباينة لهذه الصورة المفترضة،
( ) البلذري (النساب) جـ 2ص / 404ابن عبد الب (الستيعاب) جـ 3ص ، 1117رقـ م ،1855 1
ويروي عن المام علي لا سئل عن الذين قعدوا عن بيعته ونصرته والقيام معه قال" :أولئك قوم خذلو الق ول
ينصروا الباطل" ،انظر :ابن عبدالب الستيعاب) جـ 2ص .610
() التبان (تذير العبقري) جـ 2ص .68 2
() ابن أيي شيبة (الصنف) جـ 15ص /299 ،297 ،289البلذري (النساب) جـ 1ص 171جـ 3ص 3
() أبو الواري (السي) جـ 1ص /362ابن أعثم (الفتوح) جـ 4ص /197القلهات (الكشف) جـ 2ص 7
95
هذا ويدافع معارضو التحكيم عن موقف أهل النهروان بتأكيد
اختصاص النبي عليه الصلة والسلم بجواز محو اسم النبوة .ويعلل الشيخ
السالمي إنكار أهل حروراء على علي محوه اسم الم ارة ع ن نفس ه بأنه
إنكار لمطاوعته معاوية ل لترك كتابة السم فقط .كما يفرق بين قضية
النبي في الحديبية وقضية علي بما يلي:
-1أن السلم في عهد النبي في زمن الصلح كان في بدء أمره،
أما في خلفة علي فكان قد انتهى إلى الغاية القصوى من الكمال ،وقد
يتسامح في بدء المر لتربيته ما ل يتسامح عند النهاية.
-2أن فعله إنما كان عن وحي يوحى ،فالظاهر أنه أمر خص به
في ذلك اليوم دون ما عداه من اليام ،إذ لم ينقل عنه عليه السلم في جميع
مكاتباته مثل ذلك ،فالظاهر أنه منسوخ ل يصح أن يعمل به.
-3أن القوم الذين مع معاوية يقرون بالسلم معترفون بحقيقة
المامة ووجوب الطاعة للمام ،لكن معاوية يلبس عليهم بأن عليّا ليس
بإمام وأنه ليس هو بأمير المؤمنين ،وقد خدع أكثرهم بهذا التلبيس ،فترك
التسمية بالمارة مع ذلك ليس كترك التسمي بالرسالة في جانب المشركين،
فإنهم جميعاً ينكرون رسالة رسول ال من غير تلبيس على أحد منهم
من رؤسائهم.
-4الرسالة أمر إلهي ل تمحى بمحو اسمها من الكتابة ،والمارة أمر
بشري جُعل فيه الختيار للمسلمين ،وتزول باعتزال المام لعذر ،وبعزل
المسلمين لحدث.
ثم ضرب الشيخ السالمي للحالتين مثلً:
فمثال الرسالة كأم الرجل ل تزول عن كونها أمه ذكر أنها أمه أو لم
يذكر ،وسواء جحدها غيره أم لم يجحدها ،فحقوقها ثابتة عليه ،ومثال
المامة كزوجة الرجل صارت زوجة له بالعقد الصحيح ورضا المرأة
وإذن الولي ،وتزول عنه الزوجية بطلقه لها وبخلعها إياه وبسائر أنواع
الفسوخ).(1
في الحديبية خص به عن وحي إنكار ومما يؤيد أن فعل النبي
الصحابة رضوان ال عليهم على ما في الوثيقة ،وقول عمر المشهور للنبي
عليه الصلة والسلم :يا رسول ال ،ألسنا على حق وهم على باطل ؟
قال":بلى" ،قال :أليس قتلنا في الجنة وقتلهم في النار ؟ قال" :بلى"،
96
قال :ففيم نعطي الدنية في ديننا ؟) ،(1وقول سهل بن حنيف" :لقد رأيتني يوم
أبي جندل ولو أني أستطيع أن أرد أمر رسول ال لرددته") ،(2يعني يوم
الحديبية.
فإن ظاهر المر للناس أن ما تم إقراره في الصحيفة إجحاف في حق
المسلمين ،ولهذا رفض علي نفسه أن يمحو اسم الرسالة من الوثيقة حتى
محاها النبي صلى ال عليه وآله وسلم بيده الشريفة) .(3لجل هذا فإن جواب
النبي عليه السلم لعمر يومئذٍ" :إني رسول ال ولن يضيعني ال أبداً"
تصريح بالخصوصية وبيان لوعد ال لرسوله عليه السلم بأن تكون العاقبة
لهم من جراء هذا الصلح .وأخيراً فإن نتيجة صلح الحديبية كانت فتح مكة
إنجازاً لوعد ال ،وكانت نتيجة التحكيم بعد صفين عزل علي عن الخلفة.
مناقشة المام علي لهل حروراء:
تشير بعض الروايات إلى أن المام عليّا كان ينحي باللئمة على
أهل حروراء في كونهم أصروا على وقف القتال وأرغموه على قبول
التحكيم) . (4وثمة من الروايات ما يؤكد نسبة هذه المقولة إلى المام علي،
فقد روي أن جماعة ومعهم عصابة من )القراء الذين صاروا خوارج من
بعد( جاءوا إلى المام علي حين رفعت المصاحف فقالوا له :يا علي أجب
إلى كتاب ال عز وجل إذ دعيت إليه ،وإل ندفعك برمتك إلى القوم أو نفعل
بك كما فعلنا بابن عفان ،إنه علينا أن نعمل بما في كتاب ال عز وجل
فقبلناه ،وال لتفعلنها أو لنفعلنها بك").(5
غير أن من الواضح وجود ما يناقض هذه الرواية المتضمنة كون كل
أهل حروراء كانوا ممن وافق على وقف القتال أو دعوا إليه ،يقول أبو
وائل شقيق بن سلمة" :كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا
( ) البخاري (الصحيح) ك الغازي باب غزوة الديبية رقم / 4189مسلم (الصحيح) ك الـهاد باب 34ح 2
= =1785وكلم سهل بن حنيف بتمامه ف بعض طرق مسلم عن أب وائل شقيق بن سلمة قال :سعت سهل
بن حنيف يقول بصفي ":أيها الناس اتموا رأيكم ،وال لقد رأيتن يوم أب جندل ولو أن أستطيع أن أرد أمر
رسول ال لرددته ،وال ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إل أمر قط إل أسهلن بنا إل أمر نعرفه إل أمركم هذا":
مسلم (الصحيح) ك الهاد باب ()34رقم .1785
() مسلم (الصحيح) ك الـهاد باب 34رقم .1783،1785 3
() النقري (صفي) ص /490 ،489الطبي (التاريخ) جـ 3ص /101ابن أعثم (الفتوح) جـ 4ص 182، 5
.183
97
بتل فقال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل إلى علي بمصحف وادعه إلى
كتاب ال فإنه لن يأبى عليك ،فجاء به رجل فقال :بيننا وبينكم كتاب ال
ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب ال ليحكم بينهم
ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ) ،(1فقال علي :نعم ،أنا أولى بذلك،
بيننا وبينكم كتاب ال ،قال :فجاءت )الخوارج( ونحن ندعوهم يومئذ القراء
وسيوفهم على عواتقهم ،فقالوا :يا أمير المؤمنين ،ما ينتظر هؤلء القوم
الذين على التل ،أل نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم ال بيننا وبينهم ...ثم
إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفاً.(2)"...
وإذا تتبعنا الحداث التي بدأت من رفع المصاحف إلى العتزال إلى
حروراء نلحظ ما يؤيد أن أهل حروراء لم يتخلوا عن مبدئهم الذي
انتهجوه ،وذلك ضمن السلسلة التية.
-1معارضتهم للتحكيم ابتداءً من وقف القتال ،روى البلذري" :لما
رفعت المصاحف اختلف أهل العراق فقالت طائفة منهم كرهت القتال:
أجِبنا إلى كتاب ال ،وقالت طائفة :ألسنا على كتاب ال وبيعتنا وطلب
الحق ،فإن كانت ها هنا شبهة أو شك فلم قاتلنا").(3
ورواية أبي وائل السابقة والرواية التالية تبينان أمر هاتين الطائفتين.
-2روى البلذري أنه "لما اجتمع علي ومعاوية على أن يحكّما
رجلين اختلف الناس على علي ،فكان عظمهم وجمهورهم مقرين بالتحكيم
راضين به وكانت فرقة منهم -وهم زهاء أربعة آلف من ذوي بصائرهم
والعباد منهم -منكرة للحكومة ،وكانت فرقة منهم -وهم قليل -متوقفين،
فأتت الفرقة المنكرة علياً فقالوا" :عد إلى الحرب… ففارقوه ومضى
بعضهم إلى الكوفة قبل كتاب القضية ،وأقام الباقون معه على إنكارهم
التحكيم ناقمين عليه يقولون :لعله يتوب ويراجع.(4)"...
- 3ضرب عروة بن أدية دابة الشعث حين مروره بكتاب التحكيم
يقرؤه على القبائل وتعالت النداءات من كل جانب قائلة "ل حكم إل ل".
- 4ما مر من مجيء جماعة من جيش المام علي إليه تطلب منه
استئناف القتال.
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15ص /317،318أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /486النقري (صفي) 2
98
-5تخاصم أصحاب علي في طريق عودتهم إلى الكوفة "ولقد أقبلوا
يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ويضطربون بالسياط يقول )الخوارج( :يا
أعداء ال أدهنتم في أمر ال عز وجل وحكمتم ،وقال الخرون :فارقتم
إمامنا وفرقتم جماعتنا".
وبناءً على هذه الحداث المتسلسلة فإن من المرفوض أن يكون الذين
ضغطوا على المام علي -كرم ال وجهه -لقبول التحكيم هم الذين أنكروه
عليه فيما بعد في تلك الفترة الوجيزة ،والمفارقة – هنا -أن أهل حروراء
بنوا انشقاقهم على رفض التحكيم) ، (1وإذن فإنه ليس ممكناً -كما يقول د.
هشام جعيط -القبول بالرواية القائلة إن القراء نواة المذهب الخارجي
المقبل )على حد تعبيره( هم الذين أكرهوا علياً على القبول بوقف القتال)،(2
وهذا هو الذي توصل إلى تقريره كثير من الباحثين).(3
يؤكد د .محمود إسماعيل أن انفصال أهل حروراء عن المام علي
كان لرفضهم مبدأ التحكيم من أساسه حيث يقول" :والذي نستخلصه في
النهاية براءة القراء الذين صاروا فيما بعد خوارج من مسؤولية التحكيم
انطلقاً من موقف سياسي وديني في آنٍ واحد جعلهم يثورون رفضاً له ل
رغبة فيه") ،(4ويدعم) (5وجهة نظره برسالة علي إلى أهل النهروان
"...فهلموا نعطيكم الرضا ونرجع إلى المر الول الذي طلبتموه مني
ونقاتل عدونا حتى يحكم ال بيننا ،وال خير الحاكمين").(6
كما يبني أحمد سليمان معروف نفيه لن يكونوا شهروا سيوفهم في
وجه المام علي وأرغموه على وقف القتال وقبول مبدأ التحكيم وفرضوا
عليه أبا موسى الشعري على أنهم لم يكونوا بعد قد شكلوا قوة جماعية
ضاغطة لها رأي موحد ،بل ما زالوا أفراداً لهم آراء شتى ل ينظم بينهم
ناظم إل بعض الخواطر المشتركة والتي لم تصل بعد إلى حد الجماع).(7
() انظر :النعيمي (ظهور الـوارج) مـلة الجـمع العلمي العراقي جـ 15ص 30-10وما بعدها /إساعيل 3
99
ولعل من المفاجئ أن نجد في ثنايا كلم المام علي نفسه تبرئة
لمنكري التحكيم الولين من تلبسهم بشيء من المساعي فيه ،فإنه -كرم ال
وجهه -لما ظهرت نتيجة التحكيم بعد أن خرج معارضوه إلى النهروان قام
بالكوفة خطيباً فكان من قوله ..." :أما بعد فإن المعصية تورث الحسرة
وتعقب الندم ،وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين وفي هذه الحكومة أمري
ونحلتكم رأيي لو كان لقصير أمر ،ولكن أبيتم إل ما أردتم ،فكنت أنا وأنتم
كما قال أخو هوازن:
أمرتهم أمري بمنعرج الل وى فلم يستبينوا الرشد إل ضحى الغدِ
)(1
أل إن هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن"...
وجلي أن خطابه كان لهل الكوفة وهم غير معارضي التحكيم ،وفيه
إلقاء اللوم عليهم بكونهم خالفوه في أمر الحكومة وإصرارهم عليها وخالفوه
في الحكمين اللذين اختاروهما ،ثم كتب إلى أهل النهر ..." :أما بعد فإن
هذين الرجلين اللذين ارتضينا حكمهما قد خالفا كتاب ال ...فإذا بلغكم كتابي
هذا فأقبلوا فإنا سائرون إلى عدونا وعدوكم ،ونحن على المر الول الذي
كنا عليه(2)"..وفي رواية "...فهلموا نعطيكم الرضا ونرجع إلى المر الول
الذي طلبتموه مني ، (3) "...وفي رواية" :فقد جاءكم ما كنتم تريدون وقد
تفرق الحكمان على غير حكومة ول اتفاق فارجعوا إلى ما كنتم عليه فإني
أريد المسير إلى الشام") .(4وفي هذه النصوص ما يغني عن التعليق.
هذا ،ويعلل د .الهلبي تحميل )القراء الذين صاروا خوارج(
مسؤولية وقف القتال والتحكيم ونتائجه الفاشلة بقوله" :أدرك الكوفيون أن
قبول التحكيم كان كارثة للخليفة علي وأهل العراق .والخليفة كانت سلطته
أصلً على قبائل العراق ضعيفة ،وازدادت ضعفاً بقوة الشعث وانشقاق
جيش أهل العراق ،ثم حدثت المواجهة العسكرية بين شطري الجيش
وانتهت باستئصال الفئة المنشقة في الميدان ،لكن مبادئهم وأفكارهم زادت
انتشاراً وآمن بها ناس كثيرون وخرجوا من أمصارهم فأصبحوا خطراً
على أهل هذه المصار ،ثم أخذت المآسي تتوالى حتى وصلت قمتها
باغتيال الخليفة علي على يد أحد الخوارج ،ثم توحدت المة السلمية مرة
ثانية تحت قيادة معاوية وخلفائه من بني أمية ،وبذلك تحولت الكوفة وأهلها
100
إلى مصر تابع لهل الشام يرسل لها المويون ولة مستبدين مثل زياد
وابنه عبيدال والحجاج لقمع شوكتهم ،وأصبحت الكوفة مركزاً للمعارضة
ومفرخة للثورات ضد المويين ،ليس هذا فحسب بل إن ضربات الخوارج
الموجعة كانت أشد إيلماً من قمع المويين ولم يكتف الخوارج بالضربات
المسلحة بل كانوا يعيرونهم بالتكالب على الدنيا وبالنفاق والكفر .كانت هذه
الظروف التي تعيشها العراق وخصوصاً الكوفة في النصف الثاني من
القرن الول الهجري ،وكانت نتيجة لقبول التحكيم في صفين ،فما أحرى
الرواة الكوفيين -إذن -أن يحملوا المسؤولية أعداءهم الخوارج ويتخلصوا
منها من ناحية ويجعلوا دعوى الخوارج تناقض نفسها؛ فهم الذين أجبروا
عليّا على قبول التحكيم وهم الذين ثاروا عليهم بسبب قبولهم التحكيم").(1
ولئن كان د.جعيط يحتمل أن تكون جماعة من القراء موافقة في
البداية على وقف المعارك وأن تكون انضمت فيما بعد إلى أهل
حروراء)،(2فإن الدكتور الهلبي -كما مر قريباً -والدكتور محمود
إسماعيل ينفيان أن يكون للقراء دور في الضغط على المام علي لقبول
التحكيم ،يقول د .محمود" :والذين نؤكده أن القلية الرافضة كانت تشمل
جماعة القراء") . (3ولهذا أعطى د .جعيط فسحة لحتمال أن يكون جميع
القراء عارضوا وقف المعارك).(4
ويؤيد هذا الرواية التالية" :فلما سمع علي قول الشعث ورأى حال الناس
قِبَل القضية وأجاب إلى الصلح قام إلى علي أناس وهم القراء منهم عبدال
بن وهب الراسبي في أناس كثير قد اخترطوا سيوفهم ووضعوها على
عواتقهم ،فقالوا لعلي :اتق ال فإنك أعطيت العهد وأخذته منا لنفنين أنفسنا
أو لنفنين عدونا أو يفيء إلى أمر ال.(5)"...
ورواية أبي وائل السابق ذكرها مؤكدة لهذه الرواية ،لن فيها أن
الذين أنكروا على علي قبوله وقف القتال هم القراء .وبهذا نعلم أن
الرافضين للتحكيم ابتداءً إنما هم القراء.
غير أنه بناء على كون أهل حروراء مؤلفين من القراء وغيرهم فإن
من المحتمل أن يكون من غير القراء -ممن كان موافقاً على وقف القتال -
() اللب (إلقاء الضوء على الدور الزعوم للقراء) مـلة كلية الداب والعلوم النسانية جـ 4ص .32 1
101
من انضم إلى أهل حروراء حين العتزال ،إذ نجد رواية البلذري تجعل
عدد المعترضين على التحكيم في صفين أربعة آلف) ، (1ونجد أيضاً عدد
أهل حروراء أكثر من ذلك ،حيث تجعلهم معظم الروايات اثني عشر ألفاً،
ويوصله بعضها إلى أربعة وعشرين ألفاً .ومعنى هذا أن كثيراً ممن قبلوا
فكرة التحكيم ابتداءً قد اقتنعوا فيما بعد برأي المعارضين .ول ننسى أنهم
كانوا يعيرونهم -في طريقهم إلى الكوفة -بأنهم أدهنوا في أمر ال ،وحينئذ
فإن من المقبول أنهم كانوا يشرحون موقفهم بدءاً من كتابة كتاب التحكيم
إلى حروراء المر الذي يفيد أنهم استطاعوا أن يكسبوا أنصاراً لهم،
بالضافة إلى رواية البلذري السابقة القائلة بأن هنالك فرقة متوقفة ،ول
مانع -حينئذ -من انضمامها أو بعض أفرادها إلى أهل حروراء .وهذا ما
توضحه رواية الشماخي ،أن الناس لما رجعوا إلى العراق "قبل كثير منهم
الحق ورجع إليه") ،(2ورواية البرّادي "حتى انتهى القوم إلى الكوفة ثمّ سار
الذين كرهوا الحكومة بصفين وخالفوا عليّا على تحكيم ه الحكمين وحكموا
ال في أنفسهم إلى من كان من إخوانهم مع علي فناظروهم ودعوه م إلى
تحكيم ال وخلع ما سواه ...فعرفوا من ذلك ما عرفوهم فرجعوا إليهم
ون زلوا حروراء وخرجوا معهم") .(3يقول ابن كثير" :وقد يكون واطأهم
على مذهبهم آخرون من غيرهم حتى بلغ وا اثني عشر ألفاً أو ستة عشر
ألفاً") ،(4وهذا -تالياً -ينفي اللوم عن الفئة التي رفضت التحكيم في صفين،
إذ إنه من غير اللئق بالمام علي أن يوبخ من أنكر التحكيم بما لم يلتبسوا
به" ،لهذا يحتمل أن يكون علي قد توجه إلى هوامش الحركة أولئك الذين
مالوا إليها بعد ذلك لكي يذكرهم بدورهم في صفين").(5
وإذن فإن الرواية المتسقة مع هذه الحداث هي رواية البرّادي ،أن
المام عليّا لما أقبل على أهل حروراء إثر رجوع ابن عباس من عندهم"
وسمع )أي علي( مخاصمتهم له أقبل على قوم كانوا ممن ولي أمر معاوية
بصفين فاستنقذهم ال بإخوانهم من المسلمين بعدما قدموا الكوفة فقال لهم
علي :ألس تم تعلمون أن القوم دعونا إلى كتاب ال فأتيتموني فقلتم ل نقاتل
قوماً دعونا إلى كتاب ال فقلت لكم إن هذا من القوم خديعة…") . (6ويؤكد
102
هذه الرواية رواية البلذري أن علياً لما حاجهم قالوا له" :إنما قلت لنا ما
قلت وقد تاب إلى ال من كان منا مائلً إلى الحكومة") . (1وفي "السير"
للشماخي" :عرفنا إخواننا الحق فتبنا") . (2وحينئذ فمن الطبيعي أن يعاتب
المام علي من كانوا معه على وقف القتال ثمّ تركوه إلى رأي المعارضين.
ولعل وجود طائفة في صفوف أهل حروراء كانت من قبل تؤيد وقف القتال
هو الذي سوّغ -بعد فترة من الزمن -لن تسحب فكرة )القراء الذين
أجبروا عليّا على قبول التحكيم ثمّ صاروا خوارج بعد ذلك( على جميع أهل
حروراء.
هذا ،وتتفق كثير من الروايات على أن أهل حروراء طلبوا من المام
علي إعلن توبته عن التحكيم بعد أن أعلنها من كان مائلً إليه فقال كرم ال
وجهه" :أستغفر ال وأتوب إليه") .(3وعلى إثر ذلك دخلوا كلهم الكوفة.
وهذا يفسر الروايات التي تقول بأن عليّا كلمهم حتى أجمعوا هم وهو
على الرضا فرجعوا حتى دخلوا الكوفة على الرضا منه ومنهم) . (4وهو
السبب الذي يمكن من خلله توجيه دخول أهل حروراء الكوفة إثر
المناظرة لنهم دخلوها "وهم يظهرون التحكيم") ، (5ولنهم "رفضوا فكرة
التحكيم من أساسها ولم يكن ثمة ما يدفعهم إلى قبولها مشروطة ،وهو أمر
يتفق وصرامتهم في الدين وبغضهم للعيب السياسة وحيلها ،ولن
الخلف ما لبث أن احتد بين الطرفين من جديد قبل ظهور نتيجة
التحكيم") ، (6وذلك بعدما عرفوا من المام علي عودته ثانياً إلى التمسك
بفكرة التحكيم.
() البلذري (النساب) جـ 3ص /131 ، 130البد (الكامل) جـ 3ص /1130الطبي (التاريخ) جـ 3 3
ص .114
هذا وروى الطبي عن أب منف أن (الوارج) يزعمون أن عليّا تاب ثّ دخلوا الكوفة معه ،قال الطبي "ولسنا
نأخذ بقولم وقد كذبوا"( :التاريخ) جـ 3ص .110وتبعه ابن الثي ف (الكامل) جـ 3ص .329ولكن
ينبغي ها هنا مراعاة أمرين؛ الول :قول ابن تيمية ف الوارج" :ل يعرف فيهم من يكذب" (التفسي الكبي) جـ
1ص ،124وقوله بأن تدينهم أصح لنم ل يكذبون (منهاج السنة) جـ 2ص ،197وقوله فيهم" :ليسوا من
يتعمدون الكذب ،بل هم معروفون بالصدق حت يقال إن حديثهم من أصح الديث" (منهاج السنة) جـ 1ص
.31الثان :أنم ل يتفردوا بنقل هذا الب ،فمن أسانيده عند البلذري :حدثن بكر بن اليثم حدثنا أبو الكم العبدي عن
معمر عن الزهري( :النساب) جـ 3ص .129
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15ص /312الطبي (التاريخ) جـ 3ص .114 4
103
وبهذا يمكن الجمع بين الروايات التي تقول بأن أهل حروراء حجوا
ابن عباس والروايات التي تقول بأنه لما حاجهم رجع قسم منهم تائبين بأن
التوبة صدرت من قبل الذين كانوا قبلوا فكرة التحكيم أولً ،وهذه التوبة عن
قبول التحكيم ل عن معارضته ،بدليل قولهم" :وقد تاب إلى ال من كان منا
مائلً إلى الحكومة" وقولهم" :عرفنا إخواننا الحق" ،وتكون تلك الروايات
الخيرة قد تخطت الفترة من رد أهل حروراء على ابن عباس ثمّ مجيء
علي إليهم في حروراء وما جرى فيهامن النقاش بينهم وبينه لتقفز من رد
ابن عباس على حجج أهل حروراء إلى إعلن بعضهم التوبة من قبول
التحكيم أمام المام علي كرم ال وجهه في حروراء .ويرجح القتضاب في
هذه الروايات أن فيها أن فرقة من أهل حروراء دخلوا الكوفة وأنهم "قتل
سائرهم" خلفاً لما ثبت أنهم دخلوها من عند آخرهم) ،(1ثمّ توجه فريق
منهم إلى النهروان فقتل جلهم هنالك.
ولعل المام عليّا أراد أن يتألف قلوب أهل حروراء وأن يجمع أفراد
جيشه كلهم تحت رايته" ،وحاول -كما يقول شارح نهج البلغة -أن يسلك
معهم مسلك التعريض والمواربة فقال لهم كلمة مجملة مرسلة يقولها
النبياء والمعصومون وهي قوله :أستغفرـ ـال ـمنـ كلـ ـذنب ،فرضوا بها
وعدوها إجابة لهم على سؤالهم وصفت له -عليه السلم -نياتهم،
واستخلص بها ضمائرهم من غير أن تتضمن تلك الكلمة اعترافاً بكفر أو
ذنب") .(2فكان من سياسته أن أظهر لهم الميل إلى رأيهم ،وذلك منه ليحسم
الشقاق ويرأب الصدع ويسد الثلمة ثمّ ليفعل ال ما يريده من الخير لعباده،
ولهذا نجد عند الطبري أن عليّا لما قال له أهل حروراء" :فخبرنا عن
الجل لم جعلته بينك وبينهم؟" قال" :ليعلم الجاهل ويتثبت العالم ولعل ال
عز وجل يصلح في هذه الهدنة هذه المة ،ادخلوا مصركم رحمكم ال"
فدخلوا من عند آخرهم).(3
أما الحديث عن نتائج التحكيم فإننا ل نجد أهل النهروان يولونه أهمية
أو يرتبون عليه أمراً ،لنهم يرفضونه من أساسه ،وإذن فإن نتائجه كلها
غير مغيرة في المر شيئاً ،إذ نلحظ أنهم اعتزلوا المام عليّا إلى حروراء
لموافقته على التحكيم ثمّ انفصلوا إلى النهروان حين تأكدوا من عزمه على
إنفاذ أبي موسى ولم ينتظروا ما يسفر عنه لقاء الحكمين .والهم من ذلك
( ) ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15ص / 312البلذري (النساب) جـ 3ص / 123،130،133الطبي 1
104
مبايعتهم لعبدال بن وهب الراسبي قبل لقاء أبي موسى وعمرو بن العاص،
فإنها مبنية على قبول التحكيم ،يقول د .هشام جعيط عن التحكيم عند حديثه
عن خروج أهل النهر" :وليس من الوارد ربطه بنتائج هذا الفعل ،لن
التحكيم كتحكيم -مبدئياً ومهما تكن نتيجته -لم يكن مرفوضاً من قِبَلهم
وحسب ،بل كان في أساس حركتهم بالذات").(1
ويؤكد ذلك أيضاً رسالة عبدال بن وهب الراسبي إلى علي:
"...وبلغنا كتابك تذكر فيه أن الحكمين نبذا كتاب ال وراء ظهورهما
وحكما بغير ما أن زل ال ،وقد علمنا -فالحمد ل -أن أمرهما كان مخالفاً
للحق من أوله ،وأنت بتحكيمك إياهما أعظم جرماً منهما .(2) "...وهذا
صريح في كونهم يعدون التحكيم المترتب على وقف القتال جرماً وخطيئة
)(3
وذنباً ،وأصرح منه قول حرقوص بن زهير لعلي" :تب من خطيئتك"
وقوله له" :إن ذلك ذنب ينبغي لك أن تتوب منه") .(4لكن ل بد من التأكيد
على أن أهل النهروان لم يروا مجرد القبول بالتحكيم يوجب خلع المام
علي ،بل إنهم راجعوه وكرروا مناقشتهم له ،فلما رأوه مصرّا على رأيه
عازماً عليه غير راجع عنه حينئذٍ نصبوا عبدال بن وهب الراسبي إماماً.
غير أننا يستوقفنا في هذا الصدد أمران:
الول :احتجاج أهل حروراء على ابن عباس -ضمن ما خاصموه به
-بأن عمرو بن العاص غير عدل مع أن الية اشترطت العدالة في
الحكمين ،كما أن أبا موسى كان يثبط الناس عن علي.
الثاني :ورد عن أهل النهروان قولهم لقيس بن سعيد الذي أرسله
إليهم علي" :ألم يخلعه وكيله").(5
ويفيد كل المرين أن حجة معارضي التحكيم غير محصورة في
خطأ فكرة التحكيم ،بل ينضم إليها اختلل بعض شروط الحكمين والنتيجة
التي توصل إليها.
أما المر الول فالظاهر أنهم أرادوا مجابهة ابن عباس وإسقاط دليله
وبيان نقاط الخلل في حجته ،ل على أنهم يجيزون التحكيم أن لو كان عمرو
() جـعيط (الفتنة) ص .217 1
() البّادي (الـواهر) ص /135الشماخي (السي) جـ 1ص ،51ومـيئه إليهم أورده البلذري (النساب) 5
() البلذري (النساب) جـ 3ص /145الطبي (التاريخ) جـ 3ص /117القلهات (الكشف) جـ 2ص 1
.241
() ابن عبدالب (الستيعاب) جـ 4ص .1764 2
() البلذري (النساب) جـ 3ص / 14،31الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 25،28البسيوي (السي) جـ 2 4
ص .82
() النقري (صفي) ص .534،535 5
106
جـ -ـالحُكْم ،وهو النتيجة التي أصدرها الحكمان ،وما يهم من ذلك
الحكم عزل المام علي عن الخلفة ،المر الذي سوّغ لن توصف حادثة
التحكيم بأنها مهزلة).(6
كل هذه المور عززت من موقف معارضي التحكيم ،فلو تمسكوا
فقط بنتيجته لكان لهم عذرهم المقبول .على أننا يجب أن ل نغفل عن أن
إصرارهم على استمرار القتال إنما كان لصالح المام علي نفسه ،وقبول
التحكيم يشكك في عدالة قضيته ،ولهذا كان من قول أهل حروراء له:
"دعوتنا إلى كتاب ال والعمل به فأجبناك وبايعناك ،وقد قتلت في طاعتك
قتلنا يوم الجمل وصفين ،ثمّ شككت في أمر ال وحكمت عدوك ونحن
على أمرك الذي تركت وأنت اليوم على غيره.(2)"...
والحقيقة أن التبرم والستياء من فكرة التحكيم ل يختص به أهل
حروراء ،بل نجد ذلك فيمن لم يكن في صفين ،فهناك من يقول" :وال ما
صنع علي شيئاً ،ذهب ثمّ انصرف في غير شيء") . (3وإجابةً على سؤال
من علي وهو في طريقه إلى الكوفة" :خبرني ما تقول الناس فيما كان بيننا
وبين أهل الشام" يقول أحدهم" :فيهم المسرور فيما كان بينك وبينهم،
وأولئك أغشاء الناس ،وفيهم المكبوت السف بما كان من ذلك ،وأولئك
نصحاء الناس لك") .(4وسؤال آخر يطرحه المام علي على عبدال بن
وديعة النصاري" :ما سمعت الناس يقولون في أمرنا؟" قال ":منهم
المعجب ومنهم الكاره له كما قال عز وجل :ول يزالون مختلفين إل من
رحم ربك ) ،(5فقال له علي" :فما قول ذوي الرأي فيه؟" قال" :أما قولهم
فيه فيقولون إن عليّا كان له جمع عظيم ففرقه وكان له حصن حصي ن
فهدم ه ،فحتى متى يبني ما هدم ،وحتى متى يجمع ما فرق ،فلو أنه كان
مضى بمن أطاعه -إذ عصاه من عصاه -فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذاً
لكان ذلك الحزم").(6
ول ريب أن مواصلة القتال كان هو المر المحمود ،فإن عليّا نفسه
كان يرى رفع المصاحف خدعة ،وكان معارضاً لوقف القتال في بداية
( ) العقاد (عبقرية المام) ص / 70إساعيل (قضايا ف التاريخ) ص / 70معروف ،أحد (قراءة جـديدة ف 6
107
المر ،وكذلك كثير من قادة جيشه .ولهذا فليس عجيباً أن يقال عن الفرقة
المنكرة للتحكيم بأنهم "من ذوي البصائر") .(1وقد نقل عن الحسن البصري
قوله" :إن القوم نعسوا نعسة في دينهم") ،(2وهو تعبير ينم عن الركون الذي
ركنه أغلب أصحاب المام علي عندما ملوا القتال وأحبوا الدعة والراحة.
والذي دعا المام عليّا إلى قبول التحكيم ن زوله عند رأي الجمهور
وخشية زيادة الفرقة في جيشه .وثمة ما يدل علىأن عليّا قد ألجئ إلى وقف
القتال ،يقول ابن عباس" :إن أهل العراق ملّوا السيف وجزعوا منه جزعاً
لم يجزعه أهل الشام واختلفوا بينهم ،فخاف علي لما رآى من وهنهم أن
ينكشفوا عنه ويتفرقوا عنه فمال إلى القضية ...ولو كان معه من يصبر
على السيف لكان الفتح قريباً") .(3لجل هذا فمن الصعب التصديق بالرواية
القائلة بأن عليّا هم بالقدام على أهل الشام لعادة الحرب ،لكنه أحجم خشية
على ولديه أن يهلكا فينقطع بذلك نسل محمد ).(4
على أن المام عليّا أحس بخطئه ورأى قبول التحكيم منافياً للحزم
والكياسة عندما رأى تفرق جيشه وتباغضهم واختلفهم ،وذلك حين
رجوعه من صفين فرأى الفرقة دبت في أصحابه فقال:
سوف أكيس بعدها لقد عثرت عثرة ل أعتذر
وأستمر
)(5
وأجمع المر الشتيت المنتشر
وقد استظهر المدي) (6من هذا الرجز أن عليّا "أخطأ في التحكيم").(7
وأما ما يتعلق بموقف المام علي النهائي من التحكيم فإنه كان يرى
أنه أعطى أهل الشام عهداً ل يحل له نقضه وعليه الوفاء به ،خاصة بعد أن
() البلذري (النساب) جـ 3ص /114ابن عبد ربه (العقد الفريد) جـ 3ص .235 5
() علي بن ممد بن سال التغلب سيف الدين المدي ،أصول باحث ،أصله من آمد (ديار بكر) ولد با وتعلم ف 6
بغداد والشام ،ودرّس بالقاهرة ،حسده بعض الفقهاء فنسبه إل فساد العقيدة .له "الحكام ف أصول الحكام"
و"أبكار الفكار" و"لباب اللباب" و"دقائق القائق" وغيها انظر :ابن خلكان(وفيات العبان) ج ـ 3ص
/293الزركلي (العلم) جـ 4ص .332
() المدي (المامة) ص .190،221 7
108
أرسل إليه معاوية يذكره بما تعاهدا عليه) .(1وربما رأى في الوقت ذاته أن
يعمل برأي الغلبية من أصحابه) . (2ولعله أيضاً لم يكن مقتنعاً بما أبداه
أهل حروراء من أدلة ،ولهذا لم يسلم بأن التحكيم ذنب) .(3على أنه -كرم ال
وجهه -كان ل يشك في أن نتيجة التحكيم ستكون لصالحه بناءً على الشرط
بأن يحكم الحكمان بكتاب ال) . (4بينما كان معارضو التحكيم يقولون له:
"إن معاوية يدعي مثل الذي تدعي").(5
وظل علي -إذن -متمسكاً بوجهة نظره ،كما كان معارضو التحكيم
متمسكين بموقفهم إلى أن فارقوه إلى النهروان .وبناءً على إشكالية اتهام
أهل النهروان بمقتل عبدال بن خباب بن الرت جرت بينهم هنالك معركة
النهروان الفاصلة التي قُتل فيها معظم أهل النهروان.
() البلذري (النساب) جـ 3ص /117،120،123الدينوري (الخبار) ص /197الطبي (التاريخ) جـ 3 1
ص .110،113
() جـعيط (الفتنة) ص .211 2
() البلذري (النساب) جـ 3ص /129الطبي (التاريخ) جـ 3ص /114البّادي (الـواهر) ص 127،1 3
.28
() البلذري (النساب) جـ 3ص /123،128،131الطبي (التاريخ) جـ 3ص .110 4
109
110
البحث الرابع:
نسبة الستعراض والتكفي إل أهل النهروان
ينسب إل أهل النهروان أو لعارضي التحكيم عامة كثي من المور الت جعلتهم
يتازون عن غيهم من أصحاب التيارات الخرى .وربا أصبحوا ف جوانب منها موطنا
ل يشاركهم فيها أحد سواهم وصارت لم سيما خاصة بم .ومن أخطر ما ينسب إليهم
قضيتان مفصليتان ،ها :الستعراض والتكفي.
أولً :الستعراض :أي القتل بل وجه شرعي يبيحه.
وقد كثرت نسبة هذا الفعل إل أهل النهروان ،وكثر التركيز على أنه السبب
الباشر لعركة النهروان بي جلة من معارضي التحكيم وبي المام علي .ففي الروايات
أن عليّا ل يستحل قتالم حت قتلوا عبدال بن خباب( ) .وكان يقول لم وهم ف الكوفة:
1
"إنا ل ننعهم الفيء ول نول بينهم وبي دخول مساجد ال ول نيجهم ما ل يسفكوا
دما وما ل ينالوا مرما"( ) .كما كان يتنع من قتالم "حت يريقوا الدماء ويقطعوا السبيل
2
ورغم ما ينسب إليهم من الستعراض وأنم اتذوا ذلك منهجا ف العامل مع
مالفيهم إل أن الثال الام الذي أخذ منه ذلك الكم العام هو حادثة مقتل عبدال بن
خباب بن الرت .وقبل الدخول ف تفاصيل الادثة وتليلها يدر طرح المرين التاليي:
الول :أن حصر فكرة الستعراض والتقتيل -على فرض ثبوتا -ف التيار العارض
للتحكيم أمر مناف للوقائع التاريية ،فإن نسبة مثل هذا الفعل إل غيهم تردده الصادر
بكثرة .وإذا كانت حادثة مقتل عبدال بن خباب مرآة لنطق السيف الذي نسب إل أهل
النهروان ،فإن ثة من الوادث الروعة النسوبة إل غيهم ما تتضاءل أمام شناعتها حادثة
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 5ص /328البلذري (النساب) جـ 3ص /133الطبي (التاريخ) جـ 2
3ص .115
() عبدالرزاق (الصنف) جـ 10ص .117 3
111
مقتل ابن خباب .ومن أمثلة ذلك:
" -1كان عبد الرحن بن عديس البلوي من أخره معاوية بن أب سفيان ف الرهن،
فسجن بفلسطي فهربوا من السجن ،فأدرك فارسُ ابنَ عديس فأراد قتله ،فقال له ابن
عديس :ويك ،اتق ال ف دمي فإن من أصحاب الشجرة ،قال :الشجر بالبل كثي،
فقتله"( ).
1
-2قتل معاوية بن حديج السكون – بعدما دخل مصر عمرو بن العاص – ممد بن
أب بكر " ث ألقاه ف جيفة حار ث أحرقه بالنار ،فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه
جزعا شديدا ،وقنتت عليه ف دبر الصلة تدعو على معاوية وعمرو"( ).
2
-4أرسل معاوية بن أب سفيان بعد تكيم الكمي بسر بن أب أرطأة فساروا من
الشام حت قدموا الدينة ،وعامل علي عليها أبو أيوب النصاري ففر منهم ...فدخل
بسر الدينة… ث قال :يا أهل الدينة لول ما عهد إلّ معاوية ما تركت با متلما إل
قتلته ...وهدم بسر دورا بالدينة،ث مضى حت أت مكة .وكتب أبو موسى قبل ذلك
إل اليمن" :إن خيل مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس ،تقتل من أب أن يقر
بالكومة" ،ث مضى بسر إل اليمن وكان عليها عبيدال بن عباس عامل لعلي ففر
إل الكوفة ،واستخلف عليها عبدال بن عبد الدان الارثي على اليمن ،فأتاه بسر
فقتله ،وقتل ابنه ،ولقي بسر ثقل عبيدال بن عباس وفيه ابنان له صغيان فذبهما،
وقيل إنه وجدها عند رجل من بن كنانة من أهل البادية ،فلما أراد قتلهما قال
الكنان":علم تقتل هذين ول ذنب لا ،فإن كنت قاتلهما فاقتلن ،قال:أفعل ،فبدأ
بالكنان فقتله ث قتلهما .وقد قيل :إن الكنان قاتل عن الطفلي حت قتل..وقتل بسر
112
ف مسيه ذلك جاعة كثية من شيعة علي باليمن..وبلغ عليا خب بسر فوجه جارية
ابن قدامة ف ألفي ،ووهب بن مسعود ف ألفي ،فسار جارية حت أتى نران فحرق
با ،وأخذ ناسا من شيعة عثمان ،وهرب بسر وأصحابه منه( ).
1
-6وجه معاويةُ سفيانَ بن عون ف ستة آلف رجل ،وأمره أن يأت هيت فيقطعها،
وأن يغي عليها ث يضي حت يأت النبار والدائن فيوقع با( ).
3
الثان :أن من الطأ النهجي أن تمل الماعة خطأ الفرد ،وأن ينسب إليها تصرف شاذ
ليكون سلوكا لكل أفرادها ،ولو استعرضنا العهود الراشدة لوجدناها ل تلو من مثل
هذه الالت الشاذة:
-هذا أسامة بن زيد قتل رجلً بعد أن شهد أن ل إله إل ال ،فغضب النب
غضبا شديدا( ).
5
-وحادثة مقتل مالك بن نويرة بعد أن أسره خالد بن الوليد ف حروب الردة
فعاتبه أبو بكر عتابا شديدا حت استقدمه إل الدينة وكان عمر يطالب أبا بكر بعزله
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .153وانظر أيضا :البد (الكامل) جـ 3ص .1385 1
( ) ابن خياط (التاريخ) ص / 119 ، 118البخاري (الصحيح) ك الفت باب قول النب " :ل ترجعوا بعدي 2
() البخاري (الصحيح) ك الغازي باب 46رقم / 6872 ، 4269مسلم (الصحيح) ك اليان باب تري قتل 5
-وبعد طعنة أب لؤلؤة السمومة الفاجرة لعمر عدا عبيدال بن عمر على جفينة
والرمزان وابنة لب لؤلؤة فقتلهم( ).
2
تفصيلت أخر" :أنم دخلوا قرية فخرج عبدال بن خباب صاحب رسول ال ذعرا ير
رداءه فقالوا:ل ترع ،فقال :وال لقد ذعرتون ،قالوا :أأنت عبدال بن خبـاب صاحب
رسول ال ؟ قال :نعم ،فسألوه عن حديث ...قال :نعم ،قال :فقدموه على ضفة النهر
فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل وبقروا بطن أم ولده عما ف بطنها"( ).
5
() البلذري (النساب) جـ 3ص / 78الطبي (التاريخ) جـ 2ص .590 ،587 ،576 2
114
عصابة منهم فإذا هم برجل يسوق بامرأة على حار ،فعبوا إليه فدعوه فهددوه وأفزعوه
وقالوا له :من أنت؟ قال :أنا عبدال بن خباب صاحب رسول ال ،ثّ أهوى إل ثوب
يتناوله من الرض – وكان سقط منه لا أفزعوه – فقالوا له :أفزعناك؟ قال :نعم ،قالوا
لعل ال ينفعنا به .قال: له :ل روع عليك ،فحدثنا عن أبيك بديث سعه من النب
حدثن أب عن رسول ال "أن فتنة تكون يوت فيها قلب الرجل كما يوت فيها بدنه،
يسي فيها مؤمنا ويصبح فيها كافرا ،ويصبح فيها كافرا ويسي فيها مؤمنا" فقالوا :لذا
الديث سألناك ،فما تقول ف أب بكر وعمر؟ فأثن عليهما خيا .وقالوا :ما تقول ف
عثمان ف أول خلفته وف آخرها؟ قال :إنه كان مقا ف أولا وف آخرها .قالوا :فما
تقول ف علي قبل التحكيم وبعده؟ قال :إنه أعلم بال منكم وأشد توقيا على دينه وأنفذ
بصية .فقالوا :إنك تتبع الوى وتوال الرجال على أسائها ل على أفعالا ،وال لنقتلنك
قتلة ما قتلناها أحدا فأخذوه وكتفوه ثّ أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى متم ،حت نـزلوا
تت نل مواقر فسقطت منه رطبة فأخذها أحدهم فقذف با ف فمه ،فقال أحدهم :بغي
حلها وبغي ثن ؟ فلفظها وألقاها من فمه ،ثّ أخذ سيفه فأخذ يينه ،فمر به خنـزير
لهل الذمة فضربه بسيفه ،فقالوا :هذا فساد ف الرض ،فأتى صاحب النـزير فأرضاه
من خنـزيره ،فلما رأى ذلك منهم ابن خباب قال :لئن كنتم صادقي فيما أرى فما
علي منكم بأس ،إن لسلم ما أحدثت ف السلم حدثا ،ولقد أمنتمون ،قلتم :ل روع
عليك ،فجاؤوا به فأضجعوه فذبوه ،وسال دمه ف الاء وأقبلوا إل الرأة فقالت :إن إنا
أنا امرأة ،أل تتقون ال ،فبقروا بطنها.وقتلوا ثلث نسوة من طيء ،وقتلوا أم سنان
الصيداوية.
بلغ ذلك عليا ومن معه من قتلهم عبدال بن خباب واعتراضهم الناس فبعث إليهم
الارث بن مرة العبدي( ) ليأتيهم فينظر فيما بلغه عنهم ويكتب به إليه على وجهه ول
1
() يؤكد أبو حنيفة الدينوري أن البعوث إليهم هو الارث بن مرة الفقعسي (الخبار الطوال) ص ،158بينما 1
يَرُدّ البلذري أن يكون الرسول هو الارث بن مرة العبدي قائلً" :والثبت أنه (يعن عليا) بعث ابن الارث
رجـلً من أصحابه ،لن الارث بن مرة قتل بالقيقان من أرض السند ف سنة اثنتي وأربعي (النساب) جـ 3
ص . 143وابن الارث هو عدي بن الارث الشيبان ،حيث يروي البلذري نفسه ذلك (النساب) جـ 3
ص 136يقول" :وكان مسعر بن فدكي توجـه إل النهروان ف ثلثائة من الحكّمة فمر برسي وعليها عدي
بن الارث بن يزيد بن روي الشيبان فطعنه فقال :إليك من ابن عم لك مفارق ،لول نصرة الق كان بك ضنينا.
115
يكتمه ،فخرج حت انتهى إل النهر ليسائلهم فخرج القوم إليه فقتلوه( ).
1
الصعب قبوله .يقول د .جعيط" :سؤال ل يكن من المكن طرحه سنة 38هـ ول قبل
أ و 70هـ"( ) ،مضيفا إل ذلك خبا يرويه الطبي فيه تديد وقت معركة 3
60 سن ة
النهروان ،ويسكت هذا الب تاما عن حكاية مقتل عبدال بن خباب ،ويذكر أنم قتلوا
رسل علي فحسب( ) .ومع صعوبة تصديق كل أحداث قصة مقتل ابن خباب كقتل 4
النـزير ثّ إرضاء صاحبه وأكل رطبة وعد ذلك من الفساد ف الرض المر الذي ل
يتوافق مع مقتل رجل بريء ،فليس ثة مانع من أن يكونوا قتلوه بغيا وعدوا ،ل سيما أن
الصادر متفقة عليها.
-2أن مقتل عبدال بن خباب كان بعد وصول عبدال بن وهب وأصحابه النهر.
-3أن قتله كان من قبل عصابة انبثقت من الماعة الت أقبلت من البصرة ،وإذا
كان عدد أفراد هذه الماعة خسمائة أو ثلثائة فإن تلك العصابة يكون عدد أفرادها
أقل بكثي.
هذا ،وتورد بعض الروايات أن عليا طالب أهل النهروان أن يسلموه القتلة وأنم
قالوا :كلنا قتله .غي أن هنالك ما ينفي أن يكون مسعر قد بقي ف صفوف أهل النهروان
ويقال إنه سلم من طعنته وبقي بعد علي ووله السن برسي وكان فيمن أتى اشرس بن عوف حيث خرج بعد
النهروان فضربه وقال :خذها من ابن عم لك شانئ" .وهذه الرواية تفيد أن الارث ليس رسولً لعلي وإنا هو
عامل له برسي وأن قتله كان دفاعا.
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .119 1
116
نظرا للجرية الت ارتكبها ،وما ينفي أن يكون أهل النهر اتذوا مسلكه ف الستعراض
منهجا لم ،وذلك من خلل الت:
أولً :ند ف بعض الروايات أن عليا لا طالبهم بالقتلة خرج من أهل النهروان
رجل( ) .فمن هذا الرجل ؟ ول خرج ف تلك الساعة؟ ويروي كل من البلذري 1
والشعري أن مسعر بن فدكي انضم إل راية أب أيوب النصاري ف جيش علي قبل
نشوب القتال ف النهروان( ) .بل يروي الشعري أيضا والقدسي أن مسعرا انسحب إل
2
البصرة قبل القتال( ) .ويتفق هذا مع رواية الشماخي القائلة بأن مسعر بن فدكي لا وصل
3
إل أهل النهروان أنكروا ما فعله وهوا بقتله وفر منهم وبرئوا منه فخرج يستعرض
الناس( ) .كما يروي ابن حزم موافقا للشماخي أن مسعرا قدم إل علي فاستأمنه ثّ تاب. 4
كل هذا يؤكد براءة أهل النهروان من عمل مسعر وتمل مسعر تبعة الرم الذي
ارتكبه ،كما يؤكد عدم رضاهم عن مقتل ابن خباب ،ولذا يقول الشعري بعدما أورد
ما صنعه مسعر" :وبعض الوارج يقولون :إن عبدال بن وهب كان كارها لذلك كله
وكذلك أصحابه"( ) .والبعد من هذا ما تقوله بعض الروايات "فساروا حت بلغوا
6
النهروان ،فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس قتلً فقال أصحابم :ويلكم ما على
هذا فارقنا عليا"( ).
7
وبذا يتبي أنه حت الماعة الت أقبلت من البصرة ل يرتضِ أكثرها عمل مسعر.
وعليه فإن الستعراض الذي نتج عنه مقتل ابن خباب وزوجته وبعض النسوة ورسول
علي كان من عمل مسعر ول علقة لهل النهروان به ،خاصة بعد أن طردوه وبعد أن
() البد (الكامل) جـ 3ص /1105ابن عبدربه (العقد الفريد) جـ 2ص .94 1
() الشعري (القالت) ص /43القدسي ،طاهر (البدء والتاريخ) مـلد 2جـ 5ص .137 3
() ابن حزم (الحلى) جـ 11ص /302 ،301الشماخي (السي) جـ 1ص .50 5
() ابن اب شيبة (الصنف) جـ 15ص /31أبو يعلى (السند) جـ 1ص .366 7
117
استأمن إل علي فأمنه لنه كان "يقطع الطريق ويستحل الفروج".
وبناءً على هذا وللجمع بي كل هذه الروايات يكن أن تكون كلمة"كلنا قتله"
-على فرض ثبوتا -صادرة من قبل هذه العصابة الت يرأسها مسعر قبل أن يبلغوا
النهروان ،حينذاك قتلوا رسول علي .وبعد أن طردوا من النهروان قتلوا من سوى عبدال
ابن خباب وزوجته ،فإن رواية الشماخي تدل على أن مسعرا قتل ابن خباب فقط قبل
أن يصل إل النهروان فلما وصل إليهم طردوه فخرج يستعرض الناس ولقي حجاجا
فضرب أعناقهم( ) .ولعله حي علم أن عليا رفع راية أمان جاء إليها ليستأمن ،ولكي
1
ينجو من العقوبة جاء متنكرا كما عند ابن حزم" :جاء مسعر بن فدكي وهو متنكر حت
دخل على علي بن أب طالب فما ترك من آية من كتاب ال فيها تشديد إل سأله عنها
وهو يقول :له توبة .قال :وإن كان مسعر بن فدكي ؟ قال :وإن كان مسعر بن فدكي،
قال :فقلت :أنا مسعر بن فدكي فأمّنّي ،قال :أنت آمن .قال :وكان يقطع الطريق
ويستحل الفروج"( ).
2
ولعل سبب تنكره ما يروى أن أبا أيوب نادى" :من جاء هذه الراية منكم من ل
يقتل ول يستعرض فهو آمن ،ومن انصرف منكم إل الكوفة أو إل الدائن وخرج من
هذه الماعة فهو آمن ،إنه ل حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم ف سفك
دمائكم"( ) ،فكان هذا سببا لتنكره حت يضمن لنفسه المان ثّ يكشف عن هويته، 3
وبعد ذلك يكون مسعر قد اته إل البصرة على رواية الشعري والقدسي.
ثانيا :ثة أمر آخر -غي ما تقدم -يؤيد عدم انتهاج أهل النهروان أمر التقتيل
والستعراض ،وأنه ل تعدو حوادث القتل الذكورة كونا خروجا فرديا على هذا
الطار.
فقد كان أبو بلل مرداس بن أدية التميمي من شهد صفي مع علي وأنكر
118
التحكيم( ) ثّ اعتزل إل حروراء( ) ،وشهد النهروان مع منكري التحكيم( ) ،وكان من
3 2 1
الربعمائة( ) الذين ارتثوا ف العركة فنجا( ) ،وقد بقي إل عهد زياد بن أبيه وال معاوية
5 4
على الكوفة والبصرة ،وكان زياد يستخلف( ) على البصرة إذا خرج منها سرة بن جندب
6
الفزاري .وقد اتذ كل من زياد وسرة سياسة جائرة مع مالفي السلطة يومئذ وبلغت
مبلغا عظيما ،المر الذي أدى إل تطرف بعض العارضي ،فكان من ذلك حادثة قريب
بن مرة الزدي اليادي وزحاف بن زحر الطائي وكانا ابن خالة ،فقتل رجالً ،فقال أبو
بلل" :قريب ل قربه ال من كل خي وزحاف ل عفا ال عنه ،لقد ركباها عشواء
مظلمة" يقول لستعراضهما الناس( ) .وف رواية" :قريب ل قربه ال ،واي ال لن أقع من
7
() البلذري (النساب) جـ 5ص /219الطبي (التاريخ) جـ 3ص .208 ،207 6
( ) البلذري (النساب) جـ 5ص / 183اليعقوب (التاريخ) جـ 2ص / 232البد (الكامل) جـ 3ص 7
.1169
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .209هذا ،ويرضى الباضية عن كل من أب بلل وقريب وزحاف ،انظر :أبو 8
الؤثر (السي) جـ 2ص /314الدرجين (الطبقات) جـ 2ص /233 ، 214الشماخي (السي) جـ 1ص
. 65= =،60والسبب ف ذلك ما يرويه الباضية من أن قريبا وزحافا قد تابا ما صنعاه ،انظر :الدرجين
(الطبقات) جـ 2ص ،234وعليه فإن كلم أب بلل فيهما كان قبل إعلنما التوبة.
واللفت للنظر أن حادثة قريب وزحاف ف مصادر الباضية متلفة عنها ف مصادر غيهم ،بل إن سياق
الادثة عند الدرجين مباين لسياقها عند الشماخي وكلها إباضيان ،ما يدعو إل الظن بأن هناك خلطا ف المر
أدى إل التناقض -الذي يبدو من أول وهلة -التمثل ف تول الباضية كلّ من أب بلل وقريب وزحاف ،مع
براءة أب بلل منهما .وورود توبتهما يرفع هذا الشكال ،لكن اختلف القصة ف الصادر يقود إل احتمال آخر،
وهو أن ما ينسب إل قريب وزحاف من التوبة الت ترتب عليها رضا الباضية عنهما متاج إل التدقيق؛ فإننا ند
الدرجين يسوق حادثة قريب وزحاف بنفس سياق كل من البلذري والطبي لادثة رجل آخر يدعى طواف بن
علق الذي ليذكره الدرجين أصلً ،أما الشماخي فإنه يذكر طوافا هذا بقوله" :ث خرج طواف ف جاعة
فأصيبوا"( :السي) جـ 1ص ،60ول يزيد على ذلك .وواضح تاما أن حادثة طواف بن علق عند الطبي
والبلذري هي عي حادثة قريب وزحاف عند الدرجين ،لسيما أن ف القصة رجلً آخر اسه أوس بن كعب
وكان مع طواف ،بينما ند ف حادثة قريب وزحاف الت يرويها الدرجين رجلً اسه كعب.
واللصة من هذا الكلم أن رضا الباضية عن قريب وزحاف إنا هو لعدم ثبوت ما ينسب إليهما من
119
وقد خرج مرداس ف زمن عبيدال بن زياد -الذي سار على منوال أبيه وزاد
عليه -ف أربعي رجلً إل الهواز قائلً" :إنه وال ما يسعنا القام بي هؤلء الظالي
تري علينا أحكامهم مانبي للعدل مفارقي للفضل ،وال إن الصب على هذا لعظيم وإن
تريد السيف وإخافة السبيل لعظيم ،ولكننا ننتبذ عنهم ول نرد سيفا ول نقاتل إل من
قاتلنا"( ) ومن قوله" :إنا ل نرج لنفسد ف الرض ول لنروّع ،أحدا ولكن هربا من 1
أخرى أنه ل يقتل ول يعرض للسبيل( ) ،وأنه كان "ل يدين بالستعراض"( ).
4 3
ومنهج أب بلل واضح ف أنه ل يستبيح قتال أحد إل دفاعا عن النفس ،وهذا
يعكس لنا طبيعة موقف أهل النهروان بأنم ل يستبيحون دم أحد من السلمي ،فإن أبا
بلل واحد منهم ،ول شك أنه إذا كان يقف موقفا معاديا من قريب وزحاف لا ارتكباه
فإن رضاه عن عبدال بن وهب -وهو رمز لفكر أهل النهروان -يلي لنا الصورة
القيقية لنهجهم ف التعامل مع مالفيهم.
يقول أبو بلل:
وم ن خا ض ف ـتل ك الرو ب الهالكا أبع د اب ن وه ب ذ ي النـزاه ة والتقى
وقدــقتلواــزيدــبنــحصنــومالكا أحبــبقاءً ـأوــأرجـِيــسلمــة
()5
وهب ل التقى حت ألقي أولئكـا ـيّت ـوبصـيتــي فياــربّ ـسلّمـ ن
ثانيا :التكفييييييير:
المر الثان الذي يكن أن نعده مفصليا ما يعزى إل أهل حروراء والنهروان من
الستعراض أو لتوبتهما من ذلك ،وإل لو ثبت لدى الباضية كونما من يمل فكرة الستعراض فضلً عن
قيامهما بذلك لتبأوا منهما كما فعل أبو بلل مرداس بن أدية التميمي.
() البد (الكامل) جـ 3ص /1175ابن عبد ربه (العقد الفريد) جـ 2ص .98 1
() البد (الكامل) جـ 3ص /1176ابن عبد ربه (العقد) جـ 2ص .99 5
120
تكفي ـالخال ف وإخراج ه م ن اللة .ولعل ه أشه ر وأخط ر م ن أم ر الستعراض ،فإن
الستعراض ف القيقة متفرع عن الكم بالكفر الخرج من السلم .فقد ورد ف ثنايا
كلم النكرين للتحكيم -حسبما ينسب إليهم -لفظ الكفر ،ومن أمثلة ذلك:
-قولم لصحاب علي عند عودتم من صفي" :استبقتم أنتم وأهل الشام إل الكفر
كفرسي رهان"( ).
1
-قول بعضهم لعلي ف حروراء" :ولكن ذلك كان منا كفرا فقد تبنا إل ال عز وجل
منه ،فتب كما تبنا نبايعك"( ).
2
والذي يسترعي النتباه استعمال معارضي التحكيم ف هذه النصوص لفظ الكفر
ف وقت مبكر من العارضة ،فإن قولم لن قبل التحكيم" :استبقتم أنتم وأهل الشام إل
الكفر" كان بعد فترة وجيزة جدا من رفع الصاحف ووقف القتال والتفاق على
التحكيم وهي فترة السي من صفي إل ما قبل الكوفة ،ما يعن أن هذا الطلق ليس
طارئا ول جديدا على الساحة السلمية ،إذ لو كان كذلك لحتاج لتبلوره إل مدة
أطول بكثي .ولذا ند نسبة إطلق لفظ الكفر إل غي منكري التحكيم ،كقول أحد
أصحاب علي ف صفي" :فإن نن ل نؤاس جاعتنا ول نناصح صاحبنا كفرنا"( )،
4
وكالذي ينسب إل أهل العراق -وهم من يرى إمضاء الكومة -لعلي حي كاد أن ل
يضي الكومة" :أنت تريد أن نكفر بأجعنا ف غداة واحدة ،فأخبنا عنك حي رضيت
حكومة الكمي ما كنت ،فإن كنت كافرا برئنا منك بالكفر ول نشهد على أنفسنا
بالكفر"( ) ،وقو ل الشع ث ب ن قي س ل ه ف ـالوق ف نفس ه "نقض ت عهد ك وكفرت 5
121
بربك"( ) ،وقوله له" :إن الناس قد تدثوا أنك رأيت الكومة ضللً والقامة عليها 1
كفرا"( ) ،وقول رجل -لعله الشعث -لعلي "إن الناس قد تدثوا أنك رجعت لم عن 2
كفرك"( ) .بل إنه ينسب إل المام علي نفسه استعمال مصطلح الكفر بذا العن ،وذلك 3
عند شخوصه إل البصرة ،إذ قال له ابنه السن" :إن لخشى أن تقتل بضيعة" ،فقال له
المام علي" :إليك عن فوال ما وجدت إل قتال القوم أو الكفر با أنـزل على ممد
"( ).
4
للهجرة شاهد على ذلك ،فإن نافع بن الزرق شذ من بي الحكّمة ف الكم على
الخالفي بالشرك أي الروج من السلم ،مع اتفاق الصادر على أمرين:
أولهما :أن أمر الحكّمة كان واحدا إل حادث الفتراق هذا "وهم ممعون
على رأي أب بلل"( ).
6
() أبو سفيان ،مبوب (السي) جـ 1ص /297أبو الؤثر (السي) جـ 2ص /307البد (الكامل) جـ 3ص 6
122
والثاني :أن نافعا أول من ابتدع التشريك( ) ،أي وصف الخالف بالشرك وهو
1
الكفر الخرج من اللة ،ولذا يقول البغدادي" :وكانت الحكّمة الول يقولون إنم (أي
مالفيهم) كفرة ل مشركون"( ) ،وقال أيضا" :وما زادوا على ذلك حت ظهرت الزارقة
2
والتتبع لتاريخ مصطلح الكفر يد أنه رديف للمعصية أو ارتكاب الكبية من
الذنوب ف كثي من نصوص الشرع النيف ،ويتضح له أنه استعمل مرادا به عموم
العصية .فقتال السلم كفر ،والطعن ف النسب كفر ،والنياحة على اليت كفر ،وهذا
معن ما ورد" :أكره الكفر ف السلم"( ) .وإذن فاستعمال معارضي التحكيم هذا
4
الصطلح تعبيا عن الذنب والطيئة أمر مقبول شرعا ول غضاضة فيه .وهذا ما يعب
عنه بكفر النعمة ،أو ما يسميه بعض العلماء كفرا دون كفر ،وما يسميه آخرون بالكفر
العملي أو الكفر الصغر.
ولعل خفاء هذا العن عن كثي من جاء بعد ذلك دفعهم إل تشنيع استعمال لفظ
الكفر ليعن العصية ،فنسبوا إل أهل النهروان أنم حكموا على المام علي وأصحابه
بـ"الشرك" نظرا لترادف اللفظي – عند من ل يفرق بينهما – ف كونما يمع بينهما
خروج الوصوف بأيّ منهما من ملة السلم .والغريب أنه مع إجاع الصادر على أن
/1203الطبي (التاريخ) جـ 3ص /398ابن عبد ربه (العقد) جـ 2ص /95البسيوي (السي) جـ 2ص
.85
() مصادر الامش السابق. 1
() من النصوص النبوية الت ورد فيها استعمال الكفر ليعن العصية -1 :عن ابن عباس عن النب صلى ال عليه 4
وسلم قال "ليس بي العبد والكفر إل تركه الصلة" رواه المام الربيع رقم -2 .303عن ابن مسعود قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وسلم" :سباب السلم فسوق وقتاله كفر" رواه المام البخاري ك الدب باب 44رقم
-3= =44عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم قال" :اثنتان ف الناس ها بم كفر :الطعن ف النسب
والنياحة على اليت" رواه المام مسلم ك اليان باب 30رقم -4 .)67( 121عن ابن عباس قال" :جاءت
امرأة ثابت ابن قيس إل النب صلى ال عليه وسلم فقالت :يا رسول ال ،ثابت بن قيس ما أعتب عليه ف خلق
ول دين ،ولكن أكره الكفر ف السلم ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :أتردين عليه حديقته؟" قالت:
نعم ،قال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :اقبلي الديقة وطلّقها تطليقة" .رواه المام البخاري ك الطلق باب
12رقم .5276 ،5273
123
نافع بن الزرق هو أول من أطلق على أهل القبلة من مالفيه اسم الشرك الذي رتب عليه
استباحة الدماء ،فإن الشيء نفسه انعكس على من قبله من منكري التحكيم ،مع أن
الشرك يعن الروج من الدين بلف الكفر الذي استعملته نصوص الشرع ليعن مطلق
العصيان .ولجل هذا ند النكار لحقا على هذا الستعمال بأنه أمر انتحل من قبل
معارضي التحكيم ليكون ميزة لم عن غيهم ،وهو مباين لكون نافع بن الزرق أول من
حكم على أهل القبلة بأحكام الشركي.
ومع هذا ،ومع جواز أن يكون معارضو التحكيم أجروا لفظ الكفر ليعن العصية،
فهل جرى على ألسنتهم حقا ؟ وهل – صدقا -طلبوا من المام علي أن يشهد على
نفسه بالكفر ؟
تركز بعض الرويات على أن معارضي التحكيم وأهل النهروان خاصة طلبوا من
المام علي أن يتوب وأن يشهد على نفسه بالكفر لكي يصلوا معه إل اتفاق ،ففي رسالة
أه ل النهروا ن إل ـعل ي حسبم ا يرو ي الطبي " :فإ ن شهد ت عل ى نفس ك بالكفر
واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك…"( ) ،كما تنسب بعض الصادر إليهم أنم
1
"شهدوا عليه بالشرك"( ) .ولكن الذي يثي الشكوك ف هذه السألة أن ند البلذري
2
يقول عن سهم بن غالب الجيمي أحد النسوبي إل الوارج …" :وهو أول من سى
أهل القبلة بالكفر ول تكن الوارج قبله تقطع بالشهادة ف الكفر واليان"( ) .ولعل ما
3
اشتمال رسالة أهل النهروان الول إل علي على لفظ الكفر حسب القلهات( ) .كما
5
نلحظ أيضا التعبي عن قبول التحكيم بالذنب والطيئة دون اللجوء إل مصطلح الكفر
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .117وانظر أيضا :البلذري ،جـ 3ص .141 ،135 1
() عبد الرزاق (الصنف) جـ 10ص /117البلذري (النساب) جـ 3ص .115 2
124
"ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه"( ) " ،تب من خطيئتك"( ) وف رسالة عبدال بن وهب
2 1
الراسب إل علي حسب البلذري" :أما الن فتب إل ال وأقر بذنبك . ) ("..ونلحظ
3
ثالثا استبدال لفظ الضلل بلفظ الكفر ف روايات أخرى ،ومثل ذلك النص الت:
"إنه ليس بيننا وبينك إل السيف إل أن تقر بالكفر وتتوب كما تبنا" فقال علي:
وإيان أشهد على نفسي بالكفر ،لقد ضللت إذا وما أنا "أبعد جهادي مع رسول ال
من الهتدين"( ).
4
فإن له روايات:
الول" :ول نرجع إل أن تتوب وتشهد على نفسك بالضللة" فقال" :معاذ ال
أن أشهد على نفسي بالضللة وبنا هداكم ال عز وجل واستنقذكم من الضللة"( ).
5
الثانية" :فلسنا منك إل أن تتوب وتشهد على نفسك بالضللة" ،فلما فرغوا قال
علي" :أما أن أشهد علي نفسي بالضللة فمعاذ ال أن أكون ارتبت منذ أسلمت ،أو
ضللت منذ اهتديت ،بل بنا هداكم ال من الضللة واستنقذكم من الكفر ،وعصمكم من
الهالة"( ).
6
الثالثة" :ولا دخلوا الكوفة جعل الناس يقولون تاب أمي الؤمني وزعم أن
الكومة كفر وضلل "...فبلغ ذلك عليا فقال" :كذب من قال إن رجعت عن القضية
وقلت إن الكومة ضلل"( ).
7
وهذه الروايات واللحظات تقدح ف كون الحكّمة كانوا يطلقون لفظ الكفر
على مالفيهم بغض النظر عن مدى صحة الطلق .ويبدو أنه بعد فترة من الزمن
() البلذري (النساب) جـ 3ص ، 145ويبدو أنا الرسالة الثانية من أهل النهروان إل المام علي كرم ال 3
وجـهه.
() البلذري (النساب) جـ 3ص /144الطبي (التاريخ) جـ 3ص .120 4
125
استحالت بعض اللفاظ ألفاظا أخرى عبت عن تصور الراوي لنظرة منكري التحكيم
من جراء الشائع ف الوسط يومئذ .ولذا فإن الرواية الت تنسب إليهم أنم شهدوا على
علي بالشرك ممولة على هذا التصور .والرواية الت تثبت التكفي والتشريك إليهم عند
ماطبتهم لبن عباس "كفرت وأشركت"( ) ممولة على هذه الفكرة السابقة لي أداء
1
الرواية ،أولً :لن الذين ياطبون ابن عباس بذا الكلم تصفهم الرواية نفسها بالقدرة
على انتزاع الدلة من القرآن والتأثي على الخاطب ،كما تصف متكلمهم بأنه قارئ
للقرآن عال با فصل ووصل ،وثانيا :لنم ف هذه الرواية "السن الول أصحاب ممد"
أي القدمون من أصحاب النب ،وثالثا :لن التشريك ابتدأ بنافع بن الزرق عام
الفتراق.
ولعل حادث الفتراق هذا أعطى لفظ الكفر بعدا كبيا ومايز بي الحكّمة
وغيهم .وهذا تفسي التناقض الواضح التمثل ف كون أهل حروراء يكفرون مالفيهم -
حسبما ينسب إليهم وحسب التصور بأن الكفر هو الخراج من اللة أي التشريك -
وكون نافع ابن الزرق قد انتحل التشريك.
واللصة أن نافعا لا حكم على مالفيه بأحكام الشركي انسحب هذا الكم
ليكون مستقى من السلف الذي ينسب إليه نافع بن الزرق ،فتدخلت عوامل عدة لعل
السياسة من أهها ليكون التكفي مبدأً من مبادئ الحكّمة الوائل ،وربا لذا العامل أو
لغيه نسب التكفي إل العارضي للتحكيم ،سواء نطقوا به فحمل على الكفر الخرج من
اللة أو ل ينطقوا به فأجري ف نصوص كلمهم بالعن ذاته.
126
127
الفصل الثان:
الييييييوارج
128
129
البحث الول:
ظهور مصطلح الوارج
لفظ الوارج ذو شهرة واسعة تكثر من استعماله كتب التاريخ والفرق القدية
والديثة .ويتردد هذا الصطلح فيها بوفرة عند إيراد الحداث البتدئة من رفع الصاحف
ف صفي .ورغم أنه أسقط على فترة متقدمة من التاريخ السلمي إل أن بدايات ظهوره
-باعتباره مصطلحا -متأخرة عن تلك الفترة .ويبدو أن هذا أمر طبيعي ف عامة
الصطلحات التعلقة بالراء والتيارات والفرق والذاهب .وربا -ف أحيان نادرة -
تزامن الصطلح ومدلوله ،مثل لفظ الرورية الذي أطلقه المام علي على أهل حروراء
بعد رجوعهم من هنالك( ) ،وبقي رديفا للفظ الوارج( ) عند الؤرخي وغيهم.
2 1
ويفتقر مصطلح الوارج إل إعطاء تاريخ يكشف عن بدء نشأته دون اللتفات
إل الفترة أو الماعة الت أطلق عليها .وقد تتبعت كلّ من تاريخ الطبي وأنساب
الشراف للبلذري -وها أوسع ما ألف ف هذا الوضوع -ابتداءً من فترة التحكيم
والحداث الحيطة به إل فترة وجود كيان للزارقة الذين يثلون القوة الفاعلة لن سوا
بالوارج يومئذ -وهي فترة الصراع السياسي بينهم وبي عبدال بن الزبي أولً البتدئ
عام أربعة وستي من الجرة( ) ،وبينهم وبي المويي ثانيا البتدئ عام اثني وسبعي من
3
الجرة( ) -فلم أعثر فيما قبل عام خسة وستي من الجرة على هذا اللفظ إل ف نصي 4
وقوله من كتاب له إل مالك بن الارث الشتر ..." :وكنت قد وليت ممد بن أب بكر
() البد (الكامل) جـ 3ص .1300 1
130
مصر فخرجت عليه با خوارج"( ) .وأما نص زياد فيقول" :العجب من الوارج أنك
1
تدهم من أهل البيوتات والشرف وذوي الغناء وحلة القرآن وأهل الزهد ،وما أشكل
عليّ أمر نظرت فيه غي أمرهم"( ) .وهناك أيضا نصان آخران للمام علي ف غي هذين
2
الكتابي ،وها" :ل تقاتلوا الوارج بعدي ،فليس من طلب الق فأخطأه كمن طلب
الباطل فأدركه"( ) ،وقوله ف الرسالة النسوبة إليه الت وجهها إل ابن عباس" :فلعمري
3
لئن كنت تعلم أن قتلت الوارج ظلما ومالتن على قتلهم ورضيت به...ال"( ) .وثة
4
نصان أخيان اشتمل على هذا اللفظ منسوبان إل غي المام علي ،أحدها الرسالة
النسوبة إل ابن عباس الوجهة من قبله إل علي ،وفيها كلم أهل النهر لبن عباس:
"أفتعلم يا ابن عباس أن الوارج خرجت عليه منتقمي ف شيء من المل"( ) ،وثانيهما:
5
قول عبيدال ابن زياد ف"الكامل" للمبد" :ما أدري ما أصنع بؤلء الوارج ،كلما
أمرت بقتل رجل منهم اغتالوا قاتله فلم يعلم بكانه"( ).
6
ولكن تزامل مصطلحي الرورية والوارج ل يعن تزامن نشأتما ،فإن من التقرر
ف اللغة أن خوارج جع لارجة ،إذ ند ف عبارات أخر" :إن الارجة الت أقبلت من
البصرة"( ) و"خارجة خرجت"( ) .ول تعدو كلمة خوارج – إذن -أن تكون جعا
8 7
تكسييا لا دون أن يراد با اصطلح خاص بفرقة أو جاعة معينة ،فقد عب عن العن
ذاته بلفظ الارجي كما سيأت .ولذا -وعلى سبيل التمثيل -فإن لفظ الوالف -وهو
جع خالفة -ل يمل على مصطلح معي ،فمثلما عبّر به عن الذين تلفوا عن غزوة
الوالف ( ) ،عب عنهم أيضا بالالفي –
9
العسرة ف قوله تعال :رضوا بأن يكونوا مع
131
وهو جع خالف – ف قوله سبحانه :إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع
الالفي( ) .وبناءً عليه فإن ورود لفظ معي قبل وضوح دللته الصطلحية ل يعن
1
ومثل هذا كمثل لفظ "شيعة"؛ فإنه أريد به ف فترة متقدمة العن اللغوي دون
الصطلحي ،ففي الذكر الكيم :وإن من شيعته لبراهيم ،) ( وف صحيفة التحكيم
3
وعلى هذا الفهم يمل كلم المام علي ف نصي الطبي ورسالته لبن عباس
وكلم أهل النهروان لبن عباس.
كم ا أ ن للرواي ة بالعن أثرا واضحا ف صياغ ة الشكالية ،فقد تكو ن بعض
النصوص حورت من بعد لتعب عن فكرة راسخة لدى الراوي ،بدليل اختلف اللفاظ.
فمثلً ف الطبي يقول المام علي ..." :فإنه بلغن قولكم لو أن أمي الؤمني سار بنا إل
هذه الارجة الت خرجت عليه فبدأنا بم ،فإذا فرغنا وجهنا إل الحلي ،وإن غي هذه
الارجة أهم إلينا منهم"( ) .وف كامل ابن الثي" :وبلغ عليّا أن الناس يقولون :لو سار
5
بنا إل قتال هذه الرورية ،فإذا فرغنا منهم توجهنا إل قتال الحلي ،فقال لم :بلغن
() التوبة آية .83 1
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص /103ابن أعثم (الفتوح) جـ 4ص .204 4
132
أنكم قلتم كيت وكيت ،وإن غي هؤلء الارجي أهم إلينا"( ).
1
ومن هذه الطريق قول المام علي" :ل تقاتلوا الوارج بعدي" ،إذ يروي ابن أب
شيبة عن رجل من بن نضر بن معاوية قال" :كنا عند علي فذكروا أهل النهر فسبهم
رجل ،فقال علي :ل تسبوهم ،ولكن إن خرجوا على إمام عادل فقاتلوهم ،وإن خرجوا
على إمام جائر فل تقاتلوهم ،فإن لم بذلك مقالً( ) ،ورواه الطوسي بلفظ "ذكرت
2
"ل يقاتلهم بعدي إل من هم أول بالق منه"( ) .وغي خفي أنه ل ذكر للخوارج ف
4
هذين النصي ،بل يذكر الرورية وأهل النهروان ،فيأت إل مثل هذه اللفاظ والعبارات
من بعد رواة يأخذون العن ويصوغونه بألفاظهم .وعلى هذا أيضا يمل كلم زياد بن
أبيه وابنه عبيدال ،فإن أثر الرواية بالعن ف الول واضح ،وأما الثان فيؤكد قصد العن
فيه وروده من جهة أخرى دون لفظ الوارج ،ففي كامل البد أيضا" :ما أدري ما
أصنع بؤلء ،كلما أمرت رجلً بقتل رجل منهم فتكوا بقاتله"( ) ،وف البلذري" :ما
5
أدري كيف أصنع ،ما أقتل رجلً من هذه الارقة إل قتل قاتله"( ).
6
إضاف ة إل م ا سبق ،فإن هنا ك مورا آخ ر تدو ر حوله بعض الروايات وهو
النتحال ،وعليه توجه بعض النصوص ،فقول أب بلل مرداس ف كتابـه الذي بعث به
-زعما -إل السي بن علي" :إن لست أرى رأي الوارج وما أنا إل على دين
أبيك"( ) من هذا الباب ،وذلك لن أبا بلل -كما مضى -كان من رموز أهل النهروان. 7
نعم يتفق مع السي بن علي ف قضية الروج ،فقد خرجا جيعا( ) على عبيدال بن
8
133
زياد ،ولذا عد الافظ ابن حجر السي من الوارج( ) .غي أنه ل وجود لن يطلق
1
عليهم الوارج يومئذ ،فقد ظهروا ف عام أربعة وستي من الجرة ،فتنصل أب بلل من
"الوارج" ل معن له ،لن السلطة كانت تنظر إليه أنه من يثلهم ف تلك الفترة ،وإن
كانت القيقة أن ظهور "الوارج" هو ظهور الزارقة عام أربعة وستي من الجرة كما
سيأت بيانه ف البحث الرابع من هذا الفصل .ولعل السبب ف اعتبار البعض أبا بلل
شيعيا هو نفسه ف اعتباره أيضا من العتزلة( ) ،وهو كونه صالا خرج منكرا للجور
2
خاص لنقطاعه ث ظهوره عام ثانية وستي من الجرة مرة أخرى ف نص لصعب بن
الزبي" :وال ما أدري ما الذي أغن عن أن وضعت عمر بن عبيدال بفارس ...تقطع
أرضه الوارج إل"( ) وبسبب بقاء استعمال مصطلح الرورية أيضا( ) ،إل أنه يكن
6 5
() يرد مصطلح الرورية على سبيل الثال سنة 50للهجـرة :البلذري (النساب) جـ 5ص ،176سنة :53 3
ابن خياط (التاريخ) ص / 262البد (الكامل) جـ 3ص / 1170الطبي (التاريخ) جـ 3ص ، 240سنة
:58البلذري (النساب) جـ 5ص .193
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .426 4
134
عدة رسائل تمل هذه اللفظ ويبدو عليه سة الصطلح ،ففي رسالة بعث با خالد بن
عبدال القسري إل عبداللك بن مروان" :أما ،بعد فإن أخب أمي الؤمني -أكرمه ال-
أن بعثت عبدالعزيز بن عبدال ف طلب الوارج ،) ("...ورد عليه عبد اللك بواب فيه:
1
()2
"أما بعد فقد قدم رسولك ف كتابك تعلمن فيه بعثتك أخاك على قتال الوارج"...
وف رسالة أخرى من الجاج بن يوسف الثقفي إل الهلب عام خسة وسبعي من
الجرة" :أما بعد إذا أتاكم كتاب هذا فناهضوا الوارج"( ) .والغريب أن يتواكب هذه
3
الصطلح مع لفظ آخر وثيق الصلة به ،وهو لفظ الارقة الذي يمل صبغة دينية أفرزتا
الواجهات الدامية يومئذ ،إذ يطلق عبدال بن الزبي هذا اللقب على الزارقة ،ففي رسالته
السابقة" :أما ،بعد فإن الارث بن عبدال كتب إل أن الزارقة الارقة أصابوا جندا
للمسلمي"( ) كما أطلقه المويون وأعوانم يعنون به من يعنون بالوارج وهم الزارقة،
4
ففي سنة اثنتي وسبعي نفسها ند رسالة من خالد بن عبدال إل عبداللك" :أما بعد
فإن أخب أمي الؤمني -أصلحه ال -أن خرجت إل الزارقة الذين مرقوا من
الدين.) ("...وف العام نفسه يبعث عبداللك إل أخيه بشر ..." :فليسيوا إل فارس ف 5
طلب الارقة ، ) ("...وف سنة خس وسبعي يقول سراقة بن مرادس البارقي( ):
7 6
ول تناف هذه النتيجة – وهي أن بداية بروز مصطلح الوارج ف سنة اثنتي
وسبعي -ما ورد ف رسالة عبدال بن إباض إل عبداللك من قوله..." :وكتبت إل
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .528 1
135
تعرض على الوارج تزعم أنم يغلون ف دينهم ويفارقون أهل السلم ،) ("...لنا حتما
1
ليست قبل سنة سبع وستي للهجرة ،فقد ذكر عبدال بن إباض فيها هزية الختار ابن أب
عبيد الثقفي على يد مصعب بن الزبي( ) وكانت عام سبعة وستي للهجرة( ) وهي السنة
3 2
الت بويع فيها لعبداللك( ) ،ولكن ل يكن تديد تاريخ هذه الرسالة .ول يفى أنا حول
4
() 7
وأن ت مقي م بي ـل ص وجاحــد أتزعمــأنــالارجيــعلىــالـدى
() 9
قلىــكلــدينــغي ـدينــالوارج فم ن مبل غ الجا ج أ ن ســـمية
وأما قول عيسى بن فاتك (أو عاتك) الطي ف أب بلل مرداس وأصحابه وقد قتلوا سنة
ستي من الجرة:
() قطري بن الفجـاءة (واسه جـعونة) بن مازن التميمي من رؤساء الزارقة وأبطالم ،بويع بالمارة من قبل 5
أصحابه واستفحل أمره ف زمن مصعب بن الزبي ،وبقي ثلث عشرة سنة يقاتل ويسلم عليه باللفة.وسي إليه
الجـاج عدة جـيوش وهو يردهم حت توف عام 78هـ 697 /م ،قيل عثر به فرسه فمات وقيل قتل ف
العركة :ابن (خلكان) وفيات العيان جـ 4ص /93،94الزركلي (العلم) جـ 5ص .201 ،200
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .502 6
() سية أو سرة بن الـعد أبو الـعد أحد الزارقة كان ف سر الجـاج بن يوسف ،فلما سار قطري بن 8
الفجـاءة إل جـيفت من أرض كرمان كتب إل سرة يعيه بقامه عنهم بأبيات ،فلما قرأ كتابه لق بم
وكتب إل الجـاج من طريقه بأبيات منها البيت الذكور :الصفدي ،خليل (الواف بالوفيات) جـ 5ص
.457 ،456
() السعودي (مروج الذهب) جـ 3ص .78 ،77 9
136
ويهزمهمـ ـبآسـكـ ـأربعونـــا ـزعمتم
ـفيما ـ ـ
ـــمؤمنـ
أألفا ـ ـ
() 1
ولكنــالـوارجــمؤمنونـــا كذبت م لي س ذا ك كم ا زعمتـــم
فمحتمل لن يكون عيسى قد قالا بعد ذلك بزمن ،فقد اشترك مع عبدال بن
الزبي ف الدفاع عن الكعبة الشرفة حي حصارها من قبل يزيد بن معاوية( ) وذلك عام
2
أربعة وستي من الجرة( ) .ويبدو أن الحتمال القوى أن هذين البيتي قالما عيسى بن
3
فاتك عقب الادثة مباشرة ،وذلك على نج الشعراء ف تضمي أثر وقع حادثة ما على
نفوسهم بقصيدة تلد ذكرى تلك الادثة ،ولكن ل يكن الزم بصراحة هذا الستعمال
ف الصطلح.
ومن خلل ما تقدم يتراءى أن هذا الصطلح كان لكل فريق من مستخدميه وجهة
هو موليها ،فعلى حي يبدو من الربط بي الوارج والارقة من قبل المويي قصد الذم
واللمز يتضح من عبارات الزارقة وأشعارهم إرادة الثناء والتمدح ،كما تصرح عبارة
عبدال بن إباض بالثناء على الوارج ف قوله ..." :فهذا خب الوارج نشهد ال
واللئكة أنا لن عاداهم أعداء وأنا لن والهم أولياء بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا ) ("...مع
4
سحبه هذا اللقب عن الزارقة ف قوله …" :غي أننا نبأ إل ال من ابن الزرق وأتباعه
من الناس.) ("...
5
137
138
البحث الثان:
معن الوارج
خارجي من جهة العن ،وحينئذ فهو منسوب إل خارجة .وإن كان صرفيا يمع
خارجي على خارجيي كما يمع خارج على خارجي.
ب -من الناحية اللغوية:
الوارج مأخوذ من الروج مصدر خرج .ولذا الصل تصاريف عدة رجع با
ابن فارس إل معنيي ،الول :النفاذ عن الشيء ،والثان :اختلف لوني( ).
2
فمن الول :الراج والرج :التاوة ،لنه مال يرجه العطي .ومنه الارجي،
وهو الرجل السوّد بنفسه من غي أن يكون له قدي ،كأنه خرج بنفسه( ) ،ومنه قول كثي
3
عزة:
()4
وليس قدي مدك بانتحــال أبا مروان لست بارجـــي
ومن الثان :الرج :لونان من سواد وبياض ،ومنه :أرض مرجة :إذا كان نبتها ف
مكان دون مكان( ).
5
() ابن عقيل (شرح ابن عقيل) جـ 4ص ،131وشذ من ذلك فارس وفوارس ،وسابق وسوابق :الصدر نفسه. 1
() ابن منظور (اللسان) جـ 2ص ،250باب الـيم فصل الاء. 4
139
العيد ،وخرج فلن ف العلم والصناعة خروجا إذا نبغ ،وخرجت السماء :أصحت
وانقشع عنها الغيم( ).
1
وأما ربط العن الثان باللون فلعله مرد تثيل ،وإل فإن تصاريف أخرى من الباب
نفسه ل علقة لا باللون،ومنه خرّج عمله:جعله ضروبا متلفة .وفلن خرّاج ولج،
للمتصرف ،وهو يعرف( ) موال المور ومارجها ،ومواردها ومصادرها( ).اللهم إل أن
3 2
يمل النفاذ على القيقة والظهور على الجاز ف العن الول ،ويمل اختلف اللوني
على القيقة ومرد الختلف على الجاز ف الثان ،وهو جلي من صنيع الزمشري ( )،
4
وإن كان ل يوضح فيما يرجع إل العنيي اللذين ذكرها ابن فارس.
ول يفى أن كلمة الوارج الت نن بصدد بيانا تعود إل العن الول الدال على
النفاذ أو على البوز والظهور.
جي -من الناحية الصطلحية:
قلما يوجد من وضع حدا للفظ الوارج يكن من خلله تصنيف فكر معي على
أن ه فك ر خارجي .وسب ب الشكالي ة ف ـهذ ا الم ر الرب ط الاص ل بي ـالوار ج –
باعتبارهم فرقة – وبي الحاديث الحمولة عليهم ،لن الصفات والصائص الت تسرد
كميزات للخوارج – وسيأت بيانا -غي مصورة فيهم ،بل ند من غيهم من يتصف
با أو ببعضها ،وهذا ما أفضى إل عدم النضباط فيما يصدق عليه هذا الصطلح.
ويتفق عدد وافر من الباحثي على أن الوارج هم "الذين خرجوا عن علي ف
حروراء والنهروان ومن انتمى إليهم فيما بعد"( ) ،وهذا هو أشهر ما يوجد ف تعريف
5
الوارج ،وهو كما ل يفى تعريف خاص ،أو بالحرى تعريف فرقي تاريي .ويفهم من
() هكذا ف النسخة الت اعتمدتا ،ويبدو أن فيها سقطا ،وأن أصل العبارة :وهو من يعرف …ال. 2
)(5الشنتناوي (دائرة العارف السلمية) جـ 8ص /470 ،469المي ،شريف (معجـم الفرق السلمية) ص
أبو جـيب ،سعدي (القاموس الفقهي) ص /115خليل (معجـم الصطلحات الدينية) ص /68 /122
مرتضى ،جـعفر (دراسات وبوث ف التاريخ والسلم) جـ 3ص .155
140
ضم أهل النهروان مع من أطلق عليهم الوارج -كالزارقة والنجدات وغيهم من
ينتسب إل أهل النهروان -ف نسق واحد أن الامع بينهم أمران ،الروج على الئمة،
وتكفي الخالفي ومرتكب الكبائر.
وكل المرين مستفاد من ماولة كثي من العلماء تعداد فرق الوارج وتبيان
صفاتم وتديد معتقداتم ،والسمة الواضحة عليها جيعا هذان المران .بيد أن الثان
منهما ليس مل اتفاق ،إذ يعرف الشهرستان الارجي بأنه" :كل من خرج على المام
ال ق الذ ي اتفق ت الماع ة عليه ،سوا ء كا ن الرو ج ف أيام الصحاب ة عل ى الئمة
الراشدين أو كان بعدهم على التابعي بإحسان والئمة ف كل زمان"( ) ،وهو -كما ل
1
وكلمهما صريح ف اعتبار أمر واحد وهو الروج على المام النصوب مع
تصيصه بالعادل عند الشهرستان.
وقد جرى بعض العلماء والباحثي مع الشهرستان ف تعريف الوارج( ) ،ويوازيه
3
( ) انظر :المدي (المامة) ص / 174 ، 172حكمي ،حافظ بن أحد (معارج القبول) جـ 2ص /478 3
البغدادي (الفرق بي الفرق) هامش ميي الدين ص /72البخاري (الصحيح) جـ 6هامش ص 2539لصطفى
البغا.
141
على المام الق ،بل "أصبحت مع التوسع ف الستعمال تطلق على من ينتزي على
السلطان أو يثور على الدولة"( ) ،وهو الذي أراده ابن حجر من تناول جيع أجزاء
1
التعريف عنده كل من خرج على المام عادلً كان أو جائرا .ومقتضاه أن تصيص
الوارج بأهل النهروان ومن جرى مراهم غي دقيق ،فكل من أهل المل وأهل صفي
من الوارج أيضا دون الاجة إل تبن القول بالتكفي على أنه جزء من أجزاء التعريف.
والذي يتبادر من خلل ما مضى أن لصطلح الوارج ثلث وجهات:
الولى :الوجهة اللغوية التمثلة ف النفاذ أو البوز والظهور ،وهي الت يستوحى
منها العلقة بي الوارج وبي الروج اللغوي الذي يتسق مع معن الوارج عند ابن
حجر .وهذا يستدعي شيئا من التفصيل وذلك باحتمال الروج معان ثلثة:
-1الروج عن جاعة معينة ،وبعن آخر :النفصال.
-2الروج على جاعة ،ودللته أوفق بالنقلب -بالتعبي العاصر -أو ماولته.
-3الروج ف سبيل ال ،أي الهاد.
وبضرب المثلة من الواقع التاريي تتضح الدقة ف التفريق بي هذه العان الثلثة:
أما العن الول فمثله كمثل خروج أهل النهروان من الكوفة عن المام علي ،وخروج
أب بلل مرداس التميمي وأصحابه؛ فقد ورد عن أهل النهروان قولم" :فاخرجوا بنا
إخواننا من هذه القرية الظال أهلها إل بعض كور البال أو إل بعض هذه الدائن
منكرين لذه البدع الضلة"( ) .كما سبق ذكر قول أب بلل" :إنه وال ما يسعنا القام بي
2
هؤلء الظالي تري علينا أحكامهم مانبي للعدل مفارقي للفضل ،وال إن الصب على
هذا لعظيم ،وإن تريد السيف وإخافة السبيل لعظيم ،ولكننا ننتبذ عنهم ول نرد سيفا
ول نقاتل إل من قاتلنا".
وأما العن الثان فمثاله خروج أهل صفي من بلد الشام ،وذلك واضح من
الزحف العسكري الذي جرى بي الفريقي.
() إحسان عباس (شعر الوارج) ص .10وانظر :الجري (الشريعة) ص .28 1
142
وأما العن الثالث فيمثله سرايا وبعوث وغزوات الجاهدين ف سبيل ال ف كل
زمان ومكان ،وهو الراد بقوله تعال :ولوأرادوا الروج لعدوا له عدة ( ) ،فإن
1
التقسيم التاريي .وعليه فإن إطلقه -أي ابن حجر -الوارج على السي بن علي
وغيه من قبيل الطلق اللغوي .وسيأت تفصيل الديث عن الفرق السماة بفرق
الوارج ف البحث الرابع من هذا الفصل إن شاء ال تعال.
الثالثة :الوجهة الدينية ،وهي الرتبطة بالكم الشرعي .وعلى هذه الوجهة تمل
سائر النظرات الت تبلور معن الوارج ،لنا مستفادة من نص شرعي .واللئق بذه
الوجهة -كما يتبادر -العن الول والشهر للخوارج وتعريف الشهرستان ،فإن هذين
التعريفي أعطيا صفة دينية لذا الصطلح .غي أن الفارق بينهما أن الول أضاف
-حسبما سبق التنويه بلحظته -قضية التكفي .وهذان التعريفان يتجلى منهما حكم
على الوارج سلب منطلق من فهم النص الشرعي -سواء حديث الروق الت وأحاديث
المر بلزوم الماعة -بأن الراد منه هذان العنيان أحدها أو كلها.
غي أننا ينبغي أل نغفل عن أن للخوارج نظرة متلفة تاما عن هذه النظرة مع
كونا تمل طابعا شرعيا أيضا ،وهي نظرة من أطلق عليهم الوارج إل هذا الصطلح،
حيث تصرح عباراتم بارتضاء هذا الطلق ،وفيما مضى من نص عبدال بن إباض ومن
أشعار الزارقة تلّ لذا العن .والفتخار والديح الواضحان من تلك النصوص برهان
على صحة القول بأن لفظ الوارج ل يشعر ف أصل معناه وابتداء أمره بشيء من الصلة
بينه وبي الصطلح الذي يمل حكما سلبيا.
() ابن حجر (الفتح) جـ 1ص ،113شرح حديث رقم .447 2
143
ولعل النظرة كانت تراعي الانب اللغوي ف القام الول دون إعارة اهتمام لمر
سواه ،ثّ أضفـي عليه نصـوص شرعية ليأخذ صبغة أكثر تألقا ،كقوله تعال :ولو
أرادوا الروج لعدوا له عدة ،) ( وقوله عز وجل :ومن يرج من بيته مهاجرا إل ال
1
صحة هذا التخريج حديث الروق؛ فإن الروج الأخوذ من قوله فيه" :يرج فيكم" ل
يعدو كونه خروجا لغويا ،أما الكم فمأخوذ من قوله عليه الصلة والسلم ف الديث
نفسه" :يرقون من الدين"( ).
3
ث لا كثر استعمال هذا الصطلح ليدل على الروق من الدين بسبب حل حديث
الروق وغيه على من أطلق عليهم الوارج صار أمرا قابلً للتنازل بل داعيا إل التخلي
عنه ،وبذا نفهم سبب ثناء عبدال بن إباض على "الوارج" ثّ فرار الباضية النسوبي
إليه -اصطلحا -منه ،يقول الشيخ السالي" :واعلم أن اسم الوارج كان ف الزمان
الول مدحا ،لنه جع خارجة ،وهي الطائفة الت ترج للغزو ف سبيل ال تعال ،قال عز
وجل :وليو أرادوا اليروج لعيدوا ليه عد ة ، ) (ث صار ذما لكثرة تأويل
4
الخالفي أحاديث الذم فيمن اتصف بذلك آخر الزمان ،ث زاد استقباحه حي استبد به
الزارقة والصفرية ،فهو من الساء الت اختفى سببها وقبحت لغيها ،فمن ث ترى
أصحابنا ل يتسمون بذلك وإنا يتسمون بأهل الستقامة لستقامتهم ف الديانة"( ).
5
ولعل اللحظة الت سبق ذكرها ،وهي بروز لقب الروق ومشتقاته ف الفترة الت
ظهر فيها مصطلح الوارج يؤيد تأويل أحاديث الذم ف الوارج ،وهم الزارقة يومئذ،
وإن كان توافق زمن ظهورها يناف قول الشيخ السالي بتقدم مصطلح الوارج عليه ،إل
أن يعن ذلك التقدم فترة وجيزة جدا -وهو بدوره يقوي أن تكون بدايات ظهوره ف
فترة الصراع الزبيي على يد الهلب مع الزارقة -أو أن يعن بلفظ الوارج تصاريفه
() انظر الكلم على هذا الديث ف الفصل الول من الباب الثان. 3
144
الخرى كالروج الذكور ف الية الكرية ل نفس اللفظ.
وجلي للمتأمل أن تعريف الوارج غي منضبط ،شأنه شأن كثي من اللفاظ
والصطلحات الت يشترك فيه معانٍ متعددة ،ذلك أن اعتبار الوجهة اللغوية يلغي العتبار
الصطلحي الراد بيانه .وأما اعتبار الوجهة التاريية فمشكل أولً من حيث خشية اللبس
بينها وبي الكم الشرعي ،لعدم الفصل أحيانا كثية بينهما ،أي أن الوارج -بناءً على
الرب ط بالن ص الشرعي -يعن الارقي م ن الدين ،وثانيا م ن حي ث إ ن م ن يشملهم
-تارييا -هذا الطلق مبادئهم غي متفقة ،بل إن كثيا ما ينسب إليهم غي صحيح،
وهذا كنسبة التقتيل والتكفي الخرج من اللة إل أهل النهروان ،وقد ثبتت براءتم منهما.
وأما الوجهة الدينية فوجه الية من قبلها هو تديد نوع الكم والحكوم فيه
والحكوم عليه.
وعند إنعام النظر ف كل من التصنيف التاريي والدين يتضح أن التشريك هو
الدار لكلتا الوجهتي ،أما الوجهة الدينية السلبية فالتشريك هو طريق الكم فيها ،وأما
اليابية فمبنية على أن الفارق بي "الوارج" وبي غيهم هو الكم على الخالفي
بالشرك .ولذا ند أن نافع بن الزرق تبأ من عبدال بن إباض وعبدال بن صفار حي
ل يوافقاه ف الكم على مالفيهم بالشرك( ) .ول يؤثر هاهنا أن عبدال بن إباض
1
وأصحابه ل يشرّكوا مع عدهم من الوارج ،لن عدهم منهم إنا هو تصنيف تاريي
فحسب ،بصرف النظر عن مدى صحة هذا التصنيف .وأيضا فإن ما ينسب إليهم من
التشريك غي صحيح ،مثلهم ف ذلك كمثل أهل النهروان ف ضمهم إل زمرة الوارج،
رغم انتفاء الصلة بينهم وبي التشريك أو التكفي الخرج من اللة.
فإذا عرفنا أن قضية التشريك هي مدار أمر الوارج سواء الذين ثبت عنهم ذلك
أو نسب إليهم فإنه يكن أن يعد معيارا لتصنيف الفكر الارجي ،وذلك أنه يترتب عليه
أمور أخرى كاستباحة الدماء والموال وسب النساء كما سيِأت بيانا .وبناءً عليه يوز لنا
الصطلح على من يدين بذا المر بأنه من الوارج ،ل سيما إذا كان القائلون به قديا
-وهم الزارقة ومن نج نجهم -رضوه لقبا لم.
145
وبذا نرج من مأزق تديد ضابط لصطلح الوارج ،وبه يتمع شل الراء،
شريطة أن يكون هذا الطلق اصطلحا مردا ،ول مشاحّة حينئذ فيه.
146
البحث الثالث:
الراء النسوبة إل الوارج
بعد تديد البدأ الذي ييز الوارج عن غيهم يصبح من اليسي إثبات نسبة فرقة
معينة أو شخصية ما إليهم أو نفي تلك النسبة ،بسب الامع الذي يمع بينهما .بيد أنه
من التعي اعتبار النظرة إل الوارج ماهي ؟ وما يترتب عليها ؟ ومن الصعب الجازفة
بإطلق القول بأن فئة تنتسب إل الوارج ما ل يعلم السبب ويعرف الراد من ذلك
الطلق.
ومع تديد مبدأ تشريك الخالف معيارا لفكر الوارج ،فل مانع من التعرف على
بعض الراء النسوبة إل من عرفوا ف التاريخ باسم الوارج ،وماولة تسليط الضوء على
أبرز ما نسب إليهم ،ثّ التعرف على الفرق الحشورة ف صفوفهم والت حظيت بعناية
كتب القالت والفرق وأفردت لا أبوابا وفصولً ،وعرض ذلك على الحك الذي
توصلت إليه الدراسة.
الراء النسوبة إل الوارج:
يتفق عدد من الصادر -كما سبق ذكره -على أن رأي الحكّمة كان واحدا
منذ أن فارقوا المام عليا إل أن افترقوا عام أربعة وستي من الجرة بعد مشاركتهم
عبدال ابن الزبي ف الدفاع عن مكة الكرمة حي حصار يزيد بن معاوية لا ف عام ثلثة
وستي من الجرة( ) .يقول د .نايف معروف" :ظلت الورج على رأي واحد من لدن
1
أن فارقوا عليا إل أن كان من أمرهم ما كان مع ابن الزبي وتفرقهم عنه ،فقد كانوا حت
ذلك الي يتولون أهل النهر ومرادس بن أدية ول يتلفون إل ف صغائر المور"( ).
2
وأما الوادث الفردية الت سبق ذكرها -كالستعراض -فإنا تعد خروجا عن
منهج عامة الحكّمة ،إذ ل تؤد إل وجود تيار يتبناه فريق منهم ،بل غالبا ما تكون تلك
147
الوادث ردة فعل لسياسات القمع الشهورة ،بلف ما أحدثه نافع من انيازه إل
الهواز ودعوته أصحابه الذين كانوا معه قبل النقسام إل النضمام إليه والقتناع
ببادئه ،ث انضواء عدد وافر من الناس تت رايته ومبايعتهم إياه ،فإن هذا يتلف تاما عن
الوادث السابقة .وعليه فإن انشقاق نافع عن الحكّمة يعد أول انشطار ف صفوفهم( )،
1
هو الساس الذي انطلق منه أهل النهروان ف مالفتهم للمام علي ،وأما من بعدهم من
خرج فواضح من خلل عباراتم وأشعارهم إنكارهم التحكيم ورفضه ،ولذا يسمى كل
هؤلء بالحكّمة( ).
3
وقد سبق ف البحث الثالث من الفصل الاضي توضيح القول مسهبا ف بيان
مسألة التحكيم .على أن فكرة رفضها رأي لبعض من ل ينسب إل "الوارج" أيضا،
فقد نسب إل السن البصري قوله" :ل يزل أمي الؤمني علي رحه ال يتعرف النصر
ويساعده الظفر حت حكّم ،ول تكّم والق معك ؟ أل تضي قدما ل أبالك وأنت على
الق"( ).
4
ويبدو أن هذا مأخوذ من مبايعة أهل النهروان عبدال بن وهب الراسب إماما وهو من
الزد كما سبق.
() الشعري (القالت) جـ 1ص .168 1
( ) الشعري (القالت) جـ 1ص / 207 ، 167البغدادي (الفرق) ص / 73الشهرستان (اللل) جـ 1ص 2
.116
() الشعري (القالت) جـ 1ص .206 3
148
إل أن القيقية التاريية تأب أن يكون القول بعدم اشتراط القرشية مبتدأ من قِبَل
أهل النهروان ،بل هو أقدم من ذلك ،يقول الشيخ الضري ":رأي عدم التخصيص (يعن
تصيص اللفة بقريش) كان للنصار ،فإنم كانوا يريدون أن يكون الليفة منهم لا
كان لم من فضيلة النصر واليواء والساعدات العظيمة الت قاموا با ،وإن ل يتيسر ذلك
كان منهم أمي ومن الهاجرين أمي ،وأخذ بذا الرأي من بعدهم جيع الوارج الذين
كانوا يرجون على اللفاء ف أزمنة متلفة"( ).
1
تاريي ،وعلى فرض صحته فإنه يؤكد فكرة عدم التخصيص ،إذ لزمها القول بأن
اللفة غي منحصرة ف قريش.
غي أن رأي الهاجرين بتخصيص اللفة بقريش الذي استفاده الضري ما نسبه( ) إل
3
أب بكر الصديق من احتجاجه على النصار بديث "الئمة من قريش "( ) فيه نظر ،فإن
4
أبا بكر ل يتج على النصار بذا الديث ،)55بل احتج عليهم بقوله" :ولن يعرف هذا
المر إل لذا الي من قريش،وهم أوسط العرب نسبا ودارا "( ) ،كما احتج عمر بقوله:
6
"وال ل ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيكم ،ولكن العرب ل تتنع أن تول
() الضري (تاريخ المم) الدولة الموية ص ،149وانظر :الدجيلي (فرقة الزارقة) ص .76 1
() رواه بذا اللفظ المام أحد (السند) جـ 3ص 129،183جـ 4ص .421 4
)5روى المام أحد (السند) جـ 1ص 5أن أبا بكر احتج على سعد بن عبادة ف السقيفة بقوله :ولقد علمت يا سعد
أ ن رسولـ ـقا ل وأن ت قاعد " :قري ش ول ة هذ ا المر،فب ـالنا س تب ع لبه م وفاجره م تب ع لفاجرهم" ،فقا ل له
سعد:صدقت ،نن الوزراء وأنتم المراء .غي أن هذا ل ينهض لقاومة الروايات الخرى الثابتة ،فإنه من رواية داود بن
عبدال الودي عن حيد بن عبد الرحن ،وهو الميي ،إذ هو الذي روى له كما ف "التهذيب" جـ 3ص 171رقم
،1876وكلها ثقتان ،ولكن ف السند انقطاعا ،فإن حيدا متأخر ل يشهد حادثة السقيفة ،بل ل يدرك ل أبا بكر ول
عمر ،وإنا ذكر ابن سعد أنه روى عن علي بن أب طالب" ،التهذيب" جـ 3ص 41رقم .1630
() الضري (تاريخ المم) الدولة الموية ص ،149وانظر :الدجيلي (فرقة الزارقة) ص .76 6
149
أمرها من كانت النبوة فيهم وولّ أمورهم منهم " ( ).
1
يقول الابري" :المر الثان اللفت للنتباه هو أنه ل واحد من الهاجرين ل أبو
بكر ول عمر ول أبو عبيدة ول غيهم احتج بالديث الذي ينسب إل الرسول بلفظ:
(الئمة من قريش) .وإنه لما يثي الستغراب حقا أن يعمد أبو بكر وعمر كلمهما إل
التأكيد على مكانة قريش ،والحتجاج لحقية الهاجرين ف خلفة النب بكون العرب
ل تقبل أن يسود عليها غي قرشي ،ث ل يذكر أي منهم هذا الديث مع أنه أقوى
الجج ضد النصار ،إذ النصار ليسوا من قريش ،وبالتال ل حق لم ف اللفة بنص
دين لو كان ذلك الديث ما احتج به ف تلك اللسة " ،ويقول" :والنتيجة الت تفرض
نفسها أن الصحابة عالوا مسألة اللفة معالة سياسية مضة"( ).
2
وبقطع النظر عن مدى شرعية هذا القول ،فإن منطلق الحكّمة ف ذلك هو مبدأ
الشورى الذي جاءت رسالة السماء العالية لتؤكد حق كل فرد ف تديد مصي المة من
خلل مارسة هذا البدأ العظيم ،ومبدأ "الناس سواسية" الذي أعلنته خطبة النب ف
حجة الوداع ،فكانوا يرون أن اللفة حق لكل مسلم ما دام كفؤا ل فرق ف ذلك بي
قرشي وغي قرشي( ).
3
-3الستعراض:
سبق ذكره فيما عُزي إل أهل النهروان .وقد عد ظاهرة من أخطر الظواهر الت
اتصف با الوارج .ول شك أن الستعراض أمر فظيع تتجلى فيه وحشية كاسرة
وتتخلى فيه النفس البشرية عن إنسانيتها بسبب عدوانا على نفس بريئة ،وقد قال ال
تعال :من أجل ذلك كتبنا على بن إسرائيل أنه من قتل نفسا بغي نفس أو فساد ف
الرض فكأنا قتل الناس جيعا ،ومن أحياها فكأنا أحيا الناس جيعا .) (بيد أن نسبة
4
() الابري (نقد العقل) العقل السياسي العرب:مدداته وتلياته ص .135،136 2
150
وينبغي -بادئ المر -التفرقة بي الروج الذي كان سة لكل من سوا بالوارج
وبي الستعراض .فقد يوجد خروج ول يوجد استعراض ،وليس الروج شكلً من
أشكال الستعراض ،لن الروج بعن النقلب -ف حد ذاته -ل يهدف إل القتل ،بل
إل تغيي وضع معي ،وإن كان غالبا ل يتم إل بد السنان .ول مراء أن هذه النتيجة
اضطرارية ،لنه إن تقق الغرض من الروج بغي مواجهة فل تل قطرة دم واحدة تسيل
من نفس مؤمنة.
وملف الحكّمة ف مسألة الروج كان ف أغلبه من هذا القبيل ،وما كان من
إراقة الدماء إنا حدث نتيجة الواجهات بينهم وبي بن أمية وأتباعهم .أما الستعراض
فكان حالت تكاد أن تكون فردية شاذة كما سيتضح .وليس ف تاريخ الذين سوا
بالوارج ما يدينهم كلهم -لسيما الحكّمة -ف مسألة الستعراض إدانة صرية ،إذ
كان المر إما مواجهة أو انتقاما ،وكلمة عبيدال بن زياد صرية ف ذلك" :ما أدري ما
أصنع بؤلء الوارج ،كلما أمرت بقتل رجل منهم اغتالوا قاتله فلم يعلم بكانه"(.)1
غي أنه يكن أن تسجل بعض حالت الستعراض النسوبة إليهم ،منها:
أولً :مقتل المام علي بن أب طالب:
ولب مقتله قصة ملخصها أن ثلثة من "الوارج" -حسب زعم الرواية -وهم
عبدالرحن بن ملجم والبك بن عبدال وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا فاتعدوا على قتل
علي ومعاوية وعمرو بن العاص ،فكان ابن ملجم لعلي والبك لعاوية وعمرو لعمرو،
فتعاهدوا على ذلك .ولقي ابن ملجم ف الكوفة امرأة تدعى قطام بنت الشجنة قتل أبوها
وأخوها يوم النهر وكانت فائقة المال فسبت عقله ونسي حاجته الت جاء لجلها ،ثّ
خطبها فاشترطت عليه ثلثة آلف وعبدا وقينة وقتل علي فوافق ،ثّ استعان ابن ملجم
برجل يدعى وردان بن ممع العكلي ،وآخر هو شبيب بن برة الشجعي ،فلما كانت
الليلة الت واعد فيها ابن ملجم صاحبيه على أن يقتل كل منهم صاحبه كمنوا للمام علي
صبيحة إحدى الليال فضربه شبيب فأصاب سيفه عضادة الباب فهرب وردان فلحقه
رجل فقتله ،وضرب عبدالرحن عليا ف قرنه بالسيف ،فتوف المام علي -كرّم ال
151
وجهه -بعد ذلك من أثر تلك الضربة( ).
1
ومهما قيل من التشكيك ف بعض أحداث القصة – مثل انبهار ابن ملجم بمال
قطام -فإن الجاع حاصل على أن ابن ملجم هو الذي قتل المام عليا كرّم ال وجهه.
وبعد هذه القيقة التاريية يتساءل الستاذ أحد سليمان معروف قائلً" :هل كان
السيف الذي قتل عليا سيفا خارجيا حقا؟ أم هل كان خنجر ثأر شخصي لبعض قتلى
أهل النهروان ل يد لعامة الوارج فيه ؟ أم كان رسول غرام لمرأة خارجية اسها قطام؟
أم هل كان طعنة اغتيال سياسي نفذتا -عب الوارج -يد داهية الشام ومستشاره
النابغة عمرو بن العاص؟"( ).
2
إن اتام الحكّمة بقتل المام علي يعتوره شكوك جة وييط به إشكالت عديدة
نتبينها من خلل طرح المور التالية.
لقد كان البك وشبيب ووردان ف القيقة مع أهل النهروان( ) ،وأما ابن ملجم
3
وعمرو بن بكر فلم يرد أنما اشتركا معهم .ويبدو على فرض ثبوت صلة عبدالرحن
بأهل النهروان أن عمله هذا عمل مستقل متاج إل قرينة قوية تثبت تواطؤهم عليه .ومن
الريب أن ند موقفي لن ينسب إل الوارج نسبة تاريية يفيدان قطع حبل الوصل
بينهم وبي ما فعله عبدالرحن بن ملجم .أما الوقف الول فكلم السعودي" :وكثي من
الوارج ل يتول ابن ملجم لقتله إياه غيلة"( ) يعن لقتله عليا .وهذا يعن أن قتل المام
4
علي غي مرضي عند كثي من الحكّمة ،ولئن جاز أن تعن هذه العبارة رضا الحكّمة أو
الوارج عن قتل ابن ملجم المام عليا أن لو ل يقتله غيلة فإن الوقف الثان ل يؤيد ذلك
وهو مقولة أب سفيان مبوب بن الرحيل القرشي -من كبار علماء الباضية ف أواخر
القرن الثان الجري -حي سئل عن عبدالرحن بن ملجم قال" :ما سعت أحدا يدحه
() ابن سعد (الطبقات) جـ 3ص /37-35البلذري (النساب) جـ 3ص /253-248الطبي (التاريخ) 1
152
ول يذمه وما بلغن فيه شيء" قيل :ولعل ذلك من قبل الغيلة؟ قال :ل( ).
1
يقول الستاذ أحد السياب" :عبدالرحن بن ملجم شخص أقحم ف الحكّمة أو
أهل النهروان إقحاما وزج به ف أوساطهم زجّا مع أنه مهول ف صفوفهم… وقول هذا
المام الليل (ل أجد من أصحابنا من يدحه) لنه ليس منهم ول متصل بم (ول من
يذمه) لترفعهم وتنـزههم عن السب والشتم"( ).
2
ول ريب أن أبا سفيان ل يعن بقوله" :ما سعت أحدا" كل من ينسب إل
الوارج ،لا جاء عن عمران بن حطان الصفري من مدح ابن ملجم كما سيأت ،ولكن
بناءً على اعتبار الباضية الط العتدل الذي يثل كل الحكّمة قبل الفتراق –كما سيأت
ف البحث الت -فيمكن أن يمل كلم أب سفيان على أنه يريد كل تيار الحكّمة
وكل الباضية .واللصة من هذا أن الحكّمة قبل الفتراق عام أربعة وستي من الجرة
بالضافة إل الباضية المثلي للثبات على تيار الحكّمة وكثيا من غيهم من ينسب إل
الوارج غي راضي عن مقتل المام علي.
إن ذينك النصي وهذه اللحظات تدعو إل التحقق من كون ابن ملجم مدفوعا
من قبل بقايا أهل النهروان إل قتل علي ،وف أحداث القصة ما ل يسعف على كونه
كذلك ،فإن الواضح أن ذلك اختيار ثلثة أشخاص ،واحد منهم فقط كان من أهل
النهروان ،وهو البك بن عبدال( ) ،وسياق الرواية يؤكد ذلك" :كان من حديث ابن
3
ملجم وأصحابه أن ابن ملجم والبك بن عبدال وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا
فتذاكروا أمر الناس وعابوا على ولتم ثّ ذكروا أهل النهر فترحوا عليهم ،وقالوا ما
نصنع بالبقاء بعدهم شيئا ،إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربم ...فقال ابن
ملجم :أنا أكفيكم علي بن أب طالب -وكان من أهل مصر -وقال البك بن عبدال:
أنا أكفيكم معاوية بن أب سفيان ،وقال عمرو :أنا أكفيكم عمرو بن العاص"( ).
4
فهذه الرواية صرية ف أن هؤلء الثلثة هم الذين دبروا هذه الؤامرة ،غي أن ابن
() البّادي (الـواهر) ص .145 1
153
ملجم استعان بعد ذلك باثني ينسب إليهما أنما كانا ف أهل النهر وها شبيب بن برة
ووردان بن ممع العكلي( ).
1
ولعل وصف هؤلء الثلثة الذين اتعدوا على تنفيذ مؤامرة قتل الثلثة بأنم من
الوارج وأنم ذكروا إخوانم من أهل النهر فترحوا عليهم هو الذي سحب التهمة على
جيع الحكّمة الذين ُحمّلوا وزرها ،وإل فإن ثة من الروايات ما ل يعل لؤلء الثلثة
الذين دبروا الؤامرة صلة بالحكّمة ،بل تعب عنهم بأن "نفرا اجتمعوا"( ).
2
ويزيد هذا المر شكّا ما تقوله رواية أخرى من أن القتلة كانوا ثلثة من بن
ملجم عبدالرحن وقيسا ويزيد ،فكان القاصد إل معاوية قيس بن ملجم والقاصد إل
عمرو بن العاص يزيد بن ملجم وأن أباهم ناهم ،وأن أمهم قد حضتهم على ذلك( ).
3
ولذا يروى أن رجلً من مراد جاء إل علي وهو ف السجد فقال :احترس فإن ها هنا
قوما من مراد يريدون قتلك( ).
4
وقد حكم البلذري على كون القتلة كلهم من بن ملجم بأنه "خب شاذ" لنه "ل
يرويه إل قوم من الوارج"( ) ،ولكن رواية الذين سوا بالوارج هذا الب تفيد تبؤهم
5
والثي للنتباه أن يكون اجتماع أولئك الثلثة سرّا واتعادهم على الؤامرة ف
الفاء ثّ يتحول ذلك إل رواية على كل لسان.
ول يؤثر ف هذه التخريات ما يروى عن ابن ميّاس الرادي من قوله:
() البلذري (النساب) جـ 3ص /264البد (الكامل) جـ 3ص ،1116وفيه أن القاصد إل معاوية يزيد ل 3
قيس.
() البلذري (النساب) جـ 3ص .260 4
154
أبـاــحسـنــمأمومةــفتفطّـرا ـحيدراوننــضربناــيالكــالي ـ
بضربةــسيفــإذــعـل ـوتبـرا وننـ ـخلعناـ ـملكهـ ـمنـ ـنظامه
() 1
إذ ا الو ت بالو ت ارتد ى وتأزّرا وننــكرامــف ـالصبـاحــأعـزّة
فإنه افتخار قبلي -كما هو جلي -ل يت بصلة إل فكر الحكّمة ،فكل من عبدالرحن
ابن ملجم وابن مياس من مراد .على أن هذه البيات نفسها تروى لبن ملجم نفسه إثر
ضربه المام عليا( ).
2
فيخالفه ما ف البلذري( ) من أن قائلها هو النجاشي الشاعر( ) ،قال عنه ابن قتيبة" :كان
5 4
فاسقا رقيق السلم" ،وذكر أنه كان يشرب المر حده المام علي عليها ث وقفه للناس
ليوه فهجا أهل الكوفة( ).
6
ويبدو أنه كان مولعا بالجاء ،فقد هجا كلّ من :بن العجلن ( ) ،ومعاوية( )،
8 7
وقريشٍ( ) ،ول يبعد بثل هذه الشخصية أن تكون من أضمرت البغضاء للمام علي 9
بسبب أنه حده ف المر فقال تلك البيات من باب العداوة الشتركة بينه وبي ابن
ملجم ضد المام علي ،وإل فما له ولبن ملجم يدحه من دون أية صلة بينهما ؟!
() ابن أب الديد (شرح النهج) الجـلد 3جـ 6ص .119 2
() اسه قيس بن عمرو بن مالك من بن الارث بن كعب :ابن قتيبة (الشعر والشعراء) ص .204 5
155
ومع هذا فل يكن تبئة ساحة جيع النسوبي إل الوارج من الرضا بقتل المام
علي على يد عبدالرحن بن ملجم ،فهذا عمران بن حطان الصفري يقول ف عبدالرحن
ابن ملجم:
إل ـليبلغــمنــذيــالعرشــرضوانا ياــضربةــمنــتقيــماــأرادــبا
() 1
أوف ــالبيةـ ـعندـ ـال ــميزانا ــفأحسبه ـيوما ـ
ــلذكرهـ ـ إن ـ
على أنه ينبغي استشعار كون عمران بن حطان من الصفرية الذين كانوا ضمن
النشقي عن التيار العتدل للمحكمة إل التطرف والغلو ،وذلك ف حادثة النقسام الت
سيأت بيانا إن شاء ال تعال.
ولئن اتمت الحكّمة بقتل المام علي فإن اليادي تشي كذلك إل معاوية بن أب
سفيان بالتهمة نفسها .فقد روي أن عبدالرحن بن ملجم بات ليلة مقتل المام علي عند
الشعث بن قيس الكندي يناجيه حت كاد أن يطلع الفجر ،فقال له الشعث :فضحك
الصبح ،وبعث الشعث لا أصبح ابنه قيسا قائلً له :أي بن ،انظر كيف أصبح أمي
الؤمني ،فذهب فنظر إليه ث رجع فقال :رأيت عينيه داخلتي ف رأسه ،فقال الشعث:
عينا دميغ ورب الكعبة( ) .ويروى أن حجر بن عدي الكندي سع الشعث يقول لبن 2
ملجم :فضحك الصبح ،فلما قتل علي قال له حجر :يا أعور أنت قتلته( ) .كما يروى أن
3
الذي سع ذلك أخو الشعث بن قيس وأنه قال لخيه :عن أمرك كان هذا يا أعور( ).
4
ويروى أيضا أن الذي سعه عم الشعث عفيف فلما قتل علي قال عفيف :هذا من
عملك وكيدك يا أعور( ) .وتضيف رواية أن حجرا خرج مبادرا إل علي وأسرج دابته 5
وسبق ابن ملجم فضرب عليا وأقبل حجر والناس يقولون :قتل أمي الؤمني( ).
6
() البلذري (النساب) جـ 3ص /254البد (الكامل) جـ 3ص /1169أبو الفرج (مقاتل الطالبيي) ص 3
.47
() البد (الكامل) جـ 3ص /1169أبو الفرج (مقاتل الطالبيي) ص .47 4
156
والقيقة أن دور الشعث مع المام علي دور مشبوه كما سيأت .ويبدو أن
العلقة قد ساءت جدا بينهما ف آخر حياة المام علي ،فقد روي أن الشعث دخل على
علي فأغلظ له علي فعرض له الشعث بأن يفتك به ،فقال له المام علي" :أبالوت
تددن؟ فوال ما أبال وقعت على الوت أو وقع الوت علي"( ) .وهذا -إذن -يقدح
1
ف صحة ما روي من أن الشعث نظر إل عبدالرحن متقلدا سيفا وليس بأوان حرب،
فقال :إن أردت أن أغربه جزور القرية ،فركب الشعث بغلته وأتى عليا فخبه فقال له:
قد عرفت بسالة ابن ملجم وفتكه فقال علي :ما قتلن بعد( ).
2
والسؤال الن :ما علقة معاوية بالشعث ف أمر قتل علي ؟!
ربط عدد من الباحثي( ) بي الشعث ومعاوية ف هذا الفعل ،يقول الستاذ
3
السياب" :وإنا ابن ملجم دبر من قبل الشعث بن قيس ،وطبيعي أن يتم ذلك بإيعاز من
معاوية أو علم منه.) ("..
4
وهذا الكلم له ما يسيغه ،فقد كان لعاوية رجال دسهم ف جيش علي ،إذ يروي
ابن شهاب الزهري – ف أحداث ما قبل صفي – عن معاوية قوله …" :وطفقت
أكتب بذلك إل شيعت من أهل العراق ،فسمع بذلك من جواسيس علي الذين عندي
من أهل العراق…" ،كما يروي البّادي أن معاوية جعل يرسل إل وجوه أصحاب علي 5
يعدهم وينّيهم ،وذلك بعد دخول أهل حروراء الكوفة( ) ،بينما يعل البلذري ذلك بعد
6
معركة النهروان( ) .ومع أن تلك العلقة غي صرية من خلل هذه الرواية فهل ثة ما 7
( ) العقاد (عبقرية المام) ص / 135حسي ،طه (الفتنة الكبى) جـ 2ص / 81،82إساعيل (قضايا ف 3
157
إن استعراض تاريخ الشعث بن قيس الكندي يبهن على أنه ل يكن ملصا لعلي
وأن شكوكا كثية توم حول صدق نواياه تاهه ،بل "إن ماضيه ل يكن مشرّفا"( ) ،فقد
1
ارتد مع من ارتد ف خلفة أب بكر الصديق ث عاود السلم( ) .ورغم ذلك فقد ندم أبو
2
بكر – بعد حي -على أنه ل يقتل الشعث فقال" :وددت يوم أتيت بالشعث بن قيس
ضربت عنقه ،فإنه ييل إل أنه ل يرى شرّا إل سعى فيه وأعان عليه"( ) .ولعل ما أثار
3
حفيظة الشعث على علي أنه عزله عن أذربيجان بعدما وله إياها عثمان بن عفان( )،
4
وقد جاء أن عليا قال له ف كتاب عزله" :إنا غرك من نفسك إملء ال لك ،فما زلت
تأكل من رزقه وتستمتع بنعمه وتذهب طيباتك ف أيام حياتك ،فأقبل واحل ما قبلك من
الفيء ول تعل على نفسك سبيلً( ).
5
وهذا الذي دفع بالشعث -كما يروى -أن يكاتب معاوية( )" .وبذلك يكون
6
الشعث قد بدأ حياته مع علي بداية غي ودية ول ملصة فكان يتربص به الدوائر ويتحي
الفرص لينتقم منه وقد فعل"( ).
7
ومنذ صفي نشاهد للشعث دورا فعالً ووجودا ملحوظا ،ومن ذلك:
-1إصراره على وقف القتال.
-2إصراره على اختيار أب موسى.
-3عرضه صحيفة التحكيم على القبائل ف جيش علي.
-4إلاحه على علي بالتراجع عن وعده أهل حروراء بعدم إنفاذ أب موسى إل أذرح.
-5إلاحه على علي ف النخيلة بالنعطاف إل أهل النهروان بدلً من أهل الشام وذلك
بعد ظهور نتيجة التحكيم.
158
-6تذيله أصحاب علي بعد النهروان عن نصرته لرب أهل الشام.
وإذن ل غرابة ف أن يقول ابن أب الديد" :كل فساد كان ف خلفة علي عليه
السلم وكل اضطراب حدث فأصله الشعث"( ) ،وأن يعد الشهرستان الشعث "من
1
إن هذه الحداث متسقة تاما مع ما سبق ذكره من توعد الشعث عليّا بقتله ّث
علمه بتبييت ابن ملجم نية مقتل المام علي وتشجيعه إياه على ذلك ،وإن كان ل يكن
الزم بأن كل مواقف الشعث تفسر هذا التفسي .وما يراه فلهوزن من أن موقف
الشعث حت عرض الصحيفة ل يعد خيانة أمر له وجاهته ،إذ من المكن تفسي ذلك أنه
"سعى جاهدا ليبز سيدا"( ) ،وهو ما ياوله اللب أيضا( ) .ولذا ما يؤيده تارييّا ،فإن
4 3
من الروايات ما يفيد أن الشعث ل يكن منقادا لعاوية حت رفع الصاحف ،فقد بعث
معاوية أثناء معركة صفي عتبة بن أب سفيان إل الشعث قائلً له" :أَِلنْ إل الشعث
كلما فإنه إن رضي بالصلح رضيت به العامة" فلما كلمه كان جواب الشعث" :يا
عتبة ،أما قولك إن معاوية ل يلقى إل عليّا فلو لقين ما زاد ول عظم ف عين ول صغرت
عنه ،ولئن أحب أن أجع بينه وبي علي لفعلن ،وأما قولك :إن رأس أهل العراق وسيد
أهل اليمن ،فالرأس المي والسيد الطاع ،وهاتان لعلي ،وأما ما سلف إل من عثمان
فوال ما زادن صهره شرفا ول عمله غن ،وأما عيبك أصحاب فإن هذا المر ل يقربك
من ،وأما مامات عن العراق فمن نـزل بيننا حيناه وأما البقية فلسنا بأحوج إليها
منكم"( ).
5
() اللب (إلقاء الضوء على الدور الزعوم للقرار ف صفي) مـلة كلية الداب ص .30-28 4
159
احتمالية ومعقولية.
()1
وأما نفي فلهوزن هذه الصلة -مطلقا -اعتمادا على أن الشعث ل ينل مالً
-حسبما فهم -فكلم ل وزن له ،إذ إن السيادة عند مثل هذه الشخصيات ل تقدر
بال ،ولذا فإن الشعث كان يستعمل سلطته أحيانا على المام علي ،فقد هدده -مثلً-
بالنسحاب عنه ف صفي إن ل يقبل مطالب أهل الشام( ).
2
وإذن فمن الطبيعي أن ينصرف الشعث عن علي بعد النهروان حي يرى ضعف
علي ويقبل بوجهه على من يرى أن الستقبل لجله.
ول يستلزم المر عناءً عند البحث عن الستفيد القيقي من إزاحة علي عن ساحة
الكم ،وإل فلي شـيء جرد معاوية ومعه جوع أهل الشام سيوفهم ف صفي.
ويبدو أن المام عليّا – كرم ال وجهه – كان ضمن قائمة من الشخاص الذين خطط
لغتيالم ،وإذا كان كل من ممد بن أب بكر والشتر النخعي – وها من أعوان علي-
أول أهداف تلك الؤامرة ،إذ قتل عمرو بن العاص ممدا( ) ودُس السم للشتر حت قال
3
معاوية" :فإنه كانت لعلي بن أب طالب يدان يينان قطعت إحداها يوم صفي – يعن
عمار بن ياسر -وقطعت الخرى اليوم -يعن الشتر"( ) ،فإن من النطقي جدّا أن يكون
4
علي هو الستهدف القيقي ،وكيف يترك معاوية خصما ظل يرض الناس على قتاله
سنتي( ) دون أن يقصده بقتل أو مكيدة. 5
والغريب أن تكون وفاة السن بن علي أيضا بدس السم له من قبل زوجته جعدة
بنت الشعث بن قيس( ).
6
وعليه فمن الطبيعي أن ند من أصحاب المام علي من يتهم معاوية صراحة بقتل
160
المام علي ،يقول أبو السود الدؤل( ):
1
وسـواء كـان قتـل عبد الرحن بن ملجم للمـام علي بتدبي من معاوية ،أو
الشعث بن قيس ،أو استجابة لرغبة امرأة جيلة ،أو كان ثأرا شخصيا لبعض قتلى أهل
النهروان ،فإن اللصة من كل ذلك أن "الوارج أبرياء من دم علي وأيديهم نظيفة من
اغتياله" كما يقول الستاذ أحد سليمان معروف ( ) .والراد أنه مع انتساب عبدالرحن
3
ابن ملجم إل الحكّمة فإن فعله ل تلقى عهدته عليهم ما داموا ل يتظاهروا معه على قتل
المام علي.
وعلى كل حال فمثل هذه الادثة مثل حادثة مقتل عبدال بن خباب ،فإن ما فعله
عبد الرحن بن ملجم من قتل المام علي كمثل ما فعله مسعر بن فدكي من قتل عبدال
ابن خباب .وإذا كانت هذه هي السبب ف القضاء على أكثر أهل النهروان ،فإن تلك
كافية ف تشويه سعة الحكّمة وتأليب خصومهم عليهم ،مع أن الحكّمة ل يتحملون
تبعة ما فعله ابن ملجم على افتراض أنه يرى رأيهم ،فكيف إن ل يكن كذلك.
ثانيا :حادثة قريب وزحاف عام خسي من الجرة ،وقد مر ذكرها ف البحث
الرابع من الفصل الول ،كما سبق ذكر قول أب بلل فيهما" :قريب ل قربه ال من كل
() ظال بن عمرو الدؤل الكنان ،واضع علم النحو وأول من نقط الصحف ،كان معدودا من الفقهاء والعيان 1
والمراء والشعراء والفرسان والاضري الـواب من التابعي .سكن البصرة ف خلفة عمر ،وول إمارتا ف
أيام علي ثّ كان مع معاوية ف أيامه (ت 69هـ688/م) :ابن خلكان (وفيات العيان) جـ 1ص 530
/الزركلي (العلم) جـ 3ص .237 ،236
( ) البلذري (النساب) جـ 3ص / 625الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 160البد (الكامل) جـ 3ص 2
،1169وينسبها لمرأة تكن أم العريان /السعودي (مروج الذهب) جـ 2ص /428القدسي (البدء والتاريخ)
جـ 5ص .233والظاهر ف أمر نسبة هذه البيات أنا لب السود ،فإن البلذري يـعل أبيات أم العريان
بنت اليثم (النساب) جـ 3ص 264غي هذه البيات الت نسبها لب السود .هذا ويتفرد ابن عبد الب
(الستيعاب) جـ 3ص 1132بإيراد صدر البيت الول هكذا( :أل قل للخوارج حيث كانوا) وينسبها لم
اليثم .ولست أدري من أين أخذ ابن عبد الب هذه البيات بذه الصيغة .والغريب أن ابن الثي يتابع الطبي ف
(الكامل) جـ 3ص 395فتصبح البيات موجـهة إل معاوية ،بينما يتابع ف (أسد الغابة)جـ 3ص 621ما
ف (الستيعاب)لبن عبد الب فيكون البيت عندها واحدا.
() معروف ،أحد (قراء جـديدة ف مواقف الوارج) ص .76 3
161
خي ،وزحاف ل عفا ال عنه لقد ركباها عشواء مظلمة".
ثالثا :أمر شبيب بن برة الشجعي ،يقول البلذري" :وكان شبيب إذا جن
عليه الليل خرج فلم يلق صبيا ول رجلً ول امرأة إل قتله"( ).
1
أما حادثة سهم بن غالب الجيمي والطيم يزيد بن مالك أحد بن وائل وعباد
بن حصي حي قتلوا عبادة بن قرص الليثي -أحد الصحابة -ومعه ابنه وابن اخته ،الت
حدها البلذري بعام واحـد وأربعي من الجرة( ) ففيها نظر ،فإن الضياء القدسي يروي
2
أن عبادة بن قرص وقعت له هذه الادثة مع الزارقة( ) ،وقد ظهر الزارقة عام أربعة
3
() الشعري (القالت) جـ 1ص /204البغدادي (الفرق) ص /173الشهرستان (اللل) جـ 1ص .115 4
162
واتفاق الحكّمة أو الوارج مع غيهم ف مبدأ الروج وتطبيقه يدعو إل البحث
عن أسباب الروج ،فإن الروج نفسه ف هذه الال ل يتلف من شخص إل آخر أو
من فرقة إل أخرى.
وف الوادث الت ارتكبها بنو أمي ة وولتم سبب مقنع وكافٍ لثور ة جيع
التيارات عليهم ،وأقرب مثال لسبب يمع بي التيارات الختلفة ف التصدي لبن أمية هو
الدفاع عن الكعبة الشرفة حي توجه جيش يزيد بن معاوية إليها بعد موقعة الرة لقتال
ابن الزبي بكة ،فقد اشترك معه كل من الحكّمة( ) ،والختار بن عبيد الثقفي ( ) ،كما
2 1
يروى أن النجاشي أرسل مائت رجل من البشة إل ابن الزبي للدفاع عن الكعبة ( ).
3
فعل الزد عندما مالوا إل ندة بن عامر النفي ف البحرين ،قائلي" :ندة أحب إلينا من
ولتنا؛ لنه ينكر الور وولتنا جائرون".
وهذه النتيجة منطقية من خلل مثل هذه القارنة ،فقد بُعث إبراهيم التيمي إل
الوارج يدعوهم ،فقال له إبراهيم النخعي :إل من تدعوهم ؟ إل الجاج ؟!( ).
5
وإذا كان التطرف إزاء سياسات القمع أمرا متمل الوقوع ،فل علقة للخروج با
يد ث في ه أحيانا م ن الستعراض ،فإ ن شرعي ة الرو ج ل ـتعن شرعي ة الستعراض
والتطرف.
-5التكفي:
ويندرج تته كل ما ورد من إطلق الذين ينسبون إل الوارج الكفر على
مرتكب الكبية أو الخالف أو على بعض الصحابة الذين يقف بعضهم منهم موقفا ما( ).
6
() الشعري (القالت) جـ 1ص /167البغدادي (الفرق) ص /74الشهرستان (اللل) جـ 1ص 115،12 6
163
إل أن من الهية القصوى تديد معن الكفر ،فإنه -كما سبق -يشمل كفر النعمة وكفر
اللة .أما الكفر الذي يراد به كفر النعمة فإنه ل يعدو العصية الت هي دون الشرك ،أي
الت ل يرج مرتكبها عن نطاق السلم .وقد سبق القول بأن إطلق الكفر على مطلق
العصية اصطلح شرعي دل عليه الكتاب العزيز والسنة النبوية ،وبناءً على هذا فإن مرد
استعمال الكفر ل ينبغي أن يفسر على أنه كفر اللة القتضي لروج الوصوف به من
السلم حت يدل على تصيصه أمر صريح.
هذا وقد تكرر القول بأن أول من حكم بالشرك أو الكفر اللي هو نافع بن
الزرق ،وهذا الرأي هو الذي أحدث ف صفوف الحكّمة شرخا وأوجد فيما بينهم
فرقا .أما قبل نافع فل يتعي حل الكفر ف نصوص الحكّمة على كفر الشرك ما دام
المر متملً ،وإل لساغ أن تمل عليه كل النصوص الشرعية وهذا ما ل يتأتى .وف
القيقة من المكن أن نعد القول بتشريك الخالفي أو التكفي اللّي ميزة للخوارج .وأما
ما يوجد عن كثي من الؤرخي من تسمية أهل النهروان ومن انتسب إليهم بالوارج
فبالنظر إل عزو هذا المر إليهم ،وإذ قد ثبت نفيه عنهم فإن من العقول أن يصر
الوارج فيمن تققت فيه تلك الصفة وهو التشريك أو التكفي الخرج من اللة.
.0،121
164
165
البحث الرابع:
الفرق النسوبة إل الوارج
الجرة ،وقبل الديث عن هذه الفرق الربع يدر بيان حادثة النقسام.
حادثة النقسام:
اشترك الحكّمة -كما مضى -مع عبدال بن الزبي ف الدفاع عن الكعبة الشرفة
عام أربعة وستي من الجرة ،وكان بعضهم قدم من اليمامة( ) وآخرون جاؤوا من
2
البصرة( ) .وكان من اشترك منهم ندة بن عامر النفي( ) ونافع بن الزرق النظلي
4 3
البصرة( ) ،أما أهل البصرة فأمسك بم عبيدال بن زياد فحبسهم مع من كان ف حبسه 6
وبعد وفاة يزيد بن معاوية انتقض الناس على عبيدال بن زياد فلجأ إل مسعود ابن
166
عمرو العن الزدي ،فقتل مسعود وهرب ابن زياد إل الشام( ) .وقيل استخلف مسعودا
1
ثّ لق بالشام وقتل مسعود بعد ذلك( ) ،وأثّر مقتله فتنة بي الناس ومقتلة ،فبينما تورد
2
بعض الروايات أن بعض الوارج قتلوه( ) تورد أخرى أن الزد اتمت بن تيم بقتله( ).
4 3
وقد سبب ذلك نشوب قتال بي الزد وربيعة وبي بن تيم وقيس( ) .واتفق أن كسر
5
الحكّمة أبواب السجون وخرجوا منها( ) ،ويقال إن ابن زياد -قبل هربه -أخرجهم
6
منها بناءً على طلب أهل البصرة( ) ،فاغتنم الحكّمة اشتغال الناس بعضهم ببعض فتهيأوا
7
واجتمعوا ،فخرج نافع بن الزرق على ثلثائة رجل إل الهواز( )" ،واصطلحت الزد
8
وبنو تيم فتجرد الناس للخوارج فاتبعوهم حت خرج من بقي منهم بالبصرة فلحق بابن
الزرق إل قليلً منهم من ل يكن أراد الروج يومه ذاك ،منهم عبدال بن صفار وعبدال
ابن إباض ورجال معهما على رأيهما"( ) .هنالك أحدث نافع قضية التشريك فكتب
9
أ -الزارقة:
وهم النسوبون إل نافع بن الزرق ،وقد شهد نافع الدفاع عن مكة الكرمة مع
ابن الزبي( ) ،وكان من عاد إل البصرة( ) ،وسجنه ابن زياد مع أصحابه( ) ،ثّ خرج إل
13 12 11
167
وتمع الصادر على أن نافع بن الزرق هو الذي انتحل مسألة التشريك وابتدأ
أمرها( ) ،ورتب على ذلك وجوب الجرة من دار الخالفي وكل ما يتعلق بالشركي من 1
أحكام التعامل معهم .ومن خطابه لصحابه..." :أليس حكمكم ف وليكم حكم النب
ف عدوه ،وعدوكم اليوم عدو ال وعدو ف وليه ،وحكمكم ف عدوكم حكم النب
يومئذ هـو عـدو ال وعدوكم اليوم؟ فقالوا :نعم ،قال: النب ،كما أن عدو النب
فقد أنـزل ال تبارك وتعال :براءة من ال ورسوله إل الذين عاهدت من الشركي،) (
2
وقال :ول تنكحوا الشركات حت يؤمن ،) ( فقد حرّم ال وليتهم والقام بي أظهرهم
3
وإجازة شهادتم وأكل ذبائحهم وقبول علم الدين عنهم ومناكحتهم وموارثتهم.) ("..
4
وما أحدثه نافع استحلل المانة وقتل الطفال وقطع عذر من قعد عن الروج
لقتال الورة( ) ،واستحلل السب والغنيمة( ) ،واستعراض الخالفي( ) .ويبدو أن هذا كله
7 6 5
مبن على الكم بالشرك ،كما نسب إليهم إنكار الرجم أيضا( ).
8
سية مبوب إل أهل حضرموت ص / 311أبو الؤثر (السي) جـ 2ص / 307البد (الكامل) جـ 3ص
/1203الطبي (التاريخ) جـ 3ص /399أبو قحطان (السي) جـ 1ص /113 ،112البسيوي(السي) جـ
2ص .85
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص ،399وانظر :ابن ذكوان (السية) ورقة 65ظ (مطوط) /الشعري (القالت) 4
/297الشعري (القالت) جـ 1ص /169ابن عبدربه (العقد الفريد) جـ 2ص /98البغدادي (الفرق) ص
/84ابن حزم (الفصل) جـ 5ص /52الشهرستان (اللل) جـ 1ص .121
( ) ابن ذكوان (السية) ورقة 65ظ (مطوط) /ابن الرحيل (السي) جـ 1سية مبوب إل أهل عمان ص 6
.297
() ابن ذكوان (السية) ورقة 65ظ (مطوط) /ابن حزم (الفصل) جـ 5ص .52 7
() ابن ذكوان (السية) ورقة 66ظ (مطوط) /الشعري (القالت) جـ 1ص / 173البغدادي (الفرق) ص 8
وحج ندة بأصحابه ف السنة الت حوصر فيها ابن الزبي ،فلما هجم جيش المويي على
مكة شارك ندة ف الذب عنها( ) .ويبدو أنه كان من رجع إل اليمامة موطنه الذي ثار
2
به .وتورد الصادر أن ندة تابعَ نافعا ف الكم بالتشريك وما ترتب عليه( ) ،ما عدا قطع
3
عذر القعدة عن القتال وقتل الطفال واستحلل المانة( ) ،وما عدا جواز الناكحة وأكل
4
ذبائح الخالفي( ) .وتنسب إليهم بعض الصادر أيضا إجازة الوارثة( ) ،لكن الذي ف
6 5
() ابن ذكوان (السي) ورقة 66ب 66 ،ظ (مطوط) /أبو الؤثر (السي) جـ 2ص / 308 ، 307أبو قحطان 3
() ابن ذكوان (السية) ورقة 66ب66 ،ظ (مطوط) /البسيوي (السي) جـ 2ص .125 5
169
سية سال بن ذكوان عكس ذلك( ).
1
جي -الصفرية:
أتباع عبدال بن الصفار ،وكان ضمن الشاركي مع ابن الزبي ف قتال جيش بن
أمية ثّ رجع إل البصرة ،وأخذه ابن زياد مع من حبسه من أصحابه( ) .لكنه ل يرج مع
2
نافع إل الهواز.
وبعد أن اعتنق نافع مبدأ التشريك كان عبدال بن صفار من بعث إليه نافع.
وتذكر بعض الصادر أن ابن صفار خالف نافعا ف أمور( ) ،غي أنه ل تدد الصادر
3
نوعية تلك الخالفة ،فبينما يقول بعضها بأن ابن صفار برئ من عبدال بن إباض وبرئ
من ابن الزرق( ) ،يقول بعضها بأن الصفرية أخذوا بقول عبدال بن إباض ورأوا
4
القعود( ) .والذي يظهر أن التفاق بي عبدال بن صفـار والباضية إنا هو ف أمر 5
القعود عن الروج ،وهي السألة الت خالف فيها نافع بن الزرق ،وهذا واضح من
القارنة بي رأي نافع وكلم عبدال بن إباض الت ومن نظرة عبدال بن صفار إل ابن
الزرق بأنه "غل" وإل ابن إباض بأنه "قصر"( ) .وهذا هو تفسي ما تذكره بعض
6
الصادر من أن الزارقة والصفرية استحلوا السب والغنيمة( ) ،وما يذكره بعضها أيضا من
7
أنه "قام ندة بن عامر وعبدال بن صفار فدعوا إل مثل ما دعا إليه نافع غي أنما خالفاه
ف أمور برئا منه عليها جيعا"( ) .وعليه يكون معن وصف ابن صفار نافع بن الزرق
8
بالغلو لجل قطعه العذر ف القعود وإيابه القتال ،ومعن وصفه ابن إباض بالتقصي لعدم
حكمه على الخالفي بالشرك ،وعلى هذا يكون رأي الصفرية كرأي النجدات ،ويكون
التمييز بينهما تييز نسبة ل غي .والذي يؤيد هذا أن ينسب إل الصفرية عي ما ينسب
() ابن ذكوان (السية) ورقة 66ظ (مطوط). 1
() ابن الرحيل (السي) جـ 1سية مبوب إل أهل حضرموت ص .311 7
170
إل النجدات من إباحتهم الناكحة والوارثة بينهم وبي مالفيهم ،وأكل ذبائحهم( )،
1
وعدم قتل الطفال والنساء( ) ،وعذر القعدة( ) .وتضيف بعض الصادر أن الصفرية
3 2
د -الباضية:
وهم النسوبون إل عبدال بن إباض التميمي( ) ،وكان من شارك مع أصحابه ف
5
()7
الذبــعنــالكعبةــث ّ ـعادــإل ـالبصرة( )،ـ ـ ـ ـ ـوسجنهــابنــزياد
6
ول يرج مع نافع إل الهواز( ) ،ثّ كان من كتب إليه نافع فخالفه عبدال قائلً" :قاتله
8
ال ،أي رأي رأى ،صدق نافع لو كان القوم مشركي كان أصوب الناس رأيا وحكما
فيما يشي به ،وكانت سيته كسية النب ف الشركي ،ولكنه قد كذب وكذّبنا فيما
يقول .إن القوم كفار بالنعم والحكام وهم براء من الشرك ول تل لنا إل دماؤهم ،وما
)(5نسبة الباضية إل عبدال بن إباض إنا هي نسبة اصطلحية فحسب ،وإل فإن نسبتهم –ف الواقع – إل المام جابر
بن زيد الزدي أب الشعثاء صاحب ابن عباس ،وهذا الذي أطبقت عليه كلمة الباضية .وإنا نسبوا إل ابن إباض بالنظر
إل مواقفه السياسية البارزة ،ومنها رسالته إل عبداللك بن مروان ،ومنها هذه الادثة الت خالف فيها نافع ابن الزرق
وأصحابه .على أن مالفة ابن إباض لنافع ل تعن أن عبدال رسم بفعـله هذا منهج الباضية ،لن دوره هاهنا إنا هو
إبراز الرأي ل إنشاؤه .والراد أن عبدال بن إباض واحد من الذين ثبتوا على النهج العتدل الذي سار عليه أهل النهروان
وتتابع عليه الباضية فيما بعد .وأيضا فإن علقة جابر بن زيد بأب بلل مرداس كانت قبل ظهور عبدال ابن إباض
ومالفته لنافع ،إذ كان جابر صديقا حيما لب بلل القتول عا م 59هـ كما تقدم ،ما يعن وضوح الرؤية لابر
وأصحابه قبل حادثة نافع .وهذا بدوره يدفع بنا إل القول بأن تبن عبدال بن إباض لرأيه الذي خالف به نافع بن الزرق
ل يكن وليد تلك الساعة ،بل كانت تلك الادثة بثابة امتحان لعبدال بن إباض ،هل يتطرف كما فعل نافع وصاحباه؟
أم يثبت على منهج العتدال كنظرائه جابر بن زيد ومن معه؟ وهذا ما فعله حقا.
واللصة أن جابر بن زيد هو المام النظر للباضية ،وكتب الباضية طافحة برواياته وأقواله الفقهية وآرائه
السياسية وسيته الذاتية ما ل يتسن من ذلك شيء لعبدال بن إباض سوى الشادة به والثناء عليه وكونه من كبار
دعاتم .ومسألة إمامة جابر بن زيد للباضية -فضلً عن مرد انتمائه إليهم -ل تعد قابلة للخذ والرد ،نظراً لتضافر
الدلة على صحتها.
لزيد من التفصيل ،انظر :خليفات (نشأة الركة الباضية) ص / 97-92هاشم (الركة الباضية ف الشرق
العرب) ص /55-45أبو داود ،سامي (المام جابر بن زيد) ص ( 48-42رسالة ماجستي).
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .398 6
171
سوى ذلك من أموالم فهو علينا حرام"( ).
1
من خلل ما مضى يتبي أن الفرق الثلث الزارقة والنجدات والصفرية تتبن
القول بأن ماربيهم مشركون ،ويرتبون على ذلك ما يترتب على حرب الشرك ،ويستثن
من ذلك بعض ما يتلفون فيه.
أما الباضية فتمثل تيار الحكّمة السابق على الفتراق ،يقول الدجيلي" :وفيما
يتصل بفرقة الباضية فإن عقائدها تتعارض تاما مع معظم آراء الزارقة ،وهي تثل التاه
الذي سار عليه أبو بلل"( ) ،فقد أعلن عبدال بن إباض تبؤه من قضية التشريك وأن أمر
2
العصية ل يتجاوز كفر النعمة الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة .وهذا هو ما تثبته
الصادر الخرى ،إذ ذكرت أن إطلق الباضية الكفر على الوحدين العصاة ل يتجاوز
كفر النعمة( ) الذي ل يرم الناكحة والوارثة( ).
4 3
وأما قول عبدال بن إباض" :ول تل لنا إل دماؤهم" فل يفى أنه يعن أمر
القتال ،والراد أنه إن حلّ قتال أحد من السلمي بكم شرعي كقتال البغاة الذي نصت
على شرعيته آية الجرات ،فل يل بعده شيء من الغنيمة والسب ونوها ،فليس الراد
به – إذن -الستعراض ،بل إن الوارج برئت من الباضية على ذلك( ) ،أي بسبب
5
صريح ف أن فعله هذا فرار بدينه ،فقد لقيه عبدال بن رباح النصاري -وكان له
صديقا -فسأله :أين تريد ؟ قال" :أريد أهرب بدين ودين أصحاب هؤلء من أحكام
( ) الشعري (القالت) جـ 1ص / 189 ، 184البغدادي (الفرق) ص / 103الشهرستان (اللل) جـ 1ص 3
.134
() الشعري (القالت) جـ 1ص /184البغدادي (الفرق) ص /103الشهرستان (اللل) جـ 1ص .134 4
172
الورة والظلمة"( ) ،ولذلك قال ابن حجر ف شرح حديث "يهلك الناس هذا الي من 1
قريش" قالوا :فما تأمرنا ؟ قال" :لو أن الناس اعتزلوهم" قال ابن حجر" :يؤخذ من هذا
الديث استحباب هجران البلدة الت يقع فها إظهار العصية ،فإنا سبب وقوع الفت الت
ينشأ عنها عموم اللك ،قال ابن وهب عن مالك :تجر الرض الت يصنع فيها النكر
جهارا ،وقد صنع ذلك جاعة من السلف"( ).
2
فيمن قال بتشريك مالفيهم أو ماربيهم .وإذن فالباضية على هذا العيار ليسوا من
الوارج ،والسبب الذي من أجله عدهم البعض من الوارج -كما يظهر -هو اتفاقهم
جيعا على الراء الت تقدم ذكرها ف مبحث آراء الوارج عدا التشريك والستعراض.
ولعل قول الباضية بكفر مرتكب الكبية يعنون به كفر النعمة لبس على غيهم فزج بم
ف عدا د الوارج لعدم التفريق عند من جعلهم منهم بي الكف ر والشر ك والتكفي
والتشريك.
يقول الشيخ السالي وهو من علماء الباضية:
ـمنهماـ ـوُ ِسمْ
ـالثانِـ ـ
وبالنفاقـ ـ والكفرـ ـقسمانـ ـجحودـ ـوِن َعمْ
() ابن عبد ربه (العقد الفريد) جـ 2ص .99 ،98 1
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص ،500شرح حديث رقم .7058 2
173
واليزان وإتيان الرجال وعقر الناقة والعتداء ف السبت لهل ذلك الزمان وغي ذلك"( ).
1
بلل مرداس بن أدية الذي نا ف معركة النهروان( ) تبي أن الراد بالوارج ها هنا إذن
3
من كان بعد أب بلل وهم الزارقة ومن نا نوهم كما هو مصرح به ف هذه الرواية( ).
4
وأيضا فمن أقدم ما يبز آراء الباضية الخالفة لراء الوارج سية سال بن ذكوان
السالف الديث عنها الت خصها لناقشة آراء الوارج .فقد أعلن -معبا عن الباضية-
تبؤه من القضايا الت تبناها الزارقة وأمثالم ف النصوص التالية:
" -نرى حق الوالدين وحق ذي القرب وحق اليتامى والساكي وحق أبناء السبيل
وحق الصاحب وحق الار وحق ما ملكت أياننا علينا حقا أبرارا كانوا أو فجارا،
ونؤدي المانة إل من استأمننا عليها من الناس كلها من قومنا( ) أو غيهم ،ونوف بعهود
5
قومنا من أهل الذمة إن استطعنا الذي يأخذونم به من الظلم من قومنا ومن غيهم،
وني من استجارنا من قومنا ومن غيهم ،ويأمن عندنا منهم حضرة القتال الكاف
العتزل".
..." -من غي أن نكون نراهم نـزلوا منازل عبدة الوثان فنستحل سباهم وقتل
ذراريهم وخس أموالم وقطع الياث منهم ،ول نرى الفتك بقومنا وقتلهم ف السر وإن
كانوا ضللً ما دمنا بي ظهرانم ونظهر لم الرضا بالذي هم عليه ،وذلك بأن ال ل
يأمر به ف كتابه ول نعلم أحدا من مضى من أولياء ال ف المم الاضية استحل شيئا من
ذلك وهو مثل منـزلتنا فنقتدي بسنتهم ف ذلك ،ول يفعله أحد من السلمي من كان
بكة بأحد من الشركي فنفعله نن بأهل القبلة."...
() يظهر من تكرار كلمة "قومنا" ف العبارات اللحقة عند سال بن ذكوان أنا اصطلح يراد به مالفو الباضية. 5
174
..." -ونرى مناكحة قومنا وموارثتهم ل ترم علينا ما داموا يستقبلون قبلتنا".
..." -ول نرى استعراض قومنا ما داموا يستقبلون القبلة من قبل أن ندعوهم إل
مراجعة الق والخذ به ،لن ال رضي الدعاء لنبيه وأمره به وأهل اليان".
..." -ول نرى قتل صغي من أهل قبلتنا ل ذنب له".
..." -ول نرى أن نستحل فرج امرأة رجل تزوجها بكتاب ال وسنة نبيه حت
يطلقها زوجها أو يتوف عنها ثّ تعتد عدة الطلقة أو التوف عنها زوجها".
..." -ول نرى انتحال الجرة من دار قومنا كهجرة النب وأصحابه من دار
قومهم ،ولكن يرج من خرج منا ماهدا ف سبيل ال على طاعته ،فإن هو رجع إل دار
قومه توليناه إذا كان عارفا لق ال مقرا به ف نفسه وماله."...
" -وندعو إل ال أن يطاع ال فنحل حلله ونرم حرامه ونكم با أنـزل ال
ف كتابه ونتبع سنة نبيه وسنة الصالي من عباد ال ،ليس من رأينا بمد ال الغلو ف
ديننا ول الغشم ف أمرنا ول العدا على من فارقنا ،حكمنا اليوم فيمن ترك قبلتنا ووجه
غيها حكم نبينا فيمن ترك قبلته وحكم السلمي بعده فيمن وجه غي قبلتهم ،وحللنا
اليوم ف دار قومنا حلل لنا إذا خرجنا ،وحرامنا إذا خرجنا حرامنا اليوم ف دار قومنا،
نعلم بمد ال أنه ل يرم على الارج منا شيء هو للقاعد حلل ،ول يل للقاعد منا
شيء هو على الارج حرام"( ).
1
() ابن ذكوان (السي) ورقة 70ظ 72 -ظ (مطوط). 1
175
الباب الثان:
176
177
تمهيــد:
في سرد الحاديث الواردة في الخوارج
الول :حديث المروق ،ونصه في بعض اللفاظ" :يخرج فيكم قوم
تحقرون صلتكم مع صلتهم ،وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع
أعمالهم ،يقرأون القرآن ول يجاوز حناجرهم ،يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية".
الثاني :حديث ال ُمخَدّج أو ذي ال ُيدَيّة أو ذي ال ُثدَيّة :وهو الزيادة التي في
بعض طرق حديث المروق المشتملة على وصف المُخَدّج ،بلفظ" :آيتهم
رجل أسود إحدى عضديه مثل البضعة تَ َدرْدَر ،يخرجون على حين فترة
من الناس".
الثالث :حديث شيطان الرّدْهة ،ولفظه في بعض الطرق عن سعد بن أبي
وق اص ق ال :ذك ر رس ول ال ذا الثُديّة فقال" :شيطان الردهة راعي
الجبل أو راعي الخيل َيحْ َت ِدرُه رجل من َبجِ ْيلَة يقال له الشهب أو ابن
ظلَمة".
الشهب ،علمة في قوم َ
الرابع :حديث المتعبد الذي أمر النبي بقتله ،ولفظه في بعض الوجه
رجل يعجبنا تعبده عن أنس بن مالك قال :كان في عهد رسول ال
واجتهاده ،قد عرّفناه لرسول ال فلم يعرفه ،فبينما نحن نذكره إذ طلع
الرجل ،قلنا :هو هذا قال" :إنكم لتخبرون عن رجل إن على وجهه سفعة
من الشيطان" ،فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم ،فقال له رسول ال :
"أنشدك بال هل قلت حين وقفت على المجلس :ما في القوم أحد أفضل مني
أو خير مني؟" قال :اللهم نعم ،ثم دخل يصلي ،فقال رسول ال " :من
يقتل الرجل"؟ فقال أبو بكر :أنا ،فدخل عليه فوجده يصلي ،فقال :سبحان
ال ،أقتل رجلً يصلي وقد نهى رسول ال عن قتل المصلين! فخرج
فقال رسول ال " :ما فعلت؟" قال :كرهت أن أقتله وهو يصلي وقد
نهيتَ عن قتل المصلين .قال " :من يقتل الرجل؟" قال عمر :أنا ،فدخل
فوجده واضعاً وجهه ،قال عمر :أبو بكر أفض ل مني ،فخرج ،فقال رسول
ال " :مه؟" قال :وجدته واضعاً وجهه ل فكرهت أن أقتله .قال" :من
يقتل الرجل؟" فقال علي :أنا ،قال" :أنت إن أدركته" ،قال :فدخل عليه
فوجده قد خرج ،فرجع إلى رسول ال فقال له" :مه؟" قال :وجدته قد
خرج ،فقال" :لو قتل ما اختلف من أمتي رجلن كان أولهم وآخرهم" .قال
178
موسى بن عبيدة :فسمعت محمد بن كعب فقال" :هو الذي قتله علي؛ ذو
الثدية".
الخامس :حديث المام علي" :لقد علمت عائشة بنت أبي بكر أن أهل
النهروان ملعونون على لسان محمد ".
السادس :حديث المام عليُ" :أ ِمرْتُ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين".
السابع :حديث "تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أَوْلى الطائفتين
بالحق".
الثامن :حديث "الخوارج كلب النار".
وسوف تكون المنهجية كما يلي:
-المبحث الول يتم فيه تخريج الحديث بناءً على ألفاظه.
-أما المبحث الثاني فتتم فيه دراسة أسانيده ،وقد جعلت الطريق للصحابي،
والرواية للراوي المباشر عن الصحابي.
-لم أذكر في المبحث الثاني من رجال السانيد إل من يكون وجوده قادحاً
في سنده ،فمن لم أذكره منهم ل ين زل بالحديث عن درجة الحسن.
-الحكم الذي يلي كل رواية ل يراد به إل تلك الرواية بعينها ،وأما
العتضاد بتعدد الطرق فل أتناوله إل في خاتمة المبحث الثاني ،اللهم إل
تعدد السانيد في الرواية الواحدة فإن الرتقاء بمجموع السانيد ضروري
لبيان حكم الرواية.
-الحكم النهائي على الحديث يكون في خاتمة المبحث الثالث.
179
الفصل الول:
حديث المروق
180
181
المبحث الول:
تريج الديث
روي الحديث من تسعة عشر طريقاً:
-1حديث أبي سعيد سعد بن مالك الخدري ،وله عنه ألفاظ عدة:
اللفظـ ـالول" :يخرج فيكم قوم تحقرون صلتكم مع صلتهم
وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم ،يقرأون القرآن ول يجاوز
حناجرهم ،يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ،تنظر في النصل
فل ترى شيئاً ،ثم تنظر في القدح فل ترى شيئاً ،ثم تنظر في الريش فل
ترى شيئاً ،وتتمارى في الفوق".
أخرجه المام الربيع بن حبيب -واللفظ له -والمام مالك بن أنس
وليس عنده "وصيامكم مع صيامهم" والمام البخاري من وجهين بمثله،
والمام مسلم بمثله ،والمام أحمد من وجهين أحدهما باختلف ،وابن أبي
شيبة من وجهين بمثله ،وأبو يعلى بمثله ،وابن حبان ،والدولبي من وجهين
مختصرا ،والطبراني في "الكبير" مختصراً جداً ،وفي الوسط من وجهين
بنحوه ومن وجهين آخرين مختصراً ،وابن أبي عاصم من وجهين بنحوه،
والبيهقي في "شعب اليمان" من وجهين ،والحاكم مع بعض اختلف،
وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" مختصراً ،والللكائي بنحوه).(1
اللفظ الثاني :عن أبي سعيد رضي ال عنه قال" :بعث علي رضي
ال عنه إلى النبي بذهيبة فقسهما بين الربعة :القرع بن حابس الحنبلي
ثم المجاشعي ،وعيينة بن حصن الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان
وعلقمة بن علثة العامري أحد بني كلب ،فغضبت قريش والنصار،
( ) الربيع (الامع الصحيح) باب ( ) 5رقم / 36ابن أنس (الوطأ) جـ 3أبواب السي باب ( ) 2رقم /864 1
البخاري (الصحيح) ك فضائل القرآن باب ( )36رقم ،5058ك استتابة الرتدين باب ( )6رقم /6931مسلم
(الصحيح) ك الزكاة باب ذكر الوارج رقم /1064أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /60 ،52ابن أب شيبة
(الصنف) جـ 15باب ( )2454ما ذكر ف الوارج رقم /19766 ،19755أبو يعلى (السند) جـ 2رقم
/1281 ،1233ابن حبان (الصحيح) باب إخباره صلى ال عليه وسلم عما يكون ف أمته من الفتنة والوادث،
ذكر الخبار عن خروج الرورية رق م / 6737الدولب (الكن والساء) جـ 2ص / 79الطبان (العجم
الكبي) جـ 6رقم /5433الطبان (العجم الوسط) جـ 3رقم ،2491جـ 5رقم 6140 ، 4366جـ
10رقم / 9356ابن أب عاصم (السنة) باب ( ) 176رقم / 935البيهقي (شعب اليان) جـ 2باب ()19
رق م / 2640الاكم (الستدرك) جـ 2ص / 148ابن الوزي (تلبيس إبليس) ص / 117الللكائي (شرح
ف الوارج رقم .2310 أصول اعتقاد أهل السنة) سياق ما روي عن النب
182
قالوا :يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا ،قال" :إنما أتألفهم" ،فأقبل رجل
غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق ،فقال :اتق
ال يا محمد ،فقال" :من يطع ال إذا عصيت؟ أيأمنني ال على أهل الرض
ول تأمنوني؟" فسأل رجل قتله – أحسبه خالد بن الوليد -فمنعه ،فلما ولى
قال" :إن من ضئضئ هذا ،أو :في عقب هذا قوم يقرأون القرآن ل يجاوز
حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ،يقتلون أهل السلم
ويدعون أهل الوثان ،لئن أنا أدركتهم لقتلنهم قتل عاد".
وهذا لفظ البخاري ،أخرجه من أربعة أوجه في أحدها "ثمود" بدل
"عاد" ،وأخرجه من وجه خامس مختصر ،ورواه المام أحمد في
موضعين ،ومسلم من وجهين في أحدهما "ثمود" بدل "عاد" وله عنده
أيضاً إسنادان آخران ،وأخرجه عبدالرزاق في "المصنف" و"المالي في
آثار الصحابة" ،وأبو داود ،والنسائي من وجهين ،وأبو داود الطيالسي
وفيه :فاستأذن عمر بدل :خالد ،وأبو يعلى بمثله وفيه "ثمود" بدل "عاد"،
وسعيد بن منصور ،وابن أبي عاصم وفيه قال علي :أتيت رسول ال
بذهبة...الخ ،وفيه أيضاً) :صئصئ( بالصاد ل بالضاد ،وأخرجه البيهقي
بإسنادين ،وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" وليس فيه "لئن أنا
أدركتهم...الخ").(1
اللفظ الثالث :وفيه زيادة على اللفظ الول وهي :قيل وما سيماهم؟
قال" :سيماهم التحليق" أو قال" :التسبيد".
أخرجه البخاري ،وأحمد ،وابنه عبدال في "السنة" ،وأبو يعلى،
وسعيد بن منصور ،والطبراني في "الوسط" مختصراً).(2
اللفظ الرابع" :سيكون في أمتي اختلف وفرقة ،قوم يحسنون القيل
ويسيئون الفعل ،يقرأون القرآن ل يجاوزر تراقيهم ،يحقر أحدكم صلته مع
() البخاري (الصحيح) ك أحاديث النبياء باب ( )6رقم ،3344ك الغازي باب ( )62رقم ،4351ك التفسي 1
باب ( )10رقم ،4667ك التوحيد باب ( )23رقم /7432أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /7398مسلم
(الصحيح) ك الزكاة باب ( )47رقم 1064الرقام /146 -134عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء
ف الرورية رقم ( ،18676المال) رقم /126أبو داود (السنن) ك السنة باب ف قتال الوارج رقم /4764
النسائي (السنن) ك الزكاة باب ( )79رقم ،2577ك 37باب ( )26رقم /4112الطيالسي (السند) ص 396
رقم / 2234أبو يعلى (السند) جـ 2رقم / 1163ابن منصور (السنن) القسم الثان من الجلد الثالث رقم
/2903ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم /910البيهقي (السنن الكبى) جـ 8رقم .16694
() البخاري (الصحيح) ك التوحيد باب ( )57رقم /7562أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /64عبد ال بن 2
أحد (السنة) رقم / 1551أبو يعلى (السند) جـ 2رقم / 1193ابن منصور (السنن) جـ 2رقم /2904
الطبان (العجم الوسط) جـ 6رقم .5210
183
صلتهم وصيامه مع صيامهم ،يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية،
ل يرجعون حتى يرتدوا على فوقه ،هم شر الخلق والخليقة ،طوبى لمن
قتلهم وقتلوه ،يدعون إلى كتاب ال وليسوا منه في شيء ،من قاتلهم كان
أولى بال منهم ،قالوا :يا رسول ال ،وما سيماهم؟ قال" :التحليق".
أخرجه المام أحمد ،وأبو يعلى ،والبيهقي ،والحاكم ،وليس عند
هؤلء الثلثة الخيرين "يحقر أحدكم ...صيامهم" ،وأخرجه المروزي،
واختاره الضياء المقدسي).(1
اللفظ الخامس :حديث أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي "ذكر
قوماً يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس سيماهم التحليق ،هم شر
الخلق" أو "من شر الخلق ،يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق" ،قال :فضرب
مثلً )أو قال :قولً( "الرجل يرمي الرمية )أو قال :الغرض( النبي
فينظر في النصل فل يرى بصيرة ،وينظر في النضي فل يرى بصيرة،
وينظر في الفوق فل يرى بصيرة ،قال أبو سعيد :وأنتم قتلتموهم يا أهل
العراق.
رواه المام مسلم -وهذا لفظه -وأحمد ،وابنه عبدال في "السنة" من
وجهين أحدهما عن أبيه ،ورواه النسائي في "السنن الكبرى" وفي
"الخصائص" من وجهين).(2
اللفظ السادس :ما أخرجه الطبراني في الوسط من رواية الوليد
خلَف يقرأون القرآن ل يجاوز بن قيس التجيبي عن أبي سعيد بلفظ" :يكون َ
)(3
تراقيهم فيقرأ القرآن ثلثة :مؤمن ومنافق وفاجر" .
اللفظ السابع :ما رواه ابن أبي عاصم في "الحاد والمثاني" عن
عطاء بن يسار عن أبي سعيد بلفظ "إنه سيأتي قوم تحقرون أعمالكم مع
)(4
أعمالهم" قلنا :يا رسول ال ،أقريش؟ قال" :ل ،ولكن أهل اليمن".
() أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص / 224أبو يعلى (السند) جـ 5رقم / 3117البيهقي (السنن الكبى) 1
/1552 ،1482النسائي (السنن الكبى) ك الصائص باب 58رقم ( ،8559 ،8558الصائص) ص .53
() الطبان (العجم الوسط) جـ 10رقم .9330 3
184
هذا ،وقد نسب ابن حجر الحديث إلى أبي عوانة من طريق بشر بن
بكير عن الوزاعي) ، (1أي من حديث أبي سعيد ،كما نسبه إلى الطبراني
من حديث أبي سعيد بزيادة "فغفل عن الرجل فذهب فسأل النبي عنه
فطلب فلم يدرك") (2ولم أجده عند الطبراني في "الكبير" في مسند أبي
سعيد ،ول في معجميه "الوسط" و"الصغير".
-2حديث أنس بن مالك:
اللفظ الول :بنحو لفظ حديث المام الربيع بن حبيب ،رواه عن أنس
ابن ماجه ،وأبو يعلى ،والضياء المقدسي ،كما رواه مختصراً كل من المام
أحمد من وجهين ،وابنه عبدال من أحد الوجهين ،وابن أبي عاصم).(3
اللفظ الثاني :هو اللفظ الرابع في حديث أبي سعيد الخدري ،رواه
المام أحمد ،وابنه عبدال من وجهين أحدهما عن أبيه ،ورواه أبو داود،
وأبو يعلى ،وابن أبي عاصم ،والجري ،والحاكم من وجهين ،والضياء من
وجهين أحدهما عن عبدال بن المام أحمد عن أبيه ،والثاني عن أبي
يعلى).(4
اللفظ الثالث :رواه عن أنس بن مالك حفص بن عمر قال :انطلق بنا
إلى الشام إلى عبدالملك ونحن أربعون رجلً من النصار ليفرض لنا ،فلما
رجع وكنا بفج الناقة صلى بنا العصر ثم سلم ودخل فسطاطه وقام القوم
يضيفون إلى ركعتيه ركعتين أخريين ،قال :فقبح ال الوجوه ،فوال ما
أصابت السنة ول قبلت الرخصة ،فأشهد لسمعت رسول ال يقول" :إن
أقوماً يتعمقون في الدين يمرقون كما يمرق السهم من الرمية" .رواه المام
أحمد ،وسعيد بن منصور).(5
-وقد روي الحديث عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري معاً بلفظ
حديث أبي سعيد الرابع.
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص .297 1
() ابن ماجه (السنن) القدمة باب ( )12رقم /175أبو يعلى (السند) جـ 7رقم /3908الضياء (الحاديث 3
الختارة) جـ 7رقم /2394أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /189 ، 183عبد ال بن أحد (السنة) رقم
/1547ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم .945
() أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /197عبد ال بن أحد (السنة) رقم /1549 ، 1548أبو داود (السنن) 4
ك السنة باب ف قتال الوارج رقم /4766أبو يعلى (السند) جـ 5رقم /2963ابن أب عاصم (السنة) باب
( ) 176رق م / 940الاكم (الستدرك) جـ 2ص / 147الجري (الشريعة) رق م / 38الضياء (الحاديث
الختارة) جـ 7رقم .2393 ،2391
() أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /159ابن منصور (السنن) جـ 2رقم .2905 5
185
أخرجه المام أحمد ،وأبو داود ،وأبو يعلى ،والمروزي ،والبيهقي،
والحاكم ،واختاره الضياء).(1
-كما روي عن أنس بن مالك عن أبي سعيد باللفظ نفسه ،أخرجه
أحمد ،وعنه الضياء المقدسي) . (2ونسبه ابن حجر إلى أبي داود)،(3
والذي في المطبوع عن أنس
وأبي سعيد ،كما نسبه إلى الطبري في "تهذيب الثار").(4
-3حديث المام علي بن أبي طالب:
رواه عنه المام البخاري بلفظ :إذا حدثتكم عن رسول ال فلن
آخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه ،وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم
فإن الحرب خدعة ،سمعت رسول ال يقول" :يأتي في آخر الزمان قوم
حدثاء السنان سفهاء الحلم ،يقولون من خير قول البرية يمرقون من
السلم كما يمرق السهم من الرمية ،ل يجاوز إيمانهم حناجرهم ،فأينما
لقيتموهم فاقتلوهم ،فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة".
ورواه البخاري أيضاً من وجهين آخرين أحدهما بدون زيادة كلم
المام علي ،كما أخرجه أحمد من وجهين ثانيهما بدون كلم المام علي،
وأخرجه ابنه عبدال في زياداته عليه ،وأخرجه أيضاً في "السنة" من أربع
طرق بالوجه الول الذي رواه أبوه -أي كلفظ البخاري أعله -اثنتان منها
من طريقه ،كما رواه بالوجه الثاني -أي بدون زيادة كلم المام علي -من
طرق أربع أيضاً ،واحدة منها من طريق أبيه المام أحمد.
وأخرجه مسلم بخمسة أسانيد ،وأبو داود الطيالسي بزيادة "كان علي
يخرج إلى السوق ويقول :صدق ال ورسوله ،فقيل له :ما قولك :صدق ال
ورسوله ،فقال :صدق ال ورسوله ،إذا حدثتكم ...الخ ،ورواه عبدالرزاق،
وأبو داود السجستاني ،والنسائي في "الصغرى" وفي "الكبرى"
و"الخصائص" من ثلثة أوجه في الخيرين ،ورواه البزار ،وأبو يعلى من
وجهين ،وابن حبان ،والطبراني في "الوسط" و"الصغير" ،وابن أبي
عاصم من وجهين ،وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" ،وابن المنذر في
() أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /224أبو داود (السنن) ك السنة باب ف قتال الوارج رقم /4765أبو 1
يعلى (السند) جـ 5رقم /3117الروزي (السنة) رقم /52البيهقي (السنن الكبى) جـ 8رقم /16703
الاكم (الستدرك) جـ 2ص /148الضياء (الحاديث الختارة) جـ 7رقم .2392
() أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص .224 2
186
"القناع" ،والبيهقي في "السنن الكبرى" من وجهين وفي "معرفة السنن
والثار").(1
-4حديث عبدال بن عمر بن الخطاب ،وله ألفاظ:
اللفظ الول :رواه البخاري عن عبدال بن عمر وذكر الحرورية،
فقال :قال النبي " :يمرقون من السلم مروق السهم من الرمية")،(2
ورواه الطبراني باللفظ نفسه).(3
اللفظـ ـالثاني :رواه ابن ماجه عنه مرفوعاً" :ينشأ نشء يقرأون
القرآن ل يجاوز تراقيهم ،كلما خرج قرن قطع" -قال ابن عمر :سمعت
رسول ال يقول" :كلما خرج قرن قطع" أكثر من عشرين مرة" -حتى
يخرج في عراضهم الدجال").(4
اللفظـ ـالثالث :عند أحمد عن شهر بن حوشب :سمعت عبدال بن
عمر يقول )وذكر له عدة أحاديث منها( :ولقد سمعت رسول ال يقول:
"يخرج من أمتي قوم يسيئون العمال يقرأون القرآن ل يجاوز حناجرهم"
قال يزيد )أحد الرواة( :ل أعلمه إل قال" :يحقر أحدكم عمله مع عملهم
يقتلون أهل السلم ،فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ،فطوبى
لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ،كلما طلع منهم قرن قطعه ال عز وجل"
فردد ذلك رسول ال عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع).(5
() البخاري (الصحيح) ك النبياء باب ( )25رقم ،3611ك فضائل القرآن باب ()36رقم ،5057له استتابة 1
الرتدين باب ( )6رقم /6930أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص /156 ، 131عبد ال بن أحد (السنة) رقم
/ 1492-1486 ، 1479مسلم(الصحيح) ك الزكاة باب ( )48رقم / 1066الطيالسي (السند) رقم / 168
عبدالرزاق (الصنف) جـ 10رقم / 18677أبو داود (السنن) ك السنة باب ف قتال الوارج رقم /4677
النسائي (السنن الصغرى) ك 37باب من شهر سيفه ث وضعه ف الناس رقم ( ، 4102الصائص) ص ،55
(السنن الكبى) ك= =الصائص باب ( ) 59رق م ( ، 8565 ، 8564الصائص) ص / 55اليثمي (كشف
الستار) ك أهل البغي باب فيمن يقاتلهم رقم /1858أبو يعلى (السند) جـ 1رقم / 324 ، 261ابن حبان
عما يكون ف أمته من الفت والوادث ،ذكر المر بقتال الرورية رقم /67399 (الصحيح) باب إخباره
الطبان (العجم الوسط) جـ 6رقم ( ، 6142العجم الصغي) رقم / 1051ابن أب عاصم (السنة) باب (
)176رقم /914 ،911البغوي ،أبو القاسم (العديات) جـ 2رقم /2607ابن النذر (القناع) ك قتال أهل
البغي / 229البيهقي (السنن الكبى) جـ 8رقم ( ، 16698 ، 16697معرفة السنن والثار) جـ 12رقم
.6534 ،6533
() البخاري (الصحيح) ك استتابة الرتدين باب ( )6رقم .6932 2
187
هذا وقد نسبه ابن حجر إلى محمد بن إسحاق عن ابن عمر) ، (1كما
نسبه إلى الطبري في "تهذيب الثار" قال :ولفظه "أتى ذو الخويصرة
التميمي رسول ال وهو يقسم الغنائم بحنين…" ،قال :ووقع في رواية
عقبة بن وساج عن عبدال بن عمر مايؤيد هذه الزيادة).(2
-5حديث عبدال بن عباس:
اللفظ الول" :ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من السلم كما
يمرق السهم من الرمية".
أخرجه ابن أبي شيبة ،وعنه كل من المام أحمد وابنه في زوائده
على المسند وابن ماجه من أحد وجهيه وأبي يعلى).(3
اللفظ الثاني :أخرجه أبو داود الطيالسي ":يخرج من قبل المشرق
قوم يقرأون القرآن ليجاوز تراقيهم ،يمرقون من الدين -أو قال :من
السلم -كما يمرق السهم من الرمية").(4
-6حديث جابر بن عبدال:
بالجعرانة اللفظ الول :عن جابر بن عبدال قال :كان رسول ال
وهو يقسم التبر والغنائم ،وهو في حجر بلل ،فقال رجل :اعدل يامحمد
فإنك لم تعدل ،فقال" :ويلك ،ومن يعدل بع دي إذا لم أع دل؟" فق ال
عم ر :دعن ي يا رسول ال حتى أضرب عنق هذا المن افق ،فق ال
رس ول ال " :إن هذا في أصحاب أو أصيحاب له ،يقرأون القرآن ل
يجاوز تراقيهم ،يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
أخرجه ابن ماجه -واللفظ له -وابن أبي شيبة باختصار ،وسعيد بن
منصور،
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15رقم /19765أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص /256 ، 255ابن ماجه 3
( ) ابن ماجه (السنن) القدمة باب ( ) 12رق م / 172ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15رق م / 19764ابن 5
(السنة) باب ( ) 176رق م / 943الطبان (العجم الكبي) جـ 2رقم ( ، 53العجم الوسط) جـ 9رقم
.9060
() أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص /404ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15رقم /19729ابن ماجه (السنن) 2
القدمة باب ( )12رقم /168الترمذي (الامع) ك الفت باب ( )24رقم /2195أبو يعلى (السند) جـ 9رقم
/5402الجري (الشريعة) رقم .56
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15رقم .19736 3
() ابن وضاح (كتاب فيه ما جاء ف البدع) رقم .278 4
189
يجاوز تراقيهم ،ولكنه إذا قرئ فرسخ في القلب نفع ،إني لعرف النظائر
التي كان رسول ال يقرأ في كل ركعة ،ثم قام فدخل عليه علقمة ثم قال:
سله لنا عن النظائر التي كان رسول ال يقرأ بها .قال :ثم خرج إلينا
فقال :عشرون سورة من المفصل من تأليف عبدال).(1
-8حديث أبي ذر جندب جنادة ورافع بن عمرو الغفاريين:
اللفظـ ـالول :عن عبدال بن الصامت عن أبي ذر مرفوعاً" :إن
بعدي من أمتي ،أو :سيكون بعدي من أمتي قوم يقرأون القرآن ل يجاوز
حلقيمهم ،يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرميّة ،ثم ل يعودون
فيه ،هم شر الخلق والخليقة" ،فقال ابن الصامت :فلقيت رافع بن عمرو
الغفاري أخا الحكم الغفاري ،قلت :ما حديث سمعته من أبي ذر كذا وكذا،
فذكرت له هذا الحديث ،فقال :وأنا سمعته من رسول ال .
رواه المام مسلم -واللفظ له -وأحمد ،وابن أبي شيبة ،وعنه ابن
ماجه ،ورواه الدارمي ،والطبراني من وجهين ،وابن المنذر في "القناع"،
وابن أبي عاصم من وجهين أحدهما في "السنة" والثاني فيه وفي "الحاد
والمثاني" ،ورواه أيضاً الللكائي).(2
وقد روي باللفظ نفسه عن أبي ذر فقط ،أي بدون زيادة عبدال بن
الصامت في عرضه حديث أبي ذر على رافع بن عمرو.
رواه كل من المام أحمد ،وأبي داود الطيالسي ،بزيادة "سيماهم
التحليق" عندهما ،كما رواه ابن حبان).(3
اللفظ الثاني :رواه أبو داود الطيالسي عن عبدال بن الصامت قال:
لما قدم أبو ذر على عثمان من الشام قال :يا أمير المؤمنين ،أتحسب أني
من قوم وال ما أنا منهم ول أدركهم ،يقرأون القرآن ل يجاوز تراقيهم
يمرقون من السلم كما يمرق السهم من الرمية ،ل يرجعون إليه حتى
يرجع السهم على فوقه سيماهم التحليق ،وال لو أمرتني أن أقوم ما قعدت
() مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب ( )49رقم / 1067أحد بن حنبل (السند) جـ 5ص / 31ابن أب شيبة 2
( ) البخاري (الصحيح) ك استتابة الرتدين باب ( ) 7رق م / 6934ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15رقم 2
/19728مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب ( )49رقم /1068ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم .908
() أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /486عبد ال بن أحد (السنة) رقم .1508 3
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص ،310ول أجده ف الجزاء الطبوعة من مسند أب عوانة. 4
() مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب ( )49رقم /1068ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم .909 5
191
رواه المام أحمد ،والطبراني) ،(1وعزاه ابن حجر في "الصابة"
إلى يعقوب بن سفيان بنفس الطريق وفي آخره :فسمعه ابن أبي حذيفة فقال:
إن كنت صادقاً إنك لمنهم).(2
-11حديث أبي برزة نضلة بن عبيد السلمي:
عن شريك بن شهاب قال :كنت أتمنى أن ألقى رجلً من أصحاب
النبي يحدثني عن الخوارج ،فلقيت أبابرزة في يوم عرفة في نفر من
أصحابه ،فقلت :يا أبا برزة حدثنا بشيء سمعته من رسول ال يقوله في
الخوارج ،فقال :أحدثك بما سمعت أذني ورأت عيناي ،أُتيَ رسول ال
بدنانير فكان يقسمها ،وعنده رجل أسود مطموم الشعرعليه ثوبان أبيضان
فأتاه من قبل وجهه فلم بين عينيه أثر السجود ،فتعرض لرسول ال
يعطه شيئاً ،ثم أتاه من خلفه فلم يعطه شيئاً ،فقال :وال يا محمد ما عدلت
منذ اليوم في القسمة ،فغضب رسول ال غضباً شديداً ثم قال" :وال ل
تجدون بعدي أحداً أعدل عليكم مني" قالها ثلثاً ،ثم قال" :يخرج من قبل
المشرق رجال كأن هذا منهم ،هديهم هكذا :يقرأون القرآن ل يجاوز
تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ل يرجعون إليه"
ووضع يده على صدره "سيماهم التحليق ،ل يزالون يخرجون حتى يخرج
آخرهم ،فإذا رأيتموهم فاقتلوهم" قالها ثلثاً "شر الخلق والخليقة" قالها
ثلثاً .وقد قال حمّاد :ل يرجعون فيه.
أخرجه المام أحمد -واللفظ له -من وجهين ،وابن أبي شيبة ،وأبو
داود الطيالسي ،وعنه النسائي ،ورواه الحاكم).(3
-12حديث أبي بَكرة نُ َفيْع بن الحارث:
بدنانير فجعل اللفظ الول :عن أبي بَكرة قال :أتي رسول ال
يقبض قبضة ثم ينظر عن يمينه كأنه يؤامر أحداً ثم يعطي ،ورجل أسود
مطموم عليه ثوبان أبيضان بين عينيه أثر السجود ،فقال :ما عدلت في
القسمة ،فغضب رسول ال وقال" :من يعدل عليكم بعدي ؟" قالوا :يا
رسول ال ،أل نقتله؟ فقال" :ل" ،ثم قال لصحابه" :هذا وأصحابه يمرقون
من الدين كما يمرق السهم من الرمية ،ل يتعلقون من السلم بشيء".
() أحد بن حنبل (السند) جـ 4ص /145الطبان (العجم الكبي) جـ 17رقم .898 1
() أحد بن حنبـل (السند) جـ 4ص /425 ، 424 ، 421ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15رقم /19763 3
الطيالسي (السند) رقم / 923النسائي (السنن الصغرى) ك تري الدم ،باب من شهر سيفه ث وضعه ف الناس
رقم /4103الاكم (الستدرك) جـ 2ص .146
192
رواه المام أحمد من ثلثة أوجه ،وعنه ابنه عبدال في "السنة" من
وجهين منها ،ورواه ابن أبي عاصم ،والبزّار ،والحاكم بإسنادين) ،(1وعزاه
ابن حجر إلى الطبري من طريق بلل بن ُب ْقطُر عن أبي بَكرة) ،(2وهي هذه
الطريق.
اللفظ الثاني :عن عثمان الشحّام :حدثنا مسلم بن أبي بَكرةَ وسألته:
هل سمعت في الخوارج من شيء؟ قال :سمعت والدي أبا بَكرةَ يقول عن
أنه قال" :سيخرج من أمتي أقوام أشداء أحِدّاء ذَلقةٌ ألسنتهم نبي ال
بالقرآن ،ل يجاوز إيمانهم تراقيهم ،فإذا رأيتموهم فأنيموهم فالمأجور من
قتلهم".
رواه الحارث بن أبي أسامة ،وعنه البيهقي في "معرفة السنن والثار"،
)(3
ورواه ابن أبي عاصم من وجهين
-13حديث أبي أمامة صُ َديّ بن عَجْلن الباهلي:
اللفظـ ـالول :حديث شَهر بن حَوْشَب قال :كنت بدمشق فجاؤوا
برؤوس فوضعوها على دَرج مسجد دمشق ،فرأيت أبا أمامة يبكي فقلت
يقول" :إنه له :ما يبكيك يا أبا أمامة ؟ قال :إني سمعت رسول ال
سيكون في أمتي ناس يقرأون القرآن ل يتجاوز تراقيهم ينثرونه كما ُينْ َت َثرُ
ال َدقَل ،يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم ل يعودون فيه
شرّ قتلى تحت السماء ،طوبى لمن قتلهم حتى يعود السهم على فُوقِهَ ،
وقتلوه" ،رواه الطبراني).(4
اللفظ الثاني :عن أبي أمامة مرفوعاً" :تخرجون من السلم كما
يخرج السهم من الرمية ،ل ترجعون فيه حتى يرجع السهم على فوقه،
كلب النار" رواه الطبراني ،والجري).(5
حيْمي :قال :بينا نحن عند رسول -14حديث طلق بن علي الحنفي السّ َ
ال فقال لنا" :يوشك أن يجيء قوم يقرأون القرآن ،ل يجاوز تراقيبهم
() أحد بن حنبل (السند) جـ 5ص / 44 ، 42 ، 36عبد ال بن أحد (السنة) ح / 1521 ، 1519ابن أب 1
عاصم (السنة) باب ( )176رقم /927الاكم (الستدرك) جـ 2ص /146اليثمي (كشف الستار) ك أهل
البغي= =باب فيمن يقاتلهم رقم .1859
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص .296 2
() اليثمي (بغية الباحث) رقم /702البيهقي (معرفة السنن) جـ 12رقم /16532ابن أب عاصم (السنة) باب 3
() الطبان (العجم الكبي) جـ 8رقم /8045الجري (الشريعة) رقم .57 5
193
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ،طوبى لمن قتلهم وقتلوه" ثم
التفت إلي فقال" :أما إنهم سيخرجون بأرضك ياتهامي ،يقاتلون بين
النهار" ،قلت :بأبي وأمي ما بها أنهار ،قال" :إنها ستكون" .أخرجه
الطبراني).(1
-15حديث عبدال بن عمرو بن العاص:
اللفظ الول :عن مقسم أبي القاسم مولى عبدال بن الحارث بن نوفل
قال :خرجت أنا وتليد بن كلب الليثي حتى أتينا عبدال بن عمرو بن
العاصي وهو يطوف بالبيت معلقاً نعليه بيده ،فقلنا له :هل حضرت رسول
ال حين يكلمه التميمي يوم حنين؟ قال :نعم ،أقبل رجل من بني تميم
يقال له ذو الخويصرة فوقف على رسول ال وهو يعطي الناس ،قال :يا
محمد ،قد رأيت ما صنعت ف ي هذا اليوم ،فقال رسول ال " :أجل،
فكيف رأيت؟" ق ال :لم أرك عدلت .فغضب رسول ال ثم قال" :ويحك،
إن لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟!" فقال عمر بن الخطاب :يا رسول
ال ،أل نقتله ؟ قال" :ل ،دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى
يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ،ينظر في النصل فل يوجد شيء،
ثم في القدح فل يوجد شيء ،ثم في الفوق فل يوجد شيء ،سبق الفرث
والدم".
رواه المام أحمد ،وعنه ابنه عبدال في "السنة" ،ورواه ابن أبي
عاصم).(2
اللفظ الثاني :عن عبدال بن عمرو قال :أتى رسول ال صلى ال
عليه وآله وسلم رجل وهو يقسم تمراً يوم خيبر ،فقال :يا محمد ،اعدل،
قال" :ويحك ،ومن يعدل إذا لم أعدل؟!" أو "عند من تلتمس العدل
بعدي؟!" ثم قال" :يوشك أن يأتي قوم مثل هذا يتلون كتاب ال وهم أعداؤه،
يقرأون كتاب ال محلقة رؤوسهم ،فإذا خرجوا فاضربوا رقابهم".
أخرجه بهذا اللفظ الحاكم ،كما أخرجه ابن أبي عاصم ،وفيه :وهو
يقسم تبراً يوم حنين).(3
اللفظ الثالث:عن عقبة بن وساج قال :كان صاحب لي يحدثني عن
شأن الخوارج وطعنهم على أمرائهم ،فحججت فلقيت عبدال بن عمرو
() الطبان (العجم الكبي) جـ 8رقم .8360 1
() أحد بن حنبل (السند) جـ 2ص /219عبد ال بن أحد (السنة) رقم /1504ابن أب عاصم (السنة) باب( 2
)176رقم .929
() الاكم (الستدرك) جـ 2ص /145ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم .944 3
194
فقلت له :أنت من بقية أصحاب رسول ال ،وقد جعل ال عندك علماً،
وأناس بهذا العراق يطعنون على أمرائهم ويشهدون عليهم بالضللة ،فقال
لي :أولئك عليهم لعنة ال والملئكة والناس أجمعين ،أُتي رسول ال
بقليد من ذهب وفضة فجعل يقسمها بين أصحابه ،فقام رجل من أهل البادية
فقال :يا محمد ،وال لئن أمرك ال أن تعدل فم ا أراك أن تع دل ،فق ال:
"ويحك ،من يعدل عليه بعدي؟" ،فلما ولّى قال" :ردوه رويداً" ،فقال النبي
" :إن في أمتي أخاً لهذا يقرأون القرآن ل يجاوز تراقيهم كلما خرجوا
فاقتلوهم" ثلثاً.
أخرجه ابن أبي عاصم ،والبزار).(1
هذا وقد عزاه ابن حجر إلى الطبري في "تهذيب الثار" عن عبدال
بن عمرو).(2
-16حديث أبي هريرة عبدالرحمن بن صخر الدوسي:
رواه ابن أبي عاصم عن يحيى بن يزيد قال :كنت محبوساً في
السجن أنا والفرزدق في يدي مالك بن المنذر ،فقال الفرزدق في السجن :يا
يحيى ،إن كنت كاذباً فل أخرجني ال من السجن ول أنجاني من يدي مالك
-وكان يخافه -إن لم أكن أتيت أبا هريرة وأبا سعيد فقلت :إني رجل من
أهل المشرق وإن قوماً يخرجون علينا فيقتلون من قال :ل إله إل ال،
ويأمن من سواه من الناس ،فقال -وإل ل نجاني ال من السجن -سمعنا
خليلنا يقول" :من قتلهم فله أجر شهيد ،ومن قتلوه فله أجر شهيدين").(3
ورواه أيضاً الطبراني في "الوسط").(4
-17حديث عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص:
أخرجه الطبراني في "الوسط" عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن
عمار بن ياسر قال لسعد بن أبي وقاص :مالك ل تخرج مع علي؟ أما
سمعت رسول ال قال" :يخرج قوم من أمتي يمرقون من الدين مروق
السهم من الرمية يقتلهم علي بن أبي طالب" ؟ قالها ثلث مرار ،قال :إي
() ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم /934اليثمي (كشف الستار) ك أهل البغي باب علمتهم وعبادتم 1
رقم .1850
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص .298 2
195
وال لقد سمعته ،ولكني أحببت العزلة حتى أجد سيفاً يقطع الكافر وينبو عن
المؤمن").(1
كما عزاه الهيثمي) (2إلى الطبراني في "الكبير" ولم أجده في الجزاء
المطبوعة.
-18حديث عبد الرحمن بن عُدَيس ال َبلَوي:
أخرج الطبراني في "الوسط" عنه قال :سمعت رسول ال يقول:
"يخرج أناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ،يُقتلون بجبل
لبنان أو بجبل ،"3قال ابن لهيعة :فقت ل ابن عديس بجبل لبنان أو بجبل
الجليل).(4
-19حديث عامر بن واثلة:
بلفظ "لما كان يوم حنين أتى رسول ال رجل مجزوز الرأس أو
محلوق الرأس ،قال :ما عدلت ،قال رسول ال " :إذا لم أعدل أنا فمن
يعدل"؟ قال :فغفل عن الرجل فذهب فقال" :أين الرجل"؟ فطلب فلم يدرك،
فقال" :إنه سيخرج من أمتي قوم سيما هذا يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية ،نظر في قدحه فلم ير شيئاً ،نظر في رصافه فلم ير شيئاً،
نظر في فوقه فلم ير شيئاً".
رواه الضياء المقدسي في "الحاديث المختارة") ،(5ونسبه نور الدين
الهيثمي إلى الطبراني) ،(6أي في "الكبير" ،وهو واضح من السند الذي
ساقه الضياء ،إل أن الحديث لم أجده في الجزاء المطبوعة من معجم
الطبراني الكبير ،ول هو موجود أيضاً في المعجمين "الوسط"
و"الصغير" ،فأغلب الظن أنه في الجزاء المفقودة من المعجم الكبير.
() الضياء (الحاديث الختارة) جـ 8مسند أنس بن مالك ص 230رقم .274 5
196
المبحث الثانـي:
دراسة أسانيد الديث
() ابن حجر (التهذيب) جـ 11ص 38 ،37رقم ،7612وانظر :ابن معي (التاريخ) جـ 3ص 195رقم .893 4
197
جائز الحديث وهو حسن الحديث) ،(1وقال أبو زرعة :محله الصدق ،وقال
أبو حاتم :يكتب حديثه ول يحتج به) ، (2وقال ابن سعد :كان كثير الحديث
يستضعف ،وكان متشيعاً) ، (3وقال ابن المديني :صالح ولم يكن بالقوي)،(4
وقال الساجي :صدوق ،وقال أحمد :ليس هو محكم الحديث).(5
فالواضح أنه مضعف ،وكلم ابن معين فيه" :صالح وليس بمتروك
الحديث" محمول على توثيقه ديانة وتضعيفه من جهة الضبط نظراً لقوال
ابن معين الخرى فيه ،وعليه يحمل أيضاً كلم من أثنى عليه ،وأما كلم
العجلي" :جائز الحديث وهو حسن الحديث" فل يقوى على مناهضة كلم
سائر علماء الرجال الذين تكلموا فيه ،ل سيما مع تساهله في التوثيق ،إذ
هو بمن زلة من يورده ابن حبان في ثقاته ويسكت عنه).(6
والخلصة أن هذه الطريق بهذه الرواية لينة ،لضعف هشام بن سعد
من جهة ضبطه.
() العجلي (معرفة الثقات) جـ 2ص 329رقم .1900 1
() منهج ابن حبان ف التوثيق معروف بينه ف كتابه ،وقد عد من قبيل الثقة من ل يُجْرح ،قال ف (الثقات) جـ 6
1ص " :13فمن ل يعلم برح فهو عدل إذا ل يبي ضده ،إذ ل يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم،
وإنا كلفوا الكم بالظاهر من الشياء غي الغيب عنهم" .وهذا السلك ل يرتضه الحدثون كما هو معروف.
وقال العلمي اليمان (التنكيل) جـ 1ص " :66،67فابن حبان قد يذكر ف (الثقات) من يد البخاري ساه ف
(تاريه) من القدماء ،وإن ل يعرف ما روى ومن روى عنه ،ولكن ابن حبان يشدد وربا تعنت فيمن وجد ف
روايته ما استنكره وإن كان الرجل معروفا مكثرا ،والعجلي قريب منه ف توثيق الجاهيل من القدماء ،وكذلك
ابن سعد وابن معي والنسائي وآخرون غيهم يوثقون من كان من التابعي أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم
مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد ،وإن ل يرو عنه إل واحد ول يبلغهم عنه إل حديث واحد".
وقال اللبان (الصحيحة) جـ 2ص " : 218فالعجلي معروف بالتساهل ف التوثيق كابن حبان تاما ،فتوثيقه
= مردود إذا خالف الئمة الوثوق بنقدهم وجرحهم".
=وقد قام مقق كتاب "معرفة الثقات" للعجلي عبد العليم عبد العظيم البسيون بدراسة ألفاظ العجلي ف التوثيق
والتضعيف فقال جـ 1ص " :125وقد تبي ل بعد دراسة تراجم كثي من الرواة أن المام العجلي كثيا ما يتفق
مع ابن حبان ف توثيق أناس ذكرهم أبو حات وغيه ف الجاهيل أو سكتوا عليه ويزم العجلي بتوثيقهم".
وخلص إل أن ظاهرة التساهل عند العجلي فيما يتعلق بالتوثيق -مقارنة براتب ابن حجر -تبز فيما يلي:
-1إطلق "ثقة" على الصدوق فمن دونه.
-2إطلق "ل بأس به" على من هو ضعيف.
-3توثيق مهول الال ومن ل يرو عنه إل واحد.
انظر :العجلي (معرفة الثقات)جـ 1مقدمة الحقق ص .127-125
198
- 4أما رواية أبي سلمة وعطاء بن يسارـ فقد رواها باللفظ الول كل
من:
أ -محمد بن إبراهيم التيمي بسند صحيح عند الشيخين.
ب -عبدال بن دينار عند ابن أبي شيبة ،وعبدال بن دينار هو العدوي
مولى ابن عمر،وهو ثقة) ،(1لكن السناد ضعيف لن فيه موسى بن
عُبيدة الرّبَذي الراوي عن عبدال بن دينار ،قال ابن حجر" :ضعيف
ول سيما في عبدال بن دينار ،وكان عابداً من صغار السادسة").(2
جـ -محمد بن يحيى بن حيان عند ابن أبي عاصم في "الحاد
والمثاني" ،وإسناده حسن.
فالرواية صحيحة ،والضعيف منها يعتضد بالقوي.
-5رواية عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي أبي الحكم الكوفي:
ورغم الخلف فيه فقد قال ابن حجر" :صدوق ،من الثالثة ،مات قبل
المائة") .(3رواها باللفظ الثاني البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود
الطيالسي وسعيد بن منصور وأبو يعلى وعبدالرزاق وابن أبي عاصم وابن
الجوزي في "تلبيس إبليس" بأسانيد صحيحة وحسنة.
فالرواية صحيحة.
- 6رواية عبدال ـبن الزبير عن أبي سعيدـ عند الطبراني في "الكبير"
و"الوسط" ،باللفظ الول ،وفيها:
-عبدال ــبنـ ـلهيعة،ـ ـوفيه كلم كثير يفيد ضعفه) (4لخصه الحافظ في
"التقريب" فقال" :صدوق ،من السابعة ،خلّط بعد احتراق كتبه ،ورواية
ابن المبارك وابن وهب أعدل من غيرهما ،وله في مسلم بعض الشيء
مقرون مات سنة أربع وستين") ،(5والراوي عنه هنا سعيد بن الحكم بن أبي
مريم ،قال ابن حجر" :ثقة ثبت فقيه ،من كبار العاشرة ،مات سنة سبع
وثلثين") ،(6ورواية سعيد بن الحكم عن ابن لهيعة ل يدرى أهي حال
اختلطه أم قبل ذلك.
() ابن حجر (التقريب) ص 302رقم .3300 1
199
علوة على ذلك قال ابن حبان عن ابن لهيعة" :وكان شيخاً صالحًا
ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه ،ثم احترقت كتبه في سنة
سبعين ومائة قبل موته بأربع سنين ،وكان أصحابنا يقولون :إن سماع من
سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صحيح ،ومن سمع منه
بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء") . (1ثم قال" :قد سبرت أخبار ابن
لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين فرأيت التخليط في رواية المتأخرين
عنه موجوداً وما ل أصل له من رواية المتقدمين كثيراً ،فرجعت إلى
العتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات
فالتزقت تلك الموضوعات به") .(2من أجل كلم ابن حبان أورد ابن حجر
ابن لهيعة في المرتبة الخامسة من المدلسين) ،(3وهي عنده "من ضعف
بأمر آخر سوى التدليس فحديثهم مردود ولو صرحوا بالسماع ،إل أن يوثق
من كان ضعفه يسيراً" .غير أن ابن حجر استثنى ابن لهيعة من أن تتناوله
كل أحكام هذه المرتبة ،وذلك في مقدمة كتابه ،حيث قال عقب بيان هذه
المرتبة مباشرة" :كابن لهيعة") ،(4وهذا مصير منه إلى أن ضعف ابن
لهيعة منجبر بتوثيق من وثقه ،لذلك عده في مرتبة "صدوق" كم ا تقدم،
لكن عدم ضعفه – إن ثبت – ل ينافي كونه مدلساً ،وتصريح ابن لهيعة
بالسماع ها هنا يسد هذه الثغرة ،ويبقى الكلم على ضعفه نفسه ،فإن الوهن
في حاله بيّن كما سبق ،ورأي ابن حجر فيه مقدوح فيه بقول سبط ابن
العجمي" :والعمل على تضعيف حديثه").(5
فالحديث من هذه الرواية فيه ضعف من أجل ابن لهيعة.
-7روايةـ ـأبيـ ـالمتوكلـ ـعليـ ـبنـ ـداودـ ـالناجي :عند الطبراني في
"الوسط" والحاكم باللفظ الول .وفيها:
-سعيد بن بشير الزدي ،قال ابن حجر" :ضعيف ،من الثامنة ،مات سنة
ثمان -أو تسع -وستين") (6أي ومائة.
200
-قتادة بن دعامة السدوسي ،قال ابن حجر" :ثقة ثبت ،ويقال :ولد أكمه،
وهو رأس الطبقة الرابعة ،مات سنة بضع عشرة") ،(1إل أن ابن حجر عده
في المرتبة الثالثة من المدلسين) ، (2وهي عنده "من أكثر من التدليس فلم
يحتج الئمة من أحاديثهم إل بما صرحوا فيه بالسماع ،ومنهم من رد
حديثهم مطلقاً ،ومنهم من قبلهم" ،وقد عنعن ها هنا.
فالحديث بهذه الرواية ضعيف لعنعنة قتادة وضعف سعيد بن بشير.
- 8رواية أبي الصديق بكر بن عمرو وقيل :ابن قيس الناجي ،قال ابن
حجر" :ثقة ،من الثالثة مات سنة ثمان ومائة") ،(3وقد وردت من طريقين:
أ -قتادة عند ابن أبي عاصم باللفظ الول ،وقد عنعن هنا هنا.
كما رواها عن قتادة سعيد دون ذكر لبيه ونسبه ،ورواها عن سعيد:
محمد بن بكار بن بلل العاملي ،وهو "صدوق من التاسعة ،مات سنة ست
عشرة وله أربع وستون") .(4أما سعيد فقد احتمل اللباني أن يكون هو سعيد
بن عبدالعزيز ،وأن يكون سعيد بن بشير الزدي ورجحه).(5
والواضح أن ما رجحه هو الصواب ،بل ل احتمال لن يكون سعيد
هذا هو ابن عبدالعزيز ،للتصريح به -أي ابن بشير -في رواية أبي
المتوكل الناجي السابقة فإن فيها) :حدثنا عبدال بن الحسين ،حدثنا محمد بن
بكار قال حدثنا سعيد بن بشير ،عن قتادة ،عن أبي المتوكل( .وقد تقدم أن
سعيد بن بشير ضعيف.
وعليه فالرواية بهذا السند ضعيفة لعنعنة قتادة وضعف سعيد.
وأما الختلف بين الروايتين ،الولى التي تجعل قتادة رواها عن
أبي المتوكل الناجي ،والثانية التي تجعله رواها عن أبي الصديق الناجي
فيبدو أن الثانية وهم من عبدالرحمن بن عمرو الراوي عن محمد بن بكار
عند ابن أبي عاصم ،فإن لرواية أبي المتوكل عند الطبراني في "الوسط"
متابعة عند الحاكم من طريق سعيد بن بشيرعن قتادة عن أبي المتوكل.
ب -عمران أبو النعمان العمي :هكذا عند الطبراني في "الوسط"
باللفظ الثالث.
201
ولم أجد من اجتمع له هذا السم والكنية والنسبة .ويبدو أن أبا النعمان
محرف من أبي العوام ،وأبو العوام هو عمران بن داور ال َعمّي) ،(1قال ابن
حجر" :صدوق يهم ،و ُرمِي برأي الخوارج ،من السابعة ،مات بين الستين
والسبعين") . (2ورميه برأي الخوارج -مع كونه ليس قادحاً فيه -قد بيّن
أمره ابن حجر بأن عمران أفتى إبراهيم بن عبدال ابن الحسن لما خرج
يطلب الخلفة زمن المنصور بفتيا قتل بها رجال مع إبراهيم ،قال ابن
حجر" :وليس هؤلء من الحرورية في شيء").(3
فالرواية بهذا السند صحيحة ،وأما الطريق السابقة فل ترتقي
لرجحان رواية أبي المتوكل عليها .والنتيجة أن رواية أبي الصديق الناجي
جاءت من طريق صحيحة.
-9رواية يزيد بن صهيب الفقير عند أحمد والدولبي باللفظ الول ،وهي
صحيحة.
-10ـ ـروايةـ ـالوليدـ ـبنـ ـقيسـ ـبنـ ـالخرمـ ـالتجيبي عند الطبراني في
"الوسط" باللفظ السادس.
ذكره ابن حبان في "الثقات") ،(4وقال عنه العجلي :ثقة) ،(5وذكره
البخاري) ،(6وابن أبي حاتم) ،(7وسكتا عنه .ول يخفى ما في توثيق العجلي
وإيراد ابن حبان من يورده في كتابه "الثقات" من التساهل ،وسكوت كل
من البخاري وابن أبي حاتم ليس مقتضياً للتوثيق) .(8ويبدو أن كلً من
الحافظين الذهبي وابن حجر لم يكترثا بذلك كثيراً ،فقد قال
الذهبي":وُ ّث ق") ،(9وقال ابن حجر "مقبول ،من الخامسة ،مات على رأس
المائة").(10
() تصحف ف تذيب ابن حجر الطبوع إل داود ،وهو خطأ. 1
)(8انظر للتفصيل :اللكنوي (الرفع والتكميل)حاشية أبو غدة ص /249-230القنوب (المام الربيع) ص /72،73
المش ،عدّاب (رواة الديث الذين سكت عنهم أئمة الرح والتعديل).
() الذهب (الكاشف) جـ 2ص 354رقم .6086 9
202
وعليه ففي هذه الطريق لين ،فإن ابن حجر جعل قيد القبول لمن في
هذه المرتبة – أي مقبول -المتابعة) ،(1وليس للوليد متابع بهذا اللفظ.
-11رواية معبد بن سيرين باللفظ الثالث:
-بطرق صحيحة عند كل من المام البخاري وأحمد وسعيد بن
منصور وأبي يعلى.
-وبسند فيه لين عند عبدال بن أحمد في "السنة" لن فيه ـفطر بن
حماد بن واقد ،ذكره ابن حبان في "الثقات") ،(2ووثقه أبو زرعة ،وقال أبو
حاتم :ليس بالقوي) ،(3وقال أبو داود :تغير تغيراً شديداً ،وقال ابن خلفون:
صدوق) ،(4وقال الذهبيُ " :وّث ق").(5
لكن هذا السند يتقوى بالسانيد الخرى الصحيحة.
-12رواية أبي نضرة المنذر بن مالك عند مسلم وأحمد وابنه عبدال في
"السنة" والنسائي في "الكبرى" و"الخصائص" باللفظ الخامس ،وهي
صحيحة السند.
واللصة من هذه الدراسة أن لديث أب سعيد الدري اثنت عشرة رواية ،ثان
منها صحيحة ،وهي الت رويت من طرق هؤلء:
-2أبو سلمة بن عبدالرحن -1جابر بن زيد أبو الشعثاء
-4عبدالرحن بن أب نعم -3أبو سلمة وعطاء بن يسار
-6ويزيد الفقي -5أبو الصديق الناجي
-8أبو نضرة. -7معبد بن سيين
وأربع منها بين ضعيفة ولينة ،وهي روايات كل من:
-2عبدال بن الزبير -1عطاء بن يسار
-4الوليد بن قيس التجيبي. -3أبو المتوكل الناجي
203
ثانياً :حديث أنس بن مالك:
وله روايات:
- 1رواية سليمان بن طرخان التيمي أبي المعتمر :عند أحمد وعبدال
في "السنة" وابن أبي عاصم باللفظ الول" ،قال الحافظ ابن حجر" :ثقة
عابد ،من الرابعة ،مات سنة ثلث وأربعين ،وهو ابن سبع وتسعين").(1
والرواية صحيحة ،ول يضره أنه مدلس) (2لتصريحه بالسماع.
-2رواية حفص بن عمر ،وهو ابن أخي أنس بن مالك ،عند أحمد وسعيد
بن منصور باللفظ الثالث ،قال عنه ابن حجر" :صدوق ،من الرابعة").(3
والرواية صحيحة.
- 3رواية قتادة بن دعامة السدوسي باللفظ الثاني ،وقد تقدم أنه مدلس،
وقد عنعن ها هنا.
وقد وردت عن قتادة من طرق ثلث:
-Iعبدالرحمن بن عمرو الوزاعي:
-عند المام أحمد ،وابنه عبدال في "السنة" وأبي يعلى والمروزي
والضياء المقدسي بأسانيد صحيحة إلى الوزاعي.
-عند الحاكم بسند فيه محمدـ ـبنـ ـكثيرـ ـبنـ ـأبيـ ـعطاءـ ـالمصيصي،
وهو "صدوق كثير الغلط ،من صغار التاسعة ،مات سنة بضع
عشرة").(4
-عند أبي يعلى أيضاً بسند فيه سويد بن سعيد بن سهل الهروي،
قال ابن حجر" :صدوق في نفسه إل أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من
حديثه فأفحش فيه ابن معين القول ،من قدماء العاشرة ،مات سنة أربعين
وله مائة سنة") ،(5وفيه الوليد بن مسلم الدمشقي وهو "ثقة لكنه كثير
التدليس والتسوية") ،(6وعده ابن حجر من المرتبة الرابعة من المدلسين)،(7
204
وهي عنده "من اتفق على أنه ل يحتج بشيء من حديثهم إل بما صرحوا
فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل" ،وقد عنعن هاهنا في
سائر الطبقات التي بعده.
-عند الجري بسند ضعيف ،فيه أبوـ ـيوسفـ ـيزيدـ ـبنـ ـيوسف
الرحبي ،وهو "ضعيف ،من التاسعة" كما قال الحافظ).(1
وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً ل سيما أن فيها الصحيح ،فتكون
طريق الوزاعي إلى قتادة صحيحة.
ب -معمر بن راشد الزدي:
قال عنه ابن حجر" :ثقة ثبت فاضل إل أن في روايته عن ثابت
والعمش وهشام ابن عروة شيئاً ،وكذا فيما حدّث به بالبصرة ،من كبار
السابعة ،مات سنة أربع وخمسين ،وهو ابن ثمان وخمسين سنة").(2
وقال ابن معين" :إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه إل عن
الزهري وابن طاووس فإن حديثه عنهما مستقيم ،فأما أهل الكوفة وأهل
البصرة فل") .(3وروايته هنا عن قتادة وهو بصري كما هو معروف.
-ورواه عن معمر أحمد وعنه ابنه في "السنة" ،كما رواه ابن ماجه
والحاكم والضياء بأسانيد صحيحة إليه.
ج -سعيد بن بشير الزدي عند ابن أبي عاصم ،وسعيد ضعيف كما
تقدم.
غير أن ضعف معمر في قتادة وضعف سعيد بن بشير منجبران
بمتابعة الوزاعي لهما بالطرق الصحيحة إليه ،لكن تبقى الرواية ضعيفة
لعنعنة قتادة.
د – سليمان التيمي عن قتادة عن أنس عند الضياء المقدسي:
وهذا يستلزم أن يكون سليمان التيمي رواها عن قتادة عن أنس تارة،
وأخرى عن أنس مباشرة .وقد مضى في رواية سليمان التيمي عن أنس أن
سليمان مدلس ،وقد عنعن في هذه الرواية .والظاهر أن إقحام قتادة بين
سليمان وأنس وهم من أسباط بن محمد القرشي الراوي عن سليمان،
ضعّف في الثوري ،من التاسعة ،مات وأسباط قال عنه ابن حجر " :ثقةُ ،
205
سنة مائتين") ، (1لكن قال عنه ابن معين :ليس به بأس ،وكان يخطئ عن
سفيان ،وقال الغلبي :ثقة ،والكوفيون يضعفونه ،وقال البرقي :الكوفيون
يضعفونه ،وقال العقيلي :ربما يهم في الشيء ،وقال ابن سعد :كان ثقة إل
أن فيه بعض الضعف).(2
وقد خالف أسباط بن محمد من أصحاب سليمان من هو أوثق منه
بدون ذكر قتادة بين سليمان وأنس وبصيغة السماع أيضاً ،إذ روى عنه
ذلك كل من:
-ابنه معتمر بن سليمان عند ابن أبي عاصم ،وهو" ثقة ،من كبار التاسعة،
مات سنة سبع وثمانين ،وقد جاوز الثمانين").(3
-إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن علية عند أحمد وابنه عبدال
في "السنة" ،وإسماعيل" ثقة حافظ ،من الثامنة ،مات سنة ثلث
وثمانين").(4
والخلصة أن سليمان التيمي إنما روى عن أنس مباشرة بلفظ
التحديث كما مر قريباً ،وروايته صحيحة.
- 4رواية عبد العزيز بن صهيب البنانيـ عند أبي يعلى باللفظ الول،
قال ابن حجر" :ثقة من الرابعة ،مات سنة ثلثين") (5أي ومائة .إل أن فيها
مبارك بن سحيم أبا سحيم البصري مولى عبد العزيز بن صهيب ،قال ابن
حجر" :متروك ،من الثامنة").(6
فالرواية واهية السناد.
فتلخص أن الروايات إلى أنس أربع ،اثنتان منها صحيحتان ،وهما
روايتا سليمان التيمي وحفص بن عمر ،وواحدة ضعيفة وهي رواية قتادة
لتدليسه وعنعنته ،وواحدة واهية وهي رواية عبدالعزيز بن صهيب لضعف
مبارك بن سحيم.
206
هذا ولم يسمع أنس الحديث من النبي كما صرحت بذلك رواية
سليمان التيمي عند أحمد وابنه عبدال في "السنة" وابن أبي عاصم عن
أنس بن مالك قال :ذكر لي أن رسول ال قال ولم أسمعه منه فذكره).(1
-حديث أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري:
جاء من رواية قتادة ،وهو مدلس وقد عنعن ،تفرد به عنه الوزاعي.
رواه أحمد وأبو داود ومحمد بن نصر المروزي والطبراني في "الوسط"
والبيهقي والحاكم ،ورواه الضياء من طريق المام أحمد بأسانيد صحيحة
إلى الوزاعي ،إل أبا داود ،فإن في إسناده- :نصر بن عاصم النطاكي،
قال عنه ابن حجر ":لين الحديث ،من صغار العاشرة") ،(2لكنه يتقوى
بسائر السانيد إلى الوزاعي.
هذا وليس لقتادة سماع من أبي سعيد ول من غيره من الصحابة
سوى أنس بن مالك ،فتكون روايته محتملة التصال إلى أنس ،منقطعة إلى
أبي سعيد ،فتبقى الطريق على ضعفها.
وقد مضى عند ذكر روايتي أبي المتوكل وأبي الصديق الناجيين عن
أبي سعيد أنهما جاءتا من طريق قتادة ،كما مضى بيان أن الراجح منهما
هي رواية قتادة عن أبي المتوكل عن أبي سعيد ،فالظهر أن أبا المتوكل
هو الواسطة بينه وبين أبي سعيد في هذه الطريق أيضاً.
-رواية أنس بن مالك عن أبي سعيد الخدري ،عند المام أحمد وعنه
الضياء المقدسي باللفظ الرابع.
تفرد بها عن أنس :قتادة ،وعن قتادة :الوزاعي.
والظاهر أن هذه الرواية شاذة مخالفة لسائر الروايات التي جمعت
بين أبي سعيد وأنس بن مالك ،وذلك لتفرد أبي المغيرة عبد القدوس بن
الحجاج الخولني بها عن الوزاعي ،وأبو المغيرة "ثقة ،من التاسعة ،مات
سنة اثنتي عشرة") (3أي :ومائتين .على أن أبا المغيرة نفسه رواها أيضاً
بالوجه الول – أي بالجمع بين أنس وأبي سعيد – عند كل من أحمد وعنه
الضياء وعند الحاكم والبيهقي ،وقد تابع أبا المغيرة عل هذا الوجه كل من:
ص / 189عبدال بن أحد (السنة) رقم / 1547ابن أب عاصم (السنة) رقم ()أحد بن حنبل (السند) جـ
3 1
.945
() ابن حجر (التقريب) ص 560رقم .7114 2
207
-1الوليد بن مزيد العذري عند أبي داود والبيهقي ،قال عنه ابن
حجر ":ثقة ثبت ،قال النسائي :كان ل يخطئ وليدلس ،من التاسعة ،مات
سنة ثلث وثمانين") (1أي :ومائة.
-2ومبشر بن إسماعيل الحلبي عند أبي يعلى ،وهو" صدوق ،من
كبار التاسعة ،مات سنة مائتين").(2
- 3وبشر بن بكر التّنّيسي عند الحاكم ،قال ابن حجر ":ثقة يغرب،
من التاسعة ،مات سنة خمس ومائتين").(3
ول يلزم من كون أنس لم يسمع الحديث من النبي أن يكون سمعه
من أبي سعيد لجواز أن يكون سمعه من غيره من الصحابة التي ذكرهم،
كما ل يلزم ذلك من جمع قتادة بين أنس وأبي سعيد في رواية هذا الحديث
السابقة ،فإن غاية ما يعنيه ذلك أن قتادة روى الحديث من طريقيهما رضي
ال عنهما.
ثالثاً :حديث المام علي بن أبي طالب:
غفَلة أبو أميمة الجعفي ،قال الحافظ عنه: رواه عنه سُ َويْد بن َ
"مخضرم ،من كبار التابعين ،قدم المدينة يوم دفن النبي وكان مسلماً في
حياته ،ثم ن زل الكوفة ،ومات سنة ثمانين ،وله مائة وثلثون سنة") .(4وعنه
كل من:
شمْر بن عطية السدي الكوفي عند أبي داود الطيالسي:أِ -
قال عنه ابن حجر" :صدوق ،من السادسة") .(5ويبدو أنه أرفع درجة
من هذه المرتبة فقد وثقه كل من ابن معين) (6والنسائي والدارقطني وابن
نمير) (7والعجلي) ،(8وذكره ابن حبان في الثقات) ،(9وقال عنه ابن سعد :كان
ثقة وله أحاديث صالحة).(10
() الصدر السابق ص 583رقم .7454 1
() ابن أب حات (الرح والتعديل) جـ 4ص 376 ،375رقم .1637 6
208
شمْر :قيس بن الربيع السدي الكوفي ،قال عنه إل أن الراوي عن ِ
الحافظ" :صدوق تغير حفظه لما كبر ،وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه
فحدث به ،من السابعة ،مات سنة بضع وستين") .(1ويبدو أن وصف الحافظ
ابن حجر له بأنه "صدوق" مجرد توفيق يبن أقوال المجرحين والمعدلين
له ،وإل فإن الكثر على تضعيفه) ،(2ل سيما أنه استعمله أبو جعفر
المنصور على المدائن فكان يعلق النساء بأثدائهن ويرسل عليهن
الزنابير) ،(3ومثل هذه الفعال قادحة في ديانة المرء يستحق بها طرح
روايته .على أن أبا داود الطيالسي الراوي عنه هنالم يبين متى روى عنه.
وعليه فالسند إلى سويد بن غفلة ضعيف.
ب-خيثمة بن عبدالرحمن أبي سبرة الجعفي الكوفي:
رواه كل من البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي في "الصغرى"
و"الكبرى" و"الخصائص" وعبدالرزاق ومن طريقه ابن المنذر في
"القناع" ،ورواه أحمد بن حنبل والبيهقي في "الكبرى" وابن حبان.
قال عنه ابن حجر" :ثقة وكان يرسل ،من الثالثة ،مات بعد سنة
ثمانين") .(4ومراده بأنه يرسل ما نقله في "التهذيب" من أن خيثمة لم يسمع
من عمر وابن مسعود ،وقال ابن القطان :ينظر في سماعه من عائشة
رضي ال عنها ).(5
وقد تفرد بها عن خيثمة :العمشـ ـسليمانـ ـبنـ ـمهران ،قال ابن
حجر" :ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع لكنه يدلس ،من الخامسة ،مات
سنة سبع أو ثمان ،وكان مولده أول سنة إحدى وستين") ،(6وذكره ابن حجر
في المرتبة الثانية من المدلسين) ، (7وهي عنده "من احتمل الئمة تدليسه
وأخرجوا له في الصحيح لمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى ،أو كان ل
يدلس إل عن ثقة".
إل أن وصف العمش بالكثار من التدليس يحول دون الحتجاج بما
عنعنه من الروايات ،قال ابن المبارك ":إنما أفسد حديث أهل الكوفة أبو
() ابن حجر (التقريب) ص 457رقم .5573 1
209
إسحاق والعمش" ،وقال مغيرة ":أهلك الكوفة أبو إسحاق وأعيمشكم
هذا").(1
وقال الذهبي عنه" :وهو يدلس ،وربما دلس عن ضعيف ول يدري
به ،فمتى قال :حدثنا فل كلم ،ومتى قال :عن ،تطرق إليه احتمال التدليس
إل في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان ،فإن
روايته عن هذا الصنف محمولة على التصال").(2
وقد عنعن العمش عند كل من أخرجه عنه ،غير أن تدليسه منتفٍ
برواية حفص ابن غَياث النخعي الكوفي عنه عند البخاري بإسناد صحيح
إلى العمش ،وقد صرح فيها بالتحديث ،على أن ابن حجر قال":حفص
أوثق أصحاب العمش لنه كان يميز بين ما صرح به العمش بالسماع
وبين ما دلسه").(3
ولحفص أيضاً متابعات:
-عند البخاري وأبي داود وهي صحيحة.
-عند النسائي بسند حسن.
-عند عبدال بن أحمد في "السنة" من طريق شريكـ ـبنـ ـعبدال ـالنخعي
الكوفي القاضي ،قال عنه أبو داود" :ثقة ،يخطئ على العمش") ، (4وقد
روى هنا عن العمش ،وقال عنه ابن حجر ":صدوق يخطئ كثيراً ،تغير
حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ،وكان عادلً فاضلً عابداً شديداً على أهل
البدع ،من الثامنة ،مات سنة سبع أو ثمان وسبعين").(5
والراوي عنه :علي بن حكيم الودي أبو الحسن الكوفي ،وهو" ثقة،
من العاشرة ،مات سنة إحدى وثلثين ومائتين") ،(6وعلي هذا كوفي،
فالظاهر أنه روى عنه حال اختلطه ،لسيما أن بين ولية شريك القضاء
ووفاة علي بن حكيم فترة طويلة مما يقوي أن سماعه منه متأخر.
210
علوة على ذلك فشريك مدلس ،قال عبد الحق الشبيلي :كان يدلس،
وقال ابن القطان :وكان مشهوراً بالتدليس) ،(1وأورده ابن حجر في المرتبة
الثالثة من المدلسين) ،(2وقد روى هنا بالعنعنة.
إذن فالسناد ضعيف.
-عند الطبراني في "الصغير" بسند فيه عبيد بن عبيدة التّمار :ذكره
ابن حبان في الثقات وقال :يغرب) ، (3وقال عنه الدارقطني :ثقة ،وقال :عبيد
يحدث عن معتمر بغرائب لم يأت بها غيره) .(4وقد روى هنا عن المعتمر
بن سليمان التيمي ،قال ابن حجر" :ثقة ،من كبار التاسعة ،مات سنة سبع
وثمانين وقد جاوز الثمانين").(5
-عند المام أحمد وابنه عبدال في "السنة" أيضاً ومسلم وعبدالرزاق
وأبي يعلى وابن المنذر في "القناع" والبيهقي في "السنن" و"المعرفة"
بأسانيد صحيحة إلى العمش.
وإذ قد صحت أسانيد عديدة إلى العمش وانتفى تدليسه برواية
حفص بن غياث التي صرح فيها بالسماع ،فإن الرواية إلى سويد من
طريق العمش تعد صحيحة.
ج -أبو إسحاق عمرو بن عبدال بن عبيد السبيعي عند كل من أحمد
وابنه عبدال في "السنة" والنسائي في "الكبرى" و"الخصائص".
قال ابن حجر" :ثقة مكثر عابد ،من الثالثة ،اختلط بآخره ،مات سنة
تسع وعشرين ومائة ،وقيل قبل ذلك") ، (6لكنه ذكره في المرتبة الثالثة من
المدلسين) ،(7وقد عنعن ها هنا.
ورواها عنه حفيده إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ،قال
عنه ابن حجر" :ثقة تكلم فيه بل حجة ،من السابعة ،مات سنة ستين وقيل
بعد").(8
فالسند ضعيف لعنعنة أبي إسحاق السبيعي.
() ابن حجر (التهذيب) جـ 4ص .306 1
211
د -أبو قيس عبدالرحمن بن ثروان الودي ،وهو "صدوق ربما
خالف ،من السادسة ،مات سنة عشرين ومائة" كما قال الحافظ) ، (1وعنه
أبو إسحاق السبيعي عند النسائي في "الكبرى" و"الخصائص" وعبدال بن
أحمد في "السنة" والبزار.
وقد عنعن أبو إسحاق السبيعي ها هنا.
ورواه عنه حفيده يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي وقد
ينسب لجده ،قال عنه ابن حجر" :ثقة ،من السابعة ،مات سنة سبع
وخمسين").(2
هذا وقد رجح الدارقطني رواية يوسف على رواية إسرائيل عن أبي
إسحاق السابقة) ،(3فازدادت الخيرة ضعفاً على ضعف.
مما سبق يتبين أن حديث علي بن أبي طالب لم يصح من طرقه إل
ما رواه خيثمة بن عبدالرحمن عن سويد بن غفلة .وما رواه شمر بن عطية
عن سويد ضعيف ،ونحوه ما رواه أبو قيس الودي سوى ما فيها من عنعنة
أبي إسحاق السبيعي .وأما ما رواه أبو إسحاق نفسه عن سويد بن غفلة
فأكثرها ضعفاً ،لعنعنته ورجِحان رواية أبي قيس الودي عليها.
رابعاً :حديث عبدال بن عمر بن الخطاب:
وله روايات:
-1رواية نافع مولى ابن عمر عند ابن ماجه باللفظ الثاني.
ونافع "ثقة ثبت ،فقيه مشهور ،من الثالثة ،مات سنة سبع عشرة
ومائة أو بعد ذلك") ،(4والراوي عن نافع :عبد الرحمن بن عمرو
الوزاعي ،قال عنه ابن حجر" :ثقة جليل ،من السابعة ،مات سنة سبع
وخمسين").(5
ولكن قال أبو زرعة الدمشقي :ل يصح للوزاعي عن نافع شيء،
وقال ابن معين :لم يسمع من نافع شيئاً) ،(6فالحديث منقطع بهذا السند.
213
أخرجه عنه إل طريقاً واحدة عند أحمد من رواية إسماعيل بن عياش
ستأتي.
وقد رواه عن أبي الزبير:
أ -قرة بن خالد السدوسي عند ابن أبي شيبة وعنه مسلم ،وقرة قال
عنه الحافظ" :ثقة ضابط من السادسة ،مات سنة خمس وخمسين") ، (1أي:
ومائة.
وإسناده حسن إلى أبي الزبير.
ب -معاذ بن رفاعة عند المام أحمد قال :حدثنا أبو المغيرة ،حدثنا
معاذ بن رفاعة ،حدثنا أبو الزبير عن جابر به..
قال اللباني" :وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات ،إل أنه يبدو لي أن فيه
سقط اً ،ف إن أب ا المغ يرة -واسمه عبدالقدوس بن الحجاج الخولني
الحمصي -لم يدرك معاذ بن رفاعة وهو تابعي فإنه مات سنة ) (212وقد
صرح بالتحديث عنه ،فل بد أن يكون بينهما واسطة سقطت من الناسخ أو
الطابع ،فمن هو؟ لم يتبين لي شيء الن ،فعسى أن نحظى به بإذن ال
تعالى").(2
وكلم اللباني هذا كله فيه نظر ،أما قوله عن رجال إسناده ":كلهم
ثقات" فإن معاذ بن رفاعة وهو ابن رافع النصاري الزّرَقي وإن قال عنه
ابن حجر" :صدوق ،من الرابعة") (3فقد ضعفه ابن معين) (4والزدي) (5ولم
يوثقه سوى ابن حبان) ،(6وذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ول
تعديلً) .(7على أن قول اللباني":كلهم ثقات" يوهم صحة عنعنة أبي
الزبير ،ومضى أنه مدلس ل يقبل منه إل نطقه بالسماع .وأما ما يتعلق
بالفجوة بين معاذ وأبي المغيرة فالظهر أن معاذ بن رفاعة مصحف عن
معان بن رفاعة ،فإن معاناً روى عن أبي الزبير وروى عنه أبو المغيرة)،(8
واحتمال التصحيف أقرب من احتمال السقط.
() ابن حجر (التقريب) ص 455رقم .5540 1
214
وعليه فقد قال ابن حجر عن معان بن رفاعةـ وهو السلمي" :لين
الحديث كثير الرسال ،من السابعة ،مات بعد الخمسين") ،(1أي :ومائة.
ج -الليث بن سعد عن أبي الزبير عند الجري ،والليث "ثقة ثبت
فقيه إمام مشهور ،من السابعة ،مات في شعبان سنة خمس وسبعين") (2أي:
ومائة ،ولكن في سنده :أبو بكر عبدال ـبن أبي داود سليمان بن الشعث
السجستاني ،عند الجري.
وقد قدح فيه أبوه فقال :كذاب ،وكذلك قال عنه إبراهيم الصبهاني،
وقال له أبو القاسم البغوي :أنت وال عندي منسلخ من العلم).(3
غير أن نفراً من المحدثين لم يلتفتوا إلى هذا الكلم فيه ،منهم ابن
عدي قال" :لول ما شرطنا وإل لما ذكرته ...وهو معروف بالطلب ،وعامة
ما كتب مع أبيه ،وهو مقبول عند أصحاب الحديث ،وأما كلم أبيه فيه فما
أدري أَ ْيشٍ تبين له منه") ، (4وقال الدارقطني :ثقة إل أنه كثير الخطأ في
الكلم على الحديث) ،(5وقال الذهبي" :ثقة ،كذبه أبوه ،يعني في غير
الحديث ،ووثقه الناس") . (6وقال في الميزان بعدما أورد ما قيل فيه" :وما
ذكرته إل لن زهه").(7
والذي يتبين أن الدفاع عن ابن أبي داود غير قوي ،أما أولً :فلن
القادح فيه هو أبوه أقرب الناس إليه وهو أعرف به من غيره ،وأما ثانياً:
فلن هناك من قدح فيه غير أبيه ،وأما ثالثاً :فلن قول الذهبي" :كذبه أبوه
يعني في غير الحديث" غير مغير في المر شيئاً ،لن من كذب في حديث
الناس ل تقبل روايته ،وهل قبل المحدثون من قيل فيه :كذاب ،بمعنى
الكذب في حديث الناس.
ومهما قيل في توثيقه فإنه تبقى في النفس من ذلك ريبة توجب
التوقف في قبول روايته.
د -سفيان بن عيينة الهللي عند سعيد بن منصور وابن ماجه
والجري.
() ابن حجر (التقريب) ص 537رقم .6747 1
215
وسفيان قال عنه الحافظ ":ثقة حافظ فقيه إمام حجة ،إل أنه تغير
حفظه بأخرة ،وكان ربما دلس لكن عن الثقات ،من رؤوس الطبقة الثامنة،
وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار ،مات في رجب سنة ثمان وتسعين
وله إحدى وتسعون سنة) ،(1وذكره ابن حجر في الطبقة الثانية من
المدلسين) ،(2وهي "من احتمل الئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح
لمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى" ،وقد عنعن هاهنا ،لكن ابن حجر
قال عنه بأنه ليدلس إل عن ثقة .أما عن اختلطه فالذي يظهر أنه ل يؤثر
فيه لنه كان قبل موته بعام) ، (3إل من نص الئمة على أنه سمع منه حال
اختلطه كمحمد بن عاصم الصبهاني).(4
ه -يحيى بن سعيد النصاري المدني بأسانيد صحيحة عند المام
مسلم والطبراني في "الكبير".
-وبسندين عند المام أحمد ،في أحدهما :أبو شهاب الحناط عبدربه
بن نافع ،قال عنه ابن حجر":صدوق يهم ،من الثامنة ،مات سنة إحدى أو
اثنتين وسبعين") (5أي :ومائة ،ونقل في "التهذيب" كلماً من جهة حفظه)،(6
وفي الثاني :إسماعيل بن عياش الحمصي عن يحيى بن سعيد عند المام
أحمد ،قال الحافظ ابن حجر عن إسماعيل" :صدوق في روايته عن أهل
بلده ،مخلّط في غيرهم") ،(7ويحيى بن سعيد مدني ،ول يضر إسماعيل هنا
أن ابن حجر عده في المرتبة الثالثة من المدلسين) (8لتصريحه بالسماع،
لكن يبقى السند على ضعفه لن إسماعيل ليس من بلد يحيى بن سعيد.
هذا ،وفي هذه الرواية صرح أبو الزبير بسماعه من جابر ،ولكن
إسماعيل نفسه ضعيف في هذه الرواية ،فل حجة فيها على نفي التدليس
عن أبي الزبير بحمل عنعنته على تصريحه بالتحديث ،إذ ل يثبت التصريح
بالسماع بسند ضعيف.
216
-وبسند ضعيف عند ابن أبي عاصم فيه عبدال بن شبيب أبو سعيد
الربعي ،وهو واهٍ كما قال الذهبي).(1
-وبسند فيه :المقدام بن داود الرعيني المصريـ عند الطبراني في
ضعّف).(2
"الوسط" ،وهو شيخه ،وقد ُ
-ورواه الجري عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أبي
الزبير .وبناءً عليه -إن صح -فقد رواه سفيان تارة عن أبي الزبير مباشرة
كما مضى ،وتارة بواسطة يحيى ابن سعيد .والظاهر أن هذا وهم من محمد
بنـ ـيحيىـ ـبنـ ـأبيـ ـعمرـ ـالعدني ـ الراوي عن سفيان ،وابن أبي عمر
"صدوق" ،لكن قال فيه ابن أبي حاتم":كان فيه غفلة" ،وقد خالفه الثقات
عن سفيان ،ولم يذكروا يحيى بن سعيد بين سفيان وأبي الزبير ،وتقدم ذلك
في رواية سفيان عن أبي الزبير ،والذين خالفوا ابن أبي عمر:
-1سعيد بن منصور في سننه ،وهو "ثقة مصنف ،وكان ل يرجع
عما في كتابه لشدة وثوقه به ،مات سنة سبع وعشرين وقيل بعدها ،من
العاشرة") (3أي :ومائتين.
-2محمد بن الصباح بن سفيان الجرجرائي عند ابن ماجه ،وهو
"صدوق ،من العاشرة ،مات سنة أربعين") (4أي :ومائتين.
-3محمد بن عبدال بن يزيد المقرئ عند الجري ،وهو" ثقة ،من
العاشرة ،مات سنة ست وخمسين") (5أي :ومائتين.
هذا ،ول احتمال لن يكون ابن أبي عمر زاد سفيان بينه وبين يحيى
بن سعيد بدلً من زيادة يحيى بين سفيان وبين أبي الزبير ،وذلك لن سفيان
شيخه ،وأما يحيى بن سعيد النصاري فلم يذكر أنه روى عنه ابن أبي
عمر ،والظاهر أنه لم يدركه ،فقد توفي يحيى عام ثلثة وأربعين ومائة،
وقيل :أربع وأربعين ،وقيل :ستة وأربعين) ،(6وتوفي ابن أبي عمر سنة
() الذهب (اليزان) جـ 4ص 118،119رقم ( ،4381الغن) جـ 1ص 487رقم .3212 1
( ) ابن أب حات (الرح والتعديل) جـ 7ص 303رق م / 1399الذهب (اليزان) جـ 6ص 508 ، 507رقم 2
217
ثلث وأربعين ومائتين) ،(7وبين وفاتيهما نحو مائة عام ،فالشبه أنه لم
يدركه أصلً فضلً عن سماعه منه.
ورغم ما في بعض هذه السانيد إلى يحيى بن سعيد من الوهن فإنه
منجبر بالسانيد الخرى الصحيحة عنه.
ويتبين مما مضى أنه صح من الطرق إلى أبي الزبير كل من رواية
قرة بن خالد السدوسي ورواية يحيى بن سعيد النصاري ،ورواية سفيان
بن عيينة محتملة ،لسيما وقد توبع من قبل يحيى بن سعيد ،أما رواية معان
بن رفاعة فهي ضعيفة .ورغم ذلك فإن الشكال في عنعنة أبي الزبير
نفسه ،فتبقى الطريق إلى جابر بن عبدال ضعيفة.
سابعاً :حديث عبدال بن مسعود:
جاء من ثلث روايات:
-1ـ ـروايةـ ـأبيـ ـوائلـ ـشقيقـ ـبنـ ـسلمة باللفظ الثالث عن ابن مسعود،
وشقيق بن سلمة قال عنه الحافظ" :ثقة مخضرم ،مات في خلفة عمر بن
عبد العزيز وله مائة سنة") ،(1والحديث من هذه الرواية صحيح.
-2رواية عمرو بن سلمة بن الحارث الهمداني ،باللفظ الثاني عند ابن
أبي شيبة وعنه محمد ابن وضاح ،وعمرو "ثقة ،من الثالثة ،مات سنة
خمس وثمانين").(2وفيها:
-عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة ،قال ابن معين" :ليس حديثه
بشيء ،قد رأيته").(3
-أبوه يحيى بن عمرو ،لم أجد له ترجمة.
فالرواية ضعيفة.
حبَيش السدي باللفظ الول عند أبي بكر بن أبي شيبة -3رواية ِزرّ بن ُ
وعنه كل من ابن ماجه والجري ،وعند أبي يعلى وأحمد والترمذي.
قال عنه ابن حجر" :ثقة جليل ،مخضرم ،مات سنة إحدى -أو اثنتين
أو ثلث -وثمانين ،وهو ابن مائة وسبع وعشرين" ) ،(4وفيها:
() الذهب (الغن) جـ 1ص 298رقم ( ،1633اليزان) جـ 2ص 330رقم .2158 7
219
فكل السنادين ضعيف ،غير أن المتابعات بالسانيد الصحيحة
السابق ذكرها ترتقي بهذين السنادين.
هذا ،وقد روي الحديث عن أبي ذر وحده ،جاء من رواية عبدال
الصامت من طريق حميد بن هلل بأسانيد صحيحة عند كل من أحمد وأبي
داود الطيالسي وابن حبان.
وتابع حميد بن هلل :أبو عمران عبدالملك بن حبيب الجوفي بسند
صحيح عند الطيالسي باللفظ الثاني.
220
حجر":مقبول ،من الرابعة") ،(1إل أنه لم يوثقه أحد سوى إيراد كل من
البخاري إياه في "التاريخ الكبير") ،(2وابن حبان في "الثقات") (3وسكتا
عنه ،على أنه ليس له راوٍ إل الزرق بن قيس كما هنا ،فل ترتفع عنه
جهالة العين .من أجل ذلك قال الذهبي عنه" :ل يعرف إل برواية الزرق
بن قيس عنه") ،(4وعلى ذلك فشريك بن شهاب مجهول.
وعليه فالحديث ضعيف.
ثاني عشر :حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث:
جاء من روايات ثلث:
- 1رواية مسلم بن أبي بكرة بأسانيد صحيحة عند كل من أحمد وابنه
عبدال في "السنة" والحارث بن أبي أسامة والبيهقي في "معرفة السنن
والثار" والحاكم.
-2رواية بلل بن بقطر عند أحمد والبزار وابن أبي عاصم ،وبلل ذكره
ابن أبي حاتم وقال عن أبيه":روي عن أبي بكرة ،روى عنه عطاء بن
السائب") ،(5وذكره البخاري) ،(6وأورده ابن حبان في "الثقات") ،(7وسكتوا
عنه .وعليه فهو مجهول.
وفيها أيضاً:
-عطاء بن السائب الثقفي الكوفي:
قال عنه ابن حجر" :صدوق اختلط ،من الخامسة ،مات سنة ست
وثلثين") ، (8والراوي عنه حماد بن سلمة بن دينار البصري ،وهو "ثقة
عابد ،وتغير حفظه بأخرة ،من كبار الثامنة ،مات سنة سبع وستين") ،(9وقد
221
اختلف في سماع حماد بن سلمة من عطاء ابن السائب؛ أهو في حال
اختلطه أم قبل ذلك) ،(1وما دام المر محتملً للثنين فإنه يتوقف فيها.
والنتيجة أن هذه الرواية ضعيفة.
-3رواية نصر بن عاصم الليثي عند ابن أبي عاصم:
ونصر ثقة) ،(2لكن فيها:
-عنعنة قتادة ،وهو مدلس كما تقدم.
-سعيد :ولم يبين من هو ،والظاهر أنه سعيد بن بشير الزدي لنه
يروي عنه محمد بن بكار العاملي ،ويروي عن قتادة كما هنا ،وكما مضى
في طريق أبي المتوكل وأبي الصديق الناجيين .وسعيد هذا ضعيف) (3كما
سبق.
فالرواية ضعيفة.
ثالث عشر :حديث أبي أمامة صُ َديّ بن عجلن الباهلي:
وله روايتان:
-1ـ ـروايةـ ـأبيـ ـغالب صاحب أبي أمامة ،عند الجري والطبراني في
"الكبير" باللفظ الثاني ،واسم أبي غالب :حَ زَوّر ،وقيل سعيد بن الحزور،
وقيل نافع) ،(4قال الحافظ" :صدوق يخطئ").(5
والظاهر أن فيه ضعفاً ،فقد قال ابن حبان" :منكر الحديث على قلته،
ل يجوز الحتجاج به إل فيما يوافق الثقات") ،(6وقال أبو حاتم :ليس
بالقوي ،وقال ابن معين :صالح الحديث) ،(7وقال النسائي :ضعيف) ،(8وقال
() الذهب (اليزان) جـ 2ص 221 ،220رقم /1802ابن حجر (التقريب) ص 664رقم .8298 4
() ابن أب حات (الرح والتعديل) جـ 3ص 316 ،315رقم .1411 7
224
- 2رواية عقبة بن وساج الزدي ،عند البزار وابن أبي عاصم باللفظ
الثالث ،وعقبة "ثقة ،من الثالثة ،قتل بعد الثمانين بالزاوية أو الجماجم").(1
وفيها عنعنة قتادة ،وهو مدلس كما تقدم.
-3رواية عمر بن الحكم بن رافع بن سفيان المدني عند ابن أبي عاصم في
"السنة" والحاكم باللفظ الثاني .وعمر ثقة) ،(2وإسنادها حسن.
ومن مجموع روايات حديث عبدال بن عمرو يتبين أنه صحيح.
سادس عشر :حديث أبي هريرة عبدالرحمن بن صخر الدوسي:
عند ابن أبي عاصم في "السنة" والطبراني في "الوسط" ،وفي إسناده:
-ـ ـالفرزدقـ ـالشاعر واسمه همامـ ـبنـ ـغالب ،قال ابن حبان" :كان
الفرزدق ظاهر الفسق هتاكاً للحرم قذافاً للمحصنات ،ومن كان فيه خصلة
من هذه الخصال استحق مجانبة روايته على الحوال").(3
-ـ ـخلفـ ـبنـ ـخليفةـ ـبنـ ـصاعدـ ـالشجي" :صدوق اختلط في الخر
وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي فأنكر ذلك عليه ابن عيينة
وأحمد") ،(4والراوي عنه سعيد ابن سليمان بن كنانة الضبي الواسطي
سعدويه البزاز ،وهو"ثقة حافظ ،من كبار العاشرة ،مات سنة خمس
وعشرين ،وله مائة سنة") ،(5ولم يبين ما إذا كان روى عنه حال الختلط
أم قبله.
فالحديث ضعيف جداّ.
سابع عشر :حديث عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص:
عند الطبراني في "الوسط" ،وفيه:
-ـ ـعمرـ ـبنـ ـأبيـ ـعائشةـ ـالمدني ،ذكره ابن أبي حاتم بل جرح ول
تعديل) ،(6وقال الذهبي بعدما أورد حديث المروق من طريقه" :هذا حديث
منكر").(7
225
ثامن عشر :حديث عبدالرحمن بن عُدَيس ال َبلَوي:
عند الطبراني في "الوسط" ،وفيه:
-ـ ـبكرـ ـبنـ ـسهلـ ـالدمياطي ،قال عنه النسائي :ضعيف ،وقال عنه
الذهبي :حمل عنه الناس ،وهو مقارب الحال).(1
-عبدال ـبن لهيعة ،سبق أنه ضعيف ،على أنه مدلس -كما مضى-
وقد عنعن.
-تبيع الحجري :وهو مجهول ،لم يذكره إل ابن حبان في الثقات).(2
فالديث ضعيف جداّ.
تاسعـ عشر:ـ حديث عامر ـبن واثلة :عند الضياء المقدسي والطبراني
برواية الضياء عنه ،وسنده ل بأس به.
والنتيجة من كل ما سبق في أسانيد حديث المروق أنه صح عن
الصحابة التية أسماؤهم :أبو سعيد الخدري ،وعلي بن أبي طالب ،وأنس
بن مالك ،وعبدال بن عمر ،وعبدال بن مسعود ،وأبو بكرة ،وأبو ذر
ورافع بن عمرو الغفاريان ،وسهل بن حنيف ،وعبدال بن عمرو بن
العاص ،وعامر بن واثلة.
226
227
المبحث الثالث:
دراسة مت الديث
غريب الحديث:
يمرقون :المروق سرعة الخروج من الشيء ،أو الخروج من الشيء
من غير مدخله ،أو أن ينفذ السهم الرمية فيخرج طرفه من الجانب الخر
وسائره في جوفها).(1
الرمية :الطريدة التي يرميها الصائد ،وهي كل دابة مرمية ،أو
الصيد الذي ترميه فتقصده وينفذ فيه سهمك).(2
النصل :كل حديدة من حدائد السهم).(3
القدح :السهم قبل أن ينصل ويراش).(4
ال ُقذَذ :ريش السهم ،جمع قُذّة).(5
النّضي :نصل السهم ،أو الذي ليس له ريش ول نصل ،أو عود السهم
قبل أن يُراش).(6
الفوق :موضع الوتر).(7
صفَة ،وهي العقب التي فوق الرّعظ ،والرعظ الرّصاف :جمع رَ َ
مدخل النصل في السهم).(8
ينثرونه :نثرك الشيء بيدك أن ترمي به متفرقا).(9
الدّقَل :جمع َدقَلة ،نوع من التمر الرديء).(10
() أبو عبيد (غريب الديث) جـ 1ص /161ابن منظور (اللسان) جـ 14ص 336باب القاف فصل اليم. 2
() ابن منظور (اللسان) جـ 11ص 662باب اللم فصل النون. 3
() أبو عبيد (غريب الديث) جـ 2ص /208ابن منظور (اللسان) جـ 10ص .319 7
228
التسبيد :التشعيث ،أو ترك التدهن وغسل الرأس ،أو الحلق
والستئصال).(1
التراقي :جمع ترقوة ،مثناه الترقوتان ،وهما العظمان المشرفان بين
ثغرة النحر والعاتق ،وقيل عظم وصل بين ثغرة النحر والعاتق من
الجانبين).(2
الضئضئ :أصل الشيء ومعدنه).(3
التحليل:
حديث المروق هو الساس في موضوع الرسالة ،وذلك لستمساك
العلماء به في إصدار الحكم ضد الطائفة المسماة بالخوارج ،ل سيما وقد
ورد من طريق عدد جم من الصحابة.
وعلى هذا الحديث يدور الكتاب القدامى والمحدثون سواء منهم أهل
الحديث وأهل الفقه وعلماء الفرق في التعامل مع قضية الخوارج من حيث
وقت ظهورهم وعلماتهم وصفاتهم والحكم النبوي الصادر فيهم.
وقصة الحديث بالنظر إلى مجموع رواياته وسبب وروده تتلخص
فيما يلي:
بينما النبي يقسم غنائم حنين أو تبراً بعث به علي بن أبي طالب
من اليمن فأعطى رجالً دون آخرين ،إذ جاء رجل إلى رسول ال فقال
له" :اعدل" ،فغضب النبي قائلً له" :ويلك ،ومن يعدل إذا لم أعدل"،
الذن بقتله، فقام عمر بن الخطاب أو خالد بن الوليد طالباً من النبي
فنهاه خشية أن يقال إنه يقتل أصحابه ،ثم أنبأ بظهور قوم لهم من
العبادة ما يحتقر أحدنا عمله معهم ،إل أنهم مع ذلك "يمرقون من الدين".
وقد مضى ذكر ألفاظ الحديث ،وأما القضايا التي شملتها تلك اللفاظ
فيمكن طرحها ضمن المور التالية:
المر الول :كم مرة وقعت الحادثة:
من في بعض الروايات أنها كانت في الجعرانة منصرف النبي
حنين ،وكان ذلك في السنة الثامنة من الهجرة) . (4أما الروايات التي فيها
() أبو عبيد (غريب الديث) جـ 1ص /162ابن منظور (اللسان) جـ 3ص .202 1
229
"خيبر" بدل "حنين" فهو تحريف ظاهر للتفاق على أن الحادثة كانت إثر
حنين.
كان يقسم الغنائم ،وفي بعض وفي هذه الروايات أن النبي
الروايات أنه عليه الصلة والسلم كان يقسم تبراً بعث به علي بن أبي
طالب وهو باليمن .ول يخفى أن الرواية التي فيها "تمراً" بدل "تبراً" وهي
عند الحاكم فيها تحريف أيضاً.
وقد جمع الحافظ ابن حجر بين هذه الختلف بأنهما حادثتان
منفصلتان.
ول ريب أن وقوعهما بنفس تفاصيلهما من البعد بمكان ،فإنه يظهر
من الروايات أن للحادثة الواحدة خمسة جوانب ،وهي :القسمة ،وإعطاء
بعض الناس دون بعض ،واعتراض الرجل على القسمة ،وسؤال عمر أو
خالد قتله ،ونص الحديث.
ولعل لبساً حص ل لل رواة م ن ج راء تش ابه الح ادثتين .ول ذا وق ع
في بعض الروايات -غير المذكورة هاهنا -ذكر الحادثة بسياق مختلف لم
يرد في أي من روايات هذا الحديث.
فعند مسلم وأبي يعلى من حديث عبدال بن مسعود قال :لما كان يوم
حنين آثر رسول ال ناساً في القسمة ،فأعطى القرع بن حابس مائة من
البل ،وأعطى عيينة مثل ذلك ،وأعطى أناساً من أشراف العرب وآثرهم
يومئذ في القسمة ،فقال رجل :وال إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد فيها
وجه ال ،قال :فقلت :وال لخبرن رسول ال .قال :فأتيته فأخبرته بما
قال ،قال :فتغير وجهه حتى كان كالصرف) ، (1ثم قال" :فمن يعدل إن لم
يعدل ال ورسوله ؟" ،ثم قال" :يرحم ال موسى ،قد أوذي بأكثر من هذا
فصبر" ،قال :قلت :لجرم ل أرفع إليه بعدها شيئاً).(2
وأخرجه مسلم من وجه آخر أيضاً ،وفيه عن ابن مسعود :فأتيت
النبي فساررته فغضب من ذلك غضباً شديداً واحمر وجهه حتى تمنيت
أني لم أذكره له).(3
وعند مسلم أيضاً من حديث رافع بن خديج قال :أعطى رسول ال
أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والقرع بن حابس
)(1الصّرف :الالص من كل شيء أو الدم الذي ل يزج :ابن منظور (اللسان) جـ 9ص .193
() مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب ( )46رقم .1062 2
230
كل إنسان منهم مائة من البل ،وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك ،فقال
عباس بن مرداس:
231
وسيأتي في حديث ذي الثدية "إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني
تميم" ،وسيأتي أيضاً عند أبي يعلى في حديث أبي سعيد "فقام رجل من بني
أمية" وجلي أنه تحريف عن بني تميم.
وفي لفظ س ويد بن غفلة – كما سيأتي في حديث المخدج -قال
س ألت علياً عن الخوارج قال :جاء ذو الثدية المخدجي إلى رسول ال
وهو يقسم .وسيأتي أن ذا الخويصرة غير المخدج ذي الثدية.
وفي لفظ عند البخاري "عبدال بن ذي الخويصرة" وفي لفظ عند
أبي يعلى "ابن ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير أصل
الخوارج" ول ريب أن هذا التفسير من أحد الرواة ،قال ابن حجر" :وما
أدري من الذي قال وهو حرقوص ...الخ").(1
وبناءً على هذه الرواية جعل ابن الثير وأبو زرعة العراقي
حرقوص بن زهير هو ذا الخويصرة).(2
إل أن في الربط بين حرقوص بن زهير وبين ذي الخويصرة نظراً،
فقد تقدم في مبحث الصحابة من أهل النهروان أن عمر بن الخطاب أمد
عتبة بن غزوان بحرقوص بن زهير ،فكيف يستعين عمر بمثل ذي
الخويصرة ويوليه على جنده في الجهاد في سبيل ال؟
يقول الدرجيني..." :أنه لو صح ذلك عن عمر رضي ال عنه أنه من
المأمورين بقتله وأعلمه أنه مارق من الدين فكيف يستعين به على الجهاد
وهو أعظم أركان الدين فيجعله أميراً على جنوده المؤمنين وظهيراً على
قتال الكافرين").(3
وقد حاول د .نايف معروف التأكيد على الربط بين ذي الخويصرة
وبين حرقوص ابن زهير معللً سبب استعمال عمر حرقوصاً بقوله:
"ولعل استغرابنا لستعمال عمر لهذا التميمي يخف حين نعلم أن حرقوصاً
هذا كانت له صحبة من الرسول ،وأن الرسول نفسه كان يستعين في حربه
بالمنافقين واليهود ،كما ل ننسى أنه كان منيعاً في قومه من بني سعد ،فهل
حاول أن يؤلف قلبه أو يتقي شره فأمره وأبعده").(4
يستعين في حروبه باليهود؟ وهذا كلم غريب ،متى كان النبي
وأما استعانته بالمنافقين – إن صحت -فمن باب أنهم أصحابه في الظاهر،
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص .298 1
() ابن الثي (أسد الغابة) جـ 2ص 20رقم /1541العراقي ،أبو زرعة (الستفاد) جـ 2ص .1292 2
232
وإذا حقنت دماؤهم لهذا السبب فإن اشتراكهم في المقاتلة للسبب نفسه،
والصحابة لم يكونوا يعلمون المنافقين ،فالمعاملة في الظاهر سواء في نظر
الكل.
وأما تأمير عمر حرقوص بن زهير تألفاً لقلبه واتقاء لشره وإبعاداً له
عن مركز الخلفة فهو كلم من لم يفهم عمر الفاروق ،فإن عمر منع
المؤلفة قلوبهم الذين كانوا في أيام النبي من سهمهم ،روى الطبري بسنده
الى عمر قال وأتاه عيينة بن حصن :الحق منـ ربكـ فمنـ شاء فليؤمن
ومن شاء فليكفر.(1)
ومن هو حرقوص -في وضعه الجتماعي -بالنظر إلى عيينة في
مكانته بين العرب؟ على أنه يظهر أن نظرة عمر إلى حرقوص نظرته إلى
غيره من الصحابة المجاهدين ،ومن ذلك كتابه إلى حرقوص عند افتتاحه
سوق الهواز ،قال الطبري :وبلغ عمر أن حرقوصاً ن زل جبل الهواز
والناس يختلفون إليه ،والجبل كؤود يشق على من أمه ،فكتب إليه" :بلغني
أنك ن زلت من زلً كؤوداً ل تؤتى فيه إل على مشقة ،فأَسهِل ول تشق على
مسلم ول معاهد ،وقم في أمرك على رجل تدرك الخرة وتصف لك الدنيا،
ول تدركنك فترة ول عجلة فتكدر دنياك وتذهب آخرتك").(2
من هذا نفهم أن صفات ذي الخويصرة مباينة لصفات حرقوص.
على أن في إبهام اسمه في أغلب الروايات ما يدل على أنه غير حرقوص،
إذ حرقوص ليس بذاك المغمور .إضافة إلى أنه سمي عبدال بن ذي
الخويصرة في بعضها كما تقدم عند البخاري.
والخلصة أن مقتل حرقوص في معركة النهروان أثار لدى الكثيرين
ارتباكاً من جهة كونه صحابياً يشارك مع أهل النهروان الموصوفين -عند
هؤلء -بالمروق من الدين ،فتم الربط بينه وبين ذي الخويصرة ،لزحزحته
عن فضل الصحبة والزج به في عداد المنافقين ،وليتسق حينئذ وصف
حرقوص المأخوذ من ذي الخويصرة مع ما وصف به أهل النهروان من
البداوة والغلظة والفهم السطحي للنصوص ،وحرقوص وأهل النهروان في
حل من ذلك كما سلف بيانه .ولعل كون حرقوص وذي الخويصرة من بني
تميم كان من العوامل المساعدة لتقوية هذا الرابط ،ول يضير ذلك
حرقوصاً.
233
ولكن هل ذو الخويصرة هو المعترض على القسمة في القصتين ؟
احتمله ابن حجر ،وإن كان يميل -حسبما يظهر -إلى أن ذا الخويصرة كان
في قصة قسمة الذهب الذي بعث به علي ،وأما الذي في مغانم حنين
فشخص آخر ،قال" :ووهم من سماه ذا الخويصرة ظاناً اتحاد القصتين").(1
المر الثالث :الطالب لقتل ذي الخويصرة:
أغلب الروايات أنه عمر بن الخطاب ،وبعضها على أنه خالد بن
الوليد ،وبعضها بالتوهم "أحسبه خالد بن الوليد" كما في اللفظ الثاني عن
أبي سعيد ،قال النووي" :ليس فيهما تعارض ،بل كل واحد منهما استأذن
فيه").(2
وفي رواية لمسلم" :فقام عمر بن الخطاب فقال :يا رسول ال أضرب
عنقه ؟ قال :ل ،ثم أدبر فقام إليه خالد بن الوليد سيف ال فقال :يارسول ال
أضرب عنقه؟ قال :ل".
وقد اعتمد ابن حجر هذه الرواية قائلً" :فهذا نص في أن كلً منهما
سأل") .(3وجعل الحافظ هذا في حادثة قسمة الذهب الذي أرسله علي ،وأما
حادثة مغانم حنين فالسائل لقتله هو عمر بن الخطاب جزماً).(4
واستشكل سؤال خالد قتل الرجل مع أنه توجه إلى اليمن قبل علي،
وأجاب ابن حجر عن هذا الشكال "بأن علياً لما وصل إلى اليمن رجع
خالد منها إلى المدينة فأرسل علي الذهب فحضر خالد قسمته").(5
المر الرابع :المقصودون بحديث المروق:
يقول أبو علي الحسن بن مسعود اليوسي" :قد اتفق السلف والخلف
فيما علمنا أن الحديث خرج في الخوارج ولم يعرف منهم إل الذين خرجوا
على علي كرم ال وجهه يوم التحكيم وصار فيهم الشراة والصفرية وسائر
النحل واستمرت شوكتهم إلى أن انحسمت في خلفة عبدالملك بن مروان
على يد المهلب بن أبي صفرة").(6
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص ،299وانظر :جـ 7ص ،325جـ 8ص .396 3
234
وهذا المعنى يفهم من كلم عدد جم ممن تعرض لهذا الحديث من
الفقهاء والمحدثين وعلماء الفرق وغيرهم .بيد أن في إطلقه على كل من
نسب إلى الخوارج أو الحرورية أو المحكّمة خلفاً بين المذاهب ل سيما
من قبل الذين صرف إليهم هذا الحكم ،ول ريب أن هذا أمر بدهي ،ومثله
في البداهة أن هذه النظرة متبادلة ،إذ يصرف هؤلء معنى الحديث إلى
أولئك ،يقول الشيخ السالمي في معرض ذكر أوجه المراد من الحديث:
عبّاد قومنا) (1مع ما ترى من اجتهادهم؟ فإن "وكيف ل يحمل الحديث في ُ
أصحابهم يأثرون عنهم أشياء من التلوة والعبادة نحقر صلتنا مع صلتهم
وصيامنا مع صيامهم ،فلعل الحديث فيهم ،فيكون لكل تأويله ،وهذا إلزام
للخصم بنظير قوله").(2
والمحك في توجيه الحديث أن تتلمس حقيقة المراد به كي يصدق
حمله على فرد أو جماعة أو فعل تلبسوا به فيكون مخرج الحديث فيهم.
يؤخذ من الحديث أن المقصودين به قوم جمعوا بين أمرين ظاهرهما
التعارض:
-1كثرة الصلة والصيام والعمال إلى حيث يحقر غيرهم مثل ذلك
منهم.
-2المروق من الدين مروقًا مبالغاً فيه.
ولم يصرح الحديث بموضع الخلل في أفعال هؤلء القوم ،سوى ما
يشير إليه قوله " :يقرأون القرآن ول يجاوز حناجرهم" .ول شك أن
كلمه من زه عن التعارض والتناقض وما ينطق عن الهوى ،إن هو إل
يوحى ).(3
وحي
وللوصول إلى نتيجة واضحة ل بد من تقرير التي:
أولً :أن التصاف بالعبادة والصلح وكثرة أعمال البر أمر محمود دعت
إليه نصوص الكتاب العزيز وأحاديث الرسول الكريم .وقد مضى عليه
السلف الول من الصحابة المهاجرين والنصار وتبعهم على ذلك خيار
هذه المة من بعدهم .ومن نظر في سيرهم ل سيما الكتب المؤلفة في هذا
المعنى تبين له صدق ذلك ،مثل "حلية الولياء" لبي نعيم الصفهاني.
وهذا المر تشترك فيه كافة التوجهات السلمية ،وهو سمة الخيار من
() سبق أن هذه اللفظة يريد با الباضية من سواهم من الفرق الخرى. 1
235
كل فريق ،والمعيار في العمل لقول ال تعالى :إن أكرمكم عند ال أتقاكم
).(1
ثانياً :معنى المروق من الدين الوارد في الحديث:
فقد حمل الدين في هذا الحديث على معنيين:
-1الطاعة :أي طاعة المام).(2
-2السلم) : (3وقد جاءت بذلك روايات يبدو أنها روايات بالمعنى ،فإن
عامة الروايات متفقة على لفظ "الدين" دون "السلم" .إل أن ذلك ل يؤثر
شيئاً ها هنا ،لن الحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة اللغوية في النصوص
الشرعية ،لقول ال تعالى :إن الدين عند ال السلم.(4)
ومجمل القول أن معنى المروق من الدين متنازع ما بين الردة عن
السلم وبين البقاء على السلم مع الفسق).(5
ثالثاً :سبب المروق من الدين:
سبق القول بأن من زع الحكم غير واضح من الحديث سوى ما يؤخذ من
قوله :
() النووي (شرح مسلم) جـ 7ص /142ابن حجر (فتح الباري) جـ 8ص /396ابن منظور (اللسان) جـ 2
13ص .169
() مصادر الامش السابق. 3
() ابن العرب (القبس) جـ 1ص /404النووي (شرح مسلم) جـ 7ص /142ابن حجر (فتح الباري) جـ 14 5
ص .307
() النووي (شرح مسلم) جـ 7ص .141 6
() النووي (شرح مسلم) جـ 7ص /141ابن حجر (فتح الباري) جـ 8ص .396 7
236
راويها ين زع إلى الشدة في الحكم فيفسر عدم مجاوزة القرآن الحناجر بعدم
اليمان ،وذلك لتفاق جل الروايات على لفظ القرآن ل اليمان.
وواضح من وجود أكثر من معنى لعلة الحكم خفاء هذه العلة.لكن في
بعض ألفاظ الحديث الخرى ما يساعد على استجلء سبب الحكم بالمروق،
وأهمها -كما يظهر -قوله ":يقتلون أهل السلم ويدعون أهل الوثان"
كما في لفظ أبي سعيد الثاني .ويفهم من وصف هؤلء بقتل أهل السلم
وترك أهل الوثان أنه تعبير عن حكمهم على المنتسبين إلى السلم
بالشرك أي الخروج من السلم ،لذلك رتبوا عليه القتل.
ويجدر ها هنا بيان توجيهات الحديث قبل بيان الوجه المختار.
توجيهات الديث:
-1حل الديث على أهل النهروان خاصة وعلى من أطلق عليهم الوارج عامة،
وهذا واضح من اللفظ الثان عن عبدال بن مسعود من رواية عمرو بن سلمة ،وهي :عن
عبدال قال :إن رسول ال حدثنا أن قوما يقرأون القرآن ل ياوز تراقيهم يرقون من
السلم كما يرق السهم من الرمية ،واي ال ل أدري لعل أكثرهم منكم .قال :فقال
عمرو بن سلمة :فرأينا عامة أولئك يطاعنونا يوم النهروان مع الوارج.
وقد تقدم أن هذه الرواية ضعيفة.
وأيضاً في اللفظ الخامس عن أبي سعيد من رواية أبي نضرة المنذر
بن مالك ،قال أبو سعيد :وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق .وسيأتي في حديث
"تقتل فئتان عظيمتان من المسلمين تمرق بينهما مارقة" أصل هذا الحديث
وبيان أن هذه الزيادة شاذة .كما سيأتي تفصيل القول في حمل الحديث على
أهل النهروان في فصل حديث المخدج )ذي الثدية(.
-2حمل الحديث أيضاً على أهل صفين ،كما في حديث عمار بن
ياسر وسعد بن أبي وقاص أن عمار بن ياسر قال لسعد بن أبي وقاص:
قال" :يخرج قوم من مالك ل تخرج مع علي؟ أما سمعت رسول ال
أمتي يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلهم علي بن أبي
طالب؟"قالها ثلث مرار.
وواضح أن عمار بن ياسر يحمله على أهل الشام في صفين لنه قتل
في المعركة نفسها .وقد تقدم النقل عن الذهبي أنه "حديث منكر".
-3تقدم حديث عقبة بن عامر من طريق عبدالملك بن مليل السليحي
قال :كنت مع عقبة بن عامر جالساً قريباً من المنبر يوم الجمعة ،فخرج
237
محمد بن أبي حذيفة فاستوى على المنبر فخطب الناس ثم قرأ عليهم سورة
من القرآن ،قال :وكان من أقرإ الناس ،قال :فقال عقبة بن عامر :صدق ال
ورسوله ،إني سمعت رسول ال يقول" :ليقرأون القرآن رجال ل يجاوز
تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
ومحمد بن أبي حذيفة صحابي) ، (1ولعل كلم عقبة بن عامر فيه -
على فرض صحة الحديث -لكون محمد هذا كان من القائمين على عثمان
بن عفان) ،(2فوجه الحديث فيه وفي أمثاله.
ومثل هذا التوجيه يؤخذ من حديث عبدالرحمن بن عديس قال:
يقول" :يخرج أناس يمرقون من الدين كما يمرق سمعت رسول ال
السهم من الرمية يقتلون بجبل لبنان أو بجبل" ،قال ابن لهيعة :فقتل ابن
عديس بجبل لبنان.
إذ يفهم من كلم ابن لهيعة أنه يحمله عليه ،وعبدالرحمن بن عديس
صحابي ممن بايع تحت الشجرة ،وكان من الخارجين على عثمان) .(3غير
أن حديثي عقبة بن عامر وعبدالرحمن بن عديس ضعيفان كما تقدم.
-4يؤخذ من اللفظ الثالث لحديث عبدال بن عمرو بن العاص
توجيهه إلى الذين يطعنون على أمرائهم كما هو صريح من كلم عقبة بن
وساج قال :كان صاحب لي يحدثني عن شأن الخوارج وطعنهم على
أمرائهم ،فحججت فلقيت عبدال بن عمرو فقلت له :أنت من بقية أصحاب
رسول ال وقد جعل ال عندك علماً ،وأناس بهذا العراق يطعنون على
أمرائهم ويشهدون عليهم بالضللة فقال لي :أولئك عليهم لعنة ال والملئكة
والناس أجمعين ثم ذكره .وقد مضى أن في رواية عقبة بن وساج عن
عبدال بن عمرو عنعنة قتادة وهو مدلس.
-5حمل الحديث على من ضيع العمل ولم يعمل بالقرآن ،وهذا
مأخوذ من رواية الوليد بن قيس التجيبي عن أبي سعيد كما مضى في اللفظ
السادس ونصه "يكون خلف من بعد ستين سنة أضاعوا الصلة واتبعوا
الشهوات فسوف يلقون غياً ،ثم يكون خلف يقرأن القرآن ل يجاوز تراقيهم،
فيقرأ القرآن ثلثة :مؤمن ومنافق وفاجر" ،وقد مضى أن هذه الرواية لينة.
وفي لفظ حديث أنس بن مالك الثالث من رواية حفص بن عمر قال:
انطلق بنا إلى الشام إلى عبدالملك ونحن أربعون رجلً من النصار
() ابن حجر (الصابة) جـ 6ص 10رقم .7772 1
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 4ص 335 ،334رقم .5167 3
238
ليفرض لنا ،فلما رجع وكنا بفج الناقة صلى بنا العصر ثم سلم ودخل
فسطاطه وقام القوم يضيفون إلى ركعتيه ركعتين أخريين ،قال :فقبح ال
الوجوه ،فوال ما أصابت السنة ول قبلت الرخصة ،فأشهد لسمعت رسول
ال يقول" :إن أقواماً يتعمقون في الدين ،يمرقون كما يمرق السهم من
الرمية" ومضى أن هذه الرواية صحيحة.
وفي اللفظ الثالث من حديث ابن مسعود من رواية شقيق بن سلمة
عنه قال :جاء رجل إلى عبدال فقال :يا أبا عبدالرحمن ،كيف تقرأ هذه
آسن)(1؟ قال :فقال له عبدال :كل القرآن أحصيت غير الية :من ماء غير
هذا ؟ قال :إني لقرأ المفصل في ركعة ،فقال له عبدال :هذّا كهذّ الشعر؟
إن من أحسن الصلة الركوع والسجود ،وليقرأن القرآن أقوام ل يجاوز
تراقيهم ،ولكن إذا قرئ فرسخ في القلب نفع.
ومضى أن رواية شقيق بن سلمة عن ابن مسعود صحيحة.
وقريب من هذا المعنى إخراج البخاري بعض طرق الحديث في
كتاب فضائل القرآن باب من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فجر به.
وهذا الذي يذهب إليه الشيخ السالمي قائلً" :وأما الحديث فهو عندنا
في علماء السوء وفي كل من خالف عمله كتاب ال وسنة رسول ال
") ،(2وقال أيضاً" :وحمله على كل من خالف الحق في عبادته
أظهر") ،(3ويقول شبيب بن عطية العماني":قلنا المارق من أمة محمد
من ترك سنته وخرج من جماعته ولم يمتثل أمره وين زجر عن نواهيه
ويتبع سبيله فهو مارق خارج من أمة محمد ").(4
-6حمل الشيخ على يحيى معمر الحديث على الذين ارتدوا إثر وفاة
معتلً في ذلك بقوله " :لئن أنا أدركتهم لقتلنهم قتل ثمود"، النبي
قال" :وقد قتلهم خليفته رضي ال عنه قتل ثمود تحقيقاً لخبره عليه السلم،
أن يدركهم ،فإن هذا يدل على قرب ويستأنس لهذا الرأي من توقعه
زمنهم منه وأنه كان يأمل أن ينتقم ل منهم ،ولكن إرادة ال شاءت أن
يتأخروا عنه قليلً ،وأن تكون فتنتهم امتحاناً لصلبة أبي بكر وأن تكون
عقوبتهم على يد الصديق رضي ال عنه .وكما يستأنس بهذا الحديث لهذا
المعنى ،كذلك يستأنس بحديث المروق في الرواية التي تقول )سيخرج أو
() سورة ممد آية .5 1
() عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف الرورية رقم .18665 4
241
لم يقتلهم ،وأنت فل تقتلهم إل أن تعلم منهم ما علم صاحب موسى من
الغلم الذي قتله…الخ").(1
والظاهر أن نجدة أخذ بنصيحة ابن عباس فلم يستبح قتل الطفال كما
تقدم.
وروى عبدالرزاق عن معمر عن أبان قال :خرجت خارجة بالبصرة
فقتلوا ،فأتيت أنساً ،فقال :ما للناس فزعوا ؟ قلت :خارجة خرجت ،قال:
يقولون ماذا قال قلت :مهاجرين ،قال :إلى الشيطان هاجروا ،أو ليس قد
قال رسول ال " :ل هجرة بعد الفتح") ،(2وقد تقدم أن الذين انتحلوا
الهجرة هم الزارقة .وعلى هذه المعاني يحمل سائر ما ورد عن الصحابة
في ذم الحرورية أو الخوارج أو نحوهم ،وكذلك كلم سائر أهل العلم ،وهو
كما يبدو أقوى التوجيهات ،وال تعالى أعلم.
وبناءً على هذا التوجيه فإن هذا الحكم يسري على كل من يتبنى
الفكر الخارجي – المنحصر في معاملة المخالفين مثل معاملة المشركين -
على مدى فترات التاريخ ،إذ ل اعتبار للسماء إن كان الرأي الجامع بين
ما تصدق عليه هذه السماء واحداً.
() عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف الرورية رقم .18662 2
242
الفصل الثان:
243
244
المبحث الول:
تخريج الحديـث
( ) البخاري (الصحيح) ك الناقب باب ( ) 25رق م ، 3610ك استتابة الرتدين باب ( ) 6رق م / 6933مسلم 2
(الصحيح) ك الزكاة باب ( )46رقم /148عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف الرورية رقم ،18649
(المال) رقم /124أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /56عبدال بن أحد (السنة) رقم /1550النسائي (السنن
الكبى) ك الصائص باب ( )59رقم ( ،8560الصائص) ص /54ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم /925
245
-2رواية أبي سلمة بن عبدالرحمن والضحاك الهمداني:
رواها باللفظ نفسه البخاري ،ومسلم ،وأحمد ،والنسائي في "الكبرى"
و"الخصائص" وابن حبان ،والجري).(1
-3رواية أبي سلمة والضحاك بن قيس:
رواها باللفظ نفسه ابن أبي شيبة ،وابن أبي عاصم في "السنة"
بإسنادين).(2
-4رواية عاصم بن شميخ الغيلني عن أبي سعيد:
أ -ولفظها" :كان رسول ال إذا حلف واجتهد في اليمين قال" :ل
والذي نفس أبي القاسم بيده ،ليخرجن قوم من أمتي تحقرون أعمالكم مع
أعمالهم يقرأون القرآن ل يجاوز تراقيهم يمرقون من السلم كما يمرق
السهم من الرمية" قالوا :فهل لهم من علمة يعرفون بها ؟ قال" :فيهم رجل
ذويدية أو ذو ثدية محلقي رؤوسهم" .قال أبو سعيد :فحدثني عشرون أو
بضع وعشرون من أصحاب النبي أن علياً رضي ال تعالى عنه ولي
قتلهم .قال :فرأيت أبا سعيد بعد ما كبر ويداه ترتعش يقول :قتالهم أحل
عندي من قتال عدتهم من الترك.
رواها أحمد ،وعنه ابنه عبدال في "السنة").(3
ب -وفي لفظ آخر عند ابن أبي عاصم عن عاصم الغيلني قال :كنت
أحببت نجدة الحروري وأحبني حتى كان يقول على المنبر :يا بني غيلن
أعجزتموني أن تكونوا مثل عاصم بن شميخ ،قال :ثم خرجت إلى المدينة
فحدثني أبو سعيد في عشرة من أصحاب رسول ال ممن أرتضي في
بيتي هذا أن علياً قال :التمسوا لي العلمة التي قال رسول ال ،فإني لم
ك قتال أهل البغي باب قتال جـ 10 البيهقي (السنن الكبى) جـ 8رق م / 16702البغوي (شرح السنة)
الوارج واللحدين رقم .2552
() البخاري (الصحيح) ك الدب باب ( )95رقم /6163مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب ( )46رقم /148أحد 1
بن حنبل (السند) جـ 3ص /65النسائي (السنن الكبى) ك الصائص باب ( )59رقم ( ،8561الصائص) ص
/54ابن حبان (الصحيح) جـ 15ذكر الخبار عن وصف الشيء الذي يستدل به على مروق أهل النهروان من
السلم رقم /6741الجري (الشريعة) رقم .37
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15باب ( ) 2454رقم / 19778ابن أب عاصم (السنة) باب ( ) 176رقم ،923 2
.924
() أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /33عبد ال بن أحد (السنة) رقم .1512 3
246
أكذب ولم أكذب ،فجيء بذي الثدية فحمل على فرس ،فحمد ال وأثنى عليه
حين رأى علمة رسول ال فيهم).(1
-5رواية عبيدال بن عبدال بن عتبة بن مسعود عند أبي يعلى:
بلفظ الزهري عن أبي سلمة السابق ،لكن في آخرها :قال أبو سعيد:
وحضرت هذا من رسول ال يوم حنين ،وحضرت مع علي يوم قتلهم
بنهروان .قال :فالتمسه علي فلم يجده ،قال :ثم وجده بعد ذلك تحت جدار
على هذا النعت ،فقال علي :أيكم يعرف هذا ؟ فقال رجل من القوم :نحن
نعرفه ،هذا حرقوس وأمه ها هنا ،قال :فأرسل علي إلى أمه فقال لها :من
هذا ؟ فقالت :ما أدري يا أمير المؤمنين ،إل أني كنت أرعى غنماً لي في
الجاهلية بالربذة فغشيني شيء كهيئة الظلة فحملت منه فولدت هذا).(2
ثانياً :حديث جابر بن عبدال:
نحو حديث الزهري عن أبي سلمة ،قال جابر :وأشهد لسمعته من رسول
ال ،وأشهد أن علياً حين قتلهم وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي
نعته رسول ال .
رواه عبد الرزاق).(3
ثالثاً :حديث المام علي بن أبي طالب:
جاء عنه من ست عشرة رواية:
-1رواية زيد بن وهب الجهني:
رواها مسلم من طريق سلمة بن كهيل :حدثني زيد بن وهب الجهني
أنه كان في الجيش الذي كانوا مع علي رضي ال عنه الذين ساروا إلى
الخوارج ،فقال علي رضي ال عنه :أيها الناس ،إني سمعت رسول ال
يقول" :يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم
بشيء ول صلتكم إلى صلتهم بشيء ول صيامكم إلى صيامهم بشيء،
يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم ،ل تجاوز صلتهم تراقيهم،
يمرقون من السلم كما يمرق السهم من الرمية" ،لو يعلم الجيش الذين
يصيبونهم ما قضي على لسان نبيهم ل تكلوا عن العمل ،وآية ذلك أن
فيهم رجلً له عضد وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه
شعرات بيض ،فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلء يخلفونكم
() ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم .915 1
() عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف الرورية رقم .18651 3
247
في ذراريكم وأموالكم ؟ وال إني لرجو أن يكونوا هؤلء القوم فإنهم قد
سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس ،فسيروا على اسم ال.
قال سلمة بن كهيل :فن زلني زيد بن وهب من زلً من زلً حتى قال:
مررنا على قنطرة فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبدال بن وهب
الراسبي فقال لهم :ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن
يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء ،فرجعوا فوحشوا برماحهم وسلوا
السيوف وشجرهم الناس برماحهم ،قال :وقتل بعضهم على بعض وما
أصيب من الناس يومئذ إل رجلن ،فقال علي رضي ال عنه :التمسوا فيهم
المخدج ،فالتمسوه فلم يجدوه ،فقام علي رضي ال عنه بنفسه حتى أتى ناساً
قد قتل بعضهم على بعض ،قال :أخّروهم فوجده مما يلي الرض ،فكبر ثم
قال :صدق ال وبلغ رسوله .قال :فقام إليه عبيدة السلماني فقال :يا أمير
المؤمنين ،الِ الذي ل إله إل هو لسمعت هذا الحديث من رسول ال ؟
فقال إي وال الذي ل إله إل هو ،حتى استحلفه ثلثاً وهو يحلف).(1
ورواه عبدال بن أحمد في زوائده على المسند ،ومن وجهين في
"السنة" أحدهما مختصر ،ورواه النسائي في "الكبرى" و"الخصائص" من
ثلثة أوجه أحدها مختصر ،وعبدالرزاق ،وأبو داود ،وابن أبي عاصم،
والبيهقي).(2
-2رواية كليب بن شهاب والد عاصم:
قال :كنت عند علي جالساً ،إذ دخل عليه رجل عليه ثياب السفر،
قال :وعلي يكلم الناس ويكلمونه ،فقال :يا أمير المؤمنين ،أتأذن أن أتكلم؟
فلم يلتفت إليه ،وشغله ما هو فيه فجلست إلى الرجل ،فسألته :ما خبرك؟
قال :كنت معتمراً فلقيت عائشة فقالت لي :هؤلء القوم الذين خرجوا في
أرضكم يسمون حرورية ،قلت :خرجوا في موضع يسمى حروراء فسموا
بذلك ،فقالت :طوبى لمن شهد هلكتهم ،لو شاء ابن أبي طالب لخبركم
خبرهم .قال :فجئت أسأله عن خبرهم ،فلما فرغ علي قال :أين المس تأذن؟
فقص عليه كما قص علينا ،قال :إني دخلت على رسول ال وليس عنده
أحد غير عائشة أم المؤمنين ،فقال لي" :كيف أنت يا علي وقوم كذا وكذا"؟
قلت :ال ورسوله أعلم ،وقال :ثم أشار بيده ،فقال" :قوم يخرجون من
() مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب ( )47رقم .1066 1
() أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص / 92 ، 91عبد ال بن أحد (السنة) رقم / 1496 ، 1493النسائي (السنن 2
الكبى) ك الصائص باب ( ) 61رقم / 8571 ، 8570 ، 8569عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف
الرورية رقم /18650أبو داود (السنن) ك السنة باب ف قتال الوارج رقم /4768ابن أب عاصم (السنة) باب (
)176رقم /917 ،916البيهقي (السنن الكبى) جـ 8رقم .16700
248
المشرق يقرأون القرآن ل يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية ،فيهم رجل مخدج كأن يده ثدي ،أنشدكم بال أخبرتكم
بهم ؟ قالوا :نعم ،قال :أناشدكم بال أخبرتكم أنه فيهم ؟ قالوا :نعم قال:
فأتيتموني فأخبرتموني أنه ليس فيهم ،فحلفت لكم بال أنه فيهم فأتيتموني
تجرونه كما نعت لكم ؟ قالوا :نعم ،قال :صدق ال ورسوله.
رواه النسائي في "الكبرى" و"الخصائص" – وهذا لفظه -وعبدال
بن أحمد في زوائده على المسند من وجهين وفي "السنة" من ثلثة أوجه،
ورواه أبو يعلى ،وابن أبي عاصم).(1
عبِيدة بن عمرو السلماني:
-3رواية َ
عن علي قال :ذكر الخوارج قال :فيهم رجل مخدج اليد أو مودن اليد
أو مثدون اليد ،لول أن تبطروا لحدثتكم بما وعد ال الذي يقاتلونهم على
؟ قال :إي ورب الكعبة لسان محمد ،قلت :أنت سمعته من محمد
ثلث مرات.
رواها ابن أبي شيبة ،وعبدالرزاق من وجهين ،وأبو داود الطيالسي،
وأبو يعلى من أوجه أربعة ،والنسائي في "الكبرى" و"الخصائص" من
وجهين ،وابن ماجه ،وعبدال بن أحمد في "السنة" من أحد عشر وجهاً،
وابن أبي عاصم ،والبيهقي).(2
-4رواية عبيدال بن أبي رافع المدني:
رواها مسلم من طريق بسر بن سعيد عن عبيدال بن أبي رافع مولى
رسول ال أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب رضي
ال عنه قالوا :ل حكم إل ل ،قال علي :كلمة حق أريد بها باطل ،إن رسول
ال وصف ناساً إني لعرف صفتهم في هؤلء "يقولون الحق بألسنتهم
ل يجاوز هذا منهم" وأشار إلى حلقه "من أبغض خلق ال إليه ،منهم أسود
إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي" .فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضي
ال عنه قال :انظروا ،فنظروا فلم يجدوا شيئاً ،فقال ارجعوا فوال ما كذبت
() النسائي (السنن الكبى) ك الصائص باب ( )61رقم ( ،8568الصائص) ص /57عبد ال بن أحد (السند) 1
جـ 1ص ( /160السنة) باب ( )176رقم /1485 ، 1484 ، 1483أبو يعلى (السند) جـ 1ص 363رقم ،472
ص 375رقم /482ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم .913
() ابن أب شيبة (الصنف) جـ 15باب ( ) 2454رقم / 19727عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف 2
الرورية رقم /18653 ، 18652الطيالسي (السند) ص 24رقم /166أبو يعلى (السند) جـ 1رقم ،477 ، 475
/ 481 ، 479النسائي (الكبى) باب ( ) 61رقم ( ، 8573 ، 8572الصائص) ص / 95ابن ماجه (السنن) القدمة
رقم /167عبد ال بن أحد (السنة) الرقام /1501 ، 1481 ، 1480 ، 1478-1471ابن أب عاصم (السنة) باب (
)176رقم /912البيهقي (السنن الكبى) جـ 8رقم .16699
249
ول كذبت مرتين أو ثلثاً ،ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين
يديه ،قال عبيدال :وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم .زاد يونس:
قال بكير :وحدثني رجل عن ابن حنين أنه قال :رأيت ذلك السود).(1
وأخرجه النسائي في "الكبرى" و "الخصائص" ،وابن أبي عاصم
ببعض اختصار ،والجري من طريقين ،والبيهقي في "الكبرى").(2
-5رواية طارق بن زياد:
قال :خرجنا مع علي إلى الخوارج فقتلهم ثم قال :انظروا فإن نبي ال
قال" :إنه سيخرج قوم يتكلمون بالحق ل يجاوز حلوقهم يخرجون من
الحق كما يخرج السهم من الرمية ،سيماهم أن فيهم رجلً أسود مخدج اليد
في يده شعرات سود" إن كان هو فقد قتلتم شر الناس وإن لم يكن هو فقد
قتلتم خير الناس .فبكينا ثم قال :اطلبوا فطلبنا فوجدنا المخدج فخررنا
سجوداً وخر علي معنا ساجداً ،غير أنه قال :يتكلمون بكلمة الحق.
رواه النسائي في "الكبرى" و "الخصائص" -وهذا لفظه -ورواه
أحمد ،وعبدال ابن أحمد في "السنة" من طريقين).(3
-6رواية أبي مريم قيس الثقفي المدائني:
عن د أب ي يعلى من رواية نعيم بن حكيم ،حدثني أبو مريم ،حدثنا
علي بن أبي طالب أن رسول ال قال" :إن قوماً يمرقون من السلم
كما يمرق السهم من الرمية يقرأون القرآن ل يجاوز تراقيهم ،طوبى لمن
قتهلم وقتلوه ،علمتهم رجل مخدج اليد").(4
ورواه أبو داود الطيالسي وعبدال بن أحمد في زوائده على
"المسند").(5
-7رواية أبي كثير مولى النصار:
قال :كنت مع سيدي مع علي بن أبي طالب رضي ال عنه حيث قتل
أهل النهروان فكأن الناس وجدوا في أنفسهم من قتلهم ،فقال علي رضي ال
( ) النسائي (السنن الكبى) ك الصائص باب ( ) 59رقم ( ، 8562الصائص) ص / 55ابن أب عاصم (السنة) 2
باب ( )176رقم /928الجري (الشريعة) باب ( )7رقم /50 ،49البيهقي (السنن الكبى) جـ 8رقم .16701
() النسائي (السنن الكبى) ك الصائص باب ( ) 60رقم ( ، 8566الصائص) ص / 56أحد بن حنبل (السند) 3
() الطيالسي (السند) ص 24رقم /165أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص .151 5
250
عنه :يا أيها الناس ،إن رسول ال قد حدثنا بأقوام يمرقون من الدين كما
يمرق السهم من الرمية ثم ل يرجعون فيه أبداً حتى يرجع السهم على فوقه،
وإن آية ذلك أن فيهم رجلً أسود مخدج اليد أحد ثدييه كثدي المرأة لها حلمة
كحلمة ثدي المرأة حوله سبع هلبات ،فالتمسوه فإني أراه فيهم ،فالتمسوه
فوجدوه في حفرة إلى شفير النهر تحت القتلى ،فأخرجوه فكبر علي رضي
ال عنه فقال :ال أكبر صدق ال ورسوله وإنه لمتقلد قوساً له عربية،
فأخذها بيده فجعل يطعن بها في مخدجيه ويقول :صدق ال ورسوله ،وكبر
الناس حين رأوه واستبشروا وذهب عنهم ما كانوا يجدون.
رواها المام أحمد -وهذا لفظه -وأبو يعلى ،وعبدال بن الزبير
الحميدي).(1
-8رواية أبي الوضي عبّاد بن نسيب:
أ -قال :كنا مع علي بن أبي طالب بالنهروان فقال :التمسوا المخدج،
فالتمسوه فلم يجدوه ،فأتوه فقال :ارجعوا فالتمسوه فوال ما كذبت ول
كذبت ،حتى قال لي ذلك مراراً ،فرجعوا فوجدناه تحت القتلى في الطين
كأني أنظر إليه حبشياً له ثدي كثدي المرأة ،عليه شعيرات كشعيرات التي
سرّ بذلك علي رضي ال عنه. على ذنب اليربوع ،ف ُ
رواه أبو داود الطيالسي بهذا اللفظ ،وأبو داود السجستاني ببعض
اختصار وليس فيه "فسر بذلك ...الخ" ،وأخرجه أحمد ،وعنه عبدال بن
أحمد في "السنة" ،ببعض اختلف وليس عندهما العبارة الخيرة).(2
ب -رواه الحاكم عن أبي الوضيء:
ولفظه :قال :كنا في مسير عامدين إلى الكوفة مع أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب رضي ال عنه ،فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلث من حروراء
شذ منا ناس ،فذكرنا ذلك لعلي فقال :ل يهولنكم أمرهم فإنهم سيرجعون.
فن زلنا فلما كان من الغد شذ مثل من شذ ،فذكرنا ذلك لعلي فقال ل يهولنكم
أمرهم فإن أمرهم يسير ،وقال علي رضي ال عنه :ل تبدأوهم بقتال حتى
يكونوا هم الذين يبدأونكم .فجثوا على ركبهم واتقينا بترسنا ،فجلعوا يناولونا
بالنشاب والسهام ،ثم إنهم دنوا منا فأسندوا لنا الرماح ثم تناولونا بالسيوف
حتى هموا أن يضعوا السيوف فينا ،فخرج إليهم رجل من عبدالقيس يقال له
() أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص /88أبو يعلى (السند) جـ 1مسند علي رقم /478الميدي (السند) جـ 1
() الاكم (الستدرك) جـ 4ص ،531وقال" :قد أخرج مسلم رحه ال حديث الخدج على سبيل الختصار 1
ف السند الصحيح ول يرجاه بذه السياقة وهو صحيح السناد" ،وسكت عنه الذهب (التلخيص) جـ 4ص
.533
252
رواه عبدال بن أحمد في "السنة").(1
ب -وفي لفظ عن ابن أبي عاصم قال :شهدت علياً بن أبي طالب حين
قتل الحرورية فقال :انظروا في القتلى رجلً يده كأنها ثدي المرأة ،فإن
رسول ال أخبرني أني صاحبه ،فقلبوا القتلى فلم يجدوه ،قال :فقال لهم
علي :انظروا ،قال :وتحت نخلة سبعة نفر فقلبوا فنظروا فإذا هو فيه،
فرأيت جيء به في رجله حبل أسود ألقي بين يديه ،فخر علي ساجداً وقال:
أبشروا ،قتلكم في الجنة وقتلهم في النار).(2
253
قال :سمعت علياً يقول :قال النبي " :ليقرأن القرآن ناس ل يجاوز
علم حناجرهم ،فيهم رجل مودنة يده -أو مثدنة يده ،-في أطرافها
شعرات" ،فلما كان يوم النهروان قال علي :اطلبوه ،فلم يجدوا ،ثم اتبعوه
فوجدوه ،فقال علي :صدق ال ورسوله.
رواه الطبراني في "الوسط").(1
() الاكم (الستدرك) جـ 2ص 154وقال" :هذا حديث صحيح على شرط الشيخي ول يرجاه بذكر سجدة 2
الشكر ،وهو غريب صحيح ف سجود الشكر" .وسكت عنه الذهب (التلخيص) جـ 2ص .154
() عبدال بن أحد (السنة) رقم .1497 3
254
-رواية رجل من عبدالقيس: 14
قال :شهدت علياً يوم قتل أهل النهروان قال :قال علي حين قتلوا:
عَليّ بذي الثدية أو المخدج ذكر من ذلك شيئاً ل أحفظه ،قال :فطلبوه فإذا
َ
هم بحبشي مثل البعير في منكبه مثل ثدي المرأة ،عليه -قال عبدالرحمن
أراه قال -شعر ،فلو خرج روح إنسان من الفرح لخرج روح علي يومئذ،
قال :صدق ال ورسوله ،من حدثني من الناس أنه رآه قبل مصرعه هذا فأنا
كذاب.
رواه أبو يعلى وعبدال بن أحمد في "السنة").(1
-رواية مصعب بن خارجة:ـ أنه شهد علياً يوم النهر ،فقال: 15
رواها الدولبي قائلً :وذكر أحمد بن سنان اطلبوا ذا العضيدة.
المروزي.(2)...
() أبو يعلى (السند) جـ 1مسند علي رقم /476عبد ال بن أحد (السنة) رقم .1499 1
() عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف الرورية رقم .18657 3
255
256
المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
أولً :حديث أبي سعيد الخدري:
257
في روايته عن الزهري وهماً قليلً ،وفي غير الزهري خطأ ،من كبار
السابعة ،مات سنة تسع وخسمين على الصحيح ،وقيل سنة ستين").(1
258
أما محمد بن المصفى بن البهلول فهو"صدوق له أوهام وكان يدلس،
من العاشرة ،مات سنة ست وأربعين") ،(1وعده ابن حجر في المرتبة الثالثة
من المدلسين) ،(2وهي عنده "من أكثر من التدليس فلم يحتج الئمة من
أحاديثهم إل بما صرحوا فيه بالسماع ،ومنهم من رد حديثهم مطلقاً ومنهم
من قبلهم" ،لكنه ذكر عن أبي زرعة الدمشقي أن محمد بن المصفى يدلس
تدليس التسوية) ،(3ولم يصرح بالسماع هاهنا إل فيما بينه وبين الوليد وفيما
بين الوليد وبين الوزاعي فحسب.
ومن كل ما مضى يتبين أن الرواية ضعيفة.
وللوليد بن مسلم أيضاً متابعات عن الوزاعي:
-متابعة بقية) (4بنـ ـالوليدـ ـبنـ ـصاعدـ ـالكلعي عند النسائي في
"الكبرى" و"الخصائص" قال الحافظ" :صدوق كثير التدليس عن
الضعفاء ،من الثامنة ،مات سنة سبع وتسعين وله سبع وثمانون") ،(5وعده
في المرتبة الرابعة من المدلسين) ،(6وهي عنده "من اتفق على أنه ل يحتج
بشيء من حديثهم إل بما صرحوا فيه بالسماع ،لكثرة تدليسهم على
الضعفاء والمجاهيل".
ورغم وصف الحافظ لبقية بأنه صدوق ففيه كلم كثير يفيد تضعيفه،
من ذلك قول البيهقي" :أجمعوا على أن بقية ليس بحجة").(7
ورواها عن بقية :محمد بن المصفى بن البهلول ،وقد مضى أنه
يدلس تدليس التسوية ،ولم يصرح بالسماع في كل الطبقات ،فتبقى روايته
ضعيفة لضعف بقية وعنعنته هو ومحمد بن المصفى.
-متابعة محمد بن مصعب بن صدقة القرقسائي عند أحمد ،وهو-
عند ابن حجر" -صدوق كثير الغلط ،من صغار التاسعة ،مات سنة ثمان
ومائتين") .(8لكنه دون هذه المرتبة بمراحل ،فقد ضعفه كثيرون ،وقال
صالح بن محمد :ضعيف في الوزاعي ،وقال أيضاً :عامة أحاديثه عن
() ابن حجر (التقريب) ص 507رقم .6304 1
() ابن حجر (التهذيب) جـ 4ص 391رقم ،3030جـ 9ص 396رقم .6594 3
259
الوزاعي مقلوبة ،وقد روى عن الوزاعي غير حديث كلها مناكير وليس
لها أصول ،وقال الحاكم أبو أحمد :روى عن الوزاعي أحاديث منكرة).(1
-متابعة أبي يوسف يزيد بن يوسف الرحبي عند الجري ،قال عنه
ابن حجر" :ضعيف ،من التاسعة").(2
ب -يونس بن يزيد اليلي ،عند مسلم وابن حبان ،وقد مضى أن في
روايته عن الزهري وهماً قليلً.
261
وهي منكرة لن فيها :أبا معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي ،قال
الحافظ" :ضعيف ،من السادسة ،أسن واختلط ،مات سنة سبعين ومائة")،(1
وقد حكم ابن حجر على هذه الرواية بالشذوذ لتفرد أفلح بن عبدال بن
المغيرة بها عن الزهري عن عبيدال عن أبي سعيد).(2
ثانياً :حديث جابر بن عبدال النصاري عند عبد الرزاق.
رواه عنه أبو الزبي مسلم بن مكي ،وتقدم أنه مدلس عده ابن حجر ف الرتبة
الثالثة ،وقد عنعن ،فالديث ضعيف.
ثالثاً :حديث المام علي بن أبي طالب:
262
عن عبدالملك بن أبي سليمان وقد كان حسن الحديث ،قال :من حسنها
فررت .وقال ابن معين :ضعيف ،ومرة قال :ثقة) .(1وسئل يحيى بن معين
عن حديث عطاء عن جابر في الشفعة) ، (2فقال هو حديث لم يحدث به إل
عبدالملك ،وقد أنكره الناس عليه ،ولكن عبدالملك ثقة صدوق ل يرد على
مثله) ،(3وقال أحمد بن حنبل :هذا حديث منكر ،وعبد الملك ثقة) ،(4وقال ابن
حبان" :ربما أخطأ ،وليس من النصاف ترك حديث شيخ ثبت صحت
عدالته بأوهام في روايته ،...بل الحتياط والولى في مثل هذا قبول ما
يروي الثبت من الروايات وترك ما صح أنه وهم فيها ما لم يفحش ذلك
حتى يغلب على صوابه ،فإن كان كذلك استحق الترك") ،(5وقال ابن حجر:
"صدوق له أوهام ،من الخامسة ،مات سنة خمس وأربعين").(6
-وفيها عند النسائي في "الكبرى" و "الخصائص" :موسى بن قيس
الحضرمي أبو محمد العزاء الكوفي يلقب عصفور الجنة ،قال ابن حجر:
"صدوق رمي بالتشيع ،من السادسة") . (7وعليه فالرواية من طريق سلمة
بن كهيل عن زيد حسنة.
-ـ ـروايةـ ـعبيدةـ ـبنـ ـعمروـ ـالسلمانيـ ـأبيـ ـعمروـ ـالكوفي ،وهو 2
"تابعي كبير مخضرم فقيه ،ثبت").(8
تفرد بها عنه محمد بن سيرين النصاري ،قال عنه الحافظ" :ثقة
ثبت عابد كبير القدر ،كان ل يرى الرواية بالمعنى ،من الثالثة ،مات سنة
عشر ومائة").(9
() الديث رواه كل من الترمذي وأب داود وابن ماجه من طريق عبداللك بن أب سليمان عن عطاء عن جابر 2
" :الار أحق بالشفعة ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا". قال :قال رسول ال
() ابن حجر (التهذيب) جـ 6ص 349 ،348رقم .4338 3
263
رواها أبو يعلى وابن أبي شيبة وابن ماجه وعبدال بن أحمد في
"السنة" والنسائي في "الكبرى" و"الخصائص" وابن أبي عاصم والبيهقي
في "الكبرى" بأسانيد صحاح.
ورواها أبو داود الطيالسي بسند فيه سعيدـ ـبنـ ـعبدالرحمن ،وهو
الرقاشي أخو أبي حرة إذ هو الراوي عن ابن سيرين) ،(1قال الذهبي" :وثقه
جماعة ولينه القطان").(2
() هكذا نسبه إليه الزي (تذيب الكمال) جـ 26ص 298رقم 554وتبعه ابن حجر (التهذيب) جـ 9ص 9
264
ب -القاسم بن مالك المزني عند عبدال بن أحمد في زوائده على
المسند وفي "السنة" ،قال عنه ابن حجر" :صدوق فيه لين ،من صغار
الثامنة").(1
ج -عبدال بن إدريس بن يزيد الموي عند عبدال في زوائده على
المسند وفي "السنة" ،وهو"ثقة فقيه عابد ،من الثانية ،مات سنة اثنتين
وتسعين وله بضع وسبعون سنة").(2
فالرواية صحيحة من هذه الطريق "عبدال بن إدريس".
- 4رواية عبيدال ـبن أبي رافع مولى النبيـ ،قال ابن حجر" :كان
كاتب علي وهو ثقة ،من الثالثة").(3
تفرد بها عنه بسر بن سعيد المدني العابد مولى ابن الحضرمي ،قال
الحافظ" :ثقة جليل ،من الثانية ،مات سنة مائة").(4
وعنه بكير بن عبدال بن الشج ،قال ابن حجر" :ثقة من الخامسة،
مات سنة عشرين ،وقيل بعدها").(5
وقد رويت بأسانيد صحيحة عند كل من مسلم والنسائي في "الكبرى"
و "الخصائص" وابن أبي عاصم في "السنة" والبيهقي في "الكبرى".
ورواها الجري بإسنادين في أحدهما أبو بكر بن أبي داود قد تقدم
أن أباه قال عنه":كذاب"،كما سلف بيان أمره.
وفي الثاني عبدال ـبنـ ـلهيعة ،قال عنه ابن حجر" :صدوق ،من
السابعة ،خلط بعد احتراق كتبه ،ورواية ابن المبارك وابن وهب أعدل من
غيرهما ،وله في مسلم بعض الشيء مقرون ،مات سنة أربع وستين وقد
ناف على الثمانين") ، (6وقد تقدم أن فيه كلماً يفيد تضعيفه .وفيه أيضاً:
صفوان بن صالح بن صفوان الثقفي الدمشقي الراوي عن ابن لهيعة ،قال
الحافظ عن صفوان" :ثقة وكان يدلس تدليس التسوية ،قاله أبو زرعة
الدمشقي ،من العاشرة ،مات سنة ثمان -أو سبع أو تسع -وثلثين ،وله
265
سبعون سنة") ، (1وقد عنعن فيمن بعد عبدال بن لهيعة ،لكنه توبع عند من
تقدم ذكره.
-5ـ رواية طارق بن زياد عند أحمد وعبدال في "السنة" والنسائي في
"الكبرى" "الخصائص" ،قال عنه الحافظ" :مجهول ،من الثالثة").(2
-6ـ ـروايةـ ـأبيـ ـمريمـ ـقيسـ ـالثقفيـ ـالمدائنيـ عند الطيالسي وأبي يعلى
وعبدال في زوائده على "المسند" ،قال عنه ابن حجر" :مجهول ،من
الثانية").(3
وفيها أيضاً عند أبي داود الطيالسي :عبدالملك بن حكيم ،ذكره ابن
حبان في "الثقات") (4والبخاري في "التاريخ الكبير") (5وسكتا عنه.
وفيها عند أبي يعلى وعبدال بن أحمد :نعيم بن حكيم المدائني ،قال
ابن معين :ثقة) ،(6وقال العجلي :ثقة) ،(7وذكره ابن حبان في الثقات) ،(8وقال
ابن خراش :صدوق ل بأس به) ،(9وقال النسائي :ليس بالقوي) ،(10وقال ابن
سعد :لم يكن بذاك في الحديث).(11
ونقل الساجي عن ابن معين تضعيفه ،وقال الزدي :أحاديثه
مناكير) ،(12وقال ابن حجر في التقريب" :صدوق له أوهام").(13
ويبدو أن هذا تساهل من الحافظ ،لن توثيق ابن معين لنعيم هذا
معارض بما نقل عن ابن معين من تضعيفه إياه ،أو محمول على التوثيق
من قبل الديانة أو على تساهل ابن معين كما مضى عن المعلمي اليماني،
وكذلك توثيق العجلي مضى القول في أنه متساهل أيضاً .وأما قول ابن
() الصدر السابق ص 2766رقم .2934 1
266
خراش" :صدوق ل بأس به" فل يقوى على معارضة القوال الخرى
المضعفة له.
- 7رواية أبي كثير مولى النصارـ عند أحمد وأبي يعلى والحميدي :لم
يذكره إل
البخاري) (1دون توثيق.
-8رواية أبي الوضيء عبّاد بن نُسَيب:
قال الحافظ" :ثقة ،من الثالثة").(2
رويت عنه من ثلث طرق:
أ -جميلـ ـبنـ ـمرةـ ـالشيباني ـ عند أبي داود الطيالسي وأبي داود
السجستاني وأبي يعلى باللفظ الول ،وجميل "ثقة ،من السادسة") ، (3لكن
قال عنه ابن خراش" :في حديثه نكرة").(4
ب -هشام بن حسان الزدي الُقْردُوسي عند أحمد وعبدال بن أحمد
في "السنة" ،قال عنه ابن حجر" :من أثبت الناس في ابن سيرين ،وفي
روايته عن الحسن وعطاء مقال ،لنه قيل كان يرسل عنهما ،من السادسة،
مات سنة سبع أو ثمان وأربعين").(5
ج -يزيد بن أبي صالح) (6أبو حبيب الدباغ عند الحاكم باللفظ الثاني.
ويزيد ذكره البخاري) (7وابن حبان) (8وسكتا عنه ،فالسناد ضعيف.
-9رواية أبي المؤمّن الواثلي :وقيل أبو المؤمر عند عبدال في "السنة"
وابن أبي عاصم في "السنة".
قال عنه الذهبي" :ل يعرف") . (9والغريب أن يقول عنه ابن حجر:
"مقبول ،من الثالثة") (10وليس هناك من وثقه سوى إيراد البخاري له في
() البخاري (التاريخ الكبي) جـ 8الكن ص 64رقم .583 1
267
"التاريخ الكبير") (1وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل") ، (2على أنه لم
يرو عنه سوى سعيد بن عبيد العجلي) (3كما في هذه الرواية.
-10ـ ـروايةـ ـأبيـ ـجحيفةـ ـوهبـ ـبنـ ـعبدال ـالسوائي ،عند عبدال في
"السنة" وهو "صحابي معروف ،وصحب علياً ،ومات سنة أربع
وسبعين").(4
وفيها:
-ميسرة أبو صالح مولى كندة ،ذكره ابن حبان في الثقات) ،(5وابن
أبي حاتم "في الجرح والتعديل") ،(6وروى عنه أربعة) ،(7وقال الذهبي:
"وثق") ،(8بينما قال ابن حجر" :مقبول ،من الثالثة") (9وهو أشبه إذ لم أجد
فيه توثيقاً.
-ـعطاءـ ـبن ـالسائبـ الثقفيـ الكوفي ،قال الحافظ" :صدوق اختلط،
من الخامسة ،مات سنة ست وثلثين") ، (10والراوي عنه خالد بن عبدال
الواسطي الطحان ،وهو ثقة
ثبت) ، (11لكنه روى عن عطاء حال الختلط ،إذ لم يُذكر فيمن روى عنه
قبل ذلك).(12
فالحديث من هذه الرواية ضعيف.
-11رواية كميل) (13بن زياد عند الطبراني في "الوسط".
() البخاري (التاريخ الكبي) جـ 8الكن ص 74رقم .698 1
() ابن حجر (التهذيب) جـ 7ص . 180وقد حرر ابن حجر من سع منه قبل الختلط وهم :سفيان الثوري 12
268
وهو النخعي ،وثقه ابن معين) (1وابن سعد والعجلي) ،(2وذكره ابن
حبان في "الثقات") (3وقال في "المجروحين" :كان من المفرطين في علي
ممن يروي عنه المعضلت وفيه المعجزات ،منكر الحديث جداً ،تتقى
روايته ول يحتج به") ،(4وقال ابن حجر" :ثقة يرمى بالتشيع ،من الثانية،
مات سنة اثنتين وثمانين").(5
وفيها:
-قيس بن الربيع السدي الكوفي،ـ قال ابن حجر" :صدوق ،تغير
لما كبر وأدخل عليه ابنه ماليس من حديثه فحدث به ،من السابعة ،مات
سنة بضع وستين") . (6لكن فيه كلماً كثيراً يفيد تضعيفه مطلقاً ،ولذا قال
الذهبي" :صدوق في نفسه سيء الحفظ").(7
-مُخَوّلـ ـبنـ ـإبراهيمـ ـالكوفي ،قال عنه الذهبي" :رافضي بغيض،
صدوق في نفسه").(8
فالحديث من هذه الرواية ضعيف.
-12رواية مالك بن الحارث الهمداني أبي موسى الكوفي عند الحاكم.
قال ابن حجر" :مقبول ،من الثالثة ،مات سنة خمس وتسعين") ،(9لكن
لم يذكره سوى ابن حبان ،وذكر أنه يروي عنه محمد بن قيس) - (10كما هنا
-وذكره الذهبي فقال" :مالك بن الحارث السلمي ،وقيل الهمداني :عداده
في التابعين من رؤوس الخوارج ،له عن علي وابن عباس ،روى عنه
محمد بن قيس في ثقات أبي حاتم وفي الضعفاء للسعدي ،ول يدرى من
هو") ،(11فهو إذن مجهول .ولكن المزج بين السلمي والهمداني غير دقيق،
فإن السلمي آخر غير الهمداني ،وهو مالك بن الحارث السلمي الرقي ،وقد
() الذهب (اليزان) جـ 5ص 502رقم .6984 1
269
فرق بينهما ابن حجر وقال عن السلمي" :ثقة ،من الرابعة ،مات سنة أربع
وتسعين") ،(1والمراد هنا هو الهمداني ،وهو صريح كلم الحافظ ابن حجر
حيث قال في "التهذيب"" :مالك بن الحارث الهمداني أبو موسى الكوفي،
روى عن علي قصة المخدج ،وعنه محمد بن قيس الهمداني").(2
وفيها أيضاً :محمد بن قيس الهمداني الكوفي ،قال عنه أحمد :صالح
أرجو أن يكون ثقة ،وقال ابن معين :ثقة ،وقال أبو حاتم :ل بأس به )،(3
ونقل عن أحمد أيضاً أنه ضعفه ،وقال يعقوب بن سفيان :لين الحديث)،(4
ولخص ذلك ابن حجر فقال" :مقبول ،من الرابعة").(5
وعليه فالحديث بهذه الرواية ضعيف.
-13رواية أبي موسى عند عبدال في "السنة" وابن الجعد.
وقد صرحت به رواية ابن الجعد فسمته مالك بن عبدال أو عبدال بن
مالك ،ولعل هذا الراوي وراوي الرواية السابقة واحد ،إذ اسمه مالك
وكنيته أبو موسى والراوي عنه محمد بن قيس الهمداني ،لكنه على كل
حال مجهول ،وقد ورد في رواية عبدال بن أحمد" :عن أبي موسى شيخ
لهم".
وفيها أيضاً :محمد بن قيس الهمداني الراوي عن أبي موسى ،تقدم
في رواية مالك ابن الحارث أنه مقبول.
وفي رواية ابن الجعد – إضافة إلى ما سبق – شريك ،وهو ابن
عبدال النخعي ،قال عنه الحافظ":صدوق يخطئ كثيراً ،تغير حفظه منذ
ولي القضاء بالكوفة") ،(6وذكره في الطبقة الثانية من المدلسين) ،(7وقد
عنعن.
والرواية إذن واهية.
( ) ابن حجر (التهذيب) جـ 10ص 11رق م . 6730وقد كتب فيه :الخدع بدلً من الخدج ،وهو خطأ 2
طباعي.
() ابن أب حات (الرح والتعديل) جـ 8ص 61رقم .275 3
270
-14روايةـ ـرجلـ ـمنـ ـعبدالقيسـ عند أبي يعلى وعبدال بن أحمد في
"السنة":
وهي ضعيفة لجهالته.
-15رواية مصعب بن خارجة من أهل سرخس عند الدولبي:
وهو مجهول كما قال الذهبي) ، (1وعنه ابنه خارجة بن مصعب أبو
الحجاج السرخسي ،قال عنه ابن حجر" :متروك وكان يدلس عن الكذابين،
ويقال :إن ابن معين كذبه ،من الثامنة ،مات سنة ثمان وستين").(2
فالرواية واهية.
-16رواية أبي هارون عن أبيه عن علي:
)(3
وهو أبو هارون عمارة بن جوين لنه يروي عن معمر بن راشد
كما هنا ،قال عنه ابن حجر" :متروك ومنهم من كذبه ،شيعي ،من الرابعة،
مات سنة أربع وثلثين").(4
فالرواية واهية بمرة.
والخلصة مما سبق أن الحديث لم يصح سنداً عن أبي سعيد إل من
رواية الزهري سواء عن أبي سلمة وحده أو كان مقروناً.
وأما حديث جابر بن عبدال فضعيف ،وأما حديث علي بن أبي طالب
فصح من خمس روايات هي:
-1رواية زيد بن وهب من طريق سلمة بن كهيل.
-2رواية عبيدة بن عمرو السلماني.
-3رواية كليب بن شهاب من طريق عبدال بن إدريس.
-4رواية عبيدال بن أبي رافع.
-5رواية أبي الوضيء من طريق جميل بن مرة الشيباني وهشام بن
حسان الزدي.
وأما الروايات الحدى عشرة الخرى فضعيفة كلها.
لكن روايات الحديث يعضد بعضها بعضاً إذا سلمت من جهة المتن.
271
272
المبحث الثالث:
دراسة متن الحديث
غريب الحديث:
خدَج :اسم مفعول من الخداج وهو النقصان ،وخداج الناقة: خدّجـ أو المُ ْالمُ َ
)(1
إذا ولدت ولداً ناقص الخلق أو لغير تمام ،ومخدج اليد أي ناقصها .
ال ّثدّيـّة :تصغير ثدي ،وإنما أدخلوا الهاء في ذي الثدية وأصل الثّدَي ذكر
لنه كأنه أراد لحمة من ثدي أو قطعة من ثدي فصغر على هذا المعنى ،أو
كأنها بقية ثدي قد ذهب أكثرها فقللها .وبعضهم يقول ذو اليُ َديّة ،قال أبو
عبيد :ول أرى الصل كان إل هذا ،ولكن الحاديث كلها تتابعت بالثاء ذو
الثدية).(2
ال َبضْعة :القطعة من اللحم).(3
تدردر :أصله تتدردر فحذفت إحدى التاءين تخفيفاً ،أي تترجرج تجيء
وتذهب).(4
التحليل:
حديث المخدج وثيق الصلة بأحد محامل حديث المروق وهو توجيهه
في أهل النهروان على وجه الخصوص ،وقبل الخوض في هذه القضية
ينبغي التعرف على شخصية المخدج.
شخصية المخدج:
مضى في مبحث الصحابة من أهل النهروان نقل البرّادي والشماخي
عن جابر بن زيد أن نافعاً مولى ثرملة قطع الفحل يده .وروى النسائي عن
سليم بن بلج أنه كان مع علي في النهروان ،قال :كنت قبل ذلك أصارع
رجلً على يده شيء ،فقلت :ما شأن يدك؟ قال :أكلها بعير ،فلما كان يوم
النهروان وقتل علي الحرورية فجزع علي من قتلهم حين لم يجد ذا الثدية،
فطاف حتى وجده في ساقية ،فقال :صدق ال وبلغ رسوله ،وقال :في منكبه
ثلث شعرات في مثل حلمة الثدي).(5
() ابن منظور (اللسان) جـ 8ص 12باب العي فصل الباء. 3
273
والمستفاد من هذا أن المخدج أو ذا الثدية ناقص اليد بسبب أن بعيراً
قطعها ،فسمي لجل ذلك بالمخدج أي الناقص الخلق ،وسمي ذا الثدية لن
الجزء المتبقي من اليد صار شبيها بالثدي.
وأما عن اسمه فإن أغلب المصادر متفقة على أنه "نافع") ،(1وروى
أبو داود والطبري عن أبي مريم الثقفي قال" :إن كان ذلك المخدج لمعنا
يومئذ في المسجد نجالسه بالليل والنهار ،وكان فقيراً ورأيته مع المساكين
يشهد طعام علي عليه السلم مع الناس ،وقد كسوته برنساً لي ،قال أبو
مريم :وكان المخدج يسمى نافعاً ذا الثدية ،وكان في يده مثل ثدي المرأة،
على رأسه حلمة مثل حلمة الثدي ،عليه شعيرات مثل سبالة السنور ،قال
أبو داود :هو عند الناس اسمه حرقوس).(2
ومن هذا نفهم أن الخلط بينه وبين حرقوص بن زهير) (3خطأ ،لن
الرجلين مختلفان ،يقول البلذري عند ذكره من قتل من أهل النهروان:
وقتل حرقوص بن زهير وقتل ذو الثدية وكانت في عضده شامة كهيئة
الثدية).(4
وأما قول الجوهري :وذو الثدية لقب رجل اسمه ثرملة) (5فيبدو أنه
وهم ،لما سبق
عن جابر بن زيد من أن نافعاً مولى لرجل اسمه ثرملة ،فالظاهر أن
الجوهري التبس عليه نافع بموله.
وأيضاً فإن الربط بينه وبين ذي الخويصرة غير وارد ،وأما ما رواه
ابن أبي عاصم) (6عن سويد بن غفلة قال :سألت علياً عن الخوارج قال :جاء
ذو الثدية المخدجي إلى رسول ال وهو يقسم فقال :كيف تقسم ،وال ما
تعدل ،فقال" :من يعدل" ؟ قال :فهم به أصحابه فقال "دعوه سيكفيكموه
غيركم ،يقتل في الفئة الباغية يمرقون من الدين كما يمرق السهم من
( ) أبو داود (السنة) ك الصائص باب ف قتال الوارج رق م / 4770البلذري (النساب) جـ 3ص /149 1
الطبي (التاريخ) جـ 3ص / 125العراقي ،أحد (الستفاد) جـ 2ص 1590رق م / 636ابن حجر (نـزهة
اللباب) جـ 1ص 282رقم /1128البّادي (الواهر) ص /141الشماخي (السي) جـ 1ص .53
() أبو داود (السنن) ك السنة باب ف قتال الوارج رقم .4770 2
() ابن الوزي (كشف النقاب) ص 78رقم /94الذهب (ذات النقاب) ص 29رقم .173 3
() الوهري (الصحاح) جـ 6باب الياء فصل التاء ص ،2291باب الياء فصل الياء ص .2541 5
274
الرمية ،قتالهم حق على كل مسلم" فهي ضعيفة ،لن فيها :إسحاقـ ـبن
إدريسـ ـالسواري،ـ قال عنه الذهبي :تركه الناس) ،(1وفيها عنعنة أبي
إسحاق السبيعي ،وهو مدلس كما تقدم.
هذا ،ووجود هذه الشخصية في أهل النهروان ل يقدم ول يؤخر ،إل
أن النصوص الواردة فيه هي المدار في هذه القضية.
ول ريب أن المخدج اتخذ غرضاً لكثير من الروايات ،فانتحل حوله
ما يشبه الساطير ،من ذلك ما تقدم ذكره من رواية أبي يعلى عن عبيدال
بن عبدال بن عتبة بن مسعود عن أبي سعيد الخدري بلفظ حديث أبي سلمة
يوم حنين، وفي آخره :قال أبو سعيد :وحضرت هذا من رسول ال
وحضرت مع علي يوم قتلهم بنهروان ،قال :فالتمسه علي فلم يجده .قال :ثم
وجده بعد ذلك تحت جدار على هذا النعت ،فقال علي :أيكم يعرف هذا ؟
فقال رجل من القوم :نحن نعرفه ،هذا حرقوص وأمه هاهنا ،قال :فأرسل
علي إلى أمه فقال لها :من هذا ؟ فقالت :ما أدري يا أمير المؤمنين ،إل أني
كنت أرعى غنماً لي في الجاهلية بالربذة فغشيني شيء كهيئة الظلة فحملت
منه فولدت هذا.
وقد تقدم أن هذه الرواية ضعيفة.
ومن ذلك حديث أبي الوضيء عند الحاكم باللفظ الثاني من روايته
عن علي كما تقدم وفي آخره :قال علي :أما وإن خليلي أخبرني أنهم
ثلثة إخوة من الجن ،هذا أكبرهم ،والثاني له جمع كثير ،والثالث فيه
ضعف.
والغريب أن يخرج الحاكم هذا الحديث قائلً عنه" :صحيح السناد"
ويسكت الذهبي عليه ،ومتنه ظاهر النكارة ،على أنه تقدم أن إسناده
ضعيف.
علقة الحديث بأهل النهروان:
واضح من طرق الحديث الصحيحة السانيد أنه متوجه إلى أهل
النهروان ،لكن دون ذلك إشكالت عدة:
-1أن زيادة ذي الثدية عن أبي سعيد تفرد بها الزهري عن أبي سلمة،
وأصحاب أبي سلمة لم يذكروا هذه الزيادة ،وهم :محمد بن إبراهيم
التيمي ،والسود بن العلء ومحمد بن عمرو ،بل إن لفظ البخاري من
طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنها أتيا
أبا سعيد الخدري فسأله عن الحرورية :أسمعت النبي ؟ قال :ل أدري
() الذهب (الغن) جـ 1ص 116رقم .542 1
275
ما الحرورية ،سمعت النبي يقول" :يخرج في هذه المة...الخ ،بدون
زيادة ذي الثدية ،وقد تقدم أن هذه الرواية صحيحة.
-2على أن المام علياً الذي جاءت هذه الزيادة من طريقه أيضاً صح
الحديث عنه -كما مضى -بدونها.
-3وأيضاً فإن كل أصحاب أبي سعيد الخدري الخرين الذين صحت
رواياتهم وهم :أبو الشعثاء جابر بن زيد ،وعبدالرحمن بن أبي نعم ،وأبو
الصديق الناجي ،ويزيد الفقير ،ومعبد بن سيرين ،وأبو نضرة لم يذكروا
هذه الزيادة.
-4أن الحديث قد صح بدون هذه الزيادة عن عدد من الصحابة وهم
بالضافة إلى أبي سعيد وعلي :أنس بن مالك ،وعبدال بن عمر،
وعبدال بن مسعود ،وأبو بكرة ،وأبو ذر ورافع بن عمرو الغفاريان،
وسهل بن حنيف ،وعبدال بن عمرو بن العاص ،وعامر بن واثلة.
-5أنه ل سبب يجعل أهل النهروان "يمرقون من الدين كما يمرق السهم
من الرمية" ،وقد تقدم أن المرين الذين أخذا عليهم الستعراض
والتكفير ،ومضى بيان القول فيهما مفصلً .على أن نظرة المام علي
إليهم خير من نظرته إلى أهل الشام ،لما مضى من قوله" :ل تقاتلوا
الخوارج بعدي ،فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل
فأدركه" ،وأيضاً روى البيهقي عن أبي وائل شقيق بن سلمة ،قال :قال
رجل :من يتعرف البغلة يوم قتل المشركون؟ يعني أهل النهروان ،فقال
علي بن أبي طالب :من الشرك فروا ،قال :فالمنافقون؟ قال :المنافقون ل
يذكرون ال إل قليلً ،قال :فما هم؟ قال :قوم بغوا علينا فنصرنا عليهم.
فواضح من هذا النص أن المام علياً كرم ال وجهه يراهم بغاة،
مثلهم -في هذا -مثل أهل الشام يومئذ.
على أنه بعد صدور نتيجة التحكيم أعد العدة لمعاودة قتال أهل الشام،
ولم ينعطف إلى أهل النهروان إل بعدما بلغه نبأ مقتل عبدال بن خباب،
وليس ذلك لنهم أهم عنده من معاوية وأصحابه لقول المام علي" :أما
بعد ،فإنه بلغني قولكم لو أن أمير المؤمنين سار إلى هذه الخارجة التي
خرجت عليه فبدأنا بهم فإذا فرغنا منهم وجهنا إلى المحلين ،وإن غير هذه
الخارجة أهم إلينا فدعوا ذكرهم وسيروا إلى قوم يقاتلونكم كما يكونوا
جبارين ملوكاً ويتخذوا عباد ال خول").(1
276
بقي أمر ثالث يمكن أن يكون من الخطورة بمكان وهو خلعهم المام
علياً ونصب غيره إماماً للمسلمين ،وفي هذا إيرادات:
أ -أنهم إنما خلعوه بعد ما أصر على التحكيم وبعد تكرار معاودته،
وهو من وجهة نظرهم موجب لخلعه.
ب -أن نتيجة التحكيم لم تكن في صالح المام علي على كل الروايات
في الكيفية التي جرى بها التحكيم ،وبناءً على التزام المام علي بقبول
نتيجته فإنه ملزم بقبولها.
ج -أنهم اجتهدوا ،ومن حقهم الجتهاد ،فإن فيهم عدداً من الصحابة
وهم الذين كانوا على رأس القائمين بهذا المر ،وفيهم العباد وأهل الرأي
كما مضى ،وفيهم القراء وقد تقدم أنه اصطلح – في ذلك الحين -للعلماء
والفقهاء.
ه -أنه مثلما بايع أهل النهروان عبدال بن وهب الراسبي بايع أهل
الشام معاوية ابن أبي سفيان في حياة المام علي.
قال خليفة بن خياط في حوادث سنة سبع وثلثين عند ذكر التحكيم:
فلم يتفق الحكمان على شيء وافترق الناس وبايع أهل الشام لمعاوية
بالخلفة في ذي القعدة سنة سبع وثلثين).(1
وقال ابن الجوزي بعد ذكره حادثة التحكيم :وانصرف عمرو وأهل
الشام إلى معاوية وسلموا عليه بالخلفة).(2
وقال الذهبي :ثم بايع أهل الشام معاوية بالخلفة سنة ثمان وثلثين،
كذا قال )يعني الواقدي( وقال خليفة وغيره :إنهم بايعوه في ذي القعدة سنة
سبع وثلثين ،وهو أشبه لن ذلك كان إثر رجوع عمرو بن العاص من
التحكيم).(3
وقال خليفة في حوادث سنة تسع وثلثين :وفيها بعث معاوية بن أبي
سفيان يزيد ابن شجرة الرهاوي ليقيم الحج للناس فنازعه قثم بن عباس،
فسفر بينهما أبو سعيد الخدري وغيره ،فاصطلحوا على أن يقيم الحج شيبة
بن عثمان ويصلي بالناس).(4
وقال الطبري في حوادث سنة أربعين:
277
"وفي هذه السنة -فيما ذكر -جرت بين علي وبين معاوية المهادنة
بعد مكاتبات جرت بينهما يطول بذكرها الكتاب على وضع الحرب بينهما،
ويكون لعلي العراق ولمعاوية الشام ،فل يدخل أحدهما على صاحبه في
عمله بجيش ول غارة ول غزو .قال زياد بن عبدال عن أبي إسحاق :لما لم
يعط أحد الفريقين صاحبه الطاعة كتب معاوية إلى علي :أما إذا شئت فلك
العراق ولي الشام وتكف السيف عن هذه المة ول تهريق دماء المسلمين،
ففعل ذلك وتراضيا على ذلك ،فأقام معاوية بالشام بجنوده يجبيها وما
حولها ،وعلي بالعراق يجبيها ويقسمها بين جنوده").(1
ومن هذا يتبين أنه ل وجه للتفريق بين مبايعة أهل النهروان عبدال
بن وهب ومبايعة أهل الشام معاوية بن أبي سفيان بالنظر إلى بقاء علي
على خلفته.
-6أن على ألفاظ الحديث -حيث المخدج -التي صحت أسانيدها
الملحظات التالية:
-في رواية زيد بن وهب من طريق سلمة بن كهيل:
أ -قوله" :لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان
نبيهم لّتكَلوا عن العمل".
وهذا فيه من المبالغة ما لم يرد حتى في الجهاد في سبيل ال ضد
قد أبان عن أجر جهاد هؤلء أعدائه الكافرين ،وأيضاً إذا كان النبي
-أهل النهروان -فإنه عليه الصلة والسلم لم يأت ليبلغ أحداً دون أحد وهو
مأمور بتبليغ الرسالة إلى الناس كافة ،وأمر من بلغه أمر أن يبلغه غيره،
على أن المام علياً -كما مضى -ما كان يرى أهل الشام أحسن حالً من
أهل النهروان فيجعل أمر قتال هؤلء يكاد يفضي إلى ترك العمل.
ب -فيه أن علياً هو الذي ألح على جيشه بالنعطاف إلى أهل
النهروان بدلً من الشام خلفاً لما مضى من أن الشعث بن قيس وأمثاله
كان من المحرضين للمام علي على التوجه إليهم ،وقد سبق كلم المام
علي في ذلك.
ج " -وما أصيب من الناس يومئذ إل رجلن" ،هذا الكلم يمكن أن
يصح أن لو كان أهل النهروان مكبلين بالقيود ل يستطيع الواحد منهم
حراكاً ،ولو كانوا عزلً دون سلح لقتلوا عدداً أكبر بكثير .على أن أهل
النهروان كانوا من أشد أصحاب المام علي شكيمة وأجلدهم على الحرب،
فإنهم كانوا مصرين على القتال في صفين ،وهذا يستدعي أن يكونوا من
() الطبي (التاريخ) جـ 3ص .154 1
278
الشجاعة بحظ عظيم ،إضافة الى ما سبق ذكره في تحليل المصادر من أن
شريح بن أوفى قاتل على ثلمة جدار ملياً من نهار فقتل ثلثة على رواية
الطبري ،وقتل مائة على رواية البرّادي ،وكونه قاتل ملياً من نهار من
الغداة حتى الصيل حسب الروايتين يقوي أن يكون العدد أكثر من ثلثة
بفارق كبير ،هذا إذا كان فعل واحد فيكف كل أهل النهروان؟ فضلً عن
ذلك تقدم أن نصر بن مزاحم المنقري -وهو شيعي -ذكر أنه أُصيب من
أصحاب علي ألف وثلثمائة وهو عدد مقبول.
د -استحلف زيد بن وهب للمام علي ثلث مرات ،وهل مثل المام
علي ل يصدق حتى يستحلف ثلثاً أنه سمعه من النبي .
ه -رفع خبر ذي الثدية إلى النبي غير صريح في هذه الرواية،
فبعد أن ذكر المام علي الحديث قال :لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما
قضي لهم على لسان نبيهم ل تكلوا عن العمل وآية ذلك أن فيهم رجلً له
عضد وليس ذراع...الخ .وسيأتي بيان قول المام علي" :صدق ال وبلغ
رسوله".
و -ظاهر المر في الحديث أن هذا الذم الشديد لهل النهروان
مرهون بوجود ذي الثدية فيهم ،وأنه ليس لدى المام علي من الشواهد ما
يسوغ وصفه إياهم بالمروق من الدين سواه لقوله" :وال إني لرجو أن
يكونوا هؤلء القوم".
على أن الواضح أن العلة في رجاء المام علي أن يكونوا هم الذين
-حسب زعم الرواية -أنهم "قد سفكوا الدم الحرام أخبر عنهم النبي
وأغاروا في سرح الناس" ،وإنما تنقل مثل هذه الخبار إلى المام علي
على غير وجهها ،إذ كيف يكونون قد سفكوا الدم الحرام وهم يبرأون من
قاتل عبدال بن خباب ؟ ل سيما إذا استبان لنا موقف الشعث بن قيس
وأصحابه من علي ،وقد مضى أن في جيش المام علي جواسيس لمعاوية،
وفي الكوفة أناس أغراهم معاوية .والظاهر أنه كان هناك تعتيم على
الخبار ،إذ روى الطبري – كما سلف ذكره – أنه لما بلغ علياً مقتل عبدال
بن خباب بعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتي أهل النهروان "فينظر
فيما بلغه عنهم ويكتب به إليه على وجهه ول يكتمه ،فخرج حتى انتهى إلى
النهر ليسائلهم فخرج القوم إليه فقتلوه") ،(1هكذا تقول الرواية ،فإذا كان
المام علي شك في الخبر الول وهو قتل أهل النهروان لعبدال بن خباب
وأراد التحقق من ذلك فالشك في الخبر الثاني حاصل ،ثم هل فعلً تم
279
التحقق من هذا الخبر ؟ والرواية واضحة ،فقد شك المام علي في الخبر
الول الذي ينسب إلى أهل النهروان القتل ،ثم لما بعث الحارث بن مرة
ليتحقق من ذلك جاءت الخبار أيضاً بأنهم قتلوه ،فمن الذي قتله ؟ ومن جاء
بهذا الخبر ؟ فنسبة مقتل الحارث إلى أهل النهروان محتاجة أيضاً إلى
التثبت ،وهذا ما لم يحدث .ول يستبعد أن يصدق المام علي ما ينقل إليه
ثقة منه كرم ال وجهه بأصحابه وبمن معه ،وهذا شأن البشر .ثم من الذين
"قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس" ؟ أليسوا هم معاوية
وأصحابه؟ ولنفترض أن أهل النهروان قتلوا عبدال بن خباب ،فهل تفردوا
بمثل ذلك الفعل ؟ وهل هناك وجه لمقارنة ذلك بما فعل معاوية وأصحابه؟
أليس ما فعله مما مر ذكره كافياً لتقرير هذه النتيجة ؟
وعليه فمعاوية وأصحابه أولى بصدق حديث المروق فيهم ،هذا إذا
جوزنا جانباً من تلك المقارنة ،أما ولم يصح عن أهل النهروان شيء من
تلك الفعال ،إضافة إلى سلمة موقفهم في قضية التحكيم وقوته فإن حمل
حديث المروق عليهم مغالطة للواقع وقلب للحقيقة.
-وأما رواية عبيدة السلماني ففيها النقطتان )أ( و)د( و)و( من
الملحظات على رواية زيد بن وهب.
-وأما رواية كليب بن شهاب ففيها )أ( و )د( و)و( من الملحظات
على رواية زيد بن وهب ،وفيها أن لدى عائشة رضي ال عنها خبراً عنهم.
وسيأتي بيان حكم السيدة عائشة على خبر ذي الثدية صريحاً.
-وأما رواية عبيدال بن أبي رافع ففيها النقطتان )ه ( و)و( من
الملحظات على رواية زيد بن وهب ،وفيها قوله" :من أبغض خلق ال
إليه" ،وهي مبالغة شديدة ،إذ ل يوجد سبب لكونهم كذلك.كيف ،وهم من
خيار الناس وقرائهم وعُبّادهم ومن ذوي البصائر ،ومنهم عدد من صحابة
رسول ال .
-وأما رواية أبي الوضيء ففيها النقطتان )ه ( و )و( ،وفيها :حتى
قال لي ذلك مراراً ،مما يشعر أن المام عليا إنما كان يخاطب كل واحد من
هؤلء الرواة على حدة.
-7روى المام أحمد) (1من طريق عبيدال بن عياض بن عمرو
القاري قال :جاء عبدال بن شداد بن الهاد فدخل على عائشة رضي ال
عنها ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قتل علي رضي ال
عنه ،فقالت له :يا عبدال بن شداد هل أنت صادقي عما أسألك عنه ؟
() أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص .87 ،86 1
280
تحدثني عن هؤلء القوم الذين قتلهم علي رضي ال عنه ،قال :وما لي ل
أصدقك ؟! قالت :فحدثني عن قصتهم ،قال :فإن علياً رضي ال عنه لما
كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلف من قراء الناس فن زلوا
بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة وإنهم عتبوا عليه فقالوا:
انسخلت من قميص ألبسكه ال تعالى واسم سماك ال تعالى به ،ثم انطلقت
فحكمت في دين ال فل حكم إل ل تعالى ،فلما أن بلغ علياً رضي ال عنه
ما عتبوا عليه وفارقوه عليه فأمر مؤذناً فأذّن أن ل يدخل على أمير
المؤمنين إل رجل قد حمل القرآن ،فلما أن امتلت الدار من قراء الناس
فقالوا :يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق ونحن نتكلم بما
روينا منه فماذا تريد ؟ قال :أصحابكم هؤلء الذين خرجوا بيني وبينهم
كتاب ال يقول ال تعالى في كتابه في امرأة ورجل :وإنـ ـخفتمـ ـشقاق
بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلحاً يوفق ال
بينهما فأمة محمد أعظم دماً وحرمة من امرأة ورجل ،ونقموا عليّ أن
كاتبت معاوية :كتب علي بن أبي طالب ،وقد جاءنا سهيل بن عمرو ونحن
مع رسول ال بالحديبية حين صالح قومه قريشاً فكتب رس ول ال :
بسم ال ـالرحمن الرحيم " فقال سهيل :ل تكتب بسم ال الرحمن الرحيم،
فقال" :كيف نكتب ؟" فقال :اكتب باسمك اللهم فقال رسول ال " :فاكتب:
محمد رسول ال" ،فقال :لو أعلم أنك رسول ال لم أخالفك ،فكتب" :هذا ما
صالح محمد بن عبدال قريشاً" ،يقول ال تعالى في كتابه :لقد كان لكم في
رسول ال أسوة حسنة لمن كان يرجو ال واليوم الخر فبعث إليهم عليّ
عبدال بن عباس رضي ال عنه فخرجتُ معه حتى إذا توسطنا عسكرهم
قام ابن الكوّاء يخطب الناس فقال :يا حملة القرآن هذا عبدال بن عباس
رضي ال عنه فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرّفه من كتاب ال ما يعرفه به ،هذا
ممن ن زل فيه وفي قومه :قوم خصمون فردوه إلى صاحبه ول تواضعوه
كتاب ال فقام خطباؤهم فقالوا :وال لنواضعنه كتاب ال فإن جاء بحق
نعرفه لنتبعه وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله ،فواضعوا عبدال الكتاب ثلثة
أيام فرجع منهم أربعة آلف كلهم تائب فيهم ابن الكوّاء حتى أدخلهم على
عليّ الكوفة ،فبعث علي رضي ال عنه إلى بقيتهم فقال :قد كان من أمرنا
وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد ،بيننا
وبينكم أن ل تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلً أو تظلموا ذمة فإنكم إن
فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن ال ل يحب الخائنين .فقالت له
عائش ة رضي ال عنها :يا ابن شداد فقد قتلهم ؟ فقال وال ما بعث إليهم
حتى قطع وا السبيل وسفكوا الدم واستحلوا أهل الذمة ،فقالت :آلِ ؟ قال :آلِ
الذي ل إله إل هو لقد كان .قالت :فما شيء بلغني عن أهل الذمة يتحدثونه
281
يقولون :ذو الثديّ ذو الثديّ؟! قال :قد رأيته وقمت مع علي رضي ال عنه
في القتلى فدعا الناس فقال :أتعرفون هذا فما أكثر من جاء يقول قد رأيته
في مسجد بني فلن يصلي ورأيته في مسجد بني فلن يصلي ،ولم يأتوا فيه
بثبت يعرف إل ذلك ،قالت :فما قول على رضي ال عنه حين قام عليه كما
يزعم أهل العراق؟ قال :سمعته يقول :صدق ال ورسوله ،قالت :هل
سمعت منه أنه قال غير ذلك؟ قال :اللهم ل ،قالت :أجل ،صدق ال
ورسوله ،يرحم ال علياً رضي ال عنه ،إنه كان من كلمه ل يرى شيئاً
يعجبه إل قال :صدق ال ورسوله ،فيذهب أهل العراق يكذبون عليه
ويزيدون عليه في الحديث.
وأخرجه أبو يعلى والحاكم والبيهقي وليس عندهما "يرحم ال عليا...
الخ" ورواه ابن عساكر والضياء المقدسي).(1
قال الحاكم" :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ،إل
ذكر ذي الثدية فقد أخرجه مسلم بأسانيد كثيرة").(2
وسكت عنه الذهبي) ،(3وصححه ابن كثير) ،(4وإيراد ابن حجر
الحديث في الفتح) (5دون التعليق عليه مقتضٍ لتصحيحه أو تحسينه كما نص
على ذلك بنفسه) ،(6وصححه اللباني أيضاً).(7
والظاهر أن الحديث حسن ،فإن في يحيىـ ـبنـ ـسليمـ ـالقرشيـ ـالطائفي
المكي -أحد رواة الحديث -كلماً من جهة حفظه) ، (8لكن يشفع له قول
أحمد بن حنبل :كان قد أتقن حديث ابن خثيم) ،(9وقد روى هنا عن ابن
() أبو يعلى (السند) جـ 1مسند علي رقم / 477الاكم (الستدرك) جـ 2ص / 154-152البيهقي (السنن 1
الكبى) جـ 8ك قتال أهل البغي باب 28رقم / 16742 ، 16741ابن عساكر (تاريخ دمشق) جـ 12ورقة
188ظ 189 -ب (مطوط) /الضياء (الحاديث الختارة) جـ 2مسند علي رقم .605
() الاكم (الستدرك) جـ 2ص .154 2
282
خثيم ،وهو عبدال ـبن عثمان بن خثيم القاري المكي ،قال عنه الحافظ:
"صدوق ،من الخامسة ،مات سنة اثنتين وثلثين") (1أي :ومائة.
وجلي أن السيدة عائشة رضي ال عنها تحكم على نسبة زيادة ذي
الثدية إلى النبي بكذب تلك النسبة ،وأما قول البيهقي" :حديث ذي الثدية
حديث صحيح وقد ذكرناه فيما مضى ،ويجوز أن ل يسمعه ابن شداد
وسمعه غيره") (2فمجرد احتمال مردود من وجوه:
الول :أن السيدة عائشة رضي ال عنها إنما أرادت التثبت من حقيقة
القصة فبادرت بقولها :هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ تحدثني عن
هؤلء القوم الذين قتلهم علي رضي ال عنه قال :ومالي ل أصدقك ؟
فإن الواضح أن عبدال بن شداد لما أخبرها بالقصة كان متثبتاً فيما
يتعلق بخبر ذي الثدية.
الثاني :أن المام علياً لم يكن يحدث بخبر ذي الثدية في معركة
النهروان على افتراض ثبوته عنه بين الحين والخر ،بل أخبر به قبيل
المعركة حسب هذه الروايات وبعد المعركة أمر بالبحث عنه ،وليس في
حديث عبدال بن شداد ذكر له في أي موضع.
الثالث :ورد في رواية عبدال بن شداد أن موقع الكلم عن ذي الثدية
بعد المعركة ،مما يعني أن عبدال كان حاضراً كلم علي فيه ،فكيف سمعه
غيره ولم يسمعه هو ،مع تصريحه بأنه لم يسمع شيئاً عن ذي الثدية.
الرابع :أن السيدة عائشة كانت تشك في خبر ذي الثدية بقولها" :كما
يزعم أهل العراق" وبعدما سمعت من عبدال حقيقة الخبر جزمت بكذب
أمر ذي الثدية مرفوعاً إلى رسول ال ،وليس مث ل السيدة عائش ة رضي
ال عنها في علمها وفقهها من تصدر هذا الحكم وتنفي شيئاً عن رسول ال
بمجرد التوهم .على أنه لم يرد في رواية عبدال بن شداد ما يفيد احتمال
سماع غيره من المام علي حديث ذي الثدية.
وأيضاً فإن المام علياً حسب رواية ابن شداد إنما قاتل أهل النهروان
لما بلغه عنهم -منسوباً إليهم -من سفكهم الدماء ،فل فارق بينهم وبين
غيرهم ممن سفك الدماء .وعلى تقدير ثبوت ذلك عنهم فالمر مجرد
في قوم مخصوصين في قصاص ل يحتاج إلى نص من رسول ال
المر بقتالهم.
285
حديث المروق دون تلك الزيادة .والغريب أن ابن حجر يقول هذا الكلم
عند شرحه لحديث المام علي غير المشتمل على زيادة ذي الثدية.
وبناءً على ما تقدم فإن زيادة ذي الثدية تعد شاذة ،وال تعالى أعلم.
286
الفصل الثالث:
287
288
المبحث الول:
تريج الديث
ذا الثدية، ولفظه عن سعد بن أبي وقاص قال :ذكر رسول ال
فقال" :شيطان الردهة راعي الجبل أو راعي الخيل ،يحتدره رجل من
بجيلة ،يقال له الشهب أو ابن الشهب".
أخرجه المام أحمد ،وعبدالرزاق في "المالي" ،وأبو يعلى من
وجهين ،والحميدي ،والبزار ،وابن أبي عاصم في "السنة" ،والشاشي،
وابن عدي ،والحاكم ،والبيهقي في "الدلئل" كلهما من طريق الحميدي،
والضياء المقدسي من ثلث طرق إحداها عن أحمد والثانية عن أبي
يعلى).(1
كلهم من رواية سفيان بن عيينة عن العلء بن أبي العباس عن أبي
الطفيل عن بكر ابن قرواش عن سعد بن أبي وقاص ،إل الحاكم فرواه عن
الحميدي عن العلء بحذف سفيان.
كما أخرجه البيهقي في "الدلئل" أيضاً من رواية حامد الهمداني عن
سعد).(2
جـ 2 () أحد بن حنبل (السند) جـ 1ص / 179عبد الرزاق (المال) ص 88رقم / 127أبو يعلى (السند) 1
ص 97رقم ،753ص 218رقم /784الميدي (السند) جـ 1ص 40 ، 39رقم /74اليثمي (كشف الستار)
ك أهل البغي باب علقتهم وعبادتم رقم /1854ابن أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم /920الشاشي (السند)
جـ 1ص 209رقم /164ابن عدي (الكامل) جـ 2ص 29ترجة /269الاكم (الستدرك) جـ 4ص /521
البيهقي (دلئل النبوة) جـ 6ص / 434 ، 433الضياء (الحاديث الختارة) جـ 3مسند سعد رقم ،940 ، 939
.941
() البيهقي (دلئل النبوة) جـ 6ص .434 ،433 2
289
290
المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
روي الحديث عن سعد بن أبي وقاص فحسب ،وله روايتان:
-1رواية بكر بن قرواش الكوفي عن سعد:
قال البخاري" :بكر بن قرواش :سمع منه أبو الطفيل ،قال علي :لم
أسمع بذكره إل في هذا الحديث وحديث قتادة ،فيه نظر").(1
وقال ابن حبان" :بكر بن قرواش يروي عن أبي الطفيل ،روى عنه
قتادة").(2
وقال ابن عدي :ما أقل ماله من الروايات).(3
وقال العجلي :تابعي من كبار التابعين من أصحاب علي وكان له
فقه ،ثقة).(4
وقال الذهبي" :ل يعرف ،وحديثه منكر").(5
من خلل هذه القوال يتبين أن الرجل لم يرو عنه سوى أبي الطفيل
-وهو الصحابي عامر بن واثلة -على ما ذكره علي بن المديني ،وسوى
قتادة على ما ذكر ابن حبان.
قال ابن حجر" :ورواية أبي الطفيل عنه من رواية الكابر عن
الصاغر ،فإن أبا الطفيل معدود في الصحابة وليس لبكر بن قرواش
صحبة").(6
وقال أيضاً" :ورواية أبي الطفيل عنه من رواية الصحابة عن
التابعين ،وقد ذكره بعضهم في الصحابة ،فإن صح فهي من القران").(7
وعليه فكلم ابن حبان بأن بكر بن قرواش يروي عن أبي الطفيل
خطأ ظاهر ،وذلك لرواية أبي الطفيل عنه كما هنا .وقال الحافظ ابن حجر
في "اللسان"" :وكنت أظن أن أبا الطفيل شيخه وهو بينه وبين سعد )يعني
() البخاري (التاريخ الكبي) جـ 2ص 94رقم .1806 1
291
أن أبا الطفيل بين بكر وبين سعد( وأما الذي يروي عنه ذلك الحديث فقتادة،
وكذا ذكره ابن حبان في "الثقات" ،ثم تبين أن الذي في كتاب ابن حبان
خطأ ،وأن الصواب ما في الصل ،فقد ذكر ابن المديني أن ل راوي له
سوى أبي الطفيل") ،(1ويعني ابن حجر بالصل "ميزان العتدال" ،فقد قال
الذهبي فيه" :رواه عنه أبو الطفيل") (2يعني حديث شيطان الردهة.
وقال ابن عدي" :وقول البخاري :حديث قتادة فيه ،وهو ل أدري ما
يعني به ،ولعله روى عن قتادة حديثاً ولم أجده بعد").(3
وواضح من كلم ابن حبان أن قتادة روى عن بكر ،وأن بكراً روى
عن أبي الطفيل ،ول ريب في خطأ كون بكر روى عن أبي الطفيل كما
مضى ،بل الصواب العكس.
وأما ما يتعلق برواية قتادة عنه فإن ابن عدي يحتمل أنه روى عن
قتادة حديثاً هو الذي أشار إليه البخاري على حد تعبير ابن عدي .ويرجح
ابن حجر أنه لم يرو عنه قتادة ،بناء على ما نسبه إلى ابن المديني من أن
أبا الطفيل هو الراوي الوحيد له.
وفيما نسبه ابن عدي إلى البخاري من قوله :حديث قتادة ،وابن حجر
إلى ابن المديني من أن بكر بن قرواش لم يرو عنه سوى أبي الطفيل نظر،
فإن هذا الكلم "حديث قتادة" من كلم علي بن المديني وليس من كلم
البخاري ،وهذا واضح من نص كلم البخاري السابق المتضمن لكلم ابن
المديني ،وعليه فإن نفي ابن حجر رواية قتادة عن بكر بن قرواش بناءً
على عبارة ابن المديني غير مسلم له ،بل هي محتملة لن يكون بكر بن
قرواش روى عن قتادة والعكس.
وبالنظر إلى كلم العجلي أن بكر بن قرواش من كبار التابعين من
أصحاب علي وما نسبه ابن حجر إلى بعضهم من عده صحابياً مما يؤكد
أنه إن لم يكن من صغار الصحابة فهو من كبار التابعين فيبعد جداً أن يكون
هو الذي روى عن قتادة وقتادة متأخر عنه.
والنتيجة أنه بالنظر إلى توجيه كلم ابن المديني هل روى بكر عن
قتادة أو العكس فإن الظاهر أن قتادة روى عنه كما قال ابن حبان .غير أن
رواية قتادة عنه ليس لها أثر كما قال ابن عدي حتى يتسنى النظر في
() ابن عديً (الكامل) جـ 2ص 29رقم ،26وكلمة فيه بعد قتادة بداية جلة مستأنفة وهي قول البخاري" :فيه 3
295
296
المبحث الول:
تخريج الحديث
روي هذا الحديث عن أربعة من الصحابة هم :أنس بن مالك ،وجابر
بن عبدال ،وأبو سعيد الخدري ،وأبو بكرة نفيع بن الحارث.
أولً :حديث أنس بن مالك:
ولفظه من رواية موسى بن عبيدة :أخبرني هود بن عطاء عن أنس
رجل يعجبنا تعبده واجتهاده، بن مالك قال :كان في عهد رسول ال
فذكرناه لرسول ال باسمه فلم يعرفه ،ووصفناه بصفته فلم يعرفه ،فبينما
نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا :ها هو ذا ،قال" :إنكم لتخبروني عن رجل،
إن على وجهه سعفة من الشيطان" ،فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم ،فقال
له رسول ال " :أنشدتك بال ،هل قلت حين وقفت على المجلس :ما في
القوم أحد أفضل مني" أو "أخير مني" ؟ قال :اللهم نعم ،ثم دخل يصلي،
فقال رسول ال " :من يقتل الرجل ؟" فقال أبو بكر :أنا .فدخل عليه
فوجده قائماً يصلي ،فقال :سبحان ال أقتل رجلً يصلي ،وقد نهى رسول
ال عن قتل المصلين ؟ فخرج ،فقال رسول ال " :ما فعلت" ؟ قال:
كرهت أن أقتله وهو يصلي ،وقد نهيت عن قتل المصلين .قال رسول ال
" :من يقتل الرجل؟" قال عمر :أنا ،فدخل فوجده واضعاً وجهه ،فقال
عمر :أبو بكر أفضل مني ،فخرج ،فقال رسول ال " :مه" ؟ قال :وجدته
واضعاً وجهه فكرهت أن أقتله .فقال" :من يقتل الرجل"؟ فقال علي :أنا،
قال" :أنت إن أدركته" .قال :فدخل علي فوجده قد خرج ،فرجع إلى رسول
ال فقال" :مه" ؟ قال :وجدته قد خرج .قال" :لو قتل ما اختلف في أمتي
رجلن ،كان أولهم وآخرهم" ،قال موسى :سمعت محمد بن كعب يقول:
هو الذي قتله علي ،ذا الثدية.
رواه أبو يعلى من أوجه ثلثة ،أحدها ببعض اختصار ،ورواه محمد
بن نصر المروزي مختصراً جداً ،وفيه "إن هذا أول قرن خرج في أمتي،
لو قتلته...الخ" ورواه البزار ،ورواه أبو نعيم الصبهاني في "الحلية"
والجري من طرق ثلث ،والبيهقي في "الدلئل" واختاره الضياء
المقدسي).(1
() أبو يعلى (السند) جـ 1رقم ،90جـ 6رقم ،3668جـ 7رقم /4143 ، 4127الروزي (السنة) رقم /53 1
اليثمي (كشف الستار) ك أهل البغي ،باب ،علمتهم وعبادتم رقم /1851أبو نعيم (حلية الولياء) جـ 3ص
/ 53 ، 52الجري (الشريعة) باب ذكر السنن والثار رق م / 48 ، 47البيهقي (ولئل النبوة) جـ 6ص /287
الضياء (الحاديث الختارة) ترجة قتادة عن أنس جـ 7رقم .2499
297
ثانياً :حديث جابر بن عبدال:
رواه أبو يعلى ببعض اختصار وفي أوله" :مر على رسول ال
رجل فقالوا فيه وأثنوا عليه ،فقال :من يقتله"؟ قال أبو بكر :أنا… الخ).(1
ثالثاً :حديث أبي سعيد الخدري:
رواه المام أحمد ببعض اختصار أيضاً ،وفي أوله :أن أبا بكر جاء
إلى رسول ال فقال :يا رسول ال ،إني مررت بوادي كذا وكذا ،فإذا
رجل متخشع حسن الهيئة يصلي ،فقال له النبي " :اذهب إليه فاقتله...
الخ" وفي آخره" :إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن ل يجاوز تراقيهم
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم ل يعودون فيه حتى يعود
السهم في فوقه ،فاقتلوهم ،هم شر البرية").(2
رابعاً :حديث أبي بكرة:
مر برجل ساجد وهو ينطلق إلى الصلة ولفظه :أن نبي ال
فقضى الصلة ،ورجع عليه وهو ساجد ،فقام النبي فقال" :من يقتل هذا"
؟ فقام رجل فحسر عن يديه فاخترط سيفه وهزه ،ثم قال :يا نبي ال ،بأبي
أنت وأمي ،كيف أقتل رجلً ساجداً يشهد أن ل إله إل ال وأن محمداً عبده
ورسوله ؟ ثم قال" :من يقتل هذا" ؟ فقام رجل :فقال :أنا ،فحسر عن
ذراعيه واخترط سيفه وهزه حتى أرعدت يده ،فقال :يا نبي ال ،كيف أقتل
رجلً ساجداً يشهد أن ل إله إل ال وأن محمداً عبده ورسوله ،فقال النبي
" :والذي نفس محمد بيده لو قتلتموه لكان أول فتنة وآخرها".
رواه المام أحمد ،والحارث بن أبي أسامة ،وابن أبي عاصم).(3
هذا وقد أخرج عبدالرزاق هذا الحديث عن يزيد بن أبان الرقاشي
مرسلً إلى النبي ) ،(4ويزيد هذا أحد رواة حديث أنس بن مالك.
() أحد بن حنبل (السند) جـ 5ص /42اليثمي (بغية الباحث) باب ( )12رقم /701ابن أب عاصم (السنة) 3
298
299
المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
أولً :حديث أنس بن مالك:
جاء من روايات خمس:
-1رواية زيد بن أسلم العدوي عند أبي يعلى والجري.
قال الحافظ" :ثقة عالم ،وكان يرسل ،من الثالثة ،مات سنة ست
وثلثين") . (1والرواية ضعيفة لن فيها أباـ ـمعشرـ ـنجيحـ ـبنـ ـعبدالرحمن،
قال عنه ابن حجر" :ضعيف ،من السادسة ،أسن واختلط ،مات سنة سبعين
ومائة").(2
-2رواية هود بن عطاء اليمامي عند أبي يعلى والجري.
قال عنه ابن حبان" :كان قليل الحديث منكر الرواية على قلته ،يروي
عن أنس ما ل يشبه حديثه ،والقلب من مثله إذا أكثر المناكير عن المشاهير
أن ل يحتج فيما انفرد ،وإن اعتبر بما وافق الثقات من حديثه فل ضير").(3
وفيها أيضاً :موسى بن عُبَيدة بن َنشِيط الربذي ،وهو متروك).(4
فالرواية واهية.
- 3رواية يزيد بن أبان الرقاشي عند أبي يعلى والمروزي وأبي نعيم
الصبهاني في "الحلية" والبيهقي في "الدلئل".
ويزيد ضعيف).(5
وفيها أيضاً :عنعنة عكرمة بن عمار العجلي عند أبي يعلى ،عده ابن
حجر من المرتبة الثالثة من المدلسين).(6
-4رواية أبي سفيان طلحة بن نافع القرشي الواسطي عند البزار.
() ابن حجر (التهذيب) جـ 10ص 376 ،375رقم ( 7419التقريب) رقم .7100 2
() الذهب (الغن) جـ 2ص 335رقم /6509ابن حجر (التقريب) رقم .6989 4
300
)(1
وأبو سفيان هذا – وإن قال عنه ابن حجر" :صدوق ،من الرابعة"
-لكن فيه كلماً ين زل به عن هذه الدرجة كثيراً ،ولذا لم يخرج له البخاري
إل مقروناً) .(2وأيضاً فهو مدلس أورده ابن حجر في الطبقة الثالثة من
المدلسين ،وقال عنه" :معروف بالتدليس") ،(3وقد روى هنا بالعنعنة.
وفيها:
-ـ ـعنعنةـ ـالعمش ،وهو مدلس ل يقبل إل تصريحه بالسماع كما
تقدم ،إل ما سبق ذكره عن الذهبي من أن عنعنة العمش تقبل في شيوخ
أكثر عنهم) ،(4وقد وصف العمش بأنه راوية أبي سفيان هذا).(5
-شريك بن عبدال ـالكوفي القاضي ،وهو "صدوق يخطئ كثيراً،
تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة") .(6وهو وإن وصف بالتدليس قد
صرح هنا بالتحديث ،لكن قال أبو داود :يخطئ على العمش).(7
-ابنه عبدالرحمن بن شريك ،قال أبو حاتم :واهي الحديث) ،(8وذكره
ابن حبان في الثقات ،وقال" :ربما أخطأ") ،(9وقال ابن حجر" :صدوق
يخطئ ،من العاشرة ،مات سنة سبع وعشرين")(10أي :ومائتين .وفي هذا
الحكم نظر ،فإن واهي الحديث ل يصل إلى مرتبة صدوق بمجرد إيراد ابن
حبان إياه في ثقاته لما علم من شرطه في ذلك ،ولم أجد أحداً وثقه ،وعليه
فعبدالرحمن ضعيف.
وإذن فهذه الرواية واهية ،فقد اجتمع فيها أربع علل ،ضعف أبي
سفيان ،وعنعنته ،وخطأ شريك على العمش ،وضعف عبدالرحمن بن
شريك.
-5رواية قتادة عند الضياء المقدسي:
301
وهو ثقة إل أنه مدلس ،عده ابن حجر من المرتبة الثالثة كما مضى،
وروايته ها هنا بالعنعنة ،فالرواية ضعيفة.
ثانياً :حديث جابر بن عبدال عند أبي يعلى:
تفرد به طلحة بن نافع أبو سفيان القرشي السابق ذكره قريباً ،وتقدم
أن فيه كلماً .لكن قال شعبة" :لم يسمع أبو سفيان من جابر إل أربعة
أحاديث" وكذا قال علي ابن المديني ،قال ابن حجر :لم يخرج البخاري له
سوى أربعة أحاديث عن جابر ،وأظنها التي عناها شيخه علي بن
المديني").(1
وعليه فالسناد منقطع ،فإن حديث جابر هذا لم يخرجه إل أبو يعلى،
وأما وصف ابن حجر هذا الحديث بأن "رجاله ثقات" فل يلزم منه الحكم
بالتصال كما يبدو ،اللهم إل أن يكون إيراده الحديث في "فتح الباري"
مقتضياً لتحسينه أو تصحيحه كما صرح به بنفسه مالم يبين غير ذلك )،(2
فيلزم منه الحكم بالتصال لديه.
وعلى كل فإن ابن حجر الذي ساق هذه الرواية في "فتح الباري" هو
نفسه الذي أورد كلم شعبة وابن المديني في كتابه "تهذيب التهذيب" ،على
أن طلحة بن نافع إنما روى له البخاري مقروناً بغيره) ،(3وأيضاً عده ابن
حجر من المرتبة الثالثة من المدلسين) ،(4وقد عنعن ها هنا.
وعلى ذلك فحديث جابر منقطع ضعيف.
ثالثاً :حديث أبي سعيد الخدري عند المام أحمد:
وفيه:
-أبو روية شداد بن عمران القيسي ،وعنه جامع بن مطر الحبطي.
ذكر ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ترجمتين ،قال فيهما:
-1شداد بن عبدالرحمن القشيري أبو روية البصري:
عن أبي سعيد حديث "من كذب علي متعمداً" رواه إسماعيل بن توبة
عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة ،ذكره ابن حبان في الثقات.
() ابن حجر (التهذيب) جـ 5ص 26 ،25رقم .3137 1
() قال ابن حجر (التهذيب) جـ 5ص " :26قلت :ل يرج له البخاري سوى أربعة أحاديث عن جابر وأظنها 3
الت عناها شيخه علي بن الدين ،منها حديثان ف الشربة قرنه بأب صال ،وف الفضائل (اهتز العرش) ،والرابع ف
تفسي سورة المعة قرنه بسال بن أب العد".
() ابن حجر (تعريف أهل التقديس) ص 88رقم .75 4
302
-2شداد بن عمران الثعلبي أبو روية:
روى عن حذيفة ،روى عنه يزيد بن عبدال الشيباني وجامع بن
مطر ،ذكره ابن حبان في الثقات ،وقال" :ليس هو الذي روى عنه أبو
حنيفة" ،وقال في ترجمة الول" :وقد قيل فيه :ابن عمران فحكى الجمع
ورجح التفرقة ،ويؤيده اختلف النسبتين ،لكن الحاكم أبو أحمد اقتصر على
ابن عمران ونسبه قشيرياً ،وكذا قال البخاري ،ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه
أن شيخ جامع روى عن أبي سعيد الخدري).(1
ويبدو من كلم البخاري والحاكم أبي أحمد أن القشيري هو شداد بن
عمران ،وأما نسبة شداد ابن عمران قشيرياً فوهم ،ويترجح هذا بكلم أبي
حاتم أن شيخ جامع بن مطر روى عن أبي سعيد الخدري ،وهو المتسق مع
هذه الرواية ،ول منافاة بين القشيري والقيسي لقول البخاري عن القشيري:
"من قيس").(2
ويتلخص من ذلك أن الذي روى عنه أبو حنيفة هو شداد بن
عبدالرحمن وهو الذي روى عن حذيفة وعن يزيد بن عبدال الشيباني .وأما
صاحب الترجمة فهو شداد بن عمران القيسي القشيري الراوي عن أبي
سعيد ،وروى عنه جامع بن مطر الحبطي .ومحل الشكال إذن آتٍ من
جعِل أبوه أباً للخر.
كون كل واحد من الروايين ُ
ومهما يكن الراجح فليس لي من الراويين المذكورين في ترجمتي
ابن حجر -ساكتاً عنهما -توثيق سوى رواية واحد عن كل منهما -وهو
ليس رافعاً للجهالة عنهما -وإيراد كل من البخاري وابن أبي حاتم وابن
حبان كليهما دونما توثيق.
أما سكوت البخاري وابن أبي حاتم عمن ذكر في "التاريخ الكبير"
و"الجرح والتعديل" فل يعد -عند المحققين -جرحاً ول تعديلً كما مضى،
ومنهج ابن حبان في إيداع الرواة في كتابه "الثقات" معروف ل يخفى،
وعليه فإن أبا روية شداد بن عمران راوي حديث أبي سعيد مجهول،
والحديث – إذن -ضعيف ،وقول الحافظ ابن حجر عن سند هذه الرواية
بأنه "سند جيد") (3غير جيد.
رقم / 2599ابن أب جـ 4ص 226 ( ) ابن حجر (تعجيل النفعة) ص ، 207وانظر :البخاري (التاريخ الكبي) 1
حات (الرح والتعديل) جـ 4ص 329رقم /1441ابن حبان (الثقات) جـ 2ص .357
() البخاري (التاريخ الكبي) جـ 4ص 226رقم .2599 2
303
رابعاً :حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث :عند أحمد والحارث بن أبي
أسامة وابن أبي عاصم.
تفرد به عنه ابنه مسلم ،قال عنه الحافظ" :صدوق") ،(1إل أنه لم
يوثقه إل العجلي) ،(2وأورده ابن حبان في "الثقات") ،(3وقد تقدم غير مرة
أن توثيق العجلي كسكوت ابن حبان .وفيه:
-عثمان الشحام العدوي أبو سلمة البصري ،وفيه خلف) (4لخصه
الحافظ بقوله" :ل بأس به").(5
-روحـ ـبنـ ـعبادة ،فيه خلف كبير) ،(6ولكن قال الحافظ عنه:
"ثقة").(7
ويبدو أن إسناد هذه الرواية أحسن حالً من الروايات التي قبلها.
هذا وقد أخرج عبدالرزاق هذا الحديث عن يزيد الرقاشي مرسلً إلى
النبي ،فازداد وهناً على وهن.
304
المبحث الثالث:
دراسة متن الحديث
غريب الحديث:
سُفعة :بضم السين :السواد والشحوب ،وبفتحها :العين ،وهذا المراد،
قال ابن منظور :به سفعة من الشيطان ،أي مس كأنه آخذ بناصيته ،قال:
ومنه حديث ابن مسعود قال لرجل رآه :إن بهذا سفعة من الشيطان ،وفسره
ابن منظور بأنه جعل ما به من العجب بنفسه مسا من الجنون).(1
قَرْن :ذات معانٍ متعددة في اللغة ،ومن معانيها القريبة من استعمالها
ها هنا :المة تأتي بعد المة ،ونقل ابن منظور عن الزهري قال" :وجائز
أن يكون القرن لجملة المة ،وهؤلء قرون فيها ،وإنما اشتقاق القرن من
القتران ،فتأويله أن القرن الذين كانوا مقترنين في ذلك الوقت والذين
يأتون من بعدهم ذوو اقتران آخر ،وفي حديث خباب :هذا قرن قد طلع،
أراد قوماً أحداثاً نبغوا بعد أن لم يكونوا ،يعني القُصّاص ،وقيل :أراد بدعة
حدثت بعد أن لم تكن في عهد النبي ").(2
التحليل:
علقة هذا الحديث بالخوارج ما في بعض رواياته من زيادة "إن هذا
وأصحابه يقرأون القرآن ...الخ" كما تقدم في حديث أبي سعيد ،كما أورده
ابن حجر عند شرحه حديث المروق ،فقال" :جاء عن أبي سعيد الخدري
قصة أخرى تتعلق بالخوارج "...ثم ذكره).(3
وأيضاً ،في بعض روايات أنس بن مالك زيادة :قال موسى بن عبيدة:
فسمعت محمد بن كعب يقول :هو الذي قتله علي ،ذا الثدية ،وقد تقدم
ذكرها .ومحمد بن كعب هذا يبدو أنه القرظي ،وهو"ثقة عالم ولد سنة
أربعين ،وتوفي سنة عشرين ومائة").(4
وقد تقدم أن ذا الثدية هو المقتول بالنهروان.
() ابن منظور (اللسان) جـ 8ص 158-156باب العي فصل الراء. 1
305
ويستفاد هذا المعنى أيضاً من إيراد ابن حجر هذا الحديث في ترجمة
ذي الثدية في الصابة) . (1إضافة إلى ذلك قوله في بعض الروايات" :إن
هذا أول قرن يخرج أمتي" ،وفي لفظ "أول من يخرج من أمتي".
وفي هذا الحديث أنه ذكر لرسول ال رجل ذو عبادة وسمت ،وفي
بعض الروايات أن أبا بكر رضي ال عنه مر به فرآه .ول يؤثر الختلف
ها هنا ،فإن كون الرجل ذكر للنبي ل ينافي أن يكون الذي ذكره هو أبا
بكر الصديق .أما الرواية الخرى التي فيها أن رسول ال مر به وهو
ساجد فإن ظاهرها معارض لما سبق.
وأما هذا الرجل فلم يبين أمره ،وهو مبهم في الروايات كلها ،ب ل في
بعضها :فذكرن اه لرسول ال باسمه فلم يعرفه ووصفناه بصفته فلم
يعرفه .والمريب في أمره سبب إخفاء اسمه وعدم التصريح به.
وسبق عن محمد بن كعب أن الرجل هو ذو الثدية المقتول بالنهروان.
كما سبق القول إن اسم ذي الثدية نافع على أكثر الروايات .إل أن هذا
التفسير غير مسلم للسباب التالية:
أولً :أن هذا الرجل غير مذكور السم في كل الروايات.
ثانيا :أنه ولى ولم يدر الصحابة رضوان ال عليهم أين ذهب.
ثالثا :أن ذا الثدية نافعاً كان ظاهراً في أيام حياة المام علي كما
سبق ،فإذا كان علي -حسب هذه الروايات -مأموراً بقتله ،أو كان في قتله
صلح المة وتوحيد كلمتها ،فلم تركه ولم يقتله ؟!
على أن قتله في النهروان بعد ذلك ليس محققاً هذا الغرض ،لن
معركة النهروان لم تجر أصلً لوجود ذي الثدية فيهم ،بل إما بسبب اتهام
المام علي أهلَ النهروان بقتل عبدال بن خباب ،أو بسبب ضغط الشعث
بن قيس رئيس اليمانية على المام علي للتخلص من أهل النهروان ،أو
بسبب خلعهم المام علياً.
هذا وقد جعل ابن حجر هذا الرجل هو ذا الخويصرة الذي قال للنبي
:اعدل ،وجعل قصته في هذا الحديث متأخرة عن قصته في حديث
المروق) .(2غير أن اتحاد الرجل في القصتين يتنافى مع عدم معرفة النبي
إياه" :فذكرناه لرسول ال فلم يعرفه ،ووصفناه بصفته فلم يعرفه".
306
علوة على ذلك فإن ظاهر أمر ذي الخويصرة أنه جلف ل يفقه شيئاً
من الدين ،مما يستبعد والحال هذه أن يوصف بكثرة العبادة وحسن السمت.
كل هذا على افتراض صحة كل أحداث هذه القصة ،إل أن هناك
إشكالت تتمثل فيما يلي:
الول :أمر النبي بقتل رجل متعبد بدون سبب ظاهر للناس.
وقد ورد في بعض أحداث القصة أنه أقبل على رسول ال ،فلما
دنا الرجل سلم فرد ،فقال رسول ال " :أنشدك بال هل حدثت نفسك
حين طلعت علينا أن ليس في القوم أحد أفضل منك ؟" قال :اللهم نعم ،ثم
أمر بقتله.
وعبادة هذا الرجل وصلحه الظاهر ل يجديان مع سوء باطنه وخبث
طويته ،يقول شبيب بن عطية" :وأما الفتى الذي ذكروه فال ورسوله أعلم
بالغيب في أمر الفتى ،وحق لرجل يزعم أنه خير من أهل مجلس فيهم
رسول ال والخيار من أصحابه أن يكون ذلك لقوله) :ذلك من أصحاب
النار(").(1
عن قتل من ظاهره السلم، ومحل الشكال هو نهي النبي
وأقرب مثال لذلك حادثة ذي الخويصرة المتقدمة ،بل فيها عكس ما في
أحداث هذه القصة من طلب عمر ابن الخطاب رضي ال عنه قتله ورفض
النبي ذلك خشية منه عليه الصلة والسلم أن يتحدث الناس أنه يقتل
كلّ من أبي بكر أصحابه ،بخلف المر ها هنا ،إذ فيها أمر النبي
وعمر بقتله وعدم تحقق ذلك منهما.
وقد جمع ابن حجر بين هذين المعنيين بأن العلة في المنع من القتل
هي التألف ،ول يمنع ذلك من الذن بقتله بعد زوال العلة ،قال" :فكأنه
استغنى عنه بعد انتشار السلم ،كما نهى عن الصلة على من ينسب إلى
النفاق بعد أن كان يجري عليهم أحكام السلم قبل ذلك").(2
وحينئذ تكون هذه الحادثة متأخرة عن سنة ثمان للهجرة ،وهي السنة
التي جرت فيها غزوة حنين ووقعت حادثة ذي الخويصرة عند تقسيم
الغنائم إثرها ،وهذا يتمشى مع استنتاج ابن حجر السابق ذكره ،وهو أن
حادثة هذا المتعبد -على فرض ثبوتها -متأخره عن حادثة ذي الخويصرة،
قال: () ابن عطية (السي) جـ 2ص . 367ول أجد ف روايات الديث الت اطلعت عليها أن النب 1
307
إل ما ذكره ابن حجر نفسه من كون القصتين وقعتا لشخص واحد ،كما
سلف بيانه قريباً.
الثاني:ـ عدم امتثال كل من أبي بكر وعمر رضي ال عنهما أمر
النبي ،مع أن المر حقيقة في الوجوب ما لم تصرفه قرينة ،وهذا هو ما
دعا شبيب بن عطية إلى التشكيك في هذه الحادثة فقال" :ما أحد من
أصحاب رسول ال كان أطوع ل ولرسوله ول أمضى مقدماً على تنفيذ
أمر النبي من أبي بكر وعمر").(1
إل أن الحافظ ابن حجر وجه امتناع كل من أبي بكر وعمر بقوله:
"وكأن أبا بكر وعمر تمسكا بالنهي الول عن قتل المصلين وحمل المر
هنا على قيد أن ل يكون يصلي فلذلك علل عدم القتل بوجود الصلة أو
غلباً جانب النهي").(2
وهذا الجواب في الحقيقة ل يشفي الغليل ،فإن فهم الشيخين أبي بكر
وعمر أرقى من ذلك ،ول يمكن أن يخفى عليهما جميعاً التوفيق بين نهيه
عن قتل المصلين وأمره إياهما بقتل هذا الرجل ،ولئن اتفق ذلك لبي
بكر حيث وجد الرجل يصلي فما عذر عمر في عدم المتثال .على أن عمر
قتل ذي الخويصرة ،وبناءً على دعوى ابن هو الذي طلب من النبي
حجر أن الرجل في القصتين واحد وأن هذا الحادثة متأخرة عن تلك فإن
دافع عمر على قتله يكون أقوى.
هذا ،وقد اتخذ شرف الدين الموسوي هذا الحديث متكأً للقدح في أبي
بكر وعمر فقال" :على أن الحاديث صريحة بأنهما )يعني أبا بكر وعمر(
لم يحجما عن قتله إل كراهة أن يقتله وهو على تلك الحال من التخشع في
الصلة ل لشيء آخر ،فلم يطيبا نفساً بما طابت به نفس النبي صلى ال
عليه وآله وسلم ،ولم يرجحا ما أمرهما به من قتله ،فالقضية من الشواهد
على أنهم كانوا يؤثرون العمل برأيهم على التعبد بنصه كما ترى").(3
وأما إن كانت الحادثة قد وقعت حسبما نقل ابن حجر من "مغازي
الموي" من مرسل الشعبي بنحو أصل قصة ذي الخويصرة ،ثم دعا
رجالً فأعطاهم فقام رجل فقال :إنك لتقسم وما نرى عدلً ،قال :إذاً ل يعدل
أحد بعدي ،ثم دعا أبا بكر فقال" :اذهب فاقتله فذهب فلم يجده فقال :لو قتلته
308
لرجوت أن يكون أولهم وآخرهم") ،(1فإن المر حينئذ سهل من ناحية أن أبا
بكر لم يلق الرجل ويكون هذا الرجل هو ذا الخويصرة ،وتكون حادثة قتل
المتعبد مختلفة عنها في هذا الحديث اختلفاً بيناً .ول مباينة بين طلب عمر
قتله ونهيه عليه الصلة والسلم إياه عن ذلك ،ثم إرساله أبا بكر للغرض
الذي أراده عمر حسب هذه الرواية ،لما تقدم من جعل ابن حجر وجود علة
التألف مانعاً من قتله ثم زوال تلك العلة ،و"ثم" الموضوعة للتراخي شاهد
قوي على ذلك) .(2إل أن هذا الحديث مرسل كما ذكر الحافظ.
الثالث :خاتمة الحديث في بعض الروايات عندما رجع علي فقال:
وجدته قد خرج ،قال " :لو قتل ما اختلف في أمتي رجلن ،كان أولهم
وآخرهم".
يقول الدرجيني بعد ما فهم أن هذا الرجل أريد به حرقوص بن زهير
من زه عن أن ينتسب إلى كلمه الغلو والمجازفة حتى السعدي" :أنه
يقول :لو قتل هذا ما اختلف في ال اثنان ،فيلزم على هذا أن تكون حياة
حرقوص سبباً لكفر اليهود والنصارى والصابئين والمجوس وعبدة الوثان
والمعطلة والزنادقة وغيرهم ،وهذا المحال الذي ينكره الحس ويأباه العقل
ويقوى الدليل على بطلنه ،إذ لو شاء ربك لمن من في الرض جميعاً
وحرقوص حي ،ولو شاء لضلوا جميعاً قبل وجود حرقوص وبعد موته
لكنهم ل ـيزالونـ ـمختلفينـ ـإل ـمنـ ـرحمـ ـربكـ ـولذلكـ ـخلقهمـ ،ـ وقد اتفقوا
واختلفوا وبينهم من هو خير من حرقوص وهو رسول ال ،كما اتفقوا
واختلفوا وفيهم شر منه وهو أبو جهل لعنه ال ،فهذا يبعد أن يكون من كلم
من ل ينطق عن الهوى").(3
الرابع :قوله" :إن هذا أول قرن خرج في أمتي" وفي لفظ "هذا أول
من يخرج من أمتي".
ومعنى هذه العبارة يصطدم مع الواقع ،فإن هذا الرجل لم يذكر له أي
دور فيما بعد ،وأما دعوى وجوده في النهروان فعلى تقدير صحتها لم يكن
له أي أثر في تفعيل الحداث وتأزيم الموقف بين معارضي التحكيم والمام
علي ،بل ول هو ممن له موقف بطولي في معركة النهروان.
ومن جهة أخرى ،فإن عبدال بن أبي ابن سلول رأس المنافقين لم
أشد منه على المسلمين خطراً وأثراً في بث يكن أحد في حياة النبي
310
311
الفصل الخامس:
محمد
312
313
المبحث الول:
تخريج الحديث
روى الحديث عن المام علي:
أ -بلفظ "لقد علمت عائشة بنت أبي بكر أن أهل النهروان ملعونون
على لسان محمد ".
رواه الطبراني في "الوسط").(1
ب -كما روي بلفظ "لقد علم أولو العلم من آل محمد وعائشة بنت
أبي بكر فاسألوها أن أصحاب السود ذو) (2الثدية ملعونون على لسان النبي
المي وقد خاب من افترى".
رواه الطبراني في "الوسط" و "الصغير).(3
() الطبان (العجم الوسط) جـ 4ص 155رقم ( /3543العجم الصغي) جـ 1ص 170رقم .425 3
314
315
المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
للحديث عن المام علي روايتان:
-1ـ ـروايةـ ـحجرـ ـبنـ ـعديـ ـالكندي ـ باللفظ الول عند الطبراني في
"الوسط" وهو المعروف بحجر بن الدبر وحجر الخير ،وهو صحابي).(1
-وفيها :حبيب بن حسان،ـ وهو ابن أبي الشرس ،وهو أيضاً ابن
أبي المخارق ،وهو متروك).(2
فالرواية واهية.
-2ـ ـروايةـ ـربيعةـ ـبنـ ـناجذـ عن علي باللفظ الثاني عند الطبراني في
"الوسط" و "الصغير" .وربيعة بن ناجذ وثقه العجلي) ،(3وأورده ابن
حبان في الثقات) ،(4وقال ابن حجر :ثقة) ،(5بينما قال الذهبي :ل يكاد
يعرف ،وقال أيضاً :فيه جهالة) ،(6وهو أشبه لنه لم يرو عنه سوى أبي
صادق الزدي) (7كما هنا .كما أن توثيق العجلي ل يختلف عن سكوت ابن
حبان عمن يورده في ثقاته ،ممن لم يوثقه أحد غيرهما كما تقدم بيانه ،اللهم
إل ما نص ابن حبان على أنه ثقة .وأبو صادق الزدي الكوفي ،قيل اسمه
مسلم بن يزيد ،وقيل عبدال بن ناجذ ،قال في "التقريب"" :صدوق ،وحديثه
عن علي مرسل ،من الرابعة").(8
وفيها أيضاً:
-الحارثـ بنـ حصيرة ،وثقه العجلي) ، (9وابن معين وابن نمير)،(10
وقال أبو حاتم :لول أن الثوري روى عن الحارث لترك حديثه) ،(11وذكره
() ابن حجر (الصابة) جـ 2ص 39-37رقم .1631 1
() الذهب (اليزان) جـ 3ص 70رقم ( ،2761الغن) جـ 1ص 335رقم .2109 6
() ابن حجر(التهذيب) جـ 3ص 70رقم ( ،2761الغن) جـ 1ص 335رقم .2109 7
316
ابن حبان في الثقات) ،(1وقال ابن عدي" :وهو أحد من يعد من المحترقين
بالكوفة في التشيع ،وعلى ضعفه يكتب حديثه") ،(2وقال أبو داود :صدوق،
وقال الزدي :زائغ ،سألت أبا العباس بن سعيد عنه فقال :كان مذموم
المذهب أفسدوه) ،(3وقال العقيلي :له غير حديث منكر ل يتابع عليه)،(4
وقال ابن حجر" :صدوق يخطئ ورمي بالرفض") (5ويبدو أن توثيق من
وثقه ل ينهض لجرح المجرحين.
-ـ أبوـ ـعبدالرحمنـ ـالمسعودي ،وهو عبدال بن عبدالملك من ذرية
عبدال بن مسعود ،قال عنه العقيلي" :كان من الشيعة من ولد عبدال بن
مسعود ،في حديثه نظر").(6
-يحيى بن الحسين بن الفرات القزاز ،لم أجد له ترجمة.
-ـ ـحمدانـ ـبنـ ـإبراهيمـ ـالعامريـ ـالكوفيـ شيخ الطبراني ،لم أجد له
ترجمة.
فالرواية واهية جداّ.
والظاهر أن هاتين الروايتين ل ترتقيان ،فإن الضعف فيهما شديد.
317
المبحث الثالث:
دراسة متن الحديث
تقدم النقاش في نسبة حديث ذي الثدية )المخدج( إلى المام علي،
وفي هذا الحديث نسبته أيضاً إلى السيدة عائشة ،وقد تبين من روايتي
الحديث أنه واه ل يصح.
ولكن هناك شواهد أخرى له ،فقد روى الطبراني في "الوسط"
بسنده إلى مسروق عن عائشة أنها قالت له :من قتل ذا الثدية ؟ علي بن أبي
طالب؟ قال :نعم ،قالت :أما إني سمعت رسول ال يقول" :يخرج قوم
يقرأون القرآن ل يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من
الرمية ،علمتهم رجل مخدج اليد") . (1ومسروق هو ابن الجدع الهمداني
قال عنه ابن حجر" :ثقة فقيه عابد ،مخضرم ،من الثانية ،مات سنة اثنتين
ويقال سنة ثلث وستين").(2
وسنده ضعيف جداً لن فيه:
-ـ ـعمروـ ـبنـ ـعبدـ ـالغفارـ ـالفقيميـ ـالكوفي ،قال أبو حاتم :متروك
الحديث) ،(3وقال ابن عدي :وكان السلف يتهمونه بأنه يضع في فضائل أهل
البيت وفي مثالب غيرهم).(4
-محمد بن علي بن خلف العطار ،قال ابن عدي :ومحمد بن علي
هذا عنده من هذا الضرب )يعني المناكير( عجائب ،وهو منكر الحديث)،(5
وقال :هو متهم إذا روى شيئاً من الفضائل) ،(6وقال الخطيب :سمعت محمد
بن منصور يقول :كان محمد بن علي ابن خلف ثقة مأموناً حسن العقل).(7
لكن رواه البزار عن مسروق عن عائشة أنها ذكرت الخوارج
وسألت :من قتلهم ؟ يعني أصحاب النهر فقالوا :علي ،فقالت :سمعت
رسول ال يقول :يقتلهم خيار أمتي ،وهم شرار أمتي).(8
() الطبان (العجم الوسط) جـ 5ص 470رقم .5413 1
() الصدر السابق جـ 2ص 362رقم 121ف ترجة حسي بن السن الشقر. 5
() الصدر السابق جـ 5ص 148رقم 343ف ترجة عمرو بن عبد الغفار. 6
() اليثمي (كشف الستار) جـ 2ك أهل البغي باب فيمن يقاتلم رقم .1857 8
318
قال عنه ابن حجر" :صحيح").(1
ولكن فيه عطاءـ ـبنـ ـالسائب ،وقد تقدم أنه اختلط ،والراوي عنه:
سليمان بن قَرْم ،قال عنه الحافظ" :سيء الحفظ يتشيع ،من السابعة")،(2
وليس هو ممن روى عنه قبل الختلط).(3
هذا وقد روي الطبراني في "الوسط" أيضاً عن أبي سعيد الرقاشي
قال :دخلت على عائشة فقالت :ما بال أبي الحسن يقتل أصحابه القراء ؟
قال :قلت :يا أم المؤمنين ،إنا وجدنا في القتلى ذا الثدية ،فشهقت وتنفست،
يقول: ثم قالت :إن كاتم الشهادة مثل شاهد بزور ،سمعت رسول ال
"يقتل هذه العصابة خير أمتي").(4
والحديث ضعيف ،فإن أبا سعيد الرقاشي -واسمه بيان بن جندب
البصري -قال عنه ابن حبان" :يخطئ") ،(5وفي سنده أيضاً:
-حسان بن زربي النهدي ،ولم أجد له ترجمة.
-عبدال ـبن قيس الرقاشي الخزاز ،قال العقيلي عنه وقد روى له
حديثاً :حديثه غير محفوظ ،ول يتابع عليه).(6
هذا وقد تبين مما سبق أن كل طرق الحديث ضعيفة ،يضاف إلى ذلك
حديث عبدال بن شداد بن الهاد الذي تقدم في حديث المخدج ،وفيه ُتكَذّب
السيدة عائشة رضي ال عنها ما ورد في خبر ذي الثدية.
وعليه فهذا الحديث ضعيف.
() ابن حجر (متصر زوائد البزار) ص 2ص 56رقم .1411 1
319
320
الفصــل السـادس:
321
322
المبحث الول:
تخريج الحديث
جاء الحديث من طرق أربعة من الصحابة ،وهم :علي بن أبي
طالب ،وأبو أيوب النصاري ،وعبدال بن مسعود ،وأبو سعيد الخدري.
أولً :حديث علي بن أبي طالب:
-1ولفظه" :أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين".
رواه عنه الطبراني في "الوسط") ،(1وابن عدي) ،(2والخطيب
البغدادي) ،(3وابن عساكر من خمسة أوجه) (4أحدها عن الخطيب.
عهِدَ إليّ النبي أن أقاتل الناكثين ...الخ" رواه أبو يعلى)،(5
-2وفي لفظَ ":
)(6
وابن عساكر من وجهين أحدهما عن أبي يعلى.
- 3وفي لفظ بزيادة "فأما القاسطون فأهل الشام ،وأما الناكثون فذكرهم،
وأما المارقون فأهل النهروان ،يعني الحرورية" .رواه الجوزجاني)،(7
وابن عساكر).(8
-4وفي لفظ مختصر عن علقمة قال :سمعت علي بن أبي طالب رضي ال
عنه يوم النهروان يقول :أمرت بقتال المارقين ،وهؤلء المارقون" رواه
ابن أبي عاصم).(9
ثانياً :حديث أبي أيوب النصاري:
وله ألفاظ:
علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين " -1أمر رسول ال
والمارقين".
() الوزجان (الباطيل والناكي) جـ 1باب 15فضل أهل الشام رقم .221 7
323
رواه الحاكم في "المستدرك") ،(1ورواه في "الربعين") (2من وجهين
آخرين رواهما ابن عساكر في تاريخه).(3
-2وفي لفظ :سمعت النبي صلىال عليه وعلى آله وسلم يقول لعلي بن أبي
طالب :تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات
وبالسعفات" ،قال أبو أيوب :قلت :يا رسول ال ،مع من نقاتل هؤلء ؟
قال" :مع علي بن أبي طالب".
رواه الحاكم في "المستدرك").(4
- 3وفي لفظ بزيادة :فقد قاتلت الناكثين والقاسطين ،وأنا مقاتل إن شاء ال
المارقين بالسبعات ،بالطرقات ،بالنهروانات ،وما أدري أين هو).(5
رواه ابن عدي) ،(6وعنه ابن عساكر).(7
- 4وفي لفظ آخر :عن علقمة والسود قال :أتينا أبا أيوب النصاري عند
منصرفه من صفين ،فقلنا له :يا أبا أيوب ،إن ال تعالى أكرمك بن زول
وبمجيء ناقته تفضلً من ال وإكراماً لك ،حتى أناخت ببابك محمد
دون الناس ،ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل ل إله إل ال ،فقال:
يا هذا ،إن الرائد ل يكذب أهله ،وإن رسول ال أمرنا بقتال ثلثة مع
علي :بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين .فأما الناكثون فقد قاتلناهم :أهل
الجمل ،طلحة والزبير ،وأما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم -يعني
معاوية وعمراً -وأما المارقون فهم أهل الطرقاوات وأهل السعيفات وأهل
النخيلت وأهل النهروانات ،وال ما أدري أين هم ،ولكن ل بد من قتالهم
إن شاء ال تعالى ،قال :وسمعت رسول ال يقول لعمار" :يا عمار تقتلك
الفئة الباغية ،وأنت إذذاك مع الحق والحق معك .يا عمار بن ياسر ،إن
رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي ،فإنه لن
() الاكم (الستدرك) جـ 3ص .139 1
() ابن كثي (البداية والنهاية) جـ 7ص ،306نقلً عن الاكم.هذا ول يصرح ابن كثي بأنه نقله عن الاكم من 2
كتابه "الربعي" وإنا اقتصر على نسبته إل الاكم.ونظرا إل ما عزاه ابن عراق الكنان ف "تنـزيه الشريعة" ص
387إل الاكم من إخراجه هذا الديث من طرق أخرى ف "الربعي" وعدم إخراجه إياها ف "الستدرك" فإن
ما عزاه ابن كثي إل الاكم يكون من هذا الكتاب ،وهذا مطرد ف كل ما نسبتُه إل الاكم ف "الربعي".
() ابن عساكر (تاريخ دمشق) جـ 12ورقة 185ب (مطوط). 3
( ) الاكم (الستدرك) جـ 3ص ، 140 ، 139وقال الذهب" :ل يصح ،وساقه الاكم بإسنادين إل أب أيوب 4
324
يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى .يا عمار ،من تقلد سيفاً أعان به عليًا
على عدوه قلده ال يوم القيامة وشاحين من نور ،ومن تقلد سيفاً أعان به
عدوا على علي قلده ال يوم القيامة وشاحين من نار" .قلنا له :يا هذا،
حسبك رحمك ال ،حسبك رحمك ال.
أخرجه الخطيب البغدادي) ، (1وعن الخطيب كل من الجوزجاني)،(2
وابن عساكر).(3
ثالثاً :حديث عبدال بن مسعود:
-1ولفظه "أُمر علي بقتال الناكثين ...الخ".
رواه الطبراني في "الوسط") (4وفي "الكبير" من طريقين)،(5
والشاشي).(6
- 2وفي لفظ" :خرج رسول ال فأتى من زل أم سلمة فجاء علي ،فقال
رسول ال " :يا أم سلمة ،هذا وال قاتل القاسطين والناكثين والمارقين
من بعدي".
رواه الحاكم في "الربعين") ،(7ومن طريقه ابن عساكر).(8
-3كما رواه ابن عساكر) (9بهذا اللفظ مطولً:
عن عبدال بن مسعود قال :خرج رسول ال من بيت زينب بنت
جحش وأتى بيت أم سلمة فكان يومها من رسول ال ،فلم يلبث أن جاء
للدق وأنكرته أم سلمة ،فقال علي فدق الباب دقاّ خفيفاً ،فانتبه النبي
رسول ال " :قومي فافتحي له" ،قالت :يا رسول ال ،من هذا الذي من
خطره ما يفتح له الباب أتلقاه بمعاصمي ،وقد ن زلت فيّ آية من كتاب ال
بالمس ،فقال لها كهيئة المغضب" :إن طاعة الرسول طاعة ال ،ومن
عصى رسول ال فقد عصى ال ،إن بالباب رجلً ليس بفرق ول علق،
() الوزجان (الباطيل والناكي) باب ( )9فضائل طلحة والزبي رقم .174 2
325
يحب ال ورسوله لم يكن ليدخل حتى ينقطع الوطء) ،"(1قالت :فقمت وأنا
أختال في مشيتي وأنا أقول :بخٍ بخٍ ،من ذا الذي يحب ال ورسوله ويحبه
ال ورسوله ،ففتحت الباب فأخذ بعضادتي الباب حتى إذا لم يسمع حساّ ول
حركة وضرب في جدري) (2استأذن فدخل ،فقال رسول ال " :يا أم
سلمة ،أتعرفونه ؟" قالت :نعم يا رسول ال ،هذا علي بن أبي طالب ،قال:
"صدقت ،هذا سيد أحبه ،لحمه من لحمي ودمه من دمي ،وهو عيبة بيتي
فاسمعي واشهدي ،وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي
فاسمعي واشهدي ،وهو قاضي عداتي فاسمعي واشهدي ،وهو وال يحيي
سنتي فاسمعي واشهدي ،لو أن عبداً عبدال ألف عام بعد ألف عام ،وألف
عام بين الركن والمقام ثم لقي ال مبغضاً لعلي بن أبي طالب وعترتي ،أكبه
على منخريه يوم القيامة في نار جهنم".
326
327
المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
أولً :حديث المام علي بن أبي طالب:
جاء هذا الحديث عن المام علي بالروايات التالية:
-1ـ ـروايةـ ـسعدـ ـبن ـجنادة :رواها عنه الجوزجاني وابن عساكر باللفظ
الثالث عن علي ،وفيها:
-الحسن بن عطية بن سعد الكوفي العوفي ،وهو ضعيف).(1
-عمرو بن عطية العوفي ،وهو ضعيف).(2
-محمد بن سعد بن الحسن بن عطية ،قال الخطيب :كان لينا في
الحديث) ،(3وقال الدارقطني :ل بأس به).(4
فالحديث بهذا السند ضعيف ،قال الجوزجاني" :هذا حديث منكر
شبيه بالباطل").(5
-2رواية ربيعة بن ناجذ السدي الكوفي) (6عند الطبراني في "الوسط"
باللفظ الول عن علي ،وقد تقدم في الفصل السابق في رواية ربيعة بن
ناجذ عن علي أن ربيعة هذا أقرب إلى الجهالة.
-وفيها يحيىـ ـبنـ ـسلمةـ ـبنـ ـكهيلـ ـالحضرميـ ـأبوـ ـجعفرـ ـالكوفي:
متروك ،وكان شيعياً).(7
فالرواية ضعيفة جداً.
-3رواية الحسين بن المام علي عند ابن عساكر باللفظ الول عن علي.
() الذهب (الغن) جـ 2ص 69رقم ( ،4683اليزان) جـ 5ص 336رقم .6417 2
() نسب الزي إل النسائي ف "الصائص" أنه روى لربيعة بن ناجذ حديثا( :تذيب الكمال) جـ 9ص ،146 6
وتبعه ابن حجر فنسب إل النسائي أنه روى لربيعة حديثا ف فضل علي( :التهذيب) جـ 3ص 230وعليه فقد
عزا -أي ابن حجر -حديث علي "أمرت بقتال الناكثي...ال" إل النسائي ف "الصائص"( :التلخيص البي)
جـ 4ص .44والواقع أنه ل وجود لذا الديث ف "الصائص" ول ذكر لربيعة بن ناجذ هنالك أيضا.
() ابن حجر (التقريب) رقم .7561 7
328
وسندها موضوع؛ لن فيه أبا الجارود زياد بن المنذر الهمداني العمى
الكوفي ،رافضي كذبه يحيى بن معين وأبو داود ،وقال يحيى بن يحيى
النيسابوري :كان يضع الحديث).(1
-4ـ ـروايةـ ـعمروـ ـالسلميـ وعنه ابنه أنسـ ـبنـ ـعمرو عند ابن عساكر
باللفظ الول ،وهما مجهولن) . (2ولم يرو عن أنس سوى عبد الجبار بن
العباس التي .ول عبرة بإيراد ابن حبان أنساً هذا في الثقات) (3فإنه جار
على قاعدته في توثيق المجاهيل .وفيها أيضاً:
-عبد الجبار بن العباس الهمداني الكوفي ،وَثّقه أبو حاتم) ، (4وقال
العجلي :صويلح ل بأس به) ، (5وقال ابن معين وأبو داود :ليس به بأس،
وقال أحمد :أرجو أن ل يكون به بأس ،وقال البزار :أحاديثه مستقيمة إن
شاء ال تعالى ،وكذبه أبو نعيم)،(6وقال العقيلي :ل يتابع على حديثه وكان
يتشيع).(7
-جعفر بن زياد الحمر ،وَثّقه بعضهم وضعفه آخرون) ، (8ولخص
ذلك ابن حجر فقال" :صدوق يتشيع").(9
فالرواية ضعيفة.
-5ـ ـروايةـ ـعليـ ـبنـ ـربيعةـ ـالوالبيـ عند أبي يعلى وابن عساكر باللفظ
الثاني عن علي ،وهو ثقة)،(10لكن الرواية ضعيفة لن فيها :الربيع بن
سهل ،وهو منكر الحديث).(11
وقد علّق ابن كثيرعلى هذه الرواية فقال" :حديث غريب ومنكر").(12
329
-6رواية علقمة وعنه إبراهيم النخعي عند ابن أبي عاصم في "السنة"
وابن عدي ،وابن عساكر باللفظ الرابع عن علي.
وعلقمة هو ابن قيس بن عبدال النخعي الكوفي ،قال ابن حجر" :ثقة
ثبت فقيه عابد ،من الثانية ،مات بعد الستين وقيل بعد السبعين") . (1وأما
إبراهيم النخعي فهو ابن يزيد بن قيس بن السود النخعي الكوفي الفقيه ،قال
ابن حجر" :ثقة إل أنه يرسل كثيراً ،من الخامسة ،مات سنة ست وتسعين
وهو ابن خمسين أو نحوها").(2
وفيها أيضاً:
-حكيم بن جبير ،وهو متروك الحديث ،وكذبه الجوزجاني) ،(3وقال
ابن حجر" :ضعيف ،رمي بالتشيع").(4
-فطرـ ـبنـ ـخليفة ،وقد اختلف في توثيقه) ،(5قال عنه ابن حجر:
"صدوق رمي بالتشيع").(6
() ابن حجر (التقريب) رقم .270وكلم ابن حجر ها هنا موهم ،فإنه عد إبراهيم النخعي من الطبقة الامسة، 2
وقال ف القدمة بأن من كان من الطبقة الثالثة إل آخر الثامنة فوفاته بعد الائة ،وحدد وفاة إبراهيم بسنة ست
وتسعي ،ما يوهم أنه توف عام ستة وتسعي بعد الائة من الجرة .والقيقة أنه توف قبل الائة كما هو صريح ف
(التهذيب) جـ 1ص 161 ،160رقم .292
() ابن حجر (التهذيب) جـ 2ص 400 ،339رقم .1543 3
330
وقد ذكره ابن حبان في الثقات) ،(1وقال ابن حجر" :صدوق
يرسل") ، (2ومراده بالرسال عدم سماعه من علي بن أبي طالب ،إذ قال:
"وذكر إسحاق بن منصور عن يحيى ابن معين أنه قال:لم يسمع خليد بن
عبدال من سلمان ،قال :فقلت :يقول :لما ورد علينا سلمان ،قال يعني
بالبصرة .انتهى ،وعلى هذا فيبعد سماعه من علي وأبي ذر رضي ال
عنهما").(3
وبهذا يتضح أن روايته عن علي منقطعة ،ويظهر أن الخطيب اعتمد
في ترجمة خليد على الحديث الذي أورده من طريقه ،فإن فيه سماعه من
علي وحضوره النهروان .أما تصريحه بالسماع من علي فمقدوح فيه ،لن
في إسناد هذه الرواية أيضاً:
-أبان بن أبي عياش ،وهو متروك).(4
-ـ ـيونسـ ـبنـ ـأرقمـ ـالكنديـ ـالبصري ،قال البخاري :كوفي معروف
الحديث كان يتشيع) ،(5وذكره ابن حبان في الثقات) ،(6وقال عبد الرحمن بن
خراش :لين الحديث).(7
-جعفرـ ـبنـ ـزيادـ ـالحمر ،وقد تقدم ذكره قريباً في رواية عمرو
السلمي.
فالرواية واهية.
-8رواية إبراهيم وأبي سعيد التميمي :عند ابن عساكر باللفظ الول.
أما إبراهيمـ فيفهم من كلم الدارقطني
أنه إبراهيم بن يزيد النخعي) ،(8تقدم أنه ثقة لكنه يرسل كثيراً ،وقد
أرسلها ها هنا عن علي إذ لم يسمع منه ،ذلك أنه لم يسمع من عائشة
رضي ال عنها) ،(9وقد توفيت عام 58للهجرة).(10
() ابن حبان (الثقات) جـ 4ص .210 1
331
وأما أبو سعيد التميمي -وهو الحسن بن دينار وقيل :ابن واصل -
فمتروك ،ومنهم من كذبه) .(1على أنه متأخر لم يدرك علياً كما هو واضح
من السانيد التي ساقها ابن حجر في اللسان).(2
وفيها أيضاً:
-عنعنة العمش سليمان بن مهران ،وهو مدلس كما تقدم.
-حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الكوفي ،قال العجلي :ثقة ،رجل
صالح صاحب سنة) ، (3وقال ابن سعد :كان صدوقاً صاحب سنة) ، (4وقال
ابن منجويه :كان من خيار عباد ال عبادة وفضلً وورعاً ونسكاً ،وأثنى
عليه أيضاً ابن فضيل والعمش وحسين الجعفي ،وقال الساجي :صدوق
سيء الحفظ ليس بمتقن في الحديث ،وقال الزدي :وهو في الحديث
صدوق سيء الحفظ ليس بمتقن في الحديث).(5
وعليه فإن وصف ابن حجر له بأنه "صدوق زاهد ربما وهم" ) (6فيه
نظر ،فإن الظاهر أن توثيق من وثقه من أجل صلحه ،وأما ضبطه
للحديث فليس بمتقن.
-بكار بن بشر عن حمزة الزيات:
ولم أجد من هكذا اسمه رغم كثرة البحث ،ويحتمل أنه مصحف عن
بكر بن بشر ،وهو الترمذي الراوي عن عبدالحميد بن سوار ،وعنه محمد
بن أبي السري العسقلني ،ذكره ابن حبان في الثقات) ، (7وقال أبو حاتم:
مجهول) ،(8وقال الذهبي أيضاً :مجهول).(9
فالرواية هذه – إذن -ضعيفة.
هذا ،وقد رجح الدارقطني رواية إبراهيم عن علي مرسلً على كل
من رواية إبراهيم عن علقمة عن علي السابقة ورواية إبراهيم عن علقمة
() الذهب (الغن) جـ 1ص 176رقم ( ،967اليزان) جـ 2ص 58رقم .1275 9
332
عن عبدال التية) ، (1فانضاف بذلك سبب آخر لضعف رواية إبراهيم عن
علقمة عن علي.
ثانياً :حديث أبي أيوب النصاري:
وقد جاء من أوجه أربعة:
- 1رواية علقمة بن قيس والسود بن يزيد النخعيين عند الخطيب،
وعنه كل من الجوزجاني وابن عساكر باللفظ الرابع ،وعلقمة والسود
ثقتان).(2
وفيها:
-مُعلّى بن عبدالرحمن الواسطي ،وهو "متهم بالوضع ،وقد رمي
بالرفض") ،(3بل وضاع كما قال ابن المديني) ،(4وسئل عنه ابن معين فقال:
أحسن أحواله أنه قيل له عند موته :أل تستغفر ال ؟ فقال :ل أرجو أن يغفر
لي ،وقد وضعت في فضل علي بن أبي طالب سبعين حديثاً).(5
-أحمد بن عبدال المؤدّب ،وهو كذاب وضاع).(6
فالحديث من رواية علقمة والسود موضوع ،قال الجوزجاني" :هذا
حديث موضوع ل شك فيه") ، (7وقال ابن كثير" :هذا السياق الظاهر أنه
موضوع").(8
عتّاب بن ثعلبة :رواها الحاكم في المستدرك وابن عساكر اللفظ -2رواية َ
الول.
وعتّاب مجهول إذ لم يرو عنه سوى أبي زيد الحول كما في هذا السند،
وليس له راو آخر) .(9وفيها:
-أبو زيد الحول ،وهو مجهول أيضاً إذ لم أجد له ترجمة.
333
-ـ ـسلمةـ ـبنـ ـالفضلـ ـالبرش ،كان يتشيع ،وثقه بعضهم وضعفه
آخرون ،واتهمه أبو زرعة) ، (1ورغم ذلك قال ابن حجر" :صدوق كثير
الخطأ").(2
-محمد بن حميد بن حيانـ التميمي الرازي ،قال عنه الحافظ ابن
حجر" :حافظ ضعيف ،وكان ابن معين حسن الرأي فيه") ، (3إل أنه اتهم
أيضاً بالكذب).(4
هذا وقد قال الذهبي عن هذه الرواية" :السناد مظلم والمتن
منكر").(5
-3ـ ـروايةـ ـالصبغـ ـبنـ ـنباتةـ ـالكوفي عند الحاكم في المستدرك باللفظ
الثاني .قال عنه ابن حجر" :متروك رمي بالرفض") ،(6كما رمي
بالكذب أيضاً).(7
-علي بن غراب الفزاري الكوفي ،وثقه ابن معين) (8والدارقطني)،(9
وقال أبو حاتم :ل بأس به ،وقال أبو زرعة :صدوق) ،(10بينما قال أبو داود:
تركوا حديثه ،وقال الجوزجاني :ساقط) ، (11وقال أحمد :كان يدلس ما أراه
إل صدوقاً) ،(12وقال ابن حبان" :كان غالياً في التشيع كثير الخطأ فيما
يروي ،حتى وجد السانيد المقلوبة في روايته كثيراً والشياء الموضوعة
التي يرويها عن الثقات ،فبطل الحتجاج به وإن وافق الثقات) . (13ومهما
334
قيل فيه من التوثيق فإنه قد عنعن السناد هاهنا ،وقد ذكره ابن حجر في
المرتبة الثالثة من المدلسين).(1
هذا وقد حكم الذهبي على هذه الرواية بالضعف) ،(2وهي واهية كما
ل يخفى.
-4رواية مِخنَف بن سُليم عند الحاكم في الربعين باللفظ الول وعند ابن
عدي وابن عساكر باللفظ الثالث ،ومِخنَف بن سُليم :صحابي) . (3وفي
روايته:
-الحارث بن حصيرة ،وقد تقدم في الفصل السابق في رواية ربيعة
بن ناجذ عن علي أنه ضعيف.
)(4
-محمد بن كثير القرشي الكوفي ،وهو شيعي ضعيف .
فالرواية ضعيفة.
ثالثاً :حديث عبدال بن مسعود:
تفرد به إبراهيم عن علقمة عن عبدال .وإبراهيم هذا هو ابن يزيد
النخعي :ثقة إل أنه يرسل كما تقدم ،وعلقمة هو ابن قيس النخعي :ثقة ثبت،
تقدم أيضاً.
رواه عن إبراهيم:
أ -يزيد بن قيسـ وعنه بكير بن ربيعةـ عند الشاشي والطبراني في
"الكبير" باللفظ الول ،وهما مجهولن ليس لهما ترجمة .فيها أيضاً:
-عائذ بن حبيب بن ال َملّح الكوفي ،قال أبو زرعة :صدوق) ،(5وقال
ابن معين :زِنديق) ، (6وقال أيضاً :كذاب) ، (7وقد حمل كلم ابن معين على
() ابن حجر (التهذيب) جـ 9ص 362 ،361رقم ( ،6542التقريب) رقم .6253 4
335
آخر غير هذا) ، (1وقال الجوزجاني :غال زائغ) . (2ومع هذا فقد قال ابن
حجر" :صدوق رمي بالتشيع") ،(3وهو كما يبدو تساهل من الحافظ.
-وفيها عند الشاشي :عبدالسلمـ ـبنـ ـصالحـ ـالقرشيـ ـأبوـ ـالصلت
الهروي ،قال الدارقطني :كان رافضياً خبيثاً) ،(4وكذلك قال العقيلي)،(5
وقال محمد بن طاهر :كذاب) ، (6وفيه خدوش أخرى كثيرة ،على أنه قد
وثق من بعضهم) ،(7ولكن ل ينهض لجرح المجرحين.
-وفيها عند الطبراني :عبدالرحمن بن صالح الكوفي ،وثق إل أنه
محترق فيما كان فيه من التشيع) ،(8وقال الحافظ" :صدوق يتشيع").(9
فهذا الوجه -يزيد بن قيس -ضعيف.
ب -مسلم بن كيسان المُلئي عند الطبراني في "الكبير" و"الوسط"
باللفظ الول ،ومسلم ضعيف).(10
ج -منصور بن المعتمر عند الحاكم في "الربعين" باللفظ الثاني،
وعند ابن عساكر باللفظين الثاني والثالث ،ومنصور ثقة ثبت).(11
وفي سنده:
-شريك بن عبدال النخعي ،قال ابن حجر" :صدوق يخطئ كثيراً،
تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة").(12
-إسماعيل بن عَبّاد ،وقد وصف في رواية الحاكم بالمقرئ ،ولم أجد
فيمن اسمه إسماعيل بن عباد من نعت بالمقرئ ،ويبدو أنها لفظة زائدة،
ولذا هي غير موجودة عند ابن عساكر ،والظاهر أنها تحريف من المزني،
() الصدر السابق. 1
336
وعليه فهو إسماعيل بن عباد أبو محمد المزني من أهل البصرة ،أورد له
ابن حبان أحاديث من رواية زكريا بن يحيى الرقاشي المقرئ ،وهو
الراوي عنه هاهنا مما يقوي أن المقرئ في وصف إسماعيل إما مقحمة أو
محرفة من المزني.
قال ابن حبان عن إسماعيل هذا :ل يجوز الحتجاج به بحال).(1
-زكريا بن يحيى الحزار الرقاشي المقرئ ،قال ابن حبان :يغرب
ويخطئ).(2
فالسناد ضعيف واهٍ ،ويزداد وهناً بما سبق ذكره عن الدارقطني بأن
الصواب في رواية إبراهيم النخعي لهذا الحديث أنها عن علي مرسلة ،أي
بدون ذكر الواسطة بين إبراهيم وبين المام علي ،والواسطة هنا علقمة بن
قيس.
رابعاً :حديث أبي سعيد الخدري:
وفيه:
-ـ ـأبوـ ـهارونـ ـالعبدي ،واسمه عمارة بن جوين البصري ،قال ابن
حجر" :متروك ،ومنهم من كذبه ،شيعي").(3
-إسحاقـ ـبنـ ـإبراهيمـ ـالزدي ،ذكره ابن حجر في "اللسان")،(4
وعزاه إلى "رجال الطوسي").(5
-إسماعيلـ ـبنـ ـأبانـ الغنويـ الخياطـ أبوـ ـإسحاقـ ـالكوفي " ،متروك
رمي بالوضع").(6
فالحديث هذا واهٍ بمرة.
( ) الوئي (معجم رجال الديث) جـ 3ص ، 34 ، 33وذكر اثني من لم هذا السم والنسبة ( ) 1106و( 5
.)1107
() ابن حجر (التقريب) رقم .411 6
337
338
المبحث الثالث:
دراسة متن الحديث
غريب الحديث:
وردت في متون الحديث اللفاظ التية:
الناكثون :والمراد بهم أهل الجمل الذين بايعوا المام علياً ثم نكثوا بيعته
فقاتلوه).(1
القاسطون :والمراد بهم الذين قاتلوا المام علياً في صفين) ،(2ول يخفى أنه
صفة ذم لقوله تعالى :وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً ،(3) وهو غير
المقسطين ،قال سبحانه :إن ال يجب المقسطين ،(4) فإن القاسط اسم فاعل
من قَسَط أي جار ،ومصدره قَسْط وقُسُوط ،وأما ال ُمقْسط فهو اسم فاعل من
َأقْسط بمعنى عدل ،ومصدره إقساط) ،(5وأما القِسْط فهو اسم مصدر كما هو
بيّن ،قال ابن منظور :ويقال أقسط إذا عدل) ، (6واقتصر الزمخشري على
أقسط بمعنى عدل ،قال" :هو قاسط غير مقسط :جائر غير عادل ...
وتقول :ال يقبض ويبسُط ،ويُقسِط ول َيقْسُط ،وأمر ال بالقِسْط ونهى عن
القَسْط") ، (7قال ابن حجر" :والقاسطين :أهل الشام لنهم جاروا عن الحق
في عدم مبايعته") (8يعني علياً.
المارقون :يراد بهم أهل النهروان ،فإنهم الحلقة الثالثة في سلسلة الحروب
التي خاضها المام علي .ول ريب في أن هذه اللفظة أخذت من حديث
المروق الموجه إلى أهل النهروان.
وقد ورد تفسير هذه الكلمات في بعض طرق الحديث كما تقدم.
الطرقات :لم أعثر في معاجم البلدان على ما يحمل هذا السم.
() ابن منظور (اللسان) جـ 7ص 377باب الطاء فصل القاف. 5
339
سعَيْفة
السُعَيْفات :هذا كسابقه ،ولعله بمعنى ال ُنخَيْلت التي ،وهي جمع ُ
سعْف أي أغصان النخيل ،وقيل السعفة النخلة) ،(1فلعلسعْفة مفرد َ
تصغير َ
السعيفات هي النخيلت.
النخيلت :يبدو أنه جمع نخيلة ،وهي موضع تقدم ذكره.
النهروانات :جمع نهروان ،وهي نهروانات ثلثة ،العلى والوسط
والسفل ،وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي ،حدها
العلى متصل ببغداد).(2
التحليـل:
ركّز هذا الحديث على كون المام علي مأموراً بقتال أهل الجمل
إلى وأهل صفين وأهل النهروان ،وأن ذلك كان عن عهد من النبي
المام علي كما في بعض اللفاظ" :عهد إليّ النبي أن أقاتل الناكثين...
الخ".
ويظهر من خلل روايات الحديث -على تقدير صحته -أنه كان
على مرأى ومسمع من بعض الصحابة ،منهم أبو أيوب النصاري وعبدال
بن مسعود وأبو سعيد الخدري.
وقد تبين أن كل طرق الحديث ضعيفة من جهة أسانيدها ،وإضافة
إلى ذلك فإن ثمة ما يخالفها صراحة ،كحديث أبي داود بسند صحيح عن
قيس بن عباد قال :قلت لعلي ،أخبرنا عن مسيرك هذا ؟ أعهد عهده إليك
رسول ال أم رأي ارتأيته ؟ قال :ما عهد النبي إلي شيئاً ،ولكنه رأي
ارتأيته) .(3وقد نفى ابن تيمية أن يكون المام على روى في قتال أهل
الجمل وأهل صفين شيئا ،بخلف قتال الخوارج أي أهل النهروان ،قال:
"بل روى الحاديث الصحيحة هو وغيره من الصحابة في قتال الخوارج
المارقين").(4
ووافقه الحافظ ابن حجر فيما يتعلق بقتال أهل الجمل ،وأما ما يتعلق
بأهل صفين فقال" :وثبت في أهل الشام حديث عمار) :تقتلك الفئة
الباغية(").(5
() ابن منظور (اللسان) جـ 9ص 151باب اللم فصل النون. 1
() ابو داود (السنن) ك السنن باب ما يدل على ترك الكلم ف الفتنة رقم .4666 3
340
وأما ما يتعلق بالنهروان فقد قال ابن حجر" :والمارقين :أهل
النهروان لثبوت الخبر الصحيح فيهم أنهم يمرقون من الدين كما يمرق
السهم من الرمية") . (1ونحوه قول العقيلي في ترجمة الربيع بن سهل بعد
ذكره رواية علي بن ربيعة الوالبي عن علي في قتال الناكثين والقاسطين
والمارقين" :السانيد في هذا الحديث عن علي لينة الطرق ،والرواية عنه
في الحرورية صحيحة") .(2وقد مضى بيان مدى مصداقية هذه الدعوى.
وعلى كل ،فعلى فرض ثبوت أحاديث أخرى في أهل النهروان فإنه
ل يستلزم صحة كل ما روي فيهم ،ولذا كان كلم ابن حجر السابق تفسيراً
للفظة المارقين ل تصحيحاً لحديث "أمرت بقتال الناكثين ...الخ" .ول
يستدل هنا برواية علقمة قال :سمعت علي بن أبي طالب رضي ال عنه
يوم النهروان يقول" :أمرت بقتال المارقين ،وهؤلء المارقون" عند ابن
أبي عاصم دون اللفظين الخرين ،ليكون حديث المروق مثلً شاهداً لها
يقويها ،أما أولً :فلن طريقها واهٍ كما سبق بيانه ،وأما ثانياً :فإن حديث
المروق ل يصح حمله على أهل النهروان كما تقدم ،وأما ثالثاً :فإن الواضح
أنها جزء من الحديث ككل وأن هذه رواية لبعضه ،ويبعد جداً أن يريد
العقيلي بقوله" :والرواية عنه في الحرورية صحيحة" هذه الرواية ،لنه
ضعف الرواية عن علي مطلقاً مما يتصل بهذا الحديث.
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن حصر هذه اللقاب في قوم
مخصوصين تحصل منه ريبة عظيمة ،ولئن ساغ ذلك في "الناكثين"
لكونهم نكثوا بيعة المام علي ،فإن حصر "القاسطين" في أهل الشام غير
سائغ ،فإن النكث أيضاً جور عن الحق ،والمروق من الدين جور عن
الحق .وكذلك توجيه "المارقين" إلى أهل النهروان فضلً عن حصره فيهم
يستدعي نظراً شديداً ،فإن ما ينسب إلى أهل النهروان – وهم منه براء -
بالمقارنة مع ما فعله أهل الشام -على فرض تجويز المقارنة -ل يعد شيئاً،
وقد مضى شيء من ذلك ،ل سيما مع قوله تعالى :وأما القاسطون فكانوا
لجهنم حطب اً ) ، (3فإن من صح له هذا الجزاء لم يمتنع أن يصح له حكم
المروق.
هذا ما يتعلق بالروايات المقتصرة على هذه اللفاظ الثلثة ،وهي كل
الروايات عن المام علي وروايتان عن عبدال بن مسعود ،ورواية أبي
سعيد الخدري.
() الصدر السابق جـ 4ص .44 1
341
أما روايات أبي أيوب النصاري فيضم منها إلى القوادح السابقة أن
أبا أيوب النصاري لم يحضر صفين ،فإنه كان إذذاك واليا على المدينة
من قبل المام علي).(1
ومن مظاهر الختلق فيها ذكر النخيلت ،ولم يقاتل المام علي
منكري التحكيم أو غيرهم فيها .على أن جمع النخيلت غير معروف
بموضع معين ،وكذلك السعيفات والطرقات ألفاظ مبهمة ل تعني شيئاً.
وأما الرواية عن ابن مسعود فأثر التلفيق فيها واضح ،من أمر النبي
أم سلمة بفتح الباب وهو جالس ،مع قولها" :أتلقاه بمعاصمي" فيأمرها
بذلك ،وقولها" :فقمت وأنا أختال في مشيتي" وتكرار "فاسمعي واشهدي"،
وقوله" :لو أن عبداً عبدال ألف عام بعد ألف عام ،وألف عام بين الركن
والمقام ثم لقي ال مبغضاً لعلي بن أبي طالب وعترته أكبه ال على منخريه
يوم القيامة في نار جهنم".
وهذا أسلوب تمجه السماع وتأباه الفطر السليمة ،ل يصدر عن
مشكاة النبوة ومعدن الفصاحة وينبوع البلغة ،بل هو أسلوب الوضّاعين
الذين يريدون أن يثبتوا فضيلة المام علي بمثل هذه المور السمجة ،وهو
عنها غني.
ومن خلل عرض الروايات السابقة وبيان ما فيها من الخلل يتبين أن
جميع الطرق بجميع أسانيدها لم تخل من ضعيف أو متروك أو كذاب.
وعليه فل يرقى الحديث بحال إلى الحسن كما توهم مؤلفا كتاب "بيعة علي
بن أبي طالب في ضوء الروايات الصحيحة") ،(2والغرب منه حكم
اللباني على الحديث بأنه "صحيح" عند كلمه على رواية علقمة السابقة،
حيث قال هنالك" :صحيح وإسناده ضعيف" ،ثم ذكر له بعض ما عده
شواهد لهذه الرواية) ، (3ولو كانت كثرة طرقه ترقى به لوقفت عند الحسن
ولم تتجاوزه إلى الصحة ،إذ ليس فيها طريق حسنة ترقى بالخريات إلى
الصحيح لغيره ،هذا على اعتبار أن الضعف فيها خفيف ،إل أن اجتماع
أولئك الكثرة من الضعفاء والمتروكين والكذابين على رواية حديث بعينه
يزيده ضعفاً على ضعف.
342
وما نسبه مؤلفا كتاب "بيعة على بن أبي طالب" إلى ابن كثير في
"البداية والنهاية"من احتجاجه بالحديث) - (1أي تقويته له -غير صحيح،
فقد حكم ابن كثير على هذا الحديث بأنه "ضعيف") . (2هذا وقد تقدم النقل
عن الذهبي أنه حكم على متن الحديث بالنكارة.
وبالنظر إلى كل من أسانيد هذا الحديث ومتونه وبيان ما فيها من
النكارة وأثر الختلق فإن الخلصة أن هذا الحديث موضوع على رسول
ال كما قال ابن تيمية).(3
343
344
الفصـل السـابع:
345
346
المبحث الول:
تخريج الحديث
ورد الديث عن أب سعيد الدري فحسب ،وله ألفاظ:
" :تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أ -قال رسول ال
أولى الطائفتين بالحق".
رواه مسلم -واللفظ له -من أوجه ثلثة ،وأحمد من أربعة أوجه،
وأبو يعلى من ثلثة أوجه ،وأبو داود ،والنسائي في "الكبرى"
و"الخصائص" من أربعة أوجه ،وسعيد بن منصور ،والبيهقي من طريق
أبي داود من وجهين في "السنن الكبرى" و "دلئل النبوة" ،كلهم من رواية
أبي نضرة عن أبي سعيد) ،(1ورواه عبدال بن أحمد في "السنة" من رواية
أبي عثمان النهدي عن أبي سعيد).(2
ب -عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي ذكر قوماً يكونون في
أمته يخرجون في فرقة من الناس ،سيماهم التحالق ،قال" :هم شر الخلق -
أو من شر الخلق -يقتهلم أدنى الطائفتين من الحق" ،قال :فضرب النبي
لهم مثلً -أو قال :قولً " -الرجل يرمي الرمية -أو قال :الغرض-
فينظر في النصل فل يرى بصيرة ،وينظر في النضي فل يري بصيرة،
وينظر في الفوق فل يرى بصيرة" ،قال :قال أبو سعيد :وأنتم قتلتموهم يا
أهل العراق.
رواه مسلم -وهذا لفظه -وأحمد ،وابن حبان).(3
ج -عن أبي سعيد مرفوعاً" :ل تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان
عظيمتان دعواهما واحدة ،تمرق بينهما مارقة يقتلها أولهما بالحق".
() مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب 47رقم /)1065( 152 ، 151 ، 150أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص ،25 1
/79 ،64 ،48 ،32أبو يعلى (السند) جـ 2ص 308رقم ،1036ص 441رقم ،1246ص 499رقم /1345أبو
داود (السنن) ك السنة باب ترك الكلم ف الفتنة رقم /4667النسائي (السنة الكبى) ك الصائص باب 58رقم
/ 8557 ، 8556 ، 8555 ، 8554ابن منصور (السنن) جـ 2باب جامع الشهداء رق م / 2972البيهقي (السنن
الكبى) جـ 8رقم ( ،16695دلئل النبوة) جـ 7ص .24
() عبد ال بن أحد (السنة) رقم .1511 2
() مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب 48رقم /)1065( 149أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص / 5ابن حبان= 3
جـ 10 () أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص /95عبد ال بن أحد (السنة) رقم /1514عبد الرزاق (الصنف) 1
باب ما جاء ف الرورية رقم / 18658الميدي (السند) جـ 2ص 330رقم / 749الطبان (العجم الوسط)
جـ 8رقم .7655
() عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف الرورية رقم .18659 2
( ) مسلم (الصحيح) ك الزكاة باب 47رقم /)1065( 153أحد بن حنبل (السند) جـ 3ص / 82أبو يعلى 3
(السند) جـ 2ص 459رقم /1274البيهقي (السنن الكبى) جـ 8ص 294رقم ( 16696دلئل النبوة) جـ 7
ص .224
() أبو يعلى (السند) جـ 2ص 288رقم .1008 4
348
المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
لم يرد الحديث إل من طريق أبي سعيد ،وله خمس روايات:
-1رواية أبي نضرة المنذر بن مالك بن ُقطَعَة العبدي:
قال عنه ابن حجر" :ثقة ،من الثالثة ،مات سنة ثمان -أو تسع -
ومائة").(1
وقد وثقه عدة ،لكن قال ابن سعد :كان ثقة كثير الحديث ،وليس كل
أحد يحتج به) ،(2وقال ابن حبان :كان ممن يخطئ).(3
وأورده العقيلي في "الضعفاء) "(4ولم يذكر فيه جرحاً ،وكذا ابن
عدي في "الكامل" ،وقال" :ولبي نضرة العبدي حديث صالح عن أبي
سعيد الخدري وعن جابر بن عبدال وغيرهما ،وإذا حدث عنه ثقة فهو
مستقيم الحديث ،ولم أر له حديثاً من الحاديث المنكرة ،لني لم أجد له إذا
روى عنه ثقة حديثاً منكراً فلذلك لم أذكر له شيئاً").(5
-رواه عنه باللفظ الول كل من أحمد ومسلم وسعيد بن منصور
والنسائي في "الكبرى" و "الخصائص" وأبي يعلى.
وفيه قتادة الراوي عن أبي نضرة وهو مدلس كما تقدم مراراً ،وقد
عنعن ها هنا عند كل من أخرجه.
-كما رواه باللفظ الول أيضاً كل من أحمد ومسلم بسند جيد إلى أبي
نضرة.
-ورواه عنه باللفظ الثاني ابن حبان بسند فيه :الحارثـ بنـ سريج
النقال ،وهو متهم).(6
-ورواه عنه باللفظ الثالث كل من عبد الرزاق وعنه أحمد وعنه
ابنه ،ورواه الحميدي والطبراني في "الوسط" بسند فيه :علي بن زيد بن
349
عبدال ـبن جدعانـ التميمي ،قال عنه ابن حجر" :ضعيف ،من الرابعة،
مات سنة إحدى وثلثين وقيل قبلها").(1
-2رواية أبي عثمان النهدي واسمه عبدالرحمن بن مل ،باللفظ الول
عند عبدال بن أحمد ،قال الحافظ" :مخضرم من كبار الثانية ،ثقة ثبت
عابد ،مات سنة خمس وتسعين وقيل بعدها ،وعاش مائة وثلثين سنة وقيل
أكثر").(2
وفيها:
-ميمون الكردي أبو بصير ،قال الحافظ" :مقبول ،من السادسة").(3
-هدبة بن خالد بن السود القيسي البصري ،قال عنه ابن حجر:
"ثقة عابد ،تفرد النسائي بتليينه ،من صغار التاسعة ،مات سنة بضع
وثلثين").(4
فالرواية فيها ضعف.
-3رواية أبي هارون باللفظ الثالث عند عبدالرزاق.
وهو أبو هارونـ ـعمارةـ ـبنـ ـجوينـ ـالعبدي ،قال عنه الحافظ ابن
حجر" :متروك ،ومنهم من كذبه ،شيعي ،من الرابعة ،مات سنة أربع
وثلثين").(5
فالرواية واهية.
-4رواية الضحاك المشرقي عن أبي سعيد ،باللفظ الرابع ،وهي ضعيفة
فيها:
-حبيب بن أبي ثابت أبو يحيى الكندي ،قال ابن حجر" :ثقة فقيه
جليل ،وكان كثير الرسال والتدليس ،من الثالثة ،مات سنة تسع عشرة
ومائة") ،(6وقد عنعن عند كل من أخرجه.
-5رواية أبي الودّاك ،وهو جبر بن نوف الهمداني البكالي:
350
قال عنه ابن معين :ثقة ،وقال النسائي مرة :صالح ،ومرة :ليس
بالقوي ،وقال ابن حجر" :صدوق يهم ،من الرابعة") ،(1وفيها:
-مجالدـ ـبنـ ـسعيدـ ـالكوفيـ ـالهمداني ،وهو مضعف) ،(2وقال عنه
الحافظ" :ليس بالقوي ،وقد تغير في آخر عمره ،من صغار السادسة ،مات
سنة أربع وأربعين") (3أي :ومائة.
فالرواية ضعيفة.
351
352
المبحث الثالث:
دراسة متن الحديث
ظهر من دراسة أسانيد الحديث أنه لم يصح منها إل رواية واحدة هي
رواية أبي نضرة عن أبي سعيد التي تنص على اقتتال فئتين من المسلمين،
تخرج من بينهما فئة ثالثة ،يقتلها أقرب الفئتين إلى الحق.
وجلي أنه ل ذكر لهل النهروان فيها ،وحمل هذا الحديث عليهم إنما
هو بالنظر إلى الحدث التاريخي الذي يماثل الحدث الذي صورته هذه
الرواية ،وذلك باعتبار أن الفئتين هما فئة المام علي وفئة معاوية في
معركة صفين ،وأما الثالثة فهي فئة أهل النهروان التي قتلتها فئة المام
علي بعد صفين .وليس في هذه الرواية ما يجعل توجيهها إلى أهل
النهروان متعيناً ،فكيف إذا انضاف إلى ذلك ما يمنع من المصير إلى هذا
التأويل.
وبيان ذلك ما يلي:
أ -معنى "تمرق مارقة" ،وقد تقدم الحديث في معنى المروق إذا كان
من الدين ،ولكن ل متعلق هنا للمروق في "تمرق" ،إضافة إلى اشتقاق اسم
الفاعل من نفس فعله دون ذكر المتعلق أيضاً.
فهل معنى المروق هنا -مجرداً -هو المروق من الدين ؟ أو هو
استعمال لغوي بمعنى "تخرج خارجة" ؟
القرب أن هذا التعبير "تمرق مارقة" يرمز إلى الخروج المرتبط
بالمروق من الدين إشارة إلى حديث المروق ،فهو بمن زلة اختصار للحديث
"يخرج فيكم قوم ...يمرقون من الدين" .وقد تقدم الكلم مفصلً في توجيه
معنى المروق إلى أهل النهروان.
-2استعمال كلمة "بينهما" فيه غموض ،لن أهل النهروان جزء من
جيش المام علي ،وحتى بعد العتزال إلى حروراء ودخولهم الكوفة كانوا
جيشاً واحداً ،وإنما كان النفصال النهائي من الكوفة ،فل ترابط وثيقاً بين
الصورة والحديث.
-3يستفاد من قوله" :يقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق" أن القتراب
من الحق نسبي بين المام علي ومعاوية ،وأن كل الطرفين محق إلى درجة
معينة ،خلفاً لحديث" :عمار تقتله الفئة الباغية" ،ولم يكن في البغي يوماً
من اليام عذر لصاحبه ،وكفى بوصف ال سبحانه وتعالى لهذه الطائفة
بالبغي ذماّ ،إذ حادت عن منهج ال عز وجل وأبت قبول الصلح الذي أمر
353
ال به في قوله :ـفأصلحوا بينهماـ وسعى إليه المام علي كرم ال وجهه
قبل القتال فأبوه.
- 4على أن المروق إن صح توجيهه إلى أهل النهروان فمن باب
أولى يصح توجيهه إلى الفئة الباغية ،فكيف توصف تلك بالمروق دون
هذه.
-5روي عن أبي هريرة بسند صحيح عند الشيخين وأحمد والبيهقي
في "السنن الكبرى" قال :قال رسول ال " :ل تقوم الساعة حتى تقتتل
فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة" ،وفي بعض الوجه "دعواهما
واحدة").(1
وقد اتفق شراح هذا الحديث على أن المراد بالفئتين ها هنا هما فئة
المام علي وفئة معاوية ،سوى ما نقله العيني عن الداودي من أن المراد
بهما فئة المام علي وأهل الجمل ،أما المراد بالدعوى قيل هي السلم،
وقيل اعتقاد كل منها أنه على الحق وصاحبه على الباطل بحسب
اجتهادهما) . (2ول يخفى أن تسويغ الجتهاد ها هنا منسحب على الكل ول
يختص به قوم دون قوم .وما قيل عما فعلته الفئة الباغية من أنه من باب
الخطأ في الجتهاد ،مدفوع بالذم الشديد الوارد في البغي ،أليس في قوله
تعالى :ـحتىـ تفيءـ إلىـ أمرـ ـال ما يدل دللة صريحة على ابتعاد الفئة
الباغية عن منهج ال السوي وصراطه المستقيم ؟ وقد نهى ال سبحانه
وتعالى عن البغي وقرنه بالفحشاء والمنكر في قوله :ـإن ال ـيأمر بالعدل
والحسان وإيتاء ذي القربى ،وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي .على
أن بغي الفئة الباغية لم يقتصر على النشقاق عن المام الحق ،بل اشتمل
على إراقة الدماء الغزيرة وتفريق المة وتمزيق شملها ،وتسبب في
انطماس نور السلم وقيام الفتن وانقضاء عهد الراشدين ،فهل يعد كل هذا
اجتهاداً يؤجر عليه صاحبه ؟
ولئن جوز الجتهاد – جدلً – لمعاوية وأصحابه فإن تجويزه لهل
النهروان من باب أولى ،والظن بهم أنهم قد اجتهدوا فيما فعلوه ،ولم يحملهم
الهوى ول العصبية على شيء من ذلك ،كيف وهم القراء والفقهاء
وأصحاب البرانس والسواري؟ وإنما انتصروا لعلي وسعوا من أجله ،ثم
() البخاري (الصحيح) ك استتابة الرتدين باب 8رقم ،6935ك الفت باب 5رقم /7121مسلم (الصحيح) ك 1
باب 4رقم /17أحد بن حنبل (السند) جـ 2ص /503 ، 313البيهقي (السنن الكبى) جـ 8ص 299رقم
.16708
() ابن حجر (فتح الباري) جـ 14ص /310العين (عمدة القاري) جـ 4ص /90القسطلن (إرشاد الساري) 2
355
356
الفصـل الثامـن:
357
358
المبحث الول:
تخريج الحديث
جاء الحديث من طريق اثنين من الصحابة ،هما أبو أمامة صدي بن
عجلن الباهلي ،وعبدال بن أبي أوفى.
أولً :حديث أبي أمامة الباهلي:
روي عنه من طريق أبي غالب حَزَوّر قال :رأيت أبا أمامة الباهلي
أبصر رؤوس خوارج على درج دمشق فقال :سمعت رسول ال يقول:
"كلب أهل النار ،كلب أهل النار ،كلب أهل النار" ثم بكى ،ثم قال :شر
قتلى تحت أديم السماء ،وخير قتلى من قتلوه ،قال أبو غالب :أأنت سمعت
هذا من رسول ال صلى ال عليه وسلم ،قال :نعم ،إني إذن لجريء ،سمعته
من رسول ال غير مرة ول مرتين ول ثلث.
رواه الحميدي -واللفظ له -وعبدالرزاق ،وأبو داود الطيالسي،
وأحمد من وجهين عن أبي غالب ،وابنه عبدال من ثلثة أوجه ،ومحمد بن
نصر المروزي ،والطبراني من ثلثة عشر وجهاً عن أبي غالب في
"الكبير" و"الوسط" و"الصغير" و"مسند الشاميين") ،(1والحارث بن أبي
أسامة والجري.
-ورواه أحمد وعنه ابنه عبدال في "السنة" من رواية صفوان بن
سليم المدني عن أبي أمامة باللفظ نفسه).(2
-كما رواه سيّار الشامي الموي عن أبي أمامة باللفظ نفسه عند
أحمد).(3
-ورواه شداد بن عبدال أبو عمار عن أبي أمامة باللفظ نفسه عند
عبدال بن أحمد في "السنة" والحاكم في "المستدرك" بإسنادين).(4
() الميدي (السند) جـ 2ص 404رقم / 908عبد الرزاق (الصنف) جـ 10باب ما جاء ف الرورية رقم 1
/18663الطيالسي (السند) ص 155رقم /1136أحد بن حنبل (السند) جـ 5ص /256 ،253عبد ال بن أحد
(السنة) رقم /1544 ،1542 ،1543الروزي (السنة) ص 22رقم /55الطبان (العجم الكبي) جـ 8رقم ،8033
،8056 ، 8055 ، 8052 ، 8051 ، 8050 ، 8049 ، 8042 ، 8041 ، 8040 ، 8039-8037 ، 8036 ، 8035 ، 8034
(العجم الوسط) جـ 7رقم 7660جـ 9رقم ( ، 9085العجم الصغي) جـ 1رقم ، 33جـ 2رقم ،1068
(مسند الشاميي) جـ 2ص 248رقم /1279اليثمي (بغية الباحث) ص 221رقم /804الجري (الشريعة) ص
33رقم .57
() أحد بن حنبل (السند) جـ 5ص /269عبد ال بن أحد (السنة) رقم .1546 2
() عبد ال بن أحد (السنة) رقم /1545الاكم (الستدرك) جـ 2ص 150 ، 149وقال "هذا حديث صحيح 4
359
ثانياً:حديث عبدال بن أبي أوفى:
أ -ورد الحديث عنه من رواية العمش بلفظ "الخوارج كلب
النار" ،رواه أحمد ،وعنه ابنه عبدال في السنة ،ورواه ابن ماجه ،وأخرجه
ابن أبي عاصم في "السنة" ،وأبو نعيم الصفهاني في "الحلية" ،ويحيى بن
محمد بن صاعد في "الجزء فيه مسند ابن أبي أوفى" والللكائي،
والخطيب في "تاريخ بغداد" وابن الجوزي في "العلل المتناهية").(1
ب -كما ورد من رواية سعيد بن جهمان عن عبدال بن أبي أوفى
بلفظ :أتيت عبدال بن أبي أوفى صاحب رسول ال فقال لي :من أنت ؟
وكان يومئذ محجوب البصر ،فقلت :أنا سعيد بن جمهان ،فقال :ما فعل
أبوك؟ قلت :قتلته الزارقة ،فقال :رحمه ال ،ثم قال :قال رسول ال :
"إنهم كلب النار".
رواه أبو داود الطيالسي -واللفظ له -وأحمد ،وعنه ابنه بزيادة
عندهما وهي :قلت :الزارقة وحدهم أم الخوراج كلها؟ قال :بلى الخوارج
كلها ،ورواه الحاكم وابن أبي عاصم بالزيادة التي عند أحمد).(2
على شرط مسلم ول يرجاه" وقال الذهب :صحيح (التلخيص) جـ 2ص .150 ،149
() أحد بن حنبل (السند) جـ 4ص /355عبد ال بن أحد (السنة) رقم /1513ابن ماجه (السنة) القدمة باب 1
( ) 12رق م / 173ابن أب عاصم (السنة) باب ( ) 176رق م / 904أبو نعيم (حلية الولياء) جـ 5ص / 56ابن
صاعد (الزء فيه مسند ابن أب أوف) ص 123رق م / 39الطيب (تاريخ بغداد) جـ 6ص / 320 ، 319ابن
الوزي (العلل التناهية) جـ 1باب ذ م الوارج ص .169 ،168
( ) الطيالسي (السند) ص 110رق م / 822أحد بن حنبل (السند) جـ 4ص / 383 ، 382عبد ال بن أحد 2
(السنة) رقم /1553الاكم (الستدرك) جـ 3ص ، 571وسكت عنه الذهب (التلخيص) جـ 3ص / 571ابن
أب عاصم (السنة) باب ( )176رقم .9051
360
المبحث الثاني:
دراسة أسانيد الحديث
ورد الحديث عن اثنين من الصحابة:
أولً :حديث أبي أمامة الباهلي:
وله أربع روايات:
-1ـ ـروايةـ ـأبيـ ـغالبـ ـحزورـ ـعنـ ـأبيـ ـأمامة،ـ وقد تقدم في حديث أبي
أمامة الباهلي في حديث المروق من رواية أبي غالب أنه ضعيف.
-2رواية صفوان بن سليم المدني عن أبي أمامة ،قال عنه الحافظ" :ثقة
مفتٍ عابد رمي بالقدر ،من الرابعة ،مات سنة اثنتين وثلثين وله اثنتان
وسبعون سنة").(1
وقد صحح محققا "الجزء فيه مسند بن أبي أوفى" و "السنة" لعبدال
بن أحمد سند الحديث بهذه الرواية) ،(2ولعلهما نظرا إلى ما قيل في صفوان
بن سليم من أنه لم ير من الصحابة إل أبا أمامة وعبدال بن بسر) ،(3إل أن
أبا أمامة الذي رآه صفوان بن سليم هو أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف
وليس صدي بن عجلن) ،(4وأبو أمامة أسعد متأخر ،قال الحافظ عنه:
"معدود في الصحابة ،له رؤية ولم يسمع من النبي ،مات سنة مائة وله
اثنتان وتسعون").(5
ولم يصرح صفوان ها هنا بالسماع بل قال :دخل أبو أمامة الباهلي
رضي ال عنه مسجد دمشق...،الخ" ولذا قال ابن حجر عن هذا السند:
"أظنه منقطعاً") ،(6وهو كذلك كما هو ظاهر.
-3رواية سيار الشامي الموي :مولى معاوية وقيل مولى خالد بن يزيد
بن معاوية ،لم أجد من وثقه سوى إيراد البخاري إياه في "التاريخ
() ابن صاعد (الزء فيه مسند ابن أب أوف) ص 137هامش سعد آل حيد /عبد ال بن أحد (السنة) هامش 2
361
الكبير") (1وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل") (2وابن حبان في
"الثقات") .(3لكن قال الذهبي "وثق") ،(4وقال ابن حجر" :صدوق ،من
الثالثة").(5
ولست أدري علم بنى هذان المامان حكمهما على سيار بأنه ثقة
وصدوق ،رغم أني لم أجد أحداً نص على توثيقه .ويبدو أن في حكاية
الذهبي توثيق سيار بصيغة التضعيف وعدم جزمه بذلك ما يشير إلى عدم
اطمئنانه إلى ذلك.
وفيها :أبوـ ـسعيدـ ـعبدالرحمنـ ـبنـ ـعبدال ـبنـ ـعبيدـ ـالبصريـ ـمولى
بني هاشمـ شيخ المام أحمد ،قال ابن حجر في التقريب" :صدوق ربما
أخطأ ،من التاسعة ،مات سنة سبع وتسعين").(6
وقد وثقه المام أحمد) ، (7لكن نقل العقيلي عن المام أحمد أنه قال:
كان كثير الخطأ) ،(8ونقل القباني أنه جاء عن أحمد أنه كان ل يرضاه).(9
362
-1رواية العمش سليمان بن مهران:
تقدم ذكره ،وقد اتفقوا على أنه لم يسمع من عبدال بن أبي أوفى).(1
-2رواية سعيد بن جمهان:
قال عنه الذهبي" :صدوق وسط") ،(2وقال ابن حجر" :صدوق له
أفراد") ،(3وفيها:
-عند غير الللكائي :حشرج بن نباتة الرواي عن سعيد بن جمهان،
فيه كلم كثير لخصه ابن حجر بقوله" :صدوق يهم ،من الثامنة").(4
-عند الللكائي :قطن بن نسير ،قال ابن حجر" :صدوق يخطئ ،من
العاشرة") ، (5ويبدو أنه دون ذلك ،فقد قال ابن أبي حاتم :سئل أبو زرعة
عنه فرأيته يحمل عليه ،ثم ذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن سليمان عن
ثابت عن أنس مما أنكر عليه) ،(6وقال ابن عدي :يسرق الحديث
ويوصله).(7
363
المبحث الثالث:
دراسة متن الحديث
هذا الحديث واضح الصلة بالخوارج للتصريح باللفظ نفسه ،وقد تبين
أن بعض السانيد خفيفة الضعف ،لكن هنالك ملحظات على متونها سيأتي
بيانها.
ويؤخذ من رؤية أبي أمامة الباهلي رؤوس أولئك الناس في دمشق
أن ذلك كان في فترة الصراع الموي الخارجي ،أي بعد ظهور الخوارج
في الفترة التي توصلت إليها هذه الدراسة .وهذا صريح في بعض الوجه
عن أبي غالب قال:
"لمّا أُتي برؤوس الزارقة "...عند الطبراني في الكبير.
"كنت بالشام فبعث المهلب سبعين رأساً من الخوارج."...
"كنت بدمشق زمن عبد الملك فأتي برؤوس الخوارج."...
سيّار الموي عند وقد تقدم عن أبي غالب أنه ضعيف ،لكن في رواية َ
أحمد" :جيء برؤوس من قبل العراق فنصبت عند باب المسجد وجاء أبو
أمامة ...الخ".
وكذلك حديث عبدال بن أبي أوفى صريح في هذه النتيجة ،إذ فيه
ذكر الزارقة الذين ظهروا بعد حادثة الفتراق عام أربعة وستين من
الهجرة.
والملحظات على روايات الحديث ما يلي:
-1تكرار العبارات كاملة في الحديث ليس من السلوب العربي
سيّار عند أحمد" :شر قتلى تحت ظل السماء ثلثاً"، البليغ ،ففي لفظ َ
"كلب النار ثلثاً"" ،لو سمعته من رسول ال مرة أو مرتين حتى ذكر
سبعاً لخلت أن ل أذكره" ،وهذا معناه أنه لبد لبي أمامة أن يسمع الحديث
من النبي ذلك العدد لكي يحدث به ،وهو محال .وفي لفظ أبي عمار
شداد بن عبدال عند عبدال بن أحمد والحاكم نفس ما في لفظ سيار عند
أحمد.
-2أن لفظ "الخوارج"لم يكن موجوداً في ذلك العصر ،بل ظهر كما
سبق بيانه بعد ظهور الزارقة عام أربعة وستين ،ولو كان جرى على
لم يتوانَ الصحابة في اختياره ولوُجد في نصوص لسان الرسول
كلمهم في الفترة السابقة لفترة ظهوره ،ل سيما أن في حديث أبي أمامة أن
النبي كرره مرات ،فكيف يكون مقصوراً على أبي أمامة وعبدال بن
364
أبي أوفى .إضافة إلى ذلك أنكر العيني أن يكون لفظ الخوارج قد ظهر في
الفترة التي كان فيها حرقوص بن زهير) ، (1فإنكاره ظهوره قبل ذلك من
باب أولى ،وهذا كمثل أسماء الفرق الخرى التي ظهرت فيما بعد.
لج ل هذا عد د .صلح الدين الدلبي حديث "الخ وارج كلب
الن ار" موضوع اً على رس ول ال ).(2
- 3أن حديث أبي أمامة الباهلي جاء من وجه آخر بلفظ حديث
المروق ،فقد مضى في حديث المروق من رواية شهر بن حوشب عنه ذكر
هذه الحادثة مختلفة ،ونص حديثه قال :كنت بدمشق فجاؤوا برؤوس
فوضعوها على درج مسجد دمشق ،فرأيت أبا أمامة يبكي فقلت له :ما
يقول" :إنه سيكون في يبكيك يا أبا أمامة ؟ قال :إني سمعت رسول ال
أمتي ناس يقرأون القرآن ل يتجاوز تراقيهم ينثرونه كما ينتثر الدقل،
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم ل يعودون فيه حتى يعود
السهم على فوقه ،شر قتلى تحت السماء ،طوبى لمن قتلهم وقتلوه".
-4أحسن الروايات حالً عن أبي أمامة رواية سيار الشامي ورواية
أبي عمار شداد ،وفي كل منهما كلم من جهة ضبط الرواة ،ففي رواية
سيار :أبو سعيد عبدالرحمن ابن عبدال ،تكلم المام أحمد في ضبطه كما
تقدم .على أن في حكم الحافظ ابن حجر على أن سياراً صدوق ريبة من
حيث عدم التنصيص على ذلك من أحد الئمة الذين ساق أقوالهم في
"التهذيب" في سيار ،فمن أين حكم عليه بذلك؟ وأما الذهبي فقد مضى
القول في حكايته التوثيق.
وفي رواية أبي عمار شداد :عكرمة بن عمار وهو صدوق يغلط.
وأما عبدال بن أبي أوفى فقد اجتمع في سنده اثنان ممن فيه بعض
الكلم :إما سعيد ابن جمهان و "له أفراد" ،وحشرج بن نباتة وهو "صدوق
يهم" ،وإما سعيد بن جهمان وقطن بن نسير وهو "صدوق يخطئ" كما
سبق ذكره.
من الصعب والذي يظهر أن رفع هذا الحديث إلى رسول ال
قبوله للملحظات التي تقدم ذكرها ،ول يبعد أن يكون ذلك من كلم أحد
الصحابة وهو أبو أمامة الباهلي ،فظن الرواة رفعه إلى النبي ،ل سيما
مع وجود بعض الوهام في الذين كانت رواياتهم أفضل حالً من غيرها.
365
إضافة إلى ذلك فإن كلب النار أشبه بلفظ ذم منه بحكم شرعي ،وإل
فل معنى لكلب النار .ولعل أبا أمامة رضي ال عنه لما أخبره سعيد بن
جمهان بما فعله الخوارج الزارقة بأبيه دعا عليهم بنحو قوله :كلب النار،
ثم رواه من رواه من بعد مرفوعاً إلى رسول ال .ول غرابة في مثل
هذا الموقف الذي يقفه هذا الصحابي ،فإن غيره من الصحابة قد وقف مثله
ضد الخوارج الذين ظهروا بعد عام الفتراق ،وقد مضى شيء من ذلك
في آخر المبحث الثالث من حديث المروق ،لكن المهم في المر أن الكلم
ليس في أهل النهروان ومن حمل فكرهم ،بل في الخوارج وأتباعهم الذين
يمكن أن يوجه إليهم حديث المروق وما ورد عن الصحابة الكرام من الذم
في الخوارج ،وبون شاسع بين أهل النهروان ومن نحا نحوهم وبين
الخوارج الذين ظهروا من بعد ،والذين يتلخص فكرهم في تكفير مخالفيهم
واستباحة دمائهم.
سلّم بصحة رفع حديث "الخوارج كلب النار" إلى النبي هذا ،ولو ُ
لكان له وجهة أخرى ،فقد روى الحاكم بسند صحيح إلى عكرمة عن
ابن عباس رضي ال عنهما أنه قال له ولبنه علي :انطلقا إلى أبي سعيد
فاسمعا منه حديثه في شأن الخوارج ،فانطلقا ،فإذا هو في حائط له يصلح،
فلما رآنا أخذ رداءه ثم احتبى ،ثم أنشأ يحدثنا حتى عل صوته في المسجد،
فقال :كنا نحمل لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين ،فرآه النبي فجعل
ينفض التراب على رأسه ويقول":يا ويح عمار،أل تحمل لبنة لبنة كما
يحمل أصحابك ؟" قال :إني أريد الجر عند ال ،قال :فجعل ينفض
ويقول":ويح عمار ،تقتله الفئة الباغية" ،قال :ويقول عمار :أعوذ بال من
الفتن).(1
فهذا الحديث ظاهر في أن المراد بالخوارج الفئة الباغية ،وهم طائفة
معاوية وأصحابه الذين حاربهم المام علي في صفين ،وحمل حديث
"الخوارج كلب النار" عليهم يعد وجيهاً ،وذلك لتصريح أبي سعيد بأنهم
هم الخوارج ،كحمل أبي أمامة الباهلي إياه على الزارقة ،إذ ل نص على
أن الزارقة – مثلً – هم الخوارج ،ول على أنهم هم المقصودون بكلب
النار ،مما يفيد أن المر إنما هو رأي لبي أمامة .وهذا كله على فرض
التسليم بصحة رفع هذا الحديث.
() الاكم (الستدرك) جـ 2ص .162وقد روى الديث البخاري (الصحيح) جـ 2ص 111رقم ،447 1
369
بالشرك المخرج من الملة ،أما الباضية فإنهم يعاملون مخالفيهم معاملة
المسلمين بكل أوجهها.
-10حديث المروق حديث صحيح ثبت عن عشر طرق عن الصحابة.
- 11يمكن أن يحمل حديث المروق على الخوارج الذين ظهروا بعد عام
أربعة وستين من الهجرة ،وذلك لنطباقه على صفاتهم المتمثلة في كثرة
العبادة مع النحراف في توجيه بعض اليات والنصوص الشرعية المتعلقة
بالمشركين بجعلها متوجهة إلى أهل القبلة ،فيرتب عليه استباحة القتل
في بعض ألفاظ هذا الحديث" :يقتلون أهل السلم مصداقاً لقوله
ويدعون أهل الوثان" .وينسحب هذا الحكم على كل من يتبنى الفكر
الخارجي قديماً وحديثاً.
-12حديث المخدج ل يصح عن رسول ال ،وهو زيادة شاذة.
-13حديث شيطان الردهة حديث منكر.
-14حديث المتعبد حديث ضعيف.
-15حديث المام علي" :لقد علمت عائشة بنت أبي بكر أن أهل النهروان
ملعونون على لسان محمد " حديث ضعيف.
-16حديث المام علي" :أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين"
حديث موضوع.
-17حديث "تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين
بالحق" صحت بعض أسانيده ،لكنه غير صريح في قومٍ مخصوصين .وأما
حمِل على أهل النهروان فل يصح بالزيادة ،والصحيح منه بلفظ "ل إن ُ
تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة".
370
، -18حديث "الخوارج كلب النار" ل يصح رفعه إلى رسول ال
عجْلن.صدَيّ بن َ
والقرب أنه موقوف على أبي أمامة الباهلي ُ
هذا ،وقد تجلى للقارئ الكريم أن أهل النهروان ومعارضي التحكيم
الذين قيل عنهم ما قيل طوال القرون الغابرة ،والذين طالما شوهت حقيقتهم
ونالهم من ظلم الفرق الخرى ومن حيف كثير من المؤرخين والكتاب
الشيء الكثير ،كانوا – في الحقيقة -طلب حق أصابوه ،وإن قيل عنهم
غير ذلك ،بل كانوا هم أصحاب الرأي الحازم والنظرة النافذة في أعماق
الحداث ،وقد جرت المور على ما توقعوه ،والمتأمل في المجريات
التاريخية يتبين له صدق هذه النتيجة .ول غرابة في ذلك ،فقد كانوا من أهل
الفضل والعلم ،وكان فيهم جملة من أصحاب رسول ال ،بل تدل بعض
،أي الروايات على أن فيهم السن الول من أصحاب رسول ال
القدمين منهم .كما وصفوا بأنهم أصحاب البرانس والسواري ،وفي ذلك
دللة واضحة على اتصافهم بنعوت الخير والتقى والزهد في الحياة،
ووصفوا بالقراء الذي كان لقباً للعلماء والفقهاء يومئذ ،وقد تقدم عن ابن
عباس ما يكفي للتأكيد على صحة هذا الوصف ،فقد قال لعتاب بن العور
التغلبي -أحد معارضي التحكيم -كما سبق إحالته إلى ابن أبي شيبة في
مصنفه" :إني أراك قارئاً للقرآن ،عالماً بما قد فصلت ووصلت" ،المر
الذي دعا راوي القصة -وهو كليب بن شهاب الجرمي -إلى وصفه بقوله:
"كأنما ين زع بحاجته من القرآن في سورة واحدة" .إضافة إلى ما سبق
ذكره من المور الخرى التي تشهد لقوة ما صاروا إليه في مسألة التحكيم.
وبناءً عليه فل مجال لقبول تأويل حديث المروق الصحيح أو غيره
فيهم .وقد بان جلياً أن حديث المخدج الذي يقتضي أن يراد به أهل
النهروان غير ثابت ،بل حكمت عليه السيدة عائشة رضي ال عنها بأنه
مكذوب على النبي حسبما تقدم ذكره وذكر النقاش فيه.
كما تجلى أيضاً أنهم بريئون من وصمة الخوارج التي تلصق بهم.
والمر نفسه يجري على من نهج نهجهم دون غلو ول شطط كما هو حال
الزارقة والنجدات والصفرية الذين حكموا على مخالفيهم بالشرك والكفر
المخرج من الملة.
ورغم ذلك ،فإن ما ينسب إلى النبي من الحاديث التي تنص على
الذين سموا بالخوارج أو تشير إليهم ل يثبت ،وليس كل ما يروى في
الخوارج يكون صحيحاً ،وذلك كالحاديث التي مرت في الفصول
المتقدمة ،وكمثل حديث "الخوارج كلب النار" الصريح بلفظه ،فل يصح
371
الذي ل ينطق عن الهوى ،وقد أوتي أن يكون من كلم خير البشر
جوامع الكلم وأفانين البلغة.
ومن الجدير الشارة إليه أن مثل هذه الروايات تأتي ضمن الحملة
التي شنها المويون ضد أهل النهروان وأتباعهم والخوارج والمنسوبين
إليهم ،فقد اتخذوا أساليب عدة للتشنيع عليهم وتشويه صورتهم تجاوزت
إلى الحلم والمنامات.
وأما ما ورد عن الصحابة أو بعضهم من ذم الخوارج -الزارقة
والنجدات والصفرية -فل يدخل ضمن تلك الحملة ،فإنما قالوا بالحق
ونطقوا بالصدق .وصدور بعض ألفاظ الذم منهم في حق أناس بعينهم
يعطيه بعض الرواة حجماً أكبر ليصير ذلك بعد فترة من الزمن نصاً
شرعياً.
ويضاف إلى هذه الظاهرة -وهي ظهور روايات ضد مخالفي
السلطة الموية أو غيرهم -الحديث الموضوع المكذوب على رسول ال
" :المرجئة والقدرية والروافض والخوارج يسلب منهم ربع التوحيد،
فيلقون ال عز وجل كفاراً خالدين مخلدين في النار".
رواه ابن الجوزي في الموضوعات ،وفيه محمد بن يحيى بن رزين
قال :حدثنا أبو عباد الزاهد ،قال ابن الجوزي" :هذا حديث موضوع على
رسول ال ،قال ابن حبان :محمد بن يحيى بن رزين دجال يضع الحديث
ل يحل ذكره إل بالقدح فيه .قال :وأبو عباد ل يحل الحتجاج به").(1
ويقاس على هذا المر ما يوجد من الروايات في حق التيارات التي
خاضت غمار الصراع السياسي في أدوار التاريخ المتقدمة .ويشمل المر
المويين أنفسهم ،فقد وضعت فيهم وفي غيرهم من الذين كانوا يحكمون
بمنطق السيف روايات ل تصح عن النبي ،كان ذلك المنطق المتعسف
سبباً لختلقها .وهذا شأن جميع الفرق المنتسبة إلى السلم ،اللهم إل الذين
أطلق عليهم الخوارج ،فقد كانوا أبعد الناس عن الكذب على عامة البشر
فكيف بالكذب على رسول ال .وهذا أمر يشهد به الكل ويعترف به
الجميع وتقره الدراسات .ومن أبسط المثلة عليه وأقرب ها قول ابن تيمية -
وقد تقدم -في حق الذين سموا بالخوارج" :ل يعرف فيهم من يكذب" ،
وقوله" :ليسوا ممن يتعمدون الكذب ،بل هم معروفون بالصدق حتى يقال
إن حديثهم من أصح الحديث".
() ابن الوزي (الوضوعات) جـ 1ص 205ف ذم الرجئة والقدرية والروافض والوارج. 1
372
وختاماً ألفت انتباه القارئ إلى أن ينعم النظر في هذه القضية ويكون
على حذر من أغراض كثير من الرواة ،كما أعطف عنايته إلى موضوع
هذا الكتاب ليكون محل تأمل وموضع وقفة متأنية تستجلى من خللها
الحقيقة ،من أجل خدمة الهدف المشترك بين أبناء هذه الملة الحنيفية وهذا
الدين الناصع.
أسأل ال عز وجل أن يأخذ بأيدينا جميعاً إلى ما يحبه ويرضاه،
وصلى ال وسلم على رسوله الكريم ،وآخر دعوانا أن الحمد ل رب
العالمين.
373
374
(:)1
)(1ملحظة:
-1ل اعتبار ف هذا الترتيب لـ :ال ،ابن ،أبو ،ونوها.
-2الط التقطع ( )------يرمز إل اسم الؤلف ف الرقم الذي قبله.
375
936م( ،مقالت السلميين واختلف المصلين ،بيروت:
المكتبة العصرية ،1990 ،تحقيق :محمد محيي الدين
عبدالحميد.
الصفهاني ،أبو الفرج علي بن الحسين )356ه 966/م(، 9
مقاتل الطالبيين ،بيروت :دار المعرفة.
ابن أعثم ،أحمد بن أعثم الكوفي )ت 314ه 926 /م( كتاب 11
376
،------ـ كتاب التاريخ الكبير ،بيروت :دار الفكر ،دار الكتب 16
العلمية.1986 ،
بدران ،الشيخ عبدالقادر )ت 1346ه 1927/م( ،تهذيب تاريخ 17
دمشق الكبير ،بيروت :دار المسيرة ،الطبعة الثانية1399 ،ه
– 1979م.
البرّادي ،أبو القاسم بن إبراهيم )ت 810ه 1407/م( ،الجواهر 18
المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات ،القاهرة1884 :م،
طبعة حجرية.
،------رسالة في تقييد كتب أصحابنا ،ضمن كتاب "دراسة 19
في تاريخ الباضية" ،المارات ،القاهرة :دار الفضيلة،
تحقيق :د .محمد زينهم محمد عزب ،أحمد عبدالتواب
عوض.
377
البغوي ،الحسين بن مسعود )ت 516ه 1122 /م( ،شرح 24
السنة ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى1412 ،ه
1992 -م ،تحقيق :الشيخ علي محمد معوض ،الشيخ عادل
أحمد عبد الموجود.
البغ وي ،أبو القاسم عبدال بن محمد )ت 317ه 929/م(، 25
الجعديات :حدي ث عل ي ب ن الجع د الجوهري ،القاهرة :مكتبة
الخانجي ،الطبعة الولى1415 ،ه 1994 -م ،تحقيق :د.
رفعت فوزي عبدالمطلب.
البكري ،عبدال بن عبدالعزيز الندلسي )ت 487ه / 26
1094م( ،معج م م ا استعج م م ن أسما ء البل د والمواضع،
بيروت :عالم الكتب ،الطبعة الثالثة1403 ،ه – 1983م،
تحقيق :مصطفى السقا.
البلذري ،أحمد بن يحيى بن جابر )ت 279ه 892 /م(، 27
أنساب الشراف ،بيروت :دار الفكر ،الطبعة الولى،
1417ه – 1996م ،تحقيق :سهيل زكار ،رياض زركلي.
،------فتوح البلدان ،بيروت :دار الكتب العلمية1412 ،ه 28
– 1991م ،تحقيق :رضوان محمد رضوان.
ابن بلبان ،علي بن بلبان الفارسي )ت 739ه 1338 /م(، 29
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة
الثانية1414 ،ه – 1993م.
البياسي ،يوسف بن محمد بن إبراهيم النصاري )ت 653ه / 30
1255م( ،العلم بالحروب الواقعة في صدر السلم ،عمّان:
الطبعة الولى1407 ،ه 1987-م ،تحقيق :د .شفيق جاسر
أحمد.
البيهقي ،أحمد بن الحسين )ت 458ه 1065/م( ،دلئل النبوة 31
ومعرفة أحوال صاحب الشريعة ،القاهرة :دار الريان للتراث،
بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى1408 ،ه –
،1988تحقيق :د .عبدالمعطي قلعجي.
378
،------السنن الكبرى ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة 32
الولى1414 ،ه – 1994م ،تحقيق :محمد عبدالقادر عطا.
،------شعب اليمان ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة 33
الولى1410 ،ه – 1990م ،تحقيق :أبو هاجر محمد السعيد
بن بسيوني زغلول.
،------معرف ة السن ن والثار ،تحقيق :عبدالمعطي أمين 34
قلعجي.
الترمذي ،محمد بن عيسى بن سورة )ت 279ه 892/م(، 35
الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي ،القاهرة :دار الحديث،
تحقيق :الشيخ إبراهيم عطوة عوض ومحمد فؤاد عبدالباقي
وأحمد محمد شاكر.
ابن تيمية ،أحمد بن عبدالحليم )ت 728ه 1327/م( ،التفسير 36
الكبير ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى1401 ،ه
– 1988م ،تحقيق :عبدالرحمن عميرة.
،------الفرقان ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة الثانية، 37
1402ه – .1982
،------منها ج السن ة النبوية ،القاهرة:مكتبة ابن تيمية، 38
الطبعة الثانية1409 ،ه – 1989م ،تحقيق :مجدي السيد
إبراهيم.
الجابري ،محمد عابد ،نق د العق ل العربي ،العق ل السياسي 39
العربي :محدداته وتجلياته ،بيروت :مركز دراسات الوحدة
العربية ،الطبعة الثانية.1992 ،
الجاحظ ،عمرو بن بحر ،البيان والتبيين ،بيروت :دار الجيل، 40
الطبعة الثانية ،تحقيق :عبدالسلم محمد هارون.
379
الجصاص ،أحمد بن علي الرازي )ت 370ه 985 /م( ،أحكام 41
القرآن ،بيروت :دار الكتاب العربي.
380
1200م( ،تلبيس إبليس ،بيروت :دار الكتاب العربي ،الطبعة
السابعة1414 ،ه 1994-م ،تحقيق :در السيد الجميلي.
،------العلل المتناهية في الحاديث الواهية ،بيروت :دار 50
الكتب العليمة ،الطبعة الولى1403 ،ه 1983-م ،تحقيق:
إرشاد الحق الثري ،تقديم الشيخ خليل الميس.
،------كتا ب الضعفا ء والمتروكين ،بيروت :دار الكتب 51
العلمية ،الطبعة الولى1406 ،ه – 1986م ،تحقيق :أبو
الفداء عبدال القاضي.
،------كتاب الموضوعات ،المدينة المنورة :المكتبة السلفية، 52
الطبعة الولى1376 ،ه 1966 -م ،تحقيق :عبدالرحمن محمد
عثمان.
،------كشف النقاب عن السماء واللقاب ،عجمان، 53
الشارقة :مؤسسة علوم القرآن ،دمشق ،بيروت :دار ابن
كثير ،الطبعة الرابعة1414 ،ه – 1993م.
،------المنتظم في تاريخ المم والملوك ،بيروت :دار الكتب 54
العلمية ،الطبعة الولى1412 ،ه – 1992م ،تحقيق :محمد
عبدالقادر عطا ،مصطفى عبدالقادر عطا.
382
،------تعجيل المنفعة بزوائد رجال الئمة الربعة ،بيروت: 65
دار الكتاب العربي.
،------تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، 66
بيروت :دار الكتب العلمية1405 ،ه 1984م ،الطبعة
الولى ،تحقيق :د .عبدالغفار سليمان البنداري ،الستاذ محمد
أحمد عبدالعزيز.
،------تقري ب التهذيب ،دمشق :دار القلم ،القاهرة :دار 67
السلم ،حلب :دار الرشيد ،الطبعة الرابعة1412 ،ه –
1992م ،تحقيق :محمد عوامة.
،------التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، 68
دار المعرفة ،تحقيق :السيد عبدال هاشم اليماني المدني.
،------تهذيب التهذيب ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة 69
الولى1415 ،ه – 1994م ،تحقيق :مصطفى عبدالقادر
عطا.
،------فت ح البار ي بشر ح صحي ح البخاري ،بيروت :دار 70
الفكر1414 ،ه – 1993م.
،------لسان الميزان ،بيروت :دار إحياء التراث العربي، 71
الطبعة الولى1416 ،ه – 1995م ،إشراف :محمد
عبدالرحمن المرعشلي.
،------مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند 72
أحمد ،بيروت :مؤسسة الكتب الثقافية ،الطبعة الولى،
1412ه 1992-م ،تحقيق :صبري بن عبدالخالق أبو ذر.
،------ن زهة اللباب في اللقاب ،الرياض :مكتبة الرشد، 73
الطبعة الولى1409 ،ه 1989 -م ،تحقيق :عبدالعزيز بن
محمد بن صالح السديري.
383
ابن أبي الحديد ،عبدالحميد بن هبة ال )ت 655أو 656ه / 74
1258 ،1257م( ،شرح نهج البلغة ،بيروت :دار الجيل،
الطبعة الولى1407 ،ه – 1987م ،تحقيق :محمد أبو الفضل
إبراهيم.
ابن حزم ،علي بن أحمد الندلسي )ت 456ه 1064 /م(، 75
جمهرة أنساب العرب ،بيروت :دار الكتب العلمية1983 ،م.
384
الحميدي ،عبدال بن الزبير ،المسند ،بيروت :عالم الكتب، 82
1381ه ،تحقيق :حبيب الرحمن العظمي.
الحميري ،محمد بن عبدالمنعم )عاش قبل مطلع القرن التاسع 83
الهجري( ،الروض المعطار في خبر القطار ،بيروت :مكتبة
لبنان ،الطبعة الثانية1984 ،م ،تحقيق :د .إحسان عباس.
ابن حنبل ،أحمد بن محمد بن حنبل )ت 241ه 855/م( ،مسند 84
المام أحمد بن حنبل ،بيروت :دار صادر.
الخضري ،محمد ،محاضرا ت ف ي تاري خ الم م السلمية: 85
الدولة الموية ،بيروت :دار المعرفة ،الطبعة الولى،
1416ه 1995-م.
الخطيب ،أحمد بن علي بن ثابت )ت 463ه 1071 /م(، 86
تاريخ بغداد أو مدينة السلم منذ تأسيسها حتى سنة 463ه ،
بيروت :دار الفكر العلمية.
ابن خلدون ،عبدالرحمن بن خلدون )ت 808ه 1406 /م(، 87
مقدمة ابن خلدون ،وهي الجزء الول من كتاب العبر وديوان
المبتد أ والخب ر ف ي أيا م العر ب والعج م والبربر ،بيروت:
مؤسسة العلمي للمطبوعات.
ابن خلكان ،أحمد بن محمد بن أبي بكر خلكان )ت 681ه / 88
1282م( ،وفيات العيان وأنباء أبناء الزمان ،بيروت :دار
صادر1398 ،ه – 1978م ،تحقيق :إحسان عباس.
خليفات ،عوض ،نشأة الحركة الباضية.1978 ، 89
387
السلمي ،تحقيق :نور الدين عتر.
،------ميزان العتدال في نقد الرجال ،مكة المكرمة :مكتبة 110
دار الباز ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى،
1416ه – 1995م ،تحقيق :علي محمد معوض ،عادل أحمد
عبد الموجود ،د .عبدالفتاح أبو سنة.
الربيع بن حبيب )ت بين 180 – 175ه 796-791/م(، 111
الجامع الصحيح :مسند المام الربيع بن حبيب ،بيروت :دار
الفتح ،روي )مسقط( :مكتبة الستقامة.
رضا ،علء الدين علي ،نهاية الغتباط بمن رمي من الرواة 112
بالختلط ،وهو دراسة وتحقيق وزيادات في التراجم على
كتاب "الغتباط بمن رمي بالختلط" للمام برهان الدين أبي
إسحاق إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي )ت
841ه 1435 /م( ،بيروت :دار المعرفة ،الطبعة الولى،
1408ه – 1988م.
روزنث ال ،فران ز ،عل م التاري خ عن د المس لمين ،بغ داد: 113
مكتب ة المثن ى1963 ،م ،ترجم ة :د .صالح أحمد العلي،
مراجعة محمد توفيق حسين.
الزبيدي ،محمد مرتضى ،تاج العروس من جواهر القاموس، 114
بيروت :دار مكتبة الحياة ،الطبعة الولى1306 ،ه .
الزحيلي ،وهبة ،آثار الحرب في الفقه السلمي :دراسة 115
مقارنة ،دمشق :دار الفكر ،الطبعة الرابعة1992 ،م.
أبو زرعة ،عبيدال بن عبدالكريم الرازي )ت 264ه / 116
877م) ،كتا ب الضعفاء ،مطبوع ضمن كتاب "أب و زرعة
الرازي وجهوده في السنة النبوية " للدكتور سعدي الهاشمي،
المدينة المنورة :دار الوفاء ،الطبعة الثانية1409 ،ه –
1989م.
388
الزركلي ،خير الدين ،العلم :قاموس تراجم لشهر الرجال 117
والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ،بيروت :دار
العلم للمليين ،الطبعة العاشرة.1992 ،
الزهري ،محمد بن مسلم ابن شهاب )ت 124ه / 118
742م(،المغازي النبوية ،دمشق :دار الفكر1401 ،ه -
1981م،تحقيق:د.سهيل زكار.
الزمخشري ،محمود بن عمر )ت 538ه 1143 /م( ،أساس 119
البلغة ،بيروت :دار النفائس ،الطبعة الولى1412 ،ه –
1992م.
السالمي ،محمد بن عبدال )ت 1332ه 1914/م( ،تحفة 120
العيان بسيرة أهل عمان ،مسقط :مكتبة الستقامة.
389
السل م وشرائ ع الدين ،بيروت :دار صادر1406 ،ه –
1986م ،تحقيق :فيريز شفارتز ،سالم بن يعقوب.
السيوطي ،عبدالرحمن بن أبي بكر )ت 911ه 1505/م( لب 127
اللبا ب ف ي تحري ر النساب ،بيروت :دار الكتب العلمية،
الطبعة الولى1411 ،ه 1991 -م ،تحقيق :محمد أحمد
عبدالعزيز ،أشرف أحمد بن عبدالعزيز.
الشاشي ،الهيثم بن كليب )ت 335ه 946/م( ،مسند الشاشي، 128
المدينة المنورة :مكتبة العلوم والحكم ،الطبعة الولى،
1410ه ،تحقيق :د .محفوظ الرحمن زين ال.
شاكر مصطفى ،التاري خ العرب ي والمؤرخون ،دراس ة في 129
تطور علم التاريخ ومعرفة رجاله في السلم ،بيروت :دار
العلم للمليين ،الطبعة الثالثة1983 ،م.
شرف ،محمد جلل ،نشأ ة الفك ر السياس ي وتطور ه في 130
السلم ،بيروت :دار النهضة العربية1982 ،م.
393
بك ر الهيثم ي وتق ي الدي ن أب ي الحس ن عل ي ب ن عبدالكافي
السبكي ،مع زيادة للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلني،
المدينة المنورة :مكتبة الدار ،الطبعة الولى1405 ،ه -
1985م ،دراسة وتحقيق :عبدالعليم عبدالعظيم البستوي.
ابن عدي ،عبدال بن عدي الجرجاني )ت 365ه 975/م(، 160
الكامل في ضعفاء الرجال ،بيروت :دار الفكر ،الطبعة الثالثة،
1988م ،تحقيق :د .سهيل زكار ،يحيى مختار غزاوي.
ابن عراق ،علي بن محمد بن عراق الكناني )ت 963ه / 161
1555م( ،تن زي ه الشريع ة المرفوع ة ع ن الخبا ر الشنيعة
الموضوعة ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة الثانية،
1401ه – ، 1981تحقيق :عبدالوهاب عبداللطيف ،عبدال
محمد الصديق.
العراقي ،أحمد بن عبدالرحيم )ت 826ه 1422/م( ،المستفاد 162
من مبهمات المتن والسناد ،المنصورة :دار الوفاء ،الطبعة:
الثانية1414 ،ه – 1994م ،تحقيق :عبدالرحمن عبدالحميد
البر.
أبو العرب ،محمد بن أحمد بن تميم التميمي )ت 333ه / 163
944م( ،كتاب المحن ،بيروت :دار الغرب السلمي ،الطبعة
الولى1403 ،ه – 1983م ،تحقيق :د .يحيى وهيب
الجبوري.
395
1ه 906-ه 622 /م1500-م ،بغداد :الطبعة الثانية.1985 ،
،------طبيعة الدعوة العباسية 98ه 716/م – 132ه 749/م، 175
بيروت :دار الرشاد ،الطبعة الولى 1389ه 1970-م.
العمري ،أكرم ضياء ،عصر الخلفة الراشدة ،محاولة لنقد 176
الرواي ة التاريخي ة وف ق مناه ج المحدثين ،الرياض :مكتبة
العبيكان ،الطبعة الولى1416 ،ه – 1996م.
العيني ،محمود بن أحمد )ت 855ه 1451/م( ،عمدة القاري 177
شرح صحيح البخاري ،بيروت :دار إحياء التراث العربي.
398
1415ه – 1995م.
،------مرو ج الذه ب ومعاد ن الجوهر ،بيروت :المكتبة 201
العصرية1408 ،ه – 1988م ،تحقيق :محمد محيي الدين
عبدالحميد.
معروف ،أحمد سليمان ،قراء ة جديد ة ف ي مواق ف الخوارج 202
وفكرهم وأدبهم ،دمشق :دار طلس ،الطبعة الولى1988 ،م.
399
الولى1411 ،ه – 1991م ،تحقيق :محمد اليعلوي.
ابن المنذر ،محمد بن إبراهيم بن المنذر مسلم )ت 318ه / 210
930م( ،القناع ،القاهرة :دار الحديث ،الطبعة الولى،
1415ه – 1994م ،تحقيق :أيمن صالح شعبان.
ابن منصور ،سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المكي 211
)ت 227ه 841/م( ،سن ن سعي د ب ن منصور ،بيروت :دار
الكتب العلمية ،الطبعة الولى1405 ،ه 1985 -م ،تحقيق:
حبيب الرحمن العظمي.
ابن منظور ،محمد بن مكرم بن منظور الفريقي المصري، 212
لسان العرب ،بيروت :دار صادر.
المنقري ،نصر بن مزاحم )ت 212ه 827 /م( ،وقعة صفين، 213
بيروت :دار الجيل ،الطبعة الثالثة1410 ،ه – 1990م،
تحقيق :عبدالسلم هارون.
الموسوي ،عبدالحسين شرف الدين ،المراجعات ،بيروت :دار 214
التعارف ،الطبعة الثامنة عشر1398 ،ه 1978-م.
النجار ،عامر ،الباضية ومدى صلتها بالخوارج ،القاهرة :دار 215
المعارف.1993 ،
ابن النديم ،محمد بن اسحاق ،الفهرست ،بيروت :دار 216
المعرفة ،الطبعة الولى1415 ،ه – 1994م ،تحقيق :الشيخ
إبراهيم رمضان.
النسائي ،أحمد بن شعيب )ت 303ه 916/م( ،خصائص أمير 217
المؤمنين علي بن أبي طالب كرم ال وجهه ،بيروت :دار
مكتبة التربية1987 ،م.
،------السنن الكبرى ،بيروت :دار الكتب العلمية ،الطبعة 218
الولى1411 ،ه – 1991م ،تحقيق :د .عبدالغفار سليمان
400
البنداري ،سيد كروي حسن.
،------سنن النسائي بشرح الحافظ جلل الدين السيوطي، 219
وحاشية المام السندي ،حلب :مكتبة المطبوعات السلمية،
الطبعة الرابعة ،بيروت1414 :ه – ،1994تحقيق:
عبدالفتاح أبو غدة.
،------كتاب الضعفاء والمتروكين ،بيروت :مؤسسة الكتب 220
الثقافية ،الطبعة الثانية1407 ،ه 1987-م ،تحقيق :بوران
الضاوي ،كمال يوسف الحوت.
401
والمعجم الصغير للطبراني" ،الرياض :مكتبة الرشد ،الطبعة
الثانية1415 ،ه 1995-م ،تحقيق :عبدالقدوس ابن محمد
نذير.
،------مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ،القاهرة :دار الريان، 227
بيروت :دار الكتاب العربي1407 ،ه 1987-م.
الوردي ،علي ،وعاظ السلطين :رأي صريح في تاريخ الفكر 228
السلم ي ف ي ضو ء المنط ق الحديث ،بيروت :دار كوفان،
الطبعة الثانية1995 ،م.
ابن وضاح ،محمد وضاح القرطبي )ت 287ه 900/م( ،كتاب 229
في ه م ا جا ء ف ي البدع ،الرياض :دار الصيمعي ،الطبعة
الولى1416 ،ه – 1996م.
اليعقوبي ،أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح 230
)ت 284أو 292ه 905 ، 897 /م( ،تاريخ اليعقوبي ،بيروت:
دار صادر1412 ،ه – 1992م.
أبو يعلى ،أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي )ت 231
307ه 919/م( ،مسند أبي يعلى الموصلي ،دمشق ،بيروت:
دار المأمون للتراث ،الطبعة الثانية1410 ،ه 1989 -م،
تحقيق :حسين سليم أسد.
اليوسي ،الحسن بن مسعود )ت 1102ه 1690/م( ،رسائل 232
اليوسي ،الدار البيضاء )المغرب( :دار الثقافة ،الطبعة
الولى1401 ،ه 1981 -م ،جمع وتحقيق ودراسة :فاطمة
خليل القبلي.
402
الرسائل الجامعية:
.231أبو داود ،سامي صقر ،المام جابر بن زيد الزدي (ت 93ه 711/م)
وأثر ه ف ي الحيا ة الفكري ة والسياسية :دراس ة تاريخية ،رسالة ماجستير،
جامعة آل البيت.
.232الشريف ،ديب سعيدديب الشريف ،نشأ ة حرك ة الخوار ج وتطور
حركاتهم المتطرفة حتى نهاية خلفة عبدالملك بن مروا ن 37ه 86-ه ،
رسالة ماجستير ،الجامعة الردنية.
.233صالح ،سعيد صالح موسى خليل ،المام ة والسياس ة لمؤل ف من
القرن الثالث الهجري ،رسالة ماجستير ،الجامعة الردنية ،كلية الداب.
الت: المق
المخطوطات:
403
. 237الزكوي ،سرحان بن عمر بن سعيد السرحني ،كشف الغمة الجامع
لخبار المة ،محفوظ بمكتبة وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان،
الرقم العام .58
.238ابن بركة ،عبدال بن محمد بن بركة )توفي في النصف الول من
القرن الرابع الهجري( ،كتاب التقييد ،محفوظ بمكتبة الشيخ زهران بن
خميس المسعودي الخاصة بسلطنة عمان -الرستاق.
. 239أبو الشعثاء ،جابر بن زيد الزدي )ت 93ه 711/م( ،رسائل المام
جابر ابن زيد ،محفوظة بمكتبة الشيخ سالم بن يعقوب بجربة -تونس،
نسخة مصورة عن الصل بمكتبة سامي صقر أبو داود ،الزرقاء -
الردن.
. 240ابن عساكر ،علي بن الحسن بن هبة ال بن عبدال الشافعي )ت
571ه 1175/م( ،تاريخ مدينة دمشق وذكر فضائلها وتسمية من حلها
من الماثل ومن اجتاز نواصيها من وارديها وأَهلّ ،نسخة مصورة من
المكتبة الظاهرية بدمشق ،محفوظة بالمكتبة الهاشمية بجامعة آل البيت.
.241مجموعة من العلماء ،السير والجوابات ،نسخة أولى محفوظة بمكتبة
الشيخ ناصر ابن راشد بن سليمان الخروصي بولية العوابي بسلطنة عمان
)نسخة مصورة عن الصل( .ونسخة أخرى بمكتبة مسجد جامعة السلطان
قابوس رقم .549
404
405
A B S T R A C T
406
verified the killing of Khabbab bin Al-Arat by Al-Nahrawan people
and dealing with their opponents. This section also dealt with the
penance that expels out of the sect (mellat) which is allegedly
attributed to Al-Nahrawan people as one of the judgements that they
used with their opponents, and the validity of this attribution.
The Second chapter of this part is entitled Al-Khawarej (Kharijites)
divided into four sec2tions.
Section One: Beginning of the term Kharijites “Al-Khawarej”. Where
I tried to tackle the term and specify when it started and became a term
of fixed usher.
Section Two: Entitled “The Meaning of Kharijites, where I analyzed
this term lexically and idiomatically including the dimensions of this
term.
Section Three: I discussed the opinions of Kharijites, whether those
agreed upon by all Kharijites or by some of them exclusively than
others.
Section Four: I discussed the four main sects of Kharijites, and stated
the relevance between each of them and Kharijites. Those sects are
Azareqah, Najdat, Sufrieh and Ibadieh.
Part Two: “Hadith’s reported by Kharijites and Study”. Divided into a
preface and eight chapters. Each chapter studied a Hadith and divided
into three sections. The first section discusses the interpretation of
Hadith, the second discusses Asaneed (sources) and the third discusses
Matn (text).
Those Hadith’s are:
1st. Hadith of Morouq (Apostasy) and the text in some wordings:
“People will come out that you will dishonor praying, fasting and
working with them. They read Quran, but does not exceed their
throats. They pass through religion as the arrow passes through the
target”.
2nd. Hadith of Mokhaddaj or thil Yudayyah or thil Thudayyah: Which is
addition in some methods of Hadith of Apostasy that include the
description of Mokhaddaj, in the wordings: “Their sign is a black
man, one of his brachiums is like a fist that jerks, they come out in a
period of people’s weakness.”
407
3rd. Hadith of Shaytan Al-Radha (Satan of Radha): the wordings in
some methods as reported by Sa’ad bin Abi Waqqas: The prophet (may
peace be upon him) mentioned him and said: Satan of Radha is the
mountain’s shepherd or horses’ shepherd that a man of bajeelah called
al-Ashhab or ibn al-Ashhab drags him down, and he is a sign among
oppressive people.”
4th. Hadith of the worshipper whom the prophet ordered to kill. The
wordings in some aspects according Anas bin Malek, said: during the
era of the prophet there was a man whom we liked his worshipping
and endeavor, we introduced him to the prophet, but he did not
recognize him. Meanwhile, the man appeared. We said: This is the
man, the prophet said: “you are telling about a man with a scorch of
Satan”, then he came, stood among them, and did not greet them. The
prophet asked: “By the name of God, the time you stood among them,
didn’t you say that none here is better than yourself?” The man said:
By God, yes, then he entered to pray. The prophet said: “who kills this
man?” Abu Bakr said: me, then he entered and found him praying, and
said: glory to God, I cannot kill a man praying and the prophet ordered
us no to do so, then left. The prophet asked him: What did you do?
Abu Bakr said: I couldn’t kill him and you prohibited us from killing a
man praying. The prophet said: “Who kills this man?” Omar said: me,
then he entered and found him in prostration, and said: Abu Bakr is
better than me, and left. The prophet asked him: What? Omar said: I
found him in prostration to God and I hated to kill him. The prophet
said: “Who kills this man?” Ali said: me, and the prophet said: “If you
catch him!”, then he entered and found him out. The prophet said: “If
he was killed, none of my people would ever disagree”. Mousa bin
Obaidah said: I heard Mohammed bin Ka’b saying: “He is the one
killed by Ali; thul Thudayyah”.
5th. Hadith of Imam Ali: “Ayesha bint Abi Bakr knew that Al-
Nahrawan people are cursed by the tongue of Prophet Mohammed
(May peace be upon him)”.
6th. Hadith of Imam Ali: “I was ordered to fight the faithless, unjust
and apostates”.
7th. Hadith of: “An apostate group comes out of two groups among my
people, the closest to truth will kill the apostate”.
8th. Hadith of: “Kharijites are the dogs of hell”.
- The conclusion covered the results of the study as follows:
408
1. Among Al-Nahrawan people or the opponents of arbitration, there
are escorts of the prophet, the sources agree on three of them: Zaid bin
Hisn Al-Ta’i, Harqous bin Zuhair Al-Sa’di and he is other than thil
Khuwaiserah, al-Mukhaddaj and al-Kherreet bin Rashed al-Sami al-
Naji.
2. What is correct about arbitration case with his opponents, and what
has been attributed to ibn Abbas that he is their opponent at Haraura’,
is not established.
3. Al-Nahrawan people did not agree on killing Abdullah bin
Khabbab, but he was killed by one of those who joined them later,
Mas’ar bin Fadki Al-Tamimi, and Al-Nahrawan people exiled him.
4. Attributance of penance to Al-Nahrawan people is not proven, and
if established, then it is meant disobedience as it was mentioned in
Quran and the Prophetic Sunnah, and the reason for the second
orientation is that giving the judgement of penance on opponents was
used during Azareqa era, 64 Hijri.
5. The term “Khawarej” Kharijites came after Azareqa during 64 Hijri,
and arouse during 72 Hijri.
6. The terminological meaning of Khawarej is limited for those who
judge their opponents with polytheism or penance that expels out of
the mellat which consequently led to the permission of killing; which
means killing the opponents and dealing with them as polytheists.
7. Mohakkema conclude the following opinions:
a. Denial of arbitration.
b. Permission to give imamate (leadership) to other than
Quraishians.
c. Permission to go against the unjust scholars.
d. Judge those who go against ummah (people) as infidels, but as
infidels of the grace of God till 64 Hijri, but later only Ibadieh
committed with that.
8. Killing of Imam Ali by Abdul Rahman bin Muljem was not set by
Mohakkema.
9. Sects that might be related to Kharijites are Azareqa, Najadat and
Sufriah, but not Ibadiah, because the three sects adopted the judgement
409
on opponents with polytheism that expels out of mellat, but Ibadiah
deal with their opponents as any Moslems in all aspects.
10. It has been established through Hadith’s that talk -direct or
indirect- about Kharijites, that the Hadith of Morouq, has been
confirmed by ten of the escorts.
11. Hadith of Morouq can be applied on Kharijites who came after 64
Hijri, as it matches with their description, which appeared in “no
worshipping with deviance” in some verses of the Holy Koran and
Sharia texts pertaining to polytheism by directing them to ahlul Qibla,
which leads to permission of killing them according to what was
mentioned in some of the wordings of this Hadith: “they kill the
people of Islam and let the people of idols”. This judgement also
applies on whoever adopts an outside notion, earlier or recently.
12. Hadith of Mokhaddaj cannot be true from the prophet, and is an
addition.
13. Hadith of Satan of Radha is munkar (rejected).
14. Hadith of the worshipper is weak.
15. Hadith of Imam Ali: “Ayesha bint Abi Bakr knew that Al-
Nahrawan people are cursed by the prophet”, is weak.
16. Hadith of Imam Ali: “I was ordered to fight the faithless, unjust
and apostates”, is a composed Hadith.
17. Hadith of “An apostate group comes out of two groups among my
people, the closest to truth will kill the apostate” is true in some
asaneed but did not mention specific people. It is not true with the
addition.
18. Hadith of “Kharijites are the dogs of hell” is not true to be related
to the prophet, and is dedicated to Abi Umamah al-Baheli Sadi bin
Ajlan.
410