You are on page 1of 19

‫‪19 / 1‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫بعض الخطاء‬
‫الواقعة في الزواج‬
‫‪1‬‬
‫ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‪ ،‬المد ل على آياته الظاهرة‪ ،‬وهِباته الغامرة‪ ،‬أحده‪-‬تعال‪-‬با هو له أهلٌ مِن‬
‫المد وأُثني عليه‪ ،‬وأستغفره مِن جيع الذنوب وأتوب إليه‪ ،‬وأومن به وأتوكّل عليه‪ ،‬مَن يهده ال فل مضلّ له‬
‫ومَن يُضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد ألّ إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬خلق فسوّى وقدّر فهدى‪ ،‬وله الخرة‬
‫والول‪ ،‬وأشهد أنّ سيدنا ونبينا ممدا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله ال بالطريقة السوَاء‪ ،‬والشريعة السمحاء‪،‬‬
‫والـمِلّة النيفِية البيضاء‪ ،‬فبلّغ رسالة ربّه‪ ،‬وأدّى أمانته‪ ،‬ونصح المّة وكشف ال به الغمّة‪ ،‬وجاهد ف‬
‫سبيل ال‪ ،‬ودعا إليه بالكمة والوعظة السنة حت أتاه اليقي‪ ،‬صلّى ال وسلّم عليه وعلى آله وصحبه أجعي‬
‫وعلى تابعيهم بإحسان إل يوم الدّين‪ ،‬أما بعد‪ :‬فالسلم عليكم‪-‬أيها الشايخ الكرام والإخوة العزّة والبناء‬
‫النجباء‪-‬ورحة ال وبركاته ‪ ..‬أحيّيكم بذه التحية ‪ ..‬تية اليان النابعة مِن أعماق النفس‪ ،‬وأهنّئكم بمعكم‬
‫هذا ف هذا السجد الكري سائل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يَغمُرنا برحاته‪ ،‬وأن يَمنّ علينا بألْطافه‪ ،‬وأن يَجعل‬
‫جعنا هذا جعا مرحوما‪ ،‬وأن يعل تفرّقنا مِن بعده تفرّقا معصوما‪ ،‬وألّ يعل فينا ول منّا ول معنا شقيا ول‬
‫مروما‪.‬‬
‫هذا وإنه لَمِمّا يُضاعِف بجة هذا اللقاء أن يكون لقاؤنا هذا تت مظلّة كتاب ال ‪ ..‬الكتابِ الق‪،‬‬
‫ِإنّا نَحْنُ َنزّْلنَا الذّ ْك َر وَإِنّا َلهُ‬ ‫الذي حفظه ال مِن التحريف والتبديل‪ ،‬وصانه مِن أن تَطولَه أيدي العابثي‪:‬‬
‫[ سورة الجر‪ ،‬الية‪ ،] 9 :‬وأن يكون لقاؤنا هذا مِن أجْل تكري حلة القرآن مِن الناشئة الديدة‪ ،‬الت‬ ‫لَحَافِظُونَ‬
‫نشأتْ على عيْن ال مِن أجْل الفاظ على كتابه الكري‪ ،‬والفاظ على تعاليمه السمحة‪ ،‬ومِن أجل السيْر‬
‫بالدعوة قُدُمًا‪ ،‬حت تُؤدّيَ بشيئة ال الطلوبَ مِن قِبَلِها‪.‬‬
‫وبا أننا نتفيّأ ظِلل كتاب ال الوارفة ونتبوّأ هذا الكان الطيّب ‪ ..‬هذا السجدَ الشريف مِن أجل‬
‫تدارُس ما ينفعُنا ف دين ال فإننا‪-‬حسْب رغْبة بعض الإخْوَة‪-‬نتطرّق ف لقائنا هذا لبعض الخطاء الت يقع‬

‫‪-1‬أصل هذه الحاضَرة‪-‬مع ما أعقبها مِن إجابة على السئلة‪-‬ف تسجيل سعي بصوت الشيخ‪ ،‬لذلك فأسلوب الشيخ هنا هو أسلوب‬
‫اللقاء‪ ،‬وليس التحرير؛ وقد نشرَتا تسجيلت " اللل السلمية "‪-‬بعُمان‪-‬تت عنوان " وقفات حول الزواج العاصر " ف جزأين‪.‬‬
‫‪19 / 2‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫فيها كثي مِن الناس نتيجة عدم إلْمامهم بعارف القرآن الكري ومعارف السّنة النبوية‪-‬على صاحبها أفضل‬
‫الصلة والسلم‪-‬وعدم اطّلعهم على أحكام ال مِن خلل دراسة شريعته السمحة وهذه الخطاء تدور حول‬
‫قضية مهمّة ‪ ..‬قضية تشغل بال كل أحد وهي قضية الزواج الذي هو ربط مصي بصي‪ ،‬لنّ ال كرّم‬
‫النسان تكريا مع ما جعل ف نفسه مِن اليل الفطري إل النس الخر‪ ،‬فكل مِن الذكر والنثى يَميل بفطرته إل‬
‫النس الخر ول يستغن بال مِن الحوال‪ ،‬فإما أن يُلَبّى داعي الفطْرة بالطرق السليمة‪ ،‬وإما أن يُؤدّيَ‬
‫ذلك‪-‬والعياذ بال‪-‬إل انفجار تتلشى معه الخلق وتتحطّم معه الفضائل‪ ،‬لذلك كان تأطير الزواج ف إطارٍ مِن‬
‫أحكام ال مطلبا شرعيا مدنِيا ل يَستغن عنه أيّ إنسان كان‪.‬‬
‫ول ريب أنّ الزّواج جعله ال مِن تكري هذا الخلوق‪ ،‬إذ ل يكن هذا اللقاء الفطْري بيْن نوعيه‪-‬بي‬
‫الذكر والنثى‪-‬غيْر مقيّد بقيود معينة وغيْر مضبوط بضوابط شرعية‪ ،‬كما هو شأن اليوانات العجماء‪ ،‬بل جعل‬
‫ال هذا اللقاء يتمّ ف إطارٍ مِن القيود الجتماعية واللقية الت ميّز ال بِها النسان‪ ،‬وجعل مِن ثاره‬
‫امتدادَ هذا النس البشري مع تسلسل الجيال جيل بعد جيل‪-‬كحلقات ف سلسلة واحدة‪-‬يُشَدّ كل جيل‬
‫منها إل الجيال السابقة ‪ ..‬هذا التكري شاء ال أن يَختَصّ به النسان‪ ،‬لنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬جعله خليفةً‬
‫ف الرض‪ ،‬ولنّ النسان بطبيعته يَرغب ف أن يكون له امتدادٌ بعد فَنائه‪ ،‬وكل إنسانٍ له عمرٌ مدود ف هذه‬
‫الياة إل أنّ هذا المتداد جعله ال ف الذرية الت تَتعاقَب جيل بعد جيل‪ ،‬فالنسان يُحسّ أنه بانتقاله إل‬
‫الدار الخرة ل يَنقطِع وجودُه ف هذه الدنيا متمثّل هذا الوجود ف الذرية الصالة التعاقِبة‪ ،‬فقد امتّ ال‬
‫يَا أَّيهَا النّاسُ اّتقُوا رَبّ ُكمُ اّلذِي َخ َلقَكُم مّن ّن ْفسٍ وَا ِحدَةٍ‬ ‫على عباده بنعمة الزواج وبنعمة الذرية‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من‬ ‫ل اّلذِي تَسَاءلُونَ ِبهِ وَا َلرْحَامَ ‪...‬‬
‫ث مِ ْنهُمَا رِجَالً كَثِيًا وَنِسَاء وَاّتقُوا ا َ‬
‫وَ َخلَ َق مِ ْنهَا َزوْ َجهَا وََب ّ‬
‫َومِنْ آيَاِتهِ أَنْ َخلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِ ُكمْ َأ ْزوَاجًا لّتَسْكُنُوا ِإلَ ْيهَا وَ َجعَ َل بَيْنَكُم ّم َودّةً‬ ‫الية‪ ،] 1 :‬ويقول سبحانه‪:‬‬
‫وَالُ َجعَلَ لَكُم‬ ‫َورَحْ َمةً إِ ّن فِي ذَِلكَ ليَاتٍ ّل َقوْمٍ يََتفَ ّكرُو َن [ سورة الروم‪ ،‬الية‪ ،] 21 :‬ويقول عزّ مِن قائل‪:‬‬
‫[ سورة النحل‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫ي وَ َح َفدَ ًة َو َر َزقَكُم مّنَ الطّيّبَاتِ ‪...‬‬
‫مّنْ أَنفُسِكُمْ َأ ْزوَاجًا وَ َجعَلَ َلكُم مّنْ َأ ْزوَا ِجكُم بَنِ َ‬
‫‪ ،] 72‬كلّ ذلك يَدعو النسان إل أن يُفكّر ف هذه اللء العظيمة الغامرة مِن آلء ال وأن يَحرِص دائما‬
‫على الرتباط بأحكام ال الذي أنعم عليه با‪.‬‬
‫والزواج‪-‬كما قلنا‪-‬مطلب فطري مدن اجتماعي‪ ،‬باعِثُهُ كامِ ٌن ف فطْرة كلّ أحد مِن الناس خلقه ال‬
‫سليما‪ ،‬وهو بانب ذلك مطلب مدن اجتماعي‪-‬كما قلنا‪-‬لنّ الدنية تتوقّف عليه‪ ،‬ومِن آيات ال‪-‬تعال‪-‬‬
‫الظاهرة أن جَعل النسان يَتميّز عن غيه مِن اليوانات بأن جَعل اليوان يَشتهي بقدر قوّته فقط‪ ،‬بينما‬
‫النسان رغبتُه ف النس الخر تفُوق قوّته‪ ،‬وما ذلك إل لجل أن تكون حياة النسان حياة مدنية‪.‬‬
‫وقد أُطّرَ هذا اللقاء بي الزوجي ف هذا الطار الشرعي الذي فيه التكري البالِغ للنسان بِكِلا نوعيه‬
‫وَأَنكِحُوا‬ ‫‪ ..‬فيه التكري للذكر وللنثى‪ ،‬فال أوّل‪-‬قبل كل شيء‪-‬حضّ على الزواج‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬
‫[ سورة النور‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫ض ِلهِ ‪...‬‬
‫ل مِن َف ْ‬
‫ي مِنْ عِبَادِ ُكمْ َوِإمَائِ ُكمْ إِن يَكُونُوا فُ َقرَاء ُيغِْن ِهمُ ا ُ‬
‫الَيَامَى مِن ُكمْ وَالصّالِحِ َ‬
‫‪ ،] 32‬وجاء ذلك ف حديث رسول ال عندما يقول عليه أفضل الصلة والسلم‪ ( :‬يا معشر الشباب مَن‬
‫‪19 / 3‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫استطاع منكم الباءة فليتزوّج فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج ومَن ل يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء )‪،‬‬
‫وف معرض الثّ على ابتغاء الولَد يقول الرسول ‪ ( :‬تزوّجوا الودود الولود فإنّي مكاثِر بكم المم يوم‬
‫القيامة )‪.‬‬
‫ونَجد ف كتاب ال أيضا ما يدلّ إل أنّ ولِيّ الرأة ل يوز له‪-‬بال مِن الحوال‪-‬أن يقف عائقا ف‬
‫ضلُوهُنّ أَن يَن ِكحْنَ‬
‫ل َتعْ ُ‬
‫وَِإذَا َطلّقُْتمُ النّسَاء فََب َلغْنَ أَ َج َلهُنّ فَ َ‬ ‫وجْه تَحصينها بالزواج‪ ،‬فهو سبحانه يقول‪:‬‬
‫ل وَاْلَي ْومِ ال ِخرِ ذَِل ُكمْ َأزْكَى لَ ُكمْ‬
‫ضوْا بَيَْنهُم بِالْ َم ْعرُوفِ ذَِلكَ يُو َعظُ ِبهِ مَن كَا َن مِن ُكمْ ُي ْؤمِنُ بِا ِ‬
‫َأ ْزوَا َجهُنّ ِإذَا َترَا َ‬
‫ل َي ْع َلمُ وَأَنُتمْ لَ َت ْعلَمُو َن [ سورة البقرة‪ ،‬الية‪ ،] 232 :‬تَرَوْنَ أنّ ال ف هذه الية الكرية يُخاطِب‬
‫َوأَ ْطهَ ُر وَا ُ‬
‫أولياء أمور النساء بألّ يَقِفوا سدّا ف طريق رغْبتهنّ دون الوصول إل تلك الرّغْبَة مِن نكاح أزواجهنّ وهي‬
‫وإن كانت ف الطلّقات اللت يَرغبْن ف الرجوع إل أزواجهنّ بعد أن تنتهي الدّة القرّرة للعتداد الشرعي‬
‫منهم إل أنّ معناها يَشمَل كلّ ولِيّ يَقف ف وجه ولِيّته لئلّ تَتزوّج‪ ،‬وف مَع ِرضِ هذا المر الربان يُبيّن‬
‫ال أنّ هذه الوعظة هي موجّهة إل كلّ مَن كان يؤمِن بال واليوم الخر‪ ،‬ومعن ذلك أَنه مَن ل يَتّعِظ با‬
‫َومَا كَانَ‬ ‫فليس هو مِن الذين يُؤمِنون بال واليوم الخر‪ ،‬لنه خالَف إيانه ف عدم الامتثال لمر ال سبحانه‪:‬‬
‫ل َورَسُوَلهُ َف َقدْ ضَلّ‬
‫خَيرَ ُة مِنْ َأ ْمرِ ِه ْم َومَن َيعْصِ ا َ‬
‫ل َورَسُوُلهُ َأ ْمرًا أَن يَكُونَ َل ُهمُ الْ ِ‬
‫لِ ُم ْؤمِنٍ وَل ُم ْؤمِنَةٍ ِإذَا َقضَى ا ُ‬
‫ضَلل مّبِينًا [ سورة الحزاب‪ ،‬الية‪.] 36 :‬‬
‫ث إننا نَجِد ف أحاديث رسول ال ما يَدلّ بأنّ للمرأة الق ف اختيار شريك حياتِها‪ ،‬فالرسول‪-‬عليه‬
‫أفضل الصلة والسلم‪-‬يقول‪ ( :‬الثيّب أحقّ بنفسها مِن ولِيّها‪ ،‬والبِكْر تُستأذَن ف نفسها‪ ،‬وإِذنُها صُماتُها‬
‫)‪ ،‬وهنا تَتجلّى عظمة السلم واستجابته لداعي الفطْرة‪ ،‬فإنّ السلم النيف يُنِل كلّ شيءٍ مَنلتَه‪ ،‬فالرأة‬
‫قد تَختلِف ف وضْعها بيْن حالة كونا بِكْرًا وحالة كونِها ثَيّبًا‪ ،‬أما الثَيّب فقد مارسَتْ الياة وجَرّبَت‬
‫المور ولذلك كانت أحقّ بنفسها مِن ولِيِّها‪ ،‬وإنّما ولِيّها يَأذَن بالزواج الشرعي الائز عندما تَخْتَار هي‬
‫شريكَ حياتِها‪ ،‬أما البِكْر فهي بلف ذلك وإنّما لا حقّ الستئذان‪ ،‬وصماتُها إِذنُها لنا مِن شأنا أن‬
‫تَتجلَّل بالياء‪-‬فالياء يُجلّل وجهَها‪-‬فقد ل تستطيع أن تُصرّح بِمبتغاها لذلك كان سكوتُها دليلً على‬
‫رضاها‪.‬‬
‫وهذا يعن أنّ أولياء أمور النساء ليس لم أن يَجبُروا ولِيّاتم على التزوّج بِمَن يُريدون هم أن‬
‫يُزوّجوهنّ بم‪ ،‬بل عليهم أن يُقدّروا شعورهنّ ويَحترِموا أحاسيسهنّ‪ ،‬فإنّ الرأة هي الت تشارِك الرجلَ‬
‫تكاليفَ الياة ‪ ..‬هي الت تعيش معه‪ ،‬فمِن هنا كان هذا التكري ف السلم للمرأة‪ ،‬إذ ل يَكن المر بِرُمّتِه‬
‫موكولً إل ولِيّ أمرِها‪.‬‬
‫أما مشروعية الوِلية للرّجل على الرأة فذلك‪-‬أيضًا‪-‬مِن تكري السلم للمرأة‪ ،‬لنه مِن العلوم أنّ‬
‫الرأة تَجِيش عاطفتُها جَيَشَانًا يَمل جيع جوانب دماغِها حت ل يبقى هنالك مالٌ للتفكي عندما تَتأثّر‬
‫بدافعٍ عاطفي بلف الرّجل‪ ،‬وهذا كلم تُقرّره البحوث الديثة الت يُحرّرها الباحثون الجتماعيون‪ ،‬فقد‬
‫ذكرتْ باحثة فرنسية اجتماعية أنّ العاطفة عندما تَشُبّ ف الرأة تَشغَل كِلا جانبَيْ دماغِها فل يكون هنالك‬
‫جانبٌ صالًا للتفكي‪ ،‬بينما الرّجل وإن شَبّتْ عاطفتُه إل أنا تَشغَل جانبًا واحدًا مِن دماغِه والانب‬
‫‪19 / 4‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫الخر يَبقى صالِحًا للتفكي‪ ،‬فالرأة مع هذا اليجان العاطفي ل يُؤمَن منها أن تَندفِع وراء عاطفتِها فتَربِط‬
‫مصيَها بِمن ل تَحمَدُ عاقبةَ مصاحبتِه فيما بعد‪ ،‬فمِن أجْل ذلك جَعل ال لِلرّجل حقّ الوِلية عليها‪.‬‬
‫ولئن كان المر كذلك فإنه ل يُستغرَب أن يكون الزواج ف الشريعة السلمية منوطًا برضا الول‪،‬‬
‫وهذا الذي تُشي إليه اليات القرآنية‪ ،‬ويُصرّح به حديث الرسول عندما يقول عليه أفضل الصلة والسلم‪:‬‬
‫( ل نكاح إل بوَلِي )‪.‬‬
‫ث بانب ذلك‪-‬أيضًا‪-‬نرى أنّ السلم عندما يَأمر بالتزويج ل يَنظُر إل جانب الغن والفقر‪ ،‬فالغن‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من الية‪ .. ] 135 :‬ال‬ ‫‪ ... :‬إِن يَكُنْ غَنِيّا َأوْ فَقيًا فَالُ َأ ْولَى ِبهِمَا ‪...‬‬ ‫والفقر أمرها إل ال‬
‫أوْل بالغن والفقي‪ ،‬فمَن كان عائلً فإنّ ال هو الذي يَتكفّل بِإِغنائه بِقدْر ما كَتب ال له مِن‬
‫رزق‪ ،‬فل معن للحيلولة بيْن أن تَرتبِط الرأة ف زواجها بالرجل العائِل ‪ ..‬أي الرجل الفقي‪ ،‬إذ العَيْلَة إنا هي‬
‫مِن حُكم ال ‪ ،‬وال أوْل بالغن والفقي‪.‬‬
‫ونَجِد ف حديث رسول ال أنّ العبة ف اختيار الرّجل لشريكة حياته وف اختيار الرأة لشريك‬
‫حياتا بالتقوى‪ ،‬فهو‪-‬عليه أفضل الصلة والسلم‪-‬يقول‪ ( :‬إذا أتاكم مَن تَرضَوْن دِينه وخُلُقَه فزَوّجُوه‪،‬‬
‫إلّ تَفعلوا تَكن فتنةٌ ف الرض وفساد كبي )‪ ،‬ومع ذلك‪-‬أيضًا‪-‬يقول ‪ ( :‬تُنكَح الرأة لِمالِها وجَمالِها‬
‫وحَسَبِها ونَسَبِها فاظْفَر بِذات الدّين تَرِبَتْ يَداك ) ‪ ..‬أي العبرة بالدّين ‪ ..‬يُؤْمَر الرّجل أن يَحرِص‬
‫على الرأة الصالة الدّيّنَة وتُؤْمَر الرأة أن تَحرِص على الرجل الصال الدّيِّن‪ ،‬لنّ كلّ واحدٍ منهما‬
‫بصلحه وتقواه يَشُدّ أَزْرَ الخر ويُعينُه على تقوى ال سبحانه‪ ،‬وهذا هو الطلوب ف العشرة الزوجية‪ ،‬لنّ‬
‫الطلوب مِن الزوجي التكامُل فيما بينهما ف حياتما الاصّة وف تربيتِهما لولدِها فعندما يكونان متّقِيَيْن‬
‫ل‪-‬سبحانه‪-‬يَحصُل هذا التكامل على أحسن وجْه‪.‬‬
‫ل دون رغْبة وَلِيّاتِهم مِن الرتباط بذه الرابطة القدّسة‬
‫هذا ولربّما وَقَفَ بعض أولياء المور حائِ ً‬
‫لسبب أو لخر‪ ،‬وهؤلء‪-‬بطبيعة الال‪-‬أعمالم منافِية لليان بال واليوم الخر‪ ،‬لنّ الوعظة ف كتاب ال‬
‫وُجّهَتْ إل مَن كان يُؤمِن بال واليوم الخر‪ ،‬ولئن كان الافِز إل ذلك الطمع الذي هو ف نفوسِ كثيٍ مِن‬
‫الباء بِحيث يَرَوْن بَناتِهم يَشْتَغِلْن ف أعمالٍ تُدِرّ عليهنّ مداخيل وَيَحرِصون دائما على أن يكون هذا‬
‫الكسب لَهم دوننّ وعندما يَخرُجْن مِن أيديهم يَكُون الكَسب لَهنّ ولزواجهنّ دونَهم ‪ ..‬لئن كان‬
‫الباعِث ذلك فل ريب أنّ مع الوعيد الشديد الذي يَترتّب على عَضْلِهِنّ مِن الزواج‪-‬لنّه ناشِئٌ عن عدم‬
‫اليان بال واليوم الخر إيانا صحيحًا يَمتلِك شِعابَ النفس ويُسيْطِر على الفِكْر والوُجدان والعَقْل‬
‫والقلْب‪-‬فإنم مع ذلك‪-‬أيضًا‪-‬يَترتّب عليهم بسبب ما فَعلوا وعيدُ الظّلم‪ ،‬لنّهم ظالِمون لنّ بأكلهم‬
‫وَلَ َتأْ ُكلُوا َأ ْموَالَكُم بَيْنَكُم بِاْلبَاطِلِ َوُتدْلُوا ِبهَا إِلَى الْحُكّامِ لَِتأْ ُكلُوا َفرِيقًا‬ ‫لموالنّ بغيْر حق‪ ،‬وال‪-‬تعال‪-‬يقول‪:‬‬
‫مّنْ َأ ْموَا ِل النّاسِ بِالِْث ِم وَأَنُتمْ َت ْعلَمُونَ [ سورة البقرة‪ ،‬الية‪ ،] 188 :‬فالقضية ليست هَيّنَة ‪ ..‬فيها‪-‬قبل كل‬
‫شيء‪-‬إث‪ ،‬لنّهم عَضَلُوهنّ عن الزواج والعَضْل أمرٌ منهيّ عنه بنصّ القرآن الكري وهو يناف اليان بال‬
‫واليوم الخر‪ ،‬ث بانب ذلك هم‪-‬أيضًا‪-‬ظالِمون لَهنّ بأكلهم لأموالنّ بغيْر حق‪ ،‬وأكل مالِ أحدٍ بغيْر حق‬
‫وَلَ َتأْ ُكلُوا َأ ْموَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِ ِل وَُت ْدلُوا ِبهَا ِإلَى‬ ‫يَترتّب عليه وعيدٌ شديد‪ ،‬فإنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يقول‪:‬‬
‫‪19 / 5‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫يَا أَّيهَا اّلذِينَ‬ ‫الْحُكّامِ لَِتأْ ُكلُوا َفرِيقًا مّنْ َأ ْموَا ِل النّاسِ بِالِْث ِم وَأَنُتمْ َت ْعلَمُو َن [ سورة البقرة‪ ،‬الية‪ ،] 188 :‬ويقول‪:‬‬
‫آمَنُوا لَ َتأْ ُكلُوا َأ ْموَالَ ُكمْ بَ ْينَ ُكمْ بِالْبَاطِ ِل إِلّ أَن تَكُو َن تِجَارَةً عَن َترَاضٍ مّن ُك ْم وَلَ َتقُْتلُوا أَنفُسَ ُكمْ إِنّ الَ كَا َن بِ ُكمْ‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬اليتان‪-29 :‬‬ ‫سيًا‬
‫صلِيهِ نَارًا وَكَا َن ذَِلكَ َعلَى الِ يَ ِ‬
‫س ْوفَ ُن ْ‬
‫رَحِيمًا ‪َ ‬ومَن َي ْفعَلْ َذِلكَ ُع ْدوَانًا وَ ُظلْمًا فَ َ‬
‫‪ .. ] 30‬هذا ولئن قارفْن أيّةَ معصية فإنّ إث ذلك يعود عليهم معهنّ‪ ،‬لنم الذين دفعوهنّ إل العصية‪ ،‬إذ هذه‬
‫فطْرة موجودة ف كلّ مِن الذّكر والنثى‪ ،‬ومعاكسَة الفطْرة تُؤدّي إمّا إل المراض النفسية والعصبية‪ ،‬وإما‬
‫إل انفجارٍ تَتحطّم معه جيع الخلق وتَتلشى معه جيع القِيَم‪ ،‬ويَحِلّ العَار مع ذلك بالسرة كلّها‪،‬‬
‫فهؤلء الباء الذين يُعرّضون بناتِهم للوقوع ف الفاحشة بسبب عَضْلِهنّ مع ما يَترتّب عَلَى فِعلهم هذا‬
‫مِن الوعيد الشديد ف الدار الخرة يَعودُ إليهم عارُهنّ ف الدنيا عندما يَقَعْنَ ف الفحشاء والعياذ بال تعال‪،‬‬
‫فعلى كل مَن كانت له ولِيّة أن يُسارِع إل تزويها بِمَن رَضيَتْه زوْجًا مِن الكْفاء الؤمِني بال واليوم‬
‫الخر‪ ،‬فإنّ ذلك أَصْوَن لَهم ولَهنّ‪.‬‬
‫هذا وهناك الكثي مِن المور الت تَقِفُ عوائِق دون تَحقيق هذه الرغْبة مِن قِبَلِ الشباب أو مِن‬
‫قِبَلِ الفتيات ‪ ..‬مِن بينها الـمُغالةُ ف الـمُهور‪ ،‬فالـمُغالة ف الـمُهور مِن أخطر الُمور‪ ،‬لنا تُؤدّي‬
‫إل ارتكاب الفحشاء والعياذ بال‪ ،‬لنا تَحولُ بيْن الشاب ومبتغاه وبيْن الفتاة ومبتغاها‪ ،‬كما يقول إمامنا‬
‫السالي رحه ال تعال‪:‬‬
‫وتَشتهِي الرجا َل وهي ل تَجِدْ‬ ‫فيَشتهِي النسا َء وهو ل يَجدْ‬
‫‪1‬‬
‫على ارتكابِ فاضِحٍ وشَيْنِ‬ ‫فتَحْمِل الشهوةُ ف الصنفيْن‬
‫الشهوة تَحمِل كلّ واحِد منهما على ارتكاب الفحشاء والعياذ بال‪ ،‬فإذن تيْسي الصّدُقَات مِن‬
‫الـمَطالِب الشرعية مِن أجل تلبية داعي الفطْرة‪.‬‬
‫على أنّ الصداق الفروض فرضَه ال مِن أجل التمييز بيْن اللل والرام‪ ،‬وجعله رَمْزَ القَوامَة‬
‫لِلرّجل على الرأة‪ ،‬فلذلك ل عبْرة بالـمُغالة ف الصّداق‪ ،‬فإنّ هذه الـمُغالة ل تَدلّ على قيمة الرأة‪ ،‬ولو‬
‫كانت الـمُغالة دليلً على قيمة الرأة لكانت أوْل بذلك بناتُ النب مع عُلُوّ أقدارِهنّ وعِ َظمِ مرتبتهِنّ‪،‬‬
‫لننّ يَنتسِبْن إل النب العظيم الذي أَرسَله ال رحةً للعالي وشرّفه على اللْق أجعي‪ ،‬وأيّ أحدٍ ل يَجِد‬
‫شَرفا ف الرتباط به مِن طريق الصاهَرة ؟! ولو كان المر كذلك لَتسارَع الناس إل الـمُغالة ف‬
‫مهورهنّ مِن أجل نيْل هذا الشرَف العظيم‪ ،‬ولكن كانت صَدُقاتُهنّ مِن أَيْسَر الصّدُقَات‪ ،‬وهكذا كانت‬
‫صَدُقَات نساء الهاجرين والنصار ‪ ..‬ما كانت هنالك مُغالة ف الصّدُقَات‪.‬‬
‫على أنّ هذه الـمُغالة ليست ناشِئة عن رغْبة الفتيات أنفسهنّ‪ ،‬وإنا هي ناشئة عن رغْبة أوليائهنّ‬
‫الذين يُريدون أن يُثْرُوا مِن هذا الطريق‪ ،‬وهذا عارٌ ليس بعده عار‪ ،‬ولئن كانت العرب ف جاهليتها كانت‬
‫تَرى مِن العار أن يُثْرِيَ الرّجل مِن وراء الدّية الت يَنالُها بسبب العفْو عن قاتِل قريبِه‪ ،‬فإنّ هذا العارَ‬
‫أعظم وأعظم ‪ ..‬أن يَحرِص الرّجل على أن يُثْرِيَ مِن وراء تزويجِ ابنتِه‪ ،‬كأنّما يَبيعُها بيْعًا وهي بضْعَة‬
‫‪-1‬جوهر النظام ف علمي الديان والحكام‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب الصداق‪ ،‬ولكن إليك البيتي حسب الطبعة الت بأيدينا‪:‬‬
‫ب مفضح وشَيْنِ‬ ‫جدْويَشتهِي النسا َء وهو ل يَجدْفَتحْمِل الشهوةُ ف الصنفيْنعلى ارتكا ِ‬
‫فتَشتهِي الرجالَ وهي ل َت ِ‬
‫‪19 / 6‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫منه‪ ،‬فكيف يَحرِص النسان على ذلك ؟! على أنّ هذا الصّداق ليس للولِي حقّ فيه‪ ،‬فإنه حقّ للمرأة وحدها‪،‬‬
‫ح َل ًة َفإِن طِبْ َن لَ ُكمْ عَن شَ ْيءٍ مّ ْنهُ َنفْسًا‪ 1‬فَ ُكلُو ُه هَنِيئًا ّمرِيئًا‬
‫صدُقَاِتهِنّ نِ ْ‬
‫وَآتُوا النّسَاء َ‬ ‫بدليل أنّ ال‪-‬تعالى‪-‬يقول‪:‬‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬الية‪ ] 4 :‬جعله ال حقّا لَهنّ ‪ ..‬لَم يقل‪ " :‬وآتوا أولياء النساء " أو " وآتوا آباء النساء‬
‫ث جَعل العفْو عن جزءٍ منه يَعودُ إليهنّ ل إليهم‪،‬‬ ‫وَآتُوا النّسَاء ‪...‬‬ ‫صَدُقَاتِهِنّ نِحْلَة "‪ ،‬وإنّما قال‪:‬‬
‫فهو حقّ لنّ دونَهم‪ ،‬وَمُحاولةُ الستكثار مِن الصّداق مِن أجل الثراء مِن قِبَلِ هؤلء الغنياء أمرٌ يَتناف‬
‫كل التناف مع شريعة ال السّمْحَة‪.‬‬
‫ومِن المور الت تَقِف عائِقًا دون تَحقيق الرغْبة الفِطْرية الت تَشغَل بالَ الشباب والفتيات جيعًا‬
‫إغراقُ الناسِ أنفسَهم ف التّرَف‪ ،‬فإنّ التّرَف هو طريقٌ إل التّلَف والعياذ بال‪ ،‬وقد قلتُ‪-‬أكثرَ مِن‬
‫مَرّة‪-‬بأنّ التّقارُب اللفظي ما بيْن كلمت " التّرَف " و " التّلَف " يُوحِي بِما بيْنهما مِن الترابُط السّبب‬
‫والتآخي العنوي‪ ،‬فإنّ التّرَف مُفْضٍ إل التّلَف‪ ،‬ولذلك ل يَذكُره ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬ف كتابه إل مقرونًا‬
‫حَتّى ِإذَا أَ َخذْنَا‬ ‫بِالشّر‪ ،‬فقد ذَكَرَ ال‪-‬تعال‪-‬عذابَ الدنيا وبَيّن أنّ مِن أسبابه التّرَف‪ ،‬عندما قال‪:‬‬
‫وَ َكمْ َقصَمْنَا مِن َقرَْيةٍ كَاَنتْ ظَاِل َمةً‬ ‫جَأرُونَ [ سورة الؤمنون‪ ،‬الية‪ ،] 64 :‬وقال‪:‬‬
‫مُ ْت َرفِيهِم بِاْل َعذَابِ ِإذَا ُه ْم يَ ْ‬
‫شأْنَا َب ْع َدهَا َق ْومًا آ َخرِي َن ‪َ ‬فلَمّا َأحَسّوا َبأْسَنَا ِإذَا هُم مّ ْنهَا َيرْ ُكضُونَ ‪ ‬ل َترْ ُكضُوا وَارْ ِجعُوا إِلَى مَا أُْت ِرفُْت ْم فِيهِ‬
‫َوأَن َ‬
‫سأَلُو َن [ سورة النبياء‪ ،‬اليات‪ ،] 13-12-11 :‬وذَكَرَ عذابَ الخرة وبَيّن‪-‬أيضًا‪-‬أنّ‬
‫َومَسَاكِنِ ُكمْ َل َعلّ ُكمْ تُ ْ‬
‫[ سورة الواقعة‪ ،‬الية‪:‬‬ ‫ي‬
‫ِإّن ُهمْ كَانُوا قَبْ َل ذَِلكَ مُ ْت َرفِ َ‬ ‫سبَبَه التّرَف‪ ،‬فعندما ذَكَر أصحابَ الشّمال قال‪:‬‬
‫وَِإذَا‬ ‫‪ ،] 45‬وذَكَرَ عمومَ العذاب الذي يَشمَل الميع فبَيّن أنّ سبَبَه فسادُ الـمُتْرَفِي‪ ،‬عندما قال‪:‬‬
‫َأ َردْنَا أَن ّن ْه ِلكَ َقرَْيةً َأ َمرْنَا مُ ْترَفِيهَا َففَسَقُوا فِيهَا فَحَقّ َعلَ ْيهَا اْل َقوْلُ َف َدمّرْنَاهَا َت ْدمِيًا [ سورة السراء‪ ،‬الية‪،] 16 :‬‬
‫ل مِن َقوْ ِمهِ اّلذِينَ‬
‫َوقَالَ الْمَ ُ‬ ‫وذَكَرَ تكذيبَ الرسلي وبَيّنَ أنه ناشِئٌ عن التّرَف‪ ،‬عندما قال سبحانه‪:‬‬
‫ش َربُ مِمّا‬
‫ش ٌر مّ ْثلُ ُكمْ َيأْكُ ُل مِمّا َتأْ ُكلُو َن مِنْ ُه وَيَ ْ‬
‫َك َفرُوا وَ َكذّبُوا ِب ِلقَاء ال ِخ َرةِ َوأَْت َرفْنَا ُهمْ فِي الْحَيَا ِة الدّنْيَا مَا َهذَا إِل بَ َ‬
‫َومَا َأرْ َسلْنَا فِي َقرَْيةٍ مّن ّنذِيرٍ إِل قَا َل مُ ْترَفُوهَا إِنّا بِمَا ُأرْ ِسلْتُم ِبهِ‬ ‫[ سورة الؤمنون‪ ،‬الية‪ ،] 33 :‬وقال‪:‬‬ ‫شرَبُو َن‬
‫تَ ْ‬
‫كَا ِفرُونَ [ سورة سبأ‪ ،‬الية‪ ،] 34 :‬وذَكَرَ معارَضةَ الصلِحي والوقوف ف وجوههم وبَيّنَ أنه يَنشأُ عن‬
‫ل مّمّنْ‬
‫َف َلوْلَ كَانَ مِنَ اْل ُقرُونِ مِن قَ ْبلِ ُكمْ ُأ ْولُوا َبقِّيةٍ يَ ْن َهوْنَ عَنِ اْلفَسَا ِد فِي ا َل ْرضِ إِ ّل َقلِي ً‬ ‫التّرَف‪ ،‬عندما قال‪:‬‬
‫[ سورة هود‪ ،‬من الية‪ ،] 116 :‬فالتّرَف هو‪-‬أيضًا‪-‬يَقِفُ‬ ‫أَنَيْنَا مِ ْن ُهمْ وَاتّبَعَ اّلذِي َن َظلَمُوا مَا أُْت ِرفُوا فِيهِ ‪...‬‬
‫عائِقًا دون تَحقيق هذه الرّغْبة‪ ،‬فكثيٌ مِن الـمُتْرَفِي يَرَوْنَ أنّ مِن السّعادة لِبناتِهم أن يَتمرّغْن ف‬
‫أوْحال التّرَف كما تَمرّغوا‪ ،‬ومِن ذلك أنّ الواحدَ منهم إذا خُطِبَتْ إليه كريتُه اشترَط لَها النل الفخْم‬
‫والثاث الديث الغال النّفيس والسيارة الفخْمة وغيْر ذلك مِمّا يشترط مِمّا ل داعِيَ إليه ‪ ..‬هي ف قرارة‬
‫نفسِها تريد أن تُحصّنَ نفسَها وتريد أن تَستجِيب لِداعي فطْرتِها‪ ،‬فما الداعي إل هذه المور الت ل علقة‬
‫لا بذا الطلَب ؟!‬

‫‪-1‬سقط َنفْسًا مِن كلم الشيخ وهو سبق لسان‪.‬‬


‫‪19 / 7‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫وعندما تَتحقّق هذه المور وتَتيسّر بشيئة ال لبد مِن أن يكون هذا اللقاء‪-‬كما قلتُ [ ص ‪-] 2‬‬
‫مُؤطّرًا ف إطار الشريعة السّمْحَة ‪ ..‬شريعةِ القرآن والسنّة النبوية على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪.‬‬
‫ومِن هنا يَجِب على النسان قَبْلَ أن يُقدِم ف أمْرِ الزواج أن يكون على بَيّنَةٍ مِن أمْرِه وبصيةٍ‬
‫مِمّا يَأت ومِمّا يَذَر‪ ،‬لئل يَقَعَ ف النّدم لاتَ ساعةَ مَنْدَم‪.‬‬
‫فقَبْل كلّ شيءٍ أَباح ال هذا الزواج بيْن مسلمٍ ومسلمة‪ ،‬وحَذّر مِن تَزْوِيجِ الشرِكي كلّهم‬
‫شرِكَاتِ حَتّى ُي ْؤمِنّ وَ َل َمةٌ ّم ْؤمَِنةٌ‬
‫‪ :‬وَ َل تَنكِحُوا الْمُ ْ‬ ‫مِن غيْر استثناء ومَنَعَ تَزَوّجَ الشرِكات‪ ،‬عندما قال‬
‫شرِكِيَ َحتّى ُي ْؤمِنُوا َوَلعَ ْبدٌ ّم ْؤمِنٌ خَ ْي ٌر مّن مّشْرِ ٍك َوَلوْ‬
‫خَ ْي ٌر مّن مّشْرِ َكةٍ َوَلوْ أَعْجََبتْ ُكمْ وَ َل تُنكِحُوا الْمُ ِ‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ .. ] 221 :‬حَذّر ال مِن نكاح الشرِكات ومِن إِنكاح الشرِكي‪،‬‬ ‫أَعْجَبَ ُكمْ ‪...‬‬
‫لنّ هذه الرّابِطة رابِطة مقدّسة‪ ،‬فلذلك يب أن تكون بي مؤمن ومؤمنة‪ ،‬ول تكون بي مؤمنة ومشرك ول بي‬
‫مؤمن ومشركة‪ ،‬وَيَتَرَتّب مِن الفاسد على إنكاح الشركي أو نكاح الشركات ما يفوق الصر‪ ،‬وإنّما أباح‬
‫ال فيما سلف أن يَتزوّج السلمون بالكتابيات لنّ أهل الكتاب أقرب إل اليان مِن خلل معرفتهم‬
‫بالنبوات وإطّلعهم ف كتابِهم على ما جاء مِن أوصاف النب ‪ ،‬وهذا الكم ينبغي أن يكون منوطًا بغلبة‬
‫السلمي وظهور أمرهم ونفوذ سلطانم ‪ ..‬ل ف أيّ وقت مِن الوقات‪ ،‬فإنّ هذه الباحة إنا كانت لكمة بالغة‬
‫وذلك لنّ ال يريد لعباده الي ومِن ضمن هذا الي الداية والداية قد تصل لهل الكتاب مِن خلل‬
‫الحتكاك بالسلمي والطلع على ماسن السلم والعرفة بأدلته وبراهينه‪ ،‬وقد يُفضي ذلك‪-‬أوّل قبل كل‬
‫شيء‪-‬إل أن تُسلِم تلك الرأة الت تعيش ف كَنَفِ الرّجل السلم ث قد يُفضي ذلك إل أن تُسلِم أسرتُها‬
‫بسبب الإطلع على ماسن السلم مِن خلل هذه المارَسة وهذه اللقاءات الت تكون بعلقة الصاهرة ما بي‬
‫السلم والكتابيي وذلك أمر ميسور عندما يكون سلطان السلمي قائمًا ودولتهم غالبة ورايتهم خفّاقة ظاهرة ف‬
‫أرجاء الرض‪ ،‬أما عندما تكون الغلبة للكفار على السلمي فإنّ المر قد يَنقلِب إل عكس ذلك‪ ،‬ولذلك نَحن‬
‫نقول بأنّ تزوّج السلم ف وقتنا هذا بغي السلمة أمر ل يَجوز‪ ،‬ومفاسد ذلك ظاهرة‪.‬‬
‫قبل فترة‪-‬ل تزيد عن سبع سنوات فيما أحسب‪-‬جاءن رجل عُمان مِن قبيلة عُمانية‪-‬تَنتسِب إل هذه‬
‫الولية الت نن فيها نفسِها‪-‬ومعه خاله وقد بلغ خاله مِن الكِبَر عتيا بحيث جاوز السبعي أو جاوز الثماني‬
‫مِن العمر ‪ ..‬جاء باله وهو يَنتسِب إل نفس القبيلة مِن أجل إدخالِه ف السلم وسألتُ عن سبب ذلك فإذا‬
‫بأبِ هذا الال‪-‬جد الذي جاء به‪-‬تَزوّج امرأة نصرانية فولدَت له هذا الولد وعندما ولدته طلّقها فاحتوَت‬
‫على الولد وربّته ف الكنيسة ونشّأته على النصرانية وذريته ل تزال على النصرانية فيما علمت‪ ،‬وإنا هو دَخَلَ‬
‫ف السلم بعدما بلغ مِن الكِبَر عتيا‪.‬‬
‫ومِن عجيب المور‪-‬أيضا‪-‬أن جاءن شاب مسلم متديّن بابن عمّ له ليُدخِله ف السلم وهو‬
‫كاثوليكي نصران وجنسيته بلجيكية‪ ،‬وحِرْتُ ف هذا المر فأخبن أنّ السبب ف ذلك أنّ جدّه كان يتزوّج‬
‫مِن كل مِلّة مِن اللَل مِن غي مبالة وكانت المهات يُرَبّيَ أولدهنّ على ملتِهِن وحدّثن بأنّ عَمّةً له‬
‫هي كاثوليكية وقد تَزوّجها يهودي ف فرنسا وهم مِن قبيلة عمانية عريقة وأنا كنتُ أعرف أبا جَدّ هذا الشاب‬
‫‪19 / 8‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫‪ ..‬أي أبَ هذا الـمِزواج الذي يَتزوّج حسب شهوته مِن أيّ مِلّةٍ كانت‪ ،‬وحدّثن أنّ ف أسرتم نَحو‬
‫أربعي مَن هم على الذهب الكاثوليكي النصران‪.‬‬
‫فكيف مع ذلك يُبَاح لِمسلم ف مثل هذا الوقت أن يَتزوّج مِن غي السلمة مع أنّ النسان ل يدري‬
‫بِحياته فقد يَفْجَؤُه ريب النون وهو ف غَضَارَةِ شَبَابه وف رَيْعَانِ عُمره وَزَهرَته وف أَوْجِ طموحاته‬
‫وآماله وف هذه الالة تَتحكّم الم ف تربية أولدها على غي السلم عندما تكون غي مسلمة‪ ،‬فعلى الباء أن‬
‫يتّقوا ال ف فلذاتِ أكبادهم وألّ يُلْقوا بِأَبْضَاعِهم إل النار‪ ،‬وف الديث عن النب ‪ ( :‬اختاروا‬
‫لنُطَفِكم فإنّ العِرق دَسّاس )‪ ،‬وجاء‪-‬أيضًا‪-‬ف الديث عنه ‪ ( :‬إياكم وخضراء الدّمَن ) قيل له‪ " :‬وما‬
‫خضراء الدّمَن يا رسول ال ؟ " قال‪ ( :‬الرأة السناء ف مَنبَت السوء )‪.‬‬
‫هذا وند أنّ مراعاة الصلحة كانت مِن شأن أهل القيادة ف السلم حت ف حَال نفوذ الدولة‬
‫السلمية وقُوّتِها وانتشار سلطانِها ف أرجاء الرض‪.‬‬
‫فقد جاء عن عمر بن الطاب‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬أنه بلغه عن حذيفة اليمان أنه تَزوّج امرأةً كتابية فكَتَبَ‬
‫إلَيْه‪ " :‬طَلِّق هذه الرأة "‪ ،‬فأجابه‪ " :‬إنّ ال أَحلّها ل ول أريد أن أُطلّقها " فكَتَبَ إليه عمر ‪ " :‬يا‬
‫حذيفة‪ ،‬أنت صاحب رسول ال وقد خشيتُ أن يَندفِع الناس بِسبَبِك إل جال الكتابِيات ويَتركُوا نساءَ‬
‫السلمي أَيَامَى‪ ،‬فأَقْسَمْتُ عليكَ بال ألّ تَضع كتاب هذا حت تُطلّقها "‪ ،‬فلم يَضع كتابَ عمر بعدما‬
‫قرأه إل أن طلّق تلك الرأة امتثالً لمر الليفة‪ ،‬وهكذا النظرة الثاقبة ف السلم‪.‬‬
‫هذا ومع كون الانبي على السلم‪-‬أي جانب الرجل وجانب الرأة‪-‬فإنّ هنالك‪-‬أيضًا‪-‬ضوابط‬
‫تَتعلّق بِالنساب والسباب لبد مِن مراعاتا‪ ،‬فالتحري منصوصٌ عليه ف كتاب ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬لطائفة مِن‬
‫النساء منهن مَن حَرُمْنَ تريـمًا أبديًا بِنصّ القرآن‪ ،‬ومنهن مَن كانت حُرمتُهن موقّتَة‪ ،‬فال‪-‬تبارك‬
‫ل‬
‫شةً َو َمقْتًا وَسَاء سَبِي ً‬
‫ح آبَاؤُكُم مّنَ النّسَاء إِ ّل مَا َقدْ َس َلفَ إِّنهُ كَا َن فَاحِ َ‬
‫وَ َل تَنكِحُوا مَا نَكَ َ‬ ‫وتعال‪-‬يقول‪:‬‬
‫‪ُ :‬ح ّرمَتْ َعلَيْ ُكمْ ُأ ّمهَاتُ ُك ْم وَبَنَاتُ ُك ْم وََأ َخوَاتُ ُك ْم وَعَمّاُت ُكمْ وَخَا َلتُ ُكمْ َوبَنَاتُ‬ ‫[ سورة النساء‪ ،‬الية‪ ] 22 :‬ث يقول‬
‫ضعْنَ ُكمْ َوأَ َخوَاتُكُم مّنَ الرّضَا َعةِ َوُأ ّمهَاتُ نِسَائِ ُك ْم َورَبَاِئبُ ُكمُ اللّتِي فِي‬
‫ت وَُأ ّمهَاتُ ُكمُ اللّتِي َأ ْر َ‬
‫خ وَبَنَاتُ الُ ْخ ِ‬
‫الَ ِ‬
‫حُجُورِكُم مّن نّسَائِ ُكمُ اللّتِي دَ َخلْتُم ِبهِ ّن َفإِن ّلمْ تَكُونُوا دَ َخلْتُم ِبهِ ّن فَلَ جُنَاحَ َعلَيْ ُكمْ وَ َحلَئِ ُل أَبْنَاِئ ُكمُ اّلذِي َن مِنْ‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من الية‪ .. ] 23 :‬لبد مِن مراعاة ذلك‬ ‫ج َمعُوا بَيْنَ الُ ْختَيْنِ إ ّل مَا َقدْ َس َلفَ ‪...‬‬
‫لبِ ُك ْم وَأَن تَ ْ‬
‫أَصْ َ‬
‫‪ ..‬مراعاة الرمة الت تكون بسبب النسب كالم والخت والبنت والعمّة والالة وبنت الخ وبنت الخت أو‬
‫الت تكون بالسبب‪ ،‬والسبب قد يكون مصاهرة وقد يكون رضاعة‪ ،‬فتَحرُم‪-‬مثل‪-‬بالصاهرة زَوْجَة الب‬
‫وزوجة البن وكذلك الد وإن عل وابن البن وإن سفل وأم الزوجة هي حرام وأمها وإن عَلَتْ وهكذا‪،‬‬
‫وهنالك حُرمة بسبب الرضاعة ‪ ..‬نَصّ القرآن الكري على صنفي مِن النساء يَحْرُمْنَ بسبب هذه العلقة‪-‬‬
‫علقة الرضاعة‪-‬وهنّ المهات والخوات‪ ،‬ث جاءت السنّة النبوية‪-‬على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪-‬‬
‫لِتُضِيفَ أحكاما أخرى ‪ ..‬منها ما يَتعلّق بعلقة الصاهرة‪ ،‬ومنها ما يَتعلّق بعلقة الرّضاع‪.‬‬
‫‪19 / 9‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫فمِن حيث الصاهرة الكتاب العزيز دلّ على تري المع بي الختي‪ ،‬ولكنّ السنّة النبوية أَضافتْ إل‬
‫ذلك تَحريَ المع بي الرأة وعَمّتها وبي الرأة وخالتها‪ ( :‬ل تُنْكَحُ الرأة على عَمّتها ول الرأة على خالتها‬
‫‪ ..‬ل الصغرى على الكبى‪ ،‬ول الكبى على الصغرى )‪.‬‬
‫وكذلك جاءت السنّة النبوية‪-‬على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪-‬لِتَتحدّث عن الـمُحَرّمَات‬
‫حرّمَات بِسبَب الرّضاع ل يَنْحَصِرْنَ ف المهات والخوات فحسب‪ ،‬فقد أخرج‬
‫بِسبَب الرّضاع‪ ،‬فالـمُ َ‬
‫المام الافظ الجّة الربيع بن حبيب‪-‬رحه ال تعال‪-‬ف مسنده الصحيح عن أب عبيدة عن جابر بن زيد عن أمّ‬
‫الؤمني عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬قالت‪ " :‬إنّ أَفلح أخَا أب القُعَيْس هو عمّي مِن الرضاعة استَأْذَنَ‬
‫عليّ فأَبَيْتُ أن آذَنَ له‪ ،‬فلما جاء رسول ال أَخبتُه‪ ،‬فقال‪ ( :‬إئذن له‪ ،‬فإنّما الرّضاع مثلُ النسب ) "‪،1‬‬
‫وقد أَخرج الديثَ الشيخان البخاري ومسلم مِن طريق عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬وف روايتِهما زيادة وهي‬
‫أنّ عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬قالت لِرسول ال ‪ " :‬يا رسول ال‪ ،‬أَرضَعَتْنِيَ الرأة ول يُرضِعْن الرجل‬
‫! " فقال لا ‪ ( :‬إنه عَمّكِ فلْيَلِج عليكِ )‪ ،‬وف بعض روايات مسلم زيادة‪ " :‬وكان أبو القُعَيْس زوجَ‬
‫الرأةِ الت أَرضعَتْ عائشة "‪ ،‬وجاء ف بعضها أنّ أَفلحَ أخا أب القُعَيْس عندما استَأْذَن على عائشة قال لا‪:‬‬
‫" إئذن ل فإنن عَمّكِ "‪ ،‬فقالتْ له‪ " :‬مِن أينَ صِرْتَ عمي ؟! "‪ ،‬قال لا‪ " :‬أَرضَعَتْكِ امرأةُ أَخي "‪،‬‬
‫فقالت له‪ " :‬أَرْضَعَتْنِي امرأةُ أب القُعَيْس ول يُرْضِعْنِي أبو القُعَيْس "‪ ،‬ومع هذا عندما أخبت النب‬
‫قال لَها‪( :‬إنه عَمّكِ فلْيَلِج عليكِ )‪ ،‬وجاء ف رواية أخرجها المام الربيع‪-2‬أيضًا‪-‬والشيخان وغيهم مِن‬
‫طريق عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬قالت‪ " :‬بينما رسول ال ف بيت إذ سَمِعْتُ صوتَ رَجلٍ يَستأذِن ف‬
‫بيت حفصة فقلتُ له‪ ' :‬يا رسول ال‪ ،‬هذا صوتُ رَجلٍ يَستأذِن ف بيتِك ' فقال‪ ( :‬أُرَاهُ فلنًا )‪-‬لِعَمّ‬
‫حفصةَ مِن الرضاع‪-‬فقلتُ له‪ ' :‬لو كان عَمّي فلنٌ حيّا لَدَخَلَ عَلَي ؟! ' فقال‪ ( :‬نَعم ‪ ..‬يَحرُم‬
‫مِن الرّضاع ما يَحرُم مِن النسَب ) "‪ ،‬وجاء ف رواية عند الترمذي‪ ( :‬يَحرُم مِن الرّضاع ما يَحرُم مِن‬
‫الولدة )‪ ،‬وجاء‪-‬أيضًا‪-‬ف الصحيحي عن ابن عباس‪-‬رضي ال عنهما‪-‬أنّ النب عُرِضَتْ عليه ابنةُ عَمّهِ‬
‫حَمزة لِيَتزوّجها‪ ،‬فقال‪ ( :‬إنّها ل تَحِلّ ل ‪ ..‬إنا ابنةُ أخي مِن الرضاعة ‪ ..‬أَرضعَتْن وأباها ثُويْبَةُ‬
‫الأَسْلَمِية )‪ ،‬وأخرج المام مسلم مِن طريق المام علي‪-‬كرّم ال وجهه‪-‬أنه قال لرسول ال ‪ " :‬يا رسول‬
‫ال‪ ،‬ما لَك تَتَلَوّق ف قريش وتَتركُنا ؟ " فقال‪ ( :‬وهل يُوجَد فيكم ؟ ) قال‪ " :‬نعم " قال‪ ( :‬مَن ؟ ) قال‪" :‬‬
‫بنتُ حزة " قال‪ ( :‬إنّها ل تَحِلّ ل ‪ ..‬إنّها ابنةُ أَخي مِن الرّضاعة ‪ ..‬أَرضعَتْن وأباها ثُويْبَةُ الأَسْلَمِية‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )26‬الرّضاع‪:‬‬


‫حديث رقم ‪ :523‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ :‬إنّ أفلح أخا أب القُعيسِ‪-‬وهو عمي مِن الرضاعة‪-‬‬
‫ع مِثلُ النّسبِ )‪.‬‬
‫استأذَن عليّ‪-‬وذلك بعد أن نزل الجاب‪-‬فأبيتُ أن آ َذنَ له فجاء رسول ال فأخبتُه فقال‪( :‬إِئذَن لهُ‪ ،‬فإنّ الرّضا َ‬
‫‪-2‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )26‬الرّضاع‪:‬‬
‫ت إنسان‬
‫حديث رقم ‪ :524‬أبو عبيدة عن جابر عن عائشة‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ :‬كنتُ قاعدة أنا ورسول ال إذ سعتُ صو َ‬
‫يَستأذِن ف بيت حفصة فقلتُ‪ " :‬يا رسول ال‪ ،‬هذا رجلٌ يَستأذِن ف بيتِك " فقال ‪ُ " :‬أرَا ُه فُلنًا "‪-‬لعمّ حفصة مِن الرضاعة‪-‬فقلتُ‪" :‬‬
‫ع ما يَحرمُ مِن النّسب "‪.‬‬ ‫يا رسول ال‪ ،‬لو كان عمّي فلن حيّا دخل عليّ ؟ "‪-‬لع ّم لا مِن الرضاعة‪-‬قال‪ " :‬نَعمْ يَح ُر ُم مِنَ الرّضا ِ‬
‫‪19 / 10‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫)‪ ،‬وأخرج البخاري وأبو داؤود وَغَيها عن أم حبيبة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬أنا قالت لرسول ال ‪ " :‬يا‬
‫رسول ال‪ ،‬هل لك ف أخت ؟ " قال لا‪ ( :‬ماذا ؟ ) قالت‪ " :‬تَنكِحها " قال‪ ( :‬أَوَتُحِبّيَ ذلك ؟ ) قالت‪" :‬‬
‫لستُ بِمُخْلِيَة وأَحَبّ مَنْ شَركَنِي ف الي إِلَيَّ أُخت "‪ ،‬فقال لا ‪ ( :‬إنّها ل تَحِل لِي )‪ ،‬فقالت له‪:‬‬
‫" أَوَلَسْنَا نَسمَعُ أَنّكَ تُريد أن تَنكِح بنتَ أب سلمة ؟ " قال‪ ( :‬بنتَ أُمّ سلمة ؟! ) قالت له‪ " :‬نعم "‬
‫قال‪ ( :‬لو ل تَكن رَبِيبت ف حِجْرِي لَمَا حَلّتْ ل ‪ ..‬إنّها ابنةُ أخي مِن الرّضاعة‪ ،‬أَرضعَتْن وأباها‬
‫ثُويْبَةُ الأَسْلَمِية‪ ،‬فل تَعْرِضْن عَليّ أخواتِكنّ ول بناتِكنّ ) ‪ ..‬مِن خلل هذه الحاديث الشريفة يَتبيّن‬
‫لنا أنّ حرمة الرّضاع منتشِرة كانتشار حرمة النسب ‪ ..‬ل فارِق بيْن الرْمَتَيْن‪.‬‬
‫وعليه فإنّ الرأةَ لو أَرْضَعَتْ طفلً ذَكَرًا فهذا الطفل يُصبِح ولدا لذه الرأة فهي حرام عليه‪ ،‬لنّها‬
‫أُمّه مِن الرّضاع‪ ،‬كما تَحرُم عليه أُمّه مِن النسب‪.‬‬
‫أُمّها وإن عَلَتْ هي‪-‬أيضا‪-‬حرام عليه لنا جدّته مِن الرّضاع ‪ ..‬تَحرُم عليه كما تَحرُم عليه جدّتُه أُمّ‬
‫أُمّه الت وَلدَتْه‪.‬‬
‫بناتُها جيعا سواءً الت رَضَعَتْ معه أو الت كانتْ قبلَ ذلك بِعشرات السني أو الت وُلِدَتْ مِن‬
‫بعدِ رَضَاعِه مِن تلكَ الرأةِ بِعشرات السني كُلّهُن عليه حرام‪ ،‬لنّهن جيعًا أخواتُه مِن الرّضَاع‪ ،‬فهنّ‬
‫يَحْرُمْن عليه كَمَا تَحرم عليه أَخواتُه مِن أُمّه الت وَلَدَتْه ‪ ..‬ل فارق بيْن الت رَضَعَتْ قبلَه والت‬
‫كانت قبلَ ذلك ولو بِسنيَ متطاوِلة ‪ ..‬ولو قُدّرَ أن يَكون ذلك بِمئاتِ السني أو الت تُولَدُ بعدَ ذلكَ‬
‫بِمئاتِ السني‪ ،‬فالكل سواءٌ ف هذا الكم‪ ،‬كما أنّ أخواتِه مِن قِبَلِ أُمّه سواءً الت وُلِدَت معه أو الت‬
‫وُلِدَت قبلَه بِعشراتِ السني أو الت وُلِدَت مِن بعدِه بِعشراتِ السني كلهن يَحْرُمْنَ عليه‪.‬‬
‫خالتُ الرضِعة هنّ خالتُ أُمّه فهنّ حرام عليه‪.‬‬
‫بناتُ أبنائها هنّ حرام عليه سواءً الذين رَضَعَ معهم أو الذين وُلِدوا قبلَه بِعشراتِ السني أو‬
‫الذين وُلِدوا مِن بعدِه بِعشراتِ السني ‪ ..‬بناتُهم جيعًا هنّ بناتُ إخوتِه فهنّ حرام عليه‪ ،‬كما تَحرُم عليه‬
‫بناتُ إخوتِه مِن النّسب‪.‬‬
‫بناتُ بناتِها هنّ بناتُ أخواتِه يَحْرُمْنَ عليه أيضًا‪ ،‬كما تَحْرُمُ عليه بناتُ أخواتِه مِن النّسب‪.‬‬
‫زوجُ تلك الرأة يكون أبًا له مِن الرضاعة‪ ،‬والرمة تَنتشِر ف نَسِيبَاتِ ذلك الزوج كما تَنتشِر ف‬
‫نَسِيبَاتِ أبيه الذي وَلَدَه سواءً بِسواء‪:‬‬
‫فأُمّ ذلك الزوج هي جدّته ‪ ..‬هي حرام عليه‪ ،‬لنّها أُمّ أبيه مِن الرّضاع‪ ،‬كما تَحرُم عليه أُمّ أبيه‬
‫الذي وَلَدَه‪.‬‬
‫أخواتُ ذلك الزوج هنّ عَمّاتُه مِن الرضاع فهنّ جيعًا حرامٌ عليه‪.‬‬
‫عَمّاتُ ذلك الزوج هنّ عَمّاتُ أبيه مِن الرضاع فهنّ حرامٌ عليه‪.‬‬
‫خالتُ ذلك الزوج هنّ خالتُ أبيه مِن الرضاع فهنّ حرامٌ عليه‪.‬‬
‫بناتُ ذلك الزوج ولو مِن غي تلك الرأة الرضِعة ‪ ..‬ولو مِن امرأةٍ أخرى هنّ أَخوَاتُه مِن الرّضاع‬
‫فهنّ حرامٌ عليه أيضًا‪.‬‬
‫‪19 / 11‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫وبناتُ أبناءِ ذلك الزوج هنّ بناتُ إخوَتِه‪ ،‬وبناتُ بناتِ ذلك الزّوج هنّ بناتِ أَخَوَاتِه ‪ ..‬هنّ‬
‫جيعًا حرامٌ عليه‪.‬‬
‫وامرأةُ ذلك الزّوْج غيُ تلك الت أَرْضَعَتْهُ هي امرأةُ أبيه مِن الرّضاع ‪ ..‬كما تَحْرُم عليه امرأةُ‬
‫أبيه الذي وَلَدَه كذلك تَحْرُم عليه تلك الرأة‪ ،‬فل يَحِلّ له أن يَتزوّجها بِحالٍ مِن الحوال‪.‬‬
‫ولو قَدّرْنَا أنّ الرأة أَرْضَعَتْ طفلةً أنثى فتلك الطفلة تكون بِنتًا لَها ‪ ..‬تَحْرُم على أبِ تلك‬
‫الـمُرْضِعَة لنّه جدّها مِن الرّضاع‪ ،‬وعلى إخوةِ تلك الرضعة لنم أخوالُها مِن الرضاعة‪ ،‬وعلى أعمامِ‬
‫تلك الـمُرْضِعَة لنم أعمامُ أُمّها مِن الرّضَاع‪ ،‬وعلى أخوالِ تلك الـمُرْضِعَة لنّهم أخوالُ أُمّها‬
‫مِن الرّضاع‪ ،‬وعلى أبناءِ تلك الـمُرْضِعَة سواءً الذي رَضَعَتْ معه أو الذي وُلِدَ قبلَها بِعشراتِ‬
‫السني أو الذي وُلِدَ بعدَها بِعشراتِ السني لنّهم جيعًا إخْوَتُهَا مِن الرّضَاع‪.‬‬
‫وأبناءُ أبناءِ تلك الرأة الـمُرْضِعَة هم أبناءُ إخْوَتِها مِن الرّضَاع وأبناءُ بناتِ تلك الرضعة هم‬
‫أبناءُ أخواتِها مِن الرضاع فهم كلهم حرام عليها‪.‬‬
‫كذلك زوجُ تلك الرأة الرضِعة يكون أباها مِن الرضاع ‪ ..‬أي صاحبُ اللب الذي رَضَعَتْ به‪،‬‬
‫فالزوج نفسُه حرام عليها‪ ،‬وأبوه ‪ ..‬جدّها هو حرام عليها‪ ،‬وإخوَتُه هم أعمامُها حرام عليها‪ ،‬كما يَدلّ على‬
‫ذلك حديثُ عائشة ف قِصّة أفلح أخِ أَب القُعَيْس‪.‬‬
‫وكذلك أبناءُ ذلك الزوج مِن غيِ تلك الرأة هُم إخْوَتُها مِن الرّضاع وأبناءُ أبناءِه هم أبناءُ‬
‫إخوتِها مِن الرّضاع ‪ ..‬هم حرامٌ عليها‪ ،‬وأبناء بناته هم أبناء أخواتِها مِن الرضاع‪.‬‬
‫وبِالملة فَمَا يَحْرُم على الرّاضِع مِن قِبَلِ أبيه الذي وَلَدَه ومِن قِبَلِ أُمّه الت وَلَدَتْه‬
‫يَحْرُم عليه مِن قِبَلِ الرأةِ الت أَرْضَعَتْه ومِن قِبَلِ زوجِ تلك الرأةِ الـمُرْضِعَة‪ ،‬لنّ الرضاع‬
‫كالنّسب ف انتشار الرمة ‪ ..‬ل فَرْق بيْن المْريْن‪ ،‬كما جاء ف الديث الصحيح‪ ( :‬يَحْرُمُ مِن الرّضاع ما‬
‫يَحْرُمُ مِن النّسب )‪.‬‬
‫وهذا أمرٌ يُخطِئُ فيه كثيٌ مِن الناس مع السف الشديد‪:‬‬
‫فمِنَ الهَلَة مَن يَقول‪ " :‬ل يَحْرُم إل الرضيعُ بِالرضيع " ‪ ..‬أي الرْمَة تَقع بيْن الطفل والطفلة‬
‫الذيْنِ كان رضاعُهما ف وقتٍ واحد ‪ ..‬هذا جهلٌ عظيم ‪ ..‬هذا أمرٌ منافٍ لِما دَلّتْ عليه السنّة النبوية‬
‫على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪.‬‬
‫ومنهم مَن ل يَعتقِد أنّ الرمة تَنتشِر ف أَنساب ونَسِيبَاتِ زوجِ الرأة الـمُرْضِعَة ويَعتبِرون‬
‫أنه ل علقةَ لِلزوج بِهذا الرّضاع ‪ ..‬أيضًا هذا القولُ هو ف مُنْتَهَى الهل‪ ،‬لنّ الزّوْجَ بِنَصّ حديثِ‬
‫رسول ال هو أبٌ لِلطفل الرّاضِع أو الطفلة الراضِعة مِن امرأته‪.‬‬
‫وكثي مِن الناس يَقعون ف الحذور بِسبب هذا الهل ويَتزوّجون على غيْر بصيةٍ مِن أمرهم ويَنتهي‬
‫المرُ بعدَ انكشافِ المر إل الفُرْقَة الت تَترتّب عليها الشكِلة بِسبب الولدِ الذين يَكونون ضحايا‬
‫الهْل ‪ ..‬جهل البوين وجهل السرتي‪ ،‬فلجْل ذلك يَجِبُ على النسان عندما يُقْدِمُ على الزواج أن‬
‫يَكون على بَيِّنَة مِن أَمْرِه وبَصيةٍ مِمّا يَأت ومِمّا يَذَر‪.‬‬
‫‪19 / 12‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫هذا وقد ذَهب أصحابُنا‪-‬رحهم ال‪-‬إل أنّ الرّجل الذي يَزن بِالرأة ل تَحِلّ له بعدَ ذلك الزنى‬
‫بِحالٍ مِن الحوال‪ ،‬وهو قولٌ مروي عن طائفةٍ مِن الصحابة رضوان ال عليهم‪ ،‬فقد رُوِيَ عن كلّ مِن‬
‫المامِ علي وعائشةَ أُمّ الؤمني والبَراء بن عازِب وابن مسعود رضي ال‪-‬تعال‪-‬عنهم ‪ ..‬رُوِيَ عن كلّ‬
‫منهم أَنّه قال‪ " :‬أَيُّما رَجلٍ زن بامرأة ث تَزوّجها فهما زانيان أبدا "‪ ،‬وما كان ذلك إلّ مِن أجْل سَدّ‬
‫ذريعةِ الفساد‪ ،‬ولئن كان هذا القولُ صَدَرَ مِن هؤلء الصحابة الكرام ف ذلك العهْد الزاهِر ‪ ..‬عهد‬
‫الطهر والعفاف ‪ ..‬عهد الناهة والشمة والوقار ‪ ..‬عهد الرص على تعاليم القرآن وتعاليم السنّة النوبية‬
‫والشئزاز مِن الرذيلة وعدم الرّغبة ف الَوْمِ حول حاها‪ ،‬فكيف بالال ف زماننا هذا الذي انتشر فيه‬
‫الفساد وغرِق الناس فيه إل الذقان ‪ ..‬أَليْس أوْل بِأن يُوصَد هذا الباب ‪ ..‬باب الذّوَاقَة بيْن‬
‫الشهوانيي برمانم مِن الزواج بعدَ ذلك‪ ،‬فإنه عندما يَعرِف كلّ مِن الرّجل والرأةِ بِأنّ هذه‬
‫الذّوَاقَة تُؤدّي بِهما إل هذا الرمان يَتأَفّفان منه ولو دَفعتْهما إليه الشهوة‪ ،‬على أنّ الزواج رابطةٌ‬
‫مقدّسة يَجب ألّ تَشُوبَها رِيبة وألّ تَحوم حوْل حِماها‪ ،‬فإنّ القرآن الكري يُبيّن لَنَا أنّ الزواجَ‬
‫‪َ :‬ومِنْ آيَاتِهِ َأنْ َخلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِ ُكمْ أَزْوَاجًا لّتَسْ ُكنُوا إِلَيْهَا وَ َجعَلَ بَيْنَكُم مّوَ ّدةً‬ ‫اطمئنان‪ ،‬عندما يقول‬
‫َورَحْ َمةً إِنّ فِي َذِلكَ ليَاتٍ لّقَ ْومٍ يََتفَكّرُونَ [ سورة الروم‪ ،‬الية‪ ،] 21 :‬فالزّواج جَعلَه ال صِلةَ رحة‬
‫يَأوي إليه الرّجل والرأة‪ ،‬وهو سببٌ لِلطمأنينة الت تَغْشَى صُدُورَهُما فيَطمئن كلّ واحدٍ منهما إل‬
‫بِحيث يَسْكُن‬ ‫‪ ...‬لّتَسْكُنُوا ِإلَيْهَا ‪...‬‬ ‫الآخر‪ ،‬ولذلك عبّر القرآن عنه بِهذا التعبي عندما قال‪:‬‬
‫الرّجل إل الرأة ‪ ..‬أي يَطمئِن إليها طمأنينةً تامّة وتَسكُن هي إليه‪-‬أيضا‪-‬بِحيث تَطمئِن إليه‬
‫طُمَأنينةً تامّة‪ ،‬وأنّى لِرَجل عَاشَرَ امرأةً على بِساط الدّعارة والفجور وقاسَمها الفحشاء ونازَعها‬
‫الرذيلة أن يَطمئِنّ إليها ف يومٍ مِن اليام ؟! وأنّى لَهَا أن تَطمئِن إليه ولو تابَا معا ؟! فمِن هنا نَجِد‬
‫أنّ هذا العلج علجٌ ناجح ف إغلقِ البواب أمام هؤلء الشهوانيي الذين ل هَمّ لم إل شهواتُهم‪،‬‬
‫على أنّ كثيا منهم كانوا ذِئابا مفترِسة ‪ ..‬كثيٌ مِن هؤلء رَزَؤُوا الفتياتِ ف أعمارِ الزهور ف أعزّ ما‬
‫يَمْلِكْن وهو عِفّتُهُنّ وكرامتُهُنّ بِسبب اصطيادِهم لَهنّ بِهذا المَل الادِع وهو أن يكون هذا‬
‫الشاب لذه الفتاة ف يومٍ مِن اليام فارِسَ أحلمها وشَريك حياتا وإذا به بعد ما يَرْزَؤُها ف أَعزّ ما‬
‫تَمْلِك يَرْفُسُها بِرِجله ول يُبَال بِمصيها بعدَ ما رَزَأَها ف أَعزّ ما تَمْلِك وبعدَما مَلَ أحشاءَها‬
‫بِجنيٍ يُؤَرّقُها بِأَنّاتِه التصاعِدة الت تُحِسّها بِأحاسيسِها ومشاعِرِها ‪ ..‬تلكَ الَنّاتُ العنوية‬
‫الت تَنبَعِث مِن ذلك الني وتُحِسّ با هذه الرأة الت رُزِئَتْ بِسبب الستقبَل الظلِم الذي يَنتظِره‬
‫‪ ..‬ذلك الستقبَل الذي إمّا أن يَكون َوأْدًا ف مصَحّاتِ الجهاض وإمّا أن يَكون حياةً كلّها تعبٌ‬
‫وعناءٌ واحتِقارٌ وازدِراء بِسبب كونه هَجِينًا ل علقةَ له بِأَبٍ شرعي‪ ،‬فل كرامةَ له عند الناس ‪..‬‬
‫مِن أجْلِ ذلك كان الذرُ كلّ الذر مِن الوقوع ف هذا الشّبَاك الادِع أمرًا مطلوبًا‪ ،‬وكان‬
‫‪19 / 13‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫بِجانبِ ذلك اجتِثات هذه المال بِصَوَارِم هذا الِحكام مِن الدراكِ العميقِ لِمقاصِد الشريعة‬
‫السلمية‪.‬‬
‫وهناك بعض الخطاءِ الخرى الت ربّما ل تَحْضُرْنَا الن‪ ،‬ول يَتّسِع القام‪-‬أيضًا‪-‬‬
‫لستيعابِها‪.‬‬
‫وهناك أخطاء كثية تقع ف الطلق‪ ،‬وعلى مَن يُريد الزواج أن يَتعلّم أحكامَ الطلقِ‬
‫ويَدْرُسَها قبلَ أن يُقْدِمَ على الزواج‪ ،‬لِما ف الطإِ ف الطلقِ مِن عواقِبَ وَخِيمة يَتَجَرّعُ‬
‫الكلّ مَرارَتَها وغُصَصَها‪.‬‬
‫فنسأل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬العفو والعافية‪ ،‬ونسأله أن يَهدينا إل سواء الصراط إنه على كل شيء‬
‫قدير وبالجابة جدير‪ ،‬نعم الول ونعم النصي‪ ،‬وصلى ال وسلّم على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬

‫صعْب أن‬
‫أَنظُر إل السئلة وهي تَنْهال سيْل بعْد سيْل لذلك ُأ َق ّدمُ بيْن يدي الجابة على السئلة لنه مِن ال ّ‬
‫نُجِيب على جيع هذه السئلة لِضيْق الوقت‪ ،‬فيَنبغي أن ُيقدّم منها الهمّ على الهم بِمشيئة ال سبحانه‪ ،‬ونَسأل ال‬
‫التوفيق للجميع‪.‬‬
‫كنتُ َأتَمنّى أن يُست ْدرَك ما فاتن ف هذه الحاضَرة مِن خطإٍ يَقع فيه الناس بِسؤالٍ يُوجّه ولكنّن َل َعلّي‬
‫أَست ْدرِك بِنفسِي ‪ ..‬أَست ْدرِك هذا الفائِت بِالتنبيه على هذا الطإ‪.‬‬
‫خطٌأ يَقع الناس فيه كثيًا ونَحن بِحكمِ اتّصالِنا بِالناس ا ّطلَعنا على عاقبةِ هذا الطإ وهو ما يُسمّى ف‬
‫شغَار ‪ ..‬بِح ْيثُ يَشترِط هذا على ذاك وذاك على هذا أن ُي َزوّجَ كلّ واح ٍد منهما َولِيَّتهُ له على‬
‫ال ُع ْرفِ الشّرعي بِال ّ‬
‫أن ُي َزوّ َجهُ َولِيَّتهُ ‪ ..‬هذا أمرٌ غيْر جائز‪ ،‬فإن كان هنالك صداق فإنّ الصداق كثيًا ما يَكون صُورِيا فقط بِحيث‬
‫يَدفَع كل ّواحدٍ مِن البَويْن إل ابنتِه الشيءَ اليسي الذي ُيرْضِيها بِه‪:‬‬
‫أوّل الصداقُ ل ُي ْدفَعُ مِن قِبَ ِل ال َولِي ‪ ..‬إنّما ُيدْفَ ُع مِن قِبَ ِل الزوج‪.‬‬
‫ح حقّها مِن‬
‫المر الثان أ ّن الصداقَ يَجِب أن يَكون بِحسب رَغبة الرأةِ ل بِحسب رَغبة الوَلِي‪ ،‬فل يُجْتَا ُ‬
‫أجْل ُمرَاعَا ِة وَلِيّها أو مِن أجْل مراعاةِ قريبِها مِن أَخٍ أو غ ْيرِه ‪ ..‬ل يُجْتَاحُ ح ّق الرأةِ ‪ ..‬هذا خطأٌ كبي‪.‬‬
‫ط هو جز ٌء مِن الصداق وكما أنّه ل يَجوز أن يَكون ُبضْعُ امرأةٍ صداقًا لُِبضْعِ‬
‫ثالثا‪-‬بِجانب هذا كلّه‪-‬الشر ُ‬
‫امرأةٍ أخرى كذلك اشتراط امتِلك هذا الُبضْع مِن أجْل تَحلِيل ذلكَ الُبضْعِ هو أمرٌ غ ْيرُ جائز‪ ،‬لنه يَدخُل ف‬
‫جبُ التّنَبّه لذلك ‪ ..‬على أنّنا وَ َجدْنَا العواقبَ الوَخِيمة الت تَترتّب على هذا الزواج‪،‬‬
‫الصداقِ الحظورِ شرْعا‪ ،‬فيَ ِ‬
‫ح قَط ‪ ..‬سرْعان ما تَكون هنالِك خِلفات ويَكون هناك شِقاق ما بيْن أحدِ‬
‫ج مِن هذا النوع يَنجَ ُ‬
‫فما يَكاد زوا ٌ‬
‫‪19 / 14‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫حرِص السر ُة الخرى‪-‬أيضًا‪-‬على انِْتزَاعِ ابنتِها مِن الزوج الخر وإن‬


‫شقَاق تَ ْ‬
‫الزوجيْن والخَر وبِسبب هذا ال ّ‬
‫جبُ الذ ُر منه‪.‬‬
‫ق معه‪ ،‬فنحن َعرَفْنَا مثل هذا الزواج يَنتهي إل الفَشَ ِل ال ّذرِيع‪ ،‬فلذلك يَ ِ‬
‫كانت على ِوفَا ٍ‬
‫س ‪ :1‬ما هو حك ُم السلم ف زواج رَجل مِن امرأة التَقى بِها واخْتلَى با عِدّة مرات َقبْلَ خ ْطبَتِها ؟‬
‫حرَم )‪ ،‬ويَقول‬
‫خ ُلوَن بِامرأة إ ّل مع ذي مَ ْ‬
‫ج‪ :‬الديثُ عن النب يَقول‪ ( :‬مَن كان يُؤمِن بِال واليوم الخِر فل يَ ْ‬
‫حرَم )‪ ،‬وقال ‪ ( :‬إيّاكم والدخولَ على‬
‫خ ُلوَن رَجلٌ بِامرأة إ ّل مع ذي مَ ْ‬
‫عليه أفضل الصلة والسلم‪ ( :‬أَلَ َل يَ ْ‬
‫النساء ) فقال له رَج ٌل مِن النصار‪ " :‬أَرأيتَ الـحَ ْموَ يا رسول ال ؟ " ‪ ..‬أي حَم الرأة الذي هو أخُ زوجها ‪" ..‬‬
‫‪ ( :‬الـحَ ْم ُو الوت ) ‪ ..‬أي خطورتُه على زوجةِ أخيه كخطورةِ الوت‪،‬‬ ‫ح ْموَ يا رسول ال ؟ " فقال‬
‫أَرأيتَ الـ َ‬
‫وذلك لنّ الـخَلوة بيْن الرّجل والرأة الجنِبيَيْن مُفضِيَة إل أن تَتغ ْلغَل وسا ِوسُ الشيطا ِن ف نفسِ كلّ منهما‪ ،‬فمِن‬
‫هنا كانت هذه الـخَلوة مُحرّمةً شرْعا‪.‬‬
‫والناسُ كثيًا ما يَتساهَلون بِسبب أ ّن هذا الرجل هو أخُ زوجِ هذه الرأة أو هو اب ُن خالـها أو هو ابن خالَتِها أو‬
‫ي حال‪-‬مُحرّمة ‪ ..‬ل تَجوز اللو ُة بِحا ٍل مِن‬
‫هو ابن عَمّتِها أو هو ابن عَمّها أو هو زوجُ أختِها‪ ،‬فاللوةُ‪-‬على أ ّ‬
‫الحوال‪ ،‬ومهما يَكن اللو ُة هي مُحرّمة ‪ ..‬كما قلتُ ل تَجوز ولكن مع ذلك بِمج ّر ِد وُقوعِ اللوة إن ل تَكن‬
‫ح ُرمُ الرأةُ على الرّجل‪ ،‬لنّ الديثَ عن النب يَقول‪:‬‬
‫مباشَرة بِالوِقاع الذي َتغِيب فيه الشفةُ ف ال َفرْج لَ تَ ْ‬
‫صدّقُ ذلك ويُكذّبه الَفرْج )‪.‬‬
‫( العينان تَزنِيان واليدان تَزنِيان والرّجلن تَزنِيان وُي َ‬
‫س ‪ :2‬الـمَهر حقّ لِمَن ؟‬
‫ج‪ :‬قلنا [ ص ‪ ] 5‬بأنه حقّ للمرأة ‪ ..‬ل دخل لِلول فيه ‪ ..‬إنا هو مؤتَمَنٌ عليه عندما يُدفَع إليه حت يُسلّمه إل َولِيته‬
‫كامل غيْر مَنقوص‪.‬‬
‫س ‪ :3‬هَل الدّْبلَ ُة حلل ؟‬
‫جتْ إل بلدِ السلم مع الغزْو الجنب‪ ،‬والجنب َرمَانَا بِقاذُوراتِه و َش َغلَنا‬
‫ج‪ :‬هذه مِن العادات الجنبية الت وََل َ‬
‫ف الشديد‪-‬اشت َغلْنا بِهذهِ‬
‫بِسلبياتِه وألْهانا ِبُترّهاتِه‪ ،‬ولَيْتَنا نَح ُن َقلّدْنا الجانِب ف المورِ اليابية لكن‪-‬مع الس ِ‬
‫الّترّهات‪.‬‬
‫سبَ الوْهامِ الـمَوجودَة عندَهم أنّ‬
‫وأص ُل الدّْبلََة هي خُرافَة كانت عند الرّومان‪ ،‬فالرّومان كانوا يَعتقِدون ح ْ‬
‫صرِ الَي ِد اليُسرى ويَقولون‪-‬حسْب أوهامِهم‪-‬بِأنّ الرّجُل الذي يُلِبسُ الرأةَ خاتَما مِن حديد ‪..‬‬
‫القلْب يَنبُض ف خِ ْن ِ‬
‫صرِ‬
‫ف بدايةِ المْر كانتْ الطريقة الـمُتَّبعَة خاتَم مِن حديد ‪ ..‬الرّجُل الذي يُلِبسُ الـمَرأة خاتَما مِن حديدٍ ف خِن ِ‬
‫صرِه‬
‫َيدِها اليُسرى يَمت ِلكُ قَلبَها ‪ ..‬يَأ ِسرُ قَلبَها بِذلك‪ ،‬والـمَرأة الت تُلِبسُ الرّجَل‪-‬أيضا‪-‬خاتِما مِن حديد ف خِن ِ‬
‫اليُسرى تَمتلِك قَلبَه‪ ،‬فكانا يَتبادَلنِ هكذا الـخَواتِم الديدية ف بدايةِ المْر‪ُ ،‬ثمّ تَط ّو َرتْ هذه العادَة ف أوربّا ‪..‬‬
‫ش َرتْ ف بقيّة أوربّا وتَ َط ّو َرتْ إل الاتَم الذّهبِي بدل مِن الاتَم الديدِي‪ ،‬وهذه خُرافة ل أساسَ لَها مِن الصّحّة‪.‬‬
‫انتَ َ‬
‫ونَحنُ َنرَى ك ْم مِن زواجٍ يَكو ُن مَصحوبًا بِتبادُل الدّْبلَتَيْن ما بيْن الرّجُل والـمَرأة ول يَترتّب على هذا الزّواج إلّ‬
‫صرِين الن تَزوّجوا ويَتزوّجون بِدونِ تبادُل شيءٍ‬
‫سرِيع‪ ،‬مع أنّ كثِيًا مِن الباءِ والجدا ِد والـمُعا ِ‬
‫الفَشَلُ ال ّذرِيعُ ال ّ‬
‫مِن ذلك ويَكونُ زواجُهم ناجِحًا بِمشيئةِ ال ‪.‬‬
‫‪19 / 15‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫هذا وبِجانبِ هذا التّقلِيد هنالِك ُح ْرمَة ف ل ْبسِ الذّهبِ مِن قِبَلِ الرّجُل‪ ،‬فإنّ الذّهبَ حرامٌ على الرّجال‪ ،‬بِالنّصّ‬
‫حرّمَانِ على رِجال ُأمّتِي )‪ ،‬ورأى النب‬
‫والجاع ‪ ..‬أَ َخذَ النب قِطعةً مِن حرِير وقِطعةً مِن ذَهب وقال‪ ( :‬هذان مُ َ‬
‫ضعُها ف َيدِه ) فرَمى الرّجُل خاتَمه‬
‫رَجُل لبِسًا خاتَما مِن ذَهب فقال له‪َ ( :‬يعْمدُ أحدُكم إل َج ْمرَ ٍة مِن نا ٍر فَي َ‬
‫على الرض‪ ،‬وعندما قيل له‪ُ " :‬خذْ خاتَمك " قال‪ " :‬ما كنتُ ل ُخذَه بعدَ أن سَمعتُ الرسو َل يَقولُ فيه ما قال‬
‫"‪ ،‬فكيف يَسوغُ لِهذا الرّجُل الذي تَقومُ عليه الـحُجّة مِن هذه السّنّة النبوية‪-‬على صاحبِها أفضلُ الصّلة‬
‫ح ْر َمةِ الذّهب أن يَلَبسَ الذّهب ؟! أنّى له أن يَلَبسَ الذّهب ؟! كيف يَسُوغُ له أن يَلَبسَ الذّهب ؟!‬
‫والسّلم‪-‬بِ ُ‬
‫هذا ونفسُ التّقلِيد لعداءِ ال ما هو إل َرمْ ُز مُوالتِهم‪ ،‬ومُوالتُهم مُح ّرمَةٌ بِالنّصوصِ القاطِعة‪ ،‬بل هذه الـمُوالة‬
‫ي والعياذ بِال‪ ،‬لنا تُفضِي بِصاحبِها إل الرتِدا ِد عن دِي ِن السلم ‪ ..‬ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يَقولُ‬
‫تُفضِي إل أ ْمرٍ خطِ ٍ‬
‫ض َومَن يََتوَّلهُم مّن ُكمْ َفإِّنهُ‬
‫خذُوا اْلَيهُو َد وَالّنصَارَى َأوْلِيَاء َب ْعضُ ُهمْ َأوِْليَاء َبعْ ٍ‬
‫يَا َأّيهَا اّلذِينَ آمَنُوا لَ تَتّ ِ‬ ‫ف كتابِه‪:‬‬
‫ي [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ُ ،] 51 :‬ثمّ بَيّن أنّ هذه الـمُوالة تَنشَأ عن مرض‬
‫مِ ْن ُهمْ إِنّ الَ َل َي ْهدِي اْل َق ْومَ الظّالِمِ َ‬
‫ل أَن َيأِْتيَ‬
‫فََترَى اّلذِينَ فِي ُقلُوِبهِم ّم َرضٌ يُسَارِعُونَ فِي ِهمْ َيقُولُونَ َنخْشَى أَن ُتصِيبَنَا دَاِئرَ ٌة فَعَسَى ا ُ‬ ‫نفسان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫[ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ُ ،] 52 :‬ث ّم بعدَ ذلك‬ ‫ي‬
‫سهِمْ نَا ِدمِ َ‬
‫بِاْلفَتْحِ َأوْ َأ ْم ٍر مّنْ عِن ِد ِه فَيُصْبِحُوا َعلَى مَا أَ َسرّوا فِي َأْنفُ ِ‬
‫يَا أَّيهَا اّلذِينَ آمَنُوا مَن‬ ‫يُخا ِطبُ هذه ا ُلمّة مُح ّذرًا إياها مِن الرتداد ومُبَيّنًا عاقبةَ هذا الرتداد‪ ،‬عندما يَقول‪:‬‬
‫ي أَ ِعزّةٍ َعلَى الْكَا ِفرِينَ يُجَا ِهدُونَ فِي‬
‫حبّوَنهُ َأذِّلةٍ َعلَى الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ل ِب َقوْمٍ يُحِّب ُه ْم وَيُ ِ‬
‫س ْوفَ َي ْأتِي ا ُ‬
‫َيرَْت ّد مِن ُكمْ عَن دِيِن ِه فَ َ‬
‫ل ُيؤْتِي ِه مَن يَشَاء وَالُ وَاسِعٌ َعلِي ٌم [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ُ ،] 54 :‬ثمّ‬
‫ك فَضْلُ ا ِ‬
‫ل وَ َل يَخَافُونَ َل ْومَةَ لاِئ ٍم ذَِل َ‬
‫سَبِيلِ ا ِ‬
‫لةَ‬
‫ل َورَسُوُل ُه وَاّلذِينَ آمَنُوا اّلذِي َن ُيقِيمُونَ الصّ َ‬
‫ِإنّمَا َولِيّ ُكمُ ا ُ‬ ‫بعدَ ذلك يُبَيّن لِمَن تَكو ُن مُوالةُ الـمُؤمِن‪ ،‬فيَقول‪:‬‬
‫َوُيؤْتُونَ الزّكَا َة َو ُهمْ رَا ِكعُونَ [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ُ ،] 55 :‬ثمّ يَُبيّنُ عاقبةَ هذه الوالة وهذا التّرابُط بيْن الؤمِني‪،‬‬
‫ل َورَسُوَل ُه وَاّلذِينَ آمَنُوا َفإِنّ ِح ْزبَ ال ّلهِ ُهمُ اْلغَالِبُو َن [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪.] 56 :‬‬
‫َومَن يََتوَلّ ا َ‬ ‫فيَقول‪:‬‬
‫فإذن هذهِ الدّْبلَة هي مِن جُملةِ التّقلِيدِ العمى‪ ،‬والتّقلِيدُ العمى هو مِن رموزِ هذه الـمُوالة الت تَكو ُن بيْن‬
‫جرّ هذه الـمُوالة إل الرتداد عندما يَست ِم ّر فيها النسانُ شيئا فشيئا‪ ،‬لنّ‬
‫ضعِيف وبيْن ال َك َفرَة‪ ،‬وقد تَ ُ‬
‫النسانِ ال ّ‬
‫جلّه‪ُ ،‬ثمّ هذا الــحُب وهذا التّعظِيم وهذا الِجْلل كلّ‬
‫النسا َن مِن عادتِه أن يُق ّلدَ مَن يُحِبّه ومَن ُيعَظّمُه ومَن يُ ِ‬
‫خرُجَ النسان عن دائر ِة السلم نِهائيا‬
‫منها يَدعُو شيئا فشيئا إل الستِرسالِ ف التّباع حت يَ ْن َفرِطَ ال َعقْد ويَ ْ‬
‫والعياذ بِال‪.‬‬
‫س ‪ :4‬ما حك ُم الفعا ِل التالِية ؟ الت يَفعلُها النّاس ف هذه البلدان ليل َة الزواج‪:‬‬
‫شرِ الُولَى مِن سورة النّور‪.‬‬
‫‪-‬قراءة اليات ال َع ْ‬
‫ج‪ :‬أمّا إن كان الزّوجُ نفسُه يَقرأُها فهي وإن لَم تَكُن فيها ُسنّة ل مانِع مِن ذلك‪ ،‬أما أن يَأتِي الرّجُل الجنب‬
‫ويَدخُل ما بيْن الزّوجَيْن فذلك ل يَجوز‪.‬‬
‫جرَتِه‪.‬‬ ‫س‪َ - :‬وضْعُ ال ّزوْ ِ‬
‫ج رِ ْجلَه على رِجْ ِل الـمَرأة ويَدَه على رَأْسِها ويَقرَأ الفاتِحة قب َل دُخولِه إل ُح ْ‬
‫‪19 / 16‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ج‪ :‬قراءةُ الفاتِحة وإن ل َت ِردْ بِها سُنّة إل أ ّن مَن قرأَها لِلتَّبرّك فَالقرآن كلّه َبرَكَة ‪ ..‬مَن قرأَها مِن أجْلِ الَبرَكَة فل‬
‫سرَ لَه خ ْيرَها وأن‬
‫ج عليه وإنَما ُي ْؤمَر النسان أن َيضَعَ َيدَه على َيدِ‪ 1‬امرَأتِه ُثمّ يَدعُو ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أن يُيَ ّ‬
‫حر َ‬
‫يَ ْكفِيَه َشرّها‪.‬‬
‫س ‪ :5‬مَنَ َع وَلِ ّي وَلِيتَه مِن الزواج وقد َبَلغَت سبعًا وعِشرِينَ َسنَة مُتعلّل تارةً بِأنّ الا ِطبَ ليس مِن نفسِ القبيلة‬
‫صرّ على‬
‫وتارةً بِأنّ الاطِب مُوظّف صغِي إل آ ِخرِ تلكَ العذار ولقد حَاوَلَ أحدُ الشايخ التّوسّط ف المْر ولكن َأ َ‬
‫مَْنعِها مِن التّزوّج‪ ،‬فما نصيحتُكم له ؟‬
‫ج‪ :‬هذا رَجُل ل يَدخُل اليانُ قلبَه ولَم يَستجِب ل ْمرِ ال ‪ ،‬فهو يَنوءُ بِأوزارٍ ثِقال ‪ ..‬هذه الوزار مِن بينِها ِو ْزرُ‬
‫مَنْ ِع وَلِيتِه مِن الزّواج‪ ،‬ومنها ِو ْزرُ تَعرِيضِها لِلفحشاء‪ ،‬فهو جَديرٌ بِأن يُؤدّب‪ ،‬وإ ّن مِن ال ْمرِ بِالـمَعروف والنّهيِ‬
‫عن الـمُنكَر أن يُؤ ّدبَ أمثالُ هؤلء بِما يَراه الا ِكمُ الشّرعِي زا ِجرًا لَهم ولمثالِهم عن التّلعُب بِالعْراض‪،‬‬
‫والشّ ْكوَى مِن هذه البِنت ‪ ..‬مِن وَلِيتِه ‪ ..‬الشكوى منه ل تُعتَبرُ ُعقُوقًا بِحا ٍل مِن الحوال بل ذلك مِمّا يَدخُل ف‬
‫ال ْمرِ بِالـمَعروف والنّهيِ عن الـمُنكَر‪ ،‬فلتُ َقدّم َش ْكوَاها إل القاضِي الشّرعِي‪ ،‬وعلى القاضِي الشّرعِي أن‬
‫صرُوها على ذلك‪.‬‬
‫صرَها بل على الـمُسلِمِي أن يُنا ِ‬
‫يُنا ِ‬
‫س ‪ :6‬ما هي ال ّ‬
‫صوَر الت تُستَثنَى مِن القاعِدة الشّرعية‪ " :‬يَحرُم مِن الرّضاع ما يَحرُم مِن النّسَب " ؟‬
‫ج‪ :‬هناك مِن الفقهاء مَن ل يَرى الستثناءَ بِحالٍ مِن الحوال ‪ ..‬لِماذا ؟ لنّ السباب الت َتقَع مِن أ ْجلِها‬
‫ت مِن هذه القاعِدة‪ ،‬وهذا هو‬
‫ص َورِ الـمُستثنَاة حتّى تُعتبَر أنّها استُثْنَِي ْ‬
‫الـحُرمَةُ ف النّسَب غ ْي ُر مَوجودَةٍ ف هذه ال ّ‬
‫مذهبُ الشافعية‪ ،‬وقد نصّ عليه غ ْيرُ واحدٍ مِن علماءِ الشافعية ‪ ..‬قالوا بِأنّه ل استثناء ‪ ..‬لِماذا ؟ قالوا لنّ هذه‬
‫ب آخَر ‪ ..‬هذا السببُ الخَر غ ْيرُ‬
‫الـحُرمَة ف النّسَب لَم تَكُنْ لِلسّبَب الـمَوجودِ ف الرّضاع‪ ،‬وإنّما كانتْ لِسب ٍ‬
‫حاصِلٍ ف الرّضاع‪.‬‬
‫ض النّاس مَوقِف الشافعية ف هذه‬
‫ومنهم مَن رأى الستثنا َء َدفْعا ِللّبْس‪ ،‬وهذا قولُ جُمهورِ العلماء‪ ،‬وقد التََبسَ بع ُ‬
‫صوَر هي قائِمَة عند الشافعية ولكن ل ْيسَ ال ْمرُ كذلك‪،‬‬
‫القضية فظَنّوا أنّ حُر َمةَ التّزوّج مِن خِللِ أُ ُطرِ تلكَ ال ّ‬
‫حرِين‪.‬‬
‫ي مِن كِبَارِ العلماءِ الـمُتَبَ ّ‬
‫فكلمُهم صرِيحٌ ف هذا‪ ،‬وقد َوقَعَ ف هذا اللّبْس كثِ ٌ‬
‫وهناك مَن اسَتثِنَى‪.‬‬
‫ي مِن النّاس صُورتَانِ لِلستِثْناء‪ ،‬وهي ُأمّ الَخ وأُخْت البن‪ ،‬فأُمّ الَخ مِن النّسَب هي حَرام ‪..‬‬
‫وقد شا َعتْ عندَ كِث ٍ‬
‫ليّ شيء هي حَرام ؟ لنّها إمّا أن تَكون ُأمّ النسانِ نفسِه وإمّا أن تَكون زَوجةَ أَبِيه‪ ،‬فعلى ِكلْتَا الالَتَيْن هي‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من‬ ‫ُح ّر َمتْ َعلَيْ ُك ْم ُأمّهَاتُ ُكمْ ‪...‬‬ ‫ح ّرمَة‪ ،‬لنّ ال‪-‬تعال‪-‬يَقول‪:‬‬
‫ح ّرمَة ‪ ..‬إن كانتْ ُأمّه هي مُ َ‬
‫مُ َ‬
‫ح آبَاؤُكُم مّنَ النّسَاء‬
‫وَلَ تَنكِحُوا مَا نَكَ َ‬ ‫ح ّرمَة‪ ،‬ل ّن ال‪-‬تعال‪-‬يَقول‪:‬‬
‫ت زوجةَ أَبِيه فهي مُ َ‬
‫الية‪ ،] 23 :‬وإن كان ْ‬
‫خ مِن الرّضاع ل تَترتّب عليها الــحُرمة إن لَم تَكُن‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من الية‪ ،] 22 :‬وُأمّ الَ ِ‬ ‫ف ‪...‬‬
‫إِ ّل مَا َقدْ َس َل َ‬
‫ث رَضَ َع ذلك الخَر الذي هو أخوه مِن الرضاع مِن ُأمّه‬
‫خ مِنَ الرّضاع بِحي ُ‬
‫ُأمّا لِهذا الخَر أيضا‪ ،‬فمَن كان عندَه أَ ٌ‬

‫‪-1‬لعلّ الشيخ قصد أن يقول " ُم َقدّمَ ِة رأسِ امرأَتِه " بدل مِن " َيدِ امرأَتِه "‪.‬‬
‫‪19 / 17‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫هو زيد وعمرو ‪ ..‬زيد رَضَ َع مِن ُأمّ عمرو ‪ ..‬عمرو ل تَحرُم عليه ُأمّ زيد لنا ليست ُأمّه ‪ ..‬ل يَرضَع هو منها وإن‬
‫كانت ُأمّ أخيه مِن الرضاع وليست زوجةَ أبيه فل يُوجَد السبب الذي تقع مِن أجْله الرمة‪.‬‬
‫والصورة الثانية‪ :‬أُختُ البن مِن النّسب إما أن تكون ابنةَ النسان نفسِه وإما أن تكون ابنةَ زوجَتِه ‪ ..‬أي أن‬
‫‪َ ...‬ورَبَاِئبُ ُكمُ اللّتِي‬ ‫تكون ربيبته‪ ،‬وعلى الالتيْن هي حرام ‪ ..‬إن كانت زوجته عندها ابنة فابنتُها حرام عليه‪:‬‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من الية‪ .. ] 23 :‬هذا نصّ ف القرآن‪ ،‬والبنة‬ ‫فِي حُجُورِكُم مّن نّسَائِ ُكمُ اللّتِي دَ َخلْتُم ِبهِن ‪...‬‬
‫مِن بابٍ أوْل هي مُحرّمة ولكن عنده ابن ‪ ..‬هذا البن رَضَ َع مِن امرأة أخرى فصارت بناتُ تلك الرأة أخوات‬
‫لبنه مِن الرضاع ل يَح ُرمْن عليه‪.‬‬
‫شاعت هاتان الصورتان‪ ،‬وف ذلك نَ َظمَ شيخنا إبراهيم بن سعيد العبي أبياتا يَقول فيها‪:‬‬
‫خ وأُ ْختَ ابنٍ ذي حَسب‬
‫ُأمّ أَ ٍ‬ ‫واستَث ِن مِن حُكم الرضاع كالنّسب‬
‫َأوْل فإنا حليلةُ الب‬ ‫ُأمّ أخيه ُأمّهُ ف النّسب‬
‫بِنفسِه أو أنا ربيبتُه‬ ‫وأختُ ابنه فإمّا ابنتُه‬
‫ولكن مع النظر يَتبيّن أنّ للشافعية وجها وجيها‪ ،‬فإنّ الرمة الت حصلتْ هناك ‪ ..‬الرمة الت حصلتْ ف النّسب ليستْ‬
‫حرُم عليه أختُ ابنه لنا أختُ‬
‫الرمة لجل هذا النّسب بِسبب الولود ف الرضاع ‪ ..‬هي ل تَحْرُم على هذا الرجل ‪ ..‬ل تَ ْ‬
‫ابنه مِن النّسب بل حَ ُرمَتْ عليه لِسبب آخر وهو كونا ابنتَه أو كونا ربيبتَه‪.‬‬
‫وكذلك ُأمّ أخيه ما حَ ُرمَتْ عليه لِمجرّد كونِها ُأمّ أخيه وإنا حَ ُرمَتْ عليه لكونا ُأمّه أو كونِها حليلةَ أبيه وهذا السبب غي‬
‫موجود فلذلك ما رأوا الستثناء على أننا إن قلنا بالستثناء فإنّ الستثناء ل يَنحصِر ف هاتيْن الصورتيْن ‪ ..‬هناك صُوَر‬
‫متعدّدة ‪َ ..‬نجِد‪-‬مثل‪-‬صاحب كتاب " البحر الزّخّار "‪-‬وهو مِن علماء الزيدية‪ ،‬ولكنه‪-‬يَنقُل عن علماء المصار ف كتابه‬
‫" البحر الزّخّار ف فِقه علماء المصار " ‪َ ..‬ذكَر ستّ صُوَر مُستثناة‪ ،‬ووَجدنا‪-‬أيضا‪-‬بعضَ العلماء َذكَر أربع صُوَر‪ ،‬وعند‬
‫صوَرا مُتعدّدة‪ ،‬وقد وَجدنا ابن لُجَيْن‪-‬وهو مِن علماء النفية‪-‬ف كتاب له يُسمّى " البحر‬
‫التأمّل تَبيّن أنّ هناك ُ‬
‫صوَرَ الستثناة إل ثَمانٍ وستّي صُورَة‪ ،‬وهذا ظاهِر‪ ،‬لنّ‬
‫الرّائِق " ‪ ..‬وَجدنا لبن لُجَيْن إِشباعًا لِهذه السألة وَأوْصلَ ال ّ‬
‫صوَر ل تَنحصِر ‪.1...‬‬
‫ال ّ‬
‫كذلك ُأمّ الال مِن النّسب َتحْرُم‪ ،‬لنا إمّا أن تَكون َجدّة وإما أن تكون زوجة جَد ‪ ..‬هي حرام‪ ،‬ولكن ُأمّ الال مِن‬
‫حرُم ‪ ..‬رجل عنده خال مِن النّسب وخالُه مِن النّسب أَرضعَتْه امرأةٌ أخرى ‪ ..‬تلك الرأةُ الخرى ل تَحْ ُرمُ‬
‫الرضاع ل تَ ْ‬
‫على هذا الرجل‪ ،‬لنه ل علقة له با‪.‬‬
‫كذلك ُأمّ ال َعمّ مِن النّسب َتحْرُم‪ ،‬لنا إما أن تَكون َجدّة وإما أن تكون زوجة جَد‪ ،‬لكن ُأمّ العَم مِن الرضاع ل تَحْرُم ‪..‬‬
‫رجل عنده عَم و َعمّه هذا أَرضعَتْه امرأةٌ أخرى ‪ ..‬هذه الرأةُ ل علقة له با‪.‬‬
‫ويُتصوّر ذلك فيما إذا كان رجل َرضَعَ مِن َجدّتِه هو فصار َعمّه مِن الرضاع أو صار خالَه مِن الرضاع وُأمّ ذلك الراضِع‬
‫موجودَة ل علقة له هو بِها فله أن يَتزوّجها ‪ ..‬أيضا نفس الشيء‪.‬‬
‫كذلك أُخت الفيد أو أخت الفيدة هي مِن النسب ‪ ..‬أخت الفيد إما أن تكون حفيدة وإما أن تكون ربيبةَ ابن أو‬
‫تكون ربيبة بنت فعلى الوجهي هي حرام‪ ،‬أما مِن ناحية الرضاع ليست هنالك حرمة‪.‬‬

‫‪-1‬كلمة غي واضحة‪ ،‬ويظهر أنّ عدم وضوحها غي مؤثر ف العن‪.‬‬


‫‪19 / 18‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫صوَر يُمكن أن تُستخرَج ‪.2...‬‬


‫كذلك لو نظرنا إل مموعة مِن ال ّ‬
‫هناك صُوَر متعدّدة عندما يُفكّر فيها النسان يَستطيع أن يُوجِدها ويَستطيع أن يَبحَث نظائر مُتعدّدة‪ ،‬فل يَنحصِر الستثناء‬
‫ف هاتيْن الصورتي‪ ،‬فإما أن يُقال بِأنه بِسبب أنّ الرمة ف النّسب واقعةٌ لِسببٍ ل يُوجَد ف الرضاع ‪ ..‬ل يُستثن شيء‬
‫لنه ل علقة لؤلء بذا الذي َحلّتْ له ‪ ..‬ل علقة له تَجعلُهنّ مُحرّماتٍ عليه‪ ،‬وإما أن يُقال بِأنّ الستثناءَ يَدخُل ف‬
‫قاعدة‪ " :‬يُستثن مِن عموم ( يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن النّسب ) كلّ ما كانت حُرمتُه ف النّسب بِسببٍ ل يُوجَد ف‬
‫الرضاع "‪.‬‬
‫س ‪ :7‬ما مقدار الرضاع الـ ُمحَرّم ؟‬
‫ج‪ :‬الذي نَعتمدِ عليه إطلقُ القرآن ‪ ..‬كلّ رضاع ُيحَرّم‪ ،‬لنّ الروايات الت وَردتْ فيها كثي مِن الضطراب‪ ،‬ويَكفي ما‬
‫ف الرواية الت اعتمَد عليها الكثي ‪ ..‬الرواية الت أخرجها مسلمٌ ف صحيحه مِن طريق عائشة‪-‬رضي ال عنها‪-‬بأنه كان‬
‫خنَ إل " خَمسٍ معلومات " وماتَ رسول ال وهنّ ِممّا يُتلى ف‬
‫سْ‬‫ح ّرمْنَ " ث نُ ِ‬
‫ِممّا أُنزِل ف القرآن‪َ " :‬عشْرُ َرضَعَاتٍ يُ َ‬
‫القرآن ‪ ..‬يَكفي لِ َردّ هذه الرواية بِأنّه ل يُمكِن بِحالٍ مِن الحوال أن يكون شيءٌ مِن القرآن الذي استقَرّ على الوضْع‬
‫حنُ نَزّلْنَا الذّ ْكرَ وَإِنّا َلهُ لَحَا ِفظُونَ‬
‫إِنّا نَ ْ‬ ‫القرآن إل وفاة رسول ال ُحذِفَ مِن الصحَف‪ ،‬لنّ ال‪-‬تعال‪-‬يقول‪:‬‬
‫[ سورة الجر‪ ،‬الية‪ ،] 9 :‬فل يكن أن يكون شيءٌ مِن القرآن ُحذِفَ مِن الصحَف‪ ،‬فهذا ِممّا يَدل على رَدّ هذه الرواية‪،‬‬
‫والخذُ بِسبب ذلك بالطلق الذي ف القرآن َأوْل‪.‬‬
‫س ‪ :8‬هل يَجوز لبْس فستان الفرح يوم الزفاف ؟‬
‫ج‪ :‬إن كان ليس فيه تَشبّه بِالفاسِقات ول بِالكافِرات وليس فيه إِسراف فل يُمنَع‪.‬‬
‫س ‪ :9‬هل يَجوز كشْفُ الزوجة ف يوم الفرح وجهَها و َوضْع مكياج على الوجه وحضور نساء فقط ف قاعة‬
‫استُؤْجِرَت ِخصّيصا لِهذه الفلة و ُشغْل الناشيد السلمية الصاحبَة بِالدُف ؟‬
‫ج‪ :‬أوّل‪-‬قبل كل شيء‪-‬هذا الكياج هل هو مِن مادّة طاهِرة أو مِن مادّة فيها شيء مِن ‪ ،2...‬لنّ بعض الكياج حسب ما‬
‫فهمتُ ل يَخلو مِن مادّة مُح ّرمَة ‪ ..‬يُقال بِأنّ بعضَ الكياج تَدخُل شُحوم النير ف تكوينه‪ ،‬وال أعلم بذلك‪ ،‬وف‬
‫الديث‪َ ( :‬دعْ ما يريبُك إل ما ل يريبُك )‪.‬‬
‫المر الخر زينةُ الرأة ف وجهها إن كانت أمام النساء فقط فل تُمنَع ول يُمنَع أن تَكشِف الرأةُ وجهَها أمامَ النساء ‪..‬‬
‫إنا تُمنَع أمامَ الرجال مع خوفِ الفتنة‪.‬‬
‫وإنشادُ الناشيد بيْن النساء مع استعمالِ الدف لجل الزواج ل مانع منه‪.‬‬
‫س ‪ :10‬شخصٌ ل يُصلّي الصلوات المس‪ ،‬فما حكم تَزويـجِه ؟‬
‫ج‪ :‬بئس الرّجل وبئس مَن ُي َزوّجُه وبئس الرأةُ الت تَرضى به زوجا ‪ ..‬ل خيْر فيه ول خيْر فيمَن يُ َزوّجُه ول خيْر فيمَن‬
‫َتتَ َزوّجُه‪.‬‬
‫س ‪ :11‬كم الدّ المْثَل لِلمَهر كما تَرَوْنَه ؟ وما حكم انتفاع وَلِيّ المر مِن هذا الـمَهر ؟‬
‫حدّ بِحَد إل عندما تَقتضِي الصلحة تَحديدَه مِن ِقبَلِ وَلِيّ المر‪ ،‬وقد ُحدّ الن ِبأَْلفَي رِيال‪ ،‬ول يَنبغي‬
‫ج‪ :‬أمّا الـمَهر فل يُ َ‬
‫تَجاوُز ذلك بِحالٍ مِن الحوال ‪ ..‬ل ينبغي أن يُتجاوَز حد ألفي ريال لنّه وسط بيْن التّقتي والتّبذير‪ ،‬وأصحابُ الثروات‬

‫‪-2‬كلمة غي واضحة‪ ،‬ويظهر أنّ عدم وضوحها غي مؤثر ف العن‪.‬‬


‫‪-2‬كلمة غي واضحة‪ ،‬ويظهر أنّ عدم وضوحها غي مؤثر ف العن‪.‬‬
‫‪19 / 19‬‬ ‫" بعض الخطاء الواقعة ف الزواج " ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫عليهم أن يُراعُوا غيْرهم مِن الفقراء حت ل يَض َطرّوهم إل الـمُغالة وإل الستِدانة وإل التّكالِيف الباهِضة ووَلِيّ المر‬
‫ليْس له مِن الصّداق شيء‪ ،‬فالصداقُ كلّه لِلمرأة كما قلتُ أكثرَ مِن مرّة [ ص ‪.] 14 ،5‬‬
‫س ‪ :12‬رَجل تَزوّج مِن امرأة زن با وعنده منها أولد‪ ،‬فماذا عليه أن يَفعَل ؟‬
‫سرّحْها تَسرِيا جَميل‪ ،‬والولدُ أولدُه‪.‬‬
‫ج‪ :‬عليه أن يَّتقِيَ ال‪ ،‬وكل واحد يَسلُك سبيلَه‪ ،‬فلْيُ َ‬
‫[ سورة النور‪ ،‬من الية‪ ] 3 :‬؟‬ ‫الزّانِي ل يَنكِحُ إل زَانِيَةً أَوْ ُمشْ ِركَةً ‪...‬‬ ‫س ‪ :13‬ما تفسيكم لِقوله تعال‪:‬‬
‫ج‪ :‬تفسي ذلك أنّ الحدودَ على الزّن أو الشهورَ بِالزّن ليس أهل لن يَتزوّج إل مَن كان مثلَه‪.‬‬
‫س ‪ :14‬هل يَجوز لِوَلِيّ الرأة أن يَجبُرَها على الزواج مِن الكفْءِ إذا عَ َزفَتْ عن الزواج ؟‬
‫ج‪ :‬رضاها شرطٌ مِن شروط صِحّة الزواج‪ ،‬فل يَجبُرُها على ذلك ولكن يُرغّبُها بِحسب الستطاعة‪.‬‬
‫هذا ونَسألُ ال أن يُن ِعمَ علينا بِالتّوفيق والتّيسي‪ ،‬وأن يُ َكلّ َل مَساعِيَنا اليْرية بِالنّجاح‪ ،‬وأن يَهدِيَنا إل‬
‫الصّراط ال ْقوَم إنّه على كل شي ٍء قدير وبِالجابة جدير ِن ْعمَ الول وِن ْعمَ النصي‪ ،‬وصلّى ال وسلّم على سيّدنا ممّد‬
‫وعلى آله وصحْبه أجعي‪ ،‬والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬
‫‪‬‬

You might also like