You are on page 1of 19

‫‪19 / 1‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫عنوس‬
‫مشكلة ال ُ‬
‫ماضرة وفتاوى‪ 1‬للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪ ،‬المد ل الذي بعث فينا رسول كريا‪ ،‬وأنزل عليه ذِكرا حكيما‪ ،‬فهدانا به صراطا‬
‫مستقيما‪ ،‬أحده تعال با هو له أهل مِن المد وأُثن عليه‪ ،‬وأستغفره مِن جيع الذنوب وأتوب إليه‪ ،‬وأومن به‬
‫وأتوكّل عليه‪ ،‬مَن يهده ال فل مضِل له‪ ،‬ومَن يُضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد ألّ إله إل ال‪ ،‬وحده ل شريك له‪،‬‬
‫وأشهد أ ّن سيدنا ونبينا ممدا عبدُه ورسوله‪ ،‬أَرسلَه ال بالدى ودِين القّ لِيُظهِره على الدّين كلّه ولو كَرِه‬
‫الشركون‪ ،‬صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه أجعي‪ ،‬وعلى تابعيهم بإحسان إل يوم الدّين‪ ،‬أما‬
‫بعد‪ :‬فالسلم عليكم‪-‬أيها الؤمنون والؤمنات‪-‬جيعا ورحة ال وبركاته‪ ،‬أُحيّي الميعَ بذه التحية الطيبة‬
‫البا َركَة‪ ،‬وأُشارِك الاضرين والاضرات الفرحة الت تَغمُرُ ك ّل مَن يُؤ ِمنُ بال واليوم الخِر مِن رِجال ونساء‬
‫بذه الباعم الناشئة مِن فتياتِ اليان اللوات يَتغذّيْن بالقرآنِ الكري‪ ،‬كتابِ ال الالد‪ ،‬الذي ل يأتيه الباطلُ‬
‫مِن بيْن يديه ول مِن خلفِه‪ ،‬تني ٌل مِن حكيم حيد‪.‬‬
‫ظ كتابِ ال وفهمِه ودراستِه واتباعِ أوامرِه والزدجارِ عن نواهيه مِن‬
‫ول ريب أنّ تنشئ َة الناشئة على حف ِ‬
‫أعظمِ الشياء الت تَج َعلُ المّة أمّ َة خيْر‪ ،‬وتَجعل مستقَبلَها بشيئة ال خيْرا وسلما‪ ،‬فإنّ القرآنَ الكري هو‬
‫مطلعُ ك ّل هداية‪ ،‬ومشرِق كلّ معرفة‪ ،‬ومصدرُ ك ّل خيْر‪ ،‬ومنب ُع كلّ فضيلة‪ ،‬أنزلَه ال على نبيه على فترةٍ‬
‫ع مِن الوحي‪ ،‬بعدما استَبدّتْ بالناسِ الهواء‪ ،‬وتف ّرقَتْ بم السّبُل‪ ،‬وعادَ النسانُ ف هذه‬
‫مِن الرسلِ وانقطا ٍ‬
‫س وانقلَبَت‬
‫الياة الدنيا َأشْبَ َه بِالسُّبعِ الضّارِي‪ ،‬يَعدُو على أخيهِ النسان‪ ،‬غيْ َر مبالٍ بِحرمة‪ ،‬وتَبدّلَت القايي ُ‬
‫الوازين‪ ،‬فعادَت الفضيلةُ رذيلةً والرذيلةُ فضيلة‪ ،‬واليْ ُر شرّا والش ّر خيْرا‪ ،‬وال ّق باطِل والبا ِطلُ حقّا‪ ،‬ذلك‬
‫ب الوازينُ ِبَأسْرِها‪ ،‬فل يَعودُ النسان‬
‫لنه ُعِبدَ غيْ ُر ال ‪ ،‬وعندما يُعَبدُ غيْرُ ال تَتب ّدلُ القاييس كلّها‪ ،‬وتَن َقلِ ُ‬
‫على بيّن ٍة مِن الم ِر وبصي ٍة مِن الق‪ ،‬فجاء هذا القرآنُ الكري إل هذه النسانية التفرّقَة فلَ ْم َلمَ شَتاتَها‪ ،‬وجَ َمعَ‬
‫كلمتَها‪ ،‬وَألّفَ بيْن قلوبِ التنافِرَة‪ ،‬وجَ َمعَ بيْن فئاتِها التدابِرَة‪ ،‬وأَعطى ك ّل ذي حقّ حقّه‪ ،‬أقام الناس جيعا على‬

‫‪-1‬هذه الادة العلمية‪-‬والت أصلها ف شريط سعي بصوت الشيخ‪ ،‬نشرته تسجيلت " مشارق النوار " بعُمان‪ ،‬تت عنوان‪ " :‬عُنوس‬
‫الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية "‪-‬ألقاها الشيخ على جع مِن الفتيات بولية سائل بعُمان‪.‬‬
‫‪19 / 2‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫سواءِ الصراط‪ ،‬عَرّفَ النسان مبدأَه ومصيَه‪ ،‬وعَرّفَه ما َيجِبُ عليه ف هذه الياة الت هي بيْن البدِإ والصي‪،‬‬
‫عَرّفَه‪-‬أ ّولً‪-‬حقّ مُب ِدئِه ‪ ،‬وأنه ل يَخرُج مِن العدَم تلقائيا‪ ،‬وأنّ ال هو الذي َخلَقَه‪ ،‬وصَوّرَه‪ ،‬وأَن َع َم عليه‬
‫بِالنّ َعمِ الظاهِرة والباطِنة‪ ،‬وعَرّفَه‪-‬أيضا‪-‬بالصِي‪ ،‬وأنّ حياتَه ليست هذه الياةَ القصِيةَ فحسْب‪ ،‬بل هناك حياة‬
‫حلّ بِذلك كلّ لُغْز مِن ألغا ِز هذه‬
‫َأطْوَل‪ ،‬يُجزَى فيها كلّ إنسانٍ فيها بِما َقدّمَ ف هذه الدنيا خيْرا كان أو شرا‪ ،‬ف َ‬
‫صلَ هذا النسان بِالكونِ الوا ِسعِ الرجاء‪ ،‬الترامِي الطراف‪،‬‬
‫الياة‪ ،‬وعَرّفَ النسانَ بِأسْرارِ الوجود‪َ ،‬ووَ َ‬
‫جدُ خاضعةً لِجللِه وكبيائِه‪.‬‬
‫الذي تُسَبّحُ ك ّل ذَرّ ٍة مِن ذَرّاتِه بِحمدِ ال سبحانه‪ ،‬وتَس ُ‬
‫و‪-‬كما قيل قديا‪-‬ل يُس ِع ُد آخِر هذه المّة إل ما أَس َعدَ أ ّولَها ول يُصلِحُها إل ما أَصلَحَ أ ّولَها ‪ ..‬هذه المّة‬
‫صَلحَت أ ّولً بالقرآنِ الكري‪ ،‬واستقامتْ أوضاعُها بذا النورِ الربان‪ ،‬الذي غَمَرَ هذه النفوس بشيئةِ ال ‪،‬‬
‫فطوى منها ِسجَافَ ظلُماتِ الطبْع‪ ،‬وعندما انرفتْ هذه المّة عن القرآن سَقطتْ ف هذه الـهُوّة السحيقة‬
‫شلُها مِن ذلك إل القرآنُ الكري‪ ،‬فإذن العودة إل هذا القرآن وتربيةُ الناشئة عليه مِن‬
‫الت تَردّتْ إليها‪ ،‬ول يَنتَ ِ‬
‫ذكو ٍر وإناث السبيل ال ْوحَد لنتِشالِ هذه المّة مِن ضياعِها‪ ،‬وج ِع كلمتِها بعد شتاتِها‪ ،‬فالقرآنُ الكري هو‬
‫سطَها لِعبادِه‪،‬‬
‫حَ ْبلُ ال التِي‪ ،‬وهو نورُه البِي‪ ،‬وهو ال ّذكْر الكيم‪ ،‬وهو الصراطُ الستقيم‪ ،‬وهو مَأدبةُ ال بَ َ‬
‫ظ وافِرٍ مِن مَأدب ِة ال ‪ ،‬لِذلك كانت القلوب الؤمِنة تَغمُرُها الفرْحة‬
‫ظ وافِر مِن تعاليمِه َأ َخذَ بِح ّ‬
‫فمَن َأ َخذَ بِح ّ‬
‫بِهذه الشا َهدَة الطيّبة وبِما سَمِعناهُ ف هذا الوقتِ الطيّب ف هذه المسيةِ البا َركَة مِن ِذكْرٍ حكيمٍ يُ ْتلَى على‬
‫اللسُن‪ ،‬ومِن كلماتٍ إيانية تَنُب ُع مِن كتابِ ال‪ ،‬الذي ل يأتيهِ الباطل مِن بيْن يديْه ول مِن خلفِه‪ ،‬فهنيئا‬
‫لِلجميع بِذلك كلّه‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ول ريب أننا عندما نعودُ إل وصفِ القرآنِ لِلقرآن َنجِد أنّ ال وَصَفَ هذا القرآنَ بِأقْدسِ الوصاف‪،‬‬
‫‪ ... :‬وَأَنزَلْنَا ِإلَ ْي ُكمْ نُورًا مّبِينًا ‪ [ 1‬سورة النساء‪ ،‬من الية‪،] 174 :‬‬ ‫فهو تعال وصفَه بأنه نور ‪ ..‬يقول ال‬
‫ب وَل الِيَانُ‬
‫ك رُوحًا ّمنْ َأمْرِنَا مَا كُنتَ َتدْرِي مَا اْلكِتَا ُ‬
‫َو َكذَلِكَ أَ ْوحَيْنَا ِإلَيْ َ‬ ‫ووصفَه بأنه روح ونور ف قوله‪:‬‬
‫[ سورة الشورى‪،‬‬ ‫ط مّسْتَقِيمٍ‬
‫ك لَتَ ْهدِي إِلَى صِرَا ٍ‬
‫َوَلكِن جَ َعلْنَاهُ نُورًا نّ ْهدِي بِ ِه َم ْن نّشَاء ِم ْن عِبَا ِدنَا وَِإنّ َ‬
‫شقّ طريقَها آمِنةً مطمئِنّة‬
‫الية‪ ،] 52 :‬فجدير‪-‬إذن‪-‬بالمّة أن تَحيَى بذه الروح‪ ،‬وأن تَقتَِبسَ مِن هذا النور لِت ُ‬
‫ك مُقتدِر ِبجِوارِ النبيّي والصدّيقي والشهداء والصالي‬
‫ق عن َد ملِي ٍ‬
‫صدْ ٍ‬
‫حت تَنتَ ِهيَ إل لقاءِ ال‪-‬تعال‪-‬ف مقعدِ ِ‬
‫صبَ أَعْيُنِهِما وبيْن أَيدِيهِما‪ ،‬ل‬
‫سنَ أولئك رَفِيقا‪ ،‬وجديرٌ بِأيّ مسلِم وبأيّ ِة مسلِمة أن يَجعل كتابَ ال ن ْ‬
‫وحَ ُ‬
‫‪ ،‬فإذا بذلِك السلَف‬ ‫صدُرَانِ إل عنه ف جيعِ تصرّفاتِهما وأعمالِهما‪ ،‬وهكذا كان السلَف الصال بشيئة ال‬
‫يَ ْ‬
‫شقّ طرِيقَه إل اليْر‪ ،‬ويَسُودُ العالَمي‪ ،‬فالمّة السلمية كانت مِن حيثُ ال َعدَد ومِن حيثُ ال ُعدَد أمّ ًة قليلةَ‬
‫يَ ُ‬
‫خلَفَها ف الرض بِنورِ القرآن وبِقُوّةِ القرآن وبِهدايةِ القرآن عندما كانت تُطبّق‬
‫ال َعدَد وال ُعدَد ولكنّ ال استَ ْ‬
‫ي شيءٍ مِن أوامرِه ونواهيه بيثُ تُفرّقُ بيْن‬
‫ط ف شيءٍ مِن تعاليمِه ول تَستخِفّ بأ ّ‬
‫هذا القرآ َن الكري ول تُفرّ ُ‬

‫‪ -1‬يَا أَّيهَا النّاسُ َقدْ جَاءكُم بُ ْرهَانٌ مّن رّّبكُ ْم وَأَن َزلْنَا ِإلَْي ُكمْ نُورًا مّبِينًا [ سورة النساء‪ ،‬الية‪.] 174 :‬‬
‫‪19 / 3‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫أمْر وآخَر فتَجعلُ هذا مِن الوهريات وهذا مِن الشكليات‪ ،‬كما فَ َعلَ أهلُ الكتاب الذين عمِلوا بِبعضِ ما أُن ِزلَ‬
‫ب وََتكْفُرُونَ بِبَ ْعضٍ ‪...‬‬
‫ض اْلكِتَا ِ‬
‫‪َ ...‬أفَتُؤْمِنُونَ بِبَ ْع ِ‬ ‫إليهم وأَعرَضوا عن بعض‪ ،‬فقال ال‪-‬تعال‪-‬فيهم‪:‬‬
‫ك مِن ُكمْ ِإلّ خِ ْزيٌ فِي‬
‫‪ ...‬فَمَا جَزَاء مَن يَفْ َعلُ َذلِ َ‬ ‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،] 85 :‬ث بّينَ جزا َء ذلك‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫ب [ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،1] 85 :‬وهكذا هذه المّة‬
‫اْلحَيَاةِ الدّنْيَا َويَوْمَ الْقِيَامَ ِة يُرَدّونَ إِلَى َأ َش ّد الْ َعذَا ِ‬
‫ض أوام ِر القرآن وتأخذُ ببعضِها وتُفرّقُ بيْن ما تَزعُمُه جوهريا وما تَزعُمُه شكليا مِن هذا‬
‫عندما تتجنّبُ بع َ‬
‫وَمَا كَانَ لِمُؤْ ِمنٍ‬ ‫ي ف الدنيا وإل العذابِ ف الخِرة‪:‬‬
‫الدّين النيف فإنّ ذلك ول ريب يُفضِي با إل الز ِ‬
‫ضلّ ضَلل‬
‫ل وَ َرسُولَهُ َف َقدْ َ‬
‫صا َ‬
‫ل وَ َرسُولُ ُه أَمْرًا أَن َيكُونَ لَ ُهمُ اْلخِيَرَ ُة ِمنْ أَمْرِ ِهمْ وَمَن يَ ْع ِ‬
‫وَل مُؤْمِنَ ٍة إِذَا َقضَى ا ُ‬
‫مّبِينًا [ سورة الحزاب‪ ،‬الية‪.] 36 :‬‬
‫هذا‪ ،‬ول ريب أ ّن هذه المّة تَتمكّن مِن َحلّ جيعِ مشكلتِها والوصولِ إل اللّ ا َل ْع َدلِ ف كلّ أمْر عندَما‬
‫ص ُم بِكتابِ ال وتَسَتلْ ِهمُ منه النور وتَسَتلْ ِهمُ منه البيان وتَسَتلْ ِهمُ منه البيان وتَستَ ِمدّ منه الحكام‪ ،‬فكتابُ‬
‫تَعتَ ِ‬
‫‪ ...‬مَا فَ ّرطْنَا‬ ‫ال فيه َحلّ لِكلّ مشكلةٍ مِن مشكلتِ النسانية‪ ،‬لنّ ال يَصفُه بأنه ما فَرّطَ فيه مِن شيء‪:‬‬
‫[ سورة النعام‪ ،‬من الية‪ ،2] 38 :‬فإذن على هذه المّة أن تَر ِجعَ إل القرآنِ الكري‬ ‫ب مِن َشيْءٍ ‪...‬‬
‫فِي الكِتَا ِ‬
‫ج اللول لِلمشكِلتِ التعدّدَة الت تَنُو ُء با وكذلك سُنّ ُة رسولِ ال ‪ ،‬لنا ف حقيقتِها امتِدادٌ‬
‫لستخرا ِ‬
‫ب مِن قَِبلِ ال‬
‫ص ِد التنِيلِ ومَسالِكِ التأوِيل‪ ،‬لنه أُن ِزلَ عليه الكتا ُ‬
‫هو أَع َلمُ الناسِ بِمقا ِ‬ ‫لِلقرآن‪ ،‬فالنب‬
‫‪َ ...‬وأَن َزلْنَا إَِليْكَ‬ ‫ح لم مُبهَماتِه‪ ،‬فال يقول‪:‬‬
‫وبُّينَ له تبيِينا َو ُو ِكلَ إليه أن يَبَّينَ لِلناسِ مُجمَلتِه وأن يُوضِ َ‬
‫[ سورة النحل‪ ،‬من الية‪.] 44 :‬‬ ‫ال ّذكْرَ لِتَُبّينَ لِلنّاسِ مَا نُ ّزلَ ِإلَيْ ِهمْ ‪...‬‬
‫ومِن الشكِلت الت َينُوءُ با متمعُنا هذا والجتمعات السلمية الخرى ف هذا العالَم نتيج َة التعقِيدات الت‬
‫ث عنها ف هذا الكان وهي مشكِل ُة عُنوس الفتيات‪ ،‬وهذه‬
‫أَفْرَ َزتْها الضارةُ العاصِرَة مُش ِكلَة ُأرِي َد مِنّي أن أَتَحدّ َ‬
‫مشكِلة تُ َؤرّق كلّ مَن يَنظُرُ إل المورِ نظرةَ تأمّل‪ ،‬ويُفكّرُ ف عوا ِقبِها‪ ،‬فإ ّن عواقِبَ ذلك عواقِب َوخِيمَة إن ل‬
‫تُتَدارَك هذه الشكِلة بِالـحَل‪.‬‬
‫صلَ إليها النسان إل بعدَما يُفكّرُ ف أسبابِ هذه الشكلت‪ ،‬ولذه‬
‫ول ريب أنّ اللول ل يكِن أن يَتو ّ‬
‫ي مِن الباء‪،‬‬
‫س كث ٍ‬
‫ت به نفو ُ‬
‫الشكِلة أسبابٌ متعدّدَة‪ ،‬مِن بيْن هذه السباب حُبّ الادّة‪ ،‬والـجَشَع الذي اتّصَفَ ْ‬

‫ل وَبِاْلوَاِلدَيْنِ إِ ْحسَانا وَذِي اْلقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَاْل َمسَا ِكيِ َوقُولُوْا لِلنّاسِ ُحسْنا وََأقِيمُواْ‬ ‫ق بَنِي ِإسْرَائِيلَ َل َتعُْبدُونَ إِلّ ا َ‬ ‫‪ -1‬وَإِذْ َأ َخذْنَا مِيثَا َ‬
‫سكُم مّن‬ ‫س ِفكُونَ ِدمَاء ُكمْ وَ َل ُتخْ ِرجُونَ أَن ُف َ‬‫ل مّن ُكمْ َوأَنتُم ّمعْرِضُونَ ‪ ‬وَإِذْ َأ َخذْنَا مِيثَاَق ُكمْ َل َت ْ‬ ‫الصّلَ َة وَآتُواْ الزّكَا َة ُثمّ َت َولّيُْتمْ إِ ّل َقلِي ً‬
‫س ُكمْ وَُتخْرِجُونَ فَرِيقا مّنكُم مّن دِيَارِ ِهمْ تَظَاهَرُونَ َعلَْيهِم بِالِْثمِ‬ ‫شهَدُونَ ‪ُ ‬ثمّ أَنُتمْ هَـؤُلء َتقُْتلُونَ أَن ُف َ‬ ‫دِيَارِ ُكمْ ُثمّ َأقْ َررُْتمْ َوأَنُتمْ َت ْ‬
‫ب وََت ْكفُرُونَ بَِبعْضٍ َفمَا جَزَاء مَن َي ْفعَلُ َذلِكَ‬ ‫وَاْل ُع ْدوَانِ وَإِن يَأتُو ُكمْ ُأسَارَى ُتفَادُو ُه ْم وَ ُهوَ ُمحَ ّرمٌ َعلَْيكُمْ ِإخْرَا ُج ُهمْ َأفَُت ْؤمِنُونَ بَِبعْضِ اْلكِتَا ِ‬
‫ل ِبغَافِلٍ َعمّا َت ْعمَلُونَ [ سورة البقرة‪ ،‬اليات‪.] 85-83 :‬‬ ‫ب َومَا ا ُ‬ ‫ي فِي اْلحَيَا ِة الدّنْيَا وََيوْمَ اْلقِيَامَةِ يُرَدّونَ ِإلَى َأ َشدّ اْل َعذَا ِ‬ ‫مِن ُكمْ إِلّ خِزْ ٌ‬
‫صدِيقَ اّلذِي بَيْ َن َيدَيْ ِه وََتفْصِيلَ كُ ّل َشيْ ٍء وَ ُهدًى‬
‫ب مَا كَانَ َحدِيثًا ُيفْتَرَى َولَـكِن َت ْ‬
‫ص ِهمْ ِعبْرَةٌ ُل ْولِي ا َللْبَا ِ‬
‫‪ -2‬لَ َقدْ كَانَ فِي َقصَ ِ‬
‫َورَ ْحمَةً ّل َقوْ ٍم ُي ْؤمِنُو َن [ سورة يوسف‪ ،‬الية‪.] 111 :‬‬
‫‪19 / 4‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ج بناتِهم‪ ،‬وهو أَمْرٌ يَتر ّف ُع عنه كلّ ذِي عَ ْق ٍل سلِيم‪ ،‬وك ّل حُرّ كري‪ ،‬كيف‬
‫فهم يُرِيدُونَ الِثْرَا َء مِن وراءِ تزوي ِ‬
‫والنسا ُن دائما يَسْعَى إل ستْ ِر عَوْ َرتِه‪ ،‬والحافظ ِة على سَلم ِة عِرْضِه‪ ،‬ول ريْب أنّ هذا الـجَشَع يُؤدّي إل‬
‫ف ذلك‪.‬‬
‫خِل ِ‬
‫ت حقّا‬
‫ت مِن َأ ْجلِ ا ِلثْرا ِء وليْس ْ‬
‫صدُقَات الت فَ َرضَها ال لِلنساءِ على الرّجال عندَ الزواج ليْس ْ‬
‫على أنّ ال ّ‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من‬ ‫حلَةً ‪...‬‬
‫صدُقَاتِ ِهنّ ِن ْ‬
‫وَآتُواْ النّسَاء َ‬ ‫لِغيْرِ النسا ِء َو ْحدَهُن‪ ،‬فإنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬يقول‪:‬‬
‫حلَةٌ‬
‫حلَة إنا هي ِن ْ‬
‫الية‪ ،1] 4 :‬ول يقل‪ " :‬وآتوا آباء النساء " أو " آتوا أولياء النساء صدقاتم "‪ ،‬فإنّ هذه النّ ْ‬
‫عن َد سَماحِهِن بِشي ٍء مِن الصّداق وتنازُلِ ِهنّ عنه أن يَأكُلَه ال ّرجُل هنِيئا‬ ‫لِلنساءِ َو ْحدَهُن‪ ،‬ولِذلك أَباحَ ال‬
‫مرِيئا ف هذه الالة ‪ ..‬ف حالةِ طِيَبةِ النّفس والرّضى التّام مِن قَِبلِ الرأة‪.‬‬
‫و ِمنَ العلوم أنّ وَفْرَةَ الصّداق ليْستْ دلِيل على قيمةِ الرأ ِة التزوّجة ول دلِيل على ُعلُوّ َقدْرِها بيْن الناس‪ ،‬إذ‬
‫ت هي مقياسا لِقِيمةِ النساءِ و ُعلُوّ أَ ْقدَارِ ِهنّ‬
‫صدُقَات إنا هي رُمُوزٌ لِلتّفْرِقَ ِة بيْن الللِ والرامِ فحسْب‪ ،‬وليْس ْ‬
‫ال ّ‬
‫صدُقَات‪ ،‬فمِن‬
‫ت النب كانتْ مُهُورُ ُهنّ أَيْسَر الـمُهُور‪ ،‬وقد تَزَوّجَ نفسُه ِبأَيْسَ ِر ال ّ‬
‫أو انِطاطِها‪ ،‬كيف وبنا ُ‬
‫ص على ا ِلثْرَا ِء بِسبَبِ‬
‫ضيَ الِر ُ‬
‫هنا َيجِب على الؤمِن أن يَقَْت ِديَ بالنب بِحيثُ يُزَوّج ِبأَيْسَرِ الصّداق ِلئَلّ يُ ْف ِ‬
‫ض وإل فسادِ الحوال‪.‬‬
‫ق البنات إل انتهاكِ العِ ْر ِ‬
‫صَدا ِ‬
‫ص كلّ الرص على سلم ِة عِرضِه‪ ،‬ول يَكون ذلك إل بِالسارَعَة إل‬
‫إنّ الؤمِن الذي يَخشَى ال ويَتّقِيه يَحرِ ُ‬
‫ي مَصالِحَ مادية الت يَنظُرُها‬
‫طأ ّ‬
‫تَزوِيجِ ولِيّتِه بِالكُفْ ِء عندَما يأتِي مِن دُونِ أن يَشتَرِطَ كثرةَ الصّداق أو يَشتَرِ َ‬
‫الناس إليها ف هذه اليام نظر ًة أَوْلَوِية‪ ،‬فإنّ هذه المورَ كلّها ل قيمةَ لَها عندَ ال ‪.‬‬
‫ص على الباهاة ِممّا يُؤدّي إل ذلك كلّه ‪ ..‬الناسُ‬
‫ومِن ناحيةٍ أخرى فإ ّن دخولَ الناس ف مَدا ِخلِ التّرَف والر َ‬
‫حجِمُون‬
‫يَنظُرون إل الظاهِرِ الادية نظرةَ تقدِي ٍر ونظرةَ إِجلل‪ ،‬وهذا الذي جَ َعلَ كثيا مِن الناس يََتعَ ّقدُون ويُ ْ‬
‫عن الزواج بِسبَبِ هذه النظرة الت سادَتْ ف أوساطِ الناس‪ ،‬فالنسانُ الذي ليْس له ُيسْرٌ كافٍ لِما َتَت َطلّبُه‬
‫لطْبَة بل يُشترَط على التقدّم الكثي الكثي ‪ ..‬يُشتَرَط عليه أن يُوَفّرَ‬
‫حياةُ التّرَف ل يُ َرحّبُ به عندَما يَتَ َقدّمُ إل ا ِ‬
‫ط عليه الثاث الفاخِر وتُشتَرَطُ عليه السيارةُ الفاخِرَة‬
‫الس َكنَ اللّئِق الذي يََتلَءَ ُم مع َذوْقِ العَصْر ويَشتَرَ ُ‬
‫ويُشتَرَط عليه الكثي الكثي مِن أمثالِ ذلك‪ ،‬وكذلِك النفقات الت تُصاحِب الزفاف كثيا ما تُؤدّي بِالناسِ إل‬
‫الرْهاق والستِدانة والكثيِ الكثي مِن الشكِلت الجتماعية التعدّدَة‪.‬‬
‫ب أن يُنظَرَ إليها نظرةَ إِصلح‪ ،‬فإنه‪-‬قبلَ كلّ شيء‪-‬يُنهَى عن السراف‪ ،‬وال َشدّدَ ف أمرِ‬
‫وهذه المور يَجِ ُ‬
‫‪َ ...‬ولَ تَُبذّرْ تَ ْبذِيرًا ‪ِ ‬إنّ الْ ُمَبذّرِينَ كَانُواْ ِإخْوَانَ الشّيَاطِيِ‬ ‫السراف‪ ،‬وجَ َعلَ البذّرِين مِن إخوانِ الشياطي‪:‬‬

‫حلَةً فَإِن طِبْ َن َل ُكمْ عَن َشيْ ٍء مّنْهُ َن ْفسًا َف ُكلُوهُ هَنِيئًا مّرِيئًا [ سورة النساء‪ ،‬الية‪.] 4 :‬‬
‫ص ُدقَاِتهِ ّن ِن ْ‬
‫‪ -1‬وَآتُواْ الّنسَاء َ‬
‫‪19 / 5‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫وَكَا َن الشّيْطَانُ ِلرَّبهِ َكفُورًا [ سورة السراء‪ ،‬من الية‪ 26 :‬والية‪ ،2] 27 :‬ولئن كان السلم يَأمُرُ ف أمورِ ال ْيرِ‬
‫ف السلمِ وتعاليمِه السّمْحَة‪.‬‬
‫بِالقصْد فكيف يَأمُرُ بِالسراف الذي يَتنافَى مع قَِيمِ السلم ويَتنافَى مع أهدا ِ‬
‫السل ُم دِينُ يُسْر ‪ ..‬ل يَأتِ بِالّتعْقِيدِ بِحا ٍل مِن الحوال‪ ،‬ول يَن ُظرُ إل الناس إل بِمقياسِ التقوى ‪ ..‬ل بِمقياسِ‬
‫‪ :‬يَا أَّيهَا النّاسُ‬ ‫ي مِقياسٍ آخَر ‪ ..‬يَقولُ ال‬
‫الموال ول بِمقياس الـمَراتِب ول بِمقياسِ الـمَناصِب ول بِأ ّ‬
‫ل َعلِيمٌ خَِبيٌ‬
‫ل أَْتقَا ُكمْ إِ ّن ا َ‬
‫إِنّا َخ َلقْنَاكُم مّن ذَ َكرٍ َوأُنثَى وَ َج َعلْنَا ُكمْ ُشعُوبًا َوقَبَائِ َل لَِتعَارَفُوا إِ ّن أَ ْك َرمَ ُكمْ عِن َد ا ِ‬
‫ضوْن دِينَه و ُخ ُلقَه ف َزوّجُوه‪ ،‬إلّ تَفعَلوه تَكن فتنةٌ ف‬
‫[ سورة الجرات‪ ،‬الية‪ ،] 13 :‬والنب يَقول‪ ( :‬إذا أتاكم مَن َترْ َ‬
‫الرض وفسادٌ كبي )‪.‬‬
‫وهناك‪-‬أيضا‪-‬مِن الشكلت الت تُؤدّي إل عُنوس الفتيات العزوف مِن قِبَ ِل الشباب ومِن قِبَلِ الفتيات عن‬
‫الزواج مدّة طويلة مِن أَجْلِ إِكمالِ الدراسة‪-‬كما يُقال‪-‬أو مِن أَجْلِ تأميِ الستقبَل مع أنّ الستقبَل بَِيدِ ال ‪ ..‬ليْس‬
‫الستقبَل بَِيدِ الذّكَر ول بَِي ِد النثى ول بَِيدِ أ َح ٍد مِن َخلْ ِق ال ‪ ..‬إنّ الستقبَلَ ِبَيدِ ال‪ ،‬والرزاقُ كلّها مِن ال ‪،‬‬
‫ب له مِن رِزق‪ ،‬أما ما ل يُكتَب له فل يكِن بِأيّ حا ٍل مِن الحوال أن َيصِلَ إليه‪ ،‬على‬
‫ولن َيصِلَ النسانُ إل ما كُِت َ‬
‫س الادية ول يُفكّرونَ ف أنّ هذا الكوْن مُدّبرٌ‬
‫أنّ ذلك ناجِم مِن تقليدِ الخَرين الذين َيقِيسُونَ المورَ كلّها بِالقايِي ِ‬
‫سكْ فَل ُمرْسِلَ‬
‫سكَ َلهَا َومَا يُمْ ِ‬
‫س مِن رّحْ َم ٍة فَل مُمْ ِ‬
‫ح الُ لِلنّا ِ‬
‫‪ :‬مَا َيفْتَ ِ‬ ‫بِمشيئة ال سبحانه وأنّ الرّزقَ ِبَيدِ ال‬
‫ل ِرزْ ُقهَا َوَي ْع َلمُ‬
‫َومَا مِن دَاّبةٍ فِي ا َل ْرضِ إِلّ َعلَى ا ِ‬ ‫[ سورة فاطر‪ ،‬الية‪.. ] 2 :‬‬ ‫َلهُ مِن َب ْعدِ ِه َو ُهوَ اْل َعزِيزُ الْحَكِيمُ‬
‫مُسَْت َق ّرهَا َومُسَْت ْودَعَهَا كُ ّل فِي كِتَابٍ مّبِيٍ [ سورة هود‪ ،‬الية‪.] 6 :‬‬
‫سعَى‬
‫هذه الشكِلة‪-‬إذن‪-‬يَجِب على الكل أن يَن ُظرُوا إليها نظرةَ ِإمْعان ونظر َة تقدِي ٍر لا و َسعْيٍ إل َحلّها‪ ،‬فلَربا تَ ْ‬
‫الواحِدة إل أن تُِتمّ تَعلِيمَها‪-‬كما يُقال‪-‬وإل أن تُح ِرزَ أكَبرَ الشهادات فإذا با عندئِذ تَفوتُها قافلةُ الزواج‪،‬‬
‫ت و َرزَقَها ال‬
‫ويُع ِرضُ عنها الخَرون‪ ،‬وحينِئذٍ تََتقَطّعُ نفسُها حسْرة عندَما َترَى مَن هي دُونَها ف السّن قد َت َزوّ َج ْ‬
‫الذرية‪.‬‬
‫وهناك‪-‬أيضا‪-‬مِن الشكِلت الت َأّثرَتْ على هذا الجتمَع الـحَمَلت العلمية مِن الـمَُتأَّثرِين والـمَُتأَّثرَات‬
‫بِالفكارِ الستو َردَةِ الدّخِيلَة ف الجتمَع السلمي‪ ،‬فإنّ ال أَنزَلَ كتابَه الكرِي‪-‬كما قلنا [ ص ‪-] 3‬فيه الـحَل‬
‫على عبادِه بأن َخلَ َق لم مِن أنفسهم أزواجا لِيَسكنوا إليها ‪..‬‬ ‫ضلَة‪ ،‬وقد امتَ ّن ال‬
‫لِك ّل مشكِلة والعِلج لِك ّل مُع ِ‬
‫‪َ :‬ومِنْ آيَاِتهِ أَنْ َخلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِ ُكمْ َأ ْزوَاجًا لّتَسْكُنُوا ِإلَ ْيهَا وَ َجعَ َل بَيْنَكُم ّم َودّةً َورَحْ َمةً إِ ّن فِي ذَِلكَ‬ ‫يَقول‬
‫وَالُ َجعَلَ لَكُم‬ ‫ليَاتٍ ّل َق ْومٍ يََتفَ ّكرُونَ [ سورة الروم‪ ،‬الية‪ ،] 21 :‬وال يَمُنّ على عبادِه بِالزواجِ وبِالذرية‪:‬‬
‫[ سورة النحل‪ ،‬من الية‪ ،] 72 :‬والنفسُ‪-‬‬ ‫ي وَ َح َفدَ ًة ‪...‬‬
‫مّ ْن أَنفُسِكُ ْم َأ ْزوَاجًا وَ َجعَلَ لَكُم مّ ْن َأ ْزوَاجِكُم بَِن َ‬
‫بطبيعة الال‪-‬تَمِيل إل أن تَكون لا ذرية‪ ،‬ل ّن بقاءَ النسانِ ف هذه اليا ِة بقا ٌء مَحدُود وكلّ أحَد َيرَى وجودَه‬

‫س ِكيَ وَابْ َن السّبِي ِل وَ َل تَُب ّذرْ تَْبذِيرًا ‪ِ ‬إنّ اْلمَُبذّرِينَ كَانُواْ إِ ْخوَانَ الشّيَا ِطيِ وَكَا َن الشّيْطَانُ لِرَبّهِ َكفُورًا‬
‫‪ -2‬وَآتِ ذَا اْلقُرْبَى َحقّهُ وَالْ ِم ْ‬
‫[ سورة السراء‪ ،‬اليتان‪.] 27-26 :‬‬
‫‪19 / 6‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫يَمَتدّ ف وجودِ ذريتِه‪ ،‬والذي يُعدَمُ الذرية يَنقَطِعُ وجودُه بِوفاتِه‪ ،‬إذ ل يَبقَى له َعقِبٌ يُذ َكرُ به‪ ،‬فمِن هنا كان‬
‫الِرص مِن قِبَلِ الذكو ِر ومِن قِبَ ِل الناث على الذرية أمْرا فِ ْطرِيا‪ ،‬والذي يُخاِلفُ ذلك إنا يُعاكِسُ الفِ ْطرَة‪.‬‬
‫سهِم وقد أَدرَ َك أنّ العِباد هم بِحاجة إل تُحَ ّل مُشكِلتُهم ومِن بيْنِ‬
‫وال َع ِلمَ مِن عبادِه ما ل يَعلَموا مِن أنف ِ‬
‫هذه الشكِلت هذه الشكِلة العوِيصة ‪ ..‬الشكِلة الجتماعية الكبية ‪ ..‬مشكِلة عُنوس الفتيات أو عُنوس النساء‬
‫عندما تَكب هاته الفتيات وتَكون ف أعمارِ النساءِ الـمُتقدّماتِ ف السّن‪ ،‬وهي مشكِلةٌ ل يُستهانُ با‪ ،‬فلِذلك‬
‫‪َ :‬وإِنْ ِخفُْتمْ أَلّ ُتقْسِطُوْا فِي‬ ‫ع مِن إباحةِ تَع ّددِ الزوْجاتِ ِبنَصّ الكتابِ العزيز‪ ،‬عندما قال‬
‫ع ال ما َشرَ َ‬
‫َشرَ َ‬
‫[ سورة النساء‪،‬‬ ‫ع َفإِنْ ِخفُْتمْ أَ ّل َت ْعدِلُوْا َفوَا ِحدَ ًة ‪...‬‬
‫ث َورُبَا َ‬
‫ل َ‬
‫الْيَتَامَى فَانكِحُوْا مَا طَابَ لَكُم مّنَ النّسَاء مَثْنَى وَثُ َ‬
‫من الية‪ .. ] 3 :‬ل ريْب أنّ السلم عندَما أَباحَ ذلِك ل يُطلِق المر هكذا بِحيثُ يُرخِي الزّمامَ لِكلّ أ َحدٍ يَتص ّرفُ‬
‫حرّي ال َعدْل‪.‬‬
‫‪ ..‬ولكن مع تَ َ‬ ‫‪َ ...‬فإِنْ ِخفُْتمْ أَ ّل َتعْدِلُوْا َفوَا ِحدَةً ‪...‬‬ ‫كما يَشاء وإنا اشَت َرطَ ال َعدْل‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫حدّثْنَ‬
‫أَمرُ تَع ّددِ الزوجات يَدخُلُ ف حَلّ هذه الشكِلة العوِيصَة‪ ،‬وقد أَدرَ َكتْ بعضُ النساء ال َغرْبِيات هذا المْر وتَ َ‬
‫عن ذلك و ِملْنَ إل هذا المْر َلجْلِ حَلّ هذه الشكِلة‪.‬‬
‫صلَ ال ْمرُ بِالناسِ هناك ؟! لقدْ َوصَلَ بِالناسِ‬
‫على أنّ الجتمَعات الت مُنِ َع فيها تَع ّددُ الزوْجات ‪ ..‬إل أيّ ح ّد وَ َ‬
‫ال ْمرُ إل الفساد الذي ل َي ِقفْ عندَ حَد‪ ،‬وَت َع ّددَ الّلقَطَاء وكَُثرَ الولد الذين ليْس لم أبٌ َشرْعِي‪ ،‬وكَُثرَت‬
‫الـمَلجِئ لِهؤلءِ الولد الذين ُيرَّبوْن تربيةً غيْر فِطْرِية‪ ،‬لنم ل ُيرَّبوْن مِن قِبَلِ أُم ول مِن قِبَ ِل َأبٍ َشرْعِي َيرْعَى‬
‫شؤُون شاذّين عن الفطرة مُتَنَ ّكرِين لِمُجت َمعِهِم‪ ،‬ويَكونُون دائما سببا‬
‫حنُو عليهم‪ ،‬ولِذلك يَن َ‬
‫هؤلءِ الولد ويَ ْ‬
‫شؤُوا فيه بِحيثُ ل يَكونوا على‬
‫ب ف مُجتمَعاِتهِم‪ ،‬لنم يَنقُمُون على ذلك الجتمَع الذي نَ َ‬
‫لِلجرِية وسببا لِلرها ِ‬
‫حهُم‪.‬‬
‫ع َيرْعَى ك ّل منهما مصالِ َ‬
‫شؤُوا بيْن ُأمّ حانِيَة وبيْن َأبٍ را ٍ‬
‫الفِ ْطرَة ‪ ..‬ل يَن َ‬
‫وهذه الشكِلة دَّبتْ إل الجتمَع السلمي نتيجةَ الّتأَثّر بِالـحَمَلت العلمية مِن قِبَ ِل ال َغرْبِيي‪ ،‬ونتيجةَ الّتأَثّر‬
‫ي مِن الناسِ ف هذه الجتمعات السلمية‪.‬‬
‫بِسلوكياتِ الخَرين والتقليدِ العمى الذي أُ ْشرِبَتْه نفوسُ كث ٍ‬
‫ول ريْب أ ّن الرأة تَحرِصُ دائما على ألّ يُشارِكَها أ َحدٌ ف شرِيكِ حياتِها‪ ،‬وذلك أ ْمرٌ فِ ْطرِي‪ ،‬وهو مَ ْط َلبٌ ل تُلمُ‬
‫شأْن على الرذيلةِ والفحشاء ‪ ..‬هل‬
‫عليه ولكن عليها أن ُتفَكّر ف بناتِ جنسِها ‪ ..‬هل الوْل لِبناتِ جنسِها أن يَن َ‬
‫الوْل أن يَكبِتْنَ أنفسَهنّ وأن يُغالِبْ َن الفِطْرة حت يُؤدّيَ المْر إما إل أمراضٍ نفسِية و َعصَبِية وإما إل النفِجار‬
‫الذي تَتلشَى معه القِيَم وتََتحَطّم معه الخلق ‪ ..‬ل ريْب أنّ ك ّل واحدة تُدرِك أنّ الرّضى بِما حَ َكمَ ال به مع‬
‫التّقّيدِ بِقيودِ الشريعة ف ال َعدْلِ بيْن النساء َأ ْمرٌ فيه حَلّ لِهذه الشكِلة مِن وُجوهٍ مُتع ّددَة‪.‬‬
‫جبُ على الناسِ أن‬
‫هذا مع الكثي الكثي مِن الشكِلت الخرى الت َسبَّبتْ عُنوسَ الفتيات‪ ،‬فإذن مِن كلّ ذلك يَ ِ‬
‫ع ال بدِيل‪.‬‬
‫شرْ ِ‬
‫ضوْا بِ َ‬
‫وألّ َي ْر َ‬ ‫يَتعاوَنوا على البِر والتقوى‪ ،‬ويَجِب على الذكو ِر والنساء أن يُحَكّمُوا َأ ْمرَ ال‬
‫سعَى إل مُقاومةِ الّترَف الـمُهلِك الذي ل يُبقِي ول َيذَر‪ ،‬فإنّ الّترَف هو الذي‬
‫وقبلَ كلّ شيء على الك ّل أن يَ ْ‬
‫ما ذَ َكرَ‬ ‫يُؤدّي إل هذه الخاطِر ‪ ..‬الّترَف هو الذي يُؤدّي إل تَعقِيدِ هذه الياة تَعقِيدا ل َيقِف عندَ حَد‪ ،‬فال‬
‫شرّ ف كتابِه ‪ ،‬فقد ذَ َكرَه مَقرُونا بِعذابِ الخِرة ف مواضِع ‪ ..‬منها قوله سبحانه ف‬
‫الّترَف إل مَقرُونا بِال ّ‬
‫‪19 / 7‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ِإّن ُهمْ كَانُوا قَبْ َل ذَِلكَ مُ ْت َرفِيَ [ سورة الواقعة‪ ،‬الية‪ ،1] 45 :‬وذَ َكرَه مَقرُونا بِعذابِ الدنيا‪ ،‬ف‬ ‫أصحابِ الشّمَال‪:‬‬
‫وَ َكمْ‬ ‫جَأرُونَ [ سورة الؤمنون‪ ،‬الية‪ ،2] 64 :‬وقولِه سبحانه‪:‬‬
‫حَتّى ِإذَا أَ َخ ْذنَا مُ ْت َرفِيهِم بِاْل َعذَابِ ِإذَا ُهمْ يَ ْ‬ ‫قولِه‪:‬‬
‫شأْنَا َب ْع َدهَا َق ْومًا آ َخرِينَ ‪َ ‬فلَمّا أَحَسّوا َبأْسَنَا ِإذَا هُم مّ ْنهَا َيرْ ُكضُو َن ‪ ‬ل َترْ ُكضُوا‬
‫ت ظَالِ َم ًة وَأَن َ‬
‫َقصَمْنَا مِن َقرَْيةٍ كَاَن ْ‬
‫سأَلُو َن [ سورة النبياء‪ ،‬اليات‪ ،3] 13-11 :‬وذَ َكرَه مَقرُونا بِعمومِ‬
‫وَارْ ِجعُوا إِلَى مَا أُْت ِرفُْت ْم فِي ِه َومَسَاكِنِ ُكمْ َل َعلّكُمْ تُ ْ‬
‫وَِإذَا َأ َردْنَا أَن ّن ْه ِلكَ َقرَْيةً َأ َمرْنَا مُ ْت َرفِيهَا َففَسَقُوْا فِيهَا فَحَقّ َعلَ ْيهَا‬ ‫العذابِ الذي ُيصِيبُ الناس جيعا‪ ،‬عندَما قال‪:‬‬
‫اْل َقوْ ُل فَ َد ّمرْنَاهَا َت ْدمِيًا [ سورة السراء‪ ،‬الية‪ ،] 16 :‬وذَ َكرَه مَقرُونا بِتكذِيبِ الـمُر َسلِي ف مَواضِع‪ ،‬منها قولُه‪:‬‬
‫شرٌ مّ ْثلُ ُكمْ َيأْ ُكلُ‬
‫ل مِن َق ْومِهِ اّلذِينَ َك َفرُوا وَ َكذّبُوا ِب ِلقَاء ال ِخرَ ِة وََأْترَفْنَا ُه ْم فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا مَا َهذَا إِل بَ َ‬
‫َوقَالَ الْ َم ُ‬
‫َومَا َأرْ َسلْنَا فِي َقرَْيةٍ مّن ّنذِيرٍ إِل‬ ‫شرَبُونَ [ سورة الؤمنون‪ ،‬الية‪ ،] 33 :‬وقولُه‪:‬‬
‫ب مِمّا تَ ْ‬
‫ش َر ُ‬
‫مِمّا َتأْ ُكلُو َن مِ ْنهُ وَيَ ْ‬
‫قَا َل مُ ْترَفُوهَا إِنّا بِمَا ُأرْ ِسلْتُم ِبهِ كَا ِفرُونَ [ سورة سبأ‪ ،‬الية‪ ،] 34 :‬وذَ َكرَه‪-‬أيضا‪-‬مَقرُونا بِمعارَضَة الـمُصلِحِي‬
‫‪َ :‬ف َلوْلَ كَا َن مِنَ اْل ُقرُونِ مِن قَ ْبلِ ُكمْ ُأوْلُوْا َبقِيّةٍ يَ ْن َهوْنَ عَ ِن اْلفَسَادِ‬ ‫والوقوفِ ف وَ ْجهِ الصلح‪ ،‬كما ف قولِه‬
‫[ سورة هود‪ ،‬من الية‪.4] 116 :‬‬ ‫ل مّمّنْ أَنَيْنَا مِ ْن ُهمْ وَاتّبَ َع اّلذِي َن َظلَمُوْا مَا ُأْترِفُوْا فِيهِ ‪...‬‬
‫فِي ا َل ْرضِ إِ ّل َقلِي ً‬
‫جبُ على الناسِ‬
‫ول ريْب أ ّن حياةَ الّترَف هي الت تُؤدّي إل تَعقِيدِ شؤو ِن الياةِ كلّها ومِن بيْنِها الزواج‪ ،‬فلِذلِك يَ ِ‬
‫ع الغُرور‪،‬‬
‫أن َيقَْنعُوا‪ ،‬فإنّ الدنيا دارٌ زاِئلَة واليا ُة الخِرة هي حياةُ البقاءِ واللُود‪ ،‬وما هذه اليا ُة الدنيا إل متا ُ‬
‫لرْص على مُباهاةِ ال َخرِين ولو كان ذلِك على حِسابِ القِيَم والفضائِل‬
‫فالستِكثار مِن مُتَعِ هذه الياةِ الدنيا وا ِ‬
‫والخلق يُؤدّي‪-‬بِطبيعةِ الال‪-‬إل تَعقِيدِ هذه الياة‪ ،‬ويُؤدّي إل النغِماسِ ف الـمَهاِلكِ والـخَطَر‪ ،‬فمِن هنا‬
‫‪َ ...‬ومَا عِندَ الِ خَ ْيرٌ‬ ‫شأَ هذا النّشء على الزّهد وعلى القناعة وعلى الرغبة فيما عندَ ال‪:‬‬
‫جبُ أن يُنَ ّ‬
‫يَ ِ‬
‫[ سورة القصص‪ ،‬من الية‪60 :‬؛ سورة الشورى‪ ،‬من الية‪.] 36 :‬‬ ‫َوأَْبقَى ‪...‬‬
‫وأخيا نسألُ ال أن يُلهِمَنا الرّشْد‪ ،‬وأن يُعلّمَنا ما ل نَعلَم‪ ،‬وأن ُيفَهّمَنا ما ل نَفهَم‪ ،‬وأن يَهدِيَنا إل الطرِيقِ ا َل ْقوَم‪،‬‬
‫إنه على كلّ شي ٍء قدِير‪ ،‬وبِالجابةِ جدِير‪ ،‬نِعم الوْل ونِعم النصِي‪ ،‬وصلّى ال وسلّم على سّيدِنا ممّد وعلى آلِه‬
‫وصحبِه أجعِي‪.‬‬
‫والن نَفتَح الجال لِلجابةِ على السئلةِ الوا ِردَةِ إن شاء ال‪.‬‬

‫[‬ ‫ي‬
‫حمُو ٍم ‪ ‬ل بَارِدٍ وَل كَ ِريٍ ‪ ‬إِّن ُهمْ كَانُوا قَبْلَ َذلِكَ مُتْ َرِف َ‬
‫ب الشّمَا ِل ‪ ‬فِي َسمُو ٍم وَ َحمِيمٍ ‪َ ‬وظِلّ مّن َي ْ‬
‫صحَا ُ‬
‫شمَا ِل مَا أَ ْ‬
‫صحَابُ ال ّ‬
‫‪ -1‬وَأَ ْ‬
‫سورة الواقعة‪ ،‬اليات‪.] 45-41 :‬‬
‫[ سورة الؤمنون‪ ،‬اليتان‪-64 :‬‬ ‫ب إِذَا ُه ْم َيجَْأرُو َن ‪ ‬ل َتجَْأرُوا الَْي ْومَ إِّنكُم مّنّا ل تُنصَرُونَ‬
‫‪ -2‬حَتّى إِذَا أَ َخذْنَا مُتْ َرفِيهِم بِالْ َعذَا ِ‬
‫‪.] 65‬‬
‫صمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَاَنتْ ظَاِلمَةً وَأَنشَ ْأنَا َب ْعدَهَا َق ْومًا آخَرِينَ ‪َ ‬فَلمّا أَ َحسّوا بَ ْأسَنَا إِذَا هُم مّْنهَا يَرْ ُكضُونَ ‪ ‬ل تَرْ ُكضُوا وَارْ ِجعُوا‬ ‫‪ -3‬وَ َكمْ َق َ‬
‫حصِيدًا خَا ِمدِينَ [‬ ‫ِإلَى مَا أُتْ ِرفُْت ْم فِي ِه َومَسَا ِكِن ُكمْ َلعَّل ُكمْ ُتسَْألُونَ ‪ ‬قَالُوا يَا وَْيلَنَا إِنّا كُنّا ظَاِل ِميَ ‪َ ‬فمَا زَالَت ّتلْكَ دَ ْعوَا ُهمْ َحتّى َج َعلْنَا ُهمْ َ‬
‫سورة النبياء‪ ،‬اليات‪.] 15-11 :‬‬
‫ل ّممّنْ أَنَيْنَا مِْن ُه ْم وَاتَّبعَ اّلذِينَ َظَلمُوْا مَا أُتْ ِرفُواْ فِيهِ‬
‫‪َ -4‬فلَوْلَ كَانَ مِنَ اْلقُرُونِ مِن قَْبِلكُمْ ُأ ْولُوْا َبقِيّةٍ يَْن َه ْونَ عَنِ اْلفَسَا ِد فِي ا َلرْضِ إِ ّل َقلِي ً‬
‫صِلحُو َن [ سورة هود‪ ،‬اليات‪.] 117-116 :‬‬ ‫ك لُِيهْلِكَ اْلقُرَى بِ ُظ ْل ٍم وَأَ ْهُلهَا مُ ْ‬ ‫ي ‪ ‬وَمَا كَانَ رَبّ َ‬
‫وَكَانُوْا ُمجْرِ ِم َ‬
‫‪19 / 8‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫الفتاوى‬
‫س ‪ :1‬ما هو قولُكم فيما يُسمّى بِالِطبَة ؟ وما معن الِطبة ف السلم ؟ وهل ما يَحدُث اليوم مِن‬
‫ب خطيبَتَه والعكس بِما يُسَمّى بـ " الكعك "‪ ،‬ما هو قولُكم‬
‫مَظاهِر الطبة كلبْس الاتِم وتَ ْلقِيم كلّ مِن الطي ِ‬
‫ف ذلِك ؟‬
‫ج‪ :‬بسم ال الرحن الرحيم‪ ،‬المد ل ربّ العالَمي‪ ،‬وصلّى ال وسلّم على سيدنا ممد وعلى آلِه وصحبِه‬
‫أجعي‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقبلَ الدخول ف صُ ْلبِ هذا الوضوع والجابة على هذا السؤال أَوَدّ أن أُ َق ّدمَ بيْن يَ َديْ‬
‫هذه الجابة بِأنّ هذه المّة ‪ ..‬أ ّمةَ السلم أمّة لا كِيانُها ولا استِقللُها ف الفِكْر والعقيدة والتّصوّر والعبادة‬
‫والعادَة والسّلوك وف كلّ ما يَتعلّق بِشؤُونِ هذه الياة ‪ ..‬على هذه المّة ألّ تََتَأثّر بِما عندَ غيْرِها مِن المَم‬
‫الخرى‪ ،‬فإنا أ ّمةٌ ذاتٌ سِيادَة‪ ،‬وهي عليها أن تُحافِظَ على سِيادتِها ‪َ ..‬يجِبُ عليها أن تَكونَ قائِدةً ل‬
‫َمقُودَة‪ ،‬ومُ َؤثّ َرةً ل مَُتأَثّرَة‪ ،‬وعزِيزةً ل ذلِيلة‪ ،‬وسائِدة ل مَسُودَة‪ ،‬فإنّ العِ ّزةَ ل ولِرسولِه ولِلمؤمِني‪ ،‬وتَدخُلُ‬
‫العادات ف ضِ ْمنِ ذلك‪ ،‬فإنّ العادات الت تُسْتَ ْورَد مِن قَِبلِ أعداءِ السلم ‪ ..‬مِن قِبَلِ الكفَرَة مِن اليَهود‬
‫والنصارى والـمَلحِدة وسائِرِ ال َكفَرَة ‪ ..‬هذه العادات َيجِبُ على المّة أن تَُنقّيَ مت َمعَها منها وألّ‬
‫سكَ با‪ ،‬ففيما سَلَكَه الس َلفُ الصالِح ما يُغنِي عن ذلِك كلّه‪.‬‬
‫تَسْتَ ْم ِ‬
‫يَا أَيّهَا اّلذِينَ‬ ‫ص َدقُ القائلِي‪:‬‬
‫لقَد َحذّرَنا ال‪-‬تعال‪-‬ف كتابِه الكرِي مِن مُوالةِ أعدائِه ‪ ..‬يَقول وهو أَ ْ‬
‫خذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَى أَ ْولِيَاء بَعْضُ ُهمْ أَوْلِيَاء بَ ْعضٍ َومَن يَتَ َولّهُم مّن ُكمْ َفِإّنهُ مِنْ ُهمْ إِ ّن الَ لَ يَ ْهدِي‬
‫آمَنُواْ لَ تَّت ِ‬
‫شأَ هذه الوالة وهي مرض القلوب وهو ما يُعبّرُ عنه‬
‫الْقَ ْومَ الظّالِمِيَ [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ ،] 51 :‬ث بَيّنَ مَن َ‬
‫‪ :‬فَتَرَى اّلذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِي ِهمْ َيقُولُونَ‬ ‫ف هذا العَصْر بِالرضِ النفسان‪ ،‬إذ قال‬
‫َنخْشَى أَن تُصِيَبنَا دَائِ َرةٌ َفعَسَى الُ أَن َي ْأتِيَ بِاْلفَ ْتحِ أَوْ َأمْرٍ مّنْ عِن ِدهِ فَيُصِْبحُواْ عَلَى مَا أَسَرّواْ فِي َأنْفُسِ ِهمْ‬
‫[ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ ،] 52 :‬وف هذا السياقِ نفسِه يأتِي التحذيرُ مِن الرّدّة ف مَعرِض بيانِ أنه لو ارَتدّ‬ ‫نَا ِدمِيَ‬
‫يَا َأيّهَا اّلذِينَ آمَنُواْ مَن‬ ‫أحدٌ مِن هذه المّة فإنّ ال يُعَ ّوضُ عنه بِمَن هو خيْرٌ منه‪ ،‬عندَما يَقولُ سبحانه‪:‬‬
‫يَ ْرَتدّ مِن ُكمْ عَن دِيِنهِ َفسَوْفَ َيأْتِي الُ ِبقَ ْومٍ يُحِبّ ُهمْ َوُيحِبّوَنهُ أَ ِذلّةٍ عَلَى الْمُ ْؤمِنِيَ أَعِ ّزةٍ َعلَى الْكَافِرِينَ ُيجَا ِهدُونَ‬
‫[ سورة الائدة‪ ،‬الية‪54 :‬‬ ‫فِي سَبِيلِ الِ وَلَ يَخَافُونَ لَ ْو َمةَ لائِمٍ َذلِكَ َفضْلُ الِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَالُ وَا ِسعٌ عَلِيمٌ‬
‫]‪ ،‬وما ذلك إل لجْلِ الشعا ِر بأنّ الوالة تُفضِي إل الرتداد‪ ،‬فالوالة هي الت تُؤدّي إل ارتِدادِ السلِم عن‬
‫السلم عندَما يُوالِي أعداءَ ال‪ ،‬إذ هذه الوالة تَأ ُخذُ مِن دِينِه شيئا فشيئا فيَح ِرصُ دائما على تَقلِيدِ غيْرِه‬
‫ض التحذيرِ مِنَ الوالة َذكَ َر ال‬
‫مِن ال َكفَرَة حت يُفضِيَ به المرُ إل الروجِ مِن الدّينِ نائيا‪ ،‬فلذلِك ف مَع ِر ِ‬
‫الرّدّة و َحذّرَ منها وتَوَ ّع َد الذين يَرَتدّون بِأنّ هذه الرّدّة ل تَنقُصُ مِن هذا الدّينِ شيئا وأنّ ال يُعَ ّوضُ عن‬
‫كلّ مَن ارَتدّ مَن هو خيْرٌ منه‪ ،‬ث يُبَيّ ُن ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬مَن َتجِبُ أن تَكو َن له مُوالةُ الؤمِن‪ ،‬عندَما يَقولُ‬
‫صلَةَ َويُؤْتُو َن ال ّزكَاةَ َو ُهمْ رَا ِكعُونَ‬
‫إِنّمَا َولِيّ ُكمُ الُ وَرَسُولُهُ وَاّلذِينَ آمَنُوْا الّذِينَ ُيقِيمُونَ ال ّ‬ ‫سبحانه‪:‬‬
‫‪19 / 9‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫َومَن يَتَوَلّ الَ وَ َرسُولَهُ وَاّلذِينَ آمَنُواْ َفِإنّ حِ ْزبَ الِ‬ ‫[ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ ،] 55 :‬ث يُبَيّنُ العاقبة‪ ،‬إذ يَقول‪:‬‬
‫ُهمُ اْلغَالِبُونَ [ سورة الائدة‪ ،‬الية‪ ،] 56 :‬فإذن مُوالةُ الؤمِن َيجِبُ أن تَكونَ لِلمؤمني وحدَهم‪ ،‬ولئِن كانت‬
‫وَالْمُ ْؤمِنُونَ‬ ‫الـمُوالةُ مِن الؤمني والؤمنات إنا هي لِلمؤمني والؤمنات وحدَهم‪ ،‬كما يَقولُ سبحانه‪:‬‬
‫[ سورة التوبة‪ ،‬من الية‪ ،] 71 :‬فإنه مِمّا َيجِبُ على الؤمِن أن يَح ِرصَ‬ ‫وَالْمُ ْؤمِنَاتُ َبعْضُ ُهمْ أَ ْولِيَاء بَ ْعضٍ ‪...‬‬
‫دائما على ألّ يََتأَثّرَ بِسلوكِ الخَرين‪ ،‬لنّ هذا الّتَأثّر وهذا التقليدَ العمى ما هو إل رمْزُ هذه الوالة‪ ،‬فإنّ‬
‫ب بغيْرِه فيَسعَى إل‬
‫مِن ش ْأنِ النسانِ دائما أن يَح ِرصَ على تقليدِ مَن يُحبّه وعلى تقليدِ مَن يُوالِيه ‪ ..‬يُعجَ ُ‬
‫تقليدِه شيئا فشيئا ‪ ..‬يُق ّلدُه ف الكلم ويُقَ ّلدُه ف الفعال حت يَنتَهِيَ به المْرُ‪-‬والعياذُ بال‪-‬إل الروجِ مِن‬
‫الدّينِ نائيا‪.‬‬
‫ول ريْب أنّ هذه المّة عندَما كانت أ ّمةً عزيزة ‪ ..‬أ ّمةً قوِية بِاستِمساكِها ِبدِينِ ال كانت أمّةً مُ َؤثّ َرةً ول‬
‫تكن أمّةً مَُتَأثّرَة‪ ،‬فال ّمةُ السلمية أَثّ َرتْ ف ق ْلبِ أوروبا بِمعتقداتِها وبِعاداتِها وبِعباداتِها‪ ،‬فكثيٌ مِن المور‬
‫الت كانت عندَ الوروبيي انقَلََبتْ إل العكسِ بِتأثيِ المّة السلمية‪ ،‬حت أنّ مِن الؤرّخي مَن يَقول بِأنّ‬
‫حركة " لَوْثَر " الصلحية الت قام با إنا كانت نتيجةَ التأثي السلمي‪ ،‬وكذلك َوصَلَ المْر ف أوروبا ف‬
‫صدَ َرتْ مراسِيم بِتحريِ‬
‫القَرْن الثالث الجري الثامن اليلدي أنّ الجتمعات الغَ ْربِية تَنَكّ َرتْ لِلتّماثِيل‪ ،‬حت َ‬
‫هذه التماثيل مِن الباطِرة‪ ،‬واعتُبِ َرتْ هذه التماثيل مَظهَرا مِن مَظاهِ ِر الوثنية ف ذلك الجتمَع ف ذلك‬
‫العَصْر‪ ،‬وما ذلِك إل بِسبَبِ الّتَأثّرِ ِبدِينِ ال وتَأثِيِ هذه المّة على الغَ ْربِيي ف ذلك الوقت عندَما كانوا‬
‫مُستمسِكِي َحقّ الستِمساك بِالكتابِ العزيز الذي ل يأتِيه الباطل مِن بيْنِ يديْه ول مِن خلفِه‪ ،‬فمِن هنا‬
‫َيجِبُ علينا أن نَكونَ دائما ُمعَْتدّينَ بِقِيَمِنا ‪ُ ..‬معَْتدّينَ ِبدِينِنا ‪ُ ..‬معَْتدّينَ بِمواريثِنا الفِكرية ‪ُ ..‬معَْتدّينَ بِمواريثِنا‬
‫التأريية مِن غ ْيرِ أن نُفَ ّرطَ ف شيءٍ مِن ذلك‪.‬‬
‫لطْبَة‬
‫ومِن العلوم أنّ تقليدَ الغَ ْربِيي ف تَوَا ِفهِ المور ‪ ..‬ف مثلِ ِإلْبَاسِ الرّجُل الاتَم لِلمرأة الت ُيحِبّها‪-‬بعدَ ا ِ‬
‫الت تَكونُ بيْنهما‪-‬ف الِنْصِر اليُسْرى وِإلْبَاس الرأة‪-‬أيضا‪-‬لِلرّجُل الاتَم ف الِنْصِر اليُسْرى مِن يدِه ‪..‬‬
‫صحّة‪ ،‬فالغَ ْربِيون كانوا‬
‫كلّ مِن ذلك إنا جاء مِنَ الغَرْب‪ ،‬وهذا مبن على خُرافَة وَهْمِية ل أساسَ لا مِن ال ّ‬
‫ف عهودِ الرومان يَعتقِدون أنّ القلْب يَنْبُض ف الِنْصِر اليُسرى ‪ ..‬قلْب الرّجُل وقلْب الرأة وكانوا‬
‫صرِه خاتَما مِن حدِيد أَسَ َرتْ قلبَه وإن َألْبَسَها خاتَما مِن حدِيدٍ‬
‫يَعتقِدون أنّ الرأة إن َألْبَسَت الرّجُل ف خِنْ ِ‬
‫أَسَرَ قلبَها‪ ،‬ث مع مُرورِ الزمَن تَطَوّرَت العادَة مِن خاَتمِ الدِيدِ إل خاَتمِ الذهب‪ ،‬وعندَما جا َءتْنا أوروبا‬
‫ِبقَضّها وقَضِيضِها و َعدّها و َعدِيدِها و َرمَتْنا بِك ّل عاداتِها السيّئة ومفا ِسدِ أخلقِها تََأثّرْنا بِذلِك‪ ،‬وإذا بِالناسِ‬
‫صحّة‪ ،‬فلو كان أَسْرُ القلْب بِمجرّد‬
‫يُق ّلدُون الوروبيي ف هذه العادَة مع أنّ هذه خُرافَة ل أساسَ لا مِنَ ال ّ‬
‫ِإلْبَاسِ الاتَم ف الِنْصِر لكان المْرُ يسِيا جدا مع أنّ كثِيا مِنَ الزواج الذي يَكونُ بذه الطرِيقَة يَنتَهِي إل‬
‫‪19 / 10‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫شلِ الذرِيع‪ ،‬وكثيٌ مِن الزواج الذي ل يَكون بذه الطريقة يَن َعمُ الزوجان فيه بِالستقرار وبِالطمأنينة‬
‫الف َ‬
‫وبِالياةِ الوادِ َعةِ المِنة‪ ،‬فما بالنا ُنقَلّد الخَرين هذا التقليدَ العمى ؟!‬
‫كذلك إِحضار الكعكة وِإْلقَام الرّجُل لِخطيبَتِه وِإلْقامُها له ‪ ..‬هذه عادات ل تَمُتّ بِصِلَة إل دِينِنا السلمي‬
‫النِيف ‪ ..‬هذه أُمور علينا أن نَتَوَقّاها وأن نَح ِرصَ على ما فيه عِزّنا وكرامتُنا بِحيثُ نَكونُ دائما مُ َؤثّرِين ل‬
‫مَُتَأثّرِين‪ ،‬ولن نستطِيعَ أن نكون مُ َؤثّرِين إل عندَما نعتَزّ ِبقِيَمِنا الفِكرية وِبقِيَمِنا التأريية مِن غيْرِ أن نُفَ ّرطَ ف‬
‫شيءٍ مِن ذلك‪.‬‬
‫هنا كلمات قد نَقلتُها ف أكثَرَ مِن موضع وأرِيد أن أَنقُلَها هنا أمام هذا الجتمَع اليان مِن النساءِ الؤمناتِ‬
‫والفتياتِ الؤمنات ‪ ..‬كلمات قالا أ َح ُد الناس الذين تَرَبّوْا فترةً مِن عُمرِهِم ف بلدِ الغَرْب ولكن مع ذلك‬
‫ظلّوا مُعتَزّين بِمواريثِهم الفِكرية والتأرييةن وهو َرجُلٌ باكِسْتانِي ‪ ..‬الشاعِر ممّد إِقْبَال قال ف كلمات له‪،‬‬
‫وهذه الكلمات كما قلتُ أَكثَر مِن مرّة حَرِية بِأن تُكَتبَ بِماءِ الذهب ‪ ..‬يَقول ‪ " :‬إنّ السلِم ل يُخلَق‬
‫شرِي حيث اّتجَهَ وسَار بل ُخلِقَ لِيُو ّجهَ العالَم والجتمَع والـ َم َدنِية‬
‫لِيَندِ َفعَ مع التيار ويُسايِ َر الرّكْبَ البَ َ‬
‫وَيفْ ِرضَ على البشرِية اتّجاهَه ويُمْلِيَ عليها إِرادتَه‪ ،‬لنه صاحِبُ الرسالةِ وصا ِحبُ ال ّق اليقِي‪ ،‬ولنه‬
‫الـمَسؤُول عن هذا العالَم وسَ ْيرِه واتّجاهِه‪ ،‬فليس مَقامُه مقا َم التقليدِ والتّباع ‪ ..‬إ ّن مقامَه مقامُ المامةِ‬
‫والقيادة ‪ ..‬مقامُ الرشادِ والتوجيه ‪ ..‬مقامُ المِر الناهِي‪ ،‬وإذا تَنَكّرَ له الزمان وعصاه الجتمَع وانرَفَ عن‬
‫ع معه‬
‫ضعَ أوْزارَه ويُساِلمَ الدّهْر بل عليه أن يَثُورَ عليه ويُنا ِزلَه وَيظَلّ ف صِرا ٍ‬
‫ضعَ ويَ َ‬
‫الادّة ل يَكُن له أن يَخ َ‬
‫وعِراك حت يَقضِيَ ال ف أَمْرِه ‪ ..‬إنّ الضوعَ والستكانةَ لِلحوالِ القاسِ َرةِ والوضاعِ القاهِرَة والعتِذارَ‬
‫بِالقضاءِ وال َقدَر مِن ش ْأ ِن الضعفاءِ والقزام‪ ،‬أما الؤمِن القوِي فهو نفسُه قضاءُ ال الغالِب و َقدَرُه الذي ل‬
‫يُرَد "‪.‬‬
‫والِطَبةُ ف السلم تأتِي مُيَسّرَة ‪ ..‬ليس فيها شيءٌ مِن التعقِيدات‪ ،‬فبِما أنّ ال َعلِم مِن طبيعةِ عبادِه‬
‫ب الرأة‪-‬و َجعَلَ َولِيها‬
‫جعَلَ أَ َ‬
‫وإِمائِه أنّ الرأة تََتَأثّرُ عاطِفِيا أَكثَرَ مِن الرّجُل َجعَلَ لِلرّجُل الوِليَةَ عليها‪ ،‬ف َ‬
‫الَقْرَب فالَقْرَب عندَما يَكون الب غيْر موجود‪-‬هو الذي يَرعَى مصاِلحَها‪ ،‬وف هذه الالة عندَما يُرِيد‬
‫ج أيّ فتاة يََت َقدّم بِالِطبةِ إل َولِيها‪ ،‬ومِمّا يُسَن أن‬
‫الرّجُل أن يَتَ َز ّوجَ أّيةَ امرأة ‪ ..‬عندَما يُرِيدُ الشّاب أن يَتَزَ ّو َ‬
‫يَراها أَوّل‪-‬وهذه العادَة َيجِبُ أن تَكونَ ف متمعاتِنا‪-‬بِحيثُ يُمَكّ ُن الولِي الاطِب مِن أن يَرَى َولِيَتَه بِحيثُ‬
‫يَجتمِعان فيَرضَى بِها وتَرضَى بِه‪ ،‬حت ل تَكونَ بعدَ ذلِك هنالِك مش ِكلَة‪ ،‬وال َولِي هو الذي يَتَ َولّى َعقْدَ‬
‫الزواج ‪ ..‬هو الذي يَأمُرُ بِالعَقْد إن كان ل يَتَوَلّه بِنفسِه ولكن مع ِرضَى َولِيَتِه بِحيثُ ل يبُها على أن‬
‫تَتَزَ ّوجَ مَن ل تَرضَى به زوْجا وعندَما يَِتمّ الرّضَى مِن قَِبلِها َي ْأمُر ال َولِي ويَ ْنظُر بِمَن يَ ْربِطُ َولِيتَه‪ ،‬فإ ّن الزواجَ‪-‬‬
‫صحْبَة‬
‫صحَْبةَ ي ْومٍ وليْلة وإنا هو ُ‬
‫كما يُقال‪-‬هو َربْطُ مَصِيٍ بِمَصِي ‪ ..‬ليْس بِا َلمْرِ الـهَيّن‪ ،‬فهُو ليْس ُ‬
‫مُستَ ِمرّة ف هذه الياةِ الدنيا‪ ،‬فلِذلِك يَنبغِي لِلنسانِ أن يَح ِرصَ دائما على أن يَقْ ِرنَ َولِيتَه بِالرّجُل الصالِح‬
‫‪19 / 11‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫البَ ّر التّقِي الذي يَرضاه ويَرضَى سُلوكَه هُوَ والؤمِنون وتَرضَى هِي أيضا بِالقترانِ بِه؛ وال‪-‬تعال‪َ -‬ولِيّ‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ما رأيُكم ف العادَة القائِمَة ف السلطنة وهي ُحضُور الزّفّافَة ف وقت ال ُعرْس ووقوفُها بِالباب قَبْ َل دُخول‬
‫الزوج على زوجتِه ِلتَطلُب منه الال ؟ مع عِلمِنا أنّ هذه العادة ل تَكُن مَوجودَة ف َعصْر الرسول ‪.‬‬
‫ج‪ :‬أما وقوفُها بِالباب ومنعُها الزوج مِنَ الدخول إ ّل أن ُتعْطَى شيئا مِنَ الال فهذا ل يَجُوز‪.‬‬
‫وأما أن تَكونَ ف البيت ف مَعزِل عن مكانِ الزوْجيْن مِن أَجْلِ إِرشادِ الفتاة خصُوصا إن كانت لوّل مرّة تََت َزوّج‬
‫ب عليها شرْعا فذلِك أ ْمرٌ ل ب ْأسَ به‪ ،‬فإنّ الفتاةَ هي بِحاجة إل مَن‬
‫ج ُ‬
‫شرَ ِة الزوجية وما يَ ِ‬
‫إل ما يَترّتبُ عليها بعدَ العِ ْ‬
‫يُر ِشدُها ويَدلّها على الطرِي ِق ا َل ْقوَم؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :3‬ما حُكْ ُم السلمِ ف الطلق الذي َيقَعُ دُو َن مُؤخّر الصّداق ؟‬
‫ج‪ :‬الصّداقُ حقّ لِلمرأةِ على الرّجُل ل يَجُوزُ له أن َي ْرزَأَها شيئا منه إلّ بِطِيبِ خاطِرها‪ ،‬وليْس له أن يُعا ِملَها‬
‫جؤُها إل أن تَحرِصَ على الّت َفّلتِ منه بِمُسامَحتِه ف شي ٍء مِن صداقِها الوا ِجبِ لا عليه‪ ،‬فإنّ ذلك‬
‫معاملةً سيّئة ُتلْ ِ‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من‬ ‫ضلُوهُنّ لَِت ْذهَبُوْا بَِبعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنّ ‪...‬‬
‫‪ ...‬وَ َل َتعْ ُ‬ ‫مِمّا ل يَجُوز قَط ‪ ..‬يَقول ال سبحانه‪:‬‬
‫ج وَآَتيُْتمْ إِ ْحدَاهُ ّن قِنطَارًا فَلَ َتأْ ُخذُوْا مِ ْنهُ‬
‫ج مّكَا َن َزوْ ٍ‬
‫وَإِنْ َأرَدّت ُم اسْتِ ْبدَا َل َزوْ ٍ‬ ‫الية‪ ،1] 19 :‬ويَقولُ َع ّز مِن قائِل‪:‬‬
‫ض وَأَ َخذْ َن مِنكُم مّيثَاقًا َغلِيظًا‬
‫شَ ْيئًا أََتأْ ُخذُوَنهُ ُبهْتَانا وَِإثْما مّبِينا ‪ ‬وَكَ ْيفَ َتأْ ُخذُوَن ُه َوقَدْ َأ ْفضَى َب ْعضُكُمْ ِإلَى َبعْ ٍ‬
‫سرِيحٌ ِبإِحْسَا ٍن وَلَ يَحِ ّل لَ ُكمْ‬
‫ق َمرّتَانِ َفِإمْسَاكٌ بِ َم ْعرُوفٍ َأوْ تَ ْ‬
‫‪ :‬الطّلَ ُ‬ ‫[ سورة النساء‪ ،‬اليتان‪ ،] 21-20 :‬ويَقول‬
‫ل فَلَ جُنَاحَ َعلَ ْيهِمَا‬
‫ل َفإِنْ ِخفُْتمْ أَلّ ُيقِيمَا ُحدُودَ ا ِ‬
‫أَن َتأْ ُخذُوْا مِمّا آَتيْتُمُوهُنّ شَيْئًا‪ 2‬إِلّ أَن يَخَافَا أَلّ ُيقِيمَا ُحدُودَ ا ِ‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪ ،] 229 :‬فعلى أيّ حال ل يَجُوزُ لِلرّجُل أن يُلجِ َئ الرأة إل أن تَفَتدِيَ‬ ‫فِيمَا افَْت َدتْ ِبهِ ‪...‬‬
‫ب عليه مِن مُؤخّر صداقِها‪ ،‬فإنّ ذلك‪-‬بِطبيعةِ الال‪ُ-‬يعَ ّد ظلْما لا على أنّ‬
‫سقِطَ عنه ما وَ َج َ‬
‫منه بِشيء أو أن تُ ْ‬
‫صرٍ فيها ولكِنّ‬
‫خلْع ما جاز ف السلم إل عندَما تَكو ُن الرأة كا ِر َهةً لِلرّجُل وأن يَكو َن الرّجُل غ ْي َر مُ َق ّ‬
‫الـ ُ‬
‫الكراهِية جا َءتْ مِن قَِبلِه حت خافتْ أن َتقَعَ ف الـمَحظُور بِسَببِ ال ُكرْهِ الـ ُمَتأَصّلِ ف نفسِها ‪ ..‬ف هذه الالة‬
‫خلّ َي سبِيلَها‪ ،‬أما فيما عَدا ذلك فل؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫يَجُوزُ له أن يَأخُذ ال ِف ْديَة الت َتفَْتدِيها منه مِن أَ ْجلِ أن يُ َ‬
‫س ‪ :4‬لدَى العُمانِيي عادَة أنه عندَما يَبلُغُ الطفل عامَه الوّل يُقامُ له احتِفال ُيسَمّى بـ " الـحُول حُول "‪،‬‬
‫ما قولُك ف ذلِك ؟‬

‫ي ِبفَا ِحشَةٍ مّبَيّنَةٍ‬


‫‪ -1‬يَا أَّيهَا اّلذِي َن آمَنُواْ َل َيحِ ّل َل ُكمْ أَن تَرِثُواْ الّنسَاء َكرْهًا وَ َل َت ْعضُلُوهُ ّن لَِتذْهَبُوْا بَِبعْضِ مَا آتَيُْتمُوهُ ّن إِلّ أَن يَأِْت َ‬
‫ل فِيهِ خَيْرًا كَثِيًا [ سورة النساء‪ ،‬الية‪.] 19 :‬‬ ‫جعَلَ ا ُ‬ ‫وَعَاشِرُوهُ ّن بِاْلمَعْرُوفِ فَإِن كَ ِرهُْتمُوهُنّ َف َعسَى أَن َتكْرَهُواْ شَْيئًا وََي ْ‬
‫ق مَرّتَانِ فَِإ ْمسَا ٌك ِبمَعْرُوفٍ َأ ْو َتسْرِي ٌح بِإِ ْحسَانٍ َولَ َيحِ ّل َل ُكمْ أَن‬ ‫‪-2‬قرأ الشيخ‪ " :‬شَيْئًا ِممّا آتَيُْتمُوهُنّ " وهو سبق لسان؛ الطّلَ ُ‬
‫ت بِ ِه ِتلْكَ ُحدُودُ‬ ‫ح َعلَْيهِمَا فِيمَا افَْتدَ ْ‬
‫ل فَلَ جُنَا َ‬ ‫َتأْ ُخذُوْا ِممّا آَتيُْتمُوهُنّ شَيْئًا إِ ّل أَن َيخَافَا أَ ّل ُيقِيمَا ُحدُودَ الِ َفِإنْ ِخفُْتمْ أَ ّل ُيقِيمَا ُحدُودَ ا ِ‬
‫ل فَُأ ْولَـئِكَ ُهمُ الظّاِلمُو َن [ سورة البقرة‪ ،‬الية‪.] 229 :‬‬ ‫ل َتعَْتدُوهَا َومَن يََت َعدّ ُحدُودَ ا ِ‬ ‫الِ َف َ‬
‫‪19 / 12‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ج‪ :‬العادَة إن كانتْ غ ْي َر مُستَ َمدّة مِن قِبَلِ غ ْي ِر السلِمِي ول تَكُن هذه العادَة مُتَّبعَة على أنا سُنّة مِن السّنَن الت‬
‫تََتأَكّد الـمُحافَظَة عليها وإنا كانتْ إِظْهارا لِلَبهْجَة وشُكْرا ل‪-‬تبارك وتعال‪-‬على النّعمَة فل َأرَى َحرَجا فيها‪ ،‬أما‬
‫إن كانتْ تُعتَبَر سنّة مُتَّبعَة أو أنا تُعتَبَر مِن باب التقلِيد لِلخَرين فل ريْب أنّ ذلك ل يَجُوز؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬

‫س ‪ :5‬هل قراءةُ " ال َوهْبَة " ف أيامِ العَزاء جائزة ؟‬


‫وَأَن لّيْسَ‬ ‫‪ُ ...‬كلّ ا ْمرِئٍ بِمَا َكسَبَ َرهِيٌ [ سورة الطور‪ ،‬من الية‪ ،] 21 :‬ويَقول‪:‬‬ ‫ج‪ :‬يَقول ال تبارك وتعال‪:‬‬
‫ب عملَ غ ْيرِه ‪ ..‬نَعَم‬
‫ِللِنسَانِ إِل مَا سَعَى ‪ ‬وَأَ ّن سَعْيَ ُه َسوْفَ ُيرَى [ سورة النجم‪ ،‬اليتان‪ ،] 40-39 :‬فالنسان ل يُوهَ ُ‬
‫‪-‬يَنقَطِعُ‬ ‫ُيؤْجَرُ النسانُ على عملِ ال ْيرِ إن كان سبَبا له‪ ،‬فعندما يَموتُ ابن آدَم‪-‬كما جاءَ ف الديث عن النب‬
‫ص َدقَةٍ جارِية أو عِلمٍ يُنتَفَعُ به أو ولدٍ صالِح يَدعُو له‪ ،‬أما أن يَع َملَ َأ َحدٌ مِن الناس عمل وَيهَبَه له‬
‫عملُه إلّ مِن ثلث‪َ :‬‬
‫ص َدقَة‪ ،‬فقد َثبَتَ أنّ اليّتَ يَنَتفِع بِذلِك‪ ،‬أما الجّ والعمرة فدليلُه أنّ النب أجابَ‬
‫فل اللهم إلّ الج والعُمرة وال ّ‬
‫الـخَثْعَمِية بِقولِه عندَما سأَلَتْه ف الجّ عن أبيها وقد كان حيّا ولكنه ل يَستطِيعُ الثّبُوتَ على الراحِلَة‪:‬‬
‫ص َدقَة‬
‫( أَرََأيْتِ أن لَو كان على أبِيكِ دَيْن ف َقضَيْتِه‪ ،‬أَكانَ ذلِك مُجزِيا ؟ ) قالت‪ " :‬نعم " قال‪َ ( :‬فذَاكِ ذَاك )‪ ،‬وأما ال ّ‬
‫ص ّدقُ‬
‫ص ّدقَتْ‪َ ،‬أفَيََت َ‬
‫فإنّ َرجُل جاء إل النب وسألَه عن أُمّه بِأنا ماتتْ وَيرَى بِأنا لو كانتْ تَملِكُ مِن المْرِ شيئا لََت َ‬
‫ص َدقَةِ عنها‪ ،‬وكذلك قضاءُ الصّيام إن كان واجِبا على اليّت‪ ،‬لِحدِيثِ عائشة‪-‬رضي ال تعال‬
‫عنها ؟ َفأَ َمرَه النب بِال ّ‬
‫عنها‪-‬عندَ الشيْخيْن‪ ( :‬مَن مات وعليه صِيام صام عنه وَلِيه )؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :6‬هل َيجُوزُ لِلمرأة أن تَذهَب إل التّ َ‬
‫سوّق ؟ وما هو الـمُسَتحَب ف هذه السألة ؟‬
‫ك بم فل‪ ،‬وأما إن كانتْ تَعَت ِزلُ الرّجال وليْس هنالِك َر ُجلٌ يَقوم بذا الغَرَض‬
‫ج‪ :‬إن كانتْ تَختَلِط بِالرّجال وتَحتَ ّ‬
‫ب الختِلطَ بِالرّجال وأن تََتجَنّبَ‬
‫شمَ َأيّمَا احتِشام وأن َتَتجَنّ َ‬
‫وإنا هي مُحتاجَة إل ذلِك فعليها ف هذه الالة أن تَحَت ِ‬
‫ختَلِي به؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫الـخَ ْلوَة بِحيثُ ل َت ْدخُل الكان الذي يَكونُ فيه الجنَبِي وهي َت ْ‬
‫س ‪ :7‬نرجُوا توضِيح ما َيجِب على الـمُعتَدّة‪-‬أو " التريكة "‪-‬فتر َة عِدّتِها‪.‬‬
‫ج‪ :‬الـمُعَتدّة هي كغيْرِها مِن النساء ل َفرْق بيْنها وبيْن غيْرِها مِن النساء ف جيع الحكام فيما َيحِل ويَحرُم إلّ ف‬
‫حلّ لا وكلّ ما يَحرُمُ على‬
‫ثلثِ حالت فقط‪ ،‬أما فيما عَدا هذه الالت الثلث فكلّ ما َيحِلّ لِغيْرِها َي ِ‬
‫حرُمُ عليها ‪ ..‬الالتُ الثلث هي أنا تُمنَعُ مِن الطّيب ‪ ..‬هذا ف ِع ّدةِ الوفاة ل ف ِع ّدةِ الطّلق ‪..‬‬
‫غ ْيرِها‪-‬أيضا‪َ-‬ي ْ‬
‫تُمنَعُ مِن التّطَيّب وتُمنَعُ مِن الزينة ‪ ..‬الالة الثانية أنا تُمنَعُ مِن الزينة‪ ،‬فليْس لا أن تََتزَيّن ‪ ..‬ليْس لا أن تََتطَيّب وليْس‬
‫لا أن تََتزَيّن‪ ،‬والالة الثالثة أنا تُمنَعُ مِن الـمَبِيت ف غيْرِ بيْتِها على القولِ الراجِح‪ ،‬وإلّ فهنا َك قوْ ٌل آخَر ُروِيَ عن‬
‫جاعةٍ مِن الصحابة والتابعي وقال به جاعةٌ مِن العلماء ولكن هذا القول هو الصحيح وهو أنا تُمنَع‪ ،‬لنّ الديثَ‬
‫الشرِيفَ َي ُدلّ عليه‪ ،‬فالخذُ بِما َدلّ عليه الديثُ الشريفُ أوْل ‪ ..‬تُمنَع مِن البِيت أما أن تَخرُجَ ف النهار مِن َأجْلِ‬
‫حاجتِها مُستَتِرة فل مانع مِن ذلك‪ ،‬كما ل تُمنَعُ ف غ ْيرِ حالةِ ال ِعدّة أن تَخرُجَ لِقضاءِ حاجتِها وهي مُسَتتِرة‪ ،‬وكذلك‬
‫ي عملٍ مِن‬
‫جيعُ العمال الت يُمكِنُ أن تُزاوِلَها ف أيامِ غيْرِ ِع ّدتِها َيجُوزُ لَها أن تُزا ِولَها ف أيامِ ال ِعدّة ‪ ..‬ل تُمنَعُ مِن أ ّ‬
‫العمال‪ ،‬فما اعتا َدهُ الناس مِن التّشدِيدِ البالِغ على الرأةِ عندَما تَكونُ مُعَتدّة بِحيثُ تُمنَعُ حت مِن رُؤي ِة الطفالِ ف‬
‫بعضِ الجتمَعات وتُمنَع مِن الروج مِن حُجْ َرتِها وتُمنَع مِن الروجِ حت إل الستشفى وتُمنَع وتُمنَع ‪ ..‬هذه أُمُور ل‬
‫‪19 / 13‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫شرْع‪ ،‬فإنّ ذلك مِن الغُلُو ف الدّين‪ ،‬وال‪-‬تبارك وتعال‪َ -‬حذّرَنا مِن الغُلُو ف الدّين وبَيّنَ لنا أ ّل شَ ْرعَ‬
‫أساسَ لَها ف ال ّ‬
‫[ سورة الشورى‪ ،‬من‬ ‫أَمْ َل ُه ْم شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مّنَ الدّينِ مَا َلمْ َيأْذَن بِهِ الُ ‪...‬‬ ‫إل ما شَرَعَه سبحانه‪:‬‬
‫الية‪] 21 :‬؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :8‬امرأة طُّل َقتْ ولديْها طفل‪ ،‬كم فترة حضانة الطفل مع ُأمّه الت يُحَ ّددُها ال ّ‬
‫شرْع ؟ وكم مُدّة النفقة الت‬
‫شرْع ؟‬
‫يُحَ ّددُها ال ّ‬
‫ج‪ :‬أما الضانة فبِحسْب ما تَكو ُن الصلحة ‪ ..‬الطفل عندما يَكو ُن بِحاجة إل ُأمّه ‪ُ ..‬أمّه أوْلَى به ما ل َتَت َزوّج‪،‬‬
‫وبعدَ ذلك تُنظَر مصلحةُ الطفل فإن كانت مصلحتُه عند أبيه فأبوه أوْل به على ألّ تُح َرمَ ُأمّه مِن زيارتِه‪ ،‬ل ّن ذلك‬
‫[ سورة البقرة‪،‬‬ ‫‪ ...‬لَ ُتضَارّ وَاِل َدةٌ ِبوََل ِدهَا وَ َل َموْلُودٌ ّلهُ ِب َوَلدِهِ ‪...‬‬ ‫مِمّا يَدخُلُ ف الضرار‪ ،‬وال‪-‬تعال‪-‬يَقول‪:‬‬
‫ضرَار ف السلم )‪ ،‬وعلى أيّ حال تُعتبَر‪-‬كما قلتُ‪-‬الصلحة‬
‫ضرَر ول ِ‬
‫من الية‪ ،] 233 :‬ويَقول النب ‪ ( :‬ل َ‬
‫صدُ الشريعة‬
‫‪ ..‬تُعتبَر الصلحة عندما يَبلُغ الطفل إل هذه الرحلة‪ ،‬نظرا إل أ ّن هدفَ الشارِع هو الصلحة‪ ،‬ومَقا ِ‬
‫ض العلماء أنّ أَحَد العلماء الذين كانوا قضاةً ف العهودِ السابِقة ‪ ..‬أحد‬
‫مبنية على اعتبارِ الـمَصال‪ ،‬وذَكَر بع ُ‬
‫صمَ إليه رَجُل وامرأة ف ول ٍد لما فخَّيرَ القاضِي الولد بيْن البِ والُم فاختارَ الب فقالت الُم‪َ " :‬س ْلهُ‬
‫هؤلء اخَت َ‬
‫لاذا اختارَ أباه ول يَخَْترْنِي " فسألَه القاضي وقد كان القاضي عالِما‪ " :‬لاذا اخَت ْرتَ أباك ول تَخْتَر ُأمّك ؟ " قال‪" :‬‬
‫ك منه "‪ ،‬لنّ‬
‫ل ّن ُأمّي تَح ِملُن إل ال ُكتّاب لََت َعلّم والب يَ ْترُكُنِي أَْلعَب " قال له‪ " :‬إذن إلْحَقْ ِبُأمّك فهي أوْل ب َ‬
‫سعَى إل مصلحة الولد ‪ ..‬تَحْ ِملُه إل ال ُكتّاب ِليََت َعلّم‪ ،‬أما الَب كان‬
‫الُم ف هذه الالة كانت حازِمة ‪ ..‬كانت تَ ْ‬
‫يُ ْطلِقُ له الـحَبْلَ على الغارِب‪ ،‬فما كانت تربيةُ الب تربيةً سليمة‪ ،‬لذلِك رأى هذا العالِم القاضِي بِأنْ ُيلْحِقَ هذا‬
‫الولد ِبأُمّه مِن أَ ْج ِل مُراعا ِة الصلحة‪ ،‬فالصلحةُ هي العتبَرة‪.‬‬
‫حدّد بِمقدا ٍر مُعيّن لنا تَختلِف بِاختلفِ الزمانِ والكان‪ ،‬فالنفقات بيْن اليومِ والمْس أَصبحتْ‬
‫وأما النفقة فل تَتَ َ‬
‫ي مِن مُتطلّبات الياة ف وقتِنا هذا ل تَكُن مِن قبل ‪..‬‬
‫تَختلِف اختِلفا كبيا‪ ،‬ل ّن مُتطلّبات الياةِ تَغّيرَتْ ‪ ..‬كث ٌ‬
‫هناك العلج وهناك الـمُتطلّبات الخرى الت لبد مِن مُراعاتِها ‪ ..‬هذه المور ما كانتْ مِن قبل ‪ ..‬هناك وسيلة‬
‫النقل إل الدرسة ‪ ..‬هذه ما كانت مِن قبل‪ ،‬فإذن ف مثلِ هذه الالة لبد مِن أن تُراعَى الظروف وتُراعَى الحوال‬
‫ومع ذلك كلّه النفقة تَجِب على الب ما كان حقّ ا ُلمّ ف الضان ِة باقِيا؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :9‬جدّة َأ ْر َ‬
‫ض َعتْ حفيدتَها‪-‬أي ابن َة بنتِها‪-‬على حفيدِها ‪ ..‬أي ابن ابنِها‪ ،‬هل َيجُوز التّزاوُج بيْن إخوة‬
‫هذيْن ال ّرضِيعَيْن ؟‬
‫جمُ لنا مُشكِلة‪،‬‬
‫ج‪ :‬ما زِلْنا نُعانِي الكثي الكثي مِن الشكِلت الناجِمة عن الهْل ف َأ ْمرِ الرّضاع‪ ،‬ففِي ك ّل وقت تَنْ ُ‬
‫ونَعوذُ بال مِن هذه الشكِلتِ وعواقِبِها ‪ ..‬هذه الشكِلت ما كانت إل بِسببِ الهْل وعدمِ وَعْ ِي الناس وعدمِ‬
‫حدّث قبلَ الجابة على هذه‬
‫لم وعليهم‪ ،‬فلِذلك َأرَى لِزاما أن أَتَ َ‬ ‫إِدرا ِكهِم ِلدِيِنهِم ومعرفِتهِم بِما َشرَعَ ال‬
‫حدّث ولو بِاختِصار عن مسائِ ِل الرّضاع حت يَكونَ الكلّ على بيّنةٍ مِن ال ْمرِ وبصِي ٍة مِن‬
‫القضية بِعينِها ‪ ..‬أن َأتَ َ‬
‫ي المْر‬
‫الق ‪ ..‬هذا مع أنّن َأدْعُو إل الذَر مِن أن تُرضِ َع الرأةُ غ ْيرَ َوَلدِها إل مع الشهادِ على ذلك حت ل يُؤدّ َ‬
‫‪19 / 14‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ي المر إل الـحُرمة ويُؤدّيَ المْر إل العوا ِقبِ الت ل تُحمَد‪ِ ،‬ليَكونَ الناسُ على بيّنةٍ مِن أمْرهِم‬
‫إل اللّبْس ويُؤدّ َ‬
‫وبصي ٍة مِمّا يَأتُون وَي َذرُون‪.‬‬
‫ضعْنَ ُكمْ‬
‫‪ ...‬وَُأ ّمهَاتُ ُكمُ اللّتِي َأ ْر َ‬ ‫ال عندَما َت َكلّم ف كتابِه الكرِي عن الـمُحرّماتِ مِن النساء قال‪:‬‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من الية‪ .. ] 23 :‬ذَكَر المهات وذَكَر الخوات‪ ،‬وسنّة النب‬ ‫َوأَ َخوَاتُكُم مّنَ الرّضَا َعةِ ‪...‬‬
‫ت مِن قبل [ ص ‪ ] 3‬بِأنّ السّنةَ النبوية على صاحبِها أفض ُل الصل ِة والسّلم هي‬
‫جاءتْ بِمزيدِ البيان وكما قل ُ‬
‫امتِدادٌ لِلكِتابِ العزيز‪ ،‬فإنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬أَنزَلَ الكتابَ على نبيّه واخَتصّه بِمزي ِد العرفةِ بِأحكامِه وبِحللِه‬
‫صدِ التّنِي ِل ومَساِلكِ التّأوِيل‪ ،‬لِذلِك قال ال‪-‬تعال‪-‬‬
‫وحرامِه‪ ،‬فهو عليه أفضلُ الصلةِ والسّلم أَ ْع َل ُم الناسِ بِمَقا ِ‬
‫جدُ ف الكتابِ‬
‫[ سورة النحل‪ ،‬من الية‪ ،] 44 :‬ونَ ِ‬ ‫س مَا ُنزّ َل إِلَ ْي ِهمْ ‪...‬‬
‫‪َ ...‬وأَنزَلْنَا ِإلَ ْيكَ الذّ ْكرَ ِلتُبَيّنَ لِلنّا ِ‬ ‫له‪:‬‬
‫صصَتْها السنّة النبوية على صاحبِها أفضلُ الصلةِ والسّلم وكثيا مِن الحكامِ‬
‫العزيز كثيا مِن الحكامِ العامّة َخ ّ‬
‫صلَتْها السنّة النبوية وكثيا مِن الحكام الت فيها‬
‫الـمُط َلقَة قَّيدَتْها السنّة النبوية وكثيا مِن الحكامِ الـمُج َملَة َف ّ‬
‫شي ٌء مِن الشتِباه ‪ ..‬رَ َف َعتْ هذا الشتباه السّنةُ النبوية على صاحبِها أفضلُ الصلةِ والسّلم‪ ،‬فمِن هنا علينا أن‬
‫ب ومِثلَه معه‪ ،‬وليْس الراد‬
‫وألّ نَقَتصِر على عُمومِيات القرآن الكري‪ ،‬فإنّ النب أُوتِ َي الكتا َ‬ ‫نَرجِع إل سنّتِه‬
‫حصِر ف‬
‫بِالـمِثل إل السنّة على صاحبِها أفضلُ الصلةِ والسّلم‪ ،‬فإذن السّنةُ النبوية َبيَّنتْ أنّ الكم ل يَن َ‬
‫المهات والخوات فحسْب‪ ،‬بل َيتَجَا َوزُ ذلك إل ك ّل ما يَح ُر ُم مِن النسابِ مِن قِبَلِ النّسَب ‪ ..‬أنسابِ ا ُلمّ‬
‫ضعَة‬
‫ح ُر ُم أيضا مِن قِبَل ا ُلمّ الر ِ‬
‫الواِلدَة وأنسابِ الَب الوالِد ‪ ..‬ك ّل مِن هذه النساب الت تَح ُرمُ مِن قِبَلِ هذين تَ ْ‬
‫ومِن قِبَلِ زوجِها صاحبِ اللّبَن الذي رَضَ َع منه الطفل ‪ ..‬جاء ف مُسَن ِد المامِ الربي ِع بن حبيب‪-‬رحه ال تعال‪-‬‬
‫عن ُأمّ الؤمني عائشة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬قالت‪ " :‬إ ّن َأ ْفلَحَ أَخَا أبِي ال ُقعَيْس هو عمّي مِن الرضاعة اسَت ْأذَنَ َعلَيّ‬
‫فأَبَ ْيتُ أن آ َذنَ له‪ ،‬فلما جاء رسولُ ال أَخَْبرْتُه فقال‪ ( :‬إئذَنِي له‪ ،‬فإنا الرضاعُ مثلُ النسب ) "‪ ،1‬والديثُ‬
‫أخرجه الشيخان وغيها بزيادة‪ ،‬وهي‪ :‬أنّ عائشةَ‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬را َجعَت النب ف ذلك وقالت له‪ " :‬يا‬
‫ك فلَْيلِج عليكِ )‪ ،‬وجاء‪-‬أيضا‪-‬ف‬
‫ضعْن الرّجُل ! " فقال لا‪ ( :‬إنه عَ ّم ِ‬
‫ضعَتْن الرأة ول يُر ِ‬
‫رسول ال‪َ ،‬أ ْر َ‬
‫ضعَت عائشة "‪ ،‬وجاء ف روايةٍ لِمسلم‪-‬أيضا‪-‬أنّ‬
‫ج الرأ ِة الت َأرْ َ‬
‫روايةٍ لِمسلِم‪ " :‬وكان أبو ال ُقعَيْس زو َ‬
‫أَفلحَ أخَا أبِي ال ُقعَيْس عندَما اسَت ْأذَنَ على عائشة قال لا‪ " :‬إئذن ل‪ ،‬فإنن ع ّمكِ " فقالت له‪ " :‬مِن أين‬
‫ضعْن أبو‬
‫ضعَتْنِي امرأةُ أبِي ال ُقعَيْس ول يُر ِ‬
‫ضعَ ْتكِ امرأةُ أخي " فقالت له‪َ " :‬أرْ َ‬
‫ص ْرتَ عمّي ؟! " فقال لا‪َ " :‬أ ْر َ‬
‫ِ‬
‫ال ُقعَيْس "‪ ،‬ولكن مع ذلك هذه الّت ِعلّة أَ ْسقَطَها رسولُ ال عندَما قال لا‪ ( :‬إنه عَ ّمكِ فلَْيلِج عليكِ )‪،‬‬
‫ي مِن الروايات ‪ ..‬مِن بيْنِها روايةٌ ف السندِ الصحيحِ‪ 2‬أيضا وف الصحيحي وغ ْيرِها أنّ‬
‫وَتأَّي َدتْ هذه الرواية بكث ٍ‬
‫عائشةَ‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬قالت‪ " :‬بينما رسولُ ال ف بيت إذ سَمِعْتُ صوتَ رَجُل يَستأذِنُ ف بيتِ‬

‫‪-1‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )26‬الرّضاع‪:‬‬


‫حديث رقم ‪ :523‬أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ :‬إنّ أفلح أخا أب القُعيسِ‪-‬وهو عمي مِن الرضاعة‪-‬‬
‫ع مِثلُ النّسبِ )‪.‬‬
‫استأذَن عليّ‪-‬وذلك بعد أن نزل الجاب‪-‬فأبيتُ أن آ َذنَ له فجاء رسول ال فأخبتُه فقال‪( :‬إِئذَن لهُ‪ ،‬فإنّ الرّضا َ‬
‫‪-2‬مسند المام الربيع بن حبيب‪ ،‬باب (‪ )26‬الرّضاع‪:‬‬
‫‪19 / 15‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫حفصة فقلتُ له‪ ' :‬يا رسول ال‪ ،‬هذا صوتُ رَجُل يَستأذِنُ ف بيتِك ' فقال‪ ( :‬أُرَاهُ فلنًا )‪-‬لِعَمّ‬
‫حفصةَ مِن الرضاع‪-‬فقلتُ له‪ ' :‬يا رسو َل ال‪ ،‬لو كان عَمّي فلنٌ حيّا لَدَخَلَ عَلَي ؟! ' فقال‪ ( :‬نَعم ‪..‬‬
‫يَحرُم مِن الرّضاع ما يَحرُم مِن النسَب ) "‪ ،‬وكذلك جاء ف رواية الشيخي عن ابن عباس‪-‬رضي ال‬
‫حلّ له وقال‪ ( :‬إنا ابنةُ أخِي مِن الرضاعة‬
‫عنهما‪-‬أنّ النب ُعرِضَت عليه بنت َعمّه حزة فأجاب بأنا ل تَ ِ‬
‫ضعَتْن وأباها ُث َويَْبةُ الَ ْسلَمِية )‪ ،‬وروى ذلك مسلم مِن رواي ِة المامِ علي بن أب طالب َك ّرمَ ال وجهَه‪،‬‬
‫‪َ ..‬أرْ َ‬
‫وجاء نوُ ذلك ف رواية أخرجها البخاري وأبو داؤود وغ ْيرُها مِن طريقِ ُأمّ حبيبة‪-‬رضي ال تعال عنها‪-‬أنا قالتْ‬
‫‪ " :‬يا رسولَ ال‪ ،‬هل لكَ ف أخت ؟ " قال لا‪ ( :‬ماذا ؟ ) قالت‪ " :‬تَنكِحها " قال‪( :‬‬ ‫لِرسولِ ال‬
‫أَوَتُحِبّيَ ذلك ؟ ) قالت‪ " :‬لستُ بِمُخْلِيَة‪ ،‬وأَحَبّ مَنْ شَرَكَنِي ف اليْر إِلَيَّ أُخت "‪ ،‬فقال لا‪( :‬‬
‫إنّها ل تَحِلّ لِي )‪ ،‬فقالتْ‪ " :‬أَوَلَسْنَا نَسمَعُ أَنّكَ تُريدُ أن تَنكِحَ بنتَ أب سلمة ؟ " قال‪ ( :‬بنتَ‬
‫أُمّ سلمة ؟! ) قالت له‪ " :‬نعم " قال‪ ( :‬لو ل تَكن رَبِيبت ف حِجْرِي لَمَا حَلّتْ ل ‪ ..‬إنّها ابنةُ أخي مِن‬
‫الرّضاعة ‪ ..‬أَرضعَتْن وأباها ثُويْبَةُ الأَسْلَمِية‪ ،‬فل تَعْرِضْن عَليّ أخواتِكنّ ول بناتِكنّ ) ‪ ..‬مِن هذه‬
‫الحاديث وأمثالِها يَتَبَيّن لنا أنّ حُرمة الرضاع كحُرمة نَسَب‪.‬‬
‫فالرأة عندَما تُرضِع الطفل الذّكَر يَكونُ ذلك الطفل الذّكَر ولدا لِتلكَ الرأة‪ ،‬فهي‪-‬أي تلكَ الرضِعة‪-‬حرامٌ عليه‪،‬‬
‫لنا ُأمّه مِن الرضاع‪.‬‬
‫وُأمّها حرامٌ عليه‪ ،‬لنا ج ّدتُه مِن الرضاع‪.‬‬
‫وأخواتُها كلّهنّ حرامٌ عليه‪ ،‬لننّ خالتُه مِن الرضاع‪.‬‬
‫وعمّاتُها‪-‬أي عمّاتُ الرضِعة‪-‬هنّ حرامٌ عليه‪ ،‬لننّ عمّاتُ ُأمّه مِن الرضاع‪.‬‬
‫وخالتُها‪-‬أي خالتُ الرضِعة‪-‬هنّ حرامٌ عليه‪ ،‬لننّ خالتُ ُأمّه مِن الرضاع‪.‬‬
‫وبناتُها ك ّلهُن سواءً الت َرضَعَ معها أو الت كانت ُوِلدَت قبلَ رضاعِه هو بِعشراتِ السّنِي أو الت تُولَد مِن بعدِ‬
‫رضاعِه بعشراتِ السّنِي ‪ ..‬كلهُنّ حرامٌ عليه‪ ،‬لننّ جيعا أخواتُه مِن الرّضاع‪.‬‬
‫بناتُ أبنائِها هنّ بناتُ إخوتِه مِن الرّضاع‪ ،‬فهُنّ حرامٌ عليه‪.‬‬
‫بناتُ بناتِها ه ّن بناتُ أخواتِه مِن الرّضاع‪ ،‬فهُنّ حرامٌ عليه‪.‬‬
‫ج الرأة صا ِحبُ ال ّلبَن الذي َرضَ َع منه ‪ ..‬أي الذي كانتْ الرأةُ ف عِصمتِه عندَما رَضَ َع منها أو كانتْ مُ َط ّلقَة له‬
‫َزوْ ُ‬
‫أو كان مَيّتا عنها ول تََت َزوّج مِن بعد ‪ ..‬ذلِك الرّجُل يَكونُ أبا لذا الطفل الراضِع‪:‬‬
‫فُأمّ ذلِك الرّجُل هي جدّتُه مِن الرّضاع ‪ ..‬هي حرامٌ عليه‪.‬‬
‫وأخواتُ ذلِك الرّجُل هنّ عمّاتُه مِن الرّضاع‪ ،‬فهُنّ حرامٌ عليه‪.‬‬
‫وبناتُه ولو مِن غ ْي ِر تلك الرأة هنّ حرامٌ عليه‪ ،‬لن ّن أخواتُه مِن الرّضاع‪.‬‬
‫ت إنسان‬
‫حديث رقم ‪ :524‬أبو عبيدة عن جابر عن عائشة‪-‬رضي ال عنها‪-‬قالت‪ :‬كنتُ قاعدة أنا ورسول ال إذ سعتُ صو َ‬
‫يَستأذِن ف بيت حفصة فقلتُ‪ " :‬يا رسول ال‪ ،‬هذا رجلٌ يَستأذِن ف بيتِك " فقال ‪ُ " :‬أرَا ُه فُلنًا "‪-‬لعمّ حفصة مِن الرضاعة‪-‬فقلتُ‪" :‬‬
‫ع ما يَحرمُ مِن النّسب "‪.‬‬
‫يا رسول ال‪ ،‬لو كان عمّي فلن حيّا دخل عليّ ؟ "‪-‬لع ّم لا مِن الرضاعة‪-‬قال‪ " :‬نَعمْ يَح ُر ُم مِنَ الرّضا ِ‬
‫‪19 / 16‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ك الرأةِ الرضِعة‪.‬‬
‫وبناتُ أبنائِه هُنّ بناتُ إخوتِه مِن الرضاع ولو كان آباؤهُنّ‪-‬أي أولئك البناء‪-‬مِن غ ْيرِ تل َ‬
‫بناتُ بناتِه هُ ّن بناتُ أخواتِه مِن الرّضاع‪ ،‬فهُنّ حرامٌ عليه‪.‬‬
‫وبِالملة فك ّل ما يَح ُرمُ عليه مِن قِبَ ِل أبيه الذي َوَلدَه ومِن قِبَ ِل ُأمّه الت وََل َدتْه ‪ ..‬تَحرُمُ هؤلء جيعا عليه مِن قِبَلِ‬
‫تلكَ الرأةِ الرضِعة ومِن قِبَ ِل َزوْجِها صاحبِ ال ّلبَن‪.‬‬
‫ض َعتْ طفلة ‪ ..‬أنثى فهي ابنةٌ لذه الرأة‪:‬‬
‫لو كانت هذه الراضِعة طفلة ‪ ..‬أي امرأة َأرْ َ‬
‫أبوها جدّها ‪ ..‬هي حرامٌ عليه‪.‬‬
‫إخوتُها هم أخوالُها ‪ ..‬هي حرامٌ عليهم‪.‬‬
‫أبنا ُء تلكَ الرأة كلّهم هم إخوةٌ لِتلكَ الطفلة الراضِعة‪ ،‬فهم حرامٌ عليها‪ ،‬وهي حرامٌ عليهم‪.‬‬
‫أبناءُ أبنائِها هم أبناءُ إخوتِها‪ ،‬فهي حرامٌ عليهم‪ ،‬وهم حرامٌ عليها‪.‬‬
‫أبناءُ بناتِها هم أبناءُ أخواتِها‪ ،‬فهي حرامٌ عليهم‪ ،‬وهم حرامٌ عليها ‪ ..‬كلّ هؤلء‪.‬‬
‫كذلك زوْج الرأة يَكونُ أباها مِن الرضاع‪ ،‬فهي حرامٌ عليه‪.‬‬
‫إخوتُه هم أعمامُها مِن الرضاع‪.‬‬
‫أبوه هو جدّها مِن الرضاع‪.‬‬
‫أبناؤه هم إخوتُها مِن الرضاع‪.‬‬
‫أبناءُ أبنائِه هم أبناءُ إخوتِها مِن الرضاع‪.‬‬
‫أبناءُ بناتِه هم أبناءُ أخواتِها مِن الرضاع ‪ ..‬هؤلء ك ّلهُم يَح ُرمُون عليها‪ ،‬وتَحرُم عليهم‪.‬‬
‫ضعَتْه ج ّدتُه‪:‬‬
‫أما حسب هذه الصورة الذكورة ف هذا السؤال [ ص ‪ ] 13‬فإنّ هذا الولد الذي َأرْ َ‬
‫إن كانت الدّة الرضِعة أُم أبيه يَحرُم عليه أن َيَت َزوّج بِبَناتِ عمّاتِه وبناتِ أعمامِه‪ ،‬لنن بَناتُ إخوتِه وبناتُ أخواتِه‬
‫مِن الرّضاع‪.‬‬
‫وإن كانت الدّة هي أُم الُم فيَحرُم عليه أن يََت َزوّج بنات أخوالِه وبنات خالتِه‪ ،‬لننّ بناتُ إخوتِه وبناتُ أخواتِه‬
‫مِن الرّضاع‪.‬‬
‫أما إخوتُه وسائرُ أولد أخواله وخالته أو أولد أعمامه وعمّاته فل يَنطبِقُ عليهم هذا الكم‪ ،‬ويَجُوزُ التّزاوُجُ‬
‫بينهم‪.‬‬
‫هو بِنفسِه‪-‬كما قلتُ‪-‬يَح ُرمُ عليه أن يََت َزوّج إن كانت الدّة الرضِعة ُأمّ الب ‪ ..‬يَح ُرمُ عليه أن َيَت َزوّج بِبَناتِ‬
‫أعمامِه وعمّاتِه‪ ،‬وإن كانت الدّة الرضِعة أُم الُم يَح ُرمُ عليه أن يََت َزوّج بِبَناتِ أخوالِه وخالتِه‪ ،‬وأما إخوتُه وسائرُ‬
‫أولد عُمومتِه أو أولد خؤولتِه فل يَنطَبِقُ عليهم هذا الكم‪.‬‬
‫س ‪ :10‬امرأة مُطّلقَة ولديْها أولد ُيرِيد مُطّلقُها أن يُخرِجَها مِن البيْت عِلما بِأ ّن الزوْج َيعِيشُ ف القِسم الثان‬
‫مِن البيت‪ ،‬ما الكم ف ذلك ؟‬
‫‪19 / 17‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ج‪ :‬إن كانت لا حق الضانة فهي أوْل بِأن تبْقى مع أولدِها وترْعى مصالِحَهم وإنا تَحرُم عليهما ال ْلوَة فل‬
‫يَخَتلِي با ول تَخَتلِي به؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪َ :11‬ع ْودَة إل مسائ ِل الرّضاع ‪ ..‬امرأة َأ ْر َ‬
‫ض َعتْ وَلَدَها الصْغر على ابن ِة جارتِها‪ ،‬هل يَجُوز ِلوَلَدِها الكبَر‬
‫أن يََت َزوّجَها ؟‬
‫ج‪ :‬يَت َزوّج تلك البنة ؟‬
‫س‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ضعَتْ تلكَ الطفلة فهي ابنتُها ‪ ..‬تَح ُرمُ على جي ِع أبنائِها‬
‫ج‪ :‬يُفهَم الواب عن هذه السألة مِمّا ذَ َكرْناه‪ ،‬فبِما أنا َأ ْر َ‬
‫ولو ُوِلدُوا قبلَها بِعشراتِ السّنِي أو بعدَها بِعشراتِ السّنِي؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :12‬ما حُكم إِزالة شَعْر َوجْه الرأة ؟‬
‫حرّم‪ ،‬وهو إِزالَ ُة شَعْر الاجِبَيْن؛‬ ‫ج‪ :‬ل مانِع مِن ذلك ‪ ..‬ل مانِع مِن أن يُزالَ شَعْ ُر َوجْهِ الرأة ما عدا النّمْص الـ ُم َ‬
‫وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ت َعلَي‪ ' " :‬مَن علّمَن حرْفا صِرْتُ له عبدا '‬ ‫ت على العلّمَة لبْسَها الضيّق وشَعْرَها الارِج فرَدّ ْ‬ ‫س ‪ :13‬نَقَدْ ُ‬
‫واحَترِمِي مَن هو أَكْبَر منكِ "‪ ،‬فهل َغلَطْتُ ف حقّها ؟‬
‫ت هي‪ ،‬إذ استَ ْنكَفَتْ ِمنَ الق وَأبَتْ قبولَه‪ ،‬وعليها أن تَقَْبلَ الق سواءً قالَه صغيٌ أم كبي وسواءً قالَه‬ ‫ج‪ :‬ل بل غَل َط ْ‬
‫قوِيّ أو ضعيف وسواءً قالَه َذكَرٌ أم أنثى وسواءً قالَه قرِيبٌ أم بعيد ‪ ..‬بغيضٌ أم حبِيب‪ ،‬فإنّ القّ مُقبولٌ مِمّن جاءَ به‪،‬‬
‫وال‪-‬تبارك وتعال‪-‬نَعَى على أولئك الذين َيأَْبوْن أن يَنقَادُوا لِلحَق ‪ ..‬يَقول‪ :‬وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتّقِ الَ َأ َخذَتْهُ الْعِ ّزةُ‬
‫ض قبولَ الق‪.‬‬ ‫حسْبُ ُه جَهَّن ُم َولَبِئْسَ الْ ِمهَادُ [ سورة البقرة‪ ،‬الية‪ .. ] 206 :‬هذا جزاءُ مَن َرفَ َ‬ ‫بِالِْث ِم َف َ‬
‫سهُلَ تربيتُهم والعنايةُ‬ ‫س ‪ :14‬هل َتجُوز الباعدة بيْن الوِلدات وذلِك بِال ّطرُق العصْرِية وليس بِمنعٍ دائم وذلِك لِتَ ْ‬
‫ق عليهم فبعضُ الناس معاشُهم ثانون رِيال فكيف تَكفِي زوْجا وزوْجة واثنا عشر وَلَدا وبِنْتا ولديْهم غُرفةٌ‬ ‫بم والنفا ُ‬
‫واحدة وقد نادى السلم بِالتّفرِيق ف الضاجِع ؟!‬
‫ج‪ :‬قضية الباعدة بيْن الوِلدات ل تأت نتيجة الفقْر‪ ،‬أما إذا كان بِسببِ الفقْر فل‪ ،‬لنّ ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬قال‪:‬‬
‫كمْ وَإِيّا ُهمْ ‪ [ ...‬سورة النعام‪ ،‬من الية‪ ،] 151 :‬وقال‪َ ... :‬نحْنُ نَ ْر ُزقُ ُه ْم وَإِيّاكُم ‪ [ ...‬سورة‬ ‫‪َ ...‬نحْنُ َنرْ ُز ُق ُ‬
‫السراء‪ ،‬من الية‪ .. ] 31 :‬مِن قِبَل الفقْر ل وأما إذا كانت الرأة َتَتحَمّل صُعُوبة نعم ف هذه الالة مِن أ ْجلِ الضّرورة‬
‫صحّةِ الرأة ‪ ..‬بِهذا الشّرْط فل يُدفَع الشّيء الـ ُمضِر بِما هو َأضَر‬ ‫على أن تَكونَ الوسائل الواقِيَة مِنَ المْل ل َتضُر ِب ِ‬
‫منه‪.‬‬
‫ف لا زَ ْوجُها بِالزّنا وتقول‪ :‬هل أنا أَكون َزوْجته بعدَ هذه‬ ‫س ‪ :15‬هذا سُؤال طوِيل اختِصارُه أنّ امرأة اعتَ َر َ‬
‫الهانة ‪ ..‬بعدَ هذا الكتِشاف الذي اكتشفتُه ف حياتِه‪ ،‬هل أَكو ُن َزوْجته ف الشّرع ؟ وهل له حُقوق الزوجية ‪ ..‬أي‬
‫الحترام مع العشْرَة بِاللل ؟ وشكرا ‪ ..‬الباحثة عن السعادة‪.‬‬
‫ج‪ :‬بِئْسَ ال ّرجُل هذا‪ ،‬فهو‪-‬قبلَ ك ّل شيء‪َ -‬وقَعَ ف أَ ْمرٍ ُمحَرّم بِالنّصوصِ القاطِعة يُؤدّي إل عذابِ ال تعال‪ ،‬ويَتَناف‬
‫مع الصّفات الت َوصَفَ ال با عبادَه عندَما قال‪ :‬وَاّلذِينَ ل َيدْعُونَ مَعَ الِ ِإلَهًا آخَ َر وَل يَ ْقتُلُونَ النّفْسَ الّتِي‬
‫‪19 / 18‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫ح ّق وَل يَزْنُونَ وَمَن يَفْ َعلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ‪ُ ‬يضَاعَفْ لَهُ الْ َعذَابُ َيوْمَ الْ ِقيَامَ ِة وََيخْ ُل ْد فِيهِ ُمهَانًا ‪ ‬إِل مَن تَابَ‬
‫حَرّمَ الُ إِل بِاْل َ‬
‫[ سورة الفرقان‪ ،‬اليات‪-68 :‬‬ ‫ل سَيّئَاِت ِه ْم َحسَنَاتٍ وَكَانَ الُ غَفُورًا ّرحِيمًا‬
‫وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَل صَاِلحًا َفأُوَْلئِكَ يَُب ّدلُ ا ُ‬
‫‪ .. ] 70‬أوّل َوقَعَ ف الرام‪ ،‬ث بع َد وقوعِه ف الرام ل َيسْتَتِر ِبسِتْرِ ال‪ ،‬والنب يَقول‪ ( :‬مَن أصابَ شيئا مِن هذه‬
‫القاذورات فلَيسَْتتِر ِبسِتْرِ ال‪ ،‬فإنّ مَن ُي ْبدِ لنا صفحتَه نُقِم عليه كتابَ ال )‪ ،‬واعترافُه أمام زوجتِه هدمٌ لِلحياةِ‬
‫الزّوجية‪ ،‬فإن كان هذا العتراف تباهِيا أو تفاخُرا أو مِن أ ْجلِ إهانةِ تلك الرأة ‪َ ..‬كسَبَ مع ذلِك َأوْزارا فوق‬
‫أوزارِه‪ ،‬فإنّ مَن باهَى بِمعصيةِ ال‪-‬تبارك وتعال‪َ-‬تضَاعَفَ عليه ِوزْرُها‪ ،‬والرأة عندَما يَعَْترِفُ َزوْجُها اعتِرافا صرِيا لا‬
‫ص ّدقُه ف هذا العتراف ول يُكذّبُ نفسَه ‪ ..‬ل يَعُودُ إل‬
‫ص ّدقَةً لا ف هذا العتراف ‪ ..‬عندَما ُت َ‬
‫بِأنه َزنَى وتَكون ُم َ‬
‫نفسِه ويَقول بِأنّه كان كاذِبا بل َيسْتَمِرّ على اعترافِه هذا ‪ ..‬تَكو ُن قد ان َفصَلَتْ عنه‪ ،‬فهي تَحرُمُ عليه بِسببِ ذلك؛‬
‫وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :16‬هل َيجُوز لِل ّرجُل أن يُ َطلّ َق زوجتَه مِن َأ ْجلِ الختِلف ف العامل الرّيزِيسِي لِفصاِئلِ الدّم ومِن َأجْل أنه ل‬
‫يُحبّها ولِسوءِ التّفاهم بيْنهم أو الختِلف ف الثقافة العلمية وفارِق السّن ؟‬
‫ج‪ :‬ما شاء ال؛ هذه القضايا كلها مِن إفرازات الغَزْو ال ِفكْرِي ف هذا العصْر‪.‬‬
‫ي حال؛ الطلق هو شيءٌ بغِيض‪ ،‬فهو انفِصالٌ بع َد وِصال‪ ،‬وهو قطِيعة بعدَ اتّصال‪ ،‬فلذلك كان أَمْرا بغِيضا‬
‫على أ ّ‬
‫وإنا أباحه ال لئل تَكونَ الياةُ الزوجية جحيما ل يُطاق عندَما تَتَنَافَر طِباع الزوْجيْن‪.‬‬
‫فإن كان هذا ال ّرجُل يَخشَى على نفسِه عندما يُمسِك هذه الرأة ‪ ..‬يَخشَى على نفسِه بِأن يَك َرهَها كرْها يُؤدّي به إل‬
‫ج هذه الشكِلة‪ ،‬أما إن‬
‫أن َي ْهضِمَها ويَمنَعَها حَقّها الشّرْعِي الواجِب عليه لا فالطلقُ أوْل ف هذه الالة مِن َأ ْجلِ عِل ِ‬
‫كان مِن المكن تَدا ُركُ ذلِك بِطرِيقةٍ أو بِأخرى ومعالةُ هذه الحوالِ النفسيةِ الطارِئة فإ ّن المساكَ أوْل ‪ ..‬الوْل ألّ‬
‫جَعَل هناك أنواعًا مِن العِلج لِلمشكِلتِ الز ْوجِية الستَ ْعصِية تَفادِيا لِلطّلق‪ ،‬ويُصار إل‬ ‫يَُتسَ ّرعَ إل الطلق ‪ ..‬ال‬
‫الطّلق بعدَما يَستعصِي العلج مِن جيع الوجوه‪ ،‬فلَئِن كانت الشكِلة مِن الرأة وهي الت َتتَمَرّدُ على َز ْوجِها أَ َمرَ ال‬
‫‪ ...‬وَاللّتِي َتخَافُونَ ُنشُو َزهُ ّن فَ ِعظُوهُ ّن وَا ْهجُرُوهُ ّن فِي الْ َمضَاجِعِ‬ ‫الرّجال بِأشياء عِلجا لذه الشكلة ‪ ..‬قال‪:‬‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من الية‪ .. ] 34 :‬هكَذا أَمَرَ ال الرّجال أن‬ ‫وَاضْ ِربُوهُ ّن َفإِنْ أَطَعَْن ُك ْم َفلَ تَبْغُواْ عَلَ ْيهِ ّن سَبِيلً ‪...‬‬
‫يُحاوِلُوا بِأنفسِهم أن يُعاِلجُوا الشكِلة عندَما يَكونُ الّنشُوز مِن الرأة بِحيثُ أوّل‪-‬قبلَ ك ّل شيء‪-‬عليه أن يَعِظَها‬
‫ضجَع لَ َعلّ ذلِك يَجعلُها َترْ َعوِي‪ ،‬فإن َأصَرّتْ على مَوقِفِها له‬
‫جرُها ف الـ َم ْ‬
‫بِالكلِمة الادِئة الادِفة‪ ،‬فإن أَبَتْ ذلِك يَه ُ‬
‫أن يَضرِبَها ضرْبا غ ْيرَ مَُبرّح وغيْرَ ُم َؤثّر‪ ،‬فإن َأصَرّتْ على َم ْوقِفِها أو كان العصيانُ والتّ َمرّد مِن قِبَلِه هو ‪ ..‬ف هذه‬
‫وَِإ ْن خِفُْتمْ شِقَاقَ َبيْنِهِمَا فَابْ َعثُوْا حَكَمًا مّنْ َأهْلِ ِه َوحَكَمًا مّنْ‬ ‫الالة تََت َدخّل السْرَتان ‪ ..‬أسْرة ال ّرجُل وأسْرة الرأة‪:‬‬
‫[ سورة النساء‪ ،‬من الية‪ ،] 35 :‬فعندَما تَكون القضية مُستعصِيَة تََت َدخّل‬ ‫صلَحًا ُي َوفّقِ الُ بَيَْنهُمَا ‪...‬‬
‫َأهْلِهَا إِن ُيرِيدَا ِإ ْ‬
‫حسِم بِأيّ طرِيقٍ كان ف هذه الالة يَكونُ العِلج‬
‫حسِم ‪ ..‬نعم عندَما يَكون الِلف ل يَ ْن َ‬
‫السْرتان لعلّ الِلف َي ْن َ‬
‫الطّلق ‪ ..‬يُتَفَادَى الطّلق بِأيّ شيءٍ كان حت ل َيَتسَ ّرعَ الناسُ إل التّطلِيق‪ ،‬لِمَا يَتَ َرتّب على الطّلق مِن النفِصال‬
‫وَيتَرَتّب عليه مِن ضياع الذرية‪ ،‬لنّ بقاءَ الياةِ الزوْجية ضَمان لِتربيةِ الذرية مِن قَِبلِ الانبيْن على اليْر‪ ،‬فل تَفْقِد‬
‫ب ول حَنانَ الُم‪.‬‬
‫الذرية رِعايةَ ال ِ‬
‫‪19 / 19‬‬ ‫عُنوس الفتيات‪ ،‬وفتاوى نسائية ‪ ‬ماضرة وفتاوى للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫وإن كان ذلِك لجْل تبايُنِ الثّقافة أو مِن َأجْل أي شيء مِن هذا القَبِيل ‪ ..‬إن كان ل يُفضِي ذلك إل الكُرْه‬
‫ضمُ الرأةَ حقوقَها فل يَنبَغِي له أن يُ َطلّقَها بِسبَبِ ذلك؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫الـمَُتَأصّل الذي َي ْه ِ‬
‫س ‪ :17‬هل َيجُوز لِلمرأة ف فتر ِة عِدّتا الـمَبِيت خارِج بي ِ‬
‫ت زوجِها ف حالةِ الـمَرض أو الضّرورةِ ال ُقصْوى ؟‬
‫ج‪ :‬نعَم ‪ ..‬ف حالة الرض ل مانِع مِن أن تُحمَل إل الستشفى وَتبِيت ف الستشفى‪ ،‬وكذلك ف الضّروراتِ الخرى‬
‫الت لبد منها‪ ،‬فإنّ الضروراتِ تُ َقدّرُ بِ َقدَرِها؛ وال‪-‬تعال‪-‬أعلم‪.‬‬
‫ونَكتَفِي بِهذا القَدر نظرا إل ضيق الوقت ولِما يَنتظِرنا مِن التزامات وطولِ الطرِيق بعدَ ذلك‪ ،‬ونَعتذِر إل‬
‫الخوات والبنات عن عدم الجابة على جي ِع هذه السئلة‪ ،‬فك ّل سؤالٍ هو مُهِم وك ّل سؤال تَنبغِي الجابةُ عليه ولكن‬
‫ضيق الوقت هو الذي َيحُول بيننا وبيْن أداءِ هذا الواجب؛ وال‪-‬تعال‪-‬ول التوفيق‪ ،‬وشكرا لكم‪ ،‬والسلم عليكم‬
‫ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫‪‬‬

You might also like