You are on page 1of 4

‫خطبة صلة عيد الضحى ( ‪1423‬هـ ) للشيخ أحد بن حد الليلي‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫خطبة صلة عيد الضحى‬
‫للشيخ أحد بن حد الليلي‬
‫ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬ال أكب كبيا‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ل إله‬
‫إل ال‪ ،‬ال أكب تكبيا‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬ال أكب ول المد حدا كثيا‪،‬‬
‫وسبحان ال بُكرة وأصيل‪ ،‬ال أكب ما طاف طائف بالبيت العَتِيق‪ ،‬ال أكب ما أقبل الجيج إليه مِن كل‬
‫َفجّ عميق‪ ،‬ال أكب ما وقف واقف بعرفات والشعر‪ ،‬ال أكب ما هَلّل مهلل وذكر ذاكر وكب‪ ،‬ال أكب‬
‫كما ينبغي للل وجهه وعظيم سلطانه‪.‬‬
‫المد ل‪ ،‬المد ل الذي فرض على عباده حج بيته الرام وإقامَة الـمناسك بالـمَشَاعِر‬
‫العظام‪ ،‬ليشهدوا منافع لم‪ ،‬فيكون بينهم التلحم والتراحم والتعارف والتآلف‪ ،‬وليقيموا ذِكْرَ‬
‫ال‪-‬تعال‪-‬وتَحْمِيدَه وَتقْدِيسَه وتَمجيدَه‪ ،‬ولُيوَحّدُوه كما ينبغي للل وجهِه مِن التوحيد‪ ،‬سبحانه‪،‬‬
‫أحدُه حدا يَليق بلل وجهه وعظيم سلطانه‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وحده ل شريك له‪ ،‬له اللك وله‬
‫المد‪ ،‬يُحيِي ويُمِيت وهو حيّ دائم ل يوت‪ ،‬بيده الي وهو على كل شيء قدير‪ ،‬وأشهد أنّ سيدنا‬
‫جةِ البيضاء‪ ،‬والشريعةِ السمحاء‪ ،‬والـمِّل ِة النيفية الغرّاء‪،‬‬ ‫ونبينا ممدا عبدُه ورسولُه‪ ،‬أرسلَه ال بالـمح ّ‬
‫فبلّغ رسالةَ ربّه‪ ،‬وأدّى أمانتَه‪ ،‬وَنصَحَ هذه المّة‪ ،‬وكشف ال به عنها الغُمّة‪ ،‬فصلوات ال وسلمه عليه‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه أجعي‪ ،‬وعلى تابعيهم بإحسان إل يوم الدّين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فيا عبا َد ال‪ ،‬اتّقوا ال‪ ،‬وعَظّمُوا ما عَظّمَ ال مِن شعائرِه‪.‬‬
‫واعلَموا أنكم ف أيامٍ مباركَات‪ ،‬فأنتم ف موسمٍ عظيم‪ ،‬ف موسمِ حَ ّج بيتِ ال‪-‬تعال‪-‬الكب‪،‬‬
‫صوْب‪ ،‬وقد‬ ‫ذلك اللقاءِ العظيم الذي يَجمَع شتاتَ الؤمني‪ ،‬الذين يُقبِلُون إل ال مِن كلّ َحدَبٍ و َ‬
‫خَّلفُوا وراءَهم أوزا َر هومِ هذه الدنيا‪ ،‬وأَقبَلوا إل ال بِوجوهِهم وقلوبِهم‪ ،‬راجِي منه سبحانه غفرانَ‬
‫خطاياهم‪ ،‬وقَبولَ حسناتِهم‪ ،‬والتجاو َز عن سيئاتِهم‪ ،‬يَُلبّون ال علنية‪ِ ،‬لُيقِيمُوا بِذلك شِعا َر التوحيدِ‬
‫ف هذه الرض‪ ،‬وِليُنذِروا الناس بأنم مُقبِلونَ على ال‪-‬سبحانه‪-‬وقد َخّلفُوا وراءَهم ك ّل ما يَتعلّقُ بذه‬
‫الدنيا‪ ،‬فهم يُلبّون ال تلبي ًة مِن أعماقِ قلوبِهم ِليَتخلّصوا بذلك مِن هذه العلئِق الت تَق َطعُهم عنه‬
‫سبحانه حت يَكونوا عبادا ل مِلصِي‪.‬‬

‫‪4/1‬‬
‫خطبة صلة عيد الضحى ( ‪1423‬هـ ) للشيخ أحد بن حد الليلي‬
‫َجعَ َل الجّ رُكنا مِن أركانِ دِينِه‪ ،‬فقد فَرَضَه بِنصّ كتابِه العزيز‪ ،‬عندَما قال‪:‬‬ ‫واعلَموا أنّ ال‬
‫[ سورة‬ ‫ل َومَنْ َكفَرَ فَِإنّ الَ غَِنيّ عَ ِن اْلعَالَمِيَ‬
‫ت مَ ِن ا ْستَطَاعَ إَِليْ ِه َسبِي ً‬
‫ل عَلَى النّاسِ حِجّ الَْبيْ ِ‬
‫‪َ ...‬و ِ‬
‫آل عمران‪ ،‬من الية‪.] 97 :‬‬
‫وجاءَ ف الديثِ عن النب ا ّن السل َم ُبنِيَ على خس وذَكَرَ مِن بيْ ِن هذه المس ح ّج بيتِه‬
‫الحرّم‪.‬‬
‫فح ّج بيتِ ال‪-‬تعال‪-‬هو الرّكن الامِس مِن أركانِ السلم‪ ،‬وذلك لِما فيه مِن إقامةِ ذِكْرِ ال‬
‫وتَمجيدِه‪ ،‬وارتباطِ خََلفِ هذه المّة بِسََلفِها‪ ،‬ففي الوقوف بِتلكم الماكِ ِن الق ّدسَة يَستشعِر النسان‬
‫عَظم َة التأريخ‪ ،‬فق ْد شَا َد بنيا َن البيتِ الرام أبُ النبياءِ إبراهيمُ ووَلَدُه إساعيل‪ ،‬وكان مِن َأمْرِ‬
‫س بِالج‪ ،‬فقدْ قال تعال‪َ :‬وأَ ّذنْ فِي النّاسِ بِاْلحَجّ‬ ‫ال‪-‬سبحانه‪-‬أن َأمَ َر عبدَه إبراهيمَ أن يُؤ ّذنَ ف النا ِ‬
‫شهَدُوا َمنَافِعَ َلهُ ْم َويَذْكُرُوا اسْمَ الِ فِي َأيّامٍ‬
‫ي مِنْ كُلّ فَ ّج عَمِيقٍ ‪ِ ‬ليَ ْ‬
‫َي ْأتُوكَ رِجَا ًل َوعَلَى كُلّ ضَامِ ٍر َي ْأتِ َ‬
‫َمعْلُومَاتٍ‪ 1‬عَلَى مَا رَزََقهُ ْم مِ ْن َبهِي َم ِة الَْأْنعَامِ ‪ [ ...‬سورة الج‪ ،‬الية‪ ،27 :‬ومن الية‪.] 28 :‬‬
‫س بِبا ِرئِها‪ ،‬لنا تَشُ ّد النسانَ إل‬
‫وقد َجعَلَ ال ف هذه العبا َدةِ الق ّدسَة وَصْل لِهذه النفو ِ‬
‫حجّ َأ ْشهُ ٌر َمعْلُومَاتٌ َفمَنْ فَ َرضَ فِيهِ ّن الْحَجّ فَل رََفثَ وَل فُسُو َ‬
‫ق‬ ‫تقوى ال‪ ،‬ولذلك يَقولُ سبحانه‪ :‬الْ َ‬
‫ح ّج َومَا َت ْفعَلُوا مِنْ َخيْ ٍر َيعْلَمْهُ الُ َوتَ َزوّدُوا فَِإنّ َخْيرَ الزّا ِد الّت ْقوَى وَاّتقُو ِن يَا أُولِي الَلْبَابِ‬
‫وَل ِجدَالَ فِي الْ َ‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬الية‪ ،] 197 :‬ويقولُ تعال‪ :‬وَاذْ ُكرُوا الَ فِي َأيّامٍ َمعْدُودَاتٍ فَ َم ْن َتعَجّلَ فِي َيوْ َميْنِ فَل‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬الية‪:‬‬ ‫شرُونَ‬‫ل وَاعْلَمُوا َأّنكُمْ إَِليْهِ تُحْ َ‬
‫ِإثْ َم عََليْ ِه َومَ ْن تَأَخّرَ فَل ِإثْمَ عََليْهِ ِلمَ ِن اتّقَى وَاّتقُوا ا َ‬
‫‪ ،] 203‬ويقولُ‪َ ... :‬ومَ ْن ُيعَظّ ْم َشعَائِرَ الِ فَِإّنهَا مِ ْن َت ْقوَى الْقُلُوبِ [ سورة الج‪ ،‬من الية‪.] 32 :‬‬
‫س مِن أَقاصِي هذه الرض‪،‬‬ ‫ط بيْن فئاتِها‪ ،‬إذ يَجمَع النا َ‬
‫والجّ َرمْ ُز الوَحدَة بيْن هذه المّة‪ ،‬فإنه يَربِ ُ‬
‫ب الفقِي‪ ،‬والقوِي إل جانبِ الضعيف‪ ،‬والعرب إل جانبِ العجمي‪ ،‬والبيضَ إل‬ ‫يَجمَع الغن إل جان ِ‬
‫ت بيْنهم الفوارِق‪ ،‬فهم يُعِلنُونَ‬ ‫ت بيْنهم الواجِز‪ ،‬وزال ْ‬ ‫ق بيْنهم شيء‪ ،‬ق ْد تَحطّ َم ْ‬ ‫ب السْود‪ ،‬ل يُف ّر ُ‬ ‫جان ِ‬
‫بِلسا ٍن واحِد‪ " :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إ ّن المد والنعمة لك واللك‪ ،‬ل شريك‬
‫ض أعداءَ ال‪-‬تعال‪-‬عندَما يَ َر ْونَ هذه الوَحدَة الت تَربِطُ بيْن السلِمِي مع زوالِ‬ ‫لك "‪ ،‬وف هذا ما َيغِي ُ‬
‫جي ِع الفوارِق الت تَفصِ ُل بعضَهم عن بعض‪.‬‬
‫ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬وال أكب‪ ،‬ول المد‪.‬‬
‫ي لبِيب ما تَمُ ّر به المّة ف هذه الونة مِن مِحَنةٍ قا ِسيَة‪ ،‬فقدْ َأظَّلتْها‬ ‫عبادَ ال‪ ،‬إنه ل يَخفَى على أ ّ‬
‫غَمامةٌ سودا ُء قاتِمة تُنذِ ُر ِبفِتنةٍ هوْجاء‪ ،‬ل تُبقِي ول تَذَر‪ ،‬إل أن َيتَدَا َركَ الُ ‪ ،‬وف هذا ما يَدعُو المّة‬
‫إل أن تُراجِ َع نفسَها‪.‬‬

‫مِن تلوة الشيخ لذه الية‪.‬‬ ‫ت‬


‫فِي أَيّامٍ َم ْعلُومَا ٍ‬ ‫‪َ -1‬سقَطَ‪:‬‬
‫‪4/2‬‬
‫خطبة صلة عيد الضحى ( ‪1423‬هـ ) للشيخ أحد بن حد الليلي‬
‫ص منها‪ ،‬فقد قال عليه أفضل الصلة‬ ‫فقدْ أَنذَرَها النب بِمثلِ هذه ال ِفتَن‪ ،‬ونّبأَها بِالخَل ِ‬
‫والسلم‪ " :‬ستَكو ُن مِن بعدِي ِفتَنٌ كقِطَعِ الليلِ الظلِم " قيل له‪ " :‬وما الخلَص منها ؟ يا رسولَ ال "‬
‫قال‪ " :‬كتابُ ال‪ ،‬فيه نبأُ مَن قبلَكم‪ ،‬وخبُ ما بعدَكم‪ ،‬و ُحكْ ُم ما بينكم‪ ،‬هو الفصْل ليْس بالزْل‪ ،‬مَن‬
‫تَرَكَه مِن جبّارٍ َقصَمَه ال‪ ،‬ومَن ابَتغَى الدَى ف غيْرِه أَضَلّه ال‪ ،‬هو َحبْلُ الِ التِي‪ ،‬ونورُه البِي‪ ،‬والذّ ْكرُ‬
‫شبَع منه العلماء‪،‬‬‫الكِيم‪ ،‬والصراطُ الستقِيم‪ ،‬وهو الذي ل تَزِي ُغ بِه الهواء‪ ،‬ول تتشَ ّعبُ معه الراء‪ ،‬ول يَ ْ‬
‫خلَقُ عن كثرةِ الرّد‪ ،‬وهو الذي لَم َتنْتَهِ النّ إذ سَمعتْه أن قالوا‪ِ ... :‬إنّا سَ ِم ْعنَا قُرْآنا عَجَبا ‪...‬‬ ‫ول يَ ْ‬
‫صدَق‪ ،‬ومَن َحكَ َم به عَدَل‪ ،‬ومَن عَمِ َل به أُجِر‪ ،‬ومَن اعَتصَ َم به‬ ‫[ سورة الـن‪ ،‬من الية‪ ،] 1 :‬مَن قالَ قولَه َ‬
‫ط مستقِيم "‪.‬‬ ‫فق ْد هُدِيَ إل صرا ٍ‬
‫ب نفسَها على ضوءِ ما جاءَ فيه مِن‬ ‫فالمّة جيعا مُطاَلبَة أن تَعتصِمَ بذا الكتابِ العزيز‪ ،‬وأن تُحاسِ َ‬
‫هدايةِ ال وأوامِرِ ِه ونواهِيه‪ ،‬لِتُقِيمَ ميزانَ ال ِقسْطِ ف هذه الرض‪ ،‬وِلتُ َطهّرَ نفسَها مِن أَرجاسِ الوزار‪،‬‬
‫ط بِحبلِ الِ‪-‬تعال‪-‬التِي‪ ،‬فإنّ ال فَ َرضَ على عبادِه العتصامَ‬ ‫ص نفسَها مِن جيعِ الكْدار‪ ،‬وِلتَتَرَابَ َ‬ ‫وِلتُخَلّ َ‬
‫حبْلِ‬
‫بِحبلِه‪ ،‬عندَما قال‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِينَ آ َمنُوا اتّقُوا الَ َح ّق تُقَاتِ ِه وَل تَمُوتُنّ إِل َوأَْنتُمْ ُمسْلِمُونَ ‪ ‬وَا ْعَتصِمُوا بِ َ‬
‫الِ جَمِيعا وَل تَفَرّقُوا ‪ [ ...‬سورة آل عمران‪ ،‬الية‪ ،102 :‬ومن الية‪ ،] 103 :‬وف ذلك القوّةُ كلّها‪.‬‬
‫على أنّ كتابَ ال ُيَنبّؤنا ِبنُصْ َرةِ ال الت يَستَحِقّ بِها النسان أن يَنا َل النصر َة مِن عندِ ال‬
‫ي عَزِيزٌ ‪ ‬الّذِينَ ِإنْ َم ّكنّاهُمْ فِي‬
‫ل مَ ْن َيْنصُ ُرهُ إِنّ الَ َل َقوِ ّ‬
‫تعال‪ ،‬فقدْ قال ال تعال‪ ... :‬وََلَيْنصُ َرنّ ا ُ‬
‫[ سورة الج‪،‬‬ ‫ل عَاِقَب ُة الُمُورِ‬
‫الَ ْرضِ أَقَامُوا الصّلةَ وَآَتوُا الزّكَا َة َوَأمَرُوا بِالْ َمعْرُوفِ َونَ َهوْا عَ ِن الْ ُمْنكَ ِر وَ ِ‬
‫من الية‪ ،40 :‬والية‪ ،] 41 :‬فإضاعةُ المّة الم َر بِالعروف والنهيَ عن النكَر هو الذي َأوْقَفَها مواقِفَ الذّل‪،‬‬
‫و َج َعلَها تَتَ َردّى إل هذه الوّة السحيقَة‪ ،‬بِحيثُ أصبحتْ هَدَفا ِلكُلّ مُغرِض‪.‬‬
‫َجعَلَ لَها الـمَخلَص بِاتّباعِ كتابِه العزيز‪ ،‬والعضّ بِالنواجِ ِذ على هَ ْديِه‬ ‫وعلى أيّ حال فإنّ ال‬
‫ف والنهيِ عن النكَر‪ ،‬فإنما‬ ‫الستقِيم وعدمِ التفرِيطِ ف شي ٍء مِن أوامِ ِر ِه ونواهِيه‪ ،‬وإقامةِ المرِ بالعرو ِ‬
‫ط الجتماعي بيْن المّة‪ ،‬حت تَكونَ أمّ ًة واحدة‪ ،‬يَص ُدقُ عليها قولُ ال تعال‪:‬‬ ‫مَصدَ ُر العِز‪ ،‬و َم ْعقِ ُد الرتبا ِ‬
‫ِإنّمَا الْ ُم ْؤ ِمنُونَ إِ ْخ َوةٌ ‪ [ ...‬سورة الجرات‪ ،‬من الية‪.] 10 :‬‬
‫وقولُ النب ‪ ( :‬تَرَى الؤمني ف تَوادّهم وتراحِهم وتعاطفِهم كمثلِ السَد إذا اشتَكَى منه‬
‫عُضوٌ تَداعَى لَه سائ ُر السَ ِد بِالمّى والسهَر )‪.‬‬
‫فاتّقوا الَ يا عبا َد ال‪ ،‬واعتصِموا بِهذا البْلِ التِي‪ ،‬واتّبِعُوا هذا النورَ البِي‪ ،‬وانجُوا هذا الصراطَ الستقِيم‪.‬‬
‫ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ال أكب‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬وال أكب‪ ،‬ول المد‪ ،‬حدا كثيا يُوافِي ِنعَمَه‬
‫ويُكافِئ مَزِيدَه‪ ،‬ل َحدّ لِغايتِه‪ ،‬ول َأمَدَ لِنهايتِه‪َ ،‬يفُوقُ حَمْدَ الامِدِين ويَربُو على ُشكْرِ الشاكِرِين‪.‬‬
‫عبادَ ال ا ْحمَدُوا ال على ما أَنعَ َم عليكُم مِن نعمةِ السلم‪ ،‬واحْ ِرصُوا على طاعتِه ف السّ ّر‬
‫جرّدُوا مِن هومِ هذه الدنيا‪ ،‬وأَقبِلُوا بِقلوبِكم إل الدارِ الخِرة‪ ،‬الت أَعدّها ال لِلمّتقِي‪.‬‬
‫والعلنية‪ ،‬وتَ َ‬
‫‪4/3‬‬
‫خطبة صلة عيد الضحى ( ‪1423‬هـ ) للشيخ أحد بن حد الليلي‬
‫واعلَموا أنّكم ف أيامٍ مبارَكَات‪ ،‬أيا ٍم عَظّمَ ال ذِكْرَها ف كتابِه العزيز‪ ،‬فهي موسِمٌ لِلخيْر‪،‬‬
‫ت مَن يَشاء‪ ،‬فتَسابَقوا ف هذا اليدان‪ ،‬ميدا ِن الي‪.‬‬ ‫يَرَفعُ ال فيها بِما يَعمَلُ عبادُه درجا ٍ‬
‫ب النبياء إبراهيم وابنِه إساعيل‬‫ت بِأ ِ‬
‫َجعَلَ ف يومِ العِيد تَذكِيا بِالحنة الت َمرّ ْ‬ ‫واعلَموا أنّ ال‬
‫ت ا ْفعَلْ مَا ُت ْؤمَ ُر‬
‫عندَما َرأَى إبراهيمُ أنه يَذبَ ُح وَلَدَه إساعيل فآ َذنَه بِذلك‪ ،‬فقالَ لَه‪ ... :‬يَا َأبَ ِ‬
‫ل مِ َن الصّابِرِينَ [ سورة الصافات‪ ،‬من الية‪ ،] 102 :‬وإذا بِعنايةِ ال‪-‬تعال‪-‬تَتَدَا َركُ‬ ‫َستَجِ ُدنِي ِإنْ شَاءَ ا ُ‬
‫الشي َخ الكبِيَ الانِي والطف َل الصغِ َي اليَافِع‪ ،‬ويَأتِي المْرُ مِن قبَِلِ ال بِأن يُفدَى الذبِي ُح بِ ِذبْحٍ عظِيم‪،‬‬
‫وكانتْ سنّة ف عبادِ ال‪-‬سبحانه‪-‬ق ْد أحياها النب ف هذه المّة بِأمْ ٍر مِن ال سبحانه‪.‬‬
‫صفَايَا مِن أَجْ ِل التقَرّب إل ال‪-‬تبارك وتعال‪-‬بِها‪ ،‬حت تَنالوا اليْرَ العظِي َم مِن ِقبَلِ ال‪،‬‬ ‫فاختَارُوا ال ّ‬
‫وقد َجعَلَ ال هذه الضّحِية ُسّنةً بعدَ الصلة‪ ،‬أما مَن ضَحّى قب َل الصلة فإنّ شاتَه ل تَعدُو أن تَكونَ‬
‫شاةَ لَحم كما أَخبَرَ النب ‪.‬‬
‫والنب َبيّنَ أنه ل ُيتَقَرّبُ إل ال ف َي ْومِ النّحْر بعدَ اليا ِن بِه وعبا َدتِه الت َفرَضَها على عبادِه‬
‫بِشيءٍ أَحْسَ َن مِن إِهراقِ الدم‪ ،‬حت أنّ ك ّل الضّحِية مِن قُرُونِها وأَظْلفِها وأَصْوافِها وَأوْبَارِها وَأشْعَارِها‬
‫ت العبد‪.‬‬ ‫تَكونُ ف ميزانِ حسنا ِ‬
‫فاّتقُوا ال يا عبادَ ال‪ ،‬وتَساَبقُوا ف هذا اليدان‪ ،‬ميدانِ التّقرّب إل ال ‪ ،‬واذْ ُكرُوا ال‪-‬تعال‪-‬‬
‫[ سورة البقرة‪ ،‬من الية‪:‬‬ ‫وَاذْ ُكرُوا الَ فِي َأيّامٍ َمعْدُودَاتٍ ‪...‬‬ ‫كما َأمَرَكُم ال‪-‬تعال‪-‬بِذِكْرِه عندَما قال‪:‬‬
‫‪ ...‬أَل بِذِكْرِ‬ ‫‪ ،] 203‬واستَدِيـمُوا ذِكْرَه آناءَ اللي ِل وآناءَ النهار‪ ،‬ففي ذلك الـمَخلَص مِن ك ّل شِدّة‪:‬‬
‫ل تَ ْط َمئِ ّن الْقُلُوبُ [ سورة الرعد‪ ،‬من الية‪.] 28 :‬‬ ‫اِ‬
‫هذا وصَلّوا و َسلّمُوا على إمامِ الرسَلِي وقائِدِ الغُرّ الـمُحَجّلِي‪ ،‬فقدْ أَمَرَكَم ال‪-‬تعال‪-‬بِالصلةِ‬
‫صلّوا‬‫ل وَمَلئِ َكتَ ُه ُيصَلّونَ عَلَى الّنبِ ّي يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا َ‬ ‫والسلمِ عليه‪ ،‬حيثُ قال عَزّ قائل عليما‪ِ :‬إنّ ا َ‬
‫صلّ على عبدِك ورسولِك مم ٍد وعلى آلِ ممد‬ ‫عََليْ ِه وَسَلّمُوا تَسْلِيما [ سورة الحزاب‪ ،‬الية‪ ،] 56 :‬اللهم َ‬
‫كما صَلّيتَ على إبراهي َم وعلى آلِ إبراهيم وبارِك على عبدِك ورسولِك مم ٍد وعلى آلِ ممد كما باركتَ‬
‫على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم ف العالَمِي‪ ،‬إنكَ حيد ميد‪ ،‬وارضَ اللهم عن خلفائِه الراشدِين وعن أزواجِه‬
‫ك يا‬ ‫أمهاتِ الؤمني‪ ،‬وعن سائرِ الصحابةِ أجعي‪ ،‬وعن الؤمني والؤمنات إل يومِ الدّين‪ ،‬وعنّا معهم بِرحتِ َ‬
‫جعْ شتاتَ‬ ‫أرحمَ الراحي‪ ،‬اللهم أَعِزّ السلمَ والسلِمي واقطَعْ دابِرَ أعداءِ الدّين‪ ،‬واستأْصِلْ شأفَتهُم‪ ،‬اللهم ا َ‬
‫هذه المّة على ما تُحبّه وتَرضاه مِن اليْر‪ ،‬وادَْفعْ عنها كلّ شرّ مِن شرورِ الدنيا والخِرة‪ ،‬اللهم َألّفْ بيْن‬
‫صدْعَها‪ ،‬واجَعْ كلمتَها على ما تُحبّه وترضاه‪ ،‬وجَّنبْها ال ِفتَن ما ظَهَرَ منها وما‬ ‫قلوبِها‪ ،‬و َوحّدْ صَفّها‪ ،‬وا ْرأَبْ َ‬
‫ك ربّنا على كلّ شيءٍ قدير‪ ،‬وإنكَ بِالجابةِ جدِير‪ ،‬نِعم الول ونِعم النصي‪.‬‬ ‫بَطَن‪ ،‬إن َ‬
‫حشَا ِء وَالْ ُمنْكَ ِر وَاْلبَغْيِ‬
‫ل َيأْمُ ُر بِالْعَدْلِ وَال ْحسَا ِن َوإِيتَاءِ ذِي اْلقُ ْربَى وََينْهَى عَنِ اْلفَ ْ‬
‫عبادَ ال‪ِ :‬إنّ ا َ‬
‫يَ ِعظُكُمْ لَعَلّ ُك ْم تَذَكّرُونَ [ سورة النحل‪ ،‬الية‪.] 90 :‬‬

‫‪4/4‬‬

You might also like