You are on page 1of 87

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫المسد ل رب العاليس‪ ،‬والصسلة والسسلم على عبده‬


‫ورسوله المي سيدنا ممد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬كثر التعامل ف متمعنا با يسمى بيع القالة‬
‫أو بييع اليار‪ ،‬ول يفيى عليكيم ميا تنطوي علييه عقدة هذا‬
‫البيع من مفاسد جة‪ ،‬أصبح الجتمع يعان من ويلتا‪ ،‬فكم‬
‫من متاج لزت به حاجته إليه ورجا أن يد فيه الخلص من‬
‫مشكلته‪ ،‬فإذا به يسر الطارف والتليد‪ ،‬ويبقى عائل مسكينا‬
‫بسيبب اسيتغلل الشترى وجشعيه الذي ل يرق معيه لالة‬
‫مض طر‪ ،‬و قد وجد نا من الناس من يروج لذه العاملة ماول‬
‫أن يضفي عليها الصفة الشرعية للبيوع‪ ،‬مستنكرا ما يقوم به‬
‫الصلحون من النهي عنها بجة أنه ل يتفق العلماء على منع‬
‫هذا الب يع‪ ،‬ف جم غف ي من هم أبا حه ك ما تش هد به آثار هم‬
‫وفتاواهم‪ ،‬ومن قلد عالا كان سالا‪ ،‬على أنه جرى العمل به‬

‫‪5‬‬
‫بيي ظهراني أئمية العدل وعلماء السيلم‪ ،‬فلو كان مجورا‬
‫لشددوا فييه‪ ،‬ومين هؤلء مين ينع في السيتدلل لباحتيه‬
‫منعيا عجيبا‪ ،‬وذلك أنيه يزعيم أنيه تناط بيه منفعية دينيية‬
‫ودنيويية‪ ،‬وهيي أن فييه مندوحية للناس في حاجتهيم عين‬
‫القروض الربويية التي تقدمهيا مؤسيسات الموال مشروطية‬
‫بالربا الصريح‪ ،‬فكانت إباحته ‪-‬لذا السبب‪ -‬أمرا ضروريا‬
‫يقتضيه النظر ف مصال السلمي‪ ،‬وقد أثرت هذه الشبهات‬
‫ف نفوس كث ي من عوام الناس الذ ين ل يفرقون ب ي الت مر‬
‫والمر ول بي الذئب والمل‪.‬‬
‫لذلك وجهنيا إليكيم هذا السيؤال‪ ،‬راجيي منكيم‬
‫تسيليط الضوء على هذه السيألة باي فييه شفاء الغلييل‪ ،‬وباي‬
‫يقطع رأس كل شبهة‪ ،‬ويستأصل شأفة كل ريبة ‪.‬‬
‫وال السؤول أن ينعم علينا وعليكم بالتوفيق لا يبه‬
‫ويرضاه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مصطلحات بيع القالة‬
‫الواب‪ :‬بعد حد ال با هو له أهل‪ ،‬والصلة والسلم‬
‫على نبيه الذي ك شف به الغ مة‪ ،‬وأزاح بطلع ته ديا جر ال هل‬
‫الدلمة‪ ،‬وعلى آله وصحبه نوم الدى لن سرى ف طلب الق‬
‫وأمه‪.‬‬
‫اعلم أن ما تعورف على ت سميته عند نا ببيع القالة أو‬
‫س معنونسا بأسساء‬‫بيسع اليار بثسه علماء المسة مسن شتس مذاهبه ا‬
‫متل فة‪ ،‬فالشهور ع ند النف ية ت سميته ب يع الوفاء‪ ،‬ومن شأ هذه‬
‫الت سمية ع ند أ هل سرقند‪ ،‬و قد سي عند هم بأ ساء أخرى‪،‬‬
‫فمن هم من ي سميه الب يع الائز‪ ،‬ومن هم من ي سميه ب يع العاملة‪،‬‬
‫و ساه آخرون ب يع الما نة و هو الشهور ب صر‪ ،‬وب يع الطا عة أو‬
‫الطاعة وهو الشهور عند أهل الشام‪ ،‬وسي عند حنفية تونس‬
‫الر هن‪ ،‬أ ما الالكية فقد اشتهر عند هم ببيع الثنيا‪ ،‬ك ما اشت هر‬
‫ع ند الشافع ية ببيع العهدة‪ ،‬وع ند النابلة ببيع الما نة كحنف ية‬
‫مصر‪ ،‬ويسمى ف طرابلس الغرب بيع الوعدة‪ ،‬وعند أهل اليمن‬

‫‪7‬‬
‫ب يع الرجاء‪ ،‬وأش هر أ سائه ع ند غي نا ب يع الوفاء‪ ،‬ول عل ذلك‬
‫راجع إل أن هذا السم هو الذي ساه به أول الناس تعاملً به‬
‫وبثا ف أحكامه وهم النفية كما سيأت ‪-‬إن شاء ال‪. -‬‬

‫‪8‬‬
‫نشأة هذا البيع‬
‫ول يكسن التعامسل بذا البيسع معهودا ف الصسدر الول‪،‬‬
‫ولذلك ل يرد له ذكسر فس الديسث الشريسف‪ ،‬ول فس الثار‬
‫الرويسة عسن الصسحابة ‪-‬رضوان ال عليهسم‪ ،-‬ول فس أقوال‬
‫التابعي‪ ،‬بل ذهب كثي من الفقهاء الذين بثوا أحكامه إل أن‬
‫نشأته كانت ف القرن الامس الجري ببلد ما وراء النهر‪ ،‬وف‬
‫هذا يقول العلمسة ممسد بسن ممسد بيم الثانس ‪-‬مسن علماء‬
‫النفية‪ -‬ف كتابه "الوفاء با يتعلق ببيع الوفاء" ‪:‬‬
‫"اعلم أنه لا كان الغالب على الناس ف ع صر الجتهد ين وما‬
‫قرب منه قصد النفع الخروي‪ ،‬حت كان القرض منهم يقرض‬
‫لوجه ال عز وجل ل يكن لذا العقد وجود ف دائرة الشهود‪،‬‬
‫فل ما انقل بت الوضاع وغلب حب الدن يا على الطباع و صار‬
‫النسان كما قال صاحب الفصول ( ل يقرض غيه شيئا كثيا‬
‫من ماله من غي أن يطمع بصول نفع مال ) أحدثوه لتحصيل‬

‫‪9‬‬
‫الرباح بطريسق مباح‪ ،‬وأظسن أن مبدأ ظهوره كان بسسمرقند‪،‬‬
‫لن الكلم فيه للسمرقنديي" ‪.‬اهس‬
‫وقال ال ستاذ الحا سن ف شر حه على الجلة‪" :‬إن ب يع‬
‫الوفاء حدث اعتباره والقول به بي العصر الامس والسادس ف‬
‫ديار بارى" وبيّن أن أصله أن تلك الديار تراكمت فيها الديون‬
‫على أصحاب العقارات بدرجة كادت تذهب با ‪.‬‬
‫وذكسر العلمسة الشيسخ مصسطفى الزرقاء فس بثسه "بيسع‬
‫الوفاء وع قد الر هن" أن أول ظهوره وتعا مل الناس به ف القرن‬
‫الامس الجري ف مدينة بلخ ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الوجه القيقي لذا البيع‬
‫و هو ب يع ل يق صد به إل التحا يل على الر با بأ سلوب‬
‫الخاتلة والداع ليخفى هذا القصد‪ ،‬فإن التعامل ي به يعمدون‬
‫إل إظهار وجه البيع منه ومواراة وجه الربا‪ ،‬وقد تفطن لذلك‬
‫أهل العلم‪ ،‬فمنعه جهورهم من أصله لا ينطوي عليه من سوء‬
‫القصد‪ ،‬ويترتب عليه من فساد ف دين المة وأخلقها‪ ،‬ولن‬
‫اللل والرام ل ينظر ف حكمها إل الصور الظاهرة‪ ،‬فإن ال‬
‫العل يم ال بي هو الذي تع بد عباده بتحل يل ما أ حل وتر ي ما‬
‫حرم‪ ،‬و هو سبحانه ل ت فى عل يه خاف ية م ا يعت مل ب ي طوا يا‬
‫النفوس وحنا يا الضمائر‪ ،‬وال عبة إن ا هي بالو هر ل بالش كل‪،‬‬
‫وبالقيقسة ل باليال‪ ،‬وهسل تتحول النجاسسة عسن حكمهسا‬
‫وت ستحيل عن طبيعت ها إن هي صبت ف وعاء ح سن ال صورة‬
‫نظيف الظهر طيب الرائحة ؟‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫حكم هذا البيع عند الفقهاء‬
‫وقد اشتهر النفية بالتسامح ف العاملت والتوسع ف‬
‫كث ي من الحكام ح سبما يو حي به الظا هر أحيانا من عدم‬
‫مان بة شرع ال‪ ،‬لذلك كانوا أك ثر الذا هب تو سعا ف أحكام‬
‫هذا البيع‪ ،‬بل أصل نشأته كانت ف أكنافهم‪ ،‬ولكنهم مع ذلك‬
‫اختلفوا فس حكمسه إل آراء متعددة‪ ،‬قال العلمسة بيم الثانس‬
‫منهسم‪" :‬والتحيسل لذلك وإن كان مشروعا لكسن صسلوحية هذا‬
‫لذلك ليس ببي‪ ،‬وليس هو من المر الي‪ ،‬فلذلك اختلفت فيه‬
‫أنظار مسن ظهسر فس عصسرهم مسن نوادر الدهسر وحاملي لواء‬
‫الذ هب النعما ن ب ا وراء الن هر" و قد أن ى العل مة البزازي ف‬
‫جامعه وهو من علماء النفية خلفهم ف ذلك إل تسعة أقوال‪،‬‬
‫وهسي مشرو حة ف أمهات كتبهسم ك ما أوسسعت ف بوث هم‬
‫ور سائلهم بيانا وتف صيلً‪ ،‬ول كن العل مة بيم الثا ن رد ها إل‬
‫خ سة ث قال‪" :‬و ما زاد علي ها را جع بقل يل تأ مل إلي ها" و من‬

‫‪12‬‬
‫أجل اختصار الواب أقتصر فيه على إيراد هذه المسة بشيء‬
‫من التلخيص والياز فدونكها‪:‬‬
‫أول ا‪ :‬أن هذا الع قد ل يعدو أن يكون رهنا ف حك مه‬
‫ولو عب عنه بلفظ البيع‪ ،‬حت ل يكون للمشتري فيه غي حبس‬
‫العي فيما يكون له على البائع من دين‪ ،‬ومعناه أنه ليس له أن‬
‫ينتفع بشيء من ريعه‪ ،‬وهو مذهب أب شجاع وابنه والسعدي‬
‫وأبس السسن الاتريدي والقاضسي الميس‪ ،‬اسستدلل منهسم بأن‬
‫العبة ف العقود بعانيها ل ببانيها‪ ،‬بدليل جعلهم الكفالة بشرط‬
‫براءة الصيل حوالة‪ ،‬والوالة بشرط عدم براءته كفالة‪ ،‬وما هو‬
‫إل اعتبار لا نب الع ن وإلغاء لظا هر الب ن‪ ،‬والذي يف هم من‬
‫اليية أن هذا هو رأي أكثر النفية‪ ،‬وما من ريب أن الخذ‬
‫بذا الرأي يفوت على ذوي الطماع مسا يرومونسه مسن التذرع‬
‫بذه العاملة إل أكل الرام‪ ،‬فإنم ل يدون سبيل إل استغلل‬
‫العي الت اشتروها رأي العي عندما يلزمون به ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ثاني ها‪ :‬أ نه ب يع جائز لزم إذا ع قد بل فظ الب يع من غ ي‬
‫ذكر شرط فيه ل فرق بينه وبي البيع البات الصحيح ف حكم‬
‫ما ‪ ،‬فل ي سوغ ف سخه من طرف وا حد وإن ا بالترا ضي ب ي‬
‫الطرفيس على جهسة القالة‪ ،‬وهسو الذي نقسل غيس واحسد عسن‬
‫الن سفي اتفاق شيو خه ف زم نه عل يه‪ ،‬وحجت هم أن متعاقد يه‬
‫تلفظا بل فظ الب يع من غ ي ذ كر شرط الف سخ ف يه وإن أضمراه‬
‫بقلوب ما‪ ،‬إذ ذاك أو شرطاه ن صا ق بل الع قد بناء أن ال عبة ف‬
‫الشرط الفسد بقرانه للعقد ذكرا باللسان دون تقدم ذكره عليه‬
‫ول قرانه به مضمرا بالنان‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ف هذا الذ هب ن ظر ل ي فى على متأ مل‪ ،‬ذلك‬
‫لن العروف عرفسا كالشروط شرطا‪ ،‬فإن توارد التعاقدان على‬
‫ما ف نف سيهما من الشرط الذي تشارطاه من ق بل الع قد أو‬
‫تعارفسا عليسه وإن ل يذكراه رأسسا ل يتلف حكمهمسا عمسا لو‬
‫تشارطسا ذلك فس صسميم العقسد‪ ،‬إل أنسه مسع هذا ل يتفسق هذا‬
‫الذهب مع ما يري عليه عمل الناس من النص على ذكر شرط‬
‫القالة ف وثيقة البيع‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ثالث ها‪ :‬أ نه ب يع جائز لك نه غ ي لزم‪ ،‬في حل للمشتري‬
‫النتفاع بالبيع لوازه ويفسخ بطلب أحدها لعدم لزومه‪ ،‬وهو‬
‫الذي ذكره قاضي خان أثناء كلم له‪ ،‬غي أنه يفيد أنه إن ذكرا‬
‫البيسع بل شرط ثس ذكرا الشرط على وجسه الواعدة جاز البيسع‬
‫ولزم الوفاء بالوعد‪ ،‬و هو ك ما ترى يقت ضي أن ل يع تب الشرط‬
‫ف صميم عقد البيع بل تسمية ذلك شرطا من باب الجاز ليس‬
‫إل‪ ،‬إذ الشرط ليسس كالوعسد وقسد عدوه مسن باب الواعدة‪،‬‬
‫لذلك أن كر بيم ما جاء من ت صويره نقلً عن حوا شي جلل‬
‫الدين على الداية بأن يقول‪" :‬بعت منك هذه العي بألف على‬
‫أن لو دفعت إليك ثنك تدفع العي إل" إذ قال على أثره‪" :‬ول‬
‫ي فى أن هذا هو الذ كر على و جه الشرط لكون كل مة "على"‬
‫من أدواته عند الفقهاء ل الواعدة‪ ،‬ليت شعري أن ل يكن هذا‬
‫ذكرا على و جه الشرط ف ما صورته؟! وإن ا صورة الذ كر على‬
‫وجه ها أن يقول أحده ا لل خر ب عد الياب والقبول‪" :‬أر يد‬
‫م نك م ت رددت عل يك ما قب ضت م نك ترد عل يّ ما قب ضت‬

‫‪15‬‬
‫سم" أو يقول للبائع ابتداءً‪" :‬إن رددت علي‬
‫س" فيقول‪" :‬نعس‬
‫منس‬
‫الثمن رددت عليك البيع" "‪ .‬اهس‬

‫رابع ها‪ :‬أ نه ب يع فا سد سواء كان شرط الف سخ ‪-‬أي‬


‫القالة‪ -‬مقرو نا به أو سابقا عل يه أو جاء ب عد الع قد ف ملس‬
‫العقد‪ ،‬وقيل ولو بعده ‪-‬وهو الصحيح عندهم كما ف الانية‪-‬‬
‫أو ل يكن ملفوظا قط وإنا تواطأ عليه حسب العرف بينهما‪،‬‬
‫وعلى الفساد صاحب العدة واختاره ظهي الدين‪.‬‬

‫خام سها‪ :‬أ نه مر كب من ر هن وب يع جائز بات‪ ،‬على‬


‫معن أنه يعتب رهنا بالنسبة للبائع حت يسترد العي عند قضاء‬
‫مسا عليسه مسن الديسن ويضمنهسا له الشتري باللك أو النتقاص‬
‫ضمان الر هن‪ ،‬وبي عا با تا صحيحا بالن سبة للمشتري ف حق‬
‫نزوله ومنافعسه حتس يطيسب له أكسل ثره والنتفاع بسه سسكنا‬
‫وزراعة وإيارا‪ ،‬وعليه استقر عمل شيوخ النسفي على ما نقله‬

‫‪16‬‬
‫عنسه الزيلعسي‪ ،‬وذكسر العمادي أن فتوى جده برهان الديسن‬
‫وأولده ومشايسخ زمانمس على أن اللك يثبست للمشتري شراء‬
‫جائزا ف زوائد البيع ول يغرم لو استهلكها ‪.‬‬
‫وهذا القول هو أقصى ما وصل إليه النفية من التوسعة‬
‫والتر خص ف يه‪ ،‬و ث أرب عة أقوال ل م غ ي ما ذكرت تركت ها‬
‫اخت صارا ك ما سبق‪ ،‬ف من أراد ها فلي جع إلي ها ف مظان ا من‬
‫كتبهم ‪.‬‬
‫أ ما الالك ية والشافع ية والنابلة فجمهور علمائ هم على‬
‫حر مة التعا مل بذا الب يع وأ نه فا سد من أ ساسه‪ ،‬وإن ل ي ل‬
‫مذهب من هذه الذاهب من اختلف فيه‪.‬‬
‫رأي فقهاء الباضية‪:‬‬
‫وأمسا أصسحابنا ‪-‬رحهسم ال‪ -‬فإن أوائلهسم ل يتعرضوا‬
‫لكم هذا البيع لن ال تعال عافاهم منه إذ ل يكن معهودا ف‬
‫زمانم‪ ،‬وإنا سرى من بعدهم إل أعقابم داؤه‪ ،‬واستشرى ف‬
‫متمعات م وباؤه‪ ،‬فكان با جة إل ب ث أحكامه وتف صيل أدلته‬

‫‪17‬‬
‫مسن قبسل أول العلم والنظسر كسسائر العقود السستجدة‪ ،‬وقسد‬
‫تفاوتست نظرة أهسل العلم إليسه بيس واقسف على شكله الظاهسر‬
‫وغائص إل أعماق جوهره البا طن‪ ،‬و قد ج ع الش يخ الرا سين‬
‫من فتاواهم وأحكامهم وأقوالم ف مسائله كتابا يشتمل على‬
‫ثل ثة أ سفار كل من ها كبي ال جم ساه "خزا نة الخيار ف‬
‫بيوعات اليار"‪ ،‬وما جاء من قوله ف خطبة الكتاب‪" :‬أما بيع‬
‫اليار ففي تليله وتريه اختلف بي أهل العلم لنه ل يكن ف‬
‫قديس الزمان وإناس أحدثوه فس آخسر الزمان‪ ،‬فقسد اسستهواهم‬
‫الشيطان وزين لم كثيا من فعله وركض عليهم بيله ورجله‪،‬‬
‫للذي ل يريسد الربسا ظاهرا ويسستحيي أن يكون منسه شاهرا‪ً،‬‬
‫فأعل مه ببيع اليار ودله‪ ،‬وحاد به عن الطر يق وأزله‪ ،‬ولعمري‬
‫أن أكثسر الربسا فس التجارات ل سسيما هذه البيوعات"‪.‬اهسس‬
‫وكلمه هذا دليل على الفطنة والدراية با ينطوي عليه هذا البيع‬
‫من الربا البطن‪ ،‬وما يترتب على التعامل به من فساد ف الدين‪.‬‬
‫ومثله قول العلمسسة الصسسحاري صسساحب كتاب‬
‫"الكواكسب الدري والوهسر البي"‪" :‬اختلف السسلمون فس‬

‫‪18‬‬
‫تري ه وتليله‪ ،‬ل نه إن ا هو مدث با ستهواء الشيطان وتضليله‪،‬‬
‫ز ين ل م الشيطان سوء أعمال م ور كض علي هم بيله ورجله‪،‬‬
‫فذلك أعمى لم‪ ،‬ولعمري إنه الحض الالص من الربا الرجح‪،‬‬
‫وإل الشبهة ف البيوعات أرجح"‪.‬اهس‬
‫وأ نت ترى أن الؤلف ي قد اتف قا على أن ب يع اليار ل‬
‫يستلهم إل من وحي الشيطان الذي ل يرد به إل إضلل الناس‬
‫وإغواء هم عن ال ق وإيقاع هم ف شراك حيله‪ ،‬وأ نه ع ي الر با‬
‫الحرم بالنص والجاع‪.‬‬
‫هذا و قد حك يا جيعا عن العلمة أب عبدال ممد بن‬
‫عمر بن أحد بن مداد ‪-‬رحه ال تعال‪ -‬أن بيع اليار يتلف‬
‫حكمه باختلف قصد الشتري بي ابتغاء غلته أو ابتغاء أصله‪،‬‬
‫وأضاف إل ذلك صاحب الكو كب الدري قوله‪" :‬و من ابتاع‬
‫بي عا خيارا طم عا ف غل ته ف هو الحرم الحجور لقوله ‪ " :‬من‬
‫أ جب ف قد أر ب" ولن م جعلوا هذا سلما يترقون به إل تل يل‬
‫سار‬
‫س‪ ،‬إذ أتوا بأقوال وأعمال منكرة‪ ،‬فصس‬ ‫الثمرة لغباوة عقولمس‬

‫‪19‬‬
‫أمر هم ك من تزوج ب ضة وأ كن تليل ها ل ن أبان ا‪ ،‬وك من باع‬
‫نسيئة مثلً بثلي وأظهر ف تأسيس البيع أنه بالتب أو بالورق‪،‬‬
‫وكمن فجر برعوبة وأظهر أنه نكحها "‪.‬‬
‫ث أضاف إل ما تقدم قوله أي ضا‪" :‬ح جة من حرم ثرة‬
‫ال بيع باليار أ نه إن كان الب يع على أ صل ال بيع ف هو و ما أ غل‬
‫لشتر يه‪ ،‬وإن كان على الثمرة صح تر ي الب يع ف الثمرة ق بل‬
‫دراك ها على ل سان ر سول ال ف قد ساه ربا‪ ،‬وكذا صح‬
‫نوه عن ب يع العاو مة"‪ .‬وح كى عن الش يخ ع مر ا بن العقدي‬
‫رحه ال قوله‪" :‬إن ثرة بيع اليار حرام‪ ،‬وهي كمن نكح أختا‬
‫ف عدة أختها حي طلق الول‪ ،‬وكمن طلق الرابعة من أزواجه‬
‫فنكح الامسة ف عدتا‪ ،‬وهذا كله حرام مظور‪ ،‬وفاعله تسنم‬
‫الحجور‪ ،‬وقيل كمن باشر عرسه وقد طهرت من اليض قبل‬
‫أن تتط هر بالاء‪ ،‬وك من طلق عر سه تطليقت ي ث با شر فرج ها‪،‬‬
‫وحكى عن الشيخ صال بن وضاح قوله‪" :‬إنا أوقفوا بيوعات‬
‫اليار على زيادة الدراهم‪ ،‬وإذا كان البيع الصحيح على أعظم‬

‫‪20‬‬
‫ال طر فك يف بالبيوعات الفا سدة؟ فن سأل ال تعال النجاة م ا‬
‫يكره " ‪.‬‬
‫وأمثال هذه النصسوص واردة فس خزانسة الخيار بكثرة‪،‬‬
‫وقد حكى مؤلفها عن الشيخ الفقيه صال بن وضاح ‪-‬رحه ال‬
‫تعال‪ -‬أنسه قال‪" :‬قسد عاب هذا البيسع بعسض أصسحابنا وأكثسر‬
‫مالفينسا وحرموه‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذا بيسع وقسع على تليسل الثمرة ول‬
‫ي قع على ال صل ف هو حرام ‪ ،‬ف صارت أك ثر بيوعات اليار ل‬
‫تقسع على بيسع الصسل ول على تليسل الثمرة‪ ،‬وإناس على زيادة‬
‫الدراهم‪ ،‬يعطي الرجل صاحبه كذا وكذا دينارا ويبيع عليه مالً‬
‫ل يعر فه ير ب عل يه كل سنة كذا وكذا دينارا‪ ،‬فهذا ل ي سع‬
‫كل مسلم إل إنكاره‪ ،‬وإذا كان البيع الصحيح متلفا فيه ‪-‬أي‬
‫مسع شرط اليار ولو اسستوف شروط إباحتسه عنسد مسن أباحسه‪-‬‬
‫وراكبه على خطر فكيف بالسقيم؟ نسأل ال النجاة من كل ما‬
‫دخله ضيق وحرج" ‪.‬اهس‬

‫‪21‬‬
‫وحكي عنه أيضا أنه قال‪ " :‬نشهد ال ف ليلتنا ويومنا‬
‫وما م ضى من أيامنا وبقية أعمارنا أنا ناهون من رأينا وعاينا‬
‫ومنكرون عليه بألسنتنا ما وجدنا إليه سبيل ‪-‬إل أن قال‪ -‬وقد‬
‫كنست فسبُهل لاجسة عرضست‪ ،‬فكلمنس فس هذه البيوع التس‬
‫أحد ثت الفق يه الر ضي الن قي الر ضي ع مر بن أح د بن م عد‪،‬‬
‫فكان جواب له إن شاء ال تعال ل نعملها ول نفعلها ول نأمر‬
‫با ول نرضاها من فاعلها‪ ،‬وننهاه عنها وننكر عليه فعلها"‪.‬اهس‬
‫وح كي عن العل مة مداد بن عبدال بن مداد أ نه قال‪:‬‬
‫"سألت عن تري غلة بيع اليار؟ السبب فيه كثرة إظهار الربا‪،‬‬
‫ول يعقد البيع إل على عدد الدراهم إن كثرت الدراهم كثرت‬
‫الجارة وإن قلت قلت الجارة‪ ،‬ويقول الشتري عندي دراهسم‬
‫العشرة باث ن ع شر والعشرة بثل ثة ع شر‪ ،‬ول يعقدان الب يع إل‬
‫تغطيسة‪ ،‬ويعقده البسيع سسني بكذا وكذا دينارا وهذا كله حرام‬
‫حرام إل يوم القيامة‪ " ...‬إل‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫هذا ومن اشتد نكيهم من العلماء على التعاملي ببيع‬
‫اليار الشيخ الفقيه راشد بن خلف بن راشد النحي من علماء‬
‫القرن الثان عشر وكان ما قاله فيه ‪:‬‬
‫وتابعه سم علي سه الاهلون سسا‬ ‫لقسد أكسل الربسا متجاهلونسا‬
‫وكانسسوا للحسسرام مللينسسسا‬ ‫ببي سع خيار هم أكل سوا حرام سا‬
‫بدون الل سف ه سم يتبايعون سا‬ ‫تراه سم قيم سة اللف سي نق سدا‬
‫قعادات تسمسى ف سي السنينسا‬ ‫وبع سد فيأخ سذون لك سل ألف‬
‫وهسم فيهسا أراهسم كاذبينسا‬ ‫وسسسوها قعسسادات لصسسسل‬
‫بق سدر الناق صات مق صرينسسا‬ ‫وإن تنق سص دراه سم يكون سوا‬
‫ب سه أك سل ال سرام مللون سا‬ ‫فل ب يع هنال سك ب سل خ سداع‬
‫وم سن أوزاره ه سم يضّلعون سا‬ ‫لقسد جعسوا لغيهسمُ حرامسا‬
‫وتقبيحسسا لفعسسل الظسسالينسا‬ ‫فتبسا ثسم بعسدا ثسم سحقسا‬
‫وذلك بئس مسسا هسم يفعلونسسا‬ ‫ولسم يتنساه أهل عُمسان عنسه‬
‫ول يشسسون خلقسسا مبينسسا‬ ‫وخوف العسار يستخفون ناسسا‬
‫كثيا ث سم أضح سوا هالكين سا‬ ‫ل قد ضلوا جيع سا ب سل أضل سوا‬
‫بسا تفسى صسدور العالينسا‬ ‫ألي سس الل سه رب سس ُم عليم سا‬
‫وأنفسسهسم أراهسسم يدعونسسا‬ ‫فهم قد خادعوا ذا العرش عمسدا‬
‫مساربسة الجسوس السلمينسا‬ ‫وهم قد حاربوا ذا الطول جهسل‬

‫‪23‬‬
‫فينقلب سوا جيع سسا خا سرينسا‬ ‫أما يشسون زجسرا يقتضيهسم‬
‫يعمهسسمُ ولعسن السلعنينسا‬ ‫عليه سمْ ل عن خالقه سم مقيم سا‬
‫ألي ما ف سي جهنمه سم مهين سا‬ ‫يذيق هم الل سسه غ سدا عذاب سا‬
‫سوى ق سوم لذل سك تاريكين سا‬ ‫ونسبأ مسن فعالسم جيعسسا‬
‫و هم من ك سل إث سم تائبون سا‬ ‫وقسوم راجعسي عسن العاصي‬
‫إل من من سه كان سوا آخذين سا‬ ‫وخسوف اللسه ردوا ما استردوا‬
‫يكون سوا للن صحيسة سامعينسا‬ ‫وإمسا ينتهسوا عسن ذا ولسسا‬
‫"بإصرار"‪ )(1‬فهسم ل يؤمنونسا‬ ‫فق سد عل سم الله الظل سم من هم‬
‫لعسسل البعسض منهسسم يتقونسسا‬ ‫ومعذرة إل سى الرح سسن قلن سا‬

‫ويقول أيضا ‪:‬‬

‫ف البح سر والبل سدان والقطار‬ ‫ظ هر الف ساد ف جي سع ال سدار‬


‫فتشاغلوا بتكاثسسر وفخسسسار‬ ‫غرتسم الدنيسا ولسذة عيشهسا‬
‫وعيونمس فصسحيحسة البصسار‬ ‫عميت قلوبسسم الت بصدورهم‬
‫واسستخرجوها مسن بيوع خيسسار‬ ‫قد أحدثوا حيل ب ا أكلوا الرب سا‬

‫كلمسة بإصسرار غيس موجودة بالصسل وفس موضعهسا بياض وإناس زادهسا الجيسب‬
‫( ‪)1‬‬
‫ليستقيم الوزن وليتم العن‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مسن مثسسل مال رائسسق أو دار‬ ‫يتبايعسسون أصسولسم بيارهسسم‬
‫يش سري شراء ال صل والشجار‬ ‫ل ي نو بائعه سم يبي سع ول الذي‬
‫متغافسل عسسن نقمة البسار‬ ‫فيحوز غلتسسه الذي يبتاعسسسه‬
‫يهوي بآكلسه غسدا ف النسار‬ ‫فيحوز غلتسسه وغلتسه ربسسا‬
‫ويبوء يسسوم الشسسر بالوزار‬ ‫فيجمسع الثمسن الكثي من الربا‬
‫خوف الذم سة واتق ساء الع سار‬ ‫هم أظهروا ب يع الي سار بلفظ هم‬
‫وهسو العليسسم بغامسض السسرار‬ ‫فال يعلم ما ت كن صدورهسسم‬
‫غفلت ضأن عسن هزبسسر ضار‬ ‫غفلسوا عن استدراج ربسم ول‬
‫ظهرت ظهور الشمس نصف نار‬ ‫هل تناه سوا عن فعال سم الت سي‬
‫ل غيها طوعسا بكم البساري‬ ‫ورؤ سُ مال سسم ل سم فلين صفوا‬
‫ت ر و حب ك سان أو دين سسار‬ ‫ث يردوا م سسا ا ستردوا ب عد من‬
‫صساف مسن العجاب والكدار‬ ‫من ب عد توبته سم بقلب مل سص‬

‫ويستخلص من هذه النصوص عن علمائنا ‪-‬رحهم ال‬


‫تعال‪ -‬أمور‪:‬‬
‫أولا‪ :‬أن بيع اليار بيع مبتدع ل يكن معهودا ف عهد‬
‫ول ف عهود الصحابة والتابعي ومن جاء بعدهم من‬ ‫النب‬

‫‪25‬‬
‫أئ مة ال سلف‪ ،‬وإن ا حدث ب عد ذلك بقرون‪ ،‬و هو خلف ما‬
‫يروجسه أولئك الذيسن يسسعون إل التلبيسس على عوام الناس‬
‫بإضفاء صفة الشرعية على هذه العاملة‪.‬‬
‫ثانيهيا‪ :‬أن أصسحابنا ‪-‬رحهسم ال‪ -‬ل يتلفوا قسط فس‬
‫حرمة التعامل ببيع اليار عندما يكون القصد منه التوصل إل ما‬
‫حرم ال مسن الربسا‪ ،‬ولو كان ذلك بجرد أن يقصسد الشتري‬
‫النتفاع بالغلة مسن غيس قصسد امتلك الصسل‪ ،‬لن هذه النيسة‬
‫وحدها كافية ف إضفاء حكم الربا على هذه العاملة‪.‬‬
‫ثالثهيا‪ :‬أن اللف بيس علماء الذهسب قائم فيمسا إذا‬
‫ضب طت هذه العاملة بالقيود الشرع ية ل صونا من ت سرب آ فة‬
‫الربا إليها‪ ،‬فمنهم من يرمها على الطلق لا يشوبا من العلل‪،‬‬
‫ومن هم من يبيح ها بشرط مراعاة ج يع تلك القيود والذر من‬
‫التفريط ف اتقاء الحارم والشبهات‪ ،‬وهذا الختلف يدل عليه‬
‫كلم المام أبس نبهان ‪-‬رضوان ال عليسه‪" -‬إن كان مراده بسه‬
‫الغلة فالرام أول ب ا‪ ،‬وإن أراد به ال صل فاللف ف تليل ها‬

‫‪26‬‬
‫وتريها" وقد حكاه عنه المام السالي ‪-‬رضي ال تعال عنه‪-‬‬
‫وأقره‪ ،‬كما أيده ف مواضع جة من آثاره ‪.‬‬
‫رابعهيا‪ :‬أن السسألة ترج عسن دائرة الرأي إل حكسم‬
‫الدين القطعي عندما تكون العاملة سببا للتذرع إل ما حرم ال‬
‫من الر با وأ كل الال بالبا طل‪ ،‬لذلك نص من نص من أولئك‬
‫العلماء على لعن من وقع ف ذلك والباءة منه واستحقاقه وعيد‬
‫ال الشديسد لكله الربسا ‪ ،‬وهسو الذي يؤذن بسه كلم المام‬
‫السالي ‪-‬رحه ال‪ -‬ف جوهره كما سيأت ‪.‬‬
‫وبالملة فإن لصسحابنا رحهسم ال تعال آراء فس بيسع‬
‫اليار‪ ،‬منهم من يرى بطلنه رأسا وفساده أصلً‪ ،‬لن النب‬
‫ن ى عن شرط ي ف ب يع‪ ،‬و قد عدّ قائل ذلك شرط اليار ف يه‬
‫بثابة الشرطي لتركبه من أصل اليار وتديد زمنه‪ ،‬فضلً عن‬
‫كونسه مظنسة التذرع إل الربسا؛ ومنهسم مسن يرى صسحته حال‬
‫انضباط التعاملي به بأحكام الشريعة من غي مقارفة لشيء من‬
‫مارم ال وهؤلء اختلفوا إل رأيي‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫أولما‪ :‬أنه يثبت من يوم العقد فيترتب عليه استحقاق‬
‫مشتر يه لغل ته مع تمله لم يع مغار مه‪ ،‬بشرط أن يكون ق صد‬
‫امتلك الصل ل نفس النتفاع بالغلة فحسب ‪.‬‬
‫ثانيهميا‪ :‬أنسه موقوف إل انتهاء مدة اليار وعليسه ففسي‬
‫مغن مه ومغر مه رأيان؛ ق يل‪ :‬لبائ عه مغن مه وعل يه مغر مه ل نه ل‬
‫يستحقه مشتريه إل بضي مدة اليار‪ ،‬وقيل‪ :‬بل ها يدوران مع‬
‫أصسله فإن رجسع الصسل إل البائع بكسم اليار كان له مغنمسه‬
‫وعل يه مغر مه‪ ،‬وإن ا ستحقه مشتر يه ب ضي مدة اليار مع عدم‬
‫ف سخ البائع لعقدة الب يع ب ا له من حق اليار أ خذ م عه مغن مه‬
‫وت مل مغر مه‪ ،‬و قد حرر هذا اللف المام ال سالي ‪-‬رضوان‬
‫ال عليسه‪ -‬فس جوهره تريرا ل يُسسبق إليسه‪ ،‬مسع إنزاله قوارع‬
‫إنكاره على الذيسن خلطوا بيس فروع هذا الختلف وأصسوله‪،‬‬
‫فلم يلتزموا رد كل فرع إل أ صله‪ ،‬فن شأ عن هذا تذرع الناس‬
‫بذه العاملة إل أ كل الرام ال حض والنغماس ف ر جس الر با‬
‫الوبء‪ ،‬وإليكم ما قاله بنصه وفصه‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫بعلسسسة أو بشسسروط تعقسسد‬ ‫إن الي سار ف البي سوع يوج سد‬
‫أصسسوله ف جلسسة الثسار‬ ‫فالول الوج سسود ف الخب سار‬
‫أو بائسسسع مدتسسسه للنظسسر‬ ‫والثان أن يشترطسن الشسستري‬
‫ينظسسسر كسل واحسد مسا اختارا‬ ‫أو يعلن لسسسهما اليسسسارا‬
‫ث ي صي ثاب سست الرك سسان‬ ‫إل انقضاء ذلسسسك الزمسسسان‬
‫أثبت سه ق سسوم وق سسوم وقفوا‬ ‫وهسو خيسسار الشرط فيسه اختلفوا‬
‫حوى مسن الشرطيس فيسه فاعلمسا‬ ‫وبعضهم أفسسسده لجسسل ما‬
‫ونفسسسه لبائسسسع وشسسسار‬ ‫هاس حصسسسول مدة اليسسسار‬
‫يثبست مسا ل تقصسد الغسسسلل‬ ‫والقائل سسون بالثب سوت قال سوا‬
‫ف م ساله ع ند ج يع ال صحسب‬ ‫فإن قا صسد الغ سسلل مرب سي‬
‫قسد قصسد الصسسل الذي يثبتس‬ ‫وإنسسا يسوغونسسه لسسسن‬
‫إذ ل يسسد للقطسع حال منهجسا‬ ‫يريسسد أن يأخسسذه تدرجسا‬
‫لكسن فشسا فس الناس أتباع الوى‬ ‫هذا الذي قسد جوزوه ل سسسوى‬
‫منهم لغيسسر غلسسة قد قصدا‬ ‫فل ترى مسن يشتريسسه أبسسدا‬
‫واسستسهلسوا مأخ سذه للمأكسل‬ ‫هسم جعلسسوه منهجسسا للغسسلل‬
‫وهسم بسه للصسسل ل يبغونسسا‬ ‫تراه سسمُ للم سال يش سترونسا‬
‫ومسسدة أخسسرى يددونسسسا‬ ‫إن قسسرب السسوقت يؤخرونسسا‬
‫وهو ضلل ل يكسسون ف تقي‬ ‫ويعلسسون ذاك حسسسن خلسسقِ‬
‫كان سسا عل سى ذا متراضيي سن‬ ‫حالسسما كحسسال الزانسسسيي‬

‫‪29‬‬
‫مسن الزنسسا فالوصسف ل يشتسد‬ ‫وقد مض سى أن الرب سسا أش سد‬
‫سنا‬
‫سسسل ويكذبسس‬ ‫مراده الصس‬ ‫ومنه مُ م سن يزعم سسن أن سسا‬
‫مع أن سسه لل صسل غ ي طالب‬ ‫ي سسادع الل سه بق سول كاذب‬
‫أري سده ف سل أخ سساف لو ما‬ ‫يقسسول لو قد ترك سسوه يوما‬
‫عليسسه باسستلزامسه مسا يفضسي‬ ‫فقولسسه لسو تركسوه يقضسي‬
‫بدا فسسل أتسسرك مسسال ملقسى‬ ‫كأنه يقسول لسسست ألقسسى‬
‫كل وربسسسي مسا أراد أصسسل‬ ‫أمثسل هسسسذا مسن يريسد الصسل‬
‫من ذاك تلقسساه يبيع الصسل‬ ‫لك نه يري سد م سسا ا ستغسسل‬
‫يقول فس اليار رزق جسسسار‬ ‫ويشسستري مسال على خيسار‬
‫فتكسسثر اليات فس الحصسول‬ ‫ينسال فسوق غلسسة الصسول‬
‫تكثسر عنسسدنا بسسسا الرزاق‬ ‫غلتسسسه لبيتنسسا تسسسسساق‬
‫يالسسسك مسن بيسع بذا اليسسار‬ ‫بائع سسه يق سسوم بالعم سسار‬
‫ربسسا بسسه غسسدا يعذبنسسسا‬ ‫وهسو لعمسسر اللسسه يأكلسسسنا‬
‫ودان للسسسه بسسسن توبتسسه‬ ‫إل إذا ما ت سساب من خطيئت سه‬
‫عسن ارتكابسسسه نشددنسسسا‬ ‫وحيثم سسا ع مّ الف سساد قمن سا‬
‫أن ينق ضي الو قت الذي قد أجل‬ ‫و من يوقف سه يوقف سسه إل سسى‬
‫للمشسستري وقبسسسل ينفينسسه‬ ‫وبعسد أن تسسسم فيجعلنسسسه‬
‫ل ينقسض الوقست الذي قسد أبر ما‬ ‫فيج عل الغل سسة للبائ سسع م سا‬
‫فصساحب الصسل الذي يغرمسه‬ ‫كذاك كسسسل مغسسرم يلزمسسه‬

‫‪30‬‬
‫حتس يرى مسن يأخذن الصسسل‬ ‫وبعضهسم يوقفسسسن الكسسسل‬
‫وذاك كلسسه إذا تسسم الجسسل‬ ‫فيدفسع الغسرم ويأخسذ الغسلل‬
‫ف عقسده متسى تسراه ينعقسد‬ ‫وأصله اللف الذي عنه وجسسد‬
‫وبعض سهم ع ند ت سسام ال سدة‬ ‫فبعضسهم يقسسول عند الصفقة‬
‫وه سو م سراد أك سثر الج سوز‬ ‫وقبل سسها يك سون مث سل الوز‬
‫والنسساس عنهسا للحرام اندرجوا‬ ‫كا نت فتاوي هم على ذا ت سسرج‬
‫صسحح عقسسده وحلل الشسسرا‬ ‫وذاك أن بعسسض مسن تأخسسسرا‬
‫من بسساع بالوقوف إذ يعامسل‬ ‫فأخسذوا بقولسسه وعاملسسوا‬
‫ويلسزمونه عسسنا التضييسسع‬ ‫هسم يأخسذون غلسسة البيسع‬
‫بسسي الف سروع وهو التخبيط‬ ‫وأنست تدري أنسسسه تليسسسط‬
‫حالمسسسا متحسسسد القضيسة‬ ‫مشابسسسه مسسسألة الصسبيسة‬
‫و قد كش فت فيه سا مع ن العدل‬ ‫قد خلطسوا بيسن فسروع الكل‬
‫أوضحست حقهسسا باس إيضاحسا‬ ‫رسسالسة سسيتهسا اليضسساحا‬
‫وجدتاسس على الوقوف تنسسبي‬ ‫وإن نظسسرت فس فتاوى الثسر‬
‫على ثبوت عقسسسده مفصسلسة‬ ‫فس نادر الحوال تلقسى مسسألة‬
‫بأن سسا ف سرع ل ا ق سد ركبوا‬ ‫سبوا‬
‫سم حسس‬ ‫سن غباوة عرتسس‬‫فمس‬
‫والغسسسرم أنست قسم بسه كمال‬ ‫قالوا لنسسا غلتسسه حسسسلل‬
‫بينه مُ فم سا ل سسم تلف سسوا‬ ‫والربسح بالضمان حكسم يعرف‬
‫والغسرم مضّ البائعسي مضسا‬ ‫أيأكلسونسسه طريسا غضسسا‬

‫‪31‬‬
‫ث أ خذ يبي تلك الفروع ال ت و قع في ها التخل يط ب ا يطول به‬
‫القام ‪ ،‬وكلمسه إن دل على شيسء فإنسه يدل على أنسه ل يرى‬
‫تعا مل الناس ببيع اليار ح سب الن هج الذي اختطوه لنف سهم‬
‫يسوغ تريه على وجه من وجوه الباحة قط‪ ،‬وهو الذي نص‬
‫عل يه ف كث ي من فتاواه ك ما ف قوله‪" :‬اعلم أن م اتفقوا على‬
‫تر ي اليار على ق صد الغلة‪ ،‬وإن ا أجازه من أجازه ع ند إرادة‬
‫ال صل‪ ،‬و قد ت ساهل الناس ف زمان نا فجعلوه ذري عة إل الر با‬
‫‪-‬والعياذ بال‪ -‬فلو ارت فع للمجوز ين رأس وشاهدوا ما عل يه‬
‫الناس لصاحوا عن لسان واحد ما هذا الذي أجزنا؛ فإن ل وإنا‬
‫إليسه راجعون‪ ،‬انطمسس العلم‪ ،‬وظهسر الهسل‪ ،‬وذهبست الغية‪،‬‬
‫وقلت الم ية ال سلمية‪ ،‬وكاد الناس أن يرجعوا إل جاهليت هم‬
‫الول" ‪ ،‬وقال فيه أيضا‪" :‬وأما معاملته ف نفس ما اشتراه بذه‬
‫الصفة فحرام لنه ليس بالبيع قطعا‪ ،‬كيف يكون بيعا وهم على‬
‫يقيس أنمس ل يلكونسه‪ ،‬إناس هسو الربسا فس صسورة الشراء سسواء‬
‫بسواء‪ ،‬فاللسه الستعان"‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وعندما سئل عن حكم الكاتبة بي التعاملي به أجاب‪:‬‬
‫"هذا ل ي صح أن يك تب ول يس هو ببيع ف من كت به بي عا ف قد‬
‫كذب‪ ،‬وأقول ن صحا وإرشادا‪ :‬إياك أن تك تب ب يع اليار فإن‬
‫الناس قسد عملوا فيسه بغيس القس وجعلوه ذريعسة إل الربسا‪ ،‬فإن‬
‫كنت تب سلمة دينك فاكسر القلم عن كتابته"‪.‬‬
‫وليسس إنكاره ‪-‬رحهس ال تعال‪ -‬على التعامليس بسبيع‬
‫اليار والشاركي فيه ولو بكتابة أو شهادة بدعا‪ ،‬فقد سبق إل‬
‫ذلك أ هل العلم والب صائر م نذ قرون قبله‪ ،‬عند ما ا ستشرى هذا‬
‫الوباء الفتاك والداء العضال بيس الناس لنهمهسم على الدنيسا‬
‫وشغفهم بزخرفها ولوهم بفتنتها‪ ،‬فقد اجتمع علماء السلمي‬
‫بعمان ف عهد المام ممد بن إساعيل على كلمة سواء‪ ،‬وهي‬
‫تري النتفاع بغلة البيع باليار ومنع الناس منعا باتا من الوم‬
‫حول حىس هذا المسر اسستئصالً لشأفسة الفسساد وقطعا لدابر‬
‫حزب الشيطان‪ ،‬وحرروا بذا وثيقة شرعية أمضاها المام ممد‬
‫بن إساعيل وأكابر علماء عصره وإليكموها بنصها وفصها نقلً‬
‫عن كتاب "خزانة الخيار ف أحكام بيع اليار"‪-:‬‬

‫‪33‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫ل ا كان نار يوم الربعاء ل ست بق ي من ش هر جادى‬
‫الخرة سنة ثان وعشرين وتسعمائة‪ ،‬قد صح الكم الصحيح‬
‫الثابت الصريح من المام العدل إمام السلمي ممد بن إساعيل‬
‫ومن حضره من السلمي وما أجعوا عليه‪ ،‬أن غلة بيع اليار ل‬
‫توز وأن ا ربا حرام‪ ،‬لن الراد ب ا الثمرة‪ ،‬ووا فق ما ن ى ع نه‬
‫النب "من أجب فقد أرب"‪ ،‬وقد جاء ف الثر عن عمرو بن‬
‫علي ف قول ال سلمي ف ب يع اليار أ نه غ ي ثا بت‪ ،‬وهذا قول‬
‫من ل يراه ثاب تا‪ ،‬ال صل ف يه عنده أن هذا الب يع قد و قع على‬
‫الثمرة ل على الصل‪ ،‬وكانت هذه حيلة على تليلها‪ ،‬وكذلك‬
‫قال الذ ين احتجوا بتحري ه قالوا ل ا صح عند نا أن ب يع اليار‬
‫الراد به الثمرة حينئذ قل نا بف ساد ذلك الب يع‪ ،‬وكان هذا موافقا‬
‫لا نى عنه رسول ال بقوله‪" :‬من أجب فقد أرب"‪ ،‬والدليل‬
‫على هذا ما صح عند نا أن م جعلوا هذا الب يع طريقا يتو صلون‬
‫ب ا إل تل يل الثمرة على الهلة من قول م‪ ،‬وأظهروا هذا الب يع‬
‫على تغط ية ما ل يوز‪ ،‬وكان قول م هذا موافقا للر جل الذي‬

‫‪34‬‬
‫تزوج الرأة ف السريرة تليلً لطلقها‪ ،‬أو كالرجل الذي ف نيته‬
‫ف بيع باعه مكوكا بكوكي أو ترا بب أو حبا بتمر ث أظهر‬
‫ع ند عقدة الب يع أ نه بدرا هم‪ ،‬وكالذي و طئ الرأة ف ال سريرة‬
‫فأظهر أنه قد عقد عليها نكاحا وأنه قد تزوجها ‪ ،‬وما يئ نو‬
‫هذا‪ ،‬وهذا كله حرام‪ ،‬فقد قيل ف النيات‪ ،‬هن الهلكات وهن‬
‫النجيات‪ ،‬وكذلك قال رسسسسول ال ‪" :‬العمال بالنيات‬
‫ول كل امرئ ما نوى" وقال ‪" :‬ن ية الؤ من خ ي من عمله ون ية‬
‫الفاجسر شسر مسن عمله" وقسد صسح عندنسا أن الراد بسبيع اليار‬
‫الثمرة وإنا جعلوا هذا طريقا فيما زعموا للتغطية على تريها‪،‬‬
‫والدليسل على فسساد هذا إن كان هذا البيسع وقسع على النخلة‬
‫وكا نت الثمرة لرب ا‪ ،‬وإن كان الراد به الثمرة ف قد وا فق هذا‬
‫البيسع قول النسب ‪" :‬مسن أجسب فقسد أربس" فهذا أحسد وجوه‬
‫الف ساد ف ذلك‪ ،‬والو جه الثا ن م ثل هذا كم ثل ر جل تزوج‬
‫امرأة ث طلق ها ثلثا فتزوج ها متزوج لحلل ا لزوج ها الول‪،‬‬
‫وهذا ماس قال بفسساده السسلمون على الزوج الول والثانس‪،‬‬
‫والوجه الثالث كرجل وافق رجلً على شراء حب أو تر عنده‬

‫‪35‬‬
‫الكوك بكوكي أو ترا بب أو حبا بتمر ث اشهد على نفسه‬
‫أنه بدراهم فهذا بيع أيضا ف السريرة حرام ‪ ،‬قال ‪ :‬فهذا قولنا‬
‫ف بيع اليار وال أعلم‪ .‬هكذا جاء ف الثر كتبته كما وجدته‪.‬‬
‫نعم ما كتب عن فهو من إملئي‪ ،‬والق أحق أن يتبع‬
‫وما بعد الق إل الضلل‪ ،‬كتبه الفقي إل ال تعال المام ممد‬
‫ابسن إسساعيل بسن ممسد الاضري بيده حامدا ل وحده مصسليا‬
‫مسلما مستغفرا‪.‬‬
‫صحيح ثابت ما حكم به المام من تري غلة بيع اليار‬
‫ف هو ال ق وال صواب الوا فق لثار ال سلف‪ ،‬وبذلك جاء ال ثر‬
‫وعل يه الع مل‪ ،‬كت به الع بد الفق ي ل مداد بن عبدال بن مداد‬
‫بيده‪.‬‬
‫صحيح ثابت ما حكم به المام العدل ممد بن إساعيل‬
‫ف تر ي ثرة ب يع اليار ف هو ال ق وال صواب ل شك ف يه ول‬
‫ارتياب‪ ،‬و به جاء ال ثر و به نع مل‪ ،‬كت به الع بد الذل يل ل تعال‬
‫ممد بن أب السن بن صال بن وضاح بيده‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫صحيح ثابت ما حكم به المام العدل ممد بن إساعيل‬
‫ف تري ثرة بيع اليار فهو الق والصواب ل شك فيه‪ ،‬كتبه‬
‫الفقي ل تعال عبدال بن ممد بن سليمان بيده ‪.‬‬
‫صحيح ثابت ما حكم به المام العدل ممد بن إساعيل‬
‫ف تر ي ثرة ب يع اليار ف هو ال ق وال صواب ل شك ف يه ول‬
‫ارتياب‪ ،‬هكذا جاء الثسر عسن أول العلم والبصسر‪ ،‬وعمسل بسه‬
‫أشياخنسا‪ ،‬وسسطره أفقسر خلق ال أبسو غسسان بسن ورد بسن أبس‬
‫غسان بيده‪ ،‬حامدا ل وحده مصليا مسلما ‪.‬‬
‫صحيح ثابت ما حكم به المام العدل ممد بن إساعيل‬
‫ف تري بيع اليار فهو الق والصواب وعليه العمل ل شك فيه‬
‫ول ارتياب‪ ،‬هكذا جاء الثسر عسن أول العلم والبصسر وعسن‬
‫أشياخ نا‪ ،‬كت به الع بد ال قل عبدال بن ع مر بن زياد بن أح د‬
‫بيده ‪ ".‬اهس‬
‫و قد أورد هذا ال كم العلماء الذ ين تعاقبوا من بعد هم‬
‫كالعلمة أحد بن مداد بن عبدال بن مداد‪ ،‬والعلمة عبدال بن‬

‫‪37‬‬
‫ممسد القرن‪ ،‬وأورده إمامنسا السسالي فس تفتسه‪ ،‬وكلهسم أقروه‬
‫وعولوا على مضمونه‪ ،‬وف نصه ما يدل بوضوح عبارته أن هذا‬
‫الرأي هسو الذي درج عليسه علماء السسلف الذيسن كانوا قبسل‬
‫هؤلء الاكمي‪ ،‬وهو الق الذي ل غبار عليه ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الرأي الختار ودرء الشبه عنه‬
‫ولع مر ال ق إن ب يع اليار وباء منت شر و شر م ستطي‪،‬‬
‫أف سد على الناس دين هم وأخلق هم‪ ،‬وأهلك طارف هم وتليد هم‪،‬‬
‫ول غرو فإن ال عزو جل قد آذن م بر به إن ل يذروا الر با ف‬
‫قوله‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوا اّتقُوا اللّ َه وَذَرُوا مَا َبقِ َي مِ نْ الرّبَا إِ ْن‬
‫ب مِ نْ اللّ ِه وَرَ سُولِهِ‬‫حرْ ٍ‬ ‫كُنتُ ْم ُم ْؤ ِمنِيَ * فَإِ نْ لَ ْم َتفْعَلُوا َفأْ َذنُوا بِ َ‬
‫وقسد وضسح الصسبح لذي عينيس‪ ،‬فتبدى لكسل ذي بصسية أن‬
‫التعامل به ليس هو إل وسيلة من وسائل الربا‪ ،‬من أجل هذا‬
‫ذهب من ذهب من أهل العلم إل حرمته على الطلق‪ ،‬وهذا‬
‫القول هو الذي أختاره وأعول عل يه‪ ،‬وإن ك نت ل أق طع عذر‬
‫الخالف فيه ما دام يقيد الباحة با ينع من سريان أحكام الربا‬
‫إليه‪ ،‬فإنه ليس من شأننا أن نعل الرأي دينا‪ ،‬وإنا اخترت منعه‬
‫على الطلق لمرين ‪:‬‬
‫أولميا‪ :‬أن شرط اليار فيسه يعود على أصسل البيسع‬
‫بالنقض‪ ،‬فإن مشتريه تبقى ملكيته فيما اشتراه غي مستقرة‪ ،‬إذ‬

‫‪39‬‬
‫ل يدري مت يأتيه البائع لسترداده منه وانتزاعه من يده‪ ،‬وهذا‬
‫م ا يؤدي إل عدم اطمئنا نه إل عمار ته وإ صلحه‪ ،‬ف قد يكل فه‬
‫ذلك نفقات قد ل يتم كن من ا ستردادها عند ما يفاجئه البائع‬
‫بطلب انتزاعسه منسه قبسل النتفاع بغلتسه‪ ،‬وهذا مسن أنواع الغرر‬
‫وهو منوع شرعا‪ ،‬ولئن كان النب أبطل البيع والشرط‪ ،‬ف‬
‫ح ي أن الشرط يفوت على الشتري النتفاع ب ا اشترى‪ ،‬ك ما‬
‫جاء فس حديسث ابسن عباس ‪-‬رضسي ال عنهمسا‪ -‬عنسد الربيسع‬
‫‪-‬رحه ال‪ -‬أن تيما الداري باع دارا واشترط سكناها‪ ،‬فأبطل‬
‫النسب البيسع والشرط فأحرى أن يبطسل البيسع بالشرط الذي‬
‫يعود على أصله بالنقض كما ف مسألتنا‪ ،‬على أن من أهل العلم‬
‫من ينع الشرط ف عقدة البيع مطلقا‪ ،‬كما هو رأي ابن عباس‬
‫‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬حيث قال ف حديث تيم الداري‪" :‬أبطل‬
‫ال نب الب يع والشرط لن الشرط كان ف عقدة الب يع؛ وقال‬
‫ف حديث جابر إذ باع للنب بعيا فاشترط جابر ظهره من‬
‫م كة إل الدي نة‪ ،‬فأجاز ال نب الب يع والشرط‪ ،‬إن ا أجاز ال نب‬
‫ذلك لن الشرط ل يكن ف عقدة البيع؛ قال المام السالي‬

‫‪40‬‬
‫‪-‬رحهس ال‪" -‬لعسل أرباب هذه العلة ينعون ثبوت الشرط فس‬
‫البيع مطلقا لنه ينع الشتري من مطلق التصرف‪ ،‬وذلك مناف‬
‫لكمة البيع لنه إنا شرع لجل النفعة‪ " .‬اهس‪.‬‬
‫هذا وإن مسن أهسل العلم مسن نسسب إل الكثسر عدم‬
‫التفرقة بي الشرط والشرطي ف إبطال صفقة البيع‪ ،‬وهو قول‬
‫أ ب حني فة والشاف عي وغيه ا‪ ،‬و قد احتجوا بد يث الن هي عن‬
‫بيع وشرط‪ ،‬وحديث النهي عن الثنيا‪ ،‬ونن وإن كنا ل نقول‬
‫ببطلن مطلق الشرط ومطلق الثن يا‪ ،‬لن حد يث الن هي عن ب يع‬
‫وشرط ل يلو من مقال‪ ،‬ولن النهي عن الثنيا مقيد بأل تعلم‪،‬‬
‫ولت سويغ ب عض الشروط ف الد يث ك ما ف قوله ‪ " :‬من‬
‫باع نل قد أبرت فثمرتا للبائع إل أن يشترطها البتاع" إل أنا‬
‫نقول بعدم صسحة البيسع والشرط إن كان الشرط يعود على‬
‫صفقة البيع بالن قض‪ ،‬أو كان يقتضي تفو يت منفعة ال بيع على‬
‫الشتري‪ ،‬أو كانت به جهالة‪ ،‬وحديث ت يم الداري وأحاديث‬
‫النهي عن الغرر كلها شاهدة على ذلك‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫فإن ق يل‪ :‬جاء ف الحاديث ما يدل على تسويغ شرط‬
‫اليار ف البيع ‪.‬‬
‫قل نا‪ :‬ل يس ذلك من هذا القب يل وإن ا هو ف مدة ي تبي‬
‫فيها كل من التبايعي الغب من عدمه‪ ،‬فاشتراط اليار إنا هو‬
‫لتفادي الغرر‪ ،‬كمسا جاء فس حديسث ابسن عمسر ‪-‬رضسي ال‬
‫عنه ما‪ -‬ع ند أح د والشيخ ي قال‪ :‬ذ كر ر جل لر سول ال‬
‫أنه يُخدع ف البيوع فقال‪ " :‬من بايعت فقل ل خلبة"‪ ،‬و نوه‬
‫ف رواية أنس عند أحد وأصحاب السنن والاكم‪ ،‬على أن من‬
‫أهسل العلم مسن يرى أن مدة هذا اليار ل تتجاوز ثلثسة أيام‪،‬‬
‫و هو الروي عن ع مر ‪-‬ر ضي ال تعال ع نه‪ -‬وذلك ف قوله‪:‬‬
‫" ما أ جد ل كم أو سع م ا ج عل ر سول ال لبا نِ‪ ،‬ج عل له‬
‫اليار ثلثة أيام إن رضي أخذو إن سخط ترك" وبذا أخذ أبو‬
‫حني فة والشاف عي‪ ،‬وحد يث ال صراة يدل عل يه‪ ،‬وأ ين هذا من‬
‫خيار يدوم سني أو عقودا من السني مع ما ذكرناه من الهالة‬
‫والغرر‪ ،‬فقسد يكون البسيع بيتسا أو حانوتا يتاج إل الترميسم أو‬
‫تد يد البناء‪ ،‬و قد ير جع البائع على الشتري باليار فور فرا غه‬

‫‪42‬‬
‫من ترميمه أو تديد بنائه‪ ،‬وهو قد أنفق فيه النفقات ول يصل‬
‫منه على طائل‪ ،‬فالهالة فيه قائمة والغرر حاصل ‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬ما يُخشى من إباحته من تذرع ذوي الطماع‬
‫به إل أ كل الر با والنغماس ف العاملت الحر مة‪ ،‬وهذا هو‬
‫الذي وقسع فعلً كمسا نقلنسا عسن العلماء الذيسن شددوا فس هذه‬
‫العاملة‪ ،‬وكمسا سسنبينه فيمسا سسيأت إن شاء ال‪ ،‬وسسد ذرائع‬
‫الف ساد مطلب شر عي وأ صل فق هي دلت عل يه دلئل الكتاب‬
‫والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪ ،‬وعول عليه‬
‫أهل العلم ف الحكام‪ ،‬ومن دلئل الكتاب عليه قول ال تعال‪:‬‬
‫‪ ‬يَا َأّيهَا الّذِي نَ آ َمنُوا ل َتقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُ ْرنَا‪ ‬فإن ال تعال‬
‫م نع الؤمن ي ف يه من كل مة حق يقولون ا ل نبيهم ح ت ل‬
‫تتذرع ب ا اليهود إل مق صد سوء وإضمار تنق يص لقدره عل يه‬
‫ِينس‬
‫َسسبّوا الّذ َ‬
‫الصسلة والسسلم‪ ،‬ومسن ذلك قوله تعال‪  :‬وَل ت ُ‬
‫سبّوا اللّ َه عَدْوا ِبغَيْ ِر عِ ْل مٍ‪ ‬ف قد م نع ال‬
‫يَ ْدعُو َن مِ نْ دُو نِ اللّ هِ َفيَ ُ‬
‫سباب آلة الشركي ‪-‬مع ما ف سبابا من المية للدين والغية‬
‫على التوح يد وإها نة الشرك والشرك ي‪ -‬لئل يؤدي إل سباب‬
‫‪43‬‬
‫الشرك ي ل عز و جل‪ ،‬و هو دل يل ل غبار عل يه أن ال ي قد‬
‫يب تركه لئل يفضي إل شر أكب؛ ومن أدلته ف السنة قول‬
‫ال نب ‪" :‬ل يرث القا تل القتول‪ ،‬عمدا كان الق تل أو خ طأ"‪.‬‬
‫وما ذلك إل لجل قطع السبيل على الذين يريدون التعجل ف‬
‫الياث‪ ،‬ول يؤمن منهم أن يغدرو بوروثيهم ويُدّعوا الطأ ف‬
‫فعل هم‪ ،‬هذا مع أن الرث حق للوارث ف مال مورو ثه ن صت‬
‫عل يه الشرائع واتف قت عل يه العراف‪ ،‬ول كن هذا ال ق ي سقط‬
‫شرعا بالقتسل ولو كان خطسأ صسونا للدماء وسسدا لذرائع‬
‫سفكها‪.‬‬
‫و من ذلك ما جاءت به ال سنن من الن هي عن التش به‬
‫بالكفار حت ف المور العتادة كما ورد عن النب أنه كان‬
‫قائما عند دفن ميت‪ ،‬وكان أصحابه معه قياما فمر بم يهودي‬
‫وقال‪ :‬هكذا ت صنع أحبار نا‪ .‬فق عد وأ مر أ صحابه بالقعود‪،‬‬
‫مع أن القيام مبا حٌ أ صلً و هو من المور العتادة ع ند الناس‪،‬‬
‫ولكنه آثر تركه خشية أن يتأثر السلمون باليهود فيتبعوهم‬
‫فس سسننهم‪ ،‬ومسن هذا الباب مسا نراه مسن تعليله صسلوات ال‬

‫‪44‬‬
‫و سلمه عل يه كثيا م ا يأ مر به أو ين هى ع نه بخال فة اليهود أو‬
‫مالفة أهل الكتاب أو الجوس أو الشركي لئل تؤدي متابعتهم‬
‫إل ذوبان شخصية السلم ف عاداتم ‪.‬‬
‫وقد أخذ بسد الذرائع كثي من السلمي وأوسعوه بثا‬
‫وتحيصا‪ ،‬حت أن من علماء العصر من ألف فيه كتابا ضخما‬
‫كبيا‪ ،‬وقد أطال ابن القيم ف الستدلل له وبيان وجوهه ف‬
‫كتابسه "أعلم الوقعيس" إذ ذكسر له تسسعة وتسسعي وجهسا ماس‬
‫استظهره من أحكام الكتاب والسنة وأقوال سلف علماء المة‪،‬‬
‫كمسا أطال فس بيان حجيتسه ووجوب التعويسل عليسه وقوة‬
‫الستدلل به ف كتابه هذا وف غيه‪ ،‬كما ف تذيبه لسنن أب‬
‫داود وكتاب إغاثة اللهفان‪.‬‬
‫وإذا عد نا إل آثار أ صحابنا رح هم ال وجد نا أن م قد‬
‫تشجعوا فس توسسيع باب سسد الذرائع بقدر مسا ل نده عنسد‬
‫غيهم‪ ،‬ومن هذا الباب ما ذهب إليه كثي منهم من تري الرأة‬
‫على زوجها تريا أبديا إن وطئها ف حيضها أو ف دبرها مع‬

‫‪45‬‬
‫أن هذا التحري يترتب عليه تليلها لزوج آخر‪ ،‬والصل فيها أن‬
‫ل تلس له إل بثبوت انفصسالا عسن الزوج الول شرعسا‪ ً،‬لن‬
‫زواجه با ثابت بالكتاب والسنة‪ ،‬فانظر كيف سوغوا التفريق‬
‫ب ي الزوج ي ب سبب ارتكاب هذا ال مر الحرم مع علم هم ب ا‬
‫يترتسب عليسه مسن نكاح الرأة رجلً آخسر‪ ،‬ومسا ذلك إل لسسد‬
‫الباب على الشهوانييس الذيسن ل يبالون بالوقوع فس الرجسس‬
‫وارتكاب الحظور من أجل إرواء سعار شهواتم‪ ،‬وقد بي هذا‬
‫المام السالي ‪-‬رحه ال تعال‪ -‬بقوله‪-:‬‬
‫لعله بسساب العاصسي مغلقسسا‬ ‫وإن سا ف سرق من ق سد فرق سا‬
‫بيس الورى يفضسي إل العطاب‬ ‫رأوا بأن ف ستح ه سذا الب سساب‬
‫فراقهسا والسسرب ل يشونسسا‬ ‫لن غالسسب الورى يشونسسسا‬
‫ينسد باب الفحش عن ذاك الفُت‬ ‫فعاقبسسوه بفسسادهسا لكسسسي‬
‫ذلك م ثل أرث من ق سد يقت سل‬ ‫واستنبطوا حجتسسه أن جعلسوا‬
‫يفضسي إل فسسساد مسا فيسه ورد‬ ‫أيضا و ف ال صسول أن الن هي قد‬
‫وحصل الطلوب حسي وفقسوا‬ ‫مسن هاهنسسا تشجعوا وفرقسسوا‬

‫‪46‬‬
‫ومن هذا الباب قولم برمة نكاح الزان بزنيته‪ ،‬وحرمة‬
‫النكو حة ف العدة‪ ،‬بل شدد بعض هم فحرم نكاح الخطوبة ف‬
‫العدة؛ ولئن ساغ ال خذ بذا ف باب النك حة فإ نه أحرى أن‬
‫يؤخسذ بسه ويعول عليسه فس العاملت‪ ،‬لن الخسذ بسه فيهسا ل‬
‫يتر تب عل يه أي مذور‪ ،‬بل هو مز يد احتياط ف الد ين وورع‬
‫عن الوقوع ف الشبهات والوم حول حا ها‪ ،‬بلف ما يتعلق‬
‫منه بباب النكحة‪ ،‬فإن الصل ف الرأة ‪-‬كما قلنا‪ -‬أن تكون‬
‫حليلة ل ن ع قد علي ها الزواج عقدا شرع يا ح ت يث بت انف صالا‬
‫عنه‪ ،‬وأنا ل تل لغيه بدون ثبوت النفصال‪ ،‬على أن الصل‬
‫حليسة النسساء للرجال بطريسق النكاح الشرعسي فس غيس مسا دل‬
‫الدليل الشرعي على منعه‪ ،‬وذلك لعموم قوله تعال‪َ  :‬وأُحِلّ َلكُمْ‬
‫مَا وَرَاءَ ذَِلكُمْ‪. ‬‬
‫هذا وقد علمتم أن نشأة هذه العاملة من أول أمرها كانت من‬
‫أجل تفادي أكل الربا ظاهرا مع انطوائها على حقيقة الربا ف‬
‫باطنهسا‪ ،‬وهذا كله ماس يرجسح وجوب ترك التعامسل باس على‬
‫الطلق‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫وأما ما أصبح سائدا عند التعاملي با اليوم من التذرع‬
‫باس إل الربسا الواضسح‪ ،‬فإن حرمتسه قطعيسة‪ ،‬ول مال للنظسر‬
‫والجتهاد ف يه لقطع ية الن صوص الحر مة للر با‪ ،‬ول ي عد وجود‬
‫قط للتقيد با رآه البيحون من شروط للها عندهم‪ ،‬فقد أصبح‬
‫ذلك من مطويات النظريات ال ت ل ي عد ل ا أ ثر ف الت طبيق‪،‬‬
‫لذلك قلنا بأن هذه العاملت ما يدخل ف الرام القطعي‪ ،‬وإن‬
‫جادل ف ذلك أولئك الذ ين ا ستمرأوا الرام ح ت ت مت م نه‬
‫بطونمس‪ ،‬فعافست نفوسسهم اللل لاس طرأ على فطرهسم مسن‬
‫الفساد‪ ،‬وعلى مداركهم من الضلل‪ ،‬وال الستعان‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫شبه الجادلي ف هذا البيع‬
‫ولم ف مادلتم هذه طريقان كما جاء ف السؤال‪-:‬‬
‫أول ا‪ :‬ادعاء أن ف ال سألة خلفا ل هل العلم‪ ،‬وأن من‬
‫أخذ برأي أحد من عدول العلماء فهو سال‪.‬‬
‫ثانيهميا‪ :‬أن فس هذه الباحسة كفايسة للمحتاجيس لئل‬
‫يندفعوا إل بيوت الموال الربويسة للقتراض منهسا فإنسه إن سسُد‬
‫سا‬
‫سل بالربس‬‫سا على التعامس‬
‫على الناس هذا الباب ل يدوا مناصس‬
‫الحض‪.‬‬
‫وليسس فيمسا قالوه شيسء مسن القس ول نصسيب مسن‬
‫الصواب ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫شبهة "من أخذ بقول عال فهو سال"‬
‫أ ما أول ما‪ :‬فإ نه ل قائل قط من أ هل العلم بواز ب يع‬
‫اليار على الطلق حت تكون معاملتم هذه مباحة على قول‬
‫أ حد من هم‪ ،‬لن الر با في ها ظا هر ك ما قال المام ال سالي‪" :‬لو‬
‫ارت فع للمجوز ين رأس وشاهدوا ما عل يه الناس اليوم‪ ،‬ل صاحوا‬
‫عن لسان وا حد‪ ،‬ما هذا الذي أجز نا"‪ ،‬وإنا أجازه من أجازه‬
‫بشرط كون الشتري مسا قصسد إل الصسل ول يكسن مراده‬
‫س وإل كان واقعا فس الربسا‪ ،‬ومسا جاء فس‬ ‫النتفاع بالغلة وحده ا‬
‫الثار عاريا عن هذا القيد فهو ممول عليه‪ ،‬لنه ظاهر معروف‬
‫عند الميع‪ ،‬وكما أن الدلة الشرعية ف الكتاب العزيز والسنة‬
‫النبوية على صاحبها أفضل الصلة والسلم يب حل مطلقها‬
‫على مقيدها ومملها على مبينها وعمومها على خصوصها فإن‬
‫آثار أ هل العلم هكذا ي ب التعا مل مع ها‪ ،‬وإل و قع الناس ف‬
‫الضلل البسي والفسساد الاحسق‪ ،‬ومسا الجادلة البنيسة على‬
‫الستدلل بالطلق مع إلغاء قيده الشرعي ف ح ي كون تقييده‬

‫‪50‬‬
‫معلوما إل من باب الجادلة بالبا طل لدحاض القس كمسا قال‬
‫أحد مّان الشعراء ‪:‬‬
‫وإنسا قسال ويسل للمصلينسا‬ ‫فال ما قسال ويل للول سكروا‬

‫فأنتم ترون كيف جعل من الق الذي أنزله ال وسيلة‬


‫لنقسض عرى القس وهدم دعائم الديسن واسستباحة مارم ال‪،‬‬
‫وذلك كله راجسع إل تسسكه بإطلق الوعيسد للمصسلي وإلغائه‬
‫القيد الذي قيد به‪ ،‬ونو هذا ما لو استدل أحد بإطلق المر‬
‫بالنفاق ف العديد من اليات كقوله تعال‪ :‬يَا أَّيهَا الّذِي نَ آ َمنُوا‬
‫أَن ِفقُوا مِمّ ا رَزَ ْقنَاكُ ْم مِ نْ َقبْلِ أَ ْن َيأْتِ يَ َيوْ ٌم ل بَيْ عٌ فِي ِه وَل ُخّلةٌ‬
‫وَل َشفَا َعةٌ‪ ‬وقوله‪َ  :‬وأَْن ِفقُوا مِ ْن مَا رَزَ ْقنَاكُ ْم مِ نْ َقبْلِ أَ ْن َيأْتِ يَ‬
‫أَ َحدَكُ ْم الْ َموْ تُ ‪ ‬على مشروع ية النفاق في ما حرم ال كإنفاق‬
‫الال ف المر والدعارة وسائر وجوه الفساد ‪.‬‬
‫وما يقرب من هذا قول إحدى الشاعرات الداعيات إل‬
‫أن تعود الرأة السسلمة إل تسبج الاهليسة وتلع عنهسا جلباب‬
‫الفضيلة الذي كساها السلم ‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫ل تسسسأن ول تتعجلسسسي‬ ‫سسيى كسسي السحسسب‬
‫رع ب سسالزار ال سبسسسل‬ ‫ل تكسسسسسحي أرض الشوا‬
‫فس الشرع ليسس بعضسسسلِ‬ ‫أمسا السفسسور فحكمسسه‬
‫بي سن م سسسرم ومل سسل‬ ‫ذه سسب الئم سة في سسسه‬
‫عن سد ق صسد تأه سسسسل‬ ‫ويسوز بسسالجسماع منهم‬

‫وذلك أنا استغلت خلف العلماء ف وجوب ستر الرأة‬


‫وجه ها فأضف ته على ال سفور العروف ف عال اليوم الذي هو‬
‫ع ي تبج الاهل ية‪ ،‬وجعلت إجاع هم على جواز رؤ ية الو جه‬
‫ل ن ق صد الزواج و سيلة لبا حة رؤ ية ما زاد عل يه‪ ،‬و هو من‬
‫التلبيس الذي ل يكون إل من مرضت نفسه ‪.‬‬
‫وهب العلماء أباحوا بيع اليار على النحو الذي يبيحه‬
‫هؤلء الذ ين يادلون بالبا طل ليدحضوا به ال ق‪ ،‬أيكون قول م‬
‫ح جة على كتاب ال و سنة ر سوله ؟ كل وألف كل‪  ،‬وَمَا‬
‫كَا نَ لِ ُم ْؤمِ ٍن وَل ُمؤْ ِمَنةٍ إِذَا قَضَى اللّ ُه وَرَ سُولُهُ َأمْرا أَ ْن َيكُو نَ‬
‫ضلّ ضَللً‬ ‫خَي َرةُ مِ نْ َأمْ ِرهِ ْم َومَ ْن َيعْ صِ اللّ َه وَرَ سُولَهُ َفقَدْ َ‬
‫َلهُ ْم الْ ِ‬

‫‪52‬‬
‫ُمبِينا‪ ،‬ومسا أشبسه أولئك الذيسن يسستدلون بجملت الثار‬
‫ومطلقاتاس على إباحسة بيسع اليار مسع تصسامهم وتعاميهسم عسن‬
‫القيود ال ت قيدت ب ا هذه البا حة ع ند الجوز ين‪ ،‬و مع إهال م‬
‫الن ظر في ما ارت كس ف يه الناس اليوم من الر با الذي ل ياري ف‬
‫حرمتسه إل مسن كان فس قلبسه مرض بسسبب هذه البايعسة‪ ،‬مسا‬
‫أشبههسم بالذيسن يسستمسكون بتشابسه الكتاب ويتعامون عسن‬
‫مك مه‪ ،‬أولئك الذ ين قال ال فيه سم‪َ  :‬فَأمّ ا الّذِي نَ فِي قُلُوِبهِ مْ‬
‫َزيْغٌ َفيَّتِبعُو َن مَا تَشَابَهَ ِمنْهُ اْبِتغَاءَ اْل ِفْتنَ ِة وَابِْتغَا َء تَ ْأوِيلِه‪. ‬‬

‫‪53‬‬
‫شبهة "فيه كف الناس عن بيوت الربا"‬
‫وأمسا ثانيهمسا ‪ :‬فهسو مسن غرائب السستدلل وعجائب‬
‫التلبيس ل ندري أصدر عن علم من قائله أو عن جهل منه ‪.‬‬
‫أو كنت تدري فالصيبة أعظم‬ ‫إن كنت ل تدري فتلك مصيبة‬
‫ليت شعري أتباح مرمة من مارم ال لجل اتقاء الناس‬
‫الوقوع ف مرمة أعظم منها‪ ،‬فإن ذلك يلزم قائله أن يبيح للناس‬
‫الز نا لئل يقعوا في ما هو أع ظم م نه و هو فاح شة قوم لوط‪ ،‬بل‬
‫من البدهيات الظاهرة أ نه ي ب أن يكون الز نا مشرو عا ع ند‬
‫الذي ر كن إل هذا ال ستدلل‪ ،‬خ صوصا ف ديار الغر بة و ف‬
‫أو ساط الشباب ليتمكنوا من قضاء حاجت هم الشهوان ية وإرواء‬
‫ظمئهسم النسسي‪ ،‬لئل يندفعوا إل الشذوذ فيفقسد بعضهسم أو‬
‫كلهم رجولته‪ ،‬وإل فما الفارق بي المرين؟ هذا لو سلّم أن ما‬
‫يري به التعامل بي الناس اليوم وراء لفتة بيع اليار هو أهون‬
‫من الربا الصريح‪ ،‬ونن ل نسلم لذلك‪ ،‬فإن الربا هو عي الربا‬
‫سواء و قع مكشو فا أو باحتيال‪ ،‬قال المام ال سالي ‪-‬رح ه ال‬

‫‪54‬‬
‫تعال‪ ":-‬وهيهات ل يرم ال شيئا ثس يله باليلة ول تفسى‬
‫على ال خافيسة " وقال أيضا ‪" :‬إن القس ل يدفسع باليسل وقسد‬
‫هلك أ هل ال سبت من قبل كم ح ي احتالوا على ال صطياد يوم‬
‫السبت‪ ،‬وضعوا الشباك يوم المعة ورفعوها ليلة الحد وقالوا‪:‬‬
‫ما ا صطدنا يوم ال سبت‪ ،‬فجعل هم ال قردة وخناز ير ‪َ ‬ويَضْرِ بُ‬
‫اللّ ُه ا َل ْمثَالَ لِلنّاسِ ‪. " ‬‬
‫وأقول‪ :‬بأن من أتى الرام مادعا متال هو أعظم جرما‬
‫س وإن اشتركسا ف‬ ‫وأفحسش إثاس منس أتاه بغيسسر احتيال‪ ،‬لنم ا‬
‫الرام فإن الحتال زاد على غيسسسر الحتال بخادعتسسه ل‬
‫ُونس إِلّ‬
‫ِينس آمَنُوا وَم َا يَخْ َدع َ‬
‫ّهس وَالّذ َ‬
‫ُونس الل َ‬
‫وللمؤمنيس ‪ ‬يُخَا ِدع َ‬
‫سهُمْ ‪ ،‬وهسو ل يدل إل على اسستخفافه بقام اللوهيسة‬ ‫أَنفُس َ‬
‫واستهزائه بشرع ال تعال‪ ،‬ذلك ول ينبئ إل عن ضلل العتقد‬
‫ف ال تعال‪ ،‬و هو أب عد له عن التاب‪ ،‬لن فجوره ناش يء عن‬
‫انراف ف التصور وظل مة ف الف كر وفساد ف العتقاد‪ ،‬ولن‬
‫ا ستحلله لحارم ال تعال بذه ال يل أدى إل النماك ف غ يه‬
‫وال سترسال ف ضلله‪ ،‬أ ما من كان غ ي متال ف هو أقرب إل‬

‫‪55‬‬
‫التو بة والرجوع ل نه يش عر بر مة ما يأ ت‪ ،‬ف قد يؤن به ضميه‬
‫يوما فيثوب إل رشده ويرجسع إل طاعسة ربسه‪ ،‬ول در أيوب‬
‫السسّختيان حيسث قال فس أمثال هؤلء‪" :‬يادعون ال كمسا‬
‫يادعون الصبيان لو أتوا المر على وجهه كان أسهل " ‪.‬‬
‫هذا؛ ول يكون فس شرع ال بديل عسن الرام مسا كان‬
‫فاسسدا ضارا‪ ،‬وإناس شرع ال تعال أنواعا مسن العاملت فيهسا‬
‫كفايسة وغنس عسن مقارفسة الحرمات‪ ،‬فمالنسا وللدعوة إل أن‬
‫يكون البديل نفسه رجسا مرما يتوصل إليه بخادعة ال تعال‬
‫والؤمنيس؟! فهل دعسا هذا السستدل بذه الشبهسة الواهيسة إل‬
‫ال ستغناء عن الر با خف يه وجل يه بالعقود الشرو عة كالضار بة‬
‫والسسلم ومسا اسستنتجت إباحتسه مسن الدلة الشرعيسة كعقود‬
‫السستصناع وبيسع الرابةس مسع ضبسط ذلك كله وقيده بقيود‬
‫الشريعسة العادلة؟ أليسس فس هذه كله مسا يسسد حاجسة الناس‬
‫ويغنيهسم عسن ارتشاف سسوم الربسا ويكفيهسم عقوبسة ال على‬
‫مادعتسه سسبحانه ومادعسة عباده الؤمنيس بالوسسائل اللتويسة‬
‫والسسالك النحرفسة؟ ومسع كسل هذا فإن هناك حل جعله ال‬

‫‪56‬‬
‫و سيلة للتكا فل الجتما عي والترا بط اليا ن ب ي أفراد الجت مع‬
‫ال سلم و هو القرض ال سن الذي ير فع ال تعال به الدرجات‪،‬‬
‫ويضاعف من أجله السنات‪ ،‬فلئن كانت الصدقة بعشرة أمثالا‬
‫فالقرض بثمان ية ع شر ‪-‬ك ما جاء به الد يث‪ ،-‬و هو مك سب‬
‫أخروي يرص عليه الؤمنون‪ ،‬مع ما يعل ال بسببه من البكة‬
‫ف الال‪ ،‬أو ل يس ف إحياء ذلك كله غن ية للعباد عن التهالك‬
‫على الرام والتدا فع إل الثام؟ على أ نه من الم كن أن يرا عى‬
‫فس هذه اللول تفاوت أحوال الناس‪ ،‬وانقسسام مطالبهسم إل‬
‫ضروريات وحاجيات وتسسينيات‪ ،‬فمسا كان منهسا مسن قبيسل‬
‫الضروريات كالقوات والسساكن واللبسس التس ل بسد منهسا‪،‬‬
‫وإعفاف الن فس بالزواج الول‪ ،‬في من ي شى على نف سه الع نت‬
‫والفجور‪ ،‬فسبيل حلها الصدقات أو القروض السنة‪ ،‬وما زاد‬
‫عليسسه ككسسسب الال اللل الزائد على حاجات النفسسس‬
‫الضروريسة‪ ،‬فيمكسن أن يرد إل صسنوف العاملت الباحسة‬
‫كالضاربسة والسسلم والزارعسة والسساقاة وأنواع اليارات‬
‫الشرعية‪ ،‬و ف ذلك مصلحة للمجتمع كله عندما ترك رؤوس‬

‫‪57‬‬
‫الموال باس يعود باليس على أصسحابا وعلى العمال‪ ،‬مسع مسا‬
‫يترتب على ذلك من فرض الزكاة الت يرجع عائدها إل ذوي‬
‫الصاصة‪ ،‬وهذا كله يب أن يؤطر ف الطار الشرعي لتجنب‬
‫كل ما يؤدي إل النزلق والوقوع ف مهاوي الرام‪ ،‬ولصون‬
‫حقوق الحتاجي حت ل تكون عرضة للتلف ف مهب أعاصي‬
‫شهوة الال ف نفوس الغنياء الذ ين ما تت ضمائر هم‪ ،‬فغارت‬
‫ينابيسع الرحةس فس نفوسسهم لسستبداد الطمسع بشاعرهسم‬
‫وأحاسيسهم‪ ،‬ليت شعري ِل مَ ل يرجع من قال بضرورة إباحة‬
‫بيع اليار على علتة بصره كرتي ف هذه الوانب‪ ،‬فيدرك ما‬
‫في ها من ال سلمة و ما ي كن أن تنت جه من ثرات طي بة‪ ،‬عند ما‬
‫ت صفو النوا يا ويتعاون أ صحاب رؤوس الموال على إنشاء هذه‬
‫الشاريع التنموية الت تصون متمعاتم عن التردي ف الهالك‪،‬‬
‫أو أنا ل ترضي ضميه لنا ل تسوق الناس جاعات ووحدانا‬
‫إل ارتكاب مارم ال والرتاء ف أتون الربا التأجج الذي يأت‬
‫على الطارف والتليد ما ملكت أيديهم؟! ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ما أع جب شأن من آ ثر ال بيث على الط يب والرام‬
‫على اللل والباطل على الق!‬

‫‪59‬‬
‫صور من تعاملت الناس الفاسدة‬
‫على أ نه ل ي بق ع ند ذي لب أد ن ر يب أن معاملت‬
‫الناس اليوم التس يعنونون لاس بسبيع اليار‪ ،‬هسي أبلغ فس الثس‬
‫وأفحش ف الرمة وأبعد عن ساحة الباح ما اتفق العلماء على‬
‫حرمته وأنكروه فيما دونوه من الثار وعدوه من صنوف الربا‪،‬‬
‫وهسو أن يكون الشتري قصسد مسن البتياع النتفاع بالغلة دون‬
‫امتلك ال صل‪ ،‬فإن تعا مل الناس اليوم ل ي قف ع ند هذا ال د‪،‬‬
‫بل تاوزه إل ما ل ي كن يدور بلد أ حد من علماء ال سلف‪،‬‬
‫فإن غالب معاملت الناس اليوم التس يكتنفهسا مسا يسسمى بسبيع‬
‫اليار ف صنوف العقار من البيوت أو الوانيت أو غيها‪ ،‬ول‬
‫يدور بلد البائع أن يسسلم البسيع ول بلد الشتري أن يسستلمه‬
‫وإن ا يتفقان على صفقتي ‪ ،‬صفقة ل ا ي سمونه ب يع اليار في ها‬
‫إقرار البائع للمشتري بالبيع‪ ،‬وصفقة للتأجي فيها إقرار الشتري‬
‫للبائع بتأجيه الع ي البي عة‪ ،‬ول تكون الجرة بقدر قي مة الع ي‬
‫القيقية ومنفعتها‪ ،‬وإنا هي بقدر ما دفع الشتري إل البائع من‬

‫‪60‬‬
‫الال الذي هو ف صورته الظاهرة ثن للبيع‪ ،‬وف طوية التبايعي‬
‫قرض يدفعه صاحب الال إل الحتاج ف مقابل ما يتقاضاه منه‬
‫من الربا ف كل شهر أو ف كل عام‪ ،‬وإنا يصور خديعة ومكرا‬
‫أنه أجرة للعي البيعة‪ ،‬وعندما يتاج من يسمى البائع إل مزيد‬
‫مسن الال فالذي يسسمى بالشتري يقدم إليسه الزيادة‪ ،‬وبقدرهسا‬
‫يزداد الر با ال سمى عند هم أجرة‪ ،‬وت ضم هذه الزيادة إل أ صل‬
‫الثمن الذي هو ف حقيقته قرض ربوي‪ ،‬ويال للعجب من هذه‬
‫العاملة!! فإن كانت صفقة البيع واقعة بي التبايع ي وبوجبها‬
‫اسستحق الشتري النتفاع بالعيس البيعسة فمسا بال هذه الزيادة‬
‫تضاف مرة أخرى إل الثمسن حتس ولو كانست بعسد الصسفقة‬
‫بأعوام!؛ وبأي تف سي تف سر!؟ وعلى أي م مل ت مل!؟ و هل‬
‫سعتم أن مشتريا يزيد بائعا فوق الث من الذي تت عليه صفقة‬
‫البيع بعد امتلكه البيع؟ على أنه ثبت بالستقراء وتتبع ما عند‬
‫التعامليس بذه العاملة أن كسل زيادة تضاف إل الثمسن الول‬
‫يترتب عليها من الزيادة ف الجرة بقدرها‪ ،‬وهذا ما اعترف به‬
‫الذين وقعوا ف هذه العاملة النكراء‪ ،‬وصاروا يعضون على بنان‬

‫‪61‬‬
‫ك اْلعَذَا ُ‬
‫ب‬ ‫الندم با خسروه من أموالم ولت ساعة مندم ‪‬كَذَلِ َ‬
‫وََلعَذَا بُ الخِ َرةِ أَ ْكبَرُ َلوْ كَانُوا َيعْلَمُو نَ‪ ،‬والعجب كل الع جب‬
‫أن يتمال الناس على هذا المر فتكتب هذه الزيادة ف الصكوك‬
‫الشرعيسة بأيدي كتاب العدل فس الحاكسم‪ ،‬ويعتمسد هذه‬
‫الصكوك قضاة شرعيون! ليت شعري أو ل يطرق أساع هؤلء‬
‫قول النب ‪" :‬لعن ال الربا وآكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه"‬
‫وقال‪" :‬هم سواء"‪ ،‬أم يسبون أن ال سبحانه تفى عليه حقيقة‬
‫هذه العاملة وأنه يدع كما يدع الغرار من الناس؟‬
‫أ ما ف قلوب هؤلء رح ة بأنف سهم وإشفاق علي ها من‬
‫عذاب ربا؟‬
‫هذا وك ما أن هذه الزيادة على الث من ال صلي ولو ب عد‬
‫ح ي تقت ضي الزيادة ف الر با ال سمى باليار‪ ،‬فإن الن قص م نه‬
‫باسترداد الشتري شيئا من أصل ثن البيع يؤدي إل النقص ف‬
‫مقدار الربا الذي يتقاضاه الشتري من البائع ف صورة الجرة ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫شبهة "تسليم البائع الفتاح للمشتري"‬
‫هذا وأ ما ما يفعله بعض هم من م ئ من ي سمى بالبائع‬
‫بالفتاح وتسسليمه للمشتري ثس اسسترداده منسه بناء على أنسه‬
‫استأجر البيع منه بعد تسليمه إياه‪ ،‬أو ما يكون من تلية البيت‬
‫أو الانوت ال بيع لب ضع دقائق ح سب تعارفه ما‪ ،‬ف ما هو إل‬
‫إمعان ف مادعة ال تعال والذين آمنوا‪ ،‬ول يدل إل على فساد‬
‫عقيدة الذين يفعلون ذلك‪ ،‬وذلك أعظم جرما وأشد فحشا من‬
‫الربا الصريح‪ ،‬لا ف هذا الفعل من ضميمة سوء العتقد ف ال‬
‫إل التعامل بالربا‪ ،‬ولئن اندع الناس وظنوا أن اليار ما ت إل‬
‫ب عد الق بض فإن ال العل يم بفا يا ما ف ال صدور ل يعزب عن‬
‫علمه أن ذلك ل يرد به إل الخادعة‪ ،‬وأن الشتري ل يدر بباله‬
‫قط أن يستلم البيع وأن يوزه‪ ،‬كما أن البائع ل يكن ف قصده‬
‫تسسليم مسا باعسه للمشتري‪ ،‬فكسل منهمسا ضامسن لبتغاه‪ ،‬فالبائع‬
‫ضامن بأن الشتري لن يرجه من البيت أو الانوت الذي باعه‬
‫إياه‪ ،‬والشتري ضامسن أن البائع سسيظل حائزا للعقار وسسيظل‬

‫‪63‬‬
‫يدفع إليه الربا ف صورة اليار بقدار ما دفعه إليه ف صورة‬
‫الثمسن‪ ،‬وهبهمسا ل يتشارطسا ذلك فإن ذلك ماس تعورف عليسه‬
‫والعروف عرفا كالشروط شرطا‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫وجوه بطلن هذا البيع‬
‫على أننا لو سلمنا أن ما كان بينهما ل يعدو أن يكون‬
‫بيعا وإيارا فإن هذا العقد باطل من أصله لربعة أمور‪-:‬‬
‫"ن ى عن بيع ي ف ب يع" ك ما ف‬ ‫أول ا‪ :‬أن ال نب‬
‫حديسث أبس هريرة عنسد أحدس والنسسائي وأبس داود والترمذي‬
‫و صححه و ف روا ية ا بن م سعود ‪-‬ر ضي ال ع نه‪ -‬ع ند أح د‬
‫قال‪" :‬ن ى ال نب عن صفقتي ف صفقة"‪ ،‬وم ا يندرج ف‬
‫مدلول هذا النهي اجتماع عقدين عقد إيار وعقد بيع ف عي‬
‫واحدة وبعقدة واحدة ويؤيده نيسه عسن سسلف وبيسع كمسا‬
‫سيأت‪.‬‬
‫‪" :‬ن ى عن شرط ي ف ب يع" رواه الرب يع‬ ‫ثاني ها‪ :‬أ نه‬
‫‪-‬رحه ال‪ -‬بسنده إل ابن عباس ‪-‬رضي ال عنهما‪ ،-‬وأخرج‬
‫أحد وأصحاب السنن إل ابن ماجة عن ابن عمر ‪-‬رضي ال‬
‫عنه ما‪ -‬أن ال نب قال‪" :‬ل ي ل سلف وب يع ول شرطان ف‬
‫ب يع"‪ ،‬وأخر جه من طري قه أيضا ا بن حبان والا كم و صححه‬

‫‪65‬‬
‫الترمذي وابسن خزيةس‪ ،‬قال المام السسالي ‪-‬رحهس ال تعال‪:-‬‬
‫"واتفقوا على فساد ما فيه شرطان فأكثر"‪ ،‬ول يفى أن ف هذا‬
‫العقد أكثر من شرطي‪ ،‬فاليار نفسه شرط‪ ،‬ومدته شرط ثان‪،‬‬
‫واسستئجار البائع للمسبيع شرط ثالث وتديسد قدر اليار شرط‬
‫رابع ‪.‬‬
‫ن ى عن ر بح ما ل يض من‪ ،‬بل‬ ‫ثالث ها‪ :‬أن ال نب‬
‫صرح بعدم حله ك ما ف روا ية أ صحاب ال سنن عن عمرو بن‬
‫شع يب قال‪ :‬حدث ن أ ب عن أب يه ح ت ذ كر عبدال بن عمرو‬
‫قال‪ :‬قال ر سول ال ‪" :‬ل ي ل سلف وب يع ول شرطان ف‬
‫بيع ول ربح ما ل تضمن ول بيع ما ليس عندك" قال الترمذي‬
‫فيسه‪ :‬حديسث حسسن صسحيح‪ ,‬ويشبسه أن يكون تصسحيحه له‬
‫بالت صريح ف يه بذ كر عبدال بن عمرو ك ما ذكره ب عض أ هل‬
‫العلم بذا الفن ‪.‬‬
‫رابعهيا‪ :‬أنسه ل يرتاب عاقسل فس كون ذلك داخلً فس‬
‫بيوع العينة‪ ،‬لنه ما يندرج تت ذرائع الربا‪ ،‬ول ريب ف تري‬

‫‪66‬‬
‫بيوع الذرائع‪ ،‬فإن الذري عة إل الرام حرام‪ ،‬و قد سبق أن ا بن‬
‫القيسم ذكسر فس اسستدلله على تريس ذرائع الحرمات تسسعة‬
‫وتسسعي وجهسا فس كتاب واحسد‪ ،‬وقسد جاءت الروايات عسن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال تعال‪ -‬عليهم دالة على منتهى التشدد‬
‫ف أ مر الذرائع‪ ،‬و من هؤلء عائ شة وا بن عباس وأ نس‪ ،‬ف عن‬
‫عائشة ‪-‬رضي ال عنها‪ -‬أنا قالت لم ولد لزيد بن أرقم‬
‫‪-‬حي بلغها دخوله ف بيع الذرائع‪ " : -‬أبلغي زيدا أن جهاده‬
‫مسع رسسول ال قسد بطسل إل أن يتوب" رواه البيهقسي‬
‫والدارقطن وغيها‪ ،‬وف كتاب أب ممد النجشي الافظ عن‬
‫ابن عباس ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬أنه سئل عن العينة فقال‪" :‬إن ال‬
‫ل يدع‪ ،‬هذا ماس حرم ال ورسسوله"‪ ،‬وروى ذلك ممسد بسن‬
‫عبدال الا فظ العروف بطّ ي ف كتا به عن أ نس ‪-‬ر ضي ال‬
‫ع نه‪ ،-‬ورُوي عن أ نس أ نه قال ‪" :‬اتقوا هذه العي نة ل تبيعوا‬
‫دراهسم بدراهسم بينهمسا حريرة"‪ ،‬ول غرو فس ذلك فإن ال‬
‫سكُمْ َأوْ‬
‫‪-‬تعال‪ -‬يا سب عباده بنوايا هم ‪‬إِ ْن ُتبْدُوا مَا فِي أَنفُ ِ‬
‫خفُو هُ يُحَا ِسبْكُ ْم بِ هِ اللّ هُ‪ ، ‬ولئن كا نت ال صورة ال صحيحة‬
‫تُ ْ‬

‫‪67‬‬
‫الشرعية للعمل ل تفيد شيئا عندما يكون القصد به قصدا غي‬
‫مشروع كما ف حديث عمر ‪-‬رضي ال عنه‪" :-‬إنا العمال‬
‫بالنيات وإن ا ل كل امرئ ما نوى ف من كا نت هجر ته إل ال‬
‫ورسوله فهجرته إل ال ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته إل دنيا‬
‫يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إل ما هاجر إليه" فما بالك با‬
‫كان باطل صورة ومعن ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الوسيلة ل تبيح الحرم‬
‫والوسيلة ل تبيح الحرم‪ ،‬بل هي عينها حرام‪ ،‬إن أدت‬
‫إل حرام كما ثبت ف الصحيح من قول رسول ال ‪" :‬لعن‬
‫ال اليهود حرمست عليهسم الشحوم فجملوهسا وباعوهسا وأكلوا‬
‫ثنهسا"‪ ،‬ومعنس جلوهسا أذابوهسا وخلطوهسا‪ ،‬وهسي بذوباناس‬
‫واختلطها ل تسمى شحما لغة ول عرفا‪ ،‬ولكن ل يغنهم ذلك‬
‫كله بل كانوا عرضة للعنة ال تعال من حيث إنم احتالوا على‬
‫مارمه‪ ،‬على أنم ل ينتفعوا بأعيانا وإنا بأثانا‪ ،‬وليت شعري‬
‫ما هو الفارق بي صنيع اليهود هذا وصنيع الذين يتذرعون إل‬
‫استباحة ما حرم ال من الربا بطريق بيع اليار؟ أوليس هؤلء‬
‫أحرياء بأن يعمهم ال بلعنته كما صنع بأولئك؟ ‪.‬‬
‫وم ثل ذلك ما كان من تا يل اليهود على ا صطياد اليتان ال ت‬
‫تأتيهم يوم سبتهم شرعا ويوم ل يسبتون ل تأتيهم‪ ،‬فقد نصبوا‬
‫ل ا الشباك يوم الم عة وأخذو ها ليلة ال حد‪ ،‬فعاقب هم ال بأن‬
‫مسخهم قردة وخنازير‪ ،‬ول يعاقبوا على غي هذا من جرائرهم‬

‫‪69‬‬
‫الكثية ‪-‬كقتلهم النبياء بغي حق‪ ،‬وأكلهم الربا‪ -‬بذه العقوبة‬
‫الت فيها عظة وذكرى لن عاصرها ولن أتى من بعدها‪ ،‬وما‬
‫ذلك إل لن م فعلوا ما فعلوا مادع ي ل‪ ،‬ومن خادع ال كان‬
‫حريا بثل هذا العقاب‪ ،‬ولذلك قال تعال تذكيا لم ولغيهم‪:‬‬
‫سبْتِ َفقُلْنَا َلهُ مْ كُونُوا‬
‫وََلقَ ْد عَلِ ْمتُ مْ الّذِي نَ ا ْعتَ َدوْا ِمْنكُ مْ فِي ال ّ‬
‫ْنس يَ َديْهَا وَمَا خَ ْلفَهَا‬
‫جعَ ْلنَاهَا نَكَالً لِمَا َبي َ‬ ‫َاسسيَ * فَ َ‬
‫ِقرَ َدةً خ ِئِ‬
‫َو َم ْوعِ َظةً ِللْ ُمّتقِيَ‪ ،‬ليت شعري أيأمن هؤلء الذين يتذرعون إل‬
‫مارم ال بسبيع اليار أن يفعسل ال بمس مسا فعله ببنس إسسرائيل‬
‫فيكونوا قردة خاسئي؟! ولئن ل تسخ أبدانم ففي مسخ قلوبم‬
‫ع ظة للمتق ي‪ ،‬أولي سوا يادعون ال ك ما خادعه ب نو إ سرائيل‪،‬‬
‫ولقسد علموا ‪-‬لو كانست لمس قلوب يعقلون باس‪ -‬أن هذه‬
‫الخادعسة ل تفيسد أحدا‪ ،‬ولو كانست تفيسد لفادت الحلّلَ‬
‫والحلّلَ له‪ ،‬لن نكاح كسل منهمسا فس صسورته الظاهرة نكاح‬
‫صحيح استوف شرائط صحة النكاح‪ ،‬لكن النية جعلته سفاحا‪،‬‬
‫فلذلك قال رسسول ال ‪" :‬لعسن ال الحلّلَ والحلّل له" وهسو‬
‫حديسث مشهور رُوي مسن طرق شتس وبألفاظ متعددة إل أناس‬

‫‪70‬‬
‫تتحد ف مؤداها‪ ،‬فقد أخر جه أحد من طر يق علي ‪-‬كرم ال‬
‫وجهسه‪ -‬إل أن إسسناده ل يلس مسن مقال‪ ،‬وأخرجسه أحدس‬
‫والترمذي والن سائي من طر يق ا بن م سعود ‪-‬ر ضي ال ع نه‪،-‬‬
‫وقال فيه الترمذي‪" :‬حديث حسن صحيح"‪ ،‬وأخرجه الترمذي‬
‫من حديث جابر بن عبدال ‪-‬رضي ال عنه‪ ،-‬ورواه ابن ماجة‬
‫والاكم وصححاه والبيهقي من طريق عقبة بن عامر ‪-‬رضي‬
‫ال عنسه‪ -‬ورواه ابسن ماجسة مسن طريسق ابسن عباس ‪-‬رضسي ال‬
‫عنهمسا‪ ،-‬وأخرجسه عنسه الوزجانس بلفسظ آخسر‪ ،‬وكذا رواه‬
‫الكيم من طريق ابن عمر ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬بعناه‪ ،‬وأخرجه‬
‫أحد وابن أب شيبة والوزجان والبيهقي بلفظ ‪" :‬لعن رسول‬
‫ال الحلل والحلل له" مسن طريسق أبس هريرة ‪-‬رضسي ال‬
‫ع نه‪ ،-‬ول يس ا ستحقاق الل عن إل على كبية تؤدي إل الطرد‬
‫من رحة ال والعياذ بال‪ ،‬وما كان ذلك إل لن من ركب هذا‬
‫ال مر قد خادع ال والؤمن ي بفعله إذ أتاه ف صورة ما أبا حه‬
‫ال ف شرعه مع انطوائه على قصد آخر‪ ،‬وهل ف هذا فرق بي‬
‫النكاح والعاملت الالية؟ ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وقد أجاد ترير هذا القام ا بن قيم الوزية حيث قال‪:‬‬
‫"فوازن ب ي قول القائل‪ :‬آم نا بال واليوم ال خر‪ ،‬وأش هد أن‬
‫ممدا رسسول ال‪ ،‬إنشاء لليان وإخبارا بسه‪ ،‬وهسو غيس مبطسن‬
‫لقيقسة هذه الكلمسة ول قاصسد له ول مطمئن بسه‪ ،‬وإناس قاله‬
‫متوسل به إل أمنه وحقن دمه أو نيل غرض دنيوي‪ ،‬وبي قول‬
‫الراب‪ :‬بعتك هذه السلعة بائة‪ ،‬وليس لواحد منهما غرض فيها‬
‫بو جه من الوجوه ول مبط نا لقي قة هذه اللف ظة ول قا صدا له‬
‫ول مطمئ نا به‪ ،‬وإن ا تكلم ب ا متو سل إل الر با‪ ،‬وكذلك قول‬
‫الحلل‪ :‬تزوجست هذه الرأة أو قبلت هذا النكاح‪ ،‬وهسو غيس‬
‫مبطن لقيقة النكاح ول قاصدا له ول مريدا أن تكون زوجته‬
‫بوجه ول هي مريدة لذلك‪ ،‬هل تد بينهما فرقا ف القيقة أو‬
‫العرف؟ فكيف يسمى أحدها مادعا دون الخر؟ مع أن قوله‬
‫ب عت واشتر يت واقتر ضت وأنك حت وتزو جت غ ي قا صد به‬
‫انتقال اللك الذي وضعست له هذه الصسيغة ول ينوي النكاح‬
‫الذي جعلت له هذه الكلمة‪ ،‬بل قصده ما يناف مقصود العقد‬
‫أو أمسر خارج عسن أحكام العقسد‪ ،‬وهسو عود الرأة إل زوجهسا‬

‫‪72‬‬
‫الطلق‪ ،‬وعود السلعة إل البائع بأكثر من ذلك الثمن‪ ،‬بباشرته‬
‫لذه الكلمات التس جعلت لاس حقائق ومقاصسد مظهرا لرادة‬
‫حقائقها ومقاصدها ومبطنا للفه‪ ،‬فالول نفاق ف أصل الدين‬
‫وهذا نفاق ف فروعه‪ ،‬يوضح ذلك ما ثبت عن ابن عباس أنه‬
‫جاءه رجسل فقال‪ :‬إن عمّي طلق امرأتسه ثلثسا أيلهسا له رجسل‬
‫فقال‪ :‬من يادع ال يد عه‪ ،‬و صح عن أ نس و عن ا بن عباس‬
‫أن ما سئل عن العي نة فقال‪ :‬إن ال ل يدع‪ ،‬هذا م ا حرم ال‬
‫ورسوله فسميا ذلك خداعا‪ ،‬كما سى عثمان وابن عمر نكاح‬
‫الحلل نكاح دلسسة‪ ،‬وقال‪ :‬أيوب السسختيان فس أهسل اليسل‪:‬‬
‫يادعون ال كأناس يادعون الصسبيان فلو أتوا المسر عيانسا كان‬
‫أهون عل يّ‪ ،‬وقال شر يك بن عبدال القا ضي ف كتاب ال يل‪:‬‬
‫هو كتاب الخادعة "‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫دلئل أن تعامل الناس ببيع اليار غي خارج عن الربا‬
‫ول يفى على لبيب أن ما يروجه الذين راقت لم هذه‬
‫العاملت الحرمة من أن بيع اليار قال بوازه طائفة من أهل‬
‫العلم‪ ،‬ل يعدو أن يكون مسن ضروب هذه الخادعسة المقوتسة‬
‫وافتئاتا على العلماء الذين هم أنزه وأورع من أن يبيحوا للناس‬
‫مارم ال‪ ،‬فإن الق يد الذي قيدوا به هذه البا حة ل يكاد يكون‬
‫له وجود ف معاملت الناس اليوم قط‪ ،‬وإن كنت ل تقنع بكل‬
‫ما أ سلفناه فدو نك من الشوا هد ما ي ستأصل شأ فة كل ر يب‬
‫اللهم إل من كابر عقله وأنكر حسه ‪:‬‬
‫أول ا‪ :‬أن ال صكوك ال ت تتض من ب يع القالة تش ي بأن‬
‫العاملة ل تعدو أن تكون قرضا جرّ منفعسة‪ ،‬فهسي وإن سسيت‬
‫بيعا ل تن ب على الب يع وإن ا أ سست على القرض‪ ،‬فال ُكتّا بُ ل‬
‫يكادون يكتبون إل هذه العبارة "أقسر فلن أن عليسه لفلن كذا‬
‫من الال‪ ،‬وقد باعه بقه هذا بيته الفلن ‪-‬مثل‪ -‬واشترط عليه‬
‫القالة لدة كذا مسن السسني"‪ ،‬فبال عليكسم على ماذا تدل هذه‬

‫‪74‬‬
‫العبارة؟ فإن ل تكسن دليلً على أن العاملة مبنيسة على القرض‬
‫فليس يصح ف الذهان شيء ‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أنه ل يكون ف قرارة نفس البائع انتقال ملك ما‬
‫باع عنسه‪ ،‬ول فس قرارة نفسس الشتري انتقال ملك مسا اشتراه‬
‫إليسه‪ ،‬فعنسد كسل منهمسا أن اللك إناس هسو ملك البائع‪ ،‬وإناس‬
‫الشتري مرت ن فح سب‪ ،‬ولذلك ي سمونه ره نا‪ ،‬ولك نه ر هن‬
‫يسستغله الشتري لصسلحته فس مقابسل الديسن الذي على البائع‪،‬‬
‫وهذا الستغلل ل ريب ف ربويته‪ ،‬ولو ل يكن من طريق مغرم‬
‫يدفعه البائع على أنه إيار للعي البيعة‪ ،‬فإن الرهن الشروع إنا‬
‫هو توث يق للد ين بيث يقبض الدائن عينا يلكها الد ين إل أن‬
‫ضة‪،ٌ‬‬
‫يأتيه بقه‪ ،‬ول بد من قبضه كما قال تعال‪  :‬فَ ِرهَانٌ َم ْقبُو َ‬
‫والصل فيه أن يكون بيد ذي الق ‪-‬وهو الدائن‪ -‬إل أن اتفق‬
‫مع الد ين على أن يقب ضه طرف ثالث يكون ف ح كم النائب‬
‫عن الرتن‪ ،‬ففي ذلك خلف لهل العلم مبسوط ف موضعه‪،‬‬
‫ويبطل الرهن ببقائه ف يد الراهن‪ ،‬ومن كل هذه الوجوه تنأى‬
‫هذه العاملة كل النأي عن الر هن الشر عي وإن سوها ره نا‪،‬‬
‫‪75‬‬
‫كما أنا ليست من البيع ف شيء‪ ،‬ولئن كانت بعيدة عن الرهن‬
‫والب يع م عا ف هي ل تعدو أن تكون حيلة من أ جل أ كل الر با‪،‬‬
‫فالعي البيعة أو الرهونة ‪-‬حسب قولم‪ -‬ل ترج من يد البائع‬
‫وإن ا ح سب الشتري م نه أن يأت يه بريع ها مدرارا ح سبما اتف قا‬
‫عليه؛ على أن ذلك إنا هو بقدار الدين أو القرض وليس بقدار‬
‫النتفاع بالعي ‪-‬كما ذكرته‪ ،-‬على أن الرهن الشرعي ل يغلق‬
‫ب ضي مدة مددة بل يب قى ملك الرت ن للرا هن‪ ،‬ف في الد يث‬
‫"ل يغلق الرهسن" وفس روايسة زيادة على ذلك "لصساحبه غنمسه‬
‫وعليه غرمه"‪ ،‬وهو دل يل على عدم جواز انتفاع الرت ن بنفعته‬
‫‪-‬وهو عكس ما جرى عليه العمل ف بيع اليار‪ -‬اللهم إل ما‬
‫جاء ف ب عض الروايات م ا يدل على جواز النتفاع بب عض ما‬
‫يرهن ف مقابل نفقته إن كان يستدعي النفاق‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫رواه البخاري عن أ ب هريرة أن ال نب قال‪" :‬الظ هر ير كب‬
‫بنفقتسه إذا كان مرهونسا‪ ،‬ولبس الدر يشرب بنفقتسه إذا كان‬
‫مرهونا‪ ،‬وعلى الذي ير كب ويشرب النف قة"‪ ،‬وت صيص ذلك‬
‫بذا الكم إنا هو من أجل التيسي فإن العي الرهونة ل بد من‬

‫‪76‬‬
‫أن تكون ف يد الرت ن و مع حاجت ها إل النف قة قد يتعذر أو‬
‫يتعسسر أن يكون الالك الراهسن هسو الذي يتول ذلك فس هذه‬
‫الالة فأبيح للمرتن النتفاع بقدر هذه النفقة ‪.‬‬
‫وقد شدد علماؤنا رحهم ال ف انتفاع الرتن با ارتن‬
‫ل ا ف ذلك من الزيادة على الد ين أو القرض و هي ع ي الر با‪،‬‬
‫قال المام السالي ‪-‬رحه ال‪:-‬‬
‫لنسه صسار لسسه أمينسسا‬ ‫ومالسه يستعمسسل الرهونسسا‬
‫م سن بع سد أن كان يؤمنن سا‬ ‫وب عد ال ستعمسسال يضمنن سسا‬

‫وليس توارد هؤلء جيعا على تسمية هذه العاملة رهنا‬


‫إل دليلً واضحسا على أنمس ل يريدوا بذه العاملة بيعسا ول‬
‫ابتياعا‪ ،‬وإنا أرادوا ما يتوسلون با إليه من أكل الال بالباطل‪،‬‬
‫وهي أيضا ليست رهنا شرعيا لا ذكرناه من الفرق بينها وبي‬
‫الرهن‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فإن قيل‪ :‬أن تسميتها رهنا ل يؤثر ف العقد شيئا كما‬
‫يقتضيسه جواب المام السسالي ‪-‬رحهس ال‪ -‬حيسث قال‪" :‬ل‬
‫يؤ خذ ف هذا بفلتات ل سانه وإن ا يعا مل ف يه بقت ضى العرف‬
‫والعادة‪ ،‬ول ضي ف التسمية ول مشاحة ف الصطلح إذ اتد‬
‫الق صود‪ ،‬و من قوا عد الف قه الشهية أن المور بقا صدها‪ ،‬و ف‬
‫الديث‪" :‬وإنا لكل امرئ ما نوى" ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ما قاله المام ‪-‬رحه ال‪ -‬هو كله حجة واضحة‬
‫على أصسحاب هذه العاملة‪ ،‬إذ ل يكسن قولمس هذا فلتسة مسن‬
‫فلتات اللسان‪ ،‬وإنا هو تعبي عن مكنون ضمي كل منهم‪ ،‬فإن‬
‫ال كل ل يت صورون خروج ال بيع بذه ال صفقة عن ملك البائع‬
‫وانتقاله إل ملك الشتري‪ ،‬وليس ف مقصود البائع أن يبيع ول‬
‫الشتري أن يشتري‪ ،‬وقرائن الحوال الت ذكرها المام السالي‬
‫‪-‬رح ه ال‪ -‬ف "جوهره" و ف "أجوب ته" شاهدة على ذلك‪،‬‬
‫وأدل مسن هذا كله على هذا أن البسيع ل يكاد يرج مسن يسد‬
‫البائع‪ ،‬وإناس لشتريسه مسا يتطلع إليسه مسن ريعسه الربوي الذي‬

‫‪78‬‬
‫يتقاضاه من البائع ف كل ش هر‪ ،‬أو ل يك في ذلك دليل على‬
‫هذه الطوية؟ وهل يستدل على الخب إل بالظهر؟ ‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أن الشتري ل يعنيه ‪-‬حسبما هو متعارف عليه‬
‫عند هم‪ -‬ش يء من ترم يم ال بيع وإ صلحه‪ ،‬وإن ا ذلك كله م ا‬
‫يكون على حساب البائع ‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬ما ذكرته من قبل من أن البائع عندما يتاج إل‬
‫س طلب مسع‬ ‫زيادة مسن الال ل يتردد الشتري أن يضيسف إليسه م ا‬
‫إضافسة ذلك إل أصسل الثمسن‪ ،‬ومسا هذه الزيادة فس القيقسة إل‬
‫قرض جديسد يضاف إل سسابقه ليضاف بسسببه ربسا فوق ربسا‬
‫القرض الول‪ ،‬وإنا يلبس زورا كما ألبس ما قبله ثوب الجرة‬
‫مادعة ل وللمؤمني‪ ،‬وهذا أمر ل يكاد ينكره أحد‪ ،‬فكم رأينا‬
‫صكوك بيوع اليار الت كتبت ف الحاكم مذيلة بذه الزيادات‬
‫بأيدي كتاب العدل ومعتمدة من قبل القضاة الذين ل يتورعون‬
‫عن هذه العاملت‪ ،‬وأد هى من ذلك وأ مر أن صاحب العقار‬
‫الوا حد قد يقترض ف آن وا حد من عدد من الناس‪ ،‬ويك تب‬

‫‪79‬‬
‫ذلك العقار نفسه لكل واحد من أولئك بطريق بيع اليار‪ ،‬من‬
‫غ ي أن ينت قل إل يد أ حد من هم‪ ،‬وإن ا يكت في كل من هم ب ا‬
‫تتلق فه يده ف كل ش هر من الر با الشروط ال سجل أ نه أجرة‬
‫للعقار‪ ،‬وقسد وقسع هذا مسن رجسل مرموق باس كان يشغله مسن‬
‫من صب دي ن جد ير بان يكون صاحبه ف غا ية الع فة والنا هة‪،‬‬
‫ول كن م ا يد عو لل سف أ نه ا ستغل وجوده ف هذا الن صب‬
‫لينحدر به إل أسفل دركات هذه العاملة الدنيئة‪ ،‬إذ اقترض من‬
‫أربعي رجلً قرضا ربويا وكتب بيته الذي يسكنه لكل واحد‬
‫منهسم بطريسق بيسع اليار‪ ،‬وهسو يدفسع لكسل واحسد مسن أولئك‬
‫النهوم ي ب ب الال ر با على رأس كل ش هر‪ ،‬سجل أ نه إيار‬
‫لذلك الب يت‪ ،‬و قد سقط بو ته بر قع النفاق الذي كان يواري‬
‫هذه القي قة‪ ،‬فإذا ب كل وا حد من أولئك القرض ي يطالب ب ا‬
‫يدعيسه حقسه‪ ،‬ول يدع ذلك الالك مسن تركتسه إل ذلك البيست‬
‫الذي ل يف حت بربع مقدار تلك القروض الت أسوها ثنا له‪،‬‬
‫فإنا بلغت مائة وثاني ألفا‪ ،‬بينما ل يتجاوز ثن بيعه بعد موته‬
‫أربعي ألفا‪ ،‬أليس ف ذلك معتب لولئك الذي أوقعهم الشيطان‬

‫‪80‬‬
‫ف حبائل الوى‪ ،‬واقتاد هم بأر سان الط مع إل مهاوي الردى‪،‬‬
‫فأخذوا يدافعون عسن مفاسسد بيسع اليار بكسل مسا زينسه لمس‬
‫الشيطان من تدل يس وتلب يس ومادلة بالبا طل لدحاض ال ق‪،‬‬
‫ولع مر ال لو كان ال ق أنشودت م لكفت هم هذه ال عب ‪ ‬إِنّ فِي‬
‫ذَلِكَ َل ِعبْ َرةً لِ َم ْن يَخْشَى‪. ‬‬
‫ول يس ما ذكر ته دعوى اختلقت ها ون سجت برد ها من‬
‫خيوط اليال‪ ،‬وإن ا هي حقي قة واق عة و ما ينع ن من التعر يف‬
‫بشخص التورط الشار إليه إل الرص على ستر سوآت الوتى‬
‫ك بِ ُذنُو بِ‬
‫وعدم التشهي بم‪ ،‬فإنم أفضوا إل ربم‪ :‬وَ َكفَى بِ َربّ َ‬
‫ِعبَا ِدهِ َخبِيا بَصِيا‪. ‬‬
‫على أن هذه القضيسة ل تكسن فريدة مسن بيس قضايسا‬
‫التعا مل ببيع اليار بذا ال سلوب العج يب‪ ،‬ف ثم قضا يا أخرى‬
‫مثل ها أو قري بة من ها‪ ،‬و من ذلك ما نبئ ته عن ر جل من هؤلء‬
‫الحتالي ‪-‬معرفت به عن كثب‪ -‬أنه باع مزرعة له عشرين بيعة‬
‫خيار لعشرين رجل ف آن واحد ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وبعد فإنه ل يبقى عند من كانت القيقة أنشودته مال‬
‫للرتياب ف كون هذا الذي يسمونه بيع خيار ليس بيعا أصلً‪،‬‬
‫وإنا هو وسيلة ل يواريها نسيج الباطل عن بصائر أول البصر‬
‫إل ارتكاب الحارم والرتاء ف مستنقعات الربا‪ ،‬وأن للحقائق‬
‫أن تفسى باس يضفسي عليهسا مسن نسسيج الزور‪ ،‬وقسد كتسب ال‬
‫إظهارها وفضح التعاملي فيها بغي حق‪ ،‬وما أبلغ قول الشاعر‪:‬‬
‫فإذا التحفست به فإنسك عسار‬ ‫ثوب الرياء يشسف عما تتسه‬

‫‪82‬‬
‫كل قرض جر نفعا فهو ربا‬
‫ولئن ل يكن ذلك بيعا فما هو إل قرض‪ ،‬وأنتم تدرون‬
‫أن كل منفعة عاجلة تترتب على القرض فهي مرمة‪ ،‬فقد روى‬
‫الربيسع ‪-‬رحهس ال‪ -‬عسن أبس عسبيدة عسن جابر بسن زيسد قال ‪:‬‬
‫"بلغ ن عن ر سول ال أ نه ن ى عن الحتكار‪ ،‬و عن سلف‬
‫جر منفعة‪ ،‬وعن بيع ما ليس عندك"‪ ،‬وهذه الرواية وإن كانت‬
‫مرسسلة فإن مراسسيل جابر ‪-‬رضسي ال عنسه‪ -‬هسي حجسة عنسد‬
‫أصحابنا لثقته وأمانته وضبطه بيث تنه ساحته عن الرواية إل‬
‫عسن العدول الثقات مسع كثرة مسن لقيهسم وروى عنهسم مسن‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان ال تعال عليهم‪.-‬‬
‫وقسد رُوي هذا الديسث مسن طريسق علي ‪-‬كرم ال‬
‫وجهه‪ -‬بلفظ " كل قرض جر منفعة فهو ربا" لكن ف إسناده‬
‫مقال‪ ،‬ورواه البيهقي ف السنن الكبى موقوفا على ابن مسعود‬
‫وأبس ابسن كعسب وعبدال بسن سسلم وابسن عباس ‪-‬رضسي ال‬
‫عنهسم‪ -‬وهسو ماس انعقسد الجاع عليسه‪ ،‬فل يسسوغ فيسه القول‬

‫‪83‬‬
‫بلفه‪ ،‬ويعضده ما رواه ابن ماجة عن أنس ‪-‬رضي ال عنه‪-‬‬
‫أنسه سسئل النسب عسن الرجسل يقرض أخاه الال فيهديسه إليسه‬
‫فقال‪" :‬إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدي إليه أو حله على الدابة‬
‫فل يركب ها ول يقبله إل أن يكون جرى بي نه وبي نه ق بل ذلك"‬
‫وما أخرجه البخاري ف تاريه عن أنس أن النب قال ‪" :‬إذا‬
‫أقرض فل يأ خذ هديسة"‪ ،‬ومهمسا ق يل ف هذيسن الديثيس فإن‬
‫اتفاقهما مع أصول الشريعة يعضد دللتهما وإجاع المة على‬
‫حرمة أن يكون القرض وسيلة لنفعة ينالا القرض من القترض‬
‫هو الفيصل ف ذلك‪.‬‬
‫قال المام السسالي ‪-‬رحهس ال‪ -‬فس شرح الديسث‪:‬‬
‫"والراد بالسلف هنا القرض‪ ،‬فإن السلف يطلق على معانٍ منها‬
‫القرض الذي ل منف عة ف يه للمقرض غ ي ال جر والش كر‪ ،‬و هو‬
‫عمل من أعمال الب ول يوز أخذ النفع العاجل على شيء من‬
‫أعمال الخرة" ‪ ،‬وقال ف جوهر النظام ‪:‬‬
‫ويهلكسن من لسذاك ركبسسا‬ ‫و كل قرض جر نفع سا فرب سسا‬

‫‪84‬‬
‫و ف مغ ن ا بن قدا مة "و كل قرض شرط ف يه أن يزيده‬
‫ف هو حرام بغ ي خلف‪ ،‬قال ابن النذر‪ :‬أجعوا على أن ال سلف‬
‫إذا اشترط على الستسلف زيادة أو هدية فاسلف على ذلك أن‬
‫أ خذ الزيادة ف ذلك ر با‪ ،‬و قد روي عن أ ب بن ك عب وا بن‬
‫عباس وابن مسعود أنم نوا عن قرض جر منفعة‪ ،‬ولنه عقد‬
‫إرفاق وقر ب فإذا شرط ف يه الزيادة أخر جه عن موضو عه‪ ،‬ول‬
‫فرق بي الزيادة ف القدر أو ف الصفة‪ ،‬مثل أن يقرضه مكسرة‬
‫ليعط يه صحاحا أو نقدا ليعط يه خيا م نه‪ ،‬وإن شرط أن يعط يه‬
‫إياه فس بلد آخسر وكان لمله مؤنسة ل يزس لنسه زيادة‪ ،‬وإن ل‬
‫سة جاز‪- ،‬إل أن قال‪ -‬وإن شرط أن يؤجره‬ ‫سن لمله مؤنس‬ ‫يكس‬
‫داره بأقل من أجرتا أو على أن يستأجر دار القرض بأكثر من‬
‫أجرتا أو على أن يهدي له هدية أو يعمل له عمل كان أبلغ ف‬
‫التحر ي‪ ،‬وإن ف عل ذلك من غ ي شرط ق بل الوفاء ل يقبله ول‬
‫ي ز قبوله إل أن يكافئه أو ي سبه من دي نه‪ ،‬إل أن يكون شيئا‬
‫جرت العادة بسه قبسل القرض‪ ،‬لاس روى الثرم أن رجل كان له‬
‫على سَماّك عشرون دره ا فج عل يهدي إل يه ال سمك ويقوّ مه‬

‫‪85‬‬
‫حت بلغ ثلثة عشر درها فسأل ابن عباس فقال‪ :‬أعطه سبعة‬
‫درا هم‪ ،‬و عن ابن سيين أن ع مر أ سلف أ ب بن ك عب عشرة‬
‫آلف در هم فأهدى إل يه أ ب بن ك عب مرة ثرة أر ضه فرد ها‬
‫عل يه ول يقبل ها‪ ،‬فأتاه أ ب فقال ل قد علم أ هل الدي نة أ ن من‬
‫أطيبهم ثرة وأنه ل حاجة لنا فبِ َم منعت هديتنا؟ ث أهدى إليه‬
‫بعد ذلك فقبل‪ ،‬وعن زر بن حبيش قال‪ :‬قلت لب بن كعب‪:‬‬
‫"إن أريد أن أسي إل أرض الهاد إل العراق فقال إنك تأت‬
‫أرضا فاش في ها الربا‪ ،‬فإن أقرضت رجلً قرضا فأتاك بقر ضك‬
‫ليؤدي إليسك قرضسك ومعسه هديسة فاقبسض قرضسك واردد إليسه‬
‫هديتسه‪ ،‬رواهاس الثرم‪ ،‬وروى البخاري عسن أ ب بردة عن أ ب‬
‫مو سى قال ‪ :‬قد مت الدي نة فلق يت عبدال بن سلم ‪-‬وذ كر‬
‫حديثا وفيه‪ -‬ث قال ل‪" :‬إنك بأرض فيها الربا فاش‪ ،‬فإذا كان‬
‫لك على ر جل د ين فأهدى إل يك ح ل ت ب أو ح ل شع ي أو‬
‫حل قت فل تأخذه فإنه ربا‪ ،‬قال ابن أب موسى‪ :‬ولو أقرضه‬
‫قرضا ث استعمله عملً ل يكن ليستعمله على مثله قبل القرض‬

‫‪86‬‬
‫كان قرضسا جسر منفعسة ولو اسستضاف غريهس ول تكسن العادة‬
‫جرت بينهما بذلك حسب له ما أكله" ‪.‬‬
‫ومثله ف الشرح الكبي‪ ،‬وهو ما تواردت عليه آثار أهل‬
‫العلم‪ ،‬ولئن كان علماء المسة سسلفهم وخلفهسم يتشددون فس‬
‫انتفاع القرض مسن القترض ولو فس توافسه المور كالديسة‬
‫التواضعة أو المل على الركوب أو الضيافة ويعدون ذلك ربا‬
‫ولو ل يكسن بتشارط بينهمسا‪ ،‬فكيسف بذا القرض الذي يصسور‬
‫أنه بيع خيار ويترتب عليه إرهاق القترض بضرائب الربا‪ ،‬وإن‬
‫ل يسسموه باسسه‪ ،‬وادعوا أنسه إيار فإن ال الذي حرم الربسا ل‬
‫تفى عليه هذه النوايا فهو با خبي ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫خياتييية‬
‫ولئن سساغ لبعسض علمائنسا فيمسا تقدم أن يسبيحوا بيسع‬
‫اليار مع تقييده بشروط ل صونه من ت سرب الر با إل يه‪ ،‬فإ نه ل‬
‫يسوغ الن ‪-‬بعدما وضح الصبح لذي عيني‪ ،‬وتبي لكل الناس‬
‫كيسف اسستغلت هذه الرخصسة للوصسول إل الرام الحسض أن‬
‫يقال بإباحته‪ ،‬وإن عجبت فإن أعجب من وجود هذه الرخصة‬
‫ف الذهب عندنا‪- ،‬وإن كانت لبعض علمائنا دون بعض‪ -‬مع‬
‫مسا عرفوا بسه مسن الحتياط والتشجسع على إغلق البواب فس‬
‫وجوه الذ ين ل يؤ من من هم أن يتذرعوا بالر خص إل مارم ال‬
‫حت أنم بنوا على قاعدة سد الذرائع أحكاما ف الفقه ل يبنها‬
‫علماء أي مذهسب آخسر‪ ،‬كالذي أشرنسا إليسه فيمسا يتعلق‬
‫بالنك حة‪ ،‬فك يف فات م أن يبنوا على هذا ال صل أحكام هذه‬
‫السألة ؟‬
‫هذا ول ريسب أن الذيسن سسبقوا إل إباحسة بيسع اليار‬
‫س مسن الذيسن جاؤا مسن بعدهسم‪ ،‬لنمس قالوا‬
‫كانوا أكثسر احتياط ا‬

‫‪88‬‬
‫بوقفه‪ ،‬وإن اختلفوا ف مغنمه ومغرمه هل يرجعان إل البائع إل‬
‫أن ت ضي مدة اليار أو أن ما موقوفان كال صل‪ ،‬ف من ا ستحق‬
‫الصل بعد مضي مدة اليار فاز بالغنم ولزمه الغرم؟‬
‫وإناس انفتسح باب الربسا فس معاملت اليار عندمسا قيسل‬
‫بثبوت الب يع وا ستحقاق الشتري لري عه مع عدم انضباط الناس‬
‫وتقيدهسم باس وضعسه أصسحاب هذا القول مسن القيود على هذه‬
‫العاملة ‪.‬‬
‫هذا ول ا ستبعد من الذي يغ صون بكل مة ال ق ف هذا‬
‫الواب أن يلوا الدنيا ضجيجا ‪-‬كعادتم‪ -‬بأن ما قلته تنقيص‬
‫مسن أقدار العلماء الغابريسن واجتراء على مقاماتمس وتفنيسد‬
‫لرائهم‪ ،‬وما عل يّ من هذا الضجيج شيء‪ ،‬فال هو البي بنيت‬
‫ونوايا هم‪ ،‬فإن أولئك العلماء أنف سهم لو عادوا اليوم إل الدن يا‬
‫لضاقست صسدورهم ماس يرونسه مسن أعمال هؤلء‪ ،‬وانشقست‬
‫حناجر هم بالنكار علي هم‪ ،‬ولو علموا أ نه سيأت أقوام ل هم‬
‫لمس إل أن يقتنصسوا مسن أقوالمس مسا يتذرعون بسه إل ارتكاب‬

‫‪89‬‬
‫الحارم ل ا فا هت أفواه هم ول سطرت أقلم هم شيئا قط م ا‬
‫يتذرع بسه هؤلء إل هذه العظائم التس ترتكسب والرمات التس‬
‫تنتهك فإنا ل وإنا إليه راجعون ‪.‬‬
‫وبعسد مسا أقبلت ‪ -‬ف هذا المسر‪ -‬ح جة القس تتبختسر‬
‫اتضاحا‪ ،‬وأدبرت شب هة البا طل تتضاءل افتضاحا ل ي بق ‪ -‬ف‬
‫أيدي الذيسن يتعامون عسن القيقسة ويؤثرون الوهسم عليهسا‪،‬‬
‫ويستحبون الباطل على الق والضلل على الدى‪ -‬ما يتشبثون‬
‫بسه إل الكابرة والعناد‪ ،‬ومسا لحسد بؤلء حيلة فإن ال تعال‬
‫يقول‪  :‬إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَِإنّ اللّ َه ل َيهْدِي مَ ْن ُيضِ ّل َومَا‬
‫صرِينَ ‪ ‬وقال‪  :‬فَِإّنهَا ل َتعْمَى ا َلبْ صَارُ وََلكِ ْن َتعْمَى‬
‫َلهُ ْم مِ ْن نَا ِ‬
‫ب الّتِي فِي ال صّدُورِ‪ ،‬ومع ذلك كله أدعوهم إل أن يتقوا‬ ‫اْلقُلُو ُ‬
‫ال ‪-‬معذرة إل ربس سسبحانه‪ -‬وأن يفكروا فس عاقبسة هذه‬
‫الخادعسة ل وللذيسن آمنوا بترويسج هذا الباطسل والدفاع عنسه‪،‬‬
‫فإنم ما يدعون بذلك إل أنفسهم‪ ،‬أل وليتق ال كل من رحم‬
‫نفسه وأشفق عليها من عذاب ربا‪ ،‬وليدع قربان أي شيء من‬
‫هذه العاملت ولو بالكتابسة أو الشهادة أو المضاء أو الكسم‬
‫‪90‬‬
‫ُمس‬
‫ّاسس اتّقُوا َربّك ْ‬
‫بوجسب مسا يقتضيسه هذا التعامسل ‪ ‬يَا َأيّهَا الن ُ‬
‫شوْا َيوْما ل يَجْزِي وَالِ ٌد عَ ْن وَلَدِ ِه وَل َموْلُو ٌد ُهوَ جَا ٍز عَ نْ‬ ‫وَاخْ َ‬
‫حيَاةُ ال ّدنْيَا وَل‬
‫ُمس الْ َ‬
‫ّهس حَقّ فَل َتغُ ّرّنك ْ‬ ‫ِهس َشيْئا إِنّ َوعْدَ الل ِ‬ ‫وَالِد ِ‬
‫َيغُ ّرّنكُ ْم بِاللّ ِه اْلغَرُورُ ‪. ‬‬
‫آل هل بلغت اللهم فاشهد‪ ،‬وصل اللهم وسلم وبارك‬
‫على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي ‪.‬‬

‫أحد بن حد الليلي‬
‫‪ 9‬أنور الربيعي ‪1423‬هي‬

‫‪91‬‬

You might also like