You are on page 1of 10

‫لسماحة الشيخ العلمة‪:‬‬

‫أحد بن حد الليلي حفظه ال ومتعنا بياته وعلمه‬

‫الفت العام لسلطنه عمان‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫المد ل ‪ ،‬أحده واستعينه واستهديه ‪ ،‬وأعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪،‬‬
‫مهن يهده ال فل مضهل له ومهن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشههد أن ل إله إل ال وحده ل‬
‫شر يك له وأش هد أن سيدنا ونبي نا ممدا عبده ور سوله ‪،‬أر سله بدعوة ال ق إل اللق فبلغ‬
‫الر سالة وأدى الما نة ون صح ال مة وك شف الغ مة ‪ ،‬صلوات ال و سلمه عل يه وعلى آله‬
‫و صحبه وعلى كل من اهتدى بد يه وا ست ب سنته و سار على ن جه ود عا بدعو ته إل يوم‬
‫الدين ‪ ..‬اما بعد ‪.‬‬

‫فإن الذي يتدبر التار يخ ال سلمي الج يد يده م نذ تن فس صبحه وارتفاع صوته ‪ ،‬بدا‬
‫يوا جه سلسلة من ال حن والتحديات ‪ ،‬وا ستمرت هذه ال سلسلة إل وقت نا هذا ‪ ،‬و سوف‬
‫تستمر إل أن تقوم الساعة لن تلك هي سنة ال ف خلقه { أم حسبتم أن تدخلوا النة ولا‬
‫يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حت يقول الرسول والذين‬
‫آمنوا معه مت نصر ال أل إن نصر ال قريب }‪..‬‬

‫ول قد أخب نا ال سبحانه وتعال أن حلقات ال مر إذا ا ستحكمت صعوبتها جاء الفرج‬
‫من ال سبحانه وتعال وأنفرج الض يق وزالت ال صعوبة { و ما أر سلنا من قبلك إل رجالً‬
‫نو حي إلي هم من أ هل القرى ‪ ،‬أفلم ي سيوا ف الرض فينظروا ك يف كان عاق بة الذ ين من‬
‫قبلهم ‪ ،‬ولدار الخرة خي للذين اتقوا أفل تعقلون ‪ ،‬حت إذا استيأس الرسل وظنوا أنم قد‬
‫كذبوا جاء هم ن صرنا فنن جي من نشاء ول يرد بأ سنا عن القوم الجرم ي ‪ ،‬ل قد كان ف‬
‫قصصهم عبة لول اللباب ‪ ،‬ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بي يديه وتفصيل‬
‫كل شيء وهدى ورحة لقوم يعلمون } ‪.‬‬
‫إن ف الر سلي عبة لول اللباب ‪ ،‬ول كن با نب ذلك كله ل اعرف م نة رزئ ب ا‬
‫السلم كمحن ثلث ‪ ،‬وهي تآمر أعدائه ‪ ،‬وجهل أبنائه ‪ ،‬وعجز علمائه ‪ ،‬ولقد اجتمعت‬
‫هذه الحهن الثلث فه هذا القرن النصهرم ‪ ،‬وبسهبب اجتماعهها زلزلت العقيدة فه نفوس‬
‫السهلمي وارتاب السهلمون فه أمهر دينههم وصهدقوا مها يبه تكذيبهه وكذبوا مها يبه‬
‫ت صديقه ‪ ،‬وإذا نظر نا إل تآ مر أعداء ال سلم على ال سلم نده أمرا ملزما ل سي الدعوة‬
‫السلمية منذ بدايتها ‪ ،‬فمنذ أن رفع النب صلى ال عليه وسلم صوت الدعوة إل السلم‬
‫بكة الكرمة داعيا إل ال ‪ ،‬معلنا توحيد ال ‪ ،‬بادره قبل كل شيء من هو أقرب الناس إليه‬
‫وقال له ‪ :‬تبا لك ألذا جعتنا‪ .‬ول يزال السلم منذ ذلك الوقت يلقى مزيدا من التآمر من‬
‫أعدائه ‪ ،‬ولكن التآمر الفي أصعب بكثي من التآمر الظاهر ‪ ،‬والغزو الفي أخطر بكثي من‬
‫الغزو اللي ‪ ،‬وإذا كان بانب هذا التآمر عجز من قبل أبناء السلم وعدم إدراك لذا التآمر‬
‫من قبل علمائه ‪ ،‬كان المر أصعب بكثي ‪ ،‬ولقد رزئ السلمون ف عقيدتم وارتج اليقي‬
‫ف صدورهم عندما واجهوا الغزو وهم عزل عن السلح ‪ ،‬فاستسلموا له وتقبلوا كل ما جاء‬
‫به‪.‬‬

‫إننا لنجد أن من أخطر ما اصيب به السلمون هو قلب الفاهيم وتغيي القاييس عندهم‬
‫‪ .‬وإذا كانت الكلمات تقاس بقدر معطياتا ‪ ،‬فإن كلمة قالا فيلسوف من فلسفة الشرق‬
‫ف العصور السحيقة لديرة بالتقدير والكبار ‪ ،‬فقد قال ‪ ( :‬لو كنت أملك من أمر الناس‬
‫شيئا لبدأت قبل كل شيء بوضع الساء الصحيحة ف مقابل السميات ‪ ،‬لن التسمية تصور‬
‫ال سمى على حقيق ته ول كن الت سمية إذا كا نت مقلو بة كان ال سمى خفيا ب يث ل تدر كه‬
‫القلوب ول تستطيع أن تكم عليه العقول )‪.‬‬

‫ومن ماطر الغزو الديد الذي رزئ به السلم من قبل أعدائه ‪ ،‬هو قلب الساء بيث‬
‫ل ت صور ال سميات على حقيقت ها ‪ ،‬ون د أمثلة لذا الق يد متقبلة ع ند ج يع الناس يلوكون ا‬
‫بألسنتهم بدون تفنيد بي ما هو صحيح أو ليس بصحيح ) ‪ ،‬فمن ذلك أن أعداء السلم‬
‫أرادوا أن يببوا إل ال سلمي ال مر ف سموه ( الشروب الرو حي ) وإن الذي ي سمع الل سنة‬
‫تردد هذا السم للخمور ليتصور ذلك الوقف الذي وقفه الرسول صلى ال عليه وسلم ليعلن‬
‫عن هذا التحر يف ق بل أرب عة ع شر قرنا ‪ ،‬فالمام الرب يع رح ه ال قد روى عن عبادة بن‬
‫ال صامت ر ضي ال تعال ع نه أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال ‪ (( :‬لي ستحلن آ خر‬
‫أمت المر بأساء يسمونا با ))‪ .‬وروي هذا الديث من طريق عبادة رضي ال عنه أيضا‬
‫المام أحد وابن ماجه بلفظ (( لتستحلن طائفة من أمت المر باسم يسمونا إياه ))‪ .‬وف‬
‫رواية ابن ماجه (( ليشربن طائفة من أمت المر ))‪ .‬وروى المام أحد وأبو داود من طريق‬
‫أب مالك الشعري رضي ال تعال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ (( :‬ليشربن‬
‫أُناس من أمت المر ويسمونا بغي اسها ))‪ .‬وف حديث أخرجه ابن ماجه عن أب أمامة‬
‫رضي ال عنه أن الرسول عليه أفضل الصلة والسلم قال ‪ (( :‬ل تنتهي الليال واليام حت‬
‫تشرب طائ فة من أم ت ال مر وي سمونا بغ ي ا سها ))‪ .‬وجاء ف روا ية عن أ ب ميث عن‬
‫أحد أصحاب النب صلى ال عليه وسلم أخرجها النسائي أنه قال ‪ (( :‬يشرب أُناس من أمت‬
‫ال مر وي سمونا بغ ي ا سها ))‪ .‬فالذي ي سمع تردد كل مة الشروب الرو حي أو الشروبات‬
‫الروحية إطلقا على المر ‪ ،‬ليتصور ذلك التحذير الذي حذر منه النب صلى ال عليه وسلم‬
‫أم ته ‪ ،‬ويدل نا هذا التحذ ير م نه عل يه أف ضل ال صلة وال سلم أن هذا الطلق نف سه حرام ‪،‬‬
‫فإطلق اسهم الشروب الروحهي على المهر مهن ضمهن الحرمات كمها أن شرباه وبيعهها‬
‫وسقيها وعصرها واعتصارها وحلها وإهداءها وتقبلها من أهداءها كل ذلك حرام ‪.‬‬

‫و من ض من قلب ال ساء ت سمية الر با بالفوائد ‪ ،‬وال تعال يقول ‪ { :‬ي حق ال الر با‬
‫ويرب الصدقات } فالربا الذي يتصوره الناس سببا للزيادة والنمو هو من أسباب مق البكة‬
‫وزوال فائدة الال ‪ ،‬ولقد حذر ال تعال من الربا أيا تذير فقد قال عز من قال ‪ { :‬يا أيها‬
‫الذ ين آمنوا اتقوا ال وذروا ما ب قي من الر با إن كن تم مؤمن ي ‪ ،‬فإن ل تفعلوا فأذنوا برب‬
‫من ال ورسوله فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ل تظلمون ول تُظلمون } ‪ .‬وبي قبل ذلك‬
‫سبحانه وتعال خطورة الر با ح يث قال ‪ { :‬الذ ين يأكلون الر با ل يقومون إل ك ما يقوم‬
‫الذي يتخب طه الشيطان من ال س ذلك بأن م قالوا إن ا الب يع م ثل الر با وأ حل ال الب يع وحرم‬
‫الربها فمهن جاءه موعظهة مهن ربهه فأنتههى فله مها سهلف وأمره إل ال ومهن عاد فأُولئك‬
‫أصحاب النار هم فيها خالدون }‪.‬والذين ياحكون ف تري الربا ويادلون إنا يتوجه إليهم‬
‫هذا الوعيهد الشديهد الذي آذن بهه ال سهبحانه وتعال بهه أُولئك الذيهن يأكلون الربها أو‬
‫أُولئك الذين يستحلونه حيث يقولون إنا البيع مثل الربا ‪ .‬ولقد ظن بعض الناس أن الربا‬
‫سبب للنمو والزيادة حت قال كثي منهم أن البنوك الت تتعامل بالربا سبب لزدهار القتصاد‬
‫وتعلموا أن ا سبب ل حق الب كة و سبب للقضاء على ن و الال و سبب ل ستشراء الف ساد ف‬
‫الثمار والزروع لن ال تعال يقول ‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وذروا ما بقي من الربا‬
‫إن كنتم مؤمني فإن ل تفعلوا فأذنوا برب من ال ورسوله }‪.‬‬

‫ومن قلب الساء تسمية الزنا ومقدماته بالب ‪ ،‬مع أن ال سبحانه حرم الزنا وحذر‬
‫مهن إتيان مقدماتهه ‪ ،‬فقهد قال عهز مهن قائل ‪ { :‬ول تقربوا الزنها إنهه كان فاحشهة وسهاء‬
‫سبيل } ‪ .‬وفرض ال تعال العقوبات الرادعة على الزنا ‪ ،‬فرض اللد عليه ف كتابه العزيز ‪،‬‬
‫وفرض الرجم إن كان الزان مصنا بسنة الرسول صلى ال عليه وسلم القولية والتطبيقية ‪،‬‬
‫يقول ال تبارك وتعال ‪ { :‬الزا ن والزان ية فاجلدوا كل منه ما مائة جلدة ول تأخذ كم ب ما‬
‫رأفهة فه ديهن ال }‪ .‬يذرنها ال تعال مهن أن تأخذنها رأفهة بالزناة لنمه يهدمون السهر‬
‫ويفسدون البيوت ويطمسون النسل ومغبة الزنا مغبة خطية ‪ ،‬ولكن بدلً من أن يسمى الزنا‬
‫باسه الصحيح وضع له هذا السم الباق ‪ ،‬فسمي حبا عند كثي من الناس‪.‬‬

‫ومهن ذلك أيضا تسهمية الغناء والرقهص وضروب الجون بالفهن ‪ ،‬فإن ذلك كله مهن‬
‫ضمن الغزو الطي الذي يترتب على قلب الساء عن حقيقتها وإعطاء السميات أساء غي‬
‫أ سائها ول شك أن هؤلء يق صدون ب ثل ذلك إضفاء ثوب الحا سن على القا بح وت صوير‬
‫الرذائل فه صهورة الفضائل وتبهيب الشهوات إل النفوس وياولون مهن وراء ذلك كله أن‬
‫تهل هذه المة عقيدتا وأن تهل واجباتا لنا سكعت ف شهواتا واستسلمت لعدوها إذ‬
‫ل يعود لاه ههم فه هذه الدنيها غيه الشهوات وذلك الذي تلتقهي عليهها مؤسهسات أعداء‬
‫السلم كلها ‪ ،‬فالصهيونية والتبشي الصليب والشيوعية ‪ ،‬كلها تتضافر جهودها على ذلك ‪،‬‬
‫وما يدل على ذلك ما قاله أحد القسيسي البشرين وهو زوير حيث قال ف مؤتر القدس‪( :‬‬
‫إن مهمة التبشي الت لجلها ندبتكم الدول السيحية للقيام با ف البلد الحمدية ليست ف‬
‫تن صي ال سلمي ‪ ،‬فإن ذلك هدا ية ل م وتكريا ‪ ،‬وإن ا هي ف إخراج ال سلم من ال سلم‬
‫وجعله ملوقا ل صلة له بال وبالتال ل صلة له بالخلق ال ت تعت مد عل يه ال مم ف حيات ا‬
‫وبذا تكونون بعمل كم هذا طلي عة الف تح ال ستعماري ف المالك ال سلمية )‪ .‬ث ب عد ذلك‬
‫و جه خطا به إل إخوا نه الق سيسي فقال‪ ( :‬إن كم قد ظفر ت ونح تم أي ا ناح ف مهمت كم‬
‫ل ل ه ة له إل بالشهوات ‪ ،‬فإن سا إل أعلى النا صب ف في سبيل‬ ‫ذلك لن كم أعدد ت جي ً‬
‫الشهوات ‪ ،‬وإن جع الال فلجل الشهوات )‪.‬‬

‫وهذا هو الذي وقعت فيه هذه المة ‪ ،‬عندما كان اللورد كرومر بصر يقف ف وجه‬
‫الن صرين الذ ين يريدون أن يتطفوا أبناء ال سلمي ‪ ،‬عند ما كان يف عل ذلك قدم الن صرون‬
‫شكا ية ع نه إل بلده فنو قش فقال ‪ :‬إن هؤلء يريدون أن ي ستفزوا مشا عر ال سلمي بين ما‬
‫طريقت هي أنح طريق ‪ ،‬طريقت أن دسست السم ف العسل وذلك لنن دسست الباديء‬
‫الطية على ال سلم وال سلمي ف النا هج التعليم ية ‪ ،‬ل قد أمرت بإعداد النا هج التعليم ية‬
‫أكب قس ف الشرق وهو زوير وإنن لواثق أن أبناء السلمي سوف يتلقون الفكار الغربية‬
‫ب كل ما في ها من ف ساد إذا تقبلوا هذه النا هج ‪ .‬وذلك الذي وق عت ف يه هذه ال مة ‪ ،‬ف قد‬
‫أض فى ثوب الحا سن على القبائح و سيت معا صي ال سبحانه وتعال بأ ساء برا قة وأ خذ‬
‫الناس يببون إل أبنائ هم العمال النكرة والحوال الدنيئة ب سبب جهل هم بال سلم وب سبب‬
‫انطفاء جذوة الغية على هذا الدين النيف ف قلوبم ‪ ،‬لقد أخذ السلمون أنفسهم يترجون‬
‫الناهج التعليمية الت أعدها لم أعداؤهم ‪ ،‬إل لغاتم ومنها اللغة العربية لغة القرآن ومع ذلك‬
‫فإن م ل ياولوا أبدا أن يفندوا ب ي ال صحيح وال سقيم وب ي ال ق والبا طل ‪ ،‬بل تقبلوا تلك‬
‫الناهج با فيها من فساد وبكل ما فيها من تريف‪.‬‬

‫ومن ذلك أن كتابا من كتب الساب وجدته منذ سنوات يشتمل على أسئلة توجه إل‬
‫الطلبة ومن ضمن هذه السئلة الت توجه إليهم ( ر جل أودع ف البنك ثان ي ألفا ‪ ،‬وتدر‬
‫عليه هذه الثمانون ألفا أرباح بنسبة خسة ف الائة كل عام ‪ ،‬فكم يتمع له الربح كل عام ؟‬
‫) إن هذه ماولة لتخفيف الكراهية من الربا ‪ ،‬بل هي ماولة لتحبيب الربا إل القلوب بيث‬
‫يسمى الربا ربا ‪ ،‬وماولة لعل التعامل الربوي من ضمن التعامل الألوف بي السلمي ‪،‬‬
‫وقد قلت غي مرة أن البديل عن ذلك أن يوضع سؤال آخر مقابل هذا السؤال فيحل مله ‪،‬‬
‫م ثل أن يقال ( ر جل يلك من النقود ثانون ألفا وتلز مه ف يه زكاة بن سبة ‪ % 2,5‬ف كم‬
‫يلزمه من الزكاة ف العام عن هذه الثماني ألفا )‪.‬‬

‫و سؤالً آ خر وجد ته أيضا ف ن فس الكتاب ( و هو أن رجلً وامرأ ته وابنه ما وابنته ما‬


‫دخلوا السينما وكان على كل من البن والبنة نصف تذكرة ودفعوا أربعة وعشرين دينار‬
‫أو جنيها عن كل التذا كر ‪ ،‬ف كم تكون قي مة التذكرة الواحدة)‪ .‬مع أن هناك سؤالً بديلً‬
‫عهن هذا السهؤال يله مله وينمهي روح الفضيلة فه الطالب ‪ ،‬وههو أن يقال بد ًل مهن هذا‬
‫السهؤال ‪ ( :‬رجهل وامرأتهه وعندهاه كذا مهن الولد مروا على عدد مهن الفقراء وتصهدقوا‬
‫عليهم بعدد كذا من الدناني أو الدراهم ‪ ،‬إذا كم ينوب كل واحد من هؤلء وكم يكون‬
‫لكل واحد من الفقراء )‪.‬‬

‫وهذا إن دلنا على شيء فإنا يدلنا على جهلنا بقيقة السلم والعلم والتربية‪ .‬إن التربية‬
‫هي تنم ية روح الفضيلة ‪ ،‬فالترب ية بع ن ال صلح والتنم ية وكل مة الرب مشت قة أيضا من‬
‫كل مة الترب ية أو هي قري بة من ها تؤدي معنا ها وذلك لن ال سبحانه وتعال ي صلح عباده‬
‫وينميهم بفضله وإذا كانت هي التربية في جب أن ترت كز التربية على ال صلح وعلى تنمية‬
‫الفضائل وعلى غرس الخلق وعلى بعث المم إل الي وعلى بعث العزائم إل ما فيه عز‬
‫السلمي وخيهم‪.‬‬

‫ونن إذا ما عدنا إل ما يقوله انفسهم عن التربية وجدنا أن فلسفة التربية عند الغربيي‬
‫ل ندركها نن حيث أخذنا القشور من مناهجهم التربوية ول ندرك فلسفة التربية الت تقوم‬
‫علي ها الترب ية ع ند الغربي ي ‪ ،‬فأ حد خباء الترب ية ع ند المريكان يقول ‪ ( :‬إن عمل ية الترب ية‬
‫لي ست عمل ية تعاط أو عمل ية ب يع وشراء أو ا ستياد إل الدا خل وت صدير إل الارج )‪ .‬ث‬
‫ه باسهتياد نظريهة التربيهة النليزيهة‬
‫يقول ( وفه فترات مهن التاريهخ خ سرنا أكثهر ماه ربن ا‬
‫والوروبية إل البلد المريكية )‪.‬‬

‫وإذا كان هذا الر جل تبلغ به الساسية هذا البلغ فيتأ سف لفترات من التأريخ يرى أن‬
‫شعبه خسر فيها أكثر ما ربح باستياد نظرية التربية النليزية والوروبية إل البلد المريكية‬
‫مهع أن القاسهم الشترك بيه المريكان والوروبييه عامهة والنليهز بصهفة خاصهة أشياء‬
‫متعددة ‪ ،‬منها الد ين ‪ ،‬فالم يع ينتمون إل الن صرانية ‪ ،‬ومنها الل غة فل غة المريكان هي لغة‬
‫النل يز ‪ ،‬ومن ها التاه ال سياسي ومن ها العادات والخلق ومن ها العن صر الن سب وذلك أن‬
‫المريكان من الوروبيي‪.‬‬

‫ويقول البوفيسور كلري ‪ ( :‬مهما قال الناس ف شرح التربية أو ف تفسي التربية فإن‬
‫كل ذلك يعود إل أن التربية هي إثبات نظرية سبق اليان با ) ويعن ذلك أن تكون التربية‬
‫متقبلة عند الشعب الر ب وذلك لن التربية تنمي عقيدة سبق اليان ب ا وترسخ مبادئ قد‬
‫سبق أن وافق ذلك الشعب الذي ترسخ فيه تلك الباديء عيها وآمن با وصدق با‪ .‬وعندما‬
‫كان النليز يؤلفون دائرة العارف طلبوا من أحد خباء التربية ف بريطانيا وهو السي بيسي‬
‫ناين طلبوا منه أن يكتب ف بند التعليم عن التربية فقال ‪ ( :‬لقد سلك الناس مسالك متعددة‬
‫ف التعر يف بالترب ية ول كن الفكرة ال ساسية ال ت ت سيطر علي ها جيعا أن الترب ية هي ال هد‬
‫الذي يقوم بهه أباء شعهب ومدربوه لنشاء الجيال القادمهة على أسهاس نظريهة الياة الته‬
‫يؤمنون با ‪ ،‬إن وظيفة الدرسة أن تنح القوى الروحية فرصة التأثي ف التلميذ ‪ ،‬تلك القوى‬
‫الروحية الت تتصل بنظرية الياة وتفظ مقومات الشعب وتد يدها إل المام )‪ .‬وإذا كان‬
‫هذا الر جل يتحدث عن قي مه ال ت ترت بط بالو حل والتراب وال ت ل تتجاوز الادة ‪ ،‬فك يف‬
‫بالمة السلمية الت نزلت قيمها من السماء‪ ،‬فقد جاء با كتاب عزيز ل يأتيه الباطل من‬
‫بي يديه ول من خلفه‪.‬‬

‫إن هذا ليدلنها أن على أن الواجهب على هذه المهة أن تدرك خطورة التربيهة ‪ ،‬وأن‬
‫تدرك واجباتا ف مو كل صورة علقت بأذهان أبنائها ل تتفق مع مبادئها وقيمها وأخلقها‪.‬‬

‫ل قد جاء القرآن الكر ي كتابا يش مل كل نوا حي الياة فل يغادر شيئا م ا تتطل به حياة‬
‫النسان‪ .‬فيجب أن يكون هو الصل الول للتربية ويب أن تكون السنة النبوية هي الصل‬
‫الثان ذلك لن السنة هي الت تشرح القرآن وتبي ما أنبهم منه وتوضح ما خفي منه وتفصل‬
‫ما أجل من أحكامه ‪ ،‬وبناء على ذلك فإن واجب المة أن تعل تربيتها تدور حول القرآن‬
‫وحول سنة الرسول عليه أفضل الصلة والسلم ‪ ،‬وهذه مسئولية كبى يتحملها كل فرد‬
‫من أفراد هذه ال مة ‪ ،‬ف كل فرد من أفراد ها م سئول عن ها ول كن تتضا عف ال سئولية على‬
‫العلماء ‪ ،‬علماء الشريعهة السهلمية ‪ ،‬فيجهب على العلماء أن يكونوا ذوي خهبة وإدراك‬
‫لقائق العال الذي يعيشون ف يه ومتطلبا ته وأن يت صوروا كل ظرو فه وملب ساته ح ت يضعوا‬
‫حلولً ف مواج هة ج يع الشكلت والعضلت ال ت ترزح هذه ال مة ت ت ني ها وتتل مس‬
‫حلولا من قبل أعدائها ‪ ،‬إن علماء الفقه السلمي بإمكانم لو تعمقوا ف دراسة أحكام ال‬
‫سبحانه وتعال ف كتابه الالد الذي ل يأتيه الباطل من بي يديه ول من خلفه وتعمقوا ف‬
‫دراسة سنة الر سول صلى ال عليه و سلم وتعمقوا ف ف هم القواعد الساسية ال ت ن طق ب ا‬
‫القرآن وجاءت با السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلة والسلم وفهموا مع ذلك واقع‬
‫هذه المة ‪ ،‬وواقعها الدب وواقعها القتصادي وواقعها الثقاف وواقعها الجتماعي وواقعها‬
‫السياسي ‪ ،‬استطاعوا أن يضعوا اللول لذه المة حت ل تتاج هذه المة إل حل من قبل‬
‫أعدائها‪ .‬وهذا ينبن قبل كل شيء على الفهم الدقيق والدراك العميق وذلك ليتأتى أبدا إل‬
‫بعد بذل الهد ف عدم {} ما بي الواد الثقافية الت تدرس وما بي التربية الدينية النابعة من‬
‫كتاب ال عز وجل وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ويترتب ذلك على تضافر الهود‬
‫وتنا سقها ب ي أ صحاب التخ صصات الختل فة ‪ ،‬فالذي يدرس الثقا فة الدين ية ي ب أن يكون‬
‫عنده من الثقافة الخرى بقدر ما يتصور واقع هذه المة ‪ ،‬والذي يدرس القتصاد مثلً يب‬
‫أن يكون عنده من الوعي السلمي والفهم الدين بقدر ما يدفعه لوضع اللول القتصادية‬
‫الناب عة من كتاب ال و من سنة ر سوله صلى ال عل يه و سلم مع التعاون مع الذ ين در سوا‬
‫الشريعة السلمية وتصصوا فيها ‪ ..‬وهكذا ف كل مال من الجالت‪.‬‬

‫ومن ضمن المور الت حاول با أعداء السلم صرفنا عن الدين النيف أنم رسخوا‬
‫ف نفوس أبنائنا التفرقة بي الدين والعلم ولجل ذلك سوا الاهلية الديثة الت هي نبذ الدين‬
‫ورف ضه والتخلص م نه ‪ ،‬سوا هذه الاهل ية بالعلمان ية إشتقاقا من العلم وذلك لن م يبنون‬
‫نظرياتم على التفرقة بي العلم والدين ‪ ،‬وإذا كانت هناك تفرقة بي العلم والدين عند غي‬
‫ال سلمي ‪ ،‬ويدل على ذلك ما دار من حروب ب ي العلماء الكتشف ي وب ي الذ ين ي سمون‬
‫عندههم برجال الديهن ‪ ،‬فإن السهلم على خلف ذلك ‪ ،‬الديهن السهلمي يقوم على العلم‬
‫والفهم والدراك والعقل والتفكي ‪ ،‬فال سبحانه وتعال يقول ‪ { :‬وكذلك نصرف اليات‬
‫لقوم يتفكرون } ويقول ‪ { :‬إن ف ذلك ليات لقوم يعقلون }‪ ..‬ونو ذلك‪.‬‬

‫ذلك كله يدل على أن الدين ال سلمي ل يس بينه وب ي العقل ت صادم ول يس بينه وب ي‬
‫التفك ي ت صادم ‪ ،‬هذه الشياء كل ها ي ب أن يت صورها الشباب وأن يدركوا حقيقت ها وأن‬
‫يدركوا أبعادها وأن يدركوا أن الدين السلمي أمانة ف عنق كل مسلم يؤمن بال واليوم‬
‫الخر فليس ف الدين السلمي طبقة تسمى رجال الدين ‪ ،‬إن كل من يشهد أن ل إله إل‬
‫ال ويش هد أن ممدا ر سول ال ويق يم ال صلة ويؤ ت الزكاة وي صوم رمضان وي ج الب يت‬
‫ويلتزم واجبات ال سلم ‪ ،‬هو من رجال الد ين ‪ ،‬وم سئولية هذه الواجبات لي ست على فرد‬
‫دون فرد فال سهبحانه وتعال قهد شرع العبادة لكهل واحهد ول يشرع العبادة لطبقهة مهن‬
‫الطبقات ‪ ،‬والدين السلمي يفرض مراقبة ال سبحانه وتعال ف كل الحوال ‪ ،‬بفرض على‬
‫العبهد أن يراقهب ال فه أخذه وعطائه ‪ ،‬فه رضاه وغضبهه ‪ ،‬فه بيعهه وشرائه ‪ ،‬فه سهلمه‬
‫وحربه‪.‬‬

‫فك ما أن الد ين ال سلمي يو جه الع بد ال سلم و هو يت جه إل القبلة ساجدا راكعا ل‬


‫سبحانه وتعال منيبا إليه يلتمس مرضاته ‪ ،‬كذلك يوجهه وهو ف متجره ‪ ،‬ويوجهه وهو ف‬
‫مزرعته ‪ ،‬ويوجهه وهو ف مصنعه ‪ ،‬ويوجهه وهو ف مكتبه ‪ ،‬ويوجهه وهو ف ميدانه يدافع‬
‫عن حى الدين النيف ويدافع عن حظية المة السلمية ‪ ،‬وبذلك يدعو جيع السلمي إل‬
‫الف هم الدق يق لذا الد ين وإدراك أبعاده وإدراك طواياه وغ سل ال صور من كل تلك ال صور‬
‫الشائ نة ال ت تعل قت بكث ي بأذهان كث ي من الطلب وال ت ما ف ت أعداء ال سلم ياولوا أن‬
‫يلطخوا ب ا التأر يخ ال سلمي وأن يغر سوها ف قلب كل م سلم يؤ من بال واليوم ال خر‬
‫للحيلولة بينه وبي إسلمه‪.‬‬

‫ول جل ذلك فإن ن أُه يب بالطل بة كل هم ‪ ،‬على إختلف الدروس ال ت يدر سونا ‪ ،‬أن‬
‫ي صصوا وقتا من أوقات م لدرا سة أحكام ال سبحانه ‪ ،‬لدرا سة كتاب ال إذ هو ال صدر‬
‫الول من م صادر التشر يع ف ال سلم ‪ ،‬ودرا سة سنة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪،‬‬
‫ودراسة ما دونه علماء السلف الصال {} من أقوال فسروا با كتاب ال وشرحوا با سنة‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ودراسة القواعد الساسية الت إستخرجت من كتاب ال ومن‬
‫سنة رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ودراسة الفكر السلمي السليم الستخرج من كتاب ال‬
‫و من سنة ر سوله م مد عل يه أف ضل ال صلة وال سلم ليواجهوا الف كر بالف كر والعلم بالعلم‬
‫ويواجهوا القوة بالقوة ويواجهوا النظام بالنظام‪.‬‬

‫كما إنن أيضا أدعوا جيع الدرسي لبذل جهدهم ف هذا المر وإدراكهم العبء الذي‬
‫ي قع على عاتق هم حول تل يص هذه الشبي بة من هذه الفكار ال ت أ صبح كث ي من هم أ سرى‬
‫في ها يرزحون ت ت ني ها ول ي ستطيعون اللص من ها إل بعو نة أ ساتذتم ‪ ،‬وبذل الهود‬
‫لذلك‪.‬‬

‫وال سبحانه وتعال أسأل أن يوفق الميع لا فيه الي وأن يعز السلم والسلمي وأن‬
‫يذل الشرك والشرك ي وان يرزق نا ف هم هذا الد ين وأن يرزق نا ت طبيقه ف كل ما نأت يه و ما‬
‫نذره وهو تعال ول التوفيق وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

You might also like