You are on page 1of 12

‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬أحمده وأستعينه وأستهديه‪ ،‬وأعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من‬

‫يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن سيدنا‬
‫ونبينا محمدا عبده ورسوله‪ ،‬صلى ال وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم‬
‫الدين‪.‬‬

‫فيسرني في هذا اللقاء أن أحيي المربيات والطالبات بتحية السلم الخالدة‪ ،‬فأقول لهن جميعا‪ :‬السلم عليكن‬
‫ورحمة ال وبركاته‪..‬‬

‫وإنها لفرصة سعيدة أن نلتقي بهذا العدد من بناتنا الطالبات اللواتي نرجو بفضل ال سبحانه أن يكن في‬
‫المستقبل مربيات صالحات‪ ،‬وأمهات فيهن القدوة لولدهن من الذكور والناث‪ ،‬فإن الم هي المدرسة الولى‬
‫وإعدادها العداد السليم يؤدي إلى أن يكون الجيل المقبل جيل صالحا مستقيما سائرا على النهج القويم‪ ،‬إذ‬
‫تأثير الم في أبنائها ذكورا وإناثا تأثير بالغ‪ ،‬وبقدر ما تكون عليه من استقامة أو انحراف يكون أثرها في‬
‫أولدها‪.‬‬

‫والموضوع المطروح لن يكون مدار محاضرتنا هذه هو موضوع في غاية الهمية‪ ،‬فإن ال سبحانه وتعالى‬
‫ابتلى هذه المة في هذا العصر بما ابتلها به من أمراض المدنية المنحرفة‪ .‬وهذه هي سنة ال تبارك وتعالى في‬
‫خلقه فإن العباد عندما ينحرفون عن سواء الصراط يرميهم ال سبحانه وتعالى فيما يرميهم به من البلوى‬
‫ليتبينوا بذلك انحرافهم‪ ،‬وليتبينوا بذلك أنهم دائما بحاجة إلى أن يكونوا موصولين بال سبحانه وتعالى‪ .‬وقد‬
‫يتنبه من يتنبه‪ ،‬وقد يكون من يكون سادرا في غيه غارقا في غفلته إلى أن يؤخذ من قبل ال سبحانه وتعالى‬
‫أخذ عزيز مقتدر‪ ،‬وهكذا يقص ال سبحانه وتعالى علينا أنباء المم السابقة‪ ،‬ثم يقول بعد ذلك ‪ " :‬وكذلك أخذ‬
‫ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد * "‪ .‬وعندما ذكر ال سبحانه وتعالى قوم لوط‪ ،‬وما حصل‬
‫منهم من انحراف وشذوذ عن الفطرة وخروج عن سواء الصراط‪ ،‬بين ال سبحانه وتعالى عاقبة أمرهم في هذه‬
‫الدنيا إذ قال‪ " :‬فأرسلنا عليهم حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد * " ‪،‬‬
‫وقوله سبحانه‪ " :‬وما هي من الظالمين ببعيد " دليل على أن المنحرفين عندما يغرقون في غيهم ويسترسلون‬
‫في ضللهم يأخذهم ال سبحانه وتعالى بما يأخذهم به من العذاب‪.‬‬

‫ونجد في حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ما يبين أن المسببات منوطة بأسبابها‪ ،‬وأن النتائج مربوطة‬
‫بمقدماتها‪ ،‬وشيوع الفحشاء والرذيلة في أوساط الناس سبب لما يحصل من هذه المراض‪ ،‬إذ قال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ (( :‬وما ظهرت الفاحشة في قوم إل انتشرت فيهم الوباء والوجاع التي لم تكن في أسلفهم ))‪ .‬هذا‬
‫ما وقع فعل في هذا العصر الذي استطار في هشيمه الفساد‪ ،‬وانتشرت فيه الرذائل وطويت فيه صفحة الفضائل‬
‫حت عاد التلقي ما بين الجنسين على بساط الدعارة والفحشاء مظهرا من مظاهر التقدم والمدنية‪ ،‬ودعى‬
‫الداعون إلى ذلك وخطط المخططون لذلك‪.‬‬

‫والسلم الحنيف بما أنه دين الفطرة‪ ،‬فيه الرحمة لهذه النسانية‪ ،‬فهو يقطع دابر الفساد بما يأتي به من الحكام‬
‫والداب والخلق التي تحول بين المسلم وبين الوقوع في الفحشاء‪ ،‬وبالتالي تحول بين المسلم وبين الوقوع‬
‫في هذه المخاطر والصابة بهذه الوباء‪ .‬قبل كل شيء جاء السلم الحنيف مشددا في أمر العراض وقاطعا‬
‫دابر الفساد الذي قد يتوصل إليها من انحراف المنحرفين‪ ،‬فحرم الزنا بل شدد في أسباب الزنا إذ قال سبحانه‬

‫‪1‬‬
‫وتعالى‪ " :‬ول تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيل "‪ ،‬ولم يقل تبارك وتعالى ( ول تزنوا )‪ ،‬في هذا ما‬
‫يدل على أن القربان من الزنى بممارسة أي سبب من أسبابه أمر محرم شرعا‪ .‬وقرن ال سبحانه وتعالى الزنى‬
‫بالشرك وقتل النفس‪ ،‬وبين أن عاقبة الجميع الخلود في النار ما لم يتب النسان من ذلك إذ قال سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫" والذين ل يدعون مع ال إلها آخر ول يقتلون النفس التي حرم ال إل بالحق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق‬
‫أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إل من تاب وءامن وعمل عمل صالحا فأولئك يبدل‬
‫ال سيئاتهم حسنات وكان ال غفورا رحيما * "‪ .‬وفي ذكر الزنى بجانب ذكر القتل ما يدل على أن الزنى في‬
‫حقيقته قتل‪ ،‬ولذلك نجد أيضا في سورة السراء ذكر مكتنفا بذكر القتل قبله وبعده‪ ،‬فال سبحانه وتعالى قال‪" :‬‬
‫ول تقتلوا أولدكم خشية إملق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا * " ثم أتبع ذلك التحذير من‬
‫الزنى والنهي عن قربانه‪ ،‬حيث قال ‪ " :‬ول تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيل * " ثم نهى بعد ذلك عن‬
‫قتل النفس عندما قال‪ " :‬ول تقتلوا النفس التي حرم ال إل بالحق "‪ .‬ذلك لن الزنى كما قلت هو في حقيقته‬
‫قتل فإن الزاني يشارك في قتل مجتمعه‪ ،‬فهو يبذر تلك البذور التي قد تكون معرضة للقتل‪ ،‬فإن الحامل من‬
‫الزنى كثيرا ما تريد أن تخلص نفسها من آثار هذا الحمل وتوابعه‪ ،‬فتريد أن تتخلص من تبعة العار ولو‬
‫بالجهاض‪ ،‬وتريد أن تتخلص أيضا من تبعة حمل أعباء تربية الولد الذين ل يشاركهم أب شرعي في تربيتهم‪،‬‬
‫يؤدي ذلك إلى أن تحاول بأن تتخلص من حملها وهذا أمر واقع‪.‬‬

‫ثم إن السلم الحنيف لم يكتفي بهذه الزواجر التي تحذر من عذاب الخرة فحسب‪ ،‬بل جاء السلم الحنيف‬
‫بالعقوبة الصارمة‪ ،‬عقوبة الزنى‪ ،‬وهي من أشد العقوبات‪ ،‬وال سبحانه وتعالى يقول‪ " :‬الزانية والزاني‬
‫فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ول تأخذكم بهما رأفة في دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر وليشهد‬
‫عذابهما طائفة من المؤمنين "‪ ،‬أمر ال سبحانه وتعالى في الزانية والزاني يجلدا مئة جلدة‪ ،‬وذلك بمحضر‬
‫جماعة من المؤمنين من غير رأفة بهما لن المر الذي وقعا فيه ل يدعو إلى الرأفة بل هو داع إلى العقوبة‬
‫الشديدة‪ ،‬وهذا إنما هو في الزانيين البكرين‪ ،‬أما إن كانا محصنين فإنهما يرجمان بالحجارة حتى الموت بدليل‬
‫السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪ ،‬واستقر على ذلك إجماع المة‪ .‬وإن كان أحدهما محصنا‬
‫والخر بكرا فإن المحصن يرجم والبكر يجلد‪ .‬هذا هو المآل الذي يؤول إليه الزانيان في هذه الدنيا‪.‬‬

‫ول ريب أن ال سبحانه وتعالى جعل أمر الزنى أمرا عظيما يفوق كل أمر‪ ،‬ولذلك أمر ال سبحانه وتعالى بسد‬
‫البواب والنوافذ حتى ل تلج هذه الفحشاء إلى المجتمع المسلم‪ ،‬وقد شرع ال سبحانه وتعالى ما شرع من‬
‫الداب والخلق‪ ،‬شرع ال سبحانه وتعالى أول تطهير اللسن من أن تلهج بذكر من وقع في هذا المر‪ ،‬ال‬
‫سبحانه وتعالى حرم تحريما بالغا أن يتحدث عن وقوع الزنى إل إن كان ما يتحدث عنه مشهود عليه بأربعة من‬
‫الشهود‪ ،‬فقد قال سبحانه‪ " :‬والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ول‬
‫تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إل الذين تابوا " جعل ال سبحانه وتعالى عقوبة من يرمي‬
‫المحصنات بالزنى أن يجلد ثمانين جلدة‪ ،‬وهذه عقوبة بدنية شديدة‪ ،‬وليس ذلك فحسب‪ ،‬بل هناك عقوبة أدبية‬
‫أيضا حيث منع قبول شهادة هؤلء أبدا وذلك لعظم المر الذي وقعوا فيه حتى تتطهر اللسن من ذكر هذه‬
‫الفحشاء‪ ،‬لن ذكر الفحشاء يؤدي إلى الرغبة في مواقعتها‪ ،‬فعندما يتحدث الناس عن الوقوع في الزنى‬
‫فيقولون مثل زنى فلن بفلنة أو وجد فلن زانيا‪ ،‬أو وجدت فلنة زانية كان ذلك سببا لن تتشوف النفوس‪،‬‬
‫نفوس الضعفاء ول سيما المراهقون والشباب‪ ،‬إلى مواقعة ذلك ‪،‬وقطع دابر هذا الفساد بفرض تطهير اللسن‬
‫وفرض هذه العقوبة الصارمة على هذا المر‪ .‬وال سبحانه بين الوعيد الشديد الذي ينتظر أولئك الذين جذبوا‬
‫ألسنتهم في هذا المستنقع السن بحيث تتحدث عن هذه الفحشاء إذ قال سبحانه‪ " :‬إن الذين يرمون المحصنات‬
‫الغافلت المؤمنات لعنوا في الدنيا والخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما‬
‫كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم ال دينهم الحق ويعلمون أن ال هو الحق المبين * "‪ .‬ونرى أن ال سبحانه‬
‫وتعالى ذكر هنا المحصنات دون المحصنين أي شدد في أمر النساء‪ ،‬وإنما أمر المحصنين يتبع المحصنات في‬
‫الحكم في السنة والجماع‪ ،‬وما ذلك إل للحرص على تطهير الجانب النسائي من أن تتدنس أعراضهن بذكر‬
‫وقوعهن في شيء من الفحشاء‪.‬‬

‫وبجانب هذا نجد أن السلم جاء بالداب الفاضلة والقيود الجتماعية التي تحول بين النسان والوقوع في هذه‬
‫الفحشاء إل من شذ‪ ،‬وال سبحانه وتعالى فرض ما فرض من الداب على المجتمع بشطريه رجاله ونسائه‪.‬‬
‫وال سبحانه وتعالى يقول‪ " :‬قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن ال خبير‬
‫بما يصنعون *" أمر سبحانه في هذه الية عباده المؤمنين بأن يغضوا من أبصارهم حتى ل تتطلع أبصارهم‬
‫إلى جمال النساء ومفاتنهن ويكون ذلك داعيا إلى الوقوع في الفحشاء‪ ،‬لن النظرة هي سهم مسموم وهي نافذة‬
‫إبليس التي يلج منها إلى قلوب الناس فيستأثر بها‪ .‬وبين ال سبحانه وتعالى أن الفلح منوط بذلك فقد ذكر‬

‫‪2‬‬
‫سبحانه غض البصر قبل أن يذكر حفظ الفرج‪ ،‬لن السبب مقدم على مسببه‪ ،‬فغض البصر سبب لصون الفروج‬
‫من الوقوع في الفحشاء‪.‬‬

‫ومن المعلوم أن دين السلم الحق دين يترفع عن التناقضات ويستعلي على المفارقات‪ ،‬فهو دين يشمل كل‬
‫جانب من جوانب الحياة‪ ،‬فل يعالج مشكلة من جانب واحد فحسب بل يعالجها من شتى جوانبها‪ .‬ومن المعلوم‬
‫أنه من المفارقات الواضحة‪ ،‬ومن التناقضات البينة أن يؤمر الرجال وحدهم بأن يغضوا من أبصارهم وبجانب‬
‫ذلك ل تمنع النساء من أسباب امتداد البصار إليهن والوقوع في الرذيلة معهن‪ .‬فليس من المعقول أن يمنع‬
‫الرجال وحدهم من النظر إلى النساء وأبصار النساء ترنوا إليهم وتفتك بقلوبهم وتستأثر نفوسهم‪ ،‬بل ل بد من‬
‫أن يشاركنهم في هذا الدب؛ ومع ذلك أيضا ل بد من أن يصن أنفسهن ويصن جمالهن من أن يكون مبتذل أمام‬
‫هؤلء‪ ،‬فلذلك جاء على أثر ذلك تأديب النساء كما أدب الرجال‪ ،‬فقال سبحانه وتعالى‪ " :‬وقل للمؤمنات يغضضن‬
‫من أبصارهن ويحفظن فروجهن ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ول يبدين‬
‫زينتهن إل لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو‬
‫بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا‬
‫على عورات النساء ول يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى ال جميعا أيها المؤمنون لعلكم‬
‫تفلحون * " أمر ال سبحانه وتعالى المؤمنات هنا أول بغض أبصارهن حتى يشاركن الرجال في ذلك الدب‪،‬‬
‫فيتطهرن بما أمر الرجال أن يتطهروا به‪ ،‬ومع ذلك أمرن بأن يصن جمالهن ومفاتنهن فمنعن من إبداء زينتهن‬
‫إل لبعولتهن أول‪ .‬ول ريب أن المرأة مفتونة بحب الزينة‪ ،‬وكل امرأة من فطرتها أنها تحب أن تكون جميلة وأن‬
‫تبدوا جميلة‪ ،‬والسلم الحنيف ل يصادم الفطرة ولكنه يوجهها الوجهة السليمة لتكون بناءة‪ .‬فأبيح للمرأة أن‬
‫تبدي كل زينتها من غير تحفظ لشخص واحد وهو شريك حياتها الذي ل يكون بينها وبينه قط شيء من‬
‫الحواجز‪ ،‬فيباح له أن يطلع على كل شيء منها ويباح لها أن تطلع على كل شيء منه‪.‬‬

‫وبجانب ذلك أبيح لهن أن يبدين زينتهن لمحارمهن‪ ،‬فإن من شأن المحرم أن ل يتطلع لذات المحرم منه‪ ،‬بل هو‬
‫دائما يعاملها معاملة فيها أدب وفيها عفاف لنها جزء منه وعرضها جزء من عرضه وهو يحرص على سلمة‬
‫عرضها وصونه‪ ،‬وهذه هي سنة ال تبارك وتعالى في خلقه إل أولئك الذين تعفنت طبائعهم وانقلبت فطرهم‬
‫رأسا على عقب فمسخوا مسخا‪ ،‬أولئك الذين ل يبالون بذوات محارمهم‪.‬‬

‫وبجانب ذلك أبيح لهن أن يظهرن هذه الزينة للطفال الذين ل تتطلع نفوسهم إلى ما عند النساء‪ .‬وأبيح لهن‬
‫أيضا أن يبدين هذه الزينة لنسائهن أي النساء المؤمنات العفيفات اللواتي يؤمن جانبهن أن يصفن محاسن‬
‫هؤلء النساء المؤمنات للرجال الجانب‪ .‬أما المرأة الكافرة والمرأة الفاسقة فهما غير مأمونتين ولذلك ل‬
‫تدخلن في هذا الحكم‪.‬‬

‫وبجانب ذلك أيضا أمرن بأن يكن ملتزمات للدب في جميع الحوال‪ ،‬فعندما يمشين يمشين بوقار فل يضربن‬
‫بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن لن كل شيء من المرأة يؤثر على الرجل‪ .‬فالمرأة تؤثر على الرجل بالنظر‬
‫إليه‪ ،‬وتؤثر على الرجل برخيم صوتها‪ ،‬وتؤثر على الرجل بجرس حليها‪ ،‬وتؤثر عليه بنفحة طيبها‪ ،‬فلذلك منعت‬
‫من أن تثير أحاسيسه بأي شيء‪ ،‬ولجل هذا جاء أيضا في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم التشديد‬
‫في تطيب المرأة عندما تخرج في الطريق لئل يشم الرجال رائحتها‪ ،‬فإن خرجت متطيبة متعطرة ليشم الرجال‬
‫رائحتها كانت في حكم الزانية حتى ترجع‪ .‬هذا كله مما شرعه السلم الحنيف من الداب‪.‬‬

‫وبجانب هذا أيضا جاء السلم الحنيف بالزواجر المانعة من اختلط الرجل بالمرأة‪ ،‬فالنبي صلى ال عليه وسلم‬
‫شدد في ذلك تشديدا بالغا‪ ،‬فقد قال عليه أفضل الصلة والسلم‪ (( :‬أل ل يخلون رجل بامرأة إل مع ذي‬
‫محرم ))‪ ،‬وقال صلوات ال وسلمه عليه‪ (( :‬من كان يؤمن بال واليوم والخر فل يخلون بامرأة إل مع ذي‬
‫محرم ))‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم‪ (( :‬ما خلى رجل بامرأة إل وكان الشيطان ثالثهما ))‪ .‬ووجه خطابه صلى‬
‫ال عليه وسلم إلى الرجال محذرا من الدخول على النساء‪ ،‬فقال عليه أفضل الصلة والسلم‪ (( :‬إياكم والدخول‬
‫على النساء‪ .‬فقال له رجل من النصار‪ :‬أرأيت الحمو يا رسول ال؟ ‪ -‬والحمو هو أخو الزوج‪ ،‬فحمو المرأة أخ‬
‫زوجها ‪ ،‬سأله كيف دخول أخ الزوج على زوجة أخيه – فقال صلى ال عليه وسلم‪ :‬الحمو الموت ))هكذا حذر‬
‫الرسول عليه أفضل الصلة والسلم هذا التحذير البالغ من أن يدخل أخ الزوج على امرأة أخيه إذ شبهه بالموت‬
‫لخطورته‪.‬‬

‫والناس كثيرا ما يستهينون بهذه الداب‪ ،‬ول يبالون بمجاوزة هذه الحدود‪ ،‬فيتسامحون مع أخ الزوج‪ ،‬ومع‬
‫أخت الزوجة ومع ابن العم ومع ابن الخال ومع ابن الخالة‪ ،‬يتسامحون مع هؤلء وهذا أمر جد خطير‪ .‬وبسبب‬

‫‪3‬‬
‫كوني في وظيفة أطلع من خللها على الكثير من أحوال الناس ومشكلتهم بسبب ما يصل إلي من أنبائهم من‬
‫خلل استفساراتهم عن مشكلتهم عبر الهاتف أو في الجتماعات‪ ،‬إطلعت على الكثير الكثير مما يندى له الجبين‬
‫من المشكلت الناجمة عن التساهل في هذا المر‪ .‬فقبل كل شيء هناك تساهل عندما يكون الناس في بيت واحد‪.‬‬
‫الخ مع أخيه في الجتماع بين الخ وزوجة أخيه‪ ،‬وهذا أمر خطير جدا‪ ،‬وقع المر أن كثيرا من هؤلء ارتكبوا‬
‫الفحشاء وجاءتني المشكلت‪ ،‬فرجل في وقت قريب وصلت مشكلته إلي‪ ،‬وتردد أهله – امرأته ‪ ،-‬وتردد هو‬
‫بنفسه إلي بعدما زنى بامرأة أخيه وهي أخت زوجته في نفس المر‪ .‬وهذه قضية من أخطر القضايا تؤدي إلى‬
‫الوقيعة بين القارب‪ ،‬وتؤدي إلى استحكام البغضاء في النفوس بجانب ما تؤدي إليه من شيوع الرذيلة‪ .‬كذلك‬
‫وصلتني رسالة من فتاة تشكو مشكلتها ‪ ،‬هذه المشكلة بدأت من خلل ذهابها إلى بيت خالتها‪ ،‬وكان زوج‬
‫خالتها في نفس البيت يجتمع بها‪ ،‬وبدأت تشعر بحبه‪ ،‬حبا مستحكما في نفسها عميقا في قلبها‪ ،‬وكانت في بادئ‬
‫المر على حسب ما ذكرت في رسالتها تحبه حبا عاديا وتعتبره كأحد أخوالها‪ .‬ثم بعد ذلك نمى هذا الحب وتطور‬
‫إلى أن صارت علقة بينهما وانغمسا في الفحشاء‪ .‬وبعد ذلك حملت منه والخالة ل تعلم شيئا من أمرها‪ ،‬فشكت‬
‫إلى خالتها أنها حامل وهي لم تتزوج بعد‪ ،‬فساعدتها خالتها على الجهاض‪ ،‬وظلت علقتها مع زوج الخالة‬
‫مستمرة إلى أن أفاقت من سكرتها‪ ،‬وهنا طلبت المخلص من هذا المر‪.‬‬

‫كذلك وصلتني مكالمة من إحدى النساء تشكو أن زوجها أقام علقة مع بنت أختها‪ ،‬وهذا شيء اطلعت عليه‬
‫بنفسها‪ .‬إلى غير ذلك من المور العجيبة التي يقع فيها الناس بسبب عدم مبالتهم بهذه الداب الربانية‪ ،‬والحكم‬
‫النبوية‪ .‬وال سبحانه وتعالى ما أمر بما أمر به إل لمصلحة العباد‪ ،‬وما نهى عما نهى عنه إل من أجل أن يقي‬
‫عباده المضار التي تترتب على المناهي التي حذرهم منها‪.‬‬

‫ومن المعلوم أن السلم دين إيجابي‪ ،‬فهو دين الفطرة‪ ،‬فهو ل يعالج المشكلة معالجة سلبية فحسب بحيث يأمر‬
‫بالتقاء فحسب‪ ،‬ليكون فيه إرضاء لهذا الظمأ المستعر في النفسين جميعا‪ ،‬في نفس الرجل ونفس المرأة‪ ،‬وال‬
‫سبحانه وتعالى أمر بتيسير الزواج ‪ ،‬يقول عز من قائل‪ " :‬وأنكحوا اليامى منكم والصالحين من عبادكم‬
‫وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم ال من فضله "‪ .‬هو سبحانه وتعالى يأمر أولياء المور أل يعضلوا مولياتهم‬
‫مما تتطلعن إليه‪ ،‬فقد قال سبحانه وتعالى‪ " :‬وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فل تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن‬
‫إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بال واليوم الخر ذلك أزكى لكم وأطهر وال يعلم‬
‫وأنتم ل تعلمون "‪ .‬قد أمر السلم بتيسير الزواج‪ ،‬ولذلك يشير إلى الوقت الذي يكون عند الناس‪ ،‬ويبين أن ال‬
‫سبحانه وتعالى هو الكفيل بأن يغني هؤلء الفقراء وأن يمنحهم من فضله " إن يكونوا فقراء يغنهم ال من‬
‫فضله "‪ ،‬فل يعسر أمر الزواج‪ ،‬ول يكلف من يريد أن يتزوج مهرا بالغا بل على الولياء أن يعفوا عن ذلك إذ‬
‫الصداق إنما جعله ال سبحانه وتعالى للتفرقة بين الحلل والحرام فحسب‪ ،‬ولم تكن قيمة المرأة منوطة بقدر‬
‫صداقها‪ ،‬فإن المر لو كان كذلك لكانت بنات النبي صلى ال عليه وسلم أولى بالمغالة في صدقاتهن‪ ،‬ومع ذلك‬
‫زوج النبي صلى ال عليه وسلم بناته بأيسر الصدقات‪ ،‬ولم يكلف أولئك الذين تزوجوهن شططا‪ ،‬بل كان المر‬
‫يسيرا جدا‪ .‬وللناس المؤمنين أسوة حسنة بالرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإن ال عز وجل يقول‪ " :‬لقد كان‬
‫لكم في رسول ال أسوة حسنة لمن كان يرجوا ال واليوم الخر "‪.‬‬

‫ونجد أن السلم عندما يكون المر بالغ الهمية بحيث يكون الرجل بحاجة إلى أكثر من امرأة يفتح له المجال‬
‫لن يتزوج أكثر من امرأة مع العدل بينهن‪ ،‬فيقول ال سبحانه‪ " :‬وإن خفتم أل تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما‬
‫طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة "‪ ،‬يؤمر الرجل الذي يتزوج بأكثر من امرأة‬
‫بأن يعدل بينهن في كل شيء اللهم إل أنه عفي عن أمر القلوب لن القلوب ل يستطيع أن يتحكم في عواطفها‬
‫وأحاسيسها ومشاعرها‪ ،‬وما هذا إل من أجل سد باب الفتنة ومن أجل سد المنافذ على الشيطان حتى ل يلج على‬
‫هذه النفوس‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬كذلك هناك الكثير الكثير من المراض التي تتفشى بسبب معاقرة الخمر والدمان على المخدرات بل‬
‫والدمان على التدخين‪ ،‬والسلم جاء بما يحذر من ذلك كله‪ .‬أول وقبل كل شيء تعاطي الخمر يؤدي إلى الكثير‬
‫الكثير من المراض‪ ،‬وهذا ما يتحدث عنه الطباء‪ ،‬ول يحصل الوقت الن لقصره أن نتحدث عن المراض‬
‫الناجمة عن معاقرة الخمر‪ .‬والتدخين كذلك تنجم عنه أمراض كثيرة هي نحو المئة‪ ،‬وذلك مما يؤدي إلى الموت‬
‫والنسان مأمور بأن يحافظ على حياته‪ ،‬وأن يحافظ على صحته‪ ،‬وأن يحافظ على ماله‪ ،‬وأن يحافظ على عقله‪،‬‬
‫وأن يحافظ على عرضه‪ .‬فالمحافظة على هذه المور ل بد منها‪ .‬وال سبحانه وتعالى يبين الوعيد الشديد للذين‬
‫يقتلون أنفسهم فيقول تعالى‪ " :‬ول تقتلوا أنفسكم إن ال كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف‬
‫نصليه نارا وكان ذلك على ال يسيرا * "‪ .‬ونجد أن حديث الرسول صلى ال عليه وسلم يدل على خطورة قتل‬
‫النسان نفسه‪ ،‬فقد جاء في الحديث الذي رواه والشيخان وأصحاب السنن من طريق أبي هريرة رضي ال عنه‬

‫‪4‬‬
‫أن النبي عليه أفضل الصلة والسلم قال‪ (( :‬من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم‬
‫خالدا فيها مخلدا‪ ،‬ومن رمى نفسه من شاهق فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا فيها مخلدا‪ ،‬ومن شرب‬
‫سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا ))‪ ،‬ومن المعلوم أن شارب الخمر كآكل‬
‫السم وكذلك متعاطي التدخين وكذلك متعاطي المخدرات‪ ،‬فضحايا التدخين الن في العالم هم أكثر من ثلثة‬
‫مليين في كل عام‪ ،‬والنسبة ترتفع باستمرار‪ ،‬ومضار التدخين تتجلى وقتا بعد وقت‪ ،‬فإذن التوقي من ذلك كله‬
‫مما يقي من هذه المراض‪.‬‬
‫على أن أمراض الزنى أيضا قد تكون مسببة من شرب الخمور‪ ،‬فإن من شرب الخمر فقد عقله‪ ،‬ومن فقد عقله‬
‫لم يبالي بما يرتكب‪ ،‬تتأجج عريزته ويدعوه داعي الهوى إلى ارتكاب الموبقات‪ ،‬ولربما هتك عرضه بنفسه‬
‫بحيث يقع على محرمته‪ ،‬فقد يقع السكران على ابنته وقد يقع على أخته وقد يقع على أي واحدة من محارمه‬
‫من غير مبالة بذلك‪ .‬ماذا عسى أن تكون حالة السكران؟! السكران هو شر من البهيمة العجماء‪ .‬البهيمة تقيها‬
‫فطرتها من مضارها‪ ،‬وأما السكران فل يقيه شيء من المضار‪.‬‬

‫يذكر أحد العلماء أنه مر على سكران وهو يبول في يده أمام الناس ويأخذ ذلك البول ليغسل به وجهه ويقول‪:‬‬
‫الحمد ل الذي جعل السلم نورا والوضوء طهورا‪ .‬في هذه الحال‪ .‬ومر آخر على سكران وهو أمام كلب‪،‬‬
‫والكلب يلحس وجهه‪ ،‬وهو يقول للكلب‪ :‬أكرمك ال‪ .‬وهكذا حالة السكران ل يبالي السكران بما يأتي‪ ،‬ول يبالي‬
‫بما يرتكب ول يبالي بما يفعل‪ .‬السكر من المعلوم أنه داعية الزنى‪ ،‬داعية الفحشاء جميعا‪.‬‬

‫ثم إن السلم الحنيف أيضا يقطع الطريق على هذه الفحشاء‪ ،‬فيحذر من المغريات‪ ،‬فلذلك حذر من الغناء الذي‬
‫هو رقية الزنى كما يقال‪ .‬فالزنى قد يكون متولدا عن الغناء لن الغناء يطرب النفس‪ ،‬وعندما يطرب النسان‬
‫تثور هواجسه وتتأجج غرائزه‪ ،‬ول يبالي بما يرتكب‪ .‬وقد جاء تحريم المعازف والملهي من رواية أكثر من‬
‫اثني عشر صحابيا عن الرسول عليه أفضل الصلة والسلم‪ ،‬كل أولئك يروون ذلك عن الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ .‬والنسان يمتع سمعه بسماع آيات كتاب ال سبحانه وتعالى أو بسماع الناشيد الدينية أو الناشيد‬
‫الحماسية التي ل تأجج هذه الغريزة الحيوانية في نفسه وإنما تثير كوامن الخير في نفسه وتبعث عزائم الحق‪.‬‬
‫هكذا يؤمر المسلم أن يسير في هذا الدرب‪.‬‬

‫ثم كذلك نجد أن السلم الحنيف يحذر من كل ما هو داع إلى الوقوع في مثل هذه الغوايات وتعاطي هذه‬
‫الفحشاء‪ .‬هو قبل كل شيء يدعو النسان إلى أن يستذكر من خلل تذكره لمر الخرة‪ ،‬يأمر النسان أن يكون‬
‫موصول بربه سبحانه وتعالى‪ .‬فالصلوات الخمس تنهى عن الفحشاء والمنكر من خلل تذكيرها بال‪ ،‬ومن‬
‫خلل تذكيرها باليوم الخر‪ .‬والمسلم مطالب بأن يذكر الموت باستمرار‪ ،‬فهو مطالب بأن يذكر الموت وغصته‪،‬‬
‫وأن يذكر القبر ووحشته‪ ،‬وأن يذكر الحشر وهوله‪ ،‬وأن يذكر الحساب وعسره‪ ،‬وأن يذكر النار وجحيمها‪ ،‬وأن‬
‫يذكر الجنة ونعيمها‪ .‬ومطالب بأن ل يؤثر دنياه على آخرته فإن إيثار الدنيا على الخرة سبب للوقوع في هذه‬
‫الفحشاء‪ .‬فمن استأسر لشهوته واتبع هواه إنما آثر دنياه على أخراه‪ ،‬وال سبحانه وتعالى يبين حالة الذين‬
‫يؤثرون الدنيا على الخرة وحالة الذين يؤثرون الخرة على الدنيا فيقول سبحانه وتعالى‪ " :‬من كان يريد‬
‫العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموما مدحورا * ومن أراد الخرة وسعى‬
‫لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * "‪ ،‬ويقول سبحانه وتعالى‪ " :‬من كان يريد حرث الخرة‬
‫نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الخرة من نصيب "‪ ،‬ويقول عز من قائل‪" :‬‬
‫من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهو فيها ل يبخسون * أولئك ليس لهم في الخرة‬
‫إل النار وحبطوا ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون * "‪ ،‬ويقول سبحانه‪ " :‬فأما من طغى وآثر الحياة‬
‫الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى "‪.‬‬

‫فلينظر النسان أي السبيلين يريد‪ ،‬وما قيمة هذه الشهوة العاجلة التي يؤثرها النسان على آخرته فينقلب إلى‬
‫نار حامية مع أنه جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم بأنه يؤتى يوم القيامة بأكثر الناس نعيما في‬
‫هذه الدنيا فيغمس غمسة في عذاب الخرة‪ ،‬ويقال له‪ :‬هل ذقت نعيما قط؟ فيقول‪ :‬ل‪ .‬ل يتذكر ذلك النعيم عندما‬
‫يرى هول ذلك العذاب‪ .‬ويؤتى بأكثر الناس بؤسا في هذه الدنيا‪ ،‬ويغمس غمسة في نعيم الخرة ثم يقال له‪ :‬هل‬
‫ذقت بؤسا قط؟ فيقول‪ :‬ل‪ .‬الدنيا ينساها النسان بكل ما فيها لذلك كان على كل أحد أن يضبط نفسه وأن يقيد‬
‫جوارحه بقيود التقوى‪ ،‬وأن يزم عنان هذه النفس بزمام اليمان بال سبحانه وتعالى واليوم الخر بحيث يفكر‬
‫في جميع الحوال في مراقبة ال تبارك وتعالى‪ ،‬وال عز وجل يراقبه في كل أحواله‪ ،‬في نومه وفي يقظته‪ ،‬في‬
‫ذكره وفي غفلته‪ ،‬في سفره وفي حضره‪ ،‬في حزنه وفي فرحه‪ ،‬في مكرهه وفي منشطه‪ .‬يقول ال تبارك‬
‫وتعالى‪ " :‬ولقد خلقنا النسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد *إذ يتلقى المتلقيان‬

‫‪5‬‬
‫عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد * "‪ ،‬ويقول عز من قائل‪ " :‬كل بل‬
‫تكذبون بالدين * وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون * "‪.‬‬

‫وعلى أي حال نحن نعلم أن هذه المراض ما تفشت في المجتمعات التي تفشت فيها إل بسبب ارتكاب الفحشاء‬
‫والنغماس في الرذيلة والبعد عن الحق‪ ،‬فإن هذه هي سنة ال تبارك وتعالى في عباده " وما هي من الظالمين‬
‫ببعيد " كما أخبر سبحانه‪ .‬ول يلزم أن يكون عقاب كل أمة من المم كما عوقب قوم لوط بالحجارة التي كانت‬
‫من سجيل منضود بل يمكن أن يكون العقاب متنوعا ولكن يفضي هذا العقاب إلى الهلك وفيه عبرة للمعتبرين‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن أحد ملوك فرنسا في عصر من العصور الغابرة قبل نحو ألف عام أو ما يزيد على ذلك أرسل‬
‫حملة عسكرية إلى بعض بلد الشام‪ ،‬وكان مما أرسله في هذه الحملة جميع وسائل الترفيه حتى يكون أولئك‬
‫الجند على حالة راحة وطمأنينة‪ .‬وكان مما أرسله في ذلكم الجند قطيعا من الفتيات الحسناوات من أجل استمتاع‬
‫الجنود بهن‪ ،‬فما كانت العاقبة إل أن تولد بذلك ذلكم الداء الخطير‪ ،‬الداء الذي عرف باسم الداء الزهري‪ .‬وكان‬
‫هذا الداء غير معروف فيمن تقدم وإنما تولد بسبب ذلك‪ ،‬وانتقل من الغرب إلى الشرق من طريق هؤلء‬
‫الوروبيين الفرنج‪ ،‬فلذلك سمي في البلد العربية بمرض الفرنج‪ .‬ونحن أدركنا الناس هنا في عمان يسمون‬
‫هذا المرض بالفرنج لنه وصل إليهم من طريق هؤلء الفرنج‪ .‬فهكذا تؤدي الفحشاء إلى الوقوع في هذه‬
‫المنكرات‪.‬‬

‫ولكن السلم بحدوده وقيوده وآدابه وأخلقه وقيمه وفضائله يحول بين المسلم والمسلمة وبين الوقوع في هذا‬
‫المستنقع الخطير والمسموم‪ ،‬وبالتالي تكون حياة المسلم والمسلمة حياة آمنة مستقرة هادئة‪ .‬فهذه المراض‬
‫المنتشرة الن‪ ،‬أمراض اليدز والهربس وغيرها – أمراض فقدان المناعة كما يقال – إنما هذه المراض ما‬
‫كانت إل بسبب الوقوع في هذه الفحشاء‪ .‬فعلى الكل أن يتقي ال تبارك وتعالى ليقيه ال عز وجل هذه المخاطر‬
‫وليصونه من عاقبتها السيئة‪.‬‬

‫أسأل ال سبحانه وتعالى أن يجعل مجتمعنا وجميع المجتمعات السلمية مجتمعات آمنة مطمئنة مستقرة وأن‬
‫يلهمنا الرشد وأن يهدينا سواء السبيل‪ ،‬وأن يجعل العفة في رجالنا ونسائنا وأن يجعل الغيرة في قلوب رجالنا‪،‬‬
‫وأن يجعل الحياء في وجوه نسائنا إنه تعالى على كل شيء قدير‪ ،‬وبالجابة جدير نعم المولى ونعم النصير‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ " .‬سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على‬
‫المرسلين والحمد ل رب العالمين "‪.‬‬

‫الجابة على السئلة‬

‫**سؤال‪ :‬هل تجوز تربية كلب في المنزل سواء كان للحراسة أو لغير الحراسة خصوصا في شهر رمضان؟‬
‫وهل يمكن أن يكون هذا الكلب جاسوسا لصاحبه؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫من المعلوم أن الكلب من الحيوانات المزعجة ولذلك جاء التشديد في تربيته‪ .‬ثم تترتب على تربيته أيضا مضار‪.‬‬
‫فهناك مضار ل سيما إذا كان هذا الكلب كلبا ( بفتح الكاف وكسر اللم ) – فيه داء الكلب " بفتح الكاف واللم _‬
‫ولذلك جاء في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ (( :‬إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغرفه وليغسله‬
‫سبعا أولهن وأخراهن بالتراب )) لجل التوقي من هذا الداء الذي هو داء الكلب‪.‬‬
‫ولجل هذا جاء في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم أنه من ربى كلبا نقص من أجره كل يوم قيراط أو‬
‫قيراطان‪ .‬والقيراط كجبل أحد‪ .‬وهذا يعني تحريم التربية‪ ،‬وإنما استثني من ذلك في الحديث كلب الصيد‪،‬‬
‫واستثني أيضا كلب الحراسة – كلب الماشية – إذا كان يحرس النسان ماشيته بالكلب فل مانع من ذلك‪ ،‬بل جاء‬
‫في بعض الروايات كلب الضرع وكلب الزرع بجانب كلب الصيد‪ .‬فل مانع من الكلب الذي يحرس‪ ،‬سواء كان‬
‫يحرس زرعا أو كان يحرس ضرعا – أي يحرس الماشية – أو كان حارسا للبيت عندما يكون الوضع وضعا‬
‫غير آمن فل يجد النسان مناصا من تربية كلب من أجل أن يكون حارسا لبيته‪ .‬أما فيما عدا ذلك فل يجوز‪ .‬وأما‬
‫جاسوسية الكلب فهذه قضية لست أدريها كيف يكون هذا الكلب جاسوسا‪.‬‬

‫**السائل يقول ما رأيكم في خروج المرأة وصلتها كاشفة القدمين مع العلم أن ثوبها طويل ساتر؟‬

‫‪6‬‬
‫الجواب‪:‬‬
‫ل يكفي ستر الساقين من غير ستر القدمين‪ .‬ل بد من ستر القدمين لن القدمين لم يستثنيا كما استثني الوجه‬
‫والكفان هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى جاء في الحديث‪ ،‬حديث أم سلمة‪ ،‬ما يدل على وجوب سترهما؛ فالنبي‬
‫صلى ال عليه وسلم عندما كان يتحدث عن إرخاء الرجل إزاره وخطورة ذلك – أي خطورة السبال ‪ ،-‬عندما‬
‫كان يتحدث عن ذلك سألته أم سلمة رضي ال تعالى عنها عن المرأة‪ ،‬فقال صلوات ال وسلمه عليه‪ (( :‬ترخي‬
‫شبرا ))‪ ،‬فقالت له أم سلمة رضي ال عنها‪ :‬إذن ينكشف عن قدميها‪ .‬فقال عليه أفضل الصلة والسلم‪:‬‬
‫(( ترخي ذراعا )) أي ترخي ذراعا لئل ينكشف قدماها‪ .‬هذا دليل على أن كشف القدمين غير جائز‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬ما حكم التصوير بالكاميرا صورا عائلية وما شابه من أجل الذكرى؟‬

‫أول قبل كل شيء الصورة المثيرة ممنوعة أيا كانت‪ ،‬والصورة التي أيضا توحي بالتعظيم هي ممنوعة‪ ،‬أما ما‬
‫عدا ذلك فقد رخص‪ ،‬بعض العلماء رخصوا في الصور التي هي باللة الفوتوغرافية ل بالرسم ونحوه‪.‬‬

‫** سؤال آخر‪ :‬عرفنا مصير الرجال في الجنة أن لهم زوجات حور عين‪ ،‬ولكن ما مصير النساء في الجنة ألهن‬
‫أزواج أم ل ؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫نعم‪ .‬أول قبل كل شيء علينا أن نعلم أن مسألة الحور العين يعني هل هن خلق آخر غير خلق نساء الدنيا هذا‬
‫أمر مختلف فيه‪ .‬جاءت بعض الروايات لكن ل تصل إلى درجة القطع بأنهن غير نساء الدنيا‪ ،‬فلذلك قال من قال‬
‫من المفسرين بأن الحور العين هن نفس نساء الدنيا‪ .‬وجاء في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم في‬
‫تفسير قول ال تعالى‪ " :‬إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا * عربا أترابا * لصحاب اليمين * " أن ذلك‬
‫إنما هو في النساء اللواتي كن في الدنيا رمصا عجائز بحيث متن في هذه الدنيا بهذه الحالة وهن مؤمنات‪،‬‬
‫فإنهن يتحولن يوم القيامة إلى هذه الحالة فيكن أترابا لصحاب اليمين‪ ،‬أي في سن واحدة هن وهم‪ ،‬ويكن بهذه‬
‫الحالة‪ .‬ومن المعلوم أن الحور ( بفتح الحاء والواو ) المذكور الذي اشتق منه وصف الحوراء‪ ،‬وكذلك العين‬
‫الذي اشتق منه وصف العيناء هو في النساء الجميلت‪ ،‬فكل نساء الدنيا يكن عندما ينقلبن إلى الجنة يوم‬
‫القيامة يكن نساء جميلت في منتهى الجمال‪ .‬هذا أمر ل شك فيه‪ ،‬فإذن هن أيضا يتمتعن مع أزواجهن بذلك‬
‫النعيم‪ ،‬ول توجد في الجنة عزباء قط كما ل يوجد فيها أعزب‪.‬‬

‫** سؤال آخر‪ :‬ورد في حديث الرسول صلى ال عليه وسلم أن المرأة إذا بلغت المحيض ل يجوز أن يظهر‬
‫منها إل الكفان والوجه‪ .‬فهل هذا هو الحجاب؟ وهل هناك أحاديث تدل على مشروعية النقاب؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫هذا الحديث حديث رواه أبو داود وابن ماجه من طريق عائشة رضي ال تعالى عنها أن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم دخل بيتها وكانت فيه أسماء بنت أبي بكر رضي ال عنهما وكانت عليها ثياب رقاق‪ ،‬فعندما أبصرها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أعرض عنها بوجهه وقال‪ (( :‬يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يحل أن‬
‫يرى منها إل هذا وهذا)) أشار إلى وجهه وكفيه‪ .‬ولكن الحديث ضعيف السناد لن فيه إرسال من ناحية ومن‬
‫ناحية أخرى جاء من رواية قتادة معنعنة‪ ،‬وقتادة كان معروفا بالتدليس‪ ،‬فلذلك إذا جاءت روايته معنعنة ل يؤخذ‬
‫بها اللهم إل إن كانت هنالك شواهد أخرى من طريق آخر‪ .‬ويذكر لهذا الحديث شواهد ولكن ل أعرفها‪ .‬وإن كان‬
‫هناك طائفة كبيرة من العلماء تقول بأن وجه المرأة وكفيها من العورة ولكن نحن ل نقول بهذا الرأي‪ .‬وإنما‬
‫نقول مع خوف الفتنة يجب أن تستر وجهها وكفيها‪ ،‬مع خوف الفتنة‪ ،‬ل بد من ذلك‪ .‬ونستحب هذا الستر في‬
‫غير حالة الخوف‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلى الدليل الذي يدل على ذلك فأول أن النبي صلى ال عليه وسلم عندما بين الحرام بين أن إحرام‬
‫المرأة في وجهها‪ ،‬ومن المعلوم أنه ل يكون تعبد بكشف شيء من العورة‪ .‬ليس من المعقول أن يكون تعبد‬
‫بكشف شيء من العورة ل من الرجل ول من المرأة‪ .‬المر الثاني أن النبي صلى ال عليه وسلم أيضا نهى في‬
‫الحرام المرأة أن تلبس القفازين‪ .‬نهى المرأة المحرمة أن تتنقب‪ ،‬ونهى المحرمة عن لباس القفازين‪ .‬فتبين لنا‬
‫من خلل ذلك أن وجه المرأة وكفيها ليسا من العورة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أما الحاديث التي تدل على مشروعية النقاب بعض العلماء أخذ ذلك من التفسير لقول ال تعالى‪ " :‬يا أيها النبي‬
‫قل لزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلبيبهن"‪ ،‬كانوا يقولون بأن إدناء الجلبيب على‬
‫الوجوه ثم على الصدور‪ .‬وهذه المسألة كما ذكرنا فيها خلف بين أهل العلم‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬هل الرزق والزواج مكتوب في اللوح المحفوظ؟وهل مكتوب أن يتزوج فلن بفلنة بعينها مثل ول‬
‫يمكن للمرأة أن تتزوج أيضا إل من كتب لها أن تتزوجه؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫هذا مما دل عليه النص القرآني " وفي السماء رزقكم وما توعدون " فهو مسجل معلوم‪ " ،‬وما من دابة في‬
‫الرض إل على ال رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين "‪ .‬و كذلك حديث الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ (( :‬أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك ))‪ .‬فذلك كله مما يدل على‬
‫هذا‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬ما حكم قص شعر الرأس لغير الزينة؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫لماذا؟! إن كان لضرورة فنعم وإل فل‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬وما حكم حلق شعر القدم واليدين؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫يؤذن للمرأة أن تزيل شعر ساقيها وأن تزيل شعر ساعديها إن نبت لها شعر ل تمنع من إزالته‪ ،‬وإنما تمنع من‬
‫ترقيق شعر الحاجبين فقط وذلك النمص‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬ما النصيحة التي تقدمها للنساء المتبرجات اللتي يظهرن شعرهن ويضعن الصباغ على وجوههن‬
‫وأيديهن؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫عليهن أن يتقين ال وأن يذكرن الدار الخرة وما أعد ال فيها من نعيم مقيم للمؤمنات‪ ،‬وما أعد ال فيها من‬
‫عذاب أليم للفاسقات‪ .‬عليهن أن يتقين ال تعالى وأن ل يعرضن أجسامهن للنار بارتكاب محارم ال سبحانه‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬ما حكم صبغ الشعر بألوان مختلفة؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫أما إن كان الشعر أبيض فل مانع من صبغه بالحناء‪ ،‬وأبيح للمرأة إن كانت لجل زوجها أن تصبغه بالسواد مع‬
‫علم الزوج بذلك بحيث ل تكون غارة له‪ .‬وأما إن كان هذا الشعر أسود فذلك من تغيير الخلقة أن تصبغه بلون‬
‫آخر‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬هل يجوز أن نقطع على الفحص المعتاد في المدرسة الذي تقوم به طبيبة المدرسة ويشمل كشف‬
‫عورات الطالبات؟ ( لم أسمع السؤال جيدا من الشريط ولكن السؤال بشكل عام عن الفحص الذي تقوم به طبيبة‬
‫المدرسة للطالبات )‬

‫الجواب‪:‬‬
‫ذلك غير جائز إل في الضرورة التي ل مناص منها‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬هل يصح أن يتزوج الزاني من الزانية التي ارتكب معها الفاحشة وبعد أن حملت منه؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫إن ال تبارك وتعالى جعل العلقة الزوجية علقة طهر‪ ،‬علقة عفاف‪ ،‬علقة استقرار للنفس وطمأنينة في القلب‬
‫وحياة في الضمير‪ .‬هذه هي العلقة بين الزوجين‪ .‬وقد امتن سبحانه وتعالى بذلك عندما قال‪ " :‬ومن آياته أن‬

‫‪8‬‬
‫خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون "‪ .‬فجعل‬
‫المنة الكبرى في الزواج هي السكون‪ ،‬وليس السكون هنا سكون الجسم وإنما السكون هنا سكون القلب‪،‬‬
‫وطمأنينة النفس وراحة الضمير‪ ،‬هذا هو المراد بالسكون‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن الرجل الذي اختبر المرأة بنفسه وضاجعها على بساط الدعارة والفحشاء ل يمكن أن تطمئن‬
‫نفسه إليها ولو تابا معا عندما يتزوجها‪ ،‬بل تظل الوساوس تنتابه والقلق يؤرقه‪ ،‬فهو دائما يتذكر تلك الساعات‬
‫الماجنة التي قضاها بجنبها وهما يتعاطيان كأس الفحشاء وينغمسان في وحل الرذيلة‪ .‬فل بد من أن تنتابه هذه‬
‫الوساوس‪ ،‬يظل يتذكر تلك الحالة ويظل يؤرق نفسه أن تلك المرأة كما أباحت له عرضها ل يمكن أن يؤمن‬
‫جانبها بأن تبيح هذا العرض لغيره‪ .‬كذلك بالنسبة إليها فإنها تظل تذكر تلك الخيانة التي حصلت منها عندما‬
‫ارتكب معها ما ارتكب‪ ،‬ما الذي يمنعه من أن يفعل ذلك مع غيرها‪ ،‬وتظل هذه الوساوس تنتاب قلب كل واحد‬
‫منهما‪ ،‬ول يكون هنالك استقرار ول يكون هنالك شيء من الطمأنينة‪.‬‬
‫على أننا نجد أن جماعة من السلف الصالح من صحابة النبي صلى ال عليه وسلم – رضي ال تعالى عنهم –‬
‫قالوا‪ :‬أيما رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان‪ .‬فهذه الرواية مروية عن المام علي بن أبي طالب وعن‬
‫ابن مسعود وعن أم المؤمنين عائشة وعن البراء بن عازب وعن غيرهم – رضي ال تعالى عنهم ‪ ،-‬كل واحد‬
‫من هؤلء قال‪ ( :‬أيما رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان )‪ ،‬أي مستمران على الفحشاء لن زواجهما لم‬
‫يبنى على الطهر والعفاف والنزاهة فلذلك كان الحكم كذلك‪.‬‬
‫ولئن كان هذا في ذلك المجتمع النظيف‪ ،‬المجتمع الطاهر‪ ،‬المجتمع الذي تنزل في جيله القرآن الكريم وعرف‬
‫بما عرف به من الصون والعفاف‪ ،‬فكيف بالمجتمعات الحاضرة ؟!! كيف بهذه المة التي استطار الفساد في‬
‫هشيمها‪ ،‬وعمت الفحشاء حياتها؟!! أل يقال بأن منع الزواج بين المتزانيين هو الدواء النافع وهو المقراض‬
‫الذي يقطع حبل الفساد؟! فإن كل رجل يتعلق بامرأة ويأمل أن يتزوجها ل تمتنع نفسه من أن تنغمس في هذه‬
‫الفحشاء معها إن كانا على غير تقى وغير دين وهو طامع بأن تستمر العلقة بينهما‪ ،‬وكذلك بالنسبة إلى‬
‫المرأة‪ .‬ولكن عندما يعلم ذلك الرجل أن ذلك يؤدي إلى يحرم من تلك المرأة حرمة أبدية‪ ،‬وعندما تعلم المرأة أن‬
‫ذلك مما يؤدي إلى أن تحرم من ذلك الرجل حرمة أبدية‪ ،‬فل ريب أن ذلك مما يجعلهما يتحفظان من هذا‪ ،‬وهذا‬
‫الدواء هو العلج لمشكلة الفتيات في هذا الوقت‪ .‬هذا الوقت كما ذكرنا وقت حل فيه ما حل من الفساد‪ .‬وأنا‬
‫أتلقى دائما رسائل من الفتيات يذكرن فيه شكوى مرة من أمثال هذه التصرفات التي هي ناتجة عن تساهل‬
‫البوين في تربية الولد‪ ،‬تربية البناء وتربية البنات‪ ،‬بحيث ل يبالي البوان بذهاب الفتاة عند أي شاب ول‬
‫يبالي البوان أيضا بذهاب الفتى أو الشاب مع أي فتاة مهما كان المر جد خطير‪ .‬فقد يكون هناك أمل خادع‬
‫يحرس الشاب المغرور أن يغرر بالفتاة‪ ،‬يحرص على أن يأملها بأن يكون شريك حياتها وأن يكون فارس‬
‫أحلمها وهي ل تبالي بالخروج معه وتتجاوز القيود‪ ،‬قيود الحشمة والفضيلة التي فرضها ال سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫فهذا ناتج عن سوء التربية‪ ،‬فلو كانت هنالك تربية حسنة لما وقع ذلك‪ .‬ولكن سرعان ما يحرص هذا الفتى أن‬
‫ينصب لها شراكا من أمل خادع‪ .‬هذا المل يجعلها تقع في هذا الفخ فإذا به يفترسها فيرزأها في أعز ما تملك‪،‬‬
‫ويتركها من بعد ضحية‪ ،‬يتركها وهي قد رزئت في أعز ما تملك‪ .‬وبجانب ذلك أيضا يتركها أسيرة الهموم‪ ،‬فهي‬
‫تفكر في مستقبلها وتفكر في ذلك الجنين الذي تسمع من حاله صوت النات التي تتصاعد منه‪ ،‬يؤرقها هذه‬
‫النات وإن كانت ل تسمع صوتها وإنما تحس بها‪ ،‬فهو إما أن يعيش حياة كلها حياة ازدراء ومهانة وذل وخزي‬
‫لنه جاء بطريقة غير شرعية فيكون منبوذا في مجتمعه‪ ،‬وإما أن تكون نهايته الوأد في مصحات الجهاض‪.‬‬
‫لذلك تبقى هذه الفتاة أسيرة قلقها وهمومها‪ .‬وهذا ما وقع كثيرا‪ .‬وذلك الشاب بعدما رزأها في أعز ما تملك‬
‫رفسها برجله وكشر لها عن أنيابه العصر غير مبال بحالتها النفسية‪.‬‬
‫من أيام قريبة تلقيت رسالة من إحدى الفتيات تشكو هذا المر‪ ،‬فكانت تقول بأنها على وشك الزواج من شاب‪،‬‬
‫ولكن لسبب أو لخر تأخر الزواج لفترة قليلة فاستدرجها إلى أن أوقعها في هذه الفحشاء‪ ،‬وإذا به يرفسها ول‬
‫يبالي بها‪ ،‬يتنكر لها تنكرا عجيبا‪ .‬والمر كما قلت كيف يطمئن إلى من اختبرها بنفسه‪ ،‬فلذلك يجب أن يشيع هذه‬
‫الفتوى وهي أن كل زان يحرم عليه أن يتزوج يمزنيته وكل زانية يحرم عليها أن تتزوج بمن زنى بها‪ ،‬وال‬
‫تعالى أعلم‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬ما حكم جلوس المرأة في مجلس واحد مع أبناء عمها أو خالها وتجاذب أطراف الحديث؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫ذلك مما يدخل في قول النبي صلى ال عليه وسلم‪ (( :‬إياكم والدخول على النساء ))‪ ،‬وعندما سئل عليه أفضل‬
‫الصلة والسلم عن الحمو قال‪ (( :‬الحمو الموت ))‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫**سؤال‪ :‬في قوله تعالى‪ " :‬والطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء " لماذا ذكر الطفل بالمفرد مع أن‬
‫الذين بالجمع؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫( ال ) هنا للجنس‪ ،‬فالمراد جنس الطفال وليس المراد طفل واحدا وإنما المراد بذلك الجنس فلذلك ذكر ال‬
‫تبارك وتعالى الوصف بصيغة الجمع ولم يذكره بصيغة الفراد‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬هل يجوز للمرأة الصلة وشعرها غير مربوط مع ارتداء الحجاب؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫كره العلماء ذلك بل منهم من شدد في ذلك ولكن مع هذا ل نستطيع أن نقول ببطلن صلتها وإنما نقول عليها‬
‫أن تربط شعرها لئل يسترسل حتى يظهر وال تعالى أعلم‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬لماذا ل تقبل شهادة المرأة في القتل والزنى؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫للتغليظ في ذلك‪ ،‬لن أمر القتل والزنى أمر غليظ‪ .‬ثم من المعلوم أن المرأة معرضة لحالت نفسية بسبب ما‬
‫ينتابها من حالت طبيعية فهي معرضة لهذه الحالت بسبب الدورة الشهرية وبسبب الحمل وهذا مما يؤدي إلى‬
‫أنها تنسى أحيانا بسبب الحالت النفسية التي تنتابها من جراء ذلك‪ .‬واطلعت فيما اطلعت عليه في بعض‬
‫الكتابات على مقال منقول عن باحثة اجتماعية فرنسية ذكرت أن عاطفة المرأة عاطفة قوية‪ ،‬وأن هذه العاطفة‬
‫عندما تشب تشغل كل جانبي دماغها بخلف عاطفة الرجل فإنها تشغل جانبا واحدا من الدماغ ويبقى الجانب‬
‫الخر صالحا للتفكير‪ .‬ومن هنا فارقت المرأة الرجل‪ ،‬وتظهر الحكمة البالغة في قوله تعالى‪ " :‬أن تضل إحداهما‬
‫فتذكر إحداهما الخرى "‪ ،‬لجل هذا كان التشديد في أمر الزنى وأمر القتل دون الحقوق والمعاملت وال تعالى‬
‫أعلم‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تسافر الخارج للدراسة مع محرم من محارمها أو مجموعة من الفتيات؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫أما مع محرم‪ ،‬مع صون نفسها ومع كون ذلك المكان آمنا‪ ،‬فل حرج‪ .‬وأما مع الفتيات إل إن كن يصحبن‬
‫محارمهن ثم يعود أولئك المحارم عنهن فل حرج في هذه الحالة مع اشتراط أن يكون المكان آمنا‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬ماذا يجب على المرأة الحامل إن أفطرت بسبب خوفها على نفسها أو خوفها على جنينها؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫الحامل والمرضع أبيح لهما الفطار في شهر رمضان إن خافتا على نفسيهما أو خافت المرضع على ولدها أو‬
‫خافت الحامل على جنينها‪ .‬وأمرن بما يقابل‪ ،‬ولكن اختلف العلماء ما الذي يقابل هذا‪ ،‬فقيل القضاء وحده‪ ،‬وقيل‬
‫القضاء والفدية – إطعام مسكين عن كل يوم – وقيل بل الفدية وحدها‪ ،‬والخذ بالقول الثاني وهو القضاء‬
‫والفدية أحوط وال تعالى أعلم‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬ما حكم لبس خاتم الخطوبة؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫على أي حال نحن قبل كل شيء علينا أن نعدل الكلمات لتكون وفق اللغة السليمة‪ .‬الخطوبة هذي ما موجودة في‬
‫اللغة العربية‪ ،‬الخطبة ( بكسر الخاء وسكون الطاء ) " من خطبة النساء "‪ ،‬والقرآن تشريع تعبيري كما أنه‬
‫تشريع تعبدي‪ .‬خطبة وليست خطوبة‪ .‬خطوبة ما وجدت في كلم العرب‪.‬‬
‫على أي حال‪ ،‬هذا الخاتم المعروف بـ ( الدبلة ) من المور التي دخلت المجتمع المسلم من خلل الحتكاك‬
‫بالمجتمع الغربي وبسبب الضعف الذي لحق بالنفوس عندما اهتز إيمانها وضعف يقينها وقلت صفتها بربها‬
‫واستكبرت عدوها واستأسرت لخطبه ومكائده‪ .‬فإنه من المعلوم أن السلم الحنيف جاء بما يحفظ كيان هذه‬
‫المة‪ ،‬يجعل هذه المة أمة عزيزة مكرمة‪ ،‬أمة تؤثر ول تتأثر‪ ،‬وتقود ول تنقاد‪ ،‬وتعتز ول تذل‪ .‬جاء السلم‬
‫الحنيف بالتعاليم الربانية التي تقطع دابر كل أثر نفسي من جراء استعظام ما عند العدو‪ ،‬فال تعالى قبل كل‬

‫‪10‬‬
‫شيء حرم الموالة ‪ ،‬موالة أعدائه‪ ،‬يقول تعالى‪ " :‬يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون‬
‫إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بال ربكم إن كنتم خرجتم‬
‫جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم ما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد‬
‫ضل سواء السبيل * إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون *‬
‫" فهذه الغاية من كل كافر أنه يود المسلم أن يكفر ككفره‪ .‬ويقول سبحانه‪ " :‬يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا‬
‫اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن ال ل يهدي القوم الظالمين *‬
‫فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "‪ ،‬ثم بين سبحانه أن من تولهم‬
‫كان منهم " ومن يتولهم منكم فإنه منهم "‪ .‬ثم إنه سبحانه وتعالى أتبع ذلك ما يدل على أنه ل يتولهم إل من‬
‫كان مريض النفس‪ ،‬فهذا مرض نفساني مؤثر على هذه النفوس حتى استشعرت بالذلة وأرادت أن تكتسب العزة‬
‫من وراء موالتها لعدائها " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "‪،‬‬
‫ثم إنه سبحانه في معرض هذا الحديث حذر من الرتداد‪ ،‬هذا فيه تنبيه بأن هذه الموالة عندما يسترسل فيها‬
‫النسان ل يقف عند حد حتى يصل إلى الردة والعياذ بال‪ ،‬لذلك في نسق هذه اليات قال ال سبحانه وتعالى‪" :‬‬
‫يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت ال بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على‬
‫الكافرين يجاهدون في سبيل ال ول يخافون لومة لئم ذلك فضل ال يؤتيه من يشاء وال واسع عليم * "‪ .‬ثم‬
‫بين من يجب على المسلم أن يحصر ولؤه له فقال‪ " :‬إنما وليكم ال ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون‬
‫الصلة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ‪ ،‬وقال‪ " :‬ومن يتول ال ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب ال هم‬
‫الغالبون "‪ .‬فعلى المسلم أن يحرص على أن يجعل ولءه لربه ولنبيه ولخوانه المؤمنين دون هؤلء الكفرة‬
‫الفجرة‪.‬‬
‫ومما كان الرسول صلى ال عليه وسلم يحرص على أن يربي أمته عليه أنه كان يحذرهم من أي شيء فيه‬
‫تشبه بالكفرة‪ ،‬فقد كان يقول‪ :‬افعلوا كذا‪...‬خالفوا المجوس‪...‬خالفوا اليهود والنصارى‪ ...‬خالفوا المشركين‪ .‬هكذا‬
‫كان الرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬حتى في المور العادية الطبيعية كان يأمر بمخالفتهم‪ ،‬عندما مر يهودي‬
‫والنبي صلى ال عليه وسلم كان في حالة دفن ميت‪ ،‬وكان هو واقفا وكان أصحابه وقوفا‪ ،‬فقال‪ :‬هكذا تصنع‬
‫أحبارنا‪ .‬قعد النبي صلى ال عليه وسلم وأمر أصحابه بالقعود لئل يتأثروا بعادات اليهود‪ .‬فكيف لهذا المسلم‬
‫يأخذ يقلد أعداء السلم !‬
‫وما أصل هذا الخاتم خاتم الخطبة أو ما يسمى بالدبلة؟ ما أصل هذه العادة؟ الصل في ذلك أن الرومان في‬
‫سالف العصور كانوا يتخذون خاتما من حديد ليلبسه الرجل الذي يريد خطبة امرأة في خنصرها اليسر وتلبسه‬
‫أيضا مثل ذلك في خنصره اليسر لنهم كانوا يعتقدون أن القلب ينبض في الخنصر‪ ،‬وكانوا يقولون‪ :‬من ألبس‬
‫امرأة خاتما من حديد في خنصرها اليسر أو ألبست الرجل خاتما من حديد في خنصره اليسر كان ذلك داعيا‬
‫لسر القلوب‪ ،‬فهو يأسر بذلك قلبها وهي تأسر بذلك قلبه‪ .‬ثم تطورت العادة إلى أن أصبح الذهب بدل من الحديد‪.‬‬
‫وانتشرت هذه العادة في أوروبا‪ ،‬ومع الغزو الوروبي‪ ،‬الغزو العسكري والغزو الخلقي والغزو الثقافي والغزو‬
‫الجتماعي‪ ،‬إنتقلت هذه العادة إلى بلد المسلمين وأخذ المسلمون يقلدون أولئك مصداقا لقول النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ (( :‬لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى أنه لو دخلوا جحر ظب لدخلتموه )) قيل‬
‫له‪ :‬اليهود والنصارى يا رسول ال؟ قال‪ (( :‬فمن؟!))‪ .‬فإذن هذه العادة وصلت بسبب هذا التباع العمى من‬
‫المسلمين لعدائهم الكافرين‪ ،‬وهذا خلف ما يدعو إليه السلم‪ .‬ونحن ننظر هل هذه إل خرافة؟!! هل هذا أمر‬
‫صحيح؟! كم من زواج تم بين رجل وامرأة بدون هذه العادة وكان زواجا موفقا‪ ،‬وكانت اللفة بين الزوجين على‬
‫أحسن ما ينبغي أن يكون المر‪ .‬وكم من زواج تم بهذه الطريقة وإذا بالعلقة تنقلب إلى جحيم ل يطاق‪ .‬فإذن ما‬
‫الداعي لهذا التقليد العمى!! فضل عن كون لباس الرجل للذهب أمرا محرما فإن من لبس الذهب فقد أخذ جمرة‬
‫من نار جهنم ووضعها في يده أي بالنسبة إلى الرجل‪ ،‬فالنبي صلى ال عليه وسلم شدد في ذلك كثيرا‪.‬‬
‫ومع هذا كله علينا أن ندرك أنه عندما كان المسلمون أقوياء كانوا مأثرين ولم يكونوا متأثرين‪ ،‬كانوا قائدين‬
‫ولم يكونوا منقادين‪ ،‬كانوا أعزة ولم يكونوا أذلء‪ ،‬كان الزمام بأيديهم فكان الخرون يتبعونهم‪ .‬أما عندما انقلب‬
‫المر إلى عكس ذلك وتضعضعت هذه النفوس أخذ المسلمون يترسمون خطوات أعدائهم ليجعلوا ذلك مظهرا‬
‫من مظاهر المدنية ومظهرا من مظاهر التمدن‪ .‬الن نحن نسمع المسلم العربي والمسلمة العربية عندما يتكلمان‬
‫ويريدان أن يظهرا نفسيهما بمظهر المدنية والتقدم دائما يرددان الكلمات الجنبية ( أوكي !) بين الكلمة‬
‫والخرى ( أوكي أوكي )‪ ،‬مثل هذه الكلمات‪ .‬هذا دليل ضعف النفوس وانهزام النفوس‪ .‬انهزمت النفوس إلى حد‬
‫بعيد‪ .‬عندما كان المسلمون أقوياء كان المر بخلف ذلك‪ .‬ذكر التاريخ أن المسلمين عندما كانوا يحكمون‬
‫الندلس وكان هناك بجوارهم عدد من النصارى كان الشاب النصراني عندما يريد أن يظهر لزملئه أنه متمدن‬
‫وأنه متحضر كان يتحدث بالكلمات السلمية فيقول‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬ويقول‪ :‬مع السلم‪ .‬وأمثال هذه الكلمات و (‬
‫وفي حفظ ال )‪ .‬كذلك الفتاة عندما تظهر نفسها بمظهر التقدم كانت تأتي بهذه الكلمات‪ .‬الن شبابنا وفتياتنا هم‬
‫الذين يقولون ( باي باي ) لجل أن يظهروا أنفسهم بمظهر التقدم والمدنية‪ ،‬وهكذا‪ .‬هكذا انقلبت المور رأسا‬
‫على عقب‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫هنا كلمات أنا كررت ذكرها كثيرا في مثل هذه المناسبات ول أرى مانعا أن أكررها‪ ،‬هي كلمات قالها الشاعر‬
‫المسلم الباكستاني محمد إقبال‪ ،‬وكم أتمنى أن تكون هذه الكلمات ملئ قلوبنا وأفكارنا وحواسنا ومشاعرنا وأن‬
‫نطبقها تطبيقا دقيقا‪ .‬يقول‪ ( :‬إن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ويساير الركب البشري حيث اتجه وسار بل‬
‫خلق ليوجه العالم والمجتمع والمدنية ويفرض على البشرية اتجاهه ويملي عليها إرادته لنه صاحب الرسالة‬
‫وصاحب الحق اليقين‪ ،‬ولنه المسؤول عن هذا العالم وعن سيره واتجاهه فليس مقامه مقام التقليد والتباع‪ ،‬إن‬
‫مقامه مقام المامة والقيادة‪ ،‬مقام الرشاد والتوجيه‪ ،‬مقام المر الناهي‪ .‬وإذا تنكر له الزمان وعصاه المجتمع‬
‫وانحرف عن الجادة لم يكن له أن يخضع ويضع أوزاره ويسالم الدهر بل عليه أن يثور عليه وينازله ويظل في‬
‫صراع معه وعراك حتى يقضي ال في أمره‪ .‬إن الخضوع والستكانة للحوال القاسرة والوضاع القاهرة‬
‫والعتذار بالقضاء والقدر من شأن الضعفاء والقزام أما المؤمن القوي فهو بنفسه قضاء ال الغالب وقدره‬
‫الذي ل يرد )‪ .‬هذي الكلمات كم نحن بحاجة إلى تطبيقها‪ .‬المة المسلمة عندما اعتزت بإيمانها كانت أمة قوية‬
‫مصونة مكرمة ول المر من قبل ومن بعد‪.‬‬

‫** سؤال‪ :‬هل يجوز مصافحة المرأة للرجل؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫نعم إذا كانا محرمين فنعم‪ .‬أما إن كان أجنبيا منها فل يجوز لها أن تصافحه ول يجوز له أن يصافحها وال‬
‫تعالى أعلم‪.‬‬

‫وبارك ال فيكم ونسأل ال تعالى التوفيق للخير‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like