Professional Documents
Culture Documents
يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن سيدنا
ونبينا محمدا عبده ورسوله ،صلى ال وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ،وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم
الدين.
فيسرني في هذا اللقاء أن أحيي المربيات والطالبات بتحية السلم الخالدة ،فأقول لهن جميعا :السلم عليكن
ورحمة ال وبركاته..
وإنها لفرصة سعيدة أن نلتقي بهذا العدد من بناتنا الطالبات اللواتي نرجو بفضل ال سبحانه أن يكن في
المستقبل مربيات صالحات ،وأمهات فيهن القدوة لولدهن من الذكور والناث ،فإن الم هي المدرسة الولى
وإعدادها العداد السليم يؤدي إلى أن يكون الجيل المقبل جيل صالحا مستقيما سائرا على النهج القويم ،إذ
تأثير الم في أبنائها ذكورا وإناثا تأثير بالغ ،وبقدر ما تكون عليه من استقامة أو انحراف يكون أثرها في
أولدها.
والموضوع المطروح لن يكون مدار محاضرتنا هذه هو موضوع في غاية الهمية ،فإن ال سبحانه وتعالى
ابتلى هذه المة في هذا العصر بما ابتلها به من أمراض المدنية المنحرفة .وهذه هي سنة ال تبارك وتعالى في
خلقه فإن العباد عندما ينحرفون عن سواء الصراط يرميهم ال سبحانه وتعالى فيما يرميهم به من البلوى
ليتبينوا بذلك انحرافهم ،وليتبينوا بذلك أنهم دائما بحاجة إلى أن يكونوا موصولين بال سبحانه وتعالى .وقد
يتنبه من يتنبه ،وقد يكون من يكون سادرا في غيه غارقا في غفلته إلى أن يؤخذ من قبل ال سبحانه وتعالى
أخذ عزيز مقتدر ،وهكذا يقص ال سبحانه وتعالى علينا أنباء المم السابقة ،ثم يقول بعد ذلك " :وكذلك أخذ
ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد * " .وعندما ذكر ال سبحانه وتعالى قوم لوط ،وما حصل
منهم من انحراف وشذوذ عن الفطرة وخروج عن سواء الصراط ،بين ال سبحانه وتعالى عاقبة أمرهم في هذه
الدنيا إذ قال " :فأرسلنا عليهم حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد * " ،
وقوله سبحانه " :وما هي من الظالمين ببعيد " دليل على أن المنحرفين عندما يغرقون في غيهم ويسترسلون
في ضللهم يأخذهم ال سبحانه وتعالى بما يأخذهم به من العذاب.
ونجد في حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ما يبين أن المسببات منوطة بأسبابها ،وأن النتائج مربوطة
بمقدماتها ،وشيوع الفحشاء والرذيلة في أوساط الناس سبب لما يحصل من هذه المراض ،إذ قال صلى ال
عليه وسلم (( :وما ظهرت الفاحشة في قوم إل انتشرت فيهم الوباء والوجاع التي لم تكن في أسلفهم )) .هذا
ما وقع فعل في هذا العصر الذي استطار في هشيمه الفساد ،وانتشرت فيه الرذائل وطويت فيه صفحة الفضائل
حت عاد التلقي ما بين الجنسين على بساط الدعارة والفحشاء مظهرا من مظاهر التقدم والمدنية ،ودعى
الداعون إلى ذلك وخطط المخططون لذلك.
والسلم الحنيف بما أنه دين الفطرة ،فيه الرحمة لهذه النسانية ،فهو يقطع دابر الفساد بما يأتي به من الحكام
والداب والخلق التي تحول بين المسلم وبين الوقوع في الفحشاء ،وبالتالي تحول بين المسلم وبين الوقوع
في هذه المخاطر والصابة بهذه الوباء .قبل كل شيء جاء السلم الحنيف مشددا في أمر العراض وقاطعا
دابر الفساد الذي قد يتوصل إليها من انحراف المنحرفين ،فحرم الزنا بل شدد في أسباب الزنا إذ قال سبحانه
1
وتعالى " :ول تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيل " ،ولم يقل تبارك وتعالى ( ول تزنوا ) ،في هذا ما
يدل على أن القربان من الزنى بممارسة أي سبب من أسبابه أمر محرم شرعا .وقرن ال سبحانه وتعالى الزنى
بالشرك وقتل النفس ،وبين أن عاقبة الجميع الخلود في النار ما لم يتب النسان من ذلك إذ قال سبحانه وتعالى:
" والذين ل يدعون مع ال إلها آخر ول يقتلون النفس التي حرم ال إل بالحق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق
أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إل من تاب وءامن وعمل عمل صالحا فأولئك يبدل
ال سيئاتهم حسنات وكان ال غفورا رحيما * " .وفي ذكر الزنى بجانب ذكر القتل ما يدل على أن الزنى في
حقيقته قتل ،ولذلك نجد أيضا في سورة السراء ذكر مكتنفا بذكر القتل قبله وبعده ،فال سبحانه وتعالى قال" :
ول تقتلوا أولدكم خشية إملق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا * " ثم أتبع ذلك التحذير من
الزنى والنهي عن قربانه ،حيث قال " :ول تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيل * " ثم نهى بعد ذلك عن
قتل النفس عندما قال " :ول تقتلوا النفس التي حرم ال إل بالحق " .ذلك لن الزنى كما قلت هو في حقيقته
قتل فإن الزاني يشارك في قتل مجتمعه ،فهو يبذر تلك البذور التي قد تكون معرضة للقتل ،فإن الحامل من
الزنى كثيرا ما تريد أن تخلص نفسها من آثار هذا الحمل وتوابعه ،فتريد أن تتخلص من تبعة العار ولو
بالجهاض ،وتريد أن تتخلص أيضا من تبعة حمل أعباء تربية الولد الذين ل يشاركهم أب شرعي في تربيتهم،
يؤدي ذلك إلى أن تحاول بأن تتخلص من حملها وهذا أمر واقع.
ثم إن السلم الحنيف لم يكتفي بهذه الزواجر التي تحذر من عذاب الخرة فحسب ،بل جاء السلم الحنيف
بالعقوبة الصارمة ،عقوبة الزنى ،وهي من أشد العقوبات ،وال سبحانه وتعالى يقول " :الزانية والزاني
فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ول تأخذكم بهما رأفة في دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر وليشهد
عذابهما طائفة من المؤمنين " ،أمر ال سبحانه وتعالى في الزانية والزاني يجلدا مئة جلدة ،وذلك بمحضر
جماعة من المؤمنين من غير رأفة بهما لن المر الذي وقعا فيه ل يدعو إلى الرأفة بل هو داع إلى العقوبة
الشديدة ،وهذا إنما هو في الزانيين البكرين ،أما إن كانا محصنين فإنهما يرجمان بالحجارة حتى الموت بدليل
السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلة والسلم ،واستقر على ذلك إجماع المة .وإن كان أحدهما محصنا
والخر بكرا فإن المحصن يرجم والبكر يجلد .هذا هو المآل الذي يؤول إليه الزانيان في هذه الدنيا.
ول ريب أن ال سبحانه وتعالى جعل أمر الزنى أمرا عظيما يفوق كل أمر ،ولذلك أمر ال سبحانه وتعالى بسد
البواب والنوافذ حتى ل تلج هذه الفحشاء إلى المجتمع المسلم ،وقد شرع ال سبحانه وتعالى ما شرع من
الداب والخلق ،شرع ال سبحانه وتعالى أول تطهير اللسن من أن تلهج بذكر من وقع في هذا المر ،ال
سبحانه وتعالى حرم تحريما بالغا أن يتحدث عن وقوع الزنى إل إن كان ما يتحدث عنه مشهود عليه بأربعة من
الشهود ،فقد قال سبحانه " :والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ول
تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إل الذين تابوا " جعل ال سبحانه وتعالى عقوبة من يرمي
المحصنات بالزنى أن يجلد ثمانين جلدة ،وهذه عقوبة بدنية شديدة ،وليس ذلك فحسب ،بل هناك عقوبة أدبية
أيضا حيث منع قبول شهادة هؤلء أبدا وذلك لعظم المر الذي وقعوا فيه حتى تتطهر اللسن من ذكر هذه
الفحشاء ،لن ذكر الفحشاء يؤدي إلى الرغبة في مواقعتها ،فعندما يتحدث الناس عن الوقوع في الزنى
فيقولون مثل زنى فلن بفلنة أو وجد فلن زانيا ،أو وجدت فلنة زانية كان ذلك سببا لن تتشوف النفوس،
نفوس الضعفاء ول سيما المراهقون والشباب ،إلى مواقعة ذلك ،وقطع دابر هذا الفساد بفرض تطهير اللسن
وفرض هذه العقوبة الصارمة على هذا المر .وال سبحانه بين الوعيد الشديد الذي ينتظر أولئك الذين جذبوا
ألسنتهم في هذا المستنقع السن بحيث تتحدث عن هذه الفحشاء إذ قال سبحانه " :إن الذين يرمون المحصنات
الغافلت المؤمنات لعنوا في الدنيا والخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما
كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم ال دينهم الحق ويعلمون أن ال هو الحق المبين * " .ونرى أن ال سبحانه
وتعالى ذكر هنا المحصنات دون المحصنين أي شدد في أمر النساء ،وإنما أمر المحصنين يتبع المحصنات في
الحكم في السنة والجماع ،وما ذلك إل للحرص على تطهير الجانب النسائي من أن تتدنس أعراضهن بذكر
وقوعهن في شيء من الفحشاء.
وبجانب هذا نجد أن السلم جاء بالداب الفاضلة والقيود الجتماعية التي تحول بين النسان والوقوع في هذه
الفحشاء إل من شذ ،وال سبحانه وتعالى فرض ما فرض من الداب على المجتمع بشطريه رجاله ونسائه.
وال سبحانه وتعالى يقول " :قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن ال خبير
بما يصنعون *" أمر سبحانه في هذه الية عباده المؤمنين بأن يغضوا من أبصارهم حتى ل تتطلع أبصارهم
إلى جمال النساء ومفاتنهن ويكون ذلك داعيا إلى الوقوع في الفحشاء ،لن النظرة هي سهم مسموم وهي نافذة
إبليس التي يلج منها إلى قلوب الناس فيستأثر بها .وبين ال سبحانه وتعالى أن الفلح منوط بذلك فقد ذكر
2
سبحانه غض البصر قبل أن يذكر حفظ الفرج ،لن السبب مقدم على مسببه ،فغض البصر سبب لصون الفروج
من الوقوع في الفحشاء.
ومن المعلوم أن دين السلم الحق دين يترفع عن التناقضات ويستعلي على المفارقات ،فهو دين يشمل كل
جانب من جوانب الحياة ،فل يعالج مشكلة من جانب واحد فحسب بل يعالجها من شتى جوانبها .ومن المعلوم
أنه من المفارقات الواضحة ،ومن التناقضات البينة أن يؤمر الرجال وحدهم بأن يغضوا من أبصارهم وبجانب
ذلك ل تمنع النساء من أسباب امتداد البصار إليهن والوقوع في الرذيلة معهن .فليس من المعقول أن يمنع
الرجال وحدهم من النظر إلى النساء وأبصار النساء ترنوا إليهم وتفتك بقلوبهم وتستأثر نفوسهم ،بل ل بد من
أن يشاركنهم في هذا الدب؛ ومع ذلك أيضا ل بد من أن يصن أنفسهن ويصن جمالهن من أن يكون مبتذل أمام
هؤلء ،فلذلك جاء على أثر ذلك تأديب النساء كما أدب الرجال ،فقال سبحانه وتعالى " :وقل للمؤمنات يغضضن
من أبصارهن ويحفظن فروجهن ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ول يبدين
زينتهن إل لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو
بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا
على عورات النساء ول يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى ال جميعا أيها المؤمنون لعلكم
تفلحون * " أمر ال سبحانه وتعالى المؤمنات هنا أول بغض أبصارهن حتى يشاركن الرجال في ذلك الدب،
فيتطهرن بما أمر الرجال أن يتطهروا به ،ومع ذلك أمرن بأن يصن جمالهن ومفاتنهن فمنعن من إبداء زينتهن
إل لبعولتهن أول .ول ريب أن المرأة مفتونة بحب الزينة ،وكل امرأة من فطرتها أنها تحب أن تكون جميلة وأن
تبدوا جميلة ،والسلم الحنيف ل يصادم الفطرة ولكنه يوجهها الوجهة السليمة لتكون بناءة .فأبيح للمرأة أن
تبدي كل زينتها من غير تحفظ لشخص واحد وهو شريك حياتها الذي ل يكون بينها وبينه قط شيء من
الحواجز ،فيباح له أن يطلع على كل شيء منها ويباح لها أن تطلع على كل شيء منه.
وبجانب ذلك أبيح لهن أن يبدين زينتهن لمحارمهن ،فإن من شأن المحرم أن ل يتطلع لذات المحرم منه ،بل هو
دائما يعاملها معاملة فيها أدب وفيها عفاف لنها جزء منه وعرضها جزء من عرضه وهو يحرص على سلمة
عرضها وصونه ،وهذه هي سنة ال تبارك وتعالى في خلقه إل أولئك الذين تعفنت طبائعهم وانقلبت فطرهم
رأسا على عقب فمسخوا مسخا ،أولئك الذين ل يبالون بذوات محارمهم.
وبجانب ذلك أبيح لهن أن يظهرن هذه الزينة للطفال الذين ل تتطلع نفوسهم إلى ما عند النساء .وأبيح لهن
أيضا أن يبدين هذه الزينة لنسائهن أي النساء المؤمنات العفيفات اللواتي يؤمن جانبهن أن يصفن محاسن
هؤلء النساء المؤمنات للرجال الجانب .أما المرأة الكافرة والمرأة الفاسقة فهما غير مأمونتين ولذلك ل
تدخلن في هذا الحكم.
وبجانب ذلك أيضا أمرن بأن يكن ملتزمات للدب في جميع الحوال ،فعندما يمشين يمشين بوقار فل يضربن
بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن لن كل شيء من المرأة يؤثر على الرجل .فالمرأة تؤثر على الرجل بالنظر
إليه ،وتؤثر على الرجل برخيم صوتها ،وتؤثر على الرجل بجرس حليها ،وتؤثر عليه بنفحة طيبها ،فلذلك منعت
من أن تثير أحاسيسه بأي شيء ،ولجل هذا جاء أيضا في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم التشديد
في تطيب المرأة عندما تخرج في الطريق لئل يشم الرجال رائحتها ،فإن خرجت متطيبة متعطرة ليشم الرجال
رائحتها كانت في حكم الزانية حتى ترجع .هذا كله مما شرعه السلم الحنيف من الداب.
وبجانب هذا أيضا جاء السلم الحنيف بالزواجر المانعة من اختلط الرجل بالمرأة ،فالنبي صلى ال عليه وسلم
شدد في ذلك تشديدا بالغا ،فقد قال عليه أفضل الصلة والسلم (( :أل ل يخلون رجل بامرأة إل مع ذي
محرم )) ،وقال صلوات ال وسلمه عليه (( :من كان يؤمن بال واليوم والخر فل يخلون بامرأة إل مع ذي
محرم )) ،وقال عليه الصلة والسلم (( :ما خلى رجل بامرأة إل وكان الشيطان ثالثهما )) .ووجه خطابه صلى
ال عليه وسلم إلى الرجال محذرا من الدخول على النساء ،فقال عليه أفضل الصلة والسلم (( :إياكم والدخول
على النساء .فقال له رجل من النصار :أرأيت الحمو يا رسول ال؟ -والحمو هو أخو الزوج ،فحمو المرأة أخ
زوجها ،سأله كيف دخول أخ الزوج على زوجة أخيه – فقال صلى ال عليه وسلم :الحمو الموت ))هكذا حذر
الرسول عليه أفضل الصلة والسلم هذا التحذير البالغ من أن يدخل أخ الزوج على امرأة أخيه إذ شبهه بالموت
لخطورته.
والناس كثيرا ما يستهينون بهذه الداب ،ول يبالون بمجاوزة هذه الحدود ،فيتسامحون مع أخ الزوج ،ومع
أخت الزوجة ومع ابن العم ومع ابن الخال ومع ابن الخالة ،يتسامحون مع هؤلء وهذا أمر جد خطير .وبسبب
3
كوني في وظيفة أطلع من خللها على الكثير من أحوال الناس ومشكلتهم بسبب ما يصل إلي من أنبائهم من
خلل استفساراتهم عن مشكلتهم عبر الهاتف أو في الجتماعات ،إطلعت على الكثير الكثير مما يندى له الجبين
من المشكلت الناجمة عن التساهل في هذا المر .فقبل كل شيء هناك تساهل عندما يكون الناس في بيت واحد.
الخ مع أخيه في الجتماع بين الخ وزوجة أخيه ،وهذا أمر خطير جدا ،وقع المر أن كثيرا من هؤلء ارتكبوا
الفحشاء وجاءتني المشكلت ،فرجل في وقت قريب وصلت مشكلته إلي ،وتردد أهله – امرأته ،-وتردد هو
بنفسه إلي بعدما زنى بامرأة أخيه وهي أخت زوجته في نفس المر .وهذه قضية من أخطر القضايا تؤدي إلى
الوقيعة بين القارب ،وتؤدي إلى استحكام البغضاء في النفوس بجانب ما تؤدي إليه من شيوع الرذيلة .كذلك
وصلتني رسالة من فتاة تشكو مشكلتها ،هذه المشكلة بدأت من خلل ذهابها إلى بيت خالتها ،وكان زوج
خالتها في نفس البيت يجتمع بها ،وبدأت تشعر بحبه ،حبا مستحكما في نفسها عميقا في قلبها ،وكانت في بادئ
المر على حسب ما ذكرت في رسالتها تحبه حبا عاديا وتعتبره كأحد أخوالها .ثم بعد ذلك نمى هذا الحب وتطور
إلى أن صارت علقة بينهما وانغمسا في الفحشاء .وبعد ذلك حملت منه والخالة ل تعلم شيئا من أمرها ،فشكت
إلى خالتها أنها حامل وهي لم تتزوج بعد ،فساعدتها خالتها على الجهاض ،وظلت علقتها مع زوج الخالة
مستمرة إلى أن أفاقت من سكرتها ،وهنا طلبت المخلص من هذا المر.
كذلك وصلتني مكالمة من إحدى النساء تشكو أن زوجها أقام علقة مع بنت أختها ،وهذا شيء اطلعت عليه
بنفسها .إلى غير ذلك من المور العجيبة التي يقع فيها الناس بسبب عدم مبالتهم بهذه الداب الربانية ،والحكم
النبوية .وال سبحانه وتعالى ما أمر بما أمر به إل لمصلحة العباد ،وما نهى عما نهى عنه إل من أجل أن يقي
عباده المضار التي تترتب على المناهي التي حذرهم منها.
ومن المعلوم أن السلم دين إيجابي ،فهو دين الفطرة ،فهو ل يعالج المشكلة معالجة سلبية فحسب بحيث يأمر
بالتقاء فحسب ،ليكون فيه إرضاء لهذا الظمأ المستعر في النفسين جميعا ،في نفس الرجل ونفس المرأة ،وال
سبحانه وتعالى أمر بتيسير الزواج ،يقول عز من قائل " :وأنكحوا اليامى منكم والصالحين من عبادكم
وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم ال من فضله " .هو سبحانه وتعالى يأمر أولياء المور أل يعضلوا مولياتهم
مما تتطلعن إليه ،فقد قال سبحانه وتعالى " :وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فل تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بال واليوم الخر ذلك أزكى لكم وأطهر وال يعلم
وأنتم ل تعلمون " .قد أمر السلم بتيسير الزواج ،ولذلك يشير إلى الوقت الذي يكون عند الناس ،ويبين أن ال
سبحانه وتعالى هو الكفيل بأن يغني هؤلء الفقراء وأن يمنحهم من فضله " إن يكونوا فقراء يغنهم ال من
فضله " ،فل يعسر أمر الزواج ،ول يكلف من يريد أن يتزوج مهرا بالغا بل على الولياء أن يعفوا عن ذلك إذ
الصداق إنما جعله ال سبحانه وتعالى للتفرقة بين الحلل والحرام فحسب ،ولم تكن قيمة المرأة منوطة بقدر
صداقها ،فإن المر لو كان كذلك لكانت بنات النبي صلى ال عليه وسلم أولى بالمغالة في صدقاتهن ،ومع ذلك
زوج النبي صلى ال عليه وسلم بناته بأيسر الصدقات ،ولم يكلف أولئك الذين تزوجوهن شططا ،بل كان المر
يسيرا جدا .وللناس المؤمنين أسوة حسنة بالرسول صلى ال عليه وسلم ،فإن ال عز وجل يقول " :لقد كان
لكم في رسول ال أسوة حسنة لمن كان يرجوا ال واليوم الخر ".
ونجد أن السلم عندما يكون المر بالغ الهمية بحيث يكون الرجل بحاجة إلى أكثر من امرأة يفتح له المجال
لن يتزوج أكثر من امرأة مع العدل بينهن ،فيقول ال سبحانه " :وإن خفتم أل تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما
طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة " ،يؤمر الرجل الذي يتزوج بأكثر من امرأة
بأن يعدل بينهن في كل شيء اللهم إل أنه عفي عن أمر القلوب لن القلوب ل يستطيع أن يتحكم في عواطفها
وأحاسيسها ومشاعرها ،وما هذا إل من أجل سد باب الفتنة ومن أجل سد المنافذ على الشيطان حتى ل يلج على
هذه النفوس.
هذا ،كذلك هناك الكثير الكثير من المراض التي تتفشى بسبب معاقرة الخمر والدمان على المخدرات بل
والدمان على التدخين ،والسلم جاء بما يحذر من ذلك كله .أول وقبل كل شيء تعاطي الخمر يؤدي إلى الكثير
الكثير من المراض ،وهذا ما يتحدث عنه الطباء ،ول يحصل الوقت الن لقصره أن نتحدث عن المراض
الناجمة عن معاقرة الخمر .والتدخين كذلك تنجم عنه أمراض كثيرة هي نحو المئة ،وذلك مما يؤدي إلى الموت
والنسان مأمور بأن يحافظ على حياته ،وأن يحافظ على صحته ،وأن يحافظ على ماله ،وأن يحافظ على عقله،
وأن يحافظ على عرضه .فالمحافظة على هذه المور ل بد منها .وال سبحانه وتعالى يبين الوعيد الشديد للذين
يقتلون أنفسهم فيقول تعالى " :ول تقتلوا أنفسكم إن ال كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف
نصليه نارا وكان ذلك على ال يسيرا * " .ونجد أن حديث الرسول صلى ال عليه وسلم يدل على خطورة قتل
النسان نفسه ،فقد جاء في الحديث الذي رواه والشيخان وأصحاب السنن من طريق أبي هريرة رضي ال عنه
4
أن النبي عليه أفضل الصلة والسلم قال (( :من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم
خالدا فيها مخلدا ،ومن رمى نفسه من شاهق فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا فيها مخلدا ،ومن شرب
سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا )) ،ومن المعلوم أن شارب الخمر كآكل
السم وكذلك متعاطي التدخين وكذلك متعاطي المخدرات ،فضحايا التدخين الن في العالم هم أكثر من ثلثة
مليين في كل عام ،والنسبة ترتفع باستمرار ،ومضار التدخين تتجلى وقتا بعد وقت ،فإذن التوقي من ذلك كله
مما يقي من هذه المراض.
على أن أمراض الزنى أيضا قد تكون مسببة من شرب الخمور ،فإن من شرب الخمر فقد عقله ،ومن فقد عقله
لم يبالي بما يرتكب ،تتأجج عريزته ويدعوه داعي الهوى إلى ارتكاب الموبقات ،ولربما هتك عرضه بنفسه
بحيث يقع على محرمته ،فقد يقع السكران على ابنته وقد يقع على أخته وقد يقع على أي واحدة من محارمه
من غير مبالة بذلك .ماذا عسى أن تكون حالة السكران؟! السكران هو شر من البهيمة العجماء .البهيمة تقيها
فطرتها من مضارها ،وأما السكران فل يقيه شيء من المضار.
يذكر أحد العلماء أنه مر على سكران وهو يبول في يده أمام الناس ويأخذ ذلك البول ليغسل به وجهه ويقول:
الحمد ل الذي جعل السلم نورا والوضوء طهورا .في هذه الحال .ومر آخر على سكران وهو أمام كلب،
والكلب يلحس وجهه ،وهو يقول للكلب :أكرمك ال .وهكذا حالة السكران ل يبالي السكران بما يأتي ،ول يبالي
بما يرتكب ول يبالي بما يفعل .السكر من المعلوم أنه داعية الزنى ،داعية الفحشاء جميعا.
ثم إن السلم الحنيف أيضا يقطع الطريق على هذه الفحشاء ،فيحذر من المغريات ،فلذلك حذر من الغناء الذي
هو رقية الزنى كما يقال .فالزنى قد يكون متولدا عن الغناء لن الغناء يطرب النفس ،وعندما يطرب النسان
تثور هواجسه وتتأجج غرائزه ،ول يبالي بما يرتكب .وقد جاء تحريم المعازف والملهي من رواية أكثر من
اثني عشر صحابيا عن الرسول عليه أفضل الصلة والسلم ،كل أولئك يروون ذلك عن الرسول صلى ال عليه
وسلم .والنسان يمتع سمعه بسماع آيات كتاب ال سبحانه وتعالى أو بسماع الناشيد الدينية أو الناشيد
الحماسية التي ل تأجج هذه الغريزة الحيوانية في نفسه وإنما تثير كوامن الخير في نفسه وتبعث عزائم الحق.
هكذا يؤمر المسلم أن يسير في هذا الدرب.
ثم كذلك نجد أن السلم الحنيف يحذر من كل ما هو داع إلى الوقوع في مثل هذه الغوايات وتعاطي هذه
الفحشاء .هو قبل كل شيء يدعو النسان إلى أن يستذكر من خلل تذكره لمر الخرة ،يأمر النسان أن يكون
موصول بربه سبحانه وتعالى .فالصلوات الخمس تنهى عن الفحشاء والمنكر من خلل تذكيرها بال ،ومن
خلل تذكيرها باليوم الخر .والمسلم مطالب بأن يذكر الموت باستمرار ،فهو مطالب بأن يذكر الموت وغصته،
وأن يذكر القبر ووحشته ،وأن يذكر الحشر وهوله ،وأن يذكر الحساب وعسره ،وأن يذكر النار وجحيمها ،وأن
يذكر الجنة ونعيمها .ومطالب بأن ل يؤثر دنياه على آخرته فإن إيثار الدنيا على الخرة سبب للوقوع في هذه
الفحشاء .فمن استأسر لشهوته واتبع هواه إنما آثر دنياه على أخراه ،وال سبحانه وتعالى يبين حالة الذين
يؤثرون الدنيا على الخرة وحالة الذين يؤثرون الخرة على الدنيا فيقول سبحانه وتعالى " :من كان يريد
العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموما مدحورا * ومن أراد الخرة وسعى
لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * " ،ويقول سبحانه وتعالى " :من كان يريد حرث الخرة
نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الخرة من نصيب " ،ويقول عز من قائل" :
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهو فيها ل يبخسون * أولئك ليس لهم في الخرة
إل النار وحبطوا ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون * " ،ويقول سبحانه " :فأما من طغى وآثر الحياة
الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى ".
فلينظر النسان أي السبيلين يريد ،وما قيمة هذه الشهوة العاجلة التي يؤثرها النسان على آخرته فينقلب إلى
نار حامية مع أنه جاء في الحديث عن النبي صلى ال عليه وسلم بأنه يؤتى يوم القيامة بأكثر الناس نعيما في
هذه الدنيا فيغمس غمسة في عذاب الخرة ،ويقال له :هل ذقت نعيما قط؟ فيقول :ل .ل يتذكر ذلك النعيم عندما
يرى هول ذلك العذاب .ويؤتى بأكثر الناس بؤسا في هذه الدنيا ،ويغمس غمسة في نعيم الخرة ثم يقال له :هل
ذقت بؤسا قط؟ فيقول :ل .الدنيا ينساها النسان بكل ما فيها لذلك كان على كل أحد أن يضبط نفسه وأن يقيد
جوارحه بقيود التقوى ،وأن يزم عنان هذه النفس بزمام اليمان بال سبحانه وتعالى واليوم الخر بحيث يفكر
في جميع الحوال في مراقبة ال تبارك وتعالى ،وال عز وجل يراقبه في كل أحواله ،في نومه وفي يقظته ،في
ذكره وفي غفلته ،في سفره وفي حضره ،في حزنه وفي فرحه ،في مكرهه وفي منشطه .يقول ال تبارك
وتعالى " :ولقد خلقنا النسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد *إذ يتلقى المتلقيان
5
عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد * " ،ويقول عز من قائل " :كل بل
تكذبون بالدين * وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون * ".
وعلى أي حال نحن نعلم أن هذه المراض ما تفشت في المجتمعات التي تفشت فيها إل بسبب ارتكاب الفحشاء
والنغماس في الرذيلة والبعد عن الحق ،فإن هذه هي سنة ال تبارك وتعالى في عباده " وما هي من الظالمين
ببعيد " كما أخبر سبحانه .ول يلزم أن يكون عقاب كل أمة من المم كما عوقب قوم لوط بالحجارة التي كانت
من سجيل منضود بل يمكن أن يكون العقاب متنوعا ولكن يفضي هذا العقاب إلى الهلك وفيه عبرة للمعتبرين.
ومن المعلوم أن أحد ملوك فرنسا في عصر من العصور الغابرة قبل نحو ألف عام أو ما يزيد على ذلك أرسل
حملة عسكرية إلى بعض بلد الشام ،وكان مما أرسله في هذه الحملة جميع وسائل الترفيه حتى يكون أولئك
الجند على حالة راحة وطمأنينة .وكان مما أرسله في ذلكم الجند قطيعا من الفتيات الحسناوات من أجل استمتاع
الجنود بهن ،فما كانت العاقبة إل أن تولد بذلك ذلكم الداء الخطير ،الداء الذي عرف باسم الداء الزهري .وكان
هذا الداء غير معروف فيمن تقدم وإنما تولد بسبب ذلك ،وانتقل من الغرب إلى الشرق من طريق هؤلء
الوروبيين الفرنج ،فلذلك سمي في البلد العربية بمرض الفرنج .ونحن أدركنا الناس هنا في عمان يسمون
هذا المرض بالفرنج لنه وصل إليهم من طريق هؤلء الفرنج .فهكذا تؤدي الفحشاء إلى الوقوع في هذه
المنكرات.
ولكن السلم بحدوده وقيوده وآدابه وأخلقه وقيمه وفضائله يحول بين المسلم والمسلمة وبين الوقوع في هذا
المستنقع الخطير والمسموم ،وبالتالي تكون حياة المسلم والمسلمة حياة آمنة مستقرة هادئة .فهذه المراض
المنتشرة الن ،أمراض اليدز والهربس وغيرها – أمراض فقدان المناعة كما يقال – إنما هذه المراض ما
كانت إل بسبب الوقوع في هذه الفحشاء .فعلى الكل أن يتقي ال تبارك وتعالى ليقيه ال عز وجل هذه المخاطر
وليصونه من عاقبتها السيئة.
أسأل ال سبحانه وتعالى أن يجعل مجتمعنا وجميع المجتمعات السلمية مجتمعات آمنة مطمئنة مستقرة وأن
يلهمنا الرشد وأن يهدينا سواء السبيل ،وأن يجعل العفة في رجالنا ونسائنا وأن يجعل الغيرة في قلوب رجالنا،
وأن يجعل الحياء في وجوه نسائنا إنه تعالى على كل شيء قدير ،وبالجابة جدير نعم المولى ونعم النصير.
وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين " .سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على
المرسلين والحمد ل رب العالمين ".
**سؤال :هل تجوز تربية كلب في المنزل سواء كان للحراسة أو لغير الحراسة خصوصا في شهر رمضان؟
وهل يمكن أن يكون هذا الكلب جاسوسا لصاحبه؟
الجواب:
من المعلوم أن الكلب من الحيوانات المزعجة ولذلك جاء التشديد في تربيته .ثم تترتب على تربيته أيضا مضار.
فهناك مضار ل سيما إذا كان هذا الكلب كلبا ( بفتح الكاف وكسر اللم ) – فيه داء الكلب " بفتح الكاف واللم _
ولذلك جاء في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم (( :إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغرفه وليغسله
سبعا أولهن وأخراهن بالتراب )) لجل التوقي من هذا الداء الذي هو داء الكلب.
ولجل هذا جاء في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم أنه من ربى كلبا نقص من أجره كل يوم قيراط أو
قيراطان .والقيراط كجبل أحد .وهذا يعني تحريم التربية ،وإنما استثني من ذلك في الحديث كلب الصيد،
واستثني أيضا كلب الحراسة – كلب الماشية – إذا كان يحرس النسان ماشيته بالكلب فل مانع من ذلك ،بل جاء
في بعض الروايات كلب الضرع وكلب الزرع بجانب كلب الصيد .فل مانع من الكلب الذي يحرس ،سواء كان
يحرس زرعا أو كان يحرس ضرعا – أي يحرس الماشية – أو كان حارسا للبيت عندما يكون الوضع وضعا
غير آمن فل يجد النسان مناصا من تربية كلب من أجل أن يكون حارسا لبيته .أما فيما عدا ذلك فل يجوز .وأما
جاسوسية الكلب فهذه قضية لست أدريها كيف يكون هذا الكلب جاسوسا.
**السائل يقول ما رأيكم في خروج المرأة وصلتها كاشفة القدمين مع العلم أن ثوبها طويل ساتر؟
6
الجواب:
ل يكفي ستر الساقين من غير ستر القدمين .ل بد من ستر القدمين لن القدمين لم يستثنيا كما استثني الوجه
والكفان هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى جاء في الحديث ،حديث أم سلمة ،ما يدل على وجوب سترهما؛ فالنبي
صلى ال عليه وسلم عندما كان يتحدث عن إرخاء الرجل إزاره وخطورة ذلك – أي خطورة السبال ،-عندما
كان يتحدث عن ذلك سألته أم سلمة رضي ال تعالى عنها عن المرأة ،فقال صلوات ال وسلمه عليه (( :ترخي
شبرا )) ،فقالت له أم سلمة رضي ال عنها :إذن ينكشف عن قدميها .فقال عليه أفضل الصلة والسلم:
(( ترخي ذراعا )) أي ترخي ذراعا لئل ينكشف قدماها .هذا دليل على أن كشف القدمين غير جائز.
** سؤال :ما حكم التصوير بالكاميرا صورا عائلية وما شابه من أجل الذكرى؟
أول قبل كل شيء الصورة المثيرة ممنوعة أيا كانت ،والصورة التي أيضا توحي بالتعظيم هي ممنوعة ،أما ما
عدا ذلك فقد رخص ،بعض العلماء رخصوا في الصور التي هي باللة الفوتوغرافية ل بالرسم ونحوه.
** سؤال آخر :عرفنا مصير الرجال في الجنة أن لهم زوجات حور عين ،ولكن ما مصير النساء في الجنة ألهن
أزواج أم ل ؟
الجواب:
نعم .أول قبل كل شيء علينا أن نعلم أن مسألة الحور العين يعني هل هن خلق آخر غير خلق نساء الدنيا هذا
أمر مختلف فيه .جاءت بعض الروايات لكن ل تصل إلى درجة القطع بأنهن غير نساء الدنيا ،فلذلك قال من قال
من المفسرين بأن الحور العين هن نفس نساء الدنيا .وجاء في الحديث عن الرسول صلى ال عليه وسلم في
تفسير قول ال تعالى " :إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا * عربا أترابا * لصحاب اليمين * " أن ذلك
إنما هو في النساء اللواتي كن في الدنيا رمصا عجائز بحيث متن في هذه الدنيا بهذه الحالة وهن مؤمنات،
فإنهن يتحولن يوم القيامة إلى هذه الحالة فيكن أترابا لصحاب اليمين ،أي في سن واحدة هن وهم ،ويكن بهذه
الحالة .ومن المعلوم أن الحور ( بفتح الحاء والواو ) المذكور الذي اشتق منه وصف الحوراء ،وكذلك العين
الذي اشتق منه وصف العيناء هو في النساء الجميلت ،فكل نساء الدنيا يكن عندما ينقلبن إلى الجنة يوم
القيامة يكن نساء جميلت في منتهى الجمال .هذا أمر ل شك فيه ،فإذن هن أيضا يتمتعن مع أزواجهن بذلك
النعيم ،ول توجد في الجنة عزباء قط كما ل يوجد فيها أعزب.
** سؤال آخر :ورد في حديث الرسول صلى ال عليه وسلم أن المرأة إذا بلغت المحيض ل يجوز أن يظهر
منها إل الكفان والوجه .فهل هذا هو الحجاب؟ وهل هناك أحاديث تدل على مشروعية النقاب؟
الجواب:
هذا الحديث حديث رواه أبو داود وابن ماجه من طريق عائشة رضي ال تعالى عنها أن النبي صلى ال عليه
وسلم دخل بيتها وكانت فيه أسماء بنت أبي بكر رضي ال عنهما وكانت عليها ثياب رقاق ،فعندما أبصرها
رسول ال صلى ال عليه وسلم أعرض عنها بوجهه وقال (( :يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يحل أن
يرى منها إل هذا وهذا)) أشار إلى وجهه وكفيه .ولكن الحديث ضعيف السناد لن فيه إرسال من ناحية ومن
ناحية أخرى جاء من رواية قتادة معنعنة ،وقتادة كان معروفا بالتدليس ،فلذلك إذا جاءت روايته معنعنة ل يؤخذ
بها اللهم إل إن كانت هنالك شواهد أخرى من طريق آخر .ويذكر لهذا الحديث شواهد ولكن ل أعرفها .وإن كان
هناك طائفة كبيرة من العلماء تقول بأن وجه المرأة وكفيها من العورة ولكن نحن ل نقول بهذا الرأي .وإنما
نقول مع خوف الفتنة يجب أن تستر وجهها وكفيها ،مع خوف الفتنة ،ل بد من ذلك .ونستحب هذا الستر في
غير حالة الخوف.
أما بالنسبة إلى الدليل الذي يدل على ذلك فأول أن النبي صلى ال عليه وسلم عندما بين الحرام بين أن إحرام
المرأة في وجهها ،ومن المعلوم أنه ل يكون تعبد بكشف شيء من العورة .ليس من المعقول أن يكون تعبد
بكشف شيء من العورة ل من الرجل ول من المرأة .المر الثاني أن النبي صلى ال عليه وسلم أيضا نهى في
الحرام المرأة أن تلبس القفازين .نهى المرأة المحرمة أن تتنقب ،ونهى المحرمة عن لباس القفازين .فتبين لنا
من خلل ذلك أن وجه المرأة وكفيها ليسا من العورة.
7
أما الحاديث التي تدل على مشروعية النقاب بعض العلماء أخذ ذلك من التفسير لقول ال تعالى " :يا أيها النبي
قل لزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلبيبهن" ،كانوا يقولون بأن إدناء الجلبيب على
الوجوه ثم على الصدور .وهذه المسألة كما ذكرنا فيها خلف بين أهل العلم.
** سؤال :هل الرزق والزواج مكتوب في اللوح المحفوظ؟وهل مكتوب أن يتزوج فلن بفلنة بعينها مثل ول
يمكن للمرأة أن تتزوج أيضا إل من كتب لها أن تتزوجه؟
الجواب:
هذا مما دل عليه النص القرآني " وفي السماء رزقكم وما توعدون " فهو مسجل معلوم " ،وما من دابة في
الرض إل على ال رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين " .و كذلك حديث الرسول صلى ال
عليه وسلم (( :أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك )) .فذلك كله مما يدل على
هذا.
الجواب:
لماذا؟! إن كان لضرورة فنعم وإل فل.
الجواب:
يؤذن للمرأة أن تزيل شعر ساقيها وأن تزيل شعر ساعديها إن نبت لها شعر ل تمنع من إزالته ،وإنما تمنع من
ترقيق شعر الحاجبين فقط وذلك النمص.
** سؤال :ما النصيحة التي تقدمها للنساء المتبرجات اللتي يظهرن شعرهن ويضعن الصباغ على وجوههن
وأيديهن؟
الجواب:
عليهن أن يتقين ال وأن يذكرن الدار الخرة وما أعد ال فيها من نعيم مقيم للمؤمنات ،وما أعد ال فيها من
عذاب أليم للفاسقات .عليهن أن يتقين ال تعالى وأن ل يعرضن أجسامهن للنار بارتكاب محارم ال سبحانه.
الجواب:
أما إن كان الشعر أبيض فل مانع من صبغه بالحناء ،وأبيح للمرأة إن كانت لجل زوجها أن تصبغه بالسواد مع
علم الزوج بذلك بحيث ل تكون غارة له .وأما إن كان هذا الشعر أسود فذلك من تغيير الخلقة أن تصبغه بلون
آخر.
** سؤال :هل يجوز أن نقطع على الفحص المعتاد في المدرسة الذي تقوم به طبيبة المدرسة ويشمل كشف
عورات الطالبات؟ ( لم أسمع السؤال جيدا من الشريط ولكن السؤال بشكل عام عن الفحص الذي تقوم به طبيبة
المدرسة للطالبات )
الجواب:
ذلك غير جائز إل في الضرورة التي ل مناص منها.
** سؤال :هل يصح أن يتزوج الزاني من الزانية التي ارتكب معها الفاحشة وبعد أن حملت منه؟
الجواب:
إن ال تبارك وتعالى جعل العلقة الزوجية علقة طهر ،علقة عفاف ،علقة استقرار للنفس وطمأنينة في القلب
وحياة في الضمير .هذه هي العلقة بين الزوجين .وقد امتن سبحانه وتعالى بذلك عندما قال " :ومن آياته أن
8
خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون " .فجعل
المنة الكبرى في الزواج هي السكون ،وليس السكون هنا سكون الجسم وإنما السكون هنا سكون القلب،
وطمأنينة النفس وراحة الضمير ،هذا هو المراد بالسكون.
ومن المعلوم أن الرجل الذي اختبر المرأة بنفسه وضاجعها على بساط الدعارة والفحشاء ل يمكن أن تطمئن
نفسه إليها ولو تابا معا عندما يتزوجها ،بل تظل الوساوس تنتابه والقلق يؤرقه ،فهو دائما يتذكر تلك الساعات
الماجنة التي قضاها بجنبها وهما يتعاطيان كأس الفحشاء وينغمسان في وحل الرذيلة .فل بد من أن تنتابه هذه
الوساوس ،يظل يتذكر تلك الحالة ويظل يؤرق نفسه أن تلك المرأة كما أباحت له عرضها ل يمكن أن يؤمن
جانبها بأن تبيح هذا العرض لغيره .كذلك بالنسبة إليها فإنها تظل تذكر تلك الخيانة التي حصلت منها عندما
ارتكب معها ما ارتكب ،ما الذي يمنعه من أن يفعل ذلك مع غيرها ،وتظل هذه الوساوس تنتاب قلب كل واحد
منهما ،ول يكون هنالك استقرار ول يكون هنالك شيء من الطمأنينة.
على أننا نجد أن جماعة من السلف الصالح من صحابة النبي صلى ال عليه وسلم – رضي ال تعالى عنهم –
قالوا :أيما رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان .فهذه الرواية مروية عن المام علي بن أبي طالب وعن
ابن مسعود وعن أم المؤمنين عائشة وعن البراء بن عازب وعن غيرهم – رضي ال تعالى عنهم ،-كل واحد
من هؤلء قال ( :أيما رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان ) ،أي مستمران على الفحشاء لن زواجهما لم
يبنى على الطهر والعفاف والنزاهة فلذلك كان الحكم كذلك.
ولئن كان هذا في ذلك المجتمع النظيف ،المجتمع الطاهر ،المجتمع الذي تنزل في جيله القرآن الكريم وعرف
بما عرف به من الصون والعفاف ،فكيف بالمجتمعات الحاضرة ؟!! كيف بهذه المة التي استطار الفساد في
هشيمها ،وعمت الفحشاء حياتها؟!! أل يقال بأن منع الزواج بين المتزانيين هو الدواء النافع وهو المقراض
الذي يقطع حبل الفساد؟! فإن كل رجل يتعلق بامرأة ويأمل أن يتزوجها ل تمتنع نفسه من أن تنغمس في هذه
الفحشاء معها إن كانا على غير تقى وغير دين وهو طامع بأن تستمر العلقة بينهما ،وكذلك بالنسبة إلى
المرأة .ولكن عندما يعلم ذلك الرجل أن ذلك يؤدي إلى يحرم من تلك المرأة حرمة أبدية ،وعندما تعلم المرأة أن
ذلك مما يؤدي إلى أن تحرم من ذلك الرجل حرمة أبدية ،فل ريب أن ذلك مما يجعلهما يتحفظان من هذا ،وهذا
الدواء هو العلج لمشكلة الفتيات في هذا الوقت .هذا الوقت كما ذكرنا وقت حل فيه ما حل من الفساد .وأنا
أتلقى دائما رسائل من الفتيات يذكرن فيه شكوى مرة من أمثال هذه التصرفات التي هي ناتجة عن تساهل
البوين في تربية الولد ،تربية البناء وتربية البنات ،بحيث ل يبالي البوان بذهاب الفتاة عند أي شاب ول
يبالي البوان أيضا بذهاب الفتى أو الشاب مع أي فتاة مهما كان المر جد خطير .فقد يكون هناك أمل خادع
يحرس الشاب المغرور أن يغرر بالفتاة ،يحرص على أن يأملها بأن يكون شريك حياتها وأن يكون فارس
أحلمها وهي ل تبالي بالخروج معه وتتجاوز القيود ،قيود الحشمة والفضيلة التي فرضها ال سبحانه وتعالى.
فهذا ناتج عن سوء التربية ،فلو كانت هنالك تربية حسنة لما وقع ذلك .ولكن سرعان ما يحرص هذا الفتى أن
ينصب لها شراكا من أمل خادع .هذا المل يجعلها تقع في هذا الفخ فإذا به يفترسها فيرزأها في أعز ما تملك،
ويتركها من بعد ضحية ،يتركها وهي قد رزئت في أعز ما تملك .وبجانب ذلك أيضا يتركها أسيرة الهموم ،فهي
تفكر في مستقبلها وتفكر في ذلك الجنين الذي تسمع من حاله صوت النات التي تتصاعد منه ،يؤرقها هذه
النات وإن كانت ل تسمع صوتها وإنما تحس بها ،فهو إما أن يعيش حياة كلها حياة ازدراء ومهانة وذل وخزي
لنه جاء بطريقة غير شرعية فيكون منبوذا في مجتمعه ،وإما أن تكون نهايته الوأد في مصحات الجهاض.
لذلك تبقى هذه الفتاة أسيرة قلقها وهمومها .وهذا ما وقع كثيرا .وذلك الشاب بعدما رزأها في أعز ما تملك
رفسها برجله وكشر لها عن أنيابه العصر غير مبال بحالتها النفسية.
من أيام قريبة تلقيت رسالة من إحدى الفتيات تشكو هذا المر ،فكانت تقول بأنها على وشك الزواج من شاب،
ولكن لسبب أو لخر تأخر الزواج لفترة قليلة فاستدرجها إلى أن أوقعها في هذه الفحشاء ،وإذا به يرفسها ول
يبالي بها ،يتنكر لها تنكرا عجيبا .والمر كما قلت كيف يطمئن إلى من اختبرها بنفسه ،فلذلك يجب أن يشيع هذه
الفتوى وهي أن كل زان يحرم عليه أن يتزوج يمزنيته وكل زانية يحرم عليها أن تتزوج بمن زنى بها ،وال
تعالى أعلم.
** سؤال :ما حكم جلوس المرأة في مجلس واحد مع أبناء عمها أو خالها وتجاذب أطراف الحديث؟
الجواب:
ذلك مما يدخل في قول النبي صلى ال عليه وسلم (( :إياكم والدخول على النساء )) ،وعندما سئل عليه أفضل
الصلة والسلم عن الحمو قال (( :الحمو الموت )).
9
**سؤال :في قوله تعالى " :والطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء " لماذا ذكر الطفل بالمفرد مع أن
الذين بالجمع؟
الجواب:
( ال ) هنا للجنس ،فالمراد جنس الطفال وليس المراد طفل واحدا وإنما المراد بذلك الجنس فلذلك ذكر ال
تبارك وتعالى الوصف بصيغة الجمع ولم يذكره بصيغة الفراد.
** سؤال :هل يجوز للمرأة الصلة وشعرها غير مربوط مع ارتداء الحجاب؟
الجواب:
كره العلماء ذلك بل منهم من شدد في ذلك ولكن مع هذا ل نستطيع أن نقول ببطلن صلتها وإنما نقول عليها
أن تربط شعرها لئل يسترسل حتى يظهر وال تعالى أعلم.
الجواب:
للتغليظ في ذلك ،لن أمر القتل والزنى أمر غليظ .ثم من المعلوم أن المرأة معرضة لحالت نفسية بسبب ما
ينتابها من حالت طبيعية فهي معرضة لهذه الحالت بسبب الدورة الشهرية وبسبب الحمل وهذا مما يؤدي إلى
أنها تنسى أحيانا بسبب الحالت النفسية التي تنتابها من جراء ذلك .واطلعت فيما اطلعت عليه في بعض
الكتابات على مقال منقول عن باحثة اجتماعية فرنسية ذكرت أن عاطفة المرأة عاطفة قوية ،وأن هذه العاطفة
عندما تشب تشغل كل جانبي دماغها بخلف عاطفة الرجل فإنها تشغل جانبا واحدا من الدماغ ويبقى الجانب
الخر صالحا للتفكير .ومن هنا فارقت المرأة الرجل ،وتظهر الحكمة البالغة في قوله تعالى " :أن تضل إحداهما
فتذكر إحداهما الخرى " ،لجل هذا كان التشديد في أمر الزنى وأمر القتل دون الحقوق والمعاملت وال تعالى
أعلم.
** سؤال :هل يجوز للمرأة أن تسافر الخارج للدراسة مع محرم من محارمها أو مجموعة من الفتيات؟
الجواب:
أما مع محرم ،مع صون نفسها ومع كون ذلك المكان آمنا ،فل حرج .وأما مع الفتيات إل إن كن يصحبن
محارمهن ثم يعود أولئك المحارم عنهن فل حرج في هذه الحالة مع اشتراط أن يكون المكان آمنا.
** سؤال :ماذا يجب على المرأة الحامل إن أفطرت بسبب خوفها على نفسها أو خوفها على جنينها؟
الجواب:
الحامل والمرضع أبيح لهما الفطار في شهر رمضان إن خافتا على نفسيهما أو خافت المرضع على ولدها أو
خافت الحامل على جنينها .وأمرن بما يقابل ،ولكن اختلف العلماء ما الذي يقابل هذا ،فقيل القضاء وحده ،وقيل
القضاء والفدية – إطعام مسكين عن كل يوم – وقيل بل الفدية وحدها ،والخذ بالقول الثاني وهو القضاء
والفدية أحوط وال تعالى أعلم.
الجواب:
على أي حال نحن قبل كل شيء علينا أن نعدل الكلمات لتكون وفق اللغة السليمة .الخطوبة هذي ما موجودة في
اللغة العربية ،الخطبة ( بكسر الخاء وسكون الطاء ) " من خطبة النساء " ،والقرآن تشريع تعبيري كما أنه
تشريع تعبدي .خطبة وليست خطوبة .خطوبة ما وجدت في كلم العرب.
على أي حال ،هذا الخاتم المعروف بـ ( الدبلة ) من المور التي دخلت المجتمع المسلم من خلل الحتكاك
بالمجتمع الغربي وبسبب الضعف الذي لحق بالنفوس عندما اهتز إيمانها وضعف يقينها وقلت صفتها بربها
واستكبرت عدوها واستأسرت لخطبه ومكائده .فإنه من المعلوم أن السلم الحنيف جاء بما يحفظ كيان هذه
المة ،يجعل هذه المة أمة عزيزة مكرمة ،أمة تؤثر ول تتأثر ،وتقود ول تنقاد ،وتعتز ول تذل .جاء السلم
الحنيف بالتعاليم الربانية التي تقطع دابر كل أثر نفسي من جراء استعظام ما عند العدو ،فال تعالى قبل كل
10
شيء حرم الموالة ،موالة أعدائه ،يقول تعالى " :يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون
إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بال ربكم إن كنتم خرجتم
جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم ما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد
ضل سواء السبيل * إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون *
" فهذه الغاية من كل كافر أنه يود المسلم أن يكفر ككفره .ويقول سبحانه " :يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا
اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن ال ل يهدي القوم الظالمين *
فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ،ثم بين سبحانه أن من تولهم
كان منهم " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " .ثم إنه سبحانه وتعالى أتبع ذلك ما يدل على أنه ل يتولهم إل من
كان مريض النفس ،فهذا مرض نفساني مؤثر على هذه النفوس حتى استشعرت بالذلة وأرادت أن تكتسب العزة
من وراء موالتها لعدائها " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "،
ثم إنه سبحانه في معرض هذا الحديث حذر من الرتداد ،هذا فيه تنبيه بأن هذه الموالة عندما يسترسل فيها
النسان ل يقف عند حد حتى يصل إلى الردة والعياذ بال ،لذلك في نسق هذه اليات قال ال سبحانه وتعالى" :
يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت ال بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على
الكافرين يجاهدون في سبيل ال ول يخافون لومة لئم ذلك فضل ال يؤتيه من يشاء وال واسع عليم * " .ثم
بين من يجب على المسلم أن يحصر ولؤه له فقال " :إنما وليكم ال ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون
الصلة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ،وقال " :ومن يتول ال ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب ال هم
الغالبون " .فعلى المسلم أن يحرص على أن يجعل ولءه لربه ولنبيه ولخوانه المؤمنين دون هؤلء الكفرة
الفجرة.
ومما كان الرسول صلى ال عليه وسلم يحرص على أن يربي أمته عليه أنه كان يحذرهم من أي شيء فيه
تشبه بالكفرة ،فقد كان يقول :افعلوا كذا...خالفوا المجوس...خالفوا اليهود والنصارى ...خالفوا المشركين .هكذا
كان الرسول صلى ال عليه وسلم .حتى في المور العادية الطبيعية كان يأمر بمخالفتهم ،عندما مر يهودي
والنبي صلى ال عليه وسلم كان في حالة دفن ميت ،وكان هو واقفا وكان أصحابه وقوفا ،فقال :هكذا تصنع
أحبارنا .قعد النبي صلى ال عليه وسلم وأمر أصحابه بالقعود لئل يتأثروا بعادات اليهود .فكيف لهذا المسلم
يأخذ يقلد أعداء السلم !
وما أصل هذا الخاتم خاتم الخطبة أو ما يسمى بالدبلة؟ ما أصل هذه العادة؟ الصل في ذلك أن الرومان في
سالف العصور كانوا يتخذون خاتما من حديد ليلبسه الرجل الذي يريد خطبة امرأة في خنصرها اليسر وتلبسه
أيضا مثل ذلك في خنصره اليسر لنهم كانوا يعتقدون أن القلب ينبض في الخنصر ،وكانوا يقولون :من ألبس
امرأة خاتما من حديد في خنصرها اليسر أو ألبست الرجل خاتما من حديد في خنصره اليسر كان ذلك داعيا
لسر القلوب ،فهو يأسر بذلك قلبها وهي تأسر بذلك قلبه .ثم تطورت العادة إلى أن أصبح الذهب بدل من الحديد.
وانتشرت هذه العادة في أوروبا ،ومع الغزو الوروبي ،الغزو العسكري والغزو الخلقي والغزو الثقافي والغزو
الجتماعي ،إنتقلت هذه العادة إلى بلد المسلمين وأخذ المسلمون يقلدون أولئك مصداقا لقول النبي صلى ال
عليه وسلم (( :لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى أنه لو دخلوا جحر ظب لدخلتموه )) قيل
له :اليهود والنصارى يا رسول ال؟ قال (( :فمن؟!)) .فإذن هذه العادة وصلت بسبب هذا التباع العمى من
المسلمين لعدائهم الكافرين ،وهذا خلف ما يدعو إليه السلم .ونحن ننظر هل هذه إل خرافة؟!! هل هذا أمر
صحيح؟! كم من زواج تم بين رجل وامرأة بدون هذه العادة وكان زواجا موفقا ،وكانت اللفة بين الزوجين على
أحسن ما ينبغي أن يكون المر .وكم من زواج تم بهذه الطريقة وإذا بالعلقة تنقلب إلى جحيم ل يطاق .فإذن ما
الداعي لهذا التقليد العمى!! فضل عن كون لباس الرجل للذهب أمرا محرما فإن من لبس الذهب فقد أخذ جمرة
من نار جهنم ووضعها في يده أي بالنسبة إلى الرجل ،فالنبي صلى ال عليه وسلم شدد في ذلك كثيرا.
ومع هذا كله علينا أن ندرك أنه عندما كان المسلمون أقوياء كانوا مأثرين ولم يكونوا متأثرين ،كانوا قائدين
ولم يكونوا منقادين ،كانوا أعزة ولم يكونوا أذلء ،كان الزمام بأيديهم فكان الخرون يتبعونهم .أما عندما انقلب
المر إلى عكس ذلك وتضعضعت هذه النفوس أخذ المسلمون يترسمون خطوات أعدائهم ليجعلوا ذلك مظهرا
من مظاهر المدنية ومظهرا من مظاهر التمدن .الن نحن نسمع المسلم العربي والمسلمة العربية عندما يتكلمان
ويريدان أن يظهرا نفسيهما بمظهر المدنية والتقدم دائما يرددان الكلمات الجنبية ( أوكي !) بين الكلمة
والخرى ( أوكي أوكي ) ،مثل هذه الكلمات .هذا دليل ضعف النفوس وانهزام النفوس .انهزمت النفوس إلى حد
بعيد .عندما كان المسلمون أقوياء كان المر بخلف ذلك .ذكر التاريخ أن المسلمين عندما كانوا يحكمون
الندلس وكان هناك بجوارهم عدد من النصارى كان الشاب النصراني عندما يريد أن يظهر لزملئه أنه متمدن
وأنه متحضر كان يتحدث بالكلمات السلمية فيقول :السلم عليكم ،ويقول :مع السلم .وأمثال هذه الكلمات و (
وفي حفظ ال ) .كذلك الفتاة عندما تظهر نفسها بمظهر التقدم كانت تأتي بهذه الكلمات .الن شبابنا وفتياتنا هم
الذين يقولون ( باي باي ) لجل أن يظهروا أنفسهم بمظهر التقدم والمدنية ،وهكذا .هكذا انقلبت المور رأسا
على عقب.
11
هنا كلمات أنا كررت ذكرها كثيرا في مثل هذه المناسبات ول أرى مانعا أن أكررها ،هي كلمات قالها الشاعر
المسلم الباكستاني محمد إقبال ،وكم أتمنى أن تكون هذه الكلمات ملئ قلوبنا وأفكارنا وحواسنا ومشاعرنا وأن
نطبقها تطبيقا دقيقا .يقول ( :إن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ويساير الركب البشري حيث اتجه وسار بل
خلق ليوجه العالم والمجتمع والمدنية ويفرض على البشرية اتجاهه ويملي عليها إرادته لنه صاحب الرسالة
وصاحب الحق اليقين ،ولنه المسؤول عن هذا العالم وعن سيره واتجاهه فليس مقامه مقام التقليد والتباع ،إن
مقامه مقام المامة والقيادة ،مقام الرشاد والتوجيه ،مقام المر الناهي .وإذا تنكر له الزمان وعصاه المجتمع
وانحرف عن الجادة لم يكن له أن يخضع ويضع أوزاره ويسالم الدهر بل عليه أن يثور عليه وينازله ويظل في
صراع معه وعراك حتى يقضي ال في أمره .إن الخضوع والستكانة للحوال القاسرة والوضاع القاهرة
والعتذار بالقضاء والقدر من شأن الضعفاء والقزام أما المؤمن القوي فهو بنفسه قضاء ال الغالب وقدره
الذي ل يرد ) .هذي الكلمات كم نحن بحاجة إلى تطبيقها .المة المسلمة عندما اعتزت بإيمانها كانت أمة قوية
مصونة مكرمة ول المر من قبل ومن بعد.
الجواب:
نعم إذا كانا محرمين فنعم .أما إن كان أجنبيا منها فل يجوز لها أن تصافحه ول يجوز له أن يصافحها وال
تعالى أعلم.
12