Professional Documents
Culture Documents
المد ل السميع البصي العليم البي الذي وسع كل شيء علما ،وأوسع كل شيء حادثا علما،
سبحانه هو الكيم فيما أمر به ،وفيما ينهي عنه ،ل تبديل لكلماته ،ول راد لكمه ول معقب
لقضائه ،هو الول والخر والظاهر والباطن ....وهو بكل شيء عليم ،إليه وأومن به وأتوكل
عليه ،من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له .وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل
شريك له ،وأشهد أن سيدنا ونبينا ممدا عبده ورسوله ،أرسله ال هاديا إل الي ،وداعيا إل ال
ومعلما من الهالة ومنقذا من الضللة فبلغ الرسالة وأدى المانة ونصح المة وكشف الغمة..
صلوات ال عليه وعلى آله وصحبه أجعي وعلى تابعيه بإحسان إل يوم الدين.
صاحب العال الخ العزيز :سال بن عبدال الغزال وزير الواصلت وراعي هذا الفل...
أصحاب الفضيلة والسعادة ...أيها الخوة الضور السلم عليكم جيعا ورحة ال وبركاته.
أما بعد:
فإننا سعداء جيعا أن نلتقي ف هذا النتدى الدب والصرح الفكري الذي تشع من جنباته علينا
أنوار العرفة بي حي وآخر ف ظلل ذكريات العلماء والنابغي وإننا لسعداء بأن يكون لقاؤنا
هذا وعماننا العزيزة تتفيأ ظلل عام التراث الذي أراده بأن هذه النهضة حضرة صاحب الللة
السلطان قابوس بن سعيد العظم أن يكون مدرسة للجيل الديد بيث يتتلمذ فيه على ذلك
السلف العظيم ليكون هذا اللف صورة من ذلك السلف وليكون هذا الاضر امتدادا لذلك
الاضي وليضم الطارف من الماد إل تليدها
فشكرا لذه النهضة على هذه الغاية البالغة بذا التراث السلمي الوطن وشكرا لوزارة التراث
القومي والثقافة وعلى رأسها صاحب السمو السيد فيصل بن علي آل سعيد وزير التراث القومي
والثقافة على هذه العناية لبراز هذا التراث بعدما ينفض عنه ما تراكم عليه من غبار الزمن عب
القرون التتالية وشكرا لكل من ساهم ف بناء هذه النهضة والسي قدما بذا الركب ف ظلل
الضارة السلمية وف طريق الداية الربانية وأسأل ال -تبارك وتعال -أن يبارك ف هذه الهود
جيعا وأن يكللها بالنجاح.
هذا ولئن كان الناس جيعا يعتزون بتراثهم الالد ويرصون على الرتباط بسلفهم العظيم فإن
ذلك -بطبيعة الال -يتوقف على دراسة هذا التراث والطلع على معاله والبة بسي السلف
الصال الذين حلوا بأيديهم مشاعل الداية؛ ليلوحوا با ف وسط الدياجي الظلمة ؛ لجل استنارة
هذه النسانية بالدى حت تعرف أين تضع أقدامها وتسي ف درب السلمة إل سلمة الدنيا
وسعادة الخرة .حيث تتفيأ ف هذه الدنيا ظلل الكرامة وتتفيأ ف الدار الخرة رضوان ال عز
وجل ف جنة عالية عرضها السماوات والرض أعدت للمتقي ول ريب أن العلماء العلم الذين
تركوا بصماتم واضحة ف تاريخ الضارة السلمية هم أول بأن تدرس سيتم وأن تدرس
آثارهم ،ومن بي هؤلء العلماء الذين تتفي بم السلطنة هذا العال الليل الشيخ العلمة ممد بن
إبراهيم الكندي السمدي النوي -رحه ال تعال -الذي ترك كثيا من الثار الت يصدق عليها
قول الشاعر:
ولو ل يكن له إل ذلك الكتاب الامع الذي سي " بيان الشرع الامع من علوم السلم الصل
والفرع" -وهو أسم طابق مسماه -فكفاه مزية وفضل أن جع بي دفتيه شتات العلوم وأنواع
العرفة ،فهو حقا موسوعة كبى تمع بي الفقه والعقيدة والدب والخلق ،فكيف وقد أسهم
بؤلفات أخرى تدل على علو كعبه ورسوخ قدمه وقوة بيانه وسطوع حجته فجزاه ال عن
السلم والسلمي خيا
ول ريب أن ما تعتز به هذه المة السلمية بأسرها أن ال -تبارك وتعال -جعل لا ف دينها
النيف وفيها شرع لا من أحكام ما يغنيها عن الغي فإن ال -تبارك وتعال -أرسل رسوله
ممدا -صلى ال عليه وسلم -بكتابه الكري ،وأمره -صلوات ال وسلمه عليه -أن يبي للناس
ما خفي عليهم من مملت هذا القرآن الكري وأن يوضح مبهماته فإنه -عليه أفضل الصلة
والسلم -أعلم الناس با أنزل عليه كيف ل؟ وال -تبارك وتعال -اختاره لذه الهمة الكبى
وناط به هذه المانة العظمى ووكل إليه تفسي هذا الكتاب العزيز عندما قال له :وأنزلنا إليك
الذكر لتبي للناس ما نُزل إليهم
فهو -صلوات ال وسلمه عليه -أعلم الناس بسالك التأويل ومقاصد التنيل وهو -صلوات
ال وسلمه عليه -ل ينطق عن الوى إنا ينطلق ف حديثه عن وحي ال -تبارك وتعال -ف كل
جزئية من الزئيات ،حديثه وحي يوحى ،وإن كل هذا الوحي ليس وحيا ظاهرا كالقرآن .فإن
سنته -صلى ال عليه وسلم -وحي باطن من ال -تعال -ولذلك جعل ال -عز وجل -طاعته-
صلى ال عليه وسلم -من طاعته سبحانه فقد قال :من يطع الرسول فقد أطاع ال ومن تول
فما أرسلناك عليهم حفيظا فالرسول -صلى ال عليه وسلم -تب طاعته كما تب طاعة ال-
تبارك وتعال -سواء ف حياته أو بعد ماته ،وسنته -صلى ال عليه وسلم -هي الصدر الثان من
مصادر التشريع عند هذه المة ،فإنه عليه أفضل الصلة والسلم ما جاءت سنته إل لتبيان
مملت القرآن الكري ،وإيضاح مبهماته وبيان ما ل يذكر ف القرآن الكري تفصيل ،من أحكام
ال -سبحانه وتعال -الت تتعلق بتصرفات العباد ف هذه الياة فإن جيع أعمال الناس ف السلم
مضبوطة بقواعد الشرع ،ومقيدة بقيود الكم الربان الذي أنزله ال -تبارك وتعال -على نبيه-
صلى ال عليه وسلم -ليكون هدى وذكرى للعالي.
وبعده عليه أفضل الصلة والسلم حل أصحابه -رضي ال عنهم -هذا الشعل مشعل الداية،
واضطلعوا بذه المانة حت سلموا هذا الدين صافيا كما جاء من عند ال إل التابعي وهكذا
تعاقبت الجيال على حل هذه المانة وصدق على واقع هذه المة ما قاله الرسول -صلى ال
عليه وسلم -عندما قال ":يمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تريف الغالي
وتريف البطلي وتأويل الاهلي"
ففي كل خلف توجد طائفة من العلماء هي حجة فيما بي ال -تبارك وتعال -وخلقه ،هذه
الطائفة تضطلع بأمانة البحث ف أحكامه سبحانه والتفتيش ف خفايا نصوص الكتاب ونصوص
السنة النبوية عن هذه الحكام حت يبينوا للناس ما شرع لم ليكون الناس على بينة من أمرهم
فيما يأتون وما يذرون فل يتصرفوا ف حياتم وفق ما يلي عليهم الوى وقد آتى ال -عز وجل-
هؤلء الذين اختارهم لمل هذه المانة وجعلهم أوعية لذا النور ،ما هيأهم لذلك فقد أكرمهم
ال -سبحانه -بأن جعلهم ثاقب الفهم ،عميقي الدراك يدركون مقاصد الشرع ويفهمون حكم
الحكام ويطلعون على أبعاد ما جاء به الرسول -صلى ال عليه وسلم -من عند ال وما شرع
لذه المة من ديننا من جامع ل يفى على ذوي البصائر وآتاهم ال -تعال -فهما بقاصد
الشريعة الغراء فلذلك كانوا دقيقي الدراك عندما يستنبطون الحكام لقاصد الشريعة وبذلك
جاءت تلك الجتهادات منهم وفق مصال العباد ول المد.
وإن ميزة هذا الفقه السلمي أن جعل ال -تبارك وتعال -فيه من الكنوز ما يكفي للمستجدات
ف هذه الدنيا فكل ما تفرزه التطورات ف الياة البشرية من مشكلت توجد له حلول ف الفقه
السلمي وإنا يقوى على استخراج هذه الكنوز من معادنا أولئك العلماء النابغون والفقهاء
الحققون الذين آتاهم ال -عز وجل -بسطة ف العلم.
ومع كون المة السلمية تشترك جيعا ف حل أمانة التكليف فإن كل فرد من أفرادها مكلف
من قبل ال -تبارك وتعال -أن يعبد ال على بصية وكل واحد من أفراد هذه المة مطالب بأن
يلتزم بأوامر الشرع وأل يتجاوز حدود ما أنزل ال .إل أن هناك بيئات متفاوتة قد تدث فيها
مشكلت متنوعة حسب تفاوتا .فقد توجد طائفة من الشكلت ف بيئة ما ول توجد تلك
الطائفة ف بيئة أخرى .وهذا كله من حكمة ال -سبحانه وتعال -ليتفكر العباد ف حكمة ال
وليدركوا كيف أمكن لعلماء هذه المة أن يتووا هذه الشكلت بأسرها الت أفرزتا بيئات
متباينة .مع أن الشريعة السمحاء نزلت على النب -صلى ال عليه وسلم -ف بيئة خاصة وأنه-
عليه أفضل الصلة والسلم -ل يرج من تلك البيئة إل خارجها لدراسة أوضاع البشرية ول
كان النب -عليه أفضل الصلة والسلم ليتسع لذا العال بأسره ويتجاوز جيع الدود الزمانية
والكانية وقد عن العلماء الذين وجدوا ف كل بيئة من هذه البيئات بدراسة مشكلت تلك البيئة
الاصة فوجدوا لا حلول ف هذه الشريعة الغراء.
ونن نذكر على سبيل الثال بيئتنا العمانية الت لا طبيعة خاصة ومناخ خاص ولذلك ند ف
الفقه الذي اضطلع بمله الفقهاء العمانيون ودونوه ف أسفارهم ونقلوه إل الجيال من بعدهم
دراسة دقيقة لا يكتنف هذه البيئة من مشكلت
فعلى سبيل الثال نن نقول بأن الفقه يشمل كل باب من أبواب التعامل البشري ول يتاج
الناس إل غيه فإن به الي وفيه الدى وقد أشرق عليه نور من ال وعلى سبيل الثال نذكر
الشكلت الزراعية ف بلدنا عمان .فهناك بعض الشياء الت ل توجد ف البلد الخرى كالري
من الفلج حيث يسقى با الغرس بطريقة خاصة لعلها من النادر أن يوجد مثلها ف البلد
السلمية الخرى .وقد جاء الفقهاء ف مؤلفاتم وف فتاواهم وف بوثهم بدراسة دقيقة عميقة لا
يكتنف وضع هذه الفلج من مشكلت بيث حددوا مقاسات أحرامها سواء من حيث إنشاء
أفلج أخرى أو إنشاء آبار بوارها أو إنشاء مبان أو غرس أو غي ذلك ،كل ذلك ما بثوه بثا
دقيقا وكذلك تدثوا عن تقسيم مياهها وتدثوا بانب ذلك أيضا عما يترتب على الشتراك فيها
من حقوق كحقوق الشتقاق للمبيع وكل هذا ل يكاد يوجد له ذكر بذه الدقة ف غي الؤلفات
العمانية للبيئات الخرى أيضا ظروفا خاصة وهذه الظروف أفرزت مشكلت خاصة والفقهاء
الذين نشأوا ف تلك البيئات تدثوا عن تلك الشكلت وعما يب أن يوضع لا من حلول وفق
ما تقتضيه الشريعة السلمية مراعي قواعد الشرع ومقاصده ف ذلك.
والفقهاء الذين ألفوا ف الجالت الفقهية متفاوتون ف النتاج فمنهم من درس مشكلت
خاصة ف ظروف خاصة ،ومنهم من كان أوسع بثا بيث تناول جوانب متعددة من هذه
الشكلت ومنهم من تناول جوانب أوسع حت تناول البواب الفقهية بابا بابا،وعلماؤنا
العمانيون الذين تناولوا هذه الوانب هم كثر ،ولكن الؤلفات الت بقيت ف أيدينا والت يصدق
عليها أنا موسوعات فقهية تتناول أبواب الفقه بأسرها بابا بابا .هذه الؤلفات الت بقيت ف أيدينا
إل اليوم ،مؤلفات قليلة ،إذا ما نظرنا إل الهد الكبي الذي بذله العلماء الحققون الباحثون ف
هذه الجالت الواسعة.
وف تراجم العلماء السابقي يوجد ذكر مؤلفات كثية واسعة يصدق عليها أنا موسوعات
فقهية .ومن بي هذه الؤلفات جامع المام ممد بن مبوب -رحه ال تعال -فإنه ذكر بأنه كان
ف سبعي جزءا وممد بن مبوب من العلماء العريقي ف العلم والعرفة فإنه تسلسل من أسرة
علمية أخذت العلم كابرا عن كابر ،على أنه من العلماء الذين ينتسبون إل صحابة رسول ال-
صلى ال عليه وسلم -إذ كان جده أحد الصحابة وهو سيف بن هبية القرشي الذي تسلسل ف
ذريته علماء أعلم جعوا بي العمق ف الفقه والورع ف الدين ،فأسرته كلها أسرة علم .وقد ولد
المام ممد بن مبوب ف أواخر القرن الثان الجري ومات ف القرن الثالث الجري ولكن ل
نكاد ند شيئا من هذا السفر الكبي ،وإنا ند للمام ابن مبوب بعض الرسائل الت تبحث
مواضيع معينة .وهذا السفر الكبي الذي يذكر أنه ف سبعي جزءا ما بقي إل ذكره ف التراجم
وقد رأيت العلمة البدر الشماخي -رحه ال تعال -ف كتابه " السي" وهو من علماء جبل
نفوسة ف القطر الليب ذكر عندما تدث عن أحد العلماء وترجم له بأنه أحضر إليه جزء واحد
من هذا الؤلف الليل جامع ابن مبوب .وكان هذا الزء خاصا بأحكام اليض فكان القارئ
يقرأ على ذلك العال الغرب ما يقرأ من هذا الكتاب كلما أتى على مسألة ،قال ذلك العال ":هذا
هو الفقيه الحقق" وهذا إن دل على شيء فإنا يدل على ما كان يزخر به ذلك الكتاب من ثروة
علمية واسعة ولكن هذه الثروة تلشت مع السف الشديد برور الزمن.
كذلك ابنه بشي بن ممد بن مبوب ألف كتابا وهو كتاب " الزانة" ولعل اسه دليل على
مسماه فإن هذه الزانة ل تتوي إل على كنوز العلم ،وهذا الكتاب أيضا يذكر بأنه كان ف
سبعي سفرا ككتاب أبيه ،ولكن ل تبق له بقية وإنا بقيت بعض الؤلفات الخرى لبشي بن ممد
بن مبوب .وكذلك كتاب أب سفيان مبوب بن الرحيل والد المام ممد بن مبوب ل يبق إل
ذكره ،ومؤلفات أخرى هي مؤلفات موسوعية ضاعت برور الزمن ككتاب المام أب علي
موسى بن علي الذي كان أحد شيوخ السلم ف هذا القطر ف أوائل القرن الثالث الجري.
وما بقي من هذه الوسوعات الفقهية الكبى الواسعة كتاب" بيان الشرع الامع من علوم
السلم الصل والفرع" للمحتفى به المام العلمة أب عبدال ممد بن إبراهيم الكندي -رحه
ال -وكذلك كتاب " الصنف" الذي يعد اختصارا لكتاب بيان الشرع ،وهو لبن عمه الشيخ
أب بكر أحد بن موسى الكندي ولحد أبناء عمومته أيضا كتاب آخر يسمى" الكفاية" وهو ف (
)51جزءا ولكنه أيضا من الكتب الت أتى عليها الزمن ،وما بقي من هذا الصنف كتاب" منهج
الطالبي" ويذكر أيضا كتاب " التاج " للعلمة عثمان بن عبدال الصم ،ولكننا ل نطلع إل على
نقول منه ف قاموس الشريعة وال أعلم إن كانت توجد أجزاء متناثرة منه ف أيدي بعض الناس
إل وقتنا هذا ،وهو يقع أيضا ف ( )51جزءا.
هذه الؤلفات تناولت -كما قلت -القضايا الفقهية التنوعة بل ل تقتصر على القضايا
الفقهية ،فإذا نظرنا إل " بيان الشرع" الذي يقع ف( )72جزءا أو ف ( )73جزءا وجدنا أنه
ليس موسوعة فقهية فقط ،بل هو موسوعة علمية شاملة ،لنه كتاب يتناول قضايا متعددة منها ما
يتعلق بياة النسان .أولا :قضية العقيدة ،وقد تناول هذا الكتاب جانب العقيدة وأشبعه بالبحث
والعرض والتحليل ،وكذلك تناول قضايا العبادات وهي من أبواب الفقه ،فتناول البواب الاصة
با وبلبساتا بابا بابا ،ث بعد ذلك دخل ف الخلق ،ودخل ف العاملت وعندما يستشهد
باليات القرآنية يتعرض أيضا لتفسي هذه اليات ،ومع جانب كونه اشتمل على البواب
الفقهية ،وتناول الشكلت التعددة التنوعة فإنه أيضا كتاب أدب ،فهو كتاب يتوي على جانب
ل يستهان به من الدب وفيه كثي من الشواهد الشعرية كما فيه التحليل للكلمات العربية .ول
ريب أن كل ذلك شاهد على طول باع الؤلف وعلى سعة صدره وقدرته على الستقصاء
والقارنة حت استوعب هذه العلوم الكثية فنجده ينقل عن الصمعي وأب عمرو بن العلء
والكسائي والفراء وآخرين من أئمة العربية ونده ف مال التفسي ينقل -أيضا -عن كثي من
الفسرين ومن الراجع الت اعتمد عليها ف التفسي ونقل عنها كتاب تذيب البيان ف تفسي
القرآن للمام أب عبدال ممد بن أحد اللخمي النحوي ،وهو اختصار للتفسي الكبي للمام
الفسرين ابن جرير الطبي.
هذا ،وف السائل الفقهية وغيها ينقل عن علماء هذه المة من لدن الصحابة والتابعي فمن
بعدهم إل عصره وهو ينقل عن الكثي الكثي من العلماء ويتعرض كثيا لقوال علماء المصار
ومن بينهم علماء الدائن والثار ويعتمد ف ذلك كثيا على كتاب " الشراف" للعلمة ابن منذر
النيسابوري ،وهو كتاب جليل حوى كثيا من أقوال علماء هذه المة وقد تناوله بالتعليق المام
العلمة أبو سعيد ممد بن سعيد الكدمي الشهور عندنا ف عمان بإمام الذهب.
وند موسوعة الشيخ الكندي هذه حافلة بالنقل عن الذين سبقوه من علماء الذهب من
أمثال :جابر بن زيد وأب عبيدة وأب نوح صال الدهان ،وأب الر علي بن الصي ،وأب مودود
حاجب بن مودود ،وضمام بن السائب ،وسال اللل ،والربيع بن حبيب ،وأب أيوب وائل بن
أيوب الضرمي ،ومبوب بن الرحيل وأب علي موسى بن علي ،وجده( جد أب علي) العلمة
موسى بن أب جابر السامي النوان وغيه من حلة العلم ف عمان وهم :بشي بن النذر النوان،
وممد بن العلى الفحشي ،ومني بن الني العلن إل من بعدهم من الفقهاء ،حت فقهاء زمانه،
وهو ينقل عن هؤلء الفقهاء جيعا من غي تييز .وكما سعنا بالمس من الباحث الول( ) عن
[]1
الشقاق الذي حصل بي علماء عمان بسبب الفتنة الناجة عن خلع المام الصلت بن مالك،
فهذه الفتنة فرقت العلماء إل قسمي ،تشدد فيها بعضهم وتسامح آخرون ،فالعلماء الذين عاشوا
ف تلك الفترة -فترة وقوع هذه الفتنة -نظروا إليها من وجوه متباينة فمنهم من نظر إل أن
القائمي بعزل المام الصلت بن مالك ما أرادوا أن يقضوا على إمامته ،إنا أرادوا الحافظة على
كيان المامة ،وما دفعهم إل ذلك القيام إل ما وجدوه فيه من الضعف بسبب شيخوخته وثقل
سعه ،وضعف بصره وعجزه عن الضطلع بذه المانة والمام بنفسه عندما أحس بذلك اعتزل
بعد ما جاءوا إليه وانتقل إل دار ولده شاذان.
أما الفريق الخر فكان فريقا ينظر إل هؤلء على أنم بغاة خارجون عن المام العادل وأنم
جديرون بالقاومة ،وأنم ما كانوا ينشدون الق ف خروجهم هذا ،وإنا دفعتهم الطماع ف
الناصب والرغبة ف الستيلء على السلطة ،فلذلك قاموا با قاموا به وقد أدى هذا كله إل
تأليف رسائل متعددة ف هذا الوضوع ومعظم هذه الرسائل تضمن خلصتها كتاب" بيان
الشرع" فمعظم الزء الرابع منه بث هذه الرسائل ،فتناولا نقل ونقدا ،وهي متباينة التاه
فبعضها يبر حركة هؤلء القائمي كالرسائل الت ألفها المام أبو جابر ممد بن جعفر الزكوي،
وطائفة أخرى من العلماء وهناك رسائل أخرى كانت تثل التاه الخر العروف بالتشدد تاه
هؤلء كالرسائل الأثورة عن المام أب الؤثر الصلت بن خيس وأب قحطان الجاري وغيها.
مع هذا كان هناك شيء من الوفاق العام بانب هذا الختلف الزئي ،حت ظهر بعض
الذين غلوا ف التشدد وقالوا بأن على الناس جيعا أن يدرسوا هذه الفتنة لينلوا كل واحد منلته
ف الولية أو الباءة ول يعذر جاهل ذلك وكان رائد هؤلء التشددين العلمة أبو مالك غسان
بن الضر الصلن ،نسبة إل صلن وهي قرية بولية صحار نزلا بعد انتقاله من موطنه الصل
مدينة بل بداخلية عمان.
وتبن هذا الذهب من بعده تلميذه الكبي العلمة ابن بركة كما تبناه تلميذ ابن بركة وف
مقدمتهم العلمة أبو السن علي بن ممد البسيان.
أما الفريق القابل لذا فكان على رأسه العلمة ممد بن روح النوي ،وتبن مذهبه من بعده
تلميذه العلمة الكبي أبو سعيد ممد بن سعيد الكدمي -رحه ال -الذي انتصر لذا الذهب أيا
انتصار وألف ف ذلك كتاب الستقامة بأسره وقد طبع ف جزئي ،حرص فيه على رد شبهات
الغلة التشددين من أجل أن يمل الناس على التسامح حت ل يركبوا الشطط ف دينهم.
وهو من العلماء الذين ييلون إل التسامح كثيا وله ف ذلك جلة مأثورة وهو أوردها
صاحب بيان الشرع وسعت أحد مشائخنا من أهل الغرب يقول فيها بأنا دليل على عمق فهم
قائلها وغزارة علمه ونفاذ بصيته-:
" ليس العال من حل الناس على ورعه ولكن العال من أفت الناس با يسعهم ف دينهم".
وكتاب بيان الشرع حافل بآراء المام أب سعيد وبنصوص كلمه ،والمام الحتفى به ممد
بن إبراهيم النوي كان من هذه الطائفة الت تيل إل التسامح والت سيت من بعد بالطائفة
النوانية .وقد استمر اللف بي هاتي الطائفتي إل عهد المام ناصر بن مرشد -رحه ال
تعال -فانتهى اللف إل الوفاق الذي عم جيع أهل عمان.
وقد أشار إل ذلك إمامنا السالي -رحه ال -عندما قال بعدما ذكر هذه الفتنة الت اصطلى
أهل عمان سعيها:
وعندما تناول العلمة ممد بن إبراهيم هذه الرسائل الت بثت هذه القضايا التعلقة بالفتنة
الناجة ف عمان ف الزء الرابع من هذا الكتاب ل يكن ناقل فحسب بل كان ناقدا ...فقد تناولا
بالتعليق والتعقيب با يدل على سلمة قصده وعمق ارداكه.
كما أن له أيضا بوثا أوردها ف نفس الكتاب ،وهي تدل على موقفه من هذه القضية ومع
كونه العلمة ممد بن إبراهيم ينتمي إل الدرسة النوانية إحدى هاتي الدرستي اللتي كان
بينهما اللف والشقاق ف تلك الفترة ،إل أنه ل يتعصب لا ،فلم يقتصر على النقل عن علمائها
بل كان للمدرسة الرستاقية نصيب وافر ف كتابه إذ من طالع الكتاب وجد أراء العلمة أب ممد
بن بركة وهو عميد الطائفة الرستاقية -كما قلت -وخصوصا عندما تدث عن القواعد
الصولية -أي الباحث الت تتعلق بأصول الفقه -فإن كتابه احتوى على ما قاله ابن بركة ف
ذلك وكذلك عندما تدث عن القضايا الفرعية ل يهمل رأي ابن بركة ،بل تناول كتابه آراءه،
كما أنه تناول آراء بقية أهل الدرسة الرستاقية كالعلمة أب السن علي بن ممد البسيون وكان
كتابه حافل بآراء كلتا الطائفتي.
ومن خلل الذي ذكرته هنا ،يتبي لكم أن الكتاب بي القواعد الصولية والسائل الفرعية.
ول ريب أن العلمة ممد بن إبراهيم كان دقيق الفهم لذه الباحث الصولية بدليل بعض
التعقيبات الت سوف نتعرض لا -إن شاء ال -على ما ورد ف بعض الثار .وقد أورد ف كتابه
الباحث الت تتعلق بالاص والعام والطلق والقيد والجمل والبي والحكم والتشابه والناسخ
والنسوخ ،وما يتعلق بالخبار الروية عن نبينا -صلى ال عليه وسلم -وكان شيخه ف ذلك
العلمة ابن بركة الذي كان له القدح العلى ف هذا الجال.
وقد يتراوى للنسان بادئ ذي بدء عندما يطلع على كتاب بيان الشرع أنه كتاب يعتمد
مؤلفه على النقل فهو ينقل نصوص العلماء الذين سبقوه ،ولكنه عندما يتفحص ف النظر ويعن
فكره فيه ،يد أن الؤلف ل يكن ناقل فحسب ،بل كان ناقل وناقدا ف بعض القضايا فقد تناول
ف كتابه هذا مملت الثار بالتفصيل وهناك مملت ما نقل عن العلماء الذي قبله سواء الذين
أدركهم أو الذين ل يدركهم ول يكتف بنقل هذه الجملت وتركها لفهم القارئ فحسب ،بل
تناولا بالنقد والتفسي واليضاح ،وتقييد إطلقها وتصيص عمومها ،فأصبحت واضحة العان
قريبة للفهام ومن ذلك الثر النقول عن بشي بن ممد بن مبوب حيث قال-:
" ترك النكي حجة وإظهار النكي حجة" والقارئ العادي عندما يطلع على هذا الكلم ل
يكاد يفهم أبعاده ومغزاه ولكن العلمة ممد بن إبراهيم وضح ذلك كله عندما حلل هذه العبارة
وبي أن هذا الكلم ليس على إطلقه وإنا هو مقيد بقيود لبد من اعتبارها من هذه القيود أن
يكون ذلك فيما يتمل الق والباطل دون ما كان حقا ل يتمل الباطل أو باطل ل يتمل الق،
إذ لو كان على إطلقه لزم من أن يكون السكوت عن النكرات حجة على إقرارها وشرعيتها.
وأوضح أن هذا حكم عام بالنسبة إل الناس ،ل يتلف بي إنسان وآخر ،إنا يعم الناس جيعا
على اختلف أحوالم وعلى اختلف دياناتم وعلى اختلف أفهامهم فالاكم والحكوم والسلم
والكافر والب والفاجر والعال والاهل والرأة والرجل كلهم سواء ف هذا الكم ولكن بانب
ذلك لبد من مراعاة الحوال.
أما كونه يشمل من ذكرنا فيتضح فيما لو أن أحدا وجد يأكل مال أحد من الناس ،وصاحب
الال حاضر ل ينكر مع قدرته على النكار ،فإن سكوته وترك نكيه حجة إذ هو دليل على كون
ذلك الكل إنا يأكله بق أما لو أنكر عليه وخاصمه فإن إظهار هذا النكي حجة أيضا حت ولو
كان ذلك الكل يأكله بق ،إل أنه ف الكم الظاهر معتد فإن ادعى أكله بق طولب بالجة
ووجه كون ذلك متمل للحق والباطل جواز أن يكون قد اشتراه منه أو وهبه إياه أو استحقه
بأي وجه من الوجوه الشرعية.
وكذلك لو وجد رجل يطأ امرأة وهي ل تنكر ،فيحتمل أن تكون زوجته وأن تكون سريته،
فل يتعي أنما زانيان ،أما إن كانت تستصرخ وتدعي بأنه اعتدى عليها فإنه يؤاخذ بذا العدوان،
فإظهار نكيها حجة لا كما أن سكوتا عن النكي عليه ف ذلك حجة له ولكن بشرط أل يكون
قد تشخص حق ذلك أو باطله فلو كانت الرأة معلومة أنا امرأته ما كان نكيها حجة عليه ولو
كانت معلومة أنا أجنبية منه ما كان ترك نكيها حجة له فل مال لطلق هذا الب كما يقتضيه
الظاهر دون مراعاة هذا القيد.
وتدخل هذه القاعدة ف باب الفقه السياسي فلو أن إماما شرعيا أجع الناس على صحة
إمامته ،وبويع بيعة شرعية ،ث قامت طائفة من الناس ،وعقدت للمامة لمام آخر والمام حاضر(
أي المام الول) والقائمون بالمامة حاضرون ول ينكروا من ذلك شيئا فإن ترك نكيهم
حجة،فمن المكن أن يكون المام الول عجز عن القيام بأعباء المامة ،فلذلك قام أولئك الذين
عقدوا المامة للمام آخر با قاموا به ،تلفيا لمر السلمي لئل يتفرق جعهم ،وتستباح بيضتهم
أما لو أنكر المام أو أنكر العلماء الذين معه فإن ذلك النكار حجة لم ،فإظهار النكي ف مثل
هذا الوقف حجة وتركه حجة.
وذكر رأيا آخر ول يعزه إل أحد وإنا قال ":وقال بعضهم :بأن ترك النكار حجة للئمة
دون غيهم" وتعقبه بأن ترك النكار والنكار حجة بالنسبة إل جيع الناس كما سبق ،من غي
تفرقة بي حاكم ومكوم وبي عال وجاهل وبي مسلم وكافر سواء كان الكافر يهوديا أو نصرانيا
أو موسيا أو مشركا وثنيا ،فترك النكار حجة والنكار حجة بالنسبة إل هؤلء جيعا ،ول يتقيد
ذلك بكونه حجة للئمة دون الرعية.
وقال أيضا :إذا ل يتمل المر الق والباطل وكان باطله متعينا فل فرق ف ذلك بي الئمة
والرعية ،فلو أن أحدا من الئمة اجترأ على أحد من الناس فسلب ماله أو غمطه حقه من غي أن
يتمل فعله وجه حق ،فإن السكوت ف مثل هذا الوقف عن النكي ليس حجة للظال وأضاف
أيضا لو قال من الناس سواء كان واليا أو عدوا حاكما أو مكوما مسلما أو كافرا -بأن نكاح
ذوات الحارم ،أو نكاح بعض ذوات الحارم ملل ،كأن يبيح نكاح الخت من النسب أو من
الرضاع أو نكاح العمة أو الالة أو نكاح أي ذات مرم سواء كانت حرمتها بنسب أو برضاع
أو بصهر،وسكت الناس ولو كانوا علماء وكانوا مائة ألف أو يزيدون فإن سكوتم ل يعتب
حجة.
كذلك لو أنكر الناس حقا صريا فإن إنكارهم له ل يكون حجة عليه فلو قال أحد من الناس
بأن الم تستحق من الياث الثلث مع عدم الولد والخوة وتستحق السدس مع الولد أو مع
الخوة وأنكر قوله ذلك النكرون ،فإن إنكارهم ليس بجة ،إذ نص القرآن دل على صحة ذلك.
ومن كلمه الدال على غزارة علمه وحسن ورعه ودقة نظره قوله ":الناس مكوم لم ف
أحكام الظاهر بأحسن الحوال حت تقوم عليهم الجة الواضحة بأسوأ الحوال فهم أهل توبة
واستغفار حت يصح منهم الصرار ،وأهل تري لا حرم ال حت يصح منهم الستحلل".
كذلك من الجملت الثرية الت فصلها تفصيل ،ما جاء عن بعض أهل العلم حيث قال ":إن
ركوب الكبائر شاهد على راكبها بالكفر" أي كفر النعمة والضلل .وقد تعقبه العلمة الكندي
أن ذلك فيما ل يتمل الواز بوجه من الوجوه فلو أبصر أحد أحد الصالي يأكل ف نار الصوم
ل يكن له أن يكم عليه بالفسق لحتمال أنه مريض أو ناس أو أنه ف سفر.
ومن الثار الت فصل مملتا قول بعضهم ":إن المع بي الضداد ف دين ال حرام وباطل"
فقد تعقبه بأنه ليس على إطلقه وإنا هو فيما ل يتمل الق والباطل أي ف حق مض أو باطل
مض فيتعذر المع بينهما فمثال الق الحض أن ال أحل البيع وحرم الربا ،والباطل الحض
خلفه فل يكن جعهما.
وكذلك لو ثبت على أحد أنه قتل غيه اعتداء أو سلبه ماله أو انتهك عرضه لا جاز
للمسلمي أن يتولوه على ذلك ول يوز أن يتمع ف الولية من توله وتبأ منه.
أما لو كان التضاد ف السائل الفرعية الجتهادية وذلك بأن يرى بعض العلماء حلية شيء
ويرى غيه حرمته فهو ما ل يدخل ف هذا الباب ويمل الكل على حسن الظن ،لن اختلفهم
ناشئ عن نظر واجتهاد ،وضرب لذلك أمثلة ل يتسع القام لذكرها ل سيما وأن الدة الحددة ل
قد انتهت.
وكما قلت :صاحب بيان الشرع كان موسوعة علمية ،فقد كان واسع الطلع حريصا على
دراسة ما يصل إليه من أقوال العلماء على اختلف مذاهبهم ومن آخر ما اطلعت عليه ف بيان
الشرع رسالة لحد من الناس يسمى أبا الفضل عيسى بن نور الارجي وهذه أول رسالة اطلع
عليه من آثار الوارج ،فإنه ل يبق شيء ما دونوه وكتبوه وقد تناول هذه الرسالة بالتمحيص
والتعليق عليها كل من المامي ممد بن مبوب وأب سعيد الكدمي أوردها صاحب بيان الشرع
مع تعليقات المامي ،وتدل نقوله عن الوائل ف فقهاء المصار إنه كان مطلعا على ما دونوه
ومن ذلك نقله عن كتاب للمام الزن.
وكل ذلك إنا يدل على سعة إطلعه وعلى طول باعه فنسأل ال -سبحانه وتعال -أن
يرحه برحته الواسعة وأن يوفقنا للستفادة من هذا الكن الثمي وأن يهيئ ال -سبحانه وتعال-
من يردون عزائمهم لدمة هذا التراث وتنسيقه وتذيبه فإن من ينظر إل كتاب " بيان الشرع"
يد أنه باجة إل كثي من الدمة ولذلك أقترح على من أتاه ال -سبحانه وتعال -مقدرة أن
يصوغ مسائله صياغة علمية عصرية تتلءم مع الفكر العاصر والذوق العاصر فإن ذلك ما يدم
الفقه السلمي.
نسأل ال -سبحانه وتعال -أن يهيئ لذا العلم من يدمه ،إنه -تعال -ول التوفيق
وأشكركم جيعا على حضوركم وإنصاتكم كما ل يفوتن أن أشكر وزارة التراث القومي والثقافة
وجيع رجالتا وعلى رأسهم سو الوزير الوقر ،وأشكر راعي هذا الفل معال الخ الكري
الستاذ سال بن عبدال الغزال وجيع الاضرين.
[ ) ]1إشارة من ساحته إل الورقة الول القدمة من قبل الباحث الطاب بن أحد الكندي.