You are on page 1of 13

‫الرحوم الكندي وجعه بي الفقه والدب‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫المد ل السميع البصي العليم البي الذي وسع كل شيء علما‪ ،‬وأوسع كل شيء حادثا علما‪،‬‬
‫سبحانه هو الكيم فيما أمر به‪ ،‬وفيما ينهي عنه‪ ،‬ل تبديل لكلماته‪ ،‬ول راد لكمه ول معقب‬
‫لقضائه‪ ،‬هو الول والخر والظاهر والباطن‪ ....‬وهو بكل شيء عليم‪ ،‬إليه وأومن به وأتوكل‬
‫عليه‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له‪ .‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهد أن سيدنا ونبينا ممدا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله ال هاديا إل الي‪ ،‬وداعيا إل ال‬
‫ومعلما من الهالة ومنقذا من الضللة فبلغ الرسالة وأدى المانة ونصح المة وكشف الغمة‪..‬‬
‫صلوات ال عليه وعلى آله وصحبه أجعي وعلى تابعيه بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬

‫صاحب العال الخ العزيز‪ :‬سال بن عبدال الغزال وزير الواصلت وراعي هذا الفل‪...‬‬
‫أصحاب الفضيلة والسعادة‪ ...‬أيها الخوة الضور السلم عليكم جيعا ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فإننا سعداء جيعا أن نلتقي ف هذا النتدى الدب والصرح الفكري الذي تشع من جنباته علينا‬
‫أنوار العرفة بي حي وآخر ف ظلل ذكريات العلماء والنابغي وإننا لسعداء بأن يكون لقاؤنا‬
‫هذا وعماننا العزيزة تتفيأ ظلل عام التراث الذي أراده بأن هذه النهضة حضرة صاحب الللة‬
‫السلطان قابوس بن سعيد العظم أن يكون مدرسة للجيل الديد بيث يتتلمذ فيه على ذلك‬
‫السلف العظيم ليكون هذا اللف صورة من ذلك السلف وليكون هذا الاضر امتدادا لذلك‬
‫الاضي وليضم الطارف من الماد إل تليدها‬

‫فشكرا لذه النهضة على هذه الغاية البالغة بذا التراث السلمي الوطن وشكرا لوزارة التراث‬
‫القومي والثقافة وعلى رأسها صاحب السمو السيد فيصل بن علي آل سعيد وزير التراث القومي‬
‫والثقافة على هذه العناية لبراز هذا التراث بعدما ينفض عنه ما تراكم عليه من غبار الزمن عب‬
‫القرون التتالية وشكرا لكل من ساهم ف بناء هذه النهضة والسي قدما بذا الركب ف ظلل‬
‫الضارة السلمية وف طريق الداية الربانية وأسأل ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬أن يبارك ف هذه الهود‬
‫جيعا وأن يكللها بالنجاح‪.‬‬
‫هذا ولئن كان الناس جيعا يعتزون بتراثهم الالد ويرصون على الرتباط بسلفهم العظيم فإن‬
‫ذلك‪ -‬بطبيعة الال‪ -‬يتوقف على دراسة هذا التراث والطلع على معاله والبة بسي السلف‬
‫الصال الذين حلوا بأيديهم مشاعل الداية؛ ليلوحوا با ف وسط الدياجي الظلمة ؛ لجل استنارة‬
‫هذه النسانية بالدى حت تعرف أين تضع أقدامها وتسي ف درب السلمة إل سلمة الدنيا‬
‫وسعادة الخرة‪ .‬حيث تتفيأ ف هذه الدنيا ظلل الكرامة وتتفيأ ف الدار الخرة رضوان ال عز‬
‫وجل ف جنة عالية عرضها السماوات والرض أعدت للمتقي ول ريب أن العلماء العلم الذين‬
‫تركوا بصماتم واضحة ف تاريخ الضارة السلمية هم أول بأن تدرس سيتم وأن تدرس‬
‫آثارهم‪ ،‬ومن بي هؤلء العلماء الذين تتفي بم السلطنة هذا العال الليل الشيخ العلمة ممد بن‬
‫إبراهيم الكندي السمدي النوي‪ -‬رحه ال تعال‪ -‬الذي ترك كثيا من الثار الت يصدق عليها‬
‫قول الشاعر‪:‬‬

‫فانظروا بعدنا إل الثار‬ ‫تلك آثارنا تدل علينا‬

‫ولو ل يكن له إل ذلك الكتاب الامع الذي سي " بيان الشرع الامع من علوم السلم الصل‬
‫والفرع"‪ -‬وهو أسم طابق مسماه‪ -‬فكفاه مزية وفضل أن جع بي دفتيه شتات العلوم وأنواع‬
‫العرفة‪ ،‬فهو حقا موسوعة كبى تمع بي الفقه والعقيدة والدب والخلق‪ ،‬فكيف وقد أسهم‬
‫بؤلفات أخرى تدل على علو كعبه ورسوخ قدمه وقوة بيانه وسطوع حجته فجزاه ال عن‬
‫السلم والسلمي خيا‬

‫ول ريب أن ما تعتز به هذه المة السلمية بأسرها أن ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬جعل لا ف دينها‬
‫النيف وفيها شرع لا من أحكام ما يغنيها عن الغي فإن ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬أرسل رسوله‬
‫ممدا‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بكتابه الكري‪ ،‬وأمره‪ -‬صلوات ال وسلمه عليه‪ -‬أن يبي للناس‬
‫ما خفي عليهم من مملت هذا القرآن الكري وأن يوضح مبهماته فإنه‪ -‬عليه أفضل الصلة‬
‫والسلم‪ -‬أعلم الناس با أنزل عليه كيف ل؟ وال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬اختاره لذه الهمة الكبى‬
‫وناط به هذه المانة العظمى ووكل إليه تفسي هذا الكتاب العزيز عندما قال له‪ :‬وأنزلنا إليك‬
‫الذكر لتبي للناس ما نُزل إليهم‬
‫فهو‪ -‬صلوات ال وسلمه عليه‪ -‬أعلم الناس بسالك التأويل ومقاصد التنيل وهو‪ -‬صلوات‬
‫ال وسلمه عليه‪ -‬ل ينطق عن الوى إنا ينطلق ف حديثه عن وحي ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬ف كل‬
‫جزئية من الزئيات‪ ،‬حديثه وحي يوحى‪ ،‬وإن كل هذا الوحي ليس وحيا ظاهرا كالقرآن‪ .‬فإن‬
‫سنته‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وحي باطن من ال‪ -‬تعال‪ -‬ولذلك جعل ال‪ -‬عز وجل‪ -‬طاعته‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ -‬من طاعته سبحانه فقد قال‪ :‬من يطع الرسول فقد أطاع ال ومن تول‬
‫فما أرسلناك عليهم حفيظا فالرسول‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬تب طاعته كما تب طاعة ال‪-‬‬
‫تبارك وتعال‪ -‬سواء ف حياته أو بعد ماته‪ ،‬وسنته‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هي الصدر الثان من‬
‫مصادر التشريع عند هذه المة‪ ،‬فإنه عليه أفضل الصلة والسلم ما جاءت سنته إل لتبيان‬
‫مملت القرآن الكري‪ ،‬وإيضاح مبهماته وبيان ما ل يذكر ف القرآن الكري تفصيل‪ ،‬من أحكام‬
‫ال‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬الت تتعلق بتصرفات العباد ف هذه الياة فإن جيع أعمال الناس ف السلم‬
‫مضبوطة بقواعد الشرع‪ ،‬ومقيدة بقيود الكم الربان الذي أنزله ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬على نبيه‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ -‬ليكون هدى وذكرى للعالي‪.‬‬

‫وبعده عليه أفضل الصلة والسلم حل أصحابه‪ -‬رضي ال عنهم‪ -‬هذا الشعل مشعل الداية‪،‬‬
‫واضطلعوا بذه المانة حت سلموا هذا الدين صافيا كما جاء من عند ال إل التابعي وهكذا‬
‫تعاقبت الجيال على حل هذه المانة وصدق على واقع هذه المة ما قاله الرسول‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ -‬عندما قال‪ ":‬يمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تريف الغالي‬
‫وتريف البطلي وتأويل الاهلي"‬

‫ففي كل خلف توجد طائفة من العلماء هي حجة فيما بي ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬وخلقه‪ ،‬هذه‬
‫الطائفة تضطلع بأمانة البحث ف أحكامه سبحانه والتفتيش ف خفايا نصوص الكتاب ونصوص‬
‫السنة النبوية عن هذه الحكام حت يبينوا للناس ما شرع لم ليكون الناس على بينة من أمرهم‬
‫فيما يأتون وما يذرون فل يتصرفوا ف حياتم وفق ما يلي عليهم الوى وقد آتى ال‪ -‬عز وجل‪-‬‬
‫هؤلء الذين اختارهم لمل هذه المانة وجعلهم أوعية لذا النور‪ ،‬ما هيأهم لذلك فقد أكرمهم‬
‫ال‪ -‬سبحانه‪ -‬بأن جعلهم ثاقب الفهم‪ ،‬عميقي الدراك يدركون مقاصد الشرع ويفهمون حكم‬
‫الحكام ويطلعون على أبعاد ما جاء به الرسول‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬من عند ال وما شرع‬
‫لذه المة من ديننا من جامع ل يفى على ذوي البصائر وآتاهم ال‪ -‬تعال‪ -‬فهما بقاصد‬
‫الشريعة الغراء فلذلك كانوا دقيقي الدراك عندما يستنبطون الحكام لقاصد الشريعة وبذلك‬
‫جاءت تلك الجتهادات منهم وفق مصال العباد ول المد‪.‬‬
‫وإن ميزة هذا الفقه السلمي أن جعل ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬فيه من الكنوز ما يكفي للمستجدات‬
‫ف هذه الدنيا فكل ما تفرزه التطورات ف الياة البشرية من مشكلت توجد له حلول ف الفقه‬
‫السلمي وإنا يقوى على استخراج هذه الكنوز من معادنا أولئك العلماء النابغون والفقهاء‬
‫الحققون الذين آتاهم ال‪ -‬عز وجل‪ -‬بسطة ف العلم‪.‬‬

‫ومع كون المة السلمية تشترك جيعا ف حل أمانة التكليف فإن كل فرد من أفرادها مكلف‬
‫من قبل ال‪ -‬تبارك وتعال‪ -‬أن يعبد ال على بصية وكل واحد من أفراد هذه المة مطالب بأن‬
‫يلتزم بأوامر الشرع وأل يتجاوز حدود ما أنزل ال‪ .‬إل أن هناك بيئات متفاوتة قد تدث فيها‬
‫مشكلت متنوعة حسب تفاوتا‪ .‬فقد توجد طائفة من الشكلت ف بيئة ما ول توجد تلك‬
‫الطائفة ف بيئة أخرى‪ .‬وهذا كله من حكمة ال‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬ليتفكر العباد ف حكمة ال‬
‫وليدركوا كيف أمكن لعلماء هذه المة أن يتووا هذه الشكلت بأسرها الت أفرزتا بيئات‬
‫متباينة‪ .‬مع أن الشريعة السمحاء نزلت على النب‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف بيئة خاصة وأنه‪-‬‬
‫عليه أفضل الصلة والسلم‪ -‬ل يرج من تلك البيئة إل خارجها لدراسة أوضاع البشرية ول‬
‫كان النب‪ -‬عليه أفضل الصلة والسلم ليتسع لذا العال بأسره ويتجاوز جيع الدود الزمانية‬
‫والكانية وقد عن العلماء الذين وجدوا ف كل بيئة من هذه البيئات بدراسة مشكلت تلك البيئة‬
‫الاصة فوجدوا لا حلول ف هذه الشريعة الغراء‪.‬‬

‫ونن نذكر على سبيل الثال بيئتنا العمانية الت لا طبيعة خاصة ومناخ خاص ولذلك ند ف‬
‫الفقه الذي اضطلع بمله الفقهاء العمانيون ودونوه ف أسفارهم ونقلوه إل الجيال من بعدهم‬
‫دراسة دقيقة لا يكتنف هذه البيئة من مشكلت‬

‫فعلى سبيل الثال نن نقول بأن الفقه يشمل كل باب من أبواب التعامل البشري ول يتاج‬
‫الناس إل غيه فإن به الي وفيه الدى وقد أشرق عليه نور من ال وعلى سبيل الثال نذكر‬
‫الشكلت الزراعية ف بلدنا عمان‪ .‬فهناك بعض الشياء الت ل توجد ف البلد الخرى كالري‬
‫من الفلج حيث يسقى با الغرس بطريقة خاصة لعلها من النادر أن يوجد مثلها ف البلد‬
‫السلمية الخرى‪ .‬وقد جاء الفقهاء ف مؤلفاتم وف فتاواهم وف بوثهم بدراسة دقيقة عميقة لا‬
‫يكتنف وضع هذه الفلج من مشكلت بيث حددوا مقاسات أحرامها سواء من حيث إنشاء‬
‫أفلج أخرى أو إنشاء آبار بوارها أو إنشاء مبان أو غرس أو غي ذلك‪ ،‬كل ذلك ما بثوه بثا‬
‫دقيقا وكذلك تدثوا عن تقسيم مياهها وتدثوا بانب ذلك أيضا عما يترتب على الشتراك فيها‬
‫من حقوق كحقوق الشتقاق للمبيع وكل هذا ل يكاد يوجد له ذكر بذه الدقة ف غي الؤلفات‬
‫العمانية للبيئات الخرى أيضا ظروفا خاصة وهذه الظروف أفرزت مشكلت خاصة والفقهاء‬
‫الذين نشأوا ف تلك البيئات تدثوا عن تلك الشكلت وعما يب أن يوضع لا من حلول وفق‬
‫ما تقتضيه الشريعة السلمية مراعي قواعد الشرع ومقاصده ف ذلك‪.‬‬

‫والفقهاء الذين ألفوا ف الجالت الفقهية متفاوتون ف النتاج فمنهم من درس مشكلت‬
‫خاصة ف ظروف خاصة‪ ،‬ومنهم من كان أوسع بثا بيث تناول جوانب متعددة من هذه‬
‫الشكلت ومنهم من تناول جوانب أوسع حت تناول البواب الفقهية بابا بابا‪،‬وعلماؤنا‬
‫العمانيون الذين تناولوا هذه الوانب هم كثر‪ ،‬ولكن الؤلفات الت بقيت ف أيدينا والت يصدق‬
‫عليها أنا موسوعات فقهية تتناول أبواب الفقه بأسرها بابا بابا‪ .‬هذه الؤلفات الت بقيت ف أيدينا‬
‫إل اليوم‪ ،‬مؤلفات قليلة‪ ،‬إذا ما نظرنا إل الهد الكبي الذي بذله العلماء الحققون الباحثون ف‬
‫هذه الجالت الواسعة‪.‬‬

‫وف تراجم العلماء السابقي يوجد ذكر مؤلفات كثية واسعة يصدق عليها أنا موسوعات‬
‫فقهية‪ .‬ومن بي هذه الؤلفات جامع المام ممد بن مبوب‪ -‬رحه ال تعال‪ -‬فإنه ذكر بأنه كان‬
‫ف سبعي جزءا وممد بن مبوب من العلماء العريقي ف العلم والعرفة فإنه تسلسل من أسرة‬
‫علمية أخذت العلم كابرا عن كابر‪ ،‬على أنه من العلماء الذين ينتسبون إل صحابة رسول ال‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ -‬إذ كان جده أحد الصحابة وهو سيف بن هبية القرشي الذي تسلسل ف‬
‫ذريته علماء أعلم جعوا بي العمق ف الفقه والورع ف الدين‪ ،‬فأسرته كلها أسرة علم‪ .‬وقد ولد‬
‫المام ممد بن مبوب ف أواخر القرن الثان الجري ومات ف القرن الثالث الجري ولكن ل‬
‫نكاد ند شيئا من هذا السفر الكبي‪ ،‬وإنا ند للمام ابن مبوب بعض الرسائل الت تبحث‬
‫مواضيع معينة‪ .‬وهذا السفر الكبي الذي يذكر أنه ف سبعي جزءا ما بقي إل ذكره ف التراجم‬
‫وقد رأيت العلمة البدر الشماخي‪ -‬رحه ال تعال‪ -‬ف كتابه " السي" وهو من علماء جبل‬
‫نفوسة ف القطر الليب ذكر عندما تدث عن أحد العلماء وترجم له بأنه أحضر إليه جزء واحد‬
‫من هذا الؤلف الليل جامع ابن مبوب‪ .‬وكان هذا الزء خاصا بأحكام اليض فكان القارئ‬
‫يقرأ على ذلك العال الغرب ما يقرأ من هذا الكتاب كلما أتى على مسألة‪ ،‬قال ذلك العال‪ ":‬هذا‬
‫هو الفقيه الحقق" وهذا إن دل على شيء فإنا يدل على ما كان يزخر به ذلك الكتاب من ثروة‬
‫علمية واسعة ولكن هذه الثروة تلشت مع السف الشديد برور الزمن‪.‬‬
‫كذلك ابنه بشي بن ممد بن مبوب ألف كتابا وهو كتاب " الزانة" ولعل اسه دليل على‬
‫مسماه فإن هذه الزانة ل تتوي إل على كنوز العلم‪ ،‬وهذا الكتاب أيضا يذكر بأنه كان ف‬
‫سبعي سفرا ككتاب أبيه‪ ،‬ولكن ل تبق له بقية وإنا بقيت بعض الؤلفات الخرى لبشي بن ممد‬
‫بن مبوب‪ .‬وكذلك كتاب أب سفيان مبوب بن الرحيل والد المام ممد بن مبوب ل يبق إل‬
‫ذكره‪ ،‬ومؤلفات أخرى هي مؤلفات موسوعية ضاعت برور الزمن ككتاب المام أب علي‬
‫موسى بن علي الذي كان أحد شيوخ السلم ف هذا القطر ف أوائل القرن الثالث الجري‪.‬‬

‫وما بقي من هذه الوسوعات الفقهية الكبى الواسعة كتاب" بيان الشرع الامع من علوم‬
‫السلم الصل والفرع" للمحتفى به المام العلمة أب عبدال ممد بن إبراهيم الكندي‪ -‬رحه‬
‫ال‪ -‬وكذلك كتاب " الصنف" الذي يعد اختصارا لكتاب بيان الشرع‪ ،‬وهو لبن عمه الشيخ‬
‫أب بكر أحد بن موسى الكندي ولحد أبناء عمومته أيضا كتاب آخر يسمى" الكفاية" وهو ف (‬
‫‪ )51‬جزءا ولكنه أيضا من الكتب الت أتى عليها الزمن‪ ،‬وما بقي من هذا الصنف كتاب" منهج‬
‫الطالبي" ويذكر أيضا كتاب " التاج " للعلمة عثمان بن عبدال الصم‪ ،‬ولكننا ل نطلع إل على‬
‫نقول منه ف قاموس الشريعة وال أعلم إن كانت توجد أجزاء متناثرة منه ف أيدي بعض الناس‬
‫إل وقتنا هذا‪ ،‬وهو يقع أيضا ف (‪ )51‬جزءا‪.‬‬

‫هذه الؤلفات تناولت‪ -‬كما قلت‪ -‬القضايا الفقهية التنوعة بل ل تقتصر على القضايا‬
‫الفقهية‪ ،‬فإذا نظرنا إل " بيان الشرع" الذي يقع ف(‪ )72‬جزءا أو ف ( ‪ )73‬جزءا وجدنا أنه‬
‫ليس موسوعة فقهية فقط‪ ،‬بل هو موسوعة علمية شاملة‪ ،‬لنه كتاب يتناول قضايا متعددة منها ما‬
‫يتعلق بياة النسان‪ .‬أولا‪ :‬قضية العقيدة‪ ،‬وقد تناول هذا الكتاب جانب العقيدة وأشبعه بالبحث‬
‫والعرض والتحليل‪ ،‬وكذلك تناول قضايا العبادات وهي من أبواب الفقه‪ ،‬فتناول البواب الاصة‬
‫با وبلبساتا بابا بابا‪ ،‬ث بعد ذلك دخل ف الخلق‪ ،‬ودخل ف العاملت وعندما يستشهد‬
‫باليات القرآنية يتعرض أيضا لتفسي هذه اليات‪ ،‬ومع جانب كونه اشتمل على البواب‬
‫الفقهية‪ ،‬وتناول الشكلت التعددة التنوعة فإنه أيضا كتاب أدب‪ ،‬فهو كتاب يتوي على جانب‬
‫ل يستهان به من الدب وفيه كثي من الشواهد الشعرية كما فيه التحليل للكلمات العربية‪ .‬ول‬
‫ريب أن كل ذلك شاهد على طول باع الؤلف وعلى سعة صدره وقدرته على الستقصاء‬
‫والقارنة حت استوعب هذه العلوم الكثية فنجده ينقل عن الصمعي وأب عمرو بن العلء‬
‫والكسائي والفراء وآخرين من أئمة العربية ونده ف مال التفسي ينقل‪ -‬أيضا‪ -‬عن كثي من‬
‫الفسرين ومن الراجع الت اعتمد عليها ف التفسي ونقل عنها كتاب تذيب البيان ف تفسي‬
‫القرآن للمام أب عبدال ممد بن أحد اللخمي النحوي‪ ،‬وهو اختصار للتفسي الكبي للمام‬
‫الفسرين ابن جرير الطبي‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وف السائل الفقهية وغيها ينقل عن علماء هذه المة من لدن الصحابة والتابعي فمن‬
‫بعدهم إل عصره وهو ينقل عن الكثي الكثي من العلماء ويتعرض كثيا لقوال علماء المصار‬
‫ومن بينهم علماء الدائن والثار ويعتمد ف ذلك كثيا على كتاب " الشراف" للعلمة ابن منذر‬
‫النيسابوري‪ ،‬وهو كتاب جليل حوى كثيا من أقوال علماء هذه المة وقد تناوله بالتعليق المام‬
‫العلمة أبو سعيد ممد بن سعيد الكدمي الشهور عندنا ف عمان بإمام الذهب‪.‬‬

‫وند موسوعة الشيخ الكندي هذه حافلة بالنقل عن الذين سبقوه من علماء الذهب من‬
‫أمثال‪ :‬جابر بن زيد وأب عبيدة وأب نوح صال الدهان‪ ،‬وأب الر علي بن الصي‪ ،‬وأب مودود‬
‫حاجب بن مودود‪ ،‬وضمام بن السائب ‪ ،‬وسال اللل‪ ،‬والربيع بن حبيب‪ ،‬وأب أيوب وائل بن‬
‫أيوب الضرمي‪ ،‬ومبوب بن الرحيل وأب علي موسى بن علي‪ ،‬وجده( جد أب علي) العلمة‬
‫موسى بن أب جابر السامي النوان وغيه من حلة العلم ف عمان وهم‪ :‬بشي بن النذر النوان‪،‬‬
‫وممد بن العلى الفحشي‪ ،‬ومني بن الني العلن إل من بعدهم من الفقهاء‪ ،‬حت فقهاء زمانه‪،‬‬
‫وهو ينقل عن هؤلء الفقهاء جيعا من غي تييز‪ .‬وكما سعنا بالمس من الباحث الول( ) عن‬
‫[‪]1‬‬

‫الشقاق الذي حصل بي علماء عمان بسبب الفتنة الناجة عن خلع المام الصلت بن مالك‪،‬‬
‫فهذه الفتنة فرقت العلماء إل قسمي‪ ،‬تشدد فيها بعضهم وتسامح آخرون‪ ،‬فالعلماء الذين عاشوا‬
‫ف تلك الفترة‪ -‬فترة وقوع هذه الفتنة‪ -‬نظروا إليها من وجوه متباينة فمنهم من نظر إل أن‬
‫القائمي بعزل المام الصلت بن مالك ما أرادوا أن يقضوا على إمامته‪ ،‬إنا أرادوا الحافظة على‬
‫كيان المامة‪ ،‬وما دفعهم إل ذلك القيام إل ما وجدوه فيه من الضعف بسبب شيخوخته وثقل‬
‫سعه‪ ،‬وضعف بصره وعجزه عن الضطلع بذه المانة والمام بنفسه عندما أحس بذلك اعتزل‬
‫بعد ما جاءوا إليه وانتقل إل دار ولده شاذان‪.‬‬

‫أما الفريق الخر فكان فريقا ينظر إل هؤلء على أنم بغاة خارجون عن المام العادل وأنم‬
‫جديرون بالقاومة‪ ،‬وأنم ما كانوا ينشدون الق ف خروجهم هذا ‪ ،‬وإنا دفعتهم الطماع ف‬
‫الناصب والرغبة ف الستيلء على السلطة‪ ،‬فلذلك قاموا با قاموا به وقد أدى هذا كله إل‬
‫تأليف رسائل متعددة ف هذا الوضوع ومعظم هذه الرسائل تضمن خلصتها كتاب" بيان‬
‫الشرع" فمعظم الزء الرابع منه بث هذه الرسائل‪ ،‬فتناولا نقل ونقدا‪ ،‬وهي متباينة التاه‬
‫فبعضها يبر حركة هؤلء القائمي كالرسائل الت ألفها المام أبو جابر ممد بن جعفر الزكوي‪،‬‬
‫وطائفة أخرى من العلماء وهناك رسائل أخرى كانت تثل التاه الخر العروف بالتشدد تاه‬
‫هؤلء كالرسائل الأثورة عن المام أب الؤثر الصلت بن خيس وأب قحطان الجاري وغيها‪.‬‬

‫مع هذا كان هناك شيء من الوفاق العام بانب هذا الختلف الزئي‪ ،‬حت ظهر بعض‬
‫الذين غلوا ف التشدد وقالوا بأن على الناس جيعا أن يدرسوا هذه الفتنة لينلوا كل واحد منلته‬
‫ف الولية أو الباءة ول يعذر جاهل ذلك وكان رائد هؤلء التشددين العلمة أبو مالك غسان‬
‫بن الضر الصلن‪ ،‬نسبة إل صلن وهي قرية بولية صحار نزلا بعد انتقاله من موطنه الصل‬
‫مدينة بل بداخلية عمان‪.‬‬

‫وتبن هذا الذهب من بعده تلميذه الكبي العلمة ابن بركة كما تبناه تلميذ ابن بركة وف‬
‫مقدمتهم العلمة أبو السن علي بن ممد البسيان‪.‬‬

‫أما الفريق القابل لذا فكان على رأسه العلمة ممد بن روح النوي‪ ،‬وتبن مذهبه من بعده‬
‫تلميذه العلمة الكبي أبو سعيد ممد بن سعيد الكدمي‪ -‬رحه ال‪ -‬الذي انتصر لذا الذهب أيا‬
‫انتصار وألف ف ذلك كتاب الستقامة بأسره وقد طبع ف جزئي‪ ،‬حرص فيه على رد شبهات‬
‫الغلة التشددين من أجل أن يمل الناس على التسامح حت ل يركبوا الشطط ف دينهم‪.‬‬

‫وهو من العلماء الذين ييلون إل التسامح كثيا وله ف ذلك جلة مأثورة وهو أوردها‬
‫صاحب بيان الشرع وسعت أحد مشائخنا من أهل الغرب يقول فيها بأنا دليل على عمق فهم‬
‫قائلها وغزارة علمه ونفاذ بصيته‪-:‬‬

‫" ليس العال من حل الناس على ورعه ولكن العال من أفت الناس با يسعهم ف دينهم"‪.‬‬

‫وقد بن عليها أرائه الفقهية‪.‬‬

‫وكتاب بيان الشرع حافل بآراء المام أب سعيد وبنصوص كلمه‪ ،‬والمام الحتفى به ممد‬
‫بن إبراهيم النوي كان من هذه الطائفة الت تيل إل التسامح والت سيت من بعد بالطائفة‬
‫النوانية‪ .‬وقد استمر اللف بي هاتي الطائفتي إل عهد المام ناصر بن مرشد‪ -‬رحه ال‬
‫تعال‪ -‬فانتهى اللف إل الوفاق الذي عم جيع أهل عمان‪.‬‬
‫وقد أشار إل ذلك إمامنا السالي‪ -‬رحه ال‪ -‬عندما قال بعدما ذكر هذه الفتنة الت اصطلى‬
‫أهل عمان سعيها‪:‬‬

‫حزبي فاز بعضهم ووفقوا‬ ‫من أجلها أهل عمان افترقوا‬


‫على الدى ومن بري منه شقى‬ ‫حزب أب سعيد الوفق‬
‫ذهابم بالق فينا يشهد‬ ‫وحزبم ل يبق منه أحد‬
‫يكون فيها قائما بالق‬ ‫إذ ليس تلو الرض من مق‬
‫ناصرنا الرشد للنام‬ ‫ذهابم بسبب المام‬
‫ومرشدا ف الدين رشدا ظاهرا‬ ‫سليل مرشد فكان ناصرا‬

‫وعندما تناول العلمة ممد بن إبراهيم هذه الرسائل الت بثت هذه القضايا التعلقة بالفتنة‬
‫الناجة ف عمان ف الزء الرابع من هذا الكتاب ل يكن ناقل فحسب بل كان ناقدا‪ ...‬فقد تناولا‬
‫بالتعليق والتعقيب با يدل على سلمة قصده وعمق ارداكه‪.‬‬

‫كما أن له أيضا بوثا أوردها ف نفس الكتاب‪ ،‬وهي تدل على موقفه من هذه القضية ومع‬
‫كونه العلمة ممد بن إبراهيم ينتمي إل الدرسة النوانية إحدى هاتي الدرستي اللتي كان‬
‫بينهما اللف والشقاق ف تلك الفترة‪ ،‬إل أنه ل يتعصب لا‪ ،‬فلم يقتصر على النقل عن علمائها‬
‫بل كان للمدرسة الرستاقية نصيب وافر ف كتابه إذ من طالع الكتاب وجد أراء العلمة أب ممد‬
‫بن بركة وهو عميد الطائفة الرستاقية‪ -‬كما قلت‪ -‬وخصوصا عندما تدث عن القواعد‬
‫الصولية‪ -‬أي الباحث الت تتعلق بأصول الفقه‪ -‬فإن كتابه احتوى على ما قاله ابن بركة ف‬
‫ذلك وكذلك عندما تدث عن القضايا الفرعية ل يهمل رأي ابن بركة‪ ،‬بل تناول كتابه آراءه‪،‬‬
‫كما أنه تناول آراء بقية أهل الدرسة الرستاقية كالعلمة أب السن علي بن ممد البسيون وكان‬
‫كتابه حافل بآراء كلتا الطائفتي‪.‬‬

‫ومن خلل الذي ذكرته هنا‪ ،‬يتبي لكم أن الكتاب بي القواعد الصولية والسائل الفرعية‪.‬‬
‫ول ريب أن العلمة ممد بن إبراهيم كان دقيق الفهم لذه الباحث الصولية بدليل بعض‬
‫التعقيبات الت سوف نتعرض لا‪ -‬إن شاء ال‪ -‬على ما ورد ف بعض الثار‪ .‬وقد أورد ف كتابه‬
‫الباحث الت تتعلق بالاص والعام والطلق والقيد والجمل والبي والحكم والتشابه والناسخ‬
‫والنسوخ‪ ،‬وما يتعلق بالخبار الروية عن نبينا‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وكان شيخه ف ذلك‬
‫العلمة ابن بركة الذي كان له القدح العلى ف هذا الجال‪.‬‬

‫وقد يتراوى للنسان بادئ ذي بدء عندما يطلع على كتاب بيان الشرع أنه كتاب يعتمد‬
‫مؤلفه على النقل فهو ينقل نصوص العلماء الذين سبقوه‪ ،‬ولكنه عندما يتفحص ف النظر ويعن‬
‫فكره فيه‪ ،‬يد أن الؤلف ل يكن ناقل فحسب‪ ،‬بل كان ناقل وناقدا ف بعض القضايا فقد تناول‬
‫ف كتابه هذا مملت الثار بالتفصيل وهناك مملت ما نقل عن العلماء الذي قبله سواء الذين‬
‫أدركهم أو الذين ل يدركهم ول يكتف بنقل هذه الجملت وتركها لفهم القارئ فحسب‪ ،‬بل‬
‫تناولا بالنقد والتفسي واليضاح‪ ،‬وتقييد إطلقها وتصيص عمومها‪ ،‬فأصبحت واضحة العان‬
‫قريبة للفهام ومن ذلك الثر النقول عن بشي بن ممد بن مبوب حيث قال‪-:‬‬

‫" ترك النكي حجة وإظهار النكي حجة" والقارئ العادي عندما يطلع على هذا الكلم ل‬
‫يكاد يفهم أبعاده ومغزاه ولكن العلمة ممد بن إبراهيم وضح ذلك كله عندما حلل هذه العبارة‬
‫وبي أن هذا الكلم ليس على إطلقه وإنا هو مقيد بقيود لبد من اعتبارها من هذه القيود أن‬
‫يكون ذلك فيما يتمل الق والباطل دون ما كان حقا ل يتمل الباطل أو باطل ل يتمل الق‪،‬‬
‫إذ لو كان على إطلقه لزم من أن يكون السكوت عن النكرات حجة على إقرارها وشرعيتها‪.‬‬
‫وأوضح أن هذا حكم عام بالنسبة إل الناس‪ ،‬ل يتلف بي إنسان وآخر‪ ،‬إنا يعم الناس جيعا‬
‫على اختلف أحوالم وعلى اختلف دياناتم وعلى اختلف أفهامهم فالاكم والحكوم والسلم‬
‫والكافر والب والفاجر والعال والاهل والرأة والرجل كلهم سواء ف هذا الكم ولكن بانب‬
‫ذلك لبد من مراعاة الحوال‪.‬‬

‫أما كونه يشمل من ذكرنا فيتضح فيما لو أن أحدا وجد يأكل مال أحد من الناس‪ ،‬وصاحب‬
‫الال حاضر ل ينكر مع قدرته على النكار‪ ،‬فإن سكوته وترك نكيه حجة إذ هو دليل على كون‬
‫ذلك الكل إنا يأكله بق أما لو أنكر عليه وخاصمه فإن إظهار هذا النكي حجة أيضا حت ولو‬
‫كان ذلك الكل يأكله بق‪ ،‬إل أنه ف الكم الظاهر معتد فإن ادعى أكله بق طولب بالجة‬
‫ووجه كون ذلك متمل للحق والباطل جواز أن يكون قد اشتراه منه أو وهبه إياه أو استحقه‬
‫بأي وجه من الوجوه الشرعية‪.‬‬

‫وكذلك لو وجد رجل يطأ امرأة وهي ل تنكر‪ ،‬فيحتمل أن تكون زوجته وأن تكون سريته‪،‬‬
‫فل يتعي أنما زانيان‪ ،‬أما إن كانت تستصرخ وتدعي بأنه اعتدى عليها فإنه يؤاخذ بذا العدوان‪،‬‬
‫فإظهار نكيها حجة لا كما أن سكوتا عن النكي عليه ف ذلك حجة له ولكن بشرط أل يكون‬
‫قد تشخص حق ذلك أو باطله فلو كانت الرأة معلومة أنا امرأته ما كان نكيها حجة عليه ولو‬
‫كانت معلومة أنا أجنبية منه ما كان ترك نكيها حجة له فل مال لطلق هذا الب كما يقتضيه‬
‫الظاهر دون مراعاة هذا القيد‪.‬‬

‫وتدخل هذه القاعدة ف باب الفقه السياسي فلو أن إماما شرعيا أجع الناس على صحة‬
‫إمامته‪ ،‬وبويع بيعة شرعية‪ ،‬ث قامت طائفة من الناس‪ ،‬وعقدت للمامة لمام آخر والمام حاضر(‬
‫أي المام الول) والقائمون بالمامة حاضرون ول ينكروا من ذلك شيئا فإن ترك نكيهم‬
‫حجة‪،‬فمن المكن أن يكون المام الول عجز عن القيام بأعباء المامة‪ ،‬فلذلك قام أولئك الذين‬
‫عقدوا المامة للمام آخر با قاموا به‪ ،‬تلفيا لمر السلمي لئل يتفرق جعهم‪ ،‬وتستباح بيضتهم‬
‫أما لو أنكر المام أو أنكر العلماء الذين معه فإن ذلك النكار حجة لم‪ ،‬فإظهار النكي ف مثل‬
‫هذا الوقف حجة وتركه حجة‪.‬‬

‫وذكر رأيا آخر ول يعزه إل أحد وإنا قال‪ ":‬وقال بعضهم ‪ :‬بأن ترك النكار حجة للئمة‬
‫دون غيهم" وتعقبه بأن ترك النكار والنكار حجة بالنسبة إل جيع الناس كما سبق‪ ،‬من غي‬
‫تفرقة بي حاكم ومكوم وبي عال وجاهل وبي مسلم وكافر سواء كان الكافر يهوديا أو نصرانيا‬
‫أو موسيا أو مشركا وثنيا‪ ،‬فترك النكار حجة والنكار حجة بالنسبة إل هؤلء جيعا‪ ،‬ول يتقيد‬
‫ذلك بكونه حجة للئمة دون الرعية‪.‬‬

‫وقال أيضا‪ :‬إذا ل يتمل المر الق والباطل وكان باطله متعينا فل فرق ف ذلك بي الئمة‬
‫والرعية‪ ،‬فلو أن أحدا من الئمة اجترأ على أحد من الناس فسلب ماله أو غمطه حقه من غي أن‬
‫يتمل فعله وجه حق‪ ،‬فإن السكوت ف مثل هذا الوقف عن النكي ليس حجة للظال وأضاف‬
‫أيضا لو قال من الناس سواء كان واليا أو عدوا حاكما أو مكوما مسلما أو كافرا‪ -‬بأن نكاح‬
‫ذوات الحارم‪ ،‬أو نكاح بعض ذوات الحارم ملل‪ ،‬كأن يبيح نكاح الخت من النسب أو من‬
‫الرضاع أو نكاح العمة أو الالة أو نكاح أي ذات مرم سواء كانت حرمتها بنسب أو برضاع‬
‫أو بصهر‪،‬وسكت الناس ولو كانوا علماء وكانوا مائة ألف أو يزيدون فإن سكوتم ل يعتب‬
‫حجة‪.‬‬
‫كذلك لو أنكر الناس حقا صريا فإن إنكارهم له ل يكون حجة عليه فلو قال أحد من الناس‬
‫بأن الم تستحق من الياث الثلث مع عدم الولد والخوة وتستحق السدس مع الولد أو مع‬
‫الخوة وأنكر قوله ذلك النكرون‪ ،‬فإن إنكارهم ليس بجة‪ ،‬إذ نص القرآن دل على صحة ذلك‪.‬‬

‫وكذلك لو كانت هذه الخالفة ف أي باب من أبواب العبادات أو ف أي باب من أبواب‬


‫العاملت‪ ،‬أو العقيدة فل يعتد بالنكار وعدمه‪ ،‬فإن الق حق والباطل باطل‪ .‬ول عبة بإنكار‬
‫النكرين ول بسكوت الساكتي‪.‬‬

‫ومن كلمه الدال على غزارة علمه وحسن ورعه ودقة نظره قوله‪ ":‬الناس مكوم لم ف‬
‫أحكام الظاهر بأحسن الحوال حت تقوم عليهم الجة الواضحة بأسوأ الحوال فهم أهل توبة‬
‫واستغفار حت يصح منهم الصرار ‪ ،‬وأهل تري لا حرم ال حت يصح منهم الستحلل"‪.‬‬

‫كذلك من الجملت الثرية الت فصلها تفصيل‪ ،‬ما جاء عن بعض أهل العلم حيث قال‪ ":‬إن‬
‫ركوب الكبائر شاهد على راكبها بالكفر" أي كفر النعمة والضلل‪ .‬وقد تعقبه العلمة الكندي‬
‫أن ذلك فيما ل يتمل الواز بوجه من الوجوه فلو أبصر أحد أحد الصالي يأكل ف نار الصوم‬
‫ل يكن له أن يكم عليه بالفسق لحتمال أنه مريض أو ناس أو أنه ف سفر‪.‬‬

‫ومن الثار الت فصل مملتا قول بعضهم‪ ":‬إن المع بي الضداد ف دين ال حرام وباطل"‬
‫فقد تعقبه بأنه ليس على إطلقه وإنا هو فيما ل يتمل الق والباطل أي ف حق مض أو باطل‬
‫مض فيتعذر المع بينهما فمثال الق الحض أن ال أحل البيع وحرم الربا‪ ،‬والباطل الحض‬
‫خلفه فل يكن جعهما‪.‬‬

‫وكذلك لو ثبت على أحد أنه قتل غيه اعتداء أو سلبه ماله أو انتهك عرضه لا جاز‬
‫للمسلمي أن يتولوه على ذلك ول يوز أن يتمع ف الولية من توله وتبأ منه‪.‬‬

‫أما لو كان التضاد ف السائل الفرعية الجتهادية وذلك بأن يرى بعض العلماء حلية شيء‬
‫ويرى غيه حرمته فهو ما ل يدخل ف هذا الباب ويمل الكل على حسن الظن‪ ،‬لن اختلفهم‬
‫ناشئ عن نظر واجتهاد‪ ،‬وضرب لذلك أمثلة ل يتسع القام لذكرها ل سيما وأن الدة الحددة ل‬
‫قد انتهت‪.‬‬
‫وكما قلت‪ :‬صاحب بيان الشرع كان موسوعة علمية‪ ،‬فقد كان واسع الطلع حريصا على‬
‫دراسة ما يصل إليه من أقوال العلماء على اختلف مذاهبهم ومن آخر ما اطلعت عليه ف بيان‬
‫الشرع رسالة لحد من الناس يسمى أبا الفضل عيسى بن نور الارجي وهذه أول رسالة اطلع‬
‫عليه من آثار الوارج‪ ،‬فإنه ل يبق شيء ما دونوه وكتبوه وقد تناول هذه الرسالة بالتمحيص‬
‫والتعليق عليها كل من المامي ممد بن مبوب وأب سعيد الكدمي أوردها صاحب بيان الشرع‬
‫مع تعليقات المامي‪ ،‬وتدل نقوله عن الوائل ف فقهاء المصار إنه كان مطلعا على ما دونوه‬
‫ومن ذلك نقله عن كتاب للمام الزن‪.‬‬

‫وكل ذلك إنا يدل على سعة إطلعه وعلى طول باعه فنسأل ال‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬أن‬
‫يرحه برحته الواسعة وأن يوفقنا للستفادة من هذا الكن الثمي وأن يهيئ ال‪ -‬سبحانه وتعال‪-‬‬
‫من يردون عزائمهم لدمة هذا التراث وتنسيقه وتذيبه فإن من ينظر إل كتاب " بيان الشرع"‬
‫يد أنه باجة إل كثي من الدمة ولذلك أقترح على من أتاه ال‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬مقدرة أن‬
‫يصوغ مسائله صياغة علمية عصرية تتلءم مع الفكر العاصر والذوق العاصر فإن ذلك ما يدم‬
‫الفقه السلمي‪.‬‬

‫نسأل ال‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬أن يهيئ لذا العلم من يدمه‪ ،‬إنه‪ -‬تعال‪ -‬ول التوفيق‬
‫وأشكركم جيعا على حضوركم وإنصاتكم كما ل يفوتن أن أشكر وزارة التراث القومي والثقافة‬
‫وجيع رجالتا وعلى رأسهم سو الوزير الوقر‪ ،‬وأشكر راعي هذا الفل معال الخ الكري‬
‫الستاذ سال بن عبدال الغزال وجيع الاضرين‪.‬‬

‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬

‫[‪ ) ]1‬إشارة من ساحته إل الورقة الول القدمة من قبل الباحث الطاب بن أحد الكندي‪.‬‬

You might also like