Professional Documents
Culture Documents
www.ahlalhdeeth.com
فقه السنة
السيد سابق
الجلد الثان
-فقه السنة –
1
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-الشيخ سيد سابق ج 2
-ص:1
صفحة / 1فقه السنة /
صفحة / 3
الجلد الثان
الجزاء السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والادي عشر الناشر دار الكتاب
العرب بيوت -لبنان / .صفحة / 4
الطبعة الثالثة 1397ه 1977 -م
حقوق الطبع مفوظة للمؤلف
/صفحة / 5
بسم ال الرحن الرحيم المد ل رب العالي ،والصلة والسلم على سيد الولي
والخرين ،سيدنا ممد وعلى آله ومن اهتدى بديه إل يوم الدين .أما بعد :فهذا
هو الجلد الثان من كتاب فقه السنة ،نقدمه للقراء الكرام ،سائلي ال سبحانه أن
ينفع به وأن يعله خالصا لوجهه الكري ،وهو حسبنا ونعم الوكيل .السيد سابق /
صفحة / 7الزواج الزوجية سنة من سنن ال ف اللق والتكوين ،وهي عامة مطردة ،
ل يشذ عنها عال النسان ،أو عال اليوان أو عال النبات ( :من كل شئ خلقنا
زوجي لعلكم تذكرون ) ( .سبحان الذي خلق الزواج كلها ،ما تنبت الرض ،
2
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ومن أنفسهم ،وما ل يعلمون ) .وهي السلوب ال اختاره ال للتوالد والتكاثر ،
واستمرار الياة ،بعد أن أعد كل الزوجي وهيأها .بيث يقوم كل منهما بدور
إياب ف تقيق هذه الغاية ( :يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) ( .يأيها الناس
اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ،وخلق منها زوجها ،وبث منهما رجال
كثيا ونساء ) .ول يشأ ال أن يعل النسان كغيه من العوال ،فيدع غرائزه تنطلق
دون وعي ،ويترك اتصال الذكر بالنثى فوضى ل ضابط له .بل وضع النظام اللئم
لسيادته ،والذي من شأنه أن يفظ شرفه ،ويصون كرامته .فجعل اتصال الرجل
بالرأة اتصال كريا ،مبنيا على رضاها .وعلى إياب وقبول ،كمظهرين لذا الرضا
.وعلى إشهاد ،على أن كل منهما قد أصبح للخر .وبذا وضع للغريزة سبيلها
الأمونة ،وحى النسل من الضياع ،وصان الرأة عن أن تكون كلء مباحا لكل راتع .
ووضع نواة السرة الت توطها غريزة المومة وترعاها عاطفة البوة .فتنبت نباتا
حسنا ،وتثمر ثارها اليانعة / .صفحة / 8وهذا النظام هو الذي ارتضاه ال ،وأبقى
عليه السلم ،وهدم كل ما عداه .النكحة الت هدمها السلم فمن ذلك :نكاح
الدن :كانوا يقولون :ما استتر فل بأس به وما ظهر فهو لؤم .وهو الذكور ف قول
ال تعال ( :ول متخذات أخدان ) .ومنها :نكاح البدل :وهو أن يقول الرجل
للرجل :أنزل ل عن امرأتك وأنزل لك عن امرأت وأزيدك .رواه الدار قطن عن أب
هريرة بسند ضعيف جدا .وذكرت عائشة غي هذين النوعي فقالت :كان النكاح ف
الاهلية على أربعة أناء ( ) 1 ( : ) 1نكاح الناس اليوم :يطب الرجل إل الرجل
وليته أو ابنته ،فيصدقها ث ينكحها ) 2 ( .ونكاح آخر :كان الرجل يقول لمرأته
إذا طهرت من طمثها ( ، ) 2أرسلي إل فلن فاستضعي منه ( ، ) 3ويعتزلا زوجها
حت يتبي حلها .فإذا تبي ،أصاب إذا أحب .وإنا يفعل ذلك رغبة ف نابة الولد .
ويسمى هذا النكاح الستبضاع ) 3 ( .ونكاح آخر :يتمع الرهط ( ما دون
العشرة ) على الرأة فيدخلون ،كلهم يصيبها ،فإذا حلت ووضعت ،ومر عليها ليال
،أرسلت إليهم ،فلم يستطع رجل منهم أن يتنع ،حت يتمعوا عندها ،فتقول لم :
قد عرفتم ما كان من أمركم ،وقد ولدت ،فهو ابنك يا فلن ،تسمي من أحبت
3
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
باسه فيلحق به ولدها ،ل يستطيع أن يتنع منه الرجل ( .هامش ) ( ) 1اناء :
انواع ) 2 ( .طمثها :حيضها ) 3 ( .استبضعي :اطلب منه الباضعة ،أي الماع
لتنال به الولد فقط / ) . ( .صفحة ) 4 ( / 9ونكاح رابع :يتمع ناس كثي ،
فيدخلون على الرأة ل تتنع من جاءها -وهن البغايا ( - ) 1ينصب على أبوابن
رايات تكون علما ،فمن أرادهن دخل عليهن .فإذا حلت إحداهن ووضعت ،جعوا
لا ،ودعوا لم القافة ( ) 2ث ألقوا ولدها بالذي يرون ،فالتاط به ( ) 3ودعي ابنه
،ل يتنع من ذلك .فلما بعث ممد صلى ال عليه وسلم بالق ،هدم نكاح الاهلية
إل نكاح الناس اليوم .وهذا النظام الذي أبقى عليه السلم ،ل يتحقق إل بتحقق
أركانه من الياب والقبول ،وبشرط الشهاد .وبذا يتم العقد الذي يفيد حل
استمتاع كل من الزوجي بالخر على الوجه الذي شرعه ال .وبه تثبت القوق
والواجبات الت تلزم كل منها ( .هامش ) ( ) 1البغايا :الزوان ) 2 ( .القافة :
جع قائف وهو من يشبهه بي الناس ،فيلحق الولد بالشبيه ) 3 ( .التاط به :التصق
به وثبت النسب بينهما ) . ( .الترغيب ف الزواج وقد رغب السلم ف الزواج
بصور متعددة الترغيب .فتارة يذكر أنه من سنن النبياء وهدى الرسلي .وأنم
القادة الذين يب
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 9
علينا أن نقتدي بداهم ( :ولقد أرسلنا مرسل رسل من قبلك ،وجعلنا لم أزواجا
وذرية ) .وف حديث الترمذي عن أب أيوب رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال
عليه وسلم قال ( :أربع من سنن الرسلي :الناء ( ، ) 4والتعطر ،والسواك ،
والنكاح ) ( .هامش ) ( ) 4وقال بعض الرواة :الياء بالياء / ) . ( .صفحة / 10
وتارة يذكر ف معرض المتنان ( :وال جعل لكم من أنفسكم أزواجا ،وجعل لكم
من أزواجكم بني وحفدة ،ورزقكم من الطيبات ) .وأحيانا يتحدث عن كونه آية
من آيات ال ( :ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ،وجعل
بينكم مودة ورحة ،إن ف ذلك ليات لقوم يتفكرون ) .وقد يتردد الرء ف قبول
4
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الزواج ،فيحجم عنه خوفا من الضطلع بتكاليفه ،وهروبا من احتمال أعبائه .
فيلفت السلم نظره إل أن ال سيجعل الزواج سبيل إل الغن ،وأنه سيحمل عنه
هذه العباء ويده بالقوة الت تعله قادرا على التغلب على أسباب الفقر ( :وأنكحوا
اليامى ( ) 1منكم والصالي من عبادكم وإمائكم ( ، ) 2إن يكونوا فقراء يغنهم
ال من فضله ،وال واسع عليم ) وف حديث الترمذي عن أب هريرة أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال ( :ثلثة حق على ال عونم ،الجاهد ف سبيل ال ،
والكاتب الذي يريد الداء ،والناكح الذي يريد العفاف ) .والرأة خي كن يضاف
إل رصيد الرجل .روى الترمذي وابن ماجة عن ثوبان رضي ال عنه ،قال لا نزلت :
( والذين يكنون الذهب والفضة ،ول ينفقونا ف سبيل ال ،فبشرهم بعذاب أليم )
.قال :كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف بعض أسفاره فقال بعض أصحابه :
أنزلت ف الذهب والفضة ،فلو علمنا أي الال خي فنتخذه ؟ فقال ( :لسان ذاكر ،
وقلب شاكر ،وزوجة مؤمنة تعينه على إيانه ) ( .هامش ) ( ) 1اليامى :جع أي ،
وهو الذي ل زوجة له ،أو الت ل زوج لا ) 2 ( .العباد :العبيد / ) . ( .صفحة
/ 11وروى الطبي بسند جيد عن ابن عباس رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه
وسلم قال ( :أربع من أصابن فقد أعطي خي الدنيا والخرة :قلبا شاكرا ،ولسانا
ذاكرا ،وبدنا على البلء صابرا ،وزوجة ل تبغيه حوبا ف نفسها وماله ) .وروى
مسلم عن عبد ال بن عمرو بن العاص أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :
( الدنا متاع ،وخي متاعها الرأة الصالة ) .وقد ييل للنسان ف لظة من لظات
يقظته الروحية ،أن يتبتل وينقطع عن كل شأن من شؤون الدنيا ،فيقوم الليل ،
ويصوم النهار ،ويعتزل النساء ،ويسي ف طريق الرهبانية النافية لطبيعة النسان .
فيعلمه السلم أن ذلك مناف لفطرته ،ومغاير لدينه ،وأن سيد النبياء -وهو
أخشى الناس ل وأتقاهم له -كان يصوم ويفطر ،ويقوم وينام ،ويتزوج النساء .
وأن من حاول الروج عن هديه فليس له شرف النتساب إليه .روى البخاري
ومسلم عن أنس رضي ال عنه قال :جاء ثلثة رهط إل بيوت أزواج النب صلى ال
عليه وسلم يسألون عن عبادة النب صلى ال عليه وسلم ،فلما أخبوا -كأنم
5
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تقالوها ( - ) 1فقالوا :وأين نن من النب صلى ال عليه وسلم ،قد غفر له ما تقدم
من ذنبه وما تأخر .قال أحدهم :أما أنا فإن أصلي الليل أبدا ،وقال آخر :أنا أصوم
الدهر ول أفطر ،وقال آخر :أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدا .فجاء رسول ال
صلى ال عليه وسلم فقال ( :أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ .أما وال إن لخشاكم ل
،وأتقاكم له ،لكن أصوم وأفطر ،وأصلي وأرقد ،وأتزوج النساء ،فمن رغب عن
سنت فليس من ) .والزوجة الصالة فيض من السعادة يغمب البيت ويلؤه سرورا
وبجة وإشراقا ( .هامش ) ( ) 1عدوها قليلة / ) . ( .صفحة / 12فعن أب أمامة
رضي ال عنه :عن النب صلى ال عليه وسلم قال ( :ما استفاد الؤمن -بعد تقوى
ال عزوجل -خيا له من زوجة صالة :إن أمرها أطاعته ،وإن نظر إليها سرته ،
وإن أقسم عليها أبرته ،وإن غاب عنها نصحته ف نفسها وماله ) .رواه ابن ماجة .
وعن سعد بن أب وقاص رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
( من سعادة ابن آدم ثلثة ،ومن شقاوة ابن آدم ثلثة :من سعادة ابن آدم :الرأة
الصالة ،والسكن الصال ،والركب الصال ،ومن شقاوة ابن آدم :الرأة السوء ،
والسكن السوء ،والركب السوء ) .رواه أحد بسند صحيح .ورواه الطبان ،
والبزاز ،والاكم وصححه ،وقد جاء تفسي هذا الديث ف حديث آخر رواه
الاكم :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :ثلثة من السعادة :الرأة الصالة
،تراها تعجبك ،وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ،والدابة تكون وطيئة ( ) 1
تلحقك بأصحابك ،والدار تكون واسعة كثية الرافق ،وثلث من الشقاء :الرأة
تراها فتسوءك ،وتمل
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 12
لسانا عليك ،وإن غبت عنها ل تأمنها على نفسها ومالك ،والدابة تكون قطوفا (
) 2فان ضربتها أتعبتك ،وإن تركتها ل تلحقك بأصحابك ،والدار تكون ضيقة قليلة
الرافق ) .والزواج عبادة يستكمل النسان با نصف دينه ،ويلقى با ربه على أحسن
حال من الطهر والنقاء .فعن أنس رضي ال عنه :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
6
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قال ( :من رزقه ال امرأة صالة فقد أعانه على شطر دينه ،فليتق ال ف الشطر
الباقي ) .رواه الطبان والاكم وقال :صحيح السناد .وعنه صلى ال عليه وسلم
قال ( :من أراد أن يلقى ال طاهرا مطهرا فليتزوج الرائر ) .رواه ابن ماجه وفيه
ضعف ( .هامش ) ( ) 1وطيئة :ذلول سريعة السي ) 2 ( .قطوفا :بطيئة ) . ( .
/صفحة / 13قال ابن مسعود ( :لو ل يبق من أجلي إل عشرة أيام ،وأعلم أن
أموت ف آخرها ،ول طول النكاح فيهن ،لتزوجت مافة الفتنة ) .حكمة الزواج
وإنا رغب السلم ف الزواج على هذا النحو ،وحبب فيه لا يترتب عليه من آثار
نافعة على الفرد نفسه ،وعلى المة جيعا ،وعلى النوع النسان عامة - 1 :فإن
الغريزة النسية من أقوى الغرائز وأعنفها ،وهي تلح على صاحبها دائما ف إياد مال
لا ،فما ل يكن ثة ما يشبعها ،انتاب النسان الكثي من القلق والضطراب ،
ونزعت به إل شر منع .والزواج هو أحسن وضع طبيعي ،وأنسب مال حيوي
لرواء الغريزة وإشباعها .فيهدأ البدن من الضطراب ،وتسكن النفس من الصراع ،
ويكف النظر عن التطلع إل الرام ،وتطمئن العاطفة إل ما أحل ال .وهذا هو ما
أشارت إليه الية الكرية ( :ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا
إليها وجعل بينكم مودة ورحة ،أن ف ذلك ليات لقوم يتفكرون ) .وعن أب هريرة
رضي ال عنه :أن النب صلى ال عليه وسلم قال ( :إن الرأة تقبل ف صورة
شيطان ،وتدبر ف صورة شيطان ،فإذا رأى أحدكم من امرأة ما يعجبه فليأت أهله ،
فإن ذلك يرد ما ف نفسه ) .رواه مسلم ،وأبو داود ،والترمذي - 2 .والزواج هو
أحسن وسيلة لناب الولد وتكثي النسل ،واستمرار الياة مع الحافظة على
النساب الت يوليها السلم عناية فائقة ،وقد تقدم قول رسول ال صلى ال عليه
وسلم ( :تزوجوا الودود الولود ،فإن مكاثر بكم النبياء يوم القيامة ) .وف كثرة
النسل من الصال العامة والنافع الاصة ،ما جعل المم ترص أشد الرص على
تكثي سواد أفرادها بإعطاء الكافات التشجيعية لن كثر نسله /صفحة / 14وزاد
عدد أبنائه ،وقديا قيل :إنا العزة للكاثر .ول تزال هذه حقيقة قائمة ل يطرأ عليها
ما ينقضها .دخل الحنف بن قيس على معاوية -ويزيد بي يديه ،وهو ينظر إليه
7
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إعجابا به -فقال :يا أبا بر ما تقول ف الولد ؟ فعلم ما أراد ،فقال :يا أمي الؤمني
،هم عماد ظهورنا ،وثر قلوبنا ،وقرة أعيننا ،بم نصول على أعدائنا ،وهم اللف
منا لن بعدنا فكن لم أرضا ذليلة ،وساء ظليلة ،إن سألوك فأعطهم ،وان استعتبوك
( ) 1فأعتبهم ،ل تنعهم رفدك ( ) 2فيملوا قربك ،ويكرهوا حياتك ،ويستبطئوا
وفاتك .فقال :ل درك يا أبا بر ،هم كما وصفت ( - 3 . ) 3ث أن غريزة البوة
والمومة تنمو وتتكامل ف ظلل الطفولة ،وتنمو مشاعر العطف والود والنان ،
وهي فضائل ل تكمل إنسانية إنسان بدونا - 4 .الشعور بتبعة الزواج ،ورعاية
الولد يبعث على النشاط وبذل الوسع ف تقوية ملكات الفرد ومواهبه .فينطلق إل
العمل من أجل النهوض بأعبائه ،والقيام بواجبه .فيكثر الستغلل وأسباب الستثمار
ما يزيد ف تنمية الثروة وكثرة النتاج ،ويدفع إل استخراج خيات ال من الكون
وما أودع فيه من أشياء ومنافع للناس - 5 .توزيع العمال توزيعا ينتظم به شأن
البيت من جهة ،كما ينتظم به العمل خارجه من جهة أخ رى ،مع تديد مسؤولية
كل من الرجل والرأة فيما يناط به من أعمال .فالرأة تقوم على رعاية البيت وتدبي
النل ،وتربية الولد ،وتيئة الو الصال للرجل ليستريح فيه ويد ما يذهب
بعنائه ،ويدد نشاطه ،بينما يسعى الرجل وينهض بالكسب ،وما يتاج إليه البيت
من مال ونفقات .وبذا التوزيع العادل يؤدي كل منهما وظائفه الطبيعية على الوجه
الذي ( هامش ) ( ) 1استعتبوك :طلبوا منك الرضى ) 2 ( .رفدك :عطاءك 3 ( .
) المال لب علي القال / ) . ( .صفحة / 15يرضاه ال ويمده الناس ،ويثمر
الثمار الباركة - 6 .على أن ما يثمره الزواج من ترابط السر ،وتقوية أواصر الحبة
بي العائلت ،وتوكيد الصلت الجتماعية ما يباركه السلم ويعضده ويسانده .فإن
الجتمع الترابط التحاب هو الجتمع القوي السعيد - 7 .جاء ف تقرير هيئة المم
التحدة الذي نشرته صحيفة الشعب الصادرة يوم السبت 1959 / 6 / 6م أن
التزوجي يعيشون مدة أطول ما يعيشها غي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 15
8
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
التزوجي سواء كان غي التزوجي أرامل أم مطلقي أم عزابا من النسي .وقال
التقرير :إن الناس بدءوا يتزوجون ف سن أصغر ف جيع أناء العال ،وان عمر
التزوجي أكثر طول .وقد بنت المم التحدة تقريرها على أساس أباث وإحصائيات
تت ف جيع أناء العال خلل عام 1958بأكمله ،وبناء على هذه الحصاءات قال
التقرير :انه من الؤكد أن معدل الوفاة بي التزوجي -من النسي -أقل من معدل
الوفاة بي غي التزوجي ،وذلك ف متلف العمار .واستطرد التقرير قائل :وبناء
على ذلك فإنه يكن القول بأن الزواج شئ مفيد صحيا للرجل والرأة على السواء .
حت ان أخطار المل والولدة قد تضاءلت فأصبحت ل تشكل خطرا على حياة المم
.وقال التقرير :إن متوسط سن الزواج ف العال كله اليوم هو 24للمرأة و 27
للرجل .وهو سن أقل من متوسط سن الزواج منذ سنوات .حكم الزواج ( ) 1
الزواج الواجب :يب الزواج على من قدر عليه وتاقت نفسه إليه وخشي العنت ( 2
) .لن صيانة النفس وإعفافها عن الرام واجب ،ول يتم ذلك إل بالزواج .
( هامش ) ( ) 1حكمه :وصفه الشرعي من الوجوب أو الرمة . .ال ) 2 ( .
العنت :الزنا .ويطبق على الث والفجور والمر الشاق / ) . ( .صفحة / 16قال
القرطب :الستطيع الذي ياف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة ل يرتفع عن ذلك
إل بالتزوج ،ل يتلف ف وجوب التزويج عليه .فإن قلت نفسه إليه وعجز عن
النفاق على الزوجة فانه يسعه قول ال تعال ( :وليستعفف الذين ل يدون نكاحا
حت يغنيهم ال من فضله ) .وليكثر من الصيام ،لا رواه الماعة عن ابن مسعود
رضي ال عنه :ان رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :يا معشر ( ) 1الشباب ،
من استطاع منكم الباءة ( ) 2فليتزوج ،فإنه ( ) 3أغض للبصر .وأحصن للفرج ،
ومن ل يستطع فعليه بالصوم ،فإنه له وجاء ) ( ( . ) 4هامش ) ( ) 1العشر :
الطائفة يشملهم وصف ،فالنبياء معشر ،والشيوخ معشر ،والشباب معشر ،
والنساء معشر . . .وهكذا ) 2 ( .الباءة :الماع .من استطاع منكم الماع
لقدرته على مؤنه .فليتزوج .ومن ل يستطع الماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم
ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء ) 3 ( .اغض واحصن :أشد غضا
9
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
للبصر ،واشد إحصانا للفرج ومنعا من الوقوع ف الفاحشة ) 4 ( .الوجاء :رض
الصيتي ،والراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر الن كما يفعله الوجاء .
الزواج الستحب :أما من كان تائقا له وقادرا عليه ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف
ما حرم ال عليه الزواج يستحب له ،ويكون أول من التخلي للعبادة ،فإن الرهبانية
ليست من السلم ف شئ .روى الطبان عن سعد بن أب وقاص أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم قال ( :إن ال أبدلنا بالرهبانية النيفية السمحة ) ( . ) 5وروى
البيهقي من حديث أب أمامة :أن النب صلى ال عليه وسلم قال ( :تزوجوا فإن
مكاثر بكم المم ،ول تكونوا كرهبانية النصارى ) ( . ) 6وقال عمر لب الزوائد :
إنا ينعك من التزوج عجز أو فجور ( .هامش ) ( ) 5إذ انا مالفة لطبيعة النسان ،
وما كان ال ليشرع إلما يتفق وطبيعته ) 6 ( .ف مسنده ممد بن ثابت وهو ضعيف
/ ) . ( .صفحة / 17وقال ابن عباس :ل يتم نسك الناسك حت يتزوج .الزواج
الرام :ويرم ف حق من يل بالزوجة ف الوطء والنفاق ،مع عدم قدرته عليه
وتوقانه إليه .قال الطبي :فمت علم الزواج أنه يعجز عن نفقة زوجته ،أو صداقها
أو شئ من حقوقها الواجبة عليه ،فل يل له أن يتزوجها حت يبي لا ،أو يعلم من
نفسه القدرة على أداء حقوقها .وكذلك لو كانت به علة تنعه من الستمتاع ،كان
عليه أن يبي كيل يغر الرأة من نفسه .وكذلك ل يوز أن يغرها بنسب يدعيه ول
مال ول صناعة يذكرها وهو كاذب فيها .وكذلك يب على الرأة إذا علمت من
نفسها العجز عن قيامها بقوق الزوج ،أو كان با علة تنع الستمتاع ،من جنون ،
أو جذام ،أو برص ،أو داء ف الفرج ،ل يز لا أن تغره ،وعليها أن تبي له ما با ف
ذلك .كما يب على بائع السلعة أن يبي ما بسلعته من العيوب .ومت وجد أحد
الزوجي بصاحبه عيبا فله الرد .فإن كان العيب بالرأة ردها الزوج وأخذ ما كان
أعطاها من الصداق .وقد روي أن النب صلى ال عليه وسلم تزوج امرأة من بن
بياضة فوجد بكشحها ( ) 1برصا فردها وقال ( :دلستم علي ) .واختلف الرواية
عن مالك ف امرأة العني ( ) 2إذا أسلمت نفسها ث فرق بينهما بالعنة فقال مرة :لا
جيع الصداق .وقال مرة :لا نصف الصداق .وهذا ينبن على اختلف قوله .ب
10
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تستحق الصداق ؟ بالتسليم أو بالدخول ؟ قولن ( ( . ) 3هامش ) ( ) 1أي
خاصرتا ) 2 ( .أي العاجز عن اتيان النساء ) 3 ( .سيأت ذلك مفصل / ) . ( .
صفحة / 18الزواج كروه
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 18
ويكره ف حق من يل بالزوجة ف الوطء والنفاق ،حيث ل يقع ضرر بالرأة ،بأن
كانت غنية وليس لا رغبة قوية ف الوطء .فان انقطع بذلك عن شئ من الطاعات أو
الشتغال بالعلم اشتدت الكراهة .الزواج الباح :ويباح فيما إذا انتفت الدواعي
والوانع .النهي عن التبتل ( ) 1للقادر على الزواج - 1 :عن ابن عباس :أن رجل
شكا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم العزوبة فقال :أل أختصي ؟ فقال ( :ليس
لنا من خصى أو اختصى ) .رواه الطبان - 2 .وقال سعد بن أب وقاص :رد
رسول ال صلى ال عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ،ولو أذن له لختصينا .
رواه البخاري .أي لو أذن له بالتبتل لبالغنا ف التبتل حت يفضي بنا المر إل
الختصاء .قال الطبي :التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون تري النساء والطيب
وكل ما يتلذذ به فلهذا أنزل ف حقه ( :يأيها الذين آمنوا ل ترموا طيبات ما أحل ال
لكم ول تعتدوا ،إن ال ل يب العتدين ) ( .هامش ) ( ) 1التبتل :النقطاع عن
الزواج وما يتبعه من اللذ ال العبادة ) . ( .تقدي الزواج على الج :وان احتاج
النسان إل الزواج وخشي العنت بتركه ،قدمه على الج الواجب ،وإن ل يف قدم
الج عليه .وكذلك فروض الكفاية -كالعلم والهاد -تقدم على الزواج إن ل
يش العنت / .صفحة / 19العراض عن الزوجة وسببه تبي ما تقدم أن الزواج
ضرورة ل غن عنها ،وأنه ل ينع منه إل العجز أو الفجور كما قال أمي الؤمني عمر
رضي ال عنه ،وأن الرهبانية ليست من السلم ف شئ ،وأن العراص عن الزواج
يفوت على النسان كثيا من النافع والزايا .وكان هذا كافيا ف دفع الماعة السلمة
إل العمل على تيئة أسباب وتيسي وسائله حت ينعم به الرجال والنساء على السواء .
ولكن على العكس من ذلك .خرج كثي من السر عن ساحة السلم وسو تعاليمه ،
11
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فعقدوا الزواج ووضعوا العقبات ف طريقه ،وخلقوا بذلك التعقيد أزمة تعرض بسببها
الرجال والنساء للم العزوبة وتباريها ،والستجابة إل العلقات الطائشة والصلت
الليعة .وظاهرة أزمة الزواج ل تبدو ف متمع القرية كما تبدو ف متمع الدينة .إذ
أن القرية ل تزال الياة فيها بعيدة عن السراف وأسباب التعقيد - ،إذا استثنينا
بعض السر الغنية -بينما تبدو الياة ف الدينة معقدة كل التعقيد .ومعظم أسباب
هذه الزمة ترجع إل التغال ف الهور ( ) 1وكثرة النفقات الت ترهق الزوج ويعيابا
.هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ،فان تبذل الرأة وخروجها بذه الصورة الثية ،
ألقى الريبة والشك ف مسلكها ،وجعل الرجل حذرا ف اختيار شريكة حياته .بل ان
بعض الناس أضرب عن الزواج ،إذ ل يد الرأة الت تصلح -ف نظره -للقيام بأعباء
الياة الزوجية .ولبد من العودة إل تعاليم السلم فيما يتصل بتربية الراة وتنشئتها
على الفضيلة والعفاف والحتشام وترك التغال ف الهر وتكاليف الزوج ( .هامش ) (
) 1راجع فصل التغال ف الهور / ) . ( .صفحة / 20اختيار الزوجة الزوجة سكن
للزوج ،وحرث له ،وهي شريكة حياته ،وربة بيته ،وأم أولده ،ومهوى فؤاده ،
وموضع سره ونواه .وهي أهم ركن من أركان السرة ،إذ هي النجبة للولد ،
وعنها يرثون كثيا من الزايا والصفات ،وف أحضانا تتكون عواطف الطفل ،وتترب
ملكاته ويتلقى لغته ،ويكتسب كثيا من تقاليده وعاداته ،ويتعرف دينه ،ويتعود
السلوك الجتماعي .من أج ل هذا عن السلم باختيار الزوجة الصالة ،وجعلها
خي متاع ينبغي التطلع إليه والرص عليه .وليس الصلح إل الحافظة على الدين ،
والتمسك بالفضائل ،ورعاية حق الزوج ،وحاية البناء ،فهذا هو الذي ينبغي
مراعاته .وأما ما عدا ذلك من مظاهر الدنيا ،فهو ما حظره السلم ونى عنه إذا
كان مردا من معان الي والفضل والصلح .وكثيا ما يتطلع الناس إل الال
الكثي ،أو المال الفاتن ،أو الاه العريض ،أو النسب ،أو إل ما بعد من شرف
الباء ،غي ملحظي كمال النفوس وحسن التربية .فتكون ثرة الزواج مرة ،وتنتهي
بنتائج ضارة .لذا يذر الرسول صلى ال عليه وسلم من التزوج على هذا النحو ،
فيقول 0إياكم وخضراء الدمن ،قيل :يا رسول ال وما خضراء الدمن ؟ قال :الرأة
12
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السناء ف النبت السوء ) ( . ) 1ويقول ( :ل تزوجوا النساء لسنهن ،فعسى
حسنهن أن يرديهن ،ول تزوجوهن لموالن ،فعسى أموالن أن تطغيهن ،ولكن
تزوجوهن على الدين ولمة خرماء ( ) 2ذات دين أفضل ) ( ( ) 3هامش ) ( ) 1
رواه الدار قطن وقال :تفرد به الواقدي وهو ضعيف والدمن ما بقي من آثار الديار
ويستعمل سادا ) 2 ( .الرماء :الشقوقة النف والذن ) 3 ( .هذا الديث رواه
عبد بن حيد .وفيه عبد الرحن بن زياد الفريقي ،وهو ضعيف / ) . ( .صفحة 21
/
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 21
ويب أن الذي يريد الزواج مبتغيا به غي ما يقصد منه من تكوين السرة ورعاية
شؤونا ،فانه يعامل بنقيض مقصوده ،فيقول ( :من تزوج امرأة لالا ل يزده ال إل
فقرا ،ومن تزوج امرأة لسبها ل يزده إل دناءة ،ومن تزوج امرأة ليغض با بصره ،
ويصن فرجه ،أو يصل رحه ،بارك ال له فيها وبارك لا فيه ) .رواه ابن حبان ف
الضعفاء .والقصد من هذا الطر أل يكون القصد الول من لزواج هو هذا التاه
نو هذه الغايات الدنيا ،فإنا ل ترفع من شأن صاحبها ول تسمو به ،بل الواجب أن
يكون الدين متوفرا أول ،فان الدين هداية العقل والضمي .ث تأت بعد ذلك الصفات
الت يرغب فيها النسان بطبعه ،وتيل إليها نفسه .يقول الرسول صلى ال عليه
وسلم ( :تنكح الرأة لربع :لالا ،ولسبها ،ولمالا ،ولدينها ،فاظفر بذات
الدين تربت يداك ) ( . ) 1رواه البخاري ومسلم .ويضع تديدا للمرأة الصالة ،
وأنا الميلة الطيعة البارة المينة ،فيقول ( :خي النساء من إذا نظرت إليها سرتك ،
وإذا أمرتا أطاعتك ،وإذا أقسمت عليها أبرتك ،وإذا غبت عنها حفظتك ف نفسها
ومالك ) .رواه النسائي وغيه بسند صحيح .ومن الزايا الت ينبغي توفرها ف الرأة
الخطوبة أن تكون من بيئة كرية معروفة باعتدال الزاج ،وهدوء العصاب ،والبعد
عن النرافات النفسية ،فانا أجدر أن تكون حانية على ولدها ،راعية لق زوجها .
خطب رسول ال صلى ال عليه وسلم ( أم هانئ ) فاعتذرت إليه بأنا صاحبة أولد ،
13
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فقال ( ،خي نساء ركب البل صال نساء قريش ،أحناه ( ) 2على ولد ف صغره .
وأرعاه ( ) 3على زوج ف ذات يده ) ( ( . ) 4هامش ) ( ) 1تربت يداك :
التصقت بالتراب ،وهو دعاء بالفقر على من ل يكن الدين من أهدافه ) 2 ( .أحناء :
أكثره شفقة ،والانية على ولدها :هي الت تقوم عليهم ف حال يتمهم ،فإذا
تزوجت فليست بانية ) 3 ( .أرعاه :أحفظه واصون لا له بالمانة فيه والصيانة له
وترك التبذير ف النفاق ) 4 ( .ذات اليد :الال .يقال فلن قليل ذات اليد :أي
قليل الال / ) . ( .صفحة / 22وطبيعة الصل الكري أن يتفرع عنه مثله ،يقول
الرسول صلى ال عليه وسلم ( :الناس معدن كمعادن الذهب والفضة ،خيارهم ف
الاهلية خيارهم ف السلم إذا فقهوا ) .وهل ينتج الطي إل وشيجة -ويغرس إل
ف منابته النخل خطب رجل امرأة ل يدانيها ف شرفها فأنشدت :بكى السب
الزاكي بعي غزيرة -من السب النقوص أن يمعا معا ومن مقاصد الزواج الول
إناب الولد ،فينبغي أن تكون الزوجة منجبة ،ويعرف ذلك بسلمة بدنا ،
وبقياسها على مثيلتا من أخواتا وعماتا وخالتا .خطب رجل امرأة عقيما ل تلد ،
فقال :يا رسول ال ،إن خطبت امرأة ذات حسب ،وجال وانا ل تلد ،فنهاه
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وقال ( :تزوجوا الودود الولود ،فإن مكاثر بكم
المم يوم القيامة ) .والودود هي الرأة الت تتودد إل زوجها وتتحبب إليه ،وتبذل
طاقاتا ف مرضاته .والنسان بطبيعته يعشق المال ويهواه ،ويشعر دائما ف قراره
نفسه بأنه فاقد لشئ من ذاته إذا كان الشئ الميل بعيدا عنه .فإذا أحرزه واستول
عليه شعر بسكن نفسي ،وارتواء عاطفي وسعادة ،ولذا ل يسقط السلم المال من
حسابه عند اختيار الزوجة ،ففي الديث الصحيح ( :إن ال جيل يب المال ) .
وخطب الغية بن شعبة امرأة ،فأخب رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقال له :
( إذهب فانظروا إليها ،فانه أحرى أن يؤدم بينكما ) .أي تدوم بينكما الودة
والعشرد .ونصح الرسول رجل خطب امرأة من النصار وقال له ( :انظر إليها فان
ف أعي النصار شيئا ) / .صفحة / 23وكان جابر بن عبد ال يتبئ لن يريد
التزوج با ،ليتمكن من رؤيتها ،والنظر إل ما يدعوه إل القتران با .وكان رسول
14
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ال صلى ال عليه وسلم يرسل بعض النسوة ليتعرفن بعض ما يفى من العيوب ،
فيقول لا ( :شي فمها ،شي إبطيها ،انظري إل عرقوبيها ) .ويستحسن أن تكون
الزوجة بكرا ،فإن البكر ساذجة ل يسبق لا عهد بالرجال ،فيكون التزويج با أدعى
إل تقوية عقدة النكاح ،ويكون حبها لزوجها ألصق بقلبها ( فما الب إل للحبيب
الول ) .ولا تزوج جابر بن عبد ال ثيبا قال له رسول ال صلى ال عليه وسلم :
( هل بكرا تلعبها وتلعبك ؟ ) ،فأخب رسول ال صلى ال عليه وسلم بأن أباه قد
ترك بنات صغارا ،وهن ف حاجة إل رعاية امرأة تقوم على شؤونن ،وأن الثيب أقدر
على هذه الرعاية من البكر الت ل تدرب على تدبي النل .وما ينبغي ملحظته أن
يكون ثة تقارب بي الزوج والزوجة من حيث السن والركز الجتماعي ،والستوى
الثقاف والقتصادي ،فإن التقارب ف هذه النواحي ما يعي على دوام العشرة ،وبقاء
اللفة .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 23
وقد خطب أبو بكر وعمر رضي ال عنهما فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم
،فقال ( :إنا صغية ) .فلما خطبها علي زوجها إياه .هذه بعض العان الت أرشد
السلم إليها ،ليتخذها مريدو الزواج نباسا يستضيئون به ،ويسيون على هداه .
لو أننا لحظنا هذه العان عند اختيارنا للزوجة لمكن أن نعل من بيوتنا جنة ينعم فيها
الصغي ،ويسعد با الزوج ،وتعد للحياة أبناء صالي ،تيا بم أمهم حياة طيبة
كرية / .صفحة / 24اختيار الزوج وعلى الول أن يتار لكريته ،فل يزوجها إل
لن له دين وخلق وشرف وحسن ست ،فان عاشرها عاشرها بعروف ،وإن سرحها
سرحها بإحسان .قال المام الغزال ف الحياء :والحتياط ف حقها أهم ،لنا رقيقة
بالنكاح ل ملص لا ،والزوج قادر على الطلق بكل حال .ومهما زوج ابنته ظالا
أو فاسقا أو مبتدعا أو شارب خر ،فقد جن على دينه وتعرض لسخط ال لا قطع من
الرحم وسوء الختيار .قال رجل للحسن بن علي :إن ل بنتا ،فمن ترى أن أزوجها
له ؟ قال :زوجها لن يتقي ال ،فان أحبها أكرمها ،وإن أبغضها ل يظلمها .وقالت
15
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عائشة :النكاح رق ،فلينظر أحدكم أين يضع كريته .وقال صلى ال عليه وسلم :
0من زوج كريته من فاسق فقد قطع رحها ) .رواه ابن حبان ف الضعفاء من حديث
أنس ،ورواه ف الثقات من قول الشعب باسناد صحيح .قال ابن تيمية :ومن كان
مصرا على الفسوق ل ينبغي أن يزوج .الطبة الطبة :فعلة كقعدة وجلسة ،يقال :
خطب الرأة يطبها خطبا وخطبة ،أي طلبها للزواج بالوسيلة العروفة بي الناس ،
ورجل خطاب :كثي التصرف ف الطبة ،والطيب ،والاطب ،والطب ،الذي
يطب الرأة ،وهي خطبه وخطبته .وخطب يطب ،قال كلما يعظ به ،أو يدح
غيه ونو ذلك .والطبة من مقدمات الزواج .وقد شرعها ال قبل الرتباط بعقد
الزوجية ليعرف كل من الزوجي صاحبه ،ويكون القدام على الزواج على هدى
وبصية / .صفحة / 25من تباح خطبتها :ل تباح خطبة امرأة إل إذا توافر فيها
شرطان ( :الول ) أن تكون خالية من الوانع الشرعية الت تنع زواجه منها ف الال
( .الثان ) أل يسبقه غيه إليها بطبة شرعية .فإن كانت ثة موانع شرعية ،كأن
تكون مرمة عليه بسبب من أسباب التحري الؤبدة أو الؤقتة ،أو كان غيه سبقه
بطبتها ،فل يباح له خطبتها .خطبة معتدة الغي :ترم خطبة العتدة .سواء أكانت
عدتا عدة وفاة أم عدة طلق ،وسواء أكان الطلق طلقا رجعيا أم بائنا .فإن كانت
معتدة من طلق رجعي حرمت خطبتها ،لنا ل ترج عن عصمة زوجها .وله
مراجعتها ف أي وقت شاء .وإن كانت معتدة من طلق بائن حرمت خطبتها بطريق
التصريح ،إذ حق الزوج ل يزال متعلقا با ،وله حق إعادتا بعقد جديد .ففي تقدم
رجل آخر لطبتها اعتداء عليه .واختلف العلماء ف التعريض بطبتها ،والصحيح
جوازه .وإن كانت معتدة من وفاة فانه يوز التعريض لطبتها أثناء العدة دون
التصريح ،لن صلة الزوجيد قد انقطعت بالوفاة ،فلم يبق للزوج حت يتعلق بزوجته
الت مات عنها .وإنا حرمت خطبتها بطريق التصريح ،رعاية لزن الزوجة وإحدادها
من جانب ،ومافظة على شعور أهل اليت وورثته من جانب آخر .يقول ال تعال :
( ول جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم ف أنفسكم ،علم ال
أنكم ستذكرونن ،ولكن ل تواعدوهن سرا ،إل أن تقولوا قول معروفا ،ول /
16
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صفحة / 26تعزموا عقدة النكاح حت يبلغ الكتاب أجله .واعلموا أن ال يعلم ما ف
أنفسكم فاحذروه .والراد بالنساء ،العتدات لوفاة أزواجهن ،لن الكلم ف هذا
السياق .ومعن التعريض أن يذكر التكلم شيئا يدل به علي شئ ل يذكره .مثل أن
يقول ( :إن أريد التزوج ) و ( لوددت أن ييسر ال ل امرأة صالة ) ،أو يقول :
( إن ال لسائق لك خيا ) .والدية إل العتدة جائزة ،وهي من التعريض .وجائز أن
يدح نفسه ،ويذكر مآثره على وجه التعريض بالزواج وقد فعله أبو جعفر ممد بن
علي بن حسي .قالت سكينة بنت حنظلة :استأذن علي بن ممد علي ول تنقض
عدت من مهلك ( ) 1زوجي ز فقال :قد عرفت قرابت من رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وقرابت من علي ،وموضعي ف العرب .قلت :غفر ال لك يا أبا جعفر ،
إنك رجل يؤخذ عنك ،تطبن ف عدت ؟ قال :إنا أخبتك بقرابت من رسول ال
صلى ال عليه وسلم ومن علي .وقد دخل رسول ال صلى ال عليه وسلم على أم
سلمة وهي متأية ( ) 2من أب سلمة ،فقال ( :لقد علمت أن رسول ال وخيته ،
وموضعي ف قومي ) .وكانت تلك خطبة .رواه الدار قطن ( . ) 3وخلصة الراء
أن التصريح بالطبة حرام لميع العتدات ،والتعريض مباح للبائن وللمعتدة من الوفاة
،وحرام ف العتدة من طلق رجعي .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 26
وإذا صرح بالطبة ف العدة ولكن ل يعقد عليها إل بعد انقضاء عدتا فقد اختلف
العلماء ف ذلك .قال مالك :يفارقها ،دخل با أم ل يدخل ( .هامش ) ( ) 1مهلك
:أي هلك ) 2 ( .متأية :أي انا أي ) 3 ( .الديث النقطع ،لن ممد بن علي
الباقر ل يدرك النب صلى ال عليه وسلم / ) . ( .صفحة / 27وقال الشافعي :صح
العقد وان ارتكب النهي الصريح الذكور لختلف لهة .واتفقوا على أنه يفرق
بينهما لو وقع العقد ف العدة ودخل با .وهل تل له بعد أم ل ؟ قال مالك ،والليث
،والوزاعي :ل يل له زواجها بعد .وقال جهور العلماء :بل يل له إذا انقضت
العدة أن يتزوجها إذا شاء .الطبة على الطبة :يرم على الرجل أن يطب على
17
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
خطبة أخيه ،لا ف ذلك من اعتداء على حق الاطب الول وإساءة إليه ،وقد ينجم
عن هذا التصرف الشقاق بي السر ،والعتداء الذي يروع المني .فعن عقبة بن
عامر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :الؤمن أخو الؤمن ،فل يل له أن
يبتاع على بيع أخيه ،ول يطب على خطبة أخيه ( ) 1حت يذر ( . ) ) 2رواه أحد
ومسلم .ومل التحري ما إذا صرحت الخطوبة بالجابة ،وصرح وليها الذي أذنت
له ،حيث يكون إذنه معتبا .وتوز الطبة وقع التصريح بالرد ،أو وقعت الجابة
بالتعريض ،كقولا :ل رغبة عنك .أو ل يعلم الثان بطبة الول ،أو ل تقبل وترفض
،أو أذن الاطب الول للثان .وحكى الترمذي عن الشافعي ف معن الديث :إذا
خطب الرأة فرضيت به وركنت إليه ؟ فليس لحد أن يطب على خطبته .فإذا ل
يعلم برضاها ول ركونا ،فل بأس أن يطبها ( .هامش ) ( ) 1مفهوم لفظ الخ
معطل :لنه خرج مرج الغالب ،فتحرم الطبة على خطبة الكافر والفاسق .وأخذ
بالفهوم بعض الشافعية والوزاعي ،وجوزوا الطبة على خطبة الكافر ،قال
الشوكان :وهو الظاهر ) 2 ( .يذر :يترك / ) . ( .صفحة / 28وإذا خطبها الثان
بعد إجابة الول وعقد عليها أث والعقد صحيح لن النهي عن الطبة ،وليست شرطا
ف صحة الزواج ،فل يفسخ بوقوعها غي صحيحة .وقال داود :إذا تزوجها
الاطب الثان فسخ العقد قبل الدخول وبعده .النظر ال الخطوبة :ما يرطب الياة
الزوجية ويعلها مفوفة بالسعادة موطة بالناء ،أن ينظر الرجل إل الرأة قبل الطبة
ليعرف جالا الذي يدعوه إل القدام على القتران با ،أؤ قبحها الذي يصرف عنها
إل غيها .والازم ل يدخل مدخل حت يعرف خيه من شره قبل الول فيه ،قال
العمش :كل تزويج يقع على غي نظر فآخره هم وغم .وهذا النظر ندب إليه
الشرع ،ورغب فيه - 1 :فعن جابر بن عبد ال أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال ( :إذا خطب أحدكم الرأة ،فان استطاع أن ينظر منها إل ما يدعوه إل
نكاحها ،فليفعل ) .قال جابر :فخطبت امرأة من بن سلمة ،فكنت أختبئ لا ( ) 1
حت رأيت منها بعض ما دعان إليها .رواه أبو داود - 2 .وعن الغية بن شعبة :أنه
خطب امرأة ،فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :أنظرت إليها ؟ ) قال :ل ،
18
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قال ( :أنظر إليها ،فانه أحرى أن يؤدم بينكما ) ،أي أجدر أن يدوم الوفاق بينكما .
رواه النسائي وابن ماجة والترمذي وحسنه - 3 .وعن أب هريرة رضي ال عنه :أن
رجل خطب امرأة من النصار ،فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :أنظرت
إليها ) ؟ قال :ل ،قال ( :فاذهب فانظر إليها ،فان ف أعي النصار شيئا ) ( . ) 2
( هامش ) ( ) 1فيه دليل على أنه ينظر إليها على غفلتها وان ل تأذن له ) 2 ( .قيل
صغر أو عمش / ) . ( .صفحة / 29الواضع الت ينظر إليها :ذهب المهور من
العلماء إل أن الرجل ينظر إل الوجه والكفي ل غي ،لنه يستدل بالنظر إل الوجه
على المال أو الدمامة ،وإل الكفي على خصوبة البدن أو عدمها .وقال داود :
ينظر إل جيع البدن .وقال الوزاعي :ينظر إل مواضع اللحم .والحاديث ل تعي
مواضع النظر ،بل أطلقت لينظر إل ما يصل له القصود بالنظر إليه ( . ) 1والدليل
على ذلك ما رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور :أن عمر خطب إل علي ابنته أم
كلثوم ،فذكر له صغرها ،فقال :أبعث با إليك ،فإن رضيت فهي امرأتك ،فأرسل
إليها ،فكشف عن ساقها ،فقالت :لول أنك أمي الؤمني لصككت عينيك .وإذا
نظر إليها ول تعجبه فليسكت ول يقل شيئا ،حت ل تتأذى با يذكر عنها ،ولعل
الذي ل يعجبه منها قد يعجب غيه ( .هامش ) ( ) 1فتح الم ج 2ص ) . ( . 89
نظر الرأة إل الرجل :وليس هذا الكم مقصورا على الرجل ،بل هو ثابت للمرأة
أيضا .فلها أن تنظر إل خاطبها فانه يعجبها منه مثل ما يعجبه منها .قال عمر :ل
تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم ،فانه يعجبهن منهم ما يعجبهم منهن .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 29
التعرف على الصفات :هذا بالنسبة للنظر الذي عرف به المال من القبح ،وأما بقية
الصفات اللقية فتعرف بالوصف والستيصاف ،والتحري من خالطوها بالعاشرة أو
الوار ،أو بواسطة بعض أفراد من هم موضع ثقته من القرباء كالم ،والخت / .
صفحة / 30وقد بعث النب صلى ال عليه وسلم أم سليم إل امرأة فقال ( :انظري
إل عرقوبا وشي معاطفها ) ( ) 1وف رواية ( شي عوارضها ) ( ) 2رواه أحد
19
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والاكم والطبان والبيهقي .قال الغزال ف الحياء :ول يستوصف ف أخلقها
وجالا إل من هو بصي صادق ،خبي بالظاهر والباطن .ول ييل إليها فيفرط ف الثناء
،ول يسدها فيقصر ،فالطباع مائلة ف مبادئ الزواج ،ووصف الزوجات إل
الفراط أو التفريط .وقل من يصدق فيه ويقتصد ،بل الداع والغراء أغلب .
والحتياط فيه مهم لن يشى على نفسه التشوف إل غي زوجته ( .هامش ) ( ) 1
معاطفها ناحيتا العنق ) 2 ( .العوارض :السنان ف عرض الفم ،وهي ما بي السنان
والضراس وواحدها عارض .والراد اختبار رائحة الفم ) . ( .حظر اللوة بالخطوبة
:يرم اللو بالخطوبة ،لنا مرمة على الاطب حت يعقد عليها .ول يرد الشرع
بغي النظر ،فبقيت على التحري ،ولنه ل يؤمن مع اللوة مواقعة ما نى ال عنه .
فإذا وجد مرم جازت اللوة ،لمتناع وقوع العصية مع حضوره .فعن جابر رضي
ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال ( :من كان يؤمن بال واليوم الخر فل
يلون بامرأة ليس معها ذو مرم منها ،فان ثالثهما الشيطان ) .وعن عامر بن ربيعة
رضي ال عنه ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :ل يلون رجل بامرأة ل
تل له ،فان ثالثهما الشيطان إل مرم ) .رواها أحد .خطر التهاون ف اللوة
وضرره :درج كثي من الناس على التهاون ف هذا الشأن ،فأباح لبنته أو قريبته / .
صفحة / 31أن تالط خطيبها وتلو معه دون رقابة ،وتذهب معه حيث يريد من غي
إشراف .وقد نتج عن ذلك أن تعرضت الرأة لضياع شرفها وفساد فعافها وإهدار
كرامتها .وقد ل يتم الزواج فتكون قد أضافت إل ذلك فوات الزواج منها .وعلى
النقيض من ذلك طائفة جامدة ل تسمح للخاطب أن يرى بناتا عند الطبة ،وتأب إل
أن يرضى با ،ويعقد عليها دون أن يراها أو تراه إل ليلة الزفاف .وقد تكون الرؤية
مفاجئة لما غي متوقعة ،فيحدث ما ل يكن مقدرا من الشقاق والفراق .وبعض
الناس يكتفي بعرض الصورة الشمسية ،وهي ف الواقع ل تدل على شئ يكن أن
يطمئن ،ول تصور القيقة تصويرا دقيقا .وخي المور هو ما جاء به السلم ،فإن
فيه الرعايد لق كل الزوجي ف رؤية كل منهما الخر ،مع تنب اللوة ،حاية
للشرف ،وصيانة للعرض .العدول عن الطبة وأثره :الطبة مقدمة تسبق عقد
20
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الزواج ،وكثيا ما يعقبها تقدي الهر كله أو بعضه ،وتقدي هدايا وهبات ( ، ) 1
تقوية للصلت ،وتأكيدا للعلقة الديدة .وقد يدث أن يعدل الاطب ،أو
الخطوبة ،أو ها معا عن إتام العقد ،فهل يوز ذلك ؟ وهل يرد ما أعطي للمخطوبة
؟ إن الطبة مرد وعد بالزواج ،وليست عقدا ملزما ،والعدول عن إنازه حق من
القوق الت يلكها كل من التواعدين .ول يعل الشارع ل خلف الوعد عقوبة مادية
يازي بقتضاها الخلف ( ،هامش ) ( ) 1الشبكة / ) . ( .صفحة / 32وإن عد
ذلك خلقا ذميما ،ووصفه بأنه من صفات النافقي ،إل إذا كانت هناك ضرورة
ملزمة تقتضي عدم الوفاء .ففي الصحيح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال
( :آية النافق ثلث :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا اؤتن خان ) .ولا
حضرت الوفاة ( عبد ال بن عمر ) قال :انظروا فلنا ( لرجل من قريش ) ،فإن
قلت له ف ابنت قول كشبه العدة ،وما أحب أن ألقى ال بثلث النفاق ،وأشهدكم
أن قد زوجته ( . ) 1وما قدمه الاطب من الهر فله الق ف استرداده ،ل لنه دفع
ف مقابل الزواج ،وعوضا عنه .وما دام الزواج ل يوجد ،فإن الهر ل يستحق شئ
منه ،ويب رده إل صاحبه ،إذ أنه حق خالص له .وأما الدايا فحكمها حكم البة ،
والصحيح أن البة ل يوز الرجوع فيها إذا كانت تبعا مضا ل لجل العوض .لن
الوهوب له حي قبض العي الوهوبة دخلت ف ملكه ،وجاز له التصرف فيها ،
فرجوع الواهب فيها انتزاع للكه منه بغي رضاه .وهذا باطل شرعا وعقل ( . ) 2
فإذا وهب ليتعوض من هبته ويثاب عليها فلم يفعل الوهوب له ،جاز له الرجوع ف
هبته ،وللواهب هنا حق الرجوع فيما وهب ،لن هبته على جهة العاوضة ،فلما ل
يتم الزواج كان له حق الرجوع فيما وهب ،والصل ف ذلك - 1 :ما رواه
أصحاب السنن ،عن ابن عباس رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال ( :ل يل لرجل أن يعطي عطية ،أو يهب هبة فيجع فيها ،إل الوالد فيما يعطي
ولده ) .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 32
21
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
- 2ورووا عنه أيضا ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :العائد ف هبته
كالعائد ف قيئه ) ( .هامش ) ( ) 1تذكرة الفاظ ) 2 ( .اعلم الوقعي جزء 2ص
/ ) . ( . 50صفحة - 3 / 33وعن سال عن أبيه عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم أنه قال ( :من وهب هبة فهو أحق با ما ل يثب منها ) أي يعوض عنها .
وطريقة المع بي هذه الحاديث هي ما ذكره ( اعلم الوقعي ) قال :ويكون
الواهب الذي ل يل له الرجوع هو من وهب تبعا مضا ل لجل العوض ،والواهب
الذي له الرجوع هو من وهب ليتعوض من هبته ،ويثاب منها ،فلم يفعل الوهوب له
،وتستعمل سنن رسول ال كلها ،ول يضرب بعضها ببعض .رأي الفقهاء :إل أن
العمل الذي جرى عليه القضاء بالحاكم :تطبيق الذهب النفي الذي يرى أن ما
أهداه الاطب لخطوبته له الق ف استرداده إن كان قائما على حالته ل يتغي .
فالسورة ،أو الات ،أو العقد ،أو الساعة ،ونو ذلك يرد إل الاطب إذا كانت
موجودة .فإن ل يكن قائما على حالته ،بأن فقد أو بيع أو تغي بالزيادة ،أو كان
طعاما فأكل ،أو قماشا فخيط ثوبا ،فليس للخاطب الق ف استرداد ما أهداه أو
استرداد بدل منه .وقد حكمت مكمة طنطا البتدائية الشرعية حكما نائيا بتاريخ
13يوليو سنة . 1933وقررت فيه القواعد التية - 1 :ما يقدم من الاطب
لخطوبته ،ما ل يكون مل لورود العقد عليه ،يعتب هدية - 2 .الدية ك البة ،
حكما ومعن - 3 .البة عقد تليك يتم بالقبض .وللموهوب له أن يتصرف ف العي
الوهوبة بالبيع ولشراء وغيه ،ويكون تصرفه نافذا - 4 .هلك العي أو استهلكها
مانع من الرجوع ف البة - 5 .ليس للواهب إل طلب رد العي إن كانت قائمة .
وللمالكية ف ذلك تفصيل بي أن يكون العدول من جهته أو جهتها / :صفحة / 34
فإن كان العدول من جهته فل رجوع له فيما أهداه ،وإن كان العدول من جهتها فله
الرجوع بكل ما أهداه ،سواء أكان باقيا على حاله ،أو كان قد هلك ،فيجع ببدله
إل إذا كان عرف أو شرط ،فيجب العمل به .وعند الشافعية ترد الدية سواء أكانت
قائمة أم هالكة ،فإن كانت قائمة ردت هي ذاتا ،وإل ردت قيمتها .وهذا الذهب
قريب ما ارتضيناه .عقد الزواج الركن القيقي للزواج هو رضا الطرفي ،وتوافق
22
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ارادتما ف الرتباط .ولا كان الرضا ونوافق الرادة من المور النفسية الت ل يطلع
عليها ،كان لبد من التعبي الدال على التصميم على إنشاء الرتباط واياده .ويتمثل
التعبي فيما يري من عبارات بي التعاقدين .فما صدر أول من أحد التعاقدين للتعبي
عن ارادته ف إنشاء الصلة الزوجية يسمى إيابا ،ويقال :أنه أوجب .وما صدر ثانيا
من التعاقد الخر من العبارات الدالة على الرضا والوافقة يسمى قبول .ومن ث يقول
الفقهاء :إن أركان الزواج ( الياب ،والقبول ) .شروط الياب والقبول ( : ) 1
ول يقق العقد وتترتب عليه الثار الزوجية ،إل إذا توافرت فيه الشروط التية 1 :
-تييز التعاقدين :فإن كان أحدها منونا أو صغيا ل ييز فان الزواج ل ينعقد 2 .
-اتاد ملس الياب والقبول ،بعن أل يفصل بي الياب والقبول بكلم أجنب ،
أو با يعد ف العرف إعراضا وتشاغل عنه بغيه ( .هامش ) ( ) 1وتسمى شروط
العتقاد / ) . ( .صفحة / 35ول يشترط أن يكون القبول بعد الياب مباشرة .
فلو طال الجلس وتراخى القبول عن اليب ،ول يصدر بينهما ما يدل على العراض
،فالجلس متحد .وإل هذا ذهب الحناف والنابلة .وف الغن :إذا تراخى القبول
عن الياب صح ،ماداما ف الجلس ،ول يتشاغل عنه بغيه .لن حكم الجلس
حكم حالة العقد ،بدليل القبض فيما يشترط القبض فيه ،وثبوت اليار ف عقود
العاوضات .فإن تفرقا قبل القبول بطل الياب ،فانه ل يوجد معناه ،فان العراض
قد وجد من جهته بالتفرق ،فل يكون مقبول .وكذلك أن تشاغل عنه با يقطعه :
لن معرض عن العقد أيضا بالشتغال عن قبوله .روي عن أحد ،ف رجل مشى إليه
قوم ،فقالوا له :زوج فلنا .قال :قد زوجته على ألف .فرجعوا إل الزوج فأخبوه
،فقال :قد قبلت ،هل يكون هذا نكاحا .قال :نعم .ويشترط الشافعية الفور .
قالوا :فان فصل بي الياب والقبول بطبة بأن قال الول :زوجتك ،وقال الزوج :
بسم ال والمد ل والصلة والسلم على رسول ال ،قبلت نكاحها ،ففيه وجهان :
( أحدها ) وهو قول الشيخ أب حامد السفرايين ،أنه يصح ،لن الطبة مأمور با
للعقد ،فلم تنع صحته :كالتيمم بي صلت المع ( .والثان ) ل يصح ،لنه فصل
بي الياب والقبول .فلم يصح .كما لو فصل بينهما بغي الطبة .ويالف التيمم
23
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فإنه مأمور به بي الصلتي ،والطبة مأمور با قبل العقد .وأما مالك ،فأجاز
التراخي والسي بي الياب والقبول .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 35
وسبب اللف ،هل من شرط النعقاد وجود القبول من التعاقدين ف وقت واحد معا
؟ أم ليس ذلك من شرطه ؟ /صفحة - 3 / 36أل يالف القبول الياب إل إذا
كانت الخالفة إل ما هو أحسن للموجب ،فانا تكون أبلغ ف الوافقة .فإذا قال
الوجب :زوجتك ابنت فلنة ،على مهر قدره مائة جنيه ،فقال القابل :قبلت
زواجها على مائتي ،انعقد الزواج ،لشتمال القبول على ما هو أصلح - 4 .ساع
كل من التعاقدين بعضهما من بعض ما يفهم أن القصود من الكلم هو إنشاء عقد
الزواج ،وإن ل يفهم منه كل منهما معان مفردات العبارة ،لن العبة بالقاصد
والنيات .ألفاظ النعقاد ) 1 ( :ينعقد الزواج باللفاظ الت تؤدي إليه باللغة الت
يفهمها كل من التعاقدين ،مت كان التعبي الصادر عنهما دال على إرادة الزواج ،
دون لبس أو إبام .قال شيخ السلم ابن تيمية :وينعقد النكاح با عده الناس نكاحا
بأي لغة ولفظ وفعل كان .ومثله كل عقد ( . ) 2وقد وافق الفقهاء على هذا
بالنسبة للقبول ،فلم يشترطوا اشتقاقه من مادة خاصة ،بل يتحقق بأي لفظ يدل على
الوافقة أو الرضا ،مثل :قبلت ،وافقت ،أمضيت ،نفذت .أما الياب فإن العلماء
متفقون على أنه يصح بلفظ النكاح والتزويج ،وما اشتق منهما مثل :زوجتك ،أو
أنكحتك :لدللة هذين اللفظي صراحة على القصود .واختلفوا ف انعقاده بغي
هذين اللفظي ،كلفظ البة أو البيع أو التمليك أو الصدقة .فأجازه الحناف ( ) 3و
( الثوري ) و ( أبو ثور ) و ( أبو داود ) ( .هامش ) ( ) 1الياب والقبول ) 2 ( .
الختيارات العلمية ص ) 3 ( . 119قاعدة الحناف ان عقد الزواج ينعقد بكل لفظ
موضوع لتمليك العي ف الال بصفة دائمة فل ينعقد بلفظ الحلل أو الباحة .لنه
ليس فيهما ما يدل على التمليك ول بلفظ العارة والجارة ،لن الاصل بكل منهما
تليك منفعة العي .ول بلفظ الوصية لنا موضوعة لفادة الك بعد الوت / ) . ( .
24
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صفحة / 37لنه عقد يعتب فيه النية ،ول يشترط ف صحته اعتبار اللفظ
الخصوص ،بل العتب فيه أي لفظ اتفق إذا فهم العن الشرعي منه :أي إذا كان بينه
وبي العن الشرعي مشاركة ،لن النب صلى ال عليه وسلم زوج رجل امرأة فقال :
( قد ملكتكها با معك من القرآن ) .رواه البخاري .ولن لفظ البة انعقد به زواج
النب صلى ال عليه وسلم ،فكذلك ينعقد به زواج أمته ،قال ال تعال ( :يأيها النب
إنا أح للنا لك أزواجك اللت آتيت أجورهن ) إل قوله ( :وامرأة مؤمنة إن وهبت
نفسها للنب ) .ولنه أمكن تصحيحه بجازه ،فوجب تصحيحه ،كايقاع الطلق
بالكنايات .وذهب الشافعي وأحد وسعيد بن السيب وعطاء إل أنه ل يصح إل بلفظ
التزويج أو النكاح وما اشتق منهما ،لن ما سواها من اللفاظ كالتمليك والبة ل
يأت على معن الزواج ،ولن الشهادة عندهم شرط ف الزواج ،فإذا عقد بلفظ البة
ل تقع على الزواج .العقد بغي اللغة العربية :اتفق الفقهاء على جواز الزواج بغي
اللغة العربية إذا كان العاقدان أو أحدها ل يفهم العربية .واختلفوا فيما إذا كانا
يفهمان العربية ويستطيعان العقد با :قال ابن قدامة ف الغن :ومن قدر على لفظ
النكاح بالعربية ل يصح بغيها ،وهذا أحد قول الشافعي .وعند أب حنيفة ينعقد ،
لنه أتى بلفظه الاص فانعقد به ،كما ينعقد بلفظ العربية / .صفحة / 38ولنا :انه
عدل عن لفظ النكاح والتزويج مع القدرة فلم يصح كلفظ الحلل .فأما من ل
يسن العربية فيصح منه عقد النكاح بلسانه ،لنه عاجز عما سواه فسقط عنه :
كالخرس ،ويتاج أن يأت بعناها الاص بيث يشتمل على معن اللفظ العرب ،
وليس على من ل يسن العربية تعلم ألفاظ النكاح با .وقال أبو الطاب :عليه أن
يتعلم ،لن ما كانت العربية شرطا فيه لزمه أن يتعلمها مع القدرة ،كالتكبي .ووجه
الول أن النكاح غي واجب ،فلم يب تعلم أركانه بالعربية كالبيع بلف التكبي .
فان كان أحد التعاقدين يسن العربية دون الخر أتى الذي يسن العربية با ،والخر
يأت بلسانه .فان كان أحدها ل يسن لسان الخر احتاج أن يعلم أن اللفظة الت أتى
با صحبه لفطة النكاح ان يبه بذلك ثقة يعرف اللساني جيعا .والق الذي يبدو
لنا أن هذا تشدد ،ودين ال يسر ،وسبق أن قلنا :إن الركن القيقي هو الرضا .
25
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والياب والقبول ما ها إل مظهران لذا الرضا ودليلن عليه .فإذا وقع الياب
والقبول كان ذلك كافيا ،مهما كانت اللغة الت أديا با .قال ابن تيمية :انه ( أي
النكاح ) وان كان قربة ،فانا هو كالعتق والصدقة ،ل يتعي له لفظ عرب ول عجمي
.ث ان العجمي إذا تعلم العربية ف الال ربا ل يفهم القصود من ذلك اللفظ ،كما
يفهم من اللغة الت اعتادها .نعم .لو قيل :تكره العقود بغي العربية لغي حاجة ،
كما يكره سائر
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 38
أنواع الطاب بغي العربية لغي حاجة ،لكان متوجها .كما روي عن مالك وأحد
والشافعي ما يدل على كراهية اعتياد الخاطبة بغي العربية لغي حاجة / .صفحة 39
/زواج الخرس :ويصح زواج الخرس باشارته إن فهمت كما يصح بيعه ،لن
الشارة معن مفهم .وإن ل تفهم إشارته ل يصح منه ،لن العقد بي شخصي ،ول
بد من فهم كل واحد منهام ما يصدر من صاحبه ( ( ) 1هامش ) ( ) 1جاء ف
لئحة ترتيب الحاكم الشرعة والجراءات التعلقة با مادة 128اقرار الخرس يكون
باشارته العهودة .ول يعتب إقراره بالشارة إذا كان يكنه القرار بالكتابة ) . ( .عقد
الزواج للغائب :إذا كان أحد طرف العقد غائبا وأراد أن يعقد الزواج فعليه أن يرسل
رسول أو يكتب كتابا إل الطرف الخر يطلب الزواج .وعلى الطرف الخر -إذا
كان له رغبة ف القبول -أن يضر الشهود ويسمعهم عبارة الكتاب أو رسالة
الرسول ،ويشهدهم ف الجلس على أنه قبل الزواج .ويعتب القبول مقيدا بالجلس .
شروط صيغة العقد اشترط الفقهاء لصيغة الياب والقبول :أن تكون بلفظي وضعا
للماضي ،أو وضع أحدها للماضي والخر للمستقبل .فمثال الول :أن يقول
العاقد الول :زوجتك ابنت .ويقول القابل :قبلت .ومثال الثان :أن يقول
الاطب أزوجك ابنت ،فيقول له :قبلت .وإنا اشترطوا ذلك ،لن تقق الرضا من
الطرفي وتوافق ارادتما هو الركن القيقي لعقد الزواج ،والياب والقبول مظهر ان
لذا الرضا كما تقدم .ولبد فيهما من أن يدل دللة قطعية على حصول الرضا وتققه
26
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فعل وقت العقد .والصيغة الت استعملها الشارع لنشاء العقود هي صيغة الاضي ،
لن دللتها على حصول الرضا من الطرفي قطعية .ول تتمل أي معن آخر / .
صفحة / 40بلف الصيغ الدالة على الال أو الستقبال ،فانا ل تدل قطعا على
حصول الرضا وقت التكلم .فلو قال أحدها :أزوجك ابنت .وقال الخر :أقبل ،
فإن الصيغة منهما ل ينعقد با الزواج ،لحتمال أن يكون الراد من هذه اللفاظ مرد
الوعد .والوعد بالزواج مستقبل ليس عقدا له ف الال ،ولو قال الاطب :زوجن
ابنتك ،فقال الخر :زوجتها لك ،انعقد الزواج ،لن صيغة ( زوجن ) دالة على
معن التوكيل ،والعقد يصح أن يتوله واحد عن الطرفي .فإذا قال الاطب :زوجن
،وقال الطرف الخر :قبلت ،كان مؤى ذلك أن الول وكل الثان ،والثان أنشأ
العقد عن الطرفي بعبارته .اشتراط التنجيز ف العقد :كما اشترطوا أن تكون منجزة
:أي أن الصيغة الت يعقد با الزواج يب أن تكون مطلقة غي مقيدة بأي قيد من
القيود ،مثل أن يقول الرجل للخاطب :زوجك ابنت ،فيقول الاطب :قبلت .
فهذا العقد منجز .ومت استوف شروطه وصح ترتبت عليه آثاره .ث ان صيغة العقد
قد تكون معلقة على شرط ،أو مضافة إل زمن مستقبل أو مقرونة بوقت معي ،أو
مقترنة بشرط ،فهي ف هذه الحوال ل ينعقد با العقد .واليك بيان كل على حدة .
( ) 10الصيغة العلقة على شرط :وهي أن يعل تقق مضمونا معلقا على تقق شئ
آخر بأداة من أدوات التعليق :مثل أن يقول الاطب :ان التحقت بالوظيفة تزوجت
ابنتك ،فيقول الب :قبلت ،فإن الزواج بذه الصيغة ل ينعقد ،لن انشاء العقد
معلق على شئ قد يكون ،وقد ل يكون ف الستقبل .وعقد الزواج يفيد ملك التعة
ف الال ،ول يتراخى حكمه عنه ،بينما /صفحة / 41الشرط -وهو اللتحاق
بالوظيفة -معدوم حال التكلم ،والعلق على العدوم معدوم .فلو يوجد زواج .أما
إذا كان التعليق على أمر مقق ف الال فان الزواج ينعقد ،مثل أن يقول :إن كانت
ابنتك سنها عشرون سنة تزوجتها .فيقول الب :قبلت .وسنها فعل عشرون سنة .
وكذلك إن قالت :إن رضي أب تزوجتك ،فقال الاطب ،قبلت ،وقال أبوها ف
الجلس :رضيت .إذ أن التعليق ف هذه الال صوري ،والصيغة ف الواقع منجزة .
27
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( ) 2الصيغة الضافة إل زمن مستقبل :مثل أن يقول الاطب :تزوجت ابنتك غدا
أو بعد شهر :فيقول الب :قبلت ،فهذه الصيغة ل ينعقد با الزواج ،ل ف الال ،
ول عند حلول الزمن الضاف إليه ،لن الضافة إل الستقبل تناف عقد الزواج الذي
يوجب تليك الستمتاع ف الال ) 3 ( .الصيغة القترنة بتوقيت العقد بوقت معي :
كأن يتزوج مدة شهر ،أو أكثر ،أو أقل فان الزواج ل يل ،لن القصود من الزواج
دوام العاشرة للتوالد ،والحافظة على النسل ،وتربية الولد .ولذا حكم الفقهاء
على زواج التعة والتحليل بالبطلن ،لنه يقصد بالول مرد الستمتاع الوقت ،
ويقصد بالثان تليل الزوجة الول .وإليك تفصيل القول ف كل منهما :زواج التعة
ويسمى الزواج الؤقت ،والزواج النقطع ،وهو أن يعقد الرجل على الرأة يوما أو
اسبوعا أو شهرا .وسي بالتعة .كأن لرجل ينتفع ويتبلغ بالزواج ويتمتع إل الجل
الذي /صفحة / 42
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 42
وقته .وهو زواج متفق على تريه بي أئمة الذاهب .وقالوا :انه إذا انعقد يقع باطل
( ) 1واستدلوا على هذا ( :أول ) :إن هذا الزواج ل تتعلق به الحكام الواردة ف
القرآن بصدد الزواج ،والطلق ،والعدة ،والياث ،فيكون باطل كغيه من
النكحة الباطلة ( .ثانيا ) :أن الحاديث جاءت مصرحة بتحريه .فعن سبة الهن
:أنه غزا مع النب صلى ال عليه وسلم ف فتح مكة فأذن لم رسول ال صلى ال عليه
وسلم ف متعة النساء .قال :فلم يرج منها حت حرمها رسول ال صلى ال عليه
وسلم .وف لفظ رواه ابن ماجة :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم حرم التعة فقال
( :يا أيها الناس إن كنت أذنت لكم ف الستمتاع ،أل وان ال قد حرمها إل يوم
القيامة ) .وعن علي رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نى عن متعة
النساء يوم خيب ،وعن لوم المر الهلية ) ( ( . ) 2ثالثا ) :أن عمر رضي ال عنه
حرمها وهو على النب أيام خلفته ،وأقره الصحابة رضي ال عنهم وما كانوا ليقروه
على خطأ لو كان مطئا ( .رابعا ) :قال الطاب :تري التعة كالجاع إل عن بعض
28
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الشيعة ( ،هامش ) ( ) 1ويرى زفر إذا نص على توقيته بدة .فالنكاح صحيح
ويسقط شرط التوقيت .هذا إذا حصل العقد بلفظ التزويج فان حصل بلفظ التعة
فهو موافق للجماعة على البطلن ) 2 ( .الصحيح ان التعة انا حرمت عام الفتح
لنه قد ثبت ف صحيح مسلم انم استمتعوا عام الفتح مع النب صلى ال عليه وسلم
باذنه ولو كان التحري زمن ،خيب للزم النسخ مرتي .وهذا ل عهد بثله ف الشريعة
البتة ول يقع مثله فيها .ولذا اختلف أهل العلم ف هذا الديث فقال قوم فيه تقدي
وتأخي وتقديره .ان النب صلى ال عليه وسلم نى عن لوم المر الهلية يوم خيب
وعن متعة النساء ول يذكر الوقت الذي نى عنها فيه ،وقد بينه حديث مسلم ،وانه
كان عام الفتح .اما المام الشافعي فقد حل المر على ظاهره فقال :ل أعلم شيئا
أحله ال ث حرمه ،ث أحله ث حرمه ،إل التعة / ) . ( .صفحة / 43ول يصح على
قاعدتم ف الرجوع ف الخالفات إل علي ،فقد صح عن علي أنا نسخت .ونقل
البيهقي عن جعفر بن ممد أنه سئل عن التعة ،فقال :هي الزنا بعينه ( .خامسا ) :
ولنه يقصد به قضاء الشهوة ،ول يقصد به التناسل ،ول الحافظة على الولد ،
وهي القاصد الصلية للزواج ،فهو يشبه الزنا من حيث قصد الستمتاع دون غيه .
ث هو يضر بالرأة ،إذ تصبح كالسلعة الت تنتقل من يد إل يد ،كما يضر بالولد ،
حيث ل يدون البيت الذي يستقرون فيه ،ويتعهدهم بالتربية والتأديب .وقد روي
عن بعض الصحابة وبعض التابعي أن زواج التعة حلل ،واشتهر ذلك عن ابن عباس
رضي ال عنه ،وف تذيب السنن :وأما ابن عباس فانه سلك هذا السلك ف إباحتها
عند الاجة والضرورة ،ول يبحها مطلقا ،فلما بلغه إكثار الناس منها رجع .وكان
يمل التحري على من ل يتج إليها .قال الطاب :ان سعيد بن جبي قال :قلت لبن
عباس :هل تدري ما صنعت ،وب أفتيت ؟ قد سارت بفتياك الركبان ،وقالت فيه
الشعراء .قال :وما قالوا ؟ قلت :قالوا :قد قلت للشيخ لا طال مبسه -يا صاح
هل لك ف فتيا ابن عباس ؟ هل لك ف رخصة الطراف آنسة -تكون مثواك حت
رجعة الناس ؟ فقال ابن عباس ( :إنا ل وإنا إليه راجعون ) ! وال ما بذا أفتيت ،ول
هذا أردت ،ول أحللت إل مثل ما أحل ال اليتة والدم ولم النير ،وما تل إل
29
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
للمضطر ،وما هي إل كاليتة والدم ولم النير / .صفحة / 44وذهبت الشيعة
المامية إل جوازه ،وأركانه عندهم - 1 :الصيغة :أي أنه ينعقد بلفظ ( زوجتك )
و ( أنكحتك ) و ( متعتك ) - 2الزوجة :ويشترط كونا مسلمة أو كتابية ،
ويستحب اختيار الؤمنة العفيفة ،ويكره بالزانية - 3 .الهر :وذكره شرط ويكفي
فيه الشاهدة ويتقدر بالتراضي ولو بكف من بر - 4 .الجل :وهو شرط ف العقد .
ويتقرر بتراضيهما ،كاليوم والسنة والشهر ،ول بد من تعيينه .ومن أحكام هذا
الزواج عندهم - 1 :الخلل بذكر الهر مع ذكر الجل يبطل العقد ،وذكر الهر
من دون ذكر الجل يقلبه دائما ز - 2ويلحق به الولد - 3 .ل يقع بالتعة طلق ،
ول لعان - 4 .ل يثبت به مياث بي الزوجي - 5 .أما الولد فإنه يرثهما ويرثانه .
- 6تنقضي عدتا إذا انقضى أجلها بيضتي ،إن كانت من تيض ،فإن كانت من
تيض ول تض فعدتا خسة وأربعون يوما .تقيق الشوكان :قال الشوكان :وعلى
كل حل فنحن متعبدون با بلغنا عن الشارع ،وقد صح لنا عنه التحري الؤبد .
ومالفة طائفة من الصحابة له غي قادحة ف حجيته ،ول قائمة لنا بالعذرة عن العمل
به .كيف والمهور من الصحابة قد حفظوا التحري وعملوا به ،ورووه لنا ؟
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 44
حت قال ابن عمر -فيما أخرجه عنه ابن ماجة باسناد صحيح : -ان رسول ال
صلى ال عليه وسلم ( :أذن لنا ف التعة ثلثا ت حرمها ،وال ل أعلم أحدا تتع وهو
مصن إل رجته بالجارة ) / .صفحة / 45وقال أبو هريرة فيما يرويه عن النب
صلى ال عليه وسلم ( :هدم التعة الطلق والعدة والياث ) .أخرجه الدار قطن ،
وحسنه الافظ .ول ينع من كونه حسنا كون ف إسناده مؤمل بن اساعيل ،لن
الختلف فيه ل يرج حديثه عن حد السن إذا انضم إليه من الشواهد ما يقويه كما
هو شأن السن لغيه .وأما ما يقال من أن تليل التعة ممع عليه ،والجمع عليه
قطعي ،وتريها متلف فيه ،والختلف فيه ظن ،والظن ل ينسخ القطعي ،فيجاب
عنه :أول :بنع هذه الدعوى ( أعن كون القطعي ل ينسخه الظن ) فما الدليل
30
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عليها ؟ ومرد كونا مذهب المهور غي مقنع لن قام ف مقام النع يسائل خصمه عن
دليل العقل والسمع باجاع السلمي .وثانيا :بأن لنسخ بذلك الظن إنا هو
لستمرار الل ،والستمرار ظن ل قطعي .وأما قراءة ابن عباس وابن مسعود وأب
بن كعب وسعيد بن جبي ( فما استمتعتم به منهن إل أجل مسمى ) ،فليست بقرآن
عند مشترطي التواتر ،ول سنة لجل روايتها قرآنا ،فيكون من قبيل التفسي للية ،
وليس ذلك بجة .وأما من ل يشترط التواتر فل مانع من نسخ ظن القرآن بظن
السنة كما تقرر ف الصول .انتهى .العقد على الرأة وف نية الزوج طلقها :اتفق
الفقهاء على أن من تزوج امرأة دون أن يشترط التوقيت وف نيته أن يطلقها بعد
زمن ،أو بعد انقضاء حاجته ف البلد الذي هو مقيم به ،فالزواج صحيح .وخالف
الوزاعي فاعتبه زواج متعة .قال الشيخ ( رشيد رضا ) تعلقا على هذا ف تفسي
النار :هذا وان تشديد علماء السلف واللف ف منع التعة يقتضي مع النكاح بنية
الطلق ،وإن كان /صفحة / 46الفقهاء يقولون :إن عقد النكاح يكون صحيحا
إذا نوى الزواج التوقيت ول يشترطه ف صيغة العقد .ولكن كتمانه إياه يعد خداعا
وغشا .وهو أجدر بالبطلن من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون
بالتراضي بي الزواج والرأة ووليها ،ول يكون فيه من الفسدة إل العبث بذه الرابطة
العظيمة الت هي أعظم الروابط البشرية ،وإيثار التنقل ف مراتع الشهوات بي
الذواقي والذواقات ،وما يترتب على ذلك من النكرات .وما ل يشترط فيه ذلك
يكون على اشتماله على ذلك غشا وخداعا تترتب عليه مفاسد أخرى من العداوة
والبغضاء وذهاب الثقة حت بالصادقي الذين يريدون بالزواج حقيقته ،وهو احصان
كل من الزوجي للخر ،واخلصه له ،وتعاونما على تأسيس بيت صال من بيوت
المة .زواج التحليل وهو أن يتزوج الطلقة ثلثا بعد انقضاء عدتا ،أو يدخل با ث
يطلقها ليحلها للزوج الول .وهذا النوع من الزواج كبية من كبائر الث والفواحش
،حرمه ال ،ولعن فاعله - 1 .فعن أب هريرة :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال ( :لعن ال الحلل والحلل له ) .رواه أحد بسند حسن - 2 .وعن عبد ال بن
مسعود قال ( :لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم الحلل والحلل له ) . .رواه
31
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الترمذي ،وقال :هذا حديث حسن صحيح .وقد روي هذا الديث عن النب صلى
ال عليه وسلم من غي وجه .والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النب
صلى ال عليه وسلم منهم :عمر بن الطاب ،وعثمان بن عفان ،وعبد ال بن عمر
وغيهم .وهو قول الفقهاء من التابعي - 3 .وعن عقبة بن عامر :أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال ( :أل أخبكم بالتيس الستعار ) ؟ قالوا :بلى يا رسول ال
.قال ( :هو الحلل / ،صفحة / 47لعن ال الحلل والحلل له ) .رواه ابن ماجة ،
والاكم ،وأعله أبو زرعة وأبو حات بالرسال .واستنكره البخاري ،وفيه يي بن
عثمان ،وهو ضعيف - 4 .وعن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سئل
عن الحلل ،فقال ( :ل .إل نكاح رغبة ،ل دلسة ،ول استهزاء بكتاب ال
عزوجل ،حت تذوق عسيلته ) .رواه أبو اسحاق الوزجان - 5 .وعن عمر رضي
ال عنه قال ( ،ل أوتى بحلل ول ملل له إل جتهما ) .فسئل ابنه عن ذلك فقال :
كلها زان .رواه ابن النذر ،وابن رأب شيبة ،وعبد الرزاق - 6 .وسأل رجل ابن
عمر فقال :ما تقول ف امرأة تزوجتها لحلها لزوجها ،ول يأمرن ول يعلم ؟ فقال له
ابن عمر ( :ل ،إل نكاح رغبة ،ان أعجبتك أمسكتها ،وان كرهتها فارقتها ،وإن
كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ) .وقال :ل يزالن
زانيي وان مكثا عشرين سنة إذا علم أنه يريد أن يلها .حكمه :هذه النصوص
صرية ف بطلن هذا الزواج وعدم صحته ( ، ) 1لن اللعن ل يكون إل على أمر
غي جائز ف الشريعة ،وهو ل يل الرأة للزوج الول .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 47
ولو ل يشترط التحليل عند العقد مادام قصد التحليل قائما ،فان العبة بالقاصد
والنوايا .قال ابن القيم :ول فرق عند أهل الدينة وأهل الديث وفقهائهم بي اشترط
ذلك بالقول ،أو بالتواطؤ والقصد .فإن القصود ف العقود عندهم معتبة ،والعمال
بالنيات .والشرط التوطأ عليه الذي دخل عليه التعاقدان كاللفوظ عندهم .واللفاظ
ل تراد لعينها ،بل للدللة على العان :فإذا ظهرت العان ( هامش ) ( ) 1ثبت فيه
32
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جيع أحكام العقود الفاسدة ول يثبت به الحصان وال الباحة للزوج الول / ) . ( .
صفحة / 48والقاصد ،فل عبة باللفاظ لنا وسائل ،وقد تققت غاياتا فترتب
عليها أحكامها .وكيف يقال :إن هذا زواج تل به الزوجة لزوجها الول ،مع قصد
التوقيت ،وليس له غرض ف دوام العشرة ول ما يقصد بالزواج من التناسل وتربية
الولد وغي ذلك من القاصد القيقية لتشريع الزواج .إن هذا الزواج الصوري
كذب وخداع ل يشرعه ال ف دين ،ول يبحه لحد ،وفيه من الفاسد والضار ما ل
يفى على أحد .قال ابن تيمية :دين ال أزكى وأطهر من أن يرم فرجا من الفروج
حت يستعار له تيس من التيوس ،ل يرغب ف نكاحه ول مصاهرته ،ول يراد بقاؤه
مع الرأة أصل ،فينو عليها ،وتل بذلك فان هذا سفاح .وزنا ،كما ساه أصحاب
رسول ال صلى ال عليه وسلم .فكيف يكون الرام ملل ؟ أم كيف يكون البيث
مطيبا ؟ أم كيف يكون النجس مطهرا ؟ ! وغي خاف على من شرح ال صدره
للسلم ،ونور قلبه باليان ،أن هذا من أقبح القبائح الت ل تأت با سياسة عاقل ،
فضل عن شرائع النبياء ل سيما أفضل الشرائع وأشرف الناهج .انتهى .هذا هو
الق ،وإليه ذهب مالك وأحد ،والثوري ،وأهل الظاهر ،وغيهم من الفقهاء ،
منهم السن ،والنخعي ،وقتادة ،والليث وابن البارك .وذهب آخرون إل أنه جائز
إذا ل يشترط ف العقد .لن القضاء بالظواهر ل بالقاصد والضمائر ،والنيات ف
العقود غي معتبة .قال الشافعي :الحلل الذي يفسد نكاحه هو من يتزوجها ليخلها
ث يطلقها ،فأما من ل يشترط ذلك ف عقد النكاح فعقده صحيح .وقال ابن حنيفية
وزفر :ان اشترط ذلك عند انشاء العقد ،بأن صرح أنه يلها للول تل للول
ويكره ،لن عقد الزواج ل يبطل بالشروط الفاسدة فتحل للزواج الول بعد طلقها
من الزوج الثان أو موته عنها وانقضاء عدتا .وعند أب يوسف هو عقد فاسد ،لنه
زواج مؤقت ،ويرى ممد بصحة العقد الثان ،ولكنه ل يلها للزوج الول / .
صفحة / 49الزواج الذي تل به الطلقة للزوج الول :إذا طلق الرجل زوجته
ثلث تطليقات فل تل له مراجعتها حت تتزوج بعد انقضاء عدتا زوجا آخر زواجا
صحيحا ل بقصد التحليل .فإذا تزوجها الثان زواج رغبة ،ودخل با دخول حقيقيا
33
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حت ذاق كل منهما عسيلة الخر ،ث فارقها بطلن أو موت ،حل للول أن يتزوجها
بعد انقضاء عدتا .روى الشافعي وأحد والبخاري ومسلم عن عائشة :جاءت امرأة
رفاعة القرظي إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت :إن كنت عند رفاعة ،
فطلقن :فبت طلقي فتزوجن عبد الرحن بن زبي ،وما معه إل مثل هدبة الثوب ،
فتبسم النب صلى ال عليه وسلم ،وقال ( :أتريدين أن ترجعي إل ( ) 1رفاعة ؟
ل ،حت تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) .وذوق العسيلة كناية عن الماع .
ويكفي ف ذلك التقاء الناني الذي يوجب الد والغسل .ونزل ف ذلك قول ال
تعال ( :فإن طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه فإن طلقها فل جناح
عليهما أن يتراجعا إن ظلنا أن يقيما حدود ال ) .وعلى هذا فان الرأة ل تل للول
إل بذه الشروط - 1 :أن يكون زواجها بالزوج الثان صحيحا ( - 2 . ) 2أن
يكون زواج رغبة - 3 .أن يدخل با دخول حقيقيا بعد العقد ،ويذوق عسيلتها
وتذوق عسيلته ( .هامش ) ( ) 1استدل العلماء بذا على أن نية الرأة التحليل
ليست بشئ .فلو قصدت التحليل أو قصد وليها ول يقصد الزوج ل يؤثر ذلك ف
العقد .وكذلك الزوج الول فانه ل يلك شيئا من العقد ول من رفعه ،فهو أجنب ،
وإنا لن إذا رجع ال الرأة بذلك التحليل ،لنا ل تل له ،فكان زانيا ) 2 ( .
الزواج الفاسد ل يل الطلقة ثلثا / ) . ( .صفحة / 50حكمة ذلك :قال
الفسرون والعلماء ف حكمة ذلك :انه إذا علم الرجل ان الرأة ل تل له بعد أن
يطلقها ثلث مرات إل إذا نكحت زوجا غيه فانه يرتدع ،لنه ما تأباه غية الرجال
وشهامتهم ،ول سيما إذا كان الزوج الخر عدوا أو مناظرا للول .وزاد على ذلك
صاحب النار فقال ف تفسيه ( : ) 1إن الذي يطلق زوجته ،ث يشعر بالاجة إليها
فيتعها نادما على طلقها ،ث يقت عشرتا بعد ذلك فيطلقها ،ث يبدو له ويترجح
عنده عدم الستغناء عنها ،فيتعها ثانية ،فانه يتم له بذلك اختبارها .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 50
34
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لن الطلق الول ربا جاء عن غي روية تامة ومعرفة صحيحة منه بقدار حاجته إل
امرأته .ولكن الطلق الثان ل يكون كذلك ،لنه ل يكون إل بعد الندم على ما
كان أول ،والشعور بأن كان خطأ ،ولذلك قلنا ان الختبار يتم به .فإذا هو راجعها
بعده كان ذلك ترجيحا لمساكها على تسريها .ويبعد أن يعود إل ترجيح التسريح
بعد أن رآه بالختبار التام مرجوحا .فإذا هو عاد وطلق ثالثة ،كان ناقص العقل
والتأديب ،فل يستحق أن تعل الرأة كرة بيده يقذفها مت شاء تقلبه ويرتعها مت
شاء هواه ،بل يكون من الكمة أن تبي منه ،ويرج أمرها من يده ،لنه علم أن ل
ثقة بالتثامهما واقامتهما حدود ال تعال .فان اتفق بعد ذلك أن تزوجت برجل آخر
عن رغبة ،واتفق أن طلقها الخر أو مات عنها ،ث رغب فيها الول وأحب أن
يتزوج با -وقد علم أنا صارت فراشا لغيه -ورضيت هي بالعودة إليه فان الرجاء
ف التئامهما ،واقامتهما حدود ال تعال ،يكون حينئذ قويا جدا ،ولذلك أحلت له
بعد العدة ( .هامش ) ( ) 1جزء 2ص ) . ( . 392صيغة العقد القترنة بالشرط
إذا قرن عقد الزواج بالشرط ،فإما أن يكون هذا الشرط من مقتضيات /صفحة 51
/العقد أو يكون منافيا له ،أو يكون ما يعود نفعه على الرأة ،أو يكون شرطا نى
الشارع عنه .ولكل حالة من هذه الالت حكم خاص با نمله فيما يلي ) 1 ( :
الشروط الت يب الوفاء با :من الشروط ما يب الوفاء به ،وهي ما كانت من
مقتضيات العقد ومقاصده ( ) 1ول تتضمن تغييا لكم ال ورسوله ،كاشتراط
العشرة بالعروف والنفاق عليها وكسوتا وسكناها بالعروف ،وأنه ل يقصر ف شئ
من حقوقها ويقسم لا كغيها ،وأنا ل ترج من بيته إل باذنه ،ول تنشز عليه ول
تصوم تطوعا بغي إذنه ،ول تأذن ف بيته إذا بإذنه ،ول تتصرف ف متاعه إل برضاه
ونو ذلك ( .هامش ) ( ) 1النووي :شرح مسلم ) 2 ( ) . ( .الشروط الت ل
يب الوفاء با :ومنها ما ل يب الوفاء به مع صحة العقد ،وهو ما كان منافيا
لقتضى العقد ( ) 2كاشتراط ترك النفاق والوطء أو كاشتراط أن ل مهر لا ،أو
يعزل عنها ،أو اشتراط أن تنفق عليه ،أو تعطيه شيئا ،أو ل يكون عندها ف
السبوع إل ليلة ،أو شرط لا النهار دون الليل .فهذه الشروط كلها باطلة ف نفسها
35
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
،لنا تناف العقد .ولنا تتضمن إسقاط حقوق تب بالعقد قبل انعقاده ،فلم يصح ،
كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع .أما العقد ف نفسه فهو صحيح ،لن هذه
الشروط تعود إل معن زائد ف العقد ل يشترط ذكره ول يضر الهل به ،فلم يبطل ،
كما لو شرط ف العقد صداقا مرما ،ولن الزواج يصح مع الهل بالعوض ،فجاز
أن ينعقد مع الشرط الفاسد ( .هامش ) ( ) 2زاد العاد ج 5 ، 4وانظر الغن . ( .
) ( ) 3الشروط الت فيها نفع للمرأة :ومن الشروط ما يعود نفعه وفائدته ال الرأة ،
مثل أن يشترط لا أل /صفحة / 52يرجها من دارها أو بلدها ،أو ل يسافر با أو
ل يتزوج عليها ونو ذلك .فمن العلماء من رأي أن الزواج صحيح وأن هذه
الشروط ملغاة ول يلزم الزوج الوفاء با .ومنهم من ذهب ال وجوب الوفاء با
اشترط للمرأة ،فان ل يف لا فسخ الزواج .والول مذهب أب حنيفة والشافعي
وكثي من أهل العلم ،واستدلوا با يأت - 1 :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال
( :السلمون على شروطهم ،إل شرطا أحل حراما أو حرم حلل ) .قالوا وهذا
الشرط الذي اشترط يرم اللل ،وهو التزوج والتسري والسفر .وهذه كلها حلل
- 2 .وقوله صلى ال عليه وسلم ( :كل شرط ليس ف كتاب ال فهو باطل وان
كان مائة شرط ) .قالوا :وهذا ليس ف كتاب ال لن الشرع ل يقتضيه - 3 .قالوا
:إن هذه الشروط ليست من مصلحة العقد ول مقتضاه ،والرأي الثان مذهب عمر
بن الطاب وسعد بن أب وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز
وجابر بن زيد وطاووس والوزاعي واسحاق والنابلة ،واستدلوا با يأت - 1 :يقول
ال تعال ( :يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) - 2 .وقول رسول ال صلى ال
عليه وسلم ( السلمون على شروطهم ) - 3 .روى البخاري ومسلم وغيها عن
عقبة بن عامر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :أحق الشروط أن يوف به ما
استحللتم به الفروج ) ( - 4 ) 1روى الثرم بإسناده :أن رجل تزوج امرأة وشرط
لا دارها ،ث أراد نقلها ،فخاصموه إل عمر بن الطاب فقال لا شرطها ( مقاطع
القوق عند الشروط ) ( .هامش ) ( ) 1أي أحق الشروط بالوفاء شروط الزواج ،
لن أمره أحوط وبابه أضيق / ) . ( .صفحة - 5 / 53ولنه شرط لا فيه منفعة
36
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ومقصود ،ل ينع القصود من الزواج فكان لزما كما لو شرطت عليه زيادة الهر .
قال ابن قدامة مرجحا هذا الرأي ومفندا الرأي الول :ان قول من
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 53
سينا من الصحابة ،ل نعلم له مالفا ف عصرهم ،فكان اجاعا .وقول الرسول عليه
الصلة والسلم ( :كل شرط . . .ال ) .أي ليس ف حكم ال وشرعه ،وهذا
مشروع ،وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته ،على أن اللف ف مشروعيته ،ومن
نفى ذلك فعليه الدليل .وقولم :إن هذا يرم اللل ،قلنا :ل يرم حلل ،وانا
يثبت للمرأة خيار الفسخ ان ل يف لا به .وقولم :ليس من مصلحته ،قلنا :ل
نسلم بذلك .فانه من مصلحة الرأة ،وما كان من مصلحد العاقد كان من مصلحة
عقده .وقال ابن رشد ( : ) 1وسبب اختلفهم معارضة العموم للخصوص ،فأما
العموم فحديث عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم خطب الناس فقال
ف خطبته ( :كل شرط ليس ف كتاب ال فهو باطل ،ولو كان مائة شرط ) .وأما
الصوص ،فحديث عقبة بن عامر أن النب صلى ال عليه وسلم قال ( :أحق
الشروط أن يوف به ما استحللتم به الفروج ) .والديثان صحيحان ،خرجهما
البخاري ومسلم .إل أن الشهور عند الصوليي القضاء بالصوص على العموم ،
وهو ( لزوم الشروط ) .وقال ابن تيمية ( : ) 2ومقاصد العقلء إذا دخلت ف
العقود ،وكانت من الصلح الذي هو القصود ل تذهب عفوا ول تدر رأسا ،
كالجال ف العواض ،ونقود الثان العينة ببعض البلدان ،والصفات ف البيعات ،
والرفة الشروطة ف أحد الزوجي .وقد تفيد الشروط ما ل يفيده الطلق ،بل ما
يالف الطلق ( .هامش ) ( ) 1بداية الجتهد ج 2ص ) 2 ( . 55نظرية العقد ص
/ ) . ( . 211صفحة ) 4 ( / 54الشروط الت نى الشارع عنها :ومن الشروط
ما نى الشارع عنها ويرم الوفاء با :وهي اشتراط الرأة عند الزواج طلق ضرتا .
فعن أب هريرة أن النب عليه السلم ( :نى أن يطب الرجل على خطبة أخيه أو يبيع
على بيعه ،ول تسأل الرأة طلق أختها لتكفئ ما ف صحفتها أو إنائها ( ) 1فإنا
37
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رزقها على ال تعال ) متفق عليه .وف لفظ متفق عليه :نى أن تشترط الرأة طلق
أختها . .وعن عبد ال بن عمرو أن رسول ال عليه السلم قال ( :ل يل أن تنكح
امرأة بطلق أخرى ) رواه أحد .فهذا النهي يقتضي فساد النهي عنه ،ولنا شرطت
عليه فسخ عقده وإبطال حقه وحق امرأته ،فلم يصح ،كما لو شرطت عليه فسخ
بيعه .فان قيل :فما الفارق بي هذا وبي اشتراطها أن ل يتزوج عليها ،حت
صححتم هذا ،وأبطلتم شرط طلق الضرة .أجاب ابن القيم عن هذا فقال :قيل :
الفرق بينهما أن ف اشتراط طلق الزوجة من الضرار با وكسر قلبها وخراب بيتها
وشاتة أعدائها ما ليس ف اشتراط عدم نكاحها ونكاح غرها ،وقد فرق النص
بينهما ،فقياس أحدها على الخر فاسد ( .هامش ) ( ) 1تكفئ :تيل .ومعن
الديث .ني الرأة الجنبية أن تسأل رجل طلق زوجته ،وإن يتزوجها فيصي لا من
نفقته ومعونته ومعاشرته ما كان للمطلقة ) 5 ( .ومن صور الزواج القترن بشرط غي
صحيح زواج الشغار :وهو أن يزوج الرجل وليته رجل ،على أن يزوجه الخر وليته
،وليس بينهما صداق ،وقد نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن هذا الزواج
فقال - 1 :ل شغار ( ) 2ف السلم ) .رواه مسلم عن ابن عمر ،ورواه ( ) 2
الشغار أصله اللو ،يقال :بلدة شاغرة إذا خلت عن السلطان ،والراد به هنا اللو
عن الهر .وقيل .إنا سي شغارا لقبحه ،تشبيها برفع الكلب رجله ليبول ف القبح .
يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول .وكان هذا النوع من الزواج معروفا زمن
الاهلية / ) . ( .صفحة / 55ابن ماجة من حديث أنس بن مالك .قال ف الزوائد :
اسناده صحيح ،ورجاله ثقات ،وله شواهد صحيح - 2 .وعن ابن عمر قال :
( نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الشغار ) .والشغار :أن يقول الرجل
للرجل :زوجن ابنتك أو أختك ،على أن أزوجك ابنت أو أخت ،وليس بينهما
صداق ( ) ) 1رواه ابن ماجة ( .هامش ) ( ) 1قال النووي :اجعوا على أن غي
البنات من الخوات وبنات الخ وغيهن كالبنات ف ذلك ) . ( .رأي العلماء فيه :
استدل جهور العلماء بذين الديثي على أن عقد الشغار ل ينعقد أصل وأنه باطل .
وذهب أبو حنيفة ال أنه يقع صحيحا ،ويب لكل واحدة من البنتي مهر مثلها على
38
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
زوجها ،إذ أن الرجلي سيا ما ل تصلح تسميته مهرا ،إذ جعل الرأة مقابل الرأة
ليس بال .فالفساد فيه من قبل الهر ،وهو ل يوجب فساد العقد ،كما لو تزوج
على خر أو خنير .فان العقد ل يفسخ ،ويكون فيه مهر الثل .علة النهي عن نكاح
الشغار :واختلف العلماء ف علة النهي :فقيل :هي التعليق والتوقيف ،كأنه يقول
( ل ينعقد زواج ابنت حت ينعقد زواج ابنتك ) .وقيل :ان العلة التشريك ف
البضع ،وجعل بضع كل واحدة مهرا للخرى .وهي ل تنتفع به ،فلم يرجع إليها
الهر ،بل عاد الهر إل الول ،وهو
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 55
ملكه لبضع زوجته بتمليكه لبضع موليته .وهذا ظلم لكل واحدة من الرأتي وخلء
لنكاحها عن مهر تنتفع به .قال ابن القيم :وهذا موافق للغة العرب / .صفحة / 56
شروط صحة الزواج شروط صحة الزواج هي الشروط الت يتوقف عليها صحته ،
بيث إذا وجدت يعتب عقد الزواج موجودا شرعا ،وتثبت له جيع الحكام والقوق
الترتبة عليه .وهذه الشروط اثنان ( :الشرط الول ) حل الرأة للتزوج بالرجل
الذي يريد القتران با .فيشترط أل تكون مرمة عليه بأي سبب من أسباب التحري
الؤقت أو الؤبد .وسيأت ذلك مفصل ف بث ( الحرمات من النساء ) ( .الشرط
الثان ) الشهاد على الزواج ،وهو ينحصر ف الباحث التية - 1 :حكم الشهاد .
- 2شروط الشهود - 3 .شهادة النساء .حكم الشهاد على الزواج ذهب جهور
العلماء إل أن الزواج ل ينعقد إل ببينة ،ول ينعقد حت يكون الشهود حضورا حالة
العقد ولو حصل إعلن عنه بوسيلة أخرى .وإذا شهد الشهود وأوصاهم التعاقدان
بكتمان العقد وعدم إذاعته كان العقد صحيحا ( ) 1واستدلوا على صحته با يأت ( :
أول ) عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :البغايا اللت ينكحن
أنفسهن بغي بينة ) رواه الترمذي ( .هامش ) ( ) 1مذهب مالك وأصحابه ان
الشهادة على النكاح ليست بفرض ،ويكفي من ذلك شهرته والعلن به .واحتجوا
لذهبهم بأن البيوع الت ذكرها ال تعال فيها الشهاد عند العقد .وقد قامت الدللة
39
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بأن ذلك ليس من فرائض البيوع .والنكاح الذي ل يذكر ال تعال فيه الشهاد أخرى
بأن ل يكون الشهاد فيه من شروطه وفرائضه وانا الغرض العلن والظهور لفظ
النساب .والشهاد يصلح بعد العقد للتداعي والختلف فيما ينعقد بي التناكحي ،
فان عقد العقد ول يضره شهود ث أشهد عليه قبل الدخول ل يفسخ العقد ،وان
دخل ول يشهدا فرق بينهما / ) . ( .صفحة ( / 57ثانيا ) وعن عائشة أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم قال ( :ل نكاح إل بول وشاهدي عدل ) رواه الدار قطن .
وهذا النفي يتوجه ال الصحة ،وذلك يستلزم أن يكون الشهاد شرطا ،لنه قد
استلزم عدمه عدم الصحة ،وما كان كذلك فهو شرط ( .ثالثا ) وعن أب الزبي
الكي أن عمر بن الطاب أت بنكاح ل يشهد عليه إل رجل وامرأة .فقال ( :هذا
نكاح السر ،ول أجيزه ،ولو كنت تقدمت فيه لرجت ) .رواه مالك ف الوطأ .
والحاديث وإن كانت ضعيفة ال أنه يقوي بعضها بعضا .قال الترمذي :والعمل
على هذا عند أهل العلم من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ومن بعدهم من
التابعي وغيهم ،قالوا ( :ل نكاح إل بشهود ) ل يتلف ف ذلك من مضى منهم إل
قوم من التأخرين من أهل العلم ( .رابعا ) ولنه يتعلق به حق غي التعاقدين ،وهو
الولد ،فاشترطت الشهادة فيه ،لئل يحده أبوه فيضيع نسبه .ويرى بعض أهل العلم
أنه يصح بغي شهود :منهم الشيعة ،وعبد الرحن ابن مهدي ،ويزيد بن هارون ،
وابن النذر ،وداود ،وفعله ابن عمر ،وابن الزبي .وروي عن السن بن علي أنه
تزوج بغي شهادة ،ث أعلن النكاح .قال ابن النذر :ل يثبت ف الشاهدين ف النكاح
خب .وقال يزيد بن هارون :أمر ال تعال بالشهاد ف البيع دون النكاح ،فاشترط
أصحاب الرأي الشهادة للنكاح ،ول يشترطوها للبيع .وإذا ت العقد فأسروه
وتواصوا بكتمانه صح مع الكراهة ،لخالفته المر بالعلن ،وإليه ذهب الشافعي ،
وأبو حنيفة ،وابن النذر .ومن كره ذلك عمر ،وعروة ،والشعب ،ونافع .وعند
مالك أن العقد يفسخ .روى ابن وهب عن مالك ف الرجل يتزوج الرأة بشهادة
رجلي ويستكتمهما ؟ قال يفرق بينهما بتطليقة ،ول يوز النكاح ،ولا صداقها إن
أصابا ،ول يعاقب الشاهدان / .صفحة / 58ما يشترط ف الشهود :يشترط ف
40
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الشهود :العقل ،والبلوغ ،وساع كلم التعاقدين مع فهم أن القصود به عقد
الزواج ( . ) 1فلو شهد على العقد صب ،أو منون ،أو أصم ،أو سكران ،فان
الزواج ل يصح ،إذ أن وجوه هؤلء كعدمه .اشتراط العدالة ف الشهود :وأما
اشتراط العدالة ف الشهود ،فذهب الحناف ال أن العدالة ل تشترط ،وأن الزواج
ينعقد بشهادة الفاسقي ،وكل من يصلح أن يكون وليا ف زواج يصلح أن يكون
شاهدا فيه ،ث ان القصود من الشهادة العلن .والشافعية قالوا ،لبد من أن يكون
الشهود عدول للحديث التقدم ( :ل نكاح إل بول وشاهدي عدل ) .وعندهم أنه
إذا عقد الزواج بشهادة مهول الال ففيه وجهان .والذهب أنه يصح .لن الزواج
يكون ف القرى والبادية وبي عامة الناس ،من ل يعرف حقيقة العدالة ،فاعتبار ذلك
يشق فاكتفي بظاهر الال ،وكون الشاهد مستورا ل يظهر فسقه .فإذا تبي بعد العقد
أنه كان فاسقا ل يؤثر ذلك ف العقد ،لن الشرط ف العدالة من حيث الظاهر أل
يكون ظاهر الفسق ،وقد تقق ذلك .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 58
شهادة النساء :والشافعية والنابلة يشترطون ف الشهود الذكورة ،فان عقد الزواج
بشهادة رجل وامرأتي ل يصح ،لا رواه أبو عبيد عن الزهري أنه قال ( :مضت
السنة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :أن ل يوز شهادة النساء ف الدود ،
ول ف النكاح ،ول ف الطلق ) .ولن عقد الزواج عقد ليس بال ،ول القصود
منه الال ،ويضره الرجل غالبا ،فل يثبت بشهادتن كالدود ( .هامش ) ( ) 1
وإذا كان الشهود عميانا يشترط فيهم تيقن الصوت ومعرفة صوت التعاقدين على
وجه ل يشك فيهما / .صفحة / 59والحناف ل يشترطون هذا الشرط ،ويرون أن
شهادة رجلي أو رجل وامرأتي كافية ،لقول ال تعال ( :واستشهدوا شهيدين من
رجالكم ،فإن ل يكونا رجلي فرجل وامرأتان من ترضون من الشهداء ) .ولنه مثل
البيع ف أنه عقد معارضة فينعقد بشهادتن مع الرجال .اشتراط الرية :ويشترط أبو
حنيفة والشافعي أن يكون الشهود أحرارا .وأحد ل يشترط الرية ،ويرى أن شهادة
41
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
العبدين ينعقد با الزواج ،تقبل ف سائر القوق ،وأنه ليس فيه نص من كتاب ول
سنة يرد شهادة العبد ،وين عمن قبولا ما دام أمينا صادقا تقيا .اشتراط السلم :
والفقهاء ل يتلفوا ف اشتراط السلم ف الشهود إذا كان العقد بي مسلم ومسلمة .
واختلفوا ف شهادة غي السلم فيما إذا كان الزوج وحده مسلما .فعند أحد
والشافعي وممد بن السن أن الزواج ل ينعقد ،لنه زواج مسلم ،ل تقبل فيه
شهادة غي السلم .وأجاز أبو حنيفة وأبو يوسف شهادة كتابيي إذا تزوج مسلم
كتابية .وأخذ بذا مشروع قانون الحوال الشخصية .عقد الزواج شكلي :عقد
الزواج يتم بتحقيق أركانه ،وشرائط انعقاده ،ال أنه ل تترتب عليه آثاره الشرعية
إل بشهادة الشهود ،وحضور الشهود شئ خارج عن رضا الطرفي ،فهو من هذه
الوجهة عقد شكلي ،وهو يالف العقد الرضائي الذي يكفي ف انعقاده اقتران القبول
بالياب ،ويكون الرضا من التعاقدين وحده منشئا للعقد ومكونا له كعقد الجارة
ونوه ،فهو ف هذه الالة تترتب عليه أحكامه ،ويظله القانون بماية دون الحتياج
لشئ / .صفحة / 60شروط نفاذ العقد إذا ت العقد ووقع صحيحا ،فانه يشترط
لنفاذه وعدم توقفه على إجازة أحد - 1 :أن يكون كل من العاقدين اللذين توليا
انشاء العقد تام الهلية ،أي عاقل بالغا حرا .فان كان أحد العاقدين ناقص الهلية
بأن كان معتوها أو صغيا ميزا ،أو عبدا ،فان عقده الذي يعقد بنفسه ينعقد صحيحا
موقوفا على اجازة الول ،أو السيد ،كان أجازه نفذ ،وإل بطل - 2 .وأن يكون
كل من العاقدين ذا صفة ،تعل له الق ف مباشرة العقد .فلو كان العاقد فضوليا ،
باشر العقد ل بوكالة ول بولية ،أو كان وكيل ولكن خالف فيما وكل فيه ،أو كان
وليا ولكن يوجد ول أقرب منه مقدم عليه ،فان عقد أي واحد من هؤلء إذا استوف
شروط النعقاد والصحة ينعقد صحيحا موقوفا على اجازة صاحب الشأن .شروط
لزوم عقد الزواج يلزم عقد الزواج إذا استوف أركانه وشروط صحته وشروط نفاذه .
وإذا لزم فليس لحد الزوجي ول لغيها حق نقض العقد ول فسخه ،ول ينتهي ال
بالطلق أو الوفاة ،وهذا هو الصل ف عقد الزواج .لن القاصد الت شرع من
أجلها -من دوام العشرة الزوجية وتربية الولد والقيام على شؤونم -ل يكن أن
42
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تتحقق إل مع لزومه .ولذا قال العلماء :شروط لزوم الزواج يمعها شرط واحد .
وهو أل يكون لحد الزوجي حق فسخ العقد بعد انعقاده وصحته ونفاذه ،فلو كان
لحد حق فسخه كان عقدا غي لزم .مت يكون العقد غي لزم :ل يكون العقد
لزما فيما يأت من الصور :إذا تبي أن الرجل غرر بالرأة أو أن الرأة غررت بالرجل .
مثال ذلك أن يتزوج الرجل الرأة وهو عقيم ،ل يولد له ول تكن تعلم /صفحة / 61
بعقمه ،فلذها ف هذه الال حق نقض العقد وفسخه مت علمت ،ال إذا اختارته
زوجا لا ،ورضيت معاشرته .قال عمر رضي ال عنه لن تزوج امرأة وهو ل يولد
له ،أخبها انك عقيم وخيها ( . ) 1ومن صور التغرير أن يتزوجها على انه مستقيم
،ث يتبي أنه فاسق ،فلها كذلك حق فسخ العقد ( .هامش ) ( ) 1أي خيها بي
البقاء على العقد وبي فسخه ) . ( .ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية :إذا تزوج امرأة
على أنا بكر فبانت ثيبا فله الفسخ ،وله أن يطالب بأرش الصداق -وهو تفاوت ما
بي مهر البكر والثيب -وإذا فسخ قبل الدخول سقط الهر .وكذلك ل يكون العقد
لزما إذا وجد الرجل بالرأة عيبا ينفر من كمال الستمتاع .كأن تكون مستحاضة
دائما ،فان الستحاضة عيب يثبت به فسخ النكاح ( ) 2وكذلك إذا وجد با ما
ينع الوطء كانسداد الفرج .ومن العيوب الت تيز للرجل فسخ العقد :المراض
النفرة :مثل البص
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 61
والنون والذام ،وكما يثبت حق الفسخ للرجل فكذلك يثبت للمرأة إذا كان
الرجل أبرص ،أو كان منونا أو مذوما أو مبوبا أو عنينا ( ) 3أو صغيا .
( هامش ) ( ) 2الختيارات العلمية ومتصر الفتاوى لبن تيمية .الستحاضة :
لنيف ) 3 ( .الجبوب القطوع الذكر .العني الذي ل يصل ال النساء من الرتاء
.رأي الفقهاء ف الفسخ بالعيب :وقد اختلف الفقهاء ف ذلك - 1 :فمنهم من رأى
أن الزواج ل يفسخ بالعيوب مهما كانت هذه العيوب ،ومن هؤلء الفقهاء داود
وابن حزم ( ( . ) 4هامش ) ( ) 4سيأت عن ابن حزم أن للزوج الفسخ إذا اشترط
43
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
شرطا فلم يده عند الزواج .قال صاحب الروضة الندية :اعلم أن الذي ثبت
بالضرورة الدينية أن عقد النكاح لزم تثبت به أحكام الزوجية من جواز الوطء ،
ووجوب النفقة ونوها ،وثبوت الياث ،وسائر الحكام / .صفحة / 62وثبت
بالضرورة الدينية أن يكون الروج منه بالطلق أو الوت .فمن زعم أنه يوز الروج
من النكاح بسبب من السباب ،فعليه الدليل الصحيح القتضي للنتقال عن ثبوته
بالضرورة الدينية .وما ذكروه من العيوب ل يأت ف الفسخ با حجة نية ول يثبت
شئ منها .وأماق وله صلى ال عليه وسلم ( :القي بأهلك ) فالصيغة صيغة طلق .
وعلى فرض الحتمال فالواجب المل على التيقن دون ما سواه .وكذلك الفسخ
بالعنة ل يرد به دليل صحيح ،والصل البقاء على النكاح حت يأت ما يوجب النتقال
عنه .ومن أعجب ما يتعجب منه تصيص بعض العيوب بذلك دون بعض - 2 .
ومنهم من رأى أن الزواج يفسخ ببعض العيوب دون بعض ،وهم جهور أهل العلم ،
واستدلوا لذهبهم هذا با يأت ( :أول ) ما رواه كعب بن زيد ،أو زيد بن كعب ،أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم تزوج امرأة من بن غفار ،فلما دخل عليها ،ووضع
ثوبه ،وقعد على الفراش أبصر بكشحها ( ) 1بياضا فاناز ( ) 2عن الفراش ،ث
قال ( :خذي عليك ثيابك ،ول يأخذ ما آتاها شيئا ) .رواه أحد وسعيد بن منصور
( .ثانيا ) عن عمر أنه قال :أيا امرأة غر با رجل ،با جنون أو جذام ،أو برص ،
فلها مهرها با أصاب منها .وصداق الرجل على من غر ) . . .رواه مالك والدار
قطن .وهؤلء اختلفوا ف العيوب الت يفسخ با النكاح .فخصها أبو حنيفة بالب
والعنة .وزاد مالك والشافعي النون والبص والذام .والقرن ( انسداد ف الفرج )
.وزاد أحد على ما ذكره الئمة الثلثة أن تكون الرأة فتقاء ( منخرقة ما بي السبيلي
) ( .هامش ) ( ) 1الكشح :ما بي الاصرتي ال الضلع ) 2 ( .اناز :تنحى .
( ) .التحقيق ف هذه القضية :والق أن كل من الراء التقدمة غي جدير بالعتبار ،
وأن الياة /صفحة / 63الزوجية الت بنيت على السكن والودة والرحن ل يكن أن
تتحقق وتستقر مادام هناك شئ من العيوب والمراض ينفر أحد الزوجي من الخر .
فان العيوب والمراض النفرة ل يتحقق معها القصود من النكاح .ولذا أذن الشارع
44
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بتخيي الزوجي ف قبول الزواج أو رفضه .وللمام ابن القيم تقيق جدير بالنظر
والعتبار :قال :فالعمى ،والرس والطرش ،وكونا مقطوعة اليدين أو الرجلي أو
احداها ،أو كون الرجل كذلك ،من أعظم النفرات ،والسكوت عنه من أقبح
التدليس والغش ،وهو مناف للدين .وقد قال أمي الؤمني ( عمر بن الطاب ) رضي
ال عنه لن تزوج امرأة وهو ل يولد له ( :أخبها أنك عقيم وخيها ) .فماذا يقول
رضي ال عنه ف العيوب الت هي عندها كمال بل نقص .قال :والقياس أن كل
عيب ينفر الزوج الخر منه ،ول يصل به مقصود النكاح من الرحة والودة ،يوجب
اليار ،وهو أول من البيع ،كما أن الشروط الشروطة ف النكاح أول بالوفاء من
شروط البيع .وما ألزم لله ورسوله مغرورا قط ،ول مغبونا با غر وغب به .ومن
تدبر مقاصد الشرع ف مصادره ،وموارده ،وعدله وحكمته ،وما اشتمل عليه من
الصال ل يف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد قواعد الشريعة .وقد روى
يي بن سعيد النصاري عن ابن السيب رضي ال عنه قال :قال عمر رضي ال عنه :
أيا امرأة تزوجت وبا جنون أن جذام أو برص ،فدخل با ث اطلع على ذلك فلها
مهرها بسيسه إياها ،وعلى الول الصداق با دلس ،كما غره .وروى الشعب عن
علي كرم ال وجهه ،أيا امرأة نكحت ،وبا برص ،أو جنون ،أو جذام ،أو قرن
فزوجها باليار ما ل يسها ،ان شاء أمسك ،وان شاء طلق ،وان مسها فلها الهر با
استحل من فرجها .وقال وكيع :عن سفيان الثوري ،عن يي بن سعيد ،عن سعيد
بن /صفحة / 64السيب ،عن عمر رضي ال عنه قال ( :إذا تزوجها برصاء أو
عمياء ،فدخل با فلها الصداق ،ويرجع به على من غره ) .قال :وهذا يدل على
أن عمر ل يذكر تلك العيوب التقدمة على وجه
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 64
الختصاص والصر دون ما عداها .وكذلك حكم قاضي السلم شريح رضي ال
عنه الذي يضرب الثل بعلمه ودينه وحكمه .قال عبد الرازق :عن معمر عن أيوب
عن ابن سيين رضي ال عنه ،خاصم رجل رجل ال شريح فقال :ان هذا قال ل :
45
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إنا نزوجك أحسن الناس فجاءن بامرأة عمياء .فقال شريح :إن كان دلس عليك
بعيب ل يز .فتأمل هذا القضاء وقوله ( :إن كان دلس عليك بعيب ) كيف يقتضي
أن كل عيب دلست به الرأة فللزوج الرد به .قال الزهري رضي ال عنه :يرد
النكاح من كل داء عضال قال :ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنم ل
يصوا الرد بعيب دون عيب ،إل رواية رويت عن عمر " :ل ترد النساء إل من
العيوب الربعة :النون ،والذام ،والبص ،والداء ف الفرج " .وهذه الرواية ل
نعلم لا اسنادا أكثر من أصبغ وابن وهب عن عمر وعلي رضي ال عنهما .وقد روي
ذلك عن ابن عباس باسناد متصل .هذا كله إذا أطلق الزوج .وأما إذا اشترط
السلمة ،أو اشترط المال فبانت شوهاء أو شرطها شابة حديثة السن فبانت عجوزا
شطاء .أو شرطها بيضاء فبانت سوداء ،أو بكرا ببانت ثيبا فله الفسخ ف ذلك .فان
كان قبل الدخول فل مهر ،وان كان بعده فلها الهر .وهو غرم على وليها ان كان
غره .وان كانت هي الغارة سقط مهرها ،أو رجع عليها به إن كانت قبضته .ونص
على هذا أحد ف إحدى الروايتي عنه / .صفحة / 65وهو أقيسهما وأولها بأصوله
فيما إذا كان الزوج هو الشترط .وقال أصحابه إذا شرطت فيه صفة فبان بلفها فل
خيار لا ،إل ف شرط الرية إذا بان عبدا فلها اليار .وف شرط النسب إذا بن
بلفه وجهان .والذي يقتضيه مذهبه وقواعده أنه ل فرق بي اشتراطه واشتراطها .
بل إثبات اليار لا إذا فات ما اشترطته أول ،لنا ل تتمكن من الفارقة بالطلق .
فإذا جاز له الفسخ مع تكنه من الفراق بغيه فلن يوز لا الفسخ مع عدم تكنها
أول .وإذا جاز لا أن تفسخ إذا ظهر الزوج ذا صناعة دنيئة ،ل تشينه ف دينه ول ف
عرضه ،وإنا تنع كمال لذتا واستمتاعها به .فإذا شرطته شابا جيل صحيحا فبان
شيخا مشوها أعمى ،أطرش ،أخرس ،أسود ،فكيف تلزم به وتنع من الفسخ ؟ هذا
ف غاية المتناع والتناقض والبعد عن القياس وقواعد الشرع .قال :وكيف يكن
أحد الزوجي من الفسخ بقدر العدسة من البص ول يكن منه بالرب الستحكم
التمكن وهو أشد إعداء من ذلك البص اليسي .وكذلك غيه من أنواع الداء
العضال .وإذا كان النب صلى ال عليه وسلم حرم على البائع كتمان عيب سلعته ،
46
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وحرم على من علمه أن يكتمه على الشتري ،فكيف بالعيوب ف النكاح ؟ وقد قال
النب صلى ال عليه وسلم لفاطمة بنت قيس ،حي استشارته ف نكاح معاوية وأب
جهم " :أما معاوية فصعلوك ل مال له ،وأما أبو جهم فل يضع عصاه عن عاتقه " .
فعلم أن بيان العيب ف النكاح أول وأوجب .فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش
الرام به سببا للزومه ؟ وجعل ذي العيب غل لزما ف عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه
،ول سيما مع شرط السلمة منه وشرط خلفه ؟ /صفحة / 66وهذا ما يعلم يقينا
أن تصرفات الشريعة وقواعدها وأحكامها تأباه ،وال أعلم .انتهى .وذهب أبو ممد
بن حزم ال أن الزوج إذا شرط السلمة من العيوب فوجد أي عيب كان ،فالنكاح
باطل من أصله غي منعقد ،ول خيار له فيه ،ول اجازة ،ول نفقة ،ول مياث .
قلت :إن الت أدخلت عليه غي الت تزوج ،إذ السالة غي العيبة بل شك ،فإذا ل
يتزوجها فل زوجية بينهما .ما جرى عليه العمل بالحاكم :وقد جرى العمل الن
بالحاكم حسب ما جاء بالادة التاسعة من قانون سنة " . 1920أنه يثبت للمرأة هذا
الق ( ) 1إذا كان العيب مستحكما ل يكن البء منه ،أو يكن بعد زمن ،ول
يكنها القام معه إل بضرر أيا كان هذا العيب ،كالنون ،والذام والبص ،سواء
أكان ذلك بالزوج قبل العقد ول تعلم به ،أم حدث بعد العقد ول ترض به ،فان
تزوجته عالة بالعيب ،أو حدث العيب بعد العقد ،ورضيت صراحة أو دللة بعد
علمها ،فل يوز طلب التفريق ،واعتب التفريق ف هذا الال طلقا بائنا ،ويستعان
بأهل البة ف معرفة العيب ومداه من الضرر .وما يدخل ف هذا الباب -عند
الحناف -تزويج الكبية العاقلة نفسها من كف ء بهر أقل من مهر مثلها بدون رضا
أقرب عصبتها .وكذلك إذا زوج الصغي أو الصغية غي الب والد من الولياء -
عند عدمهما -وكان الزوج كفئا ،وكان الهر مهر الثل كان الزواج غي لزم ،
وسيأت ذلك مفصل ف مبحث الولية .شروط ساع الدعوى بالزواج قانونا :رأى
الشرع الوضعي شروطا لسماع الدعوى بالزواج من جهة ( ،هامش ) ( ) 1حق
التفريق ( / ) .صفحة / 67وشروطا أخرى لباشرة عقد الزواج رسيا من جهة
أخرى ،نملها فيما يلي اتاما للفائدة :
47
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 67
السوغ الكتاب لسماع دعوى الزواج :جاءت الفقرات الربع من الادة 99من
الرسوم بقانون رقم 78لسنة . 1931الاص بلئحة ترتيب الحاكم الشرعية
والجراءات التعلقة با " :ل تسمع عند النكار دعوى الزوجية أو الطلق أو القرار
بما ،بعد وفاة أحد الزوجي ف الوادث السابقة على سنة 1911أفرنكية ،سواء
أكانت مقامة من أحد الزوجي أم من غيها ،ال إذا كانت مؤيدة بأوراق خالية من
شبهة التزوير على صحتها .ومع ذلك ،يوز ساع دعوى الزوجية ،أو القرار با ،
القامة من أحد الزوجي ف الوادث السابقة على سنة ألف وثانائة وسبع وتسعي
فقط ،بشهادة الشهود وبشرط أن تكون الزوجية معروفة بالشهرة العامة .وليوز
ساع دعوى ما ذكر كله من أحد الزوجي أو غيه ف الوادث الواقعة من سنة ألف
وتسعمائة واحدى عشرة ال إذا كانت ثابتة بأوراق رسية أو مكتوبة كلها بط التوف
وعليها امضاؤه كذلك .ول تسمع عند النكار دعوى الزوجية أو القرار با ال إذا
كانت ثابتة بوثيقة زواج رسية ف الوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1921م "
.وجاء ف الذكرة التفسرية لذه الواد ما يأت " :ومن القواعد الشرعية أن القضاء
يتخصص بالزمان والكان والوادث والشخاص ،وأن لول المر أن ينع قضاته عن
ساع بعض الدعاوى ،وأن يقيد السماع با يراه من القيود تبعا لحوال الزمان وحاجة
الناس ،وصيانة للحقوق من العبث والضياع .وقد درج الفقهاء من سالف العصور
على ذلك ،وأقروا هذا البدأ ف أحكام كثية ،واشتملت لئحتا سنة 1897وسنة
1910للمحاكم الشرعية على كثي من مواد التخصيص وخاصة فيما يتعلق بدعاوى
الزوجية والطلق والقرار بما / .صفحة / 68وألف الناس هذه القيود واطمأنوا
إليها بعد ما تبي مالا من عظيم الثر ف صيانة حقوق السر .إل أن الوادث قد
دلت على أن عقد الزواج -وهو أساس رابطة السرة -ل يزال ف حاجة ال الصيانة
والحتياط ف أمره .فقد يتفق اثنان على الزواج بدون وثيقة ث يحده أحدها ويعجز
الخر عن إثباته أمام القضاء .وقد يدعى الزوجية بعض ذوي الغراض زورا وبتانا أو
48
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
نكاية وتشهيا ،أو ابتغاء غرض آخر ،اعتمادا على سهولة اثباتا .خصوصا وأن
الفقه ييز الشهادة بالتسامع ف الزواج ،وقد تدعى الزوجية بورقة إن ثبتت صحتها
مرة ل تثبت مرارا .وما كان لشئ من ذلك أن يقع لو أثبت هذا العقد دائما بوثيقة
رسية ،كما ف عقود الرهن وحجج الوقاف ،وهي أقل منه شأنا وهو أعظم منها
خطرا .فحمل للناس على ذلك ،واظهارا لشرف هذا العقد ،وتقديسا عن الحود
والنكار ،ومنعا لذه الفاسد العديدة ،واحتراما لروابط السرة ،زيدت الفقرة
الرابعة ف الادة " " 99الت نصها " :ول تسمع عند النكار دعوى الزوجية أو
القرار با إل إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسية ف الوادث الواقعة من أول أغسطس
سنة 1931م " .تديد سن الزوجي لسماع دعوى الزواج :نصت الفقرة الامسة
من الادة 99من لئحة الجراءات الشرعية على أنه " ل تسمع دعوى الزوجية إذا
كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة هجرية ،أو سن الزوج تقل عن ثان
عشرة سنة هجرية إل بأمر منا " .وقد جاء ف الذكرة اليضاحية بشأن هذه الفقرة ما
نصه " :كانت دعوى الزوجية ل تسمع إذا كانت سن الزوجي وقت العقد أقل من
ست عشرة سنة للزوجة وثان عشرة للزوج .سواء أكانت سنهما كذلك وقت
الدعوى أم جاوزت هذا الد / .صفحة / 69فرئي تيسيا على الناس ،وصيانة
للحقوق ،واحتراما لثار الزوجية ،أن يقصر النع من السماع على حالة واحدة ،
وهي مااذا كانت سنهما أو سن أحدها وقت الدعوى أقل من السن الحددة " .
تديد سن الزواج لباشرة عقد الزواج رسيا :نصت الفقرة الثانية من الادة 366من
لئحة الجراءات على أنه " ل يوز مباشرة عقد الزواج ،ول الصادقة على زواج
مسند ال ما قبل العمل بذا القانون ،ما ل تكن سن الزوجة ست عشرة سنة ،وسن
الزواج ثان عشرة وقت العقد " .وما جاء ف الذكرة اليضاحية بشأن هذه الفقرة :
" ان عقد الزواج له من الهية ف الالة الجتماعية منلة عظمي من جهة سعادة
العيشة النلية أو شقائها ،والعناية بالنسل أو اهاله .وقد تطورت الال بيث
أصبحت تتطلب العيشة النلية استعدادا كبيا لسن القيام با ول تستأهل الزوجة
والزوج لذلك غالبا قبل سن الرشد الال ( . ) 1غي أنه لا كانت بنية النثى
49
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تستحكم وتقوى قبل استحكام بنية الصب ،كان من الناسب أن يكون سن الزواج
للفت ثان عشرة ،وللفتاة ست عشرة .فلهذه الغراض الجتماعية حدد الشارع
الصري سن الزواج لباشرة العقد رسيا ،كما حدد سنا لسماع دعوى الزوجية قانونا
" .وصيانة لقانون تديد السن لباشرة العقد صدر قانون رقم 44من السنة 1933
ونص الادة الثانية منه ما يأت :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 69
مادة ( - ) 2يعاقب بالبس مدة ل تتجاوز سنتي أو بغرامة ل تزيد على مائة جنيه
كل من أبدى أمام السلطة الختصة -بقصد اثبات بلوغ أحد الزوجي السن الحددة
قانونا لضبط عقد الزواج -أقوال يعلم أنا غي صحيحة ،أو حرر ،أو قدم لا أوراقا
كذلك ،مت ضبط عقد الزواج على أساس هذه القوال ،أو الوراق .ويعاقب
بالبس أو بغرامة ل تزيد عن مائت جنيه كل شخص خوله ( هامش ) ( ) 1سن
الرشد الال احدى وعشرون سنة ميلدية ( / ) .صفحة / 70القانون سلطة ضبط
عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه ل يبلغ السن الحددة ف القانون .الحرمات من
النساء ليست كل امرأة صالة للعقد عليها ،بل يشترط ف الرأة الت يراد العقد عليها
أن تكون غي مرمة على من يريد التزوج با ،سواء أكان هذا التحري مؤبدا أم مؤقتا
.والتحري الؤبد ينع الرأة أن تكون زوجة للرجل ف جيع الوقات .والتحري الؤقت
ينع الرأة من التزوج با مادامت على حالة خاصة قائمة با ،فان تغي الال وزال
التحري الوقت صارت حلل .وأسباب التحري الؤبدة هي - 1 :النسب - 2 .
الصاهرة - 3 .الرضاع .وهي الذكورة ف قول ال تعال " :حرمت عليكم
أمهاتكم ،وبناتكم ،وأخواتكم وعماتكم ،وخالتكم ،وبنات الخ ،وبنات الخت
،وأمهاتكم اللت أرضعنكم ،وأخواتكم من الرضاعة ،وأمهات نسائكم وربائبكم
اللت ف حجوركم من نسائكم اللت دخلتم بن فل جناح عليكم ،وحلئل أبنائكم
الذين من أصلبكم ،وأن تمعوا بي الختي ،إل ما قد سلف " .والؤقتة تنحصر ف
أنواع .وهذا بيان كل منها :الحرمات من النسب هن - 1 :المهات - 2 .
50
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
البنات / .صفحة - 3 / 71الخوات - 4 .العمات - 5 .الالت - 6 .بنات
الخ - 7 .بنات الخت .والم اسم لكل أنثى لا عليك ولدة .فيدخل ف ذلك
الم ،وأمهاتا ،وجداتا ،وأم الب ،وجداته ،وإن علون .البنت اسم لكل أنثى
لك عليها ولدة ،أو كل أنثى يرجع نسبها اليك بالولدة بدرجة أو درجات .فيدخل
ف ذلك بنت الصلب وبناتا .والخت :اسم لكل أنثى جاورتك ف أصليك أو ف
أحدها .والعمة :اسم لكل أنثى شاركت أباك أو جدك ف أصليه .أو ف احدها .
وقد تكون العمة من جهة الم ،وهي أخت أب أمك .والالة :اسم لكل أنثى
شاركت أمك ف أصليها أو ف أحدها .وقد تكون من جهة الب .وهي أخت أم
أبيك .وبنت ال :اسم لكل أنثى لخيك عليها ولدة بواسطة أو مباشرة ،وكذلك
بنت الخت .الحرمات بسبب الصاهرة :الحرمات بسبب الصاهرة ( ) 1هن 1 :
-أم زوجته ،وأم أمها ،وأم أبيها ،وان علت .لقول ال تعال " وأمهات نسائكم "
.ول يشترط ف تريها الدخول با ،بل مرد العقد عليها يرمها ( - 2 . ) 2وابنة
زوجته الت دخل با ( .هامش ) ( ) 1الصاهرة ،القرابة الناشئة بسبب الزواج ( .
) 2روي عن ابن عباس وزيد بن ثابت أن من عقد على امرأة ول يدخل با جاز له ان
يتزوج بأمها ( / ) .صفحة / 72ويدخل ف ذلك بنات بناتا ،وبنات أبنائها ،وان
نزلن ،لنن من بناتا لقول ال تعال :وربائبكم اللت ف حجوركم من نسائكم اللت
دخلتم بن ،فإن ل تكونوا دخلتم بن فل جناح عليكم " .والربائب :جع ربيبة ،
وربيب الرجل ولد امرأته من غيه .سي ربيبا له ،لنه يربه كما يرب ولده ( أي
يسوسه ) .وقوله " :اللت ف حجوركم " وصف لبيان الشأن الغالب ف الربيبة ،
وهو أن تكون ف حجر زوج أمها ،وليس قيدا .وعند الظاهرية أنه قيد ،وأن الرجل
ل ترم عليه ربيبته -أي ابنة امرأته -إذا ل تكن ف حجره .وروي هذا عن بعض
الصحابة .فعن مالك بن أوس قال " :كان عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت ل .
فوجدت ( ) 1فلقين علي بن أب طالب رضي ال عنه فقال :مالك ؟ فقلت :توفيت
الرأة .فقال :ألا بنت ؟ قلت :نعم ،وهي بالطائف .قال :كانت ف حجرك ؟ قلت
:ل .قال " :انكحها " .قلت :فأين قول ال تعال " :وربائبكم اللت ف حجوركم
51
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" ؟ ! قال :انا ل تكن ف حجرك ،انا ذلك إذا كانت ف حجرك .ورد جهور
العلماء هذا الرأي وقالوا :ان حديث علي هذا ل يثبت ،لن رواية ابراهيم بن
عبيد ،عن مالك بن أوس ،عن علي رضي ال عنه .وابراهيم هذا ليعرف ،وأكثر
أهل العلم قد تلقوه بالدفع واللف - 3 .زوجة البن ،وابن ابنه ،وابن بنته وان
نزل لقول ال تعال " :وحلئل أبنائكم الذين من أصلبكم " ( .هامش ) ( ) 1
حزنت ( / ) .صفحة / 73و " اللئل " جع حليلة ،وهي الزوجة ،و " الزوج
حليل " - 4 .زوجة الب :يرم على البن التزوج بليلة أبيه ،بجرد عقد الب
عليها ،ول يدخل با .وكان هذا النوع من الزواج فاشيا ف الاهلية ،وكانوا
يسمونه زواج القت ( ) 1وسي الولد منها مقيتا ،أو مقتيا ،وقد نى ال عنه وذمه
ونفر منه .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 73
قال المام الرازي :مراتب القبح ثلث :القبح العقلي ،والقبح الشرعي ،والقبح
العادي .وقد وصف ال هذا النكاح بكل ذلك ،فقوله سبحانه " :فاحشة " إشارة
ال مرتبة قبحه العقلي ،وقوله تعال " :ومقتا " إشارة ال مرتبة قبحه الشرعي ،وقوله
تعال " :وساء سبيل " اشارة ال مرتبة قبحه العادي .وقد روى ابن سعد عن ممد
بن كعب سبب نزول هذه الية ،قال :كان الرجل إذا توف عن امرأته ،كان ابنه
أحق با أن ينكحها ان شاء ،ان ل تكن أمه ،أو ينكحها من شاء .فلما مات أبو قيس
بن السلت قام ابنه مصن فورث نكاح امرأته ول ينفق عليها ول يورثها من الال
شيئا ،فأتت النب صلى ال عليه وسلم فذكرت ذلك له ،فقال " :ارجعي لعل ال
ينل فيك شيئا " فنلت الية " :ول تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إل ما قد
سلف ،إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيل " .ويرى الحناف أن من زن بامرأة ،أو
لسها ،أو قبلها ،أو نظر ال فرجها بشهوة ،حرم عليه أصولا وفروعها ،وترم هي
على أصوله وفروعه إذ أن حرمة الصاهرة تثبت عندهم بالزنا ،ومثله مقدماته ودواعيه
،قالوا " :ولو زنا الرجل بأم زوجته ،أو بنتها حرمت عليه حرمة مؤبدة .ويرى
52
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جهور العلماء أن الزنا ل تثبت به حرمة الصاهرة ،واستدلوا على هذا با يأت - 1 :
قول ال تعال " :وأحل لكم ما وراء ذلكم " فهذا بيان ( هامش ) ( ) 1اصل القت
البغض من مقته يقته مقتا فهو مقوت ومقيت ( / ) .صفحة / 74عما يل من
النساء بعد بيان ما حرم منهن ،ول يذكر أن الزنا من أسباب التحري - 2 .روت
عائشة رضي ال عنها ،أن النب صلى ال عليه وسلم سئل عن رجل زن بامرأة .
فأراد أن يتزوجها أو ابنتها .فقال صلى ال عليه وسلم " :ل يرم الرام اللل ،إنا
يرم ما كان بنكاح " رواه ابن ماجه عن ابن عمر - 3 .ان ما ذكروه من الحكام ف
ذلك هو ما تس إليه الاجة ،وتعم به البلوى أحيانا ،وما كان الشارع ليسكت
عنه ،فل ينل به قرآن ،ول تضي به سنة ،ول يصح فيه خب ،ول أثر عن الصحابة
،وقد كانوا قريب عهد بالاهلية الت كان الزنا فيها فاشيا بينهم .فلو فهم أحد منهم
أن لذلك مدركا ف الشرع أو تدل عليه علة وحكمة لسألوا عن ذلك ،وتوفرت
الدواعي على نقل ما يفتنون به ( - 4 . ) 1ولنه معن ل تصي به الرأة فراشا ،فلم
يتعلق به تري الصاهرة ،كالباشرة بغي شهوة .الحرمات بسبب الرضاع يرم من
الرضاع ما يرم من النسب ،والذي يرم من النسب :الم ،والبنت ،والخت ،
والعمة ،والالة ،وبنات الخ ،وبنات الخت .وهي الت بينها ال تعال ف قوله " :
حرمت عليكم أمهاتكم ،وبناتكم ،وأخواتكم وعماتكم ،وخالتكم ،وبنات الخ
وبنات الخت ،وأمهاتكم اللت أرضعنكم ،وأخواتكم من الرضاعة " .وعلى هذا ،
فتنل الرضعة منلة الم ،وترم على الرضع ،هي وكل من يرم على البن من قبل
أم النسب فتحرم - 1 :الرأة الرضعة ،لنا بارضاعها تعد أما للرضيع - 2 .أم
الرضعة ،لنا جدة له ( .هامش ) ( ) 1النار .جزء 4ص / ) . ( 479صفحة
- 3 / 75أم زوج الرضعة -صاحب اللب -لنا جدة كذلك - 4 .أخت الم ،
لنا خالة الرضيع - 5 .أخت زوجها -صاحب اللب -لنا عمته - 6 .بنات
بنيها وبناتا ،لنن بنات اخوته وأخواته - 7 .الخت ،سواء أكانت أختا لب وأم
.أو أختا لم ،أو أختا لب ( . ) 1الرضاع الذي يثبت به التحري :الظاهر أن
الرضاع الذي يثبت به التحري ،هو مطلق الرضاع .ول يتحقق إل برضعة كاملة ،
53
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وهي أن يأخذ الصب الثدي ويتص اللب منه ،ول يتركه إل طائعا من غي عارض
يعرض له ،فلو مص مصة أو مصتي ،فان ذلك ل يرم لنه دون الرضعة ،ول يؤثر
ف الغذاء .قالت عائشة رضي ال عنها :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ل
ترم الصة ول الصتان " رواه الماعة إل البخاري .والصة هي الواحدة من الص .
وهو أخذ اليسي من الشئ ،يقال أمصه ومصصته ،أي شربته شربا رقيقا .هذا هو
المر الذي يبدو لنا راجحا .وللعلماء ف هذه السألة عدة آراء نملها فيما يأت 1 :
-أن قليل الرضاع وكثيه سواء ف التحري أخذا بإطلق الرضاع ف الية .ولا
رواه البخاري ،ومسلم ،عن عقبة بن الارث قال :تزوجت أم يي بنت أب إهاب
فجرت أمة سوداء فقالت " :قد أرضعتكما " .فأتيت النب صلى ال عليه وسلم ،
فذكرت له ذلك فقال " :وكيف ،وقد قيل ؟ دعها عنك " .فترك الرسول صلى ال
عليه وسلم السؤال عن عدد الرضعات ،وأمره ( هامش ) ( ) 1الخت الب وأم :
وهي الت ارضعتها الم بلبان الب ،سواء أرضعت مع الطفل الرضيع أو رضعت قبله
أو بعده . .والخت من الب ،وهي الت أرضعتها زوجة الب . .والخت من
الم ،وهي الت أرضعتها الم بلبان رجل آخر ( / ) .صفحة / 76
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 76
بتركها دليل على أنه ل اعتبار إل بالرضاع ،فحيث وجد اسه وجد حكمه .ولنه
فعل يتعلق به التحري ،فيستوي قليله وكثيه ،كالوطء الوجب له .ولن إنشاز
العظم ،وإنبات اللحم ،يصل بقليله وكثيه .وهذا مذهب " علي " ،و " ابن عباس
" ،و " سعيد بن السيب " ،و " السن البصري " و " الزهري " و " قتادة " و "
حاد " و " الوزاعي " و " الثوري " و " أب حنيفة " و " مالك " ورواية عن " أحد "
- 2 .أن التحري ل يثبت بأقل من خس رضعات متفرقات .لا رواه مسلم ،وأبو
داود ،والنسائي ،عن عائشة قالت " :كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات
معلومات يرمن ،ث نسخن بمس معلومات ،فتوف رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وهن فيما يقرأ من القرآن " .وهذا تقييد لطلق الكتاب والسنة ،وتقييد
54
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الطلق بيان ،لنسخ ول تصيص .ولو ل يعترض على هذا الرأي ،بأن القرآن ل
يثبت ال متواترا ،وأنه لو كان كما قالت عائشة لا خفي على الخالفي .ولسيما
المام علي وابن عباس ،نقول :لو ل يوجه إل هذا الرأي هذه العتراضات لكان
أقوى الراء ،ولذا عدل المام البخاري عن هذه الرواية .وهذا مذهب عبد ال بن
مسعود ،وإحدى الروايات عن عائشة ،وعبد ال بن الزبي ،وعطاء ،وطاووس ،
والشافعي ،وأحد ف ظاهر مذهبه ،وابن حزم ،وأكثر أهل الديث - 3 .أن
التحري يثبت بثلث رضعات فأكثر لن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل ترم
الصة ول الصتان " .وهذا صريح ف نفي التحري با دون الثلث ،فيكون التحري
منحصرا فيما زاد عليهما .وإل هذا ذهب أبو عبيد ،وأبو ثور ،وداود الظاهري ،
وابن النذر ،ورواية عن أحد / .صفحة / 77لب الرضعة يرم مطلقا :التغذية بلب
الرضعة مرم ،سواء أكان شربا أو وجورا ( ) 1أو سعوطا ( ، ) 2حيث كان يغذي
الصب ويسد جوعه ،ويبلغ قدر رضعة ،لنه يصل به ما يصل بالرضاع من انبات
اللحم ،وانشاز العظم ،فيساويه ف التحري .اللب الختلط لب الرأة بطعام ،أو
شراب ،أو دواء ،أو لب شاة أو غيه ،وتناوله الرضيع فان كان الغالب لب الرأة
حرم ،وان ل يكن غالبا فل يثبت به التحري .وهذا مذهب الحناف ،والزن ،وأب
ثور قال ابن القاسم من الالكية " :إذا استهلك اللب ف ماء أو غيه ،ث سقيه الطفل
ل تقع به الرمة " .ويرى الشافعي ،وابن حبيب ،ومطرف ،وابن الاجشون من
أصحاب مالك :انه تقع به الرمة بنلة مالو انفرد اللب ،أو كان متلطا ل تذهب
عينه .قال ابن رشد .وسبب اختلفهم :هل يبقى للتب حكم الرمة إذا اختلط بغيه
،أم ل يبقى به حكمها ؟ كالال ف النجاسة إذا خالطت اللل الطاهر .والصل
العتب ف ذلك انطلق اسم اللب عليه كالاء ،هل يطهر إذا خالطه شئ من الطاهر (
) 3؟ .صفة الرضعة :والرضعة الت يثبت بلبنها التحري ،هي كل امرأة در اللب
من ثدييها ( ،هامش ) ( ) 1الوجور :أن يصب اللب ف حلق الصب من غي ثدي .
( ) 2السعوط :أن يصب اللب ف أنفه ) 3 ( .أي أنه إذا اختلط اللب بغيه هل
يبقى اطلق اسم اللب عليه أم ل ؟ ! فان كان يطلق اسم اللب عليه كان مرما وإل
55
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فل ( / ) .صفحة / 78سواء أكانت بالغة أم غي بالغة ،وسواء أكانت يائسة من
الحيض أم غي يائسة ،وسواء أكان لا زوج أم ل يكن .وسواء أكانت حامل أم غي
حامل .سن الرضاع :الرضاع الحرم للزواج ما كان ف الولي .وهي الدة الت
بينها ال تعال وحددها ف قوله " :والوالدات يرضعن أولدهن حولي كاملي لن أراد
أن يتم الرضاعة " .لن الرضيع ف هذه الدة يكون صغيا يكفيه اللب ،وينبت بذلك
لمه ،فيصي جزءا من الرضعة .فيشترك ف الرمة مع أولدها .روى الدار قطن ،
وابن عدي ،عن ابن عباس رضي ال عنهما قال " :لرضاع إل ف الولي " .وروى
مرفوعا إل النب صلى ال عليه وسلم " :ل رضاع إل ما أنشز ( ) 1العظم ،وأنبت
اللحم " رواه أبو داود .وإنا يكون ذلك لن هو ف سن الولي ،ينمو باللب عظمه ،
وينبت عليه لمه .وعن أم سلمة رضي ال عنها قالت :قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :ل يرم من الرضاع إل ما فتق ( ) 2المعاء ،وكان قبل الفطام " .رواه
الترمذي وصححه .وقال ابن القيم :هذا حديث منقطع .ولو فطم الرضيع قبل
الولي واستغن بالغذاء عن اللب .ث أرضعته امرأة ،فان ذلك الرضاع تثبت به
الرمة عند أب حنيفة والشافعي ،لقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :إنا الرضاعة
من الجاعة " .وقال مالك :ما كان من الرضاعة بعد الولي كان قليله وكثيه ل
يرم شيئا ،إنا هو بنلة الاء .وقال :إذا فصل ( ) 3الصب قبل الولي ،أو استغن
بالفطام عن الرضاع ،فما ارتضع بعد ذلك ل يكن للرضاع حرمة " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 78
( هامش ) ( ) 1انشز :قوى وشد ) 2 ( .فتق المعاء :أي وصلها وغذاها
واكتفت به عن غيه ) 3 ( .فصل :أي فطم ( / ) .صفحة / 79رضاع الكبي :
وعلى هذا فرضاع الكبي ل يرم ف رأي جاهي العلماء للدلة التقدمة .وذهبت
طائفة من السلف واللف إل أنه يرم -ولو أنه شيخ كبي -كما يرم رضاع
الصغي ،وهو رأي عائشة رضي ال عنها .ويروى عن علي كرم ال وجهه ،وعروة
بن الزبي ،وعطاء بن أب رباح وهو قول الليث ابن سعد ،وابن حزم ،واستدلوا على
56
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ذلك با رواه مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبي فقال :أخبن عروة بن
الزبي بديث " :أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم سهلة بنت سهيل برضاع سال
ففعلت ،وكانت تراه ابنا لا " .قال عروة :فأخذت بذلك عائشة أم الؤمني رضيا ل
عنها ،فيمن كانت تت أن يدخل عليها من الرجال .فكانت تأمر أختها أم كلثوم
وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال .وروى مالك ،وأحد
:أن أبا حذيفة تبن ( ) 1سالا .وهو مول لمرأة من النصار ،كما تبن النب صلى
ال عليه وسلم زيدا .وكان من تبن رجل ف الاهلية دعاه الناس ابنه وورث من
مياثه ،حت أنزل ال عزوجل " :ادعوهم لبائهم هو أقسط عند ال فإن ل تعلموا
آباءهم فإخوانكم ف الدين ومواليكم " .فردوا ال آبائهم .فمن ل يعلم له أب ،
فمول وأخ ف الدين ،فجاء ،سهلة .فقالت :يارسول ال .كنا نرى سالا ولدا يأوي
معي ومع أب حذيفة ،ويران فضل ( ، ) 2وقد أنزل ال عزوجل فيهم ما قد علمت
.فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أرضعيه خس رضعات " ،فكان بنلة
ولده من الرضاعة .وعن زينب بنت أم سلمة رضي ال عنها قالت :قالت أم سلمة
لعائشة رضي ال عنها " .انه يدخل عليك الغلم اليفغ الذي ما أحب أن يدخل علي
" ( هامش ) ( ) 1تبن :اتذه ابنا له ) 2 ( .فضل :يعن متبذلة ف ثياب الهنة أو
ف ثوب واحد / ) . ( .صفحة / 80فقالت عائشة رضيا ل عنها :أما لك ف رسول
ال صلى ال عليه وسلم أسوة حسنة ؟ .فقالت :إن امرأة أن حذيفة قالت :يا
رسول ال صلى ان سالا يدخل علي وهو رجل ،وف نفس أب حذيفة منه شئ .فقال
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أرضعيه حت يدخل عليك " .والختار من هذين
القولي ما حققه ابن القيم .قال :إن حديث سهلة ليس بنسوخ ول مصوص ولعام
ف حق كل واحد ،وإنا هو رخصة للحاجة ،لن ل يستغن عن دخوله على الرأة ،
ويشق احتجابا عنه ،كحال سال مع امرأة أب حذيفة .فمثل هذا الكبي إذا أرضعته
للحاجة أثر رضاعه ،وأما من عداه فل يؤثر إل رضاع الصغي ،وهذا مسلك شيخ
السلم ابن تيمية رحة ال عليه ،والحاديث النافية للرضاع ف الكبي [ :إما مطلقة
فتفيد بديث سهلة ،أو عامة ف كل الحوال فتخصص هذه الال من عمومها .وهذا
57
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أول من النسخ ،ودعوى التخصيص لشخص بعينه ،وأقرب ال العمل بميع
الحاديث من الانبي وقواعد الشرع تشهد له .انتهى .الشهادة على الرضاع :
شهادة الرأة الواحدة مقبولة ف الرضاع -إذا كانت مرضية -لا رواه عقبة بن
الارث أنه تزوج أم يي بنت أب إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت " :قد أرضعتكما
" ،قال :فذكرت ذلك للنب صلى ال عليه وسلم .قال فتنحيت فذكرت ذلك له ،
فقال " :وكيف وقد زعمت أنا أرضعتكما ؟ " فنهاه عنها .احتج بذا الديث :
طاووس ،والزهري ،وابن أب ذئب ،والوزاعي ،ورواية عن أحد ،على أن شهادة
الرأة الواحدة مقبولة ف الرضاع .وذهب المهور ال أنه ل يكفي ف ذلك شهادة
الرضعة ،لنا شهادة على فعل نفسها .وقد أخرج أبو عبيد عن عمر ،والغية بن
شعبة ،وعلي بن أب طالب ،وابن عباس انم امتنعوا من التفرقة بي الزوجي بذلك .
/صفحة / 81فقال عمر رضي ال عنه " :ففرق بينهما ان جاءت بينة ،وإل فخل
بي الرجل وامرأته ،إل أن ينتزها ( . ) 1ولو فتح هذا الباب ل تشأ امرأة أن تفرق
بي زوجي إل فعلت .ومذهب الحناف أن الشهادة على الرضاع لبد فيها من
شهادة رجلي ،أو رجل وامرأتي ،ول يقبل فيها شهادة النساء وحدهن ،لقول ال
عزوجل " :واستشهدوا شهيدين من رجالكم ،فان ل يكونا رجلي فرجل وامرأتان
من ترضون من الشهداء " .وروى البيهقي :أن عمر رضي ال عنه أت بامرأدة
شهدت على رجل وامرأته أنا أرضعتهما ،فقال :ل :حت يشهد رجلن أو رجل
وامرأتان .وعن الشافعي رضي ال عنه :أنه يثبت بذا ،وبشهادة أربع من النساء ،
لن كل امرأتي كرجل ،ولن النساء يطلعن على الرضاع غالبا كالولدة .وعند
مالك :تقبل فيه شهادة امرأتي بشرط فشو قولما بذلك قبل الشهادة .قال ابن رشد
:وحل بعضهم حديث عقبة بن الارث على الندب جعا بينه وبي الصول ،وهو
أشبه ] ،وهي رواية عن مالك .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 81
58
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أبوة زوج الوضع للرضيع :إذا أرضعت امرأة رضيعا صار زوجها أبا للرضيع وأخوه
عما له ،لا تقدم من حديث حذيفة ،ولديث عائشة رضي ال عنها ،أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :ائذن لفلح أخي أب القعيس فانه عمك " .وكانت
امرأته أرضعت عائشة رضي ال عنها .وسئل ابن عباس عن رجل له جاريتان أرضعت
احداها جارية والخرى غلما :أيل للغلم أن يتزوج الارية ؟ قال " :ل " اللقاح
واحد .وهذا رأي الئمة الربعة :والوزاعي ،والثوري .ومن قال به من الصحابة
علي ،وابن عباس رضي ال عنهما .التساهل ف أمر الرضاع :كثي من النساء
يتساهل ف أمر الرضاع فيضعون الولد من امرأة ،أو من ( هامش ) ( ) 1يتنها :
يتورعا / ) . ( .صفحة / 82عدة نسوة ،دون عناية بعرفة أولد الرضعة واخوانا ،
ول أولد زوجها -من غيها -واخوته ،ليعرفوا ما يترتب عليهم ف ذلك من
الحكام ،كحرمة النكاح ،وحقوق هذه القرابة الديدة الت جعلها الشارع كالنسب
.فكثيا ما يتزوج الرجل أخته ،أو عمته ،أو خالته من الرضاعة ،وهو ل يدري ( 1
) .والواجب الحتياط ف هذا المر ،حت ل يقع النسان ف الحظور .حكمة
التحري :قال ف تفسي النار ( : ) 2إن ال تعال جعل بي الناس ضروبا من الصلة
يتراحون با ،ويتعاونون على دفع الضار وجلب النافع ،وأقوى هذه الصلت صلة
القرابة وصلة الصهر ،ولكل واحدة من هاتي الصلتي درجات متفاوتة .فأما صلة
القرابة فأقواها ما يكون بي الولد والوالدين من العاطفة والريية .فمن اكتنه السر
ف عطف الب على ولده يد ف نفسه داعية فطرية تدفعه ال العناية بتربيته ال أن
يكون رجل مثله .فهو ينظر إليه كنظره ال بعض أعضائه ،ويعتمد عليه ف مستقبل
أيامه ،ويد ف نفس الولد شعورا بأن أباه كان منشأ وجوده ،ومد حياته وقوام تأديبه
،وعنوان شرفه .وبذا الشعور يترم البن أباه ،وبتلك الرحة والريية يعطف الب
على ابنه ،وبساعده .هذا ماقاله الستاذ المام ممد عبده .ول يفى على انسان أن
عاطفة الم الوالدية أقوى من عاطفة الب ،ورحتها أشد من رحته ،وحنانا أرسخ
من حنانه ،لنا أرق قلبا ،وأدق شعورا .وأن الولد يتكون جنينا من دمها الذي هو
قوام حياتا .ث يكون طفل يتغذى من لبنها ،فيكون له مع كل مصة من ثديها عاطفة
59
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( هامش ) ( ) 1النار ص 470ج ) 2 ( .ج 5ص 29من تفسي النار / ) . ( .
صفحة / 83جديدة ،يستلها من قلبها ،والطفل ل يب أحدا ف الدنيا قبل أمه .ث
انه يب أباه ،ولكن دون حبه لمه ،وان كان يترمه أشد ما يترمها .أفليس من
النابة على الفطرة أن يزاحم هذا الب العظيم بي الوالدين والولد حب استمتاع
الشهوة -فيزحه ويفسده -وهو خي ما ف هذه الياة ! ! بلى :ولجل هذا كان
تري نكاح المهات هو الشد القدم ف الية ،ويليه تري البنات .ولو ل ما عهد ف
النسان من الناية على الفطرة والعبث با والفساد فيها ،لكان لسليم الفطرة أن
يتعجب من تري المهات والبنات ،لن فطرته تشعر أن النوع ال ذلك من قبيل
الستحيلت .وأما الخوة والخوات ،فالصلة بينهما تشبه الصلة بي الوالدين
والولد من حيث أنم كأعضاء السم الواحد ،يفان الخ والخت من أصل واحد
يستويان ف النسة إليه من غي تفاوت بينهما .ث انما ينشآن ف حجر واحد ،على
طريقة واحدة ف الغالب ،وعاطفة الخوة بينهما متكافئة ،ليست أقوى ف إحداها
منها ف الخرى ،كقوة عاطفة المومة والبوة على عاطفة البنوة .فلهذه السباب
يكون أنس أحدها بالخر أنس مساواة ل يضاهيه أنس لخر .إذ ل يوجد بي البشر
صلة أخرى فيها هذا النوع من الساواة الكاملة ،وعواطف الود والثقة التبادلة .
ويكى أن امرأة شفعت عند الجاج ف زوجها وابنها وأخيها ،وكان يريد قتلهم ،
وفشفعها ف واحد مبهم منهم ،وأمرها أن تتار من يبقى ،فاختارت أخاها ،فسألا
عن سبب ذلك فقالت " :ان الخ لعوض عنه ،وقد مات الوالدان ،وأما الزوج
والولد فيمكن العتياض عنهما بثلهما " .فأعجبه هذا الواب وعفا عن الثلثة .
وقال " :لو اختارت الزوجة غي الخ لا أبقيت لا أحدا " .وجلة القول :إن صلة
الخوة صلة فطرية قوية ،وأن الخوة والخوات /صفحة / 84ل يشتهي بعضهم
التمتع ببعض ،لن عاطفة الخوة تكون هي السؤولية على النفس بيث ل يبقى
لسواها معها موضع ما سلمت الفطرة .فقضت حكمة الشريعة بتحري نكاح الخت
حت يكون لعتلي الفطرة منفذ لستبدال داعية الشهوة بعاطفة الخوة .وأما العمات
والالت فهن من طينة الب والم .وف الديث " عم الرجل صنو أبيه " .أي ها
60
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كالصنوان يرجان من أصل النخلة .ولذا العن -الذي كانت به صلة العمومة من
صلة البوة ،وصلة الؤولة من صلة المومة -قالوا :إن تري الدات مندرج ف
تري المهات
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 84
وداخل فيه ،فكان من ماسن دين الفطرة الحافة على عاطفة صلة العمومة والؤولة ،
والتراحم والتعاون با ،وأن لتنو الشهوة عليها ،وذلك بتحري نكاح العمات
والالت .وأما بنات الخ وبنات الخت ،فهما من النسان بنلة بناته ،حيث أن
أخاه وأخته كنفسه ،وصاحب الفطرة السليمة يد لما هذه العاطفة ين نفسه ،وكذا
صاحب الفطرة السقيمة ،إل أن عاطفة هذا تكون كفطرته ف سقهما .نعم إن عطف
الرجل على بنته يكون أقوى لكونا بضعة منه ،نت وترعرعت بعنايته ورعايته .
وأنسه بأخيه وأخته يكون أقوى من أنسه ببناتما لا تقدم .وأما الفرق بي العمات
والالت ،وبي بنات الخوة والخوات ،فهو أن الب لؤلء حب عطف وحنان ،
والب لولئك حب تكري واحترام .فهما -من حيث البعد عن مواقع الشهوة -
متكافآن .وانا قدم ف النظم الكري ذكر العمات والالت ،لن الدلء بما من
الباء والمهات ،فصلتهما أشرف وأعلى من صلة الخوة والخوات .هذه أنواع
القرابة القريبة الت يتراحم الناس ويتعاطفون ويتوادون ويتعاونون با وبا جعل ال لا
ف النفوس من الب والنان والعطف والحترام ! فحرم ال فيها النكاح لجل أن
تتوجه عاطفة الزوجية ومبتها ال من /صفحة / 85ضعفت الصلة الطبيعية أو النسبة
بينهم ،كالغرباء والجانب ،والطبقات البعيدة من سللة القارب ،كأولد العمام
والعمات والخوال والالت .وبذلك تتجدد بي البشر قرابة الصهر الت تكون ف
الودة والرحة كقرابة النسب ،فتتسع دائرة الحبة والرحة بي الناس .فهذه حكمة
الشرع الروحية ف مرمات القرابة .ث قال :إن هنالك حكمة جسدية حيوية عظيمة
جدا .وهي أن تزوج القارب بعضهم ببعض يكون سببا لضعف النسل .فإذا
تسلسلت واستمرت بتسلسل الضعف والضوى فيه إل أن ينقطع ،ولذلك سببان :
61
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( أحدها ) وهو الذي أشار إليه الفقهاء -أن قوة النسل تكون على قدر قوة داعية
التناسل ف الزوجي ،وهي الشهوة .وقد قالوا :إنا تكون ضعيفة بي القارب .
وجعلوا ذلك علة لكراهية تزوج بنات العم وبنات العمة ،ال آخره .وسبب ذلك ،
أن هذه الشهوة شعور ف النفس ،يزاحه شعور عواطف القرابة الضاد له ،فإما أن
يزيله ،وإما أن يزلزله ويضعفه ( .والسبب الثان ) يعرفه الطباء ،وإنا يظهر للعامة
بثال تقريب معروف عند الفلحي ،وهو أن الرض الت يتكرر زرع نوع واحد من
البوب فيها ،يضعف هذا الزرع فيها مرة بعد أخرى ،ال أن ينقطع ،لقلة الواد الت
هي قوام غذائه ،كثرة الواد الخرى الت ل يتغذى منها ،ومزاحتها لغذائه أن يلص
له .ولو زرع ذلك الب ف أرض أخرى وزرع ف هذه الرض نوع آخر من الب
لناكل منهما .بل ثبت عند الزراع أن اختلف الصنف من النوع الواحد من أنواع
البذار يفيد .فإذا زرعوا حنطة ف أرض ،وأخذوا بذرا من غلتها فزرعوه ف تلك
الرض يكون نوه ضعيفا وغلته قليلة / .صفحة / 86وإذا أخذوا البذر من حنطة
أخرى وزرعوه ف تلك الرض نفسها يكون أنى وأزكى .كذلك النساء حرث -
كالرض -يزرع فيهن الولد .وطوائف الناس كأنواع البذار وأصنافه .فينبغي أن
يتزوج أفراد كل عشية من أخرى ليزكو الولد وينجب .فان الولد يرث من مزاج
أبويه ومادة أجسادها ،ويرث من أخلقهما وصفاتما الروحية وبياينهما ف شئ من
ذلك .فالتوارث والتباين سنتان من سنن الليقة ،ينبغي أن تأخذ كل واحدة منهما
حظها لجل أن ترتقي السلئل البشرية ويتقارب الناس بعضهم من بعض ،ويستمد
بعضهم القوة والستعداد من بعض ،والتزوج من القربي يناف ذلك .فثبت با تقدم
كله أنه ضار بدنا ونفسا ،مناف للفطرة ،مل بالروابط الجتماعية ،عائق لرتقاء
البشر .وقد ذكر " الغزال " ف الحياء :أن الصال الت تطلب مراعاتا ف الرأة ،
أل تكون من القرابة القريبة .قال :فان الوليد يلق ضاويا ( . ) 1وأورد ف ذلك
حديث ل يصح .ولكن روى ابراهيم الرب ف غريب الديث أن عمر قال لل
السائب " :اغتربوا لتضووا " أي تزوجوا الغرائب لئل تئ أولدكم نافا ضعافا .
وعلل الغزال ذلك بقوله " :إن الشهوة إنا تنبعث بقوة الحساس بالنظر أو اللمس
62
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وانا يقوي الحساس بالمر الغريب الديد .فأما العهود الذي دام النظر إليه ،فانه
يضعف الس عن تام ادراكه والتأثر به ،ول ينبعث به الشهوة " .قال :وتعليله ل
ينطبق على كل صورة ،والعمدة ما قلنا .حكمة التحري بالرضاع :وأما حكمة
التحري بالرضاعة ،فمن رحته تعال بنا أن وسع لنا دائرة ( هامش ) ( ) 1ضاويا :
أي نيفا / ) . ( .صفحة / 87القرابة بإلاق الرضاع با ،وأن بعض بدن الرضيع
يتكون من لب الرضع ،وأنه بذلك يرث منها كما يرث ولدها الذي ولدته ( . ) 1
حكمة التحري بالصاهرة :وحكمة تري الحرمات بالصاهرة أن بنت الزوجة وأمها
أول بالتحري ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 87
لن زوجة الرجل شقيقة روحه ،بل مقومة ماهيته النسانية ومتممتها .فينبغي أن
تكون أمها بنلة أمه ف الحترام .ويقبح جدا أن تكون ضرة لا فإن لمة الصاهرة
كلحمة النسب .فإذا تزوج الرجل من عشية صار كأحد أفرادها ،وتددت ف نفسه
عاطفة مودة جديدة لم .فهل يوز أن يكون سببا للتغاير والضرار بي الم وبنتها ؟
كل .إن ذلك يناف حكمة الصاهرة والقرابة ويكون سبب فساد العشية .فالوافق
للفطرة ،الذي تقوم به الصلحة ،هو أن تكون أم الزوجة كأم الزوج ،وبنتها الت ف
حجره كبنته من صلبه .وكذلك ينبغي أن تكون زوجة ابنه بنل ابنته ،ويوجه إليها
العاطفة يالت يدها لبنته ،كما ينل البن امرأة أبيه منلة أمه .وإذا كان من رحة ال
وحكمته أن حرم المع بي الختي وما ف معناها لتكون الصاهرة لمة مودة غي
مشوبة بسبب من أسباب الضرار والنفرة ،فكيف يعقل أن يبيح نكاح من هي أقرب
إل الزوجة ،كأمها أو بنتها ،أو زوجة الوالد للولد ،وزوجة الولد للوالد ؟ وقد بي
لنا أن حكمة الزواج هي سكون نفس كل من الزوجي إل الخره ،والودة والرحة
بينهما وبي من يلتحم معهما بلحمة النسب فقال " :ومن آياته أن خلق لكم من
أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ،وجعل بينكم مودة ورحة " .فقيد سكون النفس
الاص بالزوجية ،ول يقيد الودة والرحة ،لنا تكون بي الزوجي ومن يلتحم معهما
63
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بلحمة النسب ،وتزداد وتقوى بالولد .اه ( .هامش ) ( ) 1يرث منها :أي من
طباعها وأخلقها / ) . ( .صفحة / 88الحرمات مؤقتا ( ) 1المع بي الحرمي :
يرم المع بينا لختي ( ، ) 1وبي الرأة وعمتها ،وبي الرأة وخالتها ،كما يرم
المع بي كل امرأتي بينهما قرابة ،لو كانت إحداها رجل ل يزله التزوج بالخرى
.ودليل ذلك - 1 :قول ال تعال " :وأن تمعوا بي الختي إلما قد سلف " (
- 2 . ) 2وما رواه البخاري ومسلم عن أب هريرة :أن النب صلى ال عليه وسلم
نى أن يمع بي الرأة وعمتها ،وبي الرأة وخالتها - 3 .وما رواه أحد ،وأبو
داود ،وابن ماجه ،والترمذي ،وحسنه ،عن فيوز الديلمي أنه أدركه السلم وتته
أختان .فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم " :طلق أيتهما شئت " - 4 .عن
ابن عباس قال :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يتزوج الرجل الرأة على العمة
أو على الالة وقال " :إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم " .قال القرطب :ذكره
أبو ممد الصيلي ف فوائده ،وابن عبد الب ،وغيها - 5 .ومن مراسيل ب داود ،
عن حسي بن طلحة ،قال :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تنكح الرأة على
أخواتا مافة القطيعة .وف حديث ابن عباس ،وحسي بن طلحة التنبيه على العن
الذي من أجله حرم هذا الزواج ،وهو الحتراز عن قطع الرحم بي القارب ،فان
( هامش ) ( ) 1سواء أكان ذلك بعقد زواج أو بلك يي ) 2 ( .أي وحرم عليكم
المع بي الختي معا ،ف التزوج وف ملك اليمي ،ال ماكان منكم ف جاهليتكم
فقد عفونا عنه / ) . ( .صفحة / 89المع بينهما يولد التحاسد وير ال البغضاء ،
لن الضرتي قلما تسكن عواصف الغية بينهما .وهذا المع بي الحارم كما هو
منوع ف الزواج فهو منوع ف العدة .فقد أجع العلماء على أن الرجل إذا طلق
زوجته طلقا رجعيا فل يوز له أن يتزوج أختها ،أو أربعا سواها حت تنقضي عدتا ،
لن الزواج قائم وله حق الرجعة ف أي وقت .واختلفوا فيما إذا طلقها طلقا بائنا ل
يلك معه رجعتها .فقال علي ،وزيد بن ثابت ،وماهد ،والنخعي ،وسفيان الثوري
،والحناف وأحد :ليس له أن يتزوج أختها ول أربعة حت تنقضي عدتا ،لن العقد
أثناء العدة باق حكما حت تنقضي ،بدليل أن لا نفقة العدة .قال ابن النذر : ،ول
64
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أحسبه إل قول مالك ،وبه نقول ،أن له أن يتزوج أختها أو أربعا سواها .وقال
سعيد بن السيب ،والسن ،والشافعي :لن عقد الزواج قد انتهى بالبينونة ،فلم
يوجد المع الحرم .ولو جع رجل بي الحرمات فتزوج الختي مثل ،فاما أن
يتزوجهما بعقد واحد أو بعقدين ،فان تزوجهما بعقد واحد وليس بواحدة منهما مانع
فسد عقده عليهما ،وتري على هذا العقد أحكام الزواج الفاسد .فيجب الفتراق
عن العاقدين ،وإل فرق بينهما القضاء .وإذا حصل التفريق قبل الدخول فل مهر
لواحدة منهما ،ول يترتب على مرد هذا العقد أثر .وان حصل بعد الدخول
فللمدخول با مهر الثل ،أو القل من مهر الثل ،والسمى .ويترتب على الدخول
با سائر الثار الت تترتب على الدخول بعد الزواج الفاسد .أما إذا كان باحداها
مانع شرعي ،بأن كانت زوجة غيه ،أو معتدته مثل ،والخرى ليس با مانع ،فان
العقد بالنسبة للخالية من الانع صحيح ،وبالنسبة للخرى فاسد تري عليه أحكامه .
/صفحة / 90
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 90
وان تزوجهما بعقدين متعاقبي ،واستوف كل واحد من العقدين أركانه وشروطه ،
وعلم أسقهما فهو الصحيح ،واللحق فاسد .وان استوف أحدها فقط شروط صحته
فهو الصحيح سواء كان السابق أو اللحق .وان ل يعلم أسبقهما ،أو علم ونسي ،
كأن يوكل رجلي بتزويه فيزوجانه من اثنتي ،ث يتبي أنما أختان ،ول يعلم أسبق
العقدين ،أو علم ونسي ،فالعقدان غي صحيحي لعدم الرجح ،وتري عليهما
أحكام الزواج الفاسد ( 2 ( . ) 1و ) 3زوجة الغي ومعتدته :يرم على السلم أن
يتزوج زوجة الغي ،أو معتدته رعاية لق الزوج ،لقول ال تعال " :والحصنات من
النساء يإل ما ملكت أيانكم " .أي حرمت عليكم الحصنات من النساء ،أي
التزوجات منهن إل السبيات ،فان السبية تل لسابيها بعد الستباء ،وإن كانت
متزوجة ،لا رواه مسلم وابن أب شيبة ،عن أب سعيد رضي ال عنه :أن رسول ال
صلى ال عليه سول بعث جيشا ال لوطاس ،فلقي عدوا فقاتلوهم ،فظهروا عليهم
65
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وأصابوا سبايا ،وكان ناس من أصحاب رسول ال عليه وسلم ترجوا من غشيانن
من أجل أزواجهن من الشركي ،فأنزل ال عزوجل ف ذلك " :والحصنات من
النساء ،إل ما ملكت أيانكم " أي فهن لكم حلل إذا انقضت عدتن ،والستباء
يكون بيضة .قال السن :كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يسبئون
السبية بيضة ،وأما العتدة فقد سبق الكلم عليها ف باب " الطبة " ) 4 ( .الطلقة
ثلثا :الطلقة ثلثا ل تل لزوجها الول حت تنكح زوجا غيه نكاحا صحيحا ( ) 2
( هامش ) ( ) 1أحكام الحوال الشخصية للستاذ عبد الوهاب خلف ) 2 ( .
يراجع فصل التحليل من هذا الكتاب / ) . ( .صفحة ) 5 ( / 91عقد الحرم :
يرم على الحرم ،أن يعقد النكاح لنفسه أو لغيه بولية ،أو وكالة ،ويقع العقد
باطل ،لتترتب عليه آثاره الشرعية .لا رواه مسلم وغيه ،عن عثمان بن عفان أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل ينكح الحرم ول ينكح ول يطب " رواه
الترمذي وليس فيه ول يطب .وقال حديث حسن صحيح .والعمل على هذا عند
بعض أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ،وبه يقول الشافعي ،وأحد ،واسحق ،
ول يرون أن يتزوج الحرم ،وإن نكح فنكاحه باطل ،وما ورد من أن النب صلى ال
عليه وسلم ميمونة ،لنه صلى ال عليه وسلم تزوجها ف طريق مكة وذهب الحناف
إل جواز عقد النكاح للمرحم .لن الحرام لينع صلحية الرأة للعقد عليه ،وإنا
ينع صحية الماع لصحية العقد ) 6 ( .زواح المة مع القدرة على الزواج بالرة :
اتفق العلماء على أنه يوز للعبد أن يتزوج المة ،وعلى أنه يوز للحرة أن تتزوج
العبد إذا رضيت بذلك هي وأولياؤها كما اتتفقوا على أنه ل يوز أن تتزوج من ملكته
،وأنه إذا ملكت زوجها انفسخ النكاح .واختلفوا ف زواج الر بالمة .فرأي
المهور أنه ل يوز زواج الر بالمة إل بشرطي ( :أولما ) عدم القدرة على نكاح
الرة ( .وثانيهما ) خوف العنت ( .هامش ) ( ) 1سرف :أسم لكان / ) . ( .
صفحة / 92واستدلوا على هذا بقول ال تعال " :ومن ل يستطع منكم طول ( ) 1
أن ينكح الحصنات ( ) 2الؤمنات ،فمن ما ملكت أيانكم من فتياتكم ( ) 3
الؤمنات " .إل قوله تعال " :ذلك لن خشي العنت ( ) 4منكم ،وأن تصبوا خي
66
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لكم " .قال القرطب :الصب على العزبة خي من نكاح المة ،لنه يفضي إل إرقاق
الولد ،والغض من النفس ،والصب على مكارم الخلق أول من البذالة روي عن
عمر أنه قال :أيا حر تزوج أمة فقد أرق نصفه ( ) 5وعن الضحاك بن مزاحم قال
سعت أنس بن مالك يقول :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :من أراد
أن يلقى ال طاهرا مطهرا فليتزوج الرائر " .رواه ابن ماجه ،وف إسناده ضعف .
وذهب أبو حنيفة إل أن للحر أن يتزوج أمة ،ولو مع طول حرة ،إل أن يكون تته
حرة .فان كان ف عصمته زوجة حرة حرم عليه أن يتزوج عليها مافظة على كرامة
الرة ) 7 ( .زواج الزانية :ل يل للرجل أن يتزوج بزانية ،ول يل للمرأة أن
تتزوج بزان ،إل أن يدث كل منهما توبة .ودليل هذا - 1 :أن ال جعل العفاف
شرطا يب توفره ف كل من الزوجي قبل الزواج .فقال تعال " :اليوم أحل لكم
الطيبات ،وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم .وطعامكم حل لم ،والحصنات ،
من الؤمنات ،والحصنات من الذين أوتو الكتاب من قبلكم ( .هامش ) ( ) 1طول
:سعة وقدرة ) 2 ( .الحصنات :الرائر العفائف ) 3 ( .فتيات :إماء ) 4 ( .
العنت :الزنا ( ) 5أرق نصفه :يعن يصي ولده رقيقا / ) . ( .صفحة / 93إذا
آتيتموهن مصني غي مسافحي ول متخذي أخدان " ( . ) 1أي أن ال كما أحل
الطيبات ،وطعام الذين أوتوا الكتاب من اليهود
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 93
والنصارى ،أحل زواج العفيفات من الؤمنات ،والعفيفات من أهل الكتاب ،ف حال
كون الزواج أعفاء غي مسافحي ول متخذي أخدان ( - 2 . ) 2وذكر ذلك ف
زواج الماء عند العجز عن طول الرة فقال " :فالنكحوهن باذن أهلهن ،وآتوهن
أجورهن ( ) 3بالعروف مصنا ت غي مسافحات ( ) 4ول متخذات أخذان " (
- 3 . ) 5يؤيد هذا ما جاء صريا ف قول ال تعال " :الزان ل ينكح ال زانية أو
مشركة ،والزانية ل ينكحها إل زان أو مشرك ،وحرم ذلك على الؤمني " ( . ) 6
ومعن ينكح :يعقد .وحرم ذلك ،أي وحرم على الؤمني أن يتزوجوا من هو متصف
67
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بالزنا أو بالشرك ،فانه ل يفعل ذلك إل زان أو مشرك - 4 .ما رواه عمر بن شعيب
،عن أبيه ،عن جده ،أن مرثد بن أب مرثد الغنوي كان يمل السارى بكة ،وكان
بكة يبغي يقال لا عناق ،وكانت صديقته .قال :فجئت النب صلى ال عليه وسلم
فقلت :يا رسول ال أأنكح عناقا ؟ قال :فسكت عن .فنلت " :والزانية ل
ينكحها إل زان أو مشرك " .فدعان فقرأها علي وقال " :ل تنكحها " رواه أبو داود
والترمذي والنسائي - 5 .وعن أب هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم
" :الزان الجلود ل ينكح إل مثله " رواه أحد وأبو داود ( .هامش ) ( ) 1سورة
الائدة آية ) 2 ( 5أخدان " جع خدن وخدين " :أصدقاء ) 3 ( .أجورهن :
مهورهن ) 4 ( .مسافحات :زوان ) 5 ( .سورة النساء آية ) 6 ( 25 :سورة
النور آية / ) . ( 3 :صفحة / 94قال الشوكان :هذا الوصف خرج مرج الغالب
باعتبار من ظهر منه الزنا .وفيه دليل على أنه ل يل للرجل أن يتزوج بن ظهر منها
الزنا .وكذلك ل يل للمرأة أن تتزوج بن ظهر منه الزنا .ويدل على ذلك الية
الذكورة ف الكتاب الكري ،لن ف آخرها " :وحرم ذلك على الؤمني " فانه صريح
ف التحري .الزنا والزواج :وثة فرق كبي بي الزواج ،والعملية التناسلية ،فان
الزواج هو نواة الجتمع ،وأصل وجوده ،وهو القانون الطبيعي الذي يسي العال على
نظامه ،والسنة الكونية الت تعل للحياة قيمة وتقديرا .وأنه هو النان القيقي
والب الصحيح ،وهو التعاون ف الياة والشتراك ف بناء السرة وعمار العال .غاية
السلم من تري نكاح الزنا :والسلم ل يرد للمسلم أن يلقى بي أنياب الزانية ،
ول للمسلمة أن تقع ف يد الزان ،وتت تأثي روحه الدنيئة ،وأن تشاركه تلك
النفس السقيمة ،وأن تعاشر ذلك السم اللوث بشت الراثيم ،الملوء بختلف
العلل والمراض .والسلم -ف كل أحكامه وأوامره وف كل مرماته ونواهيه -ل
يريد غي إسعاد البشر والسمو بالعال ال الستوى العلى الذي يريد ال أن يبلغه
النس البشري .الزناة ينبوع لخطر المراض :وكيف يسعد الزناة ف دنياهم وهم
ينبوع لخطر المراض وأشدها فتكا بم ،وأكثرها تغلغل ف جيع أعضائهم ؟ ! !
ولعل الزهري والسيلن من المراض التناسلية الت تعل -وحدها -الزناة شرا
68
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مستطيا يب اقتلعه من العال وخلعه من الرض .وكيف تسعد انسانية فيها مثل
هؤلء الزناة .ينقلون أمراضهم النفسية إل ( هامش ) ( ) 1من كتاب السلم
والطب الديث / ) . ( .صفحة / 95نسلهم ،وينقلون مع هذه المراض النفسية
أمراض الزهري الوراثي ؟ بل كيف تسعد عائلة تلد أطفال مشوهي اللق واللق
بسبب اللتهابات الت تصيب العضاء التناسلية ،والعلل الت تطرأ عليها .وجه
الشبه بي الزناة والشركي :والسلم التأدب بأدب القرآن الكري ،التبع لسنة أفضل
اللق سيدنا ممد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ل يكن أن يعيش مع زانية ل
تفكر تفكيه ،ول يستطيع أن يعاشر امرأة لتي حياته الستقيمة ،ول يستطيع
الرتباط برابطة الزواج مع كائنة ل تشعر شعوره ،وهو يعلم أن ال تعال قال عن
الزواج " :خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ،وجعل بينكم مودة ورحة "
.فأين الودة الت تصل بي السلم والزانية ؟ وأين نفس الزانية من تلك النفس الت
تسكن إليها نفس الؤمن الصحيح اليان ؟ .وأن السلم الذي ليستطيع نكاح الزانية
-كما بينا لفساد نفسها وشذوذ عاطفتها -ل يكن كذلك أن يعيش مع مشركة ل
تعتقد اعتقاده ،ول تؤمن إيانه ،ول ترى ف الياة ما يراه .ل ترم ما يرمه عليه
دينه من الفسق والفجور .ول تعترف بالبادئ النسانية السامية الت ينص عليها
السلم .لا عقيدتا الضالة واعتقاداتا الباطلة .لا التفكي البعيد عن تفكيه ،
والعقل الذي ليت ال عقله بصلة .ولذلك قال ال تعال " :ول تنكحوا الشركات
حت يؤمن ،ولمة مؤمنة خي من مشركة ولو أعجبتكم ،ول تنكحوا الشركي حت
يؤمنوا ،ولعبد مؤمن خي من مشرك ،ولو أعجبكم .أولئك يدعون إل النار ،وال
يدعو إل النة والغفرة بإذنه ،ويبي آياته للناس لعلهم يتذكرون " / .صفحة / 96
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 96
التوبة تب ما قبلها :فان تاب كل من الزان والزانية توبة نصوحا بالستغفار والندم
والقلع عن الذنب ،واستأنف كل منهما حياة نظيفة مبأة من الث ومطهرة من
الدنس ،فان ال يقبل توبتهما ويدخلهما برحته ف عباده الصالي " :والذين ل
69
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يدعون مع ال إلا آخر ،ول يقتلون النفس الت حرم ال إل بالق ،ول يزنون ومن
يفعل ذلك يلق أثاما .يضاعف له العذاب يوم القيامة ويلد فيه مهانا .إل من تاب
وآمن وعمل صالا فأولئك يبدل ال سيئاتم حسنات ،وكان ال غفورا رحيما " .
سأل رجل ابن عباس فقال :إن كنت أل بامرأة ،آت منها ما حرم ال علي ،فرزق
ال عزوجل من ذلك توبة ،فأردت أن أتزوجها .فقال أناس " :إن الزان ل ينكح إل
زانية أو مشركة " .فقال ابن عباس :ليس هذا ف هذا ،انكحها ،فما كان من إث
فعلي .رواه بن أب حات .وسئل ابن عمر عن رجل فجر بامرأة ،أيتزوجها ؟ قال :
إن تابا وأصلحا .وأجاب بثل هذا جابر بن عبد ال ،وروى ابن جرير أن رجل من
أهل اليمن أصابت أخته فاحشة فأمرت الشفرة على أوداجها ،فأدركت ،فداووها
حت برأت .ث ان عمها انتقل بأهله حت قدم الدينة ،فقرأت القرآن ونسكت ،حت
كانت من أنسك نسائهم .فخطبت إل عمها ،وكان يكره أن يدلسها ،ويكره أن
يغش على ابنة أخيه .فأتى عمرا فذكر ذلك له .فقال عمر :لو أفشيت عليها
لعاقبتك ،إذا أتاك رجل صال ترضاه فزوجها إياه .وف رواية أن عمر قال :أتب
بشأنا ؟ تعمد إل ما ستره ال فتبديه ،وال لئن أخبت بشأنا أحدا من الناس
لجعلنك نكال لهل المصار ،بل أنكحها بنكاح العفيفة السلمة / .صفحة / 97
وقال عمر :لقد همت أل أدع أحدا أصاب فاحشة ف السلم أن يتزوج مصنة .
فقال له أب بن كعب :يا أمي الؤمني ،الشرك أعظم من ذلك ،وقد يقبل منه إذا
تاب .ويرى أحد أن توبة الرأة تعرف بأن تراود عن لفسها ،فان أجابت ،فتوبتها
غي صحيحة ،وان امتنعت فتوبتها صحيحة .وقد تابع ف ذلك ما روي عن ابن عمر
.ولكن أصحابه قالوا ( : ) 1ل ينبغي لسلم أن يدعو امرأة إل الزنا ويطلبه منها .
لن طلبه ذلك منها يكون ف خلوة ،ول تل اللوة بأجنبية ،ولو كان ف تعليمها
القرآن ،فكيف يل ف مراودتا على الزنا ؟ .ث ل يأمن إن أجابته ال ذلك أن تعود
ال العصية ،فل يل التعرض لثل هذا .لن التوبة من سائر الذنوب ،وف حق سائر
الناس ،وبالنسبة إل سائر الحكام على غي هذا الوجه ،فكذلك يكون هذا .وإل
هذا ( ) 2ذهب المام أحد ،وابن حزم ،ورجحه ابن تيمية وابن القيم .إل أن
70
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
المام أحد ضم ال التوبة شرطا آخر ،وهو انقضاء العدة .فمت تزوجها قبل التوبة
أو انقضاء عدتا ،كان الزواج فاسدا ويفرق بينهما .وهل عدتا ثلث حيض ،أو
حيضة ؟ .روايتان عنه .ومذهب النفية ،والشافعية ،والالكية ،أنه يوز للزان أن
يتزوج الزانية ،والزانية يوز لا أن تتزوج الزان ،فالزنا لينع عندهم صحة العقد .
قال ابن رشد :وسبب اختلفهم ف مفهوم قوله تعال " :والزانية ل ينكحها إل زان
أو مشرك وحرم ذلك على الؤمني " .هل خرج مرج الذم أو مرج التحري ؟ وهل
الشارة ف قوله تعال " :وحرم ذلك على الؤمني " ال الزنا أو النكاح ؟ ( .هامش )
( ) 1الغن لبن قدامة ) 2 ( .اي ال أنه ل يل زواج الزانية أو الزان قبل التوبة ( .
/ ) .صفحة / 98وإنا صار المهور لمل الية على الذم لعلى التحري ،لا جاء
ف الديث أن رجل قال للنب صلى ال عليه وسلم ف زوجته :انا ل ترد يد لمس .
فقال له النب صلى ال عليه وسلم " :طلقها " فقال له :إن أحبها .فقال له " :
أمسكها " ( . ) 1ث ان الجوزين اختلفوا ف زواجها ف عدتا .فمنعه " مالك "
احتراما لاء الزوج وصيانة لختلط النسب الصريح بولد الزنا .وذهب أبو حنيفة ،
والشافعي ،إل أنه يوز العقد عليها من غي انقضاء عدة .ث ان الشافعي يوز العقد
عليها وان كانت حامل لنه لحرمة لذا المل .وقال أبو يوسف ،ورواية عن أب
حنيفة :ل يوز العقد عليها حت تضع المل لئل يكون الزوج قد سقى ماؤه زرع
غيه .ونى رسول ال صلى ال عليه وسلم ( أن توطأ السبية الامل حت تضع ) ،
مع أن حلها ملوك له .فالامل من الزنا أول أل توطأ حت تضع .لن ماء الزان وان
ل يكن له حرمة ،فماء الزوج مترم ،فكيف يسوغ له أن يلطه باء الفجور ؟ .ولن
النب صلى ال عليه وسلم هم بلعن الذي يريد أن يطأ أمته الامل من غيه وكانت
مسبية ،مع انقطاع الولد عن أبيه وكونه ملوكا له .وقال أبو حنيفة ف الرواية
الخرى يصح العقد عليها ،ولكن ل توطأ حت تضع ( . ) 2اختلف حالة البتداء
عن حالة البقاء :ث ان العلماء قالوا ان الرأة التزوجة إذا زنت ل ينفسخ النكاح ،
وكذلك
............................................................
71
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 98
( هامش ) ( ) 1قال أحد :هذا الديث منكر ،وذكره ابن الوزي ف الوضوعات .
وأورد أبو عبيد على هذا الديث انه خلف الكتاب والسنة الشهورة ،لن ال انا
أذن ف نكاح الحصنات خاصة ،ث انزل ف القاذف آية اللعان ،وسن رسول ال
التفريق بينهما فل يتمعان أبدا .فكيف يأمر بالقامة على عاهر ل تتنع من أرادها ،
والديث مرسل .وقال ابن القيم عورض بذا الديث التشابه الحاديث الحكمة
الصرية ف النع من تزوج البغايا ) 2 ( .تذيب السنة :جزء / ) . ( . 3صفحة 99
/الرجل ،لن حالة البتداء تفارق حالة البقاء .وروي عن السن ،وجابر بن عبد
ال :أن الرأة التزوجة إذا زنت يفرق بينهما .واستحب أحد مفارقتها وقال :ل أرى
أن يسك مثل هذه ،فتلك ل تؤمن أن تفسد فراشه ،وتلحق به ولدا ليس منه ( .
) 8زواج اللعنة :ل يل للرجل أن يتزوج الرأة الت لعنها ،فانا مرمة عليه حرمة
دائمة بعد اللعان .يقول ال تعال " :والذين يرمون أزواجهم ،ول يكن لم شهداء
إل أنفسهم ،فشهادة أحدهم أربع شهادات بال إنه لن الصادقي .والامسة أن لعنت
ال عليه إن كان من الكاذبي .ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بال إنه
لن الكاذبي .والامسة أن غضب ال عليها إن كان من الصادقي " ( ) 9 ( . ) 1
زواج الشركة :اتفق العلماء على أنه ل يل للمسلم أن يتزوج الوثنية ،ولالزنديقة ،
ولا لرتدة عن السلم ،ول عابدة البقر ،ول العتقدة لذهب الباحة -كالوجودية
ونوها من مذاهب اللحدة -ودليل ذلك قول ال تعال " :ول تنكحوا الشركات
حت يؤمن ،ولمة مؤمنة خي من مشركة ولو أعجبتكم .ول تنكحوا الشركي حت
يؤمنوا ،ولعبد مؤمن خي من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون ال النار ،وال يدعو
ال النة والغفرة بإذنه " ( ( . ) 2هامش ) ( ) 1سورة النور آية . 9 ، 8 ، 7 ، 6
( ) 2سورة البقرة آية / ) . ( . 221صفحة / 100سبب نزول هذه الية - 1 :
قال مقاتل :نزلت هذه الية ف أب مرثد الغنوي ،وقيل :ف مرثد بن أب مرثد ،
واسه كناز بن حصي الغنوي .بعثه رسول ال صلى ال عليه وسلم ال مكة سرا
ليخرج رجل من أصحابه ،وكانت له بكة امرأة يبها ف الاهلية ،يقال لا " عناق "
72
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فجاءته فقال لا :إن السلم حرم ماكان ف الاهلية ،قالت :فتزوجن .قال :حت
أستأذن رسول ال صلى ال عليه وسلم .فأتى رسول ال فاستأذنه ،فنهاه عن التزوج
با لنه مسلم ،وهي مشركة ( - 2 . ) 1وروى السدي عن ابن عباس رضي ال
عنهما :أن هذه الية نزلت ف عبد ال بن رواحة ،وكانت له أمة سوداء ،وأنه
غضب عليها فالطمها .ث انه فزع فأتى النب صلى ال عليه وسلم فأخبه خبها .
فقال له النب صلى ال عليه وسلم " :ماهي يا عبد ال ؟ " .قال :هي يا رسول ال
تصوم وتصلي وتسن الوضوء ،وتشهد أن ل إله إل ال ،وأنك رسول ال ،فقال :
" يا عبد ال هي مؤمنة " .قال عبد ال فوالذي بعثك بالق لعتقنها ولتزوجنها ،
ففعل .فطعن عليه ناس من السلمي ،فقالوا نكح أمة ،وكانوا يريدون أن ينكحوا
إل الشركي وينكحوهم رغبة ف أنسابم فأنزل ال " :ول تنكحوا الشركات حت
يؤمن " .الية .قال ف الغن :وسائر الكفار غي أهل الكتاب -كمن عبد ما
استحسن من الصنام والحجار والشجر واليوان -فلخلف بي أهل العلم ف
تري نسائهم وذبائحهم .قال :والرتدة يرم نكاحها على أي دين كانت .زواج
نساء أهل الكتاب يل للمسلم أن يتزوج الرة من نساء أهل الكتاب لقول ال تعال :
" اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل ( هامش ) ( ) 1الامع
لحكام القرآن ج 3ص / ) . ( . 67صفحة / 101لكم ،وطعامكم حل لم ،
والحصنات من الؤمنات ،والحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ،إذا
آتيتموهن أجورهن مصني غي مسافحي ول متخذي أخدان " .قال ابن النذر :ول
يصح عن أحد من الوائل أنه حرم ذلك .وعن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن زواج
الرجل بالنصرانية أو اليهودية ،قال :حرم ال الشركات على الؤمني ،ول أعرف
شيئا من الشراك أعظم من أن تقول الرأة ربا عيسى ،أو عبد من عباد ال .قال
القرطب .قال النحاس :وهذا قول خارج عن قول الماعة الذين تقوم بم الجة .
لنه قد قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعي جاعة ،منهم
عثمان ،وطلحة ،وابن عباس ،وجابر ،وحذيفة .ومن التابعي سعيد بن السيب ،
وسعيد بن جبي ،والسن ،وماهد ،وطاووس ،وعكرمة ،والشعب ،والضحاك ،
73
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وفقهاء المصار .ول تعارض بي اليتي ،فان ظاهر لفظ " الشرك " ل يتناول أهل
الكتاب لقول ال تعال " :ل يكن الذين كفروا من أهل الكتاب
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 101
والشركي منفكي حت تأتيهم البينة " ففرق بينهم ف اللفظ .وظاهر العطف يقتضي
الغايرة .وتزوج عثمان رضي ال عنه نائلة بنت القراقصة الكلبية النصرانية ،
وأسلمت عنده .وتزوج حذيفة يهودية من أهل الدائن .وسئل جابر عن نكاح
اليهودية والنصرانية فقال :تزوجنا بن زمن الفتح مع سعد بن أب وقاص .كراهة
الزواج منهن :والزواج بن -وان كان جائزا -إل أنه مكروه ،لنه ل يؤمن أن
ييل إليها فتفتنه عن الدين ،أو يتول أهل دينها / .صفحة / 102فإن كانت حربية (
) 1فالكراهية أشد ،لنه يكثر سواد أهل الرب .ويرى بعض العلماء حرمة الزواج
من الربية .فقد سئل ابن عباس عن ذلك فقال ل تل ،وتل قول ال عزوجل " :
قاتلوا الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ،ول يدينون دين الق ،من الذين أوتوا
الكتاب ،حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " .قال القرطب :وسع بذلك
ابراهيم النخعي فأعجبه .حكمة إباحة التزوج منهن :وإنا أباح السلم الزواج منهن
ليزيل الواجز بي أهل الكتاب وبي السلم .فان ف الزواج العاشرة والخالطة
وتقارب السر بعضها ببعض ،فتتاح الفرص لدراسة السلم ،ومعرفة حقائقه ومبادئه
ومثله .فهو أسلوب من أساليب التقريب العملي بي السلمي وغيهم من أهل
الكتاب ،ودعاية للهدى ودين الق .فعلى من يبتغي الزواج منهن أن يعل ذلك غاية
من غاياته ،وهدفا من أهدافه .الفرق بي الشركة والكتابية ( : ) 2والشركة ليس
لا دين يرم اليانة ،ويوجب عليها المانة ،ويأمرها بالي ،وينهاها عن الشر ،فهي
موكولة ال طبيعتها وما تربت عليه ف عشيها ،وهو خرافات الوثنية وأوهامها وأمان
الشياطي وأحلمها ،تون زوجها وتفسد عقيدة ولدها .فإن ظل الرجل على إعجابه
بمالا كان ذلك عونا لا على التوغل ف ضللا وإضللا .وإن نبا طرفه عن حسن
الصورة ،وغلب على قلبه استقباح تلك السريرة ( ،هامش ) ( ) 1الربية :القيمة
74
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ف غي ديار السلم ) 2 ( .النار :ج 2ص / ) . ( . 357 ، 356صفحة / 103
فقد تنغص عليه التمتع بالمال ،على ما هو عليه من سوء الال .وأما الكتابية فليس
بينها وبي الؤمن كبي مباينة .فانا تؤمن بال وتعبده ،وتؤمن بالنبياء ،وبالياة
الخرى وما فيها من الزاء ،وتدين بوجوب عمل الي وتري الشر .والفرق
الوهري العظيم بينهما ،هو اليان بنبوة ممد صلى ال عليه وسلم .والذي يؤمن
بالنبوة العامة ل ينعه من اليان بنبوة خات النبيي إل الهل با جاء به .وكونه قد جاء
بثل ما جاء به النبيون وزيادة اقتضتها حال الزمان ف ترقيه ،واستعداده لكثر ما هو
فيه ،أو العاندة والجاحدة ف الظاهر ،مع العتقاد ف الباطن -وهذا قليل -والكثي
هو الول .ويوشك أن يظهر للمرأة من معاشرة الرجل أحقية دينه وحسن شريعته
والوقوف على سية من جاء با ،وما أيده ال تعال به من اليات البينات ،فيكمل
إيانا ويصح إسلمها ،وتؤتى أجرها مرتي إن كانت من الحسنات ف الالي .ا .ه
.زواج الصابئة :الصابئون هم قوم بي الجوس ،واليهود ،والنصارى .وليس لم
دين .قال ماهد :وقيل هم فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور .وعن السن أنم
قوم يعبدون اللئكة .وقال عبد الرحن بن زيد :هم أهل دين من الديان ،كانوا
بزيرة الوصل يقولون ل إله إل ال ،وليس لم عمل ،ول كتاب ،ول نب ،إل قول
ل إل إل ال .قال :ول يؤمنوا برسول .فمن أجل ذلك كان الشركون يقولون
لصحاب النب صلى ال عليه وسلم " :هؤلء الصابئون " ،يشبهونم بم ف قول ل
إله إل ال .قال القرطب :والذي تصل من مذهبهم فيما ذكره بعض العلماء أنم
موحدون ،ويعتقدون تأثي النجوم وأنا فاعلة .واختار الرازي :أنم قوم يعبدون
الكواكب ،بعن أن ال جعلها قبلة /صفحة / 104للعبادة والدعاء ،أو بعن أن
ال فوض تدبي أمر هذا العال إليها .وبناء على هذا اختلفت أنظار الفقهاء ف حكم
التزوج منهم .فمنهم من رأى أنم أصحاب كتاب دخله التحريف والتبديل ،فسوى
بينهم وبي اليهود والنصارى ،وأنم بقتضى هذا يصح الزواج منهم لقول ال
عزوجل " :اليوم أجل لكم الطيبات ،وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ،
وطعامكم حل لم ،والحصنات من الؤمنات والحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
75
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قبلكم " الية .وهذا مذهب أب حنيفة وصاحبيه .ومنهم من تردد ،لعدم معرفة
حقيقة أمرهم فقالوا :إن وافقوا اليهود والنصارى ف أصول الدين -من تصديق
الرسل واليان بالكتب -كانوا منهم .وإن خالفوهم ف أصول الدين ل يكونوا
منهم ،وكان حكمهم حكم عباد الوثان .وهذا هو الروي عن الشافعية والنابلة .
زواج الجوسية ( : ) 1قال ابن النذر :ليس تري نكاح الجوس وأكل ذبائحهم
متفقا عليه .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 104
ولكن أكثر أهل العلم عليه ،لنه ليس لم كتاب ،ول يؤمنون بنبوة ،ويعبدون النار
.وروى الشافعي أن عمر ذكر الجوس فقال :ما أدري كيف أصنع ف أمرهم ؟ فقال
له عبد الرحن بن عوف :لسمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :سنوا بم
سنة أهل الكتاب ( . " ) 2فهذا دليل على أنم ليسوا من أهل الكتاب .وسئل المام
أحد .أيصح على أن للمجوس كتابا ؟ فقال :هذا باطل ،وأستعظمه جدا .
( هامش ) ( ) 1الجوس :هم عبدة النار ) 2 ( .اي حقن دمائهم واقرارهم على
الزية / ) . ( .صفحة / 105وذهب أبو ثور ال حل التزوج بالجوسية ،لنم
يقرون على دينهم بالزية كاليهود والنصارى .الزواج من لم كتاب غي اليهود
والنصارى :ذهبت الحناف ال أن كل من يعتقد دينا ساويا ،وله كتاب منل ،
كصحف ابراهيم ،وشيت ،وزبور داود ،عليهم السلم ،يصح الزواج منهم وأكل
ذبائحهم ما ل يشركوا .وهو وجه ف مذهب النابلة ،لنم مسكوا بكتاب من كتب
ال فأشبهوا اليهود أو النصارى .ومذهب الشافعية ،ووجه عند النابلة :أنه ل تل
مناكحتهم ،ول تؤكل ذبائحهم لقول ال تعال " :أن تقولوا انا أنزل الكتاب على
طائفتي من قبلنا " الية .ولن تلك الكتب كانت مواعظ وأمثال ل أحكام فيها ،فلم
يثبت لا حكم الكتب الشتملة على الحكام .زواج السلمة بغي السلم :أجع
العلماء على أنه ل يل للمسلمة أن تتزوج غي السلم ،سواء أكان مشركا أو من
أهل الكتاب .ودليل ذلك أن ال تعال قال " :يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم الؤمنات
76
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مهاجرات فامتحنوهن ،ال أعلم بإيانن ،فإن علمتموهن مؤمنات فل ترجعوهن إل
الكفار ،لهن حل لم ولهم يلون لن ( . " ) 1وحكمة ذلك أن للرجل حق
القوامة على زوجته ،وأن عليها طاعته فيما يأمرها به من معروف ،وف هذا معن
الولية والسلطان عليها .وما كان لكافر أن يكون له سلطان على مسلم أو مسلمة .
( هامش ) ( ) 1ف هذه الية أمر ال الؤمني إذا جاءهم النساء مهاجرات ان
يتحنوهن فان علموهن مؤمنات فليرجعوهن ال الكفار ،لهن حل لم ول هم يلون
لن .ومعن المتحان أن يسألوهن عن سبب ما جاء بن ،هل خرجن حبا ف ال
ورسوله وحرصا على السلم ؟ . .فان كان ذلك كذلك قبل ذلك منهن / ) . ( .
صفحة / 106يقول ال تعال " :ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل " .ث
ان الكافر ل يعترف بدين السلمة ،بل يكذب بكتابا ،ويحد رسالة نبيها ،ول يكن
لبيت أن يستقر ول لياة أن تستمر مع هذا اللف الواسع والبون الشاسع .وعلى
العكس من ذلك السلم إذا تزوج بكتابية ،فانه يعترف بدينها ،ويعل اليان بكتابا
وبنبيها جزءا ليتم إيانه إل به ) 10 ( .الزيادة على الربع :يرم على الرجل أن
يمع ف عصمته أكثر من أربع روجات ف وقت واحد ،إذ أن ف الربع الكفاية ،وف
الزيادة عليها تفويت الحسان الذي شرعه ال لصلح الياة الزوجية ،والدليل على
ذلك قول ال تعال " :وان خفتم ( ) 1أل تقسطوا ( ) 2ف اليتامى فانكحوا ما ( 3
) طاب لكم من النساء ،مثن وثلث ورباع ،فان خفتم أل تعدلوا فواحدة أو ما
ملكت أيانكم ،ذلك أدن أل تعولوا ( . " ) 4سبب نزول هذه الية :روى
البخاري ،وأبو داود ،والنسائي ،والترمذي ،عن عروة بن الزبي " أنه سأل عائشة
زوج النب صلى ال عليه وسلم عن قول ال تعال " :وإن خفتم أل تقسطوا ف
اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " .فقالت :يا ابن أخت ،هي اليتيمة تكون
ف حجر وليها فتشاركه ف ماله ،فيعجبه مالا وجالا ،فييد وليها أن يتزوجها بغي أن
يقسط ف ( هامش ) ( ) 1خفتم :أي غلب على ظنكم التقصي ف القسط لليتيمة
فاعدلوا عنها إل غيها ،وليس لذا القيد مفهوم ،فقد أجع السلمون على أن من ل
يف القسط ف اليتامى فله ان يتزوج أكثر من واحدة ،اثني أو ثلثا أو أربعا كمن
77
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
خاف ) 2 ( .تقسطوا :تعدلوا .من " أقسط " إذا عدل و " قسط " إذا ظلم ( .
) 3ما :بعن من :أي من طاب ) 4 ( .أدن ال تعولوا :أي أقرب ال تيلوا عن
الق وتوروا / ) . ( .صفحة / 107صداقها ،فيعطيها مثل ما يعطيها غيه ،فنهوا
أن ينكحوهن إل أن يقسطوا لن ،ويبلغوا بن أعلى سنتهن من الصداق ،وأمروا أن
ينكحوا ما طاب لم من النساء سواهن .قال قروة .قالت عائشة :ث ان الناس
استفتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد هذه الية فيهن ،فأنزل ال عزوجل " :
يستفتونك ف النساء ،قل ال يفتيكم فيهن ،وما يتلى عليكم ف الكتاب ف يتامى
النساء اللت ل تؤتونن ما كتب لن ،وترغبون أن تنكحوهن " .قالت :والذي ذكر
ال أنه يتلى عليهم ف الكتاب الية الول الت قال ال سبحانه فيها " :وإن خفتم أن
ل تقسطوا ف اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 107
قالت عائشة :وقول ال عزوجل ف الية الخرى " :وترغبون أن تنكحوهن " .هي
رغبة أحدكم عن يتيمته الت تكون ف حجره حي تكون قليلة الال والمال .فنهوا أن
ينكحوا من رغبوا ف مالا وجالا من يتامى النساء ،إل بالقسط من أجل رغبتهم عنهن
إن كن قليلت الال والمال .معن الية :ويكون معن الية على هذا أن ال سبحانه
وتعال ياط ب أولياء اليتامى فيقول :إذا كانت اليتيمة ف حجر أحدكم وتت وليته
،وخاف أل يعطيها مهر مثلها ،فليعدل عنها إل غيها من النساء ،فانن كثيات ،
ول يضيق ال عليه فأحل له من واحدة ال أربع .فان خاف أن يور إذا تزوج أكثر
من واحدة ،فواجب عليه أن يقتصر على واحدة ،أو ما ملكت يينه من الماء .
افادتا القتصار على الربع / :صفحة / 108قال الشافعي :وقد دلت سنة رسول
ال صلى ال عليه وسلم البينة عن ال أنه ل يوز لحد غي رسول ال صلى ال عليه
وسلم أن يمع بي أكثر من أربع نسوة .وهذا الذي قاله الشافعي ممع عليه بي
العلماء ،إل ما حكي عن طائفة من الشيعة أنه يوز المع بي أكثر من أربع نسوة ،
وقال بعضهم بل حصر .وقد يتمسك بعضهم بفعل رسول ال صلى ال عليه وسلم ف
78
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جعه بي أكثر من أربع إل تسع كما ثبت ف الصحيح .وقد رد المام القرطب على
هؤلء فقال :اعلم أن هذا العدد " مثن " و " ثلث " و " رباغ " ل يدل على إباحة
تسع كما قاله من بعد فهمه للكتاب والسنة ،وأعرض عما كان عليه سلف هذه المة
،وزعم أن الواو جامعة .وعضد ذلك بأن النب نكح تسعا ،وجع بينهن ف عصمته ،
والذي صار إل هذه الهالة ،وقال هذه القالة ،الرافضة وبعض أهل الظاهر ،فجعلوا
" مثن " مثل اثني اثني .وكذلك ثلث ،ورباع .وذهب بعض أهل الظاهر أيضا إل
أقبح منها ،فقالوا بإباحة المع بي ثان عشرة تسكا منه بأن العدد ف تلك الصيغ
يفيد التكرار ،والواو للجمع .فجعل مثن بعن اثني اثني ،وكذلك ثلث ورباع .
وهذا كله جهل باللسان ( ) 1والسنة ،ومالفة لجاع المة ،إذ ل يسمع عن أحد
من الصحابة ول التابعي أنه جع ف عصمته أكثر من أربع .وأخرج مالك ف الوطأ ،
والنسائي ،والدار قطن ،ف سننها أن النب صلى ال عليه وسلم قال لغيلن بن أمية
الثقفي وقد أسلم وتته عشر نسوة " :اختر منهن أربعا ،وفارق سائرهن " .وف
كتاب أب داود عن الارث بن قيس قال :أسلمت وعندي ثان نسوة ،فذكرت ذلك
للنب صلى ال عليه وسلم فقال " :اختر منهن أربعا " .وقال مقاتل :ان قيس بن
الارث كان عنده ثان نسوة حرائر ،فلما ( هامش ) ( ) 1اللسان :اللغة / ) . ( .
صفحة / 109نزلت الية أمره رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يطلق أربعا ،
ويسك أربعا ،كذا قال قيس بن الارث .والصواب أن ذلك كان حارث بن قيس
السدي كما ذكر أبو داود .وكذا روى " ممد بن السن " ف كتاب " السي "
الكبي ،أن ذلك كان حارث بن قيس ،وهو العروف عند الفقهاء .وأما ما أبيح من
ذلك للنب صلى ال عليه وسلم ،فذلك من خصوصياته .وأما قولم :ان الواو
جامعة ،فقد قيل ذلك ،لكن ال تعال خاطب العرب بأفصح اللغات .والعرب ل
تدع أن تقول تسعة ،وأن تقول اثني وثلثة ،وأربعة .وكذلك تستقبح من يقول
أعط فلنا أربعة ،ستة ،ثانية ،ول يقول ،ثانية عشر .وإنا الواو ف هذا الوضع
بدل ،أي أنكحوا ثلثة بدل من مثن ،ورباعا بدل من ثلث ،ولذلك عطف بالواو
ول يعطف ب " أو " .ولو جاء ب " أو " لاز أل يكون لصاحب الثن ثلث ،ول
79
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لصاحب الثلث رباع .وأما قولم :إن مثن تقتضي اثني ،وثلث ثلثا ،ورباع
أربعا فتحكم با ل يوافقهم أهل اللسان عليه ،وجهالة منهم .وكذلك جهله الخرون
لن مثن تقتضي اثني اثني ،وثلث :ثلثا ثلثا ،ورباع :أربعا أربعا .ول يعلموا أن
اثني اثني ،وثلثا ثلثا ،وأربعا أربعا ،حصر للعدد .ومثن وثلث ورباع بلفها .
ففي العدد العدول عند العرب زيادة معن ليست ف الصل .وذلك أنا إذا قالت :
جاءت اليل مثن ،إنا تعن بذلك اثني اثني ،أي جاءت مزدوجة .قال الوهري :
وكذلك معدول العدل .وقال غيه فإذا قالت :جاءن قوم مثن أو ثلث ،أو آحاد ،
أو عشار / ،صفحة / 110فانا تريد أنم جاءوك واحدا واحدا أو اثني اثني ،أو
ثلثة ثلثة ،أو عشرة عشرة .وليس هذا العن ف الصل لنك إذا قلت :جاءن قوم
ثلثة ثلثة ،أو قوم عشرة عشرة ،فقد حصرت عدة القوم بقولك ثلثة وعشرة .
فإذا قلت جاءون ثناء ورباع ،فلم تصر عدتم ،وإنا تريد أنم جاءوك اثني اثني ،
أو أربعة أربعة ،سواء كثر عددهم أو قل ف هذا الباب .فقصرهم كل صيغة على أقل
ما تقتضيه بزعمهم تكم .انتهى .وجوب العدل بي الزوجات :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 110
أباح ال تعدد الزوجات وقصره على أربع ،وأوجب العدل بينهن ف الطعام والسكن
والكسوة والبيت ( ، ) 1وسائر ما هو مادي من غي تفرقة بي غنية وفقية ،وعظيمة
وحقية ،فان خاف الرجل الور وعدم الوفاء بقوقهن جيعا حرم عليه المع بينهن ،
فان قدر على الوفاء بق ثلث منهن دون الرابعة حرم عليه العقد عليها .فان قدر
على الوفاء بق اثنتي دون الثالثة حرم عليه العقد عليها .وكذلك من خاف الور
بزواج الثانية حرمت عليه لقول ال تعال " :فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثن
وثلث ورباع ،فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيانكم ،ذلك أدن أل
تعولوا " .أي أقرب أل توروا .وعن أب هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال :
" من كانت له امرأتان فمال إل إحداها جاء يوم القيامة وشقه مائل " رواه أبو داود ،
والترمذي ،والنسائي وابن ماجه .ول تعارض بي ما أوجبه ال من العدل ف هذه
80
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الية وبي ما نفاه ال ف الية الخرى من سورة النساء وهي " :ولن تستطيعوا أن
تعدلوا بي النساء ولو حرصتم ،فل تيلوا كل اليل فتذروها كالعلقة " ( هامش ) ( 1
) أي يبيت عند الواحدة مقدار ما يبيت عند الخرى / ) . ( .صفحة / 111فان
العدل الطلوب هو العدل الظاهر القدور عليه وليس هو العدل ف الودة والحبة ،فان
ذلك ل يستطيعه أحد ،بل العدل البتغى هو العدل ف الحبة والودة والماع .قال
ممد بن سيين سألت عبيدة عن هذه الية فقال هو الب والماع .قال ابو بكر بن
العرب :وصدق ،فان ذلك ل يلكه أحد إذ قلبه بي إصبعي من أصابع الرحن يصرفه
كيف يشاء ،وكذلك الماع فقد ينشط للواحدة مال ينشط للخرى ،فإذا ل يكن
ذلك بقصد منه فل حرج عليه فيه ،فانه ما ل يستطيعه ،فل يتعلق به تكليف .
وقالت عائشة :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقسم فيعدل ،ويقول " :اللهم
هذا قسمي فيما أملك ،فل تلمن فيما تلك ول أملك " قال أبو داود :يعن القلب .
رواه أبو داود ،والترمذي ،والنسائي ،وابن ماجه ،وقال الطاب ف هذا دللة على
توكيد وجوب القسم بي الضرائر الرائر ،وإنا الكروه ف اليل ،هو ميل العشرة
الذي يكون معه نس الق ،دون ميل القلوب ،فان القلوب ل تلك .فكان رسول
ال صلى ال عليه وسلم يسوي ف القسم بي نسائه ويقول " :اللهم هذا قسمي "
الديث .وف هذا نزل قوله تعال " :ولن تستطيعوا أن تعدلوا بي النساء ولو حرصتم
،فل تيلوا كل اليل فتذروها كالعلقة " .وإذا سافر الزوج فله أن يصطحب من شاء
منهن وان أقرع بينهن كان حسنا .ولصاحبة الق ف القسم أن تنل عن حقها ،إذ
أن ذلك خالص حقها ،فلها أن تيه لغيها .فعن عائشة رضي ال عنها قالت :كان
رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بي نسائه ،فأيتهن خرج سهمها
خرج با معه ،وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها ،غي أن سودة بنت زمعة وهبت
يومها لعائشة ( ( . ) 1هامش ) ( ) 1قال الطاب :فيه اثبات القرعة ،وفيه ان
القسم قد يكون بالنهار كما يكون بالليل .وفيه أن البة قد تري ف حقوق عشرة
الزوجية كما تري ف حقوق الموال .واتفق أكثر أهل العلم على أن الرأة الت يرج
با ف السفر ل تتسب عليها تلك الدة /صفحة / 112حق الرأة ف اشتراط عدم
81
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
التزوج عليها :كما أن السلم قيد التعدد بالقدرة على العدل ،وقصره على أربع ،
فقد جعل من حق الرأة أو وليها أن يشترط أل يتزوج الرجل عليها .فلو شرطت
الزوجة ف عقد الزواج على زوجها أل يتزوج عليها صح الشرط ولزم ،وكان لا حق
فسخ الزواج إذا ل يف لا بالشرط ،ول يسقط حقها ف الفسخ إل إذا أسقطته ،
ورضيت بخالفته .وإل هذا ذهب المام أحد ،ورجحه ابن تيمية ،وابن القيم .إذ
الشروط ف الزواج أكب خطرا منها ف البيع والجارة ،ونوها ،فلهذا يكون الوفاء
با التزم منها أوجب وآكد .واستدلوا لذهبهم هذا با يأت - 1 :با رواه البخاري ،
ومسلم ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إن أحق الشروط أن توفوا ما
استحللتم به الفروج " - 2 .ورويا عن عبد ال بن أب مليكة أن السور بن مرمة
حدثه أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم على النب يقول " :إن بن هشام بن
الغية استأذنون أن ينكحوا ابنتهم من علي بن أب طالب ،فل آذن ،ث ل آذن ،ث
ل آذن ،إل أن يريد بن أب طالب أن يطلق ابنت وينكح ابنتهم ،فإنا ابنت بضعة
من ،يريبن ما أرابا ،ويؤذين ما آذاها " وف رواية " :إن فاطمة من وأنا أتوف أن
تفت ف دينها " .ث ذكر صهرا له من بن عبد شس فأثن عليه ف مصاهرته إياه ،
فأحسن ،قال " :حدثن فصدقن ،ووعدن فوف ل ،وإن لست أحرم حلل ،ول
أحل حراما ،ولكن وال ل تتمع بنت رسول ال وبنت عدو ال ف مكان واحدا أبدا
".
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 112
( هامش ) للبواقي ،ول يقاص با فاتن من أيام الغيبة إذا كان خروجها بقرعة .
وزعم بعض أهل العلم ان عليه أن يوف للبواقي ما فاتن ايام غيبته حت يساوينها ف
الظ .والقول الول أول لجتماع عامة أهل العلم عليه ،ولنا أنا أرفقت بزيادة
الظ لكان ف ذلك ما يلحقها من مشقة السفر وتعب السي :والقواعد خليات من
ذلك .فلو سوى بينها وبينهن العدول عن النصاف ( / ) .صفحة / 113قال ابن
القيم :فتضمن هذا الكم أمورا :أن الرجل إذا اشترط لزوجته أن ل يتزوج عليها
82
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لزمه الوفاء بالشرط ،ومت تزوج عليها فلها الفسخ .ووجه تضمن الديث لذلك أنه
صلى ال عليه وسلم أخب أن ذلك يؤذي فاطمة رضي ال عنها ،ويريبها ،وأنه يؤذيه
صلى ال عليه وسلم ويريبه .ومعلوم قطعا أنه صلى ال عليه وسلم إنا زوجه فاطمة
رضي ال عنها على أل يؤذيها ،ول يريبها ،ول يؤذي أباها صلى ال عليه وسلم ول
يريبه ،وإن ل يكن هذا مشروطا ف صلب العقد ،فانه من العلوم بالضرورة أنه إنا
دخل عليه .وف ذكره صلى ال عليه وسلم صهره الخر وثنائه عليه بأنه حدثه
فصدقه ووعده فوف له ،تعريض بعلي رضي ال عنه وتييج له على القتداء به ،وهذا
يشعر بأنه قد جرى منه وعد له بأنه ل يريبها ول يؤذيها .فهيجه على الوفاء له ،كما
وف له صهره الخر .فيؤخذ من هذا أن الشروط عرفا كالشروط لفظا ،وأن عدمه
يلك الفسخ لشترطه ،فلو فرض من عادة قوم أنم ل يرجون نساءهم من ديارهم
ول يكنون الزوج من ذلك البتة .واستمرت عادتم بذلك ،كان كالشروط لفظا ،
وهو مطرد على قواعد أهل الدينة .وقواعد أحد رحه ال ،أن الشرط العرف
كاللفظي سواء ،ولذا أوجبوا الجرة على من دفع ثوبه ال غسال أو قصار ،أو
عجينه إل خباز ،أو طعامه إل طباخ يعملون بالجرة ،أو دخل المام واستخدم من
يغسله من عادته أن يغسل بالجرة ،أنه يلزمه أجرة الثل .وعلى هذا فلو فرض أن
الرأة من بيت ل يتزوج الرجل على نسائهم ضرة ،ول يكنونه من ذلك ،وعادتم
مستمرة بذلك كان كالشروط لفظا .وكذلك لو كانت من يعلم أنا ل يكن إدخال
الضرة عليها عادة لشرفها ،وحسبها ،وجللتها ،كان ترك التزوج عليها كالشروط
لفظا .وعلى هذا فسيدة نساء العالي ،وابنة سيد ولد آدم أجعي ،أحق النساء
بذا ،فلو شرطه علي ف صلب العقد كان تأكيدا ل تأسيسا ،وف منع علي من /
صفحة / 114المع بي فاطمة رضي ال عنها وبي بنت أب جهل حكم حكم
بديعة ،وهي أن الرأة مع زوجها ف درجة تبع له ،فان كانت ف نفسها ذات درجة
عالية وزوجها كذلك ،كانت ف درجة عالية بنفسها وبزوجها ،وهذا شأن فاطمة
وعلي رضي ال عنهما .ول يكن ال عزوجل ليجعل ابنة أب جهل مع فاطمة رضي ال
عنها ف درجة واحدة ،ل بنفسها ول تبعا ،وبينهما من الفرق ما بينهما ،فلم يكن
83
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
نكاحها على سيدة نساء العالي مستحسنا ،ل شرعا ول قدرا ،وقد أشار صلى ال
عليه وسلم ال هذا بقوله " :وال ل تتمع بنت رسول ال وبنت عدو ال ف مكان
واحدا أبدا " .فهذا إما أن يتناول درجة الخر بلفظه أو اشارته .انتهى .وقد تقدم
رأي الفقهاء ف اشتراط مثل هذا الشرط ونوه ما فيه للمرأة ،فليجع إليه .حكمة
التعدد - 1 :من رحة ال بالنسان وفضله عليه أن أباح له تعدد الزوجات ،وقصره
على أربع .فللرجل أن يمع ف عصمته ف وقت واحد أكثر من واحدة ،بشرط أن
يكون قادرا على العدل بينهن ف النفقة والبيت كما تقدم .فإذا خاف الور وعدم
الوفاء با عليه من تبعات حرم عليه أن يتزوج بأكثر من واحدة .بل إذا خاف الور
بعجزه عن القيام بق الرأة الواحدة حرم عليه أن يتزوج حت تتحق له القدرة على
الزواج ( . ) 1وهذا التعدد ليس واجبا ول مندوبا ،وإنا هو أمر أباحه السلم ،
لن ثة مقتضيات عمرانية وضرورات إصلحية ل يمل بشترع إغفالا ،ول ينبغي له
التغاضي عنها ( .هامش ) ( ) 1يراجع حكم الزواج من هذا الكتاب / ) . ( .
صفحة - 2 / 115ذلك أن للسلم رسالة إنسانية عليا كلف السلمون أن ينهضوا
با ،ويقوموا بتبليغها للناس .وهم ل يستطيعون النهوض بذه الرسالة إل إذا كانت
لم دولة قوية ،قد توفر لا جيع مقومات الدولة :من الندية ،والعلم ،والصناعة ،
والزراعة والتجارة ،وغي ذلك من العناصر الت يتوقف عليها وجود الدولة وبقاؤها
مرهوبة الانب نافذة الكلمة قوية السلطان .ول يتم ذلك إل بكثرة الفراد ،بيث
يوجد ف كل مال من مالت النشاط النسان عدد وفي من العاملي ،ولذا قيل " :
إنا العزة للكاثر " .وسبيل هذه الكثرة إنا هو الزواج البكر من جهة ،والتعدد من
جهة أخرى .ولقد أدركت الدول الديثة قيمة الكثرة العددية وآثارها ف النتاج ،
وف الروب ،وف سعة النفوذ ،فعملت على زيادة عدد السكان بتشجيع الزواج
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 115
ومكافأة من كثر نسله من رعاياها لتضمن القوة والنعة .ولقد فطن الرحالة اللان "
بول اشيد " ال الصوبة ف النسل لدى السلمي ،واعتب ذلك عنصرا من عناصر
84
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قوتم فقال ف كتاب " السلم قوة الغد " الذي ظهر سنة " : 1936ان مقومات
القوى ف الشرق السلمي ،تنحصر ف عوامل ثلثة ( :أ ) ف قوة السلم " كدين "
،وف العتقاد به ،وف مثله ،وف تأخيه بي متلفي النس ،واللون ،والثقافة ( .ب
) وف وفرة مصادر الثروة الطبيعية ف رقعة الشرق السلمي الذي يتد من الحيط
الطلسي ،على حدود مراكش غربا إل الحيط الادي على حدود أندونيسيا شرقا .
وتثيل هذه الصادر العديدة لوحدة اقتصادية سليمة قوية ولكتفاء ذات ل يدع
السلمي ف حاجة مطلقا ال أوربا أو غيها إذا ما تقاربوا وتعاونوا ( .ج ) وأخيا
أشار إل العامل الثالث وهو :خصوبة النسل البشري لدى السلمي ،ما جعل قوتم
العددية قوة متزايدة ،ث قال " :فإذا اجتمعت هذه القوى الثلث فتأخى السلمون
على وحدة العقيدة /صفحة / 116وتوحيد ال ،وغطت ثروتم الطبيعية حاجة
تزايد عددهم ،كان الطر السلمي خطرا منذرا بفناء أوربا ،وبسيادة عالية ف
منطقة هي مركز العال كله " .ويقترح " بول أشيد " هذا ،بعد أن فصل هذه العوامل
الثلثة ،عن طريق الحصاءات الرسية ،وعما يعرفه عن جوهر العقيدة السلمية ،
كما تبلورت ف تاريخ السلمي ،وتاريخ ترابطهم وزحفهم لرد العتداء عليهم " أن
يتضامن الغرب السيحي -شعوبا وحكومات -ويعيدوا الرب الصليبية ف صورة
أخرى ملئمة للعصر ،ولكن ف أسلوب نافذ حاسم ( - 3 . " ) 1والدولة صاحبة
الرسالة ،كثيا ما تتعرض لخطار الهاد ،فتفقد عددا كبيا من الفراد ،ول بد من
رعاية أرامل هؤلء الذين استشهدوا ول سبيل إل حسن رعايتهن إل بتزويهن .كما
أنه ل مندوحة عن تعويض من فقدوا ،وإنا يكون ذلك بالكثار من النسل ،والتعدد
من أسباب الكثرة - 4 .قد يكون عدد الناث ف شعب من الشعوب أكثر من عدد
الذكور ،كما يدث عادة ف أعقاب الروب ،بل تكاد تكون الزيادة ف عدد الناث
مطردة ف أكثر المم ،حت ف أحوال السلم ،نظرا لا يعانيه الرجال غالبا من
الضطلع بالعمال الشاقة الت تبط بستوى السن عند الرجال أكثر من الناث .
وهذه الزيادة توجب التعدد ،وتفرض الخذ به لكفالة العدد الزائد وإحصانه ،وإل
اضطرون إل النراف واقتراف الرذيلة ،فيفسد الجتمع وتنحل أخلقه ،أو إل أن
85
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يقضي حياتن ف أل الرمان وشقاء العزوبة ،فيفقدن أعصابن ،وتضيع ثروة بشرية
كان يكن أن تكون قوة للمة ،وثروة تضاف إل مموع ثرواتا .ولقد اضطرت
بعض الدول الت زاد فيها عدد النساء على الرجال إل إباحة التعدد ،لنا ل ترحل
أمثل منه مع مالفته لا تعتقده ،ومنافاته لا ألفته ودرجت عليه ( .هامش ) ( ) 1
ترجة الستاذ الدكتور ممد البهي / ) . ( .صفحة / 117قال الدكتور " ممد
يوسف موسى " :أذكر أن وبعض اخوان الصريي دعينا عام - 1948ونن ف
باريس -لضور مؤتر الشباب العالي بدينة " ميونخ " بألانيا .وكان من نصيب أن
اشتركت أنا وزميل ل من الصريي ف اللقة الت كانت تبحث مشكلة زيادة عدد
النساء بألانيا أضعافا مضاعفة عن عدد الرجال بعد الرب ،وتستعرض ما يكن أن
يكون حل طيبا لا .وبعد استعراض سائر اللول الت يعرفونا هناك ورفضها جيعا
تقدمت وزميلي بالل الطبيعي الوحيد ،وهو إباحة تعدد الزوجات .فقوبل هذا الرأي
أول بشئ من الدهشة والشئزاز ،ولكنه بعد بثه بثا عادل عميقا رأى الؤترون أنه
ل حل غيه ،وكانت النتيجة اعتباره توصية من التوصيات الت أقرها الؤتر .وكان
ما سرن كثيا بعد عودت ال الوطن عام 1949ما عرفته من أن بعض الصحف
الصرية نشرت أن أهال مدينة " بون :عاصمة ألانيا الغربية " طلبوا أن ينص ف
الدستور على إباحة تعدد الزوجات - 5 .ث إن استعداد الرجل للتناسل أكثر من
استعداد الرأة ،فهو مهيأ للعملية النسية منذ البلوغ إل سن متأخرة .بينما الرأة ل
تتهيأ لذلك مدة اليض ( وهو دورة شهرية قد تصل إل عشرة أيام ) ول تتهيأ كذلك
مدة النفاس والولدة ( وقد تصل هذه الدة ال أربعي يوما ) يضاف ال ذلك ظروف
.المل والرضاع .واستعداد الرأة للولدة ينتهي بي الامسة والربعي والمسي ،
بينما يستطيع الرجل الخصاب إل ما بعد الستي ،ول بد من رعاية مثل هذه الالت
ووضع اللول السليمة لا .فإذا كانت الزوجة ف هذه الالة عاجزة عن أداء الوظيفة
الزوجية ،فماذا يصنع الرجل أثناء هذه الفترة ؟ وهل الفضل له أن يضم إليه حليلة
تعف نفسه وتصن فرجه يتخذ خليلة ل تربطه با رابطة إل الرابطة الت تربط
اليوانات بعضها ببعص ؟ ! مع ملحظة أن السلم يرم الزنا أشد تري . :
86
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 117
/صفحة " / 118ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل " .ويقرر لقترفه
عقوبة رادعة " :الزانية والزان ،فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ،ول تأخذكم
بما رأفة ف دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ،وليشهد عذابما طائفة من
الؤمني ( - 6 . " ) 1وقد تكون الزوجة عقيما ل تلد ،أو مريضة مرضا ل يرجى
شفاؤها منه ،وهي مع ذلك راغبة ف استمرار الياة الزوجية ،والزوج راغب ف
إناب الولد ،وف الزوجة الت تدبر شؤون بيته .فهل من الي للزوج أن يرضى
بذا الواقع الليم ،فيصطحب هذه العقيم دون أو يولد له ،وهذه الريضة دون أن
يكون له من يدبر أمر منله ،فيحتمل هذا الغرم كله وحده ؟ ! .أم الي ف أن
يفارقها وهي راغبة ف العاشرة فيؤذيها بالفراق ؟ ! أم يوفق بي رغبتها ورغبته ،
فيتزوج بأخرى ويبقي عليها فتلتقي مصلحته ومصحلتها معا ؟ ! أعتقد أن الل الخي
هو أهدى اللول وأحقها بالقبول ،ول يسع صاحب ضمي حي وعاطفة نبيلة إل أن
يتقبله ويرضى به - 7 .وقد يوجد عند بعض الرجال -بكم طبيعتهم النفسية
والبدنية -رغبة جنسية جامة ،إذ ربا ل تشبعه امرأة واحدة ،ول سيما ف بعض
الناطق الارة .فبدل من أن يتخذ خليلة تفسد عليه أخلقه ،أبيح له أن يشبع غريزته
عن طريق حلل مشروع - 8 .هذه بعض السباب الاصة والعامة الت لحظها
السلم ،وهو يشرع ل ليل خاص من الناس ،ول لزمن معي مدود ،وإنا يشرع
للناس جيعا إل أن يرث ال الرض ومن عليها ،فمراعاة الزمان والكان لا اعتبارها ،
وتقدير ظروف الفراد لبد وأن يسب حسابا .والرص على مصال المة -بتكثي
سوادها ليكونوا عدتا ف الرب والسلم -من أهم الهداف الت يستهدفها الشرع .
/صفحة - 9 / 119ولقد كان لذا التشريع والخذ به ف العال السلمي فضل
كبي ف بقائه نقيا بعيدا عن الرذائل الجتماعية والنقائص اللقية الت فشت ف
الجتمعات الت ل تؤمن بالتعدد ول تعترف به .فقد لوحظ ف الجتمعات الت ترم
التعدد - 1 :شيوع الفسق ،وانتشار الفجور ،حت زاد عدد البغايا عن عدد
87
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
التزوجات ف بعض الهات - 2 .وتبع ذلك كثرة الواليد من السفاح .إذ بلغت
نسبتها ف بعض الهات . \ . 50من مموع الواليد هناك .وف الوليات التحدة
يولد ف كل عام أكثر من مائت ألف ولدة غي شرعية ! ! ! نشرت جريدة الشعب ف
شهر أغسطس سنة 1959ما يلي " :الرقم الذهل للطفال غي الشرعيي الذي
ولدوا ف الوليات التحدة ،أثار من جديد الدل حول انطاط مستوى الخلق ف
أمريكا ،والمل الذي يقع على عاتق دافع الضرائب المريكي -نتيجة لتحمله
نفقات هذا اليش من الطفال -ول غرو فقد تعدى عدد هؤلء الواليد ال " مائت
ألف " سنويا .ولواجهة هذه الشكلة تدرس الهات الرسية ف بعض الجتمعات
إمكانية تعقيم النساء اللت يدن عن التعاليم الدينية .ويتركز الدل ف أماكن
أخرى ،حول القترحات الت تطالب بتخفيض العانات للمهات اللت يضعن أكثر
من مولود واحد غي شرعي .وتقول وزارات الصحة ،والتعليم ،والشؤون
الجتماعية ،ف الوليات التحدة :ان دافعي الضرائب ف أمريكا سوف يتحملون هذا
العام مبلغ 210مليون دولرا لتغطية نفقات الطفال غي الشرعيي ،وذلك بواقع
27دولرا و 29سنتا شهريا لكل طفل .وتقول الحصاءات الرسية ان عدد هؤلء
الطفال ارتفع من " 87ألفا و " 900عام 1938ال " 201ألف و " 700عام
/ . 1957صفحة / 120كما تقدر وزارة الشؤون الجتماعية عدد هؤلء الطفال
ف عام 205 - 1958ألف طفل . . .ولكن الباء يعتقدون أن الرقم الصحيح
يتعدى هذا بكثي .وتدل الحصاءات الخية على أن معدل هذه الولدات غي
الشرعية ف كل ألف ،قد زاد ثلثة أضعاف -خلل اليلي الخيين -مع زيادة
تنذر بالطر بي الفتيات الراهقات .ويعلن علماء علم الجتماع حقيقة أخرى ،وهي
أن العلئلت القتدرة تفي عادة أن إحدى بناتا حلت بطريقة غي شرعية ،وترسل
الطفل بدوء ال أسرة أخرى تتبناه " .انتهى - 3 .وأثرت هذه التصالت البيثة
المراض البدنية والعقد النفسية والضطرابات العصبية - 4 .وتسربت عوامل
الضعف والنلل إل النفوس - 5 .وانلت عرى الصلت الوثيقة بي الزوج
وزوجته ،واضطربت الياة الزوجية وانفكت روابط السرة حت ل تعد شيئا ذا قيمة
88
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
- 6 .وضاع النسب الصحيح ،حت أن الزوج ل يستطيع الزم بأن الطفال الذين
يقوم على تربيتهم هم من صلبه .فهذه الفاسد وغيها كانت النتيجة الطبيعية لخالفة
الفطرة والنراف عن تعاليم ال ،وهي أقوى دليل وأبلغ حجة على أن وجهة السلم
هي أسلم وجهة ،وأن تشريعه هو أنسب تشريع لنسان يعيش على الرض ،وليس
للئكة يعيشون ف السماء .ولنختم هذه الكلمة بالسؤال والواب اللذين أوردها
الفونس اتيي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 120
دينيه حيث قال :هل ف زوال تعدد الزوجات فائدة أخلقية ؟ ث أجاب :إن هذا أمر
مشكوك فيه ،فالدعارة الت تندر ف أكثر القطار السلمية سوف تتفشى فيها ،
وتنشر آثارها الخربة .وكذلك سوف يظهر ف بلد السلم داء ل تعرفه من قبل ،
هو عزوبة النساء الت تنتشر بآثارها الفسدة ف البلد القصور فيها الزواج على واحدة
/ ،صفحة / 121وقد ظهر ذلك فيها بنسبة مفزعة .وخاصة عقب فترات الروب
( ) 1تقييد التعدد :ولقد كان سوء التطبيق ،وعدم رعاية تعاليم السلم حجة
ناهضة للذين يريدون أن يقيدوا تعدد الزوجات ،وأل يباح للرجل أن يتزوج بأخرى
إل بعد دراسة القاضي أو غيه -من الهات الت يناط با هذا المر -حالته ومعرفة
قدرته الالية ،والذن له بالزواج .ذلك أن الياة النلية تتطلب نفقات باهظة ،فإذا
كثر أفراد السرة بتعدد الزوجات ثقل حل الرجل ،وضعف عن القيام بالنفقة
عليهم ،وعجز عن تربيتهم التربية الت تعل منهم أفرادا صالي ،يستطعيون النهوض
بتكاليف الياة وتبعاتا ،وبذلك يفشو الهل ،ويكثر التعطلون ،ويتشرد عدد كبي
من أفراد المة ،فيشبون وهم يملون جراثيم الفساد الت تنخر ف عظامها .ث ان
الرجل ل يتزوج ف هذه اليام بأكثر من واحدة إل لقضاة الشهوة أو الطمع ف الال ،
فل يتحرى الكمة من التعدد ،ول يبتغي وجه الصلحة فيه ،وكثيا ما يعتدي على
حق الزوجة الت تزوج عليها ،ويضار أولده منها ،ويرمهم من الياث ،فتشتعل
نيان العداوة بي الخوة والخوات من الضرائر ،ث تنتشر هذه العداوة إل السر ،
89
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فيشتد الصام ،وتسعى كل زوجة للنتقام من الخرى ،وتكب هذه الصغائر حت
تصل ال حد القتل ف بعض الحايي .هذه بعض آثار التعدد ،والت اتذ منها دليل
التقييد .ونبادر فنقول :إن العلج ل يكون بنع ما أباحه ال ،وإنا يكون ذلك
بالتعليم والتربية وتفقيه الناس ف أحكام الدين .أل ترى أن ال أباح للنسان أن يأكل
ويشرب دون أن يتجاوز الد ،فإذا أسرف ف الطعام والشراب فأصابته المراض
وانتابته العلل ،فليس ذلك راجعا ال الطعام والشراب بقدر ما هو راجع ال النهم
والسراف ( .هامش ) ( ) 1من كتاب " ممد رسول ال " :ترجة الستاذ الدكتور
عبد الليم ممود / ) . ( .صفحة / 122وعلج مثل هذه الالة ل يكون بنعه من
الكل والشرب ،وإنا يكون بتعليمه الدب الذي ينبغي مراعاته اتقاء لا يدث من
ضرر .ث إن الذين ذهبوا إل حظر التعدد إل بإذن من القاضي مستدلي بالواقع من
أحوال الذين تزوجوا بأكثر من واحدة ،جهلوا أو تاهلوا الفاسد الت تنجم من الظر
،فان الضرر الاصل من إباحة التعدد أخف من ضرر حظره ،والواجب أن يتقى
أشدها باباحة أخفهما -تبعا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين -وترك المر للقاضي
ما ل يكن ضبطه ،فليست هناك مقاييس صحيحة يكن أن يعرف با ظروف الناس .
وأحوالم ،وقد يكون ضره أقرب من نفعه .ولقد كان السلمون ،من العهد الول
إل يومنا هذا ،يتزوجون بأكثر من واحدة ،ول يبلغنا أن أحدا حاول حظر التعدد ،
أو تقييده على النحو القترح ،فليسعنا ما وسعهم ،وما ينبغي لنا أن نضيق رحة ال
الواسعة ،وننتقص من التشريع الذي جع من الزايا والفضائل ما شهد به العداء ،
فضل عن الصدقاء .تاريخ تعدد الزوجات ( : ) 1القيقة أن هذا النظام كان سائدا
قبل ظهور السلم ف شعوب كثية .منها " :العبيون " و " العرب " ف الاهلية ،
وشعوب " الصقالبة " أو " السلفيون " .وهي الت ينتمي إليها معظم أهل البلد الت
نسميها الن " :روسيا ،وليتوانيا ،وليثونيا ،واستونيا ،وبولونيا ،وتشيكو
سلوفاكيا ويوغوسلفيا " .وعند بعض الشعوب الرمانية والسكسونية الت ينتمي
إليها معظم أهل البلد الت تسميها الن " ألانيا ،والنمسا ،وسويسرا ،وبلجيكا ،
وهولندا ،والدانيمارك ،والسويد ،والنرويج ،وانلترا " .فليس بصحيح إذن ما
90
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يدعونه من أن السلم هو الذي قد أتى بذا النظام ( .هامش ) ( ) 1من كتاب
حقوق النسان ف السلم :للستاذ الدكتور علي عبد الواحد واف / ) . ( .صفحة
/ 123والقيقة كذلك أن نظام تعدد الزوجات ل يزال إل الوقت الاضر منتشرا ف
عدة شعوب ل تدين بالسلم كأفريقيا ،والند ،والصي ،واليابان .فليس بصحيح
إذن ما يزعمونه من أن هذا النظام مقصور على المم الت تدين بالسلم .والقيقة
كذلك أنه ل علقة للدين السيحي ف أصله بتحري التعدد .وذلك أنه ل يرد ف
النيل نص صريح يدل على هذا التحري .وإذا كان السابقون الولون إل السيحية
من أهل أوربا قد ساروا على نظام وحدة الزوجة فما ذاك إل لن معظم المم الوربية
الوثنية الت انتشرت فيها السيحية ف أول المر -وهي شعوب اليونان ،والرومان -
كانت تقاليدها ترم تعدد الزوجات العقود عليهن ،وقد سار أهلها ،بعد اعتناقهم
السيحية ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 123
،على ما وجدوا عليه آباءهم من قبل .إذن فلم يكن نظام وحدة الزوجة لديهم نظاما
طارئا جاء به الدين الديد الذي دخلوا فيه ،وإنا كان نظاما قديا جرى عليه العمل
ف وثنيتهم الول ،وكل ما هنالك أن النظم الكنسية الستحدثة بعد ذلك قد استقرت
على تري تعدد الزوجات واعتبت هذا التحري من تعاليم الدين ،على الرغم من أن
أسفار النيل نفسها ل يرد فيها شئ يدل على هذا التحري .والقيقة كذلك ،أن
نظام تعدد الزوجات ل يبد ف صورة واضحة إل ف الشعوب التقدمة ف الضارة ،
على حي أنه قليل النتشار أو منعدم ف الشعوب البدائية التأخرة كما قرر ذلك علماء
الجتماع ومؤرخو الضارات ،وعلى رأسهم " وستر مارك ،وهو بوس ،وهيلي ،
وجنربرج " .فقد لو حظ أن نظام وحدة الزوجية كان النظام السائد ف أكثر الشعوب
تأخرا وبدائية ،وهي الشعوب الت تعيش على الصيد ،أو جع الثمار الت تود با
الطبيعة عفوا ،وف الشعوب الت تتزحزح تزحزحا كبيا عن بدائيتها ،وهي الشعوب
الديثة العهد بالزراعة .على حي أن نظام تعدد الزوجات ل يبد ف صورة واضحة إل
91
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ف الشعوب الت قطعت مرحلة كبية ف الضارة ،وهي الشعوب الت تاوزت مرحلة
الصيد البدائي إل مرحلة استئناس النعام وتربيتها ورعيها واستغللا ،والشعوب الت
تاوزت جع الثمار والزراعة البدائية إل مرحلة الزراعة / .صفحة / 124ويرى كثي
من علماء الجتماع ومؤرخي الضارات أن نظام تعدد الزوجات سيتسع نطاقه
حتما ،ويكثر عدد الشعوب الخذة به كلما تقدمت الدنية واتسع نطاق الضارة .
فليس بصحيح إذن ما يزعمونه من أن نظام تعدد الزوجات مرتبط بتأخر الضارة ،بل
عكس ذلك تاما هو التفق مع الواقع .هذا هو الوضع الصحيح لنظام التعدد من
الناحية التاريية ،وهذا هو موقف السيحية منه ،وهذه هي القيقة فيما يتعلق بدى
انتشاره وارتباطه بتقدم الضارة .ول نذكر ذلك لتبير هذا النظام ،وإنا ذكرناه
لجرد وضع المور ف نصابا ،ولبيان ما تنطوي عليه حلة الفرنة من تزييف للحقيقة
والتاريخ / .صفحة / 125الولية على الزواج معن الولية :الولية حق شرعي ،
ينفذ بقتضاه المر على الغي جبا عنه .وهي ولية عامة ،وولية خاصة .والولية
الاصة ولية على النفس ،وولية على الال .والولية على النفس هي القصودة هنا
.أي ولية على النفس ف الزواج .شروط الول :ويشترط ف الول :الرية ،
والعقل ،والبلوغ ،سواء كان الول عليه مسلما أو غي مسلم ،فلولية لعبد ،ول
منون ،ول صب ،لنه ل ولية لواحد من هؤلء على نفسه ،فأول أل تكون له
ولية على غيه .ويزاد على هذه الشروط شرط رابع ،وهو السلم ،إذا كان الول
عليه مسلما .فإنه ل يوز أن يكون لغي السلم ولية على السلم لقول ال تعال " :
ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل ( . " ) 1عدم اشتراط العدالة :ول
تشترط العدالة ف الول ،إذ الفسق ل يسلب أهلية التزويج إل إذا خرج به الفسق إل
حد التهتك ،فإن الول ف هذه الالة ل يؤتن على ما تت يده ،فيسلب حقه ف
الولية .اعتبار ولية الرأة على نفسها ف الزواج :ذهب كثي من العلماء إل أن
الرأة لتزوج نفسها ول غيها ،وإل أن الزواج ل ينعقد بعبارتا ،إذ أن الولية شرط
ف صحة العقد ،وأن العاقد هو الول ،واحتجوا لذا - 1 :يقول ال تعال " :
وأنكحوا اليامى منكم والصالي ( هامش ) ( ) 1سورة النساء آية / ) . ( . 141
92
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صفحة / 126من عبادكم وإمائكم " ( - 2 . ) 1وبقوله سبحانه " :ول تنكحوا
الشركي حت يؤمنوا ( " ) 2ووجه الحتجاج باليتي :أن ال تعال خاطب بالنكاح
الرجال ،ول ياطب به النساء ،فكأنه قال " :ل تنكحوا أيها الولياء مولياتكم
للمشركي - 3 .وعن أب موسى أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل
نكاح إل بول " .رواه أحد ،وأبو داود ،والترمذي ،وابن حبان ،والاكم
وصححاه .والنفي ف الديث يتجه إل الصحة الت هي أقرب الجازين إل الذات .
فيكون الزواج بغي ول باطل ،كما سيأت ف حديث عائشة رضي ال عنها - 4 .
وروى البخاري عن السن قال " :فل تعضلوهن " قال " :حدثن معقل بن يسار أنا
نزلت فيه :زوجت أختا ل من رجل فطلقها حت إذا انقضت عدتا جاء يطبها ،
فقلت له :زوجتك ،وفرشتك ،وأكرمتك ،فطلقتها ،ث جئت تطبها ! ! .ل وال
ل تعود إليها أبدا ،وكان رجل ل بأس به ،وكانت الرأة تريد أن ترجع إليه ،فأنزل
ال هذه الية " فل تعضلوهن " فقلت :الن أفعل يا رسول ال .قال :فزوجتها إياه
" .قال الافظ ف الفتح :ومن أقوى الجج هذا السبب الذكور ف نزول هذه الية
الذكورة ،وهي أصرح دليل على اعتبار الول ،وإل لا كان لعضله معن ،ولنا لو
كان لا أن تزوج نفسها ل تتج إل أخيها ،ومن كان أمره
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 126
إليه ل يقال إن غيه منعه منه - 5 .وعن عائشة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال " :أيا امرأة نكحت بغي إذن وليها فنكاحها باطل ،فنكاحها باطل ،فنكاحها
باطل ،فإن دخل با فلها الهر با استحل من فرجها ،فإن اشتجروا ( ) 3فالسلطان
ول من ل ول له " .رواه أحد ،وأبو داود ،وابن ماجه ،والترمذي ،وقال :
حديث حسن ( .هامش ) ( ) 1سورة النور آية ) 2 ( 32سورة البقر آية ( . 222
) 3أي امتنعوا عن التزويج / ) . ( .صفحة / 127قال القرطب :وهذا الديث
صحيح .ول اعتبار بقول ابن علية عن ابن جريج أنه قال :سألت عنه الزهري ،فلم
يعرفه ،ول يقل هذا أحد عن ابن جريج غي ابن علية ،وقد رواه جاعة عن الزهري
93
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ول يذكروا ذلك ،ولو ثبت هذا عن الزهري ل يكن ف ذلك حجة .لنه قد نقله عنه
ثقات ،منهم سليمان بن موسى ،وهو ثقة إمام ،وجعفر بن ربيعة ،فلو نسيه الزهري
ل يضره ذلك لن النسيان ل يعصم منه ابن آدم .قال الاكم :وقد صحت الرواية
فيه عن أزواج النب صلى ال عليه وسلم :عائشة وأم سلمة ،وزينب ،ث سرد تام
ثلثي حديثا .وقال ابن النذر :إنه ل يعرف عن أحد من أصحابه خلف ذلك 6 .
-قالوا :ولن الزواج له مقاصد متعددة ،والرأة كثيا ما تضع لكم العاطفة ،فل
تسن الختيار ،فيفوتا حصول هذه القاصد ،فمنعت من مباشرة العقد وجعل إل
وليها ،لتحصل على مقاصد الزواج على الوجه الكمل .قال الترمذي :والعمل
على حديث النب صلى ال عليه وسلم ف هذا الباب ( لنكاح إل بول ) عند أهل
العلم من أصحاب النب :منهم عمر بن الطاب وعلي بن أب طالب ،وعبد ال بن
عباس ،وأبو هريرة ،وابن عمر ،وابن مسعود وعائشة .ومن ذهب إل هذا من
فقهاء التابعي :سعيد بن السيب والسن البصري ،وشريح ،وإبراهيم النخعي ،
وعمر بن عبد العزيز ،وغيهم .وبذا يقول سفيان الثوري ،والوزاعي ،وعبد ال
بن البارك ،والشافعي وابن شبمه ،وأحد ،وإسحاق ،وابن حزم ،وابن أب ليلى ،
والطبي ،وأبو ثور .وقال الطبي :ف حديث حفصة -حي تأيت ،وعقد عليها
عمر النكاح ،ول تعقده هي -إبطال قول من قال :إن من قال :إن للمرأة البالغة
الالكة لنفسها تزويج نفسها وعقد النكاح دون وليها ،ولو كان ذلك لا ل يكن
رسول ال صلى ال عليه وسلم ليدع خطبة حفصة لنفسها ،إذ كانت أول بنفسها من
أبيها وخطبها إل من ل يلك أمرها ول العقد عليها / .صفحة / 128ويرى أبو
حنيفة وأبو يوسف :أن الرأة العاقلة البالغة لا الق ف مباشرة العقد لنفسها .بكرا
كانت أو ثيبا .ويستحب لا أن تكل عقد زواجها لوليها .صونا لا عن التبذل إذا هي
تولت العقد بحضر من الرجال الجانب عنها .وليس لوليها العاصب ( ) 1حق
العتراض عليها ،إل إذا زوجت نفسها من غي الكف ء أو كان مهرها أقل من مهر
الثل .فإن زوجت نفسها بغي كف ء ،وبغي رضا وليها العاصب ،فالروي عن أب
حنيفة وأب يوسف ،والفت به ف الذهب عدم صحة زواجها ،إذ ليس كل ول يسن
94
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الرافعة ،ولكل قاض يعدل ،فأفتوا بعدم صحة الزواج سدا لباب الصومة .وف
رواية أن للول حق العتراض بأن يطلب من الاكم التفريق ،دفعا لضرر العار ما ل
تلد من زوجها ،أو تبل حبل ظاهرا ،فإنه حينئذ يسقط حقه ف طلب التفريق لئل
يضيع الولد ،ومافظة على المل من الضياع .وإن كان الزوج كفئا ،وكان الهر
أقل من مهر الثل فإن من حق الول أن يطالب بهر مثلها ،فإن قبل الزوج لزم العقد ،
وإن رفض رفع المر للقاضي ليفسخه .وإن ل يكن لا ول عاصب .بأن كانت لول
لا أصل ،أولا ول غي عاصب ،فلحق لحد ف العتراض على عقدها .سواء
زوجت نفسها من كف ء أوغي كف ء ،بهر الثل ،أو أقل ،لن المر ف هذه الالة
يرجع إليها وحدها ،وأنا تصرفت ف خالص حقها ،وليس لا ول يناله العار لزواجها
من غي كف ء ،ومهر مثلها قد سقط بتنازلا عنه .واستدل جهور الحناف با يأت :
- 1قول ال تعال " :فإن طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه ( . " ) 2
- 2وقوله سبحانه " :وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فل تعضلوهن أن ينكحن
أزواجهن ( ( . " ) 3هامش ) ( ) 1العاصب :الوارث ) 2 ( .سورة البقرة الية
) 3 ( . 230سورة البقرة الية / ) . ( . 232صفحة / 129ففي هاتي اليتي
إسناد الزواج إل الرأة .والصل ف السناد أن يكون إل الفاعل القيقي - 3 .ث
إنا تستقل بعقد البيع وغيه من العقود ،فمن حقها أن تستقل بعقد زواجها ،إذ ل
فرق بي عقد وعقد .وعقد الزواج وإن كان لوليائها حق فيه فهو ل يلغ ،إذ اعتب
ف حالة ما إذا أساءت التصرف ،وتزوجت من غي كف ء ،إذ أن سوء تصرفها
يلحق عاره أولياءها .قالوا :وأحاديث اشتراط الولية ف الزواج تمل على ناقصة
الهلية ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 129
كأن تكون صغية ،أو منونة .وتصيص العام ،وقصره على بعض أفراده بالقياس
جائز عند كثي من أهل الصول .وجوب استئذان الرأة قبل الزواج :ومهما يكن من
خلف ف ولية الرأة ،فإنه يب على الول أن يبدأ بأخذ رأي الرأة .ويعرف رضاها
95
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قبل العقد ،إذ أن الزواج معاشرة دائمة ،وشركة قائمة بي الرجل والرأة ،ول يدوم
الوثام ويبقى الود والنسجام ما ل يعلم رضاها ،ومن ث منع الشرع إكراه الرأة -
بكرا كانت أو ثيبا -على الزواج ،وإجبارها على من لرغبة لا فيه ،وجعل العقد
عليه قبل استئذانا غي صحيح ،ولا حق الطالبة بالفسخ إبطال لتصرفات الول
الستبد إذا عقد عليها - 1 :فعن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :
" الثيب أحق بنفسها ( ) 1من وليها .والبكر تستأذن ف نفسها وإذنا صماتا ( ) 2
" رواه الماعة إل البخاري .وف رواية لحد ،ومسلم ،وأب داود ،والنسائي
( والبكر يستأمرها أبوها ) .أي يطلب أمرها قبل العقد عليها - 2 .وعن أب هريرة
رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ( هامش ) ( ) 1أي أنا أحق
بنفسها ف أن الول ل يعقد عليها إل برضاها ل أنا أحق بنفسها أن تعقد على نفسها
دون وليها ) 2 ( .أي أن سكوتا إذن ( / ) .صفحة / 130قال " :ل تنكح الي
( ) 1حت تستأمر ،ول البكر حت تستأذن .قالوا :يا رسول ال :كيف إذنا ؟ قال
:أن تسكت " - 3 .وعن خنساء بنت خدام " أن أباها زوجها وهي ثيب ،فأتت
رسول ال صلى ال عليه وسلم فرد نكاحها " .أخرجه الماعة إل مسلما - 4 .
وعن ابن عباس " :أن جارية بكرا ،أتت رسول ال صلى ال عليه وسلم فذكرت له
أن أباها زوجها وهي كارهة ،فخيها النب " .رواه أحد ،وأبو داود ،وابن ماجه ،
والدارقطن - 5 .وعن عبد ال بن بريدة عن أبيه قال " :جاءت فتاة ال رسول ال
صلى ال عليه وسلم فقالت :إن أب زوجن ابن أخيه ليفع ب خسيسته .قال :
فجعل المر إليها ،فقالت :قد أجزت ما صنع أب ،ولكن أردت أن أعلم النساء أن
ليس إل الباء من المر شئ " .رواه ابن ماجه .ورجاله رجال الصحيح .زواج
الصغية :هذا بالنسبة للبالغة ،أما الصغية ،فإنه يوز للب والد تزويها دون إذنا
،إذ ل رأي لا ،والب والد يرعيان حقها ويافظان عليها .وقد زوج أبو بكر
رضي ال عنه ابنته عائشة أم الؤمني من رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي صغية
دون إذنا ،إذ ل تكن ف سن يعتب فيها إذنا .وليس لا اليار إذا بلغت .واستحب
الشافعية أل يزوجها الب أو الد حت تبلغ ويستأذنا ،لئل يوقعها ف أسر الزواج
96
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وهي كارهة .وذهب المهور إل أنه ل يوز لغي الب والد من الولياء أن يزوج
الصغية ،فإن زوجها ل يصح .وقال أبو حنيفة والوزاعي وجاعة من السلف :يوز
لميع الولياء ويصح ،ولا اليار إذا بلغت وهو الصح ،لا روي أن النب صلى ال
عليه ( .هامش ) ( ) 1الي من ل زوج لا ولبد من تصريها بالرضا با يدل عليه
من نطق أو غيه / ) . ( .صفحة / 131وسلم زوج أمامة بنت حزة -وهي صغية
، -وجعل لا اليار إذا بلغت .وإنا زوجها النب صلى ال عليه لقربه منها ،ووليته
عليها ،ول يزوجها بصفته نبيا ،إذ لو زوجها بصفته نبيا ل يكن لا حق اليار إذا
بلغت ،لقول ال تعال " :وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن
يكون لم الية من أمرهم ( " ) 1وهذا الذهب قال به من الصحابة عمر ،وعلي ،
وعبد ال بن مسعود ،وابن عمر ،وأبو هريرة ،رضي ال عنهم أجعي .ولية
الجبار :تثبت ولية الجبار على الشخص الفاقد الهلية مثل الجنون ،والصب غي
الميز ،كما تثبت هذه الولية على الشخص الناقص الهلية مثل الصب ،والعتوه
الميزين .ومعن ثبوت ولية الجبار ،أن للول حق عقد الزواج لن له الولية عليه
من هؤلء دون الرجوع إليهم لخذ رأيهم .ويكون عقده نافذا على الول عليه دون
توقف على رضاه .وقد جعل الشارع هذه الولية إجبارية للنظر ف مصال الول
عليه ،إذ أن فاقد الهلية ،أو ناقصها عاجز عن النظر ف مصال نفسه .وليس له من
القدرة العقلية ما يستطيع با أن يدرك مصلحته ف العقود الت يعقدها ،والتصرفات
الت تصدر عنه بسبب الصغر أو النون أوالعته ،ومن ث فإن تصرفات فاقد الهلية أو
ناقصها ترجع إل وليه .إل أن فاقد الهلية إذا عقد عقد الزواج ،فإن عقده يقع
باطل ،إذ ل تعتب عباراته ف إنشاء العقود والتصرفات ،لعدم التمييز الذي هو أصل
الهلية .أما ناقص الهلية إذا عقد عقد الزواج فإن عقده يقع صحيحا ،مت توفرت
الشروط اللزمة .إل أنه يتوقف على إجازة الول ،فإن شاء أجازه ،وإن شاء رده .
( هامش ) ( ) 1سورة الحزاب آية / ) . ( . 36صفحة / 132
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 132
97
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وقال الحناف :إن ولية الجبار هذه تثبت للعصبات النسبية على الصغار ،
والجاني ،والعتوهي .أما غي الحناف ،فقد فرقوا بي الصغار وبي الجاني والعاتة
،فاتفقوا على أن الولية على الجاني والعاتة تثبت للب ،والد ،والوصي ،
والاكم .واختلفوا فيمن تثبت له هذه الولية على الصغية والصغي فقال المام
مالك وأحد :تثبت للب ،ووصيه فقط ،ول تثبت لغيها .وذهب الشافعي إل أنا
تثبت للب والد .من هم الولياء ؟ ذهب جهور العلماء ،منهم مالك والثوري ،
والليث والشافعي إل أن الولياء ف الزواج هم العصبة ،وليس للخال ول للخوة لم
،ول لولد الم ،ول لي من ذوي الرحام ولية .قال الشافعي :ل ينعقد نكاح
امرأة إل بعبارة الول القريب ،فإن ل يكن فبعبارة الول البعيد ،فإن ل يكن فبعبارة
السلطان ( . ) 1فإن زوجت نفسها بإذن الول ،أو بغي إذنه بطل الزواج ،ول
يتوقف .وعند أب حنيفة أن لغي العصبة من القارب ولية التزويج .ولصاحب
الروضة الندية تقيق ف هذا الوضوع .قال :الذي ينبغي التعويل عليه عندي هو أن
يقال " :إن الولياء هم قرابة الرأة :الدن فالدن ،الذين تلحقهم الغضاضة إذا
تزوجت بغي كف ء ،وكان الزوج لا غيهم " .وهذا العن ل يتص بالعصبات ،
بلى قد يوجد ف ذوي السهام ،كالخ لم ،وذوي الرحام كإبن البنت .وربا
كانت الغضاضة معهما أشد منها مع بن العمام ونوهم ،فل ( هامش ) ( ) 1أي
أن الترتيب عنده يب أن يكون هكذا :الب ،ث الد أبو الب ،ث الخ للب
والم ،ث الخ للب ،ث ابن الخ للب والم ث ابن الخ ،ث العم ،ث ابنه .على
هذا الترتيب ،ث الاكم .أي أنه ل يزوج أحد وهناك من هو أقرب منه ،لنه حق
مستحق بالتعصب ،فأشبه الرث ،فلو زوج احد منهم على خلف هذا الترتيب
الذكور ل يصح الزواج / ) . ( .صفحة / 133وجه لتخصيص ولية النكاح
بالعصابات ،كما أنه لوجه لتخصيصها بن يرث .ومن زعم ذلك فعليه الدليل أو
النقل ،بأن معن الول ف النكاح شرعا أو لغة هو هذا .قال :ول ريب أن بعض
القرابة أول من بعض .وهذه الولوية ليست باعتبار استحقاق نصيب من الال ،
واستحقاق التصرف فيه حت يكون كالياث ،أو كولية الصغي ،بل باعتبار أمر
98
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
آخر ،وهو ما يده القريب من الغضاضة الت هي العار اللصق به .وهذا ل يتص
بالعصبات ،بل يوجد ف غيهم ،ولشك أن بعض القرابة أدخل ف هذا المر من
بعض .فالباء والبناء أول من غيهم ،ث الخوة لبوين ،ث الخوة لب ،أو لم ،
ث أولد البني ،وأولد البنات ،ث أولد الخوة ،وأولد الخوات ،ث العمام ،
والخوال ،ث هكذا من بعد هؤلء .ومن زعم الختصاص بالبعض دون البعض
فليأت بجة .وإن ل يكن بيده إل مرد أقوال من تقدمه فلسنا من يعول على ذلك (
) 1جواز تزويج الرجل نفسه من موليته :يوز للرجل أن يزوج نفسه من الرأة الت
يلي أمرها دون الحتياج ال ول آخر ،إذا رضيت به زوجا لا .فعن سعيد بن خالد
عن أم حكيم بنت قارظ ،قالت لعبد الرحن بن عوف :إنه خطبن غي واحد ،
فزوجن أيهم رأيت .قال :وتعلي ذلك إل ؟ قالت :نعم .قال :قد تزوجتك .
وقال مالك :لو قالت الثيب لوليها :زوجن بن رأيت ،فزوجها من نفسه ،أو من
اختار لا ،لزمها ذلك ،ولو ل تعليم عي الزوج .وهذا مذهب الحناف ،والليث ،
والثوري ،والوزاعي .وقال الشافعي ،وداود :يزوجها السلطان ،أو ول آخر مثله
،أو أقعد منه ،لن الولية شرط ف العقد ،فل يكون الناكح منكحا كما ل يبيع من
نفسه .وناقش ابن حزم رأي الشافعي ،وداود ،فقال :وأما قولم :إنه ل ( هامش )
( ) 1ص 14الروضة ج / ) . ( . 2صفحة / 134يوز أن يكون الناكح هو
النكح ،ففي هذا نازعناهم ،بل جائز أن يكون الناكح هو النكح ،فدعوى كدعوى
.وأما قولم :كما ل يوز أن يبيع من نفسه ،فهي جلة ل تصح كما ذكروا ،بل
جائز إن وكل ببيع شئ أن يبتاعه لنفسه إن ل يابا بشئ ،ث ساق البهان على صحة
ما رجحه من أن البخاري روى عن أنس " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أعتق
صفية ،وتزوجها وجعل عتقها صداقها ،وأول عليه بيس " .قال :فهذا رسول ال
صلى ال عليه وسلم زوج مولته من نفسه وهو الجة على من سواه ،ث قال :قال
ال تعال " :وأنكحوا اليامى منكم والصالي من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء
يغنهم ال من فضله ،وال واسع عليم ( " ) 1فمن أنكح أية من نفسه برضاها فقد
فعل ما أمره ال تعال به ،ول ينع ال عزوجل من أن يكون النكح لية هو الناكح
99
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لا ،فصح أنه الواجب .غيبة الول :إذا كان الول القرب الستوف شروط الولية
موجودا فل ولية للبعيد معه ،فإذا كان الب -مثل -حاضرا ل يكون للخ ولية
التزويج ،ول
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 134
للعم ،ول لغيها .فإن باشر واحد منهما زواج الصغية ومن ف حكمها بغي إذن
الب وتوكيله كان فضوليا ،وعقده موقوف على إجازة من له الولية ،وهو الب .
أما إذا غاب القرب بيث ل ينتظر الاطب الكف ء استطلع رأيه ،فإن الولية
تنتقل إل من يليه ،حت ل تفوت الصلحة ،وليس للغائب بعد عودته أن يعترض على
ما باشره من يليه ،لنه لغيبته اعتب كالعدوم ،وصارت حق من يليه .وهذا مذهب
الحناف وقال الشافعي :إذا زوجها من أولياتا البعد -والقرب حاضر ( -هامش
) ( ) 1سورة النور آية / ) . ( 42صفحة / 135فالنكاح باطل :وإذا غاب أقرب
أوليائها ل يكن للذي يليه تزويها ،ويزوجها القاضي .وقال ف " بداية الجتهد " :
اختلف ف ذلك قول مالك ،فمرة قال :إن زوج البعد مع حضور القرب فالنكاح
مفسوخ .ومرة قال :النكاح جائز .ومرة قال :للقرب أن ييز أو يفسخ .قال :
وهذا اللف كله فيما عدا الب ف ابنته البكر ،والوصي ف مجورته .فإنه ل
يتلف قوله " :إن النكاح ف هذين مفسوخ " أعن تزويج غي الب البنت البكر مع
حضور الب ،أو غي الوصي الحجورة مع حضور الوصي .ويوافق المام مالك أبا
حنيفة ف انتقال الولية إل الول البعيد ف حالة ما إذا غاب الول القريب .الول
القريب الحبوس مثل البعيد :وف الغن " :وإذا كان القريب مبوسا أو أسيا ف
مسافة قريبة لتكن مراجعته فهو كالبعيد ،فإن البعد ل يعتب لعينه ،بل لتعذر الوصول
إل التزويج بنظره .وهذا موجود هاهنا ،ولذلك إن كان ل يعلم أقريب أم بعيد ،أو
يعلم أنه قريب ول يعلم مكانه فهو كالبعيد .عقد الوليي :إذا عقد الوليان لمرأة ،
فإما أن يكون العقدان ف وقت واحد ،أو يكون أحدها متقدما والخر متأخرا .فإن
كان العقدان ف وقت واحد بطل .وإن كانا مرتبي كانت الرأة للول منهما ،سواء
100
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
دخل با الثان أم ل .فإن دخل با مع علمه بأنا معقود لا على غيه قبل عقده هو ،
كان زانيا مستحقا للحد .وإن كان جاهل ردت إل الول ،ول يقام عليه الد لهله
.فعن سرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :أيا امرأة زوجها وليان فهي للول
منهما " / .صفحة / 136رواه أحد وأصحاب السنن ،وصححه الترمذي .فعموم
هذا الديث يقتضي أنا للول ،دخل با الثان ،أم ل يدخل .الرأة الت لول لا ،
ول تستطيع أن تصل إل القاضي :قال القرطب :وإذا كانت الرأة بوضع ل سلطان
فيه ،ول ول لا ،فإنا تصي أمرها إل من يوثق به من جيانا ،فيزوجها ،ويكون هو
وليها ف هذه الال ،لن الناس لبد لم من التزويج وإنا يعملون فيه بأحسن ما يكن
( . ) 1وعلى هذا قال مالك ف الرأة الضعيفة الال :إنه يزوجها من تسند أمرها إليه
،لنا من تضعف عن السلطان ،فأشبهت من ل سلطان بضرتا ،فرجعت ف الملة
إل أن السلمي أولياؤها .وقال الشافعي :إذا كان ف الرفقة امرأة لول لا فولت
أمرها رجل حت زوجها جاز ،لن هذا من قبيل التحكيم والحكم يقوم مقام الاكم .
عضل الول :اتفق العلماء على أنه ليس للول أن يعضل موليته ،ويظلمها بنعها من
الزواج ،إذا أراد أن يتزوجها كف ء بهر مثلها ،فإذا منعها ف هذه الال كان من
حقها أن ترفع أمرها إل القاضي ليزوجها .ول تنتقل الولية ف هذه الالة إل ول
آخر يلي هذا الول الظال ،بل تنتقل إل القاضي مباشرة ،لن العضل ظلم ،وولية
رفع الظلم إل القاضي .فأما إذا كان المتناع بسبب عذر مقبول ،كأن يكون الزوج
غي كف ء ،أو الهر أقل من مهر الثل ،أو لوجود خاطب آخر أكفأ منه ،فإن
الولية ف هذه الال ل تنتقل عنه ،لنه ل يعد عاضل .عن معقل بن يسار قال :
كانت ل أخت تطب إل فأتان ابن عم ل ،فأنكحتها إياه ،ث طلقها طلقا له رجعة ،
ت تركها حت انقضت عدتا ،فلما خطبت إل أتان يطبها ،فقلت :ل .وال ل
أنكحها أبدا .قال :ففي نزلت هذه الية " :وإذا طلقتم النساء فبلغن ( هامش ) ( 1
) الامع لحكام القرآن ص 76جزء / ) . ( 3صفحة / 137أجلهن فل تعضلوهن
أن ينكحن أزواجهن ( " ) 1الية .قال :فكفرت عن يين ،فأنكحتها إياه .زواج
اليتيمة :يوز تزويج اليتيمة قبل البلوغ .ويتول الولياء العقد عليها ،ولا اليار بعد
101
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
البلوغ .وهو مذهب عائشة رضي ال عنها وأحدو أب حنيفة .قال ال تعال " :
ويستفتونك ف النساء قل ال يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم ف الكتاب ف يتامى النساء
اللت ل تؤتونن ما كتب لن ،وترغبون أن تنكحوهن " ( . ) 2قالت عائشة رضي
ال عنها " :هي اليتيمة تكون ف حجر وليها ،فيغب ف نكاحها ،ول يقسط لا سنة
صداقها ،فنهوا عن نكاحهن إل أن يقسطوا لا سنة صداقهن " .وف السنن الربعة
عنه صلى ال عليه وسلم " اليتيمة تستأمر ف نفسها ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 137
فإن صمتت فهو إذنا وإن أبت فل جواز عليها " .وقال الشافعي :ل يصح تزويج
اليتيمة إل بعد البلوغ ،لقول الرسول عليه الصلة والسلم " اليتيمة تستأمر " ول
استئمار إل بعد البلوغ ،إذ ل فائدة من استئمار الصغية .انعقاد الزواج بعاقد واحد
:إذا كان للشخص الواحد ولية على الزوج والزوجة يوز له أن يلي العقد ،فللجد
أن يزوج ابن ابنه الصغي من بنت ابنه الصغية ،وكما إذا كان وكيل .ولية
السلطان ( القاضي ) :تنتقل الولية إل السلطان ف حالتي ( :الول ) إذا تشاجر
الولياء ( .الثانية ) إذا ل يكن الول موجودا ،ويصدق ذلك بعدمه مطلقا ،أو غيبته
.فإذا حضر الكف ء ،ورضيت الرأة البالغة به ،ول يكن أحد من الولياء حاضرا ،
بأن كان غائبا ولو ف مل قريب ،إذا كان خارجا عن بلد الرأة ،ومن يريد زواجها .
فإن للقاضي ف هذه الالة حق العقد إل أن ترضى ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة آية
) 2 ( 232سورة النساء آية / ) . ( . 127صفحة / 138الرأة ومن يريد التزوج
با انتظار قدوم الغائب ،فذلك حق لا وإن طالت الدة .أما مع عدم الرضا فلوجه
لياب النتظار .ففي الديث " :ثلث ل يؤخرن وهن :الصلة إذا أتت ،والنازة
إذا حضرت ،والي إذا وجدت كفئا " .رواه البيهقي وغيه عن علي " ،وسنده
ضعيف وقد ورد ف الباب أحاديث كلها واهية ،أمثلها هذا / .صفحة / 139
الوكالة ف الزواج الوكالة ،من العقود الائزة ف الملة ،لاجة الناس إليها ف كثي
من معاملتم .وقد اتفق الفقهاء على أن كل عقد جاز أن يعقده النسان بنفسه ،
102
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جاز أن يوكل به غيه ،كالبيع ،والشراء ،والجارة ،واقتضاء القوق ،والصومة
ف الطالبة با ،والتزويج ،والطلق ،وغي ذلك من العقود الت تقبل النيابة .وقد
كان النب ،صلوات ال وسلمه عليه ،يقوم بدور الوكيل ف عقد الزواج بالنسبة
لبعض أصحابه .روى أبو داود ،عن عقبة بن عامر ،رضي ال عنه ،أن النب صلى
ال عليه وسلم قال لرجل :أترضى أن أزوجك فلنة ؟ قال :نعم .وقال للمرأة
أترضي أن أزوجك فلنا ؟ قالت :نعم .فزوج أحدها صاحبه ،فدخل با ،ول
يفرض لا صداقا ول يعطها شيئا -وكان من شهد الديبية -وكان من شهد الديبية
لم سهم بيب ،فلما حضرته الوفاة قال :إن رسول ال صلى ال عليه وسلم زوجن
فلنة ،ول أفرض لا صداقا ول أعطها شيئا ،وإن أشهدكم أن أعطيتها من صداقها
سهمي بيب ،فأخذت سهمه فباعته بائة ألف .وف هذا الديث دليل على أنه يصح
أن يكون الوكيل وكيل عن الطرفي .وعن أم حبيبة " :أنا كانت فيمن هاجر إل
أرض البشة ،فزوجها النجاشي رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي عنده " رواه
أبو داود .وكان الذي تول العقد عمرو بن أمية الضمري وكيل عن رسول ال صلى
ال عليه وسلم وكله بذلك .وأما النجاشي ،فهو الذي كان قد أعطى لا الهر فأسند
التزويج إليه / .صفحة / 140من يصح توكيله ومن ل يصح :يصح التوكيل من
الرجل العاقل البالغ الر ،لنه كامل الهلية ( . ) 1وكل من كان كامل الهلية ،
فإنه يلك تزويج نفسه بنفسه .وكل من كان كذلك فإنه يصح أن يوكل عنه غيه .
أما إذا كان الشخص فاقد الهلية ،أو ناقصها ،فإنه ليس له الق ف توكيل غيه ،
كالجنون ،والصب ،والعبد ،والعتوه ،فإنه ليس لواحد منهم الستقلل ف تزويج
نفسه بنفسه .وقد اختلف الفقهاء ف صحة توكيل الرأة البالغة العاقلة ف تزويج
نفسها ،حسب اختلفهم ف انعقاد الزواج بعبارتا .فقال أبو حنيفة :يصح منها
التوكيل كما يصح من الرجل ،إذ من حقها أن تنشئ العقد .وما دام ذلك حقا من
حقوقها ،فمن حقها أن توكل عنها من يقوم بإنشائه .أما جهور العلماء فإنم قالوا :
إن لوليها الق ف أن يعقد عليها من غي توكيل منها له .وإن كان لبد من اعتبار
رضاها كما تقدم .وفرق بعض علماء الشافعية بي الب والد ،وبي غيها من
103
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الولياء .فقالوا :إنه ل حاجة إل توكيل الب والد ،أو غيها فلبد من التوكيل
منها له .التوكيل الطلق والقيد :والتوكيل يوز مطلقا ومقيدا :فالطلق :أن يوكل
شخص آخر ف تزويه دون أن يقيده بامرأة معينة ،أو بهر ،أو بقدار معي من الهر
.والقيد :أن يوكله ف التزويج ،ويقيده بامرأة معينة .أو امرأة من أسرة معيبة ،أو
بقدر معي من الهر .وحكم التوكيل الطلق ،أن الوكيل ل يتقيد بأي قيد عند أب
حنيفة .فلو زوج الوكيل موكله بامرأة معيبة أو غي كف ء ،أو بهر زائد عن مهر
الثل ( هامش ) ( ) 1لبد من اعتبار هذه الشروط ف التوكيل .وقالت الحناف
يصح توكيل الصب الميز والعبد / ) . ( .صفحة / 141جاز ذلك ( ، ) 1وكان
العقد صحيحا نافذا ،لن ذلك مقتضى الطلق .وقال أبو يوسف وممد :لبد أن
يتقيد بالسلمة والكفاءة ومهر الثل .ز
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 141
عن الزيادة اليسية الت يتغابن الناس فيها عادة .وحجتهما :أن الذي يوكل غيه إنا
يوكله ليكون عونا له على اختيار الصلح بالنسبة إليه .وترك التقييد ل يقتضي أن
يأت بأي امرأة ،لن الفهوم أن يتار له امرأة ماثلة بهر ماثل ،ولبد من ملحظة هذا
الفهوم واعتباره ،لن العروف عرفا كالشروط شرطا .وهذا هو الرأي الذي ل
ينبغي التعويل إل عليه .وحكم التوكيل القيد :أنه ل توز فيه الخالفة إل إذا كانت
الخالفة إن ما هو أحسن .بأن تكون الزوجة الت اختارها الوكيل أجل وأفضل من
الزوجة الت عينها له ،أو يكون الهر أقل من الهر الذي عينه .فإذا كانت الخالفة إل
غي ذلك ،كان العقد صحيحا غي لزم على الوكل .فإن شاء أجازه ،وإن شاء رده
.وقالت الحناف :إن الرأة إذا كانت هي الوكلة ،فإما أن توكله بعي ،أو غي
معي .فإن كان الول ،فل ينفذ العقد عليها إل إذا وافقها ف كل ما أمرته به ،سواء
كان من جهة الزوج أو الهر .وإن كان الثان -وهو ما إذا أمرته بتزويها بغي
معي ،كما إذا قالت له :وكلتك ف أن تزوجن رجل ،فزوجها من نفسه ،أو
لبيه ،أو لبنه -ل يلزم العقد ،للتهمة .فإن حصل ذلك توقف نفاذ العقد على
104
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إجازتا .فإن زوجها بغي من ذكر :أي بأجنب .فإن كان الزوج كفئا ،والهر مهر
الثل ،لزم النكاح وليس لاول لوليها رده .وإن كان الزوج كفثا ،والهر أقل من
مهر الثل -وكان الغب فاحشا -فل ينفذ العقد ،بل يكون موقوفا على إجازتا
وإجازة وليها ،لن كلمنهما له حق ف ذلك ( .هامش ) ( ) 1ويستثن من هذا ما
فيه تمة ،كأن يزوجه ابنته ،أو امرأة تت وليته ،فانه ل ينفذ إل برضا الوكل . ( .
) /صفحة / 142وإن كان الزوج غي كف ء وقع العقد فاسدا .سواء كان الهر
أقل من مهر الثل ،أو مساويا له ،أو أكثر ،ول تلحقه الجازة ،لن الجازة ل
تلحق الفاسد وإنا تلحق الزواج الوقوف .الوكيل ف الزواج سفي ومعب ( : ) 1
تتلف الوكالة ف الزواج عن الوكالة ف العقود الخرى ،فالوكيل ف الزواج ما هو
إل سفي ومعب لغي ،فل ترجع إليه حقوق العقد ،فل يطالب بالهر ( ) 2ول
بإدخال الزوجة ف طاعة زوجها إذا كان وكيل الزوجة ،ول يقبض الهر عن الزوجة
إذا كان وكيل عنها إل إذا أذنت له ،فيكون إذنا توكيل له بالقبض .وهو غي
توكيل الزواج الذي ينتهي بجرد إتام العقد ( .هامش ) ( ) 1أي سفي عن موكله
ومعب عن إرادته ) 2 ( .إل إذا ضمن الهر عن الزوج ،فإنه يطالب به كضامن ،
لكوكيل / ) . ( .صفحة / 143الكفاء ف الزواج تعريفها :الكفاءة :هي
الساواة ،والماثلة .والكف ء والكفاء ،والكف ء :الثل والنظي .والقصود با ف
باب الزواج أن يكون الزوج كفئا لزوجته .أي مساويا لا ف النلة ،ونظي الا ف
الركز الجتماعي ،والستوى اللقي والال .وما من شك ف أنه كلما كانت منلة
الرجل مساوية لنلة الرأة ،كان ذلك أدعى لنجاح الياة الزوجية ،وأحفظ لا من
الفشل والخفاق .حكمها :ولكن ما حكم هذه الكفاءة ؟ وما مدى اعتبارها ؟ .أما
ابن حزم ،فذهب إل عدم اعتبار هذه الكفاءة ،فقال " :أي مسلم -ما ل يكن زانيا
-فله الق ف أن يتزوج أية مسلمة ،ما ل تكن زانية " .قال :وأهل السلم كلهم
إخوة ل يرم على إبن من زنية لغية ( ) 1نكاح لبنة الليفة الاشي .والفاسق
السلم الذي بلغ الغاية من الفسق -ما ل يكن زانيا -كف ء للمسلمة الفاسقة ما ل
تكن زانية .قال :والجة قول ال تعال " :إنا الؤمنون إخوة ( " ) 2وقوله عز
105
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وجل ماطبا جيع السلمي " :نانكحوا ما طاب لكم من النساء ) 3 ( " .وذكر
عزوجل ما حرم علينا من النساء ،ث قال سبحانه " :وأحل لكم ما وراء ذلكم ( ) 4
" .وقد أنكح رسول ال صلى ال عليه وسلم زينب أم الؤمني زيدا موله و ( هامش
) ( ) 1لغية :غي معروفة النسب ) 2 ( .سورة الجرات آية ) 3 ( 10سورة
النساء آية ) 4 ( . 3سورة النساء آية / ) . ( 24صفحة / 144وأنكح القداد
ضباعة بنت الزبي بن عبد الطلب .قال :وأما قولنا ف الفاسق والفاسقة فيلزم من
خالفنا أل ييز للفاسق أن ينكح إل فاسقة ،وأن ل ييز للفاسقة أن ينكحها إل
فاسق ،وهذا ل يقوله أحد ،وقد قال ال تعال " :إنا الؤمنون إخوة " ( ) 1وقال
سبحانه " :والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض ( . " ) 2اعتبار الكفاءة
بالستقامة واللق :وذهب جاعة إل أن الكفاءة معتبة ،ولكن اعتبارها بالستقامة
واللق خاصة ،فل اعتبار لنسب ،ول لصناعة ،ول لغن ،ول لشئ آخر ،فيجوز
للرجل الصال الذي ل نسب له أن يتزوج الرأة النسيبة ،ولصاحب الرفة الدنئية أن
يتزوج الرأة الرفيعة القدر ،ولن لجاه له أن يتزوج صاحبة
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 144
الاه والشهرة ،وللفقي أن يتزوج الثرية الغنية -ما دام مسلما عفيفا -وأنه ليس
لحد من الولياء العتراض ،ولطلب التفريق .وإن كان غي مستوف الدرجة مع
الول الذي تول العقد ما دام الزواج كان عن رضى منها ،فإذا ل يتوفر شرط
الستقامة عند الرجل فل يكون كفئا للمرأة الصالة ،ولا الق ف طلب فسخ العقد
إذا كانت بكرا وأجبها أبوها على الزواج من الفاسق .وف بداية الجتهد :ول يتلف
الذهب -الالكية -أن البكر إذا زوجها الب من شارب المر ،وبالملة من فاسق
،أن لا أن تنع نفسها من النكاح ،وينظر الاكم ف ذلك ،فيفرق بينهما ،وكذلك
إذا زوجها من ماله حرام ،أو من هو كثي اللف بالطلق ،واستدل أصحاب هذا
الذهب با يأت - 1 :ان ال تعال قال " :يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ،
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ،إن أكرمكم عند ال أتقاكم ( . " ) 3ففي هذه
106
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الية تقرير أن الناس متساوون ف اللق ،وف القيمة النسانية ،وأنه ل أحد أكرم من
أحد إل من حيث تقوى ال عزوجل ،بأداء حق ال وحق الناس ( .هامش ) ( ) 1
سورة الجرات آية ) 2 ( . 10سورة التوبة آية ) 3 ( . 71سورة الجرات آية
/ ) . ( . 13صفحة - 2 / 145وروى الترمذي بإسناد حسن عن أب حات الزن ،
أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه
،إل تفعلوا تكن فتنة ف الرض وفساد كبي ،قالوا يارسول الوإن كان فيه ؟ قال :
إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه -ثلث مرات " -ففي هذا الديث
توجيه الطاب إل الولياء أن يزوجوا مولياتم من يطبهن من ذوي الدين والمانة
واللق ،وإن ل يفعلوا ذلك بعدم تزويج صاحب اللق السن ،ورغبوا ف السب ،
والنسب ،والاه ،والال ،كانت الفتنة والفساد الذي ل آخر له - 3 .وروى أبو
داود عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :يا بن بياضة أنكحوا
أبا هند ،وأنكحوا إليه " ( ) 1وكان حجاما .قال ف معال السنن :ف هذا الديث
حجة لالك ومن ذهب مذهبه ف الكفاءة بالدين وحده دون غيه ،وأبو هند مول بن
بياضة ،ليس من أنفسهم - 4 .وخطب رسول ال صلى ال عليه وسلم زينب بنت
جحش لزيد بن حارثة ،فامتنعت ،وامتنع أخوها عبد ال ،لنسبها ف قريش ،وأنا
كانت بنت عمة النب صلى ال عليه وسلم ،أمها أميمة بنت عبد الطلب ،وأن زيدا
كان عبدا ،فنل قول ال عزوجل " :وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله
أمرا أن يكون لم الية من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضلل مبينا ( ) 2
" ،فقال أخوها لرسول ال صلى ال عليه وسلم :مرن با شئت .فزوجها من زيد .
- 5وزوج أبو حذيفة سالا من هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة ،وهو مول لمرأة
من النصار - 6 .وتزوج بلل بن رباح بأخت عبد الرحن بن عوف - 7 .وسئل
المام علي كرم ال وجهه عن حكم زواج الكفاء ،فقال :الناس بعضهم أكفاء
لبعض ،عربيهم وعجميهم ،قرشيهم وهاشيهم إذا ( هامش ) ( ) 1أي زوجوه
وتزوجوا منه ) 2 ( .سورة الحزاب آية / ) . ( 36صفحة / 146أسلموا وآمنوا
.وهذا مذهب الالكية .قال الشوكان :ونقل عن عمر ،وابن مسعود ،وعن ممد
107
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بن سيين ،وعمر بن عبد العزيز .ورجحه ابن القيم فقال :فالذي يقتضيه حكمه
صلى ال عليه وسلم اعتبار الكفاءة ف الدين أصل وكمال ،فل تزوج مسلمة بكافر ،
ولعفيفة بفاجر ،ول يعتب القرآن والسنة ف الكفاءة أمرا وراء ذلك ،فإنه حرم على
السلمة نكاح الزان البيث ،ول يعتب نسبا ،ول صناعة ،ول غن ،ول حرفة .
فيجوز للعبد القن نكاح الرأة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما .وجوز لغي
القرشيي نكاح القرشيان ،ولغي الاشيي نكاح الاشيات ،وللفقراء نكاح الوسرات
( . ) 1مذهب جهور الفقهاء :وإذا كان الالكية وغيهم من العلماء الذين سبقت
الشارة إليهم ،يرون أن الكفاءة معتبة بالستقامة والصلح ل غي ،فإن غي هؤلء
من الفقهاء يرون أن الكفاءة معتبة بالستقامة والصلح ،وأن الفاسق ليس كفئا
للعفيفة ،إل أنم ل يقصرون الكفاءة على ذلك ،بل يرون أن ثة أمورا أخرى لبد
من اعتبارها .ونن نشي إل هذه المور فيما يأت ( :أول ) النسب :فالعرب بعضهم
أكفاء لبعض ،وقريش بعضهم أكفاء لبعض . . .فالعجمي ل يكون كفئا للعربية ،
والعرب ل يكون كفئا للقرشية .ودليل ذلك - 1 :ما رواه الاكم عن ابن عمر أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،قال " :العرب أكفاء بعضهم لبعض ،قبيلة لقبيل ،
وحي لي ،ورجل لرجل ،إل حائكا أو حجاما " - 2 .وروى البزار عن معاذ بن
جبل أن النب صلى ال عليه وسلم قال ( :هامش ) ( ) 1زاد العاد جزء 4ص 22
).(.
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 146
/صفحة " / 147العرب بعضهم لبعض أكفاء ،والوال بعضهم أكفاء بعض " 3 .
-وعن عمر قال :لمنعن تزوج ذوات الحساب إل من الكفاء .رواه الدارقطن .
وحديث ابن عمر سأل عنه ابن أب حات أباه فقال :هذا كذب ل أصل له .وقال
الدارقطن ف اللل :ل يصح .قال ابن عبد الب :هذا منكر موضوع .وأما حديث
معاذ ،ففيه سليمان بن أب الون .قال بن القطان :ل يعرف .ث هو من رواية خالد
بن معدان عن معاذ ،ول يسمع منه .والصحيح أنه ل يثبت ف اعتبار الكفاءة
108
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والنسب من حديث .ول يتلف الشافعية ،ول النفية ف اعتبار الكفاءة بالنسب على
هذا النحو الذكور .ولكنهم اختلفوا ف التفاضل بي القرشيي .فالحناف يرون أن
القرشي كف ء للهاشية ( . ) 1أما الشافعية فإن الصحيح من مذهبهم أن القرشي
ليس كفئا للهاشية والطلبية .واستدلوا لذلك با رواه واثلة بن السقع أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :إن ال اصطفى كنانة من بن إساعيل ،واصطفى من
كنانة قريشا ،واصطفى من قريش بن هاشم ،واصطفان من بن هاشم ،فأنا خيار ،
من خيار ،من خيار " .رواه مسلم .قال الافظ ف الفتح :والصحيح تقدي بن
هاشم والطلب على غيهم ،ومن عدا هؤلء أكفاء لبعض .والق خلف ذلك .فإن
النب صلى ال عليه وسلم زوج ابنتيه عثمان بن عفان ،وزوج أبا العاص بن الربيع
زينب ،وها من عبد شس ،وزوج علي عمر ابنته أم كلثوم ،وعمر عدوي .على
أن شرف العلم دونه كل نسب ،وكل شرف ،فالعال كف ء لي امرأة ،مهما كان
نسبها ،وإن ل يكن له نسب معروف ،لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم " :
الناس معادن ،كمعادن الذهب والفضة ،خيارهم ف ( هامش ) ( ) 1القرشي من
كان من ولد النضر بن كنانة ،والاشي من كان من ولد هاشم عبد مناف ،والعرب
من جعهم أب فوق النضر / ) . ( .صفحة / 148الاهلية خيارهم ف السلم إذا
فقهوا " .وقول ال تعال " :يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات "
( . ) 1وقوله عزوجل :قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون " ( . ) 2
هذا بالنسبة للعرب ،وأما غيهم من العاجم فقيل :ل كفاءة بينهم بالنسب .وروي
عن الشافعي وأكثر أصحابه :أن الكفاءة معتبة ف أنسابم فيما بينهم قياسا على
العرب ،ولنم يعيون إذا تزوجت واحدة منهم زوجا دونا نسبا ،فيكون حكمهم
حكم العرب لتاد العلة ( .ثانيا ) الرية :فالعبد ليس بكف ء للحرة ،ول العتيق
كفئا لرة الصل ،ول من مس الرق أحد آبائه كفئا لن ل يسها رق ،ول أحدا من
آبائها ،لن الرة يلحقها العار بكونا تت عبد ،أو تت من سبق من كان ف آبائه
مسترق ( .ثالثا ) السلم :أي التكافؤ ف إسلم الصول .وهو معتب ف غي العرب
،أما العرب فل يعتب فيهم ،لنم اكتفوا بالتفاخر بأنسابم ،ول يتفاخرون بإسلم
109
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أصولم .وأما غي العرب من الوال والعاجم ،فيتفاخرون بإسلم الصول ،وعلى
هذا إذا كانت الرأة مسلمة لا أب وأجداد مسلمون ،فإنه ل يكافئها السلم الذي
ليس له ف السلم أب ولجد ،ومن لا أب واحد ف السلم يكافؤها من له أب
واحد فيه ،ومن له أب وجد ف السلم فهو كف ء لن لا أب وأجداد ،لن تعريف
الرء يتم بأبيه وجده ،فل يلتفت إل ما زاد .ورأي أب يوسف أن من له أب واحد ف
السلم كف ء لن لا آباء ،لن التعريف عنده يكون كامل بذكر الب ،أما أبو
حنيفة وممد فل يكون التعريف عندها كامل إل بالب والد ( .هامش ) ( ) 1
سورة الجادلة :آية ) 2 ( . 11سورة الزمر :آية / ) . ( . 10صفحة / 149
( رابعا ) الرفة :إذا كانت الرأة من أسرة تارس حرفة شريفة ،فل يكون صاحب
الرفة الدنيئة كفئا لا ،وإذا تقاربت الرف فل اعتبار للتفاوت فيها .والعتب ف
شرف الرب ودنائتها العرف ،فقد تكون حرفة ما شريفة ف مكان ما ،أو زمان ما ،
بينما هي دنيئة ف مكان ما ،أو زمان ما .وقد استدل القائلون باعتبار الكفاءة بالرفة
بالديث التقدم " :العرب بعضهم أكفاء لبعض ،إل :حائكا أو حجاما " .وقد قيل
لحد بن حنبل رحه ال :وكيف تأخذ به وأنت تضعفه ؟ قال :العمل على هذا .قال
ف الغن :يعن أنه ورد موافقا لهل العرف .ولن أصحاب الصنائع الليلة والرف
الشريفة يعتبون تزويج بناتم لصحاب الصنائع الدنيئة -كالائك ،والدباغ ،
والكناس ،والزبال -نقصا يلحقهم ،وقد جرى عرف الناس بالتعيي بذلك ،فأشبه
النقص ف النسب .وهذا مذهب الشافعية ،وممد وأب يوسف من النفية .ورواية
عن أحد وأب حنيفة .ورواية عن أب يوسف أنا ل تعتب إل أن تفحش ( .خامسا )
الال :وللشافعية اختلف ف اعتباره ،فمنهم من قال باعتباره ،فالفقي عند هؤلء
ليس بكف ء للموسرة لا روى سرة أن رسول
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 149
ال صلى ال عليه وسلم قال " :السب الال ،والكرم التقوى " .قالوا :ولن نفقة
الفقي دون نفقة الوسر .ومنهم من قال :ل يعتب ،لن الال غاد ورائح ،ولنه ل
110
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يفتخر به ذوو الروءات ،وأنشدوا قول الشاعر :غنينا ( ) 1زمانا بالتصعلك والفقر
وكل سقاناه بكأسيهما الدهر فما زادنا بغيا على ذي قرابة غنانا ،ول أزرى بأحسابنا
الفقر ( هامش ) ( ) 1غنينا رمانا :أي أقمنا ،والتصعلك :الفقرو الصعلوك :الفقي
،وعروة الصعاليك :رجل عرب كان يمع الفقراء ف مكان ويرزقهم ما يغنم ) . ( .
/صفحة / 150وعند الحناف اعتبار الال ،والعتب فيه أن يكون مالكا الهر والنفقة
،حت إن من ل يلكهما ،أو ل يلك أحدها ل يكون كفئا .والراد بالهر قدر ما
تعارفوا تعجيله ،لن ما وراءه مؤجل عرفا .وعن أب يوسف أنه اعتب القدرة على
النفقة دون الهر ،لنه تري الساهلة فيه ،وبعد الرء قادرا عليه بيسار أبيه .واعتبار
الال ف الكفاءة رواية عن أحد ،لن على الوسرة ضررا ف إعسار زوجها ،لخلله
بنفقتها ومؤنة أولدها ،ولن الناس يعتبون الفقر نقصا ،ويتفاضلون فيه كتفاضلهم
ف النسب ،وأبلغ ( .سادسا ) السلمة من العيوب :وقد اعتب أصحاب الشافعي -
وفيما ذكره ابن نصر عن مالك -السلمة من العيوب من شروط الكفاءة .فمن به
عيب مثبت للفسخ ليس كفئا للسليمة منه ،فإن ل يكن مثبتا للفسخ عنده وكان
منفرا كالعمى ،والقطع ،وتشويه اللقة .فوجهان ،واختيار الرويان أن صاحبه ليس
بكف ء .ول يعتبها الحناف ول النابلة .وف الغن :وأما السلمة من العيوب
فليس من شروط الكفاءة ،فإنه ل خلف ف أنه ل يبطل النكاح بعدمه ،وكلنها تثبت
اليار للمرأة دون الولياء ،لن ضرره متص با ،ولوليها منعها من نكاح الجذوم ،
والبرص والجنون .فيمن تعتب ؟ والكفاءة ف الزواج معتبة ف الزوج دون الزوجة .
أي أن الرجل هو الذي يشترط فيه أن يكون كفئا للمرأة وماثل لا ،ول يشترط أن
تكون الرأة كفئا للرجل ( ( . ) 1هامش ) ( ) 1يرى الحناف أن الكفاءة من
جانب الزوجة معتبة ف حالتي - 1 :فيما إذا وكل الرجل عنه من يزوجه امرأة غي
معيبة ،فإنه يشترط لنفاذ تزويج الوكيل على الوكل أن يزوجه من تكافئه .كما تقدم
ف الوكالة - 2 .وفيما إذا كان الول الذي زوج الصغية غي الب الذي ل يعرف
بسوء الختيار فإنه يشترط لصحة التزويج أن تكون الزوجة كفئا له احتياطا لصلحته
/ ) . ( .صفحة / 151ودليل ذلك ( :أول ) أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :
111
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
من كانت عنده جارية ،فعلمها وأحسن تعليمها ،وأحسن إليها ث أعتقها وتزوجها
فله أجران " .رواه البخاري ومسلم ( .ثانيا ) أن النب صلى ال عليه وسلم ل
مكافئ له ف منلته ،وقد تزوج من أحياء العرب ،وتزوج من صفية بنت حيي
وكانت يهودية وأسلمت ( .ثالثا ) أن الزوجة الرفيعة النلة ،هي الت تعي هي
وأولياؤها عادة ،إذا تزوجت من غي الكف ء .أما الزوج الشريف فل يعي إذا
كانت زوجته خسيسة ودونه منلة .الكفاءة حق للمرأة والولياء :يرى جهور
الفقهاء أن الكفاءة حق للمرأة والولياء ،فل يوز للول أن يزوج الرأة من غي كف
ء إل برضاها ورضا سائر الولياء ( . ) 1لن تزويها بغي الكف ء فيه إلاق عار با
وبم ،فلم يز من غي رضاهم جيعا .فإذا رضيت ،ورضي أولياؤها جاز تزويها لن
النع لقهم ،فإذا رضوا زال النع .وقال الشافعية :هي لن له الولية ف الال .
وقال أحد -ف رواية :هي حق لميع الولياء :قريبهم وبعيدهم .فمن ل يرض
منهم فله الفسخ .وف رواية عن أحد :أنا حق ال ،فلو رضي الولياء والزوجة
بإسقاط الكفاءة ل يصح رضاهم ،ولكن هذه الرواية مبنية على أن الكفاءة ف الدين
ل غي ،كما جاء ف إحدى الروايات عنه .وقت اعتبارها :وإنا يعتب وجود الكفاءة
عند إنشاء العقد ،فإذا تلف وصف من أوصافها ( هامش ) ( ) 1إذا زوجت الرأة
من غي كف ء بغي رضاها وغي رضا الولياء فقيل إن الزواج باطل ،وقيل إنه
صحيح ،ويثبت فيه اليار .هذا عند الشافعية ورأي الحناف مبي ف الولية ) . ( .
/صفحة / 152بعد العقد فإن ذلك ل يضر ،ول يغي من الواقع شيئا ،ول يؤثر ف
عقد الزواج ،لن شروط الزواج إنا تعتب عند العقد .فإن كان عند الزواج صاحب
حرفة شريفة ،أو كان قادرا على النفاق ،أو كان صالا .ث تغيت الظروف
فاحترف مهنة دنيئة ،أو عجز عن النفاق أو فسق عن أمر ربه بعد الزواج .فإن
العقد باق على ما هو عليه . . .فإن الدهر قلب ،والنسان ل يدوم على حال واحدة
.وعلى الرأة أن تقبل الواقع ،وتصب وتتقي ،فإن ذلك من عزم المور / .صفحة
/ 153القوق الزوجية إذا وقع العقد صحيحا نافذا ترتبت عليه آثاره ،ووجبت
بقتضاه القوق الزوجية .
112
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 153
وهذه القوق ثلثة أقسام - 1 :منها حقوق واجبة للزوجة على زوجها - 2 .ومنها
حقوق واجبة للزوج على زوجته - 3 .ومنها حقوق مشتركة بينهما .وقيام كل من
الزوجي بواجبه ،والضطلع بسؤولياته هو الذي يوفر أسباب الطمئنان والدوء
النفسي ،وبذلك تتم السعادة الزوجية .وفيما يلي تفصيل وبيان بعض هذه القوق :
القوق الشتركة بي الزوجي :والقوق الشتركة بي الزوجي هي - 1 :حل
العشرة الزوجية واستمتاع كل من الزوجي بالخر .وهذا الل مشترك بينهما ،
فيحل للزوج من زوجته ما يل لا منه . .وهذا الستمتاع حق للزوجي ،ول يصل
إل بشاركتهما معا ،لنه ل يكن أن ينفرد به أحدها - 2 .حرمة الصاهرة :أي أن
الزوجة ترم على آباء الزوج ،وأجداده ،وأبنائه ،وفروع أبنائه وبناته .كما يرم
هو على أمهاتا ،وبناتا ،وفروع أبنائها وبناتا - 3 .ثبوت التوارث بينهما بجرد
إتام العقد .فإذا مات أحدها بعد إتام العقد ورثه الخر ولو ل يتم الدخول - 4 .
ثبوت نسب الولد من الزوج صاحب الفراش / .صفحة - 5 / 154العاشرة
بالعروف :فيجب على كل من الزوجي أن يعاشر الخر بالعروف حت يسودها
الوئام ،ويظلهما السلم .قال ال تعال " :وعاشروهن بالعروف ( . " ) 1القوق
الواجبة للزوجة على زوجها :القوق الواجبة للزوجة على زوجها منها - 1 :حقوق
مالية :وهي الهر ،والنفقة - 2 .وحقوق غي مالية :مثل العدل بي الزوجات إذا
كان الزوج متزوجا بأكثر من واحدة ،ومثل عدم الضرار بالزوجة .ونذكر تفصيل
ذلك فيما يلي من صفحات ( . . .هامش ) ( ) 1سورة النساء آية / ) . ( . 19
صفحة / 155الهر من حسن رعاية السلم للمرأة واحترامه لا ،أن أعطاها حقها
ف التملك ،إذ كانت ف الاهلية مهضومة الق مهيضة الناح ،حت ان وليها كان
يتصرف ف خالص مالا ،ل يدع لا فرصة التملك ،ول يكنها من التصرف .فكان
أن رفع السلم عنها هذا الصر ،وفرض لا الهر ،وجعله حقا على الرجل لا ،
وليس لبيها ،ول لقرب الناس إليها أن يأخذ شيئا منها إل ف حال الرضا والختيار
113
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قال ال تعال " :وآتوا النساء صدقاتن نلة ،فإن طب لكم عن شئ منه نفسا فكلوه
هنيئا مريئا ( : . " ) 1وآتوا النساء مهورهن عطاء مفروضا ل يقابله عوض ،فإن
أعطي شيئا من الهر بعد ما ملكن من غي إكراه ول حياء ول خديعة ،فخذوه سائغا ،
ل غصة فيه ،ول إث معه .فإذا أعطت الزوجة شيئا من مالا حياء ،أو خوفا ،أو
خديعة ،فل يل أخذه .قال تعال " :وإن أردت استبدال زوج مكان زوج وآتيتم
إحداهن قنطارا فل تأخذوا منه شيئا ،أتأخذونه بتانا وإثا مبينا ؟ وكيف تأخذونه وقد
أفضى بعضكم إل بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا ؟ ( . " ) 2وهذا الهر الفروض
للمرأة ،كما أنه يقق هذا العن .فهو يطيب نفس الرأة ويرضيها بقوامة الرجل عليها
.قال تعال " :الرجال قوامون على النساء با فضل ال بعضهم على بعض ،وبا
أنفقوا من أموالم ( " ) 3مع ما يضاف إل ذلك من توثيق الصلت ،وإياد أسباب
الودة والرحة ( .هامش ) ( ) 1سورة النساء آية ) 2 ( . 4سورة النساء آية ، 20
) 3 ( . 21سورة النساء الية / ) . ( . 34صفحة / 156قدر الهر :ل تعل
الشريعة حدا لقلته ،ول لكثرته ،إذ الناس يتلفون ف الغن والفقر ،ويتفاوتون ف
السعة والضيق ،ولكل جهة عاداتا وتقاليدها ،فتركت التحديد ليعطي كل واحد
على قدر طاقته ،وحسب حالته ،وعادات عشيته ،وكل النصوص جاءت تشي إل
أن الهر ل يشترط فيه إل أن يكون شيئا له قيمة ،بقطع النظر عن القلة والكثرة ،
فيجوز أن يكون خاتا من حديد ،أو قدحا من تر أو تعليما لكتاب ال ،وما شابه
ذلك ،إذا تراضى عليه التعاقدان - 1 .فعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بن فزارة
تزوجت على نعلي ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أرضيت عن نفسك
ومالك بنعلي ؟ .فقالت :نعم .فأجازه " .رواه أحد ،وابن ماجه ،والترمذي ،
وصححه - 2 .وعن سهل بن سعد أن النب صلى ال عليه وسلم جاءته امرأة فقالت
:يارسول ال إن وهبت نفسي لك ،فقامت قياما طويل ،فقام رجل ،فقال :
يارسول ال زوجنيها إن ل يكن لك با حاجة ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
هل عندك من شئ تصدقها إياه ؟ فقال :ما عندي إل إزاري هذا ،فقال النب صلى
ال عليه وسلم :إن أعطيتها إزارك جلست ل إزار لك ،فالتمس شيئا ،فقال :ما
114
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أجد شيئا ،فقال :التمس ولو خاتا من حديد ،فالتمس فلم يد شيئا ،فقال له النب
صلى ال عليه وسلم :هل معك من القرآن شئ ؟ قال :نعم ،سورة كذا ،وسورة
كذا ،لسور يسميها ،فقال النب صلى ال عليه وسلم :قد زوجتكها با معك من
القرآن .رواه البخاري ومسلم .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 156
وقد جاء ف بعض الروايات الصحيحة " :علمها من القرآن " .وف رواية أب هريرة :
أنه قدر ذلك بعشرين آية - 3 .وعن أنس :أن أبا طلحة خطب أم سليم ،فقالت :
" وال ما مثلك يرد ،ولكنك كافر وأنا مسلمة ،ول يل ل أن أتزوجك ،فإن تسلم
فذلك مهري ،ول أسألك غيه .فكان ذلك مهرها " .فدلت هذه الحاديث على
جواز جعل الهر شيئا قليل ،وعلى جواز جعل النفعة مهرا .وأن تعلم القرآن من
النفعة / .صفحة / 157وقد قدر الحناف أقل الهر بعشرة دراهم ،كما قدره
الالكية بثلثة .وهذا التقدير ل يستند إل دليل يعول عليه ،ول حجة يعتد با .قال
الافظ :وقد وردت أحاديث ف أقل الصداق ل يثبت منها شئ ،وقال ابن القيم -
تعليقا على ما تقدم من الحاديث -وهذا هو الذي اختارته أم سليم من انتفاعها
بإسلم أب طلحة وبذل نفسها له إن أسلم .وهذا أحب إليها من الال الذي يبذله
الزوج ،فإن الصداق شرع ف الصل حقا للمرأة تنتفع به ،فإذا رضيت بالعلم
والدين ،وإسلم الزوج ،وقراءته القرآن -كان هذا من أفضل الهور ،وأنفعها ،
وأجلها .فما خل العقد عن مهر وأين الكم بتقدير الهر بثلثة دراهم ،أو عشرة من
النص ،والقياس ،إل الكم بصحة كون الهر ما ذكرنا نصا وقياسا .وليس هذا
مستويا بي هذه الرأة وبي الوهوبة الت وهبت نفسها للنب صلى ال عليه وسلم ،
وهي خالصة له من دون الؤمني ،فإن تلك وهبت نفسها هبة مردة من ول
وصداق ،بلف ما نن فيه فإنه نكاح بول وصداق ،وإن كان غي مال .فإن الرأة
جعلته عوضا عن الال ،لا يرجع إليها من منفعة .ول تب نفسها للزوج هبة مردة ،
كهبة شئ من مالا بلف الوهوبة الت خص ال با رسوله صلى ال عليه وسلم .هذا
115
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مقتضى هذه الحاديث .وقد خالف ف بعضه من قال :ل يكون الصداق إل مال ،
ول يكون منافع أخر ،ول علمه ول تعليمه صداقا كقول أب حنيفة ،وأحد رحهما
ال ف رواية عنه .ومن قال :ل يكون أقل من ثلثة دراهم كمالك رحه ال وعشرة
دراهم كأب حنيفة رحه ال .وفيه أقوال أخرى شاذة ل دليل عليها من كتاب ول سنة
،ول إجاع ،ول قياس ،ول قول صاحب .ومن ادعى ف هذه الحاديث الت
ذكرناها ،اختصاصها بالنب صلى ال عليه وسلم وأنا منسوخة ،أو أن عمل أهل
الدينة على خلفها فدعوى ل يقوم عليها دليل .والصل بردها .وقد زوج سيد أهل
الدينة من التابعي -سعيد بن السيب -ابنته على درهي ول ينكر عليه أحد ،بل
عد ذلك /صفحة / 158من مناقبه وفضائله .وقد تزوج عبد الرحن بن عوف على
صداق خسة دراهم وأقره النب صلى ال عليه وسلم ول سبيل إل إثبات القادير إل
من جهة صاحب الشرع .أما من حيث الكثرة ،فإنه ل حد لكثر الهر .فعن عمر
رضي ال عنه :أنه نى وهو على النب ،أن يزاد ف الصداق على أربعمائة درهم .ث
نزل ،فاعترضته امرأة من قريش ،فقالت :أما سعت ال يقول " :وآتيتم إحداهن
قنطارا " ! .فقال :اللهم عفوا ،كل الناس أفقه من عمر ،ث رجع ،فركب النب ،
فقال " :إن كنت قد نيتكم أن تزيدوا ف صدقاتن على أربعمائة درهم ،فمن شاء
أن يعطي من ماله ما أحب " .رواه سعيد بن منصور ،وأبو يعلى بسند جيد .وعن
عبد ال بن مصعب أن عمر قال " :ل تزيدوا ف مهور النساء على أربعي أوقية من
فضة ،فمن زاد أوقية جعلت الزيادة ف بيت الال " فقالت امرأة :ما ذاك لك .قال :
ول ؟ .فقالت :لن ال تعال يقول :و " آتيتم إحداهن قنطارا " .فقال عمر :امرأة
أصابت ،ورجل أخطأ .كراهة الغالة ف الهور :ومهما يكن من شئ فإن السلم
يرص على إتاحة فرص الزواج لكثر عدد مكن من الرجال والنساء ،ليستمتع كل
باللل الطيب .ول يتم ذلك إل إذا كانت وسيلته مذللة ،وطريقته ميسرة .بيث
يقدر عليه الفقراء الذين يهدهم بذل الال الكثي ،ول سيما أنم الكثرية ،فكره
السلم التغال ف الهور ،وأخب أن الهر كلما كان قليل كان الزواج مباركا ،وأن
قلة الهر من ين الرأة .فعن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال :
116
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" إن أعظم النكاح بركة .أيسره مؤنة " .وقال " :ين الرأة خفة مهرها ،ويسر
نكاحها ،وحسن خلقها / .صفحة / 159وشؤمها غلء مهرها ،وعسر نكاحها ،
وسوء خلقها " .وكثي من الناس جهل هذه التعاليم ،وحاد عنها وتعلق بعادات
الاهلية من التغال ف الهور ،ورفض التزويج إل إذا دفع الزوج قدرا كبيا من الال
يرهقه ،ويضايقه ،كأن الرأة سلعة يساوم عليها ،ويتجر با .وقد أدى ذلك إل
كثرة الشكوى ،وعان الناس من أزمة الزواج الت أضرت بالرجال والنساء على
السواء ،ونتج عنها كثي من الشرور والفاسد ،وكسدت سوق الزواج ،وأصبح
اللل أصعب منال من الرام .تعجيل الهر وتأجيله :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 159
يوز تعجيل الهر وتأجيله ،أو تعجيل البعض ،وتأجيل البعض الخر ،حسب عادات
النساء ،وعرفهم .ويستحب تعجيل جزء منه ،لا روى ابن عباس :أن النب صلى
ال عليه وسلم منع عليا أن يدخل بفاطمة حت يعطيها شيئا .فقال :ما عندي شئ .
فقال :فأين درعك الطمية ؟ فأعطاه إياها .رواه أبو داود ،والنسائي ،والاكم
وصححه .وروى أبو داود ،وابن ماجه عن عائشة قالت " :أمرن رسول ال صلى
ال عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئا " .فهذا الديث يدل
على أنه يوز دخول الرأة قبل أن يقدم لا شيئا من الهر .وحديث ابن عباس يدل
على أن النع كان على سبيل الندب .قال الوزاعي " :كانوا يستحسنون أل يدخل
عليها حت يقدم لا شيئا " وقال الزهري " :بلغنا ف السنة أل يدخل بامرأة حت يقدم
يكسو كسوة .ذلك ما عمل به السلمون " .وللزوج أن يدخل على زوجته .وعليها
أن تسلم نفسها إليه ،ول تتنع عليه ولو ل يعطها ما اشترط تعجيله لا من الهر -وإن
كان يكم لا به .قال ابن حزم " :ومن تزوج فسمى صداقا أو ل يسم فله الدخول
با أحبت أم كرهت مقضي لا با سى لا ،أحب أم كره ،ول ينع من /صفحة
/ 160أجل ذلك من الدخول با ،لكن يقضى له عاجل بالدخول ويقضى لا عليه
حسب ما يوجد عنده من الصداق .فإن كان ل يسم لا شيئا قضي عليه بهر مثلها ،
117
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إل أن يتراضيا بأقل أو أكثر " .وقال أبو حنيفة " :إن له أن يدخل با أحبت أم
كرهت ،إن كان مهرها مؤجل لنا هي الت رضيت بالتأجيل وهذا ل يسقط حقه .
وإن كان معجل كله أو بعضه ل يز له أن يدخل با حت يؤذي إليها ما اشترط لا
تعجيله ،ولا أن تنع نفسها منه حت يوفيها ما اتفقوا على تعجيله " .قال ابن النذر :
" أجع كل من تفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تتنع من دخول الزوج عليها
حت يعطيها مهرها " وقد ناقش صاحب الحلى هذا الرأي .فقال " :ل خلف بي
أحد من السلمي ف أنه من حي يعقد عليها الزوج فإنا زوجة له .فهو حلل لا ،
وهي حلل له .فمن منعها منه حت يعطيها الصداق أو غيه ،فقد حال بينه وبي
امرأته ،بل نص من ال تعال ول من رسوله صلى ال عليه وسلم " .لكن الق ما
قلنا :أل ينع حقه منها ول تنع هي حقها من صداقها ،لكن له الدخول عليها -
أحبت أم كرهت -ويؤخذ ما يوجد له صداقها ،أحب أم كره . .وصح عن النب
صلى ال عليه وسلم تصويب قول القائل " :أعط كل ذي حق حقه " .مت يب
الهر السمى كله :يب الهر السمى كله ف إحدى الالت التية - 1 :إذا حصل
الدخول القيقي لقول ال تعال " :وإن أردت استبدال زوج مكان زوج وآتيتم
إحداهن قنطارا فل تأخذوا منه شيئا .أتأخذونه بتانا وإثا مبينا ؟ وكيف /صفحة
/ 161تأخذونه وقد أفضى بعضكم إل بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا ؟ ! " ( ) 1
- 2إذا مات أحد الزوجي قبل الدخول .وهو ممع عليه - 3 .ويرى أبو حنيفة :
أنه إذا اختلى با خلوة صحيحة ،استحقت الصداق السمى .وذلك بأن ينفرد
الزوجان ف مكان يأمنان فيه اطلع أحد عليهما ،ول يكن بأحد منهما مانع شرعي ،
مثل أن يكون أحدها صائما صيام فرض عليه ،أو تكون حائضا .أو مانع حسي ،
مثل مرض أحدها مرضا ل يستطيع معه الدخول القيقي ،أو مانع طبيعي بأن يكون
معهما ثالث .واستدل أبو حنيفة با رواه أبو عبيدة عن زائدة بن أب أوف ،قال " :
قضى اللفاء الراشدون الهديون أنه إذا أغلق الباب ،وأرخى الستر ،فقد وجب
الصداق " .وروى وكيع عن نافع بن جبي قال " :كان أصحاب رسول ال يقولون :
إذا أرخى الستر وأغلق الباب ،فقد وجب الصداق " .ولن التسليم الستحق وجد
118
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
من جهتها فيستقر به البدل .وخالف ف ذلك الشافعي ،ومالك وداود فقالوا " :ل
يستقر الهر كله إل بالوطء ( ، ) 2ول يب باللوة الصحيحة إل نصف الهر ،لقول
ال تعال " وإن طلقتموهن من قبل أن تسوهن وقد فرضتم لن فريضة ،فنصف ما
فرضتم . ) 3 ( .أي ان نصف ما فرض من الهر يب إذا وقع الطلق قبل السيس
الذي هو الدخول القيقي .وف حالة اللوة ل يقع مسيس ،فل يب الهر كله .قال
شريح " :ل أسع ال ذكر ف كتابه بابا ،ول سترا .إذا زعم أنه ل يسها فلها نصف
الصداق " ( .هامش ) ( ) 1سورة النساء آية ) 2 ( . 21 ، 20إل أن مالكا قال :
إذا بن عليها وطالت هذه اللوة -فإن الهر يستقر وإن ل يطأ وحدده ابن قاسم من
أتباعه بعام ) 3 ( .سورة البقرة آية / ) . ( . 237صفحة / 162وروى سعيد بن
منصور عن ابن عباس أنه كان يقول ف رجل دخلت عليه امرأته ،ث طلقها ،فزعم أنه
ل يسها " :عليه نصف الصداق " .وروى عبد الرزاق عنه قال " :ل يب الصداق
وافيا حت يامعها " .وجوب الهر السمى بالدخول ف الزواج الفاسد :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 162
إذا عقد الرجل على الرأة ،ودخل با ،ث تبي فساد الزواج لسبب من السباب ،
وجب الهر السمى كله ،لا رواه أبو داود :أن بصرة بن أكثم تزوج امرأة بكرا ف
كسرها فدخل عليها ،فإذا هي حبلى فذكر ذلك للنب صلى ال عليه وسلم فقال " :
لا الصداق با استحللت من فرجها " وفرق بينهما .ففي هذا الديث وجوب الهر
السمى ف النكاح الفاسد كما أنه تضمن فساد النكاح وبطلنه إذا تزوجها فوجدها
حبلى من الزنا .الزواج بغي ذكر الهر :الزواج بغي ذكر الهر ،ويسمى " زواج
التفويض " يصح ف قول عامة أهل العلم ،لقول ال تعال " ل جناح عليكم إن طلقتم
النساء ما ل تسوهن أو تفرضوا لن فريضة ( . " ) 1ومعن الية :أنه ل إث على من
طلق زوجته قبل السيس ،وقبل أن يفرض لا مهرا .فإذا تزوج بغي ذكر الهر ،
واشترط أن ل مهر عليه فقيل :إن الزواج غي صحيح ،وإل هذا ذهبت الالكية وابن
حزم .قال :وأما لو اشترط فيه أن ل صداق ،فهو مفسوخ ،لقول رسول ال صلى
119
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ال عليه وسلم " :كل شرط ليس ف كتاب ال عزوجل فهو باطل " .وهذا شرط
ليس ف كتاب ال عزوجل فهو باطل ،بل ف كتاب ال عزوجل إبطاله .قال ال تعال
" :وآتوا النساء صدقاتن نلة " .فإذن هو باطل ،فالنكاح الذكور ل تنعقد صحته
إل على تصحيح ما ل يصح ،فهو نكاح ل صحة له ( .هامش ) ( ) 1سورة البقرة
:الية / ) . ( . 236صفحة / 163وذهبت الحناف إل القول بالواز ،إذ الهر
ليس ركنا ول شرطا ف عقد الزواج .وجوب مهر الثل بالدخول أو بالوت قبله :
وإذا دخل با الزوج ،أو مات قبل الدخول با ،ف هذه الال ،فللزوجة مهر الثل
والياث ،لا رواه أبو داود عن عبد ال بن مسعود أنه قال ف مثل هذه السألة " :
أقول فيها برأيي -فإن كان صوابا فمن ال ،وإن كان خطأ فمن : -أرى لا صداق
امرأة من نسائها :لوكس ( ، ) 1ول شطط ،وعليها العدة ،ولا الياث ،فقام
معقل بن يسار ،فقال ،أشهد لقضيت فيها بقضاء رسول ال صلى ال عليه وسلم ف
بروع واشق .وإل هذا ذهب أبو حنيفة ،وأحد ،وداود ،وأصح قول الشافعي .
مهر الثل :مهر الثل هو الهر الذي تستحقه الرأة ،مثل مهر من ياثلها وقت العقد ف
السن ،والمال ،والال ،والعقل ،والدين ،والبكارة ،والثيوبة ،والبلد ،وكل ما
يتلف لجله الصداق ،كوجود الولد أو عدم وجوده ،إذ أن قيمة الهر للمرأة تتلف
عادة باختلف هذه الصفات .والعتب ف الماثلة من جهة عصبتها كأختها وعمتها
وبنات أعمامها .وقال أحد :هو معتب بقراباتا من العصبات وغيهم من ذوي
أرحامها .وإذا ل توجد امرأة من أقرباتا من جهة الب متصفة بأوصاف الزوجة الت
نريد تقدير مهر الثل لا ،كان العتب مهر امرأة أجنبية من أسرة تاثل أسرة أبيها .
زواج الصغية بأقل من مهر الثل :ذهب الشافعي ،وداود ،وابن حزم ،
والصاحبان ،من الحناف ،إل أنه ل يوز للب أن يزوج ابنته الصغية بأقل من مهر
مثلها ،ول يلزمها ( هامش ) ( ) 1لوكس :ل نقص عن مهر نسائها ول شطط ول
زيادة / ) . ( .صفحة / 164حكم أبيها ف ذلك ،وتبلغ إل مهر مثلها ول بد ،إذ
أن الهر حق لا ،ول حكم لبيها ف مالا . .وقال أبو حنيفة :إذا زوج الب ابنته
الصغية ،ونقص من مهرها ،جاز ذلك عليها ،ول يوز ذلك لغي الب والد .
120
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تشطي الهر :يب على الزوج نصف الهر إذا طلق زوجته قبل الدخول با ،وكان
قد فرض لا قدر الصداق ،لقوله تعال " :وإن طلقتموهن من قبل أن تسوهن وقد
فرضتم لن فريضة فنصف ما فرضتم ،إل أن يعفون ( ) 1أو يعفو الذي بيده عقدة (
) 2النكاح ،وأن تعفوا أقرب للتقوى .ول تنسوا الفضل بينكم إن ال با تعملون
بصي ( . " ) 3وجوب التعة :إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول ،ول يفرض لا
صداقا ،وجب عليه التعة تعويضا لا عما فاتا .وهذا نوع من التسريح الميل ،
والتسريح بإحسان ،قال ال تعال " :فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان ( . " ) 4
وقد أجع العلماء على أن الت ل يفرض لا ،ول يدخل با ،ل شئ لا غي التعة .
والتعة تتلف باختلف ثروة الرجل .وليس لا حد معي ،قال ال تعال " :ل جناح
عليكم إن طلقتم النساء ما ل تسوهن أو تفرضوا لن فريضة .ومتعوهن على ( هامش
) ( ) 1يعفون :أي النساء الكلفات ) 2 ( .بيده عقده النكاح :هو الزوج وقيل
هو الول ) 3 ( .سورة البقرة الية ) 4 ( . 237سورة البقرة الية ) . ( . 229 :
/صفحة / 165الوسع ( ) 1قدره ( ) 2وعلى القتر ( ) 3قدره ،متاعا بالعروف
( ) 4حقا على الحسني ( . ) 5سقوط الهر :ويسقط الهر كله عن الزوج ،فل
يب عليه شئ للزوجة ف كل فرقة كانت قبل الدخول من قبل الرأة ،كأن ارتدت
عن السلم .أو فسخت
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 165
العقد لعساره ،أو عيبه ،أو فسخه هو بسبب عيبها ،أو بسبب خيار البلوغ .ول
يب لا متعة ،لنا أتلفت العوض قبل تسليمه ،فسقط البلد كله كالبائع يتلف البيع
قبل تسليمه .ويسقط الهر كذلك ،إذا أبرأته قبل الدخول با أو وهبته له ،فإنه ف
هذه الال يسقط بإسقاطها له .وهو حق خالص لا .الزيادة على الصداق بعد العقد
:قال أبو حنيفة :إن الزيادة على الصداق بعد العقد ثابتة إن دخل بالزوجة ،أو مات
عنها ،فأما إن طلقها قبل الدخول ،فإنا ل تثبت ،وكان لا نصف السمى فقط (
. ) 6وقال مالك :الزيادة ثابتة إن دخل با ،فإن طلقها قبل الدخول فلها نصفها مع
121
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
نصف السمى .وإن مات قبل الدخول وقبل القبض بطلت ،وكان لا السمى بالعقد
.وقال الشافعي :هي هبة مستأنفة .إن قبضها جازت وإن ل يقبضها بطلت .وقال
أحد :حكمها حكم الصل .مهر السر ومهر العلنية :إذا اتفق العاقدان ف السر
على مهر ،ث تعاقدا ف العلنية بأكثر منه ( .هامش ) ( ) 1الوسع :ذو السعة وهى
البسطة والغن ) 2 ( .قدره :طاقته ) 3 ( .القتر الفقي قليل الال ) 4 ( .متاعا
بالعرو ف :العروف ما يتعارف عليه الناس بينهم ) 5 ( .سورة البقرة الية . 236
( ) 6هذا ما جرى عليه العمل / ) . ( .صفحة / 166ث اختلفا إل القضاء فبم
يكم القاضي .؟ قال أبو يوسف :يكم با اتفقا عليه سرا ،لنه يثل الرادة القيقية
وهو مقصد العاقدين .وقيل :يكم بهر العلنية ،لنه هو الذكور ف العقد ،وما
كان سرا فعلمه إل ال ،والكم يتبع الظاهر .وهو مذهب أب حنيفة ،وممد ،
وظاهر قول أحد ف رواية الثرم ،وقول الشعب وابن أب ليلى ،وأب عبيد .قبض
الهر :إذا كانت الزوجة صغية ،فللب قبض صداقها ،لنه يلي مالا ،فكان له
قبضه كثمن مبيعها .وإن ل يكن لا أب ول جد ،فلوليها الال قبض صداقها ،
ويودعه ف الحاكم السبية ،ول يتصرف فيه إل بإذن من الحكمة الختصة .أما
صداق الثيب الكبية فل يقبضه إل بإذنا ،إذا كانت رشيدة ،لنا التصرفة ف مالا .
والب إذا قبض الهر بضرتا ،اعتب ذلك إجازة منها بالقبض إذا سكتت ،وتبأ ذمة
الزوج ،لن إذنا ف قبض صداقها كثمن مبيعها .وف البكر البالغة العاقلة :أن الب
ل يقبض صداقها إل بإذنا إذا كانت رشيدة ( ، ) 1كالثيب .وقيل :له قبضه بغي
إذنا ،لنا العادة ،ولنا تشبه الصغية ( .هامش ) ( ) 1سن الرشد بقتضى
القواني الصرية إحدى وعشرون سنة ( / ) .صفحة / 167الهاز الهاز هو الثاث
الذي تعده الزوجة هي وأهلها ليكون معها ف البيت ،إذا دخل با الزوج .وقد جرى
العرف ،على أن تقدم الزوجة ،وأهلها ،بإعداد الهاز وتأثيث البيت .وهو أسلوب
من أساليب إدخال السرور على الزوجة بناسبة زفافها .وقد روى النسائي عن علي
رضي ال عنه قال " :جهز رسول ال صلى ال عليه وسلم فاطمة ف خيل ،وقربة ،
ووسادة حشوها إذخر " .وهذا مرد عرف جرى عليه الناس .وأما السؤول عن
122
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إعداد البيت إعدادا شرعيا ،وتهيز كل ما يتاج له من الثاث ،والفرش ،
والدوات ،فهو الزوج ،والزوجة ل تسأل عن شئ من ذلك ،مهما كان مهرها ،
حت ولو كانت زيادة الهر من أجل الثاث ،لن الهر إنا تستحقه الزوجة ف مقابل
الستمتاع با ،ل من أجل إعداد الهاز لبيت الزوجية ،فالهر حق خالص لا ،ليس
لبيها ،ول لزوجها ،ول لحد حق فيه .وقد رأى الالكية :أن الهر ليس حقا
خالصا للزوجة ،ولذا ل يوز لا أن تنفق منه على نفسها ،ول تقضي منه دينا
عليها ،وإن كان للمحتاجة أن تنفق منه ،وتلتمس بالشئ القليل بالعروف ،وأن
تقضي منه الدين القليل كالدينار إذا كان الهر كثيا .وإنا ليس لا شئ من ذلك
الذي ذكرناه ،لن عليها أن تتجهز لزوجها بالعروف ،أي با جرت به العادة ف
جهاز مثلها لثله با قبضته من الهر قبل الدخول ،إن كان حال ،أو با تقبضه منه إذا
كان مؤجل ،وحل الجل ( هامش ) ( ) 1الميل :القطيفة ،وهي كل ثوب له
خيل ووبر من أي شئ والذخر نبت طيب الرائحة تشى به الوسائد ( / ) .صفحة
/ 168قبل الدخول با ،فإن تأخر قبض شئ من الهر حت دخل زوجها با ،ل يكن
عليها أن تتجهز بشئ ما تقبضه من بعد إل إذا كان ذلك مشروطا ،أو جرى به
العرف .وقد استوحى واضعو مشروع قانون الحوال الشخصية ،مذهب المام
مالك ف هذه الناحية ،فقد جاء ف الادة رقم 66منه " :أن الزوجة تلتزم بتجهيز
نفسها با يتناسب وما تعجل من مهر قبل الدخول ،ما ل يتفق على غي ذلك ،فإذا ل
يعجل شئ من الهر فل تلتزم بالهاز ،إل بقتضى التفاق أو العرف " ( . ) 1
والهاز إذا اشترته الزوجة بالا ،أو اشتراه لا أبوها فهو ملك خالص لا ،ولحق
للزوج ول لغيه فيه ،ولا أن تكن زوجها وضيوفه من النتفاع
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 168
به ،كما أن لا أن تتنع عن التمكي من النتفاع ،وإذا امتنعت ل تب عليه .وقال
مالك :يوز للزوج أن ينتفع بهاز زوجته النتفاع الذي جرى به العرف ( .هامش )
( ) 1ص 214أحكام الحوال الشخصية الدكتور يوسف موسى ( / ) .صفحة
123
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
/ 169النفقة القصود بالنفقة هنا :توفي ما تتاج إليه الزوجة من طعام ،ومسكن ،
وخدمة ،ودواء ،وإن كانت غنية .وهي واجبة بالكتاب ،والسنة ،والجاع .أما
وجوبا بالكتاب - 1 :فلقول ال تعال " :وعلى الولود له رزقهن وكسوتن
بالعروف .ول تكلف نفس إل وسعها " ( . ) 1والراد بالولود له :الب .والرزق
ف هذا الكم :الطعام الكاف :والكسوة .اللباس .والعروف :التعارف ف عرف
الشرع .من غي تفريط .ول إفراط - 2 .وقوله سبحانه " :أسكنوهن من حيث
سكنتم من وجدكم ،ول تضاروهن لتضيقوا عليهن ،وان كن أولت حل فأنفقوا
عليهن حت يضعن حلهن " ( - 3 . ) 2وقوله تعال " :لينفق ذو سعة من سعته ،
ومن قدر عليه رزقه فلينفق ما آتاه ال ،ل يكلف ال نفسا إل ما آتاها " ( . ) 3وأما
وجوبا بالسنة - 1 :فقد روى مسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ف
حجة الوداع " :فاتقوا ال ف النساء ،فإنكم أخذتوهن بكلمة ال ،واستحللتم
فروجهن بكلمة ال ،ولكم عليهن أل يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ( هامش ) ( ) 1
سورة البقرة آية ) 2 ( . 233سورة الطلق آية ) 3 ( . 6سورة الطلق آية ( . 7
/ ) .صفحة / 170فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غي مبح ،ولن عليكم رزقهن
،وكسونن بالعروف " - 2 .وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي ال عنها :
أن هندا بنت عتبة قالت ،يا رسول ال ،إن أبا سفيان رجل شحيح ،وليس يعطين
وولدي إل أن أخذت منه -وهو ل يعلم -قال " :خذي ما يكفيك وولدك
بالعروف " - 3 .وعن معاوية القشيي رضي ال عنه قال :قلت :يارسول ال ما
حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال " :تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ،ول
تضرب الوجه ،ول تقبح ،ول تجر إل ف البيت " .وأما الجاع :فقد قال ابن
قدامة :اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا
بالغي ،إل الناشز منهن .ذكر ابن النذر وغيه .قال :وفيه ضرب من العبة ،وهو
أن الرأة مبوسة على الزوج ينعها من النصرف والكتساب .فلبد من أن يتفق عليها
.سبب وجوب النفقة :وإنا أوجب الشارع النفقة على الزوج لزوجته ،لن الزوجة
بقتضى عقد الزواج الصحيح تصبح مقصورة على زوجها ،ومبوسة لقه ،لستدامة
124
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الستمتاع با ،ويب عليها طاعته ،والقرار ف بيته ،وتدبي منله ،وحضانة الطفال
وتربية الولد ،وعليه نظي ذلك أن يقوم بكفايتها والنفاق عليها ،مادامت الزوجية
بينهما قائمة ،ول يوجد نشوز ،أو سبب ينع من النفقة عمل بالصل العام " :كل
من احتبس لق غيه ومنفعته ،فنفقته على من احتبس لجله " .شروط استحقاق
النفقة :ويشترط لستحقاق النفقة الشروط التية - 1 :أن يكون عقد الزواج
صحيحا - 2 .أن تسلم نفسها إل زوجها - 3 .أن تكنه من الستمتاع با / .
صفحة - 4 / 171أل تتنع من النتقال حيث يريد الزوج ( - 5 . ) 1أن يكونا
من أهل الستمتاع .فإذا ل يتوفر شرط من هذه الشروط ،فإن النفقة ل تب :ذلك
أن العقد إذا ل يكن صحيحا ،بل كان فاسدا ،فإنه يب على الزوجي الفارقة ،دفعا
للفساد .وكذلك إذا ل تسلم نفسها إل زوجها ،أو ل تكنه من الستمتاع با ،أو
امتنعت من النتقال إل الهة الت يريدها ،ففي هذه الالت ل تب النفقة حيث ل
يتحقق الحتباس الذي هو سببها ،كما ل يب ثن البيع إذا امتنع البائع من تسليم
البيع ،أو سلم ف موضع دون موضع .ولن النب صلى ال عليه وسلم تزوج عائشة
رضي ال عنها ودخلت عليه بعد سنتي ول ينفق عليها إل من حي دخلت عليه ،ول
يلتزم نفقتها لا مضى .وإذا أسلمت الرأة نفسها إل الزوج ،وهي صغية ل يامع
مثلها ،فعند الالكية والصحيح من مذهب الشافعية أن النفقة ل تب ،لنه ل يوجد
التمكي التام من الستمتاع .فل تستحق العوض من النفقة .قالوا :وإن كانت كبية
والزوج صغي فالصحيح أنا تب ،لن التمكي وجد من جهتها ،وإنا تعذر
الستيفاء من جهته ،فوجبت النفقة كما لو سلمت إل الزوج ،وهو كبي فهرب منها
.والفت به عند الحناف :أن الزوج إذا استبقى الصغية ف بيته ،وأسكنها
للستئناس با ،وجبت لا النفقة لرضاه هو بذا الحتباس الناقص .وإن ل يسكها ف
بيته فل نفقة لا ( . ) 2وإذا سلمت الزوجة نفسها وهي مريضة مرضا ينعها من
مباشرة الزوج لا وجبت لا النفقة .وليس من حسن العاشرة الزوجية ،ول من
العروف الذي أمر ال به أن يكون الرض مفوتا ما وجب لا من النفقة .
............................................................
125
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 171
( هامش ) ( ) 1إل إذا كان الزوج يريد الضرار با بالسفر ،أو ل تأمن على نفسها
أو مالا ) 2 ( .هذا مذهب أب يوسف ،أما مذهب أب حنيفة وممد فهو مثل مذهب
الشافعية لن احتباسها كعدمه حيث ل يوصل إل الغرض القصود من الزواج فل تب
لا النفقة ( / ) .صفحة / 172ومثل الريضة الرتقاء ( ، ) 1والنحيفة ( ، ) 2
والعيبة بعيب ينع من مباشرة الزوج لا .وكذلك إذا كان الزوج عنينا ،أو مبوبا (
، ) 3أو خصيا ،أو مريضا مرضا ينعه من مباشرة النساء ،أو حبس ف دين أو جرية
ارتكبها ،لنه وجد التمكي من الستمتاع من جهتها ،وما تعذر فهو من جهته ،وهو
سبب ل تنسب فيه إل التفريط ،وإنا هو الذي فوت حقه على نفسه .ول تب
النفقة إذا انتقلت الزوجة من منل الزوجية إل منل آخر بغي إذن الزوج بغي وجه
شرعي ،أو سافرت بغي إذنه ،أو أحرمت بالج بغي إذنه .فإن سافرت بإذنه ،أو
أحرمت بإذنه ،أو خرج معها ل تسقط النفقة ،لنا ل ترج عن طاعته وقبضته .
وكذلك ل تب لا النفقة إذا منعته من الدخول عليها ف بيتها القيم معها فيه ،ول
تكن طلبت منه النتقال إل غيه فامتنع .فإن كانت طلبت منه النتقال فأي ،فمنعته
من الدخول ،فل تسقط النفقة .وكذلك ل تب النفقة إذا حبست الزوجة ف
جرية ،أو ف دين ،أو كان حبسها ظلما ،إل إذا كان هو الذي حبسها ف دين له
عليها ،لنه هو الذي فوت حقه .وكذلك لو غصبها غاصب ،وحال بينها وبي
زوجها ،فإنا ل تستحق النفقة مدة غصبها .وكذلك الزوجة الحترفة الت ترج
لرفتها .إذا منعها زوجها فلم تتنع ،ل تستحق النفقة .وكذلك إن منعت نفسها
بصوم تطوعا أو باعتكاف تطوعا .ففي كل هذه الصور ل تستحق الزوجة النفقة ،
لنا فوتت حت الزوج ف الستمتاع با بغي وجه شرعي .فلو كان تفويتها حقه لوجه
شرعي ،ل تسقط النفقة .كما إذا أخرجت من طاعته ،لن السكن غي شرعي أو
لن الزوج غي أمي على نفسها .أو مالا ( .هامش ) ( ) 1الرتقاء :الت سد فرجها
) 2 ( .النحيفة :الزيلة ) 3 ( .الجبوب :القطوع الذكر ( / ) .صفحة / 173
الرأة تسلم دون زوجها :وإذا كان الزوجان كافرين ،وأسلمت الرأة بعد الدخول
126
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ول يسلم الزوج ،ل تسقط النفقة ،لنه تعذر الستمتاع با من جهته ،وهو قادر على
إزالته بأن يسلم ،فلم تسقط نفقتها ،كالسلم إذا غاب عن زوجته .ارتداد الزوج ل
ينع النفقة :وإذا ارتد الزوج ،بعد الدخول ،ل تسقط نفقتها ،لن امتناع الوطء
بسبب من جهته ،وهو قادر على إزالته بالعودة إل السلم بلف ما إذا ارتدت
الزوجة ،فان نفقتها تسقط ،لنا منعت الستمتاع بعصية من قبلها ،فتكون كالناشز
.مذهب الظاهرية ف سبب استحقاق النفقة :وللظاهرية رأي آخر ف سبب وجوب
النفقة .وهو الزوجية نفسها .فحيث وجدت الزوجية وجبت النفقة .وبنوا على
مذهبهم هذا وجوب النفقة للصغية والناشز ،دون النظر إل الشروط الت قال با
غيهم من الفقهاء .قال ابن حزم " :وينفق الرجل على امرأته من حي يعقد نكاحها
.دعى إل البناء ،أم ل يدع .ولو أنا ف الهد .ناشزا كانت أو غي ناشز :غنية
كانت أو فقية .ذات أب أو يتيمة .بكرا كانت أو ثيبا .حرة كانت أو أمة .على
قدر حاله ( . ) 1قال :وقال أبو سليمان ،وأصحابه ،وسفيان الثوري :النفقة
واجبة للصغية من حي العقد عليها .وأفت الكم بن عتيبة -ف امرأة خرجت من
بيت زوجها غاضبة -هل لا نفقة ؟ قال :نعم .قال :ول يفظ منع الناشز من النفقة
عن أحد من الصحابة ،إنا هو شئ روي عن النخعي والشعب ،وحاد بن أب
سليمان ،والسن ،والزهري .وما نعلم لم حجة ،إل أنم قالوا :النفقة بإزاء
الماع .فإذا منعت الماع منعت النفقة .انتهى بتصرف قليل ( .هامش ) ( ) 1
الحلى ج / ) . ( 1 .صفحة / 174تقدير النفقة وأساسه :إذا كانت الزوجة مقيمة
مع زوجها ،وكان هو قائما بالنفقة عليها ،ومتوليا إحضار ما فيه كفايتها ،من طعام ،
وكسوة ،وغيها ،فليس للزوجة أن تطلب فرض النفقة ،حيث أن الزوج قائم
بالواجب عليه .فإذا كان الزوج بيل ل يقوم بكفاية زوجته ،أو أنه تركها بل نفقة ،
بغي حق ،فلها أن تطلب فرض نفقة لا من الطعام ،والكسوة ،والسكن .وللقاضي
أن يقضي لا بالنفقة ،ويلزم الزوج با مت ثبت لديه صحة دعواها .كما أن لا الق
أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالعروف ( ، ) 1وإن ل يعلم الزوج ،إذ أنه منع الواجب
عليه وهي مستحقة له ،وللمستحق أن يأخذ حقه بيده مت قدر عليه .وأصل ذلك ما
127
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رواه أحد ،والبخاري ،ومسلم ،وأبو داود ،والنسائي .عن عائشة ،رضي ال
عنها :أن هندأ قالت :يارسول ال إن أبا سفيان رجل شحيح ،وليس يعطين ما
يكفين وولدي .إل ما أخذت منه ،وهو ل يعلم ؟
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 174
فقال " :خذي ما يكفيك وولدك بالعروف " .وف الديث دللة على أن النفقة تقدر
بكفاية الرأة مع التقييد بالعروف ،أي :التعارف بي كل حهة باعتبار ما هو الغالب
على أهلها ،وهذا يتلف باختلف الزمنة ،والمكنة ،والحوال ،والشخاص .
وقد رأى صاحب الروضة الندية :أن الكفاية بالنسبة للطعام تعم جيع ما تتاج إليه
الزوجة ،فيدخل فيه الفاكهة وما هو معتاد من التوسعة ف العياد ،وسائر الشياء
الت قد صارت بالستمرار عليها مألوفة ،بيث يصل التضرر بفارقتها أو التضجر ،
أو التكدر .قال :ويدخل فيه الدوية ونوها ،وإليه يشي قوله تعال " :وعلى
الولود له رزقهن وكسوتن بالعروف ( " .هامش ) ( ) 1إذا كانت رشيدة ول
تسرف ف الخذ ( / ) .صفحة / 175فإن هذا نص ف نوع من أنواع النفقات :إن
الواجب على من عليه النفقة رزق من عليه إنفاقه .والرزق يشمل ما ذكرناه .ث ذكر
رأي بعض الفقهاء ف عدم وجوب ثن الدوية ،وأجرة الطبيب ،لنه يراد لفظ
البدن ،كما ل يب على الستأجر أجرة إصلح ما اندم من الدار .ورجح دخول
العلج ف النفقة ،وأنه واجب فقال :وقال ف الغيث :الجة أن الدواء لفظ الروح
فأشبه النفقة .قال :وهو الق لدخوله تت عموم قوله صلى ال عليه وسلم " :ما
يكفيك " .وتت قوله تعال " :رزقهن " .فإن الصيغة الول عامة باعتبار لفظ " ما "
.والثانية عامة ،لنا مصدر مضاف .وهي من صيغ العموم .واختصاصه ببعض
الستحقي لينع من اللاق .قال :وبجموع ما ذكرنا ،يقرر لك أن الواجب على
من عليه النفقة لن له النفقة ،هو ما يكفيه بالعروف ،وليس الراد تفويض أمر ذلك
إل من له النفقة ،وأنه يأخذ ذلك بنفسه حت يرد ما أورده السائل من خشية السرف
ف بعض الحوال ،بل الراد تسليم ما يكفي على وجه لسرف فيه ،بعد تبي مقدار
128
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ما يكفي بإخبار الخبين ،أو تريب الجربي .وهو معن قوله صلى ال عليه وسلم :
" بالعروف ،أي :ل بغي العروف وهو السرف والتقتي .نعم إذا كان الرجل ل
يسلم ما يب عليه من النفقة .جاز لنا الذن لن له النفقة بأن يأخذ ما يكفيه ،إذا
كان من أهل الرشد ،ل إذا كان من أهل السرف والتبذير ،فإنه ل يوز تكينه من
مال من عليه النفقة ،لن ال تعال يقول " :ول تؤتوا السفهاء أموالكم " .ث قال :
ولكن يب علينا إذا كان من عليه النفقة متمردا ،ومن له النفقة ليس بذي رشد ،أن
نعل الخذ إل ول من لرشد له ،أو إل رجل عدل .انتهى .وما يب لا عليه من
النفقة ما تتاج إليه من الشط والصابون والدهن وسائر ما تتنظف به / .صفحة 176
/وقالت الشافعية :أما الطيب فإن كان يراد لقطع السهوكة ( ، ) 1لزمه لنه يراد
للتنظيف ،وإن كان يراد للتلذذ والستمتاع ،ل يلزمه ،لنه حق له ،فل يب عليه .
رأي الحناف :أن النفقة غي مقدرة بالشرع ،وأنه يب على الزوج لزوجته قدر ما
يكفيها من الطعام ،والدام ،واللحم والضر ،والفاكهة ،والزيت ،والسمن ،
وسائر مالبد منه للحياة حسب التعارف .وأن ذلك يتلف باختلف المكنة ،
والزمنة ،والحوال .كما يب عليه كسوتا صيفا وشتاء .ورأوا تقدير نفقة الزوجة
على زوجها بسب حال الزوج يسرا أو عسرا مهما تكن حالة الزوجة ،لقول ال
تعال " :لينفق ذو سعة من سعته ،ومن قدر ( ) 1عليه رزقه فلينفق ما آتاه ال ،ل
يكلف ال نفسا إل ما آتاها ،سيجعل ال بعد عسر يسرا ( . " ) 2وقوله سبحانه " :
أسكنوهن من حيث سكنتم ،من وجدكم ( . " ) 4مذهب الشافعية ف تقدير النفقة
:والشافعية ل يتركوا تقدير النفقة إل ما فيه الكفاية ،بل قالوا :إنا هي مقدرة
بالشرع ،وإن اتفقوا مع الحناف ف اعتبار حال الزوج يسرا أو عسرا ،وأن على
الزوج الوسر وهو الذي يقدر على النفقة باله وكسبه -ف كل يوم مدين ،وأن على
العسر الذي ل يقدر على النفقة بال ول كسب مدا ف كل يوم .وأن على التوسط
مدا ونصفا .واستدلوا لذهبهم هذا بقول ال تعال " :لينفق ذو سعة من سعته .ومن
قدر عليه رزقه فينفق ما آتاه ال " .قالوا :ففرق بي الوسر والعسر ،وأوجب على
كل واحد منهما على ( هامش ) ( ) 1الرائحة الكريهة ) 2 ( .قدر :ضيق ) 3 ( .
129
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
سورة الطلق آية ) 4 ( .حسب قدرتكم وحالكم .الطلق آية / ) . ( 6صفحة
/ 177قدر حاله ،ول يبي القدار فوجب تقديره بالجتهاد ،وأشبه ما تقاس عليه
النفقة ،الطعام ف الكفارة .لنه طعام يب بالشرع لسد الوعة .وأكثر ما يب ف
الكفارة للمسكي مدان ف فدية الذى .وأقل ما يب مد وهو ف كفارة الماع ف
رمضان .فإن كان متوسطا لزمه مد ونصف ،لنه ل يكن إلاقه بالوسر ،وهو
دونه ،ول بالعسر وهو فوقه ،فجعل عليه مد ونصف .قالوا :ولو فتح باب الكفاية
للنساء من غي تقدير لوقع التنازع ،ل إل
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 177
غاية .فتعيي ذلك التقدير اللئق بالعروف .وهذا خلف ما لبد منه ف الطعام من
الدام واللحم ،والفاكهة .وقالوا :يب لا الكسوة ،مع مراعاة حال الزوج من
اليسار والعسار ،فلزوجة الوسر من الكسوة ،ما يلبس عادة ف البلد من رفيع
الثياب .ولمرأة العسر الغليظ من القطن ،والكتان ،ونوها .ولمرأة التوسط ما
بينهما .ويب لا مسكن على قدر يساره وإعساره وتوسطه ،مع تأثيث السكن تأثيثا
يتناسب مع حالته .وقالوا :إذا كان الزوج معسرا ،ينفق عليها أدن ما يكفيها من
الطعام ،والدام ،بالعروف .ومن الكسوة أدن ما يكفيها من الصيفية والشتوية .
وإن كان متوسطا ،ينفق عليها أوسع من ذلك بالعروف ومن الكسوة أرفع من ذلك ،
كله بالعروف .وإنا كانت النفقة والكسوة بالعروف ،لن دفع الضرر عن الزوجة
واجب ،وذلك باياب الوسط من الكفاية ،وهو تفسي العروف .العمل ف الحاكم
الن :وما ذهب إليه الشافعية وبعض الحناف من رعاية حال الزوج الالية ،حي
فرض النفقة ،هو ما جرى به العمل الن ف الحاكم ،تطبيقا للمادة 16من القانون
رقم 25لسنة 1929ونصها " :تقدير نفقة الزجة على زوجها بسب حال الزوج
يسرا ،وعسرا ،مهما كانت حالة الزوجة " .وهذا هو العدل ،لنه يتفق مع اليتي
التقدمتي / .صفحة / 178تقدير النفقة عينا أو نقدا :يصح أن يكون ما يفرض من
النفقة من البز ،والدام والكسوة ،أصنافا معينة ،كما يصح أن تفرض قيمتها نقدا
130
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لتشتري به ما تتاج إليه .ويصح أن تفرض النفقة سنوية ،أو شهرية ،أو أسبوعية ،
أو يومية ،حسب ما هو ميسور للزوج .والذي يسري عليه العمل الن ف الحاكم ،
هو فرض بدل طعام الزوجة شهريا ،وبدل كسوتا عن ستة شهور باعتبار أنا تتاج ف
السنة إل كسوة للصيف ،وأخرى للشتاء .وبعض القضاة يفرض مبلغا شهريا للنفقة
بأنواعها الثلثة بدون تفصيل ،مراعيا أن يكون فيما يفرضه لا كفاية لطعامها ،
وكسوتا ،وسكناها ،حسب حالة الزوج عسرا ويسرا .تغي السعار أو تغي حال
الزوج الالية :إذا تغيت السعار عن وقت الفرض ،أو تغيت حالة الزوج الالية ،
فإما أن يكون هذا التغي ف السعار إل زيادة ،أو إل نقص ،أو يكون تغي حالة
الزوج الالية إل ما هو أحسن ،أو أسوأ .ول بد من رعاية كل حالة من هذه الالت
.فإن تغيت السعار عن وقت الفرض إل زيادة ،كان للزوجة أن تطالب بزيادة
نفقتها .وإن تغيت إل نقص كان للزوج أن يطلب تفيض النفقة .وإن تسنت حالة
الزوج الالية عما كان عليه حي تقدير النفقة ،كان للزوجة أن تطلب زيادة نفقتها .
وإن تغيت حالة الزوج الالية إل أسوأ ،كان للزوج الق ف طلب تفيض النفقة .
الطأ ف تقدير النفقة :إذا ظهر بعد تقدير النفقة أن التقدير كان خطأ ل يكفي الزوجة
-حسب /صفحة / 179حالة الزوج -من العسر أو اليسر -كان من حق
الزوجة الطالبة بإعادة النظر ف التقدير ،وعلى القاضي أن يقدر لا ما يكفيها
لطعامها ،وكسوتا ،مع ملحظة حالة الزوج .دين النفقة يعتب دينا صحيحا ف ذمة
الزوج :قلنا :إن نفقة الزوجة واجبة على زوجها ،مت توفرت الشروط الت تقدم
ذكرها .ومت وجبت النفقة على الزوج لزوجته ،لوجود سببها ،وتوفر شروطها ،ث
امتنع عن أدائها تصي دينا ف ذمته .شأنا ف هذا شأن الديون الثابتة ،الت الت ل
تسقط إل بالداء أو البراء .وإل هذا ذهبت الشافعية ،وجرى عليه العمل منذ
صدور قانون رقم 25لسنة 1920فقد جاء فيه :مادة - 1تعتب نفقة الزوجة الت
سلمت نفسها لزوجها ،ولو حكما ،دينا ف ذمته ،من وقت امتناع الزوج عن
النفاق مع وجوبه ،بل توقف على قضاء قاض ،أو تراض بينهما ،ول يسقط دينها
إل بالداء أو البراء .مادة - 2الطلقة الت تستحق النفقة .تعتب نفقتها دينا ،كما
131
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جاء ف الادة السابقة .من تاريخ الطلق .وقد جاء مع هذا القانون تعليمات من
الهة الت صدر عنها ( . ) 1وهي - 1 :إن نفقة الزوجة .أو الطلقة ،ل يشترط
لعتبارها دينا ف ذمة الزوج -القضاء ،أو الرضا -بل تعتب دينا من وقت امتناع
الزوج عن النفاق ،مع وجوبه - 2 .إن دين النفقة من الديون الصحيحة ،وهي
الت ل تسقط إل بالداء أو البراء .ويترتب على هذين الكمي - 1 :إن للزوجة ،
أو الطلقة أن تطلب لا الكم بالنفقة على زوجها ،عن مدة سابقة على الترافع ،ولو
كانت أكثر من شهر ،إذا ادعت أن ( هامش ) ( ) 1وزارة العدل وكانت تسمى
وزارة القانية ( / ) .صفحة / 180زوجها تركها من غي نفقة ،مع وجوب النفاق
عليها ف هذه الدة ،طالت أم قصر ت .ومت أثبت ذلك بطريق من طرق الثبات .
ولو كانت شهادة السكتشاف النصوص عليها ف الادة 178من اللئحة حكم لا با
طلبت - 2 .أن دين النفقة ل يسقط بوت أحد الزوجي ،ول بالطلق -ولو
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 180
خلعا -فللمطلقة مطلق الق فيما تمد لا من النفقة ،حال قيام الزوجية ،ما ل يكن
عوضا لا عن الطلق ،أو اللع - 3 .أن النشوز الطارئ ل يسقط متجمد النفقة ،
وإنا ينع النشوز مطلقا من وجوبا مادامت الزوجة ،أو العتدة ناشزا .وبعد صدور
هذا القانون ،استغلته بعض الزوجات ،ف ترك الطالبة بالنفقة ،حت يتجمع منها
مبلغ باهظ ،ث يطالب الزوج بالتجمد كله ،ما يرهق الزوج ويثقل كاهله .فرؤي
تدارك هذا المر با يرفع الضرر عن الزواج .وجاء ف الفقرة 6من الادة 99من
القانون رقم 78لسنة 1931بلئحة ترتيب الحاكم الشرعية ،ما نصه " :ل تسمع
دعوى النفقة عن مدة ماضية ،لكثر من ثلث سني ميلدية ،نايتها تاريخ رفع
الدعوى " .وجاء ف الذكرة اليضاحية لذا القانون ،بشأن هذه الفقرة ما نصه " :
أما النفقة عن الدة الاضية فقد رؤي -أخذا بقاعدة تصيص القضاء -أل تسمع
الدعوى با لكثر من ثلث سنوات ميلدية .نايتها تاريخ قيد الدعوى .ولا كان ف
إطلق إجازة الطالبة بالنفقة التجمدة عن مدة سابقة على رفع الدعوى -احتمال
132
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الطالبة بنفقة سني عديدة ترهق الشخص اللزم با .رؤي من العدل دفع صاحب الق
ف النفقة إل الطالبة با ،أول فأول ،بيث ل يتأخر أكثر من ثلث سنوات ،وجعل
ذلك عن طريق منع ساع الدعوى " .وليس ف ذلك الكم ضرر على صاحب الق
ف النفقة ،إذ يكنه الطالبة با / ،صفحة / 181قبل مضي ثلث سنوات ( . ) 1
ول زال العمل مستمرا بذا القانون إل اليوم :البراء من دين النفقة والقاصة به :
وإذا كانت النفقة الت تستحقها الزوجة على زوجها تعتب دينا ف ذمته ،من الوقت
الذي امتنع فيه عن أدائها بغي حق شرعي -فإنه يصح للزوجة أن تبئه من هذا الدين
،كله أو بعضه .ولو أبرأته ما يكون لا من النفقة ف الستقبل ل يصح ،لنه ل يثبت
دينا بعد ،والبراء ل يكون إل من دين ثابت فعل .ويستثن من ذلك البراء عن
شهر واحد مستقبل ،أو عن سنة واحدة -إن كانت النفقة فرضت مشاهرة ،أو
مسانة .وإذا كانت النفقة معتبة دينا صحيحا ،ل يسقط إل بالداء أو البراء ،
وكان للزوج دين ف ذمتها ،وطلب أحدها مقاصة الديني ،أجيب إل طلبه لستواء
الديني ف القوة .وللحنابلة رأي ف القاصة ،فهم يفرقون بي أن تكون الرأة موسرة ،
أو معسرة ،فإن كانت موسرة ،فله أن يتسب عليها بدينه مكان نفقتها ،لن من
عليه حق فله أن يقضيه من أي أمواله شاء ،وهذا من ماله .وإن كانت معسرة ل يكن
له ذلك ،لن قضاء الدين إنا يب ف الفاضل من قوته .ودين زوجها الذي هو عليها
ل يفضل عنها ،ولن ال تعال أمر بإنظار العسر .فقال " :وإن كان ذوعسرة فنظرة
إل ميسرة " فيجب إنظاره با عليها .تعجيل النفقه وطروء ما ينع الستحقاق :إذا
عجل الزوج لزوجته نفقة مدة مستقبلة كشهر ،أو سنة مثل ،ث ( هامش ) ( ) 1
ويؤخذ على هذا القانون أن التحديد بثلث سني ل تعرف حكمته من جهة ،ول دليل
يكن الستناد إليه من جهة أخرى .على أن هذه الدة تعتب مدة طويلة ،وقد ترهق
الزواج ،ولذا جاء ف مشروع قانون الحوال الشخصية الادة رقم 81من أنه ل
تسمع دعوى النفقة عن مدة تزيد عن سنة سابقة على الدعوى ( / ) .صفحة / 182
طرأ ف أثناء الدة ما يعلها ل تستحق النفقة ،بأن مات أحد الزوجي أو نشزت
الزوجة ،فللزوج أن يسترد نفقة ما بقي من الدة الت ل تستحق نفقة عنها ،لنا
133
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أخذته جزاء احتباسها لق الزوج ،ومت فات الحتباس بالوت أو النشوز ،فعليها أن
ترد النفقة الت عجلت لا بالنسبة للمدة الباقية .وإل هذا ذهب المام الشافعي وممد
بن السن ( ) 1نفقة العتدة :وللمعتدة الرجعية ،والعتدة الامل النفقة ،لقول ال
سبحانه ف الرجعيات " :أسكنوهن من حيث سكنتم ،من وجدكم " ( . ) 2ولقوله
ف الوامل " :وإن كن أولت حل فانفقوا عليهن حت يضعن حلهن ( . " ) 3وهذه
الية تدل على وجوب النفقة لامل -سواء أكانت ف عدة الطلق الرجعي ،أم
البائن ،أو كانت عدتا عدة وفاة -أما البائنة فإن الفقهاء اختلفوا ف وجوب النفقة
لا ،إذا ل تكن حامل على ثلثة أقوال - 1 :أن لا السكن ول نفقة لا ،وهو قول
مالك والشافعي ،واستدلوا بقول ال تعال " :أسكنوهن من حيث سكنتم ،من
وجدكم " - 2 .أن لا النفقة والسكن ،وهو قول عمربن الطاب ،وعمر بن عبد
العزيز ،والثوري ،والحناف ،واستدلوا على قولم هذا بعموم قوله تعال " :
أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم " .فهذا نص ف وجوب السكن ،وحيثما
وجبت السكن شرعا وجبت النفقة ( هامش ) ( ) 1يرى المام أبو حنيفة وأبو
يوسف أن الزوج ل يسترد شيئا ما يعجل من النفقة ،لنا وإن كانت جزاء احتباس
ففيها شبه صلة وقد قبضتها الزوجة والصلة بي الزوجي ل رجوع فيها .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 182
( ) 3 ، 2سورة الطلق آية ( / ) .صفحة / 183لكون النفقة تابعة لوجوب
السكان ف الرجعية ،وف الامل ،وف نفس الزوجية .وقد أنكر عمر وعائشة رضي
ال عنهما على فاطمة بنت قيس الديث الذي أوردته ،وقال عمر :لنترك كتاب ال
( ) 1وسنة نبينا لقول امرأة ،ل ندري لعلها حفظت أم نسيت .وحي بلغ فاطمة
ذلك قالت " :بين وبينكم كتاب ال " .قال ال تعال " :فطلقوهن لعدتن وأحصوا
العدة ،واتقوا ال ربكم ،ل ترجوهن من بيوتن ول يرجن إل أن يأتي بفاحشة
مبينة ،وتلك حدود ال ومن يتعد حدود ال فقد ظلم نفسه ،ل تدري لعل ال يدث
بعد ذلك أمرا " .فأي أمر يدث بعد الثلث ! - 3 .أنه لنفقة لا ولسكن ،وهو
134
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قول أحد ،وداود ،وأب ثور ،وحكي عن علي ،وابن عباس ،وجابر ،والسن ،
وعطاء ،والشعب ،وابن أب ليلى ،والوزاعي ،والمامية .واستدلوا با رواه
البخاري ،ومسلم ،عن فاطمة بنت قيس قالت " :طلقن زوجي ثلثا على عهد
رسول ال صلى ال عليه وسلم فلم يعل ل نفقة ولسكن " .وف بعض الروايات :
أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إنا السكن والنفقة لن لزوجها عليها
الرجعة " .وروى أحد ،ومسلم ،وأبو داود ،والنسائي " :أنه قال لا رسول ال
صلى ال عليه وسلم ل نفقة لك ،إل أن تكون حاملة " .نفقة زوجة الغائب :جاء
ف القانون رقم ( ) 25لسنة 1920مادة ( " : ) 5إذا كان الزوج غائبا غيبة
قريبة ،فإن كان له مال ظاهر نفذ الكم ( هامش ) ( ) 1يريد قوله تعال " :
أسكنوهن من حيث سكنتم ،من وجدكم " ( / ) .صفحة / 184عليه بالنفقة ف
ماله ،وإن ل يكن له مال ظاهر أعذر إليه القاضي بالطرق العروفة وضرب له أجل ،
فإن ل يرسل ما تنفق فيه زوجته على نفسها ،طلق عليه القاضي بعد مضي الجل .
فإن كان بعيد الغيبة ل يسهل الوصول إليه ،إذ كان مهول الحل ،أو كان مفقودا ،
وثبت أنه لمال له تنفق منه الزوجة ،طلق عليه القاضي ( / ) .صفحة / 185
القوق غي الادية .تقدم أن من حقوق الزوجة على زوجها منها ما هو مادي :وهو
الهر والنفقة ،ومنها ما هو غي مادي وهو ما نذكره فيما يلي ) 1 ( :حسن معاشرتا
:أول ما يب على الزوج لزوجته إكرامها ،وحسن معاشرتا ،ومعاملتها بالعروف ،
وتقدي ما يكن تقديه إليها ،ما يؤلف قلبها ،فضل عن تمل ما يصدر منها والصب
عليه .يقول ال سبحانه " :وعاشروهن بالعروف .فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا
شيئا ويعل ال فيه خيا كثيا ( . " ) 1ومن مظاهر اكتمال اللق ،ونو اليان أن
يكون الرء رقيقا مع أهله ،يقول الرسول صلوات ال وسلمه عليه " :أكمل الؤمني
إيانا أحسنهم خلقا ،وخياركم خياركم لنسائهم " .وإكرام الرأة دليل الشخصية
التكاملة ،وإهانتها علمة على السة واللؤم .يقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :
ما أكرمهن إل كري ،وما أهانن إل لئيم " .ومن إكرامها التلطف معها ،ومداعبتها
.وقد كان الرسول صلى ال عليه وسلم يتلطف مع عائشة رضي ال عنها فيسابقها ،
135
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تقول :سابقن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فسبقته على رجلي ،فلما حلت
اللحم ( ، ) 2سابقته فسبقن .فقال " :هذه بتلك السبقة " .رواه أحد ،وأبو داود
( .هامش ) ( ) 1سورة النساء آية ) 2 ( 19أي امتل جسمها ( / ) .صفحة
/ 186وروى أحد ،وأصحاب السنن ،أنه صلى ال عليه وسلم قال " :كل شئ
يلهو به ابن آدم ،فهو باطل ،إل ثلثا :رميه عن قوسه ،وتأديبه فرسه ،وملعبته
أهله ،فإنن من الق " .ومن إكرامها أن يرفعها إل مستواه ،وأن يتجنب أذاها ،
حت ولو بالكلمة النابية .فعن معاوية بن حيدة رضي ال عنه قال " :قلت يا رسول
ال :ما حق زوجة أحدنا عليه " ؟ قال " :أن تطعمها إذا طعمت ،وتكسوها إذا
اكتسيت ،ول تضرب الوجه ،ول تقبح ،ول تجر إل ف البيت " .والرأة ل يتصور
فيها الكمال ،وعلى النسان أن يتقبلها على ماهي عليه .يقول الرسول ال صلى ال
عليه وسلم " :استوصوا بالنساء خيا ،الرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما ف
الضلع أعله ،فإن ذهبت تقيمه كسرته ،وإن تركته ل يزل أعوج " .رواه البخاري ،
ومسلم .وف هذا إشارة إل أن ف خلق الرأة عوجا طبيعيا ،وأن ماولة إصلحه غي
مكنة ،وأنه كالضلع العوج التقوس الذي ل يقبل التقوي .ومع ذلك فلبد من
مصاحبتها على ماهي عليه ،ومعاملتها كأحسن ما تكون العاملة ،وذلك لينع من
تأديبها وإرشادها إل الصواب إذا اعوجت ف أي أمر من المور .وقد يغضي الرجل
عن مزايا الزوجة وفضائلها ،ويتجسد ف نظره بعض ما يكره من خطالا ،فينصح
السلم بوجوب الوازنة بي حسناتا وسيئاتا ،وأنه إذا رأى منها ما يكره -فإنه يرى
منها ما يب .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 186
يقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :ل يفرك ( ) 1مؤمن مؤمنة ،إن كره منها
خلقا ،رضي منها خلقا آخر " ) 2 ( .صيانتها :ويب على الزوج أن يصون زوجته
،ويفظها من كل ما يدش شرفها ( ،هامش ) ( ) 1ل يفرك :ل يبغض ( / ) .
صفحة / 187ويثلم عرضها ،ويتهن كرامتها ،ويعرض سعتها لقالة السوء ،وهذا
136
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
من الغية الت يبها ال .روى البخاري عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم قال " :إن ال يغار ،وإن الؤمن يغار ،وغية ال أن يأت العبد ما حرم عليه " .
وروى عن ابن مسعود أنه صلوات ال وسلمه عليه قال " :ما أحد أغي من ال ،
ومن غيته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ،وما أحد إليه الدح من ال ،ومن
أجل ذلك أثن على نفسه ،وما أحد أحب إليه العذر من ال ،من أجل ذلك أرسل
الرسل مبشرين ومنذرين " .وروى أيضا أن سعد بن عبادة قال " :لو رأيت رجل مع
امرأت لضربته بالسيف غي مصفح .فقال الرسول عليه الصلة والسلم " :أتعجبون
من غية سعد .لنا أغي منه ،وال أغي من ،ومن أجل غية ال ،حرم الفواحش ما
ظهر منها وما بطن " .وعن ابن عمر قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
ثلثة ل يدخلون النة " :العاق لوالديه ،والديوث ،ورجلة النساء " .رواه النسائي
والزار ،والاكم ،وقال :صحيح السناد .وعن عمار بن ياسر أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم قال " :ثلثة ل يدخلون النة أبدا :الديوث ،والرجلة من النساء ،
ومدمن المر .قالوا :يارسول ال :أما مدمن المر فقد عرفناه .فما الديوث ؟ قال
:الذي ل يبال من دخل على أهله .قلنا :فما الرجلة من النساء ؟ قال :الت تتشبه
بالرجال " .رواه الطبان .قال النذري :ورواته ليس فيهم مروح .وكما يب على
الرجل أن يغار على زوجته ،فإنه يطلب منه أن يعتدل ف هذه الغية ،فل يبالغ ف
إساءة الظن با .ول يسرف ف تقصي كل حركاتا وسكناتا ول يصي جيع عيوبا ،
فإن ذلك يفسد العلقة الزوجية ،ويقطع ما أمر ال به أن يوصل ،يقول الرسول
صلى ال عليه وسلم فيما يرويه أبو داود ،والنسائي ،وابن حبان عن جابر بن عنبة
/ :صفحة " / 188إن من الغية ما يبه ال ،ومنها ما يبغضه ال ،ومن اليلء ما
يبه ال ،ومنها ما يبغضه ال ،فأما الغية الت يبها ال :فالغية ف الريبة ،والغية
الت يبغضها ال :فالغية ف غي ريبة ( . ) 1والختيال الذي يبه ال اختيال الرجل
بنفسه عند القتال ،وعند الصدمة ،والختيال الذي يبغضه ال الختيال ف الباطل " .
وقال علي كرم ال وجهه :ل تكثر الغية على أهلك ،فترامى بالسوء من أجلك .
إتيان الرجل زوجته :قال ابن حزم :وفرض على الرجل أن يامع امرأته ،الت هي
137
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
زوجته ،وأدن ذلك مرة ف كل طهر ،إن قدر على ذلك .وإل فهو عاص ل تعال .
برهان ذلك قوله عزوجل " :فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم ال ( . " ) 2
وذهب جهور العلماء ال ما ذهب إليه ابن حزم من الوجوب على الرجل ذا ل يكن له
عذر .وقال الشافعي :ل يب عليه ،لنه حق له ،فل يب عليه كسائر القوق .
ونص أحد على أنه مقدر بأربعة أشهر ،لن ال قدره ف حق الول بذه الدة ،
فكذلك ف حق غيه .وإذا سافر عن امرأته ،فإن ل يكن له عذر مانع من الرجوع ،
فإن أحد ذهب إل توقيته بستة أشهر .وسئل :كم يغيب الرجل عن زوجته ؟ قال :
ستة أشهر .يكتب إليه ،فإن أب أن يرجع فرق الاكم بينهما .وحجته ما رواه أبو
حفص باسناده عن زيد بن أسلم قال :بينما عمربن الطاب يرس الدينة ،فمر بامرأة
ف بيتها وهي تقول :تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال علي أن ل خليل ألعبه
( هامش ) ( ) 1الريبة :الشك والظن ،وإنا كان ذلك بغيضا لنه من سوء الظن ،
إن بعض الظن إث ) 2 ( .سورة البقرة آية / ) . ( 222 :صفحة / 189وال لول
خشية ال وحده لرك من هذا السرير جوانبه ولكن رب والياء يكفين وأكرم بعلي
أن توطأ مراكبه فسأل عنها عمر ،فقيل له :هذه فلنة ،زوجها غائب ف سبيل ال ،
فأرسل إليها تكون معه ،وبعث إل زوجها فأقفله ( ، ) 1ث دخل على حفصة ،فقال
:يا بنية .كم تصب الرأة عن زوجها ؟ .فقالت :سبحان ال ! مثلك يسأل مثلي عن
هذا ؟ .فقال :لول أن أريد النظر للمسلمي ما سألتك .قالت :خسة أشهر .ستة
أشهر .فوقت للناس ف مغازيهم ستة أشهر .يسيون شهرا ،ويقيمون أربعة أشهر ،
ويسيون راجعي شهرا .وقال الغزال من الشافعية :وينبغي أن يأتيها ف كل أربع
ليال مرة ،فهو أعدل ،لن عدد النساء أربعة ،فجاز التأخي إل هذا الد .نعم
ينبغي أن يزيد ،أو ينقص حسب حاجتها ف التحصي ،فإن تصينها واجب عليه ،
وإن كان ل تثبت الطالبة بالوطء ،فذلك لعسر الطالبة والوفاء با .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 189
138
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وعن ممد بن معن الغفاري قال " :أتت امرأة إل عمر بن الطاب رضي ال عنه
فقالت :يا أمي الؤمني :إن زوجي يصوم النهار ،ويقوم الليل ،وأنا أكره أن أشكوه
-وهو يعمل بطاعة ال عزوجل -فقال لا :نعم الزوج زوجك ،فجعلت تكرر هذا
القول ويكرر عليها الواب .فقال له كعب السدي :يا أمي الؤمني هذه الرأة
تشكو زوجها ف مباعدته إياها عن فراشه ،فقال عمر :كما فهمت كلمها فاقض
بينهما .فقال كعب :علي بزوجها ،فأت به ،فقال له :إن امرأتك هذه تشكوك .
قال :أف طعام ،أو شراب ؟ و قال :ل ،فقالت الرأة :يا أيها القاضي الكيم رشده
ألى خليلي عن فراشي مسجده زهده ف مضجعي تعبده فاقض القضا ،كعب ،ول
ترده ناره وليله ما يرقده فلست ف أمر النساء أحده فقال زوجها :زهدن ف النساء
وف الجل أن امرؤ أذهلن ما نزل ( هامش ) ( ) 1أقفله :أرجعه ( / ) .صفحة
/ 190ف سورة النحل وف السبع الطول وف كتاب ال تويف جلل فقال كعب :
إن لا عليك حقايا رجل نصيبها ف أربع لن عقل فأعطها ذاك ودع عنك العلل ث قال
:إن ال عزوجل قد أحل لك من النساء مثن وثلث ورباع فلك ثلثة أيام ولياليهن
تعبد فيهن ربك ،فقال عمر :وال ما أدري من أي أمريك أعجب ؟ .أمن فهمك
أمرها ،أم من حكمك بينهما ؟ .اذهب فقد وليتك قضاء البصرة .وقد ثبت ف
السنة أن جاع الرجل زوجته من الصدقات الت يثيب ال عليها .روى مسلم أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال . . . " :ولك ف جاع زوجتك أجر .قالوا يا
رسول ال :أيأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال :أرأيتم لو وضعها ف حرام
أكان عليه فيها وزر ! فكذلك إذا وضعها ف حلل كان له أجر " .ويستحب الداعبة
،واللعبة ،واللطفة ،والتقبيل ،والنتظار حت تقضي الرأة حاجتها .روى أبو
يعلى عن أنس بن مالك :أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال " :إذا جامع أحدكم
أهله فليصدقها ،فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فل يعجلها حت تقضي
حاجتها " وقد تقدم " :هل بكرا تلعبها وتلعبك " .التستر عند الماع :أمر
السلم بستر العورة ف كل حال إل إذا اقتضى المر كشفها .فعن بزبن حكيم عن
أبيه عن جده قال :قلت " :يا نب ال :عوراتنا ما نأت منها وما نذر ؟ قال :احفظ
139
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عورتك إل من زوجتك ،أو ما ملكت ييتك .قلت :يارسول ال إذا كان القوم
بعضهم ف بعض ؟ قال :إن استطعت أل يراها أحد فل يراها .قال :قلت :إذا كان
أحدنا خاليا ؟ قال :فال أحق أن يستحيا من الناس " .رواه الترمذي ،وقال حديث
حسن / .صفحة / 191وف الديث جواز كشف العورة عند الماع ،ولكن مع
ذلك ل ينبغي أن يتجرد الزوجان تردا كامل .فعن عتبة بن عبد السليمي قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ،ول يتجردا ترد
العيين ( . " ) 1رواه ابن ماجه .وعن ابن عمر أن النب صلى ال عليه وسلم قال :
" إياكم والتعري ،فإن معكم من ل يفارقكم ،إل عند الغائط ،وحي يفضي الرجل
إل أهله ،فاستحيوهم وأكرموهم " .رواه الترمذي وقال حديث غريب .قالت
عائشة " :ل ير رسول ال صلى ال عليه وسلم من ،ول أر منه " .التسمية عند
الماع :يسن أن يسمي النسان ويستعيذ عند الماع .روى البخاري ومسلم
وغيها ،عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :لو أن أحدكم إذا
أتى أهله ،قال :بسم ال ،اللهم جنبنا الشيطان ،وجنب الشيطان ما رزقنا .فإن
قدر بينهما ف ذلك ولد ،لن يضر ذلك الولد الشيطان أبدا " .حرمة التكلم با يري
بي الزوجي أثناء الباشرة :ذكر الماع ،والتحدث به مالف للمروءة ،ومن اللغو
الذي ل فائدة فيه ،ول حاجة إليه ،وينبغي للنسان أن يتنه عنه ما ل يكن هناك ما
يستدعي التكلم به .ففي الديث الصحيح " :من حسن إسلم الرء تركه مال يعنيه "
.وقد مدح ال العرضي عن اللغو فقال " :والذين هم عن اللغو معرضون " .فإذا
استدعى المر التحدث به ودعت الاجة إليه فل بأس ،وقد ادعت امرأة أن زوجها
عاجز عن إتيانا .فقال يا رسول ال " :إن لنفضها نفض الدي " ( .هامش ) ( ) 1
العيين :المارين ( / ) .صفحة / 192فإذا توسع الزوج أو الزوجة ف ذكر
تفاصيل الباشرة وأفشى ما يري بينهما من قول أو فعل ،كان ذلك مرما .فعن أب
سعيد رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن شر الناس عند ال منلة
يوم القيامة :الرجل يفضي إل الرأة ،وتفضي إليه ،ث ينشر سرها " .رواه أحد .
وعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى ،فلما سلم ،
140
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أقبل عليهم بوجهه فقال " :مالسكم .هل منكم الرجل إذا أتى أهله أغلق بابه
وأرخى ستره ،ث يرج فيحدث فيقول :فعلت بأهلي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 192
كذا وفعلت بأهلي كذا ؟ ! فسكتوا ،فأقبل على النساء ،فقال هل منكن من تدث ؟
فجثت فتاة كعب على إحدى ركبتيها ،وتطاولت لياها الرسول صلى ال عليه وسلم
وليسمع كلمها ،فقالت :إي وال .إنم يتحدثوه ،وإنن ليتحدثن .فقال :هل
تدرون ما مثل من فعل ذلك ؟ إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة .لقي
أحدها صاحبه بالسكة ،فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه " .رواه أحد ،وأبو
داود .إتيان الرجل ف غي الأتى :إتيان الرأة ف دبرها تنفر منه الفطرة ،ويأباه
الطبع ،ويرمه الشرع .قال ال تعال " :نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أن شئتم
( . " ) 1والرث :موضع الغرس والزرع ،وهو هنا مل الولد ،إذ هو الزروع .
فالمر بإتيان الرث أمر بالتيان ف الفرج خاصة .قال ثعلب :إنا الرحام أرضون
لنا مترثات فعلينا الزرع فيها وعلى ال النبات وهذا كقول ال " :فأتوهن من حيث
أمركم ال ( ( . " ) 2هامش ) ( ) 1سورة البقرة آية ) 2 ( . 223 :سورة البقرة
آية / ) . ( 222 :صفحة / 193وكقوله " أن شئتم " أي كيف شئتم .وسبب
نزول هذه البة ما رواه البخاري ومسلم " :ان اليهود كانت على عهد رسول ال
صلى ال عليه وسلم تزعم أن الرجل إذا أتى امرأته من دبرها ف قبلها جاء الولد
أحول ،وكان النصار يتبعون اليهود ف هذا ،فأنزل ال عزوجل " :نساؤكم حرث
لكم ،فأتوا حرثكم أن شئتم " .أي أنه لحرج ف إتيان النساء بأي كيفية ،مادام
ذلك ف الفرج ،وما دمتم تقصدون الرث .وقد جاءت الحاديث صرية ف النهي
عن إتيان الرأة ف دبرها .روى أحد ،والترمذي ،وابن ماجه .أن النب صلى ال
عليه وسلم قال " :ل تأتوا النساء ف أعجازهن .أو قال :ف أدبارهن " .ورواته
ثقات .وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النب صلى ال عليه وسلم قال ف
الذي يأت امرأته ف دبرها " هي اللوطية الصغرى " .وعند أحد وأصحاب السنن عن
141
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ملعون من أتى امرأة ف دبرها "
.قال ابن تيمية :ومت وطئها ف الدبر ،وطاوعته عزرا جيعا ،وإل فرق بينهما كما
يفرق بي الفاجر ومن يفجر به .العزل وتديد النسل ( : ) 1تقدم ان السلم يرغب
ف كثرة النسل .إذ أن ذلك مظهر من مظاهر القوة والنعة بالنسبة للمم والشعوب .
" وإنا العزة للكاثر " .ويعل ذلك من أسباب مشروعية الزواج " :تزوجوا الولود
الودود فإن مكاثر بكم المم يوم القيامة " .إل أن السلم مع ذلك لينع ف
الظروف الاصة من تديد النسل باتاذ دواء ينع من المل ،أو بأي وسيلة أخرى
من وسائل انع ( .هامش ) ( ) 1العزل :هو أن ينع الرجل بعد اليلج لينل
خارج الفرج منعا للحمل ( / ) .صفحة / 194فيباح التحديد ف حالة ما إذا كان
الرجل معيل ( ) 1ليستطيع القيام على تربية أبنائه التربية الصحيحة .وكذلك إذا
كانت الرأة ضعيفة ،أو كانت موصولة المل ،أو كان الرجل فقيا .ففي مثل هذه
الالت يباح تديد النسل بل إن بعض العلماء رأى أن التحديد ف هذه الالت ل
يكون مباحا فقط ،بل يكون مندوبا إليه .وألق المام الغزال بذه الالت حالة ما
إذا خافت الرأة على جالا ،فمن حق الزوجي ف هذه الالة أن ينعا النسل .بل
ذهب كثي من أهل العلم إل إباحته مطلقا واستدلوا لذهبهم با يأت - 1 :روى
البخاري ومسلم عن جابر قال :كنا نعزل على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم
والقرآن ينل - 2 .وروى مسلم عنه قال :كنا نعزل على عهد رسول ال صلى ال
عليه وسلم فبلغ ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم فلم ينهنا .وقال الشافعي رحه
ال :ونن نروي عن عدد من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم أنم رخصوا ف
ذلك ول يروا به بأسا .وقال البيهقي :وقد روينا الرخصة فيه عن سعد بن أب
وقاص ،وأب أيوب النصاري ،وزيد بن ثابت ،وابن عباس ،وغيهم .وهو مذهب
مالك والشافعي وقد اتفق عمر وعلي رضي ال عنهما على أنا ل تكون موؤودة حت
تر عليها التارات السبع .فروى القاضي أبو يعلى وغيه بإسناده عن عبيد بن رفاعة
عن أبيه قال :جلس إل عمر علي والزبي وسعد رضي ال عنهم ف نفر من أصحاب
رسول ال صلى ال عليه وسلم وتذاكروا العزل .فقالوا ل بأس به .فقال رجل :إنم
142
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يزعمون أنا الوؤودة الصغرى .فقال على رضي ال عنه :ل تكون موؤودة حت تر
عليها التارات السبع ،حت تكون من سللة من طي ،ث تكون نطفة ،ث تكون علقة
ث تكون مضغة .ث تكون عظاما ث تكون لما ث تكون خلقا آخر ،فقال عمر رضي
ال عنه :صدقت أطال ال بقاءك ( .هامش ) ( ) 1العيل :كثي العيال ( / ) .
صفحة / 195ويرى أهل الظاهر أن منع المل حرام ،مستدلي با ورته جذامة بنت
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 195
وهب :أن أناسا سألوا رسول ال صلى ال عليه وسلم عن العزل ؟ فقال " :ذلك هو
الواد الفي " .وأجاب المام الغزال عن هذا فقال " :ورد ف الصحيح أخبار
صحيحة ف الباحة ،وقوله " :إنه الوأد الفي " كقوله " الشرك الفي " وذلك
يوجب كراهيته كراهة ل تريا .والقصود بالكراهة خلف الول ،كما يقال :يكره
للقاعد ف السجد أن يقعد فارغا ل يشتغل بذكر أو صلة ،وبعض الئمة كالحناف
يرون أنه يباح العزل إذا أذنت الزوجة ،ويكره من غي إذنا .حكم إسقاط المل :
بعد استقرار النطفة ف الرحم ل يل إسقاط الني بعد مضي مائة وعشرين يوما ،فإنه
حينئذ يكون اعتداء على نفس يستوجب العقوبة ف الدنيا والخرة ( ) 1أما إسقاط
الني ،أو إفساد اللقاح قبل مضي هذه الدة ،فإنه يباح إذا وجد ما يستدعي ذلك ،
فإن ل يكن ثة سبب حقيقي فإنه يكره .قال صاحب سبل السلم " :معالة الرأة
لسقاط النطفة قبل نفخ الروح يتفرع جوازه وعدمه على اللف ف العزل ،فمن
أجازه أجاز العالة ،ومن حرمه حرم هذا بالول .ويلحق بذا تعاطي الرأة ما يقطع
البل من أصله ،انتهى .ويرى المام الغزال :أن الجهاض جناية على موجود
حاصل ،قال :ولا مراتب ،أن تقع النطفة ف الرحم وتتلط باء الرأة ،وتستعد
لقبول الياة ،وإفساد ذلك جناية ،فإن صارت مضغة وعلقة كانت الناية أفحش
وإن نفخ فيه الروح واستوت اللقة ،ازدادت الناية تفاحشا ( .هامش ) ( ) 1عن
عبد ال قال :حدثن رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو الصادق الصدوق " :إن
أحدكم يمع خلقه ف بطن أمه أربعي يوما نطفة ،ث يكون علقة مثل ذلك ،ث يكون
143
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مضغة مثل ذلك ،ث ينفخ فيه الروح ويأمر بأربع كلمات :يكتب رزقه وأجله وعمله
وشقي أو سعيد ( / ) .صفحة / 196اليلء تعريفه :اليلء ( ) 1ف اللغة :
المتناع باليمي :وف الشرع :المتناع باليمي من وطء الزوجة .ويستوي ف ذلك
اليمي بال ،أو الصوم ،أو الصدقة ،أو الج ،أو الطلق .وقد كان الرجل ف
الاهلية يلف على أل يس امرأته السنة ،والسنتي ،والكثر من ذلك بقصد
الضرار با ،فيتركها معلقة ،لهي زوجة ،ولهي مطلقة .فأراد ال سبحانه أن
يضع حدا لذا العمل الضار .فوقته بدة أربعة أشهر ،يتروى فيها الرجل ،عله يرجع
إل رشده ،فإن رجع ف تلك الدة ،أو ف آخرها ،بأن حنث ف اليمي ،ولمس
زوجته ،وكفر عن يينه فيها ،وإل طلق .فقال " :للذين يؤلون من نسائهم تربص (
) 2أربعة أشهر .فإن فاءوا ( ) 3فإن ال غفور رحيم .وإن عزموا الطلق فإن ال
سيع عليم ( . " ) 4مدة اليلء ( : ) 5اتفق الفقهاء على أن من حلف أل يس
زوجته أكثر من أربعة أشهر كان موليا .واختلفوا فيمن حلف أل يسها أربعة أشهر :
( هامش ) ( ) 1آل يول إيلء وإلية إذا حلف فهو مول ) 2 ( .التربص :النتظار .
( ) 3فاءوا :رجعوا ) 4 ( .سورة البقرة الية ) 5 ( . 227 :تبدأ الدة من وقت
اليمي / ) . ( .صفحة / 197فقال أبو حنيفة وأصحابه :يثبت له حكم اليلء .
وذهب المهور ومنهم الئمة الثلثة :إل أنه ل يثبت له حكم اليلء ،لن ال جعل
له مدة أربعة أشهر ،وبعد انقضائها :إما الفئ وإما الطلق .حكم اليلء :إذا حلف
أل يقرب زوجته ،فإن مسها ف الربعة الشهر ،انتهى اليلء ولزمته كفارة اليمي .
إذا مضت الدة ول يامعها ،فيى جهور العلماء أن للزوجة أن تطالبه :إما بالوطء
وإما بالطلق .فإن امتنع عنهما فيى مالك أن للحاكم أن يطلق عليه دفعا للضرر عن
الزوجة .ويرى أحد والشافعي وأهل الظاهر أن القاضي ل يطلق وإنا يضيق على
الزوج ويبسه حت يطلقها بنفسه .وأما الحناف فيون أنه إذا مضت الدة ول
يامعها فإنا تطلق طلقة بائنة بجرد مضي الدة .ول يكون للزوج حق الراجعة لنه
أساء ف استعمال حقه بامتناعه عن الوطء بغي عذر ،ففوت حق زوجته وصار بذلك
ظالا لا .ويرى المام مالك أن الزوج يلزمه حكم اليلء إذا قصد الضرار بترك
144
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الوطء وإن ل يلف على ذلك ،لوقوع الضرر ف هذه الال كما هو واقع ف حالة
اليمي .الطلق الذي يقع باليلء :والطلق الذي يقع باليلء طلق بائن ،لنه لو
كان رجعيا لمكن للزوج أن يبها على الرجعة ،لنا حق له ،وبذلك ل تتحقق
مصلحة الزوجة ،ول يزول عنها الضرر .وهذا مذهب أب حنيفة .وذهب مالك
والشافعي وسعيد بن السيب وأبو بكر بن عبد الرحن إل أنه طلق رجعي ،لنه ل
يقم دليل على أنه بائن ،ولنه طلق زوجة مدخول با من غي عوض ول استيفاء
عود / .صفحة / 198عدة الزوجة الول منها :ذهب المهور إل أن الزوجة الول
منها تعتد كسائر الطلقات لنا مطلقة ،وقال جابر بن زيد :ل تلزمها عدة إذا كانت
قد حاضت ف مدة الربعة أشهر ثلث حيض .قال ابن رشد :وقال بقوله طائفة ،
وهو مروي عن ابن عباس ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 198
وحجته :أن العدة إنا وضعت لباءة الرحم .وهذه قد حصلت لا الباءة / .صفحة
/ 199حق الزوج على زوجته من حق الزوج على زوجته أن تطيعه ف غي معصية ،
وأن تفظه ف نفسها وماله ،وأن تتنع عن مقارفة أي شئ يضيق به الرجل ،فل تعبس
ف وجهه ،ول تبدو ف صورة يكرهها ،وهذا من أعظم القوق .روى الاكم عن
عائشة قالت " :سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على
الرأة ؟ قال :زوجها .قالت :فأي الناس أعظم حقا على الرجل ؟ قال :أمه " .
ويؤكد رسول ال هذا الق فيقول " :لو أمرت أحدا أن يسجد لحد .لمرت الرأة
أن تسجد لزوجها ،من عظم حقه عليها " .رواه أبو داود ،والترمذي ،وابن ماجه ،
وابن حبان .وقد وصف ال سبحانه الزوجات الصالات فقال " :فالصالات قانتات
حافظات للغيب با حفظ ال ( . " ) 1والقانتات هن الطائعات ،والافظات للغيب :
أي اللئي يفظن غيبة أزواجهن ،فل ينه ف نفس أو مال .وهذا أسى ما تكون عليه
الرأة ،وبه تدوم الياة الزوجية ،وتسعد .وقد جاء ف الديث أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم قال " :خي النساء من إذا نظرت إليها سرتك ،وإذا أمرتا أطاعتك ،
145
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وإذا غبت عنها حفظتك ف نفسها ومالك " .ومافظة الزوجة على هذا اللق يعتب
جهادا ف سبيل ال .روى ابن عباس رضي ال عنهما :أن امرأة جاءت إل النب صلى
ال عليه وسلم فقالت :يا رسول ال أنا وافدة النساء إليك :هذا الهاد كتبه ال على
الرجال ،فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربم يرزقون .ونن معشر
النساء نقوم عليهم ،فما لنا ( هامش ) ( ) 1سورة النساء من الية / ) . ( . 34 :
صفحة / 200من ذلك ؟ فقال الرسول عليه الصلة والسلم " :أبلغي من لقيت من
النساء أن طاعة الزوج واعترافا بقه يعدل ذلك .وقليل منكن من يفعله " .ومن
عظم هذا الق أن قرن السلم طاعة الزوج بإقامة الفرائض الدينية وطاعة ال ،فعن
عبد الرحن بن عوف ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إذا صلت الرأة
خسها ،وصامت شهرها وحفظت فرجها ،وأطاعت زوجها قيل لا ادخلي النة من
أي أبواب النة شئت " رواه أحد والطبان .وعن أم سلمة رضي ال عنها قالت :
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أيا امرأة ماتت ،وزوجها عنها راض ،
دخلت النة " .وأكثر ما يدخل الرأة النار ،عصيانا لزوجها ،وكفرانا إحسانه إليها
،فعن ابن عباس رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :اطلعت
ف النار فإذا أكثر أهلها النساء .يكفرن العشي ،لو أحسنت إل إحداهن الدهر ،ث
رأت منك شيئا قالت :ما رأيت منك خيا قط " .رواه البخاري .وعن أب هريرة أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إذا دعا الرجل امرأته إل فراشه فأبت أن
تئ ،فبات غضبان ،لعنتها اللئكة حت تصبح " .رواه أحد والبخاري ومسلم .
وحق الطاعة هذا مقيد بالعروف .فإنه ل طاعة لخلوق ف معصية الالق ،فلو أمرها
بعصية وجب عليها أن تالفه .ومن طاعتها لزوجها أل تصوم نافلة إل بإذنه ،وأل
تج تطوعا إل بإذنه ،وأل ترج من بيته إل بإذنه .روى أبو داود الطيالسي ،عن
عبد ال بن عمر ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :حق الزوج على زوجته
أل تنعه نفسها ،ولو كان على ظهر قتب ( ) 1وأن ل تصوم يوما واحدا إل بإذنه ،
إل لفريضة ،فإن فعلت ( هامش ) ( ) 1قتب :ظهر بعي / ) . ( .صفحة / 201
أثت ،ول يتقبل منها ،وأل تعطي من بيتها شيئا إل بإذنه ،فإن فعلت كان له الجر ،
146
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وعليها الوزر ،وأل ترج من بيته إل بإذنه ،فإن فعلت لعنها ال وملئكة الغضب
حت تتوب أو ترجع ،وإن كان ظالا " .عدم إدخال من يكره الزوج :ومن حق
الزوج على زوجته أن ل تدخل أحدا بيته يكرهه إل بإذنه .عن عمرو بن الحوص
الشمي رضي ال عنه ،أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حجة الوداع يقول
:بعد أن حد ال وأثن عليه وذكر ووعظ .ث قال " :أل ،واستوصوا بالنساء خيا
فإنا هن عوان ( ) 1عندكم ليس تلكون منهن شيئا غي ذلك ،إل أن يأتي بفاحشة
مبينة .فإن فعلن فاهجروهن ف الضاجع ،واضربوهن ضربا غي مبح فإن أطعنكم
فل تبغوا عليهن سبيل .أل إن لكم على نسائكم حقا ،ولنسائكم عليكم حقا ،
فحقكم عليهن أل يوطئن فروشكم من تكرهونه ،ول يأذن ف بيوتكم من تكرهونه ،
أل وحقهن عليكم أن تسنوا إليهن ف كسوتن وطعامهن " .رواه ابن ماجه
والترمذي ،وقال :حديث حسن صحيح .خدمة الرأة زوجها :أساس العلقة بي
الزوج وزوجته هي الساواة بي الرجل والرأة ف القوق والواجبات .وأصل ذلك
قول ال تعال " :ولن مثل الذي عليهن بالعروف ،وللرجال عليهن درجة ( . " ) 2
فالية تعطي الرأة من القوق مثل ما للرجل عليها ،فكلما طولبت
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 201
الرأة بشئ طولب الرجل بثله .والساس الذي وضعه السلم للتعامل بي الزوجي
وتنظيم الياة بينهما ،هو أساس فطري وطبيعي .فالرجل أقدر على العمل والكدح
والكسب خارج النل ،والرأة أقدر على تدبي النل ،وتربية الولد ،وتيسي
أسباب الراحة ( هامش ) ( ) 1عوان :بفتح العي وتفيف الواو :أي أسيات 2 ( .
) سورة البقرة الية / ) . ( . 228 :صفحة / 202البيتية ،والطمأنينة النلية ،
فيكلف الرجل ما هو مناسب له ،وتكلف الرأة ما هو من طبيعتها ،وبذا ينتظم
البيت من ناحية الداخل والارج دون أن يد أي واحد من الزوجي سببا من أسباب
انقسام البيت على نفسه .وقد حكم رسول ال صلى ال عليه وسلم بي على بن أب
طالب رضي ال عنه وكرم ال وجهه وبي زوجته فاطمة رضي ال عنها ،فجعل على
147
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فاطمة خدمة البيت ،وجعل على علي العمل والكسب .روى البخاري ومسلم أن
فاطمة رضي ال عنها أتت النب صلى ال عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى ف يديها من
الرحاء وتسأله خادمة .فقال " :أل أدلكم على ما هو خي لكما ما سألتما :إذا
أخذتا مضاجعكما فسبحا ال ثلثا وثلثي ،واحدا ثلثا وثلثي ،وكبا أربعا وثلثي
،فهو خي لكما من خادم " .وعن أساء بنت أب بكر رضي ال عنها أنا قالت :
كنت أخدم الزبي خدمة البيت كله وكان له فرس فكنت أسوسه ،وكنت أحش له ،
وأقوم عليه .وكانت تعلفه ،وتسقي الاء ،وترز الدلو ،وتعجن ،وتنقل النوى على
رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ .ففي هذين الديثي ما يفيد بأن على الرأة أن
تقوم بدمة بيتها ،كما أن على الرجل أن يقوم بالنفاق عليها .وقد شكت السيدة
فاطمة رضي ال عنها ما كانت تلقاه من خدمة ،فلم يقل الرسول ال صلى ال عليه
وسلم لعلي ل خدمة عليها وإنا هي عليك .وكذلك لا رأى خدمة أساء لزوجها ل
يقل ل خدمة عليها ،بل أقره على استخدامها .وأقر سائر أصحابه على خدمة
أزواجهن .مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية .قال ابن القيم :هذا أمر ل ريب
فيه ،ول يصح التفريق بي شريفة دنيئة ،وفقية وغنية .فهذه أشرف نساء العالي
كانت تدم زوجها وجاءت الرسول صلى ال عليه وسلم تشكو إليه الدمة ،فلم
يشكها ( ( . ) 1هامش ) ( ) 1يشكها :أي ل يسمع شكايتها / ) . ( .صفحة
/ 203قال بعض علماء الالكية ) 1 ( :إن على الزوجة خدمة مسكنها ،فإن كانت
شريفة الحل ليسار أبوة ،أو ترفه ،فعليها التدبي للمنل وأمر الادم ،وإن كانت
متوسطة الال ،فعليها أن تفرش الفراش ونو ذلك .وإن كانت دون ذلك ،فعليها
أن تقم البيت وتطبخ وتغسل ،وإن كانت من نساء الكرد والديلم والبل كلفت ما
يكلفه نساؤهم .وذلك أن ال تعال قال " :ولن مثل الذي عليهن ،بالعروف ( ) 2
" .وقد جرى عرف السلمي ف بلدانم ف قدي المر وحديثه با ذكرنا .أل ترى أن
أزواج النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه ،كانوا يتكلفون الطحي والبز والطبيخ
وفرش الفراش ،وتقريب الطعام وأشباه ذلك ،ول نعلم امرأة امتنعت عن ذلك ،ول
يسوغ لا المتناع ،بل كانوا يضربون نساءهم إذا قصرن ف ذلك ،ويأخذنن
148
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بالدمة .فلو ل أنا مستحقة لا طالبوهن .هذا هو الذهب الصحيح خلفا لا ذهب
إليه مالك وأبو حنيفة والشافعي من عدم وجوب خدمة الرأة لزوجها ،وقالوا إن عقد
الزواج إنا اقتضى الستمتاع ل الستخدام وبذل النافع .والحاديث الذكورة تدل
على التطوع ومكارم الخلق .تاوز الصدق بي الزوجي :الحافظة على النسجام
ف البيت ،وتقوية روابط السرة غاية من الغايات الت يستباح من أجل الصول عليها
تاوز الصدق .روي أن ابن أب عذرة الدؤل -أيام خلفة عمر رضي ال عنه -كان
يلع النساء اللئي يتزوج بن ،فطارت له ف النساء من ذلك أحدوثة يكرهها ،فلما
علم بذلك أخذ بيد عبد ال بن الرقم حت أتى به إل منله ،ث قال لمرأته :أنشدك
بال ( ) 3هل تبغضينن ؟ قالت :ل تنشدن بال ( .هامش ) ( ) 1من تفسي
القرطب ) 2 ( .سورة البقرة الية ) 3 ( . 229 :أسألك / ) . ( .صفحة / 204
قال :فإن أنشدك بال .قالت :نعم .فقال لبن الرقم أتسمع ؟ ث انطلقا حت أتيا
عمر رضي ال عنه فقال :إنكم لتحدثون أن أظلم النساء ،وأخلعهن ،فاسأل ابن
الرقم ،فسأله فأخبه ،فأرسل إل امرأة ابن أب عذرة فجاءت هي وعمتها ،فقال :
أنت الت تدثي لزوجك أنك تبغضينه ؟ .فقالت :إن أول من تاب ،وراجع أمر ال
تعال ،إنه ناشدن فتحرجت أن أكذب .أفأكذب يا أمي الؤمني ؟ قال :نعم
فاكذب ،فإن كانت إحداكن ل تب أحدنا فل تدثه بذلك ،فإن أقل البيوت الذي
يبن على الب .ولكن الناس يتعاشرون بالسلم والحساب .وقد روى البخاري
ومسلم عن أم كلثوم رضي ال عنها .أنا سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول
:
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 204
" ليس الكذاب الذي يصلح بي الناس فينمي خيا ،أو يقول خيا " .قالت :ول
أسعه يرخص ف شئ ما يقول الناس إل ف ثلث :يعن الرب ،والصلح بي الناس
،وحديث الرجل امرأته ،والرأة زوجها ،فهذا حديث صريح ف إباحة بعض الكذب
للمصلحة .إمساك الزوجة بنل الزوجية :من حق الزوج أن يسك زوجته بنل
149
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الزوجية ،وينعها عن الروج منه ( ) 1إل بإذنه ويشترط ف السكن أن يكون لئقا
با ،ومققا لستقرار العيشة الزوجية ،وهذا السكن ،يسمى بالسكن الشرعي ،فإذا
ل يكن السكن لئقا با ول يكنها من استيفاء القوق الزوجية القصودة من الزواج ،
فإنه ل يلزمها القرار فيه ،لن السكن غي شرعي .ومثال ذلك ،ما إذا كان بالسكن
آخرون ينعها وجودهم معها من العاشرة الزوجية ،أو كان يلحقها بذلك ضرر ،أو
تشى على متاعها .وكذلك لو كان ( هامش ) ( ) 1وهذا بلف زيارة أبويها فلها
أن تزورها كل أسبوع أو بسب ما جرى به العرف ولو ل يأذن لا ،لن ذلك من
صلة الرحم الواجبة ولا أن ترض الريض منهما إذا ل يوجد من يرضه ولو ل يرض
زوجها لن ذلك واجب ول يوز أن ينعها من الواجب / ) . ( .صفحة / 205
السكن خاليا من الرافق الضرورية ،أو كان بال تستوحش منها الزوجة ،أو كان
اليان جيان سوء .النتقال بالزوجة :من حق الزوج أن ينتقل وزوجته حيث يشاء
لقول ال تعال " :أسكنوهن من حيث سكنتم ،من وجدكم ،ول تضاروهن لتضيقوا
عليهن ( . " ) 1والنهي عن الضارة يقتضي أل يكون القصد من النتقال بالزوجة
الضارة با ،بل يب أن يكون القصد هو العايشة ،وما يقصد بالزواج ،فإن كان
يقصد الضارة والتضييق عليها ف طلبه نقلها كأن تبه شيئا من الهر ،أو تترك شيئا من
النفقة الواجبة عليه لا ،أو ل يكون مأمونا عليها ،فلها الق ف المتناع .وللقاضي
أن يكم لا بعدم استجابتها له .وقيد الفقهاء استعمال هذا الق أيضا بأل يكون ف
النتقال با خوف الضرر عليها .كأن يكون الطريق غي آمن ،أو يشق عليها مشقة
جديدة ل تتمل ف العادة ،أو ياف فيه من عدو .فإذا خافت الزوجة شيئا من ذلك
فلها أن تتنع عن السفر ،وقد جاء ف إحدى الذكرات القضائية ما يلي " :ولا كانت
مصلحة الزوجي من النقله وعدمها ل تتحدد ول تضبط أطلقوها من غي بيان وجهها
اعتمادا على فطنة القاضي وعدالته وحكمته .فإن من البي أن مرد كون الزوج ف
شخصه مأمونا على زوجته ل يكفي لتحقق الصلحة ف الجبار على النقلة .بل ل بد
من مراعاة أحوال أخرى ترجع إل الزوج وإل الزوجة .وإل البلدان النقول منها
والنتقل إليها .كأن يكون الباعث على النتقال مصلحة يعتد با ،فلما يكن الصول
150
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عليها بدون الغتراب ،وكأن يكون الزوج قادرا على نفقات ارتالا كأمثالا ،وف
يده فضل يغلب على الظن أنه لو اتر فيه مثل لربح ما يعدل نفقته ونفقة عياله ،أو
صناعة فنية تقوم بعاشه ومعاشهم " .وكأن يكون الطريق بي البلدين مأمونا على
النفس والعرض والال ( .هامش ) ( ) 1سورة الطلق الية / ) . ( . 6 :صفحة
/ 206وكأن تكون الزوجة بيث تقول على مشقة السفر من بلدها إل الكان الذي
يريد نقلها إليه .وكأن ل يكون الحل الذي يريد نقلها إليه بطبيعته منبعا للحميات ،
والوبئة ،والمراض .وكأن ل يكون الختلف بي البلدين ف الرارة والبودة مثل
ما ل تتمله المزجة والطباع .وكأن تكون كرامة الزوجة ف موضع نقلتها مفوظة
ككرامتها ف ملها الصلي .وكأن ل يلحقها بسبب النتقال ضرر مادي أو أدب ،إل
كثي من العتبارات الت يب ملحظتها ف مثل هذه الظروف وتتلف باختلف
الشخاص والواطن ول تفى عن القاضي الفطن " .وهذا من خي ما يقال تفصيل ف
هذا الوضوع .اشتراط عدم خروج الزوجة من دارها :من تزوج امرأة ،وشرط لا
أل يرجها من دارها أو ل يرج با إل بلد غي بلدها فعليه الوفاء بذا الشرط ،لقول
الرسول صلى ال عليه وسلم " :إن أحق الشروط أن توفوا به ،ما استحللتم به
الفروج " رواه البخاري ،ومسلم ،وغيها عن عقبة بن عامر .وهذا مذهب أحد ،
وإسحاق بن راهويه ،والوزاعي .وذهب غي هؤلء من الفقهاء إل أنه ل يلزمه
الوفاء بذا الشرط .وله نقلها عن دارها .وقالوا ف الديث :إن الشرط الواجب
الوفاء به هو ما كان خاصا ف الهر ،والقوق الزوجية الت هي من مقتضى العقد دون
غيها ما ل يقتضيه .وقد تقدم ف أول هذا الجلد الشروط ف الزواج ،واختلف
العلماء فيه ،مفصل .منع الزوجة من العمل :فرق العلماء بي عمل الزوجة الذي
يؤدي إل تنقيص حق الزوج ،أو ضرره ،أو خروجها من بيته ،وبي العمل الذي ل
ضرر فيه ،فمنعوا الول .وأجازوا الثان / .صفحة / 207قال ابن عابدين ،من
فقهاء الحناف :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 207
151
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" والذي ينبغي تريره أن يكون منعها من كل عمل يؤدي إل تنقيص حقه ،أو
ضرره ،أو إل خروجها من بيته .أما العمل الذي ل ضرر فيه فل وجه لنعها منه
وكذلك ليس له منعها من الروج إذا كانت تترف عمل هو من فروض الكفاية
الاصة بالرأة مثل عمل القابلة " .خروج الرأة لطلب العلم :إذا كان العلم الذي
تطلبه الرأة مفروضا ( ) 1عليها وجب على الزوج أن يعلمها إياه -إذا كان قادرا
على التعليم -فإذا ل يفعل ،وجب عليها أن ترج حيث العلماء ومالس العلم ،
لتتعلم أحكام دينها ولو من غي إذنه .أما إذا كانت الزوجة عالة با فرضه ال عليها
من أحكام ،أو كان الزوج متفقها ف دين ال ،وقام بتعليمها ،فل حق لا ف الروج
إل طلب العلم إل بأذنه .تأديب الزوجة عند النشوز :قال ال تعال " :واللت
تافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن ف الضاجع واضربوهن ،فإن أطعنكم فل تبغوا
عليهن سبيل ( ) 2نشوز الزوجة :هو عصيان الزوج وعدم طاعته أو امتناعها عن
فراشه ،أو خروجها من بيته بغي إذنه .وعظتها تذكيها بال ،وتويفها به ،وتنبيهها
للواجب عليها من الطاعة وما لزوجها عليها من حق ،ولفت نظرها إل ما يلحقها من
الث بالخالفة والعصيان ،وما يفوت من حقوقها من النفقة ،والكسوة .والجر ف
الضجع :أي ف الفراش ،وأما الجر ف الكلم فل يوز أكثر من ثلثة أيام ،لا رواه
أبو هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل يل لسلم أن يهجر أخاه فوق ثلثة
أيام " .ول تضرب الزوجة لول نشوزها .والية فيها إضمار وتقدير .أي " :
واللت تافون نشوزهن فعظوهن " ( .هامش ) ( ) 1العلم الفرض :هو العلم
بالعمل الذي فرضه ال لن كل ما فرض ال عمله فرض العلم به ) 1 ( .سورة
النساء الية / ) . ( . 34 :صفحة / 208فإن نشزن " فاهجروهن ف الضاجع " ،
فإن أصررن " فاضربوهن " .أي إذا ل ترتدع بالوعظ والجر فله ضربا .يقول
الرسول صلى ال عليه وسلم " :إن لكم عليهن أل يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه .
فإن فعلن فاضربوهن ضربا غي مبح " أي غي شديد .وعليه أن يتنب الوجه ،
والواضع الخوفة ،لن القصود التأديب .ل التلف .روى أبو داود عن حكيم بن
معاوية القشيي عن أبيه قال :قلت يارسول ال :ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال " :
152
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أن تطعمها إذا طعمت ،وتكسوها إذا اكتسيت ،ول تضرب الوجه ول تقبح ،ول
تجر إل ف البيت " .تزين الرأة لزوجها :من الستحسن أن تتزين الرأه لزوجها
بالكحل والضاب والطيب ،ونو ذلك من أنواع الزينة .روى أحد عن كرية بنت
هام " :قالت لعائشة رضي ال عنها :ما تقولي يا أم الؤمني ف الناء ؟ فقالت :
كان حبيب صلى ال عليه وسلم يعجبه لونه ،ويكره ريه ،وليس بحرم عليكن بي
كل حيضتي ،أو عند كل حيضة " / .صفحة / 209التبج معناه :التبج تكلف
إظهار ما يب إخفاؤه وأصله الروج من البج ،وهو القصر ،ث استعمل ف خروج
الرأة من الشمة وإظهار مفاتنها وإبراز ماسنها .التبج ف القرآن :وقد ورد التبج
ف القرآن الكري ف موضعي ( :الوضع الول ) ف سورة النور .جاء فيه قول ال
سبحانه " :والقواعد من النساء اللت ل يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن
ثيابن غي متبجات بزينة ،وأن يستعففن خي لن ( ( " . ) 1والوضع الثان ) ورد
ف النهي عنه والتشنيع عليه ف سورة الحزاب ،ف قوله سبحانه " :ول تبجن تبج
الاهلية الول " ( . ) 2منافاته للدين والدنية :إن أهم ما يتميز به النسان عن
اليوان اتاذ اللبس وأدوات الزينة .يقول ال تعال " :يا بن آدم قد أنزلنا عليكم
لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خي ذلك من آيات ال لعلهم
يذكرون " ( . ) 3واللبس والزينة ها مظهران من مظاهر الدنية والضارة ،
والتجرد عنهما إنا هو ردة إل اليوانية ،وعودة إل الياة البدائية ( .هامش ) ( ) 1
آية ) 2 ( . 60 :آية ) 3 ( . 33 :سورة العراف آية / ) . ( . 26 :صفحة
/ 210والياة ،وهي تسي سيها الطبيعي ،ل يكن أن ترجع إل الوراء ،إل إذا
حدثت لا نكسة تبدل آراءها ،وتغي أفكارها ،وتعلها تعود القهقرى ناسية أو
متناسية مكأسبها الضارية ورقيها النسان .وإذا كان اتاذ اللبس لزما من لوازم
النسان الراقي ،فإنه بالنسبة للمرأة ألزم ،لنه هو الفاظ الذي يفظ عليها دينها
وشرفها وعفافها وحياءها .وهذه الصفات ألصق بالرأة ،وأول با من الرجل ،ومن
ث كانت الشمة أول با وأحق .إن أعز ما تلكه الرأة ،الشرف ،والياء ،والعفاف
153
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
،والحافظة على هذه الفضائل مافظة على إنسانية الرأة ف أسى صورها ،وليس من
صال الرأة ،ول من صال الجتمع أن تتخلى الرأة عن الصيانة والحتشام .ول
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 210
سيما وأن الغريزة النسية هي أعنف الغرائز وأشدها على الطلق .والتبذل مثي لذه
الغريزة ومطلق لا من عقالا .ووضع الدود والقيود والسدود أمامها ما يفف من
حدتا ويطفئ من جذوتا ويهذبا تذيبا جديرا بالنسان وكرامته ،ومن أجل هذا عن
السلم عناية خاصة بلبس الرأة ،وتناول القرآن ملبس الرأة مفصل لدودها ،
على غي عادة القرآن ف تناوله السائل الزئية بالتفصيل ،فهو يقول " :يأيها النب قل
لزواجك وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من جلبيبهن ،ذلك أدن أن يعرفن فل
يؤذين ( . " ) 1وتوجيه الطاب إل نساء النب وبناته ونساء الؤمني دليل على أن
جيع النساء مطالبات بتنفيذ هذا المر ،دون استثناء واحدة منهن ،مهما بلغت من
الطهر ،ولو كانت ف طهارة بنات النب عليه الصلة والسلم وطهارة نسائه .ويول
القرآن هذا المر عناية بالغة ويفصل ذلك تفصيل ،فيبي ما يل كشفه وما يب
ستره ،فيقول " :وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويفظن فروجهن ،ول يبدين
زينتهن ،إل ما ظهر ( هامش ) ( ) 1سورة الحزاب الية / ) . ( . 59 :صفحة
/ 211منها ،وليضربن بمرهن على جيوبن ،ول يبدين زينتهن إل لبعولتهن . . .
ال " الية ( . ) 1حت ولو كانت الرأة عجوزا ل رغبة لا ول رغبة فيها :يقول ال
تعال " :والقواعد من النساء اللت ل يرجون نكاحا ،فليس عليهن جناح أن يضعن
ثيابن غي متبجات بزينة ،وأن يستعففن خي ( ) 2لن ( . " ) 3ويهتم السلم
بذه القضية ،فيحدد السن الت تبدأ با الرأة ف الحتشام ،فيقول الرسول صلى ال
عليه وسلم " :يا أساء :إن الرأة إذا بلغت الحيض ل يصلح لا أن يرى منها إل هذا
وهذا .وأشار إل وجهه وكفيه " .والرأة فتنة ،ليس أضر على الرجال منها ،يقول
الرسول صلى ال عليه وسلم " :إن الرأة إذا أقبلت أقبلت ومعها شيطان ،وإذا
أدبرت أدبرت ومعها شيطان " .وترد الرأة من ملبسها وإبداء مفاتنها يسلبها أخص
154
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
خصائصها من الياء والشرف ويهبط با عن مستواها النسان .ول يطهرها ما
التصق با من رجس سوى جهنم .يقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :صنفان من
أهل النار ل أرها :رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر ،ونساء كاسيات عاريات ،
مائلت ميلت ،ل يدخلن النة ول يدن ريها ،وإن ريها ليشم من مسافة كذا
وكذا " .وف عهد النبوة كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يرى بعض مظاهر
التبج ،فيلفت نظر النساء إل أن هذا فسق عن أمر ال ،ويردهن إل الادة
الستقيمة ،ويمل الولياء والزواج تبعة هذا النراف ،وينذرهم بعذاب ال - 1 .
عن موسى بن يسار رضي ال عنه قال :مرت بأب هريرة امرأة ( هامش ) ( ) 1
سورة النور آية ) 2 ( . 31 :يستعففن :أي يستترن ( .ظ ) سورة النور آية 60 :
/ ) . ( .صفحة / 212وريها تعصف ( ) 1فقال لا أين تريدين ( ) 2يا أمة البار
؟ قالت :إل السجد .قال :وتطيبت ؟ قالت :نعم .قال :فارجعي واغتسلي ،فإن
سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :ل يقبل ال صلة من امرأة خرجت
إل السجد وريها تعصف حت ترجع فتغتسل ( . " ) 3وإنا أمرت بالغسل لذهاب
رائحتها - 2 .وعن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :أيا امرأة أصابت بورا ( ) 4فل تشهدن العشاء " .أي :الخرة .رواه
أبو داود والنسائي - 3 .وروى عن عائشة رضي ال عنها قالت " :بينما رسول ال
صلى ال عليه وسلم جالس ف السجد دخلت امرأة من مزينة ترفل ( ) 5ف زينة لا
ف السجد .فقال النب صلى ال عليه وسلم " :يا أيها الناس :انوا ( ) 5نساءكم
عن لبس الزينة والتبختر ف السجد ،فإن بن اسرائيل ل يلعنوا حت لبس نساؤهم
الزينة وتبختروا ف السجد " ،رواه ابن ماجه .وكان عمر رضي ال عنه يشى من
هذه الفتنة العارمة ،فكان يطب لا قبل وقوعها ،وعلى قاعدة " الوقاية خي من
العلج " ،فقد روى عنه أنه كان يتعسس ذات ليلة فسمع امرأة تقول :هل من سبيل
إل خر فأشربا أم هل من سبيل إل نصر بن حجاج فقال :أما ف عهد عمر فل .فلما
أصبح استدعى نصر بن حجاج فوجده من أجل الناس وجها ،فأمر بلق شعره فازداد
جال ،فنفاه إل الشام ( هامش ) ( ) 1يشتد طيبه ،من عصفت الريح عصفا
155
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وعصوفا .اشتدت ،فهي عاصف وعاصفة ) 2 ( .إل أي مكان تذهبي يا ملوقة
القهار وأمته ) 3 ( .رواه ابن خزية ف صحيحه قال الافظ :إسناده متصل ورواته
ثقات ،ورواه أبو داود وابن ماجه ،من طريق عاصم بن عبيد ال العمري ) 4 ( .
عود الطيب أحرقنه ) 5 ( .الشي خيله ) 6 ( .امنعوهن وحذروهن / ) . ( .
صفحة / 213سبب هذا النراف :وقد سبب الهل والتقليد العمى النراف عن
هذا الط الستقيم ،وجاء
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 213
الستعمار فنفخ فيه وأوصله إل غايته ومداه ،فأصبح من العتاد أن يد السلم الرأة
السلمة ،متبذلة ،عارضة مفاتنها ،خارجة ف زينتها ،كاشفة عن صدرها ونرها
وظهرها وذراعها وساقها .ول تد أي غضاضة ف قص شعرها ،بل تد من
الضروري وضع الصباغ والساحيق والتطيب بالطيب واختيار اللبس الغرية ،
وأصبح " لوضات " الزياء مواسم خاصة يعرض فيها كل لون من ألوان الغراء
والثارة .وتد الرأة من مفاخرها ومن مظاهر رقيها أن ترتاد أماكن الفجور والفسق
والراقص واللهي ،والسارح والسينما ،واللعب والندية و القهاوي .وتبلغ
منتهى هبوطها ف الصايف وعلى البلج .وأصبح من الألوف أن تعقد مسابقات
المال تبز فيها الرأة أمام الرجل ،ويوضع تت الختبار كل جزء من بدنا ،ويقاس
كل عضو من أعضائها على مرأى ومسمع من التفرجي والفترجات ،والعابثي
والعابثات .وللصحف وغيها من أدوات العلم ،مال واسع ف تشجيع هذه
السخافات ،والتغرير بالرأة للوصول إل الستوى اليوان الرخيص ،كما أن لتجار
الزياء دو خطيا ف هذا السفاف .نتائج هذا النراف :وكان من نتائج هذا
النراف أن كثر الفسق ،وانتشر الزنا ،واندم كيان السرة ،وأهلت الواجبات
الدينية وتركت العناية بالطفال ،واشتدت أزمة الزواج ،وأصبح الرام أيسر
حصبول من اللل .وبالملة فقد أدى هذا التهتك إل انلل الخلق وتدمي
الداب الت اصطلح الناس عليها ف جيع الذاهب والديان .وقد بلغ هذا النراف
156
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حدا ل يكن يطر على بال مسلم ،وتفنن دعاة التحلل والتفسخ ،واتذوا أساليب
للتجميل واستعمال الزينة ،ووضعوا لا /صفحة / 214منهجا وأعدوا معاهدا
لتدريس هذه الساليب .نشرت جريدة الهرام تت عنوان " مع الرأة " ما يلي "
أول معهد لتدريس تصفيف شعر السيدات ف السكندرية " " خبي ألان يقوم
بالتدريس ف العهد بعد شهر " .لول مرة تقيم رابطة مصففي شعر السيدات ف
السكندرية معهدا لتصفيف شعر السيدات .أقيم العهد من تبعا ت أعضاء الرابطة ،
تبع أحدهم " بسشوار " وتبع آخر ببعض الكاوي ودبابيس الشعر والفرش . .
وهكذا تكون العهد بعد أن استأجرت له الرابطة شقة صغية ليكون نواة معهد كبي
ف الستقبل .وقد أصدرت الرابطة " أمر تكليف " إل جيع أعضائها " أصحاب الهنة
" بالضور للقاء الحاضرات النظرية ،والقيام بالتجارب والدروس العملية أمام
طلب العهد .افتتح العهد صباح أمس ف مقر الرابطة ف كليوباتزه ،أحد أعضاء
الرابطة بإلقاء ماضرة ف كيفية قص الشعر ،وبعض الطرق ف فن القص ،ن قام بعمل
تسرية جديدة لن تصميمه ساها " لشعلة " لحدى " النيكانات " وكان يشرح
التسرية وهو يقوم با .سيد رس ف العهد فن تصفيف الشعر ،والصباغة ،
واللوان ،والقص ،وتقليم الظافر ،والسياج ،والتدليك " ،يقول رئيس الرابطة ف
القاهرة وضيف رابطة السكندرية :إنه أنشأ مثل هذا العهد ف القاهرة منذ 5أشهر ،
وزغم قصر الدة أحرز العهد نتيجة مشرفة ،إذ أن الطلبة والطالبات يستفيدون من
تبادل الفكار بي أعضاء الرابطة ،ومن عرض التسريات وشرحها أمامهم ،ما يرفع
مستوى الهنة ،كما استفادوا أيضا من حضور بعض الباء اللان وماضراتم العلمية
والنظرية أمام الطلبة ،وسوف يضر خبي ألان إل معهد السكندرية ف الشهر
القادم ،كما تعقد الرابطة ف الشهر نفسه مسابقة للحصول على جائزة المهورية ف
فن تصفيف الشعر ،وستكون الدراسة ف العهد أسبوعية بصفة مبدئية " .انتهى ما
نشر بالهرام / .صفحة / 215هذا فضل عن الموال الطائلة الت تستهلك ف شراء
أدوات التجميل ،فقد بلغ عدد الصالونات ف القاهرة وحدها ألف صالون لتصفيف
وتميل الشعر ،ويوزع ف العام 10مليي قلم روج وعطر بودرة .ول يقتصر هذا
157
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الفساد على ناحية دون ناحية ،بل تاوزها إل دور العلم ومعاهد التربية وكليات
الامعة . . .وكان الفروض أن تصان هذه الدور من البوط حت تبقى لا حرمتها
وكيانا القدس ،فقد جاء ف صحيفة أخبار اليوم بتاريخ 1962 / 9 / 29ما يلي " .
فتاة الامعة ل تفرق بي حرم الامعة وصالة عرض الزياء " ف هذه اليام من كل عام
،عندما تعلن الامعة عن افتتاح أبوابا . . .تبدأ الصحف والجلت ف الكتابة عن
الفتاة الامعية وتثار الناقشات حول زيها ومكياجها . . .فيطالب البعض بتوحيد زيها
،وينادي آخرون بنعها من وضع الكياج ،قالت الكاتبة وأنا ل أؤيد هذه الراء ،
ليان بأن اختيار الفتاة لزيائها ينمي من شخصيتها ،ويساعد على تكوين ذوقها . .
.والفتيات ف معظم جامعات الارج ل ترتدين زيا موحدا .ول يرمن من وضع
الكياج ،ولكن مع هذا ل ألوم كثيا أصحاب هذه الراء التطرفة . . .فالفتاة
الامعية عندنا
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 215
تدفعهم إل الطالبة بذلك ،لنا ل تعرف كيف تتار الزي والاكياج الناسبي لا
كطالبة ،ول تبذل أي مهود ف هذا السبيل . . .إنا ل تفرق كثيا بي حرم الامعة
وصالة عرض الزياء ،أو الكرنفال . . .فهي تذهب إل الامعة ف " عز الصباح "
بفستان ضيق يكاد ضيقه ينعها من الركة ،مع الكعب العال الذي ترتديه . .وعندما
تغيه تستبدل به فستانا واسعا تته أكثر من " جيبونة " تشل بدورها حركة صاحبتها ،
وتعلها أشبه بالباجورة التحركة ،وهي فوق هذا -إن نسيت كتبها ومد ماضراتا
-فهي ل تنسى أبدا اللق ،والعقد ،والسوار ،والبوش ،الذي تلى به أذنيها
وصدرها وذراعيها وشعرها ف غي تناسق أو ذوق . . .ث مضت الكاتبة تقول :وهذا
كله يرجع ف رأيي إل أن الفتاة الامعية عندنا ل تأخذ الدراسة الامعية مأخذ الد . .
فهي تضع فوقها زينتها /صفحة / 216وأناقتها والفروض أن يكون العكس هو
الصحيح ،ف وقت نالت فيه ثقافة الرأة أعلى تقدير ! ليس معن هذا أنن أطالب
الفتاة الامعية بإهال ملبسها وزينتها . . .إنن أطالب بالهتمام أول بدروسها ،ث
158
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بتخفيف ماكياج وجهها ،إن ل يكن مراعاة لرم الامعة ،فعلى القل مراعاة لبشرتا
الت يفسدها كثرة الاكياج ،ف سن تكون فضارة الوجه فيها أجل بكثي من الاكياج
الصطنع . . .ث بعد ذلك أطالبها بالد من استعمال اللي ،وبارتداء اللبس
البسيطة الت تناسب الفتاة الامعية كالفستان " الشيزييه " و " التايي " ذي الطوط
البسيطة ،والفستان الذي تنسدل جوبته إل أسفل ،ف وسع خفيف ل يعرقل حركتها
. .والوب والبلوزة ،أو الوب والبلوفر ،أو الوب والاكت -وأن ترعى ف
اختيارها لذه الزياء اللوان الادثة الت ل تثي " القيل والقال " بي زملئها الطلبة . .
" .إنن أطالب الفتاة الامعية باتباع هذه . . .وأطالب أولياء أمورها بضرورة
الشراف التام على ثياب بناتم ،فالفتاة ف العهد الديد ل يعد هدفها الول والخي
ف الياة جلب النظار إليها " بالدندشة والشخلعة " " .إنا اليوم يب أن تصقل
بالثقافة والعلم والذوق السليم " .فلم يعد أقصى ما تصبو إليه هو مكتب سكرتية
تلس عليه لترد على تليفونات الدير ،وإنا الجال قد فتح أمامها وجلست إل مكتب
الوزارة " . . .هذا ما قالته إحدى الكاتبات ف الخبار ،وهي تعتب على بنات
جنسها ،وتنعي عليهم هذا التصرف العيب .وهذه الالة قد أثارت اهتمام زائرات
القاهرة من النبيات ،إذ ل تكن الرأة الغربية تفكر ف مدى الندار الذي تردت فيه
الرأة الشرقية . . .ففي " أهرام " 27مارس 1962جاء فيه ف باب " مع الرأة "
هذا العنوان " :الرأة الغربية غي راضية عن تقليد الرأة الشرقية لا " وجاء تت هذا
العنوان " :اهتمام الرأة العربية بالودات الغربية ،وحرصها على تقليد الرأة الغربية ف
تصرفاتا ،وف طباعها ،ل تستسيغه السائحات الغربيات اللئي يضرن لزيارة
القاهرة ،ول يرفع من سعتها ف الارج كما /صفحة / 217تظن ،أفصحت عن
ذلك الرأي صحفية انليزية زارت القاهرة أخيا ،وكتبت مقال ف ملتها تقول فيه :
" لقد صدمت جدا بجرد نزول أرض الطار ،فقد كنت أتصور أنن سأقابل الرأة
الشرقية بعن الكلمة ،ول أقصد بذا الرأة الت ترتدي الجاب والبة ،وإنا الرأة
الشرقية التحضرة الت الزياء العملية الت تتسم بالطابع الشرقي ،وتتصرف بطريقة
شرقية ،ولكنن ل أجد شيئا من هذا ،فالرأة هناك ،هي نفسها الرأة الت تدها عندما
159
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تنل إل أي مطار أورب ،فالزياء هي نفسها بالرف الواحد ،وتسريات الشعر هي
نفسها ،والاكياج هو نفسه ،حت طريقة الكلم والشية ،وف بعض الحيان اللغة :
إما الفرنسية أو النليزية ! ! ! " وقد صدمن من الرأة الشرقية أنا تصورت أن
التمدن والتحضر هو تقليد الرأة الغربية ونسيت أنا تستطيع أن تتطور وأن تتقدم كما
شاءت ،مع الحتفاظ بطابعها الشرقي الميل " .وف " جهورية " السبت 9يونيو
1962نشر تت هذا العنوان " :كاتبة أمريكية تقول :امنعوا الختلط ،وقيدوا
حرية الرأة " .نقلت الصحيفة ،تت هذا العنوان كلما ثينا صريا ،وقد بدأت
فقدمت الكاتبة المريكية للقراء .فقالت " :غادرت القاهرة الصحفية المريكية "
هيلسيان ستانسبي " بعد أن أمضت عدة أسابيع ها هنا ،زارت خللا الدارس ،
والامعات ،ومعسكرات الشباب والؤسسات الجتماعية ،ومراكز الحداث ،
والرأة ،والطفال وبعض السر ف متلف الحياء ،وذلك ف رحلة دراسية لبحث
مشاكل الشباب والسرة ف الجتمع العرب " .وهيلسيان " صحفية متجولة ،تراسل
أكثر من 250صحيفة أمريكية ،ولا مقال يومي ،يقرأه الليي ،ويتناول مشاكل
الشباب تت سن العشرين ،وعملت ف الذاعة والتيفزيون وف الصحافة
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 217
أكثر من عشرين عاما ،وزارت جيع بلد العال ،وهي ف الامسة والمسي من
عمرها " / .صفحة / 218تقول الصحفية المريكية بعد أن أمضت شهرا ف
المهورية العربية بعد أن قدمتها الريدة هذا التقدي " :إن الجتمع العرب متمع
كامل وسليم ،ومن الليق بذا الجتمع أن يتمسك بتقاليده الت تقيد الفتاة والشاب
ف حدود العقول .وهذا الجتمع يتلف عن الجتمع الورب والمريكي ،فعندكم
تقاليد موروثة تتم تقييد الرأة ،وتتم احترام الب والم ،وتتم أكثر من ذلك ،
عدم الباحية الغربية الت تدد اليوم الجتمع والسرة ف أوربا وأمريكا .ولذلك فإن
القيود الت يفرضها الجتمع العرب على الفتاة الصغية -وأقصد ما تت سن العشرين
-هذه القيود صالة ونافعة ،لذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلقكم ،وامنعوا
160
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الختلط وقيدوا حرية الفتاة ،بل ارجعوا إل عصر الجاب ،فهذا خي لكم من
إباحة وانطلق ومون أوربا وأمريكا .امنعوا الختلط قبل سن العشرين ،فقد عانينا
منه ف أمريكا الكثي ،لقد أصبح الجتمع المريكي متمعا معقدأ ،مليئا بكل صور
الباحية واللعة ،وإن ضحايا الختلط والرية قبل سن العشرين ،يلون السجون
والرضفة والبارات والبيوت السرية .إن الرية الت أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار
قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات " جيمس دين " وعصابات للمخدرات ،
والرقيق .إن الختلط والباحية والرية ف الجتمع الورب والريكي هدد السر ،
وزلزل القيم والخلق ،فالفتاة الصغية تت سن العشرين ف الجتمع الديث تالط
الشبان ،وترقص " تشاتشا " وتشرب المر والسجاير .وتتعاطى الخدرات باسم
الدنية والرية والباحية .والعجيب ف أوربا وأمريكا أن الفتاة الصغية تت سن
العشرين تلعب .تلهو تعاشر من تشاء تت سع عائلتها وبصرها ،بل وتتحدى
والديها ومدرسيها والشرفي عليها ،تتحداهم باسم الرية والختلط ،تتحداهم
باسم الباحية والنطلق ،تتزوج ف دقائق .وتطلق بعد ساعات ! ! ول /صفحة
/ 219يكلفها هذا أكثر من إمضاء وعشرين قرشا وعريس ليلة ،أو ليضع ليال ،
وبعدها الطلق .وربا الزواج فالطلق مرة أخرى " .علج هذا الوضع الشاذ :ول
مناص من وضع خطة حازمة للخلص من هذه الوبقات ،وذلك باتاذ ما يأت - 1 :
نشر الوعي الدين وتبصي الناس بطورة الندفاع ف هذا التيار الشديد - 2 .الطالبة
بسن قانون يمي الخلق والداب ،ومعاقبة من يرج عليه بشدة وحزم - 3 .منع
الصحف وجيع أدوات العلم من نشر الصور العارية ،ووضع رقابة على مصممي
الزياء - 4 .منع مسابقات المال والرقص الفاجر ،وتقي كل ما يتصل بذا المر
- 5 .اختيار ملبس مناسبة أشبه بلبس الراهبات ،وتكليف كل من يشتغل بعمل
رسي بارتدائها - 6 .يبدأ كل فرد بنفسه ،ث يدعو غيه - 7 .الشادة بالفضيلة
والشمة والصيانة والتستر - 8 .العمل على شغل أوقات الفراغ حت ل يبقى متسع
من الوقت لثل هذا العبث - 8 .اعتبار الزمن جزءا من العلج ،إذ أنا تتاج إل
وقت طويل .دفع شبهة :ويلو لبعض الناس أن يسايروا التيار ويشوا مع الركب ،
161
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
زاعمي أن ذلك تطور حتمي اقتضته ظروف الدنية الديثة .ونن ل ننع أن يسي
التطور ف طريقه ،وأن يصل إل مداه :ولكنا نشى أن يفسر التطور على حساب
الدين والخلق والداب ،فإن الدين وما /صفحة / 220يتبعه من تعاليم خلقية
وأدبية ،إنا هو من وحي ال ،شرعه لكل عصر ولكل زمان ومكان . . .فإذا كان
التطور جائزا ف أمور الدنيا ،وشئون الياة ،فليس ذلك ما يوز ف دين ال .إن
الدين نفسه هو الذي فتح للعقل النسان آفاق الكون ،لينظر فيه ،وينتفع با فيه من
قوى وبركات .ويطور حياته لتصل إل أقصى ما قدر له من تقدم ورقي . . .فثمة
فرق كبي بي ما يقبل التطور وبي ما ل يقبله . . .والدين ليس لعبة تضع للهواء ،
وتوجهها الشهوات والرغبات ( . ) 1تزين الرجل لزوجته :من الستحب أن يتزين
الرجل لزوجته ،قال ابن عباس رضي ال عنهما :إن لتزين لمرأت كما تتزين ل ،
وما أحب أن أستنظف ( ) 2كل حقي الذي ل عليها ،فتستوجب حقها الذي لا
علي ،لن ال تعال قال " :ولن مثل الذي عليهن بالعروف " .قال القرطب ف قول
ابن عباس هذا :قال العلماء " :أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالم ،فإنم يعملون
ذلك على الليق ( ) 3والوفاق .فربا كانت زينة تليق ف وقت ول تليق ف وقت ،
وزينة تليق بالشباب ،وزينة تليق بالشيوخ ول تليق بالشباب " .قال " :وكذلك ف
شأن الكسوة ،ففي هذا كله ابتغاء القوق ،فإنا يعمل اللئق والوفاق ،ليكون عند
امرأته ف زينة تسرها ،ويعفها عن غيه من الرجال " ( .هامش ) ( ) 1أطلنا القول
ف هذا الوضوع :لهيته ،ولنه إحدى الشكلت الجتماعية الت تتاج إل الزيد
من العناية .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 220
( ) 2أستنظف :آخذ الق كله ) 3 ( .الليق :اللياقة والذق / ) . ( .صفحة
/ 221قال " :وأما الطيب ،والسواك ،واللل ،والرمي بالدرن ( ، ) 1وفضول
الشعر ،والتطهر ،وقلم الظافر ،فهو بي موافق للجميع .والضاب للشيوخ ،
والات للجميع من الشباب والشيوخ زينة ،وهو حلى الرجال .ث عليه أن يتوخى
162
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أوقات حاجتها إل الرجال فيعفها ،ويغنيها عن التطلع إل غيه . . .وإن رأي الرجل
من نفسه عجزا عن إقامة حقها ف مضجعها ،أخذ من الدوية الت تزيد ف باهه ،
وتقوي شهوته حت يعفها ( ( . ) 2هامش ) ( ) 1الدرن :الوسخ ) 2 ( .درج
بعض الناس على تعاطي الخدرات كالشيش والفيون وسواها واستناموا لا استنامة
ل إفاقة منها وهم ف القيقة جانون على أنفسهم وعائلتم جناية ليست وراءها جناية
.ومن الؤسف أنم يترخصون ف هذا إشباعا لشهواتم وخضوعا لهوائهم وقد ذهب
العلماء إل أن الشيش مرم وأن متعاطيه يستحق حد شارب المر وأن مستحله كافر
مرتد عن السلم ،وإن زوجته تبي منه ،هذا فضل عن إضعافه البدن فيفقد نشاطه ،
وقوته / ) . ( .صفحة / 222حديث أم زرع -عن عائشة قالت " :جلس إحدى
عشرة امرأة فتعاهدن ) 1 ( ،وتعاقدن أن ل يكتمن من أحبار أزواجهن شيئا :قالت
الول :زوجي لم جل غث ( ) 2على رأس جبل ( ) 3ل سهل ( ) 4فيتقى (
) 5ول سي فينتقل ( . ) 6وقالت الثانية :زوجي ل أبث ( ) 7خبه .إن أخاف
أن ل أذره ( ( . ) 8هامش ) ( ) .ذكر النسائي أن سبب هذا الديث أن قالت
عائشة " :فخرت بال أب ف الاهلية ،وكان ألف ألف أوقية .فقال النب على ال
عليه وسلم " اسكت يا عائشة ،فإن كنت لك كأب زرع لم زرع " . .وقيل سبب
الديث أن عائشة وفاطمة جرى بينهما كلم فدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم .
فقال :ما أنت بنتهية يا حياء عن ابنت .إن مثلي ومثلك كأب زرع مع أم زرع ،
فقالت :يا رسول ال حدثنا عنهما .فقال :كانت قرية فيها إحدى عشرة امرأة ،
وكان الرجال خلوفا ،فقلن ،تعلي نتذاكر أزواجنا با فيهم ول نكذب . .وقيل إن
هذه القرية كانت باليمن . . .وقيل إنن كن بكة . . .وقيل :إنن كن ف الاهلية .
( ) 1أي الزمن أنفسهن عهدا وتعاقدن على الصدق ) 2 ( .هزيل يستكره ) 3 ( .
أي كثي الضجر شديد الغلظة يصعب الرقي إليه كالبل ) 4 ( .أي ل هو سهل ول
سي ،شبهت شيئي بشيئي :شبهت زوجها باللحم الغث ،وشبهت سوء خلقه
بالبل العوعر ث فسرت ما أجلت :ل البل سهل فل يشق ارتقاؤه لخذ اللحم ولو
كان هزيل ،لن الشئ الزهود فيه قد يؤخذ إذا وجد بغي نصب ،ول اللحم سي
163
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فيتحمل الشقة ف صعود البل لجل تصيله ) 5 ( .وصف للجبل أي ل سهل
فيتقي إليه ) 6 ( .وصف للحم :أي أنه لزاله ل يرغب أحد فهى ينتقل إليه أي أن
زوجها شديد البخل سئ اللق ميئوس منه ) 7 ( .أي ل أظهر حديثه الذي ل خي
فيه ) 8 ( .أي أخاف أن ل أترك من خبه شيئا ،فلطوله وكثرته أكتفى بالشارة إل
معايبه خشية أن يطول الطب من طولا / ) . ( .صفحة / 223إن أذكره أذكر
عجره ( ) 1وبره ( . ) 2قالت الثالثة :زوجي العشنق ( : ) 3إن أنطق أطلق (
، ) 4وإن أسكت أعلق .قالت الرابعة :زوجي كليل تامة ( ، ) 5ل حر ول قر ،
ول مافة ول سآمة .قالت الامسة :زوجي إن دخل فهد ( ، ) 6وإن خرج أسد (
) 7ول يسأل عما عهد ( . ) 8قالت السادسة :زوجي إن أكل لف ( ، ) 9وإن
شرب اشتف ( ، ) 10وإن اضطجع التف ( ) 11ول يول الكف ليعلم البث ( 12
) ( .هامش ) ( ) 1العجر :تعقد العروق والعصب ف السد ) 2 ( . . .والبجر
مثلها إل أنا تكون متصة بالت تكون ف البطن .قال الطاب :أرادت عيوبه الظاهرة
وأسراره الكامنة ،ولعله كان مستور الظاهر ردئ الباطن ،وهي عنت أن زوجها كثي
العايب متعقد النفس عن الكارم ) 3 ( . . .الذموم الطول -أرادت أن ل منظرا بل
مب .وقيل هو السئ اللق ) 4 ( .أي إن ذكرت عيوبه وبلغه ذلك طلقن ،وإن
أسكت عنها فأنا عنده معلقة ل ذات زوج ول مطلقة مع أنا متعلقة به وتبه مع سوء
خلقه ) 5 ( .تامة بلد حارة ف معظم الزمان وليس فيها رياح باردة فيطيب الليل
لهلها بالنسبة لا كانوا فيه من أذى حرارتا . .فوصفت زوجها بميل العشرة
واعتدال الال ،وسلمة الباطن ،فكأنا قالت ل أذى عنده ول مكروه . . .وأنا
آمنة منه فل أخاف من شره . . .فليس سئ اللق فأسأم من عشرته .فأنا لذيذة
العيش عنه كلذة أهل تامة بليلهم العتدل ) 6 ( .شبهته بالفهد لنه يوصف بالياء
وقلة الشر وكثرة النوم والوثوب ،فهي وصفته بالغفلة عند دخول البيت على وجه
الدح له ) 7 ( .أسد أي يصي بي الناس مثل السد فهي تريد أنه ف البيت كالفهد
ف كثرة النوم والوثوب وف خارجه كالسد على العداء .
............................................................
164
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 223
( ) 8بعن أنه شديد الكرم كثي التغاضي ل يتفقد ما ذهب ما ماله فهو كثي التسامح
) 9 ( .الراد باللف الكثار منه .فعنده نم وشره ) 10 ( .الشتفاف ف الشرب
عدم البقاء على شئ من الشروب ) 11 ( .أي بكسائه وحده ،وانقبض عن أهله
إعراضا فهي حزينة بذلك ) 12 ( .البث هو الزن أي ل يد يده ليعلم ما هي عليه
من حزن فيزيله ،ويتمل أن تكون أرادت أنه ينام نوم العاجز الفشل :أردات أنه ل
يسأل عن المر الذي تتم به ،هو الباشرة النسية / ) . ( .صفحة / 224قالت
السابعة :زوجي غياباء .أو عياياء ،طباقاء ( ، ) 1كل داء له داء ( ) 2شجك ( 3
) أو قلك ( ) 4أو جع كل لك ( . ) 5قالت الثامنة :زوجي الس مس ( ) 6أرنب
،والريح ريح زرنب ( . ) 7قالت التاسعة :زوجي رفيع العماد ( ) 8طويل النجاد
( ، ) 9عظيم الرماد ( ) 10قريب البيت من الناد ( . ) 11قالت العاشرة :زوجي
مالك وما مالك ؟ مالك خي من ذلك ،له إبل كثيات البارك ( ) 12قليلت
السارح ( ) 13وإذا سعن صوت الزهر ( ) 14أيقن أنن هوالك ( . ) 15قالت
الادية عشرة :زوجي أبو زرع ،فما أبو زرع ؟ ( ( ) 16هامش ) ( ) 1شك من
راوي الديث والعياباء الذي ل يضرب ،ول يلقح من البل ،وبالعجمة ليس بشئ ،
والطباقاء الحق . .أو هو الثقيل الصدر :فهي تصفه بأنه عاجز عن النساء ثقيل
الصدر ( ) 2أي كل داء تفرق ف الناس فهو فيه ) 3 ( .شجك :أي جرحك ف
رأسك وجراحات الرأس تسمى شجاجة ) 4 ( .فلك :أي جرح جسدك ) 5 ( .أي
أنه ضروب للنساء ،فإذا ضرب إما أن يكسر عظما ،أو يشج رأسا أو يمعهما 6 ( .
) أي ناعم اللد مثل الرنب ) 7 ( .الززنب نبت طيب الريح ) 8 ( .وصفته بعلو
بيته وطوله ،فإن بيوت الشراف كذلك يعلونا ويضربونا ف الواضع الرتلعة ( ) 9
النجاد :حالة السيف ،وهي تريد أنه أيضا شجاع ) 10 ( .كناية عن الكرم 11 ( .
) أي وضع بيته وسط الناس ليسهل لقاؤه ،وهو ل يتجب عن الناس ) 12 ( .جع
مبك وهو موضع نزول البل ) 13 ( .الوضع الذي تطلق لترعى فهى أي ل ترج
إل الرعى إل قليل استعدادا لنحهن للضيوف ) 14 ( .آلة من آلت الطرب والغناء
165
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وهو العود ) 15 ( .فإذا رأت البل ذلك وسعت ضرب العود أيقنت أنا هوالك ،
وأنا ستذبح للضيوف .وقولا مالك وما مالك استفهامية تقال للتعظيم والتعجب ( .
) 16أي أن شأنه عظيم / ) . ( .صفحة / 225أناس ( ) 1من حلي أذن ( ، ) 2
ومل من شحم عضدي ( ) 3وبحن فبجحت ( ) 4إل نفسي ،وجدن ف أهل
غنيمه بشق ( ) 5فجعلن ف أهل صهيل ( ) 6وأطيط ( ) 7ودائس ( ) 8ومنق (
) 9فعنده أقول فل أقبح ( ، ) 10وأرقد فأتصبح ( . ) 11وأشرب فأتقمح ( ) 12
.أم أب زرع .فما أم أب زرع ؟ :عكومها ( ) 13رداح ( ، ) 14وبيتها فساح (
. ) 15ابن أب زرع .فما ابن أب زرع ؟ .مضجعة كمسل ( ) 16شطبة ( ،هامش
) ( ) 1أناس ،أي حرك وأثقل ) 2 ( .الراد أنه مل أذنيها من أقراط من ذهب
ولؤلؤ .و ) 3ل ترد العضد وحده ،وإنا أرادت السم كله ،وخصت العضد لنه
أقرب ما يلي بصر النسان من جسده أي كثرت نعمه عليها حت سن جسها ) 4 ( .
الراد أنه فرحها ففرحت ،وقيل عظمن فعظمت إل نفسي ) 5 ( .بشق :أي بشظف
وجهد ومنه قول ال تعال :ل تكونوا بالغيه إل بشق النفس ) أي بعد جهد ومشقة .
( ) 6صهيل :أي خيل ) 7 ( .أطيط :أي إبل ،وأصل الطيط صوت أعواد
الحامل ،ويطلق الطيط على كل شئ نشأ عن ضغط ) 8 ( .الارد أن عندهم طعاما
منتقى من الزرع الذي يداس ف بيدره ليتميز الب من السنبل ) 9 ( .النق :اللة
الت تيز الب وتنقيه مثل النخل والغربال ) 10 ( .أي لكثرة إكرامه لا وتدللها
عليه ل يرد لا قول ،ول يقبح عليها ما تأت به ) 11 ( .أي أنام الصبحة وهي نوم
أول النهار ،فل أوقظ ،إشارة إل أن لا من يكفيها مؤنة بيتها ومهنة أهلها ) 12 ( .
هو الشرب على مهل حت تتلئ ،وترتوي وهي تريد أنواع الشربة من لب وغي
ذلك ) 13 ( .هي نط تعل الرأة فيها ذخيتا ومتاعها -حقيبة ) 14 ( . -يقال
للكتيبة الكبية رداح إذا كانت بطيئة السي ،ويقال للمرأة إذا كانت عظيمة الكفل
ثقيلة الوردك رداح .أي أنا ثقيلة من ملئها ) 15 ( .فساح :واسع .والعن أنا
وصفت أم زوجها بأنا كثية اللت والثات والقماش واسعة الال كبية البيت ،
والرأة الت تكون على هذا الال يكون ابنها صغيا ل يطعن ف السن غالبا فزوجها
166
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صغي ) 16 ( .أرادت بسل الشطبة سيفا سل من غمده ،فمضجعه الذي ينام فيه ف
الصغر كقدر سل شطبة واحدة :وهي العود الحدود كالسلة / ) . ( .صفحة 226
/ويشبعه ذراع الفرة ( . ) 1بنت أب زرع فما بنت أب زرع ؟ طوع أبيها وطوع
أمها ( ، ) 2ومل ء كسائها ( ) 3وغيظ جارتا ( ) 4
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 226
جارية أب زرع .فما جارية أب زرع ؟ ل تبث ( ) 5حديثنا تبثيثا ( ، ) 6ول تنقث (
) 7مياثنا تنقيثا ( ) 8ول تل بيتنا تقشيشا ( . ) 9قالت خرج أبو زرع ،
والوطاب ( ) 10تخض ( ) 11فلقي ( ) 12امرأة معها ولدان لا كالفهدين ،
يلقيان من تت خصرها برمانتي ( ) 13فطلقن ونكحها فنكحت بعده رجل سريا (
) 14ركب شريا ( ( ) 15هامش ) ( ) 1الفرة :هي النثى من ولد العز إذا كان
سن أربعة أشهر ،وفصل عن أمه وأخذ ف الرعي فهي وصفت ابن زوجها بأنه خفيف
الوطأة عليها ،فإذا دخل بيتها وقت القيلولة مثل ل يضطجع إل قدر ما يسل السيف
من غمده ،وأنه ل يتاج طعاما من عندها ،فلو طعم ل كتفي باليسي الذي يسد
الرمق من الأكول والشروب فهو ظريف لطيف ) 2 ( .أي أنا بارة بما ) 3 ( .
كناية عن كمال شخصها ونعمة جسمها ) 4 ( .أي أنا تغيظ جارتا لا ترى من نعم
وخي ،والراد بارتا ضرتا أو الراد ف القيقة شأن أغلب الارت ) 5 ( .ل تبث
أي ل تظهر ) 6 ( .أي ل تفش سرا ) 7 ( .أي ل تسرع فيه باليانة ول تذهبه
بالسرقة .أو تسن صنع الطعام ) 8 ( .الية :هي الزاد وأصله ما يصله البدوي من
الضر ويمله إل منله ) 9 ( .أي مصلحة للبيت مهتمة بتنظيمه وتنظيفه ) 10 ( .
جع وطب وهو وعاء اللب ) 11 ( .إخراج الزبد من اللب والراد أنه خرج من
عندها مبكرا ) 12 ( .سبب رؤية أب زرع للمرأة وهي على هذه الالة أنا تعبت من
مض اللب فاستلقت تستريح فرآها على هذه الالة ،وسبب رغبته ف إنكاحها أنم
كانوا يبون نكاح الرأة النجبة ) 13 ( .الراد بالرمانة ثديها ،وهذا دليل على أن
الرأة كانت صغية السن وأن ولديها كانا يلعبان وها ف حضنها أو جنبها ) 14 ( .
167
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أي من سراة الناس أي شريفا ) 15 ( .فرسا عظيما خيا ،والشرى هو الذي يضي
ف السي بل فتور / ) . ( .صفحة / 227وأخذ خطيا ( ) 1وأراح ( ) 2علي نعما
ثريا ( ، ) 3وأعطان من كل رائحة زوجا ( ، ) 4وقال كلي أم زرع وميي ( ) 5
أهلك .قالت فلو جعت كل شي أعطانيه ما بلغ أصغر آنية ( ) 6أب زرع .قالت
عائشة :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :كنت لك كأب زرع لم زرع " (
. ) 7رواه الشيخان والنسائي ( .هامش ) ( ) 1هو الرمح ) 2 ( .أي أتى با إل
الراح وهو موضع مبيت الاشية ،وقيل معناه غزا فغنم فأتى بالنعم الكثية ) 3 ( .
أي كثية ) 4 ( .العن أعطان من كل شئ يذبح زوجا أي اثني من كل شئ من
اليوان الذي يرعى .وأرادت كذلك كثرة ما أعطاها ) 5 ( .ميي أهلك .أي
صليهم واسعي إليهم بالية وهي الطعام ) 6 ( .أي الت كان يطبخ فيها عند أب زرع
على الدوام والستمرار من غي نفس ول قطع ) 7 ( .ف رواية بزيادة ف آخره :إل
أنه طلقها وإن أل أطلقك .وزاد النسائي ف رواية :عائشة يا رسول ال :بل أنت
خي من أب زرع / ) . ( .صفحة / 228الطبة قبل الزواج يستحب أن يقدم العاقد
أو غيه بي يدي العقد خطبة .وأقلها :المد ل ،والصلة والسلم على رسول ال
- 1 .عن أب هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :كل خطبة ليس فيها تشهد
فهي كاليد الذماء ( . " ) 1رواه أبو داود ،والترمذي وقال :حديث حسن غريب
- 2 .وعن أب هريرة رضي ال عنه أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال " :كل أمر
ذي بال ل يبدأ فيه بالمد ل ،فهو أقطع " .رواه أبو داود وابن ماجه .أي أن كل
أمر معتن به ،ومتاج إل أن يلقي صاحبه باله له من الهتمام به ل يبدأ بمدال فهو
مقطوع من البكة .وليس الراد خصوص المد ،بل القصود ذكر ال عزوجل ،
ليتفق مع الروايات الخرى .والفضل أن يطب خطبة الاجة .فعن عبد ال بن
مسعود قال " :أوت رسول ال صلى ال عليه وسلم جوامع الي وخواتيمه ،أوقال
فواتح الي ،فعلمنا خطبة الصلة ،وخطبة الاجة ،خطبة الصلة :التحيات ل
والصلوات والطيبات .السلم عليك أيها النب ورحة ال وبركاته .السلم علينا
وعلى عباد ال الصالي .أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن ممدا عبده ورسوله .
168
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وخطبة الاجة :إن المدل ،نمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ به من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا .من يهد ال فلمضل له ،ومن يضلل ال فل هادي له ،وأشهد
أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن ممدا عبده ورسوله . . .ث تصل
خطبتك بثلث آيات من كتاب ال ( :هامش ) ( ) 1اليد الت أصابا الذام ) . ( .
/صفحة " - 1 / 229يأيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول توتن إل وأنتم
مسلمون ( " - 2 . " ) 1يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة
وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيا ونساء .واتقوا ال الذي تساءلون به
والرحام إن ال كان عليكم رقيبا ( . " ) 2
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 229
" - 3يأيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم
ذنوبكم ،ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ( . " ) 3رواه أصحاب السنن
وهذا لفظ ابن ماجه :ولو ل يأت بالطبة صح النكاح .فعن رجل بن بن سليم قال :
خطبت إل النب صلى ال عليه وسلم الرأة الت عرضت نفسها عليه ليتزوجها صلى
ال عليه وسلم .فقال له " :زوجتكها با معك من القرآن " .ول يطب حكمة ذلك
:قال ف حجة ال البالغة " :كان أهل الاهلية يطبون قبل العقد با يرونه من ذكر
فاخر قومهم ونو ذلك .يتوسلون بذلك إل ذكر القصود والتنويه به ،وكان جريان
الرسم بذلك مصلحة ،فإن الطبة مبناها على التشهي .وجعل الشئ بسمع ومرأى
من المهور .والتشهي با يراد وجوده ف النكاح ليتميز من السفاح . .وأيضا
فالطبة ل تستعمل إل ف المور الهمة .والهتمام بالنكاح وجعله أمرا عظيما بينهم
من أعظم القاصد ،فأبقى النب صلى ال عليه وسلم أصلها ،وغي وصفها .وذلك
أنه ضم مع هذه الصال مصلحة أخرى وهي :أنه ينبغي أن يضم ف كل ارتفاق ذكر
مناسب له ،وينوه ف كل عمل بشعائر ال ،ليكون الدين الق ( هامش ) ( ) 1
سورة آل عمران .آية ) 2 ( . 102سورة النساء آية ) 3 ( . 1 :سورة الحزاب
آية / ) . ( . 71 :صفحة / 230ناشرا أعلمه وراياته ،ظاهرا شعاره وأماراته ،
169
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فسن فيها أنواعا من الذكر كالمد والستعانة والستغفار والتعوذ والتوكل والتشهد
وآيات من القرآن .وأشار إل هذه الصلحة بقوله " :وكل خطبة ليس فيها تشهد
فهي كاليد الذماء " .وقوله " كل كلم ل يبدأ فيه بمدال فهو أجذم " .وقال صلى
ال عليه وسلم " :فصل ما بي اللل والرام الصوت والدف ف النكاح " الدعاء
بعد العقد يستحب الدعاء لكل واحد من الزوجي بالأثور - 1 :فعن أب هريرة " :
أن النب صلى ال عليه وسلم كان إذا رفأ النسان أي إذا تزوج .قال :بارك ال لك
وبارك عليك وجع بينكما ف خي " - 2 .وعن عائشة قالت " :تزوجن النب صلى
ال عليه وسلم ،فأتتن أمي فأدخلتن الدار ،فإذا نسوة من النصار ف البيت ،فقلن :
على الي ،والبكة وعلى خي طائر " .رواه البخاري وأبو داود - 3 .وعن السن
قال :تزوج عقيل بن أب طالب رضي ال عنه امرأة من بن جشم .فقالوا :بالرفاء
والبني .فقال :قولوا كما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :بارك ال فيكم ،
وبارك عليكم " رواه النسائي / .صفحة / 231اعلن الزواج يستحسن شرعا
إعلن الزواج ،ليخرج بذلك عن نكاح السر النهي عنه ،وإظهارا للفرح با أحل ال
من الطيبات .وإن ذلك عمل حقيق بأن يشتهر ،ليعلمه الاص والعام ،والقريب
والبعيد ،وليكون دعاية تشجع الذين يؤثرون العزوبة على الزواج ،فتروج سوق
الزواج .والعلن يكون با جرت به العادة ،ودرج عليه عرف كل جاعة ،بشرط
أل يصحبه مظور نى الشارع عنه كشرب المر ،أو اختلط الرجال بالنساء ،ونو
ذلك - 1 .عن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :أعلنوا
هذا النكاح واجعلوه ف الساجد واضربوا عليه الدقوف " .رواه أحد ،والترمذي ،
وحسنه .وليس من شك ف أن جعله ف الساجد أبلغ ف إعلنه والذاعة به ،إذ أن
الساجد هي الجامع العامة للناس ،ول سيما ف العصور الول الت كانت الساجد فيه
بثابة النتديات العامة - 2 .وروى الترمذي ،وحسنه ،والاكم وصححه عن يي
بن سليم قال :قلت لحمد بن حاطب :تزوجت امرأتي ما كان ف واحدة منهما
صوت -يعن دفا -فقال ممد رضي ال عنه :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
" فصل ما بي اللل والرام الصوت بالدف " .الغناء عند الزواج وما أباحه السلم
170
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وحبب فيه ،الغناء عند الزواج ،ترويا للنفوس وتنشيطأ لا باللهو البئ / .صفحة
/ 232ويب أن يلو من الجون ،واللعة ،واليوعة ،وفحش القول وهجره 1 .
-فعن عامر بن سعد رضي ال عنه قال :دخلت على قرظة بن كعب ،وأب مسعود
النصاري ف عرس ،وإذا جوار يغني ،فقلت :أنتما صاحبا رسول ال ،ومن أهل
بدر -يفعل هذا عندكم ! ! فقال " :إن شئت فاسع معنا ،وإن شئت فاذهب ،قد
رخص لنا ف اللهو عند العرس " .رواه النسائي والاكم وصححه - 2 .وزفت
السيدة عائشة رضي ال عنها الفارعة بنت أسعد ،وسارت معها ف زفافها إل بيت
زوجها -نبيط بن جابر النصاري -فقال النب صلى ال عليه وسلم " :يا عائشة ما
كان معكم لو ؟ فإن النصار يعجبهم اللهو " رواه البخاري وأحد وغيها .وف
بعض روايات هذا الديث أنه قال " :فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف ،وتغن ؟
" .قالت عائشة :تقول ماذا يا رسول ال ؟ قال :تقول :أتيناكم أتيناكم -فحيونا
نييكم
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 232
ولو ل الذهب الحر -ما حلت بواديكم ولول النطة السمراء -ما سنت عذاريكم
وعن الربيع بنت معوذ قالت :جاء النب صلى ال عليه وسلم حي بن ( - ) 1ب -
فجلس على فراشي ،فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف .ويندبن من قتل من آبائي
يوم بدر ( ) 2إذ قالت إحداهن . . . . . . . . . . . . :وفينا نب يعلم ما ف غد
فقال " :دعي هذا وقول بالذي كنت تقولي ( . " ) 3رواه البخاري وأبو داود
والترمذي ( .هامش ) ( ) 1تزوجت ) 2 ( .يذكرن صفات الشجاعة والبأس وما
تلوا به من الكرام والروءة .وكان أبوها معوذ وعماها عوف ،ومعاذ قتلوا ف بدر .
( ) 3ناها عن ذلك لنه ل يعلم الغيب إل ال ،وجاء ف حديث آخر أنه صلى ال
عليه وسلم قال " :ل يعلم ما ف غد إل ال سبحانه " رواه الاكم وقال صحيح على
شرط مسلم / ) . ( .صفحة / 233وصايا الزوجة استحباب وصية الزوجة :قال
أنس :كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا زفوا امرأة على زوجها ،
171
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يأمرونا بدمة الزوج ورعاية حقه .وصية الب ابنته عند الزواج :وأوصى عبد ال
بن جعفر بن أب طالب ابنته فقال " :إياك والغية ،فإنا مفتاح الطلق " .وإياك
وكثرة العتب ،فإنه يورث البغضاء " " .وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة " " .
وأطيب الطيب ،الاء " .وصية الزوج زوجته :وقال أبو الدرداء لمرأته " :إذا
رأيتن غضبت فرضن .وإذا رأيتك غضب رضيتك .وإل ل نصطحب " .وقال أحد
الزواج لزوجته " خذي العفو من تستديي مودت ول تنطقي ف سورت حي أغضب
ول تقرين نقرك الدف مرة فإنك ل تدرين كيف الغيب ول تكثري الشكوى فتذهب
بالقوى ويأباك قلب ،والقلوب تقلب /صفحة / 234فإن رأيت الب ف القلب
والذى إذا اجتمعا ل يلبث الب يذهب وصية الم ابنتها عند الزواج :خطب عمرو
بن حجر ملك كندة ،أم إياس بنت عوف بن ملم الشيبان ،ولا حان زفافها إليه
خلت با أمها أمامة بنت الارث ،فأوصتها وصية ،تبي فيها أسس الياة الزوجية
السعيدة ،وما يب عليها لزوجها فقالت :أي بنية :إن الوصية لو تركت لفضل
أدب لتركت ذلك لك ،ولكنها تذكرة للغافل ،ومعونة للعاقل .ولو أن امرأة
استغنت عن الزوج لغن أبويها ،وشدة حاجتهما إليها -كنت أغن الناس عنه ،
ولكن النساء للرجال خلقن ،ولن خلق الرجال .أي بنية :إنك فارقت الو الذي
منه خرجت ،وخلفت العش الذي فيه درجت ،إل وكر ل تعرفيه ،وقرين ل تألفيه ،
فأصبح بلكه عليك رقيبا ومليكا ،فكون له أمة يكن لك عبدا وشيكا .واحفظي له
خصال عشرا ،يكن لك ذخرا ( .أما الول والثانية ) فالشوع له بالقناعة ،وحسن
السمع له والطاعة ( .وأما الثالثة والرابعة ) فالتفقد لواضع عينه وأنفه ،فل تقع عينه
منك على قبيح ،ول يشم منك أل أطيب ريح ( .وأما الامسة والسادسة ) فالتفقد
لوقت منامه وطعامه .فإن تواتر الوع ملهبة ،وتنغيص النوم مغضبة ( .وأما السابعة
والثامنة ) فالحتراس باله والرعاء ( ) 1على حشمه ( ) 2وعياله ،وملك ( ) 3
المر ف الال حسن التقدير ،وف العيال حسن التدبي ( .وأما التاسعة والعاشرة ) فل
تعصي له أمرا ،ول تفشي له سرا ،فإنك إن خالفت أمره أو غرت صدره ،وإن
أفشيت سره ل تأمن غدره .ث إياك والفرح بي يديه إن كان مهتما ،والكآبة بي يديه
172
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إن كان فرحا ( .هامش ) ( ) 1الرعاء :الرعاية ) 2 ( .حشمه :خدمه ) 3 ( .
ملك :عماد / ) . ( .صفحة / 235الوليمة ( ) 1تعريفها :الوليمة مأخوذة من
الول ،وهو المع ،لن الزوجي يتمعان ،وهي الطعام ف العرس خاصة .وف
القاموس :الوليمة طعام العرس ،أوكل طعام صنع لدعوة وغيها .وأول :صنعها ( .
) 2حكمها :ذهب المهور من العلماء إل أنا سنة مؤكدة - 1 .لقول الرسول
صلى ال عليه وسلم لعبد الرحن بن عوف " :أول .ولو بشاة " - 2 .وعن أنس
قال " :ما أول رسول ال صلى ال عليه وسلم على شئ من نسائه ،ما أول على زينب
:أول بشاة " .رواه البخاري ومسلم - 3 .وعن بريدة قال :لا خطب علي فاطمة ،
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إنه لبد للعرس من وليمة " .رواه أحد بسند
ل بأس به كما قال الافظ - 4 .قال أنس " :ما أول رسول ال صلى ال عليه وسلم
على امرأة من نسائه ،ما أول على زينب ،وجعل يبعثن فأدعو له الناس ،فأطعمهم
خبزا ،ولما ،حت شبعوا - 5 .وروى البخاري أنه صلى ال عليه وسلم " أول على
بعص نسائه بدين من شعي " .وهذا الختلف ليس مرجعه تفضيل بعض نسائه على
بعض ،وإنا سببه اختلف حالت العسر واليسر / .صفحة ) 3 ( / 236وقتها :
وقت الوليمة عند العقد أو عقبه ،أو عند الدخول أو عقبه .وهذا أمر يتوسع فيه
حسب العرف والعادة .وعند البخاري أنه صلى ال عليه وسلم دعا
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 236
القوم بعد الدخول بزينب ) 4 ( .إجابة الداعي :إجابة الداعي إل وليمة العرس
واجبة على من دعي إليها ،لا فيها من إظهار الهتمام به ،وإدخال السرور عليه ،
وتطييب نفسه - 1 :عن ابن عمر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إذا
دعي أحدكم إل وليمة فليأتا " - 2 .وعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :ومن ترك الدعوة فقد عصى ال ورسوله " - 3 .وعنه
أنه صلى ال عليه وسلم قال " :لو دعيت إل كراع لجبت ،ولو أهدي إل ذراع
لقبلت " .روى هذه الحاديث البخاري .فإذا كانت الدعوة عامة غي معينة لشخص
173
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أو جاعة ل تب الجابة ،ول تستحب .مثل أن يقول الداعي :أيها الناس أجيبوا إل
الوليمة دون تعيي ،أو ادع من لقيت .كما فعل النب صلى ال عليه وسلم ،قال
أنس " :تزوج النب صلى ال عليه وسلم فدخل بأهله ،فصنعت أمي أم سليم حيسا (
، ) 1فجعلته ف تور ( ، ) 2فقالت :يا أخي اذهب به إل رسول ال صلى ال عليه
وسلم فذهبت به ،فقال :ضعه .ث قال :ادع فلنا ،وفلنا ،ومن لقيت ،فدعوت
من ست ومن لقيت " .رواه مسلم .وقيل :إن إجابة الداعي فرض كفاية .
( هامش ) ( ) 1اليس :تر يلط بسمن وأقط :أي كشك ) 2 ( .التور :إناء ( .
/ ) .صفحة / 237وقيل :إنا مستحبة . .والول أظهر ،لن العصيان ل يطلق
إلعلى ترك الواجب .هذا بالنسبة لوليمة العرس .أما الجابة إل غي وليمة النكاح ،
فهي مستحبة غي واجبة عند جهور العلماء .وذهب بعض الشافعية إل وجوب
الجابة مطلقا ،وزعم ابن حزم أنه قول جهور الصحابة والتابعي ،لن ف الحاديث
ما يشعر بالجابة إل كل دعوة سواء أكانت دعوة زواج ،أم غيه ) 5 ( .شروط
وجوب إجابة الدعوة :قال الافظ ف الفتح :إن شروط وجوبا ما يأت - 1 :أن
يكون الداعي مكلفا حرا رشيدا - 2 .وأل يص الغنياء دون الفقراء - 3 .وأل
يظهر قصد التودد لشخص لرغبة فيه ،أو لرهبة منه - 4 .وأن يكون الداعي مسلما
على الصح - 5 .وأن يتص باليوم الول على الشهور - 6 .وأل يسبق ،فمن
سبق تعينت الجابة له ،دون الثان - 7 .وأل يكون هناك ما يتأذى بضوره من
منكر وغيه - 8 .وأل يكون له عذر .قال البغوي :ومن كان له عذر ،أو كان
الطريق بعيدا تلحقه الشقة فل بأس أن يتخلف ) 6 ( .كراهة دعوة الغنياء دون
الفقراء :يكره أن يدعى إل الوليمة الغنياء دون الفقراء .فعن أب هريرة أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم قال " :شر طعام الوليمة ينعها من يأتيها ويدعى إليها من
يأباها ،ومن ل يب الدعوة فقد عصى ال ورسوله " .رواه مسلم .وروى البخاري
أن أبا هريرة قال :شر الطعام طعام الوليمة :يدعى لا الغنياء ،وتترك الفقراء / .
صفحة / 238زواج غي السلمي القاعدة العامة ف زواج غي السلمي " :إقرار ما
يوافق الشرع منها إذا أسلموا " .إن أنكحة الكفار ل يتعرض لا رسول ال صلى ال
174
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عليه وسلم ،كيف وقعت ،وهل صادفت الشروط العتبة ف السلم فتصح ،أم ل
تصادفها فتبطل ؟ .وإنا اعتب حالا وقت إسلم الزوج ،فإن كان من يوز له القام
مع امرأته أقرها ،ولو كان ف الاهلية وقد وقع على غي شرطه من الول والشهود
وغي ذلك .وإن ل يكن من يوز له الستمرار ل يقر عليه ،كما لو أسلم وتته ذات
رحم مرم ،أو أختان ،أو أكثر ،فهذا هو الصل الذي أصلته سنة رسول ال صلى
ال عليه وسلم وما خالفه فل يلتفت إليه ( . ) 1الرجل يسلم وتته أختان ،يي ف
إمساك إحداها وترك الخرى :عن الضحاك بن فيوز عن أبيه قال " :أسلمت ،
وعندي امرأتان أختان ،فأمرن النب صلى ال عليه وسلم أن أطلق إحداها " .رواه
أحد وأصحاب السنن والشافعي والدارقطن والبيهقي وحسنه الترمذي وصححه ابن
حبان .الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع يتار أربعا منهن :عن ابن عمر قال " :
أسلم غيلن الثقفي ،وتته عشر نسوة ف الاهلية ،فأسلمن معه ،فأمره النب صلى
ال عليه وسلم أن يتار منهن أربعا " .أخرجه أحدو الترمذي وابن ماجه والشافعي ،
وابن حبان والاكم وصححاه ( .هامش ) ( ) 1هذا خلصة ماقاله ابن القيم ) . ( .
/صفحة / 239إسلم أحد الزوجي دون الخر :إذا ت العقد بي الزوجي قبل
السلم ،ث أسلم الزوجان فان كان العقد قد انعقد على من يصح العقد عليها ف
السلم ،فحكمه واضح فيما سبق .فإن أسلم أحد الزوجي دون الخر :فإن كان
السلم من الرأة انفسخ النكاح .وتب عليها العدة ،فإن أسلم هو وهي ف عدتا
كان أحق با ،لا ثبت أن عاتكة ابنة الوليد بن الغية أسلمت قبل زوجها صفوان بن
أمية ،بنحو شهر ،ث أسلم هو ،فأقره رسول ال صلى ال عليه وسلم على نكاحه .
قال ابن شهاب :ول يبلغنا أن امرأة هاجرت إل رسول ال صلى ال عليه
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 239
وسلم ،وزوجها كافر ،مقيم بدار الكفر إل فرقت هجرتا بينها وبي زوجها ،إل أن
يقدم زوجها مهاجرا ،قبل أن تقضي عدتا ،وإنه ل يبلغنا أن امرأة فرق بينها وبي
زوجها إذا قدم وهي ف عدتا .وكذلك الكم إذا أسلم بعد انقضاء العدة ولو طالت
175
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الدة فهما على نكاحهما الول إذا اختارا ذلك ما ل تتزوج .وقد رد النب صلى ال
عليه وسلم ابنته زينب على زوجها أب العاص بنكاحها الول بعد سنتي ول يدث
شيئا ( ) 1رواه أحد وأبو داود والترمذي وقال :حديث حسن ليس بإسناده بأس
وصححه الاكم وهومن رواية ابن عباس .قال ابن القيم " :ول يكن رسول ال صلى
ال عليه وسلم يفرق بي من أسلم وبي امرأته إذا ل تسلم معه ،بل مت أسلم الخر .
فالنكاح باله ما ل تتزوج .هذه هي سنته العلومة ،قال الشافعي :أسلم أبو سفيان
بن حرب بر الظهران ،وهي وادي خزاعة ،وبزاعة مسلمون قبل الفتح ف دار
السلم ،ورجع إل مكة وهند بنت عتبة مقيمة على غي السلم ،فأخذت بلحيته
وقالت :اقتلوا الشيخ الضال ،ث أسلمت هند بعد إسلم أب سفيان بأيام كثية ،وقد
كانت كافرة مقيمة بدار ليست بدار إسلم ،وأبو سفيان ( هامش ) ( ) 1ف بعض
الروايات :ل يدث صداقا وف بعضها :ل يدث نكاحا أي عقدا جديدا / ) . ( .
صفحة / 240با مسلم وهند كافرة ،ث أسلمت بعد انقضاء العدة واستقرا على
النكاح ال أن عدتا ل تنقض حت أسلمت .وكان كذلك حكيم بن حزام وإسلمه ،
وأسلمت امرأة صفوان بن أمية ،وامرأة عكرمة بن أب جهل بكة ،وصارت دارها
دار السلم ،وظهر حكم رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة وهرب عكرمة إل
اليمن ،وهي دار حرب وصفوان يريد اليمن ،وهي دار حرب ،ث رجع صفوان أل
مكة ،ومي دار السلم ،وشهد حنينا ،وهو كافر ،ث أسلم فاستقرت عنده امرأته
بالنكاح الول ،وذلك أنه ل تنقض عدتا .وقد حفظ أهل العلم بالغازي ،ان امرأة
من النصار كانت عند زوجها بكة فأسلمت وهاجرت إل الدينة ،فقدم زوجها وهي
ف العدة فاستقر على النكاح .انتهى .قال صاحب الروضة الندبة بعد ما نقل هذا
الكلم :أقول :إن إسلم الرأة مع بقاء زوجها ف الكفر ليس بنلة الطلق .إذ لو
كان كذلك ل يكن له عليها سبيل بعد انقضاء عدتا إل برضاها مع تديد العقد ،
فالاصل أن الرأة السلمة إن حاضت ؟ السلم ،ث طهرت ،كان لا أن تتزوج بن
شاءت ،فإذا تزوجت ل يبق للول عليها سبيل إذا أسلم .وإن ل تتزوج كانت تت
عقد زوجها الول ،ول يعتب تديد عقد ول تراض .هذا ما تقتضيه الدلة وإن
176
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
خالف أقوال الناس ،وهكذا الكم ف ارتداد أحد الزوجي ،فإنه إذا عاد الرتد إل
السلم كان حكمه حكم إسلم من كان باقيا على الكفر / .صفحة / 241الطلق
( ) 1تعريفه :الطلق :مأخوذ من الطلق ،وهو الرسال والترك .تقول :أطلقت
السي ،إذا حللت قيده وأرسلته .وف الشرع :حل رابطة الزواج ،وإناء العلقة
الزوجية ) 2 ( .كراهته :إن استقرار الياة الزوجية غاية من الغايات الت يرص
عليها السلم .وعقد الزواج إنا يعقد للدوام والتأبيد إل أن تنتهي الياة ،ليتسن
للزوجي أن يعل من البيت مهدا يأويان إليه ،وينعمان ف ظلله الوارفة ،وليتمكنا
من تنشئة أولدها تنشئة صالة .ومن أجل هذا كانت الصلة بي الزوجي من أقدس
الصلت وأوثقها .وليس أدل على قدسيتها من أن ال سبحانه سى العهد بي الزوج
وزوجته باليثاق الغليظ ،فقال " :وأخذن منكم ميثاقا غليظا ( . " ) 1وإذا كانت
العلقة بي الزوجي هكذا موثقة مؤكدة ،فإنه ل ينبغي الخلل با ،ولالتهوين من
شأنا .وكل أمر من شأنه أن يوهن من هذه الصلة ،ويضعف من شأنا ،فهو بغيض
إل السلم ،لفوات النافع وذهاب مصال كل من الزوجي .فعن ابن عمر أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم قال " :أبغض اللل إل ال -عزوجل -الطلق ( " . ) 2
وأي إنسان أراد أن يفسد ما بي الزوجي من علقة فهو ف نظر السلم خارج عنه ،
وليس له شرف النتساب إليه ( .هامش ) ( ) 1سورة النساء آية ) 2 ( 21رواه
أبو داود والاكم وصححه / ) . ( .صفحة / 242يقول الرسول صلى ال عليه
وسلم " :ليس منا من خبب ( ) 1امرأة على زوجها ( . " ) 2وقد يدث أن بعض
النسوة ياول أن يستأثر بالزوج ويل مل زوجته ،والسلم ينهى عن ذلك أشد
النهي .فعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل
تسأل الرأة طلق أختها لتستفرغ صحفتها ( ) 3ولتنكح ،فإنا لا ما قدر لا " .
والزوجة الت تطلب الطلق من غر سبب ول مقتض ،حرام عليها رائحة النة .فعن
ثوبان أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :أيا امرأة سألت زوجها طلقا من
غي بأس ،فحرام عليها رائحة النة ( . " ) 4
............................................................
177
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 242
( ) 3حكمه :اختلفت آراء الفقهاء ف حكم ( ) 5الطلق ،والصح من هذه
الراء ،رأي الذين ذهبوا إل حظره إل لاجة ،وهم الحناف والنابلة .واستدلوا
بقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :لعن ال كل ذواق ،مطلق " .ولن ف
الطلق كفرا لنعمة ال ،فإن الزواج نعمة من نعمه ،وكفران النعمة حرام .فل يل
إل لضرورة .ومن هذه الضرورة الت تبيحه أن يرتاب الرجل ف سلوك زوجته .أو
أن يستقر ف قلبه عدم اشتهائها ،فإن ال مقلب القلوب ،فإن ل تكن هناك حاجة
تدعو إل الطلق يكون حينئذ مض كفران نعمة ال ،وسوء أدب من الزوج ،فيكون
مكروها مظورا .وللحنابلة تفصيل حسن ،نمله فيما يلي ( :هامش ) ( ) 1خبب
:أفسد ) 2 ( .رواه أبو داود والنسائي ) 3 ( .أي لتخلي عصمة أختها من الزواج
ولتحظى بزوجها .ولا أن تتزوج زوجا آخر ) 4 ( .رواه أصحاب السنن وحسنه
الترمذي ) 5 ( .أي الوصف الشرعي له / ) . ( .صفحة / 243فعندهم قد يكون
الطلق واجبا ،وقد يكون مرما ،وقد يكون مباحا ،وقد يكون مندوبا إليه .فأما
الطلق الواجب :فهو طلق الكمي ف الشقاق بي الزوجي ،إذا رأيا أن الطلق
هو الوسيلة لقطع الشقاق .وكذلك طلق الول بعد التربص ،مدة أربعة أشهر لقول
ال تعال " :للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن ال غفور رحيم
.وإن عزموا الطلق فإن ال سيع عليم ( . " ) 1وأما الطلق الحرم :فهو الطلق
من غي حاجة إليه ،وإنا كان حراما ،لنه ضرر بنفس الزوج ،وضرر بزوجته ،
وإعدام للمصلحة الاصلة لما من غي حاجة إليه .فكان حراما ،مثل إتلف الال ،
ولقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :ل ضرر ول ضرار " .وف رواية أخرى أن
هذا النوع من الطلق مكروه لقول النب صلى ال عليه وسلم " :أبغض اللل إل
ال الطلق " .وف لفظ " :ما أحل ال شيئا أبغض إليه من الطلق " ( ) 2وإنا
يكون مبغوضا من غي حاجة إليه -وقد ساه النب صلى ال عليه وسلم حلل -
ولنه مزيل للنكاح الشتمل على الصال الندوب إليها ،فيكون مكروها .وأما
الطلق الباح :فإنا يكون عند الاجة إليه ،لسوء خلق الرأة ،وسوء عشرتا ،
178
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والتضرر با ،من غي حصول الغرض منها .وأم الندوب إليه :فهو الطلق يكون
عند تفريط الرأة ف حقوق ال الواجبة عليها ،مثل الصلة ونوها ،ول يكنه إجبارها
عليها ،أو تكون غي عفيفة .قال المام أحد رضي ال عنه ل ينبغي له إمساكها ،
وذلك لن فيه نقصأ لدينه ،ول يأمن إفساد ه لفراشه ،وإلاقها به ولدا ليس هو
منه ،ول بأس بالتضييق عليها ف هذه الال ،لتفتدي منه ،قال ال تعال " :ول
تعضلوهن ( هامش ) ( ) 1البقرة الية ) 2 ( 126 - 125رواه أبو داود ( / ) .
صفحة / 244لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إل أن يأتي بفاحشة مبينة ( . " ) 1قال
ابن قدامه :ويتمل أن الطلق ف هذين الوضعي واجب .قال :ومن الندوب إليه ،
الطلق ف حال الشقاق .وف الال الت ترج الرأة إل الخالعة لتزيل عنها الضرر .
قال ابن سينا ف كتاب الشفاء " :ينبغي أن يكون إل الفرقة سبيل ما ،وأل يسد ذلك
من كل وجه ،لن حسم أسباب التوصل إل الفرقة بالكلية يقتضي وجوها من الضرر
واللل .منها :أن من الطبائع ما ل يألف بعض الطبائع ،فكلما اجتهد ف المع
بينهما زاد الشر ،والنبو ( أي اللف ) وتنغصت العايش .ومنها :أن من الناس من
ين ( أي يصاب ) بزوج غي كف ء .ول حسن الذاهب ف العشرة ،أو بغيض تعافه
الطبيعة ،فيصي ذلك داعية إل الرغبة ف غيه ،إذ الشهوة طبيعة ،ربا أدى ذلك إل
وجوه من الفساد ،وربا كان التزاوجان ل يتعاونان على النسل ،فإذا بدل بزوجي
آخرين تعاونا فيه ،فيجب أن يكون إل الفارقة سبيل ،ولكنه يب أن يكون مشددا
فيه " .الطلق عند اليهود ( : ) 2الذي دون ف الشريعة عند اليهود وجرى عليه
العمل أن الطلق يباح بغي عذر ،كرغبة الرجل بالتزوج بأجل من امرأته ،ولكنه ل
يسن بدون عذر ،والعذار عندهم قسمان ( :الول ) عيوب اللقة ،ومنها :
العمش ،والول ،والبخر ،والدب ،والعرج ،والعقم ( .الثان ) وعيوب
الخلق ! .وذكروا منها :الوقاحة ،والثرثرة ،والوساخة ،والشكاسة ،والعناد ،
والسراف ،والنهمة ،والبطنة ،والتأنق ف الطاعم ،والفخفخة ،والزنا أقوى
العذار عندهم ،فيكفي فيه الشاعة ،وإن ل تثبت ،إل أن السيح عليه السلم ل يقر
منها إل علة الزنا ( ،هامش ) ( ) 1النساء الية : 19أي ل تسكوهن لتضيقوا
179
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عليهن ) 2 ( .من كتاب " نداء للجنس اللطيف " .ص / ) . ( . 97صفحة 245
/وأما الرأة فليس لا أن تطلب الطلق مهما تكن عيوب زوجها ،ولو ثبت عليه الزنا
ثبوتا .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 245
الطلق ف الذاهب السيحية :ترجع جيع الذاهب السيحية الت تعنقها أمم الغرب
السيحي إل ثلثة مذاهب - 1 :الذهب الكاثوليكي " - 2 .الرثوذكسي " - 3 .
البوتوستنت .فالذهب الكاثوليكي ،يرم الطلق تريا باتا ،ول يبيح فصم الزواج
لي سبب مهما عظم شأنه ،وحت اليانة الزوجية نفسها لتعد ف نظره مبرا للطلق
،وكل ما يبيحه ف حالة اليانة الزوجية ،هو التفرقة السمية ،بي شخصي
الزوجي ،مع اعتبار الزوجية قائمة بينهما من الناحية الشرعية ،فل يوز لواحد منهما
ف أثناء هذه الفرقة أن يعقد زواجه على شخص آخر ،لن ذلك يعتب تعددا
للزوجات ،والديانة السيحية ل تبيح التعدد بال .وتعتمد الكاثوليكية ف مذهبها هذا
على ما جاء ف إنيل مرقص على لسان السيح ،إذ يقول 8 " . . . :ويكون الثنان
جسدا واحدا ،إذن ليسا بعد اثني ،بل جسد واحد 9 ،فالذي جعه ال ل يفرقه
إنسان ( . " ) 1والذهبان السيحيان الخران ،الرثوذكسي ،والبوتوستنت ،
يبيحان الطلق ف بعض حالت مدودة ،من أهها اليانة الزوجية ،ولكنهما يرمان
على الرجل والرأة كليهما أن يتزوجا بعد ذلك ،وتعتمد الذاهب السيحية الت تبيح
الطلق ف حالة اليانة الزوجية على ما ورد ف إنيل مت ،على لسان السيح ،إذ
يقول " :من طلق امرأته إل لعلة الزنا يعلها تزن ( ( . " ) 2هامش ) ( ) 1مرقص
إصحاح 10آيت 8و ) 2 ( 9إنيل مت :الصحاح الامس ) 3 ( 22 - 21
إنيل مرقس :الصحاح العاشر / ) . ( 11 :صفحة / 246وتعتمد الذاهب
السيحية ف تريها الزواج على الطلق والطلقة على ما ورد ف إنيل مرقص إذ يقول
( :من طلق امرأته ،وتزوج بأخرى يزن عليها ،وإن طلقت امرأة زوجها ،وتزوجت
بآخر تزن ) .الطلق ف الاهلية :قالت أم الؤمني عائشة رضي ال عنها " :كان
180
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها ،وهي امرأته إذا راجعها وهي ف العدة ،وإن
طلقها مائة مرة ،أو أكثر ،حت قال رجل لمرأته :وال ل أطلقك فتبين من ،ول
آويك أبدا ،قالت :وكيف ذلك ؟ قال :أطلقك ،فكلما هت عدتك أن تنقضي
راجعتك ،فذهبت الرأة حت دخلت على عائشة ،فأخبتا ،فسكتت حت جاء النب
صلى ال عليه وسلم فأخبته ،فسكت النب صلى ال عليه وسلم حت نزل القرآن " :
الطلق مرتان .فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان ( . " ) 1قالت عائشة :
فاستأنف الناس الطلق مستقبل ،من كان طلق ،ومن ل يكن طلق " .رواه الترمذي
.الطلق من حق الرجل وحده جعل السلم الطلق من حق الرجل وحده ( ، ) 2
لنه أحرص على بقاء الزوجية الت أنفق ف سبيلها من الال ،ما يتاج إل انفاق مثله ،
أو أكثر منه ،إذا طلق وأراد عقد زواج آخر .وعليه أن يعطي الطلقة مؤخر الهر ،
ومتعة الطلق ،وأن ينفق عليها ف مدة العدة .ولنه بذلك ،وبقتضى عقله ومزاجه
يكون أصب على ما يكره من الرأة ،فل يسارع إل الطلق لكل غضبة يغضبها ،أو
سيئة منها يشق عليه احتمالا ،والرأة أسرع منه غضبا ،وأقل احتمال ،وليس عليها
من تبعات الطلق ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة آية ) 2 ( . 229من كتاب نداء
للجنس اللطيف ص / ) . ( . 98صفحة / 247ونفقاته مثل ما عليه ،فهي أجدر
بالبادرة إل حل عقدة الزوجية ،لدن السباب ،أو لا ل يعد سببا صحيحا إن أعطي
لا هذا الق .والدليل على صحة هذا التعليل الخي ،أن الفرنج لا جعلوا طلب
الطلق حقا للرجال والنساء على السواء ،كثر الطلق عندهم ،فصار أضعاف ما
عند السلمي .من يقع منه الطلق .اتفق العلماء على أن الزوج ،العاقل ،البالغ ،
الختار هو الذي يوز له أن يطلق ،وأن طلقه يقع .فإذا كان منونا ،أو صبيا أو
مكرها ،فإن طلقه يعتب لغوا لو صدر منه ،لن الطلق تصرف من التصرفات الت
لا آثارها ونتائجها ف حياة الزوجي ،ولبد من أن يكون الطلق كامل الهلية ،حت
تصح تصرفاته .وإنا تكمل الهلية بالعقل والبلوغ ،والختيار ،وف هذا يروي
أصحاب السنن ،عن علي كرم ال وجهه ،عن النب صلى ال عليه وسلم ،أنه قال :
" رفع القلم عن ثلثة :عن النائم حت يستيقظ ،وعن الصب حت يتلم ( ، ) 1وعن
181
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الجنون حت يعقل " .وعن أب هريرة عن النب ،صلى ال عليه وسلم ،قال " :كل
طلق جائز ،إل طلق الغلوب على عقله " .رواه الترمذي والبخاري موقوفا .وقال
ابن عباس رضي ال عنه -فيمن يكرهه اللصوص فيطلق -فليس بشئ ،رواه
البخاري .وللعلماء آراء متلفة ف السائل التية نملها فيما يلي - 1 :طلق الكره
- 2 .طلق السكران - 3 .طلق الازل - 4 .طلق الغضبان - 5 .طلق
الغافل والساهي - 6 .طلق الدهوش ( .هامش ) ( ) 1يتلم :يبلغ ) . ( .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 247
/صفحة ) 1 ( / 248طلق الكره :الكره ل إرادة له ول اختيار ،والرادة
والختيار هي أساس التكليف ،فإذا انتفيا ،انتفى التكليف ،واعتب الكره غي
مسؤول عن تصرفاته ،لنه مسلوب الرادة ،وهوف الواقع ينفذ إرادة الكره .فمن
أكره على النطق بكلمة الكفر ،ل يكفر بذلك لقول ال تعال " :إل من أكره وقلبه
مطمئن باليان ( . " ) 1ومن أكره على السلم ل يصبح مسلما ،ومن أكره على
الطلق ل يقع طلقه .روي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :رفع عن أمت
الطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " .أخرجه ابن ماجه ،وابن حبان ،والدارقطن ،
والطبان ،والاكم ،وحسنه النووي .وإل هذا ذهب مالك ،والشافعي ،وأحد ،
وداود من فقهاء المصار ،وبه قال عمربن الطاب ،وابنه عبد ال ،وعلي بن أب
طالب ،وابن عباس .وقال أبو حنيفة وأصحابه :طلق الكره واقع ،ول حجة لم
فيما ذهبوا إليه ،فضل عن مالفتهم لمهور الصحابة ) 2 ( .طلق السكران :ذهب
جهور الفقهاء إل أن طلق السكران يقع ،لنه التسبب بإدخال الفساد على عقله
بإرادته .وقال قوم :ل يقع وإنه لغو ل عبة به ،لنه هو والجنون سواء ،إذ أن
كلمنهما فاقد العقل الذي هو مناط التكليف ،ولن ال سبحانه يقول " :يأيها الذين
آمنوا ل تقربوا الصلة وأنتم سكارى حت تعلموا ما تقولون ( . " ) 2فجعل سبحانه
قول السكران غيمعتدبه ،لنه ل يعلم ما يقول .وثبت عن عثمان أنه كان ل يرى
طلق السكران ( .هامش ) ( ) 1سورة النحل آية ) 2 ( . 106 :سورة النساء
182
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
آية / ) . ( . 43صفحة / 249وذهب بعض أهل العلم أنه ل يالف عثمان ف ذلك
احد من الصحابة .وهو مذهب يي بن سعيد النصاري ،وحيد بن عبد الرحن
وربيعة ،والليث بن سعد ،وعبد ال بن السي ،وإسحاق بن راهويه ،وأب ثور ،
والشافعي ف أحد فوليه واختاره الزن من الشافعية وهو إحدى الروايات عن أحد ،
وهي الت استقر عليها مذهبه ،وهو مذهب أهل الظاهر كلهم ،واختاره من النفية
أبو جعفر الطحاوي وأبو السن الكرخي .قال الشوكان :إن السكران الذي ل
يعقل لحكم لطلقه لعدم الناط الذي تدور عليه الحكام ،وقد عي الشارع عقوبته
فليس لنا أن ناوزها برأينا ،ونقول يقع طلقه عقوبة له ،فيجمع له بي غرمي .وقد
جرى العمل أخيا ف الحاكم بذا الذهب ،فقد جاء ف الرسوم بقانون برقم / 25
لسنة 1929ف الادة الول منه ( :ل يقع طلق السكران والكره ) ) 3 ( .طلق
الغضبان :والغضبان الذي ل يتصور ما يقول ،ول يدري ما يصدر عنه ،ل يقع
طلقه لنه مسلوب الرادة .روى أحد وأبو داود ،وابن ماجه ،والاكم وصححه ،
عن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل طلق ول عتاق ف
إغلق " .وفسر الغلق بالغضب ،وفسر بالكراه ،وفسربالنون .وقال ابن تيمية
كما ف زاد العاد :حقيقة الغلق أن يغلق على الرجل قلبه فل يقصد الكلم أو ل
يعلم به كأنه انغلق عليه قصده وإرادته .قال :ويدخل ف ذلك طلق الكره ،
والجنون ،ومن زال عقله بسكر أو غضب ،وكل ما لقصد له ،ول معرفة له با
قال ،والغضب على ثلثة أقسام - 1 :ما يزيل العقل فل يشعر صاحبه با قال ،
وهذا ل يقع طلقه بل نزاع - 2 .ما يكون ف مبادئه بيث لينع صاحبه من تصور
ما يقول وقصده ،فهذا يقع طلقه / .صفحة - 3 / 250أن يستحكم ويشتد به
فل يزيل عقله بالكلية ،ولكنه يول بينه وبي نيته بيث يندم على ما فرط منه إذا زاد
،فهذا مل نظر .وعدم الوقوع ف هذه الالة قوي متجه ) 4 ( .طلق الازل ( ) 1
والخطئ :يرى جهور الفقهاء أن طلق الازل يقع ،كما أن نكاحه يصح ،لا رواه
أحد ،وأبو داود ،وابن ماجه ،والترمذي وحسنه ،والاكم وصححه ،عن أب
هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ثلث جدهن جد ،وهزلن جد :
183
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
النكاح والطلق والرجعة " .وهذا الديث وإن كان ف إسناده عبد ال بن حبيب ،
وهو متلف فيه ،فإنه قد تقوى بأحاديث أخرى .وذهب بعض أهل العلم إل عدم
وقوع طلق الازل .منهم :الباقر ،والصادق ،والناصر .وهو قول ف مذهب أحد
ومالك ،إذ أن هؤلء يشترطون لوقوع الطلق الرضا بالنطق اللسان ،والعلم بعناه ،
وإرادة مقتضاه ،فإذا انتفت النية والقصد ،اعتب اليمي لغوا ،لقول ال تعال " :وإن
عزموا الطلق ،فإن ال سيع عليم ( . " ) 2وإنا العزم ما عزم العازم على فعله ،
ويقتضي ذلك إرادة جازمة بفعل العزوم عليه ،أو تركه ويقول الرسول صلى ال عليه
وسلم " :إنا العمال بالنيات " .والطلق عمل مفتقر إل النية ،والازل ل عزم له
ولنية .وروى البخاري عن ابن عباس " " :إنا الطلق عن وطر ( . " ) 3أما طلق
الخطئ ،وهو من أراد التكلم بغي الطلق فسبق لسانه إليه .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 250
( هامش ) ( ) 1الازل :هو الذي يتكلم من غي قصد للحقيقة ،بل على وجه
اللعب ونقيضه الاد ،مأخوذ من السد ) 2 ( .سورة البقرة آية ) 3 ( . 27 :قال
الافظ :أي أنه ل ينبغي للرجل أن يطلق امرأته إل عند الاجة كالنشوز .وقال ابن
القيم :أي عن غرض من الطلق ف وقوعه -رسالة الطلق :ص / ) . ( . 57
صفحة / 251فقد رأى فقهاء الحناف :أنه يعامل به قضاء ،وأما ديانة فيما بينه
وبي ربه فل يقع عليه طلقه وزوجته حلل له ) 5 ( .طلق الغافل والساهي :ومثل
الخطئ ،والازل ،الغافل ،والساهي ،والفرق بي الخطئ والازل ،أن طلق الازل
يقع قضاء وديانة ،عند من يرى ذلك ،وطلق الخطئ يقع قضاء فقط ،وذلك أن
الطلق ليس مل للهزل ول للعب ) 6 ( .طلق الدهوش :الدهوش الذي ل يدري
ما يقول ،بسبب صدمة أصابته فأذهبت عقله وأطاحت بنفكيه ،ل يقع طلقه ،كما
ل يقع طلق الجنون ،والعتوه ،والغمى عليه ،ومن اختل عقله لكب أو مرض ،أو
مصيبة فاجأته .من يقع عليها الطلق ل يقع الطلق على الرأة إل إذا كان مل له ،
وإنا تكون مل له ف الصور التية - 1 :إذا كانت الزوجية قائمة بينها وبي زوجها
184
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حقيقة - 2 .إذا كانت معتدة من طلق رجعي ،أو معتدة من طلق بائن بينونة
صغرى ،لن الزوجية فيها تي الالتي تعتب قائمة حكما حت تنتهي العدة - 3 .إذا
كانت الرأة ف العدة الاصلة بالفرقة الت تعتب طلقا .كأن تكون الفرقة بسبب إباء
الزوج السلم إذا أسلمت زوجته .أو كانت بسبب اليلء فإن الفرقة ف هاتي
الصورتي تعتب طلقا عند الحناف - 4 .إذا كانت الرأة معتدة من فرقة اعتبت
فسخا ل ينقض العقد من أساسه ول يزل الل .كالفرقة بردة الزوجة ،لن الفسخ ف
هذه الالة إنا لطارئ طرأ ينع بقاء العقد بعد أن وقع صحيحا / .صفحة / 252من
ل يقع عليها الطلق قلنا :إن الطلق ل يقع على الرأة إل إذا كانت مل له .فإذا ل
تكن مل له فل يقع عليها الطلق .فالعتدة من فسخ الزواج بسبب عدم الكفاءة أو
لنقص الهر عن مهر الثل ،أو ليار البلوغ ،أو لظهور فساد العقد بسبب فقد شرط
من شروط صحته ،ل يقع عليها الطلق ،لن العقد ف هذه الالت قد نقض من
أصله ،فلم يبق له وجود ف العدة .فلو قال الرجل لمرأته :أنت طالق وهي ف هذه
الالة -فقوله لغو ل يترتب عليه أي أثر .وكذلك ل يقع الطلق على الطلقة قبل
الدخول وقبل اللوة با خلوة صحيحة ،لن العلقة الزوجية بينهما قد انتهت ،
وأصبحت أجنبية بجرد صدور الطلق ،فل تكون مل للطلق بعد ذلك .لنا
ليست زوجته ول معتدته .فلو قال لزوجته غي الدخول با حقيقة أو حكما :أنت
طالق . . .أنت طالق . . .أنت طالق ،وقعت بالول فقط طلقة بائنة ،لن الزوجية
فائمة .أما الثانية ،والثالثة ،فهما لغو ل يقع بما شئ ،لنما صادفتاها وهي ليست
زوجته ولمعتدته ،حيث ل عدة لغي الدخول با ( . " ) 1وكذلك ل يقع الطلق
على أجنبية ل تربطها بالطلق زوجية سابقة .فلو قال لمرأة ل يسبق له الزواج با " :
أنت طالق يكون كلمه لغوا لأثر له ،وكذلك الكم فيمن طلقت وانتهت عدتا ،
لنا بانتهاء العدة تصبح أجنبية عنه .ومثل ذلك العتدة من طلق ثلث ،لنا بعد
الطلق الثلث تكون قد بانت منه بينونة كبى ،فل يكون للطلق معن ( هامش ) (
) 1وهذا مذهب أب حنيفة ،والشافعي :وقال مالك . . .إذا قال لغي الدخول با :
أنت طالق ،أنت طالق ،أنت طالق ،ثلثا .فهي نسق " .أي متابعة وراء بعضها "
185
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قال يكون ثلثة تشبيها لتكرار اللفظ بالعد كأنه قال " . . .أنت طالق ثلثا " وقال ف
بداية الجتهد ،فمن شبه تكرار اللفظ بلفظه بالعدد أعن بقوله " طلقتك ثلثا " قال :
" يقع الطلق ثلثا " ومن رأى أنه باللفظة الواحدة قد بانت منه .قال " ل يقع "
وهذا بلف الدخول با / ) . ( .صفحة / 253الطلق قبل الزواج ل يقع الطلق
إذا علقه على التزوج بأجنبية ،كأن يقول " :إن تزوجت فلنة فهي طالق ،لا رواه
الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :لنذر لبن آدم فيما ل يلك ،ول عتق له فيما ل يلك ،ولطلق له فيما
ل يلك " .قال الترمذي :حديث حسن ،وهو أحسن شئ روي ف هذا الباب ،
وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وغيهم .وروي
ذلك عن علي بن أب طالب ،كرم ال وجهه ،وابن عباس ،وجابر بن يزيد ،وغي
واحد من فقهاء التابعي ،وبه يقول الشافعي .وقال أبو حنيفة ،ف الطلق العلق :
إنه يقع إذا حصل الشرط ،سواء عمم الطلق جيع النساء ،أم خصص .وقال مالك
و أصحابه :إن عمم جيع النساء ل يلزمه ،وإن خصص لزمه .ومثال التعميم أن
يقول :إن تزوجت أي أمرأة فهي طالق .ومثال التخصيص :أن يقول :إن تزوجت
فلنة -وذكر امرأة بعينها -فهي طالق
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 253
ما يقع به الطلق يقع الطلق بكل ما يدل على إناء العلقة الزوجية ،سواء أكان
ذلك باللفظ ،أم بالكتابة إل الزوجة ،أم بالشارة من الخرس ،أو بإرسال رسول .
الطلق باللفظ :واللفظ قد يكون صريا ،وقد يكون كناية ،فالصريح :هو الذي
يفهم من معن الكلم عند التلفظ به ،مثل :أنت طالق ومطلقة ،وكل ما اشتق من
لفظ الطلق .وقال الشافعي رضي ال عنه :ألفاظ الطلق الصرية ثلثة :الطلق ،
والفراق ،والسراح ،وهي الذكورة ف القرآن الكري .وقال بعض أهل الظاهر :ل
يقع الطلق إل بذه الثلث ،لن الشرع /صفحة / 254إنا ورد بذه اللفاظ
الثلثة ،وهي عبادة ،ومن شروطها اللفظ فوجب القتصار على اللفظ الشرعي
186
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الوارد فيها ( . ) 1والكناية :ما يتمل الطلق وغيه ،مثل :أنت بائن ،فهو يتمل
البينونة ( ) 2عن الزواج ،كما يتمل البينونة عن الشر .ومثل :أمرك بيدك ،فإنا
تتمل تليكها عصمتها .كما تتمل تليكها حرية التصرف .ومثل :أنت علي
حرام ،فهي تتمل حرمة التعة با ،وتتمل حرمة إيذائها .والصريح :يقع به الطلق
من غي احتياج إل نية تبي الراد منه ،لظهور دللته ووضوح معناه .ويشترط ف
وقوع الطلق الصريح :أن يكون لفظه مضافا إل الزوجة ،كأن يقول :زوجت طالق
،أو أنت طالق .أما الكناية فل يقع با الطلق إل بالنية ،فلو قال الناطق بلفظ
الصريح :ل أرد الطلق ول أقصده ،وإنا أردت معن آخر ،ل يصدق قضاء ،ويقع
طلقه .ولو قال الناطق بالكناية :ل أنو الطلق ،بل نويت معن آخر ،يصدق
قضاء ،ول يقع طلقه ،لحتمال اللفظ معن الطلق وغيه ،والذي يعي الراد هو
النية ،والقصد ،وهذا مذهب مالك ،والشافعي ،لديث عائشة رضيا ل عنها ،عند
البخاري وغيه " .أن ابنة الون لا أدخلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
ودنا منها ،قالت :أعوذ بال منك ،فقال لا " :عذت بعظيم ،القي بأهلك " وف
الصحيحي وغيها ف حديث تلف كعب بن مالك لا قيل له " :رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،يأمرك أن تعتزل امرأتك ،فقال :أطلقها أم ماذا أفعل ؟ ! قال :بل
اعتزلا .فل تقربنها ،فقال لمرأته :القي بأهلك " ( .هامش ) ( ) 1بداية الجتهد
ج 2ص ) 2 ( . 70إذ أن البينونة معناها البعد والفارقة / ) . ( .صفحة / 255
فأفاد الديثان ،أن هذه اللفظة تكون طلقا مع القصد ،ول تكون طلقا مع عدمه .
وقد جرى عليه العمل الن ،حيث جاء ف القانون رقم 25لسنة 1929ف الادة
الرابعة منه " :كنايات الطلق :وهي ما تتمل الطلق أو غيه ل يقع با الطلق إل
بالنية " .أما مذهب الحناف :فإنه يرى أن كنايات الطلق يقع با الطلق بالنية ،
وأنه يقع با أيضا الطلق بدللة الال .ول يأخذ القانون ،بذهب الحناف ف
الكتفاء بدللة الال ،بل اشترط أن ينوي الطلق بالكناية الطلق .هل تري الرأة
يقع طلقا ؟ إذا حرم الرجل امرأته ،فإما أن يريد بالتحري تري العي ،أو يريد
الطلق بلفظ التحري غي قاصد لعن اللفظ ،بل قصد التسريح :ففي الالة الول ،
187
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ل يقع الطلق ،لا أخرجه الترمذي عن عائشة ،رضي ال عنها ،قالت ( :آل
رسول ال صلى ال عليه وسلم من نسائه ،فجعل الرام ( ) 1حلل .وجعل ف
اليمي كفارة ) .وف صحيح مسلم عن ابن عباس ،رضي ال عنهما ،قال ( :إذا
حرم الرجل امرأته ،فهي يي يكفرها .ث قال ( :لقد كان لكم ف رسول ال أسوة
حسنة ) .وأخرج النسائي عنه " :أنه أتاه رجل فقال :إن جعلت امرأت علي حراما
فقال :كذبت ،ليست عليك حرام ،ث تل هذه الية " :يأيها النب ل ترم ما أحل
ال لك .تبتغي مرضاة أزواجك وال غفور ( هامش ) ( ) 1جعل الشئ الذي حرمه
حلل بعد تريه / ) . ( .صفحة / 256رحيم .قد فرض ال لكم تلة أيانكم (
. " ) 1عليك أغلظ الكفارة :عتق رقبة " .وف الالة الثانية :يقع الطلق ،لن
لفظ التحري كناية كسائر الكنايات .اللف بأيان السلمي من حلف بأيان السلمي
ث حنث ،فإنه يلزمه كفارة يي عند الشافعية ،ول يلزمه طلق ولغيه .ول يرد عن
مالك فيه شئ وإنا اللف فيه للمتأخرين من الالكيه فقيل :يلزمه الستغفار فقط ،
والشهور الفت به عندهم :أنه يلزمه كل ما اعتيد اللف به من السلمي .وقد جرى
العرف ف مصر أن يكون اللف العتاد بال وبالطلق ،وعليه فيلزم من حلف بأيان
السلمي ث حنث كفارة يي وبت من يلك عصمتها ول يلزمه مشي إل مكة ول
صيام ،كما كان ف العصور الول ،لعدم من يلف بذلك الن ،وقال البري :
يلزمه الستغفار فقط ،وقيل :يلزمه كفارة يي كما يرى الشافعية .وهذا اللف
عند الالكية إذا ل ينو طلقا ،فإن نوى طلقا وحنث لزمه اليمي عندهم .ونن نرى
ترجيح رأي البري وأن من حلف بذلك ل يلزمه إل أن يستغفر له
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 256
إلطلق بالكتابة .والكتابة يقع با الطلق ،ولو كان الكاتب قادرا على النطق ،فكما
أن للزوج أن يطلق زوجته باللفظ ،فله أن يكتب إليها الطلق .واشترط الفقهاء :
أن تكون الكتابة مستبينة مرسومة .ومعن كونا مستبينة :أي بينة واضحة بيث تقرأ
ف صحيفة ونوها .ومعن كونا مرسومة :أي مكتوبة بعنوان الزوجة بأن يكتب إليها
188
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
:يا فلنة ،أنت طالق ،فإذا ل يوجه الكتابة إليها بأن كتب على ورقة :أنت ( هامش
) ( ) 1هذه الية مصرحة بأن التحري يي / ) . ( .صفحة / 257طالق ،أو
زوجت طالق ،فل يقع الطلق إل بالنية ،لحتمال أنه كتب هذه العبارة من غي أن
يقصد إل الطلق .وإنا كتبها لتحسي خطه مثل .اشارة الخرس الشارة بالنسبة
للخرس أداة تفهيم ،ولذا تقوم مقام اللفظ ف إيقاع الطلق إذا أشار إشارة تدل على
قصده ف إناء العلقة الزوجية .واشترط بعض الفقهاء أل يكون عارفا الكتابة
ولقادرا عليها .فإذا كان عارفا بالكتابة وقادرا عليها ،فل تكفي الشارة ،لن
الكتابة أدل على القصود ،فل يعدل عنها إل الشارة إل لضرورة العجز عنها .
ارسال رسول ويصح الطلق بإرسال رسول ليبلغ الزوجة الغائبة بأنا مطلقة ،
والرسول يقوم ف هذه الالة مقام الطلق ويضي طلقه .الشهاد على الطلق ذهب
جهور الفقهاء من السلف واللف إل أن الطلق يقع بدون إشهاد ،لن الطلق من
حقوق الرجل ( ، ) 1وليتاج إل بينة كي يباشر ،حقه ،ول يرد عن النب صلى ال
عليه وسلم ،ولعن الصحابة ،ما يدل على مشروعية الشهاد ( .هامش ) ( ) 1
الطلق حق من حقوق الزوج ،وقد جعله ال بيده ول يعل ال لغيه حقا فيه .قال
ال تعال " :يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم الؤمنات ث طلقتموهن " .وقال " :إذا
طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بعروف أو فارقوهن بعروف " .قال ابن القيم
:فجعل الطلق لن نكح لن له المساك وهو الرجعة .وعن ابن عباس قال :أتى
النب صلى ال عليه وسلم رجل فقال يا رسول ال :سيدي زوجن أمته ،وهو يريد
أن يفرق بيي وبينها ،قال :فصعد رسول ال صلى ال عليه وسلم النب فقال :يا أيها
الناس :ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ث يريد أن يفرق بينهما :إنا الطلق لن أخذ
بالساق " .رواه ابن ماجه .وقد تقدمت حكمة ذلك / ) . ( .صفحة / 258
وخالف ف ذلك فقهاء الشيعة المامية فقالوا :إن الشهاد شرط ف صحة الطلق ،
واستدلوا بقول ال سبحانه ف سورة الطلق " :وأشهدوا ذوي عدل منكم ،وأقيموا
الشهادة ل " .فذكر الطبسي :أن الظاهر أنه أمر بالشهاد على الطلق ،وأنه
مروي عن أئمة أهل البيت رضوان ال عليهم أجعي ،وأنه للوجوب وشرط ف صحة
189
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الطلق ( : ) 1من ذهب إل وجوب الشهاد على الطلق وعدم وقوعه بدون بينة :
ومن ذهب إل وجوب الشهاد واشتراطه لصحته من الصحابة :أمي لؤمني علي بن
أب طالب ،وعمران بن حصي ،رضي ال عنهما ،ومن التابعي :المام ممد الباقر ،
والمام جعفر الصادق ،وبنوها أئمة آل البيت رضوان ال عليهم ،وكذلك عطاء ،
وابن جريج ،وابن سيين رحهم ال " ففي جواهر الكلم " عن علي رضي ال عنه ،
أنه قال لن سأله عن طلق " :أشهدت رجلي عدلي كما أمر ال عزوجل ؟ قال :
ل ،قال اذهب فليس طلقك بطلق " .وروى أبو داود ف سننه عن عمران بن
حصي رضي ال عنه ،أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ،ث يقع با ،ول يشهد على
طلقها ول على رجعتها فقال " :طلقت لغي سنة ،وراجعت لغي سنة ،أشهد على
طلقها وعلى رجعتها ،ول تعد " .وقد تقرر ف الصول :أن قول الصحاب ،من
السنة كذا ،ف حكم الرفوع إل النب صلى ال عليه ول على الصحيح ،لن مطلق
ذلك إنا ينصرف بظاهرة إل من يب اتباع سنته ،وهو رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،ولن مقصود الصحاب بيان الشرع ل اللغة والعادة كما بسط ف موضعه .
وأخرج الافظ السيوطي ف الدر النثور ف تفسي آية " :فإذا بلغن أجلهن ( هامش )
( ) 1تفسي اللوسي سورة الطلق ،ويراجع أصل الشيعة / ) . ( .صفحة / 259
فأمسكوهن بعروف أو فارقوهن بعروف ،وأشهدوا ذوي عدل منكم " .وعن عبد
الرزاق عن ابن سيين أن رجل سأل عمران بن حصي ،عن رجل طلق ول يشهد ،
وراجع ول يشهد .قال :بئس ما صنع ،طلق لبدعة ،وراجع لغي سنة ،فليشهد
على طلقه وعلى مراجعته ،وليستغفر ال .فإنكار ذلك من عمران ،رضي ال عنه ،
والتهويل فيه وأمره بالستغفار لعده إياه معصية ،ما هو إل لوجوب الشهاد عنده ،
رضي ال عنه كما هو ظاهر .وف كتاب " الوسائل " عن المام أب جعفر الباقر ،
عليه رضوان ال ،قال :الطلق الذي أمر ال عز وجل به ف كتابه ،والذي سن
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،أن يلي الرجل عن الرأة ،إذا حاضت وطهرت من
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 259
190
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ميضها ،أشهد رجلي عدلي على تطليقه ،وهي طاهر من غي جاع ،وهو أحق
برجعتها ما ل تنقض ثلثة قروء ،وكل طلق ما خل هذا فباطل ،ليس بطلق .وقال
جعفر الصادق رضي ال عنه :من طلق بغي شهود فليس بشئ قال السيد الرتضى ف
كتاب " النتصار " :حجة المامية ف القول :بأن شهادة عدلي شرط ف وقوع
الطلق ،ومت فقد ل يقع الطلق .لقوله تعال " :وأشهدوا ذوي عدل منكم " .
فأمر تعال بالشهاد ،وظاهر المر ف عرف الشرع يقتضى الوجوب ،وحل ما ظاهره
الوجوب على الستحباب خروج عن عرف الشرع بل دليل .وأخرج السيوطي ف "
الدر النثور " عن عبد الرزاق وعبد بن حيد عن عطاء ،قال :النكاح بالشهود ،
والطلق بالشهود ،والراجعة بالشهود .وروى المام ابن كثي ف تفسيه عن ابن
جريج :أن عطاء كان يقول ف قوله تعال " :وأشهدوا ذوي عدل منكم " .قال :ل
يوز ف نكاح ول طلق ول إرجاع إل شاهدا عدل ،كما قال ال عز وجل ،إل من
عذر / .صفحة / 260فقوله :ل يوز ،صريح ف وجوب الشهاد على الطلق
عنده ،رضي ال عنه ،لساواته له بالنكاح ،ومعلوم ما اشترط فيه من البينة .إذا تبي
لك ،أن وجوب الشهاد على الطلق ،هو مذهب هؤلء الصحابة والتابعي
الذكورين ،تعلم أن دعوى الجاع على ندبه الأثورة ف بعض كتب الفقه ،مراد با
الجاع الذهب ل الجاع الصول الذي حده -كما ف " الستصفى " -اتفاق أمة
ممد ،صلى ال عليه وسلم ،خاصة على أمر من المور الدينية ،لنتقاضه ،بلف
من ذكر من الصحابة والتابعي ،ومن بعدهم من الجتهدين .وتبي ما نقلناه قبل عن
السيوطي وابن كثي :أن وجوب الشهاد ل ينفرد به علماء آل البيت عليهم السلم ،
كما نقله السيد مرتضى ف كتاب " النتصار " ،بل هو مذهب عطاء وابن سيين ،
وابن جريج ،كما أسلفنا .التنجيز والتعليق صيغة الطلق :إما أن تكون منجزة ،
وإما أن تكون معلقة ،وإما أن تكون مضافة إل مستقبل .فالنجزة :هي الصيغة الت
ليست معلقة على شرط ،ول مضافة إل زمن مستقبل ،بل قصد با من أصدرها
وقوع الطلق ف الال ،كأن يقول الزوج لزوجته :أنت طالق .وحكم هذا
الطلق ،أنه يقع ف الال مت صدر من أهله ،وصادف مل له .وأما العلق :وهو ما
191
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جعل الزوج فيه حصول الطلق معلقا على شرط ،مثل أن يقول الزوج لزوجته :إن
ذهبت إل مكان كذا ،فأنت طالق .ويشترط ف صحة التعليق ،ووقوع الطالق به
ثلثة شروط ( :الول ) أن يكون على أمر معدوم ،ويكن أن يوجد بعد ،فإن كان
على أمر موجود فعل ،حي صدور الصيغة مثل أن يقول :إن طلع النهار فأنت
طالق ،والواقع أن النهار قد طلع فعل -كان ذلك تنجيزا وإن جاء ف صورة التعليق
/ .صفحة / 261فإن كان تعليقا على أمر مستحيل كان لغوا ،مثل إن دخل المل
ف سم الياط فأنت طالق ( .الثان ) أن تكون الرأة حي صدور العقد مل للطلق
بأن تكون ف عصمته ( .الثالث ) أن تكون كذلك حي حصول العلق عليه .والتعليق
قسمان ( :القسم الول ) يقصد به ما يقصد من القسم للحمل على الفعل أو الترك
أو تأكيد الب ،ويسمى التعليق القسمي ،مثل أن يقول لزوجته :إن خرجت فأنت
طالق ،مريدا بذلك منعها من الروج إذا خرجت ،ل إيقاع الطلق ( .القسم
الثان ) ويكون القصد منه إيقاع الطلق عند حصول الشرط .ويسمى التعليق
الشرطي ،مثل أن يقول لزوجته ( :إن أبرأتن من مؤخر صداقك فأنت طالق ) .
وهذا التعليق بنوعيه واقع عند جهور العلماء .ويرى ابن حزم أنه غي واقع .وفصل
ابن تيمية وابن القيم ،فقال :إن الطلق العلق الذي فيه معن اليمي غي واقع .
وتب فيه كفارة اليمي إذا حصل الحلوف عليه .وهي إطعام عشرة مساكي ،أو
كسوتم ،فإن ل يد فصيام ثلثة أيام .وقال ف الطلق الشرطي :إنه واقع عند
حصول العلق عليه .قال ابن تيمية :واللفاظ الت يتكلم با الناس ف الطلق ثلثة
أنواع ( :الول ) صيغة التنجيز والرسال ،كقوله :أنت طالق فهذا يقع به الطلق ،
وليس بلف ،ول كفارة فيه اتفاقا ( .الثان ) صيغة تعليق ،كقوله :الطلق يلزمن
لفعلن هذا ،فهذا يي باتفاق أهل اللغة ،واتفاق طوائف العلماء ،واتفاق العامة .
( الثالث ) صيغة تعليق كقوله :إن فعلت كذا فامرأت طالق ،فهذا إن قصد به
اليمي ،وهو يكره وقوع الطلق كما يكره النتقال عن دينه فهو يي ،حكمه حكم
الول ،الذي هو صيغة القسم باتفاق الفقهاء .وإن كان يريد وقوع الزاء عند
الشرط ل يكن حالفا ،كقوله :إن /صفحة / 262أعطيتن ألفا فأنت طالق ،وإذا
192
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
زنيت فأنت طالق ،وقصد إيقاع الطلق عند وقوع الفاحشة ،ل مرد اللف عليها ،
فهذا ليس بيمي ،ول كفارة ف هذا عند أحد من الفقهاء فيما علمناه ،بل يقع به
الطلق .إذا وجد الشرط .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 262
وأما ما يقصد به الض ،أو النع ،أو التصديق ،أو التكذيب ،بالتزامه عند الخالفة
ما يكره وقوعه ،سواء كان بصيغة القسم ،أو الزاء ،فهو يي عند جيع الق من
العرب وغيهم .وإن كان يينا فليس لليمي إل حكمان :إما أن تكون منعقدة فتكفر
،وإما أن ل تكون منعقدة ،كاللف بالخلوقات فل تكفر ،وأما أن تكون يينا
منعقدة مترمة غي مكفرة ،فهذا حكم ليس ف كتاب ال ،ول سنة رسوله صلى ال
عليه وسلم ،ول يقوم عليه دليل .ما عليه العمل الن :وما جرى عليه العمل الن
ف الطلق العلق هو ما تضمنته الادة الثانية من القانون رقم 25لسنة 1929ونصها
( :ل يقع الطلق غي النجز إذا قصد به المل على فعل شئ أو تركه ل غي ) .
وجاء ف الذكرة اليضاحية لذا الادة " :إن الشرع أخذ ف إلغاء اليمي بالطلق
برأي بعض علماء النفية والالكية والشافعية ،وإنه أخذ ف إلغاء العلق الذي ف معن
اليمي برأي علي بن أب طالب ،كرم ال وجهه ،وشريح القاضي ،وداود الظاهري
وأصحابه " .وأما الصيغة الضافة إل مستقبل :فهي ما اقترنت بزمن ،بقصد وقوع
الطلق فيه ،مت جاء ،مثل أن يقول الزوج لزوجته :أنت طالق غدا ،أو إل رأس
السنة ،فإن الطلق يقع ف الغد أو عند رأس السنة إذا كانت الرأة ف مكله عند
حلول الوقت الذي أضاف الطلق إليه .وإذا قال لزوجته :أنت طالق إل سنة / .
صفحة / 263قال أبو حنيفة ومالك :تطلق ف الال .وقال الشافعي ،وأحد :ل
يقع الطلق حت تنسلخ السنة .وقال ابن حزم :من قال :إذا جاء رأس الشهر فأنت
طالق .أو ذكر وقتا فل تكون طالقا بذلك .ل الن .ول إذا جاء رأس الشهر .
برهان ذلك :أنه ل يأت قرآن ول سنة بوقوع الطارى بذلك ،وقد علمنا ال الطلق
على الدخول با ،وف غي الدخول با ،وليس هذا فيما علمنا " .ومن يتعد حدود
193
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ال فقد ظلم نفسه " .وأيضا ،فإن كان كل طلق ل يقع حي إيقاعه ،فمن الحال
أن يقع بعد ذلك ف حي ل يوقعه فيه .الطلق السن والبدعي ينقسم الطلق إل
طلق سي ،وطلق بدعي .طلق السنة :فطلق السنة :هو الواقع على الوجه
الذي ندب إليه الشرع ،وهو أن يطلق الزوج الدخول با طلقة واحدة ،ف طهر ل
يسسها فيه ،لقول ال تعال " :الطلق مرتان ،فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان
" أي أن الطلق الشروع يكون مرة يعقبها رجعة ،ث مرة ثانية يعقبها رجعة كذلك ،
ث إن الطلق بعد ذلك له اليار ،بي أن يسكها بعروف ،أو يفارقها بإحسان .
ويقول ال تعال " :يأيها النب إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتن " .أي إذا أردت
تطليق النساء ،فطلقوهن مستقبلت العدة ،وإنا تستقبل الطلقة العدة إذا طلقها بعد
أن تطهر من حيض ،أو نفاس ،وقبل أن يسها .وحكمة ذلك أن الرأة إذا طلقت
وهي حائض ل تكن ف هذا الوقت مستقبلة العدة ،فتطول عليها العدة .لن بقية
اليض ل يسب منها وفيه إضرار با .وإن طلقت ف طهر مسها فيه ،فإنا ل تعرف
هل حلت أو ل تمل / ،صفحة / 264فل تدري ب تعتد ،أتعتد بالقراء أم بوضع
المل ؟ وعن نافع بن عبد ال بن عمر رضي ال عنه " :أنه طلق امرأته وهي حائض ،
على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فسأل عمر بن الطاب رسول ال صلى
ال عليه وسلم عن ذلك فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " .مره فلياجعها ،ث
ليمسكها حت تطهر ،ث تيض ،ث تطهر ،ث إن شاء أمسك بعد ذلك ،وإن شاء
طلق قبل أن يس ،فتلك العدة الت أمر ال سبحانه أن تطلق لا النساء " .وف رواية
:أن ابن عمر رضي ال عنه ،طلق امرأة له ،وهي حائض ،تطليقة ،فذكر ذلك عمر
للنب صلى ال عليه وسلم .فقال " :مره فلياجعها ،ث ليطلقها إذا طهرت ،أو وهي
حامل " .أخرجه النسائي ومسلم وابن ماجه وأبو داود .وظاهر هذه الرواية أن
الطلق ف الطهر الذي يعقب اليضة الت وقع فيها الطلق يكون طلق سنة ،ل
بدعة .وهذا مذهب أب حنيفة وإحدى الروايتي عن أحد ،وأحد الوجهي عن
الشافعي ،واستدلوا بظاهر الديث وبأن النع إنا كان لجل اليض ،فإذا طهرت
زال موجب التحري .فجاز الطلق ف ذلك الطهر كما يوز ف غيه من الطهار .
194
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ولكن الرواية الول الت فيها " ث يسكها حت تطهر ث تيض فتطهر " متضمنة لزيادة
يب العمل با قال صاحب الروضة الندية " :وهي أيضا ف الصحيحي " .فكانت
أرجح من وجهي .وهذا مذهب أحد ف إحدى الروايتي عنه .والشافعي ف الوجه
الخر ،وأب يوسف وممد .الطلق البدعي :أما الطلق البدعي ،فهو الطلق
الخالف للمشروع :كأن يطلقها ثلثا بكلمة واحدة ،أو يطلقها ثلثا متفرقات ف
ملس واحد ،كأن يقول :أنت /صفحة / 265طالق ،أنت طالق ،أنت طالق .أو
يطلقها ف حيض أو نفاس ،أو ف طهر جامعها فيه .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 265
وأجع العلماء على أن الطلق البدعي حرام ،وأن فاعله آث .وذهب جهور العلماء
إل أنه يقع ،واستدلوا بالدلة التية - 1 :أن الطلق البدعي ،مندرج تت اليات
العامة - 2 .تصريح ابن عمر رضي ال عنه ،لا طلق امرأته وهي حائض ،وأمر
الرسول ال صلى ال عليه وسلم براجعتها ،بأنا حسبت تلك الطلقة .وذهب بعض
العلماء ( ) 1إل أن الطلق البدعي ل يقع ( . ) 2ومنعوا اندراجه تت العمومات ،
لنه ليس من الطلق الذي أذن ال به ،بل هو من الطلق الذي أمر ال بلفه .فقال
" :فطلقوهن لعدتن " .وقال صلى ال عليه وسلم لبن عمر رضي ال عنه " :مره
فلياجعها " وصح أنه غضب عندما بلغه ذلك ،وهو ل يغضب ما أحله ال .وأما
قول ابن عمر :إنا حسبت ،فلم يبي من الاسب لا ،بل أخرج عند أحد وأبو داود
والنسائي " :أنه طلق امرأته وهي حائض .فردها رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
ول يرها شيئا " .وإسناد هذه الرواية صحيح ،ول يأت من تكلم عليها بطائل .وهي
مصرحة بأن الذي ل يرها شيئا هو رسول ال صلى ال عليه وسلم .فل يعارضها قول
ابن عمر رضي ال عنه .لن الجة ف روايته ل ف رأيه .وأما الرواية بلفظ " مره
فلياجعها " ويعتد بتطليقة .فهذه لو صحت لكانت حجة ظاهرة ولكنها ل تصح كما
جزم به ابن القيم ف الدي .وقد روى ف ذلك روايات ف أسانيدها ماهيل
وكذابون ،ل تثبت الجة بشئ منها .والاصل :ان التفاق كائن على أن الطلق
195
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الخالف لطلق السنة يقال له :طلق بدعة .وقد ثبت عنه صلى ال عليه وسلم " :
أن كل بدعة ضللة " ( .هامش ) ( ) 1منهم ابن علية ،من السلف .وابن تيمية
وابن حزم وابن القيم ) 2 ( .هذا ملخص ما قاله صاحب الروضة الندبة ج 7ص
/ ) . ( . 49صفحة / 266ول خلف أيضا ،أن هذا الطلق مالف لا شرعه ال
ف كتابه ،وبيسه رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حديث ابن عمر -وما خالف ما
شرعه ال ورسوله ،فهو رد ،لديث عائشة رضي ال عنها :أن النب صلى ال عليه
وسلم قال " :كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " هو حديث متفق عليه .فمن زعم
أن هذه البدعة ،يلزم حكمها ،وأن هذا المر الذي ليس من أمره صلى ال عليه
وسلم ،يقع من فاعله ومقيد به ،ل يقبل منه ذلك إل بدليل .من ذهب إل أن طلق
البدعة ل يقع :وذهب إل هذا - 1 :عبد ال بن معمر - 2 .سعيد بن السيب 3 .
-طاووس :من أصحاب ابن عباس .وبه قال خلس بن عمرو ،وأبو قلبة من
التابعي .وهو اختيار المام ابن عقيل من أئمة النابلة وأئمة آل البيت .والظاهرية
وأحد الوجهي ف مذهب المام أحد ،واختاره ابن تيمية .طلق الامل :يوز طلق
الامل ف أي وقت شاء .لا أخرجه مسلم ،والنسائي ،وأبو داود ،وابن ماجه :أن
ابن عمر طلق امرأة له وهي حائض تطليقة ،فذكر ذلك عمر للنب ،صلى ال عليه
وسلم :فقال " :مره فلياجعها ،ث ليطلقها إذا طهرت ،أو وهي حامل " .وإل هذا
ذهب العلماء .إل أن الحناف اختلفوا فيها :فقال أبو حنيفة وأبو يوسف :يعل بي
وقوع التطليقتي شهرا حت يستوف الطلقات الثلث .وقال ممد وزفر :ل يوقع
عليها وهي حامل أكثر من تطليقة واحدة ويتركها حت تضع حلها :ث يوقع سائر
التطليقات ( ( . ) 1هامش ) ( ) 1ص 94متصر السنن الزء الثالث / ) . ( .
صفحة / 267طلق اليسة ،والصغية والنقطعة اليض :طلق هؤلء إنا يكون
للسنة إذا كان طلق واحدا ،ول يشترط له شرط آخر ،غي ذلك .عدد الطلقات
وإذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلث طلقات .واتفق العلماء على انه على
الزوج أن يطلقها ثلثا بلفظ واحد .أو بألفاظ متتابعة ف طهر واحد .وعللوا ذلك
بأنه إذا أوقع الطلقات الثلث ،فقد سد باب التلف والتدارك عند الندم ،وعارض
196
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الشارع ،لنه جعل الطلق متعددا لعن التدارك عند الندم ،وفل عن ذلك ،فإن
الطلق ثلثا قد أضر بالرأة من حيث أبطل مليتها بطلقه هذا .وقد روى النسائي من
حديث ممود بن لبيد قال " :أخبنا رسول ال صلى ال عليه وسلم عن رجل طلق
امرأته بثلث تطليقات جيعا ،فقام غضبان .فقال :أيلعب بكتاب ال وأنا بي
أظهركم ،حت قام رجل فقال :يا رسول ال :أفل أقتلة " .قال ابن القيم ف إغاثة
اللهفان ( :فجعله لعبا بكتاب ال ) لكونه خالف وجه الطلق وأراد به غي ما أراد
ال به ،فإنه تعال أراد أن يطلق طلقا يلك فيه رد الرأة إذا شاء ،فطلق طلقا يريد به
أل يلك فيه ردها .وأيضا فإن إيقاع الثلث دفعة مالف لقول ال تعال ( :الطلق
مرتان ) .والرتان والرات ف لغة القرآن والسنة ،بل ولغة العرب ،بل ولغة سائر
المم ،لا كان مرة بعد مرة .فإذا جع الرتي والرات ف مرة واحدة فقد تعدى حدود
ال تعال ،وما دل عليه كتابه .فكيف إذا أراد باللفظ الذي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 267
رتب عليه الشارع حكما ضد ما قصده الشارع ؟ .ا ه .وإذا كانوا قد اتفقوا على
الرمة ،فإنم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلثا بلفظ واحد .هل يقع أم ل ؟ .وإذا كان
يقع فهل يقع واحدة أم ثلثا ؟ / .صفحة / 268فذهب جهور العلماء إل أنه يقع (
. ) 1ويرى بعضهم عدم وقوعه ،والذين رأوا وقوعه ،اختلفوا :فقال بعضهم :إنه
يقع ثلثا .وقال بعضهم :يقع واحدة فقط .وفرق بعضهم فقال :إن كانت الطلقة
مدخول با وقع الثلث ،وإن ل تكن مدخول با فواحدة .استدل القائلون بأنه يقع
ثلثا بالدلة التية - 1 :قول ال تعال " :فإن طلقها ،فل تل له من بعد حت تنكح
زوجا غيه " - 2 .قول ال تعال " :وإن طلقتموهن من قبل أن تسوهن وقد
فرضتم لن فريضة - 3 " .وقول ال تعال " :ل جناح عليكم إن طلقتم النساء " .
فظواهر هذه اليات تبي صحة إيقاع الواحدة والثنتي والثلث .لنا ل تفرق بي
إيقاعه واحدة أو ثنتي ،أو ثلثا - 4 .وقول ال تعال " :الطلق مرتان ،فإمساك
بعروف أو تسريح بإحسان " .فظاهر هذه الية جواز إطلق الثلث ،أو الثنتي دفعة
197
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أن مفرقة ،ووقوعه - 5 .حديث سهل بن سعد ،قال ( :لا ل عن أخو بن عجلن
امرأته ،قال :يا رسول ال ظلمتها إل أمسكتها :هي الطلق ،هي الطلق ،هي
الطلق ) .رواه أحد - 6 .وعن السن قال :حدثنا عبد ال بن عمر ،أنه طلق
امرأته تطليقة ،وهي حائض ،ث أراد أن يتبعها بتطليقتي أخريي عند القرأين فبلغ
ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقال يا ابن عمر ( :هامش ) ( ) 1وإذا قال
للمدخول با :أنت طالق .أنت طالق .أنت طالق ،فهي واحدة إن نوى التكرار أو
ل ينو شيئا ،وهي ثلث إن نوى الثلث وأن كل واحدة غي الخرى ،وهذا عند من
يرى أنه واقع .وتقدم اللف ف ذلك / ) . ( .صفحة / 269ما هكذا أمرك ال
تعال ! .إنك قد أخطأت السنة .والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء .وقال :
فأمرن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فراجعتها .ث قال :إذا هي طهرت فطلق
عند ذلك أو أمسك .فقلت يا رسول ال :ارئيت لو طلقتها ثلثا ،أكان يل ل أن
أراجعها ؟ .قال :ل .كانت تبي منك ( وتكون مقصية ) .رواه الدارقطن - 7 .
وأخرج عبد الرزاق ف مصنفه عن عبادة بن الصامت ،قال :طلق جدي امرأة له ألف
تطليقة ،فانطلق إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فذكر له ذلك ،فقال له النب " :
ما اتقى ال جدك ،أما ثلث فله .وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم .إن
شاء ال عذبه وإن شاء غفر له " وف رواية " :إن أباك ل يتق ال فيجعل له مرجا .
بانت منه بثلث على غي السنة ،وتسعمائة وسبع وتسعون ،إث ف عنقه " - 8 .
وف حديث ركانة :أن النب صلى ال عليه وسلم استحلفه أنه ما أراد إل واحدة :
وذلك يدل على أنه لو أراد الثلث لوقع .وهذا مذهب جهور التابعي وكثي من
الصحابة ،وأئمة الذاهب الربعة .أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة :فقد استدلوا
بالدلة التية ( :أول ) ما رواه مسلم :أن أبا الصهباء قال لن عباس ( :أل تعلم أن
الثلث كانت تعل واحدة على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وأب بكر ،
وصدرا من خلفة عمر ؟ قال :نعم ) .وروي عنه أيضا قال :كان الطلق على عهد
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وأب بكر ،وسنتي من خلفة عمر ،طلق الثلث
واحدة .فقال عمر بن الطاب :إن الناس قد استعجلوا ف أمر قد كانت لم فيه أناة
198
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( . ) 1فلو أمضيناه عليهم ؟ فأمضاه عليهم .أي أنم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع
الناس الن ثلث تطليقات ( .ثانيا ) عن عكرمة عن ابن عباس رضي ال عنهما قال :
( طلق ركانة امرأته ثلثا ف ملس واحد .فحزن عليها حزنا شديدا .فسأله رسول
ال صلى ( هامش ) ( ) 1أناة :مهلة وبقية استمتاع لنتظار الراجعة / ) . ( .
صفحة / 270ال عليه وسلم ،كيف طلقتها ؟ قال :ثلثا .فقال :ف ملس
واحد ؟ قال :نعم .قال :فإنا تلك واحدة .فأرجعها إن شئت .فراجعها ) .رواه
أحد وأبو داود .وقال ابن تيمية ج 3ص 22فتاوى :وليس ف الدلة الشرعية "
الكتاب ،والسنة ،والجاع ،والقياس " ما يوجب لزوم الثلثة له ،ونكاحه ثابت
بيقي ،وامرأته مرمة على الغي بيقي ،وف إلزامه بالثلث إباحتها للغي مع تريها
عليه ،وذريعة إل نكاح التحليل الذي حرمه ال ورسوله ،ونكاح التحليل ل يكن
ظاهرا على عهد النب صلى ال عليه وسلم ،وخلفائه ،ول ينقل قط أن امرأة أعيدت
بعد الطلقة الثالثة على عهدهم إل زوجها بنكاح تليل .بل لعن النب صلى ال عليه
وسلم الحلل والحلل له .إل أن قال :وبالملة فما شرعة النب صلى ال عليه وسلم
لمته شرعا لزم ،ل يكن
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 270
تغييه ،فإنه ل يكن نسخ بعد رسول ال .وقال تلميذه ابن القيم :قد صح عنه
صلى ال عليه وسلم أن الثلث كانت واحدة ف عهده ،وعهد أب بكر رضي ال
عنه ،وصدرا من خلفة عمر رضي ال عنه ،وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة
كانوا على ذلك ،ول يبلغه ،وهذا وإن كان كالستحيل ،فإنه يدل على أنم كانوا
يفتون ف حياته وحياة الصديق بذلك ،وقد أفت هو صلى ال عليه وسلم .فهذه فتواه
وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد ،ول معارض لذلك .ورأى عمر رضي ال تعال عنه ،
أن يمل الناس على إنفاذ الثلث عقوبة وزجرا لم -لئل يرسلوها جلة -وهذا
اجتهاد منه رضي ال عنه .غايته أن يكون سائغا لصلحة رآها .ول يوز ترك ما أفت
به رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وكان عليه أصحابه ف عهده وعهد خليفته .فإذا
199
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ظهرت القائق .فليقل أمرؤ ما شاء .وبال التوفيق .وقال الشوكان :وقد حكى
ذلك صاحب البحر عن أب موسى ،ورواية عن علي عليه السلم ،وابن عباس ،
وطاووس ،وعطاء ،وجابر ،وابن زيد ،والادي ،والقاسم ،والباقر ،وأحد بن
عيسى ،وعبد ال بن موسى بن عبد ال ،ورواية عن زيد بن علي .وإليه ذهب جاعة
من التأخرين .منهم :ابن تيمية ،وابن القيم / ،صفحة / 271وجاعة من
الحققي ،وقد نقله ابن مغيث ف كتاب الوثائق عن ممد بن وضاح ،ونقل الفتوى
بذلك عن جاعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي وممد بن عبد السلم وغيها .
ونقله ابن النذر عن أصحاب ابن عيسى .كعطاء ،وطاووس ،وعمر ،وابن دينار ،
وحكاه ابن مغيث أيضا ف ذلك الكتاب عن علي رضي ال عنه ،وابن مسعود وعبد
الرحن بن عوف والزبي .وهذا هو الذهب الذي جرى عليه العمل أخيا ف الحاكم
.فقد جاء ف الادة 3من القانون رقم 25لسنة 1929ما يلي ( :الطلق القترن
بعدد -لفظا ،أو إشارة -ل يقع واحدة ) ) 1 ( .أما حجة القائلي بعدم وقوع
الطلق مطلقا :أنه طلق بدعي ،والطلق البدعي ل يقع عند هؤلء ،ويعتب لغوا .
وهذا الذهب يكى عن بعض التابعي .وهو مروي عن ابن علية ،وهشام ابن
الكم ،وبه قال أبو عبيدة ،وبعض أهل الظاهر ،وهو مذهب الباقر ،والصادق ،
والناصر ،وسائر من يقول بأن الطلق البدعي ل يقع .لن الثلث بلفظ واحد أو
ألفاظ متتابعة من جلته .وأما الذين فرقوا بي الطلقة الدخول با وغي الدخول با
فهم جاعة من أصحاب ابن عباس وإسحاق بن راهويه .طلق البتة قال الترمذي :
وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وغيهم ف طلق
ألبتة ،فروي عن عمر بن الطاب :أنه جعل ألبتة واحدة .وروي عن علي :أنه
جعلها ثلثا ،وقال بعض أهل العلم :فيه نية الرجل .إن نوى واحدة فواحدة ،وإن
وى ثلثا فثلث .وإن نوى ( هامش ) ( ) 1وجاء ف الذكرة التفسيية للمشروع :
أن الداعي لختيار القول بالوقوع واحدة الرص على سعادة السرة ،والخذ بالناس
عن مسألة الحلل الت صارت وصمة ف جبي الشريعة الطهرة مع أن الدين براء منها
.فقد لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم الحلل والحلل له ،وكذلك الخذ بم من
200
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
طرق اليل الت يتلمسونا للتخلص من الطلق الثلث وما هي بنطبقة على أصول
الدين / ) . ( .صفحة / 272ثنتي ل تكن إل واحدة .وهو قول الثوري وأهل
الكوفة .وقال مالك بن أنس :ف البتة إن كان قد دخل با فهي ثلث تطليقات .
وقال الشافعي :إن نوى واحدة فواحدة يلك الرجعة .وإن نوى ثنتي فثنتان .وإن
نوى ثلثا فثلث .الطلق الرجعي والبائن الطلق إما رجعي وإما بائن ،والبائن إما
أن يكون بائنا بينونة صغرى ،أو بينونة كبى .ولكل أحكام تصه نذكرها فيما يلي
:الطلق الرجعي :هو الطلق الذي يوقعه الزوج على زوجته الت دخل با حقيقة ،
إيقاعا مردا عن أن يكون ف مقابلة مال ،ول يكن مسبوقا بطلة أصل ،أو كان
مسبوقا بطلقة واحدة .ول فرق ف ذلك بي أن يكون الطلق صريا أو كناية .فإذا
ل يكن الزوج دخل بزوجته دخول حقيقيا ،أو طلقها على مال ،أو كان الطلق
مكمل للثلث ،كان الطلق بائنا .جاء ف الادة ( ) 5من القانون رقم 25لسنة
( . 1929كل طلق يقع رجعيا إل الكمل للثلث ،والطلق قبل الدخول .
والطلق على مال ،وما نص على كونه بائنا ف هذا القانون ،والقانون نرة 24لسنة
1920م ) .والطلق الذي نص على أن يكون بائنا ف هذين القانوني هو ما كان
بسبب العيب ف الزوج ،أو لغيبته ،أو حبسه أو للضرر .والصل ف ذلك قول ال
سبحانه " :الطلق مرتان فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان " ( ( . ) 1هامش ) (
) 1سورة البقرة آية / ) . ( . 229صفحة / 273أي أن الطلق الذي شرعه ال
يكون مرة بعد مرة .وأنه يوز للزوج أن يسك زوجته بعد الطلقة الول بالعروف ،
كما يوز له ذلك بعد الطلقة الثانية ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 273
والمساك بالعروف معناه مراجعتها ،وردها إل النكاح ومعاشرتا بالسن ول يكون
له هذا الق إل إذا كان الطلق رجعيا .ويقول ال سبحانه " .والطلقات يتربصن
بأنفسهن ثلثة قروء ول يل لن أن يكتمن ما خلق ال ف أرحامهن إن كن يؤمن بال
واليوم الخر ،وبعولتهن أحق بردهن ف ذلك إن أرادوا إصلحا ( . " ) 1وف
201
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الديث أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال لعمر :مره فلياجعها . . .متفق عليه .
أما استثناء الالت الثلث من الطلق الرجعي فثابت بالقرآن الكري كما هو مبي
فيما يلي :فالطلق الكمل للثلث يبي الرأة ويرمها على الزوج ،ول يل له
مراجعتها حت تنكح زوجا آخر ،نكاحا ل يقصد به التحليل ( . ) 2قال ال تعال :
" فإن طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه " .أي فإن طلقها الطلقة الثالثة
بعد طلقتي فل تل له من بعد الطلق الكمل للثلث حت تتزوج غيه زواجا صحيحا
.والطلق قبل الدخول يبينها كذلك .لن الطلقة ف هذه الالت ل عدة عليها .
والراجعة إنا تكون ف العدة .وحيث انتفت العدة انتفت الراجعة .قال ال تعال " :
يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم الؤمنات ث طلقتموهن من قبل أن تسوهن فما لكم
عليهن من عدة تعتدونا .فمتعوهن وسرحوهن سراحا جيل " ( . ) 3والطلقة قبل
الدخول ،وبعد اللوة ،بائنة .ووجوب العدة عليها نوع من الحتياط ل لجل
الراجعة .والطلق على مال من أجل أن تفتدي الرأة نفسها وتلص من الزوج
( هامش ) ( ) 1سورة البقرة آية - 227أحق بردهن :أي أحق برجعتهن ) 2 ( .
انظر فصل التحليل ف أول هذا الجلد ) 3 ( .الحزاب آية / ) . ( . 49صفحة
/ 274بائن ،لنا أعطت الال نظي عوض ،وهو خلص عصمتها ،وليكون
اللص إل إذا كان الطلق بائنا ،قال ال تعال " :فإن خفتم أل يقيما حدود ال فل
جناح عليهما فيما افتدت به ( " . ) 1حكم الطلق الرجعي :الطلق الرجعي لينع
الستمتاع بالزوجة لنه ل يرفع عقد الزواج ،ول يزيل اللك ،ول يؤثر ف الل ،
فهو وإن انعقد سببا للفرقة ،إل أنه ل يترتب عليه أثره ما دامت الطلقة ف العدة .
وإنا يظهر أثره بعد انقضاء العدة دون مراجعة .فإذا انقضت العدة ول يراجعها ،
بانت منه ،وإذا كان ذلك كذلك ،فإن الطلق الرجعي لينع من الستمتاع بالزوجة
،وإذا مات أحدها ورثه الخر ما دامت العدة ل تنقض وانفقتها واجبة عليه ،
ويلحقها طلقه وظهاره وإيلؤه .ول يل بالطلق الرجعي الؤجل من الهر لحد
الجلي :الوت أو الطلق .وإنا يل مؤخر الصداق بانقضاء العدة .والرجعة حق
للزوج مدة العدة .وهو حق أثبته الشارع له ،ولذا ل يلك إسقاطه .فلو قال :ل
202
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رجعة ل كان له حق الرجوع عنه ،وحق مراجعتها ،يقول ال تعال " :وبعولتهن
أحق بردهن ف ذلك " ( . ) 2وإذا كانت الرجعة حقا له فل يشترط رضا الزوجة
ولعلمها ،ول تتاج إل ول ،فجعل الق للزواج لقول ال " :وبعولتهن أحق
بردهن " كما ل يشترط الشهاد عليها .وإن كان ذلك مستحبا ،خشية إنكار
الزوجة فيما بعد ،أنه راجعها ،لقوله تعال " :وأشهدوا ذوي عدل منكم " .وتصح
الراجعة بالقول .مثل أن يقول :راجعتك ،وبالفعل ،مثل الماع ،ودواعيه ،مثل
القبلة ،والباشرة بشهوة .يرى الشافعي أن الراجعة ل تكون إل بالقول الصريح
للقادر عليه ،ول ( هامش ) ( ) 1البقرة آية ) 2 ( . 229أي أن أزواجهن أحق
بارجاعهن إل عصمتهن ف وقت التربص وانتظار انقضاء العدة " والطلقات يتربصن
بأنفسهن ثلثة قروء " / ) . ( .صفحة / 275تصح بالوطء ودواعيه من القبلة
والباشرة بشهوة .وحجة الشافعي ،أن الطلق يزيل النكاح .وقال ابن حزم رضي
ال عنه :فإن وطتها ل يكن بذلك مراجعا لا حت يلفظ بالرجعة ويشهد ،ويعلمها
بذلك ،قبل تام عدتا .فإن راجع ول يشهد .فليس مراجعا لقول ال تعال " :فإذا
بلغن أجلهن فأمسكوهن بعروف أو فارقوهن بعروف ،وأشهدوا ذوي عدل منكم (
. " ) 1فرق عزوجل بي الراجعة .والطلق ،والشهاد .فل يوز إفراد بعض ذلك
عن بعض .وكأن من طلق ول يشهد بذوي عدل .أو راجع ول يشهد بذوي عدل
متعديا لدود ال تعال .وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من عمل عمل ليس
عليه أمرنا فهورد " انتهى .وأخرج أبو داود وابن ماجه والبيهقي ،والطبان عن
عمران بن حصي " :أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ث يقع با ،ول يشهد على
طلقها ،ول على رجعتها فقال :طلقت لغي سنة .وراجعت لغي سنة ،أشهد على
طلقها .وعلى رجعتها .ول تعد " .حجة الشافعي أن الطلق يزيل النكاح :قال
الشوكان :والظاهر ما ذهب إليه الولون ،لن العدة مدة خيار ،والختيار يصح
بالقول وبالفعل ،وأيضا ظاهر قوله تعال :وبعولتهن أحق بردهن " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 275
203
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وقوله صلى ال عليه وسلم " مره فلياجعها " أنا توز الراجعة بالفعل لنه ل يص
قول من فعل ،ومن ادعى الختصاص فعليه الدليل ( . ) 2ما يوز للزوج أن يطلع
عليه من الطلقة الرجعية :قال أبو حنيفة :ل بأس أن تتزين الطلقة الرجعية لزوجها
وتتطيب له وتتشوف وتلبس اللي وتبدي البنان والكحل ول يدخل عليها إل أن تعلم
( هامش ) ( ) 1سورة الطلق آية ) 2 ( . 2نيل الوطار ص 214ج / ) . ( . 6
صفحة / 276بدخوله بقول أو حركة من تنحنح أو خفق نعل .وقال الشافعي :هي
مرمة على مطلقها تريا مبتوتا .وقال مالك :ل يلو معها ول يدخل عليها إل
بإذنا ،ول ينظر إل شعرها ،ول بأس أن يأكل معها إذا كان معها غيها .وحكى
ابن القاسم أنه رجع عن إباحة الكل معها .الطلق الرجعي ينقص عدد الطلقات :
والطلق الرجعي ينقص عدد الطلقات الت يلكها الرجل على زوجته .فإن كانت
الطلقة الول احتسبت وبقيت له طلقتان .وإن كانت الثانية احتسبت وبقيت له طلقة
واحدة ،ومراجعتها ل تحو هذا الثر ،بل لو تركت حت انقضت عدتا من غي
مراجعة ،وتزوجت زوجا آخر ث عادت إل زوجها الول عادت إليه با بقي من عدد
الطلقات ،ول يهدم الزوج الثان ما وقع من الطلق ( ، ) 1لا روي أن عمر رضي
ال عنه سئل عمن طلق امرأته طلقتي وانقضت عدتا فتزوجت غيه وفارقها ث
تزوجها الول .فقال :هي عنده با بقي من الطلق ،وهذا مروي عن علي وزيد
ومعاذ ،وعبد ال بن عمرو ،وسعيد بن السيب ،والسن البصري رضي ال عنهم .
الطلق البائن :تقدم القول بأن الطلق البائن هو الطلق الكمل للثلث والطلق
قبل الدخول ،والطلق على مال .قال ابن رشد ف بداية الجتهد :وأما الطلق
البائن فإنم اتفقوا على أن البينونة إنا توجد للطلق من قبل عدم الدخول -ومن قبل
عدد التطليقات -ومن قبل العوض ف اللع ،على اختلف فيما بينهم ف اللع ،
أهو طلق أم فسخ ،واتفقوا على أن العدد الذي يوجب البينونة ف طلق الر ثلث
تطليقات .إذا وقعن مفترقات لقوله تعال ( :الطلق مرتان :الية ) .واختلفوا إذا
وقعت الثلث ف اللفظ دون الفعل بكلمة واحدة ( . ) 2اه ( .هامش ) ( ) 1
تراجع مسألة الدم فيما يأت ص ) 2 ( . 278ص 60ج 2بداية الجتهد / ) . ( .
204
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صفحة / 277ويرى ابن حزم :أن الطلق البائن :هو الطلق الكمل للثلث ،أو
الطلق قبل الدخول لغي ،قال :وما وجدنا ،قط ،ف دين السلم عن ال تعال
ولعن رسوله صلى ال عليه وسلم طلقا بائنا ل رجعة فيه إل الثلث مموعة ،أو
مفرقة ،أو الت ل يطأها ،ول مزيد ،وأما ما عدا ذلك فآراء لحجة فيها .اه ( ) 1
وأضافت قواني الحوال الشخصية ،أن ما يلحق الطلق البائن :الطلق بسبب
عيب الزوج ،أو بسبب غيبته ،أو حبسه أو للضرر .أقسامه :وهو ينقسم إل بائن
بينونة صغرى :وهو ماكان با دون الثلث ،وبائن بينونة كبى :وهوالكمل للثلث
.حكم البائن بينونة صغرى :الطلق البائن بينونة صغرى يزيل قيد الزوجية بجرد
صدوره ،وإذا كان مزيل للرابطة الزوجية فإن الطلقة تصي أجنبية عن زوجها .فل
يل له الستمتاع با ،ول يرث أحدها الخر إذا مات قبل انتهاء العدة أو بعدها ،
ويل بالطلق البائن موعد مؤخر الصداق الؤجل إل أبعد الجلي الوت أو الطلق .
وللزوج أن يعيد الطلقة طلقا بائنا بينونة صغرى إل عصمته بعقد ومهر جديدين ،
دون أن تتزوج زوجا آخر ،وإذا أعادها عادت إليه با بقي له من الطقات ،فإذا كان
طلقها واحدة من قبل فإنه يلك عليها طلقتي بعد العودة إل عصمته ،وإذا كان
طلقتها طلقتي ل يلك عليها إل طلقة واحدة .حكم الطلق البائن بينونة كبى :
الطلق البائن بينونة كبى يزيل قيد الزوجية مثل البائن بينونة صغرى ،ويأخذ جيع
أحكامه ،إل أنه ل يل للرجل أن يعيد من أبانا بينونة كبى إل عصمته إلبعد أن
تنكح زوجا آخر نكاحا صحيحا .ويدخل با دون ( هامش ) ( ) 1الحلى ج 10
ص ، 216ص / ) . ( 240صفحة / 278إرادة التحليل .يقول ال تعال " :فإن
طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه " .أي فإن طلقها الطلقة الثالثة ،فل
تل لزوجها الول إل بعد أن تتزوج آخر .لقول رسول ال لمرأة رفاعة " :ل .
حت تذوقي ( ) 1عسيلته ويذوق عسيلتك " ( ) 2مسألة الدم :من التفق عليه أن
البانة بينونة كبى إذا تزوجت ،ث طلقت وعادت إل زوجها الول بعد انقضاء عدتا
تعود إليه بل جديد ،ويلك عليها ثلث طلقات ،لن الزوج الثان أنى الل الول
.فإذا عادت بعقد جديد أنشأ هذا العقد حل جديدا .أما البانة بينونة صغرى إذا
205
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تزوجت بآخر بعد انقضاء عدتا ث طلقت منه ،ورجعت إل زوجها الول ،تكون
مثل البانة بينونة كبى فتعود إليه بل جديد ويلك عليها ثلث طلقات .عند أب
حنيفة ،وأبو يوسف .وقال
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 278
ممد ( ) 3تعود إليه با بقي من عدد الطلقات ،فتكون مثل ما إذا طلقها طلقا
رجعيا أو عقد عليها عقدا جديدا بعد أن بانت منه بينونة صغرى .وسيت هذه السألة
بسألة الدم :أي هل الزوج الثان يهدم ما دون الثلث من الطلقات .كما يهدم
الثلث أو ل يهدم .؟ ! طلق الريض مرض الوت ل يثبت ف الكتاب ول ف السنة
الصرية حكم الطلق الريض مرض الوت .إل أنه قد ثبت عن الصحابة أن سيدنا
عبد الرحن بن عوف طلق امرأته " تاضر " طلقا مكمل للثلث ف مرضه الذي مات
فيه ،فحكم لا سيدنا عثمان بياثها منه ،وقال " :ما اتمته -أي بأنه ل يتهمه
بالفرار من ( هامش ) ( ) 1أي ل تعودي إل زوجك الول حت يصيبك فتاوقي
عسيلته ويذوق عسيلتك ) 2 ( .رواه البخاري ومسلم ) 3 ( .ورأيه مرجوح ف
الذهب / ) . ( .صفحة / 279حقها ف الياث -ولكن أردت السنة " .ولذا
ورد أن ابن عوف نفسه قال " :ما طلقتها ضرارا ول فرارا " .يعن أنه ل ينكر
مياثها منه .وكذلك حدث أن سيدنا عثمان بن عفان رضي ال عنه طلق امرأته " أم
البني " بنت عيينة بن حصن الفزاري وهو ماصر ف داره ،فلما قتل جاءت إل سيدنا
علي وأخبته بذلك .فقضى لا بياثها منه .قال " :تركها حت إذا أشرف على
الوت فارقها ! " .وعلى ذلك اختلف الفقهاء ف طلق الريض مرض الوت .فقالت
الحناف :إذا طلق الريض امرأته طلقا بائنا فمات من هذا الرض ورثته . . .وإن
مات بعد انقضاء العدة فل مياث لا .وكذلك الكم فيما إذا بارز رجل أو قدم
ليقتل ف قصاص أو رجم ،إن مات ف ذلك الوجه أو قتل .وإن طلقها ثلثا بأمرها أو
قال لا :اختاري ،فاختارت نفسها ،أو اختلعت منه ث مات وهي ف العدة ل ترثه .
اه .والفرق بي الصورتي :أن الطلق ف الصورة الول صدر من الريض وهو يشعر
206
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بأنه إنا طلقها ليمنعها حقها ف الياث فيعامل بنقيض قصده ،ويثبت لا حقها الذي
أراد أن ينعها منه .ولذا يطلق على هذا الطلق طلق الفار .وأما الطلق ف
الصورة الثانية فل يتصور فيه الفرار ،لنا هي الت أمرت بالطلق أو اختارته ورضيته
،وكذلك الكم فيمن كان مصورا أو ف صف القتال .فطلق امرأته طلقا بائنا .
وقال أحد وابن أب ليلى :لا الياث بعد انقضاء عدتا ما ل تتزوج بغيه .وقال مالك
والليث :لا الياث ،سواء أكانت ف العدة أم ل تكن ،وسواء تزوجت أم ل تتزوج .
وقال الشافعي :ل ترث .قال ف بداية الجتهد :وسبب اللف :اختلفهم ف
وجوب العمل بسد الذرائع ،وذلك أنه لا كان الريض يتهم ف أن يكون إنا طلق ف
مرضه زوجته /صفحة / 280ليقطع حظها من الياث ،فمن قال بسد الذرائع
أوجب مياثها ،ومن ل يقل بسد الذرائع ولظ وجوب الطلق ل يوجب لا مياثا .
وذلك أن هذه الطائفة تقول :إن كان الطلق قد وقع فيجب أن يقع بميع أحكامه .
لنم قالوا :إنه ل يرثها إن ماتت ،وإن كان ل يقع فالزوجية باقية بميع أحكامها .
ولبد لصومهم من أحد الوابي ،لنه يعسر أن يقال :إن ف الشرع نوعا من
الطلق ،توجد له بعض أحكام الطلق وبعض أحكام الزوجية .وأعسر من ذلك
القول بالفرق بي أن يصح أو ل يصح :لن هذا يكون طلقا موقوف الكم ،إل أن
يصح أو ل يصح ،وهذا كله ما يعسر القول به ف الشرع .ولكن إنا أنس القائلون
به :أنه فتوى عثمان وعمر حت زعمت الالكية أنه إجاع الصحابة .ول معن
لقولم ،فإن اللف فيه عن ابن الزبي مشهور .وأما من رأى أنا ترث ف العدة .
فلن العدة عنده من بعض أحكام الزوجية ،وكأنه شبهها بالطلقة الرجعية ،وروي
هذا القول عن عمر وعن عائشة .وأما من اشترط ف توريثها ما ل تتزوج ،فإنه لظ
ف ذلك إجاع السلمي على أن الرأة الواحدة ل ترث من زوجي ،ولكون التهمة هي
العلة عند الذين أوجبوا الياث .قال :واختلفوا إذا طلبت هي الطلق أو ملكها
الزوج أمرها فطلقت نفسها ،فقال أبو حنيفة ل ترث أصل .وفرق الوزاعي بي
التمليك والطلق ،فقال :ليس لا الياث ف التمليك ،ولا ف الطلق .وسوى
مالك ف ذلك كله حت قال :إن ماتت ل يرثها ،وترثه هو إن مات ،وهذا مالف
207
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
للصول جدا .اه ( . ) 1قال ابن حزم " :طلق الريض كطلق الصحيح ،
ولفرق .مات من ( هامش ) ( ) 1بداية الجتهد ج 2ص / ) . ( 87 ، 86صفحة
/ 281ذلك الرض أو ل يت .فإن كان طلق الريض ثلثا ،أو آخر ثلث ،أو قبل
أن يطأها ،فمات أو ماتت قبل تام العدة ،أو بعدها ،أو كان طلقا رجعيا فلم
يرتعها حت مات أو ماتت بعد تام العدة ،فل نرثه ف شئ من ذلك كله .ول يرثها
أصل ،وكذلك طلق الصحيح للمريضة ،وطلق الريض للمريضة ،ولفرق ،
وكذلك طلق الوقوف للقتل ،والامل الثقلة ،وهذا مكان اختلف الناس فيه ( ) 1
.
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 281
التفويض والتوكيل ف الطلق الطلق حق من حقوق الزوج ،فله أن يطلق زوجته
بنفسه ،وله أن يفوضها ف تطليق نفسها ،وله أن يوكل غيه ف التطليق .ولك من
التفويض والتوكيل ل يسقط حقه ول ينعه من استعماله مت شاء ،وخالف ف ذلك
الظاهرية ،فقالوا :إنه ل يوز للزوج أن يفوض زوجته تطليق نفسها ،أو يوكل غيه
ف تطليقها .قال ابن حزم :ومن جعل إل امرأته أن تطلق نفسها ل يلزمه ذلك ول
تكون طالقا ،طلقت نفسها أو ل تطلق ،لن ال تعال جعل الطلق للرجال ل للنساء
.صيغ التفويض :وصيغ التفويض هي - 1 :اختاري نفسك - 2 .أمرك بيدك 3 .
-طلقي نفسك إن شئت .وقد اختلف الفقهاء ف كل صيغة من هذه الصيغ وذهبوا
مذاهب متعددة نملها فيما يلي ) 1 ( :اختاري نفسك :ذهب الفقهاء إل وقوع
الطلق بذه الصيغة :لن الشرع جعلها من صيغ الطلق ،وف ذلك يقول ال تعال
" :يا أيها النب قل لزواجك إن ( هامش ) ( ) 1الحلى ص 223ج / ) . ( . 10
صفحة / 282كنت تردن الياة الدنيا وزينتها فتعالي أمتعكن وأسرحكن سراحا
جيل .وإن كنت تردن ال ورسوله والدارالخرة فإن ال أعد للمحسنات منكن أجرا
عظيما " ( . ) 1ولا نزلت هذه الية دخل الرسول صلى ال عليه وسلم على عائشة
فقال لا " :إن ذاكر لك أمرا من ال على لسان رسوله ،فل تعجلي حت تستأمري
208
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أبويك " ،قالت :وما هذا يا رسول ال ؟ فتل عليها الية .قالت :فيك يا رسول ال
أستأمر أبوي ؟ . . .بل أريد ال ورسوله ،والدار الخرة ،وأسألك أل تب امرأة من
نسائك بالذي قلت .قال :ل تسألن امرأة منهن إل أخبتا .إن ال ل يبعثن . . . .
ال ث فعل أزواج النب صلى ال عليه وسلم مثلما فعلت عائشة ،فكلهن اخترن ال
ورسوله والدار الخرة .روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن
ماجه عن عائشة رضي ال عنها قالت " :خينا رسول ال صلى ال عليه وسلم
فاخترناه .فلم يعد ذلك شيئا " .وف لفظ لسلم " :أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم خي نساءه فلم يكن طلقا " .وف هذا دللة على أنن لو أخترن أنفسهن :
كان ذلك طلقا .وأن هذا اللفظ يستعمل ف الطلق ( . ) 2ول يتلف ف ذلك أحد
من الفقهاء .بينما اختلفوا فيما يقع إذا اختارت الرأة نفسها :فقال بعضهم إنه يقع
طلقة واحدة رجعية .وهو مروي عن عمر وابن مسعود وابن عباس .وهو قول عمر
بن عبد العزيز ،وابن أب ليلى ،وسفيان ،والشافعي ،وأحد ،وإسحاق .وقال
بعضهم :إذااختارت نفسها يقع واحدة بائنة ،وهو مروي عن ( هامش ) ( ) 1سورة
الحزاب آية ) 2 ( . 29أهل الظاهر يرون أن معن ذلك أنن لو اخترن أنفسهن
طلقهن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ل أنن كن يطلقن بنفس اختيار الطلق .
( / ) .صفحة / 283علي بن أب طالب رضي ال عنه ،وبه قال الحناف .وقال
مالك بن أنس :إن اختارت نفسها فهي ثلث ،وإن اختارت زوجها يكون واحدة .
ويشترط الحناف ف وقوع الطلق بذه الصيغة ذكر النفس ف كلمه أو ف كلمها ،
فلو قال لا :اختاري ،فقالت اخترت ،فهو باطل ل يقع با شئ ) 2 ( .أمرك بيدك
( : ) 1إذا قال الرجل لزوجته أمرك بيدك ،فطلقت نفسها ،فهي طلقة واحدة ،عند
عمر ،وعبد ال بن مسعود .وهو مذهب سفيان ،والشافعي ،وأحد .روي أنه جاء
بن مسعود رجل فقال :كان بين وبي امرأت بعص ما يكون بي الناس .فقالت :لو
أن الذي بيدك من أمري بيدي .لعلمت كيف أصنع .قال :فإن الذي بيدي من أمرك
بيدك .قالت :فأنت طالق ثلثا .قال :أراها واحدة وأنت أحق با مادامت ف عدتا
.وسألقى أمي الؤمني عمر ،ث لقيه فقص عليه القصة .فقال صنع ال بالرجال وفعل
209
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
.يعمدون إل ما جعل ال ف أيديهم .فيجعلونه بأيدي النساء .بفيها التراب .ماذا
قلت فيها ؟ قال :قلت أراها واحدة .وهو أحق با .قال :وأنا أرى ذلك ،ولو
رأيت غي ذلك علمت أنك ل تصب ( . ) 2وقال الحناف :يقع طلقة واحدة بائنة ،
لن تليكه أمرها لا يقتضي زوال سلطانه عنها ،وإذا قبلت ذلك بالختيار وجب أن
يزول عنها ،ول يصل ذلك مع بقاء الرجعة .هل العتب نية الزوج أم نية الزوجة ؟ :
ذهب الشافعي إل أن العتب هو نية الزوج .فإن نوى واحدة فواحدة ،وإن نوى ثلثا
فثلث .وله أن يناكرها ف الطلق نفسه ،وف العدد :ف اليار أو التمليك .
( هامش ) ( ) 1أي أمرك الذي بيدي ،وهو الطلق ،جعلته بيدك ) 2 ( .بداية
الجتهد ص 67ص / ) . ( . 2صفحة / 284وذهب غيه إل أنا إن نوت أكثر
من واحدة وقع ما نوت ،لنا تلك الثلثة بالتصريح ،فتملكها بالكناية كالزوج .
فإن طلقت نفسها ثلثا ،وقال الزوج ل أجعل لا إل واحدة ،ل يلتفت إل قوله .
والقضاء ما قضت ،وهذا مذهب عثمان ،وابن عمر ،وابن عباس ،وقال عمر وابن
مسعود :تقع
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 284
طلقة واحدة كما سبق ف قصة عبد ال بن مسعود .هل جعل المر باليد مقيد
بالجلس ؟ أم هو على التراخي :قال ابن قدامة ف الغن :ومت جعل أمر امرأته بيدها
فهو بيدها أبدا ل يتقيد بذلك الجلس .روي ذلك عن علي رضي ال عنه ،وبه قال
أبو ثور ،وابن النذر ،والكم .وقال مالك والشافعي وأصحاب الرأي :هو مقصور
على الجلس ،ول طلق لا بعد مفارقته ،لنه تيي لا فكان مقصورا على الجلس
كقوله :اختاري .ورجح الرأي الول لقول علي رضي ال عنه ف رجل جعل أمر
امرأته بيدها .قال :هو لا حت تكل .قال :ول نعرف له ف الصحابة مالفا ،فيكون
إجاعا .ولنه نوع توكيل ف الطلق .فكان على التراخي كما لو جعله لجنب .
رجوع الزوج :قال :فإن رجع الزوج فيما جعل إليها أو قال :فسخت ما جعلت
إليك بطل .وبذلك قال عطاء ،وماهد ،والشعب ،والنخعي ،والوزاعي ،
210
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وإسحاق .وقال الزهري ،والثوري ،ومالك ،وأصحاب الرأي :ليس له الرجوع
لنه ملكها ذلك ،فلم يلك الرجوع .قال :وإن وطئها الزوج ،كان رجوعا ،لنه
نوع توكيل .والتصرف فيما وكل فيه يبطل الوكالة .وإن ردت الرأة ما جعل إليها
بطل كما /صفحة / 285تبطل الوكالة بفسخ التوكيل ( ) 3 ( . ) 1طلقي نفسك
إن شئت :قالت الحناف " :من قال لمرأته طلقي نفسك ،ول نية له ،أو نوى
طلقة واحدة فقالت :طلقت نفسي ،فهي واحدة رجعية .وإن طلقت نفسها ثلثا ،
وقد أراد الزوج ذلك ،وقعن عليها ،وإن قال لا طلقي نفسك ،فقالت أبنت
نفسي ،طلقت ،وإن قالت قد اخترت نفسي ل تطلق ،وإن قال لا :طلقي نفسك
مت شئت .فلها أن تطلق نفسها ف الجلس وبعده .وإذا قال لرجل :طلق امرأت ،
فله أن يطلقها ف الجلس وبعده .ولو قال لرجل طلقها إن شئت ،فله أن يطلقها ف
الجلس خاصة .التوكيل :إذا جعل أمر امرأته بيد غيه صح .وحكمه حكم ما لو
جعله بيدها ،ف أنه بيده ف الجلس وبعده .ووافق الشافعي على هذا ف حق غيها
لنه توكيل ،وسواء قال :أمر امرأت بيدك ،أو قال :جعلت لك اليار ف طلق
امرأت ،أو قال طلق امرأت .وقال أصحاب أب حنيفة :ذلك مقصور على الجلس
لنه نوع تيي أشبه ما لو قال اختاري .قال صاحب الغن :ولنا أنه توكيل مطلق :
فكان على التراخي :كالتوكيل ف البيع ،وإذا ثبت هذا فإن له أن يطلقها ما ل يفسخ
أو يطأها ،وله أن يطلق واحدة وثلثا ،كالرأة ،وليس له أن يعل المر إل بيد من
يوز توكيله وهو العاقل .فأما الطفل والجنون ،فل يصح أن يعل المر بأيديهم فإن
فعل فطلق واحد منهم ل يقع طلقه .وقال أصحاب الرأي :يصح ( ( . ) 2هامش )
( ) 1الغن ص 288ج ) 2 ( . 8الغن :ص / ) . ( 292صفحة / 286التعميم
( ) 1والتقييد ف هذه الصيغ :هذه الصيغ قد تكون مطلقة ،بأن يعل أمرها بيدها ،
أو أن تتار نفسها دون تقييد بشئ يزيد على الصيغة .وف هذه الالة للزوجة أن
تطلق نفسها ف ملس التفويض فقط إن كانت حاضرة فيه ،وإن كانت غائبة عنه كان
لا ذلك الق ف ملس علمها به فقط ،حت لو انتهى أو تغي ملس التفويض أو ملس
العلم ،ول تطلق نفسها ل يكن لا هذا الق بعد ذلك ،لن الصيغة مطلقة ،فتنصرف
211
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إل الجلس ،فإذا فات فل تلكه .وهذا الكم ف حالة ما إذا ل تقم قرينة تدل على
تعميم التفويض ،كأن يكون هذا التفويض حي عقد الزواج ،لنه ل يعقل أن يقصد
الفوض تليكها تطليق نفسها ف نفس ملس زوجها ،فالصيغة تفيد التعميم بدللة
الال .وقد صدر من بعض الاكم الشرعية الصرية الزئية حكم بن على أن
التفويض إذا كان ف حي عقد الزواج وبصيغة مطلقة ،ل يتقيد بالجلس ،وللزوجة
أن تطلق نفسها مت شاءت ،وإل خل التفويض من الفائدة ،وأيد هذا الكم استئنافيا
.وقد تكون هذه الصيغ عامة .كأن يقول لا اختاري نفسك مت شئت ،أو أمرك
بيدك كلما أردت ،وف هذه الال لا أن تطلق نفسها ف أي وقت ،لنه ملكها حق
تطليق نفسها ملكا عاما ،فلها أن تستعمل هذا الق فتطلق نفسها ف أي وقت .وقد
تكون هذه الصيغ مؤقتة بوقت معي ،كأن يعل أمرها بيدها مدة سنة ،وف هذه
الال للزوجة أن تطلق نفسها ف الوقت العي فقط ،وأما بعد مضيه فل حق لا ف
التطليق .التفويض ( ) 2حي العقد وبعده :ويوز التفويض حي عقد الزواج أو
بعده ،إل أنه يشترط فيه حي عقد ( هامش ) ( ) 2 ، 1أحكام الحوال الشخصية
ف الشريعة السلمية ص / ) . ( . 152صفحة / 287الزواج عند الحناف أن
يكون البادئ به هو الزوجة ،مثل أن تقول الرأة للرجل :زوجت نفسي منك على أن
يكون أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد .فيقول لا :قبلت ،فبهذا القبول يتم
الزواج ،ويصح التطليق ،ويكون لا الق ف أن تطلق نفسها كلما أرادت ،لن
قبوله ينصرف إل الزواج ث إل التفويض .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 287
أما إذا كان البادئ بالياب القترن بالتفويض هو الزوج كأن يقول رجل لمرأته :
تزوجتك على أن تكون عصمتك بيدك تطلقي نفسك كلما أردت .فتقول :قبلت ،
فبهذا يتم الزواج ول يصح التفويض ،ول يكون للزوجة الق ف أن تطلق نفسها .
والفرق بي الصورتي أنه ف الصورة الول ،قبل الزوج التفويض بعد تام العقد ،
فيكون قد ملك التطليق بعد أن ملكه بتمام عقد الزواج .أما ف الثانية ،فإن ملك
212
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
التطليق قبل أن يلكه لنه ملكه قبل تام عقد الزواج إذ ل يصدر إل الياب وحده .
الالت الت يطلق فيها القاضي الالت الت يطلق فيها القاضي صدر با قانون سنة
1920وسنة ، 1929وهي مستمدة من اجتهاد الفقهاء ،حيث ل يرد با نص
صحيح صريح ،وقد روعي فيها التيسي على الناس تنبا للحرج ،وتشيا مع روح
السلم السمحة .جاء ف القانون رقم 25لسنة 1920النص على التطليق لعدم
النفقة ،والتطليق للعيب .وجاء ف القانون رقم 25سنة 1929النص على التطليق
للضرر ،والتطليق لغيبة الزوج بل عذر ،والتطليق لبسه .ونورد فيما يلي حكم كل
،مع مواد القانون الاصة به ما عدا حكم التطليق للعيب ،فقد تقدم الكلم عليه ف
أول هذا الجلد .التطليق لعدم النفقة :ذهب المام مالك والشافعي وأحد إل جواز
التفريق لعدم النفقة ( ) 1بكم ( هامش ) ( ) 1أي القصود بالنفقة الضرورية من
الغذاء والكساء والسكن ف أدن صورها .والقصود ( / ) .صفحة / 288القاضي
إذا طلبته الزوجة ( ، ) 1وليس له مال ظاهر ،واستدلوا لذهبهم هذا با يأت - 1 :
أن الزوج مكلف بأن يسك زوجته بالعروف أو يسرحها ويطلقها بإحسان ،لقول ال
سبحانه " :فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان " .ول شك أن عدم النفقة يناف
المساك بعروف - 2 .أن ال تعال يقول " :ول تسكوهن ضرارا لتعتدوا " .
والرسول :يقول " :ل ضرر ول ضرار " .وأي إضرار ينل بالرأة أكثر من ترك
النفاق عليها .وإن على القاضي أن يزيل هذا الضرر - 3 .وإذا كان من القرر أن
يفرق القاضي من أجل الغيب بالزوج فإن عدم النفاق يعد أشد إيذاءا للزوجة وظلما
لا من وجود عيب بالزوج ،فكان التفريق لعدم النفاق أول .وذهب الحناف إل
عدم جواز التفريق لعدم النفاق سواء أكان السبب مرد المتناع ام العسار والعجز
عنها ودليلهم ف هذا - 1 :أن ال سبحانه قال " :لينفق ذو سعة من سعته ،ومن
قدر عليه رزقه فلينفق ما آتاه ال ،ل يكلف ال نفسا إل ما آتاها سيجعل ال بعد
عسرا يسرا " ( . ) 2وقد سئل المام الزهري عن رجل عاجز عن نفقة زوجته :
أيفرق بينهما ؟ قال :تستأن به ،ول يفرق بينهما ،وتل الية السابقة - 2 .أن
الصحابة كان منهم الوسر والعسر ،ول يعرف عن أحد منهم أن النب صلى ال عليه
213
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وسلم فرق بي رجل وامرأته ،بسبب عدم النفقة لفقره وإعساره - 3 .وقد سأل
نساء النب صلى ال عليه وسلم النب ما ليس عنده ،فاعتزلن ( هامش ) بعدم النفقة
ف الاضر والستقبل ،أما ف الاضي فانه ل يقتضي الطالبة بالتفريق ول تاب إليه
الرأة إذا طلبته بل تكون النفقة دينا ف الذمة " وإن كان ذو عسرة فنظرة إل ميسرة "
) 1 ( .فان كان له مال ظاهر فانه ل يفرق بينه وبي زوجته وينفذ حكم النفقة فيه .
( ) 2سورة الطلق آية / ) . ( . 7صفحة / 289شهرا ،وكان ذلك عقوبة لن ،
وإذا كانت الطالبة با ل يلك الزوج تستحق العقاب ،فأول أن يكون طلب التفريق
عند العسار ظلما ل يلتفت إليه - 4قالوا :وإذا كان المتناع عن النفاق مع
القدرة عليه ظلما ،فإن الوسيلة ف رفع هذا الظلم هي بيع ماله للنفاق منه ،أو
حبسه حت ينفق عليها ،ول يتعي التفريق لدفع هذا الظلم مادام هناك وسائل أخرى ،
وإذا كان كذلك فالقاضي ل يفرق بذا السبب لن التفريق أبغض اللل إل ال من
الزوج صاحب الق ،فكيف يلجأ القاضي إليه مع أنه غي متعي ،وليس هو السبيل
الوحيدة لرفع الظلم .هذا إذا كان قادرا على النفاق ،فإن كان معسرا فإنه ل يقع
منه ظلم لن ال ل يكلف نفسا إل ما آتاها .مادة ( : ) 5إذا كان الزوج غائبا غيبة
قريبة ،فإن كان له مال ظاهر نفذ الكم عليه بالنفقة ف ماله ،وإن ل يكن له مال
ظاهر أعذر إليه القاضي بالطرق العروفة ،وضرب له أجل ،فإن ل يرسل ما تنفق منه
زوجته على نفسها ،أو ل يضر للنفاق عليها ،طلق عليه القاضي بعد مضي الجل .
فإذا كان بعيد الغيبة ل يسهل الوصول إليه ،أو كان مهول الحل ،أو كان مفقودا ،
وثبت أنه ل مال له تنفق منه الزوجة ،طلق عليه القاضي .وتسري أحكام هذه الادة
على السبحون الذي يعسر بالنفقة .مادة ( : ) 6تطليق القاضي لعدم النفاق يقع
رجعيا ،وللزوج أن يراجع زوجته إذا ثبت إيساره واستعد للنفاق ف أثناء العدة فإذا
ل يثبت إيساره ول يستعد للنفاق ل تصح الرجعة .التطليق للضرر :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 289
214
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ذهب المام مالك ( : ) 1أن للزوجة أن تطلب من القاضي التفريق إذا ادعت إضرار
الزوج با إضرارا ل يستطاع معه دوام العشرة بي أمثالما ،مثل :ضربا ،أو سبها ،
أو إيذائها بأي نوع من أنواع اليذاء الذي ل يطاق ( ،هامش ) ( ) 1ومثله مذهب
أحد ،وخالف ف ذلك أبو حنيفة والشافعي ،فلم يذهبا إل التفريق بسبب الضرر ،
لمكان إزالته بالتعزير وعدم إجبارها على طاعته / ) . ( .صفحة / 290أو إكراهها
على منكر من القول أو الفعل .فإذا ثبتت دعواها لدى القاضي ببينة الزوجة ،أو
اعتراف الزوج ،وكان اليذاء ما ل يطاق معه دوام العشرة بي أمثالما وعجز
القاضي عن الصلح بينهما طلقها طلقة بائنة .وإذا عجزت عن البينة ،أو ل يقر
الزوج رفضت دعواها .فإذا تكررت منها الشكوى .وطلبت التفريق ،ول يثبت
لدى الحكمة صدق دعواها ،عي القاضي حكمي بشرط أن يكونا رجلي عدلي
راشدين ،لا خبة بالما ،وقدرة على الصلح بينهما .ويسن أن يكونا من أهلهما
إن أمكن .وإل فمن غيهم ،ويب عليهما تعرف أسباب الشقاق بي الزوجي ،
والصلح بينهما بقدر المكان ،فإن عجزا عن الصلح وكانت الساءة من
الزوجي ،أو من الزوج ،أو ل تتبي القائق ،قررا التفريق بينهما بطلقة بائنة ( ) 1
وإن كانت الساءة من الزوجة فل يفرق بينهما بالطلق .وإنا يفرق بينهما باللع .
وإن ل يتفق الكمان على رأي أمرها القاضي بإعادة التحقيق والبحث فإن ل يتفقا
على رأي استبدلما بغيها .وعلى الكمي أن يرفعا إل القاضي ما يستقر عليه
رأيهما .يب عليه أن ينفذ حكمهما .وأصل ذلك كله قول ال سبحانه " :وإن
خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ،إن يريدا إصلحا يوفق
ال بينهما " ( ، ) 2وال تعال يقول أيضا " :فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان "
وقد فات المساك بعروف ،فتعي التسريح بإحسان والرسول عليه الصلة والسلم
يقول " :لضرر ول ضرار " ( .هامش ) ( ) 1ذهب أبو حنيفة وأحد والشافعي -
ف أحد قوليه -إل أنه ليس للحكمي أن يطلقا إل أن يعل الزوج ذلك إليهما .وقال
مالك والشافعي :إن رأيا الصلح بعوض أو بغي عوض جاز ،وإن رأيا اللع جاز ،
وإن رأى الذي من قبل الزوج الطلق طلق ،ول يتاج إل إذن الزوج ف الطلق ،
215
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وهذا مبن على أنما حكمان ل وكيلن ) 2 ( .النساء آية / ) . ( . 35صفحة
/ 291وجاء ف قانون رقم 25لسنة ( . 1929مادة " : ) 6إذا ادعت الزوجة
إضرار الزوج با با ل يستطاع معه دوام العشرة بي أمثالما ،يوز لا أن تطلب من
القاضي التفريق ،وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن
الصلح بينهما .فإذا رفض الطلب ث تكررت الشكوى ،ول يثبت الضرر ،بعث
القاضي حكمي وقضى على الوجه البي بالواد " . " 11 ، 10 ، 9 ، 8 ، 7مادة (
" : ) 7يشترط ف الكمي أن يكونا رجلي عدلي من أهل الزوجي إن أمكن ،وإل
فمن غيهم ،من له خبة بالما ،وقدرة على الصلح بينهما .مادة ( : ) 8على
الكمي أن يتعرفا أسباب الشقاق بي الزوجي ويبذل جهدها ف الصلح ،فإن
أمكن على طريقة معينة قرراها .مادة ( : ) 9إذا عجز الكمان عن الصلح
وكانت الساءة من الزوج أو منهما ،أو جهل الال قررا التفريق بطلقة بائنة .مادة (
: ) 10إذا اختلف الكمان أمرها القاضي بعاودة البحث فان استمر اللف بينهما
حكم غيها .على الكمي أن يرفعا إل القاضي ما يقررانه ،وعلى القاضي أن يكم
بقتضاه .التطليق لغيبة الزوج :التطليق لغيبة الزوج هو مذهب مالك وأحد ( ، ) 1
دفعا للضرر عن الرأة ،فللمرأة أن تطلب التفريق إذا غاب عنها زوجها ولو كان له
مال تنفق منه ،بشرط - 1 :أن يكون غياب الزوج عن زوجته لغي عذر مقبول 2 .
-أن تتضرر بغيابه - 3 .أن تكون الغيبة ف بلد غي الذي تقيم فيه - 4 .أن تر
سنة تتضرر فيها الزوجة ( .هامش ) ( ) 1مالك يرى أنه طلق بائن وأحد يرى أنه
فسخ / ) . ( .صفحة / 292فإن كان غيابه عن زوجته بعذر مقبول :كغيابه لطلب
العلم ،أو مارسة التجارة ،أو لكونه موظفا خارج البلد ،أو مندا ف مكان ناء ،فإن
ذلك ل ييز طلب التفريق ،وكذلك إذا كانت الغيبة ف البلد الذي تقيم فيه .
وكذلك لا الق ف أن تطلب التفريق للضرر الواقع عليها لبعد زوجها عنها ل لغيابه .
ولبد من مرور سنة يتحقق فيها الضرر بالزوجة وتشعر فيها بالوحشة ،ويشى فيها
على نفسها من الوقوع فيما حرم ال .والتقدير بسنة قول عند المام مالك ( . ) 1
وقيل :ثلث سني ،ويرى أحد :أن أدن مدة يوز أن تطلب التفريق بعدها ستة
216
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أشهر ،لنا أقصى مدة تستطيع الرأة فيها الصب عن غياب زوجها كما تقدم ذلك ف
فصل سابق ،واستفتاء عمر وفتوى حفصة رضي ال عنهما .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 292
التطليق لبس الزوج :وما يدخل ف هذا الباب -عند مالك وأحد -التطليق لبس
الزوج ،لن حبسه يوقع بالزوجة الضرر ،لبعده عنها .فإذا صدر الكم بالسجن
لدة ثلث سني ،أو أكثر ،وكان الكم نائيا ،ونفذ على الزوج ،ومضت سنة
فأكثر من تاريخ تنفيذه ،فللزوجة أن تطلب من القاضي الطلق لوقوع الضرر با
بسبب بعده عنها .فإذا ثبت ذلك طلقها القاضي طلقة بائنة عند مالك ،ويعتب ذلك
فسخا عند أحد .قال ابن تيمية :وعلى هذا فالقول ف امرأة السي والحبوس
ونوها من تعذر انتفاع امرأته به ،كالقول ف امرأته الفقود بالجاع .وجاء ف
القانون مادة ( " : ) 12إذا غاب الزوج سنة فأكثر بل عذر مقبول ،جاز لزوجته أن
تطلب إل القاضي تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده عنها ،ولو كان له مال تستطيع
النفاق منه " .مادة ( " : ) 13إن أمكن وصول الرسائل إل الغائب ضرب له
القاضي ( هامش ) ( ) 1الراد بالسنة السنة الللية / ) . ( .صفحة / 293أجل و
أعذر إليه ،بأنه يطلقها عليه إن ل يضر للقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها .فإذا
انقضى الجل ،ول يفعل ،ول يبد عذرا مقبول ،فرق القاضي بينهما بتطليقة بائنة ،
وإن ل يكن وصول الرسائل إل الغائب طلقها القاضي عليه بل إعذار وضرب أجل "
.مادة ( " : ) 14لزوجة الحبوس الحكوم عليه نائيا بعقوبة مقيدة للحرية مدة
ثلث سني فأكثر ،أن تطلب للقاضي بعد مضي سنة من حبسه التطليق عليه بائنا
للضرر ولو كان له مال تستطيع النفاق منه .أما التفريق للعيب فقد تقدم القول فيه
ف فصل سابق / .صفحة / 294اللع الياة الزوجية ل تقوم إل على السكن ،
والودة ،والرحة ،وحسن العاشرة ،وأداء كل من الزوجي ما عليه من حقوق .وقد
يدث أن يكره الرجل زوجته ،أو تكره هي زوجها .والسلم ف هذه الال يوصي
بالصب والحتمال ،وينصح بعلج ما عسى أن يكون من أسباب الكراهية ،قال ال
217
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تعال " :وعاشروهن بالعروف ،فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ،ويعل ال
فيه خيا كثيا " ( . ) 1وف الديث الصحيح " :ل يفرك مؤمن مؤمنة ،إن كره
منها خلقا رضي منها خلقا آخر " .إل أن البغض قد يتضاعف ،ويشتد الشقاق ،
ويصعب العلج ،وينفد الصب ،ويذهب ما أسس عليه البيت من السكن والودة ،
والرحة ،وأداء القوق .وتصبح الياة الزوجية غي قابلة للصلح ،وحينئذ يرخص
السلم بالعلج الوحيد الذي لبد منه .فإن كانت الكراهية من جهة الرجل ،فبيده
الطلق ،وهو حق من حقوقه ،وله أن يستعمله ف حدود ما شرع ال .وان كانت
الكراهية من جهة الرأة ،فقد أباح لا السلم أن تتخلص من الزوجية بطريق اللع ،
بأن تعطي الزوج ما كان أخذ ت منه باسم الزوجية لينهي علقته با .وف ذلك يقول
ال سبحانه وتعال " :ول يل لكم أن تأخذوا ما آتيتموهن شيئا ،إل أن يافا أل
يقيما حدود ال ،فإن خفتم أل يقيما حدود ال فل جناح عليهما فيما افتدت به " (
. ) 2وف أخذ الزوج الفدية عدل وإنصاف ،إذ أنه هو الذي أعطاها الهر ( هامش )
( ) 1سورة النساء آية ) 2 ( . 19سورة البقرة / ) . ( . 229صفحة / 295
وبذل تكاليف الزواج ،والزفاف ،وأنفق عليها ،وهي الت قابلت هذا كله
بالحود ،وطلبت الفراق ،فكان من النصفة أن ترد عليه ما أخذت .وإن كانت
الكراهية منهما معا :فإن طلب الزوج التفريق فبيده الطلق وعليه تبعاته ،وإن طلبت
الزوجة الفرقة ،فبيدها اللع وعليها تبعاته كذلك .قيل إن اللع وقع ف الاهلية .
ذلك أن عامر بن الظرب زوج ابنته ابن أخيه ،عامر بن الارث ،فلما دخلت عليه ،
نفرت منه ،فشكا إل أبيها ،فقال : :ل أجع عليك فراق أهلك ومالك وقد خلعتها
منك با أعطيتها .تعريفه :واللع الذي أباحه السلم مأخوذ من خلع الثوب إذا
أزاله ،لن الرأة لباس الرجل ،والرجل لباس لا .قال ال تعال " :هن لباس لكم ،
وأنتم لباس لن " ( . ) 1ويسمى الفداء ،لن الرأة تفتدي نفسها با تبذله لزوجها .
وقد عرفه الفقهاء بأنه " فراق الرجل زوجته يبدل يصل له " .والصل فيه ما رواه
البخاري ،والنسائي ،عن ابن عباس .قال " :جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شاس
إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت :يا رسول ال ما أعتب عليه ف خلق
218
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ولدين ( ) 1ولكن أكره الكفر ف السلم .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
أتردين عليه حديقته ؟ قالت :نعم .فقال :رسول ال صلى ال عليه وسلم .اقبل
الديقة وطلقها تطليقة " .ألفاظ اللع :والفقهاء يرون أنه لبد ف اللع من أن
يكون بلفظ اللع أو بلفظ مشتق منه .أو لفظ يؤدي معناه .مثل البارأة والفدية .
فإذا ل يكن بلفظ اللع ول ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة آية ) 2 ( . 187أي أنا
ل تريد مفارقته لسوء خلقه ،ول لنقصان دينه ،ولكن كانت تكرهه لدمامته ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 295
وهي تكره أن تملها الكراهية على التقصي فيما يب له من حق ،والقصود بالكفر
كفران العشي / ) . ( .صفحة / 296بلفظ فيه معناه .كأن يقول لا :أنت طالق ف
مقابل مبلغ كذا ،وقبلت ،كان طلقا على مال ول يكن خلعا .وناقش ابن القيم هذا
الرأي فقال " :ومن نظر إل حقائق العقود ومقاصدها دون ألفاظها :يعد اللع فسخا
بأي لفظ كان ،حت بلفظ الطلق " .وهذا أحد الوجهي لصحاب أحد .وهو
إختيار شيخ السلم ابن تيمية ،ونقل عن ابن عباس .ث قال ابن تيمية " :ومن اعتب
اللفاظ ووقف معها واعتبها ف أحكام العقود جعله " بلفظ الطلق طلقا " .ث قال
ابن القيم مرجحا هذا الرأي .وقواعد الفقه وأصوله تشهد أن الرعي ف العقود
حقائقها ومعانيها ،ل صورها وألفاظها .وما يدل على هذا أن النب صلى ال عليه
وسلم -أمر ثابت بن قيس أن يطلق امرأته ف اللع تطليقة ،ومع هذا أمرها أن تعتد
بيضة وهذا صريح ف أنه فسخ ،ولو وقع بلفظ الطلق .وأيضا فإنه سبحانه علق
عليه أحكام الفدية بكونه فدية ومعلوم أن الفدية ل تتص بلفظ ،ول يعي ال سبحانه
لا لفظا معينا .وطلق الفداء طلق مقيد ،ول يدخل تت أحكام الطلق الطلق .
كما ل يدخل تتها ف ثبوت الرجعة والعتداد بثلثة قروء بالسنة الثابتة ( . " ) 1
العوض ف اللع :اللع -كما سبق -إزالة ملك النكاح ف مقابل مال .فالعوض
جزء أساسي من مفهوم اللع .فإذا لا يتحقق العوض ل يتحقق اللع .فإذا قال
الزوج لزوجته :خالعتك ،وسكت .ل يكن ذلك خلعا ،ث إنه إن نوى الطلق ،
219
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كان طلقا رجعيا .وإن ل ينو شيئا ل يقع به شئ ،لنه من ألفاظ الكتابة الت تفتقر إل
النية ( .هامش ) ( ) 1زاد اليعاد ص 27ج / ) . ( . 4صفحة / 297كل ما جاز
أن يكون مهرا جاز أن يكون عوضا ف اللع :ذهبت الشافعية إل أنه لفرق ف جواز
اللع ،بي أن يالع على الصداق ،أو على بعضه ،أو على مال آخر ،سواء كان
أقل من الصداق أم أكثر .ولفرق بي العي ،والدين والنفعة .وضابطه أن " كل ما
جاز أن يكون صداقا جاز أن يكون عوضا ف اللع " لعموم قوله تعال " :فل جناح
عليهما فيما افتدت به " .ولنه عقد على بضع فأشبه النكاح .ويشترط ف عوض
اللع أن يكون معلوما متمول ،مع سائر شروط العواض ،كالقدرة على التسليم ،
استقرار اللك وغي ذلك ،لن اللع عقد معاوضة ،فأشبه البيع والصداق ،وهذا
صحيح ف اللع الصحيح .أما اللع الفاسد فل يشترط العلم به ،فلو خالعها على
مهول ،كثوب غي معي ،أو على حل هذه الدابة ،أو خالعها بشرط فاسد .
كشرط أل ينفق عليها وهي حامل ،أو لسكن لا ،أو خالعها بألف إل أجل مهول
ونو ذلك -بانت منه بهر الثل .أما حصول الفرقة ،فلن اللع ،إما فسخ أو
طلق ،فإن كان فسخا فالنكاح ل يفسد بفساد العوض ،فكذا فسخه ،إذ الفسوخ
تكي العقود .وإن كان طلقا ،فالطلق يصل بل عوض ،وماله حصول بل عوض
فيحسن مع فساد العوض ،كالنكاح ،بل أول ،ولقوة الطلق وسرايته .أما الرجوع
إل مهر الثل ،فلن قضية فساد العوض ارتداد العوض الخر .والبضع ل يرتد بعد
حصول الفرقة ،فوجب رد بدله .ويقاس با ذكرنا ما يشبهه ،لن ما ل يكن ركنا ف
شئ ل يضر الهل به كالصداق .ومن صور ذلك ما لو خالعها على ما ف كفها ،ول
يعلم ،فإنا تبي منه بهر الثل .فإن ل يكن ف كفها شئ .ففي الوسيط أنه يقع طلقا
رجعيا ،والذي نقله غيه أنه يقع بائنا بهر الثل .أما الالكية فقالوا :يوز اللع
بالغرر كجني ببطن بقرة أو غيه / ،صفحة / 298فلو نفق ( ) 1المل فل شئ
له ،وبانت .وجاز بغي موصوف ،وبثمرة ل يبد صلحها ،وبإسقاط حضانتها لولده
.وينتقل الق له .وإذا خالعها بشئ حرام .كخمر ،أو مسروق علم به ،فل شئ له
،وبانت ،وأريق المر ،ورد السروق لربه ،ول يلزم الزوجة شئ بدل ذلك ،حيث
220
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كان الزوج عالا بالرمة ،علمت هي أم ل .أما لو علمت هي بالرمة دونه فل يلزمه
اللع .الزيادة ف اللع على ما أخذت الزوجة من الزوج :ذهب جهور الفقهاء إل
أنه يوز أن يأخذ الزوج من الزوجة زيادة على ما أخذت منه ،لقول ال تعال " :فل
جناح عليهما فيما افتدت به ( . " ) 2وهذا عام يتناول القليل والكثي .روى
البيهقي عن أب سعيد الدري قال " :كانت أخت تت رجل من النصار ،فارتفعا إل
رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :أتردين حديقته ؟ قالت :وأزيد عليها ،فردت
عليه حديقته وزادته ( . " ) 3ويرى بعض العلماء :أنه ل يوز للزوج أن يأخذ منها
أكثر ما أخذت منه ،لا رواه الدارقطن بإسناد صحيح " :أن أبا الزبي قال :إنه كان
أصدقها حديقة ،فقال النب صلى ال عليه وسلم :أتردين عليه حديقته الت أعطاك .
قالت :نعم وزيادة .فقال
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 298
النب صلى ال وسلم :أما الزيادة فل ،ولكن حديقته .قالت :نعم " .وأصل
اللف ف هذه السألة اللف ف تصيص عموم الكتاب بالحاديث الحادية .
( هامش ) ( ) 1نفق :هلك ) 2 ( .سورة البقرة آية ) 3 ( . 229يرى علماء
الديث أن هذا الديث ضعيف / ) . ( .صفحة / 299فمن رأى أن عموم الكتاب
يصص بأحاديث الحاد :قال ل توز الزيادة ،ومن ذهب إل أن عموم الكتاب ل
يصص بأحاديث الحاد ،رأى جواز الزيادة .وف " بداية الجتهد " قال " :فمن
شبهه بسائر العواض ف العاملت ،رأى أن القدر فيه راجع إل الرضا ،ومن أخذ
بظاهر الديث ل يز أكثر من ذلك ،فكأنه رآه من باب أخذ الال بغي حق " .اللع
دون مقتض :واللع إنا يوز إذا كان هناك سبب يقتضيه .كأن يكون الرجل معيبا
ف خلقه ،أو سيئا ف خلقه ،أو ليؤدي للزوجة حقها ،وأن تاف الرأة أل تقيم
حدود ال ،فيما يب عليها من حسن الصحبة ،وجيل العاشرة .كما هو ظاهر الية
.فإن ل يكن ثة سبب يقتضيه فهو مظور ،لا رواه أحد والنسائي من حديث أب
هريرة ( :الختلعات هن النافقات ) .وقد رأى العلماء الكراهة .اللع بتراضي
221
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الزوجي :واللع يكون بتراضي الزوج والزوجة ،فإذا ل يتم التراضي منهما
فللقاضي إلزام الزوج باللع ،لن ثابتا وزوجته رفعا أمرها للنب صلى ال عليه وسلم
،وألزمه الرسول بأن يقبل الديقة ،ويطلق .كما تقدم ف الديث .الشقاق من قبل
الزوجة كاف ف اللع :قال الشوكان :وظاهر أحاديث الباب أن مرد وجود
الشقاق من قبل الرأة كاف ف جواز اللع .واختار ابن النذر أنه ل يوز حت يقع
الشقاق منهما جيعا ،وتسك بظاهر الية .وبذلك قال طاووس ،والشعب وجاعة
من التابعي . .وأجاب عن ذلك جاعة ،منهم الطبي :بأن الراد ،أنا إذا ل تقم
بقوق الزوج كان ذلك مقتضيا لبغض الزوج لا ،فنسبت الخالفة إليها لذلك .
ويؤيد عدم اعتبار
222
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بث ،ولاستفصال عن حال الزوجة ،وليس اليض بأمر نادر الوجود بالنسبة للنساء .
قال الشافعي " :ترك الستفصال ف قضايا الحوال مع قيام الحتمال ( هامش ) العضل
:التضييق والنع ) 2 ( .سورة النساء آية ) 3 ( . 19سورة النساء آية ) 4 ( . 20
سورة البقرة آية / ) . ( . 229صفحة / 301ينل منلة العموم ف القال .والنب
صلى ال عليه وسلم ل يستفصل هل هي حائض أم ل ؟ ولن النهي عنه الطلق ف
اليض :من أجل أل تطول عليها العدة .وهي -هنا -الت طلبت الفراق ،واختلعت
نفسها ورضيت بالتطويل .اللع بي الزوج وأجنب :يوز أن يتفق أحد الشخاص مع
الزوج على أن يلع الزوج زوجته ،ويتعهد هذا الشخص الجنب بدفع بدل اللع
للزوج ،وتقع الفرقة ،ويلتزم الجنب بدفع البدل للزوج .ول يتوقف اللع ف هذه
الصورة على رضا الزوجة لن الزوج يلك إيقاع الطلق من نفسه بغي رضا زوجته ،
والبدل يب على من التزم به .وقال أبو ثور :ل يصح لنه سفه ،فإنه يبذل عوضا ف
مقابلة ما ل منفعة له فيه ،فإن اللك ل يصل له .وقيده بعض علماء الالكية ،بأن
يقصد به تقيق مصلحة أو درء مفسدة ،فإن قصد به الضرار بالزوجة فل يصح .ففي "
مواهب الليل " " :ينبغي أن يقيد الذهب با إذا كان الغرض من التزام الجنب ذلك
للزوج ،حصول مصلحة ،أو درء مفسدة ترجع إل ذلك الجنب ،ما ل يقصد به
إضرار الرأة " .وأما ما يفعله أهل الزمان ف بلدنا من التزام أجنب ذلك وليس قصده إل
إسقاط النفقة الواجبة ف العدة للمطلقة على مطلقها -فل ينبغي أن يتلف ف النع ابتداء
.وف انتفاع الطلق بذلك بعد وقوعه نظر .اللع يعل أمر الرأة بيدها :ذهب
المهور ،ومنهم الئمة الربعة ،إل أن الرجل إذا خالع امرأته ملكت نفسها وكان
أمرها إليها ،ول رجعة له عليها ،لنا بذلت الال لتتخلص من الزوجية ،ولو كان يلك
رجعتها ل يصل للمرأة الفتداء من الزوج با بذلته له / .صفحة / 302وحت لو رد
عليها ما أخذ منها ،وقبلت -ليس له أن يرتعها ف العدة ،لنا قد بانت منه بنفس
اللع .روي عن ابن السيب والزهري :أنه إن شاء أن يراجعها فليد عليها ما أخذه منها
ف العدة ،وليشهد على رجعته .جواز تزوجها برضاها :ويوز للزوج أن يتزوجها
برضاها ف عدتا ،ويعقد عليها عقدا جديدا .خلع الصغية الميزة ( : ) 1ذهب
223
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الحناف إل أنه إذا كانت الزوجة صغية ميزة وخالعت زوجها ،وقع عليها طلق
رجعي ول يلزمها الال .أما وقوع الطلق .فلن عبارة الزوج معناها تعليق الطلق على
قبولا ،وقد صح التعليق لصدوره من أهله ،ووجد العلق عليها ،وهو القبول من هي
أهل له ،لن الهلية للقبول تكون بالتمييز -وهي هنا صغية ميزة -ومت وجد العلق
عليه وقع الطلق العلق .وأما عدم لزوم الال :فلنا صغية ليست أهل للتبع ،إذ
يشترط ف الهلية للتبع :العقل والبلوغ ،وعدم الجر لسفه أو مرض .وأما كون
الطلق رجعيا :فلنه لا ل يصح التزام الال ،كان طلقا مردا ل يقابله شئ من الال ،
فيقع رجعيا .خلع الصغية غي الميزة :وأما الصغية غي الميزة فل يقع خلعها طلقا
أصل ،لعدم وجود العلق عليه ،وهو القبول من هو أهله .خلع الحجور عليها ( : ) 2
قالوا :وإذا كانت الزوجة مجورا عليها لسفه وخالعها زوجها على مال ( هامش ) (
) 1أحكام الحوال الشخصية ) 2 ( .ص 155نفس الرجع السابق " الحوال
الشخصية " ) . ( .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 302
/صفحة / 303وقبلت ،ل يلزمها الال ،ويقع عليها الطلق الرجعي ،مثل الصغية
الميزة ف أنا ليست أهل للتبع ،ولكنها أهل للقبول .اللع بي ول الصغية وزوجها :
وإذا جرى اللع بي ول الصغية وزوجها ،بأن قال زوج الصغية لبيها :خالعت ابنتك
على مهرها ،أو على مائة جنيه من مالا ،ول يضمن الب البدل له .وقال :قبلت ،
طلقت ،ول يلزمها الال ول يلزم أباها .أما وقوع الطلق فلن الطلق العلق يقع مت
وجد العلق عليه ،وهو هنا قبول الب ،وقد وجد .أما عدم لزوجها الال ،فلنا
ليست أهل للتزام التبعات .وأما عدم لزوم أبيها الال ،فلنه ل يلتزمه بالضمان ،ول
إلزام بدون التزام .ولذا إذا ضمنه لزمه .وقيل :ل يقع الطلق ف هذه الال لن العلق
عليه قبول دفع البدل .وهو ل يتحقق .وهذا القول ظاهر ،ولكن العمل بالقول الول .
خلع الريضة :ل خلف بي العلماء ف جواز اللع من الريضة ،مرض الوت .فلها أن
تالع زوجها .كما للصحيحة سواء بسواء .إل أنم اختلفوا ف القدر الذي يب أن
224
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تبذله للزوج مافة أن تكون راغبة ف ماباة الزوج على حساب الورثة .فقال المام مالك
:يب أن يكون بقدر مياثه منها .فإن زاد على إرثه منها ترم الزيادة ويب ردها ،
وينفذ الطلق .ول توارث بينهما إذا كان الزوج صحيحا .وعند النابلة :مثل ما عند
مالك ،ف أنه إذا خالعت بياثه منها فما دونه صح ول رجوع فيه ،وإن خالعته بزيادة
بطلت هذه الزيادة .وقال الشافعي :لو اختلعت منه بقدر مهر مثلها جاز .وإن زاد على
ذلك كانت الزيادة من الثلث وتعتب تبعا / . .صفحة / 304أما الحناف :فقد
صححوا خلعها بشرط أل يزيد عن الثلث ما تلك .وأنا متبعة ،والتبع ف مرض
الوت وصية ،والوصية ل تنفذ إل من الثلث للجنب ،والزوج صار باللع أجنبيا .قالوا
:وإذا ماتت هذه الخالعة الريضة وهي ف العدة .ل يستحق زوجها إل أقل هذه
المور ،بدل اللع ،وثلث تركتها ،ومياثه منها .لنه قد تتواطأ الزوجة مع زوجها ف
مرض موتا وتسمي له بدل خلع باهظا ،يزيد عما يستحقه بالياث .فلجل الحتياط
لقوق ورثتها ،وردا لقصد التواطأ عليه .قلنا :إنا إذا ماتت ف العدة ل تأخذ إل أقل
الشياء الثلثة .فإن برئت من مرضها ول تت منه ،فله جيع البدل السمى ،لنه تبي
أن تصرفها ل يكن ف مرض الوت .أما إذا ماتت بعد انقضاء عدتا فله بدل اللع التفق
عليه ،بشرط أل يزيد عن ثلث تركتها ،لنه ف حكم الوصية .والذي عليه العمل الن
ف الحاكم بعد صدور قانون الوصية سنة : 1946أن للزوج القل من بدل اللع ،
وثلث التركة الت خلفتها زوجته ،سواء أكانت وفاتا ف العدة أم بعد انتهائها ،إذ أن
هذا القانون أجاز الوصية للوارث ،وغي الوارث -ونص على نفاذها فيما ل يزيد عن
الثلث بدون توقف على إجازة أحد .وعلى هذا ،فل يكون هناك حاجة إل فرض ماباة
زوجها بأكثر من نصيبه ومنعها من ذلك .هل اللع طلق أم فسخ :ذهب جهور
العلماء إل أن اللع طلق بائن ،لا تقدم ف الديث من قول رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :خذ الديقة وطلقها تطليقة " .ولن الفسوخ إنا هي الت تقتضي الفرقة الغالبة
للزوج ف الفراق ،ما ليس يرجع إل اختياره .وهذا راجع إل الختيار ،فليس بفسخ .
وذهب بعض العلماء ،منهم أحد ،وداود من الفقهاء ،وابن عباس ،وعثمان ،وابن
عمر من الصحابة :إل أنه فسخ .لن ال تعال ذكر ف كتابه /صفحة / 305
225
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الطلق ،فقال " :الطلق مرتان " .ث ذكر الفتداء .ث قال " :فإن طلقها فل تل له
من بعد حت تنكح زوجا غيه " ( . ) 1فلو كان الفتداء طلقا لكان الطلق الذي ل
تل له فيه إل بعد زواج ،هو الطلق الرابع .ويوز هؤلء أن الفسوخ تقع بالتراضي ،
قياسا على فسوخ البيع كما ف القالة ( . ) 2قال ابن القيم :والذي يدل على أنه ليس
بطلق أنه سبحانه وتعال رتب الطلق بعد الدخول الذي ل يستوف عدده ثلثة
أحكام ،كلها منتفية عن اللع ( :الول ) أن الزوج أحق بالرجعة فيه ( .الثان ) أنه
مسوب من الثلث ،فل تل بعد استيفاء العدد ،إل بعد دخول زوج وإصابته .
( الثالث ) أن العدة فيه ثلثة قروء .وقد ثبت بالنص والجاع أنه ل رجعة ف اللع ،
وثبت بالسنة وأقوال الصحابة أن العدة فيه حيضة واحدة ( ، ) 3وثبت بالنص جوازه
بعد طلقتي ،ووقوع ثالثة بعدها .وهذا ظاهر جدا ف كونه ليس بطلق .وثرة هذا
اللف تظهر ف العتداد بالطلق .فمن رأى أنه طلق ،احتسبه طلقة بائنة .ومن رأى
أنه فسخ ل يتسبه ،فمن طلق امرأته تطليقتي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 305
ث خالعها ،ث أراد أن يتزوجها فله ذلك ،وإن ل تنكح زوجا غيه ،لنه ليس له غي
تطليقتي .واللع لغو .ومن جعل اللع طلقا قال :ل يز له أن يرتعها حت تنكح
زوجا غيه ،لنه باللع كملت الثلث .هل يلحق الختلعة طلق ؟ :الختلعة ل
يلحقها طلق ،سواء قلنا بأن اللع طلق أو فسخ ،وكلها ( هامش ) ( ) 1سورة
البقرة آية ) 2 ( . 230بداية الجتهد ص 65ج ) 3 ( . 2قال الطاب :هذا أقوى
دليل لن قال :إن اللع فسخ وليس بطلق ،إذ لو كان طلقا ل يكتف بيضة للعدة ( .
/ ) .صفحة / 306يصي الرأة أجنبية عن زوجها .وإذا صارت أجنبية عنه ،فإنه ل
يلحقها الطلق .وقال أبو حنيفة :الختلعة يلحقها الطلق ،ولذلك ل يوز عنده أن
ينكح مع البتوتة أختها .عدة الختلعة :ثبت من السنة أن الختلعة تعتد بيضة .ففي
قصة ثابت أن النب صلى ال عليه وسلم قال له " :خذ الذي لا عليك وخل سبيلها .
قال :نعم .فأمرها رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تعتد بيضة واحدة وتلحق بأهلها
226
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" .رواه النسائي بإسناد رجاله ثقاة .وإل هذا ذهب عثمان ،وابن عباس ،وأصح
الروايتي عن أحد ،وهو مذهب إسحق بن راهويه ،واختاره شيخ السلم ابن تيمية
وقال :من نظر هذا القول وجده مقتضى قواعد الشريعة :فإن العدة إنا جعلت ثلث
حيض ،ليطول زمن الرجعة ،ويتروى الزوج ويتمكن من الرجعة ف مدة العدة ،فإذا ل
تكن عليها رجعة فالقصود براءة رحها من المل ،وذلك يكفي فيه حيضة كالستباء .
وقال ابن القيم :هذا مذهب أمي الؤمني عثمان بن عفان ،وعبد ال ابن عمر ،والربيع
بنت معوذ ،وعمها وهو من كبار الصحابة رضي ال عنهم ،فهؤلء الربعة من الصحابة
ل يعرف لم مالف منهم ،كما رواه الليث بن سعد ،عن نافع مول ابن عمر :أنه سع
الربيع بنت معوذ بن عفراء ،وهي تب عبد ال بن عمر ،أنا اختلعت من زوجها على
عهد عثمان بن عفان .فجاء عمها إل عثمان ،فقال له :إن ابنة معوذ اختلعت من
زوجها اليوم ،أفتنتقل ؟ فقال عثمان :لتنتقل ،ول مياث بينهما .ول عدة عليها .إل
أنا ل تنكح حت تيض حيضة .خشية أن يكون با حبل .فقال عبد ال بن عمر :
فعثمان خينا وأعلمنا .ونقل عن أب جعفر النحاس ف كتاب -الناسخ والنسوخ -أن
هذا إجاع من الصحابة . .ومذهب المهور من العلماء أن الختلعة عدتا ثلث حيض
إن كانت من ييض / .صفحة / 307نشوز الرجل إذا خافت الرأة نشوز زوجها
وإعراضة عنها إما لرضها أو لكب سنها ،أو لدمامة وجهها ،فل جناح عليهما أن
يصلحا بينهما ،ولو كان ف الصلح تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ترضية لزوجها .
لقول ال سبحانه " :وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فل جناح عليهما أن
يصلحا بينهما صلحا ،والصلح خي ( . " ) 1وروى البخاري عن عائشة قالت ف هذه
الرواية " :هي الرأة تكون عند الرجل ،ل يستكثر منها ،فييد طلقها ،ويتزوج
عليها ،تقول :أمسكن ،ول تطلقن ،وتزوج غيي ،فأنت ف حل من النفقة علي
والقسمة ل " .روى أبو داود عن عائشة أن سودة بنت زمعة حي أسنت وفرقت ( ) 2
أن يفارقها رسول ال صلى ال عليه وسلم .قالت " :يارسول ال يومي لعائشة " فقبل
ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم .قالت :ف ذلك أنزل ال جل ثناؤه ،وف أشباهها
.أراه قال " :وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " .قال ف الغن :ومت
227
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صالته على ترك شئ من قسمتها أو نفقتها ،أو على ذلك كله جاز . .فإن رجعت فلها
ذلك .قال أحد ف الرجل يغيب عن امرأته فيقول لا :إن رضيت على هذا ،وإل فأنت
أعلم ،فتقول :قد رضيت ،فهو جائز ،فإن شاءت رجعت .الشقاق بي الزوجي :إذا
وقع الشقاق بي الزوجي واستحكم العداء وخيف من الفرقة وتعرضت ( هامش ) ( ) 1
سورة النساء آية ) 2 ( . 128فرقت :خافت / ) . ( .صفحة / 308الياة الزوجية
للنيار بعث الاكم حكمي لينظرا ف أمرها ،ويفعل ما فيه الصلحة من إبقاء الياة
للزوجية أو إنائها .يقول ال سبحانه " :وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله
وحكما من أهلها " .ويشترط أن يكون الكمان عاقلي بالغي عدلي مسلمي .ول
يشترط أن يكونا من أهلهما ،فإن كانا من غي أهلهما جاز ،والمر ف الية للندب ،
لنما أرفق من جانب وأدرى با يدث ،وأعلم بالال من جانب آخر .وللحكمي أن
يفعل ما فيه الصلحة من البقاء أو الناء دون الاجة إل رضا الزوجي أو توكيلهما .
وهذا رأي علي ،وابن عباس ،وأب سلمة بن عبد الرحن ،والشعب ،والنخعي ،وسعيد
بن جبي ،ومالك ،والوزاعي ،وإسحاق ،وابن النذر .وقد تقدم ذلك ف فصل سابق
( ( ) 1هامش ) ( ) 1أما نشوز الرأة فقد سبق الكلم عليه ف فصل " تأديب الرجل
زوجته " / ) . ( .صفحة / 309
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 309
الظهار تعريفه :الظهار مشتق من الظهر ،وهو قول الرجل لزوجته :أنت علي كظهر
أمي .قال ف الفتح " :وإنا خص الظهر بذلك دون سائر العضاء ،لنه مل الركوب
غالبا ،ولذلك سي الركوب ظهرا ،فشبهت الرأة بذلك .لنا مركوب الرجل " .
والظهار كان طلقا ف الاهلية ،فأبطل السلم هذا الكم ،وجعل الظهر مرما للمرأة
حت يكفر زوجها .فلو ظاهر الرجل يريد الطلق ،كان ظهارا ،ولو طلق يريد ظهارا
كان طلقا ،فلو قال " :أنت علي كظهر أمي " ،وعن به الطلق ل يكن طلقا ،
وكان ظهارا ل تطلق به الرأة .قال ابن القيم " :وهذا لن الظهار كان طلقا ف الاهلية
،فنسخ ،فلم يز أن يعاد إل الكم النسوخ ،وأيضا أن أوس بن الصامت إنا نوى به
228
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الطلق على ما كان عليه ،وأجرى عليه حكم الظهار دون الطلق ،وأيضا فإنه صريح
ف حكمه ،فلم يز جعله كناية ف الكم الذي أبطله ال بشرعه ،وقضاء ال أحق ،
وحكم ال أوجب " اه .وقد أجع العلماء على حرمته ،فل يوز القدام عليه لقول ال
تعال " :الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتم ،إن أمهاتم إل اللئي
ولدنم ،وإنم ليقولون منكرا من القول وزورا ،وإن ال لعفو غفور " ( . ) 1وأصل
ذلك ما ثبت ف السنن أن أوس بن الصامت ظاهر من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة ،
وهي الت جادلت فيه رسول ال صلى ال عليه ( هامش ) ( ) 1سورة الجادلة :آية . 2
( / ) .صفحة / 310وسلم واشتكت إل ال ،وسع ال شكواها من فوق سبع سوات
.فقالت " :يا رسول ال ؟ إن أوس بن الصامت تزوجن ،وأنا شابة مرغوب ف ،فلما
خل سن ،ونثرت بطن ،جعلن كأمة عنده .فقال لا رسول ال صلى ال عليه وسلم :
" ما عندي ف أمرك شئ " .فقالت " :اللهم إن أشكو إليك " .وروي أنا قالت " :
ان ل صبية صغارا ،ان ضمهم إليه ضاعوا .وإن ضممتهم إل جاعوا " :فنل القرآن .
.وقالت عائشة :المد ل الذي وسع سعه الصوات ،لقد جاءت خولة بنت ثعلبة
تشكو إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وأنا ف كسر البيت ،يفي علي بعض
كلمها ،فأنزل ال عزوجل " :قد سع ال قول الت تادلك ف زوجها وتشتكي إل
ال ،وال يسمع تاور كما ،إن ال سيع بصي " ( ) 1فقال النب صلى ال عليه وسلم
" :ليعتق رقبة .قالت :ل يد ! قال :فيصوم شهرين متتابعي .قالت :يارسول ال إنه
شيخ كبي ،ما به من صيام .قال :فليطعم ستي مسكينا .قالت :ما عنده من شئ
يتصدق به .قال :سأعينه بعرق من تر ! قالت :وأنا أعينه بعرق آخر ؟ قال :
أحسنت ،فأطعمي عنه ستي مسكينا ،وارجعي إل ابن عمك " .وف السنن أن سلمة
بن صخر البياضي ،ظاهر من امرأته مدة شهر رمضان ،ت واقعها ليلة قبل انسلخه .
فقال له النب صلى ال عليه وسلم " :أنت بذاك يا سلمة .قال :قلت :أنا بذاك ( ) 2
يارسول ال ؟ -مرتي -وأنا صابر لمر ال ،فاحكم ف با أراك ال .قال :حرر رقبة
.قلت :والذي بعثك بالق نبيا ما أملك رقبة غيها ،وضربت صفحة رقبت ،قال فصم
شهرين ( هامش ) ( ) 1سورة الجادلة آية ) 2 ( . 1أي أنت اللم بذاك والرتكب له
229
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
/ ) . ( .صفحة / 311متتابعي .قلت :فهل أصبت الذي أصبت إل ف الصيام ؟ . .
قال :فأطعم وسقا من تر ستي مسكينا .قلت : :والذي بعثك بالق لقد بتنا وحشي
( ، ) 1ما لنا طعام قال :فانطلق إل صدقة بن زريق فليدفعها إليك ،فأطعم ستي
مسكينا وسقا من تر ،وكل أنت وعيالك بقيتها .قال :فرحت إل قومي ،فقلت :
وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ،ووجدت عند رسول ال السعة وحسن الرأي ،
وقد أمر ل بصدقتكم " .هل الظهار متص بالم ؟ ذهب المهور إل أن الظهار يتص
بالم ،كما ورد ف القرآن ،وكما جاء ف السنة .فلو قال لزوجته :أنت علي كظهر
أمي كان مظاهرا ،ولو قال لا :أنت علي كظهر أخت ل يكن ذلك ظهارا .وذهب
البعض ،منهم الحناف ،والوزاعي والثوري والشافعي ف أحد قوليه ،وزيد بن علي ،
إل أنه يقاس على الم جيع الحارم ( . ) 2فالظهار عندهم هو تشبيه الرجل زوجته ف
التحري بإحدى الحرمات عليه على وجه التأييد بالنسب أو الصاهرة أو الرضاع ،إذ
العلة هي التحري الؤبد .ومن قال لمرأته :إنا أخت أو أمي على سبيل الكرامة والتوقي
فإنه ل يكون مظاهرا .من يكون منه الظهار :والظهار ل يكون إل من الزوج العاقل
البالغ السلم لزوجة قد انعقد زواجها انعقادا صحيحا نافذا .الظهار الؤقت :الظهار
الؤقت هو إذا ظاهر من امرأته إل مدة .مثل أن يقول لا " :أنت ( هامش ) ( ) 1أي
بتنا مقفرين ل طعام لنا ) 2 ( .قال الئمة الثلثة ،ورواية عن أحد :إذا قالت الرأة
لزوجها :أنت علي كظهر أمي .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 311
فانه ل كفارة عليها ،وقال أحد ف الرواية الخرى -وهي أظهرها -يب عليها
الكفارة إذا وطئها ،وهي الت اختارها الرقي / ) . ( .صفحة / 312علي كظهر أمي
إل الليل " ث أصابا قبل انقضاء تلك الدة .وحكمه أنه ظهار كالطلق .قال الطاب :
واختلفوا فيه إذا بر فلم ينث :فقال مالك وابن أب ليل :إذا قال لمرأته " :أنت علي
كظهر أمي إل الليل " لزمته الكفارة وإن ل يقربا .وقال أكثر أهل العلم :ل شئ عليه
إن ل يقربا .قال :وللشافعي ف الظهار الؤقت قولن :أحدها أنه ليس بظهار .أثر
230
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الظهار :إذا ظاهر الرجل من امرأته ،وصح الظهار ترتب عليه أثران ( :الثر الول )
حرمة إتيان الزوجة حت يكفر كفارة الظهار ،لقول ال سبحانه " :من قبل أن يتماسا "
.وكما يرم السيس ،فإنه يرم كذلك مقدماته ،من التقبيل والعانقة ونو ذلك ،وهذا
عند جهور العلماء .وذهب بعض أهل العلم ( ) 1إل أن الحرم هو الوطء فقط ،لن
السيس كناية عن الماع ( .والثر الثان ) وجوب الكفارة بالعود .وما هو العود ؟ ،
اختلف العلماء ف العود .ما هو ؟ فقال قتادة ،وسعيد بن جبي ،وأبو حنيفة ،وأصحابه
" :إنه إرادة السيس لا حرم بالظهار " لنه إذا أراد فقد عاد من عزم ؟ إل عزم الفعل ،
سواء فعل أم ل .وقال الشافعي :بل هو إمساكها بعد الظهار وقتا يسع الطلق ،ول
يطلق إذ تشبيهها بالم يقتضي إبانتها ،وإمساكها نقيضه ،فإذا أمسكها فقد عاد فيما قال
،لن العود للقول مالفته .وقال مالك وأحد :بل هو العزم على الوطء فقط ،وإن ل
يطأ ( .هامش ) ( ) 1هذا رأي الثوري ،وأحد قول الشافعي / ) . ( .صفحة 313
/وقال داود ،وشعبة ،وأهل الظاهر :بل إعادة لفظ الظهار .فالكفارة ل تب عندهم
إل بالظهار العاد ،ل البتدأ .السيس قبل التكفي :إذا مس الرجل زوجته قبل التكفي
فإن ذلك يرم ،كما تقدم بيانه ،والكفارة ل تسقط ول تتضاعف ،بل تبقى كما هي ،
كفارة واحدة .قال الصلت بن دينار :سألت عشرة من الفقهاء عن الظاهر يامع قبل أن
يكفر ؟ فقالوا :كفارة واحدة .ما هي الكفارة :والكفارة هي :عتق رقبة ،فإن ل يد
فصيام شهرين متتابعي ،فإن ل يستطع ،فإطعام ستي مسكينا .لقول ال سبحانه " :
والذين يظاهرون من نسائهم ث يعودون لا قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ،ذلكم
توعظون به ،وال با تعملون خبي .فمن ل يد فصيام شهرين متتابعي من قبل أن
يتماسا ،فمن ل يستطع فإطعام ستي مسكينا ( . " ) 1وقد روعي ف كفارة الظهار
التشديد ،مافظة على العلقة الزوجية ،ومنعا من ظلم الرأة .فإن الرجل إذا رأى أن
الكفارة يثقل عليه الوفاء با ،احترم العلقة الزوجية ،وامتنع عن ظلم زوجته .
( هامش ) ( ) 1الجادلة آية / ) . ( . 4 ، 3صفحة / 314الفسخ فسخ العقد :
نقضه ،وحل الرابطة الت تربط بي الزوجي ،وقد يكون الفسخ بسبب خلل وقع ف
العقد ،أو بسبب طارئ عليه ينع بقاءه .مثال الفسخ بسبب اللل الواقع ف العقد 1 :
231
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-إذا ت العقد وتبي أن الزوجة الت عقد عليها أخته من الرضاع ،فسخ العقد - 2 .إذا
عقد غي الب والد للصغي أو الصغية ،ث بلغ الصغي أو الصغية ،فمن حق كل
منهما أن يتار البقاء على الزوجية أو إناءها ،ويسمى هذا خيار البلوغ ،فإذا اختار إناء
الياة الزوجية كان ذلك فسخا للعقد .مثال الفسخ الطارئ على العقد - 1 :إذا ارتد
أحد الزوجي عن السلم ول يعد إليه ،فسخ العقد بسبب الردة الطارئة - 2 .إذا أسلم
الزوج وأبت زوجته أن تسلم ،وكانت مشركة ،فإن العقد حينئذ يفسخ .بلف ما إذا
كانت كتابية فإن العقد يبقى صحيحا كما هو ،إذ أنه يصح العقد على الكتابية ابتداء .
والفرقة الاصلة بالفسخ غي الفرقة الاصلة بالطلق ،إذ أن الطلق ينقسم إل طلق
رجعي وطلق بائن .والرجعي ل ينهي الياة الزوجية ف الال ،والبائن ينهيها ف الال
.أما الفسخ ،سواء أكان بسبب طارئ على العقد ،أم بسبب خلل فيه ،فإنه ينهي
العلقة الزوجية ف الال .ومن جهة أخرى .فإن الفرقة بالطلق تنقص عدد الطلقات ،
فإذا طلق الرجل زوجته طلقة رجعية ،ث راجعها وهي ف عدتا ،أو عقد عليها بعد /
صفحة / 315انقضاء العدة عقدا جديدا ،فإنه تسب عليه تلك الطلقة ،ول يلك
عليها بعد ذلك إل طلقتي .وأما الفرقة بسبب الفسخ فل ينقص با عدد الطلقات ،فلو
فسخ العقد بسبب خيار البلوغ ،ث عاد الزوجان وتزوجا ملك عليها ثلث طلقات .
وقد أراد فقهاء الحناف أن يضعوا ضابطا عاما لتمييز الفرقة الت هي طلق ،من الفرقة
الت هي فسخ ،فقالوا :إن كل فرقة تكون من الزوج ،ول يتصور أن تكون من الزوجة
فهي طلق .وكل فرقة تكون من الزوجة ل بسبب من الزوج ،أو تكون من الزوج
ويتصور أن تكون من الزوجة فهي فسخ .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 315
الفسخ بقضاء القاضي :من الالت ما يكون سبب الفسخ فيها جليا ل يتاج إل قضاء
القاضي ،كما إذا تبي للزوجي أنما أخوان من الرضاع ،وحينئذ يب على الزوجي أن
يفسخا العقد من تلقاء أنفسهما .ومن الالت ما يكون سبب الفسخ خفيا غي جلي ،
فيحتاج إل قضاء القاضي ،ويتوقف عليه ،كالفسخ بإباء الزوجة الشركة السلم إذا
232
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أسلم زوجها ،لنا ربا ل تتنع فل يفسخ العقد / .صفحة / 316اللعان تعريفه :
اللعان مأخوذ من اللعن ،لن اللعن يقول ف الامسة " :أن لعنة ال عليه إن كان من
الكاذبي " .وقيل هو البعاد .وسي التلعنان بذلك ،لا يعقب اللعان من الث والبعاد
،ولن أحدها كاذب ،فيكون ملعونا .وقيل :لن كل واحد منهما يبعد عن صاحبه
بتأييد التحري .وحقيقته :أن يلف الرجل -إذا رمى امرأته بالزنا أربع مرات إنه لن
الصادقي ،والامسة أن لعنة ال عليه إن كان من الكاذبي ،وأن تلف الرأة عند تكذيبه
أربع مرات ،إنه لن الكاذبي ،والامسة أن عليها غضب ال إن كان من الصادقي .
مشروعيته :إذا رمى الرجل امرأته بالزنا ،ول تقر هي بذلك ،ول يرجع عنه رميه .فقد
شرع ال لما اللعان ( . ) 1روى البخاري عن ابن عباس رضي ال عنهما " :أن هلل
( ) 2بن أمية قذف امرأته عند رسول ال صلى ال عليه وسلم بشريك بن سحماء .
فقال النب صلى ال عليه وسلم " :البينة ،أو حد ف ظهرك .فقال :يا رسول ال إذا
رأى أحدنا على امرأته رجل ينطلق يلتمس البينة ؟ ! .فجعل رسول ال صلى ال عليه
وسلم يقول " :البينة ،وإل حد ف ظهرك " .فقال :والذي بعثك بالق إل لصادق ،
ولينلن ال ما يبئ ظهرى من ( هامش ) ( ) 1كان ذلك ف شهر شعبان سنة 59ه
وقيل :كان ف السنة الت توف فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم ) 2 ( .كان أول
رجل ل عن ف السلم / ) . ( .صفحة / 317الد ،فنل جبيل عليه السلم وأنزل
عليه قوله تعال " :والذين يرمون أزواجهم ول يكن لم شهداء إل أنفسهم ،فشهادة
أحدهم أربع شهادات بال إنه لن الصادقي .والامسة أن لعنة ال عليه إن كان من
الكاذبي ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بال إنه لن الكاذبي .والامسة أن
غضب ال عليها إن كان من الصادقي " ( . ) 1فانصرف النب صلى ال عليه وسلم
إليها ،فجاء هلل فشهد والنب صلى ال عليه وسلم يقول " :إن ال يعلم ( ) 2أن أحد
كما كاذب .فهل منكما تائب ؟ " فشهدت .فلما كانت عند الامسة وقفوها ( ، ) 3
وقالوا إنا الوجبة ( . ) 4قال ابن عباس رضي ال عنهما :فتلكأت ونكصت ،حت
ظننا أنا ترجع .ث قالت :ل أفضح قومي سائر اليوم ،فمضت .فقال النب صلى ال
عليه وسلم " :أبصروها ،فإن جاءت به أكحل العيني ( ، ) 5سابغ الليتي ،خدل
233
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الساقي ،فهو لشريك بن سحماء " .فجاءت به كذلك .فقال النب صلى ال عليه
وسلم " :لو ل ما مضى ( ) 6من كتاب ال كان ل ولا شأن " .قال صاحب بداية
الجتهد :وأما من طريق العن .فلما كان الفراش موجبا للحوق النسب ،كان للناس
ضرورة إل طريق ينفونه به إذا تققوا فساده .وتلك الطريق هي اللعان .فاللعان حكم
ثابت بالكتاب والسنة والقياس والجاع .إذ ل خلف ف ذلك عامة ( .هامش ) ( ) 1
سورة النور :اليات ) 2 ( 9 - 6هذا دليل على أن الزوج إذا قذف امرأته ،وعجز
عن إقامة البينة وجب عليه حد القاذف ،وإذا وقع اللعان سقط الد عنه ) 3 ( .فيه
استحباب تقدي الوعظ للزوجي قبل اللعان لا سيأت ) 4 ( .أشاروا عليها بالوقوف عن
تام اللعان فتلكأت وكادت تعترف ولكنها ل ترض بفضيحة قومها .وف هذا دليل على
أن مرد التلكؤ ل يعمل به ) 5 ( .ف هذا دليل على أن الرأة كانت حامل وقت
اللعان ،والكحل الذي أجفانه سوداء كأن فيها كحل .وسابغ الليتي :أي
عظيمهما ،وخدل :متلئ ) 6 ( .لو ل ما مضى من كتاب ال ،أي أن اللعان يرفع
الد عن الرأة .ولو ل ذلك لقام الرسول صلى ال عليه وسلم الد / ) . ( .صفحة
/ 318مت يكون اللعان ؟ ويكون اللعان ف صورتي ( :الصورة الول ) أن يرمي
الرجل امرأته بالزنا ،ول يكن له أربعة شهود يشهدون عليها با رماها به ( .الصورة
الثانية ) أن ينفي حلها منه .وإنا يوز ف الصورة الول إذا تقق من زناها ،كأن رآها
تزن ،أو أقرت هي ،ووقع ف نفسه صدقها .والول ف هذه الال أن يطلقها ول
يلعنها .فإذا ل يتحقق من زناها ،فإنه ل يوز له أن يرميها به .ويكون نفي المل ف
حالة ما إذا ادعى أنه ل يطأها أصل من حي العقد عليها ،أو ادعى أنا أتت به لقل من
ستة أشهر بعد الوطء ،أو لكثر من سنة من وقت الوطء . .الاكم هو الذي يقضى
باللعان :ول بد من الاكم عند اللعان .وينبغي له أن يذكر الرأة ويعظها ،بثل
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 318
ما جاء ف الديث الذي رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ،وصححه ابن حبان
والاكم " :أيا امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم ،فليست من ال ف شئ ،ولن
234
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يدخلها ال النة ،وأيا رجل جحد ولده وهو ينظر إليه ،احتجب ال منه وفضحه على
رؤوس الولي والخرين " .اشتراط العقل والبلوغ :وكما يشترط ف اللعان ،الاكم ،
يشترط العقل والبلوغ ف كل من التلعني ،وهذا أمر ممع عليه .اللعان بعد إقامة
الشهود :وإذا أقام الزوج الشهود على الزنا فهل له أن يلعن ؟ /صفحة / 319قال أبو
حنيفة وداود :ل يلعن ،لن اللعان إنا جعل عوضا عن الشهود ،لقوله تعال " :
والذين يرمون أزواجهم ول يكن لم شهداء إل أنفسهم ( . " ) 1وقال مالك والشافعي
:له أن يلعن ،لن الشهود ل تأثي لم ف دفع الفراش .هل اللعان يي أم شهادة ؟ يرى
المام مالك والشافعي وجهور العلماء أن اللعان يي ،وإن كان يسمى شهادة فإن أحدا
ل يشهد لنفسه ،لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ف بعض روايات حديث ابن
عباس " :لو ل اليان لكان ل ولا شأن " .وذهب أبو حنيفة وأصحابه إل أنه شهادة ،
واستدلوا بقول ال تعال " فشهادة أحد هم أربع شهادات بال " وبديث ابن عباس
التقدم .وفيه " :فجاء هلل فشهد ،ث قامت فشهدت " .والذين رأوا أنه يي ،قالوا
:انه يصح اللعان بي كل زوجي حرين كانا أو عبدين ،أو أحدها ،أو عدلي ،أو
فاسقي ،أو أحدها .والذين ذهبوا إل أنه شهادة .قالوا :ل يصح إل بي زوجي
يكونان من أهل الشهادة ،وذلك بأن يكونا حرين مسلمي .فأما العبدان ،أو الحدودان
ف القذف ،فل يوم لعانما .وكذلك إن كان أحدها من أهل الشهادة والخر ليس من
أهلها .قال ابن القيم :والصحيح أن لعانم يمع الوصفي اليمي والشهادة ،فهو شهادة
مؤكدة بالقسم والتكرار ،ويي مغلظة بلفظ الشهادة والتكرار ،لقتضاء الال تأكيد
المر ،ولذا اعتب فيه من التأكيد عشرة أنواع ( :أحدها ) ذكر لفظ الشهادة .
( الثان ) ذكر القسم أساء الرب سبحانه ،وأجعها لعان أسائه السن ،وهو اسم ال
جل ذكره ( .الثالث ) تأكيد الواب با يؤكد به القسم عليه من أن واللم ( ،هامش )
سورة النور آية / ) . ( . 6صفحة / 320وإتيانه باسم الفاعل الذي هو صادق
وكاذب ،دون الفعل الذي هو صدق وكذب ( .الرابع ) تكرار ذلك أربع مرات .
( الامس ) دعاؤه على نفسه ف الامسة بلعنة ال إن كان من الكاذبي ( .السادس )
إخباره عند الامسة أنا الوجبة لعذاب ال وأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الخرة .
235
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( السابع ) جعل لعانه مقتضى لصول العذاب عليها ،وهو إما الد أو البس ،وجعل
لعانا دارئا للعذاب عنها ( .الثامن ) أن هذا اللعان يوجب العذاب على أحدها ،إما ف
الدنيا ،وإما ف الخرة ( .التاسع ) التفريق بي التلعني وخراب بيتهما وكسرها
بالفراق ( .العاشر ) تأييد تلك الفرقة ودوام التحري بينهما .فلما كان شأن هذا اللعان
هذا الشأن جعل يينا مقرونا بالشهادة ،وشهادة مقرونة باليمي ،وجعل اللتعن -لقبول
قوله -كالشاهد فإن نكلت الرأة مضت شهادته وحدت وأفادت شهادته .ويينه شيئي
:سقوط الد عنه ووجوبه عليها ،وإن التعنت المرأة وعارضت لعانه بلعان آخر منها ،
أفاد لعانه سقوط الد عنه دون وجوبه عليها ،فكان شهادة ويينا بالنسبة إليها دونا ،
لنه إن كان يينا مضة ،فهي ل تد بجرد حلفه ،وإن كان شهادة فل تد بجرد
شهادته عليها وحده ،فإذا انضم إل ذلك نكولا قوي جانب الشهادة واليمي ف حقه
بتأكده ونكولا ،فكان دليل " ظاهرا على صدقه ،فأسقط الد عنه وأوجبه عليها ،
وهذا أحسن ما يكون من الكم " .ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون " ( ) 1
وقد ظهر بذا أنه يي فيها معن الشهادة ،وشهادة فيها معن اليمي ( .هامش ) ( ) 1
سورة الائدة آية / ) . ( 50صفحة / 321لعان العمى والخرس :ل يتلف أحد ف
جواز لعان العمى ،واختلفوا ف الخرس .فقال مالك والشافعي :يلعن الخرس إذا
فهم عنه .وقال أبو حنيفة رضي ال عنه :ل يلعن ،لنه ليس من أهل الشهادة .من
يبدأ باللعنة ؟ :اتفق العلماء على أن السنة ف اللعان تقدي الرجل فيشهد قبل الرأة .
فقال الشافعي وغيه :هو واجب ،فإذا لعنت الرأة قبله ،فإن لعانا ل يعتد به .
وحجتهم أن اللعان يشرع لدفع الد عن الرجل .فلو بدئ بالرأة لكان دفعا لمر ل يثبت
.وذهب أبو حنيفة ومالك :إل أنه لو وقع البتداء بالرأة صح واعتد به .وحجتهم أن
ال سبحانه عطف ف القرآن بالواو ،والواو ل تقتضي الترتيب بل هي الطلق المع .
النكول ( ) 1عن اللعان :النكول عن اللعان ،إما أن يكون من الزوج أو من الزوجة ،
فإن نكل الزوج فعليه حد القذف .لقول ال تعال :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 321
236
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" والذين يرمون أزواجهم ول يكن لم شهداء إل أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات
بال إنه لن الصادقي ( . " ) 2فإذا ل يشهد فهو مثل الجنب ف القذف ،ولا تقدم من
قول الرسول صلى ال عليه وسلم " :البينة أو حد ف ظهرك " وهذا مذهب الئمة الثلثة
.وقال أبو حنيفة :ل حد عليه .ويبس حت يلعن أو يكذب نفسه .فإن كذب نفسه
وجب عليه حد القذف .فإذا نكلت الزوجة :أقيم عليها حد الزنا عند مالك والشافعي .
( هامش ) ( ) 1النكول :المتناع ) 2 ( .سورة النور آية / ) . ( . 6صفحة 322
/وقال أبو حنيفة :ل تد ،وحبست حت تلعن أن تقر بالزنا ،وإن صدقته أقيم عليها
الد .واستدل أبو حنيفة رضي ال عنه بقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :ل يل دم
امرئ مسلم إل بإحدى ثلث :زنا بعد إحصان ،أو كفر بعد إيان ،أو قتل نفس بغي
نفس " .ولن سفك الدماء بالنكول حكم ترده الصول ،فإنه إذا كان كثي من الفقهاء
ل يوجبون غرم الال بالنكول .فكان بالحرى أل يب بذلك سفك الدماء .قال ابن
رشد :وبالملة .فقاعدة الدماء مبناها ف الشرع على أنا ل تراق إل بالبينة العادلة ،
بالعتراف ،ومن الواجب أل تصص هذه القاعدة بالسم الشترك .فأبو حنيفة ف هذه
السألة أول بالصواب إن شاء ال .وقد اعترف أبو العال ف كتابه " البهان " بقوة أب
حنيفة ف هذه السألة ،وهو شافعي .التفريق بي التلعني :إذا تلعن الزوجان وقعت
الفرقة بينهما على سبيل التأكيد ول يرتفع التحري بينهما بال .فعن ابن عباس أن النب
صلى ال عليه وسلم قال " :التلعنان إذا تفرقا ل يتمعان أبدا " .وعن علي وابن
مسعود قال " :مضت السنة أل يتمع التلعنان " .رواها الدارقطن .ولنه قد وقع
بينهما من التباغض والتقاطع ما أوجب القطيعة بينهما بصفة دائمة ،لن أساس الياة
الزوجية السكن ،والودة ،والرحة ،وهؤلء قد فقدوا هذا الساس ،وكانت عقوبتهما
الفرقة الؤبدة .واختلف الفقهاء فيما إذا كذب الرجل نفسه ،فقال المهور :إنا ل
يتمعان أبدا ،وللحاديث السابقة ،وقال أبو حنيفة :إذا كذب نفسه جلد الد ،وجاز
له أن يعقد عليها من جديد ،واستدل أبو حنيفة بأنه إذا كذب /صفحة / 323نفسه ،
فقد بطل حكم اللعان ،فكما يلحق به الولد ،كذلك ترد الزوجة عليه ،وذلك أن
السبب الوجب للتحري إنا هو الهل بتعيي صدق أحدها .مع القطع بأن أحدها
237
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كاذب ،وإذا انكشف ارتفع التحري .مت تقع الفرقة ؟ تقع الفرقة إذا فرغ التلعنان من
اللعان ،وهذا عند مالك .وقال الشافعي :تقع بعد أن يكمل الزوج لعانه .وقال أبو
حنيفة ،وأحد ،والثوري :ل تقع إل بكم الاكم هل الفرقة طلق أم فسخ ؟ يرى
جهور العلماء أن الفرقة الاصلة باللعان فسخ .ويرى أبو حنيفة أنا طلق بائن ،لن
سببها من جانب الرجل ،ول يتصور أو تكون من جانب الرأة ،وكل فرقة كانت
كذلك تكون طلقا ل فسخا ،فالفرقة هنا مثل فرقة العني ،إذا كانت بكم الاكم .
وأما الذين ذهبوا إل الرأي الول فدليلهم تأبيد التحري ،فأشبه ذات الحرم ،وهؤلء
يرون أن الفسخ باللعان ينع الرأة من استحقاقها النفقة ف مدة العدة ،وكذلك السكن ،
لن النفقة والسكن إنا يستحقان ف عدة الطلق ل ف عدة الفسخ ،ويؤيد هذا ما رواه
ابن عباس رضي ال عنهما ف قصة اللعنة أن النب صلى ال عليه وسلم " قضى أل قوت
لا ول سكن :من أجل أنما يتصرفان من غي طلق ول متوف عنها " .رواه أحد وأبو
داود .إلاق الولد بأمه :إذا نفى الرجل ابنه ،وت اللعان بنفيه له .انتفى نسبه من أبيه
وسقطت نفقته عنه ،وانتفى التوارث بينهما ،ولق بأمه ،فهي ترثه وهو يرثها ،لا رواه
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ،قال " :قضى رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ولد
التلعني أنه يرث أمه وترثه أمه ،ومن رماها به جلد ثاني " .أخرجه أحد .ويؤيد هذا
الديث الدلة الدالة على أن الولد للفراش .ول فراش هنا :لنفي الزوج إياه / .صفحة
/ 324وأما من رماها به اعتب قاذفا ،وجلد ثاني جلدة ،لن اللعنة داخلة ف
الحصنات ،ول يثبت عليها ما يالف ذلك ،فيجب على من رماها بابنها حد القذف ،
ومن قذف ولدها يب حده ،كمن قذف أمه سواء بسواء .وهذا بالنسبة للحكام الت
تلزمه .أما بالنسبة للحكام الت شرعها ال للكافة .فإنه يعامل كأنه ابنه من باب
الحتياط فل يعطيه زكاة ماله ،ولو قتله لقصاص عليه ،وتثبت الحرمية بينه وبي أولده
،ول توز شهادة كل منهما للخر ،ول يعد مهول النسب ،فل يصح أن يدعيه غيه ،
وإذا كذب نفسه ثبت نسب الولد منه ،ويزول كل أثر للعان بالنسبة للولد / .صفحة
/ 325العدة ( ) 1تعريفها :العدة :مأخوذة من العد والحصاء :أي ما تصيه الرأة
وتعده من اليام
238
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 325
والقراء .وهي اسم للمدة الت تنتظر فيها الرأة وتتنع عن التزويج بعد وفاة زوجها ،أو
فراقه لا ( . ) 1وكانت العدة معروفة ف الاهلية .وكانوا ل يكادون يتركونا .فلما
جاء السلم أقرها لا فيها من مصال .وأجع العلماء على وجوبا ،لقول ال تعال " :
والطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء " ( . ) 2وقوله صلى ال عليه وسلم لفاطمة
بنت قيس " :اعتدي ف بيت أم مكتوم " ) 2 ( .حكمة مشروعيتها :ا -معرفة براءة
الرحم حت ل تتلط النساب بعضها ببعض .ب -تيئة فرصة للزوجي لعادة الياة
الزوجية إن رأيا أن الي ف ذلك .ح -التنويه بفخامة أمر النكاح حيث ل يكن أمرا
ينتظم إل بمع الرجال ،ول ينفك إل بانتظار طويل .ولو ل ذلك لكان بنلة لعب
الصبيان ينظم ث يفك ف الساعة .د -أن مصال النكاح ل تتم حت يوطنا أنفسهما على
إدامة هذا العقد ظاهرا ،فإن حدث حادث يوجب فك النظام ل يكن بد من تقيق صورة
الدامة ف الملة بأن تتربص مدة تد لتربصها بال ،وتقاسى لا عناء ( ( . ) 3هامش )
( ) 1احتساب العدة يبدأ من حي وجود سببها ،وهو الطلق أو الوفاة ) 2 ( .سورة
البقرة ) 3 ( 228من " حجة ال البالغة " / ) . ( .صفحة / 326أنواع العدة - 1 :
عدة الرأة الت تيض ،وهي ثلث حيض - 2 .عدة الرأة الت يئست من اليض وهي
ثلثة أشهر - 3 .عدة الرأة الت مات عنها زوجها ،وهي أربعة أشهر وعشرا ،ما ل
تكن حامل - 4 .عدة الامل حت تضع حلها .وهذا إجال نفصله فيما يلي :الزوجة
إما أن تكون مدخول با أو غي مدخول با .عدة غي الدخول با :والزوجة غي
الدخول با إن طلقت فل عدة عليها لقول ال تعال " :يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم
الؤمنات ث طلقتموهن من قبل أن تسوهن ( ) 1فما لكم عليهن من عدة تعتدونا ( ) 2
" .فإن كانت غي مدخول با ،وقد مات عنها زوجها فعليها العدة ،كما لو كان قد
دخل با ،لقوله تعال " :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا " ( . ) 3وإنا وجبت العدة عليها وإن ل يدخل با وفاء للزوج التوف
ومراعاة لقه .عدة الدخول با ( : ) 4وأما الدخول با ،فإما أن تكون من ذوات
239
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
اليض ،أو من غي ذوات اليض ( :هامش ) ( ) 1الس :الدخول ) 2 ( .سورة
الحزاب :آية ) 3 ( . 49سورة البقرة :الية ، 234وحكمة التحديد بذه الدة لنا
الت تكمل فيها خلقة الولد وينفخ فيه الروح بعد مضي 120يوما ،وهي زيادة على
أربع أشهر لنقصان الهلة فجب الكسر إل العقد على طريق الحتياط ،وذكر العشر مؤنثا
لرادة الليال .والراد مع أيامها عند المهور .فل تل حت تدخل الليلة الادية عشرة .
( ) 4يرى الحناف والنابلة واللفاء الراشدون أن القصود بالدخول الدخول حقيقة أو
حكما ( / ) .صفحة / 327عدة الائض :فإن كانت من ذوات اليض فعدتا ثلثة
قروء ،لقول ال تعال " :والطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء " .والقروء جع قرء .
والقرء :اليض .ورجح ذلك ابن القيم ،فقال :إن لفظ القرء ل يستعمل ف كلم
الشارع إل للحيض .ول يئ عنه ف موضع واحد استعماله للطهر .فحمله ف الية على
العهود العروف من خطاب الشارع أول ،بل يتعي .فإنه قد قال صلى ال عليه وسلم
للمستحاضة " :دعي الصلة أيام إقرائك " وهو صلى ال عليه وسلم العب عن ال ،
وبلغة قومه نزل القرآن .فإذا أورد الشترك ف كلمه على أحد معنييه ،وجب حله ف
سائر كلمه عليه إذا ل يثبت إرادة الخر ف شئ من كلمه البتة .ويصي هو لغة القرآن
الت خوطبنا با ،وإن كان له معن آخر ف كلم غيه ،وإذا ثبت استعمال الشارع للقرء
ف اليض علم أن هذا لغته ،فيتعي حله عليها ف كلمه .ويدل على ذلك ما ف سياق
الية من قوله تعال " :ول يل لن أن يكتمن ما خلق ال ف أرحامهن " .وهذا هو
اليض والمل عند عامة الفسرين .والخلوق ف الرحم إنا هو اليض الوجودي .وبذا
قال السلف واللف ،ول يقل أحد إنه الطهر .وأيضا فقد قال سبحانه " :واللئي يئسن
من الحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتن ثلثة أشهر .واللئي ل يضن وأولت الحال
أجلهن أن يضعن حلهن ( . " ) 1فجعل كل شهر بإزاء حيضة وعلق الكم بعدم
اليض ل بعدم الطهر واليض .وقال ف موضع آخر قوله تعال " :فطلقوهن لعدتن " .
معناه :لستقبال عدتن ،ل فيها ،وإذا كانت العدة الت يطلق لا ( هامش ) أي أن
اللوة الصحيحة تعتب دخول تب با العدة ،وعند الشافعي ف الذهب الديد أن اللوة
ل تب با العدة ) 1 ( .سورة الطلق آية / ) . ( 4صفحة / 328النساء مستقبلة
240
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بعد الطلق ،فالستقبل بعدها إنا هو اليض ،فإن الطاهر ل تستقبل الطهر ،إذ هي
فيه ،وإنا تستقبل اليض بعد حالا الت هي فيها ( . ) 1
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 328
أقل مدة للعتداد بالقراء :قالت الشافعية :وأقل ما يكن أن تعتد فيه الرة بالقراء :
إثنان وثلثون يوما وساعة ،وذلك بأن يطلقها ف الطهر ويبقى من الطهر بعد الطلق
ساعة فتكون تلك الساعة قرءا ،ث تيض يوما ،ث تطهر خسة عشر يوما ،وهو القرء
الثان ،ث تيض يوما ،ث تطهر خسة عشر يوما ،وهو القرء الثالث .فإذا طعنت ف
اليضة الثالثة انقضت عدتا .وأما أبو حنيفة فأقل مدة عنده ستون يوما ،وعند صاحبيه
تسعة وثلثون يوما .فهي تبدأ عند المام أب حنيفة باليض عشرة أيام ،وهي أكثر مدته
،ث بالطهر خسة عشر يوما ،ث باليض عشرة والطهر خسة عشر ،ث باليضة الثالثة ،
ومدتا عشرة أيام ،فيكون الجموع ستي يوما ،فإذا مضت هذه الدة وادعت أن عدتا
انتهت صدقت بيمينها ،وصارت حلل لزوج آخر .أما الصاحبان فيحسبان لكل حيضة
ثلثة أيام ،وهي أقل مدته ،ويسبان لكل من الطهرين التخللي للحيضات الثلث خسة
عشر يوما ،فيكون الجموع 39يوما ( . ) 2عدة غي الائض :وإن كانت من غي
ذوات اليض ،فعدتا ثلثة أشهر ،ويصدق ذلك على الصغية الت ل تبلغ ،والكبية
الت ل تيض سواء أكان اليض ل يسبق لا ،أو انقطع حيضها بعد وجوده .لقول ال
تعال " :واللئي يئسن من الحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتن ثلثة أشهر ،واللئي ل
يضن وأولت الحال أجلهن أن يضعن حلهن ( ( . " ) 3هامش ) ( ) 1زاد العاد :
الزء الثالث ص " ) 2 ( . 96زاد العاد ج 4ص ) 3 ( . " 208سورة الطلق آية
/ ) . ( . 4صفحة / 329روى ابن أب هاشم ف تفسيه عن عمر بن سال عن أب بن
كعب ،قال :قلت :يا رسول ال :إن أناسا بالدينة يقولون ف عدد النساء ،ما ل
يذكر ال ف القرآن ،الصغار والكبار وأولت الحال ،فأنزل ال سبحانه ف هذه
السورة " :واللئي يئسن من الحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتن ثلثة أشهر ،واللئي
ل يضن وأولت الحال أجلهن أن يضعن حلهن " .فأجل إحداهن أن تضع حلها ،
241
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فإذا وضعت فقد قضت عدتا .ولفظ جرير ،قلت يا رسول ال إن ناسا من أهل الدينة
لا نزلت هذه الية الت ف البقرة ف عدة النساء قالوا :لقد بقي من عدد النساء عدد ل
يذكرن ف القرآن :الصغار والكبار الت قد انقطع عنها اليض وذوات المل قال :
فأنزلت الت ف النساء القصرى " :واللئي يئسن من الحيض من نسائكم إن ارتبتم " .
وعن سعيد بن جبي ف قوله " واللئي يئسن من الحيض من نسائكم " يعن اليسة
العجوز الت ل تيض ،أو الرأة الت قعدت من اليضة ،فليست هذه من القروء ف شئ .
وف قوله " إن ارتبتم " ف الية ،يعن إن شككتم " ،فعدتن ثلثة أشهر " ،وعن ماهد
:إن ارتبتم ول تعلموا عدة الت قعدت عن اليض ،أو الت ل تض فعدتن ثلثة أشهر .
فقوله تعال " إن ارتبتم " يعن إن سألتم عن حكمهن ول تعلموا حكمهن وشككتم فيه
فقد بينه ال لكم .حكم الرأة الائض إذا ل تر اليض :إذا طلقت الرأة وهي من ذوات
القراء .ث إنا ل تر اليض ف عادتا ،ول تدر ما سببه ،فإنا تعتد سنة :تتربص مدة
تسعة أشهر لتعلم براءة رحها ،لن هذه الدة هي غالب مدة المل ،فإذا ل يب المل
فيها ،علم براءة الرحم ظاهرا ،ث تعتد بعد ذلك عدة اليسات ثلثة أشهر ،وهذا ما
قضى به عمر رضي ال عنه .قال الشافعي :هذا قضاء عمر بي الهاجرين والنصار ،ل
ينكره منهم منكر علمناه .سن اليأس :اختلف العلماء ف سن اليأس / .صفحة / 330
فقال بعضهم :إنا خسون ،وقال آخرون :إنا ستون ،والق أن ذلك يتلف باختلف
النساء .قال شيخ السلم ابن تيمية :اليأس متلف باختلف النساء ،وليس له حد يتفق
عليه النساء .والراد بالية أن إياس كل امرأة من نفسها ،لن اليأس ضد الرجاء .فإذا
كانت الرأة قد يئست من الحيض ول ترجه ،فهي آيسة وإن كان لا أربعون أو نوها ،
وغيها ل تيأس منه وإن كان لا خسون ( . ) 1عدة الامل :وعدة الامل تنتهي
بوضع المل ،سواء أكانت مطلقة أو متوف عنها زوجها ،لقول ال تعال " :وأولت
الحال أجلهن أن يضعن حلهن ( " ) 2قال ف زاد العاد :ودل قوله سبحانه " :
أجلهن أن يضعن حلهن " على أنا إذا كانت حامل بتو أمي ل تنقض العدة حت
تضعهما جيعا .ودلت على أن من عليها الستباء فعدتا وضع المل أيضا .ودلت على
أن العدة تنقضي بوضعه على أي صفة كان ،حيا أو ميتا ،تام اللقة أو ناقصها ،نفخ
242
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فيه الروح أو ل ينفخ .عن سبيعة السلمية أنا كانت تت سعد بن حواله وهو من شهد
بدرا ،فتوف عنها ف حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب ( ) 3أن وضعت
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 330
حلها بعد وفاته ،فلما تعلت ( ) 4من نفاسها تملت للخطاب ،فدخل عليها أبو
السنابل بن بعكك -رجل من بن عبد الدار -فقال لا :مال أراك متجملة ،لعلك
ترتي ( ) 5النكاح ؟ إنك وال ما أنت بناكح حت تر عليك أربعة أشهر وعشرا ،
قالت سبيعة :فلما قال ل ذلك جعت علي ثياب حي أمسيت ،فأتيت رسول ال صلى
ال عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتان بأن ( هامش ) ( ) 1ص 206ج 4زاد العاد (
) 2سورة الطلق آية ) 3 ( . 4ننشب :نلبث ) 4 ( .طهرت من دمها ) 5 ( .
تطلبي ( / ) .صفحة / 331قد حللت حي وضعت حلي ،وأمرن بالتزوج إن بدال
.وقال ابن شهاب :ول أرى بأسا أن تتزوج حي وضعت ،وإن كانت ف دمها ،غي
أنه ل يقربا زوجها حت تطهر .أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه .والعلماء
يعلون قول ال تعال " :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة
أشهر وعشرا ( " ) 1خاصة بعدد الوائل ( ، ) 2ويعلون قول ال تعال ف سورة
الطلق " :وأولت الحال أجلهن أن يضعن حلهن " ف عدد الوامل فليست الية
الثانية معارضة للول .عدة التوف عنها زوجها :والتوف عنها زوجها عدتا أربعة أشهر
وعشرا ،ما ل تكن حامل ،لقول ال تعال " :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ،
يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " .وإن طلق امرأته طلقا رجعيا ،ث مات عنها
وهي ف العدة اعتدت بعد الوفاة ،لنه توف عنها وهي زوجته .عدة الستحاضة :
الستحاضة تعتد باليض .ث إن كانت لا عادة فعليها أن تراعي عادتا ف اليض والطهر
،فإذا مضت ثلث حيض انتهت العدة ،وإن كانت آيسة انتهت عدتا بثلثة أشهر .
وجوب العدة ف غي الزواج الصحيح :من وطئ امرأة بشبهة وجبت عليها العدة ،لن
وطء الشبهة كالوطء ف النكاح ف النسب ،فكان كالوطء ف النكاح ف إياب العدة .
وكذلك تب العدة ف زواج فاسد إذا تقق الدخول ( . ) 3ومن زن بامرأة ل تب
243
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عليها ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة آية ) 2 ( . 234الوائل :غي الوامل ) 3 ( .
قالت الظاهرية :ل تب العدة ف النكاح الفاسد ،ولو بعد الدخول ،لعدم دليل على
إيابا من الكتاب والسنة ( / ) .صفحة / 332العدة ،لن العدة لفظ النسب ،
والزان ليلحقه نسب ،وهو رأي الحناف والشافعية والثوري ،وهو رأي أب بكر
وعمر .وقال مالك وأحد :عليها العدة ،وهل عدتا ثلث حيض أو حيضة تستبى
با ؟ روايتان عن أحد .تول العدة من اليض إل العدة بالشهر :إذا طلق الرجل
زوجته وهي من ذوات اليض ،ث مات وهي ف العدة ،فإن كان الطلق رجعيا ،فإن
عليها أن تعتد عدة الوفاة ،وهي أربعة أشهر وعشرا ،لنا ل تزال زوجة له ،ولن
الطلق الرجعي ل يزيل الزوجة ،ولذلك يثبت التوارث بينهما إذا توف أحدها وهي ف
العدة .وإن كان الطلق بائنا فإنا تكمل عدة الطلق باليض ول تتحول العدة إل عدة
الوفاة ،وذلك لنقطاع الزوجية بي الزوجي من وقت الطلق ،لن الطلق البائن يزيل
الزوجية ،فتكون الوفاة حدثت وهو غي زوج ،ولذلك ل يرث أحدها صاحبه إذا توف
أحدها وهي ف العدة إل إذا اعتب فارا .طلق الفار :وطلق الفار أن يطلق الريض
مرض الوت امرأته طلقا بائنا بغي رضاها ،ث يوت وهي ف العدة ،فإنه يعتب ف هذه
الال فارا من الياث ،ولذا قال مالك " ترث ولو مات بعد انقضاء عدتا وبعد نكاح
زوج آخر ،معاملة له بنقيض قصده .ويرى أبو حنيفة وممد أن الكم ف هذه الال
يتغي ،فتكون عدتا أطول الجلي :عدة الطلق أو عدة الوفاة ،فإن كانت عدة الطلق
أطول ،اعتدت با ،وإن كانت عدة الوفاة هي الطول ،كانت هي العدة .أي إذا
انقضت اليضات الثلث ف أكثر من أربعة أشهر وعشر اعتدت با ،وإن كانت الربعة
أشهر وعشر أكثر من مدة اليضات الثلث اعتدت با .وذلك كي ل ترم الرأة من
حقها ف الياث الذي أراد الزوج الفرار منه بالطلق / .صفحة / 333وعند أب
يوسف أن الطلقة ف هذه الال تعتد عدة الطلق وإن كانت مدتا أقل من أربعة أشهر
وعشر .ويرى الشافعي ف أظهر قوليه :أنا ل ترث كالطلقة طلقا بائنا ف الصحة .
وحجته أن الزوجية قد انتهت بالطلق قبل الوت فقد زال السبب ف الياث .ول عبة
بظنة الفرار ،لن الحكام الشرعية تناط بالسباب الظاهرة ل بالنيات الفية .واتفقوا
244
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
على أنه إن أبانا ف مرضه فماتت الرأة فل مياث له .وكذلك تتحول العدة من اليض
إل الشهر ف حق من حاضت حيضة أو حيضتي ث يئست من اليض فإنا حينئذ يب
عليها أن تعتد بثلثة أشهر ،لن إكمال العدة باليض غي مكن ،لنقطاعه ،ويكن
إكمالا باستئنافها بالشهور والشهور بدل عن اليض .تول العدة من الشهر إل اليض
:إذا شرعت الرأة ف العدة بالشهور لصغرها أو لبلوغها سن الياس ث
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 333
حاضت ،لزمها النتقال إل اليض .لن الشهور بدل عن اليض فل يوز العتداد با
مع وجود أصلها .وإن انقضت عدتا بالشهور ،ث حاضت ،ل يلزمها الستئناف للعدة
بالقراء ،لن هذا حدث بعد انقضاء العدة .وإن شرعت ف العدة بالقراء أو الشهر ،
ث ظهر لا حل من الزوج ،فإن العدة تتحول إل وضع المل ،والمل دليل على براءة
الرحم من جهة القطع .انقضاء العدة :إذا كانت الرأة حامل فإن عدتا تنقضي بوضع
المل ،وإذا كانت العدة بالشهر ،فإنا تتسب من وقت ( ) 1الفرقة أو الوفاة حت
تستكمل ثلثة ( هامش ) ( ) 1مذهب مالك والشافعي أن الطلق إن وقع ف أثناء
الشهر اعتدت بقيته ،ث اعتدت شهرين ،بالهلة ،ث اعتدت من الشهر الثالث تام
ثلثي يوما .وقال أبو حنيفة :تتسب بقية الول وتعتد من الرابع بقدر ما فاتا من
الول تاما كان أم ناقصا ( / ) .صفحة / 334أشهر أو أربعة أشهر وعشرا ،وإذا
كانت باليض فإنا تنقضي بثلث حيضات وذلك يعرف من جهة الرأة نفسها ( ) 1
لزوم العتدة بيت الزوجية :يب على العتدة أن تلزم بيت الزوجية حت تنقضي عدتا ،
ول يل لا أن ترج منه ،ول يل لزوجها أن يرجها منه ،ولو وقع الطلق أن حصلت
الفرقة وهي غي موجودة ف بيت الزوجية وجب عليها أن تعود إليه بجرد علمها :يقول
ال تعال " :يا أيها النب إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتن واحصوا العدة واتقوا ال
ربكم ل ترجوهن من بيوتن ول يرجن إل أن يأتي بفاحشة مبينة ( ، ) 2وتلك
حدود ال ومن يتعد حدود ال فقد ظلم نفسه " ( . ) 3وعن الفريعة بنت مالك بن
سنان -وهي أخت أب سعيد الدري :أنا جاءت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم
245
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تسأله أن ترجع إل أهلها ف بن خدرة ،فإن زوجها خرج ف طلب أعبد له أبقوا (
، ) 4حت إذا كانوا بطرف القدوم ( ) 5لقهم فقتلوه ،فسألت رسول ال صلى ال
عليه وسلم أن أرجع إل أهلي فإن ل يتركن ف مسكن يلكه ولنفقة ؟ ،قالت :فقال
رسول ال صلى ال عليه وسلم :نعم ،قالت :فخرجت حت إذا كنت ف ( هامش ) (
) 1كانت بعض النساء تكذب وتدعي أن عدتا ل تنقض وأنا ل تر اليضات الثلث
لتطول العدة ولتتمكن من أخذ النفقة مدة طويلة ،وكان ذلك مثارا لشكوى الرجال ،
فتدارك القانون رقم 25لسنة 1929هذه الال ،فجاء ف الادة 17منه ما نصه " :ل
تسمع الدعوى لنفقة عدة لدة تزيد على سنة من تاريخ الطلق " .وجاء ف الذكرة
ليضاحية لذه الادة " :فقطعا لذه الدعاءات الباطلة ،وبناء على ما قرره الطباء من أن
أكثر مدة المل سنة وضعت الفقرة الول من الادة 17ومنعت العتدة من دعواها نفقة
العدة لكثر من سنة من تاريخ الطلق ،فتقرر بذلك مدة استحقاق النفقة ،وليس معناه
تديد مدة العدة شرعا ،فان مدة العدة ثلث حيضات " ) 2 ( .سورة الطلق الية 1
) 3 ( .قال ابن عباس :الفاحشة البينة أن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت على الهل
حل إخراجها ) 4 ( .هربوا ) 5 ( .موضع على ستة أميال من الدينة ( / ) .صفحة
/ 335الجرة أو ف السجد دعان أو أمرب فدعيت له فقال :كيف قلت ؟ فرددت
عليه القصة الت ذكرت من شأن زوجي ،فقال :امكثي ف بيتك حت يبلغ الكتاب أجله
.قالت :فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا .قالت :فلما كان عثمان بن عفان أرسل إل
فسألن عن ذلك فأخبته ،فأتبعه وقضى به .رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه
والترمذي وقال حسن صحيح .وكان عمر يرد التوف عنهن أزواجهن من البيداء وينعهن
الج .ويستثن من ذلك الرأة البدوية إذا توف عنها زوجها فإنا ترتل مع أهلها إذ اكان
أهلها من أهل الرتال .وخالف ف ذلك عائشة وابن عباس وجابر بن زيد والسن
وعطاء ،وروي عن علي وجابر .فقد كانت عائشة تفت التوف عنها زوجها بالروج ف
عدتا وخرجت بأختها أم كلثوم ،حي قتل عنها طلحة بن عبد ال إل مكة ف عمرة .
وقال عبد الرزاق :أخبنا ابن جريج قال أخبن عطاء عن ابن عباس أنه قال :إنا قال
ال عزوجل :تعتد أربعة أشهر وعشرا ،ول يقل تعتد ف بيتها ،فتعتد حيث شاءت .
246
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وروى أبو داود عن ابن عباس أيضا قال :نسخت هذه الية عدتا عند أهله ،وسكتت
ف وصيتها ،وإن شاءت خرجت ،لقول ال تعال " :فإن خرجن فل جناح عليكم فيما
فعلن ف أنفسهن ( " ) 1قال عطاء :ث جاء الياث فنسخ السكن تعتد حيث شاءت .
اختلف الفقهاء ف خروج الرأة ف العدة :وقد اختلف الفقهاء ف خروج الرأة ف العدة
.فذهب الحناف إل أنه ل يوز للمطلقة الرجعية ول للبائن الروج من بيتها ليل
ولنارا .وأما التوف عنها زوجها فتخرج نارا وبعض الليل ،ولكن ل تبيت إل ف منلا
.قالوا :والفرق بينهما أن الطلقة نفقتها ف مال زوجها ،فل يوز لا ( هامش ) ( ) 1
سورة البقرة آية ) . ( 24 .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 335
/صفحة / 336الروج كالزوجة ،بلف التوف عنها زوجها فإنا لنفقة لا ،فلبد
أن ترج بالنهار لصلح حالا .قالوا :وعليها أن تعتد ف النل الذي يضاف إليها
بالسكن حال وقوع الفرقة .وقالوا :فإن كان نصيبها من دار اليت ل يكفيها ،أو
أخرجها الورثة من نصيبهم انتقلت ،لن هذا عذر ،والكون ف بيتها عبادة ،والعبادة
تسقط بالعذر ،وعندهم :ان عجزت عن كراء البيت الذي هي فيه لكثرته ،فلها أن
تنتقل إل بيت أقل كراء منه .وهذا من كلمهم يدل على أن أجرة السكن عليها .وإنا
تسقط السكن عنها لعجزها عن أجرته ،ولذا صرحوا بأنا تسكن ف نصيبها من التركة
إن كفاها .وهذا لنه لسكن عندهم للمتوف عنها زوجها -حامل كانت أو حائل ( -
) 1وإنا عليها أن تلزم مسكنها الذي توف زوجها وهي فيه ،ليل ونارا .فإن بدله لا
الورثة ،وإل كانت الجرة عليها .ومذهب النابلة جواز بالروج نارا ،سواء كانت
مطلقة أو متوف عنها زوجها .قال ابن قدامة :وللمعتدة الروج ف حوائجها نارا ،
سواء كانت مطلقة أو متوف عنها زوجها ،قال جابر :طلقت خالت ثلثا فخرجت تد
( ) 2نلها فلقيها رجل فنهاها فذكرت ذلك للنب صلى ال عليه وسلم فقال " :
أخرجي فجذي نلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيا " رواه النسائي وأبو داود ،
وروى ماهد ،قال :استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم رسول ال ،وقلن :
247
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يارسول ال نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا ؟ فإذا أصبحنا بادرنا إل بيوتنا ؟ فقال :
" تدثن عند إحداكن حت إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إل بيتها " .وليس لا
البيت ف غي بيتها ،ول الروج ليل إل لضرورة ،لن الليل ( هامش ) ( ) 1وعند
النابلة لسكن لا إذا كانت حائل ،وإن كانت حامل ففي روايتي .وللشافعي قولن .
وعند مالك أن لا السكن ) 2 ( .تذ :تقطع ( / ) .صفحة / 337مظنة الفساد ،
بلف النهار ،فإن فيه قضاء الوائج والعاش وشراء ما يتاج إليه .حداد العتدة :يب
على الرأة أن تد على زوجها التوف مدة العدة ،وهذا متفق عليه بي الفقهاء واختلفوا ف
الطلقة طلقا بائنا .فقال الحناف :يب عليها الحداد .وذهب غيهم إل أنه ل حداد
عليها .وتقدم ف الجلد الول حقيقة الداد ( . ) 1نفقة العتدة :اتفق الفقهاء على أن
الطلقة طلقا رجعيا تستحق النفقة والسكن .واختلفوا ف البتوتة ؟ فقال أبو حنيفة :لا
النفقة والسكن مثل الطلقة الرجعية ،لنا مكلفة بقضاء مدة العدة ف بيت الزوجية ،
فهي متبسة لقه عليها فتجب لا النفقة ،وتعتب هذه النفقة دينا صحيحا من وقت
الطلق ،ول تتوقف على التراضي ولقضاء القاضي ،ول يسقط هذا الدين إل بالداء أو
البراء .وقال أحد :ل نفقة لا ولسكن ،لديث فاطمة بنت قيس :أن زوجها طلقها
البتة ،فقال لا الرسول صلى ال عليه وسلم " :ليس لك عليه نفقة " .وقال الشافعي
ومالك :لا السكن بكل حال ول نفقة لا إل أن تكون حامل ،لن عائشة وابن السيب
أنكرا على فاطمة بنت قيس حديثها ،قال مالك :سعت ابن شهاب يقول :البتوتة ل
ترج من بيتها حت تل ،وليست لا نفقة ،إل أن تكون حامل فينفق عليها حت تضع
حلها ،ث قال :وهذا المر عندنا ( .هامش ) ( ) 1الجلد الول صفحة ) . ( 507
/صفحة / 338الضانة معناها :الضانة مأخوذة من اليض ،وهو ما دون البط إل
الكشح ،وحضنا الشئ جانباه ،وحضن الطائر بيضه إذا ضمه إل نفسه تت جناحه ،
وكذلك الرأة إذا ضمت ولدها .وعرفها الفقهاء :بأنا عبارة عن القيام بفظ الصغي ،
أو الصغية ( ، ) 1أو العتوه الذي ل ييز ول يستقل بأمره ،وتعهده با يصلحه ،
ووقايته ما يوذيه ويضره ،وتربيته جسميا ونفسيا وعقليا ،كي يقوى على النهوض
بتبعات الياة والضطلع بسئولياتا .والضانة بالنسبة للصغي أو للصغية واجبة ،لن
248
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الهال فيها يعرض الطفل للهلك والضياع .الضانة حق مشترك :الضانة حق للصغي
لحتياجه إل من يرعاه ،ويفظه ،ويقوم على شئونه ،ويتول تربيته .ولمه الق ف
احتضانه كذلك ،لقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :أنت أحق به " .وإذا كانت
الضانة حقا للصغي فإن الم تب عليها إذا تعينت بأن يتاج الطفل إليها ول يوجد غيها
،كي ل يضيع حقه ف التربية والتأديب ( .هامش ) ( ) 1ولبد من الصغر أو العته ف
إياب الضانة أما البالغ الرشيد فل حضانة عليه ،وله اليار ف القامة عند من شاء من
أبويه ،فان كان ذكرا فله النفراد بنفسه ،لستغنائه عنهما ويستحب أن ل ينفرد عنهما
ول يقطع بره عنهما ،وإن كانت جارته ل يكن لا النفراد ولبيها منعها منه لنه ل
يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها ويلحق العار با وبأهلها ،فإن ل يكن لا أب فلوليها
وأهلها منعها من ذلك ( ) .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 338
/صفحة / 339فإن ل تتعي الضانة بأن كان للطفل جدة ورضيت بإمساكه وامتنعت
الم فإن حقها ف الضانة يسقط بإسقاطها إياه ،لن الضانة حق لا .وقد جاء ف
بعض الحكام الت أصدرها القضاء الشرعي ما يؤيد هذا ،فقد أصدرت مكمة جرجا ف
1933 / 7 / 23ما يلي " :إن لكل من الاضنة والحضون حقا ف الضانة ،إل أن
حق الحضون أقوى من حق الاضنة ،وإن إسقاط الاضنة حقها ل يسقط حق الصغي "
.وجاء ف حكم مكمة العياط ف 7أكتوبر سنة " : 1928إن تبع غي الم بنفقة
الحضون الرضيع ل يسقط حقها ف حضانة هذا الرضيع ،بل يبقى ف يدها ول ينع
منها مادام رضيعا .وذلك حت ل يضار الصغي برمانه من أمه الت هي أشفق الناس عليه
وأكثرهم صبا على خدمته ( . " ) 1الم أحق بالولد من أبيه :أسى لون من ألوان
التربية هو تربية الطفل ف أحضان والديه ،إذ ينال من رعايتهما وحسن قيامهما عليه ما
يبن جسمه وينمي عقله ،ويزكي نفسه ويعده لياة .فإذا حدث ان افترق الوالدان
وبينهما طفل ،فالم أحق به من الب ،ما ل يقم بالم مانع ينع تقديها ( ، ) 2أو
بالولد وصف يقتضي تييه ( . ) 3وسبب تقدي الم أن لا ولية الضانة والرضاع ،
249
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لنا أعرف بالتربية وأقدر عليها ،ولا من الصب ف هذه الناحية ما ليس للرجل ،وعندها
من الوقت ما ليس عنده ،لذا قدمت الم رعاية لصلحة الطفل .فعن عبد ال بن عمرو
أن امرأة قالت :يارسول ال إن ابن هذا كان بطن له وعاء ( ، ) 4وحجري له حواء (
) 5وثديي له سقاء ،وزعم أبوه أنه ينعه من ،فقال " :أنت أحق به ما ل تنكحي " .
( هامش ) ( ) 1أحكام الحوال الشخصية للدكتور ممد يوسف موسى ) 2 ( .بأن ل
تتوفر فيها الشروط الت يب توفرها ف الاضنة ) 3 ( .وهو الستغناء عن خدمة النساء
) 4 ( .الوعاء :الناء ) 5 ( .الجر :الضن ،وحواء :أي يويه وييط به ،
والسقاء :وعاء الشرب ( / ) .صفحة / 340اخرجه أحد وأبو داود والبيهقي والاكم
وصححه .وعن يي بن سعيد قال :سعت القاسم بن ممد يقول :كانت عند عمربن
الطاب امرأة من النصار ،فولدت له عاصم بن عمر ،ث إن عمر فارقها ،فجاء عسر
قباء -فوجد ابنه عاصما يلعب بفناء السجد .فأخذ بعضده فوضعه بي يديه على
الدابة ،فأدركته جدة الغلم ،فنازعته إياه حت أتيا أبا بكر الصديق .فقال عمر :ابن ،
وقالت الرأة :ابن .فقال أبو بكر :خل بينها وبينه .فما راجعه عمر الكلم ( . ) 1
رواه مالك ف الوطأ .قال ابن عبد الب :هذا الديث مشهور من وجوه منقطعة
ومتصلة ،تلقاه أهل العلم بالقبول .وف بعض الروايات أنه قال له " :الم أعطف
وألطف وأرحم وأحن وأخي وأرأف ،وهي أحق بولدها ما ل تتزوج " .وهذا الذي قاله
أبو بكر رضي ال عنه من كون الم أعطف وألطف هو العلة ف أحقية الم بولدها الصغي
.ترتيب أصحاب القوق ف الضانة :وإذا كانت الضانة للم ابتداء فقد لحظ الفقهاء
أن قرابة الم تقدم على قرابة الب ،وأن الترتيب بي أصحاب الق ف الضانة يكون
على هذا النحو .الم :فإذا وجد مانع ينع تقديها ( ) 2انتقلت الضانة إل أم الم ،
وإن علت .فإن وجد مانع انتقلت إل أم الب ،ث إل الخت الشقيقة .ث الخت
لم ،ث الخت لب ،ث بنت الخت الشقيقة فبنت الخت لم .ث الالة الشقيقة ،
فالالة لم .فالالة لب .ث بنت الخت لب .ث بنت الخ الشقيق ،فبنت الخ
لم ،فبنت الخ لب ،ث العمة الشقيقة ،فالعمة ( هامش ) ( ) 1وكان مذهب عمر
مالفا لذهب أب بكر ،ولكنه سلم للقضاء من له الكم والمضاء ،ث كان بعد ف
250
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
خلفته يقضي به ويفت .ول يالف مذهب أب بكر مادام الصب ل ييز ،ول مالف لما
من الصحابة ،أفاده ابن القيم ) 2 ( .كأن فقدت شرطا من شروط الضانة الت ستأت
بعد ( / ) .صفحة / 341لم فالعمة لب ،ث خالة الم ،فخالة الب ،فعمة الم ،
فعمة الب ،بتقدي الشقيقة ف كل منهن .فإذا ل توجد للصغي قريبات من هذه
الحارم ،أو وجدت وليست أهل للحضانة ،انتقلت الضانة إل العصبات من الحارم ،
من الرجال على حسب الترتيب ف الرث .فينتقل حق الضانة إل الب ،ث أب أبيه ،
وإن عل ،ث إل الخ الشقيق ،ث إل الخ الب ،ث ابن الخ الشقيق ،ث ابن الخ
الب ،ث الغم الشقيق ،فالعم لب ،ث عم أبيه الشقيق ،ث عم أبيه لب .فإذا ل يوجد
من عصبته من الرجال الحارم أحد ،أو وجد وليس أهل للحضانة ،انتقل حق الضانة
إل مارمه من الرجال غي العصبة .فيكون للجد لم ،ث للخ لم ،ث لبن الخ لم ،
ث للعم لم ،ث للخال الشقيق ،فالال لب ،فالال لم .فإذا ل يكن للصغي قريب
عي القاضي له حاضنة تقوم بتربيته .وإنا كان ترتيب الضانة على هذا النحو ،لن
حضانة الطفل أمر لبد
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 341
منه ،وأول الناس به قرابته ،وبعض القرابة أول من بعض .فيقدم الولياء لكون ولية
النظر ف مصاله إليهم ابتداءا ،فإذا ل يكونوا موجودين ،أو كانوا ووجد ما ينعهم من
الضانة ،انتقلت إل القرب فالقرب .فإن ل يكن ثة قريب ،فإن الاكم مسئول عن
تعيي من يصلح للحضانة .شروط الضانة :يشترط ف الاضنة الت تتول تربية الصغي
وتقوم على شئونه ،الكفاءة والقدرة على الضطلع بذه الهمة ،وإنا تتحقق القدرة
والكفاءة بتوفر شروط معينة ،فإذا ل يتوفر شرط منها سقطت الضانة ،وهذه الشروط
هي - 1 :العقل :فل حضانة لعتوه ،ول منون ،وكلها ليستطيع القيام بتدبي نفسه
،فل يفوض له أمر تدبي غيه ،لن فاقد الشئ ليعطيه ( / ) .صفحة - 2 / 342
البلوغ :لن الصغي ولو كان ميزا ف حاجة إل من يتول أمره ويضنه ،فل يتول هو
أمر غيه - 3 .القدرة على التربية :فل حضانة لكفيفة ،أو ضعيفة البصر ،ول لريضة
251
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مرضا معديا ،أو مرضا يعجزها عن القيام بشئونه ،ول لتقدمة ف السن تقدما يوجها
إل رعاية غيها لا .ول لهملة لشئون بيتها كثية الغادرة له ،بيث يشى من هذا
الهال ضياع الطفل وإلاق الضرر به .أو لقاطنة مع مريض مرضا معديا ،أو مع من
يبغض الطفل ،ولو كان قريبا له ،حيث ل تتوفر له الرعاية الكافية ،ول الو الصال .
- 4المانة واللق :لن الفاسقة غي مأمونة على الصغي ول يوثق با ف أداء واجب
الضانة ،وربا نشأ على طريقتها ومتخلقا بأخلقها ،وقد ناقش ابن القيم هذا الشرط
فقال " :مع أن الصواب أنه ل تشترط العدالة ف الاضن قطعا وإن شرطها أصحاب
أحد والشافعي رحهما ال وغيهم .واشتراطها ف غاية البعد .ولو اشترط ف الاضن
العدالة لضاع أطفال العال ،ولعظمت الشقة على المة ،واشتد العنت ول يزل من حي
قام السلم إل أن تقوم الساعة أطفال الفساق بينهم ،ل يتعرض لم أحد ف الدنيا مع
كونم هم الكثرين ،ومت وقع ف السلم انتزاع الطفل من أبويه أو أحدها بفسقه ،
وهذا ف الرج والعسر واستمرار العمل التصل ف سائر المصار والعصار على خلفة
بنلة اشتراط العدالة ف ولية النكاح ،فإنه دائم الوقوع ف المصار والعصار والقرى
والبوادي مع أن أكثر الولياء الذين يلون ذلك فساق ،ول يزل الفسق ف الناس " .ول
ينع النب صلى ال عليه وسلم ول أحد من الصحابة فاسقا ف تربية ابنه وحضانته له ،
ولمن تزويه موليته .والعادة شاهدة بأن الرجل لو كان من الفساق فإنه يتاط لبنته ول
يضيعها .ويرص على الي لا بهده وإن قدر خلف ذلك فهو قليل بالنسبة إل العتاد .
والشارع يكتفي ف ذلك على الباعث الطبيعي .ولو كان الفاسق مسلوب الضانة وولية
النكاح لكان بيان هذا للمة من /صفحة / 343أهم المور واعتناء المة بنقله وتوارث
العمل به مقدما على كثي ما نقلوه وتوارثوا العمل به .فكيف يوز عليهم تضييعه
واتصال العمل بلفه ،ولو كان الفسق يناف الضانة ،لكان من زن ،أو شرب المر ،
أو أتى كبية فرق بينه وبي أولده الصغار والتمس لم غيه .وال أعلم - 5 .السلم
:فل تثبت الضانة للحاضنة الكافرة للصغي السلم ،لن الضانة ولية ،ول يعل ال
ولية للكافر ،على الؤمن " ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل ( ، " ) 1فهي
كولية الزواج والال ،ولنه يشى على دينه من الاضنة لرصها على تنشئته على
252
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
دينها ،وتربيته على هذا الدين ،ويصعب عليه بعد ذلك أن يتحول عنه ،وهذا أعظم
ضرر يلحق بالطفل ففي الديث " :كل مولود يولد على الفطرة إل أن أبويه يهودانه أو
ينصرانه أو يجسانه " وذهب الحناف وابن القاسم من الالكية وأبو ثور إل أن الضانة
تثبت للحاضنة مع كفرها وإسلم الولد لن الضانة ل تتجاوز رضاع الطفل وخدمته ،
وكلها يوز من الكافرة .وروى أبو داود والنسائي :أن رافع بن سنان أسلم ،وأبت
امرأته أن تسلم ،فأتت النب صلى ال عليه وسلم ،فقالت :ابنت -وهي فطيم .أو
شبهه ،وقال رافع :ابنت .فقال النب صلى ال عليه وسلم " :اللهم أهدها " فمالت إل
أبيها فأخذها ( . . ) 2والحناف وإن رأوا جواز حضانة الكافرة ،إل أنم اشترطوا :
أن ل تكون مرتدة ،لن الرتدة عندهم تستحق البس حت تتوب وتعود إل السلم أو
توت ف البس ،فل تتاح لا الفرصة لضانة الطفل ،فإن تابت وعادت عاد لا حق
الضانة ( ( . ) 3هامش ) ( ) 1سورة النساء آية ) 2 ( . 141ضعف العلماء هذا
الديث وقال ابن النذر :يتمل أن النب صلى ال عليه وسلم علم أنا تتار أباها بدعوته
فكان ذلك خاصا ف حقه ) 3 ( .وكذلك يعود حق الضانة إذا سقط لسبب وزال هذا
السبب الذي كان علة ف سقوطه ( / ) .صفحة - 6 / 344أن ل تكون متزوجة :
فإذا تزوجت سقط حقها ف الضانة .لا
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 344
رواه عبد ال بن عمرو " أن امرأة قالت :يا رسول ال أن ابن هذا كان بطن له وعاء ،
وحجري له حواء ،وثديي له سقاء ،وزعم أبوه أنه ينعه من ،فقال " :أنت أحق به ما
ل تنكحي " أخرجه أحد وأبو داود والبيهقي والاكم وصححه .وهذا الكم بالنسبة
للمتزوجة بأجنب فإن تزوجت بقريب مرم من الصغي ،مثل عمه ،فإن حضانتها ل
تسقط ،لن العم صاحب حق ف الضانة وله من صلته بالطفل وقرابته منه ما يمله على
الشفقة عليه ورعاية حقه فيتم بينهما التعاون على كفالته .بلف الجنب .فإنا إذا
تزوجته فإنه ل يعطف عليه ول يكنها من العناية به .فل يد الو الرحيم ولالتنفس
الطبيعي ول الظروف الت تنمي ملكاته ومواهبه .ويرى السن وابن حزم أن الضانة ل
253
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تسقط بالتزويج بال - 7 . .الرية :إذ أن الملوك مشغول بق سيده فل يتفرغ
لضانة الطفل .قال ابن القيم :وأما اشتراط الرية فل ينتهض عليه دليل يركن القلب
إليه ،وقد اشترط أصحاب الئمة الثلث .وقال مالك رحه ال ف حر له ولد من أمة :
" إن الم أحق به إل أن تباع فتنتقل فيكون الب أحق به " وهذا هو الصحيح .أجرة
الضانة :أجرة الضانة مثل أجرة الرضاع ،ل تستحقها الم مادامت زوجة ،أو
معتدة ،لن لا نفقة الزوجية ،أو نفقة العدة ،إذا كانت زوجة أو معتدة .قال ال تعال
" :والوالدات يرضعن أولدهن حولي كاملي لن أراد أن يتم الرضاعة وعلى الولود له (
) 1رزقهن وكسوتن بالعروف " .أما بعد انقضاء العدة فإنا تستحق الجرة كما
تستحق أجرة الرضاع ( ،هامش ) ( ) 1سورة البقرة - 223وف هذا دللة على أن
الوالدة ل تستحق الجرة مادامت زوجة أو معتدة / ) . ( .صفحة / 345لقول ال
سبحانه " :فأنفقوا عليهن حت يضعن حلهن ،فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ،
وأتروا بينكم بعروف .وإن تعاسرت فسترضع له أخرى " ( . ) 1وغي الم تستحق
أجرة الضانة ،من وقت حضانتها ،مثل الظئر الت تستأجر لرضاع الصغي .وكما تب
أجرة الرضاع وأجرة الضانة على الب تب عليه أجرة السكن أو إعداده إذا ل يكن
للم مسكن ملوك لا تضن فيه الصغي .وكذلك تب عليه أجرة خادم ،أو إحضاره ،
إذا احتاجت إل خادم وكان الب موسرا .وهذا بلف نفقات الطفل الاصة من طعام
وكساء وفراش وعال ونو ذلك من حاجاته الولية الت ل يستغن عنها ،وهذه الجرة
تب من حي قيام الاضنة با وتكون دينا ف ذمة الب ل يسقط إل بالداء أو البراء .
التبع بالضانة :إذا كان ف أقرباء الطفل من هو أهل للحضانة وتبع بضانته وأبت أمه
أن تضنه إل بأجرة .فإن كان الب موسرا فإنه يب على دفع أجرة للم ،ول يعطى
الصغي للمتبعة ،بل يبقى عند أمه ،لن حضانة الم أصلح له ،والب قادر على إعطاء
الجرة .ويتلف الكم ف حالة ما إذا كان الب معسرا فإنه يعطى للمتبعة لعسره
وعجزه عن أداء الجرة مع وجود التبعة من هو أهل للحضانة من أقرباء الطفل .هذا
إذا كانت النفقة واجبة على الب .أما إذا كان للصغي مال ينفق منه عليه فإن الطفل
يعطى للمتبعة صيانة لاله من جهة ،ولوجوده من يضنه من أقاربه من جهة أخرى .
254
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وإذا كان الب معسرا والصغي ل مال له ،وأبت أمه أن تضنه إل ( هامش ) ( ) 1
سورة الطلق آية / ) . ( . 6صفحة / 346بأجرة ،ول يوجد من مارمه متبع
بضانته ،فإن الم تب على حضانته ،وتكون الجرة دينا على الب ل يسقط إل بالداء
أو البراء .انتهاء الضانة :تنتهي الضانة إذا استغن الصغي أو الصغية عن خدمة النساء
وبلغ سن التمييز والستقلل ،وقدر الواحد منهما على أن يقوم وحده باجاته الولية
بأن يأكل وحده ،ويلبس وحده ،وينظف نفسه وحده .وليس لذلك مدة معينة تنتهي
بانتهائها .بل العبة بالتمييز والستغناء .فإذا ميز الصب واستغن عن خدمة النساء وقام
باجاته الولية وحده فإن حضانتها تنتهي .والفت به ف الذهب النفي وغيه :أن مدة
الضانة تنتهي إذا أت الغلم سبع سني ،وتنتهي كذلك إذا أتت البنت تسع سني .وإنا
رأوا الزيادة بالنسبة للبنت الصغية لتتمكن من اعتياد عادات النساء من حاضنتها .وقد
جاء تديد سن الضانة ف القانون رقم 25لسنة 1929مادة 20ما نصه ( :وللقاضي
أن يأذن بضانة النساء للصغي بعد سبع سني إل تسع .وللصغية بعد تسع سني إل
إحدى عشرة سنة إذا تعي أن مصلحتها تقتضي ذلك ) فتقدير مصلحة الصغي أو الصغية
موكول للقاضي .وأوضحت الذكرة التفسيية لذا القانون هذه الادة با نصه " :جرى
العمل إل الن ،على أن حق الضانة ينتهي عند بلوغ سن الصغي سبع سني وبلوغ
الصغية تسعا .وهي سن دلت التجاوب على أنا قد ل يستغن فيها الصغي والصغية عن
الضانة ،فيكونان ف خطر من ضمهما إل غي النساء ،خصوصا إذا كان
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 346
والدها متزوجا بغي أمهما .ولذلك كثرت شكوى النساء من انتزاع أولدهن منهن ف
ذلك الوقت ،ولا كان العول عليه ف مذهب النفية أن الصغي يسلم إل أبيه عند
الستغناء عن خدمة النساء ،والصغية تسلم إليه عند بلوغ حد الشهوة / .صفحة 347
/وقد اختلف الفقهاء ف تقدير السن الت يكون عندها الستغناء بالنسبة للصغي .فقدرها
بعضهم بسبع سني ،وبعضهم قدرها بتسع ،وقدر بعضهم بلوغ حد الشهوة بتسع سني
،وبعضهم قدره بإحدى عشرة .رأت الوزارة أن الصلحة داعية إل أن يكون للقاضي
255
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حرية النظر ف تقدير مصلحة الصغي بعد سبع ،والصغية بعد تسع .فإن رأى مصحلتهما
ف بقائهما تت حضانة النساء فقضى بذلك إل تسع ف الصغي وإحدى عشرة ف
الصغية .وإن رأى مصلحتهما ف غي ذلك قضى بضمهما إل غي النساء ( الادة ) 20
( ) 1ف السودان :وقد قرر الستاذ الدكتور ممد يوسف موسى أن العمل ف الحاكم
الشرعية بالسودان كان جاريا على أن الولد تنتهي حضانته ببلوغه سبع سني ،والنثى
ببلوغها تسع سني ،إل أن صدر ف السودان منشور شرعي رقم 34ف \ 12 \ 12
1932وجاء ف الادة الول منه " :وللقاضي أن يأذن بضانة النساء للصغي بعد سبع
سني إل البلوغ ،وللصغية بعد تسع سني إل الدخول .إذا تبي أن مصلحتهما تقتضي
ذلك .وللب وسائر الولياء تعهد الحضون عند الاضنة وتأديبه وتعليمه " .ث نص
النشور نفسه بعد ذلك ف الادة الثانية منه على ما يأت " :ل أجرة للحضانة بعد سبع
سني للصغي ،وبعد تسع للصغية " ( .هامش ) ( ) 1راجع مشروع قانون الحوال
الشخصية ،ففي الفقرة الول من الادة 175تقرر الكم الذي جاء بالادة 20الت نن
بصددها ،وف الفقرة الثانية أن الضانة تتد من نفسها إذا كانت الاضنة أما إل 11سنة
للصغي و 13للصغية ويوز للقاضي مدها كذلك إذا كانت أم الم ،كما أن له أن
يأذن ببقاء الصغيين مع الم أو أمها إل سن الامسة عشرة ،ونن نعتقد أن الي ف
الوقوف عندما جاءت به الادة 20من قانون 25لسنة 29وهو القانون العمول به حت
اليوم ( .هامش ) أحكام الحوال الشخصية ص 416للدكتور ممد يوسف موسى ( .
/ ) .صفحة / 348وف الادة الثالثة :لو زوج الب الحضونة ،قاصدا بتزويها
إسقاط الضانة ،فل تسقط بالدخول حت تطيق .وإذا رجعنا إل النشرة العامة رقم 18
\ 1942 \ 6الصادرة ف الرطوم ف تاريخ 1942 \ 12 \ 5ندها شرحت هذه
الواد السابقة وخلصتها ما يأت - 1 :أن النشور الشرعي رقم 34زاد سن حضانة
الغلم إل البلوغ ،والبنت إل الدخول ،وهذا على غي ما عرف من مذهب أب حنيفة ،
وهذه هي الالة الاصة الت خالف فيها النشور مذهب أب حنيفة .عمل بذهب مالك .
ويظهر أنا حالة استثنائية يلزم للسي فيها الت - 1 :ل يد القاضي مدة الضانة إل إذا
طلبت الاضنة من الحكمة الذن لا ببقاء الحضون بيدها ،لن الصلحة تقتضي ذلك
256
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مع بيان الصلحة ،أو تانع ف تسليم الحضون للعاصب لذا السبب نفسه .فإذا ل يوافق
العاصب على بقاء الحضون بيده الاضنة تكلف الاضنة تقدي أدلتها ،أو تتول الحكمة
تقيق وجه الصلحة للغلم أو البنت ،فإذا ل تقدم أدلة ،أو قدمت ول تكن كافية
للثبات ول يتضح للمحكمة أن الصلحة تقتضي بقاء الحضون بيد الاضنة ،فإن
الحكمة تلف العاصب اليمي بطلب الاضنة فإن حلف على أن مصلحة الحضون ل
تقتضي بقاءه بيد الاضنة حكمت بتسليمه إليه ،وإن نكل رفضت دعواه - 2 .أما إذا
ل تعارض الاضنة ف ضم الحضون للعاصب أو ل تضر أصل فإنه يب على الحكمة
تطبيق أحكام مذهب المام أب حنيفة ،ويسلم الحضون الذي جاوز سن الضانة
للعاصب مت كان أهل لذلك ،ول يطالب بإثبات أن مصلحة الحضون تقتضي بذلك .
- 3إذا كانت الاضنة غائبة عند طلب تسليم الصغية فلها أن تعارض ف الكم وتطلب
بقاءه ف يدها ،وتتخذ الحكمة نفس الجراءات الت اتبعت مع الاضنة الاضرة - 4 .
إذا أفتت الحكمة ببقاء الحضون بي النساء لصلحة تقتضي ذلك ،ث تغي وجه
الصلحة ،وعرض عليها الناع مرة أخرى أجاز لا ،بعد أن /صفحة / 349تتحق من
أنه ل يبق للمحضون مصلحة تقتضي بقاءه بيد الاضن إن تقرر نزعه وتسليمه للعاصب (
. ) 1تيي الصغي والصغية بعد انتهاء الضانة :وإذا بلغ الصغي سبع سني ،أو سن
التمييز وانتهت حضانته ،فإن اتفق الب والاضنة على إقامته عند واحد منهما أمضي
هذا التفاق .وإن اختلفا أو تنازعا ،خي ( ) 2الصغي بينهما ،فمن اختاره منهما فهو
أول به ،لا رواه أبو هريرة رضي ال عنه قال :جاءت امرأة إل رسول ال صلى ال عليه
وسلم فقالت :يارسول ال :ان زوجي يريد أن يذهب بابن وقد سقان من بئر أب عنبة
( ، ) 3وقد
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 349
نفعن .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :هذا أبوك وهذه أمك .فخذ بيد أيهما
شئت " .فأخذ بيد أمه .فانطلقت به .رواه أبو داود .وقضى بذلك عمر وعلي وشريح
،وهو مذهب الشافعي والنابلة ،فإن اختارها ،أو ل يتر واحدا منهما ،قدم أحدها
257
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بالقرعة .وقال أبو حنيفة :الب أحق به . . .ول يصح التخيي ،لنه ل قول له ول
يعرف حظه .وربا اختار من يلعب عنده ويترك تأديبه ويكنه من شهواته ،فيؤدي إل
فساده ولنه دون البلوغ .فلم يي كمن دون السابعة .وقال مالك :الم أحق به حت
يثغر .وهذا بالنسبة للصغي ،أما الصغية فأنا تي مثل الصغي عند الشافعي .وقال أبو
حنيفة :الم أحق با حت تزوج أو تبلغ .وقال مالك :الم أحق با حت تزوج ويدخل
با الزوج ( .هامش ) ( ) 1الدكتور ممد يوسف موسى أحكام الحوال الشخصية ف
الفقه ص 516وما بعدها ) 2 ( .يشترط ف تيي الصغي - 1 :أن يكون التنازعون
فيه من أهل الضانة .ب -أل يكون الغلم معتوها .فان كان معتوها كانت الم أحق
بكفالته ولو بعد البلوغ ،لنه ف هذه الالة كالطفل والم أشفق عليه وأقوم بصاله كما
ف حال الطفولة ) 3 ( .بئر بعيدة عن الدينة نو ميل / ) . ( .صفحة / 350وعند
النابلة :الب أحق با من غي تيي إذا بلغت تسعا ،والم أحق با إل تسع سني .
والشرع ليس فيه نص عام ف تقدي أحد البوين مطقا ،ول تيي الولد بي البوين مطلقا
. .والعلماء متفقون على أنه ل يتعي أحدها مطلقا .بل ل يقدم ذو العدوان والتفريط
على البار العادل الحسن .والعتب ف ذلك القدرة على الفظ والصيانة .فإن كان الب
مهمل لذلك ،أو عاجزا عنه ،أو غي مرض والم بلفه فهي أحق بالضانة ،كما أفاده
ابن القيم .قال " :فمن قدمناه بتخيي ،أو قرعة ،أو بنفسه ،فإنا نقدمه إذا حصلت به
مصلحة الولد " .ولو كانت الم أصون من الب وأغي منه قدمت عليه ول التفات إل
قرعة ول اختيار للصب ف هذه الالة ،فإنه ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب ،فإذا
اختار من يساعده على ذلك ل يلتفت إل اختياره ،وكان عند من هو أنفع له وأخي ،
ول تتمل الشريعة غي هذا .والنب صلى ال عليه وسلم قد قال " :مروهم بالصلة
لسبع ،واضربوهم على تركها لعشر ،وفرقوا بينهم ف الضاجع " .وال تعال يقول " :
يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والجارة ( . " ) 1وقال
السن " :علموهم .وأدبوهم ،وفقهوهم " .فإذا كانت الم تتركه ف الكتب وتعلمه
القرآن ،والصب يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه ،وأبوه يكنه من ذلك .فإنا أحق به بل
تيي ول قرعة .وكذلك العكس .ومت أخل أحد البوين بأمر ال ورسوله ف الصب
258
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وعطله ،والخر مراع له ،فهو أحق وأول به .قال :وسعت شيخنا ( ) 2رحه ال
يقول ( :هامش ) ( ) 1سورة التحري آية ) 2 ( 6أي ابن تيمية / ) . ( .صفحة
" / 351تنازع أبوان صبيا عند بعض الكام ،فخيه بينهما ،فاختار أباه ،فقالت له
أمه :اسأله لي شئ يتار أباه ،فسأله .فقال :أمي تبعثن كل يوم للكتاب ،والفقيه
يضربن ،وأب يتركن للعب مع الصبيان ،فقضى به للم .قال :أنت أحق به .قال :
قال شيخنا :وإذا ترك أحد البوين تعليم الصب وأمره الذي أوجبه ال تعال عليه ،فهو
عاص ول ولية له عليه ،بل كل من ل يقم بالواجب ف وليته فل ولية له .بل إما أن
يرفع يده عن الولية ويقام من يفعل الواجب وإما أن يضم إليه من يقوم معه بالواجب .
إذ القصود طاعة ال ورسوله بسب المكان .انتهى .الطفل بي أبيه وأمه :قال
الشافعية :فإن كان ابنا فاختار الم كان عندها بالليل ويأخذه الب بالنهار ف مكتب أو
صنعة ،لن القصد حظ الولد ،وحظ الولد فيما ذكرناه ،وإن اختار الب كان عنده
بالليل والنهار ،ول ينعه من زيارة أمه ،لن النع من ذلك إغراء بالعقوق وقطع الرحم ،
فإن مرض كانت الم أحق بتمريضه ،لنه بالرض صار كالصغي ف الاجة إل من يقوم
بأمره ،فكانت الم أحق به ،وإن كانت جارية فاختارت أحدها كانت عنده بالليل
والنهار ،ول ينع الخر من زيارتا من غي إطالة وتبسط ،لن الفرقة بي الزوجي تنع
من تبسط أحدها ف دار الخر ،وإن مرضت كانت الم أحق بتمريضها ف بيتها ،وإن
مرض أحد البوين والولد عند الخر ل ينع من عيادته ،وحضوره عند موته لا ذكرناه ،
وإن اختار أحدها فسلم إليه ث اختار الخر حول إليه ،وإن عاد فاختار الول أعيد إليه
لن الختيار إل شهوته ،وقد يشتهي القام عند أحدها ف وقت ،وعند الخر ف
وقت ،فاتبع ما يشتهيه كما يتبع ما يشتهيه من مأكول ومشروب .النتقال بالطفل :
قال ابن القيم :فإن كان سفر أحدها لاجة ث يعود والخر مقيم
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 351
/صفحة / 352فهو أحق ،لن السفر بالولد الطفل -ول سيما إذا كان رضيعا إضرار
به وتضييع له ،هكذا أطلقوه ول يستثنوا سفر الج من غيه .وإن كان أحدها منتقل
259
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عن بلد لخر للقامة والبلد وطريقه موفان أو أحدها ،فالقيم أحق .وإن كان هو
وطريقه آمني ،ففيه قولن :وها روايتان عن أحد رحه ال ( .إحداها ) أن الضانة
للب ليتمكن من تربية الولد وتأديبه وتعليمه ،وهو قول مالك والشافعي رحهما ال ،
وقضى به شريح ( .والثانية ) أن الم أحق .وفيها قول ثالث :إن كان النتقل هو الب
فالم أحق به وإن كان الم فإن انتقلت إل البلد الذي كان فيه أصل النكاح فهي أحق به
.وان انتقلت إل غيه فالب أحق .وهذا قول أب حنيفة .وحكوا عن أب حنيفة رحه
ال ،رواية أخرى :أن نقلها إن كان من بلد إل قرية فالب أحق ،وإن كان من بلد إل
بلد فهي أحق ،وهذه أقوال كلها كما ترى ل يقوم عليها دليل يسكن القلب إليه .
فالصواب النظر والحتياط للطفل ف الصلح له ،والنفع القامة أو النقلة .فأيهما كان
أنفع له وأصون وأحفظ روعي .ول تأثي لقامة ول نقلة .هذا كله ما ل يرد أحدها
بالنقلة مضارة الخر ،وانتزاع الولد منه ،فإن أراد ذلك ل يب إليه .وال الوفق .
أحكام القضاء ( : ) 1وللقضاء الشرعي أحكام يعسر إحصاؤها ف القضايا الاصة
ومشاكلها ،وللكثي من هذه الحكام دللت وقواعد صدرت عنها ومبادئ قررتا ،
ونكتفي هنا بأن نشي إل هذه الحكام .الكم الول :وقد صدر من مكمة كرموز
الزئية بتاريخ 10إبريل 1932وتأيد من مكمة السكندرية البتدائية ف . 29مايو
سنة 1932وهو ( هامش ) ( ) 1من كتاب الحوال الشخصية للدكتور ممد يوسف
موسى / ) . ( .صفحة / 353يقضي برفض دعوى أب طلب ضم ابنته الصغية إليه ،
لقامة أمها وهي زوجته ف بلد بعيد عن البلد الذي كان مل إقامتهما ،وفيه عقد زواجها
،وهذا يسقط حقها شرعا ف الضانة .وقد استندت الحكمة ف حكمها إل أن الثابت
فقها أن الم أحق بالضانة قبل الفرقة وبعدها .وأن نشوز الزوجة ل يسقط حقها ف
الضانة ،وعلى الب إذا أراد ضم الصغي إليه أن يطلب دخول أمه ف طاعته مادامت
الزوجية قائمة ،فإن ل يفعل وطلب ضم الصغي وحده كان ظالا ول ياب إل طلبه ،
لن ذلك يفوت على الم حضانته وحق رويته .وهكذا قرر هذا الكم هذه القاعدة " :
إذا انتقلت أم الصغي بولدها ولو إل مكان بعيد فليس للب حق نزعه منها مادامت
الزوجية قائمة .لن له عليها سلطان الزوجية وإدخالا ف طاعته ،فيضمه بضمها إليه .
260
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وكذلك العتدة لوجوب إسكانا بسكن العدة " .الكم الثان :وقد صدر من مكمة ببا
الزئية ف 25مايو سنة 1931وتأيد استئنافيا من مكمة بن سويف الكلية ف 20
يوليو سنة 1931وقد قرر هذه القاعدة " :يرفض طلب الب ضم ابنه الصغي إليه ،
لعدم تكنه من الضور من بلده إل بلد أمه وحاضنته لرؤيته والعودة قبل الليل ،مادامت
الم مقيمة ف بلد هو وطنها ،ول يكن بينه وبي بلد الب الت ابتعد هو عنها تفاوت
كبي ينعه من الذهاب لرؤية ولده والعودة إل بلده قبل الليل ،سواء أكان ابتعاده عن
ذلك البلد بإرداته أم بغي إرادته " .لنه ل ذنب للحاضنة ف هذا على كل حال .ويؤخذ
من وقائع هذه الدعوى .أن الدعي كان قد تزوج الدعي عليها ف بلدها بن مزار ،ث
رزقت منه حال قيام الزوجية ببنت وطلقت منه ف البلد الذكور وانتهت عدتا بوضع
المل ،ث أقامت الدعي عليها دعوى بدينة نبا وأخذت عليه حكما من مكمتها بضانة
الصغية بتاريخ 29أكتوبر سنة 1930حي كان الدعي مقيما ببن مزار ،وانتهى المر
باقامته بأسيوط بكم /صفحة / 354وظيفته حيث رفع هذه الدعوى طالبا ضم ابنته
إليه وهي ل تزيد سنها عن سنتي وثانية أشهر ( . ) 1الكم الثالث :وقد صدر من
مكمة دمنهور ف 25اكتوبر سنة 1927ول يستأنف وهو يقرر ف حيثياته أن
النصوص عليه شرعا أن غي الم من الاضنات ليس لا نقل الصغي من بلد أبيه إل بإذنه
.ولكن بعض الفقهاء حل النع على الكاني التفاوتي ،بيث لو خرج الب لرؤية ولده
ل يكنه الرجوع إل منله قبل الليل ل التقاربي ،حيث ل يفرق بي الم وغيها ف ذلك
( . ) 2وهكذا نرى أنه من الضروري الوقوف على أحكام القضاء الت تعتب تطبيقا
عمليا للنصوص الفقهية ،ففيها تعال مشاكل الياة العملية وينظر القاضي لذه النصوص
على ضوء الواقع ف الياة نفسها ( .هامش ) ( ) 1الحاماة س 3ص ) 2 ( . 165
ملة القضاء الشرعي س 3ص 366وراجع مثل هذا ف حكم مكمة المالية بتاريخ
15أبريل ، 1931الحاماة س 3ص / ) . ( . 163صفحة / 355الدود تعريفها
:الدود جع حد ،والد ف الصل :الشئ الاجز بي شيئي .ويقال :ما ميز الشئ
عن غيه .ومنه :حدود الدار ،وحدود الرض .
............................................................
261
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 355
وهو ف اللغة بعن النع .وسيت عقوبات العاصي حدودا ،لنا ف الغالب تنع العاصي
من العود إل تلك العصية الت حد لجلها .ويطلق الد على نفس العصية ومنه " :تلك
حدود ال فل تقربوها " ( . ) 1والد ف الشرع عقوبة مقررة لجل حق ال ( . ) 2
فيخرج التعزير لعدم تقديره إذ أن تقديره مفوض لرأي الاكم .ويرج القصاص لنه حق
الدمي .جرائم الدود :وقد قرر الكتاب والسنة عقوبات مددة لرائم معينة تسمى "
جرائم الدود " وهذه الرائم هي " :الزنا ،والقذف ،والسرقة ،والسكر ،والحاربة ،
والردة ،والبغي " .فعلى من ارتكب جرية من هذه الرائم عقوبة مددة قررها الشارع .
فعقوبة جرية الزنا ،اللد للبكر .والرجم للثيب .يقول ال سبحانه " :واللت يأتي
الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة :آية 187
) 2 ( .معن أن العقوبة مقررة لق ال :أي أنا مقررة لصال الماعة وحاية النظام
العام ،لن هذا هو الغاية من دين ال .وإذا كانت حقا ل فهي ل تقبل السقاط ،ل من
الفراد ول من الماعة / ) . ( .صفحة / 356منكم ،فإن شهدوا فأمسكوهن ف
البيوت حت يتوفاهن الوت أو يعل ال لن سبيل " ) 1 ( .والرسول صلى ال عليه
وسلم يقول " :خذوا عن ،خذوا عن ،قد جعل ال لن سبيل :البكر بالبكر جلد مائة
وتغريب عام ،والثيب بالثيب جلد مائة ،والرجم " .وعقوبة جرية القذف ثانون جلدة
.يقول ال سبحانه " :والذين يرمون الحصنات ،ث ل يأتوا بأربعة شهداء ،فاجلدوهم
ثاني جلدة ،ول تقبلوا لم شهادة أبدا ،وأولئك هم الفاسقون " ( ) 2وعقوبة جرية
السرقة ،قطع اليد .يقول ال تعال " :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ،جزاء با
كسبا نكال من ال ،وال عزيز حكيم " .وعقوبة جرية الفساد ف الرض :القتل ،أو
الصلب ،أو النفي ،أو تقطيع اليدي والرجل من خلف ،يقول ال سبحانه " :إنا
جزاء الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف الرض فسادا أن يقتلوا ،أو يصلبوا ،أو
تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف ،أو ينفوا من الرض .ذلك لم خزي ف الدنيا .
ولم ف الخرة عذاب عظيم " ( . ) 3وعقوبة جرية السكر ،ثانون جلدة ،أو أربعون
على ما سيأت مفصل ف موضعه .وعقوبة الردة القتل ،لقول رسول ال صلى ال عليه
262
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " .وعقوبة جرية البغي :القتل .لقول ال سبحانه " :وإن
طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا بينهما ،فإن بغت إحداها على الخرى ،فقاتلوا
الت تبغي حت تفئ إل أمر ( هامش ) ( ) 1سورة النساء :آية ) 2 ( . 15سورة النور
:آية ) 3 ( . 4سورة الائدة :آية / ) . ( . 33صفحة / 357ال .فإن فاءت
فأصلحوا بينهما بالعدل ،وأقسطوا إن ال يب القسطي " ( . ) 1ولقول رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :إنه ستكون بعدي هنات وهنات .فمن أراد أن يفرق أمر
السلمي وهم جيع فاضربوه بالسيف كائنا من كان " .عدالة هذه العقوبات :وهذه
العقوبات -بانب كونا مققة للمصال العامة وحافظة للمن العام فهي عقوبات عادلة
غاية العدل .إذ أن الزنا جرية من أفحش الرائم وأبشعها .وعدوان على اللق والشرف
والكرامة .ومقوض لنظام السر والبيوت .ومروج للكثي من الشرور والفاسد الت
تقضي على مقومات الفراد والماعات ،وتذهب بكيان المة ،ومع ذلك فقد احتاط
السلم ف اثبات هذه الرية ،فاشترط شروطا يكاد يكون من الستحيل توفرها .فعقوبة
الزنا عقوبة قصد با الزجر والردع والرهاب أكثر ما قصد با التنفيذ والفعل .وقذف
الحصني والحصنات من الرائم الت تل روابط السرة وتفرق بي الرجل وزوجه ،
وتدم أركان البيت ،والبيت هو اللية الول ف بنية الجتمع ،فبصلحها يصلح ،
وبفسادها يفسد .فتقرير جلد مقترف هذه الرية ثاني جلدة بعد عجزه عن التيان
بأربعة شهداء يؤيدونه فيما يقذف به ،غاية ف الكمة وف رعاية الصلحة ،كيل تدش
كرامة إنسان أو يرح ف سعته .والسرقة ما هي إل اعتداء على أموال الناس وعبث با .
والموال أحب الشياء إل النفوس .فتقرير عقوبة القطع لرتكب هذه الرية حت يكف
غيه عن اقتراف جرية السرقة ،فيأمن كل فرد على ماله ،ويطمئن على أحب الشياء
لديه وأعزها على نفسه ،ما يعد من مفاخر هذه الشريعة ( .هامش ) ( ) 1سورة
الجرات :آية / ) . ( . 9صفحة / 358وقد ظهر أثر الخذ بذا التشريع ف البلد
الت تطبقه واضحا ف استتباب المن وحاية الموال وصيانتها من أيدي العابثي ،
والارجي على الشريعة والقانون .وقد اضطر التاد السوفيت أخيا إل تشديد عقوبة
السرقة بعد أن تبي له أن عقوبة السجن ل تفف من كثرة ارتكاب هذه الرية ،فقرر
263
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إعدام السارق رميا بالرصاص وهي أقسى عقوبة مكنة ( . ) 1
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 358
والحاربون الساعون ف الرض بالفساد الضربون لنيان الفت ،الزعجون للمن ،
الثيون للضطرابات ،العاملون على قلب النظم القائمة ،ل أقل من أن تقطع أيديهم
وأرجلهم من خلف ،أو ينفوا من الرض .والمر تفقد الشارف عقله ورشده ،وإذا
فقد النسان رشده وعقله ارتكب كل حاقة وفحش ،فإذا جلد كان جلده مانعا له من
العاودة من جانب ،ورادعا لغيه من اقتراف مثل جريرته من جانب آخر .وجوب إقامة
الدود :إقامة الدود فيها نفع للناس ،لنا تنع الرائم ،وتردع ؟ ؟ اة ،وتكف من
تدثه نفسه بانتهاك الرمات ،وتقق المن لكل فرد ،على نفسه ،وعرضه وماله ،
وسعته ،وحريته ،وكرامته ،وقد روى النسائي وابن ماجه عن أب هريرة أن النب صلى
ال عليه وسلم قال " :حد يعمل به ف الرض خي لهل الرض من أن يطروا أربعي
صباحا ( . " ) 2وكل عمل من شأنه أن يعطل إقامة .الدود فهو تعطيل لحكام ال ،
وماربة له ،لن ذلك من شأنه إقرار النكر وإشاعة الشر ( .هامش ) ( ) 1جاء ف
حريدة الهرام " : 1963 \ 8 \ 14 -إن التاد السوفيت أعدم ثلثة أشخاص رميا
بالرصاص لتامهم بالسرقة ،ول يكاد ير يوم دون أن ينشر من مثل هذا الكثي " ( .
) 2ف الديث جرير بن يزيد بن جرير بن عبد ال البجلي وهو ضعيف منكر / .صفحة
/ 359روى أحد ،وأبو داود ،والاكم وصححه :أن النب صلى ال عليه وسلم قال
" :من حالت شفاعته دون حد من حدود ال فهو مضاد ال ف أمره " .وقد يدث أن
يغفل الرء عن الناية الت يرتكبها الان وينظر إل العقوبة الواقعة عليه ،فيق قلبه له
ويعطف عليه ،فيقرر القرآن أن ذلك ما يتناف مع اليان ،لن اليان يقتضي الطهر
والتنه عن الرائم والسمو بالفرد والماعة إل الدب العال واللق التي .يقول ال
سبحانه " :الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ول تأخذكم بما رأفة ف
دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ،وليشهد عذابما طائفة من الؤمني " ( ) 1
.إن الرحة بالجتمع أهم بكثي من الرحة بالفرد .فقسا ليزدجروا ،ومن يك حازما
264
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فليقس أحيانا على من يرحم الشفاعة ف الدود :يرم أن يشفع أحد أو يعمل على أن
يعطل حدا من حدود ال ،لن ف ذلك تفويتا لصلحة مققة ،وإغراء بارتكاب
النايات ،ورضا بإفلت الجرم من تبعات جرمه .وهذا بعد أن يصل المر إل الاكم ،
لن الشفاعة حينئذ تصرف الاكم عن وظيفته الول ،وتفتح الباب لتعطيل الدود (
. ) 2أما قبل الوصول إل الاكم ،فل بأس من التستر على الان ،والشفاعة عنده .
أخرج أبو داود ،والنسائي ،والاكم وصححه من حديث عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،
عن جده أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :تعافوا الدود فيما بينكم ،فما بلغن من
حد فقد وجب " ( .هامش ) ( ) 1سورة النساء :آية ) 2 ( . 2ادعى ابن عبد الب
الجاع على أنه يب على السلطان إقامة الد إذا بلغه / ) . ( .صفحة / 360وأخرج
أحد ،وأهل السنن ،وصححه الاكم من حديث صفوان بن أمية أن النب صلى ال عليه
وسلم قال لا أراد أن يقطع الذي سرق رداءه فشفع فيه " :هل كان قبل أن تأتين به " ؟
! وعن عائشة قالت " :كانت امرأة مزومية تستعي التاع وتحده فأمر النب صلى ال
عليه وسلم بقطع يدها ،فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه .فكلم النب صلى ال عليه
وسلم فيها ،فقال له النب صلى ال عليه وسلم " :يا أسامة ،ل أراك تشفع ف حد من
حدود ال عزوجل " .ث قام النب صلى ال عليه وسلم خطيبا .فقال " :إنا هلك من
كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوا .والذي
نفسي بيده ،لو كانت فاطمة بنت ممد لقطعت يدها " .فقطع يد الخزومية ،رواه
أحد ،ومسلم ،والنسائي .سقوط الدود بالشبهات :الد عقوبة من العقوبات الت
توقع ضررا ف جسد الان وسعته ،ول يل استباحة حرمة أحد ،أو إيلمه إل بالق ،
ول يثبت هذا الق إل بالدليل الذي ل يتطرق إليه الشك ،فإذا تطرق إليه الشك كان
ذلك مانعا من اليقي الذي تنبن عليه الحكام .ومن أجل هذا كانت التهم والشكوك ل
عبة لا ول اعتداد با ،لنا مظنة الطأ .عن أب هريرة قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :ادفعوا الدود ما وجدت لا مدفعا " .رواه ابن ماجه .وعن عائشة قالت
:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أدرأوا الدود عن السلمي ما استطعتم ،فإن
كان له مرج فخلوا سبيله ،فإن المام لن يطئ ف العفو خي له من أن يطئ ف العقوبة
265
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" .رواه الترمذي ،وذكر أنه قد روي موقوفا ،وأن الوقف أصح ،قال :وقد روي عن
غي واحد من الصحابة رضي ال عنهم أنم قالوا مثل ذلك .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 360
/صفحة / 361الشبهات وأقسامها ( : ) 1تدت الحناف والشافعية عن الشبهات ،
ولكل منهما رأي نمله فيما يأت :رأي الشافعية :يرى الشافعية أن الشبهة تنقسم أقساما
ثلثة - 1 :شبهة ف الحل :أي مل الفعل -مثل :وطء الزوج الزوجة الائض أو
الصائمة ،أو إتيان الزوجة ف دبرها ،فالشبهة هنا قائمة ف مل الفعل الحرم .إذ أن
الحل ملوك للزوج ،ومن حقه أن يباشر الزوجة ،وإذا ل يكن له أن يباشرها وهي
حائض أو صائمة أو أن يأتيها ف الدبر ،إل أن ملك الزوج للمحل وحقه عليه يورث
شبهة .وقيام هذه الشبهة يقتضي درء الد ،سواء اعتقد الفاعل بل الفعل أو برمته ،
لن أساس الشبهة ليس العتقاد والظن ،وإنا أساسها مل الفعل وتسلط الفاعل شرعا
عليه - 2 .شبهة ف الفاعل :كمن يطأ امرأة زفت إليه على أنا زوجته ،ث تبي له أنا
ليست زوجته .وأساس الشبهة ظن الفاعل واعتقاده بيث يأت الفعل وهو يعتقد أنه ل
يأت مرما ،فقيام هذا الظن عند الفاعل يورث شبهة يترتب عليها درأ الد -أما إذا أتى
الفاعل الفعل وهو عال بأنه مرم فل شبهة - 3 .شبهة ف البهة :ويقصد من هذا
الشتباه ف حل الفعل وحرمته ،وأساس هذه الشبهة الختلف بي الفقهاء على الفعل ،
فكل ما اختلفوا على حله أو جوازه كان الختلف فيه شبهة يدرأ با الد ،فمثل ييز
أبو حنيفة الزواج بل ول وييزه مالك بل شهود ،ول ييز جهور الفقهاء هذا الزواج ،
ونتيجة هذا الزواج أنه ل حد على الوطء ف هذا الزواج الختلف ف صحته ،لن
اللف يقوم شبهة تدرأ الد ،ولو كان الفاعل يعتقد برمة الفعل ،لن هذا العتقاد ف
ذاته ليس له أثر ما دام الفقهاء متلفي على الل والرمة .رأي الحناف :أما الحناف
فإنم يرون أن الشبهة تنقسم قسمي ( :هامش ) ( ) 1التشريع النائي السلمي .
( / ) .صفحة - 1 / 362شبهة ف الفعل :وهي شبهة ف حق من اشتبه عليه الفعل
دون من ل يشتبه عليه .وتثبت هذه الشبهة ف حق من اشتبه عليه الل والرمة ،ول
266
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يكن ثت دليل سعي يفيد الل ،بل ظن غي الدليل دليل ،كمن يطء زوجته الطلقة
ثلثا أو بائنا على مال ف عدتا ،وتعليل ذلك ،أن النكاح إذا كان قد زال ف حق الل
أصل لوجود العطل لل الحلية ،وهو الطلق ،فإن النكاح قد بقي ف حق الفراش ،
والرمة على الزواج فقط ،ومثل هذا الوطء حرام ،فهو زنا يوجب الد -إل إذا
ادعى الواطئ الشتباه وظن الل -لنه بن ظنه على نوع دليل ،وهو بقاء النكاح ف
حق الفراش وحرمة الزواج ،فظن أنه بقي ف حق الل أيضا -وهذا وإن ل يصلح دليل
على القيقة ،لكنه لا ظنه دليل اعتب ف حقه درءا لا يندرئ بالشبهات .ويشترط -
لقيام الشبهة ف الفعل -أل يكون هناك دليل على التحري أصل ،وأن يعتقد الان
الل ،فإذا كان هناك دليل على التحري ،أو ل يكن العتقاد بالل ثابتا ،فل شبهة
أصل .وإذا ثبت أن الان كان يعلم برمة الفعل وجب عليه الد - 2 .الشبهة ف
الحل :ويسمونا الشبهة الكمية ،أو شبهة اللك :وتقوم هذه الشبهة على الشتباه ف
حكم الشرع بل الحل ،فيشترط ف هذه وتقوم هذه الشبهة على الشتباه ف حكم
الشرع بل الحل ،فيشترط ف هذه الشبهة أن تكون ناشئة عن حكم من أحكام الشريعة
-وهي تتحقق بقيام دليل شرعي ينفي الرمة -ول عبة بظن الفاعل ،فيستوي أن
يعتقد الفاعل الل ،أو يعلم الرمة ،لن الشبهة ثابتة بقيام الدليل الشرعي ،ل بالعلم
وعدمه .من يقيم الدود ؟ :اتفق الفقهاء على أن الاكم أو من ينيبه عنه هو الذي يقيم
الدود .وأنه ليس للفراد أن يتولوا هذا العمل من تلقاء أنفسهم .روى الطحاوي عن
مسلم بن يسار أنه قال :كان رجل من الصحابة يقول " :الزكاة ،والدود ،والفئ ،
والمعة إل السلطان " .قال الطحاوي :ل نعلم له مالفا من الصحابة ( ( . ) 1هامش
) ( ) 1تعقبه ابن حزم ،فقال :إنه خالفه اثنا عشر صحابيا ( / ) .صفحة / 363
وروى البيهقي عن خارجة بن زيد ،عن أبيه ،وأخرجه أيضا عن أب الزناد عن أبيه عن
الفقهاء الذين ينتهى إل أقوالم من أهل الدينة أنم كانوا يقولون " :ل ينبغي لحد أن
يقيم شيئا من الدود دون السلطان ،إل أن للرجل أن يقيم حد الزنا على عبده أو أمته "
.وذهب جاعة من السلف ،منهم الشافعي ،إل أن السيد يقيم الد على ملوكه ،
واستدلوا با روي عن أمي الؤمني علي رضي ال عنه أن خادمة النب صلى ال عليه وسلم
267
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أحدثت ،فأمرن النب صلى ال عليه وسلم أن أقيم عليها الد ،فأتيتها فوجدتا ل تف
من دمها فأتيته فأخبته ،فقال " :إذا جفت من دمها فأقم عليها الد ،أقيموا الدود
على ما ملكت أيانكم " .رواه أحد وأبو داود ،ومسلم ،والبيهقي ،والاكم .وقال
أبو حنيفة يرفعه الول للسلطان .ول يقيمه هو بنفسه .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 363
مشروعية التستر ف الدود :قد يكون ستر العصاة علجا ناجعا للذين تورطوا ف الرائم
واقترفوا الآث ،وقد ينهضون بعد ارتكابا فيتوبون توبة نصوحا ،ويستأنفون حياة نظيفة
.لذا شرع السلم التستر على التورطي ف الثام ،وعدم التعجيل بكشف أمرهم .عن
سعيد بن السيب قال :بلغن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال لرجل من أسلم يقال
له هزال ،وقد جاء يشكو رجل بالزنا ،وذلك قبل أن ينل قوله تعال " :والذين يرمون
الحصنات ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة " ( " . ) 1يا -هزال -لو
سترته بردائك كان خيا لك " ( .هامش ) ( ) 1سورة النور آية / . 4 :صفحة 364
/قال يي بن سعيد :فحدثت بذا الديث ف ملس فيه يزيد بن نعيم بن هزال السلمي
،فقال يزيد " :هزال جدي ،هذا الديث حق " .وروى ابن ماجه عن ابن عباس
رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من ستر عورة أخيه السلم
ستر ال عورته يوم القيامة ،ومن كشف عورة أخيه كشف ال عورته حت يفضحه ف
بيته " .وإذا كان الستر مندوبا ،ينبغي أن تكون الشهادة به خلف الول الت مرجعها
إل كراهة التنيه ،لنا ف رتبة الندب ف جانب الفعل ،وكراهة التنيه ف جانب الترك ،
وهذا يب أن يكون بالنسبة إل من ل يعتد الزنا ول يتهتك به .أما إذا وصل الال إل
إشاعته والتهتك به ،فيجب كون الشهادة به أول من تركها ،لن مطلوب الشارع
إخلء الرض من العاصي والفواحش وذلك يتحقق بالتوبة من الفاعلي ،وبالزجر لم ،
فإذا ظهر حال الشره ف الزنا وعدم البالة به وإشاعته ،فإخلء الرض الطلوب حينئذ
بالتوبة ،احتمال يقابله ظهور عدمها ،فمن اتصف بذلك فيجب تقيق السبب الخر
للخلء ،وهو الدود ،بلف من زنا مرة أو مرارا ،مستترا متخوفا متندما عليه فإنه
268
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مل استحباب ستر الشاهد ( . " ) 1ستر السلم نفسه :بل على السلم أن يستر نفسه
ول يفضحها بالديث عما يصدر عنه ،من إث أو إقرار أمام الاكم لينفذ فيه العقوبة .
روى المام مالك ف الوطأ عن زيد بن أسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :
يا أيها الناس :قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود ال . . .من أصاب شيئا من هذه
القاذورة فليستتر بستر ال ،فإنه من يبد لنا صفحته ،نقم عليه كتاب ال " ( .هامش )
( ) 1انظر ص 164ج 3حاشية الشلب على الزيلعي من كتاب الدود لبهنسي .
( / ) .صفحة / 365الدود كفارة للثام :يرى أكثر العلماء أن الدود إذا أقيمت
كانت مكفرة لا اقترف من آثام ،وأنه ل يعذب ف الخر .لا رواه البخاري ومسلم عن
عبادة بن الضامت قال :كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ملس فقال " :
تبايعون على أن تشركوا بال شيئا ،ول تزنوا ،ول تسرقوا ،ول تقتلوا النفس الت حرم
ال إل بالق فمن وف منكم فأجره على ال ،ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو
كفارة له ( . ) 1ومن أصاب شيئا من ذلك فستره ال عليه ،فأمره إل ال إن شاء عفا
عنه وإن شاء عذبه " .وإقامة الد وإن كانت مكفرة للثام ،فإنا مع ذلك زاجرة عن
اقترافها .فهي جوابر وزواجر معا .إقامة الدود ف دار الرب :ذهب فريق من العلماء
إل أن الدود تقام ف أرض الرب كما تقام ف دار السلم دون تفرقة بينهما ،لن
المر بإقامتهما عام ل يص دارا دون دار .ومن ذهب إل هذا مالك والليث بن سعد .
وقال أبو حنيفة وغيه :إذا غزا أمي أرض الرب ،فإنه ل يقيم الد على أحد من جنوده
ف عسكره ،إل أن يكون أمام مصر أو الشام أو العراق أو ما أشبه ذلك ،فيقيم الدود
ف عسكره .وحجة هؤلء أن إقامة الدود ف دار الرب قد تمل الحدود على
اللتحاق بالكفر .وهذا هو للراجح .وذلك أن هذا حد من حدود ال تعال ،وقد نى
عن إقامته ف الغزو خشية أن يترتب عليه ما هو شر منه .وقد نص أحد وإسحق بن
راهويه ،والوزاعي ،وغيهم من علماء السلم على أن الدود ل تقام ف أرض العدو ،
وعليه إجاع الصحابة وكان أبو مجن الثقفي رضي ال عنه ل يستطيع صبا عن شرب
المر ،فشربا ف واقعة القادسية ( ،هامش ) ( ) 1وهذا فيما عدا الشرك ( إن ال ل :
فغفرن يشرك به ) / ) . ( .صفحة / 366فحبسه أمي اليش سعد بن أب وقاص ،
269
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وأمر بتقييده ،فلما التقى المعان قال أبو مجن :كفا حزنا أن تطرد اليل بالقنا وأترك
مشدودا علي وثاقيا ث قال لمرأة سعد ،أطلقين ،ولك علي إن سلمن ال أن أرجع حت
أضع رجلي ف القيد ،فإن قتلت فقد استرحتم من ،فحلته ،فوثب على فرس لسعد يقال
لا " البلقاء " ث أخذ رما وخرج للقتال ،فأتى با بر سعدا وجيش السلمي حت ظنوه
ملكا من اللئكة جاء لنصرتم ،فلما هزم العدو رجع ووضع رجليه ف القيد ،فأخبت
سعدا امرأته با كان من أمره ،فخلى
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 366
سعد سبيله ،وأقسم أل يقيم عليه الد من أجل بلئه ف القتال حت قوي جيش السلمي
به ،فتاب أبو مجن بعد ذلك عن شرب المر .فتأخر الد أو إسقاطه كان لصلحة
راجحة ،هي خي للمسلمي وله من إقامة الد عليه .النهي عن إقامة الدود ف الساجد
صيانة لا عن التلوث :روى أبو داود عن حكيم بن حزام رضى ال عنه أنه قال :نى
رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يستقاد ف السجد ،وأن تنشد فيه الشعار ،وأن تقام
فيه الدود .هل للقاضي أن يكم بعلمه :يرى الظاهرية أنه فرض على القاضي أن
يقضي بعلمه ف الدماء والقصاص والموال والفروج والدود ،سواء علم ذلك قبل وليته
أو بعد وليته ،وأقوى ما حكم بعلمه ،لنه يقي الق .ث بالقرار ،ث بالبينة ،لن ال
تعال يقول " :يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي بالقسط شهداء ل ( " ) 1وقول
الرسول صلى ال عليه وسلم " :من رأى منكم منكرا فليغيه بيده ،فإن ل يستطع
فبلسانه ( " . . .هامش ) ( ) 1سورة النساء الية / ) . ( . 35 :صفحة " / 367
فصح أن القاضي عليه أن يقوم بالقسط ،وليس من القسط أن يترك الظال على ظلمه ل
يغيه .وصح أن فرضا على القاضي أن يغي كل منكر علمه بيده ،وأن يعطي كل ذي
حق حقه ،وإل فهو ظال .وأما جهور الفقهاء ،فإنم يرون أنه ليس للقاضي أن يقضى
بعلمه .قال أبو بكر رضي ال عنه " :لو رأيت رجل على حد ل أحده حت تقوم البينة
عندي " .ولن القاضي كغيه من الفراد ،ل يوز له أن يتكلم با شهده ما ل تكن لديه
البينة الكاملة .ولو رمى القاضي زانيا با شهده منه وهو ل يلك على قول البينة الكاملة
270
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لكان قاذفا يلزمه حد القذف .وإذا كان قد حرم على القاضي النطق با يعلم ،فأول أن
يرم عليه العمل به .وأصل هذا الرأي قول ال سبحانه " :فإذا ل يأتوا بالشهداء فأولئك
عند ال هم الكاذبون " ( ) 1 ( .هامش ) ( ) 1سورة النور :آية / ) . ( . 63
صفحة / 368المر التدرج ف تريها :وقد كان الناس يشربون المر حت هاجر
الرسول صلى ال عليه وسلم من مكة إل الدينة ،فكثر سؤال السلمي عنها وعن لعب
اليسر ،لا كانوا يرونه من شرورها ومفاسدها ،فأنزل ال عز وجل " :يسألونك عن
المر واليسر ،قل فيهما إث كبي ومنافع للناس وإثهما أكب من نفعهما ( . " ) 1أي
أن ف تعاطيهما ذنبا كبيا ،لا فيهما من الضرار والفاسد الادية والدينية .وأن فيهما
كذلك منافع للناس .وهذه النافع مادية .وهي الربح بالتار ف المر ،وكسب الال
دون عناء ف اليسر .ومع ذلك فإن الث أرجح من النافع فيهما ،وف هذا ترجيح لانب
التحري ،وليس تريا قاطعا .ث نزل بعد ذلك التحري أثناء الصلة تدرجا مع الناس
الذين ألفوها وعدوها جزءا من حياتم :قال ال سبحانه " :يا أيها الذين آمنوا ل تقربوا
الصلة وأنتم سكارى حت تعلموا ما تقولون ) 2 ( " . . .وكان سبب نزول هذه الية
أن رجل صلى وهو سكران فقرأ " :قل يا أيها الكافرون .أعبد ما تعبدون " إل آخر
السورة -بدون ذكر النفي -وكان ذلك تهيدا لتحريها نائيا ،ث نزل حكم ال
بتحريها نائيا .قال ال تعال " :يا أيها الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب
والزلم رجس من عمل الشيطان ،فاجتنبوه لعلكم تفلحون ،إنا يريد الشيطان أن يوقع
بينكم العداوة والبغضاء ف المر واليسر ،ويصدكم ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة الية
) 2 ( . 219 :سورة النساء :آية / ) . ( . 43صفحة / 369عن ذكر ال وعن
الصلة ،فهل أنتم منتهون ؟ " ( . ) 1وظاهر من هذا أن ال سبحانه عطف على
المر ،اليسر والنصاب والزلم .وحكم على هذه الشياء كلها بأنا - 1 :رجس :
أي خبيث مستقذر عند أول اللباب - 2 .ومن عمل الشيطان وتزيينه ووسوسته 3 .
-وإذا كان ذلك كذلك ،فإن من الواجب اجتنابا والبعد عنها ،ليكون النسان معدا
ومهيئا للفوز والفلح - 4 .وإن إرادة الشيطان بتزيينه تناول المر ولعب اليسر ف
إيقاع العداوة والبغضاء بسبب هذا التعاطي ،وهذه مفسدة دنيوية - 5 .وإن إرادته
271
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كذلك ف الصد عن ذكر ال ،واللاء عن الصلة ،وهذه مفسدة أخرى دينية - 6 .
وأن ذلك كله يوجب النتهاء عن تعاطي شئ من ذلك .وهذه الية آخر ما نزل ف
حكم المر ،وهي قاضية بتحريها تريا قاطعا .وأخرج عبد بن حيد عن عطاء قال :
أول ما نزل من تري المر " :يسألونك عن المر واليسر قل فيهما إث كبي ومنافع
للناس ،وإثهما أكب من نفعهما . ) 2 ( " .فقال بعض الناس :نشربا لنافعها ،وقال
آخرون :ل خي ف شئ فيه إث .ث نزلت :يا أيها الذين آمنوا ل تقربوا الصلة وأنتم
سكارى حت تعلموا ما تقولون " ( . ) 3فقال بعض الناس نشربا ونلس ف بيوتنا ،
وقال آخرون :ل خي ف
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 369
شئ يول بيننا وبي الصلة مع السلمي .فنلت ( :هامش ) ( ) 1سورة الائدة :آية
) 2 ( . 91سورة البقرة :آية ) 3 ( . 219سورة النساء :الية / ) . ( . 23
صفحة " / 370يا أيها الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب والزلم رجس من
عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون -إنا يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة
والبغضاء ف المر واليسر ،ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة ،فهل أنتم منتهون " (
) 1فنهاهم فانتهوا .وكان هذا التحري بعد غزوة الحزاب .وعن قتادة أن ال حرم
المر ف سورة الائدة بعد غزوة الحزاب ،وكانت غزوة الحزاب سنة أربع أو خس
هجرية .وذكر إبن اسحاق أن التحري كان ف غزوة بن النضي وكانت سنة أربع هجرية
على الراجح .وقال الدمياطي ف سيته :كان تريها عام الديبية سنة ست هجرية .
تشديد السلم ف تري المر :وتري المر يتفق مع تعاليم السلم الت تستهدف إياد
شخصية قوية ف جسمها ونفسها وعقلها ،وما من شك ف أن المر تضعف الشخصية
وتذهب بقوماتا ،ول سيما العقل ،يقول أحد الشعراء :شربت المر حت ضل عقلي
كذاك المر تفعل بالعقول وإذا ذهب العقل تول الرء إل حيوان شرير ،وصدر عنه من
الشر والفساد ما ل حد له ،فالقتل ،والعدوان ،والفحش ،وإفشاء السرار ،وخيانة
الوطان من آثاره .وهذا الشر يصل إل نفس النسان ،وإل أصدقائه وجيانه ،وإل
272
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كل من يسوقه حظه التعس إل القتراب منه .فعن علي كرم ال وجهه :أنه كان مع
عمه حزة وكان له شارفان " أي ناقتان مسنتان " أراد أن يمع عليهما الذخر ،وهو
نبات طيب الرائحة ،مع صائغ يهودي ويبيعه للصواغي ( ،هامش ) ( " ) 1فهل أنتم
منتهون " .لا علم عمر رضي ال عنه أن هذا وعيد شديد زائد على معن ( انتهوا ) ،
قال :انتهينا .وأمر النب صلى ال عليه وسلم مناديه أن ينادي ف سكك الدينة :أل إن
المر ققد حرمت .فكسرت الدنان وأريقت المر حت جرت ف سكك الدينة ) . ( .
/صفحة / 371ليستعي بثمنه على وليمة فاطمة رضي ال عنها -عند إرادة البناء با -
وكان عمه حزه يشرب المر مع بعض النصار ،ومعه قينة تغنيه ،فأنشدت شعرا حثته
به على نر الناقتي ،وأخذ أطايبهما ليأكل منها ،فثار حزة وجب ( ) 1أسنمتهما
وأخذ من أكبادها .فلما رأى علي ذلك تأل ول يلك عينيه ،وشكا حزة إل النب صلى
ال عليه وسلم .فدخل النب على حزة ومعه علي وزيد بن حارثة فتغيظ عليه وطفق
يلومه -وكان حزة ثل قد احرت عيناه .فنظر إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال
له ولن معه :وهل أنتم إل عبيد لب .فلما علم النب صلى ال عليه وسلم أنه ثل ،
نكص على عقبيه القهقرى ،وخرج هو ومن معه .هذه هي آثار المر حينما تلعب
برأس شاربا وتفقده وعيه ،ولذا أطلق عليها الشرع أم البائث .فعن عبد ال بن عمرو
أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :المر أم البائث .وعن عبد ال بن عمرو .قال :
" المر أم الفواحش وأكب الكبائر ،ومن شرب المر ترك الصلة ،ووقع على أمه
وخالته وعمته " .رواه الطبان ف الكبي من حديث عبد ال بن عمرو ،وكذا من
حديث ابن عباس بلفظ " من شربا وقع على أمه " .وكما جعلها أم البائث أكد
حرمتها ،ولعن متعاطيها وكل من له با صلة ،واعتبه خارجا عن اليان .فعن أنس أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم " لعن ف المر عشرة :عاصرها ،ومعتصرها ،
وشاربا ،وحاملها ،والحمولة إليه ،وساقيها ،وبائعها ،وآكل ثنها ،والشتري لا ،
والشترى له " .رواه ابن ماجه والترمذي .وقال :حديث غريب .وعن أب هريرة أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يزن ( هامش ) ( ) 1جب :قطع / ) . ( .
صفحة / 372الزان حي يزن وهو مؤمن ،ول يسرق السارق حي يسرق وهو
273
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مؤمن ،ول يشرب المر حي يشربا وهو مؤمن ( . ) 1رواه أحد والبخاري ومسلم
وأبو داود والترمذي والنسائي .وجعل جزاء من يتناولا ف الدنيا أن يرحم منها ف الخرة
لنه استعجل شيئا فجوزي بالرمان منه .قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من
شرب المر ف الدنيا ول يتب ،ل يشربا ف الخرة ،وإن دخل النة " .تري المر ف
السيحية :وكما أن المر مرمة ف السلم فهي مرمة ف السيحية كذلك .وقد
استفتت جاعة منع السكرات رؤساء الديانة السيحية بالوجه القبلى بالمهورية العربية
التحدة ( ) فأفتوا با خلصته " :أن الكتب اللية جيعها قضت على النسان أن يبتعد
عن السكرات " كذلك استدل رئيس كنيسة السوريي الورثوذكس على تري
السكرات بنصوص الكتاب القدس .ث قال " :وخلصة القول :إن السكرات إجال
مرمة ف كل كتاب ،سواء كانت من العنب أم من سائر الواد كالشعي ،والتمر ،
والعسل ،والتفاح ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 372
وغيها .ومن شواهد العهد الديد ف ذلك قول بولس ف رسالته إل أهل إفسس ( : 5
" : ) 8ول تسكروا بالمر الذي فيه اللعة " .ونيه عن مالطة السكي ( إكوه :
) 11وجزمه بأن السكيين ل ( هامش ) ( ) 1أي أن مرتكب ذلك ل يكون حال
ارتكابه متصفا باليان الذعان لمرة ذلك -وكونه من أسباب سخط ال وعقوبته لن
هذا اليان يستلزم اجتناب العاصي .وقيل :إن اليان يفارق مرتكب أمثال هذه لكبائر
مدة ملبسته لا ،وقد يعود إليه بعدها .وقيل :الناف لكمال اليان .والرأي الول
أصح ،كما حققه الما الغزال ف الحياء ف كتاب " التوبة " ( ) 2منهم نيافة مطران
كرسي أسيوط ،ونيافة مطران كرسي البلينا ،ونيافة مطران قنا .بتاريخ / 9 / 26
1922م / ) . ( .صفحة / 373ل يرقون ملكوت السموات ( غله - 21 :إكو 6
. ) 10 : 9 :أضرار المر :وقد لصت ملة التمدين السلمي " بقلم الدكتور عبد
الوهاب خليل " ما ف المر من اضرار نفسية وبدنية وخلقية وما يترتب عليها من آثار
سيئة ف الفرد والماعة فقالت :وإذا سألنا جيع العلماء سواء علماء الدين ،أو الطب ،
274
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أو الخلق ،أو الجتماع ،أو القتصاد ،وأخذنا رأيهم ف تعاطي السكرات لكان
جواب الكل واحدا :وهو منع تعاطيها منعا باتا ،لنا مضرة ضررا فادحا .فعلماء الدين
يقولون :أنا مرمة ،وما حرمت إل لنا أم البائب .وعلماء الطب يقولون :إنا من
أعظم الخطار الت تدد نوع البشر ،ل با تورثه مباشرة من الضرار السامة فحسب ،
بل بعواقبها الوخيمة أيضا ،إذ أنا تهد السبيل لطر ل يقل ضررا عنها ،أل وهو السل .
.والمر توهن البدن وتعله أقل مقاومة وجلدا ف كثي من المراض مطلقا ،وهي تؤثر
ف جيع أجهزة البدن ،وخاصة ف الكبد ،وهي شديدة الفتك بالجموعة العصبية .
لذلك ل يستغرب أن تكون من أهم السباب الوجبة لكثي من المراض العصبية ومن
أعظم دواعي النون والشقاوة والجرام ،ل لستعملها وحده ،بل وف أعقابه من بعده .
فهي إذن علة الشقاء والعوز والبؤس ،وهي جرثومة الفلس والسكنة والذل ،وما نزلت
بقوم إل أودت بم :مادة ومعن ،بدنا وروحا ،جسما وعقل .وعلماء الخلق
يقولون :لكي يكون النسان مافظا على الرزانة والعفة والشرف والنخوة والروءة ،يلزم
عدم تناوله شيئا يضيع به هذه الصفات الميذة / .صفحة / 374وعلماء الجتماع
يقولون :لكي يكون الجتمع النسان على غاية من النظام والترتيب يلزم عدم تعكيه
بأعمال تل بذا النظام ،وعندنا تصبح الفوضى سائدة -والفوضى تلق التفرقة -
والتفرقة تفيد العداء .وعلماء القتصاد يقولون :إن كل درهم نصرفه لنفعتنا فهو قوة
لنا وللوطن .وكل درهم نصرفه لضرتنا ،فهو خسارة علينا وعلى وطننا ،فكيف بذه
الليي من الليات الت تذهب سدى على شرب السكرات على اختلف أنواعها .
وتؤخرنا ماليا وتذهب بروءتنا ونوتنا ؟ ! .فعلى هذه الساس نرى أن العقل يأمرنا بعدم
تعاطي المر ،وإذا أرادت الكومة أخذ رأى العلماء البيين ف هذا الضمار فقد
كفيناها مؤنة التعب ف هذه السبيل ،وأتيناها بالواب بدون أن تتكبد مشقة أو تصرف
فلسا واحدا ،إذ جيع العلماء متفقون على ضررها ،والكومة من الشعب ،والشعب
يريد من حكومته رفع الضرر والذى ،وهي مسئولة عن رعيتها .وبنع السكرات يغدو
أفراد المة أقوياء البنية صحيحي السم ،أقوياء العزية ذوي عقل ناضج ،وهذه من أهم
الوسائل الؤدية إل رفع الستوى الصحي ف البلد ،وكذلك هي الدعامة الول لرفع
275
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الستوى الجتماعي والخلقي والقتصادي .إذ تفف العناء عن كثي من الوزارات ،
وخاصة وزارة العدل -فيصبح رواد القصور العدلية والسجون قليلي ،وبعدها تصبح
السجود خالية تتحول إل دور يستفاد منها بشت الصلحات الجتماعية .هذه هي
الضارة والدنية ،وهذه هي النهضة .وهذا هو الرقي والوعي .وهذا هو العيار واليزان
لرقي المم .هذه هي الشتراكية والتعاونية بعينها وحقيقتها .أي نشترك ونتعاون على
رفع الضرر والذى .وباب العمل الدي النتج واسع " :وقل اعملوا فسيى ال عملكم
ورسوله والؤمنون " اه / .صفحة / 375هذه الضرار النفة ثبتت ثبوتا ل مال فيه
لشك أو ارتياب ،ما حل كثرا من الدول الواعية على ماربة تعاطي المر وغيها من
السكرات .وكان ف مقدمة من حاول منع تعاطيها من الدول :أمريكا .فقد نشر ف
كتاب تنقيحات للسيد أبو العلى الودودي ما يأت :منعت حكومة أمريكا المر ،
وطاردتا ف بلدها ،واستعملت جيع وسائل الدنية الاضرة كالجلت ،والحاضرات ،
والصور ،والسينما لتهجي شربا ،وبيان مضارها ومفاسدها .ويقدرون ما أنفقت
الدولة ف الدعاية ضد المر با يزد على 60مليون دولر ،وأن ما نشرته من الكتب
والنشرات يشتمل على 10بليي صفحة ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 375
وما تملته ف سبيل قانون التحري ف مدة أربعة عشر عاما ل يقل عن 250مليون جنيها
،وقد أعدم فيها 300نفس ،وسجن 532 ، 335نفس ،وبلغت الغرامات إل 16
مليون جنيها ،وصادرت من الملك ما يبلغ 400مليون وأربعة مليي جنيها ،ولكن
كل ذلك ل يزد المة المريكية إل غراما بالمر وعنادا ف تعاطيها ،حت اضطرت
الكومة سنة 1933إل سحب هذا القانون وإباحة المر ف ملكتها إباحة مطلقة .
إنتهى .إن أمريكا قد عجزت عجزا تاما عن تري المر بالرغم من الهود الضخمة الت
بذلتها ،ولكن السلم الذي رب المة على أساس من الدين ،وغرس ف نفوس أفرادها
غراس اليان الق ،وأحيا ضميها بالتعاليم الصالة والسوة السنة ل يصنعا شيئا من
ذلك ،ول يتكلف مثل هذا الهد ،ولكنها كلمة صدرت من ال استجابت لا النفوس
276
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
استجابة مطلقة .روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال :ما كان
لنا خر غي فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ .إن لقائم أسقي أبا طلحة وأبا أيوب
ورجال من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ،ف بيتنا ،إذ جاء رجل فقال :هل
بلغكم الب ؟ .فقلنا :ل ،فقال :إن المر قد حرمت .فقال :يا أنس ،أرق هذه
القلل .قال :فما سألوا عنها ،ول راجعوها بعد خب الرجل .وهكذا يصنع اليان
بأهله / .صفحة / 376ما هي المر :المر هي تلك السوائل العروفة العدة بطريق
تمر بعض البوب أو الفواكه ،وتول النشا أو السكر الذي تتويه إل غول ( ) 1
بواسطة بعض كائنات حية لا قدرة على إفراز مواد خاصة يعد وجودها ضروريا ف عملية
التخمر .وقد سيت خرا لنا تمر العقل وتستره :أي تغطيه وتفسد إدراكه .هذا هو
تعريف الطب للخمر .وكل ما من شأنه أن يسكر يعتب خرا ،ول عبة بالادة الت
أخذت منه ،فما كان مسكرا من أي نوع من النواع فهو خر شرعا ،ويأخذ حكمه ،
ويستوي ف ذلك ما كان من العنب أو التمر أو العسل أو النطة أو الشعي أو ما كان من
غي هذه الشياء ،إذ أن ذلك كله خر مرم ،لضرره الاص والعام ،ولصده عن ذكر
ال وعن الصلة ،وليقاعه العداوة والبغضاء بي الناس .والشارع ل يفرق بي
التماثلت ،فل يفرق بي شراب مسكر ،وشراب آخر مسكر فيبيح القليل من صنف
ويرم القليل من صنف آخر ،بل يسوي بينهما ،وإذا كان قد حرم القليل من أحدها
فإنه كذلك قد حرم القليل من الخر ،وقد جاءت النصوص صرية صحيحة ،ل تتمل
التأويل ول التشكيك - 1 :روى أحد وأبو داود عن ابن عمر أن النب صلى ال عليه
وسلم قال " :كل مسكر خر ،وكل خر حرام " - 2 .وروى البخاري ومسلم أن
عمر بن الطاب رضي ال عنه خطب على منب رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال " :
أما بعد ،أيها الناس :إنه نزل تري المر ،وهي من خسة أشياء :من العنب ،والتمر ،
والعسل ،والنطة ،والشعي ،والمر ما خامر العقل " ( .هامش ) ( ) 1الغول :
الكحول / ) . ( .صفحة / 377هذا الذي قاله أمي الؤمني وهو القول الفصل ،لنه
أعرف باللغة وأعلم بالشرع ،ول ينقل أن أحدا من الصحابة خالفه فيما ذهب إليه 3 .
-وروى مسلم عن جابر ،أن رجل من اليمن سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن
277
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له " الزر " فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم
" :أمسكر هو ؟ " قال :نعم ،فقال صلى ال عليه وسلم " :كل مسكر حرام . . .ان
على ال عهدا لن يشرب السكر أن يسقيه من طينة اليال قالوا يا رسول ال :وما طينة
اليال ؟ قال " :عرق أهل النار " أو قال " :عصارة أهل النار " - 4 .وف السنن عن
النعمان بن بشي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إن من العنب خرا ،وإن من
التمر خرا ،وإن من العسل خرا ،وإن من الب خرا ،وإن من الشعي خرا " - 5وعن
عائشة رضي ال عنها .قالت " :كل مسكر حرام ،وما أسكر الفرق ( ) 1منه فمل ء
الكف منه حرام " - 6 .وروى أحد والبخاري ومسلم عن أب موسى الشعري .قال ،
قلت يا رسول ال :أفتنا ف شرابي كنا نصنعهما باليمن " البتع " وهو من العسل حي
يشتد ( " ) 2والزر " وهو من الذرة والشعي ينبذ حت يشتد قال :وكان رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،قد أوت جوامع الكلم بواتيمه ،قال " :كل مسكر حرام " 7 .
-وعن علي كرم ال وجهه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ناهم على العة " وهي
نبيذ الشعي " " أي البية " .رواه أبو داود والنسائي .هذا هو رأي جهور الفقهاء من
الصحابة والتابعي .وفقهاء المصار ،ومذهب أهل الفتول ،ومذهب ممد من أصحاب
أب حنيفة ،وعليه الفتوي .ول يالف ف ذلك أحد سوى فقهاء العراق ،وإبراهيم
النخعي ،وسفيان ( هامش ) ( ) 1الفرق :مكيال يسع ستة عشر رطل ) 2 ( .يشتد
:يغلي ويتخمر ) . ( .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 377
/صفحة / 378الثوري ،وابن أب ليلى ،وشريك ،وابن شبمة ،وسائر فقهاء
الكوفيي ،وأكثر علماء البصريي ،وأب حنيفة ،فإنم قالوا :بتحري القليل والكثي من
المر الت هي من عصي العنب .أما ما كان من النبذة من غي العنب ،فإنه يرم الكثي
السكر منه ،أما القليل الذي ل يسكر ،فإنه حلل .وهذا الرأي مالف تام الخالفة لا
سبق من الدلة .ومن المانة العلمية أن نذكر حجج هؤلء الفقهاء ملخصي ما قاله ابن
رشد ف بداية الجتهد .قال :قال جهور فقهاء الجاز ( ) 1وجهور الحدثي :قليل
278
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
النبذة وكثيها السكرة حرام .وقال العراقيون ،وإبراهيم النخعي من التابعي ،وسفيان
الثوري ،وابن أب ليلى ،وشريك ،وابن شبمة وأبو حنيفة ،وسائر فقهاء الكوفيي ،
وأكثر علماء البصريي :إن الحرم من سائر النبذة السكرة هو السكر نفسه ،ل العي .
وسبب اختلفهم تعارض الثار والقيسة ف هذا الباب .فللحجازيي ف تثبيت مذهبهم
طريقتان ( :الطريقة الول ) الثار الواردة ف ذلك ( .الطريقة الثانية ) تسمية النبذة
بأجعها خرا .فمن أشهر الثار الت تسك با أهل الجاز ما رواه مالك ،عن ابن
شهاب ،عن أب سلمة بن عبد الرحن ،عن عائشة أنا قالت :سئل رسول ال صلى ال
عليه وسلم عن البتع وعن نبيذ العسل ؟ فقال " :كل شراب أسكر فهو حرام " .أخرجه
البخاري ،وقال يي بن معي هذا أصح حديث روي عن النب عليه الصلة والسلم ف
تري السكر .ومنها أيضا ما خرجه مسلم عن ابن عمر أن النب عليه الصلة والسلم قال
" :كل مسكر خر ،وكل خر حرام " .فهذان حديثان صحيحان ( :هامش ) ( ) 1
بداية الجتهد ج 1ص / ) . ( . 437 - 434صفحة / 379أما الول فاتفق الكل
عليه .وأما الثان فانفرد بتصحيحه مسلم .وخرج الترمذي وأبو داود والنسائي عن جابر
بن عبد ال أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ما أسكر كثيه فقليله حرام " .
وهو نص ف موضع اللف .وأما الستدلل الثان من أن النبذة كلها تسمى خرا فلهم
ف ذلك طريقتان :إحداها من جهة إثبات الساء بطريق الشتقاق ،والثان من جهة
السماع .فأما الت من جهة الشتقاق ،فإنم قالوا :إنه معلوم عند أهل اللغة أن المر
إنا سيت خرا لخامرتا العقل ،فوجب لذلك أن ينطلق اسم المر لغة على كل ما خامر
العقل .وهذه الطريقة من إثبات الساء فيها اختلف بي الصوليي وهي غي مرضية عند
الرسانيي .وأما الطريقة الثانية الت من جهة السماع فإنم قالوا :إنه وإن ل يسلم لنا
بأن النبذة تسمى ف اللغة خرا فإنا تسمى خرا شرعا .واحتجوا ف ذلك بديث ابن
عمر التقدم وبا روي أيضا عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :
المر من هاتي الشجرتي :النخلة والعنبة " .وما روي أيضا عن ابن عمر أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :إن من العنب خرا ،وإن من العسل خرا ،ومن الزبيب
خرا ،ومن النطة خرا . . .وأنا أنا كم عن كل مسكر " .فهذه هي عمدة الجازيي
279
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ف تري النبذة .وأما الكوفيون فإنم تسكوا لذهبهم بظاهر قوله تعال " :ومن ثرات
النخيل والعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ( ) 1 ( " .هامش ) ( ) 1سورة
النحل آية / ) . ( . 67صفحة / 380وباثار رووها ف هذا الباب ،وبالقياس العنوي
.أما احتجاجهم بالية فإنم قالوا :السكر هو السكر ولو كان مرم العي ،لا ساه ال
رزقا حسنا .وأما الثار الت اعتمدوها ف هذا الباب فمن أشهرها عندهم حديث أب
عون الثقفي ،عن عبد ال بن شداد ،عن ابن عباس ،عن النب صلى ال عليه وسلم .
قال " :حرمت المر لعينها ،والسكر من غيها " .قالوا :وهذا نص ل يتمل
التأويل ،وضعفه أهل الجاز ،لن بعض رواته روى " والسكر من غيها " .ومنها
حديث شريك عن ساك بن حرب بإسناده عن أب بردة بن نيار قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :إن كنت نيتكم عن الشراب ف الوعية ،فاشربوا فيما بدا لكم
ول تسكروا " ،خرجها الطحاوي .وروي عن ابن مسعود أنه قال " :شهدت تري
النبيذ كما شهدت ،ث شهدت تليله ،فحفظت ونسيتم " .وروي عن أب موسى أنه
قال :بعثن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنا ومعاذا إل اليمن ،فقلنا يا رسول ال :إن
با شرابي يصنعان من الب والشعي :أحدها يقال له :الزر .والخر يقال له :البتع .
فما نشرب ؟ .فقال عليه الصلة والسلم " :اشربا ول تسكرا " .خرجه الطحاوي
أيضا . . .إل غي ذلك من الثار الت ذكروها ف هذا الباب .وأما احتجاجهم من جهة
النظر .فإنم قالوا :قد نص القرآن على أن علة التحري ف المر إنا هي الصد عن ذكر
ال ووقوع العداوة والبغضاء كما قال تعال " :إنا يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة
والبغضاء ف
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 380
المر واليسر ،ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة / " . . .صفحة / 381وهذه العلة
تود ف القدر السكر ،لفيما دون ذلك ،فوجب أن يكون ذلك القدر هو احرام ،إل ما
انعقد عليه الجاع من تري قليل المر وكثيها .قالوا :وهذا النوع من القياس يلحق
بالنص .وهو القياس الذي ينبه الشرع على العلة فيه .وقال التأخرون من أهل النظر :
280
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حجة الجازيي من طريق السمع أقوى وحجة العراقيي من طريق القياس أظهر .وإذا
كان هذا كما قالوا فيجع اللف إل اختلفهم ف تغليب الثر على القياس ،أو تغليب
القياس على الثر إذا تعارضا ،وهي مسألة متلف فيها .لكن الق أن الثر إذا كان نصا
ثابتا ،فالواجب أن يغلب على القياس .وأما إذا كان ظاهر اللفظ متمل للتأويل ،فهنا
يتردد النظر :هل يمع بينهما بأن يتأول اللفظ ؟ أو يغلب ظاهر اللفظ على مقتضى
القياس ؟ وذلك متلف بسب قوة لفظ من اللفاظ الظاهرة وقوة قياس من القياسات الت
تقابلها .ول يدرك الفرق بينهما إل بالذوق العقلي ،كما يدرك الوزون من الكلم من
غي الوزون .وربا كان الذوقان على التساوي . . .ولذلك كثر الختلف ف هذا
النوع ،حت قال كثي من الناس " :كل متهد مصيب " .قال القاضي :والذي يظهر ل
-وال أعلم -أن قوله عليه الصلة والسلم " كل مسكر حرام " وإن كان يتمل أن
يراد به القدر السكر ل النس السكر ،فإن ظهوره ف تعليق التحري بالنس أغلب على
الظن من تعليقه بالقدر ،لكان معارضة ذلك القياس له على ما تأوله الكوفيون ،فإنه ل
يبعد أن يرم الشارع قليل السكر وكثيه سدا للذريعة وتغليظا ،مع أن الضرر إنا يوجد
ف الكثي .وقد ثبت من حال الشرع بالجاع أنه اعتب ف المر النس دون القدر ،
فوجب كل ما وجدت فيه علة المر أن يلحق بالمر ،وأن يكون على من زعم وجود
الفرق إقامة الدليل على ذلك / .صفحة / 382هذا ،وإن ل يسلموا لنا بصحة قوله
عليه الصلة والسلم " :ما أسكر كثيه فقليله حرام " فإنم إن سلموا ل يدوا عنه
انفكاكا فإنه نص ف موضع اللف .ول يصح أن تعارض النصوص بالقاييس .وأيضا
فإن الشرع قد أخب أن ف المر مضرة ومنفعة فقال تعال " :قل فيهما إث كبي ومنافع
للناس " .وكان القياس إذا قصد المع بي انتفاء الضرة ووجود النفعة أن يرم كثيها
ويلل قليلها .فلما غلب الشرع حكم الضرة على النفعة ف المر ،ومنع القليل منها
والكثي .وجب أن يكون المر كذلك ف كل ما يوجد فيه علة تري المر إل أن يثبت
ف ذلك فارق شرعي .واتفقوا على أن النتباذ حلل ،ما ل تدث فيه الشدة الطربة
المرية ،لقوله عليه الصلة والسلم " :فانتبذوا ،وكل مسكر حرام " .ولا ثبت عنه
عليه الصلة والسلم أنه كان ينتبذ وأنه كان يريقه ف اليوم الثان أو الثالث .واختلفوا من
281
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ذلك ف مسألتي :إحداها ف الوان الت ينتبذ فيها .والثانية ف انتباذ شيئي مثل :البسر
والرطب ،والتمر والزبيب .انتهى .أهم أنواع المور :توجد المور ف السواق
بأساء متلفة ،وقد تقسم إل أقسام خاصة باعتبار ما تويه من النسب الئوية من الكحول
.فهناك مثل :الباندي ،والوسكي ،والروم ،والليكي ،وغيها ،وتبلغ نسبة الكحول
فيها من / 40إل . / 60وتبلغ النسبة ف الن ،والولندي ،والنيفا ،من / 33إل
. / 40وتتوي بعض الصناف الخرى ،مثل :البورت ،والشري ،والاديرا ،على
/ . / 25 - / 15صفحة / 383وتتوي المور الفيفة مثل :الكلرت ،والوك ،
والشمبانيا ،والبجاندي على . / 15 - / 10وأنواع البية الفيفة تتوي على - / 2
/ 9مثل :اليل ،والبورتر ،والستوت ،واليونخ وغيها .وهنالك أصناف أخرى
تتوي على نفس النسب الخية .مثل البوظة ،والقصب التخمر وغيها .شرب
العصي والنبيذ قبل التخمي :يوز شرب العصي والنبيذ قبل غليانه ( . ) 1لديث أب
هريرة عند أب داود والنسائي وابن ماجه .قال " :علمت أن النب صلى ال عليه وسلم
كان يصوم ،فتحينت فطره بنبيذ صنعته ف دباء ،ث أتيته به ،فإذا هو ينش ( ) 2فقال :
" إضرب بذا الائط ،فإن هذا شراب من ل يؤمن بال واليوم الخر " .وأخرج أحد
عن ابن عمر ف العصي قال " :اشربه ما ل يأخذه شيطانه " قيل :وف كم يأخذه شيطانه
؟ قال " :ف ثلث " .وأخرج مسلم وغيه من حديثا بن عباس " أنه كان ينقع للنب
صلى ال عليه وسلم الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد ،إل مساء الثالثة .ث يأمر به
فيسقى الادم أو يهراق " .قال أبو داود :ومعن يسقى الادم يبادر به الفساد ومظنة
ذلك ما زاد على ثلثة أيام .وقد أخرج مسلم وغيه من حديث عائشة " أنا كانت تنتبذ
لرسول ال صلى ال عليه وسلم غدوة ،فإذا كان العشي فتعشى ،شرب على عشائه ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 383
وإن فضل شئ صبته أو أفرغته ث تنتبذ له بالليل ،فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه .
قالت تغسل السقاء غدوة وعشية " .وهو ل يناف حديث ابن عباس التقدم أنه كان
يشرب اليوم والغد وبعد ( هامش ) ( ) 1الغليان :الختمار ) 2 ( .ينش :يغلي .
282
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( / ) .صفحة / 384الغد إل مساء الثالثة ،لن الثلث مشتملة على زيادة غي
منافية ،والكل ف الصحيح ( . ) 1هذا ومن العروف من سية رسول ال صلى ال عليه
وسلم أنه ل يشرب المر قط ،لقبل البعثة ولبعدها .وإنا كان شرابه من هذا النبيذ
الذي ل يتخمر بعد ،كما هو مصرح به ف هذه الحاديث .المر إذا تللت :قال ف
بداية الجتهد :وأجعوا " أي العلماء " على أن المر إذا تللت من ذاتا أجاز أكلها "
تناولا " .واختلفوا إذا قصد تليلها على ثلثة أقوال - 1 :التحري - 2 .ومكراهية .
- 3والباحة ( . ) 2وسبب اختلفهم معارضة القياس للثر ،واختلفهم ف مفهوم
الثر .وذلك أن أبا داود ( ) 3أخرج من حديث أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل النب
صلى ال عليه وسلم عن أيتام ورثوا خرا ؟ فقال " :أهرقها " .قال :أفل أجعلها خل ؟
قال " :ل " ) 4 ( .فمن فهم من النع سد الذريعة حل ذلك على الكراهية .ومن فهم
النهي لغي علة قال بالتحري ( .هامش ) ( ) 1الروضة الندية ص 202ج ) 2 ( . 1
القائلون به :عمر بن الطاب ،والشافعي ،وأحد ،وسفيان ،وابن البارك وعطاء ابن
أب رباح ،وعمر بن عبد العزيز ،وأبو حنيفة ) 3 ( .وأخرجه أيضا مسلم والترمذي ( .
) 4قال الطاب :ف هذا بيان واضح أن معالة المر حت تصي خل غي جائز ولو كان
إل ذلك سبيل لكان مال اليتيم أول الموال به لا يب من حفظه وتثميه ،وقد كان ني
رسول العن إضاعة الال وف إراقته إضاعته فعلم بذلك إن معالته ل تطهره ولترده إل
الالية بال / ) . ( .صفحة / 385ويرج على هذا أل تري أيضا على مذهب من يرى
أن النهي ل يعود بفساد النهي عنه .والقياس العارض لمل الل على التحري ،أنه قد
علم من ضرورة الشرع أن الحكام الختلفة ،إنا هي للذوات الختلفة ،وأن ذات المر
غي ذات الل ،والل بالجاع حلل .فإذا انتقلت ذات المر إل ذات الل ،وجب
أن يكون حلل كيفما انتقل ( . ) 1الخدرات :هذا هو حكم ال ف المر ،أما ما
يزيل العقل من غي الشربة ،مثل :البنج ،والشيش وغيها من الخدرات ،فإنه
حرام ،لنه مسكر .ففي حديث مسلم الذي تقدم ذكره أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم قال " :كل مسكر خر ،وكل خر حرام " .وقد سئل مفت الديار الصرية الشيخ
عبد الجيد سليم ،رحه ال ،عن حكم الشرع ف الواد الخدرة ،واشتمل السؤال على
283
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السائل التية - 1 :تعاطي الواد الخدرة - 2 .التار بالواد الخدرة ،واتاذها وسيلة
للربح التجاري - 3 .زراعة الشخاش والشيش بقصد البيع أو استخراج الادة الخدرة
منهما ،للتعاطي أو للتجارة - 4 .الربح الناجم من هذا السبيل ،أهو ربح حلل أم
حرام ؟ وقد أجاب فضيلته با يأت ) 1 ( :تعاطي الواد الخدرة :إنه ل يشك شاك ،
ول يرتاب مرتاب ف أن تعاطي هذه الواد حرام ،لنا تؤدي إل مضار جسيمة ،
ومفاسد كثية ،فهي تفسد العقل ،وتفتك ( هامش ) ( ) 1ج 1ص / ) . ( 438
صفحة / 386بالبدن إل غي ذلك من الضار والفاسد .فل يكن أن تأذن الشريعة
بتعاطيها مع تريها لا هو أقل منها مفسدة وأخف ضررا .ولذلك قال بعض علماء
النفية " :إن من قال بل الشيش زنديق مبتدع " .وهذا منه دللة على ظهور حرمتها
ووضوحها ،ولنه لا كان الكثي من هذه الواد يامر العقل ويغطيه ،ويدث من الطرب
واللذة عند متناوليها ما يدعوهم إل تعاطيها والداومة عليها ،كانت داخلة فيما حرمه ال
تعال ف كتابه العزيز ،وعلى لسان رسوله صلى ال عليه وسلم من المر والسكر .قال
شيخ السلم ابن تيمية ف كتابه السياسة الشرعية ما خلصته " :إن الشيشة حرام ،يد
متناولا كما يد شارب المر ،وهي أخبث من المر من جهة أنا تفسد العقل
والزاج ،حت يصي ف الرجل .تنث ودياثة ،وغي ذلك من الفساد ،وأنا تصد عن
ذكر ال وعن الصلة ،وهي داخلة فيما حرمه ال ورسوله من المر والسكر لفظا أو
معن قال أبو موسى الشعري رضي ال عنه :يا رسول ال أفتنا ف شرابي كنا نصنعهما
باليمن " :البتع " وهو العسل ينبذ حت يشتدو " الزر " وهو من الذرة والشعي ينبذ حت
يشتد .قال :وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم قد أعطى جوامع الكلم بواته فقال
" :كل مسكر حرام " .رواه البخاري ومسلم .وعن النعمان بن بشي رضي ال عنه
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن من النطة خرا ،ومن الشعي خرا ،
ومن الزبيب خرا ،ومن
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 386
284
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
التمر خرا ،ومن العسل خرا .وأنا أنى عن كل مسكر " .رواه أبو داوود وغيه .
وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :كل مسكر خر .
وكل مسكر حرام " .وف رواية " :كل مسكر خر .وكل خر حرام " .رواها مسلم
/ .صفحة / 387وعن عائشة رضي ال عنها قالت :قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :كل مسكر حرام ،وما أسكر الفرق ( ) 1منه فمل ء الكف منه حرام " .قال
الترمذي حديث حسن .وروى ابن السن عن النب صلى ال عليه وسلم من وجوه أنه
قال " :ما أسكر كثيه فقليله حرام " وصححه الفاظ .وعن جابر رضي ال عنه أن
رجل سأل النب صلى ال عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له الزر
.قال " :أمسكر هو ؟ " قال :نعم .فقال " :كل مسكر حرام ،إن على ال عهدا لن
يشرب السكر أن يسقيه من طينة البال " .قالوا يا رسول ال :وما طينة البال ؟ قال :
" عرق أهل النار " أو قال " :عصارة أهل النار " .رواه مسلم .وعن ابن عباس رضي
ال عنهما عن النب صلى ال عليه وسلم قال " .كل ممر وكل مسكر حرام ( . " ) 2
رواه أبو داود .والحاديث ف هذا الباب كثية مستفيضة .جع رسول ال صلى ال عليه
وسلم با أوتيه من جوامع الكلم كل ما غطى العقل وأسكر ول يفرق بي نوع ونوع ،
ول تأثي لكونه مأكول أو مشروبا .على أن المر قد يصطبغ با :أي تعل إداما ،
وهذه الشيشة قد تذاب بالاء وتشرب ،فالمر يشرب ويؤكل ،والشيشة تؤكل
وتشرب ،وكل ذلك حرام ،وحدوثها بعد عصر النب صلى ال عليه وسلم والئمة ل
ينع من دخولا ف عموم كلم رسول ال صلى ال عليه وسلم عن السكر .فقد حدثت
شربة مسكرة بعد النب صلى ال عليه وسلم ،وكلها داخلة ف الكلم الوامع أمن الكتاب
والسنة " .انتهت خلصة كلم ابن تيمية .وقد تكلم رحه ال عنها أيضا غي مرة ف
فتاواه .فقال ما خلصته " :هذه الشيشة اللعونة هي وآكلوها ،ومستحلوها ،الوجبة
لسخط ( هامش ) ( ) 1تقدم معن الفرق .والعن :ما أسكر كثيه فقليله حرام ( ( .
) 2الخمر :ما يغطي العقل / ) . ( .صفحة / 388ال تعال ،وسخط رسوله ،
وسخط عباده الؤمني .العرضة صاحبها لعقوبة ال ،تشتمل على ضرر ف دين الرء
وعقله وخلقه وطبعه .وتفسد المزجة حت جعلت خلقا كثيا ماني ،وتورث من مهانة
285
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
آكلها ودناءة نفسه وغي ذلك ما ل تورث المر .ففيها من الفاسد ما ليس ف المر .
فهي بالتحري أول .وقد أجع السلمون على أن السكر منها حرام .ومن استحل ذلك
وزعم أنه حلل فإنه يستتاب فإن تاب وإل قتل مرتدا ،ل يصلى عليه ول يدفن ف مقابر
السلمي .وإن القليل منها حرام أيضا بالنصوص الدالة على تري المر وتري كل
مسكر " اه .وقد تبعه تلميذ المام الحقق ابن القيم رحه ال ،فقال ف زاد العاد ما
خلصته " :إن المر يدخل فيها كل مسكر :مائعا كان أو جامدا ،عصيا أو مطبوخا
.فيدخل فيها لقمة الفسق والفجور -ويعن با الشيشة -لن هذا كله خر بنص
رسول ال صلى ال عليه وسلم الصحيح الصريح الذي ل مطعن ف سنده ول إجال ف
متنه ،إذ صح عنه قوله . . . " :كل مسكر خر . " . . .وصح عن أصحابه رضي ال
عنهم الذين هم أعلم المة بطابه ومراده ،بأن المر ما خامر العقل .على أنه لو ل
يتناول لفظه صلى ال عليه وسلم كل مسكر ،لكان القياس الصحيح الصريح الذي
استوى فيه الصل والفرع من كل وجهة ،حاكما بالتسوية بي أنواع السكر ،فالتفريق
بي نوع ونوع ،تفريق بي متماثلي من جيع الوجوه " اه .وقال صاحب سبل السلم
شرح بلوغ الرام " :إنه يرم ما أسكر من أي شئ ،وإن ل يكن مشروبا ،كالشبشة "
.ونقل عن الافظ ابن حجر " :ان من قال :إن الشيشة ل تسكر وإنا هي مدر ،
مكابر ،فإنا تدث ما تدثه المر من الطرب والنشوة " .ونقل عن ابن البيطار -من
الطباء -أن الشيشة الت توجد ف مصر /صفحة / 389مسكرة جدا ،إذا تناول
النسان منها قدر درهم أو درهي .وقبائح خصالا كثية .وعد منها بعض العلماء مائة
وعشرين مضرة دينية ودنيوية .وقبائح خصالا موجودة ف الفيون .وفيه زيادة مضار "
اه .وما قاله شيخ السلم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيها من العلماء هو الق الذي
يسوق إليه الدليل وتطمئن به النفس .وإذ قد تبي أن النصوص من الكتاب والسنة تتناول
الشيش ،فهي تتناول أيضا الفيون ،الذي بي العلماء أنه أكثر ضررا .ويترتب عليه من
الفاسد ما يزيد على مفاسد الشيش كما سبق عن ابن البيطار .وتتناول أيضا سائر
الخدرات الت حدثت ول تكن معروفة من قبل ،إذ هي كالمر من العنب مثل ف أنا
286
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تامر العقل وتغطيه .وفيها ما ف المر من مفاسد ومضار وتزيد عليها بفاسد أخرى
كما ف
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 389
الشيش ،بل أفظع وأعظم ،كما هو مشاهد ومعلوم ضرورة .ول يكن أن تبيح
الشريعة السلمية شيئا من هذه الخدرات ،ومن قال بل شئ منها فهو من الذين
يفترون على ال الكذب ،أو يقولون على ال ما ل يعلمون .وقد سبق أن قلنا :إن بعض
علماء النفية قال " :إن من قال بل الشيشة زنديق مبتدع " .وإذا كان من يقول بل
الشيشة زنديقا مبتدعا فالقائل بل شئ من هذه الخدرات الادثة الت هي أكثر ضررا
وأكب فسادا زنديق مبتدع أيضا ،بل أول بأن يكون كذلك .وكيف تبيح الشريعة
السلمية شيئا من هذه الخدرات الت يلمس ضررها البليغ بالمة أفرادا وجاعات ،ماديا
،وصحيا ،وأدبيا ،كما جاء ف السؤال .مع أن مبن الشريعة السلمية على جلب
الصال الالصة أو الراجحة ،وعلى درء الفاسد والضار كذلك .وكيف يرم ال
سبحانه وتعال العليم الكيم المر من العنب مثل :كثيها وقليلها ،لا فيها من
الفسدة ،ولن قليلها داع إل كثيها وذريعة /صفحة / 390إليه .ويبيح من
الخدرات ما فيه هذه الفسدة ،ويزيد عليها با هو أعظم منها وأكثر ضررا للبدن والعقل
والدين واللق والزاج ؟ هذا ل يقوله إل رجل جاهل بالدين السلمي ،أو زنديق مبتدع
كما سبق القول .فتعاطي هذه الخدرات على أي وجه من وجوه التعاطي من أكل أو
شرب أو شم أو احتقان حرام ،والمر ف ذلك ظاهر جلي ) 2 ( .التار بالواد
الخدرة ،واتاذها وسيلة للربح التجاري :إنه قد ورد عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم أحاديث كثية ف تري المر ،منها ما روى البخاري ومسلم عن جابر رضي ال
عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن ال حرم بيع المر ،واليتة ،والنير ،
والصنام " .وورد عنه أيضا أحاديث كثية مؤداها أن ما حرم ال النتفاع به يرم بيعه
وأكل ثنه .وقد علم من الواب عن السؤال الول أن اسم المر يتناول هذه الخدرات
شرعا ،فيكون النهي عن بيع المر متناول لتحري بيع هذه الخدرات .كما أن ما ورد
287
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
من تري بيع كل ما حرمه ال ،يدل أيضا على تري بيع هذه الخدرات .وحينئذ يتبي
جليا حرمة التار ف هذه الخدرات واتاذها حرفة تدر الربح ،فضل عما ف ذلك من
العانة على العصية الت لشبهة ف حرمتها ،لدللة القرآن على تريها بقوله تعال " :
وتعاونوا على الب والتقوى ،ول تعاونوا على الث والعدوان " .ولجل ذلك كان الق
ما ذهب إليه جهور الفقهاء من تري بيع عصي العنب لن يتخذه خرا ،وبطلن هذا
البيع لنه إعانة على العصية / .صفحة ) 3 ( / 391زراعة الشخاش والشيش بقصد
البيع واستخراج الادة الخدرة منهما للتعاطي أو للتجارة :إن زراعة الشيش والفيون
لستخراج الادة الخدرة منهما لتعاطيها أو التار فيها حرام بل شك ،لوجوه ( :أول )
ما ورد ف الديث الذي رواه أبو داود وغيه ،عن ابن عباس عن رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :إن من حبس العنب أيام القطاف حت يبيعه من يتخذه خرا فقد تقحم
النار " .فإن هذا يدل على حرمة زراعة الشيش والفيون للغرض الذكور ،بدللة النص
( .ثانيا ) إن ذلك إعانة على العصية .وهي تعاطي هذه الخدرات أو التار فيها .وقد
بينا فيما سبق أن العانة على العصية معصية ( .ثالثا ) إن زراعتها لذا الغرض رضا من
الزارع بتعاطي الناس لا ،واتارهم فيها ،والرضا بالعصية معصية .وذلك لن إنكار
النكر بالقلب الذي هو عبارة عن كراهة القلب وبغضه للمنكر ،فرض على كل مسلم ف
كل حال ،بل ورد ف صحيح مسلم عن رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن من ل
ينكر النكر بقلبه -بالعن الذي أسلفنا -ليس عنده من اليان حبة خردل " .على أن
زراعة الشيش والفيون معصية من جهة أخرى ،بعد ني ول المر عنها بالقواني الت
وضعت لذلك ،لوجوب طاعة ول المر فيما ليس بعصية ل ولرسوله بإجاع السلمي ،
كما ذكر ذلك المام النووي ف شرح مسلم ف باب طاعة المراء .وكذا يقال هذا
الوجه الخي ف حرمة تعاطي الخدرات والتار فيها ) 4 ( .الربح الناجم من هذا
السبيل :قد علم ما سبق أن بيع هذه الخدرات حرام فيكون الثمن حراما / :صفحة
( / 392أول ) لقوله تعال " :ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " .أي ل يأخذ ول
يتناول بعضكم مال بعض بالباطل .وأخذ الال بالباطل على وجهي - 1 :أخذه على
وجه الظلم ،والسرقة ،واليانة ،والغصب ،وما جرى مرى ذلك - 2 .أخذه من
288
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جهة مظورة كأخذه بالقمار ،أو بطريق العقود الحرمة ،كما ف الربا ،وبيع ما حرم ال
النتفاع به ،كالمر التناولة للمخدرات الذكورة كما بينا آنفا .فإن هذا كله حرام وإن
كان بطيبة نفس من مالكه ( .ثانيا ) للحاديث الواردة ف تري ثن ما حرم ال النتفاع
به .كقوله
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 392
صلى ال عليه وسلم " :إن ال إذا حرم شيئا حرم ثنه " .رواه ابن أب شيبة عن ابن
عباس .وقد جاء ف زاد العاد ما نصه :قال جهور الفقهاء :إنه إذا بيع العنب لن يعصره
خرا حرم أكل ثنه ،بلف ما إذا بيع لن يأكله .وكذلك السلح إذا بيع لن يقاتل به
مسلما حرم أكل ثنه .وإذا بيع لن يغزو به ف سبيل ال فثمنه من الطيبات .وكذلك
ثياب الرير :إذا بيعت لن يلبسها من يرم عليه لبسها ،حرم أكل ثنها ،بلف بيعها
من يل له لبسها " اه وإذا كانت العيان الت يل النتفاع با إذا بيعت لن يستعملها ف
معصية ال -على رأي جهور الفقهاء ،وهو الق -يرم ثنها لدللة ما ذكرنا من الدلة
وغيها عليه ،كان ثن العي الت ل يل النتفاع با -كالخدرات -حراما من باب
أول .وإذا كان ثن هذه الخدرات حراما ،كان خبيثا ،وكان إنفاقه ف القربات -
كالصدقات والج -غي مقبول :أي ل يثاب النفق عليه / .صفحة / 393فقد روى
مسلم عن أب هريرة رضي ال عنه ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن ال
تعال طيب ل يقبل إل طيبا ،وإن ال تعال أمر با أمر به الرسلي .فقال تعال " :يأيها
الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالا " الية .وقال تعال " :يأيها الذين آمنوا كلوا
من طيبات ما رزقناكم ،واشكروا ال إن كنتم إياه تعبدون " ( . ) 1ث ذكر الرجل
يطيل السفر أشعث أغب ،يد يده إل السماء . .يا رب . .يا رب . .ومطعمه حرام ،
ومشربه حرام ،وملبسه حرام ،وغذي بالرام ،فأن يستجاب لذلك ؟ " .وقد جاء ف
الديث الذي رواه المام أحد ف السند عن ابن مسعود رضي ال عنه ،أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :والذي نفسي بيده ل يكسب عبد مال من حرام ،فينفق منه
،فيبارك له فيه :ول يتصدق فيقبل منه ،ول يتركه خلف ظهره إل كان زاده ف النار ،
289
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إن ال ل يحو السئ بالسئ ،ولكن يحو السئ بالسن ،إن البيث ل يحو البيث " .
وجاء ف كتاب جامع العلوم والكم ،لبن رجب ،أحاديث كثية وآثار عن الصحابة
رضي ال عنهم ف هذا الوضوع .منها ما روى أبو هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم
أنه قال " :من كسب ما ل حراما فتصدق به ل يكن له أجر ،وكان إصره -يعن إثه
وعقوبته -عليه " .ومنها ما ف مراسيل القاسم بن ميمرة ،قال رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :من أصاب مال من مأث فوصل به رحه ،أو تصدقه به ،أو أنفقه ف سبيل
ال ،جع ذلك جيعا ث قذف به ف نار جهنم " ( .هامش ) ( ) 1سورة البقرة الية
/ ) . ( . 172صفحة / 394وجاء ف شرح " مل علي القاري " للربعي النووية عن
النب صلى ال عليه وسلم " :أنه إذا خرج الاج بالنفقه البيثة ،فوضع رجله ف الغرز -
أي الركاب -وقال لبيك ،ناداه ملك من السماء :للبيك ولسعديك ،وحجك مردود
عليك " .فهذه الحاديث الت يشد بعضها بعضا ،تدل على أنه ل يقبل ال صدقة ،ول
حجة ،ول قربة أخرى من القرب من مال خبيث حرام .ومن أجل ذلك نص علماء
النفية على أن النفاق على الج من الال الرام حرام .وخلصة ما قلناه ( :أول )
تري تعاطي الشيش والفيون والكوكايي ونوها من الخدر ( .ثانيا ) تري التار
فيها ،واتاذها حرفة تدر الربح ( .ثالثا ) حرمة زراعة الفيون والشيش ،لستخلص
الادة الخدرة لتعاطيها أو التار فيها ( .رابعا ) ان الربح الناتج من التار ف هذه الواد
حرام خبيث ،وأن إنفاقه ف القربات غي مقبول ،وحرام .قد أطلت القول إطالة قد
تؤدي إل شئ من اللل .ولكن آثرتا تبيانا للحق ،وكشفا للصواب ،ليزول ما قد
عرض من شبهة عند الاهلي ،وليعلم أن القول بل هذه الخدرات من أباطيل البطلي
وأضاليل الضالي الضلي .وقد اعتمدت فيما قلت أو اخترت على كتاب ال تعال وسنة
رسوله صلى ال عليه وسلم ،وعلى أقوال الفقهاء الت تنفق مع أصول الشريعة الغراء
ومبادئها القوية .انتهت والمد ل رب العالي وهو الادي إل سواء السبيل .وصلى ال
على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي / .صفحة / 395حد شارب المر الفقهاء
متفقون على وجوب حد شارب المر ،وعلى أن حده اللد .ولكنهم متلفون ف
مقداره :فذهب الحناف ومالك :إل أنه ثانون جلدة .وذهب الشافعي :إل أنه
290
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أربعون .وعن المام أحد روايتان :قال ف الغن :وفيه روايتان ( .إحداها ) :أنه
ثانون .وبذا قال مالك ،والثوري ،وأبو حنيفة ،ومن تبعهم ،لجاع الصحابة ،فإنه
روي أن عمر استشار الناس ف حد المر ؟ فقال عبد الرحن ابن عوف " :اجعله -
كأخف الدود -ثاني " .فضرب عمر ثاني ،وكتب به إل خالد وأب عبيدة بالشام .
وروي أن عليا رضي ال عنه قال ف الشورة :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 395
" إذا سكر :هذى ( ، ) 1وإذا هذى :افترى ( ، ) 2فحدوده حد الفترى " .روى
ذلك الوزجان ،والدارقطن وغيهم ( .والرواية الثانية ) أن الد أربعون ،وهو اختيار
أب بكر ( ، ) 3ومذهب الشافعي ،لن عليا جلد الوليد بن عقبة أربعي .ث قال " :
جلد رسول ال صلى ال عليه وسلم أربعي ،وأبو بكر أربعي ،وعمر ثاني .وكل سنة
وهذا أحب إل " .رواه مسلم .وعن أنس قال :أت رسول ال صلى ال عليه وسلم
برجل قد شرب المر ،فضربه بالنعال نوا من أربعي .ث أت به أبو بكر ،فصنع مثل
ذلك .ث أت به عمر فاستشار الناس ف الدود .فقال ابن عوف ( :هامش ) ( ) 1
هذى :تكلم بالذيان :أي تكلم با لحقيقة له من الكلم ) 2 ( .افترى :كذب
واختلق ) 3 ( .أحد علماء النابلة / ) . ( .صفحة " / 396أقل بالدود ثانون (
. " ) 1فضربه عمر ( . ) 2وفعل الرسول صلى ال عليه وسلم حجة ل يوز تركه
بفعل غيه ،ول ينعقد الجاع على ما خالف فعل النب صلى ال عليه وسلم وأب بكر
وعلي ،فتحمل الزيادة من عمر على أنا تعزير يوز فعله إذا رآه المام ( . ) 3ويرجح
هذا أن عمر كان يلد الرجل القوي النهمك ف الشراب ثاني ،ويلد الرجل الضعيف
الذي وقعت منه الزلة أربعي .وأما المر بقتل الشارب إذا تكرر ذلك منه فهو منسوخ :
فعن قبيص بن ذؤيب أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :من شرب المر فاجلدوه ،
فإن عاد فاجلدوه ،فإن عاد فاجلدوه ،فإن عاد فاقتلوه -ف الثالثة أو الرابعة " -فأت
برجل قد شرب فجلده ،ث أت به ،فجلده ،ث أت به ،فجلده ،ورفع القتل ،وكانت
رخصة .ب يثبت الد ؟ :ويثبت هذا الد بأحد أمرين - 1 :القرار :أي اعتراف
291
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الشارب بأنه شرب المر - 2 .شهادة شاهدين عدلي .واختلف الفقهاء ف ثبوته
بالرائحة :فذهبت الالكية إل أنه يب الد إذا شهد بالرائحة عند الاكم شاهدان عدلن
،لنا تدل على الشرب ،كدللة الصوت والط .وذهب أبو حنيفة والشافعي إل أنه ل
يثبت الد بالرائحة ،لوجود الشبهة والروائح تتشابه ،والدود تدرا بالشبهات .
ولحتمال كونه ملوطا أو مكرها على شربه ،ولن غي المر يشاركها ف رائحتها .
( هامش ) ( ) 1يشي إل حد القذف ،فإنه أقل حد ) 2 ( .رواه البخاري ومسلم ( .
) 3وهذا هو الول ،وأن الد أربعون ،والزيادة توز إذا كان ثة مصلحة / ) . ( .
صفحة / 397والصل براءة الشخص من العقوبة ،والشارع متشوف إل درء الدود .
شروط إقامة الد :يشترط ف إقامة حد المر الشروط التية - 1 :العقل :لنه مناط
التكليف ،فل يد الجنون بشرب المر ،ويلحق به العتوه - 2 .البلوغ :فإذا شرب
الصب ،فإنه ليقام عليه الد ،لنه غي مكلف - 3 .الختيار :فإن شربا مكرها
فلحد عليه ،سواء أكان هذا الكراه بالتهديد بالقتل ،أو بالضرب البح ،أو بإتلف
الال كله ،لن الكراه رفع عنه الث .يقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :رفع عن
أمت الطأ والنسيان ،وما استكرهوا عليه " .وإذا كان الث مرفوعا فلحد عليه ،لن
الد من أجل الث والعصية .ويدخل ف دائرة الكراه الضطرار فمن ل يد ماء وعطش
عطشا شديدا يشى عليه منه التلف ،ووجد خرا ،فله أن يشربا .وكذلك من أصابه
الوع الشديد الذي يشى عليه منه اللك ،لن المر حينئذ ضرورة يتوقف عليها الياة
،والضرورات تبيح الحظورات .يقول ال تعال " :فمن اضطر غي باغ ول عاد إث
عليه .إن ال غفور رحيم " .وف الغن " :أن عبد ال بن حذافة أسره الروم ،فحبسه
طاغيتهم ف بيت فيه ماء مزوج بمر ،ولم خنير مشوي ،ليأكل النير ،ويشرب
المر ،وتركه ثلثة أيام ،فلم يفعل ،ث أخرجوه خشية موته ،فقال :وال لقد كان ال
أحله ل ،فإن مضطر .ولكن ل أكن لشتكم بدين السلم " - 4 .العلم بأن ما
يتناوله مسكر .فلو تناول خرا مع جهله بأنا خر / ،صفحة / 398فإنه يعذر بهله ،
ول يقام عليه الد .فلو لفت نظره أحد من الناس ،فتمادى ف شربه ،فإنه ل يكون
معذورا حينئذ ،لرتفاع الهالة عنه ،وإصراره على ارتكاب العصية بعد معرفته ،
292
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فيستوجب العقاب ويقام عليه الد .وإذا تناول من الشراب ما هو متلف ف كونه خرا
بي الفقهاء ،فإنه ليقام عليه الد :لن الختلف شبهة ،والدود تدرأ بالشبهات .
وكذلك ليقام الد على من تناول النئ من ماء العنب إذا غل واشتد وقذف بالربد ،
الذي أجع الفقهاء على تريه إذا كان جاهل بالتحري ،لكونه بدار الرب أو قريب
عهد بالسلم ،لن جهله يعتب عذرا من العذار السقطة للحد ،بلف من كان مقيما
بدار السلم ،وليس قريب عهد بالدخول ف السلم ،فإنه يقام عليه الد ،ول يعذر
بهله ،لن هذا ما علم من الدين بالضرورة .عدم اشتراط الرية والسلم ف إقامة الد
:
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 398
والرية والسلم ليسا شرطا ف إقامة الد ،فالعبد إذا شرب المر فإنه يعاقب ،لنه
ماطب بالتكاليف الت أمر ال با ونى عنها .إل ف بعض التكاليف الت يشق عليه القيام
با لنشغاله بأمره سيده ،مثل صلة المعة والماعة .وال سبحانه أمر باجتناب
المر ،وهذا المر موجه إل الر والعبد ،ول يشق عليه اجتنابا ،ويلحقه من ضررها
ما يلحق الر .وليس ثة من فرق بينهما إل ف العقوبة ،فإن عقوبة العبد على النصف
من عقوبة الر ،فيكون حده عشرين جلدة أو أربعي " :حسب اللف ف تقدير
العقوبة " .وكما ل تشترط الرية ف إقامة الد ،فإنه ل يشترط السلم كذلك ،
فالكتابيون من اليهود والنصارى الذين يتجنسون بنسية الدولة السلمة ويعيشون معهم
مواطنون ( ، ) 1مثل القباط ف مصر ،وكذلك الكتابيون الذين يقيمون ( هامش ) (
) 1يسمى هؤلء بالذميي بالتعبي الفقهي / ) . ( .صفحة / 399مع السلمي بعقد
أمان إقامة موقوتة ( ) 1مثل الجانب ،هؤلء يقام عليهم الد إذا شربوا المر ف دار
السلم ،لن لم ما لنا وعليهم ما علينا .ولن المر مرمة ف دينهم ،كما سبقت
الشارة إل ذلك ،ولثارها السيئة وضررها البالغ ف الياة العامة والاصة .والسلم
يريد صيانة الجتمع الذي تظله راية السلم ،ويتفظ به نظيفا قويا متماسكا ،ل يتطرق
إليه الضعف من أي جانب ،لمن ناحية السلمي ،ول من ناحية غي السلمي .وهذا
293
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مذهب جهور الفقهاء ،وهو الق الذي ل ينبغي العدول عنه .ولكن الحناف -رضي
ال عنهم -رأوا أن المر ،وإن كانت غي مال عند السلمي لتحري السلم لا ،إل
أنا مال له قيمة عند أهل الكتاب ،وأن من أهرقها من السلمي يضمن قيمتها لصاحبها ،
وإن شربا مباح عندهم .وإننا أمرنا بتركهم وما يدينون .وعلى هذا فل عقوبة على من
يشربا من الكتابيي .وعلى فرض تريها ف كتبهم ،فإننا نتركهم ،لنم ل يدينون بذا
التحري ،ومعاملتنا لم تكون بقتضى ما يعتقدون ،ل بقتضي الق من حيث هو .
التداوي بالمر :كان الناس ف الاهلية قبل السلم يتناولون المر للعلج ،فلما جاء
السلم ناهم عن التداوي با وحرمه .فقد روى المام أحد ،ومسلم ،وأبو داود ،
والترمذي ،عن طارق ابن سويد العفي أنه سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن
المر ،فنهاه عنها ،فقال " :إنا أصنعها للدواء " ،فقال " :إنه ليس بدواء ،ولكنه داء
" .وروى أبو داود ،عن أب الدرداء ،أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن ال أنزل
الداء والدواء ،فجعل لكم داء دواء ،فتداووا ،ول تتداووا برام " ( .هامش ) ( ) 1
يسمى هؤلء بالستأمني بالتعبي الفقهي / ) . ( .صفحة / 400وكانوا يتعاطون المر
ف بعض الحيان قبل السلم إتقاء لبودة الو ،فنهاهم السلم عن ذلك أيضا .فقد
روى أبو داود أن ديلم الميي سأل النب صلى ال عليه وسلم ،فقال " :يا رسول ال ،
إنا بأرض باردة ،نعال فيها عمل شديدا ،وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على
أعمالنا وعلى برد بلدنا ؟ قال رسول ال :هل يسكر ؟ قال :نعم .قال :فاجتنبوه .
قال :إن الناس غي تاركيه .قال " :فإن ل يتركوه فقاتلوهم " .وبعض أهل العلم أجاز
التداوي بالمر بشرط عدم وجود دواء من اللل يقوم مقام الرام ،وأن ل يقصد
التداوي به اللذة ،والنشوة ،ول يتجاوز مقدار ما يدده الطبيب ،كما أجازوا تناول
المر ف حال الضطرار .ومثل الفقهاء لذلك بن غص بلقمة فكاد يتنق ول يد ما
يسيغها به سوى المر .أو من أشرف على اللك من البد ،ول يد ما يدفع به هذا
اللك غي كوب أو جرعة من خر .أو من أصابته أزمة قلبية وكاد يوت ،فعلم أو
أخبه الطبيب بأنه ل يد ما يدفع به الطر سوى شرب مقدار معي بن المر .فهذا من
باب الضرورات الت تبيح الحظورات / .صفحة / 401حد الزنا - 1دعا السلم إل
294
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الزواج وحبب فيه ،لنه هو أسلم طريقة لتصريف الغريزة النسية ،وهو الوسيلة الثلى
لخراج سللة يقوم على تربيتها الزوجان ويتعهدانا بالرعاية ،وغرس عواطف الب
والود ،والطيبة ،والرحة ،والناهة والشرف ،والباء ،وعزة النفس .ولكي تستطيع
هذه السللة أن تنهض بتبعاتا ،وتسهم بهودها ف ترقية الياة وإعلئها - 2 .وكما
وضع الطريقة الثلى لتصريف الغريزة منع من أي تصرف ف غي الطريق الشروع ،وحظر
إثارة الغريزة بأي وسيلة من الوسائل ،حت ل تنحرف عن النهج الرسوم .فنهى عن
الختلط ،والرقص ،والصور الثية ،والغناء الفاحش ،النظر الريب ،وكل ما من
شأنه أن يثي الغريزة أو يدعو إل الفحش حت ل تتسرب عوامل الضعف ف البيت ،
والنلل ف السرة - 3 .واعتب الزنا جرية فانونية تستحق أقصى العقوبة لنه وخيم
العاقبة ،ومفض إل الكثي من الشرور والرائم .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 401
فالعلقات الليعة والتصال النسي غي الشروع ،ما يهدد الجتمع بالفناء والنقراض ،
فضل عن كونه من الرذائل الحقرة " .ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل " ( .
- 4 ) 1لنه سبب مباشر ف انتشار المراض الطية الت تفتك بالبدان ،وتنتقل
بالوراثة من الباء إل البناء ،وأبناء البناء ،كالزهري ،والسيلن ،والقرحة - 5 .
وهو أحد أسباب جرية القتل ،إذ أن الغية طبيعية ف النسان ،وقلما ( هامش ) ( ) 1
أي ل تفعلوا ما يقرب إل الزنا ،كالنظرة الفاحشة ،واللمس ،والقبلة ،فالية تنهي عن
مقدمات الزنا ،إذا كانت مقدماته مرمة فهو من باب أول / ) . ( .صفحة / 402
يرضى الرجل الكري ،أو الرأة العفيفة بالنراف النسي ،بل إن الرجل ل يد وسيلة
يغسل با العار الذي يلحقه ويلحق أهله إل الدم - 6 .والزنا يفسد نظام البيت ،ويهز
كيان السرة ،ويقطع العلقة الزوجية ،ويعرض الولد لسوء التربية ما يتسبب عنه :
التشرد ،والنراف والرية - 7 .وف الزنا ضياع النسب ،وتليك الموال لغي أربابا
عند التوارث - 8 .وفيه تغرير بالزوج :إذ أن الزنا قد ينتج عنه المل ،فيقوم الرجل
بتربية غي ابنه - 9 .إن الزنا علقة مؤقتة لتبعة وراءها ،فهو عملية حيوانية بتة ينأى
295
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عنها النسان الشريف .وجلة القول أنه قد ثبت عمليا ثبوتا ل مال للشك فيه عظم
ضرر الزنا ،وأنه من أكب السباب الوجبة للفساد وانطاط الداب ،ومورث لقتل
الدواء ،ومروج للعزوبة واتاذ الدينات ،ومن ث كان أكب باعث على الترف
والسرف والعهر والفجور .لذا كله وغيه جعل السلم عقوبة الزنا أقسى عقوبة .وإذا
كانت هذه العقوبة تبدو قاسية ،فإن آثار الرية الترتبة عليها أشد ضررا على الجتمع .
والسلم يوازن بي الضرر الواقع على الذنب ،والضرر الواقع على الجتمع ،ويقضي
بارتكاب أخف الضررين ،وهذه هي العدالة .ول شك أن ضرر عقوبة الزان ل توزن
بالضرر الواقع على الجتمع من إفشاء الزنا ،ورواج النكر ،وإشاعة الفحش والفجور .
إن عقوبة الزنا إذا كان يضار ،با الجرم نفه ،فإن ف تنفيذها حفظ النفوس ،وصيانة
العراض ،وحاية السر ،الت هي اللبنات الول ف بناء الجتمع ،وبصلحها يصلح
وبفسادها بفسد .إن المم بأخلقها الفاضلة ،وبآدابا العالية ،ونظافتها من الرجس ،
والتلوث ،وطهارتا من التدل والتسفل .على أن السلم -من جانب آخر -كما أباح
الزواج أباح التعدد حت /صفحة / 403يكون ف اللل مندوحة عن الرام ،ولكي ل
يبقي عذر لتقرف هذه الرية .وقد احتاط ف تنفيذ هذه العقوبة بقدر ما أخاف الزناة
وأرهبهم - 1 :فمن الحتياط أنه درأ الدود بالشبهات ،فل يقام حد إل بعد التيقن من
وقوع الرية - 2 .وانه لبد ف إثبات هذه الرية من أربعة شهود عدل من الرجال ،
فل تقبل فيها شهادة النساء ،ول شهادة الفسقة - 3 .وأن يكون الشهود جيعا رأوا
عملية الزنا نفسها كاليل ف الكحلة ،والرشاء ( ) 1ف البئر ،وهذا ما يصعب ثبوته .
- 4ولو فرض أن ثلثة منهم شهدوا بذه الشهادة وشهد الرابع بلف شهادتم ،أو
رجع أحدهم عن شهادته أقيم عليهم حد القذف .فهذا الحتياط الذي وضعه السلم ف
إثبات هذه الرية ،ما يدفع ثبوتا قطعا .فهذه العقوبة هي إل الرهاب والتخويف
أقرب منها إل التحقيق والتنفيذ .وقد يقول قائل :إذا كان الد ما يندر إقامته ،لتعذر
ثبوت الدلة ،فلماذا إذن شرعه السلم ؟ والواب كما قلنا :أن السلم إذا لحظ
قسوة الرية وضراوتا فإنه يعمل لا ألف حساب وحساب قبل أن تقترف .فهذا نوع
من الزجر بالنسبة لذه الرية الت تد من الوافز والبواعث ما يدفع إليها ،ول سيما وأن
296
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الغريزة النسية من أعنف الغرائز ،إن ل تكن أعنفها على الطلق ،ومن الناسب أن
يواجه عنف الغريزة عنف العقوبة ،فإن ذلك من عوامل الد من ثورتا ( .هامش ) ( 1
) الرشاء :البل / ) . ( .صفحة / 404التدرج ف تري الزنا :يرى كثي من الفقهاء
أن تقرير عقوبة الزنا كانت متدرجة كما حدث ف تري المر ،وكما حصل ف تشريع
الصيام .فكانت عقوبة الزنا ف أول المر اليذاء بالتوبيخ والتعنيف .يقول ال سبحانه :
" واللذان يأتيانا منكم فآذوها .فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " ( . ) 1ث تدرج
الكم من ذلك إل البس ف البيوت .يقول ال تعال " :واللت يأتي الفاحشة من
نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم .فإن شهدوا فأمسكوهن ف البيوت حت يتوفاهن
الوت أن يعل ال لن سبيل ( . " ) 2ث استقر المر ،وجعل ال السبيل ،فجعل
عقوبة الزان البكر مائة جلدة ورجم الثيب حت يوت .وكان هذا التدرج ليتقي
بالجتمع ،ويأخذ به ف رفق وهوادة إل العفاف والطهر ،وحت ل يشق على الناس هذا
النتقال ،فل يكون عليهم ف الدين
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 404
حرج ،واستدلوا لذا بديث عبادة بن الصامت :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال
" :خذوا عن ،قد جعل ال لن سبيل :البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ،والثيب
بالثيب جلد مائة والرجم " ( . ) 3رواه مسلم ،وأبو داود ،والترمذي .ونرى أن
الظاهر أن آيت النساء التقدمتي تتحدثان عن حكم السحاق واللواط ،وحكمهما يتلف
عن حكم الزنا القرر ف سورة النور .فالية الول ف السحاق ( :هامش ) ( ) 2 ، 1
سورة النساء الية ) 2 ( . 16سورة النساء الية / ) . ( . 15صفحة " / 405
واللت ياتي الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ،فإن شهدوا
فأمسكوهن ف البيوت حت يتوفاهن الوت أو يعل ال لن سبيل " .والثانية ف اللواط :
" واللذان يأتيانا منكم فآذوها ،فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " ( - 1 . ) 1أي
والنساء اللت يأتي الفاحشة وهي السحاق :الذي تفعله الرأة مع الرأة فاستشهدوا
عليهن أربعة من رجالكم ،فإن شهدوا فاحبسوهن ف البيوت بأن توضع الرأة وحدها
297
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بعيدة عمن كانت تساحقها ،حت توت أو يعل ال لن سبيل إل الروج بالتوبة أو
الزواج الغن عن الساحقة - 2 .والرجلن اللذان يأتيان الفاحشة -وهي اللواط -
فآذوها بعد ثبوت ذلك بالشهادة أيضا ،فإن تابا قبل إيذائهما بإقامة الد عليهما ،فإن
ندما وأصلحا كل أعمالما وطهرا نفسيهما فأعرضوا عنهما بالكف عن إقامة الد عليهما
.الزنا الوجب للحد :إن كل اتصال جنسي قائم على أساس غي شرعي ،يعتب زنا
تترتب عليه العقوبة القررة من حيث إنه جرية من الرائم الت حددت عقوباتا .ويتحقق
الزنا الوجب للحد بتغييب الشفة ( - ) 2أو قدرها من مقطوعها -ف فرج مرم (
، ) 3مشتهى بالطبع ( ، ) 4من غي شبهة نكاح ( ، ) 5ولو ل يكن معه إنزال .فإذا
كان الستمتاع بالرأة الجنبية فيما دون الفرج ،فإن ذلك ل يوجب ( هامش ) ( ) 1
سورة النساء الية ) 2 ( . 16الشفة :رأس الذكر ) 3 ( .بلف فرج الزوجة فإنه
حلل ) 4 ( .فتخرج فروج اليوانات ) 5 ( .فالماع الذي يدث بسبب النكاح
الذي فيه شبهة لحد فيه / ) . ( .صفحة / 406الد القرر لعقوبة الزنا ،وإن اقتضى
التعزير .فعن ابن مسعود رضي ال عنه قال :جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم
فقال :إن عالت امرأة من أقصى الدينة فأصبت منها ،دون أن أمسها ،فأنا هذا ،فأقم
علي ما شئت .فقال عمر :سترك ال لو سترت على نفسك ،فلم يرد النب صلى ال
عليه وسلم شيئا ،فانطلق الرجل ،فأتبعه النب صلى ال عليه وسلم رجل ،فدعاه ،فتل
عليه " :وأقم الصلة طرف النهار وزلفا من الليل .إن السنات يذهب السيئات ذلك
ذكرى للذاكرين " .فقال له رجل من القوم :يا رسول ال أله خاصة ،أم للناس عامة ؟
. .فقال :للناس عامة .رواه مسلم وأبو داود والترمذي .أقسام الزناة :الزان :إما أن
يكون بكرا ،أو مصنا -ولكن منهما حكم يصه .حد البكر :اتفق الفقهاء على أن
البكر الر إذا زنا فإنه يلد مائة جلدة ،سواء ف ذلك الرجال والنساء ،لقول ال سبحانه
ف سورة النور ( " : ) 1الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ،ول
تأخذكم بما رأفة ( ) 2ف دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ،وليشهد عذابما
طائفة من الؤمني ( ( . " ) 3هامش ) ( ) 1الية ) 2 ( 2 :ف هذا ني عن تعطيل
الدود ،وقيل :هو ني عن تفيف الضرب بيث ل يصل وجع معتد به ) 2 ( .قيل :
298
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يب حضور ثلثة فأكثر ،وقيل أربعة بعد شهود الزنا .وقال أبو حنيفة :المام
والشهودإن ثبت الد بالشهود / ) . ( .صفحة / 407المع بي اللد والتغريب :
والفقهاء ،وإن اتفقوا على وجوب اللد ( ، ) 1فإنم قد اختلفوا ف إضافة التغريب إليه
- 1 :قال الشافعي وأحد :يمع إل اللد التغريب مدة عام ،لا رواه البخاري ومسلم
عن أب هريرة وزيد بن خالد :أن رجل من العراب أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم
فقال :يا رسول ال أنشدك ال أل قضيت ل بكتاب ال ،وقال الصم الخر -وهو
أفقه منه : -نعم ،فاقض بيننا بكتاب ال ،وائذن ل .فقال رسول ال صلى ال عليه
وسلم :قل .قال إن ابن كان عسيفا ( ) 2على هذا فزن بامرأته ،وإن أخبت أن على
ابن الرجم فافتديت منه بائة شاة ووليدة .فسألت أهل العلم ،فأخبون أن على ابن
جلد مائة وتغريب عام ،وان على امرأة هذا الرجم .فقال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :والذي نفسي بيده لقضي بينكما بكتاب ال -الوليدة والغنم رد عليك .
وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام -واغد يا أنيس ( رجل من أسلم ) إل امرأة هذا ،
فإن اعترفت فارجها .قال :فعدا عليه فاعترفت ،فأمر با رسول ال صلى ال عليه
وسلم
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 407
فرجت .وروى البخاري عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قضى فيمن
زنا ول يصن بنفي عام وإقامة الد عليه .وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت ،أن
الرسول صلى ال عليه وسلم قال " :خذوا عن ،خذوا عن ،قد جعل ال لن سبيل :
البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ،والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " ( . ) 3
( هامش ) ( ) 1اللد مأخوذ من جلد النسان ،وهو الضرب الذي يصل إل جلده ( .
) 2عسيفا :أجيا ) 3 ( .قال الطاب " :واختلف العلماء ف تنيل هذا الكلم ،
ووجه ترتيبه على الية ،وهل هو ناسخ للية أو مبي لا ؟ ! ( / ) .صفحة / 408
وقد أخذ بالتغريب اللفاء الراشدون -ول ينكره أحد -فالصديق رضي ال عنه غرب
إل فدك -والفاروق عمر رضي ال عنه إل الشام -وعثمان رضي ال عنه إل مصر -
299
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وعلي رضي ال عنه إل البصرة .و والشافعية يرون انه ل ترتيب بي اللد والتغريب
فيقدم ما شاء منهما ،واشترط ف التغريب أن يكون إل مسافة تقصر فيها الصلة ،لن
القصود به الياش عن أهله ووطنه ،وما دون مسافة القصر ف حكم الضر ،فإن رأى
الاكم تغريبه إل أكثر من ذلك ،فعل .وإذا غربت الرأة ،فإنا لتغرب إل بحرم أو
زوج فلو ل يرج إل بأجرة لزمت ،وتكون من مالا - 2 .وقال مالك والوزاعي :
يب تغريب البكر الر الزان ،دون الرأة البكر الرة الزانية ،فإنا لتغرب ،لن الرأة
عورة - 3 .وقال أبو حنيفة :ل يضم إل اللد التغريب إل أن يرى الاكم ذلك
مصلحة ،فيغربما على قدر ما يرى .حد الحصن :وأما الحصن الثيب فقد اتفق
الفقهاء على وجوب رجه ( ) 1إذا زنا حت يوت ،رجل كان أو امرأة .واستدلوا با
يأت - 1 :عن أب هريرة قال :أتى رجل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وهوف
السجد ،فناداه فقال :يا رسول ال ،إن زنيت .فأعرض عنه ( .هامش ) فذهب
بعضهم إل النسخ ،وهذا قول من يرى نسخ الكتاب بالسنة .وقال آخرون :بل هو
مبي للحكم الوعود بيانه ف الية ،فكأنه قال عقوبتهن إل أن يعل ال لن سبيل ،فوقع
المر ببسهن إل غاية .فلما انتهت مدة البس ،وحان وقت مئ السبيل " قال رسول
ال صلى ال عليه وسلم " :خذوا عن . . .خذوا عن " إل آخره تفسيا للسبيل
وبيانه ،ول يكن ذلك ابتداء حكم منه ،وإنا هربيان أمر كان ذكر السبيل منطويا عليه ،
فابان البهم منه ،وفصل الجمل من لفظه ،فكان نسخ الكتاب بالكتاب ل بالسنة .وهو
أصوب القولي ،وال أعلم ) 1 ( .الرجم :أصله الرمي بالجارة ،وهي الجارة
الضخام وكل رجم ف القرآن معناه القتل / ) . ( .صفحة / 409ردد عليه أربع مرات
.فلما شهد على نفسه أربع شهادات ،دعاه النب صلى ال عليه وسلم ،فقال " :أبك
جنون " ؟ قال :ل .قال " :فهل أحصنت " ؟ قال :نعم ،فقال النب صلى ال عليه
وسلم " :اذهبوا فارجوه " .قال ابن شهاب :فأخبن من سع جابر بن عبد ال قال :
كنت فيمن رجه ،فرجناه بالصلى .فلما أزلقته الجارة هرب ،فأدركناه بالرة ،
فرجناه ،متفق عليه ،وهو دليل على أن الحصان يثبت بالقرار مرة ،وأن الواب ينعم
إقرار - 2 .وعن ابن عباس قال :خطب عمر فقال " :إن ال تعال بعث ممدا صلى
300
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ال عليه وسلم بالق ،وأنزل عليه الكتاب ،فكان فيما أنزل عليه آية الرجم ،فقرأناها
ووعيناها ،ورجم رسول ال صلى ال عليه وسلم ورجنا ،وإن خشيت إن طال زمان
أن يقول قائل :ما ند الرجم ف كتاب ال تعال ،فيضلون بترك فريضة أنزلا ال تعال
فالرجم حق على من زن من الرجال والنساء إذا كان مصنا ،إذا قامت البينة أو كان
حل أو اعتراف ،وأي ال لول أن يقول الناس :زاد عمر ف كتاب ال تعال لكتبتها " .
رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي متصرا ومطول .وف نيل الوطار :أما
الرجم فهو ممع عليه ،وحكي ف البحر عن الوارج أنه غي واجب ،وكذلك حكاه
عنهم أيضا ابن العرب .وحكاه أيضا عن بعض العتزلة كالنظام وأصحابه ولمستند لم
إل أنه ل يذكر ف القرآن ،وهذا باطل .فإنه قد ثبت بالسنة التواترة الجمع عليها .وهو
أيضا ثابت بنص القرآن .لديث عمر عند الماعة أنه قال :كان ما أنزل على رسول
ال صلى ال عليه وسلم آية الرجم ،فقرأناها ووعيناها ،ورجم رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،ورجناه بعده .ونسخ التلوة ل يستلزم نسخ الكم ،كما أخرج أبو داود من
حديث ابن عباس / .صفحة / 410وقد أخرج أحد والطبان ف الكبي من حديث أب
أمامة بن سهل عن خالته العجماء :أن فيما أنزل ال من القرآن " :الشيخ والشيخة إذا
زنيا فارجوها ألبتة با قضيا من اللذة " .وأخرجه ابن حبان ف صحيحه من حديث أب
بن كعب بلفظ :كانت
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 410
سورة الحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها آية " الشيخ والشيخة " إل الديث .
شروط الحصان :يشترط ف الحصن الشروط التية - 1 :التكليف :أي أن يكون
الواطئ عاقل بالغا .فلو كان منونا أو صغيا فإنه ل يد .ولكن يعزر - 2 .الرية :
فلو كان عبدا أو أمة فلرجم عليهما لقول ال سبحانه ف حد الماء " :فإن أتي بفاحشة
فعليهن نصف ما على الحصنات من العذاب " والرجم ل يتجزأ - 3 .الوطء ف نكاح
صحيح :أي أن يكون الواطئ قد سبق له أن تزوج زواجا صحيحا ووطء فيه ولو ل ينل
.ولو كان ف حيض أو إحرام يكفي ،فإن كان الوطء ف نكاح فاسد فإنه ل يصل به
301
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الحصان ول يلزم بقاء الزواج لبقاء صفة الحصان ،فلو تزوج مرة زواجا صحيحا ،
ودخل بزوجته ،ث انتهت العلقة الزوجية .ث زن وهو غي متزوج فإنه يرجم .وكذلك
الرأة إذا تزوجت ،ث طلقت فرنت بعد طلقها ،فإنا تعتب مصنة وترجم ( .هامش ) (
) 1الحصان يأت ف القرآن بعن الرية " :فعليهن نصف ما على الحصنات من
العذاب " " سورة النساء " أي الرائر ،ويأت بعن العفة " .والذين يرمون الحصنات "
" سورة النور " أي العفيفات .ويأت بعن التزوج " والحصنات من النساء " " سورة
النساء " أي التزوجات ويأت بعن الوطء " مصني غي مسافي " .والصل فيه ف اللغة
:النع ،ومنه " :لنحصنكم من بأسكم " وأخذ منه الصن .وورد ف الشرع بعن " :
السلم ،بعن :البلوغ ،وبعن :العقل / ) . ( .صفحة / 411السلم والكافرسواء :
وكما يب الد على السلم إذا ثبت منه الزنا فإنه يب على الذمي والرتد ،لن الزمي
قد التزم الحكام الت تري على السلمي ،وقد ثبت أن النب صلى ال عليه وسلم رجم
يهوديي زنيا وكانا مصني .وأما الرتد فإن جريان أحكام السلم تشمله ،ول يرجه
الرتداد عن تنفيذها عليه .عن ابن عمر :أن اليهود أتوا النب صلى ال عليه وسلم برجل
وامرأة منهم قدزنيا .فقال " :ما تدون ف كتابكم ؟ " فقال :تسخم وجوههما
ويزيان " .قال :كذبتم إن فيها الرجم ،فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقي " .
وجاء وابقارئ لم فقرأ حت إذا انتهى إل موضع منها وضع يده عليه ،فقيل له :ارفع
يدك ،فرفع يده فإذا هي تلوح .فقال -أو قالوا -يا ممد " :إن فيها الرجم ،ولكنا
كنانتكاته بيننا " فأمر بما رسول ال صلى ال عليه وسلم فرجا .قال :فلقد رأيته ينأ
عليها يقيها الجارة بنفسه " .رواه البخاري ومسلم وف رواية أحد " :بقارلم أعور
يقال له ابن صوريا " .وعن جابر بن عبد ال قال :رجم النب صلى ال عليه رجل من
أسلم ورجل من اليهود ( ) 1رواه أحد ومسلم .وعن الباء بن عازب قال " :مر على
النب صلى ال عليه وسلم بيهودي ممم ملود فدعاهم .فقال :أهكذا تدون حد الزنا
ف كتابكم ؟ قالوا :نعم .فدعا رجل من علمائهم فقال :أنشدك بال الذي أنزل التوراة
على موسى ،أهكذا تدون حد الزن ف كتابكم .؟ قال :ل .ولول أنك أنشدتن بذا
ل أخبك بد الرجم .ولكن كثر ف أشرافنا ،وكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ،وإذا
302
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أخذنا الضعيف أقمنا عليه ( هامش ) ( ) 1فإن قيل كيف رجم اليهوديان ،هل رجا
بالبينة أو القرار قال النووي -الظاهر أنه بالقرار ( / ) .صفحة / 412الد .فقلنا :
تعالوا فلنجتمع على شئ نقيمه على الشريف والوضيع ،فجعلنا التحميم واللد مكان
الرجم .فقال النب صلى ال عليه وسلم " :اللهم إن أول من أحيا أمرك إذا أماتوه " .
فأمر به فرجم .فأنزل ال عزوجل " :يأيها الرسول ل يزنك الذين يسارعون ف الكفر
من الذين قالوا آمنا بأقواههم ول تؤمن قلوبم " إل قوله " :إن أوتيتم هذا فخذوه " .
يقولون " :ائتوا ممدا ،فإن أمركم بالتحميم واللد فخذوه ،وإن أفتاكم بالرجم
فاحذروا " .فأنزل ال تبارك وتعال " :ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون "
" .ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الظالون " " .ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك
هم الفاسقون " .قال " :هي ف الكفار كلها " .رواه أحد ومسلم وأبو داود ( . ) 1
رأي الفقهاء :حكى صاحب البحر الجاع على أنه يلد الرب .وأما الرجم فذهب
الشافعي وأبو يوسف والقاسية إل أنه يرجم الحصن ( هامش ) ( ) 1نص خاص بكم
الرجم ف التوراة .جاء ف سفر التثنية " :إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل
يقتل الثنان .الرجل الضطجع مع الرأة ،والرأة ،فينع الشر من إسرائيل .وإذا كانت
فتاة عذراء مطوبة لرجل ،فوجدها رجل بالدينة ،فاضطجع معها ،فأخرجوها كليهما
من الدينة وارجوها بالجارة ،حت يوتا ،الفتاة من أجل أنا ل تصرخ ف الدينة ،
والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه ،فينع الشر من الدينة " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 412
هذا هو نص التوراة ،ول يأت ف النيل ما يعارضها وهي واجبة على النصارى بكم أن
ما ف العهد القدي -وهو التوراة -حجة على النصارى إذا ل يكن ف العهد الديد -
وهو النيل -ما يالفها .من كتاب فلسفة العقوبة / ) . ( .صفحة / 413من الكفار
إذا كان بالغا ،عاقل ،حرا ،وكان أصاب نكاحا صحيحا ف اعتقاده .وذهب أبو
حنيفة ،وممد ،وزيد بن علي ،والناصر ،والمام يي :إل أنه يلد ول يرجم ،لن
السلم شرط ف الحصان عندهم .ورجم رسول ال صلى ال عليه وسلم لليهوديي إنا
303
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كان بكم التوراة الت يدين با اليهود .وقال المام يي :والذمي كالرب ف اللف .
وقال مالك :لحد عليه .وأما الرب الستأمن فذهبت العترة والشافعي وأبو يوسف إل
أنه يد وذهب مالك وأبو حنيفة وممد :إل أنه ل يد .وقد بالغ ابن عبد الب فنقل
التفاق على أن شرط الحصان الوجب للرجم هو السلم .وتعقب بأن الشافعي وأحد
ل يشترطان ذلك .ومن جلة من قال بأن السلم شرط :ربيعة -شيخ مالك -وبعض
الشافعية ( . ) 1المع بي اللد والرجم :ذهب ابن حزم وإسحاق بب راهواية ومن
التابعي السن البصري :إل أن الحصن يلد مائة جلدة ،ث يرجم حت يوت .فيجمع
له بي اللد والرجم .واستدلوا با رواه عبادة بن الصامت أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم قال " :خذوا عن ،خذوا عن ،قد جعل ال لن سبيل :البكر بالبكر جلد مائة
ونفي سنة ،والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " .رواه مسلم ،وأبو داود ،والترمذي .
وعن علي كرم ال وجهه :أنه جلد شراحة يوم الميس ورجها يوم المعة .فقال :
أجلدها بكتاب ال ،وأرجها بقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ( .هامش ) ( ) 1
نيل الوطار / ) . ( .صفحة / 414وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي :ل يتمع اللد
والرجم عليهما وإنا الواجب الرجم خاصة .وعن أحد ،روايتان :إحداها يمع بينهما
.وهو أظهر الروايتي واختارها الرقي .والخرى :ل يمع بينهما ،لذهب المهور -
واختارها ابن حامد .واستدلوا بأن النب صلى ال عليه وسلم رجم ما عزا والغامدية
واليهوديي -ول يلد واحدا منهما .وقال لنيس السلمي " فإن اعترفت فارجها " ،
ول يأمر باللد ،وهذا آخر المرين ،لن أبا هريرة قد رواه -وهو متأخر ف السلم -
فيكون ناسخا لا سبق من الدين -اللد والرجم -ث رجم الشيخان أبو بكر وعمر ف
خلفتهما ول يمعا بي اللد والرجم .ويرى الشيخ الدهلوي عدم التعارض ،وأنه ل
ناسخ ول منسوخ ،وإنا المر يفوض إل الاكم قال :الظاهر عندي أنه يوز للمام "
الاكم " أن يمع بي اللد والرجم ،ويستحب له أن يقتصر على الرجم ،لقتصار النب
صلى ال عليه وسلم .والكمة ف ذلك ،أن الرجم عقوبة تأت على النفس ،فأصل
الزجر الطلوب حاصل به ،واللد زيادة عقوبة مرخص ف تركها ،فهذا هو وجه
القتصار على الرجم عندي .شروط الد :يشترط ف إقامة حد الزنا ما يلي - 1 :
304
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
العقل - 2 .البلوغ - 3 .الختيار - 3 .العلم بالتحري .فلحد على صغي ( ) 1
ول على منون ،ول مكره :لا روته عائشة رضي ( هامش ) ( ) 1ويؤدب تأديبا زاجرا
/ ) . ( .صفحة / 415ال عنها ،أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :رفع القلم عن
ثلث ( : ) 1عن النائم حت يستيقظ وعن الصب حت يتلم ( ) 2وعن الجنون حت
يعقل " .رواه أحد وأصحاب السنن والاكم ،وقال :صحيح على شرط الشيخي
وحسنه الترمذي .وأما العلم بالتحري فلن الد يتبع اقتراف الرام ،وهو غي مقترف له
،وراجع النب صلى ال عليه وسلم ماعزا ،فقال له :هل تدري ما الزنا ؟ وروي أن
جارية سوداء رفعت إل عمر رضي ال عنه وقيل :إنا زنت ،فخفقها بالدرة خفقات
وقال " :أي لكاع زنيت ؟ فقالت :من غوش ( ) 3بدرهي .فقال عمر :ما ترون ؟
وعنده علي وعثمان ،وعبد الرحن بن عوف .فقال علي رضي ال عنه :أرى أن ترجها
.وقال عبد الرحن :أرى مثل ما رأى أخوك .فقال عثمان :أراها تستسهل ( ) 4
بالذي صنعت ،ل ترى به بأسا ،وإنا حد ال على من علم أمر ال عزوجل .فقال
صدقت .ب يثبت الد :يثبت الد بأحد أمرين :القرار ،أو الشهود .ثبوته بالقرار :
أما القرار فهو كما يقولون " سيد الدلة " ،وقد أخذ الرسول صلى ال عليه وسلم
باعتراف ما عز والغامدية ،ول يتلف ف ذلك أحد من الئمة ،وإن كانوا قد اختلفوا ف
عدد مرات القرار الذي يلزم به الد .فقال مالك ،والشافعي ،وداود ،والطبي ،وأبو
ثور :يكفي ف ( هامش ) ( ) 1رفع القلم :كناية عن عدم التكليف ) 2 ( .يتلم يبلغ
) 3 ( .اسم الرجل الذي زنا با ،والدرهان :ما أخذ منه ) 4 ( .أي :أظنها ترى
هذا المر سهل ل بأس به ف نظرها ) . ( .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 415
/صفحة / 416لزوم الد اعترافه به مرة واحدة .لا رواه أبو هريرة وزيد بن خالد أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :اغد يا أنيس على امرأة هذا ،فإن اعترفت
فارجها " .فاعترفت ،فرجها ،ول يذكر عددا .وعند الحناف :أنه لبد من أقارير
أربعة مرة بعد مرة ف مالس متفرقة .ومذهب أحد وإسحاق مثل الحناف ،إل أنم ل
305
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يشترطون الجالس التفرقة ،والذهب الول هو الرجح .الرجوع عن القرار يسقط
الد :ذهبت الشافعية ،والنفية ،وأحد ( ) 1إل أن الرجوع عن القرار يسقط الد
لا رواه أبو هريرة عند أحد والترمذي " :أن ما عزا لا وجد مس الجارة يشتد فر حت
مر برجل معه لي ( ) 2جل ،فضربه به ،وضربه الناس حت مات .فذكروا ذلك
لرسول ال صلى ال عليه وسلم فقال " :هل تركتموه ! ؟ " .قال الترمذي إنه حديث
حسن .وقد روي من غي وجه عن أب هريرة .انتهى .وأخرج أبو داود والنسائي من
حديث جابر نوه ،وزاد " إنه لا وجد مس الجارة صرخ :يا قومن ردون إل رسول
ال صلى ال عليه وسلم ،فإن قومي قتلون وغرون من نفسي ،وأخبون أن رسول ال
غي قاتلي .فلم ننع عنه حت قتلناه ،فلما رجعنا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم
وأخبناه قال :فهل تركتموه وجئتمون به ! ! ؟ " .من أقر بزنا امرأة فجحدت :إذا أقر
الرجل بزنا امرأة معينة ،فجحدت فإنه يقام عليه الد وحده ( ،هامش ) ( ) 1وقال
مالك :إن رجع إل شبهة قبل رجوعه ،وإن رجع إل غي شبهة فقيل .يقبل ،وهي
الرواية الشهورة عنه ،والثانية أنه ل يقبل جوعه ) 2 ( .اللحى :عظم النك / ) . ( .
صفحة / 417ولتد هي .لا رواه أحد وأبو داود عن سهل بن سعد " :أن رجل
جاء إل النب صلى ال عليه وسلم فقال :إنه قد زنا بامرأة ساها ،فأرسل النب صلى ال
عليه وسلم إل الرأة فدعاها ،فسألا فأنكرت ،فحده وتركها " .وهذا الد هو حد
الزنا الذي أقر به ،لحد قذف الرأة كما ذهب إليه مالك والشافعي .وقال الوزاعي
وأبو حنيفة :يد للقذف فقط ،لن إنكارها شبهة ،واعترض على هذا الرأي بأن
إنكارها ل يبطل إقراره .وذهبت الادوية ،وممد ،ويروى عن الشافعي ،أنه يد للزنا
والقذف ،لا رواه أبو داود والنسائي عن ابن عباس " :أن رجل من بكر بن ليث أتى
النب صلى ال عليه وسلم فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات ،فجلده مائة -وكان بكرا -ث
سأله البينة على الرأة .فقالت :كذب يا رسول ال ،فجلده حد الفرية ثاني ( . " ) 1
ثبوته بالشهود :التام بالزناسئ الثر ف سقوط الرجل والرأة ،وضياع كرامتهما ،
وإلاق العار بما وبأسرتيهما وذريتهما .ولذا شدد السلم ف إثبا ت هذه الرية حت
يسد السبيل على الذين يتهمون البرياء -جزافا أو لدن حزازة -بعار الدهر وفضيحة
306
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
البد ،فاشترط ف الشهادة على الزنا الشروط التية ( :أول ) أن يكون الشهود أربعة -
بلف الشهادة على سائر القوق -قال ال تعال " :واللت يأتي الفاحشة من نسائكم
فاستشهدوا عليهن أربعة منكم .فإن شهدوا فأمسكوهن ف البيوت حى يتوفاهن الوت أو
يعل ال لن سبيل " ( ) 2ولقوله " :والذين يرمون الحصنات ،ث ل يأتوا بأربعة
شهداء " ( ) 3فإن كانوا أقل من أربعة ل تقبل ( .هامش ) ( ) 1قال النسائي هذا
حديث منكر ،وقال ابن حبان بطل الحتجاج به ) 2 ( .سورة النساء :الية ( . 15
) 3سورة النور :الية / ) . ( . 4صفحة / 418وهل يدون إذا شهدوا ؟ :قال
الحناف ،ومالك ،والراجح من مذهب الشافعي ،وأحد :نعم .الن عمر حد الثلثة
الذين شهدوا على الغية .وهم :أبو بكرة ونافع وشبل ابن معبد .وقيل ل يدون حد
القذف ،لن قصدهم أداء الشهادة لقذف الشهود عليه .وهو الرجوح عندالشافعية
والنفية ومذهب الظاهرية ( .ثانيا ) البلوغ :لقول ال تعال " :واستشهدوا شهيدين
من رجالكم ،فإن ل يكونا رجلي فرجل وامرأتان من ترضون من الشهداء " ) 1 ( .
فإن ل يكن بالغا فل تقبل شهادته ،لنه ليس من الرجال ،ول من ترضى شهادته ،ولو
كانت حاله تكنه من أداء الشهادة على وجهها ،ولقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :
رفع القلم عن ثلثة :عن الصب حت يبلغ ،وعن النائم حت يستيقظ ،وعن الجنون حت
يفيق " .لصب ليس أهل لن يتول حفظ ماله ،فل يتول الشهادة على غيه ،لن
الشهادة من باب الولية ( .ثالثا ) العقل :فل تقبل شهادة منون ولمعتوه للحديث
السابق ،وإذا كانت شهادة الصب لتقبل لنقصان عقله فأول أل تقبل شهادة الجنون
والعتوه ( .رابعا ) العدالة :لقول ال تعال " :وأشهدوا ذوي عدل منكم " ( ) 2وقوله
" :يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ،أن تصيبوا قوما بهالة فتصبحوا على
ما فعلتم نادمي " ( . ) 3
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 418
( هامش ) ( ) 1سورة البقرة الية ) 2 ( . 282 :سورة الطلق الية ) 3 ( 2 :
سورة الجرات الية / ) . ( 6 :صفحة ( / 419خامسا ) السلم :سواء كانت
307
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الشهادة على مسلم أو غي مسلم ،وهذا متفق عليه بي الئمة ( .سادسا ) العاينة :أي
أن تكون بعاينة فرجه ف فرجها كاليل ف الكحلة والرشا ف البئر لن الرسول صلى ال
عليه وسلم قال لا عز " :لعلك قبلت ،أو غمزت ،أو نظرت " ؟ فقال :ل يا رسول
ال .فسأله صلوات ال وسلمه عليه باللفظ الصريح ل يكن .قال :نعم .قال " :كما
يغيب الرود ف الكحلة والرشا ف البئر " ؟ قال :نعم .وإنا أبيح النظر ف هذه الالة
للحاجة إل الشهادة ،كما أبيح للطبيب ،والقابلة ونوها ( .سابعا ) التصريح :وأن
يكون التصريح باليلج ل بالكناية كما تقدم ف الديث السابق ( .ثامنا ) اتاد الجلس
:ويرى جهور الفقهاء أن من شرط هذه الشهادة اتاد الجلس بأن ل يتلف ف الزمان
ول ف الكان ،فإن جاءوا متفرقي ل تقبل شهادتم .ويرى الشافعية ،والظاهرية ،
والزيدية ،عدم اشتراط هذا الشرط .فإن شهدوا متمعي أو متفرقي ف ملس واحد أو
ف مالس متفرقة ،فإن شهادتم تقبل ،لن ال تعال ذكر الشهود ول يذكر الجالس ،
ولن كل شهادة مقبولة تقبل إن اتفقت ،ولو تفرقت ف مالس ،كسائر الشهادات .
( تاسعا ) الذكورة :ويشترط ف شهود الزنا أن يكونوا جيعا من الرجال ولتقبل شهادة
النساء ف هذا الباب .ويرى ابن حزم أنه يوز أن يقبل ف الزنا شهادة امرأتي مسلمتي
عدل مكان كل رجل ،فيكون الشهود ثلثة رجال وامرأتي -أو رجلي وأربع نسوة -
أو رجل واحدا وست نسوة -أو ثان نسوة لرجال معهم ( .عاشرا ) عدم التقادم :
لقول عمر رضي ال عنه :أيا قوم شهدوا على حد ،ل يشهدوا عند حضرته فإنا شهدوا
عن ضغن ،ول شهادة لم .فإذا شهد الشهود على حادث الزنا بعد أن تقادم فإن
شهادتم ل تقبل عند الحناف ،ويتجون لذا بأن الشاهد إذا شهد الادث مي بي أداء
/صفحة / 420الشهادة حسبة ،وبي التستر على الان ،فإذا سكت عن الادث حت
قدم عليه العهد دل بذلك على اختيار جهة الستر ،فإذا شهد بعد ذلك فهو دليل على أن
الضغينة هي الت حلته على الشهادة .ومثل هذا لتقبل شهادته ،للتهمة والضغينة ،كما
قال عمر ،ول ينقل أن أحدا أنكر عليه هذا القول ،فيكون إجاعا .وهذا ما ل يكن
هناك عذر ينع الشاهد من تأخي الشهادة ،فإن كان هناك عذر ظاهر ف تأخي الشهادة ،
كبعد السافة عن مل التقاضي ،وكمرض الشاهد أو نو ذلك من الوانع ،فإن الشهادة
308
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تقبل حينئذ ول تبطل بالتقادم .والحناف الذين قالوا بذا الشرط ل يقدروا له أمدا ،بل
فوضوا المر للقاضي يقدره تبعا لظروف كل حالة لتعذر التوقيت ،نظرا لختلف
العذار .وبعض الحناف قدر التقادم بشهر ،وبعضهم قدره بستة أشهر .أما جهور
الفقهاء من الالكية ،والشافعية ،والظاهرية ،والشيعة الزيدية فإن التقادم عندهم لينع
من قبول الشهادة مهما كانت متأخرة .وللحنابلة رأيان :رأي مثل أب حنيفة ،ورأي
مثل المهور .هل للقاضي أن يكم بعلمه ؟ :يرى الظاهرية أنه فرض على القاضي أن
يقضي بعلمه ف الدماء ،والقصاص والموال ،والفروج ،والدود ،سواء علم ذلك قبل
وليته أو بعد وليته ،وأقوى ما حكم بعلمه ،لنه يقي الق ،ث بالقرار ،ث بالبينة ،
لن ال تعال يقول " :يأيها الذين آمنوا كونوا قوامي بالقسط شهداء ل " ( . ) 1
وقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :من رأى منكرا فليغيه بيده ،فإن ل يستطع
فبلسانه " .فصح أن القاضي عليه أن يقوم بالقسط ،وليس من القسط أن يترك الظال
( هامش ) ( ) 1سورة النساء الية / ) . ( . 135 :صفحة / 421على ظلمه ل
يغيه ،وصح أن فرضا على القاضي أن يغي كل منكر علمه بيده وأن يعطي كل ذي حق
حقه ،وإل فهو ظال .وأما جهور الفقهاء فإنم يرون أنه ليس للقاضي أن يقضي بعلمه .
قال أبو بكر رضي ال عنه " :لو رأيت رجل على حد ل أحده حت تقوم البينة عندي
" ،ولن القاضي كغيه من الفراد ل يوز له أن يتكلم با شهده ما ل تكن لديه البينة
الكاملة .ولو رمى القاضي زانيا با شهده منه ،وهو ل يلك على ما يقول البينه الكاملة
لكان قاذفا يلزمه حد القذف ،وإذا كان قد حرم على القاضي النطق با يعلم ،فأول أن
يرم عليه العمل به ،وأصل هذا الرأي قول ال سبحانه " :فإذا ل يأتوا بالشهداء فأولئك
عند ال هم الكاذبون " ( ) 1هل يثبت الد بالبل ؟ :ذهب المهور إل أن مرد البل
ل يثبت به الد ،بل لبد من العتراف أو البينة .واستدلوا على هذا بالحاديث الواردة
ف درء الدود بالشبهات .وعن علي رضي ال عنه أنه قال لمرأة حبلى " :
استكرهت ؟ " قالت :ل .قال " :فلعل رجل أتاك ف نومك " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 421
309
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قالوا :وروى الثبات عن عمر أنه قبل قول امرأة ادعت أنا ثقيلة النوم وأن رجل طرقها
ول تدر من هو بعد .وأما مالك وأصحابه فقالوا :إذا حلت الرأة ول يعلم لا زوج ول
يعلم أنا أكرهت فإنا تد :قالوا :فإن ادعت الكراه فلبد من التيان بأمارة تدل على
استكراهها ،مثل أن تكون بكرا فتأت وهي تدمي ،أو تفضح نفسها بأثر الستكراه .
وكذلك إذا ادعت الزوجية ،فإن دعواها لتقبل إل أن تقيم على ذلك البينة ( هامش ) (
) 1سورة النور الية / ) . ( 13 :صفحة / 422واستدلوا لذهبهم بقول عمر " :
الرجم واجب على كل من زنا من الرجال والنساء إذا كان مصنا :إذا كانت بينة ،أو
المل ،أو العتراف " .وقال علي " .يا أيها الناس إن الزنا زنيان :زنا سروزنا علنية
.فزنا السر أن يشهد الشهود ،فيكون الشهود أول من يرمي .وزنا العلنية أن يظهر
البل ،والعتراف " .قالوا :هذا قول الصحابة ،ول يظهر لم مالف ف عصرهم ،
فيكون إجاعا .سقوط الد بظهور ما يقطع بالباءة :إذا ظهر بالرأة أو بالرجل ما يقطع
بأنه ل يقع من أحد منهما زنا ،كأن تكون الرأة عذراء ل تفض بكارتا أو رتقاء
مسدودة الفرج ،أو يكون الرجل مبوبا أو عنينا سقط الد .وقد بعث رسول ال صلى
ال عليه وسلم عليا لقتل رجل كان يدخل على إحدى النساء ،فذهب فوجده يغتسل ف
ماء ،فأخذ بيده فأخرجه من الاء ليقتله ،فرآه مبوبا ،فتركه ورجع إل النب صلى ال
عليه وسلم وأخبه بذلك .الولد يأت لستة أشهر :إذا تزوجت الرأة وجاءت بولد لستة
أشهر منذ تزوجت فل حد عليها .قال مالك :بلغن أن عثمان بن عفان أت بامرأة قد
ولدت ف ستة أشهر ،فأمر با أن ترجم ،فقال له علي بن أب طالب :ليس ذلك عليها .
إن ال تبارك وتعال يقول ف كتابه " :وحله وفصاله ثلثون شهرا " ( ) 1 ( .هامش )
( ) 1سورة الحقاف الية / ) . ( 15 :صفحة / 423وقال " :الوالدات يرضعن
أولدهن حولي كاملي ،لن أراد أن يتم الرضاعة " ) 1 ( .فالمل يكون ستة أشهر ،
فلرجم عليها ،فبعث عثمان ف أثرها ،فوجدها قد رجت .وقت إقامة الد :قال ف
بداية الجتهد ( : ) 2وأما الوقت فإن المهور على أنه ليقام ف الر الشديد ول ف
البد ،ول يقام على الريض .وقال قوم :يقام -وبه قال أحد وإسحاق -واحتجا
بديثي عمر أنه أقام الد على قدامة وهو مريض .قال :وسبب اللف معارضة
310
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الظواهر للمفهوم من الد ،وهو أنه حيث ل يغلب على ظن القيم له فوات نفس
الحدود .فمن نظر إل المر بإقامة الدود مطلقا من غي استثناء قال يد الريض .ومن
نظر إل الفهوم من الد قال ل يد الريض حت يبأ ،وكذلك المر ف شدة الر والبد
.قال الشوكان :وقد حكي ف البحر الجاع على أنه يهل البكر حت تزول شدة الر
والبد ،والرض الرجو برؤه ،فإن كان ميؤوسا ،فقاال الادي وأصحاب الشافعي :إنه
يضرب بعثكول ( ) 3إن احتمله .وقال الناصر والؤيد بال :ل يد ف مرضه وإن كان
ميئوسا -والظاهر الول ،لديث أب أمامة بن سهل بن حنيف الت :وأما الرجوم إذا
كان مريضا أو نوه فذهبت العترة ،والشافعية والنفية ومالك :إل أنه ل يهل لرض
ول لغيه إذ القصد إتلفه ( .هامش ) ( ) 1سورة البقرة الية ) 2 ( . 233 :ج 2
ص ) 3 ( . 410العثكول :العذق من اعذاق النخل / ) . ( .صفحة / 424وقال
الروزي :يؤخر لشدة الر أو البد أو الرض ،سواء ثبت بإقراره أو بالبينة .وقال
السفرايين :يؤخر للمرض فقط ،وف الر والبد :يرجم ف الال أو حيث يثبت بالبينة
ل القرار أو العكس .والبلى لترجم حت تضع وترضع ولدها إن ل يوجد من يرضعه .
وعن علي قال " :إن أمة لرسول ال صلى ال عليه وسلم زنت ،فأمرن أن أجلدها ،
فأتيتها فإذا هي حديثة عهد بنفاس ،فخشيت ان أجلدها أن أقتلها ،فذكرت ذلك للنب
صلى ال عليه وسلم فقال :أحسنت .اتركها حت تاثل " .رواه أحد ،ومسلم ،وأبو
داود ،والترمذي ،وصححه .الفر للمرجوم :اختلفت الحاديث الواردة ف الفر
للمرجوم فبعضها مصرح فيه بالفر له ،وبعضها ل يصرح به .قال المام أحد :أكثر
الحاديث على أنه لحفر .ولختلف ما ورد من أحاديث ،اختلف الفقهاء .فقال
مالك وأبوحنيفة :ل يفر للمرجوم .وقال أبو ثور :يفر له .وروي عن علي رضي ال
عنه :أنه حي أمر برجم شراحة المدانية أخرجها ،فحفر لا ،فأدخلت فيها ،وأحدق
الناس با يرمونا .وأما الشافعي فخي ف ذلك .وروي عنه أنه يفر للمرأة خاصة .وقد
ذهبت العترة إل أنه يستحب الفر إل سرة الرجل وثدي الرأة ،ويستحب جع ثيابا
عليه وشدها بيث ل تنكشف عورتا ف تقلبها وتكرار اضطرابا إذا ل يفر لا .واتفق
العلماء على أنه لترجم إل قاعدة ،وأما الرجل فجمهورهم على
311
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 424
أنه يرجم قائما .وقال مالك :قاعدا ،وقال غيه :يي المام بينهما /صفحة / 425
حضور المام والشهود والرجم ) 1 ( :قال ف نيل الوطار " :حكى صاحب البحر عن
العترة ،والشافعي ،أنه ل يلزم المام حضور الرجم ،وهو الق ،لعدم دليل يدل على
الوجوب ،ولا تقدم ف حديث ماعزأنه صلى ال عليه وسلم أمر برجم ماعز ول يرج
معهم .والزنا منه ثبت بإقراره كما سلف ،وكذلك ل يضر ف رجم الغامدية كما زعم
البعض .قال ف التلخيص :ل يقع ف طرق الديثي أنه حضر ،بل ف بعض الطرق ما
يدل على أنه ل يضر .وقد جزم بذلك الشافعي ،فقال :وأما الغامدية ففي سنن داود
وغيه ما يدل على ذلك .وإذا تقرر هذا تبي عدم الوجوب على الشهود ول على المام
.وأم الستحباب ،فقد حكى ابن دقيق العيد أن الفقهاء استحبوا أن يبدأ المام بالرجم
إذا ثبت الزنا بالقرار ،وتبدأ الشهود به إذا ثبت بالبينة .شهود طائفة من الؤمني الد :
قال ال تعال " :الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ،ول تأخذكم بما
رأفة ف دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ،وليشهد عذابما طائفة من الؤمني "
( . ) 2استدل العلماء بذه الية على أنه يستحب أن يشهد إقامة الد طائفة من الؤمني
،واختلفوا ف عدد هذه الطائفة ،فقيل :أربعة ،وقيل :ثلثة ،وقيل اثنان .وقيل :
سبعة فأكثر .الضرب ف حد اللد :ذهب أبو حنيفة والشافعي إل أنه يضرب سائر
العضاء ما عدا الفرج ( هامش ) ( ) 1ذهب أبو حنيفة إل أن الشاهد يب أن يكون
أول من يرمي الزان الحصن إذا ثبت الد بالشهادة -وأن المام يبه على ذلك ،لا فيه
من الزجر عن التساهل والترغيب ف التثبيت -فإذا كان الثبوت بالقرار وجب على
المام أو نائبه أن يبدأ بالرجم ) 2 ( .سورة النور الية / ) . ( 2 :صفحة / 426
والوجه وما عدا الرأس كذلك عند أب حنيفة .وقال مالك :يرد الرجل ف ضرب
الدود كلها ،وكذلك عند الشافعي وأب حنيفة ،ما عدا القذف .ويضرب قاعدا ل
قائما ( . ) 1قال النووي :قال أصحابنا :وإذا ضربه بالسوط يكون سوطا معتدل ف
الجم ،بي القضيب والعصا .فإن ضربه بريدة ،فلتكن خفيفة بي اليابسة والرطبة ،
312
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ويضربه ،ضربا بي ضربي ،فل يرفع يده فوق رأسه ،ول يكتفي بالوضع ،بل يرفع
ذراعه رفعا معتدل .إمهال البكر :تهل البكر حت تزول شدة الر والبد ،وكذلك
الرجو الشفاء .فإن كان ميئوسا من شفائه .فقال أصحاب الشافعي :إنه يضرب
بعثكول إن احتمله .روى أبو داود وغيه عن رجل من النصار :أنه اشتكى ( ) 2
رجل منهم حت أضى ( ) 3فعاد جلده على عظم .فدخلت عليه جارية لبعضهم ،فهش
لا فوقع عليها ( . ) 4فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبهم بذلك ،وقال :
استفتوا ل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فإن قد وقعت على جارية دخلت علي .
فذكروا ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم وقالوا :ما رأينا بأحدمن الناس من الضر
مثل الذي هو به ،لو حلناه إليك لتفسخت عظامه ،ما هو إل جلد على عظم .فأمر
رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شراخ فيضربوه به ضربة واحد .
( هامش ) ( ) 1بداية الجتهد ج 2ص ) 2 ( 410اشتكى :مرض ) 3 ( .الضن :
شدة الجهاد من الرض ) 4 ( .وقع عليها :زنا با / ) . ( .صفحة / 427هل
للمجلود دية إذا مات ؟ :إذا مات الجلود فلدية له .قال النووي ف شرح مسلم " :
أجع العلماء على أن من وجب عليه الد فجلده المام أو جلده الد الشرعي فمات
فلدية فيه ول كفارة ،لعلى المام " الاكم " ول على جلده ،ول ف بيت الال " .
كان ما تقدم هو حكم جرية الزنا ،وبقي أن نذكر بعض الرائم وأحكامها فيما يلي ( :
) 1عمل قوم لوط :إن جرية اللواط من أكب الرائم ،وهي من الفواحش الفسدة
للخلق وللفطرة وللدين والدنيا ،بل وللحياة نفسها ،وقد عاقب ال عليها بأقسى عقوبة
.فخسف الرض بقوم لوط ،وأمطر عليهما حجارة من سجيل جزاء فعلتهم القذرة .
وجعل ذلك قرآنا يتلى ليكون درسا .قال ال سبحانه " :ولوطا إذ قال لقومه :أتأتون
الفاحشة ما سبقكم با من أحد من العالي .إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ،
بل أنتم قوم مسرفون .وما كان جواب قومه إل أن قالوا :أخرجوهم من قريتكم إنم
أناس يتطهرون .فأنيناه وأهله إل امرأته كانت من الغابرين .وأمطرنا عليهم مطرا ،
فانظر كيف كان عاقبة الجرمي ) 1 ( " :وقال تعال " :ولا جاءت رسلنا لوطا سئ
بم وضاق بم ذرعا ،وقال :هذا يوم عصيب .وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا
313
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يعملون السيئات ،قال :يا قوم هؤلء بنات هن أطهر ( هامش ) ( ) 1سورة العراف .
اليات / ) . ( . 84 ، 83 ، 82 ، 81 ، 80 :صفحة / 428لكم ،فاتقوا ال ول
تزون ف ضيفي ،أليس منكم رجل
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 428
رشيد ؟ قالوا :لقد علمت ما لنا ف بناتك من حق ،وإنك لتعلم ما نريد .قال :لو أن
ل بكم قوة أو آوي إل ركن شديد ؟ قالوا :يا لوط إنا رسل ربك ،لن يصلوا إليك ،
فأسر بأهلك بقطع من الليل ،ول يلتفت منكم أحد ،إل امرأتك إنه مصيبها ما أصابم ،
إن موعدهم الصبح ،أليس الصبح بقريب ! ؟ فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها ،
وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود .مسومة عند ربك ،وما هي من الظالي ببعيد
" ) 1 ( .وقد أمر الرسول صلى ال عليه وسلم بقتل فاعله ولعنه .روى أبو داود ،
والترمذي ،والنسائي ،وابن ماجه ،عن عكرمة ،عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال
عليه وسلم قال " :من وجدتوه يعمل عمل قوم لوط ،فاقتلوا الفاعل والفعول به " .
ولفظ النسائي " :لعن ال من عمل عمل قوم لوط .لعن ال من عمل عمل قوم لوط .
لعن ال من عمل عمل قوم لوط " .قال الشوكان " :وما أحق مرتكب هذه الرية ،
ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصي با عبة للمعتبين ،ويعذب تعذيبا
يكسر شهوة الفسقة التمردين .فحقيق بن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم با من أحد من
العالي ،أن يصلى من العقوبة با يكون من الشدة والشناعة مشابا لعقوبتهم ،وقد
خسف ال تعال بم ،واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم " .وإنا شدد السلم ف
عقوبة هذه الرية لثارها السيئة وأضرارها ف الفرد والماعة .وهذه الضرار نذكرها
ملخصة من كتاب " :السلم والطب " فيما يلي ( ( : ) 1هامش ) ( ) 1سورة هود
اليات ) 1 ( 83 ، 82 ، 81 ، 80 ، 79 ، 78 ، 77 :كتاب " السلم والطب "
للدكتور ممد وصفي / ) . ( .صفحة / 429الرغبة عن الرأة :من شأن اللواطة أن
تصرف الرجل عن الرأة ،وقد يبلغ به المر إل حد العجز عن مباشرتا ،وبذلك تتعطل
أهم وظيفة من وظائف الزواج ،وهي إياد النسل .ولو قدر لثل هذا الرجل أن يتزوج ،
314
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فإن زوجته تكون ضحية من الضحايا ،فل تظفر بالسكن ( ، ) 1ول بالودة ،ول
بالرحة الت هي دستور الياة الزوجية ،فتقضي حياتا معذبة معلقة ،لهي متزوجة ول
مطلقة .التأثي ف العصاب :وإن هذه العادة تغزو النفس ،وتؤثر ف العصاب تأثيا
خاصا ،أحد نتائجه الصابة بالنعكاس النفسي ف خلق الفرد ،فيشعر ف صميم فؤاده
بأنه ما خلق ليكون رجل ،وينقلب الشعور إل شذوذ ،به ينعكس شعور اللئط انعكاسا
غريبا ،فيشعر بيل إل بن جنسه ،وتتجه أفكاره البيثة إل أعضائهم التناسلية .ومن هذا
تستطيع أن تتبي العلة القيقية ف إسراف بعض الشبان الساقطي ف التزين وتقليدهم
النساء ف وضع الساحيق الختلفة على وجوههم ،وماولتهم الظهور بظهر المال
بتحمي أصداغهم ،وتزجيج حواجبهم ،وتثنيهم ف مشيتهم ،إل غيذلك ما نشاهده
جيعا ف كل مكان .وتقع عليه أبصارنا ف كثي من الحيان .ولقد أثبتت كتب الطب
كثيا من الوقائع الغريبة الت تتعلق بذا الشذوذ أضرب صفحا عن ذكرها .ول يقتصر
المر على إصابة اللئط بالنعكاس النفسي ،بل هنالك ما تسببه هذه الفاحشة من
إضعاف القوى النفسية الطبيعية ف الشخص كذلك ،وما تدثه من جعله عرضة للصابة
بأمراض عصبية شاذة وعلل نفسية شائنة ،تفقده لذة الياة ،وتسلبه صفة النسانية
والرجولة ،فتحيي فيه لوثات وراثية ( هامش ) ( ) 1السكن :السكينة / ) . ( .
صفحة / 430خاصة ،وتظهر عليه آفات عصبية كامنة تبديها هذه الفاحشة ،وتدعو
إل تسلطها عليه .ومثل هذه الفات العصبية النفسية :المراض السادية ،والاسوشية ،
والفيتشزم وغيها .التأثي على الخ :واللواط بانب ذلك يسبب اختلل كبيا ف توازن
عقل الرء ،وارتباكا عاما ف تفكيه ،وركودا غريبا ف تصوراته ،وبلهة واضحة ف
عقله ،وضعفا شديدا ف إرادته .وإن ذلك ليجع إل قلة الفرازات الداخلية الت تفرزها
الغدة الدرقية ،والغدد فوق الكلى ،وغيها ما يتأثر باللواط تأثرا مباشرا ،فيضطرب
عملها وتتل وظائفها .وإنك لتجد هنالك علقة وثيقة بي ( النيورستانيا ) واللواط ،
وارتباطا غريبا بينهما ،فيصاب اللئط بالبله والعبط وشرود الفكر وضياع العقل والرشاد
.السويداء :واللواط إما أن يكون سببا ف ظهور مرض السويداء أو يغدو عامل قويا على
إظهاره وبعثه .ولقد وجد أن هذه الفاحشة وسيلة شديدة التأثي على هذا الداء من حيث
315
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مضاعفتها له وزيادة تعقيدها لعراضه ويرجع ذلك للشذوذ الوظيفي لذه الفاحشة النكرة
وسوء تأثيها على أعصاب السم .عدم كفاية اللواط :واللواط علة شاذة ،وطريقة غي
كافية لشباع العاطفة النسية وذلك لنا بعيدة الصل عن اللمسة الطبيعية ،ل تقوم
بإرضاء الجموع العصب ،شديدة الوطأة على الهاز العضلي ،سيئة التأتي على سائر
أجزاء البدن .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 430
/صفحة / 431وإذا نظرنا إل فسيولوجيا الماع والوظيفة الطبيعية الت تؤديها العضاء
التناسلية وقت الباشرة ،ث قارنا ذلك با يدث ف اللواط ،وجدنا الفرق بعيدا والبون
بي الالتي شاسعا ،ناهيك بعدم صلحية الوضع وفقد ملءمته للوضع الشاذ .ارتاء
عضلت الستقيم وتزقه :وإنك إذا نظرت إل اللواط من ناحية أخرى وجدته سببا ف
تزق الستقيم وهتك أنسجته وارتاء عضلته وسقوط بعض أجزائه ،وفقد السيطرة على
الواد البازية وعدم استطاعة القبض عليها ،ولذلك تد الفاسقي دائمي التلوث بذه
الواد التعفنة بيث ترج منهم بغي إرادة أو شعور .علقة اللواط بالخلق :واللواط
لوثة أخلقية ومرض نفسي خطي ،فتجد جيع من يتصفون به سيئي اللق فاسدي
الطباع ،ل يكادون ييزون بي الفضائل والرذائل .ضعيفي الرادة ليس لم وجدان
يؤنبهم ول ضمي يردعهم ،ل يتحرج أحدهم ،ول يردعه رادع نفسي ،عن السطو
على الطفال والصغار واستعمال العنف والشدة لشباع عاطفته الفاسدة والتجرؤ على
ارتكاب الرائم الت نسمع عنها كثيا ونطالع أخبارها ف الرائد السيارة وف غيها ،
وند تفاصيل حوادثها ف الحاكم وف كتب الطب .اللواط وعلقته بالصحة العامة :
واللواط فوق ما ذكرت يصيب مقترفيه بضيق الصدر ويرزؤهم بفقان القلب .ويتركهم
بال من الضعف العام يعرضهم للصابة بشت المراض ويعلهم نبة لختلف العلل
والوصاب .التأثي على أعضاء التناسل :ويضعف اللواط كذلك مراكز النزال الرئيسية
ف السم ويعمل على القضاء على اليوية النوية فيه ،ويؤثر على تركيب مواد الن ث
ينتهي المر /صفحة / 432بعد قليل من الزمن بعدم القدرة على إياد النسل ،
316
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والصابة بالعقم ما يكم على اللئطي بالنقراض والزوال .التيفود والدوسنطار يا :
ونستطيع أن نقول :إن اللواط يسبب بانب ذلك العدوى بالمى التيفودية والدوسنطاريا
وغيها من المراض البيثة الت تنتقل بطريق التلوث بالواد البازية الزودة بختلف
الراثيم ،الملوءة بشت أسباب العلل والمراض .أمراض الزنا :ول يفى أن المراض
الت تنتشر بالزنا يكن أن تنتشر كذلك بطريق اللواط ،وتصيب أصحابه فتفتك بم فتكا
ذريعا ،فتبلي أجسامهم ،وتصد أرواحهم .ما تقدم نتبي حكمة التشريع السلمي ف
تري اللواط ،وتظهر دقة أحكامه ف التنكيل بقترفيه ،والمر بالقضاء عليهم وتليص
العال من شرورهم .رأي الفقهاء ف حكم اللواط :ومع إجاع العلماء على حرمة هذه
الرية ،وعلى وجوب أخذ مقترفيها بالشدة ،إل أنم اختلفوا ف تقدير العقوبة القررة لا
مذاهب ثلثة - 1 :مذهب القائلي بالقتل مطلقا - 2 .ومذهب القائلي بأن حده حد
الزان :فيجلد البكرويرجم الحصن - 3 .ومذهب القائلي بالتعزير ( .الذهب الول )
:يرى أصحاب الرسول صلى ال عليه وسلم ،والناصر ،والقاسم بن إبراهيم ،والشافعي
ف قول :أن حده القتل ولو كان بكرا ،سواء كان فاعل أو مفعول به .واستدلوا با
يأت - 1 :عن عكرمة عن ابن عباس قال :قال رسول ال صلى ال عليه " /صفحة
/ 433وسلم " :من وجدتوه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والفعول به " .رواه
المسة إل النسائي . .قال ف " النيل " :وأخرجه أيضا الاكم والبيهقي .وقال الافظ
:رجاله موثوقون إل أن فيه اختلفا - 2 .وعن علي أنه رجم من عمل هذا العمل .
أخرجه البيهقي .قال الشافعي :وبذا نأخذ برجم من يعمل هذا العمل مصنا كان أو
غي مصن - 3 .وعن أب بكر أنه جع الناس ف حق رجل ينكح كما ينكح النساء .
فسأل أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ذلك فكان من أشدهم يومئذ قول
علي بن أب طالب عليه السلم ،قال " :هذا ذنب ل تعص به أمة من المم ،إل أمة
واحدة ،صنع ال با ما قد علمتم ،نرى أن نرقه بالنار " .فكتب أبو بكر إل خالد بن
الوليد يأمره أن يرقه بالنار .أخرجه البيهقي وف إسناده إرسال .وأفاد الشوكان بأن
هذه الحاديث تنهض بجموعها للحتجاج با .وهؤلء اختلفوا ف كيفية قتل مرتكب
هذا العمل .فروي عن أب بكر وعلي :أنه يقتل بالسيف ،ث يرق ،لعظم العصية .
317
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وذهب عمر وعثمان إل أنه يلقى عليه حائط .وذهب ابن عباس إل أنه يلقى من أعلى
بناء ف البلد .وحكى البغوي عن الشعب ،والزهري ،ومالك ،وأحد ،وإسحاق ،أنه
يرجم .وحكي ذلك الترمذي عن مالك ،والشافعي ،وأحد ،وإسحاق .وروي عن
النخعي أنه لو كان يستقيم أن يرجم الزان مرتي لرجم من يعمل عمل قوم لوط .وقال
النذري :حرق من يعمل هذا العمل أبو بكر وعلي ،وعبد ال بن الزبي ،وهشام بن
عبد اللك ( .الذهب الثان ) :وذهب سعيد بن السيب ،وعطاء بن أب رباح / ،
صفحة / 434
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 434
والسن ،وقتادة ،والنخعي ،والثوري ،والوزاعي ،وأبو طالب ،والمام يي ،
والشافعي ف قول إل أن حده حد الزان ،فيجلد البكر ويغرب ،ويرجم الحصن .
واستدلوا با يأت - 1 :ان هذا الفعل نوع من أنواع الزنا ،لنه إيلج فرج ف فرج ،
فيكون اللئط واللوط به داخلي تت عموم الدلة الواردة ف الزان الحصن والبكر ،
ويؤيد هذا حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان "
- 2 .انه على فرض عدم شول الدلة الواردة ف عقوبة الزنا لما ،فهما لحقان بالزان
بطريق القياس ( .الذهب الثالث ) :وذهب أبو حنيفة ،والؤيد بال ،والرتضى ،
والشافعي ف قول إل تعزير مرتكب هذه الفاحشة ،لن الفعل ليس بزنا فل يأخذ حكمه
.وقد رجح الشوكان مذهب القائلي بالقتل ،وضعف الذهب الخي لخالفته للدلة ،
وناقش الذهب الثان فقال " :إن الدلة الواردة بقتل الفاعل والفعول به مطلقا مصصة
لعموم أدلة الزنا الفارقة بي البكر والثيب على فرض شولا الرتكب جرية قوم لوط ،
ومبطلة للقياس الذكور على فرض عدم الشمول ،لنه يصي فاسد العتبار ،كما تقرر
ف الصول ( ) 2 ( . ) 1الستمناء :استمناء الرجل بيده ما يتناف مع ما ينبغي أن
يكون عليه النسان من الدب وحسن اللق ،وقد اختلف الفقهاء ف حكمه :فمنهم من
رأى أنه حرام مطلقا .ومنهم من رأى أنه حرام ف بعض الالت ،وواجب ف بعضها
الخر ( .هامش ) ( ) 1لنه ل قياس مع النص / ) . ( .صفحة / 435ومنهم من
318
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ذهب إل القول بكراهته .أما الذين ذهبوا إل تريه فهم الالكية والشافعية ،والزيدية .
وحجتهم ف التحري أن ال سبحانه أمر بفظ الفروج ف كل الالت ،إل بالنسبة
للزوجة ،وملك اليمي .فإذا تاوز الرء هاتي الالتي واستمن ،كان من العادين
التجاوزين ما أحل ال لم إل ما حرمه عليهم .يقول ال سبحانه " :والذين هم
لفروجهم حافظون .إل على أزواجهم أو ما ملكت أيانم فإنم غي ملومي .فمن ابتغى
وراء ذلك فأولئك هم العادون " ) 1 ( .وأما الذين ذهبوا ال التحري ف بعض
الالت ،والوجوب ف بعضها الخر ،فهم الحناف فقد قالوا :إنه يب الستمناء إذا
خيف الوقوع ف الزنا بدونه ،جريا على قاعدة :ارتكاب أخف الضررين .وقالوا :إنه
يرم إذا كان لستجلب الشهوة وإثارتا .وقالوا :إنه ل بأس به إذا غلبت الشهوة ،ول
يكن عنده زوجة أو أمة واستمن بقصد تسكينها .وأما النابلة فقالوا :إنه حرام ،إل إذا
استمن خوفا على نفسه من الزنا ،أو خوفا على صحته ،ول تكن له زوجة أو أمة ،ول
يقدر على الزواج ،فإنه لحرج عليه .وأما ابن حزم فيى أن الستمناء مكروه ول إث
فيه ،لن مس الرجل ذكره بشماله مباح بإجاع المة كلها .وإذا كان مباحا فليس
هنالك زيادة على الباح إل التعمد لنول الن ،فليس ذلك حراما أصل ،لقول ال تعال
" :وقد فصل ال لكم ما حرم عليكم " ( . ) 2وليس هذا ما فصل لنا تريه ،فهو
حلل لقوله تعال " :خلق لكم ما ف الرض جيعا " .قال :وإنا كره الستمناء لنه
ليس من مكارم الخلق ول من الفضائل ( :هامش ) ( ) 1سورة الؤمنون .اليات :
) 2 ( . 7 ، 6 ، 5سورة النعام .الية / ) . ( . 119 :صفحة / 436وروي لنا
أن الناس تكلموا ف الستمناء فكرهته طائفة وأباحته أخرى .ومن كرهه ابن عمر ،
وعطاء .ومن أباحه ابن عباس ،والسن ،وبعض كبار التابعي .وقال السن :كانوا
يفعلونه ف الغازي .وقال ماهد :كان من مضى يأمرون شبابم بالستمناء يستعفون
بذلك ،وحكم الرأة مثل حكم الرجل فيه ) 3 ( .السحاق :السحاق مرم باتفاق
العلماء ،لا رواه أحد ،ومسلم ،وأبو داود والترمذي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال " :ل ينظر الرجل إل عورة الرجل ،ول الرأة إل عورة الرأة ،ول يفضي الرجل
إل الرجل ف ثوب واحد ،ول تفضي الرأة إل الرأة ف الثوب الواحد " .والسحاق
319
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مباشرة دون إيلج ،ففيه التعزير دون الد كما لو باشر الرجل الرأة دون إيلج ف
الفرج ) 4 ( .إتيان البهيمة :أجع العلماء على تري إتيان البهيمة .واختلفوا ف عقوبة
من فعل ذلك :فروي عن جابر بن زيد أنه قال :من أتى بيمة أقيم عليه الد .وروي
عن علي أنه قال :إن كان مصنا رجم .وروي عن السن :أنه بنلة الزان :وذهب
أبو حنيفة ،ومالك ،والشافعي ف قول له ،والؤيد بال ،والناصر ،والمام يي إل
وجوب التعزير فقط ،إذ أنه ليس بزنا .وذهب الشافعي ف قول آخر :إل أنه يقتل ،لا
رواه عمرو بن أب عمرو ،عن عكرمة عن ابن عباس ،أن النب صلى ال عليه وسلم قال
( :هامش ) ( ) 1السحاق إتيان الرأة الرأة ) . ( .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 436
/صفحة " / 437من وقع على بيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة " .رواه أحد ،وأبو
داود ،والترمذي ،وقال :ل نعرفه إل من حديث عمرو بن أب عمرو .وروى الترمذي
وأبو داود من حديث عاصم ،عن أب رزين ،عن ابن عباس أنه قال " :من أتى بيمة فل
حد عليه " وذكر أنه أصح .وروى ابن ماجه ،عن ابن عباس ،قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :من وقع على ذات مرم فاقتلوه ،ومن وقع على بيمة فاقتلوه
واقتلوا البهيمة " .قال الشوكان " :وف الديث دليل على أنه تقتل البهيمة -والعلة ف
ذلك ما رواه أبو داود والنسائي أنه قيل لبن عباس :ما شأن البهيمة ؟ قال :ما أراه قال
ذلك ،إل أنه يكره أن يؤكل لمها ،وقد عمل با ذلك العمل .وقد تقدم أن العلة أن
يقال :هذه الت فعل با كذا وكذا .وقد ذهب إل تري لم البهيمة الفعول با .وإل
إنا تذبح علي عليه السلم والشافعي ف قول له .وذهبت القاسية ،والشافعية ف قول ،
وأبو حنيفة وأبو يوسف إل أنه يكره أكلها تنيها فقط .قال ف البحر أنا تذبح البهيمة
ولو كانت غي مأكولة ،لئل تأت بولد مشوه ،كما روى أن راعيا أتى بيمة فأتت
بولود مشوه .انتهى .قال :وأما حديث أن النب صلى ال عليه وسلم نى عن ذبح
اليوان إل لكله ،فهو عام مصص بديث الباب " انتهى ( ) 5 ( ) 1الوطء بالكراه
:إذا أكرهت الرأة على الزنا فإنه ل حد عليها ،لن ال تعال يقول ( :هامش ) ( ) 1
320
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
نيل الوطار :ج 7ص / ) . ( . 900صفحة " / 438فمن اضطر غي باغ ول عاد
فل إث عليه " .والرسول عليه الصلة والسلم يقول " :رفع عن أمت الطأ والنسيان ،
وما استكرهوا عليه " .وقد استكرهت امرأة على عهد الرسول عليه الصلة والسلم فدرأ
عنها الد .وجاءت امرأة إل عمر فذكرت له أنا استسقت راعيا فأب أن يسقيها إل أن
تكنه من نفسها -ففعلت -فقال " :علي :ما ترى فيها ؟ " قال :إنا مضطرة ،
فأعطاها شيئا وتركها .ويستوي ف ذلك الكراه باللاء -بعن أن يغلبها على نفسها
-والكراه بالتهديد ،ول يالف ف ذلك أحد من أهل العلم ،وإنا اختلفوا ف وجوب
الصداق لا .فذهب مالك والشافعي ،إل وجوبه .روى مالك ف الوطأ عن ابن شهاب
أن عبد اللك بن مروان قضي ف امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك با .
وقال أبو حنيفة :ل صداق لا .قال ف بداية الجتهد " :وسبب اللف :هل الصداق
عوض عن البضع أو هو نلة فمن قال :هو عوض عن البضع أوجبه ف البضع ف اللية
والحرمية ومن قال إنه نلة خص ال به الوزاج ل يوجبه .ورأي أب حنيفة أصح 6 ( .
) الطأ ف الوطء :إذا زفت إل رجل امرأة غي زوجته ،وقيل له هذه زوجتك فوطئها
يعتقدها زوجته فل حد عليه باتفاق .وكذلك الكم إذا ل يقل له هذه زوجتك ،أو
وجد على فراشه امرأة ظنها امرأته فوطئها ،أو دعا زوجته فجاء غيها ،فظنها الدعوة
فوطئها ،ل حد عليه ف كل ذلك ( .هامش ) ( ) 1سورة البقرة .الية . ( . 173 :
) /صفحة / 439وهكذا الكم ف كل خطأ ف وطء مباح ،أما الطأ ف الوطء
الحرم ،فإنه يوجب الد ،فمن دعا امرأة مرمة عليه فأجابته غيها فوطئها يظنها الدعوة
فعليه الد ،فإن دعا مرمة عليه ،فأجابته زوجته فوطئها يظنها الجنبية الت دعاها ،فل
حد عليه ،وإن أث باعتبار ظنه .بقاء البكارة :وعدم زوال البكارة يعتب شبهة ف حق
الشهود عليها بالزنا ،عند أب حنيفة ،والشافعي ،وأحد ،والشيعة الزيدية .فإذا شهد
أربعة على امرأة بالزنا وشهد ثقات من النساء بأنا عذراء فلحد عليها للشبهة ول حد
على الشهود ) 7 ( .الوطء ف نكاح متلف فيه :ول يب الد ف نكاح متلف ف
صحته ،مثل زواج التعة ،والشغار ،وزواج التحليل ،والزواج بل ول أو شهود ،
وزواج الخت ف عدة أختها البائن ،وزواج الامسة ،ف عدة الرابعة البائن ،لن
321
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الختلف بي الفقهاء على صحة هذا الزواج يعتب شبهة ف الوطء ،والدود تدرأ
بالشبهات خلفا للظاهرية ،إذ أنم يرون الد ف كل وطء قام على نكاح باطل أو فاسد
) 8 ( .الوطء ف نكاح باطل :وكل زواج ممع على بطلنه ،كنكاح خامسة زيادة
على الربع ،أو متزوجة ،أو معتدة الغي ،أو نكاح الطلقة ثلثا قبل أن تتزوج زوجا
آخر ،إذا وطئ فيه فهو زنا موجب للحد ،ول عبة بوجود العقد ول أثر له .حد
القذف ( ) 1تعريفه :أصل القذف الرمي بالجارة وغيها .ومنه قول ال تعال لم
موسى عليه السلم " :أن اقذ فيه ف التابوت ،فاقذ فيه ف اليم " ( ( ) 1هامش ) (
) 1سورة طه .الية / ) . ( . 39 :صفحة / 440والقذف بالزنا مأخوذ من هذا
العن ،والقصود به هنا العن الشرعي ،وهو الرمي بالزنا .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 440
( ) 2حرمته :يستهدف السلم حاية أعراض الناس ،والحافظة على سعتهم ،وصيانة
كرامتهم ،وهو لذا يقطع ألسنة السوء ويسد الباب على الذين يلتمسون للبآء العيب ،
فيمنع ضعاف النفوس من أن يرحوا مشاعر الناس ويغلوا ف أعراضهم ،ويظر أشد
الظر إشاعة الفاحشة ف الذين آمنوا حت تتطهر الياة من سريان هذا الشر فيها .فهو
يرم القذف تريا قاطعا ،ويعله كبية من كبائر الث والفواحش ،ويوجب على
القاذف ثاني جلدة -رجل كان أو امرأة -وينع من قبول شهادته ،ويكم عليه
بالفسق واللعن والطرد من رحة ال ،واستحقاق العذاب الليم ف الدنيا والخرة ،اللهم
إل إذا ثبت صحة قوله بالدلة الت ل يتطرق إليها الشك ،وهي شهادة أربع شهداء بأن
القذوف تورط ف الفاحشة يقول ال سبحانه " :والذين يرمون ( ) 1الحصنات ( ) 2
ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة .ول تقبلوا لم شهادة أبدا ،وأولئك هم
الفاسقون .إل الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن ال غفور رحيم " ( . ) 3ويقول
" :إن الذين يرمون الحصنات الغافلت الؤمنات ،لعنوا ف الدنيا والخرة ،ولم عذاب
عظيم .يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم با كانوا يعملون .يومئذ يوفيهم ال
دينهم الق ،ويعلمون أن ال هو الق البي " ( ( . ) 4هامش ) ( ) 1يرمون :
322
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يقذفون ويسبون ) 2 ( .الحصنات :أي النفس العفيفة ليدخل فيها الذكور والناث
خلفا لبعض فرق الوارج الذين يرون أن حد القذف خاص برمي النساء دون الرجال
وقوفا عند ظاهر الية ) 3 ( .سورة النور .الية ) 4 ( . 5 : 4سورة النور .اليات :
/ ) . ( . 25 ، 24 ، 23صفحة / 441ويقول " :إن الذين يبون أن تشيع الفاحشة
ف الذين آمنوا لم عذاب أليم ف الدنيا والخرة " .وروى البخاري ومسلم أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :اجتنبوا السبع الوبقات ( . ) 1قالوا وما هن يارسول ال ؟
.قال :الشرك بال ،والسحر ،وقتل النفس الت حرم ال ،وأكل الربا ،وأكل مال
اليتيم ،والتول يوم الزحف ( ، ) 2وقذف الحصنات الؤمنات الغافلت " .وكان هذا
التحري الذي نزلت به اليات بسبب حادث الفك الذي وقع لم الؤمني السيدة عائشة
رضي ال عنها قالت :لا نزل عذري ،قام النب على النب فذكر ذلك وتل القرآن ،فلما
نزل عن النب أمر بالرجلي والرأة فضربوا حدهم ،وهم حسان ومسطح ،وحنة .رواه
أبو داود .ما يشترط ف القذف :للقذف شروط لبد من توافرها حت يصبح جرية
تستحق عقوبة اللد .وهذه الشروط منها ما يب توافره ف القاذف ،ومنها ما يب
توافره ف القذوف ،ومنها ما يب توفره ف الشئ القذوف به .شروط القاذف :
والشروط الت يب توفرها ف القاذف هي - 1 :العقل - 2 .البلوغ - 3 .الختيار .
لن ذلك أصل التكليف ،ول تكليف بدون هذه الشياء .فإذا قذف الجنون أو الصب
أو الكره فل حد على واحد منهم ،لقول رسول ال صلى ال صلى ال عليه وسلم :
( هامش ) ( ) 1الوبقات :الهلكات ) 2 ( .التول يوم الزحف :الفرار من القتال ( .
/ ) .صفحة " / 442رفع القلم عن ثلث :عن النائم حت يستيقظ ،وعن الصب حت
يتلم ،وعن الجنون حت يفيق " .ويقول " :رفع عن أمت الطأ والنسيان ،وما
استكرهوا عليه " .فإذا كان الصب مراهقا بيث يؤذي قذفه فإنه يعزر تعزيرا مناسبا .
شروط القذوف :وشروط القذوف هي - 1 :العقل :لن الد إنا شرع للزجر عن
الذية بالضرر الواقع على القذوف ،ول مضرة على من فقد العقل فل يد قاذفه - 2 .
البلوغ :وكذلك يشترط ف القذوف البلوغ ،فل يد قاذف الصغي والصغية ،فإذا
رمى صبية يكن وطئها قبل البلوغ بالزنا ،فقد قال جهور العلماء :إن هذا ليس بقذف ،
323
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لنه ليس بزنا ،إذ ل حد عليها .ويعزر القاذف .وقال مالك :ان ذلك قذف يد فاعله
.وقال ابن العرب " :والسألة متملة الشك .لكن مالك غلب عرض القذوف وغيه
راعى حاية ظهر القاذف ،وحاية عرض القذوف أول ،لن القاذف كشف ستره
بطرف لسانه ،فلزم الد " .وقال ابن النذر " :وقال أحد ف الارية بنت تسع يلد
قاذفها ،وكذلك الصب إذا بلغ ضرب قاذفه " .وقال إسحاق :إذا قذف غلم يطأ مثله
فعليه الد .والارية إذا جاوزت تسعة مثل ذلك .وقال ابن النذر :ل يد من قذف من
ل يبلغ ،لن ذلك كذب .ويعزر على الذى - 3 .السلم :والسلم شرط ف
القذوف ،فلو كان القذوف من غي السلمي ل يقر الد على قاذفه عند جهور
العلماء ،وإذا كان العكس فقذف النصران أو اليهودي السلم الر فعليه ما على السلم :
ثانون جلدة / .صفحة - 4 / 443الرية :فل يد العبد بقذف الر له ،سواء أكان
العبد ملكا للقاذف
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 443
أم لغيه :لن مرتبته تتلف عن مرتبة الر ،وإن كان قذف الر للعبد مرما لا رواه
البخاري ومسلم .أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من قذف ملوكه بالزنا أقيم
عليه الد يوم القيامة ،إل أن يكون كما قال " .قال العلماء :وإنا كان ذلك ف الخرة
لرتفاع اللك ،واستواء الشريف والوضيع ،والر والعبد ،ول يكن لحد فضل إل
بالتقوى ،ولا كان ذلك تكافأ الناس ف الدود والرمة واقتص من كل واحد لصاحبه ،
إل أن يعفو الظلوم عن الظال .وإنا ل يتكافأوا ف الدنيا لئل تدخل الداخلة على الالكي
ف مكافأتم لم ( ) 1فل تصح لم حرمة ول فضل ف منلة ،وتبطل فائدة التسخي .
ومن قذف من يسبه عبدا فإذا هو حر فعليه الد ،وهو اختيار ابن النذر ،وقال السن
البصري ل حد عليه .وأما ابن حزم فإنه رأى غي ما رآه جهور الفقهاء ،فرأى أن قاذف
العبد يقام عليه الد .وأنه ل فرق بي الر والعبد ف هذه الناحية .قال " :وأما قولم ل
حرمة للعبد ول للمة فكلم سخيف .والؤمن له حرمة عظيمة " .ورب عبد جلف خي
من خليفة قرشي عند ال تعال .ورأي ابن حزم هذا رأي وجيه وحق ،لو ل يصطدم
324
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بالنص التقدم - 5 .العفة :وهي العفة عن الفاحشة الت رمي با سواء أكان عفيفا عن
غيها أم ل ،حت أن من زنا ف أول بلوغه ث تاب وحسنت حالته وامتد عمره فقذفه
قاذف ،فإنه ل حد عليه .وإن كان هذا القذف يستوجب التعزير لنه أشاع ما يب
ستره وإخفاؤه .ما يب توفره ف القذوف به :أما ما يب توفره ف القذوف به ،فهو
التصريح بالزنا أو التعريض ( هامش ) ( ) 1أي لئل تفسد العلقة بي السادة والعبيد ( .
/ ) .صفحة / 444الظاهر ،ويستوي ف ذلك القول والكتابة .ومثال التصريح أن
يقول موجه الطاب إل غيه " :يا زان " أو يقول عبارة تري مرى هذا التصريح ،
كنفي نسبه عنه .ومثال التعريض كأن يقول ف مقام التنازع " :لست بزان ول أمي
بزانية " .وقد اختلف العلماء ف التعريض . .فقال مالك :إن التعريض الظاهر ملحق
بالتصريح ،لن الكفاية قد تقوم -بعرف العادة والستعمال -مقام النص الصريح .وإن
كان اللفظ فيها مستعمل ف غي موضعه ،وقد أخذ عمر رضي ال عنه بذا الرأي .روى
مالك عن عمرة بنت عبد الرحن " :أن رجلي استبا ف زمان عمر بن الطاب فقال
أحدها للخر " :وال ما أب بزان ول أمي بزانية " .فاستشار عمر ف ذلك .فقال قائل
:مدح أباه وأمه .وقال آخرون :قد كان لبيه وأمه مدح غي هذا .نرى أن تلده الد
فجلده عمر الد ثاني " .وذهب ابن مسعود ،وأبو حنيفة ،والشافعي ،والثوري ،
وابن أب ليلى ،وابن حزم ،والشيعة ،ورواية عن أحد :إل أنه ل حد ف التعريض ،
لن التعريض يتضمن الحتمال ،والحتمال شبهة .والدود تدرأ بالشبهات .إل أن أبا
حنيفة والشافعي يريان تعزير من يفعل ذلك .قال صاحب الروضة الندية :كاشفا وجه
الصواب ف هذا " :التحقيق أن الراد من رمي الحصنات الذكور ف كتاب ال عزوجل
هو أن يأت القاذف بلفظ يدل -لغة أو شرعا أو عرفا -على الرمي بالزنا ،ويظهر من
قرائن الحوال أن التكلم ل يرد إل ذلك ،ول يأت بتأويل مقبول يصح حل الكلم عليه
،فهذا يوجب حد القذف بل شك ول شبهة .وكذلك لو جاء بلفظ ل يتمل الزنا أو
يتمله احتمال مرجوحا ،وأقر أنه أراد الرمي بالزنا فإنه يب عليه الد / .صفحة 445
/وأما إذا عرض بلفظ متمل ول تدل قرينة حال ول مقال على أنه قصد الرمي بالزنا ،
فل شئ عليه ،لنه ل يسوغ إيلمه بجرد الحتمال " .ب يثبت حد القذف :الد يثبت
325
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بأحد أمرين - 1 :إقرار القاذف نفسه - 2 .أو بشهادة رجلي عدلي .عقوبة القاذف
الدنيوية :يب على القاذف -إذا ل يقم البينة على صحة ما قال -عقوبة مادية ،وهي
ثانون جلدة .وعقوبة أدبية ،وهي رد شهادته وعدم قبولا أبدا والكم بفسقه لنه
يصبح غي عدل عند ال وعند الناس .وهاتان العقوبتان ها القررتان ف قول ال سبحانه
وتعال " :والذين يرمون الحصنات ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة ،
ول تقبلوا لم شهادة أبدا ،وأولئك هم الفاسقون ،إل الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا
،فإن ال غفور رحيم " .وهذا متفق عليه بي العلماء إذا ل يتب القاذف .بقي هنا
مسألتان اختلف فيهما العلماء ( :السألة الول ) هل عقوبة العبد مثل عقوبة الر أو ل ؟
( السألة الثانية ) إذا تاب القاذف ،هل يرد له اعتباره وتقبل شهادته أول ؟ .أما السألة
الول فهي أنه إذا قذف العبد الر الحصن وجب عليه الد ،ولكن هل حده مثل حد
الر ،أو على النصف منه ؟ .ل يثبت حكم ذلك ف السنة ،ولذا اختلفت أنظار
الفقهاء ،فذهب أكثر
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 445
أهل العلم إل أن العبد إذا ثبتت عليه جرية القذف ،فعقوبته أربعون جلدة ،لنه حد
يتنصف بالرق ،مثل حد الزنا .يقول ال سبحانه " :فإن أتي بفاحشة فعليهن نصف ما
على الحصنات من العذاب " ( ( ) 1هامش ) ( ) 1سورة النساء .الية ) . ( . 25 :
/صفحة / 446قال مالك " :قال أبو الزناد سألت عبد ال بن عامر بن ربيعة عن ذلك
.فقال :أدركت عمر بن الطاب ،وعثمان بن عفان ،واللفاء ،وهلم جرا ،فما
رأيت أحدا جلد عبدا ف فرية أكثر من أربعي " .وروي عن ابن مسعود ،والزهري ،
وعمر بن عبد العزيز وقبيصة بن ذؤيب ،والوزاعي ،وابن حزم ،أنه يلد ثاني جلدة .
لنه حد وجب ،حقا للدميي ،إذ أن الناية وقعت على عرض القذوف ،والناية ل
تتلف بالرق والرية .قال ابن النذر :والذي عليه المصار القول الول ،وبه أقول .
وقال ف السوى " :وعليه أهل العلم " .وقد ناقش صاحب الروضة الندية الرأي الول ،
وقال مرجحا الرأي الثان :الية الكرية عامة يدخل تتها الر والعبد ،والغضاضة بقذف
326
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
العبد للحر أشد منها بقذف الر للحر ،وليس ف حد القذف ما يدل على تنصيفه
للعبد ،ل من الكتاب ول من السنة .ومعظم ما وقع التعويل عليه هو قوله تعال ف حد
الزنا " :فعليهن نصف ما على الحصنات من العذاب " .ول يفى أن ذلك ف حد آخر
غي حد القذف .فإلاق أحد الدين بالخر فيه إشكال ،ل سيما مع اختلف العلة
وكون أحدهم حقا ل مضا ،والخر مشوبا بق آدمي .أما السألة الثانية :فقد اتفق
الفقهاء على أن القاذف ل تقبل شهادته ما دام ل يتب ،لنه ارتكب ما يستوجب الفسق
،والفسق يذهب بالعدالة ،والعدالة شرط ف قبول الشهادة ،وأنه ل يتب من فسقه
هذا ،واللد ،وإن كان مكفرا للث الذي ارتكبه وملصا له من عقاب الخرة ،إل أنه
ل يزيل عنه وصف الفسق الوجب لرد الشهادة .ولكن إذا تاب وحسنت توبته ،فهل
يرد له اعتباره وتقبل شهادته أم ل ؟ .اختلف الفقهاء ف ذلك إل رأيي ( :الرأي
الول ) يرى قبول شهادة الحدود ف قذف إذا تاب توبة نصرحا /صفحة / 447وهذا
هو رأي مالك ،والشافعي ،وأحد ،والليث ،وعطاء ،وسفيان بن عيينة ،والشعب ،
والقاسم ،وسال ،والزهري .وقال عمر لبعض من حدهم ف قذف :إن تبت قبلت
شهادتك ! أما ( الرأي الثان ) فإنه يرى عدم قبولا ،ومن ذهب إل هذا :الحناف ،
والوزاعي ،والثوري ،والسن ،وسعيد بن السيب ،وشريح ،وابراهيم النخعي ،
وسعيد بن جبي .وأصل هذا اللف هو الختلف ف تفسي قول ال تعال " :ول
تقبلوا لم شهادة أبدا ،وأولئك هم الفاسقون .إل الذين تابوا " .فهل الستثناء ف الية
راجع إل المرين معا :أي عدم قبول الشهادة ،والكم بالفسق ،أو راجع إل المر
الخي ،وهو الكم بالفسق ؟ .فمن قال ان الستثناء راجع إل المرين معا ،قال بواز
قبول الشهادة بعد التوبة .ومن قال إنه راجع إل الكم بالفسق ،قال بعدم قبولا مهما
كانت توبته .كيفية التوبة :قال عمر رضي ال عنه :توبة القاذف ل تكون إل بأن
يكذب نفسه ف ذلك القذف الذي ل حد فيه .وقال الذين شهدوا على الغية :من
أكذب نفسه أجزت شهادته فيما يستقبل .ومن ل يفعل ل أجز شهادته .فأكذب الشبل
بن معبد ،ونافع بن الارث بن كلدة أنفسهما وتابا وأب أبو بكرة أن يفعل ،فكان ل
يقبل شهادته .وهذا مذهب الشعب ،ومكي عن أهل الدينة ،وقالت طائفة من العلماء
327
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
:توبته أن يصلح ويسن حاله ،وإن ل يرجع عن قوله بتكذيب ،وحسبه الندم على قذفه
والستغفار منه وترك العود إليه .وهذا مذهب مالك ،وابن جرير / .صفحة / 448
هل يد بقذف أصله ؟ قال أبو ثور وابن النذر " :إذا قذف القاذف ابنه فإنه يد لظاهر
القرآن الكري فإنه ل يفرق بي قاذف ومقذوف .وقالت النفية والشافعية :ل يد ،لنه
يشترط ف القاذف أن ل يكون أصل كالب والم ،لنه إذا ل يقتل الصل به فعدم حده
بقذفه أول ،وإن قالوا بتعزيره ،لن القذف أذى .تكرار القذف لشخص واحد :إذا
قذف القاذف شخصا واحدا أكثر من مرة ،فعليه حد واحد إذا ل يكن قد حد لواحد
منها ،فإن كان قد حد لواحد منها ث عاد إل القذف ،حد مرة ثانية ،فإن عاد مرة ثالثة
وهكذا يد لكل قذف .قذف الماعة :إذا قذف القاذف جاعة ورماهم بالزنا ،فقد
اختلفت أنظار الفقهاء ف ف حكمه إل ثلثة مذاهب ( :الذهب الول ) مذهب القائلي
بأنه يد حدا واحدا .وهم أبو حنيفة ،ومالك ،وأحد والثوري ( .والذهب الثان )
مذهب القائلي بأن عليه لكل واحد حدا ،وهم الشافعي والليث ( .والذهب الثالث )
مذهب الذين فرقوا بي أن يمعهم ف كلمة واحدة ،مثل أن يقول لم :يا زناة .أو
يقول :لكل واحد :يا زان ،ففي الصورة الول يد حدا واحدا ،وف الثانية حد لكل
واحد منهم .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 448
قال ابن رشد :فعمدة من ل يوجب على قاذف الماعة إل حدا واحدا حديث أنس
وغيه :أن هلل بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحاء ،فرفع ذلك إل النب صلى ال
عليه وسلم ،فلعن بينهما ول يد شريكا ،وذلك إجاع من أهل العلم فيمن قذف
زوجته برجل .وعمدة من رأى أن الد لكل واحد منهم أنه حق للدميي ،وأنه لو عفا
بعضهم ول يعف الكل ل يسقط الد .وأما من فرق بي من قذفهم ف كلمة واحدة أو
كلمات ،أو ف ملس /صفحة / 449واحد أو ف مالس ،فلنه رأى أنه وجب أن
يتعدد الد بتعدد القذف ،لنه إذا اجتمع تعدد القذوف وتعدد القذف ،كان أوجب أن
يتعدد الد .هل الد حق من حقوق ال أو من حقوق الدميي ؟ :ذهب أبو حنيفة إل
328
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أن الد حق من حقوق ال ،ويترتب على كونه حقا من حقوق ال ،أنه إذا بلغ
الاكم ،وجب عليه إقامته ،وإن ل يطلب ذلك القذوف ،ول يسقط بعفوه ،ونفعت
القاذف التوبة فيما بينه وبي ال تعال ،ويتنصف فيه الد بالرق مثل الزنا .وذهب
الشافعي إل أنه حق من حقوق الدميي ،ويترتب عليه أن المام ل يقيمه إل بطالبة
القذوف ،ويسقط بعفوه ،ويورث عنه ويسقط بعفو وارثه ،ول تنفع القاذف التوبة
حت يلله القذوف .سقوط الد :ويسقط حد القذف بجئ القاذف بأربعة شهداء ،
لن الشهداء ينفون عنه صفة القذف الوجبة للحد ،ويثبتون صدور الزنا بشهادتم .
فيقام حد الزنا على القذوف ،لنه زان .وكذلك إذا أقر القذوف بالزنا واعترف با
رماه به القاذف .وإذا قذفت الرأة زوجها فإنه يقام عليها الد ،إذا توفرت شروطه
بلف ما إذا قذفها هو ول يقم عليها البينة ،فإنه ل يقام عليه الد ،وإنا يتلعنان ،وقد
تقدم ذلك ف باب اللعان / .صفحة / 450الردة تعريفها :الردة :هي الرجوع ف
الطريق الذي جاء منه ،وهي مثل الرتداد ،إل أنا تتص بالكفر .والقصود با هنا :
رجوع السلم ،العاقل ،البالغ ،عن السلم إل الكفر باختياره دون إكراه من أحد -
سواء ف ذلك الذكور والناث -فل عبة بارتداد الجنون ول الصب ( ) 1لنما غي
مكلفي .يقول النب صلى ال عليه وسلم " :رفع القلم عن ثلث :عن النائم حت
يستيقظ ،وعن الصب حت يتلم ،وعن الجنون حت يعقل " .رواه أحد وأصحاب
السنن وحسنه الترمذي .وقال الاكم :صحيح على شرط الشيخي .والكراه على
التلفظ بكلمة الكفر ل يرج السلم عن دينه ما دام القلب مطمئنا باليان .وقد أكره
عمار بن ياسر على التلفظ بكلمة الكفر فنطق با ،وأنزل ال سبحانه ف ذلك " :من
كفر بال من بعد إيانه ،إل من أكره وقلبه مطمئن باليان ،ولكن من شرح بالكفر
صدرا ،فعليهم غضب من ال ،ولم عذاب عظيم " ) 2 ( .قال ابن عباس :أخذه
الشركون ،وأخذوا أباه وأمه سية ،وصهيبا وبلل ،وخبابا ،وسالا ،فعذبوهم ،
وربطت سية بي بعيين ،وجئ قبلها بربة ،وقيل لا ( :هامش ) ( ) 1وإن كان
إسلم الصب يصح وعبادته تقبل منه ( ) 2سورة النحل .الية / ) . ( 106 :صفحة
/ 451إنك أسلمت من أجل الرجال ،فقتلت وقتل زوجها ،وها أول قتيلي ف
329
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السلم .وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها -فشكا ذلك للنب صلى ال عليه
وسلم فقال له " :كيف تد قلبك ؟ " قال مطمئن باليان .فقال الرسول " :إن عادوا
فعد " .هل انتقال الكافر من دين إل دين كفري آخرى يعتب ردة ؟ :قلنا :إن السلم
إذا خرج عن السلم كان مرتدا ،وجرى عليه حكم ال ف الرتدين ،ولكن هل الردة
قاصرة على السلمي الارجي عن السلم ،أو أنا تتناول غي السلمي إذا تركوا دينهم
إل غيه من الديان الكافرة ؟ .الظاهر أن الكافر إذا انتقل من دينه إل دين آخر من
أديان الكفر فإنه يقر على دينه الذي انتقل إليه ول يتعرض له لنه انتقل من دين باطل إل
دين ياثله ف البطلن ،والكفر كله ملة واحدة ،بلف ما إذا انتقل من السلم إل غيه
من الديان ،فإنه انتقال من الدى ودين الق إل الضلل والكفر .وال يقول ( " : ) 1
ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه " ) 2 ( .وف بعض طرق الديث " :من
خالف دينه دين السلم فاضربوا عنقه " .أخرجه الطبان عن ابن عباس مرفوعا .
وللشافعي قولن ( :أحدها ) ل يقبل منه بعد انتقاله إل السلم أو القتل .وهذا يوافق
إحدى الروايتي عن أحد .والرواية الخرى تقول .إنه إن انتقل إل مثل دينه أو إل
أعلى منه أقر ،وإن انتقل إل أنقص من دينه ل يقر .فإذا انتقل اليهودي إل النصرانية
أقر ،لن اليهودية مثل النصرانية ( هامش ) ( ) 1هذا مذهب مالك وأب حنيفة ) 2 ( .
سورة آل عمران .الية / ) . ( 85 :صفحة / 452من حيث كونما ديني ساويي
ف الصل ،دخلهما التحريف ونسخهما السلم .وكذلك يقر الجوسي إذا انتقل إل
اليهودية أو النصرانية لنه انتقال إل
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 452
ما هو أعلى .وإذا جاز النتقال إل الدين الماثل ،فالنتقال إل ما هو أعلى أحق وأول
.وإذا انتقل اليهودي أو النصران إل الجوسية ل يقر ،لنه انتقال إل ما هو أنقص .ل
يكفر مسلم بالوزر :السلم عقيدة وشريعة .والعقيدة تنتظم اليان - 1 :بالليات .
- 2والنبوات - 3 .والبعث ،والزاء .والشريعة تنتظم - 1 :العبادات من :صلة ،
وصيام ،وزكاة ،وحج - 2والداب والخلق من :صدق ،ووفاء ،وأمانة - 3 .
330
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والعاملت الدنية من :بيع ،وشراء . . .ال - 4 .والروابط السرية من :زواج
وطلق - 5 .والعقوبات النائية :قصاص ،وحدود - 6 .والعلقات الدولية من :
معاهدات ،واتفاقات .وهكذا ند أن السلم ،منهج عام ،ينتظم شئون الياة جيعا .
وهذا هو الفهوم العام للسلم كما قرره الكتاب والسنة و كما فهمه السلمون على
العهد الول ،وطبقوه ف كل مال من الجالت العامة والاصة ،وكان كل فرد يدين
بالولء لذا الدين يعتب عضوا ف الماعة السلمة ،ويصبح فردا من أفراد المة السلمية
تري عليه أحكام السلم وتطبق عليه تعاليمه .إل أن من الناس الذكي والغب ،
والضعيف والقوي ،والقادر والعاجز ،والعامل والعاطل ،والجد والقصر / .صفحة
/ 453فهم يتلفون اختلفا بينا ف قواهم البدنية ومواهبهم النفسية والعقلية والروحية
وتبعا لذا الختلف فمنهم من يقترب من السلم ،ومنهم من يبتعد عنه حسب حال
كل فرد وظروفه وبيئته .يقول ال سبحانه " :ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا
،فمنهم ظال لنفسه ،ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات بإذن ال " ( ، ) 1إل أن
هذا البتعاد عنه ل يرج القصر عن دائرته ما دام يدين بالولء لذا الدين ،فإذا صدر من
السلم لفظ يدل على الكفر ل يقصد إل معناه ،أو فعل ظاهره مكفر ل يرد به فاعله
تغيي إسلمه ،ل يكم عليه بالكفر .ومهما تورط السلم ف الآث واقترف من جرائم ،
فهو مسلم ل يوز اتامه بالردة .روى البخاري أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :
" من شهد أن ل إله إل ال ،واستقبل قبلتنا ،وصلى صلتنا ،وأكل ذبيحتنا ،فهو
السلم ،له ما للمسلم ،وعليه ما على السلم " .وقد حذر رسول ال صلى ال عليه
وسلم السلمي من أن يقذف بعضهم بعضا بالكفر ،لعظم خطر هذه الناية ،فقال فيما
رواه مسلم عن ابن عمر " :إذا كفر الرجل أخاه ،فقد باء با أحدها " .مت يكون
السلم مرتدا :إن السلم ل يعتب خارجا عن السلم ،ول يكم عليه بالردة إل إذا
انشرح صدره بالكفر ،واطمأن قلبه به ،ودخل فيه بالفعل ،لقول ال تعال " :ولكن
من شرح بالكفر صدرا " .ويقول الرسول صلى ال عليه وسلم " :إنا العمال
بالنيات ،وإنا لكل امرئ ما نوى " ،ولا كان ما ف القلب غيبا من الغيوب الت ل
يعلمها إل ال ،كان لبد من صدور ما يدل على كفره دللة قطعية ل تتمل التأويل ،
331
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حت نسب إل المام مالك أنه قال ( :هامش ) ( ) 1سورة فاطر الية / ) . ( 32 :
صفحة " / 454من صدر عنه ما يتمل الكفر من تسعة وتسعي وجها ،ويتمل اليان
من وجه ،حل أمره على اليان " .ومن المثلة الدالة على الكفر - 1 :إنكار ما علم
من الدين بالضرورة .مثل إنكار وحدة ال وخلقه للعال وإنكار وجود اللئكة ،وإنكار
نبوة ممد صلى ال عليه وسلم ،وأن القرآن وحي من ال ،وإنكار البعث والزاء ،
وإنكار فرضية الصلة والزكاة ،والصيام والج - 2 .استباحة مرم أجع السلمون على
تريه ،كاستباحة المر ،والزنا ،والربا ،وأكل النير ،واستحلل دماء العصومي
وأموالم ( - 3 . ) 1تري ما أجع السلمون على حله " كتحري الطيبات " - 4 .
سب النب أو الستهزاء فيه ،وكذا سب أي نب من أنبياء ال - 5 .سب الدين ،
والطعن ف الكتاب والسنة ،وترك الكم بما ،وتفضيل القواني الوضعية عليهما - 6 .
ادعاء فردمن الفراد أن الوحي ينل عليه - 7 .إلقاء الصحف ف القاذورات ،وكذا
كتب الديث ،استهانة با واستخفافا با جاء فيها - 8 .الستخفاف باسم من أساء
ال ،أو أمر من أوامره ،أو ني من نواهيه ،أو وعد من وعوده ،إل أن يكون حديث
عهد بالسلم ،ول يعرف أحكامه ،ول يعلم حدوده ،فإنه إن أنكر منها جهل به ل
يكفر .وفيه مسائل أجع السلمون عليها ،ولكن ل يعلمها إل الاصة ،فإن منكرها ل
يكفر ،بل يكون معذورا بهله با ،لعدم استفاضة علمها ف العامة ،كتحري نكاح الرأة
على عمتها وخالتها ،وأن القاتل عمدا ل يرث ،وأن للجدة السدس ،ونو ذلك .ول
يدخل ف هذا الوساوس الت تساور النفس فإنا ما ل يؤاخذ ال با .فقد روى مسلم عن
أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ( :هامش ) ( ) 1إل إذا كان ذلك
بتأويل -مثل تأويل الوارج -فإنم استحلوا دماء الصحابة وأموالم -
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 454
ومثل تأويل قدامة بن مظعون شرب المر ،ومع ذلك -فجمهور الفقهاء على أنم غي
كافرين / ) . ( .صفحة " / 455إن ال عزوجل تاوز لمت عما حدثت به أنفسها ما
ل تعمل أو يتكلم به " وروى مسلم عن أب هريرة قال " :جاء ناس من أصحاب النب
332
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صلى ال عليه وسلم فسألوه فقالوا :انا ند ف أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ،قال
:وقد وجدتوه ؟ قالوا :نعم .قال :ذلك صريح اليان ( . " ) 1وروى مسلم عن أب
هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ل يزال الناس يتساءلون حت يقال :
( هذا خلق ال اللق ،فمن خلق ال ؟ ) فمن وجد من ذلك شيئا ،فليقل :آمنت بال "
.عقوبة الرتد :الرتداد جرية من الرائم الت تبط ما كان من عمل صال قبل الردة ،
وتستوجب العذاب الشديد ف الخرة .يقول ال سبحانه " :ومن يرتدد منكم عن دينه ،
فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالم ف الدنيا والخرة ،وأولئك أصحاب النار هم
فيها خالدون " ( . ) 2ومعن الية :أن من يرجع عن السلم إل الكفر ويستمر عليه
حت يوت كافرا ،فقد بطل كل ما عمله من خي ،وحرم ثرته ف الدنيا ،فل يكون له
ما للمسلمي من حقوق ،وحرم من نعيم الخرة ،وهو خالد ف العذاب الليم ،وقد
قرر السلم عقوبة معجلة ف الدنيا للمرتد ،فضل عما توعده به من عذاب ينتظره ف
الخرة ،وهذه العقوبة هي القتل ( . ) 3روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم قال " :من بدل دينه فاقتلوه " .وروي عن ابن مسعود أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث :
( هامش ) ( ) 1أي استعظام الكلم به خوفا من النطق به ،فضل عن اعتقاده دليل على
كمال اليان ) 2 ( .سورة البقرة .الية ) 3 ( 217 :لو قتله مسلم من السلمي ل
يعتب مرتكبا جرية القتل ،ولكن يعزر لفتياته على الاكم / ) . ( .صفحة / 456
كفر بعد إيان ،وزنا بعد إحصان ،وقتل نفس بغي نفس " .وعن جابر رضي ال عنه :
" أن امرأة يقال لا أم مروان ارتدت فأمر النب صلى ال عليه وسلم بأن يعرض عليها
السلم :فإن تابت ،وإل قتلت .فأبت أن تسلم ،فقتلت " .أخرجه الدارقطن
والبيهقي ( . ) 1وثبت أن أبا بكر الصديق رضي ال عنه قاتل الرتدين من العرب حت
رجعوا إل السلم .ول يتلف أحد من العلماء ف وجوب قتل الرتد .وإنا اختلفوا ف
الرأة إذا ارتدت .فقال أبو حنيفة :إن الرأة إذا ارتدت ل تقتل ،ولكن تبس ،وترج
كل يوم فتستتاب ،ويعرض عليها السلم ،وهكذا حت تعود إل السلم ،أو توت ،
لن النب صلى ال عليه وسلم نى عن قتل النساء .وخالف ذلك جهور الفقهاء فقالوا :
333
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إن عقوبة الرأة الرتدة كعقوبة الرجل الرتد ،سواء بسواء ،لن آثار الردة وأضرارها من
الرأة كآثارها وأضرارها من الرجل ،ولديث معاذ الذي حسنه الافظ :أن النب صلى
ال عليه وسلم قال له لا أرسله إل اليمن " :أيا رجل ارتد عن السلم فادعه ،فإن
عاد ،وإل فاضرب عنقه ،وأيا امرأة ارتدت عن السلم فادعها ،فإن عادت ،وإل
فاضرب عنقها " .وهذا نص ف مل الناع .وأخرج البيهقي ،والدارقطن ،أن أبا بكر
استتاب امرأة يقال لا " أم قرفة " كفرت بعد إسلمها ،فلم تتب ،فقتلها .وأما حديث
النهي عن قتل النساء فذلك إنا هو ف حال الرب ،لجل ضعفهن وعدم مشاركتهن ف
القتال .ولذا كان سبب النهي عن قتلهن أن النب صلى ال عليه وسلم رأى امرأة
مقتولة ،فقال " :ما كانت هذه لتقاتل " .ث نى عن قتلهن .والرأة تشارك الرجل ف
الدود كلها دون استثناء .فكما يقام عليها حد الرجم إذا كانت مصنة ،فكذلك يقام
عليها حد الردة ،ولفرق ( .هامش ) ( ) 1والسناد ضعيف / ) . ( .صفحة / 457
حكمة قتل الرتد :السلم منهج كامل للحياة فهو :دين ودولة ،وعبادة ،وقيادة ،
ومصحف وسيف ،وروح ومادة ،ودنيا وآخرة ،وهو مبن على العقل والنطق ،وقائم
على الدليل والبهان ،وليس ف عقيدته ول شريعته ما يصادم فطرة النسان أو يقف
حائل دون الوصول إل كماله الادي والدب -ومن دخل فيه عرف حقيقته ،وذاق
حلوته ،فإذا خرج منه وارتد عنه بعد دخوله فيه وإدراكه له ،كان ف الواقع خارجا
على الق والنطق ،ومتنكرا للدليل والبهان ،وحائدا عن العقل السليم ،والفطرة
الستقيمة .والنسان حي يصل إل هذا الستوى يكون قد ارتد إل أقصى دركات
النطاط ،ووصل إل الغاية من الندار والبوط ،ومثل هذا النسان ل ينبغي الحافظة
على حياته ،ول الرص على بقائه -لن حياته ليست لا غاية كرية ول مقصد نبيل .
هذا من جانب ،ومن جانب آخر ،فإن السلم كمنهج عام للحياة ،ونظام شامل
للسلوك النسان ،لغن له من سياج يميه ،ودرع يقيه ،فإن
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 457
334
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أي نظام ل قيام له إل بالماية والوقاية والفاظ عليه من كل ما يهز أركانه ،ويزعزع
بنيانه ،ولشئ أقوى ف حاية النظام ووقايته من منع الارجي عليه ،لن الروج عليه
يهدد كيانه ويعرضه للسقوط والتداعي .إن الروج على السلم والرتداد عنه إنا هو
ثورة عليه والثورة عليه ليس لا من جزاء إل الزاء الذي اتفقت عليه القواني الوضعية ،
فيمن خرج على نظام الدولة وأوضاعها القررة .إن أي انسان سواء كان ف الدول
الشيوعية ،أم الدول الرأسالية -إذ اخرج على نظام الدولة فإنه يتهم باليانة العظمى
لبلده ،واليانة العظمى جزاؤها العدام .فالسلم ف تقرير عقوبة العدام للمرتدين
منطقي مع نفسه ومتلق مع غيه من النظم .استتابة الرتد :كثيا ما تكون الردة نتيجة
الشكوك والشبهات الت تساور النفس وتزاحم /صفحة / 458اليان ،ولبد أن تتهيأ
فرصة للتخلص من هذه الشبهات والشكوك ،وأن تقدم الدلة والباهي الت تعبد اليان
إل القلب ،واليقي إل النفس ،وتريح ما علق بالوجدان من ريب وشكوك .ومن ث
كان من الواجب أن يستتاب الرتد ولو تكررت ردته ،ويهل فترة زمنية يراجع فيها
نفسه ،وتفند فيها وساوسه وتناقش فيها أفكاره ،فإن عدل عن موقفه بعد كشف
شبهاته ،ورجع إل السلم وأقر بالشهادتي واعترف با كان ينكره ،وبرئ من كل دين
يالف دين السلم ،قبلت توبته ،وإل أقيم عليه الد .وقد قدر بعض العلماء هذه
الفترة بثلثة أيام ،وترك بعضهم تقدير ذلك وإنا يكرر له التوجيه ويعاد معه النقاش حت
يغلب على الظن أنه لن يعود إل السلم ،وحينئذ يقام عليه الد ( ) 1والذين رأوا
تقدير ذلك باليام الثلثة اعتمدوا على ما روي " :أن رجل قدم إل عمر رضي ال عنه
من الشام ،فقال " هل من مغربة ( ) 2خب " .قال :نعم .رجل كفر بعد إسلمه .
فقال عمر :فما فعلتم به ؟ قال :قربناه فضربنا عنقه قال :هل حبستموه ف بيت ثلثا ،
وأطعمتموه كل يوم رغيفا ،واستتبتموه لعله يتوب و يراجع أمر ال :اللهم إن ل
أحضر ،ول آمر ،ول أرض إذ بلغن :اللهم إن أبرأ إليك من دمه " .رواه الشافعي .
والذين ذهبوا إل القول الثان استندوا إل ما رواه أبو داود :أن معاذا قدم اليمن على أب
موسى الشعري .وقد وجد عنده رجل موثقا .فقال :ماهذا ؟ قال :رجل كان يهوديا
فأسلم ،ث رجع إل دينه " دين اليهود " فتهود .فقال :ل أجلس حت يقتل .ذلك
335
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قضاء رسول ال صلى ال عليه وسلم .وتكرر ذلك ثلث مرات فأمر به فقتل ،وكان
أبو موسى قد استتابه ( هامش ) ( ) 1هذا رأي المهور .وقيل يب قتله ف الال وهو
مذهب السن وطاووس ،وأهل الظاهر ،لديث معاذ ،ولنه مثل الرب الذي بلغته ،
الدعوة .وعن ابن عباس :إن كان أصله مسلما ل يستتب وال استتيب ) 2 ( .أي :
عندكم خب من بلد بعيدة / ) . ( .صفحة / 459قبل قدوم معاذ عشرين ليلة ،أو
قريبا منها .ومن طريق عبد الرازق :أنم أرادوه على السلم شهرين .قال الشوكان :
واختلف القائلون بالستتابة .هل يكتفي بالرة ؟ أو لبد من ثلث ،وهل الثلث ف
ملس واحد أو ف ثلثة أيام ،ونقل ابن بطال عن أمي الؤمني علي رضي ال عنه أنه
يستتاب شهرا ،وعن النخعي يستتاب أبدا أحكام الرتد :إذا ارتد السلم ورجع عن
السلم تغيت الالة الت كان عليها .وتغيت تبعا لذلك العاملة الت كان يعامل با
كمسلم ،وثبتت بالنسبة له أحكام نملها فيما يأت ) 1 ( :العلقة الزوجية :إذا ارتد
الزوج أو الزوجة انقطعت علقة كل منهما بالخر لن ردة أي واحد منهما موجبة
للفرقة بينهما ،وهذه الفرقة تعتب فسخا ،فإذا تاب الرتد منهما وعاد إل السلم ،كان
لبد من عقد ومهر جديدين ،إذا أرادا استئناف الياة الزوجية ( . ) 1وليوز له أن
يعقد عقد زواج على زوجة أخرى من أهل الدين الذي انتقل إليه ،لنه مستحق القتل .
( ) 2مياثه :والرتد ل يرث أحدا من أقاربه إذا مات ،لن الرتد لدين له ،وإذا كان
لدين له فل يرث قريبه السلم ،فإن قتل هو أو مات ول يرجع إل السلم ،انتقل ما له
هو إل ورثته من السلمي لنه ف حكم اليت من وقت الردة .وقد أت علي بن أب
طالب بشيخ كان نصرانيا فأسلم ،ث ارتد عن السلم .فقال له علي ( :هامش ) (
) 1يرى الفقهاء الحناف أن ردة الزوج تعتب طلقا بائنا ينقص من عدد الطلقات .
( / ) .صفحة " / 460لعلك إنا ارتددت لن تصيب مياثا .ث ترجع إل السلم ؟
قال :ل .قال :فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن يزوجوكها ،فأردت أن تتزوجها ث تعود
إل السلم ؟ قال :ل .قال :فارجع إل السلم .قال :ل .حت ألقى السيح .فأمر
به فضربت عنقه فدفع مياثه إل ولده من السلمي " .
............................................................
336
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 460
قال ابن حزم :وعن ابن مسعود بثله .وقالت طائفة بذا ،منهم :الليث بن سعد ،
وإسحاق بن راهويه .وهذا مذهب أب يوسف ،وممد ،وإحدى الروايات عن أحد ( .
) 3فقد أهليته للولية على غيه :وليس للمرتد ولية على غيه ،فل يوز له أن يتول
عقد تزويج بناته ول أبنائه الصغار ،وتعتب عقوده بالنسبة لم باطلة ،لسلب وليته لم
بالردة .مال الرتد :الردة ل تقضي على أهلية الرتد للتملك ،ول تسلبه حقه ف ماله ،
ول تزيل يده عنه ،ويكون مثله ف ماله مثل الكافر الصلي ،وله أن يتصرف ف ماله كما
يشاء .وتصي تصرفاته نافذة لستكمال أهليته ،وكونه مستحق القتل ل يسلبه حقه ف
التملك والتصرف ،لن الشارع ل يعل للمرتد عقوبة سوى عقوبة القتل حدا ،ويكون
ف ذلك كمن حكم عليه بالقصاص أو بالرجم .فإن قتله قصاصا أو رجا ل يسلبه حقه
ف اللكية ،ول يزيل يده عن ماله .لوقه بدار الرب :وكذلك يبقى ماله ملوكا له إذ
الق بدار الرب ،ويوضع تت يد أمي ،لن لوقه بدار الرب ل يسلبه حقه ف
اللكية / .صفحة 1601 = / 461ء = ردة الزنديق :قال أبو حات السجستان وغيه
" :الزنديق " فارسي معرب أصله " :زنده كرو " أي يقول بدوام الدهر ،ث قال :قال
ثعلب :ليس ف كلم العرب زنديق ،وإنا يقال :زندقي لن يكون شديد التحيل ،وإذا
أرادوا ما تريد العامة قالوا :ملحد ودهري .أي يقول بدوام الدهر .وقال الوهري :
الزنديق من الثنوية .وقال الافظ ابن حجر :التحقيق ما ذكره من صنف ف اللل والنحل
:ان أصل الزندقة أتباع ديصان ،ث مان ،ث مزدك ( . ) 1وقال النووي :الزنديق
الذي ل ينتحل دينا .وقال ف السوى ملخصا :إن الخالف للدين الق ان ل يعترف به
ول يذعن له ظاهرا ولباطنا ،فهو الكافر .وإن اعترف بلسانه ،وقلبه على الكفر فهو
النافق .وإن اعترف به ظاهرا وباطنا لكنه يفسر بعض ما ثبت من الدين ضرورة بلف
ما فسره الصحابة والتابعون ،وأجعت عليه المة فهو الزنديق ،كما إذا اعترف بأن
القرآن حق ،وما فيه من ذكر النة والنار حق ،لكن الراد بالنة البتهاج الذي يصل
بسبب اللكات الحمودة ،والراد بالنار ،هي الذامة الت تصل بسبب اللكات
الذمومة ،وليس ف الارج جنة ول نار ،فهو الزنديق .وقوله صلى ال عليه وسلم :
337
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( هامش ) ( ) 1وملخص مذهبهم أن النور والظلمة قديان ،وأنما امتزجا فعدت العال
كله منهما ،فمن كان من أهل الشر فهو من الظلمة ومن كان من أهل الي فهو من
النور ،وأنه يب أن يسعى ف تليص النور من الظلمة فيلزم إزهاق كل نفس .وكان
برام جد كسرى تيل على مان حت حضر عنده وأظهر له أنه قبل مقالته ث قتله وقتل
أصحابه وبقيت منهم بقايا اتبعوا مزدك الذكور ،وقام السلم والزنديق يطلق على من
يعتقد ذلك و أظهر جاعة منهم السلم خشية القتل .فهذا أصل الزندقة .وأطلق جاعة
من الشافعية الزندقة على من يظهر السلم ويفي الكفر مطلقا / ) . ( .صفحة / 462
" أولئك الذين نان ال عنهم ،هو ف النافقي دون الزنادقة " .ث قال :وإن الشرع كما
نصب القتل جزاء للرتداد ليكون مزجرة للمرتدين ،وذبا عن اللة الت ارتضاها ،
فكذلك نصب القتل جزاء للزندقة ،ليكون مزجرة للزنا دقة ،وذبا عن تأويل فاسد ف
الدين ل يصح القول به .قال :ث التأويل تأويلن :تأويل ل يالف قاطعا من الكتاب
والسنة واتفاق المة .وتأويل يصادم ما ثبت بقاطع ،فذلك الزندقة .فكل من أنكر
الشفاعة ،أو أنكر رؤية ال تعال يوم القيامة ،أو أنكر عذاب القب ،وسؤال النكر
والنكي ،أو أنكر الصراط والساب ،سواء قال :ل أثق بؤلء الرواة .أو قال :أثق بم
،لكن الديث مؤول ،ث ذكر تأويل فاسدا ل يسمع من قبله ،فهو الزنديق .وكذلك
من قال ف الشيخي " أب بكر وعمر " مثل :ليسا من أهل النة ،مع تواتر الديث ف
بشارتما ،أو قال " :إن النب صلى ال عليه وسلم خات النبوة ،ولكن معن هذا الكلم
أنه ل يوز أن يسمى بعده أحد بالنب .وأما معن النبوة وهو كون إنسان مبعوثا من ال
تعال إل اللق مفترض الطاعة ،معصوما من الذنوب ،ومن البقاء على الطأ فيما يرى ،
فهو موجود ف الئمة بعده ( ، ) 1فذلك هو الزنديق ،وقد اتفق جهور التأخرين من
النفية والشافعية على قتل من يري هذا الجرى ،وال أعلم .اه .هل يقتل الساحر :
يتفق العلماء على أن للسحر أثرا ،وعلى كفر من يعتقد حله ،ويتلفون ف أن له
حقيقة ،أو أنه تيل ،كما يتلفون ف السحر :هل هو كفر أو ليس بكفر ؟ وتبع ذلك
اختلفهم ف الساحر .فقال أبو حنيفة ومالك وأحد :يقتل الساحر بتعلم السحر ،
وبفعله ،لكفره ،دون استتابة ( .هامش ) ( ) 1كما يعتقد بعض القديانية ف غلم
338
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أحد مدعي النبوة الكذاب / ) . ( .صفحة / 463
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 463
وقال الشافعية والظاهرية :إن كان الفعل أو الكلم الذي يسحر به كفرا ،فالساحر مرتد
،ويري عليه حكم الردة ،إل أن يتوب .وإن كان ليس كفرا فل يقتل ،لنه ليس
كافرا ،وإنا هو عاص فقط .والظاهر أن السحر معصية من كبائر الث ،وأن الساحر ل
يقتل بسحره ،إل إذا اعتقد حله ،فيكون مرتدا ،ل بسحره ،ولكن باستحلل ما حرم
ال .روى أبو هريرة رضي ال عنه ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :اجتنبوا
السبع الوبقات " ،فقيل :يارسول ال وما هن ؟ قال " :الشرك بال ،والسحر ،وقتل
النفس الت حرم ال قتلها إل بالق ،وأكل ما اليتيم ،وأكل الربا ،والتول يوم الزحف ،
وقذف الحصنات الؤمنات " .قال ابن حزم ،بعد أن ناقش أدلة القائلي بكفره ،
ووجوب قتله " :وصح أن السحر ليس كفرا ،وإذا ل يكن كفرا ،فل يل قتل فاعله ،
لن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث :
كفر بعد إيان ،وزنا بعد إحصان ،ونفس بنفس " .فالساحر ليس كافرا كما بينا ول
قاتل ،ول زانيا مصنا ،ول جاء ف قتله نص صحيح ،فيضاف إل هذه الثلث ،كما
جاء ف الحارب .ث قال :فصح تري دمه بيقي ل شك فيه ،ورأى الشيعة أن الساحر
مرتد وحكمه حكم الرتد .الكاهن والعراف ( : ) 1يرى المام أبو حنيفة أن الكاهن
والعراف يستحقان القتل ؟ لقول عمر " :اقتلوا كل ساحر وكاهن " .وف رواية عنه " :
انما إن تابا ل يقتل " .ويرى متقدم والحناف أن الكاهن أو العراف إن اعتقد أن
الشياطي يفعلون له ما يشاء كفر .وإن اعتقد أنه تيل ل حقيقة له ،ل يكفر .
( هامش ) ( ) 1الكاهن :هو الذي يتخذ من الن من يأتيه بالخبار .والعراف :هو
الذي يتحدث بالدس والظن ،مدعيا أنه يعلم الغيب / ) . ( .صفحة / 464الرابة
تعريفها :الرابة -وتسمى أيضا قطع الطريق -هي خروج طائفة مسلحة ف دار
السلم ،لحداث الفوضى ،وسفك الدماء ،وسلب الموال ،وهتك العراض ،
وإهلك الرث والنسل ( ، ) 1متحدية بذلك الدين والخلق والنظام والقانون .ول
339
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فرق بي أن تكون هذه الطائفة من السلمي ،أو الذميي ،أو العاهدين أو الربيي ،
مادام ذلك ف دار السلم ،وما دام عدوانا على كل مقون الدم ،قبل الرابة من
السلمي والذميي .وكما تتحقق الرابة بروج جاعة من الماعات ،فإنا تتحقق
كذلك بروج فرد من الفراد .فلو كان لفرد من الفراد فضل جبوت وبطش ،ومزيد
قوة وقدرة يغلب با الماعة على النفس والال ،والعرض ،فهو مارب وقاطع طريق .
ويدخل ف مفهوم الرابة العصابات الختلفة ،كعصابة القتل ،وعصابة خطف الطفال ،
وعصابة اللصوص للسطو على البيوت ،والبنوك ،وعصابة خطف البنات والعذارى
للفجور بن ،وعصابة اغتيال الكام ابتغاء الفتنة واضطراب المن ،وعصابة إتلف
الزروع وقتل الواشي والدواب .وكلمة الرابة مأخوذة من الرب ،لن هذه الطائفة
الارجة على النظام تعتب ماربة للجماعة من جانب وماربة للتعاليم السلمية الت جاءت
لتحقق أمن الماعة وسلمتها بالفاظ على حقوقها ،من جانب آخر .فخروج هذه
الماعة على هذا النحو يعتب ماربة ،ومن ذلك أخذت كلمة ( هامش ) ( ) 1أي :
قطع الشجر ،وإتلف الزرع ،وقتل الدواب والنعام / ) . ( .صفحة / 465الرابة ،
وكما يسمى هذا الروج على الماعة وعلى دينها حرابة ،فإنه يسمى أيضا قطع طريق ،
لن الناس ينقطعون بروج هذه الماعة عن الطريق ،فل يرون فيه ،خشية أن تسفك
دماؤهم ،أو تسلب أموالم ،أو تتك أعراضهم أو يتعرضون لا ل قدرة لم على
مواجهته ،ويسميها بعض الفقهاء ب " السرقة الكبى ( . " ) 1الرابة جرية كبى :
والرابة -أو قطع الطريق -تعتب من كبيات الرائم ،ومن ث أطلق القرآن الكري على
التورطي ف ارتكابا أقصى عبارة فجعلهم ماربي ل ورسوله ،وساعي ف الرض
بالفساد وغلظ عقوبتهم تغليظا ل يعله لرية أخرى .يقول ال سبحانه " :إنا جزاء
الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف الرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم
وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض ،ذلك لم خزي ف الدنيا ،ولم ف الخرة
عذاب عظيم ) 2 ( " .ورسول ال صلى ال عليه وسلم يعلن أن من يرتكب هذه الناية
ليس له شرف النتساب إل السلم ،فيقول " :من حل علينا السلح فليس منا " (
. ) 3رواه البخاري ،ومسلم من حديث ابن عمر .وإذا ل يكن له هذا الشرف وهو
340
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حي ،فليس له هذا الشرف بعد الوفاة ،فإن الناس يوتون على ما عاشوا عليه ،كما
يبعثون على ما ماتوا عليه ( .هامش ) ( ) 1سيت بذه التسمية ،لن ضررها عام على
السلمي بانقطاع الطريق ،بلف السرقة العادية ،فإنا تسمى بالسرقة الصغرى ،لن
ضررها يص السروق منه وحده ) 2 ( .سورة الائدة الية . 33 :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 465
( ) 3من حل علينا السلح :أي حله لقتال السلمي بغي حق .كن بمله عن القاتلة
إذ القتل لزم لمل السلح .ليس منا :ليس على طريقتنا وهدينا ،فإن طريقته نصر
السلم والقتال دونه ،ل ترويعه وإخافته وقتاله / ) . ( .صفحة / 466وروى أبو
هريرة رضي ال عنه :أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :من خرج على الطاعة ،
وفارق الماعة ومات ،فميتته جاهلية ( . " ) 1أخرجه مسلم .شروط الرابة :ول بد
من توافر شروط معينة ف الحاربي حت يستحقوا العقوبة القررة لذه الرية :وجلة هذه
الشروط هي - 1 :التكليف - 2 .وجود السلح - 3 .البعد عن العمران - 4 .
الجاهرة .ول يتفق الفقهاء على هذه الشروط ،وإنا لم فيها مناقشات نملها فيما يلي
) 1 ( :شرط التكليف :يشترط ف الحاربي :العقل ،والبلوغ ،لنما شرطا التكليف
الذي هو شرط ف إقامة الدود .فالصب والجنون ل يعتب الواحد منهما ماربا ،مهما
اشترك ف أعمال الحاربة ،لعدم تكليف واحد منهما شرعا ،ول يتلف ف ذلك
الفقهاء ،ولكن اختلفوا فيما إذا اشترك ف الرابة صبيان أو ماني .فهل يسقط الد
عمن اشتركوا فيها بسقوطه عن هؤلء الصبيان أو الجاني ؟ قالت الحناف :نعم يسقط
الد ،لنه إذا سقط عن البعض ،فإن هذا ( هامش ) ( ) 1خرج على الطاعة :أي
طاعة الاكم الذي وقع الجتماع عليه ف قطر من القطار .فارق الماعة :الت اتفقت
على طاعة إمام ،وانتظم به شلهم ،واجتمعت به كلمتهم ،وحاطهم من عدوهم .ميتة
جاهلية :منسوبة إل الهل ،وهو تشبيه ليتة من فارق الماعة لن مات على الكفر
بامع أن الكل ل يكن تت حكم إمام / ) . ( .صفحة / 467السقوط يسري إل
الكل باعتبار أنم جيعا متضامنون ف السؤولية ،وإذا سقط حد الرابة نظر ف العمال
341
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الت ارتكبت على أنا جرائم عادية يعاقب عليها بالعقوبات القررة لا .فإن كانت الرية
قتل رجع المر إل ول الدم ،فله أن يعفو ،وله أن يقتص .وهكذا ف بقية الرائم .
ومقتضى الذهب الالكي ،والذهب الظاهري وغيها إنه إذا سقط حد الرابة عن
الصبيان والجاني ،فإنه ل يسقط عن غيهم من اشتركوا ف الث والعدوان ،لن هذا
الد هو حق ل تعال ،وهذا الق ل ينظر فيه إل الفراد .ول تشترط الذكورة ول
الرية ،لنه ليس للنوثة ول للرق تأثي على جرية الرابة ،فقد يكون للمرأة ( ) 1
والعبد من القوة مثل ما لغيها ،من التدبي وحل السلح والشاركة ف التمرد
والعصيان ،فيجري عليهما ما يري على غيها من أحكام الرابة ) 2 ( .شرط حل
السلح :ويشترط ف الحاربي أن يكون معهم سلح ،لن قوتم الت يعتمدون عليها ف
الرابة :إنا هي قوة السلح ،فإن ل يكن معهم سلح فليسوا بحاربي ،لنم ل
ينعون من يقصدهم ،وإذا تسلحوا بالعصي والجارة ،فهل يعتبون ماربي ؟ اختلف
الفقهاء ف ذلك .فقال الشافعي ،ومالك ،والنابلة ،وأبو يوسف ،وأبو ثور ،وابن
حزم :وإنم يعتبون ماربي لنه ل عبة بنوع السلح ،ول بكثرته ،وإنا العبة بقطع
الطريق .وقال أبو حنيفة :ليسوا بحاربي ( .هامش ) ( ) 1يرى أبو حنيفة اشتراط
الذكورة ف الرابة ،وذلك لقرة قلوب النساء ،وضعف بنيتهن ،ولسن من أهل الرب
وهذه رواية ظاهر الرواية .وروى الطحاوي عنه :أن هذا ليس بشرط وأن النساء
والرجال سواء ف الرابة / ) . ( .صفحة ) 3 ( / 468شرط الصحراء والبعد عن
العمران :واشترط بعض الفقهاء أن يكون ذلك ف الصحراء ،فإن فعلوا ذلك ف البنيان ل
يكونوا ماربي ،ولن الواجب يسمى حد قطاع الطريق ،وقطع الطريق إنا هو ف
الصحراء ،ولن ف الصر يلحق الغوث غالبا فتذهب شوكة العتدين ،ويكونون
متلسي ،والختلس ليس بقاطع ،ول حد عليه .وهو قول أب حنيفة ،والثوري ،
وإسحاق ،وأكثر فقهاء الشيعة .وقول الرقي من النابلة ،وجزم به ف الوجيز .وذهب
فريق آخر إل أن حكمهم ف الصر والصحراء واحد ،لن الية بعمومها تتناول كل
مارب .ولنه ف الصر أعظم ضررا ،فكان أول .ويدخل ف هذا العصابات الت تتفق
على العمل النائي من السلب ،والنهب ،والقتل .وهذا مذهب الشافعي ،والنابلة ،
342
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وأب ثور .وبه قال الوزاعي والليث والالكية ،والظاهرية .والظاهر أن هذا الختلف
يتبع اختلف المصار .فمن راعى شرط الصحراء نظر إل الال الغالبة ،أو أخذه من
حال زمنه الذي ل يقع فيه مثل ذلك ف مصره ،وعلى العكس من ذلك من ل يشترط
هذا الشرط .ولذا يقول الشافعي :إن السلطان إذا ضعف ووجدت الغالبة ف الصر
كانت ماربة .وأما غي ذلك فهو اختلس عنده ) 4 ( .شرط الجاهرة :ومن شروط
الرابة الجاهرة بأن يأخذوا الال جهرا ،فإن أخذوه متفي فهم سراق ،وإن اختطفوه
وهربوا ،فهم منتهبون ،ل قطع عليهم ،وكذلك
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 468
إن خرج الواحد والثنان على آخر قافلة ،فسلبوا منها شيئا ،لنه ل يرجعون إل منعة
وقوة ،وإن خرجوا على عدد يسي فقهروهم ،فهم قطاع طريق .وهذا مذهب الحناف
والشافعية والنابلة .وخالف ف ذلك الالكية والظاهرية .قال ابن العرب الالكي :والذي
نتاره أن الرابة عامة ف الصر والقفر / ،صفحة / 469وإن كان بعضها أفحش من
بعض ،ولكن اسم الرابة يتناولا ،ومعن الرابة موجود فيها ،ولو خرج بعضا ف الصر
يقتل بالسيف ويؤخذ فيه بأشد من ذلك ل بأيسره .فإنه سلب غيلة ،وفعل الغيلة أقبح
من فعل الجاهرة ،ولذلك دخل العفو ف قتل الجاهرة فكان قصاصا ،ول يدخل ف قتل
الغيلة ،فكان حرابة ،فتحرر أن قطع السبيل موجب للقتل .وقال :لقد كنت أيام تولية
القضاء قد رفع إل أمر قوم خرجوا ماربي ف رفقة ،فأخذوا منهم امرأة -مغالبة على
نفسها من زوجها ،ومن جلة السلمي معه -فاختلوا با ،ث جد فيهم الطلب ،فأخذوا
وجئ بم ،فسألت من كان ابتلن ال به من الفتي ،فقالوا :ليسوا ماربي ،لن
الرابة إنا تكون ف الموال ل ف الفروج .فقلت لم " :إنا ل وإنا إليه راجعون " أل
تعلموا أن الرابة ف الفروج أفحش منها ف الموال ،وإن الناس ليضون أن تذهب
أموالم وترب بي أيديهم ،ول يرضون أن يرب الرء ف زوجته وبنته ؟ ولو كان فوق
ما قال ال عقوبة لكانت لن يسلب الفروج ،وحسبكم من بلء صحبة الهال ،
وخصوصا ف الفتيا والقضاء .وقال القرطب :والغتال كالحارب ،وهو أن يتال ف قتل
343
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إنسان على أخذ ماله ،وإن ل يشهر السلح ،ولكن دخل عليه بيته أو صحبه ف سفر ،
فأطعمه سا فقتله ،فيقتل حدا ل قودا ،وقريب من هذا القول رأي ابن حزم حيث يقول
:إن الحارب هو الكابر ،الخيف لهل الطريق ،الفسد ف سبل الرض ،سواء بسلح
أم بل سلح أصل .سواء ليل أم نارا ،ف مصر أم فلة ،أم ف قصر الليفة ،أم ف
الامع سواء ،وسواء فعل ذلك بند أم بغي جند ،منقطعي ف الصحراء أم أهل قرية ،
سكانا ف دورهم أم أهل حصن كذلك ،أم أهل مدينة عظيمة أم غي عظيمة ،كذلك
واحد أم أكثر ،كل من حارب الارة وأخاف السبيل بقتل نفس أو أخذ مال ،أو لراحة
،أو لنتهاك عرض ،فهو مارب عليه وعليهم ،كثروا أو قلوا " .ومن ث يتبي أن
مذهب ابن حزم وأسع الذاهب بالنسبة للحرابة ،ومثله /صفحة / 470ف ذلك الالكية
،لن كل من أخاف السبيل على أي نو من الناء ،وبأي صورة من الصور ،يعتب
ماربا مستحقا لعقوبة الرابة .عقوبة الرابة :أنزل ال سبحانه ف جرية الرابة قوله " :
إنا جزاء الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف الرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو
تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض ،ذلك لم خزي ف الدنيا ،ولم
ف الخرة عذاب عظيم -إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ،فاعلموا أن ال غفور
رحيم " ) 1 ( .فهذه الية نزلت فيمن خرج من السلمي يقطع السبيل ويسعى ف
الرض بالفساد ،لقوله سبحانه " :إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " .وقد
أجع العلماء على أن أهل الشرك إذا وقعوا ف أيدي السلمي ،فأسلموا فإن السلم
يعصم دماءهم وأموالم وإن كانوا قد ارتكبوا من العاصي قبل السلم ما يستوجب
العقوبة " :قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لم ما قد سلف " ) 2 ( .فدل ذلك على أن
الية نزلت ف أهل السلم ،ومعن ياربون ال ورسوله ،أي ياربون السلمي با
يدثونه من اضطراب ،وفوضى وخوف وقلق ،وياربون السلم بروجهم عن تعاليمه
وعصيانم لا .فإضافة الرب إل ال ورسوله إيذان بأن حرب السلمي كأنا حرب ال
تعال ولرسوله ،كقوله تعال :يادعون ال والذين آمنوا " ) 3 ( .فالحاربة هنا مازية
.قال القرطب :ياربون ال ورسوله ،إستعارة ،وماز ،إذ ال سبحانه ( هامش ) (
) 1سورة الائدة .اليتان ) 2 ( . 34 ، 33 :سورة النفال .الية ) 3 ( . 38 :
344
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
سورة البقرة .الية / ) . ( . 9 :صفحة / 471وتعال ل يارب ول يغالب لا هو
عليه من صفات الكمال ،ولا وجب له من التنيه عن الضداد والنداد .والعن ياربون
أولياء ال .فعب بنفسه العزيزة عن أوليائه إكبارا لذيتهم كما عب بنفسه عن الفقراء
والضعفاء ف قوله تعال " :من ذا الذي يقرض ال قرضا حسنا " ( . ) 1حثا على
الستعطاف عليهم ،ومثله ف صحيح السنة " :استطعمتك فلم تطعمن " اه .سبب
نزول هذه الية :قال المهور ف سبب نزول هذه الية " :إن العرنيي ( ) 2قدموا
الدينة فأسلموا ،واستوخوها ( ، ) 3وسقمت أجسامهم ،فأمرهم النب صلى ال عليه
وسلم بالروج إل إبل الصدقة ،فخرجوا ،وأمر لم بلقاح ( ) 4ليشربوا من ألبانا
فانطلقوا ،فلما صحوا قتلوا الراعي وارتدوا عن السلم وساقوا البل .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 471
فبعث النب صلى ال عليه وسلم ف آثارهم ،فما ارتفع النهار حت جئ بم فأمر بم فقطع
أيديهم وأرجلهم وتسمل ( ) 5أعينهم ،وتركهم ف الرة ( ) 6يستسقون فل يسقون
حت ماتوا " .قال أبو قلبة :فهؤلء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيانم وحاربوا ال
ورسوله ،فأنزل ال عزوجل " :إنا الذين ياربون ال ورسوله " الية .العقوبات الت
قررتا الية الكرية :والعقوبة الت قررتا هذه الية للذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف
( هامش ) ( ) 1سورة البقرة الية ) 2 ( . 245 :جاعة من إحدى القبائل العربية
العروفة ) 3 ( .أصابم الرض والوخم .لعدم موافقة هوائها لم ) 4 ( .لقاح جع
لقحة وهي الناقة اللوب ) 5 ( .تسمل :تفقا .وفعل بم ذلك لنم كانوا فعلوا ذلك
بالراعي فكان قصاصا .وجزاء سيئة سيئة مثلها ) 6 ( .الرة :أرض خارج الدينة ذات
حجارة سوداء / ) . ( .صفحة / 472الرض فسادا هي إحدى عقوبات أربع - 1 :
القتل - 2 .أو الصلب - 3 .أو تقطيع اليدي والرجل من خلف - 4 .أو النفي
من الرض .وهذه العقوبات جاءت ف الية معطوفة برف " أو " ،فقال بعض العلماء
" :إن العطف با يفيد التخيي ،ومعن هذا ان للحاكم أن يتخي عقوبة من هذه
العقوبات ،حسب ما يراه من الصلحة ،بصرف النظر عن الرية الت ارتكبها الحاربون
345
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" .وقال أكثر العلماء :إن " أو " لنا للتنويع ل للتخيي ومقتضاه أن تتنوع العقوبة حسب
الرية ،وأن هذه العقوبات على ترتيب الرائم ل على التخيي .حجة القائلي بأن " أو
" للتخيي :قال الفريق الول :إن هذا ما تقتضيه اللغة ،ويتمشى مع نظم الية ،ول
يثبت من السنة ما يصرف ما دلت عليه من هذا العن .فكل من حارب ال ورسوله
وسعى ف الرض بالفساد ،فإن عقوبته إما القتل ،أو الصلب ،أو القطع ،أو النفي من
الرض حسب ما يكون من الصلحة الت يراها الاكم ف تنفيذ إحدى هذه العقوبات ،
سواء قتلوا أم ل يقتاوا ،وسواء أخذوا الال أم ل يأخذوا ،وسواء ارتكبوا جرية واحدة
أم أكثر .وليس ف الية ما يدل على أن للحاكم أن يمع أكثر من عقوبة واحدة أو يترك
الحاربي دون عقاب .قال القرطب " :قال أبو ثور :المام مي على ظاهر الية ،
وكذلك قال مالك ،وهو مروي عن ابن عباس ،وهو قول سعيد بن السيب وعمر بن
عبد العزيز ،وماهد ،والضحاك ،والنخعي ،كلهم قال :المام مي ف الكم على
الحاربي ،يكم عليهم بأي الحكام الت /صفحة / 473أوجبها ال تعال من :القتل
،أو الصلب ،أو القطع ،أو النفي بظاهر الية " .قال ابن عباس :ما كان ف القرآن "
أو " فصاحبه باليار .وهذا قول أشعر بظاهر الية .قال ابن كثي :إن ظاهر -أو -
للتخيي ،كما ف نظائر ذلك من القرآن كقوله تعال ف جزاء الصيد " :فجزاء مثل ما
قتل من النعم ،يكم به ذوا عدل منكم ،هديا بالغ الكعبة ،أو كفارة طعام مساكي ،
أو عدل ذلك صياما " ) 1 ( .وكقوله ف كفارة الفدية " :فمن كان منكم مريضا أو به
أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " ) 2 ( .وكقوله ف كفارة اليمي " :
فإطعام عشرة مساكي ،من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتم أو ترير رقبة " 3 ( .
) هذه كلها على التخيي ،فكذلك فلتكن هذه الية .حجة القائلي بأن " أو " للتنويع :
أما الفريق الثان فقد استدل با روي عن ابن عباس ،وهو من أعلم الناس باللغة وأفقههم
ف القرآن الكري ،فقد روى الشافعي ف مسنده عنه رضي ال عنه قال " :إذا قتلوا
وأخذوا الموال صلبوا .وإذا قتلوا ول يأخذوا الال قتلوا ول يصلبوا .وإذا أخذوا الال
ول يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلف .وإذا أخافوا السبيل ول يأخذوا مال نفوا
من الرض ( " .هامش ) ( ) 1سورة الائدة .الية ) 2 ( . 95 :سورة البقرة الية :
346
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
) 3 ( . 196سورة الائدة الية / ) . ( . 89 :صفحة / 474قال ابن كثي ويشهد
لذا التفصيل الديث الذي رواه ابن جرير ف تفسيه -إن سنده -قال :حدثنا علي بن
سهل ،حدثنا الوليد بن مسلم ،عن يزيد بن حبيب :أن عبد اللك بن مروان كتب إل
أنس بن مالك يسأله عن هذه الية ،فكتب إليه يبه أنا نزلت ف أولئك النفر العرنيي ،
وهم من بيلة ( ، ) 1قال أنس :فارتدوا عن السلم ،وقتلوا الراعي ،واستاقوا البل ،
وأخافوا السبيل ،وأصابوا الفرج الرام .قال أنس :فسأل الرسول صلى ال عليه وسلم
جبائيل عليه السلم عن القضاء فيمن حارب فقال " :من سرق مال وأخاف السبيل
فاقطع يده بسرقته ورجله بإخافته ،ومن قتل اقتله ،ومن قتل وأخاف السبيل واستحل
الفرج الرام فاصلبه " .وقالوا :إن الذي يرجح أن الية لتفصيل العقوبات ،ل للتخيي
هو أن
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 474
ال جعل لذا الفساد درجات من العقاب لن إفسادهم متفاوت ،منه القتل ،ومنه
السلب والنهب ،ومنه هتك العرض ،ومنه إهلك الرث والنسل .ومن قطاع الطرق
من يمع بي جريتي أو أكثر من هذه ،فليس الاكم ميا ف عقاب من شاء منهم با
شاء ،بل عليه أن يعاقب كل منهم بقدر جرمه ودرجة إفساده ،وهذا هو العدل " :
وجزاء سيئة سيئة مثلها " ) 2 ( .وهذا مذهب الشافعي ،وأحد ف أصح الروايات عنه ،
وقول أب حنيفة على تفصيل ف ذلك -وقد ناقش الكاسان ف البدائع ( ) 3رأي
القائلي بأن " أو " للتخيي نقاشا علميا ،فقال " :إن التخيي الوارد ف الحكام الختلفة
من حيث الصورة برف التخيي ،إنا يري ظاهره إذا كان سبب الوجوب واحد ،كما
ف كفارة اليمي ،وكفارة جزاء الصيد .أما إذا كان متلفا فيخرج مرج بيان الكم
لكل ف نفسه ،كما ف قوله تعال ( :هامش ) ( ) 1قبيلة تسمى بذا السم ) 2 ( .
سورة الشورى الية ) 3 ( . 40 :ج 7ص / ) . ( . 9صفحة " / 475قلنا يا ذا
القرني إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا " ) 1 ( .إن ذلك ليس للتخيي بي
الذكورين ،بل لبيان الكم لكل ف نفسه ،لختلف سبب الوجوب .وتأويله :إما أن
347
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تعذب من ظلم ،أو تتخذ السن فيمن آمن وعمل صالا .أل ترى إل قوله تعال " :
قال أما من ظلم فسوف نعذبه ،ث يرد إل ربه فيعذبه عذابا نكرا -وأما من آمن وعمل
صالا فله جزاء السن " ) 2 ( .وقطع الطريق متنوع ف نفسه وإن كان متحدا من
حيث الصل ،فقد يكون بأخذ الال وحده ،وقد يكون بالقتل ل غي ،وقد يكون
بالمع بي المرين ،وقد يكون بالتخويف ل غي ،فكان سبب الوجوب متلفا فل يمل
على التخيي ،بل على بيان الكم لكل نوع ،أو يتمل هذا ويتمل ما ذكر فل يكون
حجة مع الحتمال .وإذا ل يكن صرف الية الشريفة إل ظاهر التخيي ف مطلق
الحارب .فإما أن يمل على الترتيب ويضمر ف كل حكم مذكور نوع من أنواع قطع
الطريق ،كأنه سبحانه وتعال قال " :إنا جزاء الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف
الرض فسادا أن يقتلوا " إن قتلوا ،أو يصلبوا ،إن أخذوا الال وقتلوا ،أو تقطع أيديهم
وأرجلهم من خلف ،إن أخذوا الال ل غي ،أو ينفوا من الرض ،إن أخافوا ،هكذا
ذكر جبيل عليه السلم لرسول ال صلى ال عليه وسلم لا قطع أبو بردة السلمي
بأصحابه الطريق على أناس جاؤوا يريدون السلم .فقد قال عليه السلم " :إن من قتل
قتل ،ومن أخذ الال ول يقتل قطعت يده ورجله من خلف ،ومن قتل وأخذ الال
صلب ،ومن جاء مسلما هدم السلم ما كان قبله من الشرك " ( .هامش ) ( ) 1
سورة الكهف الية ) 2 ( . 86 :سورة الكهف الية / ) . ( . 87 :صفحة / 476
بسط رأي القائلي بتنوع العقوبة إذا اختلفت الرية :قلنا إن جهور الفقهاء يرى أن
العقوبة تتنوع حسب نوع الرية ،وإن ذلك ينقسم إل أقسام - 1 :أن تكون الرابة
مقصورة على إخافة الارة وقطع الطريق ،ول يرتكب الحاربون شيئا وراء ذلك ،فهؤلء
ينفون من الرض ،والنفي من الرض معناه إخراج الحاربي من البلد الذي أفسدوا فيه
إل غيه من بلد السلم .إل إذا كانوا كفارا فيجوز إخراجهم إل بلد الكفر .
وحكمة ذلك أن يذوق هؤلء وبال أمرهم بالبتعاد والنفي ،وأن تطهر النطقة الت عاثوا
فيها فسادا من شرورهم ومفاسدهم ،وأن ينسى الناس ما كان منهم من أثر سئ وذكرى
أليمة .وروي عن مالك أن النفي معناه الخراج إل بلد آخر ،ليسجنوا فيه حت تظهر
توبتهم ،واختاره ابن جرير .ويرى الحناف أن النفي هو السن ويبقون ف السجن حت
348
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يظهر صلحم لن السجن خروج من سعة الدنيا إل ضيقتها ،فصار من سجن كأنه نفي
من الرض إل من موضع سجنه ،واحتجوا بقول بعض أهل السجون ف ذلك :خرجنا
من الدنيا ونن من أهلها فلسنا من الموات فيها ول الحيا إذا جاءنا السجان يوما لاجة
عجبنا وقلنا :جاء هذا من الدنيا ! - 2أن تكون الرابة بأخذ الال من غي قتل ،
وعقوبة ذلك قطع اليد اليمن والرجل اليسرى ،لن هذه الناية زادت على السرقة
بالرابة ،وما يقطع منهما يسم ف الال ،بكي العضو القطوع بالنار أو بالزيت الغلي
أو بأية طريقة أخرى ،حت ل يستنف دمه فيموت .وإنا كان القطع من خلف حت ل
تفوت جنس النفعة فتبقى له يد يسرى ورجل ين ينتفع بما ،فإن عاد هذا القطوع إل
قطع الطريق مرة أخرى قطعت يده اليسرى ورجله اليمن ،وقد اشترط جهور الفقهاء أن
يكون مبلغ الال السروق نصابا ،وأن يكون من حرز ،لن السرقة جرية لا عقوبة
مقررة ،فإذا وقعت الرية تعبها جزاؤها ،سواء أكان مرتكبها فردا أم جاعة .فإن ل
يبلغ الال نصابا ول يكن /صفحة / 477من حرز فل قطع ،فإن كانوا جاعة ،فهل
يشترط أن تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا أو ل ؟ أجاب عن ذلك ابن قدامة فقال :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 477
" وإذا أخذوا ما يبلغ نصابا ول تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا قطعوا ،قياسا على قولنا
ف السرقة .وقياس قول الشافعي وأصحاب الرأي أنه ل يب القطع حت تبلغ حصة كل
واحد منهم نصابا .ويشترط أل تكون لم شبهة .ول يوافق مالك ول الظاهرية على هذا
الرأي ،فلم يشترطوا ف الال السروق بلوغ النصاب ول كونه مرزا ،لن الرابة نفسها
جرية تستوجب العقوبة بقطع النظر عن النصاب والرز .فجرية الرابة غي جرية
السرقة ،وعقوبة كل منهما متلفة ،لن ال تعال قدر للسرقة نصابا ،ول يقدر ف
الرابة شيئا ،بل ذكر جزاء الحارب فاقتضى ذلك توفية الزاء لم على الحاربة .وإذا
كان ف الناة من هو ذو رحم مرم من سرقت أموالم فإنه لقطع عليه ،ويقطع الباقون
الذين شاركوه من الناة عند النابلة وأحد قول الشافعي .وقال الحناف :ل يقطع
واحد منهم لوجود الشبهة بالنسبة للقريب ،والناة متضامنون فإذا سقط الد عن
349
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
القريب سقط عن الميع .ورجح ابن قدامة رأي الشافعية والنابلة فقال " :إنا شبهة
اختص با واحد ،فل يسقط الد عن الباقي " ومعن هذا أن شبهة السقاط ل تتجاوز
ذا الرحم ،فل يقاوم عليه الد وحده ،لن الشبهة ل تتجاوزه .اه - 3 .أن تكون
الرابة بالقتل دون أخذ للمال ،وهذا يستوجب القتل مت قدر الاكم عليهم ،ويقتل
جيع الحاربي وإن كان القاتل واحدا ،كما يقتل الردء -وهو الطليعة -لنم شركاء
ف الحاربة والفساد ف الرض .ولعبة بعفو ول الدم أو رضاه بالدية ،لن عفو ول
الدم أو رضاه بالدية ف القصاص لف الرابة - 4 .أن تكون الرابة بالقتل وأخذ الال .
وف هذا القتل والصلب .أي أن عقوبتهم أن يصلبوا أحياء ليموتوا ،فيبط الشخص على
خشبة أو عمود /صفحة / 478أو نوها منتصب القامة .مدود اليدين ،ث يطعن حت
يوت .ومن الفقهاء من قال :إنه يقتل أول ث يصلب للعبة والعظة .ومنهم من قال :
إنه ل يبقى على الشبة أكثر من ثلثة أيام .وكل ما تقدم فإنه اجتهاد من الئمة .
وهوف نطاق تفسي الية الكرية ،وكل إمام له وجهة نظر صحيحة ،فمن رأى تيي
الاكم ف اختيار إحدى العقوبات القررة فوجهته ما دل عليه العطف برف -أو -وأن
المر متروك للحاكم يتار منها ما تدرأ به الفسدة وتتحقق به الصلحة .وأن من رأى أن
لكل جرية عقوبة مددة ف الية ،فوجهه تقيق العدالة مع رعاية ما تندرئ به الفاسد
وتقوم بهالصال ،فالكل ممع على تقيق غاية الشريعة من درء الفاسد وتقيق الصال .
وهذا الجتهاد يسهل على أولياء المور فهم النصوص وييسر طريق الجتهاد ،ويعي
طالب العلم على الوصول إل القيقة .ول شك أن أعمال كثية تدث من الحاربي
الفسدين غي هذه العمال الت أشار إليها الفقهاء .ويكن استنباط أحكام لا مناسبة ف
ضوء ما استنبطه الفقهاء من الية الكرية من أحكام جزئية .رد اعتراض ودفع إشكال :
قال ف النار :روى عبد بن حيد ،وابن جرير عن ماهد أن الفساد هنا :الزنا ،والسرقة
،وقتل النساء ،وإهلك الرث والنسل ،وكل هذه العمال من الفساد ف الرض .
واستشكل بعض الفقهاء قول ماهد :ب " أن هذه الذنوب والفاسد لا عقوبات ف الشرع
غي ما ف الية ،فللزنا والسرقة والقتل ،حدود ،وإهلك الرث والنسل يقدر بقدره
ويضمنه الفاعل ويعزره الاكم با يؤديه إليه اجتهاده " .وفات هؤلء العترضي أن
350
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
العقاب النصوص ف الية خاص بالحاربي من الفسدين الذين يكاثرون أول المر ،ول
يذعنون لكم الشرع ،وتلك الدود إنا هي للسارقي ،والزناة أفرادا ،الاضعي لكم
الشرع فعل .وقد ذكر حكمهم ف الكتاب العزيز بصيغة اسم الفاعل الفرد كقوله ،
سبحانه " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " ( ، ) 1وقال " :الزانية ( هامش ) (
) 1سورة الائدة .الية / ) . ( 28 :صفحة / 479والزان فاجلدوا كل واحد منهما
مائة جلدة " ( ) 1وهم يستخفون بأفعالم ،ول يهرون بالفساد حت ينتشر بسوء
القدوة بم ول يؤلفون له العصائب ليمنعوا أنفسهم من الشرع بالقوة فلهذا ل يصدق
عليهم أنم ماربو ال ورسوله ومفسدون ،والكم هنا منوط بالوصفي معا .وإذا أطلق
الفقهاء لفظ الحاربي فإنا يعنون به الحاربي الفسدين ،لن الوصفي متلزمان " انتهى
واجب الاكم والمة حيال الرابة :والاكم والمة معا مسئولون عن حاية النظام
وإقرار المن وصيانة حقوق الفراد ف الحافظة على دمائهم وأموالم وأعراضهم ،فإذا
شذت طائفة ،فأخلوا السبيل ،وقطعوا الطريق ،وعرضوا حياة الناس للفوضى
والضطراب .وجب على الاكم قتال هؤلء ،كما فعل رسول ال صلى ال عليه وسلم
مع العرنيي ،وكما فعل خلفاؤه من بعده ،ووجب على السلمي كذلك أن يتعاونوا مع
الاكم على استئصال شأفتهم وقطع دابرهم ،حت ينعم
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 479
الناس بالمن والطمأنينة ،ويسوا بلذة السلم والستقرار وينصرف كل إل عمله ماهدا
ف سبيل الي لنفسه ،ولسرته ،ولمته ،فإن انزم هؤلء ف ميدان القتال ،وتفرقوا هنا
وهناك ،وانكسرت شوكتهم ،ل يتبع مدبرهم ،ول يهز على جريهم إل إذا كانوا قد
ارتكبوا جناية القتل ،وأخذوا الال ،فإنم يطاردون حت يظفروا بم ويقام عليهم حد
الرابة .توبة الحاربي قبل القدرة عليهم :إذا تاب الحاربون الفسدون ف الرض قبل
القدرة عليهم ،وتكن الاكم من القبض عليهم ،فإن ال يغفر لم ما سلف ،ويرفع
عنهم العقوبة الاصة بالرابة لقول ال سبحانه " :ذلك لم خزي ف الدنيا ،ولم ف
الخرة عذاب عظيم ،إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن ال غفور
351
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رحيم " .وإنا كان ذلك كذلك ،لن التوبة قبل القدرة عليهم والتمكن منهم ( هامش )
( ) 1سورة النور الية / ) . ( 2 :صفحة / 480دليل على يقظة الضمي والعزم على
استئناف حياة نظيفة بعيدة عن الفساد والحاربة ل ولرسوله ،ولذا شلهم عفو ال و
أسقط عنهم كل حق من حقوقه إن كانوا قد ارتكبوا ما يستوجب العقوبة ،أما حقوق
العباد فإنا ل تسقط عنهم ،وتكون العقوبة حينئذ ليست من قبيل الرابة ،وإنا تكون
من باب القصاص .والمر ف ذلك يرجع إل الجن عليهم ل إل الاكم ،فإن كانوا قد
قتلوا سقط عنهم تتم القتل ،ولول الدم العفو أو القصاص ،وإن كانوا قد قتلوا وأخذوا
الال ،سقط الصلب وتتم القتل وبقي القصاص وضمان الال .وإن كانوا قد أخذوا
الال سقط القطع وأخذت الموال منهم إن كانت بأيديهم ،وضمنوا قيمة ما استهلكوا ،
لن ذلك غصب .فل يوز ملكه لم ،ويصرف إل أربابه أو يعله الاكم عنده حت
يعلم صاحبه لن توبتهم ل تصح إل إذا أعادوا الموال السلوبة إل أربابا .فإذا أرى أولو
المر إسقاط حق مال عن الفسدين من أجل الصلحة العامة ،وجب أن يضمنوه من بيت
الال .ولقد لص ابن رشد ف بداية الجتهد أقوال العلماء ف هذه السألة فقال " :وأما
ما تسقطه عنه التوبة فاختلفوا ف ذلك على أربعة أقوال - 1 :أحدها أن التوبة إنا تسقط
حد الرابة فقط ،ويؤخذ ،با سوى ذلك من حقوق ال وحقوق الدميي " وهو قول
مالك - 2 .والقول الثان أنا تسقط عنه حد الرابة وجيع حقوق ال من الزنا ،
والشراب ،والقطع ف السرقة ،ول تسقط حقوق الناس من الموال ،والدماء إل أن
يعفو أولياء القتول ( - 3 . ) 1والقول الثالث :أن التوبة ترفع جيع حقوق ال ،
ويؤخذ ف الدماء وف الموال با وجد بعينه - 4 .والقول الرابع :أن التوبة تسقط جيع
حقوق الدميي من مال ،ودم ،إل ما كان من الموال قائما بعينه .شروط التوبة :
للتوبة ظاهر وباطن ،ونظر الفقه إل الظاهر دون الباطن الذي ل يعلمه ( هامش ) ( ) 1
هذا هو أعدل القوال الذي اخترناه ونبهنا عليه من قبل / ) . ( .صفحة / 481إل
ال ،فإذا تاب الحارب قبل القدرة عليه ،قبلت توبته وترتبت عليها آثارها ،واشترط
بعض العلماء -ف التائب -أن يستأمن الاكم فيؤمنه ،وقيل :ل يشترط ذلك ،ويب
على المام أن يقبل كل تائب .وقيل :يكتفي بإلقاء السلح والبعد عن مواطن الرية
352
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وتأمي الناس بدون حاجة إل الرجوع إل المام .ذكر ابن جرير .قال :حدثن علي ،
حدثنا الوليد بن مسلم .قال " :قال الليث وكذلك حدثن موسي الدن -وهو المي
عندنا -أن عليا السدي حارب ،وأخاف السبيل وأصاب الدم والال ،فطلبه الئمة
والعامة ،فامتنع ول يقدروا عليه حت جاء تائبا .وذلك أنه سع رجل يقرأ هذه الية " :
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحة ال ،إن ال يغفر الذنوب
جيعا إنه هو الغفور الرحيم " ) 1 ( .فوقف عليه فقال يا عبد ال :أعد قراءتا .
فأعادها عليه فغمد سيفه ،ث جاء تائبا حت قدم الدينة من السحر .فاغتسل ،ث أتى
مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم فصلى الصبح ،ث قعد إل أب هريرة ف أغمار
أصحابه فلما أسفروا عرفه الناس ،فقاموا إليه ،فقال :ل سبيل لكم علي ،جئت تائبا
من قبل أن تقدروا علي .فقال أبو هريرة :صدق ،وأخذ بيده حت أتى مروان بن الكم
-وهو أمي على الدينة ف زمن معاوية -فقال :هذا علي جاء تائبا ول سبيل لكم عليه
ول قتل ،فترك من ذلك كله .قال وخرج علي تائبا ماهدا ف سبيل ال ف البحر ،فلقوا
الروم فقرنوا سفينة إل سفينة من سفنهم فاقتحم علي الروم ف سفينتهم فهربوا منه إل
شقها الخر فمالت به وبم ،فغرقوا جيعا .سقوط الدود بالتوبة قبل رفع الناة إل
الاكم :تقدم أن حد الرابة يسقط عن الحاربي إذا تابوا قبل القدرة عليهم لقول ال
سبحانه ( :هامش ) ( ) 1سورة الزمر الية ) . ( 54 :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 481
/صفحة " / 482إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن ال غفور رحيم "
) 1 ( .وليس هذا الكم مقصورا على حد الرابة ،بل هو حكم عام ينتظم جيع
الدود ،فمن ارتكب جرية تستوجب الد ث تاب منها قبل أن يرفع إل المام سقط عنه
الد ،لنه إذا سقط الد عن هؤلء فأول أن يسقط عن غيهم ،وهم أخف جرما منهم
،وقد رجح ذلك ابن تيمية فقال " :ومن تاب من الزنا ،والسرقة ،وشرب المر قبل
أن يرفع إل المام ،فالصحيح أن الد يسقط عنه .كما يسقط عن الحاربي إجاعا إذا
تابوا قبل القدرة عليهم " .وقال القرطب " فأما الشراب ،والزناة ،والسراق ،إذا تابوا
353
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وأصلحوا .وعرف ذلك منهم ،ث رفعوا إل المام ،فل ينبغي أن يدوا .وإن رفعوا إليه
فقالوا :تبنا ل يتركوا وهم ف هذه الال كالحاربي إذا غلبوا " .وفصل اللف ف
ذلك ابن قدامة فقال :وإن تاب من عليه حد من غي الحاربي وأصلح ففيه روايتان :
( إحداها ) يسقط عنه لقول ال تعال " :واللذان يأتيانا منكم فآذوها ،فإن تابا
وأصلحا فأعرضوا عنهما " ( . ) 2وذكر حد السارق ث قال " :فمن تاب من بعد
ظلمه وأصلح فإن ال غفور رحيم " ( . ) 3وقال النب صلى ال عليه وسلم " :التائب
من الذنب كمن لذنب له " ومن ل ذنب له لحد عليه ،وقال ف ماعز لا أخب بربه "
هلتركتموه يتوب فيتوب ال عليه " ؟ ! ولنه خالص حق ال تعال فيسقط بالتوبة كحد
الحارب ( .ثانيتهما ) ل يسقط ،وهو قول مالك وأب حنيفة وأحد قول الشافعي لقوله
سبحانه " :الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " ( .هامش ) ( ) 1
سورة الائدة الية ) 2 ( 34 :سورة النساء الية ) 3 ( 39 :سورة الائدة الية 16 :
( / ) .صفحة / 483وهذا عام ف التائبي وغيهم .وقال تعال " :والسارق والسارقة
فاقطعوا أيديهما " ولن النب صلى ال عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية وقطع الذي أقر
بالسرقة وقد جاءوا تائبي يطلبون التطهي بإقامة الد وقد سى الرسول صلى ال عليه
وسلم فعلهم توبة ،فقال ف حق الرأة " :لقد تابت توبة لو قسمت على سبعي من أهل
الدينة لو سعتهم " .وجاء عمرو بن سرة إل النب صلى ال عليه وسلم فقال :يا رسول
ال إن سرقت جل لبن فلن فطهرن ،فأقام الرسول الد عليه .ولن الد كفارة فلم
يسقط بالتوبة ككفارة اليمي و القتل ،ولنه مقدور عليه فلم يسقط عنه الد بالتوبة
كالحارب بعد القدرة عليه فإن قلنا بسقوط الد بالتوبة فهل يسقط بجرد التوبة أو با
مع إصلح العمل ؟ فيه وجهان ( :أحدها ) يسقط بجردها وهو ظاهر قول أصحابنا
لنا توبة مسقطة للحد فأشبهت توبة الحارب قبل القدرة عليه ( .وثانيهما ) يعتب
إصلح العمل لقوله سبحانه " :فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " وقال " :فمن تاب
من بعد ظلمه وأصلح فإن ال غفور رحيم " .فعلى هذا القول يعتب مضي مدة يعلم با
صدق توبته وصلح نيته .وليست مقدرة بدة معلومة .وقال بعض أصحاب الشافعي :
مدة ذلك سنة وهذا توقيت بغي توقيت فل يوز .دفاع النسان عن نفسه وعن غيه :
354
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إذا اعتدى على النسان معتد يريد قتله ،أو أخذ ماله أو هتك عرض حريه ،فمن حقه
أن يقاتل هذا العتدي دفاعا عن نفسه وماله وعرضه و يدفع بالسهل فالسهل ،فيبدأ
بالكلم أو الصياح أو الستعانة بالناس إن أمكن دفع الظال بذلك فإن ل يندفع إل
بالضرب فليضربه فإن ل يندفع إل بقتله فليقتله ول قصاص على القاتل ول كفارة عليه ،
ولدية للمقتول لنه ظال معتد ،والظال العتدي حلل الدم ل يب ضمانه / .صفحة
/ 484فإن قتل العتدى عليه وهوف حالة دفاعه عن نفسه وماله وعرضه فهو شهيد 1 .
-يقول ال تعال " :ولن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " - 2 ) 1 ( .
وعن أب هريرة قال " :جاء رجل إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :يا رسول
ال أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مال ؟ قال :فل تعطه مالك .قال :أرأيت إن
قاتلن ؟ قال :فقاتله .قال :أرأيت إن قتلن ؟ قال :فأنت شهيد .قال :فإن قتلته ؟ قال
:هو ف النار " - 3 .وروى البخاري :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من
قتل دون ماله فهو شهيد .ومن قتل دون عرضه فهو شهيد " - 4 .وروي :أن امرأة
خرجت تتطب ،فتبعها رجل يراودها عن نفسها ،فرمته بفهر ( ) 2فقتلته ،فرفع ذلك
لعمر رضي ال عنه فقال " :قتيل ال ،وال ل يؤدى هذا أبدا " .وكما يب أن يدافع
النسان عن نفسه وماله وعرضه يب عليه كذلك الدفاع عن غيه إذا تعرض للقتل أو
أخذ الال ،أو هتك العرض ،ولكن بشرط أن يأمن على نفسه من اللك .لن الدفاع
عن الغي من باب تغيي النكر والحافظة على القوق ،يقول لرسول صلى ال عليه وسلم
:
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 484
" من رأى منكم منكرا فليغيه بيده ،فإن ل يستطع فبلسانه ،فإن ل يستطع فبقلبه وذلك
أضعف اليان " .وهذا من باب تغيي النكر ( .هامش ) ( ) 1سورة الشورى الية :
) 2 ( 41الفهر :الجر / ) . ( .صفحة / 485حد السرقة إن السلم قد احترم
الال ،من حيث انه عصب الياة ،واحترم ملكية الفراد له ( ، ) 1وجعل حقهم فيه
حقا مقدسا ،ل يل لحد أن يعتدي عليه بأي وجه من الوجوه ،ولذا حرم السلم :
355
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السرقة ،والغصب ،والختلس ،واليانة ،والربا ،والغش ،والتلعب بالكيل
والوزن ،والرشوة ،واعتب كل مال أخذ بغي سبب مشروع أكل للمال بالباطل .وشدد
ف السرقة ،فقضى بقطع يد السارق الت من شأنا أن تباشر السرقة ،وف ذلك حكمة
بينة ،إذ أن اليد الائنة بثابة عضو مريض يب بتره ليسلم السم ،والتضحية بالبعض
من أجل الكل ما اتفقت عليه الشرائع والعقول .كما أن ف قطع يد السارق عبة لن
تدثه نفسه بالسطو على أموال الناس ،فل يرؤ أن يد يده إليها ،وبذا الموال وتصان
.يقول ال تعال " :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء با كسبا ،نكال من ال ،
وال عزيز حكيم " ) 2 ( .حكمة التشديد ف العقوبة :والكمة ف تشديد العقوبة ف
السرقة دون غيها من جرائم العتداء على الموال هي ما جاء ف شرح مسلم للنووي :
قال القاضي عياض رضي ال عنه " :صان ال الموال بإياب القطع على السارق ،ول
يعل ذلك ف غي السرقة ،كالختلس ،والنتهاب ،والغصب ،لن ذلك قليل بالنسبة
إل السرقة ،ولنه يكن استرجاع هذا النوع بالستدعاء إل ولة المور ،وتسهل إقامة
البينة عليه ،بلف السرقة ،فإنا تندر إقامة البينة عليها ( ) 3فعظم أمرها ،واشتدت
عقوبتها ،ليكون أبلغ ف الزجر عنها " ( .هامش ) ( ) 1احترام السلم للملكية لن
ذلك فطرة أول ،وحافز على النشاط ثانيا ،وعدالة ثالثا ) 2 ( .سورة الائدة الية :
) 3 ( 38سيأت بعد مزيد لبن القيم / ) . ( .صفحة / 486أنواع السرقة :والسرقة
أنواع - 1 :نوع منها يوجب التعزير - 2 .ونوع منها يوجب الد .والسرقة الت
توجب التعزير ،هي السرقة الت ل تتوفر فيها شروط إقامة الد .وقد قضى الرسول
صلى ال عليه وسلم ،بضاعفة الغرم على من سرق ما لقطع فيه :قضى بذلك ف سارق
الثمار العلقة ،وسارق الشاة من الرتع .ففي الصورة الول ،أسقط القطع عن سارق
الثمر والكثر ( ، ) 1وحكم أن من أصاب شيئا منه بفمه وهو متاج إليه فلشئ عليه ،
ومن خرج منه بشئ فعليه غرامة مثليه ،والعقوبة ،ومن سرق منه شيئا ف جرينه ( ) 2
فعليه القطع إذا بلغت قيمة السروق النصاب الذي يقطع فيه .وف الصورة الثانية ،قضى
ف الشاة الت تؤخذ من مرتعها بثمنها مضاعفا وضرب نكال ( ) 3وقضى فيما يؤخذ من
عطنه بالقطع ،إذا بلغ النصاب الذي يقطع فيه سارقه .رواه أحد ،والنسائي ،
356
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والاكم ،وصححه .والسرقة الت عقوبتها الد نوعان ( :الول ) سرقة صغرى :وهي
الت يب فيها قطع اليد ( .الثان ) سرقة كبى :وهي أخذ الال على سبيل الغالبة .
ويسمى الرابة .وقد سبق الكلم عليها قبل هذا الباب .وكلمنا الن منحصر ف السرقة
الصغرى .تعريف السرقة :السرقة :هي أخذ الشئ ف خفية .يقال :استرق السمع ،
أي سع مستخفيا .ويقال :هو يسارق النظر إليه ،إذا اهتبل غفلته لينظر إليه .
( هامش ) ( ) 1الكثر :هو جار النخل ) 2 ( .جرينه :ما يسمى عند العامة بالرن .
( ) 3نكال :أي ضربا يكون فيه عبة لغيه / ) . ( .صفحة / 487وف القرآن الكري
يقول ال سبحانه " :إل من استرق السمع فأتبعه شهاب مبي " ) 1 ( .فسمى
الستماع ف خفاء استراقا .وف القاموس :السرقة ،والستراق ،الجئ مستترا لخذ
مال الغي من حرز .وقال ابن عرفة " :السارق عند العرب ،هو من جاء مستترا إل
حرز فأخذ منه ما ليس له " .ويفهم ما ذكره صاحب القاموس وابن عرفه ،أن السرقة
تنتظم أمورا ثلثة - 1 :أخذ مال الغي - 2 .أن يكون هذا الخذ على جهة الختفاء
والستتار - 3 .أن يكون الال مرزا .فلو ل يكن الال ملوكا للغي ،أو كان الخذ
ماهرة ،أو كان الال غي مرز ،فإن السرقة الوجبة لد القطع لتتحقق .الختلس
والنتهب والائن غي السارق :ولذا ل يعتب الائن ،ول النتهب ،ول الختلس ،سارقا
،ول يب على واحد منهم القطع ،وإن وجب التعزير ،فعن جابر رضي ال عنه ،أن
النب صلى ال عليه وسلم قال " :ليس على خائن ( ، ) 2ول منتهب ( ، ) 3ول
متلس ( ) 4قطع " .رواه أصحاب السنن ،والاكم ،والبيهقي ،وصححه الترمذي ،
وابن حبان .وعن ممد بن شهاب الزهري قال " :إن مروان بن الكم أت بإنسان قد
اختلس متاعا فأراد قطع يده ،فأرسل إل زيد بن ثابت يسأله عن ذلك
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 487
( هامش ) ( ) 1سورة الجر الية ) 2 ( 18 :الائن :هومن يأخذ الال ويظهر
النصح للمالك ) 3 ( .النتهب :هو الذي يأخذ الال غصبا مع الجاهرة والعتماد على
القوة ) 4 ( .والختلس :هو من يطف الال جهرا ويهرب / ) . ( .صفحة / 488
357
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فقال زيد :ليس ف اللسة قطع " .رواه مالك ف الوطأ .قال ابن القيم :وأما قطع يد
السارق ف ثلثة دراهم وترك قطع الختلس والنتهب ،والغاصب ،فمن تام حكمة
الشارع أيضا ،فإن السارق ل يكن الحتراز منه ،فإنه ينقب الدور ،ويهتك الرز ،
ويكسر القفل ،ول يكن صاحب التاع الحتراز بأكثر من ذلك ،فلو ل يشرع قطعه
لسرق الناس بعضهم بعضا ،وعظم الضرر ،واشتدت الحنة بالسراق ،بلف النتهب
والختلس فإن النتهب هو الذي يأخذ الال جهرة برأى من الناس فيمكنهم أن يأخذوا
على يديه ويلصوا حق الظلوم أو يشهدوا له عند الاكم ،وأما الختلس فإنه إنا يأخذ
الال على حي غفلة من مالكه وغيه فل يلو من نوع تفريط يكن به الختلس من
اختلسه ،وإل فمع كمال التحفظ والتيقظ ل يكنه الختلس فليس كالسارق ،بل هو
بالائن أشبه .وأيضا فالختلس إنا يأخذ الال من غي حرز مثله غالبا ،فإنه الذي يغافلك
ويتلس متاعك ف حال تليك وغفلتك عن حفظه ،وهذا يكن الحتراز منه غالبا ،فهو
كالنتهب ،وأما الغاصب فالمر منه ظاهر ،وهو أول بعدم القطع من النتهب ،ولكن
يسوغ كف عدوان هؤلء بالضرب والنكال والسجن الطويل والعقوبة بأخذ الال .جحد
العارية :وما هو متردد بي أن يكون سرقة أو ل يكون جحد العارية ،ومن ث فقد
اختلف الفقهاء ف حكم ذلك ،فقال المهور :ل يقطع من جحدها ،لن القرآن
والسنة أوجبا القطع على السارق ،والاحد للعارية ليس بسارق .وذهب أحد وإسحاق
،وزفر ،والوارج ،وأهل الظاهر ،إل أنه يقطع ،لا رواه أحد ،ومسلم ،والنسائي
عن عائشة رضي ال عنها قالت :كانت امرأة مزومية تستعي التاع وتحده ،فأمر النب
صلى العليه وسلم بقطع يدها .فأتى أهلها أسامة بن زيد رضي ال عنه فكلموه .فكلم
النب صلى ال عليه وسلم فيها ،فقال له النب صلى ال عليه وسلم / :صفحة " / 489
يا أسامة ،لأراك تشفع ف حد من حدود ال عزوجل " .ث قام النب صلى ال عليه
وسلم خطيبا ،فقال " :إنا هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،
وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه ،والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت ممد لقطعت
يدها " .فقطع يد الخزومية .وقد ناصر ابن القيم هذا الرأي ،واعتب الاحد للعارية
سارقا بقتضى الشرع .قال ف " زاد العاد " :فإدخاله صلى ال عليه وسلم جاحد
358
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
العارية ف اسم السارق كإدخاله سائر أنواع النكرات ف المر ،وذلك تعريف للمة
براد ال من كلمه .وف الروضة الندية :ان الاحد للعارية إذا ل يكن سارقا لغة فهو
سارق شرعا ،والشرع مقدم على اللغة .قال ابن القيم ف أعلم الوقعي :والكمة
والصلحة ظاهرة جدا ،فإن العارية من مصال بن آدم الت ل بد لم منها ولغن لم عنها
،وهي واجبة عند حاجة الستعي وضرورته إليها إما بأجرة أو مانا ،ول يكن الغي كل
وقت أن يشهد على العارية ،ول يكن الحتراز بنع العارية شرعا وعادة وعرفا ،ولفرق
ف العن بي من توصل إل أخذ متاع غيه بالسرقة وبي من توصل إليه بالعارية وجحدها
،وهذا بلف جاحد الوديعة ،فإن صاحب التاع فرط حيث ائتمنه .النباش :وما
يري هذا الجرى من اللف :اللف ف حكم النباش الذي يسرق أكفان الوتى ،
فذهب المهور إل أن عقوبته قطع يده ،لنه سارق حقيقة ،والقب حرز .وذهب أبو
حنيفة ،وممد ،والوزاعي ،والثوري ،إل أن عقوبته التعزير ،لنه نباش ،وليس
سارقا ،فل يأخذ حكم السارق ،ولنه أخذ مال غي ملوك لحد ،لن اليت ل يلك ،
ولنه أخذ من غي حرز / .صفحة / 490الصفات الت يب اعتبارها ف السرقة تبي
من التعريف السابق أنه لبد من اعتبار صفات معينة ف السارق .والشئ السروق ،
والوضع السروق منه ،حت تتحقق السرقة الت يب فيها الد .وفيما يلي بيان كل :
الصفات الت يب اعتبارها ف السارق :أما الصفات الت يب اعتبارها ف السارق حت
يسمى سارقا ،ويستوجب حد السرقة ،فنذكرها فيما يلي - 1 :التكليف :بأن يكون
السارق بالغا عاقل ،فلحد على منون ول صغي ،إذا سرق ،لنما غي مكلفي ،
ولكن يؤدب الصغي إذا سرق .ول يشترط فيه السلم ،فإذا سرق الذمي أو الرتد ،
فإنه يقطع ( ) 1كما أن السلم يقطع إذا سرق من الذمي - 2 .الختيار :بأن يكون
السارق متارا ف سرقته ،فلو أكره على السرقة فل يعد سارقا ،لن الكراه يسلبه
الختيار ،وسلب الختيار يسقط التكليف - 3 .أل يكون للسارق ف الشئ السروق
شبهة ،فإن كانت له فيه شبهة
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 490
359
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فإنه ل يقطع ،ولذا ل يقطع الب ول الم بسرقة مال ابنهما لقول الرسول صلى ال
عليه وسلم " :أنت ومالك لبيك " .وكذلك ل يقطع البن بسرقة مالما ،أو مال
أحدها ،لن البن يتبسط ف مال أبيه وأمه عادة ،والد ل يقطع لنه أب سواء أكان
من قبل الب أو الم ،ول يقطع أحد من عمود النسب العلى والسفل -أعن الباء
والجداد -والبناء وأبناء البناء .وأما ذوو الرحام ،فقد قال أبو حنيفة والثوري ،
لقطع على أحد من ذوي الرحم الحرم ،مثل العمة والالة ،والخت ،والعم ،
والال ،والخ ( ،هامش ) ( ) 1أما العاهد والستأمن :فإنما ل يقطعان لو سرقا ف
أصح قول الشافعية وعند أب حنيفة وقال مالك وأحد يقطعان / ) . ( .صفحة / 491
لن القطع يفضي إل قطيعة الرحم الت أمر ال با أن توصل ،ولن لم الق ف دخول
النل ،وهو إذن من صاحبه يتل الرز به ( . ) 1وقال مالك والشافعي ،وأحد
وإسحق ،رضي ال عنهم ،يقطع من سرق من هؤلء ،لنتفاء الشبهة ف الال .ول
قطع على أحد الزوجي إذا سرق أحدها الخر ،لشبهة الختلط وشبهة الال ،
فالختلط بينهما ينع أن يكون الذر كامل ،ويوجب الشبهة ف الال .وإذا ل يكن
الرز كامل ،وكانت الشبهة ف الال يسقط القطع ،وهذا مذهب أب حنيفة والشافعي
رضي ال عنهما ف أحد قوليه وإحدى الروايتي عن أحد رضي ال عنه .وقال مالك
والثوري رضي ال عنهما ،ورواية عن أحد رضي ال عنه وأحد قول الشافعي رضي ال
عنه :إذا كان كل واحد منهما ينفرد ببيت فيه متاعه ،فانه يقطع من سرق من مال
صاحبه لوجود الرز من جهة ولستقلل كل واحد منهما من جهة أخرى .ول يقطع
الادم الذي يدم سيده بنفسه ( ، ) 2فعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما .قال :
جاء رجل إل عمر رضي ال عنه بغلم له .فقال له :اقطع يده فإنه سرق مرآة لمرأت .
فقال عمر رضي ال عنه " :ل قطع عليه ،وهو خادمكم أخذ متاعكم " .وهذا مذهب
عمر ،وابن مسعود .ول مالف لما من الصحابة .ول يقطع من سرق من بيت الال إذا
كان مسلما ،لا روي ،أن عامل لعمر رضي ال عنه كتب إليه يسأله عمن سرق من
بيت الال فقال " :ل تقطعه فما من أحد إل وله فيه حق " .وروى الشعب :أن رجل
سرق من بيت الال ،فبلغ عليا فقال كرم ال وجهه :إن له فيه سهما ،ول يقطعه .
360
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فقول عمر وقول علي فيهما بيان ( هامش ) ( ) 1فيكون مثله مثل الضعيف الذي أذن له
بالدخول فإنه ل يقطع إذا سرق ) 2 ( .اشترط هذا الشرط مالك ،وأما الشافعي فمرة
اشترطه .ومرة ل يشترطه / ) . ( .صفحة / 492سبب عدم القطع على من سرق من
بيت الال ،لن ذلك يورث شبهة تنع إقامة الد .قال ابن قدامة :كما لو سرق من
مال له شركة فيه .ومن سرق من الغنيمة من له فيها حق ( ، ) 1أو لولده أو لسيده ،
وهذا مذهب جهور العلماء ( ) 2وروى ابن ماجه عن ابن عباس رضي ال عنهما :أن
عبدا من رقيق المس ( ) 3سرق من المس فرفع إل النب صلى ال عليه وسلم فلم
يقطعه .وقال " :مال ال سرق بعضه بعضا " .ول يقطع من سرق من الدين الاطل ف
السداد ،أو الاحد للدين ،لن ذلك استرداد لدينه ،إل إذا كان الدين مقرا بالدين
وقادرا على السداد ،فإن الدائن يقطع إذا سرق من الدين لنه ل شبهة له ف سرقته ،ول
قطع ف سرقة العارية من يد الستعي لن يد الستعي يد أمانه ،وليست يد مالك .ومن
غصب مال وسرقه وأحرزه فسرقه منه سارق ،فقال الشافعي وأحد :ل يقطع ،لنه
حرز ل يرضه مالكه ،وقال مالك :يقطع ،لنه سرق مال شبهة له فيه من حرز مثله .
وإذا وقعت أزمة بالناس ،وسرق أحد الفراد طعاما فإن كان الطعام موجودا قطع ،لنه
غي متاج إل سرقته ،وإن كان معدوما ل يقطع ،لن له الق ف أخذه لاجته إليه ،
وقد قال عمر رضي ال عنه " :ل قطع ف عام الجاعة " ،وروى مالك ف الوطأ " أن
رقيقا لاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها .فرفع ذلك إل عمر بن الطاب ،
فأمر عمر كثي بن الصلت أن يقطع أيديهم ،ث قال عمر :أراك تيعهم .ث قال :وال
لغر منك غرما يشق عليك .ث قال للمزن :كم ثن ناقتك ؟ فقال الزن :كنت وال
أمنعها من أربعمائة درهم .فقال عمر :أعطه ثانائة درهم ( .هامش ) ( ) 1فإذا ل
يكن له فيها حق فإنه يقطع باتفاق العلماء ) 2 ( .وذهب مالك إل القطع عمل بظاهر
الية .وهو عام غي مصص ) 3 ( .رقيق المس :أي الرقيق الأخوذ من الغنائم .
سرق من المس أي خس الغنائم / ) . ( .صفحة / 493ويروي ابن وهب أن عمر
بن الطاب ،بعد أن أمر كثي بن الصلت بقطع أيدي الذين سرقوا ،أرسل وراءه من
يأتيه بم ،فجاء بم ،فقال لعبد
361
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 493
الرحن بن حاطب " :أما لول أن أظنكم تستعملونم وتيعونم حت لو وجدوا ما حرم
ال لكلوه لقطعتهم ،ولكن وال إذ تركتهم لغر منك غرامة توجعك " .الصفات الت
يب اعتبارها ف الال السروق :وأما الصفات الت يب اعتبارها ف الال السروق فهي :
( أول ) أن يكون ما يتمول ويلك ويل بيعه وأخذ العوض عنه ،فل قطع على من سرق
المر والنير حت لو كان الالك لما ذميا لن ال حرم ملكيتهما والنتفاع بما بالنسبة
للمسلم والذمي على السواء ( . ) 1وكذلك ل قطع على سارق أدوات اللهو مثل :
العود ،والكمنج ،والزمار ،لنا آلت ل يوز استعمالا عند كثي من أهل العلم ،فهي
ليست ما يتمول ويتملك ويل بيعه ،وأما الذين يبيحون استعمالا فيهم يتفقون مع من
يرمها ف عدم قطع يد سارقها لوجود شبهة ،والشبهات مسقطة للحدود .واختلف
العلماء ف سرقة الر الصغي غي الميز .فقال أبو حنيفة والشافعي :ل قطع على من
سرقه لنه ليس بال ويعزر وإن كان عليه حلي أو ثياب فل يقطع أيضا ،لن ما عليه من
اللي تبع له وليست مقصودة بالخذ ( . ) 2وقال مالك :ف سرقته القطع ،لنه من
أعظم الال ول يقطع السارق ف الال لعينه ،وإنا قطع لتعلق النفوس به ،وتعلقها بالر
أكثر من تعلقها بالعبد .وسارق العبد الصغي غي الميز يقطع ،لنه مال متقوم ،وأما
الميز فإنه ل يد سارقه ،لنه وإن كان مال يباع ويشترى فإن له سلطانا على نفسه فل
يعد مرزا ( .هامش ) ( ) 1يرى أبو حنيفة أنه يباح للذمي المر والنير وأن على
متلفهما ضمان القيمة ،ولكنه يتفق مع الفقهاء ف عدم قطع من سرقهما لعدم كمال
الالية الذي هو شرط الد ) 2 ( .قال أبو يوسف :يقطع إذا كان اللي قدر النصاب
لنه إذا سرق اللي وحده أو الثياب وحدها فإنه يقطع فيهما فكذا لو سرقها مع غيها .
( / ) .صفحة / 494وأما ما يوز تلكه ول يوز بيعه ،كالكلب الأذون ف بيعه ،
ولوم الضحايا ،فقال أشهب ،من الالكية :يقطع سارق الكلب الأذون باتاذه (
، ) 1ول يقطع ف كلب غي مأذون باتاذه .وقال أصبغ من الالكية ف لوم الضحايا :
إن سرق الضحية قبل الذبح قطع ،وإن سرقها بعد الذبح فل قطع .وأما سرقة الاء ،
362
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والثلج ،والكل ،واللح ،والتراب ،فقد قال صاحب الغن " .وإن سرق ماء فل قطع
فيه .قاله أبو بكر وأبو إسحاق لنه ما ل يتمول عادة ول أعلم ف هذا خلفا .وإن
سرق كل أو ملحا ،فقال أبو بكر :ل قطع فيه لنه ما ورد الشرع باشتراك الناس فيه ،
فأشبه الاء .وقال أبو إسحاق بن شامل :فيه القطع ،لنه يتمول عادة فأشبه التي
والشعي .وأما الثلج فقال القاضي :هو كالاء لنه ماء جامد فأشبه الليد ،والشبه أنه
كاللح لنه يتحول عادة فهو كاللح النعقد من الاء .وأما التراب فإن كان ما تقل
الرغبات فيه كالذي يعد للتطيي والبناء فل قطع فيه ،لنه ل يتمول ،وإن كان ما له
قيمة كثية كالطي الرمن الذي يعد للدواء أو العد للغسيل به ،أو الصبغ كالغرة احتمل
وجهي - 1 :أحدها ل قطع فيه لنه من جنس مال يتمول فأشبه الاء - 2 .فيه القطع
،لنه يتمول عادة ،ويمل إل البلدان للتجارة فأشبه العود الندي ( . ) 2وأما سرقة
الباح الصل كالساك والطيور ( . ) 3فإنه ل قطع على من سرقها ما ل ترز فإذا
أحرزت فقد اختلف فيها الفقهاء .فمذهب الالكية ،والشافعية يرى قطع سارقها لنه
سرق مال متقوما من حرز ( .هامش ) ( ) 1الكلب الأذون باتاذه هو كلب الراسة
والزراعة وكلب الصيد ) 2 ( .ج 10ص " 247الغن " ) 3 ( .الساك بكل
أنواعها ولو كانت ملحة ،والطي بكل أنواعه ،ويدخل فيه الدجاج والمام والبط . ( .
) /صفحة / 495وذهب الحناف والنابلة إل عدم القطع لا روي عن الرسول صلى
ال عليه وسلم أنه قال " :الصيد لن أخذه " .فهذا الديث يورث شبهة يندرئ با الد
.وقال عبد ال بن يسار :أت عمر بن عبد العزيز برجل سرق دجاجة ،فأراد أن
يقطعه ،فقال له سال بن عبد الرحن " :قال عثمان رضي ال عنه :ل قطع ف الطي "
وف رواية أن عمر بن عبد العزيز استفت السائب بن يزيد فقال :ما رأيت أحدا قطع ف
الطي ،وما عليه ف ذلك قطع ،فتركه عمر .وقال بعض الفقهاء :الطي العتب مباحا هو
الذي يكون صيدا سوى الدجاج والبط فيجب ف سرقتها القطع لنه بعن الهلي .وقال
أبو حنيفة :ل يقطع ف سرقة الطعام الرطب كاللب واللحم والفواكه الرطبة ول ف سرقة
الشيش والطب ،ول فيما يسرع إليه الفساد ،وإن بلغت قيمة السروق منه نصاب
السرقة ،لن هذه الشياء غي مرغوب فيها ،ول يشح مالكها عادة فل حاجة إل الزجر
363
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بالنسبة لا ،والرز فيها ناقص ،ولقوله صلى ال عليه وسلم " ل قطع ف تر ول كثر "
ولن فيه شبهة الالكية ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 495
لوجود الشركة العامة ،لقول الرسول " :الناس شركاء ف ثلثة :الاء ،والكل ،والنار
" وما اختلف الفقهاء فيه سرقة الصحف ،فقال أبو حنيفة ل يقطع من سرقة .لنه ليس
بال ،ولن لكل واحد فيه حقا .وقال مالك ،والشافعي ،وأبو ثور ،وأبو يوسف من
أصحاب أب حنيفة وابن النذر :يقطع سارق الصحف إذا بلغت قيمته النصاب الذي
تقطع فيه اليد ( .ثانيا ) والشرط الثان الذي يب توافره ف الال السروق أن يبلغ الشئ
السروق نصابا ،لنه ل بد من شئ يعل ضابطا لقامة الد ،ول بد وأن يكون له قيمة
يلحق الناس ضرر بفقدها ،فإن من عادتم التسامح ف الشئ القي من الموال ،ولذا ل
يكن السلف يقطعون ف الشئ التافه .وقد اختلف الفقهاء ف مقدار هذا النصاب ،
فذهب جهور العلماء إل أن القطع ل يكون /صفحة / 496إل ف سرقة ربع دينار من
الذهب ،أو ثلثة دراهم من الفضة ،أو ما تساوي قيمته ربع دينار أو ثلثة دراهم .وف
التقدير بذا حكمة ظاهرة ،فإن فيها كفاية القتصد ف يوم ،له ولن يونه غالبا ،وقوت
الرجل وأهله مدة يوم ،له خطره عند غالب الناس لا روي عن عائشة رضي ال عنها :
أن الرسول صلى ال عليه وسلم " كان يقطع يد السارق ف ربع دينار فصاعدا " وف
رواية مرفوعا " ل تقطع يد السارق إل ف ربع دينار فصاعدا " .رواه أحد ومسلم وابن
ماجه .وف رواية أخرى للنسائي مرفوعا " :ل تقطع اليد فيما دون ثن الجن ( . " ) 1
قيل لعائشة :ما ثن الجن ؟ قالت :ربع دينار .ويؤيده حديث ابن عمر ف الصحيحي "
أن النب صلى ال عليه وسلم قطع ف من ثنه ثلثة دراهم " وف رواية " :قيمته ثلثة
دراهم " .ومذهب الحناف أن النصاب الوجب للقطع عشرة دراهم ول قطع ف أقل
منها .واستدلوا با رواه البيهقي والطحاوي والنسائي عن ابن عباس وعمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده ف تقدير ثن الجن بعشرة دراهم .وذهب السن البصري وداود
الظاهري ،إل أنه يثبت القطع بالقليل والكثي عمل بإطلق الية ،ولا رواه البخاري
364
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ومسلم عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :لعن ال
السارق ،يسرق البيضة فتقطع يده ،ويسرق المل فتقطع يده " وأجاب المهور عن
هذا الديث بأن العمش راوي هذا الديث فسر البيضة ببيضة الديد الت تلبس للحرب
،وهي كالجن ،وقد يكون ثنها أكثر من ثنه ( . ) 2والمل كانوا يرون أن منه ما
يساوي دراهم .وربع الدينار كان يصرف بثلثة دراهم وف الروضة الندية قال الشافعي :
( هامش ) ( ) 1الجن :الترس يتقى به ف الرب ) 2 ( .وقيل :هو إخبار بالواقع :
أي أنه يسرق هذا فيكون سببا لقطع يده بتدرجه منه إل ما هو أكب منه / ) . ( .صفحة
" / 497وربع الدينار موافق لرواية ثلثة دراهم " وذلك أن الصرف على عهد الرسول
صلى ال عليه وسلم اثن عشر درها بدينار .وهو موافق لا ف تقدير الديات من الذهب
بألف دينار .ومن الفضة باثن عشر ألف درهم .وذهب أبو حنيفة وأصحابه إل أن
النصاب الوجب للقطع هو عشرة دراهم أو دينار ،أو قيمة أحدها من العروض .ول
قطع فيما هو أقل من ذلك ،لن ثن الجن كان يقوم على عهد الرسول بعشرة دراهم ،
كما رواه عمرو بن شعيب عن ابنه عن جده .وروي عن ابن عباس وغيه هذا التقدير .
قالوا :وتقدير ثن الجن تبعا لذا التقدير أحوط .والدود تدفع بالشبهات .والخذ به
كأنه شبهة ف العمل با دونا .والق أن اعتبار ثن الجن عشرة دراهم معارض با هو
أصح منه كما تقدم ف الروايات الخرى الصحيحة .وقال مالك وأحد ف أظهر
الروايات عنه :نصاب السرقة ربع دينار ،أو ثلثة دراهم ،أو ما قيمته ثلثة دراهم من
العروض .والتقوي بالدراهم خاصة .والثان أصول ل يقوم بعضها ببعض .وقد اعترض
على القطع اليد ف ربع دينار مع أن ديتها خسمائة دينار ،فقال أحد الشعراء :يد بمس
مئي عسجد وديت -ما بالا قطعت ف ربع دينار ؟ تناقض مالنا إل السكوت له -
ونستجي بولنا من العار وهذا العترض قد خانه التوفيق فإنه السلم قد قطعها ف هذا
القدر حفظا للمال ،وجعل ديتها خسمائة حفظا لا .فقد كانت ثينة حي كانت أمينة
فلما خانت هانت ولذا قيل :يد بمس مئي عسجد وديت -لكنها قطعت ف ربع
دينار حاية الدم أغلها ،وأرخصها -خيانة الال فانظر حكمة الباري /صفحة / 498
مت يقدر السروق :وتعتب قيمة السروق وتقديره يوم السرقة عند مالك .والشافعية ،
365
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والنابلة .وقال أبو حنيفة :يقدر السروق يوم الكم عليه بالقطع .سرقة الماعة :إذا
سرقت الماعة قدرا من الال بيث لو قسم بينهم لكان نصيب كل واحد منهم ما يب
فيه القطع فإنم يقطعون جيعا باتفاق الفقهاء .أما إذا كان هذا القدر من الال يبلغ نصابا
،ولكنه لو قسم بي السارقي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 498
ل يبلغ نصيب كل واحد منهم ما يب فيه القطع فإنم اختلفوا ف ذلك .فقال جهور
الفقهاء :يب أن يقطعوا جيعا .وقال أبو حنيفة :ل قطع حت يكون ما يأخذه كل
واحد منهم نصابا .قال ابن رشد :فمن قطع الميع رأي العقوبة إنا تتعلق بقدر مال
السروق أي أن هذا القدر من الال السروق هو الذي يوجب القطع لفظ الال ،ومن
رأى أن القطع إنا علق بذا القدر ل با دونه لكان حرمة اليد قال :ل تقطع أيد كثية
فيما أوجب الشارع فيه القطع .ما يعتب ف الوضع السروق منه :وأما الوضع السروق
منه فإنه يعتب فيه الرز .والرز هو الوضع العد لفظ الشئ ،مثل الدار والد كان
والصطبل والراح ،والرين ،ونو ذلك .ول يرد فيه ضابط من جهة الشرع ول من
جهة اللغة وإنا يرجع فيه إل العرف ،واعتب الشرع للحرز لنه دليل على عناية صاحب
الال به وصيانته له والحافظة عليه من التعرض للضياع ،ودليل ذلك ما رواه عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد سأله رجل عن
الريسة ( ) 1الت توجد ف مراتعها ،قال :فيها ثنها مرتي وضرب نكال ،وما أخذ
من عطنه ( ) 2ففيه القطع إذا ( هامش ) ( ) 1الريسة :هي الت ترعى ف القل
وعليها حرس ) 2 ( .العطن :الظية / ) . ( .صفحة / 499بلغ ما يؤخذ من ذلك
ثن الجن ( ) 1قال :يارسول ال فالثوب وما أخذ منها ف أكمامها قال " :من أخذ
بفيه ول يتخذ خبنة ( ) 2فليس عليه شئ ،ومن احتمل فعليه ثنه مرتي وضرب نكال ،
وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثن الجن " .رواه أحد
والنسائي والاكم وصححه وحسنه الترمذي .وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال " :ل قطع ف تر معلق ول ف حريسة البل ،فإذا
366
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أواه الراح أو الرين ( . ) 3فالقطع فيما بلغ ثن الجن " .ففي هذين الديثي اعتبار
الرز .قال ابن القيم :فإنه صلى ال عليه وسلم أسقط القطع عن سارق الثمار من
الشجرة وأوجبه على سارقه من الرين .وعند أب حنيفة رحه ال أن هذا لنقصان ماليته
لسراع الفساد إليه ،وجعل هذا أصل ف كل ما نقصت ماليته بإسراع الفساد إليه إليه
وقول المهور أصح ،فإنه صلى ال عليه وسلم جعل له ثلثة أحوال :حالة ل شئ
فيها ،وهي ما إذا أكل منه بفيه وحالة يغرم مثليه ويضرب من غي قطع ،وهي ما إذا
أخرجه من شجره وأخذه ،وحالة يقطع فيها ،وهو ما إذا سرقه من بيدره ،سواء كان
انتهى جفافه أم ل ينته ،فالعبة بالكان والرز ل بيبسه ورطوبته ،ويدل عليه أنه صلى
ال عليه وسلم أسقط القطع عن سارق الشاة من مرعاها ،وأوجبه على سارقها من
عطنها فإنه حرز .انتهى .وإل اعتبار الرز ذهب جهور الفقهاء .وخالف ف ذلك
جاعة من الفقهاء ول يشترطوا الرز ف القطع منهم :أحد وإسحاق وزفر ،والظاهرية ،
لن آية " والسارق والسارقة " عامة وأحاديث عمرو بن شعيب ل يصلح لتخصيصها
للختلف الواقع فيها ( .هامش ) ( ) 1أوجب القطع على من سرق الشاة من عطنها ،
وهو حرزها ،وأسقطه عمن سرقها من مرعاها .وف هذا دليل على اعتبار الرز ) 2 ( .
أي ل يأخذ شيئا من السروق ف طرف ثوبه ) 3 ( .الرين :موضع تفيظ الثمار . ( .
) /صفحة / 500ورد ذلك ابن عبد الب فقال :أحاديث عمرو بن شعيب العمل با
واجب إذا رواها الثقات .اختلف الرز باختلف الموال :والرز متلف باختلف
الموال ،ومرجع ذلك إل العرف فقد يكون الشئ حرزا ف وقت دون وقت .فالدار
حرز لا فيها من أثاث ،والرين حرز للثمار ،والصطبل حرز للدواب ،والراح للغنم ،
وهكذا .النسان حرز لنفسه :والنسان حرز لثيابه ولفراشه الذي هو نائم عليه سواء
كان ف السجد أم ف خارجه .فمن جلس ف الطريق ومعه متاعه فإنه يكون مرزا به ،
سواء أكان مستيقظا أم نائما .فمن سرق من إنسان نقوده أو متاعه قطع بجرد الخذ
لزوال يد الالك عنه .واشترط الفقهاء ف النائم أن يكون السروق تت جنبه أو تت
رأسه واستدلوا با أخرجه أحد وأبو داود وابن ماجاه والنسائي والاكم عن صفوان ابن
أمية قال :كنت نائما ف السجد على خيصة ل فسرقت ،فأخذنا السارق فرفعناه إل
367
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فأمر بقطعه ،فقلت :يارسول ال أف خيصة ،ثن
ثلثي درها .أنا أهبها له ؟ .قال " :فهل كان قبل أن تأتين " " .أي فهل عفوت عنه
ووهبت له قبل أن تأتين " .وف هذا الديث دليل على أن الطالبة بالسروق شرط ف
القطع ( ، ) 1فلو وهبه السروق منه إياه ،أو باعه قبل رفعه إل الاكم سقط عن
السارق .كما صرح بذلك النب صلى ال عليه وسلم حيث قال " :هل كان قبل أن
تأتين به ! ؟ " ( .هامش ) ( ) 1سيأت مزيد بيان لذه السألة / ) . ( .صفحة / 501
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 501
الطرار :واختلفوا ف الطرار ( . ) 1فقالت طائفة :يقطع مطلقا سواء أوضع يده داخل
الكم وأخرج الال أو شق الكم فسقط الال فأخذه .وهو قول مالك ،والوزاعي وأب
ثور ،ويعقوب ،والسن ،وابن النذر .وقال أبو حنيفة ،وممد بن السن ،وإسحق :
إن كانت الدراهم مصرورة ف ظاهر كمه فطرها فسرقها ل يقطع ،وإن كانت مصرورة
إل داخل الكم فأدخل يده فسرقها قطع .السجد حرز :والسجد حرز لا يعتاد وضعه
فيه من البسط والصر والقناديل والنجف .وقد قطع رسول ال صلى ال عليه وسلم
سارقا سرق ترسا كان ف صفة النساء ف السجد ثنه ثلثة دراهم .أخرجه أحد ،وأبو
داود ،والنسائي .وكذلك إذا سرق باب السجد أو ما يزين به ما له قيمة ،لنه مال
مرز ل شبهة فيه .وخالف الشافعية ف قناديل السجد وحصرها ،فمن سرقها ل يقطع ،
لن ذلك جعل لنفعة السلمي ،وللسارق فيها حق .اللهم إل إذا كان السارق ذميا فإنه
يقطع ،لنه ل حق له فيها .السرقة من الدار :اتفق الفقهاء على أن الدار ل تكون حرزا
إل إذا كان بابا مغلقا .كما اتفقوا على أن من سرق من دار غي مشتركة ف السكن ل
يقطع حت يرج من الدار .واختلفوا ف مسائل من ذلك ذكرها صاحب كتاب الفصاح
عن معان الصحاح فقال ( :هامش ) ( ) 1الطرار هو الذي يشق كم الرجل ويأخذ ما
فيه .مأخوذ من الطر وهو الشقي ( وهو ما بسمى بالنشال ) / ) . ( .صفحة / 502
واختلفوا فيما إذا اشترك اثنان ف نقب دار فدخل أحدها فأخذ التاع وناوله الخر وهو
خارج الرز وهكذا إذا رمى به إليه فأخذه .فقال مالك والشافعي وأحد :القطع على
368
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الداخل دون الارج .وقال أبو حنيفة :ل يقطع منهما أحد .واختلفوا فيما إذا اشترك
جاعة ف نقب ودخلوا الرز وأخرج بعضهم نصابا ول يرج الباقون شيئا ول يكن منهم
معاونة ف إخراجه .فقال أبو حنيفة وأحد :يب القطع على جاعتهم .وقال مالك
والشافعي :ل يقطع إل الذين أخرجوا التاع واختلفوا فيما إذا قرب الداخل التاع إل
النقب وتركه فأدخل الارج يده فأخرجه من الرز .فقال أبو حنيفة :ل قطع عليهما .
وقال مالك :يقطع الذي أخرجه قول واحدا وف الداخل الذي قربه خلف بي أصحابه
على قولي .وقال الشافعي :القطع على الذي أخرجه خاصة .وقال أحد :عليهما
القطع جيعا .وذكر الشيخ أبو إسحاق ف الهذب قال " :وإن نقب رجلن حرزا فأخذ
أحدها الال ووضعه على بعض النقب وأخذه الخر ففيه قولن :أحدها أنه يب عليهما
القطع لنا لو ل نوجب عليهما القطع صار هذا طريقا إل إسقاط القطع ،والثان :أنه ل
يقطع واحد منهما كقول أب حنيفة وهو الصحيح ،لن كل واحد منهما ل يرج الال
من الرز .وإن نقب أحدها الرز ودخل الخر وأخرج الال ففيه طريقان ،من أصحابنا
من قال :فيه قولن كالسألة قبلها ومنهم من قال :ل يب القطع قول واحدا لن
أحدها نقب ول يرج الال والخر أخرج من غي حرز " .ب يثبت الد ؟ وهل يتوقف
على طلب السروق منه ؟ :ل يقام الد إل إذا طالب السروق منه بإقامته ( ) 1لن
ماصمته الجن عليه ( هامش ) ( ) 1هذا مذهب أب حنيفة وأحد ف أظهر روايتيه
وأصحاب الشافعي وقال مالك :ل يفتقر إل الطالبة / ) . ( .صفحة / 503ومطالبته
بالسروق شرط ويثبت الد بشهادة عدلي أو بالقرار ويكفي فيه مرة واحدة عند مالك
والشافعية والحناف لن النب صلى ال عليه وسلم قطع يد سارق الجن وسارق رداء
صفوان ،ول ينقل أنه أمره بتكرار القرار .وما وقع من التكرار ف بعض الالت فهو
من باب التثبت .ويرى أحد وإسحاق وابن أب ليلى أنه ل بد من تكراره مرتي .دعوى
السارق اللكية :وإذا ادعى السارق أن ما أخذه من الرز ملكه بعد قيام البينة عليه بأنه
سرق من الرز نصابا فقال مالك :يب عليه القطع بكل حال ول يقبل دعواه وقال أبو
حنيفة والشافعي ل يقطع وساه الشافعي " :السارق الظريف " تلقي السارق ما يسقط
الد :ويندب للقاضي أن يلقن السارق ما يسقط الد ،لا رواه أبو أمية الخزومي أن
369
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
النب صلى ال عليه وسلم أت بلص اعترف ،ول يوجد معه متاع .فقال له رسول ال
صلى ال عليه وسلم :ما إخالك سرقت ( ) 1؟ قال :بلى ،مرتي أو ثلثا .رواه أحد
،وأبو داود ،والنسائي ،ورجاله ثقات .وقال عطاء :كان من قضى ( ) 2يؤتى إليهم
بالسارق ،فيقول :أسرقت ؟ قل :ل .وسى ( ) 3أبا بكر وعمر رضي ال عنهما وعن
أب الدرداء .أنه أت بارية سرقت فقال لا :أسرقت ؟ قول :ل .فقالت :ل .فخلى
سبيلها .وعن عمر أنه أت برجل سرق فسأله " أسرقت ؟ قل :ل .فقال :ل " فتركه .
عقوبة السرقة :إذا ثبتت جرية السرقة وجب إقامة الد على السارق فتقطع يده اليمن
( هامش ) ( ) 1إخالك :أي أظنك .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 503
( ) 2من قضى :أي من تول القضاء ) 3 ( .أي ذكر أن أبا بكر وعمر كانا يفعلن
ذلك حينما توليا القضاء / ) . ( .صفحة / 504من مفصل الكف وهو الكوع ( ) 1
لقوله تعال " :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " ول يوز العفو عنها من أحد ل من
الجن عليه ول من الاكم ،كما ل يوز أن تستبدل با عقوبة أخرى أخف منها أو
تأخي تنفيذها أو تعطيلها ،خلفا للشيعة الذين يرون أن القطع يسقط عن السارق بعفو
الجن عليه ف السرقة وكذلك يرون أن للمام مع وجوب إقامة الد أن يسقط العقوبة
عن بعض الناس لصلحة ،وله تأخيها عن بعضهم لصلحة ،وهذا مالف لماعة أهل
السنة الذين يروون عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قوله " :تافوا العقوبة بينكم ،
فإذا انتهي با إل المام فل عفا ال عنه إن عفا " .فإذا سرق ثانيا تقطع رجله ،ث إن
الفقهاء اختلفوا فيما إذا سرق ثالثا بعد قطع يده ورجله .فقال أبو حنيفة :يعزر ويبس .
وقال الشافعي وغيه :تقطع يده اليسرى ،ث إذا عاد إل السرقة تقطع رجله اليمن ث إذا
سرق يعزر ويبس .حسم يد السارق إذا قطعت :وتسم يد السارق بعد القطع ،
فتكوى بالنار ،أو تتخذ أي طريقة من الطرق حت ينقطع الدم فل يتعرض القطوع للتلف
واللك .فعن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أت بسارق قد سرق شلة
فقالوا :يارسول ال ،إن هذا قد سرق :فقال رسول ال صلى ال عليه ( هامش ) (
370
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
) 1كان القطع معمول به ف الاهلية فأقره السلم مع زيادة شروط أخرى :ويقال إن
أول من قطع اليدي ف الاهلية قريش ،قطعوا رجل يقال له دويك مول لبن مليح بن
عمرو بن خزاعة كان قد سرق كن الكعبة ويقال :سرقه قوم فوضعوه عنده قال القرطب
:وقد قطع السارق ف الاهلية وأول من حكم بقطعه ف الاهلية الوليد بن الغية فأمر ال
بقطعه ف السلم ،وكان أول سارق قطعه رسول ال صلى ال عليه وسلم ف السلم
من الرجال اليار ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف ومن النساء مرة بنت سعان بن عبد
السد من بن مزوم وقطع أبو بكر اليمن الذي سرق العقد وهو رجل من أهل اليمن
أقطع اليد والرجل وقد كان سرق عقدا لساء بنت عميس زوج أب بكر الصديق رضي
ال عنه فقطع يده اليسرى .وقطع عمر يد ابن سرة أخي عبد الرحن بن سرة / ) . ( .
صفحة / 505وسلم " :ما أخاله سرق ( ، " ) 1فقال السارق :بلى يارسول ال .
فقال " :اذهبوا به فاقطعوه ث احسموه ( ، ) 2ث ائتون به " ،فقطع فأت به .فقال :
تب إل ال .قال :قد تبت إل ال .فقال " :تاب ال عليك " .رواه الدار قطن ،
والاكم ،والبيهقي ،وصححه ابن القطان .تعليق يد السارق ف عنقه :ومن التنكيل
بالسارق والزجر لغيه ،أمر الشارع بتعليق يد السارق القطوعة ف عنقه .روى أبو داود
والنسائي والترمذي :وقال " حسن ( ) 3غريب ،عن عبد ال بن مييز قال :سألت
فضالة عن تعليق يد السارق ف عنقه :أمن السنة هو ؟ فقال :أت رسول ال صلى ال
عليه وسلم بسارق فقطعت يده ،ث أمر با فعلقت ف عنقه .اجتماع الضمان والد :إذا
كان السروق قائما رد إل صاحبه ،لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم " :على اليد
ما أخذت حت تؤديه " وهذا مذهب الشافعي وأحد وإسحاق .فإذا تلف السروق ف يد
السارق ضمن بدله ،وقطع ول ينع أحدها الخر ،لن الضمان الق الدمي ،والقطع
يب ل تعال ،فل ينع أحدها الخر كالدية والكفارة .وقال أبو حنيفة :إذا تلف
السروق فل يغرم السارق لنه ل يتمع الغرم مع القطع بال لن ال ذكر القطع ول
يذكر الغرم .وقال مالك وأصحابه :إن تلف ،فإن كان موسرا غرم ،وإن كان معسرا
ل يكن عليه شئ ( .هامش ) ( ) 1ف هذا إياء للسارق بعدم القرار وبالرجوع عنه .
( ) 2ف هذا دليل على أن نفقة السم ومؤنته ليست على السارق وإنا هي ف بيت الال
371
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
) 3 ( .ف إسناده الجاج بن أرطأة قال النسائي :هو ضعيف ل يتج بديثه / ) . ( .
صفحة / 506النايات النايات جع جناية ،مأخوذة من جن ين بعن أخذ ،يقال ،
جن الثمر إذا أخذه من الشجر .ويقال أيضا جن على قومه جناية ،أي أذنب ذنبا
يؤاخذ به .والراد بالناية ف عرف الشرع :كل فعل مرم .والفعل الحرم :كل فعل
حظره الشارع ومنع منه ،لا فيه من ضرر واقع على الدين ،أو النفس ،أو العقل ،أو
العرض ،أو الال .وقد اصطلح الفقهاء على تقسيم هذه الرائم إل قسمي ( .القسم
الول ) ويسمى برائم الدود ( .والقسم الثان ) ويسمى برائم القصاص .وهي
النايات الت تقع على النفس أو على ما دونا من جرح أو قطع عضو ،وهذه هي أصول
الصال الضرورية الت يب الحافظة عليها صيانة للناس وحفاظا على حياتم الجتماعية .
وقد تقدم الكلم على جرائم الدود وعقوباتا وبقي أن نتكلم على جرائم
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 506
القصاص .ونبدأ بتمهيد ف وجهة السلم ف الحافظة على السلم متبعي ذلك بالكلم
عن القصاص بي الاهلية والسلم ،ث الكلم عن القصاص ف النفس والقصاص فيما
دونا .وأما النايات ف القانون فهي أخطر الرائم ،وقد حددتا الادة 10من قانون
العقوبات بأنا الرائم العاقب عليها بالعدام ،أو الشغال الشاقة الؤبدة ،أو الشغال
الشاقة الؤقتة ،أو السجن / .صفحة / 507الحافظة على النفس كرامة النسان :ان
ال سبحانه كرم النسان :خلقه بيده ،ونفخ فيه من روحه ،وأسجد له ملئكته ،
وسخر له ما ف السموات وما ف الرض جيعا منه ،وجعله خليفة عنه ،وزوده بالقوى
والواهب ليسود الرض ،وليصل إل أقصى ما قدر له من كمال مادي واترقاء روحي .
ول يكن أن يقق النسان أهدافه ،ويبلغ غاياته إل إذا توفرت له جيع عناصر النمو ،
وأخذ حقوقه كاملة .وف طليعة هذه القوق الت ضمنها السلم :حق الياة ،وحق
التملك ،وحق صيانة العرض ،وحق الرية ،وحق الساواة ،وحق التعلم .قال ال
تعال :وهذه القوق ،واجبة للنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن لونه ،أو دينه
،أو جنسه ،أو وطنه ،أو مركزه الجتماعي " .ولقد كرمنا بن آدم وحلناهم ف الب
372
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والبحر ورزقناهم من الطيبات ،وفضلناهم على كثي من خلقنا تفضيل " ( . ) 1وقد
خطب رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حجة الوداع فقال " :أيها الناس ،ان دماءكم
وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ،ف شهركم هذا ،ف بلدكم هذا .أل هل
بلغت ،اللهم فاشهد ،كل السلم على السلم حرام :دمه وماله ،وعرضه " .حق الياة
:وأول هذه القوق وأولها بالعناية حق الياة ،وهو حق مقدس ل يل انتهاك حرمته
ول استباحة حاه .يقول ال سبحانه " :ول تقتلوا النفس الت حرم ال إل بالق " ( ) 2
( هامش ) ( ) 1سورة السراء :آية ) 2 ( . 70سورة السراء :الية / ) . ( . 33
صفحة / 508والق الذي تزهق به النفوس .هو ما فسره الرسول صلى ال عليه وسلم
ف قوله عن ابن مسعود رضي ال عنه " :ل يل دم امرئ مسلم يشهد أن لإله إل ال ،
وأن رسول ال إل بإحدى ثلث ،الثيب ( ) 1الزان ،والنفس بالنفس ( ، ) 2والتارك
لدينه الفارق للجماعة ( . " ) 3رواه البخاري ومسلم .ويقول ال سبحانه وتعال " :
ول تقتلوا أولدكم خشية إملق نن نرزقهم وإياكم ،إن قتلهم كان خطأ كبيا " 4 ( .
) ويقول سبحانه " :وإذا الوءودة سئلت ،بأي ذنب قتلت " ( . ) 5وال سبحانه جعل
عذاب من سن القتل عذابا ل يعله لحد من خلقه .يقول الرسول صلى ال عليه وسلم
عليه وسلم " :ليس من نفس تقتل ظلما إل كان على ابن آدم كفل من دمها ،لنه كان
أول من سن القتل " ( . ) 6رواه البخاري ومسلم .ومن حرص السلم على حاية
النفوس أنه هدد من يستحلها بأشد عقوبة .فيقول ال تعال " :ومن يقتل مؤمنا متعمدا ،
فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب ال عليه ،ولعنه وأعد له عذابا عظيما " ( . ) 7فبهذه
الية تقرر أن عقوبة القاتل ف الخرة العذاب الليم ،واللود القيم ( هامش ) ( ) 1
الثيب الزان :التزوج ) 2 ( .النفس بالنفس :أي فقتل النفس الت قتلت نفسا عمدا بغي
حق بقتل النفس ) 3 ( .التارك لدينه الفارق للجماعة :أي الرتد عن دين السلم ( .
) 4سورة السراء ،الية ) 5 ( . 31 :سورة التكوير :اليتان ) 6 ( . 9 ، 8هو
قابيل الذي قتل هابيل .والكفل :النصيب .قال النووي :هذا الديث من قواعد
السلم ،وهو أن كل من ابتدع شيئا من الشر كان عليه وزر كل من اقتدى به ف ذلك
العمل ،مثل عمله يوم القيامة ) 7 ( .سورة النساء :الية / ) . ( . 93صفحة 509
373
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
/ف جهنم ،والغضب واللعنة والعذاب العظيم .ولذا قال ابن عباس رضي ال عنهما " :
ل توبة لقاتل مؤمن عمدا " .لنا آخر ما نزل ،ول ينسخها شئ ،وإن كان المهور
على خلفه .ورسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :لزوال الدنيا أهون على ال من
قتل مؤمن بغي حق " .رواه ابن ماجه بسند حسن عن الباء .وروى الترمذي بسند
حسن عن أب سعيد رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :لو أن أهل
السماء وأهل الرض اشتركوا ف دم مؤمن ،لكبهم ال ف النار " .وروى البيهقي عن
ابن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من أعان على دم
امرئ مسلم بشطر كلمة ،كتب بي عينيه يوم القيامة :آيس من رحة ال " .ذلك أن
القتل هدم لبناء أراده ال ،وسلب لياة الجن عليه ،واعتداء على عصبته الذين يعتزون
بوجوده ،وينتفعون به ،ويرمون بفقده العون ،ويستوي ف التحري قتل السلم و الذمي
وقاتل نفسه .ففي قتل الذمي جاءت الحاديث مصرحة بوجوب النار لن قتله .روى
البخاري عن عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما أن رسول
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 509
ال صلى ال عليه وسلم قال " :من قتل معاهدا ( ، ) 1ل يرح رائحة النة ،وإن ريها
بوجد من مسية أربعي عاما " ( . ) 2وأما قاتل نفسه فال سبحانه و تعال يذر من
ذلك فيقول ( :هامش ) ( ) 1العاهد :من له عهد مع السلمي -إما بأمان من مسلم
-أو هدنة من حاكم -أو عقد جزية ) 2 ( .وعدم وجدان رائحتها يستلزم عدم
دخولا .قال الافظ ف الفتح :إن الراد بذا النفي -وإن كان عاما -التخصيص بزمان
ما ،لتعاضد الدلة الفعلية والنقلية :أي من مات مسلما ،وكان من أهل الكبائر فهو
مكوم بإسلمه غي ملد ف النار ،ومآله النة ولو عذب قبل ذلك .انتهى / ) . ( .
صفحة / 510
374
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" ول تلقوا بأيديكم إل التهلكة " ( . ) 1ويقول " :ول تقتلوا أنفسكم إن ال كان
بكم رحيما " ( . ) 2وروى البخاري ومسلم عن أب هريرة رضي ال عنه أن الرسول
صلى ال عليه وسلم قال " :من تردى ( ) 3من جبل فقتل نفسه فهو ف نار جهنم
يتردى فيها خالدا ملدا فيها أبدا ،ومن تسى سا فقتل نفسه فسمه ف يده يتحساه ف نار
جهنم خالدا ملدا فيها أبدا ،ومن قتل نفسه بديدة فحديدته ف يده يتوجأ ( ) 4با ف
نار جهنم خالدا ملدا فيها أبدا " .وروى البخاري عن أب هريرة أيضا أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :الذي ينق نفسه ينقها ف النار ،والذي يطعن نفسه يطعن
نفسه ف النار .والذي يقتحم ( ) 5يقتحم ف النار " .وعن جندب بن عبد ال قال :
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :كان فيمن قبلكم رجل به جرح ،فجزع ،فأخذ
سكينا فحز با يده فما رقأ الدم حت مات ( ) 6قال ال تعال " :بادرن عبدي بنفسه :
حرمت عليه النة " .رواه البخاري .وثبت ف الديث " من قتل نفسه بشئ عذب به
يوم القيامة " .ومن أبلغ ما يتصور ف التشنيع على القتلة بالضافة إل ما سبق أن السلم
اعتب القاتل لفرد من الفراد كالقاتل للفراد جيعا ،وهذا أبلغ ما يتصور من التشنيع على
ارتكاب هذه الرية النكراء .يقول سبحانه " :أنه من قتل نفسا بغي نفس أو فساد ف
الرض فكأنا قتل الناس ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة :الية ) 2 ( . 195سورة
النساء :الية ) 3 ( . 29التردي :السقوط .أي أسقط نفسه متعمدا مثل ) 4 ( .
يتوجأ :يضرب با نفسه ) 5 ( .يقتحم :يرمي نفسه ) 6 ( .أي ما انقطع حت مات .
( / ) .صفحة / 511جيعا .ومن أحياها فكأنا أحيا الناس جيعا " ( . ) 1ولعظم
أمر الدماء وشدة خطورتا ،كانت هي أول ما يقضى فيها بي الناس يوم القيامة ( ) 2
كما رواه مسلم .وقد شرع ال سبحانه القصاص واعدام القاتل انتقاما منه ،وزجرا لغيه
،وتطهيا للمجتمع من الرائم الت يضطرب فيها النظام العام ،ويتل معها المن .فقال
" :ولكم ف القصاص حياة يا أول اللباب ،لعلكم تتقون " ( . ) 3وهذه العقوبة
مقررة ف جيع الشرائع اللية التقدمة .ففي الشريعة الوسوية جاء بالفصل الادي
والعشرين من سفر الروج " :أن من ضرب إنسانا فمات فليقتل قتل ،وإذا بغى رجل
على آخر فقتله اغتيال فمن قدام مذبي تأخذه ليقتل ،ومن ضرب أباه وأمه يقتل قتل ،
375
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وإن حصلت أذية فأعط نفسا بنفس ،وعينا بعي ،وسنا بسن ،ويدا بيد ،ورجل برجل
،وجرحا برح ،ورضا برض " وف الشريعة السيحية يرى البعض أن قتل القاتل ل يكن
من مبادئها مستدلي على ذلك با ورد بالصحاح الامس من إنيل مت من قول عيسى
عليه السلم " :ل تقاوموا الشر ،بل من لطمك على خدك الين فحول له خدك الخر
أيضا .ومن رأى أن ياصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ،ومن سخرك ميل
واحدا فاذهب معه اثني .ويرى البعض الخر أن الشريعة السيحية عرفت عقوبة العدام
مستدل على ذلك با قاله عيسى عليه السلم " :ما جئت لنقض الناموس ،وإنا جئت
لتم " .وقد تأيد هذا النظر با ورد ف القرآن الكري ( :هامش ) ( ) 1سورة الائدة :
الية ) 2 ( . 32وهذا فيما بي العباد ،وأما حديث :أول ما ياسب به العبد الصلة
فهو فيما بي العبد وبي ال ) 3 ( .سورة البقرة :الية / ) . ( . 179صفحة / 512
" ومصدقا لا بي يدي من التوراة " .وإل هذا تشي الية الكرية " :وكتبنا عليهم فيها
أن النفس بالنفس ،والعي بالعي ،والنف بالنف ،والذن بالذن ،والسن بالسن ،
والروح قصاص " ( ) 1ول تفرق الشريعة بي نفس ونفس ،فالقصاص حق ،سواء
أكان القتول كبيا أم صغيا ،رجل أم امرأة .فلكل حق الياة ،ول يل التعرض لياته
با يفسدها بأي وجه من الوجوه ،وحت ف قتل الطأ ،ل يعف ال تعال القاتل من
السئولية ،وأوجب فيه :العتق ،والدية ،فقال سبحانه " :وما كان لؤمن أن يقتل مؤمنا
،إل خطأ ،ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ،ودية مسلمة إل أهله ،إل أن
يصدقوا " ( . ) 2وهذه العقوبة الالية إنا أوجبها السلم ف القتل الطأ احتراما للنفس
حت ل يتسرب إل ذهن أحد هوانا ،وليحتاط الناس فيما يتصل بالنفوس والدماء ،
ولتسد ذرائع الفساد ،حت ل يقتل أحد أحدا ويزعم أن القتل كان خطأ .ومن شدة
عناية السلم بماية النفس أنه حرم إسقاط الني بعد أن تدب الياة فيه ،إل إذا كان
هناك سبب حقيقي يوجب إسقاطه ،كالوف على أمه من الوت ،ونو ذلك ،
وأوجب ف إسقاطه بغي حق غرة .القصاص بي الاهلية والسلم قام نظام القصاص ف
العرب على أساس أن القبيلة كلها تعتب مسئولة عن الناية الت يقترفها فرد من أفرادها ،
إل إذا خلعته وأعلنت ذلك ف الجتمعات العامة .
376
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 512
ولذا كان ول الدم يطالب بالقصاص من الان وغيه من قبيلته ،ويتوسع ف هذه الطالبة
توسعا ربا أوقد نار الرب بي قبيلت الان والجن عليه ( .هامش ) ( ) 1سورة الائدة
:الية ) 2 ( . 45سورة النساء :الية / ) . ( . 92صفحة / 513وقد تزداد
الطالبة بالتوسع إذا كان الجن عليه شريفا أو سيدا ف قومه .على أن بعض القبائل كثيا
ما كان يهمل هذه الطالبة ،ويبسط حايته على القاتل ول يعي أولياء القتول أي اهتمام ،
فكانت تنشب الروب الت تودي بأنفس الكثي من البرياء .فلما جاء السلم وضع
حدا لذا النظام الائر ،وأعلن أن الان وحده هو السئول عن جنايته ،وهو الذي يؤخذ
بريرته فقال " :يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ف القتلى ( ) 1الر بالر ،
والعبد بالعبد ،والنثى بالنثى ،فمن عفي له من أخيه شئ ،فاتباع بالعروف ( ) 2
وأداء إليه بإحسان .ذلك تفيف من ربكم ورحة ،فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم
،ولكم ف القصاص حياة يأول اللباب لعلكم تتقون " ) 3 ( .إذا اختاروا القصاص
دون العفو :قال البيضاوي ف تفسي هذه الية " :كان ف الاهلية بي حيي من أحياء
العرب دماء ،وكان لحدها طول على الخر ،فأقسموا لنقتلن الر منكم بالعبد ،
والذكر بالنثى ،فلما جاء السلم تاكموا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
فنلت ،وأمرهم أن يتبارأوا " انتهى .والية تشي إل ما يأت - 1 :أن ال سبحانه أبطل
النظام الاهلي ،وفرض الماثلة والساواة ف القتلى .فإذا اختاروا القصاص دون العفو ،
فأرادوا إنفاذه ،فإن الر يقتل إذا قتل حرا ،والعبد يقتل إذا قتل عبدا مثله ،والرأة تقتل
إذا قتلت امرأة ( .هامش ) ( ) 1التقلى :جع قتيل ) 2 ( .فاتباع بالعروف :مأخوذ
من اقتصاص الثر :أي تتبعه ،لن الجن عليه يتبع الناية ،فيأخذ مثلها ) 3 ( .سورة
البقرة :الية / ) . ( . 178صفحة / 514قال القرطب " :وهذه الية جاءت مبينة
حكم النوع إذا قتل نوعه فبيتت حكم الر إذا قتل حرا ،والعبد إذا قتل عبدا ،والنثى
إذا قتلت أنثى ،ول تتعرض لحد النوعي إذا قتل الخر .فالية مكمة ،وفيها إجال
يبينه قوله تعال " :وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس " إل آخر الية .وبينه النب صلى
377
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ال عليه وسلم لا قتل اليهودي بالرأة .قاله ماهد - 2 .فإذا عفا ول الدم عن الان فله
أن يطالبه بالدية على أن تكون الطالبة بالعروف ،ل يالطها عنف ول غلظة ،وعلى
القاتل أداء الدية إل العاف بل ماطلة ولبس - 3 .وهذا الكم الذي شرعه ال من
جواز القصاص والعفو عنه إل الدية تيسي من ال ورحة حيث وسع المر ف ذلك ،فلم
يتم واحدا منهما - 4 .فمن اعتدى على الان فقتله بعد العفو عنه ،فله عذاب أليم ،
إما بقتله ف الدنيا أو عذابه بالنار ف الخرة .روى البخاري عن ابن عباس رضي ال
عنهما .قال " :كان ف بن اسرائيل القصاص ،ول تكن فيهم الدية ،فقال ال لذه
المة " :كتب عليكم القصاص ف القتلى " . . .الية " فمن عفي له من أخيه شئ "
قال " :فالعفو " أن يقبل ف العمد الدية ،و " التباع بالعروف " أن يتبع الطالب
بعروف ،ويؤدي إليه الطلوب بإحسان " .ذلك تفيف من ربكم ورحة " فيما كتب
على من كان قبلكم - 5 .وقد شرع ال القصاص لن فيه الياة العظيمة ،والبقاء للناس
،فإن القاتل إذا علم أنه سيقتل ارتدع ،فأحيا نفسه من جهة ،وأحياء من كان يريد قتله
من جهة أخرى - 6 .وقد أبقى السلم جعل الولية ف طلب القصاص لول القتول
على على ما كان عليه عند العرب / .صفحة / 515يقول ال تعال " :ومن قتل
مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ،فل يسرف ف القتل إنه كان منصورا " .والقصود
بالول هو من له القيام بالدم ،وهو الوارث للمقتول ( ، ) 1فهو الذي له حق الطالبة
دون السلطة الاكمة ،فلو ل يطالب هو بالقصاص فإنه ل يقتص من الان .والسلطان
:التسلط على القاتل ،وإنا كان ذلك كذلك مافة أن يصدر العفو من غي رضا منه ،
وهوالذي اكتوى بنار الرية فتثور نفسه ويعمد إل الخذ بالثأر ،ويتكرر القتل والجرام
- 7 .قال صاحب النار معلقا على هذه الية :فالية الكيمة قررت أن الياة هي
الطلوبة بالذات ،وأن القصاص وسيلة من وسائلها ،لن من علم أنه إذا قتل نفسا يقتل
با يرتدع عن القتل ،فيحفظ الياة على من أراد قتله وعلى نفسه ،والكتفاء بالدية ل
يردع كل أحد عن سفك دم خصمه إن استطاع " .فإن من الناس من يبذل الال الكثي
لجل اليقاع بعدوه " .وف الية من براعة العبارة وبلغة القول ما يذهب باستبشاع
إزهاق الروح ف العقوبة .ويوطن النفس على قبول حكم الساواة ،إذ ل يسم العقوبة
378
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قتل أو إعداما ،بل ساها مساواة بي الناس تنطوي على حياة سعيدة لم "
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 515
القصاص ف النفس ليس كل اعتداء على النفس بوجب للقصاص ،فقد يكون العتداء
عمدا ،وقد يكون شبه عمد ،وقد يكون خطأ ،وقد يكون غيذلك .ومن ث وجب أن
نبي أنواع القتل ،ونبي النوع الذي يب القصاص بقتضاه ( .هامش ) ( ) 1هذا رأي
المهور ،وقال مالك :هم العصبة / ) . ( .صفحة / 516أنواع القتل القتل أنواع
ثلثة - 1 :عمد - 2 .شبه عمد - 3 .خطأ .القتل العمد :فالقتل العمد هو :أن
يقصد الكلف قتل إنسان معصوم الدم ( ) 1با يغلب على الظن أنه يقتل به .ويفهم من
هذا التعريف أن جرية القتل العمد لتتحقق إل إذا توفرت فيها الركان التية - 1 :أن
يكون القاتل عاقل ،بالغا ،قاصدا القتل .أما اعتبار العقل والبلوغ ،فلحديث علي
رضي ال عنه وكرم ال وجهه أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :رفع القلم عن ثلث
:عن الجنون حت يفيق ،وعن النائم حت يستيقظ وعن الصب حت يتلم " .رواه
أحد ،وأبو داود ،والترمذي .وأما اعتبار العمد ،فلما رواه أبو هريرة رضي ال عنه .
قال " :قتل رجل ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فرفع ذلك إل النب صلى ال
عليه وسلم فدفعه إل ول القتول ،فقال القاتل :يا رسول ال ،وال ما أردت قتله ،
فقال النب صلى ال عليه وسلم للول " :أما إنه إن كان صادقا ث قتلته دخلت النار "
فخله الرجل ،وكان مكتوفا بنسعة ( ) 2فخرج ير نسعته .قال :فكان يسمى ( ذا
النسعة ) " .رواه أبو داود ،والنسائي وابن ماجه ،والترمذي وصححه .وروى أبو
داود أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :العمد قود ،إل أن يعفو ول القتول " .
وروى ابن ماجه أنه صلى ال عليه وسلم قال ( :هامش ) ( ) 1أي ل يستحق القتل
شرعا ) 2 ( .النسعة :سي من اللد / ) . ( .صفحة " / 517من قتل عامدا فهو قود
،ومن حال بينه وبينه فعليه لعنة ال واللئكة والنا س أجعي ،ل يقبل ال منه صرفا
ولعدل " - 2 .أن يكون القتول آدميا ،ومعصوم الدم :أي أن دمه غي مباح - 3أن
تكون الداة الت استعملت ف القتل ما يقتل با غالبا .فإذا ل تتوفر هذه الركان .فإن
379
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
القتل ل يعتب قتل عمدا .أداة القتل :ول يشترط ف الداة الت يقتل با سوى أنا ما
تقتل غالبا ،سواء أكانت مددة أم متلفة لتماثلهما ف إزهاق الروح .وقد روى البخاري
ومسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم رض ( ) 1رأس يهودي بي حجرين ،وكان
فعل ذلك بارية من الواري .وهذا الديث حجة على أب حنيفة ،والشعب ،
والنخعي ،الذين يقولون بأنه ل قصاص ف القتل بالثقل .ومن هذا القبيل القتل بالحراق
بالنار ،والغراق بالاء ،واللقاء من شاهق ،وإلقاء حائط عليه ،وخنق النفاس ،
رحبس النسان ،ومنع الطعام والشراب عنه حت يوت جوعا ،وتقديه ليوان مفترس .
ومنه ما إذا شهد الشهود على إنسان معصوم الدم با يوجب قتله ،ث بعد قتله يرجعون
عن الشهادة ،ويقولون :تعمدنا قتله ،فهذه كلها من الدوات الت غالبا ما تقتل .ومن
قدم طعاما مسموما لغيه ،وهو يعلم أنه مسموم ،دون آكله ،فمات به ،اقتص منه .
روى البخاري ومسلم " :أن يهودية ست النب صلى ال عليه وسلم ف شاة ،فأكل منها
لقمة ،ث لفظها ،وأكل معه بشر بن الباء ،فعفا عنها النب صلى ال عليه وسلم ول
يعاقبها " .أي أنه عفا عنها قبل أن تدث الوفاة لواحه من أكل " فلما مات بشر بن
الباء قتلها به " .لا رواه أبو داود " :أنه صلى ال عليه وسلم أمر بقتلها " ( هامش ) (
) 1رض :كسر / ) . ( .صفحة / 518القتل شبه العمد :والقتل شبه العمد :هو أن
يقصد الكلف قتل إنسان معصوم الدم با ل يقتل عادة ،كأن يضربه بعصا خفيفة أو
حجر صغي ،أو لكزه بيده ،أو سوط ونو ذلك .فإن كان الضرب بعصا خفيفة أو
حجر صغي " ضربة أو ضربتي " فمات من ذلك الضرب ،فهو قتل شبه عمد ( . ) 1
فإن كان الضرب ف مقتل أو كان الضروب صغيا أو كان مريضا يوت من مثل هذا
الضرب غالبا ،أو كان قويا ،غي أن الضارب وال الضرب حت مات فإنه يكون عمدا .
وسي يشبه العمد ،لن القتل متردد بي العمد والطأ ،إذ أن الضرب مقصود ،والقتل
غي مقصود .ولذا أطلق عليه شبه العمد ،فهو ليس عمدا مضا ،ولخطأ مضا .ولا
ل يكن عمدا مضا سقط القود ،لن الصل صيانة الدماء فل تستباح ،إل بأمر بي .
ولا ل يكن خطأ مضا ،لن الضرب مقصود بالفعل دون القتل وجبت فيه دية مغلظة .
روى الدارقطن عن ابن عباس رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :
380
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
العمد قود اليد ،والطأ عقل ل قود فيه ،ومن قتل ف عمية بجر أو عصا أو سوط ،
فهو دية مغلظة ف أسنان البل " .وأخرج أحد وأبو داود عن عمرو بي شعيب عن أبيه
عن جده أن النب صلى ال عليه وسلم قال :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 518
" عقل شبه العمد مغلظ ،كعقل العمد ،ول يقتل صاحبه ،وذلك أن ينو الشيطان بي
الناس ،فتكون الدماء ف غي ضغينة ولحل سلح " ( .هامش ) ( ) 1هذا مذهب أب
حنيفة والشافعي ،وجاهي الفقهاء ،وخالف ف ذلك :مالك والليث ،والادوية :
فذهبوا إل أن القتل إذا كان بآلة ل يقصد بثلها القتل غالبا ،كالعصا والسوط واللطمة
ونو ذلك ،فإنه يعتب عمدا وفيه القصئاص ،إذ الصل عندهم عدم اعتبار اللة ف إزهاق
الروح .فكل ما أزهق الروح أوجب القصاص / ) . ( .صفحة / 519وأخرج أحد ،
وأبو داود ،والنسائي ،أن النب صلى ال عليه وسلم خطب يوم فتح مكة فقال " :أل
وإن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والجر " .القتل الطأ :والقتل الطأ هو :أن
يفعل الكلف ما يباح له فعله ،كأن يرمي صيدا ،أو يقصد غرضا ،فيصيب إنسانا
معصوم الدم فيقتله ،وكأن يفر بئرا ،فيتردى فيها إنسان ،أو ينصب شبكة -حيث ل
يوز -فيعلق با رجل فيقتل ،ويلحق بالطأ القتل العمد الصادر من غي مكلف ،
كالصب والجنون .الثار الترتبة على القتل قلنا إن القتل :عمد ،وشبه عمد ،وخطأ .
ولكل نوع من هذ النواع الثلثة آثار تترتب عليه .وفيما يلي نذكر أثر كل نوع .
موجب القتل الطأ :إن القتل الطأ يوجب أمرين ( :أحدها ) الدية الخففة على العاقلة
،مؤجلة ف ثلث سني .وسيأت ذلك حي الكلم على الدية ( .ثانيهما ) الكفارة ،
وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب الخلة بالعمل والكسب ،فان ل يد صام
شهرين متتابعي ( . ) 1وأصل ذلك قول ال تعال " :وما كان لؤمن أن يقتل مؤمنا ،
إل خطأ .ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إل أهله ،إل أن يصدقوا
.فإن كان من قوم عدولكم وهو مؤمن ،فتحرير ( هامش ) ( ) 1يرى الشافعية أن
كفارة القتل يوز فيها الطعام إن عجز الكفر عن الصيام لكب سن أو مرض أو لقه
381
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مشقة شديدة ،فيطعم ستي مسكينا ،يعطي كل واحد مدا من طعام .وخالفهم الفقهاء
ف ذلك لعدم ورود ما يدل عليه / ) . ( .صفحة / 520رقبة مؤمنة ،وإن كان من
قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إل أهله وترير رقبة مؤمنة ،فمن ل يد فصيام
شهرين متتابعي ،توبة من ال ،وكان ال عليما حكيما " ) 1 ( .وإذا قتل جاعة رجل
خطأ .فقال جهور العلماء :على كل واحد منهم الكفارة .وقال جاعة :عليهم كلهم
كفارة واحدة .الكمة ف الكفارة :قال القرطب " :واختلفوا ف معناها فقيل :أوجبت
تحيصا وطهورا لذنب القاتل .وذنبه ترك الحتياط والتحفظ حت هلك على يديه امرؤ
مقون الدم .وقيل :أوجبت بدل من تعطيل حق ال تعال ف نفس القتيل ،فإنه كان له
ف نفسه حق ،وهو التنعم بالياة ،والتصرف فيما أحل له تصرف الحياء ،وكان ل
سبحانه فيه حق ،وهو أنه كان عبدا من عباده يب له من اسم العبودية -صغيا كان أو
كبيا ،حرا كان أو عبدا ،مسلما كان أو ذميا -ما يتميز به عن البهائم والدواب .
ويرتى -مع ذلك -أن يكون من نسله من يعبد ال ويطيعه ،فلم يل قاتله من أن
يكون فوت منه السم الذي ذكرنا والعن الذي وصفنا ،فلذلك ضمن الكفارة .وأى
واحد من هذين العنيي كان ففيه بيان أن النص وإن وقع على القاتل خطأ ،فالقاتل عمدا
مثله ،بل أول بوجوب الكفارة عليه منه " .اه ووسيأت بيان هذا .موجب القتل شبه
العمد :والقتل شبه العمد يوجب أمرين - 1 :الث ،لنه قتل نفس حرم ال قتلها إل
بالق - 2 .الدية الغلظة على العاقلة -على ما سيأت ( .هامش ) ( ) 1سورة النساء
:الية / ) . ( . 92صفحة / 521أما القتل العمد ،فإنه يوجب أمورا أربعة - 1 :
الث - 2 .الرمان من الياث والوصية - 3 .الكفارة - 4 .القود أو العفو ) 1 ( .
فل يرث القاتل من مياث القتول شيئا ،لمن ماله ول من ديته إذا كان من ورثته سواء
أكان القتل عمدا أم كان خطأ .وقاعدة الفقهاء ف ذلك " :من استعجل الشئ قبل أو
انه عوقب برمانه " ) 2 ( .وروى البيهقي عن خلس أن رجل رمى بجر فأصاب أمه
فماتت من ذلك فأراد نصيبه من مياثها ،فقال له إخوته :لحق لك ،فارتفعوا إل علي
كرم ال وجهه فقال له علي رضي ال عنه " :حقك من مياثها الجر ،فأغرمه الدية .
ول يعطه من مياثها شيئا " .وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول ال
382
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صلى ال عليه وسلم قال " :ليس للقاتل من الياث شئ " .والديث معلول وقد
اختلف ف رفعه ووقفه ،وله شواهد تقويه .وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ليس للقاتل شئ ،وإن ل يكن له وارث ،فوارثه
أقرب الناس إليه ،ول يرث القاتل شيئا " ( . ) 1وإل هذا ذهب أكثر أهل العلم .
وكذلك الحناف والشافعية ،وذهبت
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 521
الادوية والمام مالك إل أن القتل إن كان خطأ ورث من الال دون الدية ( ،هامش ) (
" ) 1أي أن بعض الورثة إذا قتل الورث حرم من مياثه ،وورثه من ل يرتكب هذه
الرية ،فإن ل يكن له وارث إل القاتل حرم من الياث وقسمت تركته على أقرب
الناس منه بعد القاتل .مثل :الرجل يقتله ابنه وليس له وارث غي ابنه ،وللقاتل ابن ،
فإن مياث القتول يدفع إل ابن القاتل ويرمه القاتل " ( .من معال السنن للخطاب ) ( .
) /صفحة / 522وقال الزهري وسعيد بن جبي وغيها :ل يرم القاتل من الياث .
وكذلك تبطل الوصية إذا قتل له الوصى له الوصي .قال ف البدائع :القتل بغي حق
جناية عظيمة تستدعي الزجر بأبلغ الوجوه ،وحرمان الوصية يصلح زاجرا كحرمان
الياث فيثبت .وسواء أكان القتل عمدا أم خطأ لن القتل الطأ قتل وأنه جاز الؤاخذة
عليه عقل ،وسواء أوصى له بعد الناية أو قبلها ) 3 ( .الكفارة ف حالة ما إذا عفا ول
الدم أو رضي بالدية :أما إذا اقتص من القاتل فل تب عليه كفارة .روى المام أحد
عن وائلة بن الصقع .قال " :أتى النب صلى ال عليه وسلم نفر من بن سليم .فقالوا :
" إن صاحبا لنا قد أوجب .قال :فليعتق رقبة يفد ال بكل عضو منها عضوا منه من النار
" .ورواه أيضا بسند آخر عنه قال " :أتينا رسول ال صلى ال عليه وسلم ف صاحب لنا
أوجب قال :أعتقوا عنه يعتق ال بكل عضو منه عضوا من النار " .وهذا رواه أبو داود
والنسائي .ولفظ أب داود قد أوجب " يعن النار " بالقتل .قال الشوكان ف نيل
الوطار " :ف حديث وائلة دليل على ثبوت الكفارة ف قتل العمد .وهذا إذا عفا عن
القاتل ،أو رضي الوارث بالدية .وأما إذا اقتص منه فل كفارة عليه ،بل القتل كفارته ،
383
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لديث عبادة الذكور ف الباب ولا أخرجه أبو نعيم ف " العرفة " أن النب صلى ال عليه
وسلم قال " :القتل كفارة " .وهو من حديث خزية بن ثابت .وف إسناده ابن ليعة .
قال الافظ :لكنه من حديث ابن وهب عنه ،فيكون حسنا .ورواه الطبان ف الكبي
عن السن بن علي موقوفا عليه / .صفحة ) 4 ( / 523القود ( ) 1أو العفو :القود
أو العفو إما على الدية ،أو الصلح على غي الدية ،ولو بالزيادة عليها .كما أن لول
الناية العفو مانا .وهو أفضل " .وأن تعفوا أقرب للتقوى ،ول تنسوا الفضل بينكم " (
. ) 2وإذا عفا ول الدم عن القاتل ،فإنه ل يبقى حق للحاكم بعد ف تعزيره .وقال
مالك والليث :يعزر بالسجن عاماو مائة جلدة ( . ) 3وأصل وجوب القود أو العفو
قول ال سبحانه " :يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ف القتلى ،الر بالر ،
والعبد بالعبد ،والنثى بالنثى ،فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالعروف وأداء إليه
بإحسان ،ذلك تفيف من ربكم ورحة ،فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم " ( .
) 4وروى البخاري ومسلم عن أب هريرة رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم
قال " :من قتل له قتيل فهو يي النظرين :إما أن يفتدي ،وإما أن يقتل ( " ) 5فالمر
ف العفو أو القصاص إل أولياء الدم .وهم الورثة ،فإن شاءوا طلبوا القود ،وإن شاءوا
عفوا ،حت لو عفا أحد الورثة سقط القصاص ،لنه ل يتجزأ .روى ممد بن السن
صاحب أب حنيفة أن عمر بن الطاب رضي ال عنه أت برجل قد قتل عمدا ،فأمر بقتله
،فعفا عنه بعض الولياء ،فأمر ( هامش ) ( ) 1القود :سي قودا لن الان يقاد إل
أولياء القتول ،فيقتلونه به إن شاءوا .وقيل :معناه الماثلة ) 2 ( .سورة البقرة :الية
) 3 ( . 238قال الفقهاء :إن الان إذا كان معروفا بالشر ،أو ظهر للحاكم أن
الصلحة تقتضي عقابه فله أن يعزره با يراه مققا للمصلحة ،إما بالبس أو السجن أو
القتل ) 4 ( .سورة البقرة :الية ) 5 ( . 178ف هذا الديث دليل على أن ول
القتول باليار ،إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية ،وإن ل يرض القاتل :وقيل :ليس له
إل القصاص ،ول يأخذ الدية إل برضا القاتل .والول أصح / ) . ( .صفحة / 524
بقتله ،فقال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه :كانت النفس لم جيعا ،فلما عفا هذا
أحي النفس ،فل يستطيع أخذ حقه -يعن الذي ل يعف -حت يأخذ حق غيه .قال
384
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فما ترى ؟ قال :أرى أن تعل الدية ف ماله ،وترفع عنه حصة الذي عفا .قال عمر
رضي ال عنه :وأنا أرى ذلك .قال ممد :وأنا أرى ذلك .وهو قول أب حنيفة .وإن
كان ف الورثة صغي فإنه ينتظر بلوغه ،ليكون له اليار ،إذ أن القصاص حق لميع
الورثة .ول اختيار للصب قبل بلوغه .وإذا عفا الورثة جيعا أو أحدهم على الدية وجب
على القاتل دية مغلظة ،حالة ف حاله كما سيأت ذلك مفصل ف باب الديات .شروط
وجوب القصاص ول يب القصاص إل إذا توفرت الشروط التية :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 524
- 1أن يكون القتول معصوم الدم .فلو كان حربيا ،أو زانيا مصنا ،أو مرتدا ،فإنه ل
ضمان على القاتل ،ل بقصاص ولبدية ،لن هؤلء جيعا مهدور و الدم .روى
البخاري ومسلم عن ابن مسعود أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يل دم
امرئ مسلم :يشهد أن لإله إل ال ،وأن رسول ال إل بإحدى ثلثة :الثيب الزان ،
والنفس بالنفس ،والتارك لدينه الفارق للجماعة " - 2 .أن يكون القاتل بالغا - 3 .
أن يكون عاقل .فل قصاص على صغي ،ول منون ،ول معتوه ،لنم غي مكلفي ،
وليس لم قصد صحيح أو إرادة حرة .فإذا كان الجنون يفيق أحيانا ،فقتل وقت
إفاقته ،اقتص منه .وكذلك من زال عقله بسكر وهو متعد ف شربه / .صفحة / 525
فعن مالك أنه بلغه " أن مروان بن الكم كتب إل معاوية بن أب سفيان ،يذكر أنه أت
بسكران قد قتل رجل ،فكتب إليه معاوية :أن اقتله به " .فإن كان شرب شيئا ظنه غي
مسكر ،فزال عقله فقتل ف هذه الال ،فل قصاص عليه .وف الديث يقول الرسول
صلوات ال وسلمه عليه " .رفع القلم عن ثلث :عن الصب حت يتلم ،وعن الجنون
حت يفيق ،وعن النائم حت يستيقظ " .وقال مالك " :المر الجمع عليه عندنا :أن
لقود بي الصبيان ،وأن قتلهم خطأ ما ل تب الدود ،ويبلغوا اللم ،وان قتل الصب
ل يكون إل خطأ " - 4 .أن يكون القاتل متارا ،فإن الكراه يسلبه الرادة ،ول
مسئولية على من فقد إرادته ،فإذا أكره صاحب سلطان ( ) 1غيه على القتل ،فقتل
آدميا بغي حق ،فإنه يقتل المر دون الأمور .ويعاقب الأمور .وبذا أخذ أبو حنيفة ،
385
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وداود ،وهو أحد قول الشافعي .وقال الحناف :وإن أكره على إتلف مال مسلم
بأمر ياف منه على نفسه ،أو على عضو من أعضائه ،وسعه أن يفعل ذلك ،ولصاحب
الال أن يضمن الكره .وإن أكرهه بقتل على قتل غيه ،ل يسعه أن يقدم عليه ،ويصب
حت يقتل ،فإن قتله كان آثا .والقصاص على الكره إن كان القتل عمدا .وقال قوم :
يقتل الأمور دون المر .وهو القول الخر للشافعي .وقال قوم :منهم مالك والنابلة :
يقتلن جيعا ،إن ل يعف ول الدم ،فإن عفا ول الدم وجبت الدية ،لن القاتل قصد
استبقاء نفسه بقتل غيه ،والكره تسبب ف القتل با يفضي إليه غالبا .وإذا أمر مكلف
غي مكلف بأن يقتل غيه :مثل الصغي والجنون .فالقصاص على المر ،لن الباشر
للقتل آلة ف يده ،فل يب القصاص عليه ،وإنا يب على التسبب ( .هامش ) ( ) 1
عند النابلة :أن قول القادر :أقتل وإل قتلتك ،إكراه / ) . ( .صفحة / 526وإذا
أمر الاكم بالقتل ظلما ،فإما أن يكون الأمور عالا بأنه ظلم ،أو ل يكون له علم به .
فإن كان عالا بأنه ظلم ونفذ أمره ،وجب عليه القصاص ،إل أن يعفو الول ،فتجب
الدية عليه ،لنه مباشر للقتل مع علمه بأنه ظلم ،فل يعذر ول يقال إنه مأمور من
الاكم ،لن قاعدة السلم :أنه ل طاعة لخلوق ف معصية الالق ،كما قال رسول ال
صلوات ال وسلمه عليه .وإن ل يكن عالا بعدم استحقاقه القتل ،فقتله ،فالقصاص -
إن ل يعف الول ،أو الدية -على المر بالقتل ،دون الباشر ،لنه معذور لوجوب
طاعة الاكم ف غي معصية ال .ومن دفع إل غي مكلف آلة قتل ،ول يأمره به ،
فقتل ،ل يلزم الدافع شئ - 5 .أل يكون القاتل أصل للمقتول ،فل يقتص من والد
بقتل ولده ،وولد ولده وإن سفل إذا قتله ،بأي وجه من أوجه العمد ،بلف ما إذا قتل
البن أحد أبويه فإنه يقتل اتفاقا ،لن الوالد سبب ف حياة ولده ،فل يكون ولده سببا ف
قتله وسلبه الياة ،بلف ما إذا قتل الولد أحد والديه فإنه يقتص منه لما .أخرج
الترمذي عن ابن عمر أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل يقتل الوالد بالولد " .قال
ابن عبد الب " :هو حديث مشهور عند أهل العلم بالجاز والعراق ،مستفيض عندهم ،
وهو عمل أهل الدينة ،ومروي عن عمر " .وروى يي بن سعيد عن عمرو بن شعيب :
أن رجل من بن مدل يقال له " قتادة " حدف ابنا له بالسيف فأصاب ساقه ،فنى
386
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
جرحه فمات .فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الطاب رضي ال عنه فذكر ذلك له
.فقال له عمر " :اعدد على " ماء قديد " عشرين ومائة بعي حت أقدم عليك .فلما قدم
عليه عمر ،أخذ من تلك البل ثلثي حقة ،وثلثي جذعة ،وأربعي خلفة .ث قال / :
صفحة / 527أين أخو القتول ؟ فقال هأنذا .قال خذها ،فإن رسول ال صلى ال
عليه وسلم قال " :ليس لقاتل شئ " .وخالف ف ذلك المام مالك ،فرأى أنه يقاد
الولد بالوالد ،إذا أضجعه وذبه ،لن ذلك عمد حقيقة ،ل يتمل غيه ،فإن الظاهر ف
استعمال الارح ف القتل هو العمد .والعمدية أمر خفي ،ل يكم بإثباتا إل با يظهر
من قرائن الحوال ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 527
وأما إذا كان على غي هذه الصفة ،فيما يتمل عدم إزهاق الروح ،بل قصد التأديب من
الب .وإن كان ف حق غيه ،يكم فيه بالعمد .وإنا فرق بي الب وغيه ،لا للب
من الشفقة على ولده ،وعليه قصد التأديب عند فعله ما يغضب الب ،فيحمل على عدم
قصد القتل ،لقوة الحبة الت بي الب والبن - 6 .أن يكون القتول مكافئا للقاتل حال
جنايته ،بأن يساويه ف الدين ،والرية ،فل قصاص على مسلم قتل كافرا .أو حر قتل
عبدا ،لنه ل تكافؤ بي القاتل والقتول ،بلف ما إذا قتل الكافر السلم ،أو قتل العبد
الر ،فإنه يقتص منهما .والسلم وإن كان قد ألغى الفوارق بي السلمي ف هذا الباب
،فلم يفرق بي شريف ووضيع ،ولبي جيل ودميم ،ولبي غن وفقي ،ول بي طويل
وقصي ،ولبي قوي وضعيف ،ولبي سليم ومريض ،ولبي كامل السم وناقصه ،
ولبي صغي وكبي ول بي ذكر وأنثى ( ) 1إل أنه اعتب الفارق بي السلم والكافر ،
والر والعبد ،فلم يعلهما متكافئي ف الدم .فلو قتل مسلم كافر أو قتل حر عبدا فل
قصاص على واحد منهما .وأصل ذلك حديث علي كرم ال وجهه ،أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم قال ( :هامش ) ( ) 1ذهب أكثر الفقهاء إل أن الرجل إذا قتل امرأة فإنه
قتل با .وحكى ابن النذر الجاع على ذلك ،وحكى أبو الوليد الباجي والطاب عن
السن البصري :أنه ل يقتل الرجل بالنثى ،وهو قول شاذ مردود .ففي كتاب عمرو
387
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بن حزم الذي تلقاه الناس بالقبول :ان الذكر يقتل بالنثى / ) . ( .صفحة " / 528
أل ل يقتل مؤمن بكافر " .أخرجه أحد وأبو داود والنسائي والاكم .وصححه .
وروى البخاري عن علي كرم ال وجهه أيضا أن أبا جحيفة قال له " :هل عندكم شئ
من الوحي ما ليس ف القرآن .قال :ل والذي فلق البة وبرأ النسمة ،إل فهما يعطيه ال
رجل ف القرآن ،وما ف هذه الصحيفة .قلت :وما ف هذه الصحيفة ؟ قال :الؤمنون
تتكافأ دماؤهم ( ، ) 1وفكاك السي ،وأل يقتل مسلم بكافر .وهذا ممع عليه بالنسبة
للكافر الرب :فإن السلم إذا قتله ،فإنه ل يقتل به إجاعا .وأما بالنسبة للذمي
والعاهد ،فقد اختلفت فيهما أنظار الفقهاء .فذهب المهور منهم إل أن السلم ل يقتل
بما لصحة الحاديث ف ذلك ،ول يأت ما يالفها .وقالت الحناف وابن أب ليلى :ل
يقتل السلم إذا قتل الكافر الرب ،كما قال المهور .وخالفوهم ف الذمي ،والعاهد .
فقالوا " :إن السلم إذا قتل الذمي أو العاهد بغي حق ،فإنه يقتل بما ،لن ال تعال
يقول " :وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس " .وأخرج البيهقي من حديث عبد الرحن
البيلمان ( ) 2أن رسول ال صلى ال عليه وسلم :قتل مسلما بعاهد .وقال " :أنا
أكرم من وف بذمته " .وقالوا أيضا :ان السلمي أجعوا على أن يد السلم تقطع إذا
سرق من مال الذمي .فإذا كانت حرمة ماله كحرمة مال السلم ،فحرمة دمه كحرمة
دمه .رفع إل أب يوسف القاضي :مسلم قتل ذميا كافرا ،فحكم عليه بالقود ،فأتاه
رجل برقعة فألفاها إليه .فإذا فيها ( :هامش ) ( ) 1تتكافأ :تتساوى ف الدية
والقصاص ) 2 ( .ابن البيلمان ضعيف ل تقوم به الجة ،وحديثه هذا مرسل .قال أبو
عبد القاسم بن سلم :هذا الديث ليس بسند ،ول يعل مثله إماما تسفك به الدماء .
( / ) .صفحة / 529يا قاتل السلم بالكافر -جرت ،وما العادل كالائر يا من
ببغداد وأطرافها -من علماء الناس أو شاعر استرجعوا وابكوا على دينكم -واصطبوا ،
فالجر للصابر جار على الدين أبو يوسف -بقتله الؤمن بالكافر فدخل أبو يوسف على
الرشيد وأخبه الب ،وأقرأه الرقعة .فقال الرشيد " :تدارك هذا المر لئل تكون فتنة "
.فخرج أبو يوسف ،وطالب أصحاب الدم ببينة على صحة الذمة وثبوتا ،فلم يأتوا
با ،فأسقط القود .وقال مالك والليث " :ل يقتل السلم بالذمي ،إل أن يقتله غيلة .
388
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وقتل الغيلة أن يضجعه فيذبه ،وباصة على ماله " .هذا بالنسبة للكافر ،وأما العبد ،
فإن الر ل يقتل به إذا قتله ،بلف ما إذا قتل العبد الر ،فإنه يقتل به .لا رواه
الدارقطن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " :أن رجل قتل عبده صبا (
) 1متعمدا ،فجلده النب صلى ال عليه وسلم مائة جلدة ،ونفاه سنة ،وماسهمه من
السلمي ،ول يقد به ،وأمره أن يعتق رقبة " .ولن ال تعال يقول " :الر بالر " .
وهذا التعبي يفيد الصر ،فيكون معناه :أنه ل يقتل الر بغي الر .وإذا كان ل يقتل به
فإنه يلزمه قيمته ،بالغة ما بلغت ،وإن جاوزت دية الر .هذا إذا قتل عبد غيه .أما إذا
كان السيد هو الذي قتل عبده فعقوبته ما ذكر ف الديث .وإل هذا ذهب جهور
الفقهاء ،منهم مالك والشافعي ،وأحد ،والادوية .وقال أبو حنيفة :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 529
" يقتل الر إذا قتل العبد ،إل إذا كان سيده " .وذلك أن الية الكرية تقول :
( هامش ) ( ) 1صبا :أي حبسا / ) . ( .صفحة " / 530وكتبنا عليهم فيها أن
النفس بالنفس " .وهذا عام ف كل الالت ،إل إذا خصص ،وقد خصصته السنة
بديث البيهقي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يقاد ملوك من مالكه .ول
ولد من والده " .ولو صح هذا لكان قويا ،إل أن الديث من رواية عمر بن عيسى ،
وقد ذكر البخاري أنه منكر الديث .وقال النخعي :يقتل الر بالعبد مطلقا ،أخذا
بعموم قوله تعال " :أن النفس بالنفس " - 7 .أل يشارك القاتل غيه ف القتل ،من ل
يب عليه القصاص ،فإن شاركه غيه من ل يب عليه القصاص كأن اشترك ف القتل ،
عامد ومطئ ،أو مكلف وسبع ،أو مكلف وغي مكلف :مثل الصب والجنون ،فإنه
لقصاص على واحد منهما ،وعليهما الدية ،لوجود الشبهة الت تندرئ با الدود ،فإن
القتل ل يتجزأ ،ويكن أن يكون حدوثه من فعل الذي ل قصاص عليه -كما يكن أن
يكون من يب عليه القصاص -وهذه الشبهة تسقط القود .وإذا سقط وجب بدله ،
وهو الدية .وخالف ف ذلك مالك والشافعي رضي ال عنهما .فقال :على الكلف
القصاص ،وعلى غي الكلف نصف الدية .ومالك يعلها على العاقلة ،والشافعية
389
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يعلونا ف ماله .قتل الغيلة :وقتل الغيلة عند مالك أن يدع النسان غيه ،فيدخل بيته
ونوه ،فيقتل أو يأخذ الال .قال مالك " :المر عندنا أن يقتل به ،وليس لول الدم أن
يعفو عنه ،وذلك إل السلطان " .وقال غيه من الفقهاء :لفرق بي قتل الغيلة وغيه ،
فهما سواء ف القصاص والعفو ،وأمرها راجع إل ول الدم .وإذا قتلته جاعة كان لول
الدم أن يقتل منهم من شاء ،ويطالب بالدية /صفحة / 531من شاء وهو مروي عن
ابن عباس ،وبه يقول سعيد بن السيب ،والشعب ،وابن سيين ،وعطاء ،وقتادة .وهو
مذهب الشافعي وأحد وإسحاق " .فقد قتلت امرأة هي وخليلها ابن زوجها فكتب يعلى
بن أمية إل عمر ابن الطاب -وكان يعلى عامل له -يسأله رأيه ف هذه القضية ؟
فتوقف رضي ال عنه ف القضية ،وكان أن قال علي بن أب طالب رضي ال عنه " :يا
أمي الؤمني :أرأيت لو أن نفرا اشتركوا ف سرقة جزور ،فأخذ هذا عضوا ،وهذا
عضوا ،أكنت قاطعهم ؟ قال :نعم .قال :وذلك " .وكان أن كتب أمي الؤمني إل
يعلى بن أمية عامله " :أن اقتلهما ،فلو اشترك فيه أهل ضنعاء كلهم لقتلتهم " .وذهب
الشافعي إل أن لول القتول أن يقتل الميع به ،وأن يقتل أيهم أراد ،ويأخذ من
الخرين حصتهم من الدية .فإن كانوا اثني وأقاد من واحد ،فله أخذ نصف الدية من
الثان .وإن كانوا ثلثة ،فأقاد من اثني ،فله من الخر ثلث الدية " .الماعة تقتل
بالواحد :إذا اجتمع جاعة على قتل واحد فإنم يقتلون به جيعا ،سواء أكانت الماعة
كثية أم قليلة ،ولو ل يباشر القتل كل واحد منهم ،لا رواه مالك ف الوطأ :أن عمر
بن الطاب ،قتل نفر ( ) 1برجل واحد ،قتلوه قتل غيلة ( . ) 2وقال " :لو تال ( 3
) عليه أهل صنعاء لقتلتهم جيعا " .واشترطت الشافعية والنابلة أن يكون فعل كل
واحد من الشتركي ف القتل بيث لو انفرد كان قاتل ،فإن ل يصلح فعل كل واحد
للقتل فل قصاص ( .هامش ) ( ) 1نفرا :قيل عددهم خسة ،وقيل سبعة ) 2 ( .قتل
الغيلة :هو أن يدعه حت يرجه إل موضع يفى فيه ث يقتله ) 3 ( .تالؤوا :اجتمعوا
وتعاونوا ،وتطلق الماعة على اثني فأكثر / ) . ( .صفحة / 532وقال مالك " :
المر عندنا :أنه يقتل ف العمد الرجال الحرار بالرجل الر الواحد ،والنساء بالرأة
كذلك ،والعبيد بالعبد كذلك أيضا " .وف السوى قال :والعمل على هذا عند أكثر
390
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أهل العلم .قالوا :إذا اجتمع جاعة على قتل واحد ،يقتلون به قصاصا .وقد رأى
هؤلء الفقهاء أن ذلك هو الصلحة ،لن القصاص شرع لياة النفس ،فلو ل تقتل
الماعة بالواحد ،لكان كل من أراد أن يقتل غيه استعان بشركاء له حت ل يقاد منه .
وبذلك تبطل الكمة من شرعية القصاص .وذهب ابن الزبي ،والزهري ،وداود ،وأهل
الظاهر إل أن الماعة ل تقتل بالواحد ،لن ال تعال يقول " :أن النفس بالنفس " .إذا
أمسك رجل رجل وقتله آخر :وإذا أمسك رجل رجل فقتله رجل آخر ،وكان القاتل
ل يكنه قتله إل بالمساك ،وكان القتول ل يقدر على الرب بعد المساك :فإنما
يقتلن ،لنما شريكان .وهذا مذهب الليث ،ومالك ،والنخعي .وخالف ف ذلك
الشافعية والحناف .فقالوا :يقتل القاتل ،ويبس المسك حت يوت جزاء إمساكه
للمقتول .لا رواه الدارقطن عن ابن عمر أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إذا أمسك
الرجل الرجل وقتله الخر ،يقتل الذي قتل ،ويبس الذي أمسك " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 532
وصححه ابن القطان .وقال الافظ بن حجر :ورجاله ثقات .وأخرج الشافعي عن علي
أنه قضى ف رجل قتل رجل متعمدا وأمسكه آخر .قال " :يقتل القاتل ،ويبس الخر
ف السجن حت يوت " .تبوت القصاص :يثبت القصاص با يأت ( :أول ) بالقرار ،
لن القرار كما يقولون " :سيد الدلة " / .صفحة / 533وعن وائل بن حجر .قال
" :إن لقاعد مع النب صلى ال عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة ،فقال يا
رسول ال :هذا قتل أخي .فقال :إنه لو ل يعترف أقمت عليه البينة ؟ فقال الرسول
صلى ال عليه وسلم :أقتلته ؟ فقال :نعم قتلته .إل آخر الديث .رواه مسلم والنسائي
( .ثانيا ) يثبت بشهادة رجلي عدلي .فعن رافع بن خديج قال " :أصبح رجل من
النصار بيب مقتول .فانطلق أولياؤه النب صلى ال عليه وسلم ،فذكروا ذلك له .فقال
:لكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم ؟ إل آخر الديث .رواه أبو داود .قال ابن
قدامة ف الغن " :ول يقبل فيه شهادة رجل وامرأتي ،ول شاهد ويي الطالب ،ل نعلم
ف هذا -بي أهل العلم -خلفا .وذلك ،لن القصاص إراقة دم عقوبة على جناية ،
391
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فيحتاط له باشتراط الشاهدين العدلي ،كالدود ،وسواء كان القصاص يب على
مسلم ،أو كافر ،أوحر ،أو عبد لن العقوبة يتاط لدرئها .استيفاء القصاص ( : ) 1
يشترط لستيفاء القصاص ثلثة شروط - 1 :أن يكون الستحق له عاقل ،بالغا .فإن
كان مستحقه صبيا أو منونا ل ينب عنهما أحد ف استيفائه :ل أب ،ول وصي ،ول
حاكم ،وإنا يبس الان حت يبلغ الصغي ويفيق الجنون ،فقد حبس معاوية هدبة بن
خشرم ف قصاص حت بلغ ابن القتيل ،وكان ذلك ف عصر الصحابة ،ول ينكر عليه
أحد - 2 .أن يتفق أولياء الدم جيعا على استيفائه ،وليس لبعضهم أن ينفرد به ،فإن
كان بعضهم غائبا ،أو صغيا ،أو منونا ،وجب انتظار الغائب حت ( هامش ) ( ) 1
أي توقيع العقوبة على الان / ) . ( .صفحة / 534يرجع ،والصغي حت يبلغ ،
والجنون حت يفيق ،قبل أن يتار ،لن من كان له اليار ف أمر ل يز الفتيات عليه
لن ف ذلك إبطال خياره .وقال أبو حنيفة :للكبار استيفاء حقوقهم ف القود ،ول
ينتظر لم بلوغ الصغار .فإن عفا أحد الولياء سقط القصاص لنه ل يتجزأ - 3 .أن ل
يتعدى الان إل غيه ،فإذا كان القصاص قد وجب على امرأة حامل ،ل تقتل حت
تضع حلها وتسقيه اللبأ .لن قتلها يتعدى إل الني ،وقتلها قبل سقيه اللبأ يضربه ،ث
بعد سقيه اللبأ إن وجد من يرضعه أعطي له الولد ،واقتص منها ،لن غيها يقوم على
حضانته ،وإن ل يوجد من يرضعه ويقوم على حضانته ،تركت حت تفطمه مدة حولي
.روى ابن ماجه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،قال " :إذا قتلت الرأة عمدا ل
تقتل حت تضع ما ف بطنها إن كانت حامل ،وحت تكفل ولدها .وإذا زنت ل ترجم
حت تضع ما ف بطنها إن كانت حامل ،وحت تكفل ولدها " .وكذلك ليقتص من
الامل ف الناية على العضاء حت تضع ،وإن ل تسقه اللبأ ( . ) 1مت يكون القصاص
؟ يكون القصاص مت حضر أولياء الدم ،وكانوا بالغي ،وطالبوا به ،فإنه ينفذ فورا مت
ثبت بأي وجه من وجوه الثبات ،إل أن يكون القاتل امرأة حامل ،فإنا تؤخر حت
تضع حلها ،كما سبق .ب يكون القصاص :الصل ف القصاص أن يقتل القاتل
بالطريقة الت قتل با ،لن ذلك مقتضى الماثلة والساواة ،إل أن يطول تعذيبه بذلك ،
فيكون السيف له أروح ،ولن ال تعال يقول ( :هامش ) ( ) 1والد مثل القصاص ،
392
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إذا كان حدها الرجم / ) . ( .صفحة " / 535فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بثل
ما اعتدى عليكم " ( . ) 1ويقول " :وإن عاقبتم فعاقبوا بثل ما عوقبتم به " ( . ) 2
وأخرج البيهقي من حديث الباء أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من غرض
غرضنا له ( ، ) 3ومن حرق حرقناه ،ومن غرق غرقناه " .وقد رضخ الرسول صلى ال
عليه وسلم اليهودي بجر كما رضخ هو رأس الرأة بجر .وقد قيد العلماء هذا با إذا
كان السبب الذي قتل به يوز فعله ،فإذا كان ل يوز فعله -كمن قتل بالسحر -فإنه
ل يقتل به ،لنه مرم .قال بعض الشافعية :إذا قتل بإبار المر ،فإنه يؤجر بالل .
وقيل يسقط اعتبار الماثلة .ورأى الحناف والادوية :أن القصاص ل يكون إل بالسيف
.لا أخرجه البزار وابن عدي عن أب بكرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :
لقود إل بالسيف " .ولن رسول ال صلى ال عليه وسلم نى عن الثلة وقال " :إذا
قتلتم فأحسنوا القتلة ،وإذا ذبتم فأحسنوا الذبة " .وأجيب على حديث أب بكرة بأن
طرقه كلها ضعيفة .وأما النهي عن الثلة فهو مصص بقوله تعال " :وإن عاقبتم ،فعاقبوا
بثل ما عوقبتم به " .وقوله " :فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 535
هل يقتل القاتل ف الرام ؟ :اتفق العلماء على أن من قتل ف الرم فإنه قتله فيه .فإذا
كان قد ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة :الية ) 2 ( . 194سورة النحل :الية 126
) 3 ( .أي اتذ القتول عرضا للسهام / ) . ( .صفحة / 536قتل خارجه ث لأ
إليه ،أو وجب عليه القتل بسبب من السباب ،كالردة ،ث لأ إل الرم . .فقال مالك
" :يقتل فيه " .وقال أحد وأبو حنيفة :ل يقتل ف الرم ،ولكن يضيق عليه ،فل يباع
له ول يشترى منه ،حت يرج منه ،فيقتل خارجه .سقوط القصاص :ويسقط القصاص
بعد وجوبه بأحد السباب التية - 1 :عفو جيع الولياء أو أحدهم ،بشرط أن يكون
العاف عاقل ميزا ،لنه من التصرفات الحضة الت ل يلكها الصب ول الجنون ( . ) 1
- 2موت الان أو فوات الطرف الذي جن به ،فإذا مات من عليه القصاص ،أو فقد
العضو الذي جن به سقط القصاص ،لتعذر استيفائه .وإذا سقط القصاص وجبت الدية
393
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ف تركته للولياء عند النابلة وف قول للشافعي .وقال مالك والحناف :ل تب
الدية ،لن حقوقهم كانت ف الرقبة ،وقد فاتت ،فلسبيل لم على ورثته فيما صار من
ملكه إليهم .وحجة الولي :أن حقوقهم معلقة ف الرقبة ،أو ف الذمة ،وهم ميون
بينهما ،فمت فات أحدها وجب الخر - 3 .إذا ت الصلح بي الان والجن عليه أو
أوليائه .القصاص من حق الاكم :إن الطالبة بالقصاص حق لول الدم كما تقدم ،
وتكي ول الدم من الستيفاء حق للحاكم .قال القرطب :ل خلف أن القصاص ف
القتل ل يقيمه إل أولو المر ،فرض عليهم النهوض بالقصاص ،وإقامة الدود ،وغي
ذلك ،لن ال سبحانه طالب جيع الؤمني بالقصاص ،ث ل يتهيأ للمؤمني جيعا أن
يتمعوا على ( هامش ) ( ) 1إذا عفا الولياء فليس للحاكم أن يتدخل بالنع عن العفو .
كما أنه ليس له أن يستقل به إذا طلبوا القصاص / ) . ( .صفحة / 537القصاص ،
فأقاموا السلطان مقام أنفسهم ف إقامة القصاص وغيه من الدود .وعلة ذلك ما ذكره
الصاوي -ف حاشيته على الللي -قال " :فحيث ثبت القتل عمدا عدوانا ،وجب
على الاكم الشرعي أن يكن ول القتول من القاتل ،فيفعل فيه الاكم ما يتاره الول
من :القتل ،أو العفو ،أو الدية ،ول يوز للول التسلط على القاتل من غي إذن الاكم
( ، ) 1لن فيه فسادا وتريبا " .فإذا قتله قبل إذن الاكم عزر .وعلى الاكم أن يتفقد
آلة القتل الت يقتص با مافة الزيادة ف التعذيب وأن يوكل التنفيذ إل من يسنه .وأجرة
التنفيذ على بيت الال .الفتيات على ول الدم :قال ابن قدامة " :وإذا قتل القاتل غي
ول الدم فعلى قاتله القصاص ،ولورثته الول الدية " .وبذا قال الشافعي رضي ال عنه
.وقال السن ،ومالك :يقتل قاتله ،ويبطل دم الول ،لنه فات مله .وروى عن
قتادة ،وأب هاشم أنه لقود على الثان ،لنه مباح الدم ،فل يب قصاص بقتله .
وحجة المهور ف وجوب القصاص على القاتل ،أنه مل ل يتحتم قتله ،ول يبح قتله
لغي ول الدم ،فوجب بقتله القصاص .القصاص بي البقاء واللغاء :لقد ثار الدل
فعل حول عقوبة العدام ،وتعرضت لا أقلم الكتاب ،من الفلسفة ،ورجال القانون .
أمثال " :روسو ،وبنتام ،وبكاريا " وغيهم ( .هامش ) ( ) 1فإذال يكن للقتيل
وارث فالمر فيه إل الاكم يفعل ما فيه مصلحة السلمي ،فإن شاء اقتص ،وإن شاء
394
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عفا على مال ،وليس له أن يعفو على غي مال ،لن ذلك ليس له ،وإنا هو ملك
للمسلمي / ) . ( .صفحة / 538ومنهم من أيدها ،ومنهم من عارضها ونادى
بإلغائها .واستند القائلون بإلغائها إل الجج التية ( :أول ) أن العقاب حق تلكه
الدولة باسم الجتمع الذي تذود عنه ،وتقتضيه ضرورة الحافظة عليه وحايته .والجتمع
ل يهب الفرد الياة حت يكنه أن يكم بصادرتا ( .ثانيا ) ولن الظروف وسوء الظ
قد ييطان ببئ ،فيقضى خطأ بإعدامه ،وعند ذلك ل يكن إصلح هذا الطأ ،إذ
لسبيل إل ارجاع حياة الحكوم عليه إليه ( .ثالثا ) ولن هذه العقوبة قاسية وغي عادلة
( .رابعا ) ولنا أخيا غي لزمة ،فلم يقم دليل على أن بقاءها يقلل من الرائم الت
تستوجب الكم با ،ورد القائلون ببقاء عقوبة العدام على هذه الجج :فقالوا عن
الجة الول " :وهي أن الجتمع ل يهب الفرد الياة حت يصادر حياته " بأن الجتمع
أيضا ل يهب الناس الرية ،ومع ذلك فإنه يكم بصادرتا ف العقوبات الخرى القيدة
للحرية .والخذ بالجة على إطلقها يستتبع حتما القول بعدم مشروعية كل عقوبة
مقيدة للحرية .على أن المر ليس وقفا على التكفي عن خطأ الان ،ولكنه أيضا
للدفاع عن حق الجتمع ف البقاء ،ببتر كل عضو يهدد كيانه ونظمه ،المر الذي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 538
يتحتم معه القول بأن عقوبة العدام ضرورة تقتضيها عصمة النفس ،والحافظة على
كيان الجتمع .وقالوا عن الجة الثانية ،وهي " :أن العقوبة تدث ضررا جسيما ل
سبيل لصلحه ول إيقافه -إذا حكم القضاء با ظلما " -بأن احتمال الطأ موجود ف
العقوبات الخرى ،ول سبيل إل تدارك ما ت تنفيذه خطأ .على أن حالت العدام
خطأ تكاد تكون منعدمة ،إذ أن القضاة يتحرجون عادة من الكم بتلك العقوبة ،ما ل
تكن أدلة التام صارخة .وردوا على القول ب " أنا غي عادلة " بأن الزاء من جنس
العمل .وأما القول بأنا غي لزمة ،فمردود عليه بأن وظيفة العقوبة -ف الرأي /
صفحة / 539الراجح ف علم العقاب -وظيفة نفعية :أي من مقتضاها حاية الجتمع
من شرور الرية .وهذا يقتضي أن تكون العقوبة متناسبة مع درجة جسامة الرية ،
395
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ذلك أن الرية تقق هوى ف نفس الجرم ،يقابله خوفه من العقاب ،وكلما كان
العقاب متناسبا مع الرية أحجم الان عن القدام عليها ،لنه سيوازن بي المرين " بي
الرية الت سيقدم على ارتكابا ،وبي العقوبة القررة لا ،فيدفعه الوف من العقاب إل
الحجام عن الرية مت كانت العقوبة رادعة .وف ظل هذين الرأيي أقرت غالبية
القواني عقوبة العدام ،ومنها قانون العقوبات الصري ،ف حالت معينة ،واستجابت
بعض الدول لراء من ثاروا عليها فألغتها من قوانينها .القصاص فيما دون النفس وكما
يثبت القصاص ف النفس ،فإنه يثبت كذلك فيما دونا .وهو نوعان - 1 :الطراف .
- 2الروح .وقد أخب القرآن الكري عن نظام التوراة ف القصاص ف ذلك كله .فقال
" :وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ،والعي بالعي والنف بالنف والذن بالذن ،
والسن بالسن ،والروح قصاص ،فمن تصدق فهو كفارة له ،ومن ل يكم با أنزل ال
فأولئك هم الظالون " ( ) 1أي أن ال كتب على اليهود ف التوراة أن النفس تقتل
بالنفس إذا قتلتها " ،والعي تفقأ بالعي من غي فرق بي عي صغية وعي كبية " ول
بي عي شيخ وعي طفل .والنف يدع بالنف .والذن تقطع بالذن ( .هامش ) (
) 1سورة الائدة :الية / ) . ( . 45صفحة / 540والسن تقلع بالسن .ولو كانت
سن من يقتص منه أكب من سن الخر .والروح يقتص فيها مت أمكن ذلك .فمن
تصدق بالقصاص ،بأن مكن من نفسه ،فهو كفارة لا ارتكبه .وهذا الكم ،وإن كان
كتب على من قبلنا ،فهو شرع لنا ،لتقرير النب صلى ال عليه وسلم له ،فقد روى
البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي ال عنه أن الربيع بنت النضر بن أنس كسرت
ثنية جارية ،ففرضوا عليهم الرش ،فأبوا إل القصاص ،فجاء أخوها أنس بن النضر ،
فقال :يارسول ال تكسر ثنية الربيع ،والذي بعثك بالق ل تكسر ثنيتها فقال النب صلى
ال عليه وسلم :يا أنس " كتاب ال القصاص " .قال :فعفا القوم ،فقال رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :إن من عباد ال من لو أقسم على ال لبره " .وهذا كله العمد
.أما الطأ ففيه الدية .شروط القصاص فيما دون النفس :ويشترط ف القصاص فيما
دون النفس الشروط التية - 1 :العقل - 2 .البلوغ ( - 3 . ) 1تعمد الناية - 4 .
وأن يكون دم الجن عليه مكافئا لدم الان .وإنا يؤثر ف التكافؤ :العبودية ،والكفر ،
396
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فل يقتص من حر جرح عبدا أو قطع طرفه .ول يقتص من مسلم جرح ذميا أو قطع
طرفه كذلك ،لعدم تكافؤ دمهما ،لنقصان دم العبد عن دم الر ،ودم الذمي عن دم
السلم .وإذا ل يب القصاص فإنه يب بدله وهو الدية .وإذا كان الرح من العبد أو
الذمي وقع على حر أو مسلم اقتص منهما .ويرى الحناف أنه يب القصاص ف
الطراف بي السلم والكافر .وقالوا أيضا :لقصاص بي الرجل والرأة فيما دون النفس
( .هامش ) ( ) 1البلوغ يكون بالحتلم أو السن ،وأقصى السن 18سنة وأقله 15
سنة ،لديث ابن عمر ،واختلف ف الثبات / ) . ( .صفحة / 541القصاص ف
الطراف وضابط ما فيه القصاص من الطراف ،وما لقصاص فيه :أن كل طرف له
مفصل معلوم ،كالرفق ،والكوع ،ففيه القصاص ،وما ل مفصل له فل قصاص فيه ،
لنه يكن الماثلة ف الول دون الثان ،فيقتص من قطع الصبع من أصلها ،أو قطع اليد
من الكوع أو الرفق ،أو قطع الرجل من الفصل ،أو فقأ العي ،أو جذع النف ،أو
قطع الذن ،أو قلع السن ،أو جب الذكر ،أو قطع النثيي .شروط القصاص ف
الطراف :ويشترط ف القصاص ف الطراف ثلثة شروط - 1 :المن من اليف بأن
يكون القطع من مفصل ،أو يكون له حد ينتهي إليه ،كما تقدمت أمثلة ذلك ،فل
قصاص ف كسر عظم غي السن ،ول جائفة ،ول بعض الساعد ،لنه ل يؤمن اليف
ف القصاص ف هذه الشياء - 2 .الماثلة ف السم والوضع ،فل تقطع يي بيسار ،
ول يسار
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 541
بيمي ،ول خنصر ببنصر ،ولعكس ،لعدم الساواة ف السم ،ول يؤخذ أصلي بزائد
-ولو تراضيا -لعدم الساواة ف الوضع والنفعة .ويؤخذ الزائد بثله موضعا وخلقة 3 .
-استواء طرف الان والجن عليه ف الصحة والكمال ،فل يؤخذ عضو صحيح بعضو
أشل ،وليد صحيحة بيد ناقصة الصابع ،ويوز العكس ،فتؤخذ اليد الشلء باليد
الصحيحة .القصاص من جراح العمد وأما جراح العمد ،فل يب فيها القصاص إل إذا
كان ذلك مكنا ،بيث يكون مساويا لراح الجن عليه من غي زيادة ول نقص .فإذا
397
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كانت الماثلة والساواة ل يتحققان إل بجاوزة القدر ،أو بخاطرة ،أو إضرار ،فإنه ل
يب القصاص ،وتب الدية ،لن الرسول صلى ال عليه وسلم رفع القود ف الأمومة ،
والنقلة ،والائفة ،وهذا حكم ما كان ف معن هذه من الراح الت هي متالف :مثل
كسر عظم الرقبة ،والصلب ،والفخذ ،وما أشبه ذلك / .صفحة / 542والشجاج :
وهي الراحات الت تقع بالرأس والوجه لقصاص فيها ،إل الوضحة إذا كانت عمدا .
وسيأت الكلم على بقية الشجاج ف باب الديات .ول قصاص ف اللسان ،ول ف كسر
عظم ،إل ف السن ،لنه ل يكن الستيفاء من غي ظلم .ومن جرح رجل " جائفة "
فبئ منها ،أو قطع يده من نصف الساعد ،فل قصاص عليه ،وليس له أن يقطع يده
من ذلك الوضع ،وله أن يقتص من الكوع ،ويأخذ حكومة لنصف الساعد ،ولو كسر
عظم رجل سوى السن ،كضلع ،أو قطع يدا شلء أو قدما ل أصابع فيها ،أو لسانا
أخرس ،أو قلع عينا عمياء ،أو قطع إصبعا زائدة ،ففي ذلك كله حكومة عدل .
اشتراك الماعة ف القطع أو الرح :ذهبت النابلة إل أنه إذا اشترك جاعة ف قطع
عضو ،أو جرح يوجب القصاص ،فإن ل نتميز أفعالم ،فعليهم جيعا القصاص ،لا
روى عن علي كرم ال وجهه :انه شهد عنده شاهدان على رجل بسرقة ،فقطع يده .ث
جاء آخر ،فقال :هذا هو السارق ،وأخطأنا ف الول ،فرد شهادتما على الثان ،وغر
مهما دية الول ،وقال " :لو علمت أنكما تعمدتا لقطعتكما " وإن تفرقت أفعالم ،أو
قطع كل واحد من جانب ،فل قود عليهم .وقال مالك والشافعي :يقتص منهم مت
أمكن ذلك ،فتقطع أعضاؤهم ،ويقتص منهم بالراحة .كما إذا اشترك جاعة ف قتل
نفس ،فإنم يقتلون با .وذهب الحناف والظاهرية :إل أنه ل تقطع يدان ف يد ،فإذا
قطع رجلن يد رجل ،فل قصاص على واحد منهما ،وعليهما نصف الدية .القصاص
ف اللطمة والضربة والسب :يوز للنسان أن يقتص من لطمه ،أو لكزه ،أو ضربه ،أو
سبه ،لقول ال سبحانه " :فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى /صفحة
/ 543عليكم ،واتقوا ال " ) 1 ( .وقوله تعال " :وجزاء سيئة سيئة مثلها " ) 2 ( .
وعلى هذا مضت السنة بالقصاص ف ذلك .ويشترط أن يكون ،اللطم ،أو اللكز ،أو
الضرب ،أو السب ،الصادر من الجن عليه مساويا للطم ،أو اللكز ،أو الضرب ،أو
398
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السلب الصادر من الان ،لن ذلك هو مقتضى العدل الذي من أجله شرع القصاص .
كما يشترط ف القصاص ف اللطمة أل تقع ف العي أو ف موضع يشى منه التلف .
ويشترط ف القصاص ف السب خاصة ،أل يكون مرم النس ،فليس له أن يكفر من
كفره ،أو يكذب على من كذب عليه ،أو يلعن أب من لعن أباه ،أو يسب أم من سب
أمه ،لن تكفي السلم أو الكذب عليه ما هو مرم ف السلم ابتداء ،ولن أباه ل يلعنه
حت يلعنه .وكذلك أمه ل تشتمه فيسبها ،له أن يلعن من لعنه ،ويقبح من قبحه ،
ويقول الكلمة النابية ،ويردها على وقائلها قصاصا .قال القرطب " :فمن ظلمك فخذ
حقك منه بقدر مظلمتك ،ومن شتمك فرد عليه مثل قوله ،ومن أخذ عرضك فخذ
عرضه ،ل تتعدى إل أبويه ،ول ابنه أو قريبه ،وليس لك أن تكذب عليه ،وإن كذب
عليك ،فإن العصية ل تقابل بالعصية .فلو قال لك مثل :يا كافر .جاز لك أن تقول
له :أنت الكافر .وإن قال لك :يا زان ،فقصاصك أن تقول له :يا كذاب ،يا شاهد
زور .ولو قلت له :يا زان كنت كاذبا ،وأثت ف الكذب .وإن مطلك وهو غن -
دون عذر -فقل :يا ظال .يا آكل أموال الناس .قال النب صلى ال عليه وسلم " :ل
الواجد يل عرضه وعقوبته " ( ( . ) 3هامش ) ( ) 1سورة البقرة :الية 2 ( . 194
) سورة الشورى :الية ) 3 ( . 40اللي :الطل .والواجد :القادر على قضاء الدين .
( / ) .صفحة " / 544أما عرضه فيما فسرناه ،وأما عقوبته فالسجن يبس فيه " (
. ) 1انتهى .والقصاص ف اللطمة ،والضرب ،والسب ،ثابت عن اللفاء الراشدين
وغيهم من الصحابة والتابعي .ذكر البخاري عن أب بكر ،وعلي ،وابن الزبي ،
وسويد بن مفرن أنم أقادوا من اللطمة وشبهها .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 544
قال ابن النذر " :وما أصيب به من سوط ،أو عصا ،أو حجر ،فكان دون النفس ،
فهو عمد ،وفيه القود " .وهذا قول جاعة من أصحاب الديث .وف البخاري " :
وأقاد عمر رضي ال عنه من ضربة بالدرة .وأقاد علي بن أب طالب ،كرم ال وجهه ،
من ثلثة أسواط ،واقتص شريح من سوط وخوش " .وخالف ف ذلك كثي من فقهاء
399
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
المصار ،فقالوا :بعدم مشروعية القصاص ف شئ من هذا ،لن الساواة متعذرة ف
ذلك غالبا .وإذا كان ل يب فيها القصاص فالواجب فيها التعزير .وقد رجح شيخ
السلم ابن تيمية الرأي الول ،فقال " :وأما قول القائل :إن الماثلة ف ذلك متعذرة ،
فيقال له :لبد لذه الناية من عقوبة :إما قصاص ،وإما تعزير .فإذا جوز أن يكون
تعزيرا غي مضبوط النس والقدر ،فلن يعاقب با هو أقرب إل الضبط من ذلك أول
وأحرى .والعدل ف القصاص معتب بسب المكان .ومن العلوم أن الضارب إذا ضرب
مثل ضربته أو قريبا منها ،كان هذا أقرب إل العدل من أن يعزر بالضرب بالسوط .
فالذي ينع القصاص ف ذلك -خوفا من الظلم -يبيح ما هو أعظم ظلما ما فر منه ،
فيعلم أن ما جاءت به السنة أعدل وأمثل " انتهى .القصاص ف إتلف الال :إذا أتلف
إنسان مال غيه ،كن يقطع شجره ،أو يفسد زرعه ،أو ( هامش ) ( ) 1قرطب ،ج
، 2ص / ) . ( . 360صفحة / 545يهدم داره ،أو يرق ثوبه ،فهل له أن يقتص
منه فيفعل به مثل ما فعل ؟ للعلماء ف ذلك رأيان - 1 :رأي يرى أن القصاص ف ذلك
غي مشروع ،لنه إفساد من جهة ،ولن العقار والثياب غي متماثلة من جهة أخرى .
- 2ورأي يرى شرعية ذلك ،لن القصاص ف النفس والطراف جائز ،ولشك أن
النفس والطراف أعظم قدرا من الموال .وإذا كان القصاص جائزا فيها ،فالموال -
وهي دونا -من باب أول .ولذا جاز لنا أن نفسد أموال أهل الرب إذا أفسدوا أموالنا
،كقطع الشجر الثمر .وإن قيل بالنع من ذلك لغي حاجة .ورجح ابن القم هذا
الرأي ،فقال " :إتلف الال ،فإن كان ما له حرمة ،كاليوان والعبيد ،فليس له أن
يتلف ماله كما أتلف ماله ،وإن ل تكن له حرمة ،كالثوب يشقه ،والناء يكسره ،
فالشهور أنه ليس له أن يتلف عليه نظي ما أتلفه بل له القيمة أو الثل .والقياس يقتضي
أن له أن يفعل بنظي ما أتلفه عليه ،كما فعله الان به ،فيشق ثوبه كما شق ثوبه ،
ويكسر عصاه كما كسر عصاه ،إذا كانا متساويي ،وهذا من العدل ،وليس مع من
منعه نص ،ولقياس ،ول إجاع ،فإن هذا ليس برام لق ال ،وليست حرمة الال
أعظم من حرمة النفوس والطراف ،فإذا مكنه الشارع أن يتلف طرفه بطرفه فتمكينه من
إتلف ماله ف مقابلة ماله هو أول وأحرى .وإن حكمة القصاص من التشفي ،ودرك
400
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الغيظ ،ل تصل إل بذلك .ولنه قد يكون له غرض ف أذاه وإتلف ثيابه ،ويعطيه
قيمتها ،ول يشق ذلك عليه ،لكثرة ماله ،فيشفي نفسه منه بذلك ،ويبقى الجن عليه
بغبنه وغيظه ،فكيف يقع إعطاؤه القيمة من شفاء غيظه ،ودرك ثأره ،وبرد قلبه ،وإذاقة
الان من الذى ما ذاقه هو .فحكمة هذه الشريعة الكاملة الباهرة ،وقياسها معا يأب
ذلك .وقوله تعال " :فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " / .صفحة / 546وقوله
تعال " :وجزاء سيئة سيئة مثلها " .وقوله تعال " :وإن عاقبتم فعاقبوا بثل ما عوقبتم به
" .يقتضي جوازا ذلك .وقد صرح الفقهاء بواز إحراق زرع الكفار ،وقطع أشجارهم
،إذا كانوا يفعلون ذلك بنا .وهذا عي السألة .وقد أقر ال سبحانه الصحابة على قطع
نل اليهود ،لا فيه من خزيهم ،وهذا يدل على أنه سبحانه يب خزي الان الظال ،
ويشرعه .وإذا جاز تريق متاع الغال ،لكونه تعدى على السلمي ف خيانتهم ف شئ
من الغنيمة ،فلن يرق ماله إذا حرق مال السلم العصوم ،أول وأحرى .وإذا شرعت
العقوبة الالية ف حق ال ،الذي مسامته به أكثر من استيفائه ،فلن تشرع ف حق العبد
الشحيح أول وأحرى .ولن ال سبحانه ،شرع القصاص زجرا للنفوس عن العدوان ،
وكان من المكن أن يوجب الدية استدراكا لظلمة الجن عليه بالال ،ولكن ما شرعه
أكمل وأصلح للعباد ،وأشفى لغيظ الجن عليه ،وأحفظ للنفوس وللطراف وإل فمن
كان ف نفسه من الخر -من قتله أو قطع طرفه -قتله أو قطع طرفه وأعطى ديته
والكمة والرحة والصلحة تأب ذلك .وهذا بعينه موجود ف العدوان على الال .فإن
قيل :هذا ينجب بأن يعطيه نظي ما أتلفه عليه .قيل :إذا رضي الجن عليه بذلك فهو
كما لو رضي بدية طرفه ،فهذا هو مض القياس ،وبه قال الحدان :أحد بن حنبل ،
وأحد بن تيمية .قال ف رواية موسى بن سعيد " :وصاحب الشئ يي :إن شاء شق
الثوب ،وإن شاء أخذ مثله " انتهى .ضمان الثل :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 546
اتفق العلماء على أن من استهلك ،أو أفسد شيئا من الطعوم ،أو الشروب أو الوزون ،
فإنه يضمن مثله / .صفحة / 547قالت عائشة رضي ال عنها " :ما رأيت صانع طعام
401
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مثل صفية ،صنعت لرسول ال صلى ال عليه وسلم طعاما ،فبعثت به ،فأخذن أفكل (
، ) 1فكسرت الناء ،فقلت :يا رسول ال .ما كفارة ما صنعت ؟ فقال :إناء مثل
إناء ،وطعام مثل طعام " .رواه أبو داود .واختلفوا فيما إذا كان ما استهلك ،أو
أفسد ،ما ل يكال ول يوزن .فذهبت الحناف والشافعية :إل أن على من استهلكه أو
أفسده ،ضمان الثل ،ول يعدل عنه إل القيمة إل عند عدم الثل لقول ال تعال " :فمن
اعتدى عليكم ،فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " .وهذا عام ف الشياء جيعها ،
ويؤيده حديث عائشة التقدم .وذهبت الالكية إل أنه يضمن القيمة ،ل الثل ( ) 2
العتداء بالرح أو أخذ الال إذا تعدى إنسان على آخر بالرح ،أو بأخذ الال ،فهل
للمعتدى عليه ،أن يأخذ حقه بنفسه إذا ظفر به ؟ للعلماء ف هذه السألة أكثر من رأي ،
وقد رجح القرطب الواز فقال " :والصحيح جواز ذلك ،كيفما توصل إل أخذ حقه ،
ما ل يعد سارقا ،وهو مذهب الشافعي ،وحكاه الداودي عن مالك ،وقال به ابن النذر
،واختاره ابن العرب ،وأن ذلك ليس خيانة ،وإنا هو وصول إل حق ،وقال رسول ال
صلى ال عليه وسلم " :أنصر أخاك ظالا أو مظلوما " .وأخذ الق من الظال نصر له .
وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم لند بنت عتبة امرأة أب سفيان لا قالت له :إن أبا
سفيان رجل شحيح ،ل يعطين من النفقة ما يكفين ويكفي بن ( ،هامش ) ( ) 1
أفكل ،على وزن أفعل :وهو الرعدة ،أي أنا ارتعدت من شدة الغية ) 2 ( .قرطب ،
ج ، 2ص / ) . ( . 259صفحة / 548إل ما أخذت من ماله بغي علمه ،فهل علي
جناح ؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :خذي ما يكفيك ويكفي ولدك
بالعروف " .فأباح لا الخذ ،وأل تأخذ إل القدر الذي يب لا .وهذا كله ثابت ف
الصحيح ،وقوله تعال " :فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " قاطع
ف موضع اللف .قال :واختلفوا إذا ظفر بال له من غي جنس ماله .فقيل :ل يأخذ
إل بكم الاكم .وللشافعي قولن :أصحهما الخذ قياسا على ما لو ظفر له من جنس
ماله .والقول الثان :ل يأخذ ،لنه خلف النس .ومنهم من قال :يتحرى قيمة ماله
عليه ،ويأخذ مقدار ذلك ،وهذا هو الصحيح لا بيناه بالدليل " انتهى .القتصاص من
الاكم إن الاكم فرد من أفراد المة ،ل يتميز عن غيه إل كما يتميزا الوصي أو
402
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الوكيل ،ويري عليه ما يري على سائر الفراد .فإذا تعدى على فرد من أفراد المة
اقتص منه ،لنه ل فرق بينه وبي غيه ف أحكام ال ،فأحكام ال عامة ،تتناول
السلمي جيعا ،فعن أب نضرة عن أب فراس ،قال :خطبنا عمر بن الطاب رضي ال
عنه فقال :أيها الناس " :إن وال ما أرسل عمال ليضربوا أبشاركم ،ولليأخذوا
أموالكم ،ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم ،فمن فعل به شئ سوى ذلك
فليفعه إل ،فوالذي نفس عمر بيده لقصنه منه .قال عمرو بن العاص رضي ال عنه " :
لو أن رجل أدب بعض رعيته ،أتقصه منه ؟ " قال :إي والذي نفسي بيده .إذن لقصنه
منه ،وكيف ل أقصه منه /صفحة / 549وقد رأيت رسول ال يقص من نفسه " رواه
أبو داود ،والنسات .وروى النسائي وأبو داود من حديث أب سعيد بن جبي فقال " :
بينا رسول ال صلى ال عليه وسلم يقسم شيئا بيننا ،إذ أكب عليه رجل ،فطعنه رسول
ال بعرجون كان معه .فصاح الرجل فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم " :تعال
فاستقد ،فقال الرجل :بل عفوت يا رسول ال " وعن أب بكر الصديق رضي ال عنه أنه
قال لرجل شكا إليه :أن عامل قطع يده " :لئن كنت صادقا لقيدنك منه " .وقال
الشافعي ف رواية الربيع :وروى من حديث عمر رضي ال عنه أنه قال " :رأيت رسول
ال صلى ال عليه وسلم يعطي القود من نفسه ،وأبا بكر يعطي القود من نفسه ،وأنا
أعطي القود من نفسي " هل يقاد الزوج إذا أصاب امرأته بشئ :قال ابن شهاب :مضت
السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته برح ،أن عليه عقل ذلك الرح ،ول يقاد منه .وفسر
ذلك مالك ،فقال :إذا عمد الرجل إل امرأته ففقأ عينها ،أو كسر يدها ،أو قطع
أصبعها ،أو أشباه ذلك ،متعمدا لذلك ،فإنا تقاد منه .وأما الرجل :يضرب امرأته
بالبل أو السوط ،فيصيبها من ضربه ما ل يرده ول يتعمده ،فإنه يعقل ما أصاب منها
على هذا الوجه ،ول تقاد منه .قال ف السوى :أهل العلم على هذا التأويل .لقصاص
من الراحات حت يتم البء :ليقتص من الان ف الراحات ،ول تطلب منه دية حت
يتم برء الجن
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 549
403
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عليه من الراحة الت أصيب با ،وتؤمن السراية ،فإذا سرت الناية إل أجزاء أخرى من
البدن ضمنها الان / .صفحة / 550ول يقاد ف البد الشديد ،ول الر الشديد ،
ويؤخر ذلك مافة أن يوت القاد منه .فإن اقتص منه ف حر أو برد ،أو بآلة كالة ،أو
مسمومة ،لزمت بقية الدية إن حدث التلف .فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :
" أن رجل طعن رجل بقرن ف ركبته ،فجاء إل النب صلى ال عليه وسلم فقال :أقدن
.فقال :حت تبأ ،ث جاء إليه فقال أقدن ،فأقاده .ث جاء إليه فقال :يا رسول ال :
عرجت .فقال صلى ال عليه وسلم :قد نيتك فعصيتن ،فأبعدك ال ،وبطل عرجك .
" ث نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يقتص من جرح حت يبأ صاحبه .رواه أحد
،والدارقطن .وفهم الشافعي من هذا أن النتظار مندوب إليه ،لن الرسول صلى ال
عليه وسلم كان متمكنا من القتصاص قبل الندمال .وذهب غيه من الئمة :إل أن
النتظار واجب ،وإذنه بالقتصاص كان قبل علمه با يئول إليه من الفسدة .وإذا قطع
الان إصبعا عمدا ،فعفا الجروح عنه ،ث سرت الناية إل الكف أو النفس ،فالسراية
هدر إن كان العفو على غي شئ ،وإن كان العفو على مال ،فللمجروح دية ما سرت
إليه ،بأن يسقط من دية ما سرت إليه الناية أرش ما عفا عنه ،ويب الباقي .موت
القتص منه :إذا مات القتص منه بسبب الرح الذي أصابه من أجل القصاص فقد
اختلفت فيه أنظار العلماء .فذهب المهور منهم إل أنه ل شئ على القتص ،لعدم
التعدي ،ولن السارق إذا مات من قطع يده ،فإنه لشئ على الذي قطع يده بالجاع .
وهذا مثل ذلك .وقال أبو حنيفة ،والثوري ،وابن أب ليلى " :إذا مات وجب على
عائلة القتص الدية ،لنه قتل خطأ " /صفحة / 551الدية تعريفها :الدية هي الال
الذي يب بسبب الناية ،وتؤدى إل الجن عليه ،أو وليه .يقال :وديت القتيل :أي
أعطيت ديته .وهي تنتظم ما فيه القصاص ،وما ل قصاص فيه .وتسمى الدية ،ب "
العقل " وأصل ذلك :أن القاتل كان إذا قتل قتيل ،جع الدية من البل .فعقلها بفناء
أولياء القتول :أي شدها بعقالا ليسلمها إليهم .يقال :عقلت عن فلن إذا غرمت عنه
دية جنايته .وقد كان النظام الدية معمول به عند العرب ،فأبقاه السلم .وأصل ذلك
قول ال سبحانه " :وما كان لؤمن أن يقتل مؤمنا ،إل خطأ .ومن قتل مؤمنا خطأ
404
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إل أهله ،إل أن يصدقوا .فإن كان من قوم عدو لكم
وهو مؤمن ،فتحرير رقبة مؤمنة ،وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ،فدية مسلمة
إل أهله ،وترير رقبة مؤمنة ،فمن ل يد فصيام شهرين متتابعي ،توبة من ال ،وكان
ال عليما حكيما " ( . ) 1وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ،قال
" :كانت قيمة الدية على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ثاناية دينار ،أو ثانية
آلف درهم .ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية السلمي ( .هامش ) ( ) 1
سورة النساء :الية / ) . ( . 92صفحة / 552قال :فكان ذلك كذلك .حت
استخلف عمر رحه ال ،فقام خطيبا فقال :أل إن البل قد غلت .قال :ففرضها عمر
على أهل الذهب ( ) 1ألف دينار ،وعلى أهل الورق اثنا عشر ألفا .وعلى أهل البقر
مائت بقرة .وعلى أهل الشاء ألفي شاة ،وعلى أهل اللل مائت حلة ( . ) 2قال :
وترك دية أهل الذمة ل يرفعها فيما رفعه من الدية .قال الشافعي بصر :ل يؤخذ من
أهل الذهب ولمن أهل الورق إل قيمة البل بالغة ما بلغت .والرجح أنه ل يثبت بطريق
ل شك فيه تقدير الرسول الدية بغي البل ،فيكون عمر قد زاد ف أجناسها ،وذلك لعلة
جدت واستوجبت ذلك .حكمتها :والقصود منها :الزجر ،والردع ،وحاية النفس
.ولذا يب أن تكون بيث يقاسي من أدائها الكلفون با ،ويدون منها حرجا وألا
ومشقة ،ول يدون هذا الل ويشعرون به ،إل إذا كان مال كثيا ينقص من أموالم ،
ويضيقون بأدائه ودفعه إل الجن عليه أو ورثته ،فهي جزاء يمع بي العقوبة والتعويض .
( ) 3قدرها :الدية فرضها رسول ال صلى ال عليه وسلم وقدرها فجعل دية الرجل
الر السلم :مائة من البل على أهل البل ( ، ) 4ومائت بقرة على أهل ( هامش ) ( 1
) أهل الذهب هم :أهل الشام ،وأهل مصر .وأهل الورق هم :أهل العراق ،كما ف
الوطأ ج ) 2 ( . 2اللل :إزار ورداء ،أو قميص وسروال .ول تكون حلة حت
تكون ثوبي ) 3 ( .تاريخ الفقه ،صفحة ) 4 ( . 82قال أبو حنيفة ،وأحد رضي ال
عنهما ف إحدى الرو ايتي عنه " :دية العمد أرباع " " :خس وعشرون بنت ماض ،
وخس وعشرون بنت لبون ،وخس وعشرون حقاق وخس وعشرون جذاع " ) . ( .
/صفحة / 553
405
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 553
البقر ،وألفي شاة على أهل الشاء ،وألف دينار على أهل الذهب ،واثن عشر ألف
درهم على أهل الفضة ،ومائت حلة على أهل اللل .فأيها أحضر من تلزمه الدية لزم
الول قبولا ،سواء أكان ول الناية من أهل ذلك النوع أو ل يكن ،لنه أتى بالصل ف
الواجب عليه .القتل الذي تب فيه :ومن التفق عليه بي العلماء أنا تب ف القتل الطأ
وف شبه العمد ،وف العمد الذي وقع من فقد شرطا من شروط التكليف ،مثل الصغي (
) 1والجنون .وف العمد الذي تكون فيه حرمة القتول ناقصة عن حرمة القاتل ،مثل
الر إذا قتل العبد .كما تب على النائم الذي انقلب ف نومه على آخر فقتله .وعلى من
سقط على غيه فقتله ،كما تب على من حفر حفرة فتردى فيها شخص فمات ،وعلى
من قتل بسبب الزحام .وجاء ف ذلك عن حنش بن العتمر ،عن علي رضي ال عنه قال
" :بعثن رسول ال صلى ال عليه وسلم إل اليمن ،فانتهينا إل قوم قد بنو زبية للسد ،
فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ،ث تعلق الرجل بآخر ،حت
صاروا فيها أربعة ،فجرحهم السد ،فانتدب له رجل بربة فقتله ،وماتوا من جراحهم
كلهم ،فقام أولياء الول إل أولياء الخر ،فأخرجوا السلح ليقتتلوا ،فأتاهم علي رضي
ال عنه على تفئة ذلك ،فقال :تريدون أن تقتتلوا ورسول ال صلى ال عليه وسلم حي
.إن أقضي بينكم قضاء ،إن رضيتم به فهو القضاء ،وإل حجر بعضكم ( هامش )
وهي كذلك عندها ف شبه العمد .وقال الشافعي ،وأحد ف الرواية الخرى عنه :هي
ثلثون حقة ،وثلثون جذعة ،وأربعون خلفة ،ف بطونا أولدها " .وأما دية الطأ "
فقد اتفقوا على أنا أخاس :عشرون جذعة ،وعشرون حقة ،وعشرون بنات لبون ،
وعشرون ابن ماض وعشرون بنت ماض .وجعل مالك ،والشافعي ،رضي ال
عنهما ،مكان ابن ماض ابن لبون " ) 1 ( .الناية إذا كانت من صغي أو منون تب
ديتها على العاقلة عند أب حنيفة ومالك " " .وقال الشافعي رضي ال عنه :عمد الصغي
ف ماله " / ) . ( .صفحة / 554على بعض حت تأتوا النب صلى ال عليه وسلم ،
فيكون هو الذي يقضي بينكم فمن عدا ذلك فل حق له .أجعوا من قبائل الذين حفروا
406
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
البئر :ربع الدية .وثلث الدية ،ونصف الدية ،والدية كاملة .فللول :ربع الدية ،لنه
هلك من فوق ثلثة .وللثان :ثلث الدية .وللثالث :نصف الدية .وللرابع :الدية
كاملة .فأبوا إل أن يضوا ،وأتو النب صلى ال عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم ،
فقصوا عليه القصة ،فأجازه رسول ال صلى ال عليه وسلم " .رواه أحد ،ورواه بلفظ
آخر نو هذا ،وجعل الدية على قبائل الذين ازدحوا .وعن علي بن رباح اللخمي أن
أعمى كان ينشد ف الوسم ف خلفة عمر ابن الطاب ،وهو يقول :يأيها الناس لقيت
منكرا -هل يعقل العمى الصحيح البصرا جرا معا كلها تكسرا وذلك أن أعمى كان
يقوده بصي ،فوقعا ف بئر .فوقع العمى على البصي فمات البصي ،فقضى عمر بعقل
البصي على العمى .رواه الدارقطن .وف الديث " أن رجل أتى أهل أبيات
فاستسقاهم فلم يسقوه حت مات ،فأغرمهم عمر رضي ال عنه الدية " .حكاه أحد ف
رواية ابن منصور ،وقال :أقول به .ومن صاح على آخر فجأة ،فمات من صيحته
تب ديته .ولو غي صورتهوخوف صبيا فجن الصب فإنه يضمن .الدية مغلظة ومففة :
والدية تكون مغلظة ومففة ،فالخففة تب ف قتل الطأ ،والغلظة تب ف قتل شبه
العمد .وأمادية قتل العمد إذا عفا ول الدم فإن الشافعي والنابلة يرون أنه يب ف هذه
الال دية مغلظة / .صفحة / 555وأما أبو حنيفة فإنه يرى أنه لدية ف العمد ،وإنا
الواجب فيه ما اصطلح الطرفان عليه .وما اصطلحوا عليه حال ،غي مؤجل .والدية
الغلظة مائة من البل ف بطون أربعي منها أولدها .لا رواه أحد ،وأبو داود ،
والنسائي ،وابن ماجه عن قبة بن أوس ،عن رجل من الصحابة أنه صلى ال عليه
وسلم ،قال " :أل إن قتل خطأ العمد بالسوط ،والعصا ،والجر فيه دية مغلظة :مائة
من البل ،منها أربعون من ثنية ( ) 1إل بازل عامها ،كلهن خلفة " .والتغليظ ل
يعتب إل ف البل خاصة دون غيها ،لن الشارع ورد بذلك ،وهذا سبيله التوقيف
والسماع الذي ل مدخل للرأي فيه ،لنه من بات القدرات .تغليظ الدية ف الشهر
الرام والبلد الرام وف الناية على القريب :ويرى الشافعي وغيه :أن الدية تغلظ ف
النفس والراح بالناية ف البلد الرام ،وف الشهر الرام ،وف الناية على ذي الرحم
الحرم ،لن الشرع عظم هذه الرمات ،فتعظم الدية بعظم الناية .وروي عن عمر ،
407
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والقاسم بن ممد ،وابن شهاب :أن يزاد ف الدية مثل ثلثها .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 555
وذهب أبو حنيفة ومالك :إل أن الدية ل تغلظ لذه السباب ،لنه ل دليل على التغليظ
،إذ أن الديات يتوقف فيها على الشارع ،والتغليظ فيما وقع خطأ بعيد عن أصول
الشرع .على من تب :الدية الواجبة على القاتل نوعان - 1 :نوع يب على الان ف
ماله ( ، ) 2وهو القتل العمد ،إذا سقط القصاص ( .هامش ) ( ) 1الثنية من البل :
مادخل ف السنة السادسة من عمره ،والبازل :الذي دخل ف التاسعة واكتمل قوته ،
ويقال له بعد ذلك :بازل عام ،وبازل عامي .واللفة :الامل من النوق ) 2 ( .
سواء كان رجل أم امرأة / ) . ( .صفحة / 556يقول ابن عباس " :لتمل العاقلة
عمدا ،ول اعترافا ،ول صلحا ف عمد " .ول مالف له من الصحابة .وروى مالك
عن ابن شهاب .قال " :مضت السنة ف العمد حي يعفوا أولياء القتول أن الدية تكون
على القاتل ف ماله خاصة ،إل أن تعينه العاقلة عن طيب نفس منها .وإنا ل تعقل العاقلة
واحدا من هذه الثلثة :أي ل يعقل العمد ،ول القرار ،ول الصلح ،لن العمد يوجب
العقوبة ،فل يستحق التخفيف عنه بتحمل العاقلة عنه شيئا من الدية ،ول تعقل القرار
لن الدية وجبت بالقرار بالقتل ل بالقتل نفسه ،والقرار حجة قاصرة :أي أنه حجة ف
حق القر ،فل يتعدى إل العاقلة .ول تعقل العاقلة القرار بالصلح ،لن بدل الصلح ل
يب بالقتل ،بل وجب بعقد الصلح ،ولن الان يتحمل مسئولية جنايته ،وبدل التلف
يب على متلفه - 2 .ونوع يب على القاتل ،وتتحمله عنه العاقلة ،إذا كانت له
عاقلة بطريق التعاون ،وهو قتل شبه العمد وقتل الطأ ( . ) 1والقاتل كأحد أفراد
العاقلة ،لنه هو القاتل ،فل معن لخراجه .وقال الشافعي :ل يب على القاتل شئ
من الدية لنه معذور .والعاقلة :مأخوذ من العقل ،لنا تعقل الدماء :أي تسكها من
أن تسفك :يقال عقل البعي عقل :أي شده بالعقال .ومنه العقل ،لنه ينع من التورط
ف القبائح .والعاقلة هي الماعة الذين يعقلون العقل ،وهي الدية ،يقال عقلت القتيل :
أي أعطيت ديته ،وعقلت عن القاتل .أديت ما لزمه من الدية .والعاقلة هم عصبة
408
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الرجل :أي قرابته الذكور البالغون -من قبل الب ) 1 ( ) 2 ( -وكذلك عمد
الصغي والجنون على عاقلتهما ،وقال قتادة ،وأبو ثور ،وابن اب دليلى ،وابن شبمة :
دية شبه العمد ف مال الان .وهذا القول ضعيف ) 2 ( .ويدخل فيهم الب والبن
عند مالك وأب حنيفة وأظهر الروايتي عند أحد / ) . ( .صفحة / 557الوسرون
العقلء ،ويدخل فيهم :العمى ،والزمن ،والرم ،إن كانوا أغنياء ل يدخل ف العاقلة
:أنثى ،ول فقي ،ول صغي ،ول منون ،ول مالف لدين الان ،لن مبن هذا المر
على النصرة ،وهؤلء ليسوا من أهلها .وأصل وجوب الدية على العاقلة :ما ثبت من أن
امرأتي من هزيل إقتتلتا ،فرمت إحداها الخرى بجر فقتلتها وما ف بطنها ،فقضى
رسول ال صلى ال عليه وسلم بدية الرأة على عاقلتها .رواه البخاري ومسلم من
حديث أب هريرة .وكانت العاقلة ف زمن النب صلى ال عليه وسلم قبيلة الان ،وبقيت
كذلك حت جاء عهد عمر رضي ال عنه ،فلما نظم اليوش ،ودون الدواوين جعل
العاقلة هم أهل الديوان ،خلفا لا كان ف عهد النب صلى ال عليه وسلم .وقد أجاب
السرخسي عن هذا الذي وضعه عمر .فقال " :إن قيل :كيف يظن بالصحابة الجاع
على خلف ما قضى به رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ قلنا :هذا اجتماع على وفاق
ما قضى به رسول ال صلى ال عليه وسلم .فإنم علموا أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم قضى به على العشية باعتبار النصرة ،وكانت قوة الرء ونصرته يومئذ بعشيته .ث
لا دون عمر رضي ال عنه الدواوين صارت القوة والنصرة للديوان ،فقد كان الرء يقاتل
قبيلته عن ديوانه " اه .وإذا كان الحناف قد ارتضوا هذا ،فإن الالكية والشافعية قد
رفضوه ،لنه لنسخ بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وليس من حق أحد أن يغي ما
كان على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم .والدية الت تب على العاقلة مؤجلة ف
ثلث سني ( ) 1باتفاق العلماء ( هامش ) ( ) 1كان النب صلى ال عليه وسلم يعطيها
دفعة واحدة ،تأليفا للقلوب وإصلحا لذات البي ،فلما تهد السلم قدرتا الصحابة
على هذا النظام .فإذا رأى المام الصلحة ف التعجيل كان له ذلك / ) . ( .صفحة
/ 558وأما الت تب على القاتل ف ماله ،فإنا تكون حالة عند الشافعي رضي ال
عنه ،لن التأجيل للتخفيف عن العاقلة ،فل يلتحق به العمد الحض .ويرى الحناف
409
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أنا مؤجلة ف ثلث سني ،مثل دية قتل الطأ .وإياب دية قتل شبه العمد ،والطأ
على العاقلة استثناء من القاعدة العامة ف السلم .وهي :أن النسان مسؤول عن نفسه
وماسب على تصرفاته ،لقول ال عزوجل :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 558
" لتزر وازرة وزر أخرى " .ولقول الرسول الكري " :ل يؤخذ الرجل بريرة أبيه ،ول
بريرة أخيه " .رواه النسائي عن ابن مسعود رضي ال عنه .وإنا جعل السلم اشتراك
العاقلة ف تمل الدية ف هذه الالة ،من أجل مواساة الان ،ومعاونته ف جناية صدرت
عنه من غي قصد منه .وكان ذلك إقرارا لنظام عرب ،اقتضاه ما كان بي القبائل من
التعاون والتآزر والتناصر .وف ذلك حكمة بينة ،وهي أن القبيلة إذا علمت أنا ستشارك
ف تمل الدية ،فإنا تعمل من جانبها على كف النتسبي إليها عن ارتكاب الرائم ،
وتوجههم إل السلوك القوي الذي ينبهم الوقوع ف الطأ .ويرى جهور الفقهاء أن
العاقلة لتمل من دية الطأ إل ما جاوز الثلث ،وما دون الثلث ف مال الان ( . ) 1
ويرى مالك وأحد رضي ال عنهما ،أنه ل يب على واحد من العصبة قدر معي من
الدية ،ويتهد الاكم ف تميل كل واحد منهم ما يسهل عليه ،ويبدأ بالقرب فالقرب
.أما الشافعي رضي ال عنه ،فيى أنه يب على الغن دينار ،وعلى الفقي نصف دينار
.والدية عنده مرتبة على القرابة بسب قربم ،فالقرب من بن أبيه ث بن جده ،ث من
بن بن أبيه ،قال :فإن ل يكن للقاتل عصبة نسبا ( هامش ) ( ) 1وقال الشافعي رضي
ال عنه :عقل الطأ على العاقلة ،قلت الناية أو كثرت ،لن من غرم الكثر غرم القل
،كما أن عقل العمد ف مال الان :قل أو كثر / ) . ( .صفحة / 559ول ولء ،
فالدية ف بيت الال .لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أنا ول من ل ول له " .
وكذلك إذا كان فقيا وعاقلته فقية ،ل تستطيع تمل الدية ،فإن بيت الال هو الذي
يتحملها .وإذا قتل السلمون رجل ف العركة -ظنا أنه كافر -ث تبي أنه مسلم فإن
ديته ف بيت الال .فقد روى الشافعي رضي ال عنه ،وغيه :أن رسول ال صلى ال
عليه وسلم قضى بدية اليمان -والد حذيفة -وكان قد قتله السلمون يوم أحد ،ول
410
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يعرفونه ،وكذلك من مات من الزحام تب ديته ف بيت الال ،لنه مسلم مات بفعل
قوم مسلمي ،فتجب ديته ف بيت الال .روى مسدد :أن رجل زحم يوم المعة فمات
،فوداه علي كرم ال وجهه ،من بيت مال السلمي .والفهوم من كلم الحناف أن
الدية ف هذه الزمان ف مال الان ،ففي كتاب " الدرر الختار " " :إن التناصر أصل
هذا الباب ،فمت وجد وجدت العاقلة ،وإل فل " .وحيث لقبيلة ،ول تناصر ،فالدية
ف بيت الال فإن عدم بيت الال أو ل يكن منتظما فالدية ف مال الان .وقال ابن تيمية
" :وتؤخذ الدية من الان خطأ عند تعذر العاقلة ف أصح قول العلماء " .دية العضاء
يوجد ف النسان من العضاء ما منه عضو واحد :كالنف ،واللسان ،والذكر .
ويوجد فيه ما منه عضوان :كالعيني ،والذني ،والشفتي ،واللحيي واليدين ،
والرجلي ،والصيتي ،وثديي الرأة ،وثندوت الرجل ( ، ) 1والليتي ،وشفري الرأة
( .هامش ) ( ) 1مثن ثندوة ،وها للرجل كالثديي للمرأة / ) . ( .صفحة / 560
ويوجد ما هو أكثر من ذلك .فإذا أتلف إنسان من إنسان آخر هذا العضو الواحد أو
هذين العضوين ،وجبت الدية كاملة ،وإذا أتلف أحد العضوين وجب نصف الدية .
فتجب الدية كاملة ف النف ،لن منفعته ف تميع الروائح ف قصبته ،وارتفاعها إل
الدماغ ،وذلك يفوت بقطع الارن .وكذلك تب الدية ف قطع اللسان ،لفوات
النطق ،الذي يتميز به الدمي عن اليوان العجم .والنطق منفعة مقصودة يقوت بفواتا
مصال النسان ،من إفهام غيه أغراضه ،والبانة عن مقاصده .وكذلك تب الدية
بقطع بعضه ،إذا عجز عن الكلم جلة لفوات النفعة نفسها الت تفوت بقطعه كله .فإذا
عجز عن النطق ببعض الروف ،وقدر على بعض منها ،فإن الدية تقسم على عدد
الروف .وقد روي عن علي ،كرم ال وجهه :أنه قسم الدية على الروف ،فما قدر
عليه من الروف أسقط بسابه من الدية .وما ل يقدر عليه ألزمه بسابه منها .وتب
الدية ف قطع الذكر ،ولو كان القطوع منه الشفة فقط ،لن فيه منفعة الوطء ،
واستمساك البول .وكذلك تب الدية إذا ضرب الصلب فعجز عن الشي ،وتب الدية
كاملة ف العيني ،وف العي الواحدة نصفها ،وف الفني كما لا ،وف جفن إحدى
العيني نصفها وف واحدة منها ربعها ،وف الذني كمال الدية ،وف الواحدة نصفها ،
411
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وف الشفتي كمال الدية ،وف الواحدة نصفها ،يستوي فيهما العليا والسفلى .وف
اليدين كمال الدية ،وف اليد الواحدة نصفها ،وف الرجلي كمال الدية ،وف الرجل
الواحدة نصفها ،وف أصابع اليدين والرجلي الدية كاملة ،وف كل أصبع عشر من البل
،والصابع سواء ،ل فرق بي خنصر وإبام ،وف كل أنلة من أصابع اليدين أو الرجلي
ثلث عشر الدية ،ف كل أصبع ثلث مفاصل ،والبام فيه
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 560
مفصلن ،وف كل مفصل منهما نصف عشر الدية ،وف الصيتي كمال /صفحة
/ 561الدية ،وف إحداها نصفها ،ومثل ذلك ف الليتي ،وشفري الرأة وثدييها
وثندون الرجل ففيهما الدية كاملة ،وف إحداها نصفها .وف السنان كمال الدية ،
وف كل سن خس من البل ،والسنان سواء من غي ضرس وثنية .وإذا أصيبت السن
ففيها ديتها ،وكذلك إن طرحت بعد أن تسود .دية منافع العضاء وتب الدية كاملة
إذا ضرب إنسان إنسانا فذهب عقله ،لن العقل هو الذي ييز النسان عن اليوان ،
وكذلك إذا ذهبت حاسة من حواسه :ك " سعه ،أو بصره ،أوشه ،أو ذوقه ،أو
كلمه بميع حروفه " لن ف كل حاسة من هذه الواس منفعة مقصودة ،با جاله
وكمال حياته ،وقد قضى عمر رضي ال عنه ف رجل ضرب رجل ،فذهب سعه ،
وبصره ،ونكاحه ،وعقله ،بأربع ديات والرجل حي .وإذا ذهب بصر إحدى العيني ،
أو سع إحدى الذني ،ففيه نصف الدية ،سواء كانت الخرى صحيحة أم غي صحيحة
.وف حلمت ثديي الرأة ديتها ،وف إحداها نصفها .وف شفريها ديتها ،وف أحدها
نصفها .وإذا فقئت عي العور الصحيحة ،يب فيها كمال الدية ،قضى بذلك عمر ،
وعثمان ،وعلي ،وابن عمر .ول يعرف لم مالف من الصحابة ،لن ذهاب عي
العور ذهاب البصر كله ،إذ أنه يصل با ما يصل بالعيني .وف كل واحد من الشعور
الربعة كمال الدية .وهي - 1 :شعر الرأس - 2 .شعر اللحية - 3 .شعر الاجبي
- 4 .أهداب العيني وف الاجب نصف الدية .وف الدب ربعها .وف الشارب يترك
فيه المر لتقدير القاضي / .صفحة / 562دية الشجاج الشجاج :هو الصابات الت
412
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تقع بالرأس والوجه .وأنواعه عشرة .وهي كلها ل قصاص فيها ،إل الوضحة إذا كانت
عمدا ،لنه ل يكن مراعاة الماثلة فيها .والشجاج بيانه كما يأت - 1 :الارصة :
وهي الت تشق اللد قليل - 2 .الباضعة :وهي الت تشق اللحم بعد اللد - 3 .
الدامية أو الدامغة :وهي الت تنل الدم - 4 .التلحة :وهي الت تغوص ف اللحم 5 .
-السمحاق :وهي الت يبقى بينها وبي العظم جلدة رقيقة - 6 .الوضحة :وهي الت
تكشف عن العظم - 7 .الاشة :وهي الت تكسر العظم وتشمه - 8 .النقلة :وهي
الت توضح وتشم العظم حت ينتقل منها العظام - 9 .الأمومة ،أو المة :وهي الت
تصل إل جلدة الرأس - 10 .الائفة :وهي الت تصل الوف .ويب فيما دون
الوضحة حكومة عدل ،وقيل أجرة الطبيب ،وأما الوضحة ،ففيها القصاص إذا كانت
عمدا كما قلنا ،ونصف عشر الدية إذا كانت خطأ ،سواء كانت كبية أم صغية ،
وهي خس من البل ،كما ثبت ذلك عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ف كتابه
لعمرو بن حزم .ولو كانت مواضح متفرقة ،يب ف كل واحدة منها خس من البل .
والوضحة ف غي الوجه والرأس توجب حكومة .وف الاشة عشر الدية ،وهي عشر من
البل ،وهو مروي عن زيد ابن ثابت ،ول مالف له من الصحابة .وف النقلة عشر
الدية ،ونصف العشر :أي خسة عشر من البل .وف المة :ثلث الدية بالجاع / .
صفحة / 563وف الائفة :ثلث الدية بالجاع ،فإن نفذت فهما جائفتان ،ففيهما
ثلثا الدية .دية الرأة ودية الرأة إذا قتلت خطأ :نصف دية الرجل ،وكذلك دية
أطرافها ،وجراحاتا على النصف من دية الرجل وجراحاته ،وإل هذا ذهب أكثر أهل
العلم .فقد روي عن عمر رضي ال عنه ،وعلي كرم ال وجهه ،وابن مسعود رضي ال
عنه ،وزيد بن ثابت رضي ال عنهم أجعي :أنم قالوا ف دية الرأة :إنا على النصف
من دية الرجل ،ول ينقل أنه أنكر عليهم أحد ،فيكون إجاعا ،ولن الرأة ف مياثها
وشهادتا على النصف من الرجل .وقيل :يستوي الرجل والرأة ف العقل إل الثلث ،ث
النصف فيما بقي .فقد أخرج النسائي ،والدارقطن ،وصححه ابن خزية عن عمر بن
شعيب عن أبيه عن جده ،أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :عقل الرأة مثل عقل
الرجل حت يبلغ الثلث من ديته " .وأخرج مالك ف الوطأ ،والبيهقي عن ربيعة بن عبد
413
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الرحن أنه قال " :سألت سعيد بن السيب :كم ف إصبع الرأة ؟ قال :عشر من البل ،
قلت :فكم ف الصبعي ؟ قال :عشرون من البل .قلت :فكم ف ثلث ؟ قال :
ثلثون من البل .قلت :فكم ف أربع ؟ قال :عشرون من البل .قلت :حي عظم
جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها ! فقال سعيد :أعراقي أنت ؟ فقلت :بل عال
متثبت ،أو جاهل متعلم .فقال سعيد " :هي السنة يا ابن أخي " .وقد ناقش المام
الشافعي هذا الرأي ،وبي أن القصود من السنة ،هو سنة زيد بن ثابت رضي ال عنه
الذي قال بذا الرأي ،لسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم .فقال الشافعي رضي ال
عنه / :صفحة " / 564السنة إذا أطلقت يراد با سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
وروي
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 564
أن كبار الصحابة -رضي ال عنهم -أفتوا بلفه ،ولو كانت سنة رسول ال صلى ال
عليه وسلم ما خالفوه .وقوله :سنة ،ممول على أنه سنة زيد ( ، ) 1لنه ل يرو إل
عنه موقوفا ،ولن هذا يؤدي إل الحال ،وهو ما إذا كان ألها أشد ،ومصابا أكثر أن
يقل أرشها ،وحكمة الشارع تنشأ من ذلك .وليوز نسبته إليه ،لن من الحال أن
تكون الناية ل توجب شيئا شرعا .وأقبح أن تسقط ما وجب بغيه .دية أهل الكتاب
ودية أهل الكتاب ( ) 2إذا قتلوا خطأ نصف دية السلم ،فدية الذكر منهم نصف دية
السلم ،ودية الرأة من نسائهم نصف دية الرأة السلمة .لا رواه عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده " :أن النب صلى ال عليه وسلم قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل
السلم " .رواه أحد رضي ال عنه .وكما تكون دية النفس على النصف من دية
السلم ،تكون دية الراح كذلك على النصف .وإل هذا ذهب مالك ،وعمر بن عبد
العزيز .وذهب أبو حنيفة ،والثوري ،وهو الروي عن عمر ،وعثمان ،وابن مسعود
رضي ال عنهم ،إل أن ديتهم مثل دية السلمي ،لقول ال تعال " :وإن كان من قوم
بينكم وبينهم ميثاق ،فدية مسلمة إل أهله ،وترير رقبة مؤمنة " .قال الزهري " :دية
اليهودي ،والنصران ،وكل ذمي مثل دية السلم " .قال :وكانت كذلك على عهد
414
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وأب بكر ( ،هامش ) ( ) 1سنة زيد بن ثابت ( .
) 2سواء كانوا ذميي أو معاهدين مستأمني / ) . ( .صفحة / 565وعمر ،
وعثمان ،وعلي رضي ال عنهم ،حت كان معاوية ،فجعل ف بيت الال نصفها ،
وأعطى القتول نصفها .ث قضى عمر بن عبد العزيز بنصف الدية ،وألغى الذي جعله
معاوية لبيت الال .قال الزهري :فلم يقض ل أن أذكر بذلك عمر بن عبد العزيز ،
فأخبه أن الدية كانت تامة لهل الذمة .وذهب الشافعي رضي ال عنه إل أن دبتهم :
ثلث دية السلم ،ودية الوثن والجوسي العاهد أو الستأمن :ثلثا عشر دية السلم .
وحجتهم أن ذلك أقل ما قيل ف ذلك ،والذمة بريئة أل بيقي ،أو حجة .وهو بساب
ثاناية درهم من اثن عشر الفا .وروي عن عمر ،وعثمان ،وابن مسعود :ونساؤهم
على النصف .وهل تب الكفارة مع الدية ف قتل الذمي والعاهد ؟ قاله ابن عباس ،
والشعب ،والنخعي ،والشافعي واختاره الطبي .دية الني إذا مات الني بسبب
الناية على أمه عمدا أو خطأ ،ول تت أمه ،وجب فيه غرة ( ) 1سواء انفصل عن أمه
وخرج ميتا ،أم مات ف بطنها .وسواء أكان ذكرا أم أنثى .فأما إذا خرج حيا ،ث
مات ،ففيه الدية كاملة ،فإن كان ذكرا وجبت مائة بعي .وإن كان أنثى :خسون .
وتعرف الياة بالعطاس ،أو التنفس ،أو البكاء ،أو الصياح ،أو الركة ،ونو ذلك .
واشترط الشافعي ف حالة ما إذا مات ف بطن أمه ،أن يعلم بأنه قد تلق وجرى فيه
الروح .وفسره ب " ما ظهر فيه صورة الدمي :من يد ،وأصبع " ( .هامش ) ( ) 1
الغرة من كل شئ :أنفسه / ) . ( .صفحة / 566وأما مالك ،فإنه ل يشترط هذا
الشرط ،وقال " :كل ما طرحته الرأة من مضغة ،أو علقة ،ما يعلم أنه ولد ففيه لغرة "
.ويرجح رأي الشافعي ،بأن الصل براءة الذمة وعدم وجوب الغرة ،فإذال يعلم تلقه ،
فإنه ل يب شئ ( . ) 1قدر الغرة :والغرة :خسماية درهم ،كما قال الشعب
والحناف ،أو ماية شاة ،كما ف حديث أب يريدة عند أب داود ،والنسائي .وقيل :
خس من البل .وعن أب هريرة رضي ال عنه :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم " :
قضى أن دية الني غرة :عبد أو وليدة " .وروى مالك ،عن ابن شهاب ،عن سعيد
بن السيب :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قضى ف الني يقتل ف بطن أمه :ب "
415
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
غرة :عبد ،أو وليدة " .فقال الذي قضى عليه :كيف أغرم ما لشرب ،ول أكل ،
ول نطق ،ول استهل ،ومثل ذلك يطل ( . ) 2فقال الرسول صلى ال عليه وسلم " :
إن هذا من إخوان الكهان " .هذا بالنسبة لني السلمة ،أما جني الذمية ،فقد قال
صاحب بداية الجتهد :قال مالك والشافعي وأبو حنيفة :فيه عشر دية أمه ،لكن أبو
حنيفة على أصله ،ف أن دية الذمي دية السلم .والشافعي على أصله ،ف أن دية الذمي
ثلث دية السلم .ومالك على أصله ،ف أن دية الذمي نصف دية السلم .على من تب
:قال مالك وأصحابه ،والسن البصري والبصريون :تب ف مال الان ( .هامش ) (
) 1وقد أجع العلماء على أن الم إذا ماتت ،وهو ف جوفها ،ول تلقه ول يرج ،
فلشئ فيه .واختلفوا فيما إذا ماتت من ضرب بطنها ،ث خرج الني ميتا بعد موتا ،
فقال جهور الفقهاء :لشئ فيه ،وقال الليث بن سعد وداود :فيه غرة ،لن العتب حياة
أمه ف وقت ضربا لغي ) 2 ( .يهدر / ) . ( .صفحة / 567
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 567
وذهبت النفية والشافعية ،والكوفيون ،إل أنا تب على العاقلة لنا جناية خطأ ( ) 1
فوجبت على العاقلة .وروي عن جابر رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم جعل
ف الني غرة على عاقلة الضارب :وبدأ بزوجها وولدها .وأما مالك ،والسن :فقد
شبهاها بدية العمد إذا كان الضرب عمدا .والول أصح .لن تب :ذهبت الالكية ،
والشافعية ،وغيهم :إل أن دية الني تب لورثته على مواريثهم الشرعية ،وحكمها
حكم الدية ف كونا موروثة ،وقيل :هي للم ،لن الني كعضو من أعضائها ،فتكون
ديته لا خاصة .وجوب الكفارة :اتفق العلماء على أن الني إذا خرج حيا ث مات ،
ففيه الكفارة مع الدية .وهل تب الكفارة مع الغرة إذا خرج ميتا أو ل تب ؟ قال
الشافعي وغيه :تب ،لن الكفارة عنده تب ف الطأ والعمد .وقال أبو حنيفة :ل
تب ،لنه غلب عليهحكم العمد .والكفارة ل تب فيه عنده .واستحبها مالك ،لنه
متردد بي الطأ والعمد .لدية ال بعد البء قال مالك :إن المر الجمع عليه عندنا ف
الطأ ،أنه ل يعقل حت يبأ الجروح ويصح ،وأنه إن كسر عظما من النسان :يدا أو
416
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رجل ،وغي ذلك من السد خطأ ،فبأ ،وصح ،وعاد ليئته ،فليس فيه عقل ( ، ) 2
فإن ( هامش ) ( ) 1سقوط الني ليس عمدا مضا ،وإنا هو عمد ف أمه ،خطأ فيه .
( ) 2وهو مذهب أب حنيفة ،لنه ل يدث شئ للمجن عليه سوى الل ،ول قيمة
لجرد الل / ) . ( -صفحة / 568نقص ،أو كان فيه عثل ( نقص ) ،ففيه من عقله
بساب ما نقص .قال :فإن كان ذلك العظم ما جاء فيه عن النب صلى ال عليه وسلم ،
عقل مسمى ،فبحساب ما فرض فيه النب صلى ال عليه وسلم ،عقل .وما كان ما ل
يأت فيه عن النب صلى ال عليه وسلم عقل مسمى ،ول تض فيه سنة ،ولعقل
مسمى ،فإنه يتهد فيه .وجود قتيل بي قوم متشاجرين إذا تشاجرقوم ،فوجد بينهم
قتيل ،ل يدرى من قاتله ،ويعمى أمره فل يبي -ففيه الدية :قال رسول ال صلى ال
عليه وسلم فيما رواه أبو داود " :من قتل ف عميا ( ) 1ف رميا ،يكون بينهم بجارة
أو بالسياط أو ضرب بعصا ،فهو خطأ ،وعقله عقل الطأ ،ومن قتل عمدا فهو قود ،
ومن حال دونه ،فعليه لعنة ال وغضبه ،ل يقبل منه صرف ولعدل " ( ) 2واختلف
العلماء فيمن تلزمه الدية .فقال أبو حنيفة :هي على عاقلة القبيلة الت وجد فيها إذا ل
يدع أولياء القتيل على غيهم .وقال مالك :ديته على الذين نازعوهم .وقال الشافعي :
هي قسامة ،إن ادعوه على رجل بعينه ،أو طائفة بعينها وإل فل عقل ول قود .وقال
أحد :هي على عواقل الخرين ،إل أن يدعوا على رجل بعينه ،فيكون قسامة .وقال
ابن أب ليلى ،وأبو يوسف :ديته على الفريقي الذين اقتتل معا ( .هامش ) فهو نظي
من شتم إنسانا شتما يؤل قلبه فإنه ل يضمن شيئا .وإن كان ل يلى الشات من مسؤولية
الشتم فإنه يعاقب تعزيرا ،أو يقتص منه ،على خلف ف ذلك كما هو مبي ف موضعه
من هذا الكتاب ،وقال أبو يوسف ،على الان أرش الل وهي حكومة عدل ،وقال
ممد عليه أجر الطبيب وثن الدواء ) 1 ( .عميا :من العمى ،رميا :من الرمي ) 2 ( .
الصرف :التطوع ،والعدل :الفريضة / ) . ( .صفحة / 569وقال الوزاعي :ديته
على الفريقي جيعا ،إل أن تقوم بينة من غي الفريقي :أن فلنا قتله ،فعليه القصاص
والدية .القتل بعد أخذ الدية :وإذا أخذ ول الدم الدية ،فل يل له بعد أن يقتل القاتل .
وروى أبو داود ،عن السن ،عن جابر بن عبد ال :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
417
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
،قال " :لأعفى ( ) 1من قتل بعد أخذ الدية " .وروى الدارقطن ،عن أب شريح
الزاعي ،قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :من أصيب بدم أو خبل
( ، ) 2فهو باليار بي إحدى ثلث ،فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه :بي أن يقتص
،أو يعفو ،أو يأخذ العقل ،فإن قبل شيئا من ذلك ث عدا بعد ذلك فله النار خالدا فيها
ملدا " .فإذا قتله ،فمن العلماء من قال :هو كمن قتل ابتداءا ،إن شاء الول قتله وإن
شاء عفا عنه ،وعذابه ف الخرة .ومنهم من قال :يقتل ول بد ،ول يكن الاكم الول
من العفو .وقيل :أمره إل المام يصنع فيه ما يرى .اصطدام الفارسي :ذهب أبو
حنيفة ومالك :إل أنه إذا اصطدم فارسان فمات كل واحد منهما ،فعلى كل منهما دية
الخر ،وتتحملها العاقلة .وقال الشافعي :على كل واحد منهما نصف دية صاحبه ،
لن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه .ضمان صاحب الدابة إذا
أصابت الدابة بيدها ،أو رجلها ،أو فمها شيئا ،ضمن صاحبها ( ،هامش ) ( ) 1أي
:لكثر ماله ،ول استغن .فهذا دعاء من الرسول صلى ال عليه وسلم ) 2 ( .البل :
العرج / ) . ( .صفحة / 570
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 570
عند الشافعي ،وابن أب ليلى ،وابن شبمه .وقال مالك ،والليث ،والوزاعي :ل
يضمن إذا ل يكن من جهة راكبها ،أو قائدها ،أو سائقها ،بسبب من هز ،أو
ضرب ،فلو كان ثة سبب ،كأن حلها أحدهم على شئ فأتلفته ،لزمه حكم التلف .
فإن كان جناية مضمونة بالقصاص ،وكان المل عمدا ،كان فيه القصاص ،لن الدابة
ف هذه الال كاللة .وإن كان المل من غي قصد ،كانت فيه الدية على العاقلة ،وإن
كان التلف مال كانت الغرامة ف مال الان .وقال أبو حنيفة :إذا رمت ( ) 1دابة
إنسان -وهو راكبها -إنسانا آخر ،فإن كان الرمح برجلها فهو هدر ،وإن كانت
نفحته بيدها ،فهو ضامن ،لنه يلك تصريفها من المام ،ول يلك منها ما ورائها .
وقال :وإذا ساق دابة ،فوقع السرج أو اللجام أو أي شئ ما يمل عليها ،فأصاب
إنسانا ،ضمن السائق ما أصاب من ذلك .ولو انفلتت دابة فأصابت مال ،أو آدميا ،
418
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ليل أو نارا ،فإنه ل ضمان على صاحبها ،لنه غي متعمد .ومن ركب دابة فضربا
رجل أو نسها ،فنفحت إنسانا ،أو ضربته بيدها ،أو نفرت فصدمته فقتلته ضمن
الناخس دون الراكب .وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا ،لنه هو التسبب .فإن
ألقت الراكب فقتلته كانت ديته على عاقلة الناخس .وإذا بالت الدابة أو راثت ف الطريق
وهي تسي فعطب به إنسان ل يضمن ،وكذا إذا أوقفها لذلك .ضمان القائد والراكب
والسائق إذا كان للدابة قائد ،أو راكب ،أو سائق ،فأصابت شيئا ،وأوقعت به ضررا ،
فإنه يضمن ما أصابته من ذلك .فقد قضى عمر ،رضي ال عنه ،بالدية على الذي
أجرى فرسه فوطئ آخر ( .هامش ) ( ) 1رمت :رفست / ) . ( .صفحة / 571
ويرى أهل الظاهر أنه ل ضمان على واحد من هؤلء ،لقول الرسول صلى ال عليه
وسلم " :جرح العجماء جبار ،والبئر جبار ،والعدن جبار ،وف الركاز المس " .
وما استدل به الظاهرية ممول على ما إذا ل يكن للدابة راكب ،ول سائق ،ول قائد "
فإنه ل ضمان على ما أتلفته ف هذه الال بالجاع " .الدابة الوقوفة وأما الدابة الوقوفة
إذا أصابت شيئا ،فعند أب حنيفة :يضمن ما أصابته ول يعفيه من الضمان أن يربطها
بوضع يوز له أن يربطها فيه .فعن النعمان بن بشي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال " :من وقف دابة ف سبيل من سبل السلمي ،أو ف سوق من أسواقهم ،فأوطأت
بيد أو رجل فهو ضامن " .رواه الدارقطن .وقال الشافعي :إن أوقفها بيث ينبغي له
أن يوقفها ل يضمن ،وإن ل يوقفها بيث ينبغي له أن يوقفها ضمن .ضمان ما أتلفته
الواشي من الزروع والثمار وغيها ذهب جهور العلماء -منهم :مالك ،والشافعي ،
وأكب فقهاء الجاز -إل أن ما أفسدت الاشية بالنهار من :نفس ،أو مال ،للغي ،
فلضمان على صاحبها ،لن ف عرف الناس ،أن أصحاب الوائط ،والبساتي ،
يفظونا بالنهار ،وأصحاب الواشي يسرحونا بالنهار ،ويردونما بالليل إل الراح ،
فمن خالف هذه العادة ،كان خارجا عن رسوم الفظ إل التضييع .هذا إذا ل يكن
معها مالكها ،وإن كان معها فعليه ضمان ما أتلفته ،سواء كان راكبها أو سائقها ،أو
قائدها ،أو كانت واقفة عنده ،وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو فمها / .صفحة 572
/واستدلوا لذهبهم هذا ،با رواه مالك ،عن ابن شهاب عن حرام بن سعيد بن الحيصة
419
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
:أن ناقة للباء بن عازب دخلت حائط ( ) 1رجل فأفسدت فيه ،فقضى رسول ال
صلى ال عليه وسلم :أن على أهل الوائط حفظها بالنهارو أن ما أفسدت الواشي بالليل
ضامن على أهلها ( . ) 2قال أبو عمر بن عبد الب :وهذا الديث وإن كان مرسل فهو
حديث مشهور ،أرسله الئمة ،وحدث به الثقات ،واستعمله فقهاء الجاز ،وتلقوه
بالقبول ،وجرى ف الدينة العمل به .وحسبك باستعمال أهل الدينة وسائر أهل الجاز
لذا الديث .ويرى سحنون -من الالكية -أن هذا الديث ،إنا جاز ف أمثال الدينة
الت هي حيطان مدقة .وأما البلد الت هي زروع متصلة ،غي مظرة ،وبساتي
كذلك ،فيضمن أرباب النعم ما أفسدت من ليل أو نار .وذهبت الحناف :إل أنه إذا
ل يكن معها مالكها فل ضمان عليه ،ليل كان أو نارا ،لقول الرسول صلى ال عليه
وسلم " :جرح العجماء جبار " .فالحناف يقيسون جيع أعمالا على جرحها .وإن
كان معها مالكها :فإن كان يسوقها فعليه ضمان ما أتلفت بكل حال ،وإن كان قائدها
أو راكبها فعليه ضمان ما أتلفت بفمها أو يدها ،ول يب ضمان ما أتلفت برجلها .
وأجاب المهور ،بأن الديث الذي استدل به الحناف عام ،خصصه حديث الباء ،
هذا فيما يتصل بالزروع والثمار ،أما غيها فقد قال ابن قدامة ف الغن " :وإن أتلفت
البهيمة غي الزرع ،ل يضمن مالكها ما أتلفته ،ليل كان أو نارا ،ما ل تكن يده عليها
".
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 572
وحكي عن شريح :أنه قضى -ف شاة وقعت ف غزل حائط ليل -بالضمان على
صاحبها ( .هامش ) ( ) 1الائط :البستان ) 2 ( .ضامن :مضمون / ) . ( .
صفحة / 573وقرأ شريح " :إذ نفشت فيه غنم القوم ( . " ) 1قال :والنفش ل
يكون إل بالليل .وعن الثوري " :يضمن وإن كان نارا ،لنه مفرط بإرسالا " .ولنا
قول النب صلى ال عليه وسلم " :العجماء جرحها جبار " متفق عليه ،أي هدر .وأما
الية فإن النفش هو الرعي ليل ،وكان هذا ف الرث الذي تفسده البهائم طبعا بالرعي
وتدعوها نفسها إل أكله بلف غيه ،فل يصح قياس غيه عليه .انتهى .ضمان ما
420
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أتلفته الطيور يرى بعض العلماء :أن النحل ،والمام ،والوز ،والدجاج والطيور
كالاشية ،وأنه إذا اقتناها وأرسلها نارا فلقطت حبا ،ل يضمن ،لن العادة إرسالا .
ويرى البعض الخر :أن فيها الضمان ،فمن أطلقها ،فأتلفت شيئا ،ضمنه .وكذلك ،
إن كان له طي جارح ،كالصقر ،والبازي ،فأفسد طيور الناس وحيواناتم ،ضمن .
وهذا الرأي هو الصحيح .ضمان ما أصابه الكلب أو الر ف الغن " :ومن اقتن كلبا
عقورا ،فأطلقه ،فعقر إنسانا ،أو دابة ،ليل أو نارا ،أو خرق ثوب إنسان ،فعلى
صاحبه ضمان ما أتلفه ،لنه مفرط باقتنائه .إل أن يدخل إنسان داره بغي إذنه ،
فلضمان فيه ،لنه متعد بالدخول متسبب بعدوانه ،إل عقر الكلب له ،وإن دخل بإذن
الالك فعليه ضمانه ،لنه تسبب ف إتلفه ،وإن أتلف الكلب بغي العقر ،مثل :أو ولغ
( .هامش ) ( ) 1سورة النبياء :الية / ) . ( . 78صفحة / 574ف إناء إنسان ،
أو بال ،ل يضمنه مقتنيه :لن هذا ل يتص به الكلب العقور .قال القاضي " :وإن
اقتن سنورا ،يأكل أفراخ الناس ضمن ما أتلفه ،كما يضمن ما يتلفه الكلب العقور ،
ولفرق بي الليل والنهار ،وإن ل يكن له عادة بذلك ل يضمن صاحبه جنايته ،كالكلب
إذا ل يكن عقورا .ولو أن الكلب العقور أو السنور حصل عند إنسان من غي اقتنائه ول
اختياره ،فأفسد ل يضمنه ،لنه يصل التلف بسببه .ما يقتل من اليوان وما ل يقتل
:ول يقتل من اليوان إل ما أمر الرسول صلى ال عليه وسلم بقتله .وهو " :الغراب ،
والدأة ،والفأرة ،والية ،والعقرب ،والكلب العقور ،والوزغ " ( . ) 1ويلحق با
ما أشبهها ف الضرر ،مثل :الزنبور الؤذي ،والنمر ،والفهد والسد ،فإنا تقتل ولو ل
يصل واحد منها .قالت عائشة رضي ال عنها " :أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم
بقتل خسة فواسق ف الل والرم " :الغراب ،والدأة والعقرب ،والفأر ،والكلب
العقور " .رواه البخاري ومسلم .وف الصحيحي من حديث أم شريك ،أن النب صلى
ال عليه وسلم أمر بقتل الوزاغ وساه " فويسقة " .وإذا قتلت فإنه ل ضمان ف قتلها ،
ولقتل غيها من السباع والشرات ،وإن تأهلت بالجاع ،إل الر فتضمن قيمته ،إل
إذا وقع منه اعتداء .ول يقتل الدهد ،ول النملة ،ول النحلة ،ول الطاف ،ول
الصرد ،ول الضفدع ،إذ ل ضرر فيها .وقد روي النسائي ،عن ابن عمرو ،أن رسول
421
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ال صلى ال عليه وسلم ،قال ( :هامش ) ( ) 1الوزغ :ضرب من الزحافات -
( ج ) وزغة / ) . ( .صفحة " / 575ما من إنسان يقتل عصفورا ،فما فوقها بغي
حقها إل سأله ال يوم القيامة عنها ،قيل يا رسول ال :وما حقها ؟ قال :يذبها
ويأكلها ،ول يقطع رأسها ويرمي با " .وإذا قتلها فعليه أن يتوب إل ال ،ول ضمان
عليه .وعن ابن عباس قال :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن قتل أربعة من
الدواب " :النملة ،والنحلة ،والدهد ،والصرد " .ما ل ضمان فيه إذا كانت الناية
بسبب من الظال العتدي ،فهي هدر :أي ل قصاص فيها ،ولدية لا .ومن أمثلة ذلك
) 1 ( :سقوط أسنان العاض :فإذا عض النسان غيه ،فانتزع العضوض ما عض منه
من فم العاض ،فسقطت أسنانه ،أو انفكت ليته ،فإنه ل مسؤولية على الان ،لنه
غي متعد .روى البخاري ومسلم ،عن عمران بن حصي ،أن رجل عض يد رجل ،
فنع يده من فمه فسقطت ثنيتاه ،فاختصموا إل النب صلى ال عليه وسلم ،فقال " :
يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل ( . . ) 1لدية لك " .وقال مالك :يضمن ،
والديث حجة عليه ) 2 ( .النظر ف بيت غيه بدون إذنه :ومن نظر ف بيت إنسان ،
من ثقب أو شق باب ،أو نو ذلك ،فإن ل يتعمد النظر فل حرج عليه ( .هامش ) (
) 1الفحل :الذكر من البل / ) . ( .صفحة / 576روى مسلم أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم سئل عن نظرة الفجأة ؟ فقال " :اصرف بصرك " .وروى أبو داود
والترمذي :أنه صلى ال عليه وسلم ،قال لعلي " :لتتبع النظرة النظرة ،فإن لك الول
،وليست لك الثانية " .فإن تعمد النظر بدون إذن من صاحب البيت فلصاحب البيت أن
يفقأ عينه ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 576
ولضمان عليه .روى أحد والنسائي ،عن أب هريرة ،أن النب صلى ال عليه وسلم ،
قال " :من اطلع ف بيت قوم بغي إذنم ،ففقأوا عينه فلدية له ،ول قصاص " .وروى
البخاري ومسلم عنه ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :لو أن رجل اطلع
عليك بغي إذن ،فخذفته ( ) 1بصاة ففقأت عينه ،ما كان عليك جناح " .وعن
422
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
سهل بن سعد :أن رجل اطلع ف حجر باب رسول ال ،صلى ال عليه وسلم ،ومع
رسول ال مدرى يرجل با رأسه ،فقال له النب صلى ال عليه وسلم " :لو أعلم أنك
تنظر ،لطعنت با ف عينك ،إنا جعل الذن من أجل النظر " .وبذا أخذت الشافعية
والنابلة .وخالف فيه الحناف والالكية ،فقالوا :من نظر بدون إذن من صاحب البيت
،فرماه بصاة ،أو طعنه بشبة ،فأصاب منه ،فهو ضامن ،لن الرجل إذا دخل البيت
ونظر فيه وباشر امرأة صاحبه فيما دون الفرج فإنه ل يوز أن يفقأ عينه ،أو يدث به
عاهة ،لن ارتكاب مثل هذا الذنب ل يقابل بثل هذه العقوبة ،وهذا مالف للحاديث
الصحيحة الت تقدم ذكرها .وقد رجح الرأي الول ابن قيم الوزية فقال ( :هامش ) (
) 1الذف ،بالاء :الرمي بالصاة ،وبالاء :الرمي بالعصى ،ل بالصى / ) . ( .
صفحة " / 577فردت هذه السنن بأنا خلف الصول ،فإن ال إنا أباح قلع العي
بالعي ،ل بناية النظر ،ولذا لو جن عليه بلسانه ل يقطع ،ولو استمع عليه بأذنه ل يز
أن تقطع أذنه ،فيقال :بل هذه السنن من أعظم الصول ،فما خالفها فهو خلف
الصول وقولكم " :إنا شرع ال سبحانه أخذ العي بالعي ،فهذا حق ف القصاص ،
وأما العضو الان التعدي ل يكن دفع ضرره وعدوانه إل برميه ،فإن الية ل تتناوله نفيا
ول إثباتا ،والسنة جاءت ببيان حكمه بيانا ابتدائيا لا سكت عنه القرآن ،ل مالفا لا
حكم به القرآن .وهذا اسم آخر غي فق ء العي قصاصا ،وغي دفع الصائل الذي يدفع
بالسهل فالسهل ،إذ القصود دفع ضرر حياله ،فإذا اندفع بالعصا ل يدفع بالسيف ،
وأما هذا التعدي بالنظر إل الحرم ،الذي ل يكن الحتراز منه ،فإنه إنا يقع على وجه
الختفاء والتل .فهو قسم آخر غي الان وغي الصائل الذي ل يتحقق عدوانه ،ول
يقع هذا غالبا إل على وجه الختفاء ،وعدم مشاهدة غي الناظر إليه ،فلو كلف النظور
إليه إقامة البينة على جنايته لتعذرت عليه ،ولو أمر بدفعه بالسهل فالسهل ذهبت جناية
عدوانه بالنظر إليه وإل جريه هدرا " .والشريعة الكاملة تأب هذا وهذا ،فكان أحسن ما
يكن وأصلحه وأكفه لناوللجان ،ما جاءت به السنة الت ل معارض لا ،ول دافع
لصحتها من خذف ما هنال ك ،وإن ل يكن هناك بصر عاد ل يضر خذف الصاة وإن
كان هناك بصر عاد ل يلومن إل نفسه ،فهو الذي عرضه صاحبه للتلف ،فأدناه إل
423
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
اللك ،والاذف ليس بظال له .والناظر خائن ظال ،والشريعة أكمل وأجل من أن
تضيع حق هذا الذي هتكت حرمته وتيله ف النتصار على التعزير بعد إقامة البينة ،
فحكم ال با شرعه على رسوله ،ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون " اه ) 3 ( .
القتل دفاعا عن النفس أو الال أو العرض :ومن قتل شخصا ،أو حيوانا ،دفاعا عن
نفسه ،أو عن نفس غيه ،أو عن ماله ،أو مال غيه ،أو عن العرض ،فإنه لشئ
عليه ،لن دفع /صفحة / 578الضرر عن النفس ،والال واجب ،فإن ل يندفع إل
بالقتل فله قتله ،ولشئ على القاتل .روى مسلم ،عن أب هريرة ،رضي ال عنه ،قال
:جاء رجل إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقال :يا رسول ال ،أرأيت إن جاء
رجل يريد أن يأخذ مال ؟ قال " :فل تعطه مالك " .قال :أرأيت إن قاتلن ؟ قال " :
قاتله " .قال :أرأيت إن قتلن ؟ قال " :فأنت شهيد " .قال :أرأيت إن قتلته ؟ قال :
" هو ف النار " .قال ابن حزم " :فمن أراد أخذ مال إنسان ظلما من لص أو غيه ،فإن
تيسر له طرده منه ومنعه ،فل يل له قتله ،فإن قتله حينئذ فعليه القود ،وإن توقع أقل
توقع أن بعاجله اللص فليقتله ،ولشئ عليه ،لنه مدافع عن نفسه " .ادعاء القتل دفاعا
إذا ادعى القاتل أنه قتل الجن عليه ،دفاعا عن نفسه ،أو عرضه ،أو ماله ،فإن أقام بينة
على دعواه قبل قوله وسقط عنه القصاص والدية ،وإن ل يقم البينة على دعواه ،ل يقبل
قوله ،وأمره إل ول الدم :إن شاء عفا عنه وإن شاء اقتص منه ،لن الصل الباءة حت
تثبت الدانة .وقد سئل المام علي ،رضي ال عنه ،عمن وجد مع امرأته رجل فقتلهما
؟ فقال " :إن ل يأت بأربعة شهداء ( ) 1فليعط برمته " ( .هامش ) ( ) 1وقيل :
يكفى شاهدان " .برمته " أي مسلم إل أولياء القتول ليقعل / ) . ( .صفحة / 579
فإن ل يقم القاتل البينة ،واعترف ول الدم بأن القتل كان دفاعا ،انتفت
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 579
عنه السؤولية ،وسقط عنه القصاص والدية .روى سعيد بن منصور ف سننه عن عمر
رضي ال عنه " :أنه كان يوما يتغذى ،إذ جاءه رجل يعدو ،وف يده سيف ملطخ بالدم
،ووراءه قوم يعدون خلفه ،فجاء حت جلس مع عمر ،فجاء الخرون .فقالوا يا أمي
424
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الؤمني إن هذا قتل صاحبنا .فقال له عمر :ما يقولون ؟ فقال :يا أمي الؤمني إن
ضربت فخذي امرأت ،فإن كان بينهما أحد فقد قتلته .فقال عمر :ما يقول ؟ قالوا :يا
أمي الؤمني إنه ضرب بالسيف فوقع ف وسط الرجل ،وفخذي الرأة .فأخذ عمر سيفه
فهزه ،ث دفعه إليه وقال :إن عادوا فعد " .وروي عن الزبي " :أنه كان يوما قد تلف
عن اليش ،ومعه جارية له ،فأتاه رجلن فقال :أعطنا شيئا .فألقى اليهما طعاما كان
معه .فقال :خل عن الارية فضربما بسيفه فقطعهما بضربة واحدة " .قال ابن تيمية :
فإن ادعى القاتل أنه صال عليه ،وأنكر أولياء القتول :فإن كان القتول معروفا بالب ،
وقتله ف مل لريبة فيه ،ل يقبل قول القاتل .وإن كان معروفا بالفجور والقاتل معروفا
بالب ،فالقول قول القاتل مع يينه .ل سيما إذا كان معروفا بالتعرض له قبل ذلك .
ضمان ما أتلفته النار من أوقد نارا ف داره كالعتاد ،فهبت الريح فأطارت شرارة ،
أحرقت نفسا أو مال ،فلضمان عليه / .صفحة / 580ذكر وكيع ،عن عبد العزيز
بن حصي ،عن يي بن يي الغسان ،قال :أوقد رجل نارا لنفسه ،فخرجت شرارة
من نار ،حت أحرقت شيئا لاره ،قال :فكتب فيه إل عبد العزيز بن حصي ،فكتب
إليه :ان رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :العجماء جبار " وأرى أن النار جبار .
افساد زرع الغي ولو سقى أرضه سقيا زائدا على العتاد ،فأفسد زرع غيه ،ضمن ،
فإذا انصب الاء من موضع ل علم له به ،ل يضمن ،حيث ل يدث منه تعد .غرق
السفينة من كان له سفينة يعب با الناس ودوابم ،فغرقت بدون سبب مباشر منه ،فل
ضمان عليه فيما تلف با .فإن كان غرقها بسبب منه ضمن .ضمن الطبيب ل يتلف
العلماء ف أن النسان إذا ل تكن له دراية بالطب ،فعال مريضا فأصابته من ذلك العلج
عاهة ،فإنه يكون مسؤول عن جنايته ،وضامنا بقدر ما أحدث من ضرر ،لنه يعتب
بعمله هذا متعديا ،ويكون الضمان ف ماله .لا رواه عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن
جده ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،قال " :من تطبب ،ول يعلم منه قبل ذلك
الطب ،فهو ضامن " رواه أبو داود ،والنسائي ،وابن ماجه .وقال عبد العزيز بن عمر
بن عبد العزيز :حدثن بعض الوفد الذين قدموا على أب ،قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :أيا طبيب تطبب على قوم ل يعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت ( ) 1فهو
425
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ضامن " .رواه أبو داود ( .هامش ) ( ) 1أضر بالريض / ) . ( .صفحة / 581أما
إذا أخطأ الطبيب ،وهو عال بالطب ،فرأي الفقهاء أنه تلزمه الدية ،وتكون على عاقلته
عند أكثرهم ( . ) 1وقيل :هي ف ماله .وف تقرير الضمان الفاظ على الرواح ،
وتنبيه الطباء إل واجبهم ،واتاذ اليطة اللزمة ف أعمالم التعلقة بياة الناس .ويروى
عن مالك :أنه ل شئ عليه .الرجل يفضي زوجته وإذا وطئ الرجل زوجته فأفضاها ،
فإن كانت كبية بيث يوطأ مثلها ،فإنه ل يضمن ( ، ) 2وإن كانت صغية ل يوطأ
مثلها ،فعليه الدية .والفضاء مأخوذ من الفضاء ،وهو الكان الواسع ،ويكون بعن
الماع ومنه قول ال سبحانه " :وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إل بعض " .
ويكون بعن اللمس ،ومنه قوله صلى ال عليه وسلم " :إذا أفضى أحدكم بيده إل
ذكره ،فليتوضأ " .والراد به هنا :إزالة الاجز الذي بي الفرج والدبر .الائط يقع
على شخص فيقتله إذا مال حائط إل الطريق ،أو إل ملك غيه ،ث وقع على شخص
فقتله ،فإن كان قد سبق أن طولب صاحبه بنقضه ،ول ينقضه مع التمكن منه ،ضمن
ما تلف بسببه ،وإل فل يضمن ( . ) 3ورواية أشهب عن مالك :أنه إذا بلغ من شدة
الوف إل ما ل يؤمن ( هامش ) ( ) 1وإذا مات ل يب عليه القود ،وتب الدية ،
لن العلج كان بإذن الريض ) 2 ( .هذا مذهب أب حنيفة وأحد .وقال الشافعي ،
ورواية عن مالك :عليه الدية .والشهور عن مالك :أن فيه حكومة ) 3 ( .هذا
مذهب الحناف / ) . ( .صفحة / 582معه التلف ،ضمن ما تلف به ،سواء تقدم
إليه ف نقضه ،أم ل يتقدم ،أو أشهد عليه ،أم ل يشهد عليه .وأشهر الروايات عن
أحد ،وأظهر الوجوه عند الشافعية أنه ل يضمن .ضمان حافر البئر إذا حفر إنسان
بئرا ،فوقع فيه إنسان ،فإن حفر ف أرض يلكها ،أو ف أرض ل يلكها ،واستأذن
الالك فل ضمان عليه ،وإن حفر فيما ل يلك ،وبل إذن صاحب الرض ،ضمن ،ول
ضمان إذا كان ف ملكه أو إذن
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 582
426
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الالك ،أو كان ف موات ،لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم " :البئر جبار " ،أي
أن من تردى فيه ف هذه الالة فهلك ،فهدر ل دية له .وقال مالك " :إن حفر ف
موضع جرت العادة بالفر ف مثله ،ل يضمن وإن تعدى ف الفر ضمن " .ومن أمر
شخصا مكلفا أن ينل بئرا ،أو أن يصعد شجرة ففعل ،فهلك بنوله البئر ،أو صعوده
الشجرة ،ل يضمنه المر لعدم إكراهه له .ومثل ذلك الاكم إذا استأجر شخصا لذلك
فهلك ،فل ضمان ،لعدم الناية والتعدي منه .ولو سلم إنسان نفسه أو ولده ،إل
سابح يسن السباحة فغرق ،فل ضمان عليه .الذن ف أخذ الطعام وغيه ذهب جهور
العلماء :إل أنه ل يوز لحد أن يلب ماشية غيه إل بإذنه ،فإن اضطر ف ممصة ،
ومالكها غي حاضر ،فله أن يلبها ،ويشرب لبنها ،ويضمن لالكها .وكذلك سائر
الطعمة والثمار العلقة ف الشجر ،لن الضطرار ل يبطل حق الغي .روى مالك ،عن
نافع ،عن ابن عمر ،أن رسول ال صلى ال عليه /صفحة / 583وسلم قال " :ل
يتلب أحد ماشية أحد بغي إذنه ،أيب أحدكم أن يؤتى مشربته ( ) 1فتكسر خزانته ،
فينتقل منها طعامه ،وإنا تزن لم ضروع مواشيهم أطعماتم ،فل يتلب أحد ماشية
أحد إل بإذنه " .وقال الشافعي :ل يضمن ،لن السؤولية تسقط بالضطرار ،لوجود
الذن من الشارع ،ول يتمع إذن وضمان .القسامة القسامة :تستعمل بعن السن
والمال .والقصود با هنا :اليان ،مأخوذة من :أقسم ،يقسم ،إقساما ،وقسامة .
فهي مصدر مشتق من القسم ،كاشتقاق الماعة من المع .وصورتا :أن يوجد قتيل
ل يعرف قاتله ،فتجري القسامة على الماعة الت يكن أن يكون القاتل مصورا فيهم ،
بشرط أن يكون عليهم لوث ( ) 2ظاهر ،بأن يوجد القتيل بي قوم من العداء ،ول
يالطهم غيهم ،أو اجتمع جاعة ف بيت أو صحراء ،وتفرقوا عن قتيل ،أو وجد ف
ناحية ،وهناك رجل متضب بدمه .فإذا كان القتيل ف بلدة ،أو ف طريق من طرقها ،
أو قريبا منها أجريت القسامة على أهل البلدة .وإن وجدت جثته بي بلدين ،أجريت
القسامة على أقربا مسافة من مكان جثته .وكيفية القسامة ،هي :أن يتار ول القتول
خسي رجل من هذه البلدة ليحلفوا بال أنم ما قتلوه ،ول علموا له قاتل ( .هامش )
( ) 1الشربة :كالغرفة يوضع فيها التاع ،فقد شبه الرسول صلى ال عليه وسلم
427
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ضروع الواشي ف حفظ اللب بالغرفة الت يفظ فيها النسان متاعه ،وف الديث إثبات
القياس ورد الشئ إل نظيه ) 2 ( .اللوث :العلمة / ) . ( .صفحة / 584فإن
حلفوا سقطت عنهم الدية ،وإن أبوا ،وجبت ديته على أهل البلدة جيعا .وإن التبس
المر كانت ديته من بيت الال .النظام العرب الذي أقره السلم وكانت القسامة معمول
با ف الاهلية ،فأقرها السلم على ما كانت عليه .وحكمة إقرار السلم لا ،أنا
مظهر من مظاهر حاية النفس ،وحت ل يذهب دم القتيل هدرا " .أخرج البخاري ،
والنسائي ،عن ابن عباس ،رضي ال عنهما :أن أول قسامة كانت ف الاهلية " :كان
رجل من بن هاشم ،استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى فانطلق معه ف إبله ،فمر
به رجل من بن هاشم قد انقطعت عروة جوالقه ،فقال :أغثن بعقال أشد به عروة
جوالقي ،ل تنفر البل ،فأعطاه عقال فشد به عروة جوالقه .فلما نزلوا ،عقلت البل
إل بعيا واحدا ،فقال الذي استأجره :ما بال هذا البعي ل يعقل من بي البل ؟ قال :
ليس له عقال .قال :فأين عقاله ؟ فحذفه بعصا كان فيه أجله ،فمر به رجل من أهل
اليمن .فقال له :أتشهد الوسم ؟ قال :ما أشهده ،وربا شهدته .قال :هل أنت مبلغ
عن رسالة ،مرة من الدهر ؟ قال :نعم .قال :فإذا شهدت ،فناد :يا قريش ،فإذا
أجابوك .فناد :يا آل بن هاشم ،فإن أجابوك ،فسل :عن أب طالب ،وأخبه أن فلنا
قتلن ف عقال / .صفحة / 585ومات الستأجر .فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو
طالب .فقال :ما فعل صاحبنا ؟ قال :مرض فأحسنت القيام عليه ووليت دفنه .قال :
قد كان أهل ذاك منك .فمكث حينا ،ث إن الرجل الذي أوصى إليه ،أن يبلغ عنه ،
واف الوسم .فقال :يا قريش .قالوا :هذه قريش .قال :يا آل بن هاشم .قالوا :هذه
بنو هاشم .قال :أين أبو طالب ؟ قالوا :هذا أبو طالب .قال :أمرن فلن أن أبلغك
رسالة ،أن فلنا قتله ف عقال .فأتاه أبو طالب ،فقال :اختر منا إحدى ثلث :إن
شئت أن تؤدي مائة من البل ،فإنك قتلت صاحبنا ،وإن شئت ،حلف خسون من
قومك أنك ل تقتله ،فإن أبيت قتلناك به .فأتى قومه فأخبهم .فقالوا :نلف .فأتته
امرأة من بن هاشم ،كانت تت رجل منهم ،كانت قد ولدت منه فقالت :يا أبا
طالب .أحب أن يب إبن هذا برجل من المسي ول تصب يينه حيث تصب اليان .
428
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 585
ففعل .فأتاه رجل منهم ،فقال :يا أبا طالب ،أردت خسي رجل أن يلفوا مكان مائة
من البل ،فيصيب كل رجل منهم بعيان ،هذان البعيان فاقبلهما من ول تصب يين ،
حيث تصب اليان ،فقبلهما .وجاء ثانية وأربعون فحلفوا / .صفحة / 586قال ابن
عباس رضي ال عنهما " .فوالذي نفسي بيده ما حال الول ،ومن الثمانية والربعي
عي تطرف " ! الختلف ف الكم بالقسامة :اختلف العلماء ف وجوب الكم
بالقسامة .فقال جهور الفقهاء :بوجوب الكم با .وقالت طائفة من العلماء :ل يوز
الكم با .قال ابن رشد ف بداية الجتهد " :وأما وجوب الكم با على الملة ،فقال
به جهور فقهاء المصار :مالك ،والشافعي ،وأبو حنيفة ،وأحد ،وسفيان ،وداود ،
وأصحابم ،وغي ذلك من فقهاء المصار .وقالت طائفة من العلماء :سال بن عبد
ال ،وأبو قلبة ،وعمر بن عبد العزيز ،وابن علية :ل يوز الكم با .عمدة المهور
ما ثبت عنه عليه الصلة والسلم ،من حديث حويصة وميصة ،وهو حديث متفق على
صحته من أهل الديث ،إل أنم متلفون ف ألفاظه .وعمدة الفريق الثان لعدم جواز
الكم با :أن القسامة مالفة لصول الشرع الجمع على صحتها ،فمنها :ان الصل ف
الشرع أن ل يلف أحد إل على ما علم قطعا ،أو شاهد حسا ،وإذا كان ذلك كذلك
فكيف يقسم أولياء الدم ،وهم ل يشاهدوا القتيل ،بل قد يكونون ف بلد ،والقتل ف
بلد آخر .ولذلك روى البخاري عن أب قلبة " :أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره
يوما للناس ،ث أذن لم فدخلوا عليه ،فقال :ما تقولون ف القسامة ؟ فأضب القوم ،
وقالوا :نقول :إن القسامة القود با حق ،قد أقاد با اللفاء .فقال :ما تقول يا أبا
قلبة ؟ ونصبن للناس .فقلت :يا أمي الؤمني ،عندك أشراف العرب ،ورؤساء الجناد
/ .صفحة / 587أرأيت لو أن خسي رجل شهدوا على رجل ،أنه زنا بدمشق ،ول
يروه ،أكنت ترجه ؟ قال :ل .قلت :أفرأيت لو أن خسي رجل شهدوا على رجل
أنه سرق بمص ،ول يروه ،أكنت تقطعه ؟ قال :ل .وف بعض الروايات :قلت :
فما بالم إذا شهدوا أنه قتله بأرض كذا ،وهم عندك ،أقدت بشهادتم .قال :فكتب
429
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عمر بن عبد العزيز ،ف القسامة ،أنم إن أقاموا شاهدي عدل :أن فلنا قتله ،فأقده ،
ول يقتل بشهادة المسي الذين أقسموا " .قالوا " :ومنها :أن من الصول ،أن اليان
ليس لا تأثي ف إشاطة الدماء " .ومنها " :أن من الصول :ان البينة على من ادعى ،
واليمي على من أنكر " .ومن حجتهم " :أنم ل يرو ف تلك الحاديث ،أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم حكم بالقسامة ،وإنا كانت حكما جاهليا ،فتلطف لم رسول
ال صلى ال عليه وسلم لييهم كيف ل يلزم الكم با ،على أصول السلم ،ولذلك
قال لم " :أتلفون خسي يينا " -أعن لولة الدم ،وهم النصار -؟ قالوا :كيف
نلف ،ول نشاهد ؟ قال :فيحلف لكم اليهود .قالوا :كيف نقبل أيان قوم كفار ؟
قالوا :فلو كانت السنة أن يلفوا وإن ل يشهدوا لقال لم رسول ال صلى ال عليه وسلم
:هي السنة .قال :إذا كانت هذه الثار غي نص ف القضاء بالقسامة ،والتأويل يتطرق
إليها ،فصرفها بالتأويل إل الصول أول / .صفحة / 588وأما القائلون با ،وباصة
" مالك " ،فرأى أن سنة القسامة ،سنة منفردة بنفسها ،مصصة للصول ،كسائر
السنن الخصصة ،وزعم أن العلة ف ذلك حوطة الدماء ،وذلك أن القتل لا كان يكثر ،
وكان يقل قيام الشهادة عليه ،لكون القاتل إنا يتحرى بالقتل مواضع اللوات ،جعلت
هذه السنة حفظا للدماء ،لكن هذه العلة تدخل عليه ف قطاع الطريق ،والسراق ،وذلك
ان السارق تعسر الشهادة عليه ،وكذلك قاطع الطريق .فلهذا أجاز مالك شهادة
السلوبي على السالبي ،مع مالفة ذلك للصول ،وذلك أن السلوبي مدعون على
سلبهم " انتهى / .صفحة / 589التعزير ( ) 1تعريفه :يأت التعزير بعن " التعظيم
والنصرة " ،ومن ذلك قول ال سبحانه وتعال " :لتؤمنوا بال ورسوله وتعزروه " .أي
تعظموه وتنصروه ( . ) 1ويأت بعن الهانة :يقال عزر فلن فلنا ،إذا أهانه زجرا
وتأديبا له على ذنب وقع منه .والقصود به ف الشرع :التأديب على ذنب ل حد فيه ول
كفارة .أي أنه عقوبة تأديبية يفرضها الاكم ( ) 2على جناية ( ) 3أو معصية ل يعي
الشرع لا عقوبة ،أو حدد لا عقوبة ولكن ل تتوفر فيها شروط التنفيذ مثل الباشرة ف
غي الفرج ،وسرقة مال قطع فيه ،وجناية ل قصاص فيها ،وإتيان الرأة الرأة ،والقذف
بغي الزن .ذلك أن العاصي ثلثة أقسام - 1 :نوع فيه حد ،ول كفارة فيه :وهي
430
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الدود الت تقدم ذكرها - 2 .ونوع فيه كفارة ،ول حد فيه .مثل :الماع ف نار
رمضان ،والماع ف الحرام .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 589
- 3ونوع ل كفارة فيه ول حد ،كالعاصي الت تقدم ذكرها ،فيجب فيها التعزير ( .
) 2مشروعيته :والصل ف مشروعيته ما رواه أبو داود ،والترمذي ،والنسائي ،
( هامش ) ( ) 1سورة الفتح :الية ) 2 ( . 9الاكم :هو الذي ينفذ الحكام
السلم ويقيم حدوده ويتقيد بتعاليمه ) 3 ( .الناية ف العرف القانون " :هي الرية
الت تكون عقوبتها العدام أو الشغال الشاقة أو السجن " / ) . ( .صفحة / 590
والبيهقي ،عن بز بن حكيم ،عن أبيه ،عن جده " :ان النب صلى ال عليه وسلم ،
حبس ف التهمة " صححه الاكم .وإنا كان هذا البس حبسا احتياطيا حت تظهر
القيقة .وأخرج البخاري ،ومسلم ،وأبو داود ،عن هانئ بن نيار أنه سع رسول ال
صلى ال عليه وسلم يقول " :ل تلدوا فوق عشرة أسواط ،إل ف حد من حدود ال
تعال " .وقد ثبت أن عمر بن الطاب رضي ال عنه كان يعزر ويؤدب ،بلق الرأس
والنفي والضرب ،كما كان يرق حوانيت المارين ،والقرية الت يباع فيها المر .
وحرق قصر سعد بن أب وقاص بالكوفة ،لا احتجب فيه عن الرعية .وقد اتذ درة
يضرب با من يستحق الضرب ،واتذ دارأ للسجن ،وضرب النائحة حت بدا شعرها (
. ) 1وقال الئمة الثلثة :إنه واجب ( . ) 2وقال الشافعي :ليس بواجب ) 3 ( .
حكمة مشروعيته والفرق بينه وبي الدود :وقد شرعه السلم لتأديب العصاة
والارجي على النظام ،فالكمة فيه هي الكمة من شرعية الدود الت سبق ذكرها ف
مواضعها .إل أنه يتلف عن الدود من ثلثة أوجه - 1 .أن الدود يتساوى الناس
فيها جيعا ،بينما التعزير يتلف باختلفهم .فإذا زل رجل كري ،فإنه يوز العفو عن
زلته .وإذا عوقب عليها فإنه ينبغي أن تكون عقوبته أخف من عقوبة من ارتكب مثل
زلته ،من هو دونه ف الشرف والنلة .روى أحد ،وأبو داود ،والنسائي ،والبيهقي ،
أن رسول ال صلى ال ( هامش ) ( ) 1ويراجع ف ذلك إغاثة اللهفان لبن قيم الوزية
431
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
) 2 ( .أي أن التعزير فيما شرع فيه التعزير واجب / ) . ( .صفحة / 591عليه وسلم
،قال " :أقيلوا ذوي اليئات عثراتم ،إل الدود " .أي إذا زل رجل من ل يعرف
بالشر زلة ،أو ارتكب صغية من الصغائر ،أو كان طائعا وكانت هذه أول خطاياه ،
فل تؤاخذوه .وإذا كان ل بد من الؤاخذة ،فلتكن مؤاخذة خفيفة - 2 .أن الدود ل
توز فيها الشفاعة بعد أن ترفع إل الاكم .بينما التعازير يوز فيها الشفاعة - 3 .أن
من مات بالتعزير ،فإن فيه الضمان ،فقد أرهب عمر بن الطاب رضي ال عنه امرأة ،
فأخصت بطنها ،فألقت جنينا ميتا ،فحمل دية جنينها ( . ) 1وقال أبو حنيفة ،ومالك
:ل ضمان ،ول شئ ،لن التعزير والد ف ذلك سواء ) 4 ( .صفة التعزير :والتعزير
يكون بالقول :مثل التوبيخ ،والزجر ،والوعظ ،ويكون بالفعل ،حسب ما يقتضيه
الال ،كما يكون بالضرب ،والبس ،والقيد ،والنفي ،والعزل والرفت .روى أبو
داود ،أنه أت النب صلى ال عليه وسلم ،بخنث قد خضب يديه ورجليه بالناء .فقال
صلى ال عليه وسلم :ما بال هذا ؟ فقالوا :يتشبه بالنساء .فأمر به فنفي إل البقيع .
فقالوا :يا رسول ال ،نقتله ؟ فقال صلى ال عليه وسلم " :إن نيت عن قتل الصلي "
.ول يوز التعزير بلق اللحية ،ول بتخريب الدور ،وقلع البساتي ،والزروع ،والثمار
،والشجر / .صفحة / 592كما ل يوز بدع النف ،ول بقطع الذن أو الشفة أو
النامل ،لن ذلك ل يعهد عن أحد من الصحابة ) 5 ( .الزيادة ف التعزير على عشرة
أسواط :تقدم حديث هانئ بن نيار ،النهي ف التعزير عن الزيادة على عشرة أسواط .
وقد أخذ بذا ،أحد ،والليث ،وإسحق ،وجاعة من الشافعية ،فقالوا :ل توز الزيادة
على عشرة أسواط الت قررها الشارع .وذهب مالك ،والشافعي ،وزيد بن علي ،
وآخرون ،إل جواز الزيادة على العشرة ،ولكن ل يبلغ أدن الدود .وقالت طائفة :ل
يبلغ بالتعزير ف العصية قدر الد فيها .فل يبلغ بالتعزير على النظر والباشرة حد الزن ،
ول على السرقة من غي حرز حد القطع ،ول على السب من غي قذف حد القذف .
وقيل :يتهد ول المر ،ويقدر العقوبة حسب الصلحة وبقدر الرية ) 6 ( .التعزير
بالقتل :والتعزير بالقتل أجازه بعض العلماء ،ومنعه بعض آخر .وقد جاء ف ابن عابدين
نقل عن الافظ بن تيمية " :إن من أصول النفية ،أن مال قتل فيه عندهم ،مثل القتل
432
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بالثقل ،وفاحشة الرجال ،إذا تكررت ،فللمام أن يقتل فاعله ،وكذلك له أن يزيد
على الد القدر إذا رأى الصلحة ف ذلك " ) 7 ( .التعزير بأخذ الال :ويوز التعزير
بأخذ الال ،وهو مذهب أب يوسف ،وبه قال مالك .قال صاحب معي الكام " :
ومن قال :إن العقوبة الالية منسوخة ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 592
فقد غلط على مذاهب الئمة ،نقل واستدلل ،وليس يسهل دعوى نسخها ،والدعون
للنسخ ليس معهم سنة ول إجاع ،يصحح دعواهم / .صفحة / 593إل أن يقولوا :
مذهب أصحابنا ل يوز .وقال ابن القيم :إن النب صلى ال عليه وسلم ،عزر برمان
النصيب الستحق من السلب ،وأخب عن تعزير مانع الزكاة بأخذ شطر ماله .فقال صلى
ال عليه وسلم ،فيما يرويه أحد ،وأبو داود ،والنسائي " :من أعطاها مؤترا فله
أجرها ،ومن منعها فإنا آخذوها ،وشطر ماله ،عزمة من عزمات ربنا " ) 8 ( .التعزير
من حق الاكم :والتعزير يتوله الاكم ،لن له الولية العامة على السلمي .وف سبل
السلم :وليس التعزير لغي المام ،إل لثلثة - 1 :الول الب ،فإن له تعزير ولده
الصغي للتعليم ،والزجر عن سيئ الخلق ،والظاهر أن الم ف مسألة زمن الصبا ،ف
كفالته ،لا ذلك ،والمر بالصلة ،والضرب عليها ،وليس للب تعزير البالغ ،وإن
كان سفيها - 2 .والثان السيد ،يعزر رقيقه ف حق نفسه ،وف حق ال تعال ،على
الصح - 3 .والثالث الزوج ،له تعزير زوجته ف أمر النشوز ،كما صرح به القرآن ،
وهل له ضربا على ترك الصلة ونوها ؟ الظاهر أن له ذلك إن ل يكف فيها الزجر ،
لنه من باب إنكار النكر ،والزوج من جلة من يكلف بالنكار باليد ،أو اللسان ،أو
النان ،والراد هنا الولن .اه وكذلك يوز للمعلم تأديب الصبيان ) 9 ( .الضمان ف
التعزير :ول ضمان على الب إذا أدب ولده / .صفحة / 594ول على الزوج إذا
أدب زوجته .ول على الاكم إذا أدب الحكوم بشرط أل يسرف واحد منهم ،ويزيد
على ما يصل به القصود .فإذا أسرف واحد منهم ف التأديب كان متعديا ،وضمن
بسبب تعديه ما أتلفه / .صفحة / 595السلم ف السلم إن السلم مبدأ من البادئ
433
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الت عمق السلم جذورها ف نفوس السلمي ،فأصبحت جزءا من كيانم ،وعقيدة من
عقائدهم .لقد صاح السلم -منذ طلع فجره ،وأشرق نوره -صيحته الدوية ف آفاق
الدنيا ،يدعو إل السلم ،ويضع الطة الرشيدة الت تبلغ بالنسانية إليه .إن السلم
يب الياة ،ويقدسها ،ويبب الناس فيها ،وهو لذلك يررهم من الوف ،ويرسم
الطريقة الثلى لتعيش النسانية متجهة إل غاياتا من الرقي والتقدم ،وهي مظللة بظلل
المن الوارفة .ولفظ السلم -الذي هو عنوان هذا الدين -مأخوذ من مادة السلم ،
لن السلم والسلم ،يلتقيان ف توفي الطمأنينة ،والمن ،والسكينة .ورب هذا الدين
من أسائة " السلم " ،لنه يؤمن الناس با شرع من مبادئ ،وبا رسم من خطط
ومناهج .وحامل هذه الرسالة هو حامل راية السلم ،لنه يمل إل البشرية الدى ،
والنور ،والي ،والرشاد .وهو يدث عن نفسه ،فيقول " :إنا أنا رحة مهداة " .
ويدث القرآن عن رسالته ،فيقول " :وما أرسلناك إل رحة للعالي " .وتية السلمي
الت تؤلف القلوب وتقوي الصلت وتربط النسان بأخيه النسان ،هي السلم .وأول
الناس بال وأقربم إليه من بدأهم بالسلم .وبذل السلم للعال ،وإفشاؤه جزء من اليان
.وقد جعل ال تية السلمي بذا اللفظ ،للشعار بأن دينهم دين السلم والمان ،وهم
أهل السلم ومبو السلم / .صفحة / 596وف الديث أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم يقول " :إن ال جعل السلم تية لمتنا ،وأمانا لهل ذمتنا " .وما ينبغي للنسان
أن يتكلم مع إنسان قبل أن يبدأه بكلمة السلم .يقول رسول السلم صلى ال عليه
وسلم " :السلم قبل الكلم " .وسبب ذلك :أن السلم أمان ،ول كلم إل بعد
المان .والسلم مكلف وهو يناجي ربه بأن يسلم على نبيه ،وعلى نفسه ،وعلى عباد
ال الصالي ،فإذا فرغ من مناجاته ل وأقبل على الدنيا ،أقبل عليها من جانب السلم ،
والرحة ،والبكة .وف ميدان الرب والقتال ،إذا أجرى القاتل كلمة السلم على
لسانه ،وجب الكف عن قتاله .يقول ال تعال " :ول تقولوا لن ألقى إليكم السلم
لست مؤمنا " .وتية ال للمؤمني تية سلم " :تيتهم يوم يلقونه سلم " .وتية
اللئكة للبشر ف الخرة سلم " :واللئكة يدخلون عليهم من كل باب سلم عليكم "
.ومستقر الصالي دار المن والسلم " .وال يدعو إل دار السلم " " .لم دار السلم
434
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عند ربم " .وأهل النة ل يسمعون من القول ول يتحدثون بلغة غي لغة السلم " :ل
يسمعون فيها لغوا ول تأثيما .إل قيل سلما سلما " .وكثرة تكرار هذا اللفظ -
السلم -على هذا النحو ،مع إحاطته بالو الدين النفسي ،من شأنه أن يوقظ الواس
جيعها ،ويوجه الفكار والنظار إل هذا البدأ السامي العظيم / .صفحة / 597اتاه
السلم نو الثالية بل إن السلم يوجب العدل ويرم الظلم ،ويعل من تعاليمه السامية
وقيمه الرفيعة من الودة ،والرحة ،والتعاون ،واليثار ،والتضحية ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 597
وإنكار الذات ،ما يلطف الياة ويعطف القلوب ،ويؤاخي بي النسان وأخيه النسان .
وهو بعد ذلك كله يترم العقل النسان ،ويقدر الفكر البشري ،ويعل العقل والفكر
وسيلتي من وسائل التفاهم والقناع .فهو ل يرغم أحدا على عقيدة معينة ،ول يكره
إنسانا على نظرية خاصة بالكون أو الطبيعة أو النسان ،وحت ف قضايا الدين يقرر أنه "
ل إكراه ف الدين " ،وأن وسيلته هي استعمال العقل والفكر والنظر فيما خلق ال من
أشياء .يقول ال تعال " :ل إكراه ف الدين -قد تبي الرشد من الغي " .ويقول تعال
" :ولو شاء ربك لمن من ف الرض كلهم جيعا ،أفأنت تكره الناس حت يكونوا
مؤمني " " .وما كان لنفس أن تؤمن إل بإذن ال ،ويعل الرجس على الذين ل يعقلون
" " .قل انظروا ماذا ف السموات والرض ،وما تغن اليات والنذر عن قوم ل يؤمنون
" .ورسول ال صلى ال عليه وسلم ل تكن وظيفته إل أنه مبلغ عن ال وداعية إليه .
يقول ال تعال " :يأيها النب إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ،وداعيا إل ال بإذنه
وسراجا منيا " .العلقات النسانية السلم ل يقف عند حد الشادة بذا البدأ
فحسب ،وإنا يعل العلقة /صفحة / 598بي الفراد ،وبي الماعات ،وبي الدول
،علقة سلم وأمان ،يستوي ف ذلك علقة السلمي بعضهم ببعض ،وعلقة السلمي
بغيهم .وفيما يلي بيان ذلك :علقة السلمي بعضهم ببعض - 1 :جاء السلم
ليجمع القلب إل القلب ،ويضم الصف إل الصف ،مستهدفا إقامة كيان موحد ،
ومتقيا عوامل الفرقة والضعف ،وأسباب الفشل والزية ،ليكون لذا الكيان الوحد
435
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
القدرة على تقيق الغايات السامية ،والقاصد النبيلة ،والهداف الصالة الت جاءت با
رسالته العظمى :من عبادة ال ،وإعلء كلمته ،وإقامة الق ،وفعل الي ،والهاد من
أجل استقرار البادئ الت يعيش الناس ف ظلها آمني .فهو لذا كله يكون روابط
وصلت بي أفراد الجتمع ،لتخلق هذا الكيان وتدعمه .وهذه الروابط تتميز بأنا روابط
أدبية ،قابلة للنماء والبقاء ،وليست كغيها من الروابط الادية الت تنتهي بانتهاء
دواعيها ،وتنقضي بانقضاء الاجة إليها .إنا روابط أقوى من روابط :الدم ،واللون ،
واللغة ،والوطن والصال الادية ،وغي ذلك ما يربط بي الناس .وهذه الروابط من
شأنا أن تعل بي السلمي تاسكا قويا ،وتقيم منهم كيانا يستعصي على الفرقة وينأى
عن الل .وأول رباط من الروابط الدبية هو رباط اليان ،فهو الحور الذي تلتقي
عنده الماعة الؤمنة .فاليان يعل من الؤمني إخاء أقوى من إخاء النسب " .إنا
الؤمنون إخوة " " .والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض " " .السلم أخو السلم " .
وطبيعة اليان تمع ول تفرق ،وتوحد ول تشتت / :صفحة " / 599الؤمن ألف
مألوف ،ول خي فيمن ل يألف ول يؤلف " .والؤمن قوة لخيه " .الؤمن للمؤمن
كالبنيان يشد بعضه بعضا " .وهو يس بإحساسه ،ويشعر بشعوره ،فيفرح لفرحه ،
ويزن لزنه ،ويرى أنه جزء منه " .مثل الؤمني ف توادهم وتراحهم وتعاطفهم كمثل
السد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر السد بالمى والسهر " .والسلم يدعم
هذا الرباط ويقوي هذه العلقة بالدعوة إل الندماج ف الماعة والنتظام ف سلكها .
وينهى عن كل ما من شأنه أن يوهن من قوته أو يضعف من شدته ،فالماعة دائما ف
رعاية ال وتت يده " .يد ال مع الماعة ،ومن شذ ،شذ ف النار " .وهي التنفس
الطبيعي للنسان ،ومن ث كانت رحة " .الماعة رحة ،والفرقة عذاب " .والماعة
مهما صغرت فهي على أي حال خي من الوحدة ،وكلما كثر عددها ،كانت أفضل
وأبر " .الثنان خي من واحد ،والثلثة خي من الثني ،والربعة خي من الثلثة ،
فعليكم بالماعة ،فإن ال لن يمع أمي إل على الدى " .وعبادات السلم كلها ل
تؤدى إل جاعة .فالصلة تسن فيها الماعة ،وهي تفضل صلة الفذ ( ) 1بسبع
وعشرين درجة .والزكاة معاملة بي الغنياء والفقراء .والصيام مشاركة جاعية ،
436
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ومساواة ف الوع ف فترة معينة من الوقت .والج ملتقى عام للمسلمي جيعا كل
عام ،يتمعون من أطراف الرض على أقدس غاية " .وما اجتمع قوم ف بيت من بيوت
ال يقرأون القرآن ويتدارسونه بينهم ،إل نزلت عليهم السكينة ،وحفتهم الرحة ،
وذكرهم ال ف مل عنده " ( .هامش ) ( ) 1الفذ :الفرد / ) . ( .صفحة / 600
ولقد كان الرسول عليه الصلة والسلم ،يرص على أن يتمع السلمون حت ف الظهر
الشكلي :فقد رآهم يوما وقد جلسوا متفرقي ،فقال لم " :اجتمعوا " فاجتمعوا ،فلو
بسط عليهم ثوبه لوسعهم .وإذا كانت الماعة هي القوة الت تمي دين ال ،وترس
دنيا السلمي ،فإن الفرقة هي الت تقضي على الدين والدنيا معا .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 600
ولقد نى عنها السلم أشد النهي ،إذ أنا الطريق الفتوح للهزية ،ول يؤت السلم من
جهة كما أت من جهة الفرقة الت ذهبت بقوة السلمي ،والت تلف عنها :الضر ،
والفشل ،والذل ،وسائر ما يعانون منه " .ول تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد
ما جاءهم البينات وأولئك لم عذاب عظيم " " .ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريكم " .
" واعتصموا ببل ال جيعا ،ول تفرقوا " " .ول تكونوا من الشركي -من الذين فرقوا
دينهم وكانوا شيعا " " .إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم ف شئ " " .ل
تتلفوا ،فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا " .ولن تصل الماعة إل تاسكها إل إذا
بذل لا كل فرد من ذات نفسه ،وذات يده ،وكان عونا لا ف كل أمر من المور الت
تمها .سواء أكانت هذه العاونة معاونة مادية أو أدبية ،وسواء أكانت معاونة ب :الال ،
أو العلم ،أو الرأي ،أو الشورة .فالناس عيال ال ،أحبهم إل ال أنفعهم لعياله " .خي
الناس أنفعهم للناس " " .إن ال يب إغاثة اللهفان " " .اشفعوا تؤجروا " .الؤمن مرآة
الؤمن ،يكف عنه ضيعته ويوطه من ورائه " .إن أحدكم مرآة أخيه ،فإن رأى منه
أذى فليحطه عنه " .وهكذا يعمل السلم على تقيق هذه الروابط حت يلق متمعا
متماسكا / ،صفحة / 601وكيانا قويا ،يستطيع مواجهة الحداث ،ورد عدوان
العتدين .وما أحوج السلمي ف هذه الونة إل هذا التجمع .إنم بذلك يقيمون فريضة
437
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إسلمية ،ويرزون كسبا سياسيا ،ويققون قوة عسكرية ،تمي وجودهم ،ووحدة
اقتصادية توفر لم كل ما يتاجون إليه من ثروات .لقد ترك الستعمار آثارا سيئة ،من :
ضعف ف التدين ،وانطاط ف اللق ،وتلف ف العلم ،ول يكن القضاء على هذه
الفات الجتماعية .الطية ،إل إذا عادت المة موحدة الدف ،متراصة البنيان ،
متمعة الكلمة ،كالبنيان الرصوص ،يشد بعضه بعضا .قتال البغاة هذا هو الصل ف
العلقات والروابط الت تربط بي السلمي ،فإذا حدث أن تقطعت بينهم هذه العلقات ،
وانفصلت عرى الخاء ،وبغى بعضهم على بعض ،وجب قتال الباغي حت يرجع إل
العدل ،وإل النتظام ف سلك الماعة .يقول ال تعال " :وإن طائفتان من الؤمني
اقتتلوا ،فأصلحوا بينهما ،فإن بغت إحداها على الخرى فقاتلوا الت تبغي حت تفئ إل
أمر ال ،فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ،وأقسطوا إن ال يب القسطي " ( . ) 1
فالية تقرر أن الؤمني إذا تقاتلوا وجب على جاعة من ذوي الرأي أن تتدخل فورا ،
وتصلح بي التقاتلي ،فإن بغت طائفة على الخرى ،ول ترضخ للصلح ،ول تستجب
له ،وجب على السلمي جيعا أن يتجمعوا لقتال هذه الطائفة الباغية .وقد قاتل المام
علي الفئة الباغية ،كما قاتل أبو بكر الصديق مانعي الزكاة ،وقد اتفق الفقهاء على أن
هذه الفئة الباغية ل ترج عن السلم ببغيها لن القرآن الكري وصفها باليان ،مع
مقاتلتها ،فقال ( :هامش ) ( ) 1سورة الجرات :الية / ) . ( . 9صفحة / 602
" وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا " .ولذا فإن مد برهم ل يقتل ،وكذلك جريهم ،
وأن أموالم ل تغنم ،وأن نسائهم وذراريهم ل تسب ،ول يضمنون ما أتلفوا حال
الرب ،من نفس ومن مال .وأن من قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه .أما من قتل
من الطائفة العادلة ،فإنه يكون شهيدا ،فل يغسل ول يصلى عليه ،لنه قتل ف قتال أمر
ال به ،فهو مثل الشهيد ف معركة الكفار .هذا إذا كان الروج على إمام السلمي
الذي اجتمعت عليه الماعة ف قطر من القطار ،وكان هذا الروج مصحوبا بامتناع
عن أداء القوق القررة بصلحة الماعة أو مصلحة فراد ،بأن يكون القصد منه عزل
المام .وجلة القول انه ل بد من صفات خاصة يتميز با الارجون حت ينطبق عليهم
وصف " البغاة " .وجلة هذه الصفات هي - 1 :الروج عن طاعة الاكم العادل الت
438
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أوجبها ال على السلمي لولياء أمورهم - 2 .أن يكون الروج من جاعة قوية ،لا
شوكة وقوة ،بيث يتاج لاكم ف ردهم إل الطاعة ،إل إعداد رجال ومال وقتال .
فإن ل تكن لم قوة ،فإن كانوا أفرادا ،أو ل يكن لم من العتاد ما يدفعون به عن
أنفسهم ،فليسوا ببغاة ،لنه يسهل ضبطهم وإعادتم إل الطاعة - 3 .أن يكون لم
تأويل سائغ يدعوهم إل الروج على حكم المام ،فإن ل يكن لم تأويل سائغ كانوا
ماربي ،ل بغاة - 4 .أن يكون لم رئيس مطاع يكون مصدرا لقوتم ،لنه ل قوة
لماعة ل قيادة لا .هذا هو شأن البغاة وحكم ال فيه .أما إذا كان القتال لجل الدنيا ،
وللحصول على الرئاسة ومنازعة أول المر ،فهذا الروج يعتب ماربة ويكون للمحاربي
حكم آخر يالف حكم الباغي ،وهذا الكم هو الذي ذكره ال ف قوله :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 602
" إنا جزاء الذين ياربون ال ورسوله ،ويسعون ف الرض /صفحة / 603فسادا أن
يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف ،أو ينفوا من الرض ،ذلك لم
خزي ف الدنيا ولم ف الخرة عذاب عظيم -إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم
فاعلموا أن ال غفور رحيم " ( . ) 1فهؤلء الحاربون جزاؤهم القتل أو الصلب أو
تقطيع اليدي والرجل من خلف ،أو البس والنفي من الرض :حسب رأي الاكم
فيهم ،وجرائمهم الت ارتكبوها ،ومن قتل منهم فهو ف النار ،ومن قتل من مقاتليهم
فهو شهيد .فإذا كان القتال صادرا من الطائفتي ،لعصبية ،أو طلب رئاسة ،كان كل
من الطائفتي باغيا ،ويأخذ حكم الباغي .العلقة بي السلمي وغيهم علقة السلمي
بغيهم علقة تعارف ،وتعاون ،وبر ،وعدل .يقول ال سبحانه ف التعارف الفضي إل
التعاون " :يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ،وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن
أكرمكم عند ال أتقاكم إن ال عليم خبي " ( . ) 2ويقول ف الوصاة بالب والعدل " :
ل ينهاكم ال عن الذين ل يقاتلوكم ف الدين ول يرجوكم من دياركم أن تبوهم
وتقسطوا إليهم ،إن ال يب القسطي " ( . ) 3ومن مقتضيات هذه العلقة تبادل
الصال ،واطراد النافع ،وتقوية الصلت النسانية .وهذا العن ل يدخل ف نطاق النهي
439
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عن موالة الكافرين ،إذ أن النهي ( هامش ) ( ) 1سورة الائدة :اليتان . 34 ، 33
( ) 2سورة الجرات الية ) 3 ( . 13 :سورة المتحنة :الية / ) . ( . 8صفحة
/ 604عن موالة الكافرين يقصد به النهي عن مالفتهم ومناصرتم ضد السلمي ،كما
يقصد به النهي عن الرضى با هم فيه من كفر ،إذ أن مناصرة الكافرين على السلمي فيه
ضرر بالغ بالكيان السلمي ،وإضعاف لقوة الماعة الؤمنة ،كما أن الرضى بالكفر
كفر يظره السلم وينعه .أما الوالة بعن السالة ،والعاشرة الميلة ،والعاملة
بالسن ،وتبادل الصال ،والتعاون على الب والتقوى ،فهذا ما دعا إليه السلم .كفالة
الرية الدينية لغي السلمي ولذا قرر السلم الساواة بي الذميي والسلمي ،فلهم ما
للمسلمي ،وعليهم ما عليهم ،وكفل لم حريتهم الدينية .وتتمثل حريتهم الدينية فيما
يأت ( :أول ) عدم إكراه أحد منهم على ترك دينه أو إكراهه على عقيدة معينة .يقول
ال سبحانه وتعال " :ل إكراه ف الدين قد تبي الرشد من الغي " ( ( . ) 1ثانيا ) من
حق أهل الكتاب أن يارسوا شعائر دينهم ،فل تدم لم كنيسة ،ول يكسر لم صليب .
يقول الرسول صلوات ال وسلمه عليه " :اتركوهم وما يدينون " .بل من حق زوجة
السلم " اليهودية والنصرانية " أن تذهب إل الكنيسة أو إل العبد ،ول حق لزوجها ف
منعها من ذلك ( .ثالثا ) أباح لم السلم ما أباحه لم دينهم من الطعام وغيه ،فل
يقتل لم خنير ،ول تراق لم خر ،مادام ذلك جائزا عندهم ،وهو بذا وسع عليهم
أكثر من توسعته على السلمي الذين حرم عليهم المر والنير ( .رابعا ) لم الرية ف
قضايا الزواج ،والطلق ،والنفقة ،ولم أن يتصرفوا كما يشاءون فيها ،دون أن توضع
لم قيود أو حدود ( .خامسا ) حى السلم وكرامتهم ،وصان حقوقهم ،وجعل لم (
هامش ) ( ) 1سورة البقرة :الية / ) . ( . 256صفحة / 605الرية ف الدل
والناقشة ف حدود العقل والنطق ،مع التزام الدب والبعد عن الشونة والعنف .يقول
ال تعال " :ول تادلوا أهل الكتاب إل بالت هي أحسن .إل الذين ظلموا منهم ،
وقولوا أمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلنا وإلكم واحد ،ونن له مسلمون " ( ) 1
( .سادسا ) سوى بينهم وبي السلمي ف العقوبات ،ف رأي بعض الذاهب .وف
الياث سوى ف الرمان بي الذمي والسلم ،فل يرث الذمي قريبه السلم ،ول يرث
440
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السلم قريبه الذمي ( .سابعا ) أحل السلم طعامهم ،والكل من ذبائحهم ،والتزوج
بنسائهم .يقول ال سبحانه " :اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل
لكم ،وطعامكم حل لم ،والحصنات من الؤمنات والحصنات من الذين أوتوا الكتاب
من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن مصني غي مسافحي ول متخذي أخدان ،ومن يكفر
باليان فقد حبط عمله وهو ف الخرة من الاسرين " ( ( . ) 2ثامنا ) أباح السلم
زيارتم وعيادة مرضاهم ،وتقدي الدايا لم ،ومبادلتهم البيع والشراء ونو ذلك من
العاملت ،فمن الثابت أن الرسول صلى ال عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي
ف دين له عليه ،وكان بعض الصحابة إذا ذبح شاة يقول لادمه ابدأ بارنا اليهودي .
قال صاحب البدائع " :ويسكنون ف أمصار السلمي ،يبيعون ويشترون ،لن عقد
الذمة شرع ليكون وسيلة إل اسلمهم ،وتكينهم من القام ف أمصار
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 605
السلمي أبلغ ف هذا القصود ،وفيه أيضا منفعة السلمي بالبيع والشراء ( .هامش ) ( 1
) سورة العنكبوت :الية ) 2 ( . 46سورة الائدة :الية / ) . ( . 5صفحة / 606
الوالة النهي عنها هذا هو الصل ف علقة السلمي بغيهم ،ول تتبدل هذه العلقة إل
إذا عمل غي السلمي -من جانبهم -على تقويض هذه العلقة وتزيقها بعداوتم
للمسلمي ،وإعلنم الرب عليهم .فتكون القاطعة أمرا دينيا وواجبا إسلميا ،فضل
عن أنا عمل سياسي عادل ،فهي معاملة بالثل .والقرآن يوجه أنظار أتباعه إل هذه
القيقة ،ويكم فيها الكم الفصل ،فيقول " :ل يتخذ الؤمنون الكافرين أولياء من
دون الؤمني ومن يفعل ذلك فليس من ال ف شئ إل أن تتقوا منهم تقاة ويذركم ال
نفسه " ( . ) 1وقد تضمنت الية العان التية ( :أول ) التحذير من الوالة والناصرة
للعداء ،لا فيها من التعرض للخطر ( .ثانيا ) أن من يفعل ذلك فهو مقطوع عن ال ،
ل يربطه به رابط ( .ثالثا ) أنه ف حالة الضعف والوف من أذاهم توز الوالة ظاهرا
ريثما يعدون أنفسهم لواجهة الذي يتهددهم .وف موضع آخر من القرآن الكري يقول :
" بشر النافقي بأن لم عذابا أليما -الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون الؤمني
441
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أيبتغون عندهم العزة فإن العزة ل جيعا وقد نزل عليكم ف الكتاب أن إذا سعتم آيات ال
يكفر با ويستهزأ با فل تقعدوا معهم حت يوضوا ف حديث غيه إنكم إذا مثلهم إن ال
جامع النافقي والكافرين ف جهنم جيعا -الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من
ال قالوا أل نكن معكم ،وإن كان للكافرين نصيب قالوا أل نستحوذ عليكم وننعكم من
الؤمني فال يكم بينكم يوم القيامة ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل " ( . ) 2
( هامش ) ( ) 1سورة آل عمران :الية ) 2 ( . 28سورة النساء :اليات ، 139
/ ) . ( . 141 ، 140صفحة / 607وقد تضمنت هذه اليات ما يأت ( :أول ) أن
النافقي هم الذين يتخذون الكافرين أولياء ،يوالونم بالودة ،وينصرونم ف السر ،
متجاوزين ولية الؤمني ومعرضي عنها ( .ثانيا ) أنم بعملهم هذا يطلبون عند الكافرين
العزة والقوة ،وهم بذلك مطئون ،لن العزة والقوة كلها ل وللمؤمني " :ول العزة
ولرسوله وللمؤمني ولكن النافقي ل يعلمون " ( ( . ) 1ثالثا ) أن هؤلء النافقي
ينتظرون ما يل بالؤمني ،فإن كان لم فتح من ال ونصر ،قالوا :نن معكم ف الدين
والهاد ،وإن كان للكافرين نصيب من النصر ،قال هؤلء النافقون للكافرين :أل
نافظ عليكم وننعكم من إيذاء الؤمني لكم بتخذيلهم وإطلعكم على أسرارهم حت
انتصرت ،فأعطونا ما كسبتم ( .رابعا ) ان ال سبحانه لن يعل للكافرين على الؤمني
الخلصي ف إيانم القائمي على حدود ال ،طريقا إل النصر عليهم ،أي ل يكنهم من
أن يغلبوهم .وقد كان رجال من السلمي يوالون رجال من الكفار لا كان بينهم من
قرابة أو جوار أو مالفة ،وكانت هذه الوالة خطرا على سلمة السلمي ،فأنزل ال
عزوجل مذرا من هذه الولية الضارة ،فقال " :يأيها الذين آمنوا ل تتخذوا بطانة من
دونكم ل يألونكم خبال ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تفي صدورهم
أكب قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون " ( . ) 2ففي هذه الية النهي عن اتاذ غي
الؤمني بطانة وأصدقاء ،أي خاصة تطلعونم على أسراركم ،لن هذه البطانة ل تقصر
ف إفساد أمركم ،وأنم يبون ويتمنون إبقاع الضرر بكم .وقد ظهرت علمات بغضهم
لكم من كلمهم ،فهي لشدتا عندهم ( هامش ) ( ) 1سورة النافقون :الية 2 ( . 8
) سورة آل عمران :الية / ) . ( . 118صفحة / 608يصعب عليهم إخفاؤها ،وما
442
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تفيه صدورهم من البغض لكم أقوى وأشد ما يفلت من ألسنتهم .وطبيعة اليان تأب
على الؤمن أن يوال عدوه الذي يتربص به الدوائر ،ولو كان أقرب الناس إليه .يقول
القرآن الكري " :ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله ولو
كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانم أو عشيتم أولئك كتب ف قلوبم اليان وأيدهم
بروح منه " ( . ) 1فالية تبي أنه ل يصح أن يوجد بي الؤمني من يصادقون
أعداءهم ،ولو كان هؤلء العداء آباء الؤمني ،أو أبنائهم ،أو إخوانم القربي .إن
حكم القرآن ف هؤلء الذين يتعاونون مع الستعمار وأعداء العرب والسلمي بي
واضح ،وإن ذلك خيانة ل ،ولكتابه ،ولرسوله ،ولئمة السلمي وعامتهم ،وأنم ل
يراعوا حق السلم ،ول حق التاريخ ،ول حق الوار ول حق الظلومي ،ول حق
حاضر حق النطقة ول حق مستقبلها .وهؤلء الونة بتصرفهم هذا ،قد باعوا أنفسهم
للشيطان ،وسجلوا على أنفسهم الزي والعار :خزي الدهر وعار البد .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 608
( هامش ) ( ) 1سورة الجادلة :الية / ) . ( . 22صفحة / 609العتراف بق
الفرد والسلم -بعد أن أشاد ببدأ السلم وجعل العلقة بي الناس علقة أمن وسلم -
احترم النسان وكرمه من حيث هو إنسان ،بقطع النظر عن جنسه ،ولونه ،ودينه ،
ولغته ،ووطنه ،وقوميته ،ومركزه الجتماعي .يقول ال تعال " :ولقد كرمنا بن آدم
وحلناهم ف الب والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثي من خلقنا تفضيل "
. ) 1 ( .ومن مظاهر هذا التكري أن ال خلق النسان بيده ،ونفخ فيه من وحه ،
وأسجد له ملئكته ،وسخر له ما ف السموات وما ف الرض جيعا منه ،وجعله سيدا
على هذا الكوكب الرضي ،واستخلفه فيه ليقوم بعمارته وإصلحه .ومن أجل أن
يكون هذا التكري حقيقة واقعة .وأسلوبا ف الياة ،كفل السلم جيع حقوق
النسان ،وأوجب حايتها وصيانتها ،سواء أكانت حقوقا دينية ،أو مدنية ،أو سياسية
.ومن هذه القوق ) 1 ( :حق الياة :لكل فرد حق صيانة نفسه ،وحاية ذاته .فل
يل العتداء عليها إل إذا قتل ،أو أفسد ف الرض فسادا يستوجب القتل .يقول ال
443
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
تعال " :من أجل ذلك كتبنا على بن اسرائيل أنه من قتل نفسا بغي نفس أو فساد ف
الرض ،فكأنا قتل الناس جيعا ،ومن أحياها فكأنا أحيا الناس جيعا " ( . ) 2وف
الديث الصحيح " :ل يل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث ( :هامش ) ( ) 1سورة
السراء :الية ) 2 ( . 70سورة الائدة :الية / ) . ( . 32صفحة " / 610النفس
بالنفس ،والثيب الزان ،والتارك لدينه الفارق للجماعة " ) 2 ( .حق صيانة الال :
فكما أن النفس معصومة ،فكذلك الال ،فل يل أخذ الال بأي وسيلة من الوسائل غي
الشروعة .يقول ال تعال " :يأيها الذين آمنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن
تكون تارة عن تراض منكم " ( . ) 1وقال عليه الصلة والسلم " :من أخذ مال أخيه
بيمينه ،أوجب ال له النار ،وحرم عليه النة " .فقال رجل :وإن كان شيئا يسيا يا
رسول ال ؟ .فقال " :وإن كان عودا من أراك " .والراك هو الشجر الذي يؤخذ منه
السواك ) 3 ( .حق العرض :ول يل انتهاك العرض حت ول بكلمة نابية .يقول ال
تعال " :ويل لكل هزة لزة " ) 4 ( ) 2 ( .حق الرية :ول يكتف السلم بتقرير
صيانة النفس ،وحاية العراض والموال ،بل أقر حرية العبادة ،وحرية الفكر ،وحرية
اختيار الهنة الت يارسها النسان لكسب عيشه ،وحرية الستفادة من جيع مؤسسات
الدولة .وأوجب السلم على الدولة الحافظة على هذه القوق جيعها ،وإن حقوق
النسان ل تنتهي عند هذا الد ،بل هناك حقوق أخرى ،منها ) 1 ( :حق الأوى :
فالنسان له الق ف أن يأوي إل أي مكان ،وأن يسكن ف أي جهة ،وأن ينتقل ف
الرض دون حجر عليه أو وضع عقبات ف طريقه ،ول يوز نفي أي فرد أو إبعاده أو
سجنه إل ف حالة ما إذا اعتدى على حق غيه ،ورأى القانون أن يعاقبه بالطرد أو البس
.ويكون ذلك ف حالة العتداء على الغي ،والخلل بالمن ،وإرهاب البرياء .
( هامش ) ( ) 1سورة النساء :الية ) 2 ( . 29سورة المزة :الية . 1والويل :
هو العذاب الشديد ،والمزة :الذي يعيب الناس ،وينشر ما يبدو له بطريق الشارة
العبة ،واللمزة :هو الذي يتحدث عن العيوب ،ويذيعها بي الناس / ) . ( .صفحة
/ 611وف ذلك يقول ال تعال " :إنا جزاء اللذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف
الرض فسادا ،أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف ،أو ينفوا من
444
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الرض ذلك لم خزي ف الدنيا ولم ف الخرة عذاب عظيم -إل الذين تابوا من قبل أن
تقدروا عليهم فاعلموا أن ال غفور رحيم " ) 2 ( ) 1 ( .حق التعلم وإبداء الرأي :
ومن القوق كذلك حق التعلم :فمن حق كل فرد أن يأخذ من التعليم ما يني عقله ،
ويرقي وجوده ،ويرفع من مستواه .ومن حق النسان كذلك ،أن يبي عن رأيه ويدل
بجته ويهر بالق ويصدع به .والسلم ينع من مصادرة الرأي وماربة الفكر الر ،
إل إذا كان ذلك ضارا بالجتمع .ولقد كان الرسول صلى ال عليه وسلم يبايع أصحابه
على أن يهروا بالق ،وإن كان مرا ،وعلى أل يافوا ف ال لومة لئم ،ويب الرسول
صلى ال عليه وسلم أن " :الساكت عن الق شيطان أخرس " .وف ذلك يقول القرآن
الكري " :إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والدى من بعد ما بيناه للناس ف
الكتاب أولئك يلعنهم ال .ويلعنهم اللعنون -إل الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك
أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم " ) 2 ( .وأخيا ،وليس آخرا :يقرر السلم أن من
حق الائع أن يطعم ،ومن حق العاري أن يكسى ،والريض أن يداوى ،والائف أن
يؤمن ،دون تفرقة بي لون ولون ،أو دين ودين ،فالكل ف هذه القوق سواء .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 611
هذه هي تعاليم السلم ف تقرير بعض حقوق النسان ،وهي تعاليم فيها الصلح والي
لذه الدنيا جيعها ( .هامش ) ( ) 1سورة الائدة :الية ) 2 ( . 33سورة البقرة :
اليتان / ) . ( . 160 ، 159 :صفحة / 612وأعظم ما فيها أنا سبقت جيع
الذاهب الت تدثت عن حقوق النسان ،وأن السلم جعل هذه التعاليم دينا يتقرب به
إل ال .كما يتقرب بالصلة وغيها من العبادات .جرية إهدار القوق :إن هده
القوق هي الت تنح النسان النطلق إل الفاق الواسعة ليبلغ كماله ،ويصل على
ارتقائه القدر له ،سواء أكان ماديا أم أدبيا .ومن ث ،فإن أي تفويت أو تنقيص لق من
حقوق النسان يعتب جرية من الرائم ،وهذا نفسه هو السبب القيقي ف منع السلم
للحرب أيا كان نوعها ،لن الرب بانب كونا اعتداء على الياة -وهي حق مقدس
-فهي تدمي لا تصلح به الياة .وقد منع حرب التوسع ،وبسط النفوذ ،وسيادة القوي
445
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
،فقال " :تلك الدار الخرة نعلها للذين ل يريدون علوا ف الرض ول فسادا ،والعاقبة
للمتقي " ) 1 ( .ومنع حرب النتقام والعدوان ،فقال " :ول ير منكم شنآن قوم أن
صدوكم عن السجد الرام أن تعتدوا وتعاونوا على الب والتقوى ول تعاونوا على الث
والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب ( " ) 2ومنع حرب التخريب والتدمي فقال :
" ول تفسدوا ف الرض بعد إصلحها ( ( . " ) 3هامش ) ( ) 1سورة القصص :
الية ) 2 ( . 83سورة الائدة :الية ) 3 ( . 2سورة العراف :الية / ) . ( . 56
صفحة / 613مت تشرع الرب وإذا كانت القاعدة هي السلم ،والرب هي الستثناء
فل مسوغ لذه الرب -ف نظر السلم -مهما كانت الظروف ،إل ف إحدى حالتي
( :الالة الول ) حالة الدفاع عن النفس ،والعرض ،والال ،والوطن عند العتداء .
يقول ال تعال " :وقاتلوا ف سبيل ال الذين يقاتلونكم .ول تعتدوا إن ال ل يب
العتدين " ) 1 ( .وعن سعد بن زيد ،أن النب صلى ال عليه وسلم ،قال " :من قتل
دون ماله ،فهو شهيد ،ومن قتل دون دمه ،فهو شهيد ،ومن قتل دون دينه ،فهو
شهيد ،ومن قتل دون أهله ،فهو شهيد " .رواه أبو داود والترمذي والنسائي .ويقول
ال سبحانه " :ومالنا أل تقاتل ف سبيل ال وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا " ) 2 ( .
( الالة الثانية ) حالة الدفاع عن الدعوة إل ال إذا وقف أحد ف سبيلها .بتعذيب من
آمن با ،أو بصد من أراد الدخول فيها ،أو بنع الداعي من تبليغها ،ودليل ذلك :
( أول ) أن ال سبحانه يقول " :وقاتلوا ف سبيل ال الذين يقاتلونكم ول تعتدوا إن ال
ل يب العتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد
من القتل ول تقاتلوهم عند السجد الرام حت يقاتلوكم فيه ،فإن قاتلوكم فاقتلوهم
كذلك جزاء الكافرين -فإن انتهوا فإن ال غفور رحيم -وقاتلوهم حت ( هامش ) ( 1
) سورة البقرة :الية ) 2 ( . 190سورة البقرة :الية / ) . ( . 246صفحة 614
/ل تكون فتنة ويكون الدين ل فإن انتهوا فل عدوان إل على الظالي " ( ) 1وقد
تضمنت هذه اليات ما يأت - 1 :المر بقتال الذين يبدءون بالعدوان ومقاتلة العتدين ،
لكف عدوانم .والقاتلة دفاعا عن النفس أمر مشروع ف كل الشرائع ،وف جيع
الذاهب ،وهذا واضح من قوله تعال " :وقاتلوا ف سبيل ال الذين يقاتلونكم " - 2أما
446
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الذين ل يبدءون بعدوان ،فإنه ل يوز قتالم ابتداء ،لن ال نى عن العتداء ،وحرم
البغي والظلم ف قوله " :ول تعتدوا إن ال ل يب العتدين " - 3 .وتعليل النهي عن
العدوان بأن ال ل يب العتدين دليل على أن هذا النهي مكم غي قابل للنسخ ،لن هذا
إخبار بعدم مبة ال للعتداء والخبار ل يدخله النسخ لن العتداء هو الظلم ،وال ل
يب الظلم أبدا - 4 .أن لذه الرب الشروعة غاية تنتهي إليها ،وهي منع فتنة الؤمني
والؤمنات ،بترك إيذائهم ،وترك حرياتم ليمارسوا عبادة ال ويقيموا دينه ،وهم آمنون
على أنفسهم من كل عدوان ( .ثانيا ) يقول ال سبحانه " :ومالكم ل تقاتلون ف سبيل
ال والستضعفي من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية
الظال أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيا " ) 2 ( .وقد بينت
هذه الية سببي من أسباب القتال ( :أولما ) القتال ف سبيل ال ،وهو الغاية الت يسعى
إليها الدين ،حت ل تكون فتنة ويكون الدين ل ( .وثانيهما ) القتال ف سبيل
الستضعفي ،الذين أسلموا بكة ،ول يستطيعوا الجرة ،فعذبتهم قريش وفتنتهم حت
طلبوا من ال اللص ( ،هامش ) ( ) 1سورة البقرة :اليات ، 191 ، 190
) 2 ( . 193 ، 192سورة النساء :الية ) . ( . 75
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 614
/صفحة / 615فهؤلء ل غن لم عن الماية الت تدفع عنهم أذى الظالي ،وتكنهم
من الرية ،فيما يدينون ويعتقدون ( .ثالثا ) يقول ال سبحانه " :فإن اعتزلوكم فلم
يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم ،فما جعل ال لكم عليهم سبيل " ) 1 ( .فهؤلء القوم
الذين ل يقاتلوا قومهم ،ول يقاتلوا السلمي واعتزلوا ماربة الفريقي ،وكان اعتزالم
هذا اعتزال حقيقيا يريدون به السلم ،فهؤلء ل سبيل للمؤمني عليهم ( .رابعا ) أن ال
تعال يقول " :وإن جنحوا للسلم فاجنح لا وتوكل على ال إنه هو السميع العليم -وإن
يريدوا أن يدعوكم فإن حسبك ال " ) 2 ( .ففي هذه الية المر بالنوح إل السلم إذا
جنح العدو إليها ،حت ولو كان جنوحه خداعا ومكرا ( .خامسا ) أن حروب الرسول
صلى ال عليه وسلم كانت كلها دفاعا ،ليس فيها شئ من العدوان .وقتال الشركي من
447
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
العرب ،ونبذ عهودهم بعد فتح مكة كان جاريا على هذه القاعدة .وهذا بي ف قوله
تعال " :أل تقاتلون قوما نكثوا أيانم وهوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة
أتشونم فال أحق أن تشوه إن كنتم مؤمني -قاتلوهم يعذبم ال بأيديكم ويزهم
وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمني -ويذهب غيظ قلوبم ويتوب ال على من
يشاء ال عليم حكيم ( . " ) 3ولا تمعوا جيعا ورموا السلمي عن قوس واحدة ،أمر
ال بقتالم جيعا يقول ال سبحانه " :وقاتلوا الشركي كافة كما يقاتلونكم ( هامش ) (
) 1سورة النساء :الية ) 2 ( . 90سورة النفال :اليتان ) 3 ( . 62 ، 61سورة
التوبة :اليات / ) . ( . 15 ، 14 ، 13صفحة / 616كافة ،واعلموا أن ال مع
التقي " ) 1 ( .وأما قتال اليهود ،فإنم كانوا قد عاهدوا رسول ال صلى ال عليه
وسلم بعد هجرته ،ث ل يلبثوا أن نقضوا العهد وانضموا إل الشركي والنافقي ضد
السلمي ،ووقفوا ماربي لم ف غزوة الحزاب ،فأنزل ال سبحانه " :قاتلوا الذين ل
يؤمنون بال ،ول باليوم الخر ،ول يرمون ما حرم ال ورسوله ،ول يدينون دين الق
من الذين أوتو الكتاب ،حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " ) 2 ( .وقال أيضا :
" يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ،وليجدوا فيكم غلظة ،واعلموا أن
ال مع التقي " ( ( ) 3سادسا ) أن النب صلى ال عليه وسلم مر على امرأة مقتولة ،
فقال " :ما كانت هذه لتقاتل " .فعلم من هذا أن العلة ف تري قتلها أنا ل تكن تقاتل
مع القاتلي ،فكانت مقاتلتهم لنا هي سبب مقاتلتنا لم ،ول يكن الكفر هو السبب .
( سابعا ) أنه صلى ال عليه وسلم نى عن قتل الرهبان والصبيان ،لنفس السبب الذي
نى من أجله عن قتل الرأة ( .ثامنا ) أن السلم ل يعل الكراه وسيلة من وسائل
الدخول ف الدين ،بل جعل وسيلة ذلك استعمال العقل وإعمال الفكر ،والنظر ف
ملكوت السموات والرض .يقول ال سبحانه " :ولو شاء ربك لمن من ف الرض
كلهم جيعا أفأنت تكره الناس حت يكونوا مؤمني ،وما كان لنفس أن تؤمن إل بإذن ال
ويعل الرجس على الذين ل يعقلون -قل انظروا ماذا ف السموات والرض وما تغن
اليات والنذر عن قوم ل يؤمنون " ) 4 ( .وقال " :لإكراه ف الدين قد تبي الرشد من
الغي " ( ) 5 ( .هامش ) ( ) 1سورة التوبة :الية ) 2 ( . 36سورة التوبة :الية
448
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
) 3 ( . 29سورة التوبة :الية ) 4 ( . 123سورة يونس :اليات ، 100 ، 99
) 5 ( . 101سورة البقرة :الية / ) . ( . 256صفحة / 617وقد ثبت أن النب
صلى ال عليه وسلم كان يأسر السرى ،ول يعرف أنه أكره أحدا منهم على السلم .
وكذلك كان أصحابه يفعلون .روى أحد عن أب هريرة " أن ثامة النفي أسر وكان
النب صلى ال عليه وسلم يغدو عليه فيقول " :ما عندك يا ثامة ؟ . " . .فيقول :إن
تقتل تقتل ذا دم ،وإن تنن تنن على شاكر ،وإن ترد الال نعطك منه ما شئت .وكان
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يبون الفداء ،ويقولون :ما نصنع بقتل هذا ،
فمر عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فأسلم ،فحله ،وبعث به إل حائط أب طلحة ،
وأمره أن يغتسل ،فاغتسل وصلى ركعتي .فقال النب صلى ال عليه وسلم " :لقد
حسن إسلم أخيكم " .أما النصارى وغيهم فلم يقاتل الرسول صلى ال عليه وسلم
أحدا منهم .حت أرسل رسله بعد صلح الديبية إل جيع اللوك يدعوهم إل السلم ،
فأرسل إل قيصر ،وإل كسرى ،وإل القوقس ،وإل النجاشي وملوك العرب بالشرق
والشام ،فدخل ف السلم من النصارى وغيهم من دخل ،فعمد النصارى بالشام فقتلوا
بعض من قد أسلم .فالنصارى حاربوا السلمي أول ،وقتلوا من أسلم منهم بغيا وظلما .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 617
فلما بدأ النصارى بقتل السلمي أرسل الرسول سرية أمر عليها زيد بن حارثة ،ث
جعفرا ،ث أمر عبد ال بن رواحة ،وهو أول قتال قاتله السلمون للنصارى -بؤتة من
أرض الشام -واجتمع على أصحابه خلق كثي من النصارى ،واستشهد المراء رضي
ال عنهم ،وأخذ الراية خالد بن الوليد .وما تقدم يتبي بلء ،أن السلم ل يأذن
بالرب إل دفعا للعدوان ،وحاية للدعوة ،ومنعا للضطهاد ،وكفاية لرية التدين ،
فإنا حينئذ تكون فريضة من فرائض الدين ،وواجبا من واجباته القدسة ويطلق عليها اسم
" الهاد " / .صفحة / 618الهاد اجهاد مأخوذ من الهد وهو الطاقة والشقة ،يقال
:جاهد ياهد جهادا وماهدة ،إذا استفرغ وسعه ،وبذل طاقته ،وتمل الشاق ف
مقاتلة العدو ومدافعته ،وهوما يعب عنه بالرب ف العرف الديث ،والرب هي القتال
449
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السلح بي دولتي فأكثر ،وهي أمر طبيعي ف البشر ،لتكاد تلو منه أمة ول جيل وقد
أقرته الشرائع اللية السابقة .ففي أسفار التوراة الت يتداولا اليهود ،تقرير شريعة الرب
والقتال ف أبشع صورة من صور التخريب والتدمي والهلك والسب .فقد جاء ف سفر
التثنية ف الصحاح العشرين عدد 10ومابعده ،ما يأت نصه " :حي تقرب من مدينة
لكي تاربا استدعها إل الصلح ،فإن أجابتك إل الصلح وفتحت لك ،فكل الشعب
الوجود فيها يكون لك بالتسخي ،ويستعبد لك ،وإن ل تسالك ،بل عملت معك
حربا ،فحاصرها ،وإذا دفعها الرب إلك إل يدك ،فاضرب جيع ذكورها بد
السيف ،وأما النساء ،والطفال ،والبهائم ،وكل ما ف الدينة ،كل غنيمتها فتغنمها
لنفسك ،وتأكل غنيمة أعدائك الت أعطاك الرب إلك ،هكذا تفعل بميع الدن البعيدة
منك جدا ،الت ليست من مدن هؤلء المم هنا ،وأما مدن هؤلء الشعوب الت يعطيك
الرب إلك نصيبا فل تبق منها نسمة ما ،بل ترمها تريا -الثيي والموريي ،
والكنعانيي ،والفرزيي ،والويي ،واليوسيي ،كما أمرك الرب إلك " .وف إنيل
مت التداول بأيدي السيحيي ،ف الصحاح العاشر عدد 24وما بعده يقول " :ل
تظنوا أن جئت للقي سلما على الرض ،ما جئت للقي سلما ،بل سيفا ،فإنن
جئت لفرق النسان ضد أبيه والبنة ضد أمها ،والكنة ضد /صفحة / 619حاتا ،
وأعداء النسان أهل بيته ،من أحب أبا أو أما أكثر من ،فل يستحقن ،ومن أحب ابنا
أو ابنة أكثر من ،فل يستحقن ،ومن ل يأخذ صليبه ويتبعن ،فل يستحقن ،ومن
وجد حياته يضيعها ،ومن أضاع حياته من أجلي يدها " .والقانون الدول أقر الظروف
والحوال الت تشرع فيها الرب ،ووضع لا القواعد ،والبادئ ،والنظم ،الت تفف
من شرورها وويلتا ،وإن كان ل يتم شئ من ذلك عند التطبيق .تشريع الهاد ف
السلم أرسل ال رسوله إل الناس جيعا ،وأمره أن يدعو إل الدى ودين الق ولبث ف
مكة يدعو إل ال بالكمة والوعظة السنة .وكان لبد من أن يلقى مناوأة من قومه
الذين رأوا أن الدعوة الديدة خطر على كيانم الادي والدب .فكان توجيه ال له أن
يلقى هذه الناوأة بالصب ،والعفو ،والصفح الميل " .واصب لكم ربك فإنك بأعيننا "
" ) 1 ( .فاصفح عنهم ،وقل سلم ،فسوف يعلمون " " ) 2 ( .فاصفح الصفح
450
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الميل " " ) 3 ( .قل للذين آمنوا يغفروا للذين ل يرجون أيام ال " ) 4 ( .ول يأذن
ال بأن يقابل السيئة بالسيئة ،أو يواجه الذى بالذى ،أو يارب الذين حاربوا الدعوة ،
أن يقاتل الذين فتنوا الؤمني والؤمنات " .ادفع بالت هي أحسن السيئة ،نن أعلم با
يصفون " ( ) 5 ( .هامش ) ( ) 1سورة الطور :الية ) 2 ( . 48سورة الزخرف :
الية ) 3 ( . 89سورة الجر :الية ) 4 ( . 85سورة الاثية :الية ) 5 ( . 14
سورة الؤمنون :الية / ) . ( . 96صفحة / 620وكل ما أمر به جهادا ف هذه الفترة
أن ياهد بالقرآن ،والجة ،والبهان " .وجاهدهم جهادا كبيا " ) 1 ( .ولا اشتد
الذى ،وتتابع الضطهاد حت وصل قمته بتدبي مؤامرة لغتيال الرسول الكري ،اضطر
أن يهاجر من مكة إل الدينة ،ويأمر أصحاب بالجرة إليها بعد ثلث عشرة سنة من
البعثة " .وإذ يكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يرجوك ويكرون ويكر ال
وال خي الاكرين " " ) 2 ( .إل تنصروه ،فقد نصره ال " ) 3 ( .وف الدينة -
عاصمة السلم الديدة -تقرر الذن بالقتال حي أطبق عليهم العداء ،واضطروا إل
امتشاق السام ،دفاعا عن النفس ،وتأمينا للدعوة .وكان أول آية نزلت قول ال
سبحانه " :أذن للذين يقاتلون بأنم ظلموا ،وإن ال على نصرهم لقدير .الذين أخرجوا
من ديارهم بغي حق إل أن يقولوا :ربنا ال -ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض لدمت
صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم ال كثيا
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 620
ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوي عزيز -الذين إن مكناهم ف الرض أقاموا الصلة
وآتوا الزكاة وأمروا بالعروف ونوا عن النكر ول عاقبة المور " ) 4 ( .وف هذه
اليات تعليل للذن بالقتال بأمور ثلثة - 1 :انم ظلموا بالعتداء عليهم ،وإخراجهم
من ديارهم بغي حق إل أن يدينوا دين الق ،ويقولوا :ربنا ال - 2 .انه لول إذن ال
للناس بثل هذا الدفاع ،لدمت جيع العابد الت يذكر فيها اسم ال كثيا ،بسبب ظلم
الكافرين الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ( .هامش ) ( ) 1سورة الفرقان :الية
) 2 ( . 53سورة النفال :الية ) 3 ( . 30سورة التوبة :الية ) 4 ( . 40سورة
451
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الج :الية / ) . ( . 41 ، 40 ، 39صفحة - 3 / 621ان غاية النصر ،والتمكي
ف الرض ،والكم :إقامة الصلة ،وإيتاء الزكاة ،والمر بالعروف ،والنهي عن النكر
.ايابه وف السنة الثانية من الجرة ،فرض ال القتال ،وأوجبه بقوله تعال " :كتب
عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خي لكم وعسى أن تبوا شيئا
وهو شر لكم وال يعلم وأنتم ل تعلمون " ) 1 ( .الهاد فرض كفاية ( : ) 2والهاد
ليس فرضا على كل فرد من السلمي ،وإنا هو فرض على الكفاية إذا قام به البعض ،
واندفع به العدو ،وحصل به الغناء ،سقط عن الباقي ( .هامش ) ( ) 1سورة البقرة :
الية ) 2 ( ) . ( . 216من الفرائض ما يب على كل فرد أن يقوم به ول يسقط
بإقامة البعض له ،مثل :اليان ،والطهارة ،والصلة ،والزكاة ،والصيام ،والج .
فهذه فرائض عينية ،يلزم كل فرد أداؤها ،ول يل له أن يقصر فيها .ومن الفرائض ما
يب على بعض الناس دون البعض الخر ،وتسمى هذه الفرائض بفروض الكفاية وهي
أنواع - 1 :النوع الول دين ،مثل :العلم ،والتعلم ،وحكم الشبهات ،والرد على
الشكوك الت تثار حول السلم ،وصلة النازة ،وإقامة الماعة ،والذان ،ونو ذلك
- 2 .والنوع الثان ما يتصل بإصلح النظام العيشي ،مثل :الزراعة ،والصناعة ،
والطب ،ونو ذلك من الرف الت يضر تعطيلها أمر الدين والدنيا - 3 .والنوع الثالث
من الفروض الكفائية ما يشترط فيه الاكم ،مثل :الهاد ،وإقامة الدود فإن هذه من
حق الاكم وحده ،وليس لي فرد أن يقيم الد على غيه - 4 .والنوع الرابع ما ل
يشترط فيه الاكم ،مثل :المر بالعروف ،والنهي عن النكر ،والدعوة إل الفضائل ،
ومطاردة الرذائل .فهذه الفروض الكفائية ل تب على كل فرد ،وإنا الواجب أن ينهض
با بعض الفراد ،فإذا قاموا با ،وحصلت بم الكفاية ،سقط الوجوب عن الفراد جيعا
.وإذا ل يقوموا با ،أثوا جيعا / ) . ( .صفحة / 622يقول ال تعال " :وما كان
الؤمنون لينفروا كافة فلول نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا ف الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يذرون ) 1 ( " .وقال سبحانه " :يأيها الذين آمنوا
خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جيعا " ) 2 ( .وف البخاري " ويذكر عن ابن
عباس " انفروا ثبات " :سرايا متفرقي .وقال سبحانه " :ل يستوي القاعدون من
452
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الؤمني غي أول الضرر والجاهدون ف سبيل ال بأموالم وأنفسهم فضل ال الجاهدين
بأموالم وأنفسهم على القاعدين درجة كل وعد ال السن وفضل ال الجاهدين على
القاعدين أجرا عظيما " ) 3 ( .وروى مسلم عن أب سعيد الدري رضي ال عنه :أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،بعث بعثا إل بن ليان -من هذيل -فقال " :لينبعث
من كل رجلي أحدها ،والجر بينهما " .ولنه لو وجب على الكل لفسدت مصال
الناس الدنيوية ،فوجب أن ل يقوم به إل البعض .مت يكون الهاد فرض عي ؟
وليكون الهاد فرض عي إل ف الصور التية - 1 :أن يضر الكلف صف القتال ،
فإن الهاد يتعي ف هذه الال .يقول ال سبحانه " :يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة
فاثبتوا " ( ) 4 ( .هامش ) ( ) 1سورة التوبة :الية ) 2 ( . 122سورة النساء :
الية . 71والنفي :الروج لقتال الكفار ) 3 ( .سورة النساء :الية ) 4 ( . 95
سورة النفال :الية / ) . ( 45صفحة / 623ويقول ال تبارك وتعال " :يأيها الذين
آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فل تولوهم الدبار " - 2 ) 1 ( .إذا حضر العدو
الكان أو البلد الذي يقيم به السلمون ،فإنه يب على أهل البلد جيعا أن يرجوا لقتاله ،
ول يل لحد أن يتخلى عن القيام بواجبه نو مقاتلته إذا كان ل يكن دفعه إل بتكتلهم
عامة ،ومناجزتم إياه .يقول ال سبحانه وتعال " :يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين
يلونكم من الكفار " - 3 ) 2 ( .إذا استنفر الاكم أحدا من الكلفي ،فإنه ل يسعه أن
يتخلى عن الستجابة إليه .لا رواه ابن عباس رضي ال عنهما ،ان النب صلى ال عليه
وسلم قال :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 623
" لهجرة بعد الفتح ،ولكن جهادونية ،وإذا استنفرت فانفروا " ( ) 3رواه البخاري .
أي إذا طلب منكم الروج إل الرب فاخرجوا .يقول ال سبحانه " :يأيها الذين آمنوا
مالكم إذا قيل لكم انفروا ف سبيل ال اثاقلتم إل الرض أرضيتم بالياة الدنيا من الخرة
فما متاع الياة الدنيا ف الخرة إل قليل " ) 4 ( .على من يب ؟ يب الهاد على
السلم ،الذكر ،العاقل ،البالغ ،الصحيح ،الذي يد من الال ما يكفيه ويكفي أهله
453
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حت يفرغ من الهاد .فل يب على غي السلم ،ول على الرأة ،ول على الصب ،ول
على الجنون ،ول على الريض ،فل حرج على واحد من هؤلء ف التخلف عن
( هامش ) ( ) 1سورة النفال :الية ) 2 ( . 15سورة التوبة :الية ) 3 ( . 123
أي لهجرة من مكة إل الدينة بعد فتح مكة ،وكانت هذه الجرة فرضا ف أول السلم
فنسخت بذا الديث .أما الجرة من دار الرب إل السلم فهي ل تنسخ ،بل هي
مفروضة على من ل يأمن فيها على دينه ) 4 ( .سورة التوبة :الية / ) . ( . 38
صفحة / 624الهاد ،لن ضعفهم يول بينهم وبي الكفاح ،وليس لم غناء يعتد به
ف اليدان .وربا كان وجودهم أكثر ضررا ،مع قلة نفعه .وف هذا يقول ال سبحانه :
" ليس على الضعفاء ول على الرضى ول على الذين ل يدون ما ينفقون حرج إذا
نصحوا ل ورسوله " ) 1 ( .ويقول ال تبارك وتعال " :ليس على العمى حرج ول
على العرج حرج ولعلى الريض حرج " ) 2 ( .وعن ابن عمر رضي ال عنهما ،قال
" :عرضت على رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم أحد ،وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم
يزن " .رواه :البخاري ومسلم .ولنه عبادة ،فل يب إل على بالغ .روى أحد ،
والبخاري ،عن عائشة رضي ال عنها ،قالت " :قلت :يا رسول ال ،هل على النساء
جهاد ؟ . .قال :جهاد لقتال فيه :الج والعمرة " .وف رواية :لكن أفضل الهاد
حج مبور .وروى الواحدي ،والسيوطي ،ف " الدر النثور " عن ماهد ،قال " :
قالت أم سلمة رضي ال عنها :يا رسول ال ،تغزو الرجال ول نغزو ،وإنا لنا نصف
الياث ؟ ! " .فأنزل ال تعال " :ول تتمنوا ما فضل ال به بعضكم على بعض للرجال
نصيب ما اكتسبوا وللنساء نصيب ما اكتسب واسألوا ال من فضله إن ال كان بكل شئ
عليما " ) 3 ( .ورويا عن عكرمة أن النساء سألن الهاد ،فقلن ( :هامش ) ( ) 1
سورة التوبة :الية ) 2 ( . 91سورة الفتح :الية ) 3 ( . 17سورة النساء :الية
، 32أي أنه للرجال عمل خاص بم ،كلفوا به ،وللنساء عمل خاص بن ،كلفن به ،
فل يصح أن يتمن كل من الفريقي عمل الخر / ) . ( .صفحة " / 625وددنا أن ال
جعل لنا الغزو فنصيب من الجر ما يصيب الرجال " ،فنلت الية .وهذا لينع من
خروجهن للتمريض ونوه .عن أنس رضي ال عنه قال " :لا كان يوم أحد ،انزم
454
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الناس عن النب صلى ال عليه وسلم ،ولقد رأيت عائشة بنت أب بكرو أم سليم وإنما
لشمرتان ،أرى خدم سوقهما ( ) 1تنقلن القرب على متونما ،ث تفرغانا ف أفواه
القوم ث ترجعان فتملنا ث تيئان فتفر غانا ف أفواه القوم " .رواه الشيخان .وعنه قال
" :كان النب صلى ال عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من النصار معه ،فيسقي الاء ،
ويداوين الرحى " .رواه مسلم ،وأبو داود ،والترمذي .اذن الوالدين الهاد الواجب
ل يعتب فيه إذن الوالدين .أما جهاد التطوع ،فإنه لبد فيه من إذن الوالدين السلمي
الرين ،أو إذن أحدها .قال ابن مسعود " :سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم :
أي العمل أحب إل ال ؟ قال :الصلة على وقتها .قلت :ث أي :قال :بر الوالدين .
قلت :ث أي ؟ قال :الهاد ف سبيل ال " .رواه البخاري ،ومسلم .وقال ابن عمر
رضي ال عنهما " :جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم ،فاستأذنه ف الهاد .فقال
:أحي والداك ؟ قال :نعم ؟ قال :ففيهما فجاهد " .رواه البخاري ،وأبو داود ،
والنسائي ،والترمذي وصححه .وف كتاب شرعة السلم " :ول يرج إل الهاد
إلمن كان فارغا عن الهل والطفال وعن خدمة الوالدين ،فإن ذلك مقدم على الهاد ،
بل هو أفضل الهاد " ( .هامش ) ( ) 1أي اللخل ف سوقهما ،وسي اللخال
خدمة بفتحتي ،لنه ربا كان من سيور مركب فيها ذهب وفضة ،والدمة ف الصل
السي ،والدم موضع اللخال من الساق / ) . ( .صفحة / 626اذن الدائن وكذلك
ل يتطوع به مدين ل وفاء له إل مع إذن ،أو وهن مرز ،أو كفيل ملئ .فعند أحد ،
ومسلم ،من حديث أب قتادة :أرأيت إن قتلت ف سبيل ال تكفر عن خطاياي ؟ فقال
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :نعم وأنت صابر متسب ،مقبل غي مدبر ،إل
الدين ،فإن جبيل قال ل ذلك " .الستعانة بالفجرة والكفرة على الغزو
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 626
يوز الستعانة بالنافقي ،والفسقة ،على قتال الكفرة ،وقد كان عبد ال بن أب ومن
معه من النافقي يرجون للقتال مع رسول ال صلى ال عليه وسلم .وقصة أب مجن
الثقفي -الذي كان يدمن شرب المر -وبلؤه ف حرب فارس مشهورة .وأما قتال
455
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الكفرة مع السلمي فاختلفت فيها آراء الفقهاء :فقال مالك وأحد " :ل يوز أن
يستعان بم ،ول أن يعاونوا على الطلق " .قال مالك " :إل أن يكونوا خداما
للمسلمي ،فيجوز " .وقال أبو حنيفة " :يستعان بم ،ويعاونون على الطلق ،
السلم هو الغالب الاري عليهم ،فإن كان حكم الشرك هو الغالب كره " .وقال
الشافعي :يوز ذلك بشرطي ( :أحدها ) أن يكون بالسلمي قلة ويكون بالشركي
كثرة ( .والثان ) أن يعلم من الشركي حسن رأي ف السلم وميل إليه .ومت استعان
بم رضخ لم ول يسهم :أي أعطاهم مكافأة ول يشركهم ف سهام السلمي من الغنيمة
/ .صفحة / 627الستنصار بالضعفاء - 1عن مصعب بن سعد بن أب وقاص قال :
رأى أب أن له فضل على من دونه ،فقال النب صلى ال عليه وسلم " :هل تنصرون
وترزقون إل بضعفائكم ؟ ! " .رواه البخاري ،والنسائي .ولفظ النسائي " :إنا ينصر
ال هذه المة بضعيفها ،بدعوتم ،وصلتم وإخلصهم " - 2 .وعن أب الدرداء ،
قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ،يقول " :ابغون ف الضعفاء ،فإنا ترزقون
وتنصرون بضعفائكم " .رواه أصحاب السنن - 3 .وعن أب هريرة رضي ال عنه :أن
النب صلى ال عليه وسلم قال " :رب أشعث ،مدفوع بالباب ،لو أقسم على ال لبره
" ( ( . ) 1هامش ) ( ) 1أي أن الرجل قد يبدو ف هيئة ل تسترعي النظار ،ولكنه
قوي اليان ،صادق اليقي ،فلودعا ربه لستجاب له بجرد دعائه / ) . ( .صفحة
/ 628فضل الهاد الهاد أفضل نوع من أنواع التطوع :الهاد :إعلء لكلمة ال ،
وتكي لدايته ف الرض ،وتركيز للدين الق ،ومن ث كان أفضل من تطوع الج ،
والعمرة ،وأفضل من تطوع الصلة ،والصوم .وهومع ذلك ينتظم كل لون من ألوان
العبادات ،سواء منها ما كان من عبادات الظاهر أو الباطن ،فإن فيه من عبادات الباطن
الزهد ف الدنيا ،ومفارقة الوطن ،وهجرة الرغبات ،حت ساه السلم " الرهبنة " .فقد
جاء ف الديث " :رهبانية أمت :الهاد ف سبيل ال " .وفيه من التضحيه بالنفس ،
والال ،وبيعهما ل ،ما هو ثرة من ثرات الب ،واليان ،واليقي ،والتوكل " .إن
ال اشترى من الؤمني أنفسهم وأموالم بأن لم النة يقاتلون ف سبيل ال فيقتلون
ويقتلون وعدا عليه حقا ف التوراة والنيل والقرآن ومن أوف بعهده من ال فاستبشروا
456
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " ) 1 ( .وقد عظم السلم أمره ،ونوه
به ف عامة السور الدنية وذم التاركي له ،والعرضي عنه ،ووصفهم بالنفاق ومرض
القلب .الجاهد خي الناس الجاهد خي الناس عن ابن عباس رضي ال عنه :أن النب
صلى ال عليه وسلم ،قال " :أل أخبكم بي الناس ؟ رجل مسك بعنان فرسه ف سبيل
ال ( .هامش ) ( ) 1سورة التوبة :الية / ) . ( . 111صفحة / 629أل أخبكم
بالذي يتلوه :رجل معتزل ف غنيمة له يؤدي حق ال فيها .أل أخبكم بشر الناس :
رجل يسأل بالول يعطي به " .وسئل النب صلى ال عليه وسلم ،أي الناس أفضل ؟ قال
" :مؤمن ياهد ف سبيل ال بنفسه وماله " .قالوا :ث من ؟ قال " :مؤمن ف شعب من
الشعاب يتقي ال ويدع الناس من شره " .فقوله صلى ال عليه وسلم " :ث مؤمن ف
شعب بن الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره " فيه دليل لن قال بتفضيل العزلة عن
الختلط ،وف ذلك خلف مشهور .فمذهب الشافعي ،وأكثر العلماء ،أن الختلط
أفضل بشرط رجاء السلمة من الفت .ومذهب طوائف أن العتزال أفضل .وأجاب
المهور عن هذا الديث بأنه ممول على العتزال ف زمن الفت والروب ،أو هو فيمن
ل يسلم الناس منه ول يصب عليهم ،أو نو ذلك من الصوص .وقد كانت النبياء
صلوات ال عليهم ،وجاهي الصحابة والتابعي والعلماء والزهاد متلطي ،فيحصلون
منافع الختلط ،كشهود المعة ،والماعة ،والنائز ،وعيادة الرضى ،وحلق
الذكر ،وغي ذلك .وأما الشعب ،فهو :ما انفرج بي جبلي ،وليس الراد نفس
الشعب خصوصا ،بل الراد :النفراد والعتزال ،وذكر الشعب مثال ،لنه خال من
الناس غالبا .وهذا الديث نو الديث الخر ،حي سئل صلى ال عليه وسلم عن
النجاة ،فقال " :أمسك عليك لسانك ،وليسعك بيتك ،وابك على خطيئتك " .النة
للمجاهد روى الترمذي :أن رجل مالت نفسه إل العزلة ،فسأل النب صلى /صفحة
/ 630ال عليه وسلم عنها ،فقال :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 630
457
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" :ل تفعل ،فإن مقام أحدكم ف سبيل ال أفضل من صلته ف بيته سبعي عاما ،أل
تبون أن يغفر ال لكم ويدخلكم النة :اغزوا ف سبيل ال .من قاتل ف سبيل ال فواق
ناقة وجبت له النة " .الجاهد يرتفع مائة درجة ف النة :عن أب سعيد الدري رضي
ال عنه :أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :يا أبا سعيد ،من رضي بال ربا ،
وبالسلم دينا ،وبحمد نبيا وجبت له النة " .فعجب لا أبو سعيد ،فقال :أعدها
علي يا رسول ال ،ففعل .ث قال " :وأخرى يرفع با العبد مائة درحة ف النة ما بي
كل درجتي ،كما بي السماء والرض " .قال :وما هي يا رسول ال ؟ قال " :الهاد
ف سبيل ال ،الهاد ف سبيل ال " .وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن ف
النة مائة درجة ،أعدها ال للمجاهدين ف سبيل ال ،مابي الدرجتي كما بي السماء
والرض ،فإذا سألتم ال فاسألوه الفردوس ،فإنه أوسط النة ،وأعلى النة ،وفوقه
عرش الرحن ،ومنه تفجر أنار النة " .الهاد ل يعد له شئ عن أب هريرة رضي ال
عنه قال :قيل يا رسول ال ما يعدل الهاد ف سبيل ال عزوجل ؟ قال " :ل تستطيعونه
" .فأعاد عليه مرتي ،أو ثلثا ،كل ذلك يقول " ل يستطيعونه " .وقال ف الثالثة " :
مثل الجاهد ف سيبل ال كمثل الصائم القائم القانت /صفحة / 631بآيات ال ،
ليفتر من صلة ول صيام حت يرجع الجاهد ف سبيل ال " .رواه المسة .فضل
الشهادة قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ل يكلم أحد ف سيبل ال -وال أعلم
بن يكلم ف سبيل ال -إل جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما ،اللون لون الدم ،والريح
ريح السك " .قال ممد بن إبراهيم :أملى علي عبد ال بن البارك حي ودعته للخروج
هذه البيات ،وأرسلها معي إل الفضيل بن عياض :يا عابد الرمي لو أنصرتنا لعلمت
أنك ف العبادة تلعب من كان يضب خذه بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان
يتعب خيله ف باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب ريح العبي لكم ،ونن عبينا وهج
السنابك والغبار الطيب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق . . .ل يكذب ل
يستوي غبار أهل ال ف أنف امرئ ودخان نار ،ل يكذب هذا كتاب ال ينطق بيننا ليس
الشهيد بيت ،ل يكذب قال :فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه ف السجد الرام ،فلما
قرأه ذرفت عيناه وقال :صدق أبو عبد الرحن ،ونصحن ،ث قال / :صفحة / 632
458
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أأنت من يكتب الديث ؟ قلت :نعم .قال :فاكتب هذا الديث ،أجر حلك كتاب
أب عبد الرحن إلينا .وأملى علي الفضيل بن عياض " :حدثنا منصور بن العتمر ،عن
أب صال ،عن أب هريرة رضي ال عنه أن رجل قال :يا رسول ال علمن عمل أنال به
ثواب الجاهدين ف سبيل ال .فقال " :هل تستطيع أن تصلي فلتفتر ،وتصوم فل
تفطر ؟ " فقال :يا رسول ال ،أنا أضعف من أن أستطيع ذلك .ث قال النب صلى ال
عليه وسلم " :فوالذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت الجاهدين ف سبيل ال .أو
ما علمت أن الجاهد ليست ف طوله فيكتب له بذلك السنات " .وقال رسول ال صلى
ال عليه وسلم لصحابه " :لا أصيب إخوانكم بأحد ،جعل ال أرواحهم ف جوف طي
خضر ،ترد أنار النة ،وتأكل من نارها ،وتأوي إل قناديل من ذهب ،معلقة ف ظل
العرش ،فلما وجدوا طيب مأكلهم ،ومشربم ،ومقيلهم ،قالوا :من يبلغ إخواننا عنا
أنا أحياء ف النة نرزق ،لئل يزهدوا ف الهاد ،فقال ال تعال " :أنا أبلغهم عنكم " .
وأنزل " :ول تسب الذين قتلوا ف سبيل ال أمواتا بل أحياء عند ربم يرزقون -فرحي
با آتاهم ال من فضله ،ويستبشرون بالذين ل يلحقوا بم من خلفهم أل خوف عليهم
ولهم يزنون -يستبشرون بنعمة من ال وفضل وأن ال ل يضيع أجر الؤمني " ( .
) 1وقال الرسول صلى ال عليه وسلم " :أرواح الشهداء ف حواصل طي خضر ،
تسرح ف النة حيث شاءت " .وقال صلى ال عليه وسلم " :الشهيد ل يد أل القتل
إل كما يد أحدكم أل القرصة " ( ) 2 ( .هامش ) ( ) 1سورة آل عمران :اليات
) 2 ( . 171 ، 170 ، 169القرصة :اللسعة / ) . ( .صفحة / 633وقال صلى
ال عليه وسلم " :أفضل الهاد أن يعقر ( ) 1جوادك ،ويراق ( ) 2دمك " .عن
جابر بن عتيك ،أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :الشهادة سبع -سوى القتل ف
سبيل ال : -الطعون ( ) 3شهيد ،والغرق ( ) 4شهيد ،وصاحب ذات النب (
) 5شهيد ،والبطون ( ) 6شهيد ،وصاحب الرق شهيد ،والذي يوت تت الدم
شهيد ،والرأة توت بمع ( ) 7شهيدة " .روه أحد ،وأبو داود ،والنسائي بسند
صحيح .وعن أب هريرة رضي ال عنه ،أن النب صلى ال عليه وسلم ،قال " :ما
تعدون الشهيد فيكم " ؟
459
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 633
قالوا :يا رسول ال :من قتل ف سبيل ال ،فهو شهيد .قال " :إن شهداء أمت إذن
لقليل " .قالوا :فمن هم يا رسول ال ؟ قال " :من قتل ف سبيل ال ،فهو شهيد ،
ومن مات ف سبيل ال ( ، ) 8فهو شهيد ،ومن مات ف الطاعون ،فهو شهيد ،ومن
مات ف البطن ،فهو شهيد ،والغريق شهيد " .رواه مسلم .وعن سعيد بن زيد ،أن
النب صلى ال عليه وسلم ،قال " :من قتل دون ماله ،فهو شهيد ،ومن قتل دون دمه ،
فهو شهيد ،ومن قتل دون دينه ،فهو شهيد ،ومن قتل دون أهله ،فهو شهيد " .رواه
أحد ،والترمذي ،وصححه .قال العلماء " :الراد بشهادة هؤلء كلهم ،غي القتول
ف سبيل ال ( ،هامش ) ( ) 1يعقر :يرح ) 2 ( .يراق :يصب ) 3 ( .الطعون :
من مات بالطاعون ) 4 ( .الغرق :الغريق ) 5 ( .ذات النب :القروح تصيب
النسان داخل جنبه وتنشأ عنها المى والسعال ) 6 ( .البطون :من مات برض البطن
) 7 ( .بمع :أي الت توت عند الولدة ) 8 ( .ف سيبل ال :أي ف طاعته / ) . ( .
صفحة / 634أنم يكون لم ف الخرة ثواب الشهداء ،وأما ف الدنيا ،فيغسلون ،
ويصلى عليهم " .وبيان هذا ،أن الشهداء ثلثة أقسام :شهيد ف الدنيا والخرة ،وهو
القتول ف حرب الكفار ،وشهيد ف الخرة دون أحكام الدنيا ،وهم هؤلء الذكورون
هنا ،وشهيد ف الدنيا دون الخرة ،وهو من غل من الغنيمة ( ) 1أو قتل مدبرا " .
وعن عبد ال بن عمر :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :يغفر ال للشهيد كل
ذنب ،إل الدين " .ويلحق بالدين مظال العباد ،مثل :القتل ،وأكل أموال الناس
بالباطل ،ونو ذلك .الهاد لعلء كلمة ال إن الهاد ل يسمى جهادا حقيقيا إل أذا
قصد به وجه ال ،وأريد به إعلء كلمته ،ورفع راية الق ،ومطاردة الباطل ،وبذل
النفس ف مرضاة ال ،فإذا أريد به شئ دون ذلك من حظوظ الدنيا ،فإنه ل يسمى
جهادا على القيقة .فمن قاتل ليحظى بنصب ،أو يظفر بغنم ،أو يظهر شجاعة ،أو
ينال شهرة ،فإنه لنصيب له ف الجر ،ولحظ له ف الثواب .فعن أب موسى ،قال :
" جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم فقال :الرجل يقاتل للمغنم ( ) 2والرجل
460
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يقاتل للذكر ( ، ) 3والرجل يقاتل ليى مكانه ( ، ) 4فمن ف سبيل ال ؟ فقال " :
من قاتل لتكون كلمة ال هي العليا ،فهو ف سبيل ال " ( .هامش ) ( ) 1راجع الزء
الرابع ( الجلد الول ) من فقه السنة ) 2 ( .أي لجل الغنيمة ) 3 ( .ليذكر بي الناس
) 4 ( .يرى مكانه :يشتهر بالشجاعة / ) . ( .صفحة / 635وروى أبو داود ،
والنسائي :أن رجل قال :يا رسول ال :أرأيت رجل غزا يلتمس الجر والذكر ،
ماله ؟ فقال صلى ال عليه وسلم " :لشئ له " .فأعادها عليه ثلث مرات :فقال " :
لشئ له ،إن ال ل يقبل من العمل إل ما كان خالصا ،وابتغي به وجهه " .إن النية :
هي روح العمل ،فإذا ترد العمل منها ،كان عمل ميتا ،لوزن له عند ال .روى
البخاري عن عمر بن الطاب رضي ال عنه ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :
إنا العمال بالنيات ،وإنا لكل امرئ ما نوى " .وإن الخلص هو الذي يعطي
العمال قيمتها القيقية ،ومن ث فإن الرء قد يبلغ بالخلص درجة الشهداء ،ولو ل
يستشهد .يقول الرسول عليه الصلة والسلم " :من سأل ال الشهادة بصدق بلغه ال
منازل الشهداءوإن مات على فراشه " .ويقول صلى ال عليه وسلم " :إن بالدينة أقواما
ما سرت مسيا ،ول قطعتم واديا ،إل كانوا معكم ،حبسهم العذر " .وإذا ل يكن
الخلص هو الباعث على الهاد ،بل كان الباعث شيئا آخر من أشياء الدنيا وأعراضها
ل يرم الجاهد الثواب والجر فقط ،بل إنه بذلك يعرض نفسه للعذاب يوم القيامة .
فعن أب هريرة رضي ال عنه ،قال " :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :
إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه :رجل استشهد .فأت به فعرفه نعمه ،فعرفها .
قال :فما عملت فيها ؟ قال :قاتلت فيك حت استشهدت .قال :كذبت ،ولكنك
قاتلت /صفحة / 636لن يقال :جرئ فقد قيل ،ث أمر به فسحب على وجهه حت
ألقي ف النار .ورجل تعلم العلم وعلمه ،وقرأ القرآن ،فأت به فعرفه نعمه ،فعرفها .
قال فما عملت فيها ؟ قال :تعلمت العلم وعلمته ،وقرأت فيك القرآن .قال :كذبت ،
ولكنك تعلمت العلم ليقال عال .وقرأت القرآن ليقال هو قارئ .فقد قيل ،ث أمر به
فسحب على وجهه حت ألقي ف النار .ورجل وسع ال عليه ،وأعطاه من أصناف الال
.فأت به فعرفه نعمه ،فعرفها .قال :فما عملت فيها ؟ قال :ما تركت من سبيل تب
461
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أن ينفق فيها إل أنفقت فيهالك .قال :كذبت ،ولكنك فعلت ليقال :هو جواد ،فقد
قيل ،ث أمر به فسحب على وجهه ،ث ألقي ف النار " .رواه مسلم
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 636
أجر الجي ومهما كان الجاهد ملصا ،وأخذ من الغنيمة ،فإن ذلك ينقص من أجره .
فعن عبد ال بن عمرو .قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ما من غازية ،أو
سرية تغزو ،فتغنم ،وتسلم ،إل كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم " " .وما من غازية أو
سرية تفق أو تصاب ،إل ت أجورهم " .رواه مسلم .قال النووي " :وأما معن
الديث فالصواب الذي ل يوز غيه .أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل
من أجر من ل يسلم ،أو سلم ول يغنم .وأن الغنيمة هي ف مقابلة جزء من أجر غزوهم
،فإذا حصلت لم ،فقد تعجلوا ثلثي أجرهم الترتب على الغزو ،وتكون هذه الغنيمة
من جلة الجر .وهذا موافق للحاديث الصحيحة الشهورة عن الصحابة كقوله " :منا
من مات ول يأكل من أجره شيئا .ومنا من أينعت له ثرته فهو يهديها :أي يتنيها " .
فهذا الذي ذكرنا هو الصواب .وهو ظاهر الديث ،ول يأت حديث /صفحة / 637
صريح صحيح يالف هذا .فتعي حله على ذكرنا .وقد اختار القاضي عياض معن هذا
الذي ذكرناه " .وروى أبو داود عن أب أيوب أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :
ستفتح عليكم المصار ،وستكونون جنودا مندة ،يقطع عليكم فيها بعوث ،فيكره
الرجل منكم البعث فيها ،فيتخلص من قومه ،ث يتصفح القبائل يعرض نفسه عليهم ،
يقول :من أكفه بعث كذا ،وذلك الجي ،إل آخر قطرة من دمه " .فضل الرباط ف
سبيل ال توجد ثغور يكن أن تكون منافذ ينطلق منها العدو إل دار السلم ومن
الواجب أن تصن هذه الثغور تصينا منيعا ،كي ل تكون جانب ضعف يستغله العدو
ويعله منطلقا له .وقد رغب السلم ف حاية هذه الثغور ،بإعداد النود ليكونوا قوة
للمسلمي .وأطلق على لزوم هذه الثغور ،لجل الهاد ف سبيل ال لفظ الرباط (
، ) 1وأقله ساعة ،وتامه أربعون يوما ،وأفضله ما كان بأشد الثغور خوفا .وقد اتفق
العلماء على أنه أفضل من القام بكة .وقد جاء ف فضله من الحاديث ما يلي :روى
462
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مسلم عن سلمان ،قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :رباط يوم
وليلة خي من صيام شهر وقيامه ،وإن مات جرى عليه عمله ( ) 2الذي كان يعمله ،
وأجري عليه رزقه ( ، ) 3وأمن الفتان " .قال " :كان ميت يتم ( ) 4على عمله ،
إل الذي مات مرابطا ف سبيل ال ( ،هامش ) ( ) 1الرباط :معناه القامة ف الثغر بإزاء
العدو ) 2 ( .هذه فضيلة خاصة بالرابطة ) 3 ( .هذا كقوله تعال " :أحياء عند ربم
يرزقون " ) 4 ( .يتم على عمله :ينقطع عمله عنه ول يصل ثوابه إليه / ) . ( .صفحة
/ 638فإنه ينمى ( ) 1عمله إل يوم القيامة ويأمن فتنة القب " .فضل الرمي بنية الهاد
رغب السلم ف تعلم الرمي والناضلة بنية الهاد ف سبيل ال ،وحبب ف التدريب على
ذلك ورياضة العضاء بمارسة الرمي والناضلة - 1 .عن عقبة بن عامر ،قال :سعت
رسول ال صلى ال عليه وسلم على النب وهو يقول " :وأعدوا لم ما استطعتم من قوة "
" .أل إن القوة الرمي ،أل إن القوة الرمي ،أل إن القوة الرمي " .رواه مسلم - 2 .
وعنه رضي ال عنه قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :ستفتخ عليكم
أرضون ،فل يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه ،إن ال يدخل بالسهم الواحد النة ثلثة
نفر :صانعه ( ) 2والمد به ( ) 3والرامي به ف سبيل ال " .وقد شدد السلم
تشديدا عظيما ف نسيان الرمي بعد تعلمه ،وأنه مكروه كراهة شديدة لن تركه بل عذر
- 3 .قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من علم الرمي ث تركه فليس منا ،أو "
قد عصى " .رواه مسلم - 4 .وقال صلى ال عليه وسلم " :كل شئ يلهو به الرجل
باطل ،إل رميه بقوسه ،وتأديبه فرسه ،وملعبته أهله ،فإنه من الق " .قال القرطب :
" ومعن هذا وال أعلم :أن كل ما يتلهى به الرجل ،ما ل يفيده ف العاجل ول ف
الجل فائدة ،فهو باطل والعراض عنه أول .وهذه المور الثلثة ،فإنه وإن كان
يفعلها على أنه يتلهى با وينشط ،فإنا ( هامش ) ( ) 1ينمي :يزداد وينمو ) 2 ( .
يتسب ف صنعه الي ) 3 ( .الناول له / ) . ( .صفحة / 639حق لتصالا با قد
يفيد ،فإن الرمي بالقوس ،وتأديب الفزس جيعا من تعاون القتال ،وملعبة الهل قد
تؤدي إل ما يكون عنه ولد يوحد ال ويعبده ،فلهذا كانت هذه الثلثة من الق " .
وقال النب صلى ال عليه وسلم " :يا بن إساعيل ،أرموا فإن أباكم كان راميا " .وتعلم
463
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الفروسية واستعمال السلحة فرض كفاية " وقد يتعي " .الرب ف البحر أفضل من
الرب ف الب :لا كان القتال ف البحر أعظم خطرا كان أكثر أجرا " - 1 .روى أبو
داود عن أو حرام ،أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :الائد ( ) 1ف البحر له أجر
شهيد ،والغرق له أجر شهيدين " .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 639
وروى ابن ماجه عن أب أمامة قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول - 2 :
" شهيد البحر مثل شهيدي الب والائد ف البحر كالتشحط ف دمه ف الب وما بي
الوجبتي كقاطع الدنيا ف طاعة ال ،وإن ال وكل ملك الوت بقبض الرواح ،إل
شهيد البحر فإنه يتول قبض أرواحهم .ويغفر لشهيد الب الذنوب كلها إل الدين ،ويغفر
لشهيد البحر الذنوب والدين " .صفات القائد وقد عد الفخري الصفات الت يب أن
تتوفر ف قائد اليش ،فقال :قال بعض حكماء الترك " :ينبغي أن يكون ف قائد اليش
عشر خصال من أخلق اليوان :جرأة السد ،وحلة النير ،وروغان الثعلب ،وصب
الكلب على الراح .وغارة الذئب ،وحراسة الكركي ،وسخاء الديك .وشفقة الديك
على الفراريج ،وحذر الغراب .وسن " تعرو " ،وهي دابة تكون براسان تسمن على
السفر والكد " ( .هامش ) ( ) 1الائد :الذي يصيبه القئ / ) . ( .صفحة / 640
الهاد مع الب والفاجر :ل يشترط ف الهاد أن يكون الاكم عادل ،أو القائد بارا ،بل
الهاد واجب على كل حال ،وقد يكون للرجل الفاجر ف ميدان الهاد من البلء ما
ليس لغيه " .الواجب على قائد اليش يب على القائد بالنسبة للجنود ما يأت - 1 :
مشاورتم وأخذ رأيهم ،وعدم الستبداد بالمر دونم ،لقول ال سبحانه " :وشاورهم
ف المر " ) 1 ( .وعن أب هريرة رضي ال عنه قال " :ما رأيت أحدا قط كان أكثر
مشاورة لصحابه من رسول ال صلى ال عليه وسلم " .أخرجه أحد والشافعي رضي
ال عنهما - 2 .الرفق بم ،ولي الانب لم ،قالت السيدة عائشة رضي ال عنها :
سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :اللهم من ول من أمر أمت شيئا فرفق بم
،فارفق به " .أخرجه مسلم .وروى عن معقل بن يسار أنه صلى ال عليه وسلم قال :
464
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
" ما من أمي يلي أمور السلمي ،ث ل يتهد لم ،ول ينصح لم ،إلل يدخل النة " .
وروى أبو داود ،عن جابر رضي ال عنه .قال " :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم
يتخلف عن السي ،فيزجي الضعيف ويردف ،ويدلم " - 3 .المر بالعروف والنهي
عن النكر ،حت ل يتورطوا ف العاصي - 4 .تفقد اليش حينا بعد حي ،ليكون على
علم بنوده ،ينع من ل يصلح للحرب من رجال وأدوات ،مثل الخدل وهو الذي يزهد
الناس ف القتال ،والرجف الذي يطلق الشائعات ،فيقول :ليس لم مدد ،ول طاقة . .
( هامش ) ( ) 1سورة آل عمران :الية / ) . ( . 159صفحة / 641وكذلك من
ينقل أخبار اليش وتركاته ،أو يثي الفت - 5 .تعريف العرفاء - 6 .عقد اللوية
والرايات - 7 .تي النازل الصالة ،وحفظ مكانا - 8 .بث العيون ليعرف حال
العدو .وكان من هديه صلى ال عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيها ( ) 1وكان يبث
العيون ليأتوه بب العداء ،وكان يرتب اليوش ،ويتخذ الرايات واللوية .قال ابن
عباس :وكانت راية رسول ال صلى ال عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض .رواه أبو داود
.وصايا رسول ال صلى ال عليه وسلم ال قواده عن أب موسى رضي ال عنه قال :
كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه ف بعض أمره قال " :
بشروا ،ول تنفروا ،ويسروا ،ول تعسروا " ( . ) 2وعنه قال :بعثن رسول ال صلى
ال عليه وسلم ومعاذا إل اليمن ،فقال :يسروا ولتعسروا ،وبشروا ول تنفروا ،
وتطاوعا ،ول تتلفا " ( . ) 3رواها الشيخان .عن أنس رضي ال عنه ،أن النب صلى
ال عليه وسلم قال " :انطلقوا باسم ال ،وبال ،وعلى ملة رسول ال ،ول تقتلوا
شيخا ( هامش ) ( ) 1أي ذكر غيها وأرادها هي ،حت ل يعرف العدو ما يريده عليه
الصلة والسلم ) 2 ( .ف بعض أمره :أي ف أمر من أعمال الولية والدارة .قال :
بشروا ،أي من قرب إسلمه ومن تاب من العصاة ،بسعة رحه ال وعظم ثوابه لن آمن
وعمل صالا .ول تنفروا بذكر أنواع التخويف والوعيد ،ويسروا على الناس ،ول
تشدوا عليهم ،فإن هذا أدعى لحبة الدين ) 3 ( .أتركا اللف واعمل على الوفاق
فهذا أدعى للنصر والنجاح ،وصدر الديث موجه باعتبار الماءة ،وعجزه باعتبار الثن
/ ) . ( .صفحة / 642فانيا ( ) 1ول طفل صغيا ،ول امرأة ( ، ) 2ول تغلوا ،
465
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وضموا غنائمكم ،وأصلحوا ،وأحسنوا ( ) 3إن ال يب الحسني " .رواه أبو داود .
وصية عمر رضي ال عنه وكتب عمر بن الطاب إل سعد بن أب وقاص ،رضي ال
عنهما ،ومن معه من الجناد ،أما بعد " :فإن آمرك ومن معك من الجناد بتقوى ال
على كل حال ،فإن تقوى ال أفضل العدة على العدو ،وأقوى الكيدة ف الرب ،
وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من العاصي منكم من عدوكم ،فإن ذنوب
اليش أخوف عليهم من عدوهم ،وإنا ينصر السلمون بعصية عدوهم ل ،ولول
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 642
ذلك ل تكن لنا بم قوة ،لن عددنا ليس كعددهم ،ول عدتنا كعدتم ،فإن استوينا ف
العصية كان لم الفضل علينا ف القوة ،وإل ننصر عليهم بفضلنا ،ل نغلبهم بقوتنا ،
فاعلموا أن عليكم ف سيكم حفظة من ال يعلمون ما تفعلون ،فاستحيوا منهم ،ول
تعملوا بعاصي ال وأنتم ف سبيل ال ،ول تقولوا أن عدونا شرمنا ،فلن يسلط علينا ،
فرب قوم سلط عليهم شر منهم ،كما سلط على بن إسرائيل لا عملوا بساخط ال كفار
الجوس ،فجاسوا خلل الديار ،وكان وعدا مفعول ،أسألوا ال العون على أنفسكم ،
كما تسألونه النصر على عدوكم .أسأل ال ذلك لنا ولكم " .وترفق بالسلمي ف
سيهم ،ول تشمهم سيا يتعبهم ،ول تقصر بم عند منل يرفق بم يبلغوا عدوهم ،
والسفر ل ينقص قوتم ،فإنم سائرون إل عدو مقيم ،حامي النفس والكراع ،وأقم
بن معك ف كل جعة يوما وليلة ،حت تكون لم راحة ييون فيها أنفسهم ،ويرمون
أسلحتهم وأمتعتهم ،ونح منازلم عن قرى أهل الصلح والذمة ،فل يدخلها ( هامش ) (
) 1إل إذا كان مقاتل أو ذارأي فقد أمر صلى ال عليه وسلم بقتل زيد بن الصمة الذي
كان ف جيش هوازن للرأي فقط وعمره يربو على مائة وعشرين سنة ) 2 ( .إل إذا
كانت مقاتلة أو والية عليهم أو لا رأي فيهم ) 3 ( .بسند صال :نسأل ال صلح
الال .ف الال والال .آمي / ) . ( .صفحة / 643من أصحابك إلمن تثق بدينه ،
ول يرزأ أحدا من أهلها شيئا ،فإن لم حرمة وذمة ،ابتليتم بالوفاء با ،كما ابتلوا
بالصب عليها ،فما صبوا لكم فنولوهم خيا ،ول تستنصروا على أهل الرب بظلم أهل
466
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الصلح " .وإذا وطئت أرض العدو ،فأذك العيون بينك وبينهم ،ول يفى عليك
أمرهم ،وليكن عندك من العرب ،أو من أهل الرض من تطئن إل نصحه وصدقه ،فإن
الكذوب ل ينفعك خبه ،وإن صدقك ف بعضه والغاش عي عليك ،وليس عينا لك " .
وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلئع ،وتبث السرايا بينك وبينهم ،
فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم وتتبع الطلئع عوراتم .وانتق للطلئع أهل الرأي
والبأس من أصحابك ،وتي لم سوابق اليل ،فإن لقوا عدوا كان أول من تلقاهم القوة
من رأيك ،واجعل أمر السرايا إل أهل الهاد ،والصب على اللد ،ول تص با أحدا
بوى ،فتضيع من رأيك وأمرك أكثر ما حابيت به أهل خاصتك ،ول تبعثن طليعة ول
سرية ف وجه تتخوف فيه غلبة أو صنيعة ونكاية " .فإذا عاينت العدو فاضمم إليك
أقاصيك ،وطلئعك ،وسراياك ،واجع إليك مكيدتك وقوتك ،ث ل تعاجلهم
الناجزة ،ما ل يستكرهك قتال ،حت تبصر عورة عدوك ومقاتله ،وتعرف الرض كلها
كمعرفة أهلها ،فتصنع بعدوك كصنعه بك " .ث أذك على عسكرك ،وتيقظ من البيات
جهدك ،ول تر بأسي له عقد إل ضربت عنقه ،لترهب به عدو ال وعدوك " .وال
ول أمرك ومن معك ،وول النصر لكم على عدوكم ،وال الستعان " اه .واجب
النود وواجب النود بالنسبة لقائدهم :الطاعة ف غي معصية .فقد روى البخاري
ومسلم عن أب هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :من أطاعن فقد أطاع ال ،
ومن عصان فقد عصى ال ،ومن يطع المي فقد أطاعن ،ومن يعص المي فقد عصان
/ " .صفحة / 644وأما الطاعة ف العصية ،فإنه منهي عنها ،لنه لطاعة لخلوق ف
معصية الالق .وقد روى البخاري ومسلم عن علي كرم ال وجهه ،قال " :بعث
رسول ال صلى ال عليه وسلم سرية ،واستعمل عليهم رجل من النصار ،وأمرهم أن
يسمعوا له ويطيعوا فعصوه ف شئ ،فقال :اجعوا ل حطبا ،فجمعوا ،ث قال :أوقدوا
نارا فأوقدوا ،ث قال :أل يأمركم رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تسمعوا وتطيعوا ؟
فقالوا :بلى .قال :فادخلوها ،فنظر بعضهم إل بعض ،وقالوا :إنا فررنا إل رسول
ال من النار ،فكانوا كذلك حت سكن غضبه ،وطفئت النار .فلما رجعوا ذكروا ذلك
لرسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقال " :لو دخلوها ،ما خرجوا منها أبدا ،وقال :
467
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
لطاعة ف معصية الالق ،إنا الطاعة ف العروف " .وجوب الدعوة قبل القتال وجوب
الدعوة قبل القتال يب أن يبدأ السلمون بالدعوة قبل القتال ،أخرج مسلم عن بريدة ،
رضي ال عنه ،قال " :كان النب صلى ال عليه وسلم إذا أمر أميا على جيش أو سرية (
) 1أوصاه ف خاصته بتقوى ال ،ومن معه من السلمي خيا ( ، ) 2ث قال :اغزوا
باسم ال ف سبيل ال ،قاتلوا من كفر بال ،أغزوا ول تغلوا ،ول تغدروا ،ول تثلوا ،
ول تقتلوا وليدا ( ، ) 3وإذا لقيت عدوك من الشركي فادعهم إل ثلث خصال ( ) 4
،فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم :ادعهم إل السلم ،فإن أجابوك فاقبل
منهم وكف عنهم ،ث ( هامش ) ( ) 1السرية :قطعة من اليش .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 644
( ) 2أوصاء بتقوى ال ،وأوصاه بالسلمي خيا ) 3 ( .ل تغلوا :أي ل تونوا ف
الغنيمة ،ول تغدروا :ل تنقضوا عهدا ،ول تثلوا :أي ل تشوهوا القتل بقطع النوف
والذان ونوها ،ول تقتلوا وليدا :أي صبيا ،وكذا الشيخ الكبي والرأة لنم ل يقاتلون
) 4 ( .هي السلم والجرة وإل فالزية / ) . ( .صفحة / 645ادعهم إل التحول
من دارهم إل دار الهاجرين ،وأخبهم أنم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين ،وعليهم
ما على الهاجرين ،فإن أبوا أن يتحولوا ( ، ) 1فأخبهم أنم يكونون كأعراب السلمي
،يري عليهم حكم ال الذي يري على الؤمني ( . ) 2ول يكون لم ف الغنيمة والفئ
شئ ،إل أن ياهدوا مع السلمي ،فإن أبوا فسلهم الزية ( ، ) 3فإن هم أجابوك فاقبل
وكف عنهم ،فإن هم أبوا فاستعن بال وقاتلهم ،وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن
تعل لم ذمة ال وذمة نبيه ،فل تعل لم ذلك ( ، ) 4ولكن اجعل لم ذمتك وذمة
أصحابك ،فإنكم إن تفروا ذمكم وذمم أصحابكم أهون من أن تفروا ذمة ال وذمة
رسوله ( ، ) 5وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنلم على حكم ال ،فل تقبل
منهم ،ولكن أنزلم على حكمك ،فإنك ل تدري أتصيب حكم ال فيهم أم ل ( " ) 6
.رواه المسة إل البخاري .وحاصر أحد جيوش السلمي قصرا من قصور فارس ،
وكان المي سلمان الفارسي فقالوا :يا أبا عبد ال ،أل تنهد إليهم ( . ) 7قال :دعون
468
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أدعهم ،كما سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو فأتاهم ،فقال لم :إنا أنا
رجل منكم ،فارسي ،والعرب يطيعونن ،فإن اسلمتم فلكم مثل الذي لنا ،وعليكم ما
علينا ،وإن أبيتم إل دينكم ،تركناكم عليه وأعطونا الزية عن يد وأنتم صاغرون .
( هامش ) ( ) 1عن ديارهم وياهدوا ) 2 ( .من العراب أهل البادية ،وحكم ال
فيهم أنه ليس لم ف الغنيمة والفئ شئ إل إذا جاهدوا ( .هامش ) ( ) 3فإن أبوا :أي
عن السلم ،فسلهم الزية ،لعل هذا قبل تصيصها بأهل الكتاب الوارد ف سورة التوبة
) 4 ( .فأرادوك :أي طلبوا منك ) 5 ( .الذمة :العهد ،والخفار :نقض العهد ( .
) 6والراد عن عهد ال وحكمه احتراما لما ) 7 ( .تأمر اليش بالزحف عليهم .
( / ) .صفحة / 646قال :ورطن إليهم بالفارسية :وأنتم غي ممودين ( ، ) 1وإن
أبيتم ،نابذناكم على سواء ( . ) 2قالوا :ما نن بالذي يعطي الزية ،ولكنا نقاتلكم .
قالوا :يا أبا عبد ال ،أل تنهد إليهم .قال :فدعاهم ثلثة أيام إل مثل هذا ( ، ) 3ث
قال :اندوا إليهم ،قال :فنهدنا إليهم ففتحنا ذلك القصر " .رواه الترمذي .قال أبو
يوسف :ل يقاتل رسول ال صلى ال عليه وسلم قوما قط ،فيما بلغنا ،حت يدعوهم
إل ال ورسوله .وقال صاحب الحكام السلطانية :ومن ل تبلغهم دعوة السلم ،يرم
علينا القدام على قتالم غرة وبياتا بالقتل والتحريق .ويرم أن نبدأهم بالقتال ،قبل
إظهار دعوة السلم لم وإعلمهم من معجزات النبوة ومن ساطع الجة با يقودهم إل
الجابة .ويرى السرخسي من أئمة الذهب النفي :أنه يسن أن ل يقاتلهم فور
الدعوة ،بل يتركهم يبيتون ليلة يتفكرون فيها ويتدبرون ما فيه مصلحتهم .ويرى الفقهاء
أن أمي اليش إذا بدأ بالقتال قبل النذار بالجة والدعاء إل إحدى المور الثلثة ،وقتل
من العداء غرة وبياتا ضمن ديات نفوسهم .ذكر البلذري ف فتوح البلدان " :أن أهل
سرقند ،قالوا لعاملهم " سليمان بن أب السرى " إن قتيبة بن مسلم الباهلي غدر بنا
وظلمنا ،وأخذ بلدنا ،وقد أظهر ال العدل والنصاف ،فأذن لنا ،فليفد منا وفد إل
أمي الؤمني يشكو ظلمتنا ،فإن كان لنا حق أعطيناه ،فإن بنا إل ذلك حاجة ،فأذن
لم ،فوجهوا منهم قوما إل " عمر بن عبد العزيز " رضي ال عنه ،فلما علم عمر
ظلمتهم كتب إل سليمان يقول له :إن أهل سرقند ،قد شكوا إل ظلما أصابم ،
469
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وتامل من قتيبة عليهم حت أخرجهم من أرضهم ،فإذا أتاك كتاب فأجلس لم القاضي ،
فلينظر ف أمرهم ،فإن ( هامش ) ( ) 1قال هذه الكلمة لم بالفارسية ) 2 ( .
أعلمناكم به ،وقاتلناكم ) 3 ( .فيه طلب الدعوة ثلثة أيام ،رحة بم لعلهم يسلمون .
( / ) .صفحة / 647قضي لم ،فأخرجهم إل معسكرهم كما كانوا وكنتم ،قبل أن
ظهر ( ) 1عليهم قتيبة .فأجلس لم سليمان " جيع بن حاضر " القاضي ،فقضى أن
يرج عرب سرقند إل معسكرهم وينابذوهم على سواء ،فيكون صلحا جديدا أو ظفرا
عنوة .فقال أهل السند ،بل نرضى با كان ،ول ندد حربا ،لن ذوي رأيهم قالوا :
قد خالطنا هؤلء القوم ،وأقمنا معهم ،وأمنونا وأمناهم ،فإن عدنا إل الرب ،ل
ندري لن يكون الظفر ،وإن ل يكن لنا ،كنا قد
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 647
اجتلبنا عداوة ف النازعة ،فتركوا المر على ما كان ،ورضوا ول ينازعوا بعد أن عجبوا
من عدالة السلم والسلمي وأكبوها ،وكان ذلك سببا ف دخولا السلم متارين .
وهذا عمل ل نعلم أن أحدا وصل ف العدل إليه .الدعاء عند القتال ومن آداب القتال أن
يستغيث الجاهدون بالرب سبحانه ،ويستنصرونه ،فإن النصر بيد ال .وقد كان هذا
هدي الرسول صلى ال عليه وسلم ،وهدي أصحابه من بعده - 1 .فعن أب داود :أن
النب صلى ال عليه وسلم ،قال " :ثنتان ل تردان :الدعاء عند النداء ،وعند البأس ،
حي يلحم بعضهم بعضا " - 2 .قال ال عز وجل " :إذ تستغيثون ربكم فاستجاب
لكم " ( - 3 ) 2روى الثلثة عن عبد ال بن أب أوف ،أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم ف بعض أيامه الت لقي فيها للعدو ،انتظر حت مالت الشمس ،ث قام ف الناس ،
فقال ( :هامش ) ( ) 1أي رجعتم إل ما كنتم عليه قبل الغزو ) 2 ( .سورة النفال :
الية / ) . ( . 9صفحة " / 648أيها الناس :ل تتمنوا لقاء العدو ،وسلوا ال العافية ،
فإذا لقيتموهم فاصبوا واعلموا أن النة تت ظلل السيوف " .ت قال " :اللهم منل
الكتاب ،ومري السحاب ،وهازم الحزاب ،اهزمهم وانصرنا عليهم " - 4 .وكان
من دعائه صلى ال عليه وسلم ،إذا غزا " :اللهم أنت عضدي ونصيي ،بك أحول (
470
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
) 1وبك أصول ( ، ) 2وبك أقاتل " .رواه أصحاب السنن - 5 .وروى البخاري
ومسلم :أنه صلى ال عليه وسلم دعا يوم الحزاب فقال " :اللهم منل الكتاب ،سريع
الساب ،اهزم الحزاب ،اللهم اهزمهم وزلزلم " .القتال السلم يهتم بدعوة العال
النسان إل الدخول ف هدايته ،لينعم بذه الداية ويستظل بظلها الظليل .وإن المة
السلمية هي المة النتدبة من قبل ال لعلء دينه ،وتبليغ وحيه ،وهي منتدبة كذلك
لتحرير المم والشعوب .وهي بذا العتبار كانت خي المم ،وكانت مكانتها من
غيها مكانة الستاذ من التلميذ .وما دام أمرها كذلك ،فيجب عليها أن تافظ على
كيانا الداخلي ،وتكافح لتأخذ حقها بيدها ،وتاهد لتتبوأ مكانتها الت وضعها ال فيها
.وكل تقصي ف ذلك يعتب من الرائم الكبى ،الت يازي ال عليها بالذل والنلل ،
أو الفناء والزوال .وقد نى السلم عن الوهن ،والدعوة إل السلم ،طالا ل تصل المة
( هامش ) ( ) 1أحول :حتال ف مكر كيد العدو ) 2 ( .أصول :أحل على العدو .
( / ) .صفحة / 649إل غايتها ول تقق هدفها ،واعتب السلم ف هذه الالة ل معن
له إل الب ،والرضا بالدون من العيش .وف هذا يقول ال سبحانه " :فلتنوا وتدعوا
إل السلم وأنتم العلون وال معكم ولن يتركم أعمالكم " ( . ) 1أي العلون :
عقيدة ،وعبادة ،وخلقا ،وأدبا وعلما ،وعمل .إن السلم ف السلم ل يكون إل عن
قوة واقتدار ،ولذلك ل يعله ال مطلقا ،بل قيده بشرط أن يكف العدو عن العدوان ،
وبشرط أل يبقى ظلم ف الرض ،وأل يفت أحد ف دينه .فإذا وجد أحد هذه
السباب ،فقد أذن ال بالقتال .وهذا القتال هو القتال الذي تسترخص فيه النفس ،
ويضحى فيه بالهج والرواح .إنه ل يوجد دين من الديان دفع بأهله إل خوض غمرات
الروب .وقذف بم إل ساحات القتال ،ف سبيل ال والق ،وف سبيل الستضعفي .
ومن أجل الياة الكرية ،غي السلم .ومن استعرض اليات القرآنية ،والسية العملية
لرسول ال صلى ال عليه وسلم وخلفائه من بعده ،يرى ذلك واضحا جليا ،فال
سبحانه ينتدب هذه المة إل بذل أقصى ما ف وسعها ،فيقول " :وجاهدوا ف ال حق
جهاده " ) 1 ( .وبي أن هذا الهاد هو اليان العملي ،الذي ل يكمل الدين إل به ،
فيقول " :أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون -ولقد فتنا الذين من
471
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قبلهم فليعلمن ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبي " ( . ) 3ويوضح أن هذه سنة ال مع
الؤمني ،وأنه ليس للنصر ول للجنة سبيل غيه .فيقول " :أم حسبتم أن تدخلوا النة
ولا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حت يقول الرسول
( هامش ) ( ) 1سورة ممد :الية ) 2 ( . 35سورة الج :الية ) 3 ( . 78
سورة العنكبوت :الية / ) . ( . 3 ، 2صفحة / 650والذين آمنوا معه مت نصر ال
أل إن نصر ال قريب " ( . ) 1ويوجب إعداد العدة ،وأخذ الهبة .فيقول " :وأعدوا
لم ما استطعتم من قوة ومن رباط اليل ترهبون به عدو ال وعدوكم " ( ) 2والعداد
يتطور بسب الظروف والحوال ،ولفظ القوة يتناول كل وسيلة من شأنا أن تدحر
العدو .وقد جاء ف الديث الصحيح " :أل إن القوة الرمي ،أل إن القوة الرمي ،أل
إن القوة الرمي " .ومن العداد اليطة والتجنيد لكل قادر عليه .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 650
" يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جيعا " ( ) 3وأخذ الذر
ليتم إل بالعداد البي ،والبحري ،والوي .ويأمر بالروج للقاة العدو ف العسر
واليسر ،والنشط والكره .فيقول " :انفروا خفافا وثقال " ) 4 ( .والسلم يعتمد
على الروح العنوية أكثر ما يعتمد على القوة الادية ،ولذا يستثي المم والعزائم ،فيقول
" :فليقاتل ف سبيل ال الذين يشرون الياة الدنيا بالخرة .ومن يقاتل ف سبيل ال
فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما .ومالكم ل تقاتلون ف سبيل ال والستضعفي
من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظال أهلها
واجعل لنا من لدنك وليا .واجعل لنا من لدنك نصيا " ( ) 5ويصب الؤمني بأنم إن
كانوا يألون فإن عدوهم يأل كذلك مع الختلف البعيد بي هدف كل منهم فيقول " :
ول تنوا ف ابتغاء القوم إن تكونوا تألون فإنم يألون كما ( هامش ) ( ) 1سورة البقرة
:الية ) 2 ( . 214سورة النفال :الية ) 3 ( . 60سورة النساء :الية 4 ( . 71
) سورة التوبة :الية ) 5 ( . 41سورة النساء :الية / ) . ( . 75 ، 74صفحة
/ 651تألون وترجون من ال ما ل يرجون " ( . ) 1ويقول " :الذين آمنوا يقاتلون
472
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ف سبيل ال والذين كفروا يقاتلون ف سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد
الشيطان كان ضعيفا " ( . ) 2أي أن الؤمني لم هدف سام ،ولم رسالة ياهدون من
أجلها ،وهي رسالة الق والي وإعلء كلمة ال .ويوجب الثبات عند اللقاء فيقول " :
يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فل تولوهم الدبار -ومن يولم يومئذ دبره
إل متحرقا لقتال أو متحيزا إل فئة فقد باء بغضب من ال ومأواه جهنم وبئس الصي " (
. ) 3ويرشد إل القوة العنوية ،فيقول " :يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا
ال كثيا لعلكم تفلحون -وأطيعوا ال ورسوله ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريكم
واصبوا إن ال مع الصابرين " ( . ) 4ويكشف عن نفسية الؤمني ،وأن من شأنا
الستماتة ف الدفاع ،فهم بي أمرين ل ثالث لما :إما قاتلي ،وإما مقتولي ،فيقول :
" ان ال اشترى من الؤمني أنفسهم وأموالم بأن لم النة يقاتلون ف سبيل ال فيقتلون
ويقتلون وعدا عليه حقا ف التوراة والنيل والقرآن ومن أوف بعهده من ال فاستبشروا
ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظم " ( . ) 6وف الالة الول لم النصر ،
وف الثانية لم الشهادة " :قل هل تربصون بنا إل إحدى السنييي " ( . ) 2وإن القتل
ف سبيل ال ليس موتا أبديا ،وإنا هو انتقال إل ما هو أرقي ( هامش ) ( ) 1سورة
النساء :الية ) 2 ( . 76سورة النساء :الية ) 3 ( . 140سورة النفال :اليتان
) 4 ( . 16 ، 15سورة النفال :اليتان ) 5 ( . 46 ، 45سورة التوبة :الية
) 6 ( . 111سورة التوبة :الية / ) . ( . 52صفحة / 652وأبقى ،وإن الفناء ف
سبيل ال هو عي البقاء " .ول تسب الذين قتلوا ف سبيل ال أمواتا بل أحياء عند ربم
يرزقون -فرحي با آتاهم ال من فضله ويستبشرون بالذين ل يلحقوا بم من خلفهم أل
خوف عليهم ول هم يزنون -يستبشرون بنعمة من ال وفضل وأن ال ل يضيع أجر
الؤمني " ( ) 1وال مع الجاهدين ل يتخلى عنهم أبدا " :إذ يوحي ربك إل اللئكة
أن معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي ف قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق العناق
واضربوا منهم كل بنان " ( . ) 2ث هو سبحانه يعدهم على ذلك ثواب الدنيا وحسن
ثواب الخرة ،فيقول " :يأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تارة تنجيكم من عذاب أليم
-تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم وأنفسكم ،ذلكم خي لكم إن
473
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كنتم تعلمون -يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات ترى من تتها النار ومساكن طيبة
ف جنات عدن ذلك الفوز العظيم -وأخرى تبونا نصر من ال وفتح قريب وبشر
الؤمني " ) 1 ( .وبذا السلوب رب القرآن الكري السلمي الوائل ،وأوجد ف
نفوسهم اليان الذي كان فيصل بي الق والباطل ،ونض بم إل حيث النصر ،والفتح
والتمكي ف الرض " .يأيها الذين آمنوا إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم ( ) 4
" " .وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالات ليستخلفنهم ف الرض كما استخلف
الذين من قلبهم ،وليمكنن لم دينهم إل ارتضى لم وليبد لنهم من بعد خوفهم أمنا
يعبدونن ل يشركون ب شيئا ( ( . " ) 5هامش ) ( ) 1سورة آل عمران :اليات
) 2 ( . 171 ، 170 ، 169سورة النفال :الية ) 3 ( . 12سورة الصف :
اليات ) 4 ( . 13 ، 12 ، 11 ، 10سورة ممد :الية ) 5 ( . 7سورة النور :
الية / ) . ( . 55صفحة / 653وجوب الثبات أثناء الزحف يب الثبات عند لقاء
العدو ،ويرم الفرار .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 653
يقول ال سبحانه وتعال " :يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا ال كثيا
لعلكم تفلحون ( . " ) 1ويقول عز من قائل " :يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا
زحفا فل تولوهم الدبار -ومن يولم يومئذ دبره إل متحرفا لقتال أو متحيزا إل فئة فقد
باء بغضب من ال ومأواه جهنم وبئس الصي " ( ) 2والية توجب الثبات وترم الفرار
إل ف إحدى حالتي ،فإنه يوز فيهما النصراف عن العدو ( .الالة الول ) أن
ينحرف للقتال ،أي أن ينصرف من جهة إل جهة إخرى حسب ما يقتضيه الال ،فله
أن ينتقل من مكان ضيق إل مكان أرحب منه ،أو من موضع مكشوف إل موضع آخر
يستره ،أو من جهة سفلى إل جهة عليا وهكذا ،ما هو أصلح له ف ميدان الرب
والقتال ( .الالة الثانية ) أن يتحيز إل فئة ،أي ينحاز إل جاعة من السلمي ،إما
مقاتل معهم ،أو مستنجدا بم .وسواء أكانت هذه الفئة قريبة أم بعيدة .روى سعيد بن
منصور :أن عمر رضي ال عنه ،قال :لو أن أبا عبيدة تيز إل لكنت له فئة .وأبو
474
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عبيدة كان بالعراق ،وعمر كان بالدينة ! وقال عمر أيضا " :أنا فئة كل مسلم " .
وروى ابن عمر رضي ال عنهما -أنم أقبلوا على رسول ال صلى ال عليه وسلم -لا
خرج من بيته قبل صلة الفجر ،وكانوا قد فروامن عدوهم ،فقالوا " :نن الفرارون "
فقال صلى ال عليه وسلم " :بل أنتم العكارون ( ، ) 3أنافئة كل مسلم " ( .هامش )
( ) 1سورة النفال :الية ) 2 ( . 16سورة النفال :الية ) 3 ( . 16عكارون :
جع عكار ،وهو العطاف الذي يعطف إل الرب بعد الياد عنها / ) . ( .صفحة
/ 654ففي هاتي الالتي التقدمتي ،يوز للمقاتل أن يفر من العدو وهو -وإن كان
فرارا ظاهرا -فهو ف الواقع ماولة لتاذ موقف أصلح لواجهة العدو .وف غي هاتي
الصورتي يكون الفرار كبية من كبائر الث وموبقة توجب العذاب الليم .يقول الرسول
صلى ال عليه وسلم " :اجتنبوا السبع الوبقات ( " ) 1قالوا :وما هن يا رسول ال ؟ .
قال " :الشرك بال ،والسحر ،وقتل النفس الت حرم ال ،وأكل الربا ،وأكل مال
اليتيم ،والتول يوم الزحف ( ، ) 2وقذف الحصنات الؤمنات الغافلت " .الكذب
والداع عند الرب يوز ف الرب الداع والكذب لتضليل العدو ما دام ذلك ل
يشتمل على نقض عهد أو إخلل بأمان .ومن الداع أن يادع القائد العداء بأن
يوههم بأن عدد جنوده كثرة كاثرة وعتاده قوة ل تقهر .وف الديث الذي رواه
البخاري عن جابر أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :الرب خدعة " .وأخرج مسلم
من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي ال عنها ،قالت " :ل أسع النب صلى ال عليه
وسلم يرخص ف شئ من الكذب ما يقول الناس إل ف الرب ،والصلح بي الناس ،
وحديث الرجل امرأته ،وحديث الرأة زوجها " الفرار من الثلي تقدم انه يرم الفرار
أثناء الزحف إل ف إحدى الالتي " :التحرف للقتال ،أو التحيز إل فئة " ( .هامش )
( ) 1الوبقات :الهلكات ) 2 ( .التول يوم الزحف :الفرار من الرب / ) . ( .
صفحة / 655وبقي أن نقول :إنه يوز الفرار أثناء الرب إذا كان العدو يزيد على
الثلي ،فإن كان مثلي فما دونما فإنه يرم الفرار ،يقول ال عزوجل " :الن خفف
ال عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتي وإن يكن منكم
ألف يغلبوا ألفي بإذن ال وال مع الصابرين " ( . ) 1قال ف الهذب " :إن زاد عددهم
475
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
على مثلي عدد السلمي ،جاز الفرار .لكن إن غلب على ظنهم أنم ل يهلكون ،
فالفضل الثبات .وإن ظنوا اللك ،فوجهان ( :الول ) يلزم النصراف ،لقوله تعال :
" ول تلقوا بأيديكم إل التهلكة " ( .الثان ) فيستحب ول يب ،لنم ان قتلوا فازوا
بالشهادة .وإن ل يزد عدد الكفار على مثلي عدد السلمي ،فإن ل يظنوا اللك ل يز
الفرار ،وإن ظنوا فوجهان :يوز لقوله تعال " :ول تلقوا بأيديكم إل التهلكة " .
وليوز ،وصححوه ،لظاهر الية .وقال الاكم " :إن ذلك يرجع إل ظن القاتل
واجتهاده ،فإن ظن القاومة ل يل الفرار ،وإن ظن اللك جاز الفرار إل فئة وإن بعدت
،إذا ل يقصد القلع عن الهاد " .وذهب ابن الاجشون ورواه عن مالك إل :أن
الضعف إنا يعتب ف القوة ل ف العدد ،وأنهيوز أن يفر الواحد عن واحد إذا كان أعتق
جوادا منه ،وأجود سلحا ،وأشد قوة وهذا هو الظهر .الرحة ف الرب إذا كان
السلم أباح الرب كضرورة من الضرورات ،فإنه يعلها مقدرة بقدرها ،فل يقتل إل
من يقاتل ف العركة ،وأما من تنب الرب فل يل قتله أو التعرض له بال ( .هامش )
( ) 1سورة النفال :الية / ) . ( . 66صفحة / 656وحرم السلم كذلك قتل
النساء ،والطفال ،والرضى ،والشيوخ ،
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 656
والرهبان ،والعباد ،والجراء .وحرم الثلة ،بل حرم قتل اليوان ،وإفساد الزروع ،
والياه ،وتلويث البار ،وهدم البيوت .وحرم الجهاز على الريح ،وتتبع الفار ،
وذلك أن الرب كعملية جراحية ،ل يب أن تتجاوز موضع الرض بكان .وف ذلك
روى سليمان بن بريدة عن أبيه " :أن الرسول صلى ال عليه وسلم .كان إذا أمر أميا
على جيش أو سرية ،أوصاه ف خاصته بتقوى ال ،ومن معه من السلمي خيا ،ث قال
" :أغزوا باسم ال ف سبيل ال ،قاتلوا من كفر بال ،أغزوا ولتغلوا ،ول تغدروا ،ول
تثلوا ،ول تقتلوا وليدا " .وحدث نافع عن عبد ال بن عمر ان امرأة وجدت ف بعض
مغازي الرسول صلى ال عليه وسلم مقتولة فأنكر ذلك ،ونى عن قتل النساء والصبيان .
رواه مسلم .وروى رباح بن ربيع :أن الرسول صلى ال عليه وسلم مر على امرأة
476
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مقتولة ف بعض الغزوات ولعلها هي الرأة ف الديث الذكور قبل هذا .فوقف عليها ،ث
قال " :ما كانت هذه لتقاتل " ث نظر ف وجوه أصحابه وقال لحدهم " :الق بالد بن
الوليد ،فل يقتلن ذرية ،ولعسيفا أي أجيا ول امرأة " .وعن عبد ال بن زيد قال " :
نى النب صلى ال عليه وسلم عن النهب والثلة " .رواه البخاري .وقال عمران بن
الصي " :كان النب صلى ال عليه وسلم يثنا على الصدقة ،وينهانا عن الثلة " ( ) 1
.وف وصية أب بكر رضي ال عنه لسامة حي بعثه إل الشام " :ل تونوا ،ول تغلوا ،
ول تغدروا ،ول تثلوا ،ول تقتلوا طفل صغيا ،ول شيخا كبيا ،ول امرأة ،ول
تعقروا نل ،ول ترقوه ،ول ( هامش ) ( ) 1الثلة :هي تشويه القتيل بأي صورة من
الصو ( / ) .صفحة / 657تقطعوا شجرة مثمرة ،ولتذبوا شاة ،ول بقرة ،ول
بعيا ،إل لأكلة ،وسوف ترون بأقوام قد فرغوا أنفسهم ف الصوامع " يريد الرهبان " ،
فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له " .وكذلك كان يفعل سيدنا عمر بن الطاب رضي ال
عنه ،فقد جاء ف كتاب له " :لتغلوا ،ول تغدروا ،ول تقتلوا وليدا ،واتقوا ال ف
الفلحي " وكان من وصاياه لمراء النود " :ول تقتلوا هرما ،ول امرأة ،ول وليدا .
وتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان ،وعند شن الغارات " .الغارة على العداء ليل ويوز
الغارة على العداء ليل ( . ) 1قال الترمذي " :وقد رخص قوم من أهل العلم ف
الغارة بالليل ،وكرهه بعضهم " .وقال أحد وإسحاق " :ل بأس أن يبيت العدو ليل "
.وسئل الرسول صلى ال عليه وسلم عن أهل الدار من الشركي يبيتون فيصاب من
نسائهم وذراريهم ،فقال " :هم منهم " .رواه البخاري ومسلم من حديث الصعب بن
جثام .قال الشافعي :النهي عن قتل نسائهم وصبيانم ،انا هو ف حال التمييز والتفرد .
وأما البيات ،فيجوز ،وإن كان فيه إصابة ذراريهم ونسائهم .انتهاء الرب تنتهي
الرب بأحد المور التية - 1 :إسلم الحاربي ،أو إسلم بعضهم ودخولم ف دين
ال ،وف هذه الال يصبحون مسلمي ،ويكون لم ما للمسلمي ،وعليهم ما عليهم من
القوق والواجبات ( .هامش ) ( ) 1الغارة ليل ،هي :الت يطلق عليها لفظ " البيات
" / ) . ( .صفحة - 2 / 658طلبهم إيقاف القتال مدة معينة ،وحينئذ يب
الستجابة إل ما طلبوا ،كما فعل ذلك الرسول صلى ال عليه وسلم ف صلح الديبية .
477
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
- 3رغبتهم ف أن يبقوا على دينهم مع دفع الزية ،ويتم بقتضى هذا عقد الذمة بينهم
وبي السلمي - 4 .هزيتهم ،وظفرنا بم ،وانتصارنا عليهم ،وبذا يكونون غنيمة
للمسلمي - 5 .وقد يدث أن يطلب بعض الحاربي من العداء المان ،فيجاب إل
ما طلب ،وكذلك إذا طلب الدخول ف دار السلم ،ومن ث فإنا نتحدث بإجال فيما
يلي عن هذه المور - 1 :عقد الدنة والوادعة - 2 .عقد الذمة - 3 .الغنائم - 4 .
عقد المان / .صفحة / 659الدنة مت تب الوادعة والدنة :عقد الدنة والوادعة هو
النفاق على ترك القتال فترة من الفترات الزمنية قد تنتهي إل صلح ،وتب ف حالي ( :
الالة الول ) إذا طلبها العدو ،فإنه ياب إل طلبه ولو كان العدو يريد الديعة ،مع
وجوب الذر والستعداد .يقول ال تعال " :وإن جنحوا للسلم فاجنح لا وتوكل على
ال إنه هو السميع العليم -وإن يريدوا أن يدعوك فإن حسبك ال " ( . ) 1وف غزوة
الديبية هادن رسول ال صلى ال عليه وسلم مشركي مكة ،ووادعهم مدة عشر سني ،
وكان ذلك حقنا للدماء ،ورغبة ف السلم .عن الباء رضي ال عنه قال " :لا أحصر
النب صلى ال عليه وسلم عن البيت ( ) 2صاله أهل مكة على أن يدخلها فيقيم با
ثلثا ،ول يدخلها إل بلبان السلح ،السيف وجرابه ( ، ) 3ول يرج بأحد معه من
أهلها ،ول ينع أحدا يكث با من كان معه .قال ( ) 4لعلي أكتب الشرط بيننا :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 659
بسم ال الرحن الرحيم ( " : ) 5هذا ما قاضى عليه ممد رسول ال " .فقال له
الشركون " :لو نعلم أنك رسول ال تابعناك ،ولكن أكتب :ممد بن عبد ال .
( هامش ) ( ) 1سورة النفال :اليتان 60و ) 2 ( . 61لا منعه الكفار من دخول
مكة هو وأصحابه وكانوا يريدون العمرة اصطلحوا بالديبية ) 3 ( .بيان للبان السلح
) 4 ( .الرسول صلى ال عليه وسلم ) 5 ( .وف رواية :ما ندري ما بسم ال الرحن
الرحيم ،ولكن اكتب ما نعرف :باسك اللهم / ) . ( .صفحة / 660فأمر عليا أن
يحوها ( ) 1فقال " :ل وال لأموها " .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :أرن
مكانا ،فأراه مكانا فمحاها ،وكتب " ابن عبد ال " .فأقام با ثلثة أيام .فلما كان
478
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
اليوم الثالث ،قالوا لعلي :هذا آخر يوم من شرط صاحبك ،فمره فليخرج .فأخبه
بذلك ،فقال :نعم ،فخرج " .وعن السور بن مرمة رضي ال عنه ،أنم اصطلحوا
على وضع الرب عشر سني يأمن فيهن الناس ،وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة ،وأنه ل
إسلل ول إغلل ( . ) 2رواه البخاري ومسلم وأبو داود ( .الالة الثانية ) الت تب
فيها الهادنة :الشهر الرم ،فإنه ل يل فيها البدء بالقتال ،وهي ذو القعدة ،وذو
الجة ،ومرم ،ورجب .إل إذا بدأ فيها العدو بالقتال ،فإنه يب القتال حينئذ دفعا
للعتداء ،وكذلك يباح فيها القتال إذا كانت الرب قائمة ودخلت هذه الشهر ول
يستجب العدو لقبول الوادعة فيها ( . ) 3يقول ال تعال " :إن عدة الشهور عند ال
اثنا عشر شهرا ف كتاب ال يوم خلق السموات والرض منها أربعة حرم ،ذلك الدين
القيم فل تظلموا فيهن أنفسكم " ) 4 ( .وخطب رسول ال صلى ال عليه وسلم ف
خطبة الوداع فقال " :أيها الناس :إنا النسئ زيادة ف الكفر ،يضل به الذين كفروا ،
( هامش ) ( ) 1كلمة :رسول ال ) 2 ( .العيبة :وعاء الثياب ،ومكفوفة :مربوطة
مكمة ،ول إسلل ول إغلل :أي لسرقة ول خيانة ،بل ول كلم فيما مضى ،ولكن
قلوب صافية ،وأمن وسلم تام ) 3 ( .وحاصل الشروط أن يرجع النب صلى ال عليه
وسلم والسلمون هذا العام ،وأن يعودوا للعمرة العام القابل ،ول يملوا إل جلبان
السلح ،ول يأخذوا من تبعهم من أهل مكة ،ول يأخذوا من تأخر من السلمي ،ول
يكثوا بكة إل ثلثة أيام ،واصطلحوا على وضع الرب بينهم عشر سني ،وأن يأمن
الناس بعضهم بعضا ) 4 ( .سورة التوبة :الية / ) . ( . 36صفحة / 661يلونه
عاما ويرمونه عاما ،ليواطئوا عدة ما حرم ال ،وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق
ال السموات والرض ،وإن عدة الشهور عند ال اثنا عشر ف كتاب ال ،يوم خلق ال
السموات والرض ،منها أربعة حرم ،ثلث متواليات ،وواحد فرد ،ذو القعدة ،وذو
الجة ،والحرم ،ورجب ،فهو الذي بي جادى وشعبان ،أل هل بلغت ،اللهم اشهد
" .وما ورد من أن ذلك منسوخ ،فهو ضعيف ،لنه ليس فيه ما يدل على النسخ / .
صفحة / 662عقد الذمة الذمة هي العهد والمان :وعقد الذمة هو أن يقر الاكم أو
نائبه بعض أهل الكتاب -أو غيهم -من الكفار على كفرهم بشرطي ( :الشرط
479
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الول ) أن يلتزموا أحكام السلم ف الملة ( .والشرط الثان ) أن يبذلوا الزية .
ويسري هذا العقد على الشخص الذي عقده ،مادام حيا وعلى ذريته من بعده .والصل
ف هذا العقد قول ال سبحانه " :قاتلوا الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ول
يرمون ما حرم ال ورسوله ول يدينون دين الق من الذين أوتوا الكتاب حت يعطوا
الزية عن يد وهم صاغرون " ( . ) 1وروى البخاري :أن الغية قال -يوم ناوند -
:أمرنا نبينا أن نقاتلكم حت تعبدوا ال وحده أو تؤدوا الزية .وهذا العقد دائم غي
مدود بوقت ما دام ل يوجد ما ينقضه .موجب هذا العقد :وإذا ت عقد الذمة ترتب
عليه حرمة قتالم .والفاظ على أموالم ،وصيانة أعراضهم ،وكفالة حرياتم ،والكف
عن أذاهم ،لا روي عن علي رضي ال عنه أنه قال " :إنا بذلوا الزية لتكون دماؤهم
كدمائنا ،وأموالم كأموالنا " .والقاعدة العامة الت رآها الفقهاء " :أن لم ما لنا ،
وعليهم ما علينا " ( .هامش ) ( ) 1سورة التوبة :الية / ) . ( . 29صفحة / 663
الحكام الت تري على أهل الذمة :وترى أحكام السلم على أهل الذمة ف ناحيتي :
( الناحية الول ) العاملت الالية ،فل يوز لم أن يتصرفوا تصرفا ل يتفق مع تعاليم
السلم ،كعقد الربا ،وغيه من العقود الحرمة ( .الناحية الثانية ) العقوبات القررة :
فيقتص منهم ،وتقام الدود عليهم مت فعلواما يوجب ذلك .وقد ثبت أن النب صلى ال
عليه وسلم رجم يهوديي زنيا بعد إحصانما .أما ما يتصل بالشعائر الدينية من عقائد
وعبادات وما يتصل بالسرى من
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 663
زواج وطلق ،فلهم فيها الرية الطلقة ،تبعا للقاعدة الفقهية القررة " :اتركوهم وما
يدينون " .وإن تاكموا إلينا فلنا أن نكم لم بقتضى السلم ،أو نرفض ذلك .يقول
ال تعال . . . " :فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن
يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن ال يب القسطي " ( . ) 1هذا ما
يتعلق بالشرط الول ،وأما شرط الزية فنذكره فيما يلي ( .هامش ) ( ) 1سورة
الائدة :الية / ) . ( . 42صفحة / 664الزية تعريفها :الزية مشتقة من الزاء ،
480
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
وهي " :مبلغ من الال يوضع على من دخل ف ذمة السلمي وعهدهم من أهل الكتاب "
.الصل ف مشروعيتها :والصل ف مشروعيتها قول ال تعال " :قاتلوا الذين ل يؤمنون
بال ول باليوم الخر ول يرمون ما حرم ال ورسوله ول يدينون دين الق من الذين
أوتوا الكتاب حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " ( ) 1روى البخاري والترمذي
عن عبد الرحن بن عوف .أن النب صلى ال عليه وسلم أخذ الزية من موس هجر ( 2
) .وروى الترمذي أن النب صلى ال عليه وسلم أخذها من موس البحرين ،وأخذها
عمر رضي ال عنه من فارس ،وأخذها عثمان من الفرس أو الببر .حكمة مشروعيتها :
وقد فرض السلم الزية على الذميي ف مقابل فرض الزكاة على السلمي ،حت
يتساوى الفريقان ،لن السلمي والذميي يستظلون براية واحدة ،ويتمتعون بميع
القوق وينتفعون برافق الدولة بنسبة واحدة ،ولذلك أوجب ال الزية للمسلمي نظي
قيامهم بالدفاع عن الذميي وحايتهم ف البلد السلمية الت يقيمون فيها :ولذا تب -
بعد دفعها -حايتهم والحافظة عليهم ،ودفع من قصدهم بأذى ( .هامش ) ( ) 1
سورة التوبة :الية ) 2 ( . 29هجر :بلد ف جزيرة العرب / ) . ( .صفحة / 665
من تؤخذ منهم :وتؤخذ الزية من كل المم ،سواء أكانوا كتابيي أم موسا أم
غيهم ،وسواء أكانوا عربا أم عجما ( ) 1وقد ثبت بالقرآن الكري أنا تؤخذ من
الكتابيي كما ثبت بالسنة أنا تؤخذ من الجوس ،ومن عداهم يلحق بم .قال ابن القيم
" :لن الجوس أهل شرك لكتاب لم .فأخذها منهم دليل على أخذها من جيع
الشركي ،وإنا ل يأخذها صلى ال عليه وسلم من عبدة الوثان من العرب ،لنم
أسلموا كلهم قبل نزول آية الزية ،فإنا إنا نزلت بعد غزوة تبوك ،وكان رسول ال
صلى ال عليه وسلم قد فرغ من قتال العرب ،واستوثقت كلها له بالسلم .ولذا ل
يأخذها من اليهود الذين حاربوه ،لنا ل تكن نزلت بعد ،فلما نزلت أخذها من
نصارى العرب ،ومن الجوس ،ولو بقي حينئذ أحد من عبدة الوثان بذلا لقبلها منه ،
كما قبلها من عبدة الصلبان والوثان والنيان .ولفرق ول تأثي لتغليظ كفر بعض
الطوائف على بعض ،ث إن كفر عبدة الوثان ليس أغلظ من كفر الجوس ،وأي فرق
بي عبدة الوثان والنيان ،بل كفر الجوس أغلظ ،وعباد الوثان كانوا يقرون بتوحيد
481
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الربوبية ،وأنه لخالق إل ال ،وأنم انا يعبدون آلتهم لتقربم إل ال سبحانه وتعال .
ول يكونوا يقرون بصانعي للعال ،أحدها خالق للخي .والخر للشر ،كما تقول
الجوس ،ول يكونوا يستحلون نكاح المهات والبنات والخوات .وكانوا على بقايا
من دين إبراهيم صلوات ال وسلمه عليه ،وأما الجوس فلم يكونوا على كتاب أصل ،
ولدانوا بدين أحد من النبياء ،لف عقائدهم ،ول ف شرائعهم .والثر الذي فيه أنه
كان لم كتاب فرفع ورفعت شريعتهم لا وقع ( هامش ) ( ) 1وهذا مذهب مالك
والوزاعي وفقهاء الشام .وقال الشافعي رضي ال عنه :تقبل من أهل الكتاب عربا
كانوا أم عجما ويلحق بم الجوس ولتقبل من عبدة الوثان على الطلق .وقال أبو
حنيفة رضي ال عنه :ل يقبل من العرب إل السلم أو السيف / ) . ( .صفحة 666
/ملكهم على ابنته ،ل يصح ألبتة ،ولو صح ل يكونوا بذلك من أهل الكتاب ،فإن
كتابم رفع وشريعتهم بطلت ،فلم يبقوا على شئ منها .ومعلوم أن العرب كانوا على
دين إبراهيم عليه الصلة والسلم ،وكان له صحف وشريعة ،وليس تغيي عبدة الوثان
لدين إبراهيم عليه الصلة والسلم وشريعته بأعظم من تغيي الجوس لدين نبيهم وكتابم
لو صح ،فإنه ليعرف عنهم التمسك بشئ من شرائع النبياء عليهم الصلة والسلم ،
بلف العرب ،فكيف يعل الجوس الذين دينهم أقبح الديان ،أحسن حال من
مشركي العرب ؟ وهذا القول أصح ف الدليل كما ترى " .شروط أخذها :وقد روعي
ف أخذها :الرية والعدل والرحة .ولذا اشترط فيمن تؤخذ منهم - 1 :الذكورة 2 .
-التكليف - 3 .الرية .لقوله تعال " :قاتلوا الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر
ول يرمون ما حرم ال ورسوله ول دينون دين الق من الذين أوتوا
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 666
الكتاب حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " ( . ) 1أي عن قدرة وغن ،فلتب
على امرأة ،ولصب ،ولعبد ،ول منون .كما أنا ل تب على مسكي يتصدق
عليه ،ول على من ل قدرة له على العمل ،ول على العمى ،أو القعد ،وغيهم من
ذوي العاهات ،ول على الترهبي ف الديرة إل إذا كان غنيا من الغنياء .قال مالك
482
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رضي ال عنه " :قضت السنة أن ل جزية على نساء أهل الكتاب ول على صبيانم ،
وأن الزية ل تؤخذ إلمن الرجال الذين قد بلغوا اللم " .وروى أسلم :أن عمر رضي
ال عنه ،كتب إل امراء الجناد " :ل ( هامش ) ( ) 1سورة التوبة :الية . 29
( / ) .صفحة / 667تضربوا الزية على النساء والصبيان ،ولتضربوها إلعلى من
جرت عليه الواسي " ( . ) 1والجنون حكمه حكم الصب .قدرها :روى أصحاب
السنن عن معاذ رضي ال عنه ،أن النب صلى ال عليه وسلم لا وجهه إل اليمن ،أمره
أن يأخذ من كل حال دينارا أو عدله من العافرة ( . ) 2ث زاد فيها عمر رضي ال
عنه ،فجعلها أربعة دناني على أهل الذهب ،وأربعي درها على أهل الورق ف كل سنة
( . ) 3فرسول ال صلى ال عليه وسلم علم بضعف أهل اليمن ،وعمر رضي ال عنه ،
علم بغن أهل الشام وقوتم .وروى البخاري أنه قيل لجاهد " :ما شأن الشام عليهم
أربعة دناني ،وأهل اليمن عليهم دينار ؟ قال :جعل ذلك من قبل اليسار " .وبذا أخذ
أبو حنيفة رضي ال عنه ،ورواية عن أحد ،فقال " :إن على الوسر ثانية وأربعي درها
،وعلى التوسط أربعة وعشرين درها ،وعلى الفقي اثن عشر درها ،فجعلها مقدرة
القل والكثر " .وذهب الشافعي ،ورواية عن أحد :إل أنا مقدرة القل فقط ،وهو
دينار ،وأما الكثر فغي مقدر ،وهو موكول إل اجتهاد الولة .وقال مالك ،وإحدى
الروايات عن أحد ،وهذا هو الراجح " :إنه ل حد لقلها وللكثرها ،والمر فيها
موكول إل اجتهاد ولة المر ،ليقدروا على كل شخص ما يناسب حاله " " .ول
ينبغي أن يكلف أحد فوق طاقته " .الزيادة على الزية :ويوز اشتراط الزيادة على
الزية ضيافة من ير بم للمسلمي ( .هامش ) ( ) 1وهذا كناية على أنا ل تب
إلعلى الرجل ،وذلك إذا نبت شعره ) 2 ( .العافرة :ثياب باليمن وهي مأخوذة من
معافرة ،وهو حي من هدان ) 3 ( .الورق :الفضة / ) . ( .صفحة / 668فقد
روى الحنف بن قيس :أن عمر رضي ال عنه شرط على أهل الذمة " ضيافة يوم وليلة ،
وأن يصلحوا القناطر ،وإن قتل رجل من السلمي بأرضهم فعليهم ديته .رواه أحد .
وروى أسلم ،أن أهل الزية من أهل الشام أتوا عمر رضي ال عنه ،فقالوا " :إن
السلمي إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج ف ضيافتهم .فقال رضي ال عنه " :
483
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
أطعموهم ما تأكلون ،ول تزيدوهم على ذلك " .عدم أخذ ما يشق على أهل الكتاب
وغيهم :وقد أمر الرسول صلى ال عليه وسلم بالرفق بأهل الكتاب وعدم تكليفهم فوق
ما يطيقون .روي عن ابن عمر رضي ال عنهما " :كان آخر ما تكلم به النب صلى ال
عليه وسلم أن قال " :احفظون ف ذمت " .وجاء ف الديث " :من ظلم معاهدا أو
كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه " .وروي عن ابن عباس رضي ال عنهما " :ليس ف
أموال أهل الذمة إل العفو " .سقوطها عمن أسلم :وتسقط الزية عمن أسلم لديث
ابن عباس مرفوعا " :ليس على السلم جزية " .رواه أحد وأبو داود .وروى أبو عبيدة
:أي يهوديا أسلم فطولب بالزية ،وقيل :إنا أسلمت تعوذا .قال " :إن ف السلم
معاذا " .فرفع إل عمر رضي ال عنه فقال " :إن ف السلم معاذا " .وكتب أل تؤخذ
منه الزية .عقد الذمة للمواطني وللمستقلي وكما يوز هذا العقد لن يريد أن يعيش مع
السلمي وتت ظلل السلم فإنه يوز للمستقلي ف أماكنهم ،بعيد عن السلمي / .
صفحة / 669فقد عقد رسول ال صلى ال عليه وسلم مع نصارى نران عقدا ،مع
بقائهم ف أماكنهم ،وإقامتهم ف ديارهم ،دون أن يكون معهم أحد من لسلمي .وقد
تضمن هذا العهد :حايتهم ،والفاظ على حريتهم الشخصية ،والدينية ،وإقامة العدل
بينهم ،والنتصاف من الظال .وقام اللفاء من بعده على تنفيذه حت عهد هارون
الرشيد ،فأراد أن ينقضه ،فمنعه ممد بن السن صاحب المام أب حنيفة ،وهذا هو
نص العقد " :لنجران وحاشيتها جوار ال ،وذمة ممد النب رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،على ما تت أيديهم من قليل أو كثي ،ل يغي أسقف من أسقفيته ،اول راهب
من رهبانيته ،ول كاهن من كهانته ،وليس عليه دنية ،أي ل يعامل معاملة الضعيف ،
ول دم جاهلية ،ول يسرون ول يعسرون ،ول يطأ أرضهم جيش ،ومن سأل منهم
حقا فبينهم النصف ،غي ظالي ولمظلومي ،ومن أكل ربا ( ) 1من ذي قبل ،أي ف
الستقبل ،فذمت منه بريئة ،ول يؤخذ
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 669
484
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
رجل منهم بظلم آخر ،وعلى ما ف هذا الكتاب جوار ال ،وذمة ممد النب المي
رسول ال أبدا ،حت يأت ال بأمره " فإذا أراد أحد الرؤساء استغلل العاهدة لسابه ،
وظلم شعبه ،منع من ذلك .جاء ف البسوط للسرخسي " :وإذا طلب ملك الذمة أن
يترك يكم ف أهل ملكته با شاء ،من :قتل ،أو صلب ،أو غيه ما ل يصح ف دار
السلم ،ل يب إل ذلك ،لن التقرير على الظلم مع إمكان النع حرام ،ولن الذمي
من يلتزم أحكام السلم فيما يرجع إل العاملت ،فشرطه بلف موجب عقد الذمة
باطل ،فإن أعطى الصلح والذمة على هذا بطل من شروطه مال يصح ف السلم ،لقوله
صلى ال عليه وسلم " :كل شرط ليس ف كتاب ال باطل " ( .هامش ) ( ) 1قال
ابن القيم :ف هذا دليل على انتقاض عهد الذمة بإحداث الدث وأكل الربا إذا كان
مشروطا عليهم / ) . ( .صفحة / 670ب ينقض العهد ؟ :وينقض عهد الذمة
بالمتناع عن الزية ،أو إباء التزام حكم السلم ،إذا حكم حاكم به ،أو تعدى على
مسلم بقتل ،أو بفتنته عن دينه ،أو زنا بسلمة ،أو أصابا بزواج ،أو عمل عمل قوم
لوط ،أو قطع الطريق ،أو تسس ،أو آوى الساوس ،أو ذكر ال أو رسوله ،أو
كتابه ،أو دينه بسوء ،فإن هذا ضرريعم السلمي ف أنفسهم ،وأعراضهم ،وأموالم ،
وأخلقهم ،ودينهم .قيل لبن عمر رضي ال عنه " :إن راهبا يشتم النب صلى ال عليه
وسلم ،فقال :لو سعته لقتلته ،إنا ل نعطه المان على هذا " .وكذا إذا لق بدار
الرب ،بلف ما إذا أظهر منكرا ،أو قذف مسلما ،فإن عهده ل ينتقض .وإذا
انتقض عهده ،فإن عهد نسائه وأولده ل ينتقض ،لن النقض حدث منه فيختص به .
موجب النقض :وإذا انتقض عهده كان حكمه حكم السي ،فإن أسلم حرم قتله ،لن
السلم يب ما قبله .دخول غي السلمي الساجد وبلد السلم اختلف الفقهاء ف
دخول غي السلمي من الكفار السجد الرام وغيه من الساجد وبلد السلم .وجلة
بلد السلم ف حق الكفار ثلثة أقسام ( :القسم الول ) الرم ،فل يوز لكافر أن
يدخله بال ذميا كان أو مستأمنا ،لظاهر قول ال سبحانه وتعال " :يأيها الذين آمنوا
إنا الشركون نس فل يقربوا السجد الرام بعد عامهم هذا " ( . ) 1وبه قال
الشافعي ،وأحد ،ومالك ( .هامش ) ( ) 1سورة التوبة :الية / ) . ( . 28صفحة
485
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
/ 671فلو جاء رسول من دار الكفر والمام ف الرم فل يأذن له ف دخول الرم ،بل
يرج إليه بنفسه ،أو يبعث إليه من يسمع رسالته خارج الرم .وجوز أبو حنيفة وأهل
الكوفة للمعاهد دخول الرم ( . ) 1ويقيم فيه مقام السافر ول يستوطنه .ويوز عنده
دخول الواحد منهم الكعبة أيضا ( .القسم الثان ) من بلد السلم :الجاز ،وحده ما
بي اليمامة ،واليمن ،وند ،والدينة الشريفة ،قيل نصفها تامي ،ونصفها حجازي ،
وقيل كلها حجازي ( . ) 2وقال الكلب :حد الجاز :ما بي جبلي طئ وطريق
العراق ،سي حجازألنه حجز بي تامة وند ،وقيل :لنه حجز بي ند والسراة ،
وقيل لنه حجز بي ند وتامة والشام .قال الرب :وتبوك من الجاز ،فيجوز للكفار
دخول أرض الجاز بالذن ،ولكن ل يقيمون با أكثر من مقام السافر وهو ثلثة أيام .
وقال أبو حنيفة :ل ينعون من استيطانا والقامة با .وحجة المهور ماروى مسلم ،
عن ابن عمر ،أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :لخرجن اليهود
والنصارى من جزيرة العرب فل أترك فيها إل مسلما " .زاد ف رواية لغي مسلم :
وأوصى فقال " :أخرجوا الشركي من جزيرة العرب " .فلم يتفرغ لذلك أبو بكر ،
وأجلهم عم ف خلفته ،وأجل لن يقدم تاجرا ثلثا .وعن ابن شهاب :أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم قال " :ل يتمع دينان ف جزيرة العرب " .أخرجه مالك ف الوطأ
مرسل ( .هامش ) ( ) 1يعن بإذن المام أن الليفة أو نائبه ف الكم ) 2 ( .وهو
الصحيح ف عرف السلم ،وأما اللف فهو ف شكل البلد الذي سي الجاز لجله
حجازا وند ندا / ) . ( .صفحة / 672وروى مسلم عن جابر قال :سعت رسول
ال صلى ال عليه وسلم يقول " :إن الشيطان قد يئس أن يعبده الصلون ف جزيرة العرب
،ولكن ف التحريش بينهم " .قال سعيد بن عبد العزيز :جزيرة العرب ما بي الوادي
إل أقصى اليمن إل توم العراق ،إل البحر .وقال غيه :حد جزيرة العرب من أقصى (
عدن أبي ) إل ريف العراق ف الطول ،ومن جدة وما والها من ساحل البحر إل
أطراف الشام عرضا ( .القسم الثالث ) سائر بلد السلم ،فيجوز للكافر أن يقيم فيها
بعهد وأما وذمة ،ولكن ل يدخلون الساجد إل بإذن مسلم عند الشافعي .وقال أبو
486
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حنيفة :يوز دخولا لم من غي إذن .وقال مالك وأحد :ل يوز لم الدخول بال .
/صفحة / 673
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 673
الغنائم تعريفها :الغنائم :جع غنيمة ،وهي ف اللغة ما يناله النسان بسعي ،يقول
الشاعر :وقد طوفت ف الفاق حت -رضيت من الغنيمة بالياب وف الشرع :هي الال
الأخوذ من أعداء السلم عن طريق الرب والقتال ،وتشمل النواع التية - 1 :
الموال النقولة - 2 .السرى - 3 .الرض .وتسمى النفال -جع نفل -لنا
زيادة ف أموال السلمي ،وكانت قبائل العرب ف الاهلية قبل السلم إذا حاربت
وانتصر بعضها على بعض أخذت الغنيمة ووزعتها على الحاربي ،وجعلت منها نصيبا
كبيا للرئيس :أشار إليه أحد الشعراء فقال :لك الرباع ( ) 1منها والصفايا ( ) 2
وحكمك والنشيطة ( ) 3والفضول ( ) 4إحللا لذه المة دون غيها :وقد أحل ال
الغنائم لذه المة :فيشد ال سبحانه إل حل أخذ هذه الموال بقوله " :فكلوا ما
غنمتم حلل طيبا واتقوا ال إن ال غفور ريم " ( ( . ) 5هامش ) ( ) 1الرباع :ربع
الغنيمة ) 2 ( .الصفايا :ما يستحسنه الرئيس ويصطفيه لنفسه ) 3 ( .النشيطة :ما يقع
ف أيدي القاتلي قبل الوقعة ) 4 ( .الفضول :ما يفضل بعد القسمة ) 5 ( .سورة
النفال :الية / ) . ( . 69صفحة / 674ويشي الديث الصحيح إل أن هذا خاص
بالمة السلمة ،فإن المم السابقة ل يكن يل لا شئ من ذلك .روى البخاري ومسلم
عن جابر بن عبد ال :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :أعطيت خسا ل
يعطهن نب قبلي :نصرت بالرعب مسية شهر .وجعلت ل الرض مسجدا وطهورا ،
فأيا رجل من أمت أدركته الصلة ،فليصل .وأحلت ل الغنائم ،ول تل لحد قبلي .
وأعطيت الشفاعة .وبعثت إل الناس عامة " .وسبب ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن
أب هريرة رضي ال عنه :أن النب صلى ال عليه وسلم قال " فلم تل الغنائم لحد من
قبلنا .ذلك لن ال تبارك وتعال رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا " .أي أحلها لنا .
مصرفها :كان أول صدام مسلح بي الرسول صلى ال عليه وسلم وبي الشركي يوم
487
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
السابع عشر من رمضان من السنة الثانية من الجرة ف بدر ،وقد انتهى هذا الصدام
بالنصر الؤزر والفوز العظيم للنب صلى ال عليه وسلم والسلمي ،ولول مرة منذ البعثة
يشعر السلمون بلوة النصر ،ويكنهم ال من أعدائهم الذين اضطهدوهم طيلة خسة
عشر عاما ،والذين أخرجوهم من ديارهم وأموالم بغي حق إل أن يقولوا " :ربنا ال "
.وقد ترك الشركون النهزمون وراءهم أموال طائلة فجمعها النتصرون من السلمي ،ث
اختلفوا بينهم ،فيمن تكون له هذه الموال ؟ أتكون للذين خرجوا ف إثر العدو ؟ أو
تكون للذين أحاطوا برسول ال صلى ال عليه وسلم وحوه من العدو ؟ /صفحة 675
/فأرشد القرآن الكري إل أن حكمها يرجع إل ال وإل رسوله صلى ال عليه وسلم .
ففي الية الول من سورة النفال يقول ال سبحانه وتعال " :يسألونك عن النفال ،
قل النفال ل والرسول " .كيفية تقسيم الغنائم :وقد بي ال سبحانه وتعال كيفية
تقسيم الغنائم ،فقال " :واعلموا أنا غنمتم ( ) 1من شئ فإن ل خسه وللرسول ولذي
القرب واليتامى والساكي وابن السبيل ( ) 2إن كنتم آمنتم بال وما أنزلنا على عبدنا
يوم الفرقان يوم التقى المعان وال على كل شئ قدير " ( . ) 3فالية الكرية نصت
على المس يصرف على الصارف الت ذكرها ال سبحانه وتعال ،وهي :ال ورسوله ،
وذو القرب ،واليتامى ،والساكي ،وابن السبيل ،وذكر ال هنا تبكا .فسهم ال
ورسوله مصرفه مصرف الفئ ،فينفق منه على الفقراء ،وف السلح ،والهاد ،ونو
ذلك من الصال العامة .روى أبو داود ،والنسائي ،عن عمرو بن عبسة قال " :صلى
بنا رسول ال صلى ال عليه وسلم إل بعي من الغنم ،ولا سلم أخذ وبرة من جنب البعي
،ث قال " :ل يل ل من غنائكم مثل هذا إل المس ،والمس مردود فيكم " .أي
ينفق منه على الفقراء ،وف السلح ،والهاد ( .هامش ) ( ) 1غنمتم :أي أخذتوه
من الكفار بواسطة الرب وهو ليس على عمومه وإنا دخله التخصيص لن سلم القتول
لقاتله -والاكم مي ف السارى والرض .ويكون العن إنا غنمتم من الذهب والفضة
وغيها من المتعة والسب ) 2 ( .الساكي :الفقراء .وابن السبيل :السافر النقطع عن
بلده ) 3 ( .سورة النفال :الية / ) . ( . 41صفحة / 676أما نفقات الرسول
صلى ال عليه وسلم ،فكانت ما أفاء ال عليه من أموال بن النضي .روى مسلم عن
488
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عمر ،قال " :كانت أموال بن النضي ما أفاء ال على رسوله ما ل يوجف عليه
السلمون بيل ولركاب .فكانت للنب صلى ال عليه وسلم خاصة .فكان ينفق على
أهله نفقة سنة ،وما بقي جعله ف الكراع ( ) 1والسلح عدة ف سبيل ال .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 676
وسهم ذي القرب :أي أقرباء النب صلى ال عليه وسلم وهم بنو هاشم ،وبنو الطلب ،
الذين آزروا النب صلى ال عليه وسلم وناصروه ،دون أقربائه الذين خذلوه وعاندوه .
روى البخاري وأحد عن جبي بن مطعم ،قال :لا كان يوم خيب ،قسم رسول ال
صلى ال عليه وسلم سهم ذوي القرب بي بن هاشم وبن الطلب .فأتيت أنا وعثمان بن
عفان ،فقلنا :يا رسول ال :أما بنو هاشم فل ننكر فضلهم ،لكانك الذي وضعك ال
به منهم ،فما بال إخواننا من بن الطلب ،أعطيتهم وتركتنا ،وإنا نن وهم منك بنلة
واحدة ،فقال " :إنم ل يفارقون ف جاهلية ول إسلم .وإنا بنو هاشم وبنو الطلب
شئ واحد " .وشبك بي أصابعه " ويأخذ منهم الغن ( ) 2والفقي والقريب والبعيد ،
والذكر والنثى " للذكر مثل حظ النثيي ( . " ) 3وهذا مذهب الشافعي ،وأحد .
وروي عن ابن عباس ،وزين العابدين ،والباقر :أنه يسوى ف العطاء بي غنيهم وفقيهم
،ذكورهم وإناثهم ،صغارهم وكبارهم ،لن اسم القرابة يشملهم ،ولنم عوضوه لا
حرمت عليهم الزكاة ،ولن ال جعل ذلك لم ،وقسمه الرسول صلى ال عليه وسلم
لم ،وليس ف الديث أنه فضل بعضهم على البعض ( .هامش ) ( ) 1الكراع :اليل
) 2 ( .قال أبو حنيفة :يعطون لفقرهم إذا كانوا فقراء ،وقال الشافعي :يعطون
لقرابتهم من الرسول صلى ال عليه وسلم ) 3 ( .سورة النساء :الية / ) . ( . 11
صفحة / 677واعتب الشافعي أن سهمهم استحق بالقرابة فأشبه الياث .وقد كان النب
صلى ال عليه وسلم يعطي عمه العباس وهو غن -ويعطي عمته صفية .وأما سهم
اليتامى ،وهم أطفال السلمي ،فقيل :يتص به الفقراء وقيل :يعم الغنياء والفقراء ،
لنم ضعفاء وإن كانوا أغنياء .روى البيهقي بإسناد صحيح ،عن عبد ال بن شقيق عن
رجل قال :أتيت النب صلى ال عليه وسلم وهو بوادي القرى ،وهو معترض فرسا ،
489
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فقلت :يا رسول ال ما تقول ف الغنيمة ؟ قال " :ل خسها ،وأربعة أخاسها للجيش .
" قلت :فما أحد أول به من أحد ؟ قال " :ل ،ول السهم تستخرجه من جيبك ،ليس
أنت أحق به من أخيك السلم " .وف الديث " :وأيا قرية عصت ال ورسوله ،فإن
خسها ل ورسوله ث هي لكم " .وأما الربعة الخاس الباقية ،فتعطى للجيش .ويتص
با :الذكور ،الحرار ،البالغون ،العقلء .أما النساء ،والعبيد ،والصغار ،
والجاني ،فإنه ل يسهم لم .لن الذكورة ،والرية ،والبلوغ ،والعقل ،شرط ف
السهام .ويستوي ف العطاء القوي ،والضعيف ،ومن قاتل ،ومن ل يقاتل .روى
أحد ،عن سعد بن مالك ،قال " :قلت :يا رسول ال ،الرجل يكون حامية القوم ،
ويكون سهمه وسهم غيه سواء ؟ قال :ثكلتك أمك ابن أم سعد ،وهل ترزقون
وتنصرون إل بضعفائكم " .وف كتاب حجة ال البالغة " :ومن بعثه المي لصلحة
اليش ،كالبيد ،والطليعة ،والاسوس .يسهم له وإن ل يضر الواقعة ،كما كان
لعثمان يوم بدر ،فقد تغيب عنها /صفحة / 678بأمر رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،من أجل مرض زوجته ،رقية بنت الرسول صلى ال عليه وسلم .فقال له النب
صلى ال عليه وسلم " :إن لك أجر رجل من شهد بدرا وسهمه " .رواه البخاري عن
ابن عمر رضي ال عنهما .وتقسم الغنيمة على أساس أن يكون للراجل سهم ،وللفارس
ثلثة :وقد جاءت الحاديث الصحيحة الصرية بأن النب صلى ال عليه وسلم :كان
يسهم للفارس وفرسه ثلثة أسهم ،وللراجل ( ) 1سهما .وإنا كان ذلك كذلك لزيادة
مئونة الفرس واحتياجه إل سايس " وقد يكون تأثي الفارس بالفرس ( ) 2ف الرب
ثلثة أصعاف تأثي الراجل ( . ) 3ول يسهم لغي اليل ،لنه ل ينقل عنه صلى ال عليه
وسلم أنه أسهم لغي اليل ،وكان معه سبعون بعيا يوم بدر ،ول تل غزوة من غزواته
من البل وهي غالب دوابم ،ولو أسهم لا لنقل الينا ،وكذلك أصحابه من بعده ل
يسهموا للبل .ول يسهم لكثر من فرس واحد ،لن النب صلى ال عليه وسلم ل يرو
عنه ول عن أصحابه أنم أسهموا لكثر من فرس ،ولن العدو ل يقاتل إل على فرس
واحد .وقال أبو حنيفة رضي ال عنه " :يسهم لكثر من فرس واحد ،لنه أكثر غناء
وأعظم منفعة .ويعطى الفرس الستعار والستأجر ،وكذلك الغصوب وسهمه لصاحبه .
490
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
النفل من الغنيمة :يوز للمام أن يزيد بعض القاتلي عن نصيبه بقدار الثلث ،أو الربع .
( هامش ) ( ) 1للراجل :الجاهد على رجليه ) 2 ( .الفارس بالفرس يرى أبو حنيفة
رضي ال عنه :ان للفارس سهمي وللراجل سهما ،وهذا مالف للسنة الصحيحة 3 ( .
) يرى بعض العلماء التسوية بي الفرس العرب والجي .ويسمى البذون والكديش .
ويرى البعض الخر أنه ل يسوى بينهما .فإذا ل يكن الفرس عربيا ،فإنه ل يسهم له ،
وأنه ف
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 678
هذه الال يكون مثل المل ف عدم السهام له / ) . ( .صفحة / 679وأن تكون هذه
الزيادة من الغنيمة نفسها ،إذا أظهر من النكاية ف العدو ما يستحق به هذه الزيادة ،
وهذا مذهب أحد وأبو عبيد ( . ) 1وحجة ذلك ،حديث حبيب بن مسلمة ،أن
رسول ال صلى ال عليه وسلم :كان ينفل الربع من السرايا بعد المس ف البداءة ،
وينفلهم الثلث بعد المس ف الرجعة " .رواه أبو داود ،والترمذي .وجع لسلمة بن
الكوع ف بعض مغازيه بي سهم الراجل والفارس ،فأعطاه خسة أسهم لعظم عنائه ف
تلك الغزوة .السلب للقاتل :السلب هو ما وجد على القتول من السلح وعدة
الرب ،وكذلك ما يتزين به للحرب .أما ما كان معه من جواهر ونقود ونوها ،فليس
من السلب ،وإنا هو غنيمة .وأحيانا يرغب القائد ف القتال ،فيغري القاتلي بأخذ
سلب القتولي ،وإيثارهم به دون بقية اليش .وقد قضى رسول ال صلى ال عليه وسلم
ف السبل للقاتل ،ول يمسه .رواه أبو داود عن عوف بن مالك الشجعي .وخالد بن
الوليد .وروى ابن أب شيبة عن أنس بن مالك :أن الباء بن مالك مر على مرزبان يوم
الدارة ،فطعنه طعنة على قربوص سرجه فقتله ،فبلغ سلبه ثلثي ألفا ،فبلغ ذلك عمر بن
الطاب رضي ال عنه ،فقال لب طلحة " :إنا كنا ل نمس السلب ،وإن سلب الباء
قد بلغ مال كثيا .ول أران إل خسته " .قال :قال ابن سيين :فحدثن أنس بن
مالك :إنه أول سلب خس ف السلم ( .هامش ) ( ) 1يرى مالك :أن النفل يكون
من المس الواجب لبيت الال .وقال الشافعي :يكون من خس المس ،وهو نصيب
491
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
المام / ) . ( .صفحة / 680عن سلمة بن الكوع .قال :أتى النب صلى ال عليه
وسلم عي ( ) 1من الشركي ،وهو ف سفر ،فجلس مع أصحابه يتحدث ،ث انفتل ،
فقال النب صلى ال عليه وسلم " :اطلبوه ،فاقتلوه " ،قال :فقتلته ،فنفلن سلبه .من
ل سهم له ف الغنيمة :تقدم أن شرط السهام ف الغنيمة :البلوغ ،والعقل ،والذكورة ،
والرية .فمن ل يكن مستوفيا لذه الشروط فل سهم له ف الغنيمة ،وإن كان له أن
يأخذ منها دون السهم .قال سعيد بن السيب :كان الصبيان والعبيد يذون من الغنيمة
إذا حضروا الغزو ف صدر هذه المة .وروى أبو داود ،عن عمي قال :شهدت خيب
مع سادت ،فكلموا ف رسول ال صلى ال عليه وسلم .فأخب أن ملوك ،فأمر ب من
خرثى التاع :أي أردأه .وف حديث ابن عباس :أنه سئل عن الرأة والعبد هل كان لما
سهم معلوم إذا حضر الناس ؟ فأجاب :انه ل يكن لما سهم معلوم ،إل أنه يذيا ( ) 2
من غنائم القوم .وعن أم عطية ،قالت :كنا نغزو مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
فنداوي الرحى ،ونرض الرضى :وكان يرضخ لنا من الغنيمة .وأخرج الترمذي عن
الوزاعي مرسل ،قال :أسهم النب صلى ال عليه وسلم الصبيان بيب .والقصود
بالسهام هنا الرضخ .وعن يزيد بن هرمز :أن ندة الروري كتب إل ابن عباس رضي
ال عنهما ،يسأله عن خس خلل أما بعد :فأخبن " :هل كان النب صلى ال عليه
وسلم يغزو بالنساء ؟ ( هامش ) ( ) 1جاسوس ) 2 ( .يذيا :يعطيا / ) . ( .صفحة
/ 681وهل كان يضرب لن بسهم ؟ وهل كان يقتل الصبيان ؟ ومت ينقضي يتم
اليتيم ؟ وعن المس لن هو ؟ " فقال ابن عباس :لول أن أكتم علما ما كتبت إليه .ث
كتب إليه ،فقال " :كتبت تسألن :هل كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يغزو
بالنساء ؟ وقد كان يغزو بن ،فيداوين الرحى ،ويذين ( ) 1من الغنيمة ،وأما يسهم
،فل .ول يكن النب صلى ال عليه وسلم يقتل الصبيان ،وأنت لتقتلهم .وكتبت
تسألن :مت ينقضي يتم اليتيم ؟ فلعمري ،إن الرجل لتنبت ليته ،وإنه لضعيف الخذ
لنفسه ،ضعيف الوكاء منها ،فإذا أخذ لنفسه من صال ما يأخذ الناس ،فقد ذهب عنه
اليتم .وكتبت تسألن :عن المس لن هو ؟ وإنا كنا نقول :هو لنا ،فأب علينا قومنا
ذاك " .رواه المسة إل البخاري .الجراء وغي السلمي ل يسهم لم :وكذلك ل
492
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
حق للجراء الذين يصحبون اليش للمعاش ف الغنيمة ،وإن قاتلوا ،لنم ل يقصدوا
قتال ،ول خرجوا ماهدين ،ويدخل فيهم اليوش الديثة ،فإنا صناعة وحرفة .وأما
غي السلمي من الذميي ،فقد اختلفت فيهم أنظار الفقهاء فيما إذا استعي بم ف الرب
،وقاتلوا مع السلمي .فقالت الحناف ،وهو مروي عن الشافعي رضي ال عنه :
يرضخ ( ) 2لم ،ول يسهم لم ( .هامش ) ( ) 1يذين :يعطي ،والذوة :العطية
) 2 ( .يرضخ لم :يعطون عطاء قليل / ) . ( .صفحة / 682ومروي عن الشافعي
أيضا :يستأجرهم المام من مال ل مالك له بعينه ،فإن ل يفعل أعطاهم سهم النب صلى
ال عليه وسلم .وقال الثوري والوزاعي :يسهم لم .الغلول تري الغلول :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 682
يرم الغلول ،وهو السرقة من الغنيمة ،إذ أن الغلول يكسر قلوب السلمي ،ويسبب
اختلف كلمتهم ،ويشغلهم بالنتهاب عن القتال ،وكل ذلك يفضي إل الزية ،ولذا
كان الغلول من كبائر الث بإجاع السلمي .يقول ال تعال " :وما كان لنب أن يغل
ومن يغلل يأت با غل يوم القيامة " ) 1 ( .وقد أمر النب صلى ال عليه وسلم بعقوبة
الغال وحرق متاعه وضربه ،زجرا للناس وكبحا لم أن يفعلوا مثل ذلك .فقد روى أبو
داود ،والترمذي ،عن عمر رضي ال عنه ،عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إذا
وجدت الرجل قد غل فاحرقوا متاعه واضربوه " .قال :فوجدنا ف متاعه مصحفا ،
فسألنا سالا عنه ؟ فقال :بعه وتصدق بثمنه .وعن عمرو بن شعيب ،عن أبيه عن جده
:أن النب صلى ال عليه وسلم وأبا بكر ،وعمر ،حرقوا متاع الغال وضربوه .وقد
رويت أحاديث أخرى عن النب صلى ال عليه وسلم :أنه ل يأمر برق متاع الغال ،ول
ضربه ،ففهم من هذا ان للحاكم أن يتصرف حسب ما يرى من الصلحة ،فإن كانت
الصلحة تقتضي التحريق والضرب حرق ( هامش ) ( ) 1سورة آل عمران :الية 161
/ ) . ( .صفحة / 683وضرب ،وإن كانت الصلحة غي ذلك فعل ما فيه الصلحة .
وروى البخاري عن عبد ال بن عمرو قال :كان على ثقل ( ) 1النب صلى ال عليه
وسلم رجل يقال له كركرة ،فمات ،فقال النب صلى ال عليه وسلم " :هو ف النار " ،
493
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فذهبوا ينظرون إليه ،فوجدوا عباءة قد غلها .وروى أبو داود " :أن رجل مات يوم
خيب من الصحاب ،فبلغ النب صلى ال عليه وسلم ،فقال " :صلوا على صاحبكم "
فتغيت وجوه الناس ،فقال " :إن صاحبكم غل ف سبيل ال " ،ففتشوا متاعه ،
فوجدوا خرزا من خرز اليهود ل يساوي درهي .النتفاع بالطعام قبل قسمة الغنائم :
ويستثن من ذلك الطعام ،وعلف الدواب ،فإنه يباح للمقاتلي أن ينتفعوا با ماداموا ف
أرض العدو ،ولو ل تقسم عليهم - 1 .روى البخاري ،ومسلم ،عن عبد ال بن
مغفل ،قال :أصبت جرابا من شحم يوم خيب ،فالتزمته ،فقلت :ل أعطي اليوم أحدا
من هذا شيئا ،فالتفت ،فإذا رسول ال صلى ال عليه وسلم مبتسم - 2 .وأخرج أبو
داود ،والاكم ،والبيهقي ،عن ابن أب أوف قال " :أصبنا طعام يوم خيب ،وكان
الرجل يئ فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ،ث ينطلق - 3 .وروى البخاري عن ابن عمر
قال :كنا نصيب ف مغازينا العسل والعنب ،فنأكله ول نرفعه .وف بعض رواية الديث
عند أب داود :فلم يؤخذ منهما المس .قال مالك ف الوطأ :ل أرى بأسا أن يأكل
السلمون إذا دخلوا أرض العدو من طعامهم ،ما وجدوا من ذلك كله قبل أن تقع ف
القاسم .وقال :أنا أرى البل والبقر والغنم بنلة الطعام ،يأكل منه السلمون إذا دخلوا
أرض العدو كما يأكلون الطعام ( .هامش ) ( ) 1ثقل :متاع / ) . ( .صفحة 684
/وقال :ولو أن ذلك ل يؤكل حت يضر الناس القاسم ويقسم بينهم أضر ذلك باليوش
.قال :فل أرى بأسا با أكل من ذلك كله على وجه العروف والاجة إليه ،ول أرى
أن يدخر بعد ذلك شيئا يرجع به إل أهله .السلم يد ماله عند العدو يكون له :إذا
استرد القاتلون أموال للمسلمي كانت بأيدي العداء ،فأربابا أحق با ،وليس
للمقاتلي منها شئ ،لنا ليست من الغنائم - 1 .عن ابن عمر أنه غار له فرس ،
فأخذها العدو فظهر عليه السلمون ،فردت عليه ف زمان النب صلى ال عليه وسلم 2 .
-وعن عمران بن حصي قال " :أغار الشركون على سرح الدينة وأخذوا العضباء ،
ناقة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وامرأة من السلمي ،فلما كانت ذات ليلة ،قامت
الرأة ،وقد ناموا ،فجعلت ل تضع يدها على بعي إل أرغى حت أتت العضباء ،فأتت
ناقة ذلول ،فركبتها ،ث توجهت قبل الدينة ،ونذرت لئن ناها ال لتنحرنا ،فلما
494
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قدمت الدينة عرفت الناقة ،فأتوا با رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فأخبته الرأة
بنذرها ،فقال " :بئس ما جزيتها ،ل نذر فيما ل يلك ابن آدم ،ول نذر ف معصية " .
وكذلك إذا أسلم الرب وبيده مال مسلم ،فإنه يرد إل صاحبه .الرب يسلم :إذا أسلم
الرب وهاجر إل دار السلم وترك بدار الرب ولده وزوجته وماله ،فإن هذه تأخذ
حرمة ذرية السلم ،وحرمة ماله ،فإذا غلب السلمون عليها ل تدخل ف نطاق الغنائم ،
لقوله صلى ال عليه وسلم " :فإذا قالوها فقد عصموا من دماءهم وأمولم " / .صفحة
/ 685أسرى الرب أسرى الرب ،وهم من جلة الغنائم ،وهم على قسمي :
( الول ) النساء والصبيان ( .الثان ) الرجال البالغون القاتلون من الكفار إذا ظفر
السلمون بم أحياء .وقد جعل السلم الق للحاكم ف أن يفعل بالرجال القاتلي إذا
ظفر بم ووقعوا أسرى ،ما هو النفع والصلح من الن ،أو الفداء ،أو القتل .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 685
والن :هو إطلق سراحهم مانا .والفداء :قد يكون بالال ،وقد يكون بأسرى
السلمي ،ففي غزوة بدر كان الفداء بالال ،وصح عنه صلى ال عليه وسلم أنه فدى
رجلي من أصحابه برجل من الشركي من بن عقيل .رواه أحد والترمذي وصححه .
يقول ال سبحانه وتعال " :فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حت إذا أثخنتموهم (
) 1فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حت تضع الرب أوزارها " ( . ) 2وروى
مسلم من حديث أنس رضي ال عنه :أن النب صلى ال عليه وسلم ،أطلق سراح الذين
أخذهم أسرى ،وكان عددهم ثاني ،وكانوا قد هبطوا عليه وعلى أصحابه من جبال
التنعيم عند صلة الفجر ليقتلوهم .وف هذا نزل قول ال سبحانه وتعال " :وهو الذي
كف أيدي عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم " ( . ) 3
( هامش ) ( ) 1الثخان :البالغة ف قتل العدو ) 2 ( .سورة ممد :الية ) 3 ( . 4
سورة الفتح :الية / ) . ( . 24صفحة / 686وقال صلى ال عليه وسلم لهل مكة
يوم الفتح " :اذهبوا فأنتم الطلقاء " .على أنه يوز للمام ،مع ذلك ،أن يقتل السي
إذا كانت الصلحة تقتضي قتله ،كما ثبت ذلك عن الرسول صلى ال عليه وسلم ،فقد
495
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قتل النضر ابن الارث ،وعقبة بن معيط ،يوم بدر ،وقتل أبا عزة المحي يوم أحد .
وف هذا يقول ال سبحانه " :ما كان لنب أن يكون له أسرى حت يثخن ف الرض " (
. ) 1ومن ذهب إل هذا جهور العلماء ،فقالوا " :للمام الق ف أحد المور الثلثة
التقدمة " .وقال السن وعطاء :ل يقتل السي ،بل ين عليه أو يفادى به .وقال
الزهري وماهد وطائفة من العلماء :ل يوز أخذ الفداء من أسرى الكفار أصل .وقال
مالك :ل يوز الن بغي فداء .وقال الحناف :ل يوز الن أصل ،ل بفداء ول بغيه .
معاملة السرى :عامل السلم السرى معاملة إنسانية رحيمة ،فهو يدعو إل إكرامهم
والحسان إليهم ،ويدح الذين يبونم ،ويثن عليهم الثناء الميل .يقول ال تعال " :
ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيا -إنا نطعمكم لوجه ال ل نريد منكم
جزاء ول شكورا " ( . ) 2ويروي أبو موسى الشعري رضي ال عنه ،عن رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،أنه قال ( :هامش ) ( ) 1سورة النفال :الية ) 2 ( . 17
سورة الدهر :الية / ) . ( . 9صفحة " / 687فكوا العان ( ، ) 1وأجيبوا الداعي ،
وأطعموا الائع ،وعودوا الريض " .وتقدم أن ثاقة بن أثال وقع أسيا ف أيدي السلمي
،فجاءوا به إل النب صلى ال عليه وسلم فقال " :أحسنوا إساره " .وقال " :اجعوا ما
عندكم من طعام فابعثوا به إليه " .فكانوا يقدمون إليه لب لقحة ( ) 2الرسول صلى ال
عليه وسلم غدوا ورواحا .ودعاه النب صلى ال عليه وسلم إل السلم ،فأب ،وقال له
:إن أردت الفداء ،فاسأل ما شئت ما الال .فمن عليه الرسول صلى ال عليه وسلم ،
وأطلق سراحه بدون فداء ،فكان ذلك من أسباب دخوله ف السلم .وقد جاء ف
الصحاح ف شأن أسرى غزوة بن الصطلق -وكان من بينهم جويرية بنت الارث -أن
أباها الارث بن أب ضرار ،حضر إل الدينة ومعه كثي من البل ليفتدي با ابنته ،وف
وادي العقيق ،قبل الدينة بأميال ،أخفى اثني من المال أعجباه ف شعب بالبل ،فلما
دخل على النب صلى ال عليه وسلم قال له :يا ممد أصبتم ابنت ،وهذا فداؤها .فقال
عليه الصلة والسلم " :فأين البعيان اللذان غيبتهما بالعقيق ف شعب كذا " ؟ فقال
الارث :أشهد أن ل إله إل ال وأنك رسول ال ،وال ما أطلعك على ذلك إل ال .
وأسلم الارث وابنان له ،وأسلمت ابنته أيضا ،فخطبها رسول ال صلى ال عليه وسلم
496
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
إل أبيها وتزوجها ،فقال الناس :لقد أصبح هؤلء السرى الذين بأيدينا أصهار رسول
ال صلى ال عليه وسلم ،فمنوا عليهم بغي فداء .وتقول عائشة رضي ال عنها " :فما
أعلم أن امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية ،إذ بتزوج الرسول صلى ال
عليه وسلم إياها أعتق مائة من أهل بيت بن الصطلق " .ولثل هذا تزوج النب صلى ال
عليه وسلم من جويرية ،ل لشهوة يقضيها ،بل لصلحة شرعية يبتغيها ،ولو كان يبغي
الشهوة لخذها أسية حرب بلك اليمي ( .هامش ) ( ) 1العان :السي ) 2 ( .
اللقحة :الناقة اللوب / ) . ( .صفحة / 688السترقاق إن القرآن الكري ل يرد فيه
نص يبيح الرق ،وإنا جاء فيه الدعوة إل العتق .ول يثبت أن الرسول صلى ال عليه
وسلم ضرب الرق على أسي من السارى ،بل أطلق أرقاء مكة ،وأرقاء بن الصطلق ،
وأرقاء حني .وثبت عنه أنه صلى ال عليه وسلم أعتق ما كان عنده من رقيق ف الاهلية
.وأعتق كذلك ما أهدي إليه منهم .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 688
على أن اللفاء الراشدين رضي ال عنهم ثبت عنهم أنم استرقوا بعض السرى على
قاعدة العاملة بالثل .فهم ل يبيحوا الرق ف كل صورة من صوره ،كما كان عليه
العمل ف الشرائع اللية والوضعية ،وإنا حصروره ف الرب الشروعة العلنة من
السلمي ضد عدوهم الكافر ،وألغوا كل الصور الخرى ،واعتبوها مرمة شرعا ل تل
بال .ومع أن السلم ضيق مصادره وحصرها هذا الصر ،فإنه من جانب آخر عامل
الرقاء معاملة كرية ،وفتح لم أبواب التحرر على مصاريعها كما يتجلى ذلك فيما يلي
:معاملة الرقيق :لقد كرم السلم الرقيق ،وأحسن إليهم ،وبسط لم يد النان ،ول
يعلهم موضع إهانة ول ازدراء ،ويبدو ذلك واضحا فيما يلي - 1 :أوصى بم فقال :
" واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القرب واليتامى والساكي
والار ذي القرب والار النب والصاحب بالنب وابن السبيل وما ملكت أيانكم " ( 1
) ( .هامش ) ( ) 1سورة النساء :الية / ) . ( . 36صفحة / 689وعن علي
رضي ال عنه :أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :اتقوا ال فيما ملكت أيانكم " 2 .
497
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
-نى أن ينادى با يدل على تقيه واستعباده ،إذ قال الرسول صلى ال عليه وسلم " :
ل يقل أحدكم عبدي أو أمت وليقل فتاي وفتات ،وغلمي " - 3 .أمر أن يأكل ويلبس
ما يأكل الالك ،فعن ابن عمر أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال " :خولكم ( ) 1
إخوانكم جعلهم ال تت أيديكم ،فمن كان أخوه تت يده فليطعمه ما يأكل ،وليلبسه
ما يلبس ،ول تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم " - 4 .نى عن
ظلمهم وأذاهم ،فعن ابن عمر قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من لطم
ملوكه أو ضربه فكفارته عتقه " .وعن أب مسعود النصاري قال :بينا أنا أضرب غلما
ل إذ سعت صوتا من خلفي ،فإذا هو رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :اعلم أبا
مسعود أن ال أقدر عليك منك على هذا الغلم " .فقلت :هو حر لوجه ال ،فقال " :
لو ل تفعل لستك النار " .وجعل للقاضي حق الكم بالعتق إذا ثبت أنه يعامله معاملة
قاسية - 5 .دعا إل تعليمهم وتأديبهم ،فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :من
كانت له جارية فعلمها ،وأحسن إليها وتزوجها ،كان له أجران ف الياة وف الخرى .
أجر بالنكاح والتعليم ،وأجر بالعتق " .طريق التحرير :وقد فتح السلم أبواب
التحرير ،وبي سبل اللص ،واتذ وسائل شت لنقاذ هؤلء من الرق ( :هامش ) (
) 1الول :الدم / ) . ( .صفحة - 1 / 690فهو طريق إل رحة ال وجنته يقول
ال سبحانه " :فل اقتحم العقبة -وما أدراك ما العقبة -فك رقبة " ( ) 1وجاء أعراب
إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :يارسول ال دلن على عمل يدخلن النة ،
فقال " :عتق النسمة ،وفك الرقبة " .فقال :يارسول ال :أو ليسا واحدا ؟ قال " :ل
،عتق النسمة أن تنفرد بعتقها ،وفك الرقبة أن تعي ف ثنها " - 2 .والعتق كفارة
للقتل الطأ .يقول ال عزوجل " :ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة " ( 3 ) 2
-وهو كفارة للحنث ف اليمي لقوله تعال " :فكفارته إطعام عشرة مساكي من أوسط
ما تطعمون هليكم أو كسوتم أو ترير رقبة " ( - 4 . ) 3والعتق كفارة ف حالة
الظهار ،يقول ال سبحانه " :والذين يظاهرون من نسائهم ث يعودون لا قالوا فتحرير
رقبة من قبل أن يتماسا " - 5 ) 4 ( .جعل السلم من مصارف الزكاة شراء الرقاء
وعتقهم ،يقول أال تعال " :إنا الصدقات للفقراء والساكي والعاملي عليها والؤلفة
498
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
قلوبم وف الرقاب " ( - 6 . ) 5أمر بكاتبة العبد على قدر من الال ،حيث قال تعال
" :والذين يبتغون الكتاب ما ملكت أيانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيا وآتوهم من
مال ال الذي آتاكم " ( ) 6 ( .هامش ) ( ) 1سورة البلد :اليات 13 ، 12 ، 11
) 2 ( .سورة النساء :الية ) 3 ( . 92سورة الائدة :الية ) 4 ( . 89سورة
الجادلة :الية ) 5 ( . 3سورة التوبة :الية ) 6 ( . 6سورة النور :الية . 33
( / ) .صفحة - 7 / 691من نذر أن يرر رقبة وجب عليه الوفاء بالنذر مت تقق له
مقصوده .وبذا يتبي أن السلم ضيق مصادره الرق .وعامل الرقاء معاملة كرية ،
وفتح أبواب التحرير ،تهيدا للصهم نائيا من ني الذل والستعباد ،فأسدى بذلك لم
يدا ل تنسى على مدى اليام .أرض الحاربي الغنومة الرض الت تؤخذ عنوة :إذا غنم
السلمون أرضا ،بأن فتحوها عنوة بواسطة الرب والقتال ،وأجلوا أهلها عنها ،
فالاكم مي بي أمرين - 1 .إما أن يقسمها على الغاني ( - 2 . ) 1وإما أن يقفها
على السلمي .
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 691
وإذا وقفها على السلمي ضرب عليها خراجا ( ) 2مستمرا ،يؤخذ من هي ف يده ،
سواء أكان مسلما أم ذميا ،ويكون هذا الراج أجرة الرض يؤخذ كل عام .وأصل
الراج هو فعل أمي الؤمني عمر رضي ال عنه ،ف الرض الت فتحها ،كأرض الشام ،
ومصر ،والعراق .الرض الت جل أهلها عنها خوفا أو صلحا :وكما تب قسمة
الرض الفتوحة على الغاني ،أو وقفها على السلمي ،يب ذلك ف الرض الت تركها
أهلها خوفا منا ،أو الت صالناهم على أنا لنا ،ونقرهم عليها نظي الراج .أما الت
صالناهم على أنا لم ،ولنا الراج عنها ،فهي كالزية تسقط بإسلمهم .وإذا كان
الراج أجرة فإن تقديره يرجع إل الاكم فيضعه بسب اجتهاده .إذ أن ذلك يتلف
باختلف المكنة والزمنة ،ول يلزم الرجوع ( هامش ) ( ) 1قال مالك رضي ال عنه
:تكون وقفا على السلمي ول توز قسمتها على الفاتي ) 2 ( .الراج :يكون
الراج على أرض لا ماء تسقى به ولو ل تزرع / ) . ( .صفحة / 692إل ما وضعه
499
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
عمر رضي ال عنه .وما وضعه عمر وغيه من الئمة يبقى على ما هو عليه ،فليس
لحد أن يغيه ما ل يتغي السبب ،لن تقديره حكم .العجز عن عمارة الرض الراجية
:ومن كان تت يده أرض خراجية فعجز عن عمارتا أجب على أحد أمرين - 1 :إما
أن يؤجرها - 2 .أو يرفع يده عنها .لن الرض هي ف الواقع للمسلمي ،ول يوز
تعطيلها عليهم .مياث الرض الغنومة :وهذه الرض يري فيها الياث ،فينتقل مياثها
إل وارث من كانت بيده على الوجه الذي كانت عليه ف يد موروثه .الفئ تعريفه :
الفئ مأخوذ من فاء يفئ إذا رجع ،وهو الال الذي أخذه السلمون من أعدائهم دون
قتال .وهو الذي ذكره ال سبحانه ف قوله " :وما أفاء ال على رسوله منهم فما أوجفتم
( ) 1عليه من خيل ول ركاب ولكن ال يسلط رسله على من يشاء وال على على شئ
قدير -ما أفاء ال على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القرب واليتامى
والساكي وابن السبيل كي ل يكون دولة بي الغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه (
هامش ) ( ) 1أوجفتم :أصل الياف سرعة السي .والركاب :البل الت يسافر عليها
ل واحد لا من لفظها ،أي ما سقتم ول حركتم خيل ول إبل أي ل يعدوا ف تصيله
خيل ول إبل بل حصل بل قتال / ) . ( .صفحة / 693وما ناكم عنه فانتهوا واتقوا
ال إن ال شديد العقاب -للفقراء الهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالم يبتغون
فضل من ال ورضوانا وينصرون ال ورسوله أولئك هم الصادقون -والذين تبوءوا الدار
واليان من قبلهم يبون من هاجر إليهم ول يدون ف صدورهم حاجة ما أوتوا ويؤثرون
على أنفسهم ولو كان بم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم الفلحون -والذين
جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليان ول تعل ف قلوبنا
غل للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم " ( . ) 1فذكر ال الهاجرين الذين هاجروا إل
الدينة ،من دخل ف السلم قبل الفتح .وذكر النصار -وهم أهل الدينة -الذين آووا
الهاجرين ،وذكر من جاء من بعد هؤلء إل يوم القيامة .تقسيمه :قال القرطب :قال
مالك " :هو موكول إل نظر المام واجتهاده ،فيأخذ منه من غي تقدير ،ويعطي منه
القرابة باجتهاده ،ويصرف الباقي ف مصال السلمي ،وبه قال اللفاء الربعة ،وبه
عملوا ،وعليه يدل قوله صلى ال عليه وسلم " :مال ما أفاء ال عليكم إل المس ،
500
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
والمس مردود عليكم " .فإنه ل يقسمه أخاسا ول أثلثا ،وإنا ذكر ف الية من ذكر
على وجه التنبيه عليهم ،لنم أهم من يدفع إليه .قال :الزجاج متجا لالك :قال ال
عزوجل " :يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خي فللوالدين والقربي والتيامى
والساكي وابن السبيل " ( ( . ) 2هامش ) ( ) 1سورة الشر :اليات ، 8 ، 7 ، 6
) 2 ( . 10 ، 9سورة البقرة :الية / ) . ( . 215صفحة / 694والرجل جائز
بإجاع أن ينفق ف غي هذه الصناف إذا رأي ذلك .وذكر النسائي عن عطاء .قال :
خس ال وخس رسوله واحد -كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يمل منه ،ويعطي
منه ،ويضعه حيث شاء ،ويصنع به ما شاء .وف حجة ال البالغة :واختلفت السنن ف
كيفية قسمة الفئ ،فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أتاه الفئ قسمه ف يومه ،
فأعطى الهل حظي وأعطى العزب حظا .وكان أبو بكر رضي ال عنه ،يقسم للحر
والعبد ،يتوخى كفاية الاجة .ووضع عمر رضي ال عنه الديوان على السوابق
والاجات ،فالرجل وقدمه ،والرجل وبلؤه ،والرجل وعياله ،والرجل وحاجته .
والصل ف كل ما كان مثل هذا من الختلف أن يمل على أنه يفعل ذلك على
الجتهاد .فتوخى كل الصلحة بسب ما رأى ف وقته .عقد المان
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 694
إذا طلب المان أي فرد من العداء الحاربي قبل منه ،وصار بذلك آمنا ،ل يوز
العتداء عليه بأي وجه من الوجوه .يقول ال سبحانه " :وإن أحد من الشركي
استجارك فأجره حت يسمع كلم ال ،ث أبلغه مأمنه ذلك بأنم قوم ل يعلمون " ( ) 1
.من له هذا الق :وهذا الق ثابت للرجال والنساء ،والحرار والعبيد ،فمن حق أي
فرد من هؤلء أن يؤمن أي فرد من العداء يطلب المان ،ول ينع من هذا الق أحد من
السلمي إل الصبيان والجاني ،فإذا أمن صب أو منون أحدا من ( هامش ) ( ) 1سورة
التوبة :الية / ) . ( . 6صفحة / 695العداء فإنه ل يصح أمان واحد منهما .روى
أحد ،وأبو داود ،والنسائي ،والاكم ،عن علي كرم ال وجهه ،أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم .قال " :ذمة السلمي واحدة ،يسعى با أدناهم ،وهم يد على من
501
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
سواهم " .وروى البخاري ،وأبو داود والترمذي عن أم هانئ بنت أب طالب رضي ال
عنها أنا قالت " :قلت يارسول ال .زعم ابن أم علي .أنه قاتل رجل قد أجرته فلن (
ابن هبية ) فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " قد أجرنا ( ) 1من أجرت يا أم هانئ
" .نتيجة المان :ومهما تقرر المان بالعبارة أو الشارة ،فإنه ل يوز العتداء على
الؤمن ،لنه بإعطاء المان له عصم نفسه من أن تزهق ورقبته من أن تسترق .وروي
عن عمر بن الطاب رضي ال عنه :أنه بلغه أن بعض الجاهدين قال لحارب من الفرس
" :ل تف ،ث قتله " فكتب رضي ال عنه إل قائد اليش " :إنه بلغن أن رجال منكم
يطلبون العلج .حت إذا اشتد ف البل وامتنع ،يقول له " :ل تف " فإذا أدركه قتله !
وإن والذي نفسي بيده .ل يبلغن أن أحدا فعل ذلك إل قطعت عنقه .وروى البخاري
ف التاريخ ،والنسائي عن النب صلى ال عليه وسلم ،قال " :من أمن رجل على دمه
فقتله ،فأنا برئ من القاتل وإن كان القتول كافرا " وروى البخاري ومسلم وأحد عن
أنس قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة "
.مت يتقرر هذا الق :ويتقرر حق المان بجرد إعطائه ،ويعتب نافذا من وقت صدوره
إل أنه ( هامش ) ( ) 1أجرنا :أمنا من أمنت / ) . ( .صفحة / 696ل يقر نائيا إل
بإقرار الاكم ،أو قائد اليش .وإذا تقرر المان ،وأقر من الاكم أو اليش ،صار
الؤمن من أهل الذمة ،وأصبح له ما للمسلمي وعليه ما عليهم .ول يوز إلغاء أمانه إل
إذا ثبت أنه أراد أن يستغل هذا الق ف إيقاع الضرر بالسلمي ،كأن يكون جاسوسا
لقومه ،وعينا على السلمي .عقد المان لهة ما " :إنا يصح المان من آحاد السلمي
إذا أمن واحدا أو اثني فأما عقد المان لهل ناحية على العموم فل يصح إل من المام
على سبيل الجتهاد ،وتري الصلحة كعقد الذمة ،ولو جعل ذلك لحاد الناس صار
ذريعة إل إبطال الهاد " ( ) 1الرسول حكمه حكم الؤمن والرسول مثل الؤمن ،سواء
أكان يمل الرسائل أو يشي بي الفريقي التقاتلي بالصلخ ،أو ياول وقف القتال لفترة
يتيسر فيها نقل الرحى والقتلى .يقول الرسول ال صلى ال عليه وسلم لرسول مسيلمة
" :لول أن الرسل ل تقتل لضربت أعناقكما " .أخرجه أحد ،وأبود داود من حديث
نعيم بن مسعود ( . ) 2وأوفدت قريش أبا رافع إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،
502
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
فوقع اليان ف قلبه ،فقال :يارسول ال ل أرجع إليهم ،وأبقى معكم مسلما .فقال
الرسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن ل أخيس بالعهد ،ول أحبس البد فارجع إليهم
آمنا ،فإن وجدت بعد ذلك ف قلبك ما فيه الن ،فارجع إلينا " .أخرجه أحد ،وأبو
داود ،والنسائي وابن حبان وصححه ( .هامش ) ( ) 1الروضة الندية ص 2 ( . 408
) وكان الرسول قرأ كتاب مسيلمة ،وقال لما :ما تقولن أنتما .قال :نقول كما قال
:أي أنما يقولن بنبوته / ) . ( .صفحة / 697وف كتاب الراج لب يوسف والسي
الكبي لحمد :أنه إن اشترط للرسول شروط وجب على السلمي أن يوفوا با ،ول
يصح لم أن يغدروا برسل العدو ،حت ولو قتل الكفار رهائن السلمي عندهم ،فل
نقتل رسلهم لقول نبينا " :وفاء بغدر خي من غدر بغدر " .الستأمن تعريفه :الستأمن
هو الرب الذي دخل دار السلم بأمان ( ) 1دون نية الستيطان با والقامة فيها بصفة
مستمرة ،بل يكون قصده إقامة مدة معلومة ،ل تزيد على سنة ،فإن تاوزها ،وقصد
القامة بصفة دائمة ،فإنه يتحول إل ذمي ويكون له حكم الذمي ف تبعيته للدولة
السلمية ،ويتبع الستأمن ف المان ،ويلحق به زوجته وأبناؤه الذكور القاصرون ،
والبنات جيعا ،والم ،والدات ،والدم ،ماداموا عائشي مع الرب الذي أعطي
المان .وأصل هذا قول ال سبحانه وتعال " :وإن أحد من الشركي استجارك فأجره
حت يسمع كلم ال ث أبلغه مأمنة " ( . ) 2
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 697
حقوقه :وإذا دخل الرب دار السلم بأمان ،كان له حق الحافظة على نفسه وماله
وسائر حقوقه ومصاله ،مادام مستمسكا بعقد المان ،ول ينحرف عنه .ول يل تقييد
حريته ،ول القبض عليه مطلقا ،سواء قصد به السر ،أو قصد به العتقال ،لجرد أنم
رعايا العداء أو لجرد قيام حالة الرب بيننا وبينهم .قال السرخسي " :أموالم صارت
مضمونة بكم المان ،فل يكن أخذها بكم الباحة " ( .هامش ) ( ) 1إذا دخل
التبليغ رسالة ونوها أو لسماع كلم ال ،فهو آمن دون حاجة إل عقد ،أما إذا دخل
للتجارة وأعطي الذن من يلكه فهو مستأمن ) 2 ( .سورة التوبة :الية / ) . ( . 6
503
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
صفحة / 698وحت إذا عاد إل دار الرب فإنه يبطل المان بالنسبة لنفسه ،ويبقى
بالنسبة لاله .قال ف الغن " :إذا دخل حرب دار السلم بأمان ،فأودع ماله مسلما أو
ذميا ،أو أقرضهما إياه ،ث عاد إل دار الرب ،نظرنا ،فإن دخل تاجرا ،أو رسول ،
أو متنها ،أو لاجة يقضيها ،ث يعود إل دار السلم ،فهو على أمانه ف نفسه ،
وماله ،لنه ل يرج بذلك عن نية القامة ف دار السلم ،فأشبه الذمي لذلك ،وإن
دخل دار الرب مستوطنا ،بطل المان ف نفسه ،وبقي ف ماله ،لنه بدخوله دار
السلم بأمان ،ثبت المان لاله ،فإذا بطل المان ف نفسه بدخوله دار الرب ،بقي ف
ماله ،لختصاص البطل بنفسه ،فيختص البطلن فيه .الواجب عليه :وعليه الحافظة
على المن والنظام العام ،وعدم الروج عليهما ،بأن يكون عينا ،أو جاسوسا ،فإن
تسس على السلمي لساب العداء حل قتله إذ ذاك .تطبيق حكم السلم عليه :تطبق
على الستأمن القواني السلمية بالنسبة للمعاملت الالية ،فيعقد عقد البيع وغيه من
العقود حسب النظام السلمي ،وينع من التعامل بالربا ،لن ذلك مرم ف السلم .
وأما بالنسبة للعقوبات ،فإنه يعاقب بقتضى الشريعة السلمية إذا اعتدى على حق مسلم
.وكذلك إذا كان العتداء على ذمي ،أو مستأمن مثله لن إنصاف الظلوم من الظال
وإقامة العدل من الواجبات الت ل يل التبساهل فيها .وإذا كان العتداء على حق من
حقوق ال مثل اقتراف جرية الزنا فإنه يعاقب كما يعاقب السلم ،لن هذه جرية من
الرائم الت تفسد الجتمع السلمي ( ( . ) 1هامش ) ( ) 1خالف ف ذلك أبو حنيفة
فقال :إن العقوبات الت تكون حقا ل أو يكون فيه حق ال غالبا فانه ل يقام فيها الد
على الستأمن ،وهذا رأي مرجوح / ) . ( .صفحة / 699مصادرة ماله :ومال
الستأمن ل يصادر إل إذا حارب السلمي ،فأسر واسترق وصار عبدا ،فإنه ف هذه
الال تزول عنه ملكية ماله ،لنه صار غي أهل للملكية .ول يستحق الورثة ،ولو كانوا
ف دار السلم شيئا ،لن استحقاقهم يكون باللفة عنه ،وهي ل تكون إل بعد موته ،
وهو ل يت ،وماله ف هذه الال يئول إل بيت مال السلمي ،على أنه من الغنائم .
وإذا كان له دين على بعض السلمي أو الذميي ،يسقط عن الدين لعدم وجود من
يطالب به .مياثه :إذا مات الستأمن ف دار السلم ،أو ف دار الرب فإن ملكيته لاله
504
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ل تذهب عنه ،وتنتقل إل ورثته عند المهور ،خلفا للشافعي .وعلى الدولة السلمية
أن تنقل ماله إل ورثته ،وترسله إليهم ،فإن ل يكن له ورثة ،كان ذلك الال فيئا
للمسلمي .العهود والواثيق احترام العهود :ان احترام العهود والواثيق واجب إسلمي ،
لا له من أثر طيب ،ودور كبي ف الحافظة على السلم ،وأهية كبى ف فض
الشكلت وحل النازعات وتسوية العلقات .وجاء ف كلم العرب " :من عامل الناس
فلم يظلمهم ،وحدثهم فلم يكذبم ،ووعدهم فلم يلفهم ،فهو من كملت مروءته .
وظهرت عدالته ،ووجبت أخوته " .وهذا حق ،فإن حسن معاملة الناس ،والوفاء لم ،
والصدق معهم دليل كمال الروءة ،ومظهر من مظاهر العدالة ،وذلك يستوجب الخوة
والصداقة .وال سبحانه يأمر بالوفاء بميع العهود واللتزامات ،سواء أكانت عهودا مع
ال ،أم مع الناس ،فيقول / :صفحة " / 700يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " ( .
) 1وأي تقصي ف الوفاء بذا المر يعتب إثا كبيا ،يستوجب القت والغضب " :يأيها
الذين آمنوا ل تقولون ما ل تفعلون -كب مقتا عند ال أن تقولوا مال تفعلون " ( . ) 2
وكل ما يقطعه النسان على نفسه من عهد ،فهو مسئول عنه وماسب عليه " :وأوفوا
بالعهد إن العهد كان مسئول " ( . ) 3وحق العهد مقدم على حق الدين " :والذين
آمنوا ول يهاجروا مالكم من وليتهم من شئ حت يهاجروا وإن استنصروكم ف الدين
فعليكم النصر إل على قوم بينكم وبينهم ميثاق " ( ) 4والوفاء جزء من اليان ،يقول
الرسول صلى ال عليه وسلم " :إن حسن العهد من اليان " ( . ) 5وليس للوفاء جزاء
إل النة :
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 700
" والذين هم لماناتم وعهدهم راعون -والذين هم على صلواتم يافظون -أولئك هم
الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " ) 6 ( .ولقد كان الوفاء خلق النبياء
والرسل عليهم الصلة والسلم " :واذكر ف الكتاب إساعيل إنه كان صادق الوعد
وكان رسول نبيا " ( . ) 7وكان رسولنا صلى ال عليه وسلم الثل العلى ف هذا اللق
:قال عبد ال بن أب المساء :بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ببيع قبل أن
505
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( هامش ) ( ) 1سورة الائدة :الية ) 2 ( . 1سورة النافقون :الية ) 3 ( . 1
سورة السرار :الية ) 4 ( . 34سورة النفال :الية ) 5 ( . 72قال الاكم :إنه
صحيح ،وأقره الذهب ) 6 ( .سورة الؤمنون :الية ) 7 ( . 11سورة مري :الية
/ ) . ( . 54صفحة / 701يبعث ،وبقيت له بقية ( ) 1فوعدته أن آتيه با ف مكانه
،فنسيت ،ث ذكرت بعد ثلث ،فجئت فإذا هو ف مكانه ،فقال صلى ال عليه وسلم
" :يافت لقد شققت علي ،أنا ها هنا منذ ثلث ( ) 2أنتظرك " وقد عاهد رسول ال
صلى ال عليه وسلم بعد الجرة اليهود عهدا ،أقرهم فيه على دينهم ،وأمنهم على
أموالم ،بشرط أل يعينوا عليه الشركي ،فنقضوا العهد ،ث اعتذروا ،ث رجعوا فنقضوه
مرة أخرى ،فأنزل ال عزوجل " :إن شر الدواب عند ال الذين كفروا فهم ل يؤمنون .
الذين عاهدت منهم ث ينقضون عهدهم ف كل مرة وهم ل يتقون " ( ) 3وعاهد ثعلبة
ربه على أن يعطي كل ذي حق حقه إذا وسع ال عليه ف الرزق ،وأغناه من فضله .فلما
بسط ال له من رزقه ،وأكثر له من الال والثروة ،نقض العهد وبل على عباد ال ،
فأنزل ال ف حقه " :ومنهم من عاهد ال لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من
الصالي -فلما آتاهم من فضله بلوا من وتولوا وهم معرضون -فأعقبهم نفاقا ف
قلوبم إل يوم يلقونه با أخلفوا ال ما وعدوه وبا كانوا يكذبون " ( ) 4ولا حضرت
الوفاة عبد ال بن عمر ،قال " :إنه خطب إل ابنت رجل من قريش .وقد كان من إليه
شبه الوعد .فوال ل ألقى ال بثلث النفاق ،أشهدكم أن قد زوجته ابنت " .وهو يشي
بذلك إل قول رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ثلث من كن فيه فهو منافق ،وإن
صام وصلى وزعم أنه مسلم :من إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف وإذا اؤتن خان
" ( ( . ) 5هامش ) ( ) 1بقيت له بقية :أي بقية من ثن البيع ) 2 ( .منذ ثلث :
أي ثلث ليال .أي انه انتظره هذه الدة وفاء بالوعد ) 3 ( .سورة النفال :اليتان
) 4 ( . 56 ، 55سورة التوبة :اليات من ) 5 ( . 77 - 75رواه البخاري ) . ( .
/صفحة / 702وف التشنيع على الناقضي للعهود ،يقول ال عزوجل " :وأوفوا بعهد
ال إذا عاهدت ول تنقضوا اليان بعد توكيدها وقد جعلتم ال عليكم كفيل إن ال يعلم
ما تفعلون -ول تكونوا كالت نقضت غزلا من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيانكم دخل
506
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بينكم أن تكون أمة هي أرب من أمة -إنا يبلوكم ال به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم
فيه تتلفون " ( . ) 1شروط العهود :ويشترط ف العهود الت يب احترامها والوفاء
با ،الشروط التية - 1 :أل تالف حكما من الحكام الشرعية التفق عليها .يقول
الرسول صلى ال عليه وسلم " :كل شرط ليس ف كتاب ال ( ) 2فهو باطل ،وإن
كان مائة شرط " - 2 .أن تكون عن رضا واختيار ،فإن الكراء يسلب الرادة ،ول
احترام لعقد ل تتوفر فيه حريتها - 3 .أن تكون بينة واضحة ،ل لبس فيها ول غموض
حت ل تؤول تأويل يكون مثارا للختلف عند التطبيق .نقض العهود :ول تنقض
العهود إل ف إحدي الالت التية - 1 :إذا كانت مؤقتة بوقت ،أو مددة بظرف
معي ،وانتهت مدتا ،وانتهى ظرفها .روى أبو داود والترمذي عن عمر بن عبسة ،
قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :من كان بينه وبي قوم عهد ،فل
يلن عهدا ،ول يشدنه ،حت ( هامش ) ( ) 1سورة النحل :اليتان 2 ( . 93 ، 92
) كتاب ال :أي حكم ال / ) . ( .صفحة / 703يضي أمده ،أو ينبذ إليهم على
سواء .ويقول القرآن الكري " :إل الذين عاهدت من الشركي ث ل ينقصوكم شيئا ول
يظاهروا عليكم أحدا فأتوا إليهم عهدهم إل مدتم إن ال يب التقي " ( - 2 . ) 1
إذا أخل العدو بالعهد " :فما استقاموا لكم فاستقيموا لم إن ال يب التقي " ( " ) 2
وإن نكثوا أيانم من بعد عهدهم وطعنوا ف دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنم ل أيان لم
لعلهم ينتهون .أل تقاتلون قوما نكثوا أيانم وهوا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول
مرة أتشونم فال أحق أن تشوه إن كنتم مؤمني " ( - 3 . ) 3إذا ظهرت بوادر
الغدر ودلئل اليانة " .وإما تافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن ال ل يب
الائني " ( ) 4العلم بالنقض ترزا عن الغدر
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 703
إذا علم الاكم اليانة من كان بينهم وبي السلمي عهد فإنه ل تل ماربتهم إل بعد
إعلمهم بنبذ العهد ،وبلوغ خبه إل القريب والبعيد حت ل يؤخذوا على غرة .يقول
ال سبحانه ف سورة النفال " :وإما تافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن ال ل
507
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
يب الائني " ( ( . ) 5هامش ) ( ) 1سورة التوبة :الية ) 2 ( . 4سورة التوبة :
الية ) 3 ( . 7سورة التوبة :الية ) 4 ( . 14 ، 13سورة النفال :الية 5 ( . 58
) سورة النفال :الية / ) . ( . 58صفحة / 704وقاعدة السلم " :وفاء بغدر خي
من غدر بغدر " .قال ممد بن السن ف كتاب السي الكبي " :لو بعث أمي السلمي
إل ملك العداء من يبه بنبذ العهد عند تقق سببه ،فل ينبغي للمسلمي أن يغيوا
عليهم وعلى أطراف ملكتهم ،إل بعد مضي الوقت الكاف لن يبعث اللك إل تلك
الطراف خب النبذ حت ل نأخذهم على غرة ،ومع ذلك إذا علم السلمون يقينا أن القوم
ل يأتم خب من قبل ملكهم فالستحب لم أن ل يغيوا عليهم حت يعلموهم بالنبذ ،لن
هذا شبيه الديعة . .وكما على السلمي أن يتحرزوا من الديعة ،عليهم أن يتحرزوا
من شبه الديعة " .وحدث ان أهل قبص أحدثوا حدثا عظيما ف ولية عبد اللك بن
مروان فأراد نبذ عهدهم ونقض صلحهم ،فاستشار الفقهاء ف عصره ،منهم :الليث بن
سعد ومالك وأنس ،فكتب الليث بن سعد " :إن أهل قبص ل يزالون متهمي بغش
أهل السلم ومناصحة أهل العداء " الروم " وقد قال ال تعال " :وإما تافن من قوم
خيانة فانبذ إليهم على سواء " .وإن أرى أن تنبذ إليهم وإن تنظر هم سنة " .أما مالك
بن أنس فكتب ف الفتيا يقول " :إن أمان أهل قبص وعهدهم كان قديا متظاهرا من
الولة لم ،ول أجد أحدا من الولة نقض صحلهم ،ول أخرجهم من ديارهم ،وأنا
أرى أن ل تعجل بنابذتم حت تتجه الجة عليهم فإن ال يقول " :فأتوا إليهم عهدهم
إل مدتم " .فإن ل يستقيموا بعد ذلك ويدعوا غشهم ورأيت الغدر ثابتا فيهم ،أوقعت
بم بعد النبذ والعذار فرزقت النصر " / .صفحة / 705من معاهدات الرسول - 1
ولقد عاهد النب صلى ال عليه وسلم بن ضمرة من قبائل العرب ،وهذا نص ذلك العهد
" :هذا كتاب ممد رسول ال لبن ضمرة ،بأنم آمنون على أموالم وأنفسهم ،وأن لم
النصر على من رامهم ،إل أن ياربوا ف دين ال ،مابل بر صوفة ،وإن النب " صلى ال
عليه وسلم " إذا دعاهم إل النصرة أجابوه ،عليهم بذلك ذمة رسوله ،ولم النصر من
برمنهم واتقى " - 2 .كما عاهد اليهود على حسن الوار أول ما استقر به القام بالدينة
،وفيما يلي نصها العهد :بسم ال الرحن الرحيم " هذا كتاب من ممد النب ( رسول
508
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
ال ) بي الؤمني والسلمي من قريش ،وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بم وجاهد معهم
.أنم أمة واحدة من دون الناس .الهاجرون من قريش على ربعتهم ( ) 1يتعاقلون ( 2
) بينهم ،وهم يفدون عانيهم ( ) 3بالعروف والقسط بي الؤمني .وبنو عوف على
ربعتهم ،يتعاقلون معاقلهم الول ،وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي
الؤمني .وبنو الارث ( من الزرج ) على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ،وكل
طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني .وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون
معاقلهم الول ،وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني ( .هامش ) (
) 1أمرهم الذي كانوا عليه ) 2 ( .يأخذون ديات القتل ويعطونا .وأصله من العقل
وهو ربط إبل الدية لدفعها لهل القتيل ) 3 ( .عانيهم :أسيهم / ) . ( .صفحة 706
/وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ،وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف
والقسط بي الؤمني .وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ،وكل طائفة
تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني .وبنو عمر بن عوف على ربعتهم يتعاقلون
معاقلهم الول ،وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني .وبنو النبيت
على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ،وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي
الؤمني .وبنو الوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ،وكل طائفة تفدي عانيها
بالعروف والقسط بي الؤمني .وأن الؤمني ل يتركون مفرحا ( ) 1بينهم أن يعطوه
بالعروف ف فداء أو عقل .وأل يالف مؤمن مول مؤمن دونه .وأن الؤمني التقي
أيديهم على كل من بغى منهم ،أو ابتغى دسيعة ( ) 2ظلم ،أو إثا ،أو عدوانا ،أو
فسادا بي الؤمني ،وأن أيديهم عليه جيعا ولو كان ولد أحدهم .ول يقتل مؤمن مؤمنا
ف كافر ،ول ينصر كافرا على مؤمن .وأن ذمة ال واحدة ،يي عليهم أدناهم ،وأن
الؤمني بعضهم موال بعض دون الناس .وأنه من تبعنا من يهود ،فإن له النصر والسوة
( ) 3غي مظلومي ول
............................................................
-فقه السنة -الشيخ سيد سابق ج 2ص : 706
509
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
متناصر عليهم ( .هامش ) ( ) 1هو من أثقله الدين والغرم فأزال فرحه ) 2 ( .الدسع
:الدفع ،والعن :طلب دفعا على سبيل الظلم أو ابتغى عطية على سبيل الظلم ) 3 ( .
ف هذا ما يفيد أن النصر والساواة لن تبع اليهود / ) . ( .صفحة / 707وأن سلم
الؤمني واحدة ،ل يسال مؤمن دون مؤمن ف قتال ف سبيل ال ،إل على سواء وعدل
بينهم ( . ) 1وأن كل غازية غزت معنا يعقب ( ) 2بعضها بعضا .وأن الؤمني يبئ (
) 3بعضهم على بعض .بال نال دماءهم ف سبيل ال .وأن الؤمني التقي على أحسن
هدى وأقومه .وأنه ل يي مشرك مال لقريش ول نفسا ،ول يول دونه على مؤمن .
وأنه من اعتبط ( ) 4مؤمنا قتل عن بيئة فإنه قود به ( ، ) 5إل أن يرضى ول القتول
بالعقل ،وأن الؤمني عليه كافة ول يل لم إل قيام عليه .وأنه ل يل لؤمن أقر با ف
هذه الصحيفة ،وآمن بال واليوم الخر ،أن ينصر مدثا أو يؤويه ،وأنه من نصره أو
آواه فإن عليه لعنة ال وغضبه يوم القيامة ،ول يؤخذ منه صرف ول عدل ( . ) 6
وأنكم مهما اختلفتم فيه من شئ ،فإن مرده إل ال وإل ممد .وأن اليهود ينفقون مع
الؤمني ماداموا ماربي ( . ) 7وأن يهود بن عوف أمة مع الؤمني ،لليهود دينهم
وللمسلمي دينهم ،مواليهم وأنفسهم ،إل من ظلم أو أث ،فإنه ل يوتغ ( ) 8إل نفسه
وأهل بيته ( ) 9وأن ليهود بن النجار مثل ما ليهود بن عوف .
( هامش )
( ) 1يؤخذ من هذا أن إعلن الرب على جاعة مسلمة إعلن لا على المة السلمية
كلها .
( ) 2أي يكون الغزو بينهم نوبا يعقب بعضهم بعضا فيه .
( ) 3يبئ :من أبأت القاتل بالقتيل إذا قتلته به .
( ) 4اعتبطه :قتله بل جناية أو جريرة توجب قتله .
( ) 5فإن القاتل يقاد به ويقتل .
( ) 6فيه منع نصرة الجرم .
( ) 7فيه استقلل كل أمة السلمي واليهود كما أنا تضمنت مالفة عسكرية بقتضاها
تتعاون المتان ف كل حرب وعلى كل منهما نفقة جيشها خاصة .
510
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
( ) 8يوتغ :يهلك ويفسد .
( ) 9ف هذا تقرير الرية الدينية والقتصادية / ) . ( .
صفحة / 708
وأن ليهود بن الارث مثل ما ليهود بن عوف .وأن ليهود بن ساعدة مثل ما ليهود بن
عوف .وأن ليهود بن جشم مثل ما ليهود بن عوف .وأن ليهود بن الوس مثل ما
ليهود بن عوف .وأن ليهود بن ثعلبة مثل ما ليهود بن عوف .إل من ظلم وأث فإنه ل
يوتغ إل نفسه وأهل بيته .وأن جفنة -بطن من ثعلبة -كأنفسهم .وأن لبن الشطبية
مثل ما ليهود بن عوف ،وأن الب دون الث .وأن موال ثعلبة كأنفسهم .وأن بطانة
يهود كأنفسهم .وأنه ل يرج منهم أحد أل بإذن ممد .وأنه ل ينحجز على ثأر
جرح ،وأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته ،إل من ظلم ،وأن له على أبر هذا .وأن على
اليهود نفقتهم ،وعلى السلمي نفقتهم ،وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه
الصحيفة ،وأن بينهم النصح ،والنصيحة ،والب دون الث ( . ) 1وأنه ل يأث امرؤ
بليفه ،وأن النصر للمظلوم ( . ) 2وأن اليهود ينفقون مع الؤمني ماداموا ماربي .
وأن يثرب حرام جوفها لهل هذه الصحيفة .وأن الار كالنفس غي مضار ول آث .وأنه
ل تار حرمة إل بإذن أهلها .
( هامش )
( ) 1ف هذا إلزام الطرفي التشاور والتناصح قبل دخول الرب .
( ) 2ل بد من أن تكون الرب مشروعة حت يكن للمسلمي الشاركة فيها / ) . ( .
صفحة / 709
وأنه ما كان بي أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار ياف فساده ،فإن مرده إل
ال وإل ممد رسول ال " صلى ال عليه وسلم " وأن ال على أتقى ما ف هذه الصحيفة
وأبره .وأنه ل تار قريش ،ول من نصرها .وأن بينهم النصر على من دهم يثرب .وإذا
دعوا إل صلح يصالونه ويلبسونه ،فإنم يصالونه ويلبسونه ،وأنم إذا دعوا إل مثل
ذلك ،فإنه لم على الؤمني ،إل من حارب ف الدين .على كل أناس حصتهم من
جانبهم الذي قبلهم .وأن يهود الوس ،مواليهم وأنفسهم على مثل ما لهل هذه
511
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
الصحيفة مع الب الحض من أهل هذه الصحيفة ،وأن الب دون الث ،ل يكسب كاسب
إل على نفسه ،وأن ال على أصدق ما ف هذه الصحيفة وأبره .وأنه ل يول هذا
الكتاب دون ظال أو آث ،وأنه من خرج آمن ،ومن قعد آمن بالدينة ،إل من ظلم
وأث ،وأن ال جار لن بر واتقى ،وممد رسول ال " صلى ال عليه وسلم " ( ) 1
( هامش )
( ) 1نقل عن كتاب " الرسالة الالدة " عن كتاب الوثائق السياسية ف العهد النبوي
واللفة الراشدة ،للدكتور ممد حيد ال اليدر أبادي ،أستاذ القوق الدولية بالامعة
العثمانية بيد أباد \ دكن ) . ( .
512