You are on page 1of 512

‫ملتقى أهل الحديث‬

‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقه السنة‬
‫السيد سابق‬
‫الجلد الثان‬

‫مُلتقى أهل الديث‬


‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬

‫‪-‬فقه السنة –‬

‫‪1‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪2‬‬
‫‪ -‬ص‪:1‬‬
‫صفحة ‪ / 1‬فقه السنة ‪/‬‬

‫صفحة ‪/ 3‬‬

‫فقه السنة تأليف السيد سابق‬

‫الجلد الثان‬
‫الجزاء السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والادي عشر الناشر دار الكتاب‬
‫العرب بيوت ‪ -‬لبنان ‪ / .‬صفحة ‪/ 4‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪ 1397‬ه‍ ‪ 1977 -‬م‬
‫حقوق الطبع مفوظة للمؤلف‬
‫‪ /‬صفحة ‪/ 5‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫(وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا) قرآن كري ‪ / .‬صفحة ‪/ 6‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم المد ل رب العالي ‪ ،‬والصلة والسلم على سيد الولي‬
‫والخرين ‪ ،‬سيدنا ممد وعلى آله ومن اهتدى بديه إل يوم الدين ‪ .‬أما بعد ‪ :‬فهذا‬
‫هو الجلد الثان من كتاب فقه السنة ‪ ،‬نقدمه للقراء الكرام ‪ ،‬سائلي ال سبحانه أن‬
‫ينفع به وأن يعله خالصا لوجهه الكري ‪ ،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل ‪ .‬السيد سابق ‪/‬‬
‫صفحة ‪ / 7‬الزواج الزوجية سنة من سنن ال ف اللق والتكوين ‪ ،‬وهي عامة مطردة ‪،‬‬
‫ل يشذ عنها عال النسان ‪ ،‬أو عال اليوان أو عال النبات ‪ ( :‬من كل شئ خلقنا‬
‫زوجي لعلكم تذكرون ) ‪ ( .‬سبحان الذي خلق الزواج كلها ‪ ،‬ما تنبت الرض ‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومن أنفسهم ‪ ،‬وما ل يعلمون ) ‪ .‬وهي السلوب ال اختاره ال للتوالد والتكاثر ‪،‬‬
‫واستمرار الياة ‪ ،‬بعد أن أعد كل الزوجي وهيأها ‪ .‬بيث يقوم كل منهما بدور‬
‫إياب ف تقيق هذه الغاية ‪ ( :‬يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) ‪ ( .‬يأيها الناس‬
‫اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ‪ ،‬وخلق منها زوجها ‪ ،‬وبث منهما رجال‬
‫كثيا ونساء ) ‪ .‬ول يشأ ال أن يعل النسان كغيه من العوال ‪ ،‬فيدع غرائزه تنطلق‬
‫دون وعي ‪ ،‬ويترك اتصال الذكر بالنثى فوضى ل ضابط له ‪ .‬بل وضع النظام اللئم‬
‫لسيادته ‪ ،‬والذي من شأنه أن يفظ شرفه ‪ ،‬ويصون كرامته ‪ .‬فجعل اتصال الرجل‬
‫بالرأة اتصال كريا ‪ ،‬مبنيا على رضاها ‪ .‬وعلى إياب وقبول ‪ ،‬كمظهرين لذا الرضا‬
‫‪ .‬وعلى إشهاد ‪ ،‬على أن كل منهما قد أصبح للخر ‪ .‬وبذا وضع للغريزة سبيلها‬
‫الأمونة ‪ ،‬وحى النسل من الضياع ‪ ،‬وصان الرأة عن أن تكون كلء مباحا لكل راتع ‪.‬‬
‫ووضع نواة السرة الت توطها غريزة المومة وترعاها عاطفة البوة ‪ .‬فتنبت نباتا‬
‫حسنا ‪ ،‬وتثمر ثارها اليانعة ‪ / .‬صفحة ‪ / 8‬وهذا النظام هو الذي ارتضاه ال ‪ ،‬وأبقى‬
‫عليه السلم ‪ ،‬وهدم كل ما عداه ‪ .‬النكحة الت هدمها السلم فمن ذلك ‪ :‬نكاح‬
‫الدن ‪ :‬كانوا يقولون ‪ :‬ما استتر فل بأس به وما ظهر فهو لؤم ‪ .‬وهو الذكور ف قول‬
‫ال تعال ‪ ( :‬ول متخذات أخدان ) ‪ .‬ومنها ‪ :‬نكاح البدل ‪ :‬وهو أن يقول الرجل‬
‫للرجل ‪ :‬أنزل ل عن امرأتك وأنزل لك عن امرأت وأزيدك ‪ .‬رواه الدار قطن عن أب‬
‫هريرة بسند ضعيف جدا ‪ .‬وذكرت عائشة غي هذين النوعي فقالت ‪ :‬كان النكاح ف‬
‫الاهلية على أربعة أناء ( ‪ ) 1 ( : ) 1‬نكاح الناس اليوم ‪ :‬يطب الرجل إل الرجل‬
‫وليته أو ابنته ‪ ،‬فيصدقها ث ينكحها ‪ ) 2 ( .‬ونكاح آخر ‪ :‬كان الرجل يقول لمرأته‬
‫إذا طهرت من طمثها ( ‪ ، ) 2‬أرسلي إل فلن فاستضعي منه ( ‪ ، ) 3‬ويعتزلا زوجها‬
‫حت يتبي حلها ‪ .‬فإذا تبي ‪ ،‬أصاب إذا أحب ‪ .‬وإنا يفعل ذلك رغبة ف نابة الولد ‪.‬‬
‫ويسمى هذا النكاح الستبضاع ‪ ) 3 ( .‬ونكاح آخر ‪ :‬يتمع الرهط ( ما دون‬
‫العشرة ) على الرأة فيدخلون ‪ ،‬كلهم يصيبها ‪ ،‬فإذا حلت ووضعت ‪ ،‬ومر عليها ليال‬
‫‪ ،‬أرسلت إليهم ‪ ،‬فلم يستطع رجل منهم أن يتنع ‪ ،‬حت يتمعوا عندها ‪ ،‬فتقول لم ‪:‬‬
‫قد عرفتم ما كان من أمركم ‪ ،‬وقد ولدت ‪ ،‬فهو ابنك يا فلن ‪ ،‬تسمي من أحبت‬

‫‪3‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫باسه فيلحق به ولدها ‪ ،‬ل يستطيع أن يتنع منه الرجل ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬اناء ‪:‬‬
‫انواع ‪ ) 2 ( .‬طمثها ‪ :‬حيضها ‪ ) 3 ( .‬استبضعي ‪ :‬اطلب منه الباضعة ‪ ،‬أي الماع‬
‫لتنال به الولد فقط ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ ) 4 ( / 9‬ونكاح رابع ‪ :‬يتمع ناس كثي ‪،‬‬
‫فيدخلون على الرأة ل تتنع من جاءها ‪ -‬وهن البغايا ( ‪ - ) 1‬ينصب على أبوابن‬
‫رايات تكون علما ‪ ،‬فمن أرادهن دخل عليهن ‪ .‬فإذا حلت إحداهن ووضعت ‪ ،‬جعوا‬
‫لا ‪ ،‬ودعوا لم القافة ( ‪ ) 2‬ث ألقوا ولدها بالذي يرون ‪ ،‬فالتاط به ( ‪ ) 3‬ودعي ابنه‬
‫‪ ،‬ل يتنع من ذلك ‪ .‬فلما بعث ممد صلى ال عليه وسلم بالق ‪ ،‬هدم نكاح الاهلية‬
‫إل نكاح الناس اليوم ‪ .‬وهذا النظام الذي أبقى عليه السلم ‪ ،‬ل يتحقق إل بتحقق‬
‫أركانه من الياب والقبول ‪ ،‬وبشرط الشهاد ‪ .‬وبذا يتم العقد الذي يفيد حل‬
‫استمتاع كل من الزوجي بالخر على الوجه الذي شرعه ال ‪ .‬وبه تثبت القوق‬
‫والواجبات الت تلزم كل منها ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬البغايا ‪ :‬الزوان ‪ ) 2 ( .‬القافة ‪:‬‬
‫جع قائف وهو من يشبهه بي الناس ‪ ،‬فيلحق الولد بالشبيه ‪ ) 3 ( .‬التاط به ‪ :‬التصق‬
‫به وثبت النسب بينهما ‪ ) . ( .‬الترغيب ف الزواج وقد رغب السلم ف الزواج‬
‫بصور متعددة الترغيب ‪ .‬فتارة يذكر أنه من سنن النبياء وهدى الرسلي ‪ .‬وأنم‬
‫القادة الذين يب‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 9‬‬
‫علينا أن نقتدي بداهم ‪ ( :‬ولقد أرسلنا مرسل رسل من قبلك ‪ ،‬وجعلنا لم أزواجا‬
‫وذرية ) ‪ .‬وف حديث الترمذي عن أب أيوب رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال ‪ ( :‬أربع من سنن الرسلي ‪ :‬الناء ( ‪ ، ) 4‬والتعطر ‪ ،‬والسواك ‪،‬‬
‫والنكاح ) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 4‬وقال بعض الرواة ‪ :‬الياء بالياء ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 10‬‬
‫وتارة يذكر ف معرض المتنان ‪ ( :‬وال جعل لكم من أنفسكم أزواجا ‪ ،‬وجعل لكم‬
‫من أزواجكم بني وحفدة ‪ ،‬ورزقكم من الطيبات ) ‪ .‬وأحيانا يتحدث عن كونه آية‬
‫من آيات ال ‪ ( :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ‪ ،‬وجعل‬
‫بينكم مودة ورحة ‪ ،‬إن ف ذلك ليات لقوم يتفكرون ) ‪ .‬وقد يتردد الرء ف قبول‬

‫‪4‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزواج ‪ ،‬فيحجم عنه خوفا من الضطلع بتكاليفه ‪ ،‬وهروبا من احتمال أعبائه ‪.‬‬
‫فيلفت السلم نظره إل أن ال سيجعل الزواج سبيل إل الغن ‪ ،‬وأنه سيحمل عنه‬
‫هذه العباء ويده بالقوة الت تعله قادرا على التغلب على أسباب الفقر ‪ ( :‬وأنكحوا‬
‫اليامى ( ‪ ) 1‬منكم والصالي من عبادكم وإمائكم ( ‪ ، ) 2‬إن يكونوا فقراء يغنهم‬
‫ال من فضله ‪ ،‬وال واسع عليم ) وف حديث الترمذي عن أب هريرة أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬ثلثة حق على ال عونم ‪ ،‬الجاهد ف سبيل ال ‪،‬‬
‫والكاتب الذي يريد الداء ‪ ،‬والناكح الذي يريد العفاف ) ‪ .‬والرأة خي كن يضاف‬
‫إل رصيد الرجل ‪ .‬روى الترمذي وابن ماجة عن ثوبان رضي ال عنه ‪ ،‬قال لا نزلت ‪:‬‬
‫( والذين يكنون الذهب والفضة ‪ ،‬ول ينفقونا ف سبيل ال ‪ ،‬فبشرهم بعذاب أليم )‬
‫‪ .‬قال ‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف بعض أسفاره فقال بعض أصحابه ‪:‬‬
‫أنزلت ف الذهب والفضة ‪ ،‬فلو علمنا أي الال خي فنتخذه ؟ فقال ‪ ( :‬لسان ذاكر ‪،‬‬
‫وقلب شاكر ‪ ،‬وزوجة مؤمنة تعينه على إيانه ) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬اليامى ‪ :‬جع أي ‪،‬‬
‫وهو الذي ل زوجة له ‪ ،‬أو الت ل زوج لا ‪ ) 2 ( .‬العباد ‪ :‬العبيد ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 11‬وروى الطبي بسند جيد عن ابن عباس رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ ( :‬أربع من أصابن فقد أعطي خي الدنيا والخرة ‪ :‬قلبا شاكرا ‪ ،‬ولسانا‬
‫ذاكرا ‪ ،‬وبدنا على البلء صابرا ‪ ،‬وزوجة ل تبغيه حوبا ف نفسها وماله ) ‪ .‬وروى‬
‫مسلم عن عبد ال بن عمرو بن العاص أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫( الدنا متاع ‪ ،‬وخي متاعها الرأة الصالة ) ‪ .‬وقد ييل للنسان ف لظة من لظات‬
‫يقظته الروحية ‪ ،‬أن يتبتل وينقطع عن كل شأن من شؤون الدنيا ‪ ،‬فيقوم الليل ‪،‬‬
‫ويصوم النهار ‪ ،‬ويعتزل النساء ‪ ،‬ويسي ف طريق الرهبانية النافية لطبيعة النسان ‪.‬‬
‫فيعلمه السلم أن ذلك مناف لفطرته ‪ ،‬ومغاير لدينه ‪ ،‬وأن سيد النبياء ‪ -‬وهو‬
‫أخشى الناس ل وأتقاهم له ‪ -‬كان يصوم ويفطر ‪ ،‬ويقوم وينام ‪ ،‬ويتزوج النساء ‪.‬‬
‫وأن من حاول الروج عن هديه فليس له شرف النتساب إليه ‪ .‬روى البخاري‬
‫ومسلم عن أنس رضي ال عنه قال ‪ :‬جاء ثلثة رهط إل بيوت أزواج النب صلى ال‬
‫عليه وسلم يسألون عن عبادة النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فلما أخبوا ‪ -‬كأنم‬

‫‪5‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقالوها ( ‪ - ) 1‬فقالوا ‪ :‬وأين نن من النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قد غفر له ما تقدم‬
‫من ذنبه وما تأخر ‪ .‬قال أحدهم ‪ :‬أما أنا فإن أصلي الليل أبدا ‪ ،‬وقال آخر ‪ :‬أنا أصوم‬
‫الدهر ول أفطر ‪ ،‬وقال آخر ‪ :‬أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدا ‪ .‬فجاء رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال ‪ ( :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ ‪ .‬أما وال إن لخشاكم ل‬
‫‪ ،‬وأتقاكم له ‪ ،‬لكن أصوم وأفطر ‪ ،‬وأصلي وأرقد ‪ ،‬وأتزوج النساء ‪ ،‬فمن رغب عن‬
‫سنت فليس من ) ‪ .‬والزوجة الصالة فيض من السعادة يغمب البيت ويلؤه سرورا‬
‫وبجة وإشراقا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬عدوها قليلة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 12‬فعن أب أمامة‬
‫رضي ال عنه ‪ :‬عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬ما استفاد الؤمن ‪ -‬بعد تقوى‬
‫ال عزوجل ‪ -‬خيا له من زوجة صالة ‪ :‬إن أمرها أطاعته ‪ ،‬وإن نظر إليها سرته ‪،‬‬
‫وإن أقسم عليها أبرته ‪ ،‬وإن غاب عنها نصحته ف نفسها وماله ) ‪ .‬رواه ابن ماجة ‪.‬‬
‫وعن سعد بن أب وقاص رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( من سعادة ابن آدم ثلثة ‪ ،‬ومن شقاوة ابن آدم ثلثة ‪ :‬من سعادة ابن آدم ‪ :‬الرأة‬
‫الصالة ‪ ،‬والسكن الصال ‪ ،‬والركب الصال ‪ ،‬ومن شقاوة ابن آدم ‪ :‬الرأة السوء ‪،‬‬
‫والسكن السوء ‪ ،‬والركب السوء ) ‪ .‬رواه أحد بسند صحيح ‪ .‬ورواه الطبان ‪،‬‬
‫والبزاز ‪ ،‬والاكم وصححه ‪ ،‬وقد جاء تفسي هذا الديث ف حديث آخر رواه‬
‫الاكم ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬ثلثة من السعادة ‪ :‬الرأة الصالة‬
‫‪ ،‬تراها تعجبك ‪ ،‬وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ‪ ،‬والدابة تكون وطيئة ( ‪) 1‬‬
‫تلحقك بأصحابك ‪ ،‬والدار تكون واسعة كثية الرافق ‪ ،‬وثلث من الشقاء ‪ :‬الرأة‬
‫تراها فتسوءك ‪ ،‬وتمل‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 12‬‬
‫لسانا عليك ‪ ،‬وإن غبت عنها ل تأمنها على نفسها ومالك ‪ ،‬والدابة تكون قطوفا (‬
‫‪ ) 2‬فان ضربتها أتعبتك ‪ ،‬وإن تركتها ل تلحقك بأصحابك ‪ ،‬والدار تكون ضيقة قليلة‬
‫الرافق ) ‪ .‬والزواج عبادة يستكمل النسان با نصف دينه ‪ ،‬ويلقى با ربه على أحسن‬
‫حال من الطهر والنقاء ‪ .‬فعن أنس رضي ال عنه ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫‪6‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ‪ ( :‬من رزقه ال امرأة صالة فقد أعانه على شطر دينه ‪ ،‬فليتق ال ف الشطر‬
‫الباقي ) ‪ .‬رواه الطبان والاكم وقال ‪ :‬صحيح السناد ‪ .‬وعنه صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ ( :‬من أراد أن يلقى ال طاهرا مطهرا فليتزوج الرائر ) ‪ .‬رواه ابن ماجه وفيه‬
‫ضعف ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وطيئة ‪ :‬ذلول سريعة السي ‪ ) 2 ( .‬قطوفا ‪ :‬بطيئة ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 13‬قال ابن مسعود ‪ ( :‬لو ل يبق من أجلي إل عشرة أيام ‪ ،‬وأعلم أن‬
‫أموت ف آخرها ‪ ،‬ول طول النكاح فيهن ‪ ،‬لتزوجت مافة الفتنة ) ‪ .‬حكمة الزواج‬
‫وإنا رغب السلم ف الزواج على هذا النحو ‪ ،‬وحبب فيه لا يترتب عليه من آثار‬
‫نافعة على الفرد نفسه ‪ ،‬وعلى المة جيعا ‪ ،‬وعلى النوع النسان عامة ‪ - 1 :‬فإن‬
‫الغريزة النسية من أقوى الغرائز وأعنفها ‪ ،‬وهي تلح على صاحبها دائما ف إياد مال‬
‫لا ‪ ،‬فما ل يكن ثة ما يشبعها ‪ ،‬انتاب النسان الكثي من القلق والضطراب ‪،‬‬
‫ونزعت به إل شر منع ‪ .‬والزواج هو أحسن وضع طبيعي ‪ ،‬وأنسب مال حيوي‬
‫لرواء الغريزة وإشباعها ‪ .‬فيهدأ البدن من الضطراب ‪ ،‬وتسكن النفس من الصراع ‪،‬‬
‫ويكف النظر عن التطلع إل الرام ‪ ،‬وتطمئن العاطفة إل ما أحل ال ‪ .‬وهذا هو ما‬
‫أشارت إليه الية الكرية ‪ ( :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا‬
‫إليها وجعل بينكم مودة ورحة ‪ ،‬أن ف ذلك ليات لقوم يتفكرون ) ‪ .‬وعن أب هريرة‬
‫رضي ال عنه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬إن الرأة تقبل ف صورة‬
‫شيطان ‪ ،‬وتدبر ف صورة شيطان ‪ ،‬فإذا رأى أحدكم من امرأة ما يعجبه فليأت أهله ‪،‬‬
‫فإن ذلك يرد ما ف نفسه ) ‪ .‬رواه مسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ - 2 .‬والزواج هو‬
‫أحسن وسيلة لناب الولد وتكثي النسل ‪ ،‬واستمرار الياة مع الحافظة على‬
‫النساب الت يوليها السلم عناية فائقة ‪ ،‬وقد تقدم قول رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ( :‬تزوجوا الودود الولود ‪ ،‬فإن مكاثر بكم النبياء يوم القيامة ) ‪ .‬وف كثرة‬
‫النسل من الصال العامة والنافع الاصة ‪ ،‬ما جعل المم ترص أشد الرص على‬
‫تكثي سواد أفرادها بإعطاء الكافات التشجيعية لن كثر نسله ‪ /‬صفحة ‪ / 14‬وزاد‬
‫عدد أبنائه ‪ ،‬وقديا قيل ‪ :‬إنا العزة للكاثر ‪ .‬ول تزال هذه حقيقة قائمة ل يطرأ عليها‬
‫ما ينقضها ‪ .‬دخل الحنف بن قيس على معاوية ‪ -‬ويزيد بي يديه ‪ ،‬وهو ينظر إليه‬

‫‪7‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إعجابا به ‪ -‬فقال ‪ :‬يا أبا بر ما تقول ف الولد ؟ فعلم ما أراد ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أمي الؤمني‬
‫‪ ،‬هم عماد ظهورنا ‪ ،‬وثر قلوبنا ‪ ،‬وقرة أعيننا ‪ ،‬بم نصول على أعدائنا ‪ ،‬وهم اللف‬
‫منا لن بعدنا فكن لم أرضا ذليلة ‪ ،‬وساء ظليلة ‪ ،‬إن سألوك فأعطهم ‪ ،‬وان استعتبوك‬
‫( ‪ ) 1‬فأعتبهم ‪ ،‬ل تنعهم رفدك ( ‪ ) 2‬فيملوا قربك ‪ ،‬ويكرهوا حياتك ‪ ،‬ويستبطئوا‬
‫وفاتك ‪ .‬فقال ‪ :‬ل درك يا أبا بر ‪ ،‬هم كما وصفت ( ‪ - 3 . ) 3‬ث أن غريزة البوة‬
‫والمومة تنمو وتتكامل ف ظلل الطفولة ‪ ،‬وتنمو مشاعر العطف والود والنان ‪،‬‬
‫وهي فضائل ل تكمل إنسانية إنسان بدونا ‪ - 4 .‬الشعور بتبعة الزواج ‪ ،‬ورعاية‬
‫الولد يبعث على النشاط وبذل الوسع ف تقوية ملكات الفرد ومواهبه ‪ .‬فينطلق إل‬
‫العمل من أجل النهوض بأعبائه ‪ ،‬والقيام بواجبه ‪ .‬فيكثر الستغلل وأسباب الستثمار‬
‫ما يزيد ف تنمية الثروة وكثرة النتاج ‪ ،‬ويدفع إل استخراج خيات ال من الكون‬
‫وما أودع فيه من أشياء ومنافع للناس ‪ - 5 .‬توزيع العمال توزيعا ينتظم به شأن‬
‫البيت من جهة ‪ ،‬كما ينتظم به العمل خارجه من جهة أخ رى ‪ ،‬مع تديد مسؤولية‬
‫كل من الرجل والرأة فيما يناط به من أعمال ‪ .‬فالرأة تقوم على رعاية البيت وتدبي‬
‫النل ‪ ،‬وتربية الولد ‪ ،‬وتيئة الو الصال للرجل ليستريح فيه ويد ما يذهب‬
‫بعنائه ‪ ،‬ويدد نشاطه ‪ ،‬بينما يسعى الرجل وينهض بالكسب ‪ ،‬وما يتاج إليه البيت‬
‫من مال ونفقات ‪ .‬وبذا التوزيع العادل يؤدي كل منهما وظائفه الطبيعية على الوجه‬
‫الذي ( هامش ) ( ‪ ) 1‬استعتبوك ‪ :‬طلبوا منك الرضى ‪ ) 2 ( .‬رفدك ‪ :‬عطاءك ‪3 ( .‬‬
‫) المال لب علي القال ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 15‬يرضاه ال ويمده الناس ‪ ،‬ويثمر‬
‫الثمار الباركة ‪ - 6 .‬على أن ما يثمره الزواج من ترابط السر ‪ ،‬وتقوية أواصر الحبة‬
‫بي العائلت ‪ ،‬وتوكيد الصلت الجتماعية ما يباركه السلم ويعضده ويسانده ‪ .‬فإن‬
‫الجتمع الترابط التحاب هو الجتمع القوي السعيد ‪ - 7 .‬جاء ف تقرير هيئة المم‬
‫التحدة الذي نشرته صحيفة الشعب الصادرة يوم السبت ‪ 1959 / 6 / 6‬م أن‬
‫التزوجي يعيشون مدة أطول ما يعيشها غي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 15‬‬

‫‪8‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التزوجي سواء كان غي التزوجي أرامل أم مطلقي أم عزابا من النسي ‪ .‬وقال‬
‫التقرير ‪ :‬إن الناس بدءوا يتزوجون ف سن أصغر ف جيع أناء العال ‪ ،‬وان عمر‬
‫التزوجي أكثر طول ‪ .‬وقد بنت المم التحدة تقريرها على أساس أباث وإحصائيات‬
‫تت ف جيع أناء العال خلل عام ‪ 1958‬بأكمله ‪ ،‬وبناء على هذه الحصاءات قال‬
‫التقرير ‪ :‬انه من الؤكد أن معدل الوفاة بي التزوجي ‪ -‬من النسي ‪ -‬أقل من معدل‬
‫الوفاة بي غي التزوجي ‪ ،‬وذلك ف متلف العمار ‪ .‬واستطرد التقرير قائل ‪ :‬وبناء‬
‫على ذلك فإنه يكن القول بأن الزواج شئ مفيد صحيا للرجل والرأة على السواء ‪.‬‬
‫حت ان أخطار المل والولدة قد تضاءلت فأصبحت ل تشكل خطرا على حياة المم‬
‫‪ .‬وقال التقرير ‪ :‬إن متوسط سن الزواج ف العال كله اليوم هو ‪ 24‬للمرأة و ‪27‬‬
‫للرجل ‪ .‬وهو سن أقل من متوسط سن الزواج منذ سنوات ‪ .‬حكم الزواج ( ‪) 1‬‬
‫الزواج الواجب ‪ :‬يب الزواج على من قدر عليه وتاقت نفسه إليه وخشي العنت ( ‪2‬‬
‫) ‪ .‬لن صيانة النفس وإعفافها عن الرام واجب ‪ ،‬ول يتم ذلك إل بالزواج ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬حكمه ‪ :‬وصفه الشرعي من الوجوب أو الرمة ‪ . .‬ال ‪) 2 ( .‬‬
‫العنت ‪ :‬الزنا ‪ .‬ويطبق على الث والفجور والمر الشاق ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 16‬قال‬
‫القرطب ‪ :‬الستطيع الذي ياف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة ل يرتفع عن ذلك‬
‫إل بالتزوج ‪ ،‬ل يتلف ف وجوب التزويج عليه ‪ .‬فإن قلت نفسه إليه وعجز عن‬
‫النفاق على الزوجة فانه يسعه قول ال تعال ‪ ( :‬وليستعفف الذين ل يدون نكاحا‬
‫حت يغنيهم ال من فضله ) ‪ .‬وليكثر من الصيام ‪ ،‬لا رواه الماعة عن ابن مسعود‬
‫رضي ال عنه ‪ :‬ان رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬يا معشر ( ‪ ) 1‬الشباب ‪،‬‬
‫من استطاع منكم الباءة ( ‪ ) 2‬فليتزوج ‪ ،‬فإنه ( ‪ ) 3‬أغض للبصر ‪ .‬وأحصن للفرج ‪،‬‬
‫ومن ل يستطع فعليه بالصوم ‪ ،‬فإنه له وجاء ) ( ‪ ( . ) 4‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العشر ‪:‬‬
‫الطائفة يشملهم وصف ‪ ،‬فالنبياء معشر ‪ ،‬والشيوخ معشر ‪ ،‬والشباب معشر ‪،‬‬
‫والنساء معشر ‪ . . .‬وهكذا ‪ ) 2 ( .‬الباءة ‪ :‬الماع ‪ .‬من استطاع منكم الماع‬
‫لقدرته على مؤنه ‪ .‬فليتزوج ‪ .‬ومن ل يستطع الماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم‬
‫ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء ‪ ) 3 ( .‬اغض واحصن ‪ :‬أشد غضا‬

‫‪9‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫للبصر ‪ ،‬واشد إحصانا للفرج ومنعا من الوقوع ف الفاحشة ‪ ) 4 ( .‬الوجاء ‪ :‬رض‬
‫الصيتي ‪ ،‬والراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر الن كما يفعله الوجاء ‪.‬‬
‫الزواج الستحب ‪ :‬أما من كان تائقا له وقادرا عليه ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف‬
‫ما حرم ال عليه الزواج يستحب له ‪ ،‬ويكون أول من التخلي للعبادة ‪ ،‬فإن الرهبانية‬
‫ليست من السلم ف شئ ‪ .‬روى الطبان عن سعد بن أب وقاص أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬إن ال أبدلنا بالرهبانية النيفية السمحة ) ( ‪ . ) 5‬وروى‬
‫البيهقي من حديث أب أمامة ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬تزوجوا فإن‬
‫مكاثر بكم المم ‪ ،‬ول تكونوا كرهبانية النصارى ) ( ‪ . ) 6‬وقال عمر لب الزوائد ‪:‬‬
‫إنا ينعك من التزوج عجز أو فجور ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 5‬إذ انا مالفة لطبيعة النسان ‪،‬‬
‫وما كان ال ليشرع إلما يتفق وطبيعته ‪ ) 6 ( .‬ف مسنده ممد بن ثابت وهو ضعيف‬
‫‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 17‬وقال ابن عباس ‪ :‬ل يتم نسك الناسك حت يتزوج ‪ .‬الزواج‬
‫الرام ‪ :‬ويرم ف حق من يل بالزوجة ف الوطء والنفاق ‪ ،‬مع عدم قدرته عليه‬
‫وتوقانه إليه ‪ .‬قال الطبي ‪ :‬فمت علم الزواج أنه يعجز عن نفقة زوجته ‪ ،‬أو صداقها‬
‫أو شئ من حقوقها الواجبة عليه ‪ ،‬فل يل له أن يتزوجها حت يبي لا ‪ ،‬أو يعلم من‬
‫نفسه القدرة على أداء حقوقها ‪ .‬وكذلك لو كانت به علة تنعه من الستمتاع ‪ ،‬كان‬
‫عليه أن يبي كيل يغر الرأة من نفسه ‪ .‬وكذلك ل يوز أن يغرها بنسب يدعيه ول‬
‫مال ول صناعة يذكرها وهو كاذب فيها ‪ .‬وكذلك يب على الرأة إذا علمت من‬
‫نفسها العجز عن قيامها بقوق الزوج ‪ ،‬أو كان با علة تنع الستمتاع ‪ ،‬من جنون ‪،‬‬
‫أو جذام ‪ ،‬أو برص ‪ ،‬أو داء ف الفرج ‪ ،‬ل يز لا أن تغره ‪ ،‬وعليها أن تبي له ما با ف‬
‫ذلك ‪ .‬كما يب على بائع السلعة أن يبي ما بسلعته من العيوب ‪ .‬ومت وجد أحد‬
‫الزوجي بصاحبه عيبا فله الرد ‪ .‬فإن كان العيب بالرأة ردها الزوج وأخذ ما كان‬
‫أعطاها من الصداق ‪ .‬وقد روي أن النب صلى ال عليه وسلم تزوج امرأة من بن‬
‫بياضة فوجد بكشحها ( ‪ ) 1‬برصا فردها وقال ‪ ( :‬دلستم علي ) ‪ .‬واختلف الرواية‬
‫عن مالك ف امرأة العني ( ‪ ) 2‬إذا أسلمت نفسها ث فرق بينهما بالعنة فقال مرة ‪ :‬لا‬
‫جيع الصداق ‪ .‬وقال مرة ‪ :‬لا نصف الصداق ‪ .‬وهذا ينبن على اختلف قوله ‪ .‬ب‬

‫‪10‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تستحق الصداق ؟ بالتسليم أو بالدخول ؟ قولن ( ‪ ( . ) 3‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي‬
‫خاصرتا ‪ ) 2 ( .‬أي العاجز عن اتيان النساء ‪ ) 3 ( .‬سيأت ذلك مفصل ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 18‬الزواج كروه‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 18‬‬
‫ويكره ف حق من يل بالزوجة ف الوطء والنفاق ‪ ،‬حيث ل يقع ضرر بالرأة ‪ ،‬بأن‬
‫كانت غنية وليس لا رغبة قوية ف الوطء ‪ .‬فان انقطع بذلك عن شئ من الطاعات أو‬
‫الشتغال بالعلم اشتدت الكراهة ‪ .‬الزواج الباح ‪ :‬ويباح فيما إذا انتفت الدواعي‬
‫والوانع ‪ .‬النهي عن التبتل ( ‪ ) 1‬للقادر على الزواج ‪ - 1 :‬عن ابن عباس ‪ :‬أن رجل‬
‫شكا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم العزوبة فقال ‪ :‬أل أختصي ؟ فقال ‪ ( :‬ليس‬
‫لنا من خصى أو اختصى ) ‪ .‬رواه الطبان ‪ - 2 .‬وقال سعد بن أب وقاص ‪ :‬رد‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ‪ ،‬ولو أذن له لختصينا ‪.‬‬
‫رواه البخاري ‪ .‬أي لو أذن له بالتبتل لبالغنا ف التبتل حت يفضي بنا المر إل‬
‫الختصاء ‪ .‬قال الطبي ‪ :‬التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون تري النساء والطيب‬
‫وكل ما يتلذذ به فلهذا أنزل ف حقه ‪ ( :‬يأيها الذين آمنوا ل ترموا طيبات ما أحل ال‬
‫لكم ول تعتدوا ‪ ،‬إن ال ل يب العتدين ) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬التبتل ‪ :‬النقطاع عن‬
‫الزواج وما يتبعه من اللذ ال العبادة ‪ ) . ( .‬تقدي الزواج على الج ‪ :‬وان احتاج‬
‫النسان إل الزواج وخشي العنت بتركه ‪ ،‬قدمه على الج الواجب ‪ ،‬وإن ل يف قدم‬
‫الج عليه ‪ .‬وكذلك فروض الكفاية ‪ -‬كالعلم والهاد ‪ -‬تقدم على الزواج إن ل‬
‫يش العنت ‪ / .‬صفحة ‪ / 19‬العراض عن الزوجة وسببه تبي ما تقدم أن الزواج‬
‫ضرورة ل غن عنها ‪ ،‬وأنه ل ينع منه إل العجز أو الفجور كما قال أمي الؤمني عمر‬
‫رضي ال عنه ‪ ،‬وأن الرهبانية ليست من السلم ف شئ ‪ ،‬وأن العراص عن الزواج‬
‫يفوت على النسان كثيا من النافع والزايا ‪ .‬وكان هذا كافيا ف دفع الماعة السلمة‬
‫إل العمل على تيئة أسباب وتيسي وسائله حت ينعم به الرجال والنساء على السواء ‪.‬‬
‫ولكن على العكس من ذلك ‪ .‬خرج كثي من السر عن ساحة السلم وسو تعاليمه ‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فعقدوا الزواج ووضعوا العقبات ف طريقه ‪ ،‬وخلقوا بذلك التعقيد أزمة تعرض بسببها‬
‫الرجال والنساء للم العزوبة وتباريها ‪ ،‬والستجابة إل العلقات الطائشة والصلت‬
‫الليعة ‪ .‬وظاهرة أزمة الزواج ل تبدو ف متمع القرية كما تبدو ف متمع الدينة ‪ .‬إذ‬
‫أن القرية ل تزال الياة فيها بعيدة عن السراف وأسباب التعقيد ‪ - ،‬إذا استثنينا‬
‫بعض السر الغنية ‪ -‬بينما تبدو الياة ف الدينة معقدة كل التعقيد ‪ .‬ومعظم أسباب‬
‫هذه الزمة ترجع إل التغال ف الهور ( ‪ ) 1‬وكثرة النفقات الت ترهق الزوج ويعيابا‬
‫‪ .‬هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى ‪ ،‬فان تبذل الرأة وخروجها بذه الصورة الثية ‪،‬‬
‫ألقى الريبة والشك ف مسلكها ‪ ،‬وجعل الرجل حذرا ف اختيار شريكة حياته ‪ .‬بل ان‬
‫بعض الناس أضرب عن الزواج ‪ ،‬إذ ل يد الرأة الت تصلح ‪ -‬ف نظره ‪ -‬للقيام بأعباء‬
‫الياة الزوجية ‪ .‬ولبد من العودة إل تعاليم السلم فيما يتصل بتربية الراة وتنشئتها‬
‫على الفضيلة والعفاف والحتشام وترك التغال ف الهر وتكاليف الزوج ‪ ( .‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬راجع فصل التغال ف الهور ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 20‬اختيار الزوجة الزوجة سكن‬
‫للزوج ‪ ،‬وحرث له ‪ ،‬وهي شريكة حياته ‪ ،‬وربة بيته ‪ ،‬وأم أولده ‪ ،‬ومهوى فؤاده ‪،‬‬
‫وموضع سره ونواه ‪ .‬وهي أهم ركن من أركان السرة ‪ ،‬إذ هي النجبة للولد ‪،‬‬
‫وعنها يرثون كثيا من الزايا والصفات ‪ ،‬وف أحضانا تتكون عواطف الطفل ‪ ،‬وتترب‬
‫ملكاته ويتلقى لغته ‪ ،‬ويكتسب كثيا من تقاليده وعاداته ‪ ،‬ويتعرف دينه ‪ ،‬ويتعود‬
‫السلوك الجتماعي ‪ .‬من أج ل هذا عن السلم باختيار الزوجة الصالة ‪ ،‬وجعلها‬
‫خي متاع ينبغي التطلع إليه والرص عليه ‪ .‬وليس الصلح إل الحافظة على الدين ‪،‬‬
‫والتمسك بالفضائل ‪ ،‬ورعاية حق الزوج ‪ ،‬وحاية البناء ‪ ،‬فهذا هو الذي ينبغي‬
‫مراعاته ‪ .‬وأما ما عدا ذلك من مظاهر الدنيا ‪ ،‬فهو ما حظره السلم ونى عنه إذا‬
‫كان مردا من معان الي والفضل والصلح ‪ .‬وكثيا ما يتطلع الناس إل الال‬
‫الكثي ‪ ،‬أو المال الفاتن ‪ ،‬أو الاه العريض ‪ ،‬أو النسب ‪ ،‬أو إل ما بعد من شرف‬
‫الباء ‪ ،‬غي ملحظي كمال النفوس وحسن التربية ‪ .‬فتكون ثرة الزواج مرة ‪ ،‬وتنتهي‬
‫بنتائج ضارة ‪ .‬لذا يذر الرسول صلى ال عليه وسلم من التزوج على هذا النحو ‪،‬‬
‫فيقول ‪ 0‬إياكم وخضراء الدمن ‪ ،‬قيل ‪ :‬يا رسول ال وما خضراء الدمن ؟ قال ‪ :‬الرأة‬

‫‪12‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السناء ف النبت السوء ) ( ‪ . ) 1‬ويقول ‪ ( :‬ل تزوجوا النساء لسنهن ‪ ،‬فعسى‬
‫حسنهن أن يرديهن ‪ ،‬ول تزوجوهن لموالن ‪ ،‬فعسى أموالن أن تطغيهن ‪ ،‬ولكن‬
‫تزوجوهن على الدين ولمة خرماء ( ‪ ) 2‬ذات دين أفضل ) ( ‪ ( ) 3‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫رواه الدار قطن وقال ‪ :‬تفرد به الواقدي وهو ضعيف والدمن ما بقي من آثار الديار‬
‫ويستعمل سادا ‪ ) 2 ( .‬الرماء ‪ :‬الشقوقة النف والذن ‪ ) 3 ( .‬هذا الديث رواه‬
‫عبد بن حيد ‪ .‬وفيه عبد الرحن بن زياد الفريقي ‪ ،‬وهو ضعيف ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪21‬‬
‫‪/‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 21‬‬
‫ويب أن الذي يريد الزواج مبتغيا به غي ما يقصد منه من تكوين السرة ورعاية‬
‫شؤونا ‪ ،‬فانه يعامل بنقيض مقصوده ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬من تزوج امرأة لالا ل يزده ال إل‬
‫فقرا ‪ ،‬ومن تزوج امرأة لسبها ل يزده إل دناءة ‪ ،‬ومن تزوج امرأة ليغض با بصره ‪،‬‬
‫ويصن فرجه ‪ ،‬أو يصل رحه ‪ ،‬بارك ال له فيها وبارك لا فيه ) ‪ .‬رواه ابن حبان ف‬
‫الضعفاء ‪ .‬والقصد من هذا الطر أل يكون القصد الول من لزواج هو هذا التاه‬
‫نو هذه الغايات الدنيا ‪ ،‬فإنا ل ترفع من شأن صاحبها ول تسمو به ‪ ،‬بل الواجب أن‬
‫يكون الدين متوفرا أول ‪ ،‬فان الدين هداية العقل والضمي ‪ .‬ث تأت بعد ذلك الصفات‬
‫الت يرغب فيها النسان بطبعه ‪ ،‬وتيل إليها نفسه ‪ .‬يقول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ( :‬تنكح الرأة لربع ‪ :‬لالا ‪ ،‬ولسبها ‪ ،‬ولمالا ‪ ،‬ولدينها ‪ ،‬فاظفر بذات‬
‫الدين تربت يداك ) ( ‪ . ) 1‬رواه البخاري ومسلم ‪ .‬ويضع تديدا للمرأة الصالة ‪،‬‬
‫وأنا الميلة الطيعة البارة المينة ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬خي النساء من إذا نظرت إليها سرتك ‪،‬‬
‫وإذا أمرتا أطاعتك ‪ ،‬وإذا أقسمت عليها أبرتك ‪ ،‬وإذا غبت عنها حفظتك ف نفسها‬
‫ومالك ) ‪ .‬رواه النسائي وغيه بسند صحيح ‪ .‬ومن الزايا الت ينبغي توفرها ف الرأة‬
‫الخطوبة أن تكون من بيئة كرية معروفة باعتدال الزاج ‪ ،‬وهدوء العصاب ‪ ،‬والبعد‬
‫عن النرافات النفسية ‪ ،‬فانا أجدر أن تكون حانية على ولدها ‪ ،‬راعية لق زوجها ‪.‬‬
‫خطب رسول ال صلى ال عليه وسلم ( أم هانئ ) فاعتذرت إليه بأنا صاحبة أولد ‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال ‪ ( ،‬خي نساء ركب البل صال نساء قريش ‪ ،‬أحناه ( ‪ ) 2‬على ولد ف صغره ‪.‬‬
‫وأرعاه ( ‪ ) 3‬على زوج ف ذات يده ) ( ‪ ( . ) 4‬هامش ) ( ‪ ) 1‬تربت يداك ‪:‬‬
‫التصقت بالتراب ‪ ،‬وهو دعاء بالفقر على من ل يكن الدين من أهدافه ‪ ) 2 ( .‬أحناء ‪:‬‬
‫أكثره شفقة ‪ ،‬والانية على ولدها ‪ :‬هي الت تقوم عليهم ف حال يتمهم ‪ ،‬فإذا‬
‫تزوجت فليست بانية ‪ ) 3 ( .‬أرعاه ‪ :‬أحفظه واصون لا له بالمانة فيه والصيانة له‬
‫وترك التبذير ف النفاق ‪ ) 4 ( .‬ذات اليد ‪ :‬الال ‪ .‬يقال فلن قليل ذات اليد ‪ :‬أي‬
‫قليل الال ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 22‬وطبيعة الصل الكري أن يتفرع عنه مثله ‪ ،‬يقول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬الناس معدن كمعادن الذهب والفضة ‪ ،‬خيارهم ف‬
‫الاهلية خيارهم ف السلم إذا فقهوا ) ‪ .‬وهل ينتج الطي إل وشيجة ‪ -‬ويغرس إل‬
‫ف منابته النخل خطب رجل امرأة ل يدانيها ف شرفها فأنشدت ‪ :‬بكى السب‬
‫الزاكي بعي غزيرة ‪ -‬من السب النقوص أن يمعا معا ومن مقاصد الزواج الول‬
‫إناب الولد ‪ ،‬فينبغي أن تكون الزوجة منجبة ‪ ،‬ويعرف ذلك بسلمة بدنا ‪،‬‬
‫وبقياسها على مثيلتا من أخواتا وعماتا وخالتا ‪ .‬خطب رجل امرأة عقيما ل تلد ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬إن خطبت امرأة ذات حسب ‪ ،‬وجال وانا ل تلد ‪ ،‬فنهاه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬تزوجوا الودود الولود ‪ ،‬فإن مكاثر بكم‬
‫المم يوم القيامة ) ‪ .‬والودود هي الرأة الت تتودد إل زوجها وتتحبب إليه ‪ ،‬وتبذل‬
‫طاقاتا ف مرضاته ‪ .‬والنسان بطبيعته يعشق المال ويهواه ‪ ،‬ويشعر دائما ف قراره‬
‫نفسه بأنه فاقد لشئ من ذاته إذا كان الشئ الميل بعيدا عنه ‪ .‬فإذا أحرزه واستول‬
‫عليه شعر بسكن نفسي ‪ ،‬وارتواء عاطفي وسعادة ‪ ،‬ولذا ل يسقط السلم المال من‬
‫حسابه عند اختيار الزوجة ‪ ،‬ففي الديث الصحيح ‪ ( :‬إن ال جيل يب المال ) ‪.‬‬
‫وخطب الغية بن شعبة امرأة ‪ ،‬فأخب رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال له ‪:‬‬
‫( إذهب فانظروا إليها ‪ ،‬فانه أحرى أن يؤدم بينكما ) ‪ .‬أي تدوم بينكما الودة‬
‫والعشرد ‪ .‬ونصح الرسول رجل خطب امرأة من النصار وقال له ‪ ( :‬انظر إليها فان‬
‫ف أعي النصار شيئا ) ‪ / .‬صفحة ‪ / 23‬وكان جابر بن عبد ال يتبئ لن يريد‬
‫التزوج با ‪ ،‬ليتمكن من رؤيتها ‪ ،‬والنظر إل ما يدعوه إل القتران با ‪ .‬وكان رسول‬

‫‪14‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يرسل بعض النسوة ليتعرفن بعض ما يفى من العيوب ‪،‬‬
‫فيقول لا ‪ ( :‬شي فمها ‪ ،‬شي إبطيها ‪ ،‬انظري إل عرقوبيها ) ‪ .‬ويستحسن أن تكون‬
‫الزوجة بكرا ‪ ،‬فإن البكر ساذجة ل يسبق لا عهد بالرجال ‪ ،‬فيكون التزويج با أدعى‬
‫إل تقوية عقدة النكاح ‪ ،‬ويكون حبها لزوجها ألصق بقلبها ( فما الب إل للحبيب‬
‫الول ) ‪ .‬ولا تزوج جابر بن عبد ال ثيبا قال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( هل بكرا تلعبها وتلعبك ؟ ) ‪ ،‬فأخب رسول ال صلى ال عليه وسلم بأن أباه قد‬
‫ترك بنات صغارا ‪ ،‬وهن ف حاجة إل رعاية امرأة تقوم على شؤونن ‪ ،‬وأن الثيب أقدر‬
‫على هذه الرعاية من البكر الت ل تدرب على تدبي النل ‪ .‬وما ينبغي ملحظته أن‬
‫يكون ثة تقارب بي الزوج والزوجة من حيث السن والركز الجتماعي ‪ ،‬والستوى‬
‫الثقاف والقتصادي ‪ ،‬فإن التقارب ف هذه النواحي ما يعي على دوام العشرة ‪ ،‬وبقاء‬
‫اللفة ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 23‬‬
‫وقد خطب أبو بكر وعمر رضي ال عنهما فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،‬فقال ‪ ( :‬إنا صغية ) ‪ .‬فلما خطبها علي زوجها إياه ‪ .‬هذه بعض العان الت أرشد‬
‫السلم إليها ‪ ،‬ليتخذها مريدو الزواج نباسا يستضيئون به ‪ ،‬ويسيون على هداه ‪.‬‬
‫لو أننا لحظنا هذه العان عند اختيارنا للزوجة لمكن أن نعل من بيوتنا جنة ينعم فيها‬
‫الصغي ‪ ،‬ويسعد با الزوج ‪ ،‬وتعد للحياة أبناء صالي ‪ ،‬تيا بم أمهم حياة طيبة‬
‫كرية ‪ / .‬صفحة ‪ / 24‬اختيار الزوج وعلى الول أن يتار لكريته ‪ ،‬فل يزوجها إل‬
‫لن له دين وخلق وشرف وحسن ست ‪ ،‬فان عاشرها عاشرها بعروف ‪ ،‬وإن سرحها‬
‫سرحها بإحسان ‪ .‬قال المام الغزال ف الحياء ‪ :‬والحتياط ف حقها أهم ‪ ،‬لنا رقيقة‬
‫بالنكاح ل ملص لا ‪ ،‬والزوج قادر على الطلق بكل حال ‪ .‬ومهما زوج ابنته ظالا‬
‫أو فاسقا أو مبتدعا أو شارب خر ‪ ،‬فقد جن على دينه وتعرض لسخط ال لا قطع من‬
‫الرحم وسوء الختيار ‪ .‬قال رجل للحسن بن علي ‪ :‬إن ل بنتا ‪ ،‬فمن ترى أن أزوجها‬
‫له ؟ قال ‪ :‬زوجها لن يتقي ال ‪ ،‬فان أحبها أكرمها ‪ ،‬وإن أبغضها ل يظلمها ‪ .‬وقالت‬

‫‪15‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عائشة ‪ :‬النكاح رق ‪ ،‬فلينظر أحدكم أين يضع كريته ‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪ 0‬من زوج كريته من فاسق فقد قطع رحها ) ‪ .‬رواه ابن حبان ف الضعفاء من حديث‬
‫أنس ‪ ،‬ورواه ف الثقات من قول الشعب باسناد صحيح ‪ .‬قال ابن تيمية ‪ :‬ومن كان‬
‫مصرا على الفسوق ل ينبغي أن يزوج ‪ .‬الطبة الطبة ‪ :‬فعلة كقعدة وجلسة ‪ ،‬يقال ‪:‬‬
‫خطب الرأة يطبها خطبا وخطبة ‪ ،‬أي طلبها للزواج بالوسيلة العروفة بي الناس ‪،‬‬
‫ورجل خطاب ‪ :‬كثي التصرف ف الطبة ‪ ،‬والطيب ‪ ،‬والاطب ‪ ،‬والطب ‪ ،‬الذي‬
‫يطب الرأة ‪ ،‬وهي خطبه وخطبته ‪ .‬وخطب يطب ‪ ،‬قال كلما يعظ به ‪ ،‬أو يدح‬
‫غيه ونو ذلك ‪ .‬والطبة من مقدمات الزواج ‪ .‬وقد شرعها ال قبل الرتباط بعقد‬
‫الزوجية ليعرف كل من الزوجي صاحبه ‪ ،‬ويكون القدام على الزواج على هدى‬
‫وبصية ‪ / .‬صفحة ‪ / 25‬من تباح خطبتها ‪ :‬ل تباح خطبة امرأة إل إذا توافر فيها‬
‫شرطان ‪ ( :‬الول ) أن تكون خالية من الوانع الشرعية الت تنع زواجه منها ف الال‬
‫‪ ( .‬الثان ) أل يسبقه غيه إليها بطبة شرعية ‪ .‬فإن كانت ثة موانع شرعية ‪ ،‬كأن‬
‫تكون مرمة عليه بسبب من أسباب التحري الؤبدة أو الؤقتة ‪ ،‬أو كان غيه سبقه‬
‫بطبتها ‪ ،‬فل يباح له خطبتها ‪ .‬خطبة معتدة الغي ‪ :‬ترم خطبة العتدة ‪ .‬سواء أكانت‬
‫عدتا عدة وفاة أم عدة طلق ‪ ،‬وسواء أكان الطلق طلقا رجعيا أم بائنا ‪ .‬فإن كانت‬
‫معتدة من طلق رجعي حرمت خطبتها ‪ ،‬لنا ل ترج عن عصمة زوجها ‪ .‬وله‬
‫مراجعتها ف أي وقت شاء ‪ .‬وإن كانت معتدة من طلق بائن حرمت خطبتها بطريق‬
‫التصريح ‪ ،‬إذ حق الزوج ل يزال متعلقا با ‪ ،‬وله حق إعادتا بعقد جديد ‪ .‬ففي تقدم‬
‫رجل آخر لطبتها اعتداء عليه ‪ .‬واختلف العلماء ف التعريض بطبتها ‪ ،‬والصحيح‬
‫جوازه ‪ .‬وإن كانت معتدة من وفاة فانه يوز التعريض لطبتها أثناء العدة دون‬
‫التصريح ‪ ،‬لن صلة الزوجيد قد انقطعت بالوفاة ‪ ،‬فلم يبق للزوج حت يتعلق بزوجته‬
‫الت مات عنها ‪ .‬وإنا حرمت خطبتها بطريق التصريح ‪ ،‬رعاية لزن الزوجة وإحدادها‬
‫من جانب ‪ ،‬ومافظة على شعور أهل اليت وورثته من جانب آخر ‪ .‬يقول ال تعال ‪:‬‬
‫( ول جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم ف أنفسكم ‪ ،‬علم ال‬
‫أنكم ستذكرونن ‪ ،‬ولكن ل تواعدوهن سرا ‪ ،‬إل أن تقولوا قول معروفا ‪ ،‬ول ‪/‬‬

‫‪16‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صفحة ‪ / 26‬تعزموا عقدة النكاح حت يبلغ الكتاب أجله ‪ .‬واعلموا أن ال يعلم ما ف‬
‫أنفسكم فاحذروه ‪ .‬والراد بالنساء ‪ ،‬العتدات لوفاة أزواجهن ‪ ،‬لن الكلم ف هذا‬
‫السياق ‪ .‬ومعن التعريض أن يذكر التكلم شيئا يدل به علي شئ ل يذكره ‪ .‬مثل أن‬
‫يقول ‪ ( :‬إن أريد التزوج ) و ( لوددت أن ييسر ال ل امرأة صالة ) ‪ ،‬أو يقول ‪:‬‬
‫( إن ال لسائق لك خيا ) ‪ .‬والدية إل العتدة جائزة ‪ ،‬وهي من التعريض ‪ .‬وجائز أن‬
‫يدح نفسه ‪ ،‬ويذكر مآثره على وجه التعريض بالزواج وقد فعله أبو جعفر ممد بن‬
‫علي بن حسي ‪ .‬قالت سكينة بنت حنظلة ‪ :‬استأذن علي بن ممد علي ول تنقض‬
‫عدت من مهلك ( ‪ ) 1‬زوجي ز فقال ‪ :‬قد عرفت قرابت من رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وقرابت من علي ‪ ،‬وموضعي ف العرب ‪ .‬قلت ‪ :‬غفر ال لك يا أبا جعفر ‪،‬‬
‫إنك رجل يؤخذ عنك ‪ ،‬تطبن ف عدت ؟ قال ‪ :‬إنا أخبتك بقرابت من رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ومن علي ‪ .‬وقد دخل رسول ال صلى ال عليه وسلم على أم‬
‫سلمة وهي متأية ( ‪ ) 2‬من أب سلمة ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬لقد علمت أن رسول ال وخيته ‪،‬‬
‫وموضعي ف قومي ) ‪ .‬وكانت تلك خطبة ‪ .‬رواه الدار قطن ( ‪ . ) 3‬وخلصة الراء‬
‫أن التصريح بالطبة حرام لميع العتدات ‪ ،‬والتعريض مباح للبائن وللمعتدة من الوفاة‬
‫‪ ،‬وحرام ف العتدة من طلق رجعي ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 26‬‬
‫وإذا صرح بالطبة ف العدة ولكن ل يعقد عليها إل بعد انقضاء عدتا فقد اختلف‬
‫العلماء ف ذلك ‪ .‬قال مالك ‪ :‬يفارقها ‪ ،‬دخل با أم ل يدخل ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬مهلك‬
‫‪ :‬أي هلك ‪ ) 2 ( .‬متأية ‪ :‬أي انا أي ‪ ) 3 ( .‬الديث النقطع ‪ ،‬لن ممد بن علي‬
‫الباقر ل يدرك النب صلى ال عليه وسلم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 27‬وقال الشافعي ‪ :‬صح‬
‫العقد وان ارتكب النهي الصريح الذكور لختلف لهة ‪ .‬واتفقوا على أنه يفرق‬
‫بينهما لو وقع العقد ف العدة ودخل با ‪ .‬وهل تل له بعد أم ل ؟ قال مالك ‪ ،‬والليث‬
‫‪ ،‬والوزاعي ‪ :‬ل يل له زواجها بعد ‪ .‬وقال جهور العلماء ‪ :‬بل يل له إذا انقضت‬
‫العدة أن يتزوجها إذا شاء ‪ .‬الطبة على الطبة ‪ :‬يرم على الرجل أن يطب على‬

‫‪17‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خطبة أخيه ‪ ،‬لا ف ذلك من اعتداء على حق الاطب الول وإساءة إليه ‪ ،‬وقد ينجم‬
‫عن هذا التصرف الشقاق بي السر ‪ ،‬والعتداء الذي يروع المني ‪ .‬فعن عقبة بن‬
‫عامر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬الؤمن أخو الؤمن ‪ ،‬فل يل له أن‬
‫يبتاع على بيع أخيه ‪ ،‬ول يطب على خطبة أخيه ( ‪ ) 1‬حت يذر ( ‪ . ) ) 2‬رواه أحد‬
‫ومسلم ‪ .‬ومل التحري ما إذا صرحت الخطوبة بالجابة ‪ ،‬وصرح وليها الذي أذنت‬
‫له ‪ ،‬حيث يكون إذنه معتبا ‪ .‬وتوز الطبة وقع التصريح بالرد ‪ ،‬أو وقعت الجابة‬
‫بالتعريض ‪ ،‬كقولا ‪ :‬ل رغبة عنك ‪ .‬أو ل يعلم الثان بطبة الول ‪ ،‬أو ل تقبل وترفض‬
‫‪ ،‬أو أذن الاطب الول للثان ‪ .‬وحكى الترمذي عن الشافعي ف معن الديث ‪ :‬إذا‬
‫خطب الرأة فرضيت به وركنت إليه ؟ فليس لحد أن يطب على خطبته ‪ .‬فإذا ل‬
‫يعلم برضاها ول ركونا ‪ ،‬فل بأس أن يطبها ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬مفهوم لفظ الخ‬
‫معطل ‪ :‬لنه خرج مرج الغالب ‪ ،‬فتحرم الطبة على خطبة الكافر والفاسق ‪ .‬وأخذ‬
‫بالفهوم بعض الشافعية والوزاعي ‪ ،‬وجوزوا الطبة على خطبة الكافر ‪ ،‬قال‬
‫الشوكان ‪ :‬وهو الظاهر ‪ ) 2 ( .‬يذر ‪ :‬يترك ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 28‬وإذا خطبها الثان‬
‫بعد إجابة الول وعقد عليها أث والعقد صحيح لن النهي عن الطبة ‪ ،‬وليست شرطا‬
‫ف صحة الزواج ‪ ،‬فل يفسخ بوقوعها غي صحيحة ‪ .‬وقال داود ‪ :‬إذا تزوجها‬
‫الاطب الثان فسخ العقد قبل الدخول وبعده ‪ .‬النظر ال الخطوبة ‪ :‬ما يرطب الياة‬
‫الزوجية ويعلها مفوفة بالسعادة موطة بالناء ‪ ،‬أن ينظر الرجل إل الرأة قبل الطبة‬
‫ليعرف جالا الذي يدعوه إل القدام على القتران با ‪ ،‬أؤ قبحها الذي يصرف عنها‬
‫إل غيها ‪ .‬والازم ل يدخل مدخل حت يعرف خيه من شره قبل الول فيه ‪ ،‬قال‬
‫العمش ‪ :‬كل تزويج يقع على غي نظر فآخره هم وغم ‪ .‬وهذا النظر ندب إليه‬
‫الشرع ‪ ،‬ورغب فيه ‪ - 1 :‬فعن جابر بن عبد ال أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ ( :‬إذا خطب أحدكم الرأة ‪ ،‬فان استطاع أن ينظر منها إل ما يدعوه إل‬
‫نكاحها ‪ ،‬فليفعل ) ‪ .‬قال جابر ‪ :‬فخطبت امرأة من بن سلمة ‪ ،‬فكنت أختبئ لا ( ‪) 1‬‬
‫حت رأيت منها بعض ما دعان إليها ‪ .‬رواه أبو داود ‪ - 2 .‬وعن الغية بن شعبة ‪ :‬أنه‬
‫خطب امرأة ‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬أنظرت إليها ؟ ) قال ‪ :‬ل ‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ‪ ( :‬أنظر إليها ‪ ،‬فانه أحرى أن يؤدم بينكما ) ‪ ،‬أي أجدر أن يدوم الوفاق بينكما ‪.‬‬
‫رواه النسائي وابن ماجة والترمذي وحسنه ‪ - 3 .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه ‪ :‬أن‬
‫رجل خطب امرأة من النصار ‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬أنظرت‬
‫إليها ) ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ ( :‬فاذهب فانظر إليها ‪ ،‬فان ف أعي النصار شيئا ) ( ‪. ) 2‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬فيه دليل على أنه ينظر إليها على غفلتها وان ل تأذن له ‪ ) 2 ( .‬قيل‬
‫صغر أو عمش ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 29‬الواضع الت ينظر إليها ‪ :‬ذهب المهور من‬
‫العلماء إل أن الرجل ينظر إل الوجه والكفي ل غي ‪ ،‬لنه يستدل بالنظر إل الوجه‬
‫على المال أو الدمامة ‪ ،‬وإل الكفي على خصوبة البدن أو عدمها ‪ .‬وقال داود ‪:‬‬
‫ينظر إل جيع البدن ‪ .‬وقال الوزاعي ‪ :‬ينظر إل مواضع اللحم ‪ .‬والحاديث ل تعي‬
‫مواضع النظر ‪ ،‬بل أطلقت لينظر إل ما يصل له القصود بالنظر إليه ( ‪ . ) 1‬والدليل‬
‫على ذلك ما رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور ‪ :‬أن عمر خطب إل علي ابنته أم‬
‫كلثوم ‪ ،‬فذكر له صغرها ‪ ،‬فقال ‪ :‬أبعث با إليك ‪ ،‬فإن رضيت فهي امرأتك ‪ ،‬فأرسل‬
‫إليها ‪ ،‬فكشف عن ساقها ‪ ،‬فقالت ‪ :‬لول أنك أمي الؤمني لصككت عينيك ‪ .‬وإذا‬
‫نظر إليها ول تعجبه فليسكت ول يقل شيئا ‪ ،‬حت ل تتأذى با يذكر عنها ‪ ،‬ولعل‬
‫الذي ل يعجبه منها قد يعجب غيه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬فتح الم ج ‪ 2‬ص ‪) . ( . 89‬‬
‫نظر الرأة إل الرجل ‪ :‬وليس هذا الكم مقصورا على الرجل ‪ ،‬بل هو ثابت للمرأة‬
‫أيضا ‪ .‬فلها أن تنظر إل خاطبها فانه يعجبها منه مثل ما يعجبه منها ‪ .‬قال عمر ‪ :‬ل‬
‫تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم ‪ ،‬فانه يعجبهن منهم ما يعجبهم منهن ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 29‬‬
‫التعرف على الصفات ‪ :‬هذا بالنسبة للنظر الذي عرف به المال من القبح ‪ ،‬وأما بقية‬
‫الصفات اللقية فتعرف بالوصف والستيصاف ‪ ،‬والتحري من خالطوها بالعاشرة أو‬
‫الوار ‪ ،‬أو بواسطة بعض أفراد من هم موضع ثقته من القرباء كالم ‪ ،‬والخت ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 30‬وقد بعث النب صلى ال عليه وسلم أم سليم إل امرأة فقال ‪ ( :‬انظري‬
‫إل عرقوبا وشي معاطفها ) ( ‪ ) 1‬وف رواية ( شي عوارضها ) ( ‪ ) 2‬رواه أحد‬

‫‪19‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والاكم والطبان والبيهقي ‪ .‬قال الغزال ف الحياء ‪ :‬ول يستوصف ف أخلقها‬
‫وجالا إل من هو بصي صادق ‪ ،‬خبي بالظاهر والباطن ‪ .‬ول ييل إليها فيفرط ف الثناء‬
‫‪ ،‬ول يسدها فيقصر ‪ ،‬فالطباع مائلة ف مبادئ الزواج ‪ ،‬ووصف الزوجات إل‬
‫الفراط أو التفريط ‪ .‬وقل من يصدق فيه ويقتصد ‪ ،‬بل الداع والغراء أغلب ‪.‬‬
‫والحتياط فيه مهم لن يشى على نفسه التشوف إل غي زوجته ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫معاطفها ناحيتا العنق ‪ ) 2 ( .‬العوارض ‪ :‬السنان ف عرض الفم ‪ ،‬وهي ما بي السنان‬
‫والضراس وواحدها عارض ‪ .‬والراد اختبار رائحة الفم ‪ ) . ( .‬حظر اللوة بالخطوبة‬
‫‪ :‬يرم اللو بالخطوبة ‪ ،‬لنا مرمة على الاطب حت يعقد عليها ‪ .‬ول يرد الشرع‬
‫بغي النظر ‪ ،‬فبقيت على التحري ‪ ،‬ولنه ل يؤمن مع اللوة مواقعة ما نى ال عنه ‪.‬‬
‫فإذا وجد مرم جازت اللوة ‪ ،‬لمتناع وقوع العصية مع حضوره ‪ .‬فعن جابر رضي‬
‫ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فل‬
‫يلون بامرأة ليس معها ذو مرم منها ‪ ،‬فان ثالثهما الشيطان ) ‪ .‬وعن عامر بن ربيعة‬
‫رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬ل يلون رجل بامرأة ل‬
‫تل له ‪ ،‬فان ثالثهما الشيطان إل مرم ) ‪ .‬رواها أحد ‪ .‬خطر التهاون ف اللوة‬
‫وضرره ‪ :‬درج كثي من الناس على التهاون ف هذا الشأن ‪ ،‬فأباح لبنته أو قريبته ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 31‬أن تالط خطيبها وتلو معه دون رقابة ‪ ،‬وتذهب معه حيث يريد من غي‬
‫إشراف ‪ .‬وقد نتج عن ذلك أن تعرضت الرأة لضياع شرفها وفساد فعافها وإهدار‬
‫كرامتها ‪ .‬وقد ل يتم الزواج فتكون قد أضافت إل ذلك فوات الزواج منها ‪ .‬وعلى‬
‫النقيض من ذلك طائفة جامدة ل تسمح للخاطب أن يرى بناتا عند الطبة ‪ ،‬وتأب إل‬
‫أن يرضى با ‪ ،‬ويعقد عليها دون أن يراها أو تراه إل ليلة الزفاف ‪ .‬وقد تكون الرؤية‬
‫مفاجئة لما غي متوقعة ‪ ،‬فيحدث ما ل يكن مقدرا من الشقاق والفراق ‪ .‬وبعض‬
‫الناس يكتفي بعرض الصورة الشمسية ‪ ،‬وهي ف الواقع ل تدل على شئ يكن أن‬
‫يطمئن ‪ ،‬ول تصور القيقة تصويرا دقيقا ‪ .‬وخي المور هو ما جاء به السلم ‪ ،‬فإن‬
‫فيه الرعايد لق كل الزوجي ف رؤية كل منهما الخر ‪ ،‬مع تنب اللوة ‪ ،‬حاية‬
‫للشرف ‪ ،‬وصيانة للعرض ‪ .‬العدول عن الطبة وأثره ‪ :‬الطبة مقدمة تسبق عقد‬

‫‪20‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزواج ‪ ،‬وكثيا ما يعقبها تقدي الهر كله أو بعضه ‪ ،‬وتقدي هدايا وهبات ( ‪، ) 1‬‬
‫تقوية للصلت ‪ ،‬وتأكيدا للعلقة الديدة ‪ .‬وقد يدث أن يعدل الاطب ‪ ،‬أو‬
‫الخطوبة ‪ ،‬أو ها معا عن إتام العقد ‪ ،‬فهل يوز ذلك ؟ وهل يرد ما أعطي للمخطوبة‬
‫؟ إن الطبة مرد وعد بالزواج ‪ ،‬وليست عقدا ملزما ‪ ،‬والعدول عن إنازه حق من‬
‫القوق الت يلكها كل من التواعدين ‪ .‬ول يعل الشارع ل خلف الوعد عقوبة مادية‬
‫يازي بقتضاها الخلف ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الشبكة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 32‬وإن عد‬
‫ذلك خلقا ذميما ‪ ،‬ووصفه بأنه من صفات النافقي ‪ ،‬إل إذا كانت هناك ضرورة‬
‫ملزمة تقتضي عدم الوفاء ‪ .‬ففي الصحيح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‬
‫‪ ( :‬آية النافق ثلث ‪ :‬إذا حدث كذب ‪ ،‬وإذا وعد أخلف ‪ ،‬وإذا اؤتن خان ) ‪ .‬ولا‬
‫حضرت الوفاة ( عبد ال بن عمر ) قال ‪ :‬انظروا فلنا ( لرجل من قريش ) ‪ ،‬فإن‬
‫قلت له ف ابنت قول كشبه العدة ‪ ،‬وما أحب أن ألقى ال بثلث النفاق ‪ ،‬وأشهدكم‬
‫أن قد زوجته ( ‪ . ) 1‬وما قدمه الاطب من الهر فله الق ف استرداده ‪ ،‬ل لنه دفع‬
‫ف مقابل الزواج ‪ ،‬وعوضا عنه ‪ .‬وما دام الزواج ل يوجد ‪ ،‬فإن الهر ل يستحق شئ‬
‫منه ‪ ،‬ويب رده إل صاحبه ‪ ،‬إذ أنه حق خالص له ‪ .‬وأما الدايا فحكمها حكم البة ‪،‬‬
‫والصحيح أن البة ل يوز الرجوع فيها إذا كانت تبعا مضا ل لجل العوض ‪ .‬لن‬
‫الوهوب له حي قبض العي الوهوبة دخلت ف ملكه ‪ ،‬وجاز له التصرف فيها ‪،‬‬
‫فرجوع الواهب فيها انتزاع للكه منه بغي رضاه ‪ .‬وهذا باطل شرعا وعقل ( ‪. ) 2‬‬
‫فإذا وهب ليتعوض من هبته ويثاب عليها فلم يفعل الوهوب له ‪ ،‬جاز له الرجوع ف‬
‫هبته ‪ ،‬وللواهب هنا حق الرجوع فيما وهب ‪ ،‬لن هبته على جهة العاوضة ‪ ،‬فلما ل‬
‫يتم الزواج كان له حق الرجوع فيما وهب ‪ ،‬والصل ف ذلك ‪ - 1 :‬ما رواه‬
‫أصحاب السنن ‪ ،‬عن ابن عباس رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ ( :‬ل يل لرجل أن يعطي عطية ‪ ،‬أو يهب هبة فيجع فيها ‪ ،‬إل الوالد فيما يعطي‬
‫ولده ) ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 32‬‬

‫‪21‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ - 2‬ورووا عنه أيضا ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬العائد ف هبته‬
‫كالعائد ف قيئه ) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬تذكرة الفاظ ‪ ) 2 ( .‬اعلم الوقعي جزء ‪ 2‬ص‬
‫‪ / ) . ( . 50‬صفحة ‪ - 3 / 33‬وعن سال عن أبيه عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه قال ‪ ( :‬من وهب هبة فهو أحق با ما ل يثب منها ) أي يعوض عنها ‪.‬‬
‫وطريقة المع بي هذه الحاديث هي ما ذكره ( اعلم الوقعي ) قال ‪ :‬ويكون‬
‫الواهب الذي ل يل له الرجوع هو من وهب تبعا مضا ل لجل العوض ‪ ،‬والواهب‬
‫الذي له الرجوع هو من وهب ليتعوض من هبته ‪ ،‬ويثاب منها ‪ ،‬فلم يفعل الوهوب له‬
‫‪ ،‬وتستعمل سنن رسول ال كلها ‪ ،‬ول يضرب بعضها ببعض ‪ .‬رأي الفقهاء ‪ :‬إل أن‬
‫العمل الذي جرى عليه القضاء بالحاكم ‪ :‬تطبيق الذهب النفي الذي يرى أن ما‬
‫أهداه الاطب لخطوبته له الق ف استرداده إن كان قائما على حالته ل يتغي ‪.‬‬
‫فالسورة ‪ ،‬أو الات ‪ ،‬أو العقد ‪ ،‬أو الساعة ‪ ،‬ونو ذلك يرد إل الاطب إذا كانت‬
‫موجودة ‪ .‬فإن ل يكن قائما على حالته ‪ ،‬بأن فقد أو بيع أو تغي بالزيادة ‪ ،‬أو كان‬
‫طعاما فأكل ‪ ،‬أو قماشا فخيط ثوبا ‪ ،‬فليس للخاطب الق ف استرداد ما أهداه أو‬
‫استرداد بدل منه ‪ .‬وقد حكمت مكمة طنطا البتدائية الشرعية حكما نائيا بتاريخ‬
‫‪ 13‬يوليو سنة ‪ . 1933‬وقررت فيه القواعد التية ‪ - 1 :‬ما يقدم من الاطب‬
‫لخطوبته ‪ ،‬ما ل يكون مل لورود العقد عليه ‪ ،‬يعتب هدية ‪ - 2 .‬الدية ك البة ‪،‬‬
‫حكما ومعن ‪ - 3 .‬البة عقد تليك يتم بالقبض ‪ .‬وللموهوب له أن يتصرف ف العي‬
‫الوهوبة بالبيع ولشراء وغيه ‪ ،‬ويكون تصرفه نافذا ‪ - 4 .‬هلك العي أو استهلكها‬
‫مانع من الرجوع ف البة ‪ - 5 .‬ليس للواهب إل طلب رد العي إن كانت قائمة ‪.‬‬
‫وللمالكية ف ذلك تفصيل بي أن يكون العدول من جهته أو جهتها ‪ / :‬صفحة ‪/ 34‬‬
‫فإن كان العدول من جهته فل رجوع له فيما أهداه ‪ ،‬وإن كان العدول من جهتها فله‬
‫الرجوع بكل ما أهداه ‪ ،‬سواء أكان باقيا على حاله ‪ ،‬أو كان قد هلك ‪ ،‬فيجع ببدله‬
‫إل إذا كان عرف أو شرط ‪ ،‬فيجب العمل به ‪ .‬وعند الشافعية ترد الدية سواء أكانت‬
‫قائمة أم هالكة ‪ ،‬فإن كانت قائمة ردت هي ذاتا ‪ ،‬وإل ردت قيمتها ‪ .‬وهذا الذهب‬
‫قريب ما ارتضيناه ‪ .‬عقد الزواج الركن القيقي للزواج هو رضا الطرفي ‪ ،‬وتوافق‬

‫‪22‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ارادتما ف الرتباط ‪ .‬ولا كان الرضا ونوافق الرادة من المور النفسية الت ل يطلع‬
‫عليها ‪ ،‬كان لبد من التعبي الدال على التصميم على إنشاء الرتباط واياده ‪ .‬ويتمثل‬
‫التعبي فيما يري من عبارات بي التعاقدين ‪ .‬فما صدر أول من أحد التعاقدين للتعبي‬
‫عن ارادته ف إنشاء الصلة الزوجية يسمى إيابا ‪ ،‬ويقال ‪ :‬أنه أوجب ‪ .‬وما صدر ثانيا‬
‫من التعاقد الخر من العبارات الدالة على الرضا والوافقة يسمى قبول ‪ .‬ومن ث يقول‬
‫الفقهاء ‪ :‬إن أركان الزواج ( الياب ‪ ،‬والقبول ) ‪ .‬شروط الياب والقبول ( ‪: ) 1‬‬
‫ول يقق العقد وتترتب عليه الثار الزوجية ‪ ،‬إل إذا توافرت فيه الشروط التية ‪1 :‬‬
‫‪ -‬تييز التعاقدين ‪ :‬فإن كان أحدها منونا أو صغيا ل ييز فان الزواج ل ينعقد ‪2 .‬‬
‫‪ -‬اتاد ملس الياب والقبول ‪ ،‬بعن أل يفصل بي الياب والقبول بكلم أجنب ‪،‬‬
‫أو با يعد ف العرف إعراضا وتشاغل عنه بغيه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وتسمى شروط‬
‫العتقاد ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 35‬ول يشترط أن يكون القبول بعد الياب مباشرة ‪.‬‬
‫فلو طال الجلس وتراخى القبول عن اليب ‪ ،‬ول يصدر بينهما ما يدل على العراض‬
‫‪ ،‬فالجلس متحد ‪ .‬وإل هذا ذهب الحناف والنابلة ‪ .‬وف الغن ‪ :‬إذا تراخى القبول‬
‫عن الياب صح ‪ ،‬ماداما ف الجلس ‪ ،‬ول يتشاغل عنه بغيه ‪ .‬لن حكم الجلس‬
‫حكم حالة العقد ‪ ،‬بدليل القبض فيما يشترط القبض فيه ‪ ،‬وثبوت اليار ف عقود‬
‫العاوضات ‪ .‬فإن تفرقا قبل القبول بطل الياب ‪ ،‬فانه ل يوجد معناه ‪ ،‬فان العراض‬
‫قد وجد من جهته بالتفرق ‪ ،‬فل يكون مقبول ‪ .‬وكذلك أن تشاغل عنه با يقطعه ‪:‬‬
‫لن معرض عن العقد أيضا بالشتغال عن قبوله ‪ .‬روي عن أحد ‪ ،‬ف رجل مشى إليه‬
‫قوم ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬زوج فلنا ‪ .‬قال ‪ :‬قد زوجته على ألف ‪ .‬فرجعوا إل الزوج فأخبوه‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬قد قبلت ‪ ،‬هل يكون هذا نكاحا ‪ .‬قال ‪ :‬نعم ‪ .‬ويشترط الشافعية الفور ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬فان فصل بي الياب والقبول بطبة بأن قال الول ‪ :‬زوجتك ‪ ،‬وقال الزوج ‪:‬‬
‫بسم ال والمد ل والصلة والسلم على رسول ال ‪ ،‬قبلت نكاحها ‪ ،‬ففيه وجهان ‪:‬‬
‫( أحدها ) وهو قول الشيخ أب حامد السفرايين ‪ ،‬أنه يصح ‪ ،‬لن الطبة مأمور با‬
‫للعقد ‪ ،‬فلم تنع صحته ‪ :‬كالتيمم بي صلت المع ‪ ( .‬والثان ) ل يصح ‪ ،‬لنه فصل‬
‫بي الياب والقبول ‪ .‬فلم يصح ‪ .‬كما لو فصل بينهما بغي الطبة ‪ .‬ويالف التيمم‬

‫‪23‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإنه مأمور به بي الصلتي ‪ ،‬والطبة مأمور با قبل العقد ‪ .‬وأما مالك ‪ ،‬فأجاز‬
‫التراخي والسي بي الياب والقبول ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 35‬‬
‫وسبب اللف ‪ ،‬هل من شرط النعقاد وجود القبول من التعاقدين ف وقت واحد معا‬
‫؟ أم ليس ذلك من شرطه ؟ ‪ /‬صفحة ‪ - 3 / 36‬أل يالف القبول الياب إل إذا‬
‫كانت الخالفة إل ما هو أحسن للموجب ‪ ،‬فانا تكون أبلغ ف الوافقة ‪ .‬فإذا قال‬
‫الوجب ‪ :‬زوجتك ابنت فلنة ‪ ،‬على مهر قدره مائة جنيه ‪ ،‬فقال القابل ‪ :‬قبلت‬
‫زواجها على مائتي ‪ ،‬انعقد الزواج ‪ ،‬لشتمال القبول على ما هو أصلح ‪ - 4 .‬ساع‬
‫كل من التعاقدين بعضهما من بعض ما يفهم أن القصود من الكلم هو إنشاء عقد‬
‫الزواج ‪ ،‬وإن ل يفهم منه كل منهما معان مفردات العبارة ‪ ،‬لن العبة بالقاصد‬
‫والنيات ‪ .‬ألفاظ النعقاد ‪ ) 1 ( :‬ينعقد الزواج باللفاظ الت تؤدي إليه باللغة الت‬
‫يفهمها كل من التعاقدين ‪ ،‬مت كان التعبي الصادر عنهما دال على إرادة الزواج ‪،‬‬
‫دون لبس أو إبام ‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ :‬وينعقد النكاح با عده الناس نكاحا‬
‫بأي لغة ولفظ وفعل كان ‪ .‬ومثله كل عقد ( ‪ . ) 2‬وقد وافق الفقهاء على هذا‬
‫بالنسبة للقبول ‪ ،‬فلم يشترطوا اشتقاقه من مادة خاصة ‪ ،‬بل يتحقق بأي لفظ يدل على‬
‫الوافقة أو الرضا ‪ ،‬مثل ‪ :‬قبلت ‪ ،‬وافقت ‪ ،‬أمضيت ‪ ،‬نفذت ‪ .‬أما الياب فإن العلماء‬
‫متفقون على أنه يصح بلفظ النكاح والتزويج ‪ ،‬وما اشتق منهما مثل ‪ :‬زوجتك ‪ ،‬أو‬
‫أنكحتك ‪ :‬لدللة هذين اللفظي صراحة على القصود ‪ .‬واختلفوا ف انعقاده بغي‬
‫هذين اللفظي ‪ ،‬كلفظ البة أو البيع أو التمليك أو الصدقة ‪ .‬فأجازه الحناف ( ‪ ) 3‬و‬
‫( الثوري ) و ( أبو ثور ) و ( أبو داود ) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الياب والقبول ‪) 2 ( .‬‬
‫الختيارات العلمية ص ‪ ) 3 ( . 119‬قاعدة الحناف ان عقد الزواج ينعقد بكل لفظ‬
‫موضوع لتمليك العي ف الال بصفة دائمة فل ينعقد بلفظ الحلل أو الباحة ‪ .‬لنه‬
‫ليس فيهما ما يدل على التمليك ول بلفظ العارة والجارة ‪ ،‬لن الاصل بكل منهما‬
‫تليك منفعة العي ‪ .‬ول بلفظ الوصية لنا موضوعة لفادة الك بعد الوت ‪/ ) . ( .‬‬

‫‪24‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صفحة ‪ / 37‬لنه عقد يعتب فيه النية ‪ ،‬ول يشترط ف صحته اعتبار اللفظ‬
‫الخصوص ‪ ،‬بل العتب فيه أي لفظ اتفق إذا فهم العن الشرعي منه ‪ :‬أي إذا كان بينه‬
‫وبي العن الشرعي مشاركة ‪ ،‬لن النب صلى ال عليه وسلم زوج رجل امرأة فقال ‪:‬‬
‫( قد ملكتكها با معك من القرآن ) ‪ .‬رواه البخاري ‪ .‬ولن لفظ البة انعقد به زواج‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فكذلك ينعقد به زواج أمته ‪ ،‬قال ال تعال ‪ ( :‬يأيها النب‬
‫إنا أح للنا لك أزواجك اللت آتيت أجورهن ) إل قوله ‪ ( :‬وامرأة مؤمنة إن وهبت‬
‫نفسها للنب ) ‪ .‬ولنه أمكن تصحيحه بجازه ‪ ،‬فوجب تصحيحه ‪ ،‬كايقاع الطلق‬
‫بالكنايات ‪ .‬وذهب الشافعي وأحد وسعيد بن السيب وعطاء إل أنه ل يصح إل بلفظ‬
‫التزويج أو النكاح وما اشتق منهما ‪ ،‬لن ما سواها من اللفاظ كالتمليك والبة ل‬
‫يأت على معن الزواج ‪ ،‬ولن الشهادة عندهم شرط ف الزواج ‪ ،‬فإذا عقد بلفظ البة‬
‫ل تقع على الزواج ‪ .‬العقد بغي اللغة العربية ‪ :‬اتفق الفقهاء على جواز الزواج بغي‬
‫اللغة العربية إذا كان العاقدان أو أحدها ل يفهم العربية ‪ .‬واختلفوا فيما إذا كانا‬
‫يفهمان العربية ويستطيعان العقد با ‪ :‬قال ابن قدامة ف الغن ‪ :‬ومن قدر على لفظ‬
‫النكاح بالعربية ل يصح بغيها ‪ ،‬وهذا أحد قول الشافعي ‪ .‬وعند أب حنيفة ينعقد ‪،‬‬
‫لنه أتى بلفظه الاص فانعقد به ‪ ،‬كما ينعقد بلفظ العربية ‪ / .‬صفحة ‪ / 38‬ولنا ‪ :‬انه‬
‫عدل عن لفظ النكاح والتزويج مع القدرة فلم يصح كلفظ الحلل ‪ .‬فأما من ل‬
‫يسن العربية فيصح منه عقد النكاح بلسانه ‪ ،‬لنه عاجز عما سواه فسقط عنه ‪:‬‬
‫كالخرس ‪ ،‬ويتاج أن يأت بعناها الاص بيث يشتمل على معن اللفظ العرب ‪،‬‬
‫وليس على من ل يسن العربية تعلم ألفاظ النكاح با ‪ .‬وقال أبو الطاب ‪ :‬عليه أن‬
‫يتعلم ‪ ،‬لن ما كانت العربية شرطا فيه لزمه أن يتعلمها مع القدرة ‪ ،‬كالتكبي ‪ .‬ووجه‬
‫الول أن النكاح غي واجب ‪ ،‬فلم يب تعلم أركانه بالعربية كالبيع بلف التكبي ‪.‬‬
‫فان كان أحد التعاقدين يسن العربية دون الخر أتى الذي يسن العربية با ‪ ،‬والخر‬
‫يأت بلسانه ‪ .‬فان كان أحدها ل يسن لسان الخر احتاج أن يعلم أن اللفظة الت أتى‬
‫با صحبه لفطة النكاح ان يبه بذلك ثقة يعرف اللساني جيعا ‪ .‬والق الذي يبدو‬
‫لنا أن هذا تشدد ‪ ،‬ودين ال يسر ‪ ،‬وسبق أن قلنا ‪ :‬إن الركن القيقي هو الرضا ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والياب والقبول ما ها إل مظهران لذا الرضا ودليلن عليه ‪ .‬فإذا وقع الياب‬
‫والقبول كان ذلك كافيا ‪ ،‬مهما كانت اللغة الت أديا با ‪ .‬قال ابن تيمية ‪ :‬انه ( أي‬
‫النكاح ) وان كان قربة ‪ ،‬فانا هو كالعتق والصدقة ‪ ،‬ل يتعي له لفظ عرب ول عجمي‬
‫‪ .‬ث ان العجمي إذا تعلم العربية ف الال ربا ل يفهم القصود من ذلك اللفظ ‪ ،‬كما‬
‫يفهم من اللغة الت اعتادها ‪ .‬نعم ‪ .‬لو قيل ‪ :‬تكره العقود بغي العربية لغي حاجة ‪،‬‬
‫كما يكره سائر‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 38‬‬
‫أنواع الطاب بغي العربية لغي حاجة ‪ ،‬لكان متوجها ‪ .‬كما روي عن مالك وأحد‬
‫والشافعي ما يدل على كراهية اعتياد الخاطبة بغي العربية لغي حاجة ‪ / .‬صفحة ‪39‬‬
‫‪ /‬زواج الخرس ‪ :‬ويصح زواج الخرس باشارته إن فهمت كما يصح بيعه ‪ ،‬لن‬
‫الشارة معن مفهم ‪ .‬وإن ل تفهم إشارته ل يصح منه ‪ ،‬لن العقد بي شخصي ‪ ،‬ول‬
‫بد من فهم كل واحد منهام ما يصدر من صاحبه ( ‪ ( ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬جاء ف‬
‫لئحة ترتيب الحاكم الشرعة والجراءات التعلقة با مادة ‪ 128‬اقرار الخرس يكون‬
‫باشارته العهودة ‪ .‬ول يعتب إقراره بالشارة إذا كان يكنه القرار بالكتابة ‪ ) . ( .‬عقد‬
‫الزواج للغائب ‪ :‬إذا كان أحد طرف العقد غائبا وأراد أن يعقد الزواج فعليه أن يرسل‬
‫رسول أو يكتب كتابا إل الطرف الخر يطلب الزواج ‪ .‬وعلى الطرف الخر ‪ -‬إذا‬
‫كان له رغبة ف القبول ‪ -‬أن يضر الشهود ويسمعهم عبارة الكتاب أو رسالة‬
‫الرسول ‪ ،‬ويشهدهم ف الجلس على أنه قبل الزواج ‪ .‬ويعتب القبول مقيدا بالجلس ‪.‬‬
‫شروط صيغة العقد اشترط الفقهاء لصيغة الياب والقبول ‪ :‬أن تكون بلفظي وضعا‬
‫للماضي ‪ ،‬أو وضع أحدها للماضي والخر للمستقبل ‪ .‬فمثال الول ‪ :‬أن يقول‬
‫العاقد الول ‪ :‬زوجتك ابنت ‪ .‬ويقول القابل ‪ :‬قبلت ‪ .‬ومثال الثان ‪ :‬أن يقول‬
‫الاطب أزوجك ابنت ‪ ،‬فيقول له ‪ :‬قبلت ‪ .‬وإنا اشترطوا ذلك ‪ ،‬لن تقق الرضا من‬
‫الطرفي وتوافق ارادتما هو الركن القيقي لعقد الزواج ‪ ،‬والياب والقبول مظهر ان‬
‫لذا الرضا كما تقدم ‪ .‬ولبد فيهما من أن يدل دللة قطعية على حصول الرضا وتققه‬

‫‪26‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فعل وقت العقد ‪ .‬والصيغة الت استعملها الشارع لنشاء العقود هي صيغة الاضي ‪،‬‬
‫لن دللتها على حصول الرضا من الطرفي قطعية ‪ .‬ول تتمل أي معن آخر ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 40‬بلف الصيغ الدالة على الال أو الستقبال ‪ ،‬فانا ل تدل قطعا على‬
‫حصول الرضا وقت التكلم ‪ .‬فلو قال أحدها ‪ :‬أزوجك ابنت ‪ .‬وقال الخر ‪ :‬أقبل ‪،‬‬
‫فإن الصيغة منهما ل ينعقد با الزواج ‪ ،‬لحتمال أن يكون الراد من هذه اللفاظ مرد‬
‫الوعد ‪ .‬والوعد بالزواج مستقبل ليس عقدا له ف الال ‪ ،‬ولو قال الاطب ‪ :‬زوجن‬
‫ابنتك ‪ ،‬فقال الخر ‪ :‬زوجتها لك ‪ ،‬انعقد الزواج ‪ ،‬لن صيغة ( زوجن ) دالة على‬
‫معن التوكيل ‪ ،‬والعقد يصح أن يتوله واحد عن الطرفي ‪ .‬فإذا قال الاطب ‪ :‬زوجن‬
‫‪ ،‬وقال الطرف الخر ‪ :‬قبلت ‪ ،‬كان مؤى ذلك أن الول وكل الثان ‪ ،‬والثان أنشأ‬
‫العقد عن الطرفي بعبارته ‪ .‬اشتراط التنجيز ف العقد ‪ :‬كما اشترطوا أن تكون منجزة‬
‫‪ :‬أي أن الصيغة الت يعقد با الزواج يب أن تكون مطلقة غي مقيدة بأي قيد من‬
‫القيود ‪ ،‬مثل أن يقول الرجل للخاطب ‪ :‬زوجك ابنت ‪ ،‬فيقول الاطب ‪ :‬قبلت ‪.‬‬
‫فهذا العقد منجز ‪ .‬ومت استوف شروطه وصح ترتبت عليه آثاره ‪ .‬ث ان صيغة العقد‬
‫قد تكون معلقة على شرط ‪ ،‬أو مضافة إل زمن مستقبل أو مقرونة بوقت معي ‪ ،‬أو‬
‫مقترنة بشرط ‪ ،‬فهي ف هذه الحوال ل ينعقد با العقد ‪ .‬واليك بيان كل على حدة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 10‬الصيغة العلقة على شرط ‪ :‬وهي أن يعل تقق مضمونا معلقا على تقق شئ‬
‫آخر بأداة من أدوات التعليق ‪ :‬مثل أن يقول الاطب ‪ :‬ان التحقت بالوظيفة تزوجت‬
‫ابنتك ‪ ،‬فيقول الب ‪ :‬قبلت ‪ ،‬فإن الزواج بذه الصيغة ل ينعقد ‪ ،‬لن انشاء العقد‬
‫معلق على شئ قد يكون ‪ ،‬وقد ل يكون ف الستقبل ‪ .‬وعقد الزواج يفيد ملك التعة‬
‫ف الال ‪ ،‬ول يتراخى حكمه عنه ‪ ،‬بينما ‪ /‬صفحة ‪ / 41‬الشرط ‪ -‬وهو اللتحاق‬
‫بالوظيفة ‪ -‬معدوم حال التكلم ‪ ،‬والعلق على العدوم معدوم ‪ .‬فلو يوجد زواج ‪ .‬أما‬
‫إذا كان التعليق على أمر مقق ف الال فان الزواج ينعقد ‪ ،‬مثل أن يقول ‪ :‬إن كانت‬
‫ابنتك سنها عشرون سنة تزوجتها ‪ .‬فيقول الب ‪ :‬قبلت ‪ .‬وسنها فعل عشرون سنة ‪.‬‬
‫وكذلك إن قالت ‪ :‬إن رضي أب تزوجتك ‪ ،‬فقال الاطب ‪ ،‬قبلت ‪ ،‬وقال أبوها ف‬
‫الجلس ‪ :‬رضيت ‪ .‬إذ أن التعليق ف هذه الال صوري ‪ ،‬والصيغة ف الواقع منجزة ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( ‪ ) 2‬الصيغة الضافة إل زمن مستقبل ‪ :‬مثل أن يقول الاطب ‪ :‬تزوجت ابنتك غدا‬
‫أو بعد شهر ‪ :‬فيقول الب ‪ :‬قبلت ‪ ،‬فهذه الصيغة ل ينعقد با الزواج ‪ ،‬ل ف الال ‪،‬‬
‫ول عند حلول الزمن الضاف إليه ‪ ،‬لن الضافة إل الستقبل تناف عقد الزواج الذي‬
‫يوجب تليك الستمتاع ف الال ‪ ) 3 ( .‬الصيغة القترنة بتوقيت العقد بوقت معي ‪:‬‬
‫كأن يتزوج مدة شهر ‪ ،‬أو أكثر ‪ ،‬أو أقل فان الزواج ل يل ‪ ،‬لن القصود من الزواج‬
‫دوام العاشرة للتوالد ‪ ،‬والحافظة على النسل ‪ ،‬وتربية الولد ‪ .‬ولذا حكم الفقهاء‬
‫على زواج التعة والتحليل بالبطلن ‪ ،‬لنه يقصد بالول مرد الستمتاع الوقت ‪،‬‬
‫ويقصد بالثان تليل الزوجة الول ‪ .‬وإليك تفصيل القول ف كل منهما ‪ :‬زواج التعة‬
‫ويسمى الزواج الؤقت ‪ ،‬والزواج النقطع ‪ ،‬وهو أن يعقد الرجل على الرأة يوما أو‬
‫اسبوعا أو شهرا ‪ .‬وسي بالتعة ‪ .‬كأن لرجل ينتفع ويتبلغ بالزواج ويتمتع إل الجل‬
‫الذي ‪ /‬صفحة ‪/ 42‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 42‬‬
‫وقته ‪ .‬وهو زواج متفق على تريه بي أئمة الذاهب ‪ .‬وقالوا ‪ :‬انه إذا انعقد يقع باطل‬
‫( ‪ ) 1‬واستدلوا على هذا ‪ ( :‬أول ) ‪ :‬إن هذا الزواج ل تتعلق به الحكام الواردة ف‬
‫القرآن بصدد الزواج ‪ ،‬والطلق ‪ ،‬والعدة ‪ ،‬والياث ‪ ،‬فيكون باطل كغيه من‬
‫النكحة الباطلة ‪ ( .‬ثانيا ) ‪ :‬أن الحاديث جاءت مصرحة بتحريه ‪ .‬فعن سبة الهن‬
‫‪ :‬أنه غزا مع النب صلى ال عليه وسلم ف فتح مكة فأذن لم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ف متعة النساء ‪ .‬قال ‪ :‬فلم يرج منها حت حرمها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ .‬وف لفظ رواه ابن ماجة ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم حرم التعة فقال‬
‫‪ ( :‬يا أيها الناس إن كنت أذنت لكم ف الستمتاع ‪ ،‬أل وان ال قد حرمها إل يوم‬
‫القيامة ) ‪ .‬وعن علي رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نى عن متعة‬
‫النساء يوم خيب ‪ ،‬وعن لوم المر الهلية ) ( ‪ ( . ) 2‬ثالثا ) ‪ :‬أن عمر رضي ال عنه‬
‫حرمها وهو على النب أيام خلفته ‪ ،‬وأقره الصحابة رضي ال عنهم وما كانوا ليقروه‬
‫على خطأ لو كان مطئا ‪ ( .‬رابعا ) ‪ :‬قال الطاب ‪ :‬تري التعة كالجاع إل عن بعض‬

‫‪28‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشيعة ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ويرى زفر إذا نص على توقيته بدة ‪ .‬فالنكاح صحيح‬
‫ويسقط شرط التوقيت ‪ .‬هذا إذا حصل العقد بلفظ التزويج فان حصل بلفظ التعة‬
‫فهو موافق للجماعة على البطلن ‪ ) 2 ( .‬الصحيح ان التعة انا حرمت عام الفتح‬
‫لنه قد ثبت ف صحيح مسلم انم استمتعوا عام الفتح مع النب صلى ال عليه وسلم‬
‫باذنه ولو كان التحري زمن ‪ ،‬خيب للزم النسخ مرتي ‪ .‬وهذا ل عهد بثله ف الشريعة‬
‫البتة ول يقع مثله فيها ‪ .‬ولذا اختلف أهل العلم ف هذا الديث فقال قوم فيه تقدي‬
‫وتأخي وتقديره ‪ .‬ان النب صلى ال عليه وسلم نى عن لوم المر الهلية يوم خيب‬
‫وعن متعة النساء ول يذكر الوقت الذي نى عنها فيه ‪ ،‬وقد بينه حديث مسلم ‪ ،‬وانه‬
‫كان عام الفتح ‪ .‬اما المام الشافعي فقد حل المر على ظاهره فقال ‪ :‬ل أعلم شيئا‬
‫أحله ال ث حرمه ‪ ،‬ث أحله ث حرمه ‪ ،‬إل التعة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 43‬ول يصح على‬
‫قاعدتم ف الرجوع ف الخالفات إل علي ‪ ،‬فقد صح عن علي أنا نسخت ‪ .‬ونقل‬
‫البيهقي عن جعفر بن ممد أنه سئل عن التعة ‪ ،‬فقال ‪ :‬هي الزنا بعينه ‪ ( .‬خامسا ) ‪:‬‬
‫ولنه يقصد به قضاء الشهوة ‪ ،‬ول يقصد به التناسل ‪ ،‬ول الحافظة على الولد ‪،‬‬
‫وهي القاصد الصلية للزواج ‪ ،‬فهو يشبه الزنا من حيث قصد الستمتاع دون غيه ‪.‬‬
‫ث هو يضر بالرأة ‪ ،‬إذ تصبح كالسلعة الت تنتقل من يد إل يد ‪ ،‬كما يضر بالولد ‪،‬‬
‫حيث ل يدون البيت الذي يستقرون فيه ‪ ،‬ويتعهدهم بالتربية والتأديب ‪ .‬وقد روي‬
‫عن بعض الصحابة وبعض التابعي أن زواج التعة حلل ‪ ،‬واشتهر ذلك عن ابن عباس‬
‫رضي ال عنه ‪ ،‬وف تذيب السنن ‪ :‬وأما ابن عباس فانه سلك هذا السلك ف إباحتها‬
‫عند الاجة والضرورة ‪ ،‬ول يبحها مطلقا ‪ ،‬فلما بلغه إكثار الناس منها رجع ‪ .‬وكان‬
‫يمل التحري على من ل يتج إليها ‪ .‬قال الطاب ‪ :‬ان سعيد بن جبي قال ‪ :‬قلت لبن‬
‫عباس ‪ :‬هل تدري ما صنعت ‪ ،‬وب أفتيت ؟ قد سارت بفتياك الركبان ‪ ،‬وقالت فيه‬
‫الشعراء ‪ .‬قال ‪ :‬وما قالوا ؟ قلت ‪ :‬قالوا ‪ :‬قد قلت للشيخ لا طال مبسه ‪ -‬يا صاح‬
‫هل لك ف فتيا ابن عباس ؟ هل لك ف رخصة الطراف آنسة ‪ -‬تكون مثواك حت‬
‫رجعة الناس ؟ فقال ابن عباس ‪ ( :‬إنا ل وإنا إليه راجعون ) ! وال ما بذا أفتيت ‪ ،‬ول‬
‫هذا أردت ‪ ،‬ول أحللت إل مثل ما أحل ال اليتة والدم ولم النير ‪ ،‬وما تل إل‬

‫‪29‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫للمضطر ‪ ،‬وما هي إل كاليتة والدم ولم النير ‪ / .‬صفحة ‪ / 44‬وذهبت الشيعة‬
‫المامية إل جوازه ‪ ،‬وأركانه عندهم ‪ - 1 :‬الصيغة ‪ :‬أي أنه ينعقد بلفظ ( زوجتك )‬
‫و ( أنكحتك ) و ( متعتك ) ‪ - 2‬الزوجة ‪ :‬ويشترط كونا مسلمة أو كتابية ‪،‬‬
‫ويستحب اختيار الؤمنة العفيفة ‪ ،‬ويكره بالزانية ‪ - 3 .‬الهر ‪ :‬وذكره شرط ويكفي‬
‫فيه الشاهدة ويتقدر بالتراضي ولو بكف من بر ‪ - 4 .‬الجل ‪ :‬وهو شرط ف العقد ‪.‬‬
‫ويتقرر بتراضيهما ‪ ،‬كاليوم والسنة والشهر ‪ ،‬ول بد من تعيينه ‪ .‬ومن أحكام هذا‬
‫الزواج عندهم ‪ - 1 :‬الخلل بذكر الهر مع ذكر الجل يبطل العقد ‪ ،‬وذكر الهر‬
‫من دون ذكر الجل يقلبه دائما ز ‪ - 2‬ويلحق به الولد ‪ - 3 .‬ل يقع بالتعة طلق ‪،‬‬
‫ول لعان ‪ - 4 .‬ل يثبت به مياث بي الزوجي ‪ - 5 .‬أما الولد فإنه يرثهما ويرثانه ‪.‬‬
‫‪ - 6‬تنقضي عدتا إذا انقضى أجلها بيضتي ‪ ،‬إن كانت من تيض ‪ ،‬فإن كانت من‬
‫تيض ول تض فعدتا خسة وأربعون يوما ‪ .‬تقيق الشوكان ‪ :‬قال الشوكان ‪ :‬وعلى‬
‫كل حل فنحن متعبدون با بلغنا عن الشارع ‪ ،‬وقد صح لنا عنه التحري الؤبد ‪.‬‬
‫ومالفة طائفة من الصحابة له غي قادحة ف حجيته ‪ ،‬ول قائمة لنا بالعذرة عن العمل‬
‫به ‪ .‬كيف والمهور من الصحابة قد حفظوا التحري وعملوا به ‪ ،‬ورووه لنا ؟‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 44‬‬
‫حت قال ابن عمر ‪ -‬فيما أخرجه عنه ابن ماجة باسناد صحيح ‪ : -‬ان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬أذن لنا ف التعة ثلثا ت حرمها ‪ ،‬وال ل أعلم أحدا تتع وهو‬
‫مصن إل رجته بالجارة ) ‪ / .‬صفحة ‪ / 45‬وقال أبو هريرة فيما يرويه عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬هدم التعة الطلق والعدة والياث ) ‪ .‬أخرجه الدار قطن ‪،‬‬
‫وحسنه الافظ ‪ .‬ول ينع من كونه حسنا كون ف إسناده مؤمل بن اساعيل ‪ ،‬لن‬
‫الختلف فيه ل يرج حديثه عن حد السن إذا انضم إليه من الشواهد ما يقويه كما‬
‫هو شأن السن لغيه ‪ .‬وأما ما يقال من أن تليل التعة ممع عليه ‪ ،‬والجمع عليه‬
‫قطعي ‪ ،‬وتريها متلف فيه ‪ ،‬والختلف فيه ظن ‪ ،‬والظن ل ينسخ القطعي ‪ ،‬فيجاب‬
‫عنه ‪ :‬أول ‪ :‬بنع هذه الدعوى ( أعن كون القطعي ل ينسخه الظن ) فما الدليل‬

‫‪30‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليها ؟ ومرد كونا مذهب المهور غي مقنع لن قام ف مقام النع يسائل خصمه عن‬
‫دليل العقل والسمع باجاع السلمي ‪ .‬وثانيا ‪ :‬بأن لنسخ بذلك الظن إنا هو‬
‫لستمرار الل ‪ ،‬والستمرار ظن ل قطعي ‪ .‬وأما قراءة ابن عباس وابن مسعود وأب‬
‫بن كعب وسعيد بن جبي ( فما استمتعتم به منهن إل أجل مسمى ) ‪ ،‬فليست بقرآن‬
‫عند مشترطي التواتر ‪ ،‬ول سنة لجل روايتها قرآنا ‪ ،‬فيكون من قبيل التفسي للية ‪،‬‬
‫وليس ذلك بجة ‪ .‬وأما من ل يشترط التواتر فل مانع من نسخ ظن القرآن بظن‬
‫السنة كما تقرر ف الصول ‪ .‬انتهى ‪ .‬العقد على الرأة وف نية الزوج طلقها ‪ :‬اتفق‬
‫الفقهاء على أن من تزوج امرأة دون أن يشترط التوقيت وف نيته أن يطلقها بعد‬
‫زمن ‪ ،‬أو بعد انقضاء حاجته ف البلد الذي هو مقيم به ‪ ،‬فالزواج صحيح ‪ .‬وخالف‬
‫الوزاعي فاعتبه زواج متعة ‪ .‬قال الشيخ ( رشيد رضا ) تعلقا على هذا ف تفسي‬
‫النار ‪ :‬هذا وان تشديد علماء السلف واللف ف منع التعة يقتضي مع النكاح بنية‬
‫الطلق ‪ ،‬وإن كان ‪ /‬صفحة ‪ / 46‬الفقهاء يقولون ‪ :‬إن عقد النكاح يكون صحيحا‬
‫إذا نوى الزواج التوقيت ول يشترطه ف صيغة العقد ‪ .‬ولكن كتمانه إياه يعد خداعا‬
‫وغشا ‪ .‬وهو أجدر بالبطلن من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون‬
‫بالتراضي بي الزواج والرأة ووليها ‪ ،‬ول يكون فيه من الفسدة إل العبث بذه الرابطة‬
‫العظيمة الت هي أعظم الروابط البشرية ‪ ،‬وإيثار التنقل ف مراتع الشهوات بي‬
‫الذواقي والذواقات ‪ ،‬وما يترتب على ذلك من النكرات ‪ .‬وما ل يشترط فيه ذلك‬
‫يكون على اشتماله على ذلك غشا وخداعا تترتب عليه مفاسد أخرى من العداوة‬
‫والبغضاء وذهاب الثقة حت بالصادقي الذين يريدون بالزواج حقيقته ‪ ،‬وهو احصان‬
‫كل من الزوجي للخر ‪ ،‬واخلصه له ‪ ،‬وتعاونما على تأسيس بيت صال من بيوت‬
‫المة ‪ .‬زواج التحليل وهو أن يتزوج الطلقة ثلثا بعد انقضاء عدتا ‪ ،‬أو يدخل با ث‬
‫يطلقها ليحلها للزوج الول ‪ .‬وهذا النوع من الزواج كبية من كبائر الث والفواحش‬
‫‪ ،‬حرمه ال ‪ ،‬ولعن فاعله ‪ - 1 .‬فعن أب هريرة ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ ( :‬لعن ال الحلل والحلل له ) ‪ .‬رواه أحد بسند حسن ‪ - 2 .‬وعن عبد ال بن‬
‫مسعود قال ‪ ( :‬لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم الحلل والحلل له ) ‪ . .‬رواه‬

‫‪31‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الترمذي ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح ‪ .‬وقد روي هذا الديث عن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم من غي وجه ‪ .‬والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النب‬
‫صلى ال عليه وسلم منهم ‪ :‬عمر بن الطاب ‪ ،‬وعثمان بن عفان ‪ ،‬وعبد ال بن عمر‬
‫وغيهم ‪ .‬وهو قول الفقهاء من التابعي ‪ - 3 .‬وعن عقبة بن عامر ‪ :‬أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬أل أخبكم بالتيس الستعار ) ؟ قالوا ‪ :‬بلى يا رسول ال‬
‫‪ .‬قال ‪ ( :‬هو الحلل ‪ / ،‬صفحة ‪ / 47‬لعن ال الحلل والحلل له ) ‪ .‬رواه ابن ماجة ‪،‬‬
‫والاكم ‪ ،‬وأعله أبو زرعة وأبو حات بالرسال ‪ .‬واستنكره البخاري ‪ ،‬وفيه يي بن‬
‫عثمان ‪ ،‬وهو ضعيف ‪ - 4 .‬وعن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سئل‬
‫عن الحلل ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬ل ‪ .‬إل نكاح رغبة ‪ ،‬ل دلسة ‪ ،‬ول استهزاء بكتاب ال‬
‫عزوجل ‪ ،‬حت تذوق عسيلته ) ‪ .‬رواه أبو اسحاق الوزجان ‪ - 5 .‬وعن عمر رضي‬
‫ال عنه قال ‪ ( ،‬ل أوتى بحلل ول ملل له إل جتهما ) ‪ .‬فسئل ابنه عن ذلك فقال ‪:‬‬
‫كلها زان ‪ .‬رواه ابن النذر ‪ ،‬وابن رأب شيبة ‪ ،‬وعبد الرزاق ‪ - 6 .‬وسأل رجل ابن‬
‫عمر فقال ‪ :‬ما تقول ف امرأة تزوجتها لحلها لزوجها ‪ ،‬ول يأمرن ول يعلم ؟ فقال له‬
‫ابن عمر ‪ ( :‬ل ‪ ،‬إل نكاح رغبة ‪ ،‬ان أعجبتك أمسكتها ‪ ،‬وان كرهتها فارقتها ‪ ،‬وإن‬
‫كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ) ‪ .‬وقال ‪ :‬ل يزالن‬
‫زانيي وان مكثا عشرين سنة إذا علم أنه يريد أن يلها ‪ .‬حكمه ‪ :‬هذه النصوص‬
‫صرية ف بطلن هذا الزواج وعدم صحته ( ‪ ، ) 1‬لن اللعن ل يكون إل على أمر‬
‫غي جائز ف الشريعة ‪ ،‬وهو ل يل الرأة للزوج الول ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 47‬‬
‫ولو ل يشترط التحليل عند العقد مادام قصد التحليل قائما ‪ ،‬فان العبة بالقاصد‬
‫والنوايا ‪ .‬قال ابن القيم ‪ :‬ول فرق عند أهل الدينة وأهل الديث وفقهائهم بي اشترط‬
‫ذلك بالقول ‪ ،‬أو بالتواطؤ والقصد ‪ .‬فإن القصود ف العقود عندهم معتبة ‪ ،‬والعمال‬
‫بالنيات ‪ .‬والشرط التوطأ عليه الذي دخل عليه التعاقدان كاللفوظ عندهم ‪ .‬واللفاظ‬
‫ل تراد لعينها ‪ ،‬بل للدللة على العان ‪ :‬فإذا ظهرت العان ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ثبت فيه‬

‫‪32‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جيع أحكام العقود الفاسدة ول يثبت به الحصان وال الباحة للزوج الول ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 48‬والقاصد ‪ ،‬فل عبة باللفاظ لنا وسائل ‪ ،‬وقد تققت غاياتا فترتب‬
‫عليها أحكامها ‪ .‬وكيف يقال ‪ :‬إن هذا زواج تل به الزوجة لزوجها الول ‪ ،‬مع قصد‬
‫التوقيت ‪ ،‬وليس له غرض ف دوام العشرة ول ما يقصد بالزواج من التناسل وتربية‬
‫الولد وغي ذلك من القاصد القيقية لتشريع الزواج ‪ .‬إن هذا الزواج الصوري‬
‫كذب وخداع ل يشرعه ال ف دين ‪ ،‬ول يبحه لحد ‪ ،‬وفيه من الفاسد والضار ما ل‬
‫يفى على أحد ‪ .‬قال ابن تيمية ‪ :‬دين ال أزكى وأطهر من أن يرم فرجا من الفروج‬
‫حت يستعار له تيس من التيوس ‪ ،‬ل يرغب ف نكاحه ول مصاهرته ‪ ،‬ول يراد بقاؤه‬
‫مع الرأة أصل ‪ ،‬فينو عليها ‪ ،‬وتل بذلك فان هذا سفاح ‪ .‬وزنا ‪ ،‬كما ساه أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فكيف يكون الرام ملل ؟ أم كيف يكون البيث‬
‫مطيبا ؟ أم كيف يكون النجس مطهرا ؟ ! وغي خاف على من شرح ال صدره‬
‫للسلم ‪ ،‬ونور قلبه باليان ‪ ،‬أن هذا من أقبح القبائح الت ل تأت با سياسة عاقل ‪،‬‬
‫فضل عن شرائع النبياء ل سيما أفضل الشرائع وأشرف الناهج ‪ .‬انتهى ‪ .‬هذا هو‬
‫الق ‪ ،‬وإليه ذهب مالك وأحد ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬وأهل الظاهر ‪ ،‬وغيهم من الفقهاء ‪،‬‬
‫منهم السن ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬وقتادة ‪ ،‬والليث وابن البارك ‪ .‬وذهب آخرون إل أنه جائز‬
‫إذا ل يشترط ف العقد ‪ .‬لن القضاء بالظواهر ل بالقاصد والضمائر ‪ ،‬والنيات ف‬
‫العقود غي معتبة ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬الحلل الذي يفسد نكاحه هو من يتزوجها ليخلها‬
‫ث يطلقها ‪ ،‬فأما من ل يشترط ذلك ف عقد النكاح فعقده صحيح ‪ .‬وقال ابن حنيفية‬
‫وزفر ‪ :‬ان اشترط ذلك عند انشاء العقد ‪ ،‬بأن صرح أنه يلها للول تل للول‬
‫ويكره ‪ ،‬لن عقد الزواج ل يبطل بالشروط الفاسدة فتحل للزواج الول بعد طلقها‬
‫من الزوج الثان أو موته عنها وانقضاء عدتا ‪ .‬وعند أب يوسف هو عقد فاسد ‪ ،‬لنه‬
‫زواج مؤقت ‪ ،‬ويرى ممد بصحة العقد الثان ‪ ،‬ولكنه ل يلها للزوج الول ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 49‬الزواج الذي تل به الطلقة للزوج الول ‪ :‬إذا طلق الرجل زوجته‬
‫ثلث تطليقات فل تل له مراجعتها حت تتزوج بعد انقضاء عدتا زوجا آخر زواجا‬
‫صحيحا ل بقصد التحليل ‪ .‬فإذا تزوجها الثان زواج رغبة ‪ ،‬ودخل با دخول حقيقيا‬

‫‪33‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حت ذاق كل منهما عسيلة الخر ‪ ،‬ث فارقها بطلن أو موت ‪ ،‬حل للول أن يتزوجها‬
‫بعد انقضاء عدتا ‪ .‬روى الشافعي وأحد والبخاري ومسلم عن عائشة ‪ :‬جاءت امرأة‬
‫رفاعة القرظي إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت ‪ :‬إن كنت عند رفاعة ‪،‬‬
‫فطلقن ‪ :‬فبت طلقي فتزوجن عبد الرحن بن زبي ‪ ،‬وما معه إل مثل هدبة الثوب ‪،‬‬
‫فتبسم النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬أتريدين أن ترجعي إل ( ‪ ) 1‬رفاعة ؟‬
‫ل ‪ ،‬حت تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) ‪ .‬وذوق العسيلة كناية عن الماع ‪.‬‬
‫ويكفي ف ذلك التقاء الناني الذي يوجب الد والغسل ‪ .‬ونزل ف ذلك قول ال‬
‫تعال ‪ ( :‬فإن طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه فإن طلقها فل جناح‬
‫عليهما أن يتراجعا إن ظلنا أن يقيما حدود ال ) ‪ .‬وعلى هذا فان الرأة ل تل للول‬
‫إل بذه الشروط ‪ - 1 :‬أن يكون زواجها بالزوج الثان صحيحا ( ‪ - 2 . ) 2‬أن‬
‫يكون زواج رغبة ‪ - 3 .‬أن يدخل با دخول حقيقيا بعد العقد ‪ ،‬ويذوق عسيلتها‬
‫وتذوق عسيلته ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬استدل العلماء بذا على أن نية الرأة التحليل‬
‫ليست بشئ ‪ .‬فلو قصدت التحليل أو قصد وليها ول يقصد الزوج ل يؤثر ذلك ف‬
‫العقد ‪ .‬وكذلك الزوج الول فانه ل يلك شيئا من العقد ول من رفعه ‪ ،‬فهو أجنب ‪،‬‬
‫وإنا لن إذا رجع ال الرأة بذلك التحليل ‪ ،‬لنا ل تل له ‪ ،‬فكان زانيا ‪) 2 ( .‬‬
‫الزواج الفاسد ل يل الطلقة ثلثا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 50‬حكمة ذلك ‪ :‬قال‬
‫الفسرون والعلماء ف حكمة ذلك ‪ :‬انه إذا علم الرجل ان الرأة ل تل له بعد أن‬
‫يطلقها ثلث مرات إل إذا نكحت زوجا غيه فانه يرتدع ‪ ،‬لنه ما تأباه غية الرجال‬
‫وشهامتهم ‪ ،‬ول سيما إذا كان الزوج الخر عدوا أو مناظرا للول ‪ .‬وزاد على ذلك‬
‫صاحب النار فقال ف تفسيه ( ‪ : ) 1‬إن الذي يطلق زوجته ‪ ،‬ث يشعر بالاجة إليها‬
‫فيتعها نادما على طلقها ‪ ،‬ث يقت عشرتا بعد ذلك فيطلقها ‪ ،‬ث يبدو له ويترجح‬
‫عنده عدم الستغناء عنها ‪ ،‬فيتعها ثانية ‪ ،‬فانه يتم له بذلك اختبارها ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 50‬‬

‫‪34‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لن الطلق الول ربا جاء عن غي روية تامة ومعرفة صحيحة منه بقدار حاجته إل‬
‫امرأته ‪ .‬ولكن الطلق الثان ل يكون كذلك ‪ ،‬لنه ل يكون إل بعد الندم على ما‬
‫كان أول ‪ ،‬والشعور بأن كان خطأ ‪ ،‬ولذلك قلنا ان الختبار يتم به ‪ .‬فإذا هو راجعها‬
‫بعده كان ذلك ترجيحا لمساكها على تسريها ‪ .‬ويبعد أن يعود إل ترجيح التسريح‬
‫بعد أن رآه بالختبار التام مرجوحا ‪ .‬فإذا هو عاد وطلق ثالثة ‪ ،‬كان ناقص العقل‬
‫والتأديب ‪ ،‬فل يستحق أن تعل الرأة كرة بيده يقذفها مت شاء تقلبه ويرتعها مت‬
‫شاء هواه ‪ ،‬بل يكون من الكمة أن تبي منه ‪ ،‬ويرج أمرها من يده ‪ ،‬لنه علم أن ل‬
‫ثقة بالتثامهما واقامتهما حدود ال تعال ‪ .‬فان اتفق بعد ذلك أن تزوجت برجل آخر‬
‫عن رغبة ‪ ،‬واتفق أن طلقها الخر أو مات عنها ‪ ،‬ث رغب فيها الول وأحب أن‬
‫يتزوج با ‪ -‬وقد علم أنا صارت فراشا لغيه ‪ -‬ورضيت هي بالعودة إليه فان الرجاء‬
‫ف التئامهما ‪ ،‬واقامتهما حدود ال تعال ‪ ،‬يكون حينئذ قويا جدا ‪ ،‬ولذلك أحلت له‬
‫بعد العدة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬جزء ‪ 2‬ص ‪ ) . ( . 392‬صيغة العقد القترنة بالشرط‬
‫إذا قرن عقد الزواج بالشرط ‪ ،‬فإما أن يكون هذا الشرط من مقتضيات ‪ /‬صفحة ‪51‬‬
‫‪ /‬العقد أو يكون منافيا له ‪ ،‬أو يكون ما يعود نفعه على الرأة ‪ ،‬أو يكون شرطا نى‬
‫الشارع عنه ‪ .‬ولكل حالة من هذه الالت حكم خاص با نمله فيما يلي ‪) 1 ( :‬‬
‫الشروط الت يب الوفاء با ‪ :‬من الشروط ما يب الوفاء به ‪ ،‬وهي ما كانت من‬
‫مقتضيات العقد ومقاصده ( ‪ ) 1‬ول تتضمن تغييا لكم ال ورسوله ‪ ،‬كاشتراط‬
‫العشرة بالعروف والنفاق عليها وكسوتا وسكناها بالعروف ‪ ،‬وأنه ل يقصر ف شئ‬
‫من حقوقها ويقسم لا كغيها ‪ ،‬وأنا ل ترج من بيته إل باذنه ‪ ،‬ول تنشز عليه ول‬
‫تصوم تطوعا بغي إذنه ‪ ،‬ول تأذن ف بيته إذا بإذنه ‪ ،‬ول تتصرف ف متاعه إل برضاه‬
‫ونو ذلك ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬النووي ‪ :‬شرح مسلم ‪ ) 2 ( ) . ( .‬الشروط الت ل‬
‫يب الوفاء با ‪ :‬ومنها ما ل يب الوفاء به مع صحة العقد ‪ ،‬وهو ما كان منافيا‬
‫لقتضى العقد ( ‪ ) 2‬كاشتراط ترك النفاق والوطء أو كاشتراط أن ل مهر لا ‪ ،‬أو‬
‫يعزل عنها ‪ ،‬أو اشتراط أن تنفق عليه ‪ ،‬أو تعطيه شيئا ‪ ،‬أو ل يكون عندها ف‬
‫السبوع إل ليلة ‪ ،‬أو شرط لا النهار دون الليل ‪ .‬فهذه الشروط كلها باطلة ف نفسها‬

‫‪35‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ،‬لنا تناف العقد ‪ .‬ولنا تتضمن إسقاط حقوق تب بالعقد قبل انعقاده ‪ ،‬فلم يصح ‪،‬‬
‫كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل البيع ‪ .‬أما العقد ف نفسه فهو صحيح ‪ ،‬لن هذه‬
‫الشروط تعود إل معن زائد ف العقد ل يشترط ذكره ول يضر الهل به ‪ ،‬فلم يبطل ‪،‬‬
‫كما لو شرط ف العقد صداقا مرما ‪ ،‬ولن الزواج يصح مع الهل بالعوض ‪ ،‬فجاز‬
‫أن ينعقد مع الشرط الفاسد ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 2‬زاد العاد ج‍ ‪ 5 ، 4‬وانظر الغن ‪. ( .‬‬
‫) ( ‪ ) 3‬الشروط الت فيها نفع للمرأة ‪ :‬ومن الشروط ما يعود نفعه وفائدته ال الرأة ‪،‬‬
‫مثل أن يشترط لا أل ‪ /‬صفحة ‪ / 52‬يرجها من دارها أو بلدها ‪ ،‬أو ل يسافر با أو‬
‫ل يتزوج عليها ونو ذلك ‪ .‬فمن العلماء من رأي أن الزواج صحيح وأن هذه‬
‫الشروط ملغاة ول يلزم الزوج الوفاء با ‪ .‬ومنهم من ذهب ال وجوب الوفاء با‬
‫اشترط للمرأة ‪ ،‬فان ل يف لا فسخ الزواج ‪ .‬والول مذهب أب حنيفة والشافعي‬
‫وكثي من أهل العلم ‪ ،‬واستدلوا با يأت ‪ - 1 :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫‪ ( :‬السلمون على شروطهم ‪ ،‬إل شرطا أحل حراما أو حرم حلل ) ‪ .‬قالوا وهذا‬
‫الشرط الذي اشترط يرم اللل ‪ ،‬وهو التزوج والتسري والسفر ‪ .‬وهذه كلها حلل‬
‫‪ - 2 .‬وقوله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬كل شرط ليس ف كتاب ال فهو باطل وان‬
‫كان مائة شرط ) ‪ .‬قالوا ‪ :‬وهذا ليس ف كتاب ال لن الشرع ل يقتضيه ‪ - 3 .‬قالوا‬
‫‪ :‬إن هذه الشروط ليست من مصلحة العقد ول مقتضاه ‪ ،‬والرأي الثان مذهب عمر‬
‫بن الطاب وسعد بن أب وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز‬
‫وجابر بن زيد وطاووس والوزاعي واسحاق والنابلة ‪ ،‬واستدلوا با يأت ‪ - 1 :‬يقول‬
‫ال تعال ‪ ( :‬يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) ‪ - 2 .‬وقول رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ( السلمون على شروطهم ) ‪ - 3 .‬روى البخاري ومسلم وغيها عن‬
‫عقبة بن عامر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬أحق الشروط أن يوف به ما‬
‫استحللتم به الفروج ) ( ‪ - 4 ) 1‬روى الثرم بإسناده ‪ :‬أن رجل تزوج امرأة وشرط‬
‫لا دارها ‪ ،‬ث أراد نقلها ‪ ،‬فخاصموه إل عمر بن الطاب فقال لا شرطها ( مقاطع‬
‫القوق عند الشروط ) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي أحق الشروط بالوفاء شروط الزواج ‪،‬‬
‫لن أمره أحوط وبابه أضيق ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ - 5 / 53‬ولنه شرط لا فيه منفعة‬

‫‪36‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومقصود ‪ ،‬ل ينع القصود من الزواج فكان لزما كما لو شرطت عليه زيادة الهر ‪.‬‬
‫قال ابن قدامة مرجحا هذا الرأي ومفندا الرأي الول ‪ :‬ان قول من‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 53‬‬
‫سينا من الصحابة ‪ ،‬ل نعلم له مالفا ف عصرهم ‪ ،‬فكان اجاعا ‪ .‬وقول الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ( :‬كل شرط ‪ . . .‬ال ) ‪ .‬أي ليس ف حكم ال وشرعه ‪ ،‬وهذا‬
‫مشروع ‪ ،‬وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته ‪ ،‬على أن اللف ف مشروعيته ‪ ،‬ومن‬
‫نفى ذلك فعليه الدليل ‪ .‬وقولم ‪ :‬إن هذا يرم اللل ‪ ،‬قلنا ‪ :‬ل يرم حلل ‪ ،‬وانا‬
‫يثبت للمرأة خيار الفسخ ان ل يف لا به ‪ .‬وقولم ‪ :‬ليس من مصلحته ‪ ،‬قلنا ‪ :‬ل‬
‫نسلم بذلك ‪ .‬فانه من مصلحة الرأة ‪ ،‬وما كان من مصلحد العاقد كان من مصلحة‬
‫عقده ‪ .‬وقال ابن رشد ( ‪ : ) 1‬وسبب اختلفهم معارضة العموم للخصوص ‪ ،‬فأما‬
‫العموم فحديث عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم خطب الناس فقال‬
‫ف خطبته ‪ ( :‬كل شرط ليس ف كتاب ال فهو باطل ‪ ،‬ولو كان مائة شرط ) ‪ .‬وأما‬
‫الصوص ‪ ،‬فحديث عقبة بن عامر أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬أحق‬
‫الشروط أن يوف به ما استحللتم به الفروج ) ‪ .‬والديثان صحيحان ‪ ،‬خرجهما‬
‫البخاري ومسلم ‪ .‬إل أن الشهور عند الصوليي القضاء بالصوص على العموم ‪،‬‬
‫وهو ( لزوم الشروط ) ‪ .‬وقال ابن تيمية ( ‪ : ) 2‬ومقاصد العقلء إذا دخلت ف‬
‫العقود ‪ ،‬وكانت من الصلح الذي هو القصود ل تذهب عفوا ول تدر رأسا ‪،‬‬
‫كالجال ف العواض ‪ ،‬ونقود الثان العينة ببعض البلدان ‪ ،‬والصفات ف البيعات ‪،‬‬
‫والرفة الشروطة ف أحد الزوجي ‪ .‬وقد تفيد الشروط ما ل يفيده الطلق ‪ ،‬بل ما‬
‫يالف الطلق ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬بداية الجتهد ج‍ ‪ 2‬ص‍ ‪ ) 2 ( . 55‬نظرية العقد ص‍‬
‫‪ / ) . ( . 211‬صفحة ‪ ) 4 ( / 54‬الشروط الت نى الشارع عنها ‪ :‬ومن الشروط‬
‫ما نى الشارع عنها ويرم الوفاء با ‪ :‬وهي اشتراط الرأة عند الزواج طلق ضرتا ‪.‬‬
‫فعن أب هريرة أن النب عليه السلم ‪ ( :‬نى أن يطب الرجل على خطبة أخيه أو يبيع‬
‫على بيعه ‪ ،‬ول تسأل الرأة طلق أختها لتكفئ ما ف صحفتها أو إنائها ( ‪ ) 1‬فإنا‬

‫‪37‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رزقها على ال تعال ) متفق عليه ‪ .‬وف لفظ متفق عليه ‪ :‬نى أن تشترط الرأة طلق‬
‫أختها ‪ . .‬وعن عبد ال بن عمرو أن رسول ال عليه السلم قال ‪ ( :‬ل يل أن تنكح‬
‫امرأة بطلق أخرى ) رواه أحد ‪ .‬فهذا النهي يقتضي فساد النهي عنه ‪ ،‬ولنا شرطت‬
‫عليه فسخ عقده وإبطال حقه وحق امرأته ‪ ،‬فلم يصح ‪ ،‬كما لو شرطت عليه فسخ‬
‫بيعه ‪ .‬فان قيل ‪ :‬فما الفارق بي هذا وبي اشتراطها أن ل يتزوج عليها ‪ ،‬حت‬
‫صححتم هذا ‪ ،‬وأبطلتم شرط طلق الضرة ‪ .‬أجاب ابن القيم عن هذا فقال ‪ :‬قيل ‪:‬‬
‫الفرق بينهما أن ف اشتراط طلق الزوجة من الضرار با وكسر قلبها وخراب بيتها‬
‫وشاتة أعدائها ما ليس ف اشتراط عدم نكاحها ونكاح غرها ‪ ،‬وقد فرق النص‬
‫بينهما ‪ ،‬فقياس أحدها على الخر فاسد ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬تكفئ ‪ :‬تيل ‪ .‬ومعن‬
‫الديث ‪ .‬ني الرأة الجنبية أن تسأل رجل طلق زوجته ‪ ،‬وإن يتزوجها فيصي لا من‬
‫نفقته ومعونته ومعاشرته ما كان للمطلقة ‪ ) 5 ( .‬ومن صور الزواج القترن بشرط غي‬
‫صحيح زواج الشغار ‪ :‬وهو أن يزوج الرجل وليته رجل ‪ ،‬على أن يزوجه الخر وليته‬
‫‪ ،‬وليس بينهما صداق ‪ ،‬وقد نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن هذا الزواج‬
‫فقال ‪ - 1 :‬ل شغار ( ‪ ) 2‬ف السلم ) ‪ .‬رواه مسلم عن ابن عمر ‪ ،‬ورواه ( ‪) 2‬‬
‫الشغار أصله اللو ‪ ،‬يقال ‪ :‬بلدة شاغرة إذا خلت عن السلطان ‪ ،‬والراد به هنا اللو‬
‫عن الهر ‪ .‬وقيل ‪ .‬إنا سي شغارا لقبحه ‪ ،‬تشبيها برفع الكلب رجله ليبول ف القبح ‪.‬‬
‫يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول ‪ .‬وكان هذا النوع من الزواج معروفا زمن‬
‫الاهلية ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 55‬ابن ماجة من حديث أنس بن مالك ‪ .‬قال ف الزوائد ‪:‬‬
‫اسناده صحيح ‪ ،‬ورجاله ثقات ‪ ،‬وله شواهد صحيح ‪ - 2 .‬وعن ابن عمر قال ‪:‬‬
‫( نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الشغار ) ‪ .‬والشغار ‪ :‬أن يقول الرجل‬
‫للرجل ‪ :‬زوجن ابنتك أو أختك ‪ ،‬على أن أزوجك ابنت أو أخت ‪ ،‬وليس بينهما‬
‫صداق ( ‪ ) ) 1‬رواه ابن ماجة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬قال النووي ‪ :‬اجعوا على أن غي‬
‫البنات من الخوات وبنات الخ وغيهن كالبنات ف ذلك ‪ ) . ( .‬رأي العلماء فيه ‪:‬‬
‫استدل جهور العلماء بذين الديثي على أن عقد الشغار ل ينعقد أصل وأنه باطل ‪.‬‬
‫وذهب أبو حنيفة ال أنه يقع صحيحا ‪ ،‬ويب لكل واحدة من البنتي مهر مثلها على‬

‫‪38‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زوجها ‪ ،‬إذ أن الرجلي سيا ما ل تصلح تسميته مهرا ‪ ،‬إذ جعل الرأة مقابل الرأة‬
‫ليس بال ‪ .‬فالفساد فيه من قبل الهر ‪ ،‬وهو ل يوجب فساد العقد ‪ ،‬كما لو تزوج‬
‫على خر أو خنير ‪ .‬فان العقد ل يفسخ ‪ ،‬ويكون فيه مهر الثل ‪ .‬علة النهي عن نكاح‬
‫الشغار ‪ :‬واختلف العلماء ف علة النهي ‪ :‬فقيل ‪ :‬هي التعليق والتوقيف ‪ ،‬كأنه يقول‬
‫( ل ينعقد زواج ابنت حت ينعقد زواج ابنتك ) ‪ .‬وقيل ‪ :‬ان العلة التشريك ف‬
‫البضع ‪ ،‬وجعل بضع كل واحدة مهرا للخرى ‪ .‬وهي ل تنتفع به ‪ ،‬فلم يرجع إليها‬
‫الهر ‪ ،‬بل عاد الهر إل الول ‪ ،‬وهو‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 55‬‬
‫ملكه لبضع زوجته بتمليكه لبضع موليته ‪ .‬وهذا ظلم لكل واحدة من الرأتي وخلء‬
‫لنكاحها عن مهر تنتفع به ‪ .‬قال ابن القيم ‪ :‬وهذا موافق للغة العرب ‪ / .‬صفحة ‪/ 56‬‬
‫شروط صحة الزواج شروط صحة الزواج هي الشروط الت يتوقف عليها صحته ‪،‬‬
‫بيث إذا وجدت يعتب عقد الزواج موجودا شرعا ‪ ،‬وتثبت له جيع الحكام والقوق‬
‫الترتبة عليه ‪ .‬وهذه الشروط اثنان ‪ ( :‬الشرط الول ) حل الرأة للتزوج بالرجل‬
‫الذي يريد القتران با ‪ .‬فيشترط أل تكون مرمة عليه بأي سبب من أسباب التحري‬
‫الؤقت أو الؤبد ‪ .‬وسيأت ذلك مفصل ف بث ( الحرمات من النساء ) ‪ ( .‬الشرط‬
‫الثان ) الشهاد على الزواج ‪ ،‬وهو ينحصر ف الباحث التية ‪ - 1 :‬حكم الشهاد ‪.‬‬
‫‪ - 2‬شروط الشهود ‪ - 3 .‬شهادة النساء ‪ .‬حكم الشهاد على الزواج ذهب جهور‬
‫العلماء إل أن الزواج ل ينعقد إل ببينة ‪ ،‬ول ينعقد حت يكون الشهود حضورا حالة‬
‫العقد ولو حصل إعلن عنه بوسيلة أخرى ‪ .‬وإذا شهد الشهود وأوصاهم التعاقدان‬
‫بكتمان العقد وعدم إذاعته كان العقد صحيحا ( ‪ ) 1‬واستدلوا على صحته با يأت ‪( :‬‬
‫أول ) عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬البغايا اللت ينكحن‬
‫أنفسهن بغي بينة ) رواه الترمذي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬مذهب مالك وأصحابه ان‬
‫الشهادة على النكاح ليست بفرض ‪ ،‬ويكفي من ذلك شهرته والعلن به ‪ .‬واحتجوا‬
‫لذهبهم بأن البيوع الت ذكرها ال تعال فيها الشهاد عند العقد ‪ .‬وقد قامت الدللة‬

‫‪39‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأن ذلك ليس من فرائض البيوع ‪ .‬والنكاح الذي ل يذكر ال تعال فيه الشهاد أخرى‬
‫بأن ل يكون الشهاد فيه من شروطه وفرائضه وانا الغرض العلن والظهور لفظ‬
‫النساب ‪ .‬والشهاد يصلح بعد العقد للتداعي والختلف فيما ينعقد بي التناكحي ‪،‬‬
‫فان عقد العقد ول يضره شهود ث أشهد عليه قبل الدخول ل يفسخ العقد ‪ ،‬وان‬
‫دخل ول يشهدا فرق بينهما ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ ( / 57‬ثانيا ) وعن عائشة أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬ل نكاح إل بول وشاهدي عدل ) رواه الدار قطن ‪.‬‬
‫وهذا النفي يتوجه ال الصحة ‪ ،‬وذلك يستلزم أن يكون الشهاد شرطا ‪ ،‬لنه قد‬
‫استلزم عدمه عدم الصحة ‪ ،‬وما كان كذلك فهو شرط ‪ ( .‬ثالثا ) وعن أب الزبي‬
‫الكي أن عمر بن الطاب أت بنكاح ل يشهد عليه إل رجل وامرأة ‪ .‬فقال ‪ ( :‬هذا‬
‫نكاح السر ‪ ،‬ول أجيزه ‪ ،‬ولو كنت تقدمت فيه لرجت ) ‪ .‬رواه مالك ف الوطأ ‪.‬‬
‫والحاديث وإن كانت ضعيفة ال أنه يقوي بعضها بعضا ‪ .‬قال الترمذي ‪ :‬والعمل‬
‫على هذا عند أهل العلم من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ومن بعدهم من‬
‫التابعي وغيهم ‪ ،‬قالوا ‪ ( :‬ل نكاح إل بشهود ) ل يتلف ف ذلك من مضى منهم إل‬
‫قوم من التأخرين من أهل العلم ‪ ( .‬رابعا ) ولنه يتعلق به حق غي التعاقدين ‪ ،‬وهو‬
‫الولد ‪ ،‬فاشترطت الشهادة فيه ‪ ،‬لئل يحده أبوه فيضيع نسبه ‪ .‬ويرى بعض أهل العلم‬
‫أنه يصح بغي شهود ‪ :‬منهم الشيعة ‪ ،‬وعبد الرحن ابن مهدي ‪ ،‬ويزيد بن هارون ‪،‬‬
‫وابن النذر ‪ ،‬وداود ‪ ،‬وفعله ابن عمر ‪ ،‬وابن الزبي ‪ .‬وروي عن السن بن علي أنه‬
‫تزوج بغي شهادة ‪ ،‬ث أعلن النكاح ‪ .‬قال ابن النذر ‪ :‬ل يثبت ف الشاهدين ف النكاح‬
‫خب ‪ .‬وقال يزيد بن هارون ‪ :‬أمر ال تعال بالشهاد ف البيع دون النكاح ‪ ،‬فاشترط‬
‫أصحاب الرأي الشهادة للنكاح ‪ ،‬ول يشترطوها للبيع ‪ .‬وإذا ت العقد فأسروه‬
‫وتواصوا بكتمانه صح مع الكراهة ‪ ،‬لخالفته المر بالعلن ‪ ،‬وإليه ذهب الشافعي ‪،‬‬
‫وأبو حنيفة ‪ ،‬وابن النذر ‪ .‬ومن كره ذلك عمر ‪ ،‬وعروة ‪ ،‬والشعب ‪ ،‬ونافع ‪ .‬وعند‬
‫مالك أن العقد يفسخ ‪ .‬روى ابن وهب عن مالك ف الرجل يتزوج الرأة بشهادة‬
‫رجلي ويستكتمهما ؟ قال يفرق بينهما بتطليقة ‪ ،‬ول يوز النكاح ‪ ،‬ولا صداقها إن‬
‫أصابا ‪ ،‬ول يعاقب الشاهدان ‪ / .‬صفحة ‪ / 58‬ما يشترط ف الشهود ‪ :‬يشترط ف‬

‫‪40‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشهود ‪ :‬العقل ‪ ،‬والبلوغ ‪ ،‬وساع كلم التعاقدين مع فهم أن القصود به عقد‬
‫الزواج ( ‪ . ) 1‬فلو شهد على العقد صب ‪ ،‬أو منون ‪ ،‬أو أصم ‪ ،‬أو سكران ‪ ،‬فان‬
‫الزواج ل يصح ‪ ،‬إذ أن وجوه هؤلء كعدمه ‪ .‬اشتراط العدالة ف الشهود ‪ :‬وأما‬
‫اشتراط العدالة ف الشهود ‪ ،‬فذهب الحناف ال أن العدالة ل تشترط ‪ ،‬وأن الزواج‬
‫ينعقد بشهادة الفاسقي ‪ ،‬وكل من يصلح أن يكون وليا ف زواج يصلح أن يكون‬
‫شاهدا فيه ‪ ،‬ث ان القصود من الشهادة العلن ‪ .‬والشافعية قالوا ‪ ،‬لبد من أن يكون‬
‫الشهود عدول للحديث التقدم ‪ ( :‬ل نكاح إل بول وشاهدي عدل ) ‪ .‬وعندهم أنه‬
‫إذا عقد الزواج بشهادة مهول الال ففيه وجهان ‪ .‬والذهب أنه يصح ‪ .‬لن الزواج‬
‫يكون ف القرى والبادية وبي عامة الناس ‪ ،‬من ل يعرف حقيقة العدالة ‪ ،‬فاعتبار ذلك‬
‫يشق فاكتفي بظاهر الال ‪ ،‬وكون الشاهد مستورا ل يظهر فسقه ‪ .‬فإذا تبي بعد العقد‬
‫أنه كان فاسقا ل يؤثر ذلك ف العقد ‪ ،‬لن الشرط ف العدالة من حيث الظاهر أل‬
‫يكون ظاهر الفسق ‪ ،‬وقد تقق ذلك ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 58‬‬
‫شهادة النساء ‪ :‬والشافعية والنابلة يشترطون ف الشهود الذكورة ‪ ،‬فان عقد الزواج‬
‫بشهادة رجل وامرأتي ل يصح ‪ ،‬لا رواه أبو عبيد عن الزهري أنه قال ‪ ( :‬مضت‬
‫السنة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬أن ل يوز شهادة النساء ف الدود ‪،‬‬
‫ول ف النكاح ‪ ،‬ول ف الطلق ) ‪ .‬ولن عقد الزواج عقد ليس بال ‪ ،‬ول القصود‬
‫منه الال ‪ ،‬ويضره الرجل غالبا ‪ ،‬فل يثبت بشهادتن كالدود ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫وإذا كان الشهود عميانا يشترط فيهم تيقن الصوت ومعرفة صوت التعاقدين على‬
‫وجه ل يشك فيهما ‪ / .‬صفحة ‪ / 59‬والحناف ل يشترطون هذا الشرط ‪ ،‬ويرون أن‬
‫شهادة رجلي أو رجل وامرأتي كافية ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ ( :‬واستشهدوا شهيدين من‬
‫رجالكم ‪ ،‬فإن ل يكونا رجلي فرجل وامرأتان من ترضون من الشهداء ) ‪ .‬ولنه مثل‬
‫البيع ف أنه عقد معارضة فينعقد بشهادتن مع الرجال ‪ .‬اشتراط الرية ‪ :‬ويشترط أبو‬
‫حنيفة والشافعي أن يكون الشهود أحرارا ‪ .‬وأحد ل يشترط الرية ‪ ،‬ويرى أن شهادة‬

‫‪41‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العبدين ينعقد با الزواج ‪ ،‬تقبل ف سائر القوق ‪ ،‬وأنه ليس فيه نص من كتاب ول‬
‫سنة يرد شهادة العبد ‪ ،‬وين عمن قبولا ما دام أمينا صادقا تقيا ‪ .‬اشتراط السلم ‪:‬‬
‫والفقهاء ل يتلفوا ف اشتراط السلم ف الشهود إذا كان العقد بي مسلم ومسلمة ‪.‬‬
‫واختلفوا ف شهادة غي السلم فيما إذا كان الزوج وحده مسلما ‪ .‬فعند أحد‬
‫والشافعي وممد بن السن أن الزواج ل ينعقد ‪ ،‬لنه زواج مسلم ‪ ،‬ل تقبل فيه‬
‫شهادة غي السلم ‪ .‬وأجاز أبو حنيفة وأبو يوسف شهادة كتابيي إذا تزوج مسلم‬
‫كتابية ‪ .‬وأخذ بذا مشروع قانون الحوال الشخصية ‪ .‬عقد الزواج شكلي ‪ :‬عقد‬
‫الزواج يتم بتحقيق أركانه ‪ ،‬وشرائط انعقاده ‪ ،‬ال أنه ل تترتب عليه آثاره الشرعية‬
‫إل بشهادة الشهود ‪ ،‬وحضور الشهود شئ خارج عن رضا الطرفي ‪ ،‬فهو من هذه‬
‫الوجهة عقد شكلي ‪ ،‬وهو يالف العقد الرضائي الذي يكفي ف انعقاده اقتران القبول‬
‫بالياب ‪ ،‬ويكون الرضا من التعاقدين وحده منشئا للعقد ومكونا له كعقد الجارة‬
‫ونوه ‪ ،‬فهو ف هذه الالة تترتب عليه أحكامه ‪ ،‬ويظله القانون بماية دون الحتياج‬
‫لشئ ‪ / .‬صفحة ‪ / 60‬شروط نفاذ العقد إذا ت العقد ووقع صحيحا ‪ ،‬فانه يشترط‬
‫لنفاذه وعدم توقفه على إجازة أحد ‪ - 1 :‬أن يكون كل من العاقدين اللذين توليا‬
‫انشاء العقد تام الهلية ‪ ،‬أي عاقل بالغا حرا ‪ .‬فان كان أحد العاقدين ناقص الهلية‬
‫بأن كان معتوها أو صغيا ميزا ‪ ،‬أو عبدا ‪ ،‬فان عقده الذي يعقد بنفسه ينعقد صحيحا‬
‫موقوفا على اجازة الول ‪ ،‬أو السيد ‪ ،‬كان أجازه نفذ ‪ ،‬وإل بطل ‪ - 2 .‬وأن يكون‬
‫كل من العاقدين ذا صفة ‪ ،‬تعل له الق ف مباشرة العقد ‪ .‬فلو كان العاقد فضوليا ‪،‬‬
‫باشر العقد ل بوكالة ول بولية ‪ ،‬أو كان وكيل ولكن خالف فيما وكل فيه ‪ ،‬أو كان‬
‫وليا ولكن يوجد ول أقرب منه مقدم عليه ‪ ،‬فان عقد أي واحد من هؤلء إذا استوف‬
‫شروط النعقاد والصحة ينعقد صحيحا موقوفا على اجازة صاحب الشأن ‪ .‬شروط‬
‫لزوم عقد الزواج يلزم عقد الزواج إذا استوف أركانه وشروط صحته وشروط نفاذه ‪.‬‬
‫وإذا لزم فليس لحد الزوجي ول لغيها حق نقض العقد ول فسخه ‪ ،‬ول ينتهي ال‬
‫بالطلق أو الوفاة ‪ ،‬وهذا هو الصل ف عقد الزواج ‪ .‬لن القاصد الت شرع من‬
‫أجلها ‪ -‬من دوام العشرة الزوجية وتربية الولد والقيام على شؤونم ‪ -‬ل يكن أن‬

‫‪42‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تتحقق إل مع لزومه ‪ .‬ولذا قال العلماء ‪ :‬شروط لزوم الزواج يمعها شرط واحد ‪.‬‬
‫وهو أل يكون لحد الزوجي حق فسخ العقد بعد انعقاده وصحته ونفاذه ‪ ،‬فلو كان‬
‫لحد حق فسخه كان عقدا غي لزم ‪ .‬مت يكون العقد غي لزم ‪ :‬ل يكون العقد‬
‫لزما فيما يأت من الصور ‪ :‬إذا تبي أن الرجل غرر بالرأة أو أن الرأة غررت بالرجل ‪.‬‬
‫مثال ذلك أن يتزوج الرجل الرأة وهو عقيم ‪ ،‬ل يولد له ول تكن تعلم ‪ /‬صفحة ‪/ 61‬‬
‫بعقمه ‪ ،‬فلذها ف هذه الال حق نقض العقد وفسخه مت علمت ‪ ،‬ال إذا اختارته‬
‫زوجا لا ‪ ،‬ورضيت معاشرته ‪ .‬قال عمر رضي ال عنه لن تزوج امرأة وهو ل يولد‬
‫له ‪ ،‬أخبها انك عقيم وخيها ( ‪ . ) 1‬ومن صور التغرير أن يتزوجها على انه مستقيم‬
‫‪ ،‬ث يتبي أنه فاسق ‪ ،‬فلها كذلك حق فسخ العقد ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي خيها بي‬
‫البقاء على العقد وبي فسخه ‪ ) . ( .‬ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية ‪ :‬إذا تزوج امرأة‬
‫على أنا بكر فبانت ثيبا فله الفسخ ‪ ،‬وله أن يطالب بأرش الصداق ‪ -‬وهو تفاوت ما‬
‫بي مهر البكر والثيب ‪ -‬وإذا فسخ قبل الدخول سقط الهر ‪ .‬وكذلك ل يكون العقد‬
‫لزما إذا وجد الرجل بالرأة عيبا ينفر من كمال الستمتاع ‪ .‬كأن تكون مستحاضة‬
‫دائما ‪ ،‬فان الستحاضة عيب يثبت به فسخ النكاح ( ‪ ) 2‬وكذلك إذا وجد با ما‬
‫ينع الوطء كانسداد الفرج ‪ .‬ومن العيوب الت تيز للرجل فسخ العقد ‪ :‬المراض‬
‫النفرة ‪ :‬مثل البص‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 61‬‬
‫والنون والذام ‪ ،‬وكما يثبت حق الفسخ للرجل فكذلك يثبت للمرأة إذا كان‬
‫الرجل أبرص ‪ ،‬أو كان منونا أو مذوما أو مبوبا أو عنينا ( ‪ ) 3‬أو صغيا ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 2‬الختيارات العلمية ومتصر الفتاوى لبن تيمية ‪ .‬الستحاضة ‪:‬‬
‫لنيف ‪ ) 3 ( .‬الجبوب القطوع الذكر ‪ .‬العني الذي ل يصل ال النساء من الرتاء‬
‫‪ .‬رأي الفقهاء ف الفسخ بالعيب ‪ :‬وقد اختلف الفقهاء ف ذلك ‪ - 1 :‬فمنهم من رأى‬
‫أن الزواج ل يفسخ بالعيوب مهما كانت هذه العيوب ‪ ،‬ومن هؤلء الفقهاء داود‬
‫وابن حزم ( ‪ ( . ) 4‬هامش ) ( ‪ ) 4‬سيأت عن ابن حزم أن للزوج الفسخ إذا اشترط‬

‫‪43‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شرطا فلم يده عند الزواج ‪ .‬قال صاحب الروضة الندية ‪ :‬اعلم أن الذي ثبت‬
‫بالضرورة الدينية أن عقد النكاح لزم تثبت به أحكام الزوجية من جواز الوطء ‪،‬‬
‫ووجوب النفقة ونوها ‪ ،‬وثبوت الياث ‪ ،‬وسائر الحكام ‪ / .‬صفحة ‪ / 62‬وثبت‬
‫بالضرورة الدينية أن يكون الروج منه بالطلق أو الوت ‪ .‬فمن زعم أنه يوز الروج‬
‫من النكاح بسبب من السباب ‪ ،‬فعليه الدليل الصحيح القتضي للنتقال عن ثبوته‬
‫بالضرورة الدينية ‪ .‬وما ذكروه من العيوب ل يأت ف الفسخ با حجة نية ول يثبت‬
‫شئ منها ‪ .‬وأماق وله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬القي بأهلك ) فالصيغة صيغة طلق ‪.‬‬
‫وعلى فرض الحتمال فالواجب المل على التيقن دون ما سواه ‪ .‬وكذلك الفسخ‬
‫بالعنة ل يرد به دليل صحيح ‪ ،‬والصل البقاء على النكاح حت يأت ما يوجب النتقال‬
‫عنه ‪ .‬ومن أعجب ما يتعجب منه تصيص بعض العيوب بذلك دون بعض ‪- 2 .‬‬
‫ومنهم من رأى أن الزواج يفسخ ببعض العيوب دون بعض ‪ ،‬وهم جهور أهل العلم ‪،‬‬
‫واستدلوا لذهبهم هذا با يأت ‪ ( :‬أول ) ما رواه كعب بن زيد ‪ ،‬أو زيد بن كعب ‪ ،‬أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم تزوج امرأة من بن غفار ‪ ،‬فلما دخل عليها ‪ ،‬ووضع‬
‫ثوبه ‪ ،‬وقعد على الفراش أبصر بكشحها ( ‪ ) 1‬بياضا فاناز ( ‪ ) 2‬عن الفراش ‪ ،‬ث‬
‫قال ‪ ( :‬خذي عليك ثيابك ‪ ،‬ول يأخذ ما آتاها شيئا ) ‪ .‬رواه أحد وسعيد بن منصور‬
‫‪ ( .‬ثانيا ) عن عمر أنه قال ‪ :‬أيا امرأة غر با رجل ‪ ،‬با جنون أو جذام ‪ ،‬أو برص ‪،‬‬
‫فلها مهرها با أصاب منها ‪ .‬وصداق الرجل على من غر ‪ ) . . .‬رواه مالك والدار‬
‫قطن ‪ .‬وهؤلء اختلفوا ف العيوب الت يفسخ با النكاح ‪ .‬فخصها أبو حنيفة بالب‬
‫والعنة ‪ .‬وزاد مالك والشافعي النون والبص والذام ‪ .‬والقرن ( انسداد ف الفرج )‬
‫‪ .‬وزاد أحد على ما ذكره الئمة الثلثة أن تكون الرأة فتقاء ( منخرقة ما بي السبيلي‬
‫) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الكشح ‪ :‬ما بي الاصرتي ال الضلع ‪ ) 2 ( .‬اناز ‪ :‬تنحى ‪.‬‬
‫( ‪ ) .‬التحقيق ف هذه القضية ‪ :‬والق أن كل من الراء التقدمة غي جدير بالعتبار ‪،‬‬
‫وأن الياة ‪ /‬صفحة ‪ / 63‬الزوجية الت بنيت على السكن والودة والرحن ل يكن أن‬
‫تتحقق وتستقر مادام هناك شئ من العيوب والمراض ينفر أحد الزوجي من الخر ‪.‬‬
‫فان العيوب والمراض النفرة ل يتحقق معها القصود من النكاح ‪ .‬ولذا أذن الشارع‬

‫‪44‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بتخيي الزوجي ف قبول الزواج أو رفضه ‪ .‬وللمام ابن القيم تقيق جدير بالنظر‬
‫والعتبار ‪ :‬قال ‪ :‬فالعمى ‪ ،‬والرس والطرش ‪ ،‬وكونا مقطوعة اليدين أو الرجلي أو‬
‫احداها ‪ ،‬أو كون الرجل كذلك ‪ ،‬من أعظم النفرات ‪ ،‬والسكوت عنه من أقبح‬
‫التدليس والغش ‪ ،‬وهو مناف للدين ‪ .‬وقد قال أمي الؤمني ( عمر بن الطاب ) رضي‬
‫ال عنه لن تزوج امرأة وهو ل يولد له ‪ ( :‬أخبها أنك عقيم وخيها ) ‪ .‬فماذا يقول‬
‫رضي ال عنه ف العيوب الت هي عندها كمال بل نقص ‪ .‬قال ‪ :‬والقياس أن كل‬
‫عيب ينفر الزوج الخر منه ‪ ،‬ول يصل به مقصود النكاح من الرحة والودة ‪ ،‬يوجب‬
‫اليار ‪ ،‬وهو أول من البيع ‪ ،‬كما أن الشروط الشروطة ف النكاح أول بالوفاء من‬
‫شروط البيع ‪ .‬وما ألزم لله ورسوله مغرورا قط ‪ ،‬ول مغبونا با غر وغب به ‪ .‬ومن‬
‫تدبر مقاصد الشرع ف مصادره ‪ ،‬وموارده ‪ ،‬وعدله وحكمته ‪ ،‬وما اشتمل عليه من‬
‫الصال ل يف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد قواعد الشريعة ‪ .‬وقد روى‬
‫يي بن سعيد النصاري عن ابن السيب رضي ال عنه قال ‪ :‬قال عمر رضي ال عنه ‪:‬‬
‫أيا امرأة تزوجت وبا جنون أن جذام أو برص ‪ ،‬فدخل با ث اطلع على ذلك فلها‬
‫مهرها بسيسه إياها ‪ ،‬وعلى الول الصداق با دلس ‪ ،‬كما غره ‪ .‬وروى الشعب عن‬
‫علي كرم ال وجهه ‪ ،‬أيا امرأة نكحت ‪ ،‬وبا برص ‪ ،‬أو جنون ‪ ،‬أو جذام ‪ ،‬أو قرن‬
‫فزوجها باليار ما ل يسها ‪ ،‬ان شاء أمسك ‪ ،‬وان شاء طلق ‪ ،‬وان مسها فلها الهر با‬
‫استحل من فرجها ‪ .‬وقال وكيع ‪ :‬عن سفيان الثوري ‪ ،‬عن يي بن سعيد ‪ ،‬عن سعيد‬
‫بن ‪ /‬صفحة ‪ / 64‬السيب ‪ ،‬عن عمر رضي ال عنه قال ‪ ( :‬إذا تزوجها برصاء أو‬
‫عمياء ‪ ،‬فدخل با فلها الصداق ‪ ،‬ويرجع به على من غره ) ‪ .‬قال ‪ :‬وهذا يدل على‬
‫أن عمر ل يذكر تلك العيوب التقدمة على وجه‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 64‬‬
‫الختصاص والصر دون ما عداها ‪ .‬وكذلك حكم قاضي السلم شريح رضي ال‬
‫عنه الذي يضرب الثل بعلمه ودينه وحكمه ‪ .‬قال عبد الرازق ‪ :‬عن معمر عن أيوب‬
‫عن ابن سيين رضي ال عنه ‪ ،‬خاصم رجل رجل ال شريح فقال ‪ :‬ان هذا قال ل ‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إنا نزوجك أحسن الناس فجاءن بامرأة عمياء ‪ .‬فقال شريح ‪ :‬إن كان دلس عليك‬
‫بعيب ل يز ‪ .‬فتأمل هذا القضاء وقوله ‪ ( :‬إن كان دلس عليك بعيب ) كيف يقتضي‬
‫أن كل عيب دلست به الرأة فللزوج الرد به ‪ .‬قال الزهري رضي ال عنه ‪ :‬يرد‬
‫النكاح من كل داء عضال قال ‪ :‬ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنم ل‬
‫يصوا الرد بعيب دون عيب ‪ ،‬إل رواية رويت عن عمر ‪ " :‬ل ترد النساء إل من‬
‫العيوب الربعة ‪ :‬النون ‪ ،‬والذام ‪ ،‬والبص ‪ ،‬والداء ف الفرج " ‪ .‬وهذه الرواية ل‬
‫نعلم لا اسنادا أكثر من أصبغ وابن وهب عن عمر وعلي رضي ال عنهما ‪ .‬وقد روي‬
‫ذلك عن ابن عباس باسناد متصل ‪ .‬هذا كله إذا أطلق الزوج ‪ .‬وأما إذا اشترط‬
‫السلمة ‪ ،‬أو اشترط المال فبانت شوهاء أو شرطها شابة حديثة السن فبانت عجوزا‬
‫شطاء ‪ .‬أو شرطها بيضاء فبانت سوداء ‪ ،‬أو بكرا ببانت ثيبا فله الفسخ ف ذلك ‪ .‬فان‬
‫كان قبل الدخول فل مهر ‪ ،‬وان كان بعده فلها الهر ‪ .‬وهو غرم على وليها ان كان‬
‫غره ‪ .‬وان كانت هي الغارة سقط مهرها ‪ ،‬أو رجع عليها به إن كانت قبضته ‪ .‬ونص‬
‫على هذا أحد ف إحدى الروايتي عنه ‪ / .‬صفحة ‪ / 65‬وهو أقيسهما وأولها بأصوله‬
‫فيما إذا كان الزوج هو الشترط ‪ .‬وقال أصحابه إذا شرطت فيه صفة فبان بلفها فل‬
‫خيار لا ‪ ،‬إل ف شرط الرية إذا بان عبدا فلها اليار ‪ .‬وف شرط النسب إذا بن‬
‫بلفه وجهان ‪ .‬والذي يقتضيه مذهبه وقواعده أنه ل فرق بي اشتراطه واشتراطها ‪.‬‬
‫بل إثبات اليار لا إذا فات ما اشترطته أول ‪ ،‬لنا ل تتمكن من الفارقة بالطلق ‪.‬‬
‫فإذا جاز له الفسخ مع تكنه من الفراق بغيه فلن يوز لا الفسخ مع عدم تكنها‬
‫أول ‪ .‬وإذا جاز لا أن تفسخ إذا ظهر الزوج ذا صناعة دنيئة ‪ ،‬ل تشينه ف دينه ول ف‬
‫عرضه ‪ ،‬وإنا تنع كمال لذتا واستمتاعها به ‪ .‬فإذا شرطته شابا جيل صحيحا فبان‬
‫شيخا مشوها أعمى ‪ ،‬أطرش ‪ ،‬أخرس ‪ ،‬أسود ‪ ،‬فكيف تلزم به وتنع من الفسخ ؟ هذا‬
‫ف غاية المتناع والتناقض والبعد عن القياس وقواعد الشرع ‪ .‬قال ‪ :‬وكيف يكن‬
‫أحد الزوجي من الفسخ بقدر العدسة من البص ول يكن منه بالرب الستحكم‬
‫التمكن وهو أشد إعداء من ذلك البص اليسي ‪ .‬وكذلك غيه من أنواع الداء‬
‫العضال ‪ .‬وإذا كان النب صلى ال عليه وسلم حرم على البائع كتمان عيب سلعته ‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وحرم على من علمه أن يكتمه على الشتري ‪ ،‬فكيف بالعيوب ف النكاح ؟ وقد قال‬
‫النب صلى ال عليه وسلم لفاطمة بنت قيس ‪ ،‬حي استشارته ف نكاح معاوية وأب‬
‫جهم ‪ " :‬أما معاوية فصعلوك ل مال له ‪ ،‬وأما أبو جهم فل يضع عصاه عن عاتقه " ‪.‬‬
‫فعلم أن بيان العيب ف النكاح أول وأوجب ‪ .‬فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش‬
‫الرام به سببا للزومه ؟ وجعل ذي العيب غل لزما ف عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه‬
‫‪ ،‬ول سيما مع شرط السلمة منه وشرط خلفه ؟ ‪ /‬صفحة ‪ / 66‬وهذا ما يعلم يقينا‬
‫أن تصرفات الشريعة وقواعدها وأحكامها تأباه ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬انتهى ‪ .‬وذهب أبو ممد‬
‫بن حزم ال أن الزوج إذا شرط السلمة من العيوب فوجد أي عيب كان ‪ ،‬فالنكاح‬
‫باطل من أصله غي منعقد ‪ ،‬ول خيار له فيه ‪ ،‬ول اجازة ‪ ،‬ول نفقة ‪ ،‬ول مياث ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬إن الت أدخلت عليه غي الت تزوج ‪ ،‬إذ السالة غي العيبة بل شك ‪ ،‬فإذا ل‬
‫يتزوجها فل زوجية بينهما ‪ .‬ما جرى عليه العمل بالحاكم ‪ :‬وقد جرى العمل الن‬
‫بالحاكم حسب ما جاء بالادة التاسعة من قانون سنة ‪ " . 1920‬أنه يثبت للمرأة هذا‬
‫الق ( ‪ ) 1‬إذا كان العيب مستحكما ل يكن البء منه ‪ ،‬أو يكن بعد زمن ‪ ،‬ول‬
‫يكنها القام معه إل بضرر أيا كان هذا العيب ‪ ،‬كالنون ‪ ،‬والذام والبص ‪ ،‬سواء‬
‫أكان ذلك بالزوج قبل العقد ول تعلم به ‪ ،‬أم حدث بعد العقد ول ترض به ‪ ،‬فان‬
‫تزوجته عالة بالعيب ‪ ،‬أو حدث العيب بعد العقد ‪ ،‬ورضيت صراحة أو دللة بعد‬
‫علمها ‪ ،‬فل يوز طلب التفريق ‪ ،‬واعتب التفريق ف هذا الال طلقا بائنا ‪ ،‬ويستعان‬
‫بأهل البة ف معرفة العيب ومداه من الضرر ‪ .‬وما يدخل ف هذا الباب ‪ -‬عند‬
‫الحناف ‪ -‬تزويج الكبية العاقلة نفسها من كف ء بهر أقل من مهر مثلها بدون رضا‬
‫أقرب عصبتها ‪ .‬وكذلك إذا زوج الصغي أو الصغية غي الب والد من الولياء ‪-‬‬
‫عند عدمهما ‪ -‬وكان الزوج كفئا ‪ ،‬وكان الهر مهر الثل كان الزواج غي لزم ‪،‬‬
‫وسيأت ذلك مفصل ف مبحث الولية ‪ .‬شروط ساع الدعوى بالزواج قانونا ‪ :‬رأى‬
‫الشرع الوضعي شروطا لسماع الدعوى بالزواج من جهة ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬حق‬
‫التفريق ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 67‬وشروطا أخرى لباشرة عقد الزواج رسيا من جهة‬
‫أخرى ‪ ،‬نملها فيما يلي اتاما للفائدة ‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 67‬‬
‫السوغ الكتاب لسماع دعوى الزواج ‪ :‬جاءت الفقرات الربع من الادة ‪ 99‬من‬
‫الرسوم بقانون رقم ‪ 78‬لسنة ‪ . 1931‬الاص بلئحة ترتيب الحاكم الشرعية‬
‫والجراءات التعلقة با ‪ " :‬ل تسمع عند النكار دعوى الزوجية أو الطلق أو القرار‬
‫بما ‪ ،‬بعد وفاة أحد الزوجي ف الوادث السابقة على سنة ‪ 1911‬أفرنكية ‪ ،‬سواء‬
‫أكانت مقامة من أحد الزوجي أم من غيها ‪ ،‬ال إذا كانت مؤيدة بأوراق خالية من‬
‫شبهة التزوير على صحتها ‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬يوز ساع دعوى الزوجية ‪ ،‬أو القرار با ‪،‬‬
‫القامة من أحد الزوجي ف الوادث السابقة على سنة ألف وثانائة وسبع وتسعي‬
‫فقط ‪ ،‬بشهادة الشهود وبشرط أن تكون الزوجية معروفة بالشهرة العامة ‪ .‬وليوز‬
‫ساع دعوى ما ذكر كله من أحد الزوجي أو غيه ف الوادث الواقعة من سنة ألف‬
‫وتسعمائة واحدى عشرة ال إذا كانت ثابتة بأوراق رسية أو مكتوبة كلها بط التوف‬
‫وعليها امضاؤه كذلك ‪ .‬ول تسمع عند النكار دعوى الزوجية أو القرار با ال إذا‬
‫كانت ثابتة بوثيقة زواج رسية ف الوادث الواقعة من أول أغسطس سنة ‪ 1921‬م "‬
‫‪ .‬وجاء ف الذكرة التفسرية لذه الواد ما يأت ‪ " :‬ومن القواعد الشرعية أن القضاء‬
‫يتخصص بالزمان والكان والوادث والشخاص ‪ ،‬وأن لول المر أن ينع قضاته عن‬
‫ساع بعض الدعاوى ‪ ،‬وأن يقيد السماع با يراه من القيود تبعا لحوال الزمان وحاجة‬
‫الناس ‪ ،‬وصيانة للحقوق من العبث والضياع ‪ .‬وقد درج الفقهاء من سالف العصور‬
‫على ذلك ‪ ،‬وأقروا هذا البدأ ف أحكام كثية ‪ ،‬واشتملت لئحتا سنة ‪ 1897‬وسنة‬
‫‪ 1910‬للمحاكم الشرعية على كثي من مواد التخصيص وخاصة فيما يتعلق بدعاوى‬
‫الزوجية والطلق والقرار بما ‪ / .‬صفحة ‪ / 68‬وألف الناس هذه القيود واطمأنوا‬
‫إليها بعد ما تبي مالا من عظيم الثر ف صيانة حقوق السر ‪ .‬إل أن الوادث قد‬
‫دلت على أن عقد الزواج ‪ -‬وهو أساس رابطة السرة ‪ -‬ل يزال ف حاجة ال الصيانة‬
‫والحتياط ف أمره ‪ .‬فقد يتفق اثنان على الزواج بدون وثيقة ث يحده أحدها ويعجز‬
‫الخر عن إثباته أمام القضاء ‪ .‬وقد يدعى الزوجية بعض ذوي الغراض زورا وبتانا أو‬

‫‪48‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نكاية وتشهيا ‪ ،‬أو ابتغاء غرض آخر ‪ ،‬اعتمادا على سهولة اثباتا ‪ .‬خصوصا وأن‬
‫الفقه ييز الشهادة بالتسامع ف الزواج ‪ ،‬وقد تدعى الزوجية بورقة إن ثبتت صحتها‬
‫مرة ل تثبت مرارا ‪ .‬وما كان لشئ من ذلك أن يقع لو أثبت هذا العقد دائما بوثيقة‬
‫رسية ‪ ،‬كما ف عقود الرهن وحجج الوقاف ‪ ،‬وهي أقل منه شأنا وهو أعظم منها‬
‫خطرا ‪ .‬فحمل للناس على ذلك ‪ ،‬واظهارا لشرف هذا العقد ‪ ،‬وتقديسا عن الحود‬
‫والنكار ‪ ،‬ومنعا لذه الفاسد العديدة ‪ ،‬واحتراما لروابط السرة ‪ ،‬زيدت الفقرة‬
‫الرابعة ف الادة " ‪ " 99‬الت نصها ‪ " :‬ول تسمع عند النكار دعوى الزوجية أو‬
‫القرار با إل إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسية ف الوادث الواقعة من أول أغسطس‬
‫سنة ‪ 1931‬م " ‪ .‬تديد سن الزوجي لسماع دعوى الزواج ‪ :‬نصت الفقرة الامسة‬
‫من الادة ‪ 99‬من لئحة الجراءات الشرعية على أنه " ل تسمع دعوى الزوجية إذا‬
‫كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة هجرية ‪ ،‬أو سن الزوج تقل عن ثان‬
‫عشرة سنة هجرية إل بأمر منا " ‪ .‬وقد جاء ف الذكرة اليضاحية بشأن هذه الفقرة ما‬
‫نصه ‪ " :‬كانت دعوى الزوجية ل تسمع إذا كانت سن الزوجي وقت العقد أقل من‬
‫ست عشرة سنة للزوجة وثان عشرة للزوج ‪ .‬سواء أكانت سنهما كذلك وقت‬
‫الدعوى أم جاوزت هذا الد ‪ / .‬صفحة ‪ / 69‬فرئي تيسيا على الناس ‪ ،‬وصيانة‬
‫للحقوق ‪ ،‬واحتراما لثار الزوجية ‪ ،‬أن يقصر النع من السماع على حالة واحدة ‪،‬‬
‫وهي مااذا كانت سنهما أو سن أحدها وقت الدعوى أقل من السن الحددة " ‪.‬‬
‫تديد سن الزواج لباشرة عقد الزواج رسيا ‪ :‬نصت الفقرة الثانية من الادة ‪ 366‬من‬
‫لئحة الجراءات على أنه " ل يوز مباشرة عقد الزواج ‪ ،‬ول الصادقة على زواج‬
‫مسند ال ما قبل العمل بذا القانون ‪ ،‬ما ل تكن سن الزوجة ست عشرة سنة ‪ ،‬وسن‬
‫الزواج ثان عشرة وقت العقد " ‪ .‬وما جاء ف الذكرة اليضاحية بشأن هذه الفقرة ‪:‬‬
‫" ان عقد الزواج له من الهية ف الالة الجتماعية منلة عظمي من جهة سعادة‬
‫العيشة النلية أو شقائها ‪ ،‬والعناية بالنسل أو اهاله ‪ .‬وقد تطورت الال بيث‬
‫أصبحت تتطلب العيشة النلية استعدادا كبيا لسن القيام با ول تستأهل الزوجة‬
‫والزوج لذلك غالبا قبل سن الرشد الال ( ‪ . ) 1‬غي أنه لا كانت بنية النثى‬

‫‪49‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تستحكم وتقوى قبل استحكام بنية الصب ‪ ،‬كان من الناسب أن يكون سن الزواج‬
‫للفت ثان عشرة ‪ ،‬وللفتاة ست عشرة ‪ .‬فلهذه الغراض الجتماعية حدد الشارع‬
‫الصري سن الزواج لباشرة العقد رسيا ‪ ،‬كما حدد سنا لسماع دعوى الزوجية قانونا‬
‫" ‪ .‬وصيانة لقانون تديد السن لباشرة العقد صدر قانون رقم ‪ 44‬من السنة ‪1933‬‬
‫ونص الادة الثانية منه ما يأت ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 69‬‬
‫مادة ( ‪ - ) 2‬يعاقب بالبس مدة ل تتجاوز سنتي أو بغرامة ل تزيد على مائة جنيه‬
‫كل من أبدى أمام السلطة الختصة ‪ -‬بقصد اثبات بلوغ أحد الزوجي السن الحددة‬
‫قانونا لضبط عقد الزواج ‪ -‬أقوال يعلم أنا غي صحيحة ‪ ،‬أو حرر ‪ ،‬أو قدم لا أوراقا‬
‫كذلك ‪ ،‬مت ضبط عقد الزواج على أساس هذه القوال ‪ ،‬أو الوراق ‪ .‬ويعاقب‬
‫بالبس أو بغرامة ل تزيد عن مائت جنيه كل شخص خوله ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سن‬
‫الرشد الال احدى وعشرون سنة ميلدية ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 70‬القانون سلطة ضبط‬
‫عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه ل يبلغ السن الحددة ف القانون ‪ .‬الحرمات من‬
‫النساء ليست كل امرأة صالة للعقد عليها ‪ ،‬بل يشترط ف الرأة الت يراد العقد عليها‬
‫أن تكون غي مرمة على من يريد التزوج با ‪ ،‬سواء أكان هذا التحري مؤبدا أم مؤقتا‬
‫‪ .‬والتحري الؤبد ينع الرأة أن تكون زوجة للرجل ف جيع الوقات ‪ .‬والتحري الؤقت‬
‫ينع الرأة من التزوج با مادامت على حالة خاصة قائمة با ‪ ،‬فان تغي الال وزال‬
‫التحري الوقت صارت حلل ‪ .‬وأسباب التحري الؤبدة هي ‪ - 1 :‬النسب ‪- 2 .‬‬
‫الصاهرة ‪ - 3 .‬الرضاع ‪ .‬وهي الذكورة ف قول ال تعال ‪ " :‬حرمت عليكم‬
‫أمهاتكم ‪ ،‬وبناتكم ‪ ،‬وأخواتكم وعماتكم ‪ ،‬وخالتكم ‪ ،‬وبنات الخ ‪ ،‬وبنات الخت‬
‫‪ ،‬وأمهاتكم اللت أرضعنكم ‪ ،‬وأخواتكم من الرضاعة ‪ ،‬وأمهات نسائكم وربائبكم‬
‫اللت ف حجوركم من نسائكم اللت دخلتم بن فل جناح عليكم ‪ ،‬وحلئل أبنائكم‬
‫الذين من أصلبكم ‪ ،‬وأن تمعوا بي الختي ‪ ،‬إل ما قد سلف " ‪ .‬والؤقتة تنحصر ف‬
‫أنواع ‪ .‬وهذا بيان كل منها ‪ :‬الحرمات من النسب هن ‪ - 1 :‬المهات ‪- 2 .‬‬

‫‪50‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البنات ‪ / .‬صفحة ‪ - 3 / 71‬الخوات ‪ - 4 .‬العمات ‪ - 5 .‬الالت ‪ - 6 .‬بنات‬
‫الخ ‪ - 7 .‬بنات الخت ‪ .‬والم اسم لكل أنثى لا عليك ولدة ‪ .‬فيدخل ف ذلك‬
‫الم ‪ ،‬وأمهاتا ‪ ،‬وجداتا ‪ ،‬وأم الب ‪ ،‬وجداته ‪ ،‬وإن علون ‪ .‬البنت اسم لكل أنثى‬
‫لك عليها ولدة ‪ ،‬أو كل أنثى يرجع نسبها اليك بالولدة بدرجة أو درجات ‪ .‬فيدخل‬
‫ف ذلك بنت الصلب وبناتا ‪ .‬والخت ‪ :‬اسم لكل أنثى جاورتك ف أصليك أو ف‬
‫أحدها ‪ .‬والعمة ‪ :‬اسم لكل أنثى شاركت أباك أو جدك ف أصليه ‪ .‬أو ف احدها ‪.‬‬
‫وقد تكون العمة من جهة الم ‪ ،‬وهي أخت أب أمك ‪ .‬والالة ‪ :‬اسم لكل أنثى‬
‫شاركت أمك ف أصليها أو ف أحدها ‪ .‬وقد تكون من جهة الب ‪ .‬وهي أخت أم‬
‫أبيك ‪ .‬وبنت ال ‪ :‬اسم لكل أنثى لخيك عليها ولدة بواسطة أو مباشرة ‪ ،‬وكذلك‬
‫بنت الخت ‪ .‬الحرمات بسبب الصاهرة ‪ :‬الحرمات بسبب الصاهرة ( ‪ ) 1‬هن ‪1 :‬‬
‫‪ -‬أم زوجته ‪ ،‬وأم أمها ‪ ،‬وأم أبيها ‪ ،‬وان علت ‪ .‬لقول ال تعال " وأمهات نسائكم "‬
‫‪ .‬ول يشترط ف تريها الدخول با ‪ ،‬بل مرد العقد عليها يرمها ( ‪ - 2 . ) 2‬وابنة‬
‫زوجته الت دخل با ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الصاهرة ‪ ،‬القرابة الناشئة بسبب الزواج ‪( .‬‬
‫‪ ) 2‬روي عن ابن عباس وزيد بن ثابت أن من عقد على امرأة ول يدخل با جاز له ان‬
‫يتزوج بأمها ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 72‬ويدخل ف ذلك بنات بناتا ‪ ،‬وبنات أبنائها ‪ ،‬وان‬
‫نزلن ‪ ،‬لنن من بناتا لقول ال تعال ‪ :‬وربائبكم اللت ف حجوركم من نسائكم اللت‬
‫دخلتم بن ‪ ،‬فإن ل تكونوا دخلتم بن فل جناح عليكم " ‪ .‬والربائب ‪ :‬جع ربيبة ‪،‬‬
‫وربيب الرجل ولد امرأته من غيه ‪ .‬سي ربيبا له ‪ ،‬لنه يربه كما يرب ولده ( أي‬
‫يسوسه ) ‪ .‬وقوله ‪ " :‬اللت ف حجوركم " وصف لبيان الشأن الغالب ف الربيبة ‪،‬‬
‫وهو أن تكون ف حجر زوج أمها ‪ ،‬وليس قيدا ‪ .‬وعند الظاهرية أنه قيد ‪ ،‬وأن الرجل‬
‫ل ترم عليه ربيبته ‪ -‬أي ابنة امرأته ‪ -‬إذا ل تكن ف حجره ‪ .‬وروي هذا عن بعض‬
‫الصحابة ‪ .‬فعن مالك بن أوس قال ‪ " :‬كان عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت ل ‪.‬‬
‫فوجدت ( ‪ ) 1‬فلقين علي بن أب طالب رضي ال عنه فقال ‪ :‬مالك ؟ فقلت ‪ :‬توفيت‬
‫الرأة ‪ .‬فقال ‪ :‬ألا بنت ؟ قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬وهي بالطائف ‪ .‬قال ‪ :‬كانت ف حجرك ؟ قلت‬
‫‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ " :‬انكحها " ‪ .‬قلت ‪ :‬فأين قول ال تعال ‪ " :‬وربائبكم اللت ف حجوركم‬

‫‪51‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" ؟ ! قال ‪ :‬انا ل تكن ف حجرك ‪ ،‬انا ذلك إذا كانت ف حجرك ‪ .‬ورد جهور‬
‫العلماء هذا الرأي وقالوا ‪ :‬ان حديث علي هذا ل يثبت ‪ ،‬لن رواية ابراهيم بن‬
‫عبيد ‪ ،‬عن مالك بن أوس ‪ ،‬عن علي رضي ال عنه ‪ .‬وابراهيم هذا ليعرف ‪ ،‬وأكثر‬
‫أهل العلم قد تلقوه بالدفع واللف ‪ - 3 .‬زوجة البن ‪ ،‬وابن ابنه ‪ ،‬وابن بنته وان‬
‫نزل لقول ال تعال ‪ " :‬وحلئل أبنائكم الذين من أصلبكم " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫حزنت ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 73‬و " اللئل " جع حليلة ‪ ،‬وهي الزوجة ‪ ،‬و " الزوج‬
‫حليل " ‪ - 4 .‬زوجة الب ‪ :‬يرم على البن التزوج بليلة أبيه ‪ ،‬بجرد عقد الب‬
‫عليها ‪ ،‬ول يدخل با ‪ .‬وكان هذا النوع من الزواج فاشيا ف الاهلية ‪ ،‬وكانوا‬
‫يسمونه زواج القت ( ‪ ) 1‬وسي الولد منها مقيتا ‪ ،‬أو مقتيا ‪ ،‬وقد نى ال عنه وذمه‬
‫ونفر منه ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 73‬‬
‫قال المام الرازي ‪ :‬مراتب القبح ثلث ‪ :‬القبح العقلي ‪ ،‬والقبح الشرعي ‪ ،‬والقبح‬
‫العادي ‪ .‬وقد وصف ال هذا النكاح بكل ذلك ‪ ،‬فقوله سبحانه ‪ " :‬فاحشة " إشارة‬
‫ال مرتبة قبحه العقلي ‪ ،‬وقوله تعال ‪ " :‬ومقتا " إشارة ال مرتبة قبحه الشرعي ‪ ،‬وقوله‬
‫تعال ‪ " :‬وساء سبيل " اشارة ال مرتبة قبحه العادي ‪ .‬وقد روى ابن سعد عن ممد‬
‫بن كعب سبب نزول هذه الية ‪ ،‬قال ‪ :‬كان الرجل إذا توف عن امرأته ‪ ،‬كان ابنه‬
‫أحق با أن ينكحها ان شاء ‪ ،‬ان ل تكن أمه ‪ ،‬أو ينكحها من شاء ‪ .‬فلما مات أبو قيس‬
‫بن السلت قام ابنه مصن فورث نكاح امرأته ول ينفق عليها ول يورثها من الال‬
‫شيئا ‪ ،‬فأتت النب صلى ال عليه وسلم فذكرت ذلك له ‪ ،‬فقال ‪ " :‬ارجعي لعل ال‬
‫ينل فيك شيئا " فنلت الية ‪ " :‬ول تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إل ما قد‬
‫سلف ‪ ،‬إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيل " ‪ .‬ويرى الحناف أن من زن بامرأة ‪ ،‬أو‬
‫لسها ‪ ،‬أو قبلها ‪ ،‬أو نظر ال فرجها بشهوة ‪ ،‬حرم عليه أصولا وفروعها ‪ ،‬وترم هي‬
‫على أصوله وفروعه إذ أن حرمة الصاهرة تثبت عندهم بالزنا ‪ ،‬ومثله مقدماته ودواعيه‬
‫‪ ،‬قالوا ‪ " :‬ولو زنا الرجل بأم زوجته ‪ ،‬أو بنتها حرمت عليه حرمة مؤبدة ‪ .‬ويرى‬

‫‪52‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جهور العلماء أن الزنا ل تثبت به حرمة الصاهرة ‪ ،‬واستدلوا على هذا با يأت ‪- 1 :‬‬
‫قول ال تعال ‪ " :‬وأحل لكم ما وراء ذلكم " فهذا بيان ( هامش ) ( ‪ ) 1‬اصل القت‬
‫البغض من مقته يقته مقتا فهو مقوت ومقيت ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 74‬عما يل من‬
‫النساء بعد بيان ما حرم منهن ‪ ،‬ول يذكر أن الزنا من أسباب التحري ‪ - 2 .‬روت‬
‫عائشة رضي ال عنها ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم سئل عن رجل زن بامرأة ‪.‬‬
‫فأراد أن يتزوجها أو ابنتها ‪ .‬فقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل يرم الرام اللل ‪ ،‬إنا‬
‫يرم ما كان بنكاح " رواه ابن ماجه عن ابن عمر ‪ - 3 .‬ان ما ذكروه من الحكام ف‬
‫ذلك هو ما تس إليه الاجة ‪ ،‬وتعم به البلوى أحيانا ‪ ،‬وما كان الشارع ليسكت‬
‫عنه ‪ ،‬فل ينل به قرآن ‪ ،‬ول تضي به سنة ‪ ،‬ول يصح فيه خب ‪ ،‬ول أثر عن الصحابة‬
‫‪ ،‬وقد كانوا قريب عهد بالاهلية الت كان الزنا فيها فاشيا بينهم ‪ .‬فلو فهم أحد منهم‬
‫أن لذلك مدركا ف الشرع أو تدل عليه علة وحكمة لسألوا عن ذلك ‪ ،‬وتوفرت‬
‫الدواعي على نقل ما يفتنون به ( ‪ - 4 . ) 1‬ولنه معن ل تصي به الرأة فراشا ‪ ،‬فلم‬
‫يتعلق به تري الصاهرة ‪ ،‬كالباشرة بغي شهوة ‪ .‬الحرمات بسبب الرضاع يرم من‬
‫الرضاع ما يرم من النسب ‪ ،‬والذي يرم من النسب ‪ :‬الم ‪ ،‬والبنت ‪ ،‬والخت ‪،‬‬
‫والعمة ‪ ،‬والالة ‪ ،‬وبنات الخ ‪ ،‬وبنات الخت ‪ .‬وهي الت بينها ال تعال ف قوله ‪" :‬‬
‫حرمت عليكم أمهاتكم ‪ ،‬وبناتكم ‪ ،‬وأخواتكم وعماتكم ‪ ،‬وخالتكم ‪ ،‬وبنات الخ‬
‫وبنات الخت ‪ ،‬وأمهاتكم اللت أرضعنكم ‪ ،‬وأخواتكم من الرضاعة " ‪ .‬وعلى هذا ‪،‬‬
‫فتنل الرضعة منلة الم ‪ ،‬وترم على الرضع ‪ ،‬هي وكل من يرم على البن من قبل‬
‫أم النسب فتحرم ‪ - 1 :‬الرأة الرضعة ‪ ،‬لنا بارضاعها تعد أما للرضيع ‪ - 2 .‬أم‬
‫الرضعة ‪ ،‬لنا جدة له ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬النار ‪ .‬جزء ‪ 4‬ص ‪ / ) . ( 479‬صفحة‬
‫‪ - 3 / 75‬أم زوج الرضعة ‪ -‬صاحب اللب ‪ -‬لنا جدة كذلك ‪ - 4 .‬أخت الم ‪،‬‬
‫لنا خالة الرضيع ‪ - 5 .‬أخت زوجها ‪ -‬صاحب اللب ‪ -‬لنا عمته ‪ - 6 .‬بنات‬
‫بنيها وبناتا ‪ ،‬لنن بنات اخوته وأخواته ‪ - 7 .‬الخت ‪ ،‬سواء أكانت أختا لب وأم‬
‫‪ .‬أو أختا لم ‪ ،‬أو أختا لب ( ‪ . ) 1‬الرضاع الذي يثبت به التحري ‪ :‬الظاهر أن‬
‫الرضاع الذي يثبت به التحري ‪ ،‬هو مطلق الرضاع ‪ .‬ول يتحقق إل برضعة كاملة ‪،‬‬

‫‪53‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهي أن يأخذ الصب الثدي ويتص اللب منه ‪ ،‬ول يتركه إل طائعا من غي عارض‬
‫يعرض له ‪ ،‬فلو مص مصة أو مصتي ‪ ،‬فان ذلك ل يرم لنه دون الرضعة ‪ ،‬ول يؤثر‬
‫ف الغذاء ‪ .‬قالت عائشة رضي ال عنها ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل‬
‫ترم الصة ول الصتان " رواه الماعة إل البخاري ‪ .‬والصة هي الواحدة من الص ‪.‬‬
‫وهو أخذ اليسي من الشئ ‪ ،‬يقال أمصه ومصصته ‪ ،‬أي شربته شربا رقيقا ‪ .‬هذا هو‬
‫المر الذي يبدو لنا راجحا ‪ .‬وللعلماء ف هذه السألة عدة آراء نملها فيما يأت ‪1 :‬‬
‫‪ -‬أن قليل الرضاع وكثيه سواء ف التحري أخذا بإطلق الرضاع ف الية ‪ .‬ولا‬
‫رواه البخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬عن عقبة بن الارث قال ‪ :‬تزوجت أم يي بنت أب إهاب‬
‫فجرت أمة سوداء فقالت ‪ " :‬قد أرضعتكما " ‪ .‬فأتيت النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فذكرت له ذلك فقال ‪ " :‬وكيف ‪ ،‬وقد قيل ؟ دعها عنك " ‪ .‬فترك الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم السؤال عن عدد الرضعات ‪ ،‬وأمره ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الخت الب وأم ‪:‬‬
‫وهي الت ارضعتها الم بلبان الب ‪ ،‬سواء أرضعت مع الطفل الرضيع أو رضعت قبله‬
‫أو بعده ‪ . .‬والخت من الب ‪ ،‬وهي الت أرضعتها زوجة الب ‪ . .‬والخت من‬
‫الم ‪ ،‬وهي الت أرضعتها الم بلبان رجل آخر ( ‪ / ) .‬صفحة ‪/ 76‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 76‬‬
‫بتركها دليل على أنه ل اعتبار إل بالرضاع ‪ ،‬فحيث وجد اسه وجد حكمه ‪ .‬ولنه‬
‫فعل يتعلق به التحري ‪ ،‬فيستوي قليله وكثيه ‪ ،‬كالوطء الوجب له ‪ .‬ولن إنشاز‬
‫العظم ‪ ،‬وإنبات اللحم ‪ ،‬يصل بقليله وكثيه ‪ .‬وهذا مذهب " علي " ‪ ،‬و " ابن عباس‬
‫" ‪ ،‬و " سعيد بن السيب " ‪ ،‬و " السن البصري " و " الزهري " و " قتادة " و "‬
‫حاد " و " الوزاعي " و " الثوري " و " أب حنيفة " و " مالك " ورواية عن " أحد "‬
‫‪ - 2 .‬أن التحري ل يثبت بأقل من خس رضعات متفرقات ‪ .‬لا رواه مسلم ‪ ،‬وأبو‬
‫داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬عن عائشة قالت ‪ " :‬كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات‬
‫معلومات يرمن ‪ ،‬ث نسخن بمس معلومات ‪ ،‬فتوف رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وهن فيما يقرأ من القرآن " ‪ .‬وهذا تقييد لطلق الكتاب والسنة ‪ ،‬وتقييد‬

‫‪54‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطلق بيان ‪ ،‬لنسخ ول تصيص ‪ .‬ولو ل يعترض على هذا الرأي ‪ ،‬بأن القرآن ل‬
‫يثبت ال متواترا ‪ ،‬وأنه لو كان كما قالت عائشة لا خفي على الخالفي ‪ .‬ولسيما‬
‫المام علي وابن عباس ‪ ،‬نقول ‪ :‬لو ل يوجه إل هذا الرأي هذه العتراضات لكان‬
‫أقوى الراء ‪ ،‬ولذا عدل المام البخاري عن هذه الرواية ‪ .‬وهذا مذهب عبد ال بن‬
‫مسعود ‪ ،‬وإحدى الروايات عن عائشة ‪ ،‬وعبد ال بن الزبي ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬وطاووس ‪،‬‬
‫والشافعي ‪ ،‬وأحد ف ظاهر مذهبه ‪ ،‬وابن حزم ‪ ،‬وأكثر أهل الديث ‪ - 3 .‬أن‬
‫التحري يثبت بثلث رضعات فأكثر لن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل ترم‬
‫الصة ول الصتان " ‪ .‬وهذا صريح ف نفي التحري با دون الثلث ‪ ،‬فيكون التحري‬
‫منحصرا فيما زاد عليهما ‪ .‬وإل هذا ذهب أبو عبيد ‪ ،‬وأبو ثور ‪ ،‬وداود الظاهري ‪،‬‬
‫وابن النذر ‪ ،‬ورواية عن أحد ‪ / .‬صفحة ‪ / 77‬لب الرضعة يرم مطلقا ‪ :‬التغذية بلب‬
‫الرضعة مرم ‪ ،‬سواء أكان شربا أو وجورا ( ‪ ) 1‬أو سعوطا ( ‪ ، ) 2‬حيث كان يغذي‬
‫الصب ويسد جوعه ‪ ،‬ويبلغ قدر رضعة ‪ ،‬لنه يصل به ما يصل بالرضاع من انبات‬
‫اللحم ‪ ،‬وانشاز العظم ‪ ،‬فيساويه ف التحري ‪ .‬اللب الختلط لب الرأة بطعام ‪ ،‬أو‬
‫شراب ‪ ،‬أو دواء ‪ ،‬أو لب شاة أو غيه ‪ ،‬وتناوله الرضيع فان كان الغالب لب الرأة‬
‫حرم ‪ ،‬وان ل يكن غالبا فل يثبت به التحري ‪ .‬وهذا مذهب الحناف ‪ ،‬والزن ‪ ،‬وأب‬
‫ثور قال ابن القاسم من الالكية ‪ " :‬إذا استهلك اللب ف ماء أو غيه ‪ ،‬ث سقيه الطفل‬
‫ل تقع به الرمة " ‪ .‬ويرى الشافعي ‪ ،‬وابن حبيب ‪ ،‬ومطرف ‪ ،‬وابن الاجشون من‬
‫أصحاب مالك ‪ :‬انه تقع به الرمة بنلة مالو انفرد اللب ‪ ،‬أو كان متلطا ل تذهب‬
‫عينه ‪ .‬قال ابن رشد ‪ .‬وسبب اختلفهم ‪ :‬هل يبقى للتب حكم الرمة إذا اختلط بغيه‬
‫‪ ،‬أم ل يبقى به حكمها ؟ كالال ف النجاسة إذا خالطت اللل الطاهر ‪ .‬والصل‬
‫العتب ف ذلك انطلق اسم اللب عليه كالاء ‪ ،‬هل يطهر إذا خالطه شئ من الطاهر (‬
‫‪ ) 3‬؟ ‪ .‬صفة الرضعة ‪ :‬والرضعة الت يثبت بلبنها التحري ‪ ،‬هي كل امرأة در اللب‬
‫من ثدييها ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الوجور ‪ :‬أن يصب اللب ف حلق الصب من غي ثدي ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬السعوط ‪ :‬أن يصب اللب ف أنفه ‪ ) 3 ( .‬أي أنه إذا اختلط اللب بغيه هل‬
‫يبقى اطلق اسم اللب عليه أم ل ؟ ! فان كان يطلق اسم اللب عليه كان مرما وإل‬

‫‪55‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فل ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 78‬سواء أكانت بالغة أم غي بالغة ‪ ،‬وسواء أكانت يائسة من‬
‫الحيض أم غي يائسة ‪ ،‬وسواء أكان لا زوج أم ل يكن ‪ .‬وسواء أكانت حامل أم غي‬
‫حامل ‪ .‬سن الرضاع ‪ :‬الرضاع الحرم للزواج ما كان ف الولي ‪ .‬وهي الدة الت‬
‫بينها ال تعال وحددها ف قوله ‪ " :‬والوالدات يرضعن أولدهن حولي كاملي لن أراد‬
‫أن يتم الرضاعة " ‪ .‬لن الرضيع ف هذه الدة يكون صغيا يكفيه اللب ‪ ،‬وينبت بذلك‬
‫لمه ‪ ،‬فيصي جزءا من الرضعة ‪ .‬فيشترك ف الرمة مع أولدها ‪ .‬روى الدار قطن ‪،‬‬
‫وابن عدي ‪ ،‬عن ابن عباس رضي ال عنهما قال ‪ " :‬لرضاع إل ف الولي " ‪ .‬وروى‬
‫مرفوعا إل النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل رضاع إل ما أنشز ( ‪ ) 1‬العظم ‪ ،‬وأنبت‬
‫اللحم " رواه أبو داود ‪ .‬وإنا يكون ذلك لن هو ف سن الولي ‪ ،‬ينمو باللب عظمه ‪،‬‬
‫وينبت عليه لمه ‪ .‬وعن أم سلمة رضي ال عنها قالت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬ل يرم من الرضاع إل ما فتق ( ‪ ) 2‬المعاء ‪ ،‬وكان قبل الفطام " ‪ .‬رواه‬
‫الترمذي وصححه ‪ .‬وقال ابن القيم ‪ :‬هذا حديث منقطع ‪ .‬ولو فطم الرضيع قبل‬
‫الولي واستغن بالغذاء عن اللب ‪ .‬ث أرضعته امرأة ‪ ،‬فان ذلك الرضاع تثبت به‬
‫الرمة عند أب حنيفة والشافعي ‪ ،‬لقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إنا الرضاعة‬
‫من الجاعة " ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬ما كان من الرضاعة بعد الولي كان قليله وكثيه ل‬
‫يرم شيئا ‪ ،‬إنا هو بنلة الاء ‪ .‬وقال ‪ :‬إذا فصل ( ‪ ) 3‬الصب قبل الولي ‪ ،‬أو استغن‬
‫بالفطام عن الرضاع ‪ ،‬فما ارتضع بعد ذلك ل يكن للرضاع حرمة " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 78‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬انشز ‪ :‬قوى وشد ‪ ) 2 ( .‬فتق المعاء ‪ :‬أي وصلها وغذاها‬
‫واكتفت به عن غيه ‪ ) 3 ( .‬فصل ‪ :‬أي فطم ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 79‬رضاع الكبي ‪:‬‬
‫وعلى هذا فرضاع الكبي ل يرم ف رأي جاهي العلماء للدلة التقدمة ‪ .‬وذهبت‬
‫طائفة من السلف واللف إل أنه يرم ‪ -‬ولو أنه شيخ كبي ‪ -‬كما يرم رضاع‬
‫الصغي ‪ ،‬وهو رأي عائشة رضي ال عنها ‪ .‬ويروى عن علي كرم ال وجهه ‪ ،‬وعروة‬
‫بن الزبي ‪ ،‬وعطاء بن أب رباح وهو قول الليث ابن سعد ‪ ،‬وابن حزم ‪ ،‬واستدلوا على‬

‫‪56‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلك با رواه مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبي فقال ‪ :‬أخبن عروة بن‬
‫الزبي بديث ‪ " :‬أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم سهلة بنت سهيل برضاع سال‬
‫ففعلت ‪ ،‬وكانت تراه ابنا لا " ‪ .‬قال عروة ‪ :‬فأخذت بذلك عائشة أم الؤمني رضيا ل‬
‫عنها ‪ ،‬فيمن كانت تت أن يدخل عليها من الرجال ‪ .‬فكانت تأمر أختها أم كلثوم‬
‫وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال ‪ .‬وروى مالك ‪ ،‬وأحد‬
‫‪ :‬أن أبا حذيفة تبن ( ‪ ) 1‬سالا ‪ .‬وهو مول لمرأة من النصار ‪ ،‬كما تبن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم زيدا ‪ .‬وكان من تبن رجل ف الاهلية دعاه الناس ابنه وورث من‬
‫مياثه ‪ ،‬حت أنزل ال عزوجل " ‪ :‬ادعوهم لبائهم هو أقسط عند ال فإن ل تعلموا‬
‫آباءهم فإخوانكم ف الدين ومواليكم " ‪ .‬فردوا ال آبائهم ‪ .‬فمن ل يعلم له أب ‪،‬‬
‫فمول وأخ ف الدين ‪ ،‬فجاء ‪ ،‬سهلة ‪ .‬فقالت ‪ :‬يارسول ال ‪ .‬كنا نرى سالا ولدا يأوي‬
‫معي ومع أب حذيفة ‪ ،‬ويران فضل ( ‪ ، ) 2‬وقد أنزل ال عزوجل فيهم ما قد علمت‬
‫‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أرضعيه خس رضعات " ‪ ،‬فكان بنلة‬
‫ولده من الرضاعة ‪ .‬وعن زينب بنت أم سلمة رضي ال عنها قالت ‪ :‬قالت أم سلمة‬
‫لعائشة رضي ال عنها ‪ " .‬انه يدخل عليك الغلم اليفغ الذي ما أحب أن يدخل علي‬
‫" ( هامش ) ( ‪ ) 1‬تبن ‪ :‬اتذه ابنا له ‪ ) 2 ( .‬فضل ‪ :‬يعن متبذلة ف ثياب الهنة أو‬
‫ف ثوب واحد ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 80‬فقالت عائشة رضيا ل عنها ‪ :‬أما لك ف رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم أسوة حسنة ؟ ‪ .‬فقالت ‪ :‬إن امرأة أن حذيفة قالت ‪ :‬يا‬
‫رسول ال صلى ان سالا يدخل علي وهو رجل ‪ ،‬وف نفس أب حذيفة منه شئ ‪ .‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أرضعيه حت يدخل عليك " ‪ .‬والختار من هذين‬
‫القولي ما حققه ابن القيم ‪ .‬قال ‪ :‬إن حديث سهلة ليس بنسوخ ول مصوص ولعام‬
‫ف حق كل واحد ‪ ،‬وإنا هو رخصة للحاجة ‪ ،‬لن ل يستغن عن دخوله على الرأة ‪،‬‬
‫ويشق احتجابا عنه ‪ ،‬كحال سال مع امرأة أب حذيفة ‪ .‬فمثل هذا الكبي إذا أرضعته‬
‫للحاجة أثر رضاعه ‪ ،‬وأما من عداه فل يؤثر إل رضاع الصغي ‪ ،‬وهذا مسلك شيخ‬
‫السلم ابن تيمية رحة ال عليه ‪ ،‬والحاديث النافية للرضاع ف الكبي ‪ [ :‬إما مطلقة‬
‫فتفيد بديث سهلة ‪ ،‬أو عامة ف كل الحوال فتخصص هذه الال من عمومها ‪ .‬وهذا‬

‫‪57‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أول من النسخ ‪ ،‬ودعوى التخصيص لشخص بعينه ‪ ،‬وأقرب ال العمل بميع‬
‫الحاديث من الانبي وقواعد الشرع تشهد له ‪ .‬انتهى ‪ .‬الشهادة على الرضاع ‪:‬‬
‫شهادة الرأة الواحدة مقبولة ف الرضاع ‪ -‬إذا كانت مرضية ‪ -‬لا رواه عقبة بن‬
‫الارث أنه تزوج أم يي بنت أب إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت ‪ " :‬قد أرضعتكما‬
‫" ‪ ،‬قال ‪ :‬فذكرت ذلك للنب صلى ال عليه وسلم ‪ .‬قال فتنحيت فذكرت ذلك له ‪،‬‬
‫فقال ‪ " :‬وكيف وقد زعمت أنا أرضعتكما ؟ " فنهاه عنها ‪ .‬احتج بذا الديث ‪:‬‬
‫طاووس ‪ ،‬والزهري ‪ ،‬وابن أب ذئب ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬ورواية عن أحد ‪ ،‬على أن شهادة‬
‫الرأة الواحدة مقبولة ف الرضاع ‪ .‬وذهب المهور ال أنه ل يكفي ف ذلك شهادة‬
‫الرضعة ‪ ،‬لنا شهادة على فعل نفسها ‪ .‬وقد أخرج أبو عبيد عن عمر ‪ ،‬والغية بن‬
‫شعبة ‪ ،‬وعلي بن أب طالب ‪ ،‬وابن عباس انم امتنعوا من التفرقة بي الزوجي بذلك ‪.‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 81‬فقال عمر رضي ال عنه ‪ " :‬ففرق بينهما ان جاءت بينة ‪ ،‬وإل فخل‬
‫بي الرجل وامرأته ‪ ،‬إل أن ينتزها ( ‪ . ) 1‬ولو فتح هذا الباب ل تشأ امرأة أن تفرق‬
‫بي زوجي إل فعلت ‪ .‬ومذهب الحناف أن الشهادة على الرضاع لبد فيها من‬
‫شهادة رجلي ‪ ،‬أو رجل وامرأتي ‪ ،‬ول يقبل فيها شهادة النساء وحدهن ‪ ،‬لقول ال‬
‫عزوجل ‪ " :‬واستشهدوا شهيدين من رجالكم ‪ ،‬فان ل يكونا رجلي فرجل وامرأتان‬
‫من ترضون من الشهداء " ‪ .‬وروى البيهقي ‪ :‬أن عمر رضي ال عنه أت بامرأدة‬
‫شهدت على رجل وامرأته أنا أرضعتهما ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل ‪ :‬حت يشهد رجلن أو رجل‬
‫وامرأتان ‪ .‬وعن الشافعي رضي ال عنه ‪ :‬أنه يثبت بذا ‪ ،‬وبشهادة أربع من النساء ‪،‬‬
‫لن كل امرأتي كرجل ‪ ،‬ولن النساء يطلعن على الرضاع غالبا كالولدة ‪ .‬وعند‬
‫مالك ‪ :‬تقبل فيه شهادة امرأتي بشرط فشو قولما بذلك قبل الشهادة ‪ .‬قال ابن رشد‬
‫‪ :‬وحل بعضهم حديث عقبة بن الارث على الندب جعا بينه وبي الصول ‪ ،‬وهو‬
‫أشبه ‪ ] ،‬وهي رواية عن مالك ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 81‬‬

‫‪58‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبوة زوج الوضع للرضيع ‪ :‬إذا أرضعت امرأة رضيعا صار زوجها أبا للرضيع وأخوه‬
‫عما له ‪ ،‬لا تقدم من حديث حذيفة ‪ ،‬ولديث عائشة رضي ال عنها ‪ ،‬أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ائذن لفلح أخي أب القعيس فانه عمك " ‪ .‬وكانت‬
‫امرأته أرضعت عائشة رضي ال عنها ‪ .‬وسئل ابن عباس عن رجل له جاريتان أرضعت‬
‫احداها جارية والخرى غلما ‪ :‬أيل للغلم أن يتزوج الارية ؟ قال ‪ " :‬ل " اللقاح‬
‫واحد ‪ .‬وهذا رأي الئمة الربعة ‪ :‬والوزاعي ‪ ،‬والثوري ‪ .‬ومن قال به من الصحابة‬
‫علي ‪ ،‬وابن عباس رضي ال عنهما ‪ .‬التساهل ف أمر الرضاع ‪ :‬كثي من النساء‬
‫يتساهل ف أمر الرضاع فيضعون الولد من امرأة ‪ ،‬أو من ( هامش ) ( ‪ ) 1‬يتنها ‪:‬‬
‫يتورعا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 82‬عدة نسوة ‪ ،‬دون عناية بعرفة أولد الرضعة واخوانا ‪،‬‬
‫ول أولد زوجها ‪ -‬من غيها ‪ -‬واخوته ‪ ،‬ليعرفوا ما يترتب عليهم ف ذلك من‬
‫الحكام ‪ ،‬كحرمة النكاح ‪ ،‬وحقوق هذه القرابة الديدة الت جعلها الشارع كالنسب‬
‫‪ .‬فكثيا ما يتزوج الرجل أخته ‪ ،‬أو عمته ‪ ،‬أو خالته من الرضاعة ‪ ،‬وهو ل يدري ( ‪1‬‬
‫) ‪ .‬والواجب الحتياط ف هذا المر ‪ ،‬حت ل يقع النسان ف الحظور ‪ .‬حكمة‬
‫التحري ‪ :‬قال ف تفسي النار ( ‪ : ) 2‬إن ال تعال جعل بي الناس ضروبا من الصلة‬
‫يتراحون با ‪ ،‬ويتعاونون على دفع الضار وجلب النافع ‪ ،‬وأقوى هذه الصلت صلة‬
‫القرابة وصلة الصهر ‪ ،‬ولكل واحدة من هاتي الصلتي درجات متفاوتة ‪ .‬فأما صلة‬
‫القرابة فأقواها ما يكون بي الولد والوالدين من العاطفة والريية ‪ .‬فمن اكتنه السر‬
‫ف عطف الب على ولده يد ف نفسه داعية فطرية تدفعه ال العناية بتربيته ال أن‬
‫يكون رجل مثله ‪ .‬فهو ينظر إليه كنظره ال بعض أعضائه ‪ ،‬ويعتمد عليه ف مستقبل‬
‫أيامه ‪ ،‬ويد ف نفس الولد شعورا بأن أباه كان منشأ وجوده ‪ ،‬ومد حياته وقوام تأديبه‬
‫‪ ،‬وعنوان شرفه ‪ .‬وبذا الشعور يترم البن أباه ‪ ،‬وبتلك الرحة والريية يعطف الب‬
‫على ابنه ‪ ،‬وبساعده ‪ .‬هذا ماقاله الستاذ المام ممد عبده ‪ .‬ول يفى على انسان أن‬
‫عاطفة الم الوالدية أقوى من عاطفة الب ‪ ،‬ورحتها أشد من رحته ‪ ،‬وحنانا أرسخ‬
‫من حنانه ‪ ،‬لنا أرق قلبا ‪ ،‬وأدق شعورا ‪ .‬وأن الولد يتكون جنينا من دمها الذي هو‬
‫قوام حياتا ‪ .‬ث يكون طفل يتغذى من لبنها ‪ ،‬فيكون له مع كل مصة من ثديها عاطفة‬

‫‪59‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬النار ص ‪ 470‬ج ‪ ) 2 ( .‬ج ‪ 5‬ص ‪ 29‬من تفسي النار ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 83‬جديدة ‪ ،‬يستلها من قلبها ‪ ،‬والطفل ل يب أحدا ف الدنيا قبل أمه ‪ .‬ث‬
‫انه يب أباه ‪ ،‬ولكن دون حبه لمه ‪ ،‬وان كان يترمه أشد ما يترمها ‪ .‬أفليس من‬
‫النابة على الفطرة أن يزاحم هذا الب العظيم بي الوالدين والولد حب استمتاع‬
‫الشهوة ‪ -‬فيزحه ويفسده ‪ -‬وهو خي ما ف هذه الياة ! ! بلى ‪ :‬ولجل هذا كان‬
‫تري نكاح المهات هو الشد القدم ف الية ‪ ،‬ويليه تري البنات ‪ .‬ولو ل ما عهد ف‬
‫النسان من الناية على الفطرة والعبث با والفساد فيها ‪ ،‬لكان لسليم الفطرة أن‬
‫يتعجب من تري المهات والبنات ‪ ،‬لن فطرته تشعر أن النوع ال ذلك من قبيل‬
‫الستحيلت ‪ .‬وأما الخوة والخوات ‪ ،‬فالصلة بينهما تشبه الصلة بي الوالدين‬
‫والولد من حيث أنم كأعضاء السم الواحد ‪ ،‬يفان الخ والخت من أصل واحد‬
‫يستويان ف النسة إليه من غي تفاوت بينهما ‪ .‬ث انما ينشآن ف حجر واحد ‪ ،‬على‬
‫طريقة واحدة ف الغالب ‪ ،‬وعاطفة الخوة بينهما متكافئة ‪ ،‬ليست أقوى ف إحداها‬
‫منها ف الخرى ‪ ،‬كقوة عاطفة المومة والبوة على عاطفة البنوة ‪ .‬فلهذه السباب‬
‫يكون أنس أحدها بالخر أنس مساواة ل يضاهيه أنس لخر ‪ .‬إذ ل يوجد بي البشر‬
‫صلة أخرى فيها هذا النوع من الساواة الكاملة ‪ ،‬وعواطف الود والثقة التبادلة ‪.‬‬
‫ويكى أن امرأة شفعت عند الجاج ف زوجها وابنها وأخيها ‪ ،‬وكان يريد قتلهم ‪،‬‬
‫وفشفعها ف واحد مبهم منهم ‪ ،‬وأمرها أن تتار من يبقى ‪ ،‬فاختارت أخاها ‪ ،‬فسألا‬
‫عن سبب ذلك فقالت ‪ " :‬ان الخ لعوض عنه ‪ ،‬وقد مات الوالدان ‪ ،‬وأما الزوج‬
‫والولد فيمكن العتياض عنهما بثلهما " ‪ .‬فأعجبه هذا الواب وعفا عن الثلثة ‪.‬‬
‫وقال ‪ " :‬لو اختارت الزوجة غي الخ لا أبقيت لا أحدا " ‪ .‬وجلة القول ‪ :‬إن صلة‬
‫الخوة صلة فطرية قوية ‪ ،‬وأن الخوة والخوات ‪ /‬صفحة ‪ / 84‬ل يشتهي بعضهم‬
‫التمتع ببعض ‪ ،‬لن عاطفة الخوة تكون هي السؤولية على النفس بيث ل يبقى‬
‫لسواها معها موضع ما سلمت الفطرة ‪ .‬فقضت حكمة الشريعة بتحري نكاح الخت‬
‫حت يكون لعتلي الفطرة منفذ لستبدال داعية الشهوة بعاطفة الخوة ‪ .‬وأما العمات‬
‫والالت فهن من طينة الب والم ‪ .‬وف الديث " عم الرجل صنو أبيه " ‪ .‬أي ها‬

‫‪60‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كالصنوان يرجان من أصل النخلة ‪ .‬ولذا العن ‪ -‬الذي كانت به صلة العمومة من‬
‫صلة البوة ‪ ،‬وصلة الؤولة من صلة المومة ‪ -‬قالوا ‪ :‬إن تري الدات مندرج ف‬
‫تري المهات‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 84‬‬
‫وداخل فيه ‪ ،‬فكان من ماسن دين الفطرة الحافة على عاطفة صلة العمومة والؤولة ‪،‬‬
‫والتراحم والتعاون با ‪ ،‬وأن لتنو الشهوة عليها ‪ ،‬وذلك بتحري نكاح العمات‬
‫والالت ‪ .‬وأما بنات الخ وبنات الخت ‪ ،‬فهما من النسان بنلة بناته ‪ ،‬حيث أن‬
‫أخاه وأخته كنفسه ‪ ،‬وصاحب الفطرة السليمة يد لما هذه العاطفة ين نفسه ‪ ،‬وكذا‬
‫صاحب الفطرة السقيمة ‪ ،‬إل أن عاطفة هذا تكون كفطرته ف سقهما ‪ .‬نعم إن عطف‬
‫الرجل على بنته يكون أقوى لكونا بضعة منه ‪ ،‬نت وترعرعت بعنايته ورعايته ‪.‬‬
‫وأنسه بأخيه وأخته يكون أقوى من أنسه ببناتما لا تقدم ‪ .‬وأما الفرق بي العمات‬
‫والالت ‪ ،‬وبي بنات الخوة والخوات ‪ ،‬فهو أن الب لؤلء حب عطف وحنان ‪،‬‬
‫والب لولئك حب تكري واحترام ‪ .‬فهما ‪ -‬من حيث البعد عن مواقع الشهوة ‪-‬‬
‫متكافآن ‪ .‬وانا قدم ف النظم الكري ذكر العمات والالت ‪ ،‬لن الدلء بما من‬
‫الباء والمهات ‪ ،‬فصلتهما أشرف وأعلى من صلة الخوة والخوات ‪ .‬هذه أنواع‬
‫القرابة القريبة الت يتراحم الناس ويتعاطفون ويتوادون ويتعاونون با وبا جعل ال لا‬
‫ف النفوس من الب والنان والعطف والحترام ! فحرم ال فيها النكاح لجل أن‬
‫تتوجه عاطفة الزوجية ومبتها ال من ‪ /‬صفحة ‪ / 85‬ضعفت الصلة الطبيعية أو النسبة‬
‫بينهم ‪ ،‬كالغرباء والجانب ‪ ،‬والطبقات البعيدة من سللة القارب ‪ ،‬كأولد العمام‬
‫والعمات والخوال والالت ‪ .‬وبذلك تتجدد بي البشر قرابة الصهر الت تكون ف‬
‫الودة والرحة كقرابة النسب ‪ ،‬فتتسع دائرة الحبة والرحة بي الناس ‪ .‬فهذه حكمة‬
‫الشرع الروحية ف مرمات القرابة ‪ .‬ث قال ‪ :‬إن هنالك حكمة جسدية حيوية عظيمة‬
‫جدا ‪ .‬وهي أن تزوج القارب بعضهم ببعض يكون سببا لضعف النسل ‪ .‬فإذا‬
‫تسلسلت واستمرت بتسلسل الضعف والضوى فيه إل أن ينقطع ‪ ،‬ولذلك سببان ‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( أحدها ) وهو الذي أشار إليه الفقهاء ‪ -‬أن قوة النسل تكون على قدر قوة داعية‬
‫التناسل ف الزوجي ‪ ،‬وهي الشهوة ‪ .‬وقد قالوا ‪ :‬إنا تكون ضعيفة بي القارب ‪.‬‬
‫وجعلوا ذلك علة لكراهية تزوج بنات العم وبنات العمة ‪ ،‬ال آخره ‪ .‬وسبب ذلك ‪،‬‬
‫أن هذه الشهوة شعور ف النفس ‪ ،‬يزاحه شعور عواطف القرابة الضاد له ‪ ،‬فإما أن‬
‫يزيله ‪ ،‬وإما أن يزلزله ويضعفه ‪ ( .‬والسبب الثان ) يعرفه الطباء ‪ ،‬وإنا يظهر للعامة‬
‫بثال تقريب معروف عند الفلحي ‪ ،‬وهو أن الرض الت يتكرر زرع نوع واحد من‬
‫البوب فيها ‪ ،‬يضعف هذا الزرع فيها مرة بعد أخرى ‪ ،‬ال أن ينقطع ‪ ،‬لقلة الواد الت‬
‫هي قوام غذائه ‪ ،‬كثرة الواد الخرى الت ل يتغذى منها ‪ ،‬ومزاحتها لغذائه أن يلص‬
‫له ‪ .‬ولو زرع ذلك الب ف أرض أخرى وزرع ف هذه الرض نوع آخر من الب‬
‫لناكل منهما ‪ .‬بل ثبت عند الزراع أن اختلف الصنف من النوع الواحد من أنواع‬
‫البذار يفيد ‪ .‬فإذا زرعوا حنطة ف أرض ‪ ،‬وأخذوا بذرا من غلتها فزرعوه ف تلك‬
‫الرض يكون نوه ضعيفا وغلته قليلة ‪ / .‬صفحة ‪ / 86‬وإذا أخذوا البذر من حنطة‬
‫أخرى وزرعوه ف تلك الرض نفسها يكون أنى وأزكى ‪ .‬كذلك النساء حرث ‪-‬‬
‫كالرض ‪ -‬يزرع فيهن الولد ‪ .‬وطوائف الناس كأنواع البذار وأصنافه ‪ .‬فينبغي أن‬
‫يتزوج أفراد كل عشية من أخرى ليزكو الولد وينجب ‪ .‬فان الولد يرث من مزاج‬
‫أبويه ومادة أجسادها ‪ ،‬ويرث من أخلقهما وصفاتما الروحية وبياينهما ف شئ من‬
‫ذلك ‪ .‬فالتوارث والتباين سنتان من سنن الليقة ‪ ،‬ينبغي أن تأخذ كل واحدة منهما‬
‫حظها لجل أن ترتقي السلئل البشرية ويتقارب الناس بعضهم من بعض ‪ ،‬ويستمد‬
‫بعضهم القوة والستعداد من بعض ‪ ،‬والتزوج من القربي يناف ذلك ‪ .‬فثبت با تقدم‬
‫كله أنه ضار بدنا ونفسا ‪ ،‬مناف للفطرة ‪ ،‬مل بالروابط الجتماعية ‪ ،‬عائق لرتقاء‬
‫البشر ‪ .‬وقد ذكر " الغزال " ف الحياء ‪ :‬أن الصال الت تطلب مراعاتا ف الرأة ‪،‬‬
‫أل تكون من القرابة القريبة ‪ .‬قال ‪ :‬فان الوليد يلق ضاويا ( ‪ . ) 1‬وأورد ف ذلك‬
‫حديث ل يصح ‪ .‬ولكن روى ابراهيم الرب ف غريب الديث أن عمر قال لل‬
‫السائب ‪ " :‬اغتربوا لتضووا " أي تزوجوا الغرائب لئل تئ أولدكم نافا ضعافا ‪.‬‬
‫وعلل الغزال ذلك بقوله ‪ " :‬إن الشهوة إنا تنبعث بقوة الحساس بالنظر أو اللمس‬

‫‪62‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وانا يقوي الحساس بالمر الغريب الديد ‪ .‬فأما العهود الذي دام النظر إليه ‪ ،‬فانه‬
‫يضعف الس عن تام ادراكه والتأثر به ‪ ،‬ول ينبعث به الشهوة " ‪ .‬قال ‪ :‬وتعليله ل‬
‫ينطبق على كل صورة ‪ ،‬والعمدة ما قلنا ‪ .‬حكمة التحري بالرضاع ‪ :‬وأما حكمة‬
‫التحري بالرضاعة ‪ ،‬فمن رحته تعال بنا أن وسع لنا دائرة ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ضاويا ‪:‬‬
‫أي نيفا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 87‬القرابة بإلاق الرضاع با ‪ ،‬وأن بعض بدن الرضيع‬
‫يتكون من لب الرضع ‪ ،‬وأنه بذلك يرث منها كما يرث ولدها الذي ولدته ( ‪. ) 1‬‬
‫حكمة التحري بالصاهرة ‪ :‬وحكمة تري الحرمات بالصاهرة أن بنت الزوجة وأمها‬
‫أول بالتحري ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 87‬‬
‫لن زوجة الرجل شقيقة روحه ‪ ،‬بل مقومة ماهيته النسانية ومتممتها ‪ .‬فينبغي أن‬
‫تكون أمها بنلة أمه ف الحترام ‪ .‬ويقبح جدا أن تكون ضرة لا فإن لمة الصاهرة‬
‫كلحمة النسب ‪ .‬فإذا تزوج الرجل من عشية صار كأحد أفرادها ‪ ،‬وتددت ف نفسه‬
‫عاطفة مودة جديدة لم ‪ .‬فهل يوز أن يكون سببا للتغاير والضرار بي الم وبنتها ؟‬
‫كل ‪ .‬إن ذلك يناف حكمة الصاهرة والقرابة ويكون سبب فساد العشية ‪ .‬فالوافق‬
‫للفطرة ‪ ،‬الذي تقوم به الصلحة ‪ ،‬هو أن تكون أم الزوجة كأم الزوج ‪ ،‬وبنتها الت ف‬
‫حجره كبنته من صلبه ‪ .‬وكذلك ينبغي أن تكون زوجة ابنه بنل ابنته ‪ ،‬ويوجه إليها‬
‫العاطفة يالت يدها لبنته ‪ ،‬كما ينل البن امرأة أبيه منلة أمه ‪ .‬وإذا كان من رحة ال‬
‫وحكمته أن حرم المع بي الختي وما ف معناها لتكون الصاهرة لمة مودة غي‬
‫مشوبة بسبب من أسباب الضرار والنفرة ‪ ،‬فكيف يعقل أن يبيح نكاح من هي أقرب‬
‫إل الزوجة ‪ ،‬كأمها أو بنتها ‪ ،‬أو زوجة الوالد للولد ‪ ،‬وزوجة الولد للوالد ؟ وقد بي‬
‫لنا أن حكمة الزواج هي سكون نفس كل من الزوجي إل الخره ‪ ،‬والودة والرحة‬
‫بينهما وبي من يلتحم معهما بلحمة النسب فقال ‪ " :‬ومن آياته أن خلق لكم من‬
‫أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ‪ ،‬وجعل بينكم مودة ورحة " ‪ .‬فقيد سكون النفس‬
‫الاص بالزوجية ‪ ،‬ول يقيد الودة والرحة ‪ ،‬لنا تكون بي الزوجي ومن يلتحم معهما‬

‫‪63‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بلحمة النسب ‪ ،‬وتزداد وتقوى بالولد ‪ .‬اه‍ ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يرث منها ‪ :‬أي من‬
‫طباعها وأخلقها ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 88‬الحرمات مؤقتا ( ‪ ) 1‬المع بي الحرمي ‪:‬‬
‫يرم المع بينا لختي ( ‪ ، ) 1‬وبي الرأة وعمتها ‪ ،‬وبي الرأة وخالتها ‪ ،‬كما يرم‬
‫المع بي كل امرأتي بينهما قرابة ‪ ،‬لو كانت إحداها رجل ل يزله التزوج بالخرى‬
‫‪ .‬ودليل ذلك ‪ - 1 :‬قول ال تعال ‪ " :‬وأن تمعوا بي الختي إلما قد سلف " (‬
‫‪ - 2 . ) 2‬وما رواه البخاري ومسلم عن أب هريرة ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫نى أن يمع بي الرأة وعمتها ‪ ،‬وبي الرأة وخالتها ‪ - 3 .‬وما رواه أحد ‪ ،‬وأبو‬
‫داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وحسنه ‪ ،‬عن فيوز الديلمي أنه أدركه السلم وتته‬
‫أختان ‪ .‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬طلق أيتهما شئت " ‪ - 4 .‬عن‬
‫ابن عباس قال ‪ :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يتزوج الرجل الرأة على العمة‬
‫أو على الالة وقال ‪ " :‬إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم " ‪ .‬قال القرطب ‪ :‬ذكره‬
‫أبو ممد الصيلي ف فوائده ‪ ،‬وابن عبد الب ‪ ،‬وغيها ‪ - 5 .‬ومن مراسيل ب داود ‪،‬‬
‫عن حسي بن طلحة ‪ ،‬قال ‪ :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تنكح الرأة على‬
‫أخواتا مافة القطيعة ‪ .‬وف حديث ابن عباس ‪ ،‬وحسي بن طلحة التنبيه على العن‬
‫الذي من أجله حرم هذا الزواج ‪ ،‬وهو الحتراز عن قطع الرحم بي القارب ‪ ،‬فان‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سواء أكان ذلك بعقد زواج أو بلك يي ‪ ) 2 ( .‬أي وحرم عليكم‬
‫المع بي الختي معا ‪ ،‬ف التزوج وف ملك اليمي ‪ ،‬ال ماكان منكم ف جاهليتكم‬
‫فقد عفونا عنه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 89‬المع بينهما يولد التحاسد وير ال البغضاء ‪،‬‬
‫لن الضرتي قلما تسكن عواصف الغية بينهما ‪ .‬وهذا المع بي الحارم كما هو‬
‫منوع ف الزواج فهو منوع ف العدة ‪ .‬فقد أجع العلماء على أن الرجل إذا طلق‬
‫زوجته طلقا رجعيا فل يوز له أن يتزوج أختها ‪ ،‬أو أربعا سواها حت تنقضي عدتا ‪،‬‬
‫لن الزواج قائم وله حق الرجعة ف أي وقت ‪ .‬واختلفوا فيما إذا طلقها طلقا بائنا ل‬
‫يلك معه رجعتها ‪ .‬فقال علي ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬وماهد ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬وسفيان الثوري‬
‫‪ ،‬والحناف وأحد ‪ :‬ليس له أن يتزوج أختها ول أربعة حت تنقضي عدتا ‪ ،‬لن العقد‬
‫أثناء العدة باق حكما حت تنقضي ‪ ،‬بدليل أن لا نفقة العدة ‪ .‬قال ابن النذر ‪ : ،‬ول‬

‫‪64‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحسبه إل قول مالك ‪ ،‬وبه نقول ‪ ،‬أن له أن يتزوج أختها أو أربعا سواها ‪ .‬وقال‬
‫سعيد بن السيب ‪ ،‬والسن ‪ ،‬والشافعي ‪ :‬لن عقد الزواج قد انتهى بالبينونة ‪ ،‬فلم‬
‫يوجد المع الحرم ‪ .‬ولو جع رجل بي الحرمات فتزوج الختي مثل ‪ ،‬فاما أن‬
‫يتزوجهما بعقد واحد أو بعقدين ‪ ،‬فان تزوجهما بعقد واحد وليس بواحدة منهما مانع‬
‫فسد عقده عليهما ‪ ،‬وتري على هذا العقد أحكام الزواج الفاسد ‪ .‬فيجب الفتراق‬
‫عن العاقدين ‪ ،‬وإل فرق بينهما القضاء ‪ .‬وإذا حصل التفريق قبل الدخول فل مهر‬
‫لواحدة منهما ‪ ،‬ول يترتب على مرد هذا العقد أثر ‪ .‬وان حصل بعد الدخول‬
‫فللمدخول با مهر الثل ‪ ،‬أو القل من مهر الثل ‪ ،‬والسمى ‪ .‬ويترتب على الدخول‬
‫با سائر الثار الت تترتب على الدخول بعد الزواج الفاسد ‪ .‬أما إذا كان باحداها‬
‫مانع شرعي ‪ ،‬بأن كانت زوجة غيه ‪ ،‬أو معتدته مثل ‪ ،‬والخرى ليس با مانع ‪ ،‬فان‬
‫العقد بالنسبة للخالية من الانع صحيح ‪ ،‬وبالنسبة للخرى فاسد تري عليه أحكامه ‪.‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪/ 90‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 90‬‬
‫وان تزوجهما بعقدين متعاقبي ‪ ،‬واستوف كل واحد من العقدين أركانه وشروطه ‪،‬‬
‫وعلم أسقهما فهو الصحيح ‪ ،‬واللحق فاسد ‪ .‬وان استوف أحدها فقط شروط صحته‬
‫فهو الصحيح سواء كان السابق أو اللحق ‪ .‬وان ل يعلم أسبقهما ‪ ،‬أو علم ونسي ‪،‬‬
‫كأن يوكل رجلي بتزويه فيزوجانه من اثنتي ‪ ،‬ث يتبي أنما أختان ‪ ،‬ول يعلم أسبق‬
‫العقدين ‪ ،‬أو علم ونسي ‪ ،‬فالعقدان غي صحيحي لعدم الرجح ‪ ،‬وتري عليهما‬
‫أحكام الزواج الفاسد ( ‪ 2 ( . ) 1‬و ‪ ) 3‬زوجة الغي ومعتدته ‪ :‬يرم على السلم أن‬
‫يتزوج زوجة الغي ‪ ،‬أو معتدته رعاية لق الزوج ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬والحصنات من‬
‫النساء يإل ما ملكت أيانكم " ‪ .‬أي حرمت عليكم الحصنات من النساء ‪ ،‬أي‬
‫التزوجات منهن إل السبيات ‪ ،‬فان السبية تل لسابيها بعد الستباء ‪ ،‬وإن كانت‬
‫متزوجة ‪ ،‬لا رواه مسلم وابن أب شيبة ‪ ،‬عن أب سعيد رضي ال عنه ‪ :‬أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه سول بعث جيشا ال لوطاس ‪ ،‬فلقي عدوا فقاتلوهم ‪ ،‬فظهروا عليهم‬

‫‪65‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأصابوا سبايا ‪ ،‬وكان ناس من أصحاب رسول ال عليه وسلم ترجوا من غشيانن‬
‫من أجل أزواجهن من الشركي ‪ ،‬فأنزل ال عزوجل ف ذلك ‪ " :‬والحصنات من‬
‫النساء ‪ ،‬إل ما ملكت أيانكم " أي فهن لكم حلل إذا انقضت عدتن ‪ ،‬والستباء‬
‫يكون بيضة ‪ .‬قال السن ‪ :‬كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يسبئون‬
‫السبية بيضة ‪ ،‬وأما العتدة فقد سبق الكلم عليها ف باب " الطبة " ‪ ) 4 ( .‬الطلقة‬
‫ثلثا ‪ :‬الطلقة ثلثا ل تل لزوجها الول حت تنكح زوجا غيه نكاحا صحيحا ( ‪) 2‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬أحكام الحوال الشخصية للستاذ عبد الوهاب خلف ‪) 2 ( .‬‬
‫يراجع فصل التحليل من هذا الكتاب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ ) 5 ( / 91‬عقد الحرم ‪:‬‬
‫يرم على الحرم ‪ ،‬أن يعقد النكاح لنفسه أو لغيه بولية ‪ ،‬أو وكالة ‪ ،‬ويقع العقد‬
‫باطل ‪ ،‬لتترتب عليه آثاره الشرعية ‪ .‬لا رواه مسلم وغيه ‪ ،‬عن عثمان بن عفان أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل ينكح الحرم ول ينكح ول يطب " رواه‬
‫الترمذي وليس فيه ول يطب ‪ .‬وقال حديث حسن صحيح ‪ .‬والعمل على هذا عند‬
‫بعض أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وبه يقول الشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬واسحق ‪،‬‬
‫ول يرون أن يتزوج الحرم ‪ ،‬وإن نكح فنكاحه باطل ‪ ،‬وما ورد من أن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ميمونة ‪ ،‬لنه صلى ال عليه وسلم تزوجها ف طريق مكة وذهب الحناف‬
‫إل جواز عقد النكاح للمرحم ‪ .‬لن الحرام لينع صلحية الرأة للعقد عليه ‪ ،‬وإنا‬
‫ينع صحية الماع لصحية العقد ‪ ) 6 ( .‬زواح المة مع القدرة على الزواج بالرة ‪:‬‬
‫اتفق العلماء على أنه يوز للعبد أن يتزوج المة ‪ ،‬وعلى أنه يوز للحرة أن تتزوج‬
‫العبد إذا رضيت بذلك هي وأولياؤها كما اتتفقوا على أنه ل يوز أن تتزوج من ملكته‬
‫‪ ،‬وأنه إذا ملكت زوجها انفسخ النكاح ‪ .‬واختلفوا ف زواج الر بالمة ‪ .‬فرأي‬
‫المهور أنه ل يوز زواج الر بالمة إل بشرطي ‪ ( :‬أولما ) عدم القدرة على نكاح‬
‫الرة ‪ ( .‬وثانيهما ) خوف العنت ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سرف ‪ :‬أسم لكان ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 92‬واستدلوا على هذا بقول ال تعال ‪ " :‬ومن ل يستطع منكم طول ( ‪) 1‬‬
‫أن ينكح الحصنات ( ‪ ) 2‬الؤمنات ‪ ،‬فمن ما ملكت أيانكم من فتياتكم ( ‪) 3‬‬
‫الؤمنات " ‪ .‬إل قوله تعال ‪ " :‬ذلك لن خشي العنت ( ‪ ) 4‬منكم ‪ ،‬وأن تصبوا خي‬

‫‪66‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لكم " ‪ .‬قال القرطب ‪ :‬الصب على العزبة خي من نكاح المة ‪ ،‬لنه يفضي إل إرقاق‬
‫الولد ‪ ،‬والغض من النفس ‪ ،‬والصب على مكارم الخلق أول من البذالة روي عن‬
‫عمر أنه قال ‪ :‬أيا حر تزوج أمة فقد أرق نصفه ( ‪ ) 5‬وعن الضحاك بن مزاحم قال‬
‫سعت أنس بن مالك يقول ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬من أراد‬
‫أن يلقى ال طاهرا مطهرا فليتزوج الرائر " ‪ .‬رواه ابن ماجه ‪ ،‬وف إسناده ضعف ‪.‬‬
‫وذهب أبو حنيفة إل أن للحر أن يتزوج أمة ‪ ،‬ولو مع طول حرة ‪ ،‬إل أن يكون تته‬
‫حرة ‪ .‬فان كان ف عصمته زوجة حرة حرم عليه أن يتزوج عليها مافظة على كرامة‬
‫الرة ‪ ) 7 ( .‬زواج الزانية ‪ :‬ل يل للرجل أن يتزوج بزانية ‪ ،‬ول يل للمرأة أن‬
‫تتزوج بزان ‪ ،‬إل أن يدث كل منهما توبة ‪ .‬ودليل هذا ‪ - 1 :‬أن ال جعل العفاف‬
‫شرطا يب توفره ف كل من الزوجي قبل الزواج ‪ .‬فقال تعال ‪ " :‬اليوم أحل لكم‬
‫الطيبات ‪ ،‬وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ‪ .‬وطعامكم حل لم ‪ ،‬والحصنات ‪،‬‬
‫من الؤمنات ‪ ،‬والحصنات من الذين أوتو الكتاب من قبلكم ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬طول‬
‫‪ :‬سعة وقدرة ‪ ) 2 ( .‬الحصنات ‪ :‬الرائر العفائف ‪ ) 3 ( .‬فتيات ‪ :‬إماء ‪) 4 ( .‬‬
‫العنت ‪ :‬الزنا ( ‪ ) 5‬أرق نصفه ‪ :‬يعن يصي ولده رقيقا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 93‬إذا‬
‫آتيتموهن مصني غي مسافحي ول متخذي أخدان " ( ‪ . ) 1‬أي أن ال كما أحل‬
‫الطيبات ‪ ،‬وطعام الذين أوتوا الكتاب من اليهود‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 93‬‬
‫والنصارى ‪ ،‬أحل زواج العفيفات من الؤمنات ‪ ،‬والعفيفات من أهل الكتاب ‪ ،‬ف حال‬
‫كون الزواج أعفاء غي مسافحي ول متخذي أخدان ( ‪ - 2 . ) 2‬وذكر ذلك ف‬
‫زواج الماء عند العجز عن طول الرة فقال ‪ " :‬فالنكحوهن باذن أهلهن ‪ ،‬وآتوهن‬
‫أجورهن ( ‪ ) 3‬بالعروف مصنا ت غي مسافحات ( ‪ ) 4‬ول متخذات أخذان " (‬
‫‪ - 3 . ) 5‬يؤيد هذا ما جاء صريا ف قول ال تعال ‪ " :‬الزان ل ينكح ال زانية أو‬
‫مشركة ‪ ،‬والزانية ل ينكحها إل زان أو مشرك ‪ ،‬وحرم ذلك على الؤمني " ( ‪. ) 6‬‬
‫ومعن ينكح ‪ :‬يعقد ‪ .‬وحرم ذلك ‪ ،‬أي وحرم على الؤمني أن يتزوجوا من هو متصف‬

‫‪67‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالزنا أو بالشرك ‪ ،‬فانه ل يفعل ذلك إل زان أو مشرك ‪ - 4 .‬ما رواه عمر بن شعيب‬
‫‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن جده ‪ ،‬أن مرثد بن أب مرثد الغنوي كان يمل السارى بكة ‪ ،‬وكان‬
‫بكة يبغي يقال لا عناق ‪ ،‬وكانت صديقته ‪ .‬قال ‪ :‬فجئت النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول ال أأنكح عناقا ؟ قال ‪ :‬فسكت عن ‪ .‬فنلت ‪ " :‬والزانية ل‬
‫ينكحها إل زان أو مشرك " ‪ .‬فدعان فقرأها علي وقال ‪ " :‬ل تنكحها " رواه أبو داود‬
‫والترمذي والنسائي ‪ - 5 .‬وعن أب هريرة قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ " :‬الزان الجلود ل ينكح إل مثله " رواه أحد وأبو داود ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫الائدة آية ‪ ) 2 ( 5‬أخدان " جع خدن وخدين " ‪ :‬أصدقاء ‪ ) 3 ( .‬أجورهن ‪:‬‬
‫مهورهن ‪ ) 4 ( .‬مسافحات ‪ :‬زوان ‪ ) 5 ( .‬سورة النساء آية ‪ ) 6 ( 25 :‬سورة‬
‫النور آية ‪ / ) . ( 3 :‬صفحة ‪ / 94‬قال الشوكان ‪ :‬هذا الوصف خرج مرج الغالب‬
‫باعتبار من ظهر منه الزنا ‪ .‬وفيه دليل على أنه ل يل للرجل أن يتزوج بن ظهر منها‬
‫الزنا ‪ .‬وكذلك ل يل للمرأة أن تتزوج بن ظهر منه الزنا ‪ .‬ويدل على ذلك الية‬
‫الذكورة ف الكتاب الكري ‪ ،‬لن ف آخرها ‪ " :‬وحرم ذلك على الؤمني " فانه صريح‬
‫ف التحري ‪ .‬الزنا والزواج ‪ :‬وثة فرق كبي بي الزواج ‪ ،‬والعملية التناسلية ‪ ،‬فان‬
‫الزواج هو نواة الجتمع ‪ ،‬وأصل وجوده ‪ ،‬وهو القانون الطبيعي الذي يسي العال على‬
‫نظامه ‪ ،‬والسنة الكونية الت تعل للحياة قيمة وتقديرا ‪ .‬وأنه هو النان القيقي‬
‫والب الصحيح ‪ ،‬وهو التعاون ف الياة والشتراك ف بناء السرة وعمار العال ‪ .‬غاية‬
‫السلم من تري نكاح الزنا ‪ :‬والسلم ل يرد للمسلم أن يلقى بي أنياب الزانية ‪،‬‬
‫ول للمسلمة أن تقع ف يد الزان ‪ ،‬وتت تأثي روحه الدنيئة ‪ ،‬وأن تشاركه تلك‬
‫النفس السقيمة ‪ ،‬وأن تعاشر ذلك السم اللوث بشت الراثيم ‪ ،‬الملوء بختلف‬
‫العلل والمراض ‪ .‬والسلم ‪ -‬ف كل أحكامه وأوامره وف كل مرماته ونواهيه ‪ -‬ل‬
‫يريد غي إسعاد البشر والسمو بالعال ال الستوى العلى الذي يريد ال أن يبلغه‬
‫النس البشري ‪ .‬الزناة ينبوع لخطر المراض ‪ :‬وكيف يسعد الزناة ف دنياهم وهم‬
‫ينبوع لخطر المراض وأشدها فتكا بم ‪ ،‬وأكثرها تغلغل ف جيع أعضائهم ؟ ! !‬
‫ولعل الزهري والسيلن من المراض التناسلية الت تعل ‪ -‬وحدها ‪ -‬الزناة شرا‬

‫‪68‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مستطيا يب اقتلعه من العال وخلعه من الرض ‪ .‬وكيف تسعد انسانية فيها مثل‬
‫هؤلء الزناة ‪ .‬ينقلون أمراضهم النفسية إل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬من كتاب السلم‬
‫والطب الديث ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 95‬نسلهم ‪ ،‬وينقلون مع هذه المراض النفسية‬
‫أمراض الزهري الوراثي ؟ بل كيف تسعد عائلة تلد أطفال مشوهي اللق واللق‬
‫بسبب اللتهابات الت تصيب العضاء التناسلية ‪ ،‬والعلل الت تطرأ عليها ‪ .‬وجه‬
‫الشبه بي الزناة والشركي ‪ :‬والسلم التأدب بأدب القرآن الكري ‪ ،‬التبع لسنة أفضل‬
‫اللق سيدنا ممد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ل يكن أن يعيش مع زانية ل‬
‫تفكر تفكيه ‪ ،‬ول يستطيع أن يعاشر امرأة لتي حياته الستقيمة ‪ ،‬ول يستطيع‬
‫الرتباط برابطة الزواج مع كائنة ل تشعر شعوره ‪ ،‬وهو يعلم أن ال تعال قال عن‬
‫الزواج ‪ " :‬خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ‪ ،‬وجعل بينكم مودة ورحة "‬
‫‪ .‬فأين الودة الت تصل بي السلم والزانية ؟ وأين نفس الزانية من تلك النفس الت‬
‫تسكن إليها نفس الؤمن الصحيح اليان ؟ ‪ .‬وأن السلم الذي ليستطيع نكاح الزانية‬
‫‪ -‬كما بينا لفساد نفسها وشذوذ عاطفتها ‪ -‬ل يكن كذلك أن يعيش مع مشركة ل‬
‫تعتقد اعتقاده ‪ ،‬ول تؤمن إيانه ‪ ،‬ول ترى ف الياة ما يراه ‪ .‬ل ترم ما يرمه عليه‬
‫دينه من الفسق والفجور ‪ .‬ول تعترف بالبادئ النسانية السامية الت ينص عليها‬
‫السلم ‪ .‬لا عقيدتا الضالة واعتقاداتا الباطلة ‪ .‬لا التفكي البعيد عن تفكيه ‪،‬‬
‫والعقل الذي ليت ال عقله بصلة ‪ .‬ولذلك قال ال تعال ‪ " :‬ول تنكحوا الشركات‬
‫حت يؤمن ‪ ،‬ولمة مؤمنة خي من مشركة ولو أعجبتكم ‪ ،‬ول تنكحوا الشركي حت‬
‫يؤمنوا ‪ ،‬ولعبد مؤمن خي من مشرك ‪ ،‬ولو أعجبكم ‪ .‬أولئك يدعون إل النار ‪ ،‬وال‬
‫يدعو إل النة والغفرة بإذنه ‪ ،‬ويبي آياته للناس لعلهم يتذكرون " ‪ / .‬صفحة ‪/ 96‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 96‬‬
‫التوبة تب ما قبلها ‪ :‬فان تاب كل من الزان والزانية توبة نصوحا بالستغفار والندم‬
‫والقلع عن الذنب ‪ ،‬واستأنف كل منهما حياة نظيفة مبأة من الث ومطهرة من‬
‫الدنس ‪ ،‬فان ال يقبل توبتهما ويدخلهما برحته ف عباده الصالي ‪ " :‬والذين ل‬

‫‪69‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يدعون مع ال إلا آخر ‪ ،‬ول يقتلون النفس الت حرم ال إل بالق ‪ ،‬ول يزنون ومن‬
‫يفعل ذلك يلق أثاما ‪ .‬يضاعف له العذاب يوم القيامة ويلد فيه مهانا ‪ .‬إل من تاب‬
‫وآمن وعمل صالا فأولئك يبدل ال سيئاتم حسنات ‪ ،‬وكان ال غفورا رحيما " ‪.‬‬
‫سأل رجل ابن عباس فقال ‪ :‬إن كنت أل بامرأة ‪ ،‬آت منها ما حرم ال علي ‪ ،‬فرزق‬
‫ال عزوجل من ذلك توبة ‪ ،‬فأردت أن أتزوجها ‪ .‬فقال أناس ‪ " :‬إن الزان ل ينكح إل‬
‫زانية أو مشركة " ‪ .‬فقال ابن عباس ‪ :‬ليس هذا ف هذا ‪ ،‬انكحها ‪ ،‬فما كان من إث‬
‫فعلي ‪ .‬رواه بن أب حات ‪ .‬وسئل ابن عمر عن رجل فجر بامرأة ‪ ،‬أيتزوجها ؟ قال ‪:‬‬
‫إن تابا وأصلحا ‪ .‬وأجاب بثل هذا جابر بن عبد ال ‪ ،‬وروى ابن جرير أن رجل من‬
‫أهل اليمن أصابت أخته فاحشة فأمرت الشفرة على أوداجها ‪ ،‬فأدركت ‪ ،‬فداووها‬
‫حت برأت ‪ .‬ث ان عمها انتقل بأهله حت قدم الدينة ‪ ،‬فقرأت القرآن ونسكت ‪ ،‬حت‬
‫كانت من أنسك نسائهم ‪ .‬فخطبت إل عمها ‪ ،‬وكان يكره أن يدلسها ‪ ،‬ويكره أن‬
‫يغش على ابنة أخيه ‪ .‬فأتى عمرا فذكر ذلك له ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬لو أفشيت عليها‬
‫لعاقبتك ‪ ،‬إذا أتاك رجل صال ترضاه فزوجها إياه ‪ .‬وف رواية أن عمر قال ‪ :‬أتب‬
‫بشأنا ؟ تعمد إل ما ستره ال فتبديه ‪ ،‬وال لئن أخبت بشأنا أحدا من الناس‬
‫لجعلنك نكال لهل المصار ‪ ،‬بل أنكحها بنكاح العفيفة السلمة ‪ / .‬صفحة ‪/ 97‬‬
‫وقال عمر ‪ :‬لقد همت أل أدع أحدا أصاب فاحشة ف السلم أن يتزوج مصنة ‪.‬‬
‫فقال له أب بن كعب ‪ :‬يا أمي الؤمني ‪ ،‬الشرك أعظم من ذلك ‪ ،‬وقد يقبل منه إذا‬
‫تاب ‪ .‬ويرى أحد أن توبة الرأة تعرف بأن تراود عن لفسها ‪ ،‬فان أجابت ‪ ،‬فتوبتها‬
‫غي صحيحة ‪ ،‬وان امتنعت فتوبتها صحيحة ‪ .‬وقد تابع ف ذلك ما روي عن ابن عمر‬
‫‪ .‬ولكن أصحابه قالوا ( ‪ : ) 1‬ل ينبغي لسلم أن يدعو امرأة إل الزنا ويطلبه منها ‪.‬‬
‫لن طلبه ذلك منها يكون ف خلوة ‪ ،‬ول تل اللوة بأجنبية ‪ ،‬ولو كان ف تعليمها‬
‫القرآن ‪ ،‬فكيف يل ف مراودتا على الزنا ؟ ‪ .‬ث ل يأمن إن أجابته ال ذلك أن تعود‬
‫ال العصية ‪ ،‬فل يل التعرض لثل هذا ‪ .‬لن التوبة من سائر الذنوب ‪ ،‬وف حق سائر‬
‫الناس ‪ ،‬وبالنسبة إل سائر الحكام على غي هذا الوجه ‪ ،‬فكذلك يكون هذا ‪ .‬وإل‬
‫هذا ( ‪ ) 2‬ذهب المام أحد ‪ ،‬وابن حزم ‪ ،‬ورجحه ابن تيمية وابن القيم ‪ .‬إل أن‬

‫‪70‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المام أحد ضم ال التوبة شرطا آخر ‪ ،‬وهو انقضاء العدة ‪ .‬فمت تزوجها قبل التوبة‬
‫أو انقضاء عدتا ‪ ،‬كان الزواج فاسدا ويفرق بينهما ‪ .‬وهل عدتا ثلث حيض ‪ ،‬أو‬
‫حيضة ؟ ‪ .‬روايتان عنه ‪ .‬ومذهب النفية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والالكية ‪ ،‬أنه يوز للزان أن‬
‫يتزوج الزانية ‪ ،‬والزانية يوز لا أن تتزوج الزان ‪ ،‬فالزنا لينع عندهم صحة العقد ‪.‬‬
‫قال ابن رشد ‪ :‬وسبب اختلفهم ف مفهوم قوله تعال ‪ " :‬والزانية ل ينكحها إل زان‬
‫أو مشرك وحرم ذلك على الؤمني " ‪ .‬هل خرج مرج الذم أو مرج التحري ؟ وهل‬
‫الشارة ف قوله تعال ‪ " :‬وحرم ذلك على الؤمني " ال الزنا أو النكاح ؟ ‪ ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬الغن لبن قدامة ‪ ) 2 ( .‬اي ال أنه ل يل زواج الزانية أو الزان قبل التوبة ‪( .‬‬
‫‪ / ) .‬صفحة ‪ / 98‬وإنا صار المهور لمل الية على الذم لعلى التحري ‪ ،‬لا جاء‬
‫ف الديث أن رجل قال للنب صلى ال عليه وسلم ف زوجته ‪ :‬انا ل ترد يد لمس ‪.‬‬
‫فقال له النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬طلقها " فقال له ‪ :‬إن أحبها ‪ .‬فقال له ‪" :‬‬
‫أمسكها " ( ‪ . ) 1‬ث ان الجوزين اختلفوا ف زواجها ف عدتا ‪ .‬فمنعه " مالك "‬
‫احتراما لاء الزوج وصيانة لختلط النسب الصريح بولد الزنا ‪ .‬وذهب أبو حنيفة ‪،‬‬
‫والشافعي ‪ ،‬إل أنه يوز العقد عليها من غي انقضاء عدة ‪ .‬ث ان الشافعي يوز العقد‬
‫عليها وان كانت حامل لنه لحرمة لذا المل ‪ .‬وقال أبو يوسف ‪ ،‬ورواية عن أب‬
‫حنيفة ‪ :‬ل يوز العقد عليها حت تضع المل لئل يكون الزوج قد سقى ماؤه زرع‬
‫غيه ‪ .‬ونى رسول ال صلى ال عليه وسلم ( أن توطأ السبية الامل حت تضع ) ‪،‬‬
‫مع أن حلها ملوك له ‪ .‬فالامل من الزنا أول أل توطأ حت تضع ‪ .‬لن ماء الزان وان‬
‫ل يكن له حرمة ‪ ،‬فماء الزوج مترم ‪ ،‬فكيف يسوغ له أن يلطه باء الفجور ؟ ‪ .‬ولن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم هم بلعن الذي يريد أن يطأ أمته الامل من غيه وكانت‬
‫مسبية ‪ ،‬مع انقطاع الولد عن أبيه وكونه ملوكا له ‪ .‬وقال أبو حنيفة ف الرواية‬
‫الخرى يصح العقد عليها ‪ ،‬ولكن ل توطأ حت تضع ( ‪ . ) 2‬اختلف حالة البتداء‬
‫عن حالة البقاء ‪ :‬ث ان العلماء قالوا ان الرأة التزوجة إذا زنت ل ينفسخ النكاح ‪،‬‬
‫وكذلك‬
‫‪............................................................‬‬

‫‪71‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 98‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬قال أحد ‪ :‬هذا الديث منكر ‪ ،‬وذكره ابن الوزي ف الوضوعات ‪.‬‬
‫وأورد أبو عبيد على هذا الديث انه خلف الكتاب والسنة الشهورة ‪ ،‬لن ال انا‬
‫أذن ف نكاح الحصنات خاصة ‪ ،‬ث انزل ف القاذف آية اللعان ‪ ،‬وسن رسول ال‬
‫التفريق بينهما فل يتمعان أبدا ‪ .‬فكيف يأمر بالقامة على عاهر ل تتنع من أرادها ‪،‬‬
‫والديث مرسل ‪ .‬وقال ابن القيم عورض بذا الديث التشابه الحاديث الحكمة‬
‫الصرية ف النع من تزوج البغايا ‪ ) 2 ( .‬تذيب السنة ‪ :‬جزء ‪ / ) . ( . 3‬صفحة ‪99‬‬
‫‪ /‬الرجل ‪ ،‬لن حالة البتداء تفارق حالة البقاء ‪ .‬وروي عن السن ‪ ،‬وجابر بن عبد‬
‫ال ‪ :‬أن الرأة التزوجة إذا زنت يفرق بينهما ‪ .‬واستحب أحد مفارقتها وقال ‪ :‬ل أرى‬
‫أن يسك مثل هذه ‪ ،‬فتلك ل تؤمن أن تفسد فراشه ‪ ،‬وتلحق به ولدا ليس منه ‪( .‬‬
‫‪ ) 8‬زواج اللعنة ‪ :‬ل يل للرجل أن يتزوج الرأة الت لعنها ‪ ،‬فانا مرمة عليه حرمة‬
‫دائمة بعد اللعان ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬والذين يرمون أزواجهم ‪ ،‬ول يكن لم شهداء‬
‫إل أنفسهم ‪ ،‬فشهادة أحدهم أربع شهادات بال إنه لن الصادقي ‪ .‬والامسة أن لعنت‬
‫ال عليه إن كان من الكاذبي ‪ .‬ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بال إنه‬
‫لن الكاذبي ‪ .‬والامسة أن غضب ال عليها إن كان من الصادقي " ( ‪) 9 ( . ) 1‬‬
‫زواج الشركة ‪ :‬اتفق العلماء على أنه ل يل للمسلم أن يتزوج الوثنية ‪ ،‬ولالزنديقة ‪،‬‬
‫ولا لرتدة عن السلم ‪ ،‬ول عابدة البقر ‪ ،‬ول العتقدة لذهب الباحة ‪ -‬كالوجودية‬
‫ونوها من مذاهب اللحدة ‪ -‬ودليل ذلك قول ال تعال ‪ " :‬ول تنكحوا الشركات‬
‫حت يؤمن ‪ ،‬ولمة مؤمنة خي من مشركة ولو أعجبتكم ‪ .‬ول تنكحوا الشركي حت‬
‫يؤمنوا ‪ ،‬ولعبد مؤمن خي من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون ال النار ‪ ،‬وال يدعو‬
‫ال النة والغفرة بإذنه " ( ‪ ( . ) 2‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النور آية ‪. 9 ، 8 ، 7 ، 6‬‬
‫( ‪ ) 2‬سورة البقرة آية ‪ / ) . ( . 221‬صفحة ‪ / 100‬سبب نزول هذه الية ‪- 1 :‬‬
‫قال مقاتل ‪ :‬نزلت هذه الية ف أب مرثد الغنوي ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ف مرثد بن أب مرثد ‪،‬‬
‫واسه كناز بن حصي الغنوي ‪ .‬بعثه رسول ال صلى ال عليه وسلم ال مكة سرا‬
‫ليخرج رجل من أصحابه ‪ ،‬وكانت له بكة امرأة يبها ف الاهلية ‪ ،‬يقال لا " عناق "‬

‫‪72‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فجاءته فقال لا ‪ :‬إن السلم حرم ماكان ف الاهلية ‪ ،‬قالت ‪ :‬فتزوجن ‪ .‬قال ‪ :‬حت‬
‫أستأذن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فأتى رسول ال فاستأذنه ‪ ،‬فنهاه عن التزوج‬
‫با لنه مسلم ‪ ،‬وهي مشركة ( ‪ - 2 . ) 1‬وروى السدي عن ابن عباس رضي ال‬
‫عنهما ‪ :‬أن هذه الية نزلت ف عبد ال بن رواحة ‪ ،‬وكانت له أمة سوداء ‪ ،‬وأنه‬
‫غضب عليها فالطمها ‪ .‬ث انه فزع فأتى النب صلى ال عليه وسلم فأخبه خبها ‪.‬‬
‫فقال له النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ماهي يا عبد ال ؟ " ‪ .‬قال ‪ :‬هي يا رسول ال‬
‫تصوم وتصلي وتسن الوضوء ‪ ،‬وتشهد أن ل إله إل ال ‪ ،‬وأنك رسول ال ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫" يا عبد ال هي مؤمنة " ‪ .‬قال عبد ال فوالذي بعثك بالق لعتقنها ولتزوجنها ‪،‬‬
‫ففعل ‪ .‬فطعن عليه ناس من السلمي ‪ ،‬فقالوا نكح أمة ‪ ،‬وكانوا يريدون أن ينكحوا‬
‫إل الشركي وينكحوهم رغبة ف أنسابم فأنزل ال ‪ " :‬ول تنكحوا الشركات حت‬
‫يؤمن " ‪ .‬الية ‪ .‬قال ف الغن ‪ :‬وسائر الكفار غي أهل الكتاب ‪ -‬كمن عبد ما‬
‫استحسن من الصنام والحجار والشجر واليوان ‪ -‬فلخلف بي أهل العلم ف‬
‫تري نسائهم وذبائحهم ‪ .‬قال ‪ :‬والرتدة يرم نكاحها على أي دين كانت ‪ .‬زواج‬
‫نساء أهل الكتاب يل للمسلم أن يتزوج الرة من نساء أهل الكتاب لقول ال تعال ‪:‬‬
‫" اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الامع‬
‫لحكام القرآن ج ‪ 3‬ص ‪ / ) . ( . 67‬صفحة ‪ / 101‬لكم ‪ ،‬وطعامكم حل لم ‪،‬‬
‫والحصنات من الؤمنات ‪ ،‬والحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ‪ ،‬إذا‬
‫آتيتموهن أجورهن مصني غي مسافحي ول متخذي أخدان " ‪ .‬قال ابن النذر ‪ :‬ول‬
‫يصح عن أحد من الوائل أنه حرم ذلك ‪ .‬وعن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن زواج‬
‫الرجل بالنصرانية أو اليهودية ‪ ،‬قال ‪ :‬حرم ال الشركات على الؤمني ‪ ،‬ول أعرف‬
‫شيئا من الشراك أعظم من أن تقول الرأة ربا عيسى ‪ ،‬أو عبد من عباد ال ‪ .‬قال‬
‫القرطب ‪ .‬قال النحاس ‪ :‬وهذا قول خارج عن قول الماعة الذين تقوم بم الجة ‪.‬‬
‫لنه قد قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعي جاعة ‪ ،‬منهم‬
‫عثمان ‪ ،‬وطلحة ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وجابر ‪ ،‬وحذيفة ‪ .‬ومن التابعي سعيد بن السيب ‪،‬‬
‫وسعيد بن جبي ‪ ،‬والسن ‪ ،‬وماهد ‪ ،‬وطاووس ‪ ،‬وعكرمة ‪ ،‬والشعب ‪ ،‬والضحاك ‪،‬‬

‫‪73‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وفقهاء المصار ‪ .‬ول تعارض بي اليتي ‪ ،‬فان ظاهر لفظ " الشرك " ل يتناول أهل‬
‫الكتاب لقول ال تعال ‪ " :‬ل يكن الذين كفروا من أهل الكتاب‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 101‬‬
‫والشركي منفكي حت تأتيهم البينة " ففرق بينهم ف اللفظ ‪ .‬وظاهر العطف يقتضي‬
‫الغايرة ‪ .‬وتزوج عثمان رضي ال عنه نائلة بنت القراقصة الكلبية النصرانية ‪،‬‬
‫وأسلمت عنده ‪ .‬وتزوج حذيفة يهودية من أهل الدائن ‪ .‬وسئل جابر عن نكاح‬
‫اليهودية والنصرانية فقال ‪ :‬تزوجنا بن زمن الفتح مع سعد بن أب وقاص ‪ .‬كراهة‬
‫الزواج منهن ‪ :‬والزواج بن ‪ -‬وان كان جائزا ‪ -‬إل أنه مكروه ‪ ،‬لنه ل يؤمن أن‬
‫ييل إليها فتفتنه عن الدين ‪ ،‬أو يتول أهل دينها ‪ / .‬صفحة ‪ / 102‬فإن كانت حربية (‬
‫‪ ) 1‬فالكراهية أشد ‪ ،‬لنه يكثر سواد أهل الرب ‪ .‬ويرى بعض العلماء حرمة الزواج‬
‫من الربية ‪ .‬فقد سئل ابن عباس عن ذلك فقال ل تل ‪ ،‬وتل قول ال عزوجل ‪" :‬‬
‫قاتلوا الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ‪ ،‬ول يدينون دين الق ‪ ،‬من الذين أوتوا‬
‫الكتاب ‪ ،‬حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " ‪ .‬قال القرطب ‪ :‬وسع بذلك‬
‫ابراهيم النخعي فأعجبه ‪ .‬حكمة إباحة التزوج منهن ‪ :‬وإنا أباح السلم الزواج منهن‬
‫ليزيل الواجز بي أهل الكتاب وبي السلم ‪ .‬فان ف الزواج العاشرة والخالطة‬
‫وتقارب السر بعضها ببعض ‪ ،‬فتتاح الفرص لدراسة السلم ‪ ،‬ومعرفة حقائقه ومبادئه‬
‫ومثله ‪ .‬فهو أسلوب من أساليب التقريب العملي بي السلمي وغيهم من أهل‬
‫الكتاب ‪ ،‬ودعاية للهدى ودين الق ‪ .‬فعلى من يبتغي الزواج منهن أن يعل ذلك غاية‬
‫من غاياته ‪ ،‬وهدفا من أهدافه ‪ .‬الفرق بي الشركة والكتابية ( ‪ : ) 2‬والشركة ليس‬
‫لا دين يرم اليانة ‪ ،‬ويوجب عليها المانة ‪ ،‬ويأمرها بالي ‪ ،‬وينهاها عن الشر ‪ ،‬فهي‬
‫موكولة ال طبيعتها وما تربت عليه ف عشيها ‪ ،‬وهو خرافات الوثنية وأوهامها وأمان‬
‫الشياطي وأحلمها ‪ ،‬تون زوجها وتفسد عقيدة ولدها ‪ .‬فإن ظل الرجل على إعجابه‬
‫بمالا كان ذلك عونا لا على التوغل ف ضللا وإضللا ‪ .‬وإن نبا طرفه عن حسن‬
‫الصورة ‪ ،‬وغلب على قلبه استقباح تلك السريرة ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الربية ‪ :‬القيمة‬

‫‪74‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ف غي ديار السلم ‪ ) 2 ( .‬النار ‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪ / ) . ( . 357 ، 356‬صفحة ‪/ 103‬‬
‫فقد تنغص عليه التمتع بالمال ‪ ،‬على ما هو عليه من سوء الال ‪ .‬وأما الكتابية فليس‬
‫بينها وبي الؤمن كبي مباينة ‪ .‬فانا تؤمن بال وتعبده ‪ ،‬وتؤمن بالنبياء ‪ ،‬وبالياة‬
‫الخرى وما فيها من الزاء ‪ ،‬وتدين بوجوب عمل الي وتري الشر ‪ .‬والفرق‬
‫الوهري العظيم بينهما ‪ ،‬هو اليان بنبوة ممد صلى ال عليه وسلم ‪ .‬والذي يؤمن‬
‫بالنبوة العامة ل ينعه من اليان بنبوة خات النبيي إل الهل با جاء به ‪ .‬وكونه قد جاء‬
‫بثل ما جاء به النبيون وزيادة اقتضتها حال الزمان ف ترقيه ‪ ،‬واستعداده لكثر ما هو‬
‫فيه ‪ ،‬أو العاندة والجاحدة ف الظاهر ‪ ،‬مع العتقاد ف الباطن ‪ -‬وهذا قليل ‪ -‬والكثي‬
‫هو الول ‪ .‬ويوشك أن يظهر للمرأة من معاشرة الرجل أحقية دينه وحسن شريعته‬
‫والوقوف على سية من جاء با ‪ ،‬وما أيده ال تعال به من اليات البينات ‪ ،‬فيكمل‬
‫إيانا ويصح إسلمها ‪ ،‬وتؤتى أجرها مرتي إن كانت من الحسنات ف الالي ‪ .‬ا ‪ .‬ه‍‬
‫‪ .‬زواج الصابئة ‪ :‬الصابئون هم قوم بي الجوس ‪ ،‬واليهود ‪ ،‬والنصارى ‪ .‬وليس لم‬
‫دين ‪ .‬قال ماهد ‪ :‬وقيل هم فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور ‪ .‬وعن السن أنم‬
‫قوم يعبدون اللئكة ‪ .‬وقال عبد الرحن بن زيد ‪ :‬هم أهل دين من الديان ‪ ،‬كانوا‬
‫بزيرة الوصل يقولون ل إله إل ال ‪ ،‬وليس لم عمل ‪ ،‬ول كتاب ‪ ،‬ول نب ‪ ،‬إل قول‬
‫ل إل إل ال ‪ .‬قال ‪ :‬ول يؤمنوا برسول ‪ .‬فمن أجل ذلك كان الشركون يقولون‬
‫لصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬هؤلء الصابئون " ‪ ،‬يشبهونم بم ف قول ل‬
‫إله إل ال ‪ .‬قال القرطب ‪ :‬والذي تصل من مذهبهم فيما ذكره بعض العلماء أنم‬
‫موحدون ‪ ،‬ويعتقدون تأثي النجوم وأنا فاعلة ‪ .‬واختار الرازي ‪ :‬أنم قوم يعبدون‬
‫الكواكب ‪ ،‬بعن أن ال جعلها قبلة ‪ /‬صفحة ‪ / 104‬للعبادة والدعاء ‪ ،‬أو بعن أن‬
‫ال فوض تدبي أمر هذا العال إليها ‪ .‬وبناء على هذا اختلفت أنظار الفقهاء ف حكم‬
‫التزوج منهم ‪ .‬فمنهم من رأى أنم أصحاب كتاب دخله التحريف والتبديل ‪ ،‬فسوى‬
‫بينهم وبي اليهود والنصارى ‪ ،‬وأنم بقتضى هذا يصح الزواج منهم لقول ال‬
‫عزوجل ‪ " :‬اليوم أجل لكم الطيبات ‪ ،‬وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ‪،‬‬
‫وطعامكم حل لم ‪ ،‬والحصنات من الؤمنات والحصنات من الذين أوتوا الكتاب من‬

‫‪75‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قبلكم " الية ‪ .‬وهذا مذهب أب حنيفة وصاحبيه ‪ .‬ومنهم من تردد ‪ ،‬لعدم معرفة‬
‫حقيقة أمرهم فقالوا ‪ :‬إن وافقوا اليهود والنصارى ف أصول الدين ‪ -‬من تصديق‬
‫الرسل واليان بالكتب ‪ -‬كانوا منهم ‪ .‬وإن خالفوهم ف أصول الدين ل يكونوا‬
‫منهم ‪ ،‬وكان حكمهم حكم عباد الوثان ‪ .‬وهذا هو الروي عن الشافعية والنابلة ‪.‬‬
‫زواج الجوسية ( ‪ : ) 1‬قال ابن النذر ‪ :‬ليس تري نكاح الجوس وأكل ذبائحهم‬
‫متفقا عليه ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 104‬‬
‫ولكن أكثر أهل العلم عليه ‪ ،‬لنه ليس لم كتاب ‪ ،‬ول يؤمنون بنبوة ‪ ،‬ويعبدون النار‬
‫‪ .‬وروى الشافعي أن عمر ذكر الجوس فقال ‪ :‬ما أدري كيف أصنع ف أمرهم ؟ فقال‬
‫له عبد الرحن بن عوف ‪ :‬لسمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬سنوا بم‬
‫سنة أهل الكتاب ( ‪ . " ) 2‬فهذا دليل على أنم ليسوا من أهل الكتاب ‪ .‬وسئل المام‬
‫أحد ‪ .‬أيصح على أن للمجوس كتابا ؟ فقال ‪ :‬هذا باطل ‪ ،‬وأستعظمه جدا ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الجوس ‪ :‬هم عبدة النار ‪ ) 2 ( .‬اي حقن دمائهم واقرارهم على‬
‫الزية ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 105‬وذهب أبو ثور ال حل التزوج بالجوسية ‪ ،‬لنم‬
‫يقرون على دينهم بالزية كاليهود والنصارى ‪ .‬الزواج من لم كتاب غي اليهود‬
‫والنصارى ‪ :‬ذهبت الحناف ال أن كل من يعتقد دينا ساويا ‪ ،‬وله كتاب منل ‪،‬‬
‫كصحف ابراهيم ‪ ،‬وشيت ‪ ،‬وزبور داود ‪ ،‬عليهم السلم ‪ ،‬يصح الزواج منهم وأكل‬
‫ذبائحهم ما ل يشركوا ‪ .‬وهو وجه ف مذهب النابلة ‪ ،‬لنم مسكوا بكتاب من كتب‬
‫ال فأشبهوا اليهود أو النصارى ‪ .‬ومذهب الشافعية ‪ ،‬ووجه عند النابلة ‪ :‬أنه ل تل‬
‫مناكحتهم ‪ ،‬ول تؤكل ذبائحهم لقول ال تعال ‪ " :‬أن تقولوا انا أنزل الكتاب على‬
‫طائفتي من قبلنا " الية ‪ .‬ولن تلك الكتب كانت مواعظ وأمثال ل أحكام فيها ‪ ،‬فلم‬
‫يثبت لا حكم الكتب الشتملة على الحكام ‪ .‬زواج السلمة بغي السلم ‪ :‬أجع‬
‫العلماء على أنه ل يل للمسلمة أن تتزوج غي السلم ‪ ،‬سواء أكان مشركا أو من‬
‫أهل الكتاب ‪ .‬ودليل ذلك أن ال تعال قال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم الؤمنات‬

‫‪76‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مهاجرات فامتحنوهن ‪ ،‬ال أعلم بإيانن ‪ ،‬فإن علمتموهن مؤمنات فل ترجعوهن إل‬
‫الكفار ‪ ،‬لهن حل لم ولهم يلون لن ( ‪ . " ) 1‬وحكمة ذلك أن للرجل حق‬
‫القوامة على زوجته ‪ ،‬وأن عليها طاعته فيما يأمرها به من معروف ‪ ،‬وف هذا معن‬
‫الولية والسلطان عليها ‪ .‬وما كان لكافر أن يكون له سلطان على مسلم أو مسلمة ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬ف هذه الية أمر ال الؤمني إذا جاءهم النساء مهاجرات ان‬
‫يتحنوهن فان علموهن مؤمنات فليرجعوهن ال الكفار ‪ ،‬لهن حل لم ول هم يلون‬
‫لن ‪ .‬ومعن المتحان أن يسألوهن عن سبب ما جاء بن ‪ ،‬هل خرجن حبا ف ال‬
‫ورسوله وحرصا على السلم ؟ ‪ . .‬فان كان ذلك كذلك قبل ذلك منهن ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 106‬يقول ال تعال ‪ " :‬ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل " ‪ .‬ث‬
‫ان الكافر ل يعترف بدين السلمة ‪ ،‬بل يكذب بكتابا ‪ ،‬ويحد رسالة نبيها ‪ ،‬ول يكن‬
‫لبيت أن يستقر ول لياة أن تستمر مع هذا اللف الواسع والبون الشاسع ‪ .‬وعلى‬
‫العكس من ذلك السلم إذا تزوج بكتابية ‪ ،‬فانه يعترف بدينها ‪ ،‬ويعل اليان بكتابا‬
‫وبنبيها جزءا ليتم إيانه إل به ‪ ) 10 ( .‬الزيادة على الربع ‪ :‬يرم على الرجل أن‬
‫يمع ف عصمته أكثر من أربع روجات ف وقت واحد ‪ ،‬إذ أن ف الربع الكفاية ‪ ،‬وف‬
‫الزيادة عليها تفويت الحسان الذي شرعه ال لصلح الياة الزوجية ‪ ،‬والدليل على‬
‫ذلك قول ال تعال ‪ " :‬وان خفتم ( ‪ ) 1‬أل تقسطوا ( ‪ ) 2‬ف اليتامى فانكحوا ما ( ‪3‬‬
‫) طاب لكم من النساء ‪ ،‬مثن وثلث ورباع ‪ ،‬فان خفتم أل تعدلوا فواحدة أو ما‬
‫ملكت أيانكم ‪ ،‬ذلك أدن أل تعولوا ( ‪ . " ) 4‬سبب نزول هذه الية ‪ :‬روى‬
‫البخاري ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬عن عروة بن الزبي " أنه سأل عائشة‬
‫زوج النب صلى ال عليه وسلم عن قول ال تعال ‪ " :‬وإن خفتم أل تقسطوا ف‬
‫اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ‪ .‬فقالت ‪ :‬يا ابن أخت ‪ ،‬هي اليتيمة تكون‬
‫ف حجر وليها فتشاركه ف ماله ‪ ،‬فيعجبه مالا وجالا ‪ ،‬فييد وليها أن يتزوجها بغي أن‬
‫يقسط ف ( هامش ) ( ‪ ) 1‬خفتم ‪ :‬أي غلب على ظنكم التقصي ف القسط لليتيمة‬
‫فاعدلوا عنها إل غيها ‪ ،‬وليس لذا القيد مفهوم ‪ ،‬فقد أجع السلمون على أن من ل‬
‫يف القسط ف اليتامى فله ان يتزوج أكثر من واحدة ‪ ،‬اثني أو ثلثا أو أربعا كمن‬

‫‪77‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خاف ‪ ) 2 ( .‬تقسطوا ‪ :‬تعدلوا ‪ .‬من " أقسط " إذا عدل و " قسط " إذا ظلم ‪( .‬‬
‫‪ ) 3‬ما ‪ :‬بعن من ‪ :‬أي من طاب ‪ ) 4 ( .‬أدن ال تعولوا ‪ :‬أي أقرب ال تيلوا عن‬
‫الق وتوروا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 107‬صداقها ‪ ،‬فيعطيها مثل ما يعطيها غيه ‪ ،‬فنهوا‬
‫أن ينكحوهن إل أن يقسطوا لن ‪ ،‬ويبلغوا بن أعلى سنتهن من الصداق ‪ ،‬وأمروا أن‬
‫ينكحوا ما طاب لم من النساء سواهن ‪ .‬قال قروة ‪ .‬قالت عائشة ‪ :‬ث ان الناس‬
‫استفتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد هذه الية فيهن ‪ ،‬فأنزل ال عزوجل ‪" :‬‬
‫يستفتونك ف النساء ‪ ،‬قل ال يفتيكم فيهن ‪ ،‬وما يتلى عليكم ف الكتاب ف يتامى‬
‫النساء اللت ل تؤتونن ما كتب لن ‪ ،‬وترغبون أن تنكحوهن " ‪ .‬قالت ‪ :‬والذي ذكر‬
‫ال أنه يتلى عليهم ف الكتاب الية الول الت قال ال سبحانه فيها ‪ " :‬وإن خفتم أن‬
‫ل تقسطوا ف اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 107‬‬
‫قالت عائشة ‪ :‬وقول ال عزوجل ف الية الخرى ‪ " :‬وترغبون أن تنكحوهن " ‪ .‬هي‬
‫رغبة أحدكم عن يتيمته الت تكون ف حجره حي تكون قليلة الال والمال ‪ .‬فنهوا أن‬
‫ينكحوا من رغبوا ف مالا وجالا من يتامى النساء ‪ ،‬إل بالقسط من أجل رغبتهم عنهن‬
‫إن كن قليلت الال والمال ‪ .‬معن الية ‪ :‬ويكون معن الية على هذا أن ال سبحانه‬
‫وتعال ياط ب أولياء اليتامى فيقول ‪ :‬إذا كانت اليتيمة ف حجر أحدكم وتت وليته‬
‫‪ ،‬وخاف أل يعطيها مهر مثلها ‪ ،‬فليعدل عنها إل غيها من النساء ‪ ،‬فانن كثيات ‪،‬‬
‫ول يضيق ال عليه فأحل له من واحدة ال أربع ‪ .‬فان خاف أن يور إذا تزوج أكثر‬
‫من واحدة ‪ ،‬فواجب عليه أن يقتصر على واحدة ‪ ،‬أو ما ملكت يينه من الماء ‪.‬‬
‫افادتا القتصار على الربع ‪ / :‬صفحة ‪ / 108‬قال الشافعي ‪ :‬وقد دلت سنة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم البينة عن ال أنه ل يوز لحد غي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أن يمع بي أكثر من أربع نسوة ‪ .‬وهذا الذي قاله الشافعي ممع عليه بي‬
‫العلماء ‪ ،‬إل ما حكي عن طائفة من الشيعة أنه يوز المع بي أكثر من أربع نسوة ‪،‬‬
‫وقال بعضهم بل حصر ‪ .‬وقد يتمسك بعضهم بفعل رسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬

‫‪78‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جعه بي أكثر من أربع إل تسع كما ثبت ف الصحيح ‪ .‬وقد رد المام القرطب على‬
‫هؤلء فقال ‪ :‬اعلم أن هذا العدد " مثن " و " ثلث " و " رباغ " ل يدل على إباحة‬
‫تسع كما قاله من بعد فهمه للكتاب والسنة ‪ ،‬وأعرض عما كان عليه سلف هذه المة‬
‫‪ ،‬وزعم أن الواو جامعة ‪ .‬وعضد ذلك بأن النب نكح تسعا ‪ ،‬وجع بينهن ف عصمته ‪،‬‬
‫والذي صار إل هذه الهالة ‪ ،‬وقال هذه القالة ‪ ،‬الرافضة وبعض أهل الظاهر ‪ ،‬فجعلوا‬
‫" مثن " مثل اثني اثني ‪ .‬وكذلك ثلث ‪ ،‬ورباع ‪ .‬وذهب بعض أهل الظاهر أيضا إل‬
‫أقبح منها ‪ ،‬فقالوا بإباحة المع بي ثان عشرة تسكا منه بأن العدد ف تلك الصيغ‬
‫يفيد التكرار ‪ ،‬والواو للجمع ‪ .‬فجعل مثن بعن اثني اثني ‪ ،‬وكذلك ثلث ورباع ‪.‬‬
‫وهذا كله جهل باللسان ( ‪ ) 1‬والسنة ‪ ،‬ومالفة لجاع المة ‪ ،‬إذ ل يسمع عن أحد‬
‫من الصحابة ول التابعي أنه جع ف عصمته أكثر من أربع ‪ .‬وأخرج مالك ف الوطأ ‪،‬‬
‫والنسائي ‪ ،‬والدار قطن ‪ ،‬ف سننها أن النب صلى ال عليه وسلم قال لغيلن بن أمية‬
‫الثقفي وقد أسلم وتته عشر نسوة ‪ " :‬اختر منهن أربعا ‪ ،‬وفارق سائرهن " ‪ .‬وف‬
‫كتاب أب داود عن الارث بن قيس قال ‪ :‬أسلمت وعندي ثان نسوة ‪ ،‬فذكرت ذلك‬
‫للنب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ " :‬اختر منهن أربعا " ‪ .‬وقال مقاتل ‪ :‬ان قيس بن‬
‫الارث كان عنده ثان نسوة حرائر ‪ ،‬فلما ( هامش ) ( ‪ ) 1‬اللسان ‪ :‬اللغة ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 109‬نزلت الية أمره رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يطلق أربعا ‪،‬‬
‫ويسك أربعا ‪ ،‬كذا قال قيس بن الارث ‪ .‬والصواب أن ذلك كان حارث بن قيس‬
‫السدي كما ذكر أبو داود ‪ .‬وكذا روى " ممد بن السن " ف كتاب " السي "‬
‫الكبي ‪ ،‬أن ذلك كان حارث بن قيس ‪ ،‬وهو العروف عند الفقهاء ‪ .‬وأما ما أبيح من‬
‫ذلك للنب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فذلك من خصوصياته ‪ .‬وأما قولم ‪ :‬ان الواو‬
‫جامعة ‪ ،‬فقد قيل ذلك ‪ ،‬لكن ال تعال خاطب العرب بأفصح اللغات ‪ .‬والعرب ل‬
‫تدع أن تقول تسعة ‪ ،‬وأن تقول اثني وثلثة ‪ ،‬وأربعة ‪ .‬وكذلك تستقبح من يقول‬
‫أعط فلنا أربعة ‪ ،‬ستة ‪ ،‬ثانية ‪ ،‬ول يقول ‪ ،‬ثانية عشر ‪ .‬وإنا الواو ف هذا الوضع‬
‫بدل ‪ ،‬أي أنكحوا ثلثة بدل من مثن ‪ ،‬ورباعا بدل من ثلث ‪ ،‬ولذلك عطف بالواو‬
‫ول يعطف ب‍ " أو " ‪ .‬ولو جاء ب‍ " أو " لاز أل يكون لصاحب الثن ثلث ‪ ،‬ول‬

‫‪79‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لصاحب الثلث رباع ‪ .‬وأما قولم ‪ :‬إن مثن تقتضي اثني ‪ ،‬وثلث ثلثا ‪ ،‬ورباع‬
‫أربعا فتحكم با ل يوافقهم أهل اللسان عليه ‪ ،‬وجهالة منهم ‪ .‬وكذلك جهله الخرون‬
‫لن مثن تقتضي اثني اثني ‪ ،‬وثلث ‪ :‬ثلثا ثلثا ‪ ،‬ورباع ‪ :‬أربعا أربعا ‪ .‬ول يعلموا أن‬
‫اثني اثني ‪ ،‬وثلثا ثلثا ‪ ،‬وأربعا أربعا ‪ ،‬حصر للعدد ‪ .‬ومثن وثلث ورباع بلفها ‪.‬‬
‫ففي العدد العدول عند العرب زيادة معن ليست ف الصل ‪ .‬وذلك أنا إذا قالت ‪:‬‬
‫جاءت اليل مثن ‪ ،‬إنا تعن بذلك اثني اثني ‪ ،‬أي جاءت مزدوجة ‪ .‬قال الوهري ‪:‬‬
‫وكذلك معدول العدل ‪ .‬وقال غيه فإذا قالت ‪ :‬جاءن قوم مثن أو ثلث ‪ ،‬أو آحاد ‪،‬‬
‫أو عشار ‪ / ،‬صفحة ‪ / 110‬فانا تريد أنم جاءوك واحدا واحدا أو اثني اثني ‪ ،‬أو‬
‫ثلثة ثلثة ‪ ،‬أو عشرة عشرة ‪ .‬وليس هذا العن ف الصل لنك إذا قلت ‪ :‬جاءن قوم‬
‫ثلثة ثلثة ‪ ،‬أو قوم عشرة عشرة ‪ ،‬فقد حصرت عدة القوم بقولك ثلثة وعشرة ‪.‬‬
‫فإذا قلت جاءون ثناء ورباع ‪ ،‬فلم تصر عدتم ‪ ،‬وإنا تريد أنم جاءوك اثني اثني ‪،‬‬
‫أو أربعة أربعة ‪ ،‬سواء كثر عددهم أو قل ف هذا الباب ‪ .‬فقصرهم كل صيغة على أقل‬
‫ما تقتضيه بزعمهم تكم ‪ .‬انتهى ‪ .‬وجوب العدل بي الزوجات ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 110‬‬
‫أباح ال تعدد الزوجات وقصره على أربع ‪ ،‬وأوجب العدل بينهن ف الطعام والسكن‬
‫والكسوة والبيت ( ‪ ، ) 1‬وسائر ما هو مادي من غي تفرقة بي غنية وفقية ‪ ،‬وعظيمة‬
‫وحقية ‪ ،‬فان خاف الرجل الور وعدم الوفاء بقوقهن جيعا حرم عليه المع بينهن ‪،‬‬
‫فان قدر على الوفاء بق ثلث منهن دون الرابعة حرم عليه العقد عليها ‪ .‬فان قدر‬
‫على الوفاء بق اثنتي دون الثالثة حرم عليه العقد عليها ‪ .‬وكذلك من خاف الور‬
‫بزواج الثانية حرمت عليه لقول ال تعال ‪ " :‬فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثن‬
‫وثلث ورباع ‪ ،‬فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيانكم ‪ ،‬ذلك أدن أل‬
‫تعولوا " ‪ .‬أي أقرب أل توروا ‪ .‬وعن أب هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫" من كانت له امرأتان فمال إل إحداها جاء يوم القيامة وشقه مائل " رواه أبو داود ‪،‬‬
‫والترمذي ‪ ،‬والنسائي وابن ماجه ‪ .‬ول تعارض بي ما أوجبه ال من العدل ف هذه‬

‫‪80‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الية وبي ما نفاه ال ف الية الخرى من سورة النساء وهي ‪ " :‬ولن تستطيعوا أن‬
‫تعدلوا بي النساء ولو حرصتم ‪ ،‬فل تيلوا كل اليل فتذروها كالعلقة " ( هامش ) ( ‪1‬‬
‫) أي يبيت عند الواحدة مقدار ما يبيت عند الخرى ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 111‬فان‬
‫العدل الطلوب هو العدل الظاهر القدور عليه وليس هو العدل ف الودة والحبة ‪ ،‬فان‬
‫ذلك ل يستطيعه أحد ‪ ،‬بل العدل البتغى هو العدل ف الحبة والودة والماع ‪ .‬قال‬
‫ممد بن سيين سألت عبيدة عن هذه الية فقال هو الب والماع ‪ .‬قال ابو بكر بن‬
‫العرب ‪ :‬وصدق ‪ ،‬فان ذلك ل يلكه أحد إذ قلبه بي إصبعي من أصابع الرحن يصرفه‬
‫كيف يشاء ‪ ،‬وكذلك الماع فقد ينشط للواحدة مال ينشط للخرى ‪ ،‬فإذا ل يكن‬
‫ذلك بقصد منه فل حرج عليه فيه ‪ ،‬فانه ما ل يستطيعه ‪ ،‬فل يتعلق به تكليف ‪.‬‬
‫وقالت عائشة ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقسم فيعدل ‪ ،‬ويقول ‪ " :‬اللهم‬
‫هذا قسمي فيما أملك ‪ ،‬فل تلمن فيما تلك ول أملك " قال أبو داود ‪ :‬يعن القلب ‪.‬‬
‫رواه أبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬وقال الطاب ف هذا دللة على‬
‫توكيد وجوب القسم بي الضرائر الرائر ‪ ،‬وإنا الكروه ف اليل ‪ ،‬هو ميل العشرة‬
‫الذي يكون معه نس الق ‪ ،‬دون ميل القلوب ‪ ،‬فان القلوب ل تلك ‪ .‬فكان رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يسوي ف القسم بي نسائه ويقول ‪ " :‬اللهم هذا قسمي "‬
‫الديث ‪ .‬وف هذا نزل قوله تعال ‪ " :‬ولن تستطيعوا أن تعدلوا بي النساء ولو حرصتم‬
‫‪ ،‬فل تيلوا كل اليل فتذروها كالعلقة " ‪ .‬وإذا سافر الزوج فله أن يصطحب من شاء‬
‫منهن وان أقرع بينهن كان حسنا ‪ .‬ولصاحبة الق ف القسم أن تنل عن حقها ‪ ،‬إذ‬
‫أن ذلك خالص حقها ‪ ،‬فلها أن تيه لغيها ‪ .‬فعن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بي نسائه ‪ ،‬فأيتهن خرج سهمها‬
‫خرج با معه ‪ ،‬وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها ‪ ،‬غي أن سودة بنت زمعة وهبت‬
‫يومها لعائشة ( ‪ ( . ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬قال الطاب ‪ :‬فيه اثبات القرعة ‪ ،‬وفيه ان‬
‫القسم قد يكون بالنهار كما يكون بالليل ‪ .‬وفيه أن البة قد تري ف حقوق عشرة‬
‫الزوجية كما تري ف حقوق الموال ‪ .‬واتفق أكثر أهل العلم على أن الرأة الت يرج‬
‫با ف السفر ل تتسب عليها تلك الدة ‪ /‬صفحة ‪ / 112‬حق الرأة ف اشتراط عدم‬

‫‪81‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التزوج عليها ‪ :‬كما أن السلم قيد التعدد بالقدرة على العدل ‪ ،‬وقصره على أربع ‪،‬‬
‫فقد جعل من حق الرأة أو وليها أن يشترط أل يتزوج الرجل عليها ‪ .‬فلو شرطت‬
‫الزوجة ف عقد الزواج على زوجها أل يتزوج عليها صح الشرط ولزم ‪ ،‬وكان لا حق‬
‫فسخ الزواج إذا ل يف لا بالشرط ‪ ،‬ول يسقط حقها ف الفسخ إل إذا أسقطته ‪،‬‬
‫ورضيت بخالفته ‪ .‬وإل هذا ذهب المام أحد ‪ ،‬ورجحه ابن تيمية ‪ ،‬وابن القيم ‪ .‬إذ‬
‫الشروط ف الزواج أكب خطرا منها ف البيع والجارة ‪ ،‬ونوها ‪ ،‬فلهذا يكون الوفاء‬
‫با التزم منها أوجب وآكد ‪ .‬واستدلوا لذهبهم هذا با يأت ‪ - 1 :‬با رواه البخاري ‪،‬‬
‫ومسلم ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إن أحق الشروط أن توفوا ما‬
‫استحللتم به الفروج " ‪ - 2 .‬ورويا عن عبد ال بن أب مليكة أن السور بن مرمة‬
‫حدثه أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم على النب يقول ‪ " :‬إن بن هشام بن‬
‫الغية استأذنون أن ينكحوا ابنتهم من علي بن أب طالب ‪ ،‬فل آذن ‪ ،‬ث ل آذن ‪ ،‬ث‬
‫ل آذن ‪ ،‬إل أن يريد بن أب طالب أن يطلق ابنت وينكح ابنتهم ‪ ،‬فإنا ابنت بضعة‬
‫من ‪ ،‬يريبن ما أرابا ‪ ،‬ويؤذين ما آذاها " وف رواية ‪ " :‬إن فاطمة من وأنا أتوف أن‬
‫تفت ف دينها " ‪ .‬ث ذكر صهرا له من بن عبد شس فأثن عليه ف مصاهرته إياه ‪،‬‬
‫فأحسن ‪ ،‬قال ‪ " :‬حدثن فصدقن ‪ ،‬ووعدن فوف ل ‪ ،‬وإن لست أحرم حلل ‪ ،‬ول‬
‫أحل حراما ‪ ،‬ولكن وال ل تتمع بنت رسول ال وبنت عدو ال ف مكان واحدا أبدا‬
‫"‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 112‬‬
‫( هامش ) للبواقي ‪ ،‬ول يقاص با فاتن من أيام الغيبة إذا كان خروجها بقرعة ‪.‬‬
‫وزعم بعض أهل العلم ان عليه أن يوف للبواقي ما فاتن ايام غيبته حت يساوينها ف‬
‫الظ ‪ .‬والقول الول أول لجتماع عامة أهل العلم عليه ‪ ،‬ولنا أنا أرفقت بزيادة‬
‫الظ لكان ف ذلك ما يلحقها من مشقة السفر وتعب السي ‪ :‬والقواعد خليات من‬
‫ذلك ‪ .‬فلو سوى بينها وبينهن العدول عن النصاف ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 113‬قال ابن‬
‫القيم ‪ :‬فتضمن هذا الكم أمورا ‪ :‬أن الرجل إذا اشترط لزوجته أن ل يتزوج عليها‬

‫‪82‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لزمه الوفاء بالشرط ‪ ،‬ومت تزوج عليها فلها الفسخ ‪ .‬ووجه تضمن الديث لذلك أنه‬
‫صلى ال عليه وسلم أخب أن ذلك يؤذي فاطمة رضي ال عنها ‪ ،‬ويريبها ‪ ،‬وأنه يؤذيه‬
‫صلى ال عليه وسلم ويريبه ‪ .‬ومعلوم قطعا أنه صلى ال عليه وسلم إنا زوجه فاطمة‬
‫رضي ال عنها على أل يؤذيها ‪ ،‬ول يريبها ‪ ،‬ول يؤذي أباها صلى ال عليه وسلم ول‬
‫يريبه ‪ ،‬وإن ل يكن هذا مشروطا ف صلب العقد ‪ ،‬فانه من العلوم بالضرورة أنه إنا‬
‫دخل عليه ‪ .‬وف ذكره صلى ال عليه وسلم صهره الخر وثنائه عليه بأنه حدثه‬
‫فصدقه ووعده فوف له ‪ ،‬تعريض بعلي رضي ال عنه وتييج له على القتداء به ‪ ،‬وهذا‬
‫يشعر بأنه قد جرى منه وعد له بأنه ل يريبها ول يؤذيها ‪ .‬فهيجه على الوفاء له ‪ ،‬كما‬
‫وف له صهره الخر ‪ .‬فيؤخذ من هذا أن الشروط عرفا كالشروط لفظا ‪ ،‬وأن عدمه‬
‫يلك الفسخ لشترطه ‪ ،‬فلو فرض من عادة قوم أنم ل يرجون نساءهم من ديارهم‬
‫ول يكنون الزوج من ذلك البتة ‪ .‬واستمرت عادتم بذلك ‪ ،‬كان كالشروط لفظا ‪،‬‬
‫وهو مطرد على قواعد أهل الدينة ‪ .‬وقواعد أحد رحه ال ‪ ،‬أن الشرط العرف‬
‫كاللفظي سواء ‪ ،‬ولذا أوجبوا الجرة على من دفع ثوبه ال غسال أو قصار ‪ ،‬أو‬
‫عجينه إل خباز ‪ ،‬أو طعامه إل طباخ يعملون بالجرة ‪ ،‬أو دخل المام واستخدم من‬
‫يغسله من عادته أن يغسل بالجرة ‪ ،‬أنه يلزمه أجرة الثل ‪ .‬وعلى هذا فلو فرض أن‬
‫الرأة من بيت ل يتزوج الرجل على نسائهم ضرة ‪ ،‬ول يكنونه من ذلك ‪ ،‬وعادتم‬
‫مستمرة بذلك كان كالشروط لفظا ‪ .‬وكذلك لو كانت من يعلم أنا ل يكن إدخال‬
‫الضرة عليها عادة لشرفها ‪ ،‬وحسبها ‪ ،‬وجللتها ‪ ،‬كان ترك التزوج عليها كالشروط‬
‫لفظا ‪ .‬وعلى هذا فسيدة نساء العالي ‪ ،‬وابنة سيد ولد آدم أجعي ‪ ،‬أحق النساء‬
‫بذا ‪ ،‬فلو شرطه علي ف صلب العقد كان تأكيدا ل تأسيسا ‪ ،‬وف منع علي من ‪/‬‬
‫صفحة ‪ / 114‬المع بي فاطمة رضي ال عنها وبي بنت أب جهل حكم حكم‬
‫بديعة ‪ ،‬وهي أن الرأة مع زوجها ف درجة تبع له ‪ ،‬فان كانت ف نفسها ذات درجة‬
‫عالية وزوجها كذلك ‪ ،‬كانت ف درجة عالية بنفسها وبزوجها ‪ ،‬وهذا شأن فاطمة‬
‫وعلي رضي ال عنهما ‪ .‬ول يكن ال عزوجل ليجعل ابنة أب جهل مع فاطمة رضي ال‬
‫عنها ف درجة واحدة ‪ ،‬ل بنفسها ول تبعا ‪ ،‬وبينهما من الفرق ما بينهما ‪ ،‬فلم يكن‬

‫‪83‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نكاحها على سيدة نساء العالي مستحسنا ‪ ،‬ل شرعا ول قدرا ‪ ،‬وقد أشار صلى ال‬
‫عليه وسلم ال هذا بقوله ‪ " :‬وال ل تتمع بنت رسول ال وبنت عدو ال ف مكان‬
‫واحدا أبدا " ‪ .‬فهذا إما أن يتناول درجة الخر بلفظه أو اشارته ‪ .‬انتهى ‪ .‬وقد تقدم‬
‫رأي الفقهاء ف اشتراط مثل هذا الشرط ونوه ما فيه للمرأة ‪ ،‬فليجع إليه ‪ .‬حكمة‬
‫التعدد ‪ - 1 :‬من رحة ال بالنسان وفضله عليه أن أباح له تعدد الزوجات ‪ ،‬وقصره‬
‫على أربع ‪ .‬فللرجل أن يمع ف عصمته ف وقت واحد أكثر من واحدة ‪ ،‬بشرط أن‬
‫يكون قادرا على العدل بينهن ف النفقة والبيت كما تقدم ‪ .‬فإذا خاف الور وعدم‬
‫الوفاء با عليه من تبعات حرم عليه أن يتزوج بأكثر من واحدة ‪ .‬بل إذا خاف الور‬
‫بعجزه عن القيام بق الرأة الواحدة حرم عليه أن يتزوج حت تتحق له القدرة على‬
‫الزواج ( ‪ . ) 1‬وهذا التعدد ليس واجبا ول مندوبا ‪ ،‬وإنا هو أمر أباحه السلم ‪،‬‬
‫لن ثة مقتضيات عمرانية وضرورات إصلحية ل يمل بشترع إغفالا ‪ ،‬ول ينبغي له‬
‫التغاضي عنها ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يراجع حكم الزواج من هذا الكتاب ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ - 2 / 115‬ذلك أن للسلم رسالة إنسانية عليا كلف السلمون أن ينهضوا‬
‫با ‪ ،‬ويقوموا بتبليغها للناس ‪ .‬وهم ل يستطيعون النهوض بذه الرسالة إل إذا كانت‬
‫لم دولة قوية ‪ ،‬قد توفر لا جيع مقومات الدولة ‪ :‬من الندية ‪ ،‬والعلم ‪ ،‬والصناعة ‪،‬‬
‫والزراعة والتجارة ‪ ،‬وغي ذلك من العناصر الت يتوقف عليها وجود الدولة وبقاؤها‬
‫مرهوبة الانب نافذة الكلمة قوية السلطان ‪ .‬ول يتم ذلك إل بكثرة الفراد ‪ ،‬بيث‬
‫يوجد ف كل مال من مالت النشاط النسان عدد وفي من العاملي ‪ ،‬ولذا قيل ‪" :‬‬
‫إنا العزة للكاثر " ‪ .‬وسبيل هذه الكثرة إنا هو الزواج البكر من جهة ‪ ،‬والتعدد من‬
‫جهة أخرى ‪ .‬ولقد أدركت الدول الديثة قيمة الكثرة العددية وآثارها ف النتاج ‪،‬‬
‫وف الروب ‪ ،‬وف سعة النفوذ ‪ ،‬فعملت على زيادة عدد السكان بتشجيع الزواج‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 115‬‬
‫ومكافأة من كثر نسله من رعاياها لتضمن القوة والنعة ‪ .‬ولقد فطن الرحالة اللان "‬
‫بول اشيد " ال الصوبة ف النسل لدى السلمي ‪ ،‬واعتب ذلك عنصرا من عناصر‬

‫‪84‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قوتم فقال ف كتاب " السلم قوة الغد " الذي ظهر سنة ‪ " : 1936‬ان مقومات‬
‫القوى ف الشرق السلمي ‪ ،‬تنحصر ف عوامل ثلثة ‪ ( :‬أ ) ف قوة السلم " كدين "‬
‫‪ ،‬وف العتقاد به ‪ ،‬وف مثله ‪ ،‬وف تأخيه بي متلفي النس ‪ ،‬واللون ‪ ،‬والثقافة ‪ ( .‬ب‬
‫) وف وفرة مصادر الثروة الطبيعية ف رقعة الشرق السلمي الذي يتد من الحيط‬
‫الطلسي ‪ ،‬على حدود مراكش غربا إل الحيط الادي على حدود أندونيسيا شرقا ‪.‬‬
‫وتثيل هذه الصادر العديدة لوحدة اقتصادية سليمة قوية ولكتفاء ذات ل يدع‬
‫السلمي ف حاجة مطلقا ال أوربا أو غيها إذا ما تقاربوا وتعاونوا ‪ ( .‬ج‍ ) وأخيا‬
‫أشار إل العامل الثالث وهو ‪ :‬خصوبة النسل البشري لدى السلمي ‪ ،‬ما جعل قوتم‬
‫العددية قوة متزايدة ‪ ،‬ث قال ‪ " :‬فإذا اجتمعت هذه القوى الثلث فتأخى السلمون‬
‫على وحدة العقيدة ‪ /‬صفحة ‪ / 116‬وتوحيد ال ‪ ،‬وغطت ثروتم الطبيعية حاجة‬
‫تزايد عددهم ‪ ،‬كان الطر السلمي خطرا منذرا بفناء أوربا ‪ ،‬وبسيادة عالية ف‬
‫منطقة هي مركز العال كله " ‪ .‬ويقترح " بول أشيد " هذا ‪ ،‬بعد أن فصل هذه العوامل‬
‫الثلثة ‪ ،‬عن طريق الحصاءات الرسية ‪ ،‬وعما يعرفه عن جوهر العقيدة السلمية ‪،‬‬
‫كما تبلورت ف تاريخ السلمي ‪ ،‬وتاريخ ترابطهم وزحفهم لرد العتداء عليهم " أن‬
‫يتضامن الغرب السيحي ‪ -‬شعوبا وحكومات ‪ -‬ويعيدوا الرب الصليبية ف صورة‬
‫أخرى ملئمة للعصر ‪ ،‬ولكن ف أسلوب نافذ حاسم ( ‪ - 3 . " ) 1‬والدولة صاحبة‬
‫الرسالة ‪ ،‬كثيا ما تتعرض لخطار الهاد ‪ ،‬فتفقد عددا كبيا من الفراد ‪ ،‬ول بد من‬
‫رعاية أرامل هؤلء الذين استشهدوا ول سبيل إل حسن رعايتهن إل بتزويهن ‪ .‬كما‬
‫أنه ل مندوحة عن تعويض من فقدوا ‪ ،‬وإنا يكون ذلك بالكثار من النسل ‪ ،‬والتعدد‬
‫من أسباب الكثرة ‪ - 4 .‬قد يكون عدد الناث ف شعب من الشعوب أكثر من عدد‬
‫الذكور ‪ ،‬كما يدث عادة ف أعقاب الروب ‪ ،‬بل تكاد تكون الزيادة ف عدد الناث‬
‫مطردة ف أكثر المم ‪ ،‬حت ف أحوال السلم ‪ ،‬نظرا لا يعانيه الرجال غالبا من‬
‫الضطلع بالعمال الشاقة الت تبط بستوى السن عند الرجال أكثر من الناث ‪.‬‬
‫وهذه الزيادة توجب التعدد ‪ ،‬وتفرض الخذ به لكفالة العدد الزائد وإحصانه ‪ ،‬وإل‬
‫اضطرون إل النراف واقتراف الرذيلة ‪ ،‬فيفسد الجتمع وتنحل أخلقه ‪ ،‬أو إل أن‬

‫‪85‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقضي حياتن ف أل الرمان وشقاء العزوبة ‪ ،‬فيفقدن أعصابن ‪ ،‬وتضيع ثروة بشرية‬
‫كان يكن أن تكون قوة للمة ‪ ،‬وثروة تضاف إل مموع ثرواتا ‪ .‬ولقد اضطرت‬
‫بعض الدول الت زاد فيها عدد النساء على الرجال إل إباحة التعدد ‪ ،‬لنا ل ترحل‬
‫أمثل منه مع مالفته لا تعتقده ‪ ،‬ومنافاته لا ألفته ودرجت عليه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫ترجة الستاذ الدكتور ممد البهي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 117‬قال الدكتور " ممد‬
‫يوسف موسى " ‪ :‬أذكر أن وبعض اخوان الصريي دعينا عام ‪ - 1948‬ونن ف‬
‫باريس ‪ -‬لضور مؤتر الشباب العالي بدينة " ميونخ " بألانيا ‪ .‬وكان من نصيب أن‬
‫اشتركت أنا وزميل ل من الصريي ف اللقة الت كانت تبحث مشكلة زيادة عدد‬
‫النساء بألانيا أضعافا مضاعفة عن عدد الرجال بعد الرب ‪ ،‬وتستعرض ما يكن أن‬
‫يكون حل طيبا لا ‪ .‬وبعد استعراض سائر اللول الت يعرفونا هناك ورفضها جيعا‬
‫تقدمت وزميلي بالل الطبيعي الوحيد ‪ ،‬وهو إباحة تعدد الزوجات ‪ .‬فقوبل هذا الرأي‬
‫أول بشئ من الدهشة والشئزاز ‪ ،‬ولكنه بعد بثه بثا عادل عميقا رأى الؤترون أنه‬
‫ل حل غيه ‪ ،‬وكانت النتيجة اعتباره توصية من التوصيات الت أقرها الؤتر ‪ .‬وكان‬
‫ما سرن كثيا بعد عودت ال الوطن عام ‪ 1949‬ما عرفته من أن بعض الصحف‬
‫الصرية نشرت أن أهال مدينة " بون ‪ :‬عاصمة ألانيا الغربية " طلبوا أن ينص ف‬
‫الدستور على إباحة تعدد الزوجات ‪ - 5 .‬ث إن استعداد الرجل للتناسل أكثر من‬
‫استعداد الرأة ‪ ،‬فهو مهيأ للعملية النسية منذ البلوغ إل سن متأخرة ‪ .‬بينما الرأة ل‬
‫تتهيأ لذلك مدة اليض ( وهو دورة شهرية قد تصل إل عشرة أيام ) ول تتهيأ كذلك‬
‫مدة النفاس والولدة ( وقد تصل هذه الدة ال أربعي يوما ) يضاف ال ذلك ظروف‬
‫‪ .‬المل والرضاع ‪ .‬واستعداد الرأة للولدة ينتهي بي الامسة والربعي والمسي ‪،‬‬
‫بينما يستطيع الرجل الخصاب إل ما بعد الستي ‪ ،‬ول بد من رعاية مثل هذه الالت‬
‫ووضع اللول السليمة لا ‪ .‬فإذا كانت الزوجة ف هذه الالة عاجزة عن أداء الوظيفة‬
‫الزوجية ‪ ،‬فماذا يصنع الرجل أثناء هذه الفترة ؟ وهل الفضل له أن يضم إليه حليلة‬
‫تعف نفسه وتصن فرجه يتخذ خليلة ل تربطه با رابطة إل الرابطة الت تربط‬
‫اليوانات بعضها ببعص ؟ ! مع ملحظة أن السلم يرم الزنا أشد تري ‪. :‬‬

‫‪86‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 117‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ " / 118‬ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل " ‪ .‬ويقرر لقترفه‬
‫عقوبة رادعة ‪ " :‬الزانية والزان ‪ ،‬فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ‪ ،‬ول تأخذكم‬
‫بما رأفة ف دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ‪ ،‬وليشهد عذابما طائفة من‬
‫الؤمني ( ‪ - 6 . " ) 1‬وقد تكون الزوجة عقيما ل تلد ‪ ،‬أو مريضة مرضا ل يرجى‬
‫شفاؤها منه ‪ ،‬وهي مع ذلك راغبة ف استمرار الياة الزوجية ‪ ،‬والزوج راغب ف‬
‫إناب الولد ‪ ،‬وف الزوجة الت تدبر شؤون بيته ‪ .‬فهل من الي للزوج أن يرضى‬
‫بذا الواقع الليم ‪ ،‬فيصطحب هذه العقيم دون أو يولد له ‪ ،‬وهذه الريضة دون أن‬
‫يكون له من يدبر أمر منله ‪ ،‬فيحتمل هذا الغرم كله وحده ؟ ! ‪ .‬أم الي ف أن‬
‫يفارقها وهي راغبة ف العاشرة فيؤذيها بالفراق ؟ ! أم يوفق بي رغبتها ورغبته ‪،‬‬
‫فيتزوج بأخرى ويبقي عليها فتلتقي مصلحته ومصحلتها معا ؟ ! أعتقد أن الل الخي‬
‫هو أهدى اللول وأحقها بالقبول ‪ ،‬ول يسع صاحب ضمي حي وعاطفة نبيلة إل أن‬
‫يتقبله ويرضى به ‪ - 7 .‬وقد يوجد عند بعض الرجال ‪ -‬بكم طبيعتهم النفسية‬
‫والبدنية ‪ -‬رغبة جنسية جامة ‪ ،‬إذ ربا ل تشبعه امرأة واحدة ‪ ،‬ول سيما ف بعض‬
‫الناطق الارة ‪ .‬فبدل من أن يتخذ خليلة تفسد عليه أخلقه ‪ ،‬أبيح له أن يشبع غريزته‬
‫عن طريق حلل مشروع ‪ - 8 .‬هذه بعض السباب الاصة والعامة الت لحظها‬
‫السلم ‪ ،‬وهو يشرع ل ليل خاص من الناس ‪ ،‬ول لزمن معي مدود ‪ ،‬وإنا يشرع‬
‫للناس جيعا إل أن يرث ال الرض ومن عليها ‪ ،‬فمراعاة الزمان والكان لا اعتبارها ‪،‬‬
‫وتقدير ظروف الفراد لبد وأن يسب حسابا ‪ .‬والرص على مصال المة ‪ -‬بتكثي‬
‫سوادها ليكونوا عدتا ف الرب والسلم ‪ -‬من أهم الهداف الت يستهدفها الشرع ‪.‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ - 9 / 119‬ولقد كان لذا التشريع والخذ به ف العال السلمي فضل‬
‫كبي ف بقائه نقيا بعيدا عن الرذائل الجتماعية والنقائص اللقية الت فشت ف‬
‫الجتمعات الت ل تؤمن بالتعدد ول تعترف به ‪ .‬فقد لوحظ ف الجتمعات الت ترم‬
‫التعدد ‪ - 1 :‬شيوع الفسق ‪ ،‬وانتشار الفجور ‪ ،‬حت زاد عدد البغايا عن عدد‬

‫‪87‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التزوجات ف بعض الهات ‪ - 2 .‬وتبع ذلك كثرة الواليد من السفاح ‪ .‬إذ بلغت‬
‫نسبتها ف بعض الهات ‪ . \ . 50‬من مموع الواليد هناك ‪ .‬وف الوليات التحدة‬
‫يولد ف كل عام أكثر من مائت ألف ولدة غي شرعية ! ! ! نشرت جريدة الشعب ف‬
‫شهر أغسطس سنة ‪ 1959‬ما يلي ‪ " :‬الرقم الذهل للطفال غي الشرعيي الذي‬
‫ولدوا ف الوليات التحدة ‪ ،‬أثار من جديد الدل حول انطاط مستوى الخلق ف‬
‫أمريكا ‪ ،‬والمل الذي يقع على عاتق دافع الضرائب المريكي ‪ -‬نتيجة لتحمله‬
‫نفقات هذا اليش من الطفال ‪ -‬ول غرو فقد تعدى عدد هؤلء الواليد ال‍ " مائت‬
‫ألف " سنويا ‪ .‬ولواجهة هذه الشكلة تدرس الهات الرسية ف بعض الجتمعات‬
‫إمكانية تعقيم النساء اللت يدن عن التعاليم الدينية ‪ .‬ويتركز الدل ف أماكن‬
‫أخرى ‪ ،‬حول القترحات الت تطالب بتخفيض العانات للمهات اللت يضعن أكثر‬
‫من مولود واحد غي شرعي ‪ .‬وتقول وزارات الصحة ‪ ،‬والتعليم ‪ ،‬والشؤون‬
‫الجتماعية ‪ ،‬ف الوليات التحدة ‪ :‬ان دافعي الضرائب ف أمريكا سوف يتحملون هذا‬
‫العام مبلغ ‪ 210‬مليون دولرا لتغطية نفقات الطفال غي الشرعيي ‪ ،‬وذلك بواقع‬
‫‪ 27‬دولرا و ‪ 29‬سنتا شهريا لكل طفل ‪ .‬وتقول الحصاءات الرسية ان عدد هؤلء‬
‫الطفال ارتفع من " ‪ 87‬ألفا و ‪ " 900‬عام ‪ 1938‬ال " ‪ 201‬ألف و ‪ " 700‬عام‬
‫‪ / . 1957‬صفحة ‪ / 120‬كما تقدر وزارة الشؤون الجتماعية عدد هؤلء الطفال‬
‫ف عام ‪ 205 - 1958‬ألف طفل ‪ . . .‬ولكن الباء يعتقدون أن الرقم الصحيح‬
‫يتعدى هذا بكثي ‪ .‬وتدل الحصاءات الخية على أن معدل هذه الولدات غي‬
‫الشرعية ف كل ألف ‪ ،‬قد زاد ثلثة أضعاف ‪ -‬خلل اليلي الخيين ‪ -‬مع زيادة‬
‫تنذر بالطر بي الفتيات الراهقات ‪ .‬ويعلن علماء علم الجتماع حقيقة أخرى ‪ ،‬وهي‬
‫أن العلئلت القتدرة تفي عادة أن إحدى بناتا حلت بطريقة غي شرعية ‪ ،‬وترسل‬
‫الطفل بدوء ال أسرة أخرى تتبناه " ‪ .‬انتهى ‪ - 3 .‬وأثرت هذه التصالت البيثة‬
‫المراض البدنية والعقد النفسية والضطرابات العصبية ‪ - 4 .‬وتسربت عوامل‬
‫الضعف والنلل إل النفوس ‪ - 5 .‬وانلت عرى الصلت الوثيقة بي الزوج‬
‫وزوجته ‪ ،‬واضطربت الياة الزوجية وانفكت روابط السرة حت ل تعد شيئا ذا قيمة‬

‫‪88‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ - 6 .‬وضاع النسب الصحيح ‪ ،‬حت أن الزوج ل يستطيع الزم بأن الطفال الذين‬
‫يقوم على تربيتهم هم من صلبه ‪ .‬فهذه الفاسد وغيها كانت النتيجة الطبيعية لخالفة‬
‫الفطرة والنراف عن تعاليم ال ‪ ،‬وهي أقوى دليل وأبلغ حجة على أن وجهة السلم‬
‫هي أسلم وجهة ‪ ،‬وأن تشريعه هو أنسب تشريع لنسان يعيش على الرض ‪ ،‬وليس‬
‫للئكة يعيشون ف السماء ‪ .‬ولنختم هذه الكلمة بالسؤال والواب اللذين أوردها‬
‫الفونس اتيي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 120‬‬
‫دينيه حيث قال ‪ :‬هل ف زوال تعدد الزوجات فائدة أخلقية ؟ ث أجاب ‪ :‬إن هذا أمر‬
‫مشكوك فيه ‪ ،‬فالدعارة الت تندر ف أكثر القطار السلمية سوف تتفشى فيها ‪،‬‬
‫وتنشر آثارها الخربة ‪ .‬وكذلك سوف يظهر ف بلد السلم داء ل تعرفه من قبل ‪،‬‬
‫هو عزوبة النساء الت تنتشر بآثارها الفسدة ف البلد القصور فيها الزواج على واحدة‬
‫‪ / ،‬صفحة ‪ / 121‬وقد ظهر ذلك فيها بنسبة مفزعة ‪ .‬وخاصة عقب فترات الروب‬
‫( ‪ ) 1‬تقييد التعدد ‪ :‬ولقد كان سوء التطبيق ‪ ،‬وعدم رعاية تعاليم السلم حجة‬
‫ناهضة للذين يريدون أن يقيدوا تعدد الزوجات ‪ ،‬وأل يباح للرجل أن يتزوج بأخرى‬
‫إل بعد دراسة القاضي أو غيه ‪ -‬من الهات الت يناط با هذا المر ‪ -‬حالته ومعرفة‬
‫قدرته الالية ‪ ،‬والذن له بالزواج ‪ .‬ذلك أن الياة النلية تتطلب نفقات باهظة ‪ ،‬فإذا‬
‫كثر أفراد السرة بتعدد الزوجات ثقل حل الرجل ‪ ،‬وضعف عن القيام بالنفقة‬
‫عليهم ‪ ،‬وعجز عن تربيتهم التربية الت تعل منهم أفرادا صالي ‪ ،‬يستطعيون النهوض‬
‫بتكاليف الياة وتبعاتا ‪ ،‬وبذلك يفشو الهل ‪ ،‬ويكثر التعطلون ‪ ،‬ويتشرد عدد كبي‬
‫من أفراد المة ‪ ،‬فيشبون وهم يملون جراثيم الفساد الت تنخر ف عظامها ‪ .‬ث ان‬
‫الرجل ل يتزوج ف هذه اليام بأكثر من واحدة إل لقضاة الشهوة أو الطمع ف الال ‪،‬‬
‫فل يتحرى الكمة من التعدد ‪ ،‬ول يبتغي وجه الصلحة فيه ‪ ،‬وكثيا ما يعتدي على‬
‫حق الزوجة الت تزوج عليها ‪ ،‬ويضار أولده منها ‪ ،‬ويرمهم من الياث ‪ ،‬فتشتعل‬
‫نيان العداوة بي الخوة والخوات من الضرائر ‪ ،‬ث تنتشر هذه العداوة إل السر ‪،‬‬

‫‪89‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيشتد الصام ‪ ،‬وتسعى كل زوجة للنتقام من الخرى ‪ ،‬وتكب هذه الصغائر حت‬
‫تصل ال حد القتل ف بعض الحايي ‪ .‬هذه بعض آثار التعدد ‪ ،‬والت اتذ منها دليل‬
‫التقييد ‪ .‬ونبادر فنقول ‪ :‬إن العلج ل يكون بنع ما أباحه ال ‪ ،‬وإنا يكون ذلك‬
‫بالتعليم والتربية وتفقيه الناس ف أحكام الدين ‪ .‬أل ترى أن ال أباح للنسان أن يأكل‬
‫ويشرب دون أن يتجاوز الد ‪ ،‬فإذا أسرف ف الطعام والشراب فأصابته المراض‬
‫وانتابته العلل ‪ ،‬فليس ذلك راجعا ال الطعام والشراب بقدر ما هو راجع ال النهم‬
‫والسراف ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬من كتاب " ممد رسول ال " ‪ :‬ترجة الستاذ الدكتور‬
‫عبد الليم ممود ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 122‬وعلج مثل هذه الالة ل يكون بنعه من‬
‫الكل والشرب ‪ ،‬وإنا يكون بتعليمه الدب الذي ينبغي مراعاته اتقاء لا يدث من‬
‫ضرر ‪ .‬ث إن الذين ذهبوا إل حظر التعدد إل بإذن من القاضي مستدلي بالواقع من‬
‫أحوال الذين تزوجوا بأكثر من واحدة ‪ ،‬جهلوا أو تاهلوا الفاسد الت تنجم من الظر‬
‫‪ ،‬فان الضرر الاصل من إباحة التعدد أخف من ضرر حظره ‪ ،‬والواجب أن يتقى‬
‫أشدها باباحة أخفهما ‪ -‬تبعا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين ‪ -‬وترك المر للقاضي‬
‫ما ل يكن ضبطه ‪ ،‬فليست هناك مقاييس صحيحة يكن أن يعرف با ظروف الناس ‪.‬‬
‫وأحوالم ‪ ،‬وقد يكون ضره أقرب من نفعه ‪ .‬ولقد كان السلمون ‪ ،‬من العهد الول‬
‫إل يومنا هذا ‪ ،‬يتزوجون بأكثر من واحدة ‪ ،‬ول يبلغنا أن أحدا حاول حظر التعدد ‪،‬‬
‫أو تقييده على النحو القترح ‪ ،‬فليسعنا ما وسعهم ‪ ،‬وما ينبغي لنا أن نضيق رحة ال‬
‫الواسعة ‪ ،‬وننتقص من التشريع الذي جع من الزايا والفضائل ما شهد به العداء ‪،‬‬
‫فضل عن الصدقاء ‪ .‬تاريخ تعدد الزوجات ( ‪ : ) 1‬القيقة أن هذا النظام كان سائدا‬
‫قبل ظهور السلم ف شعوب كثية ‪ .‬منها ‪ " :‬العبيون " و " العرب " ف الاهلية ‪،‬‬
‫وشعوب " الصقالبة " أو " السلفيون " ‪ .‬وهي الت ينتمي إليها معظم أهل البلد الت‬
‫نسميها الن ‪ " :‬روسيا ‪ ،‬وليتوانيا ‪ ،‬وليثونيا ‪ ،‬واستونيا ‪ ،‬وبولونيا ‪ ،‬وتشيكو‬
‫سلوفاكيا ويوغوسلفيا " ‪ .‬وعند بعض الشعوب الرمانية والسكسونية الت ينتمي‬
‫إليها معظم أهل البلد الت تسميها الن " ألانيا ‪ ،‬والنمسا ‪ ،‬وسويسرا ‪ ،‬وبلجيكا ‪،‬‬
‫وهولندا ‪ ،‬والدانيمارك ‪ ،‬والسويد ‪ ،‬والنرويج ‪ ،‬وانلترا " ‪ .‬فليس بصحيح إذن ما‬

‫‪90‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يدعونه من أن السلم هو الذي قد أتى بذا النظام ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬من كتاب‬
‫حقوق النسان ف السلم ‪ :‬للستاذ الدكتور علي عبد الواحد واف ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 123‬والقيقة كذلك أن نظام تعدد الزوجات ل يزال إل الوقت الاضر منتشرا ف‬
‫عدة شعوب ل تدين بالسلم كأفريقيا ‪ ،‬والند ‪ ،‬والصي ‪ ،‬واليابان ‪ .‬فليس بصحيح‬
‫إذن ما يزعمونه من أن هذا النظام مقصور على المم الت تدين بالسلم ‪ .‬والقيقة‬
‫كذلك أنه ل علقة للدين السيحي ف أصله بتحري التعدد ‪ .‬وذلك أنه ل يرد ف‬
‫النيل نص صريح يدل على هذا التحري ‪ .‬وإذا كان السابقون الولون إل السيحية‬
‫من أهل أوربا قد ساروا على نظام وحدة الزوجة فما ذاك إل لن معظم المم الوربية‬
‫الوثنية الت انتشرت فيها السيحية ف أول المر ‪ -‬وهي شعوب اليونان ‪ ،‬والرومان ‪-‬‬
‫كانت تقاليدها ترم تعدد الزوجات العقود عليهن ‪ ،‬وقد سار أهلها ‪ ،‬بعد اعتناقهم‬
‫السيحية ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 123‬‬
‫‪ ،‬على ما وجدوا عليه آباءهم من قبل ‪ .‬إذن فلم يكن نظام وحدة الزوجة لديهم نظاما‬
‫طارئا جاء به الدين الديد الذي دخلوا فيه ‪ ،‬وإنا كان نظاما قديا جرى عليه العمل‬
‫ف وثنيتهم الول ‪ ،‬وكل ما هنالك أن النظم الكنسية الستحدثة بعد ذلك قد استقرت‬
‫على تري تعدد الزوجات واعتبت هذا التحري من تعاليم الدين ‪ ،‬على الرغم من أن‬
‫أسفار النيل نفسها ل يرد فيها شئ يدل على هذا التحري ‪ .‬والقيقة كذلك ‪ ،‬أن‬
‫نظام تعدد الزوجات ل يبد ف صورة واضحة إل ف الشعوب التقدمة ف الضارة ‪،‬‬
‫على حي أنه قليل النتشار أو منعدم ف الشعوب البدائية التأخرة كما قرر ذلك علماء‬
‫الجتماع ومؤرخو الضارات ‪ ،‬وعلى رأسهم " وستر مارك ‪ ،‬وهو بوس ‪ ،‬وهيلي ‪،‬‬
‫وجنربرج " ‪ .‬فقد لو حظ أن نظام وحدة الزوجية كان النظام السائد ف أكثر الشعوب‬
‫تأخرا وبدائية ‪ ،‬وهي الشعوب الت تعيش على الصيد ‪ ،‬أو جع الثمار الت تود با‬
‫الطبيعة عفوا ‪ ،‬وف الشعوب الت تتزحزح تزحزحا كبيا عن بدائيتها ‪ ،‬وهي الشعوب‬
‫الديثة العهد بالزراعة ‪ .‬على حي أن نظام تعدد الزوجات ل يبد ف صورة واضحة إل‬

‫‪91‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ف الشعوب الت قطعت مرحلة كبية ف الضارة ‪ ،‬وهي الشعوب الت تاوزت مرحلة‬
‫الصيد البدائي إل مرحلة استئناس النعام وتربيتها ورعيها واستغللا ‪ ،‬والشعوب الت‬
‫تاوزت جع الثمار والزراعة البدائية إل مرحلة الزراعة ‪ / .‬صفحة ‪ / 124‬ويرى كثي‬
‫من علماء الجتماع ومؤرخي الضارات أن نظام تعدد الزوجات سيتسع نطاقه‬
‫حتما ‪ ،‬ويكثر عدد الشعوب الخذة به كلما تقدمت الدنية واتسع نطاق الضارة ‪.‬‬
‫فليس بصحيح إذن ما يزعمونه من أن نظام تعدد الزوجات مرتبط بتأخر الضارة ‪ ،‬بل‬
‫عكس ذلك تاما هو التفق مع الواقع ‪ .‬هذا هو الوضع الصحيح لنظام التعدد من‬
‫الناحية التاريية ‪ ،‬وهذا هو موقف السيحية منه ‪ ،‬وهذه هي القيقة فيما يتعلق بدى‬
‫انتشاره وارتباطه بتقدم الضارة ‪ .‬ول نذكر ذلك لتبير هذا النظام ‪ ،‬وإنا ذكرناه‬
‫لجرد وضع المور ف نصابا ‪ ،‬ولبيان ما تنطوي عليه حلة الفرنة من تزييف للحقيقة‬
‫والتاريخ ‪ / .‬صفحة ‪ / 125‬الولية على الزواج معن الولية ‪ :‬الولية حق شرعي ‪،‬‬
‫ينفذ بقتضاه المر على الغي جبا عنه ‪ .‬وهي ولية عامة ‪ ،‬وولية خاصة ‪ .‬والولية‬
‫الاصة ولية على النفس ‪ ،‬وولية على الال ‪ .‬والولية على النفس هي القصودة هنا‬
‫‪ .‬أي ولية على النفس ف الزواج ‪ .‬شروط الول ‪ :‬ويشترط ف الول ‪ :‬الرية ‪،‬‬
‫والعقل ‪ ،‬والبلوغ ‪ ،‬سواء كان الول عليه مسلما أو غي مسلم ‪ ،‬فلولية لعبد ‪ ،‬ول‬
‫منون ‪ ،‬ول صب ‪ ،‬لنه ل ولية لواحد من هؤلء على نفسه ‪ ،‬فأول أل تكون له‬
‫ولية على غيه ‪ .‬ويزاد على هذه الشروط شرط رابع ‪ ،‬وهو السلم ‪ ،‬إذا كان الول‬
‫عليه مسلما ‪ .‬فإنه ل يوز أن يكون لغي السلم ولية على السلم لقول ال تعال ‪" :‬‬
‫ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل ( ‪ . " ) 1‬عدم اشتراط العدالة ‪ :‬ول‬
‫تشترط العدالة ف الول ‪ ،‬إذ الفسق ل يسلب أهلية التزويج إل إذا خرج به الفسق إل‬
‫حد التهتك ‪ ،‬فإن الول ف هذه الالة ل يؤتن على ما تت يده ‪ ،‬فيسلب حقه ف‬
‫الولية ‪ .‬اعتبار ولية الرأة على نفسها ف الزواج ‪ :‬ذهب كثي من العلماء إل أن‬
‫الرأة لتزوج نفسها ول غيها ‪ ،‬وإل أن الزواج ل ينعقد بعبارتا ‪ ،‬إذ أن الولية شرط‬
‫ف صحة العقد ‪ ،‬وأن العاقد هو الول ‪ ،‬واحتجوا لذا ‪ - 1 :‬يقول ال تعال ‪" :‬‬
‫وأنكحوا اليامى منكم والصالي ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪/ ) . ( . 141‬‬

‫‪92‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صفحة ‪ / 126‬من عبادكم وإمائكم " ( ‪ - 2 . ) 1‬وبقوله سبحانه ‪ " :‬ول تنكحوا‬
‫الشركي حت يؤمنوا ( ‪ " ) 2‬ووجه الحتجاج باليتي ‪ :‬أن ال تعال خاطب بالنكاح‬
‫الرجال ‪ ،‬ول ياطب به النساء ‪ ،‬فكأنه قال ‪ " :‬ل تنكحوا أيها الولياء مولياتكم‬
‫للمشركي ‪ - 3 .‬وعن أب موسى أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل‬
‫نكاح إل بول " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وابن حبان ‪ ،‬والاكم‬
‫وصححاه ‪ .‬والنفي ف الديث يتجه إل الصحة الت هي أقرب الجازين إل الذات ‪.‬‬
‫فيكون الزواج بغي ول باطل ‪ ،‬كما سيأت ف حديث عائشة رضي ال عنها ‪- 4 .‬‬
‫وروى البخاري عن السن قال ‪ " :‬فل تعضلوهن " قال ‪ " :‬حدثن معقل بن يسار أنا‬
‫نزلت فيه ‪ :‬زوجت أختا ل من رجل فطلقها حت إذا انقضت عدتا جاء يطبها ‪،‬‬
‫فقلت له ‪ :‬زوجتك ‪ ،‬وفرشتك ‪ ،‬وأكرمتك ‪ ،‬فطلقتها ‪ ،‬ث جئت تطبها ! ! ‪ .‬ل وال‬
‫ل تعود إليها أبدا ‪ ،‬وكان رجل ل بأس به ‪ ،‬وكانت الرأة تريد أن ترجع إليه ‪ ،‬فأنزل‬
‫ال هذه الية " فل تعضلوهن " فقلت ‪ :‬الن أفعل يا رسول ال ‪ .‬قال ‪ :‬فزوجتها إياه‬
‫" ‪ .‬قال الافظ ف الفتح ‪ :‬ومن أقوى الجج هذا السبب الذكور ف نزول هذه الية‬
‫الذكورة ‪ ،‬وهي أصرح دليل على اعتبار الول ‪ ،‬وإل لا كان لعضله معن ‪ ،‬ولنا لو‬
‫كان لا أن تزوج نفسها ل تتج إل أخيها ‪ ،‬ومن كان أمره‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 126‬‬
‫إليه ل يقال إن غيه منعه منه ‪ - 5 .‬وعن عائشة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ " :‬أيا امرأة نكحت بغي إذن وليها فنكاحها باطل ‪ ،‬فنكاحها باطل ‪ ،‬فنكاحها‬
‫باطل ‪ ،‬فإن دخل با فلها الهر با استحل من فرجها ‪ ،‬فإن اشتجروا ( ‪ ) 3‬فالسلطان‬
‫ول من ل ول له " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫حديث حسن ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النور آية ‪ ) 2 ( 32‬سورة البقر آية ‪( . 222‬‬
‫‪ ) 3‬أي امتنعوا عن التزويج ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 127‬قال القرطب ‪ :‬وهذا الديث‬
‫صحيح ‪ .‬ول اعتبار بقول ابن علية عن ابن جريج أنه قال ‪ :‬سألت عنه الزهري ‪ ،‬فلم‬
‫يعرفه ‪ ،‬ول يقل هذا أحد عن ابن جريج غي ابن علية ‪ ،‬وقد رواه جاعة عن الزهري‬

‫‪93‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ول يذكروا ذلك ‪ ،‬ولو ثبت هذا عن الزهري ل يكن ف ذلك حجة ‪ .‬لنه قد نقله عنه‬
‫ثقات ‪ ،‬منهم سليمان بن موسى ‪ ،‬وهو ثقة إمام ‪ ،‬وجعفر بن ربيعة ‪ ،‬فلو نسيه الزهري‬
‫ل يضره ذلك لن النسيان ل يعصم منه ابن آدم ‪ .‬قال الاكم ‪ :‬وقد صحت الرواية‬
‫فيه عن أزواج النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬عائشة وأم سلمة ‪ ،‬وزينب ‪ ،‬ث سرد تام‬
‫ثلثي حديثا ‪ .‬وقال ابن النذر ‪ :‬إنه ل يعرف عن أحد من أصحابه خلف ذلك ‪6 .‬‬
‫‪ -‬قالوا ‪ :‬ولن الزواج له مقاصد متعددة ‪ ،‬والرأة كثيا ما تضع لكم العاطفة ‪ ،‬فل‬
‫تسن الختيار ‪ ،‬فيفوتا حصول هذه القاصد ‪ ،‬فمنعت من مباشرة العقد وجعل إل‬
‫وليها ‪ ،‬لتحصل على مقاصد الزواج على الوجه الكمل ‪ .‬قال الترمذي ‪ :‬والعمل‬
‫على حديث النب صلى ال عليه وسلم ف هذا الباب ( لنكاح إل بول ) عند أهل‬
‫العلم من أصحاب النب ‪ :‬منهم عمر بن الطاب وعلي بن أب طالب ‪ ،‬وعبد ال بن‬
‫عباس ‪ ،‬وأبو هريرة ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وابن مسعود وعائشة ‪ .‬ومن ذهب إل هذا من‬
‫فقهاء التابعي ‪ :‬سعيد بن السيب والسن البصري ‪ ،‬وشريح ‪ ،‬وإبراهيم النخعي ‪،‬‬
‫وعمر بن عبد العزيز ‪ ،‬وغيهم ‪ .‬وبذا يقول سفيان الثوري ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬وعبد ال‬
‫بن البارك ‪ ،‬والشافعي وابن شبمه ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬وابن حزم ‪ ،‬وابن أب ليلى ‪،‬‬
‫والطبي ‪ ،‬وأبو ثور ‪ .‬وقال الطبي ‪ :‬ف حديث حفصة ‪ -‬حي تأيت ‪ ،‬وعقد عليها‬
‫عمر النكاح ‪ ،‬ول تعقده هي ‪ -‬إبطال قول من قال ‪ :‬إن من قال ‪ :‬إن للمرأة البالغة‬
‫الالكة لنفسها تزويج نفسها وعقد النكاح دون وليها ‪ ،‬ولو كان ذلك لا ل يكن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ليدع خطبة حفصة لنفسها ‪ ،‬إذ كانت أول بنفسها من‬
‫أبيها وخطبها إل من ل يلك أمرها ول العقد عليها ‪ / .‬صفحة ‪ / 128‬ويرى أبو‬
‫حنيفة وأبو يوسف ‪ :‬أن الرأة العاقلة البالغة لا الق ف مباشرة العقد لنفسها ‪ .‬بكرا‬
‫كانت أو ثيبا ‪ .‬ويستحب لا أن تكل عقد زواجها لوليها ‪ .‬صونا لا عن التبذل إذا هي‬
‫تولت العقد بحضر من الرجال الجانب عنها ‪ .‬وليس لوليها العاصب ( ‪ ) 1‬حق‬
‫العتراض عليها ‪ ،‬إل إذا زوجت نفسها من غي الكف ء أو كان مهرها أقل من مهر‬
‫الثل ‪ .‬فإن زوجت نفسها بغي كف ء ‪ ،‬وبغي رضا وليها العاصب ‪ ،‬فالروي عن أب‬
‫حنيفة وأب يوسف ‪ ،‬والفت به ف الذهب عدم صحة زواجها ‪ ،‬إذ ليس كل ول يسن‬

‫‪94‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرافعة ‪ ،‬ولكل قاض يعدل ‪ ،‬فأفتوا بعدم صحة الزواج سدا لباب الصومة ‪ .‬وف‬
‫رواية أن للول حق العتراض بأن يطلب من الاكم التفريق ‪ ،‬دفعا لضرر العار ما ل‬
‫تلد من زوجها ‪ ،‬أو تبل حبل ظاهرا ‪ ،‬فإنه حينئذ يسقط حقه ف طلب التفريق لئل‬
‫يضيع الولد ‪ ،‬ومافظة على المل من الضياع ‪ .‬وإن كان الزوج كفئا ‪ ،‬وكان الهر‬
‫أقل من مهر الثل فإن من حق الول أن يطالب بهر مثلها ‪ ،‬فإن قبل الزوج لزم العقد ‪،‬‬
‫وإن رفض رفع المر للقاضي ليفسخه ‪ .‬وإن ل يكن لا ول عاصب ‪ .‬بأن كانت لول‬
‫لا أصل ‪ ،‬أولا ول غي عاصب ‪ ،‬فلحق لحد ف العتراض على عقدها ‪ .‬سواء‬
‫زوجت نفسها من كف ء أوغي كف ء ‪ ،‬بهر الثل ‪ ،‬أو أقل ‪ ،‬لن المر ف هذه الالة‬
‫يرجع إليها وحدها ‪ ،‬وأنا تصرفت ف خالص حقها ‪ ،‬وليس لا ول يناله العار لزواجها‬
‫من غي كف ء ‪ ،‬ومهر مثلها قد سقط بتنازلا عنه ‪ .‬واستدل جهور الحناف با يأت ‪:‬‬
‫‪ - 1‬قول ال تعال ‪ " :‬فإن طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه ( ‪. " ) 2‬‬
‫‪ - 2‬وقوله سبحانه ‪ " :‬وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فل تعضلوهن أن ينكحن‬
‫أزواجهن ( ‪ ( . " ) 3‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العاصب ‪ :‬الوارث ‪ ) 2 ( .‬سورة البقرة الية‬
‫‪ ) 3 ( . 230‬سورة البقرة الية ‪ / ) . ( . 232‬صفحة ‪ / 129‬ففي هاتي اليتي‬
‫إسناد الزواج إل الرأة ‪ .‬والصل ف السناد أن يكون إل الفاعل القيقي ‪ - 3 .‬ث‬
‫إنا تستقل بعقد البيع وغيه من العقود ‪ ،‬فمن حقها أن تستقل بعقد زواجها ‪ ،‬إذ ل‬
‫فرق بي عقد وعقد ‪ .‬وعقد الزواج وإن كان لوليائها حق فيه فهو ل يلغ ‪ ،‬إذ اعتب‬
‫ف حالة ما إذا أساءت التصرف ‪ ،‬وتزوجت من غي كف ء ‪ ،‬إذ أن سوء تصرفها‬
‫يلحق عاره أولياءها ‪ .‬قالوا ‪ :‬وأحاديث اشتراط الولية ف الزواج تمل على ناقصة‬
‫الهلية ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 129‬‬
‫كأن تكون صغية ‪ ،‬أو منونة ‪ .‬وتصيص العام ‪ ،‬وقصره على بعض أفراده بالقياس‬
‫جائز عند كثي من أهل الصول ‪ .‬وجوب استئذان الرأة قبل الزواج ‪ :‬ومهما يكن من‬
‫خلف ف ولية الرأة ‪ ،‬فإنه يب على الول أن يبدأ بأخذ رأي الرأة ‪ .‬ويعرف رضاها‬

‫‪95‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قبل العقد ‪ ،‬إذ أن الزواج معاشرة دائمة ‪ ،‬وشركة قائمة بي الرجل والرأة ‪ ،‬ول يدوم‬
‫الوثام ويبقى الود والنسجام ما ل يعلم رضاها ‪ ،‬ومن ث منع الشرع إكراه الرأة ‪-‬‬
‫بكرا كانت أو ثيبا ‪ -‬على الزواج ‪ ،‬وإجبارها على من لرغبة لا فيه ‪ ،‬وجعل العقد‬
‫عليه قبل استئذانا غي صحيح ‪ ،‬ولا حق الطالبة بالفسخ إبطال لتصرفات الول‬
‫الستبد إذا عقد عليها ‪ - 1 :‬فعن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫" الثيب أحق بنفسها ( ‪ ) 1‬من وليها ‪ .‬والبكر تستأذن ف نفسها وإذنا صماتا ( ‪) 2‬‬
‫" رواه الماعة إل البخاري ‪ .‬وف رواية لحد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأب داود ‪ ،‬والنسائي‬
‫( والبكر يستأمرها أبوها ) ‪ .‬أي يطلب أمرها قبل العقد عليها ‪ - 2 .‬وعن أب هريرة‬
‫رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي أنا أحق‬
‫بنفسها ف أن الول ل يعقد عليها إل برضاها ل أنا أحق بنفسها أن تعقد على نفسها‬
‫دون وليها ‪ ) 2 ( .‬أي أن سكوتا إذن ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 130‬قال ‪ " :‬ل تنكح الي‬
‫( ‪ ) 1‬حت تستأمر ‪ ،‬ول البكر حت تستأذن ‪ .‬قالوا ‪ :‬يا رسول ال ‪ :‬كيف إذنا ؟ قال‬
‫‪ :‬أن تسكت " ‪ - 3 .‬وعن خنساء بنت خدام " أن أباها زوجها وهي ثيب ‪ ،‬فأتت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فرد نكاحها " ‪ .‬أخرجه الماعة إل مسلما ‪- 4 .‬‬
‫وعن ابن عباس ‪ " :‬أن جارية بكرا ‪ ،‬أتت رسول ال صلى ال عليه وسلم فذكرت له‬
‫أن أباها زوجها وهي كارهة ‪ ،‬فخيها النب " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪،‬‬
‫والدارقطن ‪ - 5 .‬وعن عبد ال بن بريدة عن أبيه قال ‪ " :‬جاءت فتاة ال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقالت ‪ :‬إن أب زوجن ابن أخيه ليفع ب خسيسته ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫فجعل المر إليها ‪ ،‬فقالت ‪ :‬قد أجزت ما صنع أب ‪ ،‬ولكن أردت أن أعلم النساء أن‬
‫ليس إل الباء من المر شئ " ‪ .‬رواه ابن ماجه ‪ .‬ورجاله رجال الصحيح ‪ .‬زواج‬
‫الصغية ‪ :‬هذا بالنسبة للبالغة ‪ ،‬أما الصغية ‪ ،‬فإنه يوز للب والد تزويها دون إذنا‬
‫‪ ،‬إذ ل رأي لا ‪ ،‬والب والد يرعيان حقها ويافظان عليها ‪ .‬وقد زوج أبو بكر‬
‫رضي ال عنه ابنته عائشة أم الؤمني من رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي صغية‬
‫دون إذنا ‪ ،‬إذ ل تكن ف سن يعتب فيها إذنا ‪ .‬وليس لا اليار إذا بلغت ‪ .‬واستحب‬
‫الشافعية أل يزوجها الب أو الد حت تبلغ ويستأذنا ‪ ،‬لئل يوقعها ف أسر الزواج‬

‫‪96‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهي كارهة ‪ .‬وذهب المهور إل أنه ل يوز لغي الب والد من الولياء أن يزوج‬
‫الصغية ‪ ،‬فإن زوجها ل يصح ‪ .‬وقال أبو حنيفة والوزاعي وجاعة من السلف ‪ :‬يوز‬
‫لميع الولياء ويصح ‪ ،‬ولا اليار إذا بلغت وهو الصح ‪ ،‬لا روي أن النب صلى ال‬
‫عليه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الي من ل زوج لا ولبد من تصريها بالرضا با يدل عليه‬
‫من نطق أو غيه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 131‬وسلم زوج أمامة بنت حزة ‪ -‬وهي صغية‬
‫‪ ، -‬وجعل لا اليار إذا بلغت ‪ .‬وإنا زوجها النب صلى ال عليه لقربه منها ‪ ،‬ووليته‬
‫عليها ‪ ،‬ول يزوجها بصفته نبيا ‪ ،‬إذ لو زوجها بصفته نبيا ل يكن لا حق اليار إذا‬
‫بلغت ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن‬
‫يكون لم الية من أمرهم ( ‪ " ) 1‬وهذا الذهب قال به من الصحابة عمر ‪ ،‬وعلي ‪،‬‬
‫وعبد ال بن مسعود ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وأبو هريرة ‪ ،‬رضي ال عنهم أجعي ‪ .‬ولية‬
‫الجبار ‪ :‬تثبت ولية الجبار على الشخص الفاقد الهلية مثل الجنون ‪ ،‬والصب غي‬
‫الميز ‪ ،‬كما تثبت هذه الولية على الشخص الناقص الهلية مثل الصب ‪ ،‬والعتوه‬
‫الميزين ‪ .‬ومعن ثبوت ولية الجبار ‪ ،‬أن للول حق عقد الزواج لن له الولية عليه‬
‫من هؤلء دون الرجوع إليهم لخذ رأيهم ‪ .‬ويكون عقده نافذا على الول عليه دون‬
‫توقف على رضاه ‪ .‬وقد جعل الشارع هذه الولية إجبارية للنظر ف مصال الول‬
‫عليه ‪ ،‬إذ أن فاقد الهلية ‪ ،‬أو ناقصها عاجز عن النظر ف مصال نفسه ‪ .‬وليس له من‬
‫القدرة العقلية ما يستطيع با أن يدرك مصلحته ف العقود الت يعقدها ‪ ،‬والتصرفات‬
‫الت تصدر عنه بسبب الصغر أو النون أوالعته ‪ ،‬ومن ث فإن تصرفات فاقد الهلية أو‬
‫ناقصها ترجع إل وليه ‪ .‬إل أن فاقد الهلية إذا عقد عقد الزواج ‪ ،‬فإن عقده يقع‬
‫باطل ‪ ،‬إذ ل تعتب عباراته ف إنشاء العقود والتصرفات ‪ ،‬لعدم التمييز الذي هو أصل‬
‫الهلية ‪ .‬أما ناقص الهلية إذا عقد عقد الزواج فإن عقده يقع صحيحا ‪ ،‬مت توفرت‬
‫الشروط اللزمة ‪ .‬إل أنه يتوقف على إجازة الول ‪ ،‬فإن شاء أجازه ‪ ،‬وإن شاء رده ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الحزاب آية ‪ / ) . ( . 36‬صفحة ‪/ 132‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 132‬‬

‫‪97‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقال الحناف ‪ :‬إن ولية الجبار هذه تثبت للعصبات النسبية على الصغار ‪،‬‬
‫والجاني ‪ ،‬والعتوهي ‪ .‬أما غي الحناف ‪ ،‬فقد فرقوا بي الصغار وبي الجاني والعاتة‬
‫‪ ،‬فاتفقوا على أن الولية على الجاني والعاتة تثبت للب ‪ ،‬والد ‪ ،‬والوصي ‪،‬‬
‫والاكم ‪ .‬واختلفوا فيمن تثبت له هذه الولية على الصغية والصغي فقال المام‬
‫مالك وأحد ‪ :‬تثبت للب ‪ ،‬ووصيه فقط ‪ ،‬ول تثبت لغيها ‪ .‬وذهب الشافعي إل أنا‬
‫تثبت للب والد ‪ .‬من هم الولياء ؟ ذهب جهور العلماء ‪ ،‬منهم مالك والثوري ‪،‬‬
‫والليث والشافعي إل أن الولياء ف الزواج هم العصبة ‪ ،‬وليس للخال ول للخوة لم‬
‫‪ ،‬ول لولد الم ‪ ،‬ول لي من ذوي الرحام ولية ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬ل ينعقد نكاح‬
‫امرأة إل بعبارة الول القريب ‪ ،‬فإن ل يكن فبعبارة الول البعيد ‪ ،‬فإن ل يكن فبعبارة‬
‫السلطان ( ‪ . ) 1‬فإن زوجت نفسها بإذن الول ‪ ،‬أو بغي إذنه بطل الزواج ‪ ،‬ول‬
‫يتوقف ‪ .‬وعند أب حنيفة أن لغي العصبة من القارب ولية التزويج ‪ .‬ولصاحب‬
‫الروضة الندية تقيق ف هذا الوضوع ‪ .‬قال ‪ :‬الذي ينبغي التعويل عليه عندي هو أن‬
‫يقال ‪ " :‬إن الولياء هم قرابة الرأة ‪ :‬الدن فالدن ‪ ،‬الذين تلحقهم الغضاضة إذا‬
‫تزوجت بغي كف ء ‪ ،‬وكان الزوج لا غيهم " ‪ .‬وهذا العن ل يتص بالعصبات ‪،‬‬
‫بلى قد يوجد ف ذوي السهام ‪ ،‬كالخ لم ‪ ،‬وذوي الرحام كإبن البنت ‪ .‬وربا‬
‫كانت الغضاضة معهما أشد منها مع بن العمام ونوهم ‪ ،‬فل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي‬
‫أن الترتيب عنده يب أن يكون هكذا ‪ :‬الب ‪ ،‬ث الد أبو الب ‪ ،‬ث الخ للب‬
‫والم ‪ ،‬ث الخ للب ‪ ،‬ث ابن الخ للب والم ث ابن الخ ‪ ،‬ث العم ‪ ،‬ث ابنه ‪ .‬على‬
‫هذا الترتيب ‪ ،‬ث الاكم ‪ .‬أي أنه ل يزوج أحد وهناك من هو أقرب منه ‪ ،‬لنه حق‬
‫مستحق بالتعصب ‪ ،‬فأشبه الرث ‪ ،‬فلو زوج احد منهم على خلف هذا الترتيب‬
‫الذكور ل يصح الزواج ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 133‬وجه لتخصيص ولية النكاح‬
‫بالعصابات ‪ ،‬كما أنه لوجه لتخصيصها بن يرث ‪ .‬ومن زعم ذلك فعليه الدليل أو‬
‫النقل ‪ ،‬بأن معن الول ف النكاح شرعا أو لغة هو هذا ‪ .‬قال ‪ :‬ول ريب أن بعض‬
‫القرابة أول من بعض ‪ .‬وهذه الولوية ليست باعتبار استحقاق نصيب من الال ‪،‬‬
‫واستحقاق التصرف فيه حت يكون كالياث ‪ ،‬أو كولية الصغي ‪ ،‬بل باعتبار أمر‬

‫‪98‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫آخر ‪ ،‬وهو ما يده القريب من الغضاضة الت هي العار اللصق به ‪ .‬وهذا ل يتص‬
‫بالعصبات ‪ ،‬بل يوجد ف غيهم ‪ ،‬ولشك أن بعض القرابة أدخل ف هذا المر من‬
‫بعض ‪ .‬فالباء والبناء أول من غيهم ‪ ،‬ث الخوة لبوين ‪ ،‬ث الخوة لب ‪ ،‬أو لم ‪،‬‬
‫ث أولد البني ‪ ،‬وأولد البنات ‪ ،‬ث أولد الخوة ‪ ،‬وأولد الخوات ‪ ،‬ث العمام ‪،‬‬
‫والخوال ‪ ،‬ث هكذا من بعد هؤلء ‪ .‬ومن زعم الختصاص بالبعض دون البعض‬
‫فليأت بجة ‪ .‬وإن ل يكن بيده إل مرد أقوال من تقدمه فلسنا من يعول على ذلك (‬
‫‪ ) 1‬جواز تزويج الرجل نفسه من موليته ‪ :‬يوز للرجل أن يزوج نفسه من الرأة الت‬
‫يلي أمرها دون الحتياج ال ول آخر ‪ ،‬إذا رضيت به زوجا لا ‪ .‬فعن سعيد بن خالد‬
‫عن أم حكيم بنت قارظ ‪ ،‬قالت لعبد الرحن بن عوف ‪ :‬إنه خطبن غي واحد ‪،‬‬
‫فزوجن أيهم رأيت ‪ .‬قال ‪ :‬وتعلي ذلك إل ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬قد تزوجتك ‪.‬‬
‫وقال مالك ‪ :‬لو قالت الثيب لوليها ‪ :‬زوجن بن رأيت ‪ ،‬فزوجها من نفسه ‪ ،‬أو من‬
‫اختار لا ‪ ،‬لزمها ذلك ‪ ،‬ولو ل تعليم عي الزوج ‪ .‬وهذا مذهب الحناف ‪ ،‬والليث ‪،‬‬
‫والثوري ‪ ،‬والوزاعي ‪ .‬وقال الشافعي ‪ ،‬وداود ‪ :‬يزوجها السلطان ‪ ،‬أو ول آخر مثله‬
‫‪ ،‬أو أقعد منه ‪ ،‬لن الولية شرط ف العقد ‪ ،‬فل يكون الناكح منكحا كما ل يبيع من‬
‫نفسه ‪ .‬وناقش ابن حزم رأي الشافعي ‪ ،‬وداود ‪ ،‬فقال ‪ :‬وأما قولم ‪ :‬إنه ل ( هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬ص ‪ 14‬الروضة ج ‪ / ) . ( . 2‬صفحة ‪ / 134‬يوز أن يكون الناكح هو‬
‫النكح ‪ ،‬ففي هذا نازعناهم ‪ ،‬بل جائز أن يكون الناكح هو النكح ‪ ،‬فدعوى كدعوى‬
‫‪ .‬وأما قولم ‪ :‬كما ل يوز أن يبيع من نفسه ‪ ،‬فهي جلة ل تصح كما ذكروا ‪ ،‬بل‬
‫جائز إن وكل ببيع شئ أن يبتاعه لنفسه إن ل يابا بشئ ‪ ،‬ث ساق البهان على صحة‬
‫ما رجحه من أن البخاري روى عن أنس ‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أعتق‬
‫صفية ‪ ،‬وتزوجها وجعل عتقها صداقها ‪ ،‬وأول عليه بيس " ‪ .‬قال ‪ :‬فهذا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم زوج مولته من نفسه وهو الجة على من سواه ‪ ،‬ث قال ‪ :‬قال‬
‫ال تعال ‪ " :‬وأنكحوا اليامى منكم والصالي من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء‬
‫يغنهم ال من فضله ‪ ،‬وال واسع عليم ( ‪ " ) 1‬فمن أنكح أية من نفسه برضاها فقد‬
‫فعل ما أمره ال تعال به ‪ ،‬ول ينع ال عزوجل من أن يكون النكح لية هو الناكح‬

‫‪99‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لا ‪ ،‬فصح أنه الواجب ‪ .‬غيبة الول ‪ :‬إذا كان الول القرب الستوف شروط الولية‬
‫موجودا فل ولية للبعيد معه ‪ ،‬فإذا كان الب ‪ -‬مثل ‪ -‬حاضرا ل يكون للخ ولية‬
‫التزويج ‪ ،‬ول‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 134‬‬
‫للعم ‪ ،‬ول لغيها ‪ .‬فإن باشر واحد منهما زواج الصغية ومن ف حكمها بغي إذن‬
‫الب وتوكيله كان فضوليا ‪ ،‬وعقده موقوف على إجازة من له الولية ‪ ،‬وهو الب ‪.‬‬
‫أما إذا غاب القرب بيث ل ينتظر الاطب الكف ء استطلع رأيه ‪ ،‬فإن الولية‬
‫تنتقل إل من يليه ‪ ،‬حت ل تفوت الصلحة ‪ ،‬وليس للغائب بعد عودته أن يعترض على‬
‫ما باشره من يليه ‪ ،‬لنه لغيبته اعتب كالعدوم ‪ ،‬وصارت حق من يليه ‪ .‬وهذا مذهب‬
‫الحناف وقال الشافعي ‪ :‬إذا زوجها من أولياتا البعد ‪ -‬والقرب حاضر ‪ ( -‬هامش‬
‫) ( ‪ ) 1‬سورة النور آية ‪ / ) . ( 42‬صفحة ‪ / 135‬فالنكاح باطل ‪ :‬وإذا غاب أقرب‬
‫أوليائها ل يكن للذي يليه تزويها ‪ ،‬ويزوجها القاضي ‪ .‬وقال ف " بداية الجتهد " ‪:‬‬
‫اختلف ف ذلك قول مالك ‪ ،‬فمرة قال ‪ :‬إن زوج البعد مع حضور القرب فالنكاح‬
‫مفسوخ ‪ .‬ومرة قال ‪ :‬النكاح جائز ‪ .‬ومرة قال ‪ :‬للقرب أن ييز أو يفسخ ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫وهذا اللف كله فيما عدا الب ف ابنته البكر ‪ ،‬والوصي ف مجورته ‪ .‬فإنه ل‬
‫يتلف قوله ‪ " :‬إن النكاح ف هذين مفسوخ " أعن تزويج غي الب البنت البكر مع‬
‫حضور الب ‪ ،‬أو غي الوصي الحجورة مع حضور الوصي ‪ .‬ويوافق المام مالك أبا‬
‫حنيفة ف انتقال الولية إل الول البعيد ف حالة ما إذا غاب الول القريب ‪ .‬الول‬
‫القريب الحبوس مثل البعيد ‪ :‬وف الغن ‪ " :‬وإذا كان القريب مبوسا أو أسيا ف‬
‫مسافة قريبة لتكن مراجعته فهو كالبعيد ‪ ،‬فإن البعد ل يعتب لعينه ‪ ،‬بل لتعذر الوصول‬
‫إل التزويج بنظره ‪ .‬وهذا موجود هاهنا ‪ ،‬ولذلك إن كان ل يعلم أقريب أم بعيد ‪ ،‬أو‬
‫يعلم أنه قريب ول يعلم مكانه فهو كالبعيد ‪ .‬عقد الوليي ‪ :‬إذا عقد الوليان لمرأة ‪،‬‬
‫فإما أن يكون العقدان ف وقت واحد ‪ ،‬أو يكون أحدها متقدما والخر متأخرا ‪ .‬فإن‬
‫كان العقدان ف وقت واحد بطل ‪ .‬وإن كانا مرتبي كانت الرأة للول منهما ‪ ،‬سواء‬

‫‪100‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫دخل با الثان أم ل ‪ .‬فإن دخل با مع علمه بأنا معقود لا على غيه قبل عقده هو ‪،‬‬
‫كان زانيا مستحقا للحد ‪ .‬وإن كان جاهل ردت إل الول ‪ ،‬ول يقام عليه الد لهله‬
‫‪ .‬فعن سرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أيا امرأة زوجها وليان فهي للول‬
‫منهما " ‪ / .‬صفحة ‪ / 136‬رواه أحد وأصحاب السنن ‪ ،‬وصححه الترمذي ‪ .‬فعموم‬
‫هذا الديث يقتضي أنا للول ‪ ،‬دخل با الثان ‪ ،‬أم ل يدخل ‪ .‬الرأة الت لول لا ‪،‬‬
‫ول تستطيع أن تصل إل القاضي ‪ :‬قال القرطب ‪ :‬وإذا كانت الرأة بوضع ل سلطان‬
‫فيه ‪ ،‬ول ول لا ‪ ،‬فإنا تصي أمرها إل من يوثق به من جيانا ‪ ،‬فيزوجها ‪ ،‬ويكون هو‬
‫وليها ف هذه الال ‪ ،‬لن الناس لبد لم من التزويج وإنا يعملون فيه بأحسن ما يكن‬
‫( ‪ . ) 1‬وعلى هذا قال مالك ف الرأة الضعيفة الال ‪ :‬إنه يزوجها من تسند أمرها إليه‬
‫‪ ،‬لنا من تضعف عن السلطان ‪ ،‬فأشبهت من ل سلطان بضرتا ‪ ،‬فرجعت ف الملة‬
‫إل أن السلمي أولياؤها ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬إذا كان ف الرفقة امرأة لول لا فولت‬
‫أمرها رجل حت زوجها جاز ‪ ،‬لن هذا من قبيل التحكيم والحكم يقوم مقام الاكم ‪.‬‬
‫عضل الول ‪ :‬اتفق العلماء على أنه ليس للول أن يعضل موليته ‪ ،‬ويظلمها بنعها من‬
‫الزواج ‪ ،‬إذا أراد أن يتزوجها كف ء بهر مثلها ‪ ،‬فإذا منعها ف هذه الال كان من‬
‫حقها أن ترفع أمرها إل القاضي ليزوجها ‪ .‬ول تنتقل الولية ف هذه الالة إل ول‬
‫آخر يلي هذا الول الظال ‪ ،‬بل تنتقل إل القاضي مباشرة ‪ ،‬لن العضل ظلم ‪ ،‬وولية‬
‫رفع الظلم إل القاضي ‪ .‬فأما إذا كان المتناع بسبب عذر مقبول ‪ ،‬كأن يكون الزوج‬
‫غي كف ء ‪ ،‬أو الهر أقل من مهر الثل ‪ ،‬أو لوجود خاطب آخر أكفأ منه ‪ ،‬فإن‬
‫الولية ف هذه الال ل تنتقل عنه ‪ ،‬لنه ل يعد عاضل ‪ .‬عن معقل بن يسار قال ‪:‬‬
‫كانت ل أخت تطب إل فأتان ابن عم ل ‪ ،‬فأنكحتها إياه ‪ ،‬ث طلقها طلقا له رجعة ‪،‬‬
‫ت تركها حت انقضت عدتا ‪ ،‬فلما خطبت إل أتان يطبها ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ل ‪ .‬وال ل‬
‫أنكحها أبدا ‪ .‬قال ‪ :‬ففي نزلت هذه الية ‪ " :‬وإذا طلقتم النساء فبلغن ( هامش ) ( ‪1‬‬
‫) الامع لحكام القرآن ص ‪ 76‬جزء ‪ / ) . ( 3‬صفحة ‪ / 137‬أجلهن فل تعضلوهن‬
‫أن ينكحن أزواجهن ( ‪ " ) 1‬الية ‪ .‬قال ‪ :‬فكفرت عن يين ‪ ،‬فأنكحتها إياه ‪ .‬زواج‬
‫اليتيمة ‪ :‬يوز تزويج اليتيمة قبل البلوغ ‪ .‬ويتول الولياء العقد عليها ‪ ،‬ولا اليار بعد‬

‫‪101‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البلوغ ‪ .‬وهو مذهب عائشة رضي ال عنها وأحدو أب حنيفة ‪ .‬قال ال تعال ‪" :‬‬
‫ويستفتونك ف النساء قل ال يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم ف الكتاب ف يتامى النساء‬
‫اللت ل تؤتونن ما كتب لن ‪ ،‬وترغبون أن تنكحوهن " ( ‪ . ) 2‬قالت عائشة رضي‬
‫ال عنها ‪ " :‬هي اليتيمة تكون ف حجر وليها ‪ ،‬فيغب ف نكاحها ‪ ،‬ول يقسط لا سنة‬
‫صداقها ‪ ،‬فنهوا عن نكاحهن إل أن يقسطوا لا سنة صداقهن " ‪ .‬وف السنن الربعة‬
‫عنه صلى ال عليه وسلم " اليتيمة تستأمر ف نفسها ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 137‬‬
‫فإن صمتت فهو إذنا وإن أبت فل جواز عليها " ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬ل يصح تزويج‬
‫اليتيمة إل بعد البلوغ ‪ ،‬لقول الرسول عليه الصلة والسلم " اليتيمة تستأمر " ول‬
‫استئمار إل بعد البلوغ ‪ ،‬إذ ل فائدة من استئمار الصغية ‪ .‬انعقاد الزواج بعاقد واحد‬
‫‪ :‬إذا كان للشخص الواحد ولية على الزوج والزوجة يوز له أن يلي العقد ‪ ،‬فللجد‬
‫أن يزوج ابن ابنه الصغي من بنت ابنه الصغية ‪ ،‬وكما إذا كان وكيل ‪ .‬ولية‬
‫السلطان ( القاضي ) ‪ :‬تنتقل الولية إل السلطان ف حالتي ‪ ( :‬الول ) إذا تشاجر‬
‫الولياء ‪ ( .‬الثانية ) إذا ل يكن الول موجودا ‪ ،‬ويصدق ذلك بعدمه مطلقا ‪ ،‬أو غيبته‬
‫‪ .‬فإذا حضر الكف ء ‪ ،‬ورضيت الرأة البالغة به ‪ ،‬ول يكن أحد من الولياء حاضرا ‪،‬‬
‫بأن كان غائبا ولو ف مل قريب ‪ ،‬إذا كان خارجا عن بلد الرأة ‪ ،‬ومن يريد زواجها ‪.‬‬
‫فإن للقاضي ف هذه الالة حق العقد إل أن ترضى ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة آية‬
‫‪ ) 2 ( 232‬سورة النساء آية ‪ / ) . ( . 127‬صفحة ‪ / 138‬الرأة ومن يريد التزوج‬
‫با انتظار قدوم الغائب ‪ ،‬فذلك حق لا وإن طالت الدة ‪ .‬أما مع عدم الرضا فلوجه‬
‫لياب النتظار ‪ .‬ففي الديث ‪ " :‬ثلث ل يؤخرن وهن ‪ :‬الصلة إذا أتت ‪ ،‬والنازة‬
‫إذا حضرت ‪ ،‬والي إذا وجدت كفئا " ‪ .‬رواه البيهقي وغيه عن علي " ‪ ،‬وسنده‬
‫ضعيف وقد ورد ف الباب أحاديث كلها واهية ‪ ،‬أمثلها هذا ‪ / .‬صفحة ‪/ 139‬‬
‫الوكالة ف الزواج الوكالة ‪ ،‬من العقود الائزة ف الملة ‪ ،‬لاجة الناس إليها ف كثي‬
‫من معاملتم ‪ .‬وقد اتفق الفقهاء على أن كل عقد جاز أن يعقده النسان بنفسه ‪،‬‬

‫‪102‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جاز أن يوكل به غيه ‪ ،‬كالبيع ‪ ،‬والشراء ‪ ،‬والجارة ‪ ،‬واقتضاء القوق ‪ ،‬والصومة‬
‫ف الطالبة با ‪ ،‬والتزويج ‪ ،‬والطلق ‪ ،‬وغي ذلك من العقود الت تقبل النيابة ‪ .‬وقد‬
‫كان النب ‪ ،‬صلوات ال وسلمه عليه ‪ ،‬يقوم بدور الوكيل ف عقد الزواج بالنسبة‬
‫لبعض أصحابه ‪ .‬روى أبو داود ‪ ،‬عن عقبة بن عامر ‪ ،‬رضي ال عنه ‪ ،‬أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم قال لرجل ‪ :‬أترضى أن أزوجك فلنة ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬وقال للمرأة‬
‫أترضي أن أزوجك فلنا ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬فزوج أحدها صاحبه ‪ ،‬فدخل با ‪ ،‬ول‬
‫يفرض لا صداقا ول يعطها شيئا ‪ -‬وكان من شهد الديبية ‪ -‬وكان من شهد الديبية‬
‫لم سهم بيب ‪ ،‬فلما حضرته الوفاة قال ‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم زوجن‬
‫فلنة ‪ ،‬ول أفرض لا صداقا ول أعطها شيئا ‪ ،‬وإن أشهدكم أن أعطيتها من صداقها‬
‫سهمي بيب ‪ ،‬فأخذت سهمه فباعته بائة ألف ‪ .‬وف هذا الديث دليل على أنه يصح‬
‫أن يكون الوكيل وكيل عن الطرفي ‪ .‬وعن أم حبيبة ‪ " :‬أنا كانت فيمن هاجر إل‬
‫أرض البشة ‪ ،‬فزوجها النجاشي رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي عنده " رواه‬
‫أبو داود ‪ .‬وكان الذي تول العقد عمرو بن أمية الضمري وكيل عن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وكله بذلك ‪ .‬وأما النجاشي ‪ ،‬فهو الذي كان قد أعطى لا الهر فأسند‬
‫التزويج إليه ‪ / .‬صفحة ‪ / 140‬من يصح توكيله ومن ل يصح ‪ :‬يصح التوكيل من‬
‫الرجل العاقل البالغ الر ‪ ،‬لنه كامل الهلية ( ‪ . ) 1‬وكل من كان كامل الهلية ‪،‬‬
‫فإنه يلك تزويج نفسه بنفسه ‪ .‬وكل من كان كذلك فإنه يصح أن يوكل عنه غيه ‪.‬‬
‫أما إذا كان الشخص فاقد الهلية ‪ ،‬أو ناقصها ‪ ،‬فإنه ليس له الق ف توكيل غيه ‪،‬‬
‫كالجنون ‪ ،‬والصب ‪ ،‬والعبد ‪ ،‬والعتوه ‪ ،‬فإنه ليس لواحد منهم الستقلل ف تزويج‬
‫نفسه بنفسه ‪ .‬وقد اختلف الفقهاء ف صحة توكيل الرأة البالغة العاقلة ف تزويج‬
‫نفسها ‪ ،‬حسب اختلفهم ف انعقاد الزواج بعبارتا ‪ .‬فقال أبو حنيفة ‪ :‬يصح منها‬
‫التوكيل كما يصح من الرجل ‪ ،‬إذ من حقها أن تنشئ العقد ‪ .‬وما دام ذلك حقا من‬
‫حقوقها ‪ ،‬فمن حقها أن توكل عنها من يقوم بإنشائه ‪ .‬أما جهور العلماء فإنم قالوا ‪:‬‬
‫إن لوليها الق ف أن يعقد عليها من غي توكيل منها له ‪ .‬وإن كان لبد من اعتبار‬
‫رضاها كما تقدم ‪ .‬وفرق بعض علماء الشافعية بي الب والد ‪ ،‬وبي غيها من‬

‫‪103‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الولياء ‪ .‬فقالوا ‪ :‬إنه ل حاجة إل توكيل الب والد ‪ ،‬أو غيها فلبد من التوكيل‬
‫منها له ‪ .‬التوكيل الطلق والقيد ‪ :‬والتوكيل يوز مطلقا ومقيدا ‪ :‬فالطلق ‪ :‬أن يوكل‬
‫شخص آخر ف تزويه دون أن يقيده بامرأة معينة ‪ ،‬أو بهر ‪ ،‬أو بقدار معي من الهر‬
‫‪ .‬والقيد ‪ :‬أن يوكله ف التزويج ‪ ،‬ويقيده بامرأة معينة ‪ .‬أو امرأة من أسرة معيبة ‪ ،‬أو‬
‫بقدر معي من الهر ‪ .‬وحكم التوكيل الطلق ‪ ،‬أن الوكيل ل يتقيد بأي قيد عند أب‬
‫حنيفة ‪ .‬فلو زوج الوكيل موكله بامرأة معيبة أو غي كف ء ‪ ،‬أو بهر زائد عن مهر‬
‫الثل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬لبد من اعتبار هذه الشروط ف التوكيل ‪ .‬وقالت الحناف‬
‫يصح توكيل الصب الميز والعبد ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 141‬جاز ذلك ( ‪ ، ) 1‬وكان‬
‫العقد صحيحا نافذا ‪ ،‬لن ذلك مقتضى الطلق ‪ .‬وقال أبو يوسف وممد ‪ :‬لبد أن‬
‫يتقيد بالسلمة والكفاءة ومهر الثل ‪ .‬ز‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 141‬‬
‫عن الزيادة اليسية الت يتغابن الناس فيها عادة ‪ .‬وحجتهما ‪ :‬أن الذي يوكل غيه إنا‬
‫يوكله ليكون عونا له على اختيار الصلح بالنسبة إليه ‪ .‬وترك التقييد ل يقتضي أن‬
‫يأت بأي امرأة ‪ ،‬لن الفهوم أن يتار له امرأة ماثلة بهر ماثل ‪ ،‬ولبد من ملحظة هذا‬
‫الفهوم واعتباره ‪ ،‬لن العروف عرفا كالشروط شرطا ‪ .‬وهذا هو الرأي الذي ل‬
‫ينبغي التعويل إل عليه ‪ .‬وحكم التوكيل القيد ‪ :‬أنه ل توز فيه الخالفة إل إذا كانت‬
‫الخالفة إن ما هو أحسن ‪ .‬بأن تكون الزوجة الت اختارها الوكيل أجل وأفضل من‬
‫الزوجة الت عينها له ‪ ،‬أو يكون الهر أقل من الهر الذي عينه ‪ .‬فإذا كانت الخالفة إل‬
‫غي ذلك ‪ ،‬كان العقد صحيحا غي لزم على الوكل ‪ .‬فإن شاء أجازه ‪ ،‬وإن شاء رده‬
‫‪ .‬وقالت الحناف ‪ :‬إن الرأة إذا كانت هي الوكلة ‪ ،‬فإما أن توكله بعي ‪ ،‬أو غي‬
‫معي ‪ .‬فإن كان الول ‪ ،‬فل ينفذ العقد عليها إل إذا وافقها ف كل ما أمرته به ‪ ،‬سواء‬
‫كان من جهة الزوج أو الهر ‪ .‬وإن كان الثان ‪ -‬وهو ما إذا أمرته بتزويها بغي‬
‫معي ‪ ،‬كما إذا قالت له ‪ :‬وكلتك ف أن تزوجن رجل ‪ ،‬فزوجها من نفسه ‪ ،‬أو‬
‫لبيه ‪ ،‬أو لبنه ‪ -‬ل يلزم العقد ‪ ،‬للتهمة ‪ .‬فإن حصل ذلك توقف نفاذ العقد على‬

‫‪104‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إجازتا ‪ .‬فإن زوجها بغي من ذكر ‪ :‬أي بأجنب ‪ .‬فإن كان الزوج كفئا ‪ ،‬والهر مهر‬
‫الثل ‪ ،‬لزم النكاح وليس لاول لوليها رده ‪ .‬وإن كان الزوج كفثا ‪ ،‬والهر أقل من‬
‫مهر الثل ‪ -‬وكان الغب فاحشا ‪ -‬فل ينفذ العقد ‪ ،‬بل يكون موقوفا على إجازتا‬
‫وإجازة وليها ‪ ،‬لن كلمنهما له حق ف ذلك ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ويستثن من هذا ما‬
‫فيه تمة ‪ ،‬كأن يزوجه ابنته ‪ ،‬أو امرأة تت وليته ‪ ،‬فانه ل ينفذ إل برضا الوكل ‪. ( .‬‬
‫) ‪ /‬صفحة ‪ / 142‬وإن كان الزوج غي كف ء وقع العقد فاسدا ‪ .‬سواء كان الهر‬
‫أقل من مهر الثل ‪ ،‬أو مساويا له ‪ ،‬أو أكثر ‪ ،‬ول تلحقه الجازة ‪ ،‬لن الجازة ل‬
‫تلحق الفاسد وإنا تلحق الزواج الوقوف ‪ .‬الوكيل ف الزواج سفي ومعب ( ‪: ) 1‬‬
‫تتلف الوكالة ف الزواج عن الوكالة ف العقود الخرى ‪ ،‬فالوكيل ف الزواج ما هو‬
‫إل سفي ومعب لغي ‪ ،‬فل ترجع إليه حقوق العقد ‪ ،‬فل يطالب بالهر ( ‪ ) 2‬ول‬
‫بإدخال الزوجة ف طاعة زوجها إذا كان وكيل الزوجة ‪ ،‬ول يقبض الهر عن الزوجة‬
‫إذا كان وكيل عنها إل إذا أذنت له ‪ ،‬فيكون إذنا توكيل له بالقبض ‪ .‬وهو غي‬
‫توكيل الزواج الذي ينتهي بجرد إتام العقد ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي سفي عن موكله‬
‫ومعب عن إرادته ‪ ) 2 ( .‬إل إذا ضمن الهر عن الزوج ‪ ،‬فإنه يطالب به كضامن ‪،‬‬
‫لكوكيل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 143‬الكفاء ف الزواج تعريفها ‪ :‬الكفاءة ‪ :‬هي‬
‫الساواة ‪ ،‬والماثلة ‪ .‬والكف ء والكفاء ‪ ،‬والكف ء ‪ :‬الثل والنظي ‪ .‬والقصود با ف‬
‫باب الزواج أن يكون الزوج كفئا لزوجته ‪ .‬أي مساويا لا ف النلة ‪ ،‬ونظي الا ف‬
‫الركز الجتماعي ‪ ،‬والستوى اللقي والال ‪ .‬وما من شك ف أنه كلما كانت منلة‬
‫الرجل مساوية لنلة الرأة ‪ ،‬كان ذلك أدعى لنجاح الياة الزوجية ‪ ،‬وأحفظ لا من‬
‫الفشل والخفاق ‪ .‬حكمها ‪ :‬ولكن ما حكم هذه الكفاءة ؟ وما مدى اعتبارها ؟ ‪ .‬أما‬
‫ابن حزم ‪ ،‬فذهب إل عدم اعتبار هذه الكفاءة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬أي مسلم ‪ -‬ما ل يكن زانيا‬
‫‪ -‬فله الق ف أن يتزوج أية مسلمة ‪ ،‬ما ل تكن زانية " ‪ .‬قال ‪ :‬وأهل السلم كلهم‬
‫إخوة ل يرم على إبن من زنية لغية ( ‪ ) 1‬نكاح لبنة الليفة الاشي ‪ .‬والفاسق‬
‫السلم الذي بلغ الغاية من الفسق ‪ -‬ما ل يكن زانيا ‪ -‬كف ء للمسلمة الفاسقة ما ل‬
‫تكن زانية ‪ .‬قال ‪ :‬والجة قول ال تعال ‪ " :‬إنا الؤمنون إخوة ( ‪ " ) 2‬وقوله عز‬

‫‪105‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وجل ماطبا جيع السلمي ‪ " :‬نانكحوا ما طاب لكم من النساء ‪ ) 3 ( " .‬وذكر‬
‫عزوجل ما حرم علينا من النساء ‪ ،‬ث قال سبحانه ‪ " :‬وأحل لكم ما وراء ذلكم ( ‪) 4‬‬
‫" ‪ .‬وقد أنكح رسول ال صلى ال عليه وسلم زينب أم الؤمني زيدا موله و ( هامش‬
‫) ( ‪ ) 1‬لغية ‪ :‬غي معروفة النسب ‪ ) 2 ( .‬سورة الجرات آية ‪ ) 3 ( 10‬سورة‬
‫النساء آية ‪ ) 4 ( . 3‬سورة النساء آية ‪ / ) . ( 24‬صفحة ‪ / 144‬وأنكح القداد‬
‫ضباعة بنت الزبي بن عبد الطلب ‪ .‬قال ‪ :‬وأما قولنا ف الفاسق والفاسقة فيلزم من‬
‫خالفنا أل ييز للفاسق أن ينكح إل فاسقة ‪ ،‬وأن ل ييز للفاسقة أن ينكحها إل‬
‫فاسق ‪ ،‬وهذا ل يقوله أحد ‪ ،‬وقد قال ال تعال ‪ " :‬إنا الؤمنون إخوة " ( ‪ ) 1‬وقال‬
‫سبحانه ‪ " :‬والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض ( ‪ . " ) 2‬اعتبار الكفاءة‬
‫بالستقامة واللق ‪ :‬وذهب جاعة إل أن الكفاءة معتبة ‪ ،‬ولكن اعتبارها بالستقامة‬
‫واللق خاصة ‪ ،‬فل اعتبار لنسب ‪ ،‬ول لصناعة ‪ ،‬ول لغن ‪ ،‬ول لشئ آخر ‪ ،‬فيجوز‬
‫للرجل الصال الذي ل نسب له أن يتزوج الرأة النسيبة ‪ ،‬ولصاحب الرفة الدنئية أن‬
‫يتزوج الرأة الرفيعة القدر ‪ ،‬ولن لجاه له أن يتزوج صاحبة‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 144‬‬
‫الاه والشهرة ‪ ،‬وللفقي أن يتزوج الثرية الغنية ‪ -‬ما دام مسلما عفيفا ‪ -‬وأنه ليس‬
‫لحد من الولياء العتراض ‪ ،‬ولطلب التفريق ‪ .‬وإن كان غي مستوف الدرجة مع‬
‫الول الذي تول العقد ما دام الزواج كان عن رضى منها ‪ ،‬فإذا ل يتوفر شرط‬
‫الستقامة عند الرجل فل يكون كفئا للمرأة الصالة ‪ ،‬ولا الق ف طلب فسخ العقد‬
‫إذا كانت بكرا وأجبها أبوها على الزواج من الفاسق ‪ .‬وف بداية الجتهد ‪ :‬ول يتلف‬
‫الذهب ‪ -‬الالكية ‪ -‬أن البكر إذا زوجها الب من شارب المر ‪ ،‬وبالملة من فاسق‬
‫‪ ،‬أن لا أن تنع نفسها من النكاح ‪ ،‬وينظر الاكم ف ذلك ‪ ،‬فيفرق بينهما ‪ ،‬وكذلك‬
‫إذا زوجها من ماله حرام ‪ ،‬أو من هو كثي اللف بالطلق ‪ ،‬واستدل أصحاب هذا‬
‫الذهب با يأت ‪ - 1 :‬ان ال تعال قال ‪ " :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ‪،‬‬
‫وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ‪ ،‬إن أكرمكم عند ال أتقاكم ( ‪ . " ) 3‬ففي هذه‬

‫‪106‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الية تقرير أن الناس متساوون ف اللق ‪ ،‬وف القيمة النسانية ‪ ،‬وأنه ل أحد أكرم من‬
‫أحد إل من حيث تقوى ال عزوجل ‪ ،‬بأداء حق ال وحق الناس ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة الجرات آية ‪ ) 2 ( . 10‬سورة التوبة آية ‪ ) 3 ( . 71‬سورة الجرات آية‬
‫‪ / ) . ( . 13‬صفحة ‪ - 2 / 145‬وروى الترمذي بإسناد حسن عن أب حات الزن ‪،‬‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه‬
‫‪ ،‬إل تفعلوا تكن فتنة ف الرض وفساد كبي ‪ ،‬قالوا يارسول ال‍وإن كان فيه ؟ قال ‪:‬‬
‫إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ‪ -‬ثلث مرات ‪ " -‬ففي هذا الديث‬
‫توجيه الطاب إل الولياء أن يزوجوا مولياتم من يطبهن من ذوي الدين والمانة‬
‫واللق ‪ ،‬وإن ل يفعلوا ذلك بعدم تزويج صاحب اللق السن ‪ ،‬ورغبوا ف السب ‪،‬‬
‫والنسب ‪ ،‬والاه ‪ ،‬والال ‪ ،‬كانت الفتنة والفساد الذي ل آخر له ‪ - 3 .‬وروى أبو‬
‫داود عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬يا بن بياضة أنكحوا‬
‫أبا هند ‪ ،‬وأنكحوا إليه " ( ‪ ) 1‬وكان حجاما ‪ .‬قال ف معال السنن ‪ :‬ف هذا الديث‬
‫حجة لالك ومن ذهب مذهبه ف الكفاءة بالدين وحده دون غيه ‪ ،‬وأبو هند مول بن‬
‫بياضة ‪ ،‬ليس من أنفسهم ‪ - 4 .‬وخطب رسول ال صلى ال عليه وسلم زينب بنت‬
‫جحش لزيد بن حارثة ‪ ،‬فامتنعت ‪ ،‬وامتنع أخوها عبد ال ‪ ،‬لنسبها ف قريش ‪ ،‬وأنا‬
‫كانت بنت عمة النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أمها أميمة بنت عبد الطلب ‪ ،‬وأن زيدا‬
‫كان عبدا ‪ ،‬فنل قول ال عزوجل ‪ " :‬وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله‬
‫أمرا أن يكون لم الية من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضلل مبينا ( ‪) 2‬‬
‫" ‪ ،‬فقال أخوها لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬مرن با شئت ‪ .‬فزوجها من زيد ‪.‬‬
‫‪ - 5‬وزوج أبو حذيفة سالا من هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة ‪ ،‬وهو مول لمرأة‬
‫من النصار ‪ - 6 .‬وتزوج بلل بن رباح بأخت عبد الرحن بن عوف ‪ - 7 .‬وسئل‬
‫المام علي كرم ال وجهه عن حكم زواج الكفاء ‪ ،‬فقال ‪ :‬الناس بعضهم أكفاء‬
‫لبعض ‪ ،‬عربيهم وعجميهم ‪ ،‬قرشيهم وهاشيهم إذا ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي زوجوه‬
‫وتزوجوا منه ‪ ) 2 ( .‬سورة الحزاب آية ‪ / ) . ( 36‬صفحة ‪ / 146‬أسلموا وآمنوا‬
‫‪ .‬وهذا مذهب الالكية ‪ .‬قال الشوكان ‪ :‬ونقل عن عمر ‪ ،‬وابن مسعود ‪ ،‬وعن ممد‬

‫‪107‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن سيين ‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز ‪ .‬ورجحه ابن القيم فقال ‪ :‬فالذي يقتضيه حكمه‬
‫صلى ال عليه وسلم اعتبار الكفاءة ف الدين أصل وكمال ‪ ،‬فل تزوج مسلمة بكافر ‪،‬‬
‫ولعفيفة بفاجر ‪ ،‬ول يعتب القرآن والسنة ف الكفاءة أمرا وراء ذلك ‪ ،‬فإنه حرم على‬
‫السلمة نكاح الزان البيث ‪ ،‬ول يعتب نسبا ‪ ،‬ول صناعة ‪ ،‬ول غن ‪ ،‬ول حرفة ‪.‬‬
‫فيجوز للعبد القن نكاح الرأة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما ‪ .‬وجوز لغي‬
‫القرشيي نكاح القرشيان ‪ ،‬ولغي الاشيي نكاح الاشيات ‪ ،‬وللفقراء نكاح الوسرات‬
‫( ‪ . ) 1‬مذهب جهور الفقهاء ‪ :‬وإذا كان الالكية وغيهم من العلماء الذين سبقت‬
‫الشارة إليهم ‪ ،‬يرون أن الكفاءة معتبة بالستقامة والصلح ل غي ‪ ،‬فإن غي هؤلء‬
‫من الفقهاء يرون أن الكفاءة معتبة بالستقامة والصلح ‪ ،‬وأن الفاسق ليس كفئا‬
‫للعفيفة ‪ ،‬إل أنم ل يقصرون الكفاءة على ذلك ‪ ،‬بل يرون أن ثة أمورا أخرى لبد‬
‫من اعتبارها ‪ .‬ونن نشي إل هذه المور فيما يأت ‪ ( :‬أول ) النسب ‪ :‬فالعرب بعضهم‬
‫أكفاء لبعض ‪ ،‬وقريش بعضهم أكفاء لبعض ‪ . . .‬فالعجمي ل يكون كفئا للعربية ‪،‬‬
‫والعرب ل يكون كفئا للقرشية ‪ .‬ودليل ذلك ‪ - 1 :‬ما رواه الاكم عن ابن عمر أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬العرب أكفاء بعضهم لبعض ‪ ،‬قبيلة لقبيل ‪،‬‬
‫وحي لي ‪ ،‬ورجل لرجل ‪ ،‬إل حائكا أو حجاما " ‪ - 2 .‬وروى البزار عن معاذ بن‬
‫جبل أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬زاد العاد جزء ‪ 4‬ص ‪22‬‬
‫‪).(.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 146‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ " / 147‬العرب بعضهم لبعض أكفاء ‪ ،‬والوال بعضهم أكفاء بعض " ‪3 .‬‬
‫‪ -‬وعن عمر قال ‪ :‬لمنعن تزوج ذوات الحساب إل من الكفاء ‪ .‬رواه الدارقطن ‪.‬‬
‫وحديث ابن عمر سأل عنه ابن أب حات أباه فقال ‪ :‬هذا كذب ل أصل له ‪ .‬وقال‬
‫الدارقطن ف اللل ‪ :‬ل يصح ‪ .‬قال ابن عبد الب ‪ :‬هذا منكر موضوع ‪ .‬وأما حديث‬
‫معاذ ‪ ،‬ففيه سليمان بن أب الون ‪ .‬قال بن القطان ‪ :‬ل يعرف ‪ .‬ث هو من رواية خالد‬
‫بن معدان عن معاذ ‪ ،‬ول يسمع منه ‪ .‬والصحيح أنه ل يثبت ف اعتبار الكفاءة‬

‫‪108‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والنسب من حديث ‪ .‬ول يتلف الشافعية ‪ ،‬ول النفية ف اعتبار الكفاءة بالنسب على‬
‫هذا النحو الذكور ‪ .‬ولكنهم اختلفوا ف التفاضل بي القرشيي ‪ .‬فالحناف يرون أن‬
‫القرشي كف ء للهاشية ( ‪ . ) 1‬أما الشافعية فإن الصحيح من مذهبهم أن القرشي‬
‫ليس كفئا للهاشية والطلبية ‪ .‬واستدلوا لذلك با رواه واثلة بن السقع أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إن ال اصطفى كنانة من بن إساعيل ‪ ،‬واصطفى من‬
‫كنانة قريشا ‪ ،‬واصطفى من قريش بن هاشم ‪ ،‬واصطفان من بن هاشم ‪ ،‬فأنا خيار ‪،‬‬
‫من خيار ‪ ،‬من خيار " ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬قال الافظ ف الفتح ‪ :‬والصحيح تقدي بن‬
‫هاشم والطلب على غيهم ‪ ،‬ومن عدا هؤلء أكفاء لبعض ‪ .‬والق خلف ذلك ‪ .‬فإن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم زوج ابنتيه عثمان بن عفان ‪ ،‬وزوج أبا العاص بن الربيع‬
‫زينب ‪ ،‬وها من عبد شس ‪ ،‬وزوج علي عمر ابنته أم كلثوم ‪ ،‬وعمر عدوي ‪ .‬على‬
‫أن شرف العلم دونه كل نسب ‪ ،‬وكل شرف ‪ ،‬فالعال كف ء لي امرأة ‪ ،‬مهما كان‬
‫نسبها ‪ ،‬وإن ل يكن له نسب معروف ‪ ،‬لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬‬
‫الناس معادن ‪ ،‬كمعادن الذهب والفضة ‪ ،‬خيارهم ف ( هامش ) ( ‪ ) 1‬القرشي من‬
‫كان من ولد النضر بن كنانة ‪ ،‬والاشي من كان من ولد هاشم عبد مناف ‪ ،‬والعرب‬
‫من جعهم أب فوق النضر ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 148‬الاهلية خيارهم ف السلم إذا‬
‫فقهوا " ‪ .‬وقول ال تعال ‪ " :‬يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات "‬
‫( ‪ . ) 1‬وقوله عزوجل ‪ :‬قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون " ( ‪. ) 2‬‬
‫هذا بالنسبة للعرب ‪ ،‬وأما غيهم من العاجم فقيل ‪ :‬ل كفاءة بينهم بالنسب ‪ .‬وروي‬
‫عن الشافعي وأكثر أصحابه ‪ :‬أن الكفاءة معتبة ف أنسابم فيما بينهم قياسا على‬
‫العرب ‪ ،‬ولنم يعيون إذا تزوجت واحدة منهم زوجا دونا نسبا ‪ ،‬فيكون حكمهم‬
‫حكم العرب لتاد العلة ‪ ( .‬ثانيا ) الرية ‪ :‬فالعبد ليس بكف ء للحرة ‪ ،‬ول العتيق‬
‫كفئا لرة الصل ‪ ،‬ول من مس الرق أحد آبائه كفئا لن ل يسها رق ‪ ،‬ول أحدا من‬
‫آبائها ‪ ،‬لن الرة يلحقها العار بكونا تت عبد ‪ ،‬أو تت من سبق من كان ف آبائه‬
‫مسترق ‪ ( .‬ثالثا ) السلم ‪ :‬أي التكافؤ ف إسلم الصول ‪ .‬وهو معتب ف غي العرب‬
‫‪ ،‬أما العرب فل يعتب فيهم ‪ ،‬لنم اكتفوا بالتفاخر بأنسابم ‪ ،‬ول يتفاخرون بإسلم‬

‫‪109‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أصولم ‪ .‬وأما غي العرب من الوال والعاجم ‪ ،‬فيتفاخرون بإسلم الصول ‪ ،‬وعلى‬
‫هذا إذا كانت الرأة مسلمة لا أب وأجداد مسلمون ‪ ،‬فإنه ل يكافئها السلم الذي‬
‫ليس له ف السلم أب ولجد ‪ ،‬ومن لا أب واحد ف السلم يكافؤها من له أب‬
‫واحد فيه ‪ ،‬ومن له أب وجد ف السلم فهو كف ء لن لا أب وأجداد ‪ ،‬لن تعريف‬
‫الرء يتم بأبيه وجده ‪ ،‬فل يلتفت إل ما زاد ‪ .‬ورأي أب يوسف أن من له أب واحد ف‬
‫السلم كف ء لن لا آباء ‪ ،‬لن التعريف عنده يكون كامل بذكر الب ‪ ،‬أما أبو‬
‫حنيفة وممد فل يكون التعريف عندها كامل إل بالب والد ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة الجادلة ‪ :‬آية ‪ ) 2 ( . 11‬سورة الزمر ‪ :‬آية ‪ / ) . ( . 10‬صفحة ‪/ 149‬‬
‫( رابعا ) الرفة ‪ :‬إذا كانت الرأة من أسرة تارس حرفة شريفة ‪ ،‬فل يكون صاحب‬
‫الرفة الدنيئة كفئا لا ‪ ،‬وإذا تقاربت الرف فل اعتبار للتفاوت فيها ‪ .‬والعتب ف‬
‫شرف الرب ودنائتها العرف ‪ ،‬فقد تكون حرفة ما شريفة ف مكان ما ‪ ،‬أو زمان ما ‪،‬‬
‫بينما هي دنيئة ف مكان ما ‪ ،‬أو زمان ما ‪ .‬وقد استدل القائلون باعتبار الكفاءة بالرفة‬
‫بالديث التقدم ‪ " :‬العرب بعضهم أكفاء لبعض ‪ ،‬إل ‪ :‬حائكا أو حجاما " ‪ .‬وقد قيل‬
‫لحد بن حنبل رحه ال ‪ :‬وكيف تأخذ به وأنت تضعفه ؟ قال ‪ :‬العمل على هذا ‪ .‬قال‬
‫ف الغن ‪ :‬يعن أنه ورد موافقا لهل العرف ‪ .‬ولن أصحاب الصنائع الليلة والرف‬
‫الشريفة يعتبون تزويج بناتم لصحاب الصنائع الدنيئة ‪ -‬كالائك ‪ ،‬والدباغ ‪،‬‬
‫والكناس ‪ ،‬والزبال ‪ -‬نقصا يلحقهم ‪ ،‬وقد جرى عرف الناس بالتعيي بذلك ‪ ،‬فأشبه‬
‫النقص ف النسب ‪ .‬وهذا مذهب الشافعية ‪ ،‬وممد وأب يوسف من النفية ‪ .‬ورواية‬
‫عن أحد وأب حنيفة ‪ .‬ورواية عن أب يوسف أنا ل تعتب إل أن تفحش ‪ ( .‬خامسا )‬
‫الال ‪ :‬وللشافعية اختلف ف اعتباره ‪ ،‬فمنهم من قال باعتباره ‪ ،‬فالفقي عند هؤلء‬
‫ليس بكف ء للموسرة لا روى سرة أن رسول‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 149‬‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬السب الال ‪ ،‬والكرم التقوى " ‪ .‬قالوا ‪ :‬ولن نفقة‬
‫الفقي دون نفقة الوسر ‪ .‬ومنهم من قال ‪ :‬ل يعتب ‪ ،‬لن الال غاد ورائح ‪ ،‬ولنه ل‬

‫‪110‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يفتخر به ذوو الروءات ‪ ،‬وأنشدوا قول الشاعر ‪ :‬غنينا ( ‪ ) 1‬زمانا بالتصعلك والفقر‬
‫وكل سقاناه بكأسيهما الدهر فما زادنا بغيا على ذي قرابة غنانا ‪ ،‬ول أزرى بأحسابنا‬
‫الفقر ( هامش ) ( ‪ ) 1‬غنينا رمانا ‪ :‬أي أقمنا ‪ ،‬والتصعلك ‪ :‬الفقرو الصعلوك ‪ :‬الفقي‬
‫‪ ،‬وعروة الصعاليك ‪ :‬رجل عرب كان يمع الفقراء ف مكان ويرزقهم ما يغنم ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 150‬وعند الحناف اعتبار الال ‪ ،‬والعتب فيه أن يكون مالكا الهر والنفقة‬
‫‪ ،‬حت إن من ل يلكهما ‪ ،‬أو ل يلك أحدها ل يكون كفئا ‪ .‬والراد بالهر قدر ما‬
‫تعارفوا تعجيله ‪ ،‬لن ما وراءه مؤجل عرفا ‪ .‬وعن أب يوسف أنه اعتب القدرة على‬
‫النفقة دون الهر ‪ ،‬لنه تري الساهلة فيه ‪ ،‬وبعد الرء قادرا عليه بيسار أبيه ‪ .‬واعتبار‬
‫الال ف الكفاءة رواية عن أحد ‪ ،‬لن على الوسرة ضررا ف إعسار زوجها ‪ ،‬لخلله‬
‫بنفقتها ومؤنة أولدها ‪ ،‬ولن الناس يعتبون الفقر نقصا ‪ ،‬ويتفاضلون فيه كتفاضلهم‬
‫ف النسب ‪ ،‬وأبلغ ‪ ( .‬سادسا ) السلمة من العيوب ‪ :‬وقد اعتب أصحاب الشافعي ‪-‬‬
‫وفيما ذكره ابن نصر عن مالك ‪ -‬السلمة من العيوب من شروط الكفاءة ‪ .‬فمن به‬
‫عيب مثبت للفسخ ليس كفئا للسليمة منه ‪ ،‬فإن ل يكن مثبتا للفسخ عنده وكان‬
‫منفرا كالعمى ‪ ،‬والقطع ‪ ،‬وتشويه اللقة ‪ .‬فوجهان ‪ ،‬واختيار الرويان أن صاحبه ليس‬
‫بكف ء ‪ .‬ول يعتبها الحناف ول النابلة ‪ .‬وف الغن ‪ :‬وأما السلمة من العيوب‬
‫فليس من شروط الكفاءة ‪ ،‬فإنه ل خلف ف أنه ل يبطل النكاح بعدمه ‪ ،‬وكلنها تثبت‬
‫اليار للمرأة دون الولياء ‪ ،‬لن ضرره متص با ‪ ،‬ولوليها منعها من نكاح الجذوم ‪،‬‬
‫والبرص والجنون ‪ .‬فيمن تعتب ؟ والكفاءة ف الزواج معتبة ف الزوج دون الزوجة ‪.‬‬
‫أي أن الرجل هو الذي يشترط فيه أن يكون كفئا للمرأة وماثل لا ‪ ،‬ول يشترط أن‬
‫تكون الرأة كفئا للرجل ( ‪ ( . ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يرى الحناف أن الكفاءة من‬
‫جانب الزوجة معتبة ف حالتي ‪ - 1 :‬فيما إذا وكل الرجل عنه من يزوجه امرأة غي‬
‫معيبة ‪ ،‬فإنه يشترط لنفاذ تزويج الوكيل على الوكل أن يزوجه من تكافئه ‪ .‬كما تقدم‬
‫ف الوكالة ‪ - 2 .‬وفيما إذا كان الول الذي زوج الصغية غي الب الذي ل يعرف‬
‫بسوء الختيار فإنه يشترط لصحة التزويج أن تكون الزوجة كفئا له احتياطا لصلحته‬
‫‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 151‬ودليل ذلك ‪ ( :‬أول ) أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬

‫‪111‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من كانت عنده جارية ‪ ،‬فعلمها وأحسن تعليمها ‪ ،‬وأحسن إليها ث أعتقها وتزوجها‬
‫فله أجران " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪ ( .‬ثانيا ) أن النب صلى ال عليه وسلم ل‬
‫مكافئ له ف منلته ‪ ،‬وقد تزوج من أحياء العرب ‪ ،‬وتزوج من صفية بنت حيي‬
‫وكانت يهودية وأسلمت ‪ ( .‬ثالثا ) أن الزوجة الرفيعة النلة ‪ ،‬هي الت تعي هي‬
‫وأولياؤها عادة ‪ ،‬إذا تزوجت من غي الكف ء ‪ .‬أما الزوج الشريف فل يعي إذا‬
‫كانت زوجته خسيسة ودونه منلة ‪ .‬الكفاءة حق للمرأة والولياء ‪ :‬يرى جهور‬
‫الفقهاء أن الكفاءة حق للمرأة والولياء ‪ ،‬فل يوز للول أن يزوج الرأة من غي كف‬
‫ء إل برضاها ورضا سائر الولياء ( ‪ . ) 1‬لن تزويها بغي الكف ء فيه إلاق عار با‬
‫وبم ‪ ،‬فلم يز من غي رضاهم جيعا ‪ .‬فإذا رضيت ‪ ،‬ورضي أولياؤها جاز تزويها لن‬
‫النع لقهم ‪ ،‬فإذا رضوا زال النع ‪ .‬وقال الشافعية ‪ :‬هي لن له الولية ف الال ‪.‬‬
‫وقال أحد ‪ -‬ف رواية ‪ :‬هي حق لميع الولياء ‪ :‬قريبهم وبعيدهم ‪ .‬فمن ل يرض‬
‫منهم فله الفسخ ‪ .‬وف رواية عن أحد ‪ :‬أنا حق ال ‪ ،‬فلو رضي الولياء والزوجة‬
‫بإسقاط الكفاءة ل يصح رضاهم ‪ ،‬ولكن هذه الرواية مبنية على أن الكفاءة ف الدين‬
‫ل غي ‪ ،‬كما جاء ف إحدى الروايات عنه ‪ .‬وقت اعتبارها ‪ :‬وإنا يعتب وجود الكفاءة‬
‫عند إنشاء العقد ‪ ،‬فإذا تلف وصف من أوصافها ( هامش ) ( ‪ ) 1‬إذا زوجت الرأة‬
‫من غي كف ء بغي رضاها وغي رضا الولياء فقيل إن الزواج باطل ‪ ،‬وقيل إنه‬
‫صحيح ‪ ،‬ويثبت فيه اليار ‪ .‬هذا عند الشافعية ورأي الحناف مبي ف الولية ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 152‬بعد العقد فإن ذلك ل يضر ‪ ،‬ول يغي من الواقع شيئا ‪ ،‬ول يؤثر ف‬
‫عقد الزواج ‪ ،‬لن شروط الزواج إنا تعتب عند العقد ‪ .‬فإن كان عند الزواج صاحب‬
‫حرفة شريفة ‪ ،‬أو كان قادرا على النفاق ‪ ،‬أو كان صالا ‪ .‬ث تغيت الظروف‬
‫فاحترف مهنة دنيئة ‪ ،‬أو عجز عن النفاق أو فسق عن أمر ربه بعد الزواج ‪ .‬فإن‬
‫العقد باق على ما هو عليه ‪ . . .‬فإن الدهر قلب ‪ ،‬والنسان ل يدوم على حال واحدة‬
‫‪ .‬وعلى الرأة أن تقبل الواقع ‪ ،‬وتصب وتتقي ‪ ،‬فإن ذلك من عزم المور ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 153‬القوق الزوجية إذا وقع العقد صحيحا نافذا ترتبت عليه آثاره ‪ ،‬ووجبت‬
‫بقتضاه القوق الزوجية ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 153‬‬
‫وهذه القوق ثلثة أقسام ‪ - 1 :‬منها حقوق واجبة للزوجة على زوجها ‪ - 2 .‬ومنها‬
‫حقوق واجبة للزوج على زوجته ‪ - 3 .‬ومنها حقوق مشتركة بينهما ‪ .‬وقيام كل من‬
‫الزوجي بواجبه ‪ ،‬والضطلع بسؤولياته هو الذي يوفر أسباب الطمئنان والدوء‬
‫النفسي ‪ ،‬وبذلك تتم السعادة الزوجية ‪ .‬وفيما يلي تفصيل وبيان بعض هذه القوق ‪:‬‬
‫القوق الشتركة بي الزوجي ‪ :‬والقوق الشتركة بي الزوجي هي ‪ - 1 :‬حل‬
‫العشرة الزوجية واستمتاع كل من الزوجي بالخر ‪ .‬وهذا الل مشترك بينهما ‪،‬‬
‫فيحل للزوج من زوجته ما يل لا منه ‪ . .‬وهذا الستمتاع حق للزوجي ‪ ،‬ول يصل‬
‫إل بشاركتهما معا ‪ ،‬لنه ل يكن أن ينفرد به أحدها ‪ - 2 .‬حرمة الصاهرة ‪ :‬أي أن‬
‫الزوجة ترم على آباء الزوج ‪ ،‬وأجداده ‪ ،‬وأبنائه ‪ ،‬وفروع أبنائه وبناته ‪ .‬كما يرم‬
‫هو على أمهاتا ‪ ،‬وبناتا ‪ ،‬وفروع أبنائها وبناتا ‪ - 3 .‬ثبوت التوارث بينهما بجرد‬
‫إتام العقد ‪ .‬فإذا مات أحدها بعد إتام العقد ورثه الخر ولو ل يتم الدخول ‪- 4 .‬‬
‫ثبوت نسب الولد من الزوج صاحب الفراش ‪ / .‬صفحة ‪ - 5 / 154‬العاشرة‬
‫بالعروف ‪ :‬فيجب على كل من الزوجي أن يعاشر الخر بالعروف حت يسودها‬
‫الوئام ‪ ،‬ويظلهما السلم ‪ .‬قال ال تعال ‪ " :‬وعاشروهن بالعروف ( ‪ . " ) 1‬القوق‬
‫الواجبة للزوجة على زوجها ‪ :‬القوق الواجبة للزوجة على زوجها منها ‪ - 1 :‬حقوق‬
‫مالية ‪ :‬وهي الهر ‪ ،‬والنفقة ‪ - 2 .‬وحقوق غي مالية ‪ :‬مثل العدل بي الزوجات إذا‬
‫كان الزوج متزوجا بأكثر من واحدة ‪ ،‬ومثل عدم الضرار بالزوجة ‪ .‬ونذكر تفصيل‬
‫ذلك فيما يلي من صفحات ‪ ( . . .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪/ ) . ( . 19‬‬
‫صفحة ‪ / 155‬الهر من حسن رعاية السلم للمرأة واحترامه لا ‪ ،‬أن أعطاها حقها‬
‫ف التملك ‪ ،‬إذ كانت ف الاهلية مهضومة الق مهيضة الناح ‪ ،‬حت ان وليها كان‬
‫يتصرف ف خالص مالا ‪ ،‬ل يدع لا فرصة التملك ‪ ،‬ول يكنها من التصرف ‪ .‬فكان‬
‫أن رفع السلم عنها هذا الصر ‪ ،‬وفرض لا الهر ‪ ،‬وجعله حقا على الرجل لا ‪،‬‬
‫وليس لبيها ‪ ،‬ول لقرب الناس إليها أن يأخذ شيئا منها إل ف حال الرضا والختيار‬

‫‪113‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال ال تعال ‪ " :‬وآتوا النساء صدقاتن نلة ‪ ،‬فإن طب لكم عن شئ منه نفسا فكلوه‬
‫هنيئا مريئا ( ‪ : . " ) 1‬وآتوا النساء مهورهن عطاء مفروضا ل يقابله عوض ‪ ،‬فإن‬
‫أعطي شيئا من الهر بعد ما ملكن من غي إكراه ول حياء ول خديعة ‪ ،‬فخذوه سائغا ‪،‬‬
‫ل غصة فيه ‪ ،‬ول إث معه ‪ .‬فإذا أعطت الزوجة شيئا من مالا حياء ‪ ،‬أو خوفا ‪ ،‬أو‬
‫خديعة ‪ ،‬فل يل أخذه ‪ .‬قال تعال ‪ " :‬وإن أردت استبدال زوج مكان زوج وآتيتم‬
‫إحداهن قنطارا فل تأخذوا منه شيئا ‪ ،‬أتأخذونه بتانا وإثا مبينا ؟ وكيف تأخذونه وقد‬
‫أفضى بعضكم إل بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا ؟ ( ‪ . " ) 2‬وهذا الهر الفروض‬
‫للمرأة ‪ ،‬كما أنه يقق هذا العن ‪ .‬فهو يطيب نفس الرأة ويرضيها بقوامة الرجل عليها‬
‫‪ .‬قال تعال ‪ " :‬الرجال قوامون على النساء با فضل ال بعضهم على بعض ‪ ،‬وبا‬
‫أنفقوا من أموالم ( ‪ " ) 3‬مع ما يضاف إل ذلك من توثيق الصلت ‪ ،‬وإياد أسباب‬
‫الودة والرحة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪ ) 2 ( . 4‬سورة النساء آية ‪، 20‬‬
‫‪ ) 3 ( . 21‬سورة النساء الية ‪ / ) . ( . 34‬صفحة ‪ / 156‬قدر الهر ‪ :‬ل تعل‬
‫الشريعة حدا لقلته ‪ ،‬ول لكثرته ‪ ،‬إذ الناس يتلفون ف الغن والفقر ‪ ،‬ويتفاوتون ف‬
‫السعة والضيق ‪ ،‬ولكل جهة عاداتا وتقاليدها ‪ ،‬فتركت التحديد ليعطي كل واحد‬
‫على قدر طاقته ‪ ،‬وحسب حالته ‪ ،‬وعادات عشيته ‪ ،‬وكل النصوص جاءت تشي إل‬
‫أن الهر ل يشترط فيه إل أن يكون شيئا له قيمة ‪ ،‬بقطع النظر عن القلة والكثرة ‪،‬‬
‫فيجوز أن يكون خاتا من حديد ‪ ،‬أو قدحا من تر أو تعليما لكتاب ال ‪ ،‬وما شابه‬
‫ذلك ‪ ،‬إذا تراضى عليه التعاقدان ‪ - 1 .‬فعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بن فزارة‬
‫تزوجت على نعلي ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أرضيت عن نفسك‬
‫ومالك بنعلي ؟ ‪ .‬فقالت ‪ :‬نعم ‪ .‬فأجازه " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والترمذي ‪،‬‬
‫وصححه ‪ - 2 .‬وعن سهل بن سعد أن النب صلى ال عليه وسلم جاءته امرأة فقالت‬
‫‪ :‬يارسول ال إن وهبت نفسي لك ‪ ،‬فقامت قياما طويل ‪ ،‬فقام رجل ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫يارسول ال زوجنيها إن ل يكن لك با حاجة ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫هل عندك من شئ تصدقها إياه ؟ فقال ‪ :‬ما عندي إل إزاري هذا ‪ ،‬فقال النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ :‬إن أعطيتها إزارك جلست ل إزار لك ‪ ،‬فالتمس شيئا ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما‬

‫‪114‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أجد شيئا ‪ ،‬فقال ‪ :‬التمس ولو خاتا من حديد ‪ ،‬فالتمس فلم يد شيئا ‪ ،‬فقال له النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬هل معك من القرآن شئ ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬سورة كذا ‪ ،‬وسورة‬
‫كذا ‪ ،‬لسور يسميها ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬قد زوجتكها با معك من‬
‫القرآن ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 156‬‬
‫وقد جاء ف بعض الروايات الصحيحة ‪ " :‬علمها من القرآن " ‪ .‬وف رواية أب هريرة ‪:‬‬
‫أنه قدر ذلك بعشرين آية ‪ - 3 .‬وعن أنس ‪ :‬أن أبا طلحة خطب أم سليم ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫" وال ما مثلك يرد ‪ ،‬ولكنك كافر وأنا مسلمة ‪ ،‬ول يل ل أن أتزوجك ‪ ،‬فإن تسلم‬
‫فذلك مهري ‪ ،‬ول أسألك غيه ‪ .‬فكان ذلك مهرها " ‪ .‬فدلت هذه الحاديث على‬
‫جواز جعل الهر شيئا قليل ‪ ،‬وعلى جواز جعل النفعة مهرا ‪ .‬وأن تعلم القرآن من‬
‫النفعة ‪ / .‬صفحة ‪ / 157‬وقد قدر الحناف أقل الهر بعشرة دراهم ‪ ،‬كما قدره‬
‫الالكية بثلثة ‪ .‬وهذا التقدير ل يستند إل دليل يعول عليه ‪ ،‬ول حجة يعتد با ‪ .‬قال‬
‫الافظ ‪ :‬وقد وردت أحاديث ف أقل الصداق ل يثبت منها شئ ‪ ،‬وقال ابن القيم ‪-‬‬
‫تعليقا على ما تقدم من الحاديث ‪ -‬وهذا هو الذي اختارته أم سليم من انتفاعها‬
‫بإسلم أب طلحة وبذل نفسها له إن أسلم ‪ .‬وهذا أحب إليها من الال الذي يبذله‬
‫الزوج ‪ ،‬فإن الصداق شرع ف الصل حقا للمرأة تنتفع به ‪ ،‬فإذا رضيت بالعلم‬
‫والدين ‪ ،‬وإسلم الزوج ‪ ،‬وقراءته القرآن ‪ -‬كان هذا من أفضل الهور ‪ ،‬وأنفعها ‪،‬‬
‫وأجلها ‪ .‬فما خل العقد عن مهر وأين الكم بتقدير الهر بثلثة دراهم ‪ ،‬أو عشرة من‬
‫النص ‪ ،‬والقياس ‪ ،‬إل الكم بصحة كون الهر ما ذكرنا نصا وقياسا ‪ .‬وليس هذا‬
‫مستويا بي هذه الرأة وبي الوهوبة الت وهبت نفسها للنب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وهي خالصة له من دون الؤمني ‪ ،‬فإن تلك وهبت نفسها هبة مردة من ول‬
‫وصداق ‪ ،‬بلف ما نن فيه فإنه نكاح بول وصداق ‪ ،‬وإن كان غي مال ‪ .‬فإن الرأة‬
‫جعلته عوضا عن الال ‪ ،‬لا يرجع إليها من منفعة ‪ .‬ول تب نفسها للزوج هبة مردة ‪،‬‬
‫كهبة شئ من مالا بلف الوهوبة الت خص ال با رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ .‬هذا‬

‫‪115‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مقتضى هذه الحاديث ‪ .‬وقد خالف ف بعضه من قال ‪ :‬ل يكون الصداق إل مال ‪،‬‬
‫ول يكون منافع أخر ‪ ،‬ول علمه ول تعليمه صداقا كقول أب حنيفة ‪ ،‬وأحد رحهما‬
‫ال ف رواية عنه ‪ .‬ومن قال ‪ :‬ل يكون أقل من ثلثة دراهم كمالك رحه ال وعشرة‬
‫دراهم كأب حنيفة رحه ال ‪ .‬وفيه أقوال أخرى شاذة ل دليل عليها من كتاب ول سنة‬
‫‪ ،‬ول إجاع ‪ ،‬ول قياس ‪ ،‬ول قول صاحب ‪ .‬ومن ادعى ف هذه الحاديث الت‬
‫ذكرناها ‪ ،‬اختصاصها بالنب صلى ال عليه وسلم وأنا منسوخة ‪ ،‬أو أن عمل أهل‬
‫الدينة على خلفها فدعوى ل يقوم عليها دليل ‪ .‬والصل بردها ‪ .‬وقد زوج سيد أهل‬
‫الدينة من التابعي ‪ -‬سعيد بن السيب ‪ -‬ابنته على درهي ول ينكر عليه أحد ‪ ،‬بل‬
‫عد ذلك ‪ /‬صفحة ‪ / 158‬من مناقبه وفضائله ‪ .‬وقد تزوج عبد الرحن بن عوف على‬
‫صداق خسة دراهم وأقره النب صلى ال عليه وسلم ول سبيل إل إثبات القادير إل‬
‫من جهة صاحب الشرع ‪ .‬أما من حيث الكثرة ‪ ،‬فإنه ل حد لكثر الهر ‪ .‬فعن عمر‬
‫رضي ال عنه ‪ :‬أنه نى وهو على النب ‪ ،‬أن يزاد ف الصداق على أربعمائة درهم ‪ .‬ث‬
‫نزل ‪ ،‬فاعترضته امرأة من قريش ‪ ،‬فقالت ‪ :‬أما سعت ال يقول ‪ " :‬وآتيتم إحداهن‬
‫قنطارا " ! ‪ .‬فقال ‪ :‬اللهم عفوا ‪ ،‬كل الناس أفقه من عمر ‪ ،‬ث رجع ‪ ،‬فركب النب ‪،‬‬
‫فقال ‪ " :‬إن كنت قد نيتكم أن تزيدوا ف صدقاتن على أربعمائة درهم ‪ ،‬فمن شاء‬
‫أن يعطي من ماله ما أحب " ‪ .‬رواه سعيد بن منصور ‪ ،‬وأبو يعلى بسند جيد ‪ .‬وعن‬
‫عبد ال بن مصعب أن عمر قال ‪ " :‬ل تزيدوا ف مهور النساء على أربعي أوقية من‬
‫فضة ‪ ،‬فمن زاد أوقية جعلت الزيادة ف بيت الال " فقالت امرأة ‪ :‬ما ذاك لك ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫ول ؟ ‪ .‬فقالت ‪ :‬لن ال تعال يقول ‪ :‬و " آتيتم إحداهن قنطارا " ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬امرأة‬
‫أصابت ‪ ،‬ورجل أخطأ ‪ .‬كراهة الغالة ف الهور ‪ :‬ومهما يكن من شئ فإن السلم‬
‫يرص على إتاحة فرص الزواج لكثر عدد مكن من الرجال والنساء ‪ ،‬ليستمتع كل‬
‫باللل الطيب ‪ .‬ول يتم ذلك إل إذا كانت وسيلته مذللة ‪ ،‬وطريقته ميسرة ‪ .‬بيث‬
‫يقدر عليه الفقراء الذين يهدهم بذل الال الكثي ‪ ،‬ول سيما أنم الكثرية ‪ ،‬فكره‬
‫السلم التغال ف الهور ‪ ،‬وأخب أن الهر كلما كان قليل كان الزواج مباركا ‪ ،‬وأن‬
‫قلة الهر من ين الرأة ‪ .‬فعن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬

‫‪116‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" إن أعظم النكاح بركة ‪ .‬أيسره مؤنة " ‪ .‬وقال ‪ " :‬ين الرأة خفة مهرها ‪ ،‬ويسر‬
‫نكاحها ‪ ،‬وحسن خلقها ‪ / .‬صفحة ‪ / 159‬وشؤمها غلء مهرها ‪ ،‬وعسر نكاحها ‪،‬‬
‫وسوء خلقها " ‪ .‬وكثي من الناس جهل هذه التعاليم ‪ ،‬وحاد عنها وتعلق بعادات‬
‫الاهلية من التغال ف الهور ‪ ،‬ورفض التزويج إل إذا دفع الزوج قدرا كبيا من الال‬
‫يرهقه ‪ ،‬ويضايقه ‪ ،‬كأن الرأة سلعة يساوم عليها ‪ ،‬ويتجر با ‪ .‬وقد أدى ذلك إل‬
‫كثرة الشكوى ‪ ،‬وعان الناس من أزمة الزواج الت أضرت بالرجال والنساء على‬
‫السواء ‪ ،‬ونتج عنها كثي من الشرور والفاسد ‪ ،‬وكسدت سوق الزواج ‪ ،‬وأصبح‬
‫اللل أصعب منال من الرام ‪ .‬تعجيل الهر وتأجيله ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 159‬‬
‫يوز تعجيل الهر وتأجيله ‪ ،‬أو تعجيل البعض ‪ ،‬وتأجيل البعض الخر ‪ ،‬حسب عادات‬
‫النساء ‪ ،‬وعرفهم ‪ .‬ويستحب تعجيل جزء منه ‪ ،‬لا روى ابن عباس ‪ :‬أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم منع عليا أن يدخل بفاطمة حت يعطيها شيئا ‪ .‬فقال ‪ :‬ما عندي شئ ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬فأين درعك الطمية ؟ فأعطاه إياها ‪ .‬رواه أبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬والاكم‬
‫وصححه ‪ .‬وروى أبو داود ‪ ،‬وابن ماجه عن عائشة قالت ‪ " :‬أمرن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئا " ‪ .‬فهذا الديث يدل‬
‫على أنه يوز دخول الرأة قبل أن يقدم لا شيئا من الهر ‪ .‬وحديث ابن عباس يدل‬
‫على أن النع كان على سبيل الندب ‪ .‬قال الوزاعي ‪ " :‬كانوا يستحسنون أل يدخل‬
‫عليها حت يقدم لا شيئا " وقال الزهري ‪ " :‬بلغنا ف السنة أل يدخل بامرأة حت يقدم‬
‫يكسو كسوة ‪ .‬ذلك ما عمل به السلمون " ‪ .‬وللزوج أن يدخل على زوجته ‪ .‬وعليها‬
‫أن تسلم نفسها إليه ‪ ،‬ول تتنع عليه ولو ل يعطها ما اشترط تعجيله لا من الهر ‪ -‬وإن‬
‫كان يكم لا به ‪ .‬قال ابن حزم ‪ " :‬ومن تزوج فسمى صداقا أو ل يسم فله الدخول‬
‫با أحبت أم كرهت مقضي لا با سى لا ‪ ،‬أحب أم كره ‪ ،‬ول ينع من ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 160‬أجل ذلك من الدخول با ‪ ،‬لكن يقضى له عاجل بالدخول ويقضى لا عليه‬
‫حسب ما يوجد عنده من الصداق ‪ .‬فإن كان ل يسم لا شيئا قضي عليه بهر مثلها ‪،‬‬

‫‪117‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إل أن يتراضيا بأقل أو أكثر " ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ " :‬إن له أن يدخل با أحبت أم‬
‫كرهت ‪ ،‬إن كان مهرها مؤجل لنا هي الت رضيت بالتأجيل وهذا ل يسقط حقه ‪.‬‬
‫وإن كان معجل كله أو بعضه ل يز له أن يدخل با حت يؤذي إليها ما اشترط لا‬
‫تعجيله ‪ ،‬ولا أن تنع نفسها منه حت يوفيها ما اتفقوا على تعجيله " ‪ .‬قال ابن النذر ‪:‬‬
‫" أجع كل من تفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تتنع من دخول الزوج عليها‬
‫حت يعطيها مهرها " وقد ناقش صاحب الحلى هذا الرأي ‪ .‬فقال ‪ " :‬ل خلف بي‬
‫أحد من السلمي ف أنه من حي يعقد عليها الزوج فإنا زوجة له ‪ .‬فهو حلل لا ‪،‬‬
‫وهي حلل له ‪ .‬فمن منعها منه حت يعطيها الصداق أو غيه ‪ ،‬فقد حال بينه وبي‬
‫امرأته ‪ ،‬بل نص من ال تعال ول من رسوله صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬لكن الق ما‬
‫قلنا ‪ :‬أل ينع حقه منها ول تنع هي حقها من صداقها ‪ ،‬لكن له الدخول عليها ‪-‬‬
‫أحبت أم كرهت ‪ -‬ويؤخذ ما يوجد له صداقها ‪ ،‬أحب أم كره ‪ . .‬وصح عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم تصويب قول القائل ‪ " :‬أعط كل ذي حق حقه " ‪ .‬مت يب‬
‫الهر السمى كله ‪ :‬يب الهر السمى كله ف إحدى الالت التية ‪ - 1 :‬إذا حصل‬
‫الدخول القيقي لقول ال تعال ‪ " :‬وإن أردت استبدال زوج مكان زوج وآتيتم‬
‫إحداهن قنطارا فل تأخذوا منه شيئا ‪ .‬أتأخذونه بتانا وإثا مبينا ؟ وكيف ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 161‬تأخذونه وقد أفضى بعضكم إل بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا ؟ ! " ( ‪) 1‬‬
‫‪ - 2‬إذا مات أحد الزوجي قبل الدخول ‪ .‬وهو ممع عليه ‪ - 3 .‬ويرى أبو حنيفة ‪:‬‬
‫أنه إذا اختلى با خلوة صحيحة ‪ ،‬استحقت الصداق السمى ‪ .‬وذلك بأن ينفرد‬
‫الزوجان ف مكان يأمنان فيه اطلع أحد عليهما ‪ ،‬ول يكن بأحد منهما مانع شرعي ‪،‬‬
‫مثل أن يكون أحدها صائما صيام فرض عليه ‪ ،‬أو تكون حائضا ‪ .‬أو مانع حسي ‪،‬‬
‫مثل مرض أحدها مرضا ل يستطيع معه الدخول القيقي ‪ ،‬أو مانع طبيعي بأن يكون‬
‫معهما ثالث ‪ .‬واستدل أبو حنيفة با رواه أبو عبيدة عن زائدة بن أب أوف ‪ ،‬قال ‪" :‬‬
‫قضى اللفاء الراشدون الهديون أنه إذا أغلق الباب ‪ ،‬وأرخى الستر ‪ ،‬فقد وجب‬
‫الصداق " ‪ .‬وروى وكيع عن نافع بن جبي قال ‪ " :‬كان أصحاب رسول ال يقولون ‪:‬‬
‫إذا أرخى الستر وأغلق الباب ‪ ،‬فقد وجب الصداق " ‪ .‬ولن التسليم الستحق وجد‬

‫‪118‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من جهتها فيستقر به البدل ‪ .‬وخالف ف ذلك الشافعي ‪ ،‬ومالك وداود فقالوا ‪ " :‬ل‬
‫يستقر الهر كله إل بالوطء ( ‪ ، ) 2‬ول يب باللوة الصحيحة إل نصف الهر ‪ ،‬لقول‬
‫ال تعال " وإن طلقتموهن من قبل أن تسوهن وقد فرضتم لن فريضة ‪ ،‬فنصف ما‬
‫فرضتم ‪ . ) 3 ( .‬أي ان نصف ما فرض من الهر يب إذا وقع الطلق قبل السيس‬
‫الذي هو الدخول القيقي ‪ .‬وف حالة اللوة ل يقع مسيس ‪ ،‬فل يب الهر كله ‪ .‬قال‬
‫شريح ‪ " :‬ل أسع ال ذكر ف كتابه بابا ‪ ،‬ول سترا ‪ .‬إذا زعم أنه ل يسها فلها نصف‬
‫الصداق " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪ ) 2 ( . 21 ، 20‬إل أن مالكا قال ‪:‬‬
‫إذا بن عليها وطالت هذه اللوة ‪ -‬فإن الهر يستقر وإن ل يطأ وحدده ابن قاسم من‬
‫أتباعه بعام ‪ ) 3 ( .‬سورة البقرة آية ‪ / ) . ( . 237‬صفحة ‪ / 162‬وروى سعيد بن‬
‫منصور عن ابن عباس أنه كان يقول ف رجل دخلت عليه امرأته ‪ ،‬ث طلقها ‪ ،‬فزعم أنه‬
‫ل يسها ‪ " :‬عليه نصف الصداق " ‪ .‬وروى عبد الرزاق عنه قال ‪ " :‬ل يب الصداق‬
‫وافيا حت يامعها " ‪ .‬وجوب الهر السمى بالدخول ف الزواج الفاسد ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 162‬‬
‫إذا عقد الرجل على الرأة ‪ ،‬ودخل با ‪ ،‬ث تبي فساد الزواج لسبب من السباب ‪،‬‬
‫وجب الهر السمى كله ‪ ،‬لا رواه أبو داود ‪ :‬أن بصرة بن أكثم تزوج امرأة بكرا ف‬
‫كسرها فدخل عليها ‪ ،‬فإذا هي حبلى فذكر ذلك للنب صلى ال عليه وسلم فقال ‪" :‬‬
‫لا الصداق با استحللت من فرجها " وفرق بينهما ‪ .‬ففي هذا الديث وجوب الهر‬
‫السمى ف النكاح الفاسد كما أنه تضمن فساد النكاح وبطلنه إذا تزوجها فوجدها‬
‫حبلى من الزنا ‪ .‬الزواج بغي ذكر الهر ‪ :‬الزواج بغي ذكر الهر ‪ ،‬ويسمى " زواج‬
‫التفويض " يصح ف قول عامة أهل العلم ‪ ،‬لقول ال تعال " ل جناح عليكم إن طلقتم‬
‫النساء ما ل تسوهن أو تفرضوا لن فريضة ( ‪ . " ) 1‬ومعن الية ‪ :‬أنه ل إث على من‬
‫طلق زوجته قبل السيس ‪ ،‬وقبل أن يفرض لا مهرا ‪ .‬فإذا تزوج بغي ذكر الهر ‪،‬‬
‫واشترط أن ل مهر عليه فقيل ‪ :‬إن الزواج غي صحيح ‪ ،‬وإل هذا ذهبت الالكية وابن‬
‫حزم ‪ .‬قال ‪ :‬وأما لو اشترط فيه أن ل صداق ‪ ،‬فهو مفسوخ ‪ ،‬لقول رسول ال صلى‬

‫‪119‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال عليه وسلم ‪ " :‬كل شرط ليس ف كتاب ال عزوجل فهو باطل " ‪ .‬وهذا شرط‬
‫ليس ف كتاب ال عزوجل فهو باطل ‪ ،‬بل ف كتاب ال عزوجل إبطاله ‪ .‬قال ال تعال‬
‫‪ " :‬وآتوا النساء صدقاتن نلة " ‪ .‬فإذن هو باطل ‪ ،‬فالنكاح الذكور ل تنعقد صحته‬
‫إل على تصحيح ما ل يصح ‪ ،‬فهو نكاح ل صحة له ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة‬
‫‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 236‬صفحة ‪ / 163‬وذهبت الحناف إل القول بالواز ‪ ،‬إذ الهر‬
‫ليس ركنا ول شرطا ف عقد الزواج ‪ .‬وجوب مهر الثل بالدخول أو بالوت قبله ‪:‬‬
‫وإذا دخل با الزوج ‪ ،‬أو مات قبل الدخول با ‪ ،‬ف هذه الال ‪ ،‬فللزوجة مهر الثل‬
‫والياث ‪ ،‬لا رواه أبو داود عن عبد ال بن مسعود أنه قال ف مثل هذه السألة ‪" :‬‬
‫أقول فيها برأيي ‪ -‬فإن كان صوابا فمن ال ‪ ،‬وإن كان خطأ فمن ‪ : -‬أرى لا صداق‬
‫امرأة من نسائها ‪ :‬لوكس ( ‪ ، ) 1‬ول شطط ‪ ،‬وعليها العدة ‪ ،‬ولا الياث ‪ ،‬فقام‬
‫معقل بن يسار ‪ ،‬فقال ‪ ،‬أشهد لقضيت فيها بقضاء رسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫بروع واشق ‪ .‬وإل هذا ذهب أبو حنيفة ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬وداود ‪ ،‬وأصح قول الشافعي ‪.‬‬
‫مهر الثل ‪ :‬مهر الثل هو الهر الذي تستحقه الرأة ‪ ،‬مثل مهر من ياثلها وقت العقد ف‬
‫السن ‪ ،‬والمال ‪ ،‬والال ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬والدين ‪ ،‬والبكارة ‪ ،‬والثيوبة ‪ ،‬والبلد ‪ ،‬وكل ما‬
‫يتلف لجله الصداق ‪ ،‬كوجود الولد أو عدم وجوده ‪ ،‬إذ أن قيمة الهر للمرأة تتلف‬
‫عادة باختلف هذه الصفات ‪ .‬والعتب ف الماثلة من جهة عصبتها كأختها وعمتها‬
‫وبنات أعمامها ‪ .‬وقال أحد ‪ :‬هو معتب بقراباتا من العصبات وغيهم من ذوي‬
‫أرحامها ‪ .‬وإذا ل توجد امرأة من أقرباتا من جهة الب متصفة بأوصاف الزوجة الت‬
‫نريد تقدير مهر الثل لا ‪ ،‬كان العتب مهر امرأة أجنبية من أسرة تاثل أسرة أبيها ‪.‬‬
‫زواج الصغية بأقل من مهر الثل ‪ :‬ذهب الشافعي ‪ ،‬وداود ‪ ،‬وابن حزم ‪،‬‬
‫والصاحبان ‪ ،‬من الحناف ‪ ،‬إل أنه ل يوز للب أن يزوج ابنته الصغية بأقل من مهر‬
‫مثلها ‪ ،‬ول يلزمها ( هامش ) ( ‪ ) 1‬لوكس ‪ :‬ل نقص عن مهر نسائها ول شطط ول‬
‫زيادة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 164‬حكم أبيها ف ذلك ‪ ،‬وتبلغ إل مهر مثلها ول بد ‪ ،‬إذ‬
‫أن الهر حق لا ‪ ،‬ول حكم لبيها ف مالا ‪ . .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬إذا زوج الب ابنته‬
‫الصغية ‪ ،‬ونقص من مهرها ‪ ،‬جاز ذلك عليها ‪ ،‬ول يوز ذلك لغي الب والد ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تشطي الهر ‪ :‬يب على الزوج نصف الهر إذا طلق زوجته قبل الدخول با ‪ ،‬وكان‬
‫قد فرض لا قدر الصداق ‪ ،‬لقوله تعال ‪ " :‬وإن طلقتموهن من قبل أن تسوهن وقد‬
‫فرضتم لن فريضة فنصف ما فرضتم ‪ ،‬إل أن يعفون ( ‪ ) 1‬أو يعفو الذي بيده عقدة (‬
‫‪ ) 2‬النكاح ‪ ،‬وأن تعفوا أقرب للتقوى ‪ .‬ول تنسوا الفضل بينكم إن ال با تعملون‬
‫بصي ( ‪ . " ) 3‬وجوب التعة ‪ :‬إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول ‪ ،‬ول يفرض لا‬
‫صداقا ‪ ،‬وجب عليه التعة تعويضا لا عما فاتا ‪ .‬وهذا نوع من التسريح الميل ‪،‬‬
‫والتسريح بإحسان ‪ ،‬قال ال تعال ‪ " :‬فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان ( ‪. " ) 4‬‬
‫وقد أجع العلماء على أن الت ل يفرض لا ‪ ،‬ول يدخل با ‪ ،‬ل شئ لا غي التعة ‪.‬‬
‫والتعة تتلف باختلف ثروة الرجل ‪ .‬وليس لا حد معي ‪ ،‬قال ال تعال ‪ " :‬ل جناح‬
‫عليكم إن طلقتم النساء ما ل تسوهن أو تفرضوا لن فريضة ‪ .‬ومتعوهن على ( هامش‬
‫) ( ‪ ) 1‬يعفون ‪ :‬أي النساء الكلفات ‪ ) 2 ( .‬بيده عقده النكاح ‪ :‬هو الزوج وقيل‬
‫هو الول ‪ ) 3 ( .‬سورة البقرة الية ‪ ) 4 ( . 237‬سورة البقرة الية ‪) . ( . 229 :‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 165‬الوسع ( ‪ ) 1‬قدره ( ‪ ) 2‬وعلى القتر ( ‪ ) 3‬قدره ‪ ،‬متاعا بالعروف‬
‫( ‪ ) 4‬حقا على الحسني ( ‪ . ) 5‬سقوط الهر ‪ :‬ويسقط الهر كله عن الزوج ‪ ،‬فل‬
‫يب عليه شئ للزوجة ف كل فرقة كانت قبل الدخول من قبل الرأة ‪ ،‬كأن ارتدت‬
‫عن السلم ‪ .‬أو فسخت‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 165‬‬
‫العقد لعساره ‪ ،‬أو عيبه ‪ ،‬أو فسخه هو بسبب عيبها ‪ ،‬أو بسبب خيار البلوغ ‪ .‬ول‬
‫يب لا متعة ‪ ،‬لنا أتلفت العوض قبل تسليمه ‪ ،‬فسقط البلد كله كالبائع يتلف البيع‬
‫قبل تسليمه ‪ .‬ويسقط الهر كذلك ‪ ،‬إذا أبرأته قبل الدخول با أو وهبته له ‪ ،‬فإنه ف‬
‫هذه الال يسقط بإسقاطها له ‪ .‬وهو حق خالص لا ‪ .‬الزيادة على الصداق بعد العقد‬
‫‪ :‬قال أبو حنيفة ‪ :‬إن الزيادة على الصداق بعد العقد ثابتة إن دخل بالزوجة ‪ ،‬أو مات‬
‫عنها ‪ ،‬فأما إن طلقها قبل الدخول ‪ ،‬فإنا ل تثبت ‪ ،‬وكان لا نصف السمى فقط (‬
‫‪ . ) 6‬وقال مالك ‪ :‬الزيادة ثابتة إن دخل با ‪ ،‬فإن طلقها قبل الدخول فلها نصفها مع‬

‫‪121‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نصف السمى ‪ .‬وإن مات قبل الدخول وقبل القبض بطلت ‪ ،‬وكان لا السمى بالعقد‬
‫‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬هي هبة مستأنفة ‪ .‬إن قبضها جازت وإن ل يقبضها بطلت ‪ .‬وقال‬
‫أحد ‪ :‬حكمها حكم الصل ‪ .‬مهر السر ومهر العلنية ‪ :‬إذا اتفق العاقدان ف السر‬
‫على مهر ‪ ،‬ث تعاقدا ف العلنية بأكثر منه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الوسع ‪ :‬ذو السعة وهى‬
‫البسطة والغن ‪ ) 2 ( .‬قدره ‪ :‬طاقته ‪ ) 3 ( .‬القتر الفقي قليل الال ‪ ) 4 ( .‬متاعا‬
‫بالعرو ف ‪ :‬العروف ما يتعارف عليه الناس بينهم ‪ ) 5 ( .‬سورة البقرة الية ‪. 236‬‬
‫( ‪ ) 6‬هذا ما جرى عليه العمل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 166‬ث اختلفا إل القضاء فبم‬
‫يكم القاضي ‪ .‬؟ قال أبو يوسف ‪ :‬يكم با اتفقا عليه سرا ‪ ،‬لنه يثل الرادة القيقية‬
‫وهو مقصد العاقدين ‪ .‬وقيل ‪ :‬يكم بهر العلنية ‪ ،‬لنه هو الذكور ف العقد ‪ ،‬وما‬
‫كان سرا فعلمه إل ال ‪ ،‬والكم يتبع الظاهر ‪ .‬وهو مذهب أب حنيفة ‪ ،‬وممد ‪،‬‬
‫وظاهر قول أحد ف رواية الثرم ‪ ،‬وقول الشعب وابن أب ليلى ‪ ،‬وأب عبيد ‪ .‬قبض‬
‫الهر ‪ :‬إذا كانت الزوجة صغية ‪ ،‬فللب قبض صداقها ‪ ،‬لنه يلي مالا ‪ ،‬فكان له‬
‫قبضه كثمن مبيعها ‪ .‬وإن ل يكن لا أب ول جد ‪ ،‬فلوليها الال قبض صداقها ‪،‬‬
‫ويودعه ف الحاكم السبية ‪ ،‬ول يتصرف فيه إل بإذن من الحكمة الختصة ‪ .‬أما‬
‫صداق الثيب الكبية فل يقبضه إل بإذنا ‪ ،‬إذا كانت رشيدة ‪ ،‬لنا التصرفة ف مالا ‪.‬‬
‫والب إذا قبض الهر بضرتا ‪ ،‬اعتب ذلك إجازة منها بالقبض إذا سكتت ‪ ،‬وتبأ ذمة‬
‫الزوج ‪ ،‬لن إذنا ف قبض صداقها كثمن مبيعها ‪ .‬وف البكر البالغة العاقلة ‪ :‬أن الب‬
‫ل يقبض صداقها إل بإذنا إذا كانت رشيدة ( ‪ ، ) 1‬كالثيب ‪ .‬وقيل ‪ :‬له قبضه بغي‬
‫إذنا ‪ ،‬لنا العادة ‪ ،‬ولنا تشبه الصغية ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سن الرشد بقتضى‬
‫القواني الصرية إحدى وعشرون سنة ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 167‬الهاز الهاز هو الثاث‬
‫الذي تعده الزوجة هي وأهلها ليكون معها ف البيت ‪ ،‬إذا دخل با الزوج ‪ .‬وقد جرى‬
‫العرف ‪ ،‬على أن تقدم الزوجة ‪ ،‬وأهلها ‪ ،‬بإعداد الهاز وتأثيث البيت ‪ .‬وهو أسلوب‬
‫من أساليب إدخال السرور على الزوجة بناسبة زفافها ‪ .‬وقد روى النسائي عن علي‬
‫رضي ال عنه قال ‪ " :‬جهز رسول ال صلى ال عليه وسلم فاطمة ف خيل ‪ ،‬وقربة ‪،‬‬
‫ووسادة حشوها إذخر " ‪ .‬وهذا مرد عرف جرى عليه الناس ‪ .‬وأما السؤول عن‬

‫‪122‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إعداد البيت إعدادا شرعيا ‪ ،‬وتهيز كل ما يتاج له من الثاث ‪ ،‬والفرش ‪،‬‬
‫والدوات ‪ ،‬فهو الزوج ‪ ،‬والزوجة ل تسأل عن شئ من ذلك ‪ ،‬مهما كان مهرها ‪،‬‬
‫حت ولو كانت زيادة الهر من أجل الثاث ‪ ،‬لن الهر إنا تستحقه الزوجة ف مقابل‬
‫الستمتاع با ‪ ،‬ل من أجل إعداد الهاز لبيت الزوجية ‪ ،‬فالهر حق خالص لا ‪ ،‬ليس‬
‫لبيها ‪ ،‬ول لزوجها ‪ ،‬ول لحد حق فيه ‪ .‬وقد رأى الالكية ‪ :‬أن الهر ليس حقا‬
‫خالصا للزوجة ‪ ،‬ولذا ل يوز لا أن تنفق منه على نفسها ‪ ،‬ول تقضي منه دينا‬
‫عليها ‪ ،‬وإن كان للمحتاجة أن تنفق منه ‪ ،‬وتلتمس بالشئ القليل بالعروف ‪ ،‬وأن‬
‫تقضي منه الدين القليل كالدينار إذا كان الهر كثيا ‪ .‬وإنا ليس لا شئ من ذلك‬
‫الذي ذكرناه ‪ ،‬لن عليها أن تتجهز لزوجها بالعروف ‪ ،‬أي با جرت به العادة ف‬
‫جهاز مثلها لثله با قبضته من الهر قبل الدخول ‪ ،‬إن كان حال ‪ ،‬أو با تقبضه منه إذا‬
‫كان مؤجل ‪ ،‬وحل الجل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الميل ‪ :‬القطيفة ‪ ،‬وهي كل ثوب له‬
‫خيل ووبر من أي شئ والذخر نبت طيب الرائحة تشى به الوسائد ( ‪ / ) .‬صفحة‬
‫‪ / 168‬قبل الدخول با ‪ ،‬فإن تأخر قبض شئ من الهر حت دخل زوجها با ‪ ،‬ل يكن‬
‫عليها أن تتجهز بشئ ما تقبضه من بعد إل إذا كان ذلك مشروطا ‪ ،‬أو جرى به‬
‫العرف ‪ .‬وقد استوحى واضعو مشروع قانون الحوال الشخصية ‪ ،‬مذهب المام‬
‫مالك ف هذه الناحية ‪ ،‬فقد جاء ف الادة رقم ‪ 66‬منه ‪ " :‬أن الزوجة تلتزم بتجهيز‬
‫نفسها با يتناسب وما تعجل من مهر قبل الدخول ‪ ،‬ما ل يتفق على غي ذلك ‪ ،‬فإذا ل‬
‫يعجل شئ من الهر فل تلتزم بالهاز ‪ ،‬إل بقتضى التفاق أو العرف " ( ‪. ) 1‬‬
‫والهاز إذا اشترته الزوجة بالا ‪ ،‬أو اشتراه لا أبوها فهو ملك خالص لا ‪ ،‬ولحق‬
‫للزوج ول لغيه فيه ‪ ،‬ولا أن تكن زوجها وضيوفه من النتفاع‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 168‬‬
‫به ‪ ،‬كما أن لا أن تتنع عن التمكي من النتفاع ‪ ،‬وإذا امتنعت ل تب عليه ‪ .‬وقال‬
‫مالك ‪ :‬يوز للزوج أن ينتفع بهاز زوجته النتفاع الذي جرى به العرف ‪ ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬ص ‪ 214‬أحكام الحوال الشخصية الدكتور يوسف موسى ( ‪ / ) .‬صفحة‬

‫‪123‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ / 169‬النفقة القصود بالنفقة هنا ‪ :‬توفي ما تتاج إليه الزوجة من طعام ‪ ،‬ومسكن ‪،‬‬
‫وخدمة ‪ ،‬ودواء ‪ ،‬وإن كانت غنية ‪ .‬وهي واجبة بالكتاب ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬والجاع ‪ .‬أما‬
‫وجوبا بالكتاب ‪ - 1 :‬فلقول ال تعال ‪ " :‬وعلى الولود له رزقهن وكسوتن‬
‫بالعروف ‪ .‬ول تكلف نفس إل وسعها " ( ‪ . ) 1‬والراد بالولود له ‪ :‬الب ‪ .‬والرزق‬
‫ف هذا الكم ‪ :‬الطعام الكاف ‪ :‬والكسوة ‪ .‬اللباس ‪ .‬والعروف ‪ :‬التعارف ف عرف‬
‫الشرع ‪ .‬من غي تفريط ‪ .‬ول إفراط ‪ - 2 .‬وقوله سبحانه ‪ " :‬أسكنوهن من حيث‬
‫سكنتم من وجدكم ‪ ،‬ول تضاروهن لتضيقوا عليهن ‪ ،‬وان كن أولت حل فأنفقوا‬
‫عليهن حت يضعن حلهن " ( ‪ - 3 . ) 2‬وقوله تعال ‪ " :‬لينفق ذو سعة من سعته ‪،‬‬
‫ومن قدر عليه رزقه فلينفق ما آتاه ال ‪ ،‬ل يكلف ال نفسا إل ما آتاها " ( ‪ . ) 3‬وأما‬
‫وجوبا بالسنة ‪ - 1 :‬فقد روى مسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ف‬
‫حجة الوداع ‪ " :‬فاتقوا ال ف النساء ‪ ،‬فإنكم أخذتوهن بكلمة ال ‪ ،‬واستحللتم‬
‫فروجهن بكلمة ال ‪ ،‬ولكم عليهن أل يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة البقرة آية ‪ ) 2 ( . 233‬سورة الطلق آية ‪ ) 3 ( . 6‬سورة الطلق آية ‪( . 7‬‬
‫‪ / ) .‬صفحة ‪ / 170‬فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غي مبح ‪ ،‬ولن عليكم رزقهن‬
‫‪ ،‬وكسونن بالعروف " ‪ - 2 .‬وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي ال عنها ‪:‬‬
‫أن هندا بنت عتبة قالت ‪ ،‬يا رسول ال ‪ ،‬إن أبا سفيان رجل شحيح ‪ ،‬وليس يعطين‬
‫وولدي إل أن أخذت منه ‪ -‬وهو ل يعلم ‪ -‬قال ‪ " :‬خذي ما يكفيك وولدك‬
‫بالعروف " ‪ - 3 .‬وعن معاوية القشيي رضي ال عنه قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يارسول ال ما‬
‫حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال ‪ " :‬تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ‪ ،‬ول‬
‫تضرب الوجه ‪ ،‬ول تقبح ‪ ،‬ول تجر إل ف البيت " ‪ .‬وأما الجاع ‪ :‬فقد قال ابن‬
‫قدامة ‪ :‬اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا‬
‫بالغي ‪ ،‬إل الناشز منهن ‪ .‬ذكر ابن النذر وغيه ‪ .‬قال ‪ :‬وفيه ضرب من العبة ‪ ،‬وهو‬
‫أن الرأة مبوسة على الزوج ينعها من النصرف والكتساب ‪ .‬فلبد من أن يتفق عليها‬
‫‪ .‬سبب وجوب النفقة ‪ :‬وإنا أوجب الشارع النفقة على الزوج لزوجته ‪ ،‬لن الزوجة‬
‫بقتضى عقد الزواج الصحيح تصبح مقصورة على زوجها ‪ ،‬ومبوسة لقه ‪ ،‬لستدامة‬

‫‪124‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الستمتاع با ‪ ،‬ويب عليها طاعته ‪ ،‬والقرار ف بيته ‪ ،‬وتدبي منله ‪ ،‬وحضانة الطفال‬
‫وتربية الولد ‪ ،‬وعليه نظي ذلك أن يقوم بكفايتها والنفاق عليها ‪ ،‬مادامت الزوجية‬
‫بينهما قائمة ‪ ،‬ول يوجد نشوز ‪ ،‬أو سبب ينع من النفقة عمل بالصل العام ‪ " :‬كل‬
‫من احتبس لق غيه ومنفعته ‪ ،‬فنفقته على من احتبس لجله " ‪ .‬شروط استحقاق‬
‫النفقة ‪ :‬ويشترط لستحقاق النفقة الشروط التية ‪ - 1 :‬أن يكون عقد الزواج‬
‫صحيحا ‪ - 2 .‬أن تسلم نفسها إل زوجها ‪ - 3 .‬أن تكنه من الستمتاع با ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ - 4 / 171‬أل تتنع من النتقال حيث يريد الزوج ( ‪ - 5 . ) 1‬أن يكونا‬
‫من أهل الستمتاع ‪ .‬فإذا ل يتوفر شرط من هذه الشروط ‪ ،‬فإن النفقة ل تب ‪ :‬ذلك‬
‫أن العقد إذا ل يكن صحيحا ‪ ،‬بل كان فاسدا ‪ ،‬فإنه يب على الزوجي الفارقة ‪ ،‬دفعا‬
‫للفساد ‪ .‬وكذلك إذا ل تسلم نفسها إل زوجها ‪ ،‬أو ل تكنه من الستمتاع با ‪ ،‬أو‬
‫امتنعت من النتقال إل الهة الت يريدها ‪ ،‬ففي هذه الالت ل تب النفقة حيث ل‬
‫يتحقق الحتباس الذي هو سببها ‪ ،‬كما ل يب ثن البيع إذا امتنع البائع من تسليم‬
‫البيع ‪ ،‬أو سلم ف موضع دون موضع ‪ .‬ولن النب صلى ال عليه وسلم تزوج عائشة‬
‫رضي ال عنها ودخلت عليه بعد سنتي ول ينفق عليها إل من حي دخلت عليه ‪ ،‬ول‬
‫يلتزم نفقتها لا مضى ‪ .‬وإذا أسلمت الرأة نفسها إل الزوج ‪ ،‬وهي صغية ل يامع‬
‫مثلها ‪ ،‬فعند الالكية والصحيح من مذهب الشافعية أن النفقة ل تب ‪ ،‬لنه ل يوجد‬
‫التمكي التام من الستمتاع ‪ .‬فل تستحق العوض من النفقة ‪ .‬قالوا ‪ :‬وإن كانت كبية‬
‫والزوج صغي فالصحيح أنا تب ‪ ،‬لن التمكي وجد من جهتها ‪ ،‬وإنا تعذر‬
‫الستيفاء من جهته ‪ ،‬فوجبت النفقة كما لو سلمت إل الزوج ‪ ،‬وهو كبي فهرب منها‬
‫‪ .‬والفت به عند الحناف ‪ :‬أن الزوج إذا استبقى الصغية ف بيته ‪ ،‬وأسكنها‬
‫للستئناس با ‪ ،‬وجبت لا النفقة لرضاه هو بذا الحتباس الناقص ‪ .‬وإن ل يسكها ف‬
‫بيته فل نفقة لا ( ‪ . ) 2‬وإذا سلمت الزوجة نفسها وهي مريضة مرضا ينعها من‬
‫مباشرة الزوج لا وجبت لا النفقة ‪ .‬وليس من حسن العاشرة الزوجية ‪ ،‬ول من‬
‫العروف الذي أمر ال به أن يكون الرض مفوتا ما وجب لا من النفقة ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬

‫‪125‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 171‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬إل إذا كان الزوج يريد الضرار با بالسفر ‪ ،‬أو ل تأمن على نفسها‬
‫أو مالا ‪ ) 2 ( .‬هذا مذهب أب يوسف ‪ ،‬أما مذهب أب حنيفة وممد فهو مثل مذهب‬
‫الشافعية لن احتباسها كعدمه حيث ل يوصل إل الغرض القصود من الزواج فل تب‬
‫لا النفقة ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 172‬ومثل الريضة الرتقاء ( ‪ ، ) 1‬والنحيفة ( ‪، ) 2‬‬
‫والعيبة بعيب ينع من مباشرة الزوج لا ‪ .‬وكذلك إذا كان الزوج عنينا ‪ ،‬أو مبوبا (‬
‫‪ ، ) 3‬أو خصيا ‪ ،‬أو مريضا مرضا ينعه من مباشرة النساء ‪ ،‬أو حبس ف دين أو جرية‬
‫ارتكبها ‪ ،‬لنه وجد التمكي من الستمتاع من جهتها ‪ ،‬وما تعذر فهو من جهته ‪ ،‬وهو‬
‫سبب ل تنسب فيه إل التفريط ‪ ،‬وإنا هو الذي فوت حقه على نفسه ‪ .‬ول تب‬
‫النفقة إذا انتقلت الزوجة من منل الزوجية إل منل آخر بغي إذن الزوج بغي وجه‬
‫شرعي ‪ ،‬أو سافرت بغي إذنه ‪ ،‬أو أحرمت بالج بغي إذنه ‪ .‬فإن سافرت بإذنه ‪ ،‬أو‬
‫أحرمت بإذنه ‪ ،‬أو خرج معها ل تسقط النفقة ‪ ،‬لنا ل ترج عن طاعته وقبضته ‪.‬‬
‫وكذلك ل تب لا النفقة إذا منعته من الدخول عليها ف بيتها القيم معها فيه ‪ ،‬ول‬
‫تكن طلبت منه النتقال إل غيه فامتنع ‪ .‬فإن كانت طلبت منه النتقال فأي ‪ ،‬فمنعته‬
‫من الدخول ‪ ،‬فل تسقط النفقة ‪ .‬وكذلك ل تب النفقة إذا حبست الزوجة ف‬
‫جرية ‪ ،‬أو ف دين ‪ ،‬أو كان حبسها ظلما ‪ ،‬إل إذا كان هو الذي حبسها ف دين له‬
‫عليها ‪ ،‬لنه هو الذي فوت حقه ‪ .‬وكذلك لو غصبها غاصب ‪ ،‬وحال بينها وبي‬
‫زوجها ‪ ،‬فإنا ل تستحق النفقة مدة غصبها ‪ .‬وكذلك الزوجة الحترفة الت ترج‬
‫لرفتها ‪ .‬إذا منعها زوجها فلم تتنع ‪ ،‬ل تستحق النفقة ‪ .‬وكذلك إن منعت نفسها‬
‫بصوم تطوعا أو باعتكاف تطوعا ‪ .‬ففي كل هذه الصور ل تستحق الزوجة النفقة ‪،‬‬
‫لنا فوتت حت الزوج ف الستمتاع با بغي وجه شرعي ‪ .‬فلو كان تفويتها حقه لوجه‬
‫شرعي ‪ ،‬ل تسقط النفقة ‪ .‬كما إذا أخرجت من طاعته ‪ ،‬لن السكن غي شرعي أو‬
‫لن الزوج غي أمي على نفسها ‪ .‬أو مالا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الرتقاء ‪ :‬الت سد فرجها‬
‫‪ ) 2 ( .‬النحيفة ‪ :‬الزيلة ‪ ) 3 ( .‬الجبوب ‪ :‬القطوع الذكر ( ‪ / ) .‬صفحة ‪/ 173‬‬
‫الرأة تسلم دون زوجها ‪ :‬وإذا كان الزوجان كافرين ‪ ،‬وأسلمت الرأة بعد الدخول‬

‫‪126‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ول يسلم الزوج ‪ ،‬ل تسقط النفقة ‪ ،‬لنه تعذر الستمتاع با من جهته ‪ ،‬وهو قادر على‬
‫إزالته بأن يسلم ‪ ،‬فلم تسقط نفقتها ‪ ،‬كالسلم إذا غاب عن زوجته ‪ .‬ارتداد الزوج ل‬
‫ينع النفقة ‪ :‬وإذا ارتد الزوج ‪ ،‬بعد الدخول ‪ ،‬ل تسقط نفقتها ‪ ،‬لن امتناع الوطء‬
‫بسبب من جهته ‪ ،‬وهو قادر على إزالته بالعودة إل السلم بلف ما إذا ارتدت‬
‫الزوجة ‪ ،‬فان نفقتها تسقط ‪ ،‬لنا منعت الستمتاع بعصية من قبلها ‪ ،‬فتكون كالناشز‬
‫‪ .‬مذهب الظاهرية ف سبب استحقاق النفقة ‪ :‬وللظاهرية رأي آخر ف سبب وجوب‬
‫النفقة ‪ .‬وهو الزوجية نفسها ‪ .‬فحيث وجدت الزوجية وجبت النفقة ‪ .‬وبنوا على‬
‫مذهبهم هذا وجوب النفقة للصغية والناشز ‪ ،‬دون النظر إل الشروط الت قال با‬
‫غيهم من الفقهاء ‪ .‬قال ابن حزم ‪ " :‬وينفق الرجل على امرأته من حي يعقد نكاحها‬
‫‪ .‬دعى إل البناء ‪ ،‬أم ل يدع ‪ .‬ولو أنا ف الهد ‪ .‬ناشزا كانت أو غي ناشز ‪ :‬غنية‬
‫كانت أو فقية ‪ .‬ذات أب أو يتيمة ‪ .‬بكرا كانت أو ثيبا ‪ .‬حرة كانت أو أمة ‪ .‬على‬
‫قدر حاله ( ‪ . ) 1‬قال ‪ :‬وقال أبو سليمان ‪ ،‬وأصحابه ‪ ،‬وسفيان الثوري ‪ :‬النفقة‬
‫واجبة للصغية من حي العقد عليها ‪ .‬وأفت الكم بن عتيبة ‪ -‬ف امرأة خرجت من‬
‫بيت زوجها غاضبة ‪ -‬هل لا نفقة ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬ول يفظ منع الناشز من النفقة‬
‫عن أحد من الصحابة ‪ ،‬إنا هو شئ روي عن النخعي والشعب ‪ ،‬وحاد بن أب‬
‫سليمان ‪ ،‬والسن ‪ ،‬والزهري ‪ .‬وما نعلم لم حجة ‪ ،‬إل أنم قالوا ‪ :‬النفقة بإزاء‬
‫الماع ‪ .‬فإذا منعت الماع منعت النفقة ‪ .‬انتهى بتصرف قليل ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫الحلى ج‍ ‪ / ) . ( 1 .‬صفحة ‪ / 174‬تقدير النفقة وأساسه ‪ :‬إذا كانت الزوجة مقيمة‬
‫مع زوجها ‪ ،‬وكان هو قائما بالنفقة عليها ‪ ،‬ومتوليا إحضار ما فيه كفايتها ‪ ،‬من طعام ‪،‬‬
‫وكسوة ‪ ،‬وغيها ‪ ،‬فليس للزوجة أن تطلب فرض النفقة ‪ ،‬حيث أن الزوج قائم‬
‫بالواجب عليه ‪ .‬فإذا كان الزوج بيل ل يقوم بكفاية زوجته ‪ ،‬أو أنه تركها بل نفقة ‪،‬‬
‫بغي حق ‪ ،‬فلها أن تطلب فرض نفقة لا من الطعام ‪ ،‬والكسوة ‪ ،‬والسكن ‪ .‬وللقاضي‬
‫أن يقضي لا بالنفقة ‪ ،‬ويلزم الزوج با مت ثبت لديه صحة دعواها ‪ .‬كما أن لا الق‬
‫أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالعروف ( ‪ ، ) 1‬وإن ل يعلم الزوج ‪ ،‬إذ أنه منع الواجب‬
‫عليه وهي مستحقة له ‪ ،‬وللمستحق أن يأخذ حقه بيده مت قدر عليه ‪ .‬وأصل ذلك ما‬

‫‪127‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رواه أحد ‪ ،‬والبخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ .‬عن عائشة ‪ ،‬رضي ال‬
‫عنها ‪ :‬أن هندأ قالت ‪ :‬يارسول ال إن أبا سفيان رجل شحيح ‪ ،‬وليس يعطين ما‬
‫يكفين وولدي ‪ .‬إل ما أخذت منه ‪ ،‬وهو ل يعلم ؟‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 174‬‬
‫فقال ‪ " :‬خذي ما يكفيك وولدك بالعروف " ‪ .‬وف الديث دللة على أن النفقة تقدر‬
‫بكفاية الرأة مع التقييد بالعروف ‪ ،‬أي ‪ :‬التعارف بي كل حهة باعتبار ما هو الغالب‬
‫على أهلها ‪ ،‬وهذا يتلف باختلف الزمنة ‪ ،‬والمكنة ‪ ،‬والحوال ‪ ،‬والشخاص ‪.‬‬
‫وقد رأى صاحب الروضة الندية ‪ :‬أن الكفاية بالنسبة للطعام تعم جيع ما تتاج إليه‬
‫الزوجة ‪ ،‬فيدخل فيه الفاكهة وما هو معتاد من التوسعة ف العياد ‪ ،‬وسائر الشياء‬
‫الت قد صارت بالستمرار عليها مألوفة ‪ ،‬بيث يصل التضرر بفارقتها أو التضجر ‪،‬‬
‫أو التكدر ‪ .‬قال ‪ :‬ويدخل فيه الدوية ونوها ‪ ،‬وإليه يشي قوله تعال ‪ " :‬وعلى‬
‫الولود له رزقهن وكسوتن بالعروف ‪ ( " .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬إذا كانت رشيدة ول‬
‫تسرف ف الخذ ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 175‬فإن هذا نص ف نوع من أنواع النفقات ‪ :‬إن‬
‫الواجب على من عليه النفقة رزق من عليه إنفاقه ‪ .‬والرزق يشمل ما ذكرناه ‪ .‬ث ذكر‬
‫رأي بعض الفقهاء ف عدم وجوب ثن الدوية ‪ ،‬وأجرة الطبيب ‪ ،‬لنه يراد لفظ‬
‫البدن ‪ ،‬كما ل يب على الستأجر أجرة إصلح ما اندم من الدار ‪ .‬ورجح دخول‬
‫العلج ف النفقة ‪ ،‬وأنه واجب فقال ‪ :‬وقال ف الغيث ‪ :‬الجة أن الدواء لفظ الروح‬
‫فأشبه النفقة ‪ .‬قال ‪ :‬وهو الق لدخوله تت عموم قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ما‬
‫يكفيك " ‪ .‬وتت قوله تعال ‪ " :‬رزقهن " ‪ .‬فإن الصيغة الول عامة باعتبار لفظ " ما "‬
‫‪ .‬والثانية عامة ‪ ،‬لنا مصدر مضاف ‪ .‬وهي من صيغ العموم ‪ .‬واختصاصه ببعض‬
‫الستحقي لينع من اللاق ‪ .‬قال ‪ :‬وبجموع ما ذكرنا ‪ ،‬يقرر لك أن الواجب على‬
‫من عليه النفقة لن له النفقة ‪ ،‬هو ما يكفيه بالعروف ‪ ،‬وليس الراد تفويض أمر ذلك‬
‫إل من له النفقة ‪ ،‬وأنه يأخذ ذلك بنفسه حت يرد ما أورده السائل من خشية السرف‬
‫ف بعض الحوال ‪ ،‬بل الراد تسليم ما يكفي على وجه لسرف فيه ‪ ،‬بعد تبي مقدار‬

‫‪128‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ما يكفي بإخبار الخبين ‪ ،‬أو تريب الجربي ‪ .‬وهو معن قوله صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫" بالعروف ‪ ،‬أي ‪ :‬ل بغي العروف وهو السرف والتقتي ‪ .‬نعم إذا كان الرجل ل‬
‫يسلم ما يب عليه من النفقة ‪ .‬جاز لنا الذن لن له النفقة بأن يأخذ ما يكفيه ‪ ،‬إذا‬
‫كان من أهل الرشد ‪ ،‬ل إذا كان من أهل السرف والتبذير ‪ ،‬فإنه ل يوز تكينه من‬
‫مال من عليه النفقة ‪ ،‬لن ال تعال يقول ‪ " :‬ول تؤتوا السفهاء أموالكم " ‪ .‬ث قال ‪:‬‬
‫ولكن يب علينا إذا كان من عليه النفقة متمردا ‪ ،‬ومن له النفقة ليس بذي رشد ‪ ،‬أن‬
‫نعل الخذ إل ول من لرشد له ‪ ،‬أو إل رجل عدل ‪ .‬انتهى ‪ .‬وما يب لا عليه من‬
‫النفقة ما تتاج إليه من الشط والصابون والدهن وسائر ما تتنظف به ‪ / .‬صفحة ‪176‬‬
‫‪ /‬وقالت الشافعية ‪ :‬أما الطيب فإن كان يراد لقطع السهوكة ( ‪ ، ) 1‬لزمه لنه يراد‬
‫للتنظيف ‪ ،‬وإن كان يراد للتلذذ والستمتاع ‪ ،‬ل يلزمه ‪ ،‬لنه حق له ‪ ،‬فل يب عليه ‪.‬‬
‫رأي الحناف ‪ :‬أن النفقة غي مقدرة بالشرع ‪ ،‬وأنه يب على الزوج لزوجته قدر ما‬
‫يكفيها من الطعام ‪ ،‬والدام ‪ ،‬واللحم والضر ‪ ،‬والفاكهة ‪ ،‬والزيت ‪ ،‬والسمن ‪،‬‬
‫وسائر مالبد منه للحياة حسب التعارف ‪ .‬وأن ذلك يتلف باختلف المكنة ‪،‬‬
‫والزمنة ‪ ،‬والحوال ‪ .‬كما يب عليه كسوتا صيفا وشتاء ‪ .‬ورأوا تقدير نفقة الزوجة‬
‫على زوجها بسب حال الزوج يسرا أو عسرا مهما تكن حالة الزوجة ‪ ،‬لقول ال‬
‫تعال ‪ " :‬لينفق ذو سعة من سعته ‪ ،‬ومن قدر ( ‪ ) 1‬عليه رزقه فلينفق ما آتاه ال ‪ ،‬ل‬
‫يكلف ال نفسا إل ما آتاها ‪ ،‬سيجعل ال بعد عسر يسرا ( ‪ . " ) 2‬وقوله سبحانه ‪" :‬‬
‫أسكنوهن من حيث سكنتم ‪ ،‬من وجدكم ( ‪ . " ) 4‬مذهب الشافعية ف تقدير النفقة‬
‫‪ :‬والشافعية ل يتركوا تقدير النفقة إل ما فيه الكفاية ‪ ،‬بل قالوا ‪ :‬إنا هي مقدرة‬
‫بالشرع ‪ ،‬وإن اتفقوا مع الحناف ف اعتبار حال الزوج يسرا أو عسرا ‪ ،‬وأن على‬
‫الزوج الوسر وهو الذي يقدر على النفقة باله وكسبه ‪ -‬ف كل يوم مدين ‪ ،‬وأن على‬
‫العسر الذي ل يقدر على النفقة بال ول كسب مدا ف كل يوم ‪ .‬وأن على التوسط‬
‫مدا ونصفا ‪ .‬واستدلوا لذهبهم هذا بقول ال تعال ‪ " :‬لينفق ذو سعة من سعته ‪ .‬ومن‬
‫قدر عليه رزقه فينفق ما آتاه ال " ‪ .‬قالوا ‪ :‬ففرق بي الوسر والعسر ‪ ،‬وأوجب على‬
‫كل واحد منهما على ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الرائحة الكريهة ‪ ) 2 ( .‬قدر ‪ :‬ضيق ‪) 3 ( .‬‬

‫‪129‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سورة الطلق آية ‪ ) 4 ( .‬حسب قدرتكم وحالكم ‪ .‬الطلق آية ‪ / ) . ( 6‬صفحة‬
‫‪ / 177‬قدر حاله ‪ ،‬ول يبي القدار فوجب تقديره بالجتهاد ‪ ،‬وأشبه ما تقاس عليه‬
‫النفقة ‪ ،‬الطعام ف الكفارة ‪ .‬لنه طعام يب بالشرع لسد الوعة ‪ .‬وأكثر ما يب ف‬
‫الكفارة للمسكي مدان ف فدية الذى ‪ .‬وأقل ما يب مد وهو ف كفارة الماع ف‬
‫رمضان ‪ .‬فإن كان متوسطا لزمه مد ونصف ‪ ،‬لنه ل يكن إلاقه بالوسر ‪ ،‬وهو‬
‫دونه ‪ ،‬ول بالعسر وهو فوقه ‪ ،‬فجعل عليه مد ونصف ‪ .‬قالوا ‪ :‬ولو فتح باب الكفاية‬
‫للنساء من غي تقدير لوقع التنازع ‪ ،‬ل إل‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 177‬‬
‫غاية ‪ .‬فتعيي ذلك التقدير اللئق بالعروف ‪ .‬وهذا خلف ما لبد منه ف الطعام من‬
‫الدام واللحم ‪ ،‬والفاكهة ‪ .‬وقالوا ‪ :‬يب لا الكسوة ‪ ،‬مع مراعاة حال الزوج من‬
‫اليسار والعسار ‪ ،‬فلزوجة الوسر من الكسوة ‪ ،‬ما يلبس عادة ف البلد من رفيع‬
‫الثياب ‪ .‬ولمرأة العسر الغليظ من القطن ‪ ،‬والكتان ‪ ،‬ونوها ‪ .‬ولمرأة التوسط ما‬
‫بينهما ‪ .‬ويب لا مسكن على قدر يساره وإعساره وتوسطه ‪ ،‬مع تأثيث السكن تأثيثا‬
‫يتناسب مع حالته ‪ .‬وقالوا ‪ :‬إذا كان الزوج معسرا ‪ ،‬ينفق عليها أدن ما يكفيها من‬
‫الطعام ‪ ،‬والدام ‪ ،‬بالعروف ‪ .‬ومن الكسوة أدن ما يكفيها من الصيفية والشتوية ‪.‬‬
‫وإن كان متوسطا ‪ ،‬ينفق عليها أوسع من ذلك بالعروف ومن الكسوة أرفع من ذلك ‪،‬‬
‫كله بالعروف ‪ .‬وإنا كانت النفقة والكسوة بالعروف ‪ ،‬لن دفع الضرر عن الزوجة‬
‫واجب ‪ ،‬وذلك باياب الوسط من الكفاية ‪ ،‬وهو تفسي العروف ‪ .‬العمل ف الحاكم‬
‫الن ‪ :‬وما ذهب إليه الشافعية وبعض الحناف من رعاية حال الزوج الالية ‪ ،‬حي‬
‫فرض النفقة ‪ ،‬هو ما جرى به العمل الن ف الحاكم ‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 16‬من القانون‬
‫رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬ونصها ‪ " :‬تقدير نفقة الزجة على زوجها بسب حال الزوج‬
‫يسرا ‪ ،‬وعسرا ‪ ،‬مهما كانت حالة الزوجة " ‪ .‬وهذا هو العدل ‪ ،‬لنه يتفق مع اليتي‬
‫التقدمتي ‪ / .‬صفحة ‪ / 178‬تقدير النفقة عينا أو نقدا ‪ :‬يصح أن يكون ما يفرض من‬
‫النفقة من البز ‪ ،‬والدام والكسوة ‪ ،‬أصنافا معينة ‪ ،‬كما يصح أن تفرض قيمتها نقدا‬

‫‪130‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لتشتري به ما تتاج إليه ‪ .‬ويصح أن تفرض النفقة سنوية ‪ ،‬أو شهرية ‪ ،‬أو أسبوعية ‪،‬‬
‫أو يومية ‪ ،‬حسب ما هو ميسور للزوج ‪ .‬والذي يسري عليه العمل الن ف الحاكم ‪،‬‬
‫هو فرض بدل طعام الزوجة شهريا ‪ ،‬وبدل كسوتا عن ستة شهور باعتبار أنا تتاج ف‬
‫السنة إل كسوة للصيف ‪ ،‬وأخرى للشتاء ‪ .‬وبعض القضاة يفرض مبلغا شهريا للنفقة‬
‫بأنواعها الثلثة بدون تفصيل ‪ ،‬مراعيا أن يكون فيما يفرضه لا كفاية لطعامها ‪،‬‬
‫وكسوتا ‪ ،‬وسكناها ‪ ،‬حسب حالة الزوج عسرا ويسرا ‪ .‬تغي السعار أو تغي حال‬
‫الزوج الالية ‪ :‬إذا تغيت السعار عن وقت الفرض ‪ ،‬أو تغيت حالة الزوج الالية ‪،‬‬
‫فإما أن يكون هذا التغي ف السعار إل زيادة ‪ ،‬أو إل نقص ‪ ،‬أو يكون تغي حالة‬
‫الزوج الالية إل ما هو أحسن ‪ ،‬أو أسوأ ‪ .‬ول بد من رعاية كل حالة من هذه الالت‬
‫‪ .‬فإن تغيت السعار عن وقت الفرض إل زيادة ‪ ،‬كان للزوجة أن تطالب بزيادة‬
‫نفقتها ‪ .‬وإن تغيت إل نقص كان للزوج أن يطلب تفيض النفقة ‪ .‬وإن تسنت حالة‬
‫الزوج الالية عما كان عليه حي تقدير النفقة ‪ ،‬كان للزوجة أن تطلب زيادة نفقتها ‪.‬‬
‫وإن تغيت حالة الزوج الالية إل أسوأ ‪ ،‬كان للزوج الق ف طلب تفيض النفقة ‪.‬‬
‫الطأ ف تقدير النفقة ‪ :‬إذا ظهر بعد تقدير النفقة أن التقدير كان خطأ ل يكفي الزوجة‬
‫‪ -‬حسب ‪ /‬صفحة ‪ / 179‬حالة الزوج ‪ -‬من العسر أو اليسر ‪ -‬كان من حق‬
‫الزوجة الطالبة بإعادة النظر ف التقدير ‪ ،‬وعلى القاضي أن يقدر لا ما يكفيها‬
‫لطعامها ‪ ،‬وكسوتا ‪ ،‬مع ملحظة حالة الزوج ‪ .‬دين النفقة يعتب دينا صحيحا ف ذمة‬
‫الزوج ‪ :‬قلنا ‪ :‬إن نفقة الزوجة واجبة على زوجها ‪ ،‬مت توفرت الشروط الت تقدم‬
‫ذكرها ‪ .‬ومت وجبت النفقة على الزوج لزوجته ‪ ،‬لوجود سببها ‪ ،‬وتوفر شروطها ‪ ،‬ث‬
‫امتنع عن أدائها تصي دينا ف ذمته ‪ .‬شأنا ف هذا شأن الديون الثابتة ‪ ،‬الت الت ل‬
‫تسقط إل بالداء أو البراء ‪ .‬وإل هذا ذهبت الشافعية ‪ ،‬وجرى عليه العمل منذ‬
‫صدور قانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1920‬فقد جاء فيه ‪ :‬مادة ‪ - 1‬تعتب نفقة الزوجة الت‬
‫سلمت نفسها لزوجها ‪ ،‬ولو حكما ‪ ،‬دينا ف ذمته ‪ ،‬من وقت امتناع الزوج عن‬
‫النفاق مع وجوبه ‪ ،‬بل توقف على قضاء قاض ‪ ،‬أو تراض بينهما ‪ ،‬ول يسقط دينها‬
‫إل بالداء أو البراء ‪ .‬مادة ‪ - 2‬الطلقة الت تستحق النفقة ‪ .‬تعتب نفقتها دينا ‪ ،‬كما‬

‫‪131‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جاء ف الادة السابقة ‪ .‬من تاريخ الطلق ‪ .‬وقد جاء مع هذا القانون تعليمات من‬
‫الهة الت صدر عنها ( ‪ . ) 1‬وهي ‪ - 1 :‬إن نفقة الزوجة ‪ .‬أو الطلقة ‪ ،‬ل يشترط‬
‫لعتبارها دينا ف ذمة الزوج ‪ -‬القضاء ‪ ،‬أو الرضا ‪ -‬بل تعتب دينا من وقت امتناع‬
‫الزوج عن النفاق ‪ ،‬مع وجوبه ‪ - 2 .‬إن دين النفقة من الديون الصحيحة ‪ ،‬وهي‬
‫الت ل تسقط إل بالداء أو البراء ‪ .‬ويترتب على هذين الكمي ‪ - 1 :‬إن للزوجة ‪،‬‬
‫أو الطلقة أن تطلب لا الكم بالنفقة على زوجها ‪ ،‬عن مدة سابقة على الترافع ‪ ،‬ولو‬
‫كانت أكثر من شهر ‪ ،‬إذا ادعت أن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وزارة العدل وكانت تسمى‬
‫وزارة القانية ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 180‬زوجها تركها من غي نفقة ‪ ،‬مع وجوب النفاق‬
‫عليها ف هذه الدة ‪ ،‬طالت أم قصر ت ‪ .‬ومت أثبت ذلك بطريق من طرق الثبات ‪.‬‬
‫ولو كانت شهادة السكتشاف النصوص عليها ف الادة ‪ 178‬من اللئحة حكم لا با‬
‫طلبت ‪ - 2 .‬أن دين النفقة ل يسقط بوت أحد الزوجي ‪ ،‬ول بالطلق ‪ -‬ولو‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 180‬‬
‫خلعا ‪ -‬فللمطلقة مطلق الق فيما تمد لا من النفقة ‪ ،‬حال قيام الزوجية ‪ ،‬ما ل يكن‬
‫عوضا لا عن الطلق ‪ ،‬أو اللع ‪ - 3 .‬أن النشوز الطارئ ل يسقط متجمد النفقة ‪،‬‬
‫وإنا ينع النشوز مطلقا من وجوبا مادامت الزوجة ‪ ،‬أو العتدة ناشزا ‪ .‬وبعد صدور‬
‫هذا القانون ‪ ،‬استغلته بعض الزوجات ‪ ،‬ف ترك الطالبة بالنفقة ‪ ،‬حت يتجمع منها‬
‫مبلغ باهظ ‪ ،‬ث يطالب الزوج بالتجمد كله ‪ ،‬ما يرهق الزوج ويثقل كاهله ‪ .‬فرؤي‬
‫تدارك هذا المر با يرفع الضرر عن الزواج ‪ .‬وجاء ف الفقرة ‪ 6‬من الادة ‪ 99‬من‬
‫القانون رقم ‪ 78‬لسنة ‪ 1931‬بلئحة ترتيب الحاكم الشرعية ‪ ،‬ما نصه ‪ " :‬ل تسمع‬
‫دعوى النفقة عن مدة ماضية ‪ ،‬لكثر من ثلث سني ميلدية ‪ ،‬نايتها تاريخ رفع‬
‫الدعوى " ‪ .‬وجاء ف الذكرة اليضاحية لذا القانون ‪ ،‬بشأن هذه الفقرة ما نصه ‪" :‬‬
‫أما النفقة عن الدة الاضية فقد رؤي ‪ -‬أخذا بقاعدة تصيص القضاء ‪ -‬أل تسمع‬
‫الدعوى با لكثر من ثلث سنوات ميلدية ‪ .‬نايتها تاريخ قيد الدعوى ‪ .‬ولا كان ف‬
‫إطلق إجازة الطالبة بالنفقة التجمدة عن مدة سابقة على رفع الدعوى ‪ -‬احتمال‬

‫‪132‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطالبة بنفقة سني عديدة ترهق الشخص اللزم با ‪ .‬رؤي من العدل دفع صاحب الق‬
‫ف النفقة إل الطالبة با ‪ ،‬أول فأول ‪ ،‬بيث ل يتأخر أكثر من ثلث سنوات ‪ ،‬وجعل‬
‫ذلك عن طريق منع ساع الدعوى " ‪ .‬وليس ف ذلك الكم ضرر على صاحب الق‬
‫ف النفقة ‪ ،‬إذ يكنه الطالبة با ‪ / ،‬صفحة ‪ / 181‬قبل مضي ثلث سنوات ( ‪. ) 1‬‬
‫ول زال العمل مستمرا بذا القانون إل اليوم ‪ :‬البراء من دين النفقة والقاصة به ‪:‬‬
‫وإذا كانت النفقة الت تستحقها الزوجة على زوجها تعتب دينا ف ذمته ‪ ،‬من الوقت‬
‫الذي امتنع فيه عن أدائها بغي حق شرعي ‪ -‬فإنه يصح للزوجة أن تبئه من هذا الدين‬
‫‪ ،‬كله أو بعضه ‪ .‬ولو أبرأته ما يكون لا من النفقة ف الستقبل ل يصح ‪ ،‬لنه ل يثبت‬
‫دينا بعد ‪ ،‬والبراء ل يكون إل من دين ثابت فعل ‪ .‬ويستثن من ذلك البراء عن‬
‫شهر واحد مستقبل ‪ ،‬أو عن سنة واحدة ‪ -‬إن كانت النفقة فرضت مشاهرة ‪ ،‬أو‬
‫مسانة ‪ .‬وإذا كانت النفقة معتبة دينا صحيحا ‪ ،‬ل يسقط إل بالداء أو البراء ‪،‬‬
‫وكان للزوج دين ف ذمتها ‪ ،‬وطلب أحدها مقاصة الديني ‪ ،‬أجيب إل طلبه لستواء‬
‫الديني ف القوة ‪ .‬وللحنابلة رأي ف القاصة ‪ ،‬فهم يفرقون بي أن تكون الرأة موسرة ‪،‬‬
‫أو معسرة ‪ ،‬فإن كانت موسرة ‪ ،‬فله أن يتسب عليها بدينه مكان نفقتها ‪ ،‬لن من‬
‫عليه حق فله أن يقضيه من أي أمواله شاء ‪ ،‬وهذا من ماله ‪ .‬وإن كانت معسرة ل يكن‬
‫له ذلك ‪ ،‬لن قضاء الدين إنا يب ف الفاضل من قوته ‪ .‬ودين زوجها الذي هو عليها‬
‫ل يفضل عنها ‪ ،‬ولن ال تعال أمر بإنظار العسر ‪ .‬فقال ‪ " :‬وإن كان ذوعسرة فنظرة‬
‫إل ميسرة " فيجب إنظاره با عليها ‪ .‬تعجيل النفقه وطروء ما ينع الستحقاق ‪ :‬إذا‬
‫عجل الزوج لزوجته نفقة مدة مستقبلة كشهر ‪ ،‬أو سنة مثل ‪ ،‬ث ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫ويؤخذ على هذا القانون أن التحديد بثلث سني ل تعرف حكمته من جهة ‪ ،‬ول دليل‬
‫يكن الستناد إليه من جهة أخرى ‪ .‬على أن هذه الدة تعتب مدة طويلة ‪ ،‬وقد ترهق‬
‫الزواج ‪ ،‬ولذا جاء ف مشروع قانون الحوال الشخصية الادة رقم ‪ 81‬من أنه ل‬
‫تسمع دعوى النفقة عن مدة تزيد عن سنة سابقة على الدعوى ( ‪ / ) .‬صفحة ‪/ 182‬‬
‫طرأ ف أثناء الدة ما يعلها ل تستحق النفقة ‪ ،‬بأن مات أحد الزوجي أو نشزت‬
‫الزوجة ‪ ،‬فللزوج أن يسترد نفقة ما بقي من الدة الت ل تستحق نفقة عنها ‪ ،‬لنا‬

‫‪133‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخذته جزاء احتباسها لق الزوج ‪ ،‬ومت فات الحتباس بالوت أو النشوز ‪ ،‬فعليها أن‬
‫ترد النفقة الت عجلت لا بالنسبة للمدة الباقية ‪ .‬وإل هذا ذهب المام الشافعي وممد‬
‫بن السن ( ‪ ) 1‬نفقة العتدة ‪ :‬وللمعتدة الرجعية ‪ ،‬والعتدة الامل النفقة ‪ ،‬لقول ال‬
‫سبحانه ف الرجعيات ‪ " :‬أسكنوهن من حيث سكنتم ‪ ،‬من وجدكم " ( ‪ . ) 2‬ولقوله‬
‫ف الوامل ‪ " :‬وإن كن أولت حل فانفقوا عليهن حت يضعن حلهن ( ‪ . " ) 3‬وهذه‬
‫الية تدل على وجوب النفقة لامل ‪ -‬سواء أكانت ف عدة الطلق الرجعي ‪ ،‬أم‬
‫البائن ‪ ،‬أو كانت عدتا عدة وفاة ‪ -‬أما البائنة فإن الفقهاء اختلفوا ف وجوب النفقة‬
‫لا ‪ ،‬إذا ل تكن حامل على ثلثة أقوال ‪ - 1 :‬أن لا السكن ول نفقة لا ‪ ،‬وهو قول‬
‫مالك والشافعي ‪ ،‬واستدلوا بقول ال تعال ‪ " :‬أسكنوهن من حيث سكنتم ‪ ،‬من‬
‫وجدكم " ‪ - 2 .‬أن لا النفقة والسكن ‪ ،‬وهو قول عمربن الطاب ‪ ،‬وعمر بن عبد‬
‫العزيز ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬والحناف ‪ ،‬واستدلوا على قولم هذا بعموم قوله تعال ‪" :‬‬
‫أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم " ‪ .‬فهذا نص ف وجوب السكن ‪ ،‬وحيثما‬
‫وجبت السكن شرعا وجبت النفقة ( هامش ) ( ‪ ) 1‬يرى المام أبو حنيفة وأبو‬
‫يوسف أن الزوج ل يسترد شيئا ما يعجل من النفقة ‪ ،‬لنا وإن كانت جزاء احتباس‬
‫ففيها شبه صلة وقد قبضتها الزوجة والصلة بي الزوجي ل رجوع فيها ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 182‬‬
‫( ‪ ) 3 ، 2‬سورة الطلق آية ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 183‬لكون النفقة تابعة لوجوب‬
‫السكان ف الرجعية ‪ ،‬وف الامل ‪ ،‬وف نفس الزوجية ‪ .‬وقد أنكر عمر وعائشة رضي‬
‫ال عنهما على فاطمة بنت قيس الديث الذي أوردته ‪ ،‬وقال عمر ‪ :‬لنترك كتاب ال‬
‫( ‪ ) 1‬وسنة نبينا لقول امرأة ‪ ،‬ل ندري لعلها حفظت أم نسيت ‪ .‬وحي بلغ فاطمة‬
‫ذلك قالت ‪ " :‬بين وبينكم كتاب ال " ‪ .‬قال ال تعال ‪ " :‬فطلقوهن لعدتن وأحصوا‬
‫العدة ‪ ،‬واتقوا ال ربكم ‪ ،‬ل ترجوهن من بيوتن ول يرجن إل أن يأتي بفاحشة‬
‫مبينة ‪ ،‬وتلك حدود ال ومن يتعد حدود ال فقد ظلم نفسه ‪ ،‬ل تدري لعل ال يدث‬
‫بعد ذلك أمرا " ‪ .‬فأي أمر يدث بعد الثلث ! ‪ - 3 .‬أنه لنفقة لا ولسكن ‪ ،‬وهو‬

‫‪134‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قول أحد ‪ ،‬وداود ‪ ،‬وأب ثور ‪ ،‬وحكي عن علي ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وجابر ‪ ،‬والسن ‪،‬‬
‫وعطاء ‪ ،‬والشعب ‪ ،‬وابن أب ليلى ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬والمامية ‪ .‬واستدلوا با رواه‬
‫البخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬عن فاطمة بنت قيس قالت ‪ " :‬طلقن زوجي ثلثا على عهد‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فلم يعل ل نفقة ولسكن " ‪ .‬وف بعض الروايات ‪:‬‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إنا السكن والنفقة لن لزوجها عليها‬
‫الرجعة " ‪ .‬وروى أحد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ " :‬أنه قال لا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ل نفقة لك ‪ ،‬إل أن تكون حاملة " ‪ .‬نفقة زوجة الغائب ‪ :‬جاء‬
‫ف القانون رقم ( ‪ ) 25‬لسنة ‪ 1920‬مادة ( ‪ " : ) 5‬إذا كان الزوج غائبا غيبة‬
‫قريبة ‪ ،‬فإن كان له مال ظاهر نفذ الكم ( هامش ) ( ‪ ) 1‬يريد قوله تعال ‪" :‬‬
‫أسكنوهن من حيث سكنتم ‪ ،‬من وجدكم " ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 184‬عليه بالنفقة ف‬
‫ماله ‪ ،‬وإن ل يكن له مال ظاهر أعذر إليه القاضي بالطرق العروفة وضرب له أجل ‪،‬‬
‫فإن ل يرسل ما تنفق فيه زوجته على نفسها ‪ ،‬طلق عليه القاضي بعد مضي الجل ‪.‬‬
‫فإن كان بعيد الغيبة ل يسهل الوصول إليه ‪ ،‬إذ كان مهول الحل ‪ ،‬أو كان مفقودا ‪،‬‬
‫وثبت أنه لمال له تنفق منه الزوجة ‪ ،‬طلق عليه القاضي ( ‪ / ) .‬صفحة ‪/ 185‬‬
‫القوق غي الادية ‪ .‬تقدم أن من حقوق الزوجة على زوجها منها ما هو مادي ‪ :‬وهو‬
‫الهر والنفقة ‪ ،‬ومنها ما هو غي مادي وهو ما نذكره فيما يلي ‪ ) 1 ( :‬حسن معاشرتا‬
‫‪ :‬أول ما يب على الزوج لزوجته إكرامها ‪ ،‬وحسن معاشرتا ‪ ،‬ومعاملتها بالعروف ‪،‬‬
‫وتقدي ما يكن تقديه إليها ‪ ،‬ما يؤلف قلبها ‪ ،‬فضل عن تمل ما يصدر منها والصب‬
‫عليه ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬وعاشروهن بالعروف ‪ .‬فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا‬
‫شيئا ويعل ال فيه خيا كثيا ( ‪ . " ) 1‬ومن مظاهر اكتمال اللق ‪ ،‬ونو اليان أن‬
‫يكون الرء رقيقا مع أهله ‪ ،‬يقول الرسول صلوات ال وسلمه عليه ‪ " :‬أكمل الؤمني‬
‫إيانا أحسنهم خلقا ‪ ،‬وخياركم خياركم لنسائهم " ‪ .‬وإكرام الرأة دليل الشخصية‬
‫التكاملة ‪ ،‬وإهانتها علمة على السة واللؤم ‪ .‬يقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪" :‬‬
‫ما أكرمهن إل كري ‪ ،‬وما أهانن إل لئيم " ‪ .‬ومن إكرامها التلطف معها ‪ ،‬ومداعبتها‬
‫‪ .‬وقد كان الرسول صلى ال عليه وسلم يتلطف مع عائشة رضي ال عنها فيسابقها ‪،‬‬

‫‪135‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقول ‪ :‬سابقن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فسبقته على رجلي ‪ ،‬فلما حلت‬
‫اللحم ( ‪ ، ) 2‬سابقته فسبقن ‪ .‬فقال ‪ " :‬هذه بتلك السبقة " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وأبو داود‬
‫‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪ ) 2 ( 19‬أي امتل جسمها ( ‪ / ) .‬صفحة‬
‫‪ / 186‬وروى أحد ‪ ،‬وأصحاب السنن ‪ ،‬أنه صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬كل شئ‬
‫يلهو به ابن آدم ‪ ،‬فهو باطل ‪ ،‬إل ثلثا ‪ :‬رميه عن قوسه ‪ ،‬وتأديبه فرسه ‪ ،‬وملعبته‬
‫أهله ‪ ،‬فإنن من الق " ‪ .‬ومن إكرامها أن يرفعها إل مستواه ‪ ،‬وأن يتجنب أذاها ‪،‬‬
‫حت ولو بالكلمة النابية ‪ .‬فعن معاوية بن حيدة رضي ال عنه قال ‪ " :‬قلت يا رسول‬
‫ال ‪ :‬ما حق زوجة أحدنا عليه " ؟ قال ‪ " :‬أن تطعمها إذا طعمت ‪ ،‬وتكسوها إذا‬
‫اكتسيت ‪ ،‬ول تضرب الوجه ‪ ،‬ول تقبح ‪ ،‬ول تجر إل ف البيت " ‪ .‬والرأة ل يتصور‬
‫فيها الكمال ‪ ،‬وعلى النسان أن يتقبلها على ماهي عليه ‪ .‬يقول الرسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬استوصوا بالنساء خيا ‪ ،‬الرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما ف‬
‫الضلع أعله ‪ ،‬فإن ذهبت تقيمه كسرته ‪ ،‬وإن تركته ل يزل أعوج " ‪ .‬رواه البخاري ‪،‬‬
‫ومسلم ‪ .‬وف هذا إشارة إل أن ف خلق الرأة عوجا طبيعيا ‪ ،‬وأن ماولة إصلحه غي‬
‫مكنة ‪ ،‬وأنه كالضلع العوج التقوس الذي ل يقبل التقوي ‪ .‬ومع ذلك فلبد من‬
‫مصاحبتها على ماهي عليه ‪ ،‬ومعاملتها كأحسن ما تكون العاملة ‪ ،‬وذلك لينع من‬
‫تأديبها وإرشادها إل الصواب إذا اعوجت ف أي أمر من المور ‪ .‬وقد يغضي الرجل‬
‫عن مزايا الزوجة وفضائلها ‪ ،‬ويتجسد ف نظره بعض ما يكره من خطالا ‪ ،‬فينصح‬
‫السلم بوجوب الوازنة بي حسناتا وسيئاتا ‪ ،‬وأنه إذا رأى منها ما يكره ‪ -‬فإنه يرى‬
‫منها ما يب ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 186‬‬
‫يقول الرسول صلى ال عليه وسلم " ‪ :‬ل يفرك ( ‪ ) 1‬مؤمن مؤمنة ‪ ،‬إن كره منها‬
‫خلقا ‪ ،‬رضي منها خلقا آخر " ‪ ) 2 ( .‬صيانتها ‪ :‬ويب على الزوج أن يصون زوجته‬
‫‪ ،‬ويفظها من كل ما يدش شرفها ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ل يفرك ‪ :‬ل يبغض ( ‪/ ) .‬‬
‫صفحة ‪ / 187‬ويثلم عرضها ‪ ،‬ويتهن كرامتها ‪ ،‬ويعرض سعتها لقالة السوء ‪ ،‬وهذا‬

‫‪136‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من الغية الت يبها ال ‪ .‬روى البخاري عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬إن ال يغار ‪ ،‬وإن الؤمن يغار ‪ ،‬وغية ال أن يأت العبد ما حرم عليه " ‪.‬‬
‫وروى عن ابن مسعود أنه صلوات ال وسلمه عليه قال ‪ " :‬ما أحد أغي من ال ‪،‬‬
‫ومن غيته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ‪ ،‬وما أحد إليه الدح من ال ‪ ،‬ومن‬
‫أجل ذلك أثن على نفسه ‪ ،‬وما أحد أحب إليه العذر من ال ‪ ،‬من أجل ذلك أرسل‬
‫الرسل مبشرين ومنذرين " ‪ .‬وروى أيضا أن سعد بن عبادة قال ‪ " :‬لو رأيت رجل مع‬
‫امرأت لضربته بالسيف غي مصفح ‪ .‬فقال الرسول عليه الصلة والسلم ‪ " :‬أتعجبون‬
‫من غية سعد ‪ .‬لنا أغي منه ‪ ،‬وال أغي من ‪ ،‬ومن أجل غية ال ‪ ،‬حرم الفواحش ما‬
‫ظهر منها وما بطن " ‪ .‬وعن ابن عمر قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫ثلثة ل يدخلون النة ‪ " :‬العاق لوالديه ‪ ،‬والديوث ‪ ،‬ورجلة النساء " ‪ .‬رواه النسائي‬
‫والزار ‪ ،‬والاكم ‪ ،‬وقال ‪ :‬صحيح السناد ‪ .‬وعن عمار بن ياسر أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ثلثة ل يدخلون النة أبدا ‪ :‬الديوث ‪ ،‬والرجلة من النساء ‪،‬‬
‫ومدمن المر ‪ .‬قالوا ‪ :‬يارسول ال ‪ :‬أما مدمن المر فقد عرفناه ‪ .‬فما الديوث ؟ قال‬
‫‪ :‬الذي ل يبال من دخل على أهله ‪ .‬قلنا ‪ :‬فما الرجلة من النساء ؟ قال ‪ :‬الت تتشبه‬
‫بالرجال " ‪ .‬رواه الطبان ‪ .‬قال النذري ‪ :‬ورواته ليس فيهم مروح ‪ .‬وكما يب على‬
‫الرجل أن يغار على زوجته ‪ ،‬فإنه يطلب منه أن يعتدل ف هذه الغية ‪ ،‬فل يبالغ ف‬
‫إساءة الظن با ‪ .‬ول يسرف ف تقصي كل حركاتا وسكناتا ول يصي جيع عيوبا ‪،‬‬
‫فإن ذلك يفسد العلقة الزوجية ‪ ،‬ويقطع ما أمر ال به أن يوصل ‪ ،‬يقول الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم فيما يرويه أبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬وابن حبان عن جابر بن عنبة‬
‫‪ / :‬صفحة ‪ " / 188‬إن من الغية ما يبه ال ‪ ،‬ومنها ما يبغضه ال ‪ ،‬ومن اليلء ما‬
‫يبه ال ‪ ،‬ومنها ما يبغضه ال ‪ ،‬فأما الغية الت يبها ال ‪ :‬فالغية ف الريبة ‪ ،‬والغية‬
‫الت يبغضها ال ‪ :‬فالغية ف غي ريبة ( ‪ . ) 1‬والختيال الذي يبه ال اختيال الرجل‬
‫بنفسه عند القتال ‪ ،‬وعند الصدمة ‪ ،‬والختيال الذي يبغضه ال الختيال ف الباطل " ‪.‬‬
‫وقال علي كرم ال وجهه ‪ :‬ل تكثر الغية على أهلك ‪ ،‬فترامى بالسوء من أجلك ‪.‬‬
‫إتيان الرجل زوجته ‪ :‬قال ابن حزم ‪ :‬وفرض على الرجل أن يامع امرأته ‪ ،‬الت هي‬

‫‪137‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زوجته ‪ ،‬وأدن ذلك مرة ف كل طهر ‪ ،‬إن قدر على ذلك ‪ .‬وإل فهو عاص ل تعال ‪.‬‬
‫برهان ذلك قوله عزوجل ‪ " :‬فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم ال ( ‪. " ) 2‬‬
‫وذهب جهور العلماء ال ما ذهب إليه ابن حزم من الوجوب على الرجل ذا ل يكن له‬
‫عذر ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬ل يب عليه ‪ ،‬لنه حق له ‪ ،‬فل يب عليه كسائر القوق ‪.‬‬
‫ونص أحد على أنه مقدر بأربعة أشهر ‪ ،‬لن ال قدره ف حق الول بذه الدة ‪،‬‬
‫فكذلك ف حق غيه ‪ .‬وإذا سافر عن امرأته ‪ ،‬فإن ل يكن له عذر مانع من الرجوع ‪،‬‬
‫فإن أحد ذهب إل توقيته بستة أشهر ‪ .‬وسئل ‪ :‬كم يغيب الرجل عن زوجته ؟ قال ‪:‬‬
‫ستة أشهر ‪ .‬يكتب إليه ‪ ،‬فإن أب أن يرجع فرق الاكم بينهما ‪ .‬وحجته ما رواه أبو‬
‫حفص باسناده عن زيد بن أسلم قال ‪ :‬بينما عمربن الطاب يرس الدينة ‪ ،‬فمر بامرأة‬
‫ف بيتها وهي تقول ‪ :‬تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال علي أن ل خليل ألعبه‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الريبة ‪ :‬الشك والظن ‪ ،‬وإنا كان ذلك بغيضا لنه من سوء الظن ‪،‬‬
‫إن بعض الظن إث ‪ ) 2 ( .‬سورة البقرة آية ‪ / ) . ( 222 :‬صفحة ‪ / 189‬وال لول‬
‫خشية ال وحده لرك من هذا السرير جوانبه ولكن رب والياء يكفين وأكرم بعلي‬
‫أن توطأ مراكبه فسأل عنها عمر ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬هذه فلنة ‪ ،‬زوجها غائب ف سبيل ال ‪،‬‬
‫فأرسل إليها تكون معه ‪ ،‬وبعث إل زوجها فأقفله ( ‪ ، ) 1‬ث دخل على حفصة ‪ ،‬فقال‬
‫‪ :‬يا بنية ‪ .‬كم تصب الرأة عن زوجها ؟ ‪ .‬فقالت ‪ :‬سبحان ال ! مثلك يسأل مثلي عن‬
‫هذا ؟ ‪ .‬فقال ‪ :‬لول أن أريد النظر للمسلمي ما سألتك ‪ .‬قالت ‪ :‬خسة أشهر ‪ .‬ستة‬
‫أشهر ‪ .‬فوقت للناس ف مغازيهم ستة أشهر ‪ .‬يسيون شهرا ‪ ،‬ويقيمون أربعة أشهر ‪،‬‬
‫ويسيون راجعي شهرا ‪ .‬وقال الغزال من الشافعية ‪ :‬وينبغي أن يأتيها ف كل أربع‬
‫ليال مرة ‪ ،‬فهو أعدل ‪ ،‬لن عدد النساء أربعة ‪ ،‬فجاز التأخي إل هذا الد ‪ .‬نعم‬
‫ينبغي أن يزيد ‪ ،‬أو ينقص حسب حاجتها ف التحصي ‪ ،‬فإن تصينها واجب عليه ‪،‬‬
‫وإن كان ل تثبت الطالبة بالوطء ‪ ،‬فذلك لعسر الطالبة والوفاء با ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 189‬‬

‫‪138‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعن ممد بن معن الغفاري قال ‪ " :‬أتت امرأة إل عمر بن الطاب رضي ال عنه‬
‫فقالت ‪ :‬يا أمي الؤمني ‪ :‬إن زوجي يصوم النهار ‪ ،‬ويقوم الليل ‪ ،‬وأنا أكره أن أشكوه‬
‫‪ -‬وهو يعمل بطاعة ال عزوجل ‪ -‬فقال لا ‪ :‬نعم الزوج زوجك ‪ ،‬فجعلت تكرر هذا‬
‫القول ويكرر عليها الواب ‪ .‬فقال له كعب السدي ‪ :‬يا أمي الؤمني هذه الرأة‬
‫تشكو زوجها ف مباعدته إياها عن فراشه ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬كما فهمت كلمها فاقض‬
‫بينهما ‪ .‬فقال كعب ‪ :‬علي بزوجها ‪ ،‬فأت به ‪ ،‬فقال له ‪ :‬إن امرأتك هذه تشكوك ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬أف طعام ‪ ،‬أو شراب ؟ و قال ‪ :‬ل ‪ ،‬فقالت الرأة ‪ :‬يا أيها القاضي الكيم رشده‬
‫ألى خليلي عن فراشي مسجده زهده ف مضجعي تعبده فاقض القضا ‪ ،‬كعب ‪ ،‬ول‬
‫ترده ناره وليله ما يرقده فلست ف أمر النساء أحده فقال زوجها ‪ :‬زهدن ف النساء‬
‫وف الجل أن امرؤ أذهلن ما نزل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أقفله ‪ :‬أرجعه ( ‪ / ) .‬صفحة‬
‫‪ / 190‬ف سورة النحل وف السبع الطول وف كتاب ال تويف جلل فقال كعب ‪:‬‬
‫إن لا عليك حقايا رجل نصيبها ف أربع لن عقل فأعطها ذاك ودع عنك العلل ث قال‬
‫‪ :‬إن ال عزوجل قد أحل لك من النساء مثن وثلث ورباع فلك ثلثة أيام ولياليهن‬
‫تعبد فيهن ربك ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬وال ما أدري من أي أمريك أعجب ؟ ‪ .‬أمن فهمك‬
‫أمرها ‪ ،‬أم من حكمك بينهما ؟ ‪ .‬اذهب فقد وليتك قضاء البصرة ‪ .‬وقد ثبت ف‬
‫السنة أن جاع الرجل زوجته من الصدقات الت يثيب ال عليها ‪ .‬روى مسلم أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ . . . " :‬ولك ف جاع زوجتك أجر ‪ .‬قالوا يا‬
‫رسول ال ‪ :‬أيأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال ‪ :‬أرأيتم لو وضعها ف حرام‬
‫أكان عليه فيها وزر ! فكذلك إذا وضعها ف حلل كان له أجر " ‪ .‬ويستحب الداعبة‬
‫‪ ،‬واللعبة ‪ ،‬واللطفة ‪ ،‬والتقبيل ‪ ،‬والنتظار حت تقضي الرأة حاجتها ‪ .‬روى أبو‬
‫يعلى عن أنس بن مالك ‪ :‬أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا جامع أحدكم‬
‫أهله فليصدقها ‪ ،‬فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فل يعجلها حت تقضي‬
‫حاجتها " وقد تقدم ‪ " :‬هل بكرا تلعبها وتلعبك " ‪ .‬التستر عند الماع ‪ :‬أمر‬
‫السلم بستر العورة ف كل حال إل إذا اقتضى المر كشفها ‪ .‬فعن بزبن حكيم عن‬
‫أبيه عن جده قال ‪ :‬قلت ‪ " :‬يا نب ال ‪ :‬عوراتنا ما نأت منها وما نذر ؟ قال ‪ :‬احفظ‬

‫‪139‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عورتك إل من زوجتك ‪ ،‬أو ما ملكت ييتك ‪ .‬قلت ‪ :‬يارسول ال إذا كان القوم‬
‫بعضهم ف بعض ؟ قال ‪ :‬إن استطعت أل يراها أحد فل يراها ‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬إذا كان‬
‫أحدنا خاليا ؟ قال ‪ :‬فال أحق أن يستحيا من الناس " ‪ .‬رواه الترمذي ‪ ،‬وقال حديث‬
‫حسن ‪ / .‬صفحة ‪ / 191‬وف الديث جواز كشف العورة عند الماع ‪ ،‬ولكن مع‬
‫ذلك ل ينبغي أن يتجرد الزوجان تردا كامل ‪ .‬فعن عتبة بن عبد السليمي قال ‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ‪ ،‬ول يتجردا ترد‬
‫العيين ( ‪ . " ) 1‬رواه ابن ماجه ‪ .‬وعن ابن عمر أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫" إياكم والتعري ‪ ،‬فإن معكم من ل يفارقكم ‪ ،‬إل عند الغائط ‪ ،‬وحي يفضي الرجل‬
‫إل أهله ‪ ،‬فاستحيوهم وأكرموهم " ‪ .‬رواه الترمذي وقال حديث غريب ‪ .‬قالت‬
‫عائشة ‪ " :‬ل ير رسول ال صلى ال عليه وسلم من ‪ ،‬ول أر منه " ‪ .‬التسمية عند‬
‫الماع ‪ :‬يسن أن يسمي النسان ويستعيذ عند الماع ‪ .‬روى البخاري ومسلم‬
‫وغيها ‪ ،‬عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬لو أن أحدكم إذا‬
‫أتى أهله ‪ ،‬قال ‪ :‬بسم ال ‪ ،‬اللهم جنبنا الشيطان ‪ ،‬وجنب الشيطان ما رزقنا ‪ .‬فإن‬
‫قدر بينهما ف ذلك ولد ‪ ،‬لن يضر ذلك الولد الشيطان أبدا " ‪ .‬حرمة التكلم با يري‬
‫بي الزوجي أثناء الباشرة ‪ :‬ذكر الماع ‪ ،‬والتحدث به مالف للمروءة ‪ ،‬ومن اللغو‬
‫الذي ل فائدة فيه ‪ ،‬ول حاجة إليه ‪ ،‬وينبغي للنسان أن يتنه عنه ما ل يكن هناك ما‬
‫يستدعي التكلم به ‪ .‬ففي الديث الصحيح ‪ " :‬من حسن إسلم الرء تركه مال يعنيه "‬
‫‪ .‬وقد مدح ال العرضي عن اللغو فقال ‪ " :‬والذين هم عن اللغو معرضون " ‪ .‬فإذا‬
‫استدعى المر التحدث به ودعت الاجة إليه فل بأس ‪ ،‬وقد ادعت امرأة أن زوجها‬
‫عاجز عن إتيانا ‪ .‬فقال يا رسول ال ‪ " :‬إن لنفضها نفض الدي " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫العيين ‪ :‬المارين ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 192‬فإذا توسع الزوج أو الزوجة ف ذكر‬
‫تفاصيل الباشرة وأفشى ما يري بينهما من قول أو فعل ‪ ،‬كان ذلك مرما ‪ .‬فعن أب‬
‫سعيد رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إن شر الناس عند ال منلة‬
‫يوم القيامة ‪ :‬الرجل يفضي إل الرأة ‪ ،‬وتفضي إليه ‪ ،‬ث ينشر سرها " ‪ .‬رواه أحد ‪.‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى ‪ ،‬فلما سلم ‪،‬‬

‫‪140‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أقبل عليهم بوجهه فقال ‪ " :‬مالسكم ‪ .‬هل منكم الرجل إذا أتى أهله أغلق بابه‬
‫وأرخى ستره ‪ ،‬ث يرج فيحدث فيقول ‪ :‬فعلت بأهلي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 192‬‬
‫كذا وفعلت بأهلي كذا ؟ ! فسكتوا ‪ ،‬فأقبل على النساء ‪ ،‬فقال هل منكن من تدث ؟‬
‫فجثت فتاة كعب على إحدى ركبتيها ‪ ،‬وتطاولت لياها الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫وليسمع كلمها ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إي وال ‪ .‬إنم يتحدثوه ‪ ،‬وإنن ليتحدثن ‪ .‬فقال ‪ :‬هل‬
‫تدرون ما مثل من فعل ذلك ؟ إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة ‪ .‬لقي‬
‫أحدها صاحبه بالسكة ‪ ،‬فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وأبو‬
‫داود ‪ .‬إتيان الرجل ف غي الأتى ‪ :‬إتيان الرأة ف دبرها تنفر منه الفطرة ‪ ،‬ويأباه‬
‫الطبع ‪ ،‬ويرمه الشرع ‪ .‬قال ال تعال ‪ " :‬نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أن شئتم‬
‫( ‪ . " ) 1‬والرث ‪ :‬موضع الغرس والزرع ‪ ،‬وهو هنا مل الولد ‪ ،‬إذ هو الزروع ‪.‬‬
‫فالمر بإتيان الرث أمر بالتيان ف الفرج خاصة ‪ .‬قال ثعلب ‪ :‬إنا الرحام أرضون‬
‫لنا مترثات فعلينا الزرع فيها وعلى ال النبات وهذا كقول ال ‪ " :‬فأتوهن من حيث‬
‫أمركم ال ( ‪ ( . " ) 2‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة آية ‪ ) 2 ( . 223 :‬سورة البقرة‬
‫آية ‪ / ) . ( 222 :‬صفحة ‪ / 193‬وكقوله " أن شئتم " أي كيف شئتم ‪ .‬وسبب‬
‫نزول هذه البة ما رواه البخاري ومسلم ‪ " :‬ان اليهود كانت على عهد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم تزعم أن الرجل إذا أتى امرأته من دبرها ف قبلها جاء الولد‬
‫أحول ‪ ،‬وكان النصار يتبعون اليهود ف هذا ‪ ،‬فأنزل ال عزوجل ‪ " :‬نساؤكم حرث‬
‫لكم ‪ ،‬فأتوا حرثكم أن شئتم " ‪ .‬أي أنه لحرج ف إتيان النساء بأي كيفية ‪ ،‬مادام‬
‫ذلك ف الفرج ‪ ،‬وما دمتم تقصدون الرث ‪ .‬وقد جاءت الحاديث صرية ف النهي‬
‫عن إتيان الرأة ف دبرها ‪ .‬روى أحد ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وابن ماجه ‪ .‬أن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم قال ‪ " :‬ل تأتوا النساء ف أعجازهن ‪ .‬أو قال ‪ :‬ف أدبارهن " ‪ .‬ورواته‬
‫ثقات ‪ .‬وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النب صلى ال عليه وسلم قال ف‬
‫الذي يأت امرأته ف دبرها " هي اللوطية الصغرى " ‪ .‬وعند أحد وأصحاب السنن عن‬

‫‪141‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ملعون من أتى امرأة ف دبرها "‬
‫‪ .‬قال ابن تيمية ‪ :‬ومت وطئها ف الدبر ‪ ،‬وطاوعته عزرا جيعا ‪ ،‬وإل فرق بينهما كما‬
‫يفرق بي الفاجر ومن يفجر به ‪ .‬العزل وتديد النسل ( ‪ : ) 1‬تقدم ان السلم يرغب‬
‫ف كثرة النسل ‪ .‬إذ أن ذلك مظهر من مظاهر القوة والنعة بالنسبة للمم والشعوب ‪.‬‬
‫" وإنا العزة للكاثر " ‪ .‬ويعل ذلك من أسباب مشروعية الزواج ‪ " :‬تزوجوا الولود‬
‫الودود فإن مكاثر بكم المم يوم القيامة " ‪ .‬إل أن السلم مع ذلك لينع ف‬
‫الظروف الاصة من تديد النسل باتاذ دواء ينع من المل ‪ ،‬أو بأي وسيلة أخرى‬
‫من وسائل انع ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العزل ‪ :‬هو أن ينع الرجل بعد اليلج لينل‬
‫خارج الفرج منعا للحمل ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 194‬فيباح التحديد ف حالة ما إذا كان‬
‫الرجل معيل ( ‪ ) 1‬ليستطيع القيام على تربية أبنائه التربية الصحيحة ‪ .‬وكذلك إذا‬
‫كانت الرأة ضعيفة ‪ ،‬أو كانت موصولة المل ‪ ،‬أو كان الرجل فقيا ‪ .‬ففي مثل هذه‬
‫الالت يباح تديد النسل بل إن بعض العلماء رأى أن التحديد ف هذه الالت ل‬
‫يكون مباحا فقط ‪ ،‬بل يكون مندوبا إليه ‪ .‬وألق المام الغزال بذه الالت حالة ما‬
‫إذا خافت الرأة على جالا ‪ ،‬فمن حق الزوجي ف هذه الالة أن ينعا النسل ‪ .‬بل‬
‫ذهب كثي من أهل العلم إل إباحته مطلقا واستدلوا لذهبهم با يأت ‪ - 1 :‬روى‬
‫البخاري ومسلم عن جابر قال ‪ :‬كنا نعزل على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫والقرآن ينل ‪ - 2 .‬وروى مسلم عنه قال ‪ :‬كنا نعزل على عهد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فبلغ ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم فلم ينهنا ‪ .‬وقال الشافعي رحه‬
‫ال ‪ :‬ونن نروي عن عدد من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم أنم رخصوا ف‬
‫ذلك ول يروا به بأسا ‪ .‬وقال البيهقي ‪ :‬وقد روينا الرخصة فيه عن سعد بن أب‬
‫وقاص ‪ ،‬وأب أيوب النصاري ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وغيهم ‪ .‬وهو مذهب‬
‫مالك والشافعي وقد اتفق عمر وعلي رضي ال عنهما على أنا ل تكون موؤودة حت‬
‫تر عليها التارات السبع ‪ .‬فروى القاضي أبو يعلى وغيه بإسناده عن عبيد بن رفاعة‬
‫عن أبيه قال ‪ :‬جلس إل عمر علي والزبي وسعد رضي ال عنهم ف نفر من أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وتذاكروا العزل ‪ .‬فقالوا ل بأس به ‪ .‬فقال رجل ‪ :‬إنم‬

‫‪142‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يزعمون أنا الوؤودة الصغرى ‪ .‬فقال على رضي ال عنه ‪ :‬ل تكون موؤودة حت تر‬
‫عليها التارات السبع ‪ ،‬حت تكون من سللة من طي ‪ ،‬ث تكون نطفة ‪ ،‬ث تكون علقة‬
‫ث تكون مضغة ‪ .‬ث تكون عظاما ث تكون لما ث تكون خلقا آخر ‪ ،‬فقال عمر رضي‬
‫ال عنه ‪ :‬صدقت أطال ال بقاءك ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العيل ‪ :‬كثي العيال ( ‪/ ) .‬‬
‫صفحة ‪ / 195‬ويرى أهل الظاهر أن منع المل حرام ‪ ،‬مستدلي با ورته جذامة بنت‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 195‬‬
‫وهب ‪ :‬أن أناسا سألوا رسول ال صلى ال عليه وسلم عن العزل ؟ فقال ‪ " :‬ذلك هو‬
‫الواد الفي " ‪ .‬وأجاب المام الغزال عن هذا فقال ‪ " :‬ورد ف الصحيح أخبار‬
‫صحيحة ف الباحة ‪ ،‬وقوله ‪ " :‬إنه الوأد الفي " كقوله " الشرك الفي " وذلك‬
‫يوجب كراهيته كراهة ل تريا ‪ .‬والقصود بالكراهة خلف الول ‪ ،‬كما يقال ‪ :‬يكره‬
‫للقاعد ف السجد أن يقعد فارغا ل يشتغل بذكر أو صلة ‪ ،‬وبعض الئمة كالحناف‬
‫يرون أنه يباح العزل إذا أذنت الزوجة ‪ ،‬ويكره من غي إذنا ‪ .‬حكم إسقاط المل ‪:‬‬
‫بعد استقرار النطفة ف الرحم ل يل إسقاط الني بعد مضي مائة وعشرين يوما ‪ ،‬فإنه‬
‫حينئذ يكون اعتداء على نفس يستوجب العقوبة ف الدنيا والخرة ( ‪ ) 1‬أما إسقاط‬
‫الني ‪ ،‬أو إفساد اللقاح قبل مضي هذه الدة ‪ ،‬فإنه يباح إذا وجد ما يستدعي ذلك ‪،‬‬
‫فإن ل يكن ثة سبب حقيقي فإنه يكره ‪ .‬قال صاحب سبل السلم ‪ " :‬معالة الرأة‬
‫لسقاط النطفة قبل نفخ الروح يتفرع جوازه وعدمه على اللف ف العزل ‪ ،‬فمن‬
‫أجازه أجاز العالة ‪ ،‬ومن حرمه حرم هذا بالول ‪ .‬ويلحق بذا تعاطي الرأة ما يقطع‬
‫البل من أصله ‪ ،‬انتهى ‪ .‬ويرى المام الغزال ‪ :‬أن الجهاض جناية على موجود‬
‫حاصل ‪ ،‬قال ‪ :‬ولا مراتب ‪ ،‬أن تقع النطفة ف الرحم وتتلط باء الرأة ‪ ،‬وتستعد‬
‫لقبول الياة ‪ ،‬وإفساد ذلك جناية ‪ ،‬فإن صارت مضغة وعلقة كانت الناية أفحش‬
‫وإن نفخ فيه الروح واستوت اللقة ‪ ،‬ازدادت الناية تفاحشا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬عن‬
‫عبد ال قال ‪ :‬حدثن رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو الصادق الصدوق ‪ " :‬إن‬
‫أحدكم يمع خلقه ف بطن أمه أربعي يوما نطفة ‪ ،‬ث يكون علقة مثل ذلك ‪ ،‬ث يكون‬

‫‪143‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مضغة مثل ذلك ‪ ،‬ث ينفخ فيه الروح ويأمر بأربع كلمات ‪ :‬يكتب رزقه وأجله وعمله‬
‫وشقي أو سعيد ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 196‬اليلء تعريفه ‪ :‬اليلء ( ‪ ) 1‬ف اللغة ‪:‬‬
‫المتناع باليمي ‪ :‬وف الشرع ‪ :‬المتناع باليمي من وطء الزوجة ‪ .‬ويستوي ف ذلك‬
‫اليمي بال ‪ ،‬أو الصوم ‪ ،‬أو الصدقة ‪ ،‬أو الج ‪ ،‬أو الطلق ‪ .‬وقد كان الرجل ف‬
‫الاهلية يلف على أل يس امرأته السنة ‪ ،‬والسنتي ‪ ،‬والكثر من ذلك بقصد‬
‫الضرار با ‪ ،‬فيتركها معلقة ‪ ،‬لهي زوجة ‪ ،‬ولهي مطلقة ‪ .‬فأراد ال سبحانه أن‬
‫يضع حدا لذا العمل الضار ‪ .‬فوقته بدة أربعة أشهر ‪ ،‬يتروى فيها الرجل ‪ ،‬عله يرجع‬
‫إل رشده ‪ ،‬فإن رجع ف تلك الدة ‪ ،‬أو ف آخرها ‪ ،‬بأن حنث ف اليمي ‪ ،‬ولمس‬
‫زوجته ‪ ،‬وكفر عن يينه فيها ‪ ،‬وإل طلق ‪ .‬فقال ‪ " :‬للذين يؤلون من نسائهم تربص (‬
‫‪ ) 2‬أربعة أشهر ‪ .‬فإن فاءوا ( ‪ ) 3‬فإن ال غفور رحيم ‪ .‬وإن عزموا الطلق فإن ال‬
‫سيع عليم ( ‪ . " ) 4‬مدة اليلء ( ‪ : ) 5‬اتفق الفقهاء على أن من حلف أل يس‬
‫زوجته أكثر من أربعة أشهر كان موليا ‪ .‬واختلفوا فيمن حلف أل يسها أربعة أشهر ‪:‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬آل يول إيلء وإلية إذا حلف فهو مول ‪ ) 2 ( .‬التربص ‪ :‬النتظار ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬فاءوا ‪ :‬رجعوا ‪ ) 4 ( .‬سورة البقرة الية ‪ ) 5 ( . 227 :‬تبدأ الدة من وقت‬
‫اليمي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 197‬فقال أبو حنيفة وأصحابه ‪ :‬يثبت له حكم اليلء ‪.‬‬
‫وذهب المهور ومنهم الئمة الثلثة ‪ :‬إل أنه ل يثبت له حكم اليلء ‪ ،‬لن ال جعل‬
‫له مدة أربعة أشهر ‪ ،‬وبعد انقضائها ‪ :‬إما الفئ وإما الطلق ‪ .‬حكم اليلء ‪ :‬إذا حلف‬
‫أل يقرب زوجته ‪ ،‬فإن مسها ف الربعة الشهر ‪ ،‬انتهى اليلء ولزمته كفارة اليمي ‪.‬‬
‫إذا مضت الدة ول يامعها ‪ ،‬فيى جهور العلماء أن للزوجة أن تطالبه ‪ :‬إما بالوطء‬
‫وإما بالطلق ‪ .‬فإن امتنع عنهما فيى مالك أن للحاكم أن يطلق عليه دفعا للضرر عن‬
‫الزوجة ‪ .‬ويرى أحد والشافعي وأهل الظاهر أن القاضي ل يطلق وإنا يضيق على‬
‫الزوج ويبسه حت يطلقها بنفسه ‪ .‬وأما الحناف فيون أنه إذا مضت الدة ول‬
‫يامعها فإنا تطلق طلقة بائنة بجرد مضي الدة ‪ .‬ول يكون للزوج حق الراجعة لنه‬
‫أساء ف استعمال حقه بامتناعه عن الوطء بغي عذر ‪ ،‬ففوت حق زوجته وصار بذلك‬
‫ظالا لا ‪ .‬ويرى المام مالك أن الزوج يلزمه حكم اليلء إذا قصد الضرار بترك‬

‫‪144‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوطء وإن ل يلف على ذلك ‪ ،‬لوقوع الضرر ف هذه الال كما هو واقع ف حالة‬
‫اليمي ‪ .‬الطلق الذي يقع باليلء ‪ :‬والطلق الذي يقع باليلء طلق بائن ‪ ،‬لنه لو‬
‫كان رجعيا لمكن للزوج أن يبها على الرجعة ‪ ،‬لنا حق له ‪ ،‬وبذلك ل تتحقق‬
‫مصلحة الزوجة ‪ ،‬ول يزول عنها الضرر ‪ .‬وهذا مذهب أب حنيفة ‪ .‬وذهب مالك‬
‫والشافعي وسعيد بن السيب وأبو بكر بن عبد الرحن إل أنه طلق رجعي ‪ ،‬لنه ل‬
‫يقم دليل على أنه بائن ‪ ،‬ولنه طلق زوجة مدخول با من غي عوض ول استيفاء‬
‫عود ‪ / .‬صفحة ‪ / 198‬عدة الزوجة الول منها ‪ :‬ذهب المهور إل أن الزوجة الول‬
‫منها تعتد كسائر الطلقات لنا مطلقة ‪ ،‬وقال جابر بن زيد ‪ :‬ل تلزمها عدة إذا كانت‬
‫قد حاضت ف مدة الربعة أشهر ثلث حيض ‪ .‬قال ابن رشد ‪ :‬وقال بقوله طائفة ‪،‬‬
‫وهو مروي عن ابن عباس ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 198‬‬
‫وحجته ‪ :‬أن العدة إنا وضعت لباءة الرحم ‪ .‬وهذه قد حصلت لا الباءة ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 199‬حق الزوج على زوجته من حق الزوج على زوجته أن تطيعه ف غي معصية ‪،‬‬
‫وأن تفظه ف نفسها وماله ‪ ،‬وأن تتنع عن مقارفة أي شئ يضيق به الرجل ‪ ،‬فل تعبس‬
‫ف وجهه ‪ ،‬ول تبدو ف صورة يكرهها ‪ ،‬وهذا من أعظم القوق ‪ .‬روى الاكم عن‬
‫عائشة قالت ‪ " :‬سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على‬
‫الرأة ؟ قال ‪ :‬زوجها ‪ .‬قالت ‪ :‬فأي الناس أعظم حقا على الرجل ؟ قال ‪ :‬أمه " ‪.‬‬
‫ويؤكد رسول ال هذا الق فيقول ‪ " :‬لو أمرت أحدا أن يسجد لحد ‪ .‬لمرت الرأة‬
‫أن تسجد لزوجها ‪ ،‬من عظم حقه عليها " ‪ .‬رواه أبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وابن ماجه ‪،‬‬
‫وابن حبان ‪ .‬وقد وصف ال سبحانه الزوجات الصالات فقال ‪ " :‬فالصالات قانتات‬
‫حافظات للغيب با حفظ ال ( ‪ . " ) 1‬والقانتات هن الطائعات ‪ ،‬والافظات للغيب ‪:‬‬
‫أي اللئي يفظن غيبة أزواجهن ‪ ،‬فل ينه ف نفس أو مال ‪ .‬وهذا أسى ما تكون عليه‬
‫الرأة ‪ ،‬وبه تدوم الياة الزوجية ‪ ،‬وتسعد ‪ .‬وقد جاء ف الديث أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ " :‬خي النساء من إذا نظرت إليها سرتك ‪ ،‬وإذا أمرتا أطاعتك ‪،‬‬

‫‪145‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإذا غبت عنها حفظتك ف نفسها ومالك " ‪ .‬ومافظة الزوجة على هذا اللق يعتب‬
‫جهادا ف سبيل ال ‪ .‬روى ابن عباس رضي ال عنهما ‪ :‬أن امرأة جاءت إل النب صلى‬
‫ال عليه وسلم فقالت ‪ :‬يا رسول ال أنا وافدة النساء إليك ‪ :‬هذا الهاد كتبه ال على‬
‫الرجال ‪ ،‬فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربم يرزقون ‪ .‬ونن معشر‬
‫النساء نقوم عليهم ‪ ،‬فما لنا ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء من الية ‪/ ) . ( . 34 :‬‬
‫صفحة ‪ / 200‬من ذلك ؟ فقال الرسول عليه الصلة والسلم ‪ " :‬أبلغي من لقيت من‬
‫النساء أن طاعة الزوج واعترافا بقه يعدل ذلك ‪ .‬وقليل منكن من يفعله " ‪ .‬ومن‬
‫عظم هذا الق أن قرن السلم طاعة الزوج بإقامة الفرائض الدينية وطاعة ال ‪ ،‬فعن‬
‫عبد الرحن بن عوف ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا صلت الرأة‬
‫خسها ‪ ،‬وصامت شهرها وحفظت فرجها ‪ ،‬وأطاعت زوجها قيل لا ادخلي النة من‬
‫أي أبواب النة شئت " رواه أحد والطبان ‪ .‬وعن أم سلمة رضي ال عنها قالت ‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أيا امرأة ماتت ‪ ،‬وزوجها عنها راض ‪،‬‬
‫دخلت النة " ‪ .‬وأكثر ما يدخل الرأة النار ‪ ،‬عصيانا لزوجها ‪ ،‬وكفرانا إحسانه إليها‬
‫‪ ،‬فعن ابن عباس رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬اطلعت‬
‫ف النار فإذا أكثر أهلها النساء ‪ .‬يكفرن العشي ‪ ،‬لو أحسنت إل إحداهن الدهر ‪ ،‬ث‬
‫رأت منك شيئا قالت ‪ :‬ما رأيت منك خيا قط " ‪ .‬رواه البخاري ‪ .‬وعن أب هريرة أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا دعا الرجل امرأته إل فراشه فأبت أن‬
‫تئ ‪ ،‬فبات غضبان ‪ ،‬لعنتها اللئكة حت تصبح " ‪ .‬رواه أحد والبخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وحق الطاعة هذا مقيد بالعروف ‪ .‬فإنه ل طاعة لخلوق ف معصية الالق ‪ ،‬فلو أمرها‬
‫بعصية وجب عليها أن تالفه ‪ .‬ومن طاعتها لزوجها أل تصوم نافلة إل بإذنه ‪ ،‬وأل‬
‫تج تطوعا إل بإذنه ‪ ،‬وأل ترج من بيته إل بإذنه ‪ .‬روى أبو داود الطيالسي ‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن عمر ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬حق الزوج على زوجته‬
‫أل تنعه نفسها ‪ ،‬ولو كان على ظهر قتب ( ‪ ) 1‬وأن ل تصوم يوما واحدا إل بإذنه ‪،‬‬
‫إل لفريضة ‪ ،‬فإن فعلت ( هامش ) ( ‪ ) 1‬قتب ‪ :‬ظهر بعي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 201‬‬
‫أثت ‪ ،‬ول يتقبل منها ‪ ،‬وأل تعطي من بيتها شيئا إل بإذنه ‪ ،‬فإن فعلت كان له الجر ‪،‬‬

‫‪146‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعليها الوزر ‪ ،‬وأل ترج من بيته إل بإذنه ‪ ،‬فإن فعلت لعنها ال وملئكة الغضب‬
‫حت تتوب أو ترجع ‪ ،‬وإن كان ظالا " ‪ .‬عدم إدخال من يكره الزوج ‪ :‬ومن حق‬
‫الزوج على زوجته أن ل تدخل أحدا بيته يكرهه إل بإذنه ‪ .‬عن عمرو بن الحوص‬
‫الشمي رضي ال عنه ‪ ،‬أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حجة الوداع يقول‬
‫‪ :‬بعد أن حد ال وأثن عليه وذكر ووعظ ‪ .‬ث قال ‪ " :‬أل ‪ ،‬واستوصوا بالنساء خيا‬
‫فإنا هن عوان ( ‪ ) 1‬عندكم ليس تلكون منهن شيئا غي ذلك ‪ ،‬إل أن يأتي بفاحشة‬
‫مبينة ‪ .‬فإن فعلن فاهجروهن ف الضاجع ‪ ،‬واضربوهن ضربا غي مبح فإن أطعنكم‬
‫فل تبغوا عليهن سبيل ‪ .‬أل إن لكم على نسائكم حقا ‪ ،‬ولنسائكم عليكم حقا ‪،‬‬
‫فحقكم عليهن أل يوطئن فروشكم من تكرهونه ‪ ،‬ول يأذن ف بيوتكم من تكرهونه ‪،‬‬
‫أل وحقهن عليكم أن تسنوا إليهن ف كسوتن وطعامهن " ‪ .‬رواه ابن ماجه‬
‫والترمذي ‪ ،‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ .‬خدمة الرأة زوجها ‪ :‬أساس العلقة بي‬
‫الزوج وزوجته هي الساواة بي الرجل والرأة ف القوق والواجبات ‪ .‬وأصل ذلك‬
‫قول ال تعال ‪ " :‬ولن مثل الذي عليهن بالعروف ‪ ،‬وللرجال عليهن درجة ( ‪. " ) 2‬‬
‫فالية تعطي الرأة من القوق مثل ما للرجل عليها ‪ ،‬فكلما طولبت‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 201‬‬
‫الرأة بشئ طولب الرجل بثله ‪ .‬والساس الذي وضعه السلم للتعامل بي الزوجي‬
‫وتنظيم الياة بينهما ‪ ،‬هو أساس فطري وطبيعي ‪ .‬فالرجل أقدر على العمل والكدح‬
‫والكسب خارج النل ‪ ،‬والرأة أقدر على تدبي النل ‪ ،‬وتربية الولد ‪ ،‬وتيسي‬
‫أسباب الراحة ( هامش ) ( ‪ ) 1‬عوان ‪ :‬بفتح العي وتفيف الواو ‪ :‬أي أسيات ‪2 ( .‬‬
‫) سورة البقرة الية ‪ / ) . ( . 228 :‬صفحة ‪ / 202‬البيتية ‪ ،‬والطمأنينة النلية ‪،‬‬
‫فيكلف الرجل ما هو مناسب له ‪ ،‬وتكلف الرأة ما هو من طبيعتها ‪ ،‬وبذا ينتظم‬
‫البيت من ناحية الداخل والارج دون أن يد أي واحد من الزوجي سببا من أسباب‬
‫انقسام البيت على نفسه ‪ .‬وقد حكم رسول ال صلى ال عليه وسلم بي على بن أب‬
‫طالب رضي ال عنه وكرم ال وجهه وبي زوجته فاطمة رضي ال عنها ‪ ،‬فجعل على‬

‫‪147‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فاطمة خدمة البيت ‪ ،‬وجعل على علي العمل والكسب ‪ .‬روى البخاري ومسلم أن‬
‫فاطمة رضي ال عنها أتت النب صلى ال عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى ف يديها من‬
‫الرحاء وتسأله خادمة ‪ .‬فقال ‪ " :‬أل أدلكم على ما هو خي لكما ما سألتما ‪ :‬إذا‬
‫أخذتا مضاجعكما فسبحا ال ثلثا وثلثي ‪ ،‬واحدا ثلثا وثلثي ‪ ،‬وكبا أربعا وثلثي‬
‫‪ ،‬فهو خي لكما من خادم " ‪ .‬وعن أساء بنت أب بكر رضي ال عنها أنا قالت ‪:‬‬
‫كنت أخدم الزبي خدمة البيت كله وكان له فرس فكنت أسوسه ‪ ،‬وكنت أحش له ‪،‬‬
‫وأقوم عليه ‪ .‬وكانت تعلفه ‪ ،‬وتسقي الاء ‪ ،‬وترز الدلو ‪ ،‬وتعجن ‪ ،‬وتنقل النوى على‬
‫رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ ‪ .‬ففي هذين الديثي ما يفيد بأن على الرأة أن‬
‫تقوم بدمة بيتها ‪ ،‬كما أن على الرجل أن يقوم بالنفاق عليها ‪ .‬وقد شكت السيدة‬
‫فاطمة رضي ال عنها ما كانت تلقاه من خدمة ‪ ،‬فلم يقل الرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لعلي ل خدمة عليها وإنا هي عليك ‪ .‬وكذلك لا رأى خدمة أساء لزوجها ل‬
‫يقل ل خدمة عليها ‪ ،‬بل أقره على استخدامها ‪ .‬وأقر سائر أصحابه على خدمة‬
‫أزواجهن ‪ .‬مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية ‪ .‬قال ابن القيم ‪ :‬هذا أمر ل ريب‬
‫فيه ‪ ،‬ول يصح التفريق بي شريفة دنيئة ‪ ،‬وفقية وغنية ‪ .‬فهذه أشرف نساء العالي‬
‫كانت تدم زوجها وجاءت الرسول صلى ال عليه وسلم تشكو إليه الدمة ‪ ،‬فلم‬
‫يشكها ( ‪ ( . ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يشكها ‪ :‬أي ل يسمع شكايتها ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 203‬قال بعض علماء الالكية ‪ ) 1 ( :‬إن على الزوجة خدمة مسكنها ‪ ،‬فإن كانت‬
‫شريفة الحل ليسار أبوة ‪ ،‬أو ترفه ‪ ،‬فعليها التدبي للمنل وأمر الادم ‪ ،‬وإن كانت‬
‫متوسطة الال ‪ ،‬فعليها أن تفرش الفراش ونو ذلك ‪ .‬وإن كانت دون ذلك ‪ ،‬فعليها‬
‫أن تقم البيت وتطبخ وتغسل ‪ ،‬وإن كانت من نساء الكرد والديلم والبل كلفت ما‬
‫يكلفه نساؤهم ‪ .‬وذلك أن ال تعال قال ‪ " :‬ولن مثل الذي عليهن ‪ ،‬بالعروف ( ‪) 2‬‬
‫" ‪ .‬وقد جرى عرف السلمي ف بلدانم ف قدي المر وحديثه با ذكرنا ‪ .‬أل ترى أن‬
‫أزواج النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه ‪ ،‬كانوا يتكلفون الطحي والبز والطبيخ‬
‫وفرش الفراش ‪ ،‬وتقريب الطعام وأشباه ذلك ‪ ،‬ول نعلم امرأة امتنعت عن ذلك ‪ ،‬ول‬
‫يسوغ لا المتناع ‪ ،‬بل كانوا يضربون نساءهم إذا قصرن ف ذلك ‪ ،‬ويأخذنن‬

‫‪148‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالدمة ‪ .‬فلو ل أنا مستحقة لا طالبوهن ‪ .‬هذا هو الذهب الصحيح خلفا لا ذهب‬
‫إليه مالك وأبو حنيفة والشافعي من عدم وجوب خدمة الرأة لزوجها ‪ ،‬وقالوا إن عقد‬
‫الزواج إنا اقتضى الستمتاع ل الستخدام وبذل النافع ‪ .‬والحاديث الذكورة تدل‬
‫على التطوع ومكارم الخلق ‪ .‬تاوز الصدق بي الزوجي ‪ :‬الحافظة على النسجام‬
‫ف البيت ‪ ،‬وتقوية روابط السرة غاية من الغايات الت يستباح من أجل الصول عليها‬
‫تاوز الصدق ‪ .‬روي أن ابن أب عذرة الدؤل ‪ -‬أيام خلفة عمر رضي ال عنه ‪ -‬كان‬
‫يلع النساء اللئي يتزوج بن ‪ ،‬فطارت له ف النساء من ذلك أحدوثة يكرهها ‪ ،‬فلما‬
‫علم بذلك أخذ بيد عبد ال بن الرقم حت أتى به إل منله ‪ ،‬ث قال لمرأته ‪ :‬أنشدك‬
‫بال ( ‪ ) 3‬هل تبغضينن ؟ قالت ‪ :‬ل تنشدن بال ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬من تفسي‬
‫القرطب ‪ ) 2 ( .‬سورة البقرة الية ‪ ) 3 ( . 229 :‬أسألك ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 204‬‬
‫قال ‪ :‬فإن أنشدك بال ‪ .‬قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬فقال لبن الرقم أتسمع ؟ ث انطلقا حت أتيا‬
‫عمر رضي ال عنه فقال ‪ :‬إنكم لتحدثون أن أظلم النساء ‪ ،‬وأخلعهن ‪ ،‬فاسأل ابن‬
‫الرقم ‪ ،‬فسأله فأخبه ‪ ،‬فأرسل إل امرأة ابن أب عذرة فجاءت هي وعمتها ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫أنت الت تدثي لزوجك أنك تبغضينه ؟ ‪ .‬فقالت ‪ :‬إن أول من تاب ‪ ،‬وراجع أمر ال‬
‫تعال ‪ ،‬إنه ناشدن فتحرجت أن أكذب ‪ .‬أفأكذب يا أمي الؤمني ؟ قال ‪ :‬نعم‬
‫فاكذب ‪ ،‬فإن كانت إحداكن ل تب أحدنا فل تدثه بذلك ‪ ،‬فإن أقل البيوت الذي‬
‫يبن على الب ‪ .‬ولكن الناس يتعاشرون بالسلم والحساب ‪ .‬وقد روى البخاري‬
‫ومسلم عن أم كلثوم رضي ال عنها ‪ .‬أنا سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‬
‫‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 204‬‬
‫" ليس الكذاب الذي يصلح بي الناس فينمي خيا ‪ ،‬أو يقول خيا " ‪ .‬قالت ‪ :‬ول‬
‫أسعه يرخص ف شئ ما يقول الناس إل ف ثلث ‪ :‬يعن الرب ‪ ،‬والصلح بي الناس‬
‫‪ ،‬وحديث الرجل امرأته ‪ ،‬والرأة زوجها ‪ ،‬فهذا حديث صريح ف إباحة بعض الكذب‬
‫للمصلحة ‪ .‬إمساك الزوجة بنل الزوجية ‪ :‬من حق الزوج أن يسك زوجته بنل‬

‫‪149‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزوجية ‪ ،‬وينعها عن الروج منه ( ‪ ) 1‬إل بإذنه ويشترط ف السكن أن يكون لئقا‬
‫با ‪ ،‬ومققا لستقرار العيشة الزوجية ‪ ،‬وهذا السكن ‪ ،‬يسمى بالسكن الشرعي ‪ ،‬فإذا‬
‫ل يكن السكن لئقا با ول يكنها من استيفاء القوق الزوجية القصودة من الزواج ‪،‬‬
‫فإنه ل يلزمها القرار فيه ‪ ،‬لن السكن غي شرعي ‪ .‬ومثال ذلك ‪ ،‬ما إذا كان بالسكن‬
‫آخرون ينعها وجودهم معها من العاشرة الزوجية ‪ ،‬أو كان يلحقها بذلك ضرر ‪ ،‬أو‬
‫تشى على متاعها ‪ .‬وكذلك لو كان ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وهذا بلف زيارة أبويها فلها‬
‫أن تزورها كل أسبوع أو بسب ما جرى به العرف ولو ل يأذن لا ‪ ،‬لن ذلك من‬
‫صلة الرحم الواجبة ولا أن ترض الريض منهما إذا ل يوجد من يرضه ولو ل يرض‬
‫زوجها لن ذلك واجب ول يوز أن ينعها من الواجب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 205‬‬
‫السكن خاليا من الرافق الضرورية ‪ ،‬أو كان بال تستوحش منها الزوجة ‪ ،‬أو كان‬
‫اليان جيان سوء ‪ .‬النتقال بالزوجة ‪ :‬من حق الزوج أن ينتقل وزوجته حيث يشاء‬
‫لقول ال تعال ‪ " :‬أسكنوهن من حيث سكنتم ‪ ،‬من وجدكم ‪ ،‬ول تضاروهن لتضيقوا‬
‫عليهن ( ‪ . " ) 1‬والنهي عن الضارة يقتضي أل يكون القصد من النتقال بالزوجة‬
‫الضارة با ‪ ،‬بل يب أن يكون القصد هو العايشة ‪ ،‬وما يقصد بالزواج ‪ ،‬فإن كان‬
‫يقصد الضارة والتضييق عليها ف طلبه نقلها كأن تبه شيئا من الهر ‪ ،‬أو تترك شيئا من‬
‫النفقة الواجبة عليه لا ‪ ،‬أو ل يكون مأمونا عليها ‪ ،‬فلها الق ف المتناع ‪ .‬وللقاضي‬
‫أن يكم لا بعدم استجابتها له ‪ .‬وقيد الفقهاء استعمال هذا الق أيضا بأل يكون ف‬
‫النتقال با خوف الضرر عليها ‪ .‬كأن يكون الطريق غي آمن ‪ ،‬أو يشق عليها مشقة‬
‫جديدة ل تتمل ف العادة ‪ ،‬أو ياف فيه من عدو ‪ .‬فإذا خافت الزوجة شيئا من ذلك‬
‫فلها أن تتنع عن السفر ‪ ،‬وقد جاء ف إحدى الذكرات القضائية ما يلي ‪ " :‬ولا كانت‬
‫مصلحة الزوجي من النقله وعدمها ل تتحدد ول تضبط أطلقوها من غي بيان وجهها‬
‫اعتمادا على فطنة القاضي وعدالته وحكمته ‪ .‬فإن من البي أن مرد كون الزوج ف‬
‫شخصه مأمونا على زوجته ل يكفي لتحقق الصلحة ف الجبار على النقلة ‪ .‬بل ل بد‬
‫من مراعاة أحوال أخرى ترجع إل الزوج وإل الزوجة ‪ .‬وإل البلدان النقول منها‬
‫والنتقل إليها ‪ .‬كأن يكون الباعث على النتقال مصلحة يعتد با ‪ ،‬فلما يكن الصول‬

‫‪150‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليها بدون الغتراب ‪ ،‬وكأن يكون الزوج قادرا على نفقات ارتالا كأمثالا ‪ ،‬وف‬
‫يده فضل يغلب على الظن أنه لو اتر فيه مثل لربح ما يعدل نفقته ونفقة عياله ‪ ،‬أو‬
‫صناعة فنية تقوم بعاشه ومعاشهم ‪ " .‬وكأن يكون الطريق بي البلدين مأمونا على‬
‫النفس والعرض والال ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الطلق الية ‪ / ) . ( . 6 :‬صفحة‬
‫‪ / 206‬وكأن تكون الزوجة بيث تقول على مشقة السفر من بلدها إل الكان الذي‬
‫يريد نقلها إليه ‪ .‬وكأن ل يكون الحل الذي يريد نقلها إليه بطبيعته منبعا للحميات ‪،‬‬
‫والوبئة ‪ ،‬والمراض ‪ .‬وكأن ل يكون الختلف بي البلدين ف الرارة والبودة مثل‬
‫ما ل تتمله المزجة والطباع ‪ .‬وكأن تكون كرامة الزوجة ف موضع نقلتها مفوظة‬
‫ككرامتها ف ملها الصلي ‪ .‬وكأن ل يلحقها بسبب النتقال ضرر مادي أو أدب ‪ ،‬إل‬
‫كثي من العتبارات الت يب ملحظتها ف مثل هذه الظروف وتتلف باختلف‬
‫الشخاص والواطن ول تفى عن القاضي الفطن " ‪ .‬وهذا من خي ما يقال تفصيل ف‬
‫هذا الوضوع ‪ .‬اشتراط عدم خروج الزوجة من دارها ‪ :‬من تزوج امرأة ‪ ،‬وشرط لا‬
‫أل يرجها من دارها أو ل يرج با إل بلد غي بلدها فعليه الوفاء بذا الشرط ‪ ،‬لقول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن أحق الشروط أن توفوا به ‪ ،‬ما استحللتم به‬
‫الفروج " رواه البخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وغيها عن عقبة بن عامر ‪ .‬وهذا مذهب أحد ‪،‬‬
‫وإسحاق بن راهويه ‪ ،‬والوزاعي ‪ .‬وذهب غي هؤلء من الفقهاء إل أنه ل يلزمه‬
‫الوفاء بذا الشرط ‪ .‬وله نقلها عن دارها ‪ .‬وقالوا ف الديث ‪ :‬إن الشرط الواجب‬
‫الوفاء به هو ما كان خاصا ف الهر ‪ ،‬والقوق الزوجية الت هي من مقتضى العقد دون‬
‫غيها ما ل يقتضيه ‪ .‬وقد تقدم ف أول هذا الجلد الشروط ف الزواج ‪ ،‬واختلف‬
‫العلماء فيه ‪ ،‬مفصل ‪ .‬منع الزوجة من العمل ‪ :‬فرق العلماء بي عمل الزوجة الذي‬
‫يؤدي إل تنقيص حق الزوج ‪ ،‬أو ضرره ‪ ،‬أو خروجها من بيته ‪ ،‬وبي العمل الذي ل‬
‫ضرر فيه ‪ ،‬فمنعوا الول ‪ .‬وأجازوا الثان ‪ / .‬صفحة ‪ / 207‬قال ابن عابدين ‪ ،‬من‬
‫فقهاء الحناف ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 207‬‬

‫‪151‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" والذي ينبغي تريره أن يكون منعها من كل عمل يؤدي إل تنقيص حقه ‪ ،‬أو‬
‫ضرره ‪ ،‬أو إل خروجها من بيته ‪ .‬أما العمل الذي ل ضرر فيه فل وجه لنعها منه‬
‫وكذلك ليس له منعها من الروج إذا كانت تترف عمل هو من فروض الكفاية‬
‫الاصة بالرأة مثل عمل القابلة " ‪ .‬خروج الرأة لطلب العلم ‪ :‬إذا كان العلم الذي‬
‫تطلبه الرأة مفروضا ( ‪ ) 1‬عليها وجب على الزوج أن يعلمها إياه ‪ -‬إذا كان قادرا‬
‫على التعليم ‪ -‬فإذا ل يفعل ‪ ،‬وجب عليها أن ترج حيث العلماء ومالس العلم ‪،‬‬
‫لتتعلم أحكام دينها ولو من غي إذنه ‪ .‬أما إذا كانت الزوجة عالة با فرضه ال عليها‬
‫من أحكام ‪ ،‬أو كان الزوج متفقها ف دين ال ‪ ،‬وقام بتعليمها ‪ ،‬فل حق لا ف الروج‬
‫إل طلب العلم إل بأذنه ‪ .‬تأديب الزوجة عند النشوز ‪ :‬قال ال تعال ‪ " :‬واللت‬
‫تافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن ف الضاجع واضربوهن ‪ ،‬فإن أطعنكم فل تبغوا‬
‫عليهن سبيل ( ‪ ) 2‬نشوز الزوجة ‪ :‬هو عصيان الزوج وعدم طاعته أو امتناعها عن‬
‫فراشه ‪ ،‬أو خروجها من بيته بغي إذنه ‪ .‬وعظتها تذكيها بال ‪ ،‬وتويفها به ‪ ،‬وتنبيهها‬
‫للواجب عليها من الطاعة وما لزوجها عليها من حق ‪ ،‬ولفت نظرها إل ما يلحقها من‬
‫الث بالخالفة والعصيان ‪ ،‬وما يفوت من حقوقها من النفقة ‪ ،‬والكسوة ‪ .‬والجر ف‬
‫الضجع ‪ :‬أي ف الفراش ‪ ،‬وأما الجر ف الكلم فل يوز أكثر من ثلثة أيام ‪ ،‬لا رواه‬
‫أبو هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يل لسلم أن يهجر أخاه فوق ثلثة‬
‫أيام " ‪ .‬ول تضرب الزوجة لول نشوزها ‪ .‬والية فيها إضمار وتقدير ‪ .‬أي ‪" :‬‬
‫واللت تافون نشوزهن فعظوهن " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العلم الفرض ‪ :‬هو العلم‬
‫بالعمل الذي فرضه ال لن كل ما فرض ال عمله فرض العلم به ‪ ) 1 ( .‬سورة‬
‫النساء الية ‪ / ) . ( . 34 :‬صفحة ‪ / 208‬فإن نشزن " فاهجروهن ف الضاجع " ‪،‬‬
‫فإن أصررن " فاضربوهن " ‪ .‬أي إذا ل ترتدع بالوعظ والجر فله ضربا ‪ .‬يقول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن لكم عليهن أل يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ‪.‬‬
‫فإن فعلن فاضربوهن ضربا غي مبح " أي غي شديد ‪ .‬وعليه أن يتنب الوجه ‪،‬‬
‫والواضع الخوفة ‪ ،‬لن القصود التأديب ‪ .‬ل التلف ‪ .‬روى أبو داود عن حكيم بن‬
‫معاوية القشيي عن أبيه قال ‪ :‬قلت يارسول ال ‪ :‬ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال ‪" :‬‬

‫‪152‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن تطعمها إذا طعمت ‪ ،‬وتكسوها إذا اكتسيت ‪ ،‬ول تضرب الوجه ول تقبح ‪ ،‬ول‬
‫تجر إل ف البيت " ‪ .‬تزين الرأة لزوجها ‪ :‬من الستحسن أن تتزين الرأه لزوجها‬
‫بالكحل والضاب والطيب ‪ ،‬ونو ذلك من أنواع الزينة ‪ .‬روى أحد عن كرية بنت‬
‫هام ‪ " :‬قالت لعائشة رضي ال عنها ‪ :‬ما تقولي يا أم الؤمني ف الناء ؟ فقالت ‪:‬‬
‫كان حبيب صلى ال عليه وسلم يعجبه لونه ‪ ،‬ويكره ريه ‪ ،‬وليس بحرم عليكن بي‬
‫كل حيضتي ‪ ،‬أو عند كل حيضة " ‪ / .‬صفحة ‪ / 209‬التبج معناه ‪ :‬التبج تكلف‬
‫إظهار ما يب إخفاؤه وأصله الروج من البج ‪ ،‬وهو القصر ‪ ،‬ث استعمل ف خروج‬
‫الرأة من الشمة وإظهار مفاتنها وإبراز ماسنها ‪ .‬التبج ف القرآن ‪ :‬وقد ورد التبج‬
‫ف القرآن الكري ف موضعي ‪ ( :‬الوضع الول ) ف سورة النور ‪ .‬جاء فيه قول ال‬
‫سبحانه ‪ " :‬والقواعد من النساء اللت ل يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن‬
‫ثيابن غي متبجات بزينة ‪ ،‬وأن يستعففن خي لن ( ‪ ( " . ) 1‬والوضع الثان ) ورد‬
‫ف النهي عنه والتشنيع عليه ف سورة الحزاب ‪ ،‬ف قوله سبحانه ‪ " :‬ول تبجن تبج‬
‫الاهلية الول " ( ‪ . ) 2‬منافاته للدين والدنية ‪ :‬إن أهم ما يتميز به النسان عن‬
‫اليوان اتاذ اللبس وأدوات الزينة ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬يا بن آدم قد أنزلنا عليكم‬
‫لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خي ذلك من آيات ال لعلهم‬
‫يذكرون " ( ‪ . ) 3‬واللبس والزينة ها مظهران من مظاهر الدنية والضارة ‪،‬‬
‫والتجرد عنهما إنا هو ردة إل اليوانية ‪ ،‬وعودة إل الياة البدائية ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫آية ‪ ) 2 ( . 60 :‬آية ‪ ) 3 ( . 33 :‬سورة العراف آية ‪ / ) . ( . 26 :‬صفحة‬
‫‪ / 210‬والياة ‪ ،‬وهي تسي سيها الطبيعي ‪ ،‬ل يكن أن ترجع إل الوراء ‪ ،‬إل إذا‬
‫حدثت لا نكسة تبدل آراءها ‪ ،‬وتغي أفكارها ‪ ،‬وتعلها تعود القهقرى ناسية أو‬
‫متناسية مكأسبها الضارية ورقيها النسان ‪ .‬وإذا كان اتاذ اللبس لزما من لوازم‬
‫النسان الراقي ‪ ،‬فإنه بالنسبة للمرأة ألزم ‪ ،‬لنه هو الفاظ الذي يفظ عليها دينها‬
‫وشرفها وعفافها وحياءها ‪ .‬وهذه الصفات ألصق بالرأة ‪ ،‬وأول با من الرجل ‪ ،‬ومن‬
‫ث كانت الشمة أول با وأحق ‪ .‬إن أعز ما تلكه الرأة ‪ ،‬الشرف ‪ ،‬والياء ‪ ،‬والعفاف‬

‫‪153‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ،‬والحافظة على هذه الفضائل مافظة على إنسانية الرأة ف أسى صورها ‪ ،‬وليس من‬
‫صال الرأة ‪ ،‬ول من صال الجتمع أن تتخلى الرأة عن الصيانة والحتشام ‪ .‬ول‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 210‬‬
‫سيما وأن الغريزة النسية هي أعنف الغرائز وأشدها على الطلق ‪ .‬والتبذل مثي لذه‬
‫الغريزة ومطلق لا من عقالا ‪ .‬ووضع الدود والقيود والسدود أمامها ما يفف من‬
‫حدتا ويطفئ من جذوتا ويهذبا تذيبا جديرا بالنسان وكرامته ‪ ،‬ومن أجل هذا عن‬
‫السلم عناية خاصة بلبس الرأة ‪ ،‬وتناول القرآن ملبس الرأة مفصل لدودها ‪،‬‬
‫على غي عادة القرآن ف تناوله السائل الزئية بالتفصيل ‪ ،‬فهو يقول ‪ " :‬يأيها النب قل‬
‫لزواجك وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من جلبيبهن ‪ ،‬ذلك أدن أن يعرفن فل‬
‫يؤذين ( ‪ . " ) 1‬وتوجيه الطاب إل نساء النب وبناته ونساء الؤمني دليل على أن‬
‫جيع النساء مطالبات بتنفيذ هذا المر ‪ ،‬دون استثناء واحدة منهن ‪ ،‬مهما بلغت من‬
‫الطهر ‪ ،‬ولو كانت ف طهارة بنات النب عليه الصلة والسلم وطهارة نسائه ‪ .‬ويول‬
‫القرآن هذا المر عناية بالغة ويفصل ذلك تفصيل ‪ ،‬فيبي ما يل كشفه وما يب‬
‫ستره ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويفظن فروجهن ‪ ،‬ول يبدين‬
‫زينتهن ‪ ،‬إل ما ظهر ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الحزاب الية ‪ / ) . ( . 59 :‬صفحة‬
‫‪ / 211‬منها ‪ ،‬وليضربن بمرهن على جيوبن ‪ ،‬ول يبدين زينتهن إل لبعولتهن ‪. . .‬‬
‫ال " الية ( ‪ . ) 1‬حت ولو كانت الرأة عجوزا ل رغبة لا ول رغبة فيها ‪ :‬يقول ال‬
‫تعال ‪ " :‬والقواعد من النساء اللت ل يرجون نكاحا ‪ ،‬فليس عليهن جناح أن يضعن‬
‫ثيابن غي متبجات بزينة ‪ ،‬وأن يستعففن خي ( ‪ ) 2‬لن ( ‪ . " ) 3‬ويهتم السلم‬
‫بذه القضية ‪ ،‬فيحدد السن الت تبدأ با الرأة ف الحتشام ‪ ،‬فيقول الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬يا أساء ‪ :‬إن الرأة إذا بلغت الحيض ل يصلح لا أن يرى منها إل هذا‬
‫وهذا ‪ .‬وأشار إل وجهه وكفيه " ‪ .‬والرأة فتنة ‪ ،‬ليس أضر على الرجال منها ‪ ،‬يقول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن الرأة إذا أقبلت أقبلت ومعها شيطان ‪ ،‬وإذا‬
‫أدبرت أدبرت ومعها شيطان " ‪ .‬وترد الرأة من ملبسها وإبداء مفاتنها يسلبها أخص‬

‫‪154‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خصائصها من الياء والشرف ويهبط با عن مستواها النسان ‪ .‬ول يطهرها ما‬
‫التصق با من رجس سوى جهنم ‪ .‬يقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬صنفان من‬
‫أهل النار ل أرها ‪ :‬رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر ‪ ،‬ونساء كاسيات عاريات ‪،‬‬
‫مائلت ميلت ‪ ،‬ل يدخلن النة ول يدن ريها ‪ ،‬وإن ريها ليشم من مسافة كذا‬
‫وكذا " ‪ .‬وف عهد النبوة كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يرى بعض مظاهر‬
‫التبج ‪ ،‬فيلفت نظر النساء إل أن هذا فسق عن أمر ال ‪ ،‬ويردهن إل الادة‬
‫الستقيمة ‪ ،‬ويمل الولياء والزواج تبعة هذا النراف ‪ ،‬وينذرهم بعذاب ال ‪- 1 .‬‬
‫عن موسى بن يسار رضي ال عنه قال ‪ :‬مرت بأب هريرة امرأة ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة النور آية ‪ ) 2 ( . 31 :‬يستعففن ‪ :‬أي يستترن ‪ ( .‬ظ ) سورة النور آية ‪60 :‬‬
‫‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 212‬وريها تعصف ( ‪ ) 1‬فقال لا أين تريدين ( ‪ ) 2‬يا أمة البار‬
‫؟ قالت ‪ :‬إل السجد ‪ .‬قال ‪ :‬وتطيبت ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬فارجعي واغتسلي ‪ ،‬فإن‬
‫سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬ل يقبل ال صلة من امرأة خرجت‬
‫إل السجد وريها تعصف حت ترجع فتغتسل ( ‪ . " ) 3‬وإنا أمرت بالغسل لذهاب‬
‫رائحتها ‪ - 2 .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬أيا امرأة أصابت بورا ( ‪ ) 4‬فل تشهدن العشاء " ‪ .‬أي ‪ :‬الخرة ‪ .‬رواه‬
‫أبو داود والنسائي ‪ - 3 .‬وروى عن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ " :‬بينما رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم جالس ف السجد دخلت امرأة من مزينة ترفل ( ‪ ) 5‬ف زينة لا‬
‫ف السجد ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬يا أيها الناس ‪ :‬انوا ( ‪ ) 5‬نساءكم‬
‫عن لبس الزينة والتبختر ف السجد ‪ ،‬فإن بن اسرائيل ل يلعنوا حت لبس نساؤهم‬
‫الزينة وتبختروا ف السجد " ‪ ،‬رواه ابن ماجه ‪ .‬وكان عمر رضي ال عنه يشى من‬
‫هذه الفتنة العارمة ‪ ،‬فكان يطب لا قبل وقوعها ‪ ،‬وعلى قاعدة " الوقاية خي من‬
‫العلج " ‪ ،‬فقد روى عنه أنه كان يتعسس ذات ليلة فسمع امرأة تقول ‪ :‬هل من سبيل‬
‫إل خر فأشربا أم هل من سبيل إل نصر بن حجاج فقال ‪ :‬أما ف عهد عمر فل ‪ .‬فلما‬
‫أصبح استدعى نصر بن حجاج فوجده من أجل الناس وجها ‪ ،‬فأمر بلق شعره فازداد‬
‫جال ‪ ،‬فنفاه إل الشام ( هامش ) ( ‪ ) 1‬يشتد طيبه ‪ ،‬من عصفت الريح عصفا‬

‫‪155‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعصوفا ‪ .‬اشتدت ‪ ،‬فهي عاصف وعاصفة ‪ ) 2 ( .‬إل أي مكان تذهبي يا ملوقة‬
‫القهار وأمته ‪ ) 3 ( .‬رواه ابن خزية ف صحيحه قال الافظ ‪ :‬إسناده متصل ورواته‬
‫ثقات ‪ ،‬ورواه أبو داود وابن ماجه ‪ ،‬من طريق عاصم بن عبيد ال العمري ‪) 4 ( .‬‬
‫عود الطيب أحرقنه ‪ ) 5 ( .‬الشي خيله ‪ ) 6 ( .‬امنعوهن وحذروهن ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 213‬سبب هذا النراف ‪ :‬وقد سبب الهل والتقليد العمى النراف عن‬
‫هذا الط الستقيم ‪ ،‬وجاء‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 213‬‬
‫الستعمار فنفخ فيه وأوصله إل غايته ومداه ‪ ،‬فأصبح من العتاد أن يد السلم الرأة‬
‫السلمة ‪ ،‬متبذلة ‪ ،‬عارضة مفاتنها ‪ ،‬خارجة ف زينتها ‪ ،‬كاشفة عن صدرها ونرها‬
‫وظهرها وذراعها وساقها ‪ .‬ول تد أي غضاضة ف قص شعرها ‪ ،‬بل تد من‬
‫الضروري وضع الصباغ والساحيق والتطيب بالطيب واختيار اللبس الغرية ‪،‬‬
‫وأصبح " لوضات " الزياء مواسم خاصة يعرض فيها كل لون من ألوان الغراء‬
‫والثارة ‪ .‬وتد الرأة من مفاخرها ومن مظاهر رقيها أن ترتاد أماكن الفجور والفسق‬
‫والراقص واللهي ‪ ،‬والسارح والسينما ‪ ،‬واللعب والندية و القهاوي ‪ .‬وتبلغ‬
‫منتهى هبوطها ف الصايف وعلى البلج ‪ .‬وأصبح من الألوف أن تعقد مسابقات‬
‫المال تبز فيها الرأة أمام الرجل ‪ ،‬ويوضع تت الختبار كل جزء من بدنا ‪ ،‬ويقاس‬
‫كل عضو من أعضائها على مرأى ومسمع من التفرجي والفترجات ‪ ،‬والعابثي‬
‫والعابثات ‪ .‬وللصحف وغيها من أدوات العلم ‪ ،‬مال واسع ف تشجيع هذه‬
‫السخافات ‪ ،‬والتغرير بالرأة للوصول إل الستوى اليوان الرخيص ‪ ،‬كما أن لتجار‬
‫الزياء دو خطيا ف هذا السفاف ‪ .‬نتائج هذا النراف ‪ :‬وكان من نتائج هذا‬
‫النراف أن كثر الفسق ‪ ،‬وانتشر الزنا ‪ ،‬واندم كيان السرة ‪ ،‬وأهلت الواجبات‬
‫الدينية وتركت العناية بالطفال ‪ ،‬واشتدت أزمة الزواج ‪ ،‬وأصبح الرام أيسر‬
‫حصبول من اللل ‪ .‬وبالملة فقد أدى هذا التهتك إل انلل الخلق وتدمي‬
‫الداب الت اصطلح الناس عليها ف جيع الذاهب والديان ‪ .‬وقد بلغ هذا النراف‬

‫‪156‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حدا ل يكن يطر على بال مسلم ‪ ،‬وتفنن دعاة التحلل والتفسخ ‪ ،‬واتذوا أساليب‬
‫للتجميل واستعمال الزينة ‪ ،‬ووضعوا لا ‪ /‬صفحة ‪ / 214‬منهجا وأعدوا معاهدا‬
‫لتدريس هذه الساليب ‪ .‬نشرت جريدة الهرام تت عنوان " مع الرأة " ما يلي "‬
‫أول معهد لتدريس تصفيف شعر السيدات ف السكندرية " " خبي ألان يقوم‬
‫بالتدريس ف العهد بعد شهر " ‪ .‬لول مرة تقيم رابطة مصففي شعر السيدات ف‬
‫السكندرية معهدا لتصفيف شعر السيدات ‪ .‬أقيم العهد من تبعا ت أعضاء الرابطة ‪،‬‬
‫تبع أحدهم " بسشوار " وتبع آخر ببعض الكاوي ودبابيس الشعر والفرش ‪. .‬‬
‫وهكذا تكون العهد بعد أن استأجرت له الرابطة شقة صغية ليكون نواة معهد كبي‬
‫ف الستقبل ‪ .‬وقد أصدرت الرابطة " أمر تكليف " إل جيع أعضائها " أصحاب الهنة‬
‫" بالضور للقاء الحاضرات النظرية ‪ ،‬والقيام بالتجارب والدروس العملية أمام‬
‫طلب العهد ‪ .‬افتتح العهد صباح أمس ف مقر الرابطة ف كليوباتزه ‪ ،‬أحد أعضاء‬
‫الرابطة بإلقاء ماضرة ف كيفية قص الشعر ‪ ،‬وبعض الطرق ف فن القص ‪ ،‬ن قام بعمل‬
‫تسرية جديدة لن تصميمه ساها " لشعلة " لحدى " النيكانات " وكان يشرح‬
‫التسرية وهو يقوم با ‪ .‬سيد رس ف العهد فن تصفيف الشعر ‪ ،‬والصباغة ‪،‬‬
‫واللوان ‪ ،‬والقص ‪ ،‬وتقليم الظافر ‪ ،‬والسياج ‪ ،‬والتدليك ‪ " ،‬يقول رئيس الرابطة ف‬
‫القاهرة وضيف رابطة السكندرية ‪ :‬إنه أنشأ مثل هذا العهد ف القاهرة منذ ‪ 5‬أشهر ‪،‬‬
‫وزغم قصر الدة أحرز العهد نتيجة مشرفة ‪ ،‬إذ أن الطلبة والطالبات يستفيدون من‬
‫تبادل الفكار بي أعضاء الرابطة ‪ ،‬ومن عرض التسريات وشرحها أمامهم ‪ ،‬ما يرفع‬
‫مستوى الهنة ‪ ،‬كما استفادوا أيضا من حضور بعض الباء اللان وماضراتم العلمية‬
‫والنظرية أمام الطلبة ‪ ،‬وسوف يضر خبي ألان إل معهد السكندرية ف الشهر‬
‫القادم ‪ ،‬كما تعقد الرابطة ف الشهر نفسه مسابقة للحصول على جائزة المهورية ف‬
‫فن تصفيف الشعر ‪ ،‬وستكون الدراسة ف العهد أسبوعية بصفة مبدئية " ‪ .‬انتهى ما‬
‫نشر بالهرام ‪ / .‬صفحة ‪ / 215‬هذا فضل عن الموال الطائلة الت تستهلك ف شراء‬
‫أدوات التجميل ‪ ،‬فقد بلغ عدد الصالونات ف القاهرة وحدها ألف صالون لتصفيف‬
‫وتميل الشعر ‪ ،‬ويوزع ف العام ‪ 10‬مليي قلم روج وعطر بودرة ‪ .‬ول يقتصر هذا‬

‫‪157‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الفساد على ناحية دون ناحية ‪ ،‬بل تاوزها إل دور العلم ومعاهد التربية وكليات‬
‫الامعة ‪ . . .‬وكان الفروض أن تصان هذه الدور من البوط حت تبقى لا حرمتها‬
‫وكيانا القدس ‪ ،‬فقد جاء ف صحيفة أخبار اليوم بتاريخ ‪ 1962 / 9 / 29‬ما يلي ‪" .‬‬
‫فتاة الامعة ل تفرق بي حرم الامعة وصالة عرض الزياء " ف هذه اليام من كل عام‬
‫‪ ،‬عندما تعلن الامعة عن افتتاح أبوابا ‪ . . .‬تبدأ الصحف والجلت ف الكتابة عن‬
‫الفتاة الامعية وتثار الناقشات حول زيها ومكياجها ‪ . . .‬فيطالب البعض بتوحيد زيها‬
‫‪ ،‬وينادي آخرون بنعها من وضع الكياج ‪ ،‬قالت الكاتبة وأنا ل أؤيد هذه الراء ‪،‬‬
‫ليان بأن اختيار الفتاة لزيائها ينمي من شخصيتها ‪ ،‬ويساعد على تكوين ذوقها ‪. .‬‬
‫‪ .‬والفتيات ف معظم جامعات الارج ل ترتدين زيا موحدا ‪ .‬ول يرمن من وضع‬
‫الكياج ‪ ،‬ولكن مع هذا ل ألوم كثيا أصحاب هذه الراء التطرفة ‪ . . .‬فالفتاة‬
‫الامعية عندنا‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 215‬‬
‫تدفعهم إل الطالبة بذلك ‪ ،‬لنا ل تعرف كيف تتار الزي والاكياج الناسبي لا‬
‫كطالبة ‪ ،‬ول تبذل أي مهود ف هذا السبيل ‪ . . .‬إنا ل تفرق كثيا بي حرم الامعة‬
‫وصالة عرض الزياء ‪ ،‬أو الكرنفال ‪ . . .‬فهي تذهب إل الامعة ف " عز الصباح "‬
‫بفستان ضيق يكاد ضيقه ينعها من الركة ‪ ،‬مع الكعب العال الذي ترتديه ‪ . .‬وعندما‬
‫تغيه تستبدل به فستانا واسعا تته أكثر من " جيبونة " تشل بدورها حركة صاحبتها ‪،‬‬
‫وتعلها أشبه بالباجورة التحركة ‪ ،‬وهي فوق هذا ‪ -‬إن نسيت كتبها ومد ماضراتا‬
‫‪ -‬فهي ل تنسى أبدا اللق ‪ ،‬والعقد ‪ ،‬والسوار ‪ ،‬والبوش ‪ ،‬الذي تلى به أذنيها‬
‫وصدرها وذراعيها وشعرها ف غي تناسق أو ذوق ‪ . . .‬ث مضت الكاتبة تقول ‪ :‬وهذا‬
‫كله يرجع ف رأيي إل أن الفتاة الامعية عندنا ل تأخذ الدراسة الامعية مأخذ الد ‪. .‬‬
‫فهي تضع فوقها زينتها ‪ /‬صفحة ‪ / 216‬وأناقتها والفروض أن يكون العكس هو‬
‫الصحيح ‪ ،‬ف وقت نالت فيه ثقافة الرأة أعلى تقدير ! ليس معن هذا أنن أطالب‬
‫الفتاة الامعية بإهال ملبسها وزينتها ‪ . . .‬إنن أطالب بالهتمام أول بدروسها ‪ ،‬ث‬

‫‪158‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بتخفيف ماكياج وجهها ‪ ،‬إن ل يكن مراعاة لرم الامعة ‪ ،‬فعلى القل مراعاة لبشرتا‬
‫الت يفسدها كثرة الاكياج ‪ ،‬ف سن تكون فضارة الوجه فيها أجل بكثي من الاكياج‬
‫الصطنع ‪ . . .‬ث بعد ذلك أطالبها بالد من استعمال اللي ‪ ،‬وبارتداء اللبس‬
‫البسيطة الت تناسب الفتاة الامعية كالفستان " الشيزييه " و " التايي " ذي الطوط‬
‫البسيطة ‪ ،‬والفستان الذي تنسدل جوبته إل أسفل ‪ ،‬ف وسع خفيف ل يعرقل حركتها‬
‫‪ . .‬والوب والبلوزة ‪ ،‬أو الوب والبلوفر ‪ ،‬أو الوب والاكت ‪ -‬وأن ترعى ف‬
‫اختيارها لذه الزياء اللوان الادثة الت ل تثي " القيل والقال " بي زملئها الطلبة ‪. .‬‬
‫‪ " .‬إنن أطالب الفتاة الامعية باتباع هذه ‪ . . .‬وأطالب أولياء أمورها بضرورة‬
‫الشراف التام على ثياب بناتم ‪ ،‬فالفتاة ف العهد الديد ل يعد هدفها الول والخي‬
‫ف الياة جلب النظار إليها " بالدندشة والشخلعة " ‪ " .‬إنا اليوم يب أن تصقل‬
‫بالثقافة والعلم والذوق السليم " ‪ .‬فلم يعد أقصى ما تصبو إليه هو مكتب سكرتية‬
‫تلس عليه لترد على تليفونات الدير ‪ ،‬وإنا الجال قد فتح أمامها وجلست إل مكتب‬
‫الوزارة ‪ " . . .‬هذا ما قالته إحدى الكاتبات ف الخبار ‪ ،‬وهي تعتب على بنات‬
‫جنسها ‪ ،‬وتنعي عليهم هذا التصرف العيب ‪ .‬وهذه الالة قد أثارت اهتمام زائرات‬
‫القاهرة من النبيات ‪ ،‬إذ ل تكن الرأة الغربية تفكر ف مدى الندار الذي تردت فيه‬
‫الرأة الشرقية ‪ . . .‬ففي " أهرام " ‪ 27‬مارس ‪ 1962‬جاء فيه ف باب " مع الرأة "‬
‫هذا العنوان ‪ " :‬الرأة الغربية غي راضية عن تقليد الرأة الشرقية لا " وجاء تت هذا‬
‫العنوان ‪ " :‬اهتمام الرأة العربية بالودات الغربية ‪ ،‬وحرصها على تقليد الرأة الغربية ف‬
‫تصرفاتا ‪ ،‬وف طباعها ‪ ،‬ل تستسيغه السائحات الغربيات اللئي يضرن لزيارة‬
‫القاهرة ‪ ،‬ول يرفع من سعتها ف الارج كما ‪ /‬صفحة ‪ / 217‬تظن ‪ ،‬أفصحت عن‬
‫ذلك الرأي صحفية انليزية زارت القاهرة أخيا ‪ ،‬وكتبت مقال ف ملتها تقول فيه ‪:‬‬
‫" لقد صدمت جدا بجرد نزول أرض الطار ‪ ،‬فقد كنت أتصور أنن سأقابل الرأة‬
‫الشرقية بعن الكلمة ‪ ،‬ول أقصد بذا الرأة الت ترتدي الجاب والبة ‪ ،‬وإنا الرأة‬
‫الشرقية التحضرة الت الزياء العملية الت تتسم بالطابع الشرقي ‪ ،‬وتتصرف بطريقة‬
‫شرقية ‪ ،‬ولكنن ل أجد شيئا من هذا ‪ ،‬فالرأة هناك ‪ ،‬هي نفسها الرأة الت تدها عندما‬

‫‪159‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تنل إل أي مطار أورب ‪ ،‬فالزياء هي نفسها بالرف الواحد ‪ ،‬وتسريات الشعر هي‬
‫نفسها ‪ ،‬والاكياج هو نفسه ‪ ،‬حت طريقة الكلم والشية ‪ ،‬وف بعض الحيان اللغة ‪:‬‬
‫إما الفرنسية أو النليزية ! ! ! " وقد صدمن من الرأة الشرقية أنا تصورت أن‬
‫التمدن والتحضر هو تقليد الرأة الغربية ونسيت أنا تستطيع أن تتطور وأن تتقدم كما‬
‫شاءت ‪ ،‬مع الحتفاظ بطابعها الشرقي الميل " ‪ .‬وف " جهورية " السبت ‪ 9‬يونيو‬
‫‪ 1962‬نشر تت هذا العنوان ‪ " :‬كاتبة أمريكية تقول ‪ :‬امنعوا الختلط ‪ ،‬وقيدوا‬
‫حرية الرأة " ‪ .‬نقلت الصحيفة ‪ ،‬تت هذا العنوان كلما ثينا صريا ‪ ،‬وقد بدأت‬
‫فقدمت الكاتبة المريكية للقراء ‪ .‬فقالت ‪ " :‬غادرت القاهرة الصحفية المريكية "‬
‫هيلسيان ستانسبي " بعد أن أمضت عدة أسابيع ها هنا ‪ ،‬زارت خللا الدارس ‪،‬‬
‫والامعات ‪ ،‬ومعسكرات الشباب والؤسسات الجتماعية ‪ ،‬ومراكز الحداث ‪،‬‬
‫والرأة ‪ ،‬والطفال وبعض السر ف متلف الحياء ‪ ،‬وذلك ف رحلة دراسية لبحث‬
‫مشاكل الشباب والسرة ف الجتمع العرب ‪ " .‬وهيلسيان " صحفية متجولة ‪ ،‬تراسل‬
‫أكثر من ‪ 250‬صحيفة أمريكية ‪ ،‬ولا مقال يومي ‪ ،‬يقرأه الليي ‪ ،‬ويتناول مشاكل‬
‫الشباب تت سن العشرين ‪ ،‬وعملت ف الذاعة والتيفزيون وف الصحافة‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 217‬‬
‫أكثر من عشرين عاما ‪ ،‬وزارت جيع بلد العال ‪ ،‬وهي ف الامسة والمسي من‬
‫عمرها " ‪ / .‬صفحة ‪ / 218‬تقول الصحفية المريكية بعد أن أمضت شهرا ف‬
‫المهورية العربية بعد أن قدمتها الريدة هذا التقدي ‪ " :‬إن الجتمع العرب متمع‬
‫كامل وسليم ‪ ،‬ومن الليق بذا الجتمع أن يتمسك بتقاليده الت تقيد الفتاة والشاب‬
‫ف حدود العقول ‪ .‬وهذا الجتمع يتلف عن الجتمع الورب والمريكي ‪ ،‬فعندكم‬
‫تقاليد موروثة تتم تقييد الرأة ‪ ،‬وتتم احترام الب والم ‪ ،‬وتتم أكثر من ذلك ‪،‬‬
‫عدم الباحية الغربية الت تدد اليوم الجتمع والسرة ف أوربا وأمريكا ‪ .‬ولذلك فإن‬
‫القيود الت يفرضها الجتمع العرب على الفتاة الصغية ‪ -‬وأقصد ما تت سن العشرين‬
‫‪ -‬هذه القيود صالة ونافعة ‪ ،‬لذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلقكم ‪ ،‬وامنعوا‬

‫‪160‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الختلط وقيدوا حرية الفتاة ‪ ،‬بل ارجعوا إل عصر الجاب ‪ ،‬فهذا خي لكم من‬
‫إباحة وانطلق ومون أوربا وأمريكا ‪ .‬امنعوا الختلط قبل سن العشرين ‪ ،‬فقد عانينا‬
‫منه ف أمريكا الكثي ‪ ،‬لقد أصبح الجتمع المريكي متمعا معقدأ ‪ ،‬مليئا بكل صور‬
‫الباحية واللعة ‪ ،‬وإن ضحايا الختلط والرية قبل سن العشرين ‪ ،‬يلون السجون‬
‫والرضفة والبارات والبيوت السرية ‪ .‬إن الرية الت أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار‬
‫قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات " جيمس دين " وعصابات للمخدرات ‪،‬‬
‫والرقيق ‪ .‬إن الختلط والباحية والرية ف الجتمع الورب والريكي هدد السر ‪،‬‬
‫وزلزل القيم والخلق ‪ ،‬فالفتاة الصغية تت سن العشرين ف الجتمع الديث تالط‬
‫الشبان ‪ ،‬وترقص " تشاتشا " وتشرب المر والسجاير ‪ .‬وتتعاطى الخدرات باسم‬
‫الدنية والرية والباحية ‪ .‬والعجيب ف أوربا وأمريكا أن الفتاة الصغية تت سن‬
‫العشرين تلعب ‪ .‬تلهو تعاشر من تشاء تت سع عائلتها وبصرها ‪ ،‬بل وتتحدى‬
‫والديها ومدرسيها والشرفي عليها ‪ ،‬تتحداهم باسم الرية والختلط ‪ ،‬تتحداهم‬
‫باسم الباحية والنطلق ‪ ،‬تتزوج ف دقائق ‪ .‬وتطلق بعد ساعات ! ! ول ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 219‬يكلفها هذا أكثر من إمضاء وعشرين قرشا وعريس ليلة ‪ ،‬أو ليضع ليال ‪،‬‬
‫وبعدها الطلق ‪ .‬وربا الزواج فالطلق مرة أخرى ‪ " .‬علج هذا الوضع الشاذ ‪ :‬ول‬
‫مناص من وضع خطة حازمة للخلص من هذه الوبقات ‪ ،‬وذلك باتاذ ما يأت ‪- 1 :‬‬
‫نشر الوعي الدين وتبصي الناس بطورة الندفاع ف هذا التيار الشديد ‪ - 2 .‬الطالبة‬
‫بسن قانون يمي الخلق والداب ‪ ،‬ومعاقبة من يرج عليه بشدة وحزم ‪ - 3 .‬منع‬
‫الصحف وجيع أدوات العلم من نشر الصور العارية ‪ ،‬ووضع رقابة على مصممي‬
‫الزياء ‪ - 4 .‬منع مسابقات المال والرقص الفاجر ‪ ،‬وتقي كل ما يتصل بذا المر‬
‫‪ - 5 .‬اختيار ملبس مناسبة أشبه بلبس الراهبات ‪ ،‬وتكليف كل من يشتغل بعمل‬
‫رسي بارتدائها ‪ - 6 .‬يبدأ كل فرد بنفسه ‪ ،‬ث يدعو غيه ‪ - 7 .‬الشادة بالفضيلة‬
‫والشمة والصيانة والتستر ‪ - 8 .‬العمل على شغل أوقات الفراغ حت ل يبقى متسع‬
‫من الوقت لثل هذا العبث ‪ - 8 .‬اعتبار الزمن جزءا من العلج ‪ ،‬إذ أنا تتاج إل‬
‫وقت طويل ‪ .‬دفع شبهة ‪ :‬ويلو لبعض الناس أن يسايروا التيار ويشوا مع الركب ‪،‬‬

‫‪161‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زاعمي أن ذلك تطور حتمي اقتضته ظروف الدنية الديثة ‪ .‬ونن ل ننع أن يسي‬
‫التطور ف طريقه ‪ ،‬وأن يصل إل مداه ‪ :‬ولكنا نشى أن يفسر التطور على حساب‬
‫الدين والخلق والداب ‪ ،‬فإن الدين وما ‪ /‬صفحة ‪ / 220‬يتبعه من تعاليم خلقية‬
‫وأدبية ‪ ،‬إنا هو من وحي ال ‪ ،‬شرعه لكل عصر ولكل زمان ومكان ‪ . . .‬فإذا كان‬
‫التطور جائزا ف أمور الدنيا ‪ ،‬وشئون الياة ‪ ،‬فليس ذلك ما يوز ف دين ال ‪ .‬إن‬
‫الدين نفسه هو الذي فتح للعقل النسان آفاق الكون ‪ ،‬لينظر فيه ‪ ،‬وينتفع با فيه من‬
‫قوى وبركات ‪ .‬ويطور حياته لتصل إل أقصى ما قدر له من تقدم ورقي ‪ . . .‬فثمة‬
‫فرق كبي بي ما يقبل التطور وبي ما ل يقبله ‪ . . .‬والدين ليس لعبة تضع للهواء ‪،‬‬
‫وتوجهها الشهوات والرغبات ( ‪ . ) 1‬تزين الرجل لزوجته ‪ :‬من الستحب أن يتزين‬
‫الرجل لزوجته ‪ ،‬قال ابن عباس رضي ال عنهما ‪ :‬إن لتزين لمرأت كما تتزين ل ‪،‬‬
‫وما أحب أن أستنظف ( ‪ ) 2‬كل حقي الذي ل عليها ‪ ،‬فتستوجب حقها الذي لا‬
‫علي ‪ ،‬لن ال تعال قال ‪ " :‬ولن مثل الذي عليهن بالعروف " ‪ .‬قال القرطب ف قول‬
‫ابن عباس هذا ‪ :‬قال العلماء ‪ " :‬أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالم ‪ ،‬فإنم يعملون‬
‫ذلك على الليق ( ‪ ) 3‬والوفاق ‪ .‬فربا كانت زينة تليق ف وقت ول تليق ف وقت ‪،‬‬
‫وزينة تليق بالشباب ‪ ،‬وزينة تليق بالشيوخ ول تليق بالشباب " ‪ .‬قال ‪ " :‬وكذلك ف‬
‫شأن الكسوة ‪ ،‬ففي هذا كله ابتغاء القوق ‪ ،‬فإنا يعمل اللئق والوفاق ‪ ،‬ليكون عند‬
‫امرأته ف زينة تسرها ‪ ،‬ويعفها عن غيه من الرجال " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أطلنا القول‬
‫ف هذا الوضوع ‪ :‬لهيته ‪ ،‬ولنه إحدى الشكلت الجتماعية الت تتاج إل الزيد‬
‫من العناية ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 220‬‬
‫( ‪ ) 2‬أستنظف ‪ :‬آخذ الق كله ‪ ) 3 ( .‬الليق ‪ :‬اللياقة والذق ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 221‬قال ‪ " :‬وأما الطيب ‪ ،‬والسواك ‪ ،‬واللل ‪ ،‬والرمي بالدرن ( ‪ ، ) 1‬وفضول‬
‫الشعر ‪ ،‬والتطهر ‪ ،‬وقلم الظافر ‪ ،‬فهو بي موافق للجميع ‪ .‬والضاب للشيوخ ‪،‬‬
‫والات للجميع من الشباب والشيوخ زينة ‪ ،‬وهو حلى الرجال ‪ .‬ث عليه أن يتوخى‬

‫‪162‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أوقات حاجتها إل الرجال فيعفها ‪ ،‬ويغنيها عن التطلع إل غيه ‪ . . .‬وإن رأي الرجل‬
‫من نفسه عجزا عن إقامة حقها ف مضجعها ‪ ،‬أخذ من الدوية الت تزيد ف باهه ‪،‬‬
‫وتقوي شهوته حت يعفها ( ‪ ( . ) 2‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الدرن ‪ :‬الوسخ ‪ ) 2 ( .‬درج‬
‫بعض الناس على تعاطي الخدرات كالشيش والفيون وسواها واستناموا لا استنامة‬
‫ل إفاقة منها وهم ف القيقة جانون على أنفسهم وعائلتم جناية ليست وراءها جناية‬
‫‪ .‬ومن الؤسف أنم يترخصون ف هذا إشباعا لشهواتم وخضوعا لهوائهم وقد ذهب‬
‫العلماء إل أن الشيش مرم وأن متعاطيه يستحق حد شارب المر وأن مستحله كافر‬
‫مرتد عن السلم ‪ ،‬وإن زوجته تبي منه ‪ ،‬هذا فضل عن إضعافه البدن فيفقد نشاطه ‪،‬‬
‫وقوته ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 222‬حديث أم زرع ‪ -‬عن عائشة قالت ‪ " :‬جلس إحدى‬
‫عشرة امرأة فتعاهدن ‪ ) 1 ( ،‬وتعاقدن أن ل يكتمن من أحبار أزواجهن شيئا ‪ :‬قالت‬
‫الول ‪ :‬زوجي لم جل غث ( ‪ ) 2‬على رأس جبل ( ‪ ) 3‬ل سهل ( ‪ ) 4‬فيتقى (‬
‫‪ ) 5‬ول سي فينتقل ( ‪ . ) 6‬وقالت الثانية ‪ :‬زوجي ل أبث ( ‪ ) 7‬خبه ‪ .‬إن أخاف‬
‫أن ل أذره ( ‪ ( . ) 8‬هامش ) ( ‪ ) .‬ذكر النسائي أن سبب هذا الديث أن قالت‬
‫عائشة ‪ " :‬فخرت بال أب ف الاهلية ‪ ،‬وكان ألف ألف أوقية ‪ .‬فقال النب على ال‬
‫عليه وسلم " اسكت يا عائشة ‪ ،‬فإن كنت لك كأب زرع لم زرع " ‪ . .‬وقيل سبب‬
‫الديث أن عائشة وفاطمة جرى بينهما كلم فدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬ما أنت بنتهية يا حياء عن ابنت ‪ .‬إن مثلي ومثلك كأب زرع مع أم زرع ‪،‬‬
‫فقالت ‪ :‬يا رسول ال حدثنا عنهما ‪ .‬فقال ‪ :‬كانت قرية فيها إحدى عشرة امرأة ‪،‬‬
‫وكان الرجال خلوفا ‪ ،‬فقلن ‪ ،‬تعلي نتذاكر أزواجنا با فيهم ول نكذب ‪ . .‬وقيل إن‬
‫هذه القرية كانت باليمن ‪ . . .‬وقيل إنن كن بكة ‪ . . .‬وقيل ‪ :‬إنن كن ف الاهلية ‪.‬‬
‫( ‪ ) 1‬أي الزمن أنفسهن عهدا وتعاقدن على الصدق ‪ ) 2 ( .‬هزيل يستكره ‪) 3 ( .‬‬
‫أي كثي الضجر شديد الغلظة يصعب الرقي إليه كالبل ‪ ) 4 ( .‬أي ل هو سهل ول‬
‫سي ‪ ،‬شبهت شيئي بشيئي ‪ :‬شبهت زوجها باللحم الغث ‪ ،‬وشبهت سوء خلقه‬
‫بالبل العوعر ث فسرت ما أجلت ‪ :‬ل البل سهل فل يشق ارتقاؤه لخذ اللحم ولو‬
‫كان هزيل ‪ ،‬لن الشئ الزهود فيه قد يؤخذ إذا وجد بغي نصب ‪ ،‬ول اللحم سي‬

‫‪163‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيتحمل الشقة ف صعود البل لجل تصيله ‪ ) 5 ( .‬وصف للجبل أي ل سهل‬
‫فيتقي إليه ‪ ) 6 ( .‬وصف للحم ‪ :‬أي أنه لزاله ل يرغب أحد فهى ينتقل إليه أي أن‬
‫زوجها شديد البخل سئ اللق ميئوس منه ‪ ) 7 ( .‬أي ل أظهر حديثه الذي ل خي‬
‫فيه ‪ ) 8 ( .‬أي أخاف أن ل أترك من خبه شيئا ‪ ،‬فلطوله وكثرته أكتفى بالشارة إل‬
‫معايبه خشية أن يطول الطب من طولا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 223‬إن أذكره أذكر‬
‫عجره ( ‪ ) 1‬وبره ( ‪ . ) 2‬قالت الثالثة ‪ :‬زوجي العشنق ( ‪ : ) 3‬إن أنطق أطلق (‬
‫‪ ، ) 4‬وإن أسكت أعلق ‪ .‬قالت الرابعة ‪ :‬زوجي كليل تامة ( ‪ ، ) 5‬ل حر ول قر ‪،‬‬
‫ول مافة ول سآمة ‪ .‬قالت الامسة ‪ :‬زوجي إن دخل فهد ( ‪ ، ) 6‬وإن خرج أسد (‬
‫‪ ) 7‬ول يسأل عما عهد ( ‪ . ) 8‬قالت السادسة ‪ :‬زوجي إن أكل لف ( ‪ ، ) 9‬وإن‬
‫شرب اشتف ( ‪ ، ) 10‬وإن اضطجع التف ( ‪ ) 11‬ول يول الكف ليعلم البث ( ‪12‬‬
‫) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العجر ‪ :‬تعقد العروق والعصب ف السد ‪ ) 2 ( . . .‬والبجر‬
‫مثلها إل أنا تكون متصة بالت تكون ف البطن ‪ .‬قال الطاب ‪ :‬أرادت عيوبه الظاهرة‬
‫وأسراره الكامنة ‪ ،‬ولعله كان مستور الظاهر ردئ الباطن ‪ ،‬وهي عنت أن زوجها كثي‬
‫العايب متعقد النفس عن الكارم ‪ ) 3 ( . . .‬الذموم الطول ‪ -‬أرادت أن ل منظرا بل‬
‫مب ‪ .‬وقيل هو السئ اللق ‪ ) 4 ( .‬أي إن ذكرت عيوبه وبلغه ذلك طلقن ‪ ،‬وإن‬
‫أسكت عنها فأنا عنده معلقة ل ذات زوج ول مطلقة مع أنا متعلقة به وتبه مع سوء‬
‫خلقه ‪ ) 5 ( .‬تامة بلد حارة ف معظم الزمان وليس فيها رياح باردة فيطيب الليل‬
‫لهلها بالنسبة لا كانوا فيه من أذى حرارتا ‪ . .‬فوصفت زوجها بميل العشرة‬
‫واعتدال الال ‪ ،‬وسلمة الباطن ‪ ،‬فكأنا قالت ل أذى عنده ول مكروه ‪ . . .‬وأنا‬
‫آمنة منه فل أخاف من شره ‪ . . .‬فليس سئ اللق فأسأم من عشرته ‪ .‬فأنا لذيذة‬
‫العيش عنه كلذة أهل تامة بليلهم العتدل ‪ ) 6 ( .‬شبهته بالفهد لنه يوصف بالياء‬
‫وقلة الشر وكثرة النوم والوثوب ‪ ،‬فهي وصفته بالغفلة عند دخول البيت على وجه‬
‫الدح له ‪ ) 7 ( .‬أسد أي يصي بي الناس مثل السد فهي تريد أنه ف البيت كالفهد‬
‫ف كثرة النوم والوثوب وف خارجه كالسد على العداء ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬

‫‪164‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 223‬‬
‫( ‪ ) 8‬بعن أنه شديد الكرم كثي التغاضي ل يتفقد ما ذهب ما ماله فهو كثي التسامح‬
‫‪ ) 9 ( .‬الراد باللف الكثار منه ‪ .‬فعنده نم وشره ‪ ) 10 ( .‬الشتفاف ف الشرب‬
‫عدم البقاء على شئ من الشروب ‪ ) 11 ( .‬أي بكسائه وحده ‪ ،‬وانقبض عن أهله‬
‫إعراضا فهي حزينة بذلك ‪ ) 12 ( .‬البث هو الزن أي ل يد يده ليعلم ما هي عليه‬
‫من حزن فيزيله ‪ ،‬ويتمل أن تكون أرادت أنه ينام نوم العاجز الفشل ‪ :‬أردات أنه ل‬
‫يسأل عن المر الذي تتم به ‪ ،‬هو الباشرة النسية ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 224‬قالت‬
‫السابعة ‪ :‬زوجي غياباء ‪ .‬أو عياياء ‪ ،‬طباقاء ( ‪ ، ) 1‬كل داء له داء ( ‪ ) 2‬شجك ( ‪3‬‬
‫) أو قلك ( ‪ ) 4‬أو جع كل لك ( ‪ . ) 5‬قالت الثامنة ‪ :‬زوجي الس مس ( ‪ ) 6‬أرنب‬
‫‪ ،‬والريح ريح زرنب ( ‪ . ) 7‬قالت التاسعة ‪ :‬زوجي رفيع العماد ( ‪ ) 8‬طويل النجاد‬
‫( ‪ ، ) 9‬عظيم الرماد ( ‪ ) 10‬قريب البيت من الناد ( ‪ . ) 11‬قالت العاشرة ‪ :‬زوجي‬
‫مالك وما مالك ؟ مالك خي من ذلك ‪ ،‬له إبل كثيات البارك ( ‪ ) 12‬قليلت‬
‫السارح ( ‪ ) 13‬وإذا سعن صوت الزهر ( ‪ ) 14‬أيقن أنن هوالك ( ‪ . ) 15‬قالت‬
‫الادية عشرة ‪ :‬زوجي أبو زرع ‪ ،‬فما أبو زرع ؟ ( ‪ ( ) 16‬هامش ) ( ‪ ) 1‬شك من‬
‫راوي الديث والعياباء الذي ل يضرب ‪ ،‬ول يلقح من البل ‪ ،‬وبالعجمة ليس بشئ ‪،‬‬
‫والطباقاء الحق ‪ . .‬أو هو الثقيل الصدر ‪ :‬فهي تصفه بأنه عاجز عن النساء ثقيل‬
‫الصدر ( ‪ ) 2‬أي كل داء تفرق ف الناس فهو فيه ‪ ) 3 ( .‬شجك ‪ :‬أي جرحك ف‬
‫رأسك وجراحات الرأس تسمى شجاجة ‪ ) 4 ( .‬فلك ‪ :‬أي جرح جسدك ‪ ) 5 ( .‬أي‬
‫أنه ضروب للنساء ‪ ،‬فإذا ضرب إما أن يكسر عظما ‪ ،‬أو يشج رأسا أو يمعهما ‪6 ( .‬‬
‫) أي ناعم اللد مثل الرنب ‪ ) 7 ( .‬الززنب نبت طيب الريح ‪ ) 8 ( .‬وصفته بعلو‬
‫بيته وطوله ‪ ،‬فإن بيوت الشراف كذلك يعلونا ويضربونا ف الواضع الرتلعة ( ‪) 9‬‬
‫النجاد ‪ :‬حالة السيف ‪ ،‬وهي تريد أنه أيضا شجاع ‪ ) 10 ( .‬كناية عن الكرم ‪11 ( .‬‬
‫) أي وضع بيته وسط الناس ليسهل لقاؤه ‪ ،‬وهو ل يتجب عن الناس ‪ ) 12 ( .‬جع‬
‫مبك وهو موضع نزول البل ‪ ) 13 ( .‬الوضع الذي تطلق لترعى فهى أي ل ترج‬
‫إل الرعى إل قليل استعدادا لنحهن للضيوف ‪ ) 14 ( .‬آلة من آلت الطرب والغناء‬

‫‪165‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهو العود ‪ ) 15 ( .‬فإذا رأت البل ذلك وسعت ضرب العود أيقنت أنا هوالك ‪،‬‬
‫وأنا ستذبح للضيوف ‪ .‬وقولا مالك وما مالك استفهامية تقال للتعظيم والتعجب ‪( .‬‬
‫‪ ) 16‬أي أن شأنه عظيم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 225‬أناس ( ‪ ) 1‬من حلي أذن ( ‪، ) 2‬‬
‫ومل من شحم عضدي ( ‪ ) 3‬وبحن فبجحت ( ‪ ) 4‬إل نفسي ‪ ،‬وجدن ف أهل‬
‫غنيمه بشق ( ‪ ) 5‬فجعلن ف أهل صهيل ( ‪ ) 6‬وأطيط ( ‪ ) 7‬ودائس ( ‪ ) 8‬ومنق (‬
‫‪ ) 9‬فعنده أقول فل أقبح ( ‪ ، ) 10‬وأرقد فأتصبح ( ‪ . ) 11‬وأشرب فأتقمح ( ‪) 12‬‬
‫‪ .‬أم أب زرع ‪ .‬فما أم أب زرع ؟ ‪ :‬عكومها ( ‪ ) 13‬رداح ( ‪ ، ) 14‬وبيتها فساح (‬
‫‪ . ) 15‬ابن أب زرع ‪ .‬فما ابن أب زرع ؟ ‪ .‬مضجعة كمسل ( ‪ ) 16‬شطبة ‪ ( ،‬هامش‬
‫) ( ‪ ) 1‬أناس ‪ ،‬أي حرك وأثقل ‪ ) 2 ( .‬الراد أنه مل أذنيها من أقراط من ذهب‬
‫ولؤلؤ ‪ .‬و ‪ ) 3‬ل ترد العضد وحده ‪ ،‬وإنا أرادت السم كله ‪ ،‬وخصت العضد لنه‬
‫أقرب ما يلي بصر النسان من جسده أي كثرت نعمه عليها حت سن جسها ‪) 4 ( .‬‬
‫الراد أنه فرحها ففرحت ‪ ،‬وقيل عظمن فعظمت إل نفسي ‪ ) 5 ( .‬بشق ‪ :‬أي بشظف‬
‫وجهد ومنه قول ال تعال ‪ :‬ل تكونوا بالغيه إل بشق النفس ) أي بعد جهد ومشقة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬صهيل ‪ :‬أي خيل ‪ ) 7 ( .‬أطيط ‪ :‬أي إبل ‪ ،‬وأصل الطيط صوت أعواد‬
‫الحامل ‪ ،‬ويطلق الطيط على كل شئ نشأ عن ضغط ‪ ) 8 ( .‬الارد أن عندهم طعاما‬
‫منتقى من الزرع الذي يداس ف بيدره ليتميز الب من السنبل ‪ ) 9 ( .‬النق ‪ :‬اللة‬
‫الت تيز الب وتنقيه مثل النخل والغربال ‪ ) 10 ( .‬أي لكثرة إكرامه لا وتدللها‬
‫عليه ل يرد لا قول ‪ ،‬ول يقبح عليها ما تأت به ‪ ) 11 ( .‬أي أنام الصبحة وهي نوم‬
‫أول النهار ‪ ،‬فل أوقظ ‪ ،‬إشارة إل أن لا من يكفيها مؤنة بيتها ومهنة أهلها ‪) 12 ( .‬‬
‫هو الشرب على مهل حت تتلئ ‪ ،‬وترتوي وهي تريد أنواع الشربة من لب وغي‬
‫ذلك ‪ ) 13 ( .‬هي نط تعل الرأة فيها ذخيتا ومتاعها ‪ -‬حقيبة ‪ ) 14 ( . -‬يقال‬
‫للكتيبة الكبية رداح إذا كانت بطيئة السي ‪ ،‬ويقال للمرأة إذا كانت عظيمة الكفل‬
‫ثقيلة الوردك رداح ‪ .‬أي أنا ثقيلة من ملئها ‪ ) 15 ( .‬فساح ‪ :‬واسع ‪ .‬والعن أنا‬
‫وصفت أم زوجها بأنا كثية اللت والثات والقماش واسعة الال كبية البيت ‪،‬‬
‫والرأة الت تكون على هذا الال يكون ابنها صغيا ل يطعن ف السن غالبا فزوجها‬

‫‪166‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صغي ‪ ) 16 ( .‬أرادت بسل الشطبة سيفا سل من غمده ‪ ،‬فمضجعه الذي ينام فيه ف‬
‫الصغر كقدر سل شطبة واحدة ‪ :‬وهي العود الحدود كالسلة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪226‬‬
‫‪ /‬ويشبعه ذراع الفرة ( ‪ . ) 1‬بنت أب زرع فما بنت أب زرع ؟ طوع أبيها وطوع‬
‫أمها ( ‪ ، ) 2‬ومل ء كسائها ( ‪ ) 3‬وغيظ جارتا ( ‪) 4‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 226‬‬
‫جارية أب زرع ‪ .‬فما جارية أب زرع ؟ ل تبث ( ‪ ) 5‬حديثنا تبثيثا ( ‪ ، ) 6‬ول تنقث (‬
‫‪ ) 7‬مياثنا تنقيثا ( ‪ ) 8‬ول تل بيتنا تقشيشا ( ‪ . ) 9‬قالت خرج أبو زرع ‪،‬‬
‫والوطاب ( ‪ ) 10‬تخض ( ‪ ) 11‬فلقي ( ‪ ) 12‬امرأة معها ولدان لا كالفهدين ‪،‬‬
‫يلقيان من تت خصرها برمانتي ( ‪ ) 13‬فطلقن ونكحها فنكحت بعده رجل سريا (‬
‫‪ ) 14‬ركب شريا ( ‪ ( ) 15‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الفرة ‪ :‬هي النثى من ولد العز إذا كان‬
‫سن أربعة أشهر ‪ ،‬وفصل عن أمه وأخذ ف الرعي فهي وصفت ابن زوجها بأنه خفيف‬
‫الوطأة عليها ‪ ،‬فإذا دخل بيتها وقت القيلولة مثل ل يضطجع إل قدر ما يسل السيف‬
‫من غمده ‪ ،‬وأنه ل يتاج طعاما من عندها ‪ ،‬فلو طعم ل كتفي باليسي الذي يسد‬
‫الرمق من الأكول والشروب فهو ظريف لطيف ‪ ) 2 ( .‬أي أنا بارة بما ‪) 3 ( .‬‬
‫كناية عن كمال شخصها ونعمة جسمها ‪ ) 4 ( .‬أي أنا تغيظ جارتا لا ترى من نعم‬
‫وخي ‪ ،‬والراد بارتا ضرتا أو الراد ف القيقة شأن أغلب الارت ‪ ) 5 ( .‬ل تبث‬
‫أي ل تظهر ‪ ) 6 ( .‬أي ل تفش سرا ‪ ) 7 ( .‬أي ل تسرع فيه باليانة ول تذهبه‬
‫بالسرقة ‪ .‬أو تسن صنع الطعام ‪ ) 8 ( .‬الية ‪ :‬هي الزاد وأصله ما يصله البدوي من‬
‫الضر ويمله إل منله ‪ ) 9 ( .‬أي مصلحة للبيت مهتمة بتنظيمه وتنظيفه ‪) 10 ( .‬‬
‫جع وطب وهو وعاء اللب ‪ ) 11 ( .‬إخراج الزبد من اللب والراد أنه خرج من‬
‫عندها مبكرا ‪ ) 12 ( .‬سبب رؤية أب زرع للمرأة وهي على هذه الالة أنا تعبت من‬
‫مض اللب فاستلقت تستريح فرآها على هذه الالة ‪ ،‬وسبب رغبته ف إنكاحها أنم‬
‫كانوا يبون نكاح الرأة النجبة ‪ ) 13 ( .‬الراد بالرمانة ثديها ‪ ،‬وهذا دليل على أن‬
‫الرأة كانت صغية السن وأن ولديها كانا يلعبان وها ف حضنها أو جنبها ‪) 14 ( .‬‬

‫‪167‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي من سراة الناس أي شريفا ‪ ) 15 ( .‬فرسا عظيما خيا ‪ ،‬والشرى هو الذي يضي‬
‫ف السي بل فتور ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 227‬وأخذ خطيا ( ‪ ) 1‬وأراح ( ‪ ) 2‬علي نعما‬
‫ثريا ( ‪ ، ) 3‬وأعطان من كل رائحة زوجا ( ‪ ، ) 4‬وقال كلي أم زرع وميي ( ‪) 5‬‬
‫أهلك ‪ .‬قالت فلو جعت كل شي أعطانيه ما بلغ أصغر آنية ( ‪ ) 6‬أب زرع ‪ .‬قالت‬
‫عائشة ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬كنت لك كأب زرع لم زرع " (‬
‫‪ . ) 7‬رواه الشيخان والنسائي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬هو الرمح ‪ ) 2 ( .‬أي أتى با إل‬
‫الراح وهو موضع مبيت الاشية ‪ ،‬وقيل معناه غزا فغنم فأتى بالنعم الكثية ‪) 3 ( .‬‬
‫أي كثية ‪ ) 4 ( .‬العن أعطان من كل شئ يذبح زوجا أي اثني من كل شئ من‬
‫اليوان الذي يرعى ‪ .‬وأرادت كذلك كثرة ما أعطاها ‪ ) 5 ( .‬ميي أهلك ‪ .‬أي‬
‫صليهم واسعي إليهم بالية وهي الطعام ‪ ) 6 ( .‬أي الت كان يطبخ فيها عند أب زرع‬
‫على الدوام والستمرار من غي نفس ول قطع ‪ ) 7 ( .‬ف رواية بزيادة ف آخره ‪ :‬إل‬
‫أنه طلقها وإن أل أطلقك ‪ .‬وزاد النسائي ف رواية ‪ :‬عائشة يا رسول ال ‪ :‬بل أنت‬
‫خي من أب زرع ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 228‬الطبة قبل الزواج يستحب أن يقدم العاقد‬
‫أو غيه بي يدي العقد خطبة ‪ .‬وأقلها ‪ :‬المد ل ‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال‬
‫‪ - 1 .‬عن أب هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬كل خطبة ليس فيها تشهد‬
‫فهي كاليد الذماء ( ‪ . " ) 1‬رواه أبو داود ‪ ،‬والترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن غريب‬
‫‪ - 2 .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬كل أمر‬
‫ذي بال ل يبدأ فيه بالمد ل ‪ ،‬فهو أقطع " ‪ .‬رواه أبو داود وابن ماجه ‪ .‬أي أن كل‬
‫أمر معتن به ‪ ،‬ومتاج إل أن يلقي صاحبه باله له من الهتمام به ل يبدأ بمدال فهو‬
‫مقطوع من البكة ‪ .‬وليس الراد خصوص المد ‪ ،‬بل القصود ذكر ال عزوجل ‪،‬‬
‫ليتفق مع الروايات الخرى ‪ .‬والفضل أن يطب خطبة الاجة ‪ .‬فعن عبد ال بن‬
‫مسعود قال ‪ " :‬أوت رسول ال صلى ال عليه وسلم جوامع الي وخواتيمه ‪ ،‬أوقال‬
‫فواتح الي ‪ ،‬فعلمنا خطبة الصلة ‪ ،‬وخطبة الاجة ‪ ،‬خطبة الصلة ‪ :‬التحيات ل‬
‫والصلوات والطيبات ‪ .‬السلم عليك أيها النب ورحة ال وبركاته ‪ .‬السلم علينا‬
‫وعلى عباد ال الصالي ‪ .‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن ممدا عبده ورسوله ‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وخطبة الاجة ‪ :‬إن المدل ‪ ،‬نمده ونستعينه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ به من شرور أنفسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا ‪ .‬من يهد ال فلمضل له ‪ ،‬ومن يضلل ال فل هادي له ‪ ،‬وأشهد‬
‫أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن ممدا عبده ورسوله ‪ . . .‬ث تصل‬
‫خطبتك بثلث آيات من كتاب ال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬اليد الت أصابا الذام ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ " - 1 / 229‬يأيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول توتن إل وأنتم‬
‫مسلمون ( ‪ " - 2 . " ) 1‬يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة‬
‫وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيا ونساء ‪ .‬واتقوا ال الذي تساءلون به‬
‫والرحام إن ال كان عليكم رقيبا ( ‪. " ) 2‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 229‬‬
‫‪ " - 3‬يأيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم‬
‫ذنوبكم ‪ ،‬ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ( ‪ . " ) 3‬رواه أصحاب السنن‬
‫وهذا لفظ ابن ماجه ‪ :‬ولو ل يأت بالطبة صح النكاح ‪ .‬فعن رجل بن بن سليم قال ‪:‬‬
‫خطبت إل النب صلى ال عليه وسلم الرأة الت عرضت نفسها عليه ليتزوجها صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ .‬فقال له ‪ " :‬زوجتكها با معك من القرآن ‪ " .‬ول يطب حكمة ذلك‬
‫‪ :‬قال ف حجة ال البالغة ‪ " :‬كان أهل الاهلية يطبون قبل العقد با يرونه من ذكر‬
‫فاخر قومهم ونو ذلك ‪ .‬يتوسلون بذلك إل ذكر القصود والتنويه به ‪ ،‬وكان جريان‬
‫الرسم بذلك مصلحة ‪ ،‬فإن الطبة مبناها على التشهي ‪ .‬وجعل الشئ بسمع ومرأى‬
‫من المهور ‪ .‬والتشهي با يراد وجوده ف النكاح ليتميز من السفاح ‪ . .‬وأيضا‬
‫فالطبة ل تستعمل إل ف المور الهمة ‪ .‬والهتمام بالنكاح وجعله أمرا عظيما بينهم‬
‫من أعظم القاصد ‪ ،‬فأبقى النب صلى ال عليه وسلم أصلها ‪ ،‬وغي وصفها ‪ .‬وذلك‬
‫أنه ضم مع هذه الصال مصلحة أخرى وهي ‪ :‬أنه ينبغي أن يضم ف كل ارتفاق ذكر‬
‫مناسب له ‪ ،‬وينوه ف كل عمل بشعائر ال ‪ ،‬ليكون الدين الق ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة آل عمران ‪ .‬آية ‪ ) 2 ( . 102‬سورة النساء آية ‪ ) 3 ( . 1 :‬سورة الحزاب‬
‫آية ‪ / ) . ( . 71 :‬صفحة ‪ / 230‬ناشرا أعلمه وراياته ‪ ،‬ظاهرا شعاره وأماراته ‪،‬‬

‫‪169‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فسن فيها أنواعا من الذكر كالمد والستعانة والستغفار والتعوذ والتوكل والتشهد‬
‫وآيات من القرآن ‪ .‬وأشار إل هذه الصلحة بقوله ‪ " :‬وكل خطبة ليس فيها تشهد‬
‫فهي كاليد الذماء " ‪ .‬وقوله " كل كلم ل يبدأ فيه بمدال فهو أجذم " ‪ .‬وقال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ " :‬فصل ما بي اللل والرام الصوت والدف ف النكاح " الدعاء‬
‫بعد العقد يستحب الدعاء لكل واحد من الزوجي بالأثور ‪ - 1 :‬فعن أب هريرة ‪" :‬‬
‫أن النب صلى ال عليه وسلم كان إذا رفأ النسان أي إذا تزوج ‪ .‬قال ‪ :‬بارك ال لك‬
‫وبارك عليك وجع بينكما ف خي " ‪ - 2 .‬وعن عائشة قالت ‪ " :‬تزوجن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬فأتتن أمي فأدخلتن الدار ‪ ،‬فإذا نسوة من النصار ف البيت ‪ ،‬فقلن ‪:‬‬
‫على الي ‪ ،‬والبكة وعلى خي طائر " ‪ .‬رواه البخاري وأبو داود ‪ - 3 .‬وعن السن‬
‫قال ‪ :‬تزوج عقيل بن أب طالب رضي ال عنه امرأة من بن جشم ‪ .‬فقالوا ‪ :‬بالرفاء‬
‫والبني ‪ .‬فقال ‪ :‬قولوا كما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬بارك ال فيكم ‪،‬‬
‫وبارك عليكم " رواه النسائي ‪ / .‬صفحة ‪ / 231‬اعلن الزواج يستحسن شرعا‬
‫إعلن الزواج ‪ ،‬ليخرج بذلك عن نكاح السر النهي عنه ‪ ،‬وإظهارا للفرح با أحل ال‬
‫من الطيبات ‪ .‬وإن ذلك عمل حقيق بأن يشتهر ‪ ،‬ليعلمه الاص والعام ‪ ،‬والقريب‬
‫والبعيد ‪ ،‬وليكون دعاية تشجع الذين يؤثرون العزوبة على الزواج ‪ ،‬فتروج سوق‬
‫الزواج ‪ .‬والعلن يكون با جرت به العادة ‪ ،‬ودرج عليه عرف كل جاعة ‪ ،‬بشرط‬
‫أل يصحبه مظور نى الشارع عنه كشرب المر ‪ ،‬أو اختلط الرجال بالنساء ‪ ،‬ونو‬
‫ذلك ‪ - 1 .‬عن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أعلنوا‬
‫هذا النكاح واجعلوه ف الساجد واضربوا عليه الدقوف " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬والترمذي ‪،‬‬
‫وحسنه ‪ .‬وليس من شك ف أن جعله ف الساجد أبلغ ف إعلنه والذاعة به ‪ ،‬إذ أن‬
‫الساجد هي الجامع العامة للناس ‪ ،‬ول سيما ف العصور الول الت كانت الساجد فيه‬
‫بثابة النتديات العامة ‪ - 2 .‬وروى الترمذي ‪ ،‬وحسنه ‪ ،‬والاكم وصححه عن يي‬
‫بن سليم قال ‪ :‬قلت لحمد بن حاطب ‪ :‬تزوجت امرأتي ما كان ف واحدة منهما‬
‫صوت ‪ -‬يعن دفا ‪ -‬فقال ممد رضي ال عنه ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫" فصل ما بي اللل والرام الصوت بالدف " ‪ .‬الغناء عند الزواج وما أباحه السلم‬

‫‪170‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وحبب فيه ‪ ،‬الغناء عند الزواج ‪ ،‬ترويا للنفوس وتنشيطأ لا باللهو البئ ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 232‬ويب أن يلو من الجون ‪ ،‬واللعة ‪ ،‬واليوعة ‪ ،‬وفحش القول وهجره ‪1 .‬‬
‫‪ -‬فعن عامر بن سعد رضي ال عنه قال ‪ :‬دخلت على قرظة بن كعب ‪ ،‬وأب مسعود‬
‫النصاري ف عرس ‪ ،‬وإذا جوار يغني ‪ ،‬فقلت ‪ :‬أنتما صاحبا رسول ال ‪ ،‬ومن أهل‬
‫بدر ‪ -‬يفعل هذا عندكم ! ! فقال ‪ " :‬إن شئت فاسع معنا ‪ ،‬وإن شئت فاذهب ‪ ،‬قد‬
‫رخص لنا ف اللهو عند العرس " ‪ .‬رواه النسائي والاكم وصححه ‪ - 2 .‬وزفت‬
‫السيدة عائشة رضي ال عنها الفارعة بنت أسعد ‪ ،‬وسارت معها ف زفافها إل بيت‬
‫زوجها ‪ -‬نبيط بن جابر النصاري ‪ -‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬يا عائشة ما‬
‫كان معكم لو ؟ فإن النصار يعجبهم اللهو " رواه البخاري وأحد وغيها ‪ .‬وف‬
‫بعض روايات هذا الديث أنه قال ‪ " :‬فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف ‪ ،‬وتغن ؟‬
‫" ‪ .‬قالت عائشة ‪ :‬تقول ماذا يا رسول ال ؟ قال ‪ :‬تقول ‪ :‬أتيناكم أتيناكم ‪ -‬فحيونا‬
‫نييكم‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 232‬‬
‫ولو ل الذهب الحر ‪ -‬ما حلت بواديكم ولول النطة السمراء ‪ -‬ما سنت عذاريكم‬
‫وعن الربيع بنت معوذ قالت ‪ :‬جاء النب صلى ال عليه وسلم حي بن ( ‪ - ) 1‬ب ‪-‬‬
‫فجلس على فراشي ‪ ،‬فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ‪ .‬ويندبن من قتل من آبائي‬
‫يوم بدر ( ‪ ) 2‬إذ قالت إحداهن ‪ . . . . . . . . . . . . :‬وفينا نب يعلم ما ف غد‬
‫فقال ‪ " :‬دعي هذا وقول بالذي كنت تقولي ( ‪ . " ) 3‬رواه البخاري وأبو داود‬
‫والترمذي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬تزوجت ‪ ) 2 ( .‬يذكرن صفات الشجاعة والبأس وما‬
‫تلوا به من الكرام والروءة ‪ .‬وكان أبوها معوذ وعماها عوف ‪ ،‬ومعاذ قتلوا ف بدر ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬ناها عن ذلك لنه ل يعلم الغيب إل ال ‪ ،‬وجاء ف حديث آخر أنه صلى ال‬
‫عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يعلم ما ف غد إل ال سبحانه " رواه الاكم وقال صحيح على‬
‫شرط مسلم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 233‬وصايا الزوجة استحباب وصية الزوجة ‪ :‬قال‬
‫أنس ‪ :‬كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا زفوا امرأة على زوجها ‪،‬‬

‫‪171‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يأمرونا بدمة الزوج ورعاية حقه ‪ .‬وصية الب ابنته عند الزواج ‪ :‬وأوصى عبد ال‬
‫بن جعفر بن أب طالب ابنته فقال ‪ " :‬إياك والغية ‪ ،‬فإنا مفتاح الطلق " ‪ .‬وإياك‬
‫وكثرة العتب ‪ ،‬فإنه يورث البغضاء " ‪ " .‬وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة " ‪" .‬‬
‫وأطيب الطيب ‪ ،‬الاء " ‪ .‬وصية الزوج زوجته ‪ :‬وقال أبو الدرداء لمرأته ‪ " :‬إذا‬
‫رأيتن غضبت فرضن ‪ .‬وإذا رأيتك غضب رضيتك ‪ .‬وإل ل نصطحب " ‪ .‬وقال أحد‬
‫الزواج لزوجته " خذي العفو من تستديي مودت ول تنطقي ف سورت حي أغضب‬
‫ول تقرين نقرك الدف مرة فإنك ل تدرين كيف الغيب ول تكثري الشكوى فتذهب‬
‫بالقوى ويأباك قلب ‪ ،‬والقلوب تقلب ‪ /‬صفحة ‪ / 234‬فإن رأيت الب ف القلب‬
‫والذى إذا اجتمعا ل يلبث الب يذهب وصية الم ابنتها عند الزواج ‪ :‬خطب عمرو‬
‫بن حجر ملك كندة ‪ ،‬أم إياس بنت عوف بن ملم الشيبان ‪ ،‬ولا حان زفافها إليه‬
‫خلت با أمها أمامة بنت الارث ‪ ،‬فأوصتها وصية ‪ ،‬تبي فيها أسس الياة الزوجية‬
‫السعيدة ‪ ،‬وما يب عليها لزوجها فقالت ‪ :‬أي بنية ‪ :‬إن الوصية لو تركت لفضل‬
‫أدب لتركت ذلك لك ‪ ،‬ولكنها تذكرة للغافل ‪ ،‬ومعونة للعاقل ‪ .‬ولو أن امرأة‬
‫استغنت عن الزوج لغن أبويها ‪ ،‬وشدة حاجتهما إليها ‪ -‬كنت أغن الناس عنه ‪،‬‬
‫ولكن النساء للرجال خلقن ‪ ،‬ولن خلق الرجال ‪ .‬أي بنية ‪ :‬إنك فارقت الو الذي‬
‫منه خرجت ‪ ،‬وخلفت العش الذي فيه درجت ‪ ،‬إل وكر ل تعرفيه ‪ ،‬وقرين ل تألفيه ‪،‬‬
‫فأصبح بلكه عليك رقيبا ومليكا ‪ ،‬فكون له أمة يكن لك عبدا وشيكا ‪ .‬واحفظي له‬
‫خصال عشرا ‪ ،‬يكن لك ذخرا ‪ ( .‬أما الول والثانية ) فالشوع له بالقناعة ‪ ،‬وحسن‬
‫السمع له والطاعة ‪ ( .‬وأما الثالثة والرابعة ) فالتفقد لواضع عينه وأنفه ‪ ،‬فل تقع عينه‬
‫منك على قبيح ‪ ،‬ول يشم منك أل أطيب ريح ‪ ( .‬وأما الامسة والسادسة ) فالتفقد‬
‫لوقت منامه وطعامه ‪ .‬فإن تواتر الوع ملهبة ‪ ،‬وتنغيص النوم مغضبة ‪ ( .‬وأما السابعة‬
‫والثامنة ) فالحتراس باله والرعاء ( ‪ ) 1‬على حشمه ( ‪ ) 2‬وعياله ‪ ،‬وملك ( ‪) 3‬‬
‫المر ف الال حسن التقدير ‪ ،‬وف العيال حسن التدبي ‪ ( .‬وأما التاسعة والعاشرة ) فل‬
‫تعصي له أمرا ‪ ،‬ول تفشي له سرا ‪ ،‬فإنك إن خالفت أمره أو غرت صدره ‪ ،‬وإن‬
‫أفشيت سره ل تأمن غدره ‪ .‬ث إياك والفرح بي يديه إن كان مهتما ‪ ،‬والكآبة بي يديه‬

‫‪172‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إن كان فرحا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الرعاء ‪ :‬الرعاية ‪ ) 2 ( .‬حشمه ‪ :‬خدمه ‪) 3 ( .‬‬
‫ملك ‪ :‬عماد ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 235‬الوليمة ( ‪ ) 1‬تعريفها ‪ :‬الوليمة مأخوذة من‬
‫الول ‪ ،‬وهو المع ‪ ،‬لن الزوجي يتمعان ‪ ،‬وهي الطعام ف العرس خاصة ‪ .‬وف‬
‫القاموس ‪ :‬الوليمة طعام العرس ‪ ،‬أوكل طعام صنع لدعوة وغيها ‪ .‬وأول ‪ :‬صنعها ‪( .‬‬
‫‪ ) 2‬حكمها ‪ :‬ذهب المهور من العلماء إل أنا سنة مؤكدة ‪ - 1 .‬لقول الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم لعبد الرحن بن عوف ‪ " :‬أول ‪ .‬ولو بشاة " ‪ - 2 .‬وعن أنس‬
‫قال ‪ " :‬ما أول رسول ال صلى ال عليه وسلم على شئ من نسائه ‪ ،‬ما أول على زينب‬
‫‪ :‬أول بشاة " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪ - 3 .‬وعن بريدة قال ‪ :‬لا خطب علي فاطمة ‪،‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إنه لبد للعرس من وليمة " ‪ .‬رواه أحد بسند‬
‫ل بأس به كما قال الافظ ‪ - 4 .‬قال أنس ‪ " :‬ما أول رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫على امرأة من نسائه ‪ ،‬ما أول على زينب ‪ ،‬وجعل يبعثن فأدعو له الناس ‪ ،‬فأطعمهم‬
‫خبزا ‪ ،‬ولما ‪ ،‬حت شبعوا ‪ - 5 .‬وروى البخاري أنه صلى ال عليه وسلم " أول على‬
‫بعص نسائه بدين من شعي " ‪ .‬وهذا الختلف ليس مرجعه تفضيل بعض نسائه على‬
‫بعض ‪ ،‬وإنا سببه اختلف حالت العسر واليسر ‪ / .‬صفحة ‪ ) 3 ( / 236‬وقتها ‪:‬‬
‫وقت الوليمة عند العقد أو عقبه ‪ ،‬أو عند الدخول أو عقبه ‪ .‬وهذا أمر يتوسع فيه‬
‫حسب العرف والعادة ‪ .‬وعند البخاري أنه صلى ال عليه وسلم دعا‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 236‬‬
‫القوم بعد الدخول بزينب ‪ ) 4 ( .‬إجابة الداعي ‪ :‬إجابة الداعي إل وليمة العرس‬
‫واجبة على من دعي إليها ‪ ،‬لا فيها من إظهار الهتمام به ‪ ،‬وإدخال السرور عليه ‪،‬‬
‫وتطييب نفسه ‪ - 1 :‬عن ابن عمر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا‬
‫دعي أحدكم إل وليمة فليأتا " ‪ - 2 .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ومن ترك الدعوة فقد عصى ال ورسوله " ‪ - 3 .‬وعنه‬
‫أنه صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬لو دعيت إل كراع لجبت ‪ ،‬ولو أهدي إل ذراع‬
‫لقبلت " ‪ .‬روى هذه الحاديث البخاري ‪ .‬فإذا كانت الدعوة عامة غي معينة لشخص‬

‫‪173‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أو جاعة ل تب الجابة ‪ ،‬ول تستحب ‪ .‬مثل أن يقول الداعي ‪ :‬أيها الناس أجيبوا إل‬
‫الوليمة دون تعيي ‪ ،‬أو ادع من لقيت ‪ .‬كما فعل النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال‬
‫أنس " ‪ :‬تزوج النب صلى ال عليه وسلم فدخل بأهله ‪ ،‬فصنعت أمي أم سليم حيسا (‬
‫‪ ، ) 1‬فجعلته ف تور ( ‪ ، ) 2‬فقالت ‪ :‬يا أخي اذهب به إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فذهبت به ‪ ،‬فقال ‪ :‬ضعه ‪ .‬ث قال ‪ :‬ادع فلنا ‪ ،‬وفلنا ‪ ،‬ومن لقيت ‪ ،‬فدعوت‬
‫من ست ومن لقيت " ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬وقيل ‪ :‬إن إجابة الداعي فرض كفاية ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬اليس ‪ :‬تر يلط بسمن وأقط ‪ :‬أي كشك ‪ ) 2 ( .‬التور ‪ :‬إناء ‪( .‬‬
‫‪ / ) .‬صفحة ‪ / 237‬وقيل ‪ :‬إنا مستحبة ‪ . .‬والول أظهر ‪ ،‬لن العصيان ل يطلق‬
‫إلعلى ترك الواجب ‪ .‬هذا بالنسبة لوليمة العرس ‪ .‬أما الجابة إل غي وليمة النكاح ‪،‬‬
‫فهي مستحبة غي واجبة عند جهور العلماء ‪ .‬وذهب بعض الشافعية إل وجوب‬
‫الجابة مطلقا ‪ ،‬وزعم ابن حزم أنه قول جهور الصحابة والتابعي ‪ ،‬لن ف الحاديث‬
‫ما يشعر بالجابة إل كل دعوة سواء أكانت دعوة زواج ‪ ،‬أم غيه ‪ ) 5 ( .‬شروط‬
‫وجوب إجابة الدعوة ‪ :‬قال الافظ ف الفتح ‪ :‬إن شروط وجوبا ما يأت ‪ - 1 :‬أن‬
‫يكون الداعي مكلفا حرا رشيدا ‪ - 2 .‬وأل يص الغنياء دون الفقراء ‪ - 3 .‬وأل‬
‫يظهر قصد التودد لشخص لرغبة فيه ‪ ،‬أو لرهبة منه ‪ - 4 .‬وأن يكون الداعي مسلما‬
‫على الصح ‪ - 5 .‬وأن يتص باليوم الول على الشهور ‪ - 6 .‬وأل يسبق ‪ ،‬فمن‬
‫سبق تعينت الجابة له ‪ ،‬دون الثان ‪ - 7 .‬وأل يكون هناك ما يتأذى بضوره من‬
‫منكر وغيه ‪ - 8 .‬وأل يكون له عذر ‪ .‬قال البغوي ‪ :‬ومن كان له عذر ‪ ،‬أو كان‬
‫الطريق بعيدا تلحقه الشقة فل بأس أن يتخلف ‪ ) 6 ( .‬كراهة دعوة الغنياء دون‬
‫الفقراء ‪ :‬يكره أن يدعى إل الوليمة الغنياء دون الفقراء ‪ .‬فعن أب هريرة أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬شر طعام الوليمة ينعها من يأتيها ويدعى إليها من‬
‫يأباها ‪ ،‬ومن ل يب الدعوة فقد عصى ال ورسوله " ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬وروى البخاري‬
‫أن أبا هريرة قال ‪ :‬شر الطعام طعام الوليمة ‪ :‬يدعى لا الغنياء ‪ ،‬وتترك الفقراء ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 238‬زواج غي السلمي القاعدة العامة ف زواج غي السلمي ‪ " :‬إقرار ما‬
‫يوافق الشرع منها إذا أسلموا " ‪ .‬إن أنكحة الكفار ل يتعرض لا رسول ال صلى ال‬

‫‪174‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬كيف وقعت ‪ ،‬وهل صادفت الشروط العتبة ف السلم فتصح ‪ ،‬أم ل‬
‫تصادفها فتبطل ؟ ‪ .‬وإنا اعتب حالا وقت إسلم الزوج ‪ ،‬فإن كان من يوز له القام‬
‫مع امرأته أقرها ‪ ،‬ولو كان ف الاهلية وقد وقع على غي شرطه من الول والشهود‬
‫وغي ذلك ‪ .‬وإن ل يكن من يوز له الستمرار ل يقر عليه ‪ ،‬كما لو أسلم وتته ذات‬
‫رحم مرم ‪ ،‬أو أختان ‪ ،‬أو أكثر ‪ ،‬فهذا هو الصل الذي أصلته سنة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وما خالفه فل يلتفت إليه ( ‪ . ) 1‬الرجل يسلم وتته أختان ‪ ،‬يي ف‬
‫إمساك إحداها وترك الخرى ‪ :‬عن الضحاك بن فيوز عن أبيه قال ‪ " :‬أسلمت ‪،‬‬
‫وعندي امرأتان أختان ‪ ،‬فأمرن النب صلى ال عليه وسلم أن أطلق إحداها " ‪ .‬رواه‬
‫أحد وأصحاب السنن والشافعي والدارقطن والبيهقي وحسنه الترمذي وصححه ابن‬
‫حبان ‪ .‬الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع يتار أربعا منهن ‪ :‬عن ابن عمر قال ‪" :‬‬
‫أسلم غيلن الثقفي ‪ ،‬وتته عشر نسوة ف الاهلية ‪ ،‬فأسلمن معه ‪ ،‬فأمره النب صلى‬
‫ال عليه وسلم أن يتار منهن أربعا " ‪ .‬أخرجه أحدو الترمذي وابن ماجه والشافعي ‪،‬‬
‫وابن حبان والاكم وصححاه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬هذا خلصة ماقاله ابن القيم ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 239‬إسلم أحد الزوجي دون الخر ‪ :‬إذا ت العقد بي الزوجي قبل‬
‫السلم ‪ ،‬ث أسلم الزوجان فان كان العقد قد انعقد على من يصح العقد عليها ف‬
‫السلم ‪ ،‬فحكمه واضح فيما سبق ‪ .‬فإن أسلم أحد الزوجي دون الخر ‪ :‬فإن كان‬
‫السلم من الرأة انفسخ النكاح ‪ .‬وتب عليها العدة ‪ ،‬فإن أسلم هو وهي ف عدتا‬
‫كان أحق با ‪ ،‬لا ثبت أن عاتكة ابنة الوليد بن الغية أسلمت قبل زوجها صفوان بن‬
‫أمية ‪ ،‬بنحو شهر ‪ ،‬ث أسلم هو ‪ ،‬فأقره رسول ال صلى ال عليه وسلم على نكاحه ‪.‬‬
‫قال ابن شهاب ‪ :‬ول يبلغنا أن امرأة هاجرت إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 239‬‬
‫وسلم ‪ ،‬وزوجها كافر ‪ ،‬مقيم بدار الكفر إل فرقت هجرتا بينها وبي زوجها ‪ ،‬إل أن‬
‫يقدم زوجها مهاجرا ‪ ،‬قبل أن تقضي عدتا ‪ ،‬وإنه ل يبلغنا أن امرأة فرق بينها وبي‬
‫زوجها إذا قدم وهي ف عدتا ‪ .‬وكذلك الكم إذا أسلم بعد انقضاء العدة ولو طالت‬

‫‪175‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الدة فهما على نكاحهما الول إذا اختارا ذلك ما ل تتزوج ‪ .‬وقد رد النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ابنته زينب على زوجها أب العاص بنكاحها الول بعد سنتي ول يدث‬
‫شيئا ( ‪ ) 1‬رواه أحد وأبو داود والترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن ليس بإسناده بأس‬
‫وصححه الاكم وهومن رواية ابن عباس ‪ .‬قال ابن القيم ‪ " :‬ول يكن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يفرق بي من أسلم وبي امرأته إذا ل تسلم معه ‪ ،‬بل مت أسلم الخر ‪.‬‬
‫فالنكاح باله ما ل تتزوج ‪ .‬هذه هي سنته العلومة ‪ ،‬قال الشافعي ‪ :‬أسلم أبو سفيان‬
‫بن حرب بر الظهران ‪ ،‬وهي وادي خزاعة ‪ ،‬وبزاعة مسلمون قبل الفتح ف دار‬
‫السلم ‪ ،‬ورجع إل مكة وهند بنت عتبة مقيمة على غي السلم ‪ ،‬فأخذت بلحيته‬
‫وقالت ‪ :‬اقتلوا الشيخ الضال ‪ ،‬ث أسلمت هند بعد إسلم أب سفيان بأيام كثية ‪ ،‬وقد‬
‫كانت كافرة مقيمة بدار ليست بدار إسلم ‪ ،‬وأبو سفيان ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ف بعض‬
‫الروايات ‪ :‬ل يدث صداقا وف بعضها ‪ :‬ل يدث نكاحا أي عقدا جديدا ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 240‬با مسلم وهند كافرة ‪ ،‬ث أسلمت بعد انقضاء العدة واستقرا على‬
‫النكاح ال أن عدتا ل تنقض حت أسلمت ‪ .‬وكان كذلك حكيم بن حزام وإسلمه ‪،‬‬
‫وأسلمت امرأة صفوان بن أمية ‪ ،‬وامرأة عكرمة بن أب جهل بكة ‪ ،‬وصارت دارها‬
‫دار السلم ‪ ،‬وظهر حكم رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة وهرب عكرمة إل‬
‫اليمن ‪ ،‬وهي دار حرب وصفوان يريد اليمن ‪ ،‬وهي دار حرب ‪ ،‬ث رجع صفوان أل‬
‫مكة ‪ ،‬ومي دار السلم ‪ ،‬وشهد حنينا ‪ ،‬وهو كافر ‪ ،‬ث أسلم فاستقرت عنده امرأته‬
‫بالنكاح الول ‪ ،‬وذلك أنه ل تنقض عدتا ‪ .‬وقد حفظ أهل العلم بالغازي ‪ ،‬ان امرأة‬
‫من النصار كانت عند زوجها بكة فأسلمت وهاجرت إل الدينة ‪ ،‬فقدم زوجها وهي‬
‫ف العدة فاستقر على النكاح ‪ .‬انتهى ‪ .‬قال صاحب الروضة الندبة بعد ما نقل هذا‬
‫الكلم ‪ :‬أقول ‪ :‬إن إسلم الرأة مع بقاء زوجها ف الكفر ليس بنلة الطلق ‪ .‬إذ لو‬
‫كان كذلك ل يكن له عليها سبيل بعد انقضاء عدتا إل برضاها مع تديد العقد ‪،‬‬
‫فالاصل أن الرأة السلمة إن حاضت ؟ السلم ‪ ،‬ث طهرت ‪ ،‬كان لا أن تتزوج بن‬
‫شاءت ‪ ،‬فإذا تزوجت ل يبق للول عليها سبيل إذا أسلم ‪ .‬وإن ل تتزوج كانت تت‬
‫عقد زوجها الول ‪ ،‬ول يعتب تديد عقد ول تراض ‪ .‬هذا ما تقتضيه الدلة وإن‬

‫‪176‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خالف أقوال الناس ‪ ،‬وهكذا الكم ف ارتداد أحد الزوجي ‪ ،‬فإنه إذا عاد الرتد إل‬
‫السلم كان حكمه حكم إسلم من كان باقيا على الكفر ‪ / .‬صفحة ‪ / 241‬الطلق‬
‫( ‪ ) 1‬تعريفه ‪ :‬الطلق ‪ :‬مأخوذ من الطلق ‪ ،‬وهو الرسال والترك ‪ .‬تقول ‪ :‬أطلقت‬
‫السي ‪ ،‬إذا حللت قيده وأرسلته ‪ .‬وف الشرع ‪ :‬حل رابطة الزواج ‪ ،‬وإناء العلقة‬
‫الزوجية ‪ ) 2 ( .‬كراهته ‪ :‬إن استقرار الياة الزوجية غاية من الغايات الت يرص‬
‫عليها السلم ‪ .‬وعقد الزواج إنا يعقد للدوام والتأبيد إل أن تنتهي الياة ‪ ،‬ليتسن‬
‫للزوجي أن يعل من البيت مهدا يأويان إليه ‪ ،‬وينعمان ف ظلله الوارفة ‪ ،‬وليتمكنا‬
‫من تنشئة أولدها تنشئة صالة ‪ .‬ومن أجل هذا كانت الصلة بي الزوجي من أقدس‬
‫الصلت وأوثقها ‪ .‬وليس أدل على قدسيتها من أن ال سبحانه سى العهد بي الزوج‬
‫وزوجته باليثاق الغليظ ‪ ،‬فقال ‪ " :‬وأخذن منكم ميثاقا غليظا ( ‪ . " ) 1‬وإذا كانت‬
‫العلقة بي الزوجي هكذا موثقة مؤكدة ‪ ،‬فإنه ل ينبغي الخلل با ‪ ،‬ولالتهوين من‬
‫شأنا ‪ .‬وكل أمر من شأنه أن يوهن من هذه الصلة ‪ ،‬ويضعف من شأنا ‪ ،‬فهو بغيض‬
‫إل السلم ‪ ،‬لفوات النافع وذهاب مصال كل من الزوجي ‪ .‬فعن ابن عمر أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أبغض اللل إل ال ‪ -‬عزوجل ‪ -‬الطلق ( ‪" . ) 2‬‬
‫وأي إنسان أراد أن يفسد ما بي الزوجي من علقة فهو ف نظر السلم خارج عنه ‪،‬‬
‫وليس له شرف النتساب إليه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪ ) 2 ( 21‬رواه‬
‫أبو داود والاكم وصححه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 242‬يقول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬ليس منا من خبب ( ‪ ) 1‬امرأة على زوجها ( ‪ . " ) 2‬وقد يدث أن بعض‬
‫النسوة ياول أن يستأثر بالزوج ويل مل زوجته ‪ ،‬والسلم ينهى عن ذلك أشد‬
‫النهي ‪ .‬فعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل‬
‫تسأل الرأة طلق أختها لتستفرغ صحفتها ( ‪ ) 3‬ولتنكح ‪ ،‬فإنا لا ما قدر لا " ‪.‬‬
‫والزوجة الت تطلب الطلق من غر سبب ول مقتض ‪ ،‬حرام عليها رائحة النة ‪ .‬فعن‬
‫ثوبان أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أيا امرأة سألت زوجها طلقا من‬
‫غي بأس ‪ ،‬فحرام عليها رائحة النة ( ‪. " ) 4‬‬
‫‪............................................................‬‬

‫‪177‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 242‬‬
‫( ‪ ) 3‬حكمه ‪ :‬اختلفت آراء الفقهاء ف حكم ( ‪ ) 5‬الطلق ‪ ،‬والصح من هذه‬
‫الراء ‪ ،‬رأي الذين ذهبوا إل حظره إل لاجة ‪ ،‬وهم الحناف والنابلة ‪ .‬واستدلوا‬
‫بقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬لعن ال كل ذواق ‪ ،‬مطلق " ‪ .‬ولن ف‬
‫الطلق كفرا لنعمة ال ‪ ،‬فإن الزواج نعمة من نعمه ‪ ،‬وكفران النعمة حرام ‪ .‬فل يل‬
‫إل لضرورة ‪ .‬ومن هذه الضرورة الت تبيحه أن يرتاب الرجل ف سلوك زوجته ‪ .‬أو‬
‫أن يستقر ف قلبه عدم اشتهائها ‪ ،‬فإن ال مقلب القلوب ‪ ،‬فإن ل تكن هناك حاجة‬
‫تدعو إل الطلق يكون حينئذ مض كفران نعمة ال ‪ ،‬وسوء أدب من الزوج ‪ ،‬فيكون‬
‫مكروها مظورا ‪ .‬وللحنابلة تفصيل حسن ‪ ،‬نمله فيما يلي ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬خبب‬
‫‪ :‬أفسد ‪ ) 2 ( .‬رواه أبو داود والنسائي ‪ ) 3 ( .‬أي لتخلي عصمة أختها من الزواج‬
‫ولتحظى بزوجها ‪ .‬ولا أن تتزوج زوجا آخر ‪ ) 4 ( .‬رواه أصحاب السنن وحسنه‬
‫الترمذي ‪ ) 5 ( .‬أي الوصف الشرعي له ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 243‬فعندهم قد يكون‬
‫الطلق واجبا ‪ ،‬وقد يكون مرما ‪ ،‬وقد يكون مباحا ‪ ،‬وقد يكون مندوبا إليه ‪ .‬فأما‬
‫الطلق الواجب ‪ :‬فهو طلق الكمي ف الشقاق بي الزوجي ‪ ،‬إذا رأيا أن الطلق‬
‫هو الوسيلة لقطع الشقاق ‪ .‬وكذلك طلق الول بعد التربص ‪ ،‬مدة أربعة أشهر لقول‬
‫ال تعال ‪ " :‬للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن ال غفور رحيم‬
‫‪ .‬وإن عزموا الطلق فإن ال سيع عليم ( ‪ . " ) 1‬وأما الطلق الحرم ‪ :‬فهو الطلق‬
‫من غي حاجة إليه ‪ ،‬وإنا كان حراما ‪ ،‬لنه ضرر بنفس الزوج ‪ ،‬وضرر بزوجته ‪،‬‬
‫وإعدام للمصلحة الاصلة لما من غي حاجة إليه ‪ .‬فكان حراما ‪ ،‬مثل إتلف الال ‪،‬‬
‫ولقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل ضرر ول ضرار " ‪ .‬وف رواية أخرى أن‬
‫هذا النوع من الطلق مكروه لقول النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أبغض اللل إل‬
‫ال الطلق " ‪ .‬وف لفظ ‪ " :‬ما أحل ال شيئا أبغض إليه من الطلق " ( ‪ ) 2‬وإنا‬
‫يكون مبغوضا من غي حاجة إليه ‪ -‬وقد ساه النب صلى ال عليه وسلم حلل ‪-‬‬
‫ولنه مزيل للنكاح الشتمل على الصال الندوب إليها ‪ ،‬فيكون مكروها ‪ .‬وأما‬
‫الطلق الباح ‪ :‬فإنا يكون عند الاجة إليه ‪ ،‬لسوء خلق الرأة ‪ ،‬وسوء عشرتا ‪،‬‬

‫‪178‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والتضرر با ‪ ،‬من غي حصول الغرض منها ‪ .‬وأم الندوب إليه ‪ :‬فهو الطلق يكون‬
‫عند تفريط الرأة ف حقوق ال الواجبة عليها ‪ ،‬مثل الصلة ونوها ‪ ،‬ول يكنه إجبارها‬
‫عليها ‪ ،‬أو تكون غي عفيفة ‪ .‬قال المام أحد رضي ال عنه ل ينبغي له إمساكها ‪،‬‬
‫وذلك لن فيه نقصأ لدينه ‪ ،‬ول يأمن إفساد ه‍ لفراشه ‪ ،‬وإلاقها به ولدا ليس هو‬
‫منه ‪ ،‬ول بأس بالتضييق عليها ف هذه الال ‪ ،‬لتفتدي منه ‪ ،‬قال ال تعال ‪ " :‬ول‬
‫تعضلوهن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬البقرة الية ‪ ) 2 ( 126 - 125‬رواه أبو داود ( ‪/ ) .‬‬
‫صفحة ‪ / 244‬لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إل أن يأتي بفاحشة مبينة ( ‪ . " ) 1‬قال‬
‫ابن قدامه ‪ :‬ويتمل أن الطلق ف هذين الوضعي واجب ‪ .‬قال ‪ :‬ومن الندوب إليه ‪،‬‬
‫الطلق ف حال الشقاق ‪ .‬وف الال الت ترج الرأة إل الخالعة لتزيل عنها الضرر ‪.‬‬
‫قال ابن سينا ف كتاب الشفاء ‪ " :‬ينبغي أن يكون إل الفرقة سبيل ما ‪ ،‬وأل يسد ذلك‬
‫من كل وجه ‪ ،‬لن حسم أسباب التوصل إل الفرقة بالكلية يقتضي وجوها من الضرر‬
‫واللل ‪ .‬منها ‪ :‬أن من الطبائع ما ل يألف بعض الطبائع ‪ ،‬فكلما اجتهد ف المع‬
‫بينهما زاد الشر ‪ ،‬والنبو ( أي اللف ) وتنغصت العايش ‪ .‬ومنها ‪ :‬أن من الناس من‬
‫ين ( أي يصاب ) بزوج غي كف ء ‪ .‬ول حسن الذاهب ف العشرة ‪ ،‬أو بغيض تعافه‬
‫الطبيعة ‪ ،‬فيصي ذلك داعية إل الرغبة ف غيه ‪ ،‬إذ الشهوة طبيعة ‪ ،‬ربا أدى ذلك إل‬
‫وجوه من الفساد ‪ ،‬وربا كان التزاوجان ل يتعاونان على النسل ‪ ،‬فإذا بدل بزوجي‬
‫آخرين تعاونا فيه ‪ ،‬فيجب أن يكون إل الفارقة سبيل ‪ ،‬ولكنه يب أن يكون مشددا‬
‫فيه " ‪ .‬الطلق عند اليهود ( ‪ : ) 2‬الذي دون ف الشريعة عند اليهود وجرى عليه‬
‫العمل أن الطلق يباح بغي عذر ‪ ،‬كرغبة الرجل بالتزوج بأجل من امرأته ‪ ،‬ولكنه ل‬
‫يسن بدون عذر ‪ ،‬والعذار عندهم قسمان ‪ ( :‬الول ) عيوب اللقة ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫العمش ‪ ،‬والول ‪ ،‬والبخر ‪ ،‬والدب ‪ ،‬والعرج ‪ ،‬والعقم ‪ ( .‬الثان ) وعيوب‬
‫الخلق ‪ ! .‬وذكروا منها ‪ :‬الوقاحة ‪ ،‬والثرثرة ‪ ،‬والوساخة ‪ ،‬والشكاسة ‪ ،‬والعناد ‪،‬‬
‫والسراف ‪ ،‬والنهمة ‪ ،‬والبطنة ‪ ،‬والتأنق ف الطاعم ‪ ،‬والفخفخة ‪ ،‬والزنا أقوى‬
‫العذار عندهم ‪ ،‬فيكفي فيه الشاعة ‪ ،‬وإن ل تثبت ‪ ،‬إل أن السيح عليه السلم ل يقر‬
‫منها إل علة الزنا ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬النساء الية ‪ : 19‬أي ل تسكوهن لتضيقوا‬

‫‪179‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليهن ‪ ) 2 ( .‬من كتاب " نداء للجنس اللطيف " ‪ .‬ص ‪ / ) . ( . 97‬صفحة ‪245‬‬
‫‪ /‬وأما الرأة فليس لا أن تطلب الطلق مهما تكن عيوب زوجها ‪ ،‬ولو ثبت عليه الزنا‬
‫ثبوتا ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 245‬‬
‫الطلق ف الذاهب السيحية ‪ :‬ترجع جيع الذاهب السيحية الت تعنقها أمم الغرب‬
‫السيحي إل ثلثة مذاهب ‪ - 1 :‬الذهب الكاثوليكي ‪ " - 2 .‬الرثوذكسي ‪" - 3 .‬‬
‫البوتوستنت ‪ .‬فالذهب الكاثوليكي ‪ ،‬يرم الطلق تريا باتا ‪ ،‬ول يبيح فصم الزواج‬
‫لي سبب مهما عظم شأنه ‪ ،‬وحت اليانة الزوجية نفسها لتعد ف نظره مبرا للطلق‬
‫‪ ،‬وكل ما يبيحه ف حالة اليانة الزوجية ‪ ،‬هو التفرقة السمية ‪ ،‬بي شخصي‬
‫الزوجي ‪ ،‬مع اعتبار الزوجية قائمة بينهما من الناحية الشرعية ‪ ،‬فل يوز لواحد منهما‬
‫ف أثناء هذه الفرقة أن يعقد زواجه على شخص آخر ‪ ،‬لن ذلك يعتب تعددا‬
‫للزوجات ‪ ،‬والديانة السيحية ل تبيح التعدد بال ‪ .‬وتعتمد الكاثوليكية ف مذهبها هذا‬
‫على ما جاء ف إنيل مرقص على لسان السيح ‪ ،‬إذ يقول ‪ 8 " . . . :‬ويكون الثنان‬
‫جسدا واحدا ‪ ،‬إذن ليسا بعد اثني ‪ ،‬بل جسد واحد ‪ 9 ،‬فالذي جعه ال ل يفرقه‬
‫إنسان ( ‪ . " ) 1‬والذهبان السيحيان الخران ‪ ،‬الرثوذكسي ‪ ،‬والبوتوستنت ‪،‬‬
‫يبيحان الطلق ف بعض حالت مدودة ‪ ،‬من أهها اليانة الزوجية ‪ ،‬ولكنهما يرمان‬
‫على الرجل والرأة كليهما أن يتزوجا بعد ذلك ‪ ،‬وتعتمد الذاهب السيحية الت تبيح‬
‫الطلق ف حالة اليانة الزوجية على ما ورد ف إنيل مت ‪ ،‬على لسان السيح ‪ ،‬إذ‬
‫يقول ‪ " :‬من طلق امرأته إل لعلة الزنا يعلها تزن ( ‪ ( . " ) 2‬هامش ) ( ‪ ) 1‬مرقص‬
‫إصحاح ‪ 10‬آيت ‪ 8‬و ‪ ) 2 ( 9‬إنيل مت ‪ :‬الصحاح الامس ‪) 3 ( 22 - 21‬‬
‫إنيل مرقس ‪ :‬الصحاح العاشر ‪ / ) . ( 11 :‬صفحة ‪ / 246‬وتعتمد الذاهب‬
‫السيحية ف تريها الزواج على الطلق والطلقة على ما ورد ف إنيل مرقص إذ يقول‬
‫‪ ( :‬من طلق امرأته ‪ ،‬وتزوج بأخرى يزن عليها ‪ ،‬وإن طلقت امرأة زوجها ‪ ،‬وتزوجت‬
‫بآخر تزن ) ‪ .‬الطلق ف الاهلية ‪ :‬قالت أم الؤمني عائشة رضي ال عنها ‪ " :‬كان‬

‫‪180‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها ‪ ،‬وهي امرأته إذا راجعها وهي ف العدة ‪ ،‬وإن‬
‫طلقها مائة مرة ‪ ،‬أو أكثر ‪ ،‬حت قال رجل لمرأته ‪ :‬وال ل أطلقك فتبين من ‪ ،‬ول‬
‫آويك أبدا ‪ ،‬قالت ‪ :‬وكيف ذلك ؟ قال ‪ :‬أطلقك ‪ ،‬فكلما هت عدتك أن تنقضي‬
‫راجعتك ‪ ،‬فذهبت الرأة حت دخلت على عائشة ‪ ،‬فأخبتا ‪ ،‬فسكتت حت جاء النب‬
‫صلى ال عليه وسلم فأخبته ‪ ،‬فسكت النب صلى ال عليه وسلم حت نزل القرآن ‪" :‬‬
‫الطلق مرتان ‪ .‬فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان ( ‪ . " ) 1‬قالت عائشة ‪:‬‬
‫فاستأنف الناس الطلق مستقبل ‪ ،‬من كان طلق ‪ ،‬ومن ل يكن طلق " ‪ .‬رواه الترمذي‬
‫‪ .‬الطلق من حق الرجل وحده جعل السلم الطلق من حق الرجل وحده ( ‪، ) 2‬‬
‫لنه أحرص على بقاء الزوجية الت أنفق ف سبيلها من الال ‪ ،‬ما يتاج إل انفاق مثله ‪،‬‬
‫أو أكثر منه ‪ ،‬إذا طلق وأراد عقد زواج آخر ‪ .‬وعليه أن يعطي الطلقة مؤخر الهر ‪،‬‬
‫ومتعة الطلق ‪ ،‬وأن ينفق عليها ف مدة العدة ‪ .‬ولنه بذلك ‪ ،‬وبقتضى عقله ومزاجه‬
‫يكون أصب على ما يكره من الرأة ‪ ،‬فل يسارع إل الطلق لكل غضبة يغضبها ‪ ،‬أو‬
‫سيئة منها يشق عليه احتمالا ‪ ،‬والرأة أسرع منه غضبا ‪ ،‬وأقل احتمال ‪ ،‬وليس عليها‬
‫من تبعات الطلق ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة آية ‪ ) 2 ( . 229‬من كتاب نداء‬
‫للجنس اللطيف ص ‪ / ) . ( . 98‬صفحة ‪ / 247‬ونفقاته مثل ما عليه ‪ ،‬فهي أجدر‬
‫بالبادرة إل حل عقدة الزوجية ‪ ،‬لدن السباب ‪ ،‬أو لا ل يعد سببا صحيحا إن أعطي‬
‫لا هذا الق ‪ .‬والدليل على صحة هذا التعليل الخي ‪ ،‬أن الفرنج لا جعلوا طلب‬
‫الطلق حقا للرجال والنساء على السواء ‪ ،‬كثر الطلق عندهم ‪ ،‬فصار أضعاف ما‬
‫عند السلمي ‪ .‬من يقع منه الطلق ‪ .‬اتفق العلماء على أن الزوج ‪ ،‬العاقل ‪ ،‬البالغ ‪،‬‬
‫الختار هو الذي يوز له أن يطلق ‪ ،‬وأن طلقه يقع ‪ .‬فإذا كان منونا ‪ ،‬أو صبيا أو‬
‫مكرها ‪ ،‬فإن طلقه يعتب لغوا لو صدر منه ‪ ،‬لن الطلق تصرف من التصرفات الت‬
‫لا آثارها ونتائجها ف حياة الزوجي ‪ ،‬ولبد من أن يكون الطلق كامل الهلية ‪ ،‬حت‬
‫تصح تصرفاته ‪ .‬وإنا تكمل الهلية بالعقل والبلوغ ‪ ،‬والختيار ‪ ،‬وف هذا يروي‬
‫أصحاب السنن ‪ ،‬عن علي كرم ال وجهه ‪ ،‬عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أنه قال ‪:‬‬
‫" رفع القلم عن ثلثة ‪ :‬عن النائم حت يستيقظ ‪ ،‬وعن الصب حت يتلم ( ‪ ، ) 1‬وعن‬

‫‪181‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الجنون حت يعقل " ‪ .‬وعن أب هريرة عن النب ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬كل‬
‫طلق جائز ‪ ،‬إل طلق الغلوب على عقله " ‪ .‬رواه الترمذي والبخاري موقوفا ‪ .‬وقال‬
‫ابن عباس رضي ال عنه ‪ -‬فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ‪ -‬فليس بشئ ‪ ،‬رواه‬
‫البخاري ‪ .‬وللعلماء آراء متلفة ف السائل التية نملها فيما يلي ‪ - 1 :‬طلق الكره‬
‫‪ - 2 .‬طلق السكران ‪ - 3 .‬طلق الازل ‪ - 4 .‬طلق الغضبان ‪ - 5 .‬طلق‬
‫الغافل والساهي ‪ - 6 .‬طلق الدهوش ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يتلم ‪ :‬يبلغ ‪) . ( .‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 247‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ ) 1 ( / 248‬طلق الكره ‪ :‬الكره ل إرادة له ول اختيار ‪ ،‬والرادة‬
‫والختيار هي أساس التكليف ‪ ،‬فإذا انتفيا ‪ ،‬انتفى التكليف ‪ ،‬واعتب الكره غي‬
‫مسؤول عن تصرفاته ‪ ،‬لنه مسلوب الرادة ‪ ،‬وهوف الواقع ينفذ إرادة الكره ‪ .‬فمن‬
‫أكره على النطق بكلمة الكفر ‪ ،‬ل يكفر بذلك لقول ال تعال ‪ " :‬إل من أكره وقلبه‬
‫مطمئن باليان ( ‪ . " ) 1‬ومن أكره على السلم ل يصبح مسلما ‪ ،‬ومن أكره على‬
‫الطلق ل يقع طلقه ‪ .‬روي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬رفع عن أمت‬
‫الطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ‪ .‬أخرجه ابن ماجه ‪ ،‬وابن حبان ‪ ،‬والدارقطن ‪،‬‬
‫والطبان ‪ ،‬والاكم ‪ ،‬وحسنه النووي ‪ .‬وإل هذا ذهب مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪،‬‬
‫وداود من فقهاء المصار ‪ ،‬وبه قال عمربن الطاب ‪ ،‬وابنه عبد ال ‪ ،‬وعلي بن أب‬
‫طالب ‪ ،‬وابن عباس ‪ .‬وقال أبو حنيفة وأصحابه ‪ :‬طلق الكره واقع ‪ ،‬ول حجة لم‬
‫فيما ذهبوا إليه ‪ ،‬فضل عن مالفتهم لمهور الصحابة ‪ ) 2 ( .‬طلق السكران ‪ :‬ذهب‬
‫جهور الفقهاء إل أن طلق السكران يقع ‪ ،‬لنه التسبب بإدخال الفساد على عقله‬
‫بإرادته ‪ .‬وقال قوم ‪ :‬ل يقع وإنه لغو ل عبة به ‪ ،‬لنه هو والجنون سواء ‪ ،‬إذ أن‬
‫كلمنهما فاقد العقل الذي هو مناط التكليف ‪ ،‬ولن ال سبحانه يقول ‪ " :‬يأيها الذين‬
‫آمنوا ل تقربوا الصلة وأنتم سكارى حت تعلموا ما تقولون ( ‪ . " ) 2‬فجعل سبحانه‬
‫قول السكران غيمعتدبه ‪ ،‬لنه ل يعلم ما يقول ‪ .‬وثبت عن عثمان أنه كان ل يرى‬
‫طلق السكران ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النحل آية ‪ ) 2 ( . 106 :‬سورة النساء‬

‫‪182‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫آية ‪ / ) . ( . 43‬صفحة ‪ / 249‬وذهب بعض أهل العلم أنه ل يالف عثمان ف ذلك‬
‫احد من الصحابة ‪ .‬وهو مذهب يي بن سعيد النصاري ‪ ،‬وحيد بن عبد الرحن‬
‫وربيعة ‪ ،‬والليث بن سعد ‪ ،‬وعبد ال بن السي ‪ ،‬وإسحاق بن راهويه ‪ ،‬وأب ثور ‪،‬‬
‫والشافعي ف أحد فوليه واختاره الزن من الشافعية وهو إحدى الروايات عن أحد ‪،‬‬
‫وهي الت استقر عليها مذهبه ‪ ،‬وهو مذهب أهل الظاهر كلهم ‪ ،‬واختاره من النفية‬
‫أبو جعفر الطحاوي وأبو السن الكرخي ‪ .‬قال الشوكان ‪ :‬إن السكران الذي ل‬
‫يعقل لحكم لطلقه لعدم الناط الذي تدور عليه الحكام ‪ ،‬وقد عي الشارع عقوبته‬
‫فليس لنا أن ناوزها برأينا ‪ ،‬ونقول يقع طلقه عقوبة له ‪ ،‬فيجمع له بي غرمي ‪ .‬وقد‬
‫جرى العمل أخيا ف الحاكم بذا الذهب ‪ ،‬فقد جاء ف الرسوم بقانون برقم ‪/ 25‬‬
‫لسنة ‪ 1929‬ف الادة الول منه ‪ ( :‬ل يقع طلق السكران والكره ) ‪ ) 3 ( .‬طلق‬
‫الغضبان ‪ :‬والغضبان الذي ل يتصور ما يقول ‪ ،‬ول يدري ما يصدر عنه ‪ ،‬ل يقع‬
‫طلقه لنه مسلوب الرادة ‪ .‬روى أحد وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والاكم وصححه ‪،‬‬
‫عن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل طلق ول عتاق ف‬
‫إغلق " ‪ .‬وفسر الغلق بالغضب ‪ ،‬وفسر بالكراه ‪ ،‬وفسربالنون ‪ .‬وقال ابن تيمية‬
‫كما ف زاد العاد ‪ :‬حقيقة الغلق أن يغلق على الرجل قلبه فل يقصد الكلم أو ل‬
‫يعلم به كأنه انغلق عليه قصده وإرادته ‪ .‬قال ‪ :‬ويدخل ف ذلك طلق الكره ‪،‬‬
‫والجنون ‪ ،‬ومن زال عقله بسكر أو غضب ‪ ،‬وكل ما لقصد له ‪ ،‬ول معرفة له با‬
‫قال ‪ ،‬والغضب على ثلثة أقسام ‪ - 1 :‬ما يزيل العقل فل يشعر صاحبه با قال ‪،‬‬
‫وهذا ل يقع طلقه بل نزاع ‪ - 2 .‬ما يكون ف مبادئه بيث لينع صاحبه من تصور‬
‫ما يقول وقصده ‪ ،‬فهذا يقع طلقه ‪ / .‬صفحة ‪ - 3 / 250‬أن يستحكم ويشتد به‬
‫فل يزيل عقله بالكلية ‪ ،‬ولكنه يول بينه وبي نيته بيث يندم على ما فرط منه إذا زاد‬
‫‪ ،‬فهذا مل نظر ‪ .‬وعدم الوقوع ف هذه الالة قوي متجه ‪ ) 4 ( .‬طلق الازل ( ‪) 1‬‬
‫والخطئ ‪ :‬يرى جهور الفقهاء أن طلق الازل يقع ‪ ،‬كما أن نكاحه يصح ‪ ،‬لا رواه‬
‫أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬والترمذي وحسنه ‪ ،‬والاكم وصححه ‪ ،‬عن أب‬
‫هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ثلث جدهن جد ‪ ،‬وهزلن جد ‪:‬‬

‫‪183‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النكاح والطلق والرجعة " ‪ .‬وهذا الديث وإن كان ف إسناده عبد ال بن حبيب ‪،‬‬
‫وهو متلف فيه ‪ ،‬فإنه قد تقوى بأحاديث أخرى ‪ .‬وذهب بعض أهل العلم إل عدم‬
‫وقوع طلق الازل ‪ .‬منهم ‪ :‬الباقر ‪ ،‬والصادق ‪ ،‬والناصر ‪ .‬وهو قول ف مذهب أحد‬
‫ومالك ‪ ،‬إذ أن هؤلء يشترطون لوقوع الطلق الرضا بالنطق اللسان ‪ ،‬والعلم بعناه ‪،‬‬
‫وإرادة مقتضاه ‪ ،‬فإذا انتفت النية والقصد ‪ ،‬اعتب اليمي لغوا ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬وإن‬
‫عزموا الطلق ‪ ،‬فإن ال سيع عليم ( ‪ . " ) 2‬وإنا العزم ما عزم العازم على فعله ‪،‬‬
‫ويقتضي ذلك إرادة جازمة بفعل العزوم عليه ‪ ،‬أو تركه ويقول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬إنا العمال بالنيات " ‪ .‬والطلق عمل مفتقر إل النية ‪ ،‬والازل ل عزم له‬
‫ولنية ‪ .‬وروى البخاري عن ابن عباس ‪ " " :‬إنا الطلق عن وطر ( ‪ . " ) 3‬أما طلق‬
‫الخطئ ‪ ،‬وهو من أراد التكلم بغي الطلق فسبق لسانه إليه ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 250‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الازل ‪ :‬هو الذي يتكلم من غي قصد للحقيقة ‪ ،‬بل على وجه‬
‫اللعب ونقيضه الاد ‪ ،‬مأخوذ من السد ‪ ) 2 ( .‬سورة البقرة آية ‪ ) 3 ( . 27 :‬قال‬
‫الافظ ‪ :‬أي أنه ل ينبغي للرجل أن يطلق امرأته إل عند الاجة كالنشوز ‪ .‬وقال ابن‬
‫القيم ‪ :‬أي عن غرض من الطلق ف وقوعه ‪ -‬رسالة الطلق ‪ :‬ص ‪/ ) . ( . 57‬‬
‫صفحة ‪ / 251‬فقد رأى فقهاء الحناف ‪ :‬أنه يعامل به قضاء ‪ ،‬وأما ديانة فيما بينه‬
‫وبي ربه فل يقع عليه طلقه وزوجته حلل له ‪ ) 5 ( .‬طلق الغافل والساهي ‪ :‬ومثل‬
‫الخطئ ‪ ،‬والازل ‪ ،‬الغافل ‪ ،‬والساهي ‪ ،‬والفرق بي الخطئ والازل ‪ ،‬أن طلق الازل‬
‫يقع قضاء وديانة ‪ ،‬عند من يرى ذلك ‪ ،‬وطلق الخطئ يقع قضاء فقط ‪ ،‬وذلك أن‬
‫الطلق ليس مل للهزل ول للعب ‪ ) 6 ( .‬طلق الدهوش ‪ :‬الدهوش الذي ل يدري‬
‫ما يقول ‪ ،‬بسبب صدمة أصابته فأذهبت عقله وأطاحت بنفكيه ‪ ،‬ل يقع طلقه ‪ ،‬كما‬
‫ل يقع طلق الجنون ‪ ،‬والعتوه ‪ ،‬والغمى عليه ‪ ،‬ومن اختل عقله لكب أو مرض ‪ ،‬أو‬
‫مصيبة فاجأته ‪ .‬من يقع عليها الطلق ل يقع الطلق على الرأة إل إذا كان مل له ‪،‬‬
‫وإنا تكون مل له ف الصور التية ‪ - 1 :‬إذا كانت الزوجية قائمة بينها وبي زوجها‬

‫‪184‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حقيقة ‪ - 2 .‬إذا كانت معتدة من طلق رجعي ‪ ،‬أو معتدة من طلق بائن بينونة‬
‫صغرى ‪ ،‬لن الزوجية فيها تي الالتي تعتب قائمة حكما حت تنتهي العدة ‪ - 3 .‬إذا‬
‫كانت الرأة ف العدة الاصلة بالفرقة الت تعتب طلقا ‪ .‬كأن تكون الفرقة بسبب إباء‬
‫الزوج السلم إذا أسلمت زوجته ‪ .‬أو كانت بسبب اليلء فإن الفرقة ف هاتي‬
‫الصورتي تعتب طلقا عند الحناف ‪ - 4 .‬إذا كانت الرأة معتدة من فرقة اعتبت‬
‫فسخا ل ينقض العقد من أساسه ول يزل الل ‪ .‬كالفرقة بردة الزوجة ‪ ،‬لن الفسخ ف‬
‫هذه الالة إنا لطارئ طرأ ينع بقاء العقد بعد أن وقع صحيحا ‪ / .‬صفحة ‪ / 252‬من‬
‫ل يقع عليها الطلق قلنا ‪ :‬إن الطلق ل يقع على الرأة إل إذا كانت مل له ‪ .‬فإذا ل‬
‫تكن مل له فل يقع عليها الطلق ‪ .‬فالعتدة من فسخ الزواج بسبب عدم الكفاءة أو‬
‫لنقص الهر عن مهر الثل ‪ ،‬أو ليار البلوغ ‪ ،‬أو لظهور فساد العقد بسبب فقد شرط‬
‫من شروط صحته ‪ ،‬ل يقع عليها الطلق ‪ ،‬لن العقد ف هذه الالت قد نقض من‬
‫أصله ‪ ،‬فلم يبق له وجود ف العدة ‪ .‬فلو قال الرجل لمرأته ‪ :‬أنت طالق وهي ف هذه‬
‫الالة ‪ -‬فقوله لغو ل يترتب عليه أي أثر ‪ .‬وكذلك ل يقع الطلق على الطلقة قبل‬
‫الدخول وقبل اللوة با خلوة صحيحة ‪ ،‬لن العلقة الزوجية بينهما قد انتهت ‪،‬‬
‫وأصبحت أجنبية بجرد صدور الطلق ‪ ،‬فل تكون مل للطلق بعد ذلك ‪ .‬لنا‬
‫ليست زوجته ول معتدته ‪ .‬فلو قال لزوجته غي الدخول با حقيقة أو حكما ‪ :‬أنت‬
‫طالق ‪ . . .‬أنت طالق ‪ . . .‬أنت طالق ‪ ،‬وقعت بالول فقط طلقة بائنة ‪ ،‬لن الزوجية‬
‫فائمة ‪ .‬أما الثانية ‪ ،‬والثالثة ‪ ،‬فهما لغو ل يقع بما شئ ‪ ،‬لنما صادفتاها وهي ليست‬
‫زوجته ولمعتدته ‪ ،‬حيث ل عدة لغي الدخول با ( ‪ . " ) 1‬وكذلك ل يقع الطلق‬
‫على أجنبية ل تربطها بالطلق زوجية سابقة ‪ .‬فلو قال لمرأة ل يسبق له الزواج با ‪" :‬‬
‫أنت طالق يكون كلمه لغوا لأثر له ‪ ،‬وكذلك الكم فيمن طلقت وانتهت عدتا ‪،‬‬
‫لنا بانتهاء العدة تصبح أجنبية عنه ‪ .‬ومثل ذلك العتدة من طلق ثلث ‪ ،‬لنا بعد‬
‫الطلق الثلث تكون قد بانت منه بينونة كبى ‪ ،‬فل يكون للطلق معن ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬وهذا مذهب أب حنيفة ‪ ،‬والشافعي ‪ :‬وقال مالك ‪ . . .‬إذا قال لغي الدخول با ‪:‬‬
‫أنت طالق ‪ ،‬أنت طالق ‪ ،‬أنت طالق ‪ ،‬ثلثا ‪ .‬فهي نسق ‪ " .‬أي متابعة وراء بعضها "‬

‫‪185‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قال يكون ثلثة تشبيها لتكرار اللفظ بالعد كأنه قال ‪ " . . .‬أنت طالق ثلثا " وقال ف‬
‫بداية الجتهد ‪ ،‬فمن شبه تكرار اللفظ بلفظه بالعدد أعن بقوله " طلقتك ثلثا " قال ‪:‬‬
‫" يقع الطلق ثلثا " ومن رأى أنه باللفظة الواحدة قد بانت منه ‪ .‬قال " ل يقع "‬
‫وهذا بلف الدخول با ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 253‬الطلق قبل الزواج ل يقع الطلق‬
‫إذا علقه على التزوج بأجنبية ‪ ،‬كأن يقول ‪ " :‬إن تزوجت فلنة فهي طالق ‪ ،‬لا رواه‬
‫الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬لنذر لبن آدم فيما ل يلك ‪ ،‬ول عتق له فيما ل يلك ‪ ،‬ولطلق له فيما‬
‫ل يلك " ‪ .‬قال الترمذي ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وهو أحسن شئ روي ف هذا الباب ‪،‬‬
‫وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وغيهم ‪ .‬وروي‬
‫ذلك عن علي بن أب طالب ‪ ،‬كرم ال وجهه ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وجابر بن يزيد ‪ ،‬وغي‬
‫واحد من فقهاء التابعي ‪ ،‬وبه يقول الشافعي ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ ،‬ف الطلق العلق ‪:‬‬
‫إنه يقع إذا حصل الشرط ‪ ،‬سواء عمم الطلق جيع النساء ‪ ،‬أم خصص ‪ .‬وقال مالك‬
‫و أصحابه ‪ :‬إن عمم جيع النساء ل يلزمه ‪ ،‬وإن خصص لزمه ‪ .‬ومثال التعميم أن‬
‫يقول ‪ :‬إن تزوجت أي أمرأة فهي طالق ‪ .‬ومثال التخصيص ‪ :‬أن يقول ‪ :‬إن تزوجت‬
‫فلنة ‪ -‬وذكر امرأة بعينها ‪ -‬فهي طالق‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 253‬‬
‫ما يقع به الطلق يقع الطلق بكل ما يدل على إناء العلقة الزوجية ‪ ،‬سواء أكان‬
‫ذلك باللفظ ‪ ،‬أم بالكتابة إل الزوجة ‪ ،‬أم بالشارة من الخرس ‪ ،‬أو بإرسال رسول ‪.‬‬
‫الطلق باللفظ ‪ :‬واللفظ قد يكون صريا ‪ ،‬وقد يكون كناية ‪ ،‬فالصريح ‪ :‬هو الذي‬
‫يفهم من معن الكلم عند التلفظ به ‪ ،‬مثل ‪ :‬أنت طالق ومطلقة ‪ ،‬وكل ما اشتق من‬
‫لفظ الطلق ‪ .‬وقال الشافعي رضي ال عنه ‪ :‬ألفاظ الطلق الصرية ثلثة ‪ :‬الطلق ‪،‬‬
‫والفراق ‪ ،‬والسراح ‪ ،‬وهي الذكورة ف القرآن الكري ‪ .‬وقال بعض أهل الظاهر ‪ :‬ل‬
‫يقع الطلق إل بذه الثلث ‪ ،‬لن الشرع ‪ /‬صفحة ‪ / 254‬إنا ورد بذه اللفاظ‬
‫الثلثة ‪ ،‬وهي عبادة ‪ ،‬ومن شروطها اللفظ فوجب القتصار على اللفظ الشرعي‬

‫‪186‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوارد فيها ( ‪ . ) 1‬والكناية ‪ :‬ما يتمل الطلق وغيه ‪ ،‬مثل ‪ :‬أنت بائن ‪ ،‬فهو يتمل‬
‫البينونة ( ‪ ) 2‬عن الزواج ‪ ،‬كما يتمل البينونة عن الشر ‪ .‬ومثل ‪ :‬أمرك بيدك ‪ ،‬فإنا‬
‫تتمل تليكها عصمتها ‪ .‬كما تتمل تليكها حرية التصرف ‪ .‬ومثل ‪ :‬أنت علي‬
‫حرام ‪ ،‬فهي تتمل حرمة التعة با ‪ ،‬وتتمل حرمة إيذائها ‪ .‬والصريح ‪ :‬يقع به الطلق‬
‫من غي احتياج إل نية تبي الراد منه ‪ ،‬لظهور دللته ووضوح معناه ‪ .‬ويشترط ف‬
‫وقوع الطلق الصريح ‪ :‬أن يكون لفظه مضافا إل الزوجة ‪ ،‬كأن يقول ‪ :‬زوجت طالق‬
‫‪ ،‬أو أنت طالق ‪ .‬أما الكناية فل يقع با الطلق إل بالنية ‪ ،‬فلو قال الناطق بلفظ‬
‫الصريح ‪ :‬ل أرد الطلق ول أقصده ‪ ،‬وإنا أردت معن آخر ‪ ،‬ل يصدق قضاء ‪ ،‬ويقع‬
‫طلقه ‪ .‬ولو قال الناطق بالكناية ‪ :‬ل أنو الطلق ‪ ،‬بل نويت معن آخر ‪ ،‬يصدق‬
‫قضاء ‪ ،‬ول يقع طلقه ‪ ،‬لحتمال اللفظ معن الطلق وغيه ‪ ،‬والذي يعي الراد هو‬
‫النية ‪ ،‬والقصد ‪ ،‬وهذا مذهب مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬لديث عائشة رضيا ل عنها ‪ ،‬عند‬
‫البخاري وغيه ‪ " .‬أن ابنة الون لا أدخلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫ودنا منها ‪ ،‬قالت ‪ :‬أعوذ بال منك ‪ ،‬فقال لا ‪ " :‬عذت بعظيم ‪ ،‬القي بأهلك " وف‬
‫الصحيحي وغيها ف حديث تلف كعب بن مالك لا قيل له ‪ " :‬رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬يأمرك أن تعتزل امرأتك ‪ ،‬فقال ‪ :‬أطلقها أم ماذا أفعل ؟ ! قال ‪ :‬بل‬
‫اعتزلا ‪ .‬فل تقربنها ‪ ،‬فقال لمرأته ‪ :‬القي بأهلك " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬بداية الجتهد‬
‫ج‍ ‪ 2‬ص ‪ ) 2 ( . 70‬إذ أن البينونة معناها البعد والفارقة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 255‬‬
‫فأفاد الديثان ‪ ،‬أن هذه اللفظة تكون طلقا مع القصد ‪ ،‬ول تكون طلقا مع عدمه ‪.‬‬
‫وقد جرى عليه العمل الن ‪ ،‬حيث جاء ف القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬ف الادة‬
‫الرابعة منه ‪ " :‬كنايات الطلق ‪ :‬وهي ما تتمل الطلق أو غيه ل يقع با الطلق إل‬
‫بالنية " ‪ .‬أما مذهب الحناف ‪ :‬فإنه يرى أن كنايات الطلق يقع با الطلق بالنية ‪،‬‬
‫وأنه يقع با أيضا الطلق بدللة الال ‪ .‬ول يأخذ القانون ‪ ،‬بذهب الحناف ف‬
‫الكتفاء بدللة الال ‪ ،‬بل اشترط أن ينوي الطلق بالكناية الطلق ‪ .‬هل تري الرأة‬
‫يقع طلقا ؟ إذا حرم الرجل امرأته ‪ ،‬فإما أن يريد بالتحري تري العي ‪ ،‬أو يريد‬
‫الطلق بلفظ التحري غي قاصد لعن اللفظ ‪ ،‬بل قصد التسريح ‪ :‬ففي الالة الول ‪،‬‬

‫‪187‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل يقع الطلق ‪ ،‬لا أخرجه الترمذي عن عائشة ‪ ،‬رضي ال عنها ‪ ،‬قالت ‪ ( :‬آل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم من نسائه ‪ ،‬فجعل الرام ( ‪ ) 1‬حلل ‪ .‬وجعل ف‬
‫اليمي كفارة ) ‪ .‬وف صحيح مسلم عن ابن عباس ‪ ،‬رضي ال عنهما ‪ ،‬قال ‪ ( :‬إذا‬
‫حرم الرجل امرأته ‪ ،‬فهي يي يكفرها ‪ .‬ث قال ‪ ( :‬لقد كان لكم ف رسول ال أسوة‬
‫حسنة ) ‪ .‬وأخرج النسائي عنه ‪ " :‬أنه أتاه رجل فقال ‪ :‬إن جعلت امرأت علي حراما‬
‫فقال ‪ :‬كذبت ‪ ،‬ليست عليك حرام ‪ ،‬ث تل هذه الية ‪ " :‬يأيها النب ل ترم ما أحل‬
‫ال لك ‪ .‬تبتغي مرضاة أزواجك وال غفور ( هامش ) ( ‪ ) 1‬جعل الشئ الذي حرمه‬
‫حلل بعد تريه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 256‬رحيم ‪ .‬قد فرض ال لكم تلة أيانكم (‬
‫‪ . " ) 1‬عليك أغلظ الكفارة ‪ :‬عتق رقبة " ‪ .‬وف الالة الثانية ‪ :‬يقع الطلق ‪ ،‬لن‬
‫لفظ التحري كناية كسائر الكنايات ‪ .‬اللف بأيان السلمي من حلف بأيان السلمي‬
‫ث حنث ‪ ،‬فإنه يلزمه كفارة يي عند الشافعية ‪ ،‬ول يلزمه طلق ولغيه ‪ .‬ول يرد عن‬
‫مالك فيه شئ وإنا اللف فيه للمتأخرين من الالكيه فقيل ‪ :‬يلزمه الستغفار فقط ‪،‬‬
‫والشهور الفت به عندهم ‪ :‬أنه يلزمه كل ما اعتيد اللف به من السلمي ‪ .‬وقد جرى‬
‫العرف ف مصر أن يكون اللف العتاد بال وبالطلق ‪ ،‬وعليه فيلزم من حلف بأيان‬
‫السلمي ث حنث كفارة يي وبت من يلك عصمتها ول يلزمه مشي إل مكة ول‬
‫صيام ‪ ،‬كما كان ف العصور الول ‪ ،‬لعدم من يلف بذلك الن ‪ ،‬وقال البري ‪:‬‬
‫يلزمه الستغفار فقط ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يلزمه كفارة يي كما يرى الشافعية ‪ .‬وهذا اللف‬
‫عند الالكية إذا ل ينو طلقا ‪ ،‬فإن نوى طلقا وحنث لزمه اليمي عندهم ‪ .‬ونن نرى‬
‫ترجيح رأي البري وأن من حلف بذلك ل يلزمه إل أن يستغفر له‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 256‬‬
‫إلطلق بالكتابة ‪ .‬والكتابة يقع با الطلق ‪ ،‬ولو كان الكاتب قادرا على النطق ‪ ،‬فكما‬
‫أن للزوج أن يطلق زوجته باللفظ ‪ ،‬فله أن يكتب إليها الطلق ‪ .‬واشترط الفقهاء ‪:‬‬
‫أن تكون الكتابة مستبينة مرسومة ‪ .‬ومعن كونا مستبينة ‪ :‬أي بينة واضحة بيث تقرأ‬
‫ف صحيفة ونوها ‪ .‬ومعن كونا مرسومة ‪ :‬أي مكتوبة بعنوان الزوجة بأن يكتب إليها‬

‫‪188‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ :‬يا فلنة ‪ ،‬أنت طالق ‪ ،‬فإذا ل يوجه الكتابة إليها بأن كتب على ورقة ‪ :‬أنت ( هامش‬
‫) ( ‪ ) 1‬هذه الية مصرحة بأن التحري يي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 257‬طالق ‪ ،‬أو‬
‫زوجت طالق ‪ ،‬فل يقع الطلق إل بالنية ‪ ،‬لحتمال أنه كتب هذه العبارة من غي أن‬
‫يقصد إل الطلق ‪ .‬وإنا كتبها لتحسي خطه مثل ‪ .‬اشارة الخرس الشارة بالنسبة‬
‫للخرس أداة تفهيم ‪ ،‬ولذا تقوم مقام اللفظ ف إيقاع الطلق إذا أشار إشارة تدل على‬
‫قصده ف إناء العلقة الزوجية ‪ .‬واشترط بعض الفقهاء أل يكون عارفا الكتابة‬
‫ولقادرا عليها ‪ .‬فإذا كان عارفا بالكتابة وقادرا عليها ‪ ،‬فل تكفي الشارة ‪ ،‬لن‬
‫الكتابة أدل على القصود ‪ ،‬فل يعدل عنها إل الشارة إل لضرورة العجز عنها ‪.‬‬
‫ارسال رسول ويصح الطلق بإرسال رسول ليبلغ الزوجة الغائبة بأنا مطلقة ‪،‬‬
‫والرسول يقوم ف هذه الالة مقام الطلق ويضي طلقه ‪ .‬الشهاد على الطلق ذهب‬
‫جهور الفقهاء من السلف واللف إل أن الطلق يقع بدون إشهاد ‪ ،‬لن الطلق من‬
‫حقوق الرجل ( ‪ ، ) 1‬وليتاج إل بينة كي يباشر ‪ ،‬حقه ‪ ،‬ول يرد عن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ولعن الصحابة ‪ ،‬ما يدل على مشروعية الشهاد ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫الطلق حق من حقوق الزوج ‪ ،‬وقد جعله ال بيده ول يعل ال لغيه حقا فيه ‪ .‬قال‬
‫ال تعال ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم الؤمنات ث طلقتموهن " ‪ .‬وقال ‪ " :‬إذا‬
‫طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بعروف أو فارقوهن بعروف " ‪ .‬قال ابن القيم‬
‫‪ :‬فجعل الطلق لن نكح لن له المساك وهو الرجعة ‪ .‬وعن ابن عباس قال ‪ :‬أتى‬
‫النب صلى ال عليه وسلم رجل فقال يا رسول ال ‪ :‬سيدي زوجن أمته ‪ ،‬وهو يريد‬
‫أن يفرق بيي وبينها ‪ ،‬قال ‪ :‬فصعد رسول ال صلى ال عليه وسلم النب فقال ‪ :‬يا أيها‬
‫الناس ‪ :‬ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ث يريد أن يفرق بينهما ‪ :‬إنا الطلق لن أخذ‬
‫بالساق " ‪ .‬رواه ابن ماجه ‪ .‬وقد تقدمت حكمة ذلك ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 258‬‬
‫وخالف ف ذلك فقهاء الشيعة المامية فقالوا ‪ :‬إن الشهاد شرط ف صحة الطلق ‪،‬‬
‫واستدلوا بقول ال سبحانه ف سورة الطلق ‪ " :‬وأشهدوا ذوي عدل منكم ‪ ،‬وأقيموا‬
‫الشهادة ل " ‪ .‬فذكر الطبسي ‪ :‬أن الظاهر أنه أمر بالشهاد على الطلق ‪ ،‬وأنه‬
‫مروي عن أئمة أهل البيت رضوان ال عليهم أجعي ‪ ،‬وأنه للوجوب وشرط ف صحة‬

‫‪189‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطلق ( ‪ : ) 1‬من ذهب إل وجوب الشهاد على الطلق وعدم وقوعه بدون بينة ‪:‬‬
‫ومن ذهب إل وجوب الشهاد واشتراطه لصحته من الصحابة ‪ :‬أمي لؤمني علي بن‬
‫أب طالب ‪ ،‬وعمران بن حصي ‪ ،‬رضي ال عنهما ‪ ،‬ومن التابعي ‪ :‬المام ممد الباقر ‪،‬‬
‫والمام جعفر الصادق ‪ ،‬وبنوها أئمة آل البيت رضوان ال عليهم ‪ ،‬وكذلك عطاء ‪،‬‬
‫وابن جريج ‪ ،‬وابن سيين رحهم ال " ففي جواهر الكلم " عن علي رضي ال عنه ‪،‬‬
‫أنه قال لن سأله عن طلق ‪ " :‬أشهدت رجلي عدلي كما أمر ال عزوجل ؟ قال ‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬قال اذهب فليس طلقك بطلق " ‪ .‬وروى أبو داود ف سننه عن عمران بن‬
‫حصي رضي ال عنه ‪ ،‬أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ‪ ،‬ث يقع با ‪ ،‬ول يشهد على‬
‫طلقها ول على رجعتها فقال ‪ " :‬طلقت لغي سنة ‪ ،‬وراجعت لغي سنة ‪ ،‬أشهد على‬
‫طلقها وعلى رجعتها ‪ ،‬ول تعد " ‪ .‬وقد تقرر ف الصول ‪ :‬أن قول الصحاب ‪ ،‬من‬
‫السنة كذا ‪ ،‬ف حكم الرفوع إل النب صلى ال عليه ول على الصحيح ‪ ،‬لن مطلق‬
‫ذلك إنا ينصرف بظاهرة إل من يب اتباع سنته ‪ ،‬وهو رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ولن مقصود الصحاب بيان الشرع ل اللغة والعادة كما بسط ف موضعه ‪.‬‬
‫وأخرج الافظ السيوطي ف الدر النثور ف تفسي آية ‪ " :‬فإذا بلغن أجلهن ( هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬تفسي اللوسي سورة الطلق ‪ ،‬ويراجع أصل الشيعة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 259‬‬
‫فأمسكوهن بعروف أو فارقوهن بعروف ‪ ،‬وأشهدوا ذوي عدل منكم " ‪ .‬وعن عبد‬
‫الرزاق عن ابن سيين أن رجل سأل عمران بن حصي ‪ ،‬عن رجل طلق ول يشهد ‪،‬‬
‫وراجع ول يشهد ‪ .‬قال ‪ :‬بئس ما صنع ‪ ،‬طلق لبدعة ‪ ،‬وراجع لغي سنة ‪ ،‬فليشهد‬
‫على طلقه وعلى مراجعته ‪ ،‬وليستغفر ال ‪ .‬فإنكار ذلك من عمران ‪ ،‬رضي ال عنه ‪،‬‬
‫والتهويل فيه وأمره بالستغفار لعده إياه معصية ‪ ،‬ما هو إل لوجوب الشهاد عنده ‪،‬‬
‫رضي ال عنه كما هو ظاهر ‪ .‬وف كتاب " الوسائل " عن المام أب جعفر الباقر ‪،‬‬
‫عليه رضوان ال ‪ ،‬قال ‪ :‬الطلق الذي أمر ال عز وجل به ف كتابه ‪ ،‬والذي سن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أن يلي الرجل عن الرأة ‪ ،‬إذا حاضت وطهرت من‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 259‬‬

‫‪190‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ميضها ‪ ،‬أشهد رجلي عدلي على تطليقه ‪ ،‬وهي طاهر من غي جاع ‪ ،‬وهو أحق‬
‫برجعتها ما ل تنقض ثلثة قروء ‪ ،‬وكل طلق ما خل هذا فباطل ‪ ،‬ليس بطلق ‪ .‬وقال‬
‫جعفر الصادق رضي ال عنه ‪ :‬من طلق بغي شهود فليس بشئ قال السيد الرتضى ف‬
‫كتاب " النتصار " ‪ :‬حجة المامية ف القول ‪ :‬بأن شهادة عدلي شرط ف وقوع‬
‫الطلق ‪ ،‬ومت فقد ل يقع الطلق ‪ .‬لقوله تعال ‪ " :‬وأشهدوا ذوي عدل منكم " ‪.‬‬
‫فأمر تعال بالشهاد ‪ ،‬وظاهر المر ف عرف الشرع يقتضى الوجوب ‪ ،‬وحل ما ظاهره‬
‫الوجوب على الستحباب خروج عن عرف الشرع بل دليل ‪ .‬وأخرج السيوطي ف "‬
‫الدر النثور " عن عبد الرزاق وعبد بن حيد عن عطاء ‪ ،‬قال ‪ :‬النكاح بالشهود ‪،‬‬
‫والطلق بالشهود ‪ ،‬والراجعة بالشهود ‪ .‬وروى المام ابن كثي ف تفسيه عن ابن‬
‫جريج ‪ :‬أن عطاء كان يقول ف قوله تعال ‪ " :‬وأشهدوا ذوي عدل منكم " ‪ .‬قال ‪ :‬ل‬
‫يوز ف نكاح ول طلق ول إرجاع إل شاهدا عدل ‪ ،‬كما قال ال عز وجل ‪ ،‬إل من‬
‫عذر ‪ / .‬صفحة ‪ / 260‬فقوله ‪ :‬ل يوز ‪ ،‬صريح ف وجوب الشهاد على الطلق‬
‫عنده ‪ ،‬رضي ال عنه ‪ ،‬لساواته له بالنكاح ‪ ،‬ومعلوم ما اشترط فيه من البينة ‪ .‬إذا تبي‬
‫لك ‪ ،‬أن وجوب الشهاد على الطلق ‪ ،‬هو مذهب هؤلء الصحابة والتابعي‬
‫الذكورين ‪ ،‬تعلم أن دعوى الجاع على ندبه الأثورة ف بعض كتب الفقه ‪ ،‬مراد با‬
‫الجاع الذهب ل الجاع الصول الذي حده ‪ -‬كما ف " الستصفى " ‪ -‬اتفاق أمة‬
‫ممد ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬خاصة على أمر من المور الدينية ‪ ،‬لنتقاضه ‪ ،‬بلف‬
‫من ذكر من الصحابة والتابعي ‪ ،‬ومن بعدهم من الجتهدين ‪ .‬وتبي ما نقلناه قبل عن‬
‫السيوطي وابن كثي ‪ :‬أن وجوب الشهاد ل ينفرد به علماء آل البيت عليهم السلم ‪،‬‬
‫كما نقله السيد مرتضى ف كتاب " النتصار " ‪ ،‬بل هو مذهب عطاء وابن سيين ‪،‬‬
‫وابن جريج ‪ ،‬كما أسلفنا ‪ .‬التنجيز والتعليق صيغة الطلق ‪ :‬إما أن تكون منجزة ‪،‬‬
‫وإما أن تكون معلقة ‪ ،‬وإما أن تكون مضافة إل مستقبل ‪ .‬فالنجزة ‪ :‬هي الصيغة الت‬
‫ليست معلقة على شرط ‪ ،‬ول مضافة إل زمن مستقبل ‪ ،‬بل قصد با من أصدرها‬
‫وقوع الطلق ف الال ‪ ،‬كأن يقول الزوج لزوجته ‪ :‬أنت طالق ‪ .‬وحكم هذا‬
‫الطلق ‪ ،‬أنه يقع ف الال مت صدر من أهله ‪ ،‬وصادف مل له ‪ .‬وأما العلق ‪ :‬وهو ما‬

‫‪191‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جعل الزوج فيه حصول الطلق معلقا على شرط ‪ ،‬مثل أن يقول الزوج لزوجته ‪ :‬إن‬
‫ذهبت إل مكان كذا ‪ ،‬فأنت طالق ‪ .‬ويشترط ف صحة التعليق ‪ ،‬ووقوع الطالق به‬
‫ثلثة شروط ‪ ( :‬الول ) أن يكون على أمر معدوم ‪ ،‬ويكن أن يوجد بعد ‪ ،‬فإن كان‬
‫على أمر موجود فعل ‪ ،‬حي صدور الصيغة مثل أن يقول ‪ :‬إن طلع النهار فأنت‬
‫طالق ‪ ،‬والواقع أن النهار قد طلع فعل ‪ -‬كان ذلك تنجيزا وإن جاء ف صورة التعليق‬
‫‪ / .‬صفحة ‪ / 261‬فإن كان تعليقا على أمر مستحيل كان لغوا ‪ ،‬مثل إن دخل المل‬
‫ف سم الياط فأنت طالق ‪ ( .‬الثان ) أن تكون الرأة حي صدور العقد مل للطلق‬
‫بأن تكون ف عصمته ‪ ( .‬الثالث ) أن تكون كذلك حي حصول العلق عليه ‪ .‬والتعليق‬
‫قسمان ‪ ( :‬القسم الول ) يقصد به ما يقصد من القسم للحمل على الفعل أو الترك‬
‫أو تأكيد الب ‪ ،‬ويسمى التعليق القسمي ‪ ،‬مثل أن يقول لزوجته ‪ :‬إن خرجت فأنت‬
‫طالق ‪ ،‬مريدا بذلك منعها من الروج إذا خرجت ‪ ،‬ل إيقاع الطلق ‪ ( .‬القسم‬
‫الثان ) ويكون القصد منه إيقاع الطلق عند حصول الشرط ‪ .‬ويسمى التعليق‬
‫الشرطي ‪ ،‬مثل أن يقول لزوجته ‪ ( :‬إن أبرأتن من مؤخر صداقك فأنت طالق ) ‪.‬‬
‫وهذا التعليق بنوعيه واقع عند جهور العلماء ‪ .‬ويرى ابن حزم أنه غي واقع ‪ .‬وفصل‬
‫ابن تيمية وابن القيم ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن الطلق العلق الذي فيه معن اليمي غي واقع ‪.‬‬
‫وتب فيه كفارة اليمي إذا حصل الحلوف عليه ‪ .‬وهي إطعام عشرة مساكي ‪ ،‬أو‬
‫كسوتم ‪ ،‬فإن ل يد فصيام ثلثة أيام ‪ .‬وقال ف الطلق الشرطي ‪ :‬إنه واقع عند‬
‫حصول العلق عليه ‪ .‬قال ابن تيمية ‪ :‬واللفاظ الت يتكلم با الناس ف الطلق ثلثة‬
‫أنواع ‪ ( :‬الول ) صيغة التنجيز والرسال ‪ ،‬كقوله ‪ :‬أنت طالق فهذا يقع به الطلق ‪،‬‬
‫وليس بلف ‪ ،‬ول كفارة فيه اتفاقا ‪ ( .‬الثان ) صيغة تعليق ‪ ،‬كقوله ‪ :‬الطلق يلزمن‬
‫لفعلن هذا ‪ ،‬فهذا يي باتفاق أهل اللغة ‪ ،‬واتفاق طوائف العلماء ‪ ،‬واتفاق العامة ‪.‬‬
‫( الثالث ) صيغة تعليق كقوله ‪ :‬إن فعلت كذا فامرأت طالق ‪ ،‬فهذا إن قصد به‬
‫اليمي ‪ ،‬وهو يكره وقوع الطلق كما يكره النتقال عن دينه فهو يي ‪ ،‬حكمه حكم‬
‫الول ‪ ،‬الذي هو صيغة القسم باتفاق الفقهاء ‪ .‬وإن كان يريد وقوع الزاء عند‬
‫الشرط ل يكن حالفا ‪ ،‬كقوله ‪ :‬إن ‪ /‬صفحة ‪ / 262‬أعطيتن ألفا فأنت طالق ‪ ،‬وإذا‬

‫‪192‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫زنيت فأنت طالق ‪ ،‬وقصد إيقاع الطلق عند وقوع الفاحشة ‪ ،‬ل مرد اللف عليها ‪،‬‬
‫فهذا ليس بيمي ‪ ،‬ول كفارة ف هذا عند أحد من الفقهاء فيما علمناه ‪ ،‬بل يقع به‬
‫الطلق ‪ .‬إذا وجد الشرط ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 262‬‬
‫وأما ما يقصد به الض ‪ ،‬أو النع ‪ ،‬أو التصديق ‪ ،‬أو التكذيب ‪ ،‬بالتزامه عند الخالفة‬
‫ما يكره وقوعه ‪ ،‬سواء كان بصيغة القسم ‪ ،‬أو الزاء ‪ ،‬فهو يي عند جيع الق من‬
‫العرب وغيهم ‪ .‬وإن كان يينا فليس لليمي إل حكمان ‪ :‬إما أن تكون منعقدة فتكفر‬
‫‪ ،‬وإما أن ل تكون منعقدة ‪ ،‬كاللف بالخلوقات فل تكفر ‪ ،‬وأما أن تكون يينا‬
‫منعقدة مترمة غي مكفرة ‪ ،‬فهذا حكم ليس ف كتاب ال ‪ ،‬ول سنة رسوله صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ول يقوم عليه دليل ‪ .‬ما عليه العمل الن ‪ :‬وما جرى عليه العمل الن‬
‫ف الطلق العلق هو ما تضمنته الادة الثانية من القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬ونصها‬
‫‪ ( :‬ل يقع الطلق غي النجز إذا قصد به المل على فعل شئ أو تركه ل غي ) ‪.‬‬
‫وجاء ف الذكرة اليضاحية لذا الادة ‪ " :‬إن الشرع أخذ ف إلغاء اليمي بالطلق‬
‫برأي بعض علماء النفية والالكية والشافعية ‪ ،‬وإنه أخذ ف إلغاء العلق الذي ف معن‬
‫اليمي برأي علي بن أب طالب ‪ ،‬كرم ال وجهه ‪ ،‬وشريح القاضي ‪ ،‬وداود الظاهري‬
‫وأصحابه " ‪ .‬وأما الصيغة الضافة إل مستقبل ‪ :‬فهي ما اقترنت بزمن ‪ ،‬بقصد وقوع‬
‫الطلق فيه ‪ ،‬مت جاء ‪ ،‬مثل أن يقول الزوج لزوجته ‪ :‬أنت طالق غدا ‪ ،‬أو إل رأس‬
‫السنة ‪ ،‬فإن الطلق يقع ف الغد أو عند رأس السنة إذا كانت الرأة ف مكله عند‬
‫حلول الوقت الذي أضاف الطلق إليه ‪ .‬وإذا قال لزوجته ‪ :‬أنت طالق إل سنة ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 263‬قال أبو حنيفة ومالك ‪ :‬تطلق ف الال ‪ .‬وقال الشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ :‬ل‬
‫يقع الطلق حت تنسلخ السنة ‪ .‬وقال ابن حزم ‪ :‬من قال ‪ :‬إذا جاء رأس الشهر فأنت‬
‫طالق ‪ .‬أو ذكر وقتا فل تكون طالقا بذلك ‪ .‬ل الن ‪ .‬ول إذا جاء رأس الشهر ‪.‬‬
‫برهان ذلك ‪ :‬أنه ل يأت قرآن ول سنة بوقوع الطارى بذلك ‪ ،‬وقد علمنا ال الطلق‬
‫على الدخول با ‪ ،‬وف غي الدخول با ‪ ،‬وليس هذا فيما علمنا ‪ " .‬ومن يتعد حدود‬

‫‪193‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال فقد ظلم نفسه " ‪ .‬وأيضا ‪ ،‬فإن كان كل طلق ل يقع حي إيقاعه ‪ ،‬فمن الحال‬
‫أن يقع بعد ذلك ف حي ل يوقعه فيه ‪ .‬الطلق السن والبدعي ينقسم الطلق إل‬
‫طلق سي ‪ ،‬وطلق بدعي ‪ .‬طلق السنة ‪ :‬فطلق السنة ‪ :‬هو الواقع على الوجه‬
‫الذي ندب إليه الشرع ‪ ،‬وهو أن يطلق الزوج الدخول با طلقة واحدة ‪ ،‬ف طهر ل‬
‫يسسها فيه ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬الطلق مرتان ‪ ،‬فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان‬
‫" أي أن الطلق الشروع يكون مرة يعقبها رجعة ‪ ،‬ث مرة ثانية يعقبها رجعة كذلك ‪،‬‬
‫ث إن الطلق بعد ذلك له اليار ‪ ،‬بي أن يسكها بعروف ‪ ،‬أو يفارقها بإحسان ‪.‬‬
‫ويقول ال تعال ‪ " :‬يأيها النب إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتن " ‪ .‬أي إذا أردت‬
‫تطليق النساء ‪ ،‬فطلقوهن مستقبلت العدة ‪ ،‬وإنا تستقبل الطلقة العدة إذا طلقها بعد‬
‫أن تطهر من حيض ‪ ،‬أو نفاس ‪ ،‬وقبل أن يسها ‪ .‬وحكمة ذلك أن الرأة إذا طلقت‬
‫وهي حائض ل تكن ف هذا الوقت مستقبلة العدة ‪ ،‬فتطول عليها العدة ‪ .‬لن بقية‬
‫اليض ل يسب منها وفيه إضرار با ‪ .‬وإن طلقت ف طهر مسها فيه ‪ ،‬فإنا ل تعرف‬
‫هل حلت أو ل تمل ‪ / ،‬صفحة ‪ / 264‬فل تدري ب تعتد ‪ ،‬أتعتد بالقراء أم بوضع‬
‫المل ؟ وعن نافع بن عبد ال بن عمر رضي ال عنه ‪ " :‬أنه طلق امرأته وهي حائض ‪،‬‬
‫على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فسأل عمر بن الطاب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم عن ذلك فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " .‬مره فلياجعها ‪ ،‬ث‬
‫ليمسكها حت تطهر ‪ ،‬ث تيض ‪ ،‬ث تطهر ‪ ،‬ث إن شاء أمسك بعد ذلك ‪ ،‬وإن شاء‬
‫طلق قبل أن يس ‪ ،‬فتلك العدة الت أمر ال سبحانه أن تطلق لا النساء " ‪ .‬وف رواية‬
‫‪ :‬أن ابن عمر رضي ال عنه ‪ ،‬طلق امرأة له ‪ ،‬وهي حائض ‪ ،‬تطليقة ‪ ،‬فذكر ذلك عمر‬
‫للنب صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فقال ‪ " :‬مره فلياجعها ‪ ،‬ث ليطلقها إذا طهرت ‪ ،‬أو وهي‬
‫حامل " ‪ .‬أخرجه النسائي ومسلم وابن ماجه وأبو داود ‪ .‬وظاهر هذه الرواية أن‬
‫الطلق ف الطهر الذي يعقب اليضة الت وقع فيها الطلق يكون طلق سنة ‪ ،‬ل‬
‫بدعة ‪ .‬وهذا مذهب أب حنيفة وإحدى الروايتي عن أحد ‪ ،‬وأحد الوجهي عن‬
‫الشافعي ‪ ،‬واستدلوا بظاهر الديث وبأن النع إنا كان لجل اليض ‪ ،‬فإذا طهرت‬
‫زال موجب التحري ‪ .‬فجاز الطلق ف ذلك الطهر كما يوز ف غيه من الطهار ‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولكن الرواية الول الت فيها " ث يسكها حت تطهر ث تيض فتطهر " متضمنة لزيادة‬
‫يب العمل با قال صاحب الروضة الندية ‪ " :‬وهي أيضا ف الصحيحي " ‪ .‬فكانت‬
‫أرجح من وجهي ‪ .‬وهذا مذهب أحد ف إحدى الروايتي عنه ‪ .‬والشافعي ف الوجه‬
‫الخر ‪ ،‬وأب يوسف وممد ‪ .‬الطلق البدعي ‪ :‬أما الطلق البدعي ‪ ،‬فهو الطلق‬
‫الخالف للمشروع ‪ :‬كأن يطلقها ثلثا بكلمة واحدة ‪ ،‬أو يطلقها ثلثا متفرقات ف‬
‫ملس واحد ‪ ،‬كأن يقول ‪ :‬أنت ‪ /‬صفحة ‪ / 265‬طالق ‪ ،‬أنت طالق ‪ ،‬أنت طالق ‪ .‬أو‬
‫يطلقها ف حيض أو نفاس ‪ ،‬أو ف طهر جامعها فيه ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 265‬‬
‫وأجع العلماء على أن الطلق البدعي حرام ‪ ،‬وأن فاعله آث ‪ .‬وذهب جهور العلماء‬
‫إل أنه يقع ‪ ،‬واستدلوا بالدلة التية ‪ - 1 :‬أن الطلق البدعي ‪ ،‬مندرج تت اليات‬
‫العامة ‪ - 2 .‬تصريح ابن عمر رضي ال عنه ‪ ،‬لا طلق امرأته وهي حائض ‪ ،‬وأمر‬
‫الرسول ال صلى ال عليه وسلم براجعتها ‪ ،‬بأنا حسبت تلك الطلقة ‪ .‬وذهب بعض‬
‫العلماء ( ‪ ) 1‬إل أن الطلق البدعي ل يقع ( ‪ . ) 2‬ومنعوا اندراجه تت العمومات ‪،‬‬
‫لنه ليس من الطلق الذي أذن ال به ‪ ،‬بل هو من الطلق الذي أمر ال بلفه ‪ .‬فقال‬
‫‪ " :‬فطلقوهن لعدتن " ‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم لبن عمر رضي ال عنه ‪ " :‬مره‬
‫فلياجعها " وصح أنه غضب عندما بلغه ذلك ‪ ،‬وهو ل يغضب ما أحله ال ‪ .‬وأما‬
‫قول ابن عمر ‪ :‬إنا حسبت ‪ ،‬فلم يبي من الاسب لا ‪ ،‬بل أخرج عند أحد وأبو داود‬
‫والنسائي ‪ " :‬أنه طلق امرأته وهي حائض ‪ .‬فردها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫ول يرها شيئا ‪ " .‬وإسناد هذه الرواية صحيح ‪ ،‬ول يأت من تكلم عليها بطائل ‪ .‬وهي‬
‫مصرحة بأن الذي ل يرها شيئا هو رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فل يعارضها قول‬
‫ابن عمر رضي ال عنه ‪ .‬لن الجة ف روايته ل ف رأيه ‪ .‬وأما الرواية بلفظ " مره‬
‫فلياجعها " ويعتد بتطليقة ‪ .‬فهذه لو صحت لكانت حجة ظاهرة ولكنها ل تصح كما‬
‫جزم به ابن القيم ف الدي ‪ .‬وقد روى ف ذلك روايات ف أسانيدها ماهيل‬
‫وكذابون ‪ ،‬ل تثبت الجة بشئ منها ‪ .‬والاصل ‪ :‬ان التفاق كائن على أن الطلق‬

‫‪195‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الخالف لطلق السنة يقال له ‪ :‬طلق بدعة ‪ .‬وقد ثبت عنه صلى ال عليه وسلم ‪" :‬‬
‫أن كل بدعة ضللة " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬منهم ابن علية ‪ ،‬من السلف ‪ .‬وابن تيمية‬
‫وابن حزم وابن القيم ‪ ) 2 ( .‬هذا ملخص ما قاله صاحب الروضة الندبة ج ‪ 7‬ص‬
‫‪ / ) . ( . 49‬صفحة ‪ / 266‬ول خلف أيضا ‪ ،‬أن هذا الطلق مالف لا شرعه ال‬
‫ف كتابه ‪ ،‬وبيسه رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حديث ابن عمر ‪ -‬وما خالف ما‬
‫شرعه ال ورسوله ‪ ،‬فهو رد ‪ ،‬لديث عائشة رضي ال عنها ‪ :‬أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " هو حديث متفق عليه ‪ .‬فمن زعم‬
‫أن هذه البدعة ‪ ،‬يلزم حكمها ‪ ،‬وأن هذا المر الذي ليس من أمره صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬يقع من فاعله ومقيد به ‪ ،‬ل يقبل منه ذلك إل بدليل ‪ .‬من ذهب إل أن طلق‬
‫البدعة ل يقع ‪ :‬وذهب إل هذا ‪ - 1 :‬عبد ال بن معمر ‪ - 2 .‬سعيد بن السيب ‪3 .‬‬
‫‪ -‬طاووس ‪ :‬من أصحاب ابن عباس ‪ .‬وبه قال خلس بن عمرو ‪ ،‬وأبو قلبة من‬
‫التابعي ‪ .‬وهو اختيار المام ابن عقيل من أئمة النابلة وأئمة آل البيت ‪ .‬والظاهرية‬
‫وأحد الوجهي ف مذهب المام أحد ‪ ،‬واختاره ابن تيمية ‪ .‬طلق الامل ‪ :‬يوز طلق‬
‫الامل ف أي وقت شاء ‪ .‬لا أخرجه مسلم ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه ‪ :‬أن‬
‫ابن عمر طلق امرأة له وهي حائض تطليقة ‪ ،‬فذكر ذلك عمر للنب ‪ ،‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ :‬فقال ‪ " :‬مره فلياجعها ‪ ،‬ث ليطلقها إذا طهرت ‪ ،‬أو وهي حامل " ‪ .‬وإل هذا‬
‫ذهب العلماء ‪ .‬إل أن الحناف اختلفوا فيها ‪ :‬فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ‪ :‬يعل بي‬
‫وقوع التطليقتي شهرا حت يستوف الطلقات الثلث ‪ .‬وقال ممد وزفر ‪ :‬ل يوقع‬
‫عليها وهي حامل أكثر من تطليقة واحدة ويتركها حت تضع حلها ‪ :‬ث يوقع سائر‬
‫التطليقات ( ‪ ( . ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ص ‪ 94‬متصر السنن الزء الثالث ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 267‬طلق اليسة ‪ ،‬والصغية والنقطعة اليض ‪ :‬طلق هؤلء إنا يكون‬
‫للسنة إذا كان طلق واحدا ‪ ،‬ول يشترط له شرط آخر ‪ ،‬غي ذلك ‪ .‬عدد الطلقات‬
‫وإذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلث طلقات ‪ .‬واتفق العلماء على انه على‬
‫الزوج أن يطلقها ثلثا بلفظ واحد ‪ .‬أو بألفاظ متتابعة ف طهر واحد ‪ .‬وعللوا ذلك‬
‫بأنه إذا أوقع الطلقات الثلث ‪ ،‬فقد سد باب التلف والتدارك عند الندم ‪ ،‬وعارض‬

‫‪196‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشارع ‪ ،‬لنه جعل الطلق متعددا لعن التدارك عند الندم ‪ ،‬وفل عن ذلك ‪ ،‬فإن‬
‫الطلق ثلثا قد أضر بالرأة من حيث أبطل مليتها بطلقه هذا ‪ .‬وقد روى النسائي من‬
‫حديث ممود بن لبيد قال ‪ " :‬أخبنا رسول ال صلى ال عليه وسلم عن رجل طلق‬
‫امرأته بثلث تطليقات جيعا ‪ ،‬فقام غضبان ‪ .‬فقال ‪ :‬أيلعب بكتاب ال وأنا بي‬
‫أظهركم ‪ ،‬حت قام رجل فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ :‬أفل أقتلة " ‪ .‬قال ابن القيم ف إغاثة‬
‫اللهفان ‪ ( :‬فجعله لعبا بكتاب ال ) لكونه خالف وجه الطلق وأراد به غي ما أراد‬
‫ال به ‪ ،‬فإنه تعال أراد أن يطلق طلقا يلك فيه رد الرأة إذا شاء ‪ ،‬فطلق طلقا يريد به‬
‫أل يلك فيه ردها ‪ .‬وأيضا فإن إيقاع الثلث دفعة مالف لقول ال تعال ‪ ( :‬الطلق‬
‫مرتان ) ‪ .‬والرتان والرات ف لغة القرآن والسنة ‪ ،‬بل ولغة العرب ‪ ،‬بل ولغة سائر‬
‫المم ‪ ،‬لا كان مرة بعد مرة ‪ .‬فإذا جع الرتي والرات ف مرة واحدة فقد تعدى حدود‬
‫ال تعال ‪ ،‬وما دل عليه كتابه ‪ .‬فكيف إذا أراد باللفظ الذي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 267‬‬
‫رتب عليه الشارع حكما ضد ما قصده الشارع ؟ ‪ .‬ا ه‍ ‪ .‬وإذا كانوا قد اتفقوا على‬
‫الرمة ‪ ،‬فإنم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلثا بلفظ واحد ‪ .‬هل يقع أم ل ؟ ‪ .‬وإذا كان‬
‫يقع فهل يقع واحدة أم ثلثا ؟ ‪ / .‬صفحة ‪ / 268‬فذهب جهور العلماء إل أنه يقع (‬
‫‪ . ) 1‬ويرى بعضهم عدم وقوعه ‪ ،‬والذين رأوا وقوعه ‪ ،‬اختلفوا ‪ :‬فقال بعضهم ‪ :‬إنه‬
‫يقع ثلثا ‪ .‬وقال بعضهم ‪ :‬يقع واحدة فقط ‪ .‬وفرق بعضهم فقال ‪ :‬إن كانت الطلقة‬
‫مدخول با وقع الثلث ‪ ،‬وإن ل تكن مدخول با فواحدة ‪ .‬استدل القائلون بأنه يقع‬
‫ثلثا بالدلة التية ‪ - 1 :‬قول ال تعال ‪ " :‬فإن طلقها ‪ ،‬فل تل له من بعد حت تنكح‬
‫زوجا غيه " ‪ - 2 .‬قول ال تعال ‪ " :‬وإن طلقتموهن من قبل أن تسوهن وقد‬
‫فرضتم لن فريضة ‪ - 3 " .‬وقول ال تعال ‪ " :‬ل جناح عليكم إن طلقتم النساء ‪" .‬‬
‫فظواهر هذه اليات تبي صحة إيقاع الواحدة والثنتي والثلث ‪ .‬لنا ل تفرق بي‬
‫إيقاعه واحدة أو ثنتي ‪ ،‬أو ثلثا ‪ - 4 .‬وقول ال تعال ‪ " :‬الطلق مرتان ‪ ،‬فإمساك‬
‫بعروف أو تسريح بإحسان " ‪ .‬فظاهر هذه الية جواز إطلق الثلث ‪ ،‬أو الثنتي دفعة‬

‫‪197‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن مفرقة ‪ ،‬ووقوعه ‪ - 5 .‬حديث سهل بن سعد ‪ ،‬قال ‪ ( :‬لا ل عن أخو بن عجلن‬
‫امرأته ‪ ،‬قال ‪ :‬يا رسول ال ظلمتها إل أمسكتها ‪ :‬هي الطلق ‪ ،‬هي الطلق ‪ ،‬هي‬
‫الطلق ) ‪ .‬رواه أحد ‪ - 6 .‬وعن السن قال ‪ :‬حدثنا عبد ال بن عمر ‪ ،‬أنه طلق‬
‫امرأته تطليقة ‪ ،‬وهي حائض ‪ ،‬ث أراد أن يتبعها بتطليقتي أخريي عند القرأين فبلغ‬
‫ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال يا ابن عمر ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وإذا قال‬
‫للمدخول با ‪ :‬أنت طالق ‪ .‬أنت طالق ‪ .‬أنت طالق ‪ ،‬فهي واحدة إن نوى التكرار أو‬
‫ل ينو شيئا ‪ ،‬وهي ثلث إن نوى الثلث وأن كل واحدة غي الخرى ‪ ،‬وهذا عند من‬
‫يرى أنه واقع ‪ .‬وتقدم اللف ف ذلك ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 269‬ما هكذا أمرك ال‬
‫تعال ! ‪ .‬إنك قد أخطأت السنة ‪ .‬والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء ‪ .‬وقال ‪:‬‬
‫فأمرن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فراجعتها ‪ .‬ث قال ‪ :‬إذا هي طهرت فطلق‬
‫عند ذلك أو أمسك ‪ .‬فقلت يا رسول ال ‪ :‬ارئيت لو طلقتها ثلثا ‪ ،‬أكان يل ل أن‬
‫أراجعها ؟ ‪ .‬قال ‪ :‬ل ‪ .‬كانت تبي منك ( وتكون مقصية ) ‪ .‬رواه الدارقطن ‪- 7 .‬‬
‫وأخرج عبد الرزاق ف مصنفه عن عبادة بن الصامت ‪ ،‬قال ‪ :‬طلق جدي امرأة له ألف‬
‫تطليقة ‪ ،‬فانطلق إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فذكر له ذلك ‪ ،‬فقال له النب ‪" :‬‬
‫ما اتقى ال جدك ‪ ،‬أما ثلث فله ‪ .‬وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم ‪ .‬إن‬
‫شاء ال عذبه وإن شاء غفر له " وف رواية ‪ " :‬إن أباك ل يتق ال فيجعل له مرجا ‪.‬‬
‫بانت منه بثلث على غي السنة ‪ ،‬وتسعمائة وسبع وتسعون ‪ ،‬إث ف عنقه " ‪- 8 .‬‬
‫وف حديث ركانة ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم استحلفه أنه ما أراد إل واحدة ‪:‬‬
‫وذلك يدل على أنه لو أراد الثلث لوقع ‪ .‬وهذا مذهب جهور التابعي وكثي من‬
‫الصحابة ‪ ،‬وأئمة الذاهب الربعة ‪ .‬أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة ‪ :‬فقد استدلوا‬
‫بالدلة التية ‪ ( :‬أول ) ما رواه مسلم ‪ :‬أن أبا الصهباء قال لن عباس ‪ ( :‬أل تعلم أن‬
‫الثلث كانت تعل واحدة على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأب بكر ‪،‬‬
‫وصدرا من خلفة عمر ؟ قال ‪ :‬نعم ) ‪ .‬وروي عنه أيضا قال ‪ :‬كان الطلق على عهد‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأب بكر ‪ ،‬وسنتي من خلفة عمر ‪ ،‬طلق الثلث‬
‫واحدة ‪ .‬فقال عمر بن الطاب ‪ :‬إن الناس قد استعجلوا ف أمر قد كانت لم فيه أناة‬

‫‪198‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( ‪ . ) 1‬فلو أمضيناه عليهم ؟ فأمضاه عليهم ‪ .‬أي أنم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع‬
‫الناس الن ثلث تطليقات ‪ ( .‬ثانيا ) عن عكرمة عن ابن عباس رضي ال عنهما قال ‪:‬‬
‫( طلق ركانة امرأته ثلثا ف ملس واحد ‪ .‬فحزن عليها حزنا شديدا ‪ .‬فسأله رسول‬
‫ال صلى ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أناة ‪ :‬مهلة وبقية استمتاع لنتظار الراجعة ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 270‬ال عليه وسلم ‪ ،‬كيف طلقتها ؟ قال ‪ :‬ثلثا ‪ .‬فقال ‪ :‬ف ملس‬
‫واحد ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬فإنا تلك واحدة ‪ .‬فأرجعها إن شئت ‪ .‬فراجعها ) ‪ .‬رواه‬
‫أحد وأبو داود ‪ .‬وقال ابن تيمية ج‍ ‪ 3‬ص ‪ 22‬فتاوى ‪ :‬وليس ف الدلة الشرعية "‬
‫الكتاب ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬والجاع ‪ ،‬والقياس " ما يوجب لزوم الثلثة له ‪ ،‬ونكاحه ثابت‬
‫بيقي ‪ ،‬وامرأته مرمة على الغي بيقي ‪ ،‬وف إلزامه بالثلث إباحتها للغي مع تريها‬
‫عليه ‪ ،‬وذريعة إل نكاح التحليل الذي حرمه ال ورسوله ‪ ،‬ونكاح التحليل ل يكن‬
‫ظاهرا على عهد النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وخلفائه ‪ ،‬ول ينقل قط أن امرأة أعيدت‬
‫بعد الطلقة الثالثة على عهدهم إل زوجها بنكاح تليل ‪ .‬بل لعن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم الحلل والحلل له ‪ .‬إل أن قال ‪ :‬وبالملة فما شرعة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫لمته شرعا لزم ‪ ،‬ل يكن‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 270‬‬
‫تغييه ‪ ،‬فإنه ل يكن نسخ بعد رسول ال ‪ .‬وقال تلميذه ابن القيم ‪ :‬قد صح عنه‬
‫صلى ال عليه وسلم أن الثلث كانت واحدة ف عهده ‪ ،‬وعهد أب بكر رضي ال‬
‫عنه ‪ ،‬وصدرا من خلفة عمر رضي ال عنه ‪ ،‬وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة‬
‫كانوا على ذلك ‪ ،‬ول يبلغه ‪ ،‬وهذا وإن كان كالستحيل ‪ ،‬فإنه يدل على أنم كانوا‬
‫يفتون ف حياته وحياة الصديق بذلك ‪ ،‬وقد أفت هو صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فهذه فتواه‬
‫وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد ‪ ،‬ول معارض لذلك ‪ .‬ورأى عمر رضي ال تعال عنه ‪،‬‬
‫أن يمل الناس على إنفاذ الثلث عقوبة وزجرا لم ‪ -‬لئل يرسلوها جلة ‪ -‬وهذا‬
‫اجتهاد منه رضي ال عنه ‪ .‬غايته أن يكون سائغا لصلحة رآها ‪ .‬ول يوز ترك ما أفت‬
‫به رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وكان عليه أصحابه ف عهده وعهد خليفته ‪ .‬فإذا‬

‫‪199‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ظهرت القائق ‪ .‬فليقل أمرؤ ما شاء ‪ .‬وبال التوفيق ‪ .‬وقال الشوكان ‪ :‬وقد حكى‬
‫ذلك صاحب البحر عن أب موسى ‪ ،‬ورواية عن علي عليه السلم ‪ ،‬وابن عباس ‪،‬‬
‫وطاووس ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬وجابر ‪ ،‬وابن زيد ‪ ،‬والادي ‪ ،‬والقاسم ‪ ،‬والباقر ‪ ،‬وأحد بن‬
‫عيسى ‪ ،‬وعبد ال بن موسى بن عبد ال ‪ ،‬ورواية عن زيد بن علي ‪ .‬وإليه ذهب جاعة‬
‫من التأخرين ‪ .‬منهم ‪ :‬ابن تيمية ‪ ،‬وابن القيم ‪ / ،‬صفحة ‪ / 271‬وجاعة من‬
‫الحققي ‪ ،‬وقد نقله ابن مغيث ف كتاب الوثائق عن ممد بن وضاح ‪ ،‬ونقل الفتوى‬
‫بذلك عن جاعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي وممد بن عبد السلم وغيها ‪.‬‬
‫ونقله ابن النذر عن أصحاب ابن عيسى ‪ .‬كعطاء ‪ ،‬وطاووس ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬وابن دينار ‪،‬‬
‫وحكاه ابن مغيث أيضا ف ذلك الكتاب عن علي رضي ال عنه ‪ ،‬وابن مسعود وعبد‬
‫الرحن بن عوف والزبي ‪ .‬وهذا هو الذهب الذي جرى عليه العمل أخيا ف الحاكم‬
‫‪ .‬فقد جاء ف الادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬ما يلي ‪ ( :‬الطلق القترن‬
‫بعدد ‪ -‬لفظا ‪ ،‬أو إشارة ‪ -‬ل يقع واحدة ) ‪ ) 1 ( .‬أما حجة القائلي بعدم وقوع‬
‫الطلق مطلقا ‪ :‬أنه طلق بدعي ‪ ،‬والطلق البدعي ل يقع عند هؤلء ‪ ،‬ويعتب لغوا ‪.‬‬
‫وهذا الذهب يكى عن بعض التابعي ‪ .‬وهو مروي عن ابن علية ‪ ،‬وهشام ابن‬
‫الكم ‪ ،‬وبه قال أبو عبيدة ‪ ،‬وبعض أهل الظاهر ‪ ،‬وهو مذهب الباقر ‪ ،‬والصادق ‪،‬‬
‫والناصر ‪ ،‬وسائر من يقول بأن الطلق البدعي ل يقع ‪ .‬لن الثلث بلفظ واحد أو‬
‫ألفاظ متتابعة من جلته ‪ .‬وأما الذين فرقوا بي الطلقة الدخول با وغي الدخول با‬
‫فهم جاعة من أصحاب ابن عباس وإسحاق بن راهويه ‪ .‬طلق البتة قال الترمذي ‪:‬‬
‫وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وغيهم ف طلق‬
‫ألبتة ‪ ،‬فروي عن عمر بن الطاب ‪ :‬أنه جعل ألبتة واحدة ‪ .‬وروي عن علي ‪ :‬أنه‬
‫جعلها ثلثا ‪ ،‬وقال بعض أهل العلم ‪ :‬فيه نية الرجل ‪ .‬إن نوى واحدة فواحدة ‪ ،‬وإن‬
‫وى ثلثا فثلث ‪ .‬وإن نوى ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وجاء ف الذكرة التفسيية للمشروع ‪:‬‬
‫أن الداعي لختيار القول بالوقوع واحدة الرص على سعادة السرة ‪ ،‬والخذ بالناس‬
‫عن مسألة الحلل الت صارت وصمة ف جبي الشريعة الطهرة مع أن الدين براء منها‬
‫‪ .‬فقد لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم الحلل والحلل له ‪ ،‬وكذلك الخذ بم من‬

‫‪200‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫طرق اليل الت يتلمسونا للتخلص من الطلق الثلث وما هي بنطبقة على أصول‬
‫الدين ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 272‬ثنتي ل تكن إل واحدة ‪ .‬وهو قول الثوري وأهل‬
‫الكوفة ‪ .‬وقال مالك بن أنس ‪ :‬ف البتة إن كان قد دخل با فهي ثلث تطليقات ‪.‬‬
‫وقال الشافعي ‪ :‬إن نوى واحدة فواحدة يلك الرجعة ‪ .‬وإن نوى ثنتي فثنتان ‪ .‬وإن‬
‫نوى ثلثا فثلث ‪ .‬الطلق الرجعي والبائن الطلق إما رجعي وإما بائن ‪ ،‬والبائن إما‬
‫أن يكون بائنا بينونة صغرى ‪ ،‬أو بينونة كبى ‪ .‬ولكل أحكام تصه نذكرها فيما يلي‬
‫‪ :‬الطلق الرجعي ‪ :‬هو الطلق الذي يوقعه الزوج على زوجته الت دخل با حقيقة ‪،‬‬
‫إيقاعا مردا عن أن يكون ف مقابلة مال ‪ ،‬ول يكن مسبوقا بطلة أصل ‪ ،‬أو كان‬
‫مسبوقا بطلقة واحدة ‪ .‬ول فرق ف ذلك بي أن يكون الطلق صريا أو كناية ‪ .‬فإذا‬
‫ل يكن الزوج دخل بزوجته دخول حقيقيا ‪ ،‬أو طلقها على مال ‪ ،‬أو كان الطلق‬
‫مكمل للثلث ‪ ،‬كان الطلق بائنا ‪ .‬جاء ف الادة ( ‪ ) 5‬من القانون رقم ‪ 25‬لسنة‬
‫‪ ( . 1929‬كل طلق يقع رجعيا إل الكمل للثلث ‪ ،‬والطلق قبل الدخول ‪.‬‬
‫والطلق على مال ‪ ،‬وما نص على كونه بائنا ف هذا القانون ‪ ،‬والقانون نرة ‪ 24‬لسنة‬
‫‪ 1920‬م ) ‪ .‬والطلق الذي نص على أن يكون بائنا ف هذين القانوني هو ما كان‬
‫بسبب العيب ف الزوج ‪ ،‬أو لغيبته ‪ ،‬أو حبسه أو للضرر ‪ .‬والصل ف ذلك قول ال‬
‫سبحانه ‪ " :‬الطلق مرتان فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان " ( ‪ ( . ) 1‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬سورة البقرة آية ‪ / ) . ( . 229‬صفحة ‪ / 273‬أي أن الطلق الذي شرعه ال‬
‫يكون مرة بعد مرة ‪ .‬وأنه يوز للزوج أن يسك زوجته بعد الطلقة الول بالعروف ‪،‬‬
‫كما يوز له ذلك بعد الطلقة الثانية ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 273‬‬
‫والمساك بالعروف معناه مراجعتها ‪ ،‬وردها إل النكاح ومعاشرتا بالسن ول يكون‬
‫له هذا الق إل إذا كان الطلق رجعيا ‪ .‬ويقول ال سبحانه ‪ " .‬والطلقات يتربصن‬
‫بأنفسهن ثلثة قروء ول يل لن أن يكتمن ما خلق ال ف أرحامهن إن كن يؤمن بال‬
‫واليوم الخر ‪ ،‬وبعولتهن أحق بردهن ف ذلك إن أرادوا إصلحا ( ‪ . " ) 1‬وف‬

‫‪201‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الديث أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال لعمر ‪ :‬مره فلياجعها ‪ . . .‬متفق عليه ‪.‬‬
‫أما استثناء الالت الثلث من الطلق الرجعي فثابت بالقرآن الكري كما هو مبي‬
‫فيما يلي ‪ :‬فالطلق الكمل للثلث يبي الرأة ويرمها على الزوج ‪ ،‬ول يل له‬
‫مراجعتها حت تنكح زوجا آخر ‪ ،‬نكاحا ل يقصد به التحليل ( ‪ . ) 2‬قال ال تعال ‪:‬‬
‫" فإن طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه " ‪ .‬أي فإن طلقها الطلقة الثالثة‬
‫بعد طلقتي فل تل له من بعد الطلق الكمل للثلث حت تتزوج غيه زواجا صحيحا‬
‫‪ .‬والطلق قبل الدخول يبينها كذلك ‪ .‬لن الطلقة ف هذه الالت ل عدة عليها ‪.‬‬
‫والراجعة إنا تكون ف العدة ‪ .‬وحيث انتفت العدة انتفت الراجعة ‪ .‬قال ال تعال ‪" :‬‬
‫يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم الؤمنات ث طلقتموهن من قبل أن تسوهن فما لكم‬
‫عليهن من عدة تعتدونا ‪ .‬فمتعوهن وسرحوهن سراحا جيل " ( ‪ . ) 3‬والطلقة قبل‬
‫الدخول ‪ ،‬وبعد اللوة ‪ ،‬بائنة ‪ .‬ووجوب العدة عليها نوع من الحتياط ل لجل‬
‫الراجعة ‪ .‬والطلق على مال من أجل أن تفتدي الرأة نفسها وتلص من الزوج‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة آية ‪ - 227‬أحق بردهن ‪ :‬أي أحق برجعتهن ‪) 2 ( .‬‬
‫انظر فصل التحليل ف أول هذا الجلد ‪ ) 3 ( .‬الحزاب آية ‪ / ) . ( . 49‬صفحة‬
‫‪ / 274‬بائن ‪ ،‬لنا أعطت الال نظي عوض ‪ ،‬وهو خلص عصمتها ‪ ،‬وليكون‬
‫اللص إل إذا كان الطلق بائنا ‪ ،‬قال ال تعال ‪ " :‬فإن خفتم أل يقيما حدود ال فل‬
‫جناح عليهما فيما افتدت به ( ‪ " . ) 1‬حكم الطلق الرجعي ‪ :‬الطلق الرجعي لينع‬
‫الستمتاع بالزوجة لنه ل يرفع عقد الزواج ‪ ،‬ول يزيل اللك ‪ ،‬ول يؤثر ف الل ‪،‬‬
‫فهو وإن انعقد سببا للفرقة ‪ ،‬إل أنه ل يترتب عليه أثره ما دامت الطلقة ف العدة ‪.‬‬
‫وإنا يظهر أثره بعد انقضاء العدة دون مراجعة ‪ .‬فإذا انقضت العدة ول يراجعها ‪،‬‬
‫بانت منه ‪ ،‬وإذا كان ذلك كذلك ‪ ،‬فإن الطلق الرجعي لينع من الستمتاع بالزوجة‬
‫‪ ،‬وإذا مات أحدها ورثه الخر ما دامت العدة ل تنقض وانفقتها واجبة عليه ‪،‬‬
‫ويلحقها طلقه وظهاره وإيلؤه ‪ .‬ول يل بالطلق الرجعي الؤجل من الهر لحد‬
‫الجلي ‪ :‬الوت أو الطلق ‪ .‬وإنا يل مؤخر الصداق بانقضاء العدة ‪ .‬والرجعة حق‬
‫للزوج مدة العدة ‪ .‬وهو حق أثبته الشارع له ‪ ،‬ولذا ل يلك إسقاطه ‪ .‬فلو قال ‪ :‬ل‬

‫‪202‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رجعة ل كان له حق الرجوع عنه ‪ ،‬وحق مراجعتها ‪ ،‬يقول ال تعال ‪ " :‬وبعولتهن‬
‫أحق بردهن ف ذلك " ( ‪ . ) 2‬وإذا كانت الرجعة حقا له فل يشترط رضا الزوجة‬
‫ولعلمها ‪ ،‬ول تتاج إل ول ‪ ،‬فجعل الق للزواج لقول ال ‪ " :‬وبعولتهن أحق‬
‫بردهن " كما ل يشترط الشهاد عليها ‪ .‬وإن كان ذلك مستحبا ‪ ،‬خشية إنكار‬
‫الزوجة فيما بعد ‪ ،‬أنه راجعها ‪ ،‬لقوله تعال ‪ " :‬وأشهدوا ذوي عدل منكم " ‪ .‬وتصح‬
‫الراجعة بالقول ‪ .‬مثل أن يقول ‪ :‬راجعتك ‪ ،‬وبالفعل ‪ ،‬مثل الماع ‪ ،‬ودواعيه ‪ ،‬مثل‬
‫القبلة ‪ ،‬والباشرة بشهوة ‪ .‬يرى الشافعي أن الراجعة ل تكون إل بالقول الصريح‬
‫للقادر عليه ‪ ،‬ول ( هامش ) ( ‪ ) 1‬البقرة آية ‪ ) 2 ( . 229‬أي أن أزواجهن أحق‬
‫بارجاعهن إل عصمتهن ف وقت التربص وانتظار انقضاء العدة " والطلقات يتربصن‬
‫بأنفسهن ثلثة قروء " ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 275‬تصح بالوطء ودواعيه من القبلة‬
‫والباشرة بشهوة ‪ .‬وحجة الشافعي ‪ ،‬أن الطلق يزيل النكاح ‪ .‬وقال ابن حزم رضي‬
‫ال عنه ‪ :‬فإن وطتها ل يكن بذلك مراجعا لا حت يلفظ بالرجعة ويشهد ‪ ،‬ويعلمها‬
‫بذلك ‪ ،‬قبل تام عدتا ‪ .‬فإن راجع ول يشهد ‪ .‬فليس مراجعا لقول ال تعال ‪ " :‬فإذا‬
‫بلغن أجلهن فأمسكوهن بعروف أو فارقوهن بعروف ‪ ،‬وأشهدوا ذوي عدل منكم (‬
‫‪ . " ) 1‬فرق عزوجل بي الراجعة ‪ .‬والطلق ‪ ،‬والشهاد ‪ .‬فل يوز إفراد بعض ذلك‬
‫عن بعض ‪ .‬وكأن من طلق ول يشهد بذوي عدل ‪ .‬أو راجع ول يشهد بذوي عدل‬
‫متعديا لدود ال تعال ‪ .‬وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من عمل عمل ليس‬
‫عليه أمرنا فهورد " انتهى ‪ .‬وأخرج أبو داود وابن ماجه والبيهقي ‪ ،‬والطبان عن‬
‫عمران بن حصي ‪ " :‬أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ث يقع با ‪ ،‬ول يشهد على‬
‫طلقها ‪ ،‬ول على رجعتها فقال ‪ :‬طلقت لغي سنة ‪ .‬وراجعت لغي سنة ‪ ،‬أشهد على‬
‫طلقها ‪ .‬وعلى رجعتها ‪ .‬ول تعد " ‪ .‬حجة الشافعي أن الطلق يزيل النكاح ‪ :‬قال‬
‫الشوكان ‪ :‬والظاهر ما ذهب إليه الولون ‪ ،‬لن العدة مدة خيار ‪ ،‬والختيار يصح‬
‫بالقول وبالفعل ‪ ،‬وأيضا ظاهر قوله تعال ‪ :‬وبعولتهن أحق بردهن " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 275‬‬

‫‪203‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقوله صلى ال عليه وسلم " مره فلياجعها " أنا توز الراجعة بالفعل لنه ل يص‬
‫قول من فعل ‪ ،‬ومن ادعى الختصاص فعليه الدليل ( ‪ . ) 2‬ما يوز للزوج أن يطلع‬
‫عليه من الطلقة الرجعية ‪ :‬قال أبو حنيفة ‪ :‬ل بأس أن تتزين الطلقة الرجعية لزوجها‬
‫وتتطيب له وتتشوف وتلبس اللي وتبدي البنان والكحل ول يدخل عليها إل أن تعلم‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الطلق آية ‪ ) 2 ( . 2‬نيل الوطار ص ‪ 214‬ج ‪/ ) . ( . 6‬‬
‫صفحة ‪ / 276‬بدخوله بقول أو حركة من تنحنح أو خفق نعل ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬هي‬
‫مرمة على مطلقها تريا مبتوتا ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬ل يلو معها ول يدخل عليها إل‬
‫بإذنا ‪ ،‬ول ينظر إل شعرها ‪ ،‬ول بأس أن يأكل معها إذا كان معها غيها ‪ .‬وحكى‬
‫ابن القاسم أنه رجع عن إباحة الكل معها ‪ .‬الطلق الرجعي ينقص عدد الطلقات ‪:‬‬
‫والطلق الرجعي ينقص عدد الطلقات الت يلكها الرجل على زوجته ‪ .‬فإن كانت‬
‫الطلقة الول احتسبت وبقيت له طلقتان ‪ .‬وإن كانت الثانية احتسبت وبقيت له طلقة‬
‫واحدة ‪ ،‬ومراجعتها ل تحو هذا الثر ‪ ،‬بل لو تركت حت انقضت عدتا من غي‬
‫مراجعة ‪ ،‬وتزوجت زوجا آخر ث عادت إل زوجها الول عادت إليه با بقي من عدد‬
‫الطلقات ‪ ،‬ول يهدم الزوج الثان ما وقع من الطلق ( ‪ ، ) 1‬لا روي أن عمر رضي‬
‫ال عنه سئل عمن طلق امرأته طلقتي وانقضت عدتا فتزوجت غيه وفارقها ث‬
‫تزوجها الول ‪ .‬فقال ‪ :‬هي عنده با بقي من الطلق ‪ ،‬وهذا مروي عن علي وزيد‬
‫ومعاذ ‪ ،‬وعبد ال بن عمرو ‪ ،‬وسعيد بن السيب ‪ ،‬والسن البصري رضي ال عنهم ‪.‬‬
‫الطلق البائن ‪ :‬تقدم القول بأن الطلق البائن هو الطلق الكمل للثلث والطلق‬
‫قبل الدخول ‪ ،‬والطلق على مال ‪ .‬قال ابن رشد ف بداية الجتهد ‪ :‬وأما الطلق‬
‫البائن فإنم اتفقوا على أن البينونة إنا توجد للطلق من قبل عدم الدخول ‪ -‬ومن قبل‬
‫عدد التطليقات ‪ -‬ومن قبل العوض ف اللع ‪ ،‬على اختلف فيما بينهم ف اللع ‪،‬‬
‫أهو طلق أم فسخ ‪ ،‬واتفقوا على أن العدد الذي يوجب البينونة ف طلق الر ثلث‬
‫تطليقات ‪ .‬إذا وقعن مفترقات لقوله تعال ‪ ( :‬الطلق مرتان ‪ :‬الية ) ‪ .‬واختلفوا إذا‬
‫وقعت الثلث ف اللفظ دون الفعل بكلمة واحدة ( ‪ . ) 2‬اه‍ ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫تراجع مسألة الدم فيما يأت ص ‪ ) 2 ( . 278‬ص ‪ 60‬ج‍ ‪ 2‬بداية الجتهد ‪/ ) . ( .‬‬

‫‪204‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صفحة ‪ / 277‬ويرى ابن حزم ‪ :‬أن الطلق البائن ‪ :‬هو الطلق الكمل للثلث ‪ ،‬أو‬
‫الطلق قبل الدخول لغي ‪ ،‬قال ‪ :‬وما وجدنا ‪ ،‬قط ‪ ،‬ف دين السلم عن ال تعال‬
‫ولعن رسوله صلى ال عليه وسلم طلقا بائنا ل رجعة فيه إل الثلث مموعة ‪ ،‬أو‬
‫مفرقة ‪ ،‬أو الت ل يطأها ‪ ،‬ول مزيد ‪ ،‬وأما ما عدا ذلك فآراء لحجة فيها ‪ .‬اه‍ ( ‪) 1‬‬
‫وأضافت قواني الحوال الشخصية ‪ ،‬أن ما يلحق الطلق البائن ‪ :‬الطلق بسبب‬
‫عيب الزوج ‪ ،‬أو بسبب غيبته ‪ ،‬أو حبسه أو للضرر ‪ .‬أقسامه ‪ :‬وهو ينقسم إل بائن‬
‫بينونة صغرى ‪ :‬وهو ماكان با دون الثلث ‪ ،‬وبائن بينونة كبى ‪ :‬وهوالكمل للثلث‬
‫‪ .‬حكم البائن بينونة صغرى ‪ :‬الطلق البائن بينونة صغرى يزيل قيد الزوجية بجرد‬
‫صدوره ‪ ،‬وإذا كان مزيل للرابطة الزوجية فإن الطلقة تصي أجنبية عن زوجها ‪ .‬فل‬
‫يل له الستمتاع با ‪ ،‬ول يرث أحدها الخر إذا مات قبل انتهاء العدة أو بعدها ‪،‬‬
‫ويل بالطلق البائن موعد مؤخر الصداق الؤجل إل أبعد الجلي الوت أو الطلق ‪.‬‬
‫وللزوج أن يعيد الطلقة طلقا بائنا بينونة صغرى إل عصمته بعقد ومهر جديدين ‪،‬‬
‫دون أن تتزوج زوجا آخر ‪ ،‬وإذا أعادها عادت إليه با بقي له من الطقات ‪ ،‬فإذا كان‬
‫طلقها واحدة من قبل فإنه يلك عليها طلقتي بعد العودة إل عصمته ‪ ،‬وإذا كان‬
‫طلقتها طلقتي ل يلك عليها إل طلقة واحدة ‪ .‬حكم الطلق البائن بينونة كبى ‪:‬‬
‫الطلق البائن بينونة كبى يزيل قيد الزوجية مثل البائن بينونة صغرى ‪ ،‬ويأخذ جيع‬
‫أحكامه ‪ ،‬إل أنه ل يل للرجل أن يعيد من أبانا بينونة كبى إل عصمته إلبعد أن‬
‫تنكح زوجا آخر نكاحا صحيحا ‪ .‬ويدخل با دون ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الحلى ج‍ ‪10‬‬
‫ص ‪ ، 216‬ص ‪ / ) . ( 240‬صفحة ‪ / 278‬إرادة التحليل ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬فإن‬
‫طلقها فل تل له من بعد حت تنكح زوجا غيه " ‪ .‬أي فإن طلقها الطلقة الثالثة ‪ ،‬فل‬
‫تل لزوجها الول إل بعد أن تتزوج آخر ‪ .‬لقول رسول ال لمرأة رفاعة ‪ " :‬ل ‪.‬‬
‫حت تذوقي ( ‪ ) 1‬عسيلته ويذوق عسيلتك " ( ‪ ) 2‬مسألة الدم ‪ :‬من التفق عليه أن‬
‫البانة بينونة كبى إذا تزوجت ‪ ،‬ث طلقت وعادت إل زوجها الول بعد انقضاء عدتا‬
‫تعود إليه بل جديد ‪ ،‬ويلك عليها ثلث طلقات ‪ ،‬لن الزوج الثان أنى الل الول‬
‫‪ .‬فإذا عادت بعقد جديد أنشأ هذا العقد حل جديدا ‪ .‬أما البانة بينونة صغرى إذا‬

‫‪205‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تزوجت بآخر بعد انقضاء عدتا ث طلقت منه ‪ ،‬ورجعت إل زوجها الول ‪ ،‬تكون‬
‫مثل البانة بينونة كبى فتعود إليه بل جديد ويلك عليها ثلث طلقات ‪ .‬عند أب‬
‫حنيفة ‪ ،‬وأبو يوسف ‪ .‬وقال‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 278‬‬
‫ممد ( ‪ ) 3‬تعود إليه با بقي من عدد الطلقات ‪ ،‬فتكون مثل ما إذا طلقها طلقا‬
‫رجعيا أو عقد عليها عقدا جديدا بعد أن بانت منه بينونة صغرى ‪ .‬وسيت هذه السألة‬
‫بسألة الدم ‪ :‬أي هل الزوج الثان يهدم ما دون الثلث من الطلقات ‪ .‬كما يهدم‬
‫الثلث أو ل يهدم ‪ .‬؟ ! طلق الريض مرض الوت ل يثبت ف الكتاب ول ف السنة‬
‫الصرية حكم الطلق الريض مرض الوت ‪ .‬إل أنه قد ثبت عن الصحابة أن سيدنا‬
‫عبد الرحن بن عوف طلق امرأته " تاضر " طلقا مكمل للثلث ف مرضه الذي مات‬
‫فيه ‪ ،‬فحكم لا سيدنا عثمان بياثها منه ‪ ،‬وقال ‪ " :‬ما اتمته ‪ -‬أي بأنه ل يتهمه‬
‫بالفرار من ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي ل تعودي إل زوجك الول حت يصيبك فتاوقي‬
‫عسيلته ويذوق عسيلتك ‪ ) 2 ( .‬رواه البخاري ومسلم ‪ ) 3 ( .‬ورأيه مرجوح ف‬
‫الذهب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 279‬حقها ف الياث ‪ -‬ولكن أردت السنة " ‪ .‬ولذا‬
‫ورد أن ابن عوف نفسه قال ‪ " :‬ما طلقتها ضرارا ول فرارا " ‪ .‬يعن أنه ل ينكر‬
‫مياثها منه ‪ .‬وكذلك حدث أن سيدنا عثمان بن عفان رضي ال عنه طلق امرأته " أم‬
‫البني " بنت عيينة بن حصن الفزاري وهو ماصر ف داره ‪ ،‬فلما قتل جاءت إل سيدنا‬
‫علي وأخبته بذلك ‪ .‬فقضى لا بياثها منه ‪ .‬قال ‪ " :‬تركها حت إذا أشرف على‬
‫الوت فارقها ! " ‪ .‬وعلى ذلك اختلف الفقهاء ف طلق الريض مرض الوت ‪ .‬فقالت‬
‫الحناف ‪ :‬إذا طلق الريض امرأته طلقا بائنا فمات من هذا الرض ورثته ‪ . . .‬وإن‬
‫مات بعد انقضاء العدة فل مياث لا ‪ .‬وكذلك الكم فيما إذا بارز رجل أو قدم‬
‫ليقتل ف قصاص أو رجم ‪ ،‬إن مات ف ذلك الوجه أو قتل ‪ .‬وإن طلقها ثلثا بأمرها أو‬
‫قال لا ‪ :‬اختاري ‪ ،‬فاختارت نفسها ‪ ،‬أو اختلعت منه ث مات وهي ف العدة ل ترثه ‪.‬‬
‫اه‍ ‪ .‬والفرق بي الصورتي ‪ :‬أن الطلق ف الصورة الول صدر من الريض وهو يشعر‬

‫‪206‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأنه إنا طلقها ليمنعها حقها ف الياث فيعامل بنقيض قصده ‪ ،‬ويثبت لا حقها الذي‬
‫أراد أن ينعها منه ‪ .‬ولذا يطلق على هذا الطلق طلق الفار ‪ .‬وأما الطلق ف‬
‫الصورة الثانية فل يتصور فيه الفرار ‪ ،‬لنا هي الت أمرت بالطلق أو اختارته ورضيته‬
‫‪ ،‬وكذلك الكم فيمن كان مصورا أو ف صف القتال ‪ .‬فطلق امرأته طلقا بائنا ‪.‬‬
‫وقال أحد وابن أب ليلى ‪ :‬لا الياث بعد انقضاء عدتا ما ل تتزوج بغيه ‪ .‬وقال مالك‬
‫والليث ‪ :‬لا الياث ‪ ،‬سواء أكانت ف العدة أم ل تكن ‪ ،‬وسواء تزوجت أم ل تتزوج ‪.‬‬
‫وقال الشافعي ‪ :‬ل ترث ‪ .‬قال ف بداية الجتهد ‪ :‬وسبب اللف ‪ :‬اختلفهم ف‬
‫وجوب العمل بسد الذرائع ‪ ،‬وذلك أنه لا كان الريض يتهم ف أن يكون إنا طلق ف‬
‫مرضه زوجته ‪ /‬صفحة ‪ / 280‬ليقطع حظها من الياث ‪ ،‬فمن قال بسد الذرائع‬
‫أوجب مياثها ‪ ،‬ومن ل يقل بسد الذرائع ولظ وجوب الطلق ل يوجب لا مياثا ‪.‬‬
‫وذلك أن هذه الطائفة تقول ‪ :‬إن كان الطلق قد وقع فيجب أن يقع بميع أحكامه ‪.‬‬
‫لنم قالوا ‪ :‬إنه ل يرثها إن ماتت ‪ ،‬وإن كان ل يقع فالزوجية باقية بميع أحكامها ‪.‬‬
‫ولبد لصومهم من أحد الوابي ‪ ،‬لنه يعسر أن يقال ‪ :‬إن ف الشرع نوعا من‬
‫الطلق ‪ ،‬توجد له بعض أحكام الطلق وبعض أحكام الزوجية ‪ .‬وأعسر من ذلك‬
‫القول بالفرق بي أن يصح أو ل يصح ‪ :‬لن هذا يكون طلقا موقوف الكم ‪ ،‬إل أن‬
‫يصح أو ل يصح ‪ ،‬وهذا كله ما يعسر القول به ف الشرع ‪ .‬ولكن إنا أنس القائلون‬
‫به ‪ :‬أنه فتوى عثمان وعمر حت زعمت الالكية أنه إجاع الصحابة ‪ .‬ول معن‬
‫لقولم ‪ ،‬فإن اللف فيه عن ابن الزبي مشهور ‪ .‬وأما من رأى أنا ترث ف العدة ‪.‬‬
‫فلن العدة عنده من بعض أحكام الزوجية ‪ ،‬وكأنه شبهها بالطلقة الرجعية ‪ ،‬وروي‬
‫هذا القول عن عمر وعن عائشة ‪ .‬وأما من اشترط ف توريثها ما ل تتزوج ‪ ،‬فإنه لظ‬
‫ف ذلك إجاع السلمي على أن الرأة الواحدة ل ترث من زوجي ‪ ،‬ولكون التهمة هي‬
‫العلة عند الذين أوجبوا الياث ‪ .‬قال ‪ :‬واختلفوا إذا طلبت هي الطلق أو ملكها‬
‫الزوج أمرها فطلقت نفسها ‪ ،‬فقال أبو حنيفة ل ترث أصل ‪ .‬وفرق الوزاعي بي‬
‫التمليك والطلق ‪ ،‬فقال ‪ :‬ليس لا الياث ف التمليك ‪ ،‬ولا ف الطلق ‪ .‬وسوى‬
‫مالك ف ذلك كله حت قال ‪ :‬إن ماتت ل يرثها ‪ ،‬وترثه هو إن مات ‪ ،‬وهذا مالف‬

‫‪207‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫للصول جدا ‪ .‬اه‍ ( ‪ . ) 1‬قال ابن حزم ‪ " :‬طلق الريض كطلق الصحيح ‪،‬‬
‫ولفرق ‪ .‬مات من ( هامش ) ( ‪ ) 1‬بداية الجتهد ج ‪ 2‬ص ‪ / ) . ( 87 ، 86‬صفحة‬
‫‪ / 281‬ذلك الرض أو ل يت ‪ .‬فإن كان طلق الريض ثلثا ‪ ،‬أو آخر ثلث ‪ ،‬أو قبل‬
‫أن يطأها ‪ ،‬فمات أو ماتت قبل تام العدة ‪ ،‬أو بعدها ‪ ،‬أو كان طلقا رجعيا فلم‬
‫يرتعها حت مات أو ماتت بعد تام العدة ‪ ،‬فل نرثه ف شئ من ذلك كله ‪ .‬ول يرثها‬
‫أصل ‪ ،‬وكذلك طلق الصحيح للمريضة ‪ ،‬وطلق الريض للمريضة ‪ ،‬ولفرق ‪،‬‬
‫وكذلك طلق الوقوف للقتل ‪ ،‬والامل الثقلة ‪ ،‬وهذا مكان اختلف الناس فيه ( ‪) 1‬‬
‫‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 281‬‬
‫التفويض والتوكيل ف الطلق الطلق حق من حقوق الزوج ‪ ،‬فله أن يطلق زوجته‬
‫بنفسه ‪ ،‬وله أن يفوضها ف تطليق نفسها ‪ ،‬وله أن يوكل غيه ف التطليق ‪ .‬ولك من‬
‫التفويض والتوكيل ل يسقط حقه ول ينعه من استعماله مت شاء ‪ ،‬وخالف ف ذلك‬
‫الظاهرية ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إنه ل يوز للزوج أن يفوض زوجته تطليق نفسها ‪ ،‬أو يوكل غيه‬
‫ف تطليقها ‪ .‬قال ابن حزم ‪ :‬ومن جعل إل امرأته أن تطلق نفسها ل يلزمه ذلك ول‬
‫تكون طالقا ‪ ،‬طلقت نفسها أو ل تطلق ‪ ،‬لن ال تعال جعل الطلق للرجال ل للنساء‬
‫‪ .‬صيغ التفويض ‪ :‬وصيغ التفويض هي ‪ - 1 :‬اختاري نفسك ‪ - 2 .‬أمرك بيدك ‪3 .‬‬
‫‪ -‬طلقي نفسك إن شئت ‪ .‬وقد اختلف الفقهاء ف كل صيغة من هذه الصيغ وذهبوا‬
‫مذاهب متعددة نملها فيما يلي ‪ ) 1 ( :‬اختاري نفسك ‪ :‬ذهب الفقهاء إل وقوع‬
‫الطلق بذه الصيغة ‪ :‬لن الشرع جعلها من صيغ الطلق ‪ ،‬وف ذلك يقول ال تعال‬
‫‪ " :‬يا أيها النب قل لزواجك إن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الحلى ص ‪ 223‬ج‍ ‪/ ) . ( . 10‬‬
‫صفحة ‪ / 282‬كنت تردن الياة الدنيا وزينتها فتعالي أمتعكن وأسرحكن سراحا‬
‫جيل ‪ .‬وإن كنت تردن ال ورسوله والدارالخرة فإن ال أعد للمحسنات منكن أجرا‬
‫عظيما " ( ‪ . ) 1‬ولا نزلت هذه الية دخل الرسول صلى ال عليه وسلم على عائشة‬
‫فقال لا ‪ " :‬إن ذاكر لك أمرا من ال على لسان رسوله ‪ ،‬فل تعجلي حت تستأمري‬

‫‪208‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أبويك " ‪ ،‬قالت ‪ :‬وما هذا يا رسول ال ؟ فتل عليها الية ‪ .‬قالت ‪ :‬فيك يا رسول ال‬
‫أستأمر أبوي ؟ ‪ . . .‬بل أريد ال ورسوله ‪ ،‬والدار الخرة ‪ ،‬وأسألك أل تب امرأة من‬
‫نسائك بالذي قلت ‪ .‬قال ‪ :‬ل تسألن امرأة منهن إل أخبتا ‪ .‬إن ال ل يبعثن ‪. . . .‬‬
‫ال ث فعل أزواج النب صلى ال عليه وسلم مثلما فعلت عائشة ‪ ،‬فكلهن اخترن ال‬
‫ورسوله والدار الخرة ‪ .‬روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن‬
‫ماجه عن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ " :‬خينا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فاخترناه ‪ .‬فلم يعد ذلك شيئا " ‪ .‬وف لفظ لسلم ‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم خي نساءه فلم يكن طلقا " ‪ .‬وف هذا دللة على أنن لو أخترن أنفسهن ‪:‬‬
‫كان ذلك طلقا ‪ .‬وأن هذا اللفظ يستعمل ف الطلق ( ‪ . ) 2‬ول يتلف ف ذلك أحد‬
‫من الفقهاء ‪ .‬بينما اختلفوا فيما يقع إذا اختارت الرأة نفسها ‪ :‬فقال بعضهم إنه يقع‬
‫طلقة واحدة رجعية ‪ .‬وهو مروي عن عمر وابن مسعود وابن عباس ‪ .‬وهو قول عمر‬
‫بن عبد العزيز ‪ ،‬وابن أب ليلى ‪ ،‬وسفيان ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬وإسحاق ‪ .‬وقال‬
‫بعضهم ‪ :‬إذااختارت نفسها يقع واحدة بائنة ‪ ،‬وهو مروي عن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫الحزاب آية ‪ ) 2 ( . 29‬أهل الظاهر يرون أن معن ذلك أنن لو اخترن أنفسهن‬
‫طلقهن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ل أنن كن يطلقن بنفس اختيار الطلق ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 283‬علي بن أب طالب رضي ال عنه ‪ ،‬وبه قال الحناف ‪ .‬وقال‬
‫مالك بن أنس ‪ :‬إن اختارت نفسها فهي ثلث ‪ ،‬وإن اختارت زوجها يكون واحدة ‪.‬‬
‫ويشترط الحناف ف وقوع الطلق بذه الصيغة ذكر النفس ف كلمه أو ف كلمها ‪،‬‬
‫فلو قال لا ‪ :‬اختاري ‪ ،‬فقالت اخترت ‪ ،‬فهو باطل ل يقع با شئ ‪ ) 2 ( .‬أمرك بيدك‬
‫( ‪ : ) 1‬إذا قال الرجل لزوجته أمرك بيدك ‪ ،‬فطلقت نفسها ‪ ،‬فهي طلقة واحدة ‪ ،‬عند‬
‫عمر ‪ ،‬وعبد ال بن مسعود ‪ .‬وهو مذهب سفيان ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ .‬روي أنه جاء‬
‫بن مسعود رجل فقال ‪ :‬كان بين وبي امرأت بعص ما يكون بي الناس ‪ .‬فقالت ‪ :‬لو‬
‫أن الذي بيدك من أمري بيدي ‪ .‬لعلمت كيف أصنع ‪ .‬قال ‪ :‬فإن الذي بيدي من أمرك‬
‫بيدك ‪ .‬قالت ‪ :‬فأنت طالق ثلثا ‪ .‬قال ‪ :‬أراها واحدة وأنت أحق با مادامت ف عدتا‬
‫‪ .‬وسألقى أمي الؤمني عمر ‪ ،‬ث لقيه فقص عليه القصة ‪ .‬فقال صنع ال بالرجال وفعل‬

‫‪209‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ .‬يعمدون إل ما جعل ال ف أيديهم ‪ .‬فيجعلونه بأيدي النساء ‪ .‬بفيها التراب ‪ .‬ماذا‬
‫قلت فيها ؟ قال ‪ :‬قلت أراها واحدة ‪ .‬وهو أحق با ‪ .‬قال ‪ :‬وأنا أرى ذلك ‪ ،‬ولو‬
‫رأيت غي ذلك علمت أنك ل تصب ( ‪ . ) 2‬وقال الحناف ‪ :‬يقع طلقة واحدة بائنة ‪،‬‬
‫لن تليكه أمرها لا يقتضي زوال سلطانه عنها ‪ ،‬وإذا قبلت ذلك بالختيار وجب أن‬
‫يزول عنها ‪ ،‬ول يصل ذلك مع بقاء الرجعة ‪ .‬هل العتب نية الزوج أم نية الزوجة ؟ ‪:‬‬
‫ذهب الشافعي إل أن العتب هو نية الزوج ‪ .‬فإن نوى واحدة فواحدة ‪ ،‬وإن نوى ثلثا‬
‫فثلث ‪ .‬وله أن يناكرها ف الطلق نفسه ‪ ،‬وف العدد ‪ :‬ف اليار أو التمليك ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي أمرك الذي بيدي ‪ ،‬وهو الطلق ‪ ،‬جعلته بيدك ‪ ) 2 ( .‬بداية‬
‫الجتهد ص ‪ 67‬ص ‪ / ) . ( . 2‬صفحة ‪ / 284‬وذهب غيه إل أنا إن نوت أكثر‬
‫من واحدة وقع ما نوت ‪ ،‬لنا تلك الثلثة بالتصريح ‪ ،‬فتملكها بالكناية كالزوج ‪.‬‬
‫فإن طلقت نفسها ثلثا ‪ ،‬وقال الزوج ل أجعل لا إل واحدة ‪ ،‬ل يلتفت إل قوله ‪.‬‬
‫والقضاء ما قضت ‪ ،‬وهذا مذهب عثمان ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وقال عمر وابن‬
‫مسعود ‪ :‬تقع‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 284‬‬
‫طلقة واحدة كما سبق ف قصة عبد ال بن مسعود ‪ .‬هل جعل المر باليد مقيد‬
‫بالجلس ؟ أم هو على التراخي ‪ :‬قال ابن قدامة ف الغن ‪ :‬ومت جعل أمر امرأته بيدها‬
‫فهو بيدها أبدا ل يتقيد بذلك الجلس ‪ .‬روي ذلك عن علي رضي ال عنه ‪ ،‬وبه قال‬
‫أبو ثور ‪ ،‬وابن النذر ‪ ،‬والكم ‪ .‬وقال مالك والشافعي وأصحاب الرأي ‪ :‬هو مقصور‬
‫على الجلس ‪ ،‬ول طلق لا بعد مفارقته ‪ ،‬لنه تيي لا فكان مقصورا على الجلس‬
‫كقوله ‪ :‬اختاري ‪ .‬ورجح الرأي الول لقول علي رضي ال عنه ف رجل جعل أمر‬
‫امرأته بيدها ‪ .‬قال ‪ :‬هو لا حت تكل ‪ .‬قال ‪ :‬ول نعرف له ف الصحابة مالفا ‪ ،‬فيكون‬
‫إجاعا ‪ .‬ولنه نوع توكيل ف الطلق ‪ .‬فكان على التراخي كما لو جعله لجنب ‪.‬‬
‫رجوع الزوج ‪ :‬قال ‪ :‬فإن رجع الزوج فيما جعل إليها أو قال ‪ :‬فسخت ما جعلت‬
‫إليك بطل ‪ .‬وبذلك قال عطاء ‪ ،‬وماهد ‪ ،‬والشعب ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬والوزاعي ‪،‬‬

‫‪210‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإسحاق ‪ .‬وقال الزهري ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬وأصحاب الرأي ‪ :‬ليس له الرجوع‬
‫لنه ملكها ذلك ‪ ،‬فلم يلك الرجوع ‪ .‬قال ‪ :‬وإن وطئها الزوج ‪ ،‬كان رجوعا ‪ ،‬لنه‬
‫نوع توكيل ‪ .‬والتصرف فيما وكل فيه يبطل الوكالة ‪ .‬وإن ردت الرأة ما جعل إليها‬
‫بطل كما ‪ /‬صفحة ‪ / 285‬تبطل الوكالة بفسخ التوكيل ( ‪ ) 3 ( . ) 1‬طلقي نفسك‬
‫إن شئت ‪ :‬قالت الحناف ‪ " :‬من قال لمرأته طلقي نفسك ‪ ،‬ول نية له ‪ ،‬أو نوى‬
‫طلقة واحدة فقالت ‪ :‬طلقت نفسي ‪ ،‬فهي واحدة رجعية ‪ .‬وإن طلقت نفسها ثلثا ‪،‬‬
‫وقد أراد الزوج ذلك ‪ ،‬وقعن عليها ‪ ،‬وإن قال لا طلقي نفسك ‪ ،‬فقالت أبنت‬
‫نفسي ‪ ،‬طلقت ‪ ،‬وإن قالت قد اخترت نفسي ل تطلق ‪ ،‬وإن قال لا ‪ :‬طلقي نفسك‬
‫مت شئت ‪ .‬فلها أن تطلق نفسها ف الجلس وبعده ‪ .‬وإذا قال لرجل ‪ :‬طلق امرأت ‪،‬‬
‫فله أن يطلقها ف الجلس وبعده ‪ .‬ولو قال لرجل طلقها إن شئت ‪ ،‬فله أن يطلقها ف‬
‫الجلس خاصة ‪ .‬التوكيل ‪ :‬إذا جعل أمر امرأته بيد غيه صح ‪ .‬وحكمه حكم ما لو‬
‫جعله بيدها ‪ ،‬ف أنه بيده ف الجلس وبعده ‪ .‬ووافق الشافعي على هذا ف حق غيها‬
‫لنه توكيل ‪ ،‬وسواء قال ‪ :‬أمر امرأت بيدك ‪ ،‬أو قال ‪ :‬جعلت لك اليار ف طلق‬
‫امرأت ‪ ،‬أو قال طلق امرأت ‪ .‬وقال أصحاب أب حنيفة ‪ :‬ذلك مقصور على الجلس‬
‫لنه نوع تيي أشبه ما لو قال اختاري ‪ .‬قال صاحب الغن ‪ :‬ولنا أنه توكيل مطلق ‪:‬‬
‫فكان على التراخي ‪ :‬كالتوكيل ف البيع ‪ ،‬وإذا ثبت هذا فإن له أن يطلقها ما ل يفسخ‬
‫أو يطأها ‪ ،‬وله أن يطلق واحدة وثلثا ‪ ،‬كالرأة ‪ ،‬وليس له أن يعل المر إل بيد من‬
‫يوز توكيله وهو العاقل ‪ .‬فأما الطفل والجنون ‪ ،‬فل يصح أن يعل المر بأيديهم فإن‬
‫فعل فطلق واحد منهم ل يقع طلقه ‪ .‬وقال أصحاب الرأي ‪ :‬يصح ( ‪ ( . ) 2‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬الغن ص ‪ 288‬ج‍ ‪ ) 2 ( . 8‬الغن ‪ :‬ص ‪ / ) . ( 292‬صفحة ‪ / 286‬التعميم‬
‫( ‪ ) 1‬والتقييد ف هذه الصيغ ‪ :‬هذه الصيغ قد تكون مطلقة ‪ ،‬بأن يعل أمرها بيدها ‪،‬‬
‫أو أن تتار نفسها دون تقييد بشئ يزيد على الصيغة ‪ .‬وف هذه الالة للزوجة أن‬
‫تطلق نفسها ف ملس التفويض فقط إن كانت حاضرة فيه ‪ ،‬وإن كانت غائبة عنه كان‬
‫لا ذلك الق ف ملس علمها به فقط ‪ ،‬حت لو انتهى أو تغي ملس التفويض أو ملس‬
‫العلم ‪ ،‬ول تطلق نفسها ل يكن لا هذا الق بعد ذلك ‪ ،‬لن الصيغة مطلقة ‪ ،‬فتنصرف‬

‫‪211‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إل الجلس ‪ ،‬فإذا فات فل تلكه ‪ .‬وهذا الكم ف حالة ما إذا ل تقم قرينة تدل على‬
‫تعميم التفويض ‪ ،‬كأن يكون هذا التفويض حي عقد الزواج ‪ ،‬لنه ل يعقل أن يقصد‬
‫الفوض تليكها تطليق نفسها ف نفس ملس زوجها ‪ ،‬فالصيغة تفيد التعميم بدللة‬
‫الال ‪ .‬وقد صدر من بعض الاكم الشرعية الصرية الزئية حكم بن على أن‬
‫التفويض إذا كان ف حي عقد الزواج وبصيغة مطلقة ‪ ،‬ل يتقيد بالجلس ‪ ،‬وللزوجة‬
‫أن تطلق نفسها مت شاءت ‪ ،‬وإل خل التفويض من الفائدة ‪ ،‬وأيد هذا الكم استئنافيا‬
‫‪ .‬وقد تكون هذه الصيغ عامة ‪ .‬كأن يقول لا اختاري نفسك مت شئت ‪ ،‬أو أمرك‬
‫بيدك كلما أردت ‪ ،‬وف هذه الال لا أن تطلق نفسها ف أي وقت ‪ ،‬لنه ملكها حق‬
‫تطليق نفسها ملكا عاما ‪ ،‬فلها أن تستعمل هذا الق فتطلق نفسها ف أي وقت ‪ .‬وقد‬
‫تكون هذه الصيغ مؤقتة بوقت معي ‪ ،‬كأن يعل أمرها بيدها مدة سنة ‪ ،‬وف هذه‬
‫الال للزوجة أن تطلق نفسها ف الوقت العي فقط ‪ ،‬وأما بعد مضيه فل حق لا ف‬
‫التطليق ‪ .‬التفويض ( ‪ ) 2‬حي العقد وبعده ‪ :‬ويوز التفويض حي عقد الزواج أو‬
‫بعده ‪ ،‬إل أنه يشترط فيه حي عقد ( هامش ) ( ‪ ) 2 ، 1‬أحكام الحوال الشخصية‬
‫ف الشريعة السلمية ص ‪ / ) . ( . 152‬صفحة ‪ / 287‬الزواج عند الحناف أن‬
‫يكون البادئ به هو الزوجة ‪ ،‬مثل أن تقول الرأة للرجل ‪ :‬زوجت نفسي منك على أن‬
‫يكون أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد ‪ .‬فيقول لا ‪ :‬قبلت ‪ ،‬فبهذا القبول يتم‬
‫الزواج ‪ ،‬ويصح التطليق ‪ ،‬ويكون لا الق ف أن تطلق نفسها كلما أرادت ‪ ،‬لن‬
‫قبوله ينصرف إل الزواج ث إل التفويض ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 287‬‬
‫أما إذا كان البادئ بالياب القترن بالتفويض هو الزوج كأن يقول رجل لمرأته ‪:‬‬
‫تزوجتك على أن تكون عصمتك بيدك تطلقي نفسك كلما أردت ‪ .‬فتقول ‪ :‬قبلت ‪،‬‬
‫فبهذا يتم الزواج ول يصح التفويض ‪ ،‬ول يكون للزوجة الق ف أن تطلق نفسها ‪.‬‬
‫والفرق بي الصورتي أنه ف الصورة الول ‪ ،‬قبل الزوج التفويض بعد تام العقد ‪،‬‬
‫فيكون قد ملك التطليق بعد أن ملكه بتمام عقد الزواج ‪ .‬أما ف الثانية ‪ ،‬فإن ملك‬

‫‪212‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التطليق قبل أن يلكه لنه ملكه قبل تام عقد الزواج إذ ل يصدر إل الياب وحده ‪.‬‬
‫الالت الت يطلق فيها القاضي الالت الت يطلق فيها القاضي صدر با قانون سنة‬
‫‪ 1920‬وسنة ‪ ، 1929‬وهي مستمدة من اجتهاد الفقهاء ‪ ،‬حيث ل يرد با نص‬
‫صحيح صريح ‪ ،‬وقد روعي فيها التيسي على الناس تنبا للحرج ‪ ،‬وتشيا مع روح‬
‫السلم السمحة ‪ .‬جاء ف القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1920‬النص على التطليق لعدم‬
‫النفقة ‪ ،‬والتطليق للعيب ‪ .‬وجاء ف القانون رقم ‪ 25‬سنة ‪ 1929‬النص على التطليق‬
‫للضرر ‪ ،‬والتطليق لغيبة الزوج بل عذر ‪ ،‬والتطليق لبسه ‪ .‬ونورد فيما يلي حكم كل‬
‫‪ ،‬مع مواد القانون الاصة به ما عدا حكم التطليق للعيب ‪ ،‬فقد تقدم الكلم عليه ف‬
‫أول هذا الجلد ‪ .‬التطليق لعدم النفقة ‪ :‬ذهب المام مالك والشافعي وأحد إل جواز‬
‫التفريق لعدم النفقة ( ‪ ) 1‬بكم ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي القصود بالنفقة الضرورية من‬
‫الغذاء والكساء والسكن ف أدن صورها ‪ .‬والقصود ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 288‬القاضي‬
‫إذا طلبته الزوجة ( ‪ ، ) 1‬وليس له مال ظاهر ‪ ،‬واستدلوا لذهبهم هذا با يأت ‪- 1 :‬‬
‫أن الزوج مكلف بأن يسك زوجته بالعروف أو يسرحها ويطلقها بإحسان ‪ ،‬لقول ال‬
‫سبحانه ‪ " :‬فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان " ‪ .‬ول شك أن عدم النفقة يناف‬
‫المساك بعروف ‪ - 2 .‬أن ال تعال يقول ‪ " :‬ول تسكوهن ضرارا لتعتدوا " ‪.‬‬
‫والرسول ‪ :‬يقول ‪ " :‬ل ضرر ول ضرار " ‪ .‬وأي إضرار ينل بالرأة أكثر من ترك‬
‫النفاق عليها ‪ .‬وإن على القاضي أن يزيل هذا الضرر ‪ - 3 .‬وإذا كان من القرر أن‬
‫يفرق القاضي من أجل الغيب بالزوج فإن عدم النفاق يعد أشد إيذاءا للزوجة وظلما‬
‫لا من وجود عيب بالزوج ‪ ،‬فكان التفريق لعدم النفاق أول ‪ .‬وذهب الحناف إل‬
‫عدم جواز التفريق لعدم النفاق سواء أكان السبب مرد المتناع ام العسار والعجز‬
‫عنها ودليلهم ف هذا ‪ - 1 :‬أن ال سبحانه قال ‪ " :‬لينفق ذو سعة من سعته ‪ ،‬ومن‬
‫قدر عليه رزقه فلينفق ما آتاه ال ‪ ،‬ل يكلف ال نفسا إل ما آتاها سيجعل ال بعد‬
‫عسرا يسرا " ( ‪ . ) 2‬وقد سئل المام الزهري عن رجل عاجز عن نفقة زوجته ‪:‬‬
‫أيفرق بينهما ؟ قال ‪ :‬تستأن به ‪ ،‬ول يفرق بينهما ‪ ،‬وتل الية السابقة ‪ - 2 .‬أن‬
‫الصحابة كان منهم الوسر والعسر ‪ ،‬ول يعرف عن أحد منهم أن النب صلى ال عليه‬

‫‪213‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم فرق بي رجل وامرأته ‪ ،‬بسبب عدم النفقة لفقره وإعساره ‪ - 3 .‬وقد سأل‬
‫نساء النب صلى ال عليه وسلم النب ما ليس عنده ‪ ،‬فاعتزلن ( هامش ) بعدم النفقة‬
‫ف الاضر والستقبل ‪ ،‬أما ف الاضي فانه ل يقتضي الطالبة بالتفريق ول تاب إليه‬
‫الرأة إذا طلبته بل تكون النفقة دينا ف الذمة " وإن كان ذو عسرة فنظرة إل ميسرة "‬
‫‪ ) 1 ( .‬فان كان له مال ظاهر فانه ل يفرق بينه وبي زوجته وينفذ حكم النفقة فيه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬سورة الطلق آية ‪ / ) . ( . 7‬صفحة ‪ / 289‬شهرا ‪ ،‬وكان ذلك عقوبة لن ‪،‬‬
‫وإذا كانت الطالبة با ل يلك الزوج تستحق العقاب ‪ ،‬فأول أن يكون طلب التفريق‬
‫عند العسار ظلما ل يلتفت إليه ‪ - 4‬قالوا ‪ :‬وإذا كان المتناع عن النفاق مع‬
‫القدرة عليه ظلما ‪ ،‬فإن الوسيلة ف رفع هذا الظلم هي بيع ماله للنفاق منه ‪ ،‬أو‬
‫حبسه حت ينفق عليها ‪ ،‬ول يتعي التفريق لدفع هذا الظلم مادام هناك وسائل أخرى ‪،‬‬
‫وإذا كان كذلك فالقاضي ل يفرق بذا السبب لن التفريق أبغض اللل إل ال من‬
‫الزوج صاحب الق ‪ ،‬فكيف يلجأ القاضي إليه مع أنه غي متعي ‪ ،‬وليس هو السبيل‬
‫الوحيدة لرفع الظلم ‪ .‬هذا إذا كان قادرا على النفاق ‪ ،‬فإن كان معسرا فإنه ل يقع‬
‫منه ظلم لن ال ل يكلف نفسا إل ما آتاها ‪ .‬مادة ( ‪ : ) 5‬إذا كان الزوج غائبا غيبة‬
‫قريبة ‪ ،‬فإن كان له مال ظاهر نفذ الكم عليه بالنفقة ف ماله ‪ ،‬وإن ل يكن له مال‬
‫ظاهر أعذر إليه القاضي بالطرق العروفة ‪ ،‬وضرب له أجل ‪ ،‬فإن ل يرسل ما تنفق منه‬
‫زوجته على نفسها ‪ ،‬أو ل يضر للنفاق عليها ‪ ،‬طلق عليه القاضي بعد مضي الجل ‪.‬‬
‫فإذا كان بعيد الغيبة ل يسهل الوصول إليه ‪ ،‬أو كان مهول الحل ‪ ،‬أو كان مفقودا ‪،‬‬
‫وثبت أنه ل مال له تنفق منه الزوجة ‪ ،‬طلق عليه القاضي ‪ .‬وتسري أحكام هذه الادة‬
‫على السبحون الذي يعسر بالنفقة ‪ .‬مادة ( ‪ : ) 6‬تطليق القاضي لعدم النفاق يقع‬
‫رجعيا ‪ ،‬وللزوج أن يراجع زوجته إذا ثبت إيساره واستعد للنفاق ف أثناء العدة فإذا‬
‫ل يثبت إيساره ول يستعد للنفاق ل تصح الرجعة ‪ .‬التطليق للضرر ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 289‬‬

‫‪214‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذهب المام مالك ( ‪ : ) 1‬أن للزوجة أن تطلب من القاضي التفريق إذا ادعت إضرار‬
‫الزوج با إضرارا ل يستطاع معه دوام العشرة بي أمثالما ‪ ،‬مثل ‪ :‬ضربا ‪ ،‬أو سبها ‪،‬‬
‫أو إيذائها بأي نوع من أنواع اليذاء الذي ل يطاق ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ومثله مذهب‬
‫أحد ‪ ،‬وخالف ف ذلك أبو حنيفة والشافعي ‪ ،‬فلم يذهبا إل التفريق بسبب الضرر ‪،‬‬
‫لمكان إزالته بالتعزير وعدم إجبارها على طاعته ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 290‬أو إكراهها‬
‫على منكر من القول أو الفعل ‪ .‬فإذا ثبتت دعواها لدى القاضي ببينة الزوجة ‪ ،‬أو‬
‫اعتراف الزوج ‪ ،‬وكان اليذاء ما ل يطاق معه دوام العشرة بي أمثالما وعجز‬
‫القاضي عن الصلح بينهما طلقها طلقة بائنة ‪ .‬وإذا عجزت عن البينة ‪ ،‬أو ل يقر‬
‫الزوج رفضت دعواها ‪ .‬فإذا تكررت منها الشكوى ‪ .‬وطلبت التفريق ‪ ،‬ول يثبت‬
‫لدى الحكمة صدق دعواها ‪ ،‬عي القاضي حكمي بشرط أن يكونا رجلي عدلي‬
‫راشدين ‪ ،‬لا خبة بالما ‪ ،‬وقدرة على الصلح بينهما ‪ .‬ويسن أن يكونا من أهلهما‬
‫إن أمكن ‪ .‬وإل فمن غيهم ‪ ،‬ويب عليهما تعرف أسباب الشقاق بي الزوجي ‪،‬‬
‫والصلح بينهما بقدر المكان ‪ ،‬فإن عجزا عن الصلح وكانت الساءة من‬
‫الزوجي ‪ ،‬أو من الزوج ‪ ،‬أو ل تتبي القائق ‪ ،‬قررا التفريق بينهما بطلقة بائنة ( ‪) 1‬‬
‫وإن كانت الساءة من الزوجة فل يفرق بينهما بالطلق ‪ .‬وإنا يفرق بينهما باللع ‪.‬‬
‫وإن ل يتفق الكمان على رأي أمرها القاضي بإعادة التحقيق والبحث فإن ل يتفقا‬
‫على رأي استبدلما بغيها ‪ .‬وعلى الكمي أن يرفعا إل القاضي ما يستقر عليه‬
‫رأيهما ‪ .‬يب عليه أن ينفذ حكمهما ‪ .‬وأصل ذلك كله قول ال سبحانه ‪ " :‬وإن‬
‫خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ‪ ،‬إن يريدا إصلحا يوفق‬
‫ال بينهما " ( ‪ ، ) 2‬وال تعال يقول أيضا ‪ " :‬فإمساك بعروف أو تسريح بإحسان "‬
‫وقد فات المساك بعروف ‪ ،‬فتعي التسريح بإحسان والرسول عليه الصلة والسلم‬
‫يقول ‪ " :‬لضرر ول ضرار " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ذهب أبو حنيفة وأحد والشافعي ‪-‬‬
‫ف أحد قوليه ‪ -‬إل أنه ليس للحكمي أن يطلقا إل أن يعل الزوج ذلك إليهما ‪ .‬وقال‬
‫مالك والشافعي ‪ :‬إن رأيا الصلح بعوض أو بغي عوض جاز ‪ ،‬وإن رأيا اللع جاز ‪،‬‬
‫وإن رأى الذي من قبل الزوج الطلق طلق ‪ ،‬ول يتاج إل إذن الزوج ف الطلق ‪،‬‬

‫‪215‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهذا مبن على أنما حكمان ل وكيلن ‪ ) 2 ( .‬النساء آية ‪ / ) . ( . 35‬صفحة‬
‫‪ / 291‬وجاء ف قانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ ( . 1929‬مادة ‪ " : ) 6‬إذا ادعت الزوجة‬
‫إضرار الزوج با با ل يستطاع معه دوام العشرة بي أمثالما ‪ ،‬يوز لا أن تطلب من‬
‫القاضي التفريق ‪ ،‬وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن‬
‫الصلح بينهما ‪ .‬فإذا رفض الطلب ث تكررت الشكوى ‪ ،‬ول يثبت الضرر ‪ ،‬بعث‬
‫القاضي حكمي وقضى على الوجه البي بالواد " ‪ . " 11 ، 10 ، 9 ، 8 ، 7‬مادة (‬
‫‪ " : ) 7‬يشترط ف الكمي أن يكونا رجلي عدلي من أهل الزوجي إن أمكن ‪ ،‬وإل‬
‫فمن غيهم ‪ ،‬من له خبة بالما ‪ ،‬وقدرة على الصلح بينهما ‪ .‬مادة ( ‪ : ) 8‬على‬
‫الكمي أن يتعرفا أسباب الشقاق بي الزوجي ويبذل جهدها ف الصلح ‪ ،‬فإن‬
‫أمكن على طريقة معينة قرراها ‪ .‬مادة ( ‪ : ) 9‬إذا عجز الكمان عن الصلح‬
‫وكانت الساءة من الزوج أو منهما ‪ ،‬أو جهل الال قررا التفريق بطلقة بائنة ‪ .‬مادة (‬
‫‪ : ) 10‬إذا اختلف الكمان أمرها القاضي بعاودة البحث فان استمر اللف بينهما‬
‫حكم غيها ‪ .‬على الكمي أن يرفعا إل القاضي ما يقررانه ‪ ،‬وعلى القاضي أن يكم‬
‫بقتضاه ‪ .‬التطليق لغيبة الزوج ‪ :‬التطليق لغيبة الزوج هو مذهب مالك وأحد ( ‪، ) 1‬‬
‫دفعا للضرر عن الرأة ‪ ،‬فللمرأة أن تطلب التفريق إذا غاب عنها زوجها ولو كان له‬
‫مال تنفق منه ‪ ،‬بشرط ‪ - 1 :‬أن يكون غياب الزوج عن زوجته لغي عذر مقبول ‪2 .‬‬
‫‪ -‬أن تتضرر بغيابه ‪ - 3 .‬أن تكون الغيبة ف بلد غي الذي تقيم فيه ‪ - 4 .‬أن تر‬
‫سنة تتضرر فيها الزوجة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬مالك يرى أنه طلق بائن وأحد يرى أنه‬
‫فسخ ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 292‬فإن كان غيابه عن زوجته بعذر مقبول ‪ :‬كغيابه لطلب‬
‫العلم ‪ ،‬أو مارسة التجارة ‪ ،‬أو لكونه موظفا خارج البلد ‪ ،‬أو مندا ف مكان ناء ‪ ،‬فإن‬
‫ذلك ل ييز طلب التفريق ‪ ،‬وكذلك إذا كانت الغيبة ف البلد الذي تقيم فيه ‪.‬‬
‫وكذلك لا الق ف أن تطلب التفريق للضرر الواقع عليها لبعد زوجها عنها ل لغيابه ‪.‬‬
‫ولبد من مرور سنة يتحقق فيها الضرر بالزوجة وتشعر فيها بالوحشة ‪ ،‬ويشى فيها‬
‫على نفسها من الوقوع فيما حرم ال ‪ .‬والتقدير بسنة قول عند المام مالك ( ‪. ) 1‬‬
‫وقيل ‪ :‬ثلث سني ‪ ،‬ويرى أحد ‪ :‬أن أدن مدة يوز أن تطلب التفريق بعدها ستة‬

‫‪216‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أشهر ‪ ،‬لنا أقصى مدة تستطيع الرأة فيها الصب عن غياب زوجها كما تقدم ذلك ف‬
‫فصل سابق ‪ ،‬واستفتاء عمر وفتوى حفصة رضي ال عنهما ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 292‬‬
‫التطليق لبس الزوج ‪ :‬وما يدخل ف هذا الباب ‪ -‬عند مالك وأحد ‪ -‬التطليق لبس‬
‫الزوج ‪ ،‬لن حبسه يوقع بالزوجة الضرر ‪ ،‬لبعده عنها ‪ .‬فإذا صدر الكم بالسجن‬
‫لدة ثلث سني ‪ ،‬أو أكثر ‪ ،‬وكان الكم نائيا ‪ ،‬ونفذ على الزوج ‪ ،‬ومضت سنة‬
‫فأكثر من تاريخ تنفيذه ‪ ،‬فللزوجة أن تطلب من القاضي الطلق لوقوع الضرر با‬
‫بسبب بعده عنها ‪ .‬فإذا ثبت ذلك طلقها القاضي طلقة بائنة عند مالك ‪ ،‬ويعتب ذلك‬
‫فسخا عند أحد ‪ .‬قال ابن تيمية ‪ :‬وعلى هذا فالقول ف امرأة السي والحبوس‬
‫ونوها من تعذر انتفاع امرأته به ‪ ،‬كالقول ف امرأته الفقود بالجاع ‪ .‬وجاء ف‬
‫القانون مادة ( ‪ " : ) 12‬إذا غاب الزوج سنة فأكثر بل عذر مقبول ‪ ،‬جاز لزوجته أن‬
‫تطلب إل القاضي تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده عنها ‪ ،‬ولو كان له مال تستطيع‬
‫النفاق منه " ‪ .‬مادة ( ‪ " : ) 13‬إن أمكن وصول الرسائل إل الغائب ضرب له‬
‫القاضي ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الراد بالسنة السنة الللية ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 293‬أجل و‬
‫أعذر إليه ‪ ،‬بأنه يطلقها عليه إن ل يضر للقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها ‪ .‬فإذا‬
‫انقضى الجل ‪ ،‬ول يفعل ‪ ،‬ول يبد عذرا مقبول ‪ ،‬فرق القاضي بينهما بتطليقة بائنة ‪،‬‬
‫وإن ل يكن وصول الرسائل إل الغائب طلقها القاضي عليه بل إعذار وضرب أجل "‬
‫‪ .‬مادة ( ‪ " : ) 14‬لزوجة الحبوس الحكوم عليه نائيا بعقوبة مقيدة للحرية مدة‬
‫ثلث سني فأكثر ‪ ،‬أن تطلب للقاضي بعد مضي سنة من حبسه التطليق عليه بائنا‬
‫للضرر ولو كان له مال تستطيع النفاق منه ‪ .‬أما التفريق للعيب فقد تقدم القول فيه‬
‫ف فصل سابق ‪ / .‬صفحة ‪ / 294‬اللع الياة الزوجية ل تقوم إل على السكن ‪،‬‬
‫والودة ‪ ،‬والرحة ‪ ،‬وحسن العاشرة ‪ ،‬وأداء كل من الزوجي ما عليه من حقوق ‪ .‬وقد‬
‫يدث أن يكره الرجل زوجته ‪ ،‬أو تكره هي زوجها ‪ .‬والسلم ف هذه الال يوصي‬
‫بالصب والحتمال ‪ ،‬وينصح بعلج ما عسى أن يكون من أسباب الكراهية ‪ ،‬قال ال‬

‫‪217‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعال ‪ " :‬وعاشروهن بالعروف ‪ ،‬فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ‪ ،‬ويعل ال‬
‫فيه خيا كثيا " ( ‪ . ) 1‬وف الديث الصحيح ‪ " :‬ل يفرك مؤمن مؤمنة ‪ ،‬إن كره‬
‫منها خلقا رضي منها خلقا آخر " ‪ .‬إل أن البغض قد يتضاعف ‪ ،‬ويشتد الشقاق ‪،‬‬
‫ويصعب العلج ‪ ،‬وينفد الصب ‪ ،‬ويذهب ما أسس عليه البيت من السكن والودة ‪،‬‬
‫والرحة ‪ ،‬وأداء القوق ‪ .‬وتصبح الياة الزوجية غي قابلة للصلح ‪ ،‬وحينئذ يرخص‬
‫السلم بالعلج الوحيد الذي لبد منه ‪ .‬فإن كانت الكراهية من جهة الرجل ‪ ،‬فبيده‬
‫الطلق ‪ ،‬وهو حق من حقوقه ‪ ،‬وله أن يستعمله ف حدود ما شرع ال ‪ .‬وان كانت‬
‫الكراهية من جهة الرأة ‪ ،‬فقد أباح لا السلم أن تتخلص من الزوجية بطريق اللع ‪،‬‬
‫بأن تعطي الزوج ما كان أخذ ت منه باسم الزوجية لينهي علقته با ‪ .‬وف ذلك يقول‬
‫ال سبحانه وتعال ‪ " :‬ول يل لكم أن تأخذوا ما آتيتموهن شيئا ‪ ،‬إل أن يافا أل‬
‫يقيما حدود ال ‪ ،‬فإن خفتم أل يقيما حدود ال فل جناح عليهما فيما افتدت به " (‬
‫‪ . ) 2‬وف أخذ الزوج الفدية عدل وإنصاف ‪ ،‬إذ أنه هو الذي أعطاها الهر ( هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪ ) 2 ( . 19‬سورة البقرة ‪ / ) . ( . 229‬صفحة ‪/ 295‬‬
‫وبذل تكاليف الزواج ‪ ،‬والزفاف ‪ ،‬وأنفق عليها ‪ ،‬وهي الت قابلت هذا كله‬
‫بالحود ‪ ،‬وطلبت الفراق ‪ ،‬فكان من النصفة أن ترد عليه ما أخذت ‪ .‬وإن كانت‬
‫الكراهية منهما معا ‪ :‬فإن طلب الزوج التفريق فبيده الطلق وعليه تبعاته ‪ ،‬وإن طلبت‬
‫الزوجة الفرقة ‪ ،‬فبيدها اللع وعليها تبعاته كذلك ‪ .‬قيل إن اللع وقع ف الاهلية ‪.‬‬
‫ذلك أن عامر بن الظرب زوج ابنته ابن أخيه ‪ ،‬عامر بن الارث ‪ ،‬فلما دخلت عليه ‪،‬‬
‫نفرت منه ‪ ،‬فشكا إل أبيها ‪ ،‬فقال ‪ : :‬ل أجع عليك فراق أهلك ومالك وقد خلعتها‬
‫منك با أعطيتها ‪ .‬تعريفه ‪ :‬واللع الذي أباحه السلم مأخوذ من خلع الثوب إذا‬
‫أزاله ‪ ،‬لن الرأة لباس الرجل ‪ ،‬والرجل لباس لا ‪ .‬قال ال تعال ‪ " :‬هن لباس لكم ‪،‬‬
‫وأنتم لباس لن " ( ‪ . ) 1‬ويسمى الفداء ‪ ،‬لن الرأة تفتدي نفسها با تبذله لزوجها ‪.‬‬
‫وقد عرفه الفقهاء بأنه " فراق الرجل زوجته يبدل يصل له " ‪ .‬والصل فيه ما رواه‬
‫البخاري ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬عن ابن عباس ‪ .‬قال ‪ " :‬جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شاس‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت ‪ :‬يا رسول ال ما أعتب عليه ف خلق‬

‫‪218‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ولدين ( ‪ ) 1‬ولكن أكره الكفر ف السلم ‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫أتردين عليه حديقته ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬فقال ‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬اقبل‬
‫الديقة وطلقها تطليقة " ‪ .‬ألفاظ اللع ‪ :‬والفقهاء يرون أنه لبد ف اللع من أن‬
‫يكون بلفظ اللع أو بلفظ مشتق منه ‪ .‬أو لفظ يؤدي معناه ‪ .‬مثل البارأة والفدية ‪.‬‬
‫فإذا ل يكن بلفظ اللع ول ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة آية ‪ ) 2 ( . 187‬أي أنا‬
‫ل تريد مفارقته لسوء خلقه ‪ ،‬ول لنقصان دينه ‪ ،‬ولكن كانت تكرهه لدمامته ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 295‬‬
‫وهي تكره أن تملها الكراهية على التقصي فيما يب له من حق ‪ ،‬والقصود بالكفر‬
‫كفران العشي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 296‬بلفظ فيه معناه ‪ .‬كأن يقول لا ‪ :‬أنت طالق ف‬
‫مقابل مبلغ كذا ‪ ،‬وقبلت ‪ ،‬كان طلقا على مال ول يكن خلعا ‪ .‬وناقش ابن القيم هذا‬
‫الرأي فقال ‪ " :‬ومن نظر إل حقائق العقود ومقاصدها دون ألفاظها ‪ :‬يعد اللع فسخا‬
‫بأي لفظ كان ‪ ،‬حت بلفظ الطلق " ‪ .‬وهذا أحد الوجهي لصحاب أحد ‪ .‬وهو‬
‫إختيار شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬ونقل عن ابن عباس ‪ .‬ث قال ابن تيمية ‪ " :‬ومن اعتب‬
‫اللفاظ ووقف معها واعتبها ف أحكام العقود جعله " بلفظ الطلق طلقا " ‪ .‬ث قال‬
‫ابن القيم مرجحا هذا الرأي ‪ .‬وقواعد الفقه وأصوله تشهد أن الرعي ف العقود‬
‫حقائقها ومعانيها ‪ ،‬ل صورها وألفاظها ‪ .‬وما يدل على هذا أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬أمر ثابت بن قيس أن يطلق امرأته ف اللع تطليقة ‪ ،‬ومع هذا أمرها أن تعتد‬
‫بيضة وهذا صريح ف أنه فسخ ‪ ،‬ولو وقع بلفظ الطلق ‪ .‬وأيضا فإنه سبحانه علق‬
‫عليه أحكام الفدية بكونه فدية ومعلوم أن الفدية ل تتص بلفظ ‪ ،‬ول يعي ال سبحانه‬
‫لا لفظا معينا ‪ .‬وطلق الفداء طلق مقيد ‪ ،‬ول يدخل تت أحكام الطلق الطلق ‪.‬‬
‫كما ل يدخل تتها ف ثبوت الرجعة والعتداد بثلثة قروء بالسنة الثابتة ( ‪. " ) 1‬‬
‫العوض ف اللع ‪ :‬اللع ‪ -‬كما سبق ‪ -‬إزالة ملك النكاح ف مقابل مال ‪ .‬فالعوض‬
‫جزء أساسي من مفهوم اللع ‪ .‬فإذا لا يتحقق العوض ل يتحقق اللع ‪ .‬فإذا قال‬
‫الزوج لزوجته ‪ :‬خالعتك ‪ ،‬وسكت ‪ .‬ل يكن ذلك خلعا ‪ ،‬ث إنه إن نوى الطلق ‪،‬‬

‫‪219‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كان طلقا رجعيا ‪ .‬وإن ل ينو شيئا ل يقع به شئ ‪ ،‬لنه من ألفاظ الكتابة الت تفتقر إل‬
‫النية ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬زاد اليعاد ص ‪ 27‬ج‍ ‪ / ) . ( . 4‬صفحة ‪ / 297‬كل ما جاز‬
‫أن يكون مهرا جاز أن يكون عوضا ف اللع ‪ :‬ذهبت الشافعية إل أنه لفرق ف جواز‬
‫اللع ‪ ،‬بي أن يالع على الصداق ‪ ،‬أو على بعضه ‪ ،‬أو على مال آخر ‪ ،‬سواء كان‬
‫أقل من الصداق أم أكثر ‪ .‬ولفرق بي العي ‪ ،‬والدين والنفعة ‪ .‬وضابطه أن " كل ما‬
‫جاز أن يكون صداقا جاز أن يكون عوضا ف اللع " لعموم قوله تعال ‪ " :‬فل جناح‬
‫عليهما فيما افتدت به " ‪ .‬ولنه عقد على بضع فأشبه النكاح ‪ .‬ويشترط ف عوض‬
‫اللع أن يكون معلوما متمول ‪ ،‬مع سائر شروط العواض ‪ ،‬كالقدرة على التسليم ‪،‬‬
‫استقرار اللك وغي ذلك ‪ ،‬لن اللع عقد معاوضة ‪ ،‬فأشبه البيع والصداق ‪ ،‬وهذا‬
‫صحيح ف اللع الصحيح ‪ .‬أما اللع الفاسد فل يشترط العلم به ‪ ،‬فلو خالعها على‬
‫مهول ‪ ،‬كثوب غي معي ‪ ،‬أو على حل هذه الدابة ‪ ،‬أو خالعها بشرط فاسد ‪.‬‬
‫كشرط أل ينفق عليها وهي حامل ‪ ،‬أو لسكن لا ‪ ،‬أو خالعها بألف إل أجل مهول‬
‫ونو ذلك ‪ -‬بانت منه بهر الثل ‪ .‬أما حصول الفرقة ‪ ،‬فلن اللع ‪ ،‬إما فسخ أو‬
‫طلق ‪ ،‬فإن كان فسخا فالنكاح ل يفسد بفساد العوض ‪ ،‬فكذا فسخه ‪ ،‬إذ الفسوخ‬
‫تكي العقود ‪ .‬وإن كان طلقا ‪ ،‬فالطلق يصل بل عوض ‪ ،‬وماله حصول بل عوض‬
‫فيحسن مع فساد العوض ‪ ،‬كالنكاح ‪ ،‬بل أول ‪ ،‬ولقوة الطلق وسرايته ‪ .‬أما الرجوع‬
‫إل مهر الثل ‪ ،‬فلن قضية فساد العوض ارتداد العوض الخر ‪ .‬والبضع ل يرتد بعد‬
‫حصول الفرقة ‪ ،‬فوجب رد بدله ‪ .‬ويقاس با ذكرنا ما يشبهه ‪ ،‬لن ما ل يكن ركنا ف‬
‫شئ ل يضر الهل به كالصداق ‪ .‬ومن صور ذلك ما لو خالعها على ما ف كفها ‪ ،‬ول‬
‫يعلم ‪ ،‬فإنا تبي منه بهر الثل ‪ .‬فإن ل يكن ف كفها شئ ‪ .‬ففي الوسيط أنه يقع طلقا‬
‫رجعيا ‪ ،‬والذي نقله غيه أنه يقع بائنا بهر الثل ‪ .‬أما الالكية فقالوا ‪ :‬يوز اللع‬
‫بالغرر كجني ببطن بقرة أو غيه ‪ / ،‬صفحة ‪ / 298‬فلو نفق ( ‪ ) 1‬المل فل شئ‬
‫له ‪ ،‬وبانت ‪ .‬وجاز بغي موصوف ‪ ،‬وبثمرة ل يبد صلحها ‪ ،‬وبإسقاط حضانتها لولده‬
‫‪ .‬وينتقل الق له ‪ .‬وإذا خالعها بشئ حرام ‪ .‬كخمر ‪ ،‬أو مسروق علم به ‪ ،‬فل شئ له‬
‫‪ ،‬وبانت ‪ ،‬وأريق المر ‪ ،‬ورد السروق لربه ‪ ،‬ول يلزم الزوجة شئ بدل ذلك ‪ ،‬حيث‬

‫‪220‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كان الزوج عالا بالرمة ‪ ،‬علمت هي أم ل ‪ .‬أما لو علمت هي بالرمة دونه فل يلزمه‬
‫اللع ‪ .‬الزيادة ف اللع على ما أخذت الزوجة من الزوج ‪ :‬ذهب جهور الفقهاء إل‬
‫أنه يوز أن يأخذ الزوج من الزوجة زيادة على ما أخذت منه ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬فل‬
‫جناح عليهما فيما افتدت به ( ‪ . " ) 2‬وهذا عام يتناول القليل والكثي ‪ .‬روى‬
‫البيهقي عن أب سعيد الدري قال ‪ " :‬كانت أخت تت رجل من النصار ‪ ،‬فارتفعا إل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬أتردين حديقته ؟ قالت ‪ :‬وأزيد عليها ‪ ،‬فردت‬
‫عليه حديقته وزادته ( ‪ . " ) 3‬ويرى بعض العلماء ‪ :‬أنه ل يوز للزوج أن يأخذ منها‬
‫أكثر ما أخذت منه ‪ ،‬لا رواه الدارقطن بإسناد صحيح ‪ " :‬أن أبا الزبي قال ‪ :‬إنه كان‬
‫أصدقها حديقة ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أتردين عليه حديقته الت أعطاك ‪.‬‬
‫قالت ‪ :‬نعم وزيادة ‪ .‬فقال‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 298‬‬
‫النب صلى ال وسلم ‪ :‬أما الزيادة فل ‪ ،‬ولكن حديقته ‪ .‬قالت ‪ :‬نعم " ‪ .‬وأصل‬
‫اللف ف هذه السألة اللف ف تصيص عموم الكتاب بالحاديث الحادية ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬نفق ‪ :‬هلك ‪ ) 2 ( .‬سورة البقرة آية ‪ ) 3 ( . 229‬يرى علماء‬
‫الديث أن هذا الديث ضعيف ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 299‬فمن رأى أن عموم الكتاب‬
‫يصص بأحاديث الحاد ‪ :‬قال ل توز الزيادة ‪ ،‬ومن ذهب إل أن عموم الكتاب ل‬
‫يصص بأحاديث الحاد ‪ ،‬رأى جواز الزيادة ‪ .‬وف " بداية الجتهد " قال ‪ " :‬فمن‬
‫شبهه بسائر العواض ف العاملت ‪ ،‬رأى أن القدر فيه راجع إل الرضا ‪ ،‬ومن أخذ‬
‫بظاهر الديث ل يز أكثر من ذلك ‪ ،‬فكأنه رآه من باب أخذ الال بغي حق " ‪ .‬اللع‬
‫دون مقتض ‪ :‬واللع إنا يوز إذا كان هناك سبب يقتضيه ‪ .‬كأن يكون الرجل معيبا‬
‫ف خلقه ‪ ،‬أو سيئا ف خلقه ‪ ،‬أو ليؤدي للزوجة حقها ‪ ،‬وأن تاف الرأة أل تقيم‬
‫حدود ال ‪ ،‬فيما يب عليها من حسن الصحبة ‪ ،‬وجيل العاشرة ‪ .‬كما هو ظاهر الية‬
‫‪ .‬فإن ل يكن ثة سبب يقتضيه فهو مظور ‪ ،‬لا رواه أحد والنسائي من حديث أب‬
‫هريرة ‪ ( :‬الختلعات هن النافقات ) ‪ .‬وقد رأى العلماء الكراهة ‪ .‬اللع بتراضي‬

‫‪221‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزوجي ‪ :‬واللع يكون بتراضي الزوج والزوجة ‪ ،‬فإذا ل يتم التراضي منهما‬
‫فللقاضي إلزام الزوج باللع ‪ ،‬لن ثابتا وزوجته رفعا أمرها للنب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،‬وألزمه الرسول بأن يقبل الديقة ‪ ،‬ويطلق ‪ .‬كما تقدم ف الديث ‪ .‬الشقاق من قبل‬
‫الزوجة كاف ف اللع ‪ :‬قال الشوكان ‪ :‬وظاهر أحاديث الباب أن مرد وجود‬
‫الشقاق من قبل الرأة كاف ف جواز اللع ‪ .‬واختار ابن النذر أنه ل يوز حت يقع‬
‫الشقاق منهما جيعا ‪ ،‬وتسك بظاهر الية ‪ .‬وبذلك قال طاووس ‪ ،‬والشعب وجاعة‬
‫من التابعي ‪ . .‬وأجاب عن ذلك جاعة ‪ ،‬منهم الطبي ‪ :‬بأن الراد ‪ ،‬أنا إذا ل تقم‬
‫بقوق الزوج كان ذلك مقتضيا لبغض الزوج لا ‪ ،‬فنسبت الخالفة إليها لذلك ‪.‬‬
‫ويؤيد عدم اعتبار‬

‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 300‬‬


‫صفحة ‪ / 300‬ذلك من جهة الزوج أنه صلى ال عليه وسلم ل يستفسر ثابتا عن كراهته‬
‫لا عند إعلنا بالكراهة له ‪ .‬حرمة الساءة إل الزوجة لتختلع ‪ :‬يرم على الرجل أن‬
‫يؤذي زوجته بنع بعض حقوقها ‪ .‬حت تضجر وتتلع نفسها ‪ .‬فإن فعل ذلك فاللع باطل‬
‫‪ ،‬والبدل مردود ‪ ،‬ولو حكم به قضاء ‪ .‬وإنا حرم ذلك حت ل يتمع على الرأة فراق‬
‫الزوج والغرامة الالية ‪ ،‬وقال ال تعال ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا ل يل لكم أن ترثوا النساء‬
‫كرها ول تعضلوهن ( ‪ ) 1‬لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إل أن يأتي بفاحشة مبينة ( ‪" ) 2‬‬
‫‪ .‬ولقوله سبحانه ‪ " :‬وإن أردت استبدال زوج مكان زوج ‪ ،‬وآتيتم إحداهن قنطارا فل‬
‫تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بتانا وإثا مبينا ( ‪ . " ) 3‬ويرى بعض العلماء نفاذ اللع ف‬
‫هذه الال مع حرمة العضل ‪ .‬وأما المام مالك فيى أن اللع ينفذ على أنه طلق ‪،‬‬
‫ويب على الزوج أن يرد البدل الذي أخذه من زوجته جواز اللع ف الطهر واليض ‪:‬‬
‫يوز اللع ف الطهر واليض ‪ ،‬ول يتقيد وقوعه بوقت ‪ :‬لن ال سبحانه أطلقه ول يقيده‬
‫بزمن دون زمن ‪ .‬قال ال تعال ‪ " :‬فل جناح عليهما فيما افتدت به ( ‪ . " ) 4‬ولن‬
‫الرسول عليه الصلة والسلم أطلق الكم ف اللع بالنسبة لمرأة ثابت بن قيس ‪ ،‬من غي‬

‫‪222‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بث ‪ ،‬ولاستفصال عن حال الزوجة ‪ ،‬وليس اليض بأمر نادر الوجود بالنسبة للنساء ‪.‬‬
‫قال الشافعي ‪ " :‬ترك الستفصال ف قضايا الحوال مع قيام الحتمال ( هامش ) العضل‬
‫‪ :‬التضييق والنع ‪ ) 2 ( .‬سورة النساء آية ‪ ) 3 ( . 19‬سورة النساء آية ‪) 4 ( . 20‬‬
‫سورة البقرة آية ‪ / ) . ( . 229‬صفحة ‪ / 301‬ينل منلة العموم ف القال ‪ .‬والنب‬
‫صلى ال عليه وسلم ل يستفصل هل هي حائض أم ل ؟ ولن النهي عنه الطلق ف‬
‫اليض ‪ :‬من أجل أل تطول عليها العدة ‪ .‬وهي ‪ -‬هنا ‪ -‬الت طلبت الفراق ‪ ،‬واختلعت‬
‫نفسها ورضيت بالتطويل ‪ .‬اللع بي الزوج وأجنب ‪ :‬يوز أن يتفق أحد الشخاص مع‬
‫الزوج على أن يلع الزوج زوجته ‪ ،‬ويتعهد هذا الشخص الجنب بدفع بدل اللع‬
‫للزوج ‪ ،‬وتقع الفرقة ‪ ،‬ويلتزم الجنب بدفع البدل للزوج ‪ .‬ول يتوقف اللع ف هذه‬
‫الصورة على رضا الزوجة لن الزوج يلك إيقاع الطلق من نفسه بغي رضا زوجته ‪،‬‬
‫والبدل يب على من التزم به ‪ .‬وقال أبو ثور ‪ :‬ل يصح لنه سفه ‪ ،‬فإنه يبذل عوضا ف‬
‫مقابلة ما ل منفعة له فيه ‪ ،‬فإن اللك ل يصل له ‪ .‬وقيده بعض علماء الالكية ‪ ،‬بأن‬
‫يقصد به تقيق مصلحة أو درء مفسدة ‪ ،‬فإن قصد به الضرار بالزوجة فل يصح ‪ .‬ففي "‬
‫مواهب الليل " ‪ " :‬ينبغي أن يقيد الذهب با إذا كان الغرض من التزام الجنب ذلك‬
‫للزوج ‪ ،‬حصول مصلحة ‪ ،‬أو درء مفسدة ترجع إل ذلك الجنب ‪ ،‬ما ل يقصد به‬
‫إضرار الرأة " ‪ .‬وأما ما يفعله أهل الزمان ف بلدنا من التزام أجنب ذلك وليس قصده إل‬
‫إسقاط النفقة الواجبة ف العدة للمطلقة على مطلقها ‪ -‬فل ينبغي أن يتلف ف النع ابتداء‬
‫‪ .‬وف انتفاع الطلق بذلك بعد وقوعه نظر ‪ .‬اللع يعل أمر الرأة بيدها ‪ :‬ذهب‬
‫المهور ‪ ،‬ومنهم الئمة الربعة ‪ ،‬إل أن الرجل إذا خالع امرأته ملكت نفسها وكان‬
‫أمرها إليها ‪ ،‬ول رجعة له عليها ‪ ،‬لنا بذلت الال لتتخلص من الزوجية ‪ ،‬ولو كان يلك‬
‫رجعتها ل يصل للمرأة الفتداء من الزوج با بذلته له ‪ / .‬صفحة ‪ / 302‬وحت لو رد‬
‫عليها ما أخذ منها ‪ ،‬وقبلت ‪ -‬ليس له أن يرتعها ف العدة ‪ ،‬لنا قد بانت منه بنفس‬
‫اللع ‪ .‬روي عن ابن السيب والزهري ‪ :‬أنه إن شاء أن يراجعها فليد عليها ما أخذه منها‬
‫ف العدة ‪ ،‬وليشهد على رجعته ‪ .‬جواز تزوجها برضاها ‪ :‬ويوز للزوج أن يتزوجها‬
‫برضاها ف عدتا ‪ ،‬ويعقد عليها عقدا جديدا ‪ .‬خلع الصغية الميزة ( ‪ : ) 1‬ذهب‬

‫‪223‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحناف إل أنه إذا كانت الزوجة صغية ميزة وخالعت زوجها ‪ ،‬وقع عليها طلق‬
‫رجعي ول يلزمها الال ‪ .‬أما وقوع الطلق ‪ .‬فلن عبارة الزوج معناها تعليق الطلق على‬
‫قبولا ‪ ،‬وقد صح التعليق لصدوره من أهله ‪ ،‬ووجد العلق عليها ‪ ،‬وهو القبول من هي‬
‫أهل له ‪ ،‬لن الهلية للقبول تكون بالتمييز ‪ -‬وهي هنا صغية ميزة ‪ -‬ومت وجد العلق‬
‫عليه وقع الطلق العلق ‪ .‬وأما عدم لزوم الال ‪ :‬فلنا صغية ليست أهل للتبع ‪ ،‬إذ‬
‫يشترط ف الهلية للتبع ‪ :‬العقل والبلوغ ‪ ،‬وعدم الجر لسفه أو مرض ‪ .‬وأما كون‬
‫الطلق رجعيا ‪ :‬فلنه لا ل يصح التزام الال ‪ ،‬كان طلقا مردا ل يقابله شئ من الال ‪،‬‬
‫فيقع رجعيا ‪ .‬خلع الصغية غي الميزة ‪ :‬وأما الصغية غي الميزة فل يقع خلعها طلقا‬
‫أصل ‪ ،‬لعدم وجود العلق عليه ‪ ،‬وهو القبول من هو أهله ‪ .‬خلع الحجور عليها ( ‪: ) 2‬‬
‫قالوا ‪ :‬وإذا كانت الزوجة مجورا عليها لسفه وخالعها زوجها على مال ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬أحكام الحوال الشخصية ‪ ) 2 ( .‬ص ‪ 155‬نفس الرجع السابق " الحوال‬
‫الشخصية " ‪) . ( .‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 302‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 303‬وقبلت ‪ ،‬ل يلزمها الال ‪ ،‬ويقع عليها الطلق الرجعي ‪ ،‬مثل الصغية‬
‫الميزة ف أنا ليست أهل للتبع ‪ ،‬ولكنها أهل للقبول ‪ .‬اللع بي ول الصغية وزوجها ‪:‬‬
‫وإذا جرى اللع بي ول الصغية وزوجها ‪ ،‬بأن قال زوج الصغية لبيها ‪ :‬خالعت ابنتك‬
‫على مهرها ‪ ،‬أو على مائة جنيه من مالا ‪ ،‬ول يضمن الب البدل له ‪ .‬وقال ‪ :‬قبلت ‪،‬‬
‫طلقت ‪ ،‬ول يلزمها الال ول يلزم أباها ‪ .‬أما وقوع الطلق فلن الطلق العلق يقع مت‬
‫وجد العلق عليه ‪ ،‬وهو هنا قبول الب ‪ ،‬وقد وجد ‪ .‬أما عدم لزوجها الال ‪ ،‬فلنا‬
‫ليست أهل للتزام التبعات ‪ .‬وأما عدم لزوم أبيها الال ‪ ،‬فلنه ل يلتزمه بالضمان ‪ ،‬ول‬
‫إلزام بدون التزام ‪ .‬ولذا إذا ضمنه لزمه ‪ .‬وقيل ‪ :‬ل يقع الطلق ف هذه الال لن العلق‬
‫عليه قبول دفع البدل ‪ .‬وهو ل يتحقق ‪ .‬وهذا القول ظاهر ‪ ،‬ولكن العمل بالقول الول ‪.‬‬
‫خلع الريضة ‪ :‬ل خلف بي العلماء ف جواز اللع من الريضة ‪ ،‬مرض الوت ‪ .‬فلها أن‬
‫تالع زوجها ‪ .‬كما للصحيحة سواء بسواء ‪ .‬إل أنم اختلفوا ف القدر الذي يب أن‬

‫‪224‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تبذله للزوج مافة أن تكون راغبة ف ماباة الزوج على حساب الورثة ‪ .‬فقال المام مالك‬
‫‪ :‬يب أن يكون بقدر مياثه منها ‪ .‬فإن زاد على إرثه منها ترم الزيادة ويب ردها ‪،‬‬
‫وينفذ الطلق ‪ .‬ول توارث بينهما إذا كان الزوج صحيحا ‪ .‬وعند النابلة ‪ :‬مثل ما عند‬
‫مالك ‪ ،‬ف أنه إذا خالعت بياثه منها فما دونه صح ول رجوع فيه ‪ ،‬وإن خالعته بزيادة‬
‫بطلت هذه الزيادة ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬لو اختلعت منه بقدر مهر مثلها جاز ‪ .‬وإن زاد على‬
‫ذلك كانت الزيادة من الثلث وتعتب تبعا ‪ / . .‬صفحة ‪ / 304‬أما الحناف ‪ :‬فقد‬
‫صححوا خلعها بشرط أل يزيد عن الثلث ما تلك ‪ .‬وأنا متبعة ‪ ،‬والتبع ف مرض‬
‫الوت وصية ‪ ،‬والوصية ل تنفذ إل من الثلث للجنب ‪ ،‬والزوج صار باللع أجنبيا ‪ .‬قالوا‬
‫‪ :‬وإذا ماتت هذه الخالعة الريضة وهي ف العدة ‪ .‬ل يستحق زوجها إل أقل هذه‬
‫المور ‪ ،‬بدل اللع ‪ ،‬وثلث تركتها ‪ ،‬ومياثه منها ‪ .‬لنه قد تتواطأ الزوجة مع زوجها ف‬
‫مرض موتا وتسمي له بدل خلع باهظا ‪ ،‬يزيد عما يستحقه بالياث ‪ .‬فلجل الحتياط‬
‫لقوق ورثتها ‪ ،‬وردا لقصد التواطأ عليه ‪ .‬قلنا ‪ :‬إنا إذا ماتت ف العدة ل تأخذ إل أقل‬
‫الشياء الثلثة ‪ .‬فإن برئت من مرضها ول تت منه ‪ ،‬فله جيع البدل السمى ‪ ،‬لنه تبي‬
‫أن تصرفها ل يكن ف مرض الوت ‪ .‬أما إذا ماتت بعد انقضاء عدتا فله بدل اللع التفق‬
‫عليه ‪ ،‬بشرط أل يزيد عن ثلث تركتها ‪ ،‬لنه ف حكم الوصية ‪ .‬والذي عليه العمل الن‬
‫ف الحاكم بعد صدور قانون الوصية سنة ‪ : 1946‬أن للزوج القل من بدل اللع ‪،‬‬
‫وثلث التركة الت خلفتها زوجته ‪ ،‬سواء أكانت وفاتا ف العدة أم بعد انتهائها ‪ ،‬إذ أن‬
‫هذا القانون أجاز الوصية للوارث ‪ ،‬وغي الوارث ‪ -‬ونص على نفاذها فيما ل يزيد عن‬
‫الثلث بدون توقف على إجازة أحد ‪ .‬وعلى هذا ‪ ،‬فل يكون هناك حاجة إل فرض ماباة‬
‫زوجها بأكثر من نصيبه ومنعها من ذلك ‪ .‬هل اللع طلق أم فسخ ‪ :‬ذهب جهور‬
‫العلماء إل أن اللع طلق بائن ‪ ،‬لا تقدم ف الديث من قول رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬خذ الديقة وطلقها تطليقة " ‪ .‬ولن الفسوخ إنا هي الت تقتضي الفرقة الغالبة‬
‫للزوج ف الفراق ‪ ،‬ما ليس يرجع إل اختياره ‪ .‬وهذا راجع إل الختيار ‪ ،‬فليس بفسخ ‪.‬‬
‫وذهب بعض العلماء ‪ ،‬منهم أحد ‪ ،‬وداود من الفقهاء ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وعثمان ‪ ،‬وابن‬
‫عمر من الصحابة ‪ :‬إل أنه فسخ ‪ .‬لن ال تعال ذكر ف كتابه ‪ /‬صفحة ‪/ 305‬‬

‫‪225‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطلق ‪ ،‬فقال ‪ " :‬الطلق مرتان " ‪ .‬ث ذكر الفتداء ‪ .‬ث قال ‪ " :‬فإن طلقها فل تل له‬
‫من بعد حت تنكح زوجا غيه " ( ‪ . ) 1‬فلو كان الفتداء طلقا لكان الطلق الذي ل‬
‫تل له فيه إل بعد زواج ‪ ،‬هو الطلق الرابع ‪ .‬ويوز هؤلء أن الفسوخ تقع بالتراضي ‪،‬‬
‫قياسا على فسوخ البيع كما ف القالة ( ‪ . ) 2‬قال ابن القيم ‪ :‬والذي يدل على أنه ليس‬
‫بطلق أنه سبحانه وتعال رتب الطلق بعد الدخول الذي ل يستوف عدده ثلثة‬
‫أحكام ‪ ،‬كلها منتفية عن اللع ‪ ( :‬الول ) أن الزوج أحق بالرجعة فيه ‪ ( .‬الثان ) أنه‬
‫مسوب من الثلث ‪ ،‬فل تل بعد استيفاء العدد ‪ ،‬إل بعد دخول زوج وإصابته ‪.‬‬
‫( الثالث ) أن العدة فيه ثلثة قروء ‪ .‬وقد ثبت بالنص والجاع أنه ل رجعة ف اللع ‪،‬‬
‫وثبت بالسنة وأقوال الصحابة أن العدة فيه حيضة واحدة ( ‪ ، ) 3‬وثبت بالنص جوازه‬
‫بعد طلقتي ‪ ،‬ووقوع ثالثة بعدها ‪ .‬وهذا ظاهر جدا ف كونه ليس بطلق ‪ .‬وثرة هذا‬
‫اللف تظهر ف العتداد بالطلق ‪ .‬فمن رأى أنه طلق ‪ ،‬احتسبه طلقة بائنة ‪ .‬ومن رأى‬
‫أنه فسخ ل يتسبه ‪ ،‬فمن طلق امرأته تطليقتي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 305‬‬
‫ث خالعها ‪ ،‬ث أراد أن يتزوجها فله ذلك ‪ ،‬وإن ل تنكح زوجا غيه ‪ ،‬لنه ليس له غي‬
‫تطليقتي ‪ .‬واللع لغو ‪ .‬ومن جعل اللع طلقا قال ‪ :‬ل يز له أن يرتعها حت تنكح‬
‫زوجا غيه ‪ ،‬لنه باللع كملت الثلث ‪ .‬هل يلحق الختلعة طلق ؟ ‪ :‬الختلعة ل‬
‫يلحقها طلق ‪ ،‬سواء قلنا بأن اللع طلق أو فسخ ‪ ،‬وكلها ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫البقرة آية ‪ ) 2 ( . 230‬بداية الجتهد ص ‪ 65‬ج‍ ‪ ) 3 ( . 2‬قال الطاب ‪ :‬هذا أقوى‬
‫دليل لن قال ‪ :‬إن اللع فسخ وليس بطلق ‪ ،‬إذ لو كان طلقا ل يكتف بيضة للعدة ‪( .‬‬
‫‪ / ) .‬صفحة ‪ / 306‬يصي الرأة أجنبية عن زوجها ‪ .‬وإذا صارت أجنبية عنه ‪ ،‬فإنه ل‬
‫يلحقها الطلق ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬الختلعة يلحقها الطلق ‪ ،‬ولذلك ل يوز عنده أن‬
‫ينكح مع البتوتة أختها ‪ .‬عدة الختلعة ‪ :‬ثبت من السنة أن الختلعة تعتد بيضة ‪ .‬ففي‬
‫قصة ثابت أن النب صلى ال عليه وسلم قال له ‪ " :‬خذ الذي لا عليك وخل سبيلها ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ .‬فأمرها رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تعتد بيضة واحدة وتلحق بأهلها‬

‫‪226‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" ‪ .‬رواه النسائي بإسناد رجاله ثقاة ‪ .‬وإل هذا ذهب عثمان ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وأصح‬
‫الروايتي عن أحد ‪ ،‬وهو مذهب إسحق بن راهويه ‪ ،‬واختاره شيخ السلم ابن تيمية‬
‫وقال ‪ :‬من نظر هذا القول وجده مقتضى قواعد الشريعة ‪ :‬فإن العدة إنا جعلت ثلث‬
‫حيض ‪ ،‬ليطول زمن الرجعة ‪ ،‬ويتروى الزوج ويتمكن من الرجعة ف مدة العدة ‪ ،‬فإذا ل‬
‫تكن عليها رجعة فالقصود براءة رحها من المل ‪ ،‬وذلك يكفي فيه حيضة كالستباء ‪.‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ :‬هذا مذهب أمي الؤمني عثمان بن عفان ‪ ،‬وعبد ال ابن عمر ‪ ،‬والربيع‬
‫بنت معوذ ‪ ،‬وعمها وهو من كبار الصحابة رضي ال عنهم ‪ ،‬فهؤلء الربعة من الصحابة‬
‫ل يعرف لم مالف منهم ‪ ،‬كما رواه الليث بن سعد ‪ ،‬عن نافع مول ابن عمر ‪ :‬أنه سع‬
‫الربيع بنت معوذ بن عفراء ‪ ،‬وهي تب عبد ال بن عمر ‪ ،‬أنا اختلعت من زوجها على‬
‫عهد عثمان بن عفان ‪ .‬فجاء عمها إل عثمان ‪ ،‬فقال له ‪ :‬إن ابنة معوذ اختلعت من‬
‫زوجها اليوم ‪ ،‬أفتنتقل ؟ فقال عثمان ‪ :‬لتنتقل ‪ ،‬ول مياث بينهما ‪ .‬ول عدة عليها ‪ .‬إل‬
‫أنا ل تنكح حت تيض حيضة ‪ .‬خشية أن يكون با حبل ‪ .‬فقال عبد ال بن عمر ‪:‬‬
‫فعثمان خينا وأعلمنا ‪ .‬ونقل عن أب جعفر النحاس ف كتاب ‪ -‬الناسخ والنسوخ ‪ -‬أن‬
‫هذا إجاع من الصحابة ‪ . .‬ومذهب المهور من العلماء أن الختلعة عدتا ثلث حيض‬
‫إن كانت من ييض ‪ / .‬صفحة ‪ / 307‬نشوز الرجل إذا خافت الرأة نشوز زوجها‬
‫وإعراضة عنها إما لرضها أو لكب سنها ‪ ،‬أو لدمامة وجهها ‪ ،‬فل جناح عليهما أن‬
‫يصلحا بينهما ‪ ،‬ولو كان ف الصلح تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ترضية لزوجها ‪.‬‬
‫لقول ال سبحانه ‪ " :‬وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فل جناح عليهما أن‬
‫يصلحا بينهما صلحا ‪ ،‬والصلح خي ( ‪ . " ) 1‬وروى البخاري عن عائشة قالت ف هذه‬
‫الرواية ‪ " :‬هي الرأة تكون عند الرجل ‪ ،‬ل يستكثر منها ‪ ،‬فييد طلقها ‪ ،‬ويتزوج‬
‫عليها ‪ ،‬تقول ‪ :‬أمسكن ‪ ،‬ول تطلقن ‪ ،‬وتزوج غيي ‪ ،‬فأنت ف حل من النفقة علي‬
‫والقسمة ل " ‪ .‬روى أبو داود عن عائشة أن سودة بنت زمعة حي أسنت وفرقت ( ‪) 2‬‬
‫أن يفارقها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬قالت ‪ " :‬يارسول ال يومي لعائشة " فقبل‬
‫ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬قالت ‪ :‬ف ذلك أنزل ال جل ثناؤه ‪ ،‬وف أشباهها‬
‫‪ .‬أراه قال ‪ " :‬وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ‪ .‬قال ف الغن ‪ :‬ومت‬

‫‪227‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صالته على ترك شئ من قسمتها أو نفقتها ‪ ،‬أو على ذلك كله جاز ‪ . .‬فإن رجعت فلها‬
‫ذلك ‪ .‬قال أحد ف الرجل يغيب عن امرأته فيقول لا ‪ :‬إن رضيت على هذا ‪ ،‬وإل فأنت‬
‫أعلم ‪ ،‬فتقول ‪ :‬قد رضيت ‪ ،‬فهو جائز ‪ ،‬فإن شاءت رجعت ‪ .‬الشقاق بي الزوجي ‪ :‬إذا‬
‫وقع الشقاق بي الزوجي واستحكم العداء وخيف من الفرقة وتعرضت ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة النساء آية ‪ ) 2 ( . 128‬فرقت ‪ :‬خافت ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 308‬الياة الزوجية‬
‫للنيار بعث الاكم حكمي لينظرا ف أمرها ‪ ،‬ويفعل ما فيه الصلحة من إبقاء الياة‬
‫للزوجية أو إنائها ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله‬
‫وحكما من أهلها " ‪ .‬ويشترط أن يكون الكمان عاقلي بالغي عدلي مسلمي ‪ .‬ول‬
‫يشترط أن يكونا من أهلهما ‪ ،‬فإن كانا من غي أهلهما جاز ‪ ،‬والمر ف الية للندب ‪،‬‬
‫لنما أرفق من جانب وأدرى با يدث ‪ ،‬وأعلم بالال من جانب آخر ‪ .‬وللحكمي أن‬
‫يفعل ما فيه الصلحة من البقاء أو الناء دون الاجة إل رضا الزوجي أو توكيلهما ‪.‬‬
‫وهذا رأي علي ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وأب سلمة بن عبد الرحن ‪ ،‬والشعب ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬وسعيد‬
‫بن جبي ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬وابن النذر ‪ .‬وقد تقدم ذلك ف فصل سابق‬
‫( ‪ ( ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أما نشوز الرأة فقد سبق الكلم عليه ف فصل " تأديب الرجل‬
‫زوجته " ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 309‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 309‬‬
‫الظهار تعريفه ‪ :‬الظهار مشتق من الظهر ‪ ،‬وهو قول الرجل لزوجته ‪ :‬أنت علي كظهر‬
‫أمي ‪ .‬قال ف الفتح ‪ " :‬وإنا خص الظهر بذلك دون سائر العضاء ‪ ،‬لنه مل الركوب‬
‫غالبا ‪ ،‬ولذلك سي الركوب ظهرا ‪ ،‬فشبهت الرأة بذلك ‪ .‬لنا مركوب الرجل " ‪.‬‬
‫والظهار كان طلقا ف الاهلية ‪ ،‬فأبطل السلم هذا الكم ‪ ،‬وجعل الظهر مرما للمرأة‬
‫حت يكفر زوجها ‪ .‬فلو ظاهر الرجل يريد الطلق ‪ ،‬كان ظهارا ‪ ،‬ولو طلق يريد ظهارا‬
‫كان طلقا ‪ ،‬فلو قال ‪ " :‬أنت علي كظهر أمي " ‪ ،‬وعن به الطلق ل يكن طلقا ‪،‬‬
‫وكان ظهارا ل تطلق به الرأة ‪ .‬قال ابن القيم ‪ " :‬وهذا لن الظهار كان طلقا ف الاهلية‬
‫‪ ،‬فنسخ ‪ ،‬فلم يز أن يعاد إل الكم النسوخ ‪ ،‬وأيضا أن أوس بن الصامت إنا نوى به‬

‫‪228‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الطلق على ما كان عليه ‪ ،‬وأجرى عليه حكم الظهار دون الطلق ‪ ،‬وأيضا فإنه صريح‬
‫ف حكمه ‪ ،‬فلم يز جعله كناية ف الكم الذي أبطله ال بشرعه ‪ ،‬وقضاء ال أحق ‪،‬‬
‫وحكم ال أوجب " اه‍ ‪ .‬وقد أجع العلماء على حرمته ‪ ،‬فل يوز القدام عليه لقول ال‬
‫تعال ‪ " :‬الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتم ‪ ،‬إن أمهاتم إل اللئي‬
‫ولدنم ‪ ،‬وإنم ليقولون منكرا من القول وزورا ‪ ،‬وإن ال لعفو غفور " ( ‪ . ) 1‬وأصل‬
‫ذلك ما ثبت ف السنن أن أوس بن الصامت ظاهر من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة ‪،‬‬
‫وهي الت جادلت فيه رسول ال صلى ال عليه ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الجادلة ‪ :‬آية ‪. 2‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 310‬وسلم واشتكت إل ال ‪ ،‬وسع ال شكواها من فوق سبع سوات‬
‫‪ .‬فقالت ‪ " :‬يا رسول ال ؟ إن أوس بن الصامت تزوجن ‪ ،‬وأنا شابة مرغوب ف ‪ ،‬فلما‬
‫خل سن ‪ ،‬ونثرت بطن ‪ ،‬جعلن كأمة عنده ‪ .‬فقال لا رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫" ما عندي ف أمرك شئ " ‪ .‬فقالت ‪ " :‬اللهم إن أشكو إليك " ‪ .‬وروي أنا قالت ‪" :‬‬
‫ان ل صبية صغارا ‪ ،‬ان ضمهم إليه ضاعوا ‪ .‬وإن ضممتهم إل جاعوا " ‪ :‬فنل القرآن ‪.‬‬
‫‪ .‬وقالت عائشة ‪ :‬المد ل الذي وسع سعه الصوات ‪ ،‬لقد جاءت خولة بنت ثعلبة‬
‫تشكو إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأنا ف كسر البيت ‪ ،‬يفي علي بعض‬
‫كلمها ‪ ،‬فأنزل ال عزوجل ‪ " :‬قد سع ال قول الت تادلك ف زوجها وتشتكي إل‬
‫ال ‪ ،‬وال يسمع تاور كما ‪ ،‬إن ال سيع بصي " ( ‪ ) 1‬فقال النب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ " :‬ليعتق رقبة ‪ .‬قالت ‪ :‬ل يد ! قال ‪ :‬فيصوم شهرين متتابعي ‪ .‬قالت ‪ :‬يارسول ال إنه‬
‫شيخ كبي ‪ ،‬ما به من صيام ‪ .‬قال ‪ :‬فليطعم ستي مسكينا ‪ .‬قالت ‪ :‬ما عنده من شئ‬
‫يتصدق به ‪ .‬قال ‪ :‬سأعينه بعرق من تر ! قالت ‪ :‬وأنا أعينه بعرق آخر ؟ قال ‪:‬‬
‫أحسنت ‪ ،‬فأطعمي عنه ستي مسكينا ‪ ،‬وارجعي إل ابن عمك " ‪ .‬وف السنن أن سلمة‬
‫بن صخر البياضي ‪ ،‬ظاهر من امرأته مدة شهر رمضان ‪ ،‬ت واقعها ليلة قبل انسلخه ‪.‬‬
‫فقال له النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أنت بذاك يا سلمة ‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬أنا بذاك ( ‪) 2‬‬
‫يارسول ال ؟ ‪ -‬مرتي ‪ -‬وأنا صابر لمر ال ‪ ،‬فاحكم ف با أراك ال ‪ .‬قال ‪ :‬حرر رقبة‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬والذي بعثك بالق نبيا ما أملك رقبة غيها ‪ ،‬وضربت صفحة رقبت ‪ ،‬قال فصم‬
‫شهرين ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الجادلة آية ‪ ) 2 ( . 1‬أي أنت اللم بذاك والرتكب له‬

‫‪229‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 311‬متتابعي ‪ .‬قلت ‪ :‬فهل أصبت الذي أصبت إل ف الصيام ؟ ‪. .‬‬
‫قال ‪ :‬فأطعم وسقا من تر ستي مسكينا ‪ .‬قلت ‪ : :‬والذي بعثك بالق لقد بتنا وحشي‬
‫( ‪ ، ) 1‬ما لنا طعام قال ‪ :‬فانطلق إل صدقة بن زريق فليدفعها إليك ‪ ،‬فأطعم ستي‬
‫مسكينا وسقا من تر ‪ ،‬وكل أنت وعيالك بقيتها ‪ .‬قال ‪ :‬فرحت إل قومي ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬
‫وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ‪ ،‬ووجدت عند رسول ال السعة وحسن الرأي ‪،‬‬
‫وقد أمر ل بصدقتكم " ‪ .‬هل الظهار متص بالم ؟ ذهب المهور إل أن الظهار يتص‬
‫بالم ‪ ،‬كما ورد ف القرآن ‪ ،‬وكما جاء ف السنة ‪ .‬فلو قال لزوجته ‪ :‬أنت علي كظهر‬
‫أمي كان مظاهرا ‪ ،‬ولو قال لا ‪ :‬أنت علي كظهر أخت ل يكن ذلك ظهارا ‪ .‬وذهب‬
‫البعض ‪ ،‬منهم الحناف ‪ ،‬والوزاعي والثوري والشافعي ف أحد قوليه ‪ ،‬وزيد بن علي ‪،‬‬
‫إل أنه يقاس على الم جيع الحارم ( ‪ . ) 2‬فالظهار عندهم هو تشبيه الرجل زوجته ف‬
‫التحري بإحدى الحرمات عليه على وجه التأييد بالنسب أو الصاهرة أو الرضاع ‪ ،‬إذ‬
‫العلة هي التحري الؤبد ‪ .‬ومن قال لمرأته ‪ :‬إنا أخت أو أمي على سبيل الكرامة والتوقي‬
‫فإنه ل يكون مظاهرا ‪ .‬من يكون منه الظهار ‪ :‬والظهار ل يكون إل من الزوج العاقل‬
‫البالغ السلم لزوجة قد انعقد زواجها انعقادا صحيحا نافذا ‪ .‬الظهار الؤقت ‪ :‬الظهار‬
‫الؤقت هو إذا ظاهر من امرأته إل مدة ‪ .‬مثل أن يقول لا ‪ " :‬أنت ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي‬
‫بتنا مقفرين ل طعام لنا ‪ ) 2 ( .‬قال الئمة الثلثة ‪ ،‬ورواية عن أحد ‪ :‬إذا قالت الرأة‬
‫لزوجها ‪ :‬أنت علي كظهر أمي ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 311‬‬
‫فانه ل كفارة عليها ‪ ،‬وقال أحد ف الرواية الخرى ‪ -‬وهي أظهرها ‪ -‬يب عليها‬
‫الكفارة إذا وطئها ‪ ،‬وهي الت اختارها الرقي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 312‬علي كظهر أمي‬
‫إل الليل " ث أصابا قبل انقضاء تلك الدة ‪ .‬وحكمه أنه ظهار كالطلق ‪ .‬قال الطاب ‪:‬‬
‫واختلفوا فيه إذا بر فلم ينث ‪ :‬فقال مالك وابن أب ليل ‪ :‬إذا قال لمرأته ‪ " :‬أنت علي‬
‫كظهر أمي إل الليل " لزمته الكفارة وإن ل يقربا ‪ .‬وقال أكثر أهل العلم ‪ :‬ل شئ عليه‬
‫إن ل يقربا ‪ .‬قال ‪ :‬وللشافعي ف الظهار الؤقت قولن ‪ :‬أحدها أنه ليس بظهار ‪ .‬أثر‬

‫‪230‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الظهار ‪ :‬إذا ظاهر الرجل من امرأته ‪ ،‬وصح الظهار ترتب عليه أثران ‪ ( :‬الثر الول )‬
‫حرمة إتيان الزوجة حت يكفر كفارة الظهار ‪ ،‬لقول ال سبحانه ‪ " :‬من قبل أن يتماسا "‬
‫‪ .‬وكما يرم السيس ‪ ،‬فإنه يرم كذلك مقدماته ‪ ،‬من التقبيل والعانقة ونو ذلك ‪ ،‬وهذا‬
‫عند جهور العلماء ‪ .‬وذهب بعض أهل العلم ( ‪ ) 1‬إل أن الحرم هو الوطء فقط ‪ ،‬لن‬
‫السيس كناية عن الماع ‪ ( .‬والثر الثان ) وجوب الكفارة بالعود ‪ .‬وما هو العود ؟ ‪،‬‬
‫اختلف العلماء ف العود ‪ .‬ما هو ؟ فقال قتادة ‪ ،‬وسعيد بن جبي ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ،‬وأصحابه‬
‫‪ " :‬إنه إرادة السيس لا حرم بالظهار " لنه إذا أراد فقد عاد من عزم ؟ إل عزم الفعل ‪،‬‬
‫سواء فعل أم ل ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬بل هو إمساكها بعد الظهار وقتا يسع الطلق ‪ ،‬ول‬
‫يطلق إذ تشبيهها بالم يقتضي إبانتها ‪ ،‬وإمساكها نقيضه ‪ ،‬فإذا أمسكها فقد عاد فيما قال‬
‫‪ ،‬لن العود للقول مالفته ‪ .‬وقال مالك وأحد ‪ :‬بل هو العزم على الوطء فقط ‪ ،‬وإن ل‬
‫يطأ ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬هذا رأي الثوري ‪ ،‬وأحد قول الشافعي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪313‬‬
‫‪ /‬وقال داود ‪ ،‬وشعبة ‪ ،‬وأهل الظاهر ‪ :‬بل إعادة لفظ الظهار ‪ .‬فالكفارة ل تب عندهم‬
‫إل بالظهار العاد ‪ ،‬ل البتدأ ‪ .‬السيس قبل التكفي ‪ :‬إذا مس الرجل زوجته قبل التكفي‬
‫فإن ذلك يرم ‪ ،‬كما تقدم بيانه ‪ ،‬والكفارة ل تسقط ول تتضاعف ‪ ،‬بل تبقى كما هي ‪،‬‬
‫كفارة واحدة ‪ .‬قال الصلت بن دينار ‪ :‬سألت عشرة من الفقهاء عن الظاهر يامع قبل أن‬
‫يكفر ؟ فقالوا ‪ :‬كفارة واحدة ‪ .‬ما هي الكفارة ‪ :‬والكفارة هي ‪ :‬عتق رقبة ‪ ،‬فإن ل يد‬
‫فصيام شهرين متتابعي ‪ ،‬فإن ل يستطع ‪ ،‬فإطعام ستي مسكينا ‪ .‬لقول ال سبحانه ‪" :‬‬
‫والذين يظاهرون من نسائهم ث يعودون لا قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ‪ ،‬ذلكم‬
‫توعظون به ‪ ،‬وال با تعملون خبي ‪ .‬فمن ل يد فصيام شهرين متتابعي من قبل أن‬
‫يتماسا ‪ ،‬فمن ل يستطع فإطعام ستي مسكينا ( ‪ . " ) 1‬وقد روعي ف كفارة الظهار‬
‫التشديد ‪ ،‬مافظة على العلقة الزوجية ‪ ،‬ومنعا من ظلم الرأة ‪ .‬فإن الرجل إذا رأى أن‬
‫الكفارة يثقل عليه الوفاء با ‪ ،‬احترم العلقة الزوجية ‪ ،‬وامتنع عن ظلم زوجته ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الجادلة آية ‪ / ) . ( . 4 ، 3‬صفحة ‪ / 314‬الفسخ فسخ العقد ‪:‬‬
‫نقضه ‪ ،‬وحل الرابطة الت تربط بي الزوجي ‪ ،‬وقد يكون الفسخ بسبب خلل وقع ف‬
‫العقد ‪ ،‬أو بسبب طارئ عليه ينع بقاءه ‪ .‬مثال الفسخ بسبب اللل الواقع ف العقد ‪1 :‬‬

‫‪231‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬إذا ت العقد وتبي أن الزوجة الت عقد عليها أخته من الرضاع ‪ ،‬فسخ العقد ‪ - 2 .‬إذا‬
‫عقد غي الب والد للصغي أو الصغية ‪ ،‬ث بلغ الصغي أو الصغية ‪ ،‬فمن حق كل‬
‫منهما أن يتار البقاء على الزوجية أو إناءها ‪ ،‬ويسمى هذا خيار البلوغ ‪ ،‬فإذا اختار إناء‬
‫الياة الزوجية كان ذلك فسخا للعقد ‪ .‬مثال الفسخ الطارئ على العقد ‪ - 1 :‬إذا ارتد‬
‫أحد الزوجي عن السلم ول يعد إليه ‪ ،‬فسخ العقد بسبب الردة الطارئة ‪ - 2 .‬إذا أسلم‬
‫الزوج وأبت زوجته أن تسلم ‪ ،‬وكانت مشركة ‪ ،‬فإن العقد حينئذ يفسخ ‪ .‬بلف ما إذا‬
‫كانت كتابية فإن العقد يبقى صحيحا كما هو ‪ ،‬إذ أنه يصح العقد على الكتابية ابتداء ‪.‬‬
‫والفرقة الاصلة بالفسخ غي الفرقة الاصلة بالطلق ‪ ،‬إذ أن الطلق ينقسم إل طلق‬
‫رجعي وطلق بائن ‪ .‬والرجعي ل ينهي الياة الزوجية ف الال ‪ ،‬والبائن ينهيها ف الال‬
‫‪ .‬أما الفسخ ‪ ،‬سواء أكان بسبب طارئ على العقد ‪ ،‬أم بسبب خلل فيه ‪ ،‬فإنه ينهي‬
‫العلقة الزوجية ف الال ‪ .‬ومن جهة أخرى ‪ .‬فإن الفرقة بالطلق تنقص عدد الطلقات ‪،‬‬
‫فإذا طلق الرجل زوجته طلقة رجعية ‪ ،‬ث راجعها وهي ف عدتا ‪ ،‬أو عقد عليها بعد ‪/‬‬
‫صفحة ‪ / 315‬انقضاء العدة عقدا جديدا ‪ ،‬فإنه تسب عليه تلك الطلقة ‪ ،‬ول يلك‬
‫عليها بعد ذلك إل طلقتي ‪ .‬وأما الفرقة بسبب الفسخ فل ينقص با عدد الطلقات ‪ ،‬فلو‬
‫فسخ العقد بسبب خيار البلوغ ‪ ،‬ث عاد الزوجان وتزوجا ملك عليها ثلث طلقات ‪.‬‬
‫وقد أراد فقهاء الحناف أن يضعوا ضابطا عاما لتمييز الفرقة الت هي طلق ‪ ،‬من الفرقة‬
‫الت هي فسخ ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إن كل فرقة تكون من الزوج ‪ ،‬ول يتصور أن تكون من الزوجة‬
‫فهي طلق ‪ .‬وكل فرقة تكون من الزوجة ل بسبب من الزوج ‪ ،‬أو تكون من الزوج‬
‫ويتصور أن تكون من الزوجة فهي فسخ ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 315‬‬
‫الفسخ بقضاء القاضي ‪ :‬من الالت ما يكون سبب الفسخ فيها جليا ل يتاج إل قضاء‬
‫القاضي ‪ ،‬كما إذا تبي للزوجي أنما أخوان من الرضاع ‪ ،‬وحينئذ يب على الزوجي أن‬
‫يفسخا العقد من تلقاء أنفسهما ‪ .‬ومن الالت ما يكون سبب الفسخ خفيا غي جلي ‪،‬‬
‫فيحتاج إل قضاء القاضي ‪ ،‬ويتوقف عليه ‪ ،‬كالفسخ بإباء الزوجة الشركة السلم إذا‬

‫‪232‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أسلم زوجها ‪ ،‬لنا ربا ل تتنع فل يفسخ العقد ‪ / .‬صفحة ‪ / 316‬اللعان تعريفه ‪:‬‬
‫اللعان مأخوذ من اللعن ‪ ،‬لن اللعن يقول ف الامسة ‪ " :‬أن لعنة ال عليه إن كان من‬
‫الكاذبي " ‪ .‬وقيل هو البعاد ‪ .‬وسي التلعنان بذلك ‪ ،‬لا يعقب اللعان من الث والبعاد‬
‫‪ ،‬ولن أحدها كاذب ‪ ،‬فيكون ملعونا ‪ .‬وقيل ‪ :‬لن كل واحد منهما يبعد عن صاحبه‬
‫بتأييد التحري ‪ .‬وحقيقته ‪ :‬أن يلف الرجل ‪ -‬إذا رمى امرأته بالزنا أربع مرات إنه لن‬
‫الصادقي ‪ ،‬والامسة أن لعنة ال عليه إن كان من الكاذبي ‪ ،‬وأن تلف الرأة عند تكذيبه‬
‫أربع مرات ‪ ،‬إنه لن الكاذبي ‪ ،‬والامسة أن عليها غضب ال إن كان من الصادقي ‪.‬‬
‫مشروعيته ‪ :‬إذا رمى الرجل امرأته بالزنا ‪ ،‬ول تقر هي بذلك ‪ ،‬ول يرجع عنه رميه ‪ .‬فقد‬
‫شرع ال لما اللعان ( ‪ . ) 1‬روى البخاري عن ابن عباس رضي ال عنهما ‪ " :‬أن هلل‬
‫( ‪ ) 2‬بن أمية قذف امرأته عند رسول ال صلى ال عليه وسلم بشريك بن سحماء ‪.‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬البينة ‪ ،‬أو حد ف ظهرك ‪ .‬فقال ‪ :‬يا رسول ال إذا‬
‫رأى أحدنا على امرأته رجل ينطلق يلتمس البينة ؟ ! ‪ .‬فجعل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول ‪ " :‬البينة ‪ ،‬وإل حد ف ظهرك " ‪ .‬فقال ‪ :‬والذي بعثك بالق إل لصادق ‪،‬‬
‫ولينلن ال ما يبئ ظهرى من ( هامش ) ( ‪ ) 1‬كان ذلك ف شهر شعبان سنة ‪ 59‬ه‍‬
‫وقيل ‪ :‬كان ف السنة الت توف فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ) 2 ( .‬كان أول‬
‫رجل ل عن ف السلم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 317‬الد ‪ ،‬فنل جبيل عليه السلم وأنزل‬
‫عليه قوله تعال ‪ " :‬والذين يرمون أزواجهم ول يكن لم شهداء إل أنفسهم ‪ ،‬فشهادة‬
‫أحدهم أربع شهادات بال إنه لن الصادقي ‪ .‬والامسة أن لعنة ال عليه إن كان من‬
‫الكاذبي ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بال إنه لن الكاذبي ‪ .‬والامسة أن‬
‫غضب ال عليها إن كان من الصادقي " ( ‪ . ) 1‬فانصرف النب صلى ال عليه وسلم‬
‫إليها ‪ ،‬فجاء هلل فشهد والنب صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬إن ال يعلم ( ‪ ) 2‬أن أحد‬
‫كما كاذب ‪ .‬فهل منكما تائب ؟ " فشهدت ‪ .‬فلما كانت عند الامسة وقفوها ( ‪، ) 3‬‬
‫وقالوا إنا الوجبة ( ‪ . ) 4‬قال ابن عباس رضي ال عنهما ‪ :‬فتلكأت ونكصت ‪ ،‬حت‬
‫ظننا أنا ترجع ‪ .‬ث قالت ‪ :‬ل أفضح قومي سائر اليوم ‪ ،‬فمضت ‪ .‬فقال النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬أبصروها ‪ ،‬فإن جاءت به أكحل العيني ( ‪ ، ) 5‬سابغ الليتي ‪ ،‬خدل‬

‫‪233‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الساقي ‪ ،‬فهو لشريك بن سحماء " ‪ .‬فجاءت به كذلك ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬لو ل ما مضى ( ‪ ) 6‬من كتاب ال كان ل ولا شأن ‪ " .‬قال صاحب بداية‬
‫الجتهد ‪ :‬وأما من طريق العن ‪ .‬فلما كان الفراش موجبا للحوق النسب ‪ ،‬كان للناس‬
‫ضرورة إل طريق ينفونه به إذا تققوا فساده ‪ .‬وتلك الطريق هي اللعان ‪ .‬فاللعان حكم‬
‫ثابت بالكتاب والسنة والقياس والجاع ‪ .‬إذ ل خلف ف ذلك عامة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة النور ‪ :‬اليات ‪ ) 2 ( 9 - 6‬هذا دليل على أن الزوج إذا قذف امرأته ‪ ،‬وعجز‬
‫عن إقامة البينة وجب عليه حد القاذف ‪ ،‬وإذا وقع اللعان سقط الد عنه ‪ ) 3 ( .‬فيه‬
‫استحباب تقدي الوعظ للزوجي قبل اللعان لا سيأت ‪ ) 4 ( .‬أشاروا عليها بالوقوف عن‬
‫تام اللعان فتلكأت وكادت تعترف ولكنها ل ترض بفضيحة قومها ‪ .‬وف هذا دليل على‬
‫أن مرد التلكؤ ل يعمل به ‪ ) 5 ( .‬ف هذا دليل على أن الرأة كانت حامل وقت‬
‫اللعان ‪ ،‬والكحل الذي أجفانه سوداء كأن فيها كحل ‪ .‬وسابغ الليتي ‪ :‬أي‬
‫عظيمهما ‪ ،‬وخدل ‪ :‬متلئ ‪ ) 6 ( .‬لو ل ما مضى من كتاب ال ‪ ،‬أي أن اللعان يرفع‬
‫الد عن الرأة ‪ .‬ولو ل ذلك لقام الرسول صلى ال عليه وسلم الد ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 318‬مت يكون اللعان ؟ ويكون اللعان ف صورتي ‪ ( :‬الصورة الول ) أن يرمي‬
‫الرجل امرأته بالزنا ‪ ،‬ول يكن له أربعة شهود يشهدون عليها با رماها به ‪ ( .‬الصورة‬
‫الثانية ) أن ينفي حلها منه ‪ .‬وإنا يوز ف الصورة الول إذا تقق من زناها ‪ ،‬كأن رآها‬
‫تزن ‪ ،‬أو أقرت هي ‪ ،‬ووقع ف نفسه صدقها ‪ .‬والول ف هذه الال أن يطلقها ول‬
‫يلعنها ‪ .‬فإذا ل يتحقق من زناها ‪ ،‬فإنه ل يوز له أن يرميها به ‪ .‬ويكون نفي المل ف‬
‫حالة ما إذا ادعى أنه ل يطأها أصل من حي العقد عليها ‪ ،‬أو ادعى أنا أتت به لقل من‬
‫ستة أشهر بعد الوطء ‪ ،‬أو لكثر من سنة من وقت الوطء ‪ . .‬الاكم هو الذي يقضى‬
‫باللعان ‪ :‬ول بد من الاكم عند اللعان ‪ .‬وينبغي له أن يذكر الرأة ويعظها ‪ ،‬بثل‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 318‬‬
‫ما جاء ف الديث الذي رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ‪ ،‬وصححه ابن حبان‬
‫والاكم ‪ " :‬أيا امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم ‪ ،‬فليست من ال ف شئ ‪ ،‬ولن‬

‫‪234‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يدخلها ال النة ‪ ،‬وأيا رجل جحد ولده وهو ينظر إليه ‪ ،‬احتجب ال منه وفضحه على‬
‫رؤوس الولي والخرين " ‪ .‬اشتراط العقل والبلوغ ‪ :‬وكما يشترط ف اللعان ‪ ،‬الاكم ‪،‬‬
‫يشترط العقل والبلوغ ف كل من التلعني ‪ ،‬وهذا أمر ممع عليه ‪ .‬اللعان بعد إقامة‬
‫الشهود ‪ :‬وإذا أقام الزوج الشهود على الزنا فهل له أن يلعن ؟ ‪ /‬صفحة ‪ / 319‬قال أبو‬
‫حنيفة وداود ‪ :‬ل يلعن ‪ ،‬لن اللعان إنا جعل عوضا عن الشهود ‪ ،‬لقوله تعال ‪" :‬‬
‫والذين يرمون أزواجهم ول يكن لم شهداء إل أنفسهم ( ‪ . " ) 1‬وقال مالك والشافعي‬
‫‪ :‬له أن يلعن ‪ ،‬لن الشهود ل تأثي لم ف دفع الفراش ‪ .‬هل اللعان يي أم شهادة ؟ يرى‬
‫المام مالك والشافعي وجهور العلماء أن اللعان يي ‪ ،‬وإن كان يسمى شهادة فإن أحدا‬
‫ل يشهد لنفسه ‪ ،‬لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ف بعض روايات حديث ابن‬
‫عباس ‪ " :‬لو ل اليان لكان ل ولا شأن " ‪ .‬وذهب أبو حنيفة وأصحابه إل أنه شهادة ‪،‬‬
‫واستدلوا بقول ال تعال " فشهادة أحد هم أربع شهادات بال " وبديث ابن عباس‬
‫التقدم ‪ .‬وفيه ‪ " :‬فجاء هلل فشهد ‪ ،‬ث قامت فشهدت " ‪ .‬والذين رأوا أنه يي ‪ ،‬قالوا‬
‫‪ :‬انه يصح اللعان بي كل زوجي حرين كانا أو عبدين ‪ ،‬أو أحدها ‪ ،‬أو عدلي ‪ ،‬أو‬
‫فاسقي ‪ ،‬أو أحدها ‪ .‬والذين ذهبوا إل أنه شهادة ‪ .‬قالوا ‪ :‬ل يصح إل بي زوجي‬
‫يكونان من أهل الشهادة ‪ ،‬وذلك بأن يكونا حرين مسلمي ‪ .‬فأما العبدان ‪ ،‬أو الحدودان‬
‫ف القذف ‪ ،‬فل يوم لعانما ‪ .‬وكذلك إن كان أحدها من أهل الشهادة والخر ليس من‬
‫أهلها ‪ .‬قال ابن القيم ‪ :‬والصحيح أن لعانم يمع الوصفي اليمي والشهادة ‪ ،‬فهو شهادة‬
‫مؤكدة بالقسم والتكرار ‪ ،‬ويي مغلظة بلفظ الشهادة والتكرار ‪ ،‬لقتضاء الال تأكيد‬
‫المر ‪ ،‬ولذا اعتب فيه من التأكيد عشرة أنواع ‪ ( :‬أحدها ) ذكر لفظ الشهادة ‪.‬‬
‫( الثان ) ذكر القسم أساء الرب سبحانه ‪ ،‬وأجعها لعان أسائه السن ‪ ،‬وهو اسم ال‬
‫جل ذكره ‪ ( .‬الثالث ) تأكيد الواب با يؤكد به القسم عليه من أن واللم ‪ ( ،‬هامش )‬
‫سورة النور آية ‪ / ) . ( . 6‬صفحة ‪ / 320‬وإتيانه باسم الفاعل الذي هو صادق‬
‫وكاذب ‪ ،‬دون الفعل الذي هو صدق وكذب ‪ ( .‬الرابع ) تكرار ذلك أربع مرات ‪.‬‬
‫( الامس ) دعاؤه على نفسه ف الامسة بلعنة ال إن كان من الكاذبي ‪ ( .‬السادس )‬
‫إخباره عند الامسة أنا الوجبة لعذاب ال وأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الخرة ‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( السابع ) جعل لعانه مقتضى لصول العذاب عليها ‪ ،‬وهو إما الد أو البس ‪ ،‬وجعل‬
‫لعانا دارئا للعذاب عنها ‪ ( .‬الثامن ) أن هذا اللعان يوجب العذاب على أحدها ‪ ،‬إما ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬وإما ف الخرة ‪ ( .‬التاسع ) التفريق بي التلعني وخراب بيتهما وكسرها‬
‫بالفراق ‪ ( .‬العاشر ) تأييد تلك الفرقة ودوام التحري بينهما ‪ .‬فلما كان شأن هذا اللعان‬
‫هذا الشأن جعل يينا مقرونا بالشهادة ‪ ،‬وشهادة مقرونة باليمي ‪ ،‬وجعل اللتعن ‪ -‬لقبول‬
‫قوله ‪ -‬كالشاهد فإن نكلت الرأة مضت شهادته وحدت وأفادت شهادته ‪ .‬ويينه شيئي‬
‫‪ :‬سقوط الد عنه ووجوبه عليها ‪ ،‬وإن التعنت المرأة وعارضت لعانه بلعان آخر منها ‪،‬‬
‫أفاد لعانه سقوط الد عنه دون وجوبه عليها ‪ ،‬فكان شهادة ويينا بالنسبة إليها دونا ‪،‬‬
‫لنه إن كان يينا مضة ‪ ،‬فهي ل تد بجرد حلفه ‪ ،‬وإن كان شهادة فل تد بجرد‬
‫شهادته عليها وحده ‪ ،‬فإذا انضم إل ذلك نكولا قوي جانب الشهادة واليمي ف حقه‬
‫بتأكده ونكولا ‪ ،‬فكان دليل " ظاهرا على صدقه ‪ ،‬فأسقط الد عنه وأوجبه عليها ‪،‬‬
‫وهذا أحسن ما يكون من الكم ‪ " .‬ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون " ( ‪) 1‬‬
‫وقد ظهر بذا أنه يي فيها معن الشهادة ‪ ،‬وشهادة فيها معن اليمي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة الائدة آية ‪ / ) . ( 50‬صفحة ‪ / 321‬لعان العمى والخرس ‪ :‬ل يتلف أحد ف‬
‫جواز لعان العمى ‪ ،‬واختلفوا ف الخرس ‪ .‬فقال مالك والشافعي ‪ :‬يلعن الخرس إذا‬
‫فهم عنه ‪ .‬وقال أبو حنيفة رضي ال عنه ‪ :‬ل يلعن ‪ ،‬لنه ليس من أهل الشهادة ‪ .‬من‬
‫يبدأ باللعنة ؟ ‪ :‬اتفق العلماء على أن السنة ف اللعان تقدي الرجل فيشهد قبل الرأة ‪.‬‬
‫فقال الشافعي وغيه ‪ :‬هو واجب ‪ ،‬فإذا لعنت الرأة قبله ‪ ،‬فإن لعانا ل يعتد به ‪.‬‬
‫وحجتهم أن اللعان يشرع لدفع الد عن الرجل ‪ .‬فلو بدئ بالرأة لكان دفعا لمر ل يثبت‬
‫‪ .‬وذهب أبو حنيفة ومالك ‪ :‬إل أنه لو وقع البتداء بالرأة صح واعتد به ‪ .‬وحجتهم أن‬
‫ال سبحانه عطف ف القرآن بالواو ‪ ،‬والواو ل تقتضي الترتيب بل هي الطلق المع ‪.‬‬
‫النكول ( ‪ ) 1‬عن اللعان ‪ :‬النكول عن اللعان ‪ ،‬إما أن يكون من الزوج أو من الزوجة ‪،‬‬
‫فإن نكل الزوج فعليه حد القذف ‪ .‬لقول ال تعال ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 321‬‬

‫‪236‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" والذين يرمون أزواجهم ول يكن لم شهداء إل أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات‬
‫بال إنه لن الصادقي ( ‪ . " ) 2‬فإذا ل يشهد فهو مثل الجنب ف القذف ‪ ،‬ولا تقدم من‬
‫قول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬البينة أو حد ف ظهرك " وهذا مذهب الئمة الثلثة‬
‫‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل حد عليه ‪ .‬ويبس حت يلعن أو يكذب نفسه ‪ .‬فإن كذب نفسه‬
‫وجب عليه حد القذف ‪ .‬فإذا نكلت الزوجة ‪ :‬أقيم عليها حد الزنا عند مالك والشافعي ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬النكول ‪ :‬المتناع ‪ ) 2 ( .‬سورة النور آية ‪ / ) . ( . 6‬صفحة ‪322‬‬
‫‪ /‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل تد ‪ ،‬وحبست حت تلعن أن تقر بالزنا ‪ ،‬وإن صدقته أقيم عليها‬
‫الد ‪ .‬واستدل أبو حنيفة رضي ال عنه بقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل يل دم‬
‫امرئ مسلم إل بإحدى ثلث ‪ :‬زنا بعد إحصان ‪ ،‬أو كفر بعد إيان ‪ ،‬أو قتل نفس بغي‬
‫نفس " ‪ .‬ولن سفك الدماء بالنكول حكم ترده الصول ‪ ،‬فإنه إذا كان كثي من الفقهاء‬
‫ل يوجبون غرم الال بالنكول ‪ .‬فكان بالحرى أل يب بذلك سفك الدماء ‪ .‬قال ابن‬
‫رشد ‪ :‬وبالملة ‪ .‬فقاعدة الدماء مبناها ف الشرع على أنا ل تراق إل بالبينة العادلة ‪،‬‬
‫بالعتراف ‪ ،‬ومن الواجب أل تصص هذه القاعدة بالسم الشترك ‪ .‬فأبو حنيفة ف هذه‬
‫السألة أول بالصواب إن شاء ال ‪ .‬وقد اعترف أبو العال ف كتابه " البهان " بقوة أب‬
‫حنيفة ف هذه السألة ‪ ،‬وهو شافعي ‪ .‬التفريق بي التلعني ‪ :‬إذا تلعن الزوجان وقعت‬
‫الفرقة بينهما على سبيل التأكيد ول يرتفع التحري بينهما بال ‪ .‬فعن ابن عباس أن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬التلعنان إذا تفرقا ل يتمعان أبدا " ‪ .‬وعن علي وابن‬
‫مسعود قال ‪ " :‬مضت السنة أل يتمع التلعنان " ‪ .‬رواها الدارقطن ‪ .‬ولنه قد وقع‬
‫بينهما من التباغض والتقاطع ما أوجب القطيعة بينهما بصفة دائمة ‪ ،‬لن أساس الياة‬
‫الزوجية السكن ‪ ،‬والودة ‪ ،‬والرحة ‪ ،‬وهؤلء قد فقدوا هذا الساس ‪ ،‬وكانت عقوبتهما‬
‫الفرقة الؤبدة ‪ .‬واختلف الفقهاء فيما إذا كذب الرجل نفسه ‪ ،‬فقال المهور ‪ :‬إنا ل‬
‫يتمعان أبدا ‪ ،‬وللحاديث السابقة ‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬إذا كذب نفسه جلد الد ‪ ،‬وجاز‬
‫له أن يعقد عليها من جديد ‪ ،‬واستدل أبو حنيفة بأنه إذا كذب ‪ /‬صفحة ‪ / 323‬نفسه ‪،‬‬
‫فقد بطل حكم اللعان ‪ ،‬فكما يلحق به الولد ‪ ،‬كذلك ترد الزوجة عليه ‪ ،‬وذلك أن‬
‫السبب الوجب للتحري إنا هو الهل بتعيي صدق أحدها ‪ .‬مع القطع بأن أحدها‬

‫‪237‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كاذب ‪ ،‬وإذا انكشف ارتفع التحري ‪ .‬مت تقع الفرقة ؟ تقع الفرقة إذا فرغ التلعنان من‬
‫اللعان ‪ ،‬وهذا عند مالك ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬تقع بعد أن يكمل الزوج لعانه ‪ .‬وقال أبو‬
‫حنيفة ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬والثوري ‪ :‬ل تقع إل بكم الاكم هل الفرقة طلق أم فسخ ؟ يرى‬
‫جهور العلماء أن الفرقة الاصلة باللعان فسخ ‪ .‬ويرى أبو حنيفة أنا طلق بائن ‪ ،‬لن‬
‫سببها من جانب الرجل ‪ ،‬ول يتصور أو تكون من جانب الرأة ‪ ،‬وكل فرقة كانت‬
‫كذلك تكون طلقا ل فسخا ‪ ،‬فالفرقة هنا مثل فرقة العني ‪ ،‬إذا كانت بكم الاكم ‪.‬‬
‫وأما الذين ذهبوا إل الرأي الول فدليلهم تأبيد التحري ‪ ،‬فأشبه ذات الحرم ‪ ،‬وهؤلء‬
‫يرون أن الفسخ باللعان ينع الرأة من استحقاقها النفقة ف مدة العدة ‪ ،‬وكذلك السكن ‪،‬‬
‫لن النفقة والسكن إنا يستحقان ف عدة الطلق ل ف عدة الفسخ ‪ ،‬ويؤيد هذا ما رواه‬
‫ابن عباس رضي ال عنهما ف قصة اللعنة أن النب صلى ال عليه وسلم " قضى أل قوت‬
‫لا ول سكن ‪ :‬من أجل أنما يتصرفان من غي طلق ول متوف عنها " ‪ .‬رواه أحد وأبو‬
‫داود ‪ .‬إلاق الولد بأمه ‪ :‬إذا نفى الرجل ابنه ‪ ،‬وت اللعان بنفيه له ‪ .‬انتفى نسبه من أبيه‬
‫وسقطت نفقته عنه ‪ ،‬وانتفى التوارث بينهما ‪ ،‬ولق بأمه ‪ ،‬فهي ترثه وهو يرثها ‪ ،‬لا رواه‬
‫عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪ ،‬قال ‪ " :‬قضى رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ولد‬
‫التلعني أنه يرث أمه وترثه أمه ‪ ،‬ومن رماها به جلد ثاني " ‪ .‬أخرجه أحد ‪ .‬ويؤيد هذا‬
‫الديث الدلة الدالة على أن الولد للفراش ‪ .‬ول فراش هنا ‪ :‬لنفي الزوج إياه ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 324‬وأما من رماها به اعتب قاذفا ‪ ،‬وجلد ثاني جلدة ‪ ،‬لن اللعنة داخلة ف‬
‫الحصنات ‪ ،‬ول يثبت عليها ما يالف ذلك ‪ ،‬فيجب على من رماها بابنها حد القذف ‪،‬‬
‫ومن قذف ولدها يب حده ‪ ،‬كمن قذف أمه سواء بسواء ‪ .‬وهذا بالنسبة للحكام الت‬
‫تلزمه ‪ .‬أما بالنسبة للحكام الت شرعها ال للكافة ‪ .‬فإنه يعامل كأنه ابنه من باب‬
‫الحتياط فل يعطيه زكاة ماله ‪ ،‬ولو قتله لقصاص عليه ‪ ،‬وتثبت الحرمية بينه وبي أولده‬
‫‪ ،‬ول توز شهادة كل منهما للخر ‪ ،‬ول يعد مهول النسب ‪ ،‬فل يصح أن يدعيه غيه ‪،‬‬
‫وإذا كذب نفسه ثبت نسب الولد منه ‪ ،‬ويزول كل أثر للعان بالنسبة للولد ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 325‬العدة ( ‪ ) 1‬تعريفها ‪ :‬العدة ‪ :‬مأخوذة من العد والحصاء ‪ :‬أي ما تصيه الرأة‬
‫وتعده من اليام‬

‫‪238‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 325‬‬
‫والقراء ‪ .‬وهي اسم للمدة الت تنتظر فيها الرأة وتتنع عن التزويج بعد وفاة زوجها ‪ ،‬أو‬
‫فراقه لا ( ‪ . ) 1‬وكانت العدة معروفة ف الاهلية ‪ .‬وكانوا ل يكادون يتركونا ‪ .‬فلما‬
‫جاء السلم أقرها لا فيها من مصال ‪ .‬وأجع العلماء على وجوبا ‪ ،‬لقول ال تعال ‪" :‬‬
‫والطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء " ( ‪ . ) 2‬وقوله صلى ال عليه وسلم لفاطمة‬
‫بنت قيس ‪ " :‬اعتدي ف بيت أم مكتوم " ‪ ) 2 ( .‬حكمة مشروعيتها ‪ :‬ا ‪ -‬معرفة براءة‬
‫الرحم حت ل تتلط النساب بعضها ببعض ‪ .‬ب ‪ -‬تيئة فرصة للزوجي لعادة الياة‬
‫الزوجية إن رأيا أن الي ف ذلك ‪ .‬ح‍ ‪ -‬التنويه بفخامة أمر النكاح حيث ل يكن أمرا‬
‫ينتظم إل بمع الرجال ‪ ،‬ول ينفك إل بانتظار طويل ‪ .‬ولو ل ذلك لكان بنلة لعب‬
‫الصبيان ينظم ث يفك ف الساعة ‪ .‬د ‪ -‬أن مصال النكاح ل تتم حت يوطنا أنفسهما على‬
‫إدامة هذا العقد ظاهرا ‪ ،‬فإن حدث حادث يوجب فك النظام ل يكن بد من تقيق صورة‬
‫الدامة ف الملة بأن تتربص مدة تد لتربصها بال ‪ ،‬وتقاسى لا عناء ( ‪ ( . ) 3‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬احتساب العدة يبدأ من حي وجود سببها ‪ ،‬وهو الطلق أو الوفاة ‪ ) 2 ( .‬سورة‬
‫البقرة ‪ ) 3 ( 228‬من " حجة ال البالغة " ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 326‬أنواع العدة ‪- 1 :‬‬
‫عدة الرأة الت تيض ‪ ،‬وهي ثلث حيض ‪ - 2 .‬عدة الرأة الت يئست من اليض وهي‬
‫ثلثة أشهر ‪ - 3 .‬عدة الرأة الت مات عنها زوجها ‪ ،‬وهي أربعة أشهر وعشرا ‪ ،‬ما ل‬
‫تكن حامل ‪ - 4 .‬عدة الامل حت تضع حلها ‪ .‬وهذا إجال نفصله فيما يلي ‪ :‬الزوجة‬
‫إما أن تكون مدخول با أو غي مدخول با ‪ .‬عدة غي الدخول با ‪ :‬والزوجة غي‬
‫الدخول با إن طلقت فل عدة عليها لقول ال تعال ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم‬
‫الؤمنات ث طلقتموهن من قبل أن تسوهن ( ‪ ) 1‬فما لكم عليهن من عدة تعتدونا ( ‪) 2‬‬
‫" ‪ .‬فإن كانت غي مدخول با ‪ ،‬وقد مات عنها زوجها فعليها العدة ‪ ،‬كما لو كان قد‬
‫دخل با ‪ ،‬لقوله تعال ‪ " :‬والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة‬
‫أشهر وعشرا " ( ‪ . ) 3‬وإنا وجبت العدة عليها وإن ل يدخل با وفاء للزوج التوف‬
‫ومراعاة لقه ‪ .‬عدة الدخول با ( ‪ : ) 4‬وأما الدخول با ‪ ،‬فإما أن تكون من ذوات‬

‫‪239‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اليض ‪ ،‬أو من غي ذوات اليض ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الس ‪ :‬الدخول ‪ ) 2 ( .‬سورة‬
‫الحزاب ‪ :‬آية ‪ ) 3 ( . 49‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ ، 234‬وحكمة التحديد بذه الدة لنا‬
‫الت تكمل فيها خلقة الولد وينفخ فيه الروح بعد مضي ‪ 120‬يوما ‪ ،‬وهي زيادة على‬
‫أربع أشهر لنقصان الهلة فجب الكسر إل العقد على طريق الحتياط ‪ ،‬وذكر العشر مؤنثا‬
‫لرادة الليال ‪ .‬والراد مع أيامها عند المهور ‪ .‬فل تل حت تدخل الليلة الادية عشرة ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬يرى الحناف والنابلة واللفاء الراشدون أن القصود بالدخول الدخول حقيقة أو‬
‫حكما ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 327‬عدة الائض ‪ :‬فإن كانت من ذوات اليض فعدتا ثلثة‬
‫قروء ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬والطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء " ‪ .‬والقروء جع قرء ‪.‬‬
‫والقرء ‪ :‬اليض ‪ .‬ورجح ذلك ابن القيم ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن لفظ القرء ل يستعمل ف كلم‬
‫الشارع إل للحيض ‪ .‬ول يئ عنه ف موضع واحد استعماله للطهر ‪ .‬فحمله ف الية على‬
‫العهود العروف من خطاب الشارع أول ‪ ،‬بل يتعي ‪ .‬فإنه قد قال صلى ال عليه وسلم‬
‫للمستحاضة ‪ " :‬دعي الصلة أيام إقرائك " وهو صلى ال عليه وسلم العب عن ال ‪،‬‬
‫وبلغة قومه نزل القرآن ‪ .‬فإذا أورد الشترك ف كلمه على أحد معنييه ‪ ،‬وجب حله ف‬
‫سائر كلمه عليه إذا ل يثبت إرادة الخر ف شئ من كلمه البتة ‪ .‬ويصي هو لغة القرآن‬
‫الت خوطبنا با ‪ ،‬وإن كان له معن آخر ف كلم غيه ‪ ،‬وإذا ثبت استعمال الشارع للقرء‬
‫ف اليض علم أن هذا لغته ‪ ،‬فيتعي حله عليها ف كلمه ‪ .‬ويدل على ذلك ما ف سياق‬
‫الية من قوله تعال ‪ " :‬ول يل لن أن يكتمن ما خلق ال ف أرحامهن " ‪ .‬وهذا هو‬
‫اليض والمل عند عامة الفسرين ‪ .‬والخلوق ف الرحم إنا هو اليض الوجودي ‪ .‬وبذا‬
‫قال السلف واللف ‪ ،‬ول يقل أحد إنه الطهر ‪ .‬وأيضا فقد قال سبحانه ‪ " :‬واللئي يئسن‬
‫من الحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتن ثلثة أشهر ‪ .‬واللئي ل يضن وأولت الحال‬
‫أجلهن أن يضعن حلهن ( ‪ . " ) 1‬فجعل كل شهر بإزاء حيضة وعلق الكم بعدم‬
‫اليض ل بعدم الطهر واليض ‪ .‬وقال ف موضع آخر قوله تعال ‪ " :‬فطلقوهن لعدتن " ‪.‬‬
‫معناه ‪ :‬لستقبال عدتن ‪ ،‬ل فيها ‪ ،‬وإذا كانت العدة الت يطلق لا ( هامش ) أي أن‬
‫اللوة الصحيحة تعتب دخول تب با العدة ‪ ،‬وعند الشافعي ف الذهب الديد أن اللوة‬
‫ل تب با العدة ‪ ) 1 ( .‬سورة الطلق آية ‪ / ) . ( 4‬صفحة ‪ / 328‬النساء مستقبلة‬

‫‪240‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعد الطلق ‪ ،‬فالستقبل بعدها إنا هو اليض ‪ ،‬فإن الطاهر ل تستقبل الطهر ‪ ،‬إذ هي‬
‫فيه ‪ ،‬وإنا تستقبل اليض بعد حالا الت هي فيها ( ‪. ) 1‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 328‬‬
‫أقل مدة للعتداد بالقراء ‪ :‬قالت الشافعية ‪ :‬وأقل ما يكن أن تعتد فيه الرة بالقراء ‪:‬‬
‫إثنان وثلثون يوما وساعة ‪ ،‬وذلك بأن يطلقها ف الطهر ويبقى من الطهر بعد الطلق‬
‫ساعة فتكون تلك الساعة قرءا ‪ ،‬ث تيض يوما ‪ ،‬ث تطهر خسة عشر يوما ‪ ،‬وهو القرء‬
‫الثان ‪ ،‬ث تيض يوما ‪ ،‬ث تطهر خسة عشر يوما ‪ ،‬وهو القرء الثالث ‪ .‬فإذا طعنت ف‬
‫اليضة الثالثة انقضت عدتا ‪ .‬وأما أبو حنيفة فأقل مدة عنده ستون يوما ‪ ،‬وعند صاحبيه‬
‫تسعة وثلثون يوما ‪ .‬فهي تبدأ عند المام أب حنيفة باليض عشرة أيام ‪ ،‬وهي أكثر مدته‬
‫‪ ،‬ث بالطهر خسة عشر يوما ‪ ،‬ث باليض عشرة والطهر خسة عشر ‪ ،‬ث باليضة الثالثة ‪،‬‬
‫ومدتا عشرة أيام ‪ ،‬فيكون الجموع ستي يوما ‪ ،‬فإذا مضت هذه الدة وادعت أن عدتا‬
‫انتهت صدقت بيمينها ‪ ،‬وصارت حلل لزوج آخر ‪ .‬أما الصاحبان فيحسبان لكل حيضة‬
‫ثلثة أيام ‪ ،‬وهي أقل مدته ‪ ،‬ويسبان لكل من الطهرين التخللي للحيضات الثلث خسة‬
‫عشر يوما ‪ ،‬فيكون الجموع ‪ 39‬يوما ( ‪ . ) 2‬عدة غي الائض ‪ :‬وإن كانت من غي‬
‫ذوات اليض ‪ ،‬فعدتا ثلثة أشهر ‪ ،‬ويصدق ذلك على الصغية الت ل تبلغ ‪ ،‬والكبية‬
‫الت ل تيض سواء أكان اليض ل يسبق لا ‪ ،‬أو انقطع حيضها بعد وجوده ‪ .‬لقول ال‬
‫تعال ‪ " :‬واللئي يئسن من الحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتن ثلثة أشهر ‪ ،‬واللئي ل‬
‫يضن وأولت الحال أجلهن أن يضعن حلهن ( ‪ ( . " ) 3‬هامش ) ( ‪ ) 1‬زاد العاد ‪:‬‬
‫الزء الثالث ص ‪ " ) 2 ( . 96‬زاد العاد ج‍ ‪ 4‬ص ‪ ) 3 ( . " 208‬سورة الطلق آية‬
‫‪ / ) . ( . 4‬صفحة ‪ / 329‬روى ابن أب هاشم ف تفسيه عن عمر بن سال عن أب بن‬
‫كعب ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال ‪ :‬إن أناسا بالدينة يقولون ف عدد النساء ‪ ،‬ما ل‬
‫يذكر ال ف القرآن ‪ ،‬الصغار والكبار وأولت الحال ‪ ،‬فأنزل ال سبحانه ف هذه‬
‫السورة ‪ " :‬واللئي يئسن من الحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتن ثلثة أشهر ‪ ،‬واللئي‬
‫ل يضن وأولت الحال أجلهن أن يضعن حلهن " ‪ .‬فأجل إحداهن أن تضع حلها ‪،‬‬

‫‪241‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإذا وضعت فقد قضت عدتا ‪ .‬ولفظ جرير ‪ ،‬قلت يا رسول ال إن ناسا من أهل الدينة‬
‫لا نزلت هذه الية الت ف البقرة ف عدة النساء قالوا ‪ :‬لقد بقي من عدد النساء عدد ل‬
‫يذكرن ف القرآن ‪ :‬الصغار والكبار الت قد انقطع عنها اليض وذوات المل قال ‪:‬‬
‫فأنزلت الت ف النساء القصرى ‪ " :‬واللئي يئسن من الحيض من نسائكم إن ارتبتم " ‪.‬‬
‫وعن سعيد بن جبي ف قوله " واللئي يئسن من الحيض من نسائكم " يعن اليسة‬
‫العجوز الت ل تيض ‪ ،‬أو الرأة الت قعدت من اليضة ‪ ،‬فليست هذه من القروء ف شئ ‪.‬‬
‫وف قوله " إن ارتبتم " ف الية ‪ ،‬يعن إن شككتم ‪ " ،‬فعدتن ثلثة أشهر " ‪ ،‬وعن ماهد‬
‫‪ :‬إن ارتبتم ول تعلموا عدة الت قعدت عن اليض ‪ ،‬أو الت ل تض فعدتن ثلثة أشهر ‪.‬‬
‫فقوله تعال " إن ارتبتم " يعن إن سألتم عن حكمهن ول تعلموا حكمهن وشككتم فيه‬
‫فقد بينه ال لكم ‪ .‬حكم الرأة الائض إذا ل تر اليض ‪ :‬إذا طلقت الرأة وهي من ذوات‬
‫القراء ‪ .‬ث إنا ل تر اليض ف عادتا ‪ ،‬ول تدر ما سببه ‪ ،‬فإنا تعتد سنة ‪ :‬تتربص مدة‬
‫تسعة أشهر لتعلم براءة رحها ‪ ،‬لن هذه الدة هي غالب مدة المل ‪ ،‬فإذا ل يب المل‬
‫فيها ‪ ،‬علم براءة الرحم ظاهرا ‪ ،‬ث تعتد بعد ذلك عدة اليسات ثلثة أشهر ‪ ،‬وهذا ما‬
‫قضى به عمر رضي ال عنه ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬هذا قضاء عمر بي الهاجرين والنصار ‪ ،‬ل‬
‫ينكره منهم منكر علمناه ‪ .‬سن اليأس ‪ :‬اختلف العلماء ف سن اليأس ‪ / .‬صفحة ‪/ 330‬‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬إنا خسون ‪ ،‬وقال آخرون ‪ :‬إنا ستون ‪ ،‬والق أن ذلك يتلف باختلف‬
‫النساء ‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ :‬اليأس متلف باختلف النساء ‪ ،‬وليس له حد يتفق‬
‫عليه النساء ‪ .‬والراد بالية أن إياس كل امرأة من نفسها ‪ ،‬لن اليأس ضد الرجاء ‪ .‬فإذا‬
‫كانت الرأة قد يئست من الحيض ول ترجه ‪ ،‬فهي آيسة وإن كان لا أربعون أو نوها ‪،‬‬
‫وغيها ل تيأس منه وإن كان لا خسون ( ‪ . ) 1‬عدة الامل ‪ :‬وعدة الامل تنتهي‬
‫بوضع المل ‪ ،‬سواء أكانت مطلقة أو متوف عنها زوجها ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬وأولت‬
‫الحال أجلهن أن يضعن حلهن ( ‪ " ) 2‬قال ف زاد العاد ‪ :‬ودل قوله سبحانه ‪" :‬‬
‫أجلهن أن يضعن حلهن " على أنا إذا كانت حامل بتو أمي ل تنقض العدة حت‬
‫تضعهما جيعا ‪ .‬ودلت على أن من عليها الستباء فعدتا وضع المل أيضا ‪ .‬ودلت على‬
‫أن العدة تنقضي بوضعه على أي صفة كان ‪ ،‬حيا أو ميتا ‪ ،‬تام اللقة أو ناقصها ‪ ،‬نفخ‬

‫‪242‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيه الروح أو ل ينفخ ‪ .‬عن سبيعة السلمية أنا كانت تت سعد بن حواله وهو من شهد‬
‫بدرا ‪ ،‬فتوف عنها ف حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب ( ‪ ) 3‬أن وضعت‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 330‬‬
‫حلها بعد وفاته ‪ ،‬فلما تعلت ( ‪ ) 4‬من نفاسها تملت للخطاب ‪ ،‬فدخل عليها أبو‬
‫السنابل بن بعكك ‪ -‬رجل من بن عبد الدار ‪ -‬فقال لا ‪ :‬مال أراك متجملة ‪ ،‬لعلك‬
‫ترتي ( ‪ ) 5‬النكاح ؟ إنك وال ما أنت بناكح حت تر عليك أربعة أشهر وعشرا ‪،‬‬
‫قالت سبيعة ‪ :‬فلما قال ل ذلك جعت علي ثياب حي أمسيت ‪ ،‬فأتيت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتان بأن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ص ‪ 206‬ج‍ ‪ 4‬زاد العاد (‬
‫‪ ) 2‬سورة الطلق آية ‪ ) 3 ( . 4‬ننشب ‪ :‬نلبث ‪ ) 4 ( .‬طهرت من دمها ‪) 5 ( .‬‬
‫تطلبي ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 331‬قد حللت حي وضعت حلي ‪ ،‬وأمرن بالتزوج إن بدال‬
‫‪ .‬وقال ابن شهاب ‪ :‬ول أرى بأسا أن تتزوج حي وضعت ‪ ،‬وإن كانت ف دمها ‪ ،‬غي‬
‫أنه ل يقربا زوجها حت تطهر ‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه ‪ .‬والعلماء‬
‫يعلون قول ال تعال ‪ " :‬والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة‬
‫أشهر وعشرا ( ‪ " ) 1‬خاصة بعدد الوائل ( ‪ ، ) 2‬ويعلون قول ال تعال ف سورة‬
‫الطلق ‪ " :‬وأولت الحال أجلهن أن يضعن حلهن " ف عدد الوامل فليست الية‬
‫الثانية معارضة للول ‪ .‬عدة التوف عنها زوجها ‪ :‬والتوف عنها زوجها عدتا أربعة أشهر‬
‫وعشرا ‪ ،‬ما ل تكن حامل ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ‪،‬‬
‫يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ‪ .‬وإن طلق امرأته طلقا رجعيا ‪ ،‬ث مات عنها‬
‫وهي ف العدة اعتدت بعد الوفاة ‪ ،‬لنه توف عنها وهي زوجته ‪ .‬عدة الستحاضة ‪:‬‬
‫الستحاضة تعتد باليض ‪ .‬ث إن كانت لا عادة فعليها أن تراعي عادتا ف اليض والطهر‬
‫‪ ،‬فإذا مضت ثلث حيض انتهت العدة ‪ ،‬وإن كانت آيسة انتهت عدتا بثلثة أشهر ‪.‬‬
‫وجوب العدة ف غي الزواج الصحيح ‪ :‬من وطئ امرأة بشبهة وجبت عليها العدة ‪ ،‬لن‬
‫وطء الشبهة كالوطء ف النكاح ف النسب ‪ ،‬فكان كالوطء ف النكاح ف إياب العدة ‪.‬‬
‫وكذلك تب العدة ف زواج فاسد إذا تقق الدخول ( ‪ . ) 3‬ومن زن بامرأة ل تب‬

‫‪243‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليها ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة آية ‪ ) 2 ( . 234‬الوائل ‪ :‬غي الوامل ‪) 3 ( .‬‬
‫قالت الظاهرية ‪ :‬ل تب العدة ف النكاح الفاسد ‪ ،‬ولو بعد الدخول ‪ ،‬لعدم دليل على‬
‫إيابا من الكتاب والسنة ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 332‬العدة ‪ ،‬لن العدة لفظ النسب ‪،‬‬
‫والزان ليلحقه نسب ‪ ،‬وهو رأي الحناف والشافعية والثوري ‪ ،‬وهو رأي أب بكر‬
‫وعمر ‪ .‬وقال مالك وأحد ‪ :‬عليها العدة ‪ ،‬وهل عدتا ثلث حيض أو حيضة تستبى‬
‫با ؟ روايتان عن أحد ‪ .‬تول العدة من اليض إل العدة بالشهر ‪ :‬إذا طلق الرجل‬
‫زوجته وهي من ذوات اليض ‪ ،‬ث مات وهي ف العدة ‪ ،‬فإن كان الطلق رجعيا ‪ ،‬فإن‬
‫عليها أن تعتد عدة الوفاة ‪ ،‬وهي أربعة أشهر وعشرا ‪ ،‬لنا ل تزال زوجة له ‪ ،‬ولن‬
‫الطلق الرجعي ل يزيل الزوجة ‪ ،‬ولذلك يثبت التوارث بينهما إذا توف أحدها وهي ف‬
‫العدة ‪ .‬وإن كان الطلق بائنا فإنا تكمل عدة الطلق باليض ول تتحول العدة إل عدة‬
‫الوفاة ‪ ،‬وذلك لنقطاع الزوجية بي الزوجي من وقت الطلق ‪ ،‬لن الطلق البائن يزيل‬
‫الزوجية ‪ ،‬فتكون الوفاة حدثت وهو غي زوج ‪ ،‬ولذلك ل يرث أحدها صاحبه إذا توف‬
‫أحدها وهي ف العدة إل إذا اعتب فارا ‪ .‬طلق الفار ‪ :‬وطلق الفار أن يطلق الريض‬
‫مرض الوت امرأته طلقا بائنا بغي رضاها ‪ ،‬ث يوت وهي ف العدة ‪ ،‬فإنه يعتب ف هذه‬
‫الال فارا من الياث ‪ ،‬ولذا قال مالك " ترث ولو مات بعد انقضاء عدتا وبعد نكاح‬
‫زوج آخر ‪ ،‬معاملة له بنقيض قصده ‪ .‬ويرى أبو حنيفة وممد أن الكم ف هذه الال‬
‫يتغي ‪ ،‬فتكون عدتا أطول الجلي ‪ :‬عدة الطلق أو عدة الوفاة ‪ ،‬فإن كانت عدة الطلق‬
‫أطول ‪ ،‬اعتدت با ‪ ،‬وإن كانت عدة الوفاة هي الطول ‪ ،‬كانت هي العدة ‪ .‬أي إذا‬
‫انقضت اليضات الثلث ف أكثر من أربعة أشهر وعشر اعتدت با ‪ ،‬وإن كانت الربعة‬
‫أشهر وعشر أكثر من مدة اليضات الثلث اعتدت با ‪ .‬وذلك كي ل ترم الرأة من‬
‫حقها ف الياث الذي أراد الزوج الفرار منه بالطلق ‪ / .‬صفحة ‪ / 333‬وعند أب‬
‫يوسف أن الطلقة ف هذه الال تعتد عدة الطلق وإن كانت مدتا أقل من أربعة أشهر‬
‫وعشر ‪ .‬ويرى الشافعي ف أظهر قوليه ‪ :‬أنا ل ترث كالطلقة طلقا بائنا ف الصحة ‪.‬‬
‫وحجته أن الزوجية قد انتهت بالطلق قبل الوت فقد زال السبب ف الياث ‪ .‬ول عبة‬
‫بظنة الفرار ‪ ،‬لن الحكام الشرعية تناط بالسباب الظاهرة ل بالنيات الفية ‪ .‬واتفقوا‬

‫‪244‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على أنه إن أبانا ف مرضه فماتت الرأة فل مياث له ‪ .‬وكذلك تتحول العدة من اليض‬
‫إل الشهر ف حق من حاضت حيضة أو حيضتي ث يئست من اليض فإنا حينئذ يب‬
‫عليها أن تعتد بثلثة أشهر ‪ ،‬لن إكمال العدة باليض غي مكن ‪ ،‬لنقطاعه ‪ ،‬ويكن‬
‫إكمالا باستئنافها بالشهور والشهور بدل عن اليض ‪ .‬تول العدة من الشهر إل اليض‬
‫‪ :‬إذا شرعت الرأة ف العدة بالشهور لصغرها أو لبلوغها سن الياس ث‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 333‬‬
‫حاضت ‪ ،‬لزمها النتقال إل اليض ‪ .‬لن الشهور بدل عن اليض فل يوز العتداد با‬
‫مع وجود أصلها ‪ .‬وإن انقضت عدتا بالشهور ‪ ،‬ث حاضت ‪ ،‬ل يلزمها الستئناف للعدة‬
‫بالقراء ‪ ،‬لن هذا حدث بعد انقضاء العدة ‪ .‬وإن شرعت ف العدة بالقراء أو الشهر ‪،‬‬
‫ث ظهر لا حل من الزوج ‪ ،‬فإن العدة تتحول إل وضع المل ‪ ،‬والمل دليل على براءة‬
‫الرحم من جهة القطع ‪ .‬انقضاء العدة ‪ :‬إذا كانت الرأة حامل فإن عدتا تنقضي بوضع‬
‫المل ‪ ،‬وإذا كانت العدة بالشهر ‪ ،‬فإنا تتسب من وقت ( ‪ ) 1‬الفرقة أو الوفاة حت‬
‫تستكمل ثلثة ( هامش ) ( ‪ ) 1‬مذهب مالك والشافعي أن الطلق إن وقع ف أثناء‬
‫الشهر اعتدت بقيته ‪ ،‬ث اعتدت شهرين ‪ ،‬بالهلة ‪ ،‬ث اعتدت من الشهر الثالث تام‬
‫ثلثي يوما ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬تتسب بقية الول وتعتد من الرابع بقدر ما فاتا من‬
‫الول تاما كان أم ناقصا ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 334‬أشهر أو أربعة أشهر وعشرا ‪ ،‬وإذا‬
‫كانت باليض فإنا تنقضي بثلث حيضات وذلك يعرف من جهة الرأة نفسها ( ‪) 1‬‬
‫لزوم العتدة بيت الزوجية ‪ :‬يب على العتدة أن تلزم بيت الزوجية حت تنقضي عدتا ‪،‬‬
‫ول يل لا أن ترج منه ‪ ،‬ول يل لزوجها أن يرجها منه ‪ ،‬ولو وقع الطلق أن حصلت‬
‫الفرقة وهي غي موجودة ف بيت الزوجية وجب عليها أن تعود إليه بجرد علمها ‪ :‬يقول‬
‫ال تعال ‪ " :‬يا أيها النب إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتن واحصوا العدة واتقوا ال‬
‫ربكم ل ترجوهن من بيوتن ول يرجن إل أن يأتي بفاحشة مبينة ( ‪ ، ) 2‬وتلك‬
‫حدود ال ومن يتعد حدود ال فقد ظلم نفسه " ( ‪ . ) 3‬وعن الفريعة بنت مالك بن‬
‫سنان ‪ -‬وهي أخت أب سعيد الدري ‪ :‬أنا جاءت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫‪245‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تسأله أن ترجع إل أهلها ف بن خدرة ‪ ،‬فإن زوجها خرج ف طلب أعبد له أبقوا (‬
‫‪ ، ) 4‬حت إذا كانوا بطرف القدوم ( ‪ ) 5‬لقهم فقتلوه ‪ ،‬فسألت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أن أرجع إل أهلي فإن ل يتركن ف مسكن يلكه ولنفقة ؟ ‪ ،‬قالت ‪ :‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬نعم ‪ ،‬قالت ‪ :‬فخرجت حت إذا كنت ف ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬كانت بعض النساء تكذب وتدعي أن عدتا ل تنقض وأنا ل تر اليضات الثلث‬
‫لتطول العدة ولتتمكن من أخذ النفقة مدة طويلة ‪ ،‬وكان ذلك مثارا لشكوى الرجال ‪،‬‬
‫فتدارك القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬هذه الال ‪ ،‬فجاء ف الادة ‪ 17‬منه ما نصه ‪ " :‬ل‬
‫تسمع الدعوى لنفقة عدة لدة تزيد على سنة من تاريخ الطلق " ‪ .‬وجاء ف الذكرة‬
‫ليضاحية لذه الادة ‪ " :‬فقطعا لذه الدعاءات الباطلة ‪ ،‬وبناء على ما قرره الطباء من أن‬
‫أكثر مدة المل سنة وضعت الفقرة الول من الادة ‪ 17‬ومنعت العتدة من دعواها نفقة‬
‫العدة لكثر من سنة من تاريخ الطلق ‪ ،‬فتقرر بذلك مدة استحقاق النفقة ‪ ،‬وليس معناه‬
‫تديد مدة العدة شرعا ‪ ،‬فان مدة العدة ثلث حيضات " ‪ ) 2 ( .‬سورة الطلق الية ‪1‬‬
‫‪ ) 3 ( .‬قال ابن عباس ‪ :‬الفاحشة البينة أن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت على الهل‬
‫حل إخراجها ‪ ) 4 ( .‬هربوا ‪ ) 5 ( .‬موضع على ستة أميال من الدينة ( ‪ / ) .‬صفحة‬
‫‪ / 335‬الجرة أو ف السجد دعان أو أمرب فدعيت له فقال ‪ :‬كيف قلت ؟ فرددت‬
‫عليه القصة الت ذكرت من شأن زوجي ‪ ،‬فقال ‪ :‬امكثي ف بيتك حت يبلغ الكتاب أجله‬
‫‪ .‬قالت ‪ :‬فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ‪ .‬قالت ‪ :‬فلما كان عثمان بن عفان أرسل إل‬
‫فسألن عن ذلك فأخبته ‪ ،‬فأتبعه وقضى به ‪ .‬رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه‬
‫والترمذي وقال حسن صحيح ‪ .‬وكان عمر يرد التوف عنهن أزواجهن من البيداء وينعهن‬
‫الج ‪ .‬ويستثن من ذلك الرأة البدوية إذا توف عنها زوجها فإنا ترتل مع أهلها إذ اكان‬
‫أهلها من أهل الرتال ‪ .‬وخالف ف ذلك عائشة وابن عباس وجابر بن زيد والسن‬
‫وعطاء ‪ ،‬وروي عن علي وجابر ‪ .‬فقد كانت عائشة تفت التوف عنها زوجها بالروج ف‬
‫عدتا وخرجت بأختها أم كلثوم ‪ ،‬حي قتل عنها طلحة بن عبد ال إل مكة ف عمرة ‪.‬‬
‫وقال عبد الرزاق ‪ :‬أخبنا ابن جريج قال أخبن عطاء عن ابن عباس أنه قال ‪ :‬إنا قال‬
‫ال عزوجل ‪ :‬تعتد أربعة أشهر وعشرا ‪ ،‬ول يقل تعتد ف بيتها ‪ ،‬فتعتد حيث شاءت ‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وروى أبو داود عن ابن عباس أيضا قال ‪ :‬نسخت هذه الية عدتا عند أهله ‪ ،‬وسكتت‬
‫ف وصيتها ‪ ،‬وإن شاءت خرجت ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬فإن خرجن فل جناح عليكم فيما‬
‫فعلن ف أنفسهن ( ‪ " ) 1‬قال عطاء ‪ :‬ث جاء الياث فنسخ السكن تعتد حيث شاءت ‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء ف خروج الرأة ف العدة ‪ :‬وقد اختلف الفقهاء ف خروج الرأة ف العدة‬
‫‪ .‬فذهب الحناف إل أنه ل يوز للمطلقة الرجعية ول للبائن الروج من بيتها ليل‬
‫ولنارا ‪ .‬وأما التوف عنها زوجها فتخرج نارا وبعض الليل ‪ ،‬ولكن ل تبيت إل ف منلا‬
‫‪ .‬قالوا ‪ :‬والفرق بينهما أن الطلقة نفقتها ف مال زوجها ‪ ،‬فل يوز لا ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة البقرة آية ‪) . ( 24 .‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 335‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 336‬الروج كالزوجة ‪ ،‬بلف التوف عنها زوجها فإنا لنفقة لا ‪ ،‬فلبد‬
‫أن ترج بالنهار لصلح حالا ‪ .‬قالوا ‪ :‬وعليها أن تعتد ف النل الذي يضاف إليها‬
‫بالسكن حال وقوع الفرقة ‪ .‬وقالوا ‪ :‬فإن كان نصيبها من دار اليت ل يكفيها ‪ ،‬أو‬
‫أخرجها الورثة من نصيبهم انتقلت ‪ ،‬لن هذا عذر ‪ ،‬والكون ف بيتها عبادة ‪ ،‬والعبادة‬
‫تسقط بالعذر ‪ ،‬وعندهم ‪ :‬ان عجزت عن كراء البيت الذي هي فيه لكثرته ‪ ،‬فلها أن‬
‫تنتقل إل بيت أقل كراء منه ‪ .‬وهذا من كلمهم يدل على أن أجرة السكن عليها ‪ .‬وإنا‬
‫تسقط السكن عنها لعجزها عن أجرته ‪ ،‬ولذا صرحوا بأنا تسكن ف نصيبها من التركة‬
‫إن كفاها ‪ .‬وهذا لنه لسكن عندهم للمتوف عنها زوجها ‪ -‬حامل كانت أو حائل ‪( -‬‬
‫‪ ) 1‬وإنا عليها أن تلزم مسكنها الذي توف زوجها وهي فيه ‪ ،‬ليل ونارا ‪ .‬فإن بدله لا‬
‫الورثة ‪ ،‬وإل كانت الجرة عليها ‪ .‬ومذهب النابلة جواز بالروج نارا ‪ ،‬سواء كانت‬
‫مطلقة أو متوف عنها زوجها ‪ .‬قال ابن قدامة ‪ :‬وللمعتدة الروج ف حوائجها نارا ‪،‬‬
‫سواء كانت مطلقة أو متوف عنها زوجها ‪ ،‬قال جابر ‪ :‬طلقت خالت ثلثا فخرجت تد‬
‫( ‪ ) 2‬نلها فلقيها رجل فنهاها فذكرت ذلك للنب صلى ال عليه وسلم فقال ‪" :‬‬
‫أخرجي فجذي نلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيا " رواه النسائي وأبو داود ‪،‬‬
‫وروى ماهد ‪ ،‬قال ‪ :‬استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم رسول ال ‪ ،‬وقلن ‪:‬‬

‫‪247‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يارسول ال نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا ؟ فإذا أصبحنا بادرنا إل بيوتنا ؟ فقال ‪:‬‬
‫" تدثن عند إحداكن حت إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إل بيتها " ‪ .‬وليس لا‬
‫البيت ف غي بيتها ‪ ،‬ول الروج ليل إل لضرورة ‪ ،‬لن الليل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وعند‬
‫النابلة لسكن لا إذا كانت حائل ‪ ،‬وإن كانت حامل ففي روايتي ‪ .‬وللشافعي قولن ‪.‬‬
‫وعند مالك أن لا السكن ‪ ) 2 ( .‬تذ ‪ :‬تقطع ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 337‬مظنة الفساد ‪،‬‬
‫بلف النهار ‪ ،‬فإن فيه قضاء الوائج والعاش وشراء ما يتاج إليه ‪ .‬حداد العتدة ‪ :‬يب‬
‫على الرأة أن تد على زوجها التوف مدة العدة ‪ ،‬وهذا متفق عليه بي الفقهاء واختلفوا ف‬
‫الطلقة طلقا بائنا ‪ .‬فقال الحناف ‪ :‬يب عليها الحداد ‪ .‬وذهب غيهم إل أنه ل حداد‬
‫عليها ‪ .‬وتقدم ف الجلد الول حقيقة الداد ( ‪ . ) 1‬نفقة العتدة ‪ :‬اتفق الفقهاء على أن‬
‫الطلقة طلقا رجعيا تستحق النفقة والسكن ‪ .‬واختلفوا ف البتوتة ؟ فقال أبو حنيفة ‪ :‬لا‬
‫النفقة والسكن مثل الطلقة الرجعية ‪ ،‬لنا مكلفة بقضاء مدة العدة ف بيت الزوجية ‪،‬‬
‫فهي متبسة لقه عليها فتجب لا النفقة ‪ ،‬وتعتب هذه النفقة دينا صحيحا من وقت‬
‫الطلق ‪ ،‬ول تتوقف على التراضي ولقضاء القاضي ‪ ،‬ول يسقط هذا الدين إل بالداء أو‬
‫البراء ‪ .‬وقال أحد ‪ :‬ل نفقة لا ولسكن ‪ ،‬لديث فاطمة بنت قيس ‪ :‬أن زوجها طلقها‬
‫البتة ‪ ،‬فقال لا الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ليس لك عليه نفقة " ‪ .‬وقال الشافعي‬
‫ومالك ‪ :‬لا السكن بكل حال ول نفقة لا إل أن تكون حامل ‪ ،‬لن عائشة وابن السيب‬
‫أنكرا على فاطمة بنت قيس حديثها ‪ ،‬قال مالك ‪ :‬سعت ابن شهاب يقول ‪ :‬البتوتة ل‬
‫ترج من بيتها حت تل ‪ ،‬وليست لا نفقة ‪ ،‬إل أن تكون حامل فينفق عليها حت تضع‬
‫حلها ‪ ،‬ث قال ‪ :‬وهذا المر عندنا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الجلد الول صفحة ‪) . ( 507‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 338‬الضانة معناها ‪ :‬الضانة مأخوذة من اليض ‪ ،‬وهو ما دون البط إل‬
‫الكشح ‪ ،‬وحضنا الشئ جانباه ‪ ،‬وحضن الطائر بيضه إذا ضمه إل نفسه تت جناحه ‪،‬‬
‫وكذلك الرأة إذا ضمت ولدها ‪ .‬وعرفها الفقهاء ‪ :‬بأنا عبارة عن القيام بفظ الصغي ‪،‬‬
‫أو الصغية ( ‪ ، ) 1‬أو العتوه الذي ل ييز ول يستقل بأمره ‪ ،‬وتعهده با يصلحه ‪،‬‬
‫ووقايته ما يوذيه ويضره ‪ ،‬وتربيته جسميا ونفسيا وعقليا ‪ ،‬كي يقوى على النهوض‬
‫بتبعات الياة والضطلع بسئولياتا ‪ .‬والضانة بالنسبة للصغي أو للصغية واجبة ‪ ،‬لن‬

‫‪248‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الهال فيها يعرض الطفل للهلك والضياع ‪ .‬الضانة حق مشترك ‪ :‬الضانة حق للصغي‬
‫لحتياجه إل من يرعاه ‪ ،‬ويفظه ‪ ،‬ويقوم على شئونه ‪ ،‬ويتول تربيته ‪ .‬ولمه الق ف‬
‫احتضانه كذلك ‪ ،‬لقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أنت أحق به " ‪ .‬وإذا كانت‬
‫الضانة حقا للصغي فإن الم تب عليها إذا تعينت بأن يتاج الطفل إليها ول يوجد غيها‬
‫‪ ،‬كي ل يضيع حقه ف التربية والتأديب ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ولبد من الصغر أو العته ف‬
‫إياب الضانة أما البالغ الرشيد فل حضانة عليه ‪ ،‬وله اليار ف القامة عند من شاء من‬
‫أبويه ‪ ،‬فان كان ذكرا فله النفراد بنفسه ‪ ،‬لستغنائه عنهما ويستحب أن ل ينفرد عنهما‬
‫ول يقطع بره عنهما ‪ ،‬وإن كانت جارته ل يكن لا النفراد ولبيها منعها منه لنه ل‬
‫يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها ويلحق العار با وبأهلها ‪ ،‬فإن ل يكن لا أب فلوليها‬
‫وأهلها منعها من ذلك ( ‪) .‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 338‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 339‬فإن ل تتعي الضانة بأن كان للطفل جدة ورضيت بإمساكه وامتنعت‬
‫الم فإن حقها ف الضانة يسقط بإسقاطها إياه ‪ ،‬لن الضانة حق لا ‪ .‬وقد جاء ف‬
‫بعض الحكام الت أصدرها القضاء الشرعي ما يؤيد هذا ‪ ،‬فقد أصدرت مكمة جرجا ف‬
‫‪ 1933 / 7 / 23‬ما يلي ‪ " :‬إن لكل من الاضنة والحضون حقا ف الضانة ‪ ،‬إل أن‬
‫حق الحضون أقوى من حق الاضنة ‪ ،‬وإن إسقاط الاضنة حقها ل يسقط حق الصغي "‬
‫‪ .‬وجاء ف حكم مكمة العياط ف ‪ 7‬أكتوبر سنة ‪ " : 1928‬إن تبع غي الم بنفقة‬
‫الحضون الرضيع ل يسقط حقها ف حضانة هذا الرضيع ‪ ،‬بل يبقى ف يدها ول ينع‬
‫منها مادام رضيعا ‪ .‬وذلك حت ل يضار الصغي برمانه من أمه الت هي أشفق الناس عليه‬
‫وأكثرهم صبا على خدمته ( ‪ . " ) 1‬الم أحق بالولد من أبيه ‪ :‬أسى لون من ألوان‬
‫التربية هو تربية الطفل ف أحضان والديه ‪ ،‬إذ ينال من رعايتهما وحسن قيامهما عليه ما‬
‫يبن جسمه وينمي عقله ‪ ،‬ويزكي نفسه ويعده لياة ‪ .‬فإذا حدث ان افترق الوالدان‬
‫وبينهما طفل ‪ ،‬فالم أحق به من الب ‪ ،‬ما ل يقم بالم مانع ينع تقديها ( ‪ ، ) 2‬أو‬
‫بالولد وصف يقتضي تييه ( ‪ . ) 3‬وسبب تقدي الم أن لا ولية الضانة والرضاع ‪،‬‬

‫‪249‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنا أعرف بالتربية وأقدر عليها ‪ ،‬ولا من الصب ف هذه الناحية ما ليس للرجل ‪ ،‬وعندها‬
‫من الوقت ما ليس عنده ‪ ،‬لذا قدمت الم رعاية لصلحة الطفل ‪ .‬فعن عبد ال بن عمرو‬
‫أن امرأة قالت ‪ :‬يارسول ال إن ابن هذا كان بطن له وعاء ( ‪ ، ) 4‬وحجري له حواء (‬
‫‪ ) 5‬وثديي له سقاء ‪ ،‬وزعم أبوه أنه ينعه من ‪ ،‬فقال ‪ " :‬أنت أحق به ما ل تنكحي " ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬أحكام الحوال الشخصية للدكتور ممد يوسف موسى ‪ ) 2 ( .‬بأن ل‬
‫تتوفر فيها الشروط الت يب توفرها ف الاضنة ‪ ) 3 ( .‬وهو الستغناء عن خدمة النساء‬
‫‪ ) 4 ( .‬الوعاء ‪ :‬الناء ‪ ) 5 ( .‬الجر ‪ :‬الضن ‪ ،‬وحواء ‪ :‬أي يويه وييط به ‪،‬‬
‫والسقاء ‪ :‬وعاء الشرب ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 340‬اخرجه أحد وأبو داود والبيهقي والاكم‬
‫وصححه ‪ .‬وعن يي بن سعيد قال ‪ :‬سعت القاسم بن ممد يقول ‪ :‬كانت عند عمربن‬
‫الطاب امرأة من النصار ‪ ،‬فولدت له عاصم بن عمر ‪ ،‬ث إن عمر فارقها ‪ ،‬فجاء عسر‬
‫قباء ‪ -‬فوجد ابنه عاصما يلعب بفناء السجد ‪ .‬فأخذ بعضده فوضعه بي يديه على‬
‫الدابة ‪ ،‬فأدركته جدة الغلم ‪ ،‬فنازعته إياه حت أتيا أبا بكر الصديق ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬ابن ‪،‬‬
‫وقالت الرأة ‪ :‬ابن ‪ .‬فقال أبو بكر ‪ :‬خل بينها وبينه ‪ .‬فما راجعه عمر الكلم ( ‪. ) 1‬‬
‫رواه مالك ف الوطأ ‪ .‬قال ابن عبد الب ‪ :‬هذا الديث مشهور من وجوه منقطعة‬
‫ومتصلة ‪ ،‬تلقاه أهل العلم بالقبول ‪ .‬وف بعض الروايات أنه قال له ‪ " :‬الم أعطف‬
‫وألطف وأرحم وأحن وأخي وأرأف ‪ ،‬وهي أحق بولدها ما ل تتزوج " ‪ .‬وهذا الذي قاله‬
‫أبو بكر رضي ال عنه من كون الم أعطف وألطف هو العلة ف أحقية الم بولدها الصغي‬
‫‪ .‬ترتيب أصحاب القوق ف الضانة ‪ :‬وإذا كانت الضانة للم ابتداء فقد لحظ الفقهاء‬
‫أن قرابة الم تقدم على قرابة الب ‪ ،‬وأن الترتيب بي أصحاب الق ف الضانة يكون‬
‫على هذا النحو ‪ .‬الم ‪ :‬فإذا وجد مانع ينع تقديها ( ‪ ) 2‬انتقلت الضانة إل أم الم ‪،‬‬
‫وإن علت ‪ .‬فإن وجد مانع انتقلت إل أم الب ‪ ،‬ث إل الخت الشقيقة ‪ .‬ث الخت‬
‫لم ‪ ،‬ث الخت لب ‪ ،‬ث بنت الخت الشقيقة فبنت الخت لم ‪ .‬ث الالة الشقيقة ‪،‬‬
‫فالالة لم ‪ .‬فالالة لب ‪ .‬ث بنت الخت لب ‪ .‬ث بنت الخ الشقيق ‪ ،‬فبنت الخ‬
‫لم ‪ ،‬فبنت الخ لب ‪ ،‬ث العمة الشقيقة ‪ ،‬فالعمة ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وكان مذهب عمر‬
‫مالفا لذهب أب بكر ‪ ،‬ولكنه سلم للقضاء من له الكم والمضاء ‪ ،‬ث كان بعد ف‬

‫‪250‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫خلفته يقضي به ويفت ‪ .‬ول يالف مذهب أب بكر مادام الصب ل ييز ‪ ،‬ول مالف لما‬
‫من الصحابة ‪ ،‬أفاده ابن القيم ‪ ) 2 ( .‬كأن فقدت شرطا من شروط الضانة الت ستأت‬
‫بعد ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 341‬لم فالعمة لب ‪ ،‬ث خالة الم ‪ ،‬فخالة الب ‪ ،‬فعمة الم ‪،‬‬
‫فعمة الب ‪ ،‬بتقدي الشقيقة ف كل منهن ‪ .‬فإذا ل توجد للصغي قريبات من هذه‬
‫الحارم ‪ ،‬أو وجدت وليست أهل للحضانة ‪ ،‬انتقلت الضانة إل العصبات من الحارم ‪،‬‬
‫من الرجال على حسب الترتيب ف الرث ‪ .‬فينتقل حق الضانة إل الب ‪ ،‬ث أب أبيه ‪،‬‬
‫وإن عل ‪ ،‬ث إل الخ الشقيق ‪ ،‬ث إل الخ الب ‪ ،‬ث ابن الخ الشقيق ‪ ،‬ث ابن الخ‬
‫الب ‪ ،‬ث الغم الشقيق ‪ ،‬فالعم لب ‪ ،‬ث عم أبيه الشقيق ‪ ،‬ث عم أبيه لب ‪ .‬فإذا ل يوجد‬
‫من عصبته من الرجال الحارم أحد ‪ ،‬أو وجد وليس أهل للحضانة ‪ ،‬انتقل حق الضانة‬
‫إل مارمه من الرجال غي العصبة ‪ .‬فيكون للجد لم ‪ ،‬ث للخ لم ‪ ،‬ث لبن الخ لم ‪،‬‬
‫ث للعم لم ‪ ،‬ث للخال الشقيق ‪ ،‬فالال لب ‪ ،‬فالال لم ‪ .‬فإذا ل يكن للصغي قريب‬
‫عي القاضي له حاضنة تقوم بتربيته ‪ .‬وإنا كان ترتيب الضانة على هذا النحو ‪ ،‬لن‬
‫حضانة الطفل أمر لبد‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 341‬‬
‫منه ‪ ،‬وأول الناس به قرابته ‪ ،‬وبعض القرابة أول من بعض ‪ .‬فيقدم الولياء لكون ولية‬
‫النظر ف مصاله إليهم ابتداءا ‪ ،‬فإذا ل يكونوا موجودين ‪ ،‬أو كانوا ووجد ما ينعهم من‬
‫الضانة ‪ ،‬انتقلت إل القرب فالقرب ‪ .‬فإن ل يكن ثة قريب ‪ ،‬فإن الاكم مسئول عن‬
‫تعيي من يصلح للحضانة ‪ .‬شروط الضانة ‪ :‬يشترط ف الاضنة الت تتول تربية الصغي‬
‫وتقوم على شئونه ‪ ،‬الكفاءة والقدرة على الضطلع بذه الهمة ‪ ،‬وإنا تتحقق القدرة‬
‫والكفاءة بتوفر شروط معينة ‪ ،‬فإذا ل يتوفر شرط منها سقطت الضانة ‪ ،‬وهذه الشروط‬
‫هي ‪ - 1 :‬العقل ‪ :‬فل حضانة لعتوه ‪ ،‬ول منون ‪ ،‬وكلها ليستطيع القيام بتدبي نفسه‬
‫‪ ،‬فل يفوض له أمر تدبي غيه ‪ ،‬لن فاقد الشئ ليعطيه ( ‪ / ) .‬صفحة ‪- 2 / 342‬‬
‫البلوغ ‪ :‬لن الصغي ولو كان ميزا ف حاجة إل من يتول أمره ويضنه ‪ ،‬فل يتول هو‬
‫أمر غيه ‪ - 3 .‬القدرة على التربية ‪ :‬فل حضانة لكفيفة ‪ ،‬أو ضعيفة البصر ‪ ،‬ول لريضة‬

‫‪251‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مرضا معديا ‪ ،‬أو مرضا يعجزها عن القيام بشئونه ‪ ،‬ول لتقدمة ف السن تقدما يوجها‬
‫إل رعاية غيها لا ‪ .‬ول لهملة لشئون بيتها كثية الغادرة له ‪ ،‬بيث يشى من هذا‬
‫الهال ضياع الطفل وإلاق الضرر به ‪ .‬أو لقاطنة مع مريض مرضا معديا ‪ ،‬أو مع من‬
‫يبغض الطفل ‪ ،‬ولو كان قريبا له ‪ ،‬حيث ل تتوفر له الرعاية الكافية ‪ ،‬ول الو الصال ‪.‬‬
‫‪ - 4‬المانة واللق ‪ :‬لن الفاسقة غي مأمونة على الصغي ول يوثق با ف أداء واجب‬
‫الضانة ‪ ،‬وربا نشأ على طريقتها ومتخلقا بأخلقها ‪ ،‬وقد ناقش ابن القيم هذا الشرط‬
‫فقال ‪ " :‬مع أن الصواب أنه ل تشترط العدالة ف الاضن قطعا وإن شرطها أصحاب‬
‫أحد والشافعي رحهما ال وغيهم ‪ .‬واشتراطها ف غاية البعد ‪ .‬ولو اشترط ف الاضن‬
‫العدالة لضاع أطفال العال ‪ ،‬ولعظمت الشقة على المة ‪ ،‬واشتد العنت ول يزل من حي‬
‫قام السلم إل أن تقوم الساعة أطفال الفساق بينهم ‪ ،‬ل يتعرض لم أحد ف الدنيا مع‬
‫كونم هم الكثرين ‪ ،‬ومت وقع ف السلم انتزاع الطفل من أبويه أو أحدها بفسقه ‪،‬‬
‫وهذا ف الرج والعسر واستمرار العمل التصل ف سائر المصار والعصار على خلفة‬
‫بنلة اشتراط العدالة ف ولية النكاح ‪ ،‬فإنه دائم الوقوع ف المصار والعصار والقرى‬
‫والبوادي مع أن أكثر الولياء الذين يلون ذلك فساق ‪ ،‬ول يزل الفسق ف الناس ‪ " .‬ول‬
‫ينع النب صلى ال عليه وسلم ول أحد من الصحابة فاسقا ف تربية ابنه وحضانته له ‪،‬‬
‫ولمن تزويه موليته ‪ .‬والعادة شاهدة بأن الرجل لو كان من الفساق فإنه يتاط لبنته ول‬
‫يضيعها ‪ .‬ويرص على الي لا بهده وإن قدر خلف ذلك فهو قليل بالنسبة إل العتاد ‪.‬‬
‫والشارع يكتفي ف ذلك على الباعث الطبيعي ‪ .‬ولو كان الفاسق مسلوب الضانة وولية‬
‫النكاح لكان بيان هذا للمة من ‪ /‬صفحة ‪ / 343‬أهم المور واعتناء المة بنقله وتوارث‬
‫العمل به مقدما على كثي ما نقلوه وتوارثوا العمل به ‪ .‬فكيف يوز عليهم تضييعه‬
‫واتصال العمل بلفه ‪ ،‬ولو كان الفسق يناف الضانة ‪ ،‬لكان من زن ‪ ،‬أو شرب المر ‪،‬‬
‫أو أتى كبية فرق بينه وبي أولده الصغار والتمس لم غيه ‪ .‬وال أعلم ‪ - 5 .‬السلم‬
‫‪ :‬فل تثبت الضانة للحاضنة الكافرة للصغي السلم ‪ ،‬لن الضانة ولية ‪ ،‬ول يعل ال‬
‫ولية للكافر ‪ ،‬على الؤمن " ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل ( ‪ ، " ) 1‬فهي‬
‫كولية الزواج والال ‪ ،‬ولنه يشى على دينه من الاضنة لرصها على تنشئته على‬

‫‪252‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫دينها ‪ ،‬وتربيته على هذا الدين ‪ ،‬ويصعب عليه بعد ذلك أن يتحول عنه ‪ ،‬وهذا أعظم‬
‫ضرر يلحق بالطفل ففي الديث ‪ " :‬كل مولود يولد على الفطرة إل أن أبويه يهودانه أو‬
‫ينصرانه أو يجسانه " وذهب الحناف وابن القاسم من الالكية وأبو ثور إل أن الضانة‬
‫تثبت للحاضنة مع كفرها وإسلم الولد لن الضانة ل تتجاوز رضاع الطفل وخدمته ‪،‬‬
‫وكلها يوز من الكافرة ‪ .‬وروى أبو داود والنسائي ‪ :‬أن رافع بن سنان أسلم ‪ ،‬وأبت‬
‫امرأته أن تسلم ‪ ،‬فأتت النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ابنت ‪ -‬وهي فطيم ‪ .‬أو‬
‫شبهه ‪ ،‬وقال رافع ‪ :‬ابنت ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اللهم أهدها " فمالت إل‬
‫أبيها فأخذها ( ‪ . . ) 2‬والحناف وإن رأوا جواز حضانة الكافرة ‪ ،‬إل أنم اشترطوا ‪:‬‬
‫أن ل تكون مرتدة ‪ ،‬لن الرتدة عندهم تستحق البس حت تتوب وتعود إل السلم أو‬
‫توت ف البس ‪ ،‬فل تتاح لا الفرصة لضانة الطفل ‪ ،‬فإن تابت وعادت عاد لا حق‬
‫الضانة ( ‪ ( . ) 3‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء آية ‪ ) 2 ( . 141‬ضعف العلماء هذا‬
‫الديث وقال ابن النذر ‪ :‬يتمل أن النب صلى ال عليه وسلم علم أنا تتار أباها بدعوته‬
‫فكان ذلك خاصا ف حقه ‪ ) 3 ( .‬وكذلك يعود حق الضانة إذا سقط لسبب وزال هذا‬
‫السبب الذي كان علة ف سقوطه ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ - 6 / 344‬أن ل تكون متزوجة ‪:‬‬
‫فإذا تزوجت سقط حقها ف الضانة ‪ .‬لا‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 344‬‬
‫رواه عبد ال بن عمرو " أن امرأة قالت ‪ :‬يا رسول ال أن ابن هذا كان بطن له وعاء ‪،‬‬
‫وحجري له حواء ‪ ،‬وثديي له سقاء ‪ ،‬وزعم أبوه أنه ينعه من ‪ ،‬فقال ‪ " :‬أنت أحق به ما‬
‫ل تنكحي " أخرجه أحد وأبو داود والبيهقي والاكم وصححه ‪ .‬وهذا الكم بالنسبة‬
‫للمتزوجة بأجنب فإن تزوجت بقريب مرم من الصغي ‪ ،‬مثل عمه ‪ ،‬فإن حضانتها ل‬
‫تسقط ‪ ،‬لن العم صاحب حق ف الضانة وله من صلته بالطفل وقرابته منه ما يمله على‬
‫الشفقة عليه ورعاية حقه فيتم بينهما التعاون على كفالته ‪ .‬بلف الجنب ‪ .‬فإنا إذا‬
‫تزوجته فإنه ل يعطف عليه ول يكنها من العناية به ‪ .‬فل يد الو الرحيم ولالتنفس‬
‫الطبيعي ول الظروف الت تنمي ملكاته ومواهبه ‪ .‬ويرى السن وابن حزم أن الضانة ل‬

‫‪253‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تسقط بالتزويج بال ‪ - 7 . .‬الرية ‪ :‬إذ أن الملوك مشغول بق سيده فل يتفرغ‬
‫لضانة الطفل ‪ .‬قال ابن القيم ‪ :‬وأما اشتراط الرية فل ينتهض عليه دليل يركن القلب‬
‫إليه ‪ ،‬وقد اشترط أصحاب الئمة الثلث ‪ .‬وقال مالك رحه ال ف حر له ولد من أمة ‪:‬‬
‫" إن الم أحق به إل أن تباع فتنتقل فيكون الب أحق به " وهذا هو الصحيح ‪ .‬أجرة‬
‫الضانة ‪ :‬أجرة الضانة مثل أجرة الرضاع ‪ ،‬ل تستحقها الم مادامت زوجة ‪ ،‬أو‬
‫معتدة ‪ ،‬لن لا نفقة الزوجية ‪ ،‬أو نفقة العدة ‪ ،‬إذا كانت زوجة أو معتدة ‪ .‬قال ال تعال‬
‫‪ " :‬والوالدات يرضعن أولدهن حولي كاملي لن أراد أن يتم الرضاعة وعلى الولود له (‬
‫‪ ) 1‬رزقهن وكسوتن بالعروف " ‪ .‬أما بعد انقضاء العدة فإنا تستحق الجرة كما‬
‫تستحق أجرة الرضاع ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ - 223‬وف هذا دللة على أن‬
‫الوالدة ل تستحق الجرة مادامت زوجة أو معتدة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 345‬لقول ال‬
‫سبحانه ‪ " :‬فأنفقوا عليهن حت يضعن حلهن ‪ ،‬فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ‪،‬‬
‫وأتروا بينكم بعروف ‪ .‬وإن تعاسرت فسترضع له أخرى " ( ‪ . ) 1‬وغي الم تستحق‬
‫أجرة الضانة ‪ ،‬من وقت حضانتها ‪ ،‬مثل الظئر الت تستأجر لرضاع الصغي ‪ .‬وكما تب‬
‫أجرة الرضاع وأجرة الضانة على الب تب عليه أجرة السكن أو إعداده إذا ل يكن‬
‫للم مسكن ملوك لا تضن فيه الصغي ‪ .‬وكذلك تب عليه أجرة خادم ‪ ،‬أو إحضاره ‪،‬‬
‫إذا احتاجت إل خادم وكان الب موسرا ‪ .‬وهذا بلف نفقات الطفل الاصة من طعام‬
‫وكساء وفراش وعال ونو ذلك من حاجاته الولية الت ل يستغن عنها ‪ ،‬وهذه الجرة‬
‫تب من حي قيام الاضنة با وتكون دينا ف ذمة الب ل يسقط إل بالداء أو البراء ‪.‬‬
‫التبع بالضانة ‪ :‬إذا كان ف أقرباء الطفل من هو أهل للحضانة وتبع بضانته وأبت أمه‬
‫أن تضنه إل بأجرة ‪ .‬فإن كان الب موسرا فإنه يب على دفع أجرة للم ‪ ،‬ول يعطى‬
‫الصغي للمتبعة ‪ ،‬بل يبقى عند أمه ‪ ،‬لن حضانة الم أصلح له ‪ ،‬والب قادر على إعطاء‬
‫الجرة ‪ .‬ويتلف الكم ف حالة ما إذا كان الب معسرا فإنه يعطى للمتبعة لعسره‬
‫وعجزه عن أداء الجرة مع وجود التبعة من هو أهل للحضانة من أقرباء الطفل ‪ .‬هذا‬
‫إذا كانت النفقة واجبة على الب ‪ .‬أما إذا كان للصغي مال ينفق منه عليه فإن الطفل‬
‫يعطى للمتبعة صيانة لاله من جهة ‪ ،‬ولوجوده من يضنه من أقاربه من جهة أخرى ‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإذا كان الب معسرا والصغي ل مال له ‪ ،‬وأبت أمه أن تضنه إل ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة الطلق آية ‪ / ) . ( . 6‬صفحة ‪ / 346‬بأجرة ‪ ،‬ول يوجد من مارمه متبع‬
‫بضانته ‪ ،‬فإن الم تب على حضانته ‪ ،‬وتكون الجرة دينا على الب ل يسقط إل بالداء‬
‫أو البراء ‪ .‬انتهاء الضانة ‪ :‬تنتهي الضانة إذا استغن الصغي أو الصغية عن خدمة النساء‬
‫وبلغ سن التمييز والستقلل ‪ ،‬وقدر الواحد منهما على أن يقوم وحده باجاته الولية‬
‫بأن يأكل وحده ‪ ،‬ويلبس وحده ‪ ،‬وينظف نفسه وحده ‪ .‬وليس لذلك مدة معينة تنتهي‬
‫بانتهائها ‪ .‬بل العبة بالتمييز والستغناء ‪ .‬فإذا ميز الصب واستغن عن خدمة النساء وقام‬
‫باجاته الولية وحده فإن حضانتها تنتهي ‪ .‬والفت به ف الذهب النفي وغيه ‪ :‬أن مدة‬
‫الضانة تنتهي إذا أت الغلم سبع سني ‪ ،‬وتنتهي كذلك إذا أتت البنت تسع سني ‪ .‬وإنا‬
‫رأوا الزيادة بالنسبة للبنت الصغية لتتمكن من اعتياد عادات النساء من حاضنتها ‪ .‬وقد‬
‫جاء تديد سن الضانة ف القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬مادة ‪ 20‬ما نصه ‪ ( :‬وللقاضي‬
‫أن يأذن بضانة النساء للصغي بعد سبع سني إل تسع ‪ .‬وللصغية بعد تسع سني إل‬
‫إحدى عشرة سنة إذا تعي أن مصلحتها تقتضي ذلك ) فتقدير مصلحة الصغي أو الصغية‬
‫موكول للقاضي ‪ .‬وأوضحت الذكرة التفسيية لذا القانون هذه الادة با نصه ‪ " :‬جرى‬
‫العمل إل الن ‪ ،‬على أن حق الضانة ينتهي عند بلوغ سن الصغي سبع سني وبلوغ‬
‫الصغية تسعا ‪ .‬وهي سن دلت التجاوب على أنا قد ل يستغن فيها الصغي والصغية عن‬
‫الضانة ‪ ،‬فيكونان ف خطر من ضمهما إل غي النساء ‪ ،‬خصوصا إذا كان‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 346‬‬
‫والدها متزوجا بغي أمهما ‪ .‬ولذلك كثرت شكوى النساء من انتزاع أولدهن منهن ف‬
‫ذلك الوقت ‪ ،‬ولا كان العول عليه ف مذهب النفية أن الصغي يسلم إل أبيه عند‬
‫الستغناء عن خدمة النساء ‪ ،‬والصغية تسلم إليه عند بلوغ حد الشهوة ‪ / .‬صفحة ‪347‬‬
‫‪ /‬وقد اختلف الفقهاء ف تقدير السن الت يكون عندها الستغناء بالنسبة للصغي ‪ .‬فقدرها‬
‫بعضهم بسبع سني ‪ ،‬وبعضهم قدرها بتسع ‪ ،‬وقدر بعضهم بلوغ حد الشهوة بتسع سني‬
‫‪ ،‬وبعضهم قدره بإحدى عشرة ‪ .‬رأت الوزارة أن الصلحة داعية إل أن يكون للقاضي‬

‫‪255‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حرية النظر ف تقدير مصلحة الصغي بعد سبع ‪ ،‬والصغية بعد تسع ‪ .‬فإن رأى مصحلتهما‬
‫ف بقائهما تت حضانة النساء فقضى بذلك إل تسع ف الصغي وإحدى عشرة ف‬
‫الصغية ‪ .‬وإن رأى مصلحتهما ف غي ذلك قضى بضمهما إل غي النساء ( الادة ‪) 20‬‬
‫( ‪ ) 1‬ف السودان ‪ :‬وقد قرر الستاذ الدكتور ممد يوسف موسى أن العمل ف الحاكم‬
‫الشرعية بالسودان كان جاريا على أن الولد تنتهي حضانته ببلوغه سبع سني ‪ ،‬والنثى‬
‫ببلوغها تسع سني ‪ ،‬إل أن صدر ف السودان منشور شرعي رقم ‪ 34‬ف ‪\ 12 \ 12‬‬
‫‪ 1932‬وجاء ف الادة الول منه ‪ " :‬وللقاضي أن يأذن بضانة النساء للصغي بعد سبع‬
‫سني إل البلوغ ‪ ،‬وللصغية بعد تسع سني إل الدخول ‪ .‬إذا تبي أن مصلحتهما تقتضي‬
‫ذلك ‪ .‬وللب وسائر الولياء تعهد الحضون عند الاضنة وتأديبه وتعليمه " ‪ .‬ث نص‬
‫النشور نفسه بعد ذلك ف الادة الثانية منه على ما يأت ‪ " :‬ل أجرة للحضانة بعد سبع‬
‫سني للصغي ‪ ،‬وبعد تسع للصغية " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬راجع مشروع قانون الحوال‬
‫الشخصية ‪ ،‬ففي الفقرة الول من الادة ‪ 175‬تقرر الكم الذي جاء بالادة ‪ 20‬الت نن‬
‫بصددها ‪ ،‬وف الفقرة الثانية أن الضانة تتد من نفسها إذا كانت الاضنة أما إل ‪ 11‬سنة‬
‫للصغي و ‪ 13‬للصغية ويوز للقاضي مدها كذلك إذا كانت أم الم ‪ ،‬كما أن له أن‬
‫يأذن ببقاء الصغيين مع الم أو أمها إل سن الامسة عشرة ‪ ،‬ونن نعتقد أن الي ف‬
‫الوقوف عندما جاءت به الادة ‪ 20‬من قانون ‪ 25‬لسنة ‪ 29‬وهو القانون العمول به حت‬
‫اليوم ‪ ( .‬هامش ) أحكام الحوال الشخصية ص ‪ 416‬للدكتور ممد يوسف موسى ‪( .‬‬
‫‪ / ) .‬صفحة ‪ / 348‬وف الادة الثالثة ‪ :‬لو زوج الب الحضونة ‪ ،‬قاصدا بتزويها‬
‫إسقاط الضانة ‪ ،‬فل تسقط بالدخول حت تطيق ‪ .‬وإذا رجعنا إل النشرة العامة رقم ‪18‬‬
‫\ ‪ 1942 \ 6‬الصادرة ف الرطوم ف تاريخ ‪ 1942 \ 12 \ 5‬ندها شرحت هذه‬
‫الواد السابقة وخلصتها ما يأت ‪ - 1 :‬أن النشور الشرعي رقم ‪ 34‬زاد سن حضانة‬
‫الغلم إل البلوغ ‪ ،‬والبنت إل الدخول ‪ ،‬وهذا على غي ما عرف من مذهب أب حنيفة ‪،‬‬
‫وهذه هي الالة الاصة الت خالف فيها النشور مذهب أب حنيفة ‪ .‬عمل بذهب مالك ‪.‬‬
‫ويظهر أنا حالة استثنائية يلزم للسي فيها الت ‪ - 1 :‬ل يد القاضي مدة الضانة إل إذا‬
‫طلبت الاضنة من الحكمة الذن لا ببقاء الحضون بيدها ‪ ،‬لن الصلحة تقتضي ذلك‬

‫‪256‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مع بيان الصلحة ‪ ،‬أو تانع ف تسليم الحضون للعاصب لذا السبب نفسه ‪ .‬فإذا ل يوافق‬
‫العاصب على بقاء الحضون بيده الاضنة تكلف الاضنة تقدي أدلتها ‪ ،‬أو تتول الحكمة‬
‫تقيق وجه الصلحة للغلم أو البنت ‪ ،‬فإذا ل تقدم أدلة ‪ ،‬أو قدمت ول تكن كافية‬
‫للثبات ول يتضح للمحكمة أن الصلحة تقتضي بقاء الحضون بيد الاضنة ‪ ،‬فإن‬
‫الحكمة تلف العاصب اليمي بطلب الاضنة فإن حلف على أن مصلحة الحضون ل‬
‫تقتضي بقاءه بيد الاضنة حكمت بتسليمه إليه ‪ ،‬وإن نكل رفضت دعواه ‪ - 2 .‬أما إذا‬
‫ل تعارض الاضنة ف ضم الحضون للعاصب أو ل تضر أصل فإنه يب على الحكمة‬
‫تطبيق أحكام مذهب المام أب حنيفة ‪ ،‬ويسلم الحضون الذي جاوز سن الضانة‬
‫للعاصب مت كان أهل لذلك ‪ ،‬ول يطالب بإثبات أن مصلحة الحضون تقتضي بذلك ‪.‬‬
‫‪ - 3‬إذا كانت الاضنة غائبة عند طلب تسليم الصغية فلها أن تعارض ف الكم وتطلب‬
‫بقاءه ف يدها ‪ ،‬وتتخذ الحكمة نفس الجراءات الت اتبعت مع الاضنة الاضرة ‪- 4 .‬‬
‫إذا أفتت الحكمة ببقاء الحضون بي النساء لصلحة تقتضي ذلك ‪ ،‬ث تغي وجه‬
‫الصلحة ‪ ،‬وعرض عليها الناع مرة أخرى أجاز لا ‪ ،‬بعد أن ‪ /‬صفحة ‪ / 349‬تتحق من‬
‫أنه ل يبق للمحضون مصلحة تقتضي بقاءه بيد الاضن إن تقرر نزعه وتسليمه للعاصب (‬
‫‪ . ) 1‬تيي الصغي والصغية بعد انتهاء الضانة ‪ :‬وإذا بلغ الصغي سبع سني ‪ ،‬أو سن‬
‫التمييز وانتهت حضانته ‪ ،‬فإن اتفق الب والاضنة على إقامته عند واحد منهما أمضي‬
‫هذا التفاق ‪ .‬وإن اختلفا أو تنازعا ‪ ،‬خي ( ‪ ) 2‬الصغي بينهما ‪ ،‬فمن اختاره منهما فهو‬
‫أول به ‪ ،‬لا رواه أبو هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬جاءت امرأة إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فقالت ‪ :‬يارسول ال ‪ :‬ان زوجي يريد أن يذهب بابن وقد سقان من بئر أب عنبة‬
‫( ‪ ، ) 3‬وقد‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 349‬‬
‫نفعن ‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬هذا أبوك وهذه أمك ‪ .‬فخذ بيد أيهما‬
‫شئت " ‪ .‬فأخذ بيد أمه ‪ .‬فانطلقت به ‪ .‬رواه أبو داود ‪ .‬وقضى بذلك عمر وعلي وشريح‬
‫‪ ،‬وهو مذهب الشافعي والنابلة ‪ ،‬فإن اختارها ‪ ،‬أو ل يتر واحدا منهما ‪ ،‬قدم أحدها‬

‫‪257‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالقرعة ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬الب أحق به ‪ . . .‬ول يصح التخيي ‪ ،‬لنه ل قول له ول‬
‫يعرف حظه ‪ .‬وربا اختار من يلعب عنده ويترك تأديبه ويكنه من شهواته ‪ ،‬فيؤدي إل‬
‫فساده ولنه دون البلوغ ‪ .‬فلم يي كمن دون السابعة ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬الم أحق به حت‬
‫يثغر ‪ .‬وهذا بالنسبة للصغي ‪ ،‬أما الصغية فأنا تي مثل الصغي عند الشافعي ‪ .‬وقال أبو‬
‫حنيفة ‪ :‬الم أحق با حت تزوج أو تبلغ ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬الم أحق با حت تزوج ويدخل‬
‫با الزوج ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الدكتور ممد يوسف موسى أحكام الحوال الشخصية ف‬
‫الفقه ص ‪ 516‬وما بعدها ‪ ) 2 ( .‬يشترط ف تيي الصغي ‪ - 1 :‬أن يكون التنازعون‬
‫فيه من أهل الضانة ‪ .‬ب ‪ -‬أل يكون الغلم معتوها ‪ .‬فان كان معتوها كانت الم أحق‬
‫بكفالته ولو بعد البلوغ ‪ ،‬لنه ف هذه الالة كالطفل والم أشفق عليه وأقوم بصاله كما‬
‫ف حال الطفولة ‪ ) 3 ( .‬بئر بعيدة عن الدينة نو ميل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 350‬وعند‬
‫النابلة ‪ :‬الب أحق با من غي تيي إذا بلغت تسعا ‪ ،‬والم أحق با إل تسع سني ‪.‬‬
‫والشرع ليس فيه نص عام ف تقدي أحد البوين مطقا ‪ ،‬ول تيي الولد بي البوين مطلقا‬
‫‪ . .‬والعلماء متفقون على أنه ل يتعي أحدها مطلقا ‪ .‬بل ل يقدم ذو العدوان والتفريط‬
‫على البار العادل الحسن ‪ .‬والعتب ف ذلك القدرة على الفظ والصيانة ‪ .‬فإن كان الب‬
‫مهمل لذلك ‪ ،‬أو عاجزا عنه ‪ ،‬أو غي مرض والم بلفه فهي أحق بالضانة ‪ ،‬كما أفاده‬
‫ابن القيم ‪ .‬قال ‪ " :‬فمن قدمناه بتخيي ‪ ،‬أو قرعة ‪ ،‬أو بنفسه ‪ ،‬فإنا نقدمه إذا حصلت به‬
‫مصلحة الولد " ‪ .‬ولو كانت الم أصون من الب وأغي منه قدمت عليه ول التفات إل‬
‫قرعة ول اختيار للصب ف هذه الالة ‪ ،‬فإنه ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب ‪ ،‬فإذا‬
‫اختار من يساعده على ذلك ل يلتفت إل اختياره ‪ ،‬وكان عند من هو أنفع له وأخي ‪،‬‬
‫ول تتمل الشريعة غي هذا ‪ .‬والنب صلى ال عليه وسلم قد قال ‪ " :‬مروهم بالصلة‬
‫لسبع ‪ ،‬واضربوهم على تركها لعشر ‪ ،‬وفرقوا بينهم ف الضاجع " ‪ .‬وال تعال يقول ‪" :‬‬
‫يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والجارة ( ‪ . " ) 1‬وقال‬
‫السن ‪ " :‬علموهم ‪ .‬وأدبوهم ‪ ،‬وفقهوهم " ‪ .‬فإذا كانت الم تتركه ف الكتب وتعلمه‬
‫القرآن ‪ ،‬والصب يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه ‪ ،‬وأبوه يكنه من ذلك ‪ .‬فإنا أحق به بل‬
‫تيي ول قرعة ‪ .‬وكذلك العكس ‪ .‬ومت أخل أحد البوين بأمر ال ورسوله ف الصب‬

‫‪258‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعطله ‪ ،‬والخر مراع له ‪ ،‬فهو أحق وأول به ‪ .‬قال ‪ :‬وسعت شيخنا ( ‪ ) 2‬رحه ال‬
‫يقول ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التحري آية ‪ ) 2 ( 6‬أي ابن تيمية ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ " / 351‬تنازع أبوان صبيا عند بعض الكام ‪ ،‬فخيه بينهما ‪ ،‬فاختار أباه ‪ ،‬فقالت له‬
‫أمه ‪ :‬اسأله لي شئ يتار أباه ‪ ،‬فسأله ‪ .‬فقال ‪ :‬أمي تبعثن كل يوم للكتاب ‪ ،‬والفقيه‬
‫يضربن ‪ ،‬وأب يتركن للعب مع الصبيان ‪ ،‬فقضى به للم ‪ .‬قال ‪ :‬أنت أحق به ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫قال شيخنا ‪ :‬وإذا ترك أحد البوين تعليم الصب وأمره الذي أوجبه ال تعال عليه ‪ ،‬فهو‬
‫عاص ول ولية له عليه ‪ ،‬بل كل من ل يقم بالواجب ف وليته فل ولية له ‪ .‬بل إما أن‬
‫يرفع يده عن الولية ويقام من يفعل الواجب وإما أن يضم إليه من يقوم معه بالواجب ‪.‬‬
‫إذ القصود طاعة ال ورسوله بسب المكان ‪ .‬انتهى ‪ .‬الطفل بي أبيه وأمه ‪ :‬قال‬
‫الشافعية ‪ :‬فإن كان ابنا فاختار الم كان عندها بالليل ويأخذه الب بالنهار ف مكتب أو‬
‫صنعة ‪ ،‬لن القصد حظ الولد ‪ ،‬وحظ الولد فيما ذكرناه ‪ ،‬وإن اختار الب كان عنده‬
‫بالليل والنهار ‪ ،‬ول ينعه من زيارة أمه ‪ ،‬لن النع من ذلك إغراء بالعقوق وقطع الرحم ‪،‬‬
‫فإن مرض كانت الم أحق بتمريضه ‪ ،‬لنه بالرض صار كالصغي ف الاجة إل من يقوم‬
‫بأمره ‪ ،‬فكانت الم أحق به ‪ ،‬وإن كانت جارية فاختارت أحدها كانت عنده بالليل‬
‫والنهار ‪ ،‬ول ينع الخر من زيارتا من غي إطالة وتبسط ‪ ،‬لن الفرقة بي الزوجي تنع‬
‫من تبسط أحدها ف دار الخر ‪ ،‬وإن مرضت كانت الم أحق بتمريضها ف بيتها ‪ ،‬وإن‬
‫مرض أحد البوين والولد عند الخر ل ينع من عيادته ‪ ،‬وحضوره عند موته لا ذكرناه ‪،‬‬
‫وإن اختار أحدها فسلم إليه ث اختار الخر حول إليه ‪ ،‬وإن عاد فاختار الول أعيد إليه‬
‫لن الختيار إل شهوته ‪ ،‬وقد يشتهي القام عند أحدها ف وقت ‪ ،‬وعند الخر ف‬
‫وقت ‪ ،‬فاتبع ما يشتهيه كما يتبع ما يشتهيه من مأكول ومشروب ‪ .‬النتقال بالطفل ‪:‬‬
‫قال ابن القيم ‪ :‬فإن كان سفر أحدها لاجة ث يعود والخر مقيم‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 351‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 352‬فهو أحق ‪ ،‬لن السفر بالولد الطفل ‪ -‬ول سيما إذا كان رضيعا إضرار‬
‫به وتضييع له ‪ ،‬هكذا أطلقوه ول يستثنوا سفر الج من غيه ‪ .‬وإن كان أحدها منتقل‬

‫‪259‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن بلد لخر للقامة والبلد وطريقه موفان أو أحدها ‪ ،‬فالقيم أحق ‪ .‬وإن كان هو‬
‫وطريقه آمني ‪ ،‬ففيه قولن ‪ :‬وها روايتان عن أحد رحه ال ‪ ( .‬إحداها ) أن الضانة‬
‫للب ليتمكن من تربية الولد وتأديبه وتعليمه ‪ ،‬وهو قول مالك والشافعي رحهما ال ‪،‬‬
‫وقضى به شريح ‪ ( .‬والثانية ) أن الم أحق ‪ .‬وفيها قول ثالث ‪ :‬إن كان النتقل هو الب‬
‫فالم أحق به وإن كان الم فإن انتقلت إل البلد الذي كان فيه أصل النكاح فهي أحق به‬
‫‪ .‬وان انتقلت إل غيه فالب أحق ‪ .‬وهذا قول أب حنيفة ‪ .‬وحكوا عن أب حنيفة رحه‬
‫ال ‪ ،‬رواية أخرى ‪ :‬أن نقلها إن كان من بلد إل قرية فالب أحق ‪ ،‬وإن كان من بلد إل‬
‫بلد فهي أحق ‪ ،‬وهذه أقوال كلها كما ترى ل يقوم عليها دليل يسكن القلب إليه ‪.‬‬
‫فالصواب النظر والحتياط للطفل ف الصلح له ‪ ،‬والنفع القامة أو النقلة ‪ .‬فأيهما كان‬
‫أنفع له وأصون وأحفظ روعي ‪ .‬ول تأثي لقامة ول نقلة ‪ .‬هذا كله ما ل يرد أحدها‬
‫بالنقلة مضارة الخر ‪ ،‬وانتزاع الولد منه ‪ ،‬فإن أراد ذلك ل يب إليه ‪ .‬وال الوفق ‪.‬‬
‫أحكام القضاء ( ‪ : ) 1‬وللقضاء الشرعي أحكام يعسر إحصاؤها ف القضايا الاصة‬
‫ومشاكلها ‪ ،‬وللكثي من هذه الحكام دللت وقواعد صدرت عنها ومبادئ قررتا ‪،‬‬
‫ونكتفي هنا بأن نشي إل هذه الحكام ‪ .‬الكم الول ‪ :‬وقد صدر من مكمة كرموز‬
‫الزئية بتاريخ ‪ 10‬إبريل ‪ 1932‬وتأيد من مكمة السكندرية البتدائية ف ‪ . 29‬مايو‬
‫سنة ‪ 1932‬وهو ( هامش ) ( ‪ ) 1‬من كتاب الحوال الشخصية للدكتور ممد يوسف‬
‫موسى ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 353‬يقضي برفض دعوى أب طلب ضم ابنته الصغية إليه ‪،‬‬
‫لقامة أمها وهي زوجته ف بلد بعيد عن البلد الذي كان مل إقامتهما ‪ ،‬وفيه عقد زواجها‬
‫‪ ،‬وهذا يسقط حقها شرعا ف الضانة ‪ .‬وقد استندت الحكمة ف حكمها إل أن الثابت‬
‫فقها أن الم أحق بالضانة قبل الفرقة وبعدها ‪ .‬وأن نشوز الزوجة ل يسقط حقها ف‬
‫الضانة ‪ ،‬وعلى الب إذا أراد ضم الصغي إليه أن يطلب دخول أمه ف طاعته مادامت‬
‫الزوجية قائمة ‪ ،‬فإن ل يفعل وطلب ضم الصغي وحده كان ظالا ول ياب إل طلبه ‪،‬‬
‫لن ذلك يفوت على الم حضانته وحق رويته ‪ .‬وهكذا قرر هذا الكم هذه القاعدة ‪" :‬‬
‫إذا انتقلت أم الصغي بولدها ولو إل مكان بعيد فليس للب حق نزعه منها مادامت‬
‫الزوجية قائمة ‪ .‬لن له عليها سلطان الزوجية وإدخالا ف طاعته ‪ ،‬فيضمه بضمها إليه ‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وكذلك العتدة لوجوب إسكانا بسكن العدة " ‪ .‬الكم الثان ‪ :‬وقد صدر من مكمة ببا‬
‫الزئية ف ‪ 25‬مايو سنة ‪ 1931‬وتأيد استئنافيا من مكمة بن سويف الكلية ف ‪20‬‬
‫يوليو سنة ‪ 1931‬وقد قرر هذه القاعدة ‪ " :‬يرفض طلب الب ضم ابنه الصغي إليه ‪،‬‬
‫لعدم تكنه من الضور من بلده إل بلد أمه وحاضنته لرؤيته والعودة قبل الليل ‪ ،‬مادامت‬
‫الم مقيمة ف بلد هو وطنها ‪ ،‬ول يكن بينه وبي بلد الب الت ابتعد هو عنها تفاوت‬
‫كبي ينعه من الذهاب لرؤية ولده والعودة إل بلده قبل الليل ‪ ،‬سواء أكان ابتعاده عن‬
‫ذلك البلد بإرداته أم بغي إرادته " ‪ .‬لنه ل ذنب للحاضنة ف هذا على كل حال ‪ .‬ويؤخذ‬
‫من وقائع هذه الدعوى ‪ .‬أن الدعي كان قد تزوج الدعي عليها ف بلدها بن مزار ‪ ،‬ث‬
‫رزقت منه حال قيام الزوجية ببنت وطلقت منه ف البلد الذكور وانتهت عدتا بوضع‬
‫المل ‪ ،‬ث أقامت الدعي عليها دعوى بدينة نبا وأخذت عليه حكما من مكمتها بضانة‬
‫الصغية بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر سنة ‪ 1930‬حي كان الدعي مقيما ببن مزار ‪ ،‬وانتهى المر‬
‫باقامته بأسيوط بكم ‪ /‬صفحة ‪ / 354‬وظيفته حيث رفع هذه الدعوى طالبا ضم ابنته‬
‫إليه وهي ل تزيد سنها عن سنتي وثانية أشهر ( ‪ . ) 1‬الكم الثالث ‪ :‬وقد صدر من‬
‫مكمة دمنهور ف ‪ 25‬اكتوبر سنة ‪ 1927‬ول يستأنف وهو يقرر ف حيثياته أن‬
‫النصوص عليه شرعا أن غي الم من الاضنات ليس لا نقل الصغي من بلد أبيه إل بإذنه‬
‫‪ .‬ولكن بعض الفقهاء حل النع على الكاني التفاوتي ‪ ،‬بيث لو خرج الب لرؤية ولده‬
‫ل يكنه الرجوع إل منله قبل الليل ل التقاربي ‪ ،‬حيث ل يفرق بي الم وغيها ف ذلك‬
‫( ‪ . ) 2‬وهكذا نرى أنه من الضروري الوقوف على أحكام القضاء الت تعتب تطبيقا‬
‫عمليا للنصوص الفقهية ‪ ،‬ففيها تعال مشاكل الياة العملية وينظر القاضي لذه النصوص‬
‫على ضوء الواقع ف الياة نفسها ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الحاماة س ‪ 3‬ص ‪) 2 ( . 165‬‬
‫ملة القضاء الشرعي س ‪ 3‬ص ‪ 366‬وراجع مثل هذا ف حكم مكمة المالية بتاريخ‬
‫‪ 15‬أبريل ‪ ، 1931‬الحاماة س ‪ 3‬ص ‪ / ) . ( . 163‬صفحة ‪ / 355‬الدود تعريفها‬
‫‪ :‬الدود جع حد ‪ ،‬والد ف الصل ‪ :‬الشئ الاجز بي شيئي ‪ .‬ويقال ‪ :‬ما ميز الشئ‬
‫عن غيه ‪ .‬ومنه ‪ :‬حدود الدار ‪ ،‬وحدود الرض ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬

‫‪261‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 355‬‬
‫وهو ف اللغة بعن النع ‪ .‬وسيت عقوبات العاصي حدودا ‪ ،‬لنا ف الغالب تنع العاصي‬
‫من العود إل تلك العصية الت حد لجلها ‪ .‬ويطلق الد على نفس العصية ومنه ‪ " :‬تلك‬
‫حدود ال فل تقربوها " ( ‪ . ) 1‬والد ف الشرع عقوبة مقررة لجل حق ال ( ‪. ) 2‬‬
‫فيخرج التعزير لعدم تقديره إذ أن تقديره مفوض لرأي الاكم ‪ .‬ويرج القصاص لنه حق‬
‫الدمي ‪ .‬جرائم الدود ‪ :‬وقد قرر الكتاب والسنة عقوبات مددة لرائم معينة تسمى "‬
‫جرائم الدود " وهذه الرائم هي ‪ " :‬الزنا ‪ ،‬والقذف ‪ ،‬والسرقة ‪ ،‬والسكر ‪ ،‬والحاربة ‪،‬‬
‫والردة ‪ ،‬والبغي " ‪ .‬فعلى من ارتكب جرية من هذه الرائم عقوبة مددة قررها الشارع ‪.‬‬
‫فعقوبة جرية الزنا ‪ ،‬اللد للبكر ‪ .‬والرجم للثيب ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬واللت يأتي‬
‫الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ :‬آية ‪187‬‬
‫‪ ) 2 ( .‬معن أن العقوبة مقررة لق ال ‪ :‬أي أنا مقررة لصال الماعة وحاية النظام‬
‫العام ‪ ،‬لن هذا هو الغاية من دين ال ‪ .‬وإذا كانت حقا ل فهي ل تقبل السقاط ‪ ،‬ل من‬
‫الفراد ول من الماعة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 356‬منكم ‪ ،‬فإن شهدوا فأمسكوهن ف‬
‫البيوت حت يتوفاهن الوت أو يعل ال لن سبيل " ‪ ) 1 ( .‬والرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول ‪ " :‬خذوا عن ‪ ،‬خذوا عن ‪ ،‬قد جعل ال لن سبيل ‪ :‬البكر بالبكر جلد مائة‬
‫وتغريب عام ‪ ،‬والثيب بالثيب جلد مائة ‪ ،‬والرجم " ‪ .‬وعقوبة جرية القذف ثانون جلدة‬
‫‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬والذين يرمون الحصنات ‪ ،‬ث ل يأتوا بأربعة شهداء ‪ ،‬فاجلدوهم‬
‫ثاني جلدة ‪ ،‬ول تقبلوا لم شهادة أبدا ‪ ،‬وأولئك هم الفاسقون " ( ‪ ) 2‬وعقوبة جرية‬
‫السرقة ‪ ،‬قطع اليد ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ‪ ،‬جزاء با‬
‫كسبا نكال من ال ‪ ،‬وال عزيز حكيم " ‪ .‬وعقوبة جرية الفساد ف الرض ‪ :‬القتل ‪ ،‬أو‬
‫الصلب ‪ ،‬أو النفي ‪ ،‬أو تقطيع اليدي والرجل من خلف ‪ ،‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬إنا‬
‫جزاء الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف الرض فسادا أن يقتلوا ‪ ،‬أو يصلبوا ‪ ،‬أو‬
‫تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف ‪ ،‬أو ينفوا من الرض ‪ .‬ذلك لم خزي ف الدنيا ‪.‬‬
‫ولم ف الخرة عذاب عظيم " ( ‪ . ) 3‬وعقوبة جرية السكر ‪ ،‬ثانون جلدة ‪ ،‬أو أربعون‬
‫على ما سيأت مفصل ف موضعه ‪ .‬وعقوبة الردة القتل ‪ ،‬لقول رسول ال صلى ال عليه‬

‫‪262‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " ‪ .‬وعقوبة جرية البغي ‪ :‬القتل ‪ .‬لقول ال سبحانه ‪ " :‬وإن‬
‫طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا بينهما ‪ ،‬فإن بغت إحداها على الخرى ‪ ،‬فقاتلوا‬
‫الت تبغي حت تفئ إل أمر ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء ‪ :‬آية ‪ ) 2 ( . 15‬سورة النور‬
‫‪ :‬آية ‪ ) 3 ( . 4‬سورة الائدة ‪ :‬آية ‪ / ) . ( . 33‬صفحة ‪ / 357‬ال ‪ .‬فإن فاءت‬
‫فأصلحوا بينهما بالعدل ‪ ،‬وأقسطوا إن ال يب القسطي " ( ‪ . ) 1‬ولقول رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إنه ستكون بعدي هنات وهنات ‪ .‬فمن أراد أن يفرق أمر‬
‫السلمي وهم جيع فاضربوه بالسيف كائنا من كان " ‪ .‬عدالة هذه العقوبات ‪ :‬وهذه‬
‫العقوبات ‪ -‬بانب كونا مققة للمصال العامة وحافظة للمن العام فهي عقوبات عادلة‬
‫غاية العدل ‪ .‬إذ أن الزنا جرية من أفحش الرائم وأبشعها ‪ .‬وعدوان على اللق والشرف‬
‫والكرامة ‪ .‬ومقوض لنظام السر والبيوت ‪ .‬ومروج للكثي من الشرور والفاسد الت‬
‫تقضي على مقومات الفراد والماعات ‪ ،‬وتذهب بكيان المة ‪ ،‬ومع ذلك فقد احتاط‬
‫السلم ف اثبات هذه الرية ‪ ،‬فاشترط شروطا يكاد يكون من الستحيل توفرها ‪ .‬فعقوبة‬
‫الزنا عقوبة قصد با الزجر والردع والرهاب أكثر ما قصد با التنفيذ والفعل ‪ .‬وقذف‬
‫الحصني والحصنات من الرائم الت تل روابط السرة وتفرق بي الرجل وزوجه ‪،‬‬
‫وتدم أركان البيت ‪ ،‬والبيت هو اللية الول ف بنية الجتمع ‪ ،‬فبصلحها يصلح ‪،‬‬
‫وبفسادها يفسد ‪ .‬فتقرير جلد مقترف هذه الرية ثاني جلدة بعد عجزه عن التيان‬
‫بأربعة شهداء يؤيدونه فيما يقذف به ‪ ،‬غاية ف الكمة وف رعاية الصلحة ‪ ،‬كيل تدش‬
‫كرامة إنسان أو يرح ف سعته ‪ .‬والسرقة ما هي إل اعتداء على أموال الناس وعبث با ‪.‬‬
‫والموال أحب الشياء إل النفوس ‪ .‬فتقرير عقوبة القطع لرتكب هذه الرية حت يكف‬
‫غيه عن اقتراف جرية السرقة ‪ ،‬فيأمن كل فرد على ماله ‪ ،‬ويطمئن على أحب الشياء‬
‫لديه وأعزها على نفسه ‪ ،‬ما يعد من مفاخر هذه الشريعة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫الجرات ‪ :‬آية ‪ / ) . ( . 9‬صفحة ‪ / 358‬وقد ظهر أثر الخذ بذا التشريع ف البلد‬
‫الت تطبقه واضحا ف استتباب المن وحاية الموال وصيانتها من أيدي العابثي ‪،‬‬
‫والارجي على الشريعة والقانون ‪ .‬وقد اضطر التاد السوفيت أخيا إل تشديد عقوبة‬
‫السرقة بعد أن تبي له أن عقوبة السجن ل تفف من كثرة ارتكاب هذه الرية ‪ ،‬فقرر‬

‫‪263‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إعدام السارق رميا بالرصاص وهي أقسى عقوبة مكنة ( ‪. ) 1‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 358‬‬
‫والحاربون الساعون ف الرض بالفساد الضربون لنيان الفت ‪ ،‬الزعجون للمن ‪،‬‬
‫الثيون للضطرابات ‪ ،‬العاملون على قلب النظم القائمة ‪ ،‬ل أقل من أن تقطع أيديهم‬
‫وأرجلهم من خلف ‪ ،‬أو ينفوا من الرض ‪ .‬والمر تفقد الشارف عقله ورشده ‪ ،‬وإذا‬
‫فقد النسان رشده وعقله ارتكب كل حاقة وفحش ‪ ،‬فإذا جلد كان جلده مانعا له من‬
‫العاودة من جانب ‪ ،‬ورادعا لغيه من اقتراف مثل جريرته من جانب آخر ‪ .‬وجوب إقامة‬
‫الدود ‪ :‬إقامة الدود فيها نفع للناس ‪ ،‬لنا تنع الرائم ‪ ،‬وتردع ؟ ؟ اة ‪ ،‬وتكف من‬
‫تدثه نفسه بانتهاك الرمات ‪ ،‬وتقق المن لكل فرد ‪ ،‬على نفسه ‪ ،‬وعرضه وماله ‪،‬‬
‫وسعته ‪ ،‬وحريته ‪ ،‬وكرامته ‪ ،‬وقد روى النسائي وابن ماجه عن أب هريرة أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ " :‬حد يعمل به ف الرض خي لهل الرض من أن يطروا أربعي‬
‫صباحا ( ‪ . " ) 2‬وكل عمل من شأنه أن يعطل إقامة ‪ .‬الدود فهو تعطيل لحكام ال ‪،‬‬
‫وماربة له ‪ ،‬لن ذلك من شأنه إقرار النكر وإشاعة الشر ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬جاء ف‬
‫حريدة الهرام ‪ " : 1963 \ 8 \ 14 -‬إن التاد السوفيت أعدم ثلثة أشخاص رميا‬
‫بالرصاص لتامهم بالسرقة ‪ ،‬ول يكاد ير يوم دون أن ينشر من مثل هذا الكثي " ‪( .‬‬
‫‪ ) 2‬ف الديث جرير بن يزيد بن جرير بن عبد ال البجلي وهو ضعيف منكر ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 359‬روى أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والاكم وصححه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال‬
‫‪ " :‬من حالت شفاعته دون حد من حدود ال فهو مضاد ال ف أمره " ‪ .‬وقد يدث أن‬
‫يغفل الرء عن الناية الت يرتكبها الان وينظر إل العقوبة الواقعة عليه ‪ ،‬فيق قلبه له‬
‫ويعطف عليه ‪ ،‬فيقرر القرآن أن ذلك ما يتناف مع اليان ‪ ،‬لن اليان يقتضي الطهر‬
‫والتنه عن الرائم والسمو بالفرد والماعة إل الدب العال واللق التي ‪ .‬يقول ال‬
‫سبحانه ‪ " :‬الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ول تأخذكم بما رأفة ف‬
‫دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ‪ ،‬وليشهد عذابما طائفة من الؤمني " ( ‪) 1‬‬
‫‪ .‬إن الرحة بالجتمع أهم بكثي من الرحة بالفرد ‪ .‬فقسا ليزدجروا ‪ ،‬ومن يك حازما‬

‫‪264‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فليقس أحيانا على من يرحم الشفاعة ف الدود ‪ :‬يرم أن يشفع أحد أو يعمل على أن‬
‫يعطل حدا من حدود ال ‪ ،‬لن ف ذلك تفويتا لصلحة مققة ‪ ،‬وإغراء بارتكاب‬
‫النايات ‪ ،‬ورضا بإفلت الجرم من تبعات جرمه ‪ .‬وهذا بعد أن يصل المر إل الاكم ‪،‬‬
‫لن الشفاعة حينئذ تصرف الاكم عن وظيفته الول ‪ ،‬وتفتح الباب لتعطيل الدود (‬
‫‪ . ) 2‬أما قبل الوصول إل الاكم ‪ ،‬فل بأس من التستر على الان ‪ ،‬والشفاعة عنده ‪.‬‬
‫أخرج أبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬والاكم وصححه من حديث عمرو بن شعيب ‪ ،‬عن أبيه ‪،‬‬
‫عن جده أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬تعافوا الدود فيما بينكم ‪ ،‬فما بلغن من‬
‫حد فقد وجب " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء ‪ :‬آية ‪ ) 2 ( . 2‬ادعى ابن عبد الب‬
‫الجاع على أنه يب على السلطان إقامة الد إذا بلغه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 360‬وأخرج‬
‫أحد ‪ ،‬وأهل السنن ‪ ،‬وصححه الاكم من حديث صفوان بن أمية أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال لا أراد أن يقطع الذي سرق رداءه فشفع فيه ‪ " :‬هل كان قبل أن تأتين به " ؟‬
‫! وعن عائشة قالت ‪ " :‬كانت امرأة مزومية تستعي التاع وتحده فأمر النب صلى ال‬
‫عليه وسلم بقطع يدها ‪ ،‬فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه ‪ .‬فكلم النب صلى ال عليه‬
‫وسلم فيها ‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬يا أسامة ‪ ،‬ل أراك تشفع ف حد من‬
‫حدود ال عزوجل " ‪ .‬ث قام النب صلى ال عليه وسلم خطيبا ‪ .‬فقال ‪ " :‬إنا هلك من‬
‫كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه ‪ ،‬وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوا ‪ .‬والذي‬
‫نفسي بيده ‪ ،‬لو كانت فاطمة بنت ممد لقطعت يدها ‪ " .‬فقطع يد الخزومية ‪ ،‬رواه‬
‫أحد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬والنسائي ‪ .‬سقوط الدود بالشبهات ‪ :‬الد عقوبة من العقوبات الت‬
‫توقع ضررا ف جسد الان وسعته ‪ ،‬ول يل استباحة حرمة أحد ‪ ،‬أو إيلمه إل بالق ‪،‬‬
‫ول يثبت هذا الق إل بالدليل الذي ل يتطرق إليه الشك ‪ ،‬فإذا تطرق إليه الشك كان‬
‫ذلك مانعا من اليقي الذي تنبن عليه الحكام ‪ .‬ومن أجل هذا كانت التهم والشكوك ل‬
‫عبة لا ول اعتداد با ‪ ،‬لنا مظنة الطأ ‪ .‬عن أب هريرة قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬ادفعوا الدود ما وجدت لا مدفعا " ‪ .‬رواه ابن ماجه ‪ .‬وعن عائشة قالت‬
‫‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أدرأوا الدود عن السلمي ما استطعتم ‪ ،‬فإن‬
‫كان له مرج فخلوا سبيله ‪ ،‬فإن المام لن يطئ ف العفو خي له من أن يطئ ف العقوبة‬

‫‪265‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" ‪ .‬رواه الترمذي ‪ ،‬وذكر أنه قد روي موقوفا ‪ ،‬وأن الوقف أصح ‪ ،‬قال ‪ :‬وقد روي عن‬
‫غي واحد من الصحابة رضي ال عنهم أنم قالوا مثل ذلك ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 360‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 361‬الشبهات وأقسامها ( ‪ : ) 1‬تدت الحناف والشافعية عن الشبهات ‪،‬‬
‫ولكل منهما رأي نمله فيما يأت ‪ :‬رأي الشافعية ‪ :‬يرى الشافعية أن الشبهة تنقسم أقساما‬
‫ثلثة ‪ - 1 :‬شبهة ف الحل ‪ :‬أي مل الفعل ‪ -‬مثل ‪ :‬وطء الزوج الزوجة الائض أو‬
‫الصائمة ‪ ،‬أو إتيان الزوجة ف دبرها ‪ ،‬فالشبهة هنا قائمة ف مل الفعل الحرم ‪ .‬إذ أن‬
‫الحل ملوك للزوج ‪ ،‬ومن حقه أن يباشر الزوجة ‪ ،‬وإذا ل يكن له أن يباشرها وهي‬
‫حائض أو صائمة أو أن يأتيها ف الدبر ‪ ،‬إل أن ملك الزوج للمحل وحقه عليه يورث‬
‫شبهة ‪ .‬وقيام هذه الشبهة يقتضي درء الد ‪ ،‬سواء اعتقد الفاعل بل الفعل أو برمته ‪،‬‬
‫لن أساس الشبهة ليس العتقاد والظن ‪ ،‬وإنا أساسها مل الفعل وتسلط الفاعل شرعا‬
‫عليه ‪ - 2 .‬شبهة ف الفاعل ‪ :‬كمن يطأ امرأة زفت إليه على أنا زوجته ‪ ،‬ث تبي له أنا‬
‫ليست زوجته ‪ .‬وأساس الشبهة ظن الفاعل واعتقاده بيث يأت الفعل وهو يعتقد أنه ل‬
‫يأت مرما ‪ ،‬فقيام هذا الظن عند الفاعل يورث شبهة يترتب عليها درأ الد ‪ -‬أما إذا أتى‬
‫الفاعل الفعل وهو عال بأنه مرم فل شبهة ‪ - 3 .‬شبهة ف البهة ‪ :‬ويقصد من هذا‬
‫الشتباه ف حل الفعل وحرمته ‪ ،‬وأساس هذه الشبهة الختلف بي الفقهاء على الفعل ‪،‬‬
‫فكل ما اختلفوا على حله أو جوازه كان الختلف فيه شبهة يدرأ با الد ‪ ،‬فمثل ييز‬
‫أبو حنيفة الزواج بل ول وييزه مالك بل شهود ‪ ،‬ول ييز جهور الفقهاء هذا الزواج ‪،‬‬
‫ونتيجة هذا الزواج أنه ل حد على الوطء ف هذا الزواج الختلف ف صحته ‪ ،‬لن‬
‫اللف يقوم شبهة تدرأ الد ‪ ،‬ولو كان الفاعل يعتقد برمة الفعل ‪ ،‬لن هذا العتقاد ف‬
‫ذاته ليس له أثر ما دام الفقهاء متلفي على الل والرمة ‪ .‬رأي الحناف ‪ :‬أما الحناف‬
‫فإنم يرون أن الشبهة تنقسم قسمي ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬التشريع النائي السلمي ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ - 1 / 362‬شبهة ف الفعل ‪ :‬وهي شبهة ف حق من اشتبه عليه الفعل‬
‫دون من ل يشتبه عليه ‪ .‬وتثبت هذه الشبهة ف حق من اشتبه عليه الل والرمة ‪ ،‬ول‬

‫‪266‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يكن ثت دليل سعي يفيد الل ‪ ،‬بل ظن غي الدليل دليل ‪ ،‬كمن يطء زوجته الطلقة‬
‫ثلثا أو بائنا على مال ف عدتا ‪ ،‬وتعليل ذلك ‪ ،‬أن النكاح إذا كان قد زال ف حق الل‬
‫أصل لوجود العطل لل الحلية ‪ ،‬وهو الطلق ‪ ،‬فإن النكاح قد بقي ف حق الفراش ‪،‬‬
‫والرمة على الزواج فقط ‪ ،‬ومثل هذا الوطء حرام ‪ ،‬فهو زنا يوجب الد ‪ -‬إل إذا‬
‫ادعى الواطئ الشتباه وظن الل ‪ -‬لنه بن ظنه على نوع دليل ‪ ،‬وهو بقاء النكاح ف‬
‫حق الفراش وحرمة الزواج ‪ ،‬فظن أنه بقي ف حق الل أيضا ‪ -‬وهذا وإن ل يصلح دليل‬
‫على القيقة ‪ ،‬لكنه لا ظنه دليل اعتب ف حقه درءا لا يندرئ بالشبهات ‪ .‬ويشترط ‪-‬‬
‫لقيام الشبهة ف الفعل ‪ -‬أل يكون هناك دليل على التحري أصل ‪ ،‬وأن يعتقد الان‬
‫الل ‪ ،‬فإذا كان هناك دليل على التحري ‪ ،‬أو ل يكن العتقاد بالل ثابتا ‪ ،‬فل شبهة‬
‫أصل ‪ .‬وإذا ثبت أن الان كان يعلم برمة الفعل وجب عليه الد ‪ - 2 .‬الشبهة ف‬
‫الحل ‪ :‬ويسمونا الشبهة الكمية ‪ ،‬أو شبهة اللك ‪ :‬وتقوم هذه الشبهة على الشتباه ف‬
‫حكم الشرع بل الحل ‪ ،‬فيشترط ف هذه وتقوم هذه الشبهة على الشتباه ف حكم‬
‫الشرع بل الحل ‪ ،‬فيشترط ف هذه الشبهة أن تكون ناشئة عن حكم من أحكام الشريعة‬
‫‪ -‬وهي تتحقق بقيام دليل شرعي ينفي الرمة ‪ -‬ول عبة بظن الفاعل ‪ ،‬فيستوي أن‬
‫يعتقد الفاعل الل ‪ ،‬أو يعلم الرمة ‪ ،‬لن الشبهة ثابتة بقيام الدليل الشرعي ‪ ،‬ل بالعلم‬
‫وعدمه ‪ .‬من يقيم الدود ؟ ‪ :‬اتفق الفقهاء على أن الاكم أو من ينيبه عنه هو الذي يقيم‬
‫الدود ‪ .‬وأنه ليس للفراد أن يتولوا هذا العمل من تلقاء أنفسهم ‪ .‬روى الطحاوي عن‬
‫مسلم بن يسار أنه قال ‪ :‬كان رجل من الصحابة يقول ‪ " :‬الزكاة ‪ ،‬والدود ‪ ،‬والفئ ‪،‬‬
‫والمعة إل السلطان " ‪ .‬قال الطحاوي ‪ :‬ل نعلم له مالفا من الصحابة ( ‪ ( . ) 1‬هامش‬
‫) ( ‪ ) 1‬تعقبه ابن حزم ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنه خالفه اثنا عشر صحابيا ( ‪ / ) .‬صفحة ‪/ 363‬‬
‫وروى البيهقي عن خارجة بن زيد ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬وأخرجه أيضا عن أب الزناد عن أبيه عن‬
‫الفقهاء الذين ينتهى إل أقوالم من أهل الدينة أنم كانوا يقولون ‪ " :‬ل ينبغي لحد أن‬
‫يقيم شيئا من الدود دون السلطان ‪ ،‬إل أن للرجل أن يقيم حد الزنا على عبده أو أمته "‬
‫‪ .‬وذهب جاعة من السلف ‪ ،‬منهم الشافعي ‪ ،‬إل أن السيد يقيم الد على ملوكه ‪،‬‬
‫واستدلوا با روي عن أمي الؤمني علي رضي ال عنه أن خادمة النب صلى ال عليه وسلم‬

‫‪267‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحدثت ‪ ،‬فأمرن النب صلى ال عليه وسلم أن أقيم عليها الد ‪ ،‬فأتيتها فوجدتا ل تف‬
‫من دمها فأتيته فأخبته ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إذا جفت من دمها فأقم عليها الد ‪ ،‬أقيموا الدود‬
‫على ما ملكت أيانكم " ‪ .‬رواه أحد وأبو داود ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬والاكم ‪ .‬وقال‬
‫أبو حنيفة يرفعه الول للسلطان ‪ .‬ول يقيمه هو بنفسه ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 363‬‬
‫مشروعية التستر ف الدود ‪ :‬قد يكون ستر العصاة علجا ناجعا للذين تورطوا ف الرائم‬
‫واقترفوا الآث ‪ ،‬وقد ينهضون بعد ارتكابا فيتوبون توبة نصوحا ‪ ،‬ويستأنفون حياة نظيفة‬
‫‪ .‬لذا شرع السلم التستر على التورطي ف الثام ‪ ،‬وعدم التعجيل بكشف أمرهم ‪ .‬عن‬
‫سعيد بن السيب قال ‪ :‬بلغن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال لرجل من أسلم يقال‬
‫له هزال ‪ ،‬وقد جاء يشكو رجل بالزنا ‪ ،‬وذلك قبل أن ينل قوله تعال ‪ " :‬والذين يرمون‬
‫الحصنات ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة " ( ‪ " . ) 1‬يا ‪ -‬هزال ‪ -‬لو‬
‫سترته بردائك كان خيا لك " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النور آية ‪ / . 4 :‬صفحة ‪364‬‬
‫‪ /‬قال يي بن سعيد ‪ :‬فحدثت بذا الديث ف ملس فيه يزيد بن نعيم بن هزال السلمي‬
‫‪ ،‬فقال يزيد ‪ " :‬هزال جدي ‪ ،‬هذا الديث حق " ‪ .‬وروى ابن ماجه عن ابن عباس‬
‫رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من ستر عورة أخيه السلم‬
‫ستر ال عورته يوم القيامة ‪ ،‬ومن كشف عورة أخيه كشف ال عورته حت يفضحه ف‬
‫بيته " ‪ .‬وإذا كان الستر مندوبا ‪ ،‬ينبغي أن تكون الشهادة به خلف الول الت مرجعها‬
‫إل كراهة التنيه ‪ ،‬لنا ف رتبة الندب ف جانب الفعل ‪ ،‬وكراهة التنيه ف جانب الترك ‪،‬‬
‫وهذا يب أن يكون بالنسبة إل من ل يعتد الزنا ول يتهتك به ‪ .‬أما إذا وصل الال إل‬
‫إشاعته والتهتك به ‪ ،‬فيجب كون الشهادة به أول من تركها ‪ ،‬لن مطلوب الشارع‬
‫إخلء الرض من العاصي والفواحش وذلك يتحقق بالتوبة من الفاعلي ‪ ،‬وبالزجر لم ‪،‬‬
‫فإذا ظهر حال الشره ف الزنا وعدم البالة به وإشاعته ‪ ،‬فإخلء الرض الطلوب حينئذ‬
‫بالتوبة ‪ ،‬احتمال يقابله ظهور عدمها ‪ ،‬فمن اتصف بذلك فيجب تقيق السبب الخر‬
‫للخلء ‪ ،‬وهو الدود ‪ ،‬بلف من زنا مرة أو مرارا ‪ ،‬مستترا متخوفا متندما عليه فإنه‬

‫‪268‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مل استحباب ستر الشاهد ( ‪ . " ) 1‬ستر السلم نفسه ‪ :‬بل على السلم أن يستر نفسه‬
‫ول يفضحها بالديث عما يصدر عنه ‪ ،‬من إث أو إقرار أمام الاكم لينفذ فيه العقوبة ‪.‬‬
‫روى المام مالك ف الوطأ عن زيد بن أسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬
‫يا أيها الناس ‪ :‬قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود ال ‪ . . .‬من أصاب شيئا من هذه‬
‫القاذورة فليستتر بستر ال ‪ ،‬فإنه من يبد لنا صفحته ‪ ،‬نقم عليه كتاب ال " ‪ ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬انظر ص ‪ 164‬ج‍ ‪ 3‬حاشية الشلب على الزيلعي من كتاب الدود لبهنسي ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 365‬الدود كفارة للثام ‪ :‬يرى أكثر العلماء أن الدود إذا أقيمت‬
‫كانت مكفرة لا اقترف من آثام ‪ ،‬وأنه ل يعذب ف الخر ‪ .‬لا رواه البخاري ومسلم عن‬
‫عبادة بن الضامت قال ‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ملس فقال ‪" :‬‬
‫تبايعون على أن تشركوا بال شيئا ‪ ،‬ول تزنوا ‪ ،‬ول تسرقوا ‪ ،‬ول تقتلوا النفس الت حرم‬
‫ال إل بالق فمن وف منكم فأجره على ال ‪ ،‬ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو‬
‫كفارة له ( ‪ . ) 1‬ومن أصاب شيئا من ذلك فستره ال عليه ‪ ،‬فأمره إل ال إن شاء عفا‬
‫عنه وإن شاء عذبه " ‪ .‬وإقامة الد وإن كانت مكفرة للثام ‪ ،‬فإنا مع ذلك زاجرة عن‬
‫اقترافها ‪ .‬فهي جوابر وزواجر معا ‪ .‬إقامة الدود ف دار الرب ‪ :‬ذهب فريق من العلماء‬
‫إل أن الدود تقام ف أرض الرب كما تقام ف دار السلم دون تفرقة بينهما ‪ ،‬لن‬
‫المر بإقامتهما عام ل يص دارا دون دار ‪ .‬ومن ذهب إل هذا مالك والليث بن سعد ‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة وغيه ‪ :‬إذا غزا أمي أرض الرب ‪ ،‬فإنه ل يقيم الد على أحد من جنوده‬
‫ف عسكره ‪ ،‬إل أن يكون أمام مصر أو الشام أو العراق أو ما أشبه ذلك ‪ ،‬فيقيم الدود‬
‫ف عسكره ‪ .‬وحجة هؤلء أن إقامة الدود ف دار الرب قد تمل الحدود على‬
‫اللتحاق بالكفر ‪ .‬وهذا هو للراجح ‪ .‬وذلك أن هذا حد من حدود ال تعال ‪ ،‬وقد نى‬
‫عن إقامته ف الغزو خشية أن يترتب عليه ما هو شر منه ‪ .‬وقد نص أحد وإسحق بن‬
‫راهويه ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬وغيهم من علماء السلم على أن الدود ل تقام ف أرض العدو ‪،‬‬
‫وعليه إجاع الصحابة وكان أبو مجن الثقفي رضي ال عنه ل يستطيع صبا عن شرب‬
‫المر ‪ ،‬فشربا ف واقعة القادسية ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وهذا فيما عدا الشرك ( إن ال ل ‪:‬‬
‫فغفرن يشرك به ) ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 366‬فحبسه أمي اليش سعد بن أب وقاص ‪،‬‬

‫‪269‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأمر بتقييده ‪ ،‬فلما التقى المعان قال أبو مجن ‪ :‬كفا حزنا أن تطرد اليل بالقنا وأترك‬
‫مشدودا علي وثاقيا ث قال لمرأة سعد ‪ ،‬أطلقين ‪ ،‬ولك علي إن سلمن ال أن أرجع حت‬
‫أضع رجلي ف القيد ‪ ،‬فإن قتلت فقد استرحتم من ‪ ،‬فحلته ‪ ،‬فوثب على فرس لسعد يقال‬
‫لا " البلقاء " ث أخذ رما وخرج للقتال ‪ ،‬فأتى با بر سعدا وجيش السلمي حت ظنوه‬
‫ملكا من اللئكة جاء لنصرتم ‪ ،‬فلما هزم العدو رجع ووضع رجليه ف القيد ‪ ،‬فأخبت‬
‫سعدا امرأته با كان من أمره ‪ ،‬فخلى‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 366‬‬
‫سعد سبيله ‪ ،‬وأقسم أل يقيم عليه الد من أجل بلئه ف القتال حت قوي جيش السلمي‬
‫به ‪ ،‬فتاب أبو مجن بعد ذلك عن شرب المر ‪ .‬فتأخر الد أو إسقاطه كان لصلحة‬
‫راجحة ‪ ،‬هي خي للمسلمي وله من إقامة الد عليه ‪ .‬النهي عن إقامة الدود ف الساجد‬
‫صيانة لا عن التلوث ‪ :‬روى أبو داود عن حكيم بن حزام رضى ال عنه أنه قال ‪ :‬نى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يستقاد ف السجد ‪ ،‬وأن تنشد فيه الشعار ‪ ،‬وأن تقام‬
‫فيه الدود ‪ .‬هل للقاضي أن يكم بعلمه ‪ :‬يرى الظاهرية أنه فرض على القاضي أن‬
‫يقضي بعلمه ف الدماء والقصاص والموال والفروج والدود ‪ ،‬سواء علم ذلك قبل وليته‬
‫أو بعد وليته ‪ ،‬وأقوى ما حكم بعلمه ‪ ،‬لنه يقي الق ‪ .‬ث بالقرار ‪ ،‬ث بالبينة ‪ ،‬لن ال‬
‫تعال يقول ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي بالقسط شهداء ل ( ‪ " ) 1‬وقول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من رأى منكم منكرا فليغيه بيده ‪ ،‬فإن ل يستطع‬
‫فبلسانه ‪ ( " . . .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء الية ‪ / ) . ( . 35 :‬صفحة ‪" / 367‬‬
‫فصح أن القاضي عليه أن يقوم بالقسط ‪ ،‬وليس من القسط أن يترك الظال على ظلمه ل‬
‫يغيه ‪ .‬وصح أن فرضا على القاضي أن يغي كل منكر علمه بيده ‪ ،‬وأن يعطي كل ذي‬
‫حق حقه ‪ ،‬وإل فهو ظال ‪ .‬وأما جهور الفقهاء ‪ ،‬فإنم يرون أنه ليس للقاضي أن يقضى‬
‫بعلمه ‪ .‬قال أبو بكر رضي ال عنه ‪ " :‬لو رأيت رجل على حد ل أحده حت تقوم البينة‬
‫عندي " ‪ .‬ولن القاضي كغيه من الفراد ‪ ،‬ل يوز له أن يتكلم با شهده ما ل تكن لديه‬
‫البينة الكاملة ‪ .‬ولو رمى القاضي زانيا با شهده منه وهو ل يلك على قول البينة الكاملة‬

‫‪270‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لكان قاذفا يلزمه حد القذف ‪ .‬وإذا كان قد حرم على القاضي النطق با يعلم ‪ ،‬فأول أن‬
‫يرم عليه العمل به ‪ .‬وأصل هذا الرأي قول ال سبحانه ‪ " :‬فإذا ل يأتوا بالشهداء فأولئك‬
‫عند ال هم الكاذبون " ‪ ( ) 1 ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النور ‪ :‬آية ‪/ ) . ( . 63‬‬
‫صفحة ‪ / 368‬المر التدرج ف تريها ‪ :‬وقد كان الناس يشربون المر حت هاجر‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم من مكة إل الدينة ‪ ،‬فكثر سؤال السلمي عنها وعن لعب‬
‫اليسر ‪ ،‬لا كانوا يرونه من شرورها ومفاسدها ‪ ،‬فأنزل ال عز وجل ‪ " :‬يسألونك عن‬
‫المر واليسر ‪ ،‬قل فيهما إث كبي ومنافع للناس وإثهما أكب من نفعهما ( ‪ . " ) 1‬أي‬
‫أن ف تعاطيهما ذنبا كبيا ‪ ،‬لا فيهما من الضرار والفاسد الادية والدينية ‪ .‬وأن فيهما‬
‫كذلك منافع للناس ‪ .‬وهذه النافع مادية ‪ .‬وهي الربح بالتار ف المر ‪ ،‬وكسب الال‬
‫دون عناء ف اليسر ‪ .‬ومع ذلك فإن الث أرجح من النافع فيهما ‪ ،‬وف هذا ترجيح لانب‬
‫التحري ‪ ،‬وليس تريا قاطعا ‪ .‬ث نزل بعد ذلك التحري أثناء الصلة تدرجا مع الناس‬
‫الذين ألفوها وعدوها جزءا من حياتم ‪ :‬قال ال سبحانه ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا ل تقربوا‬
‫الصلة وأنتم سكارى حت تعلموا ما تقولون ‪ ) 2 ( " . . .‬وكان سبب نزول هذه الية‬
‫أن رجل صلى وهو سكران فقرأ ‪ " :‬قل يا أيها الكافرون ‪ .‬أعبد ما تعبدون " إل آخر‬
‫السورة ‪ -‬بدون ذكر النفي ‪ -‬وكان ذلك تهيدا لتحريها نائيا ‪ ،‬ث نزل حكم ال‬
‫بتحريها نائيا ‪ .‬قال ال تعال ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب‬
‫والزلم رجس من عمل الشيطان ‪ ،‬فاجتنبوه لعلكم تفلحون ‪ ،‬إنا يريد الشيطان أن يوقع‬
‫بينكم العداوة والبغضاء ف المر واليسر ‪ ،‬ويصدكم ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة الية‬
‫‪ ) 2 ( . 219 :‬سورة النساء ‪ :‬آية ‪ / ) . ( . 43‬صفحة ‪ / 369‬عن ذكر ال وعن‬
‫الصلة ‪ ،‬فهل أنتم منتهون ؟ " ( ‪ . ) 1‬وظاهر من هذا أن ال سبحانه عطف على‬
‫المر ‪ ،‬اليسر والنصاب والزلم ‪ .‬وحكم على هذه الشياء كلها بأنا ‪ - 1 :‬رجس ‪:‬‬
‫أي خبيث مستقذر عند أول اللباب ‪ - 2 .‬ومن عمل الشيطان وتزيينه ووسوسته ‪3 .‬‬
‫‪ -‬وإذا كان ذلك كذلك ‪ ،‬فإن من الواجب اجتنابا والبعد عنها ‪ ،‬ليكون النسان معدا‬
‫ومهيئا للفوز والفلح ‪ - 4 .‬وإن إرادة الشيطان بتزيينه تناول المر ولعب اليسر ف‬
‫إيقاع العداوة والبغضاء بسبب هذا التعاطي ‪ ،‬وهذه مفسدة دنيوية ‪ - 5 .‬وإن إرادته‬

‫‪271‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كذلك ف الصد عن ذكر ال ‪ ،‬واللاء عن الصلة ‪ ،‬وهذه مفسدة أخرى دينية ‪- 6 .‬‬
‫وأن ذلك كله يوجب النتهاء عن تعاطي شئ من ذلك ‪ .‬وهذه الية آخر ما نزل ف‬
‫حكم المر ‪ ،‬وهي قاضية بتحريها تريا قاطعا ‪ .‬وأخرج عبد بن حيد عن عطاء قال ‪:‬‬
‫أول ما نزل من تري المر ‪ " :‬يسألونك عن المر واليسر قل فيهما إث كبي ومنافع‬
‫للناس ‪ ،‬وإثهما أكب من نفعهما ‪ . ) 2 ( " .‬فقال بعض الناس ‪ :‬نشربا لنافعها ‪ ،‬وقال‬
‫آخرون ‪ :‬ل خي ف شئ فيه إث ‪ .‬ث نزلت ‪ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تقربوا الصلة وأنتم‬
‫سكارى حت تعلموا ما تقولون " ( ‪ . ) 3‬فقال بعض الناس نشربا ونلس ف بيوتنا ‪،‬‬
‫وقال آخرون ‪ :‬ل خي ف‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 369‬‬
‫شئ يول بيننا وبي الصلة مع السلمي ‪ .‬فنلت ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ :‬آية‬
‫‪ ) 2 ( . 91‬سورة البقرة ‪ :‬آية ‪ ) 3 ( . 219‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪/ ) . ( . 23‬‬
‫صفحة ‪ " / 370‬يا أيها الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب والزلم رجس من‬
‫عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ‪ -‬إنا يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة‬
‫والبغضاء ف المر واليسر ‪ ،‬ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة ‪ ،‬فهل أنتم منتهون " (‬
‫‪ ) 1‬فنهاهم فانتهوا ‪ .‬وكان هذا التحري بعد غزوة الحزاب ‪ .‬وعن قتادة أن ال حرم‬
‫المر ف سورة الائدة بعد غزوة الحزاب ‪ ،‬وكانت غزوة الحزاب سنة أربع أو خس‬
‫هجرية ‪ .‬وذكر إبن اسحاق أن التحري كان ف غزوة بن النضي وكانت سنة أربع هجرية‬
‫على الراجح ‪ .‬وقال الدمياطي ف سيته ‪ :‬كان تريها عام الديبية سنة ست هجرية ‪.‬‬
‫تشديد السلم ف تري المر ‪ :‬وتري المر يتفق مع تعاليم السلم الت تستهدف إياد‬
‫شخصية قوية ف جسمها ونفسها وعقلها ‪ ،‬وما من شك ف أن المر تضعف الشخصية‬
‫وتذهب بقوماتا ‪ ،‬ول سيما العقل ‪ ،‬يقول أحد الشعراء ‪ :‬شربت المر حت ضل عقلي‬
‫كذاك المر تفعل بالعقول وإذا ذهب العقل تول الرء إل حيوان شرير ‪ ،‬وصدر عنه من‬
‫الشر والفساد ما ل حد له ‪ ،‬فالقتل ‪ ،‬والعدوان ‪ ،‬والفحش ‪ ،‬وإفشاء السرار ‪ ،‬وخيانة‬
‫الوطان من آثاره ‪ .‬وهذا الشر يصل إل نفس النسان ‪ ،‬وإل أصدقائه وجيانه ‪ ،‬وإل‬

‫‪272‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كل من يسوقه حظه التعس إل القتراب منه ‪ .‬فعن علي كرم ال وجهه ‪ :‬أنه كان مع‬
‫عمه حزة وكان له شارفان " أي ناقتان مسنتان " أراد أن يمع عليهما الذخر ‪ ،‬وهو‬
‫نبات طيب الرائحة ‪ ،‬مع صائغ يهودي ويبيعه للصواغي ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ " ) 1‬فهل أنتم‬
‫منتهون " ‪ .‬لا علم عمر رضي ال عنه أن هذا وعيد شديد زائد على معن ( انتهوا ) ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬انتهينا ‪ .‬وأمر النب صلى ال عليه وسلم مناديه أن ينادي ف سكك الدينة ‪ :‬أل إن‬
‫المر ققد حرمت ‪ .‬فكسرت الدنان وأريقت المر حت جرت ف سكك الدينة ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 371‬ليستعي بثمنه على وليمة فاطمة رضي ال عنها ‪ -‬عند إرادة البناء با ‪-‬‬
‫وكان عمه حزه يشرب المر مع بعض النصار ‪ ،‬ومعه قينة تغنيه ‪ ،‬فأنشدت شعرا حثته‬
‫به على نر الناقتي ‪ ،‬وأخذ أطايبهما ليأكل منها ‪ ،‬فثار حزة وجب ( ‪ ) 1‬أسنمتهما‬
‫وأخذ من أكبادها ‪ .‬فلما رأى علي ذلك تأل ول يلك عينيه ‪ ،‬وشكا حزة إل النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ .‬فدخل النب على حزة ومعه علي وزيد بن حارثة فتغيظ عليه وطفق‬
‫يلومه ‪ -‬وكان حزة ثل قد احرت عيناه ‪ .‬فنظر إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال‬
‫له ولن معه ‪ :‬وهل أنتم إل عبيد لب ‪ .‬فلما علم النب صلى ال عليه وسلم أنه ثل ‪،‬‬
‫نكص على عقبيه القهقرى ‪ ،‬وخرج هو ومن معه ‪ .‬هذه هي آثار المر حينما تلعب‬
‫برأس شاربا وتفقده وعيه ‪ ،‬ولذا أطلق عليها الشرع أم البائث ‪ .‬فعن عبد ال بن عمرو‬
‫أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬المر أم البائث ‪ .‬وعن عبد ال بن عمرو ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫" المر أم الفواحش وأكب الكبائر ‪ ،‬ومن شرب المر ترك الصلة ‪ ،‬ووقع على أمه‬
‫وخالته وعمته " ‪ .‬رواه الطبان ف الكبي من حديث عبد ال بن عمرو ‪ ،‬وكذا من‬
‫حديث ابن عباس بلفظ " من شربا وقع على أمه " ‪ .‬وكما جعلها أم البائث أكد‬
‫حرمتها ‪ ،‬ولعن متعاطيها وكل من له با صلة ‪ ،‬واعتبه خارجا عن اليان ‪ .‬فعن أنس أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم " لعن ف المر عشرة ‪ :‬عاصرها ‪ ،‬ومعتصرها ‪،‬‬
‫وشاربا ‪ ،‬وحاملها ‪ ،‬والحمولة إليه ‪ ،‬وساقيها ‪ ،‬وبائعها ‪ ،‬وآكل ثنها ‪ ،‬والشتري لا ‪،‬‬
‫والشترى له " ‪ .‬رواه ابن ماجه والترمذي ‪ .‬وقال ‪ :‬حديث غريب ‪ .‬وعن أب هريرة أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يزن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬جب ‪ :‬قطع ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 372‬الزان حي يزن وهو مؤمن ‪ ،‬ول يسرق السارق حي يسرق وهو‬

‫‪273‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مؤمن ‪ ،‬ول يشرب المر حي يشربا وهو مؤمن ( ‪ . ) 1‬رواه أحد والبخاري ومسلم‬
‫وأبو داود والترمذي والنسائي ‪ .‬وجعل جزاء من يتناولا ف الدنيا أن يرحم منها ف الخرة‬
‫لنه استعجل شيئا فجوزي بالرمان منه ‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من‬
‫شرب المر ف الدنيا ول يتب ‪ ،‬ل يشربا ف الخرة ‪ ،‬وإن دخل النة " ‪ .‬تري المر ف‬
‫السيحية ‪ :‬وكما أن المر مرمة ف السلم فهي مرمة ف السيحية كذلك ‪ .‬وقد‬
‫استفتت جاعة منع السكرات رؤساء الديانة السيحية بالوجه القبلى بالمهورية العربية‬
‫التحدة ( ) فأفتوا با خلصته ‪ " :‬أن الكتب اللية جيعها قضت على النسان أن يبتعد‬
‫عن السكرات " كذلك استدل رئيس كنيسة السوريي الورثوذكس على تري‬
‫السكرات بنصوص الكتاب القدس ‪ .‬ث قال ‪ " :‬وخلصة القول ‪ :‬إن السكرات إجال‬
‫مرمة ف كل كتاب ‪ ،‬سواء كانت من العنب أم من سائر الواد كالشعي ‪ ،‬والتمر ‪،‬‬
‫والعسل ‪ ،‬والتفاح ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 372‬‬
‫وغيها ‪ .‬ومن شواهد العهد الديد ف ذلك قول بولس ف رسالته إل أهل إفسس ( ‪: 5‬‬
‫‪ " : ) 8‬ول تسكروا بالمر الذي فيه اللعة " ‪ .‬ونيه عن مالطة السكي ( إكوه ‪:‬‬
‫‪ ) 11‬وجزمه بأن السكيين ل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي أن مرتكب ذلك ل يكون حال‬
‫ارتكابه متصفا باليان الذعان لمرة ذلك ‪ -‬وكونه من أسباب سخط ال وعقوبته لن‬
‫هذا اليان يستلزم اجتناب العاصي ‪ .‬وقيل ‪ :‬إن اليان يفارق مرتكب أمثال هذه لكبائر‬
‫مدة ملبسته لا ‪ ،‬وقد يعود إليه بعدها ‪ .‬وقيل ‪ :‬الناف لكمال اليان ‪ .‬والرأي الول‬
‫أصح ‪ ،‬كما حققه الما الغزال ف الحياء ف كتاب " التوبة " ( ‪ ) 2‬منهم نيافة مطران‬
‫كرسي أسيوط ‪ ،‬ونيافة مطران كرسي البلينا ‪ ،‬ونيافة مطران قنا ‪ .‬بتاريخ ‪/ 9 / 26‬‬
‫‪ 1922‬م ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 373‬ل يرقون ملكوت السموات ( غله ‪ - 21 :‬إكو ‪6‬‬
‫‪ . ) 10 : 9 :‬أضرار المر ‪ :‬وقد لصت ملة التمدين السلمي " بقلم الدكتور عبد‬
‫الوهاب خليل " ما ف المر من اضرار نفسية وبدنية وخلقية وما يترتب عليها من آثار‬
‫سيئة ف الفرد والماعة فقالت ‪ :‬وإذا سألنا جيع العلماء سواء علماء الدين ‪ ،‬أو الطب ‪،‬‬

‫‪274‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أو الخلق ‪ ،‬أو الجتماع ‪ ،‬أو القتصاد ‪ ،‬وأخذنا رأيهم ف تعاطي السكرات لكان‬
‫جواب الكل واحدا ‪ :‬وهو منع تعاطيها منعا باتا ‪ ،‬لنا مضرة ضررا فادحا ‪ .‬فعلماء الدين‬
‫يقولون ‪ :‬أنا مرمة ‪ ،‬وما حرمت إل لنا أم البائب ‪ .‬وعلماء الطب يقولون ‪ :‬إنا من‬
‫أعظم الخطار الت تدد نوع البشر ‪ ،‬ل با تورثه مباشرة من الضرار السامة فحسب ‪،‬‬
‫بل بعواقبها الوخيمة أيضا ‪ ،‬إذ أنا تهد السبيل لطر ل يقل ضررا عنها ‪ ،‬أل وهو السل ‪.‬‬
‫‪ .‬والمر توهن البدن وتعله أقل مقاومة وجلدا ف كثي من المراض مطلقا ‪ ،‬وهي تؤثر‬
‫ف جيع أجهزة البدن ‪ ،‬وخاصة ف الكبد ‪ ،‬وهي شديدة الفتك بالجموعة العصبية ‪.‬‬
‫لذلك ل يستغرب أن تكون من أهم السباب الوجبة لكثي من المراض العصبية ومن‬
‫أعظم دواعي النون والشقاوة والجرام ‪ ،‬ل لستعملها وحده ‪ ،‬بل وف أعقابه من بعده ‪.‬‬
‫فهي إذن علة الشقاء والعوز والبؤس ‪ ،‬وهي جرثومة الفلس والسكنة والذل ‪ ،‬وما نزلت‬
‫بقوم إل أودت بم ‪ :‬مادة ومعن ‪ ،‬بدنا وروحا ‪ ،‬جسما وعقل ‪ .‬وعلماء الخلق‬
‫يقولون ‪ :‬لكي يكون النسان مافظا على الرزانة والعفة والشرف والنخوة والروءة ‪ ،‬يلزم‬
‫عدم تناوله شيئا يضيع به هذه الصفات الميذة ‪ / .‬صفحة ‪ / 374‬وعلماء الجتماع‬
‫يقولون ‪ :‬لكي يكون الجتمع النسان على غاية من النظام والترتيب يلزم عدم تعكيه‬
‫بأعمال تل بذا النظام ‪ ،‬وعندنا تصبح الفوضى سائدة ‪ -‬والفوضى تلق التفرقة ‪-‬‬
‫والتفرقة تفيد العداء ‪ .‬وعلماء القتصاد يقولون ‪ :‬إن كل درهم نصرفه لنفعتنا فهو قوة‬
‫لنا وللوطن ‪ .‬وكل درهم نصرفه لضرتنا ‪ ،‬فهو خسارة علينا وعلى وطننا ‪ ،‬فكيف بذه‬
‫الليي من الليات الت تذهب سدى على شرب السكرات على اختلف أنواعها ‪.‬‬
‫وتؤخرنا ماليا وتذهب بروءتنا ونوتنا ؟ ! ‪ .‬فعلى هذه الساس نرى أن العقل يأمرنا بعدم‬
‫تعاطي المر ‪ ،‬وإذا أرادت الكومة أخذ رأى العلماء البيين ف هذا الضمار فقد‬
‫كفيناها مؤنة التعب ف هذه السبيل ‪ ،‬وأتيناها بالواب بدون أن تتكبد مشقة أو تصرف‬
‫فلسا واحدا ‪ ،‬إذ جيع العلماء متفقون على ضررها ‪ ،‬والكومة من الشعب ‪ ،‬والشعب‬
‫يريد من حكومته رفع الضرر والذى ‪ ،‬وهي مسئولة عن رعيتها ‪ .‬وبنع السكرات يغدو‬
‫أفراد المة أقوياء البنية صحيحي السم ‪ ،‬أقوياء العزية ذوي عقل ناضج ‪ ،‬وهذه من أهم‬
‫الوسائل الؤدية إل رفع الستوى الصحي ف البلد ‪ ،‬وكذلك هي الدعامة الول لرفع‬

‫‪275‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الستوى الجتماعي والخلقي والقتصادي ‪ .‬إذ تفف العناء عن كثي من الوزارات ‪،‬‬
‫وخاصة وزارة العدل ‪ -‬فيصبح رواد القصور العدلية والسجون قليلي ‪ ،‬وبعدها تصبح‬
‫السجود خالية تتحول إل دور يستفاد منها بشت الصلحات الجتماعية ‪ .‬هذه هي‬
‫الضارة والدنية ‪ ،‬وهذه هي النهضة ‪ .‬وهذا هو الرقي والوعي ‪ .‬وهذا هو العيار واليزان‬
‫لرقي المم ‪ .‬هذه هي الشتراكية والتعاونية بعينها وحقيقتها ‪ .‬أي نشترك ونتعاون على‬
‫رفع الضرر والذى ‪ .‬وباب العمل الدي النتج واسع ‪ " :‬وقل اعملوا فسيى ال عملكم‬
‫ورسوله والؤمنون " اه‍ ‪ / .‬صفحة ‪ / 375‬هذه الضرار النفة ثبتت ثبوتا ل مال فيه‬
‫لشك أو ارتياب ‪ ،‬ما حل كثرا من الدول الواعية على ماربة تعاطي المر وغيها من‬
‫السكرات ‪ .‬وكان ف مقدمة من حاول منع تعاطيها من الدول ‪ :‬أمريكا ‪ .‬فقد نشر ف‬
‫كتاب تنقيحات للسيد أبو العلى الودودي ما يأت ‪ :‬منعت حكومة أمريكا المر ‪،‬‬
‫وطاردتا ف بلدها ‪ ،‬واستعملت جيع وسائل الدنية الاضرة كالجلت ‪ ،‬والحاضرات ‪،‬‬
‫والصور ‪ ،‬والسينما لتهجي شربا ‪ ،‬وبيان مضارها ومفاسدها ‪ .‬ويقدرون ما أنفقت‬
‫الدولة ف الدعاية ضد المر با يزد على ‪ 60‬مليون دولر ‪ ،‬وأن ما نشرته من الكتب‬
‫والنشرات يشتمل على ‪ 10‬بليي صفحة ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 375‬‬
‫وما تملته ف سبيل قانون التحري ف مدة أربعة عشر عاما ل يقل عن ‪ 250‬مليون جنيها‬
‫‪ ،‬وقد أعدم فيها ‪ 300‬نفس ‪ ،‬وسجن ‪ 532 ، 335‬نفس ‪ ،‬وبلغت الغرامات إل ‪16‬‬
‫مليون جنيها ‪ ،‬وصادرت من الملك ما يبلغ ‪ 400‬مليون وأربعة مليي جنيها ‪ ،‬ولكن‬
‫كل ذلك ل يزد المة المريكية إل غراما بالمر وعنادا ف تعاطيها ‪ ،‬حت اضطرت‬
‫الكومة سنة ‪ 1933‬إل سحب هذا القانون وإباحة المر ف ملكتها إباحة مطلقة ‪.‬‬
‫إنتهى ‪ .‬إن أمريكا قد عجزت عجزا تاما عن تري المر بالرغم من الهود الضخمة الت‬
‫بذلتها ‪ ،‬ولكن السلم الذي رب المة على أساس من الدين ‪ ،‬وغرس ف نفوس أفرادها‬
‫غراس اليان الق ‪ ،‬وأحيا ضميها بالتعاليم الصالة والسوة السنة ل يصنعا شيئا من‬
‫ذلك ‪ ،‬ول يتكلف مثل هذا الهد ‪ ،‬ولكنها كلمة صدرت من ال استجابت لا النفوس‬

‫‪276‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫استجابة مطلقة ‪ .‬روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال ‪ :‬ما كان‬
‫لنا خر غي فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ ‪ .‬إن لقائم أسقي أبا طلحة وأبا أيوب‬
‫ورجال من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ف بيتنا ‪ ،‬إذ جاء رجل فقال ‪ :‬هل‬
‫بلغكم الب ؟ ‪ .‬فقلنا ‪ :‬ل ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن المر قد حرمت ‪ .‬فقال ‪ :‬يا أنس ‪ ،‬أرق هذه‬
‫القلل ‪ .‬قال ‪ :‬فما سألوا عنها ‪ ،‬ول راجعوها بعد خب الرجل ‪ .‬وهكذا يصنع اليان‬
‫بأهله ‪ / .‬صفحة ‪ / 376‬ما هي المر ‪ :‬المر هي تلك السوائل العروفة العدة بطريق‬
‫تمر بعض البوب أو الفواكه ‪ ،‬وتول النشا أو السكر الذي تتويه إل غول ( ‪) 1‬‬
‫بواسطة بعض كائنات حية لا قدرة على إفراز مواد خاصة يعد وجودها ضروريا ف عملية‬
‫التخمر ‪ .‬وقد سيت خرا لنا تمر العقل وتستره ‪ :‬أي تغطيه وتفسد إدراكه ‪ .‬هذا هو‬
‫تعريف الطب للخمر ‪ .‬وكل ما من شأنه أن يسكر يعتب خرا ‪ ،‬ول عبة بالادة الت‬
‫أخذت منه ‪ ،‬فما كان مسكرا من أي نوع من النواع فهو خر شرعا ‪ ،‬ويأخذ حكمه ‪،‬‬
‫ويستوي ف ذلك ما كان من العنب أو التمر أو العسل أو النطة أو الشعي أو ما كان من‬
‫غي هذه الشياء ‪ ،‬إذ أن ذلك كله خر مرم ‪ ،‬لضرره الاص والعام ‪ ،‬ولصده عن ذكر‬
‫ال وعن الصلة ‪ ،‬وليقاعه العداوة والبغضاء بي الناس ‪ .‬والشارع ل يفرق بي‬
‫التماثلت ‪ ،‬فل يفرق بي شراب مسكر ‪ ،‬وشراب آخر مسكر فيبيح القليل من صنف‬
‫ويرم القليل من صنف آخر ‪ ،‬بل يسوي بينهما ‪ ،‬وإذا كان قد حرم القليل من أحدها‬
‫فإنه كذلك قد حرم القليل من الخر ‪ ،‬وقد جاءت النصوص صرية صحيحة ‪ ،‬ل تتمل‬
‫التأويل ول التشكيك ‪ - 1 :‬روى أحد وأبو داود عن ابن عمر أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬كل مسكر خر ‪ ،‬وكل خر حرام " ‪ - 2 .‬وروى البخاري ومسلم أن‬
‫عمر بن الطاب رضي ال عنه خطب على منب رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪" :‬‬
‫أما بعد ‪ ،‬أيها الناس ‪ :‬إنه نزل تري المر ‪ ،‬وهي من خسة أشياء ‪ :‬من العنب ‪ ،‬والتمر ‪،‬‬
‫والعسل ‪ ،‬والنطة ‪ ،‬والشعي ‪ ،‬والمر ما خامر العقل " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الغول ‪:‬‬
‫الكحول ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 377‬هذا الذي قاله أمي الؤمني وهو القول الفصل ‪ ،‬لنه‬
‫أعرف باللغة وأعلم بالشرع ‪ ،‬ول ينقل أن أحدا من الصحابة خالفه فيما ذهب إليه ‪3 .‬‬
‫‪ -‬وروى مسلم عن جابر ‪ ،‬أن رجل من اليمن سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن‬

‫‪277‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له " الزر " فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ " :‬أمسكر هو ؟ " قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬كل مسكر حرام ‪ . . .‬ان‬
‫على ال عهدا لن يشرب السكر أن يسقيه من طينة اليال قالوا يا رسول ال ‪ :‬وما طينة‬
‫اليال ؟ قال ‪ " :‬عرق أهل النار " أو قال ‪ " :‬عصارة أهل النار " ‪ - 4 .‬وف السنن عن‬
‫النعمان بن بشي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إن من العنب خرا ‪ ،‬وإن من‬
‫التمر خرا ‪ ،‬وإن من العسل خرا ‪ ،‬وإن من الب خرا ‪ ،‬وإن من الشعي خرا " ‪ - 5‬وعن‬
‫عائشة رضي ال عنها ‪ .‬قالت ‪ " :‬كل مسكر حرام ‪ ،‬وما أسكر الفرق ( ‪ ) 1‬منه فمل ء‬
‫الكف منه حرام " ‪ - 6 .‬وروى أحد والبخاري ومسلم عن أب موسى الشعري ‪ .‬قال ‪،‬‬
‫قلت يا رسول ال ‪ :‬أفتنا ف شرابي كنا نصنعهما باليمن " البتع " وهو من العسل حي‬
‫يشتد ( ‪ " ) 2‬والزر " وهو من الذرة والشعي ينبذ حت يشتد قال ‪ :‬وكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قد أوت جوامع الكلم بواتيمه ‪ ،‬قال ‪ " :‬كل مسكر حرام " ‪7 .‬‬
‫‪ -‬وعن علي كرم ال وجهه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ناهم على العة " وهي‬
‫نبيذ الشعي " " أي البية " ‪ .‬رواه أبو داود والنسائي ‪ .‬هذا هو رأي جهور الفقهاء من‬
‫الصحابة والتابعي ‪ .‬وفقهاء المصار ‪ ،‬ومذهب أهل الفتول ‪ ،‬ومذهب ممد من أصحاب‬
‫أب حنيفة ‪ ،‬وعليه الفتوي ‪ .‬ول يالف ف ذلك أحد سوى فقهاء العراق ‪ ،‬وإبراهيم‬
‫النخعي ‪ ،‬وسفيان ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الفرق ‪ :‬مكيال يسع ستة عشر رطل ‪ ) 2 ( .‬يشتد‬
‫‪ :‬يغلي ويتخمر ‪) . ( .‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 377‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 378‬الثوري ‪ ،‬وابن أب ليلى ‪ ،‬وشريك ‪ ،‬وابن شبمة ‪ ،‬وسائر فقهاء‬
‫الكوفيي ‪ ،‬وأكثر علماء البصريي ‪ ،‬وأب حنيفة ‪ ،‬فإنم قالوا ‪ :‬بتحري القليل والكثي من‬
‫المر الت هي من عصي العنب ‪ .‬أما ما كان من النبذة من غي العنب ‪ ،‬فإنه يرم الكثي‬
‫السكر منه ‪ ،‬أما القليل الذي ل يسكر ‪ ،‬فإنه حلل ‪ .‬وهذا الرأي مالف تام الخالفة لا‬
‫سبق من الدلة ‪ .‬ومن المانة العلمية أن نذكر حجج هؤلء الفقهاء ملخصي ما قاله ابن‬
‫رشد ف بداية الجتهد ‪ .‬قال ‪ :‬قال جهور فقهاء الجاز ( ‪ ) 1‬وجهور الحدثي ‪ :‬قليل‬

‫‪278‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النبذة وكثيها السكرة حرام ‪ .‬وقال العراقيون ‪ ،‬وإبراهيم النخعي من التابعي ‪ ،‬وسفيان‬
‫الثوري ‪ ،‬وابن أب ليلى ‪ ،‬وشريك ‪ ،‬وابن شبمة وأبو حنيفة ‪ ،‬وسائر فقهاء الكوفيي ‪،‬‬
‫وأكثر علماء البصريي ‪ :‬إن الحرم من سائر النبذة السكرة هو السكر نفسه ‪ ،‬ل العي ‪.‬‬
‫وسبب اختلفهم تعارض الثار والقيسة ف هذا الباب ‪ .‬فللحجازيي ف تثبيت مذهبهم‬
‫طريقتان ‪ ( :‬الطريقة الول ) الثار الواردة ف ذلك ‪ ( .‬الطريقة الثانية ) تسمية النبذة‬
‫بأجعها خرا ‪ .‬فمن أشهر الثار الت تسك با أهل الجاز ما رواه مالك ‪ ،‬عن ابن‬
‫شهاب ‪ ،‬عن أب سلمة بن عبد الرحن ‪ ،‬عن عائشة أنا قالت ‪ :‬سئل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم عن البتع وعن نبيذ العسل ؟ فقال ‪ " :‬كل شراب أسكر فهو حرام " ‪ .‬أخرجه‬
‫البخاري ‪ ،‬وقال يي بن معي هذا أصح حديث روي عن النب عليه الصلة والسلم ف‬
‫تري السكر ‪ .‬ومنها أيضا ما خرجه مسلم عن ابن عمر أن النب عليه الصلة والسلم قال‬
‫‪ " :‬كل مسكر خر ‪ ،‬وكل خر حرام " ‪ .‬فهذان حديثان صحيحان ‪ ( :‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫بداية الجتهد ج‍ ‪ 1‬ص ‪ / ) . ( . 437 - 434‬صفحة ‪ / 379‬أما الول فاتفق الكل‬
‫عليه ‪ .‬وأما الثان فانفرد بتصحيحه مسلم ‪ .‬وخرج الترمذي وأبو داود والنسائي عن جابر‬
‫بن عبد ال أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ما أسكر كثيه فقليله حرام " ‪.‬‬
‫وهو نص ف موضع اللف ‪ .‬وأما الستدلل الثان من أن النبذة كلها تسمى خرا فلهم‬
‫ف ذلك طريقتان ‪ :‬إحداها من جهة إثبات الساء بطريق الشتقاق ‪ ،‬والثان من جهة‬
‫السماع ‪ .‬فأما الت من جهة الشتقاق ‪ ،‬فإنم قالوا ‪ :‬إنه معلوم عند أهل اللغة أن المر‬
‫إنا سيت خرا لخامرتا العقل ‪ ،‬فوجب لذلك أن ينطلق اسم المر لغة على كل ما خامر‬
‫العقل ‪ .‬وهذه الطريقة من إثبات الساء فيها اختلف بي الصوليي وهي غي مرضية عند‬
‫الرسانيي ‪ .‬وأما الطريقة الثانية الت من جهة السماع فإنم قالوا ‪ :‬إنه وإن ل يسلم لنا‬
‫بأن النبذة تسمى ف اللغة خرا فإنا تسمى خرا شرعا ‪ .‬واحتجوا ف ذلك بديث ابن‬
‫عمر التقدم وبا روي أيضا عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬
‫المر من هاتي الشجرتي ‪ :‬النخلة والعنبة " ‪ .‬وما روي أيضا عن ابن عمر أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إن من العنب خرا ‪ ،‬وإن من العسل خرا ‪ ،‬ومن الزبيب‬
‫خرا ‪ ،‬ومن النطة خرا ‪ . . .‬وأنا أنا كم عن كل مسكر " ‪ .‬فهذه هي عمدة الجازيي‬

‫‪279‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ف تري النبذة ‪ .‬وأما الكوفيون فإنم تسكوا لذهبهم بظاهر قوله تعال ‪ " :‬ومن ثرات‬
‫النخيل والعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ‪ ( ) 1 ( " .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫النحل آية ‪ / ) . ( . 67‬صفحة ‪ / 380‬وباثار رووها ف هذا الباب ‪ ،‬وبالقياس العنوي‬
‫‪ .‬أما احتجاجهم بالية فإنم قالوا ‪ :‬السكر هو السكر ولو كان مرم العي ‪ ،‬لا ساه ال‬
‫رزقا حسنا ‪ .‬وأما الثار الت اعتمدوها ف هذا الباب فمن أشهرها عندهم حديث أب‬
‫عون الثقفي ‪ ،‬عن عبد ال بن شداد ‪ ،‬عن ابن عباس ‪ ،‬عن النب صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫قال ‪ " :‬حرمت المر لعينها ‪ ،‬والسكر من غيها " ‪ .‬قالوا ‪ :‬وهذا نص ل يتمل‬
‫التأويل ‪ ،‬وضعفه أهل الجاز ‪ ،‬لن بعض رواته روى " والسكر من غيها " ‪ .‬ومنها‬
‫حديث شريك عن ساك بن حرب بإسناده عن أب بردة بن نيار قال ‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن كنت نيتكم عن الشراب ف الوعية ‪ ،‬فاشربوا فيما بدا لكم‬
‫ول تسكروا " ‪ ،‬خرجها الطحاوي ‪ .‬وروي عن ابن مسعود أنه قال ‪ " :‬شهدت تري‬
‫النبيذ كما شهدت ‪ ،‬ث شهدت تليله ‪ ،‬فحفظت ونسيتم " ‪ .‬وروي عن أب موسى أنه‬
‫قال ‪ :‬بعثن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنا ومعاذا إل اليمن ‪ ،‬فقلنا يا رسول ال ‪ :‬إن‬
‫با شرابي يصنعان من الب والشعي ‪ :‬أحدها يقال له ‪ :‬الزر ‪ .‬والخر يقال له ‪ :‬البتع ‪.‬‬
‫فما نشرب ؟ ‪ .‬فقال عليه الصلة والسلم ‪ " :‬اشربا ول تسكرا " ‪ .‬خرجه الطحاوي‬
‫أيضا ‪ . . .‬إل غي ذلك من الثار الت ذكروها ف هذا الباب ‪ .‬وأما احتجاجهم من جهة‬
‫النظر ‪ .‬فإنم قالوا ‪ :‬قد نص القرآن على أن علة التحري ف المر إنا هي الصد عن ذكر‬
‫ال ووقوع العداوة والبغضاء كما قال تعال ‪ " :‬إنا يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة‬
‫والبغضاء ف‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 380‬‬
‫المر واليسر ‪ ،‬ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة ‪ / " . . .‬صفحة ‪ / 381‬وهذه العلة‬
‫تود ف القدر السكر ‪ ،‬لفيما دون ذلك ‪ ،‬فوجب أن يكون ذلك القدر هو احرام ‪ ،‬إل ما‬
‫انعقد عليه الجاع من تري قليل المر وكثيها ‪ .‬قالوا ‪ :‬وهذا النوع من القياس يلحق‬
‫بالنص ‪ .‬وهو القياس الذي ينبه الشرع على العلة فيه ‪ .‬وقال التأخرون من أهل النظر ‪:‬‬

‫‪280‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حجة الجازيي من طريق السمع أقوى وحجة العراقيي من طريق القياس أظهر ‪ .‬وإذا‬
‫كان هذا كما قالوا فيجع اللف إل اختلفهم ف تغليب الثر على القياس ‪ ،‬أو تغليب‬
‫القياس على الثر إذا تعارضا ‪ ،‬وهي مسألة متلف فيها ‪ .‬لكن الق أن الثر إذا كان نصا‬
‫ثابتا ‪ ،‬فالواجب أن يغلب على القياس ‪ .‬وأما إذا كان ظاهر اللفظ متمل للتأويل ‪ ،‬فهنا‬
‫يتردد النظر ‪ :‬هل يمع بينهما بأن يتأول اللفظ ؟ أو يغلب ظاهر اللفظ على مقتضى‬
‫القياس ؟ وذلك متلف بسب قوة لفظ من اللفاظ الظاهرة وقوة قياس من القياسات الت‬
‫تقابلها ‪ .‬ول يدرك الفرق بينهما إل بالذوق العقلي ‪ ،‬كما يدرك الوزون من الكلم من‬
‫غي الوزون ‪ .‬وربا كان الذوقان على التساوي ‪ . . .‬ولذلك كثر الختلف ف هذا‬
‫النوع ‪ ،‬حت قال كثي من الناس ‪ " :‬كل متهد مصيب " ‪ .‬قال القاضي ‪ :‬والذي يظهر ل‬
‫‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أن قوله عليه الصلة والسلم " كل مسكر حرام " وإن كان يتمل أن‬
‫يراد به القدر السكر ل النس السكر ‪ ،‬فإن ظهوره ف تعليق التحري بالنس أغلب على‬
‫الظن من تعليقه بالقدر ‪ ،‬لكان معارضة ذلك القياس له على ما تأوله الكوفيون ‪ ،‬فإنه ل‬
‫يبعد أن يرم الشارع قليل السكر وكثيه سدا للذريعة وتغليظا ‪ ،‬مع أن الضرر إنا يوجد‬
‫ف الكثي ‪ .‬وقد ثبت من حال الشرع بالجاع أنه اعتب ف المر النس دون القدر ‪،‬‬
‫فوجب كل ما وجدت فيه علة المر أن يلحق بالمر ‪ ،‬وأن يكون على من زعم وجود‬
‫الفرق إقامة الدليل على ذلك ‪ / .‬صفحة ‪ / 382‬هذا ‪ ،‬وإن ل يسلموا لنا بصحة قوله‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ " :‬ما أسكر كثيه فقليله حرام " فإنم إن سلموا ل يدوا عنه‬
‫انفكاكا فإنه نص ف موضع اللف ‪ .‬ول يصح أن تعارض النصوص بالقاييس ‪ .‬وأيضا‬
‫فإن الشرع قد أخب أن ف المر مضرة ومنفعة فقال تعال ‪ " :‬قل فيهما إث كبي ومنافع‬
‫للناس " ‪ .‬وكان القياس إذا قصد المع بي انتفاء الضرة ووجود النفعة أن يرم كثيها‬
‫ويلل قليلها ‪ .‬فلما غلب الشرع حكم الضرة على النفعة ف المر ‪ ،‬ومنع القليل منها‬
‫والكثي ‪ .‬وجب أن يكون المر كذلك ف كل ما يوجد فيه علة تري المر إل أن يثبت‬
‫ف ذلك فارق شرعي ‪ .‬واتفقوا على أن النتباذ حلل ‪ ،‬ما ل تدث فيه الشدة الطربة‬
‫المرية ‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم ‪ " :‬فانتبذوا ‪ ،‬وكل مسكر حرام " ‪ .‬ولا ثبت عنه‬
‫عليه الصلة والسلم أنه كان ينتبذ وأنه كان يريقه ف اليوم الثان أو الثالث ‪ .‬واختلفوا من‬

‫‪281‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلك ف مسألتي ‪ :‬إحداها ف الوان الت ينتبذ فيها ‪ .‬والثانية ف انتباذ شيئي مثل ‪ :‬البسر‬
‫والرطب ‪ ،‬والتمر والزبيب ‪ .‬انتهى ‪ .‬أهم أنواع المور ‪ :‬توجد المور ف السواق‬
‫بأساء متلفة ‪ ،‬وقد تقسم إل أقسام خاصة باعتبار ما تويه من النسب الئوية من الكحول‬
‫‪ .‬فهناك مثل ‪ :‬الباندي ‪ ،‬والوسكي ‪ ،‬والروم ‪ ،‬والليكي ‪ ،‬وغيها ‪ ،‬وتبلغ نسبة الكحول‬
‫فيها من ‪ / 40‬إل ‪ . / 60‬وتبلغ النسبة ف الن ‪ ،‬والولندي ‪ ،‬والنيفا ‪ ،‬من ‪ / 33‬إل‬
‫‪ . / 40‬وتتوي بعض الصناف الخرى ‪ ،‬مثل ‪ :‬البورت ‪ ،‬والشري ‪ ،‬والاديرا ‪ ،‬على‬
‫‪ / . / 25 - / 15‬صفحة ‪ / 383‬وتتوي المور الفيفة مثل ‪ :‬الكلرت ‪ ،‬والوك ‪،‬‬
‫والشمبانيا ‪ ،‬والبجاندي على ‪ . / 15 - / 10‬وأنواع البية الفيفة تتوي على ‪- / 2‬‬
‫‪ / 9‬مثل ‪ :‬اليل ‪ ،‬والبورتر ‪ ،‬والستوت ‪ ،‬واليونخ وغيها ‪ .‬وهنالك أصناف أخرى‬
‫تتوي على نفس النسب الخية ‪ .‬مثل البوظة ‪ ،‬والقصب التخمر وغيها ‪ .‬شرب‬
‫العصي والنبيذ قبل التخمي ‪ :‬يوز شرب العصي والنبيذ قبل غليانه ( ‪ . ) 1‬لديث أب‬
‫هريرة عند أب داود والنسائي وابن ماجه ‪ .‬قال ‪ " :‬علمت أن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫كان يصوم ‪ ،‬فتحينت فطره بنبيذ صنعته ف دباء ‪ ،‬ث أتيته به ‪ ،‬فإذا هو ينش ( ‪ ) 2‬فقال ‪:‬‬
‫" إضرب بذا الائط ‪ ،‬فإن هذا شراب من ل يؤمن بال واليوم الخر " ‪ .‬وأخرج أحد‬
‫عن ابن عمر ف العصي قال ‪ " :‬اشربه ما ل يأخذه شيطانه " قيل ‪ :‬وف كم يأخذه شيطانه‬
‫؟ قال ‪ " :‬ف ثلث " ‪ .‬وأخرج مسلم وغيه من حديثا بن عباس " أنه كان ينقع للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد ‪ ،‬إل مساء الثالثة ‪ .‬ث يأمر به‬
‫فيسقى الادم أو يهراق " ‪ .‬قال أبو داود ‪ :‬ومعن يسقى الادم يبادر به الفساد ومظنة‬
‫ذلك ما زاد على ثلثة أيام ‪ .‬وقد أخرج مسلم وغيه من حديث عائشة " أنا كانت تنتبذ‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم غدوة ‪ ،‬فإذا كان العشي فتعشى ‪ ،‬شرب على عشائه ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 383‬‬
‫وإن فضل شئ صبته أو أفرغته ث تنتبذ له بالليل ‪ ،‬فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه ‪.‬‬
‫قالت تغسل السقاء غدوة وعشية " ‪ .‬وهو ل يناف حديث ابن عباس التقدم أنه كان‬
‫يشرب اليوم والغد وبعد ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الغليان ‪ :‬الختمار ‪ ) 2 ( .‬ينش ‪ :‬يغلي ‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 384‬الغد إل مساء الثالثة ‪ ،‬لن الثلث مشتملة على زيادة غي‬
‫منافية ‪ ،‬والكل ف الصحيح ( ‪ . ) 1‬هذا ومن العروف من سية رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه ل يشرب المر قط ‪ ،‬لقبل البعثة ولبعدها ‪ .‬وإنا كان شرابه من هذا النبيذ‬
‫الذي ل يتخمر بعد ‪ ،‬كما هو مصرح به ف هذه الحاديث ‪ .‬المر إذا تللت ‪ :‬قال ف‬
‫بداية الجتهد ‪ :‬وأجعوا " أي العلماء " على أن المر إذا تللت من ذاتا أجاز أكلها "‬
‫تناولا " ‪ .‬واختلفوا إذا قصد تليلها على ثلثة أقوال ‪ - 1 :‬التحري ‪ - 2 .‬ومكراهية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬والباحة ( ‪ . ) 2‬وسبب اختلفهم معارضة القياس للثر ‪ ،‬واختلفهم ف مفهوم‬
‫الثر ‪ .‬وذلك أن أبا داود ( ‪ ) 3‬أخرج من حديث أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل النب‬
‫صلى ال عليه وسلم عن أيتام ورثوا خرا ؟ فقال ‪ " :‬أهرقها " ‪ .‬قال ‪ :‬أفل أجعلها خل ؟‬
‫قال ‪ " :‬ل " ‪ ) 4 ( .‬فمن فهم من النع سد الذريعة حل ذلك على الكراهية ‪ .‬ومن فهم‬
‫النهي لغي علة قال بالتحري ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الروضة الندية ص ‪ 202‬ج‍ ‪) 2 ( . 1‬‬
‫القائلون به ‪ :‬عمر بن الطاب ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬وسفيان ‪ ،‬وابن البارك وعطاء ابن‬
‫أب رباح ‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ) 3 ( .‬وأخرجه أيضا مسلم والترمذي ‪( .‬‬
‫‪ ) 4‬قال الطاب ‪ :‬ف هذا بيان واضح أن معالة المر حت تصي خل غي جائز ولو كان‬
‫إل ذلك سبيل لكان مال اليتيم أول الموال به لا يب من حفظه وتثميه ‪ ،‬وقد كان ني‬
‫رسول ال‍عن إضاعة الال وف إراقته إضاعته فعلم بذلك إن معالته ل تطهره ولترده إل‬
‫الالية بال ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 385‬ويرج على هذا أل تري أيضا على مذهب من يرى‬
‫أن النهي ل يعود بفساد النهي عنه ‪ .‬والقياس العارض لمل الل على التحري ‪ ،‬أنه قد‬
‫علم من ضرورة الشرع أن الحكام الختلفة ‪ ،‬إنا هي للذوات الختلفة ‪ ،‬وأن ذات المر‬
‫غي ذات الل ‪ ،‬والل بالجاع حلل ‪ .‬فإذا انتقلت ذات المر إل ذات الل ‪ ،‬وجب‬
‫أن يكون حلل كيفما انتقل ( ‪ . ) 1‬الخدرات ‪ :‬هذا هو حكم ال ف المر ‪ ،‬أما ما‬
‫يزيل العقل من غي الشربة ‪ ،‬مثل ‪ :‬البنج ‪ ،‬والشيش وغيها من الخدرات ‪ ،‬فإنه‬
‫حرام ‪ ،‬لنه مسكر ‪ .‬ففي حديث مسلم الذي تقدم ذكره أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬كل مسكر خر ‪ ،‬وكل خر حرام " ‪ .‬وقد سئل مفت الديار الصرية الشيخ‬
‫عبد الجيد سليم ‪ ،‬رحه ال ‪ ،‬عن حكم الشرع ف الواد الخدرة ‪ ،‬واشتمل السؤال على‬

‫‪283‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السائل التية ‪ - 1 :‬تعاطي الواد الخدرة ‪ - 2 .‬التار بالواد الخدرة ‪ ،‬واتاذها وسيلة‬
‫للربح التجاري ‪ - 3 .‬زراعة الشخاش والشيش بقصد البيع أو استخراج الادة الخدرة‬
‫منهما ‪ ،‬للتعاطي أو للتجارة ‪ - 4 .‬الربح الناجم من هذا السبيل ‪ ،‬أهو ربح حلل أم‬
‫حرام ؟ وقد أجاب فضيلته با يأت ‪ ) 1 ( :‬تعاطي الواد الخدرة ‪ :‬إنه ل يشك شاك ‪،‬‬
‫ول يرتاب مرتاب ف أن تعاطي هذه الواد حرام ‪ ،‬لنا تؤدي إل مضار جسيمة ‪،‬‬
‫ومفاسد كثية ‪ ،‬فهي تفسد العقل ‪ ،‬وتفتك ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ج‍ ‪ 1‬ص ‪/ ) . ( 438‬‬
‫صفحة ‪ / 386‬بالبدن إل غي ذلك من الضار والفاسد ‪ .‬فل يكن أن تأذن الشريعة‬
‫بتعاطيها مع تريها لا هو أقل منها مفسدة وأخف ضررا ‪ .‬ولذلك قال بعض علماء‬
‫النفية ‪ " :‬إن من قال بل الشيش زنديق مبتدع " ‪ .‬وهذا منه دللة على ظهور حرمتها‬
‫ووضوحها ‪ ،‬ولنه لا كان الكثي من هذه الواد يامر العقل ويغطيه ‪ ،‬ويدث من الطرب‬
‫واللذة عند متناوليها ما يدعوهم إل تعاطيها والداومة عليها ‪ ،‬كانت داخلة فيما حرمه ال‬
‫تعال ف كتابه العزيز ‪ ،‬وعلى لسان رسوله صلى ال عليه وسلم من المر والسكر ‪ .‬قال‬
‫شيخ السلم ابن تيمية ف كتابه السياسة الشرعية ما خلصته ‪ " :‬إن الشيشة حرام ‪ ،‬يد‬
‫متناولا كما يد شارب المر ‪ ،‬وهي أخبث من المر من جهة أنا تفسد العقل‬
‫والزاج ‪ ،‬حت يصي ف الرجل ‪ .‬تنث ودياثة ‪ ،‬وغي ذلك من الفساد ‪ ،‬وأنا تصد عن‬
‫ذكر ال وعن الصلة ‪ ،‬وهي داخلة فيما حرمه ال ورسوله من المر والسكر لفظا أو‬
‫معن قال أبو موسى الشعري رضي ال عنه ‪ :‬يا رسول ال أفتنا ف شرابي كنا نصنعهما‬
‫باليمن ‪ " :‬البتع " وهو العسل ينبذ حت يشتدو " الزر " وهو من الذرة والشعي ينبذ حت‬
‫يشتد ‪ .‬قال ‪ :‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم قد أعطى جوامع الكلم بواته فقال‬
‫‪ " :‬كل مسكر حرام " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪ .‬وعن النعمان بن بشي رضي ال عنه‬
‫قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن من النطة خرا ‪ ،‬ومن الشعي خرا ‪،‬‬
‫ومن الزبيب خرا ‪ ،‬ومن‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 386‬‬

‫‪284‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫التمر خرا ‪ ،‬ومن العسل خرا ‪ .‬وأنا أنى عن كل مسكر " ‪ .‬رواه أبو داوود وغيه ‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬كل مسكر خر ‪.‬‬
‫وكل مسكر حرام " ‪ .‬وف رواية ‪ " :‬كل مسكر خر ‪ .‬وكل خر حرام " ‪ .‬رواها مسلم‬
‫‪ / .‬صفحة ‪ / 387‬وعن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬كل مسكر حرام ‪ ،‬وما أسكر الفرق ( ‪ ) 1‬منه فمل ء الكف منه حرام " ‪ .‬قال‬
‫الترمذي حديث حسن ‪ .‬وروى ابن السن عن النب صلى ال عليه وسلم من وجوه أنه‬
‫قال ‪ " :‬ما أسكر كثيه فقليله حرام " وصححه الفاظ ‪ .‬وعن جابر رضي ال عنه أن‬
‫رجل سأل النب صلى ال عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له الزر‬
‫‪ .‬قال ‪ " :‬أمسكر هو ؟ " قال ‪ :‬نعم ‪ .‬فقال ‪ " :‬كل مسكر حرام ‪ ،‬إن على ال عهدا لن‬
‫يشرب السكر أن يسقيه من طينة البال " ‪ .‬قالوا يا رسول ال ‪ :‬وما طينة البال ؟ قال ‪:‬‬
‫" عرق أهل النار " أو قال ‪ " :‬عصارة أهل النار " ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬وعن ابن عباس رضي‬
‫ال عنهما عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " .‬كل ممر وكل مسكر حرام ( ‪. " ) 2‬‬
‫رواه أبو داود ‪ .‬والحاديث ف هذا الباب كثية مستفيضة ‪ .‬جع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم با أوتيه من جوامع الكلم كل ما غطى العقل وأسكر ول يفرق بي نوع ونوع ‪،‬‬
‫ول تأثي لكونه مأكول أو مشروبا ‪ .‬على أن المر قد يصطبغ با ‪ :‬أي تعل إداما ‪،‬‬
‫وهذه الشيشة قد تذاب بالاء وتشرب ‪ ،‬فالمر يشرب ويؤكل ‪ ،‬والشيشة تؤكل‬
‫وتشرب ‪ ،‬وكل ذلك حرام ‪ ،‬وحدوثها بعد عصر النب صلى ال عليه وسلم والئمة ل‬
‫ينع من دخولا ف عموم كلم رسول ال صلى ال عليه وسلم عن السكر ‪ .‬فقد حدثت‬
‫شربة مسكرة بعد النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وكلها داخلة ف الكلم الوامع أمن الكتاب‬
‫والسنة " ‪ .‬انتهت خلصة كلم ابن تيمية ‪ .‬وقد تكلم رحه ال عنها أيضا غي مرة ف‬
‫فتاواه ‪ .‬فقال ما خلصته ‪ " :‬هذه الشيشة اللعونة هي وآكلوها ‪ ،‬ومستحلوها ‪ ،‬الوجبة‬
‫لسخط ( هامش ) ( ‪ ) 1‬تقدم معن الفرق ‪ .‬والعن ‪ :‬ما أسكر كثيه فقليله حرام ‪( ( .‬‬
‫‪ ) 2‬الخمر ‪ :‬ما يغطي العقل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 388‬ال تعال ‪ ،‬وسخط رسوله ‪،‬‬
‫وسخط عباده الؤمني ‪ .‬العرضة صاحبها لعقوبة ال ‪ ،‬تشتمل على ضرر ف دين الرء‬
‫وعقله وخلقه وطبعه ‪ .‬وتفسد المزجة حت جعلت خلقا كثيا ماني ‪ ،‬وتورث من مهانة‬

‫‪285‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫آكلها ودناءة نفسه وغي ذلك ما ل تورث المر ‪ .‬ففيها من الفاسد ما ليس ف المر ‪.‬‬
‫فهي بالتحري أول ‪ .‬وقد أجع السلمون على أن السكر منها حرام ‪ .‬ومن استحل ذلك‬
‫وزعم أنه حلل فإنه يستتاب فإن تاب وإل قتل مرتدا ‪ ،‬ل يصلى عليه ول يدفن ف مقابر‬
‫السلمي ‪ .‬وإن القليل منها حرام أيضا بالنصوص الدالة على تري المر وتري كل‬
‫مسكر " اه‍ ‪ .‬وقد تبعه تلميذ المام الحقق ابن القيم رحه ال ‪ ،‬فقال ف زاد العاد ما‬
‫خلصته ‪ " :‬إن المر يدخل فيها كل مسكر ‪ :‬مائعا كان أو جامدا ‪ ،‬عصيا أو مطبوخا‬
‫‪ .‬فيدخل فيها لقمة الفسق والفجور ‪ -‬ويعن با الشيشة ‪ -‬لن هذا كله خر بنص‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم الصحيح الصريح الذي ل مطعن ف سنده ول إجال ف‬
‫متنه ‪ ،‬إذ صح عنه قوله ‪ . . . " :‬كل مسكر خر ‪ . " . . .‬وصح عن أصحابه رضي ال‬
‫عنهم الذين هم أعلم المة بطابه ومراده ‪ ،‬بأن المر ما خامر العقل ‪ .‬على أنه لو ل‬
‫يتناول لفظه صلى ال عليه وسلم كل مسكر ‪ ،‬لكان القياس الصحيح الصريح الذي‬
‫استوى فيه الصل والفرع من كل وجهة ‪ ،‬حاكما بالتسوية بي أنواع السكر ‪ ،‬فالتفريق‬
‫بي نوع ونوع ‪ ،‬تفريق بي متماثلي من جيع الوجوه " اه‍ ‪ .‬وقال صاحب سبل السلم‬
‫شرح بلوغ الرام ‪ " :‬إنه يرم ما أسكر من أي شئ ‪ ،‬وإن ل يكن مشروبا ‪ ،‬كالشبشة "‬
‫‪ .‬ونقل عن الافظ ابن حجر ‪ " :‬ان من قال ‪ :‬إن الشيشة ل تسكر وإنا هي مدر ‪،‬‬
‫مكابر ‪ ،‬فإنا تدث ما تدثه المر من الطرب والنشوة " ‪ .‬ونقل عن ابن البيطار ‪ -‬من‬
‫الطباء ‪ -‬أن الشيشة الت توجد ف مصر ‪ /‬صفحة ‪ / 389‬مسكرة جدا ‪ ،‬إذا تناول‬
‫النسان منها قدر درهم أو درهي ‪ .‬وقبائح خصالا كثية ‪ .‬وعد منها بعض العلماء مائة‬
‫وعشرين مضرة دينية ودنيوية ‪ .‬وقبائح خصالا موجودة ف الفيون ‪ .‬وفيه زيادة مضار "‬
‫اه‍ ‪ .‬وما قاله شيخ السلم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيها من العلماء هو الق الذي‬
‫يسوق إليه الدليل وتطمئن به النفس ‪ .‬وإذ قد تبي أن النصوص من الكتاب والسنة تتناول‬
‫الشيش ‪ ،‬فهي تتناول أيضا الفيون ‪ ،‬الذي بي العلماء أنه أكثر ضررا ‪ .‬ويترتب عليه من‬
‫الفاسد ما يزيد على مفاسد الشيش كما سبق عن ابن البيطار ‪ .‬وتتناول أيضا سائر‬
‫الخدرات الت حدثت ول تكن معروفة من قبل ‪ ،‬إذ هي كالمر من العنب مثل ف أنا‬

‫‪286‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تامر العقل وتغطيه ‪ .‬وفيها ما ف المر من مفاسد ومضار وتزيد عليها بفاسد أخرى‬
‫كما ف‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 389‬‬
‫الشيش ‪ ،‬بل أفظع وأعظم ‪ ،‬كما هو مشاهد ومعلوم ضرورة ‪ .‬ول يكن أن تبيح‬
‫الشريعة السلمية شيئا من هذه الخدرات ‪ ،‬ومن قال بل شئ منها فهو من الذين‬
‫يفترون على ال الكذب ‪ ،‬أو يقولون على ال ما ل يعلمون ‪ .‬وقد سبق أن قلنا ‪ :‬إن بعض‬
‫علماء النفية قال ‪ " :‬إن من قال بل الشيشة زنديق مبتدع " ‪ .‬وإذا كان من يقول بل‬
‫الشيشة زنديقا مبتدعا فالقائل بل شئ من هذه الخدرات الادثة الت هي أكثر ضررا‬
‫وأكب فسادا زنديق مبتدع أيضا ‪ ،‬بل أول بأن يكون كذلك ‪ .‬وكيف تبيح الشريعة‬
‫السلمية شيئا من هذه الخدرات الت يلمس ضررها البليغ بالمة أفرادا وجاعات ‪ ،‬ماديا‬
‫‪ ،‬وصحيا ‪ ،‬وأدبيا ‪ ،‬كما جاء ف السؤال ‪ .‬مع أن مبن الشريعة السلمية على جلب‬
‫الصال الالصة أو الراجحة ‪ ،‬وعلى درء الفاسد والضار كذلك ‪ .‬وكيف يرم ال‬
‫سبحانه وتعال العليم الكيم المر من العنب مثل ‪ :‬كثيها وقليلها ‪ ،‬لا فيها من‬
‫الفسدة ‪ ،‬ولن قليلها داع إل كثيها وذريعة ‪ /‬صفحة ‪ / 390‬إليه ‪ .‬ويبيح من‬
‫الخدرات ما فيه هذه الفسدة ‪ ،‬ويزيد عليها با هو أعظم منها وأكثر ضررا للبدن والعقل‬
‫والدين واللق والزاج ؟ هذا ل يقوله إل رجل جاهل بالدين السلمي ‪ ،‬أو زنديق مبتدع‬
‫كما سبق القول ‪ .‬فتعاطي هذه الخدرات على أي وجه من وجوه التعاطي من أكل أو‬
‫شرب أو شم أو احتقان حرام ‪ ،‬والمر ف ذلك ظاهر جلي ‪ ) 2 ( .‬التار بالواد‬
‫الخدرة ‪ ،‬واتاذها وسيلة للربح التجاري ‪ :‬إنه قد ورد عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أحاديث كثية ف تري المر ‪ ،‬منها ما روى البخاري ومسلم عن جابر رضي ال‬
‫عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إن ال حرم بيع المر ‪ ،‬واليتة ‪ ،‬والنير ‪،‬‬
‫والصنام " ‪ .‬وورد عنه أيضا أحاديث كثية مؤداها أن ما حرم ال النتفاع به يرم بيعه‬
‫وأكل ثنه ‪ .‬وقد علم من الواب عن السؤال الول أن اسم المر يتناول هذه الخدرات‬
‫شرعا ‪ ،‬فيكون النهي عن بيع المر متناول لتحري بيع هذه الخدرات ‪ .‬كما أن ما ورد‬

‫‪287‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫من تري بيع كل ما حرمه ال ‪ ،‬يدل أيضا على تري بيع هذه الخدرات ‪ .‬وحينئذ يتبي‬
‫جليا حرمة التار ف هذه الخدرات واتاذها حرفة تدر الربح ‪ ،‬فضل عما ف ذلك من‬
‫العانة على العصية الت لشبهة ف حرمتها ‪ ،‬لدللة القرآن على تريها بقوله تعال ‪" :‬‬
‫وتعاونوا على الب والتقوى ‪ ،‬ول تعاونوا على الث والعدوان " ‪ .‬ولجل ذلك كان الق‬
‫ما ذهب إليه جهور الفقهاء من تري بيع عصي العنب لن يتخذه خرا ‪ ،‬وبطلن هذا‬
‫البيع لنه إعانة على العصية ‪ / .‬صفحة ‪ ) 3 ( / 391‬زراعة الشخاش والشيش بقصد‬
‫البيع واستخراج الادة الخدرة منهما للتعاطي أو للتجارة ‪ :‬إن زراعة الشيش والفيون‬
‫لستخراج الادة الخدرة منهما لتعاطيها أو التار فيها حرام بل شك ‪ ،‬لوجوه ‪ ( :‬أول )‬
‫ما ورد ف الديث الذي رواه أبو داود وغيه ‪ ،‬عن ابن عباس عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬إن من حبس العنب أيام القطاف حت يبيعه من يتخذه خرا فقد تقحم‬
‫النار " ‪ .‬فإن هذا يدل على حرمة زراعة الشيش والفيون للغرض الذكور ‪ ،‬بدللة النص‬
‫‪ ( .‬ثانيا ) إن ذلك إعانة على العصية ‪ .‬وهي تعاطي هذه الخدرات أو التار فيها ‪ .‬وقد‬
‫بينا فيما سبق أن العانة على العصية معصية ‪ ( .‬ثالثا ) إن زراعتها لذا الغرض رضا من‬
‫الزارع بتعاطي الناس لا ‪ ،‬واتارهم فيها ‪ ،‬والرضا بالعصية معصية ‪ .‬وذلك لن إنكار‬
‫النكر بالقلب الذي هو عبارة عن كراهة القلب وبغضه للمنكر ‪ ،‬فرض على كل مسلم ف‬
‫كل حال ‪ ،‬بل ورد ف صحيح مسلم عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن من ل‬
‫ينكر النكر بقلبه ‪ -‬بالعن الذي أسلفنا ‪ -‬ليس عنده من اليان حبة خردل " ‪ .‬على أن‬
‫زراعة الشيش والفيون معصية من جهة أخرى ‪ ،‬بعد ني ول المر عنها بالقواني الت‬
‫وضعت لذلك ‪ ،‬لوجوب طاعة ول المر فيما ليس بعصية ل ولرسوله بإجاع السلمي ‪،‬‬
‫كما ذكر ذلك المام النووي ف شرح مسلم ف باب طاعة المراء ‪ .‬وكذا يقال هذا‬
‫الوجه الخي ف حرمة تعاطي الخدرات والتار فيها ‪ ) 4 ( .‬الربح الناجم من هذا‬
‫السبيل ‪ :‬قد علم ما سبق أن بيع هذه الخدرات حرام فيكون الثمن حراما ‪ / :‬صفحة‬
‫‪ ( / 392‬أول ) لقوله تعال ‪ " :‬ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " ‪ .‬أي ل يأخذ ول‬
‫يتناول بعضكم مال بعض بالباطل ‪ .‬وأخذ الال بالباطل على وجهي ‪ - 1 :‬أخذه على‬
‫وجه الظلم ‪ ،‬والسرقة ‪ ،‬واليانة ‪ ،‬والغصب ‪ ،‬وما جرى مرى ذلك ‪ - 2 .‬أخذه من‬

‫‪288‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جهة مظورة كأخذه بالقمار ‪ ،‬أو بطريق العقود الحرمة ‪ ،‬كما ف الربا ‪ ،‬وبيع ما حرم ال‬
‫النتفاع به ‪ ،‬كالمر التناولة للمخدرات الذكورة كما بينا آنفا ‪ .‬فإن هذا كله حرام وإن‬
‫كان بطيبة نفس من مالكه ‪ ( .‬ثانيا ) للحاديث الواردة ف تري ثن ما حرم ال النتفاع‬
‫به ‪ .‬كقوله‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 392‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن ال إذا حرم شيئا حرم ثنه " ‪ .‬رواه ابن أب شيبة عن ابن‬
‫عباس ‪ .‬وقد جاء ف زاد العاد ما نصه ‪ :‬قال جهور الفقهاء ‪ :‬إنه إذا بيع العنب لن يعصره‬
‫خرا حرم أكل ثنه ‪ ،‬بلف ما إذا بيع لن يأكله ‪ .‬وكذلك السلح إذا بيع لن يقاتل به‬
‫مسلما حرم أكل ثنه ‪ .‬وإذا بيع لن يغزو به ف سبيل ال فثمنه من الطيبات ‪ .‬وكذلك‬
‫ثياب الرير ‪ :‬إذا بيعت لن يلبسها من يرم عليه لبسها ‪ ،‬حرم أكل ثنها ‪ ،‬بلف بيعها‬
‫من يل له لبسها " اه‍ وإذا كانت العيان الت يل النتفاع با إذا بيعت لن يستعملها ف‬
‫معصية ال ‪ -‬على رأي جهور الفقهاء ‪ ،‬وهو الق ‪ -‬يرم ثنها لدللة ما ذكرنا من الدلة‬
‫وغيها عليه ‪ ،‬كان ثن العي الت ل يل النتفاع با ‪ -‬كالخدرات ‪ -‬حراما من باب‬
‫أول ‪ .‬وإذا كان ثن هذه الخدرات حراما ‪ ،‬كان خبيثا ‪ ،‬وكان إنفاقه ف القربات ‪-‬‬
‫كالصدقات والج ‪ -‬غي مقبول ‪ :‬أي ل يثاب النفق عليه ‪ / .‬صفحة ‪ / 393‬فقد روى‬
‫مسلم عن أب هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن ال‬
‫تعال طيب ل يقبل إل طيبا ‪ ،‬وإن ال تعال أمر با أمر به الرسلي ‪ .‬فقال تعال ‪ " :‬يأيها‬
‫الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالا " الية ‪ .‬وقال تعال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا كلوا‬
‫من طيبات ما رزقناكم ‪ ،‬واشكروا ال إن كنتم إياه تعبدون " ( ‪ . ) 1‬ث ذكر الرجل‬
‫يطيل السفر أشعث أغب ‪ ،‬يد يده إل السماء ‪ . .‬يا رب ‪ . .‬يا رب ‪ . .‬ومطعمه حرام ‪،‬‬
‫ومشربه حرام ‪ ،‬وملبسه حرام ‪ ،‬وغذي بالرام ‪ ،‬فأن يستجاب لذلك ؟ " ‪ .‬وقد جاء ف‬
‫الديث الذي رواه المام أحد ف السند عن ابن مسعود رضي ال عنه ‪ ،‬أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬والذي نفسي بيده ل يكسب عبد مال من حرام ‪ ،‬فينفق منه‬
‫‪ ،‬فيبارك له فيه ‪ :‬ول يتصدق فيقبل منه ‪ ،‬ول يتركه خلف ظهره إل كان زاده ف النار ‪،‬‬

‫‪289‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إن ال ل يحو السئ بالسئ ‪ ،‬ولكن يحو السئ بالسن ‪ ،‬إن البيث ل يحو البيث " ‪.‬‬
‫وجاء ف كتاب جامع العلوم والكم ‪ ،‬لبن رجب ‪ ،‬أحاديث كثية وآثار عن الصحابة‬
‫رضي ال عنهم ف هذا الوضوع ‪ .‬منها ما روى أبو هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫أنه قال ‪ " :‬من كسب ما ل حراما فتصدق به ل يكن له أجر ‪ ،‬وكان إصره ‪ -‬يعن إثه‬
‫وعقوبته ‪ -‬عليه " ‪ .‬ومنها ما ف مراسيل القاسم بن ميمرة ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬من أصاب مال من مأث فوصل به رحه ‪ ،‬أو تصدقه به ‪ ،‬أو أنفقه ف سبيل‬
‫ال ‪ ،‬جع ذلك جيعا ث قذف به ف نار جهنم " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة الية‬
‫‪ / ) . ( . 172‬صفحة ‪ / 394‬وجاء ف شرح " مل علي القاري " للربعي النووية عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أنه إذا خرج الاج بالنفقه البيثة ‪ ،‬فوضع رجله ف الغرز ‪-‬‬
‫أي الركاب ‪ -‬وقال لبيك ‪ ،‬ناداه ملك من السماء ‪ :‬للبيك ولسعديك ‪ ،‬وحجك مردود‬
‫عليك " ‪ .‬فهذه الحاديث الت يشد بعضها بعضا ‪ ،‬تدل على أنه ل يقبل ال صدقة ‪ ،‬ول‬
‫حجة ‪ ،‬ول قربة أخرى من القرب من مال خبيث حرام ‪ .‬ومن أجل ذلك نص علماء‬
‫النفية على أن النفاق على الج من الال الرام حرام ‪ .‬وخلصة ما قلناه ‪ ( :‬أول )‬
‫تري تعاطي الشيش والفيون والكوكايي ونوها من الخدر ‪ ( .‬ثانيا ) تري التار‬
‫فيها ‪ ،‬واتاذها حرفة تدر الربح ‪ ( .‬ثالثا ) حرمة زراعة الفيون والشيش ‪ ،‬لستخلص‬
‫الادة الخدرة لتعاطيها أو التار فيها ‪ ( .‬رابعا ) ان الربح الناتج من التار ف هذه الواد‬
‫حرام خبيث ‪ ،‬وأن إنفاقه ف القربات غي مقبول ‪ ،‬وحرام ‪ .‬قد أطلت القول إطالة قد‬
‫تؤدي إل شئ من اللل ‪ .‬ولكن آثرتا تبيانا للحق ‪ ،‬وكشفا للصواب ‪ ،‬ليزول ما قد‬
‫عرض من شبهة عند الاهلي ‪ ،‬وليعلم أن القول بل هذه الخدرات من أباطيل البطلي‬
‫وأضاليل الضالي الضلي ‪ .‬وقد اعتمدت فيما قلت أو اخترت على كتاب ال تعال وسنة‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وعلى أقوال الفقهاء الت تنفق مع أصول الشريعة الغراء‬
‫ومبادئها القوية ‪ .‬انتهت والمد ل رب العالي وهو الادي إل سواء السبيل ‪ .‬وصلى ال‬
‫على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي ‪ / .‬صفحة ‪ / 395‬حد شارب المر الفقهاء‬
‫متفقون على وجوب حد شارب المر ‪ ،‬وعلى أن حده اللد ‪ .‬ولكنهم متلفون ف‬
‫مقداره ‪ :‬فذهب الحناف ومالك ‪ :‬إل أنه ثانون جلدة ‪ .‬وذهب الشافعي ‪ :‬إل أنه‬

‫‪290‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أربعون ‪ .‬وعن المام أحد روايتان ‪ :‬قال ف الغن ‪ :‬وفيه روايتان ‪ ( .‬إحداها ) ‪ :‬أنه‬
‫ثانون ‪ .‬وبذا قال مالك ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ،‬ومن تبعهم ‪ ،‬لجاع الصحابة ‪ ،‬فإنه‬
‫روي أن عمر استشار الناس ف حد المر ؟ فقال عبد الرحن ابن عوف ‪ " :‬اجعله ‪-‬‬
‫كأخف الدود ‪ -‬ثاني " ‪ .‬فضرب عمر ثاني ‪ ،‬وكتب به إل خالد وأب عبيدة بالشام ‪.‬‬
‫وروي أن عليا رضي ال عنه قال ف الشورة ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 395‬‬
‫" إذا سكر ‪ :‬هذى ( ‪ ، ) 1‬وإذا هذى ‪ :‬افترى ( ‪ ، ) 2‬فحدوده حد الفترى " ‪ .‬روى‬
‫ذلك الوزجان ‪ ،‬والدارقطن وغيهم ‪ ( .‬والرواية الثانية ) أن الد أربعون ‪ ،‬وهو اختيار‬
‫أب بكر ( ‪ ، ) 3‬ومذهب الشافعي ‪ ،‬لن عليا جلد الوليد بن عقبة أربعي ‪ .‬ث قال ‪" :‬‬
‫جلد رسول ال صلى ال عليه وسلم أربعي ‪ ،‬وأبو بكر أربعي ‪ ،‬وعمر ثاني ‪ .‬وكل سنة‬
‫وهذا أحب إل " ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬وعن أنس قال ‪ :‬أت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫برجل قد شرب المر ‪ ،‬فضربه بالنعال نوا من أربعي ‪ .‬ث أت به أبو بكر ‪ ،‬فصنع مثل‬
‫ذلك ‪ .‬ث أت به عمر فاستشار الناس ف الدود ‪ .‬فقال ابن عوف ‪ ( :‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫هذى ‪ :‬تكلم بالذيان ‪ :‬أي تكلم با لحقيقة له من الكلم ‪ ) 2 ( .‬افترى ‪ :‬كذب‬
‫واختلق ‪ ) 3 ( .‬أحد علماء النابلة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ " / 396‬أقل بالدود ثانون (‬
‫‪ . " ) 1‬فضربه عمر ( ‪ . ) 2‬وفعل الرسول صلى ال عليه وسلم حجة ل يوز تركه‬
‫بفعل غيه ‪ ،‬ول ينعقد الجاع على ما خالف فعل النب صلى ال عليه وسلم وأب بكر‬
‫وعلي ‪ ،‬فتحمل الزيادة من عمر على أنا تعزير يوز فعله إذا رآه المام ( ‪ . ) 3‬ويرجح‬
‫هذا أن عمر كان يلد الرجل القوي النهمك ف الشراب ثاني ‪ ،‬ويلد الرجل الضعيف‬
‫الذي وقعت منه الزلة أربعي ‪ .‬وأما المر بقتل الشارب إذا تكرر ذلك منه فهو منسوخ ‪:‬‬
‫فعن قبيص بن ذؤيب أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من شرب المر فاجلدوه ‪،‬‬
‫فإن عاد فاجلدوه ‪ ،‬فإن عاد فاجلدوه ‪ ،‬فإن عاد فاقتلوه ‪ -‬ف الثالثة أو الرابعة ‪ " -‬فأت‬
‫برجل قد شرب فجلده ‪ ،‬ث أت به ‪ ،‬فجلده ‪ ،‬ث أت به ‪ ،‬فجلده ‪ ،‬ورفع القتل ‪ ،‬وكانت‬
‫رخصة ‪ .‬ب يثبت الد ؟ ‪ :‬ويثبت هذا الد بأحد أمرين ‪ - 1 :‬القرار ‪ :‬أي اعتراف‬

‫‪291‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشارب بأنه شرب المر ‪ - 2 .‬شهادة شاهدين عدلي ‪ .‬واختلف الفقهاء ف ثبوته‬
‫بالرائحة ‪ :‬فذهبت الالكية إل أنه يب الد إذا شهد بالرائحة عند الاكم شاهدان عدلن‬
‫‪ ،‬لنا تدل على الشرب ‪ ،‬كدللة الصوت والط ‪ .‬وذهب أبو حنيفة والشافعي إل أنه ل‬
‫يثبت الد بالرائحة ‪ ،‬لوجود الشبهة والروائح تتشابه ‪ ،‬والدود تدرا بالشبهات ‪.‬‬
‫ولحتمال كونه ملوطا أو مكرها على شربه ‪ ،‬ولن غي المر يشاركها ف رائحتها ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬يشي إل حد القذف ‪ ،‬فإنه أقل حد ‪ ) 2 ( .‬رواه البخاري ومسلم ‪( .‬‬
‫‪ ) 3‬وهذا هو الول ‪ ،‬وأن الد أربعون ‪ ،‬والزيادة توز إذا كان ثة مصلحة ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 397‬والصل براءة الشخص من العقوبة ‪ ،‬والشارع متشوف إل درء الدود ‪.‬‬
‫شروط إقامة الد ‪ :‬يشترط ف إقامة حد المر الشروط التية ‪ - 1 :‬العقل ‪ :‬لنه مناط‬
‫التكليف ‪ ،‬فل يد الجنون بشرب المر ‪ ،‬ويلحق به العتوه ‪ - 2 .‬البلوغ ‪ :‬فإذا شرب‬
‫الصب ‪ ،‬فإنه ليقام عليه الد ‪ ،‬لنه غي مكلف ‪ - 3 .‬الختيار ‪ :‬فإن شربا مكرها‬
‫فلحد عليه ‪ ،‬سواء أكان هذا الكراه بالتهديد بالقتل ‪ ،‬أو بالضرب البح ‪ ،‬أو بإتلف‬
‫الال كله ‪ ،‬لن الكراه رفع عنه الث ‪ .‬يقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬رفع عن‬
‫أمت الطأ والنسيان ‪ ،‬وما استكرهوا عليه " ‪ .‬وإذا كان الث مرفوعا فلحد عليه ‪ ،‬لن‬
‫الد من أجل الث والعصية ‪ .‬ويدخل ف دائرة الكراه الضطرار فمن ل يد ماء وعطش‬
‫عطشا شديدا يشى عليه منه التلف ‪ ،‬ووجد خرا ‪ ،‬فله أن يشربا ‪ .‬وكذلك من أصابه‬
‫الوع الشديد الذي يشى عليه منه اللك ‪ ،‬لن المر حينئذ ضرورة يتوقف عليها الياة‬
‫‪ ،‬والضرورات تبيح الحظورات ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬فمن اضطر غي باغ ول عاد إث‬
‫عليه ‪ .‬إن ال غفور رحيم " ‪ .‬وف الغن ‪ " :‬أن عبد ال بن حذافة أسره الروم ‪ ،‬فحبسه‬
‫طاغيتهم ف بيت فيه ماء مزوج بمر ‪ ،‬ولم خنير مشوي ‪ ،‬ليأكل النير ‪ ،‬ويشرب‬
‫المر ‪ ،‬وتركه ثلثة أيام ‪ ،‬فلم يفعل ‪ ،‬ث أخرجوه خشية موته ‪ ،‬فقال ‪ :‬وال لقد كان ال‬
‫أحله ل ‪ ،‬فإن مضطر ‪ .‬ولكن ل أكن لشتكم بدين السلم " ‪ - 4 .‬العلم بأن ما‬
‫يتناوله مسكر ‪ .‬فلو تناول خرا مع جهله بأنا خر ‪ / ،‬صفحة ‪ / 398‬فإنه يعذر بهله ‪،‬‬
‫ول يقام عليه الد ‪ .‬فلو لفت نظره أحد من الناس ‪ ،‬فتمادى ف شربه ‪ ،‬فإنه ل يكون‬
‫معذورا حينئذ ‪ ،‬لرتفاع الهالة عنه ‪ ،‬وإصراره على ارتكاب العصية بعد معرفته ‪،‬‬

‫‪292‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيستوجب العقاب ويقام عليه الد ‪ .‬وإذا تناول من الشراب ما هو متلف ف كونه خرا‬
‫بي الفقهاء ‪ ،‬فإنه ليقام عليه الد ‪ :‬لن الختلف شبهة ‪ ،‬والدود تدرأ بالشبهات ‪.‬‬
‫وكذلك ليقام الد على من تناول النئ من ماء العنب إذا غل واشتد وقذف بالربد ‪،‬‬
‫الذي أجع الفقهاء على تريه إذا كان جاهل بالتحري ‪ ،‬لكونه بدار الرب أو قريب‬
‫عهد بالسلم ‪ ،‬لن جهله يعتب عذرا من العذار السقطة للحد ‪ ،‬بلف من كان مقيما‬
‫بدار السلم ‪ ،‬وليس قريب عهد بالدخول ف السلم ‪ ،‬فإنه يقام عليه الد ‪ ،‬ول يعذر‬
‫بهله ‪ ،‬لن هذا ما علم من الدين بالضرورة ‪ .‬عدم اشتراط الرية والسلم ف إقامة الد‬
‫‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 398‬‬
‫والرية والسلم ليسا شرطا ف إقامة الد ‪ ،‬فالعبد إذا شرب المر فإنه يعاقب ‪ ،‬لنه‬
‫ماطب بالتكاليف الت أمر ال با ونى عنها ‪ .‬إل ف بعض التكاليف الت يشق عليه القيام‬
‫با لنشغاله بأمره سيده ‪ ،‬مثل صلة المعة والماعة ‪ .‬وال سبحانه أمر باجتناب‬
‫المر ‪ ،‬وهذا المر موجه إل الر والعبد ‪ ،‬ول يشق عليه اجتنابا ‪ ،‬ويلحقه من ضررها‬
‫ما يلحق الر ‪ .‬وليس ثة من فرق بينهما إل ف العقوبة ‪ ،‬فإن عقوبة العبد على النصف‬
‫من عقوبة الر ‪ ،‬فيكون حده عشرين جلدة أو أربعي ‪ " :‬حسب اللف ف تقدير‬
‫العقوبة " ‪ .‬وكما ل تشترط الرية ف إقامة الد ‪ ،‬فإنه ل يشترط السلم كذلك ‪،‬‬
‫فالكتابيون من اليهود والنصارى الذين يتجنسون بنسية الدولة السلمة ويعيشون معهم‬
‫مواطنون ( ‪ ، ) 1‬مثل القباط ف مصر ‪ ،‬وكذلك الكتابيون الذين يقيمون ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬يسمى هؤلء بالذميي بالتعبي الفقهي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 399‬مع السلمي بعقد‬
‫أمان إقامة موقوتة ( ‪ ) 1‬مثل الجانب ‪ ،‬هؤلء يقام عليهم الد إذا شربوا المر ف دار‬
‫السلم ‪ ،‬لن لم ما لنا وعليهم ما علينا ‪ .‬ولن المر مرمة ف دينهم ‪ ،‬كما سبقت‬
‫الشارة إل ذلك ‪ ،‬ولثارها السيئة وضررها البالغ ف الياة العامة والاصة ‪ .‬والسلم‬
‫يريد صيانة الجتمع الذي تظله راية السلم ‪ ،‬ويتفظ به نظيفا قويا متماسكا ‪ ،‬ل يتطرق‬
‫إليه الضعف من أي جانب ‪ ،‬لمن ناحية السلمي ‪ ،‬ول من ناحية غي السلمي ‪ .‬وهذا‬

‫‪293‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مذهب جهور الفقهاء ‪ ،‬وهو الق الذي ل ينبغي العدول عنه ‪ .‬ولكن الحناف ‪ -‬رضي‬
‫ال عنهم ‪ -‬رأوا أن المر ‪ ،‬وإن كانت غي مال عند السلمي لتحري السلم لا ‪ ،‬إل‬
‫أنا مال له قيمة عند أهل الكتاب ‪ ،‬وأن من أهرقها من السلمي يضمن قيمتها لصاحبها ‪،‬‬
‫وإن شربا مباح عندهم ‪ .‬وإننا أمرنا بتركهم وما يدينون ‪ .‬وعلى هذا فل عقوبة على من‬
‫يشربا من الكتابيي ‪ .‬وعلى فرض تريها ف كتبهم ‪ ،‬فإننا نتركهم ‪ ،‬لنم ل يدينون بذا‬
‫التحري ‪ ،‬ومعاملتنا لم تكون بقتضى ما يعتقدون ‪ ،‬ل بقتضي الق من حيث هو ‪.‬‬
‫التداوي بالمر ‪ :‬كان الناس ف الاهلية قبل السلم يتناولون المر للعلج ‪ ،‬فلما جاء‬
‫السلم ناهم عن التداوي با وحرمه ‪ .‬فقد روى المام أحد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪،‬‬
‫والترمذي ‪ ،‬عن طارق ابن سويد العفي أنه سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن‬
‫المر ‪ ،‬فنهاه عنها ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إنا أصنعها للدواء " ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إنه ليس بدواء ‪ ،‬ولكنه داء‬
‫" ‪ .‬وروى أبو داود ‪ ،‬عن أب الدرداء ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إن ال أنزل‬
‫الداء والدواء ‪ ،‬فجعل لكم داء دواء ‪ ،‬فتداووا ‪ ،‬ول تتداووا برام " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫يسمى هؤلء بالستأمني بالتعبي الفقهي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 400‬وكانوا يتعاطون المر‬
‫ف بعض الحيان قبل السلم إتقاء لبودة الو ‪ ،‬فنهاهم السلم عن ذلك أيضا ‪ .‬فقد‬
‫روى أبو داود أن ديلم الميي سأل النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ " :‬يا رسول ال ‪،‬‬
‫إنا بأرض باردة ‪ ،‬نعال فيها عمل شديدا ‪ ،‬وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على‬
‫أعمالنا وعلى برد بلدنا ؟ قال رسول ال ‪ :‬هل يسكر ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬فاجتنبوه ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬إن الناس غي تاركيه ‪ .‬قال ‪ " :‬فإن ل يتركوه فقاتلوهم " ‪ .‬وبعض أهل العلم أجاز‬
‫التداوي بالمر بشرط عدم وجود دواء من اللل يقوم مقام الرام ‪ ،‬وأن ل يقصد‬
‫التداوي به اللذة ‪ ،‬والنشوة ‪ ،‬ول يتجاوز مقدار ما يدده الطبيب ‪ ،‬كما أجازوا تناول‬
‫المر ف حال الضطرار ‪ .‬ومثل الفقهاء لذلك بن غص بلقمة فكاد يتنق ول يد ما‬
‫يسيغها به سوى المر ‪ .‬أو من أشرف على اللك من البد ‪ ،‬ول يد ما يدفع به هذا‬
‫اللك غي كوب أو جرعة من خر ‪ .‬أو من أصابته أزمة قلبية وكاد يوت ‪ ،‬فعلم أو‬
‫أخبه الطبيب بأنه ل يد ما يدفع به الطر سوى شرب مقدار معي بن المر ‪ .‬فهذا من‬
‫باب الضرورات الت تبيح الحظورات ‪ / .‬صفحة ‪ / 401‬حد الزنا ‪ - 1‬دعا السلم إل‬

‫‪294‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الزواج وحبب فيه ‪ ،‬لنه هو أسلم طريقة لتصريف الغريزة النسية ‪ ،‬وهو الوسيلة الثلى‬
‫لخراج سللة يقوم على تربيتها الزوجان ويتعهدانا بالرعاية ‪ ،‬وغرس عواطف الب‬
‫والود ‪ ،‬والطيبة ‪ ،‬والرحة ‪ ،‬والناهة والشرف ‪ ،‬والباء ‪ ،‬وعزة النفس ‪ .‬ولكي تستطيع‬
‫هذه السللة أن تنهض بتبعاتا ‪ ،‬وتسهم بهودها ف ترقية الياة وإعلئها ‪ - 2 .‬وكما‬
‫وضع الطريقة الثلى لتصريف الغريزة منع من أي تصرف ف غي الطريق الشروع ‪ ،‬وحظر‬
‫إثارة الغريزة بأي وسيلة من الوسائل ‪ ،‬حت ل تنحرف عن النهج الرسوم ‪ .‬فنهى عن‬
‫الختلط ‪ ،‬والرقص ‪ ،‬والصور الثية ‪ ،‬والغناء الفاحش ‪ ،‬النظر الريب ‪ ،‬وكل ما من‬
‫شأنه أن يثي الغريزة أو يدعو إل الفحش حت ل تتسرب عوامل الضعف ف البيت ‪،‬‬
‫والنلل ف السرة ‪ - 3 .‬واعتب الزنا جرية فانونية تستحق أقصى العقوبة لنه وخيم‬
‫العاقبة ‪ ،‬ومفض إل الكثي من الشرور والرائم ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 401‬‬
‫فالعلقات الليعة والتصال النسي غي الشروع ‪ ،‬ما يهدد الجتمع بالفناء والنقراض ‪،‬‬
‫فضل عن كونه من الرذائل الحقرة ‪ " .‬ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل " ‪( .‬‬
‫‪ - 4 ) 1‬لنه سبب مباشر ف انتشار المراض الطية الت تفتك بالبدان ‪ ،‬وتنتقل‬
‫بالوراثة من الباء إل البناء ‪ ،‬وأبناء البناء ‪ ،‬كالزهري ‪ ،‬والسيلن ‪ ،‬والقرحة ‪- 5 .‬‬
‫وهو أحد أسباب جرية القتل ‪ ،‬إذ أن الغية طبيعية ف النسان ‪ ،‬وقلما ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫أي ل تفعلوا ما يقرب إل الزنا ‪ ،‬كالنظرة الفاحشة ‪ ،‬واللمس ‪ ،‬والقبلة ‪ ،‬فالية تنهي عن‬
‫مقدمات الزنا ‪ ،‬إذا كانت مقدماته مرمة فهو من باب أول ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 402‬‬
‫يرضى الرجل الكري ‪ ،‬أو الرأة العفيفة بالنراف النسي ‪ ،‬بل إن الرجل ل يد وسيلة‬
‫يغسل با العار الذي يلحقه ويلحق أهله إل الدم ‪ - 6 .‬والزنا يفسد نظام البيت ‪ ،‬ويهز‬
‫كيان السرة ‪ ،‬ويقطع العلقة الزوجية ‪ ،‬ويعرض الولد لسوء التربية ما يتسبب عنه ‪:‬‬
‫التشرد ‪ ،‬والنراف والرية ‪ - 7 .‬وف الزنا ضياع النسب ‪ ،‬وتليك الموال لغي أربابا‬
‫عند التوارث ‪ - 8 .‬وفيه تغرير بالزوج ‪ :‬إذ أن الزنا قد ينتج عنه المل ‪ ،‬فيقوم الرجل‬
‫بتربية غي ابنه ‪ - 9 .‬إن الزنا علقة مؤقتة لتبعة وراءها ‪ ،‬فهو عملية حيوانية بتة ينأى‬

‫‪295‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عنها النسان الشريف ‪ .‬وجلة القول أنه قد ثبت عمليا ثبوتا ل مال للشك فيه عظم‬
‫ضرر الزنا ‪ ،‬وأنه من أكب السباب الوجبة للفساد وانطاط الداب ‪ ،‬ومورث لقتل‬
‫الدواء ‪ ،‬ومروج للعزوبة واتاذ الدينات ‪ ،‬ومن ث كان أكب باعث على الترف‬
‫والسرف والعهر والفجور ‪ .‬لذا كله وغيه جعل السلم عقوبة الزنا أقسى عقوبة ‪ .‬وإذا‬
‫كانت هذه العقوبة تبدو قاسية ‪ ،‬فإن آثار الرية الترتبة عليها أشد ضررا على الجتمع ‪.‬‬
‫والسلم يوازن بي الضرر الواقع على الذنب ‪ ،‬والضرر الواقع على الجتمع ‪ ،‬ويقضي‬
‫بارتكاب أخف الضررين ‪ ،‬وهذه هي العدالة ‪ .‬ول شك أن ضرر عقوبة الزان ل توزن‬
‫بالضرر الواقع على الجتمع من إفشاء الزنا ‪ ،‬ورواج النكر ‪ ،‬وإشاعة الفحش والفجور ‪.‬‬
‫إن عقوبة الزنا إذا كان يضار ‪ ،‬با الجرم نفه ‪ ،‬فإن ف تنفيذها حفظ النفوس ‪ ،‬وصيانة‬
‫العراض ‪ ،‬وحاية السر ‪ ،‬الت هي اللبنات الول ف بناء الجتمع ‪ ،‬وبصلحها يصلح‬
‫وبفسادها بفسد ‪ .‬إن المم بأخلقها الفاضلة ‪ ،‬وبآدابا العالية ‪ ،‬ونظافتها من الرجس ‪،‬‬
‫والتلوث ‪ ،‬وطهارتا من التدل والتسفل ‪ .‬على أن السلم ‪ -‬من جانب آخر ‪ -‬كما أباح‬
‫الزواج أباح التعدد حت ‪ /‬صفحة ‪ / 403‬يكون ف اللل مندوحة عن الرام ‪ ،‬ولكي ل‬
‫يبقي عذر لتقرف هذه الرية ‪ .‬وقد احتاط ف تنفيذ هذه العقوبة بقدر ما أخاف الزناة‬
‫وأرهبهم ‪ - 1 :‬فمن الحتياط أنه درأ الدود بالشبهات ‪ ،‬فل يقام حد إل بعد التيقن من‬
‫وقوع الرية ‪ - 2 .‬وانه لبد ف إثبات هذه الرية من أربعة شهود عدل من الرجال ‪،‬‬
‫فل تقبل فيها شهادة النساء ‪ ،‬ول شهادة الفسقة ‪ - 3 .‬وأن يكون الشهود جيعا رأوا‬
‫عملية الزنا نفسها كاليل ف الكحلة ‪ ،‬والرشاء ( ‪ ) 1‬ف البئر ‪ ،‬وهذا ما يصعب ثبوته ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ولو فرض أن ثلثة منهم شهدوا بذه الشهادة وشهد الرابع بلف شهادتم ‪ ،‬أو‬
‫رجع أحدهم عن شهادته أقيم عليهم حد القذف ‪ .‬فهذا الحتياط الذي وضعه السلم ف‬
‫إثبات هذه الرية ‪ ،‬ما يدفع ثبوتا قطعا ‪ .‬فهذه العقوبة هي إل الرهاب والتخويف‬
‫أقرب منها إل التحقيق والتنفيذ ‪ .‬وقد يقول قائل ‪ :‬إذا كان الد ما يندر إقامته ‪ ،‬لتعذر‬
‫ثبوت الدلة ‪ ،‬فلماذا إذن شرعه السلم ؟ والواب كما قلنا ‪ :‬أن السلم إذا لحظ‬
‫قسوة الرية وضراوتا فإنه يعمل لا ألف حساب وحساب قبل أن تقترف ‪ .‬فهذا نوع‬
‫من الزجر بالنسبة لذه الرية الت تد من الوافز والبواعث ما يدفع إليها ‪ ،‬ول سيما وأن‬

‫‪296‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الغريزة النسية من أعنف الغرائز ‪ ،‬إن ل تكن أعنفها على الطلق ‪ ،‬ومن الناسب أن‬
‫يواجه عنف الغريزة عنف العقوبة ‪ ،‬فإن ذلك من عوامل الد من ثورتا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪1‬‬
‫) الرشاء ‪ :‬البل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 404‬التدرج ف تري الزنا ‪ :‬يرى كثي من الفقهاء‬
‫أن تقرير عقوبة الزنا كانت متدرجة كما حدث ف تري المر ‪ ،‬وكما حصل ف تشريع‬
‫الصيام ‪ .‬فكانت عقوبة الزنا ف أول المر اليذاء بالتوبيخ والتعنيف ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪:‬‬
‫" واللذان يأتيانا منكم فآذوها ‪ .‬فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " ( ‪ . ) 1‬ث تدرج‬
‫الكم من ذلك إل البس ف البيوت ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬واللت يأتي الفاحشة من‬
‫نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ‪ .‬فإن شهدوا فأمسكوهن ف البيوت حت يتوفاهن‬
‫الوت أن يعل ال لن سبيل ( ‪ . " ) 2‬ث استقر المر ‪ ،‬وجعل ال السبيل ‪ ،‬فجعل‬
‫عقوبة الزان البكر مائة جلدة ورجم الثيب حت يوت ‪ .‬وكان هذا التدرج ليتقي‬
‫بالجتمع ‪ ،‬ويأخذ به ف رفق وهوادة إل العفاف والطهر ‪ ،‬وحت ل يشق على الناس هذا‬
‫النتقال ‪ ،‬فل يكون عليهم ف الدين‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 404‬‬
‫حرج ‪ ،‬واستدلوا لذا بديث عبادة بن الصامت ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫‪ " :‬خذوا عن ‪ ،‬قد جعل ال لن سبيل ‪ :‬البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ‪ ،‬والثيب‬
‫بالثيب جلد مائة والرجم " ( ‪ . ) 3‬رواه مسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ .‬ونرى أن‬
‫الظاهر أن آيت النساء التقدمتي تتحدثان عن حكم السحاق واللواط ‪ ،‬وحكمهما يتلف‬
‫عن حكم الزنا القرر ف سورة النور ‪ .‬فالية الول ف السحاق ‪ ( :‬هامش ) ( ‪) 2 ، 1‬‬
‫سورة النساء الية ‪ ) 2 ( . 16‬سورة النساء الية ‪ / ) . ( . 15‬صفحة ‪" / 405‬‬
‫واللت ياتي الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ‪ ،‬فإن شهدوا‬
‫فأمسكوهن ف البيوت حت يتوفاهن الوت أو يعل ال لن سبيل " ‪ .‬والثانية ف اللواط ‪:‬‬
‫" واللذان يأتيانا منكم فآذوها ‪ ،‬فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " ( ‪ - 1 . ) 1‬أي‬
‫والنساء اللت يأتي الفاحشة وهي السحاق ‪ :‬الذي تفعله الرأة مع الرأة فاستشهدوا‬
‫عليهن أربعة من رجالكم ‪ ،‬فإن شهدوا فاحبسوهن ف البيوت بأن توضع الرأة وحدها‬

‫‪297‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بعيدة عمن كانت تساحقها ‪ ،‬حت توت أو يعل ال لن سبيل إل الروج بالتوبة أو‬
‫الزواج الغن عن الساحقة ‪ - 2 .‬والرجلن اللذان يأتيان الفاحشة ‪ -‬وهي اللواط ‪-‬‬
‫فآذوها بعد ثبوت ذلك بالشهادة أيضا ‪ ،‬فإن تابا قبل إيذائهما بإقامة الد عليهما ‪ ،‬فإن‬
‫ندما وأصلحا كل أعمالما وطهرا نفسيهما فأعرضوا عنهما بالكف عن إقامة الد عليهما‬
‫‪ .‬الزنا الوجب للحد ‪ :‬إن كل اتصال جنسي قائم على أساس غي شرعي ‪ ،‬يعتب زنا‬
‫تترتب عليه العقوبة القررة من حيث إنه جرية من الرائم الت حددت عقوباتا ‪ .‬ويتحقق‬
‫الزنا الوجب للحد بتغييب الشفة ( ‪ - ) 2‬أو قدرها من مقطوعها ‪ -‬ف فرج مرم (‬
‫‪ ، ) 3‬مشتهى بالطبع ( ‪ ، ) 4‬من غي شبهة نكاح ( ‪ ، ) 5‬ولو ل يكن معه إنزال ‪ .‬فإذا‬
‫كان الستمتاع بالرأة الجنبية فيما دون الفرج ‪ ،‬فإن ذلك ل يوجب ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة النساء الية ‪ ) 2 ( . 16‬الشفة ‪ :‬رأس الذكر ‪ ) 3 ( .‬بلف فرج الزوجة فإنه‬
‫حلل ‪ ) 4 ( .‬فتخرج فروج اليوانات ‪ ) 5 ( .‬فالماع الذي يدث بسبب النكاح‬
‫الذي فيه شبهة لحد فيه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 406‬الد القرر لعقوبة الزنا ‪ ،‬وإن اقتضى‬
‫التعزير ‪ .‬فعن ابن مسعود رضي ال عنه قال ‪ :‬جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال ‪ :‬إن عالت امرأة من أقصى الدينة فأصبت منها ‪ ،‬دون أن أمسها ‪ ،‬فأنا هذا ‪ ،‬فأقم‬
‫علي ما شئت ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬سترك ال لو سترت على نفسك ‪ ،‬فلم يرد النب صلى ال‬
‫عليه وسلم شيئا ‪ ،‬فانطلق الرجل ‪ ،‬فأتبعه النب صلى ال عليه وسلم رجل ‪ ،‬فدعاه ‪ ،‬فتل‬
‫عليه ‪ " :‬وأقم الصلة طرف النهار وزلفا من الليل ‪ .‬إن السنات يذهب السيئات ذلك‬
‫ذكرى للذاكرين " ‪ .‬فقال له رجل من القوم ‪ :‬يا رسول ال أله خاصة ‪ ،‬أم للناس عامة ؟‬
‫‪ . .‬فقال ‪ :‬للناس عامة ‪ .‬رواه مسلم وأبو داود والترمذي ‪ .‬أقسام الزناة ‪ :‬الزان ‪ :‬إما أن‬
‫يكون بكرا ‪ ،‬أو مصنا ‪ -‬ولكن منهما حكم يصه ‪ .‬حد البكر ‪ :‬اتفق الفقهاء على أن‬
‫البكر الر إذا زنا فإنه يلد مائة جلدة ‪ ،‬سواء ف ذلك الرجال والنساء ‪ ،‬لقول ال سبحانه‬
‫ف سورة النور ( ‪ " : ) 1‬الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ‪ ،‬ول‬
‫تأخذكم بما رأفة ( ‪ ) 2‬ف دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ‪ ،‬وليشهد عذابما‬
‫طائفة من الؤمني ( ‪ ( . " ) 3‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الية ‪ ) 2 ( 2 :‬ف هذا ني عن تعطيل‬
‫الدود ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هو ني عن تفيف الضرب بيث ل يصل وجع معتد به ‪ ) 2 ( .‬قيل ‪:‬‬

‫‪298‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يب حضور ثلثة فأكثر ‪ ،‬وقيل أربعة بعد شهود الزنا ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬المام‬
‫والشهودإن ثبت الد بالشهود ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 407‬المع بي اللد والتغريب ‪:‬‬
‫والفقهاء ‪ ،‬وإن اتفقوا على وجوب اللد ( ‪ ، ) 1‬فإنم قد اختلفوا ف إضافة التغريب إليه‬
‫‪ - 1 :‬قال الشافعي وأحد ‪ :‬يمع إل اللد التغريب مدة عام ‪ ،‬لا رواه البخاري ومسلم‬
‫عن أب هريرة وزيد بن خالد ‪ :‬أن رجل من العراب أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول ال أنشدك ال أل قضيت ل بكتاب ال ‪ ،‬وقال الصم الخر ‪ -‬وهو‬
‫أفقه منه ‪ : -‬نعم ‪ ،‬فاقض بيننا بكتاب ال ‪ ،‬وائذن ل ‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ :‬قل ‪ .‬قال إن ابن كان عسيفا ( ‪ ) 2‬على هذا فزن بامرأته ‪ ،‬وإن أخبت أن على‬
‫ابن الرجم فافتديت منه بائة شاة ووليدة ‪ .‬فسألت أهل العلم ‪ ،‬فأخبون أن على ابن‬
‫جلد مائة وتغريب عام ‪ ،‬وان على امرأة هذا الرجم ‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬والذي نفسي بيده لقضي بينكما بكتاب ال ‪ -‬الوليدة والغنم رد عليك ‪.‬‬
‫وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ‪ -‬واغد يا أنيس ( رجل من أسلم ) إل امرأة هذا ‪،‬‬
‫فإن اعترفت فارجها ‪ .‬قال ‪ :‬فعدا عليه فاعترفت ‪ ،‬فأمر با رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 407‬‬
‫فرجت ‪ .‬وروى البخاري عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قضى فيمن‬
‫زنا ول يصن بنفي عام وإقامة الد عليه ‪ .‬وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت ‪ ،‬أن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬خذوا عن ‪ ،‬خذوا عن ‪ ،‬قد جعل ال لن سبيل ‪:‬‬
‫البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ‪ ،‬والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " ( ‪. ) 3‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬اللد مأخوذ من جلد النسان ‪ ،‬وهو الضرب الذي يصل إل جلده ‪( .‬‬
‫‪ ) 2‬عسيفا ‪ :‬أجيا ‪ ) 3 ( .‬قال الطاب ‪ " :‬واختلف العلماء ف تنيل هذا الكلم ‪،‬‬
‫ووجه ترتيبه على الية ‪ ،‬وهل هو ناسخ للية أو مبي لا ؟ ! ( ‪ / ) .‬صفحة ‪/ 408‬‬
‫وقد أخذ بالتغريب اللفاء الراشدون ‪ -‬ول ينكره أحد ‪ -‬فالصديق رضي ال عنه غرب‬
‫إل فدك ‪ -‬والفاروق عمر رضي ال عنه إل الشام ‪ -‬وعثمان رضي ال عنه إل مصر ‪-‬‬

‫‪299‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وعلي رضي ال عنه إل البصرة ‪ .‬و والشافعية يرون انه ل ترتيب بي اللد والتغريب‬
‫فيقدم ما شاء منهما ‪ ،‬واشترط ف التغريب أن يكون إل مسافة تقصر فيها الصلة ‪ ،‬لن‬
‫القصود به الياش عن أهله ووطنه ‪ ،‬وما دون مسافة القصر ف حكم الضر ‪ ،‬فإن رأى‬
‫الاكم تغريبه إل أكثر من ذلك ‪ ،‬فعل ‪ .‬وإذا غربت الرأة ‪ ،‬فإنا لتغرب إل بحرم أو‬
‫زوج فلو ل يرج إل بأجرة لزمت ‪ ،‬وتكون من مالا ‪ - 2 .‬وقال مالك والوزاعي ‪:‬‬
‫يب تغريب البكر الر الزان ‪ ،‬دون الرأة البكر الرة الزانية ‪ ،‬فإنا لتغرب ‪ ،‬لن الرأة‬
‫عورة ‪ - 3 .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل يضم إل اللد التغريب إل أن يرى الاكم ذلك‬
‫مصلحة ‪ ،‬فيغربما على قدر ما يرى ‪ .‬حد الحصن ‪ :‬وأما الحصن الثيب فقد اتفق‬
‫الفقهاء على وجوب رجه ( ‪ ) 1‬إذا زنا حت يوت ‪ ،‬رجل كان أو امرأة ‪ .‬واستدلوا با‬
‫يأت ‪ - 1 :‬عن أب هريرة قال ‪ :‬أتى رجل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهوف‬
‫السجد ‪ ،‬فناداه فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬إن زنيت ‪ .‬فأعرض عنه ‪ ( .‬هامش ) فذهب‬
‫بعضهم إل النسخ ‪ ،‬وهذا قول من يرى نسخ الكتاب بالسنة ‪ .‬وقال آخرون ‪ :‬بل هو‬
‫مبي للحكم الوعود بيانه ف الية ‪ ،‬فكأنه قال عقوبتهن إل أن يعل ال لن سبيل ‪ ،‬فوقع‬
‫المر ببسهن إل غاية ‪ .‬فلما انتهت مدة البس ‪ ،‬وحان وقت مئ السبيل " قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬خذوا عن ‪ . . .‬خذوا عن " إل آخره تفسيا للسبيل‬
‫وبيانه ‪ ،‬ول يكن ذلك ابتداء حكم منه ‪ ،‬وإنا هربيان أمر كان ذكر السبيل منطويا عليه ‪،‬‬
‫فابان البهم منه ‪ ،‬وفصل الجمل من لفظه ‪ ،‬فكان نسخ الكتاب بالكتاب ل بالسنة ‪ .‬وهو‬
‫أصوب القولي ‪ ،‬وال أعلم ‪ ) 1 ( .‬الرجم ‪ :‬أصله الرمي بالجارة ‪ ،‬وهي الجارة‬
‫الضخام وكل رجم ف القرآن معناه القتل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 409‬ردد عليه أربع مرات‬
‫‪ .‬فلما شهد على نفسه أربع شهادات ‪ ،‬دعاه النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ " :‬أبك‬
‫جنون " ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ " :‬فهل أحصنت " ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬اذهبوا فارجوه " ‪ .‬قال ابن شهاب ‪ :‬فأخبن من سع جابر بن عبد ال قال ‪:‬‬
‫كنت فيمن رجه ‪ ،‬فرجناه بالصلى ‪ .‬فلما أزلقته الجارة هرب ‪ ،‬فأدركناه بالرة ‪،‬‬
‫فرجناه ‪ ،‬متفق عليه ‪ ،‬وهو دليل على أن الحصان يثبت بالقرار مرة ‪ ،‬وأن الواب ينعم‬
‫إقرار ‪ - 2 .‬وعن ابن عباس قال ‪ :‬خطب عمر فقال ‪ " :‬إن ال تعال بعث ممدا صلى‬

‫‪300‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال عليه وسلم بالق ‪ ،‬وأنزل عليه الكتاب ‪ ،‬فكان فيما أنزل عليه آية الرجم ‪ ،‬فقرأناها‬
‫ووعيناها ‪ ،‬ورجم رسول ال صلى ال عليه وسلم ورجنا ‪ ،‬وإن خشيت إن طال زمان‬
‫أن يقول قائل ‪ :‬ما ند الرجم ف كتاب ال تعال ‪ ،‬فيضلون بترك فريضة أنزلا ال تعال‬
‫فالرجم حق على من زن من الرجال والنساء إذا كان مصنا ‪ ،‬إذا قامت البينة أو كان‬
‫حل أو اعتراف ‪ ،‬وأي ال لول أن يقول الناس ‪ :‬زاد عمر ف كتاب ال تعال لكتبتها " ‪.‬‬
‫رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي متصرا ومطول ‪ .‬وف نيل الوطار ‪ :‬أما‬
‫الرجم فهو ممع عليه ‪ ،‬وحكي ف البحر عن الوارج أنه غي واجب ‪ ،‬وكذلك حكاه‬
‫عنهم أيضا ابن العرب ‪ .‬وحكاه أيضا عن بعض العتزلة كالنظام وأصحابه ولمستند لم‬
‫إل أنه ل يذكر ف القرآن ‪ ،‬وهذا باطل ‪ .‬فإنه قد ثبت بالسنة التواترة الجمع عليها ‪ .‬وهو‬
‫أيضا ثابت بنص القرآن ‪ .‬لديث عمر عند الماعة أنه قال ‪ :‬كان ما أنزل على رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم آية الرجم ‪ ،‬فقرأناها ووعيناها ‪ ،‬ورجم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ورجناه بعده ‪ .‬ونسخ التلوة ل يستلزم نسخ الكم ‪ ،‬كما أخرج أبو داود من‬
‫حديث ابن عباس ‪ / .‬صفحة ‪ / 410‬وقد أخرج أحد والطبان ف الكبي من حديث أب‬
‫أمامة بن سهل عن خالته العجماء ‪ :‬أن فيما أنزل ال من القرآن ‪ " :‬الشيخ والشيخة إذا‬
‫زنيا فارجوها ألبتة با قضيا من اللذة " ‪ .‬وأخرجه ابن حبان ف صحيحه من حديث أب‬
‫بن كعب بلفظ ‪ :‬كانت‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 410‬‬
‫سورة الحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها آية " الشيخ والشيخة " إل الديث ‪.‬‬
‫شروط الحصان ‪ :‬يشترط ف الحصن الشروط التية ‪ - 1 :‬التكليف ‪ :‬أي أن يكون‬
‫الواطئ عاقل بالغا ‪ .‬فلو كان منونا أو صغيا فإنه ل يد ‪ .‬ولكن يعزر ‪ - 2 .‬الرية ‪:‬‬
‫فلو كان عبدا أو أمة فلرجم عليهما لقول ال سبحانه ف حد الماء ‪ " :‬فإن أتي بفاحشة‬
‫فعليهن نصف ما على الحصنات من العذاب " والرجم ل يتجزأ ‪ - 3 .‬الوطء ف نكاح‬
‫صحيح ‪ :‬أي أن يكون الواطئ قد سبق له أن تزوج زواجا صحيحا ووطء فيه ولو ل ينل‬
‫‪ .‬ولو كان ف حيض أو إحرام يكفي ‪ ،‬فإن كان الوطء ف نكاح فاسد فإنه ل يصل به‬

‫‪301‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الحصان ول يلزم بقاء الزواج لبقاء صفة الحصان ‪ ،‬فلو تزوج مرة زواجا صحيحا ‪،‬‬
‫ودخل بزوجته ‪ ،‬ث انتهت العلقة الزوجية ‪ .‬ث زن وهو غي متزوج فإنه يرجم ‪ .‬وكذلك‬
‫الرأة إذا تزوجت ‪ ،‬ث طلقت فرنت بعد طلقها ‪ ،‬فإنا تعتب مصنة وترجم ‪ ( .‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬الحصان يأت ف القرآن بعن الرية ‪ " :‬فعليهن نصف ما على الحصنات من‬
‫العذاب " " سورة النساء " أي الرائر ‪ ،‬ويأت بعن العفة ‪ " .‬والذين يرمون الحصنات "‬
‫" سورة النور " أي العفيفات ‪ .‬ويأت بعن التزوج " والحصنات من النساء " " سورة‬
‫النساء " أي التزوجات ويأت بعن الوطء " مصني غي مسافي " ‪ .‬والصل فيه ف اللغة‬
‫‪ :‬النع ‪ ،‬ومنه ‪ " :‬لنحصنكم من بأسكم " وأخذ منه الصن ‪ .‬وورد ف الشرع بعن ‪" :‬‬
‫السلم ‪ ،‬بعن ‪ :‬البلوغ ‪ ،‬وبعن ‪ :‬العقل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 411‬السلم والكافرسواء ‪:‬‬
‫وكما يب الد على السلم إذا ثبت منه الزنا فإنه يب على الذمي والرتد ‪ ،‬لن الزمي‬
‫قد التزم الحكام الت تري على السلمي ‪ ،‬وقد ثبت أن النب صلى ال عليه وسلم رجم‬
‫يهوديي زنيا وكانا مصني ‪ .‬وأما الرتد فإن جريان أحكام السلم تشمله ‪ ،‬ول يرجه‬
‫الرتداد عن تنفيذها عليه ‪ .‬عن ابن عمر ‪ :‬أن اليهود أتوا النب صلى ال عليه وسلم برجل‬
‫وامرأة منهم قدزنيا ‪ .‬فقال ‪ " :‬ما تدون ف كتابكم ؟ " فقال ‪ :‬تسخم وجوههما‬
‫ويزيان ‪ " .‬قال ‪ :‬كذبتم إن فيها الرجم ‪ ،‬فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقي " ‪.‬‬
‫وجاء وابقارئ لم فقرأ حت إذا انتهى إل موضع منها وضع يده عليه ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬ارفع‬
‫يدك ‪ ،‬فرفع يده فإذا هي تلوح ‪ .‬فقال ‪ -‬أو قالوا ‪ -‬يا ممد ‪ " :‬إن فيها الرجم ‪ ،‬ولكنا‬
‫كنانتكاته بيننا " فأمر بما رسول ال صلى ال عليه وسلم فرجا ‪ .‬قال ‪ :‬فلقد رأيته ينأ‬
‫عليها يقيها الجارة بنفسه " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم وف رواية أحد ‪ " :‬بقارلم أعور‬
‫يقال له ابن صوريا " ‪ .‬وعن جابر بن عبد ال قال ‪ :‬رجم النب صلى ال عليه رجل من‬
‫أسلم ورجل من اليهود ( ‪ ) 1‬رواه أحد ومسلم ‪ .‬وعن الباء بن عازب قال ‪ " :‬مر على‬
‫النب صلى ال عليه وسلم بيهودي ممم ملود فدعاهم ‪ .‬فقال ‪ :‬أهكذا تدون حد الزنا‬
‫ف كتابكم ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬فدعا رجل من علمائهم فقال ‪ :‬أنشدك بال الذي أنزل التوراة‬
‫على موسى ‪ ،‬أهكذا تدون حد الزن ف كتابكم ‪ .‬؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬ولول أنك أنشدتن بذا‬
‫ل أخبك بد الرجم ‪ .‬ولكن كثر ف أشرافنا ‪ ،‬وكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ‪ ،‬وإذا‬

‫‪302‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أخذنا الضعيف أقمنا عليه ( هامش ) ( ‪ ) 1‬فإن قيل كيف رجم اليهوديان ‪ ،‬هل رجا‬
‫بالبينة أو القرار قال النووي ‪ -‬الظاهر أنه بالقرار ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 412‬الد ‪ .‬فقلنا ‪:‬‬
‫تعالوا فلنجتمع على شئ نقيمه على الشريف والوضيع ‪ ،‬فجعلنا التحميم واللد مكان‬
‫الرجم ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اللهم إن أول من أحيا أمرك إذا أماتوه " ‪.‬‬
‫فأمر به فرجم ‪ .‬فأنزل ال عزوجل ‪ " :‬يأيها الرسول ل يزنك الذين يسارعون ف الكفر‬
‫من الذين قالوا آمنا بأقواههم ول تؤمن قلوبم " إل قوله ‪ " :‬إن أوتيتم هذا فخذوه " ‪.‬‬
‫يقولون ‪ " :‬ائتوا ممدا ‪ ،‬فإن أمركم بالتحميم واللد فخذوه ‪ ،‬وإن أفتاكم بالرجم‬
‫فاحذروا " ‪ .‬فأنزل ال تبارك وتعال ‪ " :‬ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون "‬
‫‪ " .‬ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الظالون " ‪ " .‬ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك‬
‫هم الفاسقون " ‪ .‬قال ‪ " :‬هي ف الكفار كلها " ‪ .‬رواه أحد ومسلم وأبو داود ( ‪. ) 1‬‬
‫رأي الفقهاء ‪ :‬حكى صاحب البحر الجاع على أنه يلد الرب ‪ .‬وأما الرجم فذهب‬
‫الشافعي وأبو يوسف والقاسية إل أنه يرجم الحصن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬نص خاص بكم‬
‫الرجم ف التوراة ‪ .‬جاء ف سفر التثنية ‪ " :‬إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل‬
‫يقتل الثنان ‪ .‬الرجل الضطجع مع الرأة ‪ ،‬والرأة ‪ ،‬فينع الشر من إسرائيل ‪ .‬وإذا كانت‬
‫فتاة عذراء مطوبة لرجل ‪ ،‬فوجدها رجل بالدينة ‪ ،‬فاضطجع معها ‪ ،‬فأخرجوها كليهما‬
‫من الدينة وارجوها بالجارة ‪ ،‬حت يوتا ‪ ،‬الفتاة من أجل أنا ل تصرخ ف الدينة ‪،‬‬
‫والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه ‪ ،‬فينع الشر من الدينة " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 412‬‬
‫هذا هو نص التوراة ‪ ،‬ول يأت ف النيل ما يعارضها وهي واجبة على النصارى بكم أن‬
‫ما ف العهد القدي ‪ -‬وهو التوراة ‪ -‬حجة على النصارى إذا ل يكن ف العهد الديد ‪-‬‬
‫وهو النيل ‪ -‬ما يالفها ‪ .‬من كتاب فلسفة العقوبة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 413‬من الكفار‬
‫إذا كان بالغا ‪ ،‬عاقل ‪ ،‬حرا ‪ ،‬وكان أصاب نكاحا صحيحا ف اعتقاده ‪ .‬وذهب أبو‬
‫حنيفة ‪ ،‬وممد ‪ ،‬وزيد بن علي ‪ ،‬والناصر ‪ ،‬والمام يي ‪ :‬إل أنه يلد ول يرجم ‪ ،‬لن‬
‫السلم شرط ف الحصان عندهم ‪ .‬ورجم رسول ال صلى ال عليه وسلم لليهوديي إنا‬

‫‪303‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كان بكم التوراة الت يدين با اليهود ‪ .‬وقال المام يي ‪ :‬والذمي كالرب ف اللف ‪.‬‬
‫وقال مالك ‪ :‬لحد عليه ‪ .‬وأما الرب الستأمن فذهبت العترة والشافعي وأبو يوسف إل‬
‫أنه يد وذهب مالك وأبو حنيفة وممد ‪ :‬إل أنه ل يد ‪ .‬وقد بالغ ابن عبد الب فنقل‬
‫التفاق على أن شرط الحصان الوجب للرجم هو السلم ‪ .‬وتعقب بأن الشافعي وأحد‬
‫ل يشترطان ذلك ‪ .‬ومن جلة من قال بأن السلم شرط ‪ :‬ربيعة ‪ -‬شيخ مالك ‪ -‬وبعض‬
‫الشافعية ( ‪ . ) 1‬المع بي اللد والرجم ‪ :‬ذهب ابن حزم وإسحاق بب راهواية ومن‬
‫التابعي السن البصري ‪ :‬إل أن الحصن يلد مائة جلدة ‪ ،‬ث يرجم حت يوت ‪ .‬فيجمع‬
‫له بي اللد والرجم ‪ .‬واستدلوا با رواه عبادة بن الصامت أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬خذوا عن ‪ ،‬خذوا عن ‪ ،‬قد جعل ال لن سبيل ‪ :‬البكر بالبكر جلد مائة‬
‫ونفي سنة ‪ ،‬والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " ‪ .‬رواه مسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪.‬‬
‫وعن علي كرم ال وجهه ‪ :‬أنه جلد شراحة يوم الميس ورجها يوم المعة ‪ .‬فقال ‪:‬‬
‫أجلدها بكتاب ال ‪ ،‬وأرجها بقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫نيل الوطار ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 414‬وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي ‪ :‬ل يتمع اللد‬
‫والرجم عليهما وإنا الواجب الرجم خاصة ‪ .‬وعن أحد ‪ ،‬روايتان ‪ :‬إحداها يمع بينهما‬
‫‪ .‬وهو أظهر الروايتي واختارها الرقي ‪ .‬والخرى ‪ :‬ل يمع بينهما ‪ ،‬لذهب المهور ‪-‬‬
‫واختارها ابن حامد ‪ .‬واستدلوا بأن النب صلى ال عليه وسلم رجم ما عزا والغامدية‬
‫واليهوديي ‪ -‬ول يلد واحدا منهما ‪ .‬وقال لنيس السلمي " فإن اعترفت فارجها " ‪،‬‬
‫ول يأمر باللد ‪ ،‬وهذا آخر المرين ‪ ،‬لن أبا هريرة قد رواه ‪ -‬وهو متأخر ف السلم ‪-‬‬
‫فيكون ناسخا لا سبق من الدين ‪ -‬اللد والرجم ‪ -‬ث رجم الشيخان أبو بكر وعمر ف‬
‫خلفتهما ول يمعا بي اللد والرجم ‪ .‬ويرى الشيخ الدهلوي عدم التعارض ‪ ،‬وأنه ل‬
‫ناسخ ول منسوخ ‪ ،‬وإنا المر يفوض إل الاكم قال ‪ :‬الظاهر عندي أنه يوز للمام "‬
‫الاكم " أن يمع بي اللد والرجم ‪ ،‬ويستحب له أن يقتصر على الرجم ‪ ،‬لقتصار النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ .‬والكمة ف ذلك ‪ ،‬أن الرجم عقوبة تأت على النفس ‪ ،‬فأصل‬
‫الزجر الطلوب حاصل به ‪ ،‬واللد زيادة عقوبة مرخص ف تركها ‪ ،‬فهذا هو وجه‬
‫القتصار على الرجم عندي ‪ .‬شروط الد ‪ :‬يشترط ف إقامة حد الزنا ما يلي ‪- 1 :‬‬

‫‪304‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العقل ‪ - 2 .‬البلوغ ‪ - 3 .‬الختيار ‪ - 3 .‬العلم بالتحري ‪ .‬فلحد على صغي ( ‪) 1‬‬
‫ول على منون ‪ ،‬ول مكره ‪ :‬لا روته عائشة رضي ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ويؤدب تأديبا زاجرا‬
‫‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 415‬ال عنها ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬رفع القلم عن‬
‫ثلث ( ‪ : ) 1‬عن النائم حت يستيقظ وعن الصب حت يتلم ( ‪ ) 2‬وعن الجنون حت‬
‫يعقل " ‪ .‬رواه أحد وأصحاب السنن والاكم ‪ ،‬وقال ‪ :‬صحيح على شرط الشيخي‬
‫وحسنه الترمذي ‪ .‬وأما العلم بالتحري فلن الد يتبع اقتراف الرام ‪ ،‬وهو غي مقترف له‬
‫‪ ،‬وراجع النب صلى ال عليه وسلم ماعزا ‪ ،‬فقال له ‪ :‬هل تدري ما الزنا ؟ وروي أن‬
‫جارية سوداء رفعت إل عمر رضي ال عنه وقيل ‪ :‬إنا زنت ‪ ،‬فخفقها بالدرة خفقات‬
‫وقال ‪ " :‬أي لكاع زنيت ؟ فقالت ‪ :‬من غوش ( ‪ ) 3‬بدرهي ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬ما ترون ؟‬
‫وعنده علي وعثمان ‪ ،‬وعبد الرحن بن عوف ‪ .‬فقال علي رضي ال عنه ‪ :‬أرى أن ترجها‬
‫‪ .‬وقال عبد الرحن ‪ :‬أرى مثل ما رأى أخوك ‪ .‬فقال عثمان ‪ :‬أراها تستسهل ( ‪) 4‬‬
‫بالذي صنعت ‪ ،‬ل ترى به بأسا ‪ ،‬وإنا حد ال على من علم أمر ال عزوجل ‪ .‬فقال‬
‫صدقت ‪ .‬ب يثبت الد ‪ :‬يثبت الد بأحد أمرين ‪ :‬القرار ‪ ،‬أو الشهود ‪ .‬ثبوته بالقرار ‪:‬‬
‫أما القرار فهو كما يقولون " سيد الدلة " ‪ ،‬وقد أخذ الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫باعتراف ما عز والغامدية ‪ ،‬ول يتلف ف ذلك أحد من الئمة ‪ ،‬وإن كانوا قد اختلفوا ف‬
‫عدد مرات القرار الذي يلزم به الد ‪ .‬فقال مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وداود ‪ ،‬والطبي ‪ ،‬وأبو‬
‫ثور ‪ :‬يكفي ف ( هامش ) ( ‪ ) 1‬رفع القلم ‪ :‬كناية عن عدم التكليف ‪ ) 2 ( .‬يتلم يبلغ‬
‫‪ ) 3 ( .‬اسم الرجل الذي زنا با ‪ ،‬والدرهان ‪ :‬ما أخذ منه ‪ ) 4 ( .‬أي ‪ :‬أظنها ترى‬
‫هذا المر سهل ل بأس به ف نظرها ‪) . ( .‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 415‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 416‬لزوم الد اعترافه به مرة واحدة ‪ .‬لا رواه أبو هريرة وزيد بن خالد أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬اغد يا أنيس على امرأة هذا ‪ ،‬فإن اعترفت‬
‫فارجها " ‪ .‬فاعترفت ‪ ،‬فرجها ‪ ،‬ول يذكر عددا ‪ .‬وعند الحناف ‪ :‬أنه لبد من أقارير‬
‫أربعة مرة بعد مرة ف مالس متفرقة ‪ .‬ومذهب أحد وإسحاق مثل الحناف ‪ ،‬إل أنم ل‬

‫‪305‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يشترطون الجالس التفرقة ‪ ،‬والذهب الول هو الرجح ‪ .‬الرجوع عن القرار يسقط‬
‫الد ‪ :‬ذهبت الشافعية ‪ ،‬والنفية ‪ ،‬وأحد ( ‪ ) 1‬إل أن الرجوع عن القرار يسقط الد‬
‫لا رواه أبو هريرة عند أحد والترمذي ‪ " :‬أن ما عزا لا وجد مس الجارة يشتد فر حت‬
‫مر برجل معه لي ( ‪ ) 2‬جل ‪ ،‬فضربه به ‪ ،‬وضربه الناس حت مات ‪ .‬فذكروا ذلك‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ " :‬هل تركتموه ! ؟ " ‪ .‬قال الترمذي إنه حديث‬
‫حسن ‪ .‬وقد روي من غي وجه عن أب هريرة ‪ .‬انتهى ‪ .‬وأخرج أبو داود والنسائي من‬
‫حديث جابر نوه ‪ ،‬وزاد " إنه لا وجد مس الجارة صرخ ‪ :‬يا قومن ردون إل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فإن قومي قتلون وغرون من نفسي ‪ ،‬وأخبون أن رسول ال‬
‫غي قاتلي ‪ .‬فلم ننع عنه حت قتلناه ‪ ،‬فلما رجعنا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وأخبناه قال ‪ :‬فهل تركتموه وجئتمون به ! ! ؟ " ‪ .‬من أقر بزنا امرأة فجحدت ‪ :‬إذا أقر‬
‫الرجل بزنا امرأة معينة ‪ ،‬فجحدت فإنه يقام عليه الد وحده ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وقال‬
‫مالك ‪ :‬إن رجع إل شبهة قبل رجوعه ‪ ،‬وإن رجع إل غي شبهة فقيل ‪ .‬يقبل ‪ ،‬وهي‬
‫الرواية الشهورة عنه ‪ ،‬والثانية أنه ل يقبل جوعه ‪ ) 2 ( .‬اللحى ‪ :‬عظم النك ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 417‬ولتد هي ‪ .‬لا رواه أحد وأبو داود عن سهل بن سعد ‪ " :‬أن رجل‬
‫جاء إل النب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬إنه قد زنا بامرأة ساها ‪ ،‬فأرسل النب صلى ال‬
‫عليه وسلم إل الرأة فدعاها ‪ ،‬فسألا فأنكرت ‪ ،‬فحده وتركها " ‪ .‬وهذا الد هو حد‬
‫الزنا الذي أقر به ‪ ،‬لحد قذف الرأة كما ذهب إليه مالك والشافعي ‪ .‬وقال الوزاعي‬
‫وأبو حنيفة ‪ :‬يد للقذف فقط ‪ ،‬لن إنكارها شبهة ‪ ،‬واعترض على هذا الرأي بأن‬
‫إنكارها ل يبطل إقراره ‪ .‬وذهبت الادوية ‪ ،‬وممد ‪ ،‬ويروى عن الشافعي ‪ ،‬أنه يد للزنا‬
‫والقذف ‪ ،‬لا رواه أبو داود والنسائي عن ابن عباس ‪ " :‬أن رجل من بكر بن ليث أتى‬
‫النب صلى ال عليه وسلم فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات ‪ ،‬فجلده مائة ‪ -‬وكان بكرا ‪ -‬ث‬
‫سأله البينة على الرأة ‪ .‬فقالت ‪ :‬كذب يا رسول ال ‪ ،‬فجلده حد الفرية ثاني ( ‪. " ) 1‬‬
‫ثبوته بالشهود ‪ :‬التام بالزناسئ الثر ف سقوط الرجل والرأة ‪ ،‬وضياع كرامتهما ‪،‬‬
‫وإلاق العار بما وبأسرتيهما وذريتهما ‪ .‬ولذا شدد السلم ف إثبا ت هذه الرية حت‬
‫يسد السبيل على الذين يتهمون البرياء ‪ -‬جزافا أو لدن حزازة ‪ -‬بعار الدهر وفضيحة‬

‫‪306‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البد ‪ ،‬فاشترط ف الشهادة على الزنا الشروط التية ‪ ( :‬أول ) أن يكون الشهود أربعة ‪-‬‬
‫بلف الشهادة على سائر القوق ‪ -‬قال ال تعال ‪ " :‬واللت يأتي الفاحشة من نسائكم‬
‫فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ‪ .‬فإن شهدوا فأمسكوهن ف البيوت حى يتوفاهن الوت أو‬
‫يعل ال لن سبيل " ( ‪ ) 2‬ولقوله ‪ " :‬والذين يرمون الحصنات ‪ ،‬ث ل يأتوا بأربعة‬
‫شهداء " ( ‪ ) 3‬فإن كانوا أقل من أربعة ل تقبل ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬قال النسائي هذا‬
‫حديث منكر ‪ ،‬وقال ابن حبان بطل الحتجاج به ‪ ) 2 ( .‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪( . 15‬‬
‫‪ ) 3‬سورة النور ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 4‬صفحة ‪ / 418‬وهل يدون إذا شهدوا ؟ ‪ :‬قال‬
‫الحناف ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والراجح من مذهب الشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ :‬نعم ‪ .‬الن عمر حد الثلثة‬
‫الذين شهدوا على الغية ‪ .‬وهم ‪ :‬أبو بكرة ونافع وشبل ابن معبد ‪ .‬وقيل ل يدون حد‬
‫القذف ‪ ،‬لن قصدهم أداء الشهادة لقذف الشهود عليه ‪ .‬وهو الرجوح عندالشافعية‬
‫والنفية ومذهب الظاهرية ‪ ( .‬ثانيا ) البلوغ ‪ :‬لقول ال تعال ‪ " :‬واستشهدوا شهيدين‬
‫من رجالكم ‪ ،‬فإن ل يكونا رجلي فرجل وامرأتان من ترضون من الشهداء " ‪) 1 ( .‬‬
‫فإن ل يكن بالغا فل تقبل شهادته ‪ ،‬لنه ليس من الرجال ‪ ،‬ول من ترضى شهادته ‪ ،‬ولو‬
‫كانت حاله تكنه من أداء الشهادة على وجهها ‪ ،‬ولقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪" :‬‬
‫رفع القلم عن ثلثة ‪ :‬عن الصب حت يبلغ ‪ ،‬وعن النائم حت يستيقظ ‪ ،‬وعن الجنون حت‬
‫يفيق " ‪ .‬لصب ليس أهل لن يتول حفظ ماله ‪ ،‬فل يتول الشهادة على غيه ‪ ،‬لن‬
‫الشهادة من باب الولية ‪ ( .‬ثالثا ) العقل ‪ :‬فل تقبل شهادة منون ولمعتوه للحديث‬
‫السابق ‪ ،‬وإذا كانت شهادة الصب لتقبل لنقصان عقله فأول أل تقبل شهادة الجنون‬
‫والعتوه ‪ ( .‬رابعا ) العدالة ‪ :‬لقول ال تعال ‪ " :‬وأشهدوا ذوي عدل منكم " ( ‪ ) 2‬وقوله‬
‫‪ " :‬يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ‪ ،‬أن تصيبوا قوما بهالة فتصبحوا على‬
‫ما فعلتم نادمي " ( ‪. ) 3‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 418‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة الية ‪ ) 2 ( . 282 :‬سورة الطلق الية ‪) 3 ( 2 :‬‬
‫سورة الجرات الية ‪ / ) . ( 6 :‬صفحة ‪ ( / 419‬خامسا ) السلم ‪ :‬سواء كانت‬

‫‪307‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الشهادة على مسلم أو غي مسلم ‪ ،‬وهذا متفق عليه بي الئمة ‪ ( .‬سادسا ) العاينة ‪ :‬أي‬
‫أن تكون بعاينة فرجه ف فرجها كاليل ف الكحلة والرشا ف البئر لن الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم قال لا عز ‪ " :‬لعلك قبلت ‪ ،‬أو غمزت ‪ ،‬أو نظرت " ؟ فقال ‪ :‬ل يا رسول‬
‫ال ‪ .‬فسأله صلوات ال وسلمه عليه باللفظ الصريح ل يكن ‪ .‬قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ " :‬كما‬
‫يغيب الرود ف الكحلة والرشا ف البئر " ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬وإنا أبيح النظر ف هذه الالة‬
‫للحاجة إل الشهادة ‪ ،‬كما أبيح للطبيب ‪ ،‬والقابلة ونوها ‪ ( .‬سابعا ) التصريح ‪ :‬وأن‬
‫يكون التصريح باليلج ل بالكناية كما تقدم ف الديث السابق ‪ ( .‬ثامنا ) اتاد الجلس‬
‫‪ :‬ويرى جهور الفقهاء أن من شرط هذه الشهادة اتاد الجلس بأن ل يتلف ف الزمان‬
‫ول ف الكان ‪ ،‬فإن جاءوا متفرقي ل تقبل شهادتم ‪ .‬ويرى الشافعية ‪ ،‬والظاهرية ‪،‬‬
‫والزيدية ‪ ،‬عدم اشتراط هذا الشرط ‪ .‬فإن شهدوا متمعي أو متفرقي ف ملس واحد أو‬
‫ف مالس متفرقة ‪ ،‬فإن شهادتم تقبل ‪ ،‬لن ال تعال ذكر الشهود ول يذكر الجالس ‪،‬‬
‫ولن كل شهادة مقبولة تقبل إن اتفقت ‪ ،‬ولو تفرقت ف مالس ‪ ،‬كسائر الشهادات ‪.‬‬
‫( تاسعا ) الذكورة ‪ :‬ويشترط ف شهود الزنا أن يكونوا جيعا من الرجال ولتقبل شهادة‬
‫النساء ف هذا الباب ‪ .‬ويرى ابن حزم أنه يوز أن يقبل ف الزنا شهادة امرأتي مسلمتي‬
‫عدل مكان كل رجل ‪ ،‬فيكون الشهود ثلثة رجال وامرأتي ‪ -‬أو رجلي وأربع نسوة ‪-‬‬
‫أو رجل واحدا وست نسوة ‪ -‬أو ثان نسوة لرجال معهم ‪ ( .‬عاشرا ) عدم التقادم ‪:‬‬
‫لقول عمر رضي ال عنه ‪ :‬أيا قوم شهدوا على حد ‪ ،‬ل يشهدوا عند حضرته فإنا شهدوا‬
‫عن ضغن ‪ ،‬ول شهادة لم ‪ .‬فإذا شهد الشهود على حادث الزنا بعد أن تقادم فإن‬
‫شهادتم ل تقبل عند الحناف ‪ ،‬ويتجون لذا بأن الشاهد إذا شهد الادث مي بي أداء‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 420‬الشهادة حسبة ‪ ،‬وبي التستر على الان ‪ ،‬فإذا سكت عن الادث حت‬
‫قدم عليه العهد دل بذلك على اختيار جهة الستر ‪ ،‬فإذا شهد بعد ذلك فهو دليل على أن‬
‫الضغينة هي الت حلته على الشهادة ‪ .‬ومثل هذا لتقبل شهادته ‪ ،‬للتهمة والضغينة ‪ ،‬كما‬
‫قال عمر ‪ ،‬ول ينقل أن أحدا أنكر عليه هذا القول ‪ ،‬فيكون إجاعا ‪ .‬وهذا ما ل يكن‬
‫هناك عذر ينع الشاهد من تأخي الشهادة ‪ ،‬فإن كان هناك عذر ظاهر ف تأخي الشهادة ‪،‬‬
‫كبعد السافة عن مل التقاضي ‪ ،‬وكمرض الشاهد أو نو ذلك من الوانع ‪ ،‬فإن الشهادة‬

‫‪308‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقبل حينئذ ول تبطل بالتقادم ‪ .‬والحناف الذين قالوا بذا الشرط ل يقدروا له أمدا ‪ ،‬بل‬
‫فوضوا المر للقاضي يقدره تبعا لظروف كل حالة لتعذر التوقيت ‪ ،‬نظرا لختلف‬
‫العذار ‪ .‬وبعض الحناف قدر التقادم بشهر ‪ ،‬وبعضهم قدره بستة أشهر ‪ .‬أما جهور‬
‫الفقهاء من الالكية ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬والظاهرية ‪ ،‬والشيعة الزيدية فإن التقادم عندهم لينع‬
‫من قبول الشهادة مهما كانت متأخرة ‪ .‬وللحنابلة رأيان ‪ :‬رأي مثل أب حنيفة ‪ ،‬ورأي‬
‫مثل المهور ‪ .‬هل للقاضي أن يكم بعلمه ؟ ‪ :‬يرى الظاهرية أنه فرض على القاضي أن‬
‫يقضي بعلمه ف الدماء ‪ ،‬والقصاص والموال ‪ ،‬والفروج ‪ ،‬والدود ‪ ،‬سواء علم ذلك قبل‬
‫وليته أو بعد وليته ‪ ،‬وأقوى ما حكم بعلمه ‪ ،‬لنه يقي الق ‪ ،‬ث بالقرار ‪ ،‬ث بالبينة ‪،‬‬
‫لن ال تعال يقول ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا كونوا قوامي بالقسط شهداء ل " ( ‪. ) 1‬‬
‫وقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من رأى منكرا فليغيه بيده ‪ ،‬فإن ل يستطع‬
‫فبلسانه " ‪ .‬فصح أن القاضي عليه أن يقوم بالقسط ‪ ،‬وليس من القسط أن يترك الظال‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء الية ‪ / ) . ( . 135 :‬صفحة ‪ / 421‬على ظلمه ل‬
‫يغيه ‪ ،‬وصح أن فرضا على القاضي أن يغي كل منكر علمه بيده وأن يعطي كل ذي حق‬
‫حقه ‪ ،‬وإل فهو ظال ‪ .‬وأما جهور الفقهاء فإنم يرون أنه ليس للقاضي أن يقضي بعلمه ‪.‬‬
‫قال أبو بكر رضي ال عنه ‪ " :‬لو رأيت رجل على حد ل أحده حت تقوم البينة عندي‬
‫" ‪ ،‬ولن القاضي كغيه من الفراد ل يوز له أن يتكلم با شهده ما ل تكن لديه البينة‬
‫الكاملة ‪ .‬ولو رمى القاضي زانيا با شهده منه ‪ ،‬وهو ل يلك على ما يقول البينه الكاملة‬
‫لكان قاذفا يلزمه حد القذف ‪ ،‬وإذا كان قد حرم على القاضي النطق با يعلم ‪ ،‬فأول أن‬
‫يرم عليه العمل به ‪ ،‬وأصل هذا الرأي قول ال سبحانه ‪ " :‬فإذا ل يأتوا بالشهداء فأولئك‬
‫عند ال هم الكاذبون " ( ‪ ) 1‬هل يثبت الد بالبل ؟ ‪ :‬ذهب المهور إل أن مرد البل‬
‫ل يثبت به الد ‪ ،‬بل لبد من العتراف أو البينة ‪ .‬واستدلوا على هذا بالحاديث الواردة‬
‫ف درء الدود بالشبهات ‪ .‬وعن علي رضي ال عنه أنه قال لمرأة حبلى ‪" :‬‬
‫استكرهت ؟ " قالت ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ " :‬فلعل رجل أتاك ف نومك " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 421‬‬

‫‪309‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قالوا ‪ :‬وروى الثبات عن عمر أنه قبل قول امرأة ادعت أنا ثقيلة النوم وأن رجل طرقها‬
‫ول تدر من هو بعد ‪ .‬وأما مالك وأصحابه فقالوا ‪ :‬إذا حلت الرأة ول يعلم لا زوج ول‬
‫يعلم أنا أكرهت فإنا تد ‪ :‬قالوا ‪ :‬فإن ادعت الكراه فلبد من التيان بأمارة تدل على‬
‫استكراهها ‪ ،‬مثل أن تكون بكرا فتأت وهي تدمي ‪ ،‬أو تفضح نفسها بأثر الستكراه ‪.‬‬
‫وكذلك إذا ادعت الزوجية ‪ ،‬فإن دعواها لتقبل إل أن تقيم على ذلك البينة ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬سورة النور الية ‪ / ) . ( 13 :‬صفحة ‪ / 422‬واستدلوا لذهبهم بقول عمر ‪" :‬‬
‫الرجم واجب على كل من زنا من الرجال والنساء إذا كان مصنا ‪ :‬إذا كانت بينة ‪ ،‬أو‬
‫المل ‪ ،‬أو العتراف " ‪ .‬وقال علي ‪ " .‬يا أيها الناس إن الزنا زنيان ‪ :‬زنا سروزنا علنية‬
‫‪ .‬فزنا السر أن يشهد الشهود ‪ ،‬فيكون الشهود أول من يرمي ‪ .‬وزنا العلنية أن يظهر‬
‫البل ‪ ،‬والعتراف " ‪ .‬قالوا ‪ :‬هذا قول الصحابة ‪ ،‬ول يظهر لم مالف ف عصرهم ‪،‬‬
‫فيكون إجاعا ‪ .‬سقوط الد بظهور ما يقطع بالباءة ‪ :‬إذا ظهر بالرأة أو بالرجل ما يقطع‬
‫بأنه ل يقع من أحد منهما زنا ‪ ،‬كأن تكون الرأة عذراء ل تفض بكارتا أو رتقاء‬
‫مسدودة الفرج ‪ ،‬أو يكون الرجل مبوبا أو عنينا سقط الد ‪ .‬وقد بعث رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم عليا لقتل رجل كان يدخل على إحدى النساء ‪ ،‬فذهب فوجده يغتسل ف‬
‫ماء ‪ ،‬فأخذ بيده فأخرجه من الاء ليقتله ‪ ،‬فرآه مبوبا ‪ ،‬فتركه ورجع إل النب صلى ال‬
‫عليه وسلم وأخبه بذلك ‪ .‬الولد يأت لستة أشهر ‪ :‬إذا تزوجت الرأة وجاءت بولد لستة‬
‫أشهر منذ تزوجت فل حد عليها ‪ .‬قال مالك ‪ :‬بلغن أن عثمان بن عفان أت بامرأة قد‬
‫ولدت ف ستة أشهر ‪ ،‬فأمر با أن ترجم ‪ ،‬فقال له علي بن أب طالب ‪ :‬ليس ذلك عليها ‪.‬‬
‫إن ال تبارك وتعال يقول ف كتابه ‪ " :‬وحله وفصاله ثلثون شهرا " ‪ ( ) 1 ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬سورة الحقاف الية ‪ / ) . ( 15 :‬صفحة ‪ / 423‬وقال ‪ " :‬الوالدات يرضعن‬
‫أولدهن حولي كاملي ‪ ،‬لن أراد أن يتم الرضاعة " ‪ ) 1 ( .‬فالمل يكون ستة أشهر ‪،‬‬
‫فلرجم عليها ‪ ،‬فبعث عثمان ف أثرها ‪ ،‬فوجدها قد رجت ‪ .‬وقت إقامة الد ‪ :‬قال ف‬
‫بداية الجتهد ( ‪ : ) 2‬وأما الوقت فإن المهور على أنه ليقام ف الر الشديد ول ف‬
‫البد ‪ ،‬ول يقام على الريض ‪ .‬وقال قوم ‪ :‬يقام ‪ -‬وبه قال أحد وإسحاق ‪ -‬واحتجا‬
‫بديثي عمر أنه أقام الد على قدامة وهو مريض ‪ .‬قال ‪ :‬وسبب اللف معارضة‬

‫‪310‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الظواهر للمفهوم من الد ‪ ،‬وهو أنه حيث ل يغلب على ظن القيم له فوات نفس‬
‫الحدود ‪ .‬فمن نظر إل المر بإقامة الدود مطلقا من غي استثناء قال يد الريض ‪ .‬ومن‬
‫نظر إل الفهوم من الد قال ل يد الريض حت يبأ ‪ ،‬وكذلك المر ف شدة الر والبد‬
‫‪ .‬قال الشوكان ‪ :‬وقد حكي ف البحر الجاع على أنه يهل البكر حت تزول شدة الر‬
‫والبد ‪ ،‬والرض الرجو برؤه ‪ ،‬فإن كان ميؤوسا ‪ ،‬فقاال الادي وأصحاب الشافعي ‪ :‬إنه‬
‫يضرب بعثكول ( ‪ ) 3‬إن احتمله ‪ .‬وقال الناصر والؤيد بال ‪ :‬ل يد ف مرضه وإن كان‬
‫ميئوسا ‪ -‬والظاهر الول ‪ ،‬لديث أب أمامة بن سهل بن حنيف الت ‪ :‬وأما الرجوم إذا‬
‫كان مريضا أو نوه فذهبت العترة ‪ ،‬والشافعية والنفية ومالك ‪ :‬إل أنه ل يهل لرض‬
‫ول لغيه إذ القصد إتلفه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة الية ‪ ) 2 ( . 233 :‬ج‍ ‪2‬‬
‫ص ‪ ) 3 ( . 410‬العثكول ‪ :‬العذق من اعذاق النخل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 424‬وقال‬
‫الروزي ‪ :‬يؤخر لشدة الر أو البد أو الرض ‪ ،‬سواء ثبت بإقراره أو بالبينة ‪ .‬وقال‬
‫السفرايين ‪ :‬يؤخر للمرض فقط ‪ ،‬وف الر والبد ‪ :‬يرجم ف الال أو حيث يثبت بالبينة‬
‫ل القرار أو العكس ‪ .‬والبلى لترجم حت تضع وترضع ولدها إن ل يوجد من يرضعه ‪.‬‬
‫وعن علي قال ‪ " :‬إن أمة لرسول ال صلى ال عليه وسلم زنت ‪ ،‬فأمرن أن أجلدها ‪،‬‬
‫فأتيتها فإذا هي حديثة عهد بنفاس ‪ ،‬فخشيت ان أجلدها أن أقتلها ‪ ،‬فذكرت ذلك للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬أحسنت ‪ .‬اتركها حت تاثل " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو‬
‫داود ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وصححه ‪ .‬الفر للمرجوم ‪ :‬اختلفت الحاديث الواردة ف الفر‬
‫للمرجوم فبعضها مصرح فيه بالفر له ‪ ،‬وبعضها ل يصرح به ‪ .‬قال المام أحد ‪ :‬أكثر‬
‫الحاديث على أنه لحفر ‪ .‬ولختلف ما ورد من أحاديث ‪ ،‬اختلف الفقهاء ‪ .‬فقال‬
‫مالك وأبوحنيفة ‪ :‬ل يفر للمرجوم ‪ .‬وقال أبو ثور ‪ :‬يفر له ‪ .‬وروي عن علي رضي ال‬
‫عنه ‪ :‬أنه حي أمر برجم شراحة المدانية أخرجها ‪ ،‬فحفر لا ‪ ،‬فأدخلت فيها ‪ ،‬وأحدق‬
‫الناس با يرمونا ‪ .‬وأما الشافعي فخي ف ذلك ‪ .‬وروي عنه أنه يفر للمرأة خاصة ‪ .‬وقد‬
‫ذهبت العترة إل أنه يستحب الفر إل سرة الرجل وثدي الرأة ‪ ،‬ويستحب جع ثيابا‬
‫عليه وشدها بيث ل تنكشف عورتا ف تقلبها وتكرار اضطرابا إذا ل يفر لا ‪ .‬واتفق‬
‫العلماء على أنه لترجم إل قاعدة ‪ ،‬وأما الرجل فجمهورهم على‬

‫‪311‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 424‬‬
‫أنه يرجم قائما ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬قاعدا ‪ ،‬وقال غيه ‪ :‬يي المام بينهما ‪ /‬صفحة ‪/ 425‬‬
‫حضور المام والشهود والرجم ‪ ) 1 ( :‬قال ف نيل الوطار ‪ " :‬حكى صاحب البحر عن‬
‫العترة ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬أنه ل يلزم المام حضور الرجم ‪ ،‬وهو الق ‪ ،‬لعدم دليل يدل على‬
‫الوجوب ‪ ،‬ولا تقدم ف حديث ماعزأنه صلى ال عليه وسلم أمر برجم ماعز ول يرج‬
‫معهم ‪ .‬والزنا منه ثبت بإقراره كما سلف ‪ ،‬وكذلك ل يضر ف رجم الغامدية كما زعم‬
‫البعض ‪ .‬قال ف التلخيص ‪ :‬ل يقع ف طرق الديثي أنه حضر ‪ ،‬بل ف بعض الطرق ما‬
‫يدل على أنه ل يضر ‪ .‬وقد جزم بذلك الشافعي ‪ ،‬فقال ‪ :‬وأما الغامدية ففي سنن داود‬
‫وغيه ما يدل على ذلك ‪ .‬وإذا تقرر هذا تبي عدم الوجوب على الشهود ول على المام‬
‫‪ .‬وأم الستحباب ‪ ،‬فقد حكى ابن دقيق العيد أن الفقهاء استحبوا أن يبدأ المام بالرجم‬
‫إذا ثبت الزنا بالقرار ‪ ،‬وتبدأ الشهود به إذا ثبت بالبينة ‪ .‬شهود طائفة من الؤمني الد ‪:‬‬
‫قال ال تعال ‪ " :‬الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ‪ ،‬ول تأخذكم بما‬
‫رأفة ف دين ال إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ‪ ،‬وليشهد عذابما طائفة من الؤمني "‬
‫( ‪ . ) 2‬استدل العلماء بذه الية على أنه يستحب أن يشهد إقامة الد طائفة من الؤمني‬
‫‪ ،‬واختلفوا ف عدد هذه الطائفة ‪ ،‬فقيل ‪ :‬أربعة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ثلثة ‪ ،‬وقيل اثنان ‪ .‬وقيل ‪:‬‬
‫سبعة فأكثر ‪ .‬الضرب ف حد اللد ‪ :‬ذهب أبو حنيفة والشافعي إل أنه يضرب سائر‬
‫العضاء ما عدا الفرج ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ذهب أبو حنيفة إل أن الشاهد يب أن يكون‬
‫أول من يرمي الزان الحصن إذا ثبت الد بالشهادة ‪ -‬وأن المام يبه على ذلك ‪ ،‬لا فيه‬
‫من الزجر عن التساهل والترغيب ف التثبيت ‪ -‬فإذا كان الثبوت بالقرار وجب على‬
‫المام أو نائبه أن يبدأ بالرجم ‪ ) 2 ( .‬سورة النور الية ‪ / ) . ( 2 :‬صفحة ‪/ 426‬‬
‫والوجه وما عدا الرأس كذلك عند أب حنيفة ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬يرد الرجل ف ضرب‬
‫الدود كلها ‪ ،‬وكذلك عند الشافعي وأب حنيفة ‪ ،‬ما عدا القذف ‪ .‬ويضرب قاعدا ل‬
‫قائما ( ‪ . ) 1‬قال النووي ‪ :‬قال أصحابنا ‪ :‬وإذا ضربه بالسوط يكون سوطا معتدل ف‬
‫الجم ‪ ،‬بي القضيب والعصا ‪ .‬فإن ضربه بريدة ‪ ،‬فلتكن خفيفة بي اليابسة والرطبة ‪،‬‬

‫‪312‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ويضربه ‪ ،‬ضربا بي ضربي ‪ ،‬فل يرفع يده فوق رأسه ‪ ،‬ول يكتفي بالوضع ‪ ،‬بل يرفع‬
‫ذراعه رفعا معتدل ‪ .‬إمهال البكر ‪ :‬تهل البكر حت تزول شدة الر والبد ‪ ،‬وكذلك‬
‫الرجو الشفاء ‪ .‬فإن كان ميئوسا من شفائه ‪ .‬فقال أصحاب الشافعي ‪ :‬إنه يضرب‬
‫بعثكول إن احتمله ‪ .‬روى أبو داود وغيه عن رجل من النصار ‪ :‬أنه اشتكى ( ‪) 2‬‬
‫رجل منهم حت أضى ( ‪ ) 3‬فعاد جلده على عظم ‪ .‬فدخلت عليه جارية لبعضهم ‪ ،‬فهش‬
‫لا فوقع عليها ( ‪ . ) 4‬فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبهم بذلك ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫استفتوا ل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فإن قد وقعت على جارية دخلت علي ‪.‬‬
‫فذكروا ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم وقالوا ‪ :‬ما رأينا بأحدمن الناس من الضر‬
‫مثل الذي هو به ‪ ،‬لو حلناه إليك لتفسخت عظامه ‪ ،‬ما هو إل جلد على عظم ‪ .‬فأمر‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شراخ فيضربوه به ضربة واحد ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬بداية الجتهد ج ‪ 2‬ص ‪ ) 2 ( 410‬اشتكى ‪ :‬مرض ‪ ) 3 ( .‬الضن ‪:‬‬
‫شدة الجهاد من الرض ‪ ) 4 ( .‬وقع عليها ‪ :‬زنا با ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 427‬هل‬
‫للمجلود دية إذا مات ؟ ‪ :‬إذا مات الجلود فلدية له ‪ .‬قال النووي ف شرح مسلم ‪" :‬‬
‫أجع العلماء على أن من وجب عليه الد فجلده المام أو جلده الد الشرعي فمات‬
‫فلدية فيه ول كفارة ‪ ،‬لعلى المام " الاكم " ول على جلده ‪ ،‬ول ف بيت الال " ‪.‬‬
‫كان ما تقدم هو حكم جرية الزنا ‪ ،‬وبقي أن نذكر بعض الرائم وأحكامها فيما يلي ‪( :‬‬
‫‪ ) 1‬عمل قوم لوط ‪ :‬إن جرية اللواط من أكب الرائم ‪ ،‬وهي من الفواحش الفسدة‬
‫للخلق وللفطرة وللدين والدنيا ‪ ،‬بل وللحياة نفسها ‪ ،‬وقد عاقب ال عليها بأقسى عقوبة‬
‫‪ .‬فخسف الرض بقوم لوط ‪ ،‬وأمطر عليهما حجارة من سجيل جزاء فعلتهم القذرة ‪.‬‬
‫وجعل ذلك قرآنا يتلى ليكون درسا ‪ .‬قال ال سبحانه ‪ " :‬ولوطا إذ قال لقومه ‪ :‬أتأتون‬
‫الفاحشة ما سبقكم با من أحد من العالي ‪ .‬إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ‪،‬‬
‫بل أنتم قوم مسرفون ‪ .‬وما كان جواب قومه إل أن قالوا ‪ :‬أخرجوهم من قريتكم إنم‬
‫أناس يتطهرون ‪ .‬فأنيناه وأهله إل امرأته كانت من الغابرين ‪ .‬وأمطرنا عليهم مطرا ‪،‬‬
‫فانظر كيف كان عاقبة الجرمي ‪ ) 1 ( " :‬وقال تعال ‪ " :‬ولا جاءت رسلنا لوطا سئ‬
‫بم وضاق بم ذرعا ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا يوم عصيب ‪ .‬وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا‬

‫‪313‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعملون السيئات ‪ ،‬قال ‪ :‬يا قوم هؤلء بنات هن أطهر ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة العراف ‪.‬‬
‫اليات ‪ / ) . ( . 84 ، 83 ، 82 ، 81 ، 80 :‬صفحة ‪ / 428‬لكم ‪ ،‬فاتقوا ال ول‬
‫تزون ف ضيفي ‪ ،‬أليس منكم رجل‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 428‬‬
‫رشيد ؟ قالوا ‪ :‬لقد علمت ما لنا ف بناتك من حق ‪ ،‬وإنك لتعلم ما نريد ‪ .‬قال ‪ :‬لو أن‬
‫ل بكم قوة أو آوي إل ركن شديد ؟ قالوا ‪ :‬يا لوط إنا رسل ربك ‪ ،‬لن يصلوا إليك ‪،‬‬
‫فأسر بأهلك بقطع من الليل ‪ ،‬ول يلتفت منكم أحد ‪ ،‬إل امرأتك إنه مصيبها ما أصابم ‪،‬‬
‫إن موعدهم الصبح ‪ ،‬أليس الصبح بقريب ! ؟ فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها ‪،‬‬
‫وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود ‪ .‬مسومة عند ربك ‪ ،‬وما هي من الظالي ببعيد‬
‫" ‪ ) 1 ( .‬وقد أمر الرسول صلى ال عليه وسلم بقتل فاعله ولعنه ‪ .‬روى أبو داود ‪،‬‬
‫والترمذي ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،‬عن عكرمة ‪ ،‬عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال ‪ " :‬من وجدتوه يعمل عمل قوم لوط ‪ ،‬فاقتلوا الفاعل والفعول به " ‪.‬‬
‫ولفظ النسائي ‪ " :‬لعن ال من عمل عمل قوم لوط ‪ .‬لعن ال من عمل عمل قوم لوط ‪.‬‬
‫لعن ال من عمل عمل قوم لوط " ‪ .‬قال الشوكان ‪ " :‬وما أحق مرتكب هذه الرية ‪،‬‬
‫ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصي با عبة للمعتبين ‪ ،‬ويعذب تعذيبا‬
‫يكسر شهوة الفسقة التمردين ‪ .‬فحقيق بن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم با من أحد من‬
‫العالي ‪ ،‬أن يصلى من العقوبة با يكون من الشدة والشناعة مشابا لعقوبتهم ‪ ،‬وقد‬
‫خسف ال تعال بم ‪ ،‬واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم " ‪ .‬وإنا شدد السلم ف‬
‫عقوبة هذه الرية لثارها السيئة وأضرارها ف الفرد والماعة ‪ .‬وهذه الضرار نذكرها‬
‫ملخصة من كتاب ‪ " :‬السلم والطب " فيما يلي ( ‪ ( : ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة هود‬
‫اليات ‪ ) 1 ( 83 ، 82 ، 81 ، 80 ، 79 ، 78 ، 77 :‬كتاب " السلم والطب "‬
‫للدكتور ممد وصفي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 429‬الرغبة عن الرأة ‪ :‬من شأن اللواطة أن‬
‫تصرف الرجل عن الرأة ‪ ،‬وقد يبلغ به المر إل حد العجز عن مباشرتا ‪ ،‬وبذلك تتعطل‬
‫أهم وظيفة من وظائف الزواج ‪ ،‬وهي إياد النسل ‪ .‬ولو قدر لثل هذا الرجل أن يتزوج ‪،‬‬

‫‪314‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإن زوجته تكون ضحية من الضحايا ‪ ،‬فل تظفر بالسكن ( ‪ ، ) 1‬ول بالودة ‪ ،‬ول‬
‫بالرحة الت هي دستور الياة الزوجية ‪ ،‬فتقضي حياتا معذبة معلقة ‪ ،‬لهي متزوجة ول‬
‫مطلقة ‪ .‬التأثي ف العصاب ‪ :‬وإن هذه العادة تغزو النفس ‪ ،‬وتؤثر ف العصاب تأثيا‬
‫خاصا ‪ ،‬أحد نتائجه الصابة بالنعكاس النفسي ف خلق الفرد ‪ ،‬فيشعر ف صميم فؤاده‬
‫بأنه ما خلق ليكون رجل ‪ ،‬وينقلب الشعور إل شذوذ ‪ ،‬به ينعكس شعور اللئط انعكاسا‬
‫غريبا ‪ ،‬فيشعر بيل إل بن جنسه ‪ ،‬وتتجه أفكاره البيثة إل أعضائهم التناسلية ‪ .‬ومن هذا‬
‫تستطيع أن تتبي العلة القيقية ف إسراف بعض الشبان الساقطي ف التزين وتقليدهم‬
‫النساء ف وضع الساحيق الختلفة على وجوههم ‪ ،‬وماولتهم الظهور بظهر المال‬
‫بتحمي أصداغهم ‪ ،‬وتزجيج حواجبهم ‪ ،‬وتثنيهم ف مشيتهم ‪ ،‬إل غيذلك ما نشاهده‬
‫جيعا ف كل مكان ‪ .‬وتقع عليه أبصارنا ف كثي من الحيان ‪ .‬ولقد أثبتت كتب الطب‬
‫كثيا من الوقائع الغريبة الت تتعلق بذا الشذوذ أضرب صفحا عن ذكرها ‪ .‬ول يقتصر‬
‫المر على إصابة اللئط بالنعكاس النفسي ‪ ،‬بل هنالك ما تسببه هذه الفاحشة من‬
‫إضعاف القوى النفسية الطبيعية ف الشخص كذلك ‪ ،‬وما تدثه من جعله عرضة للصابة‬
‫بأمراض عصبية شاذة وعلل نفسية شائنة ‪ ،‬تفقده لذة الياة ‪ ،‬وتسلبه صفة النسانية‬
‫والرجولة ‪ ،‬فتحيي فيه لوثات وراثية ( هامش ) ( ‪ ) 1‬السكن ‪ :‬السكينة ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 430‬خاصة ‪ ،‬وتظهر عليه آفات عصبية كامنة تبديها هذه الفاحشة ‪ ،‬وتدعو‬
‫إل تسلطها عليه ‪ .‬ومثل هذه الفات العصبية النفسية ‪ :‬المراض السادية ‪ ،‬والاسوشية ‪،‬‬
‫والفيتشزم وغيها ‪ .‬التأثي على الخ ‪ :‬واللواط بانب ذلك يسبب اختلل كبيا ف توازن‬
‫عقل الرء ‪ ،‬وارتباكا عاما ف تفكيه ‪ ،‬وركودا غريبا ف تصوراته ‪ ،‬وبلهة واضحة ف‬
‫عقله ‪ ،‬وضعفا شديدا ف إرادته ‪ .‬وإن ذلك ليجع إل قلة الفرازات الداخلية الت تفرزها‬
‫الغدة الدرقية ‪ ،‬والغدد فوق الكلى ‪ ،‬وغيها ما يتأثر باللواط تأثرا مباشرا ‪ ،‬فيضطرب‬
‫عملها وتتل وظائفها ‪ .‬وإنك لتجد هنالك علقة وثيقة بي ( النيورستانيا ) واللواط ‪،‬‬
‫وارتباطا غريبا بينهما ‪ ،‬فيصاب اللئط بالبله والعبط وشرود الفكر وضياع العقل والرشاد‬
‫‪ .‬السويداء ‪ :‬واللواط إما أن يكون سببا ف ظهور مرض السويداء أو يغدو عامل قويا على‬
‫إظهاره وبعثه ‪ .‬ولقد وجد أن هذه الفاحشة وسيلة شديدة التأثي على هذا الداء من حيث‬

‫‪315‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مضاعفتها له وزيادة تعقيدها لعراضه ويرجع ذلك للشذوذ الوظيفي لذه الفاحشة النكرة‬
‫وسوء تأثيها على أعصاب السم ‪ .‬عدم كفاية اللواط ‪ :‬واللواط علة شاذة ‪ ،‬وطريقة غي‬
‫كافية لشباع العاطفة النسية وذلك لنا بعيدة الصل عن اللمسة الطبيعية ‪ ،‬ل تقوم‬
‫بإرضاء الجموع العصب ‪ ،‬شديدة الوطأة على الهاز العضلي ‪ ،‬سيئة التأتي على سائر‬
‫أجزاء البدن ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 430‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 431‬وإذا نظرنا إل فسيولوجيا الماع والوظيفة الطبيعية الت تؤديها العضاء‬
‫التناسلية وقت الباشرة ‪ ،‬ث قارنا ذلك با يدث ف اللواط ‪ ،‬وجدنا الفرق بعيدا والبون‬
‫بي الالتي شاسعا ‪ ،‬ناهيك بعدم صلحية الوضع وفقد ملءمته للوضع الشاذ ‪ .‬ارتاء‬
‫عضلت الستقيم وتزقه ‪ :‬وإنك إذا نظرت إل اللواط من ناحية أخرى وجدته سببا ف‬
‫تزق الستقيم وهتك أنسجته وارتاء عضلته وسقوط بعض أجزائه ‪ ،‬وفقد السيطرة على‬
‫الواد البازية وعدم استطاعة القبض عليها ‪ ،‬ولذلك تد الفاسقي دائمي التلوث بذه‬
‫الواد التعفنة بيث ترج منهم بغي إرادة أو شعور ‪ .‬علقة اللواط بالخلق ‪ :‬واللواط‬
‫لوثة أخلقية ومرض نفسي خطي ‪ ،‬فتجد جيع من يتصفون به سيئي اللق فاسدي‬
‫الطباع ‪ ،‬ل يكادون ييزون بي الفضائل والرذائل ‪ .‬ضعيفي الرادة ليس لم وجدان‬
‫يؤنبهم ول ضمي يردعهم ‪ ،‬ل يتحرج أحدهم ‪ ،‬ول يردعه رادع نفسي ‪ ،‬عن السطو‬
‫على الطفال والصغار واستعمال العنف والشدة لشباع عاطفته الفاسدة والتجرؤ على‬
‫ارتكاب الرائم الت نسمع عنها كثيا ونطالع أخبارها ف الرائد السيارة وف غيها ‪،‬‬
‫وند تفاصيل حوادثها ف الحاكم وف كتب الطب ‪ .‬اللواط وعلقته بالصحة العامة ‪:‬‬
‫واللواط فوق ما ذكرت يصيب مقترفيه بضيق الصدر ويرزؤهم بفقان القلب ‪ .‬ويتركهم‬
‫بال من الضعف العام يعرضهم للصابة بشت المراض ويعلهم نبة لختلف العلل‬
‫والوصاب ‪ .‬التأثي على أعضاء التناسل ‪ :‬ويضعف اللواط كذلك مراكز النزال الرئيسية‬
‫ف السم ويعمل على القضاء على اليوية النوية فيه ‪ ،‬ويؤثر على تركيب مواد الن ث‬
‫ينتهي المر ‪ /‬صفحة ‪ / 432‬بعد قليل من الزمن بعدم القدرة على إياد النسل ‪،‬‬

‫‪316‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والصابة بالعقم ما يكم على اللئطي بالنقراض والزوال ‪ .‬التيفود والدوسنطار يا ‪:‬‬
‫ونستطيع أن نقول ‪ :‬إن اللواط يسبب بانب ذلك العدوى بالمى التيفودية والدوسنطاريا‬
‫وغيها من المراض البيثة الت تنتقل بطريق التلوث بالواد البازية الزودة بختلف‬
‫الراثيم ‪ ،‬الملوءة بشت أسباب العلل والمراض ‪ .‬أمراض الزنا ‪ :‬ول يفى أن المراض‬
‫الت تنتشر بالزنا يكن أن تنتشر كذلك بطريق اللواط ‪ ،‬وتصيب أصحابه فتفتك بم فتكا‬
‫ذريعا ‪ ،‬فتبلي أجسامهم ‪ ،‬وتصد أرواحهم ‪ .‬ما تقدم نتبي حكمة التشريع السلمي ف‬
‫تري اللواط ‪ ،‬وتظهر دقة أحكامه ف التنكيل بقترفيه ‪ ،‬والمر بالقضاء عليهم وتليص‬
‫العال من شرورهم ‪ .‬رأي الفقهاء ف حكم اللواط ‪ :‬ومع إجاع العلماء على حرمة هذه‬
‫الرية ‪ ،‬وعلى وجوب أخذ مقترفيها بالشدة ‪ ،‬إل أنم اختلفوا ف تقدير العقوبة القررة لا‬
‫مذاهب ثلثة ‪ - 1 :‬مذهب القائلي بالقتل مطلقا ‪ - 2 .‬ومذهب القائلي بأن حده حد‬
‫الزان ‪ :‬فيجلد البكرويرجم الحصن ‪ - 3 .‬ومذهب القائلي بالتعزير ‪ ( .‬الذهب الول )‬
‫‪ :‬يرى أصحاب الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬والناصر ‪ ،‬والقاسم بن إبراهيم ‪ ،‬والشافعي‬
‫ف قول ‪ :‬أن حده القتل ولو كان بكرا ‪ ،‬سواء كان فاعل أو مفعول به ‪ .‬واستدلوا با‬
‫يأت ‪ - 1 :‬عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه " ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 433‬وسلم ‪ " :‬من وجدتوه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والفعول به " ‪ .‬رواه‬
‫المسة إل النسائي ‪ . .‬قال ف " النيل " ‪ :‬وأخرجه أيضا الاكم والبيهقي ‪ .‬وقال الافظ‬
‫‪ :‬رجاله موثوقون إل أن فيه اختلفا ‪ - 2 .‬وعن علي أنه رجم من عمل هذا العمل ‪.‬‬
‫أخرجه البيهقي ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬وبذا نأخذ برجم من يعمل هذا العمل مصنا كان أو‬
‫غي مصن ‪ - 3 .‬وعن أب بكر أنه جع الناس ف حق رجل ينكح كما ينكح النساء ‪.‬‬
‫فسأل أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ذلك فكان من أشدهم يومئذ قول‬
‫علي بن أب طالب عليه السلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬هذا ذنب ل تعص به أمة من المم ‪ ،‬إل أمة‬
‫واحدة ‪ ،‬صنع ال با ما قد علمتم ‪ ،‬نرى أن نرقه بالنار " ‪ .‬فكتب أبو بكر إل خالد بن‬
‫الوليد يأمره أن يرقه بالنار ‪ .‬أخرجه البيهقي وف إسناده إرسال ‪ .‬وأفاد الشوكان بأن‬
‫هذه الحاديث تنهض بجموعها للحتجاج با ‪ .‬وهؤلء اختلفوا ف كيفية قتل مرتكب‬
‫هذا العمل ‪ .‬فروي عن أب بكر وعلي ‪ :‬أنه يقتل بالسيف ‪ ،‬ث يرق ‪ ،‬لعظم العصية ‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وذهب عمر وعثمان إل أنه يلقى عليه حائط ‪ .‬وذهب ابن عباس إل أنه يلقى من أعلى‬
‫بناء ف البلد ‪ .‬وحكى البغوي عن الشعب ‪ ،‬والزهري ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬أنه‬
‫يرجم ‪ .‬وحكي ذلك الترمذي عن مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬وإسحاق ‪ .‬وروي عن‬
‫النخعي أنه لو كان يستقيم أن يرجم الزان مرتي لرجم من يعمل عمل قوم لوط ‪ .‬وقال‬
‫النذري ‪ :‬حرق من يعمل هذا العمل أبو بكر وعلي ‪ ،‬وعبد ال بن الزبي ‪ ،‬وهشام بن‬
‫عبد اللك ‪ ( .‬الذهب الثان ) ‪ :‬وذهب سعيد بن السيب ‪ ،‬وعطاء بن أب رباح ‪/ ،‬‬
‫صفحة ‪/ 434‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 434‬‬
‫والسن ‪ ،‬وقتادة ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬وأبو طالب ‪ ،‬والمام يي ‪،‬‬
‫والشافعي ف قول إل أن حده حد الزان ‪ ،‬فيجلد البكر ويغرب ‪ ،‬ويرجم الحصن ‪.‬‬
‫واستدلوا با يأت ‪ - 1 :‬ان هذا الفعل نوع من أنواع الزنا ‪ ،‬لنه إيلج فرج ف فرج ‪،‬‬
‫فيكون اللئط واللوط به داخلي تت عموم الدلة الواردة ف الزان الحصن والبكر ‪،‬‬
‫ويؤيد هذا حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان "‬
‫‪ - 2 .‬انه على فرض عدم شول الدلة الواردة ف عقوبة الزنا لما ‪ ،‬فهما لحقان بالزان‬
‫بطريق القياس ‪ ( .‬الذهب الثالث ) ‪ :‬وذهب أبو حنيفة ‪ ،‬والؤيد بال ‪ ،‬والرتضى ‪،‬‬
‫والشافعي ف قول إل تعزير مرتكب هذه الفاحشة ‪ ،‬لن الفعل ليس بزنا فل يأخذ حكمه‬
‫‪ .‬وقد رجح الشوكان مذهب القائلي بالقتل ‪ ،‬وضعف الذهب الخي لخالفته للدلة ‪،‬‬
‫وناقش الذهب الثان فقال ‪ " :‬إن الدلة الواردة بقتل الفاعل والفعول به مطلقا مصصة‬
‫لعموم أدلة الزنا الفارقة بي البكر والثيب على فرض شولا الرتكب جرية قوم لوط ‪،‬‬
‫ومبطلة للقياس الذكور على فرض عدم الشمول ‪ ،‬لنه يصي فاسد العتبار ‪ ،‬كما تقرر‬
‫ف الصول ( ‪ ) 2 ( . ) 1‬الستمناء ‪ :‬استمناء الرجل بيده ما يتناف مع ما ينبغي أن‬
‫يكون عليه النسان من الدب وحسن اللق ‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء ف حكمه ‪ :‬فمنهم من‬
‫رأى أنه حرام مطلقا ‪ .‬ومنهم من رأى أنه حرام ف بعض الالت ‪ ،‬وواجب ف بعضها‬
‫الخر ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬لنه ل قياس مع النص ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 435‬ومنهم من‬

‫‪318‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذهب إل القول بكراهته ‪ .‬أما الذين ذهبوا إل تريه فهم الالكية والشافعية ‪ ،‬والزيدية ‪.‬‬
‫وحجتهم ف التحري أن ال سبحانه أمر بفظ الفروج ف كل الالت ‪ ،‬إل بالنسبة‬
‫للزوجة ‪ ،‬وملك اليمي ‪ .‬فإذا تاوز الرء هاتي الالتي واستمن ‪ ،‬كان من العادين‬
‫التجاوزين ما أحل ال لم إل ما حرمه عليهم ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬والذين هم‬
‫لفروجهم حافظون ‪ .‬إل على أزواجهم أو ما ملكت أيانم فإنم غي ملومي ‪ .‬فمن ابتغى‬
‫وراء ذلك فأولئك هم العادون " ‪ ) 1 ( .‬وأما الذين ذهبوا ال التحري ف بعض‬
‫الالت ‪ ،‬والوجوب ف بعضها الخر ‪ ،‬فهم الحناف فقد قالوا ‪ :‬إنه يب الستمناء إذا‬
‫خيف الوقوع ف الزنا بدونه ‪ ،‬جريا على قاعدة ‪ :‬ارتكاب أخف الضررين ‪ .‬وقالوا ‪ :‬إنه‬
‫يرم إذا كان لستجلب الشهوة وإثارتا ‪ .‬وقالوا ‪ :‬إنه ل بأس به إذا غلبت الشهوة ‪ ،‬ول‬
‫يكن عنده زوجة أو أمة واستمن بقصد تسكينها ‪ .‬وأما النابلة فقالوا ‪ :‬إنه حرام ‪ ،‬إل إذا‬
‫استمن خوفا على نفسه من الزنا ‪ ،‬أو خوفا على صحته ‪ ،‬ول تكن له زوجة أو أمة ‪ ،‬ول‬
‫يقدر على الزواج ‪ ،‬فإنه لحرج عليه ‪ .‬وأما ابن حزم فيى أن الستمناء مكروه ول إث‬
‫فيه ‪ ،‬لن مس الرجل ذكره بشماله مباح بإجاع المة كلها ‪ .‬وإذا كان مباحا فليس‬
‫هنالك زيادة على الباح إل التعمد لنول الن ‪ ،‬فليس ذلك حراما أصل ‪ ،‬لقول ال تعال‬
‫‪ " :‬وقد فصل ال لكم ما حرم عليكم " ( ‪ . ) 2‬وليس هذا ما فصل لنا تريه ‪ ،‬فهو‬
‫حلل لقوله تعال ‪ " :‬خلق لكم ما ف الرض جيعا " ‪ .‬قال ‪ :‬وإنا كره الستمناء لنه‬
‫ليس من مكارم الخلق ول من الفضائل ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الؤمنون ‪ .‬اليات ‪:‬‬
‫‪ ) 2 ( . 7 ، 6 ، 5‬سورة النعام ‪ .‬الية ‪ / ) . ( . 119 :‬صفحة ‪ / 436‬وروي لنا‬
‫أن الناس تكلموا ف الستمناء فكرهته طائفة وأباحته أخرى ‪ .‬ومن كرهه ابن عمر ‪،‬‬
‫وعطاء ‪ .‬ومن أباحه ابن عباس ‪ ،‬والسن ‪ ،‬وبعض كبار التابعي ‪ .‬وقال السن ‪ :‬كانوا‬
‫يفعلونه ف الغازي ‪ .‬وقال ماهد ‪ :‬كان من مضى يأمرون شبابم بالستمناء يستعفون‬
‫بذلك ‪ ،‬وحكم الرأة مثل حكم الرجل فيه ‪ ) 3 ( .‬السحاق ‪ :‬السحاق مرم باتفاق‬
‫العلماء ‪ ،‬لا رواه أحد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود والترمذي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ " :‬ل ينظر الرجل إل عورة الرجل ‪ ،‬ول الرأة إل عورة الرأة ‪ ،‬ول يفضي الرجل‬
‫إل الرجل ف ثوب واحد ‪ ،‬ول تفضي الرأة إل الرأة ف الثوب الواحد " ‪ .‬والسحاق‬

‫‪319‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مباشرة دون إيلج ‪ ،‬ففيه التعزير دون الد كما لو باشر الرجل الرأة دون إيلج ف‬
‫الفرج ‪ ) 4 ( .‬إتيان البهيمة ‪ :‬أجع العلماء على تري إتيان البهيمة ‪ .‬واختلفوا ف عقوبة‬
‫من فعل ذلك ‪ :‬فروي عن جابر بن زيد أنه قال ‪ :‬من أتى بيمة أقيم عليه الد ‪ .‬وروي‬
‫عن علي أنه قال ‪ :‬إن كان مصنا رجم ‪ .‬وروي عن السن ‪ :‬أنه بنلة الزان ‪ :‬وذهب‬
‫أبو حنيفة ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والشافعي ف قول له ‪ ،‬والؤيد بال ‪ ،‬والناصر ‪ ،‬والمام يي إل‬
‫وجوب التعزير فقط ‪ ،‬إذ أنه ليس بزنا ‪ .‬وذهب الشافعي ف قول آخر ‪ :‬إل أنه يقتل ‪ ،‬لا‬
‫رواه عمرو بن أب عمرو ‪ ،‬عن عكرمة عن ابن عباس ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال‬
‫‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬السحاق إتيان الرأة الرأة ‪) . ( .‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 436‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ " / 437‬من وقع على بيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وأبو‬
‫داود ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وقال ‪ :‬ل نعرفه إل من حديث عمرو بن أب عمرو ‪ .‬وروى الترمذي‬
‫وأبو داود من حديث عاصم ‪ ،‬عن أب رزين ‪ ،‬عن ابن عباس أنه قال ‪ " :‬من أتى بيمة فل‬
‫حد عليه " وذكر أنه أصح ‪ .‬وروى ابن ماجه ‪ ،‬عن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من وقع على ذات مرم فاقتلوه ‪ ،‬ومن وقع على بيمة فاقتلوه‬
‫واقتلوا البهيمة " ‪ .‬قال الشوكان ‪ " :‬وف الديث دليل على أنه تقتل البهيمة ‪ -‬والعلة ف‬
‫ذلك ما رواه أبو داود والنسائي أنه قيل لبن عباس ‪ :‬ما شأن البهيمة ؟ قال ‪ :‬ما أراه قال‬
‫ذلك ‪ ،‬إل أنه يكره أن يؤكل لمها ‪ ،‬وقد عمل با ذلك العمل ‪ .‬وقد تقدم أن العلة أن‬
‫يقال ‪ :‬هذه الت فعل با كذا وكذا ‪ .‬وقد ذهب إل تري لم البهيمة الفعول با ‪ .‬وإل‬
‫إنا تذبح علي عليه السلم والشافعي ف قول له ‪ .‬وذهبت القاسية ‪ ،‬والشافعية ف قول ‪،‬‬
‫وأبو حنيفة وأبو يوسف إل أنه يكره أكلها تنيها فقط ‪ .‬قال ف البحر أنا تذبح البهيمة‬
‫ولو كانت غي مأكولة ‪ ،‬لئل تأت بولد مشوه ‪ ،‬كما روى أن راعيا أتى بيمة فأتت‬
‫بولود مشوه ‪ .‬انتهى ‪ .‬قال ‪ :‬وأما حديث أن النب صلى ال عليه وسلم نى عن ذبح‬
‫اليوان إل لكله ‪ ،‬فهو عام مصص بديث الباب " انتهى ( ‪ ) 5 ( ) 1‬الوطء بالكراه‬
‫‪ :‬إذا أكرهت الرأة على الزنا فإنه ل حد عليها ‪ ،‬لن ال تعال يقول ‪ ( :‬هامش ) ( ‪) 1‬‬

‫‪320‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫نيل الوطار ‪ :‬ج‍ ‪ 7‬ص ‪ / ) . ( . 900‬صفحة ‪ " / 438‬فمن اضطر غي باغ ول عاد‬
‫فل إث عليه " ‪ .‬والرسول عليه الصلة والسلم يقول ‪ " :‬رفع عن أمت الطأ والنسيان ‪،‬‬
‫وما استكرهوا عليه " ‪ .‬وقد استكرهت امرأة على عهد الرسول عليه الصلة والسلم فدرأ‬
‫عنها الد ‪ .‬وجاءت امرأة إل عمر فذكرت له أنا استسقت راعيا فأب أن يسقيها إل أن‬
‫تكنه من نفسها ‪ -‬ففعلت ‪ -‬فقال ‪ " :‬علي ‪ :‬ما ترى فيها ؟ " قال ‪ :‬إنا مضطرة ‪،‬‬
‫فأعطاها شيئا وتركها ‪ .‬ويستوي ف ذلك الكراه باللاء ‪ -‬بعن أن يغلبها على نفسها‬
‫‪ -‬والكراه بالتهديد ‪ ،‬ول يالف ف ذلك أحد من أهل العلم ‪ ،‬وإنا اختلفوا ف وجوب‬
‫الصداق لا ‪ .‬فذهب مالك والشافعي ‪ ،‬إل وجوبه ‪ .‬روى مالك ف الوطأ عن ابن شهاب‬
‫أن عبد اللك بن مروان قضي ف امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك با ‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل صداق لا ‪ .‬قال ف بداية الجتهد ‪ " :‬وسبب اللف ‪ :‬هل الصداق‬
‫عوض عن البضع أو هو نلة فمن قال ‪ :‬هو عوض عن البضع أوجبه ف البضع ف اللية‬
‫والحرمية ومن قال إنه نلة خص ال به الوزاج ل يوجبه ‪ .‬ورأي أب حنيفة أصح ‪6 ( .‬‬
‫) الطأ ف الوطء ‪ :‬إذا زفت إل رجل امرأة غي زوجته ‪ ،‬وقيل له هذه زوجتك فوطئها‬
‫يعتقدها زوجته فل حد عليه باتفاق ‪ .‬وكذلك الكم إذا ل يقل له هذه زوجتك ‪ ،‬أو‬
‫وجد على فراشه امرأة ظنها امرأته فوطئها ‪ ،‬أو دعا زوجته فجاء غيها ‪ ،‬فظنها الدعوة‬
‫فوطئها ‪ ،‬ل حد عليه ف كل ذلك ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ .‬الية ‪. ( . 173 :‬‬
‫) ‪ /‬صفحة ‪ / 439‬وهكذا الكم ف كل خطأ ف وطء مباح ‪ ،‬أما الطأ ف الوطء‬
‫الحرم ‪ ،‬فإنه يوجب الد ‪ ،‬فمن دعا امرأة مرمة عليه فأجابته غيها فوطئها يظنها الدعوة‬
‫فعليه الد ‪ ،‬فإن دعا مرمة عليه ‪ ،‬فأجابته زوجته فوطئها يظنها الجنبية الت دعاها ‪ ،‬فل‬
‫حد عليه ‪ ،‬وإن أث باعتبار ظنه ‪ .‬بقاء البكارة ‪ :‬وعدم زوال البكارة يعتب شبهة ف حق‬
‫الشهود عليها بالزنا ‪ ،‬عند أب حنيفة ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬والشيعة الزيدية ‪ .‬فإذا شهد‬
‫أربعة على امرأة بالزنا وشهد ثقات من النساء بأنا عذراء فلحد عليها للشبهة ول حد‬
‫على الشهود ‪ ) 7 ( .‬الوطء ف نكاح متلف فيه ‪ :‬ول يب الد ف نكاح متلف ف‬
‫صحته ‪ ،‬مثل زواج التعة ‪ ،‬والشغار ‪ ،‬وزواج التحليل ‪ ،‬والزواج بل ول أو شهود ‪،‬‬
‫وزواج الخت ف عدة أختها البائن ‪ ،‬وزواج الامسة ‪ ،‬ف عدة الرابعة البائن ‪ ،‬لن‬

‫‪321‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الختلف بي الفقهاء على صحة هذا الزواج يعتب شبهة ف الوطء ‪ ،‬والدود تدرأ‬
‫بالشبهات خلفا للظاهرية ‪ ،‬إذ أنم يرون الد ف كل وطء قام على نكاح باطل أو فاسد‬
‫‪ ) 8 ( .‬الوطء ف نكاح باطل ‪ :‬وكل زواج ممع على بطلنه ‪ ،‬كنكاح خامسة زيادة‬
‫على الربع ‪ ،‬أو متزوجة ‪ ،‬أو معتدة الغي ‪ ،‬أو نكاح الطلقة ثلثا قبل أن تتزوج زوجا‬
‫آخر ‪ ،‬إذا وطئ فيه فهو زنا موجب للحد ‪ ،‬ول عبة بوجود العقد ول أثر له ‪ .‬حد‬
‫القذف ( ‪ ) 1‬تعريفه ‪ :‬أصل القذف الرمي بالجارة وغيها ‪ .‬ومنه قول ال تعال لم‬
‫موسى عليه السلم ‪ " :‬أن اقذ فيه ف التابوت ‪ ،‬فاقذ فيه ف اليم " ( ‪ ( ) 1‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬سورة طه ‪ .‬الية ‪ / ) . ( . 39 :‬صفحة ‪ / 440‬والقذف بالزنا مأخوذ من هذا‬
‫العن ‪ ،‬والقصود به هنا العن الشرعي ‪ ،‬وهو الرمي بالزنا ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 440‬‬
‫( ‪ ) 2‬حرمته ‪ :‬يستهدف السلم حاية أعراض الناس ‪ ،‬والحافظة على سعتهم ‪ ،‬وصيانة‬
‫كرامتهم ‪ ،‬وهو لذا يقطع ألسنة السوء ويسد الباب على الذين يلتمسون للبآء العيب ‪،‬‬
‫فيمنع ضعاف النفوس من أن يرحوا مشاعر الناس ويغلوا ف أعراضهم ‪ ،‬ويظر أشد‬
‫الظر إشاعة الفاحشة ف الذين آمنوا حت تتطهر الياة من سريان هذا الشر فيها ‪ .‬فهو‬
‫يرم القذف تريا قاطعا ‪ ،‬ويعله كبية من كبائر الث والفواحش ‪ ،‬ويوجب على‬
‫القاذف ثاني جلدة ‪ -‬رجل كان أو امرأة ‪ -‬وينع من قبول شهادته ‪ ،‬ويكم عليه‬
‫بالفسق واللعن والطرد من رحة ال ‪ ،‬واستحقاق العذاب الليم ف الدنيا والخرة ‪ ،‬اللهم‬
‫إل إذا ثبت صحة قوله بالدلة الت ل يتطرق إليها الشك ‪ ،‬وهي شهادة أربع شهداء بأن‬
‫القذوف تورط ف الفاحشة يقول ال سبحانه ‪ " :‬والذين يرمون ( ‪ ) 1‬الحصنات ( ‪) 2‬‬
‫ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة ‪ .‬ول تقبلوا لم شهادة أبدا ‪ ،‬وأولئك هم‬
‫الفاسقون ‪ .‬إل الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن ال غفور رحيم " ( ‪ . ) 3‬ويقول‬
‫‪ " :‬إن الذين يرمون الحصنات الغافلت الؤمنات ‪ ،‬لعنوا ف الدنيا والخرة ‪ ،‬ولم عذاب‬
‫عظيم ‪ .‬يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم با كانوا يعملون ‪ .‬يومئذ يوفيهم ال‬
‫دينهم الق ‪ ،‬ويعلمون أن ال هو الق البي " ( ‪ ( . ) 4‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يرمون ‪:‬‬

‫‪322‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقذفون ويسبون ‪ ) 2 ( .‬الحصنات ‪ :‬أي النفس العفيفة ليدخل فيها الذكور والناث‬
‫خلفا لبعض فرق الوارج الذين يرون أن حد القذف خاص برمي النساء دون الرجال‬
‫وقوفا عند ظاهر الية ‪ ) 3 ( .‬سورة النور ‪ .‬الية ‪ ) 4 ( . 5 : 4‬سورة النور ‪ .‬اليات ‪:‬‬
‫‪ / ) . ( . 25 ، 24 ، 23‬صفحة ‪ / 441‬ويقول ‪ " :‬إن الذين يبون أن تشيع الفاحشة‬
‫ف الذين آمنوا لم عذاب أليم ف الدنيا والخرة " ‪ .‬وروى البخاري ومسلم أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬اجتنبوا السبع الوبقات ( ‪ . ) 1‬قالوا وما هن يارسول ال ؟‬
‫‪ .‬قال ‪ :‬الشرك بال ‪ ،‬والسحر ‪ ،‬وقتل النفس الت حرم ال ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬وأكل مال‬
‫اليتيم ‪ ،‬والتول يوم الزحف ( ‪ ، ) 2‬وقذف الحصنات الؤمنات الغافلت " ‪ .‬وكان هذا‬
‫التحري الذي نزلت به اليات بسبب حادث الفك الذي وقع لم الؤمني السيدة عائشة‬
‫رضي ال عنها قالت ‪ :‬لا نزل عذري ‪ ،‬قام النب على النب فذكر ذلك وتل القرآن ‪ ،‬فلما‬
‫نزل عن النب أمر بالرجلي والرأة فضربوا حدهم ‪ ،‬وهم حسان ومسطح ‪ ،‬وحنة ‪ .‬رواه‬
‫أبو داود ‪ .‬ما يشترط ف القذف ‪ :‬للقذف شروط لبد من توافرها حت يصبح جرية‬
‫تستحق عقوبة اللد ‪ .‬وهذه الشروط منها ما يب توافره ف القاذف ‪ ،‬ومنها ما يب‬
‫توافره ف القذوف ‪ ،‬ومنها ما يب توفره ف الشئ القذوف به ‪ .‬شروط القاذف ‪:‬‬
‫والشروط الت يب توفرها ف القاذف هي ‪ - 1 :‬العقل ‪ - 2 .‬البلوغ ‪ - 3 .‬الختيار ‪.‬‬
‫لن ذلك أصل التكليف ‪ ،‬ول تكليف بدون هذه الشياء ‪ .‬فإذا قذف الجنون أو الصب‬
‫أو الكره فل حد على واحد منهم ‪ ،‬لقول رسول ال صلى ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الوبقات ‪ :‬الهلكات ‪ ) 2 ( .‬التول يوم الزحف ‪ :‬الفرار من القتال ‪( .‬‬
‫‪ / ) .‬صفحة ‪ " / 442‬رفع القلم عن ثلث ‪ :‬عن النائم حت يستيقظ ‪ ،‬وعن الصب حت‬
‫يتلم ‪ ،‬وعن الجنون حت يفيق " ‪ .‬ويقول ‪ " :‬رفع عن أمت الطأ والنسيان ‪ ،‬وما‬
‫استكرهوا عليه " ‪ .‬فإذا كان الصب مراهقا بيث يؤذي قذفه فإنه يعزر تعزيرا مناسبا ‪.‬‬
‫شروط القذوف ‪ :‬وشروط القذوف هي ‪ - 1 :‬العقل ‪ :‬لن الد إنا شرع للزجر عن‬
‫الذية بالضرر الواقع على القذوف ‪ ،‬ول مضرة على من فقد العقل فل يد قاذفه ‪- 2 .‬‬
‫البلوغ ‪ :‬وكذلك يشترط ف القذوف البلوغ ‪ ،‬فل يد قاذف الصغي والصغية ‪ ،‬فإذا‬
‫رمى صبية يكن وطئها قبل البلوغ بالزنا ‪ ،‬فقد قال جهور العلماء ‪ :‬إن هذا ليس بقذف ‪،‬‬

‫‪323‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لنه ليس بزنا ‪ ،‬إذ ل حد عليها ‪ .‬ويعزر القاذف ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬ان ذلك قذف يد فاعله‬
‫‪ .‬وقال ابن العرب ‪ " :‬والسألة متملة الشك ‪ .‬لكن مالك غلب عرض القذوف وغيه‬
‫راعى حاية ظهر القاذف ‪ ،‬وحاية عرض القذوف أول ‪ ،‬لن القاذف كشف ستره‬
‫بطرف لسانه ‪ ،‬فلزم الد " ‪ .‬وقال ابن النذر ‪ " :‬وقال أحد ف الارية بنت تسع يلد‬
‫قاذفها ‪ ،‬وكذلك الصب إذا بلغ ضرب قاذفه " ‪ .‬وقال إسحاق ‪ :‬إذا قذف غلم يطأ مثله‬
‫فعليه الد ‪ .‬والارية إذا جاوزت تسعة مثل ذلك ‪ .‬وقال ابن النذر ‪ :‬ل يد من قذف من‬
‫ل يبلغ ‪ ،‬لن ذلك كذب ‪ .‬ويعزر على الذى ‪ - 3 .‬السلم ‪ :‬والسلم شرط ف‬
‫القذوف ‪ ،‬فلو كان القذوف من غي السلمي ل يقر الد على قاذفه عند جهور‬
‫العلماء ‪ ،‬وإذا كان العكس فقذف النصران أو اليهودي السلم الر فعليه ما على السلم ‪:‬‬
‫ثانون جلدة ‪ / .‬صفحة ‪ - 4 / 443‬الرية ‪ :‬فل يد العبد بقذف الر له ‪ ،‬سواء أكان‬
‫العبد ملكا للقاذف‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 443‬‬
‫أم لغيه ‪ :‬لن مرتبته تتلف عن مرتبة الر ‪ ،‬وإن كان قذف الر للعبد مرما لا رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪ .‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من قذف ملوكه بالزنا أقيم‬
‫عليه الد يوم القيامة ‪ ،‬إل أن يكون كما قال " ‪ .‬قال العلماء ‪ :‬وإنا كان ذلك ف الخرة‬
‫لرتفاع اللك ‪ ،‬واستواء الشريف والوضيع ‪ ،‬والر والعبد ‪ ،‬ول يكن لحد فضل إل‬
‫بالتقوى ‪ ،‬ولا كان ذلك تكافأ الناس ف الدود والرمة واقتص من كل واحد لصاحبه ‪،‬‬
‫إل أن يعفو الظلوم عن الظال ‪ .‬وإنا ل يتكافأوا ف الدنيا لئل تدخل الداخلة على الالكي‬
‫ف مكافأتم لم ( ‪ ) 1‬فل تصح لم حرمة ول فضل ف منلة ‪ ،‬وتبطل فائدة التسخي ‪.‬‬
‫ومن قذف من يسبه عبدا فإذا هو حر فعليه الد ‪ ،‬وهو اختيار ابن النذر ‪ ،‬وقال السن‬
‫البصري ل حد عليه ‪ .‬وأما ابن حزم فإنه رأى غي ما رآه جهور الفقهاء ‪ ،‬فرأى أن قاذف‬
‫العبد يقام عليه الد ‪ .‬وأنه ل فرق بي الر والعبد ف هذه الناحية ‪ .‬قال ‪ " :‬وأما قولم ل‬
‫حرمة للعبد ول للمة فكلم سخيف ‪ .‬والؤمن له حرمة عظيمة " ‪ .‬ورب عبد جلف خي‬
‫من خليفة قرشي عند ال تعال ‪ .‬ورأي ابن حزم هذا رأي وجيه وحق ‪ ،‬لو ل يصطدم‬

‫‪324‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالنص التقدم ‪ - 5 .‬العفة ‪ :‬وهي العفة عن الفاحشة الت رمي با سواء أكان عفيفا عن‬
‫غيها أم ل ‪ ،‬حت أن من زنا ف أول بلوغه ث تاب وحسنت حالته وامتد عمره فقذفه‬
‫قاذف ‪ ،‬فإنه ل حد عليه ‪ .‬وإن كان هذا القذف يستوجب التعزير لنه أشاع ما يب‬
‫ستره وإخفاؤه ‪ .‬ما يب توفره ف القذوف به ‪ :‬أما ما يب توفره ف القذوف به ‪ ،‬فهو‬
‫التصريح بالزنا أو التعريض ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي لئل تفسد العلقة بي السادة والعبيد ‪( .‬‬
‫‪ / ) .‬صفحة ‪ / 444‬الظاهر ‪ ،‬ويستوي ف ذلك القول والكتابة ‪ .‬ومثال التصريح أن‬
‫يقول موجه الطاب إل غيه ‪ " :‬يا زان " أو يقول عبارة تري مرى هذا التصريح ‪،‬‬
‫كنفي نسبه عنه ‪ .‬ومثال التعريض كأن يقول ف مقام التنازع ‪ " :‬لست بزان ول أمي‬
‫بزانية " ‪ .‬وقد اختلف العلماء ف التعريض ‪ . .‬فقال مالك ‪ :‬إن التعريض الظاهر ملحق‬
‫بالتصريح ‪ ،‬لن الكفاية قد تقوم ‪ -‬بعرف العادة والستعمال ‪ -‬مقام النص الصريح ‪ .‬وإن‬
‫كان اللفظ فيها مستعمل ف غي موضعه ‪ ،‬وقد أخذ عمر رضي ال عنه بذا الرأي ‪ .‬روى‬
‫مالك عن عمرة بنت عبد الرحن ‪ " :‬أن رجلي استبا ف زمان عمر بن الطاب فقال‬
‫أحدها للخر ‪ " :‬وال ما أب بزان ول أمي بزانية " ‪ .‬فاستشار عمر ف ذلك ‪ .‬فقال قائل‬
‫‪ :‬مدح أباه وأمه ‪ .‬وقال آخرون ‪ :‬قد كان لبيه وأمه مدح غي هذا ‪ .‬نرى أن تلده الد‬
‫فجلده عمر الد ثاني " ‪ .‬وذهب ابن مسعود ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬والثوري ‪،‬‬
‫وابن أب ليلى ‪ ،‬وابن حزم ‪ ،‬والشيعة ‪ ،‬ورواية عن أحد ‪ :‬إل أنه ل حد ف التعريض ‪،‬‬
‫لن التعريض يتضمن الحتمال ‪ ،‬والحتمال شبهة ‪ .‬والدود تدرأ بالشبهات ‪ .‬إل أن أبا‬
‫حنيفة والشافعي يريان تعزير من يفعل ذلك ‪ .‬قال صاحب الروضة الندية ‪ :‬كاشفا وجه‬
‫الصواب ف هذا ‪ " :‬التحقيق أن الراد من رمي الحصنات الذكور ف كتاب ال عزوجل‬
‫هو أن يأت القاذف بلفظ يدل ‪ -‬لغة أو شرعا أو عرفا ‪ -‬على الرمي بالزنا ‪ ،‬ويظهر من‬
‫قرائن الحوال أن التكلم ل يرد إل ذلك ‪ ،‬ول يأت بتأويل مقبول يصح حل الكلم عليه‬
‫‪ ،‬فهذا يوجب حد القذف بل شك ول شبهة ‪ .‬وكذلك لو جاء بلفظ ل يتمل الزنا أو‬
‫يتمله احتمال مرجوحا ‪ ،‬وأقر أنه أراد الرمي بالزنا فإنه يب عليه الد ‪ / .‬صفحة ‪445‬‬
‫‪ /‬وأما إذا عرض بلفظ متمل ول تدل قرينة حال ول مقال على أنه قصد الرمي بالزنا ‪،‬‬
‫فل شئ عليه ‪ ،‬لنه ل يسوغ إيلمه بجرد الحتمال " ‪ .‬ب يثبت حد القذف ‪ :‬الد يثبت‬

‫‪325‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بأحد أمرين ‪ - 1 :‬إقرار القاذف نفسه ‪ - 2 .‬أو بشهادة رجلي عدلي ‪ .‬عقوبة القاذف‬
‫الدنيوية ‪ :‬يب على القاذف ‪ -‬إذا ل يقم البينة على صحة ما قال ‪ -‬عقوبة مادية ‪ ،‬وهي‬
‫ثانون جلدة ‪ .‬وعقوبة أدبية ‪ ،‬وهي رد شهادته وعدم قبولا أبدا والكم بفسقه لنه‬
‫يصبح غي عدل عند ال وعند الناس ‪ .‬وهاتان العقوبتان ها القررتان ف قول ال سبحانه‬
‫وتعال ‪ " :‬والذين يرمون الحصنات ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة ‪،‬‬
‫ول تقبلوا لم شهادة أبدا ‪ ،‬وأولئك هم الفاسقون ‪ ،‬إل الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا‬
‫‪ ،‬فإن ال غفور رحيم " ‪ .‬وهذا متفق عليه بي العلماء إذا ل يتب القاذف ‪ .‬بقي هنا‬
‫مسألتان اختلف فيهما العلماء ‪ ( :‬السألة الول ) هل عقوبة العبد مثل عقوبة الر أو ل ؟‬
‫( السألة الثانية ) إذا تاب القاذف ‪ ،‬هل يرد له اعتباره وتقبل شهادته أول ؟ ‪ .‬أما السألة‬
‫الول فهي أنه إذا قذف العبد الر الحصن وجب عليه الد ‪ ،‬ولكن هل حده مثل حد‬
‫الر ‪ ،‬أو على النصف منه ؟ ‪ .‬ل يثبت حكم ذلك ف السنة ‪ ،‬ولذا اختلفت أنظار‬
‫الفقهاء ‪ ،‬فذهب أكثر‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 445‬‬
‫أهل العلم إل أن العبد إذا ثبتت عليه جرية القذف ‪ ،‬فعقوبته أربعون جلدة ‪ ،‬لنه حد‬
‫يتنصف بالرق ‪ ،‬مثل حد الزنا ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬فإن أتي بفاحشة فعليهن نصف ما‬
‫على الحصنات من العذاب " ( ‪ ( ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء ‪ .‬الية ‪) . ( . 25 :‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 446‬قال مالك ‪ " :‬قال أبو الزناد سألت عبد ال بن عامر بن ربيعة عن ذلك‬
‫‪ .‬فقال ‪ :‬أدركت عمر بن الطاب ‪ ،‬وعثمان بن عفان ‪ ،‬واللفاء ‪ ،‬وهلم جرا ‪ ،‬فما‬
‫رأيت أحدا جلد عبدا ف فرية أكثر من أربعي " ‪ .‬وروي عن ابن مسعود ‪ ،‬والزهري ‪،‬‬
‫وعمر بن عبد العزيز وقبيصة بن ذؤيب ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬وابن حزم ‪ ،‬أنه يلد ثاني جلدة ‪.‬‬
‫لنه حد وجب ‪ ،‬حقا للدميي ‪ ،‬إذ أن الناية وقعت على عرض القذوف ‪ ،‬والناية ل‬
‫تتلف بالرق والرية ‪ .‬قال ابن النذر ‪ :‬والذي عليه المصار القول الول ‪ ،‬وبه أقول ‪.‬‬
‫وقال ف السوى ‪ " :‬وعليه أهل العلم " ‪ .‬وقد ناقش صاحب الروضة الندية الرأي الول ‪،‬‬
‫وقال مرجحا الرأي الثان ‪ :‬الية الكرية عامة يدخل تتها الر والعبد ‪ ،‬والغضاضة بقذف‬

‫‪326‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العبد للحر أشد منها بقذف الر للحر ‪ ،‬وليس ف حد القذف ما يدل على تنصيفه‬
‫للعبد ‪ ،‬ل من الكتاب ول من السنة ‪ .‬ومعظم ما وقع التعويل عليه هو قوله تعال ف حد‬
‫الزنا ‪ " :‬فعليهن نصف ما على الحصنات من العذاب " ‪ .‬ول يفى أن ذلك ف حد آخر‬
‫غي حد القذف ‪ .‬فإلاق أحد الدين بالخر فيه إشكال ‪ ،‬ل سيما مع اختلف العلة‬
‫وكون أحدهم حقا ل مضا ‪ ،‬والخر مشوبا بق آدمي ‪ .‬أما السألة الثانية ‪ :‬فقد اتفق‬
‫الفقهاء على أن القاذف ل تقبل شهادته ما دام ل يتب ‪ ،‬لنه ارتكب ما يستوجب الفسق‬
‫‪ ،‬والفسق يذهب بالعدالة ‪ ،‬والعدالة شرط ف قبول الشهادة ‪ ،‬وأنه ل يتب من فسقه‬
‫هذا ‪ ،‬واللد ‪ ،‬وإن كان مكفرا للث الذي ارتكبه وملصا له من عقاب الخرة ‪ ،‬إل أنه‬
‫ل يزيل عنه وصف الفسق الوجب لرد الشهادة ‪ .‬ولكن إذا تاب وحسنت توبته ‪ ،‬فهل‬
‫يرد له اعتباره وتقبل شهادته أم ل ؟ ‪ .‬اختلف الفقهاء ف ذلك إل رأيي ‪ ( :‬الرأي‬
‫الول ) يرى قبول شهادة الحدود ف قذف إذا تاب توبة نصرحا ‪ /‬صفحة ‪ / 447‬وهذا‬
‫هو رأي مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬والليث ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬وسفيان بن عيينة ‪ ،‬والشعب ‪،‬‬
‫والقاسم ‪ ،‬وسال ‪ ،‬والزهري ‪ .‬وقال عمر لبعض من حدهم ف قذف ‪ :‬إن تبت قبلت‬
‫شهادتك ! أما ( الرأي الثان ) فإنه يرى عدم قبولا ‪ ،‬ومن ذهب إل هذا ‪ :‬الحناف ‪،‬‬
‫والوزاعي ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬والسن ‪ ،‬وسعيد بن السيب ‪ ،‬وشريح ‪ ،‬وابراهيم النخعي ‪،‬‬
‫وسعيد بن جبي ‪ .‬وأصل هذا اللف هو الختلف ف تفسي قول ال تعال ‪ " :‬ول‬
‫تقبلوا لم شهادة أبدا ‪ ،‬وأولئك هم الفاسقون ‪ .‬إل الذين تابوا " ‪ .‬فهل الستثناء ف الية‬
‫راجع إل المرين معا ‪ :‬أي عدم قبول الشهادة ‪ ،‬والكم بالفسق ‪ ،‬أو راجع إل المر‬
‫الخي ‪ ،‬وهو الكم بالفسق ؟ ‪ .‬فمن قال ان الستثناء راجع إل المرين معا ‪ ،‬قال بواز‬
‫قبول الشهادة بعد التوبة ‪ .‬ومن قال إنه راجع إل الكم بالفسق ‪ ،‬قال بعدم قبولا مهما‬
‫كانت توبته ‪ .‬كيفية التوبة ‪ :‬قال عمر رضي ال عنه ‪ :‬توبة القاذف ل تكون إل بأن‬
‫يكذب نفسه ف ذلك القذف الذي ل حد فيه ‪ .‬وقال الذين شهدوا على الغية ‪ :‬من‬
‫أكذب نفسه أجزت شهادته فيما يستقبل ‪ .‬ومن ل يفعل ل أجز شهادته ‪ .‬فأكذب الشبل‬
‫بن معبد ‪ ،‬ونافع بن الارث بن كلدة أنفسهما وتابا وأب أبو بكرة أن يفعل ‪ ،‬فكان ل‬
‫يقبل شهادته ‪ .‬وهذا مذهب الشعب ‪ ،‬ومكي عن أهل الدينة ‪ ،‬وقالت طائفة من العلماء‬

‫‪327‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ :‬توبته أن يصلح ويسن حاله ‪ ،‬وإن ل يرجع عن قوله بتكذيب ‪ ،‬وحسبه الندم على قذفه‬
‫والستغفار منه وترك العود إليه ‪ .‬وهذا مذهب مالك ‪ ،‬وابن جرير ‪ / .‬صفحة ‪/ 448‬‬
‫هل يد بقذف أصله ؟ قال أبو ثور وابن النذر ‪ " :‬إذا قذف القاذف ابنه فإنه يد لظاهر‬
‫القرآن الكري فإنه ل يفرق بي قاذف ومقذوف ‪ .‬وقالت النفية والشافعية ‪ :‬ل يد ‪ ،‬لنه‬
‫يشترط ف القاذف أن ل يكون أصل كالب والم ‪ ،‬لنه إذا ل يقتل الصل به فعدم حده‬
‫بقذفه أول ‪ ،‬وإن قالوا بتعزيره ‪ ،‬لن القذف أذى ‪ .‬تكرار القذف لشخص واحد ‪ :‬إذا‬
‫قذف القاذف شخصا واحدا أكثر من مرة ‪ ،‬فعليه حد واحد إذا ل يكن قد حد لواحد‬
‫منها ‪ ،‬فإن كان قد حد لواحد منها ث عاد إل القذف ‪ ،‬حد مرة ثانية ‪ ،‬فإن عاد مرة ثالثة‬
‫وهكذا يد لكل قذف ‪ .‬قذف الماعة ‪ :‬إذا قذف القاذف جاعة ورماهم بالزنا ‪ ،‬فقد‬
‫اختلفت أنظار الفقهاء ف ف حكمه إل ثلثة مذاهب ‪ ( :‬الذهب الول ) مذهب القائلي‬
‫بأنه يد حدا واحدا ‪ .‬وهم أبو حنيفة ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬وأحد والثوري ‪ ( .‬والذهب الثان )‬
‫مذهب القائلي بأن عليه لكل واحد حدا ‪ ،‬وهم الشافعي والليث ‪ ( .‬والذهب الثالث )‬
‫مذهب الذين فرقوا بي أن يمعهم ف كلمة واحدة ‪ ،‬مثل أن يقول لم ‪ :‬يا زناة ‪ .‬أو‬
‫يقول ‪ :‬لكل واحد ‪ :‬يا زان ‪ ،‬ففي الصورة الول يد حدا واحدا ‪ ،‬وف الثانية حد لكل‬
‫واحد منهم ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 448‬‬
‫قال ابن رشد ‪ :‬فعمدة من ل يوجب على قاذف الماعة إل حدا واحدا حديث أنس‬
‫وغيه ‪ :‬أن هلل بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحاء ‪ ،‬فرفع ذلك إل النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فلعن بينهما ول يد شريكا ‪ ،‬وذلك إجاع من أهل العلم فيمن قذف‬
‫زوجته برجل ‪ .‬وعمدة من رأى أن الد لكل واحد منهم أنه حق للدميي ‪ ،‬وأنه لو عفا‬
‫بعضهم ول يعف الكل ل يسقط الد ‪ .‬وأما من فرق بي من قذفهم ف كلمة واحدة أو‬
‫كلمات ‪ ،‬أو ف ملس ‪ /‬صفحة ‪ / 449‬واحد أو ف مالس ‪ ،‬فلنه رأى أنه وجب أن‬
‫يتعدد الد بتعدد القذف ‪ ،‬لنه إذا اجتمع تعدد القذوف وتعدد القذف ‪ ،‬كان أوجب أن‬
‫يتعدد الد ‪ .‬هل الد حق من حقوق ال أو من حقوق الدميي ؟ ‪ :‬ذهب أبو حنيفة إل‬

‫‪328‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن الد حق من حقوق ال ‪ ،‬ويترتب على كونه حقا من حقوق ال ‪ ،‬أنه إذا بلغ‬
‫الاكم ‪ ،‬وجب عليه إقامته ‪ ،‬وإن ل يطلب ذلك القذوف ‪ ،‬ول يسقط بعفوه ‪ ،‬ونفعت‬
‫القاذف التوبة فيما بينه وبي ال تعال ‪ ،‬ويتنصف فيه الد بالرق مثل الزنا ‪ .‬وذهب‬
‫الشافعي إل أنه حق من حقوق الدميي ‪ ،‬ويترتب عليه أن المام ل يقيمه إل بطالبة‬
‫القذوف ‪ ،‬ويسقط بعفوه ‪ ،‬ويورث عنه ويسقط بعفو وارثه ‪ ،‬ول تنفع القاذف التوبة‬
‫حت يلله القذوف ‪ .‬سقوط الد ‪ :‬ويسقط حد القذف بجئ القاذف بأربعة شهداء ‪،‬‬
‫لن الشهداء ينفون عنه صفة القذف الوجبة للحد ‪ ،‬ويثبتون صدور الزنا بشهادتم ‪.‬‬
‫فيقام حد الزنا على القذوف ‪ ،‬لنه زان ‪ .‬وكذلك إذا أقر القذوف بالزنا واعترف با‬
‫رماه به القاذف ‪ .‬وإذا قذفت الرأة زوجها فإنه يقام عليها الد ‪ ،‬إذا توفرت شروطه‬
‫بلف ما إذا قذفها هو ول يقم عليها البينة ‪ ،‬فإنه ل يقام عليه الد ‪ ،‬وإنا يتلعنان ‪ ،‬وقد‬
‫تقدم ذلك ف باب اللعان ‪ / .‬صفحة ‪ / 450‬الردة تعريفها ‪ :‬الردة ‪ :‬هي الرجوع ف‬
‫الطريق الذي جاء منه ‪ ،‬وهي مثل الرتداد ‪ ،‬إل أنا تتص بالكفر ‪ .‬والقصود با هنا ‪:‬‬
‫رجوع السلم ‪ ،‬العاقل ‪ ،‬البالغ ‪ ،‬عن السلم إل الكفر باختياره دون إكراه من أحد ‪-‬‬
‫سواء ف ذلك الذكور والناث ‪ -‬فل عبة بارتداد الجنون ول الصب ( ‪ ) 1‬لنما غي‬
‫مكلفي ‪ .‬يقول النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬رفع القلم عن ثلث ‪ :‬عن النائم حت‬
‫يستيقظ ‪ ،‬وعن الصب حت يتلم ‪ ،‬وعن الجنون حت يعقل " ‪ .‬رواه أحد وأصحاب‬
‫السنن وحسنه الترمذي ‪ .‬وقال الاكم ‪ :‬صحيح على شرط الشيخي ‪ .‬والكراه على‬
‫التلفظ بكلمة الكفر ل يرج السلم عن دينه ما دام القلب مطمئنا باليان ‪ .‬وقد أكره‬
‫عمار بن ياسر على التلفظ بكلمة الكفر فنطق با ‪ ،‬وأنزل ال سبحانه ف ذلك ‪ " :‬من‬
‫كفر بال من بعد إيانه ‪ ،‬إل من أكره وقلبه مطمئن باليان ‪ ،‬ولكن من شرح بالكفر‬
‫صدرا ‪ ،‬فعليهم غضب من ال ‪ ،‬ولم عذاب عظيم " ‪ ) 2 ( .‬قال ابن عباس ‪ :‬أخذه‬
‫الشركون ‪ ،‬وأخذوا أباه وأمه سية ‪ ،‬وصهيبا وبلل ‪ ،‬وخبابا ‪ ،‬وسالا ‪ ،‬فعذبوهم ‪،‬‬
‫وربطت سية بي بعيين ‪ ،‬وجئ قبلها بربة ‪ ،‬وقيل لا ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وإن كان‬
‫إسلم الصب يصح وعبادته تقبل منه ( ‪ ) 2‬سورة النحل ‪ .‬الية ‪ / ) . ( 106 :‬صفحة‬
‫‪ / 451‬إنك أسلمت من أجل الرجال ‪ ،‬فقتلت وقتل زوجها ‪ ،‬وها أول قتيلي ف‬

‫‪329‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السلم ‪ .‬وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها ‪ -‬فشكا ذلك للنب صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال له ‪ " :‬كيف تد قلبك ؟ " قال مطمئن باليان ‪ .‬فقال الرسول ‪ " :‬إن عادوا‬
‫فعد " ‪ .‬هل انتقال الكافر من دين إل دين كفري آخرى يعتب ردة ؟ ‪ :‬قلنا ‪ :‬إن السلم‬
‫إذا خرج عن السلم كان مرتدا ‪ ،‬وجرى عليه حكم ال ف الرتدين ‪ ،‬ولكن هل الردة‬
‫قاصرة على السلمي الارجي عن السلم ‪ ،‬أو أنا تتناول غي السلمي إذا تركوا دينهم‬
‫إل غيه من الديان الكافرة ؟ ‪ .‬الظاهر أن الكافر إذا انتقل من دينه إل دين آخر من‬
‫أديان الكفر فإنه يقر على دينه الذي انتقل إليه ول يتعرض له لنه انتقل من دين باطل إل‬
‫دين ياثله ف البطلن ‪ ،‬والكفر كله ملة واحدة ‪ ،‬بلف ما إذا انتقل من السلم إل غيه‬
‫من الديان ‪ ،‬فإنه انتقال من الدى ودين الق إل الضلل والكفر ‪ .‬وال يقول ( ‪" : ) 1‬‬
‫ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه " ‪ ) 2 ( .‬وف بعض طرق الديث ‪ " :‬من‬
‫خالف دينه دين السلم فاضربوا عنقه " ‪ .‬أخرجه الطبان عن ابن عباس مرفوعا ‪.‬‬
‫وللشافعي قولن ‪ ( :‬أحدها ) ل يقبل منه بعد انتقاله إل السلم أو القتل ‪ .‬وهذا يوافق‬
‫إحدى الروايتي عن أحد ‪ .‬والرواية الخرى تقول ‪ .‬إنه إن انتقل إل مثل دينه أو إل‬
‫أعلى منه أقر ‪ ،‬وإن انتقل إل أنقص من دينه ل يقر ‪ .‬فإذا انتقل اليهودي إل النصرانية‬
‫أقر ‪ ،‬لن اليهودية مثل النصرانية ( هامش ) ( ‪ ) 1‬هذا مذهب مالك وأب حنيفة ‪) 2 ( .‬‬
‫سورة آل عمران ‪ .‬الية ‪ / ) . ( 85 :‬صفحة ‪ / 452‬من حيث كونما ديني ساويي‬
‫ف الصل ‪ ،‬دخلهما التحريف ونسخهما السلم ‪ .‬وكذلك يقر الجوسي إذا انتقل إل‬
‫اليهودية أو النصرانية لنه انتقال إل‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 452‬‬
‫ما هو أعلى ‪ .‬وإذا جاز النتقال إل الدين الماثل ‪ ،‬فالنتقال إل ما هو أعلى أحق وأول‬
‫‪ .‬وإذا انتقل اليهودي أو النصران إل الجوسية ل يقر ‪ ،‬لنه انتقال إل ما هو أنقص ‪ .‬ل‬
‫يكفر مسلم بالوزر ‪ :‬السلم عقيدة وشريعة ‪ .‬والعقيدة تنتظم اليان ‪ - 1 :‬بالليات ‪.‬‬
‫‪ - 2‬والنبوات ‪ - 3 .‬والبعث ‪ ،‬والزاء ‪ .‬والشريعة تنتظم ‪ - 1 :‬العبادات من ‪ :‬صلة ‪،‬‬
‫وصيام ‪ ،‬وزكاة ‪ ،‬وحج ‪ - 2‬والداب والخلق من ‪ :‬صدق ‪ ،‬ووفاء ‪ ،‬وأمانة ‪- 3 .‬‬

‫‪330‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والعاملت الدنية من ‪ :‬بيع ‪ ،‬وشراء ‪ . . .‬ال ‪ - 4 .‬والروابط السرية من ‪ :‬زواج‬
‫وطلق ‪ - 5 .‬والعقوبات النائية ‪ :‬قصاص ‪ ،‬وحدود ‪ - 6 .‬والعلقات الدولية من ‪:‬‬
‫معاهدات ‪ ،‬واتفاقات ‪ .‬وهكذا ند أن السلم ‪ ،‬منهج عام ‪ ،‬ينتظم شئون الياة جيعا ‪.‬‬
‫وهذا هو الفهوم العام للسلم كما قرره الكتاب والسنة و كما فهمه السلمون على‬
‫العهد الول ‪ ،‬وطبقوه ف كل مال من الجالت العامة والاصة ‪ ،‬وكان كل فرد يدين‬
‫بالولء لذا الدين يعتب عضوا ف الماعة السلمة ‪ ،‬ويصبح فردا من أفراد المة السلمية‬
‫تري عليه أحكام السلم وتطبق عليه تعاليمه ‪ .‬إل أن من الناس الذكي والغب ‪،‬‬
‫والضعيف والقوي ‪ ،‬والقادر والعاجز ‪ ،‬والعامل والعاطل ‪ ،‬والجد والقصر ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 453‬فهم يتلفون اختلفا بينا ف قواهم البدنية ومواهبهم النفسية والعقلية والروحية‬
‫وتبعا لذا الختلف فمنهم من يقترب من السلم ‪ ،‬ومنهم من يبتعد عنه حسب حال‬
‫كل فرد وظروفه وبيئته ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا‬
‫‪ ،‬فمنهم ظال لنفسه ‪ ،‬ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات بإذن ال " ( ‪ ، ) 1‬إل أن‬
‫هذا البتعاد عنه ل يرج القصر عن دائرته ما دام يدين بالولء لذا الدين ‪ ،‬فإذا صدر من‬
‫السلم لفظ يدل على الكفر ل يقصد إل معناه ‪ ،‬أو فعل ظاهره مكفر ل يرد به فاعله‬
‫تغيي إسلمه ‪ ،‬ل يكم عليه بالكفر ‪ .‬ومهما تورط السلم ف الآث واقترف من جرائم ‪،‬‬
‫فهو مسلم ل يوز اتامه بالردة ‪ .‬روى البخاري أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫" من شهد أن ل إله إل ال ‪ ،‬واستقبل قبلتنا ‪ ،‬وصلى صلتنا ‪ ،‬وأكل ذبيحتنا ‪ ،‬فهو‬
‫السلم ‪ ،‬له ما للمسلم ‪ ،‬وعليه ما على السلم " ‪ .‬وقد حذر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم السلمي من أن يقذف بعضهم بعضا بالكفر ‪ ،‬لعظم خطر هذه الناية ‪ ،‬فقال فيما‬
‫رواه مسلم عن ابن عمر ‪ " :‬إذا كفر الرجل أخاه ‪ ،‬فقد باء با أحدها " ‪ .‬مت يكون‬
‫السلم مرتدا ‪ :‬إن السلم ل يعتب خارجا عن السلم ‪ ،‬ول يكم عليه بالردة إل إذا‬
‫انشرح صدره بالكفر ‪ ،‬واطمأن قلبه به ‪ ،‬ودخل فيه بالفعل ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬ولكن‬
‫من شرح بالكفر صدرا " ‪ .‬ويقول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إنا العمال‬
‫بالنيات ‪ ،‬وإنا لكل امرئ ما نوى " ‪ ،‬ولا كان ما ف القلب غيبا من الغيوب الت ل‬
‫يعلمها إل ال ‪ ،‬كان لبد من صدور ما يدل على كفره دللة قطعية ل تتمل التأويل ‪،‬‬

‫‪331‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حت نسب إل المام مالك أنه قال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة فاطر الية ‪/ ) . ( 32 :‬‬
‫صفحة ‪ " / 454‬من صدر عنه ما يتمل الكفر من تسعة وتسعي وجها ‪ ،‬ويتمل اليان‬
‫من وجه ‪ ،‬حل أمره على اليان " ‪ .‬ومن المثلة الدالة على الكفر ‪ - 1 :‬إنكار ما علم‬
‫من الدين بالضرورة ‪ .‬مثل إنكار وحدة ال وخلقه للعال وإنكار وجود اللئكة ‪ ،‬وإنكار‬
‫نبوة ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأن القرآن وحي من ال ‪ ،‬وإنكار البعث والزاء ‪،‬‬
‫وإنكار فرضية الصلة والزكاة ‪ ،‬والصيام والج ‪ - 2 .‬استباحة مرم أجع السلمون على‬
‫تريه ‪ ،‬كاستباحة المر ‪ ،‬والزنا ‪ ،‬والربا ‪ ،‬وأكل النير ‪ ،‬واستحلل دماء العصومي‬
‫وأموالم ( ‪ - 3 . ) 1‬تري ما أجع السلمون على حله " كتحري الطيبات " ‪- 4 .‬‬
‫سب النب أو الستهزاء فيه ‪ ،‬وكذا سب أي نب من أنبياء ال ‪ - 5 .‬سب الدين ‪،‬‬
‫والطعن ف الكتاب والسنة ‪ ،‬وترك الكم بما ‪ ،‬وتفضيل القواني الوضعية عليهما ‪- 6 .‬‬
‫ادعاء فردمن الفراد أن الوحي ينل عليه ‪ - 7 .‬إلقاء الصحف ف القاذورات ‪ ،‬وكذا‬
‫كتب الديث ‪ ،‬استهانة با واستخفافا با جاء فيها ‪ - 8 .‬الستخفاف باسم من أساء‬
‫ال ‪ ،‬أو أمر من أوامره ‪ ،‬أو ني من نواهيه ‪ ،‬أو وعد من وعوده ‪ ،‬إل أن يكون حديث‬
‫عهد بالسلم ‪ ،‬ول يعرف أحكامه ‪ ،‬ول يعلم حدوده ‪ ،‬فإنه إن أنكر منها جهل به ل‬
‫يكفر ‪ .‬وفيه مسائل أجع السلمون عليها ‪ ،‬ولكن ل يعلمها إل الاصة ‪ ،‬فإن منكرها ل‬
‫يكفر ‪ ،‬بل يكون معذورا بهله با ‪ ،‬لعدم استفاضة علمها ف العامة ‪ ،‬كتحري نكاح الرأة‬
‫على عمتها وخالتها ‪ ،‬وأن القاتل عمدا ل يرث ‪ ،‬وأن للجدة السدس ‪ ،‬ونو ذلك ‪ .‬ول‬
‫يدخل ف هذا الوساوس الت تساور النفس فإنا ما ل يؤاخذ ال با ‪ .‬فقد روى مسلم عن‬
‫أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬إل إذا كان ذلك‬
‫بتأويل ‪ -‬مثل تأويل الوارج ‪ -‬فإنم استحلوا دماء الصحابة وأموالم ‪-‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 454‬‬
‫ومثل تأويل قدامة بن مظعون شرب المر ‪ ،‬ومع ذلك ‪ -‬فجمهور الفقهاء على أنم غي‬
‫كافرين ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ " / 455‬إن ال عزوجل تاوز لمت عما حدثت به أنفسها ما‬
‫ل تعمل أو يتكلم به " وروى مسلم عن أب هريرة قال ‪ " :‬جاء ناس من أصحاب النب‬

‫‪332‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى ال عليه وسلم فسألوه فقالوا ‪ :‬انا ند ف أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬وقد وجدتوه ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬ذلك صريح اليان ( ‪ . " ) 1‬وروى مسلم عن أب‬
‫هريرة قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل يزال الناس يتساءلون حت يقال ‪:‬‬
‫( هذا خلق ال اللق ‪ ،‬فمن خلق ال ؟ ) فمن وجد من ذلك شيئا ‪ ،‬فليقل ‪ :‬آمنت بال "‬
‫‪ .‬عقوبة الرتد ‪ :‬الرتداد جرية من الرائم الت تبط ما كان من عمل صال قبل الردة ‪،‬‬
‫وتستوجب العذاب الشديد ف الخرة ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬ومن يرتدد منكم عن دينه ‪،‬‬
‫فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالم ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وأولئك أصحاب النار هم‬
‫فيها خالدون " ( ‪ . ) 2‬ومعن الية ‪ :‬أن من يرجع عن السلم إل الكفر ويستمر عليه‬
‫حت يوت كافرا ‪ ،‬فقد بطل كل ما عمله من خي ‪ ،‬وحرم ثرته ف الدنيا ‪ ،‬فل يكون له‬
‫ما للمسلمي من حقوق ‪ ،‬وحرم من نعيم الخرة ‪ ،‬وهو خالد ف العذاب الليم ‪ ،‬وقد‬
‫قرر السلم عقوبة معجلة ف الدنيا للمرتد ‪ ،‬فضل عما توعده به من عذاب ينتظره ف‬
‫الخرة ‪ ،‬وهذه العقوبة هي القتل ( ‪ . ) 3‬روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من بدل دينه فاقتلوه " ‪ .‬وروي عن ابن مسعود أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث ‪:‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي استعظام الكلم به خوفا من النطق به ‪ ،‬فضل عن اعتقاده دليل على‬
‫كمال اليان ‪ ) 2 ( .‬سورة البقرة ‪ .‬الية ‪ ) 3 ( 217 :‬لو قتله مسلم من السلمي ل‬
‫يعتب مرتكبا جرية القتل ‪ ،‬ولكن يعزر لفتياته على الاكم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 456‬‬
‫كفر بعد إيان ‪ ،‬وزنا بعد إحصان ‪ ،‬وقتل نفس بغي نفس " ‪ .‬وعن جابر رضي ال عنه ‪:‬‬
‫" أن امرأة يقال لا أم مروان ارتدت فأمر النب صلى ال عليه وسلم بأن يعرض عليها‬
‫السلم ‪ :‬فإن تابت ‪ ،‬وإل قتلت ‪ .‬فأبت أن تسلم ‪ ،‬فقتلت " ‪ .‬أخرجه الدارقطن‬
‫والبيهقي ( ‪ . ) 1‬وثبت أن أبا بكر الصديق رضي ال عنه قاتل الرتدين من العرب حت‬
‫رجعوا إل السلم ‪ .‬ول يتلف أحد من العلماء ف وجوب قتل الرتد ‪ .‬وإنا اختلفوا ف‬
‫الرأة إذا ارتدت ‪ .‬فقال أبو حنيفة ‪ :‬إن الرأة إذا ارتدت ل تقتل ‪ ،‬ولكن تبس ‪ ،‬وترج‬
‫كل يوم فتستتاب ‪ ،‬ويعرض عليها السلم ‪ ،‬وهكذا حت تعود إل السلم ‪ ،‬أو توت ‪،‬‬
‫لن النب صلى ال عليه وسلم نى عن قتل النساء ‪ .‬وخالف ذلك جهور الفقهاء فقالوا ‪:‬‬

‫‪333‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إن عقوبة الرأة الرتدة كعقوبة الرجل الرتد ‪ ،‬سواء بسواء ‪ ،‬لن آثار الردة وأضرارها من‬
‫الرأة كآثارها وأضرارها من الرجل ‪ ،‬ولديث معاذ الذي حسنه الافظ ‪ :‬أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم قال له لا أرسله إل اليمن ‪ " :‬أيا رجل ارتد عن السلم فادعه ‪ ،‬فإن‬
‫عاد ‪ ،‬وإل فاضرب عنقه ‪ ،‬وأيا امرأة ارتدت عن السلم فادعها ‪ ،‬فإن عادت ‪ ،‬وإل‬
‫فاضرب عنقها " ‪ .‬وهذا نص ف مل الناع ‪ .‬وأخرج البيهقي ‪ ،‬والدارقطن ‪ ،‬أن أبا بكر‬
‫استتاب امرأة يقال لا " أم قرفة " كفرت بعد إسلمها ‪ ،‬فلم تتب ‪ ،‬فقتلها ‪ .‬وأما حديث‬
‫النهي عن قتل النساء فذلك إنا هو ف حال الرب ‪ ،‬لجل ضعفهن وعدم مشاركتهن ف‬
‫القتال ‪ .‬ولذا كان سبب النهي عن قتلهن أن النب صلى ال عليه وسلم رأى امرأة‬
‫مقتولة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬ما كانت هذه لتقاتل " ‪ .‬ث نى عن قتلهن ‪ .‬والرأة تشارك الرجل ف‬
‫الدود كلها دون استثناء ‪ .‬فكما يقام عليها حد الرجم إذا كانت مصنة ‪ ،‬فكذلك يقام‬
‫عليها حد الردة ‪ ،‬ولفرق ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬والسناد ضعيف ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 457‬‬
‫حكمة قتل الرتد ‪ :‬السلم منهج كامل للحياة فهو ‪ :‬دين ودولة ‪ ،‬وعبادة ‪ ،‬وقيادة ‪،‬‬
‫ومصحف وسيف ‪ ،‬وروح ومادة ‪ ،‬ودنيا وآخرة ‪ ،‬وهو مبن على العقل والنطق ‪ ،‬وقائم‬
‫على الدليل والبهان ‪ ،‬وليس ف عقيدته ول شريعته ما يصادم فطرة النسان أو يقف‬
‫حائل دون الوصول إل كماله الادي والدب ‪ -‬ومن دخل فيه عرف حقيقته ‪ ،‬وذاق‬
‫حلوته ‪ ،‬فإذا خرج منه وارتد عنه بعد دخوله فيه وإدراكه له ‪ ،‬كان ف الواقع خارجا‬
‫على الق والنطق ‪ ،‬ومتنكرا للدليل والبهان ‪ ،‬وحائدا عن العقل السليم ‪ ،‬والفطرة‬
‫الستقيمة ‪ .‬والنسان حي يصل إل هذا الستوى يكون قد ارتد إل أقصى دركات‬
‫النطاط ‪ ،‬ووصل إل الغاية من الندار والبوط ‪ ،‬ومثل هذا النسان ل ينبغي الحافظة‬
‫على حياته ‪ ،‬ول الرص على بقائه ‪ -‬لن حياته ليست لا غاية كرية ول مقصد نبيل ‪.‬‬
‫هذا من جانب ‪ ،‬ومن جانب آخر ‪ ،‬فإن السلم كمنهج عام للحياة ‪ ،‬ونظام شامل‬
‫للسلوك النسان ‪ ،‬لغن له من سياج يميه ‪ ،‬ودرع يقيه ‪ ،‬فإن‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 457‬‬

‫‪334‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أي نظام ل قيام له إل بالماية والوقاية والفاظ عليه من كل ما يهز أركانه ‪ ،‬ويزعزع‬
‫بنيانه ‪ ،‬ولشئ أقوى ف حاية النظام ووقايته من منع الارجي عليه ‪ ،‬لن الروج عليه‬
‫يهدد كيانه ويعرضه للسقوط والتداعي ‪ .‬إن الروج على السلم والرتداد عنه إنا هو‬
‫ثورة عليه والثورة عليه ليس لا من جزاء إل الزاء الذي اتفقت عليه القواني الوضعية ‪،‬‬
‫فيمن خرج على نظام الدولة وأوضاعها القررة ‪ .‬إن أي انسان سواء كان ف الدول‬
‫الشيوعية ‪ ،‬أم الدول الرأسالية ‪ -‬إذ اخرج على نظام الدولة فإنه يتهم باليانة العظمى‬
‫لبلده ‪ ،‬واليانة العظمى جزاؤها العدام ‪ .‬فالسلم ف تقرير عقوبة العدام للمرتدين‬
‫منطقي مع نفسه ومتلق مع غيه من النظم ‪ .‬استتابة الرتد ‪ :‬كثيا ما تكون الردة نتيجة‬
‫الشكوك والشبهات الت تساور النفس وتزاحم ‪ /‬صفحة ‪ / 458‬اليان ‪ ،‬ولبد أن تتهيأ‬
‫فرصة للتخلص من هذه الشبهات والشكوك ‪ ،‬وأن تقدم الدلة والباهي الت تعبد اليان‬
‫إل القلب ‪ ،‬واليقي إل النفس ‪ ،‬وتريح ما علق بالوجدان من ريب وشكوك ‪ .‬ومن ث‬
‫كان من الواجب أن يستتاب الرتد ولو تكررت ردته ‪ ،‬ويهل فترة زمنية يراجع فيها‬
‫نفسه ‪ ،‬وتفند فيها وساوسه وتناقش فيها أفكاره ‪ ،‬فإن عدل عن موقفه بعد كشف‬
‫شبهاته ‪ ،‬ورجع إل السلم وأقر بالشهادتي واعترف با كان ينكره ‪ ،‬وبرئ من كل دين‬
‫يالف دين السلم ‪ ،‬قبلت توبته ‪ ،‬وإل أقيم عليه الد ‪ .‬وقد قدر بعض العلماء هذه‬
‫الفترة بثلثة أيام ‪ ،‬وترك بعضهم تقدير ذلك وإنا يكرر له التوجيه ويعاد معه النقاش حت‬
‫يغلب على الظن أنه لن يعود إل السلم ‪ ،‬وحينئذ يقام عليه الد ( ‪ ) 1‬والذين رأوا‬
‫تقدير ذلك باليام الثلثة اعتمدوا على ما روي ‪ " :‬أن رجل قدم إل عمر رضي ال عنه‬
‫من الشام ‪ ،‬فقال " هل من مغربة ( ‪ ) 2‬خب " ‪ .‬قال ‪ :‬نعم ‪ .‬رجل كفر بعد إسلمه ‪.‬‬
‫فقال عمر ‪ :‬فما فعلتم به ؟ قال ‪ :‬قربناه فضربنا عنقه قال ‪ :‬هل حبستموه ف بيت ثلثا ‪،‬‬
‫وأطعمتموه كل يوم رغيفا ‪ ،‬واستتبتموه لعله يتوب و يراجع أمر ال ‪ :‬اللهم إن ل‬
‫أحضر ‪ ،‬ول آمر ‪ ،‬ول أرض إذ بلغن ‪ :‬اللهم إن أبرأ إليك من دمه " ‪ .‬رواه الشافعي ‪.‬‬
‫والذين ذهبوا إل القول الثان استندوا إل ما رواه أبو داود ‪ :‬أن معاذا قدم اليمن على أب‬
‫موسى الشعري ‪ .‬وقد وجد عنده رجل موثقا ‪ .‬فقال ‪ :‬ماهذا ؟ قال ‪ :‬رجل كان يهوديا‬
‫فأسلم ‪ ،‬ث رجع إل دينه " دين اليهود " فتهود ‪ .‬فقال ‪ :‬ل أجلس حت يقتل ‪ .‬ذلك‬

‫‪335‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قضاء رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬وتكرر ذلك ثلث مرات فأمر به فقتل ‪ ،‬وكان‬
‫أبو موسى قد استتابه ( هامش ) ( ‪ ) 1‬هذا رأي المهور ‪ .‬وقيل يب قتله ف الال وهو‬
‫مذهب السن وطاووس ‪ ،‬وأهل الظاهر ‪ ،‬لديث معاذ ‪ ،‬ولنه مثل الرب الذي بلغته ‪،‬‬
‫الدعوة ‪ .‬وعن ابن عباس ‪ :‬إن كان أصله مسلما ل يستتب وال استتيب ‪ ) 2 ( .‬أي ‪:‬‬
‫عندكم خب من بلد بعيدة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 459‬قبل قدوم معاذ عشرين ليلة ‪ ،‬أو‬
‫قريبا منها ‪ .‬ومن طريق عبد الرازق ‪ :‬أنم أرادوه على السلم شهرين ‪ .‬قال الشوكان ‪:‬‬
‫واختلف القائلون بالستتابة ‪ .‬هل يكتفي بالرة ؟ أو لبد من ثلث ‪ ،‬وهل الثلث ف‬
‫ملس واحد أو ف ثلثة أيام ‪ ،‬ونقل ابن بطال عن أمي الؤمني علي رضي ال عنه أنه‬
‫يستتاب شهرا ‪ ،‬وعن النخعي يستتاب أبدا أحكام الرتد ‪ :‬إذا ارتد السلم ورجع عن‬
‫السلم تغيت الالة الت كان عليها ‪ .‬وتغيت تبعا لذلك العاملة الت كان يعامل با‬
‫كمسلم ‪ ،‬وثبتت بالنسبة له أحكام نملها فيما يأت ‪ ) 1 ( :‬العلقة الزوجية ‪ :‬إذا ارتد‬
‫الزوج أو الزوجة انقطعت علقة كل منهما بالخر لن ردة أي واحد منهما موجبة‬
‫للفرقة بينهما ‪ ،‬وهذه الفرقة تعتب فسخا ‪ ،‬فإذا تاب الرتد منهما وعاد إل السلم ‪ ،‬كان‬
‫لبد من عقد ومهر جديدين ‪ ،‬إذا أرادا استئناف الياة الزوجية ( ‪ . ) 1‬وليوز له أن‬
‫يعقد عقد زواج على زوجة أخرى من أهل الدين الذي انتقل إليه ‪ ،‬لنه مستحق القتل ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬مياثه ‪ :‬والرتد ل يرث أحدا من أقاربه إذا مات ‪ ،‬لن الرتد لدين له ‪ ،‬وإذا كان‬
‫لدين له فل يرث قريبه السلم ‪ ،‬فإن قتل هو أو مات ول يرجع إل السلم ‪ ،‬انتقل ما له‬
‫هو إل ورثته من السلمي لنه ف حكم اليت من وقت الردة ‪ .‬وقد أت علي بن أب‬
‫طالب بشيخ كان نصرانيا فأسلم ‪ ،‬ث ارتد عن السلم ‪ .‬فقال له علي ‪ ( :‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬يرى الفقهاء الحناف أن ردة الزوج تعتب طلقا بائنا ينقص من عدد الطلقات ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ " / 460‬لعلك إنا ارتددت لن تصيب مياثا ‪ .‬ث ترجع إل السلم ؟‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن يزوجوكها ‪ ،‬فأردت أن تتزوجها ث تعود‬
‫إل السلم ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬فارجع إل السلم ‪ .‬قال ‪ :‬ل ‪ .‬حت ألقى السيح ‪ .‬فأمر‬
‫به فضربت عنقه فدفع مياثه إل ولده من السلمي " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬

‫‪336‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 460‬‬
‫قال ابن حزم ‪ :‬وعن ابن مسعود بثله ‪ .‬وقالت طائفة بذا ‪ ،‬منهم ‪ :‬الليث بن سعد ‪،‬‬
‫وإسحاق بن راهويه ‪ .‬وهذا مذهب أب يوسف ‪ ،‬وممد ‪ ،‬وإحدى الروايات عن أحد ‪( .‬‬
‫‪ ) 3‬فقد أهليته للولية على غيه ‪ :‬وليس للمرتد ولية على غيه ‪ ،‬فل يوز له أن يتول‬
‫عقد تزويج بناته ول أبنائه الصغار ‪ ،‬وتعتب عقوده بالنسبة لم باطلة ‪ ،‬لسلب وليته لم‬
‫بالردة ‪ .‬مال الرتد ‪ :‬الردة ل تقضي على أهلية الرتد للتملك ‪ ،‬ول تسلبه حقه ف ماله ‪،‬‬
‫ول تزيل يده عنه ‪ ،‬ويكون مثله ف ماله مثل الكافر الصلي ‪ ،‬وله أن يتصرف ف ماله كما‬
‫يشاء ‪ .‬وتصي تصرفاته نافذة لستكمال أهليته ‪ ،‬وكونه مستحق القتل ل يسلبه حقه ف‬
‫التملك والتصرف ‪ ،‬لن الشارع ل يعل للمرتد عقوبة سوى عقوبة القتل حدا ‪ ،‬ويكون‬
‫ف ذلك كمن حكم عليه بالقصاص أو بالرجم ‪ .‬فإن قتله قصاصا أو رجا ل يسلبه حقه‬
‫ف اللكية ‪ ،‬ول يزيل يده عن ماله ‪ .‬لوقه بدار الرب ‪ :‬وكذلك يبقى ماله ملوكا له إذ‬
‫الق بدار الرب ‪ ،‬ويوضع تت يد أمي ‪ ،‬لن لوقه بدار الرب ل يسلبه حقه ف‬
‫اللكية ‪ / .‬صفحة ‪ 1601 = / 461‬ء = ردة الزنديق ‪ :‬قال أبو حات السجستان وغيه‬
‫‪ " :‬الزنديق " فارسي معرب أصله ‪ " :‬زنده كرو " أي يقول بدوام الدهر ‪ ،‬ث قال ‪ :‬قال‬
‫ثعلب ‪ :‬ليس ف كلم العرب زنديق ‪ ،‬وإنا يقال ‪ :‬زندقي لن يكون شديد التحيل ‪ ،‬وإذا‬
‫أرادوا ما تريد العامة قالوا ‪ :‬ملحد ودهري ‪ .‬أي يقول بدوام الدهر ‪ .‬وقال الوهري ‪:‬‬
‫الزنديق من الثنوية ‪ .‬وقال الافظ ابن حجر ‪ :‬التحقيق ما ذكره من صنف ف اللل والنحل‬
‫‪ :‬ان أصل الزندقة أتباع ديصان ‪ ،‬ث مان ‪ ،‬ث مزدك ( ‪ . ) 1‬وقال النووي ‪ :‬الزنديق‬
‫الذي ل ينتحل دينا ‪ .‬وقال ف السوى ملخصا ‪ :‬إن الخالف للدين الق ان ل يعترف به‬
‫ول يذعن له ظاهرا ولباطنا ‪ ،‬فهو الكافر ‪ .‬وإن اعترف بلسانه ‪ ،‬وقلبه على الكفر فهو‬
‫النافق ‪ .‬وإن اعترف به ظاهرا وباطنا لكنه يفسر بعض ما ثبت من الدين ضرورة بلف‬
‫ما فسره الصحابة والتابعون ‪ ،‬وأجعت عليه المة فهو الزنديق ‪ ،‬كما إذا اعترف بأن‬
‫القرآن حق ‪ ،‬وما فيه من ذكر النة والنار حق ‪ ،‬لكن الراد بالنة البتهاج الذي يصل‬
‫بسبب اللكات الحمودة ‪ ،‬والراد بالنار ‪ ،‬هي الذامة الت تصل بسبب اللكات‬
‫الذمومة ‪ ،‬وليس ف الارج جنة ول نار ‪ ،‬فهو الزنديق ‪ .‬وقوله صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬

‫‪337‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬وملخص مذهبهم أن النور والظلمة قديان ‪ ،‬وأنما امتزجا فعدت العال‬
‫كله منهما ‪ ،‬فمن كان من أهل الشر فهو من الظلمة ومن كان من أهل الي فهو من‬
‫النور ‪ ،‬وأنه يب أن يسعى ف تليص النور من الظلمة فيلزم إزهاق كل نفس ‪ .‬وكان‬
‫برام جد كسرى تيل على مان حت حضر عنده وأظهر له أنه قبل مقالته ث قتله وقتل‬
‫أصحابه وبقيت منهم بقايا اتبعوا مزدك الذكور ‪ ،‬وقام السلم والزنديق يطلق على من‬
‫يعتقد ذلك و أظهر جاعة منهم السلم خشية القتل ‪ .‬فهذا أصل الزندقة ‪ .‬وأطلق جاعة‬
‫من الشافعية الزندقة على من يظهر السلم ويفي الكفر مطلقا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 462‬‬
‫" أولئك الذين نان ال عنهم ‪ ،‬هو ف النافقي دون الزنادقة " ‪ .‬ث قال ‪ :‬وإن الشرع كما‬
‫نصب القتل جزاء للرتداد ليكون مزجرة للمرتدين ‪ ،‬وذبا عن اللة الت ارتضاها ‪،‬‬
‫فكذلك نصب القتل جزاء للزندقة ‪ ،‬ليكون مزجرة للزنا دقة ‪ ،‬وذبا عن تأويل فاسد ف‬
‫الدين ل يصح القول به ‪ .‬قال ‪ :‬ث التأويل تأويلن ‪ :‬تأويل ل يالف قاطعا من الكتاب‬
‫والسنة واتفاق المة ‪ .‬وتأويل يصادم ما ثبت بقاطع ‪ ،‬فذلك الزندقة ‪ .‬فكل من أنكر‬
‫الشفاعة ‪ ،‬أو أنكر رؤية ال تعال يوم القيامة ‪ ،‬أو أنكر عذاب القب ‪ ،‬وسؤال النكر‬
‫والنكي ‪ ،‬أو أنكر الصراط والساب ‪ ،‬سواء قال ‪ :‬ل أثق بؤلء الرواة ‪ .‬أو قال ‪ :‬أثق بم‬
‫‪ ،‬لكن الديث مؤول ‪ ،‬ث ذكر تأويل فاسدا ل يسمع من قبله ‪ ،‬فهو الزنديق ‪ .‬وكذلك‬
‫من قال ف الشيخي " أب بكر وعمر " مثل ‪ :‬ليسا من أهل النة ‪ ،‬مع تواتر الديث ف‬
‫بشارتما ‪ ،‬أو قال ‪ " :‬إن النب صلى ال عليه وسلم خات النبوة ‪ ،‬ولكن معن هذا الكلم‬
‫أنه ل يوز أن يسمى بعده أحد بالنب ‪ .‬وأما معن النبوة وهو كون إنسان مبعوثا من ال‬
‫تعال إل اللق مفترض الطاعة ‪ ،‬معصوما من الذنوب ‪ ،‬ومن البقاء على الطأ فيما يرى ‪،‬‬
‫فهو موجود ف الئمة بعده ( ‪ ، ) 1‬فذلك هو الزنديق ‪ ،‬وقد اتفق جهور التأخرين من‬
‫النفية والشافعية على قتل من يري هذا الجرى ‪ ،‬وال أعلم ‪ .‬اه‍ ‪ .‬هل يقتل الساحر ‪:‬‬
‫يتفق العلماء على أن للسحر أثرا ‪ ،‬وعلى كفر من يعتقد حله ‪ ،‬ويتلفون ف أن له‬
‫حقيقة ‪ ،‬أو أنه تيل ‪ ،‬كما يتلفون ف السحر ‪ :‬هل هو كفر أو ليس بكفر ؟ وتبع ذلك‬
‫اختلفهم ف الساحر ‪ .‬فقال أبو حنيفة ومالك وأحد ‪ :‬يقتل الساحر بتعلم السحر ‪،‬‬
‫وبفعله ‪ ،‬لكفره ‪ ،‬دون استتابة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬كما يعتقد بعض القديانية ف غلم‬

‫‪338‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أحد مدعي النبوة الكذاب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 463‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 463‬‬
‫وقال الشافعية والظاهرية ‪ :‬إن كان الفعل أو الكلم الذي يسحر به كفرا ‪ ،‬فالساحر مرتد‬
‫‪ ،‬ويري عليه حكم الردة ‪ ،‬إل أن يتوب ‪ .‬وإن كان ليس كفرا فل يقتل ‪ ،‬لنه ليس‬
‫كافرا ‪ ،‬وإنا هو عاص فقط ‪ .‬والظاهر أن السحر معصية من كبائر الث ‪ ،‬وأن الساحر ل‬
‫يقتل بسحره ‪ ،‬إل إذا اعتقد حله ‪ ،‬فيكون مرتدا ‪ ،‬ل بسحره ‪ ،‬ولكن باستحلل ما حرم‬
‫ال ‪ .‬روى أبو هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬اجتنبوا‬
‫السبع الوبقات " ‪ ،‬فقيل ‪ :‬يارسول ال وما هن ؟ قال ‪ " :‬الشرك بال ‪ ،‬والسحر ‪ ،‬وقتل‬
‫النفس الت حرم ال قتلها إل بالق ‪ ،‬وأكل ما اليتيم ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬والتول يوم الزحف ‪،‬‬
‫وقذف الحصنات الؤمنات " ‪ .‬قال ابن حزم ‪ ،‬بعد أن ناقش أدلة القائلي بكفره ‪،‬‬
‫ووجوب قتله ‪ " :‬وصح أن السحر ليس كفرا ‪ ،‬وإذا ل يكن كفرا ‪ ،‬فل يل قتل فاعله ‪،‬‬
‫لن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث ‪:‬‬
‫كفر بعد إيان ‪ ،‬وزنا بعد إحصان ‪ ،‬ونفس بنفس " ‪ .‬فالساحر ليس كافرا كما بينا ول‬
‫قاتل ‪ ،‬ول زانيا مصنا ‪ ،‬ول جاء ف قتله نص صحيح ‪ ،‬فيضاف إل هذه الثلث ‪ ،‬كما‬
‫جاء ف الحارب ‪ .‬ث قال ‪ :‬فصح تري دمه بيقي ل شك فيه ‪ ،‬ورأى الشيعة أن الساحر‬
‫مرتد وحكمه حكم الرتد ‪ .‬الكاهن والعراف ( ‪ : ) 1‬يرى المام أبو حنيفة أن الكاهن‬
‫والعراف يستحقان القتل ؟ لقول عمر ‪ " :‬اقتلوا كل ساحر وكاهن " ‪ .‬وف رواية عنه ‪" :‬‬
‫انما إن تابا ل يقتل " ‪ .‬ويرى متقدم والحناف أن الكاهن أو العراف إن اعتقد أن‬
‫الشياطي يفعلون له ما يشاء كفر ‪ .‬وإن اعتقد أنه تيل ل حقيقة له ‪ ،‬ل يكفر ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الكاهن ‪ :‬هو الذي يتخذ من الن من يأتيه بالخبار ‪ .‬والعراف ‪ :‬هو‬
‫الذي يتحدث بالدس والظن ‪ ،‬مدعيا أنه يعلم الغيب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 464‬الرابة‬
‫تعريفها ‪ :‬الرابة ‪ -‬وتسمى أيضا قطع الطريق ‪ -‬هي خروج طائفة مسلحة ف دار‬
‫السلم ‪ ،‬لحداث الفوضى ‪ ،‬وسفك الدماء ‪ ،‬وسلب الموال ‪ ،‬وهتك العراض ‪،‬‬
‫وإهلك الرث والنسل ( ‪ ، ) 1‬متحدية بذلك الدين والخلق والنظام والقانون ‪ .‬ول‬

‫‪339‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فرق بي أن تكون هذه الطائفة من السلمي ‪ ،‬أو الذميي ‪ ،‬أو العاهدين أو الربيي ‪،‬‬
‫مادام ذلك ف دار السلم ‪ ،‬وما دام عدوانا على كل مقون الدم ‪ ،‬قبل الرابة من‬
‫السلمي والذميي ‪ .‬وكما تتحقق الرابة بروج جاعة من الماعات ‪ ،‬فإنا تتحقق‬
‫كذلك بروج فرد من الفراد ‪ .‬فلو كان لفرد من الفراد فضل جبوت وبطش ‪ ،‬ومزيد‬
‫قوة وقدرة يغلب با الماعة على النفس والال ‪ ،‬والعرض ‪ ،‬فهو مارب وقاطع طريق ‪.‬‬
‫ويدخل ف مفهوم الرابة العصابات الختلفة ‪ ،‬كعصابة القتل ‪ ،‬وعصابة خطف الطفال ‪،‬‬
‫وعصابة اللصوص للسطو على البيوت ‪ ،‬والبنوك ‪ ،‬وعصابة خطف البنات والعذارى‬
‫للفجور بن ‪ ،‬وعصابة اغتيال الكام ابتغاء الفتنة واضطراب المن ‪ ،‬وعصابة إتلف‬
‫الزروع وقتل الواشي والدواب ‪ .‬وكلمة الرابة مأخوذة من الرب ‪ ،‬لن هذه الطائفة‬
‫الارجة على النظام تعتب ماربة للجماعة من جانب وماربة للتعاليم السلمية الت جاءت‬
‫لتحقق أمن الماعة وسلمتها بالفاظ على حقوقها ‪ ،‬من جانب آخر ‪ .‬فخروج هذه‬
‫الماعة على هذا النحو يعتب ماربة ‪ ،‬ومن ذلك أخذت كلمة ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي ‪:‬‬
‫قطع الشجر ‪ ،‬وإتلف الزرع ‪ ،‬وقتل الدواب والنعام ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 465‬الرابة ‪،‬‬
‫وكما يسمى هذا الروج على الماعة وعلى دينها حرابة ‪ ،‬فإنه يسمى أيضا قطع طريق ‪،‬‬
‫لن الناس ينقطعون بروج هذه الماعة عن الطريق ‪ ،‬فل يرون فيه ‪ ،‬خشية أن تسفك‬
‫دماؤهم ‪ ،‬أو تسلب أموالم ‪ ،‬أو تتك أعراضهم أو يتعرضون لا ل قدرة لم على‬
‫مواجهته ‪ ،‬ويسميها بعض الفقهاء ب‍ " السرقة الكبى ( ‪ . " ) 1‬الرابة جرية كبى ‪:‬‬
‫والرابة ‪ -‬أو قطع الطريق ‪ -‬تعتب من كبيات الرائم ‪ ،‬ومن ث أطلق القرآن الكري على‬
‫التورطي ف ارتكابا أقصى عبارة فجعلهم ماربي ل ورسوله ‪ ،‬وساعي ف الرض‬
‫بالفساد وغلظ عقوبتهم تغليظا ل يعله لرية أخرى ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬إنا جزاء‬
‫الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف الرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم‬
‫وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض ‪ ،‬ذلك لم خزي ف الدنيا ‪ ،‬ولم ف الخرة‬
‫عذاب عظيم ‪ ) 2 ( " .‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم يعلن أن من يرتكب هذه الناية‬
‫ليس له شرف النتساب إل السلم ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬من حل علينا السلح فليس منا " (‬
‫‪ . ) 3‬رواه البخاري ‪ ،‬ومسلم من حديث ابن عمر ‪ .‬وإذا ل يكن له هذا الشرف وهو‬

‫‪340‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حي ‪ ،‬فليس له هذا الشرف بعد الوفاة ‪ ،‬فإن الناس يوتون على ما عاشوا عليه ‪ ،‬كما‬
‫يبعثون على ما ماتوا عليه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سيت بذه التسمية ‪ ،‬لن ضررها عام على‬
‫السلمي بانقطاع الطريق ‪ ،‬بلف السرقة العادية ‪ ،‬فإنا تسمى بالسرقة الصغرى ‪ ،‬لن‬
‫ضررها يص السروق منه وحده ‪ ) 2 ( .‬سورة الائدة الية ‪. 33 :‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 465‬‬
‫( ‪ ) 3‬من حل علينا السلح ‪ :‬أي حله لقتال السلمي بغي حق ‪ .‬كن بمله عن القاتلة‬
‫إذ القتل لزم لمل السلح ‪ .‬ليس منا ‪ :‬ليس على طريقتنا وهدينا ‪ ،‬فإن طريقته نصر‬
‫السلم والقتال دونه ‪ ،‬ل ترويعه وإخافته وقتاله ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 466‬وروى أبو‬
‫هريرة رضي ال عنه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من خرج على الطاعة ‪،‬‬
‫وفارق الماعة ومات ‪ ،‬فميتته جاهلية ( ‪ . " ) 1‬أخرجه مسلم ‪ .‬شروط الرابة ‪ :‬ول بد‬
‫من توافر شروط معينة ف الحاربي حت يستحقوا العقوبة القررة لذه الرية ‪ :‬وجلة هذه‬
‫الشروط هي ‪ - 1 :‬التكليف ‪ - 2 .‬وجود السلح ‪ - 3 .‬البعد عن العمران ‪- 4 .‬‬
‫الجاهرة ‪ .‬ول يتفق الفقهاء على هذه الشروط ‪ ،‬وإنا لم فيها مناقشات نملها فيما يلي‬
‫‪ ) 1 ( :‬شرط التكليف ‪ :‬يشترط ف الحاربي ‪ :‬العقل ‪ ،‬والبلوغ ‪ ،‬لنما شرطا التكليف‬
‫الذي هو شرط ف إقامة الدود ‪ .‬فالصب والجنون ل يعتب الواحد منهما ماربا ‪ ،‬مهما‬
‫اشترك ف أعمال الحاربة ‪ ،‬لعدم تكليف واحد منهما شرعا ‪ ،‬ول يتلف ف ذلك‬
‫الفقهاء ‪ ،‬ولكن اختلفوا فيما إذا اشترك ف الرابة صبيان أو ماني ‪ .‬فهل يسقط الد‬
‫عمن اشتركوا فيها بسقوطه عن هؤلء الصبيان أو الجاني ؟ قالت الحناف ‪ :‬نعم يسقط‬
‫الد ‪ ،‬لنه إذا سقط عن البعض ‪ ،‬فإن هذا ( هامش ) ( ‪ ) 1‬خرج على الطاعة ‪ :‬أي‬
‫طاعة الاكم الذي وقع الجتماع عليه ف قطر من القطار ‪ .‬فارق الماعة ‪ :‬الت اتفقت‬
‫على طاعة إمام ‪ ،‬وانتظم به شلهم ‪ ،‬واجتمعت به كلمتهم ‪ ،‬وحاطهم من عدوهم ‪ .‬ميتة‬
‫جاهلية ‪ :‬منسوبة إل الهل ‪ ،‬وهو تشبيه ليتة من فارق الماعة لن مات على الكفر‬
‫بامع أن الكل ل يكن تت حكم إمام ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 467‬السقوط يسري إل‬
‫الكل باعتبار أنم جيعا متضامنون ف السؤولية ‪ ،‬وإذا سقط حد الرابة نظر ف العمال‬

‫‪341‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الت ارتكبت على أنا جرائم عادية يعاقب عليها بالعقوبات القررة لا ‪ .‬فإن كانت الرية‬
‫قتل رجع المر إل ول الدم ‪ ،‬فله أن يعفو ‪ ،‬وله أن يقتص ‪ .‬وهكذا ف بقية الرائم ‪.‬‬
‫ومقتضى الذهب الالكي ‪ ،‬والذهب الظاهري وغيها إنه إذا سقط حد الرابة عن‬
‫الصبيان والجاني ‪ ،‬فإنه ل يسقط عن غيهم من اشتركوا ف الث والعدوان ‪ ،‬لن هذا‬
‫الد هو حق ل تعال ‪ ،‬وهذا الق ل ينظر فيه إل الفراد ‪ .‬ول تشترط الذكورة ول‬
‫الرية ‪ ،‬لنه ليس للنوثة ول للرق تأثي على جرية الرابة ‪ ،‬فقد يكون للمرأة ( ‪) 1‬‬
‫والعبد من القوة مثل ما لغيها ‪ ،‬من التدبي وحل السلح والشاركة ف التمرد‬
‫والعصيان ‪ ،‬فيجري عليهما ما يري على غيها من أحكام الرابة ‪ ) 2 ( .‬شرط حل‬
‫السلح ‪ :‬ويشترط ف الحاربي أن يكون معهم سلح ‪ ،‬لن قوتم الت يعتمدون عليها ف‬
‫الرابة ‪ :‬إنا هي قوة السلح ‪ ،‬فإن ل يكن معهم سلح فليسوا بحاربي ‪ ،‬لنم ل‬
‫ينعون من يقصدهم ‪ ،‬وإذا تسلحوا بالعصي والجارة ‪ ،‬فهل يعتبون ماربي ؟ اختلف‬
‫الفقهاء ف ذلك ‪ .‬فقال الشافعي ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والنابلة ‪ ،‬وأبو يوسف ‪ ،‬وأبو ثور ‪ ،‬وابن‬
‫حزم ‪ :‬وإنم يعتبون ماربي لنه ل عبة بنوع السلح ‪ ،‬ول بكثرته ‪ ،‬وإنا العبة بقطع‬
‫الطريق ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ليسوا بحاربي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يرى أبو حنيفة اشتراط‬
‫الذكورة ف الرابة ‪ ،‬وذلك لقرة قلوب النساء ‪ ،‬وضعف بنيتهن ‪ ،‬ولسن من أهل الرب‬
‫وهذه رواية ظاهر الرواية ‪ .‬وروى الطحاوي عنه ‪ :‬أن هذا ليس بشرط وأن النساء‬
‫والرجال سواء ف الرابة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ ) 3 ( / 468‬شرط الصحراء والبعد عن‬
‫العمران ‪ :‬واشترط بعض الفقهاء أن يكون ذلك ف الصحراء ‪ ،‬فإن فعلوا ذلك ف البنيان ل‬
‫يكونوا ماربي ‪ ،‬ولن الواجب يسمى حد قطاع الطريق ‪ ،‬وقطع الطريق إنا هو ف‬
‫الصحراء ‪ ،‬ولن ف الصر يلحق الغوث غالبا فتذهب شوكة العتدين ‪ ،‬ويكونون‬
‫متلسي ‪ ،‬والختلس ليس بقاطع ‪ ،‬ول حد عليه ‪ .‬وهو قول أب حنيفة ‪ ،‬والثوري ‪،‬‬
‫وإسحاق ‪ ،‬وأكثر فقهاء الشيعة ‪ .‬وقول الرقي من النابلة ‪ ،‬وجزم به ف الوجيز ‪ .‬وذهب‬
‫فريق آخر إل أن حكمهم ف الصر والصحراء واحد ‪ ،‬لن الية بعمومها تتناول كل‬
‫مارب ‪ .‬ولنه ف الصر أعظم ضررا ‪ ،‬فكان أول ‪ .‬ويدخل ف هذا العصابات الت تتفق‬
‫على العمل النائي من السلب ‪ ،‬والنهب ‪ ،‬والقتل ‪ .‬وهذا مذهب الشافعي ‪ ،‬والنابلة ‪،‬‬

‫‪342‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأب ثور ‪ .‬وبه قال الوزاعي والليث والالكية ‪ ،‬والظاهرية ‪ .‬والظاهر أن هذا الختلف‬
‫يتبع اختلف المصار ‪ .‬فمن راعى شرط الصحراء نظر إل الال الغالبة ‪ ،‬أو أخذه من‬
‫حال زمنه الذي ل يقع فيه مثل ذلك ف مصره ‪ ،‬وعلى العكس من ذلك من ل يشترط‬
‫هذا الشرط ‪ .‬ولذا يقول الشافعي ‪ :‬إن السلطان إذا ضعف ووجدت الغالبة ف الصر‬
‫كانت ماربة ‪ .‬وأما غي ذلك فهو اختلس عنده ‪ ) 4 ( .‬شرط الجاهرة ‪ :‬ومن شروط‬
‫الرابة الجاهرة بأن يأخذوا الال جهرا ‪ ،‬فإن أخذوه متفي فهم سراق ‪ ،‬وإن اختطفوه‬
‫وهربوا ‪ ،‬فهم منتهبون ‪ ،‬ل قطع عليهم ‪ ،‬وكذلك‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 468‬‬
‫إن خرج الواحد والثنان على آخر قافلة ‪ ،‬فسلبوا منها شيئا ‪ ،‬لنه ل يرجعون إل منعة‬
‫وقوة ‪ ،‬وإن خرجوا على عدد يسي فقهروهم ‪ ،‬فهم قطاع طريق ‪ .‬وهذا مذهب الحناف‬
‫والشافعية والنابلة ‪ .‬وخالف ف ذلك الالكية والظاهرية ‪ .‬قال ابن العرب الالكي ‪ :‬والذي‬
‫نتاره أن الرابة عامة ف الصر والقفر ‪ / ،‬صفحة ‪ / 469‬وإن كان بعضها أفحش من‬
‫بعض ‪ ،‬ولكن اسم الرابة يتناولا ‪ ،‬ومعن الرابة موجود فيها ‪ ،‬ولو خرج بعضا ف الصر‬
‫يقتل بالسيف ويؤخذ فيه بأشد من ذلك ل بأيسره ‪ .‬فإنه سلب غيلة ‪ ،‬وفعل الغيلة أقبح‬
‫من فعل الجاهرة ‪ ،‬ولذلك دخل العفو ف قتل الجاهرة فكان قصاصا ‪ ،‬ول يدخل ف قتل‬
‫الغيلة ‪ ،‬فكان حرابة ‪ ،‬فتحرر أن قطع السبيل موجب للقتل ‪ .‬وقال ‪ :‬لقد كنت أيام تولية‬
‫القضاء قد رفع إل أمر قوم خرجوا ماربي ف رفقة ‪ ،‬فأخذوا منهم امرأة ‪ -‬مغالبة على‬
‫نفسها من زوجها ‪ ،‬ومن جلة السلمي معه ‪ -‬فاختلوا با ‪ ،‬ث جد فيهم الطلب ‪ ،‬فأخذوا‬
‫وجئ بم ‪ ،‬فسألت من كان ابتلن ال به من الفتي ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ليسوا ماربي ‪ ،‬لن‬
‫الرابة إنا تكون ف الموال ل ف الفروج ‪ .‬فقلت لم ‪ " :‬إنا ل وإنا إليه راجعون " أل‬
‫تعلموا أن الرابة ف الفروج أفحش منها ف الموال ‪ ،‬وإن الناس ليضون أن تذهب‬
‫أموالم وترب بي أيديهم ‪ ،‬ول يرضون أن يرب الرء ف زوجته وبنته ؟ ولو كان فوق‬
‫ما قال ال عقوبة لكانت لن يسلب الفروج ‪ ،‬وحسبكم من بلء صحبة الهال ‪،‬‬
‫وخصوصا ف الفتيا والقضاء ‪ .‬وقال القرطب ‪ :‬والغتال كالحارب ‪ ،‬وهو أن يتال ف قتل‬

‫‪343‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إنسان على أخذ ماله ‪ ،‬وإن ل يشهر السلح ‪ ،‬ولكن دخل عليه بيته أو صحبه ف سفر ‪،‬‬
‫فأطعمه سا فقتله ‪ ،‬فيقتل حدا ل قودا ‪ ،‬وقريب من هذا القول رأي ابن حزم حيث يقول‬
‫‪ :‬إن الحارب هو الكابر ‪ ،‬الخيف لهل الطريق ‪ ،‬الفسد ف سبل الرض ‪ ،‬سواء بسلح‬
‫أم بل سلح أصل ‪ .‬سواء ليل أم نارا ‪ ،‬ف مصر أم فلة ‪ ،‬أم ف قصر الليفة ‪ ،‬أم ف‬
‫الامع سواء ‪ ،‬وسواء فعل ذلك بند أم بغي جند ‪ ،‬منقطعي ف الصحراء أم أهل قرية ‪،‬‬
‫سكانا ف دورهم أم أهل حصن كذلك ‪ ،‬أم أهل مدينة عظيمة أم غي عظيمة ‪ ،‬كذلك‬
‫واحد أم أكثر ‪ ،‬كل من حارب الارة وأخاف السبيل بقتل نفس أو أخذ مال ‪ ،‬أو لراحة‬
‫‪ ،‬أو لنتهاك عرض ‪ ،‬فهو مارب عليه وعليهم ‪ ،‬كثروا أو قلوا " ‪ .‬ومن ث يتبي أن‬
‫مذهب ابن حزم وأسع الذاهب بالنسبة للحرابة ‪ ،‬ومثله ‪ /‬صفحة ‪ / 470‬ف ذلك الالكية‬
‫‪ ،‬لن كل من أخاف السبيل على أي نو من الناء ‪ ،‬وبأي صورة من الصور ‪ ،‬يعتب‬
‫ماربا مستحقا لعقوبة الرابة ‪ .‬عقوبة الرابة ‪ :‬أنزل ال سبحانه ف جرية الرابة قوله ‪" :‬‬
‫إنا جزاء الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف الرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو‬
‫تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض ‪ ،‬ذلك لم خزي ف الدنيا ‪ ،‬ولم‬
‫ف الخرة عذاب عظيم ‪ -‬إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ‪ ،‬فاعلموا أن ال غفور‬
‫رحيم " ‪ ) 1 ( .‬فهذه الية نزلت فيمن خرج من السلمي يقطع السبيل ويسعى ف‬
‫الرض بالفساد ‪ ،‬لقوله سبحانه ‪ " :‬إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " ‪ .‬وقد‬
‫أجع العلماء على أن أهل الشرك إذا وقعوا ف أيدي السلمي ‪ ،‬فأسلموا فإن السلم‬
‫يعصم دماءهم وأموالم وإن كانوا قد ارتكبوا من العاصي قبل السلم ما يستوجب‬
‫العقوبة ‪ " :‬قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لم ما قد سلف " ‪ ) 2 ( .‬فدل ذلك على أن‬
‫الية نزلت ف أهل السلم ‪ ،‬ومعن ياربون ال ورسوله ‪ ،‬أي ياربون السلمي با‬
‫يدثونه من اضطراب ‪ ،‬وفوضى وخوف وقلق ‪ ،‬وياربون السلم بروجهم عن تعاليمه‬
‫وعصيانم لا ‪ .‬فإضافة الرب إل ال ورسوله إيذان بأن حرب السلمي كأنا حرب ال‬
‫تعال ولرسوله ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬يادعون ال والذين آمنوا " ‪ ) 3 ( .‬فالحاربة هنا مازية‬
‫‪ .‬قال القرطب ‪ :‬ياربون ال ورسوله ‪ ،‬إستعارة ‪ ،‬وماز ‪ ،‬إذ ال سبحانه ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ .‬اليتان ‪ ) 2 ( . 34 ، 33 :‬سورة النفال ‪ .‬الية ‪) 3 ( . 38 :‬‬

‫‪344‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سورة البقرة ‪ .‬الية ‪ / ) . ( . 9 :‬صفحة ‪ / 471‬وتعال ل يارب ول يغالب لا هو‬
‫عليه من صفات الكمال ‪ ،‬ولا وجب له من التنيه عن الضداد والنداد ‪ .‬والعن ياربون‬
‫أولياء ال ‪ .‬فعب بنفسه العزيزة عن أوليائه إكبارا لذيتهم كما عب بنفسه عن الفقراء‬
‫والضعفاء ف قوله تعال ‪ " :‬من ذا الذي يقرض ال قرضا حسنا " ( ‪ . ) 1‬حثا على‬
‫الستعطاف عليهم ‪ ،‬ومثله ف صحيح السنة ‪ " :‬استطعمتك فلم تطعمن " اه‍ ‪ .‬سبب‬
‫نزول هذه الية ‪ :‬قال المهور ف سبب نزول هذه الية ‪ " :‬إن العرنيي ( ‪ ) 2‬قدموا‬
‫الدينة فأسلموا ‪ ،‬واستوخوها ( ‪ ، ) 3‬وسقمت أجسامهم ‪ ،‬فأمرهم النب صلى ال عليه‬
‫وسلم بالروج إل إبل الصدقة ‪ ،‬فخرجوا ‪ ،‬وأمر لم بلقاح ( ‪ ) 4‬ليشربوا من ألبانا‬
‫فانطلقوا ‪ ،‬فلما صحوا قتلوا الراعي وارتدوا عن السلم وساقوا البل ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 471‬‬
‫فبعث النب صلى ال عليه وسلم ف آثارهم ‪ ،‬فما ارتفع النهار حت جئ بم فأمر بم فقطع‬
‫أيديهم وأرجلهم وتسمل ( ‪ ) 5‬أعينهم ‪ ،‬وتركهم ف الرة ( ‪ ) 6‬يستسقون فل يسقون‬
‫حت ماتوا " ‪ .‬قال أبو قلبة ‪ :‬فهؤلء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيانم وحاربوا ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬فأنزل ال عزوجل ‪ " :‬إنا الذين ياربون ال ورسوله " الية ‪ .‬العقوبات الت‬
‫قررتا الية الكرية ‪ :‬والعقوبة الت قررتا هذه الية للذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة الية ‪ ) 2 ( . 245 :‬جاعة من إحدى القبائل العربية‬
‫العروفة ‪ ) 3 ( .‬أصابم الرض والوخم ‪ .‬لعدم موافقة هوائها لم ‪ ) 4 ( .‬لقاح جع‬
‫لقحة وهي الناقة اللوب ‪ ) 5 ( .‬تسمل ‪ :‬تفقا ‪ .‬وفعل بم ذلك لنم كانوا فعلوا ذلك‬
‫بالراعي فكان قصاصا ‪ .‬وجزاء سيئة سيئة مثلها ‪ ) 6 ( .‬الرة ‪ :‬أرض خارج الدينة ذات‬
‫حجارة سوداء ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 472‬الرض فسادا هي إحدى عقوبات أربع ‪- 1 :‬‬
‫القتل ‪ - 2 .‬أو الصلب ‪ - 3 .‬أو تقطيع اليدي والرجل من خلف ‪ - 4 .‬أو النفي‬
‫من الرض ‪ .‬وهذه العقوبات جاءت ف الية معطوفة برف " أو " ‪ ،‬فقال بعض العلماء‬
‫‪ " :‬إن العطف با يفيد التخيي ‪ ،‬ومعن هذا ان للحاكم أن يتخي عقوبة من هذه‬
‫العقوبات ‪ ،‬حسب ما يراه من الصلحة ‪ ،‬بصرف النظر عن الرية الت ارتكبها الحاربون‬

‫‪345‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" ‪ .‬وقال أكثر العلماء ‪ :‬إن " أو " لنا للتنويع ل للتخيي ومقتضاه أن تتنوع العقوبة حسب‬
‫الرية ‪ ،‬وأن هذه العقوبات على ترتيب الرائم ل على التخيي ‪ .‬حجة القائلي بأن " أو‬
‫" للتخيي ‪ :‬قال الفريق الول ‪ :‬إن هذا ما تقتضيه اللغة ‪ ،‬ويتمشى مع نظم الية ‪ ،‬ول‬
‫يثبت من السنة ما يصرف ما دلت عليه من هذا العن ‪ .‬فكل من حارب ال ورسوله‬
‫وسعى ف الرض بالفساد ‪ ،‬فإن عقوبته إما القتل ‪ ،‬أو الصلب ‪ ،‬أو القطع ‪ ،‬أو النفي من‬
‫الرض حسب ما يكون من الصلحة الت يراها الاكم ف تنفيذ إحدى هذه العقوبات ‪،‬‬
‫سواء قتلوا أم ل يقتاوا ‪ ،‬وسواء أخذوا الال أم ل يأخذوا ‪ ،‬وسواء ارتكبوا جرية واحدة‬
‫أم أكثر ‪ .‬وليس ف الية ما يدل على أن للحاكم أن يمع أكثر من عقوبة واحدة أو يترك‬
‫الحاربي دون عقاب ‪ .‬قال القرطب ‪ " :‬قال أبو ثور ‪ :‬المام مي على ظاهر الية ‪،‬‬
‫وكذلك قال مالك ‪ ،‬وهو مروي عن ابن عباس ‪ ،‬وهو قول سعيد بن السيب وعمر بن‬
‫عبد العزيز ‪ ،‬وماهد ‪ ،‬والضحاك ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬كلهم قال ‪ :‬المام مي ف الكم على‬
‫الحاربي ‪ ،‬يكم عليهم بأي الحكام الت ‪ /‬صفحة ‪ / 473‬أوجبها ال تعال من ‪ :‬القتل‬
‫‪ ،‬أو الصلب ‪ ،‬أو القطع ‪ ،‬أو النفي بظاهر الية " ‪ .‬قال ابن عباس ‪ :‬ما كان ف القرآن "‬
‫أو " فصاحبه باليار ‪ .‬وهذا قول أشعر بظاهر الية ‪ .‬قال ابن كثي ‪ :‬إن ظاهر ‪ -‬أو ‪-‬‬
‫للتخيي ‪ ،‬كما ف نظائر ذلك من القرآن كقوله تعال ف جزاء الصيد ‪ " :‬فجزاء مثل ما‬
‫قتل من النعم ‪ ،‬يكم به ذوا عدل منكم ‪ ،‬هديا بالغ الكعبة ‪ ،‬أو كفارة طعام مساكي ‪،‬‬
‫أو عدل ذلك صياما " ‪ ) 1 ( .‬وكقوله ف كفارة الفدية ‪ " :‬فمن كان منكم مريضا أو به‬
‫أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " ‪ ) 2 ( .‬وكقوله ف كفارة اليمي ‪" :‬‬
‫فإطعام عشرة مساكي ‪ ،‬من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتم أو ترير رقبة " ‪3 ( .‬‬
‫) هذه كلها على التخيي ‪ ،‬فكذلك فلتكن هذه الية ‪ .‬حجة القائلي بأن " أو " للتنويع ‪:‬‬
‫أما الفريق الثان فقد استدل با روي عن ابن عباس ‪ ،‬وهو من أعلم الناس باللغة وأفقههم‬
‫ف القرآن الكري ‪ ،‬فقد روى الشافعي ف مسنده عنه رضي ال عنه قال ‪ " :‬إذا قتلوا‬
‫وأخذوا الموال صلبوا ‪ .‬وإذا قتلوا ول يأخذوا الال قتلوا ول يصلبوا ‪ .‬وإذا أخذوا الال‬
‫ول يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلف ‪ .‬وإذا أخافوا السبيل ول يأخذوا مال نفوا‬
‫من الرض ‪ ( " .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ .‬الية ‪ ) 2 ( . 95 :‬سورة البقرة الية ‪:‬‬

‫‪346‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ) 3 ( . 196‬سورة الائدة الية ‪ / ) . ( . 89 :‬صفحة ‪ / 474‬قال ابن كثي ويشهد‬
‫لذا التفصيل الديث الذي رواه ابن جرير ف تفسيه ‪ -‬إن سنده ‪ -‬قال ‪ :‬حدثنا علي بن‬
‫سهل ‪ ،‬حدثنا الوليد بن مسلم ‪ ،‬عن يزيد بن حبيب ‪ :‬أن عبد اللك بن مروان كتب إل‬
‫أنس بن مالك يسأله عن هذه الية ‪ ،‬فكتب إليه يبه أنا نزلت ف أولئك النفر العرنيي ‪،‬‬
‫وهم من بيلة ( ‪ ، ) 1‬قال أنس ‪ :‬فارتدوا عن السلم ‪ ،‬وقتلوا الراعي ‪ ،‬واستاقوا البل ‪،‬‬
‫وأخافوا السبيل ‪ ،‬وأصابوا الفرج الرام ‪ .‬قال أنس ‪ :‬فسأل الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫جبائيل عليه السلم عن القضاء فيمن حارب فقال ‪ " :‬من سرق مال وأخاف السبيل‬
‫فاقطع يده بسرقته ورجله بإخافته ‪ ،‬ومن قتل اقتله ‪ ،‬ومن قتل وأخاف السبيل واستحل‬
‫الفرج الرام فاصلبه " ‪ .‬وقالوا ‪ :‬إن الذي يرجح أن الية لتفصيل العقوبات ‪ ،‬ل للتخيي‬
‫هو أن‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 474‬‬
‫ال جعل لذا الفساد درجات من العقاب لن إفسادهم متفاوت ‪ ،‬منه القتل ‪ ،‬ومنه‬
‫السلب والنهب ‪ ،‬ومنه هتك العرض ‪ ،‬ومنه إهلك الرث والنسل ‪ .‬ومن قطاع الطرق‬
‫من يمع بي جريتي أو أكثر من هذه ‪ ،‬فليس الاكم ميا ف عقاب من شاء منهم با‬
‫شاء ‪ ،‬بل عليه أن يعاقب كل منهم بقدر جرمه ودرجة إفساده ‪ ،‬وهذا هو العدل ‪" :‬‬
‫وجزاء سيئة سيئة مثلها " ‪ ) 2 ( .‬وهذا مذهب الشافعي ‪ ،‬وأحد ف أصح الروايات عنه ‪،‬‬
‫وقول أب حنيفة على تفصيل ف ذلك ‪ -‬وقد ناقش الكاسان ف البدائع ( ‪ ) 3‬رأي‬
‫القائلي بأن " أو " للتخيي نقاشا علميا ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إن التخيي الوارد ف الحكام الختلفة‬
‫من حيث الصورة برف التخيي ‪ ،‬إنا يري ظاهره إذا كان سبب الوجوب واحد ‪ ،‬كما‬
‫ف كفارة اليمي ‪ ،‬وكفارة جزاء الصيد ‪ .‬أما إذا كان متلفا فيخرج مرج بيان الكم‬
‫لكل ف نفسه ‪ ،‬كما ف قوله تعال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬قبيلة تسمى بذا السم ‪) 2 ( .‬‬
‫سورة الشورى الية ‪ ) 3 ( . 40 :‬ج‍ ‪ 7‬ص ‪ / ) . ( . 9‬صفحة ‪ " / 475‬قلنا يا ذا‬
‫القرني إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا " ‪ ) 1 ( .‬إن ذلك ليس للتخيي بي‬
‫الذكورين ‪ ،‬بل لبيان الكم لكل ف نفسه ‪ ،‬لختلف سبب الوجوب ‪ .‬وتأويله ‪ :‬إما أن‬

‫‪347‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعذب من ظلم ‪ ،‬أو تتخذ السن فيمن آمن وعمل صالا ‪ .‬أل ترى إل قوله تعال ‪" :‬‬
‫قال أما من ظلم فسوف نعذبه ‪ ،‬ث يرد إل ربه فيعذبه عذابا نكرا ‪ -‬وأما من آمن وعمل‬
‫صالا فله جزاء السن " ‪ ) 2 ( .‬وقطع الطريق متنوع ف نفسه وإن كان متحدا من‬
‫حيث الصل ‪ ،‬فقد يكون بأخذ الال وحده ‪ ،‬وقد يكون بالقتل ل غي ‪ ،‬وقد يكون‬
‫بالمع بي المرين ‪ ،‬وقد يكون بالتخويف ل غي ‪ ،‬فكان سبب الوجوب متلفا فل يمل‬
‫على التخيي ‪ ،‬بل على بيان الكم لكل نوع ‪ ،‬أو يتمل هذا ويتمل ما ذكر فل يكون‬
‫حجة مع الحتمال ‪ .‬وإذا ل يكن صرف الية الشريفة إل ظاهر التخيي ف مطلق‬
‫الحارب ‪ .‬فإما أن يمل على الترتيب ويضمر ف كل حكم مذكور نوع من أنواع قطع‬
‫الطريق ‪ ،‬كأنه سبحانه وتعال قال ‪ " :‬إنا جزاء الذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف‬
‫الرض فسادا أن يقتلوا " إن قتلوا ‪ ،‬أو يصلبوا ‪ ،‬إن أخذوا الال وقتلوا ‪ ،‬أو تقطع أيديهم‬
‫وأرجلهم من خلف ‪ ،‬إن أخذوا الال ل غي ‪ ،‬أو ينفوا من الرض ‪ ،‬إن أخافوا ‪ ،‬هكذا‬
‫ذكر جبيل عليه السلم لرسول ال صلى ال عليه وسلم لا قطع أبو بردة السلمي‬
‫بأصحابه الطريق على أناس جاؤوا يريدون السلم ‪ .‬فقد قال عليه السلم ‪ " :‬إن من قتل‬
‫قتل ‪ ،‬ومن أخذ الال ول يقتل قطعت يده ورجله من خلف ‪ ،‬ومن قتل وأخذ الال‬
‫صلب ‪ ،‬ومن جاء مسلما هدم السلم ما كان قبله من الشرك " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة الكهف الية ‪ ) 2 ( . 86 :‬سورة الكهف الية ‪ / ) . ( . 87 :‬صفحة ‪/ 476‬‬
‫بسط رأي القائلي بتنوع العقوبة إذا اختلفت الرية ‪ :‬قلنا إن جهور الفقهاء يرى أن‬
‫العقوبة تتنوع حسب نوع الرية ‪ ،‬وإن ذلك ينقسم إل أقسام ‪ - 1 :‬أن تكون الرابة‬
‫مقصورة على إخافة الارة وقطع الطريق ‪ ،‬ول يرتكب الحاربون شيئا وراء ذلك ‪ ،‬فهؤلء‬
‫ينفون من الرض ‪ ،‬والنفي من الرض معناه إخراج الحاربي من البلد الذي أفسدوا فيه‬
‫إل غيه من بلد السلم ‪ .‬إل إذا كانوا كفارا فيجوز إخراجهم إل بلد الكفر ‪.‬‬
‫وحكمة ذلك أن يذوق هؤلء وبال أمرهم بالبتعاد والنفي ‪ ،‬وأن تطهر النطقة الت عاثوا‬
‫فيها فسادا من شرورهم ومفاسدهم ‪ ،‬وأن ينسى الناس ما كان منهم من أثر سئ وذكرى‬
‫أليمة ‪ .‬وروي عن مالك أن النفي معناه الخراج إل بلد آخر ‪ ،‬ليسجنوا فيه حت تظهر‬
‫توبتهم ‪ ،‬واختاره ابن جرير ‪ .‬ويرى الحناف أن النفي هو السن ويبقون ف السجن حت‬

‫‪348‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يظهر صلحم لن السجن خروج من سعة الدنيا إل ضيقتها ‪ ،‬فصار من سجن كأنه نفي‬
‫من الرض إل من موضع سجنه ‪ ،‬واحتجوا بقول بعض أهل السجون ف ذلك ‪ :‬خرجنا‬
‫من الدنيا ونن من أهلها فلسنا من الموات فيها ول الحيا إذا جاءنا السجان يوما لاجة‬
‫عجبنا وقلنا ‪ :‬جاء هذا من الدنيا ! ‪ - 2‬أن تكون الرابة بأخذ الال من غي قتل ‪،‬‬
‫وعقوبة ذلك قطع اليد اليمن والرجل اليسرى ‪ ،‬لن هذه الناية زادت على السرقة‬
‫بالرابة ‪ ،‬وما يقطع منهما يسم ف الال ‪ ،‬بكي العضو القطوع بالنار أو بالزيت الغلي‬
‫أو بأية طريقة أخرى ‪ ،‬حت ل يستنف دمه فيموت ‪ .‬وإنا كان القطع من خلف حت ل‬
‫تفوت جنس النفعة فتبقى له يد يسرى ورجل ين ينتفع بما ‪ ،‬فإن عاد هذا القطوع إل‬
‫قطع الطريق مرة أخرى قطعت يده اليسرى ورجله اليمن ‪ ،‬وقد اشترط جهور الفقهاء أن‬
‫يكون مبلغ الال السروق نصابا ‪ ،‬وأن يكون من حرز ‪ ،‬لن السرقة جرية لا عقوبة‬
‫مقررة ‪ ،‬فإذا وقعت الرية تعبها جزاؤها ‪ ،‬سواء أكان مرتكبها فردا أم جاعة ‪ .‬فإن ل‬
‫يبلغ الال نصابا ول يكن ‪ /‬صفحة ‪ / 477‬من حرز فل قطع ‪ ،‬فإن كانوا جاعة ‪ ،‬فهل‬
‫يشترط أن تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا أو ل ؟ أجاب عن ذلك ابن قدامة فقال ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 477‬‬
‫" وإذا أخذوا ما يبلغ نصابا ول تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا قطعوا ‪ ،‬قياسا على قولنا‬
‫ف السرقة ‪ .‬وقياس قول الشافعي وأصحاب الرأي أنه ل يب القطع حت تبلغ حصة كل‬
‫واحد منهم نصابا ‪ .‬ويشترط أل تكون لم شبهة ‪ .‬ول يوافق مالك ول الظاهرية على هذا‬
‫الرأي ‪ ،‬فلم يشترطوا ف الال السروق بلوغ النصاب ول كونه مرزا ‪ ،‬لن الرابة نفسها‬
‫جرية تستوجب العقوبة بقطع النظر عن النصاب والرز ‪ .‬فجرية الرابة غي جرية‬
‫السرقة ‪ ،‬وعقوبة كل منهما متلفة ‪ ،‬لن ال تعال قدر للسرقة نصابا ‪ ،‬ول يقدر ف‬
‫الرابة شيئا ‪ ،‬بل ذكر جزاء الحارب فاقتضى ذلك توفية الزاء لم على الحاربة ‪ .‬وإذا‬
‫كان ف الناة من هو ذو رحم مرم من سرقت أموالم فإنه لقطع عليه ‪ ،‬ويقطع الباقون‬
‫الذين شاركوه من الناة عند النابلة وأحد قول الشافعي ‪ .‬وقال الحناف ‪ :‬ل يقطع‬
‫واحد منهم لوجود الشبهة بالنسبة للقريب ‪ ،‬والناة متضامنون فإذا سقط الد عن‬

‫‪349‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القريب سقط عن الميع ‪ .‬ورجح ابن قدامة رأي الشافعية والنابلة فقال ‪ " :‬إنا شبهة‬
‫اختص با واحد ‪ ،‬فل يسقط الد عن الباقي " ومعن هذا أن شبهة السقاط ل تتجاوز‬
‫ذا الرحم ‪ ،‬فل يقاوم عليه الد وحده ‪ ،‬لن الشبهة ل تتجاوزه ‪ .‬اه‍ ‪ - 3 .‬أن تكون‬
‫الرابة بالقتل دون أخذ للمال ‪ ،‬وهذا يستوجب القتل مت قدر الاكم عليهم ‪ ،‬ويقتل‬
‫جيع الحاربي وإن كان القاتل واحدا ‪ ،‬كما يقتل الردء ‪ -‬وهو الطليعة ‪ -‬لنم شركاء‬
‫ف الحاربة والفساد ف الرض ‪ .‬ولعبة بعفو ول الدم أو رضاه بالدية ‪ ،‬لن عفو ول‬
‫الدم أو رضاه بالدية ف القصاص لف الرابة ‪ - 4 .‬أن تكون الرابة بالقتل وأخذ الال ‪.‬‬
‫وف هذا القتل والصلب ‪ .‬أي أن عقوبتهم أن يصلبوا أحياء ليموتوا ‪ ،‬فيبط الشخص على‬
‫خشبة أو عمود ‪ /‬صفحة ‪ / 478‬أو نوها منتصب القامة ‪ .‬مدود اليدين ‪ ،‬ث يطعن حت‬
‫يوت ‪ .‬ومن الفقهاء من قال ‪ :‬إنه يقتل أول ث يصلب للعبة والعظة ‪ .‬ومنهم من قال ‪:‬‬
‫إنه ل يبقى على الشبة أكثر من ثلثة أيام ‪ .‬وكل ما تقدم فإنه اجتهاد من الئمة ‪.‬‬
‫وهوف نطاق تفسي الية الكرية ‪ ،‬وكل إمام له وجهة نظر صحيحة ‪ ،‬فمن رأى تيي‬
‫الاكم ف اختيار إحدى العقوبات القررة فوجهته ما دل عليه العطف برف ‪ -‬أو ‪ -‬وأن‬
‫المر متروك للحاكم يتار منها ما تدرأ به الفسدة وتتحقق به الصلحة ‪ .‬وأن من رأى أن‬
‫لكل جرية عقوبة مددة ف الية ‪ ،‬فوجهه تقيق العدالة مع رعاية ما تندرئ به الفاسد‬
‫وتقوم به‍الصال ‪ ،‬فالكل ممع على تقيق غاية الشريعة من درء الفاسد وتقيق الصال ‪.‬‬
‫وهذا الجتهاد يسهل على أولياء المور فهم النصوص وييسر طريق الجتهاد ‪ ،‬ويعي‬
‫طالب العلم على الوصول إل القيقة ‪ .‬ول شك أن أعمال كثية تدث من الحاربي‬
‫الفسدين غي هذه العمال الت أشار إليها الفقهاء ‪ .‬ويكن استنباط أحكام لا مناسبة ف‬
‫ضوء ما استنبطه الفقهاء من الية الكرية من أحكام جزئية ‪ .‬رد اعتراض ودفع إشكال ‪:‬‬
‫قال ف النار ‪ :‬روى عبد بن حيد ‪ ،‬وابن جرير عن ماهد أن الفساد هنا ‪ :‬الزنا ‪ ،‬والسرقة‬
‫‪ ،‬وقتل النساء ‪ ،‬وإهلك الرث والنسل ‪ ،‬وكل هذه العمال من الفساد ف الرض ‪.‬‬
‫واستشكل بعض الفقهاء قول ماهد ‪ :‬ب‍ " أن هذه الذنوب والفاسد لا عقوبات ف الشرع‬
‫غي ما ف الية ‪ ،‬فللزنا والسرقة والقتل ‪ ،‬حدود ‪ ،‬وإهلك الرث والنسل يقدر بقدره‬
‫ويضمنه الفاعل ويعزره الاكم با يؤديه إليه اجتهاده " ‪ .‬وفات هؤلء العترضي أن‬

‫‪350‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العقاب النصوص ف الية خاص بالحاربي من الفسدين الذين يكاثرون أول المر ‪ ،‬ول‬
‫يذعنون لكم الشرع ‪ ،‬وتلك الدود إنا هي للسارقي ‪ ،‬والزناة أفرادا ‪ ،‬الاضعي لكم‬
‫الشرع فعل ‪ .‬وقد ذكر حكمهم ف الكتاب العزيز بصيغة اسم الفاعل الفرد كقوله ‪،‬‬
‫سبحانه " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " ( ‪ ، ) 1‬وقال ‪ " :‬الزانية ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ .‬الية ‪ / ) . ( 28 :‬صفحة ‪ / 479‬والزان فاجلدوا كل واحد منهما‬
‫مائة جلدة " ( ‪ ) 1‬وهم يستخفون بأفعالم ‪ ،‬ول يهرون بالفساد حت ينتشر بسوء‬
‫القدوة بم ول يؤلفون له العصائب ليمنعوا أنفسهم من الشرع بالقوة فلهذا ل يصدق‬
‫عليهم أنم ماربو ال ورسوله ومفسدون ‪ ،‬والكم هنا منوط بالوصفي معا ‪ .‬وإذا أطلق‬
‫الفقهاء لفظ الحاربي فإنا يعنون به الحاربي الفسدين ‪ ،‬لن الوصفي متلزمان " انتهى‬
‫واجب الاكم والمة حيال الرابة ‪ :‬والاكم والمة معا مسئولون عن حاية النظام‬
‫وإقرار المن وصيانة حقوق الفراد ف الحافظة على دمائهم وأموالم وأعراضهم ‪ ،‬فإذا‬
‫شذت طائفة ‪ ،‬فأخلوا السبيل ‪ ،‬وقطعوا الطريق ‪ ،‬وعرضوا حياة الناس للفوضى‬
‫والضطراب ‪ .‬وجب على الاكم قتال هؤلء ‪ ،‬كما فعل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫مع العرنيي ‪ ،‬وكما فعل خلفاؤه من بعده ‪ ،‬ووجب على السلمي كذلك أن يتعاونوا مع‬
‫الاكم على استئصال شأفتهم وقطع دابرهم ‪ ،‬حت ينعم‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 479‬‬
‫الناس بالمن والطمأنينة ‪ ،‬ويسوا بلذة السلم والستقرار وينصرف كل إل عمله ماهدا‬
‫ف سبيل الي لنفسه ‪ ،‬ولسرته ‪ ،‬ولمته ‪ ،‬فإن انزم هؤلء ف ميدان القتال ‪ ،‬وتفرقوا هنا‬
‫وهناك ‪ ،‬وانكسرت شوكتهم ‪ ،‬ل يتبع مدبرهم ‪ ،‬ول يهز على جريهم إل إذا كانوا قد‬
‫ارتكبوا جناية القتل ‪ ،‬وأخذوا الال ‪ ،‬فإنم يطاردون حت يظفروا بم ويقام عليهم حد‬
‫الرابة ‪ .‬توبة الحاربي قبل القدرة عليهم ‪ :‬إذا تاب الحاربون الفسدون ف الرض قبل‬
‫القدرة عليهم ‪ ،‬وتكن الاكم من القبض عليهم ‪ ،‬فإن ال يغفر لم ما سلف ‪ ،‬ويرفع‬
‫عنهم العقوبة الاصة بالرابة لقول ال سبحانه ‪ " :‬ذلك لم خزي ف الدنيا ‪ ،‬ولم ف‬
‫الخرة عذاب عظيم ‪ ،‬إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن ال غفور‬

‫‪351‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رحيم " ‪ .‬وإنا كان ذلك كذلك ‪ ،‬لن التوبة قبل القدرة عليهم والتمكن منهم ( هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬سورة النور الية ‪ / ) . ( 2 :‬صفحة ‪ / 480‬دليل على يقظة الضمي والعزم على‬
‫استئناف حياة نظيفة بعيدة عن الفساد والحاربة ل ولرسوله ‪ ،‬ولذا شلهم عفو ال و‬
‫أسقط عنهم كل حق من حقوقه إن كانوا قد ارتكبوا ما يستوجب العقوبة ‪ ،‬أما حقوق‬
‫العباد فإنا ل تسقط عنهم ‪ ،‬وتكون العقوبة حينئذ ليست من قبيل الرابة ‪ ،‬وإنا تكون‬
‫من باب القصاص ‪ .‬والمر ف ذلك يرجع إل الجن عليهم ل إل الاكم ‪ ،‬فإن كانوا قد‬
‫قتلوا سقط عنهم تتم القتل ‪ ،‬ولول الدم العفو أو القصاص ‪ ،‬وإن كانوا قد قتلوا وأخذوا‬
‫الال ‪ ،‬سقط الصلب وتتم القتل وبقي القصاص وضمان الال ‪ .‬وإن كانوا قد أخذوا‬
‫الال سقط القطع وأخذت الموال منهم إن كانت بأيديهم ‪ ،‬وضمنوا قيمة ما استهلكوا ‪،‬‬
‫لن ذلك غصب ‪ .‬فل يوز ملكه لم ‪ ،‬ويصرف إل أربابه أو يعله الاكم عنده حت‬
‫يعلم صاحبه لن توبتهم ل تصح إل إذا أعادوا الموال السلوبة إل أربابا ‪ .‬فإذا أرى أولو‬
‫المر إسقاط حق مال عن الفسدين من أجل الصلحة العامة ‪ ،‬وجب أن يضمنوه من بيت‬
‫الال ‪ .‬ولقد لص ابن رشد ف بداية الجتهد أقوال العلماء ف هذه السألة فقال ‪ " :‬وأما‬
‫ما تسقطه عنه التوبة فاختلفوا ف ذلك على أربعة أقوال ‪ - 1 :‬أحدها أن التوبة إنا تسقط‬
‫حد الرابة فقط ‪ ،‬ويؤخذ ‪ ،‬با سوى ذلك من حقوق ال وحقوق الدميي " وهو قول‬
‫مالك ‪ - 2 .‬والقول الثان أنا تسقط عنه حد الرابة وجيع حقوق ال من الزنا ‪،‬‬
‫والشراب ‪ ،‬والقطع ف السرقة ‪ ،‬ول تسقط حقوق الناس من الموال ‪ ،‬والدماء إل أن‬
‫يعفو أولياء القتول ( ‪ - 3 . ) 1‬والقول الثالث ‪ :‬أن التوبة ترفع جيع حقوق ال ‪،‬‬
‫ويؤخذ ف الدماء وف الموال با وجد بعينه ‪ - 4 .‬والقول الرابع ‪ :‬أن التوبة تسقط جيع‬
‫حقوق الدميي من مال ‪ ،‬ودم ‪ ،‬إل ما كان من الموال قائما بعينه ‪ .‬شروط التوبة ‪:‬‬
‫للتوبة ظاهر وباطن ‪ ،‬ونظر الفقه إل الظاهر دون الباطن الذي ل يعلمه ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫هذا هو أعدل القوال الذي اخترناه ونبهنا عليه من قبل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 481‬إل‬
‫ال ‪ ،‬فإذا تاب الحارب قبل القدرة عليه ‪ ،‬قبلت توبته وترتبت عليها آثارها ‪ ،‬واشترط‬
‫بعض العلماء ‪ -‬ف التائب ‪ -‬أن يستأمن الاكم فيؤمنه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ل يشترط ذلك ‪ ،‬ويب‬
‫على المام أن يقبل كل تائب ‪ .‬وقيل ‪ :‬يكتفي بإلقاء السلح والبعد عن مواطن الرية‬

‫‪352‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وتأمي الناس بدون حاجة إل الرجوع إل المام ‪ .‬ذكر ابن جرير ‪ .‬قال ‪ :‬حدثن علي ‪،‬‬
‫حدثنا الوليد بن مسلم ‪ .‬قال ‪ " :‬قال الليث وكذلك حدثن موسي الدن ‪ -‬وهو المي‬
‫عندنا ‪ -‬أن عليا السدي حارب ‪ ،‬وأخاف السبيل وأصاب الدم والال ‪ ،‬فطلبه الئمة‬
‫والعامة ‪ ،‬فامتنع ول يقدروا عليه حت جاء تائبا ‪ .‬وذلك أنه سع رجل يقرأ هذه الية ‪" :‬‬
‫قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحة ال ‪ ،‬إن ال يغفر الذنوب‬
‫جيعا إنه هو الغفور الرحيم " ‪ ) 1 ( .‬فوقف عليه فقال يا عبد ال ‪ :‬أعد قراءتا ‪.‬‬
‫فأعادها عليه فغمد سيفه ‪ ،‬ث جاء تائبا حت قدم الدينة من السحر ‪ .‬فاغتسل ‪ ،‬ث أتى‬
‫مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم فصلى الصبح ‪ ،‬ث قعد إل أب هريرة ف أغمار‬
‫أصحابه فلما أسفروا عرفه الناس ‪ ،‬فقاموا إليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل سبيل لكم علي ‪ ،‬جئت تائبا‬
‫من قبل أن تقدروا علي ‪ .‬فقال أبو هريرة ‪ :‬صدق ‪ ،‬وأخذ بيده حت أتى مروان بن الكم‬
‫‪ -‬وهو أمي على الدينة ف زمن معاوية ‪ -‬فقال ‪ :‬هذا علي جاء تائبا ول سبيل لكم عليه‬
‫ول قتل ‪ ،‬فترك من ذلك كله ‪ .‬قال وخرج علي تائبا ماهدا ف سبيل ال ف البحر ‪ ،‬فلقوا‬
‫الروم فقرنوا سفينة إل سفينة من سفنهم فاقتحم علي الروم ف سفينتهم فهربوا منه إل‬
‫شقها الخر فمالت به وبم ‪ ،‬فغرقوا جيعا ‪ .‬سقوط الدود بالتوبة قبل رفع الناة إل‬
‫الاكم ‪ :‬تقدم أن حد الرابة يسقط عن الحاربي إذا تابوا قبل القدرة عليهم لقول ال‬
‫سبحانه ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الزمر الية ‪) . ( 54 :‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 481‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ " / 482‬إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن ال غفور رحيم "‬
‫‪ ) 1 ( .‬وليس هذا الكم مقصورا على حد الرابة ‪ ،‬بل هو حكم عام ينتظم جيع‬
‫الدود ‪ ،‬فمن ارتكب جرية تستوجب الد ث تاب منها قبل أن يرفع إل المام سقط عنه‬
‫الد ‪ ،‬لنه إذا سقط الد عن هؤلء فأول أن يسقط عن غيهم ‪ ،‬وهم أخف جرما منهم‬
‫‪ ،‬وقد رجح ذلك ابن تيمية فقال ‪ " :‬ومن تاب من الزنا ‪ ،‬والسرقة ‪ ،‬وشرب المر قبل‬
‫أن يرفع إل المام ‪ ،‬فالصحيح أن الد يسقط عنه ‪ .‬كما يسقط عن الحاربي إجاعا إذا‬
‫تابوا قبل القدرة عليهم " ‪ .‬وقال القرطب " فأما الشراب ‪ ،‬والزناة ‪ ،‬والسراق ‪ ،‬إذا تابوا‬

‫‪353‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وأصلحوا ‪ .‬وعرف ذلك منهم ‪ ،‬ث رفعوا إل المام ‪ ،‬فل ينبغي أن يدوا ‪ .‬وإن رفعوا إليه‬
‫فقالوا ‪ :‬تبنا ل يتركوا وهم ف هذه الال كالحاربي إذا غلبوا " ‪ .‬وفصل اللف ف‬
‫ذلك ابن قدامة فقال ‪ :‬وإن تاب من عليه حد من غي الحاربي وأصلح ففيه روايتان ‪:‬‬
‫( إحداها ) يسقط عنه لقول ال تعال ‪ " :‬واللذان يأتيانا منكم فآذوها ‪ ،‬فإن تابا‬
‫وأصلحا فأعرضوا عنهما " ( ‪ . ) 2‬وذكر حد السارق ث قال ‪ " :‬فمن تاب من بعد‬
‫ظلمه وأصلح فإن ال غفور رحيم " ( ‪ . ) 3‬وقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬التائب‬
‫من الذنب كمن لذنب له " ومن ل ذنب له لحد عليه ‪ ،‬وقال ف ماعز لا أخب بربه "‬
‫هلتركتموه يتوب فيتوب ال عليه " ؟ ! ولنه خالص حق ال تعال فيسقط بالتوبة كحد‬
‫الحارب ‪ ( .‬ثانيتهما ) ل يسقط ‪ ،‬وهو قول مالك وأب حنيفة وأحد قول الشافعي لقوله‬
‫سبحانه ‪ " :‬الزانية والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة الائدة الية ‪ ) 2 ( 34 :‬سورة النساء الية ‪ ) 3 ( 39 :‬سورة الائدة الية ‪16 :‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 483‬وهذا عام ف التائبي وغيهم ‪ .‬وقال تعال ‪ " :‬والسارق والسارقة‬
‫فاقطعوا أيديهما " ولن النب صلى ال عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية وقطع الذي أقر‬
‫بالسرقة وقد جاءوا تائبي يطلبون التطهي بإقامة الد وقد سى الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم فعلهم توبة ‪ ،‬فقال ف حق الرأة ‪ " :‬لقد تابت توبة لو قسمت على سبعي من أهل‬
‫الدينة لو سعتهم " ‪ .‬وجاء عمرو بن سرة إل النب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول‬
‫ال إن سرقت جل لبن فلن فطهرن ‪ ،‬فأقام الرسول الد عليه ‪ .‬ولن الد كفارة فلم‬
‫يسقط بالتوبة ككفارة اليمي و القتل ‪ ،‬ولنه مقدور عليه فلم يسقط عنه الد بالتوبة‬
‫كالحارب بعد القدرة عليه فإن قلنا بسقوط الد بالتوبة فهل يسقط بجرد التوبة أو با‬
‫مع إصلح العمل ؟ فيه وجهان ‪ ( :‬أحدها ) يسقط بجردها وهو ظاهر قول أصحابنا‬
‫لنا توبة مسقطة للحد فأشبهت توبة الحارب قبل القدرة عليه ‪ ( .‬وثانيهما ) يعتب‬
‫إصلح العمل لقوله سبحانه ‪ " :‬فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " وقال ‪ " :‬فمن تاب‬
‫من بعد ظلمه وأصلح فإن ال غفور رحيم " ‪ .‬فعلى هذا القول يعتب مضي مدة يعلم با‬
‫صدق توبته وصلح نيته ‪ .‬وليست مقدرة بدة معلومة ‪ .‬وقال بعض أصحاب الشافعي ‪:‬‬
‫مدة ذلك سنة وهذا توقيت بغي توقيت فل يوز ‪ .‬دفاع النسان عن نفسه وعن غيه ‪:‬‬

‫‪354‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إذا اعتدى على النسان معتد يريد قتله ‪ ،‬أو أخذ ماله أو هتك عرض حريه ‪ ،‬فمن حقه‬
‫أن يقاتل هذا العتدي دفاعا عن نفسه وماله وعرضه و يدفع بالسهل فالسهل ‪ ،‬فيبدأ‬
‫بالكلم أو الصياح أو الستعانة بالناس إن أمكن دفع الظال بذلك فإن ل يندفع إل‬
‫بالضرب فليضربه فإن ل يندفع إل بقتله فليقتله ول قصاص على القاتل ول كفارة عليه ‪،‬‬
‫ولدية للمقتول لنه ظال معتد ‪ ،‬والظال العتدي حلل الدم ل يب ضمانه ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 484‬فإن قتل العتدى عليه وهوف حالة دفاعه عن نفسه وماله وعرضه فهو شهيد ‪1 .‬‬
‫‪ -‬يقول ال تعال ‪ " :‬ولن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " ‪- 2 ) 1 ( .‬‬
‫وعن أب هريرة قال ‪ " :‬جاء رجل إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول‬
‫ال أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مال ؟ قال ‪ :‬فل تعطه مالك ‪ .‬قال ‪ :‬أرأيت إن‬
‫قاتلن ؟ قال ‪ :‬فقاتله ‪ .‬قال ‪ :‬أرأيت إن قتلن ؟ قال ‪ :‬فأنت شهيد ‪ .‬قال ‪ :‬فإن قتلته ؟ قال‬
‫‪ :‬هو ف النار " ‪ - 3 .‬وروى البخاري ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من‬
‫قتل دون ماله فهو شهيد ‪ .‬ومن قتل دون عرضه فهو شهيد " ‪ - 4 .‬وروي ‪ :‬أن امرأة‬
‫خرجت تتطب ‪ ،‬فتبعها رجل يراودها عن نفسها ‪ ،‬فرمته بفهر ( ‪ ) 2‬فقتلته ‪ ،‬فرفع ذلك‬
‫لعمر رضي ال عنه فقال ‪ " :‬قتيل ال ‪ ،‬وال ل يؤدى هذا أبدا " ‪ .‬وكما يب أن يدافع‬
‫النسان عن نفسه وماله وعرضه يب عليه كذلك الدفاع عن غيه إذا تعرض للقتل أو‬
‫أخذ الال ‪ ،‬أو هتك العرض ‪ ،‬ولكن بشرط أن يأمن على نفسه من اللك ‪ .‬لن الدفاع‬
‫عن الغي من باب تغيي النكر والحافظة على القوق ‪ ،‬يقول لرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 484‬‬
‫" من رأى منكم منكرا فليغيه بيده ‪ ،‬فإن ل يستطع فبلسانه ‪ ،‬فإن ل يستطع فبقلبه وذلك‬
‫أضعف اليان " ‪ .‬وهذا من باب تغيي النكر ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الشورى الية ‪:‬‬
‫‪ ) 2 ( 41‬الفهر ‪ :‬الجر ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 485‬حد السرقة إن السلم قد احترم‬
‫الال ‪ ،‬من حيث انه عصب الياة ‪ ،‬واحترم ملكية الفراد له ( ‪ ، ) 1‬وجعل حقهم فيه‬
‫حقا مقدسا ‪ ،‬ل يل لحد أن يعتدي عليه بأي وجه من الوجوه ‪ ،‬ولذا حرم السلم ‪:‬‬

‫‪355‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السرقة ‪ ،‬والغصب ‪ ،‬والختلس ‪ ،‬واليانة ‪ ،‬والربا ‪ ،‬والغش ‪ ،‬والتلعب بالكيل‬
‫والوزن ‪ ،‬والرشوة ‪ ،‬واعتب كل مال أخذ بغي سبب مشروع أكل للمال بالباطل ‪ .‬وشدد‬
‫ف السرقة ‪ ،‬فقضى بقطع يد السارق الت من شأنا أن تباشر السرقة ‪ ،‬وف ذلك حكمة‬
‫بينة ‪ ،‬إذ أن اليد الائنة بثابة عضو مريض يب بتره ليسلم السم ‪ ،‬والتضحية بالبعض‬
‫من أجل الكل ما اتفقت عليه الشرائع والعقول ‪ .‬كما أن ف قطع يد السارق عبة لن‬
‫تدثه نفسه بالسطو على أموال الناس ‪ ،‬فل يرؤ أن يد يده إليها ‪ ،‬وبذا الموال وتصان‬
‫‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء با كسبا ‪ ،‬نكال من ال ‪،‬‬
‫وال عزيز حكيم " ‪ ) 2 ( .‬حكمة التشديد ف العقوبة ‪ :‬والكمة ف تشديد العقوبة ف‬
‫السرقة دون غيها من جرائم العتداء على الموال هي ما جاء ف شرح مسلم للنووي ‪:‬‬
‫قال القاضي عياض رضي ال عنه ‪ " :‬صان ال الموال بإياب القطع على السارق ‪ ،‬ول‬
‫يعل ذلك ف غي السرقة ‪ ،‬كالختلس ‪ ،‬والنتهاب ‪ ،‬والغصب ‪ ،‬لن ذلك قليل بالنسبة‬
‫إل السرقة ‪ ،‬ولنه يكن استرجاع هذا النوع بالستدعاء إل ولة المور ‪ ،‬وتسهل إقامة‬
‫البينة عليه ‪ ،‬بلف السرقة ‪ ،‬فإنا تندر إقامة البينة عليها ( ‪ ) 3‬فعظم أمرها ‪ ،‬واشتدت‬
‫عقوبتها ‪ ،‬ليكون أبلغ ف الزجر عنها " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬احترام السلم للملكية لن‬
‫ذلك فطرة أول ‪ ،‬وحافز على النشاط ثانيا ‪ ،‬وعدالة ثالثا ‪ ) 2 ( .‬سورة الائدة الية ‪:‬‬
‫‪ ) 3 ( 38‬سيأت بعد مزيد لبن القيم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 486‬أنواع السرقة ‪ :‬والسرقة‬
‫أنواع ‪ - 1 :‬نوع منها يوجب التعزير ‪ - 2 .‬ونوع منها يوجب الد ‪ .‬والسرقة الت‬
‫توجب التعزير ‪ ،‬هي السرقة الت ل تتوفر فيها شروط إقامة الد ‪ .‬وقد قضى الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬بضاعفة الغرم على من سرق ما لقطع فيه ‪ :‬قضى بذلك ف سارق‬
‫الثمار العلقة ‪ ،‬وسارق الشاة من الرتع ‪ .‬ففي الصورة الول ‪ ،‬أسقط القطع عن سارق‬
‫الثمر والكثر ( ‪ ، ) 1‬وحكم أن من أصاب شيئا منه بفمه وهو متاج إليه فلشئ عليه ‪،‬‬
‫ومن خرج منه بشئ فعليه غرامة مثليه ‪ ،‬والعقوبة ‪ ،‬ومن سرق منه شيئا ف جرينه ( ‪) 2‬‬
‫فعليه القطع إذا بلغت قيمة السروق النصاب الذي يقطع فيه ‪ .‬وف الصورة الثانية ‪ ،‬قضى‬
‫ف الشاة الت تؤخذ من مرتعها بثمنها مضاعفا وضرب نكال ( ‪ ) 3‬وقضى فيما يؤخذ من‬
‫عطنه بالقطع ‪ ،‬إذا بلغ النصاب الذي يقطع فيه سارقه ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬والنسائي ‪،‬‬

‫‪356‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والاكم ‪ ،‬وصححه ‪ .‬والسرقة الت عقوبتها الد نوعان ‪ ( :‬الول ) سرقة صغرى ‪ :‬وهي‬
‫الت يب فيها قطع اليد ‪ ( .‬الثان ) سرقة كبى ‪ :‬وهي أخذ الال على سبيل الغالبة ‪.‬‬
‫ويسمى الرابة ‪ .‬وقد سبق الكلم عليها قبل هذا الباب ‪ .‬وكلمنا الن منحصر ف السرقة‬
‫الصغرى ‪ .‬تعريف السرقة ‪ :‬السرقة ‪ :‬هي أخذ الشئ ف خفية ‪ .‬يقال ‪ :‬استرق السمع ‪،‬‬
‫أي سع مستخفيا ‪ .‬ويقال ‪ :‬هو يسارق النظر إليه ‪ ،‬إذا اهتبل غفلته لينظر إليه ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الكثر ‪ :‬هو جار النخل ‪ ) 2 ( .‬جرينه ‪ :‬ما يسمى عند العامة بالرن ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬نكال ‪ :‬أي ضربا يكون فيه عبة لغيه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 487‬وف القرآن الكري‬
‫يقول ال سبحانه ‪ " :‬إل من استرق السمع فأتبعه شهاب مبي " ‪ ) 1 ( .‬فسمى‬
‫الستماع ف خفاء استراقا ‪ .‬وف القاموس ‪ :‬السرقة ‪ ،‬والستراق ‪ ،‬الجئ مستترا لخذ‬
‫مال الغي من حرز ‪ .‬وقال ابن عرفة ‪ " :‬السارق عند العرب ‪ ،‬هو من جاء مستترا إل‬
‫حرز فأخذ منه ما ليس له " ‪ .‬ويفهم ما ذكره صاحب القاموس وابن عرفه ‪ ،‬أن السرقة‬
‫تنتظم أمورا ثلثة ‪ - 1 :‬أخذ مال الغي ‪ - 2 .‬أن يكون هذا الخذ على جهة الختفاء‬
‫والستتار ‪ - 3 .‬أن يكون الال مرزا ‪ .‬فلو ل يكن الال ملوكا للغي ‪ ،‬أو كان الخذ‬
‫ماهرة ‪ ،‬أو كان الال غي مرز ‪ ،‬فإن السرقة الوجبة لد القطع لتتحقق ‪ .‬الختلس‬
‫والنتهب والائن غي السارق ‪ :‬ولذا ل يعتب الائن ‪ ،‬ول النتهب ‪ ،‬ول الختلس ‪ ،‬سارقا‬
‫‪ ،‬ول يب على واحد منهم القطع ‪ ،‬وإن وجب التعزير ‪ ،‬فعن جابر رضي ال عنه ‪ ،‬أن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ليس على خائن ( ‪ ، ) 2‬ول منتهب ( ‪ ، ) 3‬ول‬
‫متلس ( ‪ ) 4‬قطع " ‪ .‬رواه أصحاب السنن ‪ ،‬والاكم ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬وصححه الترمذي ‪،‬‬
‫وابن حبان ‪ .‬وعن ممد بن شهاب الزهري قال ‪ " :‬إن مروان بن الكم أت بإنسان قد‬
‫اختلس متاعا فأراد قطع يده ‪ ،‬فأرسل إل زيد بن ثابت يسأله عن ذلك‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 487‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الجر الية ‪ ) 2 ( 18 :‬الائن ‪ :‬هومن يأخذ الال ويظهر‬
‫النصح للمالك ‪ ) 3 ( .‬النتهب ‪ :‬هو الذي يأخذ الال غصبا مع الجاهرة والعتماد على‬
‫القوة ‪ ) 4 ( .‬والختلس ‪ :‬هو من يطف الال جهرا ويهرب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 488‬‬

‫‪357‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقال زيد ‪ :‬ليس ف اللسة قطع " ‪ .‬رواه مالك ف الوطأ ‪ .‬قال ابن القيم ‪ :‬وأما قطع يد‬
‫السارق ف ثلثة دراهم وترك قطع الختلس والنتهب ‪ ،‬والغاصب ‪ ،‬فمن تام حكمة‬
‫الشارع أيضا ‪ ،‬فإن السارق ل يكن الحتراز منه ‪ ،‬فإنه ينقب الدور ‪ ،‬ويهتك الرز ‪،‬‬
‫ويكسر القفل ‪ ،‬ول يكن صاحب التاع الحتراز بأكثر من ذلك ‪ ،‬فلو ل يشرع قطعه‬
‫لسرق الناس بعضهم بعضا ‪ ،‬وعظم الضرر ‪ ،‬واشتدت الحنة بالسراق ‪ ،‬بلف النتهب‬
‫والختلس فإن النتهب هو الذي يأخذ الال جهرة برأى من الناس فيمكنهم أن يأخذوا‬
‫على يديه ويلصوا حق الظلوم أو يشهدوا له عند الاكم ‪ ،‬وأما الختلس فإنه إنا يأخذ‬
‫الال على حي غفلة من مالكه وغيه فل يلو من نوع تفريط يكن به الختلس من‬
‫اختلسه ‪ ،‬وإل فمع كمال التحفظ والتيقظ ل يكنه الختلس فليس كالسارق ‪ ،‬بل هو‬
‫بالائن أشبه ‪ .‬وأيضا فالختلس إنا يأخذ الال من غي حرز مثله غالبا ‪ ،‬فإنه الذي يغافلك‬
‫ويتلس متاعك ف حال تليك وغفلتك عن حفظه ‪ ،‬وهذا يكن الحتراز منه غالبا ‪ ،‬فهو‬
‫كالنتهب ‪ ،‬وأما الغاصب فالمر منه ظاهر ‪ ،‬وهو أول بعدم القطع من النتهب ‪ ،‬ولكن‬
‫يسوغ كف عدوان هؤلء بالضرب والنكال والسجن الطويل والعقوبة بأخذ الال ‪ .‬جحد‬
‫العارية ‪ :‬وما هو متردد بي أن يكون سرقة أو ل يكون جحد العارية ‪ ،‬ومن ث فقد‬
‫اختلف الفقهاء ف حكم ذلك ‪ ،‬فقال المهور ‪ :‬ل يقطع من جحدها ‪ ،‬لن القرآن‬
‫والسنة أوجبا القطع على السارق ‪ ،‬والاحد للعارية ليس بسارق ‪ .‬وذهب أحد وإسحاق‬
‫‪ ،‬وزفر ‪ ،‬والوارج ‪ ،‬وأهل الظاهر ‪ ،‬إل أنه يقطع ‪ ،‬لا رواه أحد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬والنسائي‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬كانت امرأة مزومية تستعي التاع وتحده ‪ ،‬فأمر النب‬
‫صلى ال‍عليه وسلم بقطع يدها ‪ .‬فأتى أهلها أسامة بن زيد رضي ال عنه فكلموه ‪ .‬فكلم‬
‫النب صلى ال عليه وسلم فيها ‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم ‪ / :‬صفحة ‪" / 489‬‬
‫يا أسامة ‪ ،‬لأراك تشفع ف حد من حدود ال عزوجل " ‪ .‬ث قام النب صلى ال عليه‬
‫وسلم خطيبا ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إنا هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه ‪،‬‬
‫وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه ‪ ،‬والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت ممد لقطعت‬
‫يدها " ‪ .‬فقطع يد الخزومية ‪ .‬وقد ناصر ابن القيم هذا الرأي ‪ ،‬واعتب الاحد للعارية‬
‫سارقا بقتضى الشرع ‪ .‬قال ف " زاد العاد " ‪ :‬فإدخاله صلى ال عليه وسلم جاحد‬

‫‪358‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العارية ف اسم السارق كإدخاله سائر أنواع النكرات ف المر ‪ ،‬وذلك تعريف للمة‬
‫براد ال من كلمه ‪ .‬وف الروضة الندية ‪ :‬ان الاحد للعارية إذا ل يكن سارقا لغة فهو‬
‫سارق شرعا ‪ ،‬والشرع مقدم على اللغة ‪ .‬قال ابن القيم ف أعلم الوقعي ‪ :‬والكمة‬
‫والصلحة ظاهرة جدا ‪ ،‬فإن العارية من مصال بن آدم الت ل بد لم منها ولغن لم عنها‬
‫‪ ،‬وهي واجبة عند حاجة الستعي وضرورته إليها إما بأجرة أو مانا ‪ ،‬ول يكن الغي كل‬
‫وقت أن يشهد على العارية ‪ ،‬ول يكن الحتراز بنع العارية شرعا وعادة وعرفا ‪ ،‬ولفرق‬
‫ف العن بي من توصل إل أخذ متاع غيه بالسرقة وبي من توصل إليه بالعارية وجحدها‬
‫‪ ،‬وهذا بلف جاحد الوديعة ‪ ،‬فإن صاحب التاع فرط حيث ائتمنه ‪ .‬النباش ‪ :‬وما‬
‫يري هذا الجرى من اللف ‪ :‬اللف ف حكم النباش الذي يسرق أكفان الوتى ‪،‬‬
‫فذهب المهور إل أن عقوبته قطع يده ‪ ،‬لنه سارق حقيقة ‪ ،‬والقب حرز ‪ .‬وذهب أبو‬
‫حنيفة ‪ ،‬وممد ‪ ،‬والوزاعي ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬إل أن عقوبته التعزير ‪ ،‬لنه نباش ‪ ،‬وليس‬
‫سارقا ‪ ،‬فل يأخذ حكم السارق ‪ ،‬ولنه أخذ مال غي ملوك لحد ‪ ،‬لن اليت ل يلك ‪،‬‬
‫ولنه أخذ من غي حرز ‪ / .‬صفحة ‪ / 490‬الصفات الت يب اعتبارها ف السرقة تبي‬
‫من التعريف السابق أنه لبد من اعتبار صفات معينة ف السارق ‪ .‬والشئ السروق ‪،‬‬
‫والوضع السروق منه ‪ ،‬حت تتحقق السرقة الت يب فيها الد ‪ .‬وفيما يلي بيان كل ‪:‬‬
‫الصفات الت يب اعتبارها ف السارق ‪ :‬أما الصفات الت يب اعتبارها ف السارق حت‬
‫يسمى سارقا ‪ ،‬ويستوجب حد السرقة ‪ ،‬فنذكرها فيما يلي ‪ - 1 :‬التكليف ‪ :‬بأن يكون‬
‫السارق بالغا عاقل ‪ ،‬فلحد على منون ول صغي ‪ ،‬إذا سرق ‪ ،‬لنما غي مكلفي ‪،‬‬
‫ولكن يؤدب الصغي إذا سرق ‪ .‬ول يشترط فيه السلم ‪ ،‬فإذا سرق الذمي أو الرتد ‪،‬‬
‫فإنه يقطع ( ‪ ) 1‬كما أن السلم يقطع إذا سرق من الذمي ‪ - 2 .‬الختيار ‪ :‬بأن يكون‬
‫السارق متارا ف سرقته ‪ ،‬فلو أكره على السرقة فل يعد سارقا ‪ ،‬لن الكراه يسلبه‬
‫الختيار ‪ ،‬وسلب الختيار يسقط التكليف ‪ - 3 .‬أل يكون للسارق ف الشئ السروق‬
‫شبهة ‪ ،‬فإن كانت له فيه شبهة‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 490‬‬

‫‪359‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فإنه ل يقطع ‪ ،‬ولذا ل يقطع الب ول الم بسرقة مال ابنهما لقول الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬أنت ومالك لبيك " ‪ .‬وكذلك ل يقطع البن بسرقة مالما ‪ ،‬أو مال‬
‫أحدها ‪ ،‬لن البن يتبسط ف مال أبيه وأمه عادة ‪ ،‬والد ل يقطع لنه أب سواء أكان‬
‫من قبل الب أو الم ‪ ،‬ول يقطع أحد من عمود النسب العلى والسفل ‪ -‬أعن الباء‬
‫والجداد ‪ -‬والبناء وأبناء البناء ‪ .‬وأما ذوو الرحام ‪ ،‬فقد قال أبو حنيفة والثوري ‪،‬‬
‫لقطع على أحد من ذوي الرحم الحرم ‪ ،‬مثل العمة والالة ‪ ،‬والخت ‪ ،‬والعم ‪،‬‬
‫والال ‪ ،‬والخ ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أما العاهد والستأمن ‪ :‬فإنما ل يقطعان لو سرقا ف‬
‫أصح قول الشافعية وعند أب حنيفة وقال مالك وأحد يقطعان ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 491‬‬
‫لن القطع يفضي إل قطيعة الرحم الت أمر ال با أن توصل ‪ ،‬ولن لم الق ف دخول‬
‫النل ‪ ،‬وهو إذن من صاحبه يتل الرز به ( ‪ . ) 1‬وقال مالك والشافعي ‪ ،‬وأحد‬
‫وإسحق ‪ ،‬رضي ال عنهم ‪ ،‬يقطع من سرق من هؤلء ‪ ،‬لنتفاء الشبهة ف الال ‪ .‬ول‬
‫قطع على أحد الزوجي إذا سرق أحدها الخر ‪ ،‬لشبهة الختلط وشبهة الال ‪،‬‬
‫فالختلط بينهما ينع أن يكون الذر كامل ‪ ،‬ويوجب الشبهة ف الال ‪ .‬وإذا ل يكن‬
‫الرز كامل ‪ ،‬وكانت الشبهة ف الال يسقط القطع ‪ ،‬وهذا مذهب أب حنيفة والشافعي‬
‫رضي ال عنهما ف أحد قوليه وإحدى الروايتي عن أحد رضي ال عنه ‪ .‬وقال مالك‬
‫والثوري رضي ال عنهما ‪ ،‬ورواية عن أحد رضي ال عنه وأحد قول الشافعي رضي ال‬
‫عنه ‪ :‬إذا كان كل واحد منهما ينفرد ببيت فيه متاعه ‪ ،‬فانه يقطع من سرق من مال‬
‫صاحبه لوجود الرز من جهة ولستقلل كل واحد منهما من جهة أخرى ‪ .‬ول يقطع‬
‫الادم الذي يدم سيده بنفسه ( ‪ ، ) 2‬فعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫جاء رجل إل عمر رضي ال عنه بغلم له ‪ .‬فقال له ‪ :‬اقطع يده فإنه سرق مرآة لمرأت ‪.‬‬
‫فقال عمر رضي ال عنه ‪ " :‬ل قطع عليه ‪ ،‬وهو خادمكم أخذ متاعكم " ‪ .‬وهذا مذهب‬
‫عمر ‪ ،‬وابن مسعود ‪ .‬ول مالف لما من الصحابة ‪ .‬ول يقطع من سرق من بيت الال إذا‬
‫كان مسلما ‪ ،‬لا روي ‪ ،‬أن عامل لعمر رضي ال عنه كتب إليه يسأله عمن سرق من‬
‫بيت الال فقال ‪ " :‬ل تقطعه فما من أحد إل وله فيه حق " ‪ .‬وروى الشعب ‪ :‬أن رجل‬
‫سرق من بيت الال ‪ ،‬فبلغ عليا فقال كرم ال وجهه ‪ :‬إن له فيه سهما ‪ ،‬ول يقطعه ‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقول عمر وقول علي فيهما بيان ( هامش ) ( ‪ ) 1‬فيكون مثله مثل الضعيف الذي أذن له‬
‫بالدخول فإنه ل يقطع إذا سرق ‪ ) 2 ( .‬اشترط هذا الشرط مالك ‪ ،‬وأما الشافعي فمرة‬
‫اشترطه ‪ .‬ومرة ل يشترطه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 492‬سبب عدم القطع على من سرق من‬
‫بيت الال ‪ ،‬لن ذلك يورث شبهة تنع إقامة الد ‪ .‬قال ابن قدامة ‪ :‬كما لو سرق من‬
‫مال له شركة فيه ‪ .‬ومن سرق من الغنيمة من له فيها حق ( ‪ ، ) 1‬أو لولده أو لسيده ‪،‬‬
‫وهذا مذهب جهور العلماء ( ‪ ) 2‬وروى ابن ماجه عن ابن عباس رضي ال عنهما ‪ :‬أن‬
‫عبدا من رقيق المس ( ‪ ) 3‬سرق من المس فرفع إل النب صلى ال عليه وسلم فلم‬
‫يقطعه ‪ .‬وقال ‪ " :‬مال ال سرق بعضه بعضا " ‪ .‬ول يقطع من سرق من الدين الاطل ف‬
‫السداد ‪ ،‬أو الاحد للدين ‪ ،‬لن ذلك استرداد لدينه ‪ ،‬إل إذا كان الدين مقرا بالدين‬
‫وقادرا على السداد ‪ ،‬فإن الدائن يقطع إذا سرق من الدين لنه ل شبهة له ف سرقته ‪ ،‬ول‬
‫قطع ف سرقة العارية من يد الستعي لن يد الستعي يد أمانه ‪ ،‬وليست يد مالك ‪ .‬ومن‬
‫غصب مال وسرقه وأحرزه فسرقه منه سارق ‪ ،‬فقال الشافعي وأحد ‪ :‬ل يقطع ‪ ،‬لنه‬
‫حرز ل يرضه مالكه ‪ ،‬وقال مالك ‪ :‬يقطع ‪ ،‬لنه سرق مال شبهة له فيه من حرز مثله ‪.‬‬
‫وإذا وقعت أزمة بالناس ‪ ،‬وسرق أحد الفراد طعاما فإن كان الطعام موجودا قطع ‪ ،‬لنه‬
‫غي متاج إل سرقته ‪ ،‬وإن كان معدوما ل يقطع ‪ ،‬لن له الق ف أخذه لاجته إليه ‪،‬‬
‫وقد قال عمر رضي ال عنه ‪ " :‬ل قطع ف عام الجاعة " ‪ ،‬وروى مالك ف الوطأ " أن‬
‫رقيقا لاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها ‪ .‬فرفع ذلك إل عمر بن الطاب ‪،‬‬
‫فأمر عمر كثي بن الصلت أن يقطع أيديهم ‪ ،‬ث قال عمر ‪ :‬أراك تيعهم ‪ .‬ث قال ‪ :‬وال‬
‫لغر منك غرما يشق عليك ‪ .‬ث قال للمزن ‪ :‬كم ثن ناقتك ؟ فقال الزن ‪ :‬كنت وال‬
‫أمنعها من أربعمائة درهم ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬أعطه ثانائة درهم ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬فإذا ل‬
‫يكن له فيها حق فإنه يقطع باتفاق العلماء ‪ ) 2 ( .‬وذهب مالك إل القطع عمل بظاهر‬
‫الية ‪ .‬وهو عام غي مصص ‪ ) 3 ( .‬رقيق المس ‪ :‬أي الرقيق الأخوذ من الغنائم ‪.‬‬
‫سرق من المس أي خس الغنائم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 493‬ويروي ابن وهب أن عمر‬
‫بن الطاب ‪ ،‬بعد أن أمر كثي بن الصلت بقطع أيدي الذين سرقوا ‪ ،‬أرسل وراءه من‬
‫يأتيه بم ‪ ،‬فجاء بم ‪ ،‬فقال لعبد‬

‫‪361‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 493‬‬
‫الرحن بن حاطب ‪ " :‬أما لول أن أظنكم تستعملونم وتيعونم حت لو وجدوا ما حرم‬
‫ال لكلوه لقطعتهم ‪ ،‬ولكن وال إذ تركتهم لغر منك غرامة توجعك " ‪ .‬الصفات الت‬
‫يب اعتبارها ف الال السروق ‪ :‬وأما الصفات الت يب اعتبارها ف الال السروق فهي ‪:‬‬
‫( أول ) أن يكون ما يتمول ويلك ويل بيعه وأخذ العوض عنه ‪ ،‬فل قطع على من سرق‬
‫المر والنير حت لو كان الالك لما ذميا لن ال حرم ملكيتهما والنتفاع بما بالنسبة‬
‫للمسلم والذمي على السواء ( ‪ . ) 1‬وكذلك ل قطع على سارق أدوات اللهو مثل ‪:‬‬
‫العود ‪ ،‬والكمنج ‪ ،‬والزمار ‪ ،‬لنا آلت ل يوز استعمالا عند كثي من أهل العلم ‪ ،‬فهي‬
‫ليست ما يتمول ويتملك ويل بيعه ‪ ،‬وأما الذين يبيحون استعمالا فيهم يتفقون مع من‬
‫يرمها ف عدم قطع يد سارقها لوجود شبهة ‪ ،‬والشبهات مسقطة للحدود ‪ .‬واختلف‬
‫العلماء ف سرقة الر الصغي غي الميز ‪ .‬فقال أبو حنيفة والشافعي ‪ :‬ل قطع على من‬
‫سرقه لنه ليس بال ويعزر وإن كان عليه حلي أو ثياب فل يقطع أيضا ‪ ،‬لن ما عليه من‬
‫اللي تبع له وليست مقصودة بالخذ ( ‪ . ) 2‬وقال مالك ‪ :‬ف سرقته القطع ‪ ،‬لنه من‬
‫أعظم الال ول يقطع السارق ف الال لعينه ‪ ،‬وإنا قطع لتعلق النفوس به ‪ ،‬وتعلقها بالر‬
‫أكثر من تعلقها بالعبد ‪ .‬وسارق العبد الصغي غي الميز يقطع ‪ ،‬لنه مال متقوم ‪ ،‬وأما‬
‫الميز فإنه ل يد سارقه ‪ ،‬لنه وإن كان مال يباع ويشترى فإن له سلطانا على نفسه فل‬
‫يعد مرزا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يرى أبو حنيفة أنه يباح للذمي المر والنير وأن على‬
‫متلفهما ضمان القيمة ‪ ،‬ولكنه يتفق مع الفقهاء ف عدم قطع من سرقهما لعدم كمال‬
‫الالية الذي هو شرط الد ‪ ) 2 ( .‬قال أبو يوسف ‪ :‬يقطع إذا كان اللي قدر النصاب‬
‫لنه إذا سرق اللي وحده أو الثياب وحدها فإنه يقطع فيهما فكذا لو سرقها مع غيها ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 494‬وأما ما يوز تلكه ول يوز بيعه ‪ ،‬كالكلب الأذون ف بيعه ‪،‬‬
‫ولوم الضحايا ‪ ،‬فقال أشهب ‪ ،‬من الالكية ‪ :‬يقطع سارق الكلب الأذون باتاذه (‬
‫‪ ، ) 1‬ول يقطع ف كلب غي مأذون باتاذه ‪ .‬وقال أصبغ من الالكية ف لوم الضحايا ‪:‬‬
‫إن سرق الضحية قبل الذبح قطع ‪ ،‬وإن سرقها بعد الذبح فل قطع ‪ .‬وأما سرقة الاء ‪،‬‬

‫‪362‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والثلج ‪ ،‬والكل ‪ ،‬واللح ‪ ،‬والتراب ‪ ،‬فقد قال صاحب الغن ‪ " .‬وإن سرق ماء فل قطع‬
‫فيه ‪ .‬قاله أبو بكر وأبو إسحاق لنه ما ل يتمول عادة ول أعلم ف هذا خلفا ‪ .‬وإن‬
‫سرق كل أو ملحا ‪ ،‬فقال أبو بكر ‪ :‬ل قطع فيه لنه ما ورد الشرع باشتراك الناس فيه ‪،‬‬
‫فأشبه الاء ‪ .‬وقال أبو إسحاق بن شامل ‪ :‬فيه القطع ‪ ،‬لنه يتمول عادة فأشبه التي‬
‫والشعي ‪ .‬وأما الثلج فقال القاضي ‪ :‬هو كالاء لنه ماء جامد فأشبه الليد ‪ ،‬والشبه أنه‬
‫كاللح لنه يتحول عادة فهو كاللح النعقد من الاء ‪ .‬وأما التراب فإن كان ما تقل‬
‫الرغبات فيه كالذي يعد للتطيي والبناء فل قطع فيه ‪ ،‬لنه ل يتمول ‪ ،‬وإن كان ما له‬
‫قيمة كثية كالطي الرمن الذي يعد للدواء أو العد للغسيل به ‪ ،‬أو الصبغ كالغرة احتمل‬
‫وجهي ‪ - 1 :‬أحدها ل قطع فيه لنه من جنس مال يتمول فأشبه الاء ‪ - 2 .‬فيه القطع‬
‫‪ ،‬لنه يتمول عادة ‪ ،‬ويمل إل البلدان للتجارة فأشبه العود الندي ( ‪ . ) 2‬وأما سرقة‬
‫الباح الصل كالساك والطيور ( ‪ . ) 3‬فإنه ل قطع على من سرقها ما ل ترز فإذا‬
‫أحرزت فقد اختلف فيها الفقهاء ‪ .‬فمذهب الالكية ‪ ،‬والشافعية يرى قطع سارقها لنه‬
‫سرق مال متقوما من حرز ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الكلب الأذون باتاذه هو كلب الراسة‬
‫والزراعة وكلب الصيد ‪ ) 2 ( .‬ج‍ ‪ 10‬ص ‪ " 247‬الغن " ‪ ) 3 ( .‬الساك بكل‬
‫أنواعها ولو كانت ملحة ‪ ،‬والطي بكل أنواعه ‪ ،‬ويدخل فيه الدجاج والمام والبط ‪. ( .‬‬
‫) ‪ /‬صفحة ‪ / 495‬وذهب الحناف والنابلة إل عدم القطع لا روي عن الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه قال ‪ " :‬الصيد لن أخذه " ‪ .‬فهذا الديث يورث شبهة يندرئ با الد‬
‫‪ .‬وقال عبد ال بن يسار ‪ :‬أت عمر بن عبد العزيز برجل سرق دجاجة ‪ ،‬فأراد أن‬
‫يقطعه ‪ ،‬فقال له سال بن عبد الرحن ‪ " :‬قال عثمان رضي ال عنه ‪ :‬ل قطع ف الطي "‬
‫وف رواية أن عمر بن عبد العزيز استفت السائب بن يزيد فقال ‪ :‬ما رأيت أحدا قطع ف‬
‫الطي ‪ ،‬وما عليه ف ذلك قطع ‪ ،‬فتركه عمر ‪ .‬وقال بعض الفقهاء ‪ :‬الطي العتب مباحا هو‬
‫الذي يكون صيدا سوى الدجاج والبط فيجب ف سرقتها القطع لنه بعن الهلي ‪ .‬وقال‬
‫أبو حنيفة ‪ :‬ل يقطع ف سرقة الطعام الرطب كاللب واللحم والفواكه الرطبة ول ف سرقة‬
‫الشيش والطب ‪ ،‬ول فيما يسرع إليه الفساد ‪ ،‬وإن بلغت قيمة السروق منه نصاب‬
‫السرقة ‪ ،‬لن هذه الشياء غي مرغوب فيها ‪ ،‬ول يشح مالكها عادة فل حاجة إل الزجر‬

‫‪363‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالنسبة لا ‪ ،‬والرز فيها ناقص ‪ ،‬ولقوله صلى ال عليه وسلم " ل قطع ف تر ول كثر "‬
‫ولن فيه شبهة الالكية ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 495‬‬
‫لوجود الشركة العامة ‪ ،‬لقول الرسول ‪ " :‬الناس شركاء ف ثلثة ‪ :‬الاء ‪ ،‬والكل ‪ ،‬والنار‬
‫" وما اختلف الفقهاء فيه سرقة الصحف ‪ ،‬فقال أبو حنيفة ل يقطع من سرقة ‪ .‬لنه ليس‬
‫بال ‪ ،‬ولن لكل واحد فيه حقا ‪ .‬وقال مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأبو ثور ‪ ،‬وأبو يوسف من‬
‫أصحاب أب حنيفة وابن النذر ‪ :‬يقطع سارق الصحف إذا بلغت قيمته النصاب الذي‬
‫تقطع فيه اليد ‪ ( .‬ثانيا ) والشرط الثان الذي يب توافره ف الال السروق أن يبلغ الشئ‬
‫السروق نصابا ‪ ،‬لنه ل بد من شئ يعل ضابطا لقامة الد ‪ ،‬ول بد وأن يكون له قيمة‬
‫يلحق الناس ضرر بفقدها ‪ ،‬فإن من عادتم التسامح ف الشئ القي من الموال ‪ ،‬ولذا ل‬
‫يكن السلف يقطعون ف الشئ التافه ‪ .‬وقد اختلف الفقهاء ف مقدار هذا النصاب ‪،‬‬
‫فذهب جهور العلماء إل أن القطع ل يكون ‪ /‬صفحة ‪ / 496‬إل ف سرقة ربع دينار من‬
‫الذهب ‪ ،‬أو ثلثة دراهم من الفضة ‪ ،‬أو ما تساوي قيمته ربع دينار أو ثلثة دراهم ‪ .‬وف‬
‫التقدير بذا حكمة ظاهرة ‪ ،‬فإن فيها كفاية القتصد ف يوم ‪ ،‬له ولن يونه غالبا ‪ ،‬وقوت‬
‫الرجل وأهله مدة يوم ‪ ،‬له خطره عند غالب الناس لا روي عن عائشة رضي ال عنها ‪:‬‬
‫أن الرسول صلى ال عليه وسلم " كان يقطع يد السارق ف ربع دينار فصاعدا " وف‬
‫رواية مرفوعا " ل تقطع يد السارق إل ف ربع دينار فصاعدا " ‪ .‬رواه أحد ومسلم وابن‬
‫ماجه ‪ .‬وف رواية أخرى للنسائي مرفوعا ‪ " :‬ل تقطع اليد فيما دون ثن الجن ( ‪. " ) 1‬‬
‫قيل لعائشة ‪ :‬ما ثن الجن ؟ قالت ‪ :‬ربع دينار ‪ .‬ويؤيده حديث ابن عمر ف الصحيحي "‬
‫أن النب صلى ال عليه وسلم قطع ف من ثنه ثلثة دراهم " وف رواية ‪ " :‬قيمته ثلثة‬
‫دراهم " ‪ .‬ومذهب الحناف أن النصاب الوجب للقطع عشرة دراهم ول قطع ف أقل‬
‫منها ‪ .‬واستدلوا با رواه البيهقي والطحاوي والنسائي عن ابن عباس وعمرو بن شعيب‬
‫عن أبيه عن جده ف تقدير ثن الجن بعشرة دراهم ‪ .‬وذهب السن البصري وداود‬
‫الظاهري ‪ ،‬إل أنه يثبت القطع بالقليل والكثي عمل بإطلق الية ‪ ،‬ولا رواه البخاري‬

‫‪364‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومسلم عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬لعن ال‬
‫السارق ‪ ،‬يسرق البيضة فتقطع يده ‪ ،‬ويسرق المل فتقطع يده " وأجاب المهور عن‬
‫هذا الديث بأن العمش راوي هذا الديث فسر البيضة ببيضة الديد الت تلبس للحرب‬
‫‪ ،‬وهي كالجن ‪ ،‬وقد يكون ثنها أكثر من ثنه ( ‪ . ) 2‬والمل كانوا يرون أن منه ما‬
‫يساوي دراهم ‪ .‬وربع الدينار كان يصرف بثلثة دراهم وف الروضة الندية قال الشافعي ‪:‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الجن ‪ :‬الترس يتقى به ف الرب ‪ ) 2 ( .‬وقيل ‪ :‬هو إخبار بالواقع ‪:‬‬
‫أي أنه يسرق هذا فيكون سببا لقطع يده بتدرجه منه إل ما هو أكب منه ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ " / 497‬وربع الدينار موافق لرواية ثلثة دراهم " وذلك أن الصرف على عهد الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم اثن عشر درها بدينار ‪ .‬وهو موافق لا ف تقدير الديات من الذهب‬
‫بألف دينار ‪ .‬ومن الفضة باثن عشر ألف درهم ‪ .‬وذهب أبو حنيفة وأصحابه إل أن‬
‫النصاب الوجب للقطع هو عشرة دراهم أو دينار ‪ ،‬أو قيمة أحدها من العروض ‪ .‬ول‬
‫قطع فيما هو أقل من ذلك ‪ ،‬لن ثن الجن كان يقوم على عهد الرسول بعشرة دراهم ‪،‬‬
‫كما رواه عمرو بن شعيب عن ابنه عن جده ‪ .‬وروي عن ابن عباس وغيه هذا التقدير ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وتقدير ثن الجن تبعا لذا التقدير أحوط ‪ .‬والدود تدفع بالشبهات ‪ .‬والخذ به‬
‫كأنه شبهة ف العمل با دونا ‪ .‬والق أن اعتبار ثن الجن عشرة دراهم معارض با هو‬
‫أصح منه كما تقدم ف الروايات الخرى الصحيحة ‪ .‬وقال مالك وأحد ف أظهر‬
‫الروايات عنه ‪ :‬نصاب السرقة ربع دينار ‪ ،‬أو ثلثة دراهم ‪ ،‬أو ما قيمته ثلثة دراهم من‬
‫العروض ‪ .‬والتقوي بالدراهم خاصة ‪ .‬والثان أصول ل يقوم بعضها ببعض ‪ .‬وقد اعترض‬
‫على القطع اليد ف ربع دينار مع أن ديتها خسمائة دينار ‪ ،‬فقال أحد الشعراء ‪ :‬يد بمس‬
‫مئي عسجد وديت ‪ -‬ما بالا قطعت ف ربع دينار ؟ تناقض مالنا إل السكوت له ‪-‬‬
‫ونستجي بولنا من العار وهذا العترض قد خانه التوفيق فإنه السلم قد قطعها ف هذا‬
‫القدر حفظا للمال ‪ ،‬وجعل ديتها خسمائة حفظا لا ‪ .‬فقد كانت ثينة حي كانت أمينة‬
‫فلما خانت هانت ولذا قيل ‪ :‬يد بمس مئي عسجد وديت ‪ -‬لكنها قطعت ف ربع‬
‫دينار حاية الدم أغلها ‪ ،‬وأرخصها ‪ -‬خيانة الال فانظر حكمة الباري ‪ /‬صفحة ‪/ 498‬‬
‫مت يقدر السروق ‪ :‬وتعتب قيمة السروق وتقديره يوم السرقة عند مالك ‪ .‬والشافعية ‪،‬‬

‫‪365‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والنابلة ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬يقدر السروق يوم الكم عليه بالقطع ‪ .‬سرقة الماعة ‪ :‬إذا‬
‫سرقت الماعة قدرا من الال بيث لو قسم بينهم لكان نصيب كل واحد منهم ما يب‬
‫فيه القطع فإنم يقطعون جيعا باتفاق الفقهاء ‪ .‬أما إذا كان هذا القدر من الال يبلغ نصابا‬
‫‪ ،‬ولكنه لو قسم بي السارقي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 498‬‬
‫ل يبلغ نصيب كل واحد منهم ما يب فيه القطع فإنم اختلفوا ف ذلك ‪ .‬فقال جهور‬
‫الفقهاء ‪ :‬يب أن يقطعوا جيعا ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل قطع حت يكون ما يأخذه كل‬
‫واحد منهم نصابا ‪ .‬قال ابن رشد ‪ :‬فمن قطع الميع رأي العقوبة إنا تتعلق بقدر مال‬
‫السروق أي أن هذا القدر من الال السروق هو الذي يوجب القطع لفظ الال ‪ ،‬ومن‬
‫رأى أن القطع إنا علق بذا القدر ل با دونه لكان حرمة اليد قال ‪ :‬ل تقطع أيد كثية‬
‫فيما أوجب الشارع فيه القطع ‪ .‬ما يعتب ف الوضع السروق منه ‪ :‬وأما الوضع السروق‬
‫منه فإنه يعتب فيه الرز ‪ .‬والرز هو الوضع العد لفظ الشئ ‪ ،‬مثل الدار والد كان‬
‫والصطبل والراح ‪ ،‬والرين ‪ ،‬ونو ذلك ‪ .‬ول يرد فيه ضابط من جهة الشرع ول من‬
‫جهة اللغة وإنا يرجع فيه إل العرف ‪ ،‬واعتب الشرع للحرز لنه دليل على عناية صاحب‬
‫الال به وصيانته له والحافظة عليه من التعرض للضياع ‪ ،‬ودليل ذلك ما رواه عمرو بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد سأله رجل عن‬
‫الريسة ( ‪ ) 1‬الت توجد ف مراتعها ‪ ،‬قال ‪ :‬فيها ثنها مرتي وضرب نكال ‪ ،‬وما أخذ‬
‫من عطنه ( ‪ ) 2‬ففيه القطع إذا ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الريسة ‪ :‬هي الت ترعى ف القل‬
‫وعليها حرس ‪ ) 2 ( .‬العطن ‪ :‬الظية ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 499‬بلغ ما يؤخذ من ذلك‬
‫ثن الجن ( ‪ ) 1‬قال ‪ :‬يارسول ال فالثوب وما أخذ منها ف أكمامها قال ‪ " :‬من أخذ‬
‫بفيه ول يتخذ خبنة ( ‪ ) 2‬فليس عليه شئ ‪ ،‬ومن احتمل فعليه ثنه مرتي وضرب نكال ‪،‬‬
‫وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثن الجن " ‪ .‬رواه أحد‬
‫والنسائي والاكم وصححه وحسنه الترمذي ‪ .‬وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‬
‫عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ " :‬ل قطع ف تر معلق ول ف حريسة البل ‪ ،‬فإذا‬

‫‪366‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أواه الراح أو الرين ( ‪ . ) 3‬فالقطع فيما بلغ ثن الجن " ‪ .‬ففي هذين الديثي اعتبار‬
‫الرز ‪ .‬قال ابن القيم ‪ :‬فإنه صلى ال عليه وسلم أسقط القطع عن سارق الثمار من‬
‫الشجرة وأوجبه على سارقه من الرين ‪ .‬وعند أب حنيفة رحه ال أن هذا لنقصان ماليته‬
‫لسراع الفساد إليه ‪ ،‬وجعل هذا أصل ف كل ما نقصت ماليته بإسراع الفساد إليه إليه‬
‫وقول المهور أصح ‪ ،‬فإنه صلى ال عليه وسلم جعل له ثلثة أحوال ‪ :‬حالة ل شئ‬
‫فيها ‪ ،‬وهي ما إذا أكل منه بفيه وحالة يغرم مثليه ويضرب من غي قطع ‪ ،‬وهي ما إذا‬
‫أخرجه من شجره وأخذه ‪ ،‬وحالة يقطع فيها ‪ ،‬وهو ما إذا سرقه من بيدره ‪ ،‬سواء كان‬
‫انتهى جفافه أم ل ينته ‪ ،‬فالعبة بالكان والرز ل بيبسه ورطوبته ‪ ،‬ويدل عليه أنه صلى‬
‫ال عليه وسلم أسقط القطع عن سارق الشاة من مرعاها ‪ ،‬وأوجبه على سارقها من‬
‫عطنها فإنه حرز ‪ .‬انتهى ‪ .‬وإل اعتبار الرز ذهب جهور الفقهاء ‪ .‬وخالف ف ذلك‬
‫جاعة من الفقهاء ول يشترطوا الرز ف القطع منهم ‪ :‬أحد وإسحاق وزفر ‪ ،‬والظاهرية ‪،‬‬
‫لن آية " والسارق والسارقة " عامة وأحاديث عمرو بن شعيب ل يصلح لتخصيصها‬
‫للختلف الواقع فيها ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أوجب القطع على من سرق الشاة من عطنها ‪،‬‬
‫وهو حرزها ‪ ،‬وأسقطه عمن سرقها من مرعاها ‪ .‬وف هذا دليل على اعتبار الرز ‪) 2 ( .‬‬
‫أي ل يأخذ شيئا من السروق ف طرف ثوبه ‪ ) 3 ( .‬الرين ‪ :‬موضع تفيظ الثمار ‪. ( .‬‬
‫) ‪ /‬صفحة ‪ / 500‬ورد ذلك ابن عبد الب فقال ‪ :‬أحاديث عمرو بن شعيب العمل با‬
‫واجب إذا رواها الثقات ‪ .‬اختلف الرز باختلف الموال ‪ :‬والرز متلف باختلف‬
‫الموال ‪ ،‬ومرجع ذلك إل العرف فقد يكون الشئ حرزا ف وقت دون وقت ‪ .‬فالدار‬
‫حرز لا فيها من أثاث ‪ ،‬والرين حرز للثمار ‪ ،‬والصطبل حرز للدواب ‪ ،‬والراح للغنم ‪،‬‬
‫وهكذا ‪ .‬النسان حرز لنفسه ‪ :‬والنسان حرز لثيابه ولفراشه الذي هو نائم عليه سواء‬
‫كان ف السجد أم ف خارجه ‪ .‬فمن جلس ف الطريق ومعه متاعه فإنه يكون مرزا به ‪،‬‬
‫سواء أكان مستيقظا أم نائما ‪ .‬فمن سرق من إنسان نقوده أو متاعه قطع بجرد الخذ‬
‫لزوال يد الالك عنه ‪ .‬واشترط الفقهاء ف النائم أن يكون السروق تت جنبه أو تت‬
‫رأسه واستدلوا با أخرجه أحد وأبو داود وابن ماجاه والنسائي والاكم عن صفوان ابن‬
‫أمية قال ‪ :‬كنت نائما ف السجد على خيصة ل فسرقت ‪ ،‬فأخذنا السارق فرفعناه إل‬

‫‪367‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأمر بقطعه ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يارسول ال أف خيصة ‪ ،‬ثن‬
‫ثلثي درها ‪ .‬أنا أهبها له ؟ ‪ .‬قال ‪ " :‬فهل كان قبل أن تأتين " ‪ " .‬أي فهل عفوت عنه‬
‫ووهبت له قبل أن تأتين " ‪ .‬وف هذا الديث دليل على أن الطالبة بالسروق شرط ف‬
‫القطع ( ‪ ، ) 1‬فلو وهبه السروق منه إياه ‪ ،‬أو باعه قبل رفعه إل الاكم سقط عن‬
‫السارق ‪ .‬كما صرح بذلك النب صلى ال عليه وسلم حيث قال ‪ " :‬هل كان قبل أن‬
‫تأتين به ! ؟ " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سيأت مزيد بيان لذه السألة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 501‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 501‬‬
‫الطرار ‪ :‬واختلفوا ف الطرار ( ‪ . ) 1‬فقالت طائفة ‪ :‬يقطع مطلقا سواء أوضع يده داخل‬
‫الكم وأخرج الال أو شق الكم فسقط الال فأخذه ‪ .‬وهو قول مالك ‪ ،‬والوزاعي وأب‬
‫ثور ‪ ،‬ويعقوب ‪ ،‬والسن ‪ ،‬وابن النذر ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ ،‬وممد بن السن ‪ ،‬وإسحق ‪:‬‬
‫إن كانت الدراهم مصرورة ف ظاهر كمه فطرها فسرقها ل يقطع ‪ ،‬وإن كانت مصرورة‬
‫إل داخل الكم فأدخل يده فسرقها قطع ‪ .‬السجد حرز ‪ :‬والسجد حرز لا يعتاد وضعه‬
‫فيه من البسط والصر والقناديل والنجف ‪ .‬وقد قطع رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫سارقا سرق ترسا كان ف صفة النساء ف السجد ثنه ثلثة دراهم ‪ .‬أخرجه أحد ‪ ،‬وأبو‬
‫داود ‪ ،‬والنسائي ‪ .‬وكذلك إذا سرق باب السجد أو ما يزين به ما له قيمة ‪ ،‬لنه مال‬
‫مرز ل شبهة فيه ‪ .‬وخالف الشافعية ف قناديل السجد وحصرها ‪ ،‬فمن سرقها ل يقطع ‪،‬‬
‫لن ذلك جعل لنفعة السلمي ‪ ،‬وللسارق فيها حق ‪ .‬اللهم إل إذا كان السارق ذميا فإنه‬
‫يقطع ‪ ،‬لنه ل حق له فيها ‪ .‬السرقة من الدار ‪ :‬اتفق الفقهاء على أن الدار ل تكون حرزا‬
‫إل إذا كان بابا مغلقا ‪ .‬كما اتفقوا على أن من سرق من دار غي مشتركة ف السكن ل‬
‫يقطع حت يرج من الدار ‪ .‬واختلفوا ف مسائل من ذلك ذكرها صاحب كتاب الفصاح‬
‫عن معان الصحاح فقال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الطرار هو الذي يشق كم الرجل ويأخذ ما‬
‫فيه ‪ .‬مأخوذ من الطر وهو الشقي ( وهو ما بسمى بالنشال ) ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 502‬‬
‫واختلفوا فيما إذا اشترك اثنان ف نقب دار فدخل أحدها فأخذ التاع وناوله الخر وهو‬
‫خارج الرز وهكذا إذا رمى به إليه فأخذه ‪ .‬فقال مالك والشافعي وأحد ‪ :‬القطع على‬

‫‪368‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الداخل دون الارج ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل يقطع منهما أحد ‪ .‬واختلفوا فيما إذا اشترك‬
‫جاعة ف نقب ودخلوا الرز وأخرج بعضهم نصابا ول يرج الباقون شيئا ول يكن منهم‬
‫معاونة ف إخراجه ‪ .‬فقال أبو حنيفة وأحد ‪ :‬يب القطع على جاعتهم ‪ .‬وقال مالك‬
‫والشافعي ‪ :‬ل يقطع إل الذين أخرجوا التاع واختلفوا فيما إذا قرب الداخل التاع إل‬
‫النقب وتركه فأدخل الارج يده فأخرجه من الرز ‪ .‬فقال أبو حنيفة ‪ :‬ل قطع عليهما ‪.‬‬
‫وقال مالك ‪ :‬يقطع الذي أخرجه قول واحدا وف الداخل الذي قربه خلف بي أصحابه‬
‫على قولي ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬القطع على الذي أخرجه خاصة ‪ .‬وقال أحد ‪ :‬عليهما‬
‫القطع جيعا ‪ .‬وذكر الشيخ أبو إسحاق ف الهذب قال ‪ " :‬وإن نقب رجلن حرزا فأخذ‬
‫أحدها الال ووضعه على بعض النقب وأخذه الخر ففيه قولن ‪ :‬أحدها أنه يب عليهما‬
‫القطع لنا لو ل نوجب عليهما القطع صار هذا طريقا إل إسقاط القطع ‪ ،‬والثان ‪ :‬أنه ل‬
‫يقطع واحد منهما كقول أب حنيفة وهو الصحيح ‪ ،‬لن كل واحد منهما ل يرج الال‬
‫من الرز ‪ .‬وإن نقب أحدها الرز ودخل الخر وأخرج الال ففيه طريقان ‪ ،‬من أصحابنا‬
‫من قال ‪ :‬فيه قولن كالسألة قبلها ومنهم من قال ‪ :‬ل يب القطع قول واحدا لن‬
‫أحدها نقب ول يرج الال والخر أخرج من غي حرز " ‪ .‬ب يثبت الد ؟ وهل يتوقف‬
‫على طلب السروق منه ؟ ‪ :‬ل يقام الد إل إذا طالب السروق منه بإقامته ( ‪ ) 1‬لن‬
‫ماصمته الجن عليه ( هامش ) ( ‪ ) 1‬هذا مذهب أب حنيفة وأحد ف أظهر روايتيه‬
‫وأصحاب الشافعي وقال مالك ‪ :‬ل يفتقر إل الطالبة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 503‬ومطالبته‬
‫بالسروق شرط ويثبت الد بشهادة عدلي أو بالقرار ويكفي فيه مرة واحدة عند مالك‬
‫والشافعية والحناف لن النب صلى ال عليه وسلم قطع يد سارق الجن وسارق رداء‬
‫صفوان ‪ ،‬ول ينقل أنه أمره بتكرار القرار ‪ .‬وما وقع من التكرار ف بعض الالت فهو‬
‫من باب التثبت ‪ .‬ويرى أحد وإسحاق وابن أب ليلى أنه ل بد من تكراره مرتي ‪ .‬دعوى‬
‫السارق اللكية ‪ :‬وإذا ادعى السارق أن ما أخذه من الرز ملكه بعد قيام البينة عليه بأنه‬
‫سرق من الرز نصابا فقال مالك ‪ :‬يب عليه القطع بكل حال ول يقبل دعواه وقال أبو‬
‫حنيفة والشافعي ل يقطع وساه الشافعي ‪ " :‬السارق الظريف " تلقي السارق ما يسقط‬
‫الد ‪ :‬ويندب للقاضي أن يلقن السارق ما يسقط الد ‪ ،‬لا رواه أبو أمية الخزومي أن‬

‫‪369‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أت بلص اعترف ‪ ،‬ول يوجد معه متاع ‪ .‬فقال له رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ما إخالك سرقت ( ‪ ) 1‬؟ قال ‪ :‬بلى ‪ ،‬مرتي أو ثلثا ‪ .‬رواه أحد‬
‫‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬ورجاله ثقات ‪ .‬وقال عطاء ‪ :‬كان من قضى ( ‪ ) 2‬يؤتى إليهم‬
‫بالسارق ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أسرقت ؟ قل ‪ :‬ل ‪ .‬وسى ( ‪ ) 3‬أبا بكر وعمر رضي ال عنهما وعن‬
‫أب الدرداء ‪ .‬أنه أت بارية سرقت فقال لا ‪ :‬أسرقت ؟ قول ‪ :‬ل ‪ .‬فقالت ‪ :‬ل ‪ .‬فخلى‬
‫سبيلها ‪ .‬وعن عمر أنه أت برجل سرق فسأله " أسرقت ؟ قل ‪ :‬ل ‪ .‬فقال ‪ :‬ل " فتركه ‪.‬‬
‫عقوبة السرقة ‪ :‬إذا ثبتت جرية السرقة وجب إقامة الد على السارق فتقطع يده اليمن‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬إخالك ‪ :‬أي أظنك ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 503‬‬
‫( ‪ ) 2‬من قضى ‪ :‬أي من تول القضاء ‪ ) 3 ( .‬أي ذكر أن أبا بكر وعمر كانا يفعلن‬
‫ذلك حينما توليا القضاء ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 504‬من مفصل الكف وهو الكوع ( ‪) 1‬‬
‫لقوله تعال ‪ " :‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " ول يوز العفو عنها من أحد ل من‬
‫الجن عليه ول من الاكم ‪ ،‬كما ل يوز أن تستبدل با عقوبة أخرى أخف منها أو‬
‫تأخي تنفيذها أو تعطيلها ‪ ،‬خلفا للشيعة الذين يرون أن القطع يسقط عن السارق بعفو‬
‫الجن عليه ف السرقة وكذلك يرون أن للمام مع وجوب إقامة الد أن يسقط العقوبة‬
‫عن بعض الناس لصلحة ‪ ،‬وله تأخيها عن بعضهم لصلحة ‪ ،‬وهذا مالف لماعة أهل‬
‫السنة الذين يروون عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قوله ‪ " :‬تافوا العقوبة بينكم ‪،‬‬
‫فإذا انتهي با إل المام فل عفا ال عنه إن عفا " ‪ .‬فإذا سرق ثانيا تقطع رجله ‪ ،‬ث إن‬
‫الفقهاء اختلفوا فيما إذا سرق ثالثا بعد قطع يده ورجله ‪ .‬فقال أبو حنيفة ‪ :‬يعزر ويبس ‪.‬‬
‫وقال الشافعي وغيه ‪ :‬تقطع يده اليسرى ‪ ،‬ث إذا عاد إل السرقة تقطع رجله اليمن ث إذا‬
‫سرق يعزر ويبس ‪ .‬حسم يد السارق إذا قطعت ‪ :‬وتسم يد السارق بعد القطع ‪،‬‬
‫فتكوى بالنار ‪ ،‬أو تتخذ أي طريقة من الطرق حت ينقطع الدم فل يتعرض القطوع للتلف‬
‫واللك ‪ .‬فعن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أت بسارق قد سرق شلة‬
‫فقالوا ‪ :‬يارسول ال ‪ ،‬إن هذا قد سرق ‪ :‬فقال رسول ال صلى ال عليه ( هامش ) (‬

‫‪370‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ) 1‬كان القطع معمول به ف الاهلية فأقره السلم مع زيادة شروط أخرى ‪ :‬ويقال إن‬
‫أول من قطع اليدي ف الاهلية قريش ‪ ،‬قطعوا رجل يقال له دويك مول لبن مليح بن‬
‫عمرو بن خزاعة كان قد سرق كن الكعبة ويقال ‪ :‬سرقه قوم فوضعوه عنده قال القرطب‬
‫‪ :‬وقد قطع السارق ف الاهلية وأول من حكم بقطعه ف الاهلية الوليد بن الغية فأمر ال‬
‫بقطعه ف السلم ‪ ،‬وكان أول سارق قطعه رسول ال صلى ال عليه وسلم ف السلم‬
‫من الرجال اليار ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف ومن النساء مرة بنت سعان بن عبد‬
‫السد من بن مزوم وقطع أبو بكر اليمن الذي سرق العقد وهو رجل من أهل اليمن‬
‫أقطع اليد والرجل وقد كان سرق عقدا لساء بنت عميس زوج أب بكر الصديق رضي‬
‫ال عنه فقطع يده اليسرى ‪ .‬وقطع عمر يد ابن سرة أخي عبد الرحن بن سرة ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 505‬وسلم ‪ " :‬ما أخاله سرق ( ‪ ، " ) 1‬فقال السارق ‪ :‬بلى يارسول ال ‪.‬‬
‫فقال ‪ " :‬اذهبوا به فاقطعوه ث احسموه ( ‪ ، ) 2‬ث ائتون به " ‪ ،‬فقطع فأت به ‪ .‬فقال ‪:‬‬
‫تب إل ال ‪ .‬قال ‪ :‬قد تبت إل ال ‪ .‬فقال ‪ " :‬تاب ال عليك " ‪ .‬رواه الدار قطن ‪،‬‬
‫والاكم ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬وصححه ابن القطان ‪ .‬تعليق يد السارق ف عنقه ‪ :‬ومن التنكيل‬
‫بالسارق والزجر لغيه ‪ ،‬أمر الشارع بتعليق يد السارق القطوعة ف عنقه ‪ .‬روى أبو داود‬
‫والنسائي والترمذي ‪ :‬وقال " حسن ( ‪ ) 3‬غريب ‪ ،‬عن عبد ال بن مييز قال ‪ :‬سألت‬
‫فضالة عن تعليق يد السارق ف عنقه ‪ :‬أمن السنة هو ؟ فقال ‪ :‬أت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بسارق فقطعت يده ‪ ،‬ث أمر با فعلقت ف عنقه ‪ .‬اجتماع الضمان والد ‪ :‬إذا‬
‫كان السروق قائما رد إل صاحبه ‪ ،‬لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬على اليد‬
‫ما أخذت حت تؤديه " وهذا مذهب الشافعي وأحد وإسحاق ‪ .‬فإذا تلف السروق ف يد‬
‫السارق ضمن بدله ‪ ،‬وقطع ول ينع أحدها الخر ‪ ،‬لن الضمان الق الدمي ‪ ،‬والقطع‬
‫يب ل تعال ‪ ،‬فل ينع أحدها الخر كالدية والكفارة ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬إذا تلف‬
‫السروق فل يغرم السارق لنه ل يتمع الغرم مع القطع بال لن ال ذكر القطع ول‬
‫يذكر الغرم ‪ .‬وقال مالك وأصحابه ‪ :‬إن تلف ‪ ،‬فإن كان موسرا غرم ‪ ،‬وإن كان معسرا‬
‫ل يكن عليه شئ ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ف هذا إياء للسارق بعدم القرار وبالرجوع عنه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬ف هذا دليل على أن نفقة السم ومؤنته ليست على السارق وإنا هي ف بيت الال‬

‫‪371‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ) 3 ( .‬ف إسناده الجاج بن أرطأة قال النسائي ‪ :‬هو ضعيف ل يتج بديثه ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 506‬النايات النايات جع جناية ‪ ،‬مأخوذة من جن ين بعن أخذ ‪ ،‬يقال ‪،‬‬
‫جن الثمر إذا أخذه من الشجر ‪ .‬ويقال أيضا جن على قومه جناية ‪ ،‬أي أذنب ذنبا‬
‫يؤاخذ به ‪ .‬والراد بالناية ف عرف الشرع ‪ :‬كل فعل مرم ‪ .‬والفعل الحرم ‪ :‬كل فعل‬
‫حظره الشارع ومنع منه ‪ ،‬لا فيه من ضرر واقع على الدين ‪ ،‬أو النفس ‪ ،‬أو العقل ‪ ،‬أو‬
‫العرض ‪ ،‬أو الال ‪ .‬وقد اصطلح الفقهاء على تقسيم هذه الرائم إل قسمي ‪ ( .‬القسم‬
‫الول ) ويسمى برائم الدود ‪ ( .‬والقسم الثان ) ويسمى برائم القصاص ‪ .‬وهي‬
‫النايات الت تقع على النفس أو على ما دونا من جرح أو قطع عضو ‪ ،‬وهذه هي أصول‬
‫الصال الضرورية الت يب الحافظة عليها صيانة للناس وحفاظا على حياتم الجتماعية ‪.‬‬
‫وقد تقدم الكلم على جرائم الدود وعقوباتا وبقي أن نتكلم على جرائم‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 506‬‬
‫القصاص ‪ .‬ونبدأ بتمهيد ف وجهة السلم ف الحافظة على السلم متبعي ذلك بالكلم‬
‫عن القصاص بي الاهلية والسلم ‪ ،‬ث الكلم عن القصاص ف النفس والقصاص فيما‬
‫دونا ‪ .‬وأما النايات ف القانون فهي أخطر الرائم ‪ ،‬وقد حددتا الادة ‪ 10‬من قانون‬
‫العقوبات بأنا الرائم العاقب عليها بالعدام ‪ ،‬أو الشغال الشاقة الؤبدة ‪ ،‬أو الشغال‬
‫الشاقة الؤقتة ‪ ،‬أو السجن ‪ / .‬صفحة ‪ / 507‬الحافظة على النفس كرامة النسان ‪ :‬ان‬
‫ال سبحانه كرم النسان ‪ :‬خلقه بيده ‪ ،‬ونفخ فيه من روحه ‪ ،‬وأسجد له ملئكته ‪،‬‬
‫وسخر له ما ف السموات وما ف الرض جيعا منه ‪ ،‬وجعله خليفة عنه ‪ ،‬وزوده بالقوى‬
‫والواهب ليسود الرض ‪ ،‬وليصل إل أقصى ما قدر له من كمال مادي واترقاء روحي ‪.‬‬
‫ول يكن أن يقق النسان أهدافه ‪ ،‬ويبلغ غاياته إل إذا توفرت له جيع عناصر النمو ‪،‬‬
‫وأخذ حقوقه كاملة ‪ .‬وف طليعة هذه القوق الت ضمنها السلم ‪ :‬حق الياة ‪ ،‬وحق‬
‫التملك ‪ ،‬وحق صيانة العرض ‪ ،‬وحق الرية ‪ ،‬وحق الساواة ‪ ،‬وحق التعلم ‪ .‬قال ال‬
‫تعال ‪ :‬وهذه القوق ‪ ،‬واجبة للنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن لونه ‪ ،‬أو دينه‬
‫‪ ،‬أو جنسه ‪ ،‬أو وطنه ‪ ،‬أو مركزه الجتماعي ‪ " .‬ولقد كرمنا بن آدم وحلناهم ف الب‬

‫‪372‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والبحر ورزقناهم من الطيبات ‪ ،‬وفضلناهم على كثي من خلقنا تفضيل " ( ‪ . ) 1‬وقد‬
‫خطب رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حجة الوداع فقال ‪ " :‬أيها الناس ‪ ،‬ان دماءكم‬
‫وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ‪ ،‬ف شهركم هذا ‪ ،‬ف بلدكم هذا ‪ .‬أل هل‬
‫بلغت ‪ ،‬اللهم فاشهد ‪ ،‬كل السلم على السلم حرام ‪ :‬دمه وماله ‪ ،‬وعرضه " ‪ .‬حق الياة‬
‫‪ :‬وأول هذه القوق وأولها بالعناية حق الياة ‪ ،‬وهو حق مقدس ل يل انتهاك حرمته‬
‫ول استباحة حاه ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬ول تقتلوا النفس الت حرم ال إل بالق " ( ‪) 2‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة السراء ‪ :‬آية ‪ ) 2 ( . 70‬سورة السراء ‪ :‬الية ‪/ ) . ( . 33‬‬
‫صفحة ‪ / 508‬والق الذي تزهق به النفوس ‪ .‬هو ما فسره الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫ف قوله عن ابن مسعود رضي ال عنه ‪ " :‬ل يل دم امرئ مسلم يشهد أن لإله إل ال ‪،‬‬
‫وأن رسول ال إل بإحدى ثلث ‪ ،‬الثيب ( ‪ ) 1‬الزان ‪ ،‬والنفس بالنفس ( ‪ ، ) 2‬والتارك‬
‫لدينه الفارق للجماعة ( ‪ . " ) 3‬رواه البخاري ومسلم ‪ .‬ويقول ال سبحانه وتعال ‪" :‬‬
‫ول تقتلوا أولدكم خشية إملق نن نرزقهم وإياكم ‪ ،‬إن قتلهم كان خطأ كبيا " ‪4 ( .‬‬
‫) ويقول سبحانه ‪ " :‬وإذا الوءودة سئلت ‪ ،‬بأي ذنب قتلت " ( ‪ . ) 5‬وال سبحانه جعل‬
‫عذاب من سن القتل عذابا ل يعله لحد من خلقه ‪ .‬يقول الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬ليس من نفس تقتل ظلما إل كان على ابن آدم كفل من دمها ‪ ،‬لنه كان‬
‫أول من سن القتل " ( ‪ . ) 6‬رواه البخاري ومسلم ‪ .‬ومن حرص السلم على حاية‬
‫النفوس أنه هدد من يستحلها بأشد عقوبة ‪ .‬فيقول ال تعال ‪ " :‬ومن يقتل مؤمنا متعمدا ‪،‬‬
‫فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب ال عليه ‪ ،‬ولعنه وأعد له عذابا عظيما " ( ‪ . ) 7‬فبهذه‬
‫الية تقرر أن عقوبة القاتل ف الخرة العذاب الليم ‪ ،‬واللود القيم ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫الثيب الزان ‪ :‬التزوج ‪ ) 2 ( .‬النفس بالنفس ‪ :‬أي فقتل النفس الت قتلت نفسا عمدا بغي‬
‫حق بقتل النفس ‪ ) 3 ( .‬التارك لدينه الفارق للجماعة ‪ :‬أي الرتد عن دين السلم ‪( .‬‬
‫‪ ) 4‬سورة السراء ‪ ،‬الية ‪ ) 5 ( . 31 :‬سورة التكوير ‪ :‬اليتان ‪ ) 6 ( . 9 ، 8‬هو‬
‫قابيل الذي قتل هابيل ‪ .‬والكفل ‪ :‬النصيب ‪ .‬قال النووي ‪ :‬هذا الديث من قواعد‬
‫السلم ‪ ،‬وهو أن كل من ابتدع شيئا من الشر كان عليه وزر كل من اقتدى به ف ذلك‬
‫العمل ‪ ،‬مثل عمله يوم القيامة ‪ ) 7 ( .‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 93‬صفحة ‪509‬‬

‫‪373‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ /‬ف جهنم ‪ ،‬والغضب واللعنة والعذاب العظيم ‪ .‬ولذا قال ابن عباس رضي ال عنهما ‪" :‬‬
‫ل توبة لقاتل مؤمن عمدا " ‪ .‬لنا آخر ما نزل ‪ ،‬ول ينسخها شئ ‪ ،‬وإن كان المهور‬
‫على خلفه ‪ .‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬لزوال الدنيا أهون على ال من‬
‫قتل مؤمن بغي حق " ‪ .‬رواه ابن ماجه بسند حسن عن الباء ‪ .‬وروى الترمذي بسند‬
‫حسن عن أب سعيد رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬لو أن أهل‬
‫السماء وأهل الرض اشتركوا ف دم مؤمن ‪ ،‬لكبهم ال ف النار " ‪ .‬وروى البيهقي عن‬
‫ابن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من أعان على دم‬
‫امرئ مسلم بشطر كلمة ‪ ،‬كتب بي عينيه يوم القيامة ‪ :‬آيس من رحة ال " ‪ .‬ذلك أن‬
‫القتل هدم لبناء أراده ال ‪ ،‬وسلب لياة الجن عليه ‪ ،‬واعتداء على عصبته الذين يعتزون‬
‫بوجوده ‪ ،‬وينتفعون به ‪ ،‬ويرمون بفقده العون ‪ ،‬ويستوي ف التحري قتل السلم و الذمي‬
‫وقاتل نفسه ‪ .‬ففي قتل الذمي جاءت الحاديث مصرحة بوجوب النار لن قتله ‪ .‬روى‬
‫البخاري عن عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما أن رسول‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 509‬‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من قتل معاهدا ( ‪ ، ) 1‬ل يرح رائحة النة ‪ ،‬وإن ريها‬
‫بوجد من مسية أربعي عاما " ( ‪ . ) 2‬وأما قاتل نفسه فال سبحانه و تعال يذر من‬
‫ذلك فيقول ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العاهد ‪ :‬من له عهد مع السلمي ‪ -‬إما بأمان من مسلم‬
‫‪ -‬أو هدنة من حاكم ‪ -‬أو عقد جزية ‪ ) 2 ( .‬وعدم وجدان رائحتها يستلزم عدم‬
‫دخولا ‪ .‬قال الافظ ف الفتح ‪ :‬إن الراد بذا النفي ‪ -‬وإن كان عاما ‪ -‬التخصيص بزمان‬
‫ما ‪ ،‬لتعاضد الدلة الفعلية والنقلية ‪ :‬أي من مات مسلما ‪ ،‬وكان من أهل الكبائر فهو‬
‫مكوم بإسلمه غي ملد ف النار ‪ ،‬ومآله النة ولو عذب قبل ذلك ‪ .‬انتهى ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪/ 510‬‬

‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 510‬‬

‫‪374‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" ول تلقوا بأيديكم إل التهلكة " ( ‪ . ) 1‬ويقول ‪ " :‬ول تقتلوا أنفسكم إن ال كان‬
‫بكم رحيما " ( ‪ . ) 2‬وروى البخاري ومسلم عن أب هريرة رضي ال عنه أن الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من تردى ( ‪ ) 3‬من جبل فقتل نفسه فهو ف نار جهنم‬
‫يتردى فيها خالدا ملدا فيها أبدا ‪ ،‬ومن تسى سا فقتل نفسه فسمه ف يده يتحساه ف نار‬
‫جهنم خالدا ملدا فيها أبدا ‪ ،‬ومن قتل نفسه بديدة فحديدته ف يده يتوجأ ( ‪ ) 4‬با ف‬
‫نار جهنم خالدا ملدا فيها أبدا " ‪ .‬وروى البخاري عن أب هريرة أيضا أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬الذي ينق نفسه ينقها ف النار ‪ ،‬والذي يطعن نفسه يطعن‬
‫نفسه ف النار ‪ .‬والذي يقتحم ( ‪ ) 5‬يقتحم ف النار " ‪ .‬وعن جندب بن عبد ال قال ‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬كان فيمن قبلكم رجل به جرح ‪ ،‬فجزع ‪ ،‬فأخذ‬
‫سكينا فحز با يده فما رقأ الدم حت مات ( ‪ ) 6‬قال ال تعال ‪ " :‬بادرن عبدي بنفسه ‪:‬‬
‫حرمت عليه النة " ‪ .‬رواه البخاري ‪ .‬وثبت ف الديث " من قتل نفسه بشئ عذب به‬
‫يوم القيامة " ‪ .‬ومن أبلغ ما يتصور ف التشنيع على القتلة بالضافة إل ما سبق أن السلم‬
‫اعتب القاتل لفرد من الفراد كالقاتل للفراد جيعا ‪ ،‬وهذا أبلغ ما يتصور من التشنيع على‬
‫ارتكاب هذه الرية النكراء ‪ .‬يقول سبحانه ‪ " :‬أنه من قتل نفسا بغي نفس أو فساد ف‬
‫الرض فكأنا قتل الناس ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 195‬سورة‬
‫النساء ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 29‬التردي ‪ :‬السقوط ‪ .‬أي أسقط نفسه متعمدا مثل ‪) 4 ( .‬‬
‫يتوجأ ‪ :‬يضرب با نفسه ‪ ) 5 ( .‬يقتحم ‪ :‬يرمي نفسه ‪ ) 6 ( .‬أي ما انقطع حت مات ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 511‬جيعا ‪ .‬ومن أحياها فكأنا أحيا الناس جيعا " ( ‪ . ) 1‬ولعظم‬
‫أمر الدماء وشدة خطورتا ‪ ،‬كانت هي أول ما يقضى فيها بي الناس يوم القيامة ( ‪) 2‬‬
‫كما رواه مسلم ‪ .‬وقد شرع ال سبحانه القصاص واعدام القاتل انتقاما منه ‪ ،‬وزجرا لغيه‬
‫‪ ،‬وتطهيا للمجتمع من الرائم الت يضطرب فيها النظام العام ‪ ،‬ويتل معها المن ‪ .‬فقال‬
‫‪ " :‬ولكم ف القصاص حياة يا أول اللباب ‪ ،‬لعلكم تتقون " ( ‪ . ) 3‬وهذه العقوبة‬
‫مقررة ف جيع الشرائع اللية التقدمة ‪ .‬ففي الشريعة الوسوية جاء بالفصل الادي‬
‫والعشرين من سفر الروج ‪ " :‬أن من ضرب إنسانا فمات فليقتل قتل ‪ ،‬وإذا بغى رجل‬
‫على آخر فقتله اغتيال فمن قدام مذبي تأخذه ليقتل ‪ ،‬ومن ضرب أباه وأمه يقتل قتل ‪،‬‬

‫‪375‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وإن حصلت أذية فأعط نفسا بنفس ‪ ،‬وعينا بعي ‪ ،‬وسنا بسن ‪ ،‬ويدا بيد ‪ ،‬ورجل برجل‬
‫‪ ،‬وجرحا برح ‪ ،‬ورضا برض " وف الشريعة السيحية يرى البعض أن قتل القاتل ل يكن‬
‫من مبادئها مستدلي على ذلك با ورد بالصحاح الامس من إنيل مت من قول عيسى‬
‫عليه السلم ‪ " :‬ل تقاوموا الشر ‪ ،‬بل من لطمك على خدك الين فحول له خدك الخر‬
‫أيضا ‪ .‬ومن رأى أن ياصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ‪ ،‬ومن سخرك ميل‬
‫واحدا فاذهب معه اثني ‪ .‬ويرى البعض الخر أن الشريعة السيحية عرفت عقوبة العدام‬
‫مستدل على ذلك با قاله عيسى عليه السلم ‪ " :‬ما جئت لنقض الناموس ‪ ،‬وإنا جئت‬
‫لتم " ‪ .‬وقد تأيد هذا النظر با ورد ف القرآن الكري ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الائدة ‪:‬‬
‫الية ‪ ) 2 ( . 32‬وهذا فيما بي العباد ‪ ،‬وأما حديث ‪ :‬أول ما ياسب به العبد الصلة‬
‫فهو فيما بي العبد وبي ال ‪ ) 3 ( .‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 179‬صفحة ‪/ 512‬‬
‫" ومصدقا لا بي يدي من التوراة " ‪ .‬وإل هذا تشي الية الكرية ‪ " :‬وكتبنا عليهم فيها‬
‫أن النفس بالنفس ‪ ،‬والعي بالعي ‪ ،‬والنف بالنف ‪ ،‬والذن بالذن ‪ ،‬والسن بالسن ‪،‬‬
‫والروح قصاص " ( ‪ ) 1‬ول تفرق الشريعة بي نفس ونفس ‪ ،‬فالقصاص حق ‪ ،‬سواء‬
‫أكان القتول كبيا أم صغيا ‪ ،‬رجل أم امرأة ‪ .‬فلكل حق الياة ‪ ،‬ول يل التعرض لياته‬
‫با يفسدها بأي وجه من الوجوه ‪ ،‬وحت ف قتل الطأ ‪ ،‬ل يعف ال تعال القاتل من‬
‫السئولية ‪ ،‬وأوجب فيه ‪ :‬العتق ‪ ،‬والدية ‪ ،‬فقال سبحانه ‪ " :‬وما كان لؤمن أن يقتل مؤمنا‬
‫‪ ،‬إل خطأ ‪ ،‬ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ‪ ،‬ودية مسلمة إل أهله ‪ ،‬إل أن‬
‫يصدقوا " ( ‪ . ) 2‬وهذه العقوبة الالية إنا أوجبها السلم ف القتل الطأ احتراما للنفس‬
‫حت ل يتسرب إل ذهن أحد هوانا ‪ ،‬وليحتاط الناس فيما يتصل بالنفوس والدماء ‪،‬‬
‫ولتسد ذرائع الفساد ‪ ،‬حت ل يقتل أحد أحدا ويزعم أن القتل كان خطأ ‪ .‬ومن شدة‬
‫عناية السلم بماية النفس أنه حرم إسقاط الني بعد أن تدب الياة فيه ‪ ،‬إل إذا كان‬
‫هناك سبب حقيقي يوجب إسقاطه ‪ ،‬كالوف على أمه من الوت ‪ ،‬ونو ذلك ‪،‬‬
‫وأوجب ف إسقاطه بغي حق غرة ‪ .‬القصاص بي الاهلية والسلم قام نظام القصاص ف‬
‫العرب على أساس أن القبيلة كلها تعتب مسئولة عن الناية الت يقترفها فرد من أفرادها ‪،‬‬
‫إل إذا خلعته وأعلنت ذلك ف الجتمعات العامة ‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 512‬‬
‫ولذا كان ول الدم يطالب بالقصاص من الان وغيه من قبيلته ‪ ،‬ويتوسع ف هذه الطالبة‬
‫توسعا ربا أوقد نار الرب بي قبيلت الان والجن عليه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الائدة‬
‫‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 45‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 92‬صفحة ‪ / 513‬وقد تزداد‬
‫الطالبة بالتوسع إذا كان الجن عليه شريفا أو سيدا ف قومه ‪ .‬على أن بعض القبائل كثيا‬
‫ما كان يهمل هذه الطالبة ‪ ،‬ويبسط حايته على القاتل ول يعي أولياء القتول أي اهتمام ‪،‬‬
‫فكانت تنشب الروب الت تودي بأنفس الكثي من البرياء ‪ .‬فلما جاء السلم وضع‬
‫حدا لذا النظام الائر ‪ ،‬وأعلن أن الان وحده هو السئول عن جنايته ‪ ،‬وهو الذي يؤخذ‬
‫بريرته فقال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ف القتلى ( ‪ ) 1‬الر بالر ‪،‬‬
‫والعبد بالعبد ‪ ،‬والنثى بالنثى ‪ ،‬فمن عفي له من أخيه شئ ‪ ،‬فاتباع بالعروف ( ‪) 2‬‬
‫وأداء إليه بإحسان ‪ .‬ذلك تفيف من ربكم ورحة ‪ ،‬فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم‬
‫‪ ،‬ولكم ف القصاص حياة يأول اللباب لعلكم تتقون " ‪ ) 3 ( .‬إذا اختاروا القصاص‬
‫دون العفو ‪ :‬قال البيضاوي ف تفسي هذه الية ‪ " :‬كان ف الاهلية بي حيي من أحياء‬
‫العرب دماء ‪ ،‬وكان لحدها طول على الخر ‪ ،‬فأقسموا لنقتلن الر منكم بالعبد ‪،‬‬
‫والذكر بالنثى ‪ ،‬فلما جاء السلم تاكموا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فنلت ‪ ،‬وأمرهم أن يتبارأوا " انتهى ‪ .‬والية تشي إل ما يأت ‪ - 1 :‬أن ال سبحانه أبطل‬
‫النظام الاهلي ‪ ،‬وفرض الماثلة والساواة ف القتلى ‪ .‬فإذا اختاروا القصاص دون العفو ‪،‬‬
‫فأرادوا إنفاذه ‪ ،‬فإن الر يقتل إذا قتل حرا ‪ ،‬والعبد يقتل إذا قتل عبدا مثله ‪ ،‬والرأة تقتل‬
‫إذا قتلت امرأة ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬التقلى ‪ :‬جع قتيل ‪ ) 2 ( .‬فاتباع بالعروف ‪ :‬مأخوذ‬
‫من اقتصاص الثر ‪ :‬أي تتبعه ‪ ،‬لن الجن عليه يتبع الناية ‪ ،‬فيأخذ مثلها ‪ ) 3 ( .‬سورة‬
‫البقرة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 178‬صفحة ‪ / 514‬قال القرطب ‪ " :‬وهذه الية جاءت مبينة‬
‫حكم النوع إذا قتل نوعه فبيتت حكم الر إذا قتل حرا ‪ ،‬والعبد إذا قتل عبدا ‪ ،‬والنثى‬
‫إذا قتلت أنثى ‪ ،‬ول تتعرض لحد النوعي إذا قتل الخر ‪ .‬فالية مكمة ‪ ،‬وفيها إجال‬
‫يبينه قوله تعال ‪ " :‬وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس " إل آخر الية ‪ .‬وبينه النب صلى‬

‫‪377‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال عليه وسلم لا قتل اليهودي بالرأة ‪ .‬قاله ماهد ‪ - 2 .‬فإذا عفا ول الدم عن الان فله‬
‫أن يطالبه بالدية على أن تكون الطالبة بالعروف ‪ ،‬ل يالطها عنف ول غلظة ‪ ،‬وعلى‬
‫القاتل أداء الدية إل العاف بل ماطلة ولبس ‪ - 3 .‬وهذا الكم الذي شرعه ال من‬
‫جواز القصاص والعفو عنه إل الدية تيسي من ال ورحة حيث وسع المر ف ذلك ‪ ،‬فلم‬
‫يتم واحدا منهما ‪ - 4 .‬فمن اعتدى على الان فقتله بعد العفو عنه ‪ ،‬فله عذاب أليم ‪،‬‬
‫إما بقتله ف الدنيا أو عذابه بالنار ف الخرة ‪ .‬روى البخاري عن ابن عباس رضي ال‬
‫عنهما ‪ .‬قال ‪ " :‬كان ف بن اسرائيل القصاص ‪ ،‬ول تكن فيهم الدية ‪ ،‬فقال ال لذه‬
‫المة ‪ " :‬كتب عليكم القصاص ف القتلى ‪ " . . .‬الية " فمن عفي له من أخيه شئ "‬
‫قال ‪ " :‬فالعفو " أن يقبل ف العمد الدية ‪ ،‬و " التباع بالعروف " أن يتبع الطالب‬
‫بعروف ‪ ،‬ويؤدي إليه الطلوب بإحسان ‪ " .‬ذلك تفيف من ربكم ورحة " فيما كتب‬
‫على من كان قبلكم ‪ - 5 .‬وقد شرع ال القصاص لن فيه الياة العظيمة ‪ ،‬والبقاء للناس‬
‫‪ ،‬فإن القاتل إذا علم أنه سيقتل ارتدع ‪ ،‬فأحيا نفسه من جهة ‪ ،‬وأحياء من كان يريد قتله‬
‫من جهة أخرى ‪ - 6 .‬وقد أبقى السلم جعل الولية ف طلب القصاص لول القتول‬
‫على على ما كان عليه عند العرب ‪ / .‬صفحة ‪ / 515‬يقول ال تعال ‪ " :‬ومن قتل‬
‫مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ‪ ،‬فل يسرف ف القتل إنه كان منصورا " ‪ .‬والقصود‬
‫بالول هو من له القيام بالدم ‪ ،‬وهو الوارث للمقتول ( ‪ ، ) 1‬فهو الذي له حق الطالبة‬
‫دون السلطة الاكمة ‪ ،‬فلو ل يطالب هو بالقصاص فإنه ل يقتص من الان ‪ .‬والسلطان‬
‫‪ :‬التسلط على القاتل ‪ ،‬وإنا كان ذلك كذلك مافة أن يصدر العفو من غي رضا منه ‪،‬‬
‫وهوالذي اكتوى بنار الرية فتثور نفسه ويعمد إل الخذ بالثأر ‪ ،‬ويتكرر القتل والجرام‬
‫‪ - 7 .‬قال صاحب النار معلقا على هذه الية ‪ :‬فالية الكيمة قررت أن الياة هي‬
‫الطلوبة بالذات ‪ ،‬وأن القصاص وسيلة من وسائلها ‪ ،‬لن من علم أنه إذا قتل نفسا يقتل‬
‫با يرتدع عن القتل ‪ ،‬فيحفظ الياة على من أراد قتله وعلى نفسه ‪ ،‬والكتفاء بالدية ل‬
‫يردع كل أحد عن سفك دم خصمه إن استطاع ‪ " .‬فإن من الناس من يبذل الال الكثي‬
‫لجل اليقاع بعدوه ‪ " .‬وف الية من براعة العبارة وبلغة القول ما يذهب باستبشاع‬
‫إزهاق الروح ف العقوبة ‪ .‬ويوطن النفس على قبول حكم الساواة ‪ ،‬إذ ل يسم العقوبة‬

‫‪378‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قتل أو إعداما ‪ ،‬بل ساها مساواة بي الناس تنطوي على حياة سعيدة لم "‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 515‬‬
‫القصاص ف النفس ليس كل اعتداء على النفس بوجب للقصاص ‪ ،‬فقد يكون العتداء‬
‫عمدا ‪ ،‬وقد يكون شبه عمد ‪ ،‬وقد يكون خطأ ‪ ،‬وقد يكون غيذلك ‪ .‬ومن ث وجب أن‬
‫نبي أنواع القتل ‪ ،‬ونبي النوع الذي يب القصاص بقتضاه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬هذا رأي‬
‫المهور ‪ ،‬وقال مالك ‪ :‬هم العصبة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 516‬أنواع القتل القتل أنواع‬
‫ثلثة ‪ - 1 :‬عمد ‪ - 2 .‬شبه عمد ‪ - 3 .‬خطأ ‪ .‬القتل العمد ‪ :‬فالقتل العمد هو ‪ :‬أن‬
‫يقصد الكلف قتل إنسان معصوم الدم ( ‪ ) 1‬با يغلب على الظن أنه يقتل به ‪ .‬ويفهم من‬
‫هذا التعريف أن جرية القتل العمد لتتحقق إل إذا توفرت فيها الركان التية ‪ - 1 :‬أن‬
‫يكون القاتل عاقل ‪ ،‬بالغا ‪ ،‬قاصدا القتل ‪ .‬أما اعتبار العقل والبلوغ ‪ ،‬فلحديث علي‬
‫رضي ال عنه وكرم ال وجهه أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬رفع القلم عن ثلث‬
‫‪ :‬عن الجنون حت يفيق ‪ ،‬وعن النائم حت يستيقظ وعن الصب حت يتلم " ‪ .‬رواه‬
‫أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ .‬وأما اعتبار العمد ‪ ،‬فلما رواه أبو هريرة رضي ال عنه ‪.‬‬
‫قال ‪ " :‬قتل رجل ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فرفع ذلك إل النب صلى ال‬
‫عليه وسلم فدفعه إل ول القتول ‪ ،‬فقال القاتل ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬وال ما أردت قتله ‪،‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وسلم للول ‪ " :‬أما إنه إن كان صادقا ث قتلته دخلت النار "‬
‫فخله الرجل ‪ ،‬وكان مكتوفا بنسعة ( ‪ ) 2‬فخرج ير نسعته ‪ .‬قال ‪ :‬فكان يسمى ( ذا‬
‫النسعة ) " ‪ .‬رواه أبو داود ‪ ،‬والنسائي وابن ماجه ‪ ،‬والترمذي وصححه ‪ .‬وروى أبو‬
‫داود أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬العمد قود ‪ ،‬إل أن يعفو ول القتول " ‪.‬‬
‫وروى ابن ماجه أنه صلى ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي ل يستحق القتل‬
‫شرعا ‪ ) 2 ( .‬النسعة ‪ :‬سي من اللد ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ " / 517‬من قتل عامدا فهو قود‬
‫‪ ،‬ومن حال بينه وبينه فعليه لعنة ال واللئكة والنا س أجعي ‪ ،‬ل يقبل ال منه صرفا‬
‫ولعدل " ‪ - 2 .‬أن يكون القتول آدميا ‪ ،‬ومعصوم الدم ‪ :‬أي أن دمه غي مباح ‪ - 3‬أن‬
‫تكون الداة الت استعملت ف القتل ما يقتل با غالبا ‪ .‬فإذا ل تتوفر هذه الركان ‪ .‬فإن‬

‫‪379‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القتل ل يعتب قتل عمدا ‪ .‬أداة القتل ‪ :‬ول يشترط ف الداة الت يقتل با سوى أنا ما‬
‫تقتل غالبا ‪ ،‬سواء أكانت مددة أم متلفة لتماثلهما ف إزهاق الروح ‪ .‬وقد روى البخاري‬
‫ومسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم رض ( ‪ ) 1‬رأس يهودي بي حجرين ‪ ،‬وكان‬
‫فعل ذلك بارية من الواري ‪ .‬وهذا الديث حجة على أب حنيفة ‪ ،‬والشعب ‪،‬‬
‫والنخعي ‪ ،‬الذين يقولون بأنه ل قصاص ف القتل بالثقل ‪ .‬ومن هذا القبيل القتل بالحراق‬
‫بالنار ‪ ،‬والغراق بالاء ‪ ،‬واللقاء من شاهق ‪ ،‬وإلقاء حائط عليه ‪ ،‬وخنق النفاس ‪،‬‬
‫رحبس النسان ‪ ،‬ومنع الطعام والشراب عنه حت يوت جوعا ‪ ،‬وتقديه ليوان مفترس ‪.‬‬
‫ومنه ما إذا شهد الشهود على إنسان معصوم الدم با يوجب قتله ‪ ،‬ث بعد قتله يرجعون‬
‫عن الشهادة ‪ ،‬ويقولون ‪ :‬تعمدنا قتله ‪ ،‬فهذه كلها من الدوات الت غالبا ما تقتل ‪ .‬ومن‬
‫قدم طعاما مسموما لغيه ‪ ،‬وهو يعلم أنه مسموم ‪ ،‬دون آكله ‪ ،‬فمات به ‪ ،‬اقتص منه ‪.‬‬
‫روى البخاري ومسلم ‪ " :‬أن يهودية ست النب صلى ال عليه وسلم ف شاة ‪ ،‬فأكل منها‬
‫لقمة ‪ ،‬ث لفظها ‪ ،‬وأكل معه بشر بن الباء ‪ ،‬فعفا عنها النب صلى ال عليه وسلم ول‬
‫يعاقبها " ‪ .‬أي أنه عفا عنها قبل أن تدث الوفاة لواحه من أكل " فلما مات بشر بن‬
‫الباء قتلها به " ‪ .‬لا رواه أبو داود ‪ " :‬أنه صلى ال عليه وسلم أمر بقتلها " ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬رض ‪ :‬كسر ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 518‬القتل شبه العمد ‪ :‬والقتل شبه العمد ‪ :‬هو أن‬
‫يقصد الكلف قتل إنسان معصوم الدم با ل يقتل عادة ‪ ،‬كأن يضربه بعصا خفيفة أو‬
‫حجر صغي ‪ ،‬أو لكزه بيده ‪ ،‬أو سوط ونو ذلك ‪ .‬فإن كان الضرب بعصا خفيفة أو‬
‫حجر صغي " ضربة أو ضربتي " فمات من ذلك الضرب ‪ ،‬فهو قتل شبه عمد ( ‪. ) 1‬‬
‫فإن كان الضرب ف مقتل أو كان الضروب صغيا أو كان مريضا يوت من مثل هذا‬
‫الضرب غالبا ‪ ،‬أو كان قويا ‪ ،‬غي أن الضارب وال الضرب حت مات فإنه يكون عمدا ‪.‬‬
‫وسي يشبه العمد ‪ ،‬لن القتل متردد بي العمد والطأ ‪ ،‬إذ أن الضرب مقصود ‪ ،‬والقتل‬
‫غي مقصود ‪ .‬ولذا أطلق عليه شبه العمد ‪ ،‬فهو ليس عمدا مضا ‪ ،‬ولخطأ مضا ‪ .‬ولا‬
‫ل يكن عمدا مضا سقط القود ‪ ،‬لن الصل صيانة الدماء فل تستباح ‪ ،‬إل بأمر بي ‪.‬‬
‫ولا ل يكن خطأ مضا ‪ ،‬لن الضرب مقصود بالفعل دون القتل وجبت فيه دية مغلظة ‪.‬‬
‫روى الدارقطن عن ابن عباس رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬

‫‪380‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العمد قود اليد ‪ ،‬والطأ عقل ل قود فيه ‪ ،‬ومن قتل ف عمية بجر أو عصا أو سوط ‪،‬‬
‫فهو دية مغلظة ف أسنان البل " ‪ .‬وأخرج أحد وأبو داود عن عمرو بي شعيب عن أبيه‬
‫عن جده أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 518‬‬
‫" عقل شبه العمد مغلظ ‪ ،‬كعقل العمد ‪ ،‬ول يقتل صاحبه ‪ ،‬وذلك أن ينو الشيطان بي‬
‫الناس ‪ ،‬فتكون الدماء ف غي ضغينة ولحل سلح " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬هذا مذهب أب‬
‫حنيفة والشافعي ‪ ،‬وجاهي الفقهاء ‪ ،‬وخالف ف ذلك ‪ :‬مالك والليث ‪ ،‬والادوية ‪:‬‬
‫فذهبوا إل أن القتل إذا كان بآلة ل يقصد بثلها القتل غالبا ‪ ،‬كالعصا والسوط واللطمة‬
‫ونو ذلك ‪ ،‬فإنه يعتب عمدا وفيه القصئاص ‪ ،‬إذ الصل عندهم عدم اعتبار اللة ف إزهاق‬
‫الروح ‪ .‬فكل ما أزهق الروح أوجب القصاص ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 519‬وأخرج أحد ‪،‬‬
‫وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم خطب يوم فتح مكة فقال ‪ " :‬أل‬
‫وإن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والجر " ‪ .‬القتل الطأ ‪ :‬والقتل الطأ هو ‪ :‬أن‬
‫يفعل الكلف ما يباح له فعله ‪ ،‬كأن يرمي صيدا ‪ ،‬أو يقصد غرضا ‪ ،‬فيصيب إنسانا‬
‫معصوم الدم فيقتله ‪ ،‬وكأن يفر بئرا ‪ ،‬فيتردى فيها إنسان ‪ ،‬أو ينصب شبكة ‪ -‬حيث ل‬
‫يوز ‪ -‬فيعلق با رجل فيقتل ‪ ،‬ويلحق بالطأ القتل العمد الصادر من غي مكلف ‪،‬‬
‫كالصب والجنون ‪ .‬الثار الترتبة على القتل قلنا إن القتل ‪ :‬عمد ‪ ،‬وشبه عمد ‪ ،‬وخطأ ‪.‬‬
‫ولكل نوع من هذ النواع الثلثة آثار تترتب عليه ‪ .‬وفيما يلي نذكر أثر كل نوع ‪.‬‬
‫موجب القتل الطأ ‪ :‬إن القتل الطأ يوجب أمرين ‪ ( :‬أحدها ) الدية الخففة على العاقلة‬
‫‪ ،‬مؤجلة ف ثلث سني ‪ .‬وسيأت ذلك حي الكلم على الدية ‪ ( .‬ثانيهما ) الكفارة ‪،‬‬
‫وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب الخلة بالعمل والكسب ‪ ،‬فان ل يد صام‬
‫شهرين متتابعي ( ‪ . ) 1‬وأصل ذلك قول ال تعال ‪ " :‬وما كان لؤمن أن يقتل مؤمنا ‪،‬‬
‫إل خطأ ‪ .‬ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إل أهله ‪ ،‬إل أن يصدقوا‬
‫‪ .‬فإن كان من قوم عدولكم وهو مؤمن ‪ ،‬فتحرير ( هامش ) ( ‪ ) 1‬يرى الشافعية أن‬
‫كفارة القتل يوز فيها الطعام إن عجز الكفر عن الصيام لكب سن أو مرض أو لقه‬

‫‪381‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مشقة شديدة ‪ ،‬فيطعم ستي مسكينا ‪ ،‬يعطي كل واحد مدا من طعام ‪ .‬وخالفهم الفقهاء‬
‫ف ذلك لعدم ورود ما يدل عليه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 520‬رقبة مؤمنة ‪ ،‬وإن كان من‬
‫قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إل أهله وترير رقبة مؤمنة ‪ ،‬فمن ل يد فصيام‬
‫شهرين متتابعي ‪ ،‬توبة من ال ‪ ،‬وكان ال عليما حكيما " ‪ ) 1 ( .‬وإذا قتل جاعة رجل‬
‫خطأ ‪ .‬فقال جهور العلماء ‪ :‬على كل واحد منهم الكفارة ‪ .‬وقال جاعة ‪ :‬عليهم كلهم‬
‫كفارة واحدة ‪ .‬الكمة ف الكفارة ‪ :‬قال القرطب ‪ " :‬واختلفوا ف معناها فقيل ‪ :‬أوجبت‬
‫تحيصا وطهورا لذنب القاتل ‪ .‬وذنبه ترك الحتياط والتحفظ حت هلك على يديه امرؤ‬
‫مقون الدم ‪ .‬وقيل ‪ :‬أوجبت بدل من تعطيل حق ال تعال ف نفس القتيل ‪ ،‬فإنه كان له‬
‫ف نفسه حق ‪ ،‬وهو التنعم بالياة ‪ ،‬والتصرف فيما أحل له تصرف الحياء ‪ ،‬وكان ل‬
‫سبحانه فيه حق ‪ ،‬وهو أنه كان عبدا من عباده يب له من اسم العبودية ‪ -‬صغيا كان أو‬
‫كبيا ‪ ،‬حرا كان أو عبدا ‪ ،‬مسلما كان أو ذميا ‪ -‬ما يتميز به عن البهائم والدواب ‪.‬‬
‫ويرتى ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬أن يكون من نسله من يعبد ال ويطيعه ‪ ،‬فلم يل قاتله من أن‬
‫يكون فوت منه السم الذي ذكرنا والعن الذي وصفنا ‪ ،‬فلذلك ضمن الكفارة ‪ .‬وأى‬
‫واحد من هذين العنيي كان ففيه بيان أن النص وإن وقع على القاتل خطأ ‪ ،‬فالقاتل عمدا‬
‫مثله ‪ ،‬بل أول بوجوب الكفارة عليه منه " ‪ .‬اه‍ ووسيأت بيان هذا ‪ .‬موجب القتل شبه‬
‫العمد ‪ :‬والقتل شبه العمد يوجب أمرين ‪ - 1 :‬الث ‪ ،‬لنه قتل نفس حرم ال قتلها إل‬
‫بالق ‪ - 2 .‬الدية الغلظة على العاقلة ‪ -‬على ما سيأت ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء‬
‫‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 92‬صفحة ‪ / 521‬أما القتل العمد ‪ ،‬فإنه يوجب أمورا أربعة ‪- 1 :‬‬
‫الث ‪ - 2 .‬الرمان من الياث والوصية ‪ - 3 .‬الكفارة ‪ - 4 .‬القود أو العفو ‪) 1 ( .‬‬
‫فل يرث القاتل من مياث القتول شيئا ‪ ،‬لمن ماله ول من ديته إذا كان من ورثته سواء‬
‫أكان القتل عمدا أم كان خطأ ‪ .‬وقاعدة الفقهاء ف ذلك ‪ " :‬من استعجل الشئ قبل أو‬
‫انه عوقب برمانه " ‪ ) 2 ( .‬وروى البيهقي عن خلس أن رجل رمى بجر فأصاب أمه‬
‫فماتت من ذلك فأراد نصيبه من مياثها ‪ ،‬فقال له إخوته ‪ :‬لحق لك ‪ ،‬فارتفعوا إل علي‬
‫كرم ال وجهه فقال له علي رضي ال عنه ‪ " :‬حقك من مياثها الجر ‪ ،‬فأغرمه الدية ‪.‬‬
‫ول يعطه من مياثها شيئا " ‪ .‬وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول ال‬

‫‪382‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ليس للقاتل من الياث شئ " ‪ .‬والديث معلول وقد‬
‫اختلف ف رفعه ووقفه ‪ ،‬وله شواهد تقويه ‪ .‬وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ليس للقاتل شئ ‪ ،‬وإن ل يكن له وارث ‪ ،‬فوارثه‬
‫أقرب الناس إليه ‪ ،‬ول يرث القاتل شيئا " ( ‪ . ) 1‬وإل هذا ذهب أكثر أهل العلم ‪.‬‬
‫وكذلك الحناف والشافعية ‪ ،‬وذهبت‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 521‬‬
‫الادوية والمام مالك إل أن القتل إن كان خطأ ورث من الال دون الدية ‪ ( ،‬هامش ) (‬
‫‪ " ) 1‬أي أن بعض الورثة إذا قتل الورث حرم من مياثه ‪ ،‬وورثه من ل يرتكب هذه‬
‫الرية ‪ ،‬فإن ل يكن له وارث إل القاتل حرم من الياث وقسمت تركته على أقرب‬
‫الناس منه بعد القاتل ‪ .‬مثل ‪ :‬الرجل يقتله ابنه وليس له وارث غي ابنه ‪ ،‬وللقاتل ابن ‪،‬‬
‫فإن مياث القتول يدفع إل ابن القاتل ويرمه القاتل " ‪ ( .‬من معال السنن للخطاب ) ( ‪.‬‬
‫) ‪ /‬صفحة ‪ / 522‬وقال الزهري وسعيد بن جبي وغيها ‪ :‬ل يرم القاتل من الياث ‪.‬‬
‫وكذلك تبطل الوصية إذا قتل له الوصى له الوصي ‪ .‬قال ف البدائع ‪ :‬القتل بغي حق‬
‫جناية عظيمة تستدعي الزجر بأبلغ الوجوه ‪ ،‬وحرمان الوصية يصلح زاجرا كحرمان‬
‫الياث فيثبت ‪ .‬وسواء أكان القتل عمدا أم خطأ لن القتل الطأ قتل وأنه جاز الؤاخذة‬
‫عليه عقل ‪ ،‬وسواء أوصى له بعد الناية أو قبلها ‪ ) 3 ( .‬الكفارة ف حالة ما إذا عفا ول‬
‫الدم أو رضي بالدية ‪ :‬أما إذا اقتص من القاتل فل تب عليه كفارة ‪ .‬روى المام أحد‬
‫عن وائلة بن الصقع ‪ .‬قال ‪ " :‬أتى النب صلى ال عليه وسلم نفر من بن سليم ‪ .‬فقالوا ‪:‬‬
‫" إن صاحبا لنا قد أوجب ‪ .‬قال ‪ :‬فليعتق رقبة يفد ال بكل عضو منها عضوا منه من النار‬
‫" ‪ .‬ورواه أيضا بسند آخر عنه قال ‪ " :‬أتينا رسول ال صلى ال عليه وسلم ف صاحب لنا‬
‫أوجب قال ‪ :‬أعتقوا عنه يعتق ال بكل عضو منه عضوا من النار " ‪ .‬وهذا رواه أبو داود‬
‫والنسائي ‪ .‬ولفظ أب داود قد أوجب " يعن النار " بالقتل ‪ .‬قال الشوكان ف نيل‬
‫الوطار ‪ " :‬ف حديث وائلة دليل على ثبوت الكفارة ف قتل العمد ‪ .‬وهذا إذا عفا عن‬
‫القاتل ‪ ،‬أو رضي الوارث بالدية ‪ .‬وأما إذا اقتص منه فل كفارة عليه ‪ ،‬بل القتل كفارته ‪،‬‬

‫‪383‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لديث عبادة الذكور ف الباب ولا أخرجه أبو نعيم ف " العرفة " أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ " :‬القتل كفارة " ‪ .‬وهو من حديث خزية بن ثابت ‪ .‬وف إسناده ابن ليعة ‪.‬‬
‫قال الافظ ‪ :‬لكنه من حديث ابن وهب عنه ‪ ،‬فيكون حسنا ‪ .‬ورواه الطبان ف الكبي‬
‫عن السن بن علي موقوفا عليه ‪ / .‬صفحة ‪ ) 4 ( / 523‬القود ( ‪ ) 1‬أو العفو ‪ :‬القود‬
‫أو العفو إما على الدية ‪ ،‬أو الصلح على غي الدية ‪ ،‬ولو بالزيادة عليها ‪ .‬كما أن لول‬
‫الناية العفو مانا ‪ .‬وهو أفضل ‪ " .‬وأن تعفوا أقرب للتقوى ‪ ،‬ول تنسوا الفضل بينكم " (‬
‫‪ . ) 2‬وإذا عفا ول الدم عن القاتل ‪ ،‬فإنه ل يبقى حق للحاكم بعد ف تعزيره ‪ .‬وقال‬
‫مالك والليث ‪ :‬يعزر بالسجن عاماو مائة جلدة ( ‪ . ) 3‬وأصل وجوب القود أو العفو‬
‫قول ال سبحانه ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ف القتلى ‪ ،‬الر بالر ‪،‬‬
‫والعبد بالعبد ‪ ،‬والنثى بالنثى ‪ ،‬فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالعروف وأداء إليه‬
‫بإحسان ‪ ،‬ذلك تفيف من ربكم ورحة ‪ ،‬فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم " ‪( .‬‬
‫‪ ) 4‬وروى البخاري ومسلم عن أب هريرة رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ " :‬من قتل له قتيل فهو يي النظرين ‪ :‬إما أن يفتدي ‪ ،‬وإما أن يقتل ( ‪ " ) 5‬فالمر‬
‫ف العفو أو القصاص إل أولياء الدم ‪ .‬وهم الورثة ‪ ،‬فإن شاءوا طلبوا القود ‪ ،‬وإن شاءوا‬
‫عفوا ‪ ،‬حت لو عفا أحد الورثة سقط القصاص ‪ ،‬لنه ل يتجزأ ‪ .‬روى ممد بن السن‬
‫صاحب أب حنيفة أن عمر بن الطاب رضي ال عنه أت برجل قد قتل عمدا ‪ ،‬فأمر بقتله‬
‫‪ ،‬فعفا عنه بعض الولياء ‪ ،‬فأمر ( هامش ) ( ‪ ) 1‬القود ‪ :‬سي قودا لن الان يقاد إل‬
‫أولياء القتول ‪ ،‬فيقتلونه به إن شاءوا ‪ .‬وقيل ‪ :‬معناه الماثلة ‪ ) 2 ( .‬سورة البقرة ‪ :‬الية‬
‫‪ ) 3 ( . 238‬قال الفقهاء ‪ :‬إن الان إذا كان معروفا بالشر ‪ ،‬أو ظهر للحاكم أن‬
‫الصلحة تقتضي عقابه فله أن يعزره با يراه مققا للمصلحة ‪ ،‬إما بالبس أو السجن أو‬
‫القتل ‪ ) 4 ( .‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ ) 5 ( . 178‬ف هذا الديث دليل على أن ول‬
‫القتول باليار ‪ ،‬إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية ‪ ،‬وإن ل يرض القاتل ‪ :‬وقيل ‪ :‬ليس له‬
‫إل القصاص ‪ ،‬ول يأخذ الدية إل برضا القاتل ‪ .‬والول أصح ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 524‬‬
‫بقتله ‪ ،‬فقال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ‪ :‬كانت النفس لم جيعا ‪ ،‬فلما عفا هذا‬
‫أحي النفس ‪ ،‬فل يستطيع أخذ حقه ‪ -‬يعن الذي ل يعف ‪ -‬حت يأخذ حق غيه ‪ .‬قال‬

‫‪384‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فما ترى ؟ قال ‪ :‬أرى أن تعل الدية ف ماله ‪ ،‬وترفع عنه حصة الذي عفا ‪ .‬قال عمر‬
‫رضي ال عنه ‪ :‬وأنا أرى ذلك ‪ .‬قال ممد ‪ :‬وأنا أرى ذلك ‪ .‬وهو قول أب حنيفة ‪ .‬وإن‬
‫كان ف الورثة صغي فإنه ينتظر بلوغه ‪ ،‬ليكون له اليار ‪ ،‬إذ أن القصاص حق لميع‬
‫الورثة ‪ .‬ول اختيار للصب قبل بلوغه ‪ .‬وإذا عفا الورثة جيعا أو أحدهم على الدية وجب‬
‫على القاتل دية مغلظة ‪ ،‬حالة ف حاله كما سيأت ذلك مفصل ف باب الديات ‪ .‬شروط‬
‫وجوب القصاص ول يب القصاص إل إذا توفرت الشروط التية ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 524‬‬
‫‪ - 1‬أن يكون القتول معصوم الدم ‪ .‬فلو كان حربيا ‪ ،‬أو زانيا مصنا ‪ ،‬أو مرتدا ‪ ،‬فإنه ل‬
‫ضمان على القاتل ‪ ،‬ل بقصاص ولبدية ‪ ،‬لن هؤلء جيعا مهدور و الدم ‪ .‬روى‬
‫البخاري ومسلم عن ابن مسعود أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يل دم‬
‫امرئ مسلم ‪ :‬يشهد أن لإله إل ال ‪ ،‬وأن رسول ال إل بإحدى ثلثة ‪ :‬الثيب الزان ‪،‬‬
‫والنفس بالنفس ‪ ،‬والتارك لدينه الفارق للجماعة " ‪ - 2 .‬أن يكون القاتل بالغا ‪- 3 .‬‬
‫أن يكون عاقل ‪ .‬فل قصاص على صغي ‪ ،‬ول منون ‪ ،‬ول معتوه ‪ ،‬لنم غي مكلفي ‪،‬‬
‫وليس لم قصد صحيح أو إرادة حرة ‪ .‬فإذا كان الجنون يفيق أحيانا ‪ ،‬فقتل وقت‬
‫إفاقته ‪ ،‬اقتص منه ‪ .‬وكذلك من زال عقله بسكر وهو متعد ف شربه ‪ / .‬صفحة ‪/ 525‬‬
‫فعن مالك أنه بلغه " أن مروان بن الكم كتب إل معاوية بن أب سفيان ‪ ،‬يذكر أنه أت‬
‫بسكران قد قتل رجل ‪ ،‬فكتب إليه معاوية ‪ :‬أن اقتله به " ‪ .‬فإن كان شرب شيئا ظنه غي‬
‫مسكر ‪ ،‬فزال عقله فقتل ف هذه الال ‪ ،‬فل قصاص عليه ‪ .‬وف الديث يقول الرسول‬
‫صلوات ال وسلمه عليه ‪ " .‬رفع القلم عن ثلث ‪ :‬عن الصب حت يتلم ‪ ،‬وعن الجنون‬
‫حت يفيق ‪ ،‬وعن النائم حت يستيقظ " ‪ .‬وقال مالك ‪ " :‬المر الجمع عليه عندنا ‪ :‬أن‬
‫لقود بي الصبيان ‪ ،‬وأن قتلهم خطأ ما ل تب الدود ‪ ،‬ويبلغوا اللم ‪ ،‬وان قتل الصب‬
‫ل يكون إل خطأ " ‪ - 4 .‬أن يكون القاتل متارا ‪ ،‬فإن الكراه يسلبه الرادة ‪ ،‬ول‬
‫مسئولية على من فقد إرادته ‪ ،‬فإذا أكره صاحب سلطان ( ‪ ) 1‬غيه على القتل ‪ ،‬فقتل‬
‫آدميا بغي حق ‪ ،‬فإنه يقتل المر دون الأمور ‪ .‬ويعاقب الأمور ‪ .‬وبذا أخذ أبو حنيفة ‪،‬‬

‫‪385‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وداود ‪ ،‬وهو أحد قول الشافعي ‪ .‬وقال الحناف ‪ :‬وإن أكره على إتلف مال مسلم‬
‫بأمر ياف منه على نفسه ‪ ،‬أو على عضو من أعضائه ‪ ،‬وسعه أن يفعل ذلك ‪ ،‬ولصاحب‬
‫الال أن يضمن الكره ‪ .‬وإن أكرهه بقتل على قتل غيه ‪ ،‬ل يسعه أن يقدم عليه ‪ ،‬ويصب‬
‫حت يقتل ‪ ،‬فإن قتله كان آثا ‪ .‬والقصاص على الكره إن كان القتل عمدا ‪ .‬وقال قوم ‪:‬‬
‫يقتل الأمور دون المر ‪ .‬وهو القول الخر للشافعي ‪ .‬وقال قوم ‪ :‬منهم مالك والنابلة ‪:‬‬
‫يقتلن جيعا ‪ ،‬إن ل يعف ول الدم ‪ ،‬فإن عفا ول الدم وجبت الدية ‪ ،‬لن القاتل قصد‬
‫استبقاء نفسه بقتل غيه ‪ ،‬والكره تسبب ف القتل با يفضي إليه غالبا ‪ .‬وإذا أمر مكلف‬
‫غي مكلف بأن يقتل غيه ‪ :‬مثل الصغي والجنون ‪ .‬فالقصاص على المر ‪ ،‬لن الباشر‬
‫للقتل آلة ف يده ‪ ،‬فل يب القصاص عليه ‪ ،‬وإنا يب على التسبب ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫عند النابلة ‪ :‬أن قول القادر ‪ :‬أقتل وإل قتلتك ‪ ،‬إكراه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 526‬وإذا‬
‫أمر الاكم بالقتل ظلما ‪ ،‬فإما أن يكون الأمور عالا بأنه ظلم ‪ ،‬أو ل يكون له علم به ‪.‬‬
‫فإن كان عالا بأنه ظلم ونفذ أمره ‪ ،‬وجب عليه القصاص ‪ ،‬إل أن يعفو الول ‪ ،‬فتجب‬
‫الدية عليه ‪ ،‬لنه مباشر للقتل مع علمه بأنه ظلم ‪ ،‬فل يعذر ول يقال إنه مأمور من‬
‫الاكم ‪ ،‬لن قاعدة السلم ‪ :‬أنه ل طاعة لخلوق ف معصية الالق ‪ ،‬كما قال رسول ال‬
‫صلوات ال وسلمه عليه ‪ .‬وإن ل يكن عالا بعدم استحقاقه القتل ‪ ،‬فقتله ‪ ،‬فالقصاص ‪-‬‬
‫إن ل يعف الول ‪ ،‬أو الدية ‪ -‬على المر بالقتل ‪ ،‬دون الباشر ‪ ،‬لنه معذور لوجوب‬
‫طاعة الاكم ف غي معصية ال ‪ .‬ومن دفع إل غي مكلف آلة قتل ‪ ،‬ول يأمره به ‪،‬‬
‫فقتل ‪ ،‬ل يلزم الدافع شئ ‪ - 5 .‬أل يكون القاتل أصل للمقتول ‪ ،‬فل يقتص من والد‬
‫بقتل ولده ‪ ،‬وولد ولده وإن سفل إذا قتله ‪ ،‬بأي وجه من أوجه العمد ‪ ،‬بلف ما إذا قتل‬
‫البن أحد أبويه فإنه يقتل اتفاقا ‪ ،‬لن الوالد سبب ف حياة ولده ‪ ،‬فل يكون ولده سببا ف‬
‫قتله وسلبه الياة ‪ ،‬بلف ما إذا قتل الولد أحد والديه فإنه يقتص منه لما ‪ .‬أخرج‬
‫الترمذي عن ابن عمر أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يقتل الوالد بالولد " ‪ .‬قال‬
‫ابن عبد الب ‪ " :‬هو حديث مشهور عند أهل العلم بالجاز والعراق ‪ ،‬مستفيض عندهم ‪،‬‬
‫وهو عمل أهل الدينة ‪ ،‬ومروي عن عمر " ‪ .‬وروى يي بن سعيد عن عمرو بن شعيب ‪:‬‬
‫أن رجل من بن مدل يقال له " قتادة " حدف ابنا له بالسيف فأصاب ساقه ‪ ،‬فنى‬

‫‪386‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫جرحه فمات ‪ .‬فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الطاب رضي ال عنه فذكر ذلك له‬
‫‪ .‬فقال له عمر ‪ " :‬اعدد على " ماء قديد " عشرين ومائة بعي حت أقدم عليك ‪ .‬فلما قدم‬
‫عليه عمر ‪ ،‬أخذ من تلك البل ثلثي حقة ‪ ،‬وثلثي جذعة ‪ ،‬وأربعي خلفة ‪ .‬ث قال ‪/ :‬‬
‫صفحة ‪ / 527‬أين أخو القتول ؟ فقال هأنذا ‪ .‬قال خذها ‪ ،‬فإن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال ‪ " :‬ليس لقاتل شئ " ‪ .‬وخالف ف ذلك المام مالك ‪ ،‬فرأى أنه يقاد‬
‫الولد بالوالد ‪ ،‬إذا أضجعه وذبه ‪ ،‬لن ذلك عمد حقيقة ‪ ،‬ل يتمل غيه ‪ ،‬فإن الظاهر ف‬
‫استعمال الارح ف القتل هو العمد ‪ .‬والعمدية أمر خفي ‪ ،‬ل يكم بإثباتا إل با يظهر‬
‫من قرائن الحوال ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 527‬‬
‫وأما إذا كان على غي هذه الصفة ‪ ،‬فيما يتمل عدم إزهاق الروح ‪ ،‬بل قصد التأديب من‬
‫الب ‪ .‬وإن كان ف حق غيه ‪ ،‬يكم فيه بالعمد ‪ .‬وإنا فرق بي الب وغيه ‪ ،‬لا للب‬
‫من الشفقة على ولده ‪ ،‬وعليه قصد التأديب عند فعله ما يغضب الب ‪ ،‬فيحمل على عدم‬
‫قصد القتل ‪ ،‬لقوة الحبة الت بي الب والبن ‪ - 6 .‬أن يكون القتول مكافئا للقاتل حال‬
‫جنايته ‪ ،‬بأن يساويه ف الدين ‪ ،‬والرية ‪ ،‬فل قصاص على مسلم قتل كافرا ‪ .‬أو حر قتل‬
‫عبدا ‪ ،‬لنه ل تكافؤ بي القاتل والقتول ‪ ،‬بلف ما إذا قتل الكافر السلم ‪ ،‬أو قتل العبد‬
‫الر ‪ ،‬فإنه يقتص منهما ‪ .‬والسلم وإن كان قد ألغى الفوارق بي السلمي ف هذا الباب‬
‫‪ ،‬فلم يفرق بي شريف ووضيع ‪ ،‬ولبي جيل ودميم ‪ ،‬ولبي غن وفقي ‪ ،‬ول بي طويل‬
‫وقصي ‪ ،‬ولبي قوي وضعيف ‪ ،‬ولبي سليم ومريض ‪ ،‬ولبي كامل السم وناقصه ‪،‬‬
‫ولبي صغي وكبي ول بي ذكر وأنثى ( ‪ ) 1‬إل أنه اعتب الفارق بي السلم والكافر ‪،‬‬
‫والر والعبد ‪ ،‬فلم يعلهما متكافئي ف الدم ‪ .‬فلو قتل مسلم كافر أو قتل حر عبدا فل‬
‫قصاص على واحد منهما ‪ .‬وأصل ذلك حديث علي كرم ال وجهه ‪ ،‬أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ذهب أكثر الفقهاء إل أن الرجل إذا قتل امرأة فإنه‬
‫قتل با ‪ .‬وحكى ابن النذر الجاع على ذلك ‪ ،‬وحكى أبو الوليد الباجي والطاب عن‬
‫السن البصري ‪ :‬أنه ل يقتل الرجل بالنثى ‪ ،‬وهو قول شاذ مردود ‪ .‬ففي كتاب عمرو‬

‫‪387‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بن حزم الذي تلقاه الناس بالقبول ‪ :‬ان الذكر يقتل بالنثى ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪" / 528‬‬
‫أل ل يقتل مؤمن بكافر " ‪ .‬أخرجه أحد وأبو داود والنسائي والاكم ‪ .‬وصححه ‪.‬‬
‫وروى البخاري عن علي كرم ال وجهه أيضا أن أبا جحيفة قال له ‪ " :‬هل عندكم شئ‬
‫من الوحي ما ليس ف القرآن ‪ .‬قال ‪ :‬ل والذي فلق البة وبرأ النسمة ‪ ،‬إل فهما يعطيه ال‬
‫رجل ف القرآن ‪ ،‬وما ف هذه الصحيفة ‪ .‬قلت ‪ :‬وما ف هذه الصحيفة ؟ قال ‪ :‬الؤمنون‬
‫تتكافأ دماؤهم ( ‪ ، ) 1‬وفكاك السي ‪ ،‬وأل يقتل مسلم بكافر ‪ .‬وهذا ممع عليه بالنسبة‬
‫للكافر الرب ‪ :‬فإن السلم إذا قتله ‪ ،‬فإنه ل يقتل به إجاعا ‪ .‬وأما بالنسبة للذمي‬
‫والعاهد ‪ ،‬فقد اختلفت فيهما أنظار الفقهاء ‪ .‬فذهب المهور منهم إل أن السلم ل يقتل‬
‫بما لصحة الحاديث ف ذلك ‪ ،‬ول يأت ما يالفها ‪ .‬وقالت الحناف وابن أب ليلى ‪ :‬ل‬
‫يقتل السلم إذا قتل الكافر الرب ‪ ،‬كما قال المهور ‪ .‬وخالفوهم ف الذمي ‪ ،‬والعاهد ‪.‬‬
‫فقالوا ‪ " :‬إن السلم إذا قتل الذمي أو العاهد بغي حق ‪ ،‬فإنه يقتل بما ‪ ،‬لن ال تعال‬
‫يقول ‪ " :‬وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس " ‪ .‬وأخرج البيهقي من حديث عبد الرحن‬
‫البيلمان ( ‪ ) 2‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬قتل مسلما بعاهد ‪ .‬وقال ‪ " :‬أنا‬
‫أكرم من وف بذمته " ‪ .‬وقالوا أيضا ‪ :‬ان السلمي أجعوا على أن يد السلم تقطع إذا‬
‫سرق من مال الذمي ‪ .‬فإذا كانت حرمة ماله كحرمة مال السلم ‪ ،‬فحرمة دمه كحرمة‬
‫دمه ‪ .‬رفع إل أب يوسف القاضي ‪ :‬مسلم قتل ذميا كافرا ‪ ،‬فحكم عليه بالقود ‪ ،‬فأتاه‬
‫رجل برقعة فألفاها إليه ‪ .‬فإذا فيها ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬تتكافأ ‪ :‬تتساوى ف الدية‬
‫والقصاص ‪ ) 2 ( .‬ابن البيلمان ضعيف ل تقوم به الجة ‪ ،‬وحديثه هذا مرسل ‪ .‬قال أبو‬
‫عبد القاسم بن سلم ‪ :‬هذا الديث ليس بسند ‪ ،‬ول يعل مثله إماما تسفك به الدماء ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 529‬يا قاتل السلم بالكافر ‪ -‬جرت ‪ ،‬وما العادل كالائر يا من‬
‫ببغداد وأطرافها ‪ -‬من علماء الناس أو شاعر استرجعوا وابكوا على دينكم ‪ -‬واصطبوا ‪،‬‬
‫فالجر للصابر جار على الدين أبو يوسف ‪ -‬بقتله الؤمن بالكافر فدخل أبو يوسف على‬
‫الرشيد وأخبه الب ‪ ،‬وأقرأه الرقعة ‪ .‬فقال الرشيد ‪ " :‬تدارك هذا المر لئل تكون فتنة "‬
‫‪ .‬فخرج أبو يوسف ‪ ،‬وطالب أصحاب الدم ببينة على صحة الذمة وثبوتا ‪ ،‬فلم يأتوا‬
‫با ‪ ،‬فأسقط القود ‪ .‬وقال مالك والليث ‪ " :‬ل يقتل السلم بالذمي ‪ ،‬إل أن يقتله غيلة ‪.‬‬

‫‪388‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وقتل الغيلة أن يضجعه فيذبه ‪ ،‬وباصة على ماله " ‪ .‬هذا بالنسبة للكافر ‪ ،‬وأما العبد ‪،‬‬
‫فإن الر ل يقتل به إذا قتله ‪ ،‬بلف ما إذا قتل العبد الر ‪ ،‬فإنه يقتل به ‪ .‬لا رواه‬
‫الدارقطن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪ " :‬أن رجل قتل عبده صبا (‬
‫‪ ) 1‬متعمدا ‪ ،‬فجلده النب صلى ال عليه وسلم مائة جلدة ‪ ،‬ونفاه سنة ‪ ،‬وماسهمه من‬
‫السلمي ‪ ،‬ول يقد به ‪ ،‬وأمره أن يعتق رقبة " ‪ .‬ولن ال تعال يقول ‪ " :‬الر بالر " ‪.‬‬
‫وهذا التعبي يفيد الصر ‪ ،‬فيكون معناه ‪ :‬أنه ل يقتل الر بغي الر ‪ .‬وإذا كان ل يقتل به‬
‫فإنه يلزمه قيمته ‪ ،‬بالغة ما بلغت ‪ ،‬وإن جاوزت دية الر ‪ .‬هذا إذا قتل عبد غيه ‪ .‬أما إذا‬
‫كان السيد هو الذي قتل عبده فعقوبته ما ذكر ف الديث ‪ .‬وإل هذا ذهب جهور‬
‫الفقهاء ‪ ،‬منهم مالك والشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬والادوية ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 529‬‬
‫" يقتل الر إذا قتل العبد ‪ ،‬إل إذا كان سيده " ‪ .‬وذلك أن الية الكرية تقول ‪:‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬صبا ‪ :‬أي حبسا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ " / 530‬وكتبنا عليهم فيها أن‬
‫النفس بالنفس " ‪ .‬وهذا عام ف كل الالت ‪ ،‬إل إذا خصص ‪ ،‬وقد خصصته السنة‬
‫بديث البيهقي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يقاد ملوك من مالكه ‪ .‬ول‬
‫ولد من والده " ‪ .‬ولو صح هذا لكان قويا ‪ ،‬إل أن الديث من رواية عمر بن عيسى ‪،‬‬
‫وقد ذكر البخاري أنه منكر الديث ‪ .‬وقال النخعي ‪ :‬يقتل الر بالعبد مطلقا ‪ ،‬أخذا‬
‫بعموم قوله تعال ‪ " :‬أن النفس بالنفس " ‪ - 7 .‬أل يشارك القاتل غيه ف القتل ‪ ،‬من ل‬
‫يب عليه القصاص ‪ ،‬فإن شاركه غيه من ل يب عليه القصاص كأن اشترك ف القتل ‪،‬‬
‫عامد ومطئ ‪ ،‬أو مكلف وسبع ‪ ،‬أو مكلف وغي مكلف ‪ :‬مثل الصب والجنون ‪ ،‬فإنه‬
‫لقصاص على واحد منهما ‪ ،‬وعليهما الدية ‪ ،‬لوجود الشبهة الت تندرئ با الدود ‪ ،‬فإن‬
‫القتل ل يتجزأ ‪ ،‬ويكن أن يكون حدوثه من فعل الذي ل قصاص عليه ‪ -‬كما يكن أن‬
‫يكون من يب عليه القصاص ‪ -‬وهذه الشبهة تسقط القود ‪ .‬وإذا سقط وجب بدله ‪،‬‬
‫وهو الدية ‪ .‬وخالف ف ذلك مالك والشافعي رضي ال عنهما ‪ .‬فقال ‪ :‬على الكلف‬
‫القصاص ‪ ،‬وعلى غي الكلف نصف الدية ‪ .‬ومالك يعلها على العاقلة ‪ ،‬والشافعية‬

‫‪389‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعلونا ف ماله ‪ .‬قتل الغيلة ‪ :‬وقتل الغيلة عند مالك أن يدع النسان غيه ‪ ،‬فيدخل بيته‬
‫ونوه ‪ ،‬فيقتل أو يأخذ الال ‪ .‬قال مالك ‪ " :‬المر عندنا أن يقتل به ‪ ،‬وليس لول الدم أن‬
‫يعفو عنه ‪ ،‬وذلك إل السلطان " ‪ .‬وقال غيه من الفقهاء ‪ :‬لفرق بي قتل الغيلة وغيه ‪،‬‬
‫فهما سواء ف القصاص والعفو ‪ ،‬وأمرها راجع إل ول الدم ‪ .‬وإذا قتلته جاعة كان لول‬
‫الدم أن يقتل منهم من شاء ‪ ،‬ويطالب بالدية ‪ /‬صفحة ‪ / 531‬من شاء وهو مروي عن‬
‫ابن عباس ‪ ،‬وبه يقول سعيد بن السيب ‪ ،‬والشعب ‪ ،‬وابن سيين ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬وقتادة ‪ .‬وهو‬
‫مذهب الشافعي وأحد وإسحاق ‪ " .‬فقد قتلت امرأة هي وخليلها ابن زوجها فكتب يعلى‬
‫بن أمية إل عمر ابن الطاب ‪ -‬وكان يعلى عامل له ‪ -‬يسأله رأيه ف هذه القضية ؟‬
‫فتوقف رضي ال عنه ف القضية ‪ ،‬وكان أن قال علي بن أب طالب رضي ال عنه ‪ " :‬يا‬
‫أمي الؤمني ‪ :‬أرأيت لو أن نفرا اشتركوا ف سرقة جزور ‪ ،‬فأخذ هذا عضوا ‪ ،‬وهذا‬
‫عضوا ‪ ،‬أكنت قاطعهم ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬وذلك " ‪ .‬وكان أن كتب أمي الؤمني إل‬
‫يعلى بن أمية عامله ‪ " :‬أن اقتلهما ‪ ،‬فلو اشترك فيه أهل ضنعاء كلهم لقتلتهم " ‪ .‬وذهب‬
‫الشافعي إل أن لول القتول أن يقتل الميع به ‪ ،‬وأن يقتل أيهم أراد ‪ ،‬ويأخذ من‬
‫الخرين حصتهم من الدية ‪ .‬فإن كانوا اثني وأقاد من واحد ‪ ،‬فله أخذ نصف الدية من‬
‫الثان ‪ .‬وإن كانوا ثلثة ‪ ،‬فأقاد من اثني ‪ ،‬فله من الخر ثلث الدية " ‪ .‬الماعة تقتل‬
‫بالواحد ‪ :‬إذا اجتمع جاعة على قتل واحد فإنم يقتلون به جيعا ‪ ،‬سواء أكانت الماعة‬
‫كثية أم قليلة ‪ ،‬ولو ل يباشر القتل كل واحد منهم ‪ ،‬لا رواه مالك ف الوطأ ‪ :‬أن عمر‬
‫بن الطاب ‪ ،‬قتل نفر ( ‪ ) 1‬برجل واحد ‪ ،‬قتلوه قتل غيلة ( ‪ . ) 2‬وقال ‪ " :‬لو تال ( ‪3‬‬
‫) عليه أهل صنعاء لقتلتهم جيعا " ‪ .‬واشترطت الشافعية والنابلة أن يكون فعل كل‬
‫واحد من الشتركي ف القتل بيث لو انفرد كان قاتل ‪ ،‬فإن ل يصلح فعل كل واحد‬
‫للقتل فل قصاص ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬نفرا ‪ :‬قيل عددهم خسة ‪ ،‬وقيل سبعة ‪ ) 2 ( .‬قتل‬
‫الغيلة ‪ :‬هو أن يدعه حت يرجه إل موضع يفى فيه ث يقتله ‪ ) 3 ( .‬تالؤوا ‪ :‬اجتمعوا‬
‫وتعاونوا ‪ ،‬وتطلق الماعة على اثني فأكثر ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 532‬وقال مالك ‪" :‬‬
‫المر عندنا ‪ :‬أنه يقتل ف العمد الرجال الحرار بالرجل الر الواحد ‪ ،‬والنساء بالرأة‬
‫كذلك ‪ ،‬والعبيد بالعبد كذلك أيضا ‪ " .‬وف السوى قال ‪ :‬والعمل على هذا عند أكثر‬

‫‪390‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أهل العلم ‪ .‬قالوا ‪ :‬إذا اجتمع جاعة على قتل واحد ‪ ،‬يقتلون به قصاصا ‪ .‬وقد رأى‬
‫هؤلء الفقهاء أن ذلك هو الصلحة ‪ ،‬لن القصاص شرع لياة النفس ‪ ،‬فلو ل تقتل‬
‫الماعة بالواحد ‪ ،‬لكان كل من أراد أن يقتل غيه استعان بشركاء له حت ل يقاد منه ‪.‬‬
‫وبذلك تبطل الكمة من شرعية القصاص ‪ .‬وذهب ابن الزبي ‪ ،‬والزهري ‪ ،‬وداود ‪ ،‬وأهل‬
‫الظاهر إل أن الماعة ل تقتل بالواحد ‪ ،‬لن ال تعال يقول ‪ " :‬أن النفس بالنفس " ‪ .‬إذا‬
‫أمسك رجل رجل وقتله آخر ‪ :‬وإذا أمسك رجل رجل فقتله رجل آخر ‪ ،‬وكان القاتل‬
‫ل يكنه قتله إل بالمساك ‪ ،‬وكان القتول ل يقدر على الرب بعد المساك ‪ :‬فإنما‬
‫يقتلن ‪ ،‬لنما شريكان ‪ .‬وهذا مذهب الليث ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والنخعي ‪ .‬وخالف ف ذلك‬
‫الشافعية والحناف ‪ .‬فقالوا ‪ :‬يقتل القاتل ‪ ،‬ويبس المسك حت يوت جزاء إمساكه‬
‫للمقتول ‪ .‬لا رواه الدارقطن عن ابن عمر أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا أمسك‬
‫الرجل الرجل وقتله الخر ‪ ،‬يقتل الذي قتل ‪ ،‬ويبس الذي أمسك " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 532‬‬
‫وصححه ابن القطان ‪ .‬وقال الافظ بن حجر ‪ :‬ورجاله ثقات ‪ .‬وأخرج الشافعي عن علي‬
‫أنه قضى ف رجل قتل رجل متعمدا وأمسكه آخر ‪ .‬قال ‪ " :‬يقتل القاتل ‪ ،‬ويبس الخر‬
‫ف السجن حت يوت " ‪ .‬تبوت القصاص ‪ :‬يثبت القصاص با يأت ‪ ( :‬أول ) بالقرار ‪،‬‬
‫لن القرار كما يقولون ‪ " :‬سيد الدلة " ‪ / .‬صفحة ‪ / 533‬وعن وائل بن حجر ‪ .‬قال‬
‫‪ " :‬إن لقاعد مع النب صلى ال عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة ‪ ،‬فقال يا‬
‫رسول ال ‪ :‬هذا قتل أخي ‪ .‬فقال ‪ :‬إنه لو ل يعترف أقمت عليه البينة ؟ فقال الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أقتلته ؟ فقال ‪ :‬نعم قتلته ‪ .‬إل آخر الديث ‪ .‬رواه مسلم والنسائي‬
‫‪ ( .‬ثانيا ) يثبت بشهادة رجلي عدلي ‪ .‬فعن رافع بن خديج قال ‪ " :‬أصبح رجل من‬
‫النصار بيب مقتول ‪ .‬فانطلق أولياؤه النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فذكروا ذلك له ‪ .‬فقال‬
‫‪ :‬لكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم ؟ إل آخر الديث ‪ .‬رواه أبو داود ‪ .‬قال ابن‬
‫قدامة ف الغن ‪ " :‬ول يقبل فيه شهادة رجل وامرأتي ‪ ،‬ول شاهد ويي الطالب ‪ ،‬ل نعلم‬
‫ف هذا ‪ -‬بي أهل العلم ‪ -‬خلفا ‪ .‬وذلك ‪ ،‬لن القصاص إراقة دم عقوبة على جناية ‪،‬‬

‫‪391‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فيحتاط له باشتراط الشاهدين العدلي ‪ ،‬كالدود ‪ ،‬وسواء كان القصاص يب على‬
‫مسلم ‪ ،‬أو كافر ‪ ،‬أوحر ‪ ،‬أو عبد لن العقوبة يتاط لدرئها ‪ .‬استيفاء القصاص ( ‪: ) 1‬‬
‫يشترط لستيفاء القصاص ثلثة شروط ‪ - 1 :‬أن يكون الستحق له عاقل ‪ ،‬بالغا ‪ .‬فإن‬
‫كان مستحقه صبيا أو منونا ل ينب عنهما أحد ف استيفائه ‪ :‬ل أب ‪ ،‬ول وصي ‪ ،‬ول‬
‫حاكم ‪ ،‬وإنا يبس الان حت يبلغ الصغي ويفيق الجنون ‪ ،‬فقد حبس معاوية هدبة بن‬
‫خشرم ف قصاص حت بلغ ابن القتيل ‪ ،‬وكان ذلك ف عصر الصحابة ‪ ،‬ول ينكر عليه‬
‫أحد ‪ - 2 .‬أن يتفق أولياء الدم جيعا على استيفائه ‪ ،‬وليس لبعضهم أن ينفرد به ‪ ،‬فإن‬
‫كان بعضهم غائبا ‪ ،‬أو صغيا ‪ ،‬أو منونا ‪ ،‬وجب انتظار الغائب حت ( هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫أي توقيع العقوبة على الان ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 534‬يرجع ‪ ،‬والصغي حت يبلغ ‪،‬‬
‫والجنون حت يفيق ‪ ،‬قبل أن يتار ‪ ،‬لن من كان له اليار ف أمر ل يز الفتيات عليه‬
‫لن ف ذلك إبطال خياره ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬للكبار استيفاء حقوقهم ف القود ‪ ،‬ول‬
‫ينتظر لم بلوغ الصغار ‪ .‬فإن عفا أحد الولياء سقط القصاص لنه ل يتجزأ ‪ - 3 .‬أن ل‬
‫يتعدى الان إل غيه ‪ ،‬فإذا كان القصاص قد وجب على امرأة حامل ‪ ،‬ل تقتل حت‬
‫تضع حلها وتسقيه اللبأ ‪ .‬لن قتلها يتعدى إل الني ‪ ،‬وقتلها قبل سقيه اللبأ يضربه ‪ ،‬ث‬
‫بعد سقيه اللبأ إن وجد من يرضعه أعطي له الولد ‪ ،‬واقتص منها ‪ ،‬لن غيها يقوم على‬
‫حضانته ‪ ،‬وإن ل يوجد من يرضعه ويقوم على حضانته ‪ ،‬تركت حت تفطمه مدة حولي‬
‫‪ .‬روى ابن ماجه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬إذا قتلت الرأة عمدا ل‬
‫تقتل حت تضع ما ف بطنها إن كانت حامل ‪ ،‬وحت تكفل ولدها ‪ .‬وإذا زنت ل ترجم‬
‫حت تضع ما ف بطنها إن كانت حامل ‪ ،‬وحت تكفل ولدها ‪ " .‬وكذلك ليقتص من‬
‫الامل ف الناية على العضاء حت تضع ‪ ،‬وإن ل تسقه اللبأ ( ‪ . ) 1‬مت يكون القصاص‬
‫؟ يكون القصاص مت حضر أولياء الدم ‪ ،‬وكانوا بالغي ‪ ،‬وطالبوا به ‪ ،‬فإنه ينفذ فورا مت‬
‫ثبت بأي وجه من وجوه الثبات ‪ ،‬إل أن يكون القاتل امرأة حامل ‪ ،‬فإنا تؤخر حت‬
‫تضع حلها ‪ ،‬كما سبق ‪ .‬ب يكون القصاص ‪ :‬الصل ف القصاص أن يقتل القاتل‬
‫بالطريقة الت قتل با ‪ ،‬لن ذلك مقتضى الماثلة والساواة ‪ ،‬إل أن يطول تعذيبه بذلك ‪،‬‬
‫فيكون السيف له أروح ‪ ،‬ولن ال تعال يقول ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬والد مثل القصاص ‪،‬‬

‫‪392‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إذا كان حدها الرجم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ " / 535‬فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بثل‬
‫ما اعتدى عليكم " ( ‪ . ) 1‬ويقول ‪ " :‬وإن عاقبتم فعاقبوا بثل ما عوقبتم به " ( ‪. ) 2‬‬
‫وأخرج البيهقي من حديث الباء أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من غرض‬
‫غرضنا له ( ‪ ، ) 3‬ومن حرق حرقناه ‪ ،‬ومن غرق غرقناه " ‪ .‬وقد رضخ الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم اليهودي بجر كما رضخ هو رأس الرأة بجر ‪ .‬وقد قيد العلماء هذا با إذا‬
‫كان السبب الذي قتل به يوز فعله ‪ ،‬فإذا كان ل يوز فعله ‪ -‬كمن قتل بالسحر ‪ -‬فإنه‬
‫ل يقتل به ‪ ،‬لنه مرم ‪ .‬قال بعض الشافعية ‪ :‬إذا قتل بإبار المر ‪ ،‬فإنه يؤجر بالل ‪.‬‬
‫وقيل يسقط اعتبار الماثلة ‪ .‬ورأى الحناف والادوية ‪ :‬أن القصاص ل يكون إل بالسيف‬
‫‪ .‬لا أخرجه البزار وابن عدي عن أب بكرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬
‫لقود إل بالسيف " ‪ .‬ولن رسول ال صلى ال عليه وسلم نى عن الثلة وقال ‪ " :‬إذا‬
‫قتلتم فأحسنوا القتلة ‪ ،‬وإذا ذبتم فأحسنوا الذبة " ‪ .‬وأجيب على حديث أب بكرة بأن‬
‫طرقه كلها ضعيفة ‪ .‬وأما النهي عن الثلة فهو مصص بقوله تعال ‪ " :‬وإن عاقبتم ‪ ،‬فعاقبوا‬
‫بثل ما عوقبتم به " ‪ .‬وقوله ‪ " :‬فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 535‬‬
‫هل يقتل القاتل ف الرام ؟ ‪ :‬اتفق العلماء على أن من قتل ف الرم فإنه قتله فيه ‪ .‬فإذا‬
‫كان قد ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 194‬سورة النحل ‪ :‬الية ‪126‬‬
‫‪ ) 3 ( .‬أي اتذ القتول عرضا للسهام ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 536‬قتل خارجه ث لأ‬
‫إليه ‪ ،‬أو وجب عليه القتل بسبب من السباب ‪ ،‬كالردة ‪ ،‬ث لأ إل الرم ‪ . .‬فقال مالك‬
‫‪ " :‬يقتل فيه " ‪ .‬وقال أحد وأبو حنيفة ‪ :‬ل يقتل ف الرم ‪ ،‬ولكن يضيق عليه ‪ ،‬فل يباع‬
‫له ول يشترى منه ‪ ،‬حت يرج منه ‪ ،‬فيقتل خارجه ‪ .‬سقوط القصاص ‪ :‬ويسقط القصاص‬
‫بعد وجوبه بأحد السباب التية ‪ - 1 :‬عفو جيع الولياء أو أحدهم ‪ ،‬بشرط أن يكون‬
‫العاف عاقل ميزا ‪ ،‬لنه من التصرفات الحضة الت ل يلكها الصب ول الجنون ( ‪. ) 1‬‬
‫‪ - 2‬موت الان أو فوات الطرف الذي جن به ‪ ،‬فإذا مات من عليه القصاص ‪ ،‬أو فقد‬
‫العضو الذي جن به سقط القصاص ‪ ،‬لتعذر استيفائه ‪ .‬وإذا سقط القصاص وجبت الدية‬

‫‪393‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ف تركته للولياء عند النابلة وف قول للشافعي ‪ .‬وقال مالك والحناف ‪ :‬ل تب‬
‫الدية ‪ ،‬لن حقوقهم كانت ف الرقبة ‪ ،‬وقد فاتت ‪ ،‬فلسبيل لم على ورثته فيما صار من‬
‫ملكه إليهم ‪ .‬وحجة الولي ‪ :‬أن حقوقهم معلقة ف الرقبة ‪ ،‬أو ف الذمة ‪ ،‬وهم ميون‬
‫بينهما ‪ ،‬فمت فات أحدها وجب الخر ‪ - 3 .‬إذا ت الصلح بي الان والجن عليه أو‬
‫أوليائه ‪ .‬القصاص من حق الاكم ‪ :‬إن الطالبة بالقصاص حق لول الدم كما تقدم ‪،‬‬
‫وتكي ول الدم من الستيفاء حق للحاكم ‪ .‬قال القرطب ‪ :‬ل خلف أن القصاص ف‬
‫القتل ل يقيمه إل أولو المر ‪ ،‬فرض عليهم النهوض بالقصاص ‪ ،‬وإقامة الدود ‪ ،‬وغي‬
‫ذلك ‪ ،‬لن ال سبحانه طالب جيع الؤمني بالقصاص ‪ ،‬ث ل يتهيأ للمؤمني جيعا أن‬
‫يتمعوا على ( هامش ) ( ‪ ) 1‬إذا عفا الولياء فليس للحاكم أن يتدخل بالنع عن العفو ‪.‬‬
‫كما أنه ليس له أن يستقل به إذا طلبوا القصاص ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 537‬القصاص ‪،‬‬
‫فأقاموا السلطان مقام أنفسهم ف إقامة القصاص وغيه من الدود ‪ .‬وعلة ذلك ما ذكره‬
‫الصاوي ‪ -‬ف حاشيته على الللي ‪ -‬قال ‪ " :‬فحيث ثبت القتل عمدا عدوانا ‪ ،‬وجب‬
‫على الاكم الشرعي أن يكن ول القتول من القاتل ‪ ،‬فيفعل فيه الاكم ما يتاره الول‬
‫من ‪ :‬القتل ‪ ،‬أو العفو ‪ ،‬أو الدية ‪ ،‬ول يوز للول التسلط على القاتل من غي إذن الاكم‬
‫( ‪ ، ) 1‬لن فيه فسادا وتريبا " ‪ .‬فإذا قتله قبل إذن الاكم عزر ‪ .‬وعلى الاكم أن يتفقد‬
‫آلة القتل الت يقتص با مافة الزيادة ف التعذيب وأن يوكل التنفيذ إل من يسنه ‪ .‬وأجرة‬
‫التنفيذ على بيت الال ‪ .‬الفتيات على ول الدم ‪ :‬قال ابن قدامة ‪ " :‬وإذا قتل القاتل غي‬
‫ول الدم فعلى قاتله القصاص ‪ ،‬ولورثته الول الدية " ‪ .‬وبذا قال الشافعي رضي ال عنه‬
‫‪ .‬وقال السن ‪ ،‬ومالك ‪ :‬يقتل قاتله ‪ ،‬ويبطل دم الول ‪ ،‬لنه فات مله ‪ .‬وروى عن‬
‫قتادة ‪ ،‬وأب هاشم أنه لقود على الثان ‪ ،‬لنه مباح الدم ‪ ،‬فل يب قصاص بقتله ‪.‬‬
‫وحجة المهور ف وجوب القصاص على القاتل ‪ ،‬أنه مل ل يتحتم قتله ‪ ،‬ول يبح قتله‬
‫لغي ول الدم ‪ ،‬فوجب بقتله القصاص ‪ .‬القصاص بي البقاء واللغاء ‪ :‬لقد ثار الدل‬
‫فعل حول عقوبة العدام ‪ ،‬وتعرضت لا أقلم الكتاب ‪ ،‬من الفلسفة ‪ ،‬ورجال القانون ‪.‬‬
‫أمثال ‪ " :‬روسو ‪ ،‬وبنتام ‪ ،‬وبكاريا " وغيهم ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬فإذال يكن للقتيل‬
‫وارث فالمر فيه إل الاكم يفعل ما فيه مصلحة السلمي ‪ ،‬فإن شاء اقتص ‪ ،‬وإن شاء‬

‫‪394‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عفا على مال ‪ ،‬وليس له أن يعفو على غي مال ‪ ،‬لن ذلك ليس له ‪ ،‬وإنا هو ملك‬
‫للمسلمي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 538‬ومنهم من أيدها ‪ ،‬ومنهم من عارضها ونادى‬
‫بإلغائها ‪ .‬واستند القائلون بإلغائها إل الجج التية ‪ ( :‬أول ) أن العقاب حق تلكه‬
‫الدولة باسم الجتمع الذي تذود عنه ‪ ،‬وتقتضيه ضرورة الحافظة عليه وحايته ‪ .‬والجتمع‬
‫ل يهب الفرد الياة حت يكنه أن يكم بصادرتا ‪ ( .‬ثانيا ) ولن الظروف وسوء الظ‬
‫قد ييطان ببئ ‪ ،‬فيقضى خطأ بإعدامه ‪ ،‬وعند ذلك ل يكن إصلح هذا الطأ ‪ ،‬إذ‬
‫لسبيل إل ارجاع حياة الحكوم عليه إليه ‪ ( .‬ثالثا ) ولن هذه العقوبة قاسية وغي عادلة‬
‫‪ ( .‬رابعا ) ولنا أخيا غي لزمة ‪ ،‬فلم يقم دليل على أن بقاءها يقلل من الرائم الت‬
‫تستوجب الكم با ‪ ،‬ورد القائلون ببقاء عقوبة العدام على هذه الجج ‪ :‬فقالوا عن‬
‫الجة الول ‪ " :‬وهي أن الجتمع ل يهب الفرد الياة حت يصادر حياته " بأن الجتمع‬
‫أيضا ل يهب الناس الرية ‪ ،‬ومع ذلك فإنه يكم بصادرتا ف العقوبات الخرى القيدة‬
‫للحرية ‪ .‬والخذ بالجة على إطلقها يستتبع حتما القول بعدم مشروعية كل عقوبة‬
‫مقيدة للحرية ‪ .‬على أن المر ليس وقفا على التكفي عن خطأ الان ‪ ،‬ولكنه أيضا‬
‫للدفاع عن حق الجتمع ف البقاء ‪ ،‬ببتر كل عضو يهدد كيانه ونظمه ‪ ،‬المر الذي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 538‬‬
‫يتحتم معه القول بأن عقوبة العدام ضرورة تقتضيها عصمة النفس ‪ ،‬والحافظة على‬
‫كيان الجتمع ‪ .‬وقالوا عن الجة الثانية ‪ ،‬وهي ‪ " :‬أن العقوبة تدث ضررا جسيما ل‬
‫سبيل لصلحه ول إيقافه ‪ -‬إذا حكم القضاء با ظلما ‪ " -‬بأن احتمال الطأ موجود ف‬
‫العقوبات الخرى ‪ ،‬ول سبيل إل تدارك ما ت تنفيذه خطأ ‪ .‬على أن حالت العدام‬
‫خطأ تكاد تكون منعدمة ‪ ،‬إذ أن القضاة يتحرجون عادة من الكم بتلك العقوبة ‪ ،‬ما ل‬
‫تكن أدلة التام صارخة ‪ .‬وردوا على القول ب‍ " أنا غي عادلة " بأن الزاء من جنس‬
‫العمل ‪ .‬وأما القول بأنا غي لزمة ‪ ،‬فمردود عليه بأن وظيفة العقوبة ‪ -‬ف الرأي ‪/‬‬
‫صفحة ‪ / 539‬الراجح ف علم العقاب ‪ -‬وظيفة نفعية ‪ :‬أي من مقتضاها حاية الجتمع‬
‫من شرور الرية ‪ .‬وهذا يقتضي أن تكون العقوبة متناسبة مع درجة جسامة الرية ‪،‬‬

‫‪395‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ذلك أن الرية تقق هوى ف نفس الجرم ‪ ،‬يقابله خوفه من العقاب ‪ ،‬وكلما كان‬
‫العقاب متناسبا مع الرية أحجم الان عن القدام عليها ‪ ،‬لنه سيوازن بي المرين " بي‬
‫الرية الت سيقدم على ارتكابا ‪ ،‬وبي العقوبة القررة لا ‪ ،‬فيدفعه الوف من العقاب إل‬
‫الحجام عن الرية مت كانت العقوبة رادعة ‪ .‬وف ظل هذين الرأيي أقرت غالبية‬
‫القواني عقوبة العدام ‪ ،‬ومنها قانون العقوبات الصري ‪ ،‬ف حالت معينة ‪ ،‬واستجابت‬
‫بعض الدول لراء من ثاروا عليها فألغتها من قوانينها ‪ .‬القصاص فيما دون النفس وكما‬
‫يثبت القصاص ف النفس ‪ ،‬فإنه يثبت كذلك فيما دونا ‪ .‬وهو نوعان ‪ - 1 :‬الطراف ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الروح ‪ .‬وقد أخب القرآن الكري عن نظام التوراة ف القصاص ف ذلك كله ‪ .‬فقال‬
‫‪ " :‬وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ‪ ،‬والعي بالعي والنف بالنف والذن بالذن ‪،‬‬
‫والسن بالسن ‪ ،‬والروح قصاص ‪ ،‬فمن تصدق فهو كفارة له ‪ ،‬ومن ل يكم با أنزل ال‬
‫فأولئك هم الظالون " ( ‪ ) 1‬أي أن ال كتب على اليهود ف التوراة أن النفس تقتل‬
‫بالنفس إذا قتلتها ‪ " ،‬والعي تفقأ بالعي من غي فرق بي عي صغية وعي كبية " ول‬
‫بي عي شيخ وعي طفل ‪ .‬والنف يدع بالنف ‪ .‬والذن تقطع بالذن ‪ ( .‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 45‬صفحة ‪ / 540‬والسن تقلع بالسن ‪ .‬ولو كانت‬
‫سن من يقتص منه أكب من سن الخر ‪ .‬والروح يقتص فيها مت أمكن ذلك ‪ .‬فمن‬
‫تصدق بالقصاص ‪ ،‬بأن مكن من نفسه ‪ ،‬فهو كفارة لا ارتكبه ‪ .‬وهذا الكم ‪ ،‬وإن كان‬
‫كتب على من قبلنا ‪ ،‬فهو شرع لنا ‪ ،‬لتقرير النب صلى ال عليه وسلم له ‪ ،‬فقد روى‬
‫البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي ال عنه أن الربيع بنت النضر بن أنس كسرت‬
‫ثنية جارية ‪ ،‬ففرضوا عليهم الرش ‪ ،‬فأبوا إل القصاص ‪ ،‬فجاء أخوها أنس بن النضر ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬يارسول ال تكسر ثنية الربيع ‪ ،‬والذي بعثك بالق ل تكسر ثنيتها فقال النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ :‬يا أنس " كتاب ال القصاص " ‪ .‬قال ‪ :‬فعفا القوم ‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن من عباد ال من لو أقسم على ال لبره " ‪ .‬وهذا كله العمد‬
‫‪ .‬أما الطأ ففيه الدية ‪ .‬شروط القصاص فيما دون النفس ‪ :‬ويشترط ف القصاص فيما‬
‫دون النفس الشروط التية ‪ - 1 :‬العقل ‪ - 2 .‬البلوغ ( ‪ - 3 . ) 1‬تعمد الناية ‪- 4 .‬‬
‫وأن يكون دم الجن عليه مكافئا لدم الان ‪ .‬وإنا يؤثر ف التكافؤ ‪ :‬العبودية ‪ ،‬والكفر ‪،‬‬

‫‪396‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فل يقتص من حر جرح عبدا أو قطع طرفه ‪ .‬ول يقتص من مسلم جرح ذميا أو قطع‬
‫طرفه كذلك ‪ ،‬لعدم تكافؤ دمهما ‪ ،‬لنقصان دم العبد عن دم الر ‪ ،‬ودم الذمي عن دم‬
‫السلم ‪ .‬وإذا ل يب القصاص فإنه يب بدله وهو الدية ‪ .‬وإذا كان الرح من العبد أو‬
‫الذمي وقع على حر أو مسلم اقتص منهما ‪ .‬ويرى الحناف أنه يب القصاص ف‬
‫الطراف بي السلم والكافر ‪ .‬وقالوا أيضا ‪ :‬لقصاص بي الرجل والرأة فيما دون النفس‬
‫‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬البلوغ يكون بالحتلم أو السن ‪ ،‬وأقصى السن ‪ 18‬سنة وأقله ‪15‬‬
‫سنة ‪ ،‬لديث ابن عمر ‪ ،‬واختلف ف الثبات ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 541‬القصاص ف‬
‫الطراف وضابط ما فيه القصاص من الطراف ‪ ،‬وما لقصاص فيه ‪ :‬أن كل طرف له‬
‫مفصل معلوم ‪ ،‬كالرفق ‪ ،‬والكوع ‪ ،‬ففيه القصاص ‪ ،‬وما ل مفصل له فل قصاص فيه ‪،‬‬
‫لنه يكن الماثلة ف الول دون الثان ‪ ،‬فيقتص من قطع الصبع من أصلها ‪ ،‬أو قطع اليد‬
‫من الكوع أو الرفق ‪ ،‬أو قطع الرجل من الفصل ‪ ،‬أو فقأ العي ‪ ،‬أو جذع النف ‪ ،‬أو‬
‫قطع الذن ‪ ،‬أو قلع السن ‪ ،‬أو جب الذكر ‪ ،‬أو قطع النثيي ‪ .‬شروط القصاص ف‬
‫الطراف ‪ :‬ويشترط ف القصاص ف الطراف ثلثة شروط ‪ - 1 :‬المن من اليف بأن‬
‫يكون القطع من مفصل ‪ ،‬أو يكون له حد ينتهي إليه ‪ ،‬كما تقدمت أمثلة ذلك ‪ ،‬فل‬
‫قصاص ف كسر عظم غي السن ‪ ،‬ول جائفة ‪ ،‬ول بعض الساعد ‪ ،‬لنه ل يؤمن اليف‬
‫ف القصاص ف هذه الشياء ‪ - 2 .‬الماثلة ف السم والوضع ‪ ،‬فل تقطع يي بيسار ‪،‬‬
‫ول يسار‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 541‬‬
‫بيمي ‪ ،‬ول خنصر ببنصر ‪ ،‬ولعكس ‪ ،‬لعدم الساواة ف السم ‪ ،‬ول يؤخذ أصلي بزائد‬
‫‪ -‬ولو تراضيا ‪ -‬لعدم الساواة ف الوضع والنفعة ‪ .‬ويؤخذ الزائد بثله موضعا وخلقة ‪3 .‬‬
‫‪ -‬استواء طرف الان والجن عليه ف الصحة والكمال ‪ ،‬فل يؤخذ عضو صحيح بعضو‬
‫أشل ‪ ،‬وليد صحيحة بيد ناقصة الصابع ‪ ،‬ويوز العكس ‪ ،‬فتؤخذ اليد الشلء باليد‬
‫الصحيحة ‪ .‬القصاص من جراح العمد وأما جراح العمد ‪ ،‬فل يب فيها القصاص إل إذا‬
‫كان ذلك مكنا ‪ ،‬بيث يكون مساويا لراح الجن عليه من غي زيادة ول نقص ‪ .‬فإذا‬

‫‪397‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كانت الماثلة والساواة ل يتحققان إل بجاوزة القدر ‪ ،‬أو بخاطرة ‪ ،‬أو إضرار ‪ ،‬فإنه ل‬
‫يب القصاص ‪ ،‬وتب الدية ‪ ،‬لن الرسول صلى ال عليه وسلم رفع القود ف الأمومة ‪،‬‬
‫والنقلة ‪ ،‬والائفة ‪ ،‬وهذا حكم ما كان ف معن هذه من الراح الت هي متالف ‪ :‬مثل‬
‫كسر عظم الرقبة ‪ ،‬والصلب ‪ ،‬والفخذ ‪ ،‬وما أشبه ذلك ‪ / .‬صفحة ‪ / 542‬والشجاج ‪:‬‬
‫وهي الراحات الت تقع بالرأس والوجه لقصاص فيها ‪ ،‬إل الوضحة إذا كانت عمدا ‪.‬‬
‫وسيأت الكلم على بقية الشجاج ف باب الديات ‪ .‬ول قصاص ف اللسان ‪ ،‬ول ف كسر‬
‫عظم ‪ ،‬إل ف السن ‪ ،‬لنه ل يكن الستيفاء من غي ظلم ‪ .‬ومن جرح رجل " جائفة "‬
‫فبئ منها ‪ ،‬أو قطع يده من نصف الساعد ‪ ،‬فل قصاص عليه ‪ ،‬وليس له أن يقطع يده‬
‫من ذلك الوضع ‪ ،‬وله أن يقتص من الكوع ‪ ،‬ويأخذ حكومة لنصف الساعد ‪ ،‬ولو كسر‬
‫عظم رجل سوى السن ‪ ،‬كضلع ‪ ،‬أو قطع يدا شلء أو قدما ل أصابع فيها ‪ ،‬أو لسانا‬
‫أخرس ‪ ،‬أو قلع عينا عمياء ‪ ،‬أو قطع إصبعا زائدة ‪ ،‬ففي ذلك كله حكومة عدل ‪.‬‬
‫اشتراك الماعة ف القطع أو الرح ‪ :‬ذهبت النابلة إل أنه إذا اشترك جاعة ف قطع‬
‫عضو ‪ ،‬أو جرح يوجب القصاص ‪ ،‬فإن ل نتميز أفعالم ‪ ،‬فعليهم جيعا القصاص ‪ ،‬لا‬
‫روى عن علي كرم ال وجهه ‪ :‬انه شهد عنده شاهدان على رجل بسرقة ‪ ،‬فقطع يده ‪ .‬ث‬
‫جاء آخر ‪ ،‬فقال ‪ :‬هذا هو السارق ‪ ،‬وأخطأنا ف الول ‪ ،‬فرد شهادتما على الثان ‪ ،‬وغر‬
‫مهما دية الول ‪ ،‬وقال ‪ " :‬لو علمت أنكما تعمدتا لقطعتكما " وإن تفرقت أفعالم ‪ ،‬أو‬
‫قطع كل واحد من جانب ‪ ،‬فل قود عليهم ‪ .‬وقال مالك والشافعي ‪ :‬يقتص منهم مت‬
‫أمكن ذلك ‪ ،‬فتقطع أعضاؤهم ‪ ،‬ويقتص منهم بالراحة ‪ .‬كما إذا اشترك جاعة ف قتل‬
‫نفس ‪ ،‬فإنم يقتلون با ‪ .‬وذهب الحناف والظاهرية ‪ :‬إل أنه ل تقطع يدان ف يد ‪ ،‬فإذا‬
‫قطع رجلن يد رجل ‪ ،‬فل قصاص على واحد منهما ‪ ،‬وعليهما نصف الدية ‪ .‬القصاص‬
‫ف اللطمة والضربة والسب ‪ :‬يوز للنسان أن يقتص من لطمه ‪ ،‬أو لكزه ‪ ،‬أو ضربه ‪ ،‬أو‬
‫سبه ‪ ،‬لقول ال سبحانه ‪ " :‬فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 543‬عليكم ‪ ،‬واتقوا ال " ‪ ) 1 ( .‬وقوله تعال ‪ " :‬وجزاء سيئة سيئة مثلها " ‪) 2 ( .‬‬
‫وعلى هذا مضت السنة بالقصاص ف ذلك ‪ .‬ويشترط أن يكون ‪ ،‬اللطم ‪ ،‬أو اللكز ‪ ،‬أو‬
‫الضرب ‪ ،‬أو السب ‪ ،‬الصادر من الجن عليه مساويا للطم ‪ ،‬أو اللكز ‪ ،‬أو الضرب ‪ ،‬أو‬

‫‪398‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السلب الصادر من الان ‪ ،‬لن ذلك هو مقتضى العدل الذي من أجله شرع القصاص ‪.‬‬
‫كما يشترط ف القصاص ف اللطمة أل تقع ف العي أو ف موضع يشى منه التلف ‪.‬‬
‫ويشترط ف القصاص ف السب خاصة ‪ ،‬أل يكون مرم النس ‪ ،‬فليس له أن يكفر من‬
‫كفره ‪ ،‬أو يكذب على من كذب عليه ‪ ،‬أو يلعن أب من لعن أباه ‪ ،‬أو يسب أم من سب‬
‫أمه ‪ ،‬لن تكفي السلم أو الكذب عليه ما هو مرم ف السلم ابتداء ‪ ،‬ولن أباه ل يلعنه‬
‫حت يلعنه ‪ .‬وكذلك أمه ل تشتمه فيسبها ‪ ،‬له أن يلعن من لعنه ‪ ،‬ويقبح من قبحه ‪،‬‬
‫ويقول الكلمة النابية ‪ ،‬ويردها على وقائلها قصاصا ‪ .‬قال القرطب ‪ " :‬فمن ظلمك فخذ‬
‫حقك منه بقدر مظلمتك ‪ ،‬ومن شتمك فرد عليه مثل قوله ‪ ،‬ومن أخذ عرضك فخذ‬
‫عرضه ‪ ،‬ل تتعدى إل أبويه ‪ ،‬ول ابنه أو قريبه ‪ ،‬وليس لك أن تكذب عليه ‪ ،‬وإن كذب‬
‫عليك ‪ ،‬فإن العصية ل تقابل بالعصية ‪ .‬فلو قال لك مثل ‪ :‬يا كافر ‪ .‬جاز لك أن تقول‬
‫له ‪ :‬أنت الكافر ‪ .‬وإن قال لك ‪ :‬يا زان ‪ ،‬فقصاصك أن تقول له ‪ :‬يا كذاب ‪ ،‬يا شاهد‬
‫زور ‪ .‬ولو قلت له ‪ :‬يا زان كنت كاذبا ‪ ،‬وأثت ف الكذب ‪ .‬وإن مطلك وهو غن ‪-‬‬
‫دون عذر ‪ -‬فقل ‪ :‬يا ظال ‪ .‬يا آكل أموال الناس ‪ .‬قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل‬
‫الواجد يل عرضه وعقوبته " ( ‪ ( . ) 3‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪2 ( . 194‬‬
‫) سورة الشورى ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 40‬اللي ‪ :‬الطل ‪ .‬والواجد ‪ :‬القادر على قضاء الدين ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ " / 544‬أما عرضه فيما فسرناه ‪ ،‬وأما عقوبته فالسجن يبس فيه " (‬
‫‪ . ) 1‬انتهى ‪ .‬والقصاص ف اللطمة ‪ ،‬والضرب ‪ ،‬والسب ‪ ،‬ثابت عن اللفاء الراشدين‬
‫وغيهم من الصحابة والتابعي ‪ .‬ذكر البخاري عن أب بكر ‪ ،‬وعلي ‪ ،‬وابن الزبي ‪،‬‬
‫وسويد بن مفرن أنم أقادوا من اللطمة وشبهها ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 544‬‬
‫قال ابن النذر ‪ " :‬وما أصيب به من سوط ‪ ،‬أو عصا ‪ ،‬أو حجر ‪ ،‬فكان دون النفس ‪،‬‬
‫فهو عمد ‪ ،‬وفيه القود " ‪ .‬وهذا قول جاعة من أصحاب الديث ‪ .‬وف البخاري ‪" :‬‬
‫وأقاد عمر رضي ال عنه من ضربة بالدرة ‪ .‬وأقاد علي بن أب طالب ‪ ،‬كرم ال وجهه ‪،‬‬
‫من ثلثة أسواط ‪ ،‬واقتص شريح من سوط وخوش " ‪ .‬وخالف ف ذلك كثي من فقهاء‬

‫‪399‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المصار ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬بعدم مشروعية القصاص ف شئ من هذا ‪ ،‬لن الساواة متعذرة ف‬
‫ذلك غالبا ‪ .‬وإذا كان ل يب فيها القصاص فالواجب فيها التعزير ‪ .‬وقد رجح شيخ‬
‫السلم ابن تيمية الرأي الول ‪ ،‬فقال ‪ " :‬وأما قول القائل ‪ :‬إن الماثلة ف ذلك متعذرة ‪،‬‬
‫فيقال له ‪ :‬لبد لذه الناية من عقوبة ‪ :‬إما قصاص ‪ ،‬وإما تعزير ‪ .‬فإذا جوز أن يكون‬
‫تعزيرا غي مضبوط النس والقدر ‪ ،‬فلن يعاقب با هو أقرب إل الضبط من ذلك أول‬
‫وأحرى ‪ .‬والعدل ف القصاص معتب بسب المكان ‪ .‬ومن العلوم أن الضارب إذا ضرب‬
‫مثل ضربته أو قريبا منها ‪ ،‬كان هذا أقرب إل العدل من أن يعزر بالضرب بالسوط ‪.‬‬
‫فالذي ينع القصاص ف ذلك ‪ -‬خوفا من الظلم ‪ -‬يبيح ما هو أعظم ظلما ما فر منه ‪،‬‬
‫فيعلم أن ما جاءت به السنة أعدل وأمثل " انتهى ‪ .‬القصاص ف إتلف الال ‪ :‬إذا أتلف‬
‫إنسان مال غيه ‪ ،‬كن يقطع شجره ‪ ،‬أو يفسد زرعه ‪ ،‬أو ( هامش ) ( ‪ ) 1‬قرطب ‪ ،‬ج‍‬
‫‪ ، 2‬ص ‪ / ) . ( . 360‬صفحة ‪ / 545‬يهدم داره ‪ ،‬أو يرق ثوبه ‪ ،‬فهل له أن يقتص‬
‫منه فيفعل به مثل ما فعل ؟ للعلماء ف ذلك رأيان ‪ - 1 :‬رأي يرى أن القصاص ف ذلك‬
‫غي مشروع ‪ ،‬لنه إفساد من جهة ‪ ،‬ولن العقار والثياب غي متماثلة من جهة أخرى ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ورأي يرى شرعية ذلك ‪ ،‬لن القصاص ف النفس والطراف جائز ‪ ،‬ولشك أن‬
‫النفس والطراف أعظم قدرا من الموال ‪ .‬وإذا كان القصاص جائزا فيها ‪ ،‬فالموال ‪-‬‬
‫وهي دونا ‪ -‬من باب أول ‪ .‬ولذا جاز لنا أن نفسد أموال أهل الرب إذا أفسدوا أموالنا‬
‫‪ ،‬كقطع الشجر الثمر ‪ .‬وإن قيل بالنع من ذلك لغي حاجة ‪ .‬ورجح ابن القم هذا‬
‫الرأي ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إتلف الال ‪ ،‬فإن كان ما له حرمة ‪ ،‬كاليوان والعبيد ‪ ،‬فليس له أن‬
‫يتلف ماله كما أتلف ماله ‪ ،‬وإن ل تكن له حرمة ‪ ،‬كالثوب يشقه ‪ ،‬والناء يكسره ‪،‬‬
‫فالشهور أنه ليس له أن يتلف عليه نظي ما أتلفه بل له القيمة أو الثل ‪ .‬والقياس يقتضي‬
‫أن له أن يفعل بنظي ما أتلفه عليه ‪ ،‬كما فعله الان به ‪ ،‬فيشق ثوبه كما شق ثوبه ‪،‬‬
‫ويكسر عصاه كما كسر عصاه ‪ ،‬إذا كانا متساويي ‪ ،‬وهذا من العدل ‪ ،‬وليس مع من‬
‫منعه نص ‪ ،‬ولقياس ‪ ،‬ول إجاع ‪ ،‬فإن هذا ليس برام لق ال ‪ ،‬وليست حرمة الال‬
‫أعظم من حرمة النفوس والطراف ‪ ،‬فإذا مكنه الشارع أن يتلف طرفه بطرفه فتمكينه من‬
‫إتلف ماله ف مقابلة ماله هو أول وأحرى ‪ .‬وإن حكمة القصاص من التشفي ‪ ،‬ودرك‬

‫‪400‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الغيظ ‪ ،‬ل تصل إل بذلك ‪ .‬ولنه قد يكون له غرض ف أذاه وإتلف ثيابه ‪ ،‬ويعطيه‬
‫قيمتها ‪ ،‬ول يشق ذلك عليه ‪ ،‬لكثرة ماله ‪ ،‬فيشفي نفسه منه بذلك ‪ ،‬ويبقى الجن عليه‬
‫بغبنه وغيظه ‪ ،‬فكيف يقع إعطاؤه القيمة من شفاء غيظه ‪ ،‬ودرك ثأره ‪ ،‬وبرد قلبه ‪ ،‬وإذاقة‬
‫الان من الذى ما ذاقه هو ‪ .‬فحكمة هذه الشريعة الكاملة الباهرة ‪ ،‬وقياسها معا يأب‬
‫ذلك ‪ .‬وقوله تعال ‪ " :‬فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " ‪ / .‬صفحة ‪ / 546‬وقوله‬
‫تعال ‪ " :‬وجزاء سيئة سيئة مثلها " ‪ .‬وقوله تعال ‪ " :‬وإن عاقبتم فعاقبوا بثل ما عوقبتم به‬
‫" ‪ .‬يقتضي جوازا ذلك ‪ .‬وقد صرح الفقهاء بواز إحراق زرع الكفار ‪ ،‬وقطع أشجارهم‬
‫‪ ،‬إذا كانوا يفعلون ذلك بنا ‪ .‬وهذا عي السألة ‪ .‬وقد أقر ال سبحانه الصحابة على قطع‬
‫نل اليهود ‪ ،‬لا فيه من خزيهم ‪ ،‬وهذا يدل على أنه سبحانه يب خزي الان الظال ‪،‬‬
‫ويشرعه ‪ .‬وإذا جاز تريق متاع الغال ‪ ،‬لكونه تعدى على السلمي ف خيانتهم ف شئ‬
‫من الغنيمة ‪ ،‬فلن يرق ماله إذا حرق مال السلم العصوم ‪ ،‬أول وأحرى ‪ .‬وإذا شرعت‬
‫العقوبة الالية ف حق ال ‪ ،‬الذي مسامته به أكثر من استيفائه ‪ ،‬فلن تشرع ف حق العبد‬
‫الشحيح أول وأحرى ‪ .‬ولن ال سبحانه ‪ ،‬شرع القصاص زجرا للنفوس عن العدوان ‪،‬‬
‫وكان من المكن أن يوجب الدية استدراكا لظلمة الجن عليه بالال ‪ ،‬ولكن ما شرعه‬
‫أكمل وأصلح للعباد ‪ ،‬وأشفى لغيظ الجن عليه ‪ ،‬وأحفظ للنفوس وللطراف وإل فمن‬
‫كان ف نفسه من الخر ‪ -‬من قتله أو قطع طرفه ‪ -‬قتله أو قطع طرفه وأعطى ديته‬
‫والكمة والرحة والصلحة تأب ذلك ‪ .‬وهذا بعينه موجود ف العدوان على الال ‪ .‬فإن‬
‫قيل ‪ :‬هذا ينجب بأن يعطيه نظي ما أتلفه عليه ‪ .‬قيل ‪ :‬إذا رضي الجن عليه بذلك فهو‬
‫كما لو رضي بدية طرفه ‪ ،‬فهذا هو مض القياس ‪ ،‬وبه قال الحدان ‪ :‬أحد بن حنبل ‪،‬‬
‫وأحد بن تيمية ‪ .‬قال ف رواية موسى بن سعيد ‪ " :‬وصاحب الشئ يي ‪ :‬إن شاء شق‬
‫الثوب ‪ ،‬وإن شاء أخذ مثله " انتهى ‪ .‬ضمان الثل ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 546‬‬
‫اتفق العلماء على أن من استهلك ‪ ،‬أو أفسد شيئا من الطعوم ‪ ،‬أو الشروب أو الوزون ‪،‬‬
‫فإنه يضمن مثله ‪ / .‬صفحة ‪ / 547‬قالت عائشة رضي ال عنها ‪ " :‬ما رأيت صانع طعام‬

‫‪401‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مثل صفية ‪ ،‬صنعت لرسول ال صلى ال عليه وسلم طعاما ‪ ،‬فبعثت به ‪ ،‬فأخذن أفكل (‬
‫‪ ، ) 1‬فكسرت الناء ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول ال ‪ .‬ما كفارة ما صنعت ؟ فقال ‪ :‬إناء مثل‬
‫إناء ‪ ،‬وطعام مثل طعام " ‪ .‬رواه أبو داود ‪ .‬واختلفوا فيما إذا كان ما استهلك ‪ ،‬أو‬
‫أفسد ‪ ،‬ما ل يكال ول يوزن ‪ .‬فذهبت الحناف والشافعية ‪ :‬إل أن على من استهلكه أو‬
‫أفسده ‪ ،‬ضمان الثل ‪ ،‬ول يعدل عنه إل القيمة إل عند عدم الثل لقول ال تعال ‪ " :‬فمن‬
‫اعتدى عليكم ‪ ،‬فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " ‪ .‬وهذا عام ف الشياء جيعها ‪،‬‬
‫ويؤيده حديث عائشة التقدم ‪ .‬وذهبت الالكية إل أنه يضمن القيمة ‪ ،‬ل الثل ( ‪) 2‬‬
‫العتداء بالرح أو أخذ الال إذا تعدى إنسان على آخر بالرح ‪ ،‬أو بأخذ الال ‪ ،‬فهل‬
‫للمعتدى عليه ‪ ،‬أن يأخذ حقه بنفسه إذا ظفر به ؟ للعلماء ف هذه السألة أكثر من رأي ‪،‬‬
‫وقد رجح القرطب الواز فقال ‪ " :‬والصحيح جواز ذلك ‪ ،‬كيفما توصل إل أخذ حقه ‪،‬‬
‫ما ل يعد سارقا ‪ ،‬وهو مذهب الشافعي ‪ ،‬وحكاه الداودي عن مالك ‪ ،‬وقال به ابن النذر‬
‫‪ ،‬واختاره ابن العرب ‪ ،‬وأن ذلك ليس خيانة ‪ ،‬وإنا هو وصول إل حق ‪ ،‬وقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أنصر أخاك ظالا أو مظلوما " ‪ .‬وأخذ الق من الظال نصر له ‪.‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم لند بنت عتبة امرأة أب سفيان لا قالت له ‪ :‬إن أبا‬
‫سفيان رجل شحيح ‪ ،‬ل يعطين من النفقة ما يكفين ويكفي بن ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫أفكل ‪ ،‬على وزن أفعل ‪ :‬وهو الرعدة ‪ ،‬أي أنا ارتعدت من شدة الغية ‪ ) 2 ( .‬قرطب ‪،‬‬
‫ج ‪ ، 2‬ص ‪ / ) . ( . 259‬صفحة ‪ / 548‬إل ما أخذت من ماله بغي علمه ‪ ،‬فهل علي‬
‫جناح ؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬خذي ما يكفيك ويكفي ولدك‬
‫بالعروف " ‪ .‬فأباح لا الخذ ‪ ،‬وأل تأخذ إل القدر الذي يب لا ‪ .‬وهذا كله ثابت ف‬
‫الصحيح ‪ ،‬وقوله تعال ‪ " :‬فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بثل ما اعتدى عليكم " قاطع‬
‫ف موضع اللف ‪ .‬قال ‪ :‬واختلفوا إذا ظفر بال له من غي جنس ماله ‪ .‬فقيل ‪ :‬ل يأخذ‬
‫إل بكم الاكم ‪ .‬وللشافعي قولن ‪ :‬أصحهما الخذ قياسا على ما لو ظفر له من جنس‬
‫ماله ‪ .‬والقول الثان ‪ :‬ل يأخذ ‪ ،‬لنه خلف النس ‪ .‬ومنهم من قال ‪ :‬يتحرى قيمة ماله‬
‫عليه ‪ ،‬ويأخذ مقدار ذلك ‪ ،‬وهذا هو الصحيح لا بيناه بالدليل " انتهى ‪ .‬القتصاص من‬
‫الاكم إن الاكم فرد من أفراد المة ‪ ،‬ل يتميز عن غيه إل كما يتميزا الوصي أو‬

‫‪402‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الوكيل ‪ ،‬ويري عليه ما يري على سائر الفراد ‪ .‬فإذا تعدى على فرد من أفراد المة‬
‫اقتص منه ‪ ،‬لنه ل فرق بينه وبي غيه ف أحكام ال ‪ ،‬فأحكام ال عامة ‪ ،‬تتناول‬
‫السلمي جيعا ‪ ،‬فعن أب نضرة عن أب فراس ‪ ،‬قال ‪ :‬خطبنا عمر بن الطاب رضي ال‬
‫عنه فقال ‪ :‬أيها الناس ‪ " :‬إن وال ما أرسل عمال ليضربوا أبشاركم ‪ ،‬ولليأخذوا‬
‫أموالكم ‪ ،‬ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم ‪ ،‬فمن فعل به شئ سوى ذلك‬
‫فليفعه إل ‪ ،‬فوالذي نفس عمر بيده لقصنه منه ‪ .‬قال عمرو بن العاص رضي ال عنه ‪" :‬‬
‫لو أن رجل أدب بعض رعيته ‪ ،‬أتقصه منه ؟ " قال ‪ :‬إي والذي نفسي بيده ‪ .‬إذن لقصنه‬
‫منه ‪ ،‬وكيف ل أقصه منه ‪ /‬صفحة ‪ / 549‬وقد رأيت رسول ال يقص من نفسه " رواه‬
‫أبو داود ‪ ،‬والنسات ‪ .‬وروى النسائي وأبو داود من حديث أب سعيد بن جبي فقال ‪" :‬‬
‫بينا رسول ال صلى ال عليه وسلم يقسم شيئا بيننا ‪ ،‬إذ أكب عليه رجل ‪ ،‬فطعنه رسول‬
‫ال بعرجون كان معه ‪ .‬فصاح الرجل فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬تعال‬
‫فاستقد ‪ ،‬فقال الرجل ‪ :‬بل عفوت يا رسول ال " وعن أب بكر الصديق رضي ال عنه أنه‬
‫قال لرجل شكا إليه ‪ :‬أن عامل قطع يده ‪ " :‬لئن كنت صادقا لقيدنك منه " ‪ .‬وقال‬
‫الشافعي ف رواية الربيع ‪ :‬وروى من حديث عمر رضي ال عنه أنه قال ‪ " :‬رأيت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يعطي القود من نفسه ‪ ،‬وأبا بكر يعطي القود من نفسه ‪ ،‬وأنا‬
‫أعطي القود من نفسي " هل يقاد الزوج إذا أصاب امرأته بشئ ‪ :‬قال ابن شهاب ‪ :‬مضت‬
‫السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته برح ‪ ،‬أن عليه عقل ذلك الرح ‪ ،‬ول يقاد منه ‪ .‬وفسر‬
‫ذلك مالك ‪ ،‬فقال ‪ :‬إذا عمد الرجل إل امرأته ففقأ عينها ‪ ،‬أو كسر يدها ‪ ،‬أو قطع‬
‫أصبعها ‪ ،‬أو أشباه ذلك ‪ ،‬متعمدا لذلك ‪ ،‬فإنا تقاد منه ‪ .‬وأما الرجل ‪ :‬يضرب امرأته‬
‫بالبل أو السوط ‪ ،‬فيصيبها من ضربه ما ل يرده ول يتعمده ‪ ،‬فإنه يعقل ما أصاب منها‬
‫على هذا الوجه ‪ ،‬ول تقاد منه ‪ .‬قال ف السوى ‪ :‬أهل العلم على هذا التأويل ‪ .‬لقصاص‬
‫من الراحات حت يتم البء ‪ :‬ليقتص من الان ف الراحات ‪ ،‬ول تطلب منه دية حت‬
‫يتم برء الجن‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 549‬‬

‫‪403‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عليه من الراحة الت أصيب با ‪ ،‬وتؤمن السراية ‪ ،‬فإذا سرت الناية إل أجزاء أخرى من‬
‫البدن ضمنها الان ‪ / .‬صفحة ‪ / 550‬ول يقاد ف البد الشديد ‪ ،‬ول الر الشديد ‪،‬‬
‫ويؤخر ذلك مافة أن يوت القاد منه ‪ .‬فإن اقتص منه ف حر أو برد ‪ ،‬أو بآلة كالة ‪ ،‬أو‬
‫مسمومة ‪ ،‬لزمت بقية الدية إن حدث التلف ‪ .‬فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪:‬‬
‫" أن رجل طعن رجل بقرن ف ركبته ‪ ،‬فجاء إل النب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬أقدن‬
‫‪ .‬فقال ‪ :‬حت تبأ ‪ ،‬ث جاء إليه فقال أقدن ‪ ،‬فأقاده ‪ .‬ث جاء إليه فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪:‬‬
‫عرجت ‪ .‬فقال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬قد نيتك فعصيتن ‪ ،‬فأبعدك ال ‪ ،‬وبطل عرجك ‪.‬‬
‫" ث نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يقتص من جرح حت يبأ صاحبه ‪ .‬رواه أحد‬
‫‪ ،‬والدارقطن ‪ .‬وفهم الشافعي من هذا أن النتظار مندوب إليه ‪ ،‬لن الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم كان متمكنا من القتصاص قبل الندمال ‪ .‬وذهب غيه من الئمة ‪ :‬إل أن‬
‫النتظار واجب ‪ ،‬وإذنه بالقتصاص كان قبل علمه با يئول إليه من الفسدة ‪ .‬وإذا قطع‬
‫الان إصبعا عمدا ‪ ،‬فعفا الجروح عنه ‪ ،‬ث سرت الناية إل الكف أو النفس ‪ ،‬فالسراية‬
‫هدر إن كان العفو على غي شئ ‪ ،‬وإن كان العفو على مال ‪ ،‬فللمجروح دية ما سرت‬
‫إليه ‪ ،‬بأن يسقط من دية ما سرت إليه الناية أرش ما عفا عنه ‪ ،‬ويب الباقي ‪ .‬موت‬
‫القتص منه ‪ :‬إذا مات القتص منه بسبب الرح الذي أصابه من أجل القصاص فقد‬
‫اختلفت فيه أنظار العلماء ‪ .‬فذهب المهور منهم إل أنه ل شئ على القتص ‪ ،‬لعدم‬
‫التعدي ‪ ،‬ولن السارق إذا مات من قطع يده ‪ ،‬فإنه لشئ على الذي قطع يده بالجاع ‪.‬‬
‫وهذا مثل ذلك ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬وابن أب ليلى ‪ " :‬إذا مات وجب على‬
‫عائلة القتص الدية ‪ ،‬لنه قتل خطأ " ‪ /‬صفحة ‪ / 551‬الدية تعريفها ‪ :‬الدية هي الال‬
‫الذي يب بسبب الناية ‪ ،‬وتؤدى إل الجن عليه ‪ ،‬أو وليه ‪ .‬يقال ‪ :‬وديت القتيل ‪ :‬أي‬
‫أعطيت ديته ‪ .‬وهي تنتظم ما فيه القصاص ‪ ،‬وما ل قصاص فيه ‪ .‬وتسمى الدية ‪ ،‬ب‍ "‬
‫العقل " وأصل ذلك ‪ :‬أن القاتل كان إذا قتل قتيل ‪ ،‬جع الدية من البل ‪ .‬فعقلها بفناء‬
‫أولياء القتول ‪ :‬أي شدها بعقالا ليسلمها إليهم ‪ .‬يقال ‪ :‬عقلت عن فلن إذا غرمت عنه‬
‫دية جنايته ‪ .‬وقد كان النظام الدية معمول به عند العرب ‪ ،‬فأبقاه السلم ‪ .‬وأصل ذلك‬
‫قول ال سبحانه ‪ " :‬وما كان لؤمن أن يقتل مؤمنا ‪ ،‬إل خطأ ‪ .‬ومن قتل مؤمنا خطأ‬

‫‪404‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إل أهله ‪ ،‬إل أن يصدقوا ‪ .‬فإن كان من قوم عدو لكم‬
‫وهو مؤمن ‪ ،‬فتحرير رقبة مؤمنة ‪ ،‬وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ‪ ،‬فدية مسلمة‬
‫إل أهله ‪ ،‬وترير رقبة مؤمنة ‪ ،‬فمن ل يد فصيام شهرين متتابعي ‪ ،‬توبة من ال ‪ ،‬وكان‬
‫ال عليما حكيما " ( ‪ . ) 1‬وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪ ،‬قال‬
‫‪ " :‬كانت قيمة الدية على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ثاناية دينار ‪ ،‬أو ثانية‬
‫آلف درهم ‪ .‬ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية السلمي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة النساء ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 92‬صفحة ‪ / 552‬قال ‪ :‬فكان ذلك كذلك ‪ .‬حت‬
‫استخلف عمر رحه ال ‪ ،‬فقام خطيبا فقال ‪ :‬أل إن البل قد غلت ‪ .‬قال ‪ :‬ففرضها عمر‬
‫على أهل الذهب ( ‪ ) 1‬ألف دينار ‪ ،‬وعلى أهل الورق اثنا عشر ألفا ‪ .‬وعلى أهل البقر‬
‫مائت بقرة ‪ .‬وعلى أهل الشاء ألفي شاة ‪ ،‬وعلى أهل اللل مائت حلة ( ‪ . ) 2‬قال ‪:‬‬
‫وترك دية أهل الذمة ل يرفعها فيما رفعه من الدية ‪ .‬قال الشافعي بصر ‪ :‬ل يؤخذ من‬
‫أهل الذهب ولمن أهل الورق إل قيمة البل بالغة ما بلغت ‪ .‬والرجح أنه ل يثبت بطريق‬
‫ل شك فيه تقدير الرسول الدية بغي البل ‪ ،‬فيكون عمر قد زاد ف أجناسها ‪ ،‬وذلك لعلة‬
‫جدت واستوجبت ذلك ‪ .‬حكمتها ‪ :‬والقصود منها ‪ :‬الزجر ‪ ،‬والردع ‪ ،‬وحاية النفس‬
‫‪ .‬ولذا يب أن تكون بيث يقاسي من أدائها الكلفون با ‪ ،‬ويدون منها حرجا وألا‬
‫ومشقة ‪ ،‬ول يدون هذا الل ويشعرون به ‪ ،‬إل إذا كان مال كثيا ينقص من أموالم ‪،‬‬
‫ويضيقون بأدائه ودفعه إل الجن عليه أو ورثته ‪ ،‬فهي جزاء يمع بي العقوبة والتعويض ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬قدرها ‪ :‬الدية فرضها رسول ال صلى ال عليه وسلم وقدرها فجعل دية الرجل‬
‫الر السلم ‪ :‬مائة من البل على أهل البل ( ‪ ، ) 4‬ومائت بقرة على أهل ( هامش ) ( ‪1‬‬
‫) أهل الذهب هم ‪ :‬أهل الشام ‪ ،‬وأهل مصر ‪ .‬وأهل الورق هم ‪ :‬أهل العراق ‪ ،‬كما ف‬
‫الوطأ ج ‪ ) 2 ( . 2‬اللل ‪ :‬إزار ورداء ‪ ،‬أو قميص وسروال ‪ .‬ول تكون حلة حت‬
‫تكون ثوبي ‪ ) 3 ( .‬تاريخ الفقه ‪ ،‬صفحة ‪ ) 4 ( . 82‬قال أبو حنيفة ‪ ،‬وأحد رضي ال‬
‫عنهما ف إحدى الرو ايتي عنه ‪ " :‬دية العمد أرباع " ‪ " :‬خس وعشرون بنت ماض ‪،‬‬
‫وخس وعشرون بنت لبون ‪ ،‬وخس وعشرون حقاق وخس وعشرون جذاع " ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪/ 553‬‬

‫‪405‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 553‬‬
‫البقر ‪ ،‬وألفي شاة على أهل الشاء ‪ ،‬وألف دينار على أهل الذهب ‪ ،‬واثن عشر ألف‬
‫درهم على أهل الفضة ‪ ،‬ومائت حلة على أهل اللل ‪ .‬فأيها أحضر من تلزمه الدية لزم‬
‫الول قبولا ‪ ،‬سواء أكان ول الناية من أهل ذلك النوع أو ل يكن ‪ ،‬لنه أتى بالصل ف‬
‫الواجب عليه ‪ .‬القتل الذي تب فيه ‪ :‬ومن التفق عليه بي العلماء أنا تب ف القتل الطأ‬
‫وف شبه العمد ‪ ،‬وف العمد الذي وقع من فقد شرطا من شروط التكليف ‪ ،‬مثل الصغي (‬
‫‪ ) 1‬والجنون ‪ .‬وف العمد الذي تكون فيه حرمة القتول ناقصة عن حرمة القاتل ‪ ،‬مثل‬
‫الر إذا قتل العبد ‪ .‬كما تب على النائم الذي انقلب ف نومه على آخر فقتله ‪ .‬وعلى من‬
‫سقط على غيه فقتله ‪ ،‬كما تب على من حفر حفرة فتردى فيها شخص فمات ‪ ،‬وعلى‬
‫من قتل بسبب الزحام ‪ .‬وجاء ف ذلك عن حنش بن العتمر ‪ ،‬عن علي رضي ال عنه قال‬
‫‪ " :‬بعثن رسول ال صلى ال عليه وسلم إل اليمن ‪ ،‬فانتهينا إل قوم قد بنو زبية للسد ‪،‬‬
‫فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ‪ ،‬ث تعلق الرجل بآخر ‪ ،‬حت‬
‫صاروا فيها أربعة ‪ ،‬فجرحهم السد ‪ ،‬فانتدب له رجل بربة فقتله ‪ ،‬وماتوا من جراحهم‬
‫كلهم ‪ ،‬فقام أولياء الول إل أولياء الخر ‪ ،‬فأخرجوا السلح ليقتتلوا ‪ ،‬فأتاهم علي رضي‬
‫ال عنه على تفئة ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬تريدون أن تقتتلوا ورسول ال صلى ال عليه وسلم حي‬
‫‪ .‬إن أقضي بينكم قضاء ‪ ،‬إن رضيتم به فهو القضاء ‪ ،‬وإل حجر بعضكم ( هامش )‬
‫وهي كذلك عندها ف شبه العمد ‪ .‬وقال الشافعي ‪ ،‬وأحد ف الرواية الخرى عنه ‪ :‬هي‬
‫ثلثون حقة ‪ ،‬وثلثون جذعة ‪ ،‬وأربعون خلفة ‪ ،‬ف بطونا أولدها ‪ " .‬وأما دية الطأ "‬
‫فقد اتفقوا على أنا أخاس ‪ :‬عشرون جذعة ‪ ،‬وعشرون حقة ‪ ،‬وعشرون بنات لبون ‪،‬‬
‫وعشرون ابن ماض وعشرون بنت ماض ‪ .‬وجعل مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬رضي ال‬
‫عنهما ‪ ،‬مكان ابن ماض ابن لبون ‪ " ) 1 ( .‬الناية إذا كانت من صغي أو منون تب‬
‫ديتها على العاقلة عند أب حنيفة ومالك " ‪ " .‬وقال الشافعي رضي ال عنه ‪ :‬عمد الصغي‬
‫ف ماله " ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 554‬على بعض حت تأتوا النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فيكون هو الذي يقضي بينكم فمن عدا ذلك فل حق له ‪ .‬أجعوا من قبائل الذين حفروا‬

‫‪406‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫البئر ‪ :‬ربع الدية ‪ .‬وثلث الدية ‪ ،‬ونصف الدية ‪ ،‬والدية كاملة ‪ .‬فللول ‪ :‬ربع الدية ‪ ،‬لنه‬
‫هلك من فوق ثلثة ‪ .‬وللثان ‪ :‬ثلث الدية ‪ .‬وللثالث ‪ :‬نصف الدية ‪ .‬وللرابع ‪ :‬الدية‬
‫كاملة ‪ .‬فأبوا إل أن يضوا ‪ ،‬وأتو النب صلى ال عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم ‪،‬‬
‫فقصوا عليه القصة ‪ ،‬فأجازه رسول ال صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬ورواه بلفظ‬
‫آخر نو هذا ‪ ،‬وجعل الدية على قبائل الذين ازدحوا ‪ .‬وعن علي بن رباح اللخمي أن‬
‫أعمى كان ينشد ف الوسم ف خلفة عمر ابن الطاب ‪ ،‬وهو يقول ‪ :‬يأيها الناس لقيت‬
‫منكرا ‪ -‬هل يعقل العمى الصحيح البصرا جرا معا كلها تكسرا وذلك أن أعمى كان‬
‫يقوده بصي ‪ ،‬فوقعا ف بئر ‪ .‬فوقع العمى على البصي فمات البصي ‪ ،‬فقضى عمر بعقل‬
‫البصي على العمى ‪ .‬رواه الدارقطن ‪ .‬وف الديث " أن رجل أتى أهل أبيات‬
‫فاستسقاهم فلم يسقوه حت مات ‪ ،‬فأغرمهم عمر رضي ال عنه الدية " ‪ .‬حكاه أحد ف‬
‫رواية ابن منصور ‪ ،‬وقال ‪ :‬أقول به ‪ .‬ومن صاح على آخر فجأة ‪ ،‬فمات من صيحته‬
‫تب ديته ‪ .‬ولو غي صورته‍وخوف صبيا فجن الصب فإنه يضمن ‪ .‬الدية مغلظة ومففة ‪:‬‬
‫والدية تكون مغلظة ومففة ‪ ،‬فالخففة تب ف قتل الطأ ‪ ،‬والغلظة تب ف قتل شبه‬
‫العمد ‪ .‬وأمادية قتل العمد إذا عفا ول الدم فإن الشافعي والنابلة يرون أنه يب ف هذه‬
‫الال دية مغلظة ‪ / .‬صفحة ‪ / 555‬وأما أبو حنيفة فإنه يرى أنه لدية ف العمد ‪ ،‬وإنا‬
‫الواجب فيه ما اصطلح الطرفان عليه ‪ .‬وما اصطلحوا عليه حال ‪ ،‬غي مؤجل ‪ .‬والدية‬
‫الغلظة مائة من البل ف بطون أربعي منها أولدها ‪ .‬لا رواه أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪،‬‬
‫والنسائي ‪ ،‬وابن ماجه عن قبة بن أوس ‪ ،‬عن رجل من الصحابة أنه صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬أل إن قتل خطأ العمد بالسوط ‪ ،‬والعصا ‪ ،‬والجر فيه دية مغلظة ‪ :‬مائة‬
‫من البل ‪ ،‬منها أربعون من ثنية ( ‪ ) 1‬إل بازل عامها ‪ ،‬كلهن خلفة " ‪ .‬والتغليظ ل‬
‫يعتب إل ف البل خاصة دون غيها ‪ ،‬لن الشارع ورد بذلك ‪ ،‬وهذا سبيله التوقيف‬
‫والسماع الذي ل مدخل للرأي فيه ‪ ،‬لنه من بات القدرات ‪ .‬تغليظ الدية ف الشهر‬
‫الرام والبلد الرام وف الناية على القريب ‪ :‬ويرى الشافعي وغيه ‪ :‬أن الدية تغلظ ف‬
‫النفس والراح بالناية ف البلد الرام ‪ ،‬وف الشهر الرام ‪ ،‬وف الناية على ذي الرحم‬
‫الحرم ‪ ،‬لن الشرع عظم هذه الرمات ‪ ،‬فتعظم الدية بعظم الناية ‪ .‬وروي عن عمر ‪،‬‬

‫‪407‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والقاسم بن ممد ‪ ،‬وابن شهاب ‪ :‬أن يزاد ف الدية مثل ثلثها ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 555‬‬
‫وذهب أبو حنيفة ومالك ‪ :‬إل أن الدية ل تغلظ لذه السباب ‪ ،‬لنه ل دليل على التغليظ‬
‫‪ ،‬إذ أن الديات يتوقف فيها على الشارع ‪ ،‬والتغليظ فيما وقع خطأ بعيد عن أصول‬
‫الشرع ‪ .‬على من تب ‪ :‬الدية الواجبة على القاتل نوعان ‪ - 1 :‬نوع يب على الان ف‬
‫ماله ( ‪ ، ) 2‬وهو القتل العمد ‪ ،‬إذا سقط القصاص ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الثنية من البل ‪:‬‬
‫مادخل ف السنة السادسة من عمره ‪ ،‬والبازل ‪ :‬الذي دخل ف التاسعة واكتمل قوته ‪،‬‬
‫ويقال له بعد ذلك ‪ :‬بازل عام ‪ ،‬وبازل عامي ‪ .‬واللفة ‪ :‬الامل من النوق ‪) 2 ( .‬‬
‫سواء كان رجل أم امرأة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 556‬يقول ابن عباس ‪ " :‬لتمل العاقلة‬
‫عمدا ‪ ،‬ول اعترافا ‪ ،‬ول صلحا ف عمد " ‪ .‬ول مالف له من الصحابة ‪ .‬وروى مالك‬
‫عن ابن شهاب ‪ .‬قال ‪ " :‬مضت السنة ف العمد حي يعفوا أولياء القتول أن الدية تكون‬
‫على القاتل ف ماله خاصة ‪ ،‬إل أن تعينه العاقلة عن طيب نفس منها ‪ .‬وإنا ل تعقل العاقلة‬
‫واحدا من هذه الثلثة ‪ :‬أي ل يعقل العمد ‪ ،‬ول القرار ‪ ،‬ول الصلح ‪ ،‬لن العمد يوجب‬
‫العقوبة ‪ ،‬فل يستحق التخفيف عنه بتحمل العاقلة عنه شيئا من الدية ‪ ،‬ول تعقل القرار‬
‫لن الدية وجبت بالقرار بالقتل ل بالقتل نفسه ‪ ،‬والقرار حجة قاصرة ‪ :‬أي أنه حجة ف‬
‫حق القر ‪ ،‬فل يتعدى إل العاقلة ‪ .‬ول تعقل العاقلة القرار بالصلح ‪ ،‬لن بدل الصلح ل‬
‫يب بالقتل ‪ ،‬بل وجب بعقد الصلح ‪ ،‬ولن الان يتحمل مسئولية جنايته ‪ ،‬وبدل التلف‬
‫يب على متلفه ‪ - 2 .‬ونوع يب على القاتل ‪ ،‬وتتحمله عنه العاقلة ‪ ،‬إذا كانت له‬
‫عاقلة بطريق التعاون ‪ ،‬وهو قتل شبه العمد وقتل الطأ ( ‪ . ) 1‬والقاتل كأحد أفراد‬
‫العاقلة ‪ ،‬لنه هو القاتل ‪ ،‬فل معن لخراجه ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬ل يب على القاتل شئ‬
‫من الدية لنه معذور ‪ .‬والعاقلة ‪ :‬مأخوذ من العقل ‪ ،‬لنا تعقل الدماء ‪ :‬أي تسكها من‬
‫أن تسفك ‪ :‬يقال عقل البعي عقل ‪ :‬أي شده بالعقال ‪ .‬ومنه العقل ‪ ،‬لنه ينع من التورط‬
‫ف القبائح ‪ .‬والعاقلة هي الماعة الذين يعقلون العقل ‪ ،‬وهي الدية ‪ ،‬يقال عقلت القتيل ‪:‬‬
‫أي أعطيت ديته ‪ ،‬وعقلت عن القاتل ‪ .‬أديت ما لزمه من الدية ‪ .‬والعاقلة هم عصبة‬

‫‪408‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرجل ‪ :‬أي قرابته الذكور البالغون ‪ -‬من قبل الب ‪ ) 1 ( ) 2 ( -‬وكذلك عمد‬
‫الصغي والجنون على عاقلتهما ‪ ،‬وقال قتادة ‪ ،‬وأبو ثور ‪ ،‬وابن اب دليلى ‪ ،‬وابن شبمة ‪:‬‬
‫دية شبه العمد ف مال الان ‪ .‬وهذا القول ضعيف ‪ ) 2 ( .‬ويدخل فيهم الب والبن‬
‫عند مالك وأب حنيفة وأظهر الروايتي عند أحد ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 557‬الوسرون‬
‫العقلء ‪ ،‬ويدخل فيهم ‪ :‬العمى ‪ ،‬والزمن ‪ ،‬والرم ‪ ،‬إن كانوا أغنياء ل يدخل ف العاقلة‬
‫‪ :‬أنثى ‪ ،‬ول فقي ‪ ،‬ول صغي ‪ ،‬ول منون ‪ ،‬ول مالف لدين الان ‪ ،‬لن مبن هذا المر‬
‫على النصرة ‪ ،‬وهؤلء ليسوا من أهلها ‪ .‬وأصل وجوب الدية على العاقلة ‪ :‬ما ثبت من أن‬
‫امرأتي من هزيل إقتتلتا ‪ ،‬فرمت إحداها الخرى بجر فقتلتها وما ف بطنها ‪ ،‬فقضى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم بدية الرأة على عاقلتها ‪ .‬رواه البخاري ومسلم من‬
‫حديث أب هريرة ‪ .‬وكانت العاقلة ف زمن النب صلى ال عليه وسلم قبيلة الان ‪ ،‬وبقيت‬
‫كذلك حت جاء عهد عمر رضي ال عنه ‪ ،‬فلما نظم اليوش ‪ ،‬ودون الدواوين جعل‬
‫العاقلة هم أهل الديوان ‪ ،‬خلفا لا كان ف عهد النب صلى ال عليه وسلم ‪ .‬وقد أجاب‬
‫السرخسي عن هذا الذي وضعه عمر ‪ .‬فقال ‪ " :‬إن قيل ‪ :‬كيف يظن بالصحابة الجاع‬
‫على خلف ما قضى به رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ قلنا ‪ :‬هذا اجتماع على وفاق‬
‫ما قضى به رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فإنم علموا أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قضى به على العشية باعتبار النصرة ‪ ،‬وكانت قوة الرء ونصرته يومئذ بعشيته ‪ .‬ث‬
‫لا دون عمر رضي ال عنه الدواوين صارت القوة والنصرة للديوان ‪ ،‬فقد كان الرء يقاتل‬
‫قبيلته عن ديوانه " اه‍ ‪ .‬وإذا كان الحناف قد ارتضوا هذا ‪ ،‬فإن الالكية والشافعية قد‬
‫رفضوه ‪ ،‬لنه لنسخ بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وليس من حق أحد أن يغي ما‬
‫كان على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬والدية الت تب على العاقلة مؤجلة ف‬
‫ثلث سني ( ‪ ) 1‬باتفاق العلماء ( هامش ) ( ‪ ) 1‬كان النب صلى ال عليه وسلم يعطيها‬
‫دفعة واحدة ‪ ،‬تأليفا للقلوب وإصلحا لذات البي ‪ ،‬فلما تهد السلم قدرتا الصحابة‬
‫على هذا النظام ‪ .‬فإذا رأى المام الصلحة ف التعجيل كان له ذلك ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 558‬وأما الت تب على القاتل ف ماله ‪ ،‬فإنا تكون حالة عند الشافعي رضي ال‬
‫عنه ‪ ،‬لن التأجيل للتخفيف عن العاقلة ‪ ،‬فل يلتحق به العمد الحض ‪ .‬ويرى الحناف‬

‫‪409‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أنا مؤجلة ف ثلث سني ‪ ،‬مثل دية قتل الطأ ‪ .‬وإياب دية قتل شبه العمد ‪ ،‬والطأ‬
‫على العاقلة استثناء من القاعدة العامة ف السلم ‪ .‬وهي ‪ :‬أن النسان مسؤول عن نفسه‬
‫وماسب على تصرفاته ‪ ،‬لقول ال عزوجل ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 558‬‬
‫" لتزر وازرة وزر أخرى " ‪ .‬ولقول الرسول الكري ‪ " :‬ل يؤخذ الرجل بريرة أبيه ‪ ،‬ول‬
‫بريرة أخيه " ‪ .‬رواه النسائي عن ابن مسعود رضي ال عنه ‪ .‬وإنا جعل السلم اشتراك‬
‫العاقلة ف تمل الدية ف هذه الالة ‪ ،‬من أجل مواساة الان ‪ ،‬ومعاونته ف جناية صدرت‬
‫عنه من غي قصد منه ‪ .‬وكان ذلك إقرارا لنظام عرب ‪ ،‬اقتضاه ما كان بي القبائل من‬
‫التعاون والتآزر والتناصر ‪ .‬وف ذلك حكمة بينة ‪ ،‬وهي أن القبيلة إذا علمت أنا ستشارك‬
‫ف تمل الدية ‪ ،‬فإنا تعمل من جانبها على كف النتسبي إليها عن ارتكاب الرائم ‪،‬‬
‫وتوجههم إل السلوك القوي الذي ينبهم الوقوع ف الطأ ‪ .‬ويرى جهور الفقهاء أن‬
‫العاقلة لتمل من دية الطأ إل ما جاوز الثلث ‪ ،‬وما دون الثلث ف مال الان ( ‪. ) 1‬‬
‫ويرى مالك وأحد رضي ال عنهما ‪ ،‬أنه ل يب على واحد من العصبة قدر معي من‬
‫الدية ‪ ،‬ويتهد الاكم ف تميل كل واحد منهم ما يسهل عليه ‪ ،‬ويبدأ بالقرب فالقرب‬
‫‪ .‬أما الشافعي رضي ال عنه ‪ ،‬فيى أنه يب على الغن دينار ‪ ،‬وعلى الفقي نصف دينار‬
‫‪ .‬والدية عنده مرتبة على القرابة بسب قربم ‪ ،‬فالقرب من بن أبيه ث بن جده ‪ ،‬ث من‬
‫بن بن أبيه ‪ ،‬قال ‪ :‬فإن ل يكن للقاتل عصبة نسبا ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وقال الشافعي رضي‬
‫ال عنه ‪ :‬عقل الطأ على العاقلة ‪ ،‬قلت الناية أو كثرت ‪ ،‬لن من غرم الكثر غرم القل‬
‫‪ ،‬كما أن عقل العمد ف مال الان ‪ :‬قل أو كثر ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 559‬ول ولء ‪،‬‬
‫فالدية ف بيت الال ‪ .‬لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أنا ول من ل ول له " ‪.‬‬
‫وكذلك إذا كان فقيا وعاقلته فقية ‪ ،‬ل تستطيع تمل الدية ‪ ،‬فإن بيت الال هو الذي‬
‫يتحملها ‪ .‬وإذا قتل السلمون رجل ف العركة ‪ -‬ظنا أنه كافر ‪ -‬ث تبي أنه مسلم فإن‬
‫ديته ف بيت الال ‪ .‬فقد روى الشافعي رضي ال عنه ‪ ،‬وغيه ‪ :‬أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قضى بدية اليمان ‪ -‬والد حذيفة ‪ -‬وكان قد قتله السلمون يوم أحد ‪ ،‬ول‬

‫‪410‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يعرفونه ‪ ،‬وكذلك من مات من الزحام تب ديته ف بيت الال ‪ ،‬لنه مسلم مات بفعل‬
‫قوم مسلمي ‪ ،‬فتجب ديته ف بيت الال ‪ .‬روى مسدد ‪ :‬أن رجل زحم يوم المعة فمات‬
‫‪ ،‬فوداه علي كرم ال وجهه ‪ ،‬من بيت مال السلمي ‪ .‬والفهوم من كلم الحناف أن‬
‫الدية ف هذه الزمان ف مال الان ‪ ،‬ففي كتاب " الدرر الختار " ‪ " :‬إن التناصر أصل‬
‫هذا الباب ‪ ،‬فمت وجد وجدت العاقلة ‪ ،‬وإل فل " ‪ .‬وحيث لقبيلة ‪ ،‬ول تناصر ‪ ،‬فالدية‬
‫ف بيت الال فإن عدم بيت الال أو ل يكن منتظما فالدية ف مال الان ‪ .‬وقال ابن تيمية‬
‫‪ " :‬وتؤخذ الدية من الان خطأ عند تعذر العاقلة ف أصح قول العلماء " ‪ .‬دية العضاء‬
‫يوجد ف النسان من العضاء ما منه عضو واحد ‪ :‬كالنف ‪ ،‬واللسان ‪ ،‬والذكر ‪.‬‬
‫ويوجد فيه ما منه عضوان ‪ :‬كالعيني ‪ ،‬والذني ‪ ،‬والشفتي ‪ ،‬واللحيي واليدين ‪،‬‬
‫والرجلي ‪ ،‬والصيتي ‪ ،‬وثديي الرأة ‪ ،‬وثندوت الرجل ( ‪ ، ) 1‬والليتي ‪ ،‬وشفري الرأة‬
‫‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬مثن ثندوة ‪ ،‬وها للرجل كالثديي للمرأة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 560‬‬
‫ويوجد ما هو أكثر من ذلك ‪ .‬فإذا أتلف إنسان من إنسان آخر هذا العضو الواحد أو‬
‫هذين العضوين ‪ ،‬وجبت الدية كاملة ‪ ،‬وإذا أتلف أحد العضوين وجب نصف الدية ‪.‬‬
‫فتجب الدية كاملة ف النف ‪ ،‬لن منفعته ف تميع الروائح ف قصبته ‪ ،‬وارتفاعها إل‬
‫الدماغ ‪ ،‬وذلك يفوت بقطع الارن ‪ .‬وكذلك تب الدية ف قطع اللسان ‪ ،‬لفوات‬
‫النطق ‪ ،‬الذي يتميز به الدمي عن اليوان العجم ‪ .‬والنطق منفعة مقصودة يقوت بفواتا‬
‫مصال النسان ‪ ،‬من إفهام غيه أغراضه ‪ ،‬والبانة عن مقاصده ‪ .‬وكذلك تب الدية‬
‫بقطع بعضه ‪ ،‬إذا عجز عن الكلم جلة لفوات النفعة نفسها الت تفوت بقطعه كله ‪ .‬فإذا‬
‫عجز عن النطق ببعض الروف ‪ ،‬وقدر على بعض منها ‪ ،‬فإن الدية تقسم على عدد‬
‫الروف ‪ .‬وقد روي عن علي ‪ ،‬كرم ال وجهه ‪ :‬أنه قسم الدية على الروف ‪ ،‬فما قدر‬
‫عليه من الروف أسقط بسابه من الدية ‪ .‬وما ل يقدر عليه ألزمه بسابه منها ‪ .‬وتب‬
‫الدية ف قطع الذكر ‪ ،‬ولو كان القطوع منه الشفة فقط ‪ ،‬لن فيه منفعة الوطء ‪،‬‬
‫واستمساك البول ‪ .‬وكذلك تب الدية إذا ضرب الصلب فعجز عن الشي ‪ ،‬وتب الدية‬
‫كاملة ف العيني ‪ ،‬وف العي الواحدة نصفها ‪ ،‬وف الفني كما لا ‪ ،‬وف جفن إحدى‬
‫العيني نصفها وف واحدة منها ربعها ‪ ،‬وف الذني كمال الدية ‪ ،‬وف الواحدة نصفها ‪،‬‬

‫‪411‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وف الشفتي كمال الدية ‪ ،‬وف الواحدة نصفها ‪ ،‬يستوي فيهما العليا والسفلى ‪ .‬وف‬
‫اليدين كمال الدية ‪ ،‬وف اليد الواحدة نصفها ‪ ،‬وف الرجلي كمال الدية ‪ ،‬وف الرجل‬
‫الواحدة نصفها ‪ ،‬وف أصابع اليدين والرجلي الدية كاملة ‪ ،‬وف كل أصبع عشر من البل‬
‫‪ ،‬والصابع سواء ‪ ،‬ل فرق بي خنصر وإبام ‪ ،‬وف كل أنلة من أصابع اليدين أو الرجلي‬
‫ثلث عشر الدية ‪ ،‬ف كل أصبع ثلث مفاصل ‪ ،‬والبام فيه‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 560‬‬
‫مفصلن ‪ ،‬وف كل مفصل منهما نصف عشر الدية ‪ ،‬وف الصيتي كمال ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 561‬الدية ‪ ،‬وف إحداها نصفها ‪ ،‬ومثل ذلك ف الليتي ‪ ،‬وشفري الرأة وثدييها‬
‫وثندون الرجل ففيهما الدية كاملة ‪ ،‬وف إحداها نصفها ‪ .‬وف السنان كمال الدية ‪،‬‬
‫وف كل سن خس من البل ‪ ،‬والسنان سواء من غي ضرس وثنية ‪ .‬وإذا أصيبت السن‬
‫ففيها ديتها ‪ ،‬وكذلك إن طرحت بعد أن تسود ‪ .‬دية منافع العضاء وتب الدية كاملة‬
‫إذا ضرب إنسان إنسانا فذهب عقله ‪ ،‬لن العقل هو الذي ييز النسان عن اليوان ‪،‬‬
‫وكذلك إذا ذهبت حاسة من حواسه ‪ :‬ك‍ " سعه ‪ ،‬أو بصره ‪ ،‬أوشه ‪ ،‬أو ذوقه ‪ ،‬أو‬
‫كلمه بميع حروفه " لن ف كل حاسة من هذه الواس منفعة مقصودة ‪ ،‬با جاله‬
‫وكمال حياته ‪ ،‬وقد قضى عمر رضي ال عنه ف رجل ضرب رجل ‪ ،‬فذهب سعه ‪،‬‬
‫وبصره ‪ ،‬ونكاحه ‪ ،‬وعقله ‪ ،‬بأربع ديات والرجل حي ‪ .‬وإذا ذهب بصر إحدى العيني ‪،‬‬
‫أو سع إحدى الذني ‪ ،‬ففيه نصف الدية ‪ ،‬سواء كانت الخرى صحيحة أم غي صحيحة‬
‫‪ .‬وف حلمت ثديي الرأة ديتها ‪ ،‬وف إحداها نصفها ‪ .‬وف شفريها ديتها ‪ ،‬وف أحدها‬
‫نصفها ‪ .‬وإذا فقئت عي العور الصحيحة ‪ ،‬يب فيها كمال الدية ‪ ،‬قضى بذلك عمر ‪،‬‬
‫وعثمان ‪ ،‬وعلي ‪ ،‬وابن عمر ‪ .‬ول يعرف لم مالف من الصحابة ‪ ،‬لن ذهاب عي‬
‫العور ذهاب البصر كله ‪ ،‬إذ أنه يصل با ما يصل بالعيني ‪ .‬وف كل واحد من الشعور‬
‫الربعة كمال الدية ‪ .‬وهي ‪ - 1 :‬شعر الرأس ‪ - 2 .‬شعر اللحية ‪ - 3 .‬شعر الاجبي‬
‫‪ - 4 .‬أهداب العيني وف الاجب نصف الدية ‪ .‬وف الدب ربعها ‪ .‬وف الشارب يترك‬
‫فيه المر لتقدير القاضي ‪ / .‬صفحة ‪ / 562‬دية الشجاج الشجاج ‪ :‬هو الصابات الت‬

‫‪412‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تقع بالرأس والوجه ‪ .‬وأنواعه عشرة ‪ .‬وهي كلها ل قصاص فيها ‪ ،‬إل الوضحة إذا كانت‬
‫عمدا ‪ ،‬لنه ل يكن مراعاة الماثلة فيها ‪ .‬والشجاج بيانه كما يأت ‪ - 1 :‬الارصة ‪:‬‬
‫وهي الت تشق اللد قليل ‪ - 2 .‬الباضعة ‪ :‬وهي الت تشق اللحم بعد اللد ‪- 3 .‬‬
‫الدامية أو الدامغة ‪ :‬وهي الت تنل الدم ‪ - 4 .‬التلحة ‪ :‬وهي الت تغوص ف اللحم ‪5 .‬‬
‫‪ -‬السمحاق ‪ :‬وهي الت يبقى بينها وبي العظم جلدة رقيقة ‪ - 6 .‬الوضحة ‪ :‬وهي الت‬
‫تكشف عن العظم ‪ - 7 .‬الاشة ‪ :‬وهي الت تكسر العظم وتشمه ‪ - 8 .‬النقلة ‪ :‬وهي‬
‫الت توضح وتشم العظم حت ينتقل منها العظام ‪ - 9 .‬الأمومة ‪ ،‬أو المة ‪ :‬وهي الت‬
‫تصل إل جلدة الرأس ‪ - 10 .‬الائفة ‪ :‬وهي الت تصل الوف ‪ .‬ويب فيما دون‬
‫الوضحة حكومة عدل ‪ ،‬وقيل أجرة الطبيب ‪ ،‬وأما الوضحة ‪ ،‬ففيها القصاص إذا كانت‬
‫عمدا كما قلنا ‪ ،‬ونصف عشر الدية إذا كانت خطأ ‪ ،‬سواء كانت كبية أم صغية ‪،‬‬
‫وهي خس من البل ‪ ،‬كما ثبت ذلك عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ف كتابه‬
‫لعمرو بن حزم ‪ .‬ولو كانت مواضح متفرقة ‪ ،‬يب ف كل واحدة منها خس من البل ‪.‬‬
‫والوضحة ف غي الوجه والرأس توجب حكومة ‪ .‬وف الاشة عشر الدية ‪ ،‬وهي عشر من‬
‫البل ‪ ،‬وهو مروي عن زيد ابن ثابت ‪ ،‬ول مالف له من الصحابة ‪ .‬وف النقلة عشر‬
‫الدية ‪ ،‬ونصف العشر ‪ :‬أي خسة عشر من البل ‪ .‬وف المة ‪ :‬ثلث الدية بالجاع ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 563‬وف الائفة ‪ :‬ثلث الدية بالجاع ‪ ،‬فإن نفذت فهما جائفتان ‪ ،‬ففيهما‬
‫ثلثا الدية ‪ .‬دية الرأة ودية الرأة إذا قتلت خطأ ‪ :‬نصف دية الرجل ‪ ،‬وكذلك دية‬
‫أطرافها ‪ ،‬وجراحاتا على النصف من دية الرجل وجراحاته ‪ ،‬وإل هذا ذهب أكثر أهل‬
‫العلم ‪ .‬فقد روي عن عمر رضي ال عنه ‪ ،‬وعلي كرم ال وجهه ‪ ،‬وابن مسعود رضي ال‬
‫عنه ‪ ،‬وزيد بن ثابت رضي ال عنهم أجعي ‪ :‬أنم قالوا ف دية الرأة ‪ :‬إنا على النصف‬
‫من دية الرجل ‪ ،‬ول ينقل أنه أنكر عليهم أحد ‪ ،‬فيكون إجاعا ‪ ،‬ولن الرأة ف مياثها‬
‫وشهادتا على النصف من الرجل ‪ .‬وقيل ‪ :‬يستوي الرجل والرأة ف العقل إل الثلث ‪ ،‬ث‬
‫النصف فيما بقي ‪ .‬فقد أخرج النسائي ‪ ،‬والدارقطن ‪ ،‬وصححه ابن خزية عن عمر بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬عقل الرأة مثل عقل‬
‫الرجل حت يبلغ الثلث من ديته " ‪ .‬وأخرج مالك ف الوطأ ‪ ،‬والبيهقي عن ربيعة بن عبد‬

‫‪413‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرحن أنه قال ‪ " :‬سألت سعيد بن السيب ‪ :‬كم ف إصبع الرأة ؟ قال ‪ :‬عشر من البل ‪،‬‬
‫قلت ‪ :‬فكم ف الصبعي ؟ قال ‪ :‬عشرون من البل ‪ .‬قلت ‪ :‬فكم ف ثلث ؟ قال ‪:‬‬
‫ثلثون من البل ‪ .‬قلت ‪ :‬فكم ف أربع ؟ قال ‪ :‬عشرون من البل ‪ .‬قلت ‪ :‬حي عظم‬
‫جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها ! فقال سعيد ‪ :‬أعراقي أنت ؟ فقلت ‪ :‬بل عال‬
‫متثبت ‪ ،‬أو جاهل متعلم ‪ .‬فقال سعيد ‪ " :‬هي السنة يا ابن أخي " ‪ .‬وقد ناقش المام‬
‫الشافعي هذا الرأي ‪ ،‬وبي أن القصود من السنة ‪ ،‬هو سنة زيد بن ثابت رضي ال عنه‬
‫الذي قال بذا الرأي ‪ ،‬لسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فقال الشافعي رضي ال‬
‫عنه ‪ / :‬صفحة ‪ " / 564‬السنة إذا أطلقت يراد با سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وروي‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 564‬‬
‫أن كبار الصحابة ‪ -‬رضي ال عنهم ‪ -‬أفتوا بلفه ‪ ،‬ولو كانت سنة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ما خالفوه ‪ .‬وقوله ‪ :‬سنة ‪ ،‬ممول على أنه سنة زيد ( ‪ ، ) 1‬لنه ل يرو إل‬
‫عنه موقوفا ‪ ،‬ولن هذا يؤدي إل الحال ‪ ،‬وهو ما إذا كان ألها أشد ‪ ،‬ومصابا أكثر أن‬
‫يقل أرشها ‪ ،‬وحكمة الشارع تنشأ من ذلك ‪ .‬وليوز نسبته إليه ‪ ،‬لن من الحال أن‬
‫تكون الناية ل توجب شيئا شرعا ‪ .‬وأقبح أن تسقط ما وجب بغيه ‪ .‬دية أهل الكتاب‬
‫ودية أهل الكتاب ( ‪ ) 2‬إذا قتلوا خطأ نصف دية السلم ‪ ،‬فدية الذكر منهم نصف دية‬
‫السلم ‪ ،‬ودية الرأة من نسائهم نصف دية الرأة السلمة ‪ .‬لا رواه عمرو بن شعيب عن‬
‫أبيه عن جده ‪ " :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل‬
‫السلم " ‪ .‬رواه أحد رضي ال عنه ‪ .‬وكما تكون دية النفس على النصف من دية‬
‫السلم ‪ ،‬تكون دية الراح كذلك على النصف ‪ .‬وإل هذا ذهب مالك ‪ ،‬وعمر بن عبد‬
‫العزيز ‪ .‬وذهب أبو حنيفة ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬وهو الروي عن عمر ‪ ،‬وعثمان ‪ ،‬وابن مسعود‬
‫رضي ال عنهم ‪ ،‬إل أن ديتهم مثل دية السلمي ‪ ،‬لقول ال تعال ‪ " :‬وإن كان من قوم‬
‫بينكم وبينهم ميثاق ‪ ،‬فدية مسلمة إل أهله ‪ ،‬وترير رقبة مؤمنة " ‪ .‬قال الزهري ‪ " :‬دية‬
‫اليهودي ‪ ،‬والنصران ‪ ،‬وكل ذمي مثل دية السلم " ‪ .‬قال ‪ :‬وكانت كذلك على عهد‬

‫‪414‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأب بكر ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سنة زيد بن ثابت ‪( .‬‬
‫‪ ) 2‬سواء كانوا ذميي أو معاهدين مستأمني ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 565‬وعمر ‪،‬‬
‫وعثمان ‪ ،‬وعلي رضي ال عنهم ‪ ،‬حت كان معاوية ‪ ،‬فجعل ف بيت الال نصفها ‪،‬‬
‫وأعطى القتول نصفها ‪ .‬ث قضى عمر بن عبد العزيز بنصف الدية ‪ ،‬وألغى الذي جعله‬
‫معاوية لبيت الال ‪ .‬قال الزهري ‪ :‬فلم يقض ل أن أذكر بذلك عمر بن عبد العزيز ‪،‬‬
‫فأخبه أن الدية كانت تامة لهل الذمة ‪ .‬وذهب الشافعي رضي ال عنه إل أن دبتهم ‪:‬‬
‫ثلث دية السلم ‪ ،‬ودية الوثن والجوسي العاهد أو الستأمن ‪ :‬ثلثا عشر دية السلم ‪.‬‬
‫وحجتهم أن ذلك أقل ما قيل ف ذلك ‪ ،‬والذمة بريئة أل بيقي ‪ ،‬أو حجة ‪ .‬وهو بساب‬
‫ثاناية درهم من اثن عشر الفا ‪ .‬وروي عن عمر ‪ ،‬وعثمان ‪ ،‬وابن مسعود ‪ :‬ونساؤهم‬
‫على النصف ‪ .‬وهل تب الكفارة مع الدية ف قتل الذمي والعاهد ؟ قاله ابن عباس ‪،‬‬
‫والشعب ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬والشافعي واختاره الطبي ‪ .‬دية الني إذا مات الني بسبب‬
‫الناية على أمه عمدا أو خطأ ‪ ،‬ول تت أمه ‪ ،‬وجب فيه غرة ( ‪ ) 1‬سواء انفصل عن أمه‬
‫وخرج ميتا ‪ ،‬أم مات ف بطنها ‪ .‬وسواء أكان ذكرا أم أنثى ‪ .‬فأما إذا خرج حيا ‪ ،‬ث‬
‫مات ‪ ،‬ففيه الدية كاملة ‪ ،‬فإن كان ذكرا وجبت مائة بعي ‪ .‬وإن كان أنثى ‪ :‬خسون ‪.‬‬
‫وتعرف الياة بالعطاس ‪ ،‬أو التنفس ‪ ،‬أو البكاء ‪ ،‬أو الصياح ‪ ،‬أو الركة ‪ ،‬ونو ذلك ‪.‬‬
‫واشترط الشافعي ف حالة ما إذا مات ف بطن أمه ‪ ،‬أن يعلم بأنه قد تلق وجرى فيه‬
‫الروح ‪ .‬وفسره ب‍ " ما ظهر فيه صورة الدمي ‪ :‬من يد ‪ ،‬وأصبع " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫الغرة من كل شئ ‪ :‬أنفسه ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 566‬وأما مالك ‪ ،‬فإنه ل يشترط هذا‬
‫الشرط ‪ ،‬وقال ‪ " :‬كل ما طرحته الرأة من مضغة ‪ ،‬أو علقة ‪ ،‬ما يعلم أنه ولد ففيه لغرة "‬
‫‪ .‬ويرجح رأي الشافعي ‪ ،‬بأن الصل براءة الذمة وعدم وجوب الغرة ‪ ،‬فإذال يعلم تلقه ‪،‬‬
‫فإنه ل يب شئ ( ‪ . ) 1‬قدر الغرة ‪ :‬والغرة ‪ :‬خسماية درهم ‪ ،‬كما قال الشعب‬
‫والحناف ‪ ،‬أو ماية شاة ‪ ،‬كما ف حديث أب يريدة عند أب داود ‪ ،‬والنسائي ‪ .‬وقيل ‪:‬‬
‫خس من البل ‪ .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬‬
‫قضى أن دية الني غرة ‪ :‬عبد أو وليدة " ‪ .‬وروى مالك ‪ ،‬عن ابن شهاب ‪ ،‬عن سعيد‬
‫بن السيب ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قضى ف الني يقتل ف بطن أمه ‪ :‬ب‍ "‬

‫‪415‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫غرة ‪ :‬عبد ‪ ،‬أو وليدة " ‪ .‬فقال الذي قضى عليه ‪ :‬كيف أغرم ما لشرب ‪ ،‬ول أكل ‪،‬‬
‫ول نطق ‪ ،‬ول استهل ‪ ،‬ومثل ذلك يطل ( ‪ . ) 2‬فقال الرسول صلى ال عليه وسلم ‪" :‬‬
‫إن هذا من إخوان الكهان " ‪ .‬هذا بالنسبة لني السلمة ‪ ،‬أما جني الذمية ‪ ،‬فقد قال‬
‫صاحب بداية الجتهد ‪ :‬قال مالك والشافعي وأبو حنيفة ‪ :‬فيه عشر دية أمه ‪ ،‬لكن أبو‬
‫حنيفة على أصله ‪ ،‬ف أن دية الذمي دية السلم ‪ .‬والشافعي على أصله ‪ ،‬ف أن دية الذمي‬
‫ثلث دية السلم ‪ .‬ومالك على أصله ‪ ،‬ف أن دية الذمي نصف دية السلم ‪ .‬على من تب‬
‫‪ :‬قال مالك وأصحابه ‪ ،‬والسن البصري والبصريون ‪ :‬تب ف مال الان ‪ ( .‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬وقد أجع العلماء على أن الم إذا ماتت ‪ ،‬وهو ف جوفها ‪ ،‬ول تلقه ول يرج ‪،‬‬
‫فلشئ فيه ‪ .‬واختلفوا فيما إذا ماتت من ضرب بطنها ‪ ،‬ث خرج الني ميتا بعد موتا ‪،‬‬
‫فقال جهور الفقهاء ‪ :‬لشئ فيه ‪ ،‬وقال الليث بن سعد وداود ‪ :‬فيه غرة ‪ ،‬لن العتب حياة‬
‫أمه ف وقت ضربا لغي ‪ ) 2 ( .‬يهدر ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 567‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 567‬‬
‫وذهبت النفية والشافعية ‪ ،‬والكوفيون ‪ ،‬إل أنا تب على العاقلة لنا جناية خطأ ( ‪) 1‬‬
‫فوجبت على العاقلة ‪ .‬وروي عن جابر رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم جعل‬
‫ف الني غرة على عاقلة الضارب ‪ :‬وبدأ بزوجها وولدها ‪ .‬وأما مالك ‪ ،‬والسن ‪ :‬فقد‬
‫شبهاها بدية العمد إذا كان الضرب عمدا ‪ .‬والول أصح ‪ .‬لن تب ‪ :‬ذهبت الالكية ‪،‬‬
‫والشافعية ‪ ،‬وغيهم ‪ :‬إل أن دية الني تب لورثته على مواريثهم الشرعية ‪ ،‬وحكمها‬
‫حكم الدية ف كونا موروثة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هي للم ‪ ،‬لن الني كعضو من أعضائها ‪ ،‬فتكون‬
‫ديته لا خاصة ‪ .‬وجوب الكفارة ‪ :‬اتفق العلماء على أن الني إذا خرج حيا ث مات ‪،‬‬
‫ففيه الكفارة مع الدية ‪ .‬وهل تب الكفارة مع الغرة إذا خرج ميتا أو ل تب ؟ قال‬
‫الشافعي وغيه ‪ :‬تب ‪ ،‬لن الكفارة عنده تب ف الطأ والعمد ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل‬
‫تب ‪ ،‬لنه غلب عليه‍حكم العمد ‪ .‬والكفارة ل تب فيه عنده ‪ .‬واستحبها مالك ‪ ،‬لنه‬
‫متردد بي الطأ والعمد ‪ .‬لدية ال بعد البء قال مالك ‪ :‬إن المر الجمع عليه عندنا ف‬
‫الطأ ‪ ،‬أنه ل يعقل حت يبأ الجروح ويصح ‪ ،‬وأنه إن كسر عظما من النسان ‪ :‬يدا أو‬

‫‪416‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رجل ‪ ،‬وغي ذلك من السد خطأ ‪ ،‬فبأ ‪ ،‬وصح ‪ ،‬وعاد ليئته ‪ ،‬فليس فيه عقل ( ‪، ) 2‬‬
‫فإن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سقوط الني ليس عمدا مضا ‪ ،‬وإنا هو عمد ف أمه ‪ ،‬خطأ فيه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬وهو مذهب أب حنيفة ‪ ،‬لنه ل يدث شئ للمجن عليه سوى الل ‪ ،‬ول قيمة‬
‫لجرد الل ‪ / ) . ( -‬صفحة ‪ / 568‬نقص ‪ ،‬أو كان فيه عثل ( نقص ) ‪ ،‬ففيه من عقله‬
‫بساب ما نقص ‪ .‬قال ‪ :‬فإن كان ذلك العظم ما جاء فيه عن النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫عقل مسمى ‪ ،‬فبحساب ما فرض فيه النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬عقل ‪ .‬وما كان ما ل‬
‫يأت فيه عن النب صلى ال عليه وسلم عقل مسمى ‪ ،‬ول تض فيه سنة ‪ ،‬ولعقل‬
‫مسمى ‪ ،‬فإنه يتهد فيه ‪ .‬وجود قتيل بي قوم متشاجرين إذا تشاجرقوم ‪ ،‬فوجد بينهم‬
‫قتيل ‪ ،‬ل يدرى من قاتله ‪ ،‬ويعمى أمره فل يبي ‪ -‬ففيه الدية ‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فيما رواه أبو داود ‪ " :‬من قتل ف عميا ( ‪ ) 1‬ف رميا ‪ ،‬يكون بينهم بجارة‬
‫أو بالسياط أو ضرب بعصا ‪ ،‬فهو خطأ ‪ ،‬وعقله عقل الطأ ‪ ،‬ومن قتل عمدا فهو قود ‪،‬‬
‫ومن حال دونه ‪ ،‬فعليه لعنة ال وغضبه ‪ ،‬ل يقبل منه صرف ولعدل " ( ‪ ) 2‬واختلف‬
‫العلماء فيمن تلزمه الدية ‪ .‬فقال أبو حنيفة ‪ :‬هي على عاقلة القبيلة الت وجد فيها إذا ل‬
‫يدع أولياء القتيل على غيهم ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬ديته على الذين نازعوهم ‪ .‬وقال الشافعي ‪:‬‬
‫هي قسامة ‪ ،‬إن ادعوه على رجل بعينه ‪ ،‬أو طائفة بعينها وإل فل عقل ول قود ‪ .‬وقال‬
‫أحد ‪ :‬هي على عواقل الخرين ‪ ،‬إل أن يدعوا على رجل بعينه ‪ ،‬فيكون قسامة ‪ .‬وقال‬
‫ابن أب ليلى ‪ ،‬وأبو يوسف ‪ :‬ديته على الفريقي الذين اقتتل معا ‪ ( .‬هامش ) فهو نظي‬
‫من شتم إنسانا شتما يؤل قلبه فإنه ل يضمن شيئا ‪ .‬وإن كان ل يلى الشات من مسؤولية‬
‫الشتم فإنه يعاقب تعزيرا ‪ ،‬أو يقتص منه ‪ ،‬على خلف ف ذلك كما هو مبي ف موضعه‬
‫من هذا الكتاب ‪ ،‬وقال أبو يوسف ‪ ،‬على الان أرش الل وهي حكومة عدل ‪ ،‬وقال‬
‫ممد عليه أجر الطبيب وثن الدواء ‪ ) 1 ( .‬عميا ‪ :‬من العمى ‪ ،‬رميا ‪ :‬من الرمي ‪) 2 ( .‬‬
‫الصرف ‪ :‬التطوع ‪ ،‬والعدل ‪ :‬الفريضة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 569‬وقال الوزاعي ‪ :‬ديته‬
‫على الفريقي جيعا ‪ ،‬إل أن تقوم بينة من غي الفريقي ‪ :‬أن فلنا قتله ‪ ،‬فعليه القصاص‬
‫والدية ‪ .‬القتل بعد أخذ الدية ‪ :‬وإذا أخذ ول الدم الدية ‪ ،‬فل يل له بعد أن يقتل القاتل ‪.‬‬
‫وروى أبو داود ‪ ،‬عن السن ‪ ،‬عن جابر بن عبد ال ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫‪417‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ،‬قال ‪ " :‬لأعفى ( ‪ ) 1‬من قتل بعد أخذ الدية " ‪ .‬وروى الدارقطن ‪ ،‬عن أب شريح‬
‫الزاعي ‪ ،‬قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬من أصيب بدم أو خبل‬
‫( ‪ ، ) 2‬فهو باليار بي إحدى ثلث ‪ ،‬فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه ‪ :‬بي أن يقتص‬
‫‪ ،‬أو يعفو ‪ ،‬أو يأخذ العقل ‪ ،‬فإن قبل شيئا من ذلك ث عدا بعد ذلك فله النار خالدا فيها‬
‫ملدا " ‪ .‬فإذا قتله ‪ ،‬فمن العلماء من قال ‪ :‬هو كمن قتل ابتداءا ‪ ،‬إن شاء الول قتله وإن‬
‫شاء عفا عنه ‪ ،‬وعذابه ف الخرة ‪ .‬ومنهم من قال ‪ :‬يقتل ول بد ‪ ،‬ول يكن الاكم الول‬
‫من العفو ‪ .‬وقيل ‪ :‬أمره إل المام يصنع فيه ما يرى ‪ .‬اصطدام الفارسي ‪ :‬ذهب أبو‬
‫حنيفة ومالك ‪ :‬إل أنه إذا اصطدم فارسان فمات كل واحد منهما ‪ ،‬فعلى كل منهما دية‬
‫الخر ‪ ،‬وتتحملها العاقلة ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬على كل واحد منهما نصف دية صاحبه ‪،‬‬
‫لن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه ‪ .‬ضمان صاحب الدابة إذا‬
‫أصابت الدابة بيدها ‪ ،‬أو رجلها ‪ ،‬أو فمها شيئا ‪ ،‬ضمن صاحبها ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي‬
‫‪ :‬لكثر ماله ‪ ،‬ول استغن ‪ .‬فهذا دعاء من الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ) 2 ( .‬البل ‪:‬‬
‫العرج ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 570‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 570‬‬
‫عند الشافعي ‪ ،‬وابن أب ليلى ‪ ،‬وابن شبمه ‪ .‬وقال مالك ‪ ،‬والليث ‪ ،‬والوزاعي ‪ :‬ل‬
‫يضمن إذا ل يكن من جهة راكبها ‪ ،‬أو قائدها ‪ ،‬أو سائقها ‪ ،‬بسبب من هز ‪ ،‬أو‬
‫ضرب ‪ ،‬فلو كان ثة سبب ‪ ،‬كأن حلها أحدهم على شئ فأتلفته ‪ ،‬لزمه حكم التلف ‪.‬‬
‫فإن كان جناية مضمونة بالقصاص ‪ ،‬وكان المل عمدا ‪ ،‬كان فيه القصاص ‪ ،‬لن الدابة‬
‫ف هذه الال كاللة ‪ .‬وإن كان المل من غي قصد ‪ ،‬كانت فيه الدية على العاقلة ‪ ،‬وإن‬
‫كان التلف مال كانت الغرامة ف مال الان ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬إذا رمت ( ‪ ) 1‬دابة‬
‫إنسان ‪ -‬وهو راكبها ‪ -‬إنسانا آخر ‪ ،‬فإن كان الرمح برجلها فهو هدر ‪ ،‬وإن كانت‬
‫نفحته بيدها ‪ ،‬فهو ضامن ‪ ،‬لنه يلك تصريفها من المام ‪ ،‬ول يلك منها ما ورائها ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬وإذا ساق دابة ‪ ،‬فوقع السرج أو اللجام أو أي شئ ما يمل عليها ‪ ،‬فأصاب‬
‫إنسانا ‪ ،‬ضمن السائق ما أصاب من ذلك ‪ .‬ولو انفلتت دابة فأصابت مال ‪ ،‬أو آدميا ‪،‬‬

‫‪418‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ليل أو نارا ‪ ،‬فإنه ل ضمان على صاحبها ‪ ،‬لنه غي متعمد ‪ .‬ومن ركب دابة فضربا‬
‫رجل أو نسها ‪ ،‬فنفحت إنسانا ‪ ،‬أو ضربته بيدها ‪ ،‬أو نفرت فصدمته فقتلته ضمن‬
‫الناخس دون الراكب ‪ .‬وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا ‪ ،‬لنه هو التسبب ‪ .‬فإن‬
‫ألقت الراكب فقتلته كانت ديته على عاقلة الناخس ‪ .‬وإذا بالت الدابة أو راثت ف الطريق‬
‫وهي تسي فعطب به إنسان ل يضمن ‪ ،‬وكذا إذا أوقفها لذلك ‪ .‬ضمان القائد والراكب‬
‫والسائق إذا كان للدابة قائد ‪ ،‬أو راكب ‪ ،‬أو سائق ‪ ،‬فأصابت شيئا ‪ ،‬وأوقعت به ضررا ‪،‬‬
‫فإنه يضمن ما أصابته من ذلك ‪ .‬فقد قضى عمر ‪ ،‬رضي ال عنه ‪ ،‬بالدية على الذي‬
‫أجرى فرسه فوطئ آخر ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬رمت ‪ :‬رفست ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 571‬‬
‫ويرى أهل الظاهر أنه ل ضمان على واحد من هؤلء ‪ ،‬لقول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬جرح العجماء جبار ‪ ،‬والبئر جبار ‪ ،‬والعدن جبار ‪ ،‬وف الركاز المس " ‪.‬‬
‫وما استدل به الظاهرية ممول على ما إذا ل يكن للدابة راكب ‪ ،‬ول سائق ‪ ،‬ول قائد "‬
‫فإنه ل ضمان على ما أتلفته ف هذه الال بالجاع " ‪ .‬الدابة الوقوفة وأما الدابة الوقوفة‬
‫إذا أصابت شيئا ‪ ،‬فعند أب حنيفة ‪ :‬يضمن ما أصابته ول يعفيه من الضمان أن يربطها‬
‫بوضع يوز له أن يربطها فيه ‪ .‬فعن النعمان بن بشي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال ‪ " :‬من وقف دابة ف سبيل من سبل السلمي ‪ ،‬أو ف سوق من أسواقهم ‪ ،‬فأوطأت‬
‫بيد أو رجل فهو ضامن " ‪ .‬رواه الدارقطن ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬إن أوقفها بيث ينبغي له‬
‫أن يوقفها ل يضمن ‪ ،‬وإن ل يوقفها بيث ينبغي له أن يوقفها ضمن ‪ .‬ضمان ما أتلفته‬
‫الواشي من الزروع والثمار وغيها ذهب جهور العلماء ‪ -‬منهم ‪ :‬مالك ‪ ،‬والشافعي ‪،‬‬
‫وأكب فقهاء الجاز ‪ -‬إل أن ما أفسدت الاشية بالنهار من ‪ :‬نفس ‪ ،‬أو مال ‪ ،‬للغي ‪،‬‬
‫فلضمان على صاحبها ‪ ،‬لن ف عرف الناس ‪ ،‬أن أصحاب الوائط ‪ ،‬والبساتي ‪،‬‬
‫يفظونا بالنهار ‪ ،‬وأصحاب الواشي يسرحونا بالنهار ‪ ،‬ويردونما بالليل إل الراح ‪،‬‬
‫فمن خالف هذه العادة ‪ ،‬كان خارجا عن رسوم الفظ إل التضييع ‪ .‬هذا إذا ل يكن‬
‫معها مالكها ‪ ،‬وإن كان معها فعليه ضمان ما أتلفته ‪ ،‬سواء كان راكبها أو سائقها ‪ ،‬أو‬
‫قائدها ‪ ،‬أو كانت واقفة عنده ‪ ،‬وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو فمها ‪ / .‬صفحة ‪572‬‬
‫‪ /‬واستدلوا لذهبهم هذا ‪ ،‬با رواه مالك ‪ ،‬عن ابن شهاب عن حرام بن سعيد بن الحيصة‬

‫‪419‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ :‬أن ناقة للباء بن عازب دخلت حائط ( ‪ ) 1‬رجل فأفسدت فيه ‪ ،‬فقضى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أن على أهل الوائط حفظها بالنهارو أن ما أفسدت الواشي بالليل‬
‫ضامن على أهلها ( ‪ . ) 2‬قال أبو عمر بن عبد الب ‪ :‬وهذا الديث وإن كان مرسل فهو‬
‫حديث مشهور ‪ ،‬أرسله الئمة ‪ ،‬وحدث به الثقات ‪ ،‬واستعمله فقهاء الجاز ‪ ،‬وتلقوه‬
‫بالقبول ‪ ،‬وجرى ف الدينة العمل به ‪ .‬وحسبك باستعمال أهل الدينة وسائر أهل الجاز‬
‫لذا الديث ‪ .‬ويرى سحنون ‪ -‬من الالكية ‪ -‬أن هذا الديث ‪ ،‬إنا جاز ف أمثال الدينة‬
‫الت هي حيطان مدقة ‪ .‬وأما البلد الت هي زروع متصلة ‪ ،‬غي مظرة ‪ ،‬وبساتي‬
‫كذلك ‪ ،‬فيضمن أرباب النعم ما أفسدت من ليل أو نار ‪ .‬وذهبت الحناف ‪ :‬إل أنه إذا‬
‫ل يكن معها مالكها فل ضمان عليه ‪ ،‬ليل كان أو نارا ‪ ،‬لقول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬جرح العجماء جبار " ‪ .‬فالحناف يقيسون جيع أعمالا على جرحها ‪ .‬وإن‬
‫كان معها مالكها ‪ :‬فإن كان يسوقها فعليه ضمان ما أتلفت بكل حال ‪ ،‬وإن كان قائدها‬
‫أو راكبها فعليه ضمان ما أتلفت بفمها أو يدها ‪ ،‬ول يب ضمان ما أتلفت برجلها ‪.‬‬
‫وأجاب المهور ‪ ،‬بأن الديث الذي استدل به الحناف عام ‪ ،‬خصصه حديث الباء ‪،‬‬
‫هذا فيما يتصل بالزروع والثمار ‪ ،‬أما غيها فقد قال ابن قدامة ف الغن ‪ " :‬وإن أتلفت‬
‫البهيمة غي الزرع ‪ ،‬ل يضمن مالكها ما أتلفته ‪ ،‬ليل كان أو نارا ‪ ،‬ما ل تكن يده عليها‬
‫"‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 572‬‬
‫وحكي عن شريح ‪ :‬أنه قضى ‪ -‬ف شاة وقعت ف غزل حائط ليل ‪ -‬بالضمان على‬
‫صاحبها ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الائط ‪ :‬البستان ‪ ) 2 ( .‬ضامن ‪ :‬مضمون ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 573‬وقرأ شريح ‪ " :‬إذ نفشت فيه غنم القوم ( ‪ . " ) 1‬قال ‪ :‬والنفش ل‬
‫يكون إل بالليل ‪ .‬وعن الثوري ‪ " :‬يضمن وإن كان نارا ‪ ،‬لنه مفرط بإرسالا " ‪ .‬ولنا‬
‫قول النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬العجماء جرحها جبار " متفق عليه ‪ ،‬أي هدر ‪ .‬وأما‬
‫الية فإن النفش هو الرعي ليل ‪ ،‬وكان هذا ف الرث الذي تفسده البهائم طبعا بالرعي‬
‫وتدعوها نفسها إل أكله بلف غيه ‪ ،‬فل يصح قياس غيه عليه ‪ .‬انتهى ‪ .‬ضمان ما‬

‫‪420‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أتلفته الطيور يرى بعض العلماء ‪ :‬أن النحل ‪ ،‬والمام ‪ ،‬والوز ‪ ،‬والدجاج والطيور‬
‫كالاشية ‪ ،‬وأنه إذا اقتناها وأرسلها نارا فلقطت حبا ‪ ،‬ل يضمن ‪ ،‬لن العادة إرسالا ‪.‬‬
‫ويرى البعض الخر ‪ :‬أن فيها الضمان ‪ ،‬فمن أطلقها ‪ ،‬فأتلفت شيئا ‪ ،‬ضمنه ‪ .‬وكذلك ‪،‬‬
‫إن كان له طي جارح ‪ ،‬كالصقر ‪ ،‬والبازي ‪ ،‬فأفسد طيور الناس وحيواناتم ‪ ،‬ضمن ‪.‬‬
‫وهذا الرأي هو الصحيح ‪ .‬ضمان ما أصابه الكلب أو الر ف الغن ‪ " :‬ومن اقتن كلبا‬
‫عقورا ‪ ،‬فأطلقه ‪ ،‬فعقر إنسانا ‪ ،‬أو دابة ‪ ،‬ليل أو نارا ‪ ،‬أو خرق ثوب إنسان ‪ ،‬فعلى‬
‫صاحبه ضمان ما أتلفه ‪ ،‬لنه مفرط باقتنائه ‪ .‬إل أن يدخل إنسان داره بغي إذنه ‪،‬‬
‫فلضمان فيه ‪ ،‬لنه متعد بالدخول متسبب بعدوانه ‪ ،‬إل عقر الكلب له ‪ ،‬وإن دخل بإذن‬
‫الالك فعليه ضمانه ‪ ،‬لنه تسبب ف إتلفه ‪ ،‬وإن أتلف الكلب بغي العقر ‪ ،‬مثل ‪ :‬أو ولغ‬
‫‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النبياء ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 78‬صفحة ‪ / 574‬ف إناء إنسان ‪،‬‬
‫أو بال ‪ ،‬ل يضمنه مقتنيه ‪ :‬لن هذا ل يتص به الكلب العقور ‪ .‬قال القاضي ‪ " :‬وإن‬
‫اقتن سنورا ‪ ،‬يأكل أفراخ الناس ضمن ما أتلفه ‪ ،‬كما يضمن ما يتلفه الكلب العقور ‪،‬‬
‫ولفرق بي الليل والنهار ‪ ،‬وإن ل يكن له عادة بذلك ل يضمن صاحبه جنايته ‪ ،‬كالكلب‬
‫إذا ل يكن عقورا ‪ .‬ولو أن الكلب العقور أو السنور حصل عند إنسان من غي اقتنائه ول‬
‫اختياره ‪ ،‬فأفسد ل يضمنه ‪ ،‬لنه يصل التلف بسببه ‪ .‬ما يقتل من اليوان وما ل يقتل‬
‫‪ :‬ول يقتل من اليوان إل ما أمر الرسول صلى ال عليه وسلم بقتله ‪ .‬وهو ‪ " :‬الغراب ‪،‬‬
‫والدأة ‪ ،‬والفأرة ‪ ،‬والية ‪ ،‬والعقرب ‪ ،‬والكلب العقور ‪ ،‬والوزغ " ( ‪ . ) 1‬ويلحق با‬
‫ما أشبهها ف الضرر ‪ ،‬مثل ‪ :‬الزنبور الؤذي ‪ ،‬والنمر ‪ ،‬والفهد والسد ‪ ،‬فإنا تقتل ولو ل‬
‫يصل واحد منها ‪ .‬قالت عائشة رضي ال عنها ‪ " :‬أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بقتل خسة فواسق ف الل والرم ‪ " :‬الغراب ‪ ،‬والدأة والعقرب ‪ ،‬والفأر ‪ ،‬والكلب‬
‫العقور " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪ .‬وف الصحيحي من حديث أم شريك ‪ ،‬أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم أمر بقتل الوزاغ وساه " فويسقة " ‪ .‬وإذا قتلت فإنه ل ضمان ف قتلها ‪،‬‬
‫ولقتل غيها من السباع والشرات ‪ ،‬وإن تأهلت بالجاع ‪ ،‬إل الر فتضمن قيمته ‪ ،‬إل‬
‫إذا وقع منه اعتداء ‪ .‬ول يقتل الدهد ‪ ،‬ول النملة ‪ ،‬ول النحلة ‪ ،‬ول الطاف ‪ ،‬ول‬
‫الصرد ‪ ،‬ول الضفدع ‪ ،‬إذ ل ضرر فيها ‪ .‬وقد روي النسائي ‪ ،‬عن ابن عمرو ‪ ،‬أن رسول‬

‫‪421‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الوزغ ‪ :‬ضرب من الزحافات ‪-‬‬
‫( ج ) وزغة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ " / 575‬ما من إنسان يقتل عصفورا ‪ ،‬فما فوقها بغي‬
‫حقها إل سأله ال يوم القيامة عنها ‪ ،‬قيل يا رسول ال ‪ :‬وما حقها ؟ قال ‪ :‬يذبها‬
‫ويأكلها ‪ ،‬ول يقطع رأسها ويرمي با " ‪ .‬وإذا قتلها فعليه أن يتوب إل ال ‪ ،‬ول ضمان‬
‫عليه ‪ .‬وعن ابن عباس قال ‪ :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن قتل أربعة من‬
‫الدواب ‪ " :‬النملة ‪ ،‬والنحلة ‪ ،‬والدهد ‪ ،‬والصرد " ‪ .‬ما ل ضمان فيه إذا كانت الناية‬
‫بسبب من الظال العتدي ‪ ،‬فهي هدر ‪ :‬أي ل قصاص فيها ‪ ،‬ولدية لا ‪ .‬ومن أمثلة ذلك‬
‫‪ ) 1 ( :‬سقوط أسنان العاض ‪ :‬فإذا عض النسان غيه ‪ ،‬فانتزع العضوض ما عض منه‬
‫من فم العاض ‪ ،‬فسقطت أسنانه ‪ ،‬أو انفكت ليته ‪ ،‬فإنه ل مسؤولية على الان ‪ ،‬لنه‬
‫غي متعد ‪ .‬روى البخاري ومسلم ‪ ،‬عن عمران بن حصي ‪ ،‬أن رجل عض يد رجل ‪،‬‬
‫فنع يده من فمه فسقطت ثنيتاه ‪ ،‬فاختصموا إل النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪" :‬‬
‫يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل ( ‪ . . ) 1‬لدية لك " ‪ .‬وقال مالك ‪ :‬يضمن ‪،‬‬
‫والديث حجة عليه ‪ ) 2 ( .‬النظر ف بيت غيه بدون إذنه ‪ :‬ومن نظر ف بيت إنسان ‪،‬‬
‫من ثقب أو شق باب ‪ ،‬أو نو ذلك ‪ ،‬فإن ل يتعمد النظر فل حرج عليه ‪ ( .‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬الفحل ‪ :‬الذكر من البل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 576‬روى مسلم أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم سئل عن نظرة الفجأة ؟ فقال ‪ " :‬اصرف بصرك " ‪ .‬وروى أبو داود‬
‫والترمذي ‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال لعلي ‪ " :‬لتتبع النظرة النظرة ‪ ،‬فإن لك الول‬
‫‪ ،‬وليست لك الثانية " ‪ .‬فإن تعمد النظر بدون إذن من صاحب البيت فلصاحب البيت أن‬
‫يفقأ عينه ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 576‬‬
‫ولضمان عليه ‪ .‬روى أحد والنسائي ‪ ،‬عن أب هريرة ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫قال ‪ " :‬من اطلع ف بيت قوم بغي إذنم ‪ ،‬ففقأوا عينه فلدية له ‪ ،‬ول قصاص " ‪ .‬وروى‬
‫البخاري ومسلم عنه ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬لو أن رجل اطلع‬
‫عليك بغي إذن ‪ ،‬فخذفته ( ‪ ) 1‬بصاة ففقأت عينه ‪ ،‬ما كان عليك جناح " ‪ .‬وعن‬

‫‪422‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سهل بن سعد ‪ :‬أن رجل اطلع ف حجر باب رسول ال ‪ ،‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ومع‬
‫رسول ال مدرى يرجل با رأسه ‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬لو أعلم أنك‬
‫تنظر ‪ ،‬لطعنت با ف عينك ‪ ،‬إنا جعل الذن من أجل النظر " ‪ .‬وبذا أخذت الشافعية‬
‫والنابلة ‪ .‬وخالف فيه الحناف والالكية ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬من نظر بدون إذن من صاحب البيت‬
‫‪ ،‬فرماه بصاة ‪ ،‬أو طعنه بشبة ‪ ،‬فأصاب منه ‪ ،‬فهو ضامن ‪ ،‬لن الرجل إذا دخل البيت‬
‫ونظر فيه وباشر امرأة صاحبه فيما دون الفرج فإنه ل يوز أن يفقأ عينه ‪ ،‬أو يدث به‬
‫عاهة ‪ ،‬لن ارتكاب مثل هذا الذنب ل يقابل بثل هذه العقوبة ‪ ،‬وهذا مالف للحاديث‬
‫الصحيحة الت تقدم ذكرها ‪ .‬وقد رجح الرأي الول ابن قيم الوزية فقال ‪ ( :‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬الذف ‪ ،‬بالاء ‪ :‬الرمي بالصاة ‪ ،‬وبالاء ‪ :‬الرمي بالعصى ‪ ،‬ل بالصى ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ " / 577‬فردت هذه السنن بأنا خلف الصول ‪ ،‬فإن ال إنا أباح قلع العي‬
‫بالعي ‪ ،‬ل بناية النظر ‪ ،‬ولذا لو جن عليه بلسانه ل يقطع ‪ ،‬ولو استمع عليه بأذنه ل يز‬
‫أن تقطع أذنه ‪ ،‬فيقال ‪ :‬بل هذه السنن من أعظم الصول ‪ ،‬فما خالفها فهو خلف‬
‫الصول وقولكم ‪ " :‬إنا شرع ال سبحانه أخذ العي بالعي ‪ ،‬فهذا حق ف القصاص ‪،‬‬
‫وأما العضو الان التعدي ل يكن دفع ضرره وعدوانه إل برميه ‪ ،‬فإن الية ل تتناوله نفيا‬
‫ول إثباتا ‪ ،‬والسنة جاءت ببيان حكمه بيانا ابتدائيا لا سكت عنه القرآن ‪ ،‬ل مالفا لا‬
‫حكم به القرآن ‪ .‬وهذا اسم آخر غي فق ء العي قصاصا ‪ ،‬وغي دفع الصائل الذي يدفع‬
‫بالسهل فالسهل ‪ ،‬إذ القصود دفع ضرر حياله ‪ ،‬فإذا اندفع بالعصا ل يدفع بالسيف ‪،‬‬
‫وأما هذا التعدي بالنظر إل الحرم ‪ ،‬الذي ل يكن الحتراز منه ‪ ،‬فإنه إنا يقع على وجه‬
‫الختفاء والتل ‪ .‬فهو قسم آخر غي الان وغي الصائل الذي ل يتحقق عدوانه ‪ ،‬ول‬
‫يقع هذا غالبا إل على وجه الختفاء ‪ ،‬وعدم مشاهدة غي الناظر إليه ‪ ،‬فلو كلف النظور‬
‫إليه إقامة البينة على جنايته لتعذرت عليه ‪ ،‬ولو أمر بدفعه بالسهل فالسهل ذهبت جناية‬
‫عدوانه بالنظر إليه وإل جريه هدرا ‪ " .‬والشريعة الكاملة تأب هذا وهذا ‪ ،‬فكان أحسن ما‬
‫يكن وأصلحه وأكفه لناوللجان ‪ ،‬ما جاءت به السنة الت ل معارض لا ‪ ،‬ول دافع‬
‫لصحتها من خذف ما هنال ك ‪ ،‬وإن ل يكن هناك بصر عاد ل يضر خذف الصاة وإن‬
‫كان هناك بصر عاد ل يلومن إل نفسه ‪ ،‬فهو الذي عرضه صاحبه للتلف ‪ ،‬فأدناه إل‬

‫‪423‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اللك ‪ ،‬والاذف ليس بظال له ‪ .‬والناظر خائن ظال ‪ ،‬والشريعة أكمل وأجل من أن‬
‫تضيع حق هذا الذي هتكت حرمته وتيله ف النتصار على التعزير بعد إقامة البينة ‪،‬‬
‫فحكم ال با شرعه على رسوله ‪ ،‬ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون " اه‍ ‪) 3 ( .‬‬
‫القتل دفاعا عن النفس أو الال أو العرض ‪ :‬ومن قتل شخصا ‪ ،‬أو حيوانا ‪ ،‬دفاعا عن‬
‫نفسه ‪ ،‬أو عن نفس غيه ‪ ،‬أو عن ماله ‪ ،‬أو مال غيه ‪ ،‬أو عن العرض ‪ ،‬فإنه لشئ‬
‫عليه ‪ ،‬لن دفع ‪ /‬صفحة ‪ / 578‬الضرر عن النفس ‪ ،‬والال واجب ‪ ،‬فإن ل يندفع إل‬
‫بالقتل فله قتله ‪ ،‬ولشئ على القاتل ‪ .‬روى مسلم ‪ ،‬عن أب هريرة ‪ ،‬رضي ال عنه ‪ ،‬قال‬
‫‪ :‬جاء رجل إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬أرأيت إن جاء‬
‫رجل يريد أن يأخذ مال ؟ قال ‪ " :‬فل تعطه مالك " ‪ .‬قال ‪ :‬أرأيت إن قاتلن ؟ قال ‪" :‬‬
‫قاتله " ‪ .‬قال ‪ :‬أرأيت إن قتلن ؟ قال ‪ " :‬فأنت شهيد " ‪ .‬قال ‪ :‬أرأيت إن قتلته ؟ قال ‪:‬‬
‫" هو ف النار " ‪ .‬قال ابن حزم ‪ " :‬فمن أراد أخذ مال إنسان ظلما من لص أو غيه ‪ ،‬فإن‬
‫تيسر له طرده منه ومنعه ‪ ،‬فل يل له قتله ‪ ،‬فإن قتله حينئذ فعليه القود ‪ ،‬وإن توقع أقل‬
‫توقع أن بعاجله اللص فليقتله ‪ ،‬ولشئ عليه ‪ ،‬لنه مدافع عن نفسه " ‪ .‬ادعاء القتل دفاعا‬
‫إذا ادعى القاتل أنه قتل الجن عليه ‪ ،‬دفاعا عن نفسه ‪ ،‬أو عرضه ‪ ،‬أو ماله ‪ ،‬فإن أقام بينة‬
‫على دعواه قبل قوله وسقط عنه القصاص والدية ‪ ،‬وإن ل يقم البينة على دعواه ‪ ،‬ل يقبل‬
‫قوله ‪ ،‬وأمره إل ول الدم ‪ :‬إن شاء عفا عنه وإن شاء اقتص منه ‪ ،‬لن الصل الباءة حت‬
‫تثبت الدانة ‪ .‬وقد سئل المام علي ‪ ،‬رضي ال عنه ‪ ،‬عمن وجد مع امرأته رجل فقتلهما‬
‫؟ فقال ‪ " :‬إن ل يأت بأربعة شهداء ( ‪ ) 1‬فليعط برمته " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وقيل ‪:‬‬
‫يكفى شاهدان ‪ " .‬برمته " أي مسلم إل أولياء القتول ليقعل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 579‬‬
‫فإن ل يقم القاتل البينة ‪ ،‬واعترف ول الدم بأن القتل كان دفاعا ‪ ،‬انتفت‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 579‬‬
‫عنه السؤولية ‪ ،‬وسقط عنه القصاص والدية ‪ .‬روى سعيد بن منصور ف سننه عن عمر‬
‫رضي ال عنه ‪ " :‬أنه كان يوما يتغذى ‪ ،‬إذ جاءه رجل يعدو ‪ ،‬وف يده سيف ملطخ بالدم‬
‫‪ ،‬ووراءه قوم يعدون خلفه ‪ ،‬فجاء حت جلس مع عمر ‪ ،‬فجاء الخرون ‪ .‬فقالوا يا أمي‬

‫‪424‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الؤمني إن هذا قتل صاحبنا ‪ .‬فقال له عمر ‪ :‬ما يقولون ؟ فقال ‪ :‬يا أمي الؤمني إن‬
‫ضربت فخذي امرأت ‪ ،‬فإن كان بينهما أحد فقد قتلته ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬ما يقول ؟ قالوا ‪ :‬يا‬
‫أمي الؤمني إنه ضرب بالسيف فوقع ف وسط الرجل ‪ ،‬وفخذي الرأة ‪ .‬فأخذ عمر سيفه‬
‫فهزه ‪ ،‬ث دفعه إليه وقال ‪ :‬إن عادوا فعد " ‪ .‬وروي عن الزبي ‪ " :‬أنه كان يوما قد تلف‬
‫عن اليش ‪ ،‬ومعه جارية له ‪ ،‬فأتاه رجلن فقال ‪ :‬أعطنا شيئا ‪ .‬فألقى اليهما طعاما كان‬
‫معه ‪ .‬فقال ‪ :‬خل عن الارية فضربما بسيفه فقطعهما بضربة واحدة " ‪ .‬قال ابن تيمية ‪:‬‬
‫فإن ادعى القاتل أنه صال عليه ‪ ،‬وأنكر أولياء القتول ‪ :‬فإن كان القتول معروفا بالب ‪،‬‬
‫وقتله ف مل لريبة فيه ‪ ،‬ل يقبل قول القاتل ‪ .‬وإن كان معروفا بالفجور والقاتل معروفا‬
‫بالب ‪ ،‬فالقول قول القاتل مع يينه ‪ .‬ل سيما إذا كان معروفا بالتعرض له قبل ذلك ‪.‬‬
‫ضمان ما أتلفته النار من أوقد نارا ف داره كالعتاد ‪ ،‬فهبت الريح فأطارت شرارة ‪،‬‬
‫أحرقت نفسا أو مال ‪ ،‬فلضمان عليه ‪ / .‬صفحة ‪ / 580‬ذكر وكيع ‪ ،‬عن عبد العزيز‬
‫بن حصي ‪ ،‬عن يي بن يي الغسان ‪ ،‬قال ‪ :‬أوقد رجل نارا لنفسه ‪ ،‬فخرجت شرارة‬
‫من نار ‪ ،‬حت أحرقت شيئا لاره ‪ ،‬قال ‪ :‬فكتب فيه إل عبد العزيز بن حصي ‪ ،‬فكتب‬
‫إليه ‪ :‬ان رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬العجماء جبار " وأرى أن النار جبار ‪.‬‬
‫افساد زرع الغي ولو سقى أرضه سقيا زائدا على العتاد ‪ ،‬فأفسد زرع غيه ‪ ،‬ضمن ‪،‬‬
‫فإذا انصب الاء من موضع ل علم له به ‪ ،‬ل يضمن ‪ ،‬حيث ل يدث منه تعد ‪ .‬غرق‬
‫السفينة من كان له سفينة يعب با الناس ودوابم ‪ ،‬فغرقت بدون سبب مباشر منه ‪ ،‬فل‬
‫ضمان عليه فيما تلف با ‪ .‬فإن كان غرقها بسبب منه ضمن ‪ .‬ضمن الطبيب ل يتلف‬
‫العلماء ف أن النسان إذا ل تكن له دراية بالطب ‪ ،‬فعال مريضا فأصابته من ذلك العلج‬
‫عاهة ‪ ،‬فإنه يكون مسؤول عن جنايته ‪ ،‬وضامنا بقدر ما أحدث من ضرر ‪ ،‬لنه يعتب‬
‫بعمله هذا متعديا ‪ ،‬ويكون الضمان ف ماله ‪ .‬لا رواه عمرو بن شعيب ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن‬
‫جده ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬من تطبب ‪ ،‬ول يعلم منه قبل ذلك‬
‫الطب ‪ ،‬فهو ضامن " رواه أبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬وابن ماجه ‪ .‬وقال عبد العزيز بن عمر‬
‫بن عبد العزيز ‪ :‬حدثن بعض الوفد الذين قدموا على أب ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬أيا طبيب تطبب على قوم ل يعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت ( ‪ ) 1‬فهو‬

‫‪425‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ضامن " ‪ .‬رواه أبو داود ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أضر بالريض ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 581‬أما‬
‫إذا أخطأ الطبيب ‪ ،‬وهو عال بالطب ‪ ،‬فرأي الفقهاء أنه تلزمه الدية ‪ ،‬وتكون على عاقلته‬
‫عند أكثرهم ( ‪ . ) 1‬وقيل ‪ :‬هي ف ماله ‪ .‬وف تقرير الضمان الفاظ على الرواح ‪،‬‬
‫وتنبيه الطباء إل واجبهم ‪ ،‬واتاذ اليطة اللزمة ف أعمالم التعلقة بياة الناس ‪ .‬ويروى‬
‫عن مالك ‪ :‬أنه ل شئ عليه ‪ .‬الرجل يفضي زوجته وإذا وطئ الرجل زوجته فأفضاها ‪،‬‬
‫فإن كانت كبية بيث يوطأ مثلها ‪ ،‬فإنه ل يضمن ( ‪ ، ) 2‬وإن كانت صغية ل يوطأ‬
‫مثلها ‪ ،‬فعليه الدية ‪ .‬والفضاء مأخوذ من الفضاء ‪ ،‬وهو الكان الواسع ‪ ،‬ويكون بعن‬
‫الماع ومنه قول ال سبحانه ‪ " :‬وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إل بعض " ‪.‬‬
‫ويكون بعن اللمس ‪ ،‬ومنه قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إذا أفضى أحدكم بيده إل‬
‫ذكره ‪ ،‬فليتوضأ " ‪ .‬والراد به هنا ‪ :‬إزالة الاجز الذي بي الفرج والدبر ‪ .‬الائط يقع‬
‫على شخص فيقتله إذا مال حائط إل الطريق ‪ ،‬أو إل ملك غيه ‪ ،‬ث وقع على شخص‬
‫فقتله ‪ ،‬فإن كان قد سبق أن طولب صاحبه بنقضه ‪ ،‬ول ينقضه مع التمكن منه ‪ ،‬ضمن‬
‫ما تلف بسببه ‪ ،‬وإل فل يضمن ( ‪ . ) 3‬ورواية أشهب عن مالك ‪ :‬أنه إذا بلغ من شدة‬
‫الوف إل ما ل يؤمن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وإذا مات ل يب عليه القود ‪ ،‬وتب الدية ‪،‬‬
‫لن العلج كان بإذن الريض ‪ ) 2 ( .‬هذا مذهب أب حنيفة وأحد ‪ .‬وقال الشافعي ‪،‬‬
‫ورواية عن مالك ‪ :‬عليه الدية ‪ .‬والشهور عن مالك ‪ :‬أن فيه حكومة ‪ ) 3 ( .‬هذا‬
‫مذهب الحناف ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 582‬معه التلف ‪ ،‬ضمن ما تلف به ‪ ،‬سواء تقدم‬
‫إليه ف نقضه ‪ ،‬أم ل يتقدم ‪ ،‬أو أشهد عليه ‪ ،‬أم ل يشهد عليه ‪ .‬وأشهر الروايات عن‬
‫أحد ‪ ،‬وأظهر الوجوه عند الشافعية أنه ل يضمن ‪ .‬ضمان حافر البئر إذا حفر إنسان‬
‫بئرا ‪ ،‬فوقع فيه إنسان ‪ ،‬فإن حفر ف أرض يلكها ‪ ،‬أو ف أرض ل يلكها ‪ ،‬واستأذن‬
‫الالك فل ضمان عليه ‪ ،‬وإن حفر فيما ل يلك ‪ ،‬وبل إذن صاحب الرض ‪ ،‬ضمن ‪ ،‬ول‬
‫ضمان إذا كان ف ملكه أو إذن‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 582‬‬

‫‪426‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الالك ‪ ،‬أو كان ف موات ‪ ،‬لقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬البئر جبار " ‪ ،‬أي‬
‫أن من تردى فيه ف هذه الالة فهلك ‪ ،‬فهدر ل دية له ‪ .‬وقال مالك ‪ " :‬إن حفر ف‬
‫موضع جرت العادة بالفر ف مثله ‪ ،‬ل يضمن وإن تعدى ف الفر ضمن " ‪ .‬ومن أمر‬
‫شخصا مكلفا أن ينل بئرا ‪ ،‬أو أن يصعد شجرة ففعل ‪ ،‬فهلك بنوله البئر ‪ ،‬أو صعوده‬
‫الشجرة ‪ ،‬ل يضمنه المر لعدم إكراهه له ‪ .‬ومثل ذلك الاكم إذا استأجر شخصا لذلك‬
‫فهلك ‪ ،‬فل ضمان ‪ ،‬لعدم الناية والتعدي منه ‪ .‬ولو سلم إنسان نفسه أو ولده ‪ ،‬إل‬
‫سابح يسن السباحة فغرق ‪ ،‬فل ضمان عليه ‪ .‬الذن ف أخذ الطعام وغيه ذهب جهور‬
‫العلماء ‪ :‬إل أنه ل يوز لحد أن يلب ماشية غيه إل بإذنه ‪ ،‬فإن اضطر ف ممصة ‪،‬‬
‫ومالكها غي حاضر ‪ ،‬فله أن يلبها ‪ ،‬ويشرب لبنها ‪ ،‬ويضمن لالكها ‪ .‬وكذلك سائر‬
‫الطعمة والثمار العلقة ف الشجر ‪ ،‬لن الضطرار ل يبطل حق الغي ‪ .‬روى مالك ‪ ،‬عن‬
‫نافع ‪ ،‬عن ابن عمر ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه ‪ /‬صفحة ‪ / 583‬وسلم قال ‪ " :‬ل‬
‫يتلب أحد ماشية أحد بغي إذنه ‪ ،‬أيب أحدكم أن يؤتى مشربته ( ‪ ) 1‬فتكسر خزانته ‪،‬‬
‫فينتقل منها طعامه ‪ ،‬وإنا تزن لم ضروع مواشيهم أطعماتم ‪ ،‬فل يتلب أحد ماشية‬
‫أحد إل بإذنه " ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬ل يضمن ‪ ،‬لن السؤولية تسقط بالضطرار ‪ ،‬لوجود‬
‫الذن من الشارع ‪ ،‬ول يتمع إذن وضمان ‪ .‬القسامة القسامة ‪ :‬تستعمل بعن السن‬
‫والمال ‪ .‬والقصود با هنا ‪ :‬اليان ‪ ،‬مأخوذة من ‪ :‬أقسم ‪ ،‬يقسم ‪ ،‬إقساما ‪ ،‬وقسامة ‪.‬‬
‫فهي مصدر مشتق من القسم ‪ ،‬كاشتقاق الماعة من المع ‪ .‬وصورتا ‪ :‬أن يوجد قتيل‬
‫ل يعرف قاتله ‪ ،‬فتجري القسامة على الماعة الت يكن أن يكون القاتل مصورا فيهم ‪،‬‬
‫بشرط أن يكون عليهم لوث ( ‪ ) 2‬ظاهر ‪ ،‬بأن يوجد القتيل بي قوم من العداء ‪ ،‬ول‬
‫يالطهم غيهم ‪ ،‬أو اجتمع جاعة ف بيت أو صحراء ‪ ،‬وتفرقوا عن قتيل ‪ ،‬أو وجد ف‬
‫ناحية ‪ ،‬وهناك رجل متضب بدمه ‪ .‬فإذا كان القتيل ف بلدة ‪ ،‬أو ف طريق من طرقها ‪،‬‬
‫أو قريبا منها أجريت القسامة على أهل البلدة ‪ .‬وإن وجدت جثته بي بلدين ‪ ،‬أجريت‬
‫القسامة على أقربا مسافة من مكان جثته ‪ .‬وكيفية القسامة ‪ ،‬هي ‪ :‬أن يتار ول القتول‬
‫خسي رجل من هذه البلدة ليحلفوا بال أنم ما قتلوه ‪ ،‬ول علموا له قاتل ‪ ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬الشربة ‪ :‬كالغرفة يوضع فيها التاع ‪ ،‬فقد شبه الرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫‪427‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ضروع الواشي ف حفظ اللب بالغرفة الت يفظ فيها النسان متاعه ‪ ،‬وف الديث إثبات‬
‫القياس ورد الشئ إل نظيه ‪ ) 2 ( .‬اللوث ‪ :‬العلمة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 584‬فإن‬
‫حلفوا سقطت عنهم الدية ‪ ،‬وإن أبوا ‪ ،‬وجبت ديته على أهل البلدة جيعا ‪ .‬وإن التبس‬
‫المر كانت ديته من بيت الال ‪ .‬النظام العرب الذي أقره السلم وكانت القسامة معمول‬
‫با ف الاهلية ‪ ،‬فأقرها السلم على ما كانت عليه ‪ .‬وحكمة إقرار السلم لا ‪ ،‬أنا‬
‫مظهر من مظاهر حاية النفس ‪ ،‬وحت ل يذهب دم القتيل هدرا ‪ " .‬أخرج البخاري ‪،‬‬
‫والنسائي ‪ ،‬عن ابن عباس ‪ ،‬رضي ال عنهما ‪ :‬أن أول قسامة كانت ف الاهلية ‪ " :‬كان‬
‫رجل من بن هاشم ‪ ،‬استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى فانطلق معه ف إبله ‪ ،‬فمر‬
‫به رجل من بن هاشم قد انقطعت عروة جوالقه ‪ ،‬فقال ‪ :‬أغثن بعقال أشد به عروة‬
‫جوالقي ‪ ،‬ل تنفر البل ‪ ،‬فأعطاه عقال فشد به عروة جوالقه ‪ .‬فلما نزلوا ‪ ،‬عقلت البل‬
‫إل بعيا واحدا ‪ ،‬فقال الذي استأجره ‪ :‬ما بال هذا البعي ل يعقل من بي البل ؟ قال ‪:‬‬
‫ليس له عقال ‪ .‬قال ‪ :‬فأين عقاله ؟ فحذفه بعصا كان فيه أجله ‪ ،‬فمر به رجل من أهل‬
‫اليمن ‪ .‬فقال له ‪ :‬أتشهد الوسم ؟ قال ‪ :‬ما أشهده ‪ ،‬وربا شهدته ‪ .‬قال ‪ :‬هل أنت مبلغ‬
‫عن رسالة ‪ ،‬مرة من الدهر ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬فإذا شهدت ‪ ،‬فناد ‪ :‬يا قريش ‪ ،‬فإذا‬
‫أجابوك ‪ .‬فناد ‪ :‬يا آل بن هاشم ‪ ،‬فإن أجابوك ‪ ،‬فسل ‪ :‬عن أب طالب ‪ ،‬وأخبه أن فلنا‬
‫قتلن ف عقال ‪ / .‬صفحة ‪ / 585‬ومات الستأجر ‪ .‬فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو‬
‫طالب ‪ .‬فقال ‪ :‬ما فعل صاحبنا ؟ قال ‪ :‬مرض فأحسنت القيام عليه ووليت دفنه ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫قد كان أهل ذاك منك ‪ .‬فمكث حينا ‪ ،‬ث إن الرجل الذي أوصى إليه ‪ ،‬أن يبلغ عنه ‪،‬‬
‫واف الوسم ‪ .‬فقال ‪ :‬يا قريش ‪ .‬قالوا ‪ :‬هذه قريش ‪ .‬قال ‪ :‬يا آل بن هاشم ‪ .‬قالوا ‪ :‬هذه‬
‫بنو هاشم ‪ .‬قال ‪ :‬أين أبو طالب ؟ قالوا ‪ :‬هذا أبو طالب ‪ .‬قال ‪ :‬أمرن فلن أن أبلغك‬
‫رسالة ‪ ،‬أن فلنا قتله ف عقال ‪ .‬فأتاه أبو طالب ‪ ،‬فقال ‪ :‬اختر منا إحدى ثلث ‪ :‬إن‬
‫شئت أن تؤدي مائة من البل ‪ ،‬فإنك قتلت صاحبنا ‪ ،‬وإن شئت ‪ ،‬حلف خسون من‬
‫قومك أنك ل تقتله ‪ ،‬فإن أبيت قتلناك به ‪ .‬فأتى قومه فأخبهم ‪ .‬فقالوا ‪ :‬نلف ‪ .‬فأتته‬
‫امرأة من بن هاشم ‪ ،‬كانت تت رجل منهم ‪ ،‬كانت قد ولدت منه فقالت ‪ :‬يا أبا‬
‫طالب ‪ .‬أحب أن يب إبن هذا برجل من المسي ول تصب يينه حيث تصب اليان ‪.‬‬

‫‪428‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 585‬‬
‫ففعل ‪ .‬فأتاه رجل منهم ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أبا طالب ‪ ،‬أردت خسي رجل أن يلفوا مكان مائة‬
‫من البل ‪ ،‬فيصيب كل رجل منهم بعيان ‪ ،‬هذان البعيان فاقبلهما من ول تصب يين ‪،‬‬
‫حيث تصب اليان ‪ ،‬فقبلهما ‪ .‬وجاء ثانية وأربعون فحلفوا ‪ / .‬صفحة ‪ / 586‬قال ابن‬
‫عباس رضي ال عنهما ‪ " .‬فوالذي نفسي بيده ما حال الول ‪ ،‬ومن الثمانية والربعي‬
‫عي تطرف " ! الختلف ف الكم بالقسامة ‪ :‬اختلف العلماء ف وجوب الكم‬
‫بالقسامة ‪ .‬فقال جهور الفقهاء ‪ :‬بوجوب الكم با ‪ .‬وقالت طائفة من العلماء ‪ :‬ل يوز‬
‫الكم با ‪ .‬قال ابن رشد ف بداية الجتهد ‪ " :‬وأما وجوب الكم با على الملة ‪ ،‬فقال‬
‫به جهور فقهاء المصار ‪ :‬مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬وسفيان ‪ ،‬وداود ‪،‬‬
‫وأصحابم ‪ ،‬وغي ذلك من فقهاء المصار ‪ .‬وقالت طائفة من العلماء ‪ :‬سال بن عبد‬
‫ال ‪ ،‬وأبو قلبة ‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز ‪ ،‬وابن علية ‪ :‬ل يوز الكم با ‪ .‬عمدة المهور‬
‫ما ثبت عنه عليه الصلة والسلم ‪ ،‬من حديث حويصة وميصة ‪ ،‬وهو حديث متفق على‬
‫صحته من أهل الديث ‪ ،‬إل أنم متلفون ف ألفاظه ‪ .‬وعمدة الفريق الثان لعدم جواز‬
‫الكم با ‪ :‬أن القسامة مالفة لصول الشرع الجمع على صحتها ‪ ،‬فمنها ‪ :‬ان الصل ف‬
‫الشرع أن ل يلف أحد إل على ما علم قطعا ‪ ،‬أو شاهد حسا ‪ ،‬وإذا كان ذلك كذلك‬
‫فكيف يقسم أولياء الدم ‪ ،‬وهم ل يشاهدوا القتيل ‪ ،‬بل قد يكونون ف بلد ‪ ،‬والقتل ف‬
‫بلد آخر ‪ .‬ولذلك روى البخاري عن أب قلبة ‪ " :‬أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره‬
‫يوما للناس ‪ ،‬ث أذن لم فدخلوا عليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما تقولون ف القسامة ؟ فأضب القوم ‪،‬‬
‫وقالوا ‪ :‬نقول ‪ :‬إن القسامة القود با حق ‪ ،‬قد أقاد با اللفاء ‪ .‬فقال ‪ :‬ما تقول يا أبا‬
‫قلبة ؟ ونصبن للناس ‪ .‬فقلت ‪ :‬يا أمي الؤمني ‪ ،‬عندك أشراف العرب ‪ ،‬ورؤساء الجناد‬
‫‪ / .‬صفحة ‪ / 587‬أرأيت لو أن خسي رجل شهدوا على رجل ‪ ،‬أنه زنا بدمشق ‪ ،‬ول‬
‫يروه ‪ ،‬أكنت ترجه ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬قلت ‪ :‬أفرأيت لو أن خسي رجل شهدوا على رجل‬
‫أنه سرق بمص ‪ ،‬ول يروه ‪ ،‬أكنت تقطعه ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬وف بعض الروايات ‪ :‬قلت ‪:‬‬
‫فما بالم إذا شهدوا أنه قتله بأرض كذا ‪ ،‬وهم عندك ‪ ،‬أقدت بشهادتم ‪ .‬قال ‪ :‬فكتب‬

‫‪429‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬ف القسامة ‪ ،‬أنم إن أقاموا شاهدي عدل ‪ :‬أن فلنا قتله ‪ ،‬فأقده ‪،‬‬
‫ول يقتل بشهادة المسي الذين أقسموا " ‪ .‬قالوا ‪ " :‬ومنها ‪ :‬أن من الصول ‪ ،‬أن اليان‬
‫ليس لا تأثي ف إشاطة الدماء " ‪ .‬ومنها ‪ " :‬أن من الصول ‪ :‬ان البينة على من ادعى ‪،‬‬
‫واليمي على من أنكر " ‪ .‬ومن حجتهم ‪ " :‬أنم ل يرو ف تلك الحاديث ‪ ،‬أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم حكم بالقسامة ‪ ،‬وإنا كانت حكما جاهليا ‪ ،‬فتلطف لم رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم لييهم كيف ل يلزم الكم با ‪ ،‬على أصول السلم ‪ ،‬ولذلك‬
‫قال لم ‪ " :‬أتلفون خسي يينا " ‪ -‬أعن لولة الدم ‪ ،‬وهم النصار ‪ -‬؟ قالوا ‪ :‬كيف‬
‫نلف ‪ ،‬ول نشاهد ؟ قال ‪ :‬فيحلف لكم اليهود ‪ .‬قالوا ‪ :‬كيف نقبل أيان قوم كفار ؟‬
‫قالوا ‪ :‬فلو كانت السنة أن يلفوا وإن ل يشهدوا لقال لم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ :‬هي السنة ‪ .‬قال ‪ :‬إذا كانت هذه الثار غي نص ف القضاء بالقسامة ‪ ،‬والتأويل يتطرق‬
‫إليها ‪ ،‬فصرفها بالتأويل إل الصول أول ‪ / .‬صفحة ‪ / 588‬وأما القائلون با ‪ ،‬وباصة‬
‫" مالك " ‪ ،‬فرأى أن سنة القسامة ‪ ،‬سنة منفردة بنفسها ‪ ،‬مصصة للصول ‪ ،‬كسائر‬
‫السنن الخصصة ‪ ،‬وزعم أن العلة ف ذلك حوطة الدماء ‪ ،‬وذلك أن القتل لا كان يكثر ‪،‬‬
‫وكان يقل قيام الشهادة عليه ‪ ،‬لكون القاتل إنا يتحرى بالقتل مواضع اللوات ‪ ،‬جعلت‬
‫هذه السنة حفظا للدماء ‪ ،‬لكن هذه العلة تدخل عليه ف قطاع الطريق ‪ ،‬والسراق ‪ ،‬وذلك‬
‫ان السارق تعسر الشهادة عليه ‪ ،‬وكذلك قاطع الطريق ‪ .‬فلهذا أجاز مالك شهادة‬
‫السلوبي على السالبي ‪ ،‬مع مالفة ذلك للصول ‪ ،‬وذلك أن السلوبي مدعون على‬
‫سلبهم " انتهى ‪ / .‬صفحة ‪ / 589‬التعزير ( ‪ ) 1‬تعريفه ‪ :‬يأت التعزير بعن " التعظيم‬
‫والنصرة " ‪ ،‬ومن ذلك قول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬لتؤمنوا بال ورسوله وتعزروه " ‪ .‬أي‬
‫تعظموه وتنصروه ( ‪ . ) 1‬ويأت بعن الهانة ‪ :‬يقال عزر فلن فلنا ‪ ،‬إذا أهانه زجرا‬
‫وتأديبا له على ذنب وقع منه ‪ .‬والقصود به ف الشرع ‪ :‬التأديب على ذنب ل حد فيه ول‬
‫كفارة ‪ .‬أي أنه عقوبة تأديبية يفرضها الاكم ( ‪ ) 2‬على جناية ( ‪ ) 3‬أو معصية ل يعي‬
‫الشرع لا عقوبة ‪ ،‬أو حدد لا عقوبة ولكن ل تتوفر فيها شروط التنفيذ مثل الباشرة ف‬
‫غي الفرج ‪ ،‬وسرقة مال قطع فيه ‪ ،‬وجناية ل قصاص فيها ‪ ،‬وإتيان الرأة الرأة ‪ ،‬والقذف‬
‫بغي الزن ‪ .‬ذلك أن العاصي ثلثة أقسام ‪ - 1 :‬نوع فيه حد ‪ ،‬ول كفارة فيه ‪ :‬وهي‬

‫‪430‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الدود الت تقدم ذكرها ‪ - 2 .‬ونوع فيه كفارة ‪ ،‬ول حد فيه ‪ .‬مثل ‪ :‬الماع ف نار‬
‫رمضان ‪ ،‬والماع ف الحرام ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 589‬‬
‫‪ - 3‬ونوع ل كفارة فيه ول حد ‪ ،‬كالعاصي الت تقدم ذكرها ‪ ،‬فيجب فيها التعزير ‪( .‬‬
‫‪ ) 2‬مشروعيته ‪ :‬والصل ف مشروعيته ما رواه أبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬والنسائي ‪،‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الفتح ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 9‬الاكم ‪ :‬هو الذي ينفذ الحكام‬
‫السلم ويقيم حدوده ويتقيد بتعاليمه ‪ ) 3 ( .‬الناية ف العرف القانون ‪ " :‬هي الرية‬
‫الت تكون عقوبتها العدام أو الشغال الشاقة أو السجن " ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 590‬‬
‫والبيهقي ‪ ،‬عن بز بن حكيم ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن جده ‪ " :‬ان النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫حبس ف التهمة " صححه الاكم ‪ .‬وإنا كان هذا البس حبسا احتياطيا حت تظهر‬
‫القيقة ‪ .‬وأخرج البخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬عن هانئ بن نيار أنه سع رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬ل تلدوا فوق عشرة أسواط ‪ ،‬إل ف حد من حدود ال‬
‫تعال " ‪ .‬وقد ثبت أن عمر بن الطاب رضي ال عنه كان يعزر ويؤدب ‪ ،‬بلق الرأس‬
‫والنفي والضرب ‪ ،‬كما كان يرق حوانيت المارين ‪ ،‬والقرية الت يباع فيها المر ‪.‬‬
‫وحرق قصر سعد بن أب وقاص بالكوفة ‪ ،‬لا احتجب فيه عن الرعية ‪ .‬وقد اتذ درة‬
‫يضرب با من يستحق الضرب ‪ ،‬واتذ دارأ للسجن ‪ ،‬وضرب النائحة حت بدا شعرها (‬
‫‪ . ) 1‬وقال الئمة الثلثة ‪ :‬إنه واجب ( ‪ . ) 2‬وقال الشافعي ‪ :‬ليس بواجب ‪) 3 ( .‬‬
‫حكمة مشروعيته والفرق بينه وبي الدود ‪ :‬وقد شرعه السلم لتأديب العصاة‬
‫والارجي على النظام ‪ ،‬فالكمة فيه هي الكمة من شرعية الدود الت سبق ذكرها ف‬
‫مواضعها ‪ .‬إل أنه يتلف عن الدود من ثلثة أوجه ‪ - 1 .‬أن الدود يتساوى الناس‬
‫فيها جيعا ‪ ،‬بينما التعزير يتلف باختلفهم ‪ .‬فإذا زل رجل كري ‪ ،‬فإنه يوز العفو عن‬
‫زلته ‪ .‬وإذا عوقب عليها فإنه ينبغي أن تكون عقوبته أخف من عقوبة من ارتكب مثل‬
‫زلته ‪ ،‬من هو دونه ف الشرف والنلة ‪ .‬روى أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬والبيهقي ‪،‬‬
‫أن رسول ال صلى ال ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ويراجع ف ذلك إغاثة اللهفان لبن قيم الوزية‬

‫‪431‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ) 2 ( .‬أي أن التعزير فيما شرع فيه التعزير واجب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 591‬عليه وسلم‬
‫‪ ،‬قال ‪ " :‬أقيلوا ذوي اليئات عثراتم ‪ ،‬إل الدود " ‪ .‬أي إذا زل رجل من ل يعرف‬
‫بالشر زلة ‪ ،‬أو ارتكب صغية من الصغائر ‪ ،‬أو كان طائعا وكانت هذه أول خطاياه ‪،‬‬
‫فل تؤاخذوه ‪ .‬وإذا كان ل بد من الؤاخذة ‪ ،‬فلتكن مؤاخذة خفيفة ‪ - 2 .‬أن الدود ل‬
‫توز فيها الشفاعة بعد أن ترفع إل الاكم ‪ .‬بينما التعازير يوز فيها الشفاعة ‪ - 3 .‬أن‬
‫من مات بالتعزير ‪ ،‬فإن فيه الضمان ‪ ،‬فقد أرهب عمر بن الطاب رضي ال عنه امرأة ‪،‬‬
‫فأخصت بطنها ‪ ،‬فألقت جنينا ميتا ‪ ،‬فحمل دية جنينها ( ‪ . ) 1‬وقال أبو حنيفة ‪ ،‬ومالك‬
‫‪ :‬ل ضمان ‪ ،‬ول شئ ‪ ،‬لن التعزير والد ف ذلك سواء ‪ ) 4 ( .‬صفة التعزير ‪ :‬والتعزير‬
‫يكون بالقول ‪ :‬مثل التوبيخ ‪ ،‬والزجر ‪ ،‬والوعظ ‪ ،‬ويكون بالفعل ‪ ،‬حسب ما يقتضيه‬
‫الال ‪ ،‬كما يكون بالضرب ‪ ،‬والبس ‪ ،‬والقيد ‪ ،‬والنفي ‪ ،‬والعزل والرفت ‪ .‬روى أبو‬
‫داود ‪ ،‬أنه أت النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬بخنث قد خضب يديه ورجليه بالناء ‪ .‬فقال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ما بال هذا ؟ فقالوا ‪ :‬يتشبه بالنساء ‪ .‬فأمر به فنفي إل البقيع ‪.‬‬
‫فقالوا ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬نقتله ؟ فقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن نيت عن قتل الصلي "‬
‫‪ .‬ول يوز التعزير بلق اللحية ‪ ،‬ول بتخريب الدور ‪ ،‬وقلع البساتي ‪ ،‬والزروع ‪ ،‬والثمار‬
‫‪ ،‬والشجر ‪ / .‬صفحة ‪ / 592‬كما ل يوز بدع النف ‪ ،‬ول بقطع الذن أو الشفة أو‬
‫النامل ‪ ،‬لن ذلك ل يعهد عن أحد من الصحابة ‪ ) 5 ( .‬الزيادة ف التعزير على عشرة‬
‫أسواط ‪ :‬تقدم حديث هانئ بن نيار ‪ ،‬النهي ف التعزير عن الزيادة على عشرة أسواط ‪.‬‬
‫وقد أخذ بذا ‪ ،‬أحد ‪ ،‬والليث ‪ ،‬وإسحق ‪ ،‬وجاعة من الشافعية ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ل توز الزيادة‬
‫على عشرة أسواط الت قررها الشارع ‪ .‬وذهب مالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وزيد بن علي ‪،‬‬
‫وآخرون ‪ ،‬إل جواز الزيادة على العشرة ‪ ،‬ولكن ل يبلغ أدن الدود ‪ .‬وقالت طائفة ‪ :‬ل‬
‫يبلغ بالتعزير ف العصية قدر الد فيها ‪ .‬فل يبلغ بالتعزير على النظر والباشرة حد الزن ‪،‬‬
‫ول على السرقة من غي حرز حد القطع ‪ ،‬ول على السب من غي قذف حد القذف ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬يتهد ول المر ‪ ،‬ويقدر العقوبة حسب الصلحة وبقدر الرية ‪ ) 6 ( .‬التعزير‬
‫بالقتل ‪ :‬والتعزير بالقتل أجازه بعض العلماء ‪ ،‬ومنعه بعض آخر ‪ .‬وقد جاء ف ابن عابدين‬
‫نقل عن الافظ بن تيمية ‪ " :‬إن من أصول النفية ‪ ،‬أن مال قتل فيه عندهم ‪ ،‬مثل القتل‬

‫‪432‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بالثقل ‪ ،‬وفاحشة الرجال ‪ ،‬إذا تكررت ‪ ،‬فللمام أن يقتل فاعله ‪ ،‬وكذلك له أن يزيد‬
‫على الد القدر إذا رأى الصلحة ف ذلك " ‪ ) 7 ( .‬التعزير بأخذ الال ‪ :‬ويوز التعزير‬
‫بأخذ الال ‪ ،‬وهو مذهب أب يوسف ‪ ،‬وبه قال مالك ‪ .‬قال صاحب معي الكام ‪" :‬‬
‫ومن قال ‪ :‬إن العقوبة الالية منسوخة ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 592‬‬
‫فقد غلط على مذاهب الئمة ‪ ،‬نقل واستدلل ‪ ،‬وليس يسهل دعوى نسخها ‪ ،‬والدعون‬
‫للنسخ ليس معهم سنة ول إجاع ‪ ،‬يصحح دعواهم ‪ / .‬صفحة ‪ / 593‬إل أن يقولوا ‪:‬‬
‫مذهب أصحابنا ل يوز ‪ .‬وقال ابن القيم ‪ :‬إن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬عزر برمان‬
‫النصيب الستحق من السلب ‪ ،‬وأخب عن تعزير مانع الزكاة بأخذ شطر ماله ‪ .‬فقال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬فيما يرويه أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ " :‬من أعطاها مؤترا فله‬
‫أجرها ‪ ،‬ومن منعها فإنا آخذوها ‪ ،‬وشطر ماله ‪ ،‬عزمة من عزمات ربنا " ‪ ) 8 ( .‬التعزير‬
‫من حق الاكم ‪ :‬والتعزير يتوله الاكم ‪ ،‬لن له الولية العامة على السلمي ‪ .‬وف سبل‬
‫السلم ‪ :‬وليس التعزير لغي المام ‪ ،‬إل لثلثة ‪ - 1 :‬الول الب ‪ ،‬فإن له تعزير ولده‬
‫الصغي للتعليم ‪ ،‬والزجر عن سيئ الخلق ‪ ،‬والظاهر أن الم ف مسألة زمن الصبا ‪ ،‬ف‬
‫كفالته ‪ ،‬لا ذلك ‪ ،‬والمر بالصلة ‪ ،‬والضرب عليها ‪ ،‬وليس للب تعزير البالغ ‪ ،‬وإن‬
‫كان سفيها ‪ - 2 .‬والثان السيد ‪ ،‬يعزر رقيقه ف حق نفسه ‪ ،‬وف حق ال تعال ‪ ،‬على‬
‫الصح ‪ - 3 .‬والثالث الزوج ‪ ،‬له تعزير زوجته ف أمر النشوز ‪ ،‬كما صرح به القرآن ‪،‬‬
‫وهل له ضربا على ترك الصلة ونوها ؟ الظاهر أن له ذلك إن ل يكف فيها الزجر ‪،‬‬
‫لنه من باب إنكار النكر ‪ ،‬والزوج من جلة من يكلف بالنكار باليد ‪ ،‬أو اللسان ‪ ،‬أو‬
‫النان ‪ ،‬والراد هنا الولن ‪ .‬اه‍ وكذلك يوز للمعلم تأديب الصبيان ‪ ) 9 ( .‬الضمان ف‬
‫التعزير ‪ :‬ول ضمان على الب إذا أدب ولده ‪ / .‬صفحة ‪ / 594‬ول على الزوج إذا‬
‫أدب زوجته ‪ .‬ول على الاكم إذا أدب الحكوم بشرط أل يسرف واحد منهم ‪ ،‬ويزيد‬
‫على ما يصل به القصود ‪ .‬فإذا أسرف واحد منهم ف التأديب كان متعديا ‪ ،‬وضمن‬
‫بسبب تعديه ما أتلفه ‪ / .‬صفحة ‪ / 595‬السلم ف السلم إن السلم مبدأ من البادئ‬

‫‪433‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الت عمق السلم جذورها ف نفوس السلمي ‪ ،‬فأصبحت جزءا من كيانم ‪ ،‬وعقيدة من‬
‫عقائدهم ‪ .‬لقد صاح السلم ‪ -‬منذ طلع فجره ‪ ،‬وأشرق نوره ‪ -‬صيحته الدوية ف آفاق‬
‫الدنيا ‪ ،‬يدعو إل السلم ‪ ،‬ويضع الطة الرشيدة الت تبلغ بالنسانية إليه ‪ .‬إن السلم‬
‫يب الياة ‪ ،‬ويقدسها ‪ ،‬ويبب الناس فيها ‪ ،‬وهو لذلك يررهم من الوف ‪ ،‬ويرسم‬
‫الطريقة الثلى لتعيش النسانية متجهة إل غاياتا من الرقي والتقدم ‪ ،‬وهي مظللة بظلل‬
‫المن الوارفة ‪ .‬ولفظ السلم ‪ -‬الذي هو عنوان هذا الدين ‪ -‬مأخوذ من مادة السلم ‪،‬‬
‫لن السلم والسلم ‪ ،‬يلتقيان ف توفي الطمأنينة ‪ ،‬والمن ‪ ،‬والسكينة ‪ .‬ورب هذا الدين‬
‫من أسائة " السلم " ‪ ،‬لنه يؤمن الناس با شرع من مبادئ ‪ ،‬وبا رسم من خطط‬
‫ومناهج ‪ .‬وحامل هذه الرسالة هو حامل راية السلم ‪ ،‬لنه يمل إل البشرية الدى ‪،‬‬
‫والنور ‪ ،‬والي ‪ ،‬والرشاد ‪ .‬وهو يدث عن نفسه ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬إنا أنا رحة مهداة " ‪.‬‬
‫ويدث القرآن عن رسالته ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬وما أرسلناك إل رحة للعالي " ‪ .‬وتية السلمي‬
‫الت تؤلف القلوب وتقوي الصلت وتربط النسان بأخيه النسان ‪ ،‬هي السلم ‪ .‬وأول‬
‫الناس بال وأقربم إليه من بدأهم بالسلم ‪ .‬وبذل السلم للعال ‪ ،‬وإفشاؤه جزء من اليان‬
‫‪ .‬وقد جعل ال تية السلمي بذا اللفظ ‪ ،‬للشعار بأن دينهم دين السلم والمان ‪ ،‬وهم‬
‫أهل السلم ومبو السلم ‪ / .‬صفحة ‪ / 596‬وف الديث أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول ‪ " :‬إن ال جعل السلم تية لمتنا ‪ ،‬وأمانا لهل ذمتنا " ‪ .‬وما ينبغي للنسان‬
‫أن يتكلم مع إنسان قبل أن يبدأه بكلمة السلم ‪ .‬يقول رسول السلم صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬السلم قبل الكلم " ‪ .‬وسبب ذلك ‪ :‬أن السلم أمان ‪ ،‬ول كلم إل بعد‬
‫المان ‪ .‬والسلم مكلف وهو يناجي ربه بأن يسلم على نبيه ‪ ،‬وعلى نفسه ‪ ،‬وعلى عباد‬
‫ال الصالي ‪ ،‬فإذا فرغ من مناجاته ل وأقبل على الدنيا ‪ ،‬أقبل عليها من جانب السلم ‪،‬‬
‫والرحة ‪ ،‬والبكة ‪ .‬وف ميدان الرب والقتال ‪ ،‬إذا أجرى القاتل كلمة السلم على‬
‫لسانه ‪ ،‬وجب الكف عن قتاله ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬ول تقولوا لن ألقى إليكم السلم‬
‫لست مؤمنا " ‪ .‬وتية ال للمؤمني تية سلم ‪ " :‬تيتهم يوم يلقونه سلم " ‪ .‬وتية‬
‫اللئكة للبشر ف الخرة سلم ‪ " :‬واللئكة يدخلون عليهم من كل باب سلم عليكم "‬
‫‪ .‬ومستقر الصالي دار المن والسلم ‪ " .‬وال يدعو إل دار السلم " ‪ " .‬لم دار السلم‬

‫‪434‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عند ربم " ‪ .‬وأهل النة ل يسمعون من القول ول يتحدثون بلغة غي لغة السلم ‪ " :‬ل‬
‫يسمعون فيها لغوا ول تأثيما ‪ .‬إل قيل سلما سلما " ‪ .‬وكثرة تكرار هذا اللفظ ‪-‬‬
‫السلم ‪ -‬على هذا النحو ‪ ،‬مع إحاطته بالو الدين النفسي ‪ ،‬من شأنه أن يوقظ الواس‬
‫جيعها ‪ ،‬ويوجه الفكار والنظار إل هذا البدأ السامي العظيم ‪ / .‬صفحة ‪ / 597‬اتاه‬
‫السلم نو الثالية بل إن السلم يوجب العدل ويرم الظلم ‪ ،‬ويعل من تعاليمه السامية‬
‫وقيمه الرفيعة من الودة ‪ ،‬والرحة ‪ ،‬والتعاون ‪ ،‬واليثار ‪ ،‬والتضحية ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 597‬‬
‫وإنكار الذات ‪ ،‬ما يلطف الياة ويعطف القلوب ‪ ،‬ويؤاخي بي النسان وأخيه النسان ‪.‬‬
‫وهو بعد ذلك كله يترم العقل النسان ‪ ،‬ويقدر الفكر البشري ‪ ،‬ويعل العقل والفكر‬
‫وسيلتي من وسائل التفاهم والقناع ‪ .‬فهو ل يرغم أحدا على عقيدة معينة ‪ ،‬ول يكره‬
‫إنسانا على نظرية خاصة بالكون أو الطبيعة أو النسان ‪ ،‬وحت ف قضايا الدين يقرر أنه "‬
‫ل إكراه ف الدين " ‪ ،‬وأن وسيلته هي استعمال العقل والفكر والنظر فيما خلق ال من‬
‫أشياء ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬ل إكراه ف الدين ‪ -‬قد تبي الرشد من الغي " ‪ .‬ويقول تعال‬
‫‪ " :‬ولو شاء ربك لمن من ف الرض كلهم جيعا ‪ ،‬أفأنت تكره الناس حت يكونوا‬
‫مؤمني " ‪ " .‬وما كان لنفس أن تؤمن إل بإذن ال ‪ ،‬ويعل الرجس على الذين ل يعقلون‬
‫" ‪ " .‬قل انظروا ماذا ف السموات والرض ‪ ،‬وما تغن اليات والنذر عن قوم ل يؤمنون‬
‫" ‪ .‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ل تكن وظيفته إل أنه مبلغ عن ال وداعية إليه ‪.‬‬
‫يقول ال تعال ‪ " :‬يأيها النب إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ‪ ،‬وداعيا إل ال بإذنه‬
‫وسراجا منيا " ‪ .‬العلقات النسانية السلم ل يقف عند حد الشادة بذا البدأ‬
‫فحسب ‪ ،‬وإنا يعل العلقة ‪ /‬صفحة ‪ / 598‬بي الفراد ‪ ،‬وبي الماعات ‪ ،‬وبي الدول‬
‫‪ ،‬علقة سلم وأمان ‪ ،‬يستوي ف ذلك علقة السلمي بعضهم ببعض ‪ ،‬وعلقة السلمي‬
‫بغيهم ‪ .‬وفيما يلي بيان ذلك ‪ :‬علقة السلمي بعضهم ببعض ‪ - 1 :‬جاء السلم‬
‫ليجمع القلب إل القلب ‪ ،‬ويضم الصف إل الصف ‪ ،‬مستهدفا إقامة كيان موحد ‪،‬‬
‫ومتقيا عوامل الفرقة والضعف ‪ ،‬وأسباب الفشل والزية ‪ ،‬ليكون لذا الكيان الوحد‬

‫‪435‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫القدرة على تقيق الغايات السامية ‪ ،‬والقاصد النبيلة ‪ ،‬والهداف الصالة الت جاءت با‬
‫رسالته العظمى ‪ :‬من عبادة ال ‪ ،‬وإعلء كلمته ‪ ،‬وإقامة الق ‪ ،‬وفعل الي ‪ ،‬والهاد من‬
‫أجل استقرار البادئ الت يعيش الناس ف ظلها آمني ‪ .‬فهو لذا كله يكون روابط‬
‫وصلت بي أفراد الجتمع ‪ ،‬لتخلق هذا الكيان وتدعمه ‪ .‬وهذه الروابط تتميز بأنا روابط‬
‫أدبية ‪ ،‬قابلة للنماء والبقاء ‪ ،‬وليست كغيها من الروابط الادية الت تنتهي بانتهاء‬
‫دواعيها ‪ ،‬وتنقضي بانقضاء الاجة إليها ‪ .‬إنا روابط أقوى من روابط ‪ :‬الدم ‪ ،‬واللون ‪،‬‬
‫واللغة ‪ ،‬والوطن والصال الادية ‪ ،‬وغي ذلك ما يربط بي الناس ‪ .‬وهذه الروابط من‬
‫شأنا أن تعل بي السلمي تاسكا قويا ‪ ،‬وتقيم منهم كيانا يستعصي على الفرقة وينأى‬
‫عن الل ‪ .‬وأول رباط من الروابط الدبية هو رباط اليان ‪ ،‬فهو الحور الذي تلتقي‬
‫عنده الماعة الؤمنة ‪ .‬فاليان يعل من الؤمني إخاء أقوى من إخاء النسب ‪ " .‬إنا‬
‫الؤمنون إخوة " ‪ " .‬والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض " ‪ " .‬السلم أخو السلم " ‪.‬‬
‫وطبيعة اليان تمع ول تفرق ‪ ،‬وتوحد ول تشتت ‪ / :‬صفحة ‪ " / 599‬الؤمن ألف‬
‫مألوف ‪ ،‬ول خي فيمن ل يألف ول يؤلف " ‪ .‬والؤمن قوة لخيه ‪ " .‬الؤمن للمؤمن‬
‫كالبنيان يشد بعضه بعضا " ‪ .‬وهو يس بإحساسه ‪ ،‬ويشعر بشعوره ‪ ،‬فيفرح لفرحه ‪،‬‬
‫ويزن لزنه ‪ ،‬ويرى أنه جزء منه ‪ " .‬مثل الؤمني ف توادهم وتراحهم وتعاطفهم كمثل‬
‫السد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر السد بالمى والسهر " ‪ .‬والسلم يدعم‬
‫هذا الرباط ويقوي هذه العلقة بالدعوة إل الندماج ف الماعة والنتظام ف سلكها ‪.‬‬
‫وينهى عن كل ما من شأنه أن يوهن من قوته أو يضعف من شدته ‪ ،‬فالماعة دائما ف‬
‫رعاية ال وتت يده ‪ " .‬يد ال مع الماعة ‪ ،‬ومن شذ ‪ ،‬شذ ف النار " ‪ .‬وهي التنفس‬
‫الطبيعي للنسان ‪ ،‬ومن ث كانت رحة ‪ " .‬الماعة رحة ‪ ،‬والفرقة عذاب " ‪ .‬والماعة‬
‫مهما صغرت فهي على أي حال خي من الوحدة ‪ ،‬وكلما كثر عددها ‪ ،‬كانت أفضل‬
‫وأبر ‪ " .‬الثنان خي من واحد ‪ ،‬والثلثة خي من الثني ‪ ،‬والربعة خي من الثلثة ‪،‬‬
‫فعليكم بالماعة ‪ ،‬فإن ال لن يمع أمي إل على الدى " ‪ .‬وعبادات السلم كلها ل‬
‫تؤدى إل جاعة ‪ .‬فالصلة تسن فيها الماعة ‪ ،‬وهي تفضل صلة الفذ ( ‪ ) 1‬بسبع‬
‫وعشرين درجة ‪ .‬والزكاة معاملة بي الغنياء والفقراء ‪ .‬والصيام مشاركة جاعية ‪،‬‬

‫‪436‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ومساواة ف الوع ف فترة معينة من الوقت ‪ .‬والج ملتقى عام للمسلمي جيعا كل‬
‫عام ‪ ،‬يتمعون من أطراف الرض على أقدس غاية ‪ " .‬وما اجتمع قوم ف بيت من بيوت‬
‫ال يقرأون القرآن ويتدارسونه بينهم ‪ ،‬إل نزلت عليهم السكينة ‪ ،‬وحفتهم الرحة ‪،‬‬
‫وذكرهم ال ف مل عنده " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الفذ ‪ :‬الفرد ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 600‬‬
‫ولقد كان الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬يرص على أن يتمع السلمون حت ف الظهر‬
‫الشكلي ‪ :‬فقد رآهم يوما وقد جلسوا متفرقي ‪ ،‬فقال لم ‪ " :‬اجتمعوا " فاجتمعوا ‪ ،‬فلو‬
‫بسط عليهم ثوبه لوسعهم ‪ .‬وإذا كانت الماعة هي القوة الت تمي دين ال ‪ ،‬وترس‬
‫دنيا السلمي ‪ ،‬فإن الفرقة هي الت تقضي على الدين والدنيا معا ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 600‬‬
‫ولقد نى عنها السلم أشد النهي ‪ ،‬إذ أنا الطريق الفتوح للهزية ‪ ،‬ول يؤت السلم من‬
‫جهة كما أت من جهة الفرقة الت ذهبت بقوة السلمي ‪ ،‬والت تلف عنها ‪ :‬الضر ‪،‬‬
‫والفشل ‪ ،‬والذل ‪ ،‬وسائر ما يعانون منه ‪ " .‬ول تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد‬
‫ما جاءهم البينات وأولئك لم عذاب عظيم " ‪ " .‬ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريكم " ‪.‬‬
‫" واعتصموا ببل ال جيعا ‪ ،‬ول تفرقوا " ‪ " .‬ول تكونوا من الشركي ‪ -‬من الذين فرقوا‬
‫دينهم وكانوا شيعا " ‪ " .‬إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم ف شئ " ‪ " .‬ل‬
‫تتلفوا ‪ ،‬فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا " ‪ .‬ولن تصل الماعة إل تاسكها إل إذا‬
‫بذل لا كل فرد من ذات نفسه ‪ ،‬وذات يده ‪ ،‬وكان عونا لا ف كل أمر من المور الت‬
‫تمها ‪ .‬سواء أكانت هذه العاونة معاونة مادية أو أدبية ‪ ،‬وسواء أكانت معاونة ب‍ ‪ :‬الال ‪،‬‬
‫أو العلم ‪ ،‬أو الرأي ‪ ،‬أو الشورة ‪ .‬فالناس عيال ال ‪ ،‬أحبهم إل ال أنفعهم لعياله ‪ " .‬خي‬
‫الناس أنفعهم للناس " ‪ " .‬إن ال يب إغاثة اللهفان " ‪ " .‬اشفعوا تؤجروا " ‪ .‬الؤمن مرآة‬
‫الؤمن ‪ ،‬يكف عنه ضيعته ويوطه من ورائه ‪ " .‬إن أحدكم مرآة أخيه ‪ ،‬فإن رأى منه‬
‫أذى فليحطه عنه " ‪ .‬وهكذا يعمل السلم على تقيق هذه الروابط حت يلق متمعا‬
‫متماسكا ‪ / ،‬صفحة ‪ / 601‬وكيانا قويا ‪ ،‬يستطيع مواجهة الحداث ‪ ،‬ورد عدوان‬
‫العتدين ‪ .‬وما أحوج السلمي ف هذه الونة إل هذا التجمع ‪ .‬إنم بذلك يقيمون فريضة‬

‫‪437‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إسلمية ‪ ،‬ويرزون كسبا سياسيا ‪ ،‬ويققون قوة عسكرية ‪ ،‬تمي وجودهم ‪ ،‬ووحدة‬
‫اقتصادية توفر لم كل ما يتاجون إليه من ثروات ‪ .‬لقد ترك الستعمار آثارا سيئة ‪ ،‬من ‪:‬‬
‫ضعف ف التدين ‪ ،‬وانطاط ف اللق ‪ ،‬وتلف ف العلم ‪ ،‬ول يكن القضاء على هذه‬
‫الفات الجتماعية ‪ .‬الطية ‪ ،‬إل إذا عادت المة موحدة الدف ‪ ،‬متراصة البنيان ‪،‬‬
‫متمعة الكلمة ‪ ،‬كالبنيان الرصوص ‪ ،‬يشد بعضه بعضا ‪ .‬قتال البغاة هذا هو الصل ف‬
‫العلقات والروابط الت تربط بي السلمي ‪ ،‬فإذا حدث أن تقطعت بينهم هذه العلقات ‪،‬‬
‫وانفصلت عرى الخاء ‪ ،‬وبغى بعضهم على بعض ‪ ،‬وجب قتال الباغي حت يرجع إل‬
‫العدل ‪ ،‬وإل النتظام ف سلك الماعة ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬وإن طائفتان من الؤمني‬
‫اقتتلوا ‪ ،‬فأصلحوا بينهما ‪ ،‬فإن بغت إحداها على الخرى فقاتلوا الت تبغي حت تفئ إل‬
‫أمر ال ‪ ،‬فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ‪ ،‬وأقسطوا إن ال يب القسطي " ( ‪. ) 1‬‬
‫فالية تقرر أن الؤمني إذا تقاتلوا وجب على جاعة من ذوي الرأي أن تتدخل فورا ‪،‬‬
‫وتصلح بي التقاتلي ‪ ،‬فإن بغت طائفة على الخرى ‪ ،‬ول ترضخ للصلح ‪ ،‬ول تستجب‬
‫له ‪ ،‬وجب على السلمي جيعا أن يتجمعوا لقتال هذه الطائفة الباغية ‪ .‬وقد قاتل المام‬
‫علي الفئة الباغية ‪ ،‬كما قاتل أبو بكر الصديق مانعي الزكاة ‪ ،‬وقد اتفق الفقهاء على أن‬
‫هذه الفئة الباغية ل ترج عن السلم ببغيها لن القرآن الكري وصفها باليان ‪ ،‬مع‬
‫مقاتلتها ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الجرات ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 9‬صفحة ‪/ 602‬‬
‫" وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا " ‪ .‬ولذا فإن مد برهم ل يقتل ‪ ،‬وكذلك جريهم ‪،‬‬
‫وأن أموالم ل تغنم ‪ ،‬وأن نسائهم وذراريهم ل تسب ‪ ،‬ول يضمنون ما أتلفوا حال‬
‫الرب ‪ ،‬من نفس ومن مال ‪ .‬وأن من قتل منهم غسل وكفن وصلي عليه ‪ .‬أما من قتل‬
‫من الطائفة العادلة ‪ ،‬فإنه يكون شهيدا ‪ ،‬فل يغسل ول يصلى عليه ‪ ،‬لنه قتل ف قتال أمر‬
‫ال به ‪ ،‬فهو مثل الشهيد ف معركة الكفار ‪ .‬هذا إذا كان الروج على إمام السلمي‬
‫الذي اجتمعت عليه الماعة ف قطر من القطار ‪ ،‬وكان هذا الروج مصحوبا بامتناع‬
‫عن أداء القوق القررة بصلحة الماعة أو مصلحة فراد ‪ ،‬بأن يكون القصد منه عزل‬
‫المام ‪ .‬وجلة القول انه ل بد من صفات خاصة يتميز با الارجون حت ينطبق عليهم‬
‫وصف " البغاة " ‪ .‬وجلة هذه الصفات هي ‪ - 1 :‬الروج عن طاعة الاكم العادل الت‬

‫‪438‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أوجبها ال على السلمي لولياء أمورهم ‪ - 2 .‬أن يكون الروج من جاعة قوية ‪ ،‬لا‬
‫شوكة وقوة ‪ ،‬بيث يتاج لاكم ف ردهم إل الطاعة ‪ ،‬إل إعداد رجال ومال وقتال ‪.‬‬
‫فإن ل تكن لم قوة ‪ ،‬فإن كانوا أفرادا ‪ ،‬أو ل يكن لم من العتاد ما يدفعون به عن‬
‫أنفسهم ‪ ،‬فليسوا ببغاة ‪ ،‬لنه يسهل ضبطهم وإعادتم إل الطاعة ‪ - 3 .‬أن يكون لم‬
‫تأويل سائغ يدعوهم إل الروج على حكم المام ‪ ،‬فإن ل يكن لم تأويل سائغ كانوا‬
‫ماربي ‪ ،‬ل بغاة ‪ - 4 .‬أن يكون لم رئيس مطاع يكون مصدرا لقوتم ‪ ،‬لنه ل قوة‬
‫لماعة ل قيادة لا ‪ .‬هذا هو شأن البغاة وحكم ال فيه ‪ .‬أما إذا كان القتال لجل الدنيا ‪،‬‬
‫وللحصول على الرئاسة ومنازعة أول المر ‪ ،‬فهذا الروج يعتب ماربة ويكون للمحاربي‬
‫حكم آخر يالف حكم الباغي ‪ ،‬وهذا الكم هو الذي ذكره ال ف قوله ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 602‬‬
‫" إنا جزاء الذين ياربون ال ورسوله ‪ ،‬ويسعون ف الرض ‪ /‬صفحة ‪ / 603‬فسادا أن‬
‫يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف ‪ ،‬أو ينفوا من الرض ‪ ،‬ذلك لم‬
‫خزي ف الدنيا ولم ف الخرة عذاب عظيم ‪ -‬إل الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم‬
‫فاعلموا أن ال غفور رحيم " ( ‪ . ) 1‬فهؤلء الحاربون جزاؤهم القتل أو الصلب أو‬
‫تقطيع اليدي والرجل من خلف ‪ ،‬أو البس والنفي من الرض ‪ :‬حسب رأي الاكم‬
‫فيهم ‪ ،‬وجرائمهم الت ارتكبوها ‪ ،‬ومن قتل منهم فهو ف النار ‪ ،‬ومن قتل من مقاتليهم‬
‫فهو شهيد ‪ .‬فإذا كان القتال صادرا من الطائفتي ‪ ،‬لعصبية ‪ ،‬أو طلب رئاسة ‪ ،‬كان كل‬
‫من الطائفتي باغيا ‪ ،‬ويأخذ حكم الباغي ‪ .‬العلقة بي السلمي وغيهم علقة السلمي‬
‫بغيهم علقة تعارف ‪ ،‬وتعاون ‪ ،‬وبر ‪ ،‬وعدل ‪ .‬يقول ال سبحانه ف التعارف الفضي إل‬
‫التعاون ‪ " :‬يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ‪ ،‬وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن‬
‫أكرمكم عند ال أتقاكم إن ال عليم خبي " ( ‪ . ) 2‬ويقول ف الوصاة بالب والعدل ‪" :‬‬
‫ل ينهاكم ال عن الذين ل يقاتلوكم ف الدين ول يرجوكم من دياركم أن تبوهم‬
‫وتقسطوا إليهم ‪ ،‬إن ال يب القسطي " ( ‪ . ) 3‬ومن مقتضيات هذه العلقة تبادل‬
‫الصال ‪ ،‬واطراد النافع ‪ ،‬وتقوية الصلت النسانية ‪ .‬وهذا العن ل يدخل ف نطاق النهي‬

‫‪439‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عن موالة الكافرين ‪ ،‬إذ أن النهي ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ :‬اليتان ‪. 34 ، 33‬‬
‫( ‪ ) 2‬سورة الجرات الية ‪ ) 3 ( . 13 :‬سورة المتحنة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 8‬صفحة‬
‫‪ / 604‬عن موالة الكافرين يقصد به النهي عن مالفتهم ومناصرتم ضد السلمي ‪ ،‬كما‬
‫يقصد به النهي عن الرضى با هم فيه من كفر ‪ ،‬إذ أن مناصرة الكافرين على السلمي فيه‬
‫ضرر بالغ بالكيان السلمي ‪ ،‬وإضعاف لقوة الماعة الؤمنة ‪ ،‬كما أن الرضى بالكفر‬
‫كفر يظره السلم وينعه ‪ .‬أما الوالة بعن السالة ‪ ،‬والعاشرة الميلة ‪ ،‬والعاملة‬
‫بالسن ‪ ،‬وتبادل الصال ‪ ،‬والتعاون على الب والتقوى ‪ ،‬فهذا ما دعا إليه السلم ‪ .‬كفالة‬
‫الرية الدينية لغي السلمي ولذا قرر السلم الساواة بي الذميي والسلمي ‪ ،‬فلهم ما‬
‫للمسلمي ‪ ،‬وعليهم ما عليهم ‪ ،‬وكفل لم حريتهم الدينية ‪ .‬وتتمثل حريتهم الدينية فيما‬
‫يأت ‪ ( :‬أول ) عدم إكراه أحد منهم على ترك دينه أو إكراهه على عقيدة معينة ‪ .‬يقول‬
‫ال سبحانه وتعال ‪ " :‬ل إكراه ف الدين قد تبي الرشد من الغي " ( ‪ ( . ) 1‬ثانيا ) من‬
‫حق أهل الكتاب أن يارسوا شعائر دينهم ‪ ،‬فل تدم لم كنيسة ‪ ،‬ول يكسر لم صليب ‪.‬‬
‫يقول الرسول صلوات ال وسلمه عليه ‪ " :‬اتركوهم وما يدينون " ‪ .‬بل من حق زوجة‬
‫السلم " اليهودية والنصرانية " أن تذهب إل الكنيسة أو إل العبد ‪ ،‬ول حق لزوجها ف‬
‫منعها من ذلك ‪ ( .‬ثالثا ) أباح لم السلم ما أباحه لم دينهم من الطعام وغيه ‪ ،‬فل‬
‫يقتل لم خنير ‪ ،‬ول تراق لم خر ‪ ،‬مادام ذلك جائزا عندهم ‪ ،‬وهو بذا وسع عليهم‬
‫أكثر من توسعته على السلمي الذين حرم عليهم المر والنير ‪ ( .‬رابعا ) لم الرية ف‬
‫قضايا الزواج ‪ ،‬والطلق ‪ ،‬والنفقة ‪ ،‬ولم أن يتصرفوا كما يشاءون فيها ‪ ،‬دون أن توضع‬
‫لم قيود أو حدود ‪ ( .‬خامسا ) حى السلم وكرامتهم ‪ ،‬وصان حقوقهم ‪ ،‬وجعل لم (‬
‫هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 256‬صفحة ‪ / 605‬الرية ف الدل‬
‫والناقشة ف حدود العقل والنطق ‪ ،‬مع التزام الدب والبعد عن الشونة والعنف ‪ .‬يقول‬
‫ال تعال ‪ " :‬ول تادلوا أهل الكتاب إل بالت هي أحسن ‪ .‬إل الذين ظلموا منهم ‪،‬‬
‫وقولوا أمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلنا وإلكم واحد ‪ ،‬ونن له مسلمون " ( ‪) 1‬‬
‫‪ ( .‬سادسا ) سوى بينهم وبي السلمي ف العقوبات ‪ ،‬ف رأي بعض الذاهب ‪ .‬وف‬
‫الياث سوى ف الرمان بي الذمي والسلم ‪ ،‬فل يرث الذمي قريبه السلم ‪ ،‬ول يرث‬

‫‪440‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السلم قريبه الذمي ‪ ( .‬سابعا ) أحل السلم طعامهم ‪ ،‬والكل من ذبائحهم ‪ ،‬والتزوج‬
‫بنسائهم ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل‬
‫لكم ‪ ،‬وطعامكم حل لم ‪ ،‬والحصنات من الؤمنات والحصنات من الذين أوتوا الكتاب‬
‫من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن مصني غي مسافحي ول متخذي أخدان ‪ ،‬ومن يكفر‬
‫باليان فقد حبط عمله وهو ف الخرة من الاسرين " ( ‪ ( . ) 2‬ثامنا ) أباح السلم‬
‫زيارتم وعيادة مرضاهم ‪ ،‬وتقدي الدايا لم ‪ ،‬ومبادلتهم البيع والشراء ونو ذلك من‬
‫العاملت ‪ ،‬فمن الثابت أن الرسول صلى ال عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي‬
‫ف دين له عليه ‪ ،‬وكان بعض الصحابة إذا ذبح شاة يقول لادمه ابدأ بارنا اليهودي ‪.‬‬
‫قال صاحب البدائع ‪ " :‬ويسكنون ف أمصار السلمي ‪ ،‬يبيعون ويشترون ‪ ،‬لن عقد‬
‫الذمة شرع ليكون وسيلة إل اسلمهم ‪ ،‬وتكينهم من القام ف أمصار‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 605‬‬
‫السلمي أبلغ ف هذا القصود ‪ ،‬وفيه أيضا منفعة السلمي بالبيع والشراء ‪ ( .‬هامش ) ( ‪1‬‬
‫) سورة العنكبوت ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 46‬سورة الائدة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 5‬صفحة ‪/ 606‬‬
‫الوالة النهي عنها هذا هو الصل ف علقة السلمي بغيهم ‪ ،‬ول تتبدل هذه العلقة إل‬
‫إذا عمل غي السلمي ‪ -‬من جانبهم ‪ -‬على تقويض هذه العلقة وتزيقها بعداوتم‬
‫للمسلمي ‪ ،‬وإعلنم الرب عليهم ‪ .‬فتكون القاطعة أمرا دينيا وواجبا إسلميا ‪ ،‬فضل‬
‫عن أنا عمل سياسي عادل ‪ ،‬فهي معاملة بالثل ‪ .‬والقرآن يوجه أنظار أتباعه إل هذه‬
‫القيقة ‪ ،‬ويكم فيها الكم الفصل ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬ل يتخذ الؤمنون الكافرين أولياء من‬
‫دون الؤمني ومن يفعل ذلك فليس من ال ف شئ إل أن تتقوا منهم تقاة ويذركم ال‬
‫نفسه " ( ‪ . ) 1‬وقد تضمنت الية العان التية ‪ ( :‬أول ) التحذير من الوالة والناصرة‬
‫للعداء ‪ ،‬لا فيها من التعرض للخطر ‪ ( .‬ثانيا ) أن من يفعل ذلك فهو مقطوع عن ال ‪،‬‬
‫ل يربطه به رابط ‪ ( .‬ثالثا ) أنه ف حالة الضعف والوف من أذاهم توز الوالة ظاهرا‬
‫ريثما يعدون أنفسهم لواجهة الذي يتهددهم ‪ .‬وف موضع آخر من القرآن الكري يقول ‪:‬‬
‫" بشر النافقي بأن لم عذابا أليما ‪ -‬الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون الؤمني‬

‫‪441‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أيبتغون عندهم العزة فإن العزة ل جيعا وقد نزل عليكم ف الكتاب أن إذا سعتم آيات ال‬
‫يكفر با ويستهزأ با فل تقعدوا معهم حت يوضوا ف حديث غيه إنكم إذا مثلهم إن ال‬
‫جامع النافقي والكافرين ف جهنم جيعا ‪ -‬الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من‬
‫ال قالوا أل نكن معكم ‪ ،‬وإن كان للكافرين نصيب قالوا أل نستحوذ عليكم وننعكم من‬
‫الؤمني فال يكم بينكم يوم القيامة ولن يعل ال للكافرين على الؤمني سبيل " ( ‪. ) 2‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة آل عمران ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 28‬سورة النساء ‪ :‬اليات ‪، 139‬‬
‫‪ / ) . ( . 141 ، 140‬صفحة ‪ / 607‬وقد تضمنت هذه اليات ما يأت ‪ ( :‬أول ) أن‬
‫النافقي هم الذين يتخذون الكافرين أولياء ‪ ،‬يوالونم بالودة ‪ ،‬وينصرونم ف السر ‪،‬‬
‫متجاوزين ولية الؤمني ومعرضي عنها ‪ ( .‬ثانيا ) أنم بعملهم هذا يطلبون عند الكافرين‬
‫العزة والقوة ‪ ،‬وهم بذلك مطئون ‪ ،‬لن العزة والقوة كلها ل وللمؤمني ‪ " :‬ول العزة‬
‫ولرسوله وللمؤمني ولكن النافقي ل يعلمون " ( ‪ ( . ) 1‬ثالثا ) أن هؤلء النافقي‬
‫ينتظرون ما يل بالؤمني ‪ ،‬فإن كان لم فتح من ال ونصر ‪ ،‬قالوا ‪ :‬نن معكم ف الدين‬
‫والهاد ‪ ،‬وإن كان للكافرين نصيب من النصر ‪ ،‬قال هؤلء النافقون للكافرين ‪ :‬أل‬
‫نافظ عليكم وننعكم من إيذاء الؤمني لكم بتخذيلهم وإطلعكم على أسرارهم حت‬
‫انتصرت ‪ ،‬فأعطونا ما كسبتم ‪ ( .‬رابعا ) ان ال سبحانه لن يعل للكافرين على الؤمني‬
‫الخلصي ف إيانم القائمي على حدود ال ‪ ،‬طريقا إل النصر عليهم ‪ ،‬أي ل يكنهم من‬
‫أن يغلبوهم ‪ .‬وقد كان رجال من السلمي يوالون رجال من الكفار لا كان بينهم من‬
‫قرابة أو جوار أو مالفة ‪ ،‬وكانت هذه الوالة خطرا على سلمة السلمي ‪ ،‬فأنزل ال‬
‫عزوجل مذرا من هذه الولية الضارة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا ل تتخذوا بطانة من‬
‫دونكم ل يألونكم خبال ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تفي صدورهم‬
‫أكب قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون " ( ‪ . ) 2‬ففي هذه الية النهي عن اتاذ غي‬
‫الؤمني بطانة وأصدقاء ‪ ،‬أي خاصة تطلعونم على أسراركم ‪ ،‬لن هذه البطانة ل تقصر‬
‫ف إفساد أمركم ‪ ،‬وأنم يبون ويتمنون إبقاع الضرر بكم ‪ .‬وقد ظهرت علمات بغضهم‬
‫لكم من كلمهم ‪ ،‬فهي لشدتا عندهم ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النافقون ‪ :‬الية ‪2 ( . 8‬‬
‫) سورة آل عمران ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 118‬صفحة ‪ / 608‬يصعب عليهم إخفاؤها ‪ ،‬وما‬

‫‪442‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تفيه صدورهم من البغض لكم أقوى وأشد ما يفلت من ألسنتهم ‪ .‬وطبيعة اليان تأب‬
‫على الؤمن أن يوال عدوه الذي يتربص به الدوائر ‪ ،‬ولو كان أقرب الناس إليه ‪ .‬يقول‬
‫القرآن الكري ‪ " :‬ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله ولو‬
‫كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانم أو عشيتم أولئك كتب ف قلوبم اليان وأيدهم‬
‫بروح منه " ( ‪ . ) 1‬فالية تبي أنه ل يصح أن يوجد بي الؤمني من يصادقون‬
‫أعداءهم ‪ ،‬ولو كان هؤلء العداء آباء الؤمني ‪ ،‬أو أبنائهم ‪ ،‬أو إخوانم القربي ‪ .‬إن‬
‫حكم القرآن ف هؤلء الذين يتعاونون مع الستعمار وأعداء العرب والسلمي بي‬
‫واضح ‪ ،‬وإن ذلك خيانة ل ‪ ،‬ولكتابه ‪ ،‬ولرسوله ‪ ،‬ولئمة السلمي وعامتهم ‪ ،‬وأنم ل‬
‫يراعوا حق السلم ‪ ،‬ول حق التاريخ ‪ ،‬ول حق الوار ول حق الظلومي ‪ ،‬ول حق‬
‫حاضر حق النطقة ول حق مستقبلها ‪ .‬وهؤلء الونة بتصرفهم هذا ‪ ،‬قد باعوا أنفسهم‬
‫للشيطان ‪ ،‬وسجلوا على أنفسهم الزي والعار ‪ :‬خزي الدهر وعار البد ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 608‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الجادلة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 22‬صفحة ‪ / 609‬العتراف بق‬
‫الفرد والسلم ‪ -‬بعد أن أشاد ببدأ السلم وجعل العلقة بي الناس علقة أمن وسلم ‪-‬‬
‫احترم النسان وكرمه من حيث هو إنسان ‪ ،‬بقطع النظر عن جنسه ‪ ،‬ولونه ‪ ،‬ودينه ‪،‬‬
‫ولغته ‪ ،‬ووطنه ‪ ،‬وقوميته ‪ ،‬ومركزه الجتماعي ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬ولقد كرمنا بن آدم‬
‫وحلناهم ف الب والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثي من خلقنا تفضيل "‬
‫‪ . ) 1 ( .‬ومن مظاهر هذا التكري أن ال خلق النسان بيده ‪ ،‬ونفخ فيه من وحه ‪،‬‬
‫وأسجد له ملئكته ‪ ،‬وسخر له ما ف السموات وما ف الرض جيعا منه ‪ ،‬وجعله سيدا‬
‫على هذا الكوكب الرضي ‪ ،‬واستخلفه فيه ليقوم بعمارته وإصلحه ‪ .‬ومن أجل أن‬
‫يكون هذا التكري حقيقة واقعة ‪ .‬وأسلوبا ف الياة ‪ ،‬كفل السلم جيع حقوق‬
‫النسان ‪ ،‬وأوجب حايتها وصيانتها ‪ ،‬سواء أكانت حقوقا دينية ‪ ،‬أو مدنية ‪ ،‬أو سياسية‬
‫‪ .‬ومن هذه القوق ‪ ) 1 ( :‬حق الياة ‪ :‬لكل فرد حق صيانة نفسه ‪ ،‬وحاية ذاته ‪ .‬فل‬
‫يل العتداء عليها إل إذا قتل ‪ ،‬أو أفسد ف الرض فسادا يستوجب القتل ‪ .‬يقول ال‬

‫‪443‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫تعال ‪ " :‬من أجل ذلك كتبنا على بن اسرائيل أنه من قتل نفسا بغي نفس أو فساد ف‬
‫الرض ‪ ،‬فكأنا قتل الناس جيعا ‪ ،‬ومن أحياها فكأنا أحيا الناس جيعا " ( ‪ . ) 2‬وف‬
‫الديث الصحيح ‪ " :‬ل يل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫السراء ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 70‬سورة الائدة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 32‬صفحة ‪ " / 610‬النفس‬
‫بالنفس ‪ ،‬والثيب الزان ‪ ،‬والتارك لدينه الفارق للجماعة " ‪ ) 2 ( .‬حق صيانة الال ‪:‬‬
‫فكما أن النفس معصومة ‪ ،‬فكذلك الال ‪ ،‬فل يل أخذ الال بأي وسيلة من الوسائل غي‬
‫الشروعة ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن‬
‫تكون تارة عن تراض منكم " ( ‪ . ) 1‬وقال عليه الصلة والسلم ‪ " :‬من أخذ مال أخيه‬
‫بيمينه ‪ ،‬أوجب ال له النار ‪ ،‬وحرم عليه النة " ‪ .‬فقال رجل ‪ :‬وإن كان شيئا يسيا يا‬
‫رسول ال ؟ ‪ .‬فقال ‪ " :‬وإن كان عودا من أراك " ‪ .‬والراك هو الشجر الذي يؤخذ منه‬
‫السواك ‪ ) 3 ( .‬حق العرض ‪ :‬ول يل انتهاك العرض حت ول بكلمة نابية ‪ .‬يقول ال‬
‫تعال ‪ " :‬ويل لكل هزة لزة " ‪ ) 4 ( ) 2 ( .‬حق الرية ‪ :‬ول يكتف السلم بتقرير‬
‫صيانة النفس ‪ ،‬وحاية العراض والموال ‪ ،‬بل أقر حرية العبادة ‪ ،‬وحرية الفكر ‪ ،‬وحرية‬
‫اختيار الهنة الت يارسها النسان لكسب عيشه ‪ ،‬وحرية الستفادة من جيع مؤسسات‬
‫الدولة ‪ .‬وأوجب السلم على الدولة الحافظة على هذه القوق جيعها ‪ ،‬وإن حقوق‬
‫النسان ل تنتهي عند هذا الد ‪ ،‬بل هناك حقوق أخرى ‪ ،‬منها ‪ ) 1 ( :‬حق الأوى ‪:‬‬
‫فالنسان له الق ف أن يأوي إل أي مكان ‪ ،‬وأن يسكن ف أي جهة ‪ ،‬وأن ينتقل ف‬
‫الرض دون حجر عليه أو وضع عقبات ف طريقه ‪ ،‬ول يوز نفي أي فرد أو إبعاده أو‬
‫سجنه إل ف حالة ما إذا اعتدى على حق غيه ‪ ،‬ورأى القانون أن يعاقبه بالطرد أو البس‬
‫‪ .‬ويكون ذلك ف حالة العتداء على الغي ‪ ،‬والخلل بالمن ‪ ،‬وإرهاب البرياء ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 29‬سورة المزة ‪ :‬الية ‪ . 1‬والويل ‪:‬‬
‫هو العذاب الشديد ‪ ،‬والمزة ‪ :‬الذي يعيب الناس ‪ ،‬وينشر ما يبدو له بطريق الشارة‬
‫العبة ‪ ،‬واللمزة ‪ :‬هو الذي يتحدث عن العيوب ‪ ،‬ويذيعها بي الناس ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 611‬وف ذلك يقول ال تعال ‪ " :‬إنا جزاء اللذين ياربون ال ورسوله ويسعون ف‬
‫الرض فسادا ‪ ،‬أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف ‪ ،‬أو ينفوا من‬

‫‪444‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الرض ذلك لم خزي ف الدنيا ولم ف الخرة عذاب عظيم ‪ -‬إل الذين تابوا من قبل أن‬
‫تقدروا عليهم فاعلموا أن ال غفور رحيم " ‪ ) 2 ( ) 1 ( .‬حق التعلم وإبداء الرأي ‪:‬‬
‫ومن القوق كذلك حق التعلم ‪ :‬فمن حق كل فرد أن يأخذ من التعليم ما يني عقله ‪،‬‬
‫ويرقي وجوده ‪ ،‬ويرفع من مستواه ‪ .‬ومن حق النسان كذلك ‪ ،‬أن يبي عن رأيه ويدل‬
‫بجته ويهر بالق ويصدع به ‪ .‬والسلم ينع من مصادرة الرأي وماربة الفكر الر ‪،‬‬
‫إل إذا كان ذلك ضارا بالجتمع ‪ .‬ولقد كان الرسول صلى ال عليه وسلم يبايع أصحابه‬
‫على أن يهروا بالق ‪ ،‬وإن كان مرا ‪ ،‬وعلى أل يافوا ف ال لومة لئم ‪ ،‬ويب الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم أن ‪ " :‬الساكت عن الق شيطان أخرس " ‪ .‬وف ذلك يقول القرآن‬
‫الكري ‪ " :‬إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والدى من بعد ما بيناه للناس ف‬
‫الكتاب أولئك يلعنهم ال ‪ .‬ويلعنهم اللعنون ‪ -‬إل الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك‬
‫أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم " ‪ ) 2 ( .‬وأخيا ‪ ،‬وليس آخرا ‪ :‬يقرر السلم أن من‬
‫حق الائع أن يطعم ‪ ،‬ومن حق العاري أن يكسى ‪ ،‬والريض أن يداوى ‪ ،‬والائف أن‬
‫يؤمن ‪ ،‬دون تفرقة بي لون ولون ‪ ،‬أو دين ودين ‪ ،‬فالكل ف هذه القوق سواء ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 611‬‬
‫هذه هي تعاليم السلم ف تقرير بعض حقوق النسان ‪ ،‬وهي تعاليم فيها الصلح والي‬
‫لذه الدنيا جيعها ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 33‬سورة البقرة ‪:‬‬
‫اليتان ‪ / ) . ( . 160 ، 159 :‬صفحة ‪ / 612‬وأعظم ما فيها أنا سبقت جيع‬
‫الذاهب الت تدثت عن حقوق النسان ‪ ،‬وأن السلم جعل هذه التعاليم دينا يتقرب به‬
‫إل ال ‪ .‬كما يتقرب بالصلة وغيها من العبادات ‪ .‬جرية إهدار القوق ‪ :‬إن هده‬
‫القوق هي الت تنح النسان النطلق إل الفاق الواسعة ليبلغ كماله ‪ ،‬ويصل على‬
‫ارتقائه القدر له ‪ ،‬سواء أكان ماديا أم أدبيا ‪ .‬ومن ث ‪ ،‬فإن أي تفويت أو تنقيص لق من‬
‫حقوق النسان يعتب جرية من الرائم ‪ ،‬وهذا نفسه هو السبب القيقي ف منع السلم‬
‫للحرب أيا كان نوعها ‪ ،‬لن الرب بانب كونا اعتداء على الياة ‪ -‬وهي حق مقدس‬
‫‪ -‬فهي تدمي لا تصلح به الياة ‪ .‬وقد منع حرب التوسع ‪ ،‬وبسط النفوذ ‪ ،‬وسيادة القوي‬

‫‪445‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ،‬فقال ‪ " :‬تلك الدار الخرة نعلها للذين ل يريدون علوا ف الرض ول فسادا ‪ ،‬والعاقبة‬
‫للمتقي " ‪ ) 1 ( .‬ومنع حرب النتقام والعدوان ‪ ،‬فقال ‪ " :‬ول ير منكم شنآن قوم أن‬
‫صدوكم عن السجد الرام أن تعتدوا وتعاونوا على الب والتقوى ول تعاونوا على الث‬
‫والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب ( ‪ " ) 2‬ومنع حرب التخريب والتدمي فقال ‪:‬‬
‫" ول تفسدوا ف الرض بعد إصلحها ( ‪ ( . " ) 3‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة القصص ‪:‬‬
‫الية ‪ ) 2 ( . 83‬سورة الائدة ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 2‬سورة العراف ‪ :‬الية ‪/ ) . ( . 56‬‬
‫صفحة ‪ / 613‬مت تشرع الرب وإذا كانت القاعدة هي السلم ‪ ،‬والرب هي الستثناء‬
‫فل مسوغ لذه الرب ‪ -‬ف نظر السلم ‪ -‬مهما كانت الظروف ‪ ،‬إل ف إحدى حالتي‬
‫‪ ( :‬الالة الول ) حالة الدفاع عن النفس ‪ ،‬والعرض ‪ ،‬والال ‪ ،‬والوطن عند العتداء ‪.‬‬
‫يقول ال تعال ‪ " :‬وقاتلوا ف سبيل ال الذين يقاتلونكم ‪ .‬ول تعتدوا إن ال ل يب‬
‫العتدين " ‪ ) 1 ( .‬وعن سعد بن زيد ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬من قتل‬
‫دون ماله ‪ ،‬فهو شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون دمه ‪ ،‬فهو شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون دينه ‪ ،‬فهو‬
‫شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون أهله ‪ ،‬فهو شهيد " ‪ .‬رواه أبو داود والترمذي والنسائي ‪ .‬ويقول‬
‫ال سبحانه ‪ " :‬ومالنا أل تقاتل ف سبيل ال وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا " ‪) 2 ( .‬‬
‫( الالة الثانية ) حالة الدفاع عن الدعوة إل ال إذا وقف أحد ف سبيلها ‪ .‬بتعذيب من‬
‫آمن با ‪ ،‬أو بصد من أراد الدخول فيها ‪ ،‬أو بنع الداعي من تبليغها ‪ ،‬ودليل ذلك ‪:‬‬
‫( أول ) أن ال سبحانه يقول ‪ " :‬وقاتلوا ف سبيل ال الذين يقاتلونكم ول تعتدوا إن ال‬
‫ل يب العتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد‬
‫من القتل ول تقاتلوهم عند السجد الرام حت يقاتلوكم فيه ‪ ،‬فإن قاتلوكم فاقتلوهم‬
‫كذلك جزاء الكافرين ‪ -‬فإن انتهوا فإن ال غفور رحيم ‪ -‬وقاتلوهم حت ( هامش ) ( ‪1‬‬
‫) سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 190‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 246‬صفحة ‪614‬‬
‫‪ /‬ل تكون فتنة ويكون الدين ل فإن انتهوا فل عدوان إل على الظالي " ( ‪ ) 1‬وقد‬
‫تضمنت هذه اليات ما يأت ‪ - 1 :‬المر بقتال الذين يبدءون بالعدوان ومقاتلة العتدين ‪،‬‬
‫لكف عدوانم ‪ .‬والقاتلة دفاعا عن النفس أمر مشروع ف كل الشرائع ‪ ،‬وف جيع‬
‫الذاهب ‪ ،‬وهذا واضح من قوله تعال ‪ " :‬وقاتلوا ف سبيل ال الذين يقاتلونكم " ‪ - 2‬أما‬

‫‪446‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الذين ل يبدءون بعدوان ‪ ،‬فإنه ل يوز قتالم ابتداء ‪ ،‬لن ال نى عن العتداء ‪ ،‬وحرم‬
‫البغي والظلم ف قوله ‪ " :‬ول تعتدوا إن ال ل يب العتدين " ‪ - 3 .‬وتعليل النهي عن‬
‫العدوان بأن ال ل يب العتدين دليل على أن هذا النهي مكم غي قابل للنسخ ‪ ،‬لن هذا‬
‫إخبار بعدم مبة ال للعتداء والخبار ل يدخله النسخ لن العتداء هو الظلم ‪ ،‬وال ل‬
‫يب الظلم أبدا ‪ - 4 .‬أن لذه الرب الشروعة غاية تنتهي إليها ‪ ،‬وهي منع فتنة الؤمني‬
‫والؤمنات ‪ ،‬بترك إيذائهم ‪ ،‬وترك حرياتم ليمارسوا عبادة ال ويقيموا دينه ‪ ،‬وهم آمنون‬
‫على أنفسهم من كل عدوان ‪ ( .‬ثانيا ) يقول ال سبحانه ‪ " :‬ومالكم ل تقاتلون ف سبيل‬
‫ال والستضعفي من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية‬
‫الظال أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيا " ‪ ) 2 ( .‬وقد بينت‬
‫هذه الية سببي من أسباب القتال ‪ ( :‬أولما ) القتال ف سبيل ال ‪ ،‬وهو الغاية الت يسعى‬
‫إليها الدين ‪ ،‬حت ل تكون فتنة ويكون الدين ل ‪ ( .‬وثانيهما ) القتال ف سبيل‬
‫الستضعفي ‪ ،‬الذين أسلموا بكة ‪ ،‬ول يستطيعوا الجرة ‪ ،‬فعذبتهم قريش وفتنتهم حت‬
‫طلبوا من ال اللص ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪ :‬اليات ‪، 191 ، 190‬‬
‫‪ ) 2 ( . 193 ، 192‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪) . ( . 75‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 614‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 615‬فهؤلء ل غن لم عن الماية الت تدفع عنهم أذى الظالي ‪ ،‬وتكنهم‬
‫من الرية ‪ ،‬فيما يدينون ويعتقدون ‪ ( .‬ثالثا ) يقول ال سبحانه ‪ " :‬فإن اعتزلوكم فلم‬
‫يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم ‪ ،‬فما جعل ال لكم عليهم سبيل " ‪ ) 1 ( .‬فهؤلء القوم‬
‫الذين ل يقاتلوا قومهم ‪ ،‬ول يقاتلوا السلمي واعتزلوا ماربة الفريقي ‪ ،‬وكان اعتزالم‬
‫هذا اعتزال حقيقيا يريدون به السلم ‪ ،‬فهؤلء ل سبيل للمؤمني عليهم ‪ ( .‬رابعا ) أن ال‬
‫تعال يقول ‪ " :‬وإن جنحوا للسلم فاجنح لا وتوكل على ال إنه هو السميع العليم ‪ -‬وإن‬
‫يريدوا أن يدعوكم فإن حسبك ال " ‪ ) 2 ( .‬ففي هذه الية المر بالنوح إل السلم إذا‬
‫جنح العدو إليها ‪ ،‬حت ولو كان جنوحه خداعا ومكرا ‪ ( .‬خامسا ) أن حروب الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم كانت كلها دفاعا ‪ ،‬ليس فيها شئ من العدوان ‪ .‬وقتال الشركي من‬

‫‪447‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫العرب ‪ ،‬ونبذ عهودهم بعد فتح مكة كان جاريا على هذه القاعدة ‪ .‬وهذا بي ف قوله‬
‫تعال ‪ " :‬أل تقاتلون قوما نكثوا أيانم وهوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة‬
‫أتشونم فال أحق أن تشوه إن كنتم مؤمني ‪ -‬قاتلوهم يعذبم ال بأيديكم ويزهم‬
‫وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمني ‪ -‬ويذهب غيظ قلوبم ويتوب ال على من‬
‫يشاء ال عليم حكيم ( ‪ . " ) 3‬ولا تمعوا جيعا ورموا السلمي عن قوس واحدة ‪ ،‬أمر‬
‫ال بقتالم جيعا يقول ال سبحانه ‪ " :‬وقاتلوا الشركي كافة كما يقاتلونكم ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 90‬سورة النفال ‪ :‬اليتان ‪ ) 3 ( . 62 ، 61‬سورة‬
‫التوبة ‪ :‬اليات ‪ / ) . ( . 15 ، 14 ، 13‬صفحة ‪ / 616‬كافة ‪ ،‬واعلموا أن ال مع‬
‫التقي " ‪ ) 1 ( .‬وأما قتال اليهود ‪ ،‬فإنم كانوا قد عاهدوا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بعد هجرته ‪ ،‬ث ل يلبثوا أن نقضوا العهد وانضموا إل الشركي والنافقي ضد‬
‫السلمي ‪ ،‬ووقفوا ماربي لم ف غزوة الحزاب ‪ ،‬فأنزل ال سبحانه ‪ " :‬قاتلوا الذين ل‬
‫يؤمنون بال ‪ ،‬ول باليوم الخر ‪ ،‬ول يرمون ما حرم ال ورسوله ‪ ،‬ول يدينون دين الق‬
‫من الذين أوتو الكتاب ‪ ،‬حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " ‪ ) 2 ( .‬وقال أيضا ‪:‬‬
‫" يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ‪ ،‬وليجدوا فيكم غلظة ‪ ،‬واعلموا أن‬
‫ال مع التقي " ( ‪ ( ) 3‬سادسا ) أن النب صلى ال عليه وسلم مر على امرأة مقتولة ‪،‬‬
‫فقال ‪ " :‬ما كانت هذه لتقاتل " ‪ .‬فعلم من هذا أن العلة ف تري قتلها أنا ل تكن تقاتل‬
‫مع القاتلي ‪ ،‬فكانت مقاتلتهم لنا هي سبب مقاتلتنا لم ‪ ،‬ول يكن الكفر هو السبب ‪.‬‬
‫( سابعا ) أنه صلى ال عليه وسلم نى عن قتل الرهبان والصبيان ‪ ،‬لنفس السبب الذي‬
‫نى من أجله عن قتل الرأة ‪ ( .‬ثامنا ) أن السلم ل يعل الكراه وسيلة من وسائل‬
‫الدخول ف الدين ‪ ،‬بل جعل وسيلة ذلك استعمال العقل وإعمال الفكر ‪ ،‬والنظر ف‬
‫ملكوت السموات والرض ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬ولو شاء ربك لمن من ف الرض‬
‫كلهم جيعا أفأنت تكره الناس حت يكونوا مؤمني ‪ ،‬وما كان لنفس أن تؤمن إل بإذن ال‬
‫ويعل الرجس على الذين ل يعقلون ‪ -‬قل انظروا ماذا ف السموات والرض وما تغن‬
‫اليات والنذر عن قوم ل يؤمنون " ‪ ) 4 ( .‬وقال ‪ " :‬لإكراه ف الدين قد تبي الرشد من‬
‫الغي " ‪ ( ) 5 ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 36‬سورة التوبة ‪ :‬الية‬

‫‪448‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ) 3 ( . 29‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 4 ( . 123‬سورة يونس ‪ :‬اليات ‪، 100 ، 99‬‬
‫‪ ) 5 ( . 101‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 256‬صفحة ‪ / 617‬وقد ثبت أن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم كان يأسر السرى ‪ ،‬ول يعرف أنه أكره أحدا منهم على السلم ‪.‬‬
‫وكذلك كان أصحابه يفعلون ‪ .‬روى أحد عن أب هريرة " أن ثامة النفي أسر وكان‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يغدو عليه فيقول ‪ " :‬ما عندك يا ثامة ؟ ‪ . " . .‬فيقول ‪ :‬إن‬
‫تقتل تقتل ذا دم ‪ ،‬وإن تنن تنن على شاكر ‪ ،‬وإن ترد الال نعطك منه ما شئت ‪ .‬وكان‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يبون الفداء ‪ ،‬ويقولون ‪ :‬ما نصنع بقتل هذا ‪،‬‬
‫فمر عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فأسلم ‪ ،‬فحله ‪ ،‬وبعث به إل حائط أب طلحة ‪،‬‬
‫وأمره أن يغتسل ‪ ،‬فاغتسل وصلى ركعتي ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬لقد‬
‫حسن إسلم أخيكم " ‪ .‬أما النصارى وغيهم فلم يقاتل الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫أحدا منهم ‪ .‬حت أرسل رسله بعد صلح الديبية إل جيع اللوك يدعوهم إل السلم ‪،‬‬
‫فأرسل إل قيصر ‪ ،‬وإل كسرى ‪ ،‬وإل القوقس ‪ ،‬وإل النجاشي وملوك العرب بالشرق‬
‫والشام ‪ ،‬فدخل ف السلم من النصارى وغيهم من دخل ‪ ،‬فعمد النصارى بالشام فقتلوا‬
‫بعض من قد أسلم ‪ .‬فالنصارى حاربوا السلمي أول ‪ ،‬وقتلوا من أسلم منهم بغيا وظلما ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 617‬‬
‫فلما بدأ النصارى بقتل السلمي أرسل الرسول سرية أمر عليها زيد بن حارثة ‪ ،‬ث‬
‫جعفرا ‪ ،‬ث أمر عبد ال بن رواحة ‪ ،‬وهو أول قتال قاتله السلمون للنصارى ‪ -‬بؤتة من‬
‫أرض الشام ‪ -‬واجتمع على أصحابه خلق كثي من النصارى ‪ ،‬واستشهد المراء رضي‬
‫ال عنهم ‪ ،‬وأخذ الراية خالد بن الوليد ‪ .‬وما تقدم يتبي بلء ‪ ،‬أن السلم ل يأذن‬
‫بالرب إل دفعا للعدوان ‪ ،‬وحاية للدعوة ‪ ،‬ومنعا للضطهاد ‪ ،‬وكفاية لرية التدين ‪،‬‬
‫فإنا حينئذ تكون فريضة من فرائض الدين ‪ ،‬وواجبا من واجباته القدسة ويطلق عليها اسم‬
‫" الهاد " ‪ / .‬صفحة ‪ / 618‬الهاد اجهاد مأخوذ من الهد وهو الطاقة والشقة ‪ ،‬يقال‬
‫‪ :‬جاهد ياهد جهادا وماهدة ‪ ،‬إذا استفرغ وسعه ‪ ،‬وبذل طاقته ‪ ،‬وتمل الشاق ف‬
‫مقاتلة العدو ومدافعته ‪ ،‬وهوما يعب عنه بالرب ف العرف الديث ‪ ،‬والرب هي القتال‬

‫‪449‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السلح بي دولتي فأكثر ‪ ،‬وهي أمر طبيعي ف البشر ‪ ،‬لتكاد تلو منه أمة ول جيل وقد‬
‫أقرته الشرائع اللية السابقة ‪ .‬ففي أسفار التوراة الت يتداولا اليهود ‪ ،‬تقرير شريعة الرب‬
‫والقتال ف أبشع صورة من صور التخريب والتدمي والهلك والسب ‪ .‬فقد جاء ف سفر‬
‫التثنية ف الصحاح العشرين عدد ‪ 10‬ومابعده ‪ ،‬ما يأت نصه ‪ " :‬حي تقرب من مدينة‬
‫لكي تاربا استدعها إل الصلح ‪ ،‬فإن أجابتك إل الصلح وفتحت لك ‪ ،‬فكل الشعب‬
‫الوجود فيها يكون لك بالتسخي ‪ ،‬ويستعبد لك ‪ ،‬وإن ل تسالك ‪ ،‬بل عملت معك‬
‫حربا ‪ ،‬فحاصرها ‪ ،‬وإذا دفعها الرب إلك إل يدك ‪ ،‬فاضرب جيع ذكورها بد‬
‫السيف ‪ ،‬وأما النساء ‪ ،‬والطفال ‪ ،‬والبهائم ‪ ،‬وكل ما ف الدينة ‪ ،‬كل غنيمتها فتغنمها‬
‫لنفسك ‪ ،‬وتأكل غنيمة أعدائك الت أعطاك الرب إلك ‪ ،‬هكذا تفعل بميع الدن البعيدة‬
‫منك جدا ‪ ،‬الت ليست من مدن هؤلء المم هنا ‪ ،‬وأما مدن هؤلء الشعوب الت يعطيك‬
‫الرب إلك نصيبا فل تبق منها نسمة ما ‪ ،‬بل ترمها تريا ‪ -‬الثيي والموريي ‪،‬‬
‫والكنعانيي ‪ ،‬والفرزيي ‪ ،‬والويي ‪ ،‬واليوسيي ‪ ،‬كما أمرك الرب إلك " ‪ .‬وف إنيل‬
‫مت التداول بأيدي السيحيي ‪ ،‬ف الصحاح العاشر عدد ‪ 24‬وما بعده يقول ‪ " :‬ل‬
‫تظنوا أن جئت للقي سلما على الرض ‪ ،‬ما جئت للقي سلما ‪ ،‬بل سيفا ‪ ،‬فإنن‬
‫جئت لفرق النسان ضد أبيه والبنة ضد أمها ‪ ،‬والكنة ضد ‪ /‬صفحة ‪ / 619‬حاتا ‪،‬‬
‫وأعداء النسان أهل بيته ‪ ،‬من أحب أبا أو أما أكثر من ‪ ،‬فل يستحقن ‪ ،‬ومن أحب ابنا‬
‫أو ابنة أكثر من ‪ ،‬فل يستحقن ‪ ،‬ومن ل يأخذ صليبه ويتبعن ‪ ،‬فل يستحقن ‪ ،‬ومن‬
‫وجد حياته يضيعها ‪ ،‬ومن أضاع حياته من أجلي يدها " ‪ .‬والقانون الدول أقر الظروف‬
‫والحوال الت تشرع فيها الرب ‪ ،‬ووضع لا القواعد ‪ ،‬والبادئ ‪ ،‬والنظم ‪ ،‬الت تفف‬
‫من شرورها وويلتا ‪ ،‬وإن كان ل يتم شئ من ذلك عند التطبيق ‪ .‬تشريع الهاد ف‬
‫السلم أرسل ال رسوله إل الناس جيعا ‪ ،‬وأمره أن يدعو إل الدى ودين الق ولبث ف‬
‫مكة يدعو إل ال بالكمة والوعظة السنة ‪ .‬وكان لبد من أن يلقى مناوأة من قومه‬
‫الذين رأوا أن الدعوة الديدة خطر على كيانم الادي والدب ‪ .‬فكان توجيه ال له أن‬
‫يلقى هذه الناوأة بالصب ‪ ،‬والعفو ‪ ،‬والصفح الميل ‪ " .‬واصب لكم ربك فإنك بأعيننا "‬
‫‪ " ) 1 ( .‬فاصفح عنهم ‪ ،‬وقل سلم ‪ ،‬فسوف يعلمون " ‪ " ) 2 ( .‬فاصفح الصفح‬

‫‪450‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الميل " ‪ " ) 3 ( .‬قل للذين آمنوا يغفروا للذين ل يرجون أيام ال " ‪ ) 4 ( .‬ول يأذن‬
‫ال بأن يقابل السيئة بالسيئة ‪ ،‬أو يواجه الذى بالذى ‪ ،‬أو يارب الذين حاربوا الدعوة ‪،‬‬
‫أن يقاتل الذين فتنوا الؤمني والؤمنات ‪ " .‬ادفع بالت هي أحسن السيئة ‪ ،‬نن أعلم با‬
‫يصفون " ‪ ( ) 5 ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الطور ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 48‬سورة الزخرف ‪:‬‬
‫الية ‪ ) 3 ( . 89‬سورة الجر ‪ :‬الية ‪ ) 4 ( . 85‬سورة الاثية ‪ :‬الية ‪) 5 ( . 14‬‬
‫سورة الؤمنون ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 96‬صفحة ‪ / 620‬وكل ما أمر به جهادا ف هذه الفترة‬
‫أن ياهد بالقرآن ‪ ،‬والجة ‪ ،‬والبهان ‪ " .‬وجاهدهم جهادا كبيا " ‪ ) 1 ( .‬ولا اشتد‬
‫الذى ‪ ،‬وتتابع الضطهاد حت وصل قمته بتدبي مؤامرة لغتيال الرسول الكري ‪ ،‬اضطر‬
‫أن يهاجر من مكة إل الدينة ‪ ،‬ويأمر أصحاب بالجرة إليها بعد ثلث عشرة سنة من‬
‫البعثة ‪ " .‬وإذ يكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يرجوك ويكرون ويكر ال‬
‫وال خي الاكرين " ‪ " ) 2 ( .‬إل تنصروه ‪ ،‬فقد نصره ال " ‪ ) 3 ( .‬وف الدينة ‪-‬‬
‫عاصمة السلم الديدة ‪ -‬تقرر الذن بالقتال حي أطبق عليهم العداء ‪ ،‬واضطروا إل‬
‫امتشاق السام ‪ ،‬دفاعا عن النفس ‪ ،‬وتأمينا للدعوة ‪ .‬وكان أول آية نزلت قول ال‬
‫سبحانه ‪ " :‬أذن للذين يقاتلون بأنم ظلموا ‪ ،‬وإن ال على نصرهم لقدير ‪ .‬الذين أخرجوا‬
‫من ديارهم بغي حق إل أن يقولوا ‪ :‬ربنا ال ‪ -‬ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض لدمت‬
‫صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم ال كثيا‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 620‬‬
‫ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوي عزيز ‪ -‬الذين إن مكناهم ف الرض أقاموا الصلة‬
‫وآتوا الزكاة وأمروا بالعروف ونوا عن النكر ول عاقبة المور " ‪ ) 4 ( .‬وف هذه‬
‫اليات تعليل للذن بالقتال بأمور ثلثة ‪ - 1 :‬انم ظلموا بالعتداء عليهم ‪ ،‬وإخراجهم‬
‫من ديارهم بغي حق إل أن يدينوا دين الق ‪ ،‬ويقولوا ‪ :‬ربنا ال ‪ - 2 .‬انه لول إذن ال‬
‫للناس بثل هذا الدفاع ‪ ،‬لدمت جيع العابد الت يذكر فيها اسم ال كثيا ‪ ،‬بسبب ظلم‬
‫الكافرين الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الفرقان ‪ :‬الية‬
‫‪ ) 2 ( . 53‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 30‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 4 ( . 40‬سورة‬

‫‪451‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الج ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 41 ، 40 ، 39‬صفحة ‪ - 3 / 621‬ان غاية النصر ‪ ،‬والتمكي‬
‫ف الرض ‪ ،‬والكم ‪ :‬إقامة الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة ‪ ،‬والمر بالعروف ‪ ،‬والنهي عن النكر‬
‫‪ .‬ايابه وف السنة الثانية من الجرة ‪ ،‬فرض ال القتال ‪ ،‬وأوجبه بقوله تعال ‪ " :‬كتب‬
‫عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خي لكم وعسى أن تبوا شيئا‬
‫وهو شر لكم وال يعلم وأنتم ل تعلمون " ‪ ) 1 ( .‬الهاد فرض كفاية ( ‪ : ) 2‬والهاد‬
‫ليس فرضا على كل فرد من السلمي ‪ ،‬وإنا هو فرض على الكفاية إذا قام به البعض ‪،‬‬
‫واندفع به العدو ‪ ،‬وحصل به الغناء ‪ ،‬سقط عن الباقي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة ‪:‬‬
‫الية ‪ ) 2 ( ) . ( . 216‬من الفرائض ما يب على كل فرد أن يقوم به ول يسقط‬
‫بإقامة البعض له ‪ ،‬مثل ‪ :‬اليان ‪ ،‬والطهارة ‪ ،‬والصلة ‪ ،‬والزكاة ‪ ،‬والصيام ‪ ،‬والج ‪.‬‬
‫فهذه فرائض عينية ‪ ،‬يلزم كل فرد أداؤها ‪ ،‬ول يل له أن يقصر فيها ‪ .‬ومن الفرائض ما‬
‫يب على بعض الناس دون البعض الخر ‪ ،‬وتسمى هذه الفرائض بفروض الكفاية وهي‬
‫أنواع ‪ - 1 :‬النوع الول دين ‪ ،‬مثل ‪ :‬العلم ‪ ،‬والتعلم ‪ ،‬وحكم الشبهات ‪ ،‬والرد على‬
‫الشكوك الت تثار حول السلم ‪ ،‬وصلة النازة ‪ ،‬وإقامة الماعة ‪ ،‬والذان ‪ ،‬ونو ذلك‬
‫‪ - 2 .‬والنوع الثان ما يتصل بإصلح النظام العيشي ‪ ،‬مثل ‪ :‬الزراعة ‪ ،‬والصناعة ‪،‬‬
‫والطب ‪ ،‬ونو ذلك من الرف الت يضر تعطيلها أمر الدين والدنيا ‪ - 3 .‬والنوع الثالث‬
‫من الفروض الكفائية ما يشترط فيه الاكم ‪ ،‬مثل ‪ :‬الهاد ‪ ،‬وإقامة الدود فإن هذه من‬
‫حق الاكم وحده ‪ ،‬وليس لي فرد أن يقيم الد على غيه ‪ - 4 .‬والنوع الرابع ما ل‬
‫يشترط فيه الاكم ‪ ،‬مثل ‪ :‬المر بالعروف ‪ ،‬والنهي عن النكر ‪ ،‬والدعوة إل الفضائل ‪،‬‬
‫ومطاردة الرذائل ‪ .‬فهذه الفروض الكفائية ل تب على كل فرد ‪ ،‬وإنا الواجب أن ينهض‬
‫با بعض الفراد ‪ ،‬فإذا قاموا با ‪ ،‬وحصلت بم الكفاية ‪ ،‬سقط الوجوب عن الفراد جيعا‬
‫‪ .‬وإذا ل يقوموا با ‪ ،‬أثوا جيعا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 622‬يقول ال تعال ‪ " :‬وما كان‬
‫الؤمنون لينفروا كافة فلول نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا ف الدين ولينذروا‬
‫قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يذرون ‪ ) 1 ( " .‬وقال سبحانه ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا‬
‫خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جيعا " ‪ ) 2 ( .‬وف البخاري " ويذكر عن ابن‬
‫عباس " انفروا ثبات " ‪ :‬سرايا متفرقي ‪ .‬وقال سبحانه ‪ " :‬ل يستوي القاعدون من‬

‫‪452‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الؤمني غي أول الضرر والجاهدون ف سبيل ال بأموالم وأنفسهم فضل ال الجاهدين‬
‫بأموالم وأنفسهم على القاعدين درجة كل وعد ال السن وفضل ال الجاهدين على‬
‫القاعدين أجرا عظيما " ‪ ) 3 ( .‬وروى مسلم عن أب سعيد الدري رضي ال عنه ‪ :‬أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬بعث بعثا إل بن ليان ‪ -‬من هذيل ‪ -‬فقال ‪ " :‬لينبعث‬
‫من كل رجلي أحدها ‪ ،‬والجر بينهما " ‪ .‬ولنه لو وجب على الكل لفسدت مصال‬
‫الناس الدنيوية ‪ ،‬فوجب أن ل يقوم به إل البعض ‪ .‬مت يكون الهاد فرض عي ؟‬
‫وليكون الهاد فرض عي إل ف الصور التية ‪ - 1 :‬أن يضر الكلف صف القتال ‪،‬‬
‫فإن الهاد يتعي ف هذه الال ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة‬
‫فاثبتوا " ‪ ( ) 4 ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 122‬سورة النساء ‪:‬‬
‫الية ‪ . 71‬والنفي ‪ :‬الروج لقتال الكفار ‪ ) 3 ( .‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪) 4 ( . 95‬‬
‫سورة النفال ‪ :‬الية ‪ / ) . ( 45‬صفحة ‪ / 623‬ويقول ال تبارك وتعال ‪ " :‬يأيها الذين‬
‫آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فل تولوهم الدبار " ‪ - 2 ) 1 ( .‬إذا حضر العدو‬
‫الكان أو البلد الذي يقيم به السلمون ‪ ،‬فإنه يب على أهل البلد جيعا أن يرجوا لقتاله ‪،‬‬
‫ول يل لحد أن يتخلى عن القيام بواجبه نو مقاتلته إذا كان ل يكن دفعه إل بتكتلهم‬
‫عامة ‪ ،‬ومناجزتم إياه ‪ .‬يقول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين‬
‫يلونكم من الكفار " ‪ - 3 ) 2 ( .‬إذا استنفر الاكم أحدا من الكلفي ‪ ،‬فإنه ل يسعه أن‬
‫يتخلى عن الستجابة إليه ‪ .‬لا رواه ابن عباس رضي ال عنهما ‪ ،‬ان النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 623‬‬
‫" لهجرة بعد الفتح ‪ ،‬ولكن جهادونية ‪ ،‬وإذا استنفرت فانفروا " ( ‪ ) 3‬رواه البخاري ‪.‬‬
‫أي إذا طلب منكم الروج إل الرب فاخرجوا ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا‬
‫مالكم إذا قيل لكم انفروا ف سبيل ال اثاقلتم إل الرض أرضيتم بالياة الدنيا من الخرة‬
‫فما متاع الياة الدنيا ف الخرة إل قليل " ‪ ) 4 ( .‬على من يب ؟ يب الهاد على‬
‫السلم ‪ ،‬الذكر ‪ ،‬العاقل ‪ ،‬البالغ ‪ ،‬الصحيح ‪ ،‬الذي يد من الال ما يكفيه ويكفي أهله‬

‫‪453‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حت يفرغ من الهاد ‪ .‬فل يب على غي السلم ‪ ،‬ول على الرأة ‪ ،‬ول على الصب ‪ ،‬ول‬
‫على الجنون ‪ ،‬ول على الريض ‪ ،‬فل حرج على واحد من هؤلء ف التخلف عن‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 15‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪) 3 ( . 123‬‬
‫أي لهجرة من مكة إل الدينة بعد فتح مكة ‪ ،‬وكانت هذه الجرة فرضا ف أول السلم‬
‫فنسخت بذا الديث ‪ .‬أما الجرة من دار الرب إل السلم فهي ل تنسخ ‪ ،‬بل هي‬
‫مفروضة على من ل يأمن فيها على دينه ‪ ) 4 ( .‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪/ ) . ( . 38‬‬
‫صفحة ‪ / 624‬الهاد ‪ ،‬لن ضعفهم يول بينهم وبي الكفاح ‪ ،‬وليس لم غناء يعتد به‬
‫ف اليدان ‪ .‬وربا كان وجودهم أكثر ضررا ‪ ،‬مع قلة نفعه ‪ .‬وف هذا يقول ال سبحانه ‪:‬‬
‫" ليس على الضعفاء ول على الرضى ول على الذين ل يدون ما ينفقون حرج إذا‬
‫نصحوا ل ورسوله " ‪ ) 1 ( .‬ويقول ال تبارك وتعال ‪ " :‬ليس على العمى حرج ول‬
‫على العرج حرج ولعلى الريض حرج " ‪ ) 2 ( .‬وعن ابن عمر رضي ال عنهما ‪ ،‬قال‬
‫‪ " :‬عرضت على رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم أحد ‪ ،‬وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم‬
‫يزن " ‪ .‬رواه ‪ :‬البخاري ومسلم ‪ .‬ولنه عبادة ‪ ،‬فل يب إل على بالغ ‪ .‬روى أحد ‪،‬‬
‫والبخاري ‪ ،‬عن عائشة رضي ال عنها ‪ ،‬قالت ‪ " :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬هل على النساء‬
‫جهاد ؟ ‪ . .‬قال ‪ :‬جهاد لقتال فيه ‪ :‬الج والعمرة " ‪ .‬وف رواية ‪ :‬لكن أفضل الهاد‬
‫حج مبور ‪ .‬وروى الواحدي ‪ ،‬والسيوطي ‪ ،‬ف " الدر النثور " عن ماهد ‪ ،‬قال ‪" :‬‬
‫قالت أم سلمة رضي ال عنها ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬تغزو الرجال ول نغزو ‪ ،‬وإنا لنا نصف‬
‫الياث ؟ ! " ‪ .‬فأنزل ال تعال ‪ " :‬ول تتمنوا ما فضل ال به بعضكم على بعض للرجال‬
‫نصيب ما اكتسبوا وللنساء نصيب ما اكتسب واسألوا ال من فضله إن ال كان بكل شئ‬
‫عليما " ‪ ) 3 ( .‬ورويا عن عكرمة أن النساء سألن الهاد ‪ ،‬فقلن ‪ ( :‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 91‬سورة الفتح ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 17‬سورة النساء ‪ :‬الية‬
‫‪ ، 32‬أي أنه للرجال عمل خاص بم ‪ ،‬كلفوا به ‪ ،‬وللنساء عمل خاص بن ‪ ،‬كلفن به ‪،‬‬
‫فل يصح أن يتمن كل من الفريقي عمل الخر ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ " / 625‬وددنا أن ال‬
‫جعل لنا الغزو فنصيب من الجر ما يصيب الرجال " ‪ ،‬فنلت الية ‪ .‬وهذا لينع من‬
‫خروجهن للتمريض ونوه ‪ .‬عن أنس رضي ال عنه قال ‪ " :‬لا كان يوم أحد ‪ ،‬انزم‬

‫‪454‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الناس عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولقد رأيت عائشة بنت أب بكرو أم سليم وإنما‬
‫لشمرتان ‪ ،‬أرى خدم سوقهما ( ‪ ) 1‬تنقلن القرب على متونما ‪ ،‬ث تفرغانا ف أفواه‬
‫القوم ث ترجعان فتملنا ث تيئان فتفر غانا ف أفواه القوم " ‪ .‬رواه الشيخان ‪ .‬وعنه قال‬
‫‪ " :‬كان النب صلى ال عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من النصار معه ‪ ،‬فيسقي الاء ‪،‬‬
‫ويداوين الرحى " ‪ .‬رواه مسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ .‬اذن الوالدين الهاد الواجب‬
‫ل يعتب فيه إذن الوالدين ‪ .‬أما جهاد التطوع ‪ ،‬فإنه لبد فيه من إذن الوالدين السلمي‬
‫الرين ‪ ،‬أو إذن أحدها ‪ .‬قال ابن مسعود ‪ " :‬سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫أي العمل أحب إل ال ؟ قال ‪ :‬الصلة على وقتها ‪ .‬قلت ‪ :‬ث أي ‪ :‬قال ‪ :‬بر الوالدين ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ث أي ؟ قال ‪ :‬الهاد ف سبيل ال " ‪ .‬رواه البخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ .‬وقال ابن عمر‬
‫رضي ال عنهما ‪ " :‬جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فاستأذنه ف الهاد ‪ .‬فقال‬
‫‪ :‬أحي والداك ؟ قال ‪ :‬نعم ؟ قال ‪ :‬ففيهما فجاهد " ‪ .‬رواه البخاري ‪ ،‬وأبو داود ‪،‬‬
‫والنسائي ‪ ،‬والترمذي وصححه ‪ .‬وف كتاب شرعة السلم ‪ " :‬ول يرج إل الهاد‬
‫إلمن كان فارغا عن الهل والطفال وعن خدمة الوالدين ‪ ،‬فإن ذلك مقدم على الهاد ‪،‬‬
‫بل هو أفضل الهاد " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي اللخل ف سوقهما ‪ ،‬وسي اللخال‬
‫خدمة بفتحتي ‪ ،‬لنه ربا كان من سيور مركب فيها ذهب وفضة ‪ ،‬والدمة ف الصل‬
‫السي ‪ ،‬والدم موضع اللخال من الساق ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 626‬اذن الدائن وكذلك‬
‫ل يتطوع به مدين ل وفاء له إل مع إذن ‪ ،‬أو وهن مرز ‪ ،‬أو كفيل ملئ ‪ .‬فعند أحد ‪،‬‬
‫ومسلم ‪ ،‬من حديث أب قتادة ‪ :‬أرأيت إن قتلت ف سبيل ال تكفر عن خطاياي ؟ فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬نعم وأنت صابر متسب ‪ ،‬مقبل غي مدبر ‪ ،‬إل‬
‫الدين ‪ ،‬فإن جبيل قال ل ذلك " ‪ .‬الستعانة بالفجرة والكفرة على الغزو‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 626‬‬
‫يوز الستعانة بالنافقي ‪ ،‬والفسقة ‪ ،‬على قتال الكفرة ‪ ،‬وقد كان عبد ال بن أب ومن‬
‫معه من النافقي يرجون للقتال مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬وقصة أب مجن‬
‫الثقفي ‪ -‬الذي كان يدمن شرب المر ‪ -‬وبلؤه ف حرب فارس مشهورة ‪ .‬وأما قتال‬

‫‪455‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الكفرة مع السلمي فاختلفت فيها آراء الفقهاء ‪ :‬فقال مالك وأحد ‪ " :‬ل يوز أن‬
‫يستعان بم ‪ ،‬ول أن يعاونوا على الطلق " ‪ .‬قال مالك ‪ " :‬إل أن يكونوا خداما‬
‫للمسلمي ‪ ،‬فيجوز " ‪ .‬وقال أبو حنيفة ‪ " :‬يستعان بم ‪ ،‬ويعاونون على الطلق ‪،‬‬
‫السلم هو الغالب الاري عليهم ‪ ،‬فإن كان حكم الشرك هو الغالب كره " ‪ .‬وقال‬
‫الشافعي ‪ :‬يوز ذلك بشرطي ‪ ( :‬أحدها ) أن يكون بالسلمي قلة ويكون بالشركي‬
‫كثرة ‪ ( .‬والثان ) أن يعلم من الشركي حسن رأي ف السلم وميل إليه ‪ .‬ومت استعان‬
‫بم رضخ لم ول يسهم ‪ :‬أي أعطاهم مكافأة ول يشركهم ف سهام السلمي من الغنيمة‬
‫‪ / .‬صفحة ‪ / 627‬الستنصار بالضعفاء ‪ - 1‬عن مصعب بن سعد بن أب وقاص قال ‪:‬‬
‫رأى أب أن له فضل على من دونه ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬هل تنصرون‬
‫وترزقون إل بضعفائكم ؟ ! " ‪ .‬رواه البخاري ‪ ،‬والنسائي ‪ .‬ولفظ النسائي ‪ " :‬إنا ينصر‬
‫ال هذه المة بضعيفها ‪ ،‬بدعوتم ‪ ،‬وصلتم وإخلصهم " ‪ - 2 .‬وعن أب الدرداء ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬يقول ‪ " :‬ابغون ف الضعفاء ‪ ،‬فإنا ترزقون‬
‫وتنصرون بضعفائكم " ‪ .‬رواه أصحاب السنن ‪ - 3 .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه ‪ :‬أن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬رب أشعث ‪ ،‬مدفوع بالباب ‪ ،‬لو أقسم على ال لبره‬
‫" ( ‪ ( . ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي أن الرجل قد يبدو ف هيئة ل تسترعي النظار ‪ ،‬ولكنه‬
‫قوي اليان ‪ ،‬صادق اليقي ‪ ،‬فلودعا ربه لستجاب له بجرد دعائه ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 628‬فضل الهاد الهاد أفضل نوع من أنواع التطوع ‪ :‬الهاد ‪ :‬إعلء لكلمة ال ‪،‬‬
‫وتكي لدايته ف الرض ‪ ،‬وتركيز للدين الق ‪ ،‬ومن ث كان أفضل من تطوع الج ‪،‬‬
‫والعمرة ‪ ،‬وأفضل من تطوع الصلة ‪ ،‬والصوم ‪ .‬وهومع ذلك ينتظم كل لون من ألوان‬
‫العبادات ‪ ،‬سواء منها ما كان من عبادات الظاهر أو الباطن ‪ ،‬فإن فيه من عبادات الباطن‬
‫الزهد ف الدنيا ‪ ،‬ومفارقة الوطن ‪ ،‬وهجرة الرغبات ‪ ،‬حت ساه السلم " الرهبنة " ‪ .‬فقد‬
‫جاء ف الديث ‪ " :‬رهبانية أمت ‪ :‬الهاد ف سبيل ال " ‪ .‬وفيه من التضحيه بالنفس ‪،‬‬
‫والال ‪ ،‬وبيعهما ل ‪ ،‬ما هو ثرة من ثرات الب ‪ ،‬واليان ‪ ،‬واليقي ‪ ،‬والتوكل ‪ " .‬إن‬
‫ال اشترى من الؤمني أنفسهم وأموالم بأن لم النة يقاتلون ف سبيل ال فيقتلون‬
‫ويقتلون وعدا عليه حقا ف التوراة والنيل والقرآن ومن أوف بعهده من ال فاستبشروا‬

‫‪456‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " ‪ ) 1 ( .‬وقد عظم السلم أمره ‪ ،‬ونوه‬
‫به ف عامة السور الدنية وذم التاركي له ‪ ،‬والعرضي عنه ‪ ،‬ووصفهم بالنفاق ومرض‬
‫القلب ‪ .‬الجاهد خي الناس الجاهد خي الناس عن ابن عباس رضي ال عنه ‪ :‬أن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬أل أخبكم بي الناس ؟ رجل مسك بعنان فرسه ف سبيل‬
‫ال ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 111‬صفحة ‪ / 629‬أل أخبكم‬
‫بالذي يتلوه ‪ :‬رجل معتزل ف غنيمة له يؤدي حق ال فيها ‪ .‬أل أخبكم بشر الناس ‪:‬‬
‫رجل يسأل بال‍ول يعطي به " ‪ .‬وسئل النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أي الناس أفضل ؟ قال‬
‫‪ " :‬مؤمن ياهد ف سبيل ال بنفسه وماله " ‪ .‬قالوا ‪ :‬ث من ؟ قال ‪ " :‬مؤمن ف شعب من‬
‫الشعاب يتقي ال ويدع الناس من شره " ‪ .‬فقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ث مؤمن ف‬
‫شعب بن الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره " فيه دليل لن قال بتفضيل العزلة عن‬
‫الختلط ‪ ،‬وف ذلك خلف مشهور ‪ .‬فمذهب الشافعي ‪ ،‬وأكثر العلماء ‪ ،‬أن الختلط‬
‫أفضل بشرط رجاء السلمة من الفت ‪ .‬ومذهب طوائف أن العتزال أفضل ‪ .‬وأجاب‬
‫المهور عن هذا الديث بأنه ممول على العتزال ف زمن الفت والروب ‪ ،‬أو هو فيمن‬
‫ل يسلم الناس منه ول يصب عليهم ‪ ،‬أو نو ذلك من الصوص ‪ .‬وقد كانت النبياء‬
‫صلوات ال عليهم ‪ ،‬وجاهي الصحابة والتابعي والعلماء والزهاد متلطي ‪ ،‬فيحصلون‬
‫منافع الختلط ‪ ،‬كشهود المعة ‪ ،‬والماعة ‪ ،‬والنائز ‪ ،‬وعيادة الرضى ‪ ،‬وحلق‬
‫الذكر ‪ ،‬وغي ذلك ‪ .‬وأما الشعب ‪ ،‬فهو ‪ :‬ما انفرج بي جبلي ‪ ،‬وليس الراد نفس‬
‫الشعب خصوصا ‪ ،‬بل الراد ‪ :‬النفراد والعتزال ‪ ،‬وذكر الشعب مثال ‪ ،‬لنه خال من‬
‫الناس غالبا ‪ .‬وهذا الديث نو الديث الخر ‪ ،‬حي سئل صلى ال عليه وسلم عن‬
‫النجاة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬أمسك عليك لسانك ‪ ،‬وليسعك بيتك ‪ ،‬وابك على خطيئتك " ‪ .‬النة‬
‫للمجاهد روى الترمذي ‪ :‬أن رجل مالت نفسه إل العزلة ‪ ،‬فسأل النب صلى ‪ /‬صفحة‬
‫‪ / 630‬ال عليه وسلم عنها ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 630‬‬

‫‪457‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ " :‬ل تفعل ‪ ،‬فإن مقام أحدكم ف سبيل ال أفضل من صلته ف بيته سبعي عاما ‪ ،‬أل‬
‫تبون أن يغفر ال لكم ويدخلكم النة ‪ :‬اغزوا ف سبيل ال ‪ .‬من قاتل ف سبيل ال فواق‬
‫ناقة وجبت له النة " ‪ .‬الجاهد يرتفع مائة درجة ف النة ‪ :‬عن أب سعيد الدري رضي‬
‫ال عنه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬يا أبا سعيد ‪ ،‬من رضي بال ربا ‪،‬‬
‫وبالسلم دينا ‪ ،‬وبحمد نبيا وجبت له النة " ‪ .‬فعجب لا أبو سعيد ‪ ،‬فقال ‪ :‬أعدها‬
‫علي يا رسول ال ‪ ،‬ففعل ‪ .‬ث قال ‪ " :‬وأخرى يرفع با العبد مائة درحة ف النة ما بي‬
‫كل درجتي ‪ ،‬كما بي السماء والرض " ‪ .‬قال ‪ :‬وما هي يا رسول ال ؟ قال ‪ " :‬الهاد‬
‫ف سبيل ال ‪ ،‬الهاد ف سبيل ال " ‪ .‬وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن ف‬
‫النة مائة درجة ‪ ،‬أعدها ال للمجاهدين ف سبيل ال ‪ ،‬مابي الدرجتي كما بي السماء‬
‫والرض ‪ ،‬فإذا سألتم ال فاسألوه الفردوس ‪ ،‬فإنه أوسط النة ‪ ،‬وأعلى النة ‪ ،‬وفوقه‬
‫عرش الرحن ‪ ،‬ومنه تفجر أنار النة " ‪ .‬الهاد ل يعد له شئ عن أب هريرة رضي ال‬
‫عنه قال ‪ :‬قيل يا رسول ال ما يعدل الهاد ف سبيل ال عزوجل ؟ قال ‪ " :‬ل تستطيعونه‬
‫" ‪ .‬فأعاد عليه مرتي ‪ ،‬أو ثلثا ‪ ،‬كل ذلك يقول " ل يستطيعونه " ‪ .‬وقال ف الثالثة ‪" :‬‬
‫مثل الجاهد ف سيبل ال كمثل الصائم القائم القانت ‪ /‬صفحة ‪ / 631‬بآيات ال ‪،‬‬
‫ليفتر من صلة ول صيام حت يرجع الجاهد ف سبيل ال " ‪ .‬رواه المسة ‪ .‬فضل‬
‫الشهادة قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل يكلم أحد ف سيبل ال ‪ -‬وال أعلم‬
‫بن يكلم ف سبيل ال ‪ -‬إل جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما ‪ ،‬اللون لون الدم ‪ ،‬والريح‬
‫ريح السك " ‪ .‬قال ممد بن إبراهيم ‪ :‬أملى علي عبد ال بن البارك حي ودعته للخروج‬
‫هذه البيات ‪ ،‬وأرسلها معي إل الفضيل بن عياض ‪ :‬يا عابد الرمي لو أنصرتنا لعلمت‬
‫أنك ف العبادة تلعب من كان يضب خذه بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان‬
‫يتعب خيله ف باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب ريح العبي لكم ‪ ،‬ونن عبينا وهج‬
‫السنابك والغبار الطيب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق ‪ . . .‬ل يكذب ل‬
‫يستوي غبار أهل ال ف أنف امرئ ودخان نار ‪ ،‬ل يكذب هذا كتاب ال ينطق بيننا ليس‬
‫الشهيد بيت ‪ ،‬ل يكذب قال ‪ :‬فلقيت الفضيل بن عياض بكتابه ف السجد الرام ‪ ،‬فلما‬
‫قرأه ذرفت عيناه وقال ‪ :‬صدق أبو عبد الرحن ‪ ،‬ونصحن ‪ ،‬ث قال ‪ / :‬صفحة ‪/ 632‬‬

‫‪458‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أأنت من يكتب الديث ؟ قلت ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬فاكتب هذا الديث ‪ ،‬أجر حلك كتاب‬
‫أب عبد الرحن إلينا ‪ .‬وأملى علي الفضيل بن عياض ‪ " :‬حدثنا منصور بن العتمر ‪ ،‬عن‬
‫أب صال ‪ ،‬عن أب هريرة رضي ال عنه أن رجل قال ‪ :‬يا رسول ال علمن عمل أنال به‬
‫ثواب الجاهدين ف سبيل ال ‪ .‬فقال ‪ " :‬هل تستطيع أن تصلي فلتفتر ‪ ،‬وتصوم فل‬
‫تفطر ؟ " فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬أنا أضعف من أن أستطيع ذلك ‪ .‬ث قال النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬فوالذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت الجاهدين ف سبيل ال ‪ .‬أو‬
‫ما علمت أن الجاهد ليست ف طوله فيكتب له بذلك السنات " ‪ .‬وقال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم لصحابه ‪ " :‬لا أصيب إخوانكم بأحد ‪ ،‬جعل ال أرواحهم ف جوف طي‬
‫خضر ‪ ،‬ترد أنار النة ‪ ،‬وتأكل من نارها ‪ ،‬وتأوي إل قناديل من ذهب ‪ ،‬معلقة ف ظل‬
‫العرش ‪ ،‬فلما وجدوا طيب مأكلهم ‪ ،‬ومشربم ‪ ،‬ومقيلهم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬من يبلغ إخواننا عنا‬
‫أنا أحياء ف النة نرزق ‪ ،‬لئل يزهدوا ف الهاد ‪ ،‬فقال ال تعال ‪ " :‬أنا أبلغهم عنكم " ‪.‬‬
‫وأنزل ‪ " :‬ول تسب الذين قتلوا ف سبيل ال أمواتا بل أحياء عند ربم يرزقون ‪ -‬فرحي‬
‫با آتاهم ال من فضله ‪ ،‬ويستبشرون بالذين ل يلحقوا بم من خلفهم أل خوف عليهم‬
‫ولهم يزنون ‪ -‬يستبشرون بنعمة من ال وفضل وأن ال ل يضيع أجر الؤمني " ‪( .‬‬
‫‪ ) 1‬وقال الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أرواح الشهداء ف حواصل طي خضر ‪،‬‬
‫تسرح ف النة حيث شاءت " ‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬الشهيد ل يد أل القتل‬
‫إل كما يد أحدكم أل القرصة " ‪ ( ) 2 ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة آل عمران ‪ :‬اليات‬
‫‪ ) 2 ( . 171 ، 170 ، 169‬القرصة ‪ :‬اللسعة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 633‬وقال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ " :‬أفضل الهاد أن يعقر ( ‪ ) 1‬جوادك ‪ ،‬ويراق ( ‪ ) 2‬دمك " ‪ .‬عن‬
‫جابر بن عتيك ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬الشهادة سبع ‪ -‬سوى القتل ف‬
‫سبيل ال ‪ : -‬الطعون ( ‪ ) 3‬شهيد ‪ ،‬والغرق ( ‪ ) 4‬شهيد ‪ ،‬وصاحب ذات النب (‬
‫‪ ) 5‬شهيد ‪ ،‬والبطون ( ‪ ) 6‬شهيد ‪ ،‬وصاحب الرق شهيد ‪ ،‬والذي يوت تت الدم‬
‫شهيد ‪ ،‬والرأة توت بمع ( ‪ ) 7‬شهيدة " ‪ .‬روه أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي بسند‬
‫صحيح ‪ .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬ما‬
‫تعدون الشهيد فيكم " ؟‬

‫‪459‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 633‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول ال ‪ :‬من قتل ف سبيل ال ‪ ،‬فهو شهيد ‪ .‬قال ‪ " :‬إن شهداء أمت إذن‬
‫لقليل " ‪ .‬قالوا ‪ :‬فمن هم يا رسول ال ؟ قال ‪ " :‬من قتل ف سبيل ال ‪ ،‬فهو شهيد ‪،‬‬
‫ومن مات ف سبيل ال ( ‪ ، ) 8‬فهو شهيد ‪ ،‬ومن مات ف الطاعون ‪ ،‬فهو شهيد ‪ ،‬ومن‬
‫مات ف البطن ‪ ،‬فهو شهيد ‪ ،‬والغريق شهيد " ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬وعن سعيد بن زيد ‪ ،‬أن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬من قتل دون ماله ‪ ،‬فهو شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون دمه ‪،‬‬
‫فهو شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون دينه ‪ ،‬فهو شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون أهله ‪ ،‬فهو شهيد " ‪ .‬رواه‬
‫أحد ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وصححه ‪ .‬قال العلماء ‪ " :‬الراد بشهادة هؤلء كلهم ‪ ،‬غي القتول‬
‫ف سبيل ال ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يعقر ‪ :‬يرح ‪ ) 2 ( .‬يراق ‪ :‬يصب ‪ ) 3 ( .‬الطعون ‪:‬‬
‫من مات بالطاعون ‪ ) 4 ( .‬الغرق ‪ :‬الغريق ‪ ) 5 ( .‬ذات النب ‪ :‬القروح تصيب‬
‫النسان داخل جنبه وتنشأ عنها المى والسعال ‪ ) 6 ( .‬البطون ‪ :‬من مات برض البطن‬
‫‪ ) 7 ( .‬بمع ‪ :‬أي الت توت عند الولدة ‪ ) 8 ( .‬ف سيبل ال ‪ :‬أي ف طاعته ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 634‬أنم يكون لم ف الخرة ثواب الشهداء ‪ ،‬وأما ف الدنيا ‪ ،‬فيغسلون ‪،‬‬
‫ويصلى عليهم ‪ " .‬وبيان هذا ‪ ،‬أن الشهداء ثلثة أقسام ‪ :‬شهيد ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وهو‬
‫القتول ف حرب الكفار ‪ ،‬وشهيد ف الخرة دون أحكام الدنيا ‪ ،‬وهم هؤلء الذكورون‬
‫هنا ‪ ،‬وشهيد ف الدنيا دون الخرة ‪ ،‬وهو من غل من الغنيمة ( ‪ ) 1‬أو قتل مدبرا " ‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن عمر ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬يغفر ال للشهيد كل‬
‫ذنب ‪ ،‬إل الدين " ‪ .‬ويلحق بالدين مظال العباد ‪ ،‬مثل ‪ :‬القتل ‪ ،‬وأكل أموال الناس‬
‫بالباطل ‪ ،‬ونو ذلك ‪ .‬الهاد لعلء كلمة ال إن الهاد ل يسمى جهادا حقيقيا إل أذا‬
‫قصد به وجه ال ‪ ،‬وأريد به إعلء كلمته ‪ ،‬ورفع راية الق ‪ ،‬ومطاردة الباطل ‪ ،‬وبذل‬
‫النفس ف مرضاة ال ‪ ،‬فإذا أريد به شئ دون ذلك من حظوظ الدنيا ‪ ،‬فإنه ل يسمى‬
‫جهادا على القيقة ‪ .‬فمن قاتل ليحظى بنصب ‪ ،‬أو يظفر بغنم ‪ ،‬أو يظهر شجاعة ‪ ،‬أو‬
‫ينال شهرة ‪ ،‬فإنه لنصيب له ف الجر ‪ ،‬ولحظ له ف الثواب ‪ .‬فعن أب موسى ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫" جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬الرجل يقاتل للمغنم ( ‪ ) 2‬والرجل‬

‫‪460‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يقاتل للذكر ( ‪ ، ) 3‬والرجل يقاتل ليى مكانه ( ‪ ، ) 4‬فمن ف سبيل ال ؟ فقال ‪" :‬‬
‫من قاتل لتكون كلمة ال هي العليا ‪ ،‬فهو ف سبيل ال " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬راجع الزء‬
‫الرابع ( الجلد الول ) من فقه السنة ‪ ) 2 ( .‬أي لجل الغنيمة ‪ ) 3 ( .‬ليذكر بي الناس‬
‫‪ ) 4 ( .‬يرى مكانه ‪ :‬يشتهر بالشجاعة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 635‬وروى أبو داود ‪،‬‬
‫والنسائي ‪ :‬أن رجل قال ‪ :‬يا رسول ال ‪ :‬أرأيت رجل غزا يلتمس الجر والذكر ‪،‬‬
‫ماله ؟ فقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬لشئ له " ‪ .‬فأعادها عليه ثلث مرات ‪ :‬فقال ‪" :‬‬
‫لشئ له ‪ ،‬إن ال ل يقبل من العمل إل ما كان خالصا ‪ ،‬وابتغي به وجهه " ‪ .‬إن النية ‪:‬‬
‫هي روح العمل ‪ ،‬فإذا ترد العمل منها ‪ ،‬كان عمل ميتا ‪ ،‬لوزن له عند ال ‪ .‬روى‬
‫البخاري عن عمر بن الطاب رضي ال عنه ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬
‫إنا العمال بالنيات ‪ ،‬وإنا لكل امرئ ما نوى " ‪ .‬وإن الخلص هو الذي يعطي‬
‫العمال قيمتها القيقية ‪ ،‬ومن ث فإن الرء قد يبلغ بالخلص درجة الشهداء ‪ ،‬ولو ل‬
‫يستشهد ‪ .‬يقول الرسول عليه الصلة والسلم ‪ " :‬من سأل ال الشهادة بصدق بلغه ال‬
‫منازل الشهداءوإن مات على فراشه " ‪ .‬ويقول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن بالدينة أقواما‬
‫ما سرت مسيا ‪ ،‬ول قطعتم واديا ‪ ،‬إل كانوا معكم ‪ ،‬حبسهم العذر " ‪ .‬وإذا ل يكن‬
‫الخلص هو الباعث على الهاد ‪ ،‬بل كان الباعث شيئا آخر من أشياء الدنيا وأعراضها‬
‫ل يرم الجاهد الثواب والجر فقط ‪ ،‬بل إنه بذلك يعرض نفسه للعذاب يوم القيامة ‪.‬‬
‫فعن أب هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪ " :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪" :‬‬
‫إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه ‪ :‬رجل استشهد ‪ .‬فأت به فعرفه نعمه ‪ ،‬فعرفها ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فما عملت فيها ؟ قال ‪ :‬قاتلت فيك حت استشهدت ‪ .‬قال ‪ :‬كذبت ‪ ،‬ولكنك‬
‫قاتلت ‪ /‬صفحة ‪ / 636‬لن يقال ‪ :‬جرئ فقد قيل ‪ ،‬ث أمر به فسحب على وجهه حت‬
‫ألقي ف النار ‪ .‬ورجل تعلم العلم وعلمه ‪ ،‬وقرأ القرآن ‪ ،‬فأت به فعرفه نعمه ‪ ،‬فعرفها ‪.‬‬
‫قال فما عملت فيها ؟ قال ‪ :‬تعلمت العلم وعلمته ‪ ،‬وقرأت فيك القرآن ‪ .‬قال ‪ :‬كذبت ‪،‬‬
‫ولكنك تعلمت العلم ليقال عال ‪ .‬وقرأت القرآن ليقال هو قارئ ‪ .‬فقد قيل ‪ ،‬ث أمر به‬
‫فسحب على وجهه حت ألقي ف النار ‪ .‬ورجل وسع ال عليه ‪ ،‬وأعطاه من أصناف الال‬
‫‪ .‬فأت به فعرفه نعمه ‪ ،‬فعرفها ‪ .‬قال ‪ :‬فما عملت فيها ؟ قال ‪ :‬ما تركت من سبيل تب‬

‫‪461‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أن ينفق فيها إل أنفقت فيهالك ‪ .‬قال ‪ :‬كذبت ‪ ،‬ولكنك فعلت ليقال ‪ :‬هو جواد ‪ ،‬فقد‬
‫قيل ‪ ،‬ث أمر به فسحب على وجهه ‪ ،‬ث ألقي ف النار " ‪ .‬رواه مسلم‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 636‬‬
‫أجر الجي ومهما كان الجاهد ملصا ‪ ،‬وأخذ من الغنيمة ‪ ،‬فإن ذلك ينقص من أجره ‪.‬‬
‫فعن عبد ال بن عمرو ‪ .‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ما من غازية ‪ ،‬أو‬
‫سرية تغزو ‪ ،‬فتغنم ‪ ،‬وتسلم ‪ ،‬إل كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم " ‪ " .‬وما من غازية أو‬
‫سرية تفق أو تصاب ‪ ،‬إل ت أجورهم " ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬قال النووي ‪ " :‬وأما معن‬
‫الديث فالصواب الذي ل يوز غيه ‪ .‬أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل‬
‫من أجر من ل يسلم ‪ ،‬أو سلم ول يغنم ‪ .‬وأن الغنيمة هي ف مقابلة جزء من أجر غزوهم‬
‫‪ ،‬فإذا حصلت لم ‪ ،‬فقد تعجلوا ثلثي أجرهم الترتب على الغزو ‪ ،‬وتكون هذه الغنيمة‬
‫من جلة الجر ‪ .‬وهذا موافق للحاديث الصحيحة الشهورة عن الصحابة كقوله ‪ " :‬منا‬
‫من مات ول يأكل من أجره شيئا ‪ .‬ومنا من أينعت له ثرته فهو يهديها ‪ :‬أي يتنيها " ‪.‬‬
‫فهذا الذي ذكرنا هو الصواب ‪ .‬وهو ظاهر الديث ‪ ،‬ول يأت حديث ‪ /‬صفحة ‪/ 637‬‬
‫صريح صحيح يالف هذا ‪ .‬فتعي حله على ذكرنا ‪ .‬وقد اختار القاضي عياض معن هذا‬
‫الذي ذكرناه " ‪ .‬وروى أبو داود عن أب أيوب أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬
‫ستفتح عليكم المصار ‪ ،‬وستكونون جنودا مندة ‪ ،‬يقطع عليكم فيها بعوث ‪ ،‬فيكره‬
‫الرجل منكم البعث فيها ‪ ،‬فيتخلص من قومه ‪ ،‬ث يتصفح القبائل يعرض نفسه عليهم ‪،‬‬
‫يقول ‪ :‬من أكفه بعث كذا ‪ ،‬وذلك الجي ‪ ،‬إل آخر قطرة من دمه " ‪ .‬فضل الرباط ف‬
‫سبيل ال توجد ثغور يكن أن تكون منافذ ينطلق منها العدو إل دار السلم ومن‬
‫الواجب أن تصن هذه الثغور تصينا منيعا ‪ ،‬كي ل تكون جانب ضعف يستغله العدو‬
‫ويعله منطلقا له ‪ .‬وقد رغب السلم ف حاية هذه الثغور ‪ ،‬بإعداد النود ليكونوا قوة‬
‫للمسلمي ‪ .‬وأطلق على لزوم هذه الثغور ‪ ،‬لجل الهاد ف سبيل ال لفظ الرباط (‬
‫‪ ، ) 1‬وأقله ساعة ‪ ،‬وتامه أربعون يوما ‪ ،‬وأفضله ما كان بأشد الثغور خوفا ‪ .‬وقد اتفق‬
‫العلماء على أنه أفضل من القام بكة ‪ .‬وقد جاء ف فضله من الحاديث ما يلي ‪ :‬روى‬

‫‪462‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مسلم عن سلمان ‪ ،‬قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬رباط يوم‬
‫وليلة خي من صيام شهر وقيامه ‪ ،‬وإن مات جرى عليه عمله ( ‪ ) 2‬الذي كان يعمله ‪،‬‬
‫وأجري عليه رزقه ( ‪ ، ) 3‬وأمن الفتان " ‪ .‬قال ‪ " :‬كان ميت يتم ( ‪ ) 4‬على عمله ‪،‬‬
‫إل الذي مات مرابطا ف سبيل ال ‪ ( ،‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الرباط ‪ :‬معناه القامة ف الثغر بإزاء‬
‫العدو ‪ ) 2 ( .‬هذه فضيلة خاصة بالرابطة ‪ ) 3 ( .‬هذا كقوله تعال ‪ " :‬أحياء عند ربم‬
‫يرزقون " ‪ ) 4 ( .‬يتم على عمله ‪ :‬ينقطع عمله عنه ول يصل ثوابه إليه ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 638‬فإنه ينمى ( ‪ ) 1‬عمله إل يوم القيامة ويأمن فتنة القب " ‪ .‬فضل الرمي بنية الهاد‬
‫رغب السلم ف تعلم الرمي والناضلة بنية الهاد ف سبيل ال ‪ ،‬وحبب ف التدريب على‬
‫ذلك ورياضة العضاء بمارسة الرمي والناضلة ‪ - 1 .‬عن عقبة بن عامر ‪ ،‬قال ‪ :‬سعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم على النب وهو يقول ‪ " :‬وأعدوا لم ما استطعتم من قوة "‬
‫‪ " .‬أل إن القوة الرمي ‪ ،‬أل إن القوة الرمي ‪ ،‬أل إن القوة الرمي " ‪ .‬رواه مسلم ‪- 2 .‬‬
‫وعنه رضي ال عنه قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬ستفتخ عليكم‬
‫أرضون ‪ ،‬فل يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه ‪ ،‬إن ال يدخل بالسهم الواحد النة ثلثة‬
‫نفر ‪ :‬صانعه ( ‪ ) 2‬والمد به ( ‪ ) 3‬والرامي به ف سبيل ال ‪ " .‬وقد شدد السلم‬
‫تشديدا عظيما ف نسيان الرمي بعد تعلمه ‪ ،‬وأنه مكروه كراهة شديدة لن تركه بل عذر‬
‫‪ - 3 .‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من علم الرمي ث تركه فليس منا ‪ ،‬أو "‬
‫قد عصى " ‪ .‬رواه مسلم ‪ - 4 .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬كل شئ يلهو به الرجل‬
‫باطل ‪ ،‬إل رميه بقوسه ‪ ،‬وتأديبه فرسه ‪ ،‬وملعبته أهله ‪ ،‬فإنه من الق " ‪ .‬قال القرطب ‪:‬‬
‫" ومعن هذا وال أعلم ‪ :‬أن كل ما يتلهى به الرجل ‪ ،‬ما ل يفيده ف العاجل ول ف‬
‫الجل فائدة ‪ ،‬فهو باطل والعراض عنه أول ‪ .‬وهذه المور الثلثة ‪ ،‬فإنه وإن كان‬
‫يفعلها على أنه يتلهى با وينشط ‪ ،‬فإنا ( هامش ) ( ‪ ) 1‬ينمي ‪ :‬يزداد وينمو ‪) 2 ( .‬‬
‫يتسب ف صنعه الي ‪ ) 3 ( .‬الناول له ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 639‬حق لتصالا با قد‬
‫يفيد ‪ ،‬فإن الرمي بالقوس ‪ ،‬وتأديب الفزس جيعا من تعاون القتال ‪ ،‬وملعبة الهل قد‬
‫تؤدي إل ما يكون عنه ولد يوحد ال ويعبده ‪ ،‬فلهذا كانت هذه الثلثة من الق " ‪.‬‬
‫وقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬يا بن إساعيل ‪ ،‬أرموا فإن أباكم كان راميا " ‪ .‬وتعلم‬

‫‪463‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الفروسية واستعمال السلحة فرض كفاية " وقد يتعي " ‪ .‬الرب ف البحر أفضل من‬
‫الرب ف الب ‪ :‬لا كان القتال ف البحر أعظم خطرا كان أكثر أجرا ‪ " - 1 .‬روى أبو‬
‫داود عن أو حرام ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬الائد ( ‪ ) 1‬ف البحر له أجر‬
‫شهيد ‪ ،‬والغرق له أجر شهيدين " ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 639‬‬
‫وروى ابن ماجه عن أب أمامة قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪- 2 :‬‬
‫" شهيد البحر مثل شهيدي الب والائد ف البحر كالتشحط ف دمه ف الب وما بي‬
‫الوجبتي كقاطع الدنيا ف طاعة ال ‪ ،‬وإن ال وكل ملك الوت بقبض الرواح ‪ ،‬إل‬
‫شهيد البحر فإنه يتول قبض أرواحهم ‪ .‬ويغفر لشهيد الب الذنوب كلها إل الدين ‪ ،‬ويغفر‬
‫لشهيد البحر الذنوب والدين " ‪ .‬صفات القائد وقد عد الفخري الصفات الت يب أن‬
‫تتوفر ف قائد اليش ‪ ،‬فقال ‪ :‬قال بعض حكماء الترك ‪ " :‬ينبغي أن يكون ف قائد اليش‬
‫عشر خصال من أخلق اليوان ‪ :‬جرأة السد ‪ ،‬وحلة النير ‪ ،‬وروغان الثعلب ‪ ،‬وصب‬
‫الكلب على الراح ‪ .‬وغارة الذئب ‪ ،‬وحراسة الكركي ‪ ،‬وسخاء الديك ‪ .‬وشفقة الديك‬
‫على الفراريج ‪ ،‬وحذر الغراب ‪ .‬وسن " تعرو " ‪ ،‬وهي دابة تكون براسان تسمن على‬
‫السفر والكد " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الائد ‪ :‬الذي يصيبه القئ ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 640‬‬
‫الهاد مع الب والفاجر ‪ :‬ل يشترط ف الهاد أن يكون الاكم عادل ‪ ،‬أو القائد بارا ‪ ،‬بل‬
‫الهاد واجب على كل حال ‪ ،‬وقد يكون للرجل الفاجر ف ميدان الهاد من البلء ما‬
‫ليس لغيه " ‪ .‬الواجب على قائد اليش يب على القائد بالنسبة للجنود ما يأت ‪- 1 :‬‬
‫مشاورتم وأخذ رأيهم ‪ ،‬وعدم الستبداد بالمر دونم ‪ ،‬لقول ال سبحانه ‪ " :‬وشاورهم‬
‫ف المر " ‪ ) 1 ( .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ " :‬ما رأيت أحدا قط كان أكثر‬
‫مشاورة لصحابه من رسول ال صلى ال عليه وسلم " ‪ .‬أخرجه أحد والشافعي رضي‬
‫ال عنهما ‪ - 2 .‬الرفق بم ‪ ،‬ولي الانب لم ‪ ،‬قالت السيدة عائشة رضي ال عنها ‪:‬‬
‫سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬اللهم من ول من أمر أمت شيئا فرفق بم‬
‫‪ ،‬فارفق به " ‪ .‬أخرجه مسلم ‪ .‬وروى عن معقل بن يسار أنه صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬

‫‪464‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫" ما من أمي يلي أمور السلمي ‪ ،‬ث ل يتهد لم ‪ ،‬ول ينصح لم ‪ ،‬إلل يدخل النة " ‪.‬‬
‫وروى أبو داود ‪ ،‬عن جابر رضي ال عنه ‪ .‬قال ‪ " :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يتخلف عن السي ‪ ،‬فيزجي الضعيف ويردف ‪ ،‬ويدلم " ‪ - 3 .‬المر بالعروف والنهي‬
‫عن النكر ‪ ،‬حت ل يتورطوا ف العاصي ‪ - 4 .‬تفقد اليش حينا بعد حي ‪ ،‬ليكون على‬
‫علم بنوده ‪ ،‬ينع من ل يصلح للحرب من رجال وأدوات ‪ ،‬مثل الخدل وهو الذي يزهد‬
‫الناس ف القتال ‪ ،‬والرجف الذي يطلق الشائعات ‪ ،‬فيقول ‪ :‬ليس لم مدد ‪ ،‬ول طاقة ‪. .‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة آل عمران ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 159‬صفحة ‪ / 641‬وكذلك من‬
‫ينقل أخبار اليش وتركاته ‪ ،‬أو يثي الفت ‪ - 5 .‬تعريف العرفاء ‪ - 6 .‬عقد اللوية‬
‫والرايات ‪ - 7 .‬تي النازل الصالة ‪ ،‬وحفظ مكانا ‪ - 8 .‬بث العيون ليعرف حال‬
‫العدو ‪ .‬وكان من هديه صلى ال عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيها ( ‪ ) 1‬وكان يبث‬
‫العيون ليأتوه بب العداء ‪ ،‬وكان يرتب اليوش ‪ ،‬ويتخذ الرايات واللوية ‪ .‬قال ابن‬
‫عباس ‪ :‬وكانت راية رسول ال صلى ال عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض ‪ .‬رواه أبو داود‬
‫‪ .‬وصايا رسول ال صلى ال عليه وسلم ال قواده عن أب موسى رضي ال عنه قال ‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه ف بعض أمره قال ‪" :‬‬
‫بشروا ‪ ،‬ول تنفروا ‪ ،‬ويسروا ‪ ،‬ول تعسروا " ( ‪ . ) 2‬وعنه قال ‪ :‬بعثن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ومعاذا إل اليمن ‪ ،‬فقال ‪ :‬يسروا ولتعسروا ‪ ،‬وبشروا ول تنفروا ‪،‬‬
‫وتطاوعا ‪ ،‬ول تتلفا " ( ‪ . ) 3‬رواها الشيخان ‪ .‬عن أنس رضي ال عنه ‪ ،‬أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ‪ " :‬انطلقوا باسم ال ‪ ،‬وبال ‪ ،‬وعلى ملة رسول ال ‪ ،‬ول تقتلوا‬
‫شيخا ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أي ذكر غيها وأرادها هي ‪ ،‬حت ل يعرف العدو ما يريده عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ) 2 ( .‬ف بعض أمره ‪ :‬أي ف أمر من أعمال الولية والدارة ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫بشروا ‪ ،‬أي من قرب إسلمه ومن تاب من العصاة ‪ ،‬بسعة رحه ال وعظم ثوابه لن آمن‬
‫وعمل صالا ‪ .‬ول تنفروا بذكر أنواع التخويف والوعيد ‪ ،‬ويسروا على الناس ‪ ،‬ول‬
‫تشدوا عليهم ‪ ،‬فإن هذا أدعى لحبة الدين ‪ ) 3 ( .‬أتركا اللف واعمل على الوفاق‬
‫فهذا أدعى للنصر والنجاح ‪ ،‬وصدر الديث موجه باعتبار الماءة ‪ ،‬وعجزه باعتبار الثن‬
‫‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 642‬فانيا ( ‪ ) 1‬ول طفل صغيا ‪ ،‬ول امرأة ( ‪ ، ) 2‬ول تغلوا ‪،‬‬

‫‪465‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وضموا غنائمكم ‪ ،‬وأصلحوا ‪ ،‬وأحسنوا ( ‪ ) 3‬إن ال يب الحسني " ‪ .‬رواه أبو داود ‪.‬‬
‫وصية عمر رضي ال عنه وكتب عمر بن الطاب إل سعد بن أب وقاص ‪ ،‬رضي ال‬
‫عنهما ‪ ،‬ومن معه من الجناد ‪ ،‬أما بعد ‪ " :‬فإن آمرك ومن معك من الجناد بتقوى ال‬
‫على كل حال ‪ ،‬فإن تقوى ال أفضل العدة على العدو ‪ ،‬وأقوى الكيدة ف الرب ‪،‬‬
‫وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من العاصي منكم من عدوكم ‪ ،‬فإن ذنوب‬
‫اليش أخوف عليهم من عدوهم ‪ ،‬وإنا ينصر السلمون بعصية عدوهم ل ‪ ،‬ولول‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 642‬‬
‫ذلك ل تكن لنا بم قوة ‪ ،‬لن عددنا ليس كعددهم ‪ ،‬ول عدتنا كعدتم ‪ ،‬فإن استوينا ف‬
‫العصية كان لم الفضل علينا ف القوة ‪ ،‬وإل ننصر عليهم بفضلنا ‪ ،‬ل نغلبهم بقوتنا ‪،‬‬
‫فاعلموا أن عليكم ف سيكم حفظة من ال يعلمون ما تفعلون ‪ ،‬فاستحيوا منهم ‪ ،‬ول‬
‫تعملوا بعاصي ال وأنتم ف سبيل ال ‪ ،‬ول تقولوا أن عدونا شرمنا ‪ ،‬فلن يسلط علينا ‪،‬‬
‫فرب قوم سلط عليهم شر منهم ‪ ،‬كما سلط على بن إسرائيل لا عملوا بساخط ال كفار‬
‫الجوس ‪ ،‬فجاسوا خلل الديار ‪ ،‬وكان وعدا مفعول ‪ ،‬أسألوا ال العون على أنفسكم ‪،‬‬
‫كما تسألونه النصر على عدوكم ‪ .‬أسأل ال ذلك لنا ولكم ‪ " .‬وترفق بالسلمي ف‬
‫سيهم ‪ ،‬ول تشمهم سيا يتعبهم ‪ ،‬ول تقصر بم عند منل يرفق بم يبلغوا عدوهم ‪،‬‬
‫والسفر ل ينقص قوتم ‪ ،‬فإنم سائرون إل عدو مقيم ‪ ،‬حامي النفس والكراع ‪ ،‬وأقم‬
‫بن معك ف كل جعة يوما وليلة ‪ ،‬حت تكون لم راحة ييون فيها أنفسهم ‪ ،‬ويرمون‬
‫أسلحتهم وأمتعتهم ‪ ،‬ونح منازلم عن قرى أهل الصلح والذمة ‪ ،‬فل يدخلها ( هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬إل إذا كان مقاتل أو ذارأي فقد أمر صلى ال عليه وسلم بقتل زيد بن الصمة الذي‬
‫كان ف جيش هوازن للرأي فقط وعمره يربو على مائة وعشرين سنة ‪ ) 2 ( .‬إل إذا‬
‫كانت مقاتلة أو والية عليهم أو لا رأي فيهم ‪ ) 3 ( .‬بسند صال ‪ :‬نسأل ال صلح‬
‫الال ‪ .‬ف الال والال ‪ .‬آمي ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 643‬من أصحابك إلمن تثق بدينه ‪،‬‬
‫ول يرزأ أحدا من أهلها شيئا ‪ ،‬فإن لم حرمة وذمة ‪ ،‬ابتليتم بالوفاء با ‪ ،‬كما ابتلوا‬
‫بالصب عليها ‪ ،‬فما صبوا لكم فنولوهم خيا ‪ ،‬ول تستنصروا على أهل الرب بظلم أهل‬

‫‪466‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصلح ‪ " .‬وإذا وطئت أرض العدو ‪ ،‬فأذك العيون بينك وبينهم ‪ ،‬ول يفى عليك‬
‫أمرهم ‪ ،‬وليكن عندك من العرب ‪ ،‬أو من أهل الرض من تطئن إل نصحه وصدقه ‪ ،‬فإن‬
‫الكذوب ل ينفعك خبه ‪ ،‬وإن صدقك ف بعضه والغاش عي عليك ‪ ،‬وليس عينا لك ‪" .‬‬
‫وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلئع ‪ ،‬وتبث السرايا بينك وبينهم ‪،‬‬
‫فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم وتتبع الطلئع عوراتم ‪ .‬وانتق للطلئع أهل الرأي‬
‫والبأس من أصحابك ‪ ،‬وتي لم سوابق اليل ‪ ،‬فإن لقوا عدوا كان أول من تلقاهم القوة‬
‫من رأيك ‪ ،‬واجعل أمر السرايا إل أهل الهاد ‪ ،‬والصب على اللد ‪ ،‬ول تص با أحدا‬
‫بوى ‪ ،‬فتضيع من رأيك وأمرك أكثر ما حابيت به أهل خاصتك ‪ ،‬ول تبعثن طليعة ول‬
‫سرية ف وجه تتخوف فيه غلبة أو صنيعة ونكاية ‪ " .‬فإذا عاينت العدو فاضمم إليك‬
‫أقاصيك ‪ ،‬وطلئعك ‪ ،‬وسراياك ‪ ،‬واجع إليك مكيدتك وقوتك ‪ ،‬ث ل تعاجلهم‬
‫الناجزة ‪ ،‬ما ل يستكرهك قتال ‪ ،‬حت تبصر عورة عدوك ومقاتله ‪ ،‬وتعرف الرض كلها‬
‫كمعرفة أهلها ‪ ،‬فتصنع بعدوك كصنعه بك ‪ " .‬ث أذك على عسكرك ‪ ،‬وتيقظ من البيات‬
‫جهدك ‪ ،‬ول تر بأسي له عقد إل ضربت عنقه ‪ ،‬لترهب به عدو ال وعدوك ‪ " .‬وال‬
‫ول أمرك ومن معك ‪ ،‬وول النصر لكم على عدوكم ‪ ،‬وال الستعان " اه‍ ‪ .‬واجب‬
‫النود وواجب النود بالنسبة لقائدهم ‪ :‬الطاعة ف غي معصية ‪ .‬فقد روى البخاري‬
‫ومسلم عن أب هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬من أطاعن فقد أطاع ال ‪،‬‬
‫ومن عصان فقد عصى ال ‪ ،‬ومن يطع المي فقد أطاعن ‪ ،‬ومن يعص المي فقد عصان‬
‫‪ / " .‬صفحة ‪ / 644‬وأما الطاعة ف العصية ‪ ،‬فإنه منهي عنها ‪ ،‬لنه لطاعة لخلوق ف‬
‫معصية الالق ‪ .‬وقد روى البخاري ومسلم عن علي كرم ال وجهه ‪ ،‬قال ‪ " :‬بعث‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم سرية ‪ ،‬واستعمل عليهم رجل من النصار ‪ ،‬وأمرهم أن‬
‫يسمعوا له ويطيعوا فعصوه ف شئ ‪ ،‬فقال ‪ :‬اجعوا ل حطبا ‪ ،‬فجمعوا ‪ ،‬ث قال ‪ :‬أوقدوا‬
‫نارا فأوقدوا ‪ ،‬ث قال ‪ :‬أل يأمركم رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تسمعوا وتطيعوا ؟‬
‫فقالوا ‪ :‬بلى ‪ .‬قال ‪ :‬فادخلوها ‪ ،‬فنظر بعضهم إل بعض ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إنا فررنا إل رسول‬
‫ال من النار ‪ ،‬فكانوا كذلك حت سكن غضبه ‪ ،‬وطفئت النار ‪ .‬فلما رجعوا ذكروا ذلك‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ " :‬لو دخلوها ‪ ،‬ما خرجوا منها أبدا ‪ ،‬وقال ‪:‬‬

‫‪467‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫لطاعة ف معصية الالق ‪ ،‬إنا الطاعة ف العروف ‪ " .‬وجوب الدعوة قبل القتال وجوب‬
‫الدعوة قبل القتال يب أن يبدأ السلمون بالدعوة قبل القتال ‪ ،‬أخرج مسلم عن بريدة ‪،‬‬
‫رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪ " :‬كان النب صلى ال عليه وسلم إذا أمر أميا على جيش أو سرية (‬
‫‪ ) 1‬أوصاه ف خاصته بتقوى ال ‪ ،‬ومن معه من السلمي خيا ( ‪ ، ) 2‬ث قال ‪ :‬اغزوا‬
‫باسم ال ف سبيل ال ‪ ،‬قاتلوا من كفر بال ‪ ،‬أغزوا ول تغلوا ‪ ،‬ول تغدروا ‪ ،‬ول تثلوا ‪،‬‬
‫ول تقتلوا وليدا ( ‪ ، ) 3‬وإذا لقيت عدوك من الشركي فادعهم إل ثلث خصال ( ‪) 4‬‬
‫‪ ،‬فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ‪ :‬ادعهم إل السلم ‪ ،‬فإن أجابوك فاقبل‬
‫منهم وكف عنهم ‪ ،‬ث ( هامش ) ( ‪ ) 1‬السرية ‪ :‬قطعة من اليش ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 644‬‬
‫( ‪ ) 2‬أوصاء بتقوى ال ‪ ،‬وأوصاه بالسلمي خيا ‪ ) 3 ( .‬ل تغلوا ‪ :‬أي ل تونوا ف‬
‫الغنيمة ‪ ،‬ول تغدروا ‪ :‬ل تنقضوا عهدا ‪ ،‬ول تثلوا ‪ :‬أي ل تشوهوا القتل بقطع النوف‬
‫والذان ونوها ‪ ،‬ول تقتلوا وليدا ‪ :‬أي صبيا ‪ ،‬وكذا الشيخ الكبي والرأة لنم ل يقاتلون‬
‫‪ ) 4 ( .‬هي السلم والجرة وإل فالزية ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 645‬ادعهم إل التحول‬
‫من دارهم إل دار الهاجرين ‪ ،‬وأخبهم أنم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين ‪ ،‬وعليهم‬
‫ما على الهاجرين ‪ ،‬فإن أبوا أن يتحولوا ( ‪ ، ) 1‬فأخبهم أنم يكونون كأعراب السلمي‬
‫‪ ،‬يري عليهم حكم ال الذي يري على الؤمني ( ‪ . ) 2‬ول يكون لم ف الغنيمة والفئ‬
‫شئ ‪ ،‬إل أن ياهدوا مع السلمي ‪ ،‬فإن أبوا فسلهم الزية ( ‪ ، ) 3‬فإن هم أجابوك فاقبل‬
‫وكف عنهم ‪ ،‬فإن هم أبوا فاستعن بال وقاتلهم ‪ ،‬وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن‬
‫تعل لم ذمة ال وذمة نبيه ‪ ،‬فل تعل لم ذلك ( ‪ ، ) 4‬ولكن اجعل لم ذمتك وذمة‬
‫أصحابك ‪ ،‬فإنكم إن تفروا ذمكم وذمم أصحابكم أهون من أن تفروا ذمة ال وذمة‬
‫رسوله ( ‪ ، ) 5‬وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنلم على حكم ال ‪ ،‬فل تقبل‬
‫منهم ‪ ،‬ولكن أنزلم على حكمك ‪ ،‬فإنك ل تدري أتصيب حكم ال فيهم أم ل ( ‪" ) 6‬‬
‫‪ .‬رواه المسة إل البخاري ‪ .‬وحاصر أحد جيوش السلمي قصرا من قصور فارس ‪،‬‬
‫وكان المي سلمان الفارسي فقالوا ‪ :‬يا أبا عبد ال ‪ ،‬أل تنهد إليهم ( ‪ . ) 7‬قال ‪ :‬دعون‬

‫‪468‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أدعهم ‪ ،‬كما سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو فأتاهم ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬إنا أنا‬
‫رجل منكم ‪ ،‬فارسي ‪ ،‬والعرب يطيعونن ‪ ،‬فإن اسلمتم فلكم مثل الذي لنا ‪ ،‬وعليكم ما‬
‫علينا ‪ ،‬وإن أبيتم إل دينكم ‪ ،‬تركناكم عليه وأعطونا الزية عن يد وأنتم صاغرون ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬عن ديارهم وياهدوا ‪ ) 2 ( .‬من العراب أهل البادية ‪ ،‬وحكم ال‬
‫فيهم أنه ليس لم ف الغنيمة والفئ شئ إل إذا جاهدوا ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 3‬فإن أبوا ‪ :‬أي‬
‫عن السلم ‪ ،‬فسلهم الزية ‪ ،‬لعل هذا قبل تصيصها بأهل الكتاب الوارد ف سورة التوبة‬
‫‪ ) 4 ( .‬فأرادوك ‪ :‬أي طلبوا منك ‪ ) 5 ( .‬الذمة ‪ :‬العهد ‪ ،‬والخفار ‪ :‬نقض العهد ‪( .‬‬
‫‪ ) 6‬والراد عن عهد ال وحكمه احتراما لما ‪ ) 7 ( .‬تأمر اليش بالزحف عليهم ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 646‬قال ‪ :‬ورطن إليهم بالفارسية ‪ :‬وأنتم غي ممودين ( ‪ ، ) 1‬وإن‬
‫أبيتم ‪ ،‬نابذناكم على سواء ( ‪ . ) 2‬قالوا ‪ :‬ما نن بالذي يعطي الزية ‪ ،‬ولكنا نقاتلكم ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا أبا عبد ال ‪ ،‬أل تنهد إليهم ‪ .‬قال ‪ :‬فدعاهم ثلثة أيام إل مثل هذا ( ‪ ، ) 3‬ث‬
‫قال ‪ :‬اندوا إليهم ‪ ،‬قال ‪ :‬فنهدنا إليهم ففتحنا ذلك القصر " ‪ .‬رواه الترمذي ‪ .‬قال أبو‬
‫يوسف ‪ :‬ل يقاتل رسول ال صلى ال عليه وسلم قوما قط ‪ ،‬فيما بلغنا ‪ ،‬حت يدعوهم‬
‫إل ال ورسوله ‪ .‬وقال صاحب الحكام السلطانية ‪ :‬ومن ل تبلغهم دعوة السلم ‪ ،‬يرم‬
‫علينا القدام على قتالم غرة وبياتا بالقتل والتحريق ‪ .‬ويرم أن نبدأهم بالقتال ‪ ،‬قبل‬
‫إظهار دعوة السلم لم وإعلمهم من معجزات النبوة ومن ساطع الجة با يقودهم إل‬
‫الجابة ‪ .‬ويرى السرخسي من أئمة الذهب النفي ‪ :‬أنه يسن أن ل يقاتلهم فور‬
‫الدعوة ‪ ،‬بل يتركهم يبيتون ليلة يتفكرون فيها ويتدبرون ما فيه مصلحتهم ‪ .‬ويرى الفقهاء‬
‫أن أمي اليش إذا بدأ بالقتال قبل النذار بالجة والدعاء إل إحدى المور الثلثة ‪ ،‬وقتل‬
‫من العداء غرة وبياتا ضمن ديات نفوسهم ‪ .‬ذكر البلذري ف فتوح البلدان ‪ " :‬أن أهل‬
‫سرقند ‪ ،‬قالوا لعاملهم " سليمان بن أب السرى " إن قتيبة بن مسلم الباهلي غدر بنا‬
‫وظلمنا ‪ ،‬وأخذ بلدنا ‪ ،‬وقد أظهر ال العدل والنصاف ‪ ،‬فأذن لنا ‪ ،‬فليفد منا وفد إل‬
‫أمي الؤمني يشكو ظلمتنا ‪ ،‬فإن كان لنا حق أعطيناه ‪ ،‬فإن بنا إل ذلك حاجة ‪ ،‬فأذن‬
‫لم ‪ ،‬فوجهوا منهم قوما إل " عمر بن عبد العزيز " رضي ال عنه ‪ ،‬فلما علم عمر‬
‫ظلمتهم كتب إل سليمان يقول له ‪ :‬إن أهل سرقند ‪ ،‬قد شكوا إل ظلما أصابم ‪،‬‬

‫‪469‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وتامل من قتيبة عليهم حت أخرجهم من أرضهم ‪ ،‬فإذا أتاك كتاب فأجلس لم القاضي ‪،‬‬
‫فلينظر ف أمرهم ‪ ،‬فإن ( هامش ) ( ‪ ) 1‬قال هذه الكلمة لم بالفارسية ‪) 2 ( .‬‬
‫أعلمناكم به ‪ ،‬وقاتلناكم ‪ ) 3 ( .‬فيه طلب الدعوة ثلثة أيام ‪ ،‬رحة بم لعلهم يسلمون ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 647‬قضي لم ‪ ،‬فأخرجهم إل معسكرهم كما كانوا وكنتم ‪ ،‬قبل أن‬
‫ظهر ( ‪ ) 1‬عليهم قتيبة ‪ .‬فأجلس لم سليمان " جيع بن حاضر " القاضي ‪ ،‬فقضى أن‬
‫يرج عرب سرقند إل معسكرهم وينابذوهم على سواء ‪ ،‬فيكون صلحا جديدا أو ظفرا‬
‫عنوة ‪ .‬فقال أهل السند ‪ ،‬بل نرضى با كان ‪ ،‬ول ندد حربا ‪ ،‬لن ذوي رأيهم قالوا ‪:‬‬
‫قد خالطنا هؤلء القوم ‪ ،‬وأقمنا معهم ‪ ،‬وأمنونا وأمناهم ‪ ،‬فإن عدنا إل الرب ‪ ،‬ل‬
‫ندري لن يكون الظفر ‪ ،‬وإن ل يكن لنا ‪ ،‬كنا قد‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 647‬‬
‫اجتلبنا عداوة ف النازعة ‪ ،‬فتركوا المر على ما كان ‪ ،‬ورضوا ول ينازعوا بعد أن عجبوا‬
‫من عدالة السلم والسلمي وأكبوها ‪ ،‬وكان ذلك سببا ف دخولا السلم متارين ‪.‬‬
‫وهذا عمل ل نعلم أن أحدا وصل ف العدل إليه ‪ .‬الدعاء عند القتال ومن آداب القتال أن‬
‫يستغيث الجاهدون بالرب سبحانه ‪ ،‬ويستنصرونه ‪ ،‬فإن النصر بيد ال ‪ .‬وقد كان هذا‬
‫هدي الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهدي أصحابه من بعده ‪ - 1 .‬فعن أب داود ‪ :‬أن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬ثنتان ل تردان ‪ :‬الدعاء عند النداء ‪ ،‬وعند البأس ‪،‬‬
‫حي يلحم بعضهم بعضا " ‪ - 2 .‬قال ال عز وجل ‪ " :‬إذ تستغيثون ربكم فاستجاب‬
‫لكم " ( ‪ - 3 ) 2‬روى الثلثة عن عبد ال بن أب أوف ‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ف بعض أيامه الت لقي فيها للعدو ‪ ،‬انتظر حت مالت الشمس ‪ ،‬ث قام ف الناس ‪،‬‬
‫فقال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬أي رجعتم إل ما كنتم عليه قبل الغزو ‪ ) 2 ( .‬سورة النفال ‪:‬‬
‫الية ‪ / ) . ( . 9‬صفحة ‪ " / 648‬أيها الناس ‪ :‬ل تتمنوا لقاء العدو ‪ ،‬وسلوا ال العافية ‪،‬‬
‫فإذا لقيتموهم فاصبوا واعلموا أن النة تت ظلل السيوف " ‪ .‬ت قال ‪ " :‬اللهم منل‬
‫الكتاب ‪ ،‬ومري السحاب ‪ ،‬وهازم الحزاب ‪ ،‬اهزمهم وانصرنا عليهم " ‪ - 4 .‬وكان‬
‫من دعائه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬إذا غزا ‪ " :‬اللهم أنت عضدي ونصيي ‪ ،‬بك أحول (‬

‫‪470‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ ) 1‬وبك أصول ( ‪ ، ) 2‬وبك أقاتل " ‪ .‬رواه أصحاب السنن ‪ - 5 .‬وروى البخاري‬
‫ومسلم ‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم دعا يوم الحزاب فقال ‪ " :‬اللهم منل الكتاب ‪ ،‬سريع‬
‫الساب ‪ ،‬اهزم الحزاب ‪ ،‬اللهم اهزمهم وزلزلم " ‪ .‬القتال السلم يهتم بدعوة العال‬
‫النسان إل الدخول ف هدايته ‪ ،‬لينعم بذه الداية ويستظل بظلها الظليل ‪ .‬وإن المة‬
‫السلمية هي المة النتدبة من قبل ال لعلء دينه ‪ ،‬وتبليغ وحيه ‪ ،‬وهي منتدبة كذلك‬
‫لتحرير المم والشعوب ‪ .‬وهي بذا العتبار كانت خي المم ‪ ،‬وكانت مكانتها من‬
‫غيها مكانة الستاذ من التلميذ ‪ .‬وما دام أمرها كذلك ‪ ،‬فيجب عليها أن تافظ على‬
‫كيانا الداخلي ‪ ،‬وتكافح لتأخذ حقها بيدها ‪ ،‬وتاهد لتتبوأ مكانتها الت وضعها ال فيها‬
‫‪ .‬وكل تقصي ف ذلك يعتب من الرائم الكبى ‪ ،‬الت يازي ال عليها بالذل والنلل ‪،‬‬
‫أو الفناء والزوال ‪ .‬وقد نى السلم عن الوهن ‪ ،‬والدعوة إل السلم ‪ ،‬طالا ل تصل المة‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬أحول ‪ :‬حتال ف مكر كيد العدو ‪ ) 2 ( .‬أصول ‪ :‬أحل على العدو ‪.‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 649‬إل غايتها ول تقق هدفها ‪ ،‬واعتب السلم ف هذه الالة ل معن‬
‫له إل الب ‪ ،‬والرضا بالدون من العيش ‪ .‬وف هذا يقول ال سبحانه ‪ " :‬فلتنوا وتدعوا‬
‫إل السلم وأنتم العلون وال معكم ولن يتركم أعمالكم " ( ‪ . ) 1‬أي العلون ‪:‬‬
‫عقيدة ‪ ،‬وعبادة ‪ ،‬وخلقا ‪ ،‬وأدبا وعلما ‪ ،‬وعمل ‪ .‬إن السلم ف السلم ل يكون إل عن‬
‫قوة واقتدار ‪ ،‬ولذلك ل يعله ال مطلقا ‪ ،‬بل قيده بشرط أن يكف العدو عن العدوان ‪،‬‬
‫وبشرط أل يبقى ظلم ف الرض ‪ ،‬وأل يفت أحد ف دينه ‪ .‬فإذا وجد أحد هذه‬
‫السباب ‪ ،‬فقد أذن ال بالقتال ‪ .‬وهذا القتال هو القتال الذي تسترخص فيه النفس ‪،‬‬
‫ويضحى فيه بالهج والرواح ‪ .‬إنه ل يوجد دين من الديان دفع بأهله إل خوض غمرات‬
‫الروب ‪ .‬وقذف بم إل ساحات القتال ‪ ،‬ف سبيل ال والق ‪ ،‬وف سبيل الستضعفي ‪.‬‬
‫ومن أجل الياة الكرية ‪ ،‬غي السلم ‪ .‬ومن استعرض اليات القرآنية ‪ ،‬والسية العملية‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم وخلفائه من بعده ‪ ،‬يرى ذلك واضحا جليا ‪ ،‬فال‬
‫سبحانه ينتدب هذه المة إل بذل أقصى ما ف وسعها ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬وجاهدوا ف ال حق‬
‫جهاده " ‪ ) 1 ( .‬وبي أن هذا الهاد هو اليان العملي ‪ ،‬الذي ل يكمل الدين إل به ‪،‬‬
‫فيقول ‪ " :‬أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون ‪ -‬ولقد فتنا الذين من‬

‫‪471‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قبلهم فليعلمن ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبي " ( ‪ . ) 3‬ويوضح أن هذه سنة ال مع‬
‫الؤمني ‪ ،‬وأنه ليس للنصر ول للجنة سبيل غيه ‪ .‬فيقول ‪ " :‬أم حسبتم أن تدخلوا النة‬
‫ولا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حت يقول الرسول‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة ممد ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 35‬سورة الج ‪ :‬الية ‪) 3 ( . 78‬‬
‫سورة العنكبوت ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 3 ، 2‬صفحة ‪ / 650‬والذين آمنوا معه مت نصر ال‬
‫أل إن نصر ال قريب " ( ‪ . ) 1‬ويوجب إعداد العدة ‪ ،‬وأخذ الهبة ‪ .‬فيقول ‪ " :‬وأعدوا‬
‫لم ما استطعتم من قوة ومن رباط اليل ترهبون به عدو ال وعدوكم " ( ‪ ) 2‬والعداد‬
‫يتطور بسب الظروف والحوال ‪ ،‬ولفظ القوة يتناول كل وسيلة من شأنا أن تدحر‬
‫العدو ‪ .‬وقد جاء ف الديث الصحيح ‪ " :‬أل إن القوة الرمي ‪ ،‬أل إن القوة الرمي ‪ ،‬أل‬
‫إن القوة الرمي " ‪ .‬ومن العداد اليطة والتجنيد لكل قادر عليه ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 650‬‬
‫" يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جيعا " ( ‪ ) 3‬وأخذ الذر‬
‫ليتم إل بالعداد البي ‪ ،‬والبحري ‪ ،‬والوي ‪ .‬ويأمر بالروج للقاة العدو ف العسر‬
‫واليسر ‪ ،‬والنشط والكره ‪ .‬فيقول ‪ " :‬انفروا خفافا وثقال " ‪ ) 4 ( .‬والسلم يعتمد‬
‫على الروح العنوية أكثر ما يعتمد على القوة الادية ‪ ،‬ولذا يستثي المم والعزائم ‪ ،‬فيقول‬
‫‪ " :‬فليقاتل ف سبيل ال الذين يشرون الياة الدنيا بالخرة ‪ .‬ومن يقاتل ف سبيل ال‬
‫فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما ‪ .‬ومالكم ل تقاتلون ف سبيل ال والستضعفي‬
‫من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظال أهلها‬
‫واجعل لنا من لدنك وليا ‪ .‬واجعل لنا من لدنك نصيا " ( ‪ ) 5‬ويصب الؤمني بأنم إن‬
‫كانوا يألون فإن عدوهم يأل كذلك مع الختلف البعيد بي هدف كل منهم فيقول ‪" :‬‬
‫ول تنوا ف ابتغاء القوم إن تكونوا تألون فإنم يألون كما ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البقرة‬
‫‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 214‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 60‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪4 ( . 71‬‬
‫) سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 5 ( . 41‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 75 ، 74‬صفحة‬
‫‪ / 651‬تألون وترجون من ال ما ل يرجون " ( ‪ . ) 1‬ويقول ‪ " :‬الذين آمنوا يقاتلون‬

‫‪472‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ف سبيل ال والذين كفروا يقاتلون ف سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد‬
‫الشيطان كان ضعيفا " ( ‪ . ) 2‬أي أن الؤمني لم هدف سام ‪ ،‬ولم رسالة ياهدون من‬
‫أجلها ‪ ،‬وهي رسالة الق والي وإعلء كلمة ال ‪ .‬ويوجب الثبات عند اللقاء فيقول ‪" :‬‬
‫يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فل تولوهم الدبار ‪ -‬ومن يولم يومئذ دبره‬
‫إل متحرقا لقتال أو متحيزا إل فئة فقد باء بغضب من ال ومأواه جهنم وبئس الصي " (‬
‫‪ . ) 3‬ويرشد إل القوة العنوية ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا‬
‫ال كثيا لعلكم تفلحون ‪ -‬وأطيعوا ال ورسوله ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريكم‬
‫واصبوا إن ال مع الصابرين " ( ‪ . ) 4‬ويكشف عن نفسية الؤمني ‪ ،‬وأن من شأنا‬
‫الستماتة ف الدفاع ‪ ،‬فهم بي أمرين ل ثالث لما ‪ :‬إما قاتلي ‪ ،‬وإما مقتولي ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬
‫" ان ال اشترى من الؤمني أنفسهم وأموالم بأن لم النة يقاتلون ف سبيل ال فيقتلون‬
‫ويقتلون وعدا عليه حقا ف التوراة والنيل والقرآن ومن أوف بعهده من ال فاستبشروا‬
‫ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظم " ( ‪ . ) 6‬وف الالة الول لم النصر ‪،‬‬
‫وف الثانية لم الشهادة ‪ " :‬قل هل تربصون بنا إل إحدى السنييي " ( ‪ . ) 2‬وإن القتل‬
‫ف سبيل ال ليس موتا أبديا ‪ ،‬وإنا هو انتقال إل ما هو أرقي ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫النساء ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 76‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 140‬سورة النفال ‪ :‬اليتان‬
‫‪ ) 4 ( . 16 ، 15‬سورة النفال ‪ :‬اليتان ‪ ) 5 ( . 46 ، 45‬سورة التوبة ‪ :‬الية‬
‫‪ ) 6 ( . 111‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 52‬صفحة ‪ / 652‬وأبقى ‪ ،‬وإن الفناء ف‬
‫سبيل ال هو عي البقاء ‪ " .‬ول تسب الذين قتلوا ف سبيل ال أمواتا بل أحياء عند ربم‬
‫يرزقون ‪ -‬فرحي با آتاهم ال من فضله ويستبشرون بالذين ل يلحقوا بم من خلفهم أل‬
‫خوف عليهم ول هم يزنون ‪ -‬يستبشرون بنعمة من ال وفضل وأن ال ل يضيع أجر‬
‫الؤمني " ( ‪ ) 1‬وال مع الجاهدين ل يتخلى عنهم أبدا ‪ " :‬إذ يوحي ربك إل اللئكة‬
‫أن معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي ف قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق العناق‬
‫واضربوا منهم كل بنان " ( ‪ . ) 2‬ث هو سبحانه يعدهم على ذلك ثواب الدنيا وحسن‬
‫ثواب الخرة ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تارة تنجيكم من عذاب أليم‬
‫‪ -‬تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم وأنفسكم ‪ ،‬ذلكم خي لكم إن‬

‫‪473‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫كنتم تعلمون ‪ -‬يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات ترى من تتها النار ومساكن طيبة‬
‫ف جنات عدن ذلك الفوز العظيم ‪ -‬وأخرى تبونا نصر من ال وفتح قريب وبشر‬
‫الؤمني " ‪ ) 1 ( .‬وبذا السلوب رب القرآن الكري السلمي الوائل ‪ ،‬وأوجد ف‬
‫نفوسهم اليان الذي كان فيصل بي الق والباطل ‪ ،‬ونض بم إل حيث النصر ‪ ،‬والفتح‬
‫والتمكي ف الرض ‪ " .‬يأيها الذين آمنوا إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم ( ‪) 4‬‬
‫" ‪ " .‬وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالات ليستخلفنهم ف الرض كما استخلف‬
‫الذين من قلبهم ‪ ،‬وليمكنن لم دينهم إل ارتضى لم وليبد لنهم من بعد خوفهم أمنا‬
‫يعبدونن ل يشركون ب شيئا ( ‪ ( . " ) 5‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة آل عمران ‪ :‬اليات‬
‫‪ ) 2 ( . 171 ، 170 ، 169‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 12‬سورة الصف ‪:‬‬
‫اليات ‪ ) 4 ( . 13 ، 12 ، 11 ، 10‬سورة ممد ‪ :‬الية ‪ ) 5 ( . 7‬سورة النور ‪:‬‬
‫الية ‪ / ) . ( . 55‬صفحة ‪ / 653‬وجوب الثبات أثناء الزحف يب الثبات عند لقاء‬
‫العدو ‪ ،‬ويرم الفرار ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 653‬‬
‫يقول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا ال كثيا‬
‫لعلكم تفلحون ( ‪ . " ) 1‬ويقول عز من قائل ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا‬
‫زحفا فل تولوهم الدبار ‪ -‬ومن يولم يومئذ دبره إل متحرفا لقتال أو متحيزا إل فئة فقد‬
‫باء بغضب من ال ومأواه جهنم وبئس الصي " ( ‪ ) 2‬والية توجب الثبات وترم الفرار‬
‫إل ف إحدى حالتي ‪ ،‬فإنه يوز فيهما النصراف عن العدو ‪ ( .‬الالة الول ) أن‬
‫ينحرف للقتال ‪ ،‬أي أن ينصرف من جهة إل جهة إخرى حسب ما يقتضيه الال ‪ ،‬فله‬
‫أن ينتقل من مكان ضيق إل مكان أرحب منه ‪ ،‬أو من موضع مكشوف إل موضع آخر‬
‫يستره ‪ ،‬أو من جهة سفلى إل جهة عليا وهكذا ‪ ،‬ما هو أصلح له ف ميدان الرب‬
‫والقتال ‪ ( .‬الالة الثانية ) أن يتحيز إل فئة ‪ ،‬أي ينحاز إل جاعة من السلمي ‪ ،‬إما‬
‫مقاتل معهم ‪ ،‬أو مستنجدا بم ‪ .‬وسواء أكانت هذه الفئة قريبة أم بعيدة ‪ .‬روى سعيد بن‬
‫منصور ‪ :‬أن عمر رضي ال عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬لو أن أبا عبيدة تيز إل لكنت له فئة ‪ .‬وأبو‬

‫‪474‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عبيدة كان بالعراق ‪ ،‬وعمر كان بالدينة ! وقال عمر أيضا ‪ " :‬أنا فئة كل مسلم " ‪.‬‬
‫وروى ابن عمر رضي ال عنهما ‪ -‬أنم أقبلوا على رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لا‬
‫خرج من بيته قبل صلة الفجر ‪ ،‬وكانوا قد فروامن عدوهم ‪ ،‬فقالوا ‪ " :‬نن الفرارون "‬
‫فقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬بل أنتم العكارون ( ‪ ، ) 3‬أنافئة كل مسلم " ‪ ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 16‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 16‬عكارون ‪:‬‬
‫جع عكار ‪ ،‬وهو العطاف الذي يعطف إل الرب بعد الياد عنها ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 654‬ففي هاتي الالتي التقدمتي ‪ ،‬يوز للمقاتل أن يفر من العدو وهو ‪ -‬وإن كان‬
‫فرارا ظاهرا ‪ -‬فهو ف الواقع ماولة لتاذ موقف أصلح لواجهة العدو ‪ .‬وف غي هاتي‬
‫الصورتي يكون الفرار كبية من كبائر الث وموبقة توجب العذاب الليم ‪ .‬يقول الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اجتنبوا السبع الوبقات ( ‪ " ) 1‬قالوا ‪ :‬وما هن يا رسول ال ؟ ‪.‬‬
‫قال ‪ " :‬الشرك بال ‪ ،‬والسحر ‪ ،‬وقتل النفس الت حرم ال ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬وأكل مال‬
‫اليتيم ‪ ،‬والتول يوم الزحف ( ‪ ، ) 2‬وقذف الحصنات الؤمنات الغافلت " ‪ .‬الكذب‬
‫والداع عند الرب يوز ف الرب الداع والكذب لتضليل العدو ما دام ذلك ل‬
‫يشتمل على نقض عهد أو إخلل بأمان ‪ .‬ومن الداع أن يادع القائد العداء بأن‬
‫يوههم بأن عدد جنوده كثرة كاثرة وعتاده قوة ل تقهر ‪ .‬وف الديث الذي رواه‬
‫البخاري عن جابر أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬الرب خدعة " ‪ .‬وأخرج مسلم‬
‫من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي ال عنها ‪ ،‬قالت ‪ " :‬ل أسع النب صلى ال عليه‬
‫وسلم يرخص ف شئ من الكذب ما يقول الناس إل ف الرب ‪ ،‬والصلح بي الناس ‪،‬‬
‫وحديث الرجل امرأته ‪ ،‬وحديث الرأة زوجها " الفرار من الثلي تقدم انه يرم الفرار‬
‫أثناء الزحف إل ف إحدى الالتي ‪ " :‬التحرف للقتال ‪ ،‬أو التحيز إل فئة " ‪ ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬الوبقات ‪ :‬الهلكات ‪ ) 2 ( .‬التول يوم الزحف ‪ :‬الفرار من الرب ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪ / 655‬وبقي أن نقول ‪ :‬إنه يوز الفرار أثناء الرب إذا كان العدو يزيد على‬
‫الثلي ‪ ،‬فإن كان مثلي فما دونما فإنه يرم الفرار ‪ ،‬يقول ال عزوجل ‪ " :‬الن خفف‬
‫ال عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتي وإن يكن منكم‬
‫ألف يغلبوا ألفي بإذن ال وال مع الصابرين " ( ‪ . ) 1‬قال ف الهذب ‪ " :‬إن زاد عددهم‬

‫‪475‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫على مثلي عدد السلمي ‪ ،‬جاز الفرار ‪ .‬لكن إن غلب على ظنهم أنم ل يهلكون ‪،‬‬
‫فالفضل الثبات ‪ .‬وإن ظنوا اللك ‪ ،‬فوجهان ‪ ( :‬الول ) يلزم النصراف ‪ ،‬لقوله تعال ‪:‬‬
‫" ول تلقوا بأيديكم إل التهلكة " ‪ ( .‬الثان ) فيستحب ول يب ‪ ،‬لنم ان قتلوا فازوا‬
‫بالشهادة ‪ .‬وإن ل يزد عدد الكفار على مثلي عدد السلمي ‪ ،‬فإن ل يظنوا اللك ل يز‬
‫الفرار ‪ ،‬وإن ظنوا فوجهان ‪ :‬يوز لقوله تعال ‪ " :‬ول تلقوا بأيديكم إل التهلكة " ‪.‬‬
‫وليوز ‪ ،‬وصححوه ‪ ،‬لظاهر الية ‪ .‬وقال الاكم ‪ " :‬إن ذلك يرجع إل ظن القاتل‬
‫واجتهاده ‪ ،‬فإن ظن القاومة ل يل الفرار ‪ ،‬وإن ظن اللك جاز الفرار إل فئة وإن بعدت‬
‫‪ ،‬إذا ل يقصد القلع عن الهاد " ‪ .‬وذهب ابن الاجشون ورواه عن مالك إل ‪ :‬أن‬
‫الضعف إنا يعتب ف القوة ل ف العدد ‪ ،‬وأنه‍يوز أن يفر الواحد عن واحد إذا كان أعتق‬
‫جوادا منه ‪ ،‬وأجود سلحا ‪ ،‬وأشد قوة وهذا هو الظهر ‪ .‬الرحة ف الرب إذا كان‬
‫السلم أباح الرب كضرورة من الضرورات ‪ ،‬فإنه يعلها مقدرة بقدرها ‪ ،‬فل يقتل إل‬
‫من يقاتل ف العركة ‪ ،‬وأما من تنب الرب فل يل قتله أو التعرض له بال ‪ ( .‬هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 66‬صفحة ‪ / 656‬وحرم السلم كذلك قتل‬
‫النساء ‪ ،‬والطفال ‪ ،‬والرضى ‪ ،‬والشيوخ ‪،‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 656‬‬
‫والرهبان ‪ ،‬والعباد ‪ ،‬والجراء ‪ .‬وحرم الثلة ‪ ،‬بل حرم قتل اليوان ‪ ،‬وإفساد الزروع ‪،‬‬
‫والياه ‪ ،‬وتلويث البار ‪ ،‬وهدم البيوت ‪ .‬وحرم الجهاز على الريح ‪ ،‬وتتبع الفار ‪،‬‬
‫وذلك أن الرب كعملية جراحية ‪ ،‬ل يب أن تتجاوز موضع الرض بكان ‪ .‬وف ذلك‬
‫روى سليمان بن بريدة عن أبيه ‪ " :‬أن الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ .‬كان إذا أمر أميا‬
‫على جيش أو سرية ‪ ،‬أوصاه ف خاصته بتقوى ال ‪ ،‬ومن معه من السلمي خيا ‪ ،‬ث قال‬
‫‪ " :‬أغزوا باسم ال ف سبيل ال ‪ ،‬قاتلوا من كفر بال ‪ ،‬أغزوا ولتغلوا ‪ ،‬ول تغدروا ‪ ،‬ول‬
‫تثلوا ‪ ،‬ول تقتلوا وليدا " ‪ .‬وحدث نافع عن عبد ال بن عمر ان امرأة وجدت ف بعض‬
‫مغازي الرسول صلى ال عليه وسلم مقتولة فأنكر ذلك ‪ ،‬ونى عن قتل النساء والصبيان ‪.‬‬
‫رواه مسلم ‪ .‬وروى رباح بن ربيع ‪ :‬أن الرسول صلى ال عليه وسلم مر على امرأة‬

‫‪476‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫مقتولة ف بعض الغزوات ولعلها هي الرأة ف الديث الذكور قبل هذا ‪ .‬فوقف عليها ‪ ،‬ث‬
‫قال ‪ " :‬ما كانت هذه لتقاتل " ث نظر ف وجوه أصحابه وقال لحدهم ‪ " :‬الق بالد بن‬
‫الوليد ‪ ،‬فل يقتلن ذرية ‪ ،‬ولعسيفا أي أجيا ول امرأة " ‪ .‬وعن عبد ال بن زيد قال ‪" :‬‬
‫نى النب صلى ال عليه وسلم عن النهب والثلة " ‪ .‬رواه البخاري ‪ .‬وقال عمران بن‬
‫الصي ‪ " :‬كان النب صلى ال عليه وسلم يثنا على الصدقة ‪ ،‬وينهانا عن الثلة " ( ‪) 1‬‬
‫‪ .‬وف وصية أب بكر رضي ال عنه لسامة حي بعثه إل الشام ‪ " :‬ل تونوا ‪ ،‬ول تغلوا ‪،‬‬
‫ول تغدروا ‪ ،‬ول تثلوا ‪ ،‬ول تقتلوا طفل صغيا ‪ ،‬ول شيخا كبيا ‪ ،‬ول امرأة ‪ ،‬ول‬
‫تعقروا نل ‪ ،‬ول ترقوه ‪ ،‬ول ( هامش ) ( ‪ ) 1‬الثلة ‪ :‬هي تشويه القتيل بأي صورة من‬
‫الصو ( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 657‬تقطعوا شجرة مثمرة ‪ ،‬ولتذبوا شاة ‪ ،‬ول بقرة ‪ ،‬ول‬
‫بعيا ‪ ،‬إل لأكلة ‪ ،‬وسوف ترون بأقوام قد فرغوا أنفسهم ف الصوامع " يريد الرهبان " ‪،‬‬
‫فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له " ‪ .‬وكذلك كان يفعل سيدنا عمر بن الطاب رضي ال‬
‫عنه ‪ ،‬فقد جاء ف كتاب له ‪ " :‬لتغلوا ‪ ،‬ول تغدروا ‪ ،‬ول تقتلوا وليدا ‪ ،‬واتقوا ال ف‬
‫الفلحي " وكان من وصاياه لمراء النود ‪ " :‬ول تقتلوا هرما ‪ ،‬ول امرأة ‪ ،‬ول وليدا ‪.‬‬
‫وتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان ‪ ،‬وعند شن الغارات " ‪ .‬الغارة على العداء ليل ويوز‬
‫الغارة على العداء ليل ( ‪ . ) 1‬قال الترمذي ‪ " :‬وقد رخص قوم من أهل العلم ف‬
‫الغارة بالليل ‪ ،‬وكرهه بعضهم " ‪ .‬وقال أحد وإسحاق ‪ " :‬ل بأس أن يبيت العدو ليل "‬
‫‪ .‬وسئل الرسول صلى ال عليه وسلم عن أهل الدار من الشركي يبيتون فيصاب من‬
‫نسائهم وذراريهم ‪ ،‬فقال ‪ " :‬هم منهم " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم من حديث الصعب بن‬
‫جثام ‪ .‬قال الشافعي ‪ :‬النهي عن قتل نسائهم وصبيانم ‪ ،‬انا هو ف حال التمييز والتفرد ‪.‬‬
‫وأما البيات ‪ ،‬فيجوز ‪ ،‬وإن كان فيه إصابة ذراريهم ونسائهم ‪ .‬انتهاء الرب تنتهي‬
‫الرب بأحد المور التية ‪ - 1 :‬إسلم الحاربي ‪ ،‬أو إسلم بعضهم ودخولم ف دين‬
‫ال ‪ ،‬وف هذه الال يصبحون مسلمي ‪ ،‬ويكون لم ما للمسلمي ‪ ،‬وعليهم ما عليهم من‬
‫القوق والواجبات ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الغارة ليل ‪ ،‬هي ‪ :‬الت يطلق عليها لفظ " البيات‬
‫" ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ - 2 / 658‬طلبهم إيقاف القتال مدة معينة ‪ ،‬وحينئذ يب‬
‫الستجابة إل ما طلبوا ‪ ،‬كما فعل ذلك الرسول صلى ال عليه وسلم ف صلح الديبية ‪.‬‬

‫‪477‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ - 3‬رغبتهم ف أن يبقوا على دينهم مع دفع الزية ‪ ،‬ويتم بقتضى هذا عقد الذمة بينهم‬
‫وبي السلمي ‪ - 4 .‬هزيتهم ‪ ،‬وظفرنا بم ‪ ،‬وانتصارنا عليهم ‪ ،‬وبذا يكونون غنيمة‬
‫للمسلمي ‪ - 5 .‬وقد يدث أن يطلب بعض الحاربي من العداء المان ‪ ،‬فيجاب إل‬
‫ما طلب ‪ ،‬وكذلك إذا طلب الدخول ف دار السلم ‪ ،‬ومن ث فإنا نتحدث بإجال فيما‬
‫يلي عن هذه المور ‪ - 1 :‬عقد الدنة والوادعة ‪ - 2 .‬عقد الذمة ‪ - 3 .‬الغنائم ‪- 4 .‬‬
‫عقد المان ‪ / .‬صفحة ‪ / 659‬الدنة مت تب الوادعة والدنة ‪ :‬عقد الدنة والوادعة هو‬
‫النفاق على ترك القتال فترة من الفترات الزمنية قد تنتهي إل صلح ‪ ،‬وتب ف حالي ‪( :‬‬
‫الالة الول ) إذا طلبها العدو ‪ ،‬فإنه ياب إل طلبه ولو كان العدو يريد الديعة ‪ ،‬مع‬
‫وجوب الذر والستعداد ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬وإن جنحوا للسلم فاجنح لا وتوكل على‬
‫ال إنه هو السميع العليم ‪ -‬وإن يريدوا أن يدعوك فإن حسبك ال " ( ‪ . ) 1‬وف غزوة‬
‫الديبية هادن رسول ال صلى ال عليه وسلم مشركي مكة ‪ ،‬ووادعهم مدة عشر سني ‪،‬‬
‫وكان ذلك حقنا للدماء ‪ ،‬ورغبة ف السلم ‪ .‬عن الباء رضي ال عنه قال ‪ " :‬لا أحصر‬
‫النب صلى ال عليه وسلم عن البيت ( ‪ ) 2‬صاله أهل مكة على أن يدخلها فيقيم با‬
‫ثلثا ‪ ،‬ول يدخلها إل بلبان السلح ‪ ،‬السيف وجرابه ( ‪ ، ) 3‬ول يرج بأحد معه من‬
‫أهلها ‪ ،‬ول ينع أحدا يكث با من كان معه ‪ .‬قال ( ‪ ) 4‬لعلي أكتب الشرط بيننا ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 659‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم ( ‪ " : ) 5‬هذا ما قاضى عليه ممد رسول ال " ‪ .‬فقال له‬
‫الشركون ‪ " :‬لو نعلم أنك رسول ال تابعناك ‪ ،‬ولكن أكتب ‪ :‬ممد بن عبد ال ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النفال ‪ :‬اليتان ‪ 60‬و ‪ ) 2 ( . 61‬لا منعه الكفار من دخول‬
‫مكة هو وأصحابه وكانوا يريدون العمرة اصطلحوا بالديبية ‪ ) 3 ( .‬بيان للبان السلح‬
‫‪ ) 4 ( .‬الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ) 5 ( .‬وف رواية ‪ :‬ما ندري ما بسم ال الرحن‬
‫الرحيم ‪ ،‬ولكن اكتب ما نعرف ‪ :‬باسك اللهم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 660‬فأمر عليا أن‬
‫يحوها ( ‪ ) 1‬فقال ‪ " :‬ل وال لأموها " ‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أرن‬
‫مكانا ‪ ،‬فأراه مكانا فمحاها ‪ ،‬وكتب " ابن عبد ال " ‪ .‬فأقام با ثلثة أيام ‪ .‬فلما كان‬

‫‪478‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫اليوم الثالث ‪ ،‬قالوا لعلي ‪ :‬هذا آخر يوم من شرط صاحبك ‪ ،‬فمره فليخرج ‪ .‬فأخبه‬
‫بذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فخرج " ‪ .‬وعن السور بن مرمة رضي ال عنه ‪ ،‬أنم اصطلحوا‬
‫على وضع الرب عشر سني يأمن فيهن الناس ‪ ،‬وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة ‪ ،‬وأنه ل‬
‫إسلل ول إغلل ( ‪ . ) 2‬رواه البخاري ومسلم وأبو داود ‪ ( .‬الالة الثانية ) الت تب‬
‫فيها الهادنة ‪ :‬الشهر الرم ‪ ،‬فإنه ل يل فيها البدء بالقتال ‪ ،‬وهي ذو القعدة ‪ ،‬وذو‬
‫الجة ‪ ،‬ومرم ‪ ،‬ورجب ‪ .‬إل إذا بدأ فيها العدو بالقتال ‪ ،‬فإنه يب القتال حينئذ دفعا‬
‫للعتداء ‪ ،‬وكذلك يباح فيها القتال إذا كانت الرب قائمة ودخلت هذه الشهر ول‬
‫يستجب العدو لقبول الوادعة فيها ( ‪ . ) 3‬يقول ال تعال ‪ " :‬إن عدة الشهور عند ال‬
‫اثنا عشر شهرا ف كتاب ال يوم خلق السموات والرض منها أربعة حرم ‪ ،‬ذلك الدين‬
‫القيم فل تظلموا فيهن أنفسكم " ‪ ) 4 ( .‬وخطب رسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫خطبة الوداع فقال ‪ " :‬أيها الناس ‪ :‬إنا النسئ زيادة ف الكفر ‪ ،‬يضل به الذين كفروا ‪،‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬كلمة ‪ :‬رسول ال ‪ ) 2 ( .‬العيبة ‪ :‬وعاء الثياب ‪ ،‬ومكفوفة ‪ :‬مربوطة‬
‫مكمة ‪ ،‬ول إسلل ول إغلل ‪ :‬أي لسرقة ول خيانة ‪ ،‬بل ول كلم فيما مضى ‪ ،‬ولكن‬
‫قلوب صافية ‪ ،‬وأمن وسلم تام ‪ ) 3 ( .‬وحاصل الشروط أن يرجع النب صلى ال عليه‬
‫وسلم والسلمون هذا العام ‪ ،‬وأن يعودوا للعمرة العام القابل ‪ ،‬ول يملوا إل جلبان‬
‫السلح ‪ ،‬ول يأخذوا من تبعهم من أهل مكة ‪ ،‬ول يأخذوا من تأخر من السلمي ‪ ،‬ول‬
‫يكثوا بكة إل ثلثة أيام ‪ ،‬واصطلحوا على وضع الرب بينهم عشر سني ‪ ،‬وأن يأمن‬
‫الناس بعضهم بعضا ‪ ) 4 ( .‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 36‬صفحة ‪ / 661‬يلونه‬
‫عاما ويرمونه عاما ‪ ،‬ليواطئوا عدة ما حرم ال ‪ ،‬وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق‬
‫ال السموات والرض ‪ ،‬وإن عدة الشهور عند ال اثنا عشر ف كتاب ال ‪ ،‬يوم خلق ال‬
‫السموات والرض ‪ ،‬منها أربعة حرم ‪ ،‬ثلث متواليات ‪ ،‬وواحد فرد ‪ ،‬ذو القعدة ‪ ،‬وذو‬
‫الجة ‪ ،‬والحرم ‪ ،‬ورجب ‪ ،‬فهو الذي بي جادى وشعبان ‪ ،‬أل هل بلغت ‪ ،‬اللهم اشهد‬
‫" ‪ .‬وما ورد من أن ذلك منسوخ ‪ ،‬فهو ضعيف ‪ ،‬لنه ليس فيه ما يدل على النسخ ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 662‬عقد الذمة الذمة هي العهد والمان ‪ :‬وعقد الذمة هو أن يقر الاكم أو‬
‫نائبه بعض أهل الكتاب ‪ -‬أو غيهم ‪ -‬من الكفار على كفرهم بشرطي ‪ ( :‬الشرط‬

‫‪479‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الول ) أن يلتزموا أحكام السلم ف الملة ‪ ( .‬والشرط الثان ) أن يبذلوا الزية ‪.‬‬
‫ويسري هذا العقد على الشخص الذي عقده ‪ ،‬مادام حيا وعلى ذريته من بعده ‪ .‬والصل‬
‫ف هذا العقد قول ال سبحانه ‪ " :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ول‬
‫يرمون ما حرم ال ورسوله ول يدينون دين الق من الذين أوتوا الكتاب حت يعطوا‬
‫الزية عن يد وهم صاغرون " ( ‪ . ) 1‬وروى البخاري ‪ :‬أن الغية قال ‪ -‬يوم ناوند ‪-‬‬
‫‪ :‬أمرنا نبينا أن نقاتلكم حت تعبدوا ال وحده أو تؤدوا الزية ‪ .‬وهذا العقد دائم غي‬
‫مدود بوقت ما دام ل يوجد ما ينقضه ‪ .‬موجب هذا العقد ‪ :‬وإذا ت عقد الذمة ترتب‬
‫عليه حرمة قتالم ‪ .‬والفاظ على أموالم ‪ ،‬وصيانة أعراضهم ‪ ،‬وكفالة حرياتم ‪ ،‬والكف‬
‫عن أذاهم ‪ ،‬لا روي عن علي رضي ال عنه أنه قال ‪ " :‬إنا بذلوا الزية لتكون دماؤهم‬
‫كدمائنا ‪ ،‬وأموالم كأموالنا " ‪ .‬والقاعدة العامة الت رآها الفقهاء ‪ " :‬أن لم ما لنا ‪،‬‬
‫وعليهم ما علينا " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 29‬صفحة ‪/ 663‬‬
‫الحكام الت تري على أهل الذمة ‪ :‬وترى أحكام السلم على أهل الذمة ف ناحيتي ‪:‬‬
‫( الناحية الول ) العاملت الالية ‪ ،‬فل يوز لم أن يتصرفوا تصرفا ل يتفق مع تعاليم‬
‫السلم ‪ ،‬كعقد الربا ‪ ،‬وغيه من العقود الحرمة ‪ ( .‬الناحية الثانية ) العقوبات القررة ‪:‬‬
‫فيقتص منهم ‪ ،‬وتقام الدود عليهم مت فعلواما يوجب ذلك ‪ .‬وقد ثبت أن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم رجم يهوديي زنيا بعد إحصانما ‪ .‬أما ما يتصل بالشعائر الدينية من عقائد‬
‫وعبادات وما يتصل بالسرى من‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 663‬‬
‫زواج وطلق ‪ ،‬فلهم فيها الرية الطلقة ‪ ،‬تبعا للقاعدة الفقهية القررة ‪ " :‬اتركوهم وما‬
‫يدينون " ‪ .‬وإن تاكموا إلينا فلنا أن نكم لم بقتضى السلم ‪ ،‬أو نرفض ذلك ‪ .‬يقول‬
‫ال تعال ‪ . . . " :‬فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن‬
‫يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن ال يب القسطي " ( ‪ . ) 1‬هذا ما‬
‫يتعلق بالشرط الول ‪ ،‬وأما شرط الزية فنذكره فيما يلي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫الائدة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 42‬صفحة ‪ / 664‬الزية تعريفها ‪ :‬الزية مشتقة من الزاء ‪،‬‬

‫‪480‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫وهي ‪ " :‬مبلغ من الال يوضع على من دخل ف ذمة السلمي وعهدهم من أهل الكتاب "‬
‫‪ .‬الصل ف مشروعيتها ‪ :‬والصل ف مشروعيتها قول ال تعال ‪ " :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون‬
‫بال ول باليوم الخر ول يرمون ما حرم ال ورسوله ول يدينون دين الق من الذين‬
‫أوتوا الكتاب حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " ( ‪ ) 1‬روى البخاري والترمذي‬
‫عن عبد الرحن بن عوف ‪ .‬أن النب صلى ال عليه وسلم أخذ الزية من موس هجر ( ‪2‬‬
‫) ‪ .‬وروى الترمذي أن النب صلى ال عليه وسلم أخذها من موس البحرين ‪ ،‬وأخذها‬
‫عمر رضي ال عنه من فارس ‪ ،‬وأخذها عثمان من الفرس أو الببر ‪ .‬حكمة مشروعيتها ‪:‬‬
‫وقد فرض السلم الزية على الذميي ف مقابل فرض الزكاة على السلمي ‪ ،‬حت‬
‫يتساوى الفريقان ‪ ،‬لن السلمي والذميي يستظلون براية واحدة ‪ ،‬ويتمتعون بميع‬
‫القوق وينتفعون برافق الدولة بنسبة واحدة ‪ ،‬ولذلك أوجب ال الزية للمسلمي نظي‬
‫قيامهم بالدفاع عن الذميي وحايتهم ف البلد السلمية الت يقيمون فيها ‪ :‬ولذا تب ‪-‬‬
‫بعد دفعها ‪ -‬حايتهم والحافظة عليهم ‪ ،‬ودفع من قصدهم بأذى ‪ ( .‬هامش ) ( ‪) 1‬‬
‫سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 29‬هجر ‪ :‬بلد ف جزيرة العرب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪/ 665‬‬
‫من تؤخذ منهم ‪ :‬وتؤخذ الزية من كل المم ‪ ،‬سواء أكانوا كتابيي أم موسا أم‬
‫غيهم ‪ ،‬وسواء أكانوا عربا أم عجما ( ‪ ) 1‬وقد ثبت بالقرآن الكري أنا تؤخذ من‬
‫الكتابيي كما ثبت بالسنة أنا تؤخذ من الجوس ‪ ،‬ومن عداهم يلحق بم ‪ .‬قال ابن القيم‬
‫‪ " :‬لن الجوس أهل شرك لكتاب لم ‪ .‬فأخذها منهم دليل على أخذها من جيع‬
‫الشركي ‪ ،‬وإنا ل يأخذها صلى ال عليه وسلم من عبدة الوثان من العرب ‪ ،‬لنم‬
‫أسلموا كلهم قبل نزول آية الزية ‪ ،‬فإنا إنا نزلت بعد غزوة تبوك ‪ ،‬وكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قد فرغ من قتال العرب ‪ ،‬واستوثقت كلها له بالسلم ‪ .‬ولذا ل‬
‫يأخذها من اليهود الذين حاربوه ‪ ،‬لنا ل تكن نزلت بعد ‪ ،‬فلما نزلت أخذها من‬
‫نصارى العرب ‪ ،‬ومن الجوس ‪ ،‬ولو بقي حينئذ أحد من عبدة الوثان بذلا لقبلها منه ‪،‬‬
‫كما قبلها من عبدة الصلبان والوثان والنيان ‪ .‬ولفرق ول تأثي لتغليظ كفر بعض‬
‫الطوائف على بعض ‪ ،‬ث إن كفر عبدة الوثان ليس أغلظ من كفر الجوس ‪ ،‬وأي فرق‬
‫بي عبدة الوثان والنيان ‪ ،‬بل كفر الجوس أغلظ ‪ ،‬وعباد الوثان كانوا يقرون بتوحيد‬

‫‪481‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الربوبية ‪ ،‬وأنه لخالق إل ال ‪ ،‬وأنم انا يعبدون آلتهم لتقربم إل ال سبحانه وتعال ‪.‬‬
‫ول يكونوا يقرون بصانعي للعال ‪ ،‬أحدها خالق للخي ‪ .‬والخر للشر ‪ ،‬كما تقول‬
‫الجوس ‪ ،‬ول يكونوا يستحلون نكاح المهات والبنات والخوات ‪ .‬وكانوا على بقايا‬
‫من دين إبراهيم صلوات ال وسلمه عليه ‪ ،‬وأما الجوس فلم يكونوا على كتاب أصل ‪،‬‬
‫ولدانوا بدين أحد من النبياء ‪ ،‬لف عقائدهم ‪ ،‬ول ف شرائعهم ‪ .‬والثر الذي فيه أنه‬
‫كان لم كتاب فرفع ورفعت شريعتهم لا وقع ( هامش ) ( ‪ ) 1‬وهذا مذهب مالك‬
‫والوزاعي وفقهاء الشام ‪ .‬وقال الشافعي رضي ال عنه ‪ :‬تقبل من أهل الكتاب عربا‬
‫كانوا أم عجما ويلحق بم الجوس ولتقبل من عبدة الوثان على الطلق ‪ .‬وقال أبو‬
‫حنيفة رضي ال عنه ‪ :‬ل يقبل من العرب إل السلم أو السيف ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪666‬‬
‫‪ /‬ملكهم على ابنته ‪ ،‬ل يصح ألبتة ‪ ،‬ولو صح ل يكونوا بذلك من أهل الكتاب ‪ ،‬فإن‬
‫كتابم رفع وشريعتهم بطلت ‪ ،‬فلم يبقوا على شئ منها ‪ .‬ومعلوم أن العرب كانوا على‬
‫دين إبراهيم عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وكان له صحف وشريعة ‪ ،‬وليس تغيي عبدة الوثان‬
‫لدين إبراهيم عليه الصلة والسلم وشريعته بأعظم من تغيي الجوس لدين نبيهم وكتابم‬
‫لو صح ‪ ،‬فإنه ليعرف عنهم التمسك بشئ من شرائع النبياء عليهم الصلة والسلم ‪،‬‬
‫بلف العرب ‪ ،‬فكيف يعل الجوس الذين دينهم أقبح الديان ‪ ،‬أحسن حال من‬
‫مشركي العرب ؟ وهذا القول أصح ف الدليل كما ترى ‪ " .‬شروط أخذها ‪ :‬وقد روعي‬
‫ف أخذها ‪ :‬الرية والعدل والرحة ‪ .‬ولذا اشترط فيمن تؤخذ منهم ‪ - 1 :‬الذكورة ‪2 .‬‬
‫‪ -‬التكليف ‪ - 3 .‬الرية ‪ .‬لقوله تعال ‪ " :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر‬
‫ول يرمون ما حرم ال ورسوله ول دينون دين الق من الذين أوتوا‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 666‬‬
‫الكتاب حت يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون " ( ‪ . ) 1‬أي عن قدرة وغن ‪ ،‬فلتب‬
‫على امرأة ‪ ،‬ولصب ‪ ،‬ولعبد ‪ ،‬ول منون ‪ .‬كما أنا ل تب على مسكي يتصدق‬
‫عليه ‪ ،‬ول على من ل قدرة له على العمل ‪ ،‬ول على العمى ‪ ،‬أو القعد ‪ ،‬وغيهم من‬
‫ذوي العاهات ‪ ،‬ول على الترهبي ف الديرة إل إذا كان غنيا من الغنياء ‪ .‬قال مالك‬

‫‪482‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رضي ال عنه ‪ " :‬قضت السنة أن ل جزية على نساء أهل الكتاب ول على صبيانم ‪،‬‬
‫وأن الزية ل تؤخذ إلمن الرجال الذين قد بلغوا اللم " ‪ .‬وروى أسلم ‪ :‬أن عمر رضي‬
‫ال عنه ‪ ،‬كتب إل امراء الجناد ‪ " :‬ل ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪. 29‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ / 667‬تضربوا الزية على النساء والصبيان ‪ ،‬ولتضربوها إلعلى من‬
‫جرت عليه الواسي " ( ‪ . ) 1‬والجنون حكمه حكم الصب ‪ .‬قدرها ‪ :‬روى أصحاب‬
‫السنن عن معاذ رضي ال عنه ‪ ،‬أن النب صلى ال عليه وسلم لا وجهه إل اليمن ‪ ،‬أمره‬
‫أن يأخذ من كل حال دينارا أو عدله من العافرة ( ‪ . ) 2‬ث زاد فيها عمر رضي ال‬
‫عنه ‪ ،‬فجعلها أربعة دناني على أهل الذهب ‪ ،‬وأربعي درها على أهل الورق ف كل سنة‬
‫( ‪ . ) 3‬فرسول ال صلى ال عليه وسلم علم بضعف أهل اليمن ‪ ،‬وعمر رضي ال عنه ‪،‬‬
‫علم بغن أهل الشام وقوتم ‪ .‬وروى البخاري أنه قيل لجاهد ‪ " :‬ما شأن الشام عليهم‬
‫أربعة دناني ‪ ،‬وأهل اليمن عليهم دينار ؟ قال ‪ :‬جعل ذلك من قبل اليسار " ‪ .‬وبذا أخذ‬
‫أبو حنيفة رضي ال عنه ‪ ،‬ورواية عن أحد ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إن على الوسر ثانية وأربعي درها‬
‫‪ ،‬وعلى التوسط أربعة وعشرين درها ‪ ،‬وعلى الفقي اثن عشر درها ‪ ،‬فجعلها مقدرة‬
‫القل والكثر " ‪ .‬وذهب الشافعي ‪ ،‬ورواية عن أحد ‪ :‬إل أنا مقدرة القل فقط ‪ ،‬وهو‬
‫دينار ‪ ،‬وأما الكثر فغي مقدر ‪ ،‬وهو موكول إل اجتهاد الولة ‪ .‬وقال مالك ‪ ،‬وإحدى‬
‫الروايات عن أحد ‪ ،‬وهذا هو الراجح ‪ " :‬إنه ل حد لقلها وللكثرها ‪ ،‬والمر فيها‬
‫موكول إل اجتهاد ولة المر ‪ ،‬ليقدروا على كل شخص ما يناسب حاله " ‪ " .‬ول‬
‫ينبغي أن يكلف أحد فوق طاقته " ‪ .‬الزيادة على الزية ‪ :‬ويوز اشتراط الزيادة على‬
‫الزية ضيافة من ير بم للمسلمي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬وهذا كناية على أنا ل تب‬
‫إلعلى الرجل ‪ ،‬وذلك إذا نبت شعره ‪ ) 2 ( .‬العافرة ‪ :‬ثياب باليمن وهي مأخوذة من‬
‫معافرة ‪ ،‬وهو حي من هدان ‪ ) 3 ( .‬الورق ‪ :‬الفضة ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 668‬فقد‬
‫روى الحنف بن قيس ‪ :‬أن عمر رضي ال عنه شرط على أهل الذمة " ضيافة يوم وليلة ‪،‬‬
‫وأن يصلحوا القناطر ‪ ،‬وإن قتل رجل من السلمي بأرضهم فعليهم ديته ‪ .‬رواه أحد ‪.‬‬
‫وروى أسلم ‪ ،‬أن أهل الزية من أهل الشام أتوا عمر رضي ال عنه ‪ ،‬فقالوا ‪ " :‬إن‬
‫السلمي إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج ف ضيافتهم ‪ .‬فقال رضي ال عنه ‪" :‬‬

‫‪483‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫أطعموهم ما تأكلون ‪ ،‬ول تزيدوهم على ذلك " ‪ .‬عدم أخذ ما يشق على أهل الكتاب‬
‫وغيهم ‪ :‬وقد أمر الرسول صلى ال عليه وسلم بالرفق بأهل الكتاب وعدم تكليفهم فوق‬
‫ما يطيقون ‪ .‬روي عن ابن عمر رضي ال عنهما ‪ " :‬كان آخر ما تكلم به النب صلى ال‬
‫عليه وسلم أن قال ‪ " :‬احفظون ف ذمت " ‪ .‬وجاء ف الديث ‪ " :‬من ظلم معاهدا أو‬
‫كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه " ‪ .‬وروي عن ابن عباس رضي ال عنهما ‪ " :‬ليس ف‬
‫أموال أهل الذمة إل العفو " ‪ .‬سقوطها عمن أسلم ‪ :‬وتسقط الزية عمن أسلم لديث‬
‫ابن عباس مرفوعا ‪ " :‬ليس على السلم جزية " ‪ .‬رواه أحد وأبو داود ‪ .‬وروى أبو عبيدة‬
‫‪ :‬أي يهوديا أسلم فطولب بالزية ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إنا أسلمت تعوذا ‪ .‬قال ‪ " :‬إن ف السلم‬
‫معاذا " ‪ .‬فرفع إل عمر رضي ال عنه فقال ‪ " :‬إن ف السلم معاذا " ‪ .‬وكتب أل تؤخذ‬
‫منه الزية ‪ .‬عقد الذمة للمواطني وللمستقلي وكما يوز هذا العقد لن يريد أن يعيش مع‬
‫السلمي وتت ظلل السلم فإنه يوز للمستقلي ف أماكنهم ‪ ،‬بعيد عن السلمي ‪/ .‬‬
‫صفحة ‪ / 669‬فقد عقد رسول ال صلى ال عليه وسلم مع نصارى نران عقدا ‪ ،‬مع‬
‫بقائهم ف أماكنهم ‪ ،‬وإقامتهم ف ديارهم ‪ ،‬دون أن يكون معهم أحد من لسلمي ‪ .‬وقد‬
‫تضمن هذا العهد ‪ :‬حايتهم ‪ ،‬والفاظ على حريتهم الشخصية ‪ ،‬والدينية ‪ ،‬وإقامة العدل‬
‫بينهم ‪ ،‬والنتصاف من الظال ‪ .‬وقام اللفاء من بعده على تنفيذه حت عهد هارون‬
‫الرشيد ‪ ،‬فأراد أن ينقضه ‪ ،‬فمنعه ممد بن السن صاحب المام أب حنيفة ‪ ،‬وهذا هو‬
‫نص العقد ‪ " :‬لنجران وحاشيتها جوار ال ‪ ،‬وذمة ممد النب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬على ما تت أيديهم من قليل أو كثي ‪ ،‬ل يغي أسقف من أسقفيته ‪ ،‬اول راهب‬
‫من رهبانيته ‪ ،‬ول كاهن من كهانته ‪ ،‬وليس عليه دنية ‪ ،‬أي ل يعامل معاملة الضعيف ‪،‬‬
‫ول دم جاهلية ‪ ،‬ول يسرون ول يعسرون ‪ ،‬ول يطأ أرضهم جيش ‪ ،‬ومن سأل منهم‬
‫حقا فبينهم النصف ‪ ،‬غي ظالي ولمظلومي ‪ ،‬ومن أكل ربا ( ‪ ) 1‬من ذي قبل ‪ ،‬أي ف‬
‫الستقبل ‪ ،‬فذمت منه بريئة ‪ ،‬ول يؤخذ‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 669‬‬

‫‪484‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫رجل منهم بظلم آخر ‪ ،‬وعلى ما ف هذا الكتاب جوار ال ‪ ،‬وذمة ممد النب المي‬
‫رسول ال أبدا ‪ ،‬حت يأت ال بأمره " فإذا أراد أحد الرؤساء استغلل العاهدة لسابه ‪،‬‬
‫وظلم شعبه ‪ ،‬منع من ذلك ‪ .‬جاء ف البسوط للسرخسي ‪ " :‬وإذا طلب ملك الذمة أن‬
‫يترك يكم ف أهل ملكته با شاء ‪ ،‬من ‪ :‬قتل ‪ ،‬أو صلب ‪ ،‬أو غيه ما ل يصح ف دار‬
‫السلم ‪ ،‬ل يب إل ذلك ‪ ،‬لن التقرير على الظلم مع إمكان النع حرام ‪ ،‬ولن الذمي‬
‫من يلتزم أحكام السلم فيما يرجع إل العاملت ‪ ،‬فشرطه بلف موجب عقد الذمة‬
‫باطل ‪ ،‬فإن أعطى الصلح والذمة على هذا بطل من شروطه مال يصح ف السلم ‪ ،‬لقوله‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬كل شرط ليس ف كتاب ال باطل " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬قال‬
‫ابن القيم ‪ :‬ف هذا دليل على انتقاض عهد الذمة بإحداث الدث وأكل الربا إذا كان‬
‫مشروطا عليهم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 670‬ب ينقض العهد ؟ ‪ :‬وينقض عهد الذمة‬
‫بالمتناع عن الزية ‪ ،‬أو إباء التزام حكم السلم ‪ ،‬إذا حكم حاكم به ‪ ،‬أو تعدى على‬
‫مسلم بقتل ‪ ،‬أو بفتنته عن دينه ‪ ،‬أو زنا بسلمة ‪ ،‬أو أصابا بزواج ‪ ،‬أو عمل عمل قوم‬
‫لوط ‪ ،‬أو قطع الطريق ‪ ،‬أو تسس ‪ ،‬أو آوى الساوس ‪ ،‬أو ذكر ال أو رسوله ‪ ،‬أو‬
‫كتابه ‪ ،‬أو دينه بسوء ‪ ،‬فإن هذا ضرريعم السلمي ف أنفسهم ‪ ،‬وأعراضهم ‪ ،‬وأموالم ‪،‬‬
‫وأخلقهم ‪ ،‬ودينهم ‪ .‬قيل لبن عمر رضي ال عنه ‪ " :‬إن راهبا يشتم النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬لو سعته لقتلته ‪ ،‬إنا ل نعطه المان على هذا " ‪ .‬وكذا إذا لق بدار‬
‫الرب ‪ ،‬بلف ما إذا أظهر منكرا ‪ ،‬أو قذف مسلما ‪ ،‬فإن عهده ل ينتقض ‪ .‬وإذا‬
‫انتقض عهده ‪ ،‬فإن عهد نسائه وأولده ل ينتقض ‪ ،‬لن النقض حدث منه فيختص به ‪.‬‬
‫موجب النقض ‪ :‬وإذا انتقض عهده كان حكمه حكم السي ‪ ،‬فإن أسلم حرم قتله ‪ ،‬لن‬
‫السلم يب ما قبله ‪ .‬دخول غي السلمي الساجد وبلد السلم اختلف الفقهاء ف‬
‫دخول غي السلمي من الكفار السجد الرام وغيه من الساجد وبلد السلم ‪ .‬وجلة‬
‫بلد السلم ف حق الكفار ثلثة أقسام ‪ ( :‬القسم الول ) الرم ‪ ،‬فل يوز لكافر أن‬
‫يدخله بال ذميا كان أو مستأمنا ‪ ،‬لظاهر قول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬يأيها الذين آمنوا‬
‫إنا الشركون نس فل يقربوا السجد الرام بعد عامهم هذا " ( ‪ . ) 1‬وبه قال‬
‫الشافعي ‪ ،‬وأحد ‪ ،‬ومالك ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 28‬صفحة‬

‫‪485‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ / 671‬فلو جاء رسول من دار الكفر والمام ف الرم فل يأذن له ف دخول الرم ‪ ،‬بل‬
‫يرج إليه بنفسه ‪ ،‬أو يبعث إليه من يسمع رسالته خارج الرم ‪ .‬وجوز أبو حنيفة وأهل‬
‫الكوفة للمعاهد دخول الرم ( ‪ . ) 1‬ويقيم فيه مقام السافر ول يستوطنه ‪ .‬ويوز عنده‬
‫دخول الواحد منهم الكعبة أيضا ‪ ( .‬القسم الثان ) من بلد السلم ‪ :‬الجاز ‪ ،‬وحده ما‬
‫بي اليمامة ‪ ،‬واليمن ‪ ،‬وند ‪ ،‬والدينة الشريفة ‪ ،‬قيل نصفها تامي ‪ ،‬ونصفها حجازي ‪،‬‬
‫وقيل كلها حجازي ( ‪ . ) 2‬وقال الكلب ‪ :‬حد الجاز ‪ :‬ما بي جبلي طئ وطريق‬
‫العراق ‪ ،‬سي حجازألنه حجز بي تامة وند ‪ ،‬وقيل ‪ :‬لنه حجز بي ند والسراة ‪،‬‬
‫وقيل لنه حجز بي ند وتامة والشام ‪ .‬قال الرب ‪ :‬وتبوك من الجاز ‪ ،‬فيجوز للكفار‬
‫دخول أرض الجاز بالذن ‪ ،‬ولكن ل يقيمون با أكثر من مقام السافر وهو ثلثة أيام ‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ل ينعون من استيطانا والقامة با ‪ .‬وحجة المهور ماروى مسلم ‪،‬‬
‫عن ابن عمر ‪ ،‬أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬لخرجن اليهود‬
‫والنصارى من جزيرة العرب فل أترك فيها إل مسلما " ‪ .‬زاد ف رواية لغي مسلم ‪:‬‬
‫وأوصى فقال ‪ " :‬أخرجوا الشركي من جزيرة العرب " ‪ .‬فلم يتفرغ لذلك أبو بكر ‪،‬‬
‫وأجلهم عم ف خلفته ‪ ،‬وأجل لن يقدم تاجرا ثلثا ‪ .‬وعن ابن شهاب ‪ :‬أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬ل يتمع دينان ف جزيرة العرب " ‪ .‬أخرجه مالك ف الوطأ‬
‫مرسل ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يعن بإذن المام أن الليفة أو نائبه ف الكم ‪ ) 2 ( .‬وهو‬
‫الصحيح ف عرف السلم ‪ ،‬وأما اللف فهو ف شكل البلد الذي سي الجاز لجله‬
‫حجازا وند ندا ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 672‬وروى مسلم عن جابر قال ‪ :‬سعت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬إن الشيطان قد يئس أن يعبده الصلون ف جزيرة العرب‬
‫‪ ،‬ولكن ف التحريش بينهم " ‪ .‬قال سعيد بن عبد العزيز ‪ :‬جزيرة العرب ما بي الوادي‬
‫إل أقصى اليمن إل توم العراق ‪ ،‬إل البحر ‪ .‬وقال غيه ‪ :‬حد جزيرة العرب من أقصى (‬
‫عدن أبي ) إل ريف العراق ف الطول ‪ ،‬ومن جدة وما والها من ساحل البحر إل‬
‫أطراف الشام عرضا ‪ ( .‬القسم الثالث ) سائر بلد السلم ‪ ،‬فيجوز للكافر أن يقيم فيها‬
‫بعهد وأما وذمة ‪ ،‬ولكن ل يدخلون الساجد إل بإذن مسلم عند الشافعي ‪ .‬وقال أبو‬

‫‪486‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حنيفة ‪ :‬يوز دخولا لم من غي إذن ‪ .‬وقال مالك وأحد ‪ :‬ل يوز لم الدخول بال ‪.‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪/ 673‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 673‬‬
‫الغنائم تعريفها ‪ :‬الغنائم ‪ :‬جع غنيمة ‪ ،‬وهي ف اللغة ما يناله النسان بسعي ‪ ،‬يقول‬
‫الشاعر ‪ :‬وقد طوفت ف الفاق حت ‪ -‬رضيت من الغنيمة بالياب وف الشرع ‪ :‬هي الال‬
‫الأخوذ من أعداء السلم عن طريق الرب والقتال ‪ ،‬وتشمل النواع التية ‪- 1 :‬‬
‫الموال النقولة ‪ - 2 .‬السرى ‪ - 3 .‬الرض ‪ .‬وتسمى النفال ‪ -‬جع نفل ‪ -‬لنا‬
‫زيادة ف أموال السلمي ‪ ،‬وكانت قبائل العرب ف الاهلية قبل السلم إذا حاربت‬
‫وانتصر بعضها على بعض أخذت الغنيمة ووزعتها على الحاربي ‪ ،‬وجعلت منها نصيبا‬
‫كبيا للرئيس ‪ :‬أشار إليه أحد الشعراء فقال ‪ :‬لك الرباع ( ‪ ) 1‬منها والصفايا ( ‪) 2‬‬
‫وحكمك والنشيطة ( ‪ ) 3‬والفضول ( ‪ ) 4‬إحللا لذه المة دون غيها ‪ :‬وقد أحل ال‬
‫الغنائم لذه المة ‪ :‬فيشد ال سبحانه إل حل أخذ هذه الموال بقوله ‪ " :‬فكلوا ما‬
‫غنمتم حلل طيبا واتقوا ال إن ال غفور ريم " ( ‪ ( . ) 5‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الرباع ‪ :‬ربع‬
‫الغنيمة ‪ ) 2 ( .‬الصفايا ‪ :‬ما يستحسنه الرئيس ويصطفيه لنفسه ‪ ) 3 ( .‬النشيطة ‪ :‬ما يقع‬
‫ف أيدي القاتلي قبل الوقعة ‪ ) 4 ( .‬الفضول ‪ :‬ما يفضل بعد القسمة ‪ ) 5 ( .‬سورة‬
‫النفال ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 69‬صفحة ‪ / 674‬ويشي الديث الصحيح إل أن هذا خاص‬
‫بالمة السلمة ‪ ،‬فإن المم السابقة ل يكن يل لا شئ من ذلك ‪ .‬روى البخاري ومسلم‬
‫عن جابر بن عبد ال ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أعطيت خسا ل‬
‫يعطهن نب قبلي ‪ :‬نصرت بالرعب مسية شهر ‪ .‬وجعلت ل الرض مسجدا وطهورا ‪،‬‬
‫فأيا رجل من أمت أدركته الصلة ‪ ،‬فليصل ‪ .‬وأحلت ل الغنائم ‪ ،‬ول تل لحد قبلي ‪.‬‬
‫وأعطيت الشفاعة ‪ .‬وبعثت إل الناس عامة " ‪ .‬وسبب ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن‬
‫أب هريرة رضي ال عنه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال " فلم تل الغنائم لحد من‬
‫قبلنا ‪ .‬ذلك لن ال تبارك وتعال رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا " ‪ .‬أي أحلها لنا ‪.‬‬
‫مصرفها ‪ :‬كان أول صدام مسلح بي الرسول صلى ال عليه وسلم وبي الشركي يوم‬

‫‪487‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫السابع عشر من رمضان من السنة الثانية من الجرة ف بدر ‪ ،‬وقد انتهى هذا الصدام‬
‫بالنصر الؤزر والفوز العظيم للنب صلى ال عليه وسلم والسلمي ‪ ،‬ولول مرة منذ البعثة‬
‫يشعر السلمون بلوة النصر ‪ ،‬ويكنهم ال من أعدائهم الذين اضطهدوهم طيلة خسة‬
‫عشر عاما ‪ ،‬والذين أخرجوهم من ديارهم وأموالم بغي حق إل أن يقولوا ‪ " :‬ربنا ال "‬
‫‪ .‬وقد ترك الشركون النهزمون وراءهم أموال طائلة فجمعها النتصرون من السلمي ‪ ،‬ث‬
‫اختلفوا بينهم ‪ ،‬فيمن تكون له هذه الموال ؟ أتكون للذين خرجوا ف إثر العدو ؟ أو‬
‫تكون للذين أحاطوا برسول ال صلى ال عليه وسلم وحوه من العدو ؟ ‪ /‬صفحة ‪675‬‬
‫‪ /‬فأرشد القرآن الكري إل أن حكمها يرجع إل ال وإل رسوله صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ففي الية الول من سورة النفال يقول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬يسألونك عن النفال ‪،‬‬
‫قل النفال ل والرسول " ‪ .‬كيفية تقسيم الغنائم ‪ :‬وقد بي ال سبحانه وتعال كيفية‬
‫تقسيم الغنائم ‪ ،‬فقال ‪ " :‬واعلموا أنا غنمتم ( ‪ ) 1‬من شئ فإن ل خسه وللرسول ولذي‬
‫القرب واليتامى والساكي وابن السبيل ( ‪ ) 2‬إن كنتم آمنتم بال وما أنزلنا على عبدنا‬
‫يوم الفرقان يوم التقى المعان وال على كل شئ قدير " ( ‪ . ) 3‬فالية الكرية نصت‬
‫على المس يصرف على الصارف الت ذكرها ال سبحانه وتعال ‪ ،‬وهي ‪ :‬ال ورسوله ‪،‬‬
‫وذو القرب ‪ ،‬واليتامى ‪ ،‬والساكي ‪ ،‬وابن السبيل ‪ ،‬وذكر ال هنا تبكا ‪ .‬فسهم ال‬
‫ورسوله مصرفه مصرف الفئ ‪ ،‬فينفق منه على الفقراء ‪ ،‬وف السلح ‪ ،‬والهاد ‪ ،‬ونو‬
‫ذلك من الصال العامة ‪ .‬روى أبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬عن عمرو بن عبسة قال ‪ " :‬صلى‬
‫بنا رسول ال صلى ال عليه وسلم إل بعي من الغنم ‪ ،‬ولا سلم أخذ وبرة من جنب البعي‬
‫‪ ،‬ث قال ‪ " :‬ل يل ل من غنائكم مثل هذا إل المس ‪ ،‬والمس مردود فيكم " ‪ .‬أي‬
‫ينفق منه على الفقراء ‪ ،‬وف السلح ‪ ،‬والهاد ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬غنمتم ‪ :‬أي أخذتوه‬
‫من الكفار بواسطة الرب وهو ليس على عمومه وإنا دخله التخصيص لن سلم القتول‬
‫لقاتله ‪ -‬والاكم مي ف السارى والرض ‪ .‬ويكون العن إنا غنمتم من الذهب والفضة‬
‫وغيها من المتعة والسب ‪ ) 2 ( .‬الساكي ‪ :‬الفقراء ‪ .‬وابن السبيل ‪ :‬السافر النقطع عن‬
‫بلده ‪ ) 3 ( .‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 41‬صفحة ‪ / 676‬أما نفقات الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فكانت ما أفاء ال عليه من أموال بن النضي ‪ .‬روى مسلم عن‬

‫‪488‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمر ‪ ،‬قال ‪ " :‬كانت أموال بن النضي ما أفاء ال على رسوله ما ل يوجف عليه‬
‫السلمون بيل ولركاب ‪ .‬فكانت للنب صلى ال عليه وسلم خاصة ‪ .‬فكان ينفق على‬
‫أهله نفقة سنة ‪ ،‬وما بقي جعله ف الكراع ( ‪ ) 1‬والسلح عدة ف سبيل ال ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 676‬‬
‫وسهم ذي القرب ‪ :‬أي أقرباء النب صلى ال عليه وسلم وهم بنو هاشم ‪ ،‬وبنو الطلب ‪،‬‬
‫الذين آزروا النب صلى ال عليه وسلم وناصروه ‪ ،‬دون أقربائه الذين خذلوه وعاندوه ‪.‬‬
‫روى البخاري وأحد عن جبي بن مطعم ‪ ،‬قال ‪ :‬لا كان يوم خيب ‪ ،‬قسم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم سهم ذوي القرب بي بن هاشم وبن الطلب ‪ .‬فأتيت أنا وعثمان بن‬
‫عفان ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬يا رسول ال ‪ :‬أما بنو هاشم فل ننكر فضلهم ‪ ،‬لكانك الذي وضعك ال‬
‫به منهم ‪ ،‬فما بال إخواننا من بن الطلب ‪ ،‬أعطيتهم وتركتنا ‪ ،‬وإنا نن وهم منك بنلة‬
‫واحدة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إنم ل يفارقون ف جاهلية ول إسلم ‪ .‬وإنا بنو هاشم وبنو الطلب‬
‫شئ واحد " ‪ .‬وشبك بي أصابعه " ويأخذ منهم الغن ( ‪ ) 2‬والفقي والقريب والبعيد ‪،‬‬
‫والذكر والنثى " للذكر مثل حظ النثيي ( ‪ . " ) 3‬وهذا مذهب الشافعي ‪ ،‬وأحد ‪.‬‬
‫وروي عن ابن عباس ‪ ،‬وزين العابدين ‪ ،‬والباقر ‪ :‬أنه يسوى ف العطاء بي غنيهم وفقيهم‬
‫‪ ،‬ذكورهم وإناثهم ‪ ،‬صغارهم وكبارهم ‪ ،‬لن اسم القرابة يشملهم ‪ ،‬ولنم عوضوه لا‬
‫حرمت عليهم الزكاة ‪ ،‬ولن ال جعل ذلك لم ‪ ،‬وقسمه الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫لم ‪ ،‬وليس ف الديث أنه فضل بعضهم على البعض ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الكراع ‪ :‬اليل‬
‫‪ ) 2 ( .‬قال أبو حنيفة ‪ :‬يعطون لفقرهم إذا كانوا فقراء ‪ ،‬وقال الشافعي ‪ :‬يعطون‬
‫لقرابتهم من الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ) 3 ( .‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪/ ) . ( . 11‬‬
‫صفحة ‪ / 677‬واعتب الشافعي أن سهمهم استحق بالقرابة فأشبه الياث ‪ .‬وقد كان النب‬
‫صلى ال عليه وسلم يعطي عمه العباس وهو غن ‪ -‬ويعطي عمته صفية ‪ .‬وأما سهم‬
‫اليتامى ‪ ،‬وهم أطفال السلمي ‪ ،‬فقيل ‪ :‬يتص به الفقراء وقيل ‪ :‬يعم الغنياء والفقراء ‪،‬‬
‫لنم ضعفاء وإن كانوا أغنياء ‪ .‬روى البيهقي بإسناد صحيح ‪ ،‬عن عبد ال بن شقيق عن‬
‫رجل قال ‪ :‬أتيت النب صلى ال عليه وسلم وهو بوادي القرى ‪ ،‬وهو معترض فرسا ‪،‬‬

‫‪489‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول ال ما تقول ف الغنيمة ؟ قال ‪ " :‬ل خسها ‪ ،‬وأربعة أخاسها للجيش ‪.‬‬
‫" قلت ‪ :‬فما أحد أول به من أحد ؟ قال ‪ " :‬ل ‪ ،‬ول السهم تستخرجه من جيبك ‪ ،‬ليس‬
‫أنت أحق به من أخيك السلم ‪ " .‬وف الديث ‪ " :‬وأيا قرية عصت ال ورسوله ‪ ،‬فإن‬
‫خسها ل ورسوله ث هي لكم " ‪ .‬وأما الربعة الخاس الباقية ‪ ،‬فتعطى للجيش ‪ .‬ويتص‬
‫با ‪ :‬الذكور ‪ ،‬الحرار ‪ ،‬البالغون ‪ ،‬العقلء ‪ .‬أما النساء ‪ ،‬والعبيد ‪ ،‬والصغار ‪،‬‬
‫والجاني ‪ ،‬فإنه ل يسهم لم ‪ .‬لن الذكورة ‪ ،‬والرية ‪ ،‬والبلوغ ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬شرط ف‬
‫السهام ‪ .‬ويستوي ف العطاء القوي ‪ ،‬والضعيف ‪ ،‬ومن قاتل ‪ ،‬ومن ل يقاتل ‪ .‬روى‬
‫أحد ‪ ،‬عن سعد بن مالك ‪ ،‬قال ‪ " :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬الرجل يكون حامية القوم ‪،‬‬
‫ويكون سهمه وسهم غيه سواء ؟ قال ‪ :‬ثكلتك أمك ابن أم سعد ‪ ،‬وهل ترزقون‬
‫وتنصرون إل بضعفائكم " ‪ .‬وف كتاب حجة ال البالغة ‪ " :‬ومن بعثه المي لصلحة‬
‫اليش ‪ ،‬كالبيد ‪ ،‬والطليعة ‪ ،‬والاسوس ‪ .‬يسهم له وإن ل يضر الواقعة ‪ ،‬كما كان‬
‫لعثمان يوم بدر ‪ ،‬فقد تغيب عنها ‪ /‬صفحة ‪ / 678‬بأمر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬من أجل مرض زوجته ‪ ،‬رقية بنت الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فقال له النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن لك أجر رجل من شهد بدرا وسهمه " ‪ .‬رواه البخاري عن‬
‫ابن عمر رضي ال عنهما ‪ .‬وتقسم الغنيمة على أساس أن يكون للراجل سهم ‪ ،‬وللفارس‬
‫ثلثة ‪ :‬وقد جاءت الحاديث الصحيحة الصرية بأن النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬كان‬
‫يسهم للفارس وفرسه ثلثة أسهم ‪ ،‬وللراجل ( ‪ ) 1‬سهما ‪ .‬وإنا كان ذلك كذلك لزيادة‬
‫مئونة الفرس واحتياجه إل سايس " وقد يكون تأثي الفارس بالفرس ( ‪ ) 2‬ف الرب‬
‫ثلثة أصعاف تأثي الراجل ( ‪ . ) 3‬ول يسهم لغي اليل ‪ ،‬لنه ل ينقل عنه صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه أسهم لغي اليل ‪ ،‬وكان معه سبعون بعيا يوم بدر ‪ ،‬ول تل غزوة من غزواته‬
‫من البل وهي غالب دوابم ‪ ،‬ولو أسهم لا لنقل الينا ‪ ،‬وكذلك أصحابه من بعده ل‬
‫يسهموا للبل ‪ .‬ول يسهم لكثر من فرس واحد ‪ ،‬لن النب صلى ال عليه وسلم ل يرو‬
‫عنه ول عن أصحابه أنم أسهموا لكثر من فرس ‪ ،‬ولن العدو ل يقاتل إل على فرس‬
‫واحد ‪ .‬وقال أبو حنيفة رضي ال عنه ‪ " :‬يسهم لكثر من فرس واحد ‪ ،‬لنه أكثر غناء‬
‫وأعظم منفعة ‪ .‬ويعطى الفرس الستعار والستأجر ‪ ،‬وكذلك الغصوب وسهمه لصاحبه ‪.‬‬

‫‪490‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫النفل من الغنيمة ‪ :‬يوز للمام أن يزيد بعض القاتلي عن نصيبه بقدار الثلث ‪ ،‬أو الربع ‪.‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬للراجل ‪ :‬الجاهد على رجليه ‪ ) 2 ( .‬الفارس بالفرس يرى أبو حنيفة‬
‫رضي ال عنه ‪ :‬ان للفارس سهمي وللراجل سهما ‪ ،‬وهذا مالف للسنة الصحيحة ‪3 ( .‬‬
‫) يرى بعض العلماء التسوية بي الفرس العرب والجي ‪ .‬ويسمى البذون والكديش ‪.‬‬
‫ويرى البعض الخر أنه ل يسوى بينهما ‪ .‬فإذا ل يكن الفرس عربيا ‪ ،‬فإنه ل يسهم له ‪،‬‬
‫وأنه ف‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 678‬‬
‫هذه الال يكون مثل المل ف عدم السهام له ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 679‬وأن تكون هذه‬
‫الزيادة من الغنيمة نفسها ‪ ،‬إذا أظهر من النكاية ف العدو ما يستحق به هذه الزيادة ‪،‬‬
‫وهذا مذهب أحد وأبو عبيد ( ‪ . ) 1‬وحجة ذلك ‪ ،‬حديث حبيب بن مسلمة ‪ ،‬أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬كان ينفل الربع من السرايا بعد المس ف البداءة ‪،‬‬
‫وينفلهم الثلث بعد المس ف الرجعة " ‪ .‬رواه أبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪ .‬وجع لسلمة بن‬
‫الكوع ف بعض مغازيه بي سهم الراجل والفارس ‪ ،‬فأعطاه خسة أسهم لعظم عنائه ف‬
‫تلك الغزوة ‪ .‬السلب للقاتل ‪ :‬السلب هو ما وجد على القتول من السلح وعدة‬
‫الرب ‪ ،‬وكذلك ما يتزين به للحرب ‪ .‬أما ما كان معه من جواهر ونقود ونوها ‪ ،‬فليس‬
‫من السلب ‪ ،‬وإنا هو غنيمة ‪ .‬وأحيانا يرغب القائد ف القتال ‪ ،‬فيغري القاتلي بأخذ‬
‫سلب القتولي ‪ ،‬وإيثارهم به دون بقية اليش ‪ .‬وقد قضى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف السبل للقاتل ‪ ،‬ول يمسه ‪ .‬رواه أبو داود عن عوف بن مالك الشجعي ‪ .‬وخالد بن‬
‫الوليد ‪ .‬وروى ابن أب شيبة عن أنس بن مالك ‪ :‬أن الباء بن مالك مر على مرزبان يوم‬
‫الدارة ‪ ،‬فطعنه طعنة على قربوص سرجه فقتله ‪ ،‬فبلغ سلبه ثلثي ألفا ‪ ،‬فبلغ ذلك عمر بن‬
‫الطاب رضي ال عنه ‪ ،‬فقال لب طلحة ‪ " :‬إنا كنا ل نمس السلب ‪ ،‬وإن سلب الباء‬
‫قد بلغ مال كثيا ‪ .‬ول أران إل خسته " ‪ .‬قال ‪ :‬قال ابن سيين ‪ :‬فحدثن أنس بن‬
‫مالك ‪ :‬إنه أول سلب خس ف السلم ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يرى مالك ‪ :‬أن النفل يكون‬
‫من المس الواجب لبيت الال ‪ .‬وقال الشافعي ‪ :‬يكون من خس المس ‪ ،‬وهو نصيب‬

‫‪491‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫المام ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 680‬عن سلمة بن الكوع ‪ .‬قال ‪ :‬أتى النب صلى ال عليه‬
‫وسلم عي ( ‪ ) 1‬من الشركي ‪ ،‬وهو ف سفر ‪ ،‬فجلس مع أصحابه يتحدث ‪ ،‬ث انفتل ‪،‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اطلبوه ‪ ،‬فاقتلوه " ‪ ،‬قال ‪ :‬فقتلته ‪ ،‬فنفلن سلبه ‪ .‬من‬
‫ل سهم له ف الغنيمة ‪ :‬تقدم أن شرط السهام ف الغنيمة ‪ :‬البلوغ ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬والذكورة ‪،‬‬
‫والرية ‪ .‬فمن ل يكن مستوفيا لذه الشروط فل سهم له ف الغنيمة ‪ ،‬وإن كان له أن‬
‫يأخذ منها دون السهم ‪ .‬قال سعيد بن السيب ‪ :‬كان الصبيان والعبيد يذون من الغنيمة‬
‫إذا حضروا الغزو ف صدر هذه المة ‪ .‬وروى أبو داود ‪ ،‬عن عمي قال ‪ :‬شهدت خيب‬
‫مع سادت ‪ ،‬فكلموا ف رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فأخب أن ملوك ‪ ،‬فأمر ب من‬
‫خرثى التاع ‪ :‬أي أردأه ‪ .‬وف حديث ابن عباس ‪ :‬أنه سئل عن الرأة والعبد هل كان لما‬
‫سهم معلوم إذا حضر الناس ؟ فأجاب ‪ :‬انه ل يكن لما سهم معلوم ‪ ،‬إل أنه يذيا ( ‪) 2‬‬
‫من غنائم القوم ‪ .‬وعن أم عطية ‪ ،‬قالت ‪ :‬كنا نغزو مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فنداوي الرحى ‪ ،‬ونرض الرضى ‪ :‬وكان يرضخ لنا من الغنيمة ‪ .‬وأخرج الترمذي عن‬
‫الوزاعي مرسل ‪ ،‬قال ‪ :‬أسهم النب صلى ال عليه وسلم الصبيان بيب ‪ .‬والقصود‬
‫بالسهام هنا الرضخ ‪ .‬وعن يزيد بن هرمز ‪ :‬أن ندة الروري كتب إل ابن عباس رضي‬
‫ال عنهما ‪ ،‬يسأله عن خس خلل أما بعد ‪ :‬فأخبن ‪ " :‬هل كان النب صلى ال عليه‬
‫وسلم يغزو بالنساء ؟ ( هامش ) ( ‪ ) 1‬جاسوس ‪ ) 2 ( .‬يذيا ‪ :‬يعطيا ‪ / ) . ( .‬صفحة‬
‫‪ / 681‬وهل كان يضرب لن بسهم ؟ وهل كان يقتل الصبيان ؟ ومت ينقضي يتم‬
‫اليتيم ؟ وعن المس لن هو ؟ " فقال ابن عباس ‪ :‬لول أن أكتم علما ما كتبت إليه ‪ .‬ث‬
‫كتب إليه ‪ ،‬فقال ‪ " :‬كتبت تسألن ‪ :‬هل كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يغزو‬
‫بالنساء ؟ وقد كان يغزو بن ‪ ،‬فيداوين الرحى ‪ ،‬ويذين ( ‪ ) 1‬من الغنيمة ‪ ،‬وأما يسهم‬
‫‪ ،‬فل ‪ .‬ول يكن النب صلى ال عليه وسلم يقتل الصبيان ‪ ،‬وأنت لتقتلهم ‪ .‬وكتبت‬
‫تسألن ‪ :‬مت ينقضي يتم اليتيم ؟ فلعمري ‪ ،‬إن الرجل لتنبت ليته ‪ ،‬وإنه لضعيف الخذ‬
‫لنفسه ‪ ،‬ضعيف الوكاء منها ‪ ،‬فإذا أخذ لنفسه من صال ما يأخذ الناس ‪ ،‬فقد ذهب عنه‬
‫اليتم ‪ .‬وكتبت تسألن ‪ :‬عن المس لن هو ؟ وإنا كنا نقول ‪ :‬هو لنا ‪ ،‬فأب علينا قومنا‬
‫ذاك " ‪ .‬رواه المسة إل البخاري ‪ .‬الجراء وغي السلمي ل يسهم لم ‪ :‬وكذلك ل‬

‫‪492‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫حق للجراء الذين يصحبون اليش للمعاش ف الغنيمة ‪ ،‬وإن قاتلوا ‪ ،‬لنم ل يقصدوا‬
‫قتال ‪ ،‬ول خرجوا ماهدين ‪ ،‬ويدخل فيهم اليوش الديثة ‪ ،‬فإنا صناعة وحرفة ‪ .‬وأما‬
‫غي السلمي من الذميي ‪ ،‬فقد اختلفت فيهم أنظار الفقهاء فيما إذا استعي بم ف الرب‬
‫‪ ،‬وقاتلوا مع السلمي ‪ .‬فقالت الحناف ‪ ،‬وهو مروي عن الشافعي رضي ال عنه ‪:‬‬
‫يرضخ ( ‪ ) 2‬لم ‪ ،‬ول يسهم لم ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬يذين ‪ :‬يعطي ‪ ،‬والذوة ‪ :‬العطية‬
‫‪ ) 2 ( .‬يرضخ لم ‪ :‬يعطون عطاء قليل ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 682‬ومروي عن الشافعي‬
‫أيضا ‪ :‬يستأجرهم المام من مال ل مالك له بعينه ‪ ،‬فإن ل يفعل أعطاهم سهم النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ .‬وقال الثوري والوزاعي ‪ :‬يسهم لم ‪ .‬الغلول تري الغلول ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 682‬‬
‫يرم الغلول ‪ ،‬وهو السرقة من الغنيمة ‪ ،‬إذ أن الغلول يكسر قلوب السلمي ‪ ،‬ويسبب‬
‫اختلف كلمتهم ‪ ،‬ويشغلهم بالنتهاب عن القتال ‪ ،‬وكل ذلك يفضي إل الزية ‪ ،‬ولذا‬
‫كان الغلول من كبائر الث بإجاع السلمي ‪ .‬يقول ال تعال ‪ " :‬وما كان لنب أن يغل‬
‫ومن يغلل يأت با غل يوم القيامة " ‪ ) 1 ( .‬وقد أمر النب صلى ال عليه وسلم بعقوبة‬
‫الغال وحرق متاعه وضربه ‪ ،‬زجرا للناس وكبحا لم أن يفعلوا مثل ذلك ‪ .‬فقد روى أبو‬
‫داود ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬عن عمر رضي ال عنه ‪ ،‬عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬إذا‬
‫وجدت الرجل قد غل فاحرقوا متاعه واضربوه " ‪ .‬قال ‪ :‬فوجدنا ف متاعه مصحفا ‪،‬‬
‫فسألنا سالا عنه ؟ فقال ‪ :‬بعه وتصدق بثمنه ‪ .‬وعن عمرو بن شعيب ‪ ،‬عن أبيه عن جده‬
‫‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم وأبا بكر ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬حرقوا متاع الغال وضربوه ‪ .‬وقد‬
‫رويت أحاديث أخرى عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أنه ل يأمر برق متاع الغال ‪ ،‬ول‬
‫ضربه ‪ ،‬ففهم من هذا ان للحاكم أن يتصرف حسب ما يرى من الصلحة ‪ ،‬فإن كانت‬
‫الصلحة تقتضي التحريق والضرب حرق ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة آل عمران ‪ :‬الية ‪161‬‬
‫‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 683‬وضرب ‪ ،‬وإن كانت الصلحة غي ذلك فعل ما فيه الصلحة ‪.‬‬
‫وروى البخاري عن عبد ال بن عمرو قال ‪ :‬كان على ثقل ( ‪ ) 1‬النب صلى ال عليه‬
‫وسلم رجل يقال له كركرة ‪ ،‬فمات ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬هو ف النار " ‪،‬‬

‫‪493‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فذهبوا ينظرون إليه ‪ ،‬فوجدوا عباءة قد غلها ‪ .‬وروى أبو داود ‪ " :‬أن رجل مات يوم‬
‫خيب من الصحاب ‪ ،‬فبلغ النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ " :‬صلوا على صاحبكم "‬
‫فتغيت وجوه الناس ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إن صاحبكم غل ف سبيل ال " ‪ ،‬ففتشوا متاعه ‪،‬‬
‫فوجدوا خرزا من خرز اليهود ل يساوي درهي ‪ .‬النتفاع بالطعام قبل قسمة الغنائم ‪:‬‬
‫ويستثن من ذلك الطعام ‪ ،‬وعلف الدواب ‪ ،‬فإنه يباح للمقاتلي أن ينتفعوا با ماداموا ف‬
‫أرض العدو ‪ ،‬ولو ل تقسم عليهم ‪ - 1 .‬روى البخاري ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫مغفل ‪ ،‬قال ‪ :‬أصبت جرابا من شحم يوم خيب ‪ ،‬فالتزمته ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ل أعطي اليوم أحدا‬
‫من هذا شيئا ‪ ،‬فالتفت ‪ ،‬فإذا رسول ال صلى ال عليه وسلم مبتسم ‪ - 2 .‬وأخرج أبو‬
‫داود ‪ ،‬والاكم ‪ ،‬والبيهقي ‪ ،‬عن ابن أب أوف قال ‪ " :‬أصبنا طعام يوم خيب ‪ ،‬وكان‬
‫الرجل يئ فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ‪ ،‬ث ينطلق ‪ - 3 .‬وروى البخاري عن ابن عمر‬
‫قال ‪ :‬كنا نصيب ف مغازينا العسل والعنب ‪ ،‬فنأكله ول نرفعه ‪ .‬وف بعض رواية الديث‬
‫عند أب داود ‪ :‬فلم يؤخذ منهما المس ‪ .‬قال مالك ف الوطأ ‪ :‬ل أرى بأسا أن يأكل‬
‫السلمون إذا دخلوا أرض العدو من طعامهم ‪ ،‬ما وجدوا من ذلك كله قبل أن تقع ف‬
‫القاسم ‪ .‬وقال ‪ :‬أنا أرى البل والبقر والغنم بنلة الطعام ‪ ،‬يأكل منه السلمون إذا دخلوا‬
‫أرض العدو كما يأكلون الطعام ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬ثقل ‪ :‬متاع ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪684‬‬
‫‪ /‬وقال ‪ :‬ولو أن ذلك ل يؤكل حت يضر الناس القاسم ويقسم بينهم أضر ذلك باليوش‬
‫‪ .‬قال ‪ :‬فل أرى بأسا با أكل من ذلك كله على وجه العروف والاجة إليه ‪ ،‬ول أرى‬
‫أن يدخر بعد ذلك شيئا يرجع به إل أهله ‪ .‬السلم يد ماله عند العدو يكون له ‪ :‬إذا‬
‫استرد القاتلون أموال للمسلمي كانت بأيدي العداء ‪ ،‬فأربابا أحق با ‪ ،‬وليس‬
‫للمقاتلي منها شئ ‪ ،‬لنا ليست من الغنائم ‪ - 1 .‬عن ابن عمر أنه غار له فرس ‪،‬‬
‫فأخذها العدو فظهر عليه السلمون ‪ ،‬فردت عليه ف زمان النب صلى ال عليه وسلم ‪2 .‬‬
‫‪ -‬وعن عمران بن حصي قال ‪ " :‬أغار الشركون على سرح الدينة وأخذوا العضباء ‪،‬‬
‫ناقة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وامرأة من السلمي ‪ ،‬فلما كانت ذات ليلة ‪ ،‬قامت‬
‫الرأة ‪ ،‬وقد ناموا ‪ ،‬فجعلت ل تضع يدها على بعي إل أرغى حت أتت العضباء ‪ ،‬فأتت‬
‫ناقة ذلول ‪ ،‬فركبتها ‪ ،‬ث توجهت قبل الدينة ‪ ،‬ونذرت لئن ناها ال لتنحرنا ‪ ،‬فلما‬

‫‪494‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قدمت الدينة عرفت الناقة ‪ ،‬فأتوا با رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأخبته الرأة‬
‫بنذرها ‪ ،‬فقال ‪ " :‬بئس ما جزيتها ‪ ،‬ل نذر فيما ل يلك ابن آدم ‪ ،‬ول نذر ف معصية " ‪.‬‬
‫وكذلك إذا أسلم الرب وبيده مال مسلم ‪ ،‬فإنه يرد إل صاحبه ‪ .‬الرب يسلم ‪ :‬إذا أسلم‬
‫الرب وهاجر إل دار السلم وترك بدار الرب ولده وزوجته وماله ‪ ،‬فإن هذه تأخذ‬
‫حرمة ذرية السلم ‪ ،‬وحرمة ماله ‪ ،‬فإذا غلب السلمون عليها ل تدخل ف نطاق الغنائم ‪،‬‬
‫لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬فإذا قالوها فقد عصموا من دماءهم وأمولم " ‪ / .‬صفحة‬
‫‪ / 685‬أسرى الرب أسرى الرب ‪ ،‬وهم من جلة الغنائم ‪ ،‬وهم على قسمي ‪:‬‬
‫( الول ) النساء والصبيان ‪ ( .‬الثان ) الرجال البالغون القاتلون من الكفار إذا ظفر‬
‫السلمون بم أحياء ‪ .‬وقد جعل السلم الق للحاكم ف أن يفعل بالرجال القاتلي إذا‬
‫ظفر بم ووقعوا أسرى ‪ ،‬ما هو النفع والصلح من الن ‪ ،‬أو الفداء ‪ ،‬أو القتل ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 685‬‬
‫والن ‪ :‬هو إطلق سراحهم مانا ‪ .‬والفداء ‪ :‬قد يكون بالال ‪ ،‬وقد يكون بأسرى‬
‫السلمي ‪ ،‬ففي غزوة بدر كان الفداء بالال ‪ ،‬وصح عنه صلى ال عليه وسلم أنه فدى‬
‫رجلي من أصحابه برجل من الشركي من بن عقيل ‪ .‬رواه أحد والترمذي وصححه ‪.‬‬
‫يقول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حت إذا أثخنتموهم (‬
‫‪ ) 1‬فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حت تضع الرب أوزارها " ( ‪ . ) 2‬وروى‬
‫مسلم من حديث أنس رضي ال عنه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أطلق سراح الذين‬
‫أخذهم أسرى ‪ ،‬وكان عددهم ثاني ‪ ،‬وكانوا قد هبطوا عليه وعلى أصحابه من جبال‬
‫التنعيم عند صلة الفجر ليقتلوهم ‪ .‬وف هذا نزل قول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬وهو الذي‬
‫كف أيدي عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم " ( ‪. ) 3‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬الثخان ‪ :‬البالغة ف قتل العدو ‪ ) 2 ( .‬سورة ممد ‪ :‬الية ‪) 3 ( . 4‬‬
‫سورة الفتح ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 24‬صفحة ‪ / 686‬وقال صلى ال عليه وسلم لهل مكة‬
‫يوم الفتح ‪ " :‬اذهبوا فأنتم الطلقاء " ‪ .‬على أنه يوز للمام ‪ ،‬مع ذلك ‪ ،‬أن يقتل السي‬
‫إذا كانت الصلحة تقتضي قتله ‪ ،‬كما ثبت ذلك عن الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقد‬

‫‪495‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قتل النضر ابن الارث ‪ ،‬وعقبة بن معيط ‪ ،‬يوم بدر ‪ ،‬وقتل أبا عزة المحي يوم أحد ‪.‬‬
‫وف هذا يقول ال سبحانه ‪ " :‬ما كان لنب أن يكون له أسرى حت يثخن ف الرض " (‬
‫‪ . ) 1‬ومن ذهب إل هذا جهور العلماء ‪ ،‬فقالوا ‪ " :‬للمام الق ف أحد المور الثلثة‬
‫التقدمة " ‪ .‬وقال السن وعطاء ‪ :‬ل يقتل السي ‪ ،‬بل ين عليه أو يفادى به ‪ .‬وقال‬
‫الزهري وماهد وطائفة من العلماء ‪ :‬ل يوز أخذ الفداء من أسرى الكفار أصل ‪ .‬وقال‬
‫مالك ‪ :‬ل يوز الن بغي فداء ‪ .‬وقال الحناف ‪ :‬ل يوز الن أصل ‪ ،‬ل بفداء ول بغيه ‪.‬‬
‫معاملة السرى ‪ :‬عامل السلم السرى معاملة إنسانية رحيمة ‪ ،‬فهو يدعو إل إكرامهم‬
‫والحسان إليهم ‪ ،‬ويدح الذين يبونم ‪ ،‬ويثن عليهم الثناء الميل ‪ .‬يقول ال تعال ‪" :‬‬
‫ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيا ‪ -‬إنا نطعمكم لوجه ال ل نريد منكم‬
‫جزاء ول شكورا " ( ‪ . ) 2‬ويروي أبو موسى الشعري رضي ال عنه ‪ ،‬عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أنه قال ‪ ( :‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪) 2 ( . 17‬‬
‫سورة الدهر ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 9‬صفحة ‪ " / 687‬فكوا العان ( ‪ ، ) 1‬وأجيبوا الداعي ‪،‬‬
‫وأطعموا الائع ‪ ،‬وعودوا الريض " ‪ .‬وتقدم أن ثاقة بن أثال وقع أسيا ف أيدي السلمي‬
‫‪ ،‬فجاءوا به إل النب صلى ال عليه وسلم فقال ‪ " :‬أحسنوا إساره " ‪ .‬وقال ‪ " :‬اجعوا ما‬
‫عندكم من طعام فابعثوا به إليه " ‪ .‬فكانوا يقدمون إليه لب لقحة ( ‪ ) 2‬الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم غدوا ورواحا ‪ .‬ودعاه النب صلى ال عليه وسلم إل السلم ‪ ،‬فأب ‪ ،‬وقال له‬
‫‪ :‬إن أردت الفداء ‪ ،‬فاسأل ما شئت ما الال ‪ .‬فمن عليه الرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وأطلق سراحه بدون فداء ‪ ،‬فكان ذلك من أسباب دخوله ف السلم ‪ .‬وقد جاء ف‬
‫الصحاح ف شأن أسرى غزوة بن الصطلق ‪ -‬وكان من بينهم جويرية بنت الارث ‪ -‬أن‬
‫أباها الارث بن أب ضرار ‪ ،‬حضر إل الدينة ومعه كثي من البل ليفتدي با ابنته ‪ ،‬وف‬
‫وادي العقيق ‪ ،‬قبل الدينة بأميال ‪ ،‬أخفى اثني من المال أعجباه ف شعب بالبل ‪ ،‬فلما‬
‫دخل على النب صلى ال عليه وسلم قال له ‪ :‬يا ممد أصبتم ابنت ‪ ،‬وهذا فداؤها ‪ .‬فقال‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ " :‬فأين البعيان اللذان غيبتهما بالعقيق ف شعب كذا " ؟ فقال‬
‫الارث ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال وأنك رسول ال ‪ ،‬وال ما أطلعك على ذلك إل ال ‪.‬‬
‫وأسلم الارث وابنان له ‪ ،‬وأسلمت ابنته أيضا ‪ ،‬فخطبها رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫‪496‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫إل أبيها وتزوجها ‪ ،‬فقال الناس ‪ :‬لقد أصبح هؤلء السرى الذين بأيدينا أصهار رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فمنوا عليهم بغي فداء ‪ .‬وتقول عائشة رضي ال عنها ‪ " :‬فما‬
‫أعلم أن امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية ‪ ،‬إذ بتزوج الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم إياها أعتق مائة من أهل بيت بن الصطلق " ‪ .‬ولثل هذا تزوج النب صلى ال‬
‫عليه وسلم من جويرية ‪ ،‬ل لشهوة يقضيها ‪ ،‬بل لصلحة شرعية يبتغيها ‪ ،‬ولو كان يبغي‬
‫الشهوة لخذها أسية حرب بلك اليمي ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬العان ‪ :‬السي ‪) 2 ( .‬‬
‫اللقحة ‪ :‬الناقة اللوب ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 688‬السترقاق إن القرآن الكري ل يرد فيه‬
‫نص يبيح الرق ‪ ،‬وإنا جاء فيه الدعوة إل العتق ‪ .‬ول يثبت أن الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ضرب الرق على أسي من السارى ‪ ،‬بل أطلق أرقاء مكة ‪ ،‬وأرقاء بن الصطلق ‪،‬‬
‫وأرقاء حني ‪ .‬وثبت عنه أنه صلى ال عليه وسلم أعتق ما كان عنده من رقيق ف الاهلية‬
‫‪ .‬وأعتق كذلك ما أهدي إليه منهم ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 688‬‬
‫على أن اللفاء الراشدين رضي ال عنهم ثبت عنهم أنم استرقوا بعض السرى على‬
‫قاعدة العاملة بالثل ‪ .‬فهم ل يبيحوا الرق ف كل صورة من صوره ‪ ،‬كما كان عليه‬
‫العمل ف الشرائع اللية والوضعية ‪ ،‬وإنا حصروره ف الرب الشروعة العلنة من‬
‫السلمي ضد عدوهم الكافر ‪ ،‬وألغوا كل الصور الخرى ‪ ،‬واعتبوها مرمة شرعا ل تل‬
‫بال ‪ .‬ومع أن السلم ضيق مصادره وحصرها هذا الصر ‪ ،‬فإنه من جانب آخر عامل‬
‫الرقاء معاملة كرية ‪ ،‬وفتح لم أبواب التحرر على مصاريعها كما يتجلى ذلك فيما يلي‬
‫‪ :‬معاملة الرقيق ‪ :‬لقد كرم السلم الرقيق ‪ ،‬وأحسن إليهم ‪ ،‬وبسط لم يد النان ‪ ،‬ول‬
‫يعلهم موضع إهانة ول ازدراء ‪ ،‬ويبدو ذلك واضحا فيما يلي ‪ - 1 :‬أوصى بم فقال ‪:‬‬
‫" واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القرب واليتامى والساكي‬
‫والار ذي القرب والار النب والصاحب بالنب وابن السبيل وما ملكت أيانكم " ( ‪1‬‬
‫) ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 36‬صفحة ‪ / 689‬وعن علي‬
‫رضي ال عنه ‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬اتقوا ال فيما ملكت أيانكم " ‪2 .‬‬

‫‪497‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫‪ -‬نى أن ينادى با يدل على تقيه واستعباده ‪ ،‬إذ قال الرسول صلى ال عليه وسلم ‪" :‬‬
‫ل يقل أحدكم عبدي أو أمت وليقل فتاي وفتات ‪ ،‬وغلمي " ‪ - 3 .‬أمر أن يأكل ويلبس‬
‫ما يأكل الالك ‪ ،‬فعن ابن عمر أن الرسول صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬خولكم ( ‪) 1‬‬
‫إخوانكم جعلهم ال تت أيديكم ‪ ،‬فمن كان أخوه تت يده فليطعمه ما يأكل ‪ ،‬وليلبسه‬
‫ما يلبس ‪ ،‬ول تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم " ‪ - 4 .‬نى عن‬
‫ظلمهم وأذاهم ‪ ،‬فعن ابن عمر قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من لطم‬
‫ملوكه أو ضربه فكفارته عتقه " ‪ .‬وعن أب مسعود النصاري قال ‪ :‬بينا أنا أضرب غلما‬
‫ل إذ سعت صوتا من خلفي ‪ ،‬فإذا هو رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬اعلم أبا‬
‫مسعود أن ال أقدر عليك منك على هذا الغلم " ‪ .‬فقلت ‪ :‬هو حر لوجه ال ‪ ،‬فقال ‪" :‬‬
‫لو ل تفعل لستك النار " ‪ .‬وجعل للقاضي حق الكم بالعتق إذا ثبت أنه يعامله معاملة‬
‫قاسية ‪ - 5 .‬دعا إل تعليمهم وتأديبهم ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من‬
‫كانت له جارية فعلمها ‪ ،‬وأحسن إليها وتزوجها ‪ ،‬كان له أجران ف الياة وف الخرى ‪.‬‬
‫أجر بالنكاح والتعليم ‪ ،‬وأجر بالعتق " ‪ .‬طريق التحرير ‪ :‬وقد فتح السلم أبواب‬
‫التحرير ‪ ،‬وبي سبل اللص ‪ ،‬واتذ وسائل شت لنقاذ هؤلء من الرق ‪ ( :‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬الول ‪ :‬الدم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ - 1 / 690‬فهو طريق إل رحة ال وجنته يقول‬
‫ال سبحانه ‪ " :‬فل اقتحم العقبة ‪ -‬وما أدراك ما العقبة ‪ -‬فك رقبة " ( ‪ ) 1‬وجاء أعراب‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬يارسول ال دلن على عمل يدخلن النة ‪،‬‬
‫فقال ‪ " :‬عتق النسمة ‪ ،‬وفك الرقبة " ‪ .‬فقال ‪ :‬يارسول ال ‪ :‬أو ليسا واحدا ؟ قال ‪ " :‬ل‬
‫‪ ،‬عتق النسمة أن تنفرد بعتقها ‪ ،‬وفك الرقبة أن تعي ف ثنها " ‪ - 2 .‬والعتق كفارة‬
‫للقتل الطأ ‪ .‬يقول ال عزوجل ‪ " :‬ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة " ( ‪3 ) 2‬‬
‫‪ -‬وهو كفارة للحنث ف اليمي لقوله تعال ‪ " :‬فكفارته إطعام عشرة مساكي من أوسط‬
‫ما تطعمون هليكم أو كسوتم أو ترير رقبة " ( ‪ - 4 . ) 3‬والعتق كفارة ف حالة‬
‫الظهار ‪ ،‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬والذين يظاهرون من نسائهم ث يعودون لا قالوا فتحرير‬
‫رقبة من قبل أن يتماسا " ‪ - 5 ) 4 ( .‬جعل السلم من مصارف الزكاة شراء الرقاء‬
‫وعتقهم ‪ ،‬يقول أال تعال ‪ " :‬إنا الصدقات للفقراء والساكي والعاملي عليها والؤلفة‬

‫‪498‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫قلوبم وف الرقاب " ( ‪ - 6 . ) 5‬أمر بكاتبة العبد على قدر من الال ‪ ،‬حيث قال تعال‬
‫‪ " :‬والذين يبتغون الكتاب ما ملكت أيانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيا وآتوهم من‬
‫مال ال الذي آتاكم " ‪ ( ) 6 ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة البلد ‪ :‬اليات ‪13 ، 12 ، 11‬‬
‫‪ ) 2 ( .‬سورة النساء ‪ :‬الية ‪ ) 3 ( . 92‬سورة الائدة ‪ :‬الية ‪ ) 4 ( . 89‬سورة‬
‫الجادلة ‪ :‬الية ‪ ) 5 ( . 3‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 6 ( . 6‬سورة النور ‪ :‬الية ‪. 33‬‬
‫( ‪ / ) .‬صفحة ‪ - 7 / 691‬من نذر أن يرر رقبة وجب عليه الوفاء بالنذر مت تقق له‬
‫مقصوده ‪ .‬وبذا يتبي أن السلم ضيق مصادره الرق ‪ .‬وعامل الرقاء معاملة كرية ‪،‬‬
‫وفتح أبواب التحرير ‪ ،‬تهيدا للصهم نائيا من ني الذل والستعباد ‪ ،‬فأسدى بذلك لم‬
‫يدا ل تنسى على مدى اليام ‪ .‬أرض الحاربي الغنومة الرض الت تؤخذ عنوة ‪ :‬إذا غنم‬
‫السلمون أرضا ‪ ،‬بأن فتحوها عنوة بواسطة الرب والقتال ‪ ،‬وأجلوا أهلها عنها ‪،‬‬
‫فالاكم مي بي أمرين ‪ - 1 .‬إما أن يقسمها على الغاني ( ‪ - 2 . ) 1‬وإما أن يقفها‬
‫على السلمي ‪.‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 691‬‬
‫وإذا وقفها على السلمي ضرب عليها خراجا ( ‪ ) 2‬مستمرا ‪ ،‬يؤخذ من هي ف يده ‪،‬‬
‫سواء أكان مسلما أم ذميا ‪ ،‬ويكون هذا الراج أجرة الرض يؤخذ كل عام ‪ .‬وأصل‬
‫الراج هو فعل أمي الؤمني عمر رضي ال عنه ‪ ،‬ف الرض الت فتحها ‪ ،‬كأرض الشام ‪،‬‬
‫ومصر ‪ ،‬والعراق ‪ .‬الرض الت جل أهلها عنها خوفا أو صلحا ‪ :‬وكما تب قسمة‬
‫الرض الفتوحة على الغاني ‪ ،‬أو وقفها على السلمي ‪ ،‬يب ذلك ف الرض الت تركها‬
‫أهلها خوفا منا ‪ ،‬أو الت صالناهم على أنا لنا ‪ ،‬ونقرهم عليها نظي الراج ‪ .‬أما الت‬
‫صالناهم على أنا لم ‪ ،‬ولنا الراج عنها ‪ ،‬فهي كالزية تسقط بإسلمهم ‪ .‬وإذا كان‬
‫الراج أجرة فإن تقديره يرجع إل الاكم فيضعه بسب اجتهاده ‪ .‬إذ أن ذلك يتلف‬
‫باختلف المكنة والزمنة ‪ ،‬ول يلزم الرجوع ( هامش ) ( ‪ ) 1‬قال مالك رضي ال عنه‬
‫‪ :‬تكون وقفا على السلمي ول توز قسمتها على الفاتي ‪ ) 2 ( .‬الراج ‪ :‬يكون‬
‫الراج على أرض لا ماء تسقى به ولو ل تزرع ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 692‬إل ما وضعه‬

‫‪499‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫عمر رضي ال عنه ‪ .‬وما وضعه عمر وغيه من الئمة يبقى على ما هو عليه ‪ ،‬فليس‬
‫لحد أن يغيه ما ل يتغي السبب ‪ ،‬لن تقديره حكم ‪ .‬العجز عن عمارة الرض الراجية‬
‫‪ :‬ومن كان تت يده أرض خراجية فعجز عن عمارتا أجب على أحد أمرين ‪ - 1 :‬إما‬
‫أن يؤجرها ‪ - 2 .‬أو يرفع يده عنها ‪ .‬لن الرض هي ف الواقع للمسلمي ‪ ،‬ول يوز‬
‫تعطيلها عليهم ‪ .‬مياث الرض الغنومة ‪ :‬وهذه الرض يري فيها الياث ‪ ،‬فينتقل مياثها‬
‫إل وارث من كانت بيده على الوجه الذي كانت عليه ف يد موروثه ‪ .‬الفئ تعريفه ‪:‬‬
‫الفئ مأخوذ من فاء يفئ إذا رجع ‪ ،‬وهو الال الذي أخذه السلمون من أعدائهم دون‬
‫قتال ‪ .‬وهو الذي ذكره ال سبحانه ف قوله ‪ " :‬وما أفاء ال على رسوله منهم فما أوجفتم‬
‫( ‪ ) 1‬عليه من خيل ول ركاب ولكن ال يسلط رسله على من يشاء وال على على شئ‬
‫قدير ‪ -‬ما أفاء ال على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القرب واليتامى‬
‫والساكي وابن السبيل كي ل يكون دولة بي الغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه (‬
‫هامش ) ( ‪ ) 1‬أوجفتم ‪ :‬أصل الياف سرعة السي ‪ .‬والركاب ‪ :‬البل الت يسافر عليها‬
‫ل واحد لا من لفظها ‪ ،‬أي ما سقتم ول حركتم خيل ول إبل أي ل يعدوا ف تصيله‬
‫خيل ول إبل بل حصل بل قتال ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 693‬وما ناكم عنه فانتهوا واتقوا‬
‫ال إن ال شديد العقاب ‪ -‬للفقراء الهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالم يبتغون‬
‫فضل من ال ورضوانا وينصرون ال ورسوله أولئك هم الصادقون ‪ -‬والذين تبوءوا الدار‬
‫واليان من قبلهم يبون من هاجر إليهم ول يدون ف صدورهم حاجة ما أوتوا ويؤثرون‬
‫على أنفسهم ولو كان بم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم الفلحون ‪ -‬والذين‬
‫جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليان ول تعل ف قلوبنا‬
‫غل للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم " ( ‪ . ) 1‬فذكر ال الهاجرين الذين هاجروا إل‬
‫الدينة ‪ ،‬من دخل ف السلم قبل الفتح ‪ .‬وذكر النصار ‪ -‬وهم أهل الدينة ‪ -‬الذين آووا‬
‫الهاجرين ‪ ،‬وذكر من جاء من بعد هؤلء إل يوم القيامة ‪ .‬تقسيمه ‪ :‬قال القرطب ‪ :‬قال‬
‫مالك ‪ " :‬هو موكول إل نظر المام واجتهاده ‪ ،‬فيأخذ منه من غي تقدير ‪ ،‬ويعطي منه‬
‫القرابة باجتهاده ‪ ،‬ويصرف الباقي ف مصال السلمي ‪ ،‬وبه قال اللفاء الربعة ‪ ،‬وبه‬
‫عملوا ‪ ،‬وعليه يدل قوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬مال ما أفاء ال عليكم إل المس ‪،‬‬

‫‪500‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫والمس مردود عليكم " ‪ .‬فإنه ل يقسمه أخاسا ول أثلثا ‪ ،‬وإنا ذكر ف الية من ذكر‬
‫على وجه التنبيه عليهم ‪ ،‬لنم أهم من يدفع إليه ‪ .‬قال ‪ :‬الزجاج متجا لالك ‪ :‬قال ال‬
‫عزوجل ‪ " :‬يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خي فللوالدين والقربي والتيامى‬
‫والساكي وابن السبيل " ( ‪ ( . ) 2‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الشر ‪ :‬اليات ‪، 8 ، 7 ، 6‬‬
‫‪ ) 2 ( . 10 ، 9‬سورة البقرة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 215‬صفحة ‪ / 694‬والرجل جائز‬
‫بإجاع أن ينفق ف غي هذه الصناف إذا رأي ذلك ‪ .‬وذكر النسائي عن عطاء ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫خس ال وخس رسوله واحد ‪ -‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يمل منه ‪ ،‬ويعطي‬
‫منه ‪ ،‬ويضعه حيث شاء ‪ ،‬ويصنع به ما شاء ‪ .‬وف حجة ال البالغة ‪ :‬واختلفت السنن ف‬
‫كيفية قسمة الفئ ‪ ،‬فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أتاه الفئ قسمه ف يومه ‪،‬‬
‫فأعطى الهل حظي وأعطى العزب حظا ‪ .‬وكان أبو بكر رضي ال عنه ‪ ،‬يقسم للحر‬
‫والعبد ‪ ،‬يتوخى كفاية الاجة ‪ .‬ووضع عمر رضي ال عنه الديوان على السوابق‬
‫والاجات ‪ ،‬فالرجل وقدمه ‪ ،‬والرجل وبلؤه ‪ ،‬والرجل وعياله ‪ ،‬والرجل وحاجته ‪.‬‬
‫والصل ف كل ما كان مثل هذا من الختلف أن يمل على أنه يفعل ذلك على‬
‫الجتهاد ‪ .‬فتوخى كل الصلحة بسب ما رأى ف وقته ‪ .‬عقد المان‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 694‬‬
‫إذا طلب المان أي فرد من العداء الحاربي قبل منه ‪ ،‬وصار بذلك آمنا ‪ ،‬ل يوز‬
‫العتداء عليه بأي وجه من الوجوه ‪ .‬يقول ال سبحانه ‪ " :‬وإن أحد من الشركي‬
‫استجارك فأجره حت يسمع كلم ال ‪ ،‬ث أبلغه مأمنه ذلك بأنم قوم ل يعلمون " ( ‪) 1‬‬
‫‪ .‬من له هذا الق ‪ :‬وهذا الق ثابت للرجال والنساء ‪ ،‬والحرار والعبيد ‪ ،‬فمن حق أي‬
‫فرد من هؤلء أن يؤمن أي فرد من العداء يطلب المان ‪ ،‬ول ينع من هذا الق أحد من‬
‫السلمي إل الصبيان والجاني ‪ ،‬فإذا أمن صب أو منون أحدا من ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة‬
‫التوبة ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 6‬صفحة ‪ / 695‬العداء فإنه ل يصح أمان واحد منهما ‪ .‬روى‬
‫أحد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والنسائي ‪ ،‬والاكم ‪ ،‬عن علي كرم ال وجهه ‪ ،‬أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ .‬قال ‪ " :‬ذمة السلمي واحدة ‪ ،‬يسعى با أدناهم ‪ ،‬وهم يد على من‬

‫‪501‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫سواهم " ‪ .‬وروى البخاري ‪ ،‬وأبو داود والترمذي عن أم هانئ بنت أب طالب رضي ال‬
‫عنها أنا قالت ‪ " :‬قلت يارسول ال ‪ .‬زعم ابن أم علي ‪ .‬أنه قاتل رجل قد أجرته فلن (‬
‫ابن هبية ) فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " قد أجرنا ( ‪ ) 1‬من أجرت يا أم هانئ‬
‫" ‪ .‬نتيجة المان ‪ :‬ومهما تقرر المان بالعبارة أو الشارة ‪ ،‬فإنه ل يوز العتداء على‬
‫الؤمن ‪ ،‬لنه بإعطاء المان له عصم نفسه من أن تزهق ورقبته من أن تسترق ‪ .‬وروي‬
‫عن عمر بن الطاب رضي ال عنه ‪ :‬أنه بلغه أن بعض الجاهدين قال لحارب من الفرس‬
‫‪ " :‬ل تف ‪ ،‬ث قتله " فكتب رضي ال عنه إل قائد اليش ‪ " :‬إنه بلغن أن رجال منكم‬
‫يطلبون العلج ‪ .‬حت إذا اشتد ف البل وامتنع ‪ ،‬يقول له ‪ " :‬ل تف " فإذا أدركه قتله !‬
‫وإن والذي نفسي بيده ‪ .‬ل يبلغن أن أحدا فعل ذلك إل قطعت عنقه ‪ .‬وروى البخاري‬
‫ف التاريخ ‪ ،‬والنسائي عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬من أمن رجل على دمه‬
‫فقتله ‪ ،‬فأنا برئ من القاتل وإن كان القتول كافرا " وروى البخاري ومسلم وأحد عن‬
‫أنس قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة "‬
‫‪ .‬مت يتقرر هذا الق ‪ :‬ويتقرر حق المان بجرد إعطائه ‪ ،‬ويعتب نافذا من وقت صدوره‬
‫إل أنه ( هامش ) ( ‪ ) 1‬أجرنا ‪ :‬أمنا من أمنت ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 696‬ل يقر نائيا إل‬
‫بإقرار الاكم ‪ ،‬أو قائد اليش ‪ .‬وإذا تقرر المان ‪ ،‬وأقر من الاكم أو اليش ‪ ،‬صار‬
‫الؤمن من أهل الذمة ‪ ،‬وأصبح له ما للمسلمي وعليه ما عليهم ‪ .‬ول يوز إلغاء أمانه إل‬
‫إذا ثبت أنه أراد أن يستغل هذا الق ف إيقاع الضرر بالسلمي ‪ ،‬كأن يكون جاسوسا‬
‫لقومه ‪ ،‬وعينا على السلمي ‪ .‬عقد المان لهة ما ‪ " :‬إنا يصح المان من آحاد السلمي‬
‫إذا أمن واحدا أو اثني فأما عقد المان لهل ناحية على العموم فل يصح إل من المام‬
‫على سبيل الجتهاد ‪ ،‬وتري الصلحة كعقد الذمة ‪ ،‬ولو جعل ذلك لحاد الناس صار‬
‫ذريعة إل إبطال الهاد " ( ‪ ) 1‬الرسول حكمه حكم الؤمن والرسول مثل الؤمن ‪ ،‬سواء‬
‫أكان يمل الرسائل أو يشي بي الفريقي التقاتلي بالصلخ ‪ ،‬أو ياول وقف القتال لفترة‬
‫يتيسر فيها نقل الرحى والقتلى ‪ .‬يقول الرسول ال صلى ال عليه وسلم لرسول مسيلمة‬
‫‪ " :‬لول أن الرسل ل تقتل لضربت أعناقكما " ‪ .‬أخرجه أحد ‪ ،‬وأبود داود من حديث‬
‫نعيم بن مسعود ( ‪ . ) 2‬وأوفدت قريش أبا رافع إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬

‫‪502‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫فوقع اليان ف قلبه ‪ ،‬فقال ‪ :‬يارسول ال ل أرجع إليهم ‪ ،‬وأبقى معكم مسلما ‪ .‬فقال‬
‫الرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن ل أخيس بالعهد ‪ ،‬ول أحبس البد فارجع إليهم‬
‫آمنا ‪ ،‬فإن وجدت بعد ذلك ف قلبك ما فيه الن ‪ ،‬فارجع إلينا " ‪ .‬أخرجه أحد ‪ ،‬وأبو‬
‫داود ‪ ،‬والنسائي وابن حبان وصححه ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬الروضة الندية ص ‪2 ( . 408‬‬
‫) وكان الرسول قرأ كتاب مسيلمة ‪ ،‬وقال لما ‪ :‬ما تقولن أنتما ‪ .‬قال ‪ :‬نقول كما قال‬
‫‪ :‬أي أنما يقولن بنبوته ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 697‬وف كتاب الراج لب يوسف والسي‬
‫الكبي لحمد ‪ :‬أنه إن اشترط للرسول شروط وجب على السلمي أن يوفوا با ‪ ،‬ول‬
‫يصح لم أن يغدروا برسل العدو ‪ ،‬حت ولو قتل الكفار رهائن السلمي عندهم ‪ ،‬فل‬
‫نقتل رسلهم لقول نبينا ‪ " :‬وفاء بغدر خي من غدر بغدر " ‪ .‬الستأمن تعريفه ‪ :‬الستأمن‬
‫هو الرب الذي دخل دار السلم بأمان ( ‪ ) 1‬دون نية الستيطان با والقامة فيها بصفة‬
‫مستمرة ‪ ،‬بل يكون قصده إقامة مدة معلومة ‪ ،‬ل تزيد على سنة ‪ ،‬فإن تاوزها ‪ ،‬وقصد‬
‫القامة بصفة دائمة ‪ ،‬فإنه يتحول إل ذمي ويكون له حكم الذمي ف تبعيته للدولة‬
‫السلمية ‪ ،‬ويتبع الستأمن ف المان ‪ ،‬ويلحق به زوجته وأبناؤه الذكور القاصرون ‪،‬‬
‫والبنات جيعا ‪ ،‬والم ‪ ،‬والدات ‪ ،‬والدم ‪ ،‬ماداموا عائشي مع الرب الذي أعطي‬
‫المان ‪ .‬وأصل هذا قول ال سبحانه وتعال ‪ " :‬وإن أحد من الشركي استجارك فأجره‬
‫حت يسمع كلم ال ث أبلغه مأمنة " ( ‪. ) 2‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 697‬‬
‫حقوقه ‪ :‬وإذا دخل الرب دار السلم بأمان ‪ ،‬كان له حق الحافظة على نفسه وماله‬
‫وسائر حقوقه ومصاله ‪ ،‬مادام مستمسكا بعقد المان ‪ ،‬ول ينحرف عنه ‪ .‬ول يل تقييد‬
‫حريته ‪ ،‬ول القبض عليه مطلقا ‪ ،‬سواء قصد به السر ‪ ،‬أو قصد به العتقال ‪ ،‬لجرد أنم‬
‫رعايا العداء أو لجرد قيام حالة الرب بيننا وبينهم ‪ .‬قال السرخسي ‪ " :‬أموالم صارت‬
‫مضمونة بكم المان ‪ ،‬فل يكن أخذها بكم الباحة " ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬إذا دخل‬
‫التبليغ رسالة ونوها أو لسماع كلم ال ‪ ،‬فهو آمن دون حاجة إل عقد ‪ ،‬أما إذا دخل‬
‫للتجارة وأعطي الذن من يلكه فهو مستأمن ‪ ) 2 ( .‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪/ ) . ( . 6‬‬

‫‪503‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫صفحة ‪ / 698‬وحت إذا عاد إل دار الرب فإنه يبطل المان بالنسبة لنفسه ‪ ،‬ويبقى‬
‫بالنسبة لاله ‪ .‬قال ف الغن ‪ " :‬إذا دخل حرب دار السلم بأمان ‪ ،‬فأودع ماله مسلما أو‬
‫ذميا ‪ ،‬أو أقرضهما إياه ‪ ،‬ث عاد إل دار الرب ‪ ،‬نظرنا ‪ ،‬فإن دخل تاجرا ‪ ،‬أو رسول ‪،‬‬
‫أو متنها ‪ ،‬أو لاجة يقضيها ‪ ،‬ث يعود إل دار السلم ‪ ،‬فهو على أمانه ف نفسه ‪،‬‬
‫وماله ‪ ،‬لنه ل يرج بذلك عن نية القامة ف دار السلم ‪ ،‬فأشبه الذمي لذلك ‪ ،‬وإن‬
‫دخل دار الرب مستوطنا ‪ ،‬بطل المان ف نفسه ‪ ،‬وبقي ف ماله ‪ ،‬لنه بدخوله دار‬
‫السلم بأمان ‪ ،‬ثبت المان لاله ‪ ،‬فإذا بطل المان ف نفسه بدخوله دار الرب ‪ ،‬بقي ف‬
‫ماله ‪ ،‬لختصاص البطل بنفسه ‪ ،‬فيختص البطلن فيه ‪ .‬الواجب عليه ‪ :‬وعليه الحافظة‬
‫على المن والنظام العام ‪ ،‬وعدم الروج عليهما ‪ ،‬بأن يكون عينا ‪ ،‬أو جاسوسا ‪ ،‬فإن‬
‫تسس على السلمي لساب العداء حل قتله إذ ذاك ‪ .‬تطبيق حكم السلم عليه ‪ :‬تطبق‬
‫على الستأمن القواني السلمية بالنسبة للمعاملت الالية ‪ ،‬فيعقد عقد البيع وغيه من‬
‫العقود حسب النظام السلمي ‪ ،‬وينع من التعامل بالربا ‪ ،‬لن ذلك مرم ف السلم ‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للعقوبات ‪ ،‬فإنه يعاقب بقتضى الشريعة السلمية إذا اعتدى على حق مسلم‬
‫‪ .‬وكذلك إذا كان العتداء على ذمي ‪ ،‬أو مستأمن مثله لن إنصاف الظلوم من الظال‬
‫وإقامة العدل من الواجبات الت ل يل التبساهل فيها ‪ .‬وإذا كان العتداء على حق من‬
‫حقوق ال مثل اقتراف جرية الزنا فإنه يعاقب كما يعاقب السلم ‪ ،‬لن هذه جرية من‬
‫الرائم الت تفسد الجتمع السلمي ( ‪ ( . ) 1‬هامش ) ( ‪ ) 1‬خالف ف ذلك أبو حنيفة‬
‫فقال ‪ :‬إن العقوبات الت تكون حقا ل أو يكون فيه حق ال غالبا فانه ل يقام فيها الد‬
‫على الستأمن ‪ ،‬وهذا رأي مرجوح ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 699‬مصادرة ماله ‪ :‬ومال‬
‫الستأمن ل يصادر إل إذا حارب السلمي ‪ ،‬فأسر واسترق وصار عبدا ‪ ،‬فإنه ف هذه‬
‫الال تزول عنه ملكية ماله ‪ ،‬لنه صار غي أهل للملكية ‪ .‬ول يستحق الورثة ‪ ،‬ولو كانوا‬
‫ف دار السلم شيئا ‪ ،‬لن استحقاقهم يكون باللفة عنه ‪ ،‬وهي ل تكون إل بعد موته ‪،‬‬
‫وهو ل يت ‪ ،‬وماله ف هذه الال يئول إل بيت مال السلمي ‪ ،‬على أنه من الغنائم ‪.‬‬
‫وإذا كان له دين على بعض السلمي أو الذميي ‪ ،‬يسقط عن الدين لعدم وجود من‬
‫يطالب به ‪ .‬مياثه ‪ :‬إذا مات الستأمن ف دار السلم ‪ ،‬أو ف دار الرب فإن ملكيته لاله‬

‫‪504‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ل تذهب عنه ‪ ،‬وتنتقل إل ورثته عند المهور ‪ ،‬خلفا للشافعي ‪ .‬وعلى الدولة السلمية‬
‫أن تنقل ماله إل ورثته ‪ ،‬وترسله إليهم ‪ ،‬فإن ل يكن له ورثة ‪ ،‬كان ذلك الال فيئا‬
‫للمسلمي ‪ .‬العهود والواثيق احترام العهود ‪ :‬ان احترام العهود والواثيق واجب إسلمي ‪،‬‬
‫لا له من أثر طيب ‪ ،‬ودور كبي ف الحافظة على السلم ‪ ،‬وأهية كبى ف فض‬
‫الشكلت وحل النازعات وتسوية العلقات ‪ .‬وجاء ف كلم العرب ‪ " :‬من عامل الناس‬
‫فلم يظلمهم ‪ ،‬وحدثهم فلم يكذبم ‪ ،‬ووعدهم فلم يلفهم ‪ ،‬فهو من كملت مروءته ‪.‬‬
‫وظهرت عدالته ‪ ،‬ووجبت أخوته " ‪ .‬وهذا حق ‪ ،‬فإن حسن معاملة الناس ‪ ،‬والوفاء لم ‪،‬‬
‫والصدق معهم دليل كمال الروءة ‪ ،‬ومظهر من مظاهر العدالة ‪ ،‬وذلك يستوجب الخوة‬
‫والصداقة ‪ .‬وال سبحانه يأمر بالوفاء بميع العهود واللتزامات ‪ ،‬سواء أكانت عهودا مع‬
‫ال ‪ ،‬أم مع الناس ‪ ،‬فيقول ‪ / :‬صفحة ‪ " / 700‬يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " ‪( .‬‬
‫‪ ) 1‬وأي تقصي ف الوفاء بذا المر يعتب إثا كبيا ‪ ،‬يستوجب القت والغضب ‪ " :‬يأيها‬
‫الذين آمنوا ل تقولون ما ل تفعلون ‪ -‬كب مقتا عند ال أن تقولوا مال تفعلون " ( ‪. ) 2‬‬
‫وكل ما يقطعه النسان على نفسه من عهد ‪ ،‬فهو مسئول عنه وماسب عليه ‪ " :‬وأوفوا‬
‫بالعهد إن العهد كان مسئول " ( ‪ . ) 3‬وحق العهد مقدم على حق الدين ‪ " :‬والذين‬
‫آمنوا ول يهاجروا مالكم من وليتهم من شئ حت يهاجروا وإن استنصروكم ف الدين‬
‫فعليكم النصر إل على قوم بينكم وبينهم ميثاق " ( ‪ ) 4‬والوفاء جزء من اليان ‪ ،‬يقول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن حسن العهد من اليان " ( ‪ . ) 5‬وليس للوفاء جزاء‬
‫إل النة ‪:‬‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 700‬‬
‫" والذين هم لماناتم وعهدهم راعون ‪ -‬والذين هم على صلواتم يافظون ‪ -‬أولئك هم‬
‫الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " ‪ ) 6 ( .‬ولقد كان الوفاء خلق النبياء‬
‫والرسل عليهم الصلة والسلم ‪ " :‬واذكر ف الكتاب إساعيل إنه كان صادق الوعد‬
‫وكان رسول نبيا " ( ‪ . ) 7‬وكان رسولنا صلى ال عليه وسلم الثل العلى ف هذا اللق‬
‫‪ :‬قال عبد ال بن أب المساء ‪ :‬بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ببيع قبل أن‬

‫‪505‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة الائدة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 1‬سورة النافقون ‪ :‬الية ‪) 3 ( . 1‬‬
‫سورة السرار ‪ :‬الية ‪ ) 4 ( . 34‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪ ) 5 ( . 72‬قال الاكم ‪ :‬إنه‬
‫صحيح ‪ ،‬وأقره الذهب ‪ ) 6 ( .‬سورة الؤمنون ‪ :‬الية ‪ ) 7 ( . 11‬سورة مري ‪ :‬الية‬
‫‪ / ) . ( . 54‬صفحة ‪ / 701‬يبعث ‪ ،‬وبقيت له بقية ( ‪ ) 1‬فوعدته أن آتيه با ف مكانه‬
‫‪ ،‬فنسيت ‪ ،‬ث ذكرت بعد ثلث ‪ ،‬فجئت فإذا هو ف مكانه ‪ ،‬فقال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ " :‬يافت لقد شققت علي ‪ ،‬أنا ها هنا منذ ثلث ( ‪ ) 2‬أنتظرك " وقد عاهد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بعد الجرة اليهود عهدا ‪ ،‬أقرهم فيه على دينهم ‪ ،‬وأمنهم على‬
‫أموالم ‪ ،‬بشرط أل يعينوا عليه الشركي ‪ ،‬فنقضوا العهد ‪ ،‬ث اعتذروا ‪ ،‬ث رجعوا فنقضوه‬
‫مرة أخرى ‪ ،‬فأنزل ال عزوجل ‪ " :‬إن شر الدواب عند ال الذين كفروا فهم ل يؤمنون ‪.‬‬
‫الذين عاهدت منهم ث ينقضون عهدهم ف كل مرة وهم ل يتقون " ( ‪ ) 3‬وعاهد ثعلبة‬
‫ربه على أن يعطي كل ذي حق حقه إذا وسع ال عليه ف الرزق ‪ ،‬وأغناه من فضله ‪ .‬فلما‬
‫بسط ال له من رزقه ‪ ،‬وأكثر له من الال والثروة ‪ ،‬نقض العهد وبل على عباد ال ‪،‬‬
‫فأنزل ال ف حقه ‪ " :‬ومنهم من عاهد ال لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من‬
‫الصالي ‪ -‬فلما آتاهم من فضله بلوا من وتولوا وهم معرضون ‪ -‬فأعقبهم نفاقا ف‬
‫قلوبم إل يوم يلقونه با أخلفوا ال ما وعدوه وبا كانوا يكذبون " ( ‪ ) 4‬ولا حضرت‬
‫الوفاة عبد ال بن عمر ‪ ،‬قال ‪ " :‬إنه خطب إل ابنت رجل من قريش ‪ .‬وقد كان من إليه‬
‫شبه الوعد ‪ .‬فوال ل ألقى ال بثلث النفاق ‪ ،‬أشهدكم أن قد زوجته ابنت " ‪ .‬وهو يشي‬
‫بذلك إل قول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ثلث من كن فيه فهو منافق ‪ ،‬وإن‬
‫صام وصلى وزعم أنه مسلم ‪ :‬من إذا حدث كذب ‪ ،‬وإذا وعد أخلف وإذا اؤتن خان‬
‫" ( ‪ ( . ) 5‬هامش ) ( ‪ ) 1‬بقيت له بقية ‪ :‬أي بقية من ثن البيع ‪ ) 2 ( .‬منذ ثلث ‪:‬‬
‫أي ثلث ليال ‪ .‬أي انه انتظره هذه الدة وفاء بالوعد ‪ ) 3 ( .‬سورة النفال ‪ :‬اليتان‬
‫‪ ) 4 ( . 56 ، 55‬سورة التوبة ‪ :‬اليات من ‪ ) 5 ( . 77 - 75‬رواه البخاري ‪) . ( .‬‬
‫‪ /‬صفحة ‪ / 702‬وف التشنيع على الناقضي للعهود ‪ ،‬يقول ال عزوجل ‪ " :‬وأوفوا بعهد‬
‫ال إذا عاهدت ول تنقضوا اليان بعد توكيدها وقد جعلتم ال عليكم كفيل إن ال يعلم‬
‫ما تفعلون ‪ -‬ول تكونوا كالت نقضت غزلا من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيانكم دخل‬

‫‪506‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫بينكم أن تكون أمة هي أرب من أمة ‪ -‬إنا يبلوكم ال به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم‬
‫فيه تتلفون " ( ‪ . ) 1‬شروط العهود ‪ :‬ويشترط ف العهود الت يب احترامها والوفاء‬
‫با ‪ ،‬الشروط التية ‪ - 1 :‬أل تالف حكما من الحكام الشرعية التفق عليها ‪ .‬يقول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬كل شرط ليس ف كتاب ال ( ‪ ) 2‬فهو باطل ‪ ،‬وإن‬
‫كان مائة شرط " ‪ - 2 .‬أن تكون عن رضا واختيار ‪ ،‬فإن الكراء يسلب الرادة ‪ ،‬ول‬
‫احترام لعقد ل تتوفر فيه حريتها ‪ - 3 .‬أن تكون بينة واضحة ‪ ،‬ل لبس فيها ول غموض‬
‫حت ل تؤول تأويل يكون مثارا للختلف عند التطبيق ‪ .‬نقض العهود ‪ :‬ول تنقض‬
‫العهود إل ف إحدي الالت التية ‪ - 1 :‬إذا كانت مؤقتة بوقت ‪ ،‬أو مددة بظرف‬
‫معي ‪ ،‬وانتهت مدتا ‪ ،‬وانتهى ظرفها ‪ .‬روى أبو داود والترمذي عن عمر بن عبسة ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬من كان بينه وبي قوم عهد ‪ ،‬فل‬
‫يلن عهدا ‪ ،‬ول يشدنه ‪ ،‬حت ( هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة النحل ‪ :‬اليتان ‪2 ( . 93 ، 92‬‬
‫) كتاب ال ‪ :‬أي حكم ال ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 703‬يضي أمده ‪ ،‬أو ينبذ إليهم على‬
‫سواء ‪ .‬ويقول القرآن الكري ‪ " :‬إل الذين عاهدت من الشركي ث ل ينقصوكم شيئا ول‬
‫يظاهروا عليكم أحدا فأتوا إليهم عهدهم إل مدتم إن ال يب التقي " ( ‪- 2 . ) 1‬‬
‫إذا أخل العدو بالعهد ‪ " :‬فما استقاموا لكم فاستقيموا لم إن ال يب التقي " ( ‪" ) 2‬‬
‫وإن نكثوا أيانم من بعد عهدهم وطعنوا ف دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنم ل أيان لم‬
‫لعلهم ينتهون ‪ .‬أل تقاتلون قوما نكثوا أيانم وهوا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول‬
‫مرة أتشونم فال أحق أن تشوه إن كنتم مؤمني " ( ‪ - 3 . ) 3‬إذا ظهرت بوادر‬
‫الغدر ودلئل اليانة ‪ " .‬وإما تافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن ال ل يب‬
‫الائني " ( ‪ ) 4‬العلم بالنقض ترزا عن الغدر‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 703‬‬
‫إذا علم الاكم اليانة من كان بينهم وبي السلمي عهد فإنه ل تل ماربتهم إل بعد‬
‫إعلمهم بنبذ العهد ‪ ،‬وبلوغ خبه إل القريب والبعيد حت ل يؤخذوا على غرة ‪ .‬يقول‬
‫ال سبحانه ف سورة النفال ‪ " :‬وإما تافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن ال ل‬

‫‪507‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫يب الائني " ( ‪ ( . ) 5‬هامش ) ( ‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 2 ( . 4‬سورة التوبة ‪:‬‬
‫الية ‪ ) 3 ( . 7‬سورة التوبة ‪ :‬الية ‪ ) 4 ( . 14 ، 13‬سورة النفال ‪ :‬الية ‪5 ( . 58‬‬
‫) سورة النفال ‪ :‬الية ‪ / ) . ( . 58‬صفحة ‪ / 704‬وقاعدة السلم ‪ " :‬وفاء بغدر خي‬
‫من غدر بغدر " ‪ .‬قال ممد بن السن ف كتاب السي الكبي ‪ " :‬لو بعث أمي السلمي‬
‫إل ملك العداء من يبه بنبذ العهد عند تقق سببه ‪ ،‬فل ينبغي للمسلمي أن يغيوا‬
‫عليهم وعلى أطراف ملكتهم ‪ ،‬إل بعد مضي الوقت الكاف لن يبعث اللك إل تلك‬
‫الطراف خب النبذ حت ل نأخذهم على غرة ‪ ،‬ومع ذلك إذا علم السلمون يقينا أن القوم‬
‫ل يأتم خب من قبل ملكهم فالستحب لم أن ل يغيوا عليهم حت يعلموهم بالنبذ ‪ ،‬لن‬
‫هذا شبيه الديعة ‪ . .‬وكما على السلمي أن يتحرزوا من الديعة ‪ ،‬عليهم أن يتحرزوا‬
‫من شبه الديعة " ‪ .‬وحدث ان أهل قبص أحدثوا حدثا عظيما ف ولية عبد اللك بن‬
‫مروان فأراد نبذ عهدهم ونقض صلحهم ‪ ،‬فاستشار الفقهاء ف عصره ‪ ،‬منهم ‪ :‬الليث بن‬
‫سعد ومالك وأنس ‪ ،‬فكتب الليث بن سعد ‪ " :‬إن أهل قبص ل يزالون متهمي بغش‬
‫أهل السلم ومناصحة أهل العداء " الروم " وقد قال ال تعال ‪ " :‬وإما تافن من قوم‬
‫خيانة فانبذ إليهم على سواء " ‪ .‬وإن أرى أن تنبذ إليهم وإن تنظر هم سنة " ‪ .‬أما مالك‬
‫بن أنس فكتب ف الفتيا يقول ‪ " :‬إن أمان أهل قبص وعهدهم كان قديا متظاهرا من‬
‫الولة لم ‪ ،‬ول أجد أحدا من الولة نقض صحلهم ‪ ،‬ول أخرجهم من ديارهم ‪ ،‬وأنا‬
‫أرى أن ل تعجل بنابذتم حت تتجه الجة عليهم فإن ال يقول ‪ " :‬فأتوا إليهم عهدهم‬
‫إل مدتم " ‪ .‬فإن ل يستقيموا بعد ذلك ويدعوا غشهم ورأيت الغدر ثابتا فيهم ‪ ،‬أوقعت‬
‫بم بعد النبذ والعذار فرزقت النصر " ‪ / .‬صفحة ‪ / 705‬من معاهدات الرسول ‪- 1‬‬
‫ولقد عاهد النب صلى ال عليه وسلم بن ضمرة من قبائل العرب ‪ ،‬وهذا نص ذلك العهد‬
‫‪ " :‬هذا كتاب ممد رسول ال لبن ضمرة ‪ ،‬بأنم آمنون على أموالم وأنفسهم ‪ ،‬وأن لم‬
‫النصر على من رامهم ‪ ،‬إل أن ياربوا ف دين ال ‪ ،‬مابل بر صوفة ‪ ،‬وإن النب " صلى ال‬
‫عليه وسلم " إذا دعاهم إل النصرة أجابوه ‪ ،‬عليهم بذلك ذمة رسوله ‪ ،‬ولم النصر من‬
‫برمنهم واتقى " ‪ - 2 .‬كما عاهد اليهود على حسن الوار أول ما استقر به القام بالدينة‬
‫‪ ،‬وفيما يلي نصها العهد ‪ :‬بسم ال الرحن الرحيم " هذا كتاب من ممد النب ( رسول‬

‫‪508‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫ال ) بي الؤمني والسلمي من قريش ‪ ،‬وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بم وجاهد معهم‬
‫‪ .‬أنم أمة واحدة من دون الناس ‪ .‬الهاجرون من قريش على ربعتهم ( ‪ ) 1‬يتعاقلون ( ‪2‬‬
‫) بينهم ‪ ،‬وهم يفدون عانيهم ( ‪ ) 3‬بالعروف والقسط بي الؤمني ‪ .‬وبنو عوف على‬
‫ربعتهم ‪ ،‬يتعاقلون معاقلهم الول ‪ ،‬وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي‬
‫الؤمني ‪ .‬وبنو الارث ( من الزرج ) على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ‪ ،‬وكل‬
‫طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني ‪ .‬وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون‬
‫معاقلهم الول ‪ ،‬وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني ‪ ( .‬هامش ) (‬
‫‪ ) 1‬أمرهم الذي كانوا عليه ‪ ) 2 ( .‬يأخذون ديات القتل ويعطونا ‪ .‬وأصله من العقل‬
‫وهو ربط إبل الدية لدفعها لهل القتيل ‪ ) 3 ( .‬عانيهم ‪ :‬أسيهم ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪706‬‬
‫‪ /‬وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ‪ ،‬وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف‬
‫والقسط بي الؤمني ‪ .‬وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ‪ ،‬وكل طائفة‬
‫تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني ‪ .‬وبنو عمر بن عوف على ربعتهم يتعاقلون‬
‫معاقلهم الول ‪ ،‬وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي الؤمني ‪ .‬وبنو النبيت‬
‫على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ‪ ،‬وكل طائفة تفدي عانيها بالعروف والقسط بي‬
‫الؤمني ‪ .‬وبنو الوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الول ‪ ،‬وكل طائفة تفدي عانيها‬
‫بالعروف والقسط بي الؤمني ‪ .‬وأن الؤمني ل يتركون مفرحا ( ‪ ) 1‬بينهم أن يعطوه‬
‫بالعروف ف فداء أو عقل ‪ .‬وأل يالف مؤمن مول مؤمن دونه ‪ .‬وأن الؤمني التقي‬
‫أيديهم على كل من بغى منهم ‪ ،‬أو ابتغى دسيعة ( ‪ ) 2‬ظلم ‪ ،‬أو إثا ‪ ،‬أو عدوانا ‪ ،‬أو‬
‫فسادا بي الؤمني ‪ ،‬وأن أيديهم عليه جيعا ولو كان ولد أحدهم ‪ .‬ول يقتل مؤمن مؤمنا‬
‫ف كافر ‪ ،‬ول ينصر كافرا على مؤمن ‪ .‬وأن ذمة ال واحدة ‪ ،‬يي عليهم أدناهم ‪ ،‬وأن‬
‫الؤمني بعضهم موال بعض دون الناس ‪ .‬وأنه من تبعنا من يهود ‪ ،‬فإن له النصر والسوة‬
‫( ‪ ) 3‬غي مظلومي ول‬
‫‪............................................................‬‬
‫‪ -‬فقه السنة ‪ -‬الشيخ سيد سابق ج ‪ 2‬ص ‪: 706‬‬

‫‪509‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫متناصر عليهم ‪ ( .‬هامش ) ( ‪ ) 1‬هو من أثقله الدين والغرم فأزال فرحه ‪ ) 2 ( .‬الدسع‬
‫‪ :‬الدفع ‪ ،‬والعن ‪ :‬طلب دفعا على سبيل الظلم أو ابتغى عطية على سبيل الظلم ‪) 3 ( .‬‬
‫ف هذا ما يفيد أن النصر والساواة لن تبع اليهود ‪ / ) . ( .‬صفحة ‪ / 707‬وأن سلم‬
‫الؤمني واحدة ‪ ،‬ل يسال مؤمن دون مؤمن ف قتال ف سبيل ال ‪ ،‬إل على سواء وعدل‬
‫بينهم ( ‪ . ) 1‬وأن كل غازية غزت معنا يعقب ( ‪ ) 2‬بعضها بعضا ‪ .‬وأن الؤمني يبئ (‬
‫‪ ) 3‬بعضهم على بعض ‪ .‬بال نال دماءهم ف سبيل ال ‪ .‬وأن الؤمني التقي على أحسن‬
‫هدى وأقومه ‪ .‬وأنه ل يي مشرك مال لقريش ول نفسا ‪ ،‬ول يول دونه على مؤمن ‪.‬‬
‫وأنه من اعتبط ( ‪ ) 4‬مؤمنا قتل عن بيئة فإنه قود به ( ‪ ، ) 5‬إل أن يرضى ول القتول‬
‫بالعقل ‪ ،‬وأن الؤمني عليه كافة ول يل لم إل قيام عليه ‪ .‬وأنه ل يل لؤمن أقر با ف‬
‫هذه الصحيفة ‪ ،‬وآمن بال واليوم الخر ‪ ،‬أن ينصر مدثا أو يؤويه ‪ ،‬وأنه من نصره أو‬
‫آواه فإن عليه لعنة ال وغضبه يوم القيامة ‪ ،‬ول يؤخذ منه صرف ول عدل ( ‪. ) 6‬‬
‫وأنكم مهما اختلفتم فيه من شئ ‪ ،‬فإن مرده إل ال وإل ممد ‪ .‬وأن اليهود ينفقون مع‬
‫الؤمني ماداموا ماربي ( ‪ . ) 7‬وأن يهود بن عوف أمة مع الؤمني ‪ ،‬لليهود دينهم‬
‫وللمسلمي دينهم ‪ ،‬مواليهم وأنفسهم ‪ ،‬إل من ظلم أو أث ‪ ،‬فإنه ل يوتغ ( ‪ ) 8‬إل نفسه‬
‫وأهل بيته ( ‪ ) 9‬وأن ليهود بن النجار مثل ما ليهود بن عوف ‪.‬‬
‫( هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬يؤخذ من هذا أن إعلن الرب على جاعة مسلمة إعلن لا على المة السلمية‬
‫كلها ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬أي يكون الغزو بينهم نوبا يعقب بعضهم بعضا فيه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 3‬يبئ ‪ :‬من أبأت القاتل بالقتيل إذا قتلته به ‪.‬‬
‫( ‪ ) 4‬اعتبطه ‪ :‬قتله بل جناية أو جريرة توجب قتله ‪.‬‬
‫( ‪ ) 5‬فإن القاتل يقاد به ويقتل ‪.‬‬
‫( ‪ ) 6‬فيه منع نصرة الجرم ‪.‬‬
‫( ‪ ) 7‬فيه استقلل كل أمة السلمي واليهود كما أنا تضمنت مالفة عسكرية بقتضاها‬
‫تتعاون المتان ف كل حرب وعلى كل منهما نفقة جيشها خاصة ‪.‬‬

‫‪510‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫( ‪ ) 8‬يوتغ ‪ :‬يهلك ويفسد ‪.‬‬
‫( ‪ ) 9‬ف هذا تقرير الرية الدينية والقتصادية ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪/ 708‬‬
‫وأن ليهود بن الارث مثل ما ليهود بن عوف ‪ .‬وأن ليهود بن ساعدة مثل ما ليهود بن‬
‫عوف ‪ .‬وأن ليهود بن جشم مثل ما ليهود بن عوف ‪ .‬وأن ليهود بن الوس مثل ما‬
‫ليهود بن عوف ‪ .‬وأن ليهود بن ثعلبة مثل ما ليهود بن عوف ‪ .‬إل من ظلم وأث فإنه ل‬
‫يوتغ إل نفسه وأهل بيته ‪ .‬وأن جفنة ‪ -‬بطن من ثعلبة ‪ -‬كأنفسهم ‪ .‬وأن لبن الشطبية‬
‫مثل ما ليهود بن عوف ‪ ،‬وأن الب دون الث ‪ .‬وأن موال ثعلبة كأنفسهم ‪ .‬وأن بطانة‬
‫يهود كأنفسهم ‪ .‬وأنه ل يرج منهم أحد أل بإذن ممد ‪ .‬وأنه ل ينحجز على ثأر‬
‫جرح ‪ ،‬وأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته ‪ ،‬إل من ظلم ‪ ،‬وأن له على أبر هذا ‪ .‬وأن على‬
‫اليهود نفقتهم ‪ ،‬وعلى السلمي نفقتهم ‪ ،‬وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه‬
‫الصحيفة ‪ ،‬وأن بينهم النصح ‪ ،‬والنصيحة ‪ ،‬والب دون الث ( ‪ . ) 1‬وأنه ل يأث امرؤ‬
‫بليفه ‪ ،‬وأن النصر للمظلوم ( ‪ . ) 2‬وأن اليهود ينفقون مع الؤمني ماداموا ماربي ‪.‬‬
‫وأن يثرب حرام جوفها لهل هذه الصحيفة ‪ .‬وأن الار كالنفس غي مضار ول آث ‪ .‬وأنه‬
‫ل تار حرمة إل بإذن أهلها ‪.‬‬
‫( هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬ف هذا إلزام الطرفي التشاور والتناصح قبل دخول الرب ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬ل بد من أن تكون الرب مشروعة حت يكن للمسلمي الشاركة فيها ‪/ ) . ( .‬‬
‫صفحة ‪/ 709‬‬
‫وأنه ما كان بي أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار ياف فساده ‪ ،‬فإن مرده إل‬
‫ال وإل ممد رسول ال " صلى ال عليه وسلم " وأن ال على أتقى ما ف هذه الصحيفة‬
‫وأبره ‪ .‬وأنه ل تار قريش ‪ ،‬ول من نصرها ‪ .‬وأن بينهم النصر على من دهم يثرب ‪ .‬وإذا‬
‫دعوا إل صلح يصالونه ويلبسونه ‪ ،‬فإنم يصالونه ويلبسونه ‪ ،‬وأنم إذا دعوا إل مثل‬
‫ذلك ‪ ،‬فإنه لم على الؤمني ‪ ،‬إل من حارب ف الدين ‪ .‬على كل أناس حصتهم من‬
‫جانبهم الذي قبلهم ‪ .‬وأن يهود الوس ‪ ،‬مواليهم وأنفسهم على مثل ما لهل هذه‬

‫‪511‬‬
‫ملتقى أهل الحديث‬
‫‪www.ahlalhdeeth.com‬‬
‫الصحيفة مع الب الحض من أهل هذه الصحيفة ‪ ،‬وأن الب دون الث ‪ ،‬ل يكسب كاسب‬
‫إل على نفسه ‪ ،‬وأن ال على أصدق ما ف هذه الصحيفة وأبره ‪ .‬وأنه ل يول هذا‬
‫الكتاب دون ظال أو آث ‪ ،‬وأنه من خرج آمن ‪ ،‬ومن قعد آمن بالدينة ‪ ،‬إل من ظلم‬
‫وأث ‪ ،‬وأن ال جار لن بر واتقى ‪ ،‬وممد رسول ال " صلى ال عليه وسلم " ( ‪) 1‬‬
‫( هامش )‬
‫( ‪ ) 1‬نقل عن كتاب " الرسالة الالدة " عن كتاب الوثائق السياسية ف العهد النبوي‬
‫واللفة الراشدة ‪ ،‬للدكتور ممد حيد ال اليدر أبادي ‪ ،‬أستاذ القوق الدولية بالامعة‬
‫العثمانية بيد أباد \ دكن ‪) . ( .‬‬

‫‪512‬‬

You might also like