You are on page 1of 14

‫البيئة والتنمية المستدامة‬

‫‪:‬تمهيد‬
‫إن مشاكل البيئة ل تعرف الحدود‪ ،‬وهذا العصر يشهد تحديات بيئية مختلفة أخذت‬
‫تهدد الجيال بسبب قيم ومثل وأعراف وأخلقيات تؤصل في النفس أهمية التقدم‬
‫القتصادي والثراء المادي على حساب الستغلل السليم لموارد الطبيعة‪ ،‬إن‬
‫التحسين في مستويات المعيشة الذي تجلبه التنمية قد يضيع بسبب التكاليف التي قد‬
‫يفرضها التردي البيئي على الصحة ونوعية الحياة‪.‬فمن واجب كل فرد المحافظة على‬
‫البيئة وتحسينها لمصلحة عامة الناس وفي إطار التنمية المستدامة حتى يتحقق له‬
‫‪.‬العيش في بيئة تتفق مع حقوقه وكرامته النسانية‬
‫وقد حاولنا من خلل هذا الموضوع أن نتطرق إلى ماهية التنمية المستدامة‪ ،‬ثم إلى‬
‫‪.‬أبعادها الرئيسية‪ ،‬وفي الخير تناولنا معوقات وتحديات التنمية المستدامة‬
‫ل‪ :‬ماهية التنمية المستديمة‬
‫‪:‬أو ً‬
‫من خلل هذا المبحث تناولنا ظهور فكرة التنمية المستدامة‪ ،‬مفهومها‪ ،‬والمتغيرات‬
‫‪:‬الساسية المؤثرة في التنمية المستدامة على النحو التالي‬
‫‪:‬ظهور فكرة التنمية المستدامة ‪ϖ‬‬
‫التنمية المستدامة هي عبارة تم استخدامها على مدى العقدين الماضيين للتعّرف على‬
‫الحتياجات اللزمة لتخفيض الفاقة من خلل نمو اقتصادي يحفظ صحة النظام البيئي‬
‫وكذلك حفظ مخزون طويل المد للمصادر الطبيعية‪ .‬والخلفات القائمة حاليًا تتمحور‬
‫)حول كيفية وضع موازنة بين الحاجات النسانية والحماية البيئية‪1).‬‬
‫فبين عام ‪ 1972‬وعام ‪ 2002‬استكملت المم المتحدة عقد ثلثة مؤتمرات دولية ذات‬
‫أهمية خاصة‪ ،‬الول عقد في استوكهولم )السويد( عام ‪ 1972‬تحت اسم مؤتمر المم‬
‫المتحدة حول بيئة النسان‪ ،‬والثاني عقد في ريو دي جانيرو )البرازيل( عام ‪1992‬‬
‫تحت اسم مؤتمر المم المتحدة حول البيئة والتنمية‪ ،‬والثالث أنعقد في جوهانسبورغ‬
‫)جنوب إفريقيا( في سبتمبر ‪ 2002‬تحت إسم مؤتمر المم المتحدة حول التنمية‬
‫المستدامة‪ .‬تغير السماء يعبر عن تطور مفاهيم العالم واستيعاب العلقة بين النسان‬
‫‪.‬والمحيط الحيوي الذي يعيش فيه ويمارس نشاطات الحياة‬
‫في عام ‪ 1972‬أصدر نادي رذوماذ تقريره الفريد )حدود النمو( الذي شرح فكرة‬
‫محدودية الموارد الطبيعية‪ ،‬وأنه إذا استمر تزايد معدلت الستهلك فإن الموارد‬
‫الطبيعية لن تفي باحتياجات المستقبل‪ ،‬وأن استنزاف الموارد البيئية المتجددة‬
‫)المزارع‪ ،‬المراعي‪ ،‬الغابات‪ ،‬مصايد السماك( والموارد غير المتجددة )رواسب‬
‫المعادن‪ ،‬حقول النفط والغاز الطبيعي‪ ،‬طبقات الفحم( يهدد المستقبل‪ .‬وفي عام ‪1973‬‬
‫هزت أزمة البترول العالم ونبهت إلى أن الموارد محدودة الحجم‪ .‬وفي عام ‪1980‬‬
‫صدرت وثيقة الستراتيجية العالمية للصون‪ ،‬نبهت هذه الوثيقة الذهان إلى أهمية‬
‫تحقيق التوازن بين ما يحصده النسان من موارد البيئة وقدرة النظم البيئية على‬
‫العطاء‪ .‬وفي عام ‪ 1987‬أصدرت اللجنة العالمية للتنمية والبيئة تقرير )مستقبلنا‬
‫المشترك(‪ ،‬كانت رسالة هذا التقرير الدعوة إلى أن تراعي تنمية الموارد البيئية تلبية‬
‫الحاجات المشروعة للناس في حاضرهم من دون الخلل بقدرة النظم البيئية على‬
‫‪.‬العطاء الموصول لتلبية حاجات الجيال المستقبلية‬
‫ولما انعقد مؤتمر المم المتحدة عن البيئة والتنمية عام ‪ ،1992‬برزت فكرة التنمية‬
‫المستدامة أو المتواصلة كواحدة من قواعد العمل الوطني والعالمي‪ .‬ووضع المؤتمر‬
‫وثيقة مفصلة )برنامج العمل في القرن الحادي والعشرين‪ :‬أجندة )‪ (21(1‬تضمنت‬
‫ل تناولت ما ينبغي السترشاد به في مجالت التنمية القتصادية‬ ‫أربعين فص ً‬
‫)الزراعة‪ ،‬الصناعة‪ ،‬الموارد الطبيعية( والتنمية الجتماعية )الصحة‪ ،‬التعليم(‪ ،‬وفي‬
‫مشاركة قطاعات المجتمع في مساعي التنمية وفي الحصول على نصيب عادل من‬
‫‪.‬ثمارها‬
‫في ‪ 2002‬انعقد مؤتمر المم المتحدة حول التنمية المستدامة‪ ،‬ليراجع حصيلة‬
‫استجابة العالم لفكرة التنمية المتواصلة‪ ،‬إذا فالتطور من فكرة بيئة النسان ‪ 1972‬إلى‬
‫فكرة البيئة والتنمية ‪ 1992‬إلى فكرة التنمية المتواصلة ‪ ،2002‬ينطوي على تقدم‬
‫ناضج‪ .‬ذلك أن العلقة بين النسان والبيئة ل تقتصر على أثار حالة البيئة على صحة‬
‫النسان كما كان الظن ‪ ،1972‬إنما للعلقة وجه آخر هو أن البيئة هي خزانة الموارد‬
‫التي يحولها النسان بجهده وبما حصله من المعارف العلمية و الوسائل التقنية إلى‬
‫ثروات‪ ،‬تحويل الموارد إلى ثروات هو جوهر التنمية‪ ،‬فكرة التنمية المتواصلة تتقدم‬
‫بنا خطوة إلى المام إذ تضيف أبعاد اجتماعية وأخلقية لعلقة النسان بالبيئة‪ ،‬وتضع‬
‫التنبيه على ثلث ركائز‪ :‬الكفاءة القتصادية‪ ،‬صون البيئة وعناصرها وقدرتها على‬
‫)العطاء‪ ،‬العدل الجتماعي بين الناس جميعا في حاضرهم ومستقبل أبنائهم‪6).‬‬
‫‪:‬مفهوم التنمية المستدامة ‪ϖ‬‬
‫التنمية في أصلها هي ناتج عمل النسان على تحويل عناصر فطرية في البيئة‬
‫)تراكيب وبنيات جيولوجية‪ (...‬إلى ثروات‪ ،‬أي إلى سلع وخدمات تقابل حاجات‬
‫النسان‪ ،‬هذا التحويل يعتمد على جهد النسان وما يوظفه من معارف علمية وما‬
‫يستعين به من أدوات ووسائل تقنية‪ ،‬التنمية هي تغيير في البيئة يهدد توازنها‬
‫الفطري‪ ،‬ويصل إلى درجة الضرار إذا تجاوز قدرة الفطرة البيئية على الحتمال‬
‫‪.‬وقدرتها على استعادة التوازن ورأب التصدعات‬
‫ومن هنا ظهرت أهمية التنمية المستدامة كمفهوم جديد‪ ،‬و رغبة من بعض المؤلفين‬
‫في جعل مفهوم التنمية المستدامة أقرب من التحديد وضعوا تعريفًا ضيقًا لها ينصب‬
‫على الجوانب المادية للتنمية المستدامة‪ .‬فتعرف التنمية المستدامة بعدد من التعاريف‪،‬‬
‫‪:‬منها ما يلي‬
‫التنمية التي تلبي المتطلبات الحالية مع الخذ بعين العتبار إمكانية الجيال القادمة"‬
‫)على تلبية متطلباتهم"‪1).‬‬
‫أنها التنمية التي تهيئ للجيل الحاضر متطلباته الساسية والمشروعة‪ ،‬دون أن تخل"‬
‫بقدرة المحيط الطبيعي على أن يهيئ للجيال التالية متطلباتهم"‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪،‬‬
‫"استجابة التنمية لحاجات الحاضر‪ ،‬دون المساومة على قدرة الجيال المقبلة على‬
‫)الوفاء بحاجاتها"‪2).‬‬
‫التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الجيال المقبلة على الوفاء"‬
‫)باحتياجاتها"‪3).‬‬
‫‪:‬التعريف القتصادي للتنمية المستدامة •‬
‫تركز بعض التعريفات القتصادية للتنمية المستدامة على الدارة المثلى لموارد‬
‫الطبيعية‪ ،‬وذلك بالتركيز على "الحصول على الحد القصى من منافع التنمية‬
‫القتصادية‪ ،‬بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ونوعيتها"‪ .‬كما انصبت‬
‫تعريفات أخرى على الفكرة العريضة القائلة بأن "استخدام الموارد اليوم ينبغي أن ل‬
‫يقلل من الدخل الحقيقي في المستقبل"‪ .‬وتقف وراء هذا المفهوم الفكرة القائلة بأن‬
‫القرارات الحالية ينبغي أل تضر بإمكانيات المحافظة على مستويات المعيشة في‬
‫المستقبل أو تحسينها وهو ما يعني أن نظمنا القتصادية ينبغي أن تدار بحيث نعيش‬
‫)على أرباح مواردنا ونحتفظ بقاعدة الصول المادية ونحسنها‪6).‬‬
‫‪:‬تعريفها من طرف اللجنة العالمية للتنمية المستدامة •‬
‫انتهت اللجنة في تقريرها المعنون "بمستقبلنا المشترك" إلى "أن هناك حاجة إلى‬
‫طريق جديد للتنمية‪ ،‬طريق يستديم التقدم البشري ل في مجرد أماكن قليلة أو لبضع‬
‫سنين قليلة‪ ،‬بل للكرة الرضية بأسرها وصول إلى المستقبل البعيد"‪ .‬و التنمية‬
‫المستدامة حسب تعريف وضعته هذه اللجنة عام ‪ 1987‬تعمل على "تلبية احتياجات‬
‫الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها‬
‫)الخاصة"‪6).‬‬
‫إن الهدف الساسي للتنمية المستدامة هو الوفاء بحاجات البشر وتحقيق الرعاية‬
‫الجتماعية على المدى الطويل‪ ،‬مع الحفاظ على قاعدة الموارد البشرية والطبيعية‬
‫ومحاولة الحد من التدهور البيئي‪ ،‬ومن أجل تحقيق ذلك‪ ،‬يجب التوصل إلى توازن‬
‫ديناميكي بين التنمية القتصادية والجتماعية من جهة‪ ،‬وإدارة الموارد وحماية البيئة‬
‫من جهة أخرى‪ .‬غير أن أوسع التعريفات شيوعا للتنمية المستدامة‪" -:‬أنها التنمية‬
‫التي تهيئ للجيل الحاضر متطلباته الساسية والمشروعة‪ ،‬دون أن تخل بقدرة المحيط‬
‫الطبيعي على أن يهيئ للجيال التالية متطلباتهم"‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪" ،‬استجابة التنمية‬
‫لحاجات الحاضر‪ ،‬دون المساومة على قدرة الجيال المقبلة على الوفاء بحاجاتها"‪).‬‬
‫)‪2‬‬
‫‪ :‬المتغيرات الساسية المؤثرة في التنمية المستدامة ‪ϖ‬‬
‫‪:‬مكانة التكنولوجيا في تعريف التنمية المستدامة •‬
‫كما أفاض بعض المؤلفين في توسيع تعريف التنمية المستدامة لتشمل تحقيق التحول‬
‫السريع في القاعدة التكنولوجية للحضارة الصناعية‪ ،‬وأشاروا إلى أن هناك حاجة إلى‬
‫تكنولوجيا جديدة تكون أنظف وأكفأ وأقدر على إنقاذ الموارد الطبيعية‪ ،‬حتى يتسنى‬
‫الحد من التلوث‪ ،‬والمساعدة على تحقيق استقرار المناخ‪ ،‬واستيعاب النمو في عدد‬
‫)السكان وفي النشاط القتصادي‪6).‬‬
‫‪:‬مكانة النسان ضمن التعاريف المقدمة بشأن التنمية المستدامة •‬
‫ويشكل النسان محور التعاريف المقدمة بشأن التنمية المستدامة حيث تتضمن تنمية‬
‫‪.‬بشرية تؤدي إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاهية الجتماعي‬
‫وهناك اعتراف اليوم بهذه التنمية البشرية على اعتبار أنها حاسمة بالنسبة للتنمية‬
‫القتصادية وبالنسبة للتثبيت المبكر للسكان‪ .‬وحسب تعبير تقرير التنمية البشرية‬
‫الصادر عن برنامج المم المتحدة النمائي فإن "الرجال والنساء والطفال ينبغي أن‬
‫يكونوا محور الهتمام ‪ -‬فيتم نسج التنمية حول الناس وليس الناس حول التنمية"‪.‬‬
‫وتؤكد تعريفات التنمية المستدامة بصورة متزايدة على أن التنمية ينبغي أن تكون‬
‫بالمشاركة‪ ،‬بحيث يشارك الناس ديمقراطيًا في صنع القرارات التي تؤثر في حياتهم‬
‫)سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا‪6).‬‬
‫‪:‬مكانة العدالة في تعريف التنمية المستدامة •‬
‫والعنصر الهام الذي تشير إليه مختلف تعريفات التنمية المستدامة هو عنصر‬
‫النصاف أو العدالة‪ .‬فهناك نوعان من النصاف هما إنصاف الجيال البشرية التي لم‬
‫تولد بعد‪ ،‬وهي التي ل تؤخذ مصالحها في العتبار عند وضع التحليلت القتصادية‬
‫ول تراعي قوى السوق المتوحشة هذه المصالح‪ .‬أما النصاف الثاني فيتعلق بمن‬
‫يعيشون اليوم والذين ل يجدون فرصا متساوية للحصول على الموارد الطبيعية أو‬
‫على "الخيرات" الجتماعية والقتصادية‪ .‬فالعالم يعيش منذ أواسط عقد السبعينات‬
‫تحت هيمنة مطلقة للرأسمال المالي العالمي الذي يكرس تفاوتًا صارخًا بين دول‬
‫الجنوب ودول الشمال كما يكرس هذا التفاوت داخل نفس الدول‪ .‬لذلك فإن التنمية‬
‫المستدامة يجب أن تأخذ بعين العتبار هذين النوعين من النصاف‪ .‬لكن تحقق هذين‬
‫النوعين من النصاف لن يتأتى في ظل الهيمنة المطلقة للرأسمال المالي العالمي‪،‬‬
‫وإنما يتحقق تحت ضغط قوى شعبية عمالية أممية يمكن من استعادة التوازن‬
‫)للعلقات الجتماعية الكونية‪6).‬‬
‫‪:‬ثانيًا علقة التنمية المستدامة بالبيئة‬
‫ل يزال النسان ومنذ مر العصور يعمل دائمًا وأبدًا علي استغلل موارد الطبيعة في‬
‫حياته اليومية ولبناء تقدمه وحضارته‪ ،‬إل أن استغلله لهذه الموارد تتم في أغلبها‬
‫بطرق عشوائية وخاطئة المر الذي أدى إلي الضرار بالبيئة واختلل توازنها بحيث‬
‫أصبحت ضعيفة هشة ل تستطيع الوفاء بمتطلباته‪ .‬وعلى هذا الساس‪ ،‬فإن النهوض‬
‫بالبيئة من جديد ل يكون فقط بالقضاء على مصادر التلوث‪ ،‬وإنما العمل علي تنمية‬
‫)مواردها وتحسين استخدام هذه الموارد‪1).‬‬
‫ويعتمد بقاء التنوع الحيوي بشكل رئيسي على استمرارية وبقاء المصادر الطبيعية‪،‬‬
‫وقد أدى استنزاف المصادر الطبيعية المتجددة والغير متجددة إلى الخلل بالتنوع‬
‫الحيوي على الرض‪ .‬وللمحافظة قدر المكان على التنوع الحيوي‪ ،‬ل بد من إتباع‬
‫‪:‬عدة طرق للحد من هذا الستنزاف الحاد للمصادر الطبيعية مثل‬
‫‪.‬العمل على إيجاد مصادر طاقة جديدة ‪1.‬‬
‫التخفيف من استهلك المصادر غير المتجددة المتاحة حاليا‪ ،‬بتطوير تكنولوجيات ‪2.‬‬
‫معينة قادرة على استخدام المصادر المتاحة بكفاءة عالية وتقليل التلوث الناتج من‬
‫)استخدامها‪1).‬‬
‫تكمن إحدى المشاكل المحورية فيما يتصل بمعالجة الروابط بين التمدين والمسائل‬
‫البيئية في أن التنمية القتصادية تؤدي إلى تفاقم العديد من المشاكل البيئية )كالنفايات‬
‫ل( لن كمية النفايات التي ينتجها الفرد تزداد‬ ‫الصلبة والتلوث الناجم عن السيارات مث ً‬
‫باضطراد مع ارتفاع معدل الدخل الفردي‪ .‬وبالضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن "الثار‬
‫اليكولوجية" على المدن ازدادت اتساعًا في العقود الخيرة مع الرتفاع الحاصل في‬
‫الدخول والنخفاض الحاصل في تكاليف النقل في العديد من البلدان‪ .‬فقد لجأ‬
‫المستهلكون ولجأت الصناعات في المدن إلى العتماد المتزايد على القدرة‬
‫الستيعابية للمناطق الريفية‪ .‬مما أدى إلى فصل الثر البيئي لحتياجات المدينة من‬
‫الموارد الطبيعية عن المدينة نفسها‪ ،‬إلى درجة أن سكانها وأعمالها التجارية أصبحت‬
‫)غير واعية بما تتسبب فيه من أثر بيئي‪3).‬‬
‫وهناك جدال مستمر متعلق بموضوع العلقة بين النمو القتصادي والبيئة‪ .‬البعض قد‬
‫يعتقد بأنه ما دام هناك نمو اقتصادي فإن الناس سيستهلكون أكثر وبالتالي يهدرون‬
‫ويلوثون المصادر بشكل أكبر‪ .‬والخرين يجادلون بأنه "الغنى يعني النظف" وهذا‬
‫يحدث فقط عندما تصبح حياة مجتمع فوق مستوى معيشة محدد‪ .‬وتصل إلى حد معين‬
‫من الثروة يمكّنها من امتلك تكنولوجيا قادرة على تقليل انبعاث الغازات وتطهير‬
‫البيئة من النفايات‪.‬علوة على ذلك‪ ،‬في البلدان النامية تجد السكان يحاولون بصورة‬
‫)يائسة تحسين نوعية حياتهم‪1).‬‬
‫إن المدن بإمكانها أن توفر لسكانها ظروفا بيئية صحية وآمنة ومشجعة دون أن‬
‫يفضي ذلك إلى متطلبات غير مستدامة فيما يتعلق بالموارد الطبيعية والنظم‬
‫اليكولوجية‪ .‬والمدينة الناجحة‪ ،‬بهذا المفهوم‪ ،‬هي المدينة التي تلبي أهدافا متعددة‪ ،‬بما‬
‫في ذلك توفير بيئات معيشية ومهنية صحية لسكانها‪ ،‬وتوفير المداد بالمياه وخدمات‬
‫التصحيح وجمع النفايات الصلبة؛ توفير الصرف الصحي والطرق المعبدة وممرات‬
‫المشاة والشكال الخرى من الهياكل الساسية الضرورية للصحة؛ وتكفل وجود‬
‫علقة مستدامة من الناحية اليكولوجية بين متطلبات المستهلكين والعمال التجارية‬
‫)والموارد ووحدات التخلص من النفايات والنظم اليكولوجية التي تعتمد عليها‪3).‬‬
‫‪:‬أبعاد التنمية المستدامة‬
‫إن الفكرة الساسية التي بنيت عليها أجندة القرن الحادي والعشرين هي فكرة التنمية‬
‫المستدامة أو المتواصلة‪ .‬ومفهوم التنمية المستدامة متعدد الستخدامات‪ ،‬ومتنوع‬
‫المعاني‪ ،‬فالبعض يتعامل مع التنمية المستدامة كرؤية أخلقية تناسب اهتمامات‬
‫النظام العالمي الجديد‪ ،‬والبعض يرى أن التنمية المستدامة نموذج تنموي وبديل‬
‫مختلف عن النموذج الصناعي الرأسمالي‪ ،‬أو ربما أسلوبًا لصلح أخطاء وعثرات‬
‫هذا النموذج في علقته بالبيئة‪ .‬ولقد حاول تقرير الموارد العالمية والذي نشر عام‬
‫‪ 1992‬في مؤتمر )ريو دي جانيرو – قمة الرض( والذي خصص بكامله لموضوع‬
‫التنمية المستدامة أو المتواصلة وجعلها محور خطة العمل التي وضعها للقرن الحادي‬
‫والعشرين‪ ،‬وأصبحت الفكرة محور الحديث في كامل المجتمع‪ ،‬حيث حصر عشرين‬
‫تعريفًا واسع التداول‪ ،‬وزعها على أربع مجموعات هي القتصادية‪ ،‬والبيئية‪،‬‬
‫والجتماعية والنسانية‪ ،‬والتقنية والدارية‪ .‬ومن حينها برزت لها أبعاد جديدة تتصل‬
‫بالوسائل التقنية التي يعتمد عليها الناس في جهدهم التنموي‪ ،‬في الصناعة والزراعة‬
‫وغيرها‪ ،‬وتتصل بالمناهج القتصادية التي يجري عليها حساب المأخوذ والمردود‪).‬‬
‫)‪6)،(2‬‬
‫‪:‬البعاد القتصادية ‪ϖ‬‬
‫وتتطلب التنمية المتواصلة ترشيد المناهج القتصادية‪ ،‬على رأس ذلك تأتي فكرة‬
‫"المحاسبة البيئية للموارد الطبيعية"‪ ،‬فقد جرى المر على عدم إدراج قيمة ما يؤخذ‬
‫من عناصر البيئة المختزنة في حقول النفط والغاز ورواسب الفحم ومناجم التعدين‬
‫وغيرها في حساب الكلفة‪ ،‬كذلك جرى المر على عدم إدراج قيمة ما يحصد من‬
‫ثروة سمكية في قيمة المخزون السمكي‪ ،‬وما يحصد من حقول الزراعة في قيمة‬
‫النقص في خصوبة الرض‪ ،‬وفي كثير من الحوال ل يحسب لمياه الري قيمة مالية‬
‫في عمليات الحساب الزراعي‪ ،‬في هذا وغيره نجد أن الحسابات القتصادية تنقصها‬
‫عناصر جوهرية‪ .‬كذلك نلحظ أن أوجهًا من الحساب تحتاج إلى تعديل‪ :‬حساب الناتج‬
‫الزراعي )المحصول( من وحدة المياه‪ ،‬حساب الناتج الصناعي من وحدة الطاقة‪،‬‬
‫ومن أدوات الحساب القتصادي الضرائب والحوافز المالية‪ ،‬وينبغي أن توظف هذه‬
‫)الدوات لتعظيم كفاءة النتاج وخدمة أغراض التنمية المتواصلة‪6).‬‬
‫‪:‬حصة الستهلك الفردي من الموارد الطبيعية •‬
‫بالنسبة للدول الصناعية في الشمال‪ :‬فإن التنمية المستدامة تعنى إجراء خفض عميق‬
‫ومتواصل في استهلك هذه الدول من الطاقة والموارد الطبيعية‪ ،‬وإجراء تحولت‬
‫جذرية في النماط الحياتية السائدة‪ ،‬واقتناعها بتصدير نموذجها التنموي الصناعي‬
‫عالميًا‪ ،‬أما بالنسبة للدول الفقيرة فالتنمية المستدامة تعنى توظيف الموارد من أجل‬
‫)رفع مستوى المعيشة للسكان الكثر فقرًا في الجنوب‪2).‬‬
‫فبالنسبة للبعاد القتصادية للتنمية المستدامة نلحظ أن سكان البلدان الصناعية‬
‫يستغلون قياسًا على مستوى نصيب الفرد من الموارد الطبيعية في العالم‪ ،‬أضعاف ما‬
‫يستخدمه سكان البلدان النامية‪ .‬ومن ذلك مثل أن استهلك الطاقة الناجمة عن النفط‬
‫والغاز والفحم هو في الوليات المتحدة أعلى منه في الهند ب ‪ 33‬مرة‪ ،‬وهو في بلدان‬
‫أعلى بعشر مرات في المتوسط "‪ "OCDE‬منظمة التعاون والتنمية القتصادية الـ‬
‫)منه في البلدان النامية مجتمعة‪6).‬‬
‫‪:‬إيقاف تبديد الموارد الطبيعية •‬
‫فالتنمية المستدامة بالنسبة للبلدان الغنية تتلخص في إجراء تخفيضات متواصلة من‬
‫مستويات الستهلك المبددة للطاقة والموارد الطبيعية وذلك عبر تحسين مستوى‬
‫الكفاءة وإحداث تغيير جذري في أسلوب الحياة‪ .‬ول بد في هذه العملية من التأكد من‬
‫عدم تصدير الضغوط البيئية إلى البلدان النامية‪ .‬وتعني التنمية المستدامة أيضا تغيير‬
‫أنماط الستهلك التي تهدد التنوع البيولوجي في البلدان الخرى دون ضرورة‪،‬‬
‫)كاستهلك الدول المتقدمة للمنتجات الحيوانية المهددة بالنقراض‪6).‬‬
‫‪:‬مسؤولية البلدان المتقدمة عن التلوث وعن معالجته •‬
‫وتقع على البلدان الصناعية مسؤولية خاصة في قيادة التنمية المستدامة‪ ،‬لن‬
‫استهلكها المتراكم في الماضي من الموارد الطبيعية مثل المحروقات ‪ -‬وبالتالي‬
‫إسهامها في مشكلت التلوث العالمي‪ -‬كان كبيرا بدرجة غير متناسبة‪ .‬يضاف إلى‬
‫هذا أن البلدان الغنية لديها الموارد المالية والتقنية والبشرية الكفيلة بأن تضطلع‬
‫بالصدارة في استخدام تكنولوجيات أنظف وتستخدم الموارد بكثافة أقل‪ ،‬وفي القيام‬
‫بتحويل اقتصادياتها نحو حماية النظم الطبيعية والعمل معها‪ ،‬وفي تهيئة أسباب ترمي‬
‫إلى تحقيق نوع من المساواة والشتراكية للوصول إلى الفرص‬
‫القتصادية والخدمات الجتماعية داخل مجتمعاتها‪ .‬والصدارة تعني أيضا توفير‬
‫الموارد التقنية والمالية لتعزيز للتنمية المستدامة في البلدان الخرى ‪ -‬باعتبار أن ذلك‬
‫)استثمار في مستقبل الكرة الرضية‪6).‬‬
‫ففي الوليات المتحدة واستجابًة لحوادث بيئية تخص مّكبات النفايات‪ ،‬قام الرئيس‬
‫‪ (Executive Orders‬كلينتون في ‪ 11‬شباط ‪ 1994‬بإصدار أوامر تنفيذية‬
‫لوكالة حماية البيئة تقضي بموجبها إنشاء مكتب للعدالة البيئية‪ .‬وفي)‪12.898‬‬
‫نيسان ‪ 1998‬قامت أي‪.‬بي‪.‬أي بتعريف مصطلح )العدالة البيئية( على انه معاملة‬
‫عادلة‪ ،‬بمعنى‪" :‬ل توجد مجموعة من الناس بغض النظر عن صفاتها العنصرية‬
‫والعرقية أو وضعها القتصادي الجتماعي‪ ،‬مضطرة لحتمال حصة غير متكافئة‬
‫من النتائج البيئية السلبية الناتجة عن أي عملية صناعية كانت أو بلدية أو تجارية‪ ،‬أو‬
‫تلك الناتجة عن تنفيذ سياسات أو مشاريع اتحادية‪ ،‬أو تلك التابعة للولية‪ ،‬أو محلية أو‬
‫عشائرية"‪ .‬وحسب هذا التعريف فانه يصبح من غير الضروري تضمين وذكر‬
‫التمييز المتعمد‪ ،‬بالتالي أي موقع يسبب الضرر للمجموعات المحمية‪ ،‬سياسيًا‪ ،‬يقع‬
‫في إطار النتهاك لقاعدة أي‪.‬بي‪.‬أي )وكالة حماية البيئة( و هنا تبرز الصعوبة عند‬
‫محاولة تعريف ما الذي يجب أن يقاس وبالمقارنة مع ماذا؟ وكخطوة أولى في تحديد‬
‫الجماعة المتضررة بإفراط‪ ،‬يجب على متخذي القرار السياسي الخذ بعين العتبار‬
‫‪.‬المتضررين الفعليين‬
‫وهناك معلومات متعلقة بإحصائيات تفحص الحدود والمناطق إذا كان هذا المرفق‬
‫سيقام في منطقة غنية‪ ،‬واقعة بالقرب من منطقة فقيرة عندها يتم تحديد موقعه بالقرب‬
‫من الحدود الفقيرة‪ ،‬كيف سيعالج متخذ القرار هذا التجاه؟ هل يجب أن تؤخذ الرياح‬
‫السائدة بعين العتبار؟ الكثير من المواقع الصناعية تقام حيث توجد الراضي‬
‫الرخيصة‪ ،‬و الناس ذوي الدخول المنخفضة والذين يختارون العيش هناك من أجل‬
‫)تقليل نفقات الحياة‪ .‬كيف يمكن وزن مثل هذه القرارات؟)‪1‬‬
‫وتظهر صعوبة أخرى عند تحديد إذا ما كانت بعض المجموعات ستتضرر وكيف؟‬
‫فالمّكبات‪ ،‬الُمَنِبتات الكيميائية‪ ،‬وغيرها من العمال الصناعية تجلب الفائدة على‬
‫بعض الجماعات ومن ناحية أخرى تجلب الضرر لجماعات أخرى‪ .‬فمن ناحية‬
‫الفائدة‪ ،‬تقوم هذه العمال بخلق فرص عمل‪ ،‬و تغيير قيمة الرض )رفع أثمانها‬
‫ربما(‪ ،‬هذه العائدات المتشابكة يجب أن تأخذ بعين العتبار المخاطر الصحية الناتجة‬
‫عن مثل هذه المرافق بالمقارنة مع العوائد الصحية الكلية التي من الممكن اعتبارها‬
‫كنتاج ليجاد فرص العمل وارتفاع مستوى الدخولت؟ فما يمكن التوصل إليه أن‬
‫اتخاذ القرارات فيما يتعلق بمكان إقامة منشآت صناعية و مرافق لمعالجة النفايات‬
‫)تولد خلفات حتمية‪1).‬‬
‫‪:‬المساواة في توزيع الموارد •‬
‫إن الوسيلة الناجعة للتخفيف من عبء الفقر وتحسين مستويات المعيشة أصبحت‬
‫مسؤولية كل من البلدان الغنية والفقيرة‪ ،‬وتعتبر هذه الوسيلة‪ ،‬غاية في حد ذاتها‪،‬‬
‫وتتمثل في جعل فرص الحصول على الموارد والمنتجات والخدمات فيما بين جميع‬
‫الفراد داخل المجتمع أقرب إلى المساواة‪ .‬فالفرص غير المتساوية في الحصول على‬
‫التعليم والخدمات الجتماعية وعلى الراضي والموارد الطبيعية الخرى وعلى‬
‫حرية الختيار وغير ذلك من الحقوق السياسية‪ ،‬تشكل حاجزًا هامًا أمام التنمية‪ .‬فهذه‬
‫المساواة تساعد على تنشيط التنمية والنمو القتصادي الضروريين لتحسين مستويات‬
‫)المعيشة‪6).‬‬
‫‪:‬الحد من التفاوت في المداخيل •‬
‫فالتنمية المستدامة تعني إذن الحد من التفاوت المتنامي في الدخل وفي فرص‬
‫الحصول على الرعاية الصحية في البلدان الصناعية مثل الوليات المتحدة وإتاحة‬
‫حيازات الراضي الواسعة وغير المنتجة للفقراء الذين ل يملكون أرضا في مناطق‬
‫مثل أمريكا الجنوبية أو للمهندسين الزراعيين العاطلين كما هو الشأن بالنسبة لبلدنا؛‬
‫وكذا تقديم القروض إلى القطاعات القتصادية غير الرسمية وإكسابها الشرعية؛‬
‫وتحسين فرص التعليم والرعاية الصحية بالنسبة للمرأة في كل مكان‪ .‬وتجب الشارة‬
‫إلى أن سياسة تحسين فرص الحصول على الراضي والتعليم وغير ذلك من‬
‫الخدمات الجتماعية لعبت دورًا حاسمًا في تحفيز التنمية السريعة والنمو في‬
‫)اقتصاديات النمور السيوية مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وتايوان‪6).‬‬
‫‪:‬تقليص النفاق العسكري •‬
‫كما أن التنمية المستدامة يجب أن تعني في جميع البلدان تحويل الموال من النفاق‬
‫على الغراض العسكرية وأمن الدولة إلى النفاق على احتياجات التنمية‪ .‬ومن شأن‬
‫إعادة تخصيص ولو جزء صغير من الموارد المكرسة الن للغراض العسكرية‬
‫)السراع بالتنمية بشكل ملحوظ‪6).‬‬
‫‪:‬البعاد الجتماعية و النسانية ‪ϖ‬‬
‫على الصعيد النساني والجتماعي فان التنمية المستدامة تسعى إلى الستقرار في‬
‫النمو السكاني‪ ،‬ووقف تدفق أو زحف الفراد على المدن‪ ،‬وذلك من خلل تطوير‬
‫مستوى الخدمات الصحية والتعليمية في الرياف‪ ،‬وتحقيق أكبر قدر من المشاركة‬
‫)الشعبية في التخطيط للتنمية‪2).‬‬
‫وفي مجال الوسائل الجتماعية تبرز فكرة التنمية المستدامة ركيزة أساسية في رفض‬
‫الفقر والبطالة والتفرقة التي تظلم المرأة‪ ،‬والتفاوت البالغ بين الغنياء والمدقعين‪.‬‬
‫العدل الجتماعي أساس الستدامة‪ ،‬ويقتضي هذا عدة أمور ينبغي أن يجد المجتمع‬
‫‪:‬سبله إليها‬
‫ضبط السكان‪ ،‬فالزيادة السكانية تبلغ نحو ‪ 80‬مليون نسمة كل عام‪ ،‬وهي زيادة ل‪1.‬‬
‫تتسع لها الوضاع القتصادية والجتماعية السائدة وأغلب الزيادة )‪ (%85‬في دول‬
‫العالم الثالث الموسوم بالكتظاظ والفقر والتخلف‪ ،‬استمرار هذا الحال يزيد الفقراء‬
‫‪.‬فقرًا‪ ،‬وهذا باب من أبواب الخطر على العالم جميعًا‬
‫فكرة العدالة الجتماعية تتضمن العدالة بين الناس والخذ بيد الفئات المستضعفة‪2. ،‬‬
‫والعدالة بين الجيال حتى يقال أن مابين أيدينا من ثروات طبيعية هو ملك البناء‬
‫‪.‬والحفاد وينبغي أن نصونه ليرثوه سليما خصب العطاء‬
‫فكرة تنمية البشر وسعت معنى التعليم ومراميه‪ ،‬في كل عام يصدر برنامج المم ‪3.‬‬
‫المتحدة النمائي تقريرًا عن "التنمية البشرية" التي تقاس بمعايير تنموية واقتصادية‬
‫واجتماعية‪ ،‬ويصنف التقرير دول العالم درجات حسب نجاحها في تحقيق التنمية‬
‫البشرية‪ ،‬والمؤسف أن الدول العربية تقع في ذيل الدرجات والسؤال المطروح‪ :‬هل‬
‫تخرج مؤسسات التعليم أفراد قادرين على السهام اليجابي في التنمية والتقدم‬
‫الجتماعي؟ أم تخرج أعباء اجتماعية تذهب إلى ساحات البطالة ل إلى سوق العمل؟‬
‫‪.‬فالتنمية المتواصلة تطلب منا أن نعيد النظر في نهج التعليم وأساليبه ومؤسساته‬
‫من الركائز الجوهرية لنجاح التنمية المتواصلة مشاركة الناس‪ ،‬المشاركة الفاعلة ‪4.‬‬
‫في مراحل التخطيط والتنفيذ للتنمية الوطنية‪ ،‬وتعتمد هذه المشاركة على القبول‬
‫الجتماعي‪ ،‬وهي جوهر الديمقراطية‪ ،‬فغياب هذه الخيرة يحرم الناس من المشاركة‬
‫وكأنما يعفيها من المسؤولية‪ ،‬وفي هذا ما يعطل قدرتهم على الداء‪ ،‬المنظمات‬
‫الهلية والمؤسسات غير الحكومية من أدوات المشاركة الجماهيرية‪ ،‬برامج العلم‬
‫والرشاد الصحيحة تبصر الناس بأدوارهم وترشدهم إلى مناط الفعل النافع والسهام‬
‫‪.‬اليجابي في تحقيق التنمية المتواصلة‬
‫تستكمل الوسائل الجتماعية ضبط السلوك الستهلكي للناس‪ ،‬وقبول حدود ‪5.‬‬
‫رشيدة تبعد عن حد السراف ول تحرم من الغذاء الراشد‪ ،‬الوضاع الحالية وخاصة‬
‫في مجتمعات الوفرة‪ ،‬أقرب إلى حدود السراف غير الرشيد‪ ،‬حيث الزيادة في قدر‬
‫)الستهلك وما يتبعها من زيادة في كمية المخلفات‪6).‬‬
‫‪:‬البعاد التكنولوجية ‪ϖ‬‬
‫‪:‬استعمال تكنولوجيات أنظف في المرافق الصناعية •‬
‫كثيرًا ما تؤدي المرافق الصناعية إلى تلويث ما يحيط بها من هواء ومياه وأرض‪.‬‬
‫وفي البلدان المتقدمة النمو‪ ،‬يتم الحد من تدفق النفايات وتنظيف التلوث بنفقات كبيرة؛‬
‫أما في البلدان النامية‪ ،‬فإن النفايات المتدفقة في كثير منها ل يخضع للرقابة إلى حد‬
‫كبير‪ .‬ومع هذا فليس التلوث نتيجة ل مفر منها من نتائج النشاط الصناعي‪ .‬وأمثال‬
‫هذه النفايات المتدفقة تكون نتيجة لتكنولوجيات تفتقر إلى الكفاءة أو لعمليات التبديد‪،‬‬
‫‪.‬وتكون نتيجة أيضًا للهمال والفتقار إلى فرض العقوبات القتصادية‬
‫وتعني التنمية المستدامة هنا التحول إلى تكنولوجيات أنظف وأكفأ وتقلص من‬
‫استهلك الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية إلى أدنى حد‪ .‬وينبغي أن يتمثل الهدف‬
‫في عمليات أو نظم تكنولوجية تتسبب في نفايات أو ملوثات أقل في المقام الول‪،‬‬
‫وتعيد تدوير النفايات داخليًا‪ ،‬وتعمل مع النظم الطبيعية أو تساندها‪ .‬وفي بعض‬
‫)الحالت التي تفي التكنولوجيات التقليدية بهذه المعايير فينبغي المحافظة عليها‪6).‬‬
‫‪:‬الخذ بالتكنولوجيات المحسنة وبالنصوص القانونية الزاجرة •‬
‫والتكنولوجيات المستخدمة الن في البلدان النامية كثيرًا ما تكون أقل كفاءة وأكثر‬
‫تسببًا في التلوث من التكنولوجيات المتاحة في البلدان الصناعية‪ .‬والتنمية المستدامة‬
‫تعني السراع بالخذ بالتكنولوجيات المحسنة‪ ،‬وكذلك بالنصوص القانونية الخاصة‬
‫بفرض العقوبات في هذا المجال وتطبيقها‪ .‬ومن شأن التعاون التكنولوجي ‪ -‬سواء‬
‫بالستحداث أو التطويع لتكنولوجيات أنظف وأكفأ تناسب الحتياجات المحلية ‪ -‬الذي‬
‫يهدف إلى سد الفجوة بين البلدان الصناعية والنامية أن يزيد من النتاجية القتصادية‪،‬‬
‫وأن يحول أيضًا دون مزيد من التدهور في نوعية البيئة‪ .‬وحتى تنجح هذه الجهود‪،‬‬
‫فهي تحتاج أيضًا إلى استثمارات كبيرة في التعليم والتنمية البشرية‪ ،‬ولسيما في‬
‫البلدان الشد فقرًا‪ .‬والتعاون التكنولوجي يوضح التفاعل بين البعاد القتصادية‬
‫)والبشرية والبيئية والتكنولوجية في سبيل تحقيق التنمية المستدامة‪6).‬‬
‫‪:‬المحروقات والحتباس الحراري •‬
‫كما أن استخدام المحروقات يستدعي اهتمامًا خاصًا لنه مثال واضح على العمليات‬
‫الصناعية غير المغلقة‪ .‬فالمحروقات يجري استخراجها وإحراقها وطرح نفاياتها‬
‫داخل البيئة‪ ،‬فتصبح بسبب ذلك مصدرًا رئيسيًا لتلوت الهواء في المناطق العمرانية‪،‬‬
‫وللمطار الحمضية التي تصيب مناطق كبيرة‪ ،‬والحتباس الحراري الذي يهدد بتغير‬
‫المناخ‪ .‬والمستويات الحالية لنبعاث الغازات الحرارية من أنشطة البشر تتجاوز قدرة‬
‫الرض على امتصاصها؛ وإذا كانت الثار قد أصبحت خلل العقد الخير من القرن‬
‫العشرين واضحة المعالم‪ ،‬فإن معظم العلماء متفقون على أن أمثال هذه النبعاثات ل‬
‫يمكن لها أن تستمر إلى ما ل نهاية سواء بالمستويات الحالية أو بمستويات متزايدة‪،‬‬
‫دون أن تتسبب في إحترار عالمي للمناخ‪ .‬وسيكون للتغييرات التي تترتب عن ذلك‬
‫في درجات الحرارة وأنماط سقوط المطار ومستويات سطح البحر فيما بعد‬
‫‪-‬ولسيما إذا جرت التغييرات سريعًا‪ -‬آثار مدمرة على النظم اليكولوجية وعلى رفاه‬
‫الناس ومعاشهم‪ ،‬ولسيما بالنسبة لمن يعتمدون اعتمادًا مباشرًا على النظم الطبيعية‪).‬‬
‫)‪6‬‬
‫‪:‬الحد من انبعاث الغازات •‬
‫وترمي التنمية المستدامة في هذا المجال إلى الحد من المعدل العالمي لزيادة انبعاث‬
‫الغازات الحرارية‪ .‬وذلك عبر الحد بصورة كبيرة من استخدام المحروقات‪ ،‬وإيجاد‬
‫مصادر أخرى للطاقة لمداد المجتمعات الصناعية‪ .‬وسيكون من المتعين على البلدان‬
‫الصناعية أن تتخذ الخطوات الولى للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون‬
‫واستحداث تكنولوجيات جديدة لستخدام الطاقة الحرارية بكفاءة أكبر‪ ،‬وتوفير‬
‫إمدادات من الطاقة غير الحرارية تكون مأمونة وتكون نفقتها محتملة‪ .‬على أنه حتى‬
‫تتوافر أمثال هذه التكنولوجيات‪ ،‬فالتنمية المستدامة تعني استخدام المحروقات بأكفأ ما‬
‫)يستطاع في جميع البلدان‪6).‬‬
‫‪:‬الحيلولة دون تدهور طبقة الزون •‬
‫والتنمية المستدامة تعني أيضا الحيلولة دون تدهور طبقة الوزون الحامية للرض‪.‬‬
‫وتمثل الجراءات التي اتخذت لمعالجة هذه المشكلة سابقة مشجعة‪ :‬فاتفاقية كيوتو‬
‫جاءت للمطالبة بالتخلص تدريجيًا من المواد الكيميائية المهددة للوزون‪ ،‬وتوضح‬
‫بأن التعاون الدولي لمعالجة مخاطر البيئة العالمية هو أمر مستطاع‪ .‬لكن تعنت‬
‫الوليات المتحدة المريكية واعتدادها بأن قوتها أصبحت فوق إرادة المجتمع الدولي‬
‫جعلها ترفض التوقيع على هذه التفاقية ما دام أن ل أحدا يستطيع إجبارها على ذلك‪).‬‬
‫)‪6‬‬
‫‪:‬البعاد البيئية ‪ϖ‬‬
‫على الصعيد البيئي فان التنمية المستدامة هي الستخدام المثل للراضي الزراعية‪،‬‬
‫والموارد المائية في العالم‪ ،‬مما يؤدى إلى مضاعفة المساحة الخضراء على سطح‬
‫)الكرة الرضية‪2).‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬فإن البلدان التي يوجد بها أكبر معدل فردي من حيث استنزاف موارد‬
‫العالم الطبيعية )على سبيل المثال‪ ،‬أعلى مستويات لستخدام الموارد وإنتاج النفايات‬
‫و انبعاثات غازات الدفيئة( هي أيضا البلدان التي تعيش أكبر نسبة من سكانها في‬
‫ل عن ذلك‪ ،‬فإن أكبر قدر من استخدام الموارد وإنتاج‬ ‫المناطق الحضرية‪ .‬وفض ً‬
‫‪.‬النفايات في العالم يتركز داخل المناطق الحضرية‬
‫وللسياسات الحضرية آثار مهمة للغاية فيما يتصل بالمستويات المستقبلية لنبعاثات‬
‫غازات الدفيئة واستخدام أغلب الموارد في الدولة بالنظر إلى دورها في تصميم‬
‫وتشييد المباني في المناطق الحضرية وفي الشكل المكاني الذي تتخذه المدن والنظم‬
‫‪.‬الحضرية‬
‫وتلعب سياسات التمدين التي تشجع إتباع إنشاء المباني ووحدات النتاج ذات الفعالية‬
‫ل عمرانية ل تعتمد بشكل متزايد على‬ ‫في استخدام الطاقة‪ ،‬والتي تكفل أيضا أشكا ً‬
‫مستويات مرتفعة من استخدام السيارات الخاصة‪ ،‬دورًا رئيسيًا في الفصل بين ارتفاع‬
‫مستويات المعيشة وارتفاع معدلت انبعاثات غازات الدفيئة‪ .‬وهكذا‪ ،‬ينبغي أن‬
‫تضطلع السياسات والخطط والتنظيمات الحضرية بدور مركزي في أي إستراتيجية‬
‫وطنية لتشجيع التنمية المستدامة‪ ،‬كما أن حكومات المدن والبلديات تكون أطرافًا‬
‫)فاعلة مهمة في أي إستراتيجية يؤمل لها النجاح‪3).‬‬
‫‪:‬البعاد التقنية والدارية ‪ϖ‬‬
‫أما على الصعيد التقني والداري فان التنمية المستدامة هي التنمية التي تنقل المجتمع‬
‫إلى عصر الصناعات والتقنيات النظيفة التي تستخدم أقل قدر ممكن من الطاقة‬
‫والموارد‪ ،‬وتنتج الحد الدنى من الغازات والملوثات التي تؤدى إلى رفع درجة‬
‫)حرارة سطح الرض والضارة بالوزون‪2).‬‬
‫ويؤكد تقرير الموارد الطبيعية أن القاسم المشترك لهذه التعريفات القتصادية‬
‫‪:‬والجتماعية والبيئية والتقنية‪ ،‬هي أن التنمية لكي تكون مستديمة يجب أن‬
‫ل‪ :‬أل تتجاهل الضوابط والمحددات البيئية‬ ‫‪.‬أو ً‬
‫‪.‬ثانيًا‪ :‬ل تؤدى إلى دمار و‪/‬أو استنزاف الموارد الطبيعية‬
‫ثالثًا‪ :‬تؤدى إلى تطوير الموارد البشرية )المسكن‪ ،‬الصحة‪ ،‬مستوى المعيشة‪ ،‬أوضاع‬
‫‪).‬المرأة‪ ،‬الديمقراطية‪ ،‬تطبيق حقوق النسان‬
‫)رابعًا‪ :‬تحدث تحولت في القاعدة الصناعية السائدة‪2).‬‬
‫‪:‬ثالثًا‪ :‬المعوقات والتحديات الرئيسية للتنمية المستدامة‬
‫‪ :‬المعوقات ‪ϖ‬‬
‫تتمثل أهم معوقات التنمية المستدامة في الفقر الشديد والموارد الطبيعية المستنزفة‬
‫والزيادة الكبيرة في أسعار المواد الغذائية ومالها من تأثير سلبي وخطير على قطاع‬
‫عريض من طبقات المجتمع وانتشار المراض الوبائية مثل مرض نقص المناعة‬
‫المكتسبة )اليدز( ووباء الملريا علوة على ذلك‪ ،‬نقص البنية التحتية المناسبة فضل‬
‫)عن النقص في تدفق المساعدات التنموية الرسمية ومشكلة الديون الخارجية‪4).‬‬
‫أن هناك وعيًا متزايدًا بأن قضايا السكان والفقر وأنماط النتاج والستهلك والبيئة‬
‫هي قضايا وثيقة الرتباط لدرجة أنه ل يمكن بحث أي منها على انفراد‪ .‬وينظر إلى‬
‫العوامل السكانية في بعض الحيان باعتبارها مثبطات للتنمية المستدامة‪ ،‬لن‬
‫العوامل الديمغرافية‪ ،‬عندما تقترن بالفقر والفتقار إلى فرصة الوصول إلى الموارد‬
‫في بعض المجالت‪ ،‬والفراط في الستهلك وأنماط النتاج التنديدية في مجالت‬
‫أخرى‪ ،‬تسبب أو تؤدي إلى تفاقم مشاكل التدهور البيئي ونفاد الموارد‪ ،‬ومن ثم تعرقل‬
‫)التنمية المستدامة‪3).‬‬
‫وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي حصل خلل الفترة التي أعقبت إعلن ريو في‬
‫مجال العمل البيئي ومسيرة التنمية المستدامة في الدول السلمية‪ ،‬فإن هناك بعض‬
‫المعوقات التي واجهت العديد من هذه الدول في تبّني خطط وبرامج التنمية‬
‫‪:‬المستدامة‪ ،‬كان من أهمها ما يلي‬
‫أ( الفقر الذي هو أساس لكثير من المعضلت الصحية والجتماعية والزمات النفسية‬
‫والخلقية‪ ،‬وعلى المجتمعات المحلية والوطنية والدولية أن تضع من السياسات‬
‫التنموية وخطط الصلح القتصادي‪ ،‬ما يقضي على هذه المشاكل بإيجاد فرص‬
‫العمل‪ ،‬والتنمية الطبيعية والبشرية والقتصادية والتعليمية للمناطق الكثر فقرًا‪،‬‬
‫‪.‬والشّد تخلفًا‪ ،‬والعمل على مكافحة المية‬
‫ب( الديون التي تمّثل ‪-‬إضافة إلى الكوارث الطبيعية بما فيها مشكلت الجفاف‬
‫والتصحر والتخلف الجتماعي الناجم عن الجهل والمرض والفقر‪ -‬أهّم المعّوقات‬
‫التي تحول دون نجاح خطط التنمية المستدامة وتؤثر سلبًا في المجتمعات الفقيرة‬
‫بخاصة والسرة الدولية بعامة‪ ،‬ومن واجب الجميع التضامن للتغلب على هذه‬
‫‪.‬الصعوبات حماية للنسانية من مخاطرها وتأثيراتها السلبية على المجتمع‬
‫ج( الحروب والمنازعات المسلحة والحتلل الجنبي التي تؤثر بشكل مضر على‬
‫البيئة وسلمتها‪ ،‬وضرورة تنفيذ قرارات المم المتحدة الداعية إلى إنهاء الحتلل‬
‫الجنبي ووضع تشريعات والتزامات تحّرم وتجّرم تلويث البيئة أو قطع أشجارها أو‬
‫إبادة حيواناتها‪ ،‬ومراعاة الكرامة في معاملة السرى طبقًا للقوانين الدولية وعدم‬
‫‪.‬التمثيل بالموتى ومنع تخريب المنازل والمنشآت المدنية ومصادر المياه‬
‫د( التضخم السكاني غير الرشيد وخاصة في مدن الدول النامية وتدهور الحوال‬
‫المعيشية في المناطق العشوائية وتزايد الطلب على الموارد والخدمات الصحية‬
‫‪.‬والجتماعية‬
‫هـ( تدهور قاعدة الموارد الطبيعية واستمرار استنزافها لدعم أنماط النتاج‬
‫والستهلك الحالية مما يزيد في نضوب قاعدة الموارد الطبيعية وإعاقة تحقيق التنمية‬
‫‪.‬المستدامة في الدول النامية‬
‫و( عدم توفر التقنيات الحديثة والخبرات الفنية اللزمة لتنفيذ برامج التنمية المستدامة‬
‫‪.‬وخططها‬
‫ي( نقص الخبرات اللزمة لدى الدول السلمية لتتمكن من اليفاء باللتزامات حيال‬
‫قضايا البيئة العالمية ومشاركة المجتمع الدولي في الجهود الرامية لوضع الحلول لهذه‬
‫)القضايا‪6).‬‬
‫‪:‬التحديات ‪ϖ‬‬
‫إن جذور التحديات التي تواجه لتحقيق التنمية المستدامة ترجع إلى ثلث حقب وعلينا‬
‫إتباع منهج ليجاد الحلول المستدامة لتلك التحديات والتي تجذب اتفاق وتعبئة جهود‬
‫المجتمع الدولي لتنفيذ تلك الحلول ولبد أن تبحث هذه الحلول عن طرق ووسائل‬
‫للتعامل مع التحديات المختلفة التي تواجه دول العالم الثالث وتتطلب الفترة القادمة‬
‫لتحقيق أهداف التنمية المستدامة جهود تنسيقيه متكاملة على جميع المستويات وتنفيذ‬
‫اللتزامات الموضوعة المطلوب تنفيذها من الدول وذلك للمواجهة الشاملة‬
‫)لحتياجات شعوبها‪4).‬‬
‫‪:‬وفيما يلي أهم التحديات التي تواجه التنمية المستدامة‬
‫أ( إيجاد مصادر التمويل اللزم لتحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية والتزام‬
‫الدول الصناعية بزيادة الدعم المقدم منها للدول النامية ليصبح )‪ %1,5‬من الناتج‬
‫‪).‬الوطني‬
‫ب( إعداد البرامج التنموية والصحية والتعليمية للشعوب القل نموًا‪ ،‬فالدولة‬
‫والمجتمعات المحلية والقليمية والوطنية والمنظمات ذات الختصاص‪ ،‬تشترك في‬
‫المسؤولية ‪-‬على تفاوت بينها‪ -‬وهي مطالبة بالمساهمة في رعاية الطفولة والمومة‪،‬‬
‫وتأسيس البنى التحتية والمرافق‪ ،‬وذلك بتمويل برامج التنمية المستدامة‪ ،‬ووضع‬
‫الخطط والسياسات الفاعلة في هذا المجال‪ ،‬وتقاس أهلية هذه الطراف جميعًا‬
‫وكفاءتها‪ ،‬بمقدار ما تقدمه من خدمات في هذه المجالت الحيوية‪ ،‬وبمقدار عنايتها‬
‫‪.‬بتطوير برامج العمل التنموي على المستويين الحكومي والشعبي ومؤسساته‬
‫ج( تحقيق التكامل وتشجيع الستثمار الداخلي والجنبي من خلل إيجاد شراكة‬
‫حقيقية بين الدول الصناعية والدول النامية وتحقيق فرص أفضل لمنتجاتها للمنافسة‬
‫‪.‬في السواق المحلية والعالمية من خلل منظمة التجارة العالمية‬
‫‪.‬د( إيجاد وسائل تمويل جديدة لدعم جهود التنمية للدول النامية‬
‫هـ( نقل وتطويع التقنيات الحديثة الملئمة للبيئة وتشجيع الباحثين‪ ،‬وتوفير إمكانيات‬
‫العمل العلمي لهم باعتباره من أسباب تطوير العمل التنموي واستمراره‪ ،‬ويرتبط‬
‫بذلك نشر الوعي بأهمية التفكير العلمي والبحث في مجالت التنمية المستدامة‪،‬‬
‫وتطوير وسائل العمل في هذا المجال‪ ،‬ونقل المجتمع بذلك إلى مراحل متقدمة من‬
‫‪.‬الرقي والتنمية في وقت أسرع وبتكلفة أقل‬
‫س في عنصر التنمية‬ ‫و( حماية التراث الحضاري‪ :‬للتراث الحضاري دوٌر أسا ٌ‬
‫المستدامة لكونه يسهم في تأكيد الذاتية الثقافية‪ ،‬ويحافظ على خصوصياتها‪ ،‬ويحمي‬
‫هويتها من الذوبان‪ ،‬ويساعد على بناء الشخصية المستقلة للفراد والجماعات‪ ،‬ويمنح‬
‫العمل التنموي دفعًة ذاتية أقوى في الدفاع عن الشخصية الوطنية والدينية‪ ،‬وصيانة‬
‫المستقبل المشترك‪ ،‬ولذا فإن التأكيد على البعاد الروحية والخلقية التي تدعو إليها‬
‫الديان السماوية يؤثر إيجابيًا في الدفع‬
‫‪.‬بالتنمية نحو الخير والعمل الصالح والتكافل الجتماعي‬
‫ز( التضّرر من الجراءات التي يتخذها المجتمع الدولي لمجابهة قضايا البيئة العالمية‬
‫‪.‬ومسؤولية المجتمع الدولي في مساعدة الدول السلمية المتضررة‬
‫ح( تأمين مشاركة كاملة وفعالة للدول النامية داخل مراكز اتخاذ القرار والمؤسسات‬
‫القتصادية الدولية وتعزيز الجهود التي تهدف إلى جعل دواليب القتصاد العالمي‬
‫أكثر شفافية وإنصافًا واحترامًا للقوانين المعمول بها على نحو يمكن الدول النامية من‬
‫)رفع التحديات التي تواجهها بسبب العولمة‪6).‬‬
‫وبمختصر العبارة يمكننا القول أن الحد من الفقر يمثل التحدي العظم الذي يواجه‬
‫الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تتطلب شراكة حقيقية بين‬
‫)دول المجتمع الدولي بأسره‪4).‬‬
‫‪:‬الخلصة‬
‫إن التنمية المستدامة تتمثل في عمارة الرض وإصلحها‪ ،‬بما ل يخل بالتوازن و‬
‫عدم استنفاذ العناصر الضرورية للحفاظ على سلمة البيئة‪ ،‬والحد من تعريض‬
‫الرض وما عليها لمختلف أنواع التلوث‪ ،‬وتأكيد عدالة توزيع الموارد وعوائد‬
‫التنمية‪ ،‬والحد من أنماط النتاج والستهلك غير الرشيدة وتوجيهها نحو الستدامة‪.‬‬
‫فالمعادلة بسيطة "إدارة التنمية على مستوى العالم بما يحقق التوازن البيئي" لكن‬
‫المعضلة الكبرى تبقى في التطبيق‪ ،‬فالعالم يمشي‪ ،‬والفقراء يزدادون فقرًا‪ ،‬والحاجة‬
‫اليوم أكثر من إي وقت مضى إلى عقد عالمي جديد قائم على العدالة‪ .‬فالتنمية‬
‫المستدامة القائمة على الدارة العادلة لموارد العالم والتوزيع العادل للثروات وضمان‬
‫الحقوق النسانية للشعوب‪ ،‬هي الطريق القصر لتحقيق السلم والمن العالمي‬

You might also like