Professional Documents
Culture Documents
بسمه تعالى
بحار النوار جلد 52 :من صفحه 1سطر 1إلى صفحه 6سطر 10
][1
) * . 14باب ( *
1الخصال :عن محمد بن موسى بن المتوكل ،عن علي بن الحسين السعد آبادي
عن أحمد بن أبي عبدال برقي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن أبان ،عن أبي
عبدال عليه السلم قال :ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة ،وساعات النهار اثنتا
عشرة ساعة
وأفضل ساعات الليل والنهار أوقات الصلوات ،ثم قال عليه السلم ،إنه إذا زالت
الشمس
فتحت أبواب السماء ،وهبت الرياح ،ونظر ال عزوجل إلى خلقه ،وإني
لحب أن يصعد لي عند ذلك إلى السماء عمل صالح .ثم قال :عليكم بالدعاء في
أدبار
2ومنه :عن أبيه ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن محمد بن أحمد بن يحيى ،
عن إبراهيم بن إسحاق ،عن محمد بن الحسن بن شمعون ،عن أبي هاشم ،قال :
قلت
لبي الحسن الماضي عليه السلم :لم جعلت صلوة الفريضة والسنة خمسين ركعة
ل يزاد
فيها ول ينقص منها ؟ قال :إن ساعة الليل اثنتا عشرة ساعة ،وفيما بين طلوع
الفجر إلى طلوع الشمس ساعة ،وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة ،فجعل لكل
ساعة ركعتين ،وما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق غسق ) . ( 2
3العلل :عن أبيه -إلى قوله -عن أبي هاشم الخادم ،وذكر الحديث
) ( 2الخصال . 86 :
) ( 4سمى بها لختلف مقاديرها طول وقصرا باختلف الفصول بخلف الساعات
المستوية .
][2
إدخال الساعتين في الليل والنهار مبني على اصطلح خاص كان عند القدماء وأهل
خارجان عن الليل والنهار ،بل هما بمنزلة الفصل المشترك بينهما ،وذكره
4العلل :في خبر ابن سلم سأل النبي صلى ال عليه وآله لم سمي الليل ليل ؟
قال :
لنه يليل الرجال من النساء ،جعله ال عزوجل الفة ولباسا ،وذلك قول
ال عزوجل " وجعلنا الليل لباسا ) ( 1وجعلنا النهار معاشا ) . " ( 2
بيان :المليلة المعاملة ليل كالمياومة المعاملة يوما ،ويظهر منه أن الليل
من المليلة مع أن الظاهر العكس ،ويمكن أن يكون تنبيها على أن أصل الليل
الستر .
5العلل :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن إبراهيم بن هاشم ،عن
النوفلي ،عن السكوني ،عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلم قال :قال
رسول ال
صلى ال عليه وآله :ل تسبوا الرياح فإنها مأمورة ،ول تسبوا الجبال ول
الساعات
ذلك بتقدير خالقها وهي مجبولة عليها ،فلعنها لعن من ل يستحقه ،ومن لعن من
ل يستحقه يرجع اللعن عليه .
6تحف العقول :قال الحسن بن مسعود :دخلت على أبي الحسن علي
ابن محمد عليهم السلم وقد نكيت إصبعي وتلقاني راكب وصدم كتفي ،ودخلت في
زحمة
فخرقوا علي بعض ثيابي ،فقلت :كفاني ال شرك من يوم فما أشأمك ! فقال لي :
يا حسن ،هذا وأنت تغشانا ! ترمي بذنبك من ل ذنب له ؟ ! قال الحسن :فأثاب
][3
إلى عقلي ،وتبينت خطائي ،فقلت :مولي أستغفر ال .فقال :يا حسن ما ذنب
اليام حتى صرتم تتشأمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها ؟ قال الحسن :أنا أستغفر
ال أبدا ،وهي توبتي يا ابن رسول ال .قال :وال ما ينفعكم ،ولكن ال يعاقبكم
بذمها على ما لذم عليها فيه ،أما علمت يا حسن أن ال هو المثيب والمعاقب
والمجازي بالعمال عاجل وآجل ؟ قلت :بلى يا مولي ،قال :ل تعد ول تجعل
بيان " :هذا " أي تقول هذا " وأنت تغشانا " أي تدخل علينا " فأثاب " أي
أرجع المام " إلي عقلي " ويدل على أنه ليس لحركات الفلك وحدوث الزمنة
مدخل في الحوادث ،وهذا ل ينافي ما وقع من التحرز عن بعض الساعات واليام
للعمال ،لنها بأمره تعالى تحرزا عما قدرال حدوثه فيها ،كما قال أمير المؤمنين
7النهج :قال عليه السلم وقد سئل عن مسافة ما بين المشرق والمغرب :مسيرة
بيان :لعل عدوله عليه السلم عن الجواب الحقيقي إلى القناعي للشعار بقلة
الفائدة في معرفة تلك المسافة نحو ما قيل في قوله تعالى " قل هي مواقيت للناس
")(3
أو لعسر إثباتها على وجه ل يبقى للمنافقين من الحاضرين سبيل إلى النكار ،كما
صرح عليه السلم به في جواب من سأل عن عدد شعر لحيته ،أو لعدم استعداد
الحاضرين
8العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم :قال :علة فضل الليل على النهار
أن بالليل يكون البيات ،ويرفع العذاب ،وتقل المعاصي ،وفيه ليلة القدر التي
][4
بيان :لعل المراد بالبيات البيتوته والنوم والستراحة ،أو البيات إلى
الطاعات ،والظاهر أنه كان " السبات " فصحفه النساخ ،قال الجوهري :السبات
النوم ،وأصله الراحة ،ومنه قوله تعالى " وجعلنا نومكم سباتا " ) ( 1ويرفع
العذاب
9الكافى :عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن الحسن بن محبوب ،عن
إسماعيل بن أبان ،عن عمر بن عبدال الثقفي ،قال :لما أخرج هشام بن عبدالملك
أبا جعفر عليه السلم إلى الشام سأله عالم من علماء النصارى عن مسائل ،فكان
ما بين طلوع الفجر إلى الشمس .فقال النصراني :فإذا لم تكن من ساعات
الليل ول من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبوجعفر عليه السلم :من
ساعات
الجنة ،وفيها تفيق مرضانا ) الخبر ( ) . ( 2
توضيح :قد عرفت أن هذا اصطلح آخر في الليل والنهار وساعاتهما كان
معروفا بين أهل الكتاب ،فأجابه عليه السلم على مصطلحهم ،والحاصل أن هذه
الساعة
ل تشبه شيئا من ساعات الليل والنهار بل هى شبيهة بساعات الجنة ،وإنما جعلها
ال في الدنيا ليعرفوا بها طيب هواء الجنة ولطافته واعتداله .
10ارشاد القلوب :بإسناده رفعه إلى الكاظم عليه السلم عن آبائه عليهم السلم
قال :
قال أميرالمؤمنين عليه السلم :إن ال تعالى فرض على امة محمد صلى ال عليه
خمس صلوات في خمسة أوقات ،اثنتان بالليل وثلث بالنهار ،ثم جعل هذه
الخمس صلوات تعدل خمسين صلوة ،وجعلها كفارة خطاياهم ) الخبر ( .
الخصال :عن الحسن بن عبدال بن سعيد العسكري ،عن عمه ،عن أبي إسحاق
قال :أملى علينا " تغلب " ساعات الليل :الغسق ،والفحمة ،والعشوة والهدأة )
( 3والسباع
توضيح :قال الفيروز آبادي :الغسق محركة ظلمة أول الليل .وقال :
الفحمة من الليل أوله ،أو أشد سواده ،أو ما بين غروب الشمس إلى نوم الناس
خاص بالصيف .جمع :فحام وفحوم وقال :العشوة بالفتح الظلمة كالعشاء ) ( 3
مابين
أول الليل إلى ربعه ،والعشاء أول الظلم ،أو من المغرب إلى العتمة ،أو من زوال
الشمس إلى طلوع الفجر ،والعشية آخر النهار ،والعشاءان المغرب والعتمة و
في المصباح المنير :العشي قيل ما بين الزوال إلى الصباح ،وقيل العشي والعشاء
من صلة المغرب إلى العتمة ،وعليه قول ابن فارس " العشاء ان المغرب والعتمة
"
قال ابن النباري :العشية مؤنثة ،وربما ذكرتها العرب ،وقال بعضهم :العشية
واحدة جميعا عشي ،والعشاء بالكسر والمد أول ظلم الليل ،والعشاء بالفتح والمد
الطعام الذي يتعشى به وقت العشاء .وقال :أتانا بعد هدء من الليل وهدء وهدأة
وهدئ ومهدأ وهدوء أي حين هدأ الليل والرجل ،أو الهدء أول الليل إلى ثلثه .
وأما السباع فلم أجده فيما عندنا من كتب اللغة ،وكأنه من السباع ككتاب بمعنى
الجماع لنه وقته ،أو من السبع لنه مضى من الليل سبع ساعات ،أو هو بالياء
المثناة التحتانية .قال في القاموس :بعد سبعاء من الليل بالكسر وكسيراء بعد
قطع منه وبعد سوع من الليل وسواع كغراب بعد هدء .وقال :جنوح الليل إقباله
والجنح بالكسر الجانب ،ومن الليل الطائفة ويضم .وقال الراغب في مفرداته :
الجنح قطعة من الليل مظلمة .وفي القاموس :هزيع من الليل كأمير طائفة أو نحو
ثلثه أوربعه .والعفر في بعض النسخ بالعين المهملة والفاء ،وفي بعضها
بالمعجمة ،و
][6
على التقادير آخره راء مهملة ،وفي بعضها " الفغد " بالفاء ثم الغين المعجمة ،
وفي
بعضها بالفاء ثم القاف ،وفي بعضها بالنون ثم القاف ،وعلى التقادير آخره دال
مهملة ،ولم أجد لشئ منها معنى مناسبا .وفي القاموس :اليعفور جزء من أجزاء
الليل .فالول أنسب إن لم يكن تصحيفه .وفي القاموس :الزلفة بالضم الطائفة
من الليل والجمع نولف كغرف وغرفات وغرفات وغرفات ،أوالزلف ساعات
الليل الخذة من النهار ،وساعات النهار الخذة من الليل .وقال الجوهري :
الزلفة الطائفة من أول الليل .وقال :السحر قبل الصبح ،والسحرة بالضم السحر
العلى .وقال الراغب في المفردات :السحر والسحرة اختلط ظلم آخر الليل
بضياء النهار ،وجعل اسما لذلك الوقت ،يقال لقيته بأعلى سحرين .وفي القاموس
:
ابهار الليل انتصف ،أو تراكبت ) ( 1ظلمته ،أو ذهبت عامته ،أو بقي نحو ثلثه .
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 6سطر 11إلى صفحه 14سطر 2
والبهرة بالضم من الليل وسطه .وقال :رائد الضحى ورأده ارتفاعه .وقال :
الشرق
الشمس ويحرك وإسفارها ،وشرقت الشمس شرقا وشروقا طلعت كأشرقت .و
قال :متع النهار كمنع متوعا ارتفع قبل الزوال ،والضحى بلغ آخر غايته .وهو
عند الضحى الكبر ،أو ترجل وبلغ الغاية .وقال :ترجل النهار ارتفع .وقال :
دلكت الشمس دلوكا غربت أو اصفرت أو مالت أو زالت من كبد السماء ) انتهى ( .
وأقول :قد ورد في الخبار أن دلوك الشمس زوالها ،والجنوح لعله هنا
بمعنى الميل لميل الشمس إلى المغرب ،ولم أر بهذا المعنى في كتب اللغة .وفي
القاموس :الهجير والهجيرة والهجر والهاجرة نصف النهار عند زوال الشمس مع
الظهر ،أو من عند زوالها إلى العصر ،لن الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد
النهار
وإنما ) ( 3ذلك في القيظ .وقال الراغب :الظهيرة وقت الظهر ،وقال :يقال
للعشية
* ) هامش ( * ) ( 1تراكمت ) خ (
][7
أصيل وأصيلة .وقال الجوهري :الصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب ،وجمعه
اصل وآصال .وقال :الطفل بالتحريك بعد العصر إذا طفلت الشمس للمغرب ) ( 1
باثنتي عشرة ساعة وسموا كل منها باسم ،فساعات النهار :البكور ،والشروق ،
و
الغدو ،والضحى ،والهاجرة ،والظهيرة ،والرواح ،والعصر ،والقصر ،والصيل
.
والهاجرة
وبعضهم
الغدوة كالبكر محركة ،واسمها البكار ،وبكر إليه وعليه وفيه وبكر وابتكر :
أتاه بكرة ،وكل من بادر إلى شئ فقد أبكر إليه في أي وقت كان .وقال :
الغدوة بالضم البكرة ،أو ما بين صلوة الفجر وطلوع الشمس ،كالغداة والغدية
والجمع غدوات وغديات وغدايا وغدوا ول يقال غدايا إل مع عشايا ،وغدا عليه
غدوا وغدوة بالضم واغتدى :بكر .وقال :الضحو والضحوة والضحية كعشية
ارتفاع النهار ،والضحى فويقه ،والضحاء بالمد إذا قرب انتصاف النهار .وقال :
الرواح العشي ) ( 2من الزوال إلى الليل .وقال :العصر العشي إلى احمرار
الشمس .وقال الجوهري :قصر الظلم اختلطه ،وقد قصر العشي يقصر قصورا
إذا أمسيت ،ويقال أتيته قصرا أي عشيا .وقال :الشفق بقية ضوء الشمس له
حمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة .وقال الخليل :الشفق الحمرة من
][8
غروب الشمس إلى وقت العشاء الخرة ،فإذا ذهب قيل غاب الشفق .وقال :
العتمة وقت صلة العشاء ،قال الخليل :العتمة هو الثلث الول من الليل بعد
غيبوبة الشفق ،وقد عتم الليل يعتم ،وعتمته ظلمه .وقال :قال الصمعي :
السدفة والسدفة في لغة نجد الظلمة ،وفي لغة غيرهم الضوء ،وهو من الضداد ،
و
كذلك السدف بالتحريك .وقال أبوعبيد :بعضهم يجعل السدفة اختلط الضوء
والظلمة معا كوقت ما بين طلوع الفجر إلى السفار ،وقد أسدف الليل أى أظلم
وقال الفيروز آبادي :الجهمة أول مآخير الليل أو بقية سواده من آخره ويضم .
وقال :الفجر ضوء الصباح ،وهو حمرة الشمس في سواد الليل ،وقد انفجر
الصبح
وتفجر وانفجر عنه الليل ،وأفجروا دخلوا فيه ،وأنت مفجر إلى طلوع الشمس .
وقال :الصبح الفجر ،أو أول النهار ،والجمع أصباح ،وهو الصبيحة والصباح
والصباح ) انتهى ( .
السفار ،وللصبح عند العرب أسماء كثيرة :الفلق بالتحريك ،والسطيع ،والصديع
من ذرت الشمس تذر ذرورا إذا طلعت وبزوغ الشمس أيضا طلوعها .
وفي القاموس :الغزالة كسحابة الشمس ،لنها تمد حبال كأنها تغزل
أو الشمس عند طلوعها أو عند ارتفاعها ،وغزالة الضحى وغزالته أولها ،أو بعد
)(1
ما تنبسط الشمس وتضحى ،أو أولها إلى مضي خمس النهار ) انتهى ( .
لساعة منه ،وسهواء الليل وروبته بالفتح والضم بغير همز اسمان لبعض ساعات
الليل
والهبة بكسر الهاء وتشديد الباء الساعة تبقى من السحر ،ويقال رأيت بلجة الصبح
بالفتح والضم إذا رأيت ضوءه .فهذا ما وجدنا من أسماء ساعات الليل والنهار عند
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر " او بعيد . " . .
][9
الحاديان لسوقهما الناس إلى الموت ،والصرمان لقطعهما العمار ،والملوان من
قولهم عشت معه ملوة من الدهر أي حينا وبرهة ،ويقال سكت مليا أي طويل
إبلن ترد أحدهما حين تصدر الخرى ،والصرعان أيضا المثلن ،والثرمان أي
يدفعان سريعا ،والسبات بالضم الدهر ،والجمير من قولهم أجمر القوم على الشئ
إذا اجتمعوا عليه ،وهذا جمير القوم أي مجتمعهم ،والسمير من المسامرة وهو
الحديث
المنجمين من زوال الشمس من دائرة نصف النهار فوق الرض إلى وصولها
إليها ،و
عند بعضهم من زوال مركز الشمس من دائرة نصف النهار تحت الرض إلى
وصولها
إليها ،وعلى التقديرين يكون اليوم بليلته بمقدار دورة من المعدل مع المطالع
الستوائية لقوس يقطعه الشمس من فلك البروج بحركتها الخاصة من نصف اليوم
إلى نصف اليوم ،أو من نصف الليل إلى نصف الليل ،والوسطي هو مقدار دورة
من
المعدل مع مطالع قوس تقطعه الشمس بالسير الوسطي ،وبسبب الختلف بين
الحركة الوسطية والحركة التقويمية يختلف اليوم بالمعنى الول والثاني اختلفا
] [ 10
يسيرا يظهر في أيام كثيرة ،لكن اليوم بالصطلحين ل يختلف باختلف الفاق ،و
بعضهم يأخذون اليوم من طلوع الشمس إلى طلوعها ،وبعضهم من غروبها إلى
قال أبوريحان البيروني :إن اليوم بليلته هو عودة الشمس بدوران الكل
إلى دائرة فرضت ابتداء لذلك اليوم بليلته أي دائرة كانت إذا وقع عليها الصطلح
وكانت عظيمة ،لن كل واحدة من العظام افق بالقوة أعني بالقوة أنه يمكن
فيها أن يكون افقا لمسكن ما ،وبدوران الكل حركة الفلك بما فيه المرئية من
ثم إن العرب فرضت أول مجموع اليوم والليلة نقط المغارب على دائرة
الفق ،فصار اليوم عندهم بليلته من لدن غروب الشمس عن الفق إلى غروبها من
الغد ،والذي دعاهم إلى ذلك هو أن شهورهم مبتنية على مسير القمر ،مستخرجة
من حركاته المختلفة ،مقيدة برؤية الهلة ل الحساب ،وهي ترى لدى غروب
الشمس ورؤيتها عندهم أول الشهر فصارت الليلة عندهم قبل النهار ،وعلى ذلك
جرت عادتهم في تقديم الليالي على اليام إذا نسبوها إلى أسماء السابيع .واحتج
لهم من وافقهم على ذلك بأن الظلمة أقدم في المرتبة من النور ،وأن النور طار
على الظلمة ،فالقدم أولى أن يبتدأ به ،وغلبوا السكون لذلك على الحركة
بإضافة الراحة والدعة ،وأن الحركة لحاجة وضرورة ،والتعب عقيب الضرورة
فالتعب نتيجة الحركة ،وبأن السكون إذا دام في السطقسات مدة لم يولد فسادا
فإذا دامت الحركة فيها واستحكمت أفسدت وحدثت الزلزل والعواصف والمواج
وأشباهها .فأما عند غيرهم من الروم والفرس ومن وافقهم فإن الصطلح واقع
بينهم على أن اليوم بليلته هو من لدن طلوعها من افق المشرق إلى طلوعها منه
بالغد ،إذ كانت شهورهم مستخرجة بالحساب غير متعلقة بأحوال القمر ول غيره
من
الكواكب ،وابتداؤها من أول النهار ،فصار النهار عندهم قبل الليل .واحتجوا
بأن النور وجود والظلمة عدم ،ومقدموا النور على الظلمة يقولون بتغليب
] [ 11
الحركة على السكون ،لنها وجود ل عدم وحيوة ل موت ،ويعارضونهم بنظائر
ما قاله اولئك ،كقولهم ،إن السماء أفضل من الرض ،وإن العامل والشاب
أصح ،والماء الجاري ل يقبل عفونة كالراكد .وأما أصحاب التنجيم فإن اليوم
بليلته عند جلهم والجمهور من علمائهم هو من لدن موافاة الشمس فلك نصف
النهار
إلى موافاتها إياه في نهار الغد ،وهو قول بين القولين ،فصار ابتداء اليام بلياليها
عندهم من النصف الظاهر من فلك نصف النهار ،وبنوا على ذلك حسابهم
واستخرجوا
عليها مواضع الكواكب بحركاتها المستوية ومواضعها المقومة في دفاتر السنة ،و
بعضهم آثر النصف الخفي من فلك نصف النهار ،فابتدؤوا به من نصف الليل
كصاحب
زيج شهرياران ،ول بأس بذلك ،فإن المرجع إلى أصل واحد .
والذي دعاهم إلى اختيار دائرة نصف النهار دون دائرة الفق هو امور كثيرة
منها :أنهم وجدوا اليام بلياليها مختلفة المقادير غير متفقة كما يظهر ذلك من
اختلفها عند الكسوفات ظهورا بينا للحس ،وكان ذلك من أجل اختلف مسير
الشمس في فلك البروج وسرعته فيه مرة وبطئه اخرى ،واختلف مرور القطع
من فلك البروج على الدوائر ،فاحتاجوا إلى تعديلها لزالة ما عرض لهم من
الختلف
وكان تعديلها بمطالع فلك البروج على دائرة نصف النهار مطردا في جميع المواضع
إذ كانت هذه الدائرة بعض آفاق الكرة المنتصبة وغير متغيرة اللوازم في جميع
وحدوثها لكل واحد من العروض على شكل مخالف لما سواه ،وتفاوت مرور قطع
فلك البروج عليها ،والعمل بها غير تام ول جار على نظام .
ومنها :أنه ليس بين دوائر أنصاف نهار البلد إل ما بينهما من دائرة معدل
النهار والمدارات المشبهة بها ،فأما الفاق فإن ما بينها مركب من ذلك ومن
انحرافها إلى الشمال والجنوب ،وتصحيح أحوال الكواكب ومواضعها إنما هو
بالجهة التي يلزم من فلك نصف النهار وتسمى الطول ليس له خط في الجهة
الخرى اللزمة عن الفق وتسمى العرض ،فلجل هذا اختاروا الدائرة التي
] [ 12
تطرد عليها حسباناتهم وأعرضوا عن غيرها .على أنهم لوراموا العمل بالفاق
لتهيألهم ولدتهم إلى ما أدتهم إليه دئرة نصف النهار لكن بعد سلوك المسلك البعيد
وأعظم الخطاء هو تنكب الطريق المستقيم إلى البعد الطول على عمد .
الفائدة الثانية :اعلم أن اليوم قد يطلق على مجموع اليوم والليلة ،وقد
يطلق على ما يقابل الليل ،وهو يرادف النهار ،ول ريب في أن اليوم والنهار
الشرعيين مبدؤهما من طلوع الفجر الثاني إلى غيبوبة قرص الشمس عند بعض ،
و
إلى ذهاب الحمرة المشرقية عند أكثر الشيعة ،وعند المنجمين وأهل فارس والروم
من طلوع الشمس إلى غروبها .وخلط بعضهم بين الصطلحين فتوهم أن اليوم
الشرعي أيضا في غير الصوم من الطلوع إلى الغروب ،وهذا خطاء ،وقد أوردنا
اليات والخبار الكثيرة الدالة على ما اخترناه في كتاب الصلوة وأجبنا عن شبه
قال أبوريحان بعد إيراد ما تقدم منه :هذا الحد هو الذي نحد به اليوم
على الطلق إذا اشترط الليلة في التركيب ،فأما على التقسيم والتفصيل فإن
اليوم بانفراده والنهار بمعنى واحد ،وهو من طلوع جرم الشمس إلى غروبه
والليل بخلف ذلك وعكسه بتعارف من الناس قاطبة فيما بينهم واتفاق من
جمهورهم
ل يتنازعون فيه ،إل أن بعض علماء الفقه في السلم حد أول النهار بطلوع الفجر
وآخره بغروب الشمس ،تسوية منه بينه وبين مدة الصوم .واحتج بقوله تعالى
" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط البيض من الخيط السود من الفجر
ثم أتموا الصيام إلى الليل " ) ( 1فادعى أن هذين الحدين هما طرفا النهار .ول
تعلق لمن رأى هذا الرأي بهذه الية بوجه من الوجوه ،لنه لو كان أول الصوم
أول النهار لكان تحديده ما هو ظاهر بين للناس بمثل ما حده به جاريا مجرى
التكلف لما ل معنى له ،كما لم يحد آخر النهار وأول الليل بمثل ذلك ،إذ هو
معلوم متعارف ل يجهله أحد ،ولكنه تعالى لما حد أول الصوم بطلوع الفجر ولم
] [ 13
يحد آخره بمثله بل أطلقه بذكر الليل فقط لعلم الناس بأسرهم أنه غروب قرص
الشمس علم أن المراد بما ذكر في الول لم يكن مبدأ النهار ،ومما يدل على
صحة قولنا قوله تعالى " احل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله
] تعالى [ ثم أتموا الصيام إلى الليل " ) ( 1فأطلق المباشرة والكل والشرب إلى
وقت محدود ل الليل كله ،كما كان محظورا على المسلمين قبل نزول هذه الية
الكل
والشرب بعد عشاء الخرة ،وما كانوا يعدون صومهم بيوم وبعض ليلته ،بل كانوا
فان قيل :إنه أراد بذلك تعريفهم أول النهار ،للزم أن يكون الناس قبل
ذلك جاهلين بأول اليام والليالي ،وذلك ظاهر المحال .فإن قيل :إن النهار
الشرعي خلف النهار الوضعي ،فما ذلك إل خلف في العبارة وتسمية شئ باسم
وقع في التعارف على غيره مع تعري الية عن ذكر النهار وأوله ،والمشاحة في
مثل ذاك مما نعتزلها ونوافق الخصوم في العبارات إذا وافقونا في المعاني ،وكيف
يعتقد أمر ظهر للعيان خلفه ؟ فإن الشفق من جهة المغرب هو نظير الفجر من جهة
المشرق ،وهما متساويان في العلة متوازيان في الحالة ،فلو كان طلوع الفجر أول
النهار لكان غروب الشفق آخره ،وقد اضطر إلى قبول ذلك بعض الشيعة ) ( 2
وعلى
أن من خالفنا فيما قدمناه يوافقنا في مساواة الليل والنهار مرتين في السنة :
ينتهي في طوله عند تناهي قرب الشمس من القطب الشمالي ،وأنه ينتهي في
قصره
عند تناهي بعدها منه ،وأن ليل الصيف القصر يساوي نهار الشتاء القصر ،وأن
) ( 2القول باعتبار غروب الشفق لتحقق الليل غير معهود من الشيعة ،والظاهر
أن منشأ
الشتباه المشهور ارتفاع الحمرة المشرقية إلى قمة الرأس .ولعله أراد ببعض
الشيعة أبا الخطاب
العالى ،فقد روى في السرائر عن عمار الساباطى عن أبي عبدال عليه السلم أنه
أبا الخطاب أن يصلى المغرب حين تغرب الحمرة من مطلع الشمس عند مغربها
فجعله هو الحمرة
] [ 14
معنى قوله تعالى " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) " ( 1وقوله
تعالى :
" يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) " ( 2راجع إلى ذلك ،فإن
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 14سطر 3إلى صفحه 22سطر 3
جهلوا ذلك كلو أو تجاهدوا لم يجدوا بدا من كون النصف النهار الول ست ساعات ،
والنصف الخير ست ساعات ،ول يمكنهم التعامي عن ذلك لشيوع الخبر المأثور
في
ذكر فضائل السابقين إلى الجامع يوم الجمعة وتفاضل ] أجورهم بتفاضل [ قصورهم
في الساعات الست التي هي أول النهار إلى وقت الزوال ،وذلك مقول على
الساعات
الزمانية المعوجة دون المستوية التي تسمى المعتدلة ،فلو سامحناهم بالتسليم لهم
في
دعواهم لوجب أن يكون استواء الليل والنهار حين تكون الشمس بجنبتي النقلب
الشتوي ويكون ذلك في بعض المواضع دون بعض ،وأن ل يكون الليل الشتوي
مساويا للنهار الصيفي ،وأن ل يكون نصف النهار موافاة الشمس منتصف ما بين
الطلوع
والغروب ،وخلفات هذه اللوازم هي القضايا المقبولة عند من له أدنى بصر ،
وليس
يتحقق لزوم هذه الشناعات إياهم إل من له درية يسيرة بحركات الكر ) . ( 3
فإن تعلق متعلق بقول الناس عند طلوع الفجر " قد أصبحنا وذهب الليل "
فأين هو عن قولهم عند تقارب غروب الشمس واصفرارها " قد أمسينا وذهب
النهار و
جاء الليل " وإنما ذلك إنباء عن دنوه وإقباله وإدبار ما هم فيه ،وذلك جار على
طريق المجاز والستعارة ،وجائز في اللغة كقول ال تبارك وتعالى " أتى أمر ال
فل تستعجلوه ) " ( 4ويشهد لصحة قولنا ما روي عن النبي صلى ال عليه وآله
النهار عجماء " وتسمية الناس صله الظهر بالولى لنها الولى من صلوتي
النهار ،
وتسمية صلوة العصر بالوسطى لتوسطها بين الصلة الولى من صلتي النهار
وبين
الصلة الولى من صلوات الليل ،وليس قصدي فيما أوردته في هذا الموضع إل
نفي
) ( 2الزمر . 5 :
) ( 4النحل . 1 :
] [ 15
ظن من يظن أن الضروريات تشهد بخلف ما يدل عليه القرآن ،ويحتج لثبات
ظنه بقول أحد الفقهاء والمفسرين وال الموفق للصواب ) انتهى كلمه ( .
وأقول :سيأتي جواب ذلك كله ،والدلئل الكثيرة الدالة على خلفه ،وما
ذكره على تقدير تمامه ل ينافي ما ادعيناه مع أن عرف الشرع بل العرف العام قد
استقر على أن ابتداء اليوم والنهار طلوع الفجر الثاني ) ( 1وأكثر ما ذكره يدل
على أنه بحسب الحساب والقواعد النجومية أو لهما طلوع الشمس ،ول مشاحة
في ذلك .وقوله لو كان أول الصوم أول النهار إلخ فالجواب أنه لما كان أول النهار
عند أهل الحساب طلوع الشمس بين سبحانه أن المراد هنا اليوم الشرعي ،كما
أنه لما كانت اليد تطلق على معان قال في آية الوضوء " إلى المرافق " لتعيين أحد
المعاني ،ولما لم يكن في آخر النهار اختلف في الصطلح لم يتعرض لتعيينه ،و
إنما استقر العرف العام والخاص على جعل أول النهار الفجر وأول الليل
الغروب لما سيأتي أن الناس لما كانوا في الليل فارغين عن أعمالهم الضرورية
للظلمة
المانعة فاغتنموا شيئا من الضياء لحركتهم وتوجههم إلى أعمالهم الدينية والدنيوية
طلوعها إلى غيبوبتها ،وأما تحديد بعض العبادات كالصوم بغير هذيه الحدين فل
اليوم اوالنهار معنى شرعيا مغائرا لمعناه العرفى واللغوى ،ودعود دللة آية
اليوم والنهار ول دللة لها على كون مبدأ الصوم هو مبدأ النهار بعينه .نعم يظهر
" ثم اتموا الصيام إلى الليل " ان منتهاه هو مبدأ الليل فبناء على ما هو المشهور
اعتبار ذهاب الحمرة المشرقية يقع الكلم في ان مبدأ الليل العرفى هو غروب
الشمس فاعتبار
امر زائد عليه يدل على ان مبدأه عند الشرع غير ذلك ،ولقائل أن يقول :إن استتار
القرص
لما كان يختلف في الراضى المتقاربة لجل حيلولة الجبال الشاهقة بل التلل
المرتفعة جعل
ارتفاع الحمرة كاشفا عن تحقق الغروب في الراضى المتفقة الفق .ويؤيد ذلك
عمير عن الصادق عليه السلم " فاذا جازت يعن الحمرة قمة الرأس إلى ناحية
المغرب فقد
وجب الفطار وسقط القرص " وفي روايه اخرى " والدليل على غروب الشمس
] [ 16
وفي الليل بالعكس لنهم لما كلوا وملوا من حركات النهار وأعماله اغتنموا شيئا
من الظلمة لتركهم ذلك ،فلذا اختلف المر في أول النهار وآخره ،وما وقع في
الشرع من أن الزوال نصف النهار فهو على التقريب والتخمين ،وما ذكره من
استواء الليل والنهار في العتدالين فمعلوم أنه مبني على اصطلح المنجمين ،
وسيأتي
الفائدة الثالثة :ل ريب في أن الليل بحسب الشرع مقدم على اليوم فما
ورد في ليلة الجمعة مثل إنما هي الليلة المتقدمة لالمتأخرة ،وما يعتبره المنجمون
وبعض العرب من تأخير الليلة فهو محض اصطلح منهم ،ول يبتني عليه شئ من
أحكام
الشريعة .ومما يدل عليه ما رواه الكليني في الروضة بسند موثق عن عمر بن
يزيد
قال :قلت لبي عبدال عليه السلم :إن المغيرية يزعمون أن هذا اليوم لهذه الليلة
المستقبلة ،فقال :كذبوا ،هذا اليوم لليلة الماضية ،إن أهل بطن نخلة حيث رأوا
المذمومين المطعونين ،وقد روى الكشي أخبارا كثيرة في أنه كان من الكذابين
على أبي جعفر عليه السلم وروي أنه كان يدعو الناس إلى محمد بن عبدال بن
الحسن ،و
كان من الزيدية التبرية .وفي بعض النسخ " المغيرة " أي الذين غيروا دين ال
صلى ال عليه وآله بعث عبدال بن جحش ومعه ثمانية رهط من المهاجرين ،وقيل
اثنا عشر ،وأمره أن ينزل " نخلة " بين مكة والطائف ،فيرصد قريشا ويعلم
أخبارهم
فانطلقوا حتى هبطوا نخلة ،فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة قريش
في آخر يوم من جمادى الخرة ،وكانوا يرون أنه من جمادى وهو رجب ،فاختصم
المسلمون ،فقال قائل منهم ،هذا غرة من عدو ،وغنم ) ( 1رزقتموه ،فل ندري
أمن
] [ 17
الشهر الحرام هذا اليوم أم ل ،فقال قائل منهم ،ل نعلم هذا اليوم إل من الشهر
الحرام ،ول نرى أن تستحلوه لطمع اشفيتم عليه ،فشدوا على ابن الحضرمي
فقتلوه وغنموا عيره ،فبلغ ذلك كفار قريش فركب وفدهم حتى قدموا على
النبي صلى ال عليه وآله فقالوا :أيحل القتال في الشهر الحرام ؟ فأنزل ال تعالى
" يسئلونك
عن الشهر الحرام قتال فيه الية ) " ( 1ويظهر من هذا الخبر كما ورد فيه بعض
السير ،أيضا أنهم إنما فعلوا ذلك بعد رؤية هلك رجب وعلمهم بكونه منه ،
واستشهاده
عليه السلم بأن الصحابة حكموا بعد رؤية الهلل بدخلول رجب ،فالليل سابق
على النهار ومحسوب مع اليوم الذي بعده يوما ،وما سبق من تقدم خلق النهار
إلى أربعة وعشرين قسما متساوية يسمونها بالساعات المستوية والمعتدلة ،
وأقسام
الليل والنهار في أي وقت كان باثنتي عشرة ساعة متساوية ،ويسمونها بالساعات
الخبار مبنية على هذا الصطلح كما أو مأنا إليه ،والساعتان تستويان في خط
الستواء أبدا ،وعند حلول الشمس أحد العتدالين في سائر الفاق .وقد تطلق
الساعة في الخبار على مقدار من أجزاء الليل والنهار مختص بحكم معين أو صفة
مخصوصة ،كساعة ما بين طلوع الفجر والشمس ،وساعة الزوال ،والساعة بعد
العصر
وساعة آخر الليل ،وأشباه ذلك ،بل على مقدار من الزمان وإن لم يكن من
أجزاء الليل والنهار كالساعة التي تطلع على يوم القيامة ،كما أن اليوم قد يطلق
على مقدار من الزمان مخصوص بواقعة أو حكم كيوم القيامة ويوم حنين ،وقال
] [ 18
12الكافى :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد والحسين
بن سعيد
جميعا ،عن النضر ،عن يحيى الحلبي ،عن المثنى ،عن أبي بصير ،عن أبي
عبدال
عليه السلم في قوله عزوجل " كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ) ( 2
"
قال :أما ترى البيت إذا كان الليل أشد سوادا من خارج ؟ فكذلك هم يزدادون
سوادا ) . ( 3
عن سيف عن أبي بكر الحضرمي ،قال :سألت أبا عبدال عليه السلم فقلت :متى
اصلي
ركعتي الفجر ؟ قال :حين يعترض الفجر ،وهو الذي تسميه العرب " الصديع " .
بيان :في القاموس :الصديع كأمير الصبح .وفي الساس :ومن المجاز
. 15
* ) باب ( *
1الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن علي بن عبديد ) ( 4
الشعري ،عن ابن محبوب ،عن حبيب السجستاني ،عن أبي عبدال عليه السلم
قال :
قال رسول ال صلى ال عليه وآله يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا ل عزوجل فيه ،
ويوم السبت
لل محمد عليهم السلم ،ويوم الحد لشيعتهم ،ويوم الثنين يوم بني امية ،ويوم
الثلثاء
* ) هامش ( * ) ( 1ابراهيم . 5 :
) ( 2يونس . 27 :
) ( 4وفي بعض النسخ " عبديل " ولم نجد منهما ذكرا في تراجم العامه
والخاصة ،و
الظاهر أن الصواب كما في المصدر " على بن اسحاق الشعرى " وهو على بن
اسحاق بن عبدال
] [ 19
يوم لين ،ويوم الربعاء لبني العباس وفتحهم ) ( 1ويوم الخميس يوم مبارك
بورك
بيان :ضمير " بكورها " راجع إلى المة ،أي مباكرتهم في طلب الحوائج
2الخصال :عن أبيه ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن سهل بن زياد ،عن
عمر بن سفيان ،رفع الحديث إلى أبي عبدال عليه السلم أنه قال لرجل من
مواليه :
يا فلن ،مالك لم تخرج ؟ قال :جعلت فداك ،اليوم الحد .قال :وما للحد ؟
قال :الرجل :للحديث الذي جاء عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال :احذروا حد
الحد
فإن له حدا مثل حد السيف .قال :كذبوا ،كذبوا ،ما قال ذاك رسول ال صلى ال
عليه وآله
فإن الحد اسم من أسماء ال عزوجل .قال :قلت :جعلت فداك ،فالثنين ؟
قال :سمي باسمهما ،قال الرجل :سمي باسمهما ولم يكونا ؟ فقال له أبوعبدال
عليه السلم :إذا حدثت فافهم ،إن ال تبارك وتعالى قد علم اليوم الذي يقبض فيه
نبيه صلى ال عليه وآله واليوم الذي يظلم فيه وصيه ،فسماه باسمهما .قال :قلت
خلقت يوم الثلثاء النار ،وذلك قوله عزوجل " انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون
انطلقوا
إلى ظل ذي ثلث شعب * ل ظليل ول يغني من اللهب ) " ( 3قال :قلت :فالربعاء
؟ قال :
بنيت أربعة أركان للنار .قال :قلت :فالخميس ؟ قال :خلق ال الخمسة ) ( 4يوم
الخميس قال :قلت :فالجمعة ؟ قال :جمع ال عزوجل الخلق لوليتنا يوم الجمعة .
قال :قلت :فالسبت ؟ قال :سبت الملئكة لربها يوم السبت ،فوجدته لم يزل واحدا
).(5
بيان " :باسمهما " أي باسم أبي بكر وعمر .والخمسة أصحاب العباء عليهم
السلم
) ( 2الخصال . 26 :
) ( 3المرسلت . 31 29 :
) ( 5الخصال . 26 :
] [ 20
] سبت الملئكة [ أي قطعت أعمالها للتفكر في ذاته تعالى :قال الراغب في مفرداته
:
أصل السبت قطع العمل ،ومنه سبت السير أي قطعه ،وسبت شعره حلقه وأنفه
اصطلمه ،وقيل سمي يوم السبت لن ال تعالى ابتدأ بخلق السماوات والرض
يوم الحد فخلقها في ستة أيام كما ذكره فقطع عمله يوم السبت فسمي بذلك .
عبدال بن أحمد الموصلي ،عن الصقر بن أبي دلف الكرخي ،قال :لما حلم
المتوكل
سيدنا أبا الحسن العسكري عليه السلم جئت أسأل عن خبره ،قال :فنظر إلى
الزراقي
وكان حاجبا للمتوكل فأمر أن ادخل إليه ،فأدخلت إليه فقال :يا صقر ماشأنك ؟
فقلت :خير أيها الستاد ،فقال :اقعد ،فأخذني ما تقدم وما تأخر وقلت أخطأت
في المجئ ،قال :فوحى الناس عنه ثم قال لي :ما شأنك وفيم جئت ؟ قلت :لخبرما
)(1
علي مذهبك .فقلت :الحمدل ،قال :أتحب أن تراه ؟ قلت :نعم ،قال :اجلس
حتى يخرج صاحب البريد من عنده ،قال :فجلست فلما خرج قال لغلم له :
خذ بيد الصقر وأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخل بينه وبينه .
قال :فأخلني إلى الحجرة ،وأومأ إلى بيت فدخلت فإذا هو عليه السلم جالس على
صدر حصير وبحذائه قبر محفور ،قال :فسلمت عليه فرد علي ثم أمرني بالجلوس
ثم قال لي :يا صقر ما أتى بك ؟ قلت :سيدي جئت أتعرف خبرك .قال :ثم
نظرت إلى القبر فبكيت ،فنظر إلى فقال :يا صقر ل عليك ،لن يصلوا إلينا بسوء
الن .فقلت :الحدل ،ثم قلت :يا سيدي حديث يروى عن النبي صلى ال عليه
وآله ل
أعرف معناه ،قال :وما هو ؟ فقلت :قوله " ل تعادوا اليام فتعاديكم " ما معناه ؟
فقال :نعم ،اليام نحن ما قامت السماوات والرض ،فالسبت اسم رسول ال
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر :لخير ما .
] [ 21
صلى ال عليه وآله والحد كناية عن أميرالمؤمنين عليه السلم والثنين الحسن
والحسين
والثلثاء علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد ،والربعاء موسى بن
جعفر
وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأنا ،والخميس ابني الحسن بن علي ،والجمعة
ابن ابني ،وإليه تجتمع عصابة الحق ،وهو الذي يملؤها قسطا وعدل كما
ملئت ظلما وجورا .فهذا معنى اليام ،فل تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الخرة
قال الصدوق ره :اليام ليست بأئمة ولكن كني بها عن الئمة لئل
يدرك معناه غير أهل الحق ،كما كنى ال عزوجل بالتين والزيتون وطور سينين
وهذا البلد المين عن النبي وعلي والحسن والحسين ،وكما كنى عزوجل
بالنعاج عن النساء على قول من روى ذلك في قصة داود والخصمين ،وكما كنى
بالسير في الرض عن النظر في القرآن ،سئل الصادق عليه السلم عن قول ال
عزوجل
" أولم يسيروا في الرض ) " ( 1قال :معناه أولم ينظروا في القرآن ،وكما كنى
عزوجل بالسر عن النكاح في قوله عزوجل " ولكن ل تواعدوهن سرا ) " ( 2
وكما كنى عزوجل بأكل الطعام عن التغوط فقال في عيسى وامه " كانا يأكلن
الطعام ) " ( 3ومعناه أنهما كانا يتغوطان ،وكما كنى بالنحل عن رسول ال صلى
في قوله " وأوحى ربك إلى النحل ) " ( 4ومثل هذا كثير ) . ( 5
بيان " :فأخذني ما تقدم " أي بالسؤال عما تقدم وعما تأخر ،أي عن المور
المختلفة لستعلم حالي وسبب مجيئي ،لذا ندم على الذهاب إليه لئل يطلع على
حاله ومذهبه ،أو الموصول فاعل " أخذني " بتقدير ،أي أخذني التفكر فيما تقدم
من المور من ظنه التشيع بي وفيما تأخر مما يترتب على مجيئي من المفاسد .
) ( 3المائدة . 75 :
) ( 4النحل . 68 :
) ( 5الخصال . 34 33 :
] [ 22
" فوحى الناس " أي أشار إليهم أن يبعدوا عنه ،أو على بناء التفعيل أي عجلهم
في
الذهاب عنه ،أو ] هو [ على بناء المجرد والناس فاعل أي أسرعوا في الذهاب قال
في المصباح :الوحي الشارة ،والوحى السرعة يمد ويقصر ،وموت وحي مثل
سريع
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 22سطر 4إلى صفحه 30سطر 4
وزنا ومعنى ،يقال وحيت الذبيحة أحيها من باب وعد :ذبحتها ذبحا وحيا ،ووحى
الدواء للموت توحية :عجله ،وأوحاه باللف مثله ) انتهى ( وصاحب البريد :
الرسول المستعجل ،إذالبريد ،يطلق على الرسول وعلى دابته ،ويحتمل أن يراد
به هنا رئيس هذه الطائفة ،في القاموس :البريد المرتب والرسل على دواب البريد
).(1
وفي الصحاح :البريد :المرتب ،يقال :حمل فلن على البريد .وصاحب البريد قد
أبرد إلى المير فهو مبرد ،والرسول بريد ) . ( 2وفي النهايه :البريد كلمة
فارسية
يرادبها في الصل البغل ،وأصلها " بريده دم " أي محذوف الذنب ،لن بغال
البريد
كانت محذوفة الذناب كالعلمة لها فاعربت وخففت ،ثم سمي الرسول الذي يركبه
" ل عليك " أي ل حزن عليك ،والكناية عن العسكري عليه السلم بالخميس إما
لكون إمامته أو ولدته في يوم الخمسين وإن كان ضبط بعضهم مخالفا لذلك ،إذا
لكثر
لم يعينوا خصوص اليوم ،أو لن سني إمامته خمس سنين إذالسنة السادسة لم
تكمل
أو لنه عليه السلم خامس ] من [ سمي أو كني بالحسن ،أو لنه متصل بالقائم
عليه السلم
المكني عنه بالجمعة ،أو لعلة اخرى ل نعرفها .ولعل هذه من بطون الخبر فإن
لخبارهم عليهم السلم ظهرا وبطيا كالقرآن ،ويكون ظاهره أيضا مرادا بأن يكون
المعنى
أن النشؤم والتطير بها يوجب تأثيرها وهذا معنى معاداتها ) ( 4لهم ،فأما
المتوكلون
) ( 3النهاية :ج ، 1ص . 72ثم قال :السكة موضع كان يسكنه الفيوج المرتبون
من بيت
أو قبة أو رباط وكان يرتب في كل سكة بغال ،وبعد ما بين السكتين فرسخان وقيل
أربعة .
) ( 4معاداتهم ) خ ( .
] [ 23
على ال المتوسلون بولء أهل البيت عليهم السلم فل تضرهم نحوسة اليام
والساعات كما
4العلل والعيون والخصال :عن محمد بن عمرو البصري ،عن محمد بن عبدال
الواعظ ،عن عبدال بن أحمد بن عامر الطائي ،عن أبيه ) ( 1عن الرضا ،عن
آبائه
عليهم السلم قال :سأل الشامي أميرالمؤمنين عليه السلم عن أيام وما يجوز فيها
من
العمل ،فقال عليه السلم :يوم السبت يوم مكر وخديعة ،ويوم الحد يوم عرس )
( 2وبناء
ويوم الثنين يوم سفر وطلب ،ويوم الثلثاء يوم حرب ودم ،ويوم الربعاء يوم
شوم
فيه يتطير الناس ،ويوم الخميس يوم الدخلول على المراء وقضاء الحوائج ،ويوم
الجمعة يوم خطبة ونكاح ) . ( 3
قال الصدوق ره :يوم الثنين يوم سفر إلى موضع الستسقاء والطلب
للمطر ) . ( 4
5العيون :عن أبيه ومحمد بن الحسن ،عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن
إدريس معا ،عن محمد بن أحمد الشعري ،عن أحمد بن أبي عبدال البرقي ،عن
أبيه
عن بكر بن صالح الجعفري ،قال :سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول :قلموا
أظفاركم
الخميس
) ( 2في المصادر الثلث " يوم غرس " بالمعجمة " وهو الظهر لما يأتى من ان
يوم الجمعة
) ( 4الخصال . 27 :
) ( 5الحجامة ) خ ( .
] [ 24
الخصال :عن أبيه ،عن محمد العطار ،عن الشعري عن البرقي مثله ) . ( 1
6العلل :في خبر ابن سلم أنه سأل النبي صلى ال عليه وآله عن أول يوم خلق
ال
عزوجل ،قال :يوم الحد ،قال :ولم سمي يوم الحد ؟ قال :لنه واحد
محدود ،قال :فالثنين ؟ قال :هو اليوم الثاني من الدنيا ،قال :والثلثاء ؟ قال :
الثالث
من الدنيا ،قال :فالربعاء ؟ قال :اليوم الرابع من الدنيا ،قال :فالخميس ؟
قال :هو يوم خامس من الدنيا ،وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس ،
قال :
فالجمعة ؟ قال :هو يوم مجموع له الناس ،وذلك يوم مشهود ،ويوم ) ( 2شاهد
و
مشهود .قال :فالسبت ؟ قال :يوم مسبوت ،وذلك قوله عزوجل في القرآن " ولقد
خلقنا السماوات والرض وما بينهما في ستة أيام ) " ( 3فمن الحد إلى الجمعة
ستة
أيام ،والسبت معطل ) . ( 4
بيان " :لنه واحد محدود " لعل المعنى أنه أول زمان حد أوله وآخره
فصار يوما ،لنه أول يوم خلق فيه العالم ،وقبله لم يكن زمان محدود كذلك ،
فينطبق على ما بعده وعلى سائر الخبار " ومشهود " أي مشهود فيه أوله ،وهو
شاهد
لمن أتى الجمعة " يوم مسبوت " أي مقطوع فيه خلق العالم .
7مجالس ابن الشيخ :عن أبيه ،عن أبي محمد الفحام ،عن محمد بن أحمد
المنصوري ،عن سهل بن يعقوب الملقب بأبي نواس ،قال :قلت للعسكري عليه
السلم
ذات يوم :يا سيدي ! قد وقع إلي اختيارات اليام عن سيدنا الصادق عليه السلم
مما
حدثني به الحسن بن عبدال بن مطهر ،عن محمد بن سليمان الديلمي ،عن أبيه ،
عن
سيدنا الصادق عليه السلم في كل شهر فأعرضه عليك ؟ فقال لي :افعل ،فلما
عرضته
عليه وصححته قلت له :يا سيدي في أكثر هذه اليام قواطع عن المقاصد لما ذكر
] [ 25
تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها ،فقال لي :يا سهل ! إن لشيعتنا
بوليتنا لعصمة لوسلكوا بها في لجة البحار الغامرة ،وسباسب البيد ) ( 2الغائرة )
(3
بين سباع وذئاب وأعادي الجن والنس لمنوا من مخاوفهم بوليتهم لنا ،فثق
بال عزوجل وأخلص في الولء لئمتك الطاهرين وتوجه حيث شئت ،واقصد
أصبحت اللهم معتصما بذمامك المنيع الذي ل يطاول ول يحاول ،من كل
طارق وغاشم من سائر ما خلقت ومن خلقت من خلقك الصامت والناطق في جنة
من كل مخوف بلباس سابغة ولء أهل بيت نبيك ،ومحتجزا ؟ ) ( 4من كل قاصد
إلى
أذية بجدار حصين ) ( 5الخلص في العتراف بحقهم والتمسك بحبلهم جميعا ،
موقا
أن الحق لهم ومعهم وفيهم وبهم ،اوالي من والوا واجانب من جانبوا ،فأعذني
وقلتها عشيا ثلثا حصلت في حصن من مخاوفك وأمن من محذورك ،فإذا أردت
والمعوذتين ،وآية الكرسي ،وسورة القدر ،وآخر آية في سورة آل عمران ،و
قل :اللهم بك يصول الصائل ،وبقدرتك يطول الطائل ،ول حول لكل ذي حول
إل بك ،ول قوة يمتارها ذوقوة إل منك ،بصفوتك من خلقك وخيرتك من بريتك
محمد نبيك وعترته وسللته عليه وعليهم السلم صل عليهم واكفني شر هذا اليوم
وضرره
وارزقني خيره ويمنه ،واقض لي في متصر فاتي بحسن العاقبة وبلوغ المحبة ،و
) ( 2البيداء ) خ ( .
) ( 3الغابرة ) خ ( .
) ( 4محتجبا ) خ ( .
) ( 5حصن ) خ ( .
] [ 26
الظفر بالمنية وكفاية الطاغية الغوية ،وكل ذي قدرة لي على أذية ،حتى
أكون في جنة وعصمة ،من كل بلء ونقمة ،وأبدلني من المخاوف أمنا ،ومن
العوائق فيه يسرا ،حتى ل يصدني صاد عن المراد ،ول يحل بي طارق من أذى
العباد ،إنك على كل شئ قدير ،والمور إليك تصير ،يا من ليس كمثله شئ
بيان :اللجة بالضم :معظم الماء ،ويقال غمر الماء أي كثر ،وغمره الماء
أي غطاه ،والسبسب :المفازة أو الرض المستوية البعيدة ،بلد سبسب وسباسب .
والبيد بالكسر :جمع البيداء ،وهي الفلة أي الرض الخالية ل ماء فيها والغائرة
من الغور أي المنخفضة ،فإنها أهول ،وفي بعض النسخ بالباء الموحدة من الغبار
فإنه ل يهتدى إلى الخروج منها .والذمام بالكسر :العهد والكفالة والمان
والمطاولة المغالبة في الطول والطول ،وحاوله :رامه ،والغشم :الظلم " .بلباس
سابغة " بغير تنوين فيهما ،بالضافة ،فالولى من إضافة الموصوف الموصوف
الثانية البيانية ،أو بالتنوين فيهما ،أو في الثانى منهما ،فقوله " ولء " بدل أو
عطف
بيان ،وكذا قوله " بجدار حصين " يحتمل الضافة والتوصيف ،وفي بعض النسخ
" حصن " بغير ياء ،فالضافة ل غير .والحجز :المنع والكف " ببديع السماوات
والرض " أي مبدعهما ،أو بمن سماواته وأرضه بديعتان ،وصال على قرنه :
سطا و
استطال ،والمتيار :جلب الميرة بالكسر وهي الطعام ،والسللة بالضم :ما
8الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن يعقوب بن يزيد ،عن
ابن أبي عمير ،عن غير واحد عن أبي عبدال عليه السلم قال :السبت لنا ،
والحد لشيعتنا
والثنين لعدائنا ،والثلثاء لبني امية ،والربعاء يوم شرب الدواء ،والخميس
،(2و
] [ 27
هو أفضل من الفطر والضحى ،ويوم غدير ) ( 1أفضل العياد ،وهو الثامن عشر
من ذي الحجة ،وكان يوم الجمعة ،ويخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة ،و
تقوم القيامة يوم الجمعة ،وما من عمل ) ( 2أفضل يوم الجمعة من الصلوة على
محمد
وآله ) . ( 3
بيان " :لعدائنا " أي لجميع المخالفين ،وإن كان بنو امية منهم ،والثلثاء
والربعاء أن العمال ترفع يوم الخميس والنار خلقت يوم الربعاء .
10الدر المنثور :عن ابن عباس قال :إن ال تعالى خلق يوما فسماه
الحد ،ثم خلق ثانيا فسماء الثنين ،ثم خلق ثالثا فسماه الثلثاء ،ثم خلق رابعا
فسماه الربعاء ،وخلق خامسا فسماه الخميس ،فخلق ال الرض يوم الحد و
الثنين ،وخلق الجبال يوم الثلثاء ،ولذلك يقول الناس إنه يوم ثقيل ،وخلق
مواضع النهار والشجر والقرى يوم الربعاء ،وخلق الطير والوحش والسباع
والهوام والفة ويوم الخميس ،وخلق النسان يوم الجمعة ،وفرغ من الخلق
11العيون :عن محمد بن علي بن الشاه ،عن أبي بكر عبدال النيسابوري
عن عبدال بن أحمد بن عامر الطائي ،عن أبيه وعن أحمد بن إبراهيم الخوزي و
إبراهيم بن مروان الخوزي ،عن جعفربن محمدبن زياد ،عن أحمد بن عبدال
داوود
ابن سليمان جميعا عن الرضا ،عن أبيه ،عن جعفر بن محمد عليهم السلم قال :
السبت لنا و
الحد لشيعتنا ،والثنين لبني امية ،والثلثاء لشيعتهم ،والربعاء لبني العباس
) ( 3الحصال . 33 :
] [ 28
والخميس لشيعتهم ،والجمعة لسائر الناس جميعا وليس فيه سفر ،قال ال تبارك
" ( 2يعني
بيان :فيه مخالفة لسائر الخبار في ذم الثلثاء والخميس ،إل أن يقال :تبرك
المخالفين بهما ل يدل على ذمهما إل إذا اقترن بهما شئ آخر كالثنين ،ثم على
تأويله عليه السلم لعل المراد بقضاء الصلة العمل بتوابعها ومكملتها من سائر
أعمال
12المكارم :عن الحلبي عن أبي عبدال عليه السلم :أيكره السفر في شئ
من اليام المكروهة الربعاء ) ( 5وغيره ؟ قال :افتتح سفرك بالصدقة واقرأ آية
وعن حماد بن عثمان عنه عليه السلم مثله ) ( 6إل أنه قال :افتتح سفرك
بالصدقة و
اخرج إذا بدالك ،واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدالك .
) ( 2الجمعة . 10 :
] [ 29
وفي يوم الخميس قضاء حاج * ففيه ال يأذن بالدعاء
بيان " :لنعم " اللم لم البتداء للتأكيد ،ول تدخل على الماضي إل مع قد
في غير نعم وبئس ،والحق :ضد الباطل ،واليقين :الثابت ،وهو مفعول مطلق
لفعل لزم الحذف أي أقول قول حقا ،أو علمت ذلك حقا يقينا ،أو حق ذلك
حقا ،والظرف في قوله " بل امتراء " متعلق بنعم ،أو بقوله " حقا " " ،تبدى
"
أي ابتدأ ،قلبت الهمزة ألفا ،ويؤيده قول الجوهري :إن أهل المدينة يقولون
بدينا بمعنى بدأنا .كذا قال الشارح ،وقال :بعض الفاضل :ما ذكره ل يوافقه
اللغة ،والظاهر أن يكون الصل في كلمه عليه السلم " لن فيه ابتدأ ال " على
الماضي
من الفتعال ،فأسقط الكتاب الهمزة من أوله حفظا لرعاية الوزن عند القطع عن
المصراع الول ،ولم يتفطنوا لجواز الوصل لتلك الرعاية ،ثم كتبوا الهمزة
الخيرة بالياء على ما اشتهر من الخطاء في أمثاله بينهم ) انتهى ( و " فيه "
متعلق
بقوله " ستظفر " والضمير راجع إلى السفر ،كذا ذكره الشارح ،ويمكن أن
يكون الضمير راجعا إلى الثنين ويكون تأكيدا ،أو يكون تقدير الكلم :وأقول
في الثنين .والثراء :كثرة المال ،وهرق الدماء بالفتح على المصدر سفكها ،في
المصباح :تقول هرقته هرقا من باب نفع ) انتهى ( والمشهور فيه الهراق ،
ويمكر أن
يكون هنا لزما أي انصباب الدماء .والحاج :جمع الحاجة ،ذكره الفيروز آبادي .
وقال :أذن بالشئ كسمع علم به ،وأذن له في الشئ كصمع إذنا بالكسر
أباحه ،وأذن إليه وله كفرح استمع معجبا أو عام ) انتهى ( وعلى التقادير كناية
القاموس
العرس بالضم وبضمتين :طعام الوليمة والنكاح .وقال الشارح :قد تقرر في
علم النجوم أن السبت متعلق بزحل ،والحد بالشمس ،والثنين بالقمر ،والثلثاء
] [ 30
القمر بالسفر والمريخ بالحجامة وسفك الدم والعطارد لشرب الدواء والمشتري
مسلمة في هذا الفن لكن مناسبة الزحل بالصيد والشمس بالبناء ل تظهران من هذا
الفن ،ولعل تخصيص السبت بالصيد مبني على ما روي عن ابن عباس ومجاهد
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 30سطر 5إلى صفحه 38سطر 5
أن اليهود امروا باليوم الذي امرتم به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت
فابتلهم ال به وحرم عليهم الصيد فيه ،فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان
ينظرون إليها في البحر فإذا انقضت السبت ذهبت وما عادت إل في السبت المقبل
وذلك بلء ابتلهم ال به ،ووجه التخصيص للحد بالبناء مذكور في البيت ) انتهى
(.
المبادرة إلى رخصه كما يجب المبادرة إلى عزائمه ،ولذا يستحب الجماع في أول
ليلة من شهر رمضان .أو مخالفة لليهود في تحريمهم الصيد فيه .ثم إن البيت
الخير
يدل على أن هذا العلم الذي هو شعبة من علم النجوم مختص بهم عليهم السلم ل
يعلمه
أمران :أحدهما أن يصدق بأنها فاعلة لثارها مستقلة بها ،والثاني تصديق
المنجمين
في أحكامهم لنهم يقولونها من جهل ،وهذا العلم كان معجزة لبعض النبياء عليهم
السلم
ثم اندرس فلم يبق إل ما هو مختلط ل يتميز فيه الصواب عن الخطاء ،فاعتقاد كون
الكواكب أسبابا لثار تحصل بخلق ال ليس قادحا في الدين بل هو الحق ) انتهى (
وقال علء الدولة من الصوفية :إذا أردت أن تعرف أن المطر يحدث بسبب
التصالت العلوية التي يسميها المنجمون فتح الباب فاقرأ قوله تعالى " ففتحنا
أبواب السماء بماء منهمر ) " ( 1وإذا أردت أن تعرف أن علم النجوم علم النبياء
فاقرأ قوله تعالى " فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم " ) ( 2ومراد النبي صلى
قوله " من آمن بالنجوم فقد كفر " أن من آمن بأنها مستقلت بأنفسها في تدبير
العالم غير مسخرات بأمر ال تعالى فقد كفر بال الذي خلقها وسخرها ،وجعلها
) ( 2الصافات . 89 88 :
] [ 31
مدبرات بأمره ،وأودع في كل واحد منها خاصية خاصة دون غيره ،وفي
اجتماعها
خاصية دون ما اختص به كل واحد قبل الجتماع ) انتهى ( وقد مر الكلم منا
في ذلك في بابه .
قال :كان أبي إذا خرج يوم الربعاء أو في يوم يكرهه الناس من محاق أو غيره
تصدق
وعن أبي عبدال عليه السلم من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع ال عنه نحس ذلك
اليوم ) . ( 2
ومن كتاب طب الئمة عن أبي الحسن عليه السلم قال :قلموا أظفاركم يوم
وتطيبوا
) * 16باب ( *
1قرب السناد :عن أحمد بن محمد ،عن عبدالرحمن بن عمر بن أسلم قال :
رأيت أبا الحسن موسى عليه السلم احتجم يوم الربعاء وهو محموم فلم تتركه
الحمى
2العيون :عن محمد بن موسى بن المتوكل ،عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه
* ) هامش ( * ) ( 1المكارم :ج ، 1ص . 291
] [ 32
عن إسحاق بن إبراهيم ،عن مقاتل بن مقاتل ) ( 1قال :رأيت أبا الحسن الرضا
عليه السلم
في يوم الجمعة في وقت الزوال على ظهر الطريق يحتجم وهو محرم .
أنه يجوز للمحرم أن يحتجم إذا اضطر ول يحلق مكان الحجامة ول قوة إل بال
3الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن محمد بن عيسى اليقطيني
عن زكريا المؤمن ،عن محمد بن رباح القلء ،قال :رأيت أبا إبراهيم عليه السلم
يحتجم
يوم الجمعة ،فقلت :جعلت فداك تحتجم يوم الجمعة ؟ قال :أقرأ آية الكرسي ،فاذا
هاج بك الدم ليل كان أو نهارا فاقرأ آية الكرسي واحتجم ) . ( 4
4ومنه :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن إبراهيم بن هاشم ،عن النوفلي
عن السكوني ،عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليهم السلم قال :قال
أطرفوا ) ( 5أهاليكم في كل جمعة بشئ من الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة .
وكان النبي صلى ال عليه وآله إذا خرج في الصيف من بيت خرج يوم الخميس
يدخل البيت في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة .وقد روي أنه كان دخوله و
وتبعه في نسبة الوقف إليه جماعة منهم العلمة ،وابن داود ،وظاهر النجاشى
لم يغمز في مذهبه ويؤيده روايته عن الرضا عليه السلم ولعل الشيخ انما طعن فيه
ان " ابن قياما " واقفى خبيث شديد العناد فتوهم أنه مقاتل بن مقاتل بن قياما مع
انه الحسين
ابن قياما ولعله عم مقاتل .كذا نقل عن الوحيد البهبهانى رحمه ال .
) ( 4الخصال . 30 :
] [ 33
5ومنه :عن أحمد بن زياد الهمدانى ،عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه
عن ابن أبي عمير وعلي بن الحكم معا عن هشام بن الحكم ،عن أبي عبدال عليه
السلم في
الرجل يريد أن يعمل شيئا من الخير مثل الصدقة والصوم ونحو هذا ،قال :يستحب
أن يكون ذلك يوم الجمعة ،فإن العمل يوم الجمعة ) ( 2يضاعف ) . ( 3
6ومنه :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أيوب بن نوح ،عن ابن أبي
عمير ،عن عبدال بن سنان ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :يكره السفر
والسعي في
الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلوة ،فأما بعد الصلة فجائز يتبرك به ) . ( 4
7ومنه :عن أبيه ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن محمد بن أحمد الشعري
عن محمد بن حسان الرازي ،عن أبي محمد الرازي ،عن النوفلي ،عن السكوني
عن أبي عبدال ،عن أبيه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :
من قلم أظفاره يوم الجمعة
أخرج ال من أنامله الداء وأدخل فيه الدواء .وروي أنه ل يصيبه جنون ول جذام
8ومنه :عن أبيه ،عن محمد العطار ،عن الشعري ،عن أحمد بن أبي
عبدال البرقي ،عن محمد بن موسى بن الفرات ،عن علي بن المطر ،عن السكن
الخزاز ،قال :سمعت أبا عبدال عليه السلم :يقول :ل حق على كل محتلم في
كل جمعة
ابن يحيى المديني ) ( 7عن أبي عبدال عليه السلم قال :ل بأس بالخروج في
السفر ليلة
الجمعة ) . ( 8
) ( 7في المصدر " ابراهيم بن يحيى المدائنى " ولعل الصواب " ابراهيم بن أبى
يحيى
] [ 34
10الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن محمد بن عيسى اليقطيني ،عن
القاسم ابن يحيى ،عن جده الحسن ،عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ،عن أبي
عبدال ،عن
آبائه عليهم السلم قال :قال أميرالمؤمنين عليه السلم :في الجمعة ساعة ل
مات ) . ( 1
بيان :قد جرب مرارا في الحجامة يوم الجمعة أنه لم يرقأ الدم حتى مات
وما ورد من فعلهم عليهم السلم ل ينافيه ،لنهم يعلمون تلك الساعة فيجتنبونها ،
أو هذا
فيما إذا لم يقرأ آية الكرسي .ولما ذكره الصدوق ره من الفرق بين الضرورة
11روضة الواعظين :قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :خمس خصال
تورث
البرص :النورة يوم الجمعة ويوم الربعاء ،والتوضي والغتسال بالماء الذي
تسخنه
الشمس ،والكل على الجنابة ،وغشيان المرأة في حيضها ،والكل على الشبع )
.(2
بيان :سيأتي عدم كراهة النورة في يوم الجمعة ،وأن أخبار النهي محمولة على
التقية .
12المكارم :عن أنس ،قال :كان أحب اليام إلى رسول ال صلى ال عليه وآله
أن
13ومنه :عن أبي عبدال عليه السلم قال :ل تخرج في يوم الجمعة في حاجة
14ومنه :عن المفضل بن عمر ،قال :دخلت على الصادق عليه السلم وهو
يحتجم
يوم الجمعة فقال :أو ليس تقرأ آية الكرسي ،ونهى عن الحجامة مع الزوال في
] [ 35
) * 17باب ( *
1الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أحمد بن الحسين بن سعيد
عن الحسين بن أسد البصري ،عن الحسين بن سعيد ،عمن رواه ،عن خلف بن
حماد
عن رجل ،عن أبي عبدال عليه السلم أنه مر بقوم يحتجمون ،فقال :ما كان
عليكم لو
2ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن سعد بن عبدال ،عن القاسم
بن محمد الصبهاني ،عن سليمان بن داود المنقرى ،عن حفص بن غياث ،عن
أبي عبدال عليه السلم قال :من كان مسافرا فليسافر يوم السبت ،فلو أن حجرا
زال عن
حجر ) ( 2يوم السبت لرده ال تعالى إلى مكانه ،ومن تعذرت عليه الحوائج
فليلتمس
طلبها يوم الثلثاء ،فإنه اليوم الذي ألن ال فيه الحديد لداوود عليه السلم ) . ( 3
ومنه :عن أبيه ،عن سعد ،إلى قوله " إلى مكانه " ) . ( 4
آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :اللهم بارك لمتي في
بكورها يوم سبتها
وخميسها ) . ( 5
ومنه :عن محمد بن أحمد بن الحسين الوارق ،عن علي بن محمد بن عنبسة
مولى
شيد ،عن دارم بن قبيصة ،عن الرضا عليه السلم مثله ) . ( 6
) ( 2جبل ) خ (
) ( 3الخصال . 28 :
) ( 4الخصال . 38 :
) ( 6العيون :
] [ 36
عن يعقوب بن يزيد ،عن ابن أبي عمير ،عن أبي أيوب الخزار ،قال :سألت أبا
عبدال عليه السلم عن قول ال عزوجل " فإذا قضيت الصلوة فانتشروا في
الرض و
ابتغوا من فضل ال " ) ( 2قال :الصلة يوم الجمعة ،والنتشار يوم السبت .
وقال
أبوعبدال عليه السلم :اف للرجل المسلم أن ل يفرغ نفسه في السبوع يوم
الجمعة لمر
5ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن أحمد بن إدريس ،عن محمد بن
أحمد بن يحيى الشعري ،عن محمد بن حسان .عن أبي محمد الرازي ،عن
النوفلي
عن السكوني ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه عليهم السلم قال :قال رسول ال
قلم أظفاره يوم السبت ويوم الخميس وأخذ من شار به عوفي من وجع الضراس و
الخزاز ،قال :سألنا أبا عبدال عليه السلم عن قول ال عزوجل " فإذا قضيت
الصلة
فانتشروا في الرض وابتغوا من فضل ال " قال :الصلوة يوم الجمعة ،والنتشار
يوم
سبتها
وخميسها .
8المكارم :عن الكاظم عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من
كان منكم
9وقال الصادق عليه السلم الحجامة يوم الحد ،فيها شفاء من كل داء ) . ( 7
) ( 2الجمعة . 10 :
] [ 37
) * 18باب ( *
1الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن
موسى بن القاسم البجلي ،عن علي بن جعفر ،قال :جاء رجل إلى أخي موسى بن
جعفر عليهم السلم فقال له :جعلت فداك ،إني اريد الخروج فادع لي .فقال :
ومتى
تخرج ؟ قال :يو الثنين ،فقال له :ولم تخرج يوم الثنين ؟ قال :أطلب فيه
البركه ،لن رسول ال صلى ال عليه وآله ولد يوم الثنين ،فقال :كذبوا ،ولد
رسول ال
صلى ال عليه وآله يوم الجمعة ،وما من يوم أعظم شوما من يوم مات فيه رسول
ال صلى ال عليه وآله وانقطع فيه وحي السماء وظلمنا فيه حقنا ،أل أدلك على
يوم سهل
ألن ال لداوود فيه الحديد ؟ فقال الرجل :بلى جعلت فداك ،فقال :اخرج يوم
الثلثاء ) . ( 1
قرب السناد :بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلم مثله ) . ( 2
2ومنه :عن الحسن بن ظريف ،عن الحسين بن علوان ،عن جعفر ،عن
أبيه عليهم السلم قال :كان رسول ال صلى ال عليه وآله يسافر يوم الثنين
اللوية ) . ( 3
3الخصال :عن أبيه ،عن أحمد بن إدريس ،عن محمد بن أحمد الشعري
عن علي بن السندي ،عن محمد بن عمروبن سعيد ،عن يونس بن يعقوب قال :
سمعت
أبا عبدال عليه السلم يقول :احتجم رسول ال صلى ال عليه وآله يوم الثنين ،
وأعطى الحجام برا ) . ( 4
) ( 4الخصال . 27 :
] [ 38
4ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن يحيى العطار ،عن محمد
ابن أحمد الشعري ،عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ،عن محمد بن إسماعيل
وأحمد
ابن الحسن الميثمي أو أحدهما ،عن إبراهيم بن مهزم ،عمن ذكره ،عن أبي
عبدال عليه السلم قال :كان رسول ال صلى ال عليه وآله يحتجم يوم الثنين بعد
العصر ) . ( 1
5ومنه :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 38سطر 6إلى صفحه 46سطر 6
الحسين ابن أبي الخطاب ،عن حماد بن عيسى ،عمن ذكره ،عن أبي عبدال عليه
السلم
قال :الحجامة يوم الثنين من آخر النهار تسل الداء سل من البدن ) . ( 2
5ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن سعد بن عبدال ،عن أحمد بن
أبي عبدال البرقي ،عن أبي الخزرج ) ( 3عن سليمان ،عن أبي نضرة ،عن
أبي سعيد الخدري ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من احتجم يوم
الثلثاء
لسبع عشرة أو أربع عشرة أو لحدى وعشرين من الشهر كانت له شفاء من أدواء
)(4
السنة كلها ،وكانت لما سوى ذلك شفاء من وجع الرأس ولضراس والجنون و
بيان " :وكانت لما سوى ذلك " أي كانت الحجامة يوم الثلثاء في غير تلك
6الخصال :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن
عليهم السلم
مضيفا إليه انه روى عنه البرقى ،وقال في الفهرست :الحسين بن الزبرقان يكنى
ابا الخزرج
له كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبى المفضل عن ابن بطة عن احمد بن ابى
عبدال
) انتهى ( لكن النجاشى ضبطه مكبرا فقال :الحسن بن الزبرقان ابوالخزرج قمى له
كتاب
اخبرنا احمد بن على بن نوح قال حدثنا الحسن بن حمزة قال حدثنا محمد بن جعفر
بن بطة
قال حدثنا احمد بن محمد بن خالد عنه ) انتهى ( وتعددهما بعيد ،وعلى التحاد
فالمعتمدهو
) ( 5الخصال . 28 :
] [ 39
محمد بن أحمد الشعري ،عن العباس بن معروف ،عن ابن أبي عمير ،عن أبي
حمزة
عن عقبة بشير الزدي ،قال :جئت إلى أبي جعفر عليه السلم يوم الثنين فقال :
كل
فقلت :إني صائم ،فقال :كيف صمت ؟ قال :قلت :لن رسول ال صلى ال عليه
وآله ولد فيه
فقال :أما ما فيه ولد فل تعلمون ،وأما ما قبض فيه فنعم ،ثم قال :ل تصم ول
7مجالس ابن الشيخ :عن أبيه ،عن المفيد ،عن جعفر بن محمد بن قولويه
عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن علي بن عمر العطار ،قال :دخلت إلى أبي
الحسن العسكري عليه السلم يوم الثلثاء فقال :لم أرك أمس ،قال :كرهت الحركة
في يوم الثنين ،قال :يا علي من أحب أن يقيه ال شر يوم الثنين فليقرأ في أول
ركعة من صلوة الغداة " هل أتى على النسان " ثم قرأ أبوالحسن عليه السلم "
فوقيهم
8المحاسن :عن بعض أصحابه يرفعه قال :قال أبوعبدال عليه السلم :من
كانت له حاجة فليطلبها يوم الثلثاء ،فإن ال تبارك وتعالى ألن فيه الحديد لداوود
9ومنه :عن أبيه ،عن القاسم بن محمد ،عن عبدالرحمن بن عمران ،عن
رجل ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :ل تسافر يوم الثنين ،ول تطلب فيه
الحاجة ) . ( 4
10ومنه :عن القاسم بن محمد ،عن جميل بن صالح ،عن محمد بن أبي الكرام
قال :تهيأت الخروج إلى العراق فأتيت أبا عبدال عليه السلم لسلم عليه واودعه ،
فقال :
أين تريد ؟ قلت :اريد الخروج إلى العراق ،فقال لي :في هذا اليوم وكان يوم
الثنين ؟ فقلت :إن هذا اليوم يقول الناس إنه يوم مبارك ،فيه ولد النبي صلى ال
عليه وآله
فقال :وال ما يعلمون أي يوم ولد فيه ) ( 5النبي صلى ال عليه وآله وإنه ليوم
) ( 2الدهر . 11 :
) ( 5ليس في المصدر هذه الجملة " وال ما يعلمون أى يوم ولد فيه النبى " .
] [ 40
النبي صلى ال عليه وآله وانقطع الوحي ،ولكن احب أن تخرج يوم الخميس ،وهو
اليوم
11ومنه :عن عثمان بن عيسى ،عن أبي أيوب الخزاز ،قال :أردنا
أن نخرج فجئنا نسلم على أبي عبدال عليه السلم فقال :كأنكم طلبتم بركة
الثنين ؟ !
فقلنا :نعم ،قال :وأي يوم أعظم شوما من يوم الثنين ،يوم فقدنا فيه نبينا ،و
ارتفع فيه الوحي ؟ ل تخرجوا يوم الثنين ،واخرجوا يوم الثلثاء ) . ( 2
12مجمع البيان :في تفسير قوله تعالى " :قل اعملوا فسيرى ال عملكم و
رسوله والمؤمنون ) " ( 5روى أصحابنا أن أعمال المة تعرض على النبي صلى
كل يوم اثنين وخميس فيعرفها ،وكذلك تعرض على الئمة القائمين ) ( 6مقامه
14وروي مسلم في صحيحه قال رسول ال صلى ال عليه وآله :تعرض أعمال
الناس في
كل جمعة ) ( 8مرتين :يوم الثنين ،ويوم الخميس ،فيغفر لكل عبد مؤمن إل
عبد بينه وبين أخيه شحناء ،فيقول :اتركوا أو أرجؤوا هذين حتى يقيئا .
] [ 41
15وروى أيضا عنه صلى ال عليه وسلم أنه تفتح أبواب الجنة يوم الثنين
ويوم الخميس ،فيغفر لكل عبد مؤمن ل يشرك بال شيئا .
16تفسير علي بن إبراهيم :قال :قال الصادق عليه السلم :اطلبوا الحوائج
يوم الثلثاء ،فإنه اليوم الذي ألن ال فيه الحديد لداوود عليه السلم ) . ( 1
17رجال الكشى :قال :كتب الهادي عليه السلم إلى علي بن مهزيار :أسأل
ال أن يحفظك من بين يديك ومن خلفك وفي كل حالتك ،فأبشر فإني أرجو
أن يدفع ال عنك ،وال أسأل أن يجعل لك الخيرة فيما عزم لك من الشخوص في
يوم الحد ،وأخر ذلك إلى يوم الثنين إن شاء ال ،صحبك ال في سفرك ،وخلقك
) * 19باب ( *
* ) يوم الربعاء ( *
1العلل والعيون والخصال :عن محمد بن عمر البصري ،عن محمد بن
عبدال الواعظ ،عن عبدال بن أحمد عامر الطائي ،عن أبيه ،عن الرضا ،عن
آبائه عليهم السلم في سؤالت الشامي عن أميرالمؤمنين عليه السلم قال :
والتطير منه وثقله وأي أربعاء هو ،فقال عليه السلم :آخر أربعاء ] في الشهر [
وهو
المحاق وفيه قتل قابيل هابيل أخاه ،ويوم الربعاء القي إبراهيم عليه السلم في
النار
الربعاء
جعل ال عزوجل أرض ) ( 3قول لوط عاليها سافلها ،ويوم الربعاء أرسل ال عز
) : ( 3قرية .
] [ 42
وجل الريح على قوم عاد ،ويوم الربعاء أصبحت كالصريم ،ويوم الربعاء سلط
ال على نمرود البقة ،ويوم الربعاء طلب فرعون موسى ليقتله ،ويوم الربعاء
خر عليهم السقف من فوقهم ،ويوم الربعاء أمر فرعون بذبح الغلمان ،ويوم
الربعاء خرب بيت المقدس ،ويوم الربعاء احرق مسجد سليمان بن داوود
بإصطخر
من كورة فارس ،ويوم الربعاء قتل يحيى بن زكريا ،ويوم الربعاء أظل قوم
ابتلى ال أيوب عليه السلم بذهاب ماله ] وولده [ ويوم الربعاء ادخل يوسف عليه
السلم
السجن ،ويوم الربعاء قال ال عزوجل " إنا دمرناهم وقومهم أجمعين ) " ( 1
ويوم
الربعاء أخذتهم الصيحة ،ويوم الربعاء عقروا ) ( 2الناقة ،ويوم الربعاء امطر
)(3
عليهم حجارة من سجيل ،ويوم الربعاء شج النبي صلى ال عليه وآله وكسرت
رباعيته ،ويوم
قال الصدوق ره :من اضطر إلى الخروج في سفر يوم الربعاء أو تبيغ
به الدم في يوم الربعاء فجائز له أن يسافر أو يحتجم فيه ول يكون ذلك شوما عليه
ل سيما إذا فعل ذلك خلفا على أهل الطيرة ،ومن استغنى عن الخروج فيه أو عن
اتحادهما " ويوم الربعاء قال ال " أي في شأنه ،وهذا في قصة صالح وقومه ،و
كذا الصيحة لهم ،وهو ينافي كون عقر الناقة يوم الربعاء ،لنه لم يكن بينهما إل
) : ( 4العمالقة .
) ( 7الخصال . 29 :
] [ 43
ثلثة أيام ،إل أن يكون المراد ابتداء إرادتهم وتمهيدهم للعقر ،وأيضا شج النبي
كان في غزوة أحد ،والمشهور بين المفسرين والمورخين أنها كانت يوم السبت ،
و
كل ذلك مما يضعف الرواية .وفي القاموس :المحاق مثلثة آخر الشهر ،أو ثلث
ليال من آخره ،أو أن يستتر القمر فل يرى غدوة ول عشية ،سمي لنه طلع مع
الشمس فمحقته ) ( 1وفي القاموس :البيغ :ثوران الدم ،وتبيغ ) ( 2الدم :هاج
وغلب ) . ( 3
2الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن يعقوب بن يزيد ،عن بعض
أصحابنا ،قال :دخلت على أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلم يوم
الربعاء
وهو يحتجم ،فقلت له :إن أهل الحرمين يروون عن رسول ال صلى ال عليه وآله
من احتجم يوم الربعاء فأصابه بياض فل يلومن إل نفسه .فقال :كذبوا ،إنما
3ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن محمد بن الحسن الصفار ،عن
أحمد بن محمد بن عيسى ،عن عبدالرحمن بن عمروبن أسلم ،قال :رأيت أبا
الحسن
موسى بن جعفر عليه السلم احتجم يوم الربعاء وهو محموم ،فلم تتركه الحمى ،
فاحتجم
4ومنه :عن محمد بن الحسن ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن محمد بن أحمد
الشعري ،عن السياري ،عن محمد بن أحمد الدقاق البغدادي ،قال :كتبت إلى
أبي الحسن الثاني عليه السلم أسأله عن الخروج يوم الربعاء ل يدور ،فكتب عليه
السلم :
من خرج يوم الربعاء ل يدور خلفا على أهل الطيرة ،وقى من كل آفة ،وعوفي
وكتب إليه مرة اخرى يسأله عن الحجامة يوم الربعاء ل يدور ،فكتب
] [ 44
عليه السلم :من احتجم في يوم الربعاء ل يدور خلفا على أهل الطيرة عوفي من
كل
بيان " :الربعاء ل يدور " آخر أربعاء من الشهر ،والجملة صفة ليوم
الربعاء ،واللم فيه كاللم في قوله " ولقد أمر على اللئيم يسبني " .
الحميري ،عن إبراهيم بن هاشم ،عن أحمد بن عامر الطائي ،قال :سمعت الرضا
عليه السلم يقول :يوم الربعاء يوم نحس مستمر ،من احتجم فيه خيف ) ( 2أن
بيان :اخضرار المحاجم فساد محل الحجامة وسواده ،و " من انتار " أي
استعمل النورة ،والشهر فيه التنور ،وإن كان أصل هذا البناء من اللغات المولدة
كما يستفاد من كتب اللغة ،وفي أكثر النسخ " اتنر " بتشديد التاء ،واتخاذه
من النورة ل يوافق القاعدة ،وليس له معنى آخر :ولعله تصحيف ،وفي بعض
6الخصال :عن محمد بن أحمد البغدادي ،عن علي بن محمد بن عنبسة ،عن
دارم بن قبيصة ،عن الرضا ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال
7ومنه :عن أبيه ،عن سعد ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن الحسين بن
سعيد ،عن فضالة ،عن أبان ،عن الحول ،عن بشار بن بشار ) ( 6قال :قلت
) ( 5الخصال . 28 :
) ( 6كذا في جميع النسخ التى بأيدينا وهكذا في المصدر ،قال في تنقيح المقال ) ج
1
] [ 45
لبي عبدال عليه السلم :لي شئ يصام يوم الربعاء ؟ قال :لن النار خلقت يوم
الربعاء ) . ( 1
8ومنه :عن أبيه ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن سهل بن زياد ،عن محمد
ابن الحسين بن أبي الخطاب ،عن محمد بن سنان ،عن حذيفة بن منصور ،قال :
رأيت أبا عبدال عليه السلم احتجم يوم الربعاء بعد العصر ) . ( 2
9ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن أحمد بن إدريس ،عن محمد بن
أحمد الشعري ،عن إبراهيم بن إسحاق ،عن القاسم بن يحيى ،عن جده الحسن
عن أبي بصير ،عن أبي عبدال ،عن آبائه ،عن أميرالمؤمنين عليهم السلم قال :
توقوا
الحجامة والنورة يوم الربعاء ،فإن يوم الربعاء يوم نحسن مستمر ،وفيه خلقت
جهنم ) . ( 3
عن القاسم بن يحيى ،عن جده الحسن ،عن محمد بن مسلم ،عن أبي عبدال عليه
السلم
قال :قال أميرالمؤمنين عليه السلم :ينبغي للرجل أن يتوقى النورة يوم الربعاء
فإنه
11ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن الحسين بن الحسن بن أبان عن
الحسين بن سعيد ،عن النضر عن هشام بن سالم ،عن الحول ،عن أبي عبدال
رسول ال صلى ال عليه وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء ،فقال :أما
فيه العمال ،وأما الربعاء فيوم خلقت فيه النار ،وأما الصوم فجنة ) . ( 5
12مشارق النوار :عن محمد بن مسلم ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :عادانا
من
وقد زاد ابن داود فضبطهما ،وفي نسخة النجاشى الذى عندنا " بشاربن بشار "
بالباء الموحدة
والشين المعجمة فيهما لكن ذلك غلط بل شبهة لنقل ابن داود والعلمة في
الخصلصة عن النجاشى
الول دون الثانى ) انتهى ( وبشارين يسار هو اخو سعيد الضبيعى مولى بنى
ضبيعة بن عجل
ثقة روى هو وأخوه عن أبى عبدال وأبى الحسن عليهما السلم وله كتاب رواه
) ( 1الخصال . 28 :
] [ 46
أن العمال ترفع يوم الخميس ،والنار خلقت يوم الربعاء .
14الدروع الواقية :عن الصادق عليه السلم :امرنا بصوم الربعاء من وسط
15وعن الرضا عليه السلم يوم الربعاء يوم نحس مستمر ،لنه أول اليام و
آخر اليام التي ذكرها ال تعالى في قوله " سبع ليال وثمانية أيام حسوما " ) . ( 1
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 46سطر 7إلى صفحه 54سطر 7
16المكارم :عن زيد بن علي ،عن آبائه ،عن علي عليه السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :من احتجم يوم الربعاء فأصابه وضح فل يلومن
17وعن شعيب العقرقوفي ،قال :دخلت على أبي الحسن عليه السلم وهو يحتجم
يوم الربعاء في الحبس ،فقلت :إن هذا يوم يقول الناس من احتجم فيه أصابه
البرص ) . ( 3فقال :إنما يخاف ذلك على من حملته امه في حيضها ) . ( 4
حدثني أبوبكر محمد بن أحمد بن الحسين بن زريق البغدادي ،قال :حدثنا محمد بن
حمدون السمسار ،قال :حدثني محمد بن حماد بن عيسى ،قال :سمعت الفضل بن
الربيع
يقول :كنت يوما مع مولي المأمون فأردنا الخروج يوم الربعاء ،فقال المأمون :
يوم مكروه ،سمعت أبي الرشيد يقول :سمعت المهدى يقول :سمعت المنصور
يقول :
سمعت أبي محمد بن علي يقول :سمعت أبي عليا يقول :سمعت أبي عبدال بن
عباس
يقول سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :إن آخر الربعاء في الشهر يوم
قال المصنف :وروي أن معنى " مستمر " أن يكون النهار نحسا من أوله
إلى الليل .وقال عليه السلم :إن معنى المستمر هو أن ل يذهب نحسه إلى أن
يذهب
] [ 47
) * 20باب ( *
* ) يوم الخميس ( *
1قرب السناد :عن الحسن بن ظريف ،عن الحسين بن علوان ،عن جعفر
عن أبيه عليهما السلم قال :كان رسول ال صلى ال عليه وآله يسافر يوم الثنين
والخميس ويعقد
2ومنه :بالسناد قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :يوم الخميس يوم
بحبه ال
3وقال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :اللهم بارك لمتي في بكورها ،
واجعله يوم
الخميس ) . ( 3
ويمكن حمل هذا على التقية لن راوية من العامة ،أو يقال :وقعت فيهما معا .
4الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن يعقوب بن يزيد ،عن
مروك بن عبيد ،عن محمد بن سنان ،عن معتب بن المبارك ،قال :دخلت على
أبي
عبدال عليه السلم في يوم خميس وهو يحتجم فقلت له :يا ابن رسول ال تحتجم
في يوم
الخميس ؟ قال :نعم ،من كان منكم محتجما فليحتجم في يوم الخميس ،فإن كل
عشية ) ( 4
جمعة يبتدر الدم فرقا من القيامة ول يرجع إلى وكره إلى غداة الخميس .وقال
أبوعبدال عليه السلم :من احتجم في آخر خميس .من الشهر في أول النهار سل
عنه
الداء سل ) . ( 5
5العيون :بالسانيد الثلثة المتقدمة عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال :
* ) هامش ( * ) 1و 2و ( 3قرب السناد :ج ، 1ص . 76وقدمر الحديث الول
) ( 5الخصال . 30 :
] [ 48
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :اللهم بارك لمتي في بكورها يوم سبتها
وخميسها ) . ( 1
6الخصال :عن أبيه ،عن أحمد بن إدريس ،عن محمد بن أحمد الشعري
عن أبي عبدال الرازي ،عن محمد بن عبدال ،عن محمد بن عقبة ،عن زكريا ،
عن
أبيه ،عن يحيى ،قال :قال أبوعبدال عليه السلم :من قص أظافيره يوم الخميس
وترك
7العيون :بالسانيد الثلثة عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال :كان رسول
ال صلى ال عليه وآله يسافر يوم الخميس ،ويقول :فيه ترفع العمال إلى ال
عزوجل ،و
8الخصال :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن أحمد بن إدريس ،عن محمد
ابن أحمد الشعري ،عن محمد بن حسان ،عن أبي محمد الرازي ،عن النوفلي ،
عن
السكوني ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى
أظفاره يوم السبت ويوم الخميس وأخذ من شار به عوفي من وجع الضراس
ووجع
العين ) . ( 6
9صحيفة الرضا :بالسناد عنه عن آبائه عليهم السلم قال :كان رسول صلى ال
عليه وآله
يسافر يوم الثنين والخميس ويقول :فيهما ترفع العمال إلى ال عزوجل ،و
) ( 4كذا ولعل الصوب " يعقد " عطفا على " يسافر "
) ( 6الحصال . 32 :
) ( 7قد مرمنا ان الصوب " يعقد " عطفا على " يسافر " .
] [ 49
الزمنة لمحمد بن عمران المرزباني ،قال :كان رسول ال صلى ال عليه وآله
فقيل له :لم ذلك ؟ فقال صلى ال عليه وآله إن العمال ترفع في كل اثنين
وخميس ،فاحب
- 11وبإسناده أيضا عن أبي أيوب ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما
من
12ومنه :بإسناده إلى شيخ الطائفة ،بإسناده إلى عنبسة بن بجاد العابد
قال :سعمت أبا عبدال عليه السلم يقول :آخر خميس في الشهر ترفع فيه أعمال
الشهر .
بيان :كأن المراد بعمل المقادير العمال التي لاختيار للعبد فيها ،فإنها
13المكارم :عن الصادق عليه السلم :إن الدم يجتمع في موضع الحجامة يوم
الخميس ،فإذا زالت الشمس تفرق ،فخذ حظك من الحجامة قبل الزوال ) . ( 3
فذلكة
اعلم أن يوم الجمعة بضم الجيم وسكون الميم وضمها اسم يوم من السبوع
وكان يسمى في القديم " عروبة " بفتح العين وضم الراء المهملتين ،قال
الجوهري :يوم العروبة يوم الجمعة ،وهو أسمائهم القديمة ) ، ( 2وقال :
يوم الجمعة يوم العروبة ،وكذلك الجمعة بضم الميم ،ويجمع على جمعات وجمع )
.(3
) انتهى ( وقال في المصباح المنير :يوم الجمعة سمي بذلك لجتماع الناس به ،و
ضم الميم لغة الحجاز ،وفتحها لغة بني تميم ،وإسكانها لغة عقيل ،وقرأبها
العمش .
ثم قال :وأما الجمعة بسكون الميم فاسم ليام السبوع ،وأولها السبت ،قال
أبوعمر والزاهد في كتاب المداخل :أخبرنا تغلب عن ابن العرابي ،قال :قال :
] [ 50
أول الجمعة يوم السبت ،وأول اليام يوم الحد ،هكذا عند العرب .وقال في
مجمع البيان :إنما سميت جمعة لن ال تعالى فرغ فيه من خلق الشياء فاجتمعت
فيه المخلوقات ،وقيل :لنه تجتمع فيه الجماعات ،وقيل :إن أول من سماها
جمعة كعب بن لوي ،وهو أول من قال " أما بعد " وقيل :إن أول من سماها
جمعة النصار ) انتهى ( وهو أسعد اليام وأشرفها كما مر ،وسيأتي في كتاب
الصلوة إن شاء ال ،لكن لما كان يوم عبادة وقربة ل ينبغي أن يرتكب فيه ما
ينافيها كالسفر والشتغال بالمور الدنيوية ،وليلته مثل يومه مباركة زاهرة
محله فأما التنور فاظاهر أن المنع فيه محمول على التقية ،واختلف الخبار
أيضا في الحجامة ،ولعل الولى تركها إل مع الضرورة ،ولم أوفي الفصد نهيا .
وقال المنجمون :يومه متعلق بالزهرة ،وليلته بالقمر .وأما يوم السبت فقال
إذا ضرب عنقه ،ومنه سمي يوم السبت ،لنقطاع اليام عنده ) . ( 1وقال الراغب
:
قيل سمي يوم السبت لن ال تعالى ابتدأ خلق السماوات يوم الحد ،فخلقها في
ستة أيام كما ذكره ،فقطع عمله يوم السبت فسمي بذلك ) انتهى ( وقيل :لقطع
اليهود أعمالهم فيه ،وقيل :لستراحتهم فيه .قال السيد الجل المرتضى ره في
الغرر والدرر في جواب سائل سأل عن قوله تعالى " وجعلنا نومكم سباتا ) " ( 2
فقال ) : ( 3إذا كان السبات هو النوم فكأنه قال :وجعلنا نومكم نوما ،وهذا مما
منها :أن يكون المراد بالسبات الراحة والدعة ،وقد قال قوم :إن اجتماع
) ( 2النبأ . 9 :
] [ 51
الخلق كان في يوم الجمعة والفراغ منه في يوم السبت ،فسمي اليوم بالسبت للفراغ
الذي كان فيه ،ولن ال تعالى أمر بني إسرائيل فيه بالستراحة من العمال ،قيل :
وأصل السبات التمدد ،يقال سبتت المرأة شعرها إذا حلته من العقص وأرسلته .
ومنها :أن يكون المراد بذلك القطع ،لن السبت القطع ،والسبت أيضا
الحلق ،يقال سبت شعره إذا حلقه وهو يرجع إلى معنى القطع ،والنعال السبتية
التي ل شعر عليها ،فالمعنى :جعلنا نومكم قطعا لعمالكم وتصرفكم .ومن أجاب
بهذا الجواب يقول :إنما سمي يوم السبت بذلك لن بدء الخلق كان يوم الحد
وجمع يوم الجمعة ،وقطع يوم السبت ،فترجع التسمية إلى معنى القطع .وقد
اختلف الناس في ابتداء الخلق ،فقال أهل التورية :إن ال تعالى ابتدأه في يوم
الحد ،فكان الخلق يوم الحد والثنين والثلثاء والربعاء والخميس والجمعة
ثم فرغ في يوم السبت ،وهذا قول أهل التورية .وقال آخرون :إن البتداء كان
في يوم الثنين إلى السبت ،وفرغ في يوم الحد ،وهذا قول أهل النجيل ،فأما
قول أهل السلم فهو أن ابتداء الخلق كان في يوم السبت واتصل إلى الخميس
وجعلت الجمعة عيدا ،فعلى هذا القول يمكن أن يسمى اليوم بالسبت من حيث
قطع فيه بعض خلق الرض ،فقد روى أبوهريرة عن النبي صلى ال عليه وآله أنه
قال :إن
ال خلق التربة في يوم السبت ،وخلق الجبال فيها يوم الحد .إلى آخر ما أفاده
ره وما ذكره من كون ابتداء الخلق يوم السبت خلف المشهور بين الفريقين .
وبالجملة يوم السبت يوم مبارك صالح لجميع العمال ،والبكور فيه أسعد
وأيمن كما عرفت ،لسيما للسفر وطلب الحوائج ،ويومه عند الحكاميين
متعلق بزحل ،وليلته بالمريخ ،واسمه بالعربية القديمة " شيار " كتاب .
ويوم الحد :وكان يسمى في القديم بالول ،وسمي أحدا لنه أول
اليام ،أو اليوم الول من خلق العالم ،وهو يوم متوسط لكثر العمال ،وذمه
ومدحه متعارضان ،بل مدحه أقوى ،وعند الحكاميين يومه متعلق بالشمس ،و
ليلته بعطارد .
] [ 52
ويوم الثنين يسمى في اللغة القديمة بأهون ،قال الجوهري :كانت العرب
تسمي يوم الثنين " أهون " في أسمائهم القديمة :أنشدني أبوسعيد ،قال :
أنشدني
وفي كتاب أبي ريحان . . :أو التالي دبار * فإن أفته فمؤنس الخ .
ووجه التسمية ظاهر مما مر ،وهو أنحس أيام السبوع ول يصلح لشئ
من العمال ،وما ورد في مدحه فمحمول على التقية ،لنبرك المخالفين به اقتفاء
ببني امية لعنهم ال وأكثر مصائب أهل البيت عليهم السلم وقع فيه ،ولذا وضعوا
ويمكن حمل بعض الخبار على الضرورة ،ويمكن حمل بعضها على النسخ
أيضا بأن يكون في الول مباركا حيث لم يقع بعد فيه ما يصير سببا لنحوسته
فلما فات فيه رسول ال صلى ال عليه وآله وجرت المصائب فيه على أهل البيت
المخالفون به صار أنحس اليام ،ويكون ذلك أيضا بإخباره صلى ال عليه وآله لئل
يلزم النسخ
بعده صلى ال عليه وآله ويمكن القول بمثله في يوم عاشوراء ،وهذا وجه قريب
للجمع بين
الخبار ،وإن كان الول أقرب .وعند المنجمين يومه متعلق بالقمر ،وليلة
بالمشتري .
ويوم الثلثاء بفتح الثاء وقد يضم ثم لم ثم ألف ،وهو ممدود ،وفي اللغة
القديمة يسمى الجبار كغراب ،وهو يوم متوسط لكثر العمال ل سيما صعاب
المور ،لن ال تعالى ألن فيه الحديد لداوود عليه السلم وفي مجمع البيان :إن
ال
خلق فيه الجبال ،وروي أنه سبحانه خلق فيه الشجار والنهار والهوام ،وورد
فيه النهي عن الحجامة وتجويزها والتجويز أقوى ،والسفر أيضا فيه محمود .و
] [ 53
ويوم الربعاء مثلثة الباء ممدودة ،وفي المصباح :هو بكسر الباء ،ول نظير
له في المفردات ،وإنما يأتي وزنه في الجمع ،وبعض بني أسد يفتح الباء ،والضم
لغة قليلة فيه ) انتهى ( وفي اللغة القديمة اسمه دبار ،في القاموس :دبار كغرات
و
كتاب يوم الربعاء ،وفي كتاب العين ليلته ) انتهى ( ) ( 1وفي المجمع :خلق ال
فيه
الشجر والعمران والخراب ،وقيل :خلق فيه الطير ،وهو يوم نحس ل سيما
آخر أربعاء من الشهر ،وليست نحوسته كالثنين ،وقد مر أن ال خلق فيه النار
وقد ورد تجويز بعض العمال فيه كالستحمام وشرب الدواء ،ومنع فيه من
الحجامة
والنورة والسفر ،وعند أرباب النجوم يوم متعلق بالعطارد وليلته بزحل .
ويوم الخميس كانت العرب تسميه مؤنسا ذكره الجوهري ،وهو مناسب
لما ورد في الخبر أنه يوم أنيس ،وهو يوم مبارك صالح لجميع العمال ،ل سيما
السفر وطلب الحوائج ،والبكور فيه أشد بركة ،وسيأتي فضله والعمال المطلوبة
فيه في كتاب الصلوة إن شاء ال .وقد روي فيه منع عن الحجامة ،والتجويز أصح
وأقوى ،وايد المنع بأن الرشيد احتجم فيه ومات ،وهذا مؤيد لسعادة هذا اليوم .
وعند الحكاميين يومه منسوب إلى المشتري وليلته إلى الشمس .والمراد بالليلة
في جميع ما نقلنا عنهم الليلة المستقبلة على خلف أهل الشرع ،فإنهم يعدون
الليلة
] [ 54
) * 21باب ( *
1الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن محمد بن عيسى اليقطينى
عن القاسم بن يحيى ،عن جده الحسن ،عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ،عن أبي
عبدال ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أميرالمؤمنين عليه السلم :إذا أراد
أحدكم أن يأتى
أهله فليتوق أول الهلة وأنصاف الشهور ،فإن الشيطان يطلب الولد في هذين
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 54سطر 8إلى صفحه 62سطر 8
2المكارم :عن الصادق عليه السلم :اتق الخروج إلى السفر يوم ) ( 2الثالث
من الشهر ،والرابع منه ،والحادي والعشرين منه ،والخامس والعشرين منه
فإنها أيام منحوسة ) . ( 3
وكان أميرالمؤمنين عليه السلم يكره أن يسافر الرجل أو يتزوج والقمر في المحاق
.
من الشهور العربية يوم نحس ل يصلح ارتكاب شيئ من العمال فيه سوى الخلوة
والرابع من
و
] [ 55
ولغيره :
3المكارم :عن أبي سعيد الخدرى ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من
احتجم يوم الثلثاء لسبع عشرة ] أو لتسع عشرة [ أو لحدى وعشرين كانت له
شفاء من
4وقال أيضا :احتجموا يوم الخميس لخمس عشرة ،وسبع عشرة وإحدى
] [ 56
5وعن الصادق عليه السلم :من احتجم في آخر خميس في الشهر آخر النهار
6وعن النبي صلى ال عليه وآله قال :الحجامة يوم الثلثاء لسبع عشرة تمضي من
الشهر
7وقال صلى ال عليه وآله :الحجامة في سبع وعشر من الشهر شفاء ،ويوم
الثلثاء صحة
للبدن ) . ( 3
وأقول :روي عن الصادق عليه السلم أخبار في سعادة أيام الشهر ونحوستها
جمعت
ثلثين فصل ،لكل يوم من الشهر فصل منها مروية عن الصادق عليه السلم
بروايات
متكثرة :وهي اختيارات اليام ودعاؤها لكل يوم دعاء جديد إلى أن قال :
8عن الصادق عليه السلم أنه خلق فيه آدم ،وهو يوم مبارك لطلب الحوائج ،و
واتخاذ الماشية ،ومن هرب فيه أوضل قدر عليه إلى ثماني ليال ،والمريض فيه
وقال سلمان الفارسي ره هو روز هرمزد اسم من أسمائه تعالى ،يوم مختار
9قال السيد :وفي رواية اخرى بحذف السناد عن الصادق عليه السلم وقد
سأله سائل عن اختيارات اليام فقال عليه السلم :اليوم الول خلق فيه آدم عليه
السلم يوم
صالح مسعود ،خاطب فيه السلطان وتزوج ،واعمل فيه كل شئ تريده من حاجة .
10المكارم :عن الصادق عليه السلم :سعد يصلح للقاء المراء ،وطلب الحوائج
* ) هامش ( * ) ( 3 1المكارم :ج ، 1ص 83و . 84
] [ 57
11زوائد الفوائد :عن الصادق عليه السلم قال :هو يوم مبارك محمود ،فيه
خلق
ال تعالى آدم ،وهو يوم سعيد لطلب الحوائج ،وللدخول على السلطان ،وابتداء
العمال ،والبيع والشراء ،والخذ والعطاء ،ومن ولد فيه كان محبوبا مقبول
12وفي رواية اخرى :من خرج فيه هاربا أوضال قدر عليه إلى ثمان ليال .
بيان :ما روي في سياق مامر وسيأتي عن سلمان رضي ال عنه موافق
لما رواه علماء النجوم وأصحاب التقاويم عن الفرس لكن في تصحيحها اختلفات
نشير
إليها قالوا :اليوم الول اسمه " اور مزد " وبعضهم يسميه " فرخ " وبعضهم
اليوم الثانى
13الذروع :قال الصادق عليه السلم :فيه خلقت حواء من آدم ،يصلح للتزويج
مرض فيه أول النهار خف أمره بخلف آخره ،والمولود فيه يكون صالح التربية
وقال سلمان :هو روز بهمن اسم ملك تحت العرش ،يوم مبارك للتزويج ،و
14وفي الرواية الخرى :تزوج ،وائت فيه أهلك من السفر ،واشتر ،
16الزوائد :عن الصادق عليه السلم :يوم محمود خلق ال تعالى فيه حواء ،
وهو
السلطان ،ومن مرض فيه يبرأ ،ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا .
] [ 58
17وفي رواية اخرى :أنه يصلح لكتبة العهد ،ومن مرض في أوله كان
اليوم الثالث
18الدروع :عن الصادق عليه السلم :أنه يوم نحس مستمر ،نزع آدم وحوا
لباسهما ،واخرجا من الجنة ،فاجعل شغلك فيه صلح منزلك ،ول تخرج من
دارك إن أمكيك ،واتق فيه السلطان ،والبيع ،والشراء ،وطلب الحوائج ،
والمعاملة
والمشاركة والهارب فيه يؤخذ ،والمريض يجهد ،والمولود فيه يكون مرزوقا
وقال سلمان :هو روز اردي بهشت اسم الملك الموكل بالشقاء والسقم ،يوم
19وفي الرواية الخرى عنه عليه السلم :يوم نحس فيه سلب آدم وحواء
لباسهما ،ول تشتر فيه ،ول تبع ،ول تأت فيه السلطان ،ول تطلب فيه حاجة .
21الزوائد :عنه عليه السلم :يوم نحسن فيه قتل هابيل ،قتله أخوه قابيل
عليه اللعنة والعذاب السرمد ،وهو يوم مذموم ،ل تسافر فيه ،ول تعمل عمل ،
ول
تلق فيه أحدا ،واستعذ بال من شره بعوذة أمير المؤمنين علي عليه السلم ومن
ولد فيه
كان منحوسا ،ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه إل أن يشاء ال غير ذلك .
22وفي رواية اخرى :أن من ولد فيه كان مرزوقا طويل العمر ،وفيه
سلب آدم وحواء لباسهما ،واخرجا من الجنة ،والهارب فيه يؤخذ ) ( 2والمريض
المهملة وكسر الدال المهملة ،أي الشهر الذي العالم فيه مثل الجنة ،لخضرار
] [ 59
اليوم الرابع
23الدروع :عن الصادق عليه السلم :أنه يوم صالح للزرع ،والصيد ،والبناء
واتخاذ الماشية ،ويكره فيه السفر ،فمن سافر فيه خيف عليه القتل والسلب أو
بلء يصيبه ،وفيه ولد هابيل ،والمولود فيه يكون صالحا مباركا ما عاش ،ومن
وقال سلمان :روز شهريور اسم الملك الذي خلقت فيه الجواهر ] منه [ و
24وفي الرواية الخرى :يوم صالح للتزويج والصيد ،ويذم فيه السفر
فمن سافر فيه سلب ،وفيه ولد هابيل بن آدم عليه السلم .
25المكارم :عنه عليه السلم :صالح للتزويج ويكره السفر فيه ) . ( 1
26الزوائد :عنه عليه السلم :هو يوم متوسط صالح لقضاء الحوائج ،فيه ولد
هبة ال شيث بن آدم ،ول تسافر فيه فإنه مكروه ،ومن ولد فيه كان مباركا ،و
من مرض فيه شفي ليلته وبرئ باذن ال تعالى .
27وفي رواية اخرى أن هابيل عليه السلم ولد فيه أيضا ،ويخاف فيه على
المسافر السلب والقتل وبلء يصيبه ،ومن هرب فيه لجأ إلى من يمنع منه .
أقول :اسمه عتد الفرس بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء وكسر الراء
اليوم الخامس
28الدروع :عن الصادق عليه السلم :أنه يوم نحس مستمر ،فيه ولد قابيل
الشقي الملعون ،وفيه قتل أخاه ،وفيه دعا بالويل على نفسه ،وهو أول بكى في
الرض
فل تعمل فيه عمل ،ول تخرج من منزلك ،ومن حلف فيه كاذبا عجل له الجزاء
] [ 60
وقال سلمان :روز إسفندار اسم الملك الموكل بالرضين :يوم نحس فل
29وفي الرواية الخرى عنه عليه السلم :ولد فيه قابيل ،وفيه قتل أخاه
فرعون وجبار ،وفيه لعن وعذب ،وهو يوم نكد عسير ل خير فيه ،فاستعذ بال
من شره ،ومن ولد فيه كان مشوما ثقيل نكد الحياة عسير الرزق ،ومن مرض
32وفي رواية اخرى أن فيه قتل قابيل هابيل ،وينظر في إصلح الماشية
أقول :المشهور عند الفرس " إسفندار مذ " وقد يقال " إسبندار " و " سفندار "
اليوم السادس
33الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم صالح للتزويج ،ومن سافر فيه
في بر أو بحر رجع إلى أهله بما يحبه ،جيد لشراء الماشية ،ومن ضل فيه أو
أبق وجد ،ومن مرض فيه برئ ،ومن ولد فيه صلحت تربيته وسلم من الفات .
وقال سلمان رضي ال عنه :روز خرداد اسم ملك موكل بالجن ،يصلح
للتزويج والمعاش وكل حاجة ،والحلم يظهر تأويلها بعد يوم أو يومين .
35المكارم :عنه عليه السلم :مبارك يصلح للتزيج وطلب الحوائج ) . ( 2
* ) هامش ( * ) ( 1المكارم :ج ، 2ص . 558
] [ 61
36الزوائد :عنه عليه السلم يوم صالح ولد فيه نوح عليه السلم يصلح
للحوائج ،و
والنزهة ،والصيد .ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا موسعا عليه في حياته ،ومن
اليوم السابع
38الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم صالح لجميع المور ،ومن
بدأ بالكتابة أكملها حذقا ،ومن بدأ فيه بعمارة أو غرس حمدت عاقبته ،ومن ولد
وقال سلمان رضى ال عنه :روز مرداد اسم ملك موكل بالناس وأرزاقهم
40المكارم :عنه عليه السلم مبارك مختار يصلح لكل ما يراد ويسعى فيه ) . ( 1
41الزوائد :عنه عليه السلم يوم سعيد مبارك ،فيه ركب نوح عليه السلم
السفينة
فاركب البحر ،وسافر في البر ،والق العدو ،واعمل ما شئت ،فإنه يوم عظيم
البركة ،محمود لطلب الحوائج والسعي فيها .ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا على
نفسه وأبويه ،خفيف النجم ،موسعا عيشه .ومن مرض فيه أو في ليلته برئ باذن
42وفي رواية اخرى :يصلح لبتداء الكتابة ،والعمارة ،وغرس الشجار .
أقول " :مرداد " أيضا بالضم .وقال أبوريحان :معناه دوام الخلق أبدا من غير
] [ 62
اليوم الثامن
43الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم صالح لكل حاجة من بيع أو
شراء ،ومن دخل فيه على سلطان قضيت حاجته ،ويكره فيه ركوب البحر ،
والسفر
في البر ،والخروج إلى الحرب ،ومن ولد فيه صلحت ولدته ،ومن هرب فيه لم
يقدر عليه إل بتعب ،ومن ضل فيه لم يرشد إل بجهد ،والمريض فيه يجهد .
وقال سلمان :روز نمادر اسم من أسمائه تعالى ،وهو يوم مبارك سعيد صالح
44وفي الرواية الخرى :يوم صالح مبارك ،صالح لكل حاجة إل السفر .
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 62سطر 9إلى صفحه 70سطر 9
45المكارم :يصلح لكل حاجة سوى السفر ،فإنه يكره فيه ) . ( 1
46الزوائد :عنه عليه السلم يوم صالح للشراء والبيع فاشتر فيه وبع ،وخذو
أعط ،ول تعرض للسفر ،فإنه يكره فيه سفر البر والبحر :ومن ولد فيه كان
متوسط الحال طويل العمر ،ومن مرض فيه أو في ليلته برئ بإذن ال تعالى .
47وفي رواية اخرى :تصلح للقاء السلطان وقضاء الحوائج منه ،ومن
هرب فيه لم يقدر عليه إل بتعب ،ومن ضل فيه لم يرشد إل بجهد .وقيل :من
مرض
اليوم التاسع
48الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم خفيف صالح لكل أمر تريده
فابدأ فيه بالعمل ،واقترض فيه ،وازرع ،واغرس .ومن حارب فيه غلب ،ومن
سافر فيه رزق مال ورأى خيرا ،ومن هرب فيه نجا ،ومن مرض فيه ثقل ،ومن
ضل قدر عليه ،ومن ولد فيه صلحت ولدته وفق فيه في كل حالته .
وقال سلمان :روز آذر اسم ملك موكل بالميزان يوم القيامة محمود والحلم
] [ 63
49وفي الرواية الخرى :يوم خفيف صالح لكل أمر يريده ،والمولود
50المكارم :عنه عليه السلم مبارك يصلح لكل ما يريده النسان ،ومن سافر
51الزوائد :عنه عليه السلم يوم صالح محمود ،فيه ولد سام بن نوح ،وهو يوم
مبارك يصلح للحوائج ،والدخول على السلطان ،وجميع العمال ،والدين والقرض
والخذ والعطاء ،ومن ولد فيه كان محبوبا مقبول عند الناس ،يطلب العلم ويعمل
بأعمال الصالحين ،ومن مرض فيه أو في ليلة برئ بإذن ال تعالى .
52وفي رواية اخرى :من سافر فيه رزق ولقي خيرا ،ويصلح للغرس
والزرع ،ومن حارب فيه غلب ،ومن هرب فيه لجأ إلى سلطان يمنع عليه ،ومن
أقول :عندهم آذر باللف الممدودة ثم الذال المعجمة المفتوحة اسم للنار
والملك الموكل بها ،وصحح بعضهم بضم الذال والول أشهر .
اليوم العاشر
53الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه ولد فيه نوح عليه السلم ومن ولد فيه
يكبر ويهرم ويرزق ،ويصلح للبيع والشراء والسفر ،والضالة فيه توجد ،
والهارب
وقال سلمان رضي ال عنه روز أبان اسم ملك موكل بالبحار والودية
يوم خفيف مبارك ،ومن هرب فيه من سلطان اخذ ،ومن ولد فيه لم يصبه ضيق و
54وفي الرواية الخرى :فيه ولد نوح عليه السلم يوم صالح للحرث والزرع
والسلف
فر فيه من السلطان أخذ ،ومن ضلت له ضالة وجدها ،وهو جيد للشراء والبيع
56الزوائد :عنه عليه السلم يوم محمود رفع ال فيه إدريس مكانا عليا ،وفيه
والحساب ،ومن ولد فيه كان مباركا حليما صالحا عفيفا ،ومن مرض فيه أو
وجدها ،ويستحب للمريض فيه أن يوصي ،ومن هرب فيه ظفر به وسجن .
58الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه ولد فيه شيث عليه السلم ،صالح
لبتداء العمل والبيع والشراء والسفر ،ويجتنب فيه الدخول على السلطان ،ومن
هرب فيه
رجع طائعا ،ومن مرض فيه يوشك أن يبرأ ] فيه [ ،ومن ضل فيه سلم ،ومن
ولد فيه طابت عيشته غير أنه ل يموت حتى يفتقر ويهرب من سلطان .
وقال سلمان رضي ال عنه :روز خور اسم ملك موكل بالشمس ،يوم
59وفي الرواية الخرى :من هرب فيه اخذ ،ومن ولد فيه يكون
مرزوقا في معيشته ويعمر حتى يهرم ول يفتقر أبدا .
60المكارم :عنه عليه السلم يصلح للشراء والبيع ،ولجميع الحوائج ،و
61الزوائد :عنه عليه السلم يوم صالح للشراء والبيع والمعاملة والقرض ،و
يكره فيه الدخول على السلطان ومعاملته والتصرف فيه ،ومن ولد فيه كان مباركا
صالح التربية ،ومن مرض فيه أو في ليلته برئ بإذن ال تعالى .
] [ 65
أقول :عندهم " خور " بضم الخاء ،ومنهم من صححه بالفتح ،والول
62وفي رواية اخرى أنه ولد فيه شيث عليه السلم ،ومن هرب فيه رجع طائعا
ومن ضل فيه سلم .وذكر أيضا أنه يموت فقيرا أو يهرب من السلطان .
63الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم صالح للتزويج وفتح الحوانيت
والشركة وركوب البحار ،ويجتنب فيه الوساطة بين الناس ،والمريض يوشك
وقال سلمان رضي ال عنه :روز ماه يوم مختار وهو اسم ملك موكل بالقمر .
وفي الرواية الخرى مثل الحادي عشر .
64المكارم :عنه عليه السلم يوم صالح مبارك ،فاطلبوا فيه حوائجكم ،و
65الزوائد :عنه عليه السلم يوم مبارك ،فيه قضى موسى الجل ،وهو يوم
العطاء ،ومن ولد فيه كان عفيفا ناسكا صالحا ،ومن مرض فيه أو في ليلته من
حمى
66وفي اخرى :يستحب فيه ركوب الماء ،ول يرتكب فيه الوسائط
67الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم نحس ،فاتق فيه المنازعة
والحكومة
ولقاء السلطان وكل أمر ،ول تدهن فيه رأسا ،ول تحلق فيه شعرا ،ومن ضل
فيه أو هرب سلم ،ومن مرض فيه أجهد ،والمولود فيه ذكر أنه ل يعيش .
] [ 66
وقال سلمان رضي ال عنه :روز تير اسم ملك موكل بالنجوم ،يوم نحس
ردئ ،فاتق فيه السلطان وجميع العمال ،والحلم تصح فيه بعد تسعة أيام .
68المكارم :عنه عليه السلم يوم نحس فاتقوا فيه جميع العمال ) . ( 1
69الزوائد :عنه عليه السلم يوم نحس فيه هلك ابن نوح وامرأة لوط ،وهو
يوم مذموم في كل حال ،فاستعذ بال من شره ،ومن ولد فيه كان مشوما عسير
الرزق كثير الحقد نكد الخلق ،ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه وال
أعلم .
وحلق الرأس ،ودهن الشعر ،ومن هرب فيه سلم ،وإن ولد فيه ذكر لم يعش .
71الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه صالح لكل شئ ،ومن ولد فيه
يكون غشوما ،وهو جيد لطلب العلم والبيع والشراء والسفر والستقراض و
ركوب البحر ،ومن هرب فيه اخذ ،ومن مرض فيه برئ إن شاء ال تعالى .
وقال سلمان رضي ال عنه :روز جوش اسم ملك موكل بالنس والجن
والريح ،يوم سعيد مبارك ،يصلح لكل شئ وللقاء السلطان وأشراف الناس و
علمائهم ،ومن ولد فيه يكون كاتبا أديبا ويكثر ماله آخر عمره ،والحلم تصح
72وفي الرواية الخرى :يوم سعيد صالح لكل حاجة ،ومن ولد فيه
عمر طويل ،ويكون مشعوفا بطلب العلم ،ويكثر ماله في آخر عمره .
74الزوائد :عنه عليه السلم يوم صالح لما تريد من قضاء الحوائج ولقاء الملوك
] [ 67
وطلب العلم وأعمال الديون ،ومن ولد فيه عاش سليما سعيدا ،وكان في اموره
مسددا محمودا مرزوقا ،ومن مرض فيه أو في ليلته برئ من مرضه ولم يطل وال
أعلم .
75وفي رواية اخرى :أنه من ولد فيه يكون في آخر عمره كثير المال ،و
يكون غشوما ظلوما ،ويصلح للبيع والشراء والستقراض والقرض والركوب في
76العدد القوية لدفع المخاوف اليومية للشيخ رضي الدين علي بن يوسف
بن مطهر الحلي :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم مبارك
يصلح لكل
حاجة والسفر وغيره ،فاطلبوا فيه الحوائج فإنها مقضية .
أو يقرض أو يشاهد ما يشتري ،ولد فيه قابيل وكان ملعونا ،وهو الذي قتل أخاه ،
فاحذروا فيه كل الحذر ،ففيه خلق الغضب ،ومن مرض فيه مات .
78وفي رواية اخرى :من مرض فيه برئ عاجل ،ومن هرب فيه ظفر به في
79وفي رواية اخرى :من ولد فيه يكون ألثغ أو أخرس أو ثقيل اللسان .
80قال أميرالمؤمنين عليه السلم :من ولد فيه يكون أخرس أو ألثغ .
وفي رواية اخرى :يوم مبارك يصلح لكل عمل وحاجة ،والحلم فيه
تصح بعد ثلثة أيام ،يحمد فيه لقاء القضاة والعلماء والتعليم وطلب ما عند
الرؤساء
والكتاب .
] [ 68
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :ديمهروز اسم من أسماء ال تعالى .
81الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم صالح لكل المور إل من أراد
أن يستقرض أو يقرض ،ومن مرض فيه برئ عاجل ومن هرب فيه ظفر به ،
والمولود
فيه يكون ألثغ أو أخرس .وقال سلمان رضي ال عنه :روز " ديبهر " ) ( 1اسم
وفي الرواية الخرى :يوم صالح لكل أمر ،والمولود يكون أخرس
أو ألثغ
الرؤساء فاطلب فيه حوائجك ،والق سلطانك ،واعمل ما بدالك فإنه يوم سعيد ،و
من ولد فيه يكون ألثغ اللسان أو أخرس ،ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه
ما يشترى ،ومن مرض فيه برئ بإذن ال تعالى ،ومن هرب فيه ظفر به في مكان
غريب .
بيان :اللثغ محركة واللثغة بالضم تحول اللسان من السين إلى الثاء أو من
الراء إلى الغين أو اللم أو الياء أو من حرف إلى حرف ،أو أن ل يتم رفع لسانه ،
وفيه ثقل
لثغ كفرح فهوأ لثغ .وتصحيح السم عندهم بالدال المفتوحة والياء الساكنة والباء
المكسورة ،وفي نسخ الدروع بسقوط الميم وفتح الباء .وإنما ابتدأنا النقل من
" العدد " من هذا اليوم لنه لم يصل إلينا من هذا الكتاب إل من اليوم الخامس
] [ 69
عشر إلى آخر الشهر ،ومن أول الشهر إلى هذا اليوم كان ساقطا .
85العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم إنه يوم نحس مستمر
ردئ
فل تسافر فيه ومن سافر فيه هلك ويناله مكروه ،فاجتنبوا فيه الحركات واتقوا
فيه الحوائج ما استطعتم ،فل تطلبوا فيه حاجة ،ويكره فيه لقاء السلطان .
87وفي رواية :خلقت فيه المحبة والشهوة ،وهو يوم السفر فيه جيد
في البر والبحر ،استأجر فيه من شئت ،وادفع فيه إلى من شئت ،من ولد فيه
88وفي رواية :من ولد في صبيحته إلى الزوال كان مجنونا وإن ولد
بعد الزوال إلى آخره صلحت حاله ،ومن هرب فيه يرجع ،ومن ضل فيه سلم و
من ضلت له ضالة وجدها ،ومن مرض فيه برئ عاجل .
89قال مولنا أميرالمؤمنين عليه السلم :من مرض فيه خيف عليه الهلك .
90وفي رواية أنه يوم جيد لكل ما يراد من العمال والنيات والتصرفات
والمولود فيه يكون عامل ،وهو يوم لجميع ما يطلب فيه من المور الجيدة .
وفي رواية أنه يوم نحس ،من ولد فيه يكون مجنونا لبد من ذلك ،و
من سافر فيه يهلك ،وتصلح لعمل الخير ،ويتقى فيه الحركة ،والحلم تصح
قال سلمان الفارسي رضي ال عنه :مهرروز اسم الملك الموكل بالرحمة .
91الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم نحس ل يصلح لشيئ سوى البنية
والساسات ،من سافر فيه هلك ،ومن هرب فيه رجع ،ومن ضل سلم ،ومن
مرض
] [ 70
فيه برئ سريعا ،والمولود فيه يكون مجنونا إن ولد قبل الزوال ،وإن ولد بعد
الزوال
وقال سلمان رضي ال عنه :روز مهر اسم ملك موكل بالرحمة ،وهو يوم
نحس ،فاتق فيه الحركة ،والحلم تصح فيه بعد يومين .
92وفي الروية الخرى :يوم نحس ،ومن ولد فيه يكون مجنونا ،ومن
94الزوائد :عنه عليه السلم :يوم نحس ردئ مذموم ل خير فيه ،فل تسافر
فيه ،ول تطلب حاجة ،وتوق ما استطعت ،وتعوذ بال من شره ،ومن ولد فيه
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 70سطر 10إلى صفحه 78سطر 10
يكون مشوما عسر التربية منحوسا في عيشه ،ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف
عليه
95وفي رواية اخرى :من سافر فيه هلك ،ويكره فيه لقاء السلطان
والذي يهرب فيه يرجع ،ومن ضل فيه سلم ،ومن ولد في صبيحته إلى الزوال
96العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم صاف مختار
لجميع الحوائج ،ويصلح للشراء والبيع والتزويج والدخول على السلطان وغير
ذلك ،صالح لكل حاجة ،فاطلب فيه ما تريد فإنه جيد ،خلقت فيه القوة ،و
خلق فيه ملك الموت ،وهو الذي بارك فيه الحق على يعقوب عليه السلم ،جيد
صالح
97وفي رواية اخرى :هذا اليوم متوسط يحذر فيه المنازعة ،ومن أقرض
] [ 71
فيه شيئا لم يرد إليه ،فإن رد فيجهد ،ومن استقرض فيه شيئا لم يرده .
98قال ابن معمر ] :وفي [ رواية اخرى أنه يوم ثقيل ل يصلح لطلب
الحوائج فاحذر فيه ،وأحسن إلى ولدك وعبدك ،ومن مرض فيه يبرأ ،والرؤيا
فيه كاذبة ،والبق فيه يوجد ،ومن ولد فيه عاش طويل وصلحت حاله وتربيته
99وفي رواية اخرى :أنه يوم ثقيل غير صالح لعمل الخير ،فل تلتمس
فيه حاجة .
100وفي رواية اخرى :يوم جيد مختار ،يحمد فيه التزويج والختانة و
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :سروش روز اسم الملك الموكل بحراسة
101الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم متوسط ،واحذر فيه المنازعة و
القرض والستقراض ،فمن أقرض فيه شيئا لم يرد إليه ،ومن استقرض لم يرده
وقال سلمان رضي ال عنه :روز سروش ،اسم ملك موكل بحراسة العالم
102قال :وفي رواية اخرى أنه يوم ثقيل ل يصلح لطلب حاجة .
103المكارم :عنه عليه السلم صاف ) ( 1مختار ،فاطلبوا فيه ما شئتم وتزوجوا
وبيعوا واشتروا وازرعوا وابنوا وادخلوا على السلطان في حوائجكم فإنها تقضى )
.(2
104الزوائد :عنه عليه السلم :يوم صالح مختار محمود لكل عمل وحاجة
] [ 72
فاطلب فيه الحوائج ،واشتر وبع والق الكتاب والعمال ومن شئت ،ومن ولد
فيه كان مباركا سعيدا في كل أمره ،ومن مرض فيه أو في ليلته خلص وبرئ بإذن
105وفي رواية اخرى :متوسط تحذر فيه المنازعة والقرض والستقراض .
أقول " :سروش " عندهم بالسين والراء المهملتين المضمومتين .
106العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم مختار جيد
مبارك سعيد يصلح للتزويج والسفر ،ومن سافر فيه قضيت حاجته ،مبارك لكل
ما تريد عمله ،ولطلب الحوائج ،صالح لكل حاجة من بيع وشراء وزرع فإنك
تربح ،واسع في جميع حوائجك فإنها تقضى ،واطلب فيه ما شئت فإنك تظفر
ويصلح للدخول على السلطان والقضاة والعمال ،ومن خاصم فيه عدوه ظفر به
بإذن ال وغلبه ،ومن تزوج فيه يرى خيرا ،ومن اقترض قرضا رده إلى من
اقترض منه ،ومن مرض فيه يوشك أن يبرأ :والمولود يصلح حاله ،ويكون
عيشه
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :رش روز اسم الملك الوكل بالنيران .
108الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم سعيد صالح لكل شئ من بيع
أو شراء أو زرع أو سفر ،ومن خاصم فيه عدوه ظهر به ،والقرض فيه يرد ،و
وقال سلمان رضي ال عنه :روزرش اسم ] ملك [ موكل بالنيران ،يصلح للسفر
109وفي الرواية الخرى :يوم صالح للسفر وكل ما تريده من حاجة .
] [ 73
110المكارم :عنه عليه السلم :مختار صالح للسفر وطلب الحوائج ،ومن
111الزوائد :عنه عليه السلم :يوم مختار للسفر والتزويج ولطلب الحوائج
ومن خاصم فيه عدوه خصمه وغلبه وقهره ،ومن ولد فيه كان حسن التربية
محمود
العيش ،ومن مرض فيه أو في ليلته برئ ونجا بإذن ال تعالى .
أقول :أكثرهم صححوا السم بفتح الراء المهملة وسكون الشين المعجمة والنون
وصحح بعضهم رش بغير نون كما في الدروع .
113العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم إنه يوم خفيف يصلح
لكل شئ والسفر فمن سافر فيه قضي حاجته وقضيت اموره ،وكلما ] يريد [
يصل إليه ،صالح للتزويج والمعاش والحوائج وتعلم العلم وشراء الرقيق والماشية
،سعيد
مبارك ،ولد فيه إسحاق بن إبراهيم عليهم السلم ومن ضل فيه أو هرب قدر عليه
بعد خمسة
عشر ليلة ،ومن ولد فيه كان صالح الحال متوقعا لكل خير .
114وفي رواية اخرى :أنه يوم شديد كثر شره ،ل تعمل فيه عمل من
أعمال الدنيا ،والزم فيه بيتك ،وأكثر فيه ذكر ال عزوجل وذكر النبي صلى ال
عليه وآله
من مرض فيه ينجو ،ول تسافر فيه ،ول تدفع فيه إلى أحد شيئا ،ول تدخل على
115وقال أميرالمؤمنين عليه السلم :من ولد فيه يكون مرزوقا مباركا .
116وفي رواية اخرى :أنه يحمد فيه لقاء الملوك والسلطين لطلب الحوائج
] [ 74
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :فروردين روز اسم الملك الموكل
بالرواح ] و [ قبضها .وفي ليلة تسع عشرة من شهر رمضان يكتب وقد الحاج ،
و
يستحب فيه الغسل وفي ليلة الربعاء تاسع عشر شهر رمضان سنة أربعين من
الهجرة
117الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم سعيد ولد فيه إسحاق ،وهو
صالح للسفر والمعاش والحوائج وتعلم العلم وشراء الرقيق والماشية ،ومن ضل
فيه أو هرب قدر عليه بعد خمس عشرة ليلة ،ومن ولد فيه يكون صالحا موفقا
وقال سلمان رضي ال عنه :روز فروردين اسم ملك موكل بالرواح و
قبضها ،وهو يوم مبارك ،وفي الرواية الخرى مثل الثامن عشر .
118المكارم :عنه عليه السلم :مختار صالح لكل عمل ،ومن ولد فيه يكون
مباركا ) . ( 1
119الزوائد :عنه عليه السلم يوم مختار مبارك صالح لكل عمل تريد ،وفيه
ولد إسحاق بن إبراهيم عليهم السلم فاطلب فيه الحوائج ،والق السلطان ،واكتب
الكتب
واعمل العمال ،ومن ولد فيه كان كانبا مباركا مرزوقا ،ومن مرض فيه أو في
ليلته
120وفي رواية اخرى :يصلح للسفر والمعاش وطلب العلم وشراء الرقيق
والماشية ،ومن ضل فيه أو هرب يقدر عليه بعد نصف شهر .
أقول :فروردين عندهم بفتح الفاء وسكون الراء وفتح الواو ثم سكون
اليوم العشرون
121العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم جيد مبارك
] [ 75
يصلح لطلب الحوائج والسفر ،فمن سافر فيه كانت حاجته مقضية ،والبناء
والتزويج
122وفي رواية اخرى :أنه ولد فيه إسحاق عليه السلم محمود العاقبة جيد
لطلب الحوائج ،طالب فيه بحقك ،وازرع ما شئت ،ول تشتر فيه عبدا .
ووضع الساس وحصاد الزرع وغرس الشجر والكرم واتخاذ الماشية ،من هرب
فيه
كان بعيد الدرك ،ومن ضل فيه خفي أمره ،ومن مرض فيه صعب مرضه .
125وفي رواية :من مرض فيه مات ،ومن ولد فيه يكون في صعوبة من
126وفي رواية اخرى :من ولد فيه كان حليما فاضل .
127قال مولنا أميرالمؤمنين عليه السلم :من سافر فيه رجع سالما غانما ،و
128وفي رواية اخرى :أنه يوم محمود يحمد فيه الطلب للمعاش والتوجه
129الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم متوسط صالح للسفر وقضاء
الحوائج والبناء ووضع الساس وغرس الشجر والكرم واتحاد الماشية ،ومن
هرب فيه بعد دركه ،ومن ضل فيه خيف أمره ،ومن مرض فيه صعب مرضه ،
ومن
وقال سلمان رضي ال عنه :روز بهرام اسم ملك موكل بالنصر والخذلن
والحروب والجدال ،وهو يوم جيد مبارك .
130وفي الرواية الخرى :يوم مبارك يصلح للسفر وطلب الحوائج .
] [ 76
131المكارم :عنه عليه السلم جيد مختار للحوائج والسفر والبناء والغرس
132الزوائد :عنه عليه السلم يوم جيد محمود صالح مسعود مبارك لما يؤتى
فاشتر فيه وبع واعمل ما شئت ،ومن ولد فيه كان طويل العمر ،ملكا يملك بلدا
أو ناحية منه ،ومن مرض فيه أو في ليلته يخلص بإذن ال تعالى .
وضع الساسات وغرس الشجر والكرم واتخاذ الماشية ،ومن هرب فيه كان بعيد
الدرك ،ومن ضل فيه خفي أمره ،ومن مرض فيه صعب مرضه ،ومن ولد فيه
عاش
134العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم نحس
مستمر يصلح فيه إاقة الدماء ،فاتقوا فيه ما استطعتم ،ول تطلبوا فيه حاجة
ول تنازعوا فيه ،فإنه ردئ منحوس مذموم ،ول تلق فيه سلطانا تتقيه ،فهو يوم
ردئ لسائر المور ،ول تخرج من بيتك ،وتوق ما استطعت ،وتجنب فيه اليمين
الصادقة ،وتجنب فيه الهوام ،فإن من لسع فيه مات ،ول تواصل فيه أحدا ،فهو
أول يوم اريق فيه الدم وحاضت فيه حواء ،ومن سافر فيه لم يرجع وخيف عليه
ولم يربح ،والمريض يشتد علته ولم يبرأ ] ،و [ من ولد فيه يكون محتاجا فقيرا .
136وفي رواية اخرى :يصلح فيه إهراق الدم ،ول تطلب فيه حاجة ،و
] [ 77
138الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم نحس ردئ ،فل تطلب فيه
حاجة ،واتق فيه السلطان ،ومن سافر فيه خيف عليه ،ومن ولد فيه يكون
وقال سلمان رضي ال عنه :روز ماه اسم ملك موكل بالفرح ،يصلح
لهراق الدماء حسب .
139وفي الرواية الخرى :يوم نحس ،وهو يوم إراقة الدم ،فل تطلب
141الزوائد :عنه عليه السلم :يوم نحس مذموم أكل فيه آدم من الشجرة
وعصى ربه ،فاحذره ول تطلب فيه حاجة ،ول تلق سلطانا ،ول تعمل عمل ،ول
تشارك أحدا واقعد في منزلك واستعذ بال من شره ،ومن ولد فيه كان ضيق العيش
143العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم مختار حسن
ما فيه مكروه ،يصلح لكل حاجة وللشراء والبيع والصيد فيه والسفر ،ومن
سافر فيه ربح ويرجع معافى إلى أهله سالما ،وطلب الحوائج والمهمات وسائر
العمال ،والصدقة فيه مقبولة ،ومن دخل على سلطان قضيت حاجته ويبلغ بقضاء
الحوائج .وفي نسخة اخرى :ومن قصد السلطان وجد مخافة .
] فيه [ مقصوصة ،والتحارة فيه مباركة ،والبق فيه يوجد ،وإن خاصمت فيه
كانت العلبة لك ،والتزويج فيه جيد ،ومن ولد فيه يكون عيشه طيبا ويكون
وسائر التصاريف في العمال المرضية ،وهو يوم خفيف يصلح لكل حاجة يراد
قضاؤها .
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 78سطر 11إلى صفحه 86سطر 11
146الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه يوم صالح لقضاء الحوائج والبيع
والشراء والدخول على السلطان ،والصدقة فيه مقبولة ،والمريض فيه يبرأ سريعا
والمسافر فيه يرجع معافى .
وقال سلمان رضي ال عنه :روز باد اسم ملك موكل بالريح ،يوم خفيف
148المكارم :عنه عليه السلم :مختار صالح للشراء والبيع ولقاء السلطان
149الزوائد :عنه عليه السلم :يوم سعيد مبارك مختار لما تريد من العمال
فاعمل ما شئت ،والق من شئت ،فإنه مبارك ،ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا
سعيدا ،ومن مرض فيه أو في ليلته ل يخاف عليه ويخلص ،ويستحب فيه الشراء
والبيع .
بيان :قوله عليه السلم " ويبلغ بقضاء الحوائج " أي حوائج غيره ،أو هو تأكيد
] [ 79
150العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم سعيد مختار
ولد فيه يوسف النبي الصديق عليه السلم يصلح لكل حاجة ولكل ما يريدونه ،
وخاصة
للتزيج والتجارات كلها ،وللدخول على السلطان والسفر ،ومن سافر فيه غنم
وأصاب خيرا ،جيد للقاء الملوك والشراف والمهمات وسائر العمال ،وهو
يوم خفيف مثل الذي قبله ،يصلح للبيع والشراء ،والرؤيا فيه كاذبة ،والبق فيه
يوجد ،والضالة ترجع ،والمريض يبرأ ،ومن ولد فيه يكون صالحا طيب النفس
وفي نسخة اخرى :يوم نحس مشوم ،من ولد فيه ل يموت إل مقتول ،ولد
151قال مولنا أميرالمؤمنين عليه السلم :ولد فيه ابن يامين أخو يوسف ،ومن
وقالت الفرس :إنه يوم خفيف يحمد فيه التزويج والنقلة والسفر والخذ
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :ديبدين روز اسم الملك الموكل بالنوم
واليقظة وحراسة الرواح حتى تزجع إلى البدان .ومن رواية أنه اسم من
152الدروع :عن الصادق عليه السلم أنه ولد فيه يوسف عليه السلم وهو يوم
صالح
لطلب الحوائج والتجارة والتزويج والدخول على السلطان ،ومن سافر فيه غنم
وأصاب خيرا ،ومن ولد فيه كان حسن التربية .
وقال سلمان رضي ال عنه :روز بندين اسم من أسمائه تعالى ،يوم خفيف صالح
] [ 80
154الزوائد :عنه عليه السلم :يوم سعيد مبارك لكل ما تريد :للسفر ،و
التحويل ) ( 3من مكان إلى مكان ،وهو جيد للحوائج ولقاء الملوك ،ومن ولد
فيه كان سعيدا وعاش عيشا طيبا ،ومن مرض فيه أو في ليلته نجا بإذن ال
تعالى .
- 155وفي رواية اخرى :أن يوسف ولد فيه ويصلح للتزويج .
أقول :السم عندهم " ديبدين " بفتح الدال المهملة وسكون الياء المثناة
التحتانية وكسر الباء أو فتحها وكسر الدال المهملة ،ومنهم من صححه " ديبادين
"
156العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم نحس
مستمر
مذموم مشوم ملعون ،ولد فيه فرعون لعنه ال وهو يوم عسير نكد ،فاتقوا ال
ما استطعتم ،ل ينبغي أن يبتدأ فيه بحاجة ،ويكره في جميع الحوال والعمال
نحس لكل أمر يطلب فيه ،من سافر فيه مات في سفره .
157وفي رواية اخرى :ومن مرض فيه طالت مرضته ،ومن ولد فيه يكون
سقيما حتى يموت نكدا في عيشه ول يوفق لخير ،وإن حرص عليه جهده ،ويقتل
158وفي رواية اخرى أنه جيد للسفر ،والرؤيا فيه كاذبة .
159قال أميرالمؤمنين عليه السلم :من ولد في هذا اليوم عل أمره إل أنه يكون
] [ 81
160وفي رواية اخرى :أنه ردئ مذموم ل يطلب فيه حاجة ،ولد فيه
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :دين روز اسم الملك الموكل بالسعي
والحركة .وفي رواية اخرى :اسم الملك الموكل بالنوم واليقظة وحراسة الرواح
حتى ترجع إلى البدان .
161الدروع :عن الصادق عليه السلم :أنه يوم ردئ نحس ،فيه ولد فرعون
فل تطلب فيه أمرا من المور ،ومن ولد فيه نكد عيشه ولم يوفق لخير ويقتل آخر
وقال سلمان رضي ال عنه :روز دين اسم ملك موكل بالنوم واليقظة
والسعي والحركة وحراسة الرواح إلى أن ترجع إلى البدان ،يوم نحس مستمر
162وفي الرواية الخرى :يوم نحس مستمر ،فيه ولد فرعون ،من
ولد فيه يقتل ول يكون موفقا وإن حرص جهده ،ويكون ما عاش نكدا .
- 164الزوائد :عنه عليه السلم :يوم نحس مستمر مكروه لكل حال وعمل
فاحذره ول تعمل فيه عمل ،ول تلق أحدا ،واقعد في منزلك واستعذ بال من شره
ومن ولد فيه كان منحوسا ،ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه أو طال
مرضه .
165وفي رواية اخرى :ولد فيه فرعون :والمولود فيه يقتل في آخر عمره
وهو اليوم الذي أصاب مصر فيه تسعة ضروب من الفات ،فل تطلب فيه حاجة .و
. 559
] [ 82
احفظ فيه نفسك ،فإنه اليوم الذي ضرب ال عزوجل فيه أهل اليات مع فرعون
وهو شديد البلء ،والبق فيه يرجع ،ول تحلف فيه صادقا ول كاذبا ،وهو يوم
سوء
من سافر فيه ل يربح ،ومن مرض فيه اجهد ،ومن لم يفق من مرضه فاتقه .
167وفي رواية اخرى :من مرض فيه ل يكاد يبرأ ،وهو إلى الموت أقرب
من الحياة ،ومن مرض فيه ل ينجو ،ومن ولد فيه كان ملكا مرزوقا نجيبا من
الناس
168وفي رواية اخرى :من ولد فيه يكون فقيها عالما .
169وفي رواية اخرى :أنه يوم جيد للشراء والبيع والبناء والزرع ،و
يصلح لقضاء الحوائج ،ومن ولد فيه كان كذابا نماما ل خير فيه .
170وقال أميرالمؤمنين عليه السلم :استعيذوا فيه بال تعالى .
وقالت الفرس :إنه يوم ثقيل ردئ مكروه ،اصيب فيه أهل مصر بسبع
ضربات من البلء ،وهو ] يوم [ نحس ،تفرغ فيه للدعاء والصلوة وعمل الخير .
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :أرد روز اسم الملك الموكل بالجن
والشياطين .
171الدروع :عن الصادق عليه السلم إنه يوم نحس ردئ ،فاحفظ نفسك
فيه ،ول تطلب فيه حاجة ،فإنه يوم شديد البلء ،ضرب ال فيه أهل مصر باليات
مع فرعون ،والمريض فيه يجهد ،والمولود فيه يكون مباركا مرزوقا نجيبا ،و
وقال سلمان رضي ال عنه :روز أرد اسم ملك موكل بالجن والشياطين
يوم نحس ضرب ال فيه أهل مصر باليات ،فتفرغ فيه للدعاء والصلوة وعمل
الخير .
172وفي الرواية الخرى عنه عليه السلم :يوم نحس مشوم .فيه اصيب أهل
مصر باليات ،فاتقه جهدك ،ومن مرض فيه لم يفق من مرضه .
] [ 83
174الزوائد :عنه عليه السلم :يوم نحس مكروه ثقيل نكد ،فل تطلب فيه
حاجة ،ول تلق أحدا ،ول تسافر فيه ،واقعد في منزلك ،واستعذ بال من شره ،و
من ولد فيه كان ثقيل التربية نكد الحياة ،ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه .
175وفي رواية اخرى :أنه يوم ضرب ال فيه أهل اليات مع فرعون
والمولود فيه يكون نجيبا مباركا مرزوقا تصيبه علة شديدة ويسلم منها .
أقول :المشهور في تصحيح السم أنه بفتح الهمزة وسكون الراء المهملة ثم
الدال المهملة ،وقد يمد الهمزة ،وبعضهم صححه بكسر الهمزة .
176العدد :قال مولنا جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم مبارك
للسيف ،ضرب موسى عليه السلم فيه البحر فانفلق ،يصلح لكل حاجة ما خل
التزويج
والسفر ،فاجتنبوا فيه ذلك ،فإنه من تزوج فيه لم يتم تزويجه ويفارق أهله ،و
177وفيه رواية اخرى :يوم صالح للسفر ،ولكل أمر يراد إل التزويج
فإنه من تزوج فيه فرق بينهما كما انفرق البحر لموسى عليه السلم ويكون
عيشهما
بغيضا ،ول تدخل إذا وردت من سفرك فيه إلى أهلك ،والنقلة فيه جيدة ،ومن
ولد فيه يكون قليل الحظ ويغرق كما غرق فرعون في اليم .
179فيه رواية اخرى :من ولد فيه يكون مجنونا بخيل ،ومن مرض
قالت الفرس :إنه يوم جيد مختار مبارك ،ومن تزوج فيه ل يتم أمره و
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :اشتاد روز اسم الملك الذي خلق
180الدروع :عن الصادق عليه السلم :إنه يوم صالح ،يصلح للسفر ولكل
] [ 84
أمر يراد إل التزويج ،فمن تزوج فيه فارق زوجته ،لن فيه انفلق البحر لموسى
عليه السلم ول تدخل فيه على أهلك إذا قدمت من سفر ،والمريض فيه يجهد ،و
وقال سلمان رضي ال عنه ،روز أشتاد اسم ملك خلق عند ظهور الدين
181وفي الرواية الخرى عنه عليه السلم :فيه فرق ال البحر لموسى عليه
السلم و
هو يوم صالح لكل أمر إل للتزويج ،فمن تزوج فيه فرق بينهما كما فرق ال
البحر .
182المكارم :عنه عليه السلم :صالح لكل حاجة سوى التزويج والسفر ،و
183الزوائد :عنه عليه السلم :يوم صالح متوسط للشراء والبيع والسفر و
قضاء الحوائج والبناء والغرس والزرع ،وهو يوم جيد ) ( 2فسافر فيه ،والق
من شئت تغنم وتقض حوائجك ،ومن لد فيه كان متوسط الحال ،ومن مرض فيه
184وفي رواية اخرى :هو يوم ضرب موسى بعصاه البحر ،فل تعبر ) ( 3
على أهلك إذا أتيت من سفر ،والمولود يطول عمره ،والمريض يجهد .
أقول :المضبوط عند أكثرهم " أشتاد " بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة
وفتح التاء ثم اللف ثم الدال المهملة ،ونقل عن السيد ركن الدين الملي
185العدد :قال مولنا أبوعبدال جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم
] [ 85
مبارك مختار جيد ،يصلح لطلب الحوائج والشراء والبيع والدخول على السلطان
التزويج ،وهو يوم سعيد جيد ،وفيه ليلة القدر فاطلب ما شئت ،خفيف لسائر
الحوال ،اتجر فيه ،وطالب بحقك ،واطلب عدوك ،وتزوج وادخل على
السلطان ،والق من شئت ،ويكره فيه إخراج الدم ،ومن مرض فيه مات ،و
من ولد فيه يكون جميل حسنا طويل العمر كثير الرزق قريبا إلى الناس محببا
إليهم .
187قال أميرالمؤمنين عليه السلم :ولد فيه يعقوب عليه السلم من ولد فيه يكون
مرزوقا محبوبا عند أهله لكنه تكثر أحزانه ويفسد بصره .
وقالت الفرس :إنه يوم جيد ،يحمد للحوائج وتسهيل المور والعمال
والتصرفات ولقاء التجار والسفر ،والمسافر يحمد فيه أمره ،من ولد فيه يكون
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه :روز آسمان اسم الملك الموكل بالطير ) . ( 2
188الدروع :عن الصادق عليه السلم :إنه يوم صالح لكل أمر ،والمولود
فيه يكون حسنا جميل طويل العمر كثير الخير قريبا إلى الناس محببا إليهم .
قال سلمان رضي ال عنه :روز آسمان اسم ملك موكل بالطير ،والمولود
191الزوائد :عنه عليه السلم :يوم صاف مبارك من النحوس صالح للحوائج
إلى
) ( 2بالسماوات ) خ ( .
] [ 86
لسلطان وإلى الخوان ،والسفر إلى البلدان ،فالق فيه من شئت ،وسافر إلى حيث
أردت
ومن ولد فيه كان ) ( 1مباركا خفيف التربية ،ومن مرض فيه أو في ليلة نجامن
192ومن رواية اخرى :إنه يكون طويل العمر كثير الخير .
أقول :آسمان باللف الممدود كاسم السماء ،ولذا قيل اسم ملك موكل
بالسماء ،وقيل موكل بالطير ،وقيل بالممات والمور المتعلقة بهذا اليوم .
] مختار وصالح لكل حاجة وإخراج الدم وهو يوم [ سعيد مبارك ،ولد فيه يعقوب
عليه السلم يصلح للسفر وجميع الحوائج وكل أمر والعمارة والبيع والشراء و
الدخول على السلطان ،قاتل فيه أعداءك فإنك تظفر بهم والتزويج .
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 86سطر 12إلى صفحه 94سطر 12
194وفي رواية اخرى :ل تخرج فيه الدم فإنه ردئ من مرض فيه
يموت ،ومن أبق فيه رجع ،ومن ولد فيه يكون حسنا جميل مرزوقا محبوبا محببا
إلى الناس وإلى أهله مشغوفا محزونا طول عمره ،ويصيبه الغموم ،ويبتلى في
بدنه
195قال مولنا أميرالمؤمنين عليه السلم من ولد فيه يكون صبيح الوجه مسعود
الجد مباركا ميمونا ،ومن طلب فيه شيئا تم له وكانت عاقبته محمودة .
196وفي رواية اخرى :يحمد فيه قضاء الحوائج ،ومبارك فيها وقضاء
المور والمهمات ودفع الضرورات ولقاء القواد والحجاب والجناد ،وهو يوم
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه " راهياد روز اسم الملك الموكل بالقضاء بين
] [ 87
197الدروع :عن الصادق عليه السلم :إنه يوم صالح لكل أمر ،ولد فيه
يعقوب عليه السلم فمن ولد فيه يكون محزونا وتصيبه الغموم ويبتلى في بدنه .
وقال سلمان رضي ال عنه :روز رامياد اسم ملك موكل بالسماوات وقيل
بالقضاء بين الخلق ،يوم مبارك سعيد ،والحلم تصح في يومها .
198وفي الرواية الخرى :يوم سعيد ولد فيه يعقوب عليه السلم ،ومن ولد
فيه يكون مرزوقا محببا إلى أهله وإلى الناس ،ويعمر طويل وتصيبه الهموم و
200الزوائد :يوم مبارك سعيد لكل عمل وحاجة وسفر وبناء وغرس
واعمل فيه ما شئت ،والق من شئت ،فإنه يوم مبارك سعيد ،ومن ولد فيه يكون
201وفي رواية اخرى :أن يعقوب عليه السلم ولد فيه ،ومن ولد فيه يكون
محزونا طويل عمره ،ويصيبه الغم ويبتلى في بدنه .
أقول :المضبوط في السم " رامياد " بفتح الراء المهملة ثم اللف وسكون
202العدد :قال مولنا أبوعبدال جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :إنه يوم
مختار يصلح لكل حاجة وإخراج الدم ،وهو يوم سعيد لسائر المور والحوائج
والعمال فيه بارك ال تعالى على الرض المقدسة ،ويصلح للنقلة وشراء العبيد
والبهائم
ولقاء الخوان والصدقاء وفعل البر والحركة :ويكره فيه الدين والسلف
واليمان ،ومن سافر فيه يصيب مال كثيرا إل من كان كاتبا فإنه يكره له ذلك ،و
الرؤيا فيه صادقة ،ول تقصها إل بعد يوم ،والمريض فيه يموت ،والبق فيه
يوجد
ول تستحلف فيه أحدا ،ول تأخذ فيه من أحد ؟ وادخل فيه على السلطان .ول
] [ 88
203وفي رواية :من مرض فيه يبرا ؟ ومن ولد فيه يكون صالحا حليما .
204وفي رواية اخرى أنه متوسط ل محمود ول مذموم ؟ تجتنب فيه الحركة .
وقالت الفرس :إنه يوم جيد صالح يحمد فيه النقلة والسفر والحركة
والمولود فيه يكون شجاعا ،وهو صالح لكل حاجة ولقاء الخوان والصدقاء
بالفئدة .
- 205الدروع :عن الصادق عليه السلم :إنه يوم صالح لكل أمر ،ومن ولد
فيه يكون حليما ،ومن سافر فيه أصاب مال جزيل ،ومن مرض فيه برئ سريعا
وقال سلمان رضي ال عنه :فارسفند اسم ملك موكل بالفئدة والعقول
206وفي الرواية الخرى :يوم مبارك صالح لكل حاجة من لقاء السلطان
207المكارم :عنه عليه السلم :مختار جيد لكل حاجة ما خل الكاتب ،فإنه
يكره له ذلك ،ول أرى له أن يسعى في حاجة إن قدر على ذلك .ومن مرض فيه
برئ سريعا ،ومن سافر فيه أصاب مال كثيرا ،ومن أبق فيه رجع ) . ( 1
208الزوائد :عنه عليه السلم يوم مبارك سعيد قريب المر ،يصلح للحوائج
والتصرف فيها ولقاء الملوك والسفر والنقلة ،فاقض فيه كل حاجة ،وسافر ،و
] [ 89
الق من شئت ،ومن ولد فيه كان مباركا ،ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه .
209وفي رواية اخرى :الذي يولد فيه يكون حليما ،والمسافر فيه
أقول :السم عندهم " مار اسفند " بفتح الميم ثم اللف والراء الساكنة ثم
الهمزة المكسورة والسين المهملة الساكنة والفاء المفتوحة والنون الساكنة ،و
قيل :مار اسفندان ،وقيل :إسبند ،وقيل :إسبندان بالباء العجمية فيهما .
اليوم الثلثون
210العدد القوية :قال مولنا أبوعبدال جعفر بن محمد الصادق عليه السلم :
إنه يوم مختار جيد يصلح لكل شئ ،وللشراء والبيع الزرع والغرس والبناء
211وفي رواية اخرى :ل تسافر فيه ،ول تتعرض لغيره إل المعاملة ،وقلل
فيه الحركة ،والسفر فيه ردئ ،ومن ولد فيه يكون حليما مباركا ،وتعسر
تربيته ،وبسوء خلقه ،ويرزق رزقا يكون لغيره ،ويمنع من التمتع بشي منه .
212وفي رواية اخرى :من ولد فيه كفي كل أمر يؤذيه ،ويكون
المولود فيه مباركا صالحا ،يرتفع أمره ويعلو شأنه ،ولد فيه إسماعيل بن إبراهيم
عليه السلم وفيه خلق ال العقل ،وأسكنه رؤوس من أحب من عباده ،ومن هرب
فيه اخذ ،ومن ضلت منه ضالة وجدها ،ومن اقترض فيه شيئا رده سريعا ،ومن
213قال مولنا أميرالمؤمنين عليه السلم :من ولد فيه يكون حليما مباركا
صالقا أمينا يعلو شأنه ،ومن ضاع له شئ يجده بإذن ال تعالى .
قالت الفرس :إنه يوم خفيف يحمد فيه سائر العمال والتصرفات ،ويصلح
وقال سلمان الفارسي رضي ال عنه ) : ( 1ايران روز اسم الملك الموكل
] [ 90
214الدروع الواقية :عن الصادق عليه السلم :إنه يوم جيد للبيع والشراء
والتزويج ،ومن ولد فيه يكون حليما مباركا ،وتعسر تربيته ،ويسوء خلقه
ويرزق رزقا يمنع منه ،ومن هرب فيه اخذ ،ومن ضلت له ضالة وجدها ،ومن
وقال سلمان رضي ال عنه :روز أنيران اسم ملك موكل بالدهور والزمنة
يوم سعيد مبارك يصلح لكل شئ تريده .
215وفي الرواية الخرى :يوم سعيد مبارك يصلح لكل حاجة تلتمس .
216مكارم الخلق :عنه عليه السلم مختار جيد لكل شئ ولكل حاجة
من شراء وبيع وزرع وتزويج ،ومن مرض فيه برئ سريعا ،ومن ولد فيه يكون
حليما مباركا ،ويرتفع أمره ،ويكون صادق اللسان صاحب وفاء ) . ( 1
217زوائد الفوائد :عن الصادق عليه السلم :يوم مبارك ميمون مسعود مفلح
منجح مفرح ،فاعمل فيه ما شئت ،والق من أردت ،وأخذ وأعط وسافر وانتقل
وبع واشتر ،فإنه صالح لكل ما تريد ،موافق لكل ما يعمل ،ومن ولد فيه
كان مباركا ميمونا مقبل حسن التربية موسعا عليه ،ومن مرض فيه أو في ليلة لم
217وفي رواية اخرى :يكره فيه السفر ،والمولود فيه يرزق رزقا واسعا
يكون لغيره ،ويمنع من التمتع بشئ منه ،ومن هرب فيه اخذ ،وإذا ضلت
فيه ضالة وجدت ،والقرض فيه يعود سريعا ،وال أحكم وأعلم ) . ( 2
يثبت بها
ما يثبت بالخبار الحاد فضل عن غيره ،على انه لم يثبت من سيرتهم عليهم
ولو كان
شئ من ذلك لتكثر نقلها لتوفر الدواعى إلى مثل هذه المور في جميع الزمنة فهذه
الروايات
] [ 91
بيان :السم عندهم بفتح الهمزة وكسر النون ثم الياء الساكنة ثم الراء
المهملة المفتوحة .ثم اعلم أن الظاهر من أكثر هذه الروايات أن المراد باليام
المذكورة فيها أيام الشهور العربية ،ويظهر من بعضها كخبر سلمان رضي ال
عنه أن المراد بها الشهور العجمية وأيامها ،كما يظهر من أسمائها وتوافقها لما
نقله المنجمون عن الفرس في ذلك .ويمكن أن يقال :لما كان في بدء خلق العالم
شهر فروردين مطابقا على بعض الشهور العربية ابتداء وانتهاء سرت السعادة
والنحوسة في أيام الشهرين معا ،كما نقل أن في أول خلق العالم كان الشمس في
الحمل ،وعند افتراقها سرتا فيهما أو اختصتا بأحدهما .ويمكن حمل اختلف
الخبار
أيضا على ذلك بأن يكون ما ورد في سعادة بعض اليام في بعض الخبار ونحوسته
بعينه في الخرى بسبب اختلف المقصود من الشهر فيهما وكون المراد في
إحداهما
العربية وفي الخرى الفرسية ،لكن التعيين والتخصيص مشكل ،ولو أمكن
رعايتهما معا كان أولى ،وسيأتي تمام القول في ذلك في الباب التي إن شاء ال
تعالى .
) * 22باب ( *
محمد بن الحسن
عن أبي عبدال جعفر بن محمد بن أحمدبن العباس الدرويستي ،عن أبي محمد
جعفر بن
* هامش * وما يشابهها مما سيأتى ل سيما ما يتعلق بالعجمية منها اشبه شئ
ول يبعد وجود اغراض سياسية في جعلها كاحياء السنن القومية وتقوية الدول
تخفى على من يعرف العيب السلطان الحاكمة بعقائد الناس وافكارهم ومقدساتهم
وخاصة
أحمد بن علي المونسي القمي ،عن علي بن بلل ،عن أحمد بن محمد بن يوسف ،
عن
حبيب الخير ،عن محمد بن الحسين الصائغ ،عن أبيه ،عن معلى بن خنيس ،
قال :
دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليه السلم يوم النيروز ،فقال عليه السلم :
قلت :جعلت فداك ،هذا يوم تعظمه العجم وتتهادى فيه .فقال أبوعبدال الصادق
عليه السلم :والبيت العتيق الذي بمكة ما هذا إل لمر قديم افسره لك حتى
تفهمه .قلت :يا سيدي ! إن علم هذا من عندك أحب إلي من أن يعيش أمواتي
وتموت أعدائي ! فقال :يا معلي ! إن يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ ال فيه
مواثيق
العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا ،وأن يؤمنوا برسله وحججه ،وأن يؤمنوا
بالئمة عليهم السلم وهو أول يوم طلعت فيه الشمس ،وهبت به الرياح ،وخلقت
فيه
زهرة الرض .وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليه السلم على الجودي ،
وهو
اليوم الذي أحيى ال فيه الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال
لهم ال موتوا ثم أحياهم ) . ( 1وهو اليوم الذي نزل فيه جبرئيل على النبي صلى
وهو اليوم الذي حمل فيه رسول ال صلى ال عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلم
أصنام قريش من فوق البيت الحرام فهشمها ،وكذلك إبراهيم عليه السلم ،وهو
اليوم
الذي أمر النبي صلى ال عليه وآله أصحابه أن يبايعوا عليا عليه السلم بإمرة
الذي وجه النبي صلى ال عليه وآله عليا عليه السلم إلى وادي الجن يأخذ عليهم
البيعة له ،وهو
اليوم الذي بويع لميرالمؤمنين عليه السلم فيه البيعة الثانية ،وهو اليوم الذي
ظفر فيه
بأهل النهروان وقتل ذا الثدية ) ( 2وهو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا وولة المر
وهو اليوم الذي يظفر فيه قائمنا بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة ،وما من يوم
نيروز إل ونحن نتوقع فيه الفرج ،لنه من أيامنا وأيام شيعتنا ،حفظته العجم
وقال :إن نبيا من النبياء سأل ربه كيف يحيي هؤلء القوم الذين خرجوا
] [ 93
فأوحى ال إليه أن يصب الماء عليهم في مضاجعهم في هذا اليوم ،وهو أول يوم
من
سنة الفرس فعاشوا وهو ثلثون ألفا ،فصار صب الماء في النيروز سنة .
فقال عليه السلم :يا معلى ! هي أيام قديمة من الشهور القديمة ،كل شهر ثلثون
يوما
فأول يوم من كل شهر " هرمزد روز " اسم من أسماء ال تعالى ،خلق ال
عزوجل فيه آدم عليه السلم .تقول الفرس :إنه يوم جيد صالح للشرب وللفرح ،و
يقول الصادق :إنه يوم سعيد مبارك ،يوم سرور ،تكلموا فيه المراء والكبراء
واطلبوا فيه الحوائج ،فإنها تنجح بإذن ال .ومن ولد فيه يكون مباركا ،و
ادخلوا فيه على السلطان ،واشتروا فيه ،وبيعوا ،وزارعوا ،واغرسوا ،وابنوا
وسافروا ،فإنه يوم مختار يصلح لجميع المور ،وللتزويج ،ومن مرض فيه يبرأ
الثانى " :بهمن روز " يوم صالح صاف ،خلق ال فيه حواء عليهما السلم وهو
ضلع
من أضلع آدم عليه السلم وهو اسم الملك الموكل بحجب القدس والكرامة ،تقول
الفرس :إنه يوم صالح مختار ،ويقول الصادق :إنه يوم مبارك ،تزوجوا فيه
الحوائج في كل نوع ،وهو يوم مختار ،ومن مرض فيه من أول النهار يكون
مرضه خفيفا ،ومن مرض في آخره اشتد مرضه وخيف من موته في ذلك
المرض .
الثالث " :اردي بهشت روز " اسم الملك الموكل بالشفاء والسقم ،يقول
الفرس :إنه يوم ثقيل ،ويقول الصادق :إنه يوم نحس مستمر ،فاتقوا فيه
الحوائج وجميع العمال ،ول تدخلوا فيه على السلطان ،ول تبيعوا ،ول تشتروا
ول تزوجوا ،ول تسألوا فيه حاجة ،ول تكلفوها أحدا ،واحفظوا أنفسكم ،و
اتقوا أعمال السلطان ،وتصدقوا ما أمكنكم ،فإنه من مرض فيه خيف عليه ،و
] [ 94
هو اليوم الذي أخرج ال عزوجل فيه آدم وحواء من الجنة ،وسلبا فيه لباسهما
الرابع " :شهريور روز " اسم الملك الذي خلقت فيه الجواهر عنه ،ووكل
بها ،وهو موكل ببحر الروم ،وتقول الفرس :إنه يوم مختار ،ويقول الصادق :
إنه يوم مبارك ،ولد فيه هابيل بن آدم ،وهو صالح للتزويج وطلب الصيد في البر
والبحر ،ومن ولد فيه يكون رجل صالحا مباركا ومحببا إلى الناس ،إل أنه ل
يصلح فيه السفر ،ومن سافر فيه خاف القطع ،ويصيبه بلء وغم ،ومن مرض
الخامس " :اسفندار مذ روز " اسم الملك الموكل بالرضين ،يقول الفرس :
إنه يوم ثقيل ،ويقول الصادق :إنه يوم نحس ردئ ،ولد فيه قابيل بن آدم ،و
كان ملعونا كافرا ،وهو الذي قتل أخاه ودعا بالويل والثبور على أهله ،وأدخل
عليهم الغم والبكاء ،فاجتنبوه فإنه يوم شوم ونحس ومذموم ،ول تطلبوا فيه
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 94سطر 13إلى صفحه 102سطر 13
حاجة ول تدخلوا فيه على السلطان ،وادخلوا في منازلكم ،واحذروا فيه كل
السادس " :خرداد روز " اسم الملك الموكل بالجبال ،تقول الفرس :إنه
يوم خفيف ،ويقول الصادق :إنه يوم مبارك صالح للتزويج ،ولطلب الحوائج
لكل ما يسعى فيه من المر في البر والبحر والصيد فيهما ،وللمعاش وكل حاجة
ومن سافر فيه رجع إلى أهله سريعا بكل ما يحبه ويريده ،وبكل غنيمة ،فجدوا
في كل حاجة تريدونها فيه ،فإنها مقضية إن شاء ال تعالى .
السابع " :مرداد روز " اسم الملك الموكل بالناس وأرزاقهم ،يقول الفرس :
إنه يوم جيد ،ويقول الصادق :إنه يوم سعيد مبارك ،اعملوا فيه جميع ما شئتم من
السعي في حوائجكم ،من البناء والغرس والذرو والزرع .ولطلب الصيد ،و
الدخول على السلطان ،والسفر ،فإنه يوم مختار يصلح لكل حاجة إن شاء ال
تعالى .
] [ 95
الثامن " :ديبار روز " اسم من أسماء ال تعالى ،تقول الفرس :إنه يوم جيد
ويقول الصادق :إنه يوم مبارك لكل حاجة يسعى فيها ،وللشراء والبيع و
الصيد ما خل السفر ،فاتقوا فيه ومن مرض فيه يبرأ سريعا ،وادخلوا فيه على
السلطان
وغيره ،فإنه يقضى فيه الحوائج ،ومن دخل فيه على السلطان لحاجة فليسأله فيها
.
التاسع " آذر روز " اسم الملك الموكل بالنيران يوم القيامة ،تقول الفرس :إنه
يوم خفيف ويقول الصادق :إنه يوم صالح خفيف سعيد مبارك من أول النهار إلى
آخر
النهار ،يصلح للسفر ولكل ما تريد ،ومن سافر فيه رزق مال كثيرا ،ويرى في
سفره كل
خير ،ومن مرض يبرأ سريعا ول يناله في علته مكروه إن شاء ال تعالى ،فاطلبوا
العاشر " أبان روز " اسم الملك الموكل بالبحر والمياه ،تقول الفرس :إنه
يوم ثقيل ،ويقول الصادق :إنه يوم صالح لكل شيئ ما خل الدخول على السلطان
وهو اليوم الذي ولد فيه نوح عليه السلم ومن ولد فيه يكون مرزوقا من معاشه ،
ول يصيبه
ضيق ،ول يموت حتى يهرم ،ول يبتلى بفقر ،ومن فر فيه من السلطان أو غيره
أخذ
ومن ضلت له ضالة وجدها ،وهو جيد للشراء والبيع والسفر ،ومن مرض فيه
الحادى عشر " خور روز " اسم الملك الموكل بالشمس ،يقول الفرس :إنه
يوم ثقيل مثل أمسه ،ويقول الصادق إنه اليوم الذي ولد فيه شيث بن آدم عليه
السلم ) ( 1
والنبي صلى ال عليه وآله وهو يوم صالح للشراء والبيع ،ولجميع العمال ) ( 2
والحوائج و
للسفر ،ما خل الدخول على السلطان ،فإنه ل يصلح ،والتواري عنه فيه أصلح
من
الدخول عليه ،فاجتنبوا فيه ذلك ،ومن ولد فيه يكون مباركا مرزوقا في معاشه
طويل العمر ،ول يفتقر أبدا ،فاطلبوا فيه حوائجكم ما خل السلطان .
الثانى عشر " ماه روز " اسم الملك الموكل بالقمر ،يقول الفرس :إنه يوم
) ( 2الحوال ) خ ( .
] [ 96
خفيف يسمى " روز به " ويقول الصادق :إنه يوم صالح جيد مختار يصلح لكل
شئ
تريدونه مثل اليوم الحادي عشر ،ومن ولد فيه يكون طويل العمر ،فاطلبوا فيه
حوائجكم
وادخلوا على السلطان في أوله ،ول تدخلوا في آخره ،واستعينوا بال عزوجل
الثالث عشر " :تير روز " اسم الملك الموكل بالنجوم ،يقول الفرس :إنه
يوم ثقيل شومي جدا .ويقول الصادق :إنه يوم نحس مستمر فاتقوه في جميع
العمال
ما استطعتم ،ول تقصدوا ول تطلبوا فيه الحاجة أصل ول تدخلوا فيه على السلطان
وغيره جهدكم ،ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم .
الرابع عشر " :جوش روز " اسم الملك الموكل بالبشر والنعام والمواشي ،تقول
الفرس :إنه يوم خفيف ،ويقول الصادق :إنه يوم جيد صالح لكل عمل وأمر يراد
ويحمد فيه لقاء الشراف والعلماء ،ولطلب الحوائج ،ومن يولد فيه يكون حسن
الكمال مشعوفا بطلب العلم ،ويعمر طويل ،يكثر ماله في آخر عمره ،ومن مرض
الخامس عشر " :ديمهر روز " اسم من أسماء ال تعالى ،تقول الفرس :إنه
يوم خفيف ،ويقول الصادق :إنه يوم صالح مبارك لكل عمل ،ولكل حاجة
تريدها إل أنه من يولد فيه يكون به خرس أو لثغة ،فاطلبوا فيه الحوائج فانها
السادس عشر " :مهر روز " اسم الملك الموكل بالرحمة ،تقول الفرس :إنه يوم
خفيف جيد جدا ،ويقول الصادق :إنه يوم منحوس ردئ مذموم ،فل تطلبوا فيه
حوائجنكم ،ول تسافروا فيه ،فإنه من سافر فيه هلك ،ومن ولد فيه يكون لبد
مجنونا ،ومن مرض فيه ل يكاد ينجو ،فاجهدوا في ترك طلب الحوائج والحركة
فإنها وإن قضيت تقضى بمشقة ،وربما لم يتم فيها المراد ،فاتقوا ما استطعتم
السابع عشر " :نمروش ) ( 1روز " اسم الملك الموكل بخراب العالم وهو
جبرئيل عليه السلم يقول الفرس :إنه يوم مختار خفيف متوسط ،ويقول
الصادق :إنه
يوم صالح لكل ما يراد ،جيد موافق صاف مختار لجميع الحوائج ،فاطلبوا فيه
ما شئتم ،وتزوجوا وبيعوا واشتروا وازرعوا وابنوا وادخلوا على السطان وغيره
الثامن عشر " :رش روز " اسم الملك الموكل بالنيران ،يقول الفرس :إنه يوم
خفيف ،ويقول الصادق :إنه يوم مختار جيد مبارك صالح للسفر والزرع وطلب
الحوائج والتزويج وكل أمر يراد ،ومن حاصم فيه عدوه أو خصمه غلب عليه
التاسع عشر " :فروردين روز " اسم الملك الموكل بأرواح الخلئق وقبضها
يقول الفرس :إنه يوم ثقيل ،ويقول الصادق :إنه يوم مختار صالح جيد للسفر و
التزويج وطلب الحوائج ،ومن خاصم فيه عدوا ظفر به وغلبه بقدرة ال تعالى
ويصلح
لكل عمل وهو اليوم الذي ولد فيه إسحاق النبي عليه السلم ،وهو يوم مبارك
يصلح لكل
ما تريد ،ومن يولد فيه يكون مباركا إن شاء ال تعالى .
العشرون " :بهرام روز " اسم الملك الموكل بالنصر والخذلن في الحرب
يقول الفرس :إنه يوم خفيف ،ويقول الصادق :إنه يوم صالح جيد مختار صاف ،
يصلح
السلطان وغيره فيه ،فإنه يوم مبارك يصلح إن شاء ال تعالى .
الحادى والعشرون " :رام روز " اسم الملك الموكل بالفرح والسرور ،تقول
الفرس :إنه يوم جيد يتبرك به ،ويقول الصادق :إنه يوم نحس مستمر ،وهو
يوم إهراق الدماء ،فاتقوا فيه ما استطعتم ،ول تطلبوا فيه حاجة ،ول تنازعوا فيه
) ( 2الغرس ) خ ( .
] [ 98
خصما ،ومن يولد فيه يكون محتاجا فقيرا في أكثر أمره ودهره ،ومن سافر فيه
الثاني والعشرون " :باد روز " اسم الملك الموكل بالرياح ،يقول الفرس :
إنه يوم ثقيل ،ويقول الصادق :إنه يوم مختار جيد صاف يصلح لكل حاجة
تريدها ،فاطلبوا فيه الحوائج فإنه يوم جيد خاصة للشراء والبيع ،وللصدقة
فيه ثواب جزيل جليل عظيم ،ومن يولد فيه يكون مباركا محبوبا ،ومن مرض فيه
يبرأ سريعا ،ومن سافر فيه يخصب ويرجع إلى أهله معافى سالما ،ومن دخل فيه
إلى السلطان بلغ محابه ووجد عنده نجاحا لما قصد له .
الثالث والعشرون " :ديبدين روز " اسم الملك الموكل بالنوم واليقظة ،يقول
الفرس :إنه يوم خفيف ،ويقول الصادق :إنه يوم مختار ولد فيه يوسف عليه
السلم
يصلح لكل أمر وحاجة ،ولكل ما تريدونه ،وخاصة للتزويج والتجارات كلها
والدخول على السلطان والتماس الحوائج ،ومن يولد فيه يكون مباركا صالحا
الرابع والعشرون " :دين روز " اسم الملك الموكل بالسعي والحركة يقول
الفرس :إنه يوم خفيف جيد ،ويقول الصادق :إنه يوم منحوس ،ولد فيه فرعون
لعنه ال وهو يوم عسر نكد ،فاتقوا فيه ما استطعتم ،ومن سافر فيه مات في
سفره وفي نسخة اخرى :ومن يولد فيه يموت في سفره أو يقتل أو يغرق ،و
يكون مدة عمره محزونا مكدودا نكدا ول يوفق لخير ومن مرض فيه طال مرضه
الخامس والعشرون " :أرد روز " اسم الملك الموكل بالجن والشياطين
تقول الفرس :إنه يوم ثقيل ،ويقول الصادق :إنه يوم نحس ردئ مذموم ،و
هو اليوم الذي أصاب فيه أهل مصر سبعة أضرب من الفات ،وهو يوم شديد البلء
ومن مرض فيه لم يكدينج ،ول يبرأ ،ومن سافر فيه ل يرجع ول يربح ،فل تطلبوا
فيه حاجة ،واحفظوا فيه أنفسكم واحترزوا ،واتقوا فيه جهدكم .
] [ 99
السادس والعشرون " :أشتاد روز " اسم الملك الموكل الذي خلق عند ظهور
الدين ،تقول الفرس :إنه يوم جيد ،ويقول الصادق :إنه يوم صالح مبارك ضرب
فيه موسى عليه السلم البحر فانفلق ،يصلح لكل حاجة ما خل التزويج والسفر ،و
اجتنبوا فيه ذلك ،فإنه من تزوج فيه لم يتم أمره ،ويفارق ) ( 1أهله ،وفرق
بينهما ،ومن سافر فيه لم يصلح ولم يربح ولم يرجع ،وعليكم بالصدقة فإن
المنفعة
السابع والعشرون " :آسمان روز " اسم الملك الموكل بالسماوات ،يقول
الفرس :إنه يوم مختار ،ويقول الصادق :إنه يوم جيد مختار يصلح لطلب الحوائج
ولكل شئ تريده ،ومن يولد فيه يكون جميل حسنا مليحا ،وهو جيد للبناء و
الزرع والشراء والبيع والدخول على السلطان ،فاعملوا ما شئتم واسعوا في
حوائجكم .
الثامن والعشرون " :رامياد روز " اسم الملك الموكل بالقضاء بين الخلق
تقول الفرس :إنه يوم ثقيل منحوس ويقول الصادق :إنه يوم سعيد مبارك ممدوح
ولد فيه يعقوب النبي عليه السلم يصلح للسفر ولجميع الحوائج ،ومن يولد فيه
يكون
مرزوقا محببا إلى الناس ،محببا إلى أهله ،محسنا إليهم ،إل أنه يصيبه الغموم و
الهموم ،ويبتلى في آخر عمره ،ول يؤمن عليه من ذهاب بصره .
التاسع والعشرون " :مهر اسفند روز " اسم الملك الموكل بالفنية والزمان
والعقول والسماع والبصار ،تقول الفرس :إنه يوم جيد ،ويقول الصادق :
إنه يوم مختار جيد يصلح لكل حاجة ما خل الكاتب ،فإنه يكره له ذلك ،ول أرى
له أن يسعى لحاجة فيه إن قدر على ذلك ومن مرض فيه يبرأ سريعا ،ومن سافر
فيه أصاب مال كثيرا إل من كان كاتبا فإنه يكره له ذلك ،ول أرى السعي في حاجته
إن قدر عليه ،ومن آبق له فيه آبق رجع إليه سريعا ومن ضلت له ضالة وجدها .
الثلثون " :أنيران روز " اسم الملك الموكل بالدوار والزمان ،يتبرك
فيه الفرس ،ويقول الصادق :إنه يوم مختار جيد صالح لكل شئ ،وهو اليوم
][100
الذي ولد فيه إسماعيل بن إبراهيم صلوات ال عليهما وعلى ذريتهما وعلى آلهما
يصلح لكل شئ ،ولكل حاجة من شراء وبيع وزرع وغرس وتزويج وبناء ،و
من مرض فيه يبرأ سريعا إن شاء ال .وقال أميرالمؤمنين عليه السلم :من ولد
فيه يكون
حكيما حليما صادقا مباركا مرتفعا أمره ،ويعلو شأنه ،ويكون صادق اللسان
صاحب وفاء ،ومن أبق له فيه آبق وجده ،ومن ضلت له فيه ضالة وجدها إن شاء
2المناقب :حكي أن المنصور تقدم إلى موسى بن جعفر عليهم السلم بالجلوس
للتهنئة في يوم النيروز وقبض ما يحمل إليه ،فقال :إني قد فتشت الخبار عن
جدي رسول ال صلى ال عليه وآله فلم أجد لهذ العيد خبرا ،وإنه سنة الفرس
ومحاها السلم
ومعاذ ال أن نحيي ما محاها السلم .قال المنصور :إنما نفعل هذا سياسة للجند
فسألتك بال العظيم إل جلست ،فجلس ) ( 1إلى آخر ما أوردته في أبواب تاريخه
بيان :هذا الخبر مخالف لخبار المعلى ،ويدل على عدم اعتبار النيروز شرعا
الصادق
عليه السلم تدل على عظمته وشرافته والخرى عن الكاظم عليه السلم تدل على
كونه من سنن
الفرس التى محاها السلم .وليس شئ منهما صحيحة او معتبرة بحيث يثبت بهما
حكم شرعى
وفي روايه معلى اشكالت اخرى من جهة تطبيق النيروز على كثير من ايام الشهور
العربية وان
اتعب المؤلف كغيره نفسه في توجيمها بما ل يخلو عن تكلف ل يكاد يخفى على
المتأمل والظاهر
من هذه الرواية حرمة تعظيم اليوم لكونه تعظيما لشعار الكفار والحياءا للسنة التى
محاها السلم
وهى وان لم تكن واجدة لشرائط الحجية ال ان الكبرى المشار اليها فيها ثابتة
بالدلة العامة
فيه فمبنى
ظاهرا على التسامح في ادلة السنن لرواية " من بلغه ثواب على عمل " . .لكن
اجراء
القاعدة ههنا ل يخلو عن اشكال ل نصرافها عن الموارد التى يحتمل فيها الحرمة
غير التشريعية
وههنا يحتمل حرمة الغسل والصوم لجل احتمال كونهما مصداقين للتعظيم المحرم
ولو احتمال
ثبوت الثواب
عليهما اذا اتى بهما برجاء المطلوبية ل على وجه التعظيم فتأمل .
][101
وأخبار المعلى أقوى سندا وأشهر بين الصحاب ) ، ( 1ويمكن حمل هذا على
التقية
لشتمال خبر المعلى على ما يتقى فيه ،ولذا يتقى في إظهار التبرك به في تلك
الزمنة
في بلد المخالفين ،أو على أن اليوم الذي كانوا يعظمونه غير النيروز المراد في
خبر
النيروز قال :إذا كان يوم النيرور فاغتسل ،والبس أنظف ثيابك ،وتطيب بأطيب
طيبك
4وأقول :وجدت في بعض كتب المنجمين مرويا عن مولنا الصادق عليه السلم
للتجارة وصحبة الملوك والصيد والبناء واللبس ،ول يصلح الحمام والفصد
والقرض
والثانى " :بهمن " يوم مبارك يصلح لكثر المور كالشركة والتجارة
والسفر والنكاح والتحويل والزراعة وقطع الجديد ولبسه ،ول يصلح للفصد
والثالث " :اردي بهشت " اسم ملك موكل بالشفاء ،وفيه اخرج آدم وحوا
من الجنة ،فاتق فيه ،لكنه يصلح للصيد وشراء الدواب ،ومن سافر فيه ذهب
والرابع " :شهريور " يوم جيد ولد فيه هابيل ،يصلح للعمارة والبناء
والصلح والنكاح والتجارة والصيد ،ول يصلح للسفر والنقل والتحويل والحلق .
والخامس " :اسفندار ] مذ [ " يوم نحس فيه قتل قابيل هابيل ،اتق فيه
إل من العمارة وشرب الدواء ] وحلق الشعر [ واحذر السواء والمناظرة .
* ) هامش ( * ) ( 1كون رواية المعلى أقوى وأشهر بالضافة إلى هذا الخبر ل
][102
والسادس " :خرداد " اسم ملك موكل بالجبال ،مبارك جيد للصلح ولبس
الجديد والتعليم والمناظره والتزويج والسفر ،واحذر فيه الفصد والتعليم والحرب .
والسابع " :مرداد " اسم ملك موكل بالحيوانات ،يوم جيد يصلح لكتابة
الكتب وإرسال الرسل والعمارة والنكاح والمعالجة ،ول يصلح للفصد والحجامة
والثامن " :ديباذر " اسم من أسماء ال تعالى ،يوم مبارك يصلح للبيع والشراء
والضيافة والفصد وطلب الحوائج ،ول يصلح للسفر والصيد والمناظرة والحمام .
والتاسع " :آذر " اسم ملك موكل بالنار ،أوله جيد وآخره ردئ ،يصلح
للقاء الملوك وطلب الحوائج والسفر والصيد وشرب الدواء ،ول يشترى الملك فإنه
والعاشر " :أبان " اسم ملك موكل بالبحار ،فيه ولد نوح عليه السلم ،يصلح فيه
لقاء العلماء والتجار والكابر وكتابة الكتب وإرسال الرسل ،وليحذر فيه من
السفر والصيد والمعالجة والصعود على مرتفع ،فإنه يخاف عليه السقوط .
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 102سطر 14إلى صفحه 110سطر 14
والحادى عشر " :خور " اسم ملك موكل بالشمس ،ولد فيه موسى عليه السلم
جيد للقاء الملوك والزرع والمناظرة والصيد والبناء والسفر وشراء الدواب ،ردئ
والثانى عشر " :ماه " اسم ملك موكل بالرزاق ،يقال لهذا اليوم " مخزن
السرار " صالح لشرب الدواء والصيد والحمام والزرع والتحويل ،وليحذر فيه من
والثالث عشر " :تير " اسم ملك موكل بالكواكب ،يوم نحس يصلح
لمجالسة أهل الصلح والشغال بالدعاء ،وليحذر فيه جميع العمال ل سيما
الرابع عشر " :جوش " اسم ملك موكل بالبهائم ،ولد فيه إبراهيم عليه السلم
جيد للقاء
الشراف والتجارة والشركة والمناظرة والفصد ،وليحذر فيه العمال السيئة .
][103
الخامس عشر " :ديب مهر " اسم ملك موكل بالعرش ،فيه ) ( 1نجا إبراهيم
عليه السلم من النار ،يصلح للتجارة والنكاح والسفر والصيد ولبس الجديد وقطعه
واحذر فيه الفصد .
والسادس عشر " :مهر " اسم ملك موكل بالجحيم ،يوم نحس مستمر
صالح لدخول الحمام والحلق ول يصلح لسائر العمال ،خصوصا السفر فإنه يخاف
والسابع عشر " :سروش " وهو اسم من أسماء ال تعالى ،وقيل :اسم
جبرئيل ،يوم متوسط يصلح لطلب الحاجات وفعل الخيرات ،وليحذر سائر
العمال .
الثامن عشر " :رشن " اسم ملك موكل بالنار ،يوم جيد يصلح للسفر و
التجارة والشركة والزراعة وقطع الثياب والفصد ،وليحذر فيه الفسق والفجور
والتاسع عشر " :فروردين " هو اسم ملك الموت ،ولد فيه إسحاق ،يصلح
للصيد والحمام والكتب والرسل والتحويل ولقاء الشراف ،وليحذر فيه من
والعشرون " :بهرام " اسم ملك موكل بالحروب ،متوسط صالح للسفر
للعرفاء .
والحادى والعشرون " :رام " اسم ملك موكل بالروح ،نحس ،فليذكر
العمال .
وفي بعض النسخ :اسم ملك موكل بالسحاب ،يوم مبارك جيد للنكاح والسفر
والمناظرة والبيع والشراء والعمارة ،ردئ للصيد والمعالجة ودخول الحمام .
والثانى والعشرون " :باد " اسم ملك موكل بالسحب ،يوم مبارك صالح
للسفر والنكاح والمناظرة والبيع والشراء والعمارة والفصد .وفي بعض النسخ :
اسم من أسماء ال تعالى ،يوم جيد جدا ،صالح للسفر والصيد والنكاح والحمام
* ) هامش ( * ) ( 1في المخطوطة :فيه ولد عيسى عليه السلم ونجا ابراهيم
][104
والثالث والعشرون " :ديبدين " اسم من أسماء ال تعالى ،يوم جيد صالح
للسفر والنكاح والفصد والحمام وأخذ الشعر .وفي بعض النسخ :فيه ولد فرعون
صالح للفصد حسب ،وليحذر فيه من الطعام الردئ ،ومن العمال خصوصا
السفر .
والرابع والعشرون " :دين " يوم نحس ،فيه ولد فرعون ،ل يصلح إل
للفصد ،وليحذر الطعمة وجميع العمال سيما السفر .وفي بعض النسخ :نحس
ل يصلح إل للفصد .
والخامس والعشرون " :أرد " اسم ملك موكل بالشياطين ،وفيه هلك أهل
مصر ،يوم نحس وليخل فيه بنفسه ،وليحذر من جميع العمال ل سيما السفر و
والسادس والعشرون " :أشتاد " اسم ملك موكل بالنس ،فيه عبر موسى
وقومه البحر ،صالح لطلب الحاجة وغرس الشجار وشراء الملك ،وليحذر
والسابع والعشرون " :آسمان " اسم ملك موكل بالسماوات ،يوم مبارك
جدا صالح للسفر خصوصا في الضحى ،ولدخول الحمام والمناظرة ،وليتق الفصد
والثامن والعشرون " :رامياد " اسم ملك موكل بالرضين ،يوم مبارك
صالح للسفر والبيع والشراء والمناظرة وشرب الدواء ،ويحذر الفصد والحمام .
والتاسع والعشرون " :مار اسفندار " اسم ميكائيل عليه السلم يوم جيد جدا
صالح للقاء الشراف وتعمير البلد والنكاح ،ول يصلح للسفر وطلب العلم ولبس
والثلثون " :أنيران " اسم ملك موكل باليام ،فيه ولد إسماعيل عليه السلم
صالح للسفر والشركة والزرع والفصد والحمام ،وليجتنب فيه العمال السيئة
وليعمل الخيرات .وفي بعض النسخ :اسم ملك موكل بالحروب ،متوسط صالح
][105
للسفر والنكاح والفصد والحلق والمعالجة ،وليحذر ] فيه [ العمال السيئة ،و
5رواية اخرى :روى أبونصر يحيى بن جرير التكريتي في كتاب " المختار
في الختيارات " عن أبي الحسن القارئ ) ، ( 1عن الحسن بن أحمد بن روح ،
عن
محمد بن إبراهيم ،عن أبي عبدال جعفر الصادق عليه السلم أنه قال :
أول يوم من الشهر خلق ال تعالى آدم فيه ،وهو يوم سعد يصلح لمناظرة
المراء .
اليوم الثانى :يصلح للتزويج والسفر والبيع والشراء وكل ابتداء .
اليوم الثالث :يوم نحس ل تلق فيه سلطانا ول تطلب فيه حاجة ول بيعا ول
شراء .
اليوم الرابع :ولد فيه قابيل بن آدم ،وهو يوم صالح للتزويج .وطلب
الحوائج غير السفر ،فانه يسلب كما سلب آدم وحواء لباسهما .
اليوم الخامس :ملعون نحس قتل فيه قابيل هابيل ،ودعا على أهله بالويل .
حاجة .
اليوم التاسع :يوم سعيد ،اطلب فيه الحوائج تقضى ) ( 2لك .
اليوم الحادى عشر :من سافر فيه غنم ،وإن هرب من السلطان ظفر به ،و
][106
اليوم الثانى عشر :صالح لطلب الحوائج والسفر وكل ما يراد .
اليوم الثالث عشر :نحس ردئ ،فتوق فيه لقاء السلطان وغيره ،واحذر
اليوم الرابع عشر :صالح لكل حاجة ،من يولد فيه يكون غنيا ،ويكثر
اليوم الخامس عشر :نحس ،من سافر فيه هلك ،ويناله المكروه ،ومن
اليوم السادس عشر :صالح لكل أمر ،فاطلب فيه ما تريد .
اليوم السابع عشر :صالح لكل حاجة فاطلب فيه ما تريد .
اليوم الثامن عشر :صالح لكل حاجة وللسفر ،من سافر فيه قضيت حوائجه
اليوم الحادى والعشرون :يوم نحس ،وفيه إراقة الدماء ،فل تلق فيه سلطانا
اليوم الرابع والعشرون :يوم نحسن مستمر مشوم ،من ولد فيه قتل .
اليوم الخامس والعشرون :يوم نحس ل ينبغي أن يبدأ فيه بشئ .
اليوم السادس والعشرون :صالح فرق ال فيه البحر لموسى فاحذر فيه
اليوم السابع والعشرون :صالح للتزويج وقضاء الحوائج ،وهو يوم سعد
اليوم الثامن والعشرون :ولد فيه يعقوب عليه السلم يوم سعد من ولد فيه كان
][107
اليوم التاسع والعشرون :صالح للسفر وكل حاجة ،وهو يوم سعد .
اليوم الثلثون :صالح للسفر وطلب الحوائج وإخراج الدم وهو يوم
سعد 6 .أقول :وروي أيضا في بعض الكتب عن الصادق عليه السلم اختيارات
أيام
اليوم الول " :ارمزد " مختار في كل الشهور الثني عشر لنه اسم ال تعالى .
الثانى " :بهمن " وسط في الشهور العشرة الوائل ،نحس في بهمن ماه ،وسط
الثالث " :اردي بهشت " وسط في فروردين ،سعد في اردى بهشت ،وخرداد
وتير ،وسط في مرداد ،نحس في شهريور ،وسط في مهر ،ودي ،وبهمن ،سعد
في
الرابع " :شهريور " وسط في فروردين ،وتير ،ومهر إلى آخر الشهور
الخامس " :إسفندار مذ " وسط في فروردين ،ومرداد ،ومهر ،ودي ،و
بهمن ،سعد في اردي بهشت ،وخرداد ،وتير ،وشهريور ،وأبان ،وآذر ،نحس
السادس " :خرداد " وسط في فروردين ،واردي بهشت ،ومهر ،وآذر
مذ .
السابع " :مرداد " وسط في فروردين ،واردي بهشت ،وخرداد ،وتير
مذ .
التاسع " :آذر " نحس في فروردين ،واسفندار ،وسط في اردي بهشت ،و
مهر ،وأبان ،وآذر ،سعد في خرداد ،وتير ،ومرداد ،وشهريور ،ودي ،و
بهمن .
][108
العاشر " :أبان " نحس في أبان ،وسط في سائر الشهور .
الحادى عشر " :خور " نحس في خرداد ،وسط في باقي الشهور .
الثانى عشر " :ماه " مختار في كل الشهور ،لنه باسم القمر .
الثالث عشر " :تير " سعد في فروردين ،واردي بهشت ،نحس في تير ،وسط
الرابع عشر " :جوش " سعد في اردى بهشت ،وتير ،ومرداد ،وسط في باقي
الشهور .
الخامس عشر " :دي مهر " نحس في اردي بهشت ،سعد في أبان ،وسط في
السادس عشر " :مهر " سعد في ارديبهشت وخرداد ومهر واسفندار مذ
وسط في باقي الشهور .
السابع عشر " :سروش " سعد في أبان ،وآذر ،وبهمن ،وسط في باقي
الشهور .
الثامن عشر " :رشن " سعد في شهريور ،ومهر ،وسط في باقي الشهور .
التاسع عشر " :فروردين " سعد في فروردين ،وتير ،وآذر ،وسط في باقي
الشهور .
العشرون " بهرام " نحس في مرداد ،وآذر ،ودي ،وسعد في إسفندار مذ
الحادى والعشرون " :رام " وسط في خرداد ،وتير ،وآذر ،ودي ،سعد
الثانى والعشرون " :باد " نحس في فروردين ،وبهمن ،سعد في مرداد ،و
الثالث والعشرون " :ديبدين " سعد في أبان ،وسط في باقي الشهور .
الرابع والعشرون " :دين " سعد في فروردين ،ودي ،وبهمن ،وإسفندار مذ
][109
الخامس والعشرون " :أرد " سعد في فروردين ،واردي بهشت .ومهر
السابع والعشرون " :آسمان " وسط في فروردين ،ومرداد ،ومهر ،و
الثامن والعشرون " :رامياد " سعد في دي ،وسط في باقي الشهور .
الثلثون " :أنيران " نحس في خرداد ،وسط في تتمة الشهور .
كثيرة أشرنا
7العلل والعيون :عن أحمد بن زياد الهمداني ،عن علي بن إبراهيم عن
أبيه ،عن أبي الصلت الهروي ،عن علي بن موسى الرضا عن آبائه عليهم السلم
بن أبيطالب عليه السلم قبل مقتله بثلثة أيام رجل من أشرف تميم ) ( 1يقال له "
له :يا أميرالمؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا ؟ وأين كانت
منازلهم ؟
ومن كان ملكهم ؟ وهل بعث ال عزوجل إليهم رسول أم ل ! وبماذا اهلكوا ؟ فإني
أجد
في كتاب ال عزوجل ذكرهم ول أجد خبرهم .فقال له علي عليه السلم :لقد سألت
عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ول يحدثك به أحد بعدي إل عني ،وما في كتاب
ال عزوجل آية إل وأنا أعرف تفسيرها ،وفي أي مكان نزلت من سهل أو جبل ،
وفي أي وقت من ليل أونهار ،وإن ههنا لعلما جما وأشار إلى صدره ولكن
][110
كان من قصتهم يا أخاتميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها
" شاه درخت " كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها " وشناب "
كانت
انبطت لنوح عليه السلم بعد الطوفان ،وإنما سموا أصحاب الرس لنهم رسوانبيهم
في
الرض ،وذلك بعد سامان بن داود عليه السلم ،وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على
شاطئ
نهر يقال له " الرس " من بلد المشرق ،وبهم سمي ذلك النهر ،ولم يكن يومئذ
في الرض نهر أغزرمنه ،ول أعذب منه ،ول قرى أكثر ول أعمر منها ،تسمى
إحداهن " أبان " والثانية " آذر " والثالثة " دي " والرابعة " بهمن "
والخامسة
" إسفندار " والسادسة " فروردين " والسابعة " اردي بهشت " والثامنة "
أرداد " و
التاسعة " مرداد " والعاشره " تير " والحادية عشر " مهر " والثانيه عشر "
أعظم مدائنهم " اسفندار " وهي التي ينزلها ملكهم ،وكان يسمى تركوزبن
غابوربن
يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السلم وبها العين
والصنوبرة
وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة ،وأجروا إليها نهرا
من العين التي عند الصنوبرة ،فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة ،وحرموا ماء
العين والنهار فل يشربون منها ) ( 1ول أنعامهم ،ومن فعل ذلك قتلوه ،ويقولون
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 110سطر 15إلى صفحه 118سطر 15
هو حياة آلهتنا فل ينبغي لحد أن ينقص من حياتها ،ويشربون هم وأنعامهم من
نهر الرس الذي عليه قراهم ،وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا
يجتمع إليه أهلها ،فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من أنواع
الصور ،ثم يأتون بشاة وبقر ،فيذبحونها قربانا للشجرة ،ويشعلون فيها النيران
بالحطب ،فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر
إلى
فكان الشيطان يجيئ فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي أن قدر
ضيت
عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ،ويشربون
الخمر
][111
ويضربون بالمعازف ،ويأخذون الدستبند ،فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ،
ثم ينصرفون .وإنما سمت العجم شهورها بأبان ماه وآذرماه وغيرهما اشتقاقا من
أسماء تلك القرى ،لقول أهلها بعض لبعض هذا عيد شهر كذا وعيد شهر كذا حتى
إذا كان
عيد قريتهم العظمى اجتمع إليهم صغيرهم وكبيرهم ،فضربوا عند الصنوبرة والعين
سرادقا
من ديباج عليه من أنواع الصور ،له ) ( 1اثنا عشر باباكل باب لهل قرية منهم
ويسجدون
(2
في قراهم ،فيجيئ إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا ،فيتكلم ) ( 3
من جوفها كلما جهوريا ،ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين
كلها ،فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط مال يفيقون ول
يتكلمون من الشرب والعزف ،فيكونون على ذلك اثني عشر يوما ولياليها بعدد
فلما طال كفرهم بال عزوجل وعبادتهم غيره بعث ال عزوجل إليهم نبيا
من بني إسرائيل من ولد يهودا ابن يعقوب ،فلبث فيهم زمانا طويل يدعوهم إلى
عبادة ال عزوجل ومعرفة ربوبيته فل يتبعونه ،فلما رأى شدة تماديهم في الغي
والضلل ،وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح ،وحضر عيد قريتهم
شجرة ل تنفع ول تضر ،فأيبس شجرهم أجمع ،وأرهم قدرتك وسلطانك .فأصبح
القوم وقد يبس شجرهم كلها ،فهالهم ذلك ،وقطع بهم وصاروا فرقتين :فرقة
قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم ) ( 4أنه رسول رب السماء والرض ) ( 5
][112
ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ،وفرقة قالت :ل ،بل غضبت آلهتكم حين
رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها ،فحجبت حسنها و
بهاءها لكي تغضبوا لها فتنصروا منه .فاجمع رأيهم على قتله ،فاتخذوا أنابيب
طوال من رصاص واسعة الفواه ،ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء
واحدة
فوق الخرى مثل البرابخ ،ونزحوا ما فيها من الماء ،ثم حفروا في قرارها ) ( 1
بئرا ضيقة المدخل عميقة ،وأرسلوا فيها نبيهم ،وألقموا فاها صخرة عظيمة ،ثم
أخرجوا النابيب من الماء وقالوا :نرجو الن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا
قد قتلنا من كان يقع فيها ،ويصد عن عبادتها ،ودفناه تحت كبيرها ،يتشفى منه
فيعودلنا نورها نضرتها ) ( 2كما كان .فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم
عليه السلم
وهو يقول :سيدي قد ترى ضيق مكاني ،وشدة كربي ،فارحم ضعف ركني ،و
قلة حيلتي ،وعجل بقبض روحي ،ول تؤخر إحابة دعوتي ) . ( 3حتى مات عليه
السلم
فقال ال جل جلله لجبرئيل عليه السلم :يا جبرئيل ! أيظن عبادي هؤلء الذين
غرهم
حلمي وأمنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا
من سلطاني ؟ ! كيف وأنا المنتقم ممن عصاني ،ولم يخش عقابي ،وإني حلفت
بعزتي وجللي لجعلنهم عبرة ونكال للعالمين ،فلم يرعهم ) ( 4وهم في عبدهم
ذلك
إل بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها وذعروا منها ،وتضام ) ( 5بعضهم
إلى بعض ،ثم صارت الرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد ،وأظلتهم سحابة
سوداء ) ( 6فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب ،فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص
في
* ) هامش ( * ) ( 1في العلل :في قرارها من الرض بئرا عميقة ضيقة المداخل .
][113
النار فتعوذ بال تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ول حول ول قوة إل بال
بيان :قال الجوهري " :رسست رسا " أي حفرت بئرا ،ورس الميت أي
قبر ) ) ( 2انتهى ( والكلة بالكسر الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق
والقتار :بالضم ريح البخور والقدر والشواء .والمعازف :الملهي ،وكأن المراد
بالدستنبد ما يسمى بالفارسية بالسنج أيضا ،أو المراد التزين بالسورة ويقال
" كلم جمهوري " أي عال وفي القاموس :قطع بزيد كعني فهو مقطوع به :عجز
عن سفره بأي سبب كان ،أو حيل بينه وبين ما يؤمله ) . ( 3والبربخ بالبائين
موافق لما نقله المنجمون عن الفرس ،وظاهر في أن المراد بالشهور الواردة فيه
هي شهور الفرس القديم ل الشهور العربية ،وقد تقدم القول فيه .وسموا كل
يوم من أيام الخمسة المسترقة أيضا باسم :الول أهنود ،والثاني اشنود ،والثالث
أسماء اخر ،وذكروا أن كل منها اسم ملك موكل بذلك اليوم .
ثم إن المحققين اختلفوا في هؤلء الملئكة ،فمنهم من حملوها على ظواهر ما
ما خلق له كما ورد في الخبار :الملك الموكل بالبحار ،والملك الموكل بالجبال
][114
الشهور والساعات .وبه يوجه ما ورد من كلم اليوم والشهر والرض والقبر
وغيرها بأن المراد به كلم الملئكة الموكلة بها .ومنهم من حملوها على أرباب
النواع المجردة التي أثبتها أفلطون ومن تابعه من الشراقيين ،فإنهم أثبتوا
لكل نوع من أنواع الفلك والكواكب والبسائط العنصرية والمواليد ربا يدبره
ويربيه ويوصله إلى كماله المستعد له ،والول هو الموافق لمسلك المليين و
أرباب الشرائع ،والثاني طريقة من ل يثبت الصانع ويقول بتأثير الطبائع وإن
تابعهم بعض من يظهر القول بالصانع أيضا ،وليس هذا مقام تحقيق هذا الكلم .
قال أبوريحان :كل واحد من شهور الفرس ثلثون يوما ،ولكل يوم منها
شهريور
آبان
سروش ) ( 18رشن
( 25أرد
اختلف بينهم
في أسماء هذه اليام ،وهي لكل شهر كذلك وعلى ترتيب واحد ،إل في " هرمز "
فإن بعضهم يسميه " فرخ " ،وفي " أنيران " فإن بعضهم يسميه " به روز "
ويكون
مبلغ جميعها ثلث مائة وستين يوما ،وقد تقدم أن السنة الحقيقية هي ثلث مائة
وخمسة
وستون يوما وربع يوم ،فاخذوا الخمسة اليام الزائدة عليها وسموها بأسماء
غيره الموضوعة ليام كل شهر ،وهي :أهشد كاه ،اشتد كاه ،إسفند كاه ،إسفند
أقول :ثم ذكر ما مرمع وجوه كثيرة اخرى ،فصار مبلغ أيامهم ثلث
مائة وخمسة وستين يوما ،وأهملوا ربع يوم حتى اجتمع من الرباع أيام شهر تام
وذلك في مائة وعشرين سنة فألحقوه بشهور السنة حتى صار شهور تلك السنة
ثلثة عشر
][115
وسموها " كبيسة " وسموا أيام الشهر الزائد بأسماء أيام سائر الشهور ،وعلى
ذلك كانوا يعملون إلى أن زال ملكهم ،وباد دينهم ،واهملت الرباع بعدهم
ولم يكبس بها السنون حتى يعود إلى حالها الولى ،ول يتأخر عن الوقات
المحمودة كثير تأخر ،من أجل أن ذلك أمر كان يتوله ملوكهم بمحضر الحساب
منهم جميعا على صحة الحساب بعد استحضار من بالفاق من المذكورين إلى دار
الملك ومشاورتهم حتى يتفقوا ،واتفاق الموال الجمة ،حتى قال المقل في
التقدبر إنه كان ينفق ألف ألف دينار ،وكان يتخذ ذلك اليوم أعظم العياد
قدرا ،وأشهرها حال وأمرا ،ويسمى " عيد الكبيسة " ويترك الملوك لرعيته
خراجها ،والذي كان يحول بينهم وبين إلحاق ربع يوم في كل أربع سنين يوما
واحدا بأحد الشهور أو الخمسة قولهم أن الكبس يقع على الشهور ل على العوام
لكراهتهم الزيادة في عدتها ،وامتناع ذلك في الزمزمة لما وجب في الدين من ذكر
اليوم الذي يزمزم فيه ليصح إذا زيد في عدد اليام يوم زائد .وكانت الكاسرة
رسمت لكل يوم نوعا من الرياحين والزهر يوضع بين يديه ،ولونا من الشراب
على رسم منتظم ل يخالفونه في الترتيب ،والسبب في وضعهم هذه اليام الخمسة
اللواحق في آخر أبان ماه ما بينه وبين آذر ماه أن الفرس زعموا أن مبدأ سنتهم
من لدن خلق النسان الول ،وأن ذلك كان روز هرمز ،وماه فروردين ،و
الشمس في نقطة العتدال الربيعي متوسطة السماء ،وذلك أول اللف السابع من
الوف سني العالم عندهم ،وبمثله قال أصحاب الحكام من المنجمين أن السرطان
طالع العالم ،وذلك أن الشمس في أول أدوار السند هند هي في أول الحمل على
منتصف نهايتي العمارة ،وإذا كانت كذلك كان الطالع السرطان ،وهو لبتداء
الدور والنشوء عندهم كما قلنا .وقد قيل :إنه سمي بذلك لنه أقرب البروج
رأسا من الربع المعمور ،وفيه شرف المشتري المعتدل المزاج ،والنشوء ل يكون
إل إذا عملت الحرارة المعتدلة في الرطوبة ،فهو إذن أولى أن يكون طالع نشوء
العالم
][116
وقيل :إنما سمي بذلك لن بطلوعه تتم طلوع الطبائع الربع ،وبتمامها تم
النشوء ،وأمثال ذلك من التشبيهات .
قال :ثم لما أتى زرادشت وكبس السنين بالشهور المجتمعة من الرباع عاد
الزمان إلى ما كان عليه ،وأمرهم أن يفعلوا بها بعده كفعله ،وائتمروا بأمره ،و
لم يسموا شهر الكبيسة باسم عليحدة ،ولم يكرروا اسم شهر ،بل كانوا يحفطونه
على نوب متوالية ،وخافوا اشتباه المر عليهم في موضع النوب ،فأخذوا ينقلون
الخمسة اليام ويضعونها عند آخر الشهر الذي انتهت إليه نوبة الكبيسة ،ولجللة
هذا المر وعموم المنفعة فيه للخاص والعام والرعية والملك وما فيه من الخذ
بالحكمة والعمل بموجب الطبيعة كانوا يؤخرون الكبس إذا جاء وقته وأمر المملكة
غير مستقيم لحوادث ،ويهملونه حتى يجتمع منه شهران ،ويتقدمون بكبسها
بشهرين إذا كانوا يتوقعون وقت الكبس المستأنف ما يشغل عنه ،كما عمل في زمن
يزدجرد بن شابور أخذا بالحتياط ،وهو آخر الكبائس المعمولة ،توله رجل من
الدستورين يقال له " يزدجرد الهزاري " وكانت النوبة في تلك الكبيسة لبان ماه
فألحق الخمسة بآخره وبقيت فيه لهمالهم المر ) انتهى ( وإنما أوردت هذا
الكلم لما فيه من تأسيس ما سنورده في الفائدة التالية ،ومزيد توضيح مامر في
خبر الرضا عليه السلم في تقدم النهار على الليل وغير ذلك .
من تأخر عنه ذكروا النيروز والعمال المتعلقة به :الغسل ،والصوم ،والصلة ،
و
غيرها ،ولم يحققوا تعيين اليوم .فلبد من التعرض له والشارة إلى القوال
الواردة فيه .قال فحل الفقهاء المدققين محمد بن إدريس ره في السرائر :قال
شيخنا أبوجعفر في مختصر المصباح :يستحب صلوة أربع ركعات ،وشرح كيفيتها
في يوم نيروز الفرس ،ولم يذكر أي يوم هو من اليام ،ول عينه بشهر من
الشهور
الرومية ول العربية .والذي قد حققه بعض محصلي الحساب وعلماء الهيئة وأهل
هذه الصنعة في كتاب له أن يوم النيروز يوم العاشر من أيار وشهرأيار أحد
وثلثون
][117
يوما فاذا مضى منه تسعة أيام فهو يوم النيروز .يقال :نيروز ،ونوروز ،لغتان
) انتهى ( .
وفسره الشهيد ره بأول سنة الفرس ،أو حلول الشمس برج الحمل ،أو
قال جمال السالكين أحمد بن فهد الحلي ره في كتاب المهذب البارع في
في شرح المختصر النافع :يوم النيروز جليل ] القدر [ وتعيينه من السنة غمض
مع أن معرفته أمرمهم من حيث إنه تعلق به عبادة مطلوبة للشارع ،والمتثال
موقوف على معرفته ،ولم يتعرض لتفسيره أحد من علمائنا سوى ما قاله الفاضل
المنقب محمد بن إدريس ،وحكايته " والذي قد حققه بعض محصلي أهل الحساب
و
علماء الهيئة وأهل هذه الصنعة في كتاب له أن يوم النيروز يوم العاشر من أيار .
وقال الشهيد :وفسر بأول سنة الفرس أو حلول الشمس في برج الحمل أو عاشر
أيار ،والثالث إشارة إلى قول ابن إدريس ،والول إشارة إلى ماهو مشهور عند
فقهاء العجم
في بلدهم ،فإنهم يجعلونه عند نزول الشمس الجدي ،وهو قريب مما فاله صاحب
كتاب النواء ،وحكايته اليوم السابع عشر من كانون الول هو صوم اليهود ،و
فيه ترجع الشمس مصعدة إلى الشمال ،ويأخذ النهار من الليل ثلث عشر ساعة
وهو مقدار ما يأخذ في كل يوم ،وينزل الشمس برج الجدي قبله بيومين ،وبعض
العلماء جعله رأس السنة ،وهو النيروز ،فجعله حكاية عن بعض العلماء وقال بعد
ذلك :اليوم التاسع من شباط ،وهو يوم النيروز ،ويستحب فيه الغسل ،وصلوة
أربع ركعات لما رواه المعلى بن خنيس عن الصادق عليه السلم ثم ذكر الخبر ،
فاختار
التفسير الخير ،وجزم به .والقرب من هذه التفاسير أنه يوم نزول الشمس برج
انصرافه إلى ما كان على الضد من ذلك ،ولنه المعلوم من عادة الشرع وحكمته
أل ترى كيف علق أوقات الصلوة بسير الشمس الظاهر ،وصوم شهر رمضان
برؤية
][118
الهلل ،وكذا أشهر الحج وهي امور ظاهرة يعرفها عامة الناس بل الحيوانات ؟
فان قلت :استعماله في نزول الشمس برج الحمل غير ظاهر الستعمال في
بلد العجم ،حتى أنهم ل يعرفونه وينكرون على معتقده ،فلم خصصت ترجيح
العرف الظاهر في بعض البلد دون بعض ؟ وأيضا فإن ما ذكرته حادث ويسمى
" النيروز السلطاني " والول أقدم ،حتى قيل :إنه منذ زمان نوح عليه السلم .
فالجواب عن الول :أن العرف إذا تعدد انصرف إلى العرف الشرعي
فإن لم تكن فإلى أقرب البلد واللغات إلى الشرع ،فيصرف إلى لغة العرب
وبلدها ،لنها أقرب إلى الشرع .وعن الثاني بأن التفسيرين معا متقدمان
الثانى :أنه مناسب لما ذكره صاحب النواء من أن الشمس خلقت في
" الشرطين " وهما أول الحمل ،فيناسب ذلك إعظام هذا اليوم الذي عادت فيه إلى
الثالث :أنه مناسب لما ذكره السيد رضي الدين علي بن طاووس أن
ابتداء العالم وخلق الدنيا كان في شهر نيسان ول شك أن نيسان يدخل والشمس
في الحمل .وإذا كان ابتداء لعالم في مثل هذا اليوم يناسب أن يكون يوم عيد و
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 118سطر 16إلى صفحه 126سطر 16
سرور ،ولهذا ورد استحباب التطيب فيه بأطيب الطيب ،ولبس أنظف الثياب ،و
المرسومة له ،حيث كان فيه ابتداء النعمة الكبرى ،وهي الخراج من حيز العدم
إلى الوجود ،ثم تعريض الخلق لثوابه الدائم ،ولهذا امرنا بتعظيم يوم المبعث
والغدير حيث كان فيه ابتداء منصب النبوة والمامة ،وكذا المولدين .
فان قلت :نسبته إلى الفرس يؤيد الول ،لنهم واضعوه ،والثاني وضعه
قلنا :يكفي في نسبته إليهم أن يقول به طائفة منهم ،وإن قصروا في العدد
عمن لم يقل به .أل ترى إلى قوله تعالى " وقالت اليهود عزيزابن ال وقالت
النصارى
][119
المسيح ابن ال " ) ( 1وليس القائل بذلك كل اليهود ول كل النصارى ،ومثله قوله
تعالى
" والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما انزل إليك " ) ( 2ليس إشارة إلى أهل الكتاب
زيادة :ومما ورد في فضله ويعضد ما قلناه ما حدثني به المولى السيد المرتضى
العلمة بهاء الدين علي بن عبدالحميد النسابة دامت فضائله رواه بإسناده
إلى المعلى بن خنيس عن الصادق عليه السلم أن يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ
فيه النبي
صلى ال عليه وآله لميرالمؤمنين عليه السلم العهد بغدير خم ،فأقروا له بالولية
،
فطوبى لمن ثبت عليها ،والويل لمن نكثها ،وهو اليوم الذي وجه فيه رسول ال
صلى ال عليه وآله عليا عليه السلم إلى وادي الجن ،فأخذ عليهم العهود
والمواثيق ،و
هو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان وقتل ذاالثدية ،وهو اليوم الذي يظهر فيه
قائمنا
أهل البيت وولة المر ويظفره ال تعالى بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة ،وما
من يوم نوروز إل نحن نتوقع فيه الفرج ،لنه من أيامنا ،حفظته الفرس
وضيعتموه .ثم إن نبيا من أنبياء بني إسرائيل سأل ربه أن يحيي القوم الذين
خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فأماتهم ال ،فأوحى إليه أن صب عليهم
الماء في مضاجعهم ،فصب عليهم الماء في هذا اليوم ،فعاشوا وهم ثلثون ألفا
فصار صب
الماء في يوم النيروز سنة ماضية ل يعرف سببها إل الراسخون في العلم .وهو
أول يوم
من سنة الفرس .قال المعلى :وأملى علي ذلك وكتبته من إملئه ،وعن المعلى
أيضا قال :دخلت على أبي عبدال عليه السلم في صبيحة يوم النيروز ،فقال :يا
معلى !
أتعرف هذا اليوم ؟ قلت :ل ،لكنه ] يوم [ يعظمه العجم يتبارك فيه .قال :كل
والبيت العتيق الذي ببطن مكة ما هذا اليوم إل لمر قديم افسره لك حتى تعلمه
قلت :تعلمي هذا من عندك أحب إلى من أن أعيش أبدا ويهلك ال أعداءكم .
قال :يا معلى ! يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ ال ميثاق العباد أن يعبدوه ول
يشركوا
) ( 2الرعد . 38 :
][120
به شيئا ،وأن يدينوا برسله وحججه وأوليائه ،وهو أول يوم طلعت فيه الشمس ،
و
هبت فيه الرياح اللواقح ،وخلقت فيه زهرة الرض ،وهو اليوم لذي استوت
فيه سفينة نوح عليه السلم على الجودي ،وهو اليوم الذي أحيى ال فيه القوم
الذين خرجوا
من ديارهم وهم الوف حذر الموت ،فقال لهم ال موتوا ثم أحياهم ] ال [ وهو
اليوم
الذي هبط ] فيه [ جبرئيل عليه السلم على النبي صلى ال عليه وآله ،وهو اليوم
عليه السلم أصنام قومه ،وهو اليوم الذي حمل فيه رسول ال صلى ال عليه وآله
على منكبيه حتى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام وهشمها الخبر بطوله
الول :قوله أنه اليوم الذي اخذ فيه العهد بغدير خم ،وهذا تاريخ ،و
كان ذلك سنة عشرة من الهجرة وحسب فوافق نزول الشمس الحمل في التاسع
عشر
من ذي الحجة على حساب التقويم ،ولم يكن الهلل رؤي بمكة ليلة الثلثين ،فكان
الثانى :كون صب الماء في ذلك اليوم سنة شائعة ،والظاهر أن مثل هذه
السنة العامة الشاملة لسائر المكلفين أن يكون صب الماء في وقت ل ينفر منه
الطبع
ويأباه ،ول يتصور ذلك مع كون الشمس في الجدي .لنه غاية القر ) ( 1في
البلد
السلمية .
الثالث :قوله في الحديث الثاني " وهو أول يوم خلقت فيه الشمس " وهو
الرابع :قوله " وفيه خلقت زهرة الرض " وهذا إنما يكون في الحمل دون
وأقول :تحقيق الكلم في هذا المقام هو أنك قد عرفت فيما مضى أن السنة
الشمسية عبارة عن مدة دورة الشمس بحركتها الخاصة من أي مبدأ فرض ،وتلك
][121
المدة على ما استقر عليه رصد أبر خس ومن وافقه من المتقدمين ثلث مائة
وخمسة و
ستون يوما وربع تام من يوم ،وعلى سائر الرصاد المشهورة ل يبلغ الكسر إلى
الربع ،بل أقل منه بدقائق معدودة ،وهي على ما فصله البرجندي في شرح التذكرة
على رصد التباني ثلثة عشر دقيقة وثلثة أخماس دقيقة ،وعلى حساب المغربى
اثنتا
عشرة دقيقة وعلى رصد مراغة إحدى عشرة دقيقة ،وعلى رصد بعض المتأخرين
تسع دقائق وثلثة أخماس دقيقة ،وعلى رصد بطليموس أربع دقائق وأربعة
أخماس دقيقة .فالفرس من زمان جمشيد أو قبله والروم من عهد إسكندر أو بعده
كانوا يعتبرون الكسر ربعا تاما موافقا لرصد أبرخس ،وإنما الفرق بينهما أن الروم
كانوا يكبسون الربع المذكور في كل أربع سنين فيزيدون على الرابعة يوما تصير
به ثلثمائة وستة وستين ،وأن الفرس إلى عهد يزدجرد آخر ملوك العجم أو
بعض الكاسرة السابقة عليه كانوا يكبسونه في كل مائة وعشرين سنة ،فيزيدون
على الخيرة ثلثين يوما تصير به ثلث مائة وخمسة وتسعين يوما ،وقد كان يتفق
لهم تجديد التاريخ وإسقاط ما مضى من السنة عند جلوس ملك جديد منهم .وأما
بعد ذلك العهد فكانوا ل يلتفتون إلى كبس الكسر المذكور أصل ،فكانت سنوهم
دائما ثلث مائة وخمسة وستين ،فمبدأ سني كل من هذه الطوائف كأول تشرين
الول للروم وأول فروردين ماه المسمى بالنيروز لطوئف الفرس وكذا كل
جزء من شهورهم كان غير مطابق لمبدأ سنى الخرى ،ول لجزء معين منها دائما
دائما لمبدأ فصل من الفصول ول لشئ من أجزائها ،بل كل منها دائر في أجزاء
الفصول
وبالعكس هكذا الحال إلى عهد السلطان جلل الدين ملك شاه السلجوقي ،فأحب
أن يوضع تاريخ في زمانه باسمه ممتارا عن التواريخ المشهورة ،فأمر من
بحضرته من
أهل الخبرة بذلك ،فبنوا الحساب على رصد بطليموس أو من وافقه في نقصان
الكسر
عن الربع ،اعتقادا منهم أنه أصح من الرصد المبني عليه التواريخ المذكورة ،ثم
][122
اعتبروا أول السنة حفظا من أن يدور في الفصول يوم انتقال الشمس إلى العتدال
الربيعي قبل نصف النهار ،فكان حينئذ قد اتفق ذلك النتقال يوم الجمعة عاشر شهر
رمضان سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ،وكان مطابقا للثامن عشر من فروردين
ماه
اليزد جردي أول سنتهم ،فجعلوا اليوم المذكور أول فروردين ماه من السنة
الجللية ،وأسقطوا اليام السابقة عليه من درجة العتبار ،وسموا هذا اليوم
بالنوروز السلطاني ،فاستقر المر في حساب السنين الشمسية على أن يعدوا من
النيروز المذكور ثلثمائة وخمسة وستين يوما ،فيجعلون اليوم السادس نيروز
السنة
التية ،ثم يكبسون الكسر لكونه أقل من الربع في كل أربع سنين أو خمس
سنين فتصير سنة الكبيسة ثلثمائة وستة وستين يوما .وهذه الطريقة مستمرة إلى
زماننا .
إذا عرفت هذا فنقول أول إن ما يلوح من توقع ابن إدريس عن الشيخ أن
يعين نيروز الفرس بيوم من الشهور العربية أو الرومية ،وكذا منا نقله عن بعض
المحصلين من تعيينه بعاشر أيار من الشهور الرومية غريب جدا ،لما عرفت من
دوران أيام شهور الفرس قديمهم وحديثهم في العربية والرومية وبالعكس ،ل
ختلف
اعتباراتهم في حساب السنين ،فكيف يتصور تعيين يوم معين أو شهر معين من
إحداها
بيوم أو شهر من الخرى على وجه مصون من التغيير والتبديل بمر الدهور ؟ فليس
لتعيينه بعاشر أيار من بعض المحصلين وجه محصل سوى أنه وجده مطابقا له في
بعض
الزمنة السابقة كزمان الصادق عليه السلم المستند إليه الروايات الواردة في
النيروز
فتوهم لزوم حفظ تلك المطابقة له دائما ،فإنه يستنبط مما سيتضح عن قريب من
التواريخ أن اتفاق المطابقة المذكورة كان في أواسط المائة الثانية من الهجرة ،و
هو قريب من أواخر زمان الصادق عليه السلم .ومثل هذا التوهم غير عزيز من
الناس
كما أورد الكفعمي ره في بيان العمال المتعلقة بشهر شعبان أن الثالث والعشرين
منه هو النيروز المعتضدي مضبوطا بالحادي عشر من حزيران تاسع شهور الروم
كما
هو مذكور في سرائر ابن إدريس مع وجهه ،ومعلوم أن ] مثل [ ذلك ل يمكن
][123
وثانيا :أن ترديد الشهيد ره نيروز الفرس بين أول يوم من سنتهم وبين
غيره كأول الحمل وعاشر أيار ترديد غريب شبيه بترديد مبتدأ السنة المعمولة عند
العرب بين أول المحرم وبين غيره ،وذلك لن كون النيروز أول يوم من سنة
الفرس أمر في غاية الظهور ،ومع ذلك منصوص عليه في أكثر أسانيد الرواية ،
فإنما
المطلوب هنا تعيين أول يوم من سنتهم بيوم معروف في زماننا هل هو أول الحمل
أو غيره .
وثالثا :إن ما ذكره ابن فهد ره من شهرة كونه أول سنة الفرس بين
فقهاء العجم حق موافق للرواية ،ولكن جعلهم ذلك عند نزول الشمس الجدي
مبني على ما ذكرنا من توهم المطابقة الدائمة من اتفاق الموافقة في بعض الزمنة
غفلة عن دورانه في الفصول كما بينا ،وهكذا حال ما نسبه صاحب كتاب النواء
إلى بعض العلماء من أنه السابع عشر من كانون الول المطابق لما بعد نزول
الشمس
التفسيرات ،فمنشأ توهم بعض العلماء الذي نقل مقالته صاحب كتاب النواء يمكن
أن يكون اتفاق الموافقة المذكورة في زمانه إن كان في أواسط المائة الثامنة من
الهجرة ،فإن الضوابط الحسابية كما سيتضح دالة على أن أول فروردين
ماه الفرس الموسوم بالنيروز عندهم كان في السنة العاشرة من الهجرة قريبا من
نزول
الشمس أول برج الحمل ،وكان ذلك موافقا لواسط " آذار " من الرومية ،و
مطابقا لثامن عشر ذي الحجة من العربية يوم عهد النبي صلى ال عليه وآله
بالولية في غدير خم بعد الرجوع عن حجة الوداع كما صرح به في الرواية ،ثم
في السنة الحادية عشر منها بعد رحلة النبي صلى ال عليه وآله انتقلت سلطنة
آخر ملوكهم ،فاسقط ما مضى من السنة وجعل يوم جلوسه أول فروردين ويوم
][124
النيروز كما كان رسمهم ) ( 1وكان ذلك موافقا لواسط حزيران ومطابقا للثاني و
العشرين من ربيع الول ،وقد عرفت أن بناء حساب الفرس في عهد يزدجرد بل
قبيله في زمان النبي صلى ال عليه وآله أيضا على أخذ كل سنة ثلثمائة وخمسة
وستين يوما
بدون رعاية الكبائس التي كانت متداولة بين قدمائهم ،فل محالة كان ينتقل
نيروزهم
في كل أربع سنين إلى يوم آخر من أيام الشهور الرومية قبل اليوم الذي كان
فيه ،لعتبارهم الكبيسة في كل أربع ،وقس عليه حال انتقاله بالنسبة إلى موضع
الشمس من البروج أيضا .فإن التفاوت لو كان لكان في كل سنة بقدر نقصان الكسر
وبالجملة :انتقاله من أواسط حزيران وأواخر الجوزاء التي كان فيها في
السنة الحادية عشر من الهجرة إلى أواسط كانون الول وأوائل الجدي وهو مدة
ستة أشهر تقريبا إنما هو في قريب من سبعمائة وثلثين سنة ،فيكون في أواسط
المائة الثامنة كما ذكرنا .
وأما منشأ توهم صاحب كتاب النواء فل يمكن أن يكون مثله من وقوع
الموافقة المذكورة في زمانه لئل يلزم تقدم زمان الناقل على زمان المنقول عنه ،
فإن
انتقاله إلى بعض أيام شباط إنما يكون قبل انتقاله إلى بعض أيام كانون لما عرفت
من أن
انتقالته في تلك الشهور ،وكذا في البروج على خلف تواليهما لزيادة قدرهما على
قدره بمقدار ربع يوم أو قريب منه فغاية توجيهه أن يقال :يجوز أن يكون منشأ
توهمه
موافقا لما مر نقله من بعض المحصلين في اعتبار زمان الصادق عليه السلم فيه ،
والفرق أن
بناء حساب بعض المحصلين كان على اعتبار السقاط اليزدجردي ،لو قوعه على
طبق
عادتهم المستمرة ،وبناء حساب صاحب كتاب النواء ،على عدم اعتباره ،لو
قوعه
بعد زمان النبي صلى ال عليه وآله وكونه بمنزلة سائر التغيرات الواقعة في السنن
والداب
المعروفة في زمانه ،فإن ما بين تاسع شباط وعاشر أيار قريب من المدة التي
أسقطها
][125
ورابعا :بأن ما استدل أول على ما اختاره من التفاسير الستة وهو كونه
يوم نزول الشمس برج الحمل بأنه أعرف بين الناس إلى آخره دعوى بين البطلن
عند أهل الخبرة بالحساب والتواريخ ،فإن كون نيروز الفرس دائرا في الفصول
سيما من زمان النبي صلى ال عليه وآله إلى زمان ملكشاه أمر لم يسمع خلفه من
أحد منهم
بل صرح في شروح التذكرة وغيرها بأن الروم والفرس كانوا لم يلحظوا في مبدأ
سنيهم موضع الشمس ،وأن جعل العتدال الربيعي مبدأ السنة مخصوص بالتاريخ
مناطا للحكام الشرعية الثابتة قبل زمان ملكشاه بقريب من خمسمائة سنة ؟ و
أن ما ذكره من انصراف اللفظ عند فقدان العرف الشرعي إلى لغة العرب مسلم
ولكن أين إطلق لفظ النيروز عند العرب على أول يوم نزول الشمس برج الحمل ؟
بل إن بعض أهل اللغة فسره على طبق ما في الرواية بأول سنة الفرس إعتمادا
على
الشهرة ،وبعضهم كأحمد ابن محمد الميداني وهو من أقدمهم وأتقنهم لم يكتف به
بل
صرح في كتابه المسمى بالسامي في السامي بعد ذكر أسامي شهور الفرس
وأيامهم
المشهورة بترجمة النيروز " نخست روز أز فروردين ماه " ثم إن أغمضنا عن
مثل تلك
الحقيقة والتجأنا إلى حمله على العرف فل شك لمن تتبع من مظانه أن العرف فيه
لم يكن متعددا في زمان الخطاب ،بل إنما تجدد بعده بدهور طويلة ،فسمى
ملكشاه يوم نزول الشمس برج الحمل بالنوروز السلطاني ،وخوارزم شاه يوم
نزولها الدرجة التاسعة عشر منه وهي شرفها عند المنجمين بالنوروز الخوارزم
شاهي
وآخر يوما آخر بالنوروز المعتضدي وهكذا ،وإنكار الحدوث في الول منها بل
دعوى
التقدم على السلم والغماض عن تقييده تارة بالسلطاني وتارة بالجللى وتارة
بالملكي نسبة إلى كل من ألقاب السلطان جلل الدين ملكشاه كما هو مضبوط في
الدفاتر والتقاويم ومحفوظ في مدونات أهل الهيئة والتنجيم مما يقضى منه العجب .
فان قيل :لعل دعوى التقدم على السلم مبنية على ما اشتهر أن مبدأ
][126
تاريخهم في عهد جمشيد أو غيره كان موافقا لول الحمل ،وانتقاله منه ودورانه
في
قلنا :لو سلمنا ذلك فل ريب أن المراد بنيروزهم يوم يتجدد في كل سنة
يعتبرونه أولها ل مال يتفق وقوعه إل نادرا كما يلزم من التزام مطابقته لول
الحمل .
فان قلت :ل يخرج عن ثلثة احتمالت :إما أول الحمل مطلقا ،وإما
فروردينهم مطلقا ،وإما أول فروردينهم المطابق لول الحمل .والثالث ساقط
الثاني أيضا ساقط من جهة الحساب ،فإنا إذا جمعنا اليام من فروردينهم المضبوط
في تقاويم زماننا إلى ثامن عشر شهر ذى الحجة من السنة العاشرة من الهجرة
المنصوص
في الرواية أنه كان مطابقا لنيروزهم فقسمنا على أيام سنتهم الخالية من الكبائس
من
زمان النبي صلى ال عليه وآله إلى زماننا وهو ثلثمائة وخمسة وستون يبقى
اثنان وتسعون
أو ثلث وتسعون ،فيظهر أن فروردينهم كان بعد التاريخ المذكور بمثل هذه اليام
فإذا سقط الحتمالن تعين الحتمال الول وهو المطلوب ،مع أنه مؤيد أيضا
بالحساب الدال على أن التاريخ المذكور كان قريبا من أول الحمل بيوم أو يومين
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 126سطر 17إلى صفحه 134سطر 17
قلنا :سقوط الثاني ممنوع والبيان الحسابي المذكور مبني على غفلة ،أو تغافل
عن السقاط اليزد جردي الواقع في السنة الحادية عشر من الهجرة كما مر ،فإنه
المضبوط في التقاويم لما بعد التاريخ المذكور ل ينافي أن يكون التاريخ المذكور
أيضا مطابقا لفروردينهم المتداول قبل يزدجرد ،فإن جلوس يزدجرد كان في يوم
الثلثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الول من السنة الحادية عشر كما مر ،و
تفاوت التاريخين موافق للمدة المذكورة .فتبين أن الحساب لو جعل دليل على
كون المراد به أول فروردين لكان أوفق للمطابقة من جعله دليل على أول الحمل
][127
للتفاوت بيوم أو يومين ،فإنه قادح ولو كان قليل ،ولو فرضنا مطابقته أيضا لكان
غاية المر أن يكون في يوم الغدير اتفق المران الغير المتفقين إل في مدة مديدة
فل يفيد المطلوب .على أن مطابقة يوم الغدير للنيروز بأي معنى كان ل ينفع في
فان قيل :يظهر من كلم كوشيار وأبي ريحان في بعض تصانيفهما أن
العتدال الربيعي معتبر عند الحكاميين في طالع السنة وحساب الدوار ،وفيهم
المشهورون من أهل الفرس كزر دشت وجاماسب ،فعلى ذلك يمكن أن يكون المراد
بالنيروز المعتبر بأول سنة الفرس في الرواية ذلك الوقت بالعتبار المذكور .
قلنا :أول سلمنا اعتبار الوقت المذكور عندهم فيما اعتبروه فيه ،ولكن لم
ينقل أنهم يعبرون عنه بالنيروز أو يتباركون فيه ويجعلونه عيدا كما يفهم من
الرواية .
وثانيا :أن التعبير عن الحكاميين بالفرس بمحض كون بعضهم منهم بعيد
جدا ،بل معلوم لهل اللسان أن إطلق الفرس المستعمل في مقابل الروم والعرب
وافريدون
إلى كسرى ويزدجرد ،فالمراد بنيروزهم وأول سنتهم يوم كان جعله عيدا في كل
سنة معمول عند الملوك المذكورة في زمانهم ،ول خلف بين أهل الخبرة في أنه
كان
وثالثا :أن من تأمل وأنصف علم أن التعبير عن ذلك اليوم بنيروز الفرس
تارة وأول سنتهم اخرى لجل أنه ليس يوما معينا بحسب الفصل ،وإل فما المانع
من التعبير عنه بأول الربيع وأول الحمل المعلوم لكل أحد بدون احتياج إلى
تفسير أصل ؟
ورابعا :أن أهل اللغة صرحوا بتفسير النيروز بأول يوم من فروردين
الفرس ،وإطلقه على أول الربيع من زمان ملك شاه وفي زماننا مجاز بعلقة ما
][128
التزموه من موافقة أول فروردينهم لول الربيع دائما ،ووجوب انصراف اللفظ
إلى الحقيقة سيما المستعمل منه قبل حدوث المجاز مما أطبق عليه أهل اللسان .
والعلمات المذكورة في الروايتين للنيروز ل يمكن تطبيقها على أول الربيع ،فيجب
وخامسا :أن ما ذكره بقوله " ولنه المعلوم من عادة الشرع وحكمته
الخ " قياس مع الفارق ،فإن انتقال الشمس من برج الحوت إلى برج الحمل
ليس كوصولها إلى نصف النهار وأمثاله المعلومة بالحس والعيان ،بل محتاج إلى
رصد وحساب ل يتيسر تحقيقه لكثر مهرة فن الهيئة والحساب فضل عن غيرهم
وكفى بذلك عدم توافق رصدين فيه ،فإن اليوم المذكور على ما يقتضيه رصد
المتاخرين المبني عليه أكثر التقاويم في زماننا مقدم على ما يقتضيه رصد أبر خس
بأيام ،وعلى ما يقتضيه رصد بطليموس بأقل منها ،ومؤخر عما يقتضيه رصد
المحقق الطوسي بقليل ،وعما يقتضيه رصد التباني والمغربي بأكثر ،فهل يجوز
من له أدنى معرفة بعادة الشرع في التكليفات أن تكون لمعرفة النيروز مكلفين
بتتبع آراء هؤلء ثم التمييز بين الحق والباطل منها ،أو العمل بمقتضى كل منها
مع ظهور التناقض ،أو اختيار ما شئنا منها ،أو النكال على ما اشتهر في زماننا
سيما
مع علمنا بأنه غير مشهور بل غير مذكور أصل في زمان النبي صلى ال عليه وآله
ولهذا ما وقع في أحكام الشريعة من أمثاله ككراهة النكاح والسفر في زمان كون
القمر في العقرب حمله المحققون على زمان كونه في صورتها المعلوم لكثر عوام
المكلفين ل في برجها المحتاج إلى استخراج تقويمه ،فعلى هذا يكون المناسب
لعادة
غنائه عن الحتياج إلى الرصاد ،وتيسر حسابه على عامة المكلفين .
وسادسا :أن ما ذكره من مناسبة كون الشمس خلقت في الشرطين على
ما نقله من صاحب كتاب النواء على تقدير حجية المنقول عنه ل يفيد إل كونها
حين الخلقة في أوائل صورة الحمل ،فإنهما نجمان قريبان من رأسها يعدان منزل
بحارالنوار ج 8 59
][129
من منازل القمر ،فلو كان ذلك مناسبا لعظام اليوم الذي عادت الشمس فيه إلى
هذا الموضع لكان ينبغي إعظام يوم كونها فيه وهو في زمان النبي صلى ال عليه
برج الحمل وفي زماننا انتقل إلى أواخره ،بناء على أن حركة الثوابت ومنها
كواكب الصور في كل سبعين سنة درجة كما هو المشهور بين أهل الرصاد .وبهذا
ظهر حال ما ذكره من مناسبة ما قيل من ابتداء خلق العالم في شهر " نيسان "
لعدم
مطابقة شئ من أيام شهر نيسان من زمان النبي صلى ال عليه وآله إلى زماننا
هو
في الحمل " ثم فيما أتبعه تفريعا عليه بقوله " وإذ كان الخ " فتحير واعتبر .
وسابعا :أن ما ذكره من نزول الشمس الحمل في التاسع عشر الخ
فقد عرفت عدم دللته على المطلوب على تقدير مطابقته بحسب الحساب أيضا فضل
وثامنا :أن ما ذكره من كون صب الماء المسنون في ذلك اليوم أوفق لول
الحمل ل الجدي ،لو ساغ مثله في إثبات مناط الحكام الشرعية لكان مؤيد العاشر
أيار ل لول الحمل ،فإنه أوفق لذلك من كل من الجدي والحمل ،لكونه بعد
أول الحمل بقريب من شهرين ،وكونه أقرب إلى اليوم المرسوم في زماننا " آب
باشان " هذا إذا كان المراد بصب الماء في الرواية رشه على طريق الرسم الجاري
في
بعض البلد ،ولكن يظهر من ابن جمهور أنه حمل سنة صب الماء فيها على
استحباب
لول الحمل بناء على مناسبة خلقها في الشرطين مبني كما مر على الخلط بين
صورة الحمل وبرجه ،على أن ما قدمناه من حديث الرضا عليه السلم يدل على أن
أول خلق الشمس في موضع شرفها وهو الدرجة التاسعة عشر من الحمل ،ول
يبعد
أن يكون الشرطان أيضا حينئذ في تلك الدرجة ،فل يكون ما ذكره صاحب كتاب
النواء مخالفا للحديث المذكور ،فيكونان متفقين في عدم مطابقتهما لول الحمل
][130
كما هو المطلوب .ثم إن خلق الشمس غير طلوعها فلما كانت حين خلقها في وسط
السماء كما في الحديث المذكور فالظاهر أنه أشار به ههنا إلى موافقة اليوم التالي
لول الحمل دون الجدي غير ظاهر ،إذا لقائل أن يقول :لعل مبدأ خلقها أول
الجدي ،وظهورها على وجه الرض بعده ،مع أن ذلك متفاوت بحسب البلد
جدا ،وأيضا كونه غير مناسب للجدي ل يدفع سائر التفسيرات المذكورة للنيروز
ول يتعين بدونه المطلوب ،فيجوز أن يكون خلق زهرة الرض وكذا خلق الشمس
أو طلوعها في يوم يكون موافقا من جهة الحساب المتداول بين الفرس في سنيهم
لول
فروردينهم ،فجعل يدور في الفصول على طبق دورانه فيها بالسباب التي ذكرناها
غير مرة ،فلو فرضناه في أول الخلق مطابقا لول نزول الشمس برج الحمل أيضا
لكان مثل مطابقته حينئذ لسائر الوضاع الغير المطلوبة كمواضع سائر الكواكب
فحفظ تلك المطابقة فيه غير لزم لئل يختل به ما هو المطلوب مما استقر بينهم إلى
زمان النبي صلى ال عليه وآله واستمر بعده إلى زماننا من ضوابط حساب
السنين .
فان قلت :رعاية الكبيسة كما نقل عن الفرس دالة على أن مقصود أقدميهم
منها محافظة وضع معين للشمس بالنسبة إلى مبدأ سنيهم في الجملة ،فالمظنون
أنهم
كانوا عينوا لذلك أول الربيع كما قيل لظهور امتيازه عن غيره بالحسن واعتدال
الهواء وقوة النشوء والنماء في معظم المعمورة ،فبمحض حدوث دورانه في
الفصول
بحسب تجدد الرسوم الصطلحية كيف سقط مقصودهم الصلي عن درجة العتبار
قلنا :سملنا قصدهم بدون مضايقة في تعيينهم أول الربيع لذلك أيضا مع أن
ما يحصل من ضبط كبيستهم في مائة وعشرين سنة يحصل بدونها أيضا في مدة
أكثر
منه ،والفرق بين القلة والكثرة في مثلها مشكل ،ومع أن الروم أيضا مشاركون
لهم في رعاية الكبيسة بل أضبط منهم فيها بدون التعيين المذكور ولكن نعلم أن
المصالح
][131
متغيرة بتغير الزمنة والطبائع والعادات ،فلعل الباعث لهم على التفاق على
خلف ما سبق من بعضهم عروض مصلحة أهم منه لهم ،والباعث لعتبار مقتضى
مصلحتهم في نظر الشارع مصلحة وحكمة اخرى خفية محجوبة عن عقولنا ،فنحن
الن مكلفون في الحكام بتتبع آثار الصادقين من ظواهر ما نقل إلينا عنهم ،و
قال بعض الفاضل بعد إيراد جملة مما ذكرنا :فتبين أن المراد بنيروز الفرس
لبد أن يكون أول سنتهم الذي هو أول فروردينهم بلخلف ،وأنه دائر في
الفصول من قديم اليام بأسباب شتى وخصوصا من زمان النبي صلى ال عليه وآله
بسبب إهمال
معاصريهم منهم في حفظ الكبيسة واستقرار أمرهم عليه إلى الن ،فيكون أيام
سنتهم دائما ثلثمائة وخمسة وستين بل عروض وتفاوت فيه قط ،وأن يوم
الغدير في السنة العاشرة من الهجرة كان مطابقا له ،فإن اعتبر بما وقع بعدها في
المذكور
كما هو الظاهر بناء على أنه على طبق رسمهم المتداول بينهم وأن النيروز مبني
على مقتضى رسمهم يكون النيروز المعتبر شرعا هو ما يضبطه المنجمون في
التقاويم
من أول فروردينهم في كل سنة ،وهو فيما نحن فيه من الزمان سنة ثمان وثمانين
وألف من الهجرة مطابق ليوم الجمعة عاشر شهر شعبان وموافق للثامن والعشرين
من أيلول
بناء على أنه وقع بعد زمان النبي صلى ال عليه وآله وإكمال الدين وأن مثل ذلك
الغر المعتبرة في الشرع يكون النيروز المذكور قبل فروردينهم المضبوط عند
المنجمين
بقدر اليام الساقطة ،وعلى كل من الحتمالين بتقدم في كل أربع سنين بيوم على
اليوم
المطابق له من أيام شهور الروم ،وفي كل أربع سنين أو خمس سنين بيوم على ما
كان مطابقا له من أيام الشهور الجللية ،ويتأخر في كل سنة بأحد عشر يوما غالبا
وبعشرة أيام في سني ،كبائس العرب عما كان موافقا له من أيام الشهور العربية
وأيضا يتأخر في كل سنة بيوم عما كان مطابقا له من أيام السبوع دائما ،فظهر
][132
من هذا التصوير أن ما اشتهر من مطابقة نيروزهم ليوم انتقال الخلفة الصورية
أيضا إلى أميرالمؤمنين عليه السلم بعد قتل عثمان كمطابقته ليوم الغدير إن كان
مستندا
إلى نص كما قيل يؤيد الحتمال الول ،فإن كل من الواقعتين كان في أواخر
شهر ذي الحجة الحرام ،وبينهما خمس وعشرون سنة ،ول يمكن أن يتفق ذلك
بدون إسقاط إل في نيف وثلثين سنة ،فالنص على كون كل من اليومين مطابقا
للنيروز هو في حكم النص على اعتبار السقاط المذكور ،وأيضا ثبوت الواقعتين
المذكورتين في النيروز من أوضح الدلئل على بطلن كون المراد به يوم نزول
الشمس
ببرح الحمل ،فإن اتفاق نيروزين بهذا المعنى في شهر من الشهور العربية بفاصلة
المدة المذكورة غير ممكن قطعا ،فمن استدل بثبوت الواقعتين المذكورتين في
النيروز
على كون المراد به العتدال الربيعي فقد جعل ما يدل صريحا على بطلن شئ
وأقول :مما يؤيد مامر ما ذكره أبوريحان في كتاب " الثار الباقية من
القرون الخالية " حيث قال في عداد التواريخ المشهورة :ثم تاريخ ملك يزدجرد
ابن شهريار بن كسرى ابرويز ،وهو على سني الفرس غير مكبوسة ،وقد استعمل
في
الزياج لسهولة العمل به ،وإنما اشتهر تاريخ هذا الملك من بين سائر ملوك فارس
لنه قام بعد تبدد الملك واستيلء النساء عليه والمتغلبة ممن ل يستحقه وكان مع
ذلك
آخر ملوكهم ،وجرت على يده أكثر الحروب المذكورة والوقائع المشهورة مع
عمر بن الخطاب ،حتى زالت الدولة وانهزم ،فقتل بمرو الشاهجان .
ثم قال :ثم تاريخ أحمد بن طلحة المعتضد بال ،وهو على سني الروم وشهور
الفرس بمأخذ آخر ،وهو أنها تكبس في كل أربع سنين بيوم ،وكان السبب في
ذلك على ما ذكر أبوبكر الصولي وحمزة بن الحسن الصبهاني أن المتوكل بينا
هو يطوف في متصيد له إذرأى زرعا لم يدرك بعد ولم يستحصد ،فقال :استأذنني
عبيدال بن يحيى في فتح الخراج وأرى الزرع أخضر فمن أين يعطي الناس الخراج
؟
فقيل له :إن هذا قد أضر بالناس فهم يقترضون ويتسلفون وينجلون عن أوطانهم
][133
وكثرت لهم شكاياتهم .فقال :هذا شئ حدث في أيامي أم لم يزل كذا ؟ فقيل له :
بل هو جار على ما أسسه ملوك الفرس من المطالبة بالخراج في إبان النيروز ،
وصاروا
به قدوة لملوك العرب .فأحضر المؤبد وقال له :قد كثر الخوض في هذا ولست
أتعدى
رسوم الفرس ،فكيف كانوا يفتحون الخراج على الرعية مع ما كانوا عليه من
الحسان والنظر ؟ ولم استجازوا المطالبة في هذا الوقت الذي لم تدرك فيه الغلت
والزروع ؟ فقال المؤبد :وإنهم وإن كانوا يفتحونها في النيروز ،فما كان يجبى إل
وقت إدراك .فقال :وكيف ذلك ! فبين له حال السنين وكمياتها وإحتياجها
إلى الكبس ،ثم عرف أن الفرس كانوا يكبسونها فلما جاء السلم عطل ،فأضر
ذلك بالناس ،واجتمع الدهاقنة زمن هشام بن عبدالملك إلى خالد القسري فشرحوا
له هذا وسألوه أن يؤخروا النوروز شهرا ،فأبى وكتب إلى هشام بذلك ،فقال :
إني أخاف أن يكون هذا من قول ال " إنما النسئ زيادة في الكفر ) " ( 1فلما كان
أيام الرشيد اجتمعوا إلى خالد بن يحيى بن برمك وسألوه أن يؤخروا النوروز
نحو الشهرين ،فعزم على ذلك فتكلم أعداؤه فيه وقالوا :أنه يتعصب للمجوسية
فأضرب عن ذلك وبقي المر على حاله .فأحضر المتوكل إبراهيم بن العباس
الصولي
وأمره أن يوافق المؤبد على ما ذكره من النيروز ويحسب اليام ويجعل له قانونا
غير متغير ،وينشئ عنه كتابا إلى بلدان المملكة في تأخير النوروز ،فوقع العزم
على تأخيره إلى سبعة عشر يوما من حزيران ،ففعل ذلك ونفذت الكتب إلى الفاق
في المحرم سنة ثلث وأربعين ومأتين .فقال البختري في ذلك قصيدة يمدح فيها
المتوكل ،وقتل المتوكل ولم يتم له مادبر ،حتى قام المعتضد بالخلفة واسترد
بلدان المملكة من المتغلبين عليها ،وتفرغ للنظر في امور الرعية ،فكان أهم شئ
إليه أمر الكبيسة وإتمامه ،فاحتذى ما فعله المتوكل في تأخير النوروز ،غير أنه
نظر من جهة اخرى ،وذلك أن المتوكل أخذ ما بين سنته وبين أول تاريخ الملك
يزدجرد ،وأخذ المعتضد ما بين سنته وبين السنة التي زال فيها ملك الفرس بهلك
يزدجرد
][134
ظنا منه أو ممن تولى ذلك له أن إهمالهم أمر الكبس هو من لدن ذلك الوقت ،
فوجده
مأتين وثلثا وأربعين سنة ،وحصتها من الرباع ستون يوما وكسر ،فزاد ذلك
على
النوروز في سنة ،وجعله منتهى تلك اليام ،وهو أول يوم من خرداد ماه في تلك
النسة ،وكان يوم الربعاء وافقه اليوم الحادي عشر من حزيران ،ثم وضع
النوروز
على شهور الروم لتنكبس شهوره إذا كبست الروم شهورها ،وكان المتولي
لمضاء ما أمر
وهذا وإن دقق في تحصيله فلم يعد به النوروز إلى ما كان عليه عند الكبس
في دولة الفرس ،وذلك أن إهمال كبسهم كان قبل هلك يزدجرد بقريب من سبعين
سنة ،لنهم كانوا كبسوا السنة في زمان يزدجرد بن شابور بشهرين :أحدهما لما
لزم
السنة من التأخر وهو الواجب ،ووضعوا اللواحق خلفه علمة له ،وكانت النوبة
لبان ماه كما سنذكره ،والشهر الخر للمستأنف ليكون مفروغا منه إلى مدة
طويلة ،فإذا اسقط عن السنين التي بين يزدجرد بن شابور وبينه مائة وعشرون
سنة
بقي بالتقريب سبعون سنة ل بالتحقيق ،فإن تواريخ الفرس مضطربة جدا وتكون
حصة
هذا السبعين سنة من الرباع قريبا من سبعة عشر يوما ،فكان يجب بالتحليل من
القياس
أن يؤخر سبعة وسبعين يوما ل ستين يوما ،حتى يكون النوروز في ثمانية
وعشرين
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 134سطر 18إلى صفحه 142سطر 18
من حزيران ،ولكن المتولي لذلك ظن أن طريقة الفرس في الكبس كانت شبيهة
بالتي يسلكه الروم فيه ،فحسب اليام من لدن زوال ملكهم ،والمر فيها على
ثم قال :هذا التاريخ آخر المشهور ،ولعل أن يكون للمم الشاسعة ديارها
من ديارنا تواريخ لم تتصل بنا أو متروكة كالمجوس في مجوسيتها ،فانها كانت
تؤرخ
بقيام ملكوكهم أول فأول ،فاذا مات أحدهم تركوا تاريخه وانتقلوا إلى تاريخ القائم
][135
وهذا وإن كان مؤيدا لترك الكبس في زمان يزدجرد ودوران النيروز في
الفصول لكن ل يدل على السقاط وينافي بعض الضوابط المتقدمة ،وسيأتي مما
الول :أن يكون بناؤها على إسقاط الرباع والخمسة أيضا كما كانت سنة
الملوك البيشدادية أو بعض ملوك الهند كما أو مأنا إليهما سابقا ،ويومئ إليه قوله
عليه السلم في خبر المعلى " هي أيام قديمة من الشهور القديمة كل شهر ثلثون
يوما بل زيادة فيه ول نقصان " ويؤيده الخبار الكثيرة الدالة على أن السنة
ثلثمائة وستون يوما فيكون أول الفروردين على هذا الحساب نوروزا .
ويرد عليه أن حوالة النيروز والسنة على اصطلح متروك ل يعلم تعيينه ول
الثانى :أن تكون مبنية على ) ( 1الفرس القديم الذي مر ذكره وهو قوي
لكن بناء أمر من المور الشرعية على اصطلح متبدل متغير يتبع في كل زمان
رأي سلطان من سلطين الجور أو غفلتهم أو عدم تمكنهم من الكبس كما وقع بعد
يزدجرد بعيد جدا ،وأيضا الظاهر أن فضل هذا اليوم إما بسبب المور المقارنة
له والحوال الواقعة فيه وكثير من المور متعلقة بما قبل زمان يزدجرد وكان
قبل ذلك مبنيا على الكبس وبعده سقط ذلك ،وإما بسبب بعض الوضاع الفلكية أو
النباتات والشجار ونحو ذلك وشئ منها غير منضبط في النيروز بهذا المعنى ،
ومع
الثالث :أن يكون المراد بها النيروز القديم المبني على الكبس في كل مائة
وعشرين سنة كما عرفت ،لنه الصل عند الفرس وإنما طرأ إسقاط الكبس
تكليف عام يشترك فيه عوامهم وخواصهم على أمر غامض ل يطلع عليه إل
الوحدي
من المنجمين والهيويين بل ل يمكن معرفته على التحقيق لحد كما مر بعيد
غاية البعد ،إل أن يقال إنه عليه السلم علم قاعدته المعلى ولم يروها أو ترك
الناس
الرابع :أن يكون المراد ما اصطلح عليه الن المنجمون وهو دخول الشمس
برج الحمل ،بأن يكون عليه السلم علم أن قاعدة الفرس في القديم كان كذلك
فتركت
وأحروا الكبس إلى المائة والعشرين تسهيل للمر .أو يقال :إن نيروز الفرس
هو أول فروردين مع رعاية الكبس بأي وجه كان في زمان قصير أو زمان طويل
فيشمل النيروز الجللي عموما وإن لم يحدث بعد خصوص هذا النوع .ويؤيده
أن الحكاميين من الفرس وغيرهم جعلوا مبدأ السنة تحويل الشمس إلى الحمل
كما قال كوشيار في كتاب مجمل الصول " معلوم أن تحويل سنة العالم هو حلول
الشمس أول ثانية من الحمل وطالع ذلك طالع السنة " وأمثال ذلك من كلماتهم
وقد اشتمل الخبر على أن النيروز أول سنة الفرس ،وايد أيضا بما ورد أن
ابتداء خلق العالم كان الشمس في الحمل ،وبأنا إذا حسبنا على القهقرى وجدنا
عيد الغدير في السنة العاشرة من الهجرة مطابقا لنزول الشمس أول الحمل ،
والظاهر
أن ذلك مبني على بعض الرصاد ،وعلى بعضها يتقدم بيوم كما أومأ إليه ابن
فهد رحمه ال وعلى بعضها بيومين كما أشار إليه غيره ،وموافقته على بعض
الرصاد كاف في ذلك ،وبأنه أول نمو أبدان الحيوانات والشجار والنباتات كما
قال سبحانه " ألم تر أن ال يحيي الرض بعد موتها " ) " ( 1وعنده تظهر قدرة
الصانع وحكمته ولطفه ،ورحمته ،فهو أولى بأن يشكر فيه الرب الكريم ،وأن
يجعل مبدأ السنة والعيد العظيم ،وقد مر الكلم في أكثر ذلك فيما مضى .
* ) هامش ( * ) ( 1الية ليست كذلك ،ففى الية ) ( 19من سورة الروم "
وفي الية ) ( 50منها " كيف يحيى الموتى " وفي الية ) ( 17من سورة الحديد
][137
ومما يدل على عدم كونه مراد أنه معلوم أنه لم يكن هذا مشهورا في زمان الصادق
عليه السلم وقد قال المعلى " :دخلت على الصادق عليه السلم يوم النيروز " فل
بد من
أن يكون يوما معروفا في ذلك الزمان ولم يكن إل التاريخ اليزد جردي فل
يستقيم هذا إل بتكلف أو مأنا إليه في أول الكلم وال يعلم حقائق المور .
الفائدة الثالثة :اعلم أنه قد يستشكل في الحاديث بأن وقوع النيروز بأي
سنة
وشهرا ويوما كيوم المبعث وفتح مكة ونص الغدير غير ممكن ،لعدم جواز اجتماع
يومين في ذلك فضل عن الجميع ،لن المبعث كان قبل الهجرة بقريب من ثلث
عشرة سنة ،وفتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة ونص الغدير في العاشرة منها
فكان وضع الول بالنسبة إلى كل من الخيرين يقتضي أن تكون الفاصلة بين
النيروزين الواقعين فيهما بحسب الشهور العربية أكثر من سبعة أشهر ،ووضع
أحد
الخيرين بالنسبة إلى الخر يقتضي أن تكون الفاصلة أقل من شهر ،مع أن الول
كان في أواخر رجب ،والثاني في أواخر شهر رمضان ،والثالث في أواخر شهر
الول :ما ذكره بعض الفاضل ،وهو أن يقال :من السنة التاسعة عشر
من مبعثه صلى ال عليه وآله التي وقع فيها قتل " برويز " من ملوك العجم إلى
كان الولن قبل فتح مكة والخير بعده ،فيمكن إسقاط كل منهم برهة مما
مضى من السنة عند جلوسه كما هو عادتهم المستمرة ،فكان ذلك منشأ لهذا
الختلف
فهذا أيضا دليل بل دلئل اخرى مستنبطة من الروايتين المذكورتين على بطلن
كون المراد بالنيروز المعتبر شرعا هو العتدال الربيعي ،فإنه على ذلك ل يمكن
توجيه التواريخ المذكورة فيهما أصل ،وكذا حال سائر ما مر من تفاسيره سوى
أول فروردين فتعين أن المراد به أول فروردين كما هو المطلوب ) انتهى ( .
][138
الثانى :ما خطر ببالي وهو أنه لم يصرح في الحديث بالمبعث ،بل قال :
هبط فيه جبرئيل على النبي صلى ال عليه وآله ول تلزم بينهما إذا لمبعث هو أمر
الرسول بتبليغ
الرسالة إلى القوم ،ويمكن أن يكون نزول جبرئيل عليه صلى ال عليه وآله قبل
ذلك بسنين
وأما كون كسر الصنام في فتح مكة فل يظهر من هذا الخبر ول من أكثر
الخبار الواردة فيه ،بل صريح بعض الخبار وظاهر بعضها كون ذلك قبل الهجرة
فيمكن الجمع بينهما بالقول بتعدد وقوع ذلك ،ويكون أحدهما موافقا للنيروز
كما روي من كشف الغمة من مسند أحمد بن حنبل ،عن أبي مريم ،عن علي عليه
السلم
قال :انطلقت أنا والنبي صلى ال عليه وآله حتى أتينا الكعبة ،فقال لي رسول ال
اجلس واصعد على منكبي ،فنهضت به فرأى بي ضعفا ،وجلس لي نبي ال صلى
قال لي :اصعد على منكبي ،فصعدت على منكبيه ،قال :فنهض بي ،قال :فانه
يختل إلي أني لو شئت لنلت افق السماء ،حتى صعدت على البيت وعليه تمثال
صفر أو نحاس ،فجعلت ازاوله عن يمينه وشماله ومن بين يديه ومن خلفه ،حتى
إذا استمكنت منه قال لي رسول ال صلى ال عليه وآله :اقذف به ،فقذفت به
القوارير .ثم نزلت وانطلقت أنا ورسول ال صلى ال عليه وآله نستبق حتى
توارينا بالبيوت
خشية أن يلقانا أحد من الناس .والخبار بهذا المضمون كثيرة ،وقد تقدمت و
كلها دالة على أن ذلك كان قبل الهجرة ،وإل لم يكن لخوفهما وإخفائهما من
القوم معنى ،فارتفع التنافي على أي تفسير كان ،لعدم معلومية تاريخ نزول
جبرئيل
وآله
قلنا :حمل اليوم على ما يشمل الليل شائع ،وسراية فضل الليلة وبركاتها
إلى اليوم كثيرة كمواليد النبي صلى ال عليه وآله والئمة عليهم السلم وغير ذلك .
فان قيل :تاريخ فتح نهروان وقتل ذي الثدية أيضا مضبوط في مناقب ابن
][139
شهر آشوب بتاسع شهر صفر سنة تسع وثلثين ) ( 1ول يوافق أول فروردينهم
لكونه
في السنة المزبورة قبله في أواسط المحرم أو بعده في أواسط شوال على اختلف
العتبارين كما مر ،ول أول الربيع لكونه فيها بعده في أواخر شوال ،ول يجري
قلنا :سنة الفتح المذكور مضبوطة عند جمهور المورخين بما ذكر أو بثمان
وثلثين ،وأما شهره ويومه فهم ساكتون عنهما ،فل اعتماد في مثل ذلك على نقل
الفائدة الرابعة :قال أبوريحان في الكتاب المذكور :قال بعض الحشوية :
إن سليمان بن داود عليهم السلم لما افتقد خاتمه وذهب عنه ملكه ثم رد إليه بعد
أربعين
يوما عاد إليه بهاؤه وأتته الملوك ،وعكفت عليه الطيور ،فقالت الفرس " نوروز
آمد "
أي جاء اليوم الجديد ،فسمي النوروز .وأمر سليمان الريح فحملته واستقبله
الخطاف ،فقال :أيها الملك ! إن لي عشا فيه بيضات فاعدل ،فعدل ولما نزل
حمل الخطاف في منقاره ماء فرشه بين يديه وأهدى له رجل جرادة ،فذلك سبب
رش الماء والهدايا في النيروز .وقالت علماء العجم :هو يوم مختار ،لنه سمي
بهرمز ،وهو اسم ال عزوجل الخالق الصانع المربي للدنيا وأهلها الذي
وقال سعيد بن الفضل :جبل دماوند وهو بفارس ترى عليه كل ليلة نوروز
بروق تسطع وتلمع على صحو الهواء وتغيمه على كل حال من الزمان ،وأعجب
من هذا نيران " كلو اذا " وإن كان القلب ل يطمئن إليها دون مشاهدتها ،فقد
أخبرني أبوالفرج الزنجاني الحاسب أنه شاهد ذلك مع جماعة قصدوا " كلواذا "
سنة دخول عضد الدولة بغداد ،وإذا بها نيران وشموع ل تحصى كثرة تظهر في
الجانب الغربي من دجلة بازاء كلواذا في الليلة التي يكون في صبيحتها النوروز
فإن السلطان وضع هناك رصدة يتجسسون الحقيقة كيل يكون ذلك من المجوس
أمرا مموها ،فلم يقفوا إل أنها كلما قربوا منها تباعدت ،وكلما تباعدوا منها
قربت ،فقلت لبي الفرج :إن يوم النيروز زائل عن مكانه لهمال الفرس كبيستهم
فلم لم يتأخر عنه هذا المر ؟ وإن لم يجب تأخره فهل كان يتقدم وقت استعمال
الكبيسة ؟ فلم يكن عنده جواب مقنع .وقال أصحاب النيرنجات :من لعق يوم
النيروز قبل الكلم إذا أصبح ثلث لعقات عسل وبخر بثلث قطاع من شمع كان
ذلك شفاء من الدواء .وكان النيروز فيه جرى الرسم بتهادي الناس بينهم السكر
والسبب فيه كما حكى مؤبد بغداد أن قصب السكر إنما ظهر في مملكة جم يوم
النيروز ،ولم يكن يعرف قبل ذلك الوقت ،وهو أنه رأى قصبة كثيرة الماء قد مجت
شيئا من عصارتها ،فذاقها فوجد فيها حلوة لذيذة ،فأمر باستخراج مائها وعمل
منه
وإنما خصوا وقت النقلب الصيفي بالبتداء في السنة لن النقلبين أولى أن
يوقف عليهما باللت والعيان من العتدالين ،وذلك أن النقلبين هما أوائل إقبال
الشمس إلى أحد قطبي الكل وإدبارها عنه بعينه ،وإذا رصد الظل المنتصب في
الرض لم يخف على الراصد يوم النقلب ،ولو كان من علم الهندسة والهيئة بأبعد
البعد ،فأما العتدالن فإنه ل يوقف على يومهما إل بعد تقدم المعرفة بعرض البلد
والميل الكلي ،ثم ل يكون ذلك ظاهرا إل لمن تأمل الهيئة ومهر في علمها ،و
عرف آلت الرصد ونصبها والعمل بها ،فكان النقلبان لهذه السباب أولى
بالبتداء
من العتدالين ،وكان الصيفي منهما أقرب إلى سمت الرؤوس الشمالية ،فآثروه
على الشتوي .وأيضا فلنه هو وقت إدراك الغلت فهو أصوب ل فتتاح الخراج
فيه من غيره .وكثير من العلماء والحكماء اليونانيين أقاموا الطالع لوقت طلوع
" كلب الجبار " واستفتحوا به السنة دون العتدال الربيعي ،من أجل أن طلوعه
فيما مضى كان موافقا لهذا النقلب أو بالقرب منه ،وقد زال هذا اليوم أعني
النيروز
عن وقته حتى صار في زماننا يوافق دخول الشمس برج الحمل ،وهو أول الربيع
][141
فجرى الرسم لملوك خراسان فيه أن يخلعوا على أساورتهم أي قواد جيوشهم
الخلع الربيعية والصيفية .واليوم السادس منه وهو روز خرداد منه النوروز
الكبير وعند الفرس عيد عظيم الشأن ،قيل :إن فيه فرغ ال عن خلق الخلئق
لنه آخر اليام الستة المذكورة ،وفيه خلق المشتري وأسعد ساعاته ساعات
المشتري .وقال أصحاب النيرنجات :من ذاق صبيحة هذا اليوم قبل الكلم السكر
وتدهن بالزيت دفع عنه في عامة سنته أنواع البليا .وقالوا :أمر جمشيد الناس
أن يغتسلوا يوم النيروز بالماء ليتطهروا من الذنوب ،ويفعلوا ذلك كل سنة ليدفع
ال عنهم آفات السنة .وزعم بعض الناس أن جم كان أمر بحفر أنهار ،وأن الماء
جرى فيها في هذا اليوم فاستبشر الناس بالخصب ،واغتسلوا بذلك الماء المرسل
فتبرك الخلف بمحاكاة السلف .وقيل :بل السبب في الغتسال هو أن هذا اليوم
لهروزا وهو ملك الماء ،والماء يناسبه ،فلذلك صار الناس يقومون في هذا اليوم
عند
طلوع الفجر فيعمدون إلى ماء القنا والحياض ،وربما استقبلوا المياه الجارية
فيفيضون على أنفسهم منا تبركا ودفعا للفات ،فيه يرش الناس الماء بعضهم
على بعض ،وسببه هو سبب الغتسال .ولما كان بعد جم جعلت الموك هذا الشهر
أعني فروردين ماه كله أعيادا مقسومة في أسداسه ،فالخمسة الولى للملوك ،
والثانية
وأقول :إنما أوردت هذه الهذيانات لتطلع على بعض خرافاتهم ،ولن
فيها تأييدا لبعض ما أسلفنا في الفوائد السابقة .ووجدت في بعض الكتب المعتبرة :
اعلم أن جمشيد ملك الدنيا وعمر أقاليم إيران ،فاستوت له أسبابه ،واستقامت له
اموره يوم النيروز أول فروردين القديم ،فصار أول سنة العجم ،وهو يوم ولد فيه
كيومرث بن هبة ال بن آدم عليه السلم وأما النيروز السلطاني يوم نزول الشمس
أول
دقيقة من برج الحمل ،فوضع في عهد السلطان جلل الدين ملك شاه بن الب
أرسلن
واتفق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ،و
][142
المغرب
وسجنه بجبل دماوند هذا اليوم ،فقال إفريدون لصحابه " اين كاركه من كردم
مهرجان بان هست " فسمي لذلك مهرجان ،وأول من وضع رسم التهنئة في
النيروز
أياما منحوسه في الشهر ،وحملوه على شهور الفرس القديم ،وهي :الثالث ،
والخامس
هفت روزى نحس باشد در مهى * زان حذر كن تا نيابى هيج رنج
سه وبنج وسيزده با شانزده * بسيت ويك با بيست وجار وبيست وبنج
وربما يحمل على الشهور العربية كما مر .ورووا أيضا عن الصادق عليه السلم
نحوسة بعض أيام شهور الفرس القديمة كما نظمه سلطان المحققين نصير الملة
والدين
زقول جعفر صادق خلصة سادات * زماه فارسيان هفت روز مذمو مست
نخست روز سيم باز بنجم وبس ازان * جه روز سيزدهم روز شانزده شومست
ديكر زعشر سيم بيست ويك جه بيست وجهار * جه بيست وبنج كه آنهم بنحس
مرقومست
بجز عبادت كارى مكن در اين ايام * اكر جه نيك وبدت هم زرزق مقسومست
بماند بيست وسه روز أي خجستهء مختار * كه در عموم حوائج بخير موسومست
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 142سطر 19إلى صفحه 150سطر 18
ولى جهار وهشتم سفر مكن زنهار * كه خوف هلك در اين هر دو نص محتومست
برول بانزدهم بيش بادشاه مرو * اكر جه سنك دلش برتو نيز جون مومست
زروزهاى كزيده همين جهار آنكه * در اين حوائج در سلك نحس منظومست
ورووا أيضا عن موسى كليم ال عليه السلم أن للشهور الرومية أياما منحوسة من
][143
توجه فيها إلى القتال قتل ،ومن سافر فيها لم يظفر بمقصوده ،ومن تزوج لم
يتمتع
وهي :أربعة وعشرون يوما في كل شهر يومان :وهي العاشر والعشرون من
تشرين
الول ،والول والخامس عشر من تشرين الخر ،والخامس عشر والسابع عشر
من كانون الول ،والسابع والرابع عشر من كانون الخر ،والسادس عشر
والسابع
من تموز
والرابع والخامس عشر من آب ،والول والثالث من أيلول وفي بعض النسخ :
التاسع والعاشر من تشرين الول ،والتاسع والثاني عشر من كانون الول والثاني
والرابع عشر من كانون الخر ،والثاني عشر والسادس عشر من شباط ،والثالث
8المكارم :عن أبي الحسن عليه السلم قال :ل تدع الحجامة في سبع من
][144
* ) ابواب الملئكة ( *
) * 23باب ( *
اليات :
البقرة :وإذ قال ربك للملئكة إني جاعل في الرض خليفة إلى آخر
اليات ) . ( 1
وقال تعالى :قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن ال
مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين * من كان عدوا ل وملئكته ورسله
و
جبريل وميكال فإن ال عدو للكافرين ) . ( 2
) ( 2البقرة . 98 97 :
][145
النعام :وقالوالول انزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي المر ثم ل ينظرون
وقال سبحانه :وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء
أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على ال غير الحق و
النفال :إني ممدكم بألف من الملئكة مردفين إلى قوله تعالى إذا يوحي
الرعد :له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر ال ) . ( 6
الحجر :ما ننزل الملئكة إل بالحق وما كانوا إذا منظرين ) . ( 8
وقال سبحانه :ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلما إلى
السراء :قل لو كان في الرض ملئكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من
) ( 2النعام . 61 :
) ( 3النعام . 93 :
) ( 5النفال . 12 9 :
) ( 6الرعد . 11 :
) ( 7الرعد . 13 :
) ( 8الحجر . 8 :
) ( 9الحجر . 60 51 :
][146
الفرقان :يوم يرون الملئكة ل بشرى يومئذ للمجرمين إلى قوله تعالى
سبا :ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون قالوا
سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) . ( 6
فاطر :جاعل الملئكة رسل اولي أجنحة مثنى وثلث ورباع يزيد في الخلق
وقال تعالى :فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملئكة إناثا
البنات على البنين * مالكم كيف تحكمون * أفل تذكرون * أم لكم سلطان مبين *
فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة
إنهم لمحضرون إلى قوله سبحانه وما منا إل له مقام معلوم * وإنا لنحن
) ( 2مريم . 17 :
) ( 3الحج . 75 :
) ( 4الفرقان . 24 21 :
) ( 5الحزاب . 9 :
) ( 6سبأ . 41 40 :
) ( 7فاطر . 1 :
) ( 8الصافات . 3 1 :
][147
الزمر :وترى الملئكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم ) . ( 1
السجدة :إن الذين قالوا ربنا ال ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئكة أل
تخافوا ول تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحيوة
الدنيا وفي الخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها منا تدعون * نزل من
غفور رحيم ) ( 2وقال سبحانه :فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل
والنهار وهم ل يسئمون ) . ( 3
يخلق بنات وأصفيكم بالبنين إلى قوله وجعلوا الملئكة الذين هم عبادالرحمن
وقال تعالى :ولو نشاء لجعلنا منكم ملئكة في الرض يخلفون ) . ( 6
المعارج :تعرج الملئكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) . ( 9
المدثر :عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إل ملئكة وما جعلنا عدتهم
) ( 2السجدة . 32 30 :
) ( 3السجدة . 38 :
) ( 4الشورى . 5 :
) ( 5الزخرف . 19 15 :
) ( 6الزخرف . 60 :
) ( 7الذاريات . 84 :
) ( 8الحاقة . 17 :
) ( 9المعارج . 4 :
) ( 10المدثر . 31 30 :
][148
تفسير " :وإذ قال ربك " قد مر تفسيرها في المجلد الخامس ،وتدل اليات
على كثير من أحوال الملئكة " .قل من كان عدوا لجبريل " قال الطوسي رحمه
ال :روي أن ابن صوريا وجماعة من يهود فدك أتوا النبي صلى ال عليه وآله
فسألوه عن مسائل
فأجابهم ،فقال له ابن صوريا :خصلة واحدة إن قلتها آمنت بك واتبعتك :أي ملك
يأتيك بما أنزل ال ) ( 5عليك ؟ قال :فقال :جبرئيل ،قال :ذلك ) ( 6عدونا
وينزل
بالقتال والشدة والحرب ،وميكائيل ينزل باليسر والرخاء ،فلو كان ميكائيل هو
الذي يأتيك لمنا بك ،فأنزل ال هذه الية " :فإنه نزله على قلبك بإذن ال "
لمن تلقاء نفسه ،وإنما أضافه إلى قلبه لنه إذا انزل عليه كان يحفظه ويفهمه
بقلبه ،ومعنى قوله " بإذن ال " بأمر ال .وقيل :أراد بعلمه أو بإعلم ال إياه ما
ينزله على قلبك " مصدقا لما بين يديه " أي من الكتب موافقا لها " وهدى وبشرى
للمؤمنين " معناه كان فيما أنزله من المر بالحرب والشدة على الكافرين فإنه
هدى وبشرى للمؤمنين " من كان عدوال وملئكته ورسله " معناه من كان معاديا
ل أي يفعل فعل المعادي من المخالفة والعصيان ،وقيل :المراد معاداة أوليائه " و
) ( 2النبأ . 38 :
) ( 3النازعات . 5 1 :
) ( 4عبس . 16 :
][149
جبريل وميكال " أعاد ذكرهما لفضلهما ،ولن اليهود خصوهما بالذكر " فإن
ال عدو للكافرين " إنما لم يقل " لهم " لنه قد يجوز أن ينتقلوا عن العداوة
كفرهم ،وتدل الية على أنه تجب محبة الملئكة وأن عداوتهم كفر .
" وقالوا لول انزل عليه ملك " قال الطبرسي رحمه ال :أي نشاهده فنصدقه
" ولو أنزلنا ملكا " على ما اقترحوه لما آمنوا به فاقتضت الحكمة استئصالهم وذلك
معنى قوله " لقضي المر ثم ل ينظرون " وقيل :معناه لو أنزلنا ملكا في صورته
لقامت الساعة أو وجب استئصالهم " ولو جعلناه ملكا " أي الرسول والذي ) ( 2
ينزل
عليه ليشهد بالرسالة كما يطلبون ذلك " لجعلناه رجل " لنهم ل يستطيعون أن
يروا الملك في صورته ،لن أعين الخلق تحار عن رؤية الملئكة إل بعد التجسم
بالجسام الكثيفة ،ولذلك كانت الملئكة تأتي النبياء في صورة النس ،وكان
جبرئيل عليه السلم يأتي النبي صلى ال عليه وآله في صورة دحية الكلبي وكذلك
للبسنا عليهم ما يلبسون " قال الزجاج :كانوا هم يلبسون على ضعفتهم ) ( 3في
أمر
النبي صلى ال عليه وآله فيقولون :إنما هذا بشر مثلكم ،فقال ،لو أنزلنا ملكا
فرأوهم الملك
رجل لكان يلحقهم فيه من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم .وقيل :لو أنزلنا ملكا
لما عرفوه إل بالتفكر وهم ل يتفكرون فيبقون في اللبس الذي كانوا فيه .وأضاف
وقال رحمه ال في قوله تعالى " ويرسل عليكم حفظة " :أي ملئكة يحفظون
][150
أعمالكم ويحصونها عليكم ويكتبونها ،وفي هذا لطف للعباد لينزجروا عن المعاصي
إذا علموا أن عليهم حفظة من عندال يشهدون بها عليهم يوم القيامة " توفته "
أي
تقبض روحه " رسلنا " أي أعوان ملك الموت ،عن ابن عباس وغيره :قالوا :و
إنما يقبضون بأمره ( 1 ) ،ولذا أضاف التوفي إليه في قوله " قل يتوفيكم ملك
.(2
وقال البيضاوي في قوله سبحانه " ولو ترى إذا الظالمون " :حذف مفعوله
لدللة الظرف عليه ،أي ولو ترى الظالمين " في غمرات الموت " أي في
شدائده ،من
" غمره الماء " إذا غشيه " والملئكة باسطوا أيديهم " بقبض أرواحهم
أو بالعذاب " أخرجوا أنفسكم " أي يقولون لهم :أخرجوها إلينا من أجسادكم
تغليظا وتعنيفا عليهم ،أو أخرجوها من العذاب وخلصوها من أيدينا " اليوم " يريد
به وقت الماتة أو الوقت الممتد من الماتة إلى مالنهاية له " تجزون عذاب الهون
"
" له معقبات " قال الطبرسي رحمه ال :اختلف في الضمير الذي في " له "
على وجوه :
أحدها :أنه يعود إلى " من " في قوله " من أسر القول ومن جهر به " .
والخر :أنه يعود إلى اسم ال تعالى وهو عالم الغيب والشهادة .
وثالثها :أنه يعود إلى النبي صلى ال عليه وآله في قوله " إنما أنت منذر "
واختلف
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 150سطر 19إلى صفحه 158سطر 18
وملئكة النهار ملئكة الليل ،وهم الحفظة يحفظون على العبد عمله ،وقال
][151
الحسن :هم أربعة أملك يجتمعون عند صلوة الفجر ،وهو معنى قوله " إن قرآن
الفجر كان مشهودا " وقد روي ذلك أيضا عن أئمتنا عليهم السلم .
فيحولون ) ( 1بينه وبين المقادير ،عن علي عليه السلم .وقيل :هم عشرة
أملك على
كل آدمي يحفظونه من بين يديه ومن خلفه " يحفظونه من أمر ال " أي يطوفون
به كما يطوف الملك الموكل بالحفظ ،وقيل :يحفظون ما تقدم من عمله وما تأخر
الجن والنس والهوام ،وقال ابن عباس :يحفظونه مما لم يقدر نزوله فإذا
جاء المقدر بطل الحفظ ،وقيل :من أمر ال أي بأمر ال ،وقيل :يحفظونه عن
وقال الرازي في تفسيره :روي أنه قيل :يا رسول ال ! اخبرني عن العبد
كم معه من ملك ؟ فقال عليه السلم :ملك عن يمينك للحسنات ) ( 3هو أمين على
الذي
على الشمال ،فإذا عملت حسنة كتب عشرا ،وإذا عملت سيئة قال الذي على
الشمال
لصاحب اليمين :اكتب ،قال :ل لعله يتوب ،فاذا قال ثلثا قال :نعم ،أكتب
أراحنا ال منه فبئس القرين ،ما أقل مراقبته ل واستحياءه منا ! فهو ) ( 4قوله
تعالى " له معقبات من بين يديه ومن خلفه " وملك قابض على ناصيتك ،فإذا
تواضعت
لربك رفعك ،وإن تجبرت قصمك ،وملكان على شفتيك يحفظان عليك الصلوة
وملك ) ( 5على فيك ل يدع أن تدخل الحية في فيك ،وملك ) ( 6على عينيك
) : ( 6وملكان .
][152
فهؤلء عشرة أملك على كل آدمي ،ملئكة الليل ) ( 1وملئكة النهار ،فهم
ثم قال :فإن قيل :ما الفائدة في جعل هؤلء الملئكة موكلين علينا ؟ قلنا :
اعلم أن هذا الكلم غير مستبعد ،وذلك لن المنجمين اتفقوا على أن التدبير في
كل يوم لكوكب على حدة ،وكذا القول في كل ليلة ،ول شك أن تلك
الكواكب لها أرواح عندهم ،فتلك التدبيرات المختلفة في الحقيقة لتلك الرواح
وأما أصحاب الطلسمات فهذا الكلم مشهور في ألسنتهم ،ولذلك فإنهم ) ( 2
يقولون
أخبرني طبائع التام ) ، ( 3ومرادهم بالطبائع التام أن لكل إنسان روحا فلكية
تتولى إصلح مهماته ورفع ) ( 4بلياته وآفاته ،وإذا كان هذا متفقا عليه بين
قدماء الفلسفه وأصحاب الحكام فكيف يستبعد مجيئه من الشرع ؟ وتمام التحقيق
شريرة ،وبعضها قوية القهر والسلطان وبعضها سخيفة ) ، ( 5وكما أن المر في
الرواح الفلكية في كل باب وصفة أفوى من الرواح البشرية ،فكل طائفة من
الرواح تكون مشاركة ) ( 7في طبيعة خاصة وصفة مخصوصة ،فإنها تكون في
مرتبة
الرواح البشرية كأنها أولد لذلك الروح الفلكي ،ومتى كان المر كذلك فان
ذلك الروح الفلكي يكون معينا لها على مهماتها ،ومرشدا لها إلى مصالحها ،
وعاصما
) : ( 5ضعيفة .
][153
لها من صنوف الفات ،فهذا كلم ذكره محققوا الفلسفة ،وإذا كان المر كذلك
علمنا أن الذي وردت به الشريعة أمر معقول مقبول عند الكل ،فكيف يمكن
استنكاره من الشريعة ؟
فان قيل ) : ( 1ما الفائدة في اختصاص هؤلء الملئكة مع بني آدم وتسليطهم
عليهم ؟
الول :أن الشياطين يدعون إلى الشرور والمعاصي ،وهؤلء الملئكة يدعون
الثانى :قال مجاهد :ما من عبد إل ومعه ملك موكل يحفظه من الجن
الثالث :أنا نرى أن النسان قد يقع في قلبه داع قوي من غير سبب ،ثم
يظهر بالخرة أن وقوع تلك الداعية في قلبه كان سببا من أسباب مصلحته ) ( 2و
خيراته ،وقد ينكشف أيصا بالخرة أنه كان سببا لوقوعه في آفة أو معصية
ومفسدة
فظهر أن الداعي إلى المر الول كان مريدا للخير والراحة ،وإلى المر الثاني
المغوي .
الرابع :أن النسان إذا علم أن الملئكة تحصي عليه أعماله كان إلى الحذر
من المعاصي أفرب ،لن من آمن يعتقد جللة الملئكة وعلو مراتبهم ،فإذا حاول
القدام على معصية واعتقد أنهم يشاهدونها زجره الحياء منهم عن القدام عليها
كما يزجره إذا حضر ) ( 3من يعظمه من البشر ،وإذا علم أن الملئكة ) ( 4
يكتبونها
) : ( 4واذا علم ان الملئكة تحصى عليه العمال كان ذلك أيضا رادعا له
][154
فان قيل ) : ( 1ما الفائدة في كتب أعمال العباد ؟
المقام الول :أن تفسير الكتبة بالمعنى المشهور من الكتب .قال المتكلمون :
الفائدة في تلك الصحف وزنها ،فإن رجحت كفة الطاعات ظهر للخلئق أنه من
أهل الجنة وبالضد ) ، ( 3قال القاضي :هذا يبعد ) ، ( 4لن الدلة قد دلت على
أن كل أحد قبل مماته عند المعاينة يعلم أنه من السعداء أو من الشقياء ،فل يجوز
توقيف حصول تلك المعرفة على الميزان .ثم أجاب ) ( 5وقال :ل يمتنع مارويناه
لمر يرجع إلى حصول سروره عند الخلق العظيم أنه من أولياء ال في الجنة و
قدرنا تلك
النقوش دالة على تلك المعاني لعيانها وذواتها كانت تلك الكتبة أقوى وأكمل
إذا ثبت هذا فنقول :إن النسان إذا أتى بعمل من العمال مرات وكرات كثيرة
متوالية حصلت في نفسه بسبب تكرارها ) ( 8ملكة قوية راسخة ،فإن كانت تلك
الملكة
نافعة ) ( 9في السعادات الروحانية عظم ابتهاجه بها بعد الموت ،وإن كانت تلك
الملكة
ضارة في الحوال الروحانية عظم تضرره بها بعد الموت ،إذا ثبت هذا فنقول :إن
التكرير الكثير لما كان سببا لحصول تلك الملكة الراسخة كان لكل واحد من
) : ( 4بعيد .
][155
تلك العمال المتكررة أثر في حصول تلك الملكة الراسخة ،وذلك الثر وإن كان
غير محسوس إل أنه حاصل في الحقيقة ،وإذا عرفت هذا ظهر أنه ل يحصل
للنسان
لمحة ول حركة ول سكون إل ويحصل منه في جوهر نفسه أثر من آثار السعادة أو
أثر من آثار الشقاوة قل أو كثر ،فهذا هو المراد من كتبة العمال عند هؤلء وال
الخبار من غير ضرورة سوى الستبعادات الوهمية وعدم العتناء بكلم صاحب
الشريعة .
" ويوم يحشرهم جميعا " أي العابدين لغير ال والمعبودين " أهؤلء إياكم
كانوا يعبدون " على النكار ليعترفوا بخلفه " قالوا سبحانك " أي تنزيها لك عن
أن يعبد سواك " أنت ولينا " أي ناصرنا وأولى بنا من دونهم ،أي من دون هؤلء
الكفار وما كنا نرضى بعبادتهم إيانا " بل كانوا يعبدون الجن " أي إبليس و
ذريته حيث أطاعوهم فيما دعوهم إليه من عبادة الملئكة وغيرهم " أكثرهم بهم
" جاعل الملئكة رسل " قال الطبرسي رحمه ال :أي إلى النبياء بالرسالت
والوحي " اولي أجنحة " جعلهم كذلك ليتمكنوا بها من العروج إلى السماء ومن
النزول إلى الرض فمنهم من له جناحان ومنهم من له ثلثة أجنحة ومنهم من له
أربعة
أجنحة ،عن قتادة وقال " يزيد فيها ما يشاء " وهو قوله " يزيد في الخلق ما
ابن عباس :رأى رسول ال جبرئيل ليلة المعراج وله ستمائة جناح ،وقيل :أراد
بقوله " يزيد في الخلق ما يشاء " حسن الصوت ،وقيل :هو الملحة في
العينين ،و
عن النبي صلى ال عليه وآله قال :هو الوجه الحسن ،والصوت الحسن ،والشعر
الحسن ) . ( 2
وقال الرازي :أقل ما يكون لذي الجناح أن يكون له جناحان ،وما بعدهما
][156
زيادة .وقال قوم فيه :إن الجناح إشارة إلى الجهة ،وبيانه هو أن ال ليس فوقه
شئ وكل شئ فهو تحت قدرته ونعمته ،والملئكة لهم وجه إلى ال يأخذون منه
نعمه ويعطون من دونهم ما أخذوا بإذن ال ،كما قال تعالى " نزل به الروح المين
على قلبك " وقوله " علمه شديد القوى " وقال تعالى في حقهم " فالمدبرات أمرا
"
فهما جناحان ،وفيهم من يفعل الخير بواسطة ،وفيهم من يفعله ل بواسطة ،
فالفاعل
بواسطة فيه ثلث جهات ،وفيهم من له أربع جهات وأكثر ،والظاهر ما ذكرناه
وقال في قوله تعالى " والصافات صفا اليات " هذه الشياء الثلثة
المقسم بها يحتمل أن تكون صفات ثلثة لموصوف واحد ،ويحتمل أن تكون أشياء
ثلثة متبائنة ،أما على التقدير الول ففيه وجوه :
الول :أنها صفات الملئكة ،وتقريره أن الملئكة يقفون صفوفا إما في
السماوات لداء العبادات كما أخبر ال تعالى عنهم أنهم قالوا " وإنا لنحن الصافون
"
وقيل :إنهم يصفون أجنحتهم في الهواء ويقفون منتظرين وصول أمر ال إليهم ،و
يحتمل أيضا أن يقال :معنى كونهم صفوفا أن لكل واحد منهم مرتبة ودرجة معينة
في الشرف والفضيلة ،أو في الذات والعلية ) ( 2وتلك الدرجات المترتبة باقية
غير
متغيرة ،وذلك نسبة ) ( 3الصفوف .وأما قوله تعالى " فالزاجرات زجرا " فقال
الليث :زجرت البعير أزجره زجرا إذا حثثته ليمضي ،وزجرت فلنا عن سوء
فانزجر
أي نهيته فانتهى ،فعلى هذا الزجر للبعير كالحث وللنسان كالنهي ،فنقول :في
الول :قال ابن عباس :يريد الملئكة التي وكلوا بالسحاب يزجرونها
][157
الثانى :المراد منه أن الملئكة لهم تأثيرات في قلوب بني آدم على سبيل
الثالث :لعل الملئكة أيضا يزجرون الشياطين عن التعرض لبني آدم بالشر ) ( 1
واليذاء
وأقول :قد ثبت في العلوم العقلية أن الموجودات على ثلثة أقسام :مؤثر ل يقبل
الثر وهو ال سبحانه وهو أشرف الموجودات ،ومتأثر ل يؤثر ،وهو عالم
الجسام وهو
أخس الموجودات ،وموجود يؤثر في شئ ويتأثر عن شئ آخر وهو عالم الرواح ،
و
ذلك لنها تقبل الثر عن عالم كبرياء ال ثم إنها تؤثر في عالم الجسام .واعلم
أن الجهة التي باعتبارها تقبل الثر من عالم كبرياء ال غير الجهة التي باعتبارها
تستولي على عالم الجسام وتقدر على التصرف فيها ،وقوله " فالتاليات ذكرا "
إشارة إلى الشرف من الجهة التي بإعتبارها يقوى على التأثير في عالم الجسام
إذا عرفت هذا فقوله " والصافات صفا " إشارة إلى وقوفها صفا صفا في مقام
العبودية والطاعة والخضوع والخشوع ،وهو الجهة التي باعتبارها تقبل تلك
بالنسبة إلى البحر ،وكالشعلة بالنسبة إلى الشمس ،وأن هذه الرواح
الروحانية بتأثيرات جواهر الملئكة ،ونظيرة قوله تعالى " :ينزل الملئكة بالروح
من أمره على من يشاء من عباده " ) ( 3وقوله " نزل به الروح المين على قلبك
)"(4و
) ( 2في المصدر :لما ثبت ان هذه الرواح النطقية البشرية بالنسبة إلى أرواح
الملئكة
كالقطرة . .
) ( 3النحل . 2 :
][158
إذا عرفت هذا فنقول :في هذه الية دقيقة اخرى ،وهي أن الكمال المطلق
للشئ إنما يحصل إذا كان تاما وفوق التام ،والمراد بكونه تاما أن تحصل الكمالت
اللئقة به حصول بالفعل ،والمراد بكونه فوق التام أن يفيض منه أصناف الكمالت
والنوالت ) ( 2على غيره ،ومن المعلوم أن كونه كامل في ذاته مقدم على كونه
مكمل
لغيره ،إذا عرفت هذا فقوله " والصافات صفا " إشارة إلى استكمال جواهر
الملئكة
في ذواتها وقت وقوفها في مواقف العبودية وصفوف الخدمة والطاعة ،وقوله
تعالى :
" فالزاجرات زجرا " إشارة إلى كيفية تأثيراتها في إزالة مال ينبغي عن جواهر
الرواح البشرية ،وقوله تعالى :فالتاليات ذكرا " إشارة إلى كيفية تأثيراتها في
إفاضة الجليا القدسية والنوار اللهية على النوار ) ( 3الناطقة البشرية ،فهذه
مناسب عقلية واعتبارات دقيقة ) ( 4تنطبق عليها هذه اللفاظ الثلثة .
الثانى :أن تحمل هذه الصفات على النفوس البشرية الطاهرة المقدسة
المقبلة على عبودية ال تعالى الذين هم ملئكة الرض ،وبيانه من وجهين :
الول :أن قوله " :والصافات صفا " المراد به الصفوف الحاصلة عند أداء
الصلة بالجماعة ،وقوله " :فالزاجرات زجرا " إشارة إلى قراءة " أعوذ بال
من
الشيطان الرجيم " كأنهم بسبب قراءة هذه الكلمة يزجرون الشياطين عن إلقاء
الوساوس في قلوبهم في أثناء الصلة ،وقوله " :فالتاليات ذكرا " إشارة إلى
قراءة
القرآن في الصلة ،وقيل ( 5 ) :إلى رفع الصوت بالقراءة كأنه يزجر الشيطان
بواسطة
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 158سطر 19إلى صفحه 166سطر 18
) : ( 3الرواح .
) : ( 4حقيقية .
][159
والشهوات
وبالثالث اشتغالهم بالدعوة إلى دين ال والترغيب في العمل بشرائع ال .
الوجه الثالث :أن نحملها على أحوال الغزاة والمجاهدين في سبيل ال ،فالمراد
بالول صفوف القتال كقوله ) ( 1تعالى " :إن ال يحب الذين يقاتلون في سبيله
صفا ) " ( 2وبالثاني رفع الصوت بزجر الخيل ،وبالثالث اشتغالهم وقت شروعهم
في
والوجه الرابع :أن نجعلها صفات ليات القرآن ،فالول المراد به كونها أنواعا
في
تعليم الخلق الفاضلة ،وهذه اليات مترتبة ) ( 3ترتيبا ل يتغير ول يتبدل ،فهي
المنكرة ،وبالثالث اليات الدالة على وجوب القدام على أعمال البر والخير ،و
وصف اليات بكونها تالية على قانون ما يقال شعر شاعر وكلم قائل ،قال تعالى :
" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) " ( 4وأما الحتمال الثاني هو أن يكون
المراد
بهده الثلثة أشياء متغايرة ،فقيل المراد بقوله " والصافات صفا " الطير من قوله
تعالى
روحانية ،أما الجسمانية فإنها مترتبة ) ( 6على طبقات ودرجات ل يتغير البتة
) ( 4السراء . 9 :
) ( 4النور . 41 :
][160
فالرض وسط العالم وهي محفوفة بكرة الماء ،والماء محفوف بالهواء ،والهواء
بالنار ،ثم
هذه الربعة بكرات الفلك إلى آخر العالم الجسماني ،فهذه الجسام كأنها
صفوف واقفة على عتبة جلل ال تعالى ،وأما الجواهر الروحانية الملكية فهي
على اختلف درجاتها وتباين صفاتها مشتركة في صفتين :أحدهما التأثير في عالم
الجسام بالتحريك والتصرف ) ( 1وإليه الشارة بقوله " فالزاجرات زجرا " فانا
ذكرا "
ولما كان الجسم أدنى منزلة من الرواح المشتغلة بالتصرف في الجسمانيات وهي
أدون منزلة من الرواح المستغرقة في معرفة جلل ال المقبلة على تسبيح ال كما
قال " ومن عنده ل يستكبرون عن عبادته " ) ( 2لجرم بدأ في المرتبة الولى
بذكر
الجسام ،ثم ذكر الرواح المدبرة لجسام هذا العالم ،ثم ذكرا على الدرجات
وهي الرواح المقدسة المتوجهة بكليتها إلى معرفة جلل ال والستغراق في الثناء
عليه ،فهذه احتمالت خطرت بالبال ،والعالم بأسرار كلم ال ليس إل ال ) . ( 3
" فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون " قال البيضاوي :أمر باستفتائهم حيث
جعلوا ل البنات ولنفسهم البنين في قولهم الملئكة بنات ال ،وهؤلء زادوا على
الشرك ضللت اخرى :التجسيم وتجويز الفناء على ال ،فإن الولدة مخصوصة
بالجسام الكائنة الفاسدة ،وتفضيل أنفسهم عليه على وجه القسمة حيث جعلوا
أوضع
ال إنكار ذلك وإبطاله في كتابه مرارا ،وجعله مما يكاد السماوات يتفطرن منه و
تنشق الرض وتخر الجبال هذا ،والنكار ههنا مقصور على الخيرين لختصاص
هذه الطائفة بهما ،ولن فسادهما مما تدركه العامة بمقتضى طباعهم ،حيث جعل
) ( 2النبياء . 19 :
][161
المعادل اللستفهام على التفسيم " أم خلقنا الملئكة إناثا وهم شاهدون " وإنما
خص
علم المشاهدة لن أمثال ذلك ل تعلم إل به ،فإن النوثة ليست من لوازم ذاتهم
ليمكن معرفته بالعقل الصرف ،مع ما فيه من الستهزاء والشعار بأنهم لفرط
جهلهم ينبؤون به كأنهم قد شاهدوا خلقهم " أل إنهم من إفكهم ليقولون ولد ال "
لعدم ما يقتضيه وقيام ما ينفيه " وإنهم لكاذبون " فيما يتدينون به " أصطفى
البنات
على البنين " استفهام إنكار واستبعاد ،والصطفاء أخذ صفوة الشئ " ما لكم كيف
تحكمون " بما ل يرتضيه عقل " أفل تذكرون " أنه منزه عن ذلك " أم لكم سلطان
مبين " حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملئكة بناته " فأتوا بكتابكم "
الذي انزل عليكم " إن كنتم صادقين " في دعواكم " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا
"
يعني الملئكة ،ذكرهم باسم جنسهم وضعا منهم أن يبلغوا هذه المرتبة ،وقيل قالوا
:
إن ال صاهر الجن فخرجت الملئكة ،وقيل :قالوا ال والشيطان أخوان " ولقد
علمت الجنة أنهم " أن الكفرة أو النس أو الجنة إن فسرت بغير الملئكة
" لمحضرون " في العذاب " وما منا إلله مقام معلوم " حكاية اعتراف الملئكة
بالعبودية بالرد ) ( 1على عبدتهم ،والمعنى :وما منا أحد إل له مقام معلوم في
المعرفة والعبادة والنتهاء إلى أمر ال تعالى في تدبير العالم " وإنا لنحن الصافون
"
في أداء الطاعة ومنازل الخدمة " وإنا لنحن المسبحون " المنزهون ال ) ( 2عما
ل
يليق به ،ولعل الول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة وهذا في المعارف ) . ( 3
وقال الطبرسي رحمه ال " وما منا إل له مقام معلوم " هذا قوله جبرئيل
للنبي صلى ال عليه وآله وقيل :إنه قول الملئكة ،وفيه مضمر أي :وما منا
معشر الملئكة
ملك إل وله مقام معلوم في السماوات يعبد ال فيه ،وقيل :معناه أنه ل يتجاوز ما
امر به ورتب له ،كما ل يتجاوز صاحب المقام مقامه الذي حد له ،فكيف يجوز
][162
له أن يعبد من هو بهذه الصفة وهو عبد مربوب ؟ " وإنا لنحن الصافون " حول
العرش ننتظر المر والنهي من ال تعالى ،وقيل :القائمون صفوفا في الصلوة .
قال
الكلبي :صفوف الملئكة في السماء كصفوف أهل الدنيا في الرض ،وقال الجبائي
صافون بأجنحتنا في الهواء للعبادة والتسبيح " وإنا لنحن المسبحون " أي
المصلون
المنزهون الرب عما ل يليق به ،ومنه قيل :فرغت من سبحتي أي من صلوتي ،و
وجه
التعظيم ل ) . ( 1
وقال في قوله تعالى " وترى الملئكة حافين من حول العرش " معناه ومن
عجائب امور الخرة أنك ترى الملئكة محدقين بالعرش يطوفون حوله " يسبحون
بحمد ربهم " أي ينزهون ال تعالى عما ل يليق به ويذكرونه بصفاته التي هو
عليها
وفي قوله " تتنزل عليهم الملئكة " :يعني عند الموت ،روي ذلك عن أبي -
عبدال عليه السلم وقيل :تستقبلهم الملئكة إذا خرجوا من قبورهم في الموقف
بالبشارة
من ال تعالى ،وقيل :إن البشرى تكون في ثلثة مواطن :عند الموت ،وفي القبر
وعند البعث " .نحن أولياؤكم " أي نحن معاشر الملئكة أنصاركم وأحباؤكم
" في الحيوة الدنيا " نتولى إيصال الخيرات إليكم من قبل ال تعالى " وفي الخرة
"
نتولكم بأنواع الكرام والمثوبة ،وقيل :نحن أولياؤكم في الحيوة الدنيا أي
نحن نحرسكم في الدنيا وعند الموت وفي الخرة عن أبي جعفر عليه السلم ) . ( 3
وقال الرازي في قوله تعالى " نحن أولياؤكم الية " :هذا في مقابلة
ما ذكره في وعيد الكفار حيث قال " وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم " ) ( 4ومعنى
) ( 4فصلت . 25 :
][163
الرواح
أولياء للرواح الطيبة الطاهرة حاصل من جهات كثيرة معلومة لرباب المكاشفات
والمشاهدات ،فهم يقولون كما أن تلك الولية كانت حاصلة في الدنيا فهي تكون
باقية في الخرة ،فإن تلك العلئق ) ( 3لزمة غير قابلة للزوال ،بل كأنها تصير
بعد الموت أقوى وأبقى ،وذلك لن جوهر النفس من جنس الملئكة ،وهي
كالشعلة بالنسبة إلى الشمس ،والقطرة بالنسبة إلى البحر ،والتعلفات الجسدانية
هي ) ( 4تحول بينها وبين الملئكة كما قال صلى ال عليه وآله " لول أن
قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات " فإذا زالت العلئق الجسمانية
والتدبيرات البدنية فقد زال الغطاء والواطاء ،فيتصل الثر بالمؤثر ،والقطرة
بالبحر والشعلة بالشمس ،فهذا هو المراد من قوله " نحن أولياؤكم في الحيوة
الدنيا
وفي الخرة " ثم قال :والقرب عندي أن قوله " ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم "
إشارة إلى الجنة الجسمانية " ولكم فيها ما تدعون " إشارة إلى الجنة الروحانية
المذكورة في قوله تعالى " دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلم وآخر
" فالذين عند ربك " أي جميع الملئكة أو طائفة مخصوصة منهم ،وعلى الول
دوام تسبيحهم ل ينافي اشتغالهم بسائر الخدمات ،مع أن تلك الخدمات أيضا نوع
وقال الرازي في قوله تعالى " والملئكة يسبحون بحمد ربهم " :اعلم
][164
الروحانيات وأعظمها الملئكة ،فبين سبحانه كمال عظمته باستيلء هيبته على
الجسمانيات فقال " تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن " ) ( 1ثم انتقل إلى ذكر
الروحانيات فقال " :والملئكة يسبحون بحمد ربهم " والجواهر الروحانية
لها تعلقان :تعلق بعالم الجلل والكبرياء وهو تعلق القبول فإن الضواء
الصمدية إذا شرقت على الجواهر الروحانية استضاءت جواهرها وأشرقت
ماهياتها ،ثم إن الجواهر الروحانية إذا استفادت تلك القوى الربانية ) ( 2
قويت بها على الستيلء على عالم ) ( 3الجسمانيات ،وإذا كان كذلك فلها
وجهان :
وجه إلى حضرة الجلل ،ووجه إلى عالم الجسام ،والوجه الول أشرف من
الثاني :إذا عرفت هذا فنقول :أما الجهة الولى وهي الجهة المقدسة العلوية فقد
اشتملت على أمرين :أحدهما التسبيح ،والثاني التحميد ،لن التسبيح عبارة عن
تنزيه ال تعالى عما ل ينبغي ،والتحميد عبارة عن وصفه بكونه معطيا ) ( 4لكل
الخيرات ،وكونه منزها في ذاته عما ل ينبغي مقدم بالرتبة على كونه فياضا
للخيرات
والسعادات ،لن وجود الشي ء ) ( 5وحصوله في نفسه مقدم على تأثيره في
حصول
غيره ،فلهذا السبب كان التسبيح مقدما على التحميد ،ولهذا قال " يسبحون
بحمد ربهم " وأما الجهة الثانية وهي الجهة التي لتلك الرواح إلى عالم
الجسمانيات
فالشارة إليها بقوله " ويستغفرون لمن في الرض " والمراد منها تأثيراتها في
نظم
) ( 5في المصدر :وجود الشئ مقدم على ايجاد غيره وحصولة . .
][165
" وجعلوا له من عباده جزءا " فقالوا الملئكة بنات ال وسماء جزءا لن الولد
جزء من الوالد ،وهو يستلزم التركيب المنافي لوجوب الوجود " لكفور مبين "
أي ظاهر الكفران " وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثل " أي بالجنس الذي
جعله له مثل ،إذ الولد لبد أن يماثل الوالد " ظل وجهه مسودا " أي صار وجهه
أسود في الغاية ،لما يعتريه من الكآبة " وهو كظيم " أي مملو قلبه من الكرب "
أو
من ينشأ في الحليه " أي أو جعلوا له أو اتخذ من يتربى في الزينة يعني البنات "
وهو
في الخصام " أي في المجادلة " غير مبين " أي غير مقرر لما يدعيه من نقصان
العقل و
ضعف الرأي " وجعلوا الملئكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " كفر آخر تضمنه
مقالهم شنع به عليهم ،وهو جعلهم أكمل العباد وأكرمهم على ال أنقصهم عقل
وأخصهم صنفا " أشهدوا خلقهم " أي أحضروا خلق ال إيام فشاهدوهم إناثا ،فإن
ذلك مما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل وتهكم لهم " ستكتب شهادتهم " التي شهدوا
بها
على الملئكة " ويسألون " أي عنها " يوم القيامة " .
" فالمقسمات أمرا " أي الملئكة يقسمون المور بين الخلق على ما امروابه .
قال الطبرسي رحمه ال :روي أن ابن الكواء سأل أميرالمؤمنين عليه السلم وهو
يخطب
على المنبر فقال :ما الذاريات ذروا ؟ قال الرياح ،قال :فالحاملت وقرا ؟ قال :
السحاب قال :فالجاريات يسرا ؟ قال :السفن ،قال :فالمقسمات أمرا ؟ قال :
الملئكة
" في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " قيل :أي كان مقداره من عروج غيرهم
خمسين ألف سنة ،وذلك من أسفل الرضين إلى فوق السماوات السبع ،وقيل :
امتداد ذلك اليوم على بعض الكفار كذلك ،وقيل :معناه أن أول نزول الملئكة
في الدنيا بأمره ونهيه وقضائه بين الخلئق إلى آخر عروجهم إلى السماء وهو
][166
" عليها تسعة عشر " قال الطبرسي رحمه ال :أي من الملئكة وهم خزنتها
يخرج
لهب النار من أفواههم ،ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة ،تسع كف أحدهم مثل
ربيعة ومضر ،نزعت منهم الرحمة ،يرفع أحدهم سبعين ألفا فيرميهم حيث أراد
من
جهنم .
" وما جعلنا أصحاب النار إل ملئكة " أي وما جعلنا الموكلين بالنار المتولين
تدبيرها إل ملئكة جعلنا شهوتهم في تعذيب أهل النار " وما جعلنا عدتهم إل فتنة
للذين كفروا " أي لم نجعلهم على هذا العدد إل محنة وتشديدا في التكليف ) . ( 3
لن الكفار استقلوا هذا العدد وزعموا أنهم يقدرون على دفعهم ،وقد مر الكلم
" والمرسلت عرفا " روى الطبرسي عن أبي حمزة الثمالي عن أصحاب علي
عنه عليه السلم أنها الملئكة ارسلت بالمعروف من أمر ال ونهيه " والعاصفات
عصفا "
يعني الرياح الشديدات الهبوب " والناشرات نشرا " الملئكة تنتشر ) ( 4الكتب
عن
ال " فالفارقات فرقا " هي آيات القرآن تفرق بين الحق والباطل والهدى والضلل
" فالملقيات ذكرا " الملئكة تلقي الذكر إلى النبياء وتلقيه النبياء إلى المم )
.(5
عصف الرياح في امتثال أمره ،ونشرن الشرائع في الرض ،أو نشرن النفوس )
(7
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 166سطر 19إلى صفحه 174سطر 18
) ( 2الصياصى :جمع " الصيصة " و " الصيصية " وهى الشوكة التى يسوى
الحائك بها
) ( 4تنشر ) ظ ( .
) : ( 7الموتى .
][167
الميتة بالجهل بما أوحين من العلم ،ففرقن بين الحق والباطل ،فألقين إلى النبياء
ذكرا ،عذرا للمحقين ،ونذرا للمبطلين ،أو بآيات القرآن المرسلة بكل عرف
إلى محمد صلى ال عليه وآله فعصفن سائر الكتب أو الديان بالنسخ ،ونشرن آثار
الهدى والحكم
في الشرق والغرب ،وفرقن بين الحق والباطل ،فألقين ذكر الحق فيما بين العالمين
أو بالنفوس الكاملة المرسلة إلى البدان ل ستكمالها ،فعصفن ما سوى الحق ،و
نشرن أثر ذلك في جميع العضاء ،وفرقن بين الحق بذاته والباطل بنفسه ) ( 1
إل ذكرهم ) ، ( 2أو برياح عذاب ارسلن فعصفن ،ورياح رحمة نشرن السحاب في
الجو ففرقن فألقين ذكرا أي تسببن له ،فإن العاقل إذا شاهد هبوبها أو آثارها
ذكر ال تعالى ،وتذكر كمال قدرته " ،وعرفا " إما نقيض النكر ،وانتصابه
على العلة ،أي ارسلن للحسان والمعروف أو بمعنى المتابعة من عرف الفرس و
انتصابه على الحال " عذرا أو نذرا " مصدران :لعذر إذا محا الساءة ،وأنذر إذا
خوف ،أو جمعان لعذر ) ( 3بمعنى المعذرة ونذر ) ( 4بمعنى النذار ،أو بمعنى
العاذر
والمنذر ،ونصبهما على الولين بالعلية أي عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين ،أو
البدلية من " ذكرا " على أن المراد به الوحي أو ما يعم التوحيد والشرك واليمان
بالتخفيف ) . ( 5
" يوم يقوم الروح والملئكة صفا " قال الطبرسي رحمه ال :اختلف في
) : ( 2ذكر ال .
) : ( 3لعذير .
) : ( 4ونذير .
][168
أحدها :أن الروح خلق من خلق ال تعالى على صورة بني آدم وليسوا
بناس وليسوا بملئكة ) ، ( 1يقومون صفا والملئكة صفا ،هؤلء جند وهؤلء
جند
عن مجاهد وقتادة وأبي صالح ،قال الشعبي :هما ) ( 2سماطا رب العالمين يوم
وثانيها :أن الروح ملك من الملئكة ،وما خلق ال مخلوقا أعظم منه ،فاذا
كان يوم القيامة قام هو وحده صفا ،وقامت الملئكة كلهم صفا واحدا ،فيكون
عظم خلقه مثل صفهم ،عن ابن مسعود وعن عطاء عن ابن عباس .
وثالثها :أنه ) ( 3أرواح الناس تقوم مع الملئكة فيما بين النفختين قبل أن
ورابعها :أنه جبرئيل عليه السلم عن الضحاك ،وقال وهب :إن جبرئيل
مائة ألف ملك ،فالملئكة صفوف بين يدي ال تعالى منكسوا رؤوسهم ،فإذا أذن
ال
لهم في الكلم قالوا :ل إله إل أنت " وقال صوابا " أي ل إله إل ال .وروى علي
ابن إبراهيم بإسناد عن الصادق عليه السلم قال :هو ملك أعظم من جبرئيل
وميكائيل ) . ( 5
وخامسها :أن الروح بنو آدم ،عن الحسن ،وقوله " صفا " معناه مصطفين )
.(6
وقال في قوله " والنازعات غرقا " :اختلف في معناه على وجوه :
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر :على صورة بنى آدم وليسوا بملئكة .
) ( 4الفرائص :بالصاد المهملة جمع " الفريصة " وهى اللحمة بين الجنب
][169
بالشدة ،كما يغرق ) ( 1النازع في القوس فيبلغ بها غاية المد ،روي ذلك عن
علي
عليه السلم وغيره ،وقال مسروق :هي الملئكة تنزع نفوس بني آدم ،وقيل :
هو الموت ينزع النفوس ،عن مجاهد ،وروي ذلك عن الصادق عليه السلم .
وثانيها :أنها النجوم تنزع من افق إلى افق أي تطلع ثم تغيب ،قال أبو
وثانيها :أنها الملئكة تنشط أرواح الكفار ما بين الجلد والظفار حتى
تخرجها من أجوافهم بالكرب والغم ،عن علي عليه السلم والنشط الجذب ،يقال :
نشطت
وثالثها :أنها الملئكة تنشط أنفس المؤمنين فتقبضها كما ينشط العقال من
ورابعها :أنها أنفس المؤمنين تنشط عند الموت للخروج عند رؤية موضعه
وخامسها :أنها النجوم تنشط من افق إلى افق أي تذهب يقال :حمار ناشط .
) ( 2القسى بكسر الفاف والسين وتشديد الياء جمع " قوس " .
) ( 3الوهاق :جمع " وهق " وهو حبل في طرفه انشوطة بطرح في عنق الدابة
حتى
تؤخذ .
][170
يدعونها حتى تستريح كالسابح بالشئ في الماء يرمى به ،عن علي عليه السلم .
وثانيها :أنها الملئكة ينزلون عن السماء مسرعين ،وهذا كما يقال للفرس
وثالثها :أنها النجوم تسبح في فلكها ،وقيل :هي خيل الغزاة تسبح في عدوها
كقوله " :والعاديات ضبحا " وقيل :هي السفن تسبح في الماء .
أحدها :أنها الملئكة لنها سبقت ابن آدم بالخير واليمان والعمل الصالح
وقيل :إنها تسبق الشياطين بالوحي إلى النبياء ،وقيل :إنها تسبق بأرواح
وثانيها :أنها أنفس المؤمنين تسبق إلى الملئكة الذين يقبضونها وقد عاينت
وثانيها :أن المراد بذلك جبرئيل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل عليهم السلم .
يدبرون امور الدنيا ،فأما جبرئيل عليه السلم فموكل بالرياح والجنود ،وأما
ميكائيل
فموكل بالقطر والنبات ،وأما ملك الموت فموكل بقبض النفس ،وأما إسرافيل
وثالثها :أنها الفلك يقع فيها أمر ال تعالى فيجري بها القضاء في الدنيا
) ( 2لم يوجد الرواية في تفسير القمى ،مجمع البيان :ج ، 10ص . 429
][171
وقال في قوله تعالى " :في صحف مكرمة " أي هذا القرآن أو هذه التذكرة
في كتب معظمة عند ال ،وهي اللوح المحفوظ ،وقيل :يعني كتب النبياء المنزلة
عليهم " مرفوعة " في السماء السابعة ،وقيل :مرفوعة قدرفعها ال عن دنس
النجاس
لنها في أيدي الملئكة ،في أعز مكان ،وقيل :مطهرة من كل دنس ،وقيل :
مطهرة من الشك والشبهة والتناقض " بأيدي سفرة " يعني الكبة من الملئكة ،و
قيل :يعني السفراء بالوحي بين ال تعالى وبين رسله من السفارة ،وقال قتادة :
هم
القراء يكتبونها ويقرؤونها ،وروى فضيل بن يسار عن الصادق عليه السلم قال :
الحافظ
للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة ،كرام على ربهم ،بررة مطيعين
وقيل :كرام عن المعاصي يرفعون أنفسهم عنها ،بررة أي صالحين متقين ) . ( 1
1الحتجاج :بالسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلم فيما احتج رسول ال
صلى ال عليه وآله به على المشركين :والملك ل تشاهده حواسكم لنه من جنس
هذا الهواء ،ل عيان منه ،ولو شاهد تموه بأن يزداد في قوى أبصاركم لقلتم ليس
هذا
2تفسير على بن ابراهيم :عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن سالم
عن أبي عبدال عليه السلم في خبر المعراج قال النبي صلى ال عليه وآله :وصعد
جبرائيل ،وصعدت
معه إلى السماء الدنيا ،وعليها ملك يقال له " إسماعيل " وهو صاحب الخطفة
الذي ) ( 3
قال ال عزوجل " إل من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) " ( 4وتحته سبعون
ألف
ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك ،ثم مررت وساق الحديث إلى قوله
حتى دخلت السماء الدنيا فما لقيني ملك إل ضاحكا مستبشرا ،حتى لقيني ملك
) ( 2الحتحاج . 15 :
) ( 4الصافات . 10 :
][172
من الملئكة لم أرخلقا أعظم منه كريه المنظر ظاهر الغضب ) ( 1فقلت :من هذا
يا جبرئيل ؟ قال :هذا مالك خازن النار ثم ساق الحديث إلى قوله ثم مررت
بملك من الملئكة جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه ،وإذا بيده لوح
من نور مكتوب فيه كتاب ينظر فيه ل يلتفت يمينا ول شمال مقبل عليه كهيئة
الحزين ،فقلت :من هذا يا جبرئيل ؟ فقال :هذا ملك الموت ،فقال رسول ال صلى
ثم رأيت ملكا من الملئكة جعل ال أمره عجيبا ،نصف جسده النار والنصف الخر
ثلج ،فل النار تذيب الثلج ول الثلج يطفئ النار :وهو ينادي بصوت رفيع ويقول :
سبحان الذي كف حر هذه النار فل تذيب الثلج ،وكف برد هذا الثلج فل يطفئ
حر هذه النار ،اللهم يا مؤلف ) ( 2بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك
المؤمنين .
فقلت :من هذا يا جبرئيل ؟ فقال :ملك وكله ال بأكناف السماء وأطراف الرضين
وهو أنصح ملئكة ال لهل الرض من عباده المؤمنين ،يدعولهم بما تسمع منذ
خلق .و ] رأيت [ ملكين يناديان في السماء :أحدهما يقول :اللهم أعط كل منفق
خلفا ،والخر يقول :اللهم أعط كل ممسك تلفا ،ثم مررنا بملئكة من ملئكة
ال عزوجل خلقهم ال كيف شاء ،ووضع وجوههم كيف شاء ،ليس شئ من
أصواتهم
مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية ال ،فسألت جبرئيل عنهم ،فقال :كما ترى
خلقوا ،إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه كلمة قط ،ول رفعوا رؤوسهم
إلى مافوقها ،ول خفضوها إلى ما تحتها ،خوفا ل وخشوعا .ثم صعدنا إلى
السماء
الثانية فإذا فيها من الملئكة وعليهم الخشوع ،وقد وضع ال وجوههم كيف شاء
ليس منهم ملك إل يسبح ال ويحمده بأصوات مختلفة ،وكذا السماء الثالثة ثم
صعدنا إلى السماء الرابعة وإذا فيها من الملئكة الخشوع مثل ما في السماوات
][173
فبشروني بالخير لي ولمتي ،ثم رأيت ملكا جالسا على سرير ،وتحت يديه
سبعون ألف ملك ،تحت كل ملك سبعون ألف ملك وساق الحديث إلى قوله
ثم صعدنا إلى السماء السابعة .قال :ورأيت من العجائب التي خلق ال وصور )
(1
على ما أراده ديكا رجله في تخوم الرضين السابعة ،ورأسه عند العرش ،وهو
ملك من
مصعدا
حتى خرج في الهواء إلى السماء السابعة ،وانتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه
إلى
قرب العرش وهو يقول :سبحان ربي حيث ما كنت ل تدري أين ربك من عظم شأنه
وله جناحان في منكبيه إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب ،فإذا كان في السحر
نشر
جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح بقول :سبحان ال الملك القدوس ،سبحان
] ال [ الكبير المتعال ل إله إل ال الحي القيوم ،وإذا قال ذلك سبحت ديوك
الرض كلها ،خفقت بأجنحتها وأخذت بالصراخ ) ، ( 3فإذا سكت ذلك الديك
في السماء سكت ديوك الرض كلها ،ولذلك الديك زغب أخضر ،وريش أبيض
كأشد بياض ] ما [ رأيته قط ،وله زغب أخضر أيضا تحت ريش البيض كأشد
خضرة
] ما [ رأيتها قط ) . ( 4
3التفسير :عن بعض أصحابه يرفعه إلى الصبغ بن نباته ،قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم :إن ل ملكا في صورة الديك الملح ) ( 5الشهب ،براثنه
في الرض
بالمغرب
][174
فأما الجناح الذي في المشرق ) ( 1فمن ثلج ،وأما الجناح الذي في المغرب ) ( 2
فمن
نار ،وكلما حضر وقت الصلوة قام على براثنه ورفع عرفه من تحت العرش ،ثم
أمال أحد جناحيه على الخر يصفق بهما كما يصفق الديكة في منازلكم ،فل الذي
من الثلج يطفئ النار ،ل الذي من النار يذيب الثلج ،ثم ينادي بأعلى صوته :
وصيه
خير الموصيين ،سبوح قدوس رب الملئكة والروح ،فل يبقى في الرض ديك إل
أجابه ،وذلك قوله " والطير صافات كل قد علم صلوته وتسبيحه " ) . ( 4
4ومنه :في قوله تعالى :الحمد ل فاطر السماوات والرض جاعل الملئكة
رسل اولي أجنحة مثنى وثلث ورباع " قال الصادق عليه السلم :خلق ال
الملئكة
مختلفة ،وقد رأى رسول ال صلى ال عليه وآله جبرئيل وله ستمائة جناح على
القطر على البقل ،قد مل ما بين السماء والرض .وقال :إذا أمر ال ميكائيل
بالهبوط إلى الدنيا صارت رجله اليمنى في السماء السابعة ،والخرى في الرض
السابعة ،وإن ل ملئكة أنصافهم من برد وأنصافهم من نار ،يقولون :يا مؤلف )
(5
بين البرد والنار ،ثبت قلوبنا على طاعتك .وقال :إن ل ملكا بعد ما بين شحمة
اذنه ) ( 6إلى عينيه مسيرة خمسمائة عام خفقان ) ( 7الطير .وقال :إن الملئكة
ل
ركعا إلى يوم القيامة ،وإن ل ملئكة سجدا إلى يوم القيامة ،ثم قال أبوعبدال
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 174سطر 19إلى صفحه 182سطر 18
) : ( 2بالمغرب .
) : ( 3رسول ال .
][175
عليه السلم :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما من شئ خلقه ) ( 1ال أكثر
إنه ليهبط في كل يوم وفي كل ليلة سبعون ألف ملك ،فيأتون البيت الحرام
فيطوفون به ،ثم يأتون رسول ال صلى ال عليه وآله ثم يأتون أميرالمؤمنين عليه
يأتون الحسين فيقيمون عنده ،فإذا كان السحر ) ( 2وضع لهم معراج إلى
السماء ،ثم
5وقال أبوجعفر عليه السلم :إن ال خلق إسرافيل وجبرئيل وميكائيل من
سبحة واحدة ،وجعل لهم السمع والبصر وموجود ) ( 3العقل وسرعة الفهم .
خلقتهم وأسكنتهم سماواتك ،فليس فيهم فترة ،ول عندهم غفلة ،ول فيهم معصية
هم أعلم خلقك بك ،وأخوف خلقك منك ،وأقرب خلقك إليك ،وأعملهم بطاعتك
ول يغشاهم نوم العيون ،ول سهو العقول ،ول فترة البدان ،لم يسكنوا الصلب
ولم تضمهم ) ( 6الرحام ،ولم تخلقهم من ماء مهين ،أنشأتهم إنشاء فأسكنتهم
سماواتك
وأكرمتهم بجوارك ) ( 7وائتمنتهم على وحيك ،وجنبتهم الفات ،ووقيتهم البليات
وطهرتهم من الذنوب ،ولول تقويتك ) ( 8لم يقووا ،ولو ل تثبيتك لم يثبتوا ،
ولول
رحمتك لم يطيعوا ،ولول أنت لم يكونوا ،أما إنهم على مكانتهم منك وطواعيتهم
إياك ومنزلتهم عندك وقلة غفلتهم عن أمرك لو عاينوا ما خفي عنهم ) ( 9منك ل
حتقروا
) ( 7بجودك ) خ ( .
) : ( 9عليهم .
][176
7التفسير :عن أبيه ،عن القاسم بن محمد ،عن سليمان بن داود المنقري
عن حماد ،عن أبي عبدال عليه السلم أنه سئل :هل الملئكة أكثر أم بنو آدم ؟
فقال :
وما في السماء موضع قدم إل وفيها ملك يسبحه ويقدسه ،ول في الرض شجر ول
مدر إل وفيها ملك موكل بها يأتي ال كل يوم بعملها وال أعلم بها ،وما منهم أحد
إل ويتقرب كل يوم إلى ال بوليتنا أهل البيت ،ويستغفر لمحبينا ،ويلعن
البصائر :عن علي بن محمد ،عن القاسم بن محمد الصبهاني مثله .
8مجالس ابن الشيخ :عن أبيه ،عن المفيد ،عن ابن قولويه ،عن أبيه
عن سعد ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن ابن محبوب ،عن ابن رئاب ،عن
محمد بن
مسلم ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :ما خلق ال خلقا أكثر من الملئكة ،وإنه
لينزل
كل يوم سبعون ألف ملك ،فيأتون البيت المعمور فيطوفون به ،فإذا هم طافوا به
نزلوا فطافوا بالكعبة ،فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي صلى ال عليه وآله فسلموا
قبر أميرالمؤمنين عليه السلم فسلموا عليه ،ثم أتوا قبر الحسين عليه السلم
9وقال عليه السلم :من زار أميرالمؤمنين عليه السلم عارفا بحقه غير متجبر
ول
][177
متكبر كتب ال له أجر مائة ألف شهيد ،وغفر ال له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وبعث من المنين ،وهون عليه الحساب ،واستقبلته الملئكة ،فإذا انصرف شيعته
إلى منزله ،فإن مرض عادوه ،وإن مات تبعوه بالستغفار إلى قبره .
(1
عن قيس عن أبي حصين ،عن يحيى بن وثاب ،عن ابن عمر ،قال :كان على
الحسن
والحسين عليهما السلم تعويذان حشوهما من زغب جناح جبرئيل عليه السلم )
.(2
11ومنه :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أيوب بن نوح ،عن صفوان
ابن يحيى ،عن عبدال بن مسكان ،عن محمد بن مروان ،عن أبي عبدال عليه
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن جبرئيل أتاني فقال :إنا معشر الملئكة ل
الكافى :عن أبي علي الشعري ،عن محمد بن عبدالجبار ،عن صفوان
مثله ) . ( 4
بيان :لعله مخصوص بغير الحفظة ،مع أنه يمكن أن يكونوا مع عدم الدخول
12الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدل ،عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن ابن محبوب عن محمد بن طلحة ،بإسناده يرفعه إلى النبي صلى ال عليه وآله
قال :الملئكة على
ثلثة أجزاء :فجزء لهم جناحان ،وجزء لهم ثلثة أجنحة ،وجزء لهم أربعة
أجنحة ) . ( 5
) ( 2الخصال . 33 :
) . 66 : ( 3
) ( 5الخصال . 72 :
][178
الكافى :عن عدة من أصحابه ،عن سعد بن زياد وعلي بن إبراهيم ،عن
بيان :لعل المراد أن أكثر الملئكة كذلك ،فل ينافي ماورد من كثرة أجنحة
ابن زكريا ،عن بكربن عبدال بن حبيب ،عن تميم بن بهلول ،عن نصربن مزاحم
المنقري ،عن عمروبن سعد ،عن أبي مخنف لوط بن يحيى ،عن أبي منصور ،
عن زيد
ابن وهب ،قال :سئل أميرالمؤمنين عليه السلم عن قدرة ال جلت عظمته ،فقام
خطيبا ،فحمد
ال وأثنى عليه ،ثم قال :إن ل تبارك وتعالى ملئكة لو أن ملكا منهم هبط إلى
الرض ما وسعته لعظم خلقه وكثرة أجنحته ،ومنهم من لو كلفت الجن والنس أن
يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب صورته ،وكيف يوصف من
ملئكته من سبعمائة عام ما بين منكبيه وشحمة اذنه ) ( 2ومنهم من يسد الفق
بجناح من أجنحته دون عظم يديه ) ( 3ومنهم من في السماوات إلى حجزته ،و
منهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء السفل والرضون إلى ركبتيه ،ومنهم
من لوالقي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها ،ومنهم من لو القيت السفن في
دموع
ابن محمد ابن عنبسة ،عن دارم بن قبيصة ،عن الرضا عن آبائه عليهم السلم :
قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ل ديكا عرفه تحت العرش ،ورجله في تخوم
الرض السابعة
السفلى ،إذا كان في الثلث الخير من الليل سبح ال تعالى ذكره بصوت يسمعه
][179
كل شئ ما خل الثقلين الجن والنس ،فتصيح عند ذلك ديكة الدنيا ) . ( 1
أبا عبدال عليه السلم فقال :ما علة الملئكة الموكلين بعباده يكتبون عليهم ولهم
وال عالم
السر وما هو أخفى ؟ قال :استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على خلقه ،ليكون العباد
لملزمتهم إياهم أشد على طاعة ال مواظبة ،أو عن معصيته أشد انقباضا ،وكم
من
عبديهم بمعصية فذكر مكانها فارعون وكف ،فيقول :ربي يراني وحفظتي علي
بذلك تشهد .وإن ال برأفته ولطفه أيضا وكلهم بعباده يذبون عنهم مردة الشياطين
وهوام الرض ،وآفات كثيرة من حيث ل يرون بإذن ال ،إلى أن يجئ أمر ال
عزوجل ) . ( 2
16تفسير على بن ابراهيم :في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلم
في قوله " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر ال " يقول :بأمر
ال
من أن يقع في ركي ،أو يقع عليه حائط ،أو يصيبه شئ حتى إذا جاء القدر خلوا
بينه وبينه يدفعونه إلى المقادير ،وهما ملكان يحفظانه بالليل ،وملكان يحفظانه
17التفسير " :له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر ال "
إنها قرئت عند أبي عبدال عليه السلم فقال لقارئها :ألستم عربا ؟ كيف تكون
المعقبات
من بين يديه وإنما المعقب من خلفه ؟ فقال الرجل :جعلت فداك كيف هذا ؟
فقال :إنما نزلت " له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر ال "
ومن الذي يقدر أن يحفظ الشئ من أمر ال ؟ ! وهم الملئكة الموكلون بالناس )
.(4
][180
بيان :قال الطبرسي رحمه ال في الشواذ قراءة أبي البرهشم ) " ( 1له
معقبات ) ( 2من بين يديه ورقباء من خلفه يحفظونه بأمر ال " وروي عن أبي
عبدال
عليه السلم " له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر ال "
وروي
عن علي عليه السلم وابن عباس وعكرمة وزيد بن علي " يحفظونه بأمر ال " )
.(3
18التوحيد :عن أحمد بن محمد العطار ،عن أبيه ،عن الحسين بن الحسن
ابن أبان عن ابن اورمة ،عن زياد القندي ،عن درست بن أبي منصور ،عن رجل
عن أبي عبدال عليه السلم قال :إن ل تبارك وتعالى ملكا بعد ما بين شحمة اذنه
إلى
الكافى :عن العدة ،عن أحمد بن محمد ،عن بعض أصحابه ،عن القندي
مثله ) . ( 6
بيان :قال الجوهري :خفقت الراية تخفق وتخفق خفقا وخفقانا ،وكذلك
القلب والسراب :إذا اضطربا ،ويقال :خفق الطير ) ( 7أي طار ،وأخفق إذا
ضرب
بجناحيه ) . ( 8
19التوحيد :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن
الحسن بن علي ،عن يونس بن يعقوب ،عن عمروبن مروان ،عن أبي عبدال
عليه السلم
قال :إن ل تبارك وتعالى ملئكة أنصافهم من برد ،وأنصافهم من نار ،يقولون :
][181
البردعي ،عن عدي بن أحمد بن عبدالباقي ،عن أحمد بن محمد بن البراء ،عن
عبد
المنعم بن إدريس ،عن أبيه ،عن وهب ،عن ابن عباس ،عن النبي صلى ال
ل تبارك وتعالى ديكا رجله في تخوم الرض السابعة السفلى ] ورأسه عند العرش
باقي عنقه تحت العرش ،وملك من ملئكة ال خلقه ال تعالى ورجله في تخوم
الرض السابعة [ مضى مصعدا فيها مد الرضين حتى خرج منها إلى افق السماء ،
ثم
مضى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه إلى العرش وهو يقول :سبحانك ربي .ولذلك )
(2
الديك جناحان إذا نشرهما جاوزا المشرق والمغرب ،فاذا كان في آخر الليل نشر
جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح وهو يقول :سبحان ال الملك القدوس الكبير
المتعال ،ل إله إل هو الحي القيوم .فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الرض كلها
وخفقت بأجنحتها ،وأخذت في الصراخ ،فإذا سكن ذلك الديك في السماء سكنت
الديكة في الرض ،فإذا كان في بعض السحر نشر جناحيه فجاوزا المشرق
والمغرب
ال
والتقديس ل تعالى ،ولذلك الديك ريش أبيض كأشد بياض ما رأيته قط ،له
زغب أخضر تحت ريشه البيض كأشد خضرة ] ما [ رأيتها قط ،فمازلت مشتاقا
بيان :قال الجوهري :التخم منتهى كل قرية أو أرض ،والجمع تخوم ) . ( 4
][182
" وملك " أي وهو ملك ،وفي بعض النسخ " وملكا " فيكون عطف تفسير لقوله
الجوهري ) . ( 1
21التوحيد :بالسناد المتقدم عن النبي صلى ال عليه وآله قال :إن ل تبارك
وتعالى
ملكا من الملئكة نصف جسده العلى نار ،ونصفه السفل الثلج ،فل النار تذيب
الثلج ول الثلج يطفئ النار ،وهو قائم ينادي بصوت له رفيع :سبحان ال الذي كف
حر هذه النار فل تذيب هذا الثلج ،وكف برد هذا الثلج فل يطفئ حر هذه النار
اللهم يا مؤلفا بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين على طاعتك ) . ( 2
22ومنه بهذا السناد عن النبى صلى ال عليه وآله قال :إن ل تبارك وتعالى
ملئكة
مختلفة ل يرفعون رؤوسهم إلى السماء ،ول يخفضونها إلى أقدامهم من البكاء و
23ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن أحمد بن إدريس ،عن محمد بن
أحمد ،عن السياري ،عن عبدال بن حماد ،عن جميل بن دراج ،قال :سألت
أبا عبدال عليه السلم :هل في السماء بحار ؟ قال :نعم ،أخبرني أبي عن أبيه
عن جده
عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله إن في السماوات السبع
مسيرة خمسمائة عام ،فيها ملئكة قيام منذ خلقهم ال عزوجل ،والماء إلى ركبهم
ليس منهم لك إلوله ألف وأربعمائة جناح ،في كل جناح أربعة وجوه ،في كل
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 182سطر 19إلى صفحه 190سطر 18
وجه أربعة ألسن ،ليس فيها ول وجه ول لسان ولفم إل وهو يسبح ال تعالى
) . 204 : ( 4
][183
24ومنه :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن
الحسين بن الحسن بن أبان ،عن ابن اورمة ،عن أحمد بن الحسن الميثمي ،عن
أبي الحسن
الشعيري ،عن سعد بن ظريف ،عن الصبغ ،قال :جاء ابن الكواء إلى
أميرالمؤمنين
عليه السلم فقال :يا أمير المؤمنين وال إن في كتاب ال تعالى لية قد أفسدت
علي
قلبي وشككتني في ديني ! فقال له عليه السلم :ثكلتك امك وعدمتك وما تلك ) ( 1
الية
قال :هو قول ال تعالى " والطير صافات كل قد علم صلوته وتسبيحه " ) ( 2فقال
له
أمير المؤمنين عليه السلم يا ابن الكوا إن ال تعالى خلق الملئكة في صورشتى ،
أل إن
السفلى ،
وعرفه مثني تحت العرش ،له جناحان :جناح في المشرق ،وجناح في المغرب
واحد
من نار ،والخر من ثلج ،فاذا حضر وقت الصلوة قام على براثنه ثم رفع عنقه
من تحت العرش ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم ،فينادي :أشهد
وصيه
سيد الوصيين ،وأن ال سبوح قدوس رب الملئكة والروح .قال :فتخفق الديكة
بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله ،وهو قول عزوجل " والطير صافات كل
بيان " :ديك أبج " في بعض النسخ بالباء الموحدة والجيم ،وهو واسع مأق
العين ذكره الجوهري وفي بعضها بالحاء المهملة من البحة وهي غلظة الصوت
) ( 2في الحتجاج :فما هذا الصف ؟ وما هذه الطيور ؟ وما هذه الصلوة ؟ وما هذا
التسبيح ؟ .
][184
وقد مر في التفسير " أملح " والملحة بياض يخالطه السواد ،فالشهب تفسير ،إذ
الشهبة بياض يصدعه سواد .والبرثن الكف مع الصابع ،ومخلب السد .والصفق
:
عن بكر بن عبدال بن حبيب ،عن علي بن زياد ،عن مروان بن معاوية ،عن
العمش ،عن أبي حيان التيمي ،عن أبيه ،عن أميرالمؤمنين عليه السلم قال :
ليس أحد
من الناس إل ومعه ملئكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر ،أو يقع عليه
حائط
أو يصيبه سوء ،فإذا حان أجله خلوا بينه وبين ما يصيبه ) الخبر ( ) . ( 1
26البصائر :عن أحمد بن محمد السياري ،عن عبيدال بن أبي عبدال الفارسي
وغيره رفعوه إلى أبي عبدال عليه السلم قال :إن الكروبيين قوم من شيعتنا من
الخلق
الول جعلهم ال خلف العرش ،لو قسم نور واحد منهم على أهل الرض لكفاهم .
ثم
قال :إن موسى عليه السلم لما أن سأل ربه ما سأل أمر واحدا من الكروبيين
فتجلى
27اكمال الدين :عن محمد بن علي ما جيلويه ،عن عمه محمد بن أبي القاسم
عن أحمد بن أبي عبدال البرقي ،عن محمد بن علي الكوفي ،عن أبي الربيع
الزهراني
عن جرير ،عن ليث بن أبي سليم ،عن مجاهد ،قال :قال ابن عباس :سمعت
رسول
ال صلى ال عليه وآله يقول :إن ل تبارك وتعالى ملكا يقال له " دردائيل " كان
ألف جناح ،ما بين الجناح إلى الجناح هواء ،والهواء كما بين السماء والرض
فجعل يوما يقول في نفسه :أفوق ربنا جل جلله شئ ؟ فعلم ال تبارك وتعالى
ما قال ،فزاده أجنحة مثلها ،فصار له اثنان وثلثون ألف جناح ،ثم أوحى ال
عزوجل إليه أن طر ،فطار مقدار خمسمائة عام ،فلم ينل رأسه قائمة من قوائم
][185
العرش ،فلما علم ال عزوجل إتعابه أوحى إليه :أيها الملك عد إلى مكانك فأنا
مقامه من صفوف الملئكة ،فلما ولد الحسين عليه السلم هبط جبرئيل في ألف
قبيل من
الملئكة لتهنئة النبي صلى ال عليه وآله فمر بدردائيل فقاله :سل النبي صلى ال
أن يشفع لي عند ربي ،فدعا له النبي صلى ال عليه وآله بحق الحسين عليه
بيان " :أفوق ربنا " لعله كان ذلك بمحض خطور البال بغير شك لئل ينافي
28الكمال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن العباس بن موسى الوراق ،عن يونس ،عن داود بن فرقد ،قال :قال لي
بعض
أصحابنا :أخبرني عن الملئكة أينامون ؟ قلت :ل أدري ،فقال :يقول ال عزو
جل " يسبحون الليل والنهار ل يفترون ) " ( 2ثم قال :ل اطرفك عن أبي عبدال
عليه السلم بشئ ؟ فقلت :بلى ،فقال :سئل عن ذلك فقال :ما من حي إل وهو
" يسبحون الليل والنهار ل يفترون " قال :أنفاسهم تسبيح .
العباس بن معروف ،عن عبدال بن عبدالرحمن البصري ،عن أبي المغرا ،عن
أبي
بصير ،عن خيثمة ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :نحن الذين تختلف الملئكة
إلينا ،فمنا
من يسمع الصوت ول يرى الصورة ،وإن الملئكة لتزاحمنا على تكآتنا ،وإنا
) ( 2النبياء . 20 :
][186
الخطاب ،عن جعفر بن بشير ،عن أبان بن عثمان ،عن سليمان بن خالد ،عن
أبي عبدال عليه السلم في قوله تعالى " إن الذين قالوا ربنا ال ثم استقاموا تتنزل
عليهم
الملئكة أل تخافوا ول تحزنوا " ) ( 1فقال :أما وال لربما وسدناهم الوسائد في
منازلنا .قيل :الملئكة تظهر لكم ؟ فقال :هم ألطف بصبياننا منا بهم .وضرب بيده
إلى مساور في البيت فقال :وال لطال ما اتكأت عليه الملئكة ،وربما التقطنا من
زغبها .
31العياشى :عن مسعدة بن صدقة ،عن أبي عبدال عليه السلم في قوله "
يحفظونه
من أمر ال ) " ( 3ثم قال :ما من عبد إل ومعه ملكان يحفظانه ،فإذا جاء المر
من
32المناقب :سأل الصادق عليه السلم أبا حنيفة :أين مقعد الكاتبين ؟ قال :
ل أدري ،قال :مقعدهما على الناجدين ،والفم الدواة ،واللسان القلم ،والريق
المداد ) . ( 4
بيان :يحتمل أن يكون المراد فم الملك ولسانه وريقه ،ولو كان المراد
تلك العضاء من النسان فيمكن أن يكون بمحض تكلمه ينقش في ألواحهم ،فيكون
33الكافى :عن علي بن إبراهيم ،عن صالح بن السندي ،عن جعفر بن
بشير ،عن صالح ) ( 5الحذاء ،عن أبي اسامة ،قال :كنت عند أبي عبدال عليه
السلم
فقال رجل :ما السنة في دخول الخلء ؟ قال :يذكر ال ويتعوذ بال من الشيطان
) ( 3الرعد . 12 :
الرجيم ،فاذا فرغت قلت :الحمد ل على ما أخرج مني الذى في يسر وعافية .
قال رجل :فالنسان يكون على تلك الحال ول يصير ) ( 1حتى ينظر إلى ما يخرج
منه ،قال :إنه ليس في الرض آدمي إل ومعه ملكان موكلن به ،فإذا كان على
تلك الحال ثنيا برقبته ثم قال :يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا
34ومنه :عن العدة ،عن سهل ،عن ابن محبوب ،عن عبدالحميد ،عن
أبي عبدال عليه السلم قال :إذا صعدا ملكا العبد المريض إلى السماء عند كل
مساء يقول
الرب تبارك وتعالى :ماذا كتبتما لعبدي في مرضه ؟ فيقولن :الشكاية ،فيقول :
ما أنصفت عبدي إن حبسته في حبس من حبسي ثم أمنعه الشكاية ،اكتبا لعبدي
مثل
ما كنتما تكتبان له من الخير في صحته ،ول تكتبا عليه سيئة حتى اطلقه من
35ومنه :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن أحمد بن
محمد
ابن أبي نصر البزنطي ،عن درست ،قال :سمعت أبا إبراهيم عليه السلم يقول :
إذا
مرض المؤمن أوحى ال عزوجل إلى صاحب الشمال :ل تكتب على عبدي مادام
في حبسي ووثاقي ذنبا ،ويوحى إلى صاحب اليمين أن اكتب لعبدي ما كنت تكتب
36ومنه :عن العدة :عن البرقي ،عن ابن أبي نجران ،عن صفوان
الجمال ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :من عاد مريضا من المسلمين وكل ال
به أبدا
][188
مهران بن محمد ،قال :سمعت أبا عبدال عليه السلم يقول :إن الميت إذا مات
بعث ال
ملكا إلى أوجع أهله فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن ،ولول ذلك لم تعمر
الدنيا ) . ( 2
38ومنه :عن الحسين بن محمد ،عن معلى بن محمد ،عن الحسن بن علي
الوشاء ،عن أبان ،عن عمروبن خالد ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :قال
جبرئيل :يا
رسول ال إنا ل ندخل بيتا فيه صورة إنسان ،ول بيتا يبال فيه ،ول بيتا فيه كلب )
.(3
39ومنه :عن علي بن إبراهيم ) ( 4بن عمر اليماني ،عن جابر ،عن أبي
جعفر عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :حدثني جبرئيل أن ال
عزوجل أهبط
إلى الرض ملكا ،فأقبل ذلك الملك يمشي حتى وقع إلى باب عليه رجل يستأذن
على رب الدار ،فقال له الملك :ما حاجتك إلى رب هذه الدار ؟ قال :أخ لي
مسلم زرته في ال تبارك وتعالى ،قال له الملك :ما جاء بك إل ذاك ؟ فقال :ما
جاءبي
إل ذاك ،قال :فإني رسول ال إليك ،وهو يقرئك السلم ويقول :وجبت لك
الجنة ،وقال الملك :إن ال عزوجل يقول :أيما مسلم زار مسلما فليس إياه
40ومنه :عن العدة ،عن أحمد بن محمد ،عن علي بن الحكم ،عن إسحاق
ابن عمار ،عن أبي قرة ،قال :سمعت أبا عبدال عليه السلم يقول :من زار )
( 6أخاه في
ال في مرض أو صحة ل يأتيه خداعا ول استبدال وكل ال به سبعين ألف ملك
ينادون
) ( 4كذا في نسخ البحار ،وفي المصدر " على بن ابراهيم :عن أبيه عن حمادبن
][189
في قفاه أن طبت وطابت لك الجنة ،فأنتم زوار ال وأنتم وفد الرحمن حتى يأتي
منزله .فقال له يسير :جعلت فداك ،فإن ) ( 1كان المكان بعيدا ؟ قال :نعم يا
يسير
وإن كان المكان مسير سنة ،فإن ال جواد والملئكة كثير يشيعونه حتى يرجع
صالح بن عقبة ،عن عبدال بن محمد الجعفي ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :
إن المؤمن
ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكل ال عزوجل به ملكا فيضع جناحا في الرض وجناحا
في السماء يطلبه ) ، ( 3فاذا دخل على ) ( 4منزله نادى الجبار تبارك وتعالى :
أيها
العبد المعظم لحقي المتبع لثار نبيي ! حق علي إعظامك ،سلني اعطك ،ادعني
اجبك ،اسكت أبتدئك ،فإذا انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتى يدخل إلى
منزله ،ثم يناديه تبارك وتعالى :أيها العبد المعظم لحقي ! حق علي إكرامك
42ومنه :عن العدة ،عن سهل عن يحيى بن المبارك ،عن ابن جبلة ،عن
إسحاق بن عمار عن أبي عبدال عليه السلم قال :إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا
أنزل ال
عزوجل الرحمة عليهما ،فكانت تسعة وتسعين لشدهما حبا لصاحبه ،فاذا توافقا
غمرتهما الرحمة وإذا قعدا يتحدثان قالت الحفظة بعضها لبعض :اعتزلوا بنا ،فلعل
لهما سرا وقد ستره ال عليهما .فقلت :أليس ال عزوجل يقول " ما يلفظ من قول
إل لديه رقيب عتيد " ) ( 6فقال :يا إسحاق إن كانت الحفظة ل تسمع فإن عالم
) ( 6ق . 18 :
][190
43ومنه :عن العدة ،عن أحمد بن أبي عبدال البرقي ،عن أبيه ،عن
محمد بن سنان ،عن إسحاق بن عمار ،عن الوصافي ،عن أبي جعفر عليه السلم
قال :كان
فيما ناجى ال عزوجل به موسى عليه السلم قال :يا موسى أكرم السائل ) ( 2
ببذل يسير
أو برد جميل ،إنه يأتيك من ليس بإنس ولجان ،ملئكة من ملئكة الرحمن
يبلونك ) ( 3فيما خولتك ويسألونك فيما نولتك ،فانظر كيف أنت صانع يا ابن
عمران ) . ( 4
44ومنه :عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني
عن أبي عبدال عليه السلم قال :من كتم صومه قال ] ال [ عزوجل لملئكته :
عبدي
ولم
45ومنه :عن عدة من أصحابه ،عن سهل بن زياد ،عن محمد بن سنان ،عن
منذربن يزيد ،عن يونس بن ظبيان ،قال :قال أبوعبدال عليه السلم :من صام
ل عزوجل
يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكل ال به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه ) 7
(.
46ومنه :عن أحمد بن محمد ،عن علي بن الحسن ) ( 8التيملي ،عن علي
بن أسباط ،عن رجل من أصحابنا ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :إذا كان أيام
الموسم
بعث ال ملئكة في صورة الدميين يشترون متاع الحاج والتجار ،قلت :فما
يصنعون ؟
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 190سطر 19إلى صفحه 198سطر 18
) ( 2في المصدر :اكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير فانه يأتيك .
) ( 3في المصدر :كيف أنت صانع في ما أوليتك وكيف مواساتك في ما خولتك .
) ( 8في بعض النسخ ،الحسين ،وفي المصدر :على بن ابراهيم التيملى .
][191
47ومنه :عن العدة ،عن سهل ،وعلي بن إبراهيم ،عن أبيه ،جميعا عن
ابن محبوب ،عن داود الرقي ،عن أبي عبدال عليه السلم قال ليس خلق أكثر من
الملئكة
إنه لينزل كل ليلة من السماء سبعون ألف ملك ،فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم
48الختصاص :بإسناده عن المعلى بن محمد ،رفعه إلى أبي عبدال عليه السلم
قال :
49ومنه :بإسناده عن عمروبن شمر ،عن جابر ،عن أبي عبدال عليه السلم
قال :
استأذن ملك ربه أن ينزل إلى الدنيا في صورة آدمي ،فأذن له ،فمر برجل على
باب قوم يسأل عن رجل من أهل الدار ،فقال الملك :يا عبدال أي شيئ تريد من
هذا الرجل الذي تطلبه ؟ قال :هو أخ لي في السلم أحببته في ال جئت لسلم عليه
قال :ما بينك وبينه رحم ماسة ،ول نزعتك إليه حاجة ؟ قال :ل ،إل الحب في
ال عزوجل ،فجئت لسلم عليه .قال :فإني رسول ال إليك ،وهو يقول :قد
50كتاب الحسين بن سعيد :عن ابن أبي عمير ،عن معاوية بن عمار ،عن
أبي عبدال عليه السلم قال :سمعته يقول :إن في السماء ملكين موكلين بالعباد
فمن تواضع
51نوادر الراوندى :بإسناده عن موسى بن جعفر ،عن آبائه عليهم السلم قال :
قال رسول ال صلى ال عليه وآله أتاني جبرئيل عليه السلم فقال :يا محمد كيف
][192
بيان :قال في النهاية :فيه من الفطرة غسل البراجم .هي العقد التي في ظهور
الصابع يجتمع فيها الوسخ ،الواحدة " برجمة " بالضم .
الرزاز ،عن محمود بن ) ( 1عيسى بن عبيد ،عن أحمد بن الحسن الميثمي ،عن
المفضل
بن صالح ،عن جابر الجعفي ،عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلم عن النبي
لقي ملك رجل على باب داركان ربها غائبا ،فقال له الملك :يا عبدال ما جاء بك
إلى
هذه الدار ؟ فقال :أخ لي أردت زيارته ،قال :ألرحم ماسة بينك وبينه أم نزعتك
إليه حاجة ؟ قال :ما بيننا رحم أقرب من رحم السلم وما نزعتني إليه حاجة ،
ولكني
زرته في ال رب العالمين .قال فأبشر فاني رسول ال إليك وهو يقرئك السلم
ويقول
لك :إياي قصدت ،وما عندي أردت بصنعك ،فقد أو جبت لك الجنة ،وعافيتك
53ومنه :عن جماعة ،عن أبي المفضل ،عن عبدال بن سليمان بن الشعث
عن إسحاق بن إبراهيم النهشلي ،عن زكريا بن يحيى ،عن مندل بن علي ،عن
العمش ،عن ابن جبير ،عن ابن عباس ،قال :كان رسول ال صلى ال عليه
علي عليه السلم في الغداة ،وكان يحب أن ل يسبقه إليه أحد ،فإذا النبي صلى ال
صحن الدار وإذا رأسه في حجر دحية بن خليفة الكلبي ،فقال :السلم عليك كيف
أصبح رسول ال صلى ال عليه وآله ؟ قال :بخير يا أخا رسول ال صلى ال عليه
ال عنا أهل البيت خيرا ،قال له دحية :إني احبك وإن لك عندي مديحة
اهديها إليك ،أنت أميرالمؤمنين ،وقائد الغر المحجلين ،وسيد ولد آدم إلى
يوم القيامة ما خل النبيين والمرسلين ،ولواء الحمد بيدك يوم القيامة ،تزف أنت
وشيعتك مع محمد وحزبه إلى الجنان ،فقد أفلح من والك ،وخاب وخسر من خلك
بحب محمد أحبوك ،وببغضه أبغضوك ،ل تنالهم شفاعة محمد صلى ال عليه وآله
فأخذ رأس النبى صلى ال عليه وآله فوضعه في حجره ،فانتبه النبي صلى ال
][193
فأخبره الحديث ،فقال :لم يكن دحية ،كان جبرئيل ،سماك باسم سماك ال تعالى
به ،وهو الذي ألقى محبتك في قلوب المؤمنين ،ورهبتك في صدور الكافرين .
يأكلون ويشربون وينكحون ؟ فقال :ل ،إنهم يعيشون بنسيم العرش ،فقيل له :
ما العلة في نومهم ؟ فقال :فرقا بينهم وبين ال عزوجل ،لن الذي ل تأخذه
والصيحة هي بلسان واحد ولغات الناس تختلف ؟ فقال :إن في كل بلد ملئكة
بكل بلدة ينادون فيهم بلسانهم ولغاتهم :أل إن المر لعثمان بن عفان .
56القبال :في تعقيبات نوافل شهر رمضان وغيرها :وصل على جبرئيل
وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ومالك خازن النار ورضوان خازن الجنة ،وروح
القدس والروح المين ،وحملة عرشك المقربين ،وعلى منكر ونكير ،وعلى
الملكين
57النهج :عن نوف البكالي ،قال :قال أميرالمؤمنين عليه السلم :أيها
المتكلف لوصف ربك ،فصف جبرئيل وميكائيل وجنود الملئكة المقربين في
بيان " :التكلف " التجشم وارتكاب الشئ على مشقة ،وحجرة القوم
بالفتح :ناحية دارهم ،والجمع حجرات كجمرة وجمرات ،وفي بعض النسخ
" حجرات " بضمتين ،جمع حجرة بالضم وهي الغرفة ،وقيل :الموضع المنفرد .
و
ارجحن الشئ كاقشعر أي مال من ثقله وتحرك .قال في النهاية :أورد الجوهري
هذا
) ( 2القبال . 35 :
][194
الحرف في حرف النون على أن النونين أصلية ،وغيره يجعلهما زائدة من رجح
الشئ
كمنع إذا ثقل .قال ابن أبي الحديد :أي مائلين إلى جهة التحت خضوعا ل
سبحانه .
وقال الكيدري :الرجحنان الميل ،وارجحن الشئ اهتز ) انتهى ( ولعل المراد
بحجرات القدس المواضع المعدة لهم في السماوات ،وهي محال القدس والتنزه عن
المعاصي ورذائل الخلق .والوله .الحزن والحيرة والخوف ،و " متولهة
عقولهم "
على صيغة اسم الفاعل أي محزونة أو حائرة أو خائفة .وفي بعض النسخ على
صيغة
اسم المفعول ،والول أظهر " .أن يحدوا أحسن الخالقين " أي يدركوه بكنهه
رجل ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :لما قبض رسول ال صلى ال عليه وآله
ليلة ظنوا أنهم ل سماء تظلهم ول أرض تقلهم مخافة ،لن رسول ال صلى ال
فقال :السلم عليكم يا أهل البيت ورحمة ال وبركاته ،في ال عزاء من كل مصيبة
ونجاة من كل هلكة ،ودرك لمافات ،إن ال اختاركم وفضلكم وطهركم و
جعلكم أهل بيت نبيه صلى ال عليه وآله واستودعكم علمه ،وأورثكم كتابه ،
وجعلكم تابوت
علمه ،وعصا عزه ،وضرب لكم مثل من نوره ،وعصمكم من الزلل ،وآمنكم
من الفتن ،فاعتزوا بعزاء ال ،فإن ال لم ينزع منكم رحمته ،ولم يدل ) ( 1منكم
عدوه
فأنتم أهل ال الذين بكم تمت النعمة ،واجتمعت الفرقة ،وائتلفت الكلمة ،و
أنتم أولياء ال ،من تولكم نجا ،ومن ظلمكم يزهق ،مودتكم من ال في كتابه
واجبة على عباده المؤمنين ،وال على نصركم إذا يشاء قدير ،فاصبروا لعواقب
المور فإنها إلى ال تصير ،فقد قبلكم ال من نبيه صلى ال عليه وآله وديعة ،
واستودعكم أولياءه
المؤمنين في الرض ،فمن أدى أمانته آتاه ال صدقه ،فأنتم المانة المستودعة ،
و
المودة الواجبة ،ولكم الطاعة المفترضه ،وبكم تمت النعمة ،وقد قبض ال نبيه
* ) هامش ( * ) ( 1ادال ال بنى فلن من عدوهم ،جعل الكرة لهم عليه .
][195
صلى ال عليه وآله وقد أكمل ال به الدين ،وبين لكم سبيل المخرج ،فلم يترك
للجاهل حجة ،فمن تجاهل أو جهل أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى ال حسابه ،و
فسأله يحيى بن ) ( 1أبي القاسم فقال :جعلت فداك ،ممن أتتهم التعزية ؟ فقال :
أقول :قد مر مثله بأسانيد جمة في المجلد السادس ،وسيأتي أيضا في أبواب
الجنائز .
محمد بن الفضيل
عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن ل عزوجل ديكا رجله في الرض السابعة ،
وعنقه
مثنية ) ( 2تحت العرش ،وجناحاه في الهواء ،إذا كان في نصف الليل أو الثلث
الثاني
من آخر الليل ضرب بجناحه ) ( 3وصاح :سبوح قدوس ،ربنا ال الملك الحق
المبين ،فل إله غيره ،رب الملئكة والروح .فتضرب الديكة بأجنحتها وتصيح ) 4
(.
60الحتجاج :في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبدال عليه السلم عن مسائل
فأسلم أنه سأل :ما علة الملئكة الموكلين بعباده يكتبون عليهم ولهم وال عالم
السر ) ( 5
وأخفى ،فقال عليه السلم :استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على خلقه لتكون ) ( 6
العباد
لملزمتهم إياهم أشد على طاعة ال مواظبة ،وعن معصيته أشد انقباضا ،وكم من
عباديهم بمعصيته فذكر مكانها فارعوى وكف ،ويقول ) : ( 7ربي يراني وحفظتي
) : ( 3بعناحيه .
) ( 5في المصدر ] :وما هو اخفى :قال [ وهكذا نقله في مامر تحت الرقم . 15
][196
على بذلك تشهد .وإن ال برأفته ولطفه أيضا وكلهم بعباده يذبون عنهم مردة
الشياطين وهوام الرض وآفات كثيرة من حيث ل يرون بإذن ال إلى أن يجيئ
الول أوفق بسائر الخبار الدالة على المغايرة ،وإن كان الثاني أنسب بسياق هذا
الخبر .
61الكافى :عن محمد بن أحمد ،عن عبدال بن الصلت ،عن يونس ،عمن
ذكره ،عن أبي بصير ،قال :قال أبوعبدال عليه السلم :يا أبا محمد ! إن ل عز
ذكره
ملئكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق من الشجر في
أوان سقوطه ،وذلك قوله عزوجل " يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين
عن محمد بن همام ،عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم ،عن أبيه ،
عن
بعض رجاله ،عن حسن بن شعيب ،عن محمد بن سنان ،عن يونس بن ظبيان ،
قال :
استأذنت على أبي عبدال عليه السلم فخرج إلي معتب فأذن لي فدخلت ولم يدخل
معي
كما كان يدخل ،فلما أن صرت في الدار نظرت إلى رجل على صورة أبي عبدال
عليه السلم فسلمت عليه كما كنت أفعل ،قال :من أنت يا هذا ؟ لقد وردت على
كفر أو إيمان ،وكان بين يديه رجلن كأن على رؤسهما الطير ،فقال :ادخل
فدخلت الدار الثانية ،فإذا رجل على صورته عليه السلم وإذا بين يديه خلق كثير
كلهم صورهم واحدة ،فقال :من تريد ؟ قلت :اريد أبا عبدال عليه السلم فقال :
قد
وردت على أمر عظيم إما كفر أو إيمان .ثم خرج من البيت رجل حين بدء به البيت
* ) هامش ( * ) ( 1الحتجاج 191 :وقد مرت في هذا الباب تحت الرقم . 15
) ( 2المؤمن . 7 :
][197
فأخذ بيدي فأوقفني على الباب وغشي بصرى من النور ،فقلت :السلم عليكم يا
بيت ال ونوره وحجابه ،فقال :وعليك السلم يا يونس ،فد خلت البيت فإذا بين
يديه طائران يحكيان ،فكنت أفهم كلم أبي عبدال عليه السلم ول أفهم كلمهما ،
فلما
خرجا قال يا يونس :سل ،نحن محل النور في الظلمان ،ونحن البيت المعمور
الذي
من دخله كان آمنا ،نحن عترة ال وكبرياؤه ،قال :قلت :جعلت فداك ،رأيت
شيئا عجيبا ،رأيت رجل على صورتك ،قال :يا يونس ،إنا ل نوصف ،ذلك
صاحب
السماء الثالثة يسأل أن أستأذن ال له أن يصير مع أخ له في السماء الرابعة .قال :
فقلت :فهؤلء الذين في الدار ؟ قال :هؤلء أصحاب القائم من الملئكة ،قال :قلت
:فهذان ؟
قال :جبرئيل وميكائيل نزل إلى الرض فلن يصعدا حتى يكون هذا المر إن
شاء ال ،وهم خمسة آلف يا يونس ،بنا أضاءت البصار ،وسمعت الذان ،و
بيان " :على كفر أو إيمان " أي إن أنكرت ما رأيت كفرت ،وإن قبلت
63الكافى :عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي
عبدال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ل ملكا رجله في
الرض السفلى
مسيرة خمسمائة عام ورأسه في السماء العليا مسيرة ألف سنة يقول :سبحانك ) 1
( حيث
كنت فما أعظمك .قال :فيوحي ال عزوجل إليه :ما يعلم ذلك من يحلف بي
كاذبا ) . ( 2
64ومنه :عن علي ،عن أبيه ،ومحمد بن إسماعيل ،عن الفضل بن شاذان
جميعا عن ابن أبي عمير ،عن إبراهيم بن عبدالحميد ،عن شيخ من أصحابنا يكنى
" أبا الحسن " عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن ال تبارك وتعالى خلق ديكا
أبيض
عنقه تحت العرش ورجله في تخوم الرض السابعة له جناح في المشرق ،وجناح
][198
في المغرب ل تصيح الديوك حتى يصيح فإذا صاح خفق بجناحيه ثم قال ] :سبحان
ال [
سبحان ال العظيم الذي ليس كمثله شئ .قال :فيجيبه ال تبارك وتعالى فيقول :ل
65الدر المنثور للسيوطي :عن أنس ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :
إن
أول من لبى الملئكة .قال ال " :إني جاعل في الرض خليفة قالوا أتجعل فيها
من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك " قال :فرادوه ) ( 2فأعرض
عنهم
فطافوا بالعرش ست سنين يقولون :لبيك ،لبيك ،اعتذارا إليك ،لبيك ) ( 3
يرد
عليه شيئا ،فأتاه جبرئيل ،فقال :إن أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة
يقولون :سبحان ذي الملك والملكوت ،وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة
يقولون :سبحان ذي العزة والجبروت ،وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة
67وعن ابن عباس ،قال :لما تواقف الناس يوم بدر اغمي على رسول .
ال صلى ال عليه وآله ساعة ،ثم كشف عنه فبشر الناس بجبرئيل في جند من
الملئكة ميمنه
الناس ،وميكائيل في جند آخر ميسرة الناس ،وإسرافيل في جند آخر ،وإبليس
قد تصور في صورة سراقة بن مالك ) ( 6المدلجي يؤيد المشركين ويخبر أنه ل
غالب لكم ) ( 7اليوم من الناس ،فلما أبصر عدو ال الملئكة نكص على عقبيه
وقال :
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 198سطر 19إلى صفحه 206سطر 18
* ) هامش ( * ) ( 1الكافى :ج ، 7ص . 437
) 4و ( 5الدر المنثور :ج ، 1ص ( 6 ) . 46في المصدر :سراقة بن جعشم .
][199
إني برئ منكم ،إني أرى ما ل ترون ،فتثبت به الحرث بن هشام وهو يرى أنه
سراقة لما سمع من كلمه ،فضرب في صدر الحرث فسقط الحرث وانطلق إبليس
ل يرى حتى سقط في البحر ،ورفع يديه وقال :يا رب موعدك الذي وعدتني )
.(1
68وعن الحسن في قوله " إني أرى ما ل ترون " قال :رأى جبرئيل عليه السلم
69وعن أبي ذر رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إني أرى
مال
ترون وأسمع ما ل تسمعون ،أطت ) ( 3السماء وحق لها أن تئط ،ما فيها موضع
لضحكتم
قليل ولبكيتم كثيرا ،وما تلذذتم بالنساء على الفرش ،ولخرجتم إلى الصعدات
بيان " :أطت السماء " قال في النهاية :الطيط صوت القتاب ،وأطيط البل
أصواتها وحنينها ،أي إن كثرة ما فيها من الملئكة قد أثقلها حتى أطت .وهذا
مثل وإيذان بكثرة الملئكة وإن لم يكن ثم أطيط ،وإنما هو كلم تقريب اريد
منه تقرير عظمة ال .وقال :الصعدات :الطرق ،جمع صعد ،وصعد جمع صعيد
كطريق وطرق وطرقات وقيل :هي جمع " صعدة " كظلمة وهي فناء باب الدار و
وقال الطيبي في شرح هذا الحديث :أي فخرجتم إلى الطرقات والصحارى
وممر الناس ،كفعل المحزون الذي يضيق به المنزل فيطلب الفضاء لبث الشكوى
) ( 3اط البل :حنت ،وفي المصدر :ان السماء اطت وستنقل هكذا في ما يأتى
تحت
الرقم . 81
) ( 4الدر المنثور :ج ، 3ص 293وستأتى الرواية تحت الرقم . 81والذيل من
قوله " وال لو تعلمون الخ " ليس في المصدر في رواية ابى ذر بل هو منقول
) ص ( 265عن
انس .
][200
وقال في قوله " لوددت أني شجرة تعضد " هو بكلم أبي ذر أشبه ،والنبي صلى
وأقول :هو إظهار الخوف منه تعالى ،وهو ل ينافي القرب منه سبحانه ،بل
70الدرالمنثور :عن ابن عباس ،قال :جعل ال على ابن آدم حافظين
71وعن ابن عباس ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ال ينهاكم عن
72وعن رجل من بني تميم قال :كنا عند أبي العوام فقرأ هذه الية
" عليها تسعة عشر " ألفا ؟ ) . ( 3قلت ل ،بل تسعة عشر ملكا .فقال :ومن أين
أنت
علمت ذلك ؟ قلت ( 4 ) :لن ال يقول " وما جعلنا عدتهم إل فتنة للذين كفروا "
قال :صدقت ،هم تسعة عشر ملكا بيد كل ملك منهم مرزبة من حديد لها شعبتان
فيضرب بها الضربة يهوي بها ) ( 5سبعين ألفا ،بين منكي كل ملك منهم مسيرة
كذا
وكذا ) . ( 6
73وعن أبي سعيد الخدري أن رسول ال صلى ال عليه وآله حدثهم عن ليلة
اسري ) ( 7
به ،قال :فصعدت أنا وجبرئيل إلى السماء الدنيا فإذا أنا بملك يقال له " إسماعيل
"
وهو صاحب سماء الدنيا ،وبين يديه سبعون ألف ملك ،مع كل ملك جنده مائة
) ( 3في المصدر " :تسعة عشر " فقال :ما تقولون أتسعة عشر ملكا او تسعة
][201
ألف ،وتلهذه الية " وما يعلم جنود ربك إل هو " ) . ( 1
74وعن ابن عباس ،قال :ما أنزل ال على نبيه آية من القرآن إل و
معه ) ( 2أربعة حفظة من الملئكة يحفظونها حتى يؤدونها إلى النبي صلى ال
عليه وآله ثم قرأ
" عالم الغيب فل يظهر على غيبه أحدا إل من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين
يديه ومن خلفه رصدا " يعني الملئكة الربعة " ليعلم أن قد أبلغوا رسالت ربهم "
).(3
75وعن سعيد بن جبير في قوله " فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا "
قال :أربعة حفظة من الملئكة مع جبرئيل ليعلم محمد أن قد أبلغوا رسالت ربهم .
قال :وما جاء جبرئيل بالقرآن إل ومعه أربعة من الملئكة حفظة ) . ( 4
يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا " قال :كان النبي صلى ال عليه وآله إذا بعث
إليه الملك
بعث ) ( 5ملئكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه أن يتشبه الشيطان على صورة
الملك ) . ( 6
77وعن ابن عباس في قوله " إل من ارتضى من رسول فإنه يسلك من
بين يديه ومن خلفه رصدا " قال :هي معقبات من الملئكة يحفظون النبي صلى
السماء موضع إل عليه ملك إما ساجد وإما قائم حتى تقوم الساعة ) . ( 8
79وعن العلبن سعد ،أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال يوما لجلسائه :أطت
السماء
][202
وحق لها أن تئط ،ليس منها موضع قدم إل عليه ملك راكع أو ساجد ،ثم قرأ
80وعن مجاهد " وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون " قال :
أطت السماء وما تلم أن تئط ! إن السماء ما فيها موضع شبر إل عليه جبهة ملك
81وعن أبي ذر ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله " إني أرى مال ترون
وأسمع
مال تسمعون ،إن السماء أطت وحق لها أن تئط ! ما فيها موضع أربع أصابع
82وعن حكيم بن حزام ،قال :كنا عند رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :هل
تسمعون ما أسمع ؟ قلنا :يا رسول ال ما تسمع ؟ قال :أطيط السماء ،وما تلم أن
تئط ؟
83فردوس الخبار :عن سعد بن معاذ ،قال :قال النبي صلى ال عليه وآله نقوا
أفواهكم بالخلل ،فإنها مسكن الملكين الحافظين الكاتبين ،وإن مدادهما الريق
84سعد السعود :قال :بعد أن ذكر الملكين الموكلين بالعبد ،وفي رواية :
أنهما إذا أرادا النزول صباحا ومساء ينسخ لهما إسرافيل عمل العبد من اللوح
المحفوظ فيعطيهما ذلك ،فإذا صعدا صباحا ومساء بديوان العبد قابله إسرافيل
بالنسخ
التي انتسخ لهما حتى يظهر أنه كان كما نسخ منه .
لطيفة
تتشكل باشكل طيبة وتبغهم على ذلك رهط من سائر الباحثين من المامية وغيرهم :
ثم ان فئة
][203
المتفلسفين الذين أدخلوا أنفسهم بين المسلمين لتخريب اصولهم وتضييع عقائدهم
على وجود الملئكة ،وأنهم أجسام لطيفة نورانية اولي أجنحة مثنى وثلث ورباع
وأكثر ،قادرون على التشكل بالشكال المختلفة ،وأنه سبحانه يورد عليهم بقدرته
ما يشاء من الشكال والصور على حسب الحكم والمصالح ،ولهم حركات صعودا و
هبوطا ،وكانوا يراهم النبياء والوصياء عليهم السلم .والقول بتجردهم وتأويلهم
بالعقول
تعويل على شبهاب واهية واستبعادات وهمية زيغ عن سبيل الهدى ،واتباع لهل
قال المحقق الدواني في شرح العقائد :الملئكة أجسام لطيفة قادرة على
التشكلت المختلفة ،وقال شارح المقاصد :ظاهر الكتاب والسنة وهو قول أكثر
المة أن الملئكة أجسام لطيفة نورانيه قادرة على التشكلت بأشكال مختلفة .كاملة
في العلم والقدرة على الفعال الشاقة .شأنها الطاعة ،ومسكنها السماوات ،هم
رسل ال تعالى إلى أنبيائه وامنائه على وحيه ،يسبحون الليل والنهار ل يفترون
* ) هامش ( * من فل سفة السلم الذين كانوا يعجبهم تطبيق الظواهر الدينية على
في العلوم العقلية عمدوا إلى تطبيق الملئكة على العقول المجردة والنفوس الفكلية
كما انهم
فسروا السماوات السبع والكرسى والعرش بالفلك التسعة مع انها فرضية في
نفسها ابطلها
العلم الحديث ولجل انهم اخطاوا في بعض تطبيقاتهم ل نظن بهم انهم ادخلوا
انفسهم في
المسلمين ليضيعوا عليهم دينهم ! كيف وقد شيدوا كثيرا من السس الدينية
والقواعد العقلية
التى يدور عليها كثير من الصول العتقدية ولعل مثل هذه الخطاء صدر من
وان كانوا يحسبون انهم يحسنون ول نظن بهم وبغيرهم إل خيرا اللهم إل من قام
برهان على
سوء نيته وخبث سريرته نعوذ بال تعالى .ثم انه ل دليل على انكارهم ملئكة
جسمانيين مطلقا
ان لم يوجد دليل على خلفه ومن جانب آخر :لم يثبت اجماع المة او المامية على
جسمانية
جميع الملئكة حتى الكروبيين والمهيمين والعالين ان سلم دعوى الجماع جسمانية
بعضهم
وعلى هذا فالمسألة ليست بتلك المثابة التي تتراءى من كلم المؤلف رحمه ال
تعالى .
][204
يخص باسم الكروبيين مال تكون له علقة مع الجسام ولو بالتأثير ،وذهب
أصحاب
الطلسمات إلى أن لكل فلك روحا كليا يدبر أمره ،ويتشعب منه أرواح كثيرة
مثل للعرش أعني الفلك العظم روح يرى أثره في جميع ما في جوفه يسمى
بالنفس
الكلية والروح العظم ،ويتشعب منه أرواح كثيرة متعلفة بأجزاء العرش وأطرافه
كما أن النفس الناطقة تدبر أمر بدن النسان ولها قوة طبيعية وحيوانية و
نفسانية بحسب كل عضور ،وعلى هذا يحمل قوله تعالى " يوم يقوم الروح
والملئكة
صفا ) " ( 1وقوله تعالى " وترى الملئكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد
ربهم ) " ( 2وهكذا سائر الفلك ،وأثبتوا لكل درجة روحا يظهر أثره عند حلول
الشمس تلك الدرجة ،وكذا لكل من اليام والساعات والبحار والجبال والمفاوز
والعمران وأنواع النبات والحيوانات وغير ذلك ،على ما ورد في لسان الشرع
من ملك الرزاق ،وملك البحار ،وملك المطار ،وملك الموت ،ونحو ذلك .
وبالجملة فكما ثبت لكل من البدان البشرية نفس مدبرة فقد أثبتوا لكل نوع
من النواع بل لكل صنف روحا يدبره يسمى بالطبائع ) ( 3التام لذلك النوع
تحفظه عن الفات والمخافات ،ويظهر أثره في النوع ظهور أثر النفس النسانية
للعالم العلوي هو وجود الملئكة فيه ،كما أن أشرف الرتبة للعالم السفلي هو
وجود النسان فيه ،إل أن الناس اختلفوا في ماهية الملئكة وحقيقتهم ،وطريق
ضبط المذاهب أن يقال :الملئكة لبد وأن تكون ذوات قائمة بأنفسها ،ثم إن
تلك الذوات إما أن تكون متحيزة أو ل تكون ،أما الول ففيه أقوال :أحدها
) ( 2الزمر . 75 :
) ( 3كذا .
][205
أنها أجسام لطيفة هوائية تقدر على التشكل بأشكال مختلفة مسكنها السماوات ،و
هذا قول أكثر المسلمين .وثانيها قول طوائف من عبدة الوثان ،وهو أن الملئكة
في الحقيقة هو هذه الكواكب الموصوفة بالسعاد والنحاس ،فإنها بزعمهم أحياء
ناطقة ،وأن المسعدات منها ملئكة الرحمة ،والمنحسات منها هي ملئكة العذاب .
وثالثها :قول معظم المجوس والثنوية ،وهو أن هذا العالم مركب من أصلين
أزليين وهما النور والظلمة ،وهما في الحقيقة جوهران شفاقان حساسان مختاران
قادران متضادا النفس والصورة مختلفا الفعل والتدبير ،فجوهر النور فاضل خير
نقي طيب الريح كريم النفس ،يسر ول يضر ،وينفع ول يمنع ،ويحيي ول
يبلي ،وجوهر الظلمة على ضد ذلك .ثم إن جوهر النور لم يزل يولد الولياء
وهم الملئكة ل على سبيل التناكح بل على سبيل تولد الحكمة من الحكيم والضوء
من المضئ ،وجوهر الظلمة لم يزل يولد العداء وهم الشياطين على سبيل تولد
السفه من السفيه ل على سبيل التناكح ،فهذه أقوال من جعل الملئكة أشياء
متحيزة
جسمانية .
القول الثانى :أن الملئكة ذوات قائمة بأنفسها وليست بمتحيزة ول أجسام
فههنا ،قولن :أحدهما :قول طوائف من النصارى ،وهو أن الملئكة في الحقيقة
هي النفس الناطقة بذاتها المفارقة لبدانها على نعت الصفا والخيرية ،وذلك لن
هذه النفوس المفارقة إن كانت صافيه خالصة فهي الملئكة ،وإن كانت خبيثة كدرة
فهي الشياطين .وثانيها قول الفلسفة وهي أنها جواهر قائمة بأنفسها ليست
بمتحيزة
البتة ،وأنها بالماهية مخالفة لنوع النفوس الناطقة البشرية ،وأنها أكمل قوة
منها وأكثر علما ،وأنها للنفوس البشرية جارية مجرى الشمس بالنسبة إلى
الضواء
ثم إن هذه الجواهر على قسمين :منها :ما هي بالنسبة إلى أجرام الفلك و
الكواكب كنفوسنا الناطقة بالنسبة إلى أبداننا ،ومنها ماهي أعلى شأنا من تدبير
القسم هم
الملئكة المقربون ،ونسبتهم إلى الملئكة الذين يدبرون السماوات كنسبة اولئك
][206
المدبرين إلى نفوسنا الناطقة فهذان القسمان قد اتفقت الفلسفة على إثباتهما .
ومنهم من أثبت أنواعا اخر من الملئكة ،وهي الملئكة الرضية المدبرة لحوال
هذا العالم السفلي .ثم إن مدبرات هذا العالم إن كانت خيرات فهم الملئكة ،و
إن كانت شريرة فهم الشياطين .ثم اختلف أهل العلم في أنه هل يمكن الحكم
بوجودها من حيث العقل أو ل سبيل إلى إثباتها إل بالسمع ؟ فالفلسفة على الول .
أقول :ثم ذكر بعض دلئلهم فقال :وأما الدلئل القلية فل نزاع البتة
بين النبياء عليهم السلم في إثبات الملئكة ،بل ذلك كالمر المجمع عليه بينهم ،
ثم ذكر
كثرة الملئكة وبعض الخبار في ذلك ،ثم قال :رأيت في بعض كتب التذكير أن
النبي صلى ال عليه وآله حين عرج به رأى الملئكة في موضع بمنزلة سوق
بعض ،فسأل رسول ال صلى ال عليه وآله أنهم إلى أين يذهبون ؟ فقال جبرئيل
إل أني أراهم منذ خلقت ،ول أرى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك ،ثم سألوا واحدا
منهم ،وقيل له :منذكم خلقت ؟ فقال :ل أدري غير أن ال تعالى يخلق كوكبا في
كل أربعمائة ألف سنة ،فخلق مثل ذلك الكواكب منذ خلقتني أربعمائة ألف كوكب .
الصناف فأحدها حملة العرش " ويحمل عرش ربك الية ) " ( 1وثانيها الحافون
حول العرش " وترى الملئكة حافين الية " ( 2 ) -وثالثها أكابر الملئكة ،فمنهم
جبرئيل وميكائيل لقوله " جبرئيل وميكال ) " ( 3ثم إنه وصف جبرئيل بامور :
الول أنه صاحب الوحي إلى النبياء " نزل به الروح المين ) " ( 4والثانى أنه
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 206سطر 19إلى صفحه 214سطر 18
أنه قدمه على ميكائيل ،والثالث جعله ثاني نفسه " فإن ال هو موليه وجبرئيل ) 5
("
) ( 2الزمر . 75 :
) ( 3البقره . 98 :
) ( 5التحريم . 4 :
][207
الرابع سماه روح القدس الخامس ينصر أولياءه ويقهر أعداءه مع آلف من
الملئكة مسومين السادس أنه مدحه بصفات ستة " إنه لقول رسول كريم إلى
ومنهم إسرافيل صاحب الصور ،وعزرائيل قابض الرواح ،وله أعوان عليه
ورابعها ملئكة الجنة " والملئكة يدخلون عليهم من كل باب الية ) " ( 2
وخامسها ملئكة النار " عليها تسعة عشر ) " ( 3وقوله " :وما جعلنا أصحاب
النار
إل ملئكة ) " ( 4ورئيسهم مالك " يا مالك ليقض علينا ربك ) " ( 5وأسماء
جملتهم
" الزبانية " سندع الزبانية ) " ( 6وسادسها الموكلون ببني آدم لقوله تعالى "
عن
اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد ) " ( 7وقوله
تعالى :
" له معقبات الية ) . " ( 8وقوله " ويرسل عليكم حفظة ) " ( 9وثامنها
الموكلون
بأحوال هذا العالم " والصافات صفا ) " ( 10وقوله " والمدبرات أمرا ) . ( 11
وعن ابن عباس قال :إن ل ملئكة سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق
الشجر ،فإذا أصاب أحدكم عجزة بأرض فلة فليناد :أعينوا عبادال رحمكم ال .
وأما أوصاف الملئكة فمن وجوه :أحدها أنهم رسل ال " جاعل الملئكة
) ( 2الرعد . 23 :
) ( 8الرعد . 11 :
) ( 9النعام . 61 :
) ( 10الصافات . 1 :
) ( 11النازعات . 5 :
][208
بالشرف وهو المراد من قوله سبحانه " ومن عنده ل يستكبرون ) " ( 3وقوله "
بل
عباد مكرمون ) " ( 4وثالثها وصف طاعاتهم ،وذلك من وجوه :الول قوله
تعالى
حكاية عنهم " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) " ( 5وقولهم " وإنا لنحن
الصافون
وإنا لنحن المسبحون ) " ( 6وال تعالى ما كذبهم في ذلك .الثانى مبادرتهم إلى
امتثال أمر ال ،وهو قوله " فسجد الملئكة كلهم أجمعون ) " ( 7الثالث :أنهم ل
يفعلون
إل بوحيه وأمره وهو قوله تعالى " ل يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) . " ( 8
ورابعها :وصف قدرتهم وذلك بوجوه :الول :أن حملة العرش وهم ثمانية
السبع لقوله تعالى " وسع كرسيه السماوات والرض ) " ( 9والثانى أن علو
العرش
شئ ل يحيط به الوهم ،ويدل عليه قوله تعالى " تعرج الملئكة والروح إليه في
يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) " ( 10ثم إنهم لشدة قدرتهم ينزلون منه في
لحظة
واحدة الثالث :قوله تعالى " ونفخ في الصور الية ) " ( 11فصاحب الصور بلغ
في القوة إلى حيث إن بنفخة واحدة منه يصعق من في السماوات والرض ،
وبالثانية
) ( 2الحج . 75 :
) ( 3النبياء . 19 :
) ( 4النبياء . 26 :
) ( 5البقرة . 30 :
) ( 7ص . 73 :
) ( 8النبياء . 27 :
) ( 9البقرة ( 10 ) . 255 :المعارج . 4 :
) ( 11يس . 51 :
][209
منه يعودون أحياءا الرابع أن جبرئيل بلغ من قوته أن قلع جبال آل لوط
وخامسها :وصف خوفهم ويدل عليه بوجوه ،الول :أنهم مع كثرة عبادتهم
وعدم إقدامهم على الرلت يكونون خائفين وجلين حتى كأن عباداتهم معاصي
قال تعالى " :يخافون ربهم من فوقهم ) " ( 1وقال " وهم من خشيته مشفقون )
."(2
الثانى :قوله تعالى " حتى إذا فزع عن قلوبهم الية ) " ( 3روي في
التفسير أن ال تعالى إذا تكلم بالوحي سمعه أهل السماوات مثل صوت السلسلة
على
الصفوان ،ففزعوا ،فإذا انقضى الوحي قال بعضهم لبعض :ماذا قال ربكم ؟ قالوا
الثالث :روى البيهقي في شعب اليمان عن ابن عباس قال :بينما رسول ال
صلى ال عليه وسلم بناحية ومعه جبرئيل عليه السلم إذا انشق افق السماء فأقبل
جبرئيل
يتضاءل ويدخل بعضه في بعض إلى آخر ما سيأتي برواية السيوطي في الباب
وأقول :وإن قال في أول كلمه إن أكثر المسلمين قالوا بتجسم الملئكة
لكن يظهر من آخر كلمه أن المخالف في ذلك ليس إل النصارى والفلسفة الذين
لم يؤمنوا بشريعة ،وتكلموا في جميع أمورهم على آرائهم السخيفة ،وعقولهم
الضعيفة ) . ( 5
وأقول :سئل المرتضى :نزول جبرئيل بالوحي في صورة دحية الكلبي كيف
) ( 2المؤمنون . 58 :
) ( 3السبا . 23 :
) ( 5هب ان الظاهر من آخر كلمه ذلك فهل يصح رفع اليد عن صريح الصدر
بظاهر
][210
كان يتصور بغير صورته ؟ هو القادر عليها أو القديم تعالى يشكل صورة وليست
صورة
جبرئيل ؟ فإن كان الذي يسمع من القرآن من صورة غير جبرئيل ففيه ما فيه ،و
إن كان من جبرئيل فكيف يتصور بصورة للبشر ؟ وهذه القدرة قد رويت أن إبليس
يتصور وكذلك الجن ،اريد أن توضح أمر ذلك ،وما كان يسمعه جبرئيل
من الوحي من البارئ تعالى أو من حجاب وكيف كان يبلغة ؟ وهل جبرئيل يعلم
من صفات البارئ أكثر مما نعلمه أو مثله ؟ وأين محله من السماء ؟ وهل القديم إذا
خطر ببال جبرئيل يكون متحيرا فيه مثلنا ،ويكون سبحانه ل تدركه الوهام أو
فأجاب رحمه ال بأن نزول جبرئيل بصورة دحية كان بمسألة من النبي
صلى ال عليه وآله ل تعالى في ذلك ،فأما تصوره فليس بقدرته ،بل ال يصوره
كذلك صورة حقيقة ل تشكيل ،والذي كان يسمعه النبي صلى ال عليه وآله من
القرآن كان
من جبرئيل في الحقيقة ،وأما إبليس والجن فليس يقدرون على التصور ،وكل
قادر بقدرة فحكمهم سواء في أنهم ل يصح أن يصوروا نفوسهم ،بل إن اقتضت
المصلحة
أن يتصور بعضهم بصورة صوره ال للمصلحة ،فأما جبرئيل عليه السلم وسماعه
الوحي
فأما ما يعلم جبرئيل من صفات ال فطريقه الدليل ،وهو والعلماء فيه واحد ،فأما
محله من السماء فقد روي أنه في السماء الرابعة ،فأما ما يخطر بباله فل يجوز أن
يتحير فيه ،لن جبرئيل معصوم ل يصح أن يفعل قبيحا ) انتهى ( وفي بعض ) ( 1
وسئل رحمه ال أيضا :إذا حصل أهل الجنة في الجنة ما حكم الملئكة ؟
* ) هامش ( * ) ( 1وكذا في بعض ما يأتى منه ،وامثال هذه مما صدر عن اجلة
اسلفنا من عدم اختصاص الخطا بالفلسفة والمتفلسفين ،لكن كأنه ل يناسب عظم
شأن الفقهاء
ال مثل هذا الكلم " في بعض ما افاده نظر " ولول مخافة الطالة ل شرنا إلى
مواقع النظر
في كلمه وما يترتب عليه من اللوازم غير المرضية والى تحقيق القول في المسائل
المذكورة .
][211
هل يكونون في جنة بني آدم أو غيرها ؟ وهل يراهم البشر ؟ وهم يأكلون ويشربون
مثل البشر أو تسبيح وتقديس ؟ وهل يسقط عنهم التكليف ؟ وكذلك الجن .
أن يكونوا في جنة سواها ،فإن الجنان كثيرة جنة الخلد ،وجنة عدن ،وجنة
المأوى ،وغير ذلك مما لم يذكره ال تعالى .فأما رؤية البشر لهم فل يصلح إل
على
أحد وجهين :إما أن يقوي ال تعالى شعاع بصر البشر ،أو يكثف الملئكة .فأما
الكل والشرب فتجوز ،وال تعالى يثيبهم بما فيه لذتهم ،فإن جعل لذتهم في
الكل والشرب جاز .وأما التكليف فإنه يسقط عنهم ،لنه ل يصح أن يكونوا
مكلفين مثابين في حالة واحدة .والكلم في الجن يجري هذا المجرى .
وقال الشيخ المفيد رحمه ال -في كتاب المقالت :القول في سماع الئمة
عليهم السلم كلم الملئكة الكرام وإن كانوا ل يرون منهم الشخاص .وأقول
المعصومين
من الضلل ،وقد جاءت بصحته وكونه في الئمة عليهم السلم وكذا سميت من
شيعتهم الصالحين البرار الخيار واضحة الحجة والبرهان .وهو مذهب فقهاء
المامية
وأصحاب الثار منهم ،وقد أباه بنو نوبخت وجماعة من أهل المامة ل معرفة لهم
وقال -رحمه ال -في رؤية المحتضر الملئكة جائز من أن يراهم ببصره بأن
وقال :القول في نزول الملكين على أصحاب القبور ومساءلتهما العتقاد :
وأقول :إن ذلك صحيح وعليه إجماع الشيعة وأصحاب الحديث .وتفسير مجمله
أن ال تعالى ينزل على من يريد تنعيمه بعد الموت ملكين اسمهما مبشر ،وبشير
فيسألنه عن ربه جلت عظمته وعن نبيه ووليه عليهم السلم فيجيبهما بالحق الذي
فارق
الدنيا على اعتقاده والصواب ،ويكون الغرض في مساءلتهما استخراج العلمة بما
][212
يستحقه من النعيم ،فيجد لذتها منه في الجواب .وينزل جل جلله على من يريد
جوابه من
التلجلج عن الحق ،أو الخبر عن سوء العتقاد ،أو إبلسه وعجزه عن الجواب .
وأما ما ذكره السيد الداماد -رحمه ال -تبعا للفلسفة حيث قال :من الدائر
على اللسن أن وصف القرآن بالنزول التي ل يتصف به إل المتحيز بالذات دون
العراض وسيما غير القارات كالصوات إنما هو بتبعية محله ،سواء اخذ حروفا
ملفوظة ،أو معاني محفوظة ،وهو الملك الذي يتلقف الكلم من جناب الملك العلم
تلقفا سماعيا ،أو يتلقاه تلقيا روحانيا ،أو يتحفظه من اللوح المحفوظ ثم ينزل
به على الرسول ،ول يتمشى هذا النمط إل على القول بتجسم الملئكة .وإنما
الحكماء
أرضية وسماوية ،جسمانية وقد سانية ،وفي القبائل شعوب وطبقات ،كالقوى
النازل
بالوحي النافث في أرواح اولي القوة القدسية بإذن ال سبحانه " وما يعلم جنود
ربك
إل هو ) " ( 3وفي الحديث عنه عليه السلم " أطت السماء وحق لها أن تئط ،ما
فيها موضع قدم إل وفيه ملك ساجد أو راكع " فالمر غير خفي ،اللهم إل أن
يسمى ظهورهم العقلني لنفوس النبياء عليهم السلم نزول ،تشبيها للهيولى
العقلي و
العتلق الروحاني بالنزول الحسي والتصال المكاني ،فيكون قولنا نزول الملك
) ( 2القادسة ) ظ ( .
) ( 3المدثر . 31 :
][213
استعارة تبعية ،وقولنا نزل الفرقان مجازا مرسل بتبعية تلك الستعارة التبعية .
قلت :ل يطمئن مني أحد من الناس أن أستصح ذلك بجهة من الجهات ،وإن فيه
شقا لعصا المة بفرقها المفترقة ،وأحاديثها المتواترة ،وخرقا للقوانين العقلية
الفلسفية ،ونسخا للضوابط المقررة البيانية ،فالمة مطبقة على أن النبي صلى ال
عليه وآله
يرى جبرئيل عليه السلم وملئكة ال المقربين ببصره الجسماني ،ويسمع كلم ال
الكريم على لسانهم القدسي بسمعه الجسماني ،وقوائم الحكمة قائمة بالقسط أنه
إنما ملك الرؤية البشرية والبصار الحسي انطباع الصورة في الحس المشترك و
إنما المبصر المرئي بالحقيقة من الشئ الماثل بين يدي الحس الصورة الذهنية
المنطبعة ،وأما ذوالصورة بهويته العينية ومادته الخارجية فمبصر بالعرض ،
مرئي
بالمجاز ،وإن كان مثوله العيني شرط البصار ،والجليديتان هما مسلكا التأدية
ل لوحا النطباع ،وعلى هذه السنة شاكلة السمع أيضا ،والفاضة مطلقا من تلقاء
واهب الصور فإذا كانت النفس واغلة الهمة في الجنبة الجسدانية ،طفيفة النجذاب
إلى صقع الحق وعالم القدس لم يكن لنبطاسياها سبيل إلى التطبع بالصورة
من تلقاء واهب الصور إل من مسلك الحاسة الظاهرة ،ومثول المادة الخارجية
بين يديها ،فأما إذا كانت قدسية الفطرة ،مستنيرة الغريزة في جوهر جيلتها
المفطورة
ثم في سجيتها المكسوبة ،صارت نقية الجوهر ،طاهرة الذات ،أكيدة العلقة بعالم
العقل ،شديدة الستحقاق لعالم الحس قاهرة الملكة ،قوية المنة على خلع البدن
ورفض الحواس ،والنصراف إلى صقع القدس حيث شاءت ومتى شاءت بإذن
ربها ،وقوتها المتخيلة أيضا قليلة النغماس في جانب الظاهر ،قوية التلقي من
عالم الغيب ،فإنها تخلص من شركة الطبيعة ،وتعزل اللحظ عن الجسد في اليقظة
فترجع إلى عالمها ،وتتصل بروح القدس ،وبمن شاء ال من الملئكة المقربين ،
و
تستفيد من هنالك العلم والحكمة بالنتقاش على سبيل الرشح كمرآة مجلوة حوذي
بها
شطر الشمس ،ولكن حيث إنما يومئذ في دار غريبتها ) ( 1بعد بالطبع ،ولم
تنسلخ عن علقتها
][214
الطبيعية بتدبر جيوشها الجسدية ،وامورها البدنية ،تكون مثالها فيما تناله بحسب
ذلك الشأن وتلك الدرجة تحول الملك لها على صورة مادية متمثلة في شبح بشري
ينطبق بكلمات إلهية مسموعة منظومة ،كما قال عز من قال " فأرسلنا إليها روحنا
فتمثل لها بشرا سويا " ) ( 1وأعني بذلك ارتسام الصورة في لوح النطباع ل من
سبيل
المبصر من المواد الخارجية إلى لوح النطباع ،ثم منه إلى الخيال والمتخيلة
ثم يصعد المر إلى النفس العاقلة ،وفي إبصار الملك وسماع الوحي وهما البصار
والسماع الصريحان ينعكس الشأن ،فينزل الفيض إلى النفس من عالم المر ،فهي
تطالع شيئا من الملكوت مجردة غير مستصحبة لقوة خيالية أو وهمية أو غيرهما
ثم يفيض عن النفس إلى القوة الخيالية ،فتخيله مفصل منضما بعبارة منظومة
مسموعة ،فتمثل لها الصورة في الخيال من صقع الرحمة وعالم الفاضة ،ثم
تنحدر
الصورة المتمثلة والعبارة المنتظمة من الخيال والمتخيلة إلى لوح النطباع ،وهو
الحس المشترك ،فتسمع الكلم ،وتبصر الصورة ،فهذا أفضل ضروب الوحي و
اليحاء ،ويقال إنه مخاطبة العقل الفعال للنفس بألفاظ مسموعة مفصلة ،وله
أنحاء
مختلفة ،ومراتب متفاصلة ،بحسب درجات للنفس متفاوتة ،وقد يكون في بعض
المر يعم
الجهات بأسرها في حالة واحدة .وفي الحديث أن الحارث بن هشام سأل رسول ال
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 214سطر 19إلى صفحه 222سطر 18
كيف يأتيك الوحي ؟ قال :أحيانا يأتي مثل صلصلة الجرس وهو أشد علي فيفصم
عني وقد وعيت عنه ما قال ،وأحيانا يمثل إلي الملك رجل فيكلمني ،فأعي ما يقول
.
وربما تكون النفس المتنورة صقالتها في بعض الحايين أتم ،وسلطانها على قهر
][215
الحس والتصال بروح القدس استئناسها بجوهر ذاته المجردة منه بالشبح المتمثل
فتشاهده ببصر ذاته العاقلة ،ويستفيد منه وهو في صورته القدسية كما ورد في
الحديث
أن جبرئيل أتى النبي صلى ال عليه وآله مرة في صورته الخاصة كأنه طبق
هذه الضروب لسائر درجاته ما يتفق له من القوة القدسية نصيب مرتبة النبوه أن
يرى ملئكة ال ويسمع كلم ال ولكن في النوم ل في اليقظة .وسبيل القول فيه
أيضا مادريت ،إل أن المر هناك ينتهي إلى القوة المتخيلة ويقف عندها بمحاكاتها
وتنظيمها وتفصيلها لما قد طالعته النفس من عالم الملكوت ،من دون انحدار
الصورة
المتمثلة والعبارة المنتظمة منها إلى الحس المشترك .فأما الرؤيا الصالحة لنفوس
العرفاء والصالحين فواقعة في هذا الطريق ،غير واصلة إلى درجة النبوة وبلوغ
الغاية .وفي الحديث أنها جزء من ستة وأربعين أو سبعين جزء من النبوة ،على
البناء للمفعول من التحديث -وهم الذين يرفضون عالم الشهادة ويصعدون إلى
يعاينون
شخصا متشبحا .وفي كتاب الحجة من الكتاب الكافي لشيخ الدين أبي جعفر الكليني
-
رضي ال عنه -باب في الفرق بين الرسول والنبي صلى ال عليه وآله والمحدث ،
وأن الئمة
فقد
استبان أن قولنا " نزل الملك " مجاز عقلي مستعمل طرفاه في معنييهما الحقيقيين
والتجوز فيه في السناد ،إذ النزول حقيقة منسوب إلى الصورة المتشبحة المتمثلة
وقد اسند بالعرض إلى الجوهر المجرد القدسي وهو الملك ،وليس هو من
الستعارة في شئ أصل ،كما قولنا " تحرك جالس السفينة " وقولنا " :أنا
متحرك "
و " أنا ساكن " وقولنا " رأيت زيدا " إذا عنينا به شخصه الموجود في الخارج
بهويته
العينية ل صورته الذهنية المرئية المنطبعة في الحس المشترك وسائر المقولت في
وجود
التصافات بالعرض كلها على هذه الشاكلة .وأما " .نزل الفرقان " فمجاز مرسل
][216
ل تباعه استعارة تبعية ،بل من حيث إن النازل على الحقيقة محله وهو تلك
الصورة
البشرية المتشبحة النازلة أو تجوز عقلي ل في شئ من الطرفين بل في السناد ،
على
أن الصوات والحروف واللفاظ ليست أعراضا حالة في لسان المتكلم ،بل هي
ان قلت :بنيت المر فيما أفدت على القول بالنطباع في باب الرؤية ،فما
سبيل القول هنالك على المذهبين الخرين وهما خروج الشعاع أي في فيضانه من
المبدء الفياض منبثا في الهواء المتوسط بين الجليدية وسطح المرئي على هيئة
المخروط
قلت :لست أكثرث لذلك ،إذ إنما يسمى ذلك الخلف وتثليث القول في
المواد الخارجية والرؤية من مسلك الجليدية ،ومن مذهب الظاهر ،ل في البصار
من سبيل الباطن ومذهب الغيب من دون الخذ من مادة خارجية .ثم الراء
الثلثة متحاذية القدام في تطابق اللوازم واتحاد الحكام ،حذوالقذة بالقذة .
والسواد العظم على مسلك النطباع ،ويشبه أن يكون الحق ل يتعداه ،وما
يتجشمه فرق من فرق الضافة الشراقية من إثبات صور معلفة خيالية في عالم
معلق مثالي ليستتب المر في صور المرايا والصور الخيالية وامور اليحاءات
ومواعيد النبوات .قلت :ل أجد ل تجاه البرهان إليه مساقا ،بل أجده بتماثيل
الصوفية أشبه منه بقوانين الحكماء ،وحق القول الفصل فيه على ذمة كتبنا
فلعله -رحمه ال -حاول تحقيق المر على مذاق المتفلسفين ،ومزج رحيق
الحق بمموهات آراء المنحرفين عن طرق الشرع المبين ،مع تباين السبيلين ،و
وضوح الحق من البين ،وقد اتضح بما أسلفنا صريح المر لذي عينين ،وسنذكر
][217
عن محمد بن عبد ال بن المطلب الشيباني ،عن جعفر بن محمد بن جعفر العلوي
عن عبدال بن عمر بن الخطاب الزيات ،عن خاله علي بن نعمان العلم ،عن
عمير بن
المتوكل الثقفي البلخي ،عن أبيه المتوكل بن هارون ،عن أبي عبدال الصادق
عليه السلم
عن أبيه الباقر ،عن جده ،علي بن الحسين عليهم السلم .وبإسنادنا عن محمد بن
أحمد بن
بن محمد
بن يحيى بن الحسن المعروف بابن أبي طاهر العلوي ،عن محمد بن مطهر
الكاتب ] ،عن
أبيه [ عن محمد بن شلقان المصري ،عن علي بن النعمان -إلى آخر السند المتقدم
-
قال :وكان من دعائه عليه السلم في الصلوة على حملة العرش وكل ملك مقرب :
اللهم
يستحسرون
عن عبادتك ،ول يؤثرون التقصير على الجد في أمرك ،ول يغفلون عن الوله إليك
وإسرافيل صاحب الصور الشاخص الذي ينتظر منك الذن ،وحلول المر ،فينبه
بالنفخة صرعى رهائن القبور ،وميكائيل ذوالجاه عندك ،والمكان الرفيع من
طاعتك
وجبريل المين على وحيك ،المطاع في أهل سماواتك ،الملكين لديك ،المقرب
عندك ،والروح الذي هو على ملئكة الحجب ،والروح الذي هو من أمرك .
اللهم فصل عليهم وعلى الملئكة الذين من دونهم ،من سكان سماواتك ،وأهل
المانة على رسالتك ،والذين ل يدخلهم سأمة من دؤوب ،ول إعياء من لغوب ،
ول
فتور ،ول تشغلهم عن تسبيحك الشهوات ،ول يقطعهم عن تعظيمك سهو الغفلت
كبريائك ،والذين يقولون إذا نظروا إلى جهنم تزفر على أهل معصيتك :سبحانك
الزلفة عندك ،وحملة الغيب إلى رسلك ،والمؤتمنين على وحيك ،وقبائل الملئكة
][218
بطون أطباق سماواتك .والذين هم على أرجائها إذا نزل المر بتمام وعدك ،و
خزان المطر ،وزواجر السحاب ،والذي بصوت زجره يسمع زجل الرعود ،و
إذا سبحت به حفيفة ) ( 1السحاب التمعت صواعق البروق ،ومشيعي الثلج والبرد
،و
الهابطين مع قطر المطر إذا نزل ،والقوام على خزائن الرياح ،والموكلين بالجبال
فل تزول ،والذين عرفتهم مثاقيل المياه ،وكيل ما تحويه لواعج المطار وعوالجها
ورسلك من الملئكة إلى أهل الرض بمكروه ما ينزل من البلء ،ومحبوب الرخاء
والسفرة الكرام البررة ،والحفظة الكرام الكاتبين ،وملك الموت وأعوانه ،و
منكر ونكير ،ومبشر وبشير ورومان فتان القبور ،والطائفين بالبيت المعمور
والزبانية الذين إذا قيل لهم " خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه " ابتدروه سراعا
ولم ينظروه ،ومن أوهمنا ذكره ولم نعلم مكانه منك وبأي أمر وكلته ،وسكان
الهواء والرض والماء ،ومن منهم على الخلق ،فصل عليهم يوم تأتي كل نفس
معها سائق وشهيد ،وصل عليهم صلوة تزيدهم كرامة على كرامتهم ،وطهارة
على
طهارتهم .اللهم وإذا صليت على ملئكتك ورسلك وبلغتهم صلواتنا ) ( 2عليهم
فصل
علينا بما فتحت لنا من حسن القول فيهم ،إنك جواد كريم .
الكاملة المشهورة ،ورواية الشيخ ورواية المطهري كما فصلناه في آخر المجلدات
.
" اللهم وحملة عرشك الذين ل يفترون من تسبيحك " وفي رواية الحسني " عن
][219
تسبيحك " والواو في قوله " وحملة " للعطف على الجمل المتقدمة في الدعاء
السابق
أو من قبيل عطف القصة على القصة .وقيل :زائدة ،وقيل :استئنافية و
قيل :عطف بحسب المعنى على قوله " اللهم " فإنه أيضا جملة لنه بتأويل "
أدعوك "
ول يخفى بعد ما سوى الولين ،وقوله " وحملة " مبتدأ ،وخبره مقدر ،أي " هم
مستحقون لن نصلي عليهم " ويحتمل أن يكون " فصل عليهم " خبرا بتأويل
مقول
في حقه ،فدخول الفاء إما على مذهب الخفش حيث جوز دخول الفاء على الخبر
مطلقا ،أو بتقدير " أما أو باعتبار الكتفاء بكون صفة المبتدأ موصول ،ويحتمل
أن يكون الموصول خبرا ل صفة ،وكذا " صاحب " في الثاني و " ذوالجاه " في
الثالث " والمين " في الرابع .وكذا الموصول في الخيرين ،أو يقدر فيهما
بقرينة
ما سبقهما " هما مقربان عندك " وقد مضى الكلم في معاني العرش وحملته وإن
كان
الظهر هنا كون المراد بالعرش الجسم العظيم وبحملته الملئكة الذين يحملونه
والفتور
النكسار والضعف " .ول يسأمون من تقديسك " سئم من الشئ كعلم مل أي
ل يحصل لهم من التسبيح والتقديس سأمة وملل ،بل يتقوون بهما كما مر ،و
الول على تنزيه الذات والثاني على تنزيه الصفات والفعال ،ويحتمل وجوها
اخر " .ول يستحسرون عن عبادتك " الستحسار استفعال من " حسر " إذا أعيا
وتعب ،وعدم مللهم لشدة شوقهم ،وكون خلقتهم خلقة ل يحصل بها لهم الملل
بكثرة العمال " .ول يؤثرون التقصير على الجد في أمرك " اليثار الختيار
والجد بالكسر :الجتهاد والسعي " ول يغفلون عن الوله إليك " الوله محركة
الحزن ،أو ذهاب العقل حزنا ،والحيرة والخوف .ولعل المراد هنا التحير في
غرائب خلقه سبحانه ،أو لشدة حبهم له تعالى ،أو للخوف منه جل وعل ،
والوسط
وإسرافيل هو ملك موكل بنفخ الصور ،والصور هو قرنه الذي ينفخ فيه كما
قال سبحانه " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الرض إل من
شاء ال
][220
ثم نفخ فيه اخرى فإذا هم قيام ينظرون ) " ( 1وقال تعالى " إن كانت إل صيحة
واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ) " ( 2وقد مر تفصيله في كتاب المعاد .
" الشاخص الذي ينتظر منك الذن " أي شخص ببصره ،ل يطرف من يوم
خلقته انتظارا لما سوف يؤمر به بعد انقضاء أمر الدنيا ،والمرتفع الماد عنقه لذلك
أو الرفيع الشأن والول أظهر .قال الفيروز آبادي :شخص كمنع شخوصا :
ارتفع ،وبصره :فتح عينيه وجعل ل يطرف ،وبصره :رفعه .والذن في النفخ
والمر أيضا فيه ،أو المراد أمر القيامة " فينبه بالنفخة صرعى رهائن القبور "
في
) انتهى ( والصريع يطلق على الميت ،وعلى المقتول ،لنهما يطرحان على
الرض
وفي القاموس :الرهن :ما وضع عندك لينوب مناب ما اخذ منك ،وكل ما احتسب
به شئ فرهينة ،وراهن الميت القبر ضمنه إياه والرهينة كسفينة واحد الرهائن .
فيها إلى يوم البعث ،أو من ارتهن بعمله في القبر كما قال تعالى " :كل نفس بما
كسبت رهينة " ) ( 3وروي عن النبي صلى ال عليه وآله :إن أنفسكم مرهونة
بأعمالكم ففكوها
إلى المفعول كقولهم " يا سارق الليلة أهل الدار " وكما فيل في " مالك يوم الدين
"
أي مالك الشياء يوم الدين .ثم اعلم أن أكثر نسخ الصحيفة متفقة على نصب
" الرهائن " فهو إما بدل عن " صرعى " أو حال أو بيان أو صفة ،لن الضافة
لفظية .وفي رواية " ابن أشناس " بالجر بالضافة ،والول أصوب ،ثم إنه
عليه السلم اقتصر على ذكر النفخة الثانية لنه أشد وأفظع لتصالها بالقيامة
واحتمال كون الكلم مشتمل عليهما بأن يكون في الذن والمر إشارة إلى الولى
) ( 2يس . 53 :
) ( 3المدثر . 38 :
][221
الخلق كملئكة السحب والرعود والبروق والرياح والمطار وغير ذلك وفي اسمه
لغات
قال الزمخشري :قرئ " ميكال " بوزن قنطار ،و " ميكائيل " بوزن " ميكاعيل
"
] و " ميكئيل " كميكعيل و " ميكائل " كميكاعل [ و " ميكئل " كميكعل .قال
ابن جني :العرب إذا نطقت بالعجمي خلطت فيه ) انتهى ( والجاه :القدر والمنزلة
" والمكان الرفيع من طاعتك " لعل المراد بالمكان المكانة والمنزلة ،وبالرفعة
العلو
المعنوي و " من " ابتدائية أي رفعة مكانه بسبب إطاعتك ،أو تبعيضية أي له من
وجبرئيل من أعاظم الملئكة ،وفي ساير روايات الصحيفة " جبرئيل " بالكسر
أو بالفتح ،وفيه أيضا لغات ،قال الزمخشري :قرئ " جبرئيل " بوزن فقشليل ،
و
" جبرئل " بحذف الياء ،و " جبريل " بحذف الهمزة و " جبريل " بوزن قنديل و
" جبرال " باللم المشددة ،و " جبرائيل " بوزن جبراعيل ،و " جبرائيل "
بوزن
جبراعل ) انتهى ( وقيل :معناه عبدال ،وقيل :صفوة عبدال ،وقيل :صفوة ال
وهو عليه السلم حامل الوحي ،إما على جميع النبياء ،أو إلى اولي العزم منهم ،
أو إلى
بعض من غير اولي العزم أيضا " .والمطاع في أهل سماواتك " أي هم جميعا
يطيعونه
بأمر ال ،والفقرتان إشارتان إلى قوله تعالى " مطاع ثم أمين " ) . ( 1
" المكين لديك " المكين " ذوالمكانة والمنزلة ،و " لدى " ظرف مكان بمعنى
" عند " كلدن ،إل أنهما أقرب مكانا من " عند " وأخص منه فإن عند يقع على
مكان
وغيره ،تقول " لي عند فلن مال " أي في ذمته ،ول يقال ذلك فيهما .
" والروح الذي هو على ملئكة الحجب " قد مر ذكر الحجب ،ويدل على
أن الروح رئيس الملئكة الموكلين بالحجب والساكنين فيها ،والظاهر أنه شخص
واحد موكل بالجميع ،ويحتمل أن يكون اسم جنس ،بأن يكون لملئكة كل حجاب
][222
" والروح الذي هو من أمرك " إشارة إلى قوله تعالى " ويسألونك عن الروح
قال الروح من أمر ربي " ) ( 1وظاهر هذه الفقرة أن الروح من جنس الملئكة أو
شبيه بهم ذكر بينهم تغليبا ل الروح النساني .واختلف المفسرون فيه كما سيأتي
في باب النفس والروح ،فقيل :إنه روح النسان ) ، ( 2وقيل :إنه جبرئيل ،و
ظاهر الدعاء المغايرة .وقيل :إنه ملك من عظماء الملئكة وهو الذي قال
تعالى " يوم يقوم الروح والملئكة صفا " ) ( 3وروي عن أمير المؤمنين عليه
السلم أن
له سبعين ألف وجه ،لكل وجه سبعون ألف لسان ،لكل لسان سبعون ألف لغة
يسبح ال بتلك اللغات كلها ،يخلق ال تعالى بكل تسبيحة ملكا يطير مع الملئكة
إلى يوم القيامة ،ولم يخلق ال خلقا أعظم من الروح غير العرش ،ولو شاء أن
يبلع
السماوات والرضين السبع بلقمة واحدة لفعل .والجواب حينئذ أنه من غرايب
خلقه تعالى وقيل :خلق عظيم ليس من الملئكة وهو أعظم قدرا منها وهذا أظهر
من سائر الخبار كما رواه الكليني وعلي بن إبراهيم والصفار وغيرهم بالسانيد
الصحيحة عن أبي بصير ،قال :سألت أبا عبدال عليه السلم عن قول ال عزوجل
" يسألونك
عن الروح قل الروح من أمر ربي " قال :خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ،كان
مع رسول ال صلى ال عليه وآله وهو مع الئمة عليهم السلم وهو من الملكوت )
. ( 4وروى الكليني
بإسناده أنه أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلم يسأله عن الروح أليس هو جبرئيل
؟ فقال
له أميرالمؤمنين عليه السلم :جبرئيل من الملئكة ،والروح غير جبرئيل ،فكرر
ذلك
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 222سطر 19إلى صفحه 230سطر 18
عل الرجل ،فقال له :لقد قلت عظيما من القول ! ما يزعم أحد أن الروح غير
جبرئيل .فقال له أميرالمؤمنين عليه السلم :إنك ضال تروي عن أهل الضلل ،
يقول ال
) ( 3النبا . 38 :
][223
عزوجل لنبيه صلى ال عليه وآله " ينزل الملئكة بالروح ) " ( 1والروح غير
الملئكة ) . ( 2و
قد مرت الخبار في ذلك .فذكره عليه السلم الروح في دعاء الملئكة إما تغليبا كما
عرفت ،أو بزعم المخالفين تقية " وعلى الملئكة الذين من دونهم " أي بحسب
المكان
الظاهري ،لن السابقين كانوا حملة العرش والكرسي والساكنين فيهما ،وفي
الحجب
وتلك فوق السماوات السبع ،أو بحسب المنزلة والرتبة ،أو بحسبهما معا .
" وأهل المانة على رسالتك " يدل على عدم انحصار التبليغ في جبرئيل
عليه السلم فيمكن أن يكون نزولهم على غير اولي العزم أو إليهم أيضا نادرا كما
يدل عليه بعض الخبار ،أو المراد بهم الوسائط بينه تعالى وبين جبرئيل ،كالقلم
واللوح وإسرافيل وغيرهم كما مر ،وفي بعض الخبار القدسية عن رسول ال
صلى ال عليه وآله عن جبرئيل ،عن ميكائيل ،عن إسرافيل ،عن اللوح ،عن
القلم
عن ال عزوجل .أو المراد بهم الرسل إلى ملئكة السحاب والمطر والعذاب و
الذين اثبت فيهما جميع الكتب السماوية ،أو الذين ينزلون على النبياء والوصياء
" والذين ل تدخلهم سأمة من دؤوب ول إعياء من لغوب ول فتور " السأمة
المللة والتضجر ،والدؤوب التعب :والعياء والعجز واللغوب أيضا العياء ،
ومنه
قوله " وما مسنا من لغوب " ويمكن الفرق باختلف مراتب التعجب والعجز ،
وهذه
الفقرة إما تعميم بعد التخصيص ،فإن هذا وما سيأتي حال جميع الملئكة ،فتشمل
ملئكه الرض أيضا ،بل ملئكة الحجب والعرش والكرسي ،أو تخصيص بعد
التعميم لذكر بعض الصفات الظاهرة الختصاص بالبعض فيما بعد ،ول ينافي عموم
هذه الصفات ،لنها كمال لهم أيضا ،ومجموع الصفات مختصة بهم ،أو يكون
العطف
][224
للتفسير لبيان بعض الصفات الخر الثابتة لهم ،ولذكر ما يستحقون به الصلة من
الفضائل .
" ول تشغلهم عن تسبيحك الشهوات " أي ليست لهم شهوة حتى تشغلهم " ول
يقطعهم عن تعظيمك سهو الغفلت " إضافة السهو إلى الغفلت من قبيل إضافة
المسبب
إلى السبب .أو الجزء إلى الكل ،أو بيانية أي ل يمنعهم عن ذكره عظمتك أو
العبادات
الغفلت
أو هو عينا " الخشع البصار فل يرومون النظر إليك " ] في النسخ المشهورة "
فل
يرمون النظر إليك " [ والخشوع الخضوع ،وخشوع العين :التذلل بها وعدم
رفعها عن
الرض أو غمضها أو الروم :الطلب ولعل المراد أنهم ينظرون إلى جهة أقدامهم
حياء أو
خوفا ،أو إلى الجهة التي جعلها ال قبلتهم ،ول يرفعون أبصارهم إلى جهة العرش
ويحتمل أن يكون المراد النظر القلبي أي ليتفكرون في كنة ذاتك وصفاتك ،و
مال يصل إليه عقولهم من معارفك " النواكس العناق الذين قد طالت رغبتهم فيما
لديك " في أكثر الروايات " النواكس الذقان " وعلى التقديرين هو أن يطأطئ
رأسه
وهو أزيد تذلل من الخشوع ،والمراد بمالديه الدرجات الغالية المرتفعة ،ويحتمل
أن يكون لهم بعض اللذات غير الطعام والشراب .والظاهر أن الوصفين لطائفة
" المستهترون " بصيغة المفعول قال الجوهري :فلن مستهتر بالشراب أي
مولع به ل يبالي ما قيل فيه .واللء :النعم واحدها " ألى " بالفتح وقد يكسر مثل
معى
وأمعاء ،أي هم ملتذذون حريصون في ذكر نعمائك الظاهرة والباطنة عليهم وعلى
غيرهم " والمتواضعون دون عظمتك وجلل كبريائك " التواضع :التذلل ،و "
دون "
معناه أدنى مكان من الشئ ،ثم استعمل بمعنى قدام الشئ وعنده وبين يديه مستعارا
من معناه الحقيقي وهو ظرف لغو متعلق بمتواضعون ،والجلل والكبرياء :العظمة
بالصفات " والذين يقولون إذا نظروا إلى جهنم تزفر على أهل معصيتك " قال
][225
الجوهري :الزفير اغتراق النفس للشدة ،والزفير أول صوت الحمار ،والشهيق
آخره .وقال الفيروزى ابادي :زفر يزفر زفرا وزفيرا :أخرج نفسه بعد مده إياه ،
و
النار سمع لتوقدها صوت ) انتهى ( أي إذا سمعوا زفير جهنم على العاصين خافوا
من
تنزهك تنزيها عن كون عباداتنا لئقة بجنابك .فإنهم لما رأواشدة عقوباته تعالى
نظروا إلى أنفسهم وأعمالهم وإلى عظمته وجلله فوجدوا أعمالهم قاصرة عما
يستحقه
سبحانه ففزعوا إليه واعترفوا بالتقصير ،ولجؤوا إلى رحمته وعفوه وكرمه ،أو
أنه
لما طرأ عليهم الخوف عند سماع صوت العذاب وكان ذلك مظنة أن يكون خوفهم
من
أن يعاقبهم ظلما من غير استحقاق لعصمتهم نزهوه تعالى عن أن يكون الخوف منه
عن تلك الجهة ،وعللوا الخوف بالتقصير فيما يستحقه من العبادة .
حتى استحقوا العذاب ،أو من الصوت المهول على خلف العادة ،فهذا توبة لهم
من
المكروه .ويمكن أن يكون ذلك على سبيل الشفاعة لهم بأن ضموا أنفسهم مع
العاصين ،فكأنهم يقولون :نحن وهم مقصرون في عبادتك فارحمنا وإياهم .
" فصل عليهم " يمكن أن يكون خبرا أو كالخبر لقوله عليه السلم " والذين
ل تدخلهم " مع ما عطف عليه ،وأن يكون الموصول في محل الجر عطفا على "
سكان
سماواتك " ويكون قوله " فصل " تأكيدا للسابق وتمهيدا لن يعطف عليهم غيرهم
وعلى هذا يكون قوله " الخشع " و " المستهترون " مرفوعين على المدح .
يروى بضم الراء وفتحها ،كأنه نسب إلى الروح والروح ،وهو نسيم الريح ،و
اللف والنون من زيادات النسب .ويريد به أنهم أجسام لطيفة ل يدركهم البصر
) انتهى ( وما قيل من أنهم الجواهر المجردة العقية والنفسية فهورجم بالغيب
وإنما المعلوم أنهم نوع من الملئكة " .وأهل الزلفة عندك " قال الجوهري :
الزلفة والرلفى القرب والمنزلة ) انتهى ( وهو إما صفة اخرى للروحانيين ،أو
][226
طائفة اخرى غيرهم " .وحملة الغيب إلى رسلك والمؤتمنين على وحيك " في أكثر
النسخ " وحمال الغيب " :والحمال جمع الحامل ،والغيب يطلق على الخفي الذي
ل يدركه الحس ول يقتضيه بديهة العقل ،وهو قسمان :القسم الول ل دليل عليه
وهو المعني بقوله " وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ) " ( 1وقسم نصب
عليه
دليل كالصانع وصفاته واليوم الخر وأحواله ) ( 2كذا ذكره البيضاوي .والمراد
هنا إما العم أو الول " ،والمؤتمنين " إما تأكيد أو عطف تفسير لسابقه ،أو
المراد
بهم طائفة اخرى شأنهم تبليغ الحكام والشرائع فقط ،أو مع الثاني إن حملنا
الولى ) ( 3على الول ،والظاهر أن هاتين الفقرتين مؤكدتان لما سبق من قوله
" وأهل المانة على رسالتك " ويمكن تخصيص ما سبق ببعض المعاني التي
ذكرناها
هنا وهاتان بالبعض الخر ،إذ يمكن أن يكون لحمل الغيب طائفة مخصوصة
كملئكة
ليلة القدر وغيرهم ،والول أظهر ،وتكرير المطلب الواحد بعبارات مختلفة في
" وقبائل الملئكة الذين اختصصتهم لنفسك " القبائل جمع القبيلة وهي الشعوب
أنهم مشغولون بعبادته بخلف ما سيأتي ممن له شغل في النزول والعروج وسائر
المور ،وإن كان هذه المور أيضا عبادة لهم ،أو أنه سبحانه يطلعهم على أسرار
" وأغنيتهم عن الطعام والشراب بتقديسك " أي خلقتهم خلقة خلقة ل يحتاجون في
بقائهم إلى الغذاء ،وكما أنا نتقوى بالغذاء فهم يتقوون بتسبيحه وتقديسه
وعبادته .
" وأسكنتهم بطون أطباق سماواتك " الطباق جمع طبق ،يقال :السماوات
أطباق وطباق ،أي بعضها فوق بعض .قال الراغب :المطابقة هو أن يجعل الشئ
) ( 3الول ) خ ( .
][227
فوق آخر بقدره ،ومنه :طابقت ) ( 1النعل ،ثم يستعمل الطباق في الشئ الذي
يكون فوق الخر تارة وفي ما يوافق غيره تارة كسائر الشياء الموضوعة لمعنيين
ثم يستعمل في أحدهما دون الخر كالكأس والراوية ونحوهما ،قال ال تعالى
" سبع سماوات طباقا ) " ( 2أي بعضها فوق بعض ) انتهى ( ويدل على الفرجة
بين
" والذين هم على أرجائها إذا نزل المر بتمام وعدك " إشارة إلى قوله سبحانه
" وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم
يومئذ ثمانية ) " ( 3قال الطبرسي -رحمه ال " -على أرجائها " معناه على
أطرافها و
نواحيها ) ( 4والملك اسم يقع على الواحد والجمع ،والسماء مكان الملئكة ،فإذا
وهت صارت في نواحيها .وقيل :إن الملئكة ) ( 5على جوانب السماء تنتظر ما
يؤمر به في أهل النار من السوق إليها ،وفي أهل الجنة من التحية والتكرمة
فيها ) ) ( 6انتهى ( وقيل :إنه تمثيل لخراب السماء بخراب البنيان وانضواء
أهلها
إلى أطرافها وحواليها ،ولفظة " إذا " ظرفية للمستقبل ،والباء صلة للمر ،و
يحتمل السببية .وتمام الوعد تمام مدة الدنيا وانقضاؤه وحلول القيامة ،أو المراد
إتمام ) ( 7ما وعده ال من الثواب والعقاب للمطيعين والعاصين ،وكلمة " هم "
ليست
" وخزان المطر " أي الملئكة الموكلين بالبحر الذي ينزل منه المطر كما
يظهر من بعض الخبار ،أو الموكلين بتقديرات المطار ،أو الذين يهيجون
السحاب
) ( 2الملك . 3 :
) ( 3الحاقة : 17 ، 16 :
) ( 7تمام ) خ ( .
][228
بأمره تعالى ،ولو كان من بخارات الرض والبحار كما هو المشهور ،فيكون قوله
" وزواجر السحاب " عطف تفسير له ،أي سائقتها من " زجر البعير " إذا
ساق ،و
به فسر قوله تعالى " والزجرات زجرا " كما مر ،والسحاب :جمع السحابة ،و
هي الغيم " .والذي بصوت زجره يسمع زجل الرعد " قال في النهاية :في حديث
الملئكة " لهم زجل بالتسبيح " أي صوت رفيع عال .وفي القاموس :الرعد
صوت
السحاب ،أو اسم ملك يسوقه كما يسوق الحادي البل بحدائه ) انتهى ( والرعد
هنا يحتمل الوجهين ،وإن كان كونه اسما للملك أظهر ،وسيأتي تحقيق الرعد و
البرق والسحاب في البواب التية .وصيغة الجمع هنا تدل على أن الرعد اسم
لنوع هذا الملك إن كان اسما له ،وإضافة الزجل إلى الرعود بيانية إن اريد به
" وإذا سبحت به خفيفة السحاب التمعت صواعق البروق " أقول :النسخ
مختلفة في هذه الفقرة اختلفا فاحشا ،ففي بعضها " سبحت بتشديد " الباء ،وفي
بعضها
بتخفيفها ،و " حفيفة " في بعضها بالحاء المهملة والفائين ،وفي بعضها بالخاء
المعجمة ثم
الفاء ثم القاف وفي بعضها بالمهملة ثم الفاء ثم القاف .والسبح الجري والعوم .
والخفيف
أنسب ،وعلى التشديد يحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى " هو الذي يسبح
الرعد
بحمده " قال الفيروز آبادي :سبح بالنهر وفيه كمنع سبحا وسباحة بالكسر عام ،
وأسبحه
ابرئ
ال من السوء براءة .أو معناه السرعة إليه والخفة في طاعته .وقال :حف
الفرس
حفيفا سمع عند ركضه صوت ،وكذلك الطائر والشجرة إذا صوتت .وقال :
الخفق صوت النعل ،وخفقت الراية تخفق وتخفق خفقا وخفقانا -محركة : -
اضطربت وتحركت ،وخفق فلن :حرك رأسه إذا نعس ،والطائر :طار ،و
النهاية :خفق النعال صوتها .وأما المهملة ثم الفاء ثم القاف كما كان في نسخة
ابن
إدريس -رحمه ال -بخطه فلم أجد له معنى فيها عندنا من كتب اللغة ،ولعله من
][229
طغيان القلم .وفي الصحاح :لمع البرق لمعا ولمعانا أي أضاء ،والتمع مثله .
ول يخفي أن هذه الفقرة من تتمة الكلم السابق ،وليس وصف الملك الخر ،و
ضمير " به " إما راجع إلى الملك ،أو إلى زجره ،أو إلى الزجل والباء للمصاحبة
أو للسببية ،وإضافة الخفيفة إلى السحاب على التقادير من إضافة الصفة إلى
الموصوف
والتأنيث باعتبار جمعية السحاب ،وإذا حمل على المصدر فإسناد السبح إليه
مجازي
أو هو مؤول بذات الخفيفة .وعلى المعجمة والفائين أي السحاب الخفيفة سريعة )
(1
السير ،والحاصل على التقادير :إذا زجرت ) ( 2بسبب الملك أو زجره ،أو صوته
جنس
البروق وأشدها ،فالضافة من قبيل " خاتم حديد " وربما يقال هو من إضافة
الصفة إلى الموصوف ،أي البروق المهلكة .قال الجزري :الصاعقة :الموت وكل
عذاب مهلك وصيحة العذاب ،والمحراق الذي بيد الملك سائق السحاب ،ولياتي
على شئ إل أحرقه ،أو نار تسقط من السماء .وصعقتهم السماء كمنع صاعقة
مصدرا
كالراعية أصابتهم بها ) انتهى ( وفي رواية ابن شاذان :وإذا ساق به متراكم
السحاب
" ومشيعي الثلج والبرد والهابطين مع قطر المطر إذا نزل " أي إذا نزل
المطر إلى الرض ل عند نزوله إلى السحاب ،ويحتمل أن يكون الضمير راجعا
إلى كل من الثلج والبرد والمطر لكنه بعيد وقال الوالد :الظاهر أنه عليه السلم
أراد بقوله " إذا نزل " العموم ،أي كلما نزل ،ليفيد فائدة يعتدبها ،وتغيير
العباراة في التشييع والهبوط إما لمحض التفنن ،أو لن الغالب في الثلج والبرد
في أكثر البلد أنهما للضرر ،فلم ينسب الضرر إليهم صريحا بخلف المطر .
وأقول :يمكن على ما سيأتي في الخبر أن البرد ينزل من السماء إلى السحاب
فتذيبه حتى تصير مطرا ،أن يكون إشارة إلى ذلك ،فإن الثلج والبرد يشايعونهما
) ( 2جرت ) خ ( .
][230
من أول المر بخلف المطر ،فإنهم يهبطون معه بعد الذوبان ،أو يقال :النكتة
إسناد الخير إلى ال والضرر إليهم ،لن في التشييع نوع معاونة بخلف الهبوط .
" والقوام على خزائن الرياح " القوام جمع قائم ككفار وكافر ،أي الحافظين
لها في خزائنها المرسلين لها قدر الحاجة بأمره تعالى ويمكن أن يكون كناية عن
كون أسبابها بيدهم ،وقيل :كل ما ورد في الكتاب الكريم الرياح بلفظ الجمع
فهو في الخير كقوله تعالى " ويرسل الرياح مبشرات ) " ( 1وكلما كان بلفظ
المفرد
فهو للشر كقوله سبحانه " وأرسلنا عليهم الريح العقيم ) . " ( 2وأقول :إذا
اطردت
القاعدة في تلك العبارة فالنكتة في تخصيص الخير بالذكر ظاهرة ،وستأتي الخبار
" فل تزر أي الجبال بسبب حفظ الموكلين لها ،أو هم دائما فيها ل يزولون
عنها ،والول أظهر " .والذين عرفتهم مثاقيل المياه " المياه جمع الماء ،وأصلها
" ماه " وقيل " موه " ولهذا يرد إلى أصله في الجمع والتصغير ،فيقال " مياه "
و
" مويه " و " أمواه " وربما قالوا " أمواء " بالهمزة ،وماهت الركية كثر ماؤها
" وكيل ما تحويه " أي مقدار ما تجمعه وتحيط به " لواعج المطار " أي شدائدها
ومضراتها " وما تحرق النبات وتخرب البنية " كما افيد " وعوالجها " أي
القوية
يقال :ل عجه المر إذا اشتد عليه ،والتعج من ل عج الشوق ولواعجه ارتمض و
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 230سطر 19إلى صفحه 238سطر 18
احترق ،وضرب ل عج أي شديد يلعج الجلد اي يحرقه .وكذلك " عوالجها "
جمع عالج يعني متلطماتها ومتراكماتها ،وفي الحديث :إن الدعاء ليلقى البلء
فيعتلجان إلى يوم القيامة .يعني أن الدعاء في صعوده يلقى البلء في نزوله
فيعتلجان
) ( 2الذاريات . 41 :
][231
قال في الفائق :أي يصطرعان ويتدافعان وفي النهاية في حديث الدعاء :ما تحويه
عوالج الرمال .هي جمع عالج وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض .
" ورسلك " جمع الرسول " من الملئكة " بيان للرسل أو من للتبعيض ،وقيل
إن الملك اسم مكان ،والميم فيه غير أصلية بل زائدة ،فالصل " ملئك " ولذلك
يجمع على الملئك والملئكة ،نقلت حركة الهمزة إلى اللم ،ثم حذفت لكثرة
الستعمال فقيل ملكم ،وقال بعضهم :أصله مألك بتقديم الهمزة من اللوكة الرسالة
فقلبت الهمزة مكانا ) ( 1ثم حذفت في كثرة الستعمال للتخفيف فقيل ملك ،وجمع
على
على الملئكة ،وقد يحذف الهاء فيقال ملئك " .إلى أهل الرض " متعلق برسلك
بمكروه ما ينزل " الباء للملبسة أو السببية ،أي بالذي ينزل ،وهو مكروه
للطباع .
" من البلء " بيان للمكروه والمنازل ،وإنما سمي المكروه النازل على
العباد بلء ل بتلء ال تعالى العباد وامتحانهم به هل يصبرون أم ل ،وإن كان على
المجاز " ومحبوب الرخاء " عطف على مكروه ،وهو أيضا من إضافة الصفة إلى
الموصوف ،أي الرخاء المحبوب .وقيل :الضافة بيانية .والرخاء :النعمة ،يقال
:
رجل رخي البال ،أي واسع الحال ،والمراد إما نزولهم لصل حصول البلء
والرخاء
وتسبب أسبابهما ،أو للخبار بهما في ليلة القدر وغيرها " والسفرة الكرام البررة
"
السفرة :كالكتبة لفظا ومعنى ،جمع " سافر " والسفر الكتاب ،قال الجوهري :
السفرة :الكتبة قال ال تعالى " بأيدي سفرة " ) ( 2وقد يظن أنه جمع سفير ،
وهو
المصلح بين الناس لكن الغالب في جمع السفير السفراء .والكرام :ضد اللئام وقيل
:
الكرام على ال العزاء عليه ،وقيل :السخياء الباذلين الستغفار للعباد مع
الملئكة
الكاتبون للوحي ،المؤدون إلى غيرهم ،أو الموكلون باللوح المحفوظ .وقيل :هم
) ( 2عبس . 15 :
][232
الكاتبون لعمال العباد ،وما بعده تأكيد له ،ول يخلو من بعد ،إذ التأسيس أولى
من التأكيد .وأيضا الظاهر أنه إشارة إلى ما ورد في الية ،وهو في سياق وصف
القرآن كما عرفت سابقا .ينفي هذا الدعاء ما مر من القوال في الية سوى
" والحفظة الكرام الكاتبين " إشارة إلى قوله سبحانه " وإن عليكم لحافظين
كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) " ( 1وقال الطبرسي -رحمه ال : -وإن عليكم
وصف
الحفظة فقال :كراما على ربهم كاتبين يكتبون أعمال بني آدم ) انتهى ( ) ( 2ويدل
على تعددهم لكل إنسان قوله تعالى " عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من
قول إل لديه رقيب عتيد " ) ( 3ويدل كثير من الخبار على أن ملئكة الليل غير
ملئكة النهار ،كما ورد في تفسير قوله تعالى " إن قرآن الفجر كان مشهودا ) ( 4
"
أي تشهده ملئكة الليل وملئكة النهار ،والحكمة في خلقهم وتوكيلهم على العباد
مع كونه سبحانه أعلم بهم منهم كثيرة قد مر بعضها في بعض الخبار .
" وملك الموت وأعوانه " اسم ملك الموت " عزرائيل " ويدل على أن له
أعونا كما دلت عليه اليات والخبار ،فإنه تعالى قال " ال يتوفى النفس حين
موتها " ) ( 5وقال سبحانه " :قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم " ) ( 6
وقال
جل وعل " :توفته رسلنا وهم ل يفرطون " ) ( 7وقال عزوجل ) " ( 8الذين
تتوفيهم
) ( 3ق . 18 17 :
) ( 4السراء . 78 :
) ( 5الزمر : 42 :
][233
الملئكة طيبين " ) ( 1وقال " الذين تتوفيهم الملئكة ظالمي أنفسهم " ) ( 2
وروى الصدوق
في التوحيد أن أميرالمؤمنين عليه السلم قال في جواب الزنديق المدعي للتناقض
في
القرآن المجيد حيث سأل عن هذه اليات :إن ال يدبر المور كيف يشاء ويوكل
من خلقه من يشاء بما يشاء ،أما ملك الموت فإن ال عزوجل يوكله بخاصة من
يشاء من خلقه ،ويوكل رسله من الملئكة خاصة بين يشاء من خلقه ] تبارك
وتعالى
تعالى يدبر المور كيف يشاء ) . ( 2وروى الطبرسي -رحمه ال -هذا الخبر في
الحتجاج :والجواب فيه هكذا :هو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى
ذلك بنفسه ،وفعل رسله وملئكته فعله ،لنهم بأمره يعملون ،فاصطفى جل
ذكره من الملئكة رسل وسفرة بينه وبين خلقه ،وهم الذين قال ال فيهم " ال
يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس " فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض
روحه
ملئكة الرحمة ،ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملئكة النقمة ،
ولملك
فعله ،وكل
ما يأتونه منسوب إليه ،وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت وفعل ملك الموت فعل ال
لنه
يتوفى النفس على يدمن يشاء ،ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يدمن يشاء
وإن فعل امنائه فعله كما قال " وما تشؤون إل أن يشاء ال " ) . ( 3
وروى الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه السلم أنه قال في ذلك :إن ال تبارك
وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملئكة يقبضون الرواح بمنزلة صاحب
الشرطة
له أعوان من النس يبعثهم في حوائجه ،فتتوفيهم الملئكة ويتوفيهم ملك الموت
) ( 5الفقيه . 33 :
][234
" ومنكر ونكير ،ومبشر وبشير " الخيران لم يكونا في أكثر الروايات ،و
قد مر في كتاب المعاد أن السماء لملكين أو لنوعين من الملئكة يأتيان الميت في
في قبره للسؤال عن العقائد ،أو عن بعض العمال أيضا ،فإن كان مؤمنا أتياه في
أحسن صورة فيسميان مبشرا وبشيرا ،وإن كان كافرا أو مخالفا أتياه في أقبح
صورة فيسميان منكرا ونكيرا .ويحتمل مغايرة هذين النوعين للولين ،لكن
ظاهر أكثر الخبار التحاد ،ويؤيده ترك الخرين هنا في أكثر الروايات ،بل في
أكثر الخبار عبر عنهما بمنكر ونكير للمؤمن وغيره ،وقد مضت الخبار في ذلك .
وتحقيق القول فيه فيمن يسأل وفيما يسأل عنه وكيفية الحياء والسؤال قدمر في
" ورومان فتان القبور " أي ممتحن القبور والمختبر فيها في السمألة ،ولم أر
ذكر هذا الملك في أخبارنا المعتبرة سوى هذا الدعاء ،وهو مذكور في أخبار
المخالفين
روى مؤلف كتاب زهرة الرياض عن عبدال بن سلم أنه قال :سألت رسول ال
عن أول ملك يدخل في القبر على الميت قبل منكر ونكير ،قال صلى ال عليه وآله :
يدخل على الميت ملك قبل أن يدخل نكير ومنكر يتلل وجهه كالشمس اسمه
" رومان " فيدخل على الميت ،فيدخل روحه ثم يقعده فيقول ] له [ :اكتب ما
عملت من حسنة وسيئة .فيقول :بأن شئ أكتب ؟ أين قلمي ؟ وأين دواتي ؟
ليس معي صحيفة ؟ قال :فيمزق قطعة من كفنه فيقول :اكتب فيها ،فيكتب ما
عمل
في الدنيا من حسنة ،فإذا بلغ سيئة استحيى منه ،فيقول له الملك :يا خاطئ أفل
كنت تستحيي من خالقك حيث عملتها في الدنيا والن تستحيي مني ؟ فيكتب فيها
جميع حسناته وسيآته ،ثم يأمره أن يطويه ويختمه ،فيقول :بأي شئ أختمه و
ليس معي خاتم ؟ فيقول :اختمها بظفرك ،ويعلقها في عنقه إلى يوم القيامة كما
قال ال تعالى " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه -الية " -ثم يدخل بعد ذلك
][235
قال :إن سلمان -رضي ال عنه -قال لي :اذهب بي إلى المقبرة ،فإن رسول ال
صلى ال عليه وآله قال لي :يا سلمان ! سيكلمك ميت إذا دنت وفاتك .فلما ذهبت
به إليها ونادى الموتى أجابه واحد منهم ،فسأله سلمان عما أرى من الموت وما
بعده
فأجابه بقصص طويلة ،وأهوال جليلة وردت عليه -إلى أن قال : -لما ودعني
أهلى وأرادوا النصراف من قبري أحذت في الندم فقلت :يا ليتني كنت من
الراجعين !
فأجابني مجيب من جانب القبر :كل ! إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزح إلى
يوم يبعثون .فقلت له :من أنت ؟ قال :أنا منبه أنا ملك وكلني ال عزوجل بجميع
خلقه لنبههم بعد مماتهم ليكتبوا أعمالهم على أنفسهم بين يدي ال عزوجل ،ثم إنه
جذبني وأجلسني وقال لي :اكتب عملك ،فقلت :إني ل احصيه .فقال لي :أما
سمعت قول ربك " أحصاه ال ونسوه " ثم قال لي :اكتب وأنا املي عليك فقلت :
أين البياض ؟ فجذب ) ( 1جانبا من كفني ،فإذا هو ورق فقال :هذه صحيفتك ،
فقلت :
من أين القلم ؟ فقال :سبابتك ،قلت :من أين المداد ؟ قال :ريقك ،ثم أملى
علي ما فعلته في دار الدنيا ،فلم يبق من أعمالي صغيرة ول كبيرة إل أملها كما
قال
تعالى " ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب ل يغادر صغيرة ول كبيرة إل أحصاها
ووجدوا
ما عملوا حاضرا ول يظلم ربك أحدا ) " ( 2ثم إنه أخذ الكتاب وختمه بخاتم وطوقه
في عنقي فخيل لي أن جبال الدنيا جميعا قد طو قوها في عنقي فقلت له :يا منبه !
ولم تفعل بي كذا ؟ قال :ألم تسمع قول ربك " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه
ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك
حسيبا ) " ( 3فهذا تخاطب به يوم القيامة ويؤتى بك وكتابك بين عينيك منشورا
تشهد فيه على نفسك .ثم انصرف عني تمام الخبر .
) ( 2الكهف . 50 :
) ( 3السراء . 14 13 :
][236
وفي رواية ابن شاذان " ومنكر ورومان فتان القبور " وسائر الفقرات فيها
بالرفع على سياقة ) ( 1صدر الدعاء " والطائفين بالبيت المعمور " قدمر وصف
البيت
وطائفيه " ومالك والخزنة " أي خزان النار من الملئكة الموكلين بها وبتعذيب
أهلها
ومالك رئيسهم .ورضوان بالكسر وفي بعض النسخ بالضم وهو اسم رئيس خزنة
اللغة " .وسدنة الجنان " أي خدمتها ،في القاموس :سدن سدنا وسدانة :خدم
الكعبة أو بيت الصنم وعمل الحجابة ،فهو سادن والجمع سدنة .
" والذين ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " عطف تفسير لقوله
" مالك والخزنة " إشارة إلى قوله سبحانه " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و
أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملئكة غلظ شداد ل يعصون ال ما
أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " ) " . ( 2والذين يقولون " عطف تفسير لقوله "
رضوان
وسدنة الجنان " فالنشر على ترتيب اللف ،ويحتمل أن يكون هذا حال بعض سدنة
الجنان ،فيكون تخصيصا بعد التعميم ،كذكر الزبانية بعد خزنة النيران .وتقديم
أحوال أهل النار فيهما لن الخوف أصلح بالنسبة إلى غالب الناس من الرجاء
لغلبة الشهوات الداعية إلى ارتكاب السيئات عليهم " سلم عليكم " إشارة إلى قوله
تعالى في وصف أهل الجنة " والملئكة يدخلون عليهم من كل باب سلم عليكم
بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) " ( 3وقال البيضاوي " :سلم عليكم " بشارة
بدوام
السلمة " بما صبرتم " متعلق بعليكم أو بمحذوف ،أي هذا بما صبرتم ،ل بسلم
فإن
" فنعم عقبى الدار " العقبى :الجزاء ،أي نعم العقبى الدار لكم خاصة
أيها المؤمنون ،وروى الكليني وعلي بن إبراهيم بأسانيد معتبرة عن أبي جعفر
) ( 3التحريم . 6 :
][237
عليه السلم في وصف حال المتقين في القيامة وبعد دخولهم الجنة قال :ثم يبعث
ال
إليه ألف ملك يهنئونه بالجنة ويزوجونه الحوراء ) . ( 1قال :فينتهون إلى أول
باب من جنانه ،فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه ) : ( 2استأذن لنا على ولي
ال ،فإن ال بعثنا إليه نهنئه ) . ( 3فيقول لهم الملك :حتى أقول للحاجب فيعلمه
مكانكم ،قال :فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلث جنان حتى
ينتهي إلى أول باب فيقول للحاجب :إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب
العالمين ليهنؤا ) ( 4ولي ال وقد سألوا أن آذن ) ( 5لهم عليه ،فيقول الحاجب :
إنه
ليعظم علي أن أستأذن لحد على ولي ال وهو مع زوجته الحوراء .قال :
وبين الحاجب وبين ولي ال جنتان ،قال :فيدخل الحاجب إلى القيم فيقول
له :إن على باب العرصة ) ( 6ألف ملك أرسلهم رب العزة يهنؤن ولي ال
فاستأذن ( 7 ) ،فيقدم ) ( 8القيم إلى الخدام فيقول لهم :إن رسل الجبار على باب
العرصة ) ( 9وهم ألف ملك أرسلهم ال يهنئون ولي ال فأعلموه بمكانهم ،قال :
فيعلمونه
فيؤذن للملئكة فيدخلون على ولي ال وهو في الغرفة ولها ألف باب ،وعلى كل
باب من أبوابها ملك موكل به ،فإذا اذن للملئكة بالدخول على ولي ال فتح
كل ملك بابه الموكل ) ( 10به قال :فيدخل القيم كل ملك من باب من أبواب
الغرفة ،قال :فيبلغونه رسالة الجبار عزوجل ،وذلك قول ال عزوجل " و
) : ( 4يهنئون .
][238
الملئكة يدخلون عليهم من كل باب ) ] " ( 1أي [ من أبواب الغرفة " سلم عليكم
"
-إلى آخر الية " قال :وذلك قوله عزوجل " وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا
كبيرا ) " ( 2يعني بذلك ولي ال ،وما هو فيه من الكرامة والنعيم ،والملك العظيم
" والزبانية الذين إذا قيل لهم خذوه فعلوه ثم الجحيم صلوه " الزبانية هم
الملئكة التعسة عشر الموكلون بالنار ،وهم الغلظ الشداد ،قال الجوهري :
الزبانية عند العرب الشرط وسمي بذلك بعض الملئكة لدفعهم أهل النار إليها ،قال
الخفش :قال بعضهم :واحدها زبانى ،وقال بعضهم :زابن ،وقال بعضهم :زبنية
مثال عفرية ،وقال :والعرب ل تكاد تعرف هذا وتجعله من الجمع الذي ل واحد
له مثل أبابيل وعباديد .وقال :صليت اللحم وغيره أصليه صليا مثل رميته رميا
إذا شويته .وفي الحديث " إنه اتي بشاة مصلية " أي مشوية .ويقال أيضا صليت
الرجل نارا إذا أدخلته النار وجعلته يصلها ،فإن ألقيته فيها إلقاء كأنك تريد
الحراق قلت :أصليته باللف وصليته تصلية .وقرئ " ويصلى سعيرا " ومن
خفف فهو من قولهم صلى فلن النار -بالكسر -يصلى صليا :احترق .ويقال أيضا
صلى بالمر إذا قاسى حره وشدته " .ابتدروه سراعا " أي حالكونهم مسرعين
جمع سريع " ولم ينظروه " أي لم يمهلوه " ومن أوهمنا ذكره " أي الملئكة
الذين
تركنا ذكرهم على الخصوص وإن كانوا داخلين في العموم .مقال االجوهري :
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 238سطر 19إلى صفحه 246سطر 18
أو همت الشئ تركته كله ،يقال أو هم من الحساب مائة أي أسقط ،وأوهم من
صلوته
ركعة " .ولم نعلم مكانه منك " أي منزلته عندك أو نسبته إلى عرشك " وبأي أمر
وكلته " عطف على قوله " مكانه " والظرف متعلق بوكلته قدم عليه لمزيد
الهتمام ،لن
) ( 2الدهر . 20 :
][239
المجهول هذا القيد ل أصل التوكيل ،والمعنى :ولم نعمل توكيلك إياه بأي أمر من
امورك .وفيه بعض المنافاة لما يظهر من أكثر الخبار من سعة علمهم عليهم
السلم ،و
والسماوات
إل أن يقال إنه عليه السلم قال ذلك على سبيل التواضع والتذلل ،أو المعنى ل
نعلمهم
من ظاهر الكتاب والسنة وإن علمنا من جهة اخرى ل مصلحة في إظهارها ،أو ل -
نعلم في هذا الوقت خصوص مكانه وعمله ،فإنه ل استبعاد في عدم علمهم عليهم
السلم ببعض
تلك الخصوصيات الحادثة ،أو قال عليه السلم ذلك بلسان غيره ممن يتلو الدعاء ،
فإنه
عليه السلم جمع الدعية وأملها لذلك ،بل هو من أعظم نعمهم على شيعتهم
صلوات
" وسكان الهواء والرض والماء " يدل على أن لكل منها سكانا من الملئكة
كما روى الشيخ بسنده عن أبي عبدال عليه السلم قال :قال أميرالمؤمنين عليه
السلم :إنه نهى
أن يبول الرجل في الماء الجاري إل من ضرورة ،وقال :إن للماء أهل .وفي
وصية النبي صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم قال :كره ال لمتي الغسل تحت
السماء إل بمئزر
وكره دخول النهار إل بمئزر ،فإن فيها سكانا من الملئكة .وفي رواية اخرى
رواها الصدوق في المجالس قال :في النهار عمار وسكان من الملئكة .وروى
أيضا في العلل بإسناده عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن ال عزوجل وكل ملئكة
عزوجل ملك يحفظها وما كان فيها ،ولول أن معها من يمنعها لكلها السباع
" ومن منهم على الخلق " أي الملئكة الذين هم مع الخلق أو مستولون
عليهم أو موكلون بهم من جملة سائر الملئكة ،وهم أصناف شتى قدمر أكثرها
كالمعقبات ،ومن يثني برقبة المتخلي ليعتبر بما صار إليه طعامه ،والمشيعين
لعائد المريض ولزائر المؤمن ،ومن يأتي منهم للسؤال ابتلء ،ومن يمسح
][240
يده على قلب المصاب ليسكنه ،والموكلين بالدعاء للصائمين ،والذين يمسحون
وجه الصائم في شدة الحر ويبشرونه والملئكة الساكنين في حرم حائر الحسين
عليه السلم يشيعون الزائرين ويعودون مرضاهم ويؤمنون على دعائهم ،والذين
يدفعون وساوس الشياطين عن المؤمنين وأمثال ذلك كثيرة في الخبار .وهذا بناء
على أن الخلق بمعنى المخلوق ،ويمكن حمله على المعنى المصدري ،فيكون
إشارة إلى ما روي في أخبار كثيرة أن ل ملكين خلقين ،فإذا أراد أن يخلق خلقا
أمر اولئك الخلقين فأخذوا من التربة التي قال ال تعالى في كتابه " منها خلقناكم
وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى " ) ( 1فعجنوها في النطفة المسكنة في
الرحم ،فإذا عجنت النطفة بالتربة قال :يا رب ما تخلق ؟ قال :فيوحي ال تبارك
وتعالى ما يريد من ذلك -الخبر " -فصل عليهم يوم تأتي كل نفس " " يوم "
ظرف
للصلوة ،وربما يومئ إلى أن هذا الحكم يعم الملئكة أيضا غير السائق و
الشهيد ،وذكر اليوم بهذا الوصف لبيان أن الملئكة في هذا اليوم أيضا لهم أشغال
عظيمة ،أو لبيان أن هذا اليوم يوم الحتياج إلى الملئكة " معها سائق وشهيد "
هما ملكان أحدهما يسوقه إلى المحشر ،والخر يشهد بعمله ،وقيل :ملك واحد
جامع للوصفين ،وقيل :السائق كاتب السيئات ،والشهيد كاتب الحسنات ،وقيل :
السائق نفسه ،والشهيد جوارحه وأعماله ،ومحل " معها " النصب على الحالية
من " كل " لضافته إلى ما هو في حكم المعرفة ،ذكره البيضاوي عند قوله تعالى
" وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " وفي بعض النسخ " قائم " مكان السائق
والسائق أوفق بالية ،ول يتغير المعنى ،إذ المراد بالقائم من يقوم بأمره و
يسوقه إلى محشره ،ولعل المراد أقل من يكون مع كل أحد ،أو المراد بهما
الجنس ،إذ ورد في كثير من الخبار أنه يشايع الخيار آلف من الملئكة ،و
مع بعض الشرار أيضا كذلك لشدة تعذيبهم ،وكذا الشهداء من الملئكة في أكثر
الخبار أكثر من واحد " .وصل عليهم " تأكيد لما سبق " صلوة تزيدهم كرامة
][241
على كرامتهم " أي تصير سببا لمزيد قدرهم ومنزلتهم عند ربهم " وطهارة على
طهارتهم " أي موجبا لمزيد عصمتهم وتقدسهم وتنزههم وإن كانت العصمة عن
الكبائر والصغائر لزمة لهم .ويمكن أن يكون فائدة هذا الدعاء راجعة إلينا ل
إليهم " اللهم وإذا صليت " في بعض النسخ " إذ " بدون اللف و " عليهم "
مكان
" علينا " فعلى الول المعني :كل وقت صليت عليهم وبلغتهم صلواتنا عليهم فصل
علينا وارحمنا بسبب أنك وفقتنا لذلك ،وصرنا سببا لهذه الرحمة .وأيضا الجواد
الكريم يشفع كل نعمة منه باخرى ،ول يكتفي بواحدة منها .وعلى النسخة
الخرى المعنى :لما صليت عليهم وبلغتهم صلوتنا عليهم فصل عليهم تارة اخرى
بسبب أنهم صاروا سببا لتوفيقك إيانا للصلوة عليهم ،وحسن القول فيهم .وفي
بعض
النسخ " إذ " و " علينا " وهو أظهر .والجواد في أسمائه تعالى هو الذي ل يبخل
عطاؤه ،أو الجامع لنواع الخير والشرف والفضائل .والكريم أيضا الصفوح .
وأقول :إنما أوردت هذا الدعاء الشريف هنا وأعطيت في شرحه بعض
البسط لكونه فذلكة لسائر الخبار واليات الواردة في أصنافهم ودرجاتهم ومراتبهم
وقال النيسابوري في تفسيره :روي أن بني آدم عشر الجن ،والجن وبنو
آدم عشر حيوانات البر ،وهؤلء كلهم عشر الطيور ،وهؤلء عشر حيوان البحر
وكلهم عشر ملئكة الرض الموكلين بها ،وكل هؤلء عشر ملئكة سماء الدنيا
وكل هؤلء عشر ملئكة السماء الثانية ،وعلى هذا الترتيب إلى الملئكة السماء
السابعة .ثم الكل في مقابلة الكرسي نزر قليل ،ثم كل هؤلء عشر ملئكة
السرادق الواحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة ألف ،طول كل سرادق و
عرضه وسمكه إذا قوبلت به السماوات والرض وما فيها فإنها كلها يكون شيئا
يسيرا
وقدرا قليل ،وما مقدار موضع قدم إل وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم ،لهم
زجل بالتسبيح والتقديس ،ثم كل هؤلء في مقابلة الملئكة الذين يحومون حول
][242
العرش كالقطرة في البحر ،ول يعرف عددهم إل ال ] ،ثم [ مع هؤلء ملئكة
اللوح الذين هم أشياع إسرافيل ،والملئكة الذين هم جنود جبرائيل ،وهم كلهم
فائدة :قال بليناس في كتاب " علل الشياء " :إن الخالق عزوجل لما
ضرب الخلقة بعضها وطال مكثها خلق الرواح المتفكرة القادرة ،فخلقهن
من حرارة الريح ونور النار ،فمنهم خلق خلقوا من حر الريح الباردة ،ومنهم
خلق خلقوا من نور النار الحارة ،ومنهم خلق خلقوا من حركة الماء البارد ،ومنهم
خلق خلقوا من حركة الماء الحار ،ومنهم خلق خلقوا من الماء المالح ،فخلق ال
الخلقة العلوية من هذه الثلث طبائع وليس فيهم من طبيعة التراب شئ ،ومن
خلق منهم في السفل فإنها خلقت من الطبائع الثلث التي ذكرت مفردات غير
مركبات ،إذ لو كانوا مركبين إذا لدركهم الموت والفتراق ،فهذه جميع أجناس
السود والبيض ،والكواكب العلوية تشرق بنورها عليهم ،فتتصل أنوارهم بنورها
ول يشغلون مكانا لنهم نور ،ول يأخذون مكان غيرهم فهم ملؤوا الطبائع يدبرونها
ويقبلون عليها ،وكل طبيعة من الطبائع فيها خلق عظيم من الروحانيين ،ول يقع
عليهم التفصيل والفناء ،لنهم ليسوا مركبين ،وإنما هم من جوهر واحد ،فلذلك
صاروا أكثر شئ عددا ل يسأمون ول ينامون ول يملون ،يعملون دائبين بالليل
والنهار بما وكلوا به من حركة الفلك ،وإدخال بعضها في بعض ،وحركة الشمس
النبات والحيوان والمعادن وأفاعيل النس والحيوان ،وكلهم يعمل دائبا بالمر
الذي وكل به ،وهم أجناس ،جنس منهم الفلك العلى ،وهم قيام على أرجلهم
تجذبهم إلى العلو ،وكلهم يسبحون للذي خلقهم منذ يوم خلقهم ل يعملون ول
يتحركون يمينا ول شمال ،وليس لهم عمل غير التسبيح للرب ،لهم غلظ وشدة
][243
لحدة طبائهم ،لنهم خلقوا من حر النار :وعلى فلك المشتري خلق عظيم من
الروحانيين كذلك ،وهم خلق معتدل ساكن لنهم خلقوا من روح الماء ،ليس
ويمجدون الذي خلقهم ،وفي فلك المريخ خلق عظيم من النورانيين ،وهم غلظ
شداد ،لنهم خلقوا من نور النار اليابسة ،فلذلك ل رأفة لهم ول رحمة ،يدبرون
ويقبلون مع المريخ في دوران الفلك لم يملكوا غير ذلك ،لنهم ل رحمة لهم ،و
لذلك لم يوكلوا بشئ من أعمال الناس ،وفي فلك الشمس خلق من الكروبيين
لهم قسوة وفظاظة لشدة طبائعهم ،لنهم خلقوا من الريح والروح ،ولهم أناة و
نور ،فهم موكلون بأعمال بني آدم على الحرث والنسل ،وهم الذين يحركون
الشمس ،وبحركتها يخرج البخار والدخان ،فيرفعون ذلك البخار إلى القمر
ثم إلى الشمس ،ثم يصدونه إلى الكواكب العالية ،فيكون لهم غذاء ،وهم على
الثمار والزروع وولدة الحيوان ،وهم المسلطون على جميع الروحانيين من تحتهم
يعملون بأمرهم ،وهم لطاف نورانيون يدورون مع فلك الشمس ،ويعملون معها
ويعملون في إصلح العالم وتوالد المواليد ،وهم الذين يحفظون شيعة الشيطان و
ولده عن فساد العالم وخرابه ،وحفظ الحيوان منهم .وإنما سموا ملئكة لنهم
ملكوا زمام الشيطان لئل يخربوا العالم ،وفي فلك الزهرة أيضا خلق من الروحانيين
لهم اعتدال وصلح ،فهم أحسنهم وجوها ،ولهم ريح طيب وبشر حسن ،يحبون
النس وجميع ما تحتهم من الحيوان حبا شديدا ،ولهم بهم رأفة ورحمة ورقة ،و
وبذلك وكلوا .وفي فلك عطارد روحانيون خلقوا من حر الريح الحارة ،فاتصلوا
بالروحانيين الذين خلقوا من النور ،وهم بين أيديهم مثل العبيد ل يغيبون عن
أعينهم طرفة عين ،يسارعون في خدمة ملئكة فلك الشمس ،ويعملون بمسرتهم )
(1
فهم لهم شبيه الوزراء ،وهم الموكلون بالنبات وإصلحه ،وحفظ النبت إذا طلع
عن وجه الرض حتى يتم بتمامه ،وهم أيضا موكلون بصغار الحيوان ،والحفظ
لهم عن مردة الشياطين ،وإن القمر جرمه من الشمس وضوؤه من نورها ،وهما
دائبان يعملن في الليل والنهار ،وفلك القمر مملو من الملئكة ،وهم ملئكة
الرحمن مستبشر الوجوه ،لهم جمال وحسن صور ،وليس فيهم غضب ول شدة
ول
قسوة على ولد آدم لقربهم منهم ،وهم أشبه الروحانيين بالدميين ،وهم متعطفون
على الحيوان ،مصلحون للنبات ،دائبون في مسيرة بني آدم فل تصالهم بهم ربما
ظهروا لهم وكلموهم ،وهم مسلطون على السماء ،يحرسون السماء من شيطانك )
(1
ليفسدونه
فإن شيطانك ) ( 3وولده لهم قوة عظيمة في العالم والحرث والنسل ،وكلما لطفت
خلقة من الروحانيين ورقت كان أكثر أجنحة ،ومنهم من له ستة أجنحة ،و
منهم من له خمسة أجنحة ،ومنهم من له أربعة أجنحة ،وكذلك إلى جناح واحد
وأما المفكرة التي في الطبائع حين ظهرت لحقوا بالطبائع ،فهم مستجنون في الماء
والتراب والريح ،لنهم خلقوا من حر الماء المالح والريح العاصف والتراب
المنتن ،وهم يسمون شيطائيل وولده ،وهم عصاة جفاة مفسدون في الرض ،لهم
خبث عظيم ،وقوة شديدة ،ومنظر قبيح ،ووجوه سمجة ،وأرواحهم قذرة ،وهم
على الفساد والطغيان ،وفي خراب العالم ،والخلقة العليا مسلطة عليهم ،يمنعونهم
) ( 4هذا المخطط الذى ينسب رسمه إلى من يسمى " بليناس " وارتضاه المؤلف
ره
مخطط رائع مزوق لكنه مبتن على فرضية الفلك التسعة وفرضيات اخرى لم تتأيد
بعقل ول نقل
بل كلهما على خلفها والظاهر ان سبب ارتضاء المؤلف له ظهور كلمه في كون
الملئكة جسمانيين
وكون طوائف منهم موكلة بالكائنات الرضية ونحوها مما ورد في الروايات
][245
وأقول :إنما أوردت ملخصا من كلمه لتعلم أن أكثر كلمات قدماء الحكماء
الذين أخذوا العلوم من النبياء موافقة لما ورد في لسان الشرع ،وإنما أحدث
) * 23باب ( *
اليات :
النجم :علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالفق العلى * ثم
التكوير :إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع
ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون * ولقد رآه بالفق المبين * وما هو على الغيب
بضنين ) . ( 3
تفسير " :نزل به " قال الطبرسي رحمه ال :أي نزل ال القرآن
الروح المين يعني جبرئيل عليه السلم وهو أمين ال عليه ل يغيره ول يبدله ،
وسماه
روحا لنه يحيى به الدين ،وقيل :لنه يحيى به الرواح بما ينزل من البركات
وقيل :لنه ) ( 4جسم روحاني " على قلبك " يا محمد ،وهذا على سبيل
التوسع ،لنه
تعالى يسمعه جبرئيل فيحفظه ،فينزل به على الرسول فيقرأه عليه ،فيعيه ويحفظه
) ( 2النجم . 9 5 :
) ( 3التكوير . 24 19 :
][246
بقلبه ،فكأنه نزل به على قلبه ،وقيل :معناه :لقبك ال حق تلقينه ) ( 1وثبته
وقال البيضاوي :القلب إن أراد به الروح فذاك ،وإن أراد به العضو فتخصيصه
لن المعاني الروحانية إنما تنزل أول على الروح ،ثم تنتقل منه إلى القلب لما
بينهما من التعلق ،ثم تتصعد إلى الدماغ فينتقش بها لوح المتخيلة والروح المين
جبرئيل فإنه أمين على وحيه " لتكون من المنذرين " عما يؤدي إلى عذاب من
" علمه شديد القوى " قال الطبرسي رحمه ال :يعنى ] به [ جبرئيل عليه السلم
أي القوي في نفسه وخلقه " ذو مرة " أي ذو قوة وشدة في خلقه عن الكلبي ،
وقال :
من قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء السود فرفعها إلى السماء ثم قلبها ،و
من شدته صيحته لقوم ثمود حتى اهلكوا ) ( 4وقيل :معناه ذوصحة وخلق حسن
عن ابن عباس وغيره .وقيل :شديد القوى في ذات ال " ذومرة " أي صحة في
الجسم
سليم من الفات والعيوب ،وقيل :ذومرة أي ذومرور في الهواء ذاهبا وجائيا نازل
وصاعدا " فاستوى " جبرئيل على الصورة التى خلق عليها بعد انحداره إلى محمد
وهو كناية عن جبرئيل أيضا " بالفق العلى " يعني افق المشرق ،والمراد
بالعلى
جانب المشرق ،وهو فوق جانب المغرب في صعيد الرض ل في الهواء :قالوا :
إن
جبرئيل عليه السلم كان يأتي النبي صلى ال عليه وآله في صورة الدميين ،
أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها ،فأراه نفسه مرتين :مرة في
الرض ،و
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 246سطر 19إلى صفحه 254سطر 18
مرة في السماء ،أما في الرض ففي الفق العلى ،وذلك أن محمدا صلى ال عليه
وآله كان
بحراء ،فطلع له جبرئيل عليه السلم من المشرق ،فسد الفق إلى المغرب ،فخر
][247
النبي صلى ال عليه وآله مغشيا عليه ،فنزل جبرئيل في صورة الدميين فضمه
قوله " ثم دنى فتدلى " وتقديره :ثم دنى أي قرب بعد بعده وعلوه في الفق
العلى ،فدنى من محمد صلى ال عليه وآله قال الحسن وقتادة :ثم دنا جبرئيل بعد
استوائه بالفق
العلى من الرض فنزل إلى محمد صلى ال عليه وآله وقال الزجاج :معنى دنى
وتدلى واحد
لن معنى دنى قرب ،وتدلى زاد في القرب .وقيل :إن المعنى استوى جبرئيل
أي ارتفع وعل إلى السماء بعد أن علم محمدا صلى ال عليه وآله عن ابن مسيب ،
وقيل :استوى
أي اعتدل واقفا في الهواء بعد أن كان ينزل بسرعة ليراه النبي صلى ال عليه وآله
وقيل :معناه
استوى جبرئيل عليه السلم ومحمد بالفق العلى يعني السماء الدنيا ليلة المعراج
" فكان
قاب قوسين " أي كان ما بين جبرئيل عليه السلم وبين رسول ال صلى ال عليه
ما يرمى به ،وخصت بالذكر على عادتهم يقال قاب قوس ) ( 1وقاد قوس ،وقيل :
معناه كان
قدر ذراعين كما روي عن النبي صلى ال عليه وآله فمعنى القوس ما يقاس به
قال الزجاج .إن العباد قد خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم ،وقيل لهم في هذا ما
يقال للذي يحزز ) ( 2فالمعنى :فكان على ما تقدرونه أنتم قدر قوسين أو أقل من
ذلك
وقال عبدال بن مسعود :إن رسول ال صلى ال عليه وآله رأى جبرئيل وله
وقال في قوله تعالى " إنه لقول رسول كريم " أى إن القرآن قول رسول كريم على
ربه ،وهو جبرئيل عليه السلم وهو كلم ال أنزله على لسانه " ذي قوة " أي
فيما كلف وأمر
به من العلم والعمل وتبليغ الرسالة وقيل :ذي قدرة في نفسه ،ومن قوته قلع
ديار قوم لوط بقوادم جناحه حتى بلغ بها السماء ثم قلبها " عند ذي العرش مكين
"
معناه متمكن عندال صاحب العرش وخالقه ،رفيع المنزلة ،عظيم القدر عنده ،
كما
يقال " فلن مكين عند السلطان " والمكانة :القرب " مطاع ثم " أي في السماء
تطيعه ملئكة المساء ،قالوا :ومن طاعة الملئكة لجبرئيل عليه السلم أنه أمر
خازن
الجنة ليلة المعراج حتى فتح لمحمد صلى ال عليه وآله أبوابها فدخلها ،ورأى ما
فيها ،وأمر
][248
خازن النار ففتح له عنها حتى نظر إليها " أمين " أي على وحي ال ورسالته إلى
أنبيائه ،وفي الحديث :أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال لجبرئيل :ما أحسن
ربك " ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين " ! فما كانت قوتك ؟ وما
كانت أمانتك ؟ فقال :أما قوتي ،بعثت ) ( 1إلى مدائن لوط فهي أربع مدائن ،في
كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري ،فحملتهم من الرض السفلى حتى
سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلب ،ثم هويت بهن فقلبتهن .
وأما أمانتي ،فإني لم اومر بشئ فعدوته إلى غيره " ولقد رآه بالفق المبين " أي
رأى محمد صلى ال عليه وآله جبرئيل على صورته التي خلقه ال تعالى عليها
وهو الفق العلى من ناحية المشرق " وما هو على الغيب بضنين " قرأ أهل
البصرة
غير سهل وابن كثير والكسائي بالظاء ،والباقون بالضاد ،فعلى الول المعنى
أنه ليس على وحي ال تعالى وما يخبر به من الخبار بمتهم ،فإن أحواله ناطقة
بالصدق والمانة ،وعلى الثاني أي ليس ببخيل فيما يؤدي عن ال ،إذ يعلمه كما
1مجالس الصدوق :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أحمد بن أبي
عبدال البرقى ،عن أبيه ،عن خلف بن حماد ،عن أبي الحسن العبدي ،عن
العمش
عن عباية بن ربعي ،عن عبدال بن عباس ،قال :إن رسول ال صلى ال عليه
إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له " النور " وهو قول ال عزوجل "
خلق
الظلمات والنور " فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال له جبرئيل :يا محمد اعبر على
بركة ال ،فقد نور ال لك بصرك ،ومدلك أمامك ،فإن هذا نهر لم يعبره أحد
لملك مقرب ،ولنبي مرسل غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ،ثم أخرج منه
فأنفض أجنحتي ،فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إل خلق ال تبارك وتعالى منها
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر :فانى بعثت إلى مدائن لوط وهى . .
][249
ملكا مقربا له عشرون ألف وجه ،وأربعون ألف لسان ] ،كل لسان [ يلفظ بلغة
2تفسير على بن ابراهيم :في خبر المعراج :قال جبرئيل :أقرب الخلق
3ومنه :عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن سالم ،عن أبي عبدال
عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :لما اسري بي إلى السماء
الملئكة بيده لوح من نور ل يلتقت يمينا ول شمال مقبل عليه ثبة كهيئة الحرير )
(2
فقلت :من هذا يا جبرئيل ؟ فقال :هذا ملك الموت مشغول في قبض الرواح فقلت :
أدنني منه يا جبرئيل لكلمه ،فأدناني منه ،فقلت له :يا ملك الموت أكل من ] هو [
مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه ؟ قال :نعم ،قلت :وتحضرهم بنفسك ؟
قال :نعم ،ما الدنيا كلها عندي فيما سخره ال لي ومكنني منها إل كدرهم في كف
الرجل يقلبه كيف يشاء ،وما من دار في الدنيا إل وأدخلها في كل يوم خمس مرات
وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم :لتبكوا عليه ،فإن لي إليكم عودة وعودة
حتى ل يبقى منكم أحد .قال رسول ال صلى ال عليه وآله :كفى بالموت طامة يا
جبرئيل ! فقال
4ومنه :في قوله تعالى " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " قال :رأى
جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد مل ما بين السماء
والرض ( 4 ) .
5التوحيد :عن أبيه ،عن سعد ،عن القاسم بن محمد الصفهاني ،عن
سليمان المنقري ،عن حفص بن غياث أو غيره قال :سألت أبا عبدال عليه السلم
][250
6معانى الخبار :قال :جبرئيل معناه عبدال ،وميكائيل معناه عبيد ال ،و
7الخصال :عن الحسين بن أحمد ) ( 3بن إدريس ،عن أبيه عن محمد بن أحمد ،
عن
أبي عبدال الرازي ،عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ،عن موسى بن بكر ،عن
أبي الحسن الول ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ال تبارك وتعالى
اختار من
8تفسير على بن ابراهيم :عن أبيه ،عن أحمد بن النضر ،عن عمروبن
شمر ،عن جابر ،عن أبي عبدال ) ( 5عليه السلم قال :كان بينا رسول ال
جالسا وعنده
جبرئيل عليه السلم إذ حانت من جبرئيل نظرة قبل السماء فانتقع لونه حتى صار
كأنه
كركم ( 6 ) ،ثم لذ برسول ال صلى ال عليه وآله فنظر رسول ال إلى حيث
قد مل بين الخافقين مقبل حتى كان كقاب من الرض ،ثم قال :يا محمد إني
رسول ال إليك اخيرك :أن تكون ملكا رسول أحب إليك أو أن تكون عبدا
رسول ،فالتفت رسول ال صلى ال عليه وآله إلى جبرئيل وقد رجع إليه لونه فقال
جبرئيل :
بل كن عبدا رسول ،فقال رسول ال :بل أكون عبدا رسول ،فرفع الملك رجله
اليمنى فوضعها في كبد السماء الدينا ،ثم رفع الخرى فوضعها في الثانية ،ثم رفع
اليمنى فوضعها في الثالثة ،ثم هكذا حتى انتهى إلى السماء السابعة ،بعد كل سماء
خطوة ،وكلما ارتفع صغر حتى صار آخر ذلك مثل الصر ،فالتفت رسول ال
][251
صلى ال عليه وآله إلى جبرئيل عليه السلم فقال :قد رأيتك ذعرا ،وما رأيت شيئا
كان
أذعر لي من تغير لونك ! فقال :يا نبي ال ل تلمني ،أتدري من هذا ؟ قال :ل
قال :هذا إسرافيل حاجب الرب ،ولم ينزل ) ( 1من مكانه منذ خلق ال السماوات
والرض ،ولما رأيته منحطا ظننت أنه جاء بقيام الساعة ،فكان الذي رأيت
من تغير لوني لذلك ،فما رأيت ما اصطفاك ال به رجع إلي لوني ونفسي
أما رأيته كلما ارتفع صغر ،إنه ليس شئ يدنو من الرب إل صغر لعظمته ،إن
هذا حاجب الرب ،وأقرب خلق ال منه ،واللوح بين عينيه من ياقوتة حمراء ،فإذا
تكلم الرب تبارك وتعالى بالحوي ضرب اللوح جبينه فنظر فيه ،ثم ألقاه إلينا
فنسعى به في السماوات والرض ،إنه لدنى خلق الرحمن منه ،وبيني وبينه
لقرب
حينه أي قرب وقته وقال :قال الكسائي :امتقع لونه إذا تغير من حزن أو
فزع ) ، ( 3قال :وكذلك انتقع ابتقع وبالميم أجود .وقال :الكركم الزعفران
وقال :لذبه لواذا ولياذا أي لجأ إليه وعاذبه .وفي القاموس :الصر طائر
كالعصفور
وأصغر " يدنو من الرب " أي من موضع مناجاته ،أو من عرشه سبحانه " ما ل
يعد ول يوصف " أي دونها وقبل الوصول إليها ما ل يعد ول يوصف انقطع ) ( 4
عندها البصار ،ول تقدر على النظر إليها .وفي بعض النسخ " ما يعد " بدون "
ل"
فيمكن أن يكون بدل من " تسعون حجابا " و " ما " موصولة ،أي يحيط به العدد
دون الوصف ،والمراد بالحجب إما الحجب المعنوية كما مر ،أو المراد بينه وبين
* ) هامش (
) ( 2سبعون ) خ ( .
) ( 4تقطع ) خ ( .
][252
عرشه ،أو بين منتهى خلقه ،أو بين محل يصدر منه الوحي .
أقول :ورأيت بخط بعض المشايخ هذا الحديث منقول من كتاب " مدينة
العلم " للصدوق -رحمه ال -بحذف السناد عن جابر مثله .
9ومنه :أيضا عن الصادق عليه السلم :قال :إذا أمر ال ميكائيل بالهبوط إلى
الدنيا فيما يأمره به صارت رجله في السماء السابعة والخرى في الرض السابعة .
10ومنه :عن الصادق عليه السلم قال :إن ال خلق حية قد أحدقت بالسماوات
والرض ،قد جمعت رأسها وذنبها تحت العرش ،فإذا رأت معاصي العباد أسفت و
11القصص :بالسناد المتقدم في باب العوالم عن أبي جعفر عليه السلم أنه
قال :إن ال خلق الملئكة روحانيين لهم أجنحة يطيرون بها حيث يشاء ال
فأسكنهم
فيما بين أطباق السماوات يقدسونه الليل والنهار ،واصطفى منهم إسرافيل و
12صحيفة الرضا ] :عنه [ عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال
لما اسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجل قاعدا ،رجل له في المشرق
ورجل له في المغرب ،وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه ،فقلت :يا جبرئيل !
ابن علي ،عن جعفر بن بشير ،عن معتب غلم الصادق عليه السلم قال :كنت مع
أبي
عبدال عليه السلم بالعريض ،فجاء يمشي حتى دخل مسجدا كان يعبدال فيه
أبوه ،وهو
يصلي في موضع من المسجد ،فلما انصرف قال :يا معتب ترى هذا الموضع ؟
قلت :
نعم ،قال :بينما أبي عليه السلم قائم يصلي في هذا المكان إذ دخل شيخ يمشي
حسن السمت
فجلس فبينما هو جالس إذ جاء رجل آدم حسن الوجه والتمسه ،فقال للشيخ :ما
يجلسك ؟ ليس بهذا امرت ،فقاما وانطلقا وتوار يا عني فلم أرشيئا ،فقال :يا
بني !
][253
هل رأيت الشيخ وصاحبه ؟ فقلت :نعم ،فمن الشيخ وصاحبه ؟ قال :الشيخ ملك
14ومنه :عن سعد بن عبدال ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن الحسين بن
سعيد ،عن فضالة :عن أبان بن عثمان ،عن زرارة ،قال :قال أبوعبدال عليه
السلم :
بينما أنا في الدار مع جارية لي إذ أقبل رجل قاطب بوجهه ،فلما رأيته علمت أنه
ملك الموت ،فاستقبله رجل آخر أطلق منه وجها وأطلق منه بشرا فقال له :ليس
بذا
بيان " :ليس بذا امرت " أي بالتأخير ،أو بملقاة غير المتوفى ،أو بالقطوب
للمام .وفي الخبر السابق يحتمل الجلوس ،أو قبض المام عليه السلم مع
الحتمالين
15المتهجد :في تعقيب صلوة أمير المؤمنين :وباسمك المكتوب على جبهة
إسرافيل ،وبقوة ذلك السم الذي ينفخ به إسرافيل في الصور ،وأسألك باسمك
صلى ال عليه وآله فيما سأله :من أخبرك ؟ قال النبي صلى ال عليه وآله :
عمن ؟ ] قال [ قال :عن ميكائيل ،قال :عمن ؟ ] قال [ قال :عن إسرافيل ،قال :
عمن ؟ ] قال [ قال :عن اللوح المحفوظ ،قال :عمن ؟ قال :عن القلم ،قال :
عمن
قال قال :عن رب العالمين ،قال :صدقت ) ، ( 1فأخبرني عن جبرئيل في زي
(3
قال :طعامه التسبيح ،وشرابه التهليل .قال :صدقت يا محمد ،فأخبرني ما طول
جبرئيل ؟ قال :إنه على قدربين الملئكة ،ليس بالطويل العالي ول بالقصير
المتداني
) : ( 3وما شرابه ؟
][254
له ثمانون ذوابة ،وقصة جعدة ،وهلل بين عينيه ،أغر أدعج محجل ،ضوؤه بين
الملئكة كضوء النهار عند ظلمة الليل ،له أربع وعشرون جناحا خضراء مشبكة
بالدر والياقوت مختمة باللؤلؤ ،وعليه وشاح بطانته الرحمة ،وأزراره الكرامة
ظهارته الوقار ريشه الزعفران ،واضح الجبين ،أقنى النف ،سائل الخدين مدور
اللحيين ،حسن القامة ،ل يأكل ول يشرب ،ول يمل ول يسهو ،قام ) ( 1بوحي
ال
إلى يوم القيامة .قال :صدقت يا مجد ثم ساق الحديث إلى أن قال وما الثلثة ؟
قال صلى ال عليه وآله :جبرئيل ،وميكائيل ،وإسرافيل ،وهم رؤساء الملئكة ،
وهم على
النسان بالطعام والشراب ول يبقى بدونهما والقصة بالضم شعر الناصية ذكره
الجوهري ،وقال :الغرة بالضم :بياض في جبهة الفرس فوق الدرهم ،يقال
فرس أغر والغر البيض ،ورجل أغر أي شريف وقال :الدعج شدة سواد
الركبتين والعرقوبين لنها مواضع الحجال وهي الخلخيل والقيود ،يقال فرس
محجل .وقال :الوشاح ينسج من أديم عريضا ويرصع بالجواهر وتشده المرأة
بين عاتقها وكشحها ) انتهى ( والمراد بالوشاح إما المعنوي فالصفات ظاهرة أو
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 254سطر 19إلى صفحه 262سطر 18
احديداب في النف .
17الكافى :عن عدة من أصحابه ،عن سهل بن زياد ،عن ابن محبوب
عن حنان بن سدير ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :قلت له :أخبرني عن قول
يعقوب لبنيه " اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ) " ( 3أكان يعلم أنه حي وقد
) ( 2الختصاص . 45 :
) ( 3يوسف . 87 :
][255
فارقه منذ عشرين سنة ؟ قال :نعم ،قال :قلت :كيف علم ؟ قال :إنه دعا في
السحر وسأل ال أن يهبط عليه ملك الموت ،فهبط عليه بريال وهو ملك الموت
تقبضها مجتمعة أو متفرقة ؟ قال :بل أقبضها متفرقة روحا روحا ،قال :أخبرني
فهل ) ( 1مربك روح يوسف فيما مربك ؟ قال :ل ،فعلم يعقوب أنه حي ،فعند
بيان " :فتحسسوا " التحسس طلب الحساس ،أي تعرفوا منهما وتفحصوا
عن حالهما " تقبضها مجتمعة " لعل السؤال عن الجتماع والتفرق في الخذ ،لنه
إذا قبضها مجتمعة يمكن أن يغفل عن خصوص كل واحد بخلف ما إذا أخذ روحا
روحا ،أو لنه إذا قبضها مجتمعة يمكن أن تسلم إليه بعد مرور اليام ليجتمع
عدد كثير منها ولما يصل روح يوسف عليه السلم إليه بعد ذلك ،وهذا الملك إما
عزرائيل
18الكافى :عن عدة من أصحابه ،عن أحمد بن محمد ،عن علي بن الحكم
عن معاوية بن ميسرة ،عن الحكم بن عيينة ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن
في الجنة
نهرا يغتمس فيه جبرئيل كل غداة ،ثم يخرج منه فينفض ،فيخلق ال عزوجل
19ومنه :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن علي بن
الحكم ،عن الحسين بن أبي العل الخفاف ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :لما
انهزم
الناس يوم أحد وساق الحديث الطويل إلى أن قال :قال النبي صلى ال عليه وآله :
يا رب
وعدتني أن تظهر دينك ،وإن شئت لم يعيك .فأقبل علي عليه السلم إلى النبي
فقال :يا رسول ال أسمع دويا شديدا وأسمع أقدم حيزوم وما أهم أضرب أحدا إل
][256
سقط ميتا قبل أن أضرب .فقال :هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في الملئكة
ثم جاءه جبرئيل فوقف إلى جنب رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :يا محمد ،إن
هذه هي المواساة
فقال :إن عليا مني وأنا منه ،فقال جبرئيل عليه السلم :وأنا منكما ،ثم انهزم
الناس
وساق الحديث إلى قوله فأتبعهم جبرئيل عليه السلم فكلما سمعوا وقع حوافر فرسه
جدوا في السير ،فكان يتلوهم ،فإذا ارتحلوا قال هو ذا عسكر محمد قد أقبل ،فدخل
أبوسفيان مكة ،فأخبرهم الخبر ،وجاء الرعاة والحطابون فدخلوا مكة فقالوا :
رأينا عسكر محمد كلما رحل أبوسفيان نزلوا يقدمهم فارس على فرس أشقر يطلب
آثارهم
فأقبل أهل مكة على أبي سفيان يوبخونه -إلى آخر الخبر ) . ( 1
20ومنه :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن ابن فضال
عن داود بن فرقد ،عن أبي يزيد الحمار عن أبي عبدال عليه السلم قال :إن ال
تبارك
وتعالى بعث أربعة أملك في إهلك قوم لوط :جبرئيل ،وميكائيل ،وإسرافيل ،و
كروبيل عليهم السلم فمروا بابراهيم عليه السلم وهم معتمون ،فسلموا عليه ،فلم
يعرفهم
ورأى هيئة حسنة ،فقال :ل يخدم هؤلء أحدا إل أبا بنفسي ،وكان صاحب أضياف
فشوى لهم عجل سمينا حتى أنضجه ،ثم قربه إليهم ،فلما وضعه بين أيديهم ورأى
أيديهم ل تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ،فلما رأى ذلك جبرئيل حسر العمامة
عن وجهه وعن رأسه فعرفه إبراهيم ،فقال :أنت هو ؟ فقال :نعم ،ومرت امرأته
سارة فبشرها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب .فقالت :ما قال ال ؟ فأجابوها
بما
في الكتاب العزيز ،فقال إبراهيم عليه السلم ] لهم [ :فيماذا جئتم ؟ قالوا له :في
إهلك
قوم لوط وساق الحديث إلى أن قال : -فأتوا لوطا وهو في زراعة له قرب المدينة
فسلموا عليه وهم معتمون ،فلما رآهم رأى هيئة حسنة عليهم عمائم بيض وثياب
بيض
فقال لهم :المنزل ،فقالوا :نعم ،فتقدمهم ومشوا خلفه ،فندم على عرضه عليهم
المنزل ،وقال :أي شئ صنعت ! آتي بهم قومي وأنا أعرفهم ؟ ! فالتفت إليهم
فقال :
إنكم تأتون شرارا من خلق ال -وساق إلى قوله فلما رأتهم امرأته رأت هيئة
][257
حسنة ،فصعدت فوق السطح وصفقت فلم يسمعوا فدخنت ،فلما رأوا الدخان أقبلوا
يهرعون إلى الباب ) ( 1وساق إلى قوله فكاثروه حتى دخلوا البيت فأهوى جبرئيل
نحوهم بإصبعه ،فذهبت أعينهم وساق إلى قوله ثم اقتلعها جبرئيل عليه السلم
بجناحه من سبع أرضين ،ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلب
وصياح الديكة ،ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل )
.(2
21ومنه :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ،عن أبيه
جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ،عن أبان بن عثمان ،عن محمد بن مروان
،عمن
رواه عن أبي جعفر عليه السلم قال :لما اتخذ ال عزوجل إبراهيم خليل أباه بشراه
بالخلة ،فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيض أبيضان يقطر
رأسه ماء
ودهنا ،فدخل إبراهيم عليه السلم الدار ،فاستقبله خارجا من الدار ،وكان إبراهيم
رجل
غيورا ،وكان إذا خرج في حاجة أعلق بابه وأخذ مفتاحه معه ،ثم رجع ففتح فإذا
هو برجل ) ( 3أحسن ما يكون من الرجال ،فأخذ بيده وقال :يا عبدال من أدخلك
دراي ؟ فقال :ربها أدخلنيها .فقال :ربها أحق بها مني ،فمن أنت ؟ قال :أنا
ملك الموت ،ففزع إبراهيم وقال :جئتني لتسلبني روحي ؟ قال :ل ،ولكن اتخذ
ال عبدا خليل فجئت لبشارته ،فقال :من هو ؟ لعلي أخدمه حتى أموت ! قال :
أنت هو ،فدخل على سارة فقال لها :إن ال تبارك وتعالى اتخذني خليل ) . ( 4
22الدر المنثور :من عدة كتب عن ابن عباس ،قال :بينا رسول ال
صلى ال عليه وآله ومعه جبرئيل يناجيه إذا نشق افق السماء فأقبل جبرئيل
يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ويدنو من الرض ،فإذا ملك قد مثل بين يدي
رسول
ال صلى ال عليه فقال :يا محمد إن ربك يقرئك السلم ويخيرك بين أن تكون نبيا
ملكا ،وبين أن تكون نبيا عبدا ،قال رسول ال صلى ال عليه وآله :فأشار جبرئيل
تواضع فعرفت أنه لي ناصح ،فقلت :عبدنبي ،فعرج ذلك الملك إلى السماء ،فقلت
:يا
فمن هذا يا جبرئيل ؟ قال :هذا إسرافيل ،خلقه ال يوم خلقه بين يديه صافا قدميه
ل يرفع طرفه ،بينه وبين الرب سبعون نورا ما منها نوريد نومنه أحد ) ( 1إل
احترق
بين يديه اللوح المحفوظ ،فإذا أذن ال في شئ في السماء أو في الرض ارتفع ذلك
اللوح ،فضرب جبهته فينظر فيه ،فإن كان من عملي أمرني به ،وإن كان من عمل
ميكائيل أمره به ،وإن كان من عمل ملك الموت أمره به قلت :يا جبرئيل على أي
شئ أنت ؟ قال :على الرياح والجنود ،قلت :على أي شئ ميكائيل ؟ قال :على
النبات
والقطر ،قلت :على أي شئ ملك الموت ؟ قال :على قبض النفس ،وما ظننت أنه
هبط إل لقيام الساعة وما ذاك الذي رأيت مني إل خوفا من قيام الساعة ) . ( 2
23وعن ابن عباس قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أفضل الملئكة
جبرئيل ) . ( 3
24وعن موسى بن أبي عائشة ،قال :بلغني أن جبرئيل إمام أهل السماء ) . ( 4
25وعن جابر بن عبدال ،قال :إن جبرئيل موكل بحاجات العباد ،فإذا
دعاه المؤمن قال :يا جبرئيل احبس حاجة عبدي ،فإني احبه واحب صوته ،و
إذا دعا الكافر قال :يا جبرئيل اقبض حاجة عبدي فإني ابغضه وابغض صوته ) ( 5
.
وعن شريح بن عبيد أن النبي صلى ال عليه وآله لما صعد إلى السماء رأى جبرئيل
في
خلقته منظوم أجنحته بالزبرجد والؤلؤ والياقوت ،قال :فخيل إلي أن ما بين
عينيه قد سد الفق وكنت أراه قبل ذلك على صور مختلفة ،وأكثر ما كنت أراه
على صورة دحية الكلبي ،وكنت أحيانا أراه كما يرى الرجل صاحبه من وراء
الغربان ) . ( 6
][259
بيان :قال في النهاية :رأسه محبك أي شعر رأسه متكثر من الجعودة ،مثل
الماء الساكن والرمل إذا هبت عليهما الريح فيتجعدان ويصيران طرائق .
28الدر المنثور :عن ابن عباس ،عن النبي صلى ال عليه وآله قال :ما بين
منكبي
29وعن وهب أنه سئل عن خلق جبرئيل فذكر أن ما بين منكبيه من
فقال جبرئيل :إنك لن تطيق ذلك ،قال :إني احب أن تفعل ،فخرج رسول
ال صلى ال عليه وآله إلى المصلى في ليلة مقمرة ،فأتاه جبرئيل في صورته
صلى ال عليه وسلم حين رآه ،ثم أفاق وجبرئيل مسنده وواضع إحدى يديه على
صدره ،والخرى بين كتفيه .فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما كنت أرى أن
شيئا ممن
يخلق هكذا ،فقال جبرئيل :فكيف لو رأيت إسرافيل ؟ إن له لثني عشر جناحا
منها جناح في المشرق ،وجناح في المغرب ،وإن العرش على كاهله ،وإنه
ليتضاءل
الحيان لعظمة ال حتى يصير مثل الوصع حتى ما يحمل عرشه إل عظمته ) . ( 6
بيان :قال في النهاية :فيه أن العرش على منكب إسرافيل ،وأنه ليتواضع
ل حتى يصير مثل الوصع .يروى بفتح الصاد وسكونها ،وهو طائر أصغر من
) ( 2في المصدر :ورأسه حبك حبك مثل المرجان وهو اللؤلؤ .
][260
31الدر المنثور :عن أبي سعيد ،عن النبي صلى ال عليه وآله قال :إن في الجنة
32قال :وروي أن جبرئيل أتى النبى صلى ال عليه وآله وهو يبكي ،فقال له :ما
يبكيك ؟ قال :مالي لأبكي ؟ فو ال ما جفت لي عين منذ خلق ال النار مخافة أن
أعصيه
فيقذفني فيها .وقال :ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار ) . ( 2
33وعن عكرمة قال سأل رسول ال صلى ال عليه وآله جبرئيل عن أكرم الخلق
على ال
فعرج ثم هبط فقال :أكرم الخلق على ال جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت
فأما جبرئيل فصاحب الحرب وصاحب المرسلين ،وأما ميكائيل فصاحب كل قطرة
تسقط ،وكل ورقة تنبت ،وكل ورقة تسقط ،وأما ملك الموت فهو موكل بقبض
34وعن ابن عباس أن جبرئيل وقف على رسول ال صلى ال عليه وآله وعليه
عصابة خضراء
قد علها الغبار ،فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما هذا الغبار الذي أرى على
إني زرت البيت فازدحمت الملئكة على الركن ،فهذا الغبار الذي ترى مما تثير
بأجنحتها ) . ( 4
35وعن ابن عباس قال :جلس رسول ال صلى ال عليه وآله مجلسا فأتاه جبرئيل
فجلس
بين يدي رسول ال صلى ال عليه وآله واضعا كفيه على ركبتي رسول ال صلى
حدثني عن السلم ،قال :السلم أن تسلم وجهك ل عزوجل ،وأن تشهد أن
ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأن محمدا عبده ورسوله .قال :فإذا فعلت ذلك
فقد أسلمت .قال :يا رسول ال حدثني عن اليمان ،قال :اليمان أن تؤمن بال
واليوم الخر والملئكة والكتاب والنبيين والموت والحيوة بعد الموت ،وتؤمن
بالجنة والنار والحساب والميزان ،وتؤمن بالقدر كله خيره وشره ،قال :فإذا فعلت
ذلك فقد آمنت .قال :يا رسول ال حدثني ما الحسان ؟ قال :الحسان أن تعمل
][261
36وعن أنس وغيره بأسانيد قال :بينما رسول ال صلى ال عليه وآله جالسا مع
أصحابه
إذ جاءه رجل عليه ثياب السفر يتخلل الناس حتى جلس بين يدي رسول ال صلى
فوضع يده على ركبة رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :يا محمد ما السلم
مامر إلى قولهم ) ( 2يا رسول ال متى الساعة ؟ قال :ما المسؤول عنها بأعلم
من
السائل ،وأدبر الرجل فذهب .فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :علي بالرجل ،
فاتبعوه
يطبونه فلم يروا شيئا ،فقال رسول ال :ذلك جبرئيل ،جاءكم ليعلمكم دينكم .
37وعن وهب بن منبه ،قال :خلق ال الصور من لؤلؤة ] بيضاء [ في صفاء
الزجاجة ،ثم قال للعرش :خذ الصور ،فتعلق به ،ثم قال :كن ،فكان إسرافيل
فأمره أن يأخذ الصور ،فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة
ل تخرج روحان من ثقب واحد ،وفي وسط الصور كوة ) ( 3كاستدارة السماء
والرض
وإسرافيل واضع فمه على ذلك الكوة ) ( 4ثم قال له الرب تعالى :قد وكلتك
بالصور ،فأنت للنفخة وللصيحة .فدخل إسرافيل في مقدم العرش ،فأدخل رجله
اليمنى تحت العرش ،وقدم اليسرى ،ولم يطرف منذ خلقه ال ينظر متى يؤمر به )
.(5
38وعن ابن عباس عن النبي صلى ال عليه وآله في قوله تعالى " نزل به الروح
المين " قال :الروح المين جبرئيل ،رأيت له ستمائة جناح من لؤلؤ قد نشرهما
39وعن أبي سعيد الخدري ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله كيف أنعم
وقد
) ( 3كرة ) خ ( .
) ( 4الكرة ) خ ( .
) ( 5الدر المنثور :ج 5ص . 338
][262
النقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ
فينفخ
قال المسلمون :فكيف نقول يا رسول ال ؟ قال :قولوا حسبنا ال ونعم الوكيل ،
على ل
توكلنا ) . ( 1
توضيح :قال الجوهري فيه كيف أنعم وصاحب القرن قد التقمه أي كيف
40الدر المنثور :عن ابن مسعود ،قال :الصور كهيئة القرن ينفخ
فيه ) . ( 2
- 41وعن أبي هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما طرف صاحب
الصور مذ
وكل به مستعدا ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد إليه طرفه
42وعن أبي سعيد قال :إن صاحبي الصور بأيديهما قرنان يلحظان
النظر متى يؤمران ) . ( 4
43وعنه عن النبي صلى ال عليه وآله قال :وما من صباح إل وملكان موكلن
بالصور
قد تسرول به ،وجناح على كاهله ،والقلم على اذنه ،فإذا نزل الوحي كتب القلم
ودرست الملئكة ،وملك الصور أسفل منه جاث على إحدى ركبتيه ،وقد نصب
الخرى ،فالتقم الصور فحنى ظهره ،وطرفه إلى إسرافيل وقد امر إذا رأى إسرافيل
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 262سطر 19إلى صفحه 270سطر 18
][263
45وعن ابن عباس قال :لما نزلت " فإذا نقر في الناقور " قال رسول ال
صلى ال عليه وسلم :كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته
يستمع
متى يؤمر ؟ قالوا :كيف نقول يا رسول ال ؟ قال :قولوا حسبنا ال ونعم الوكيل ،
و
46عن قتادة " فإذا نقر في الناقور " قال :فاذا نفخ في الصور ) . ( 2
47وعن ابن مسعود " لقد رآه بالفق المبين " قال جبرئيل في رفرف أخضر
48وعنه أيضا :قال رأى جبرئيل له ستمائة حناح قدسه الفق ) . ( 4
49وعن ابن عباس في الية قال :إنما عنى جبرئيل ،إن محمدا رآه في
50وعن معاوية بن قرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله لجبرئيل :ما
أحسن
ما أثنى عليك ربك " ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين " ما كانت
قوتك ؟
وما كانت أمانتك ؟ قال :أما قوتي فإني بعث إلى مدائن قوم لوط وهي أربع مدائن
وفي كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري ،حملتهم من الرض السفلى
حتى
سمع أهل السماء أصوات الدجاج ونباح الكلب ،وهويت بهن فقتلتهن ) ( 6وأما
51وعن أبي صالح في قوله " إنه لقول رسول كريم " قال :جبرئيل
" مطاع ثم أمين " قال :على سبعين حجابا يدخلها بغير إذن ) . ( 8
][264
52وعن الخزرج قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :ونظر إلى
ملك
الموت عند رأس رجل من النصار ،فقال :يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه
مؤمن
فقال ملك الموت :طب نفسا وقر عينا ،واعلم بأني بكل مؤمن رفيق ،واعلم
أني يا محمد لقبض روح ابن آدم ،فإذا صرخ صارخ قمت في الدار ومعي روحه
فقلت :ما هذا الصارخ ؟ وال ما ظلمنا ول سبقنا أجله ول استعجلنا قدره ،وما لنا
في
قبضه من ذنب ،فإن ترضوا بما صنع ال توجروا ،وإن تسخطوا تأثموا وتوزروا
وإن لنا عندكم عودة بعد عودة ،فالحذر ! الحذر ! وما من أهل بيت شعر ول مدر
بر ول فاجر ،سهل ول جبل ،إل وأنا أتصفحهم في كل يوم وليلة ،حتى لنا
أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ،وال لو أردت أن أقبض روح بعوضة ما
53وعن ابن عباس قال :وكل ملك الموت بقبض أرواح الدميين فهو
الذى يلي قبض أرواحهم ،وملك في الجن ،وملك في الشياطين ،وملك في الطير
والوحش والسباع والحيتان والنمل ،فهم أربعة أملك ،والملئكة يموتون في
الصعقة الولى ،وإن ملك الموت يلي قبض أرواحهم ،ثم يموت ،وأما الشهداء
في البحر فإن ال يلي قبض أرواحهم ،ل يكل ذلك إلى ملك الموت لكرامتهم عليه )
(2
54وعن أبي جعفر محمد بن علي عليهم السلم ) ( 3قال :دخل النبي صلى ال
ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال :أبشر يا محمد ،فإني بكل مؤمن
رفيق ،واعلم يا محمد أني لقبض روح ابن آدم فيصرخ أهله ،فأقوم في جانب من
الدار فأقول :وال مالي ذنب ،وإن لي لعودة وعودة ،الحذر ! الحذر ! وما خلق
ال من أهل بيت مدر ول شعر ول وبر في بر ول بحر إل وأنا أتصفحهم فيه في كل
][265
يوم وليلة خمس مرات ،حتى أني لعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ،وال
يا محمد إني ل أقدر أن أقبض روح بعوضة حتى يكون ال تبارك وتعالى الذي يأمر
بقبضه ) . ( 1
55الكافى :عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن يونس ،عن الهيثم بن
واقد ،عن رجل ،عن أبي عبدال عليه السلم مثله بأدنى تغيير ) . ( 2
56وعن علي ،عن أبيه عن ابن محبوب ،عن المفضل بن صالح ،عن جابر
عن أبي جعفر عليه السلم مثله أيضا لكن فيهما :خمس مرات عند مواقيت
الصلوات ) . ( 3
بيان :ل يخفى عدم دللة هذه الخبار على كون قابض أرواح الحيوانات
ملك الموت ،فإن الغرض منها المبالغة في عدم قدرته على فعل صغير أو كبير
بدون
إذنه سبحانه ،فل ينافي خبر ابن عباس ،لكن ليس في أخبارنا تصريح بأحد
الطرفين
والتوقف في مثله أحوط ،وقد مضت الخبار المناسبة لهذا الباب والذي قبله في
) * 24باب ( *
اليات :
البقرة :واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان و
لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت
وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة فل تكفر فيتعلمون منهما
ما يفرقون به بين المرء وزوجه وماهم بضارين به من أحد إل بإذن ال ويتعلمون
][266
ما يضرهم ول ينفعهم ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الخرة من خلق ) . ( 1
يسجدون ) . ( 3
مريم :وما نتنزل إل بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك
يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ول يشفعون
إل لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون * ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك
يؤمرون ) . ( 8
تفسير " :واتبعوا ما تتلوا الشياطين " أقول :هذه الية مما يوهم نفي عصمة
الملئكة ،وللعلماء في تأويلها مسالك نشير إن بعضها وإن أفضى إلى الطناب .
* ) هامش ( * ) ( 1البقرة . 102 :
) ( 4النحل . 50 49 :
) ( 5مريم . 64 :
) ( 6النبياء . 20 19 :
) . 29 26 : ( 7
) ( 8التحريم . 6 :
][267
قال السيد المرتضى رحمه ال في كتاب الغرر والدرر :إن سأل سائل عن
قوله عزوعل " واتبعوا ما تتلوا الشياطين إلى قوله تعالى ولبئس ما شروا
به أنفسهم لو كانوا يعلمون " فقال :كيف ينزل ال سبحانه السحر على الملئكة ؟
أم كيف تعلم الملئكة الناس السحر والتفريق بين المرء وزوجه ؟ وكيف نسب
الضرر الواقع عند ذلك إلى أنه بإذنه وهو تعالى قد نهى عنه وحذر من فعله ؟
وكيف أثبت العلم لهم ونفاه عنهم بقوله " ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الخرة
الجواب :قلنا :في الية وجوه كل منها يزيل الشبهة الداخلة على من لم
الذي ،فكأنه تعالى خبر ) ( 1عن طائفة من أهل الكتاب بأنهم اتبعوا ما تكذب
فيه الشياطين على ملك سليمان وتضيفه إليه من السحر ،فبرأه ال عزوجل من
قرفهم وأكذبهم في قولهم فقال تعالى " وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا "
باستعمال السحر والتمويه على الناس ،ثم قال " يعلمون الناس السحر وما انزل
على الملكين " وأراد أنهم يعلمونهم السحر وما الذي انزل على الملكين ،وإنما
انزل على الملكين وصف السحر وماهيته وكيفية الحتيال فيه ليعرفا ذلك و
يعرفاه الناس فيجتنبوه ويحذروا منه ،كما أنه تعالى قد أعلمنا ضروب المعاصي
ووصف لنا أحوال القبائح لنجتنبها ل لنواقعها ،إل أن الشياطين كانوا إذا علموا
ذلك وعرفوه استعملوه وأقدموا على فعله ،وإن كان غيرهم من المؤمنين لما عرفه
اجتنبه وحارزه ) ( 2وانتفع باطلعه على كيفيته .ثم قال " وما يعلمان من أحد "
يعني الملكين ،ومعنى " يعلمان " يعلمان ،والعرب تستعمل لفظة " علمه "
بمعنى
) ( 2حاذره ) خ ( .
][268
تعلم أن بعد الغي رشدا * وأن لتانك الغمر انقشاعا
ومعنى " تعلم " في البيتين معنى " أعلم " والذي يدل على أنه ههنا العلم
ل التعليم قوله " وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة فل تكفر " أي
إنهما ل يعرفان صفات السحر وكيفيته إل بعد أن يقول إنما نحن محنة ،لن
الفتنة بمعنى المحنة ،من حيث ألقيا إلى المكلفين أمرا لينزجروا عنه وليتمتعوا
من مواقعته ،وهم إذا عرفوه أمكن أن يستعملوه ويرتكبوه ،فقال لمن يطلعانه على
ذلك :ل تكفر باستعماله ،ول تعدل عن الغرض في إلقاء هذا إليك ،فإنه إنما القي
إليك واطلعت عليه لتجتنبه ل لتفعله .ثم قال " فيتعلمون منهما ما يفرقون به
بين المرء وزوجه " أي فيعرفون من جهتهما ما يستعملونه في هذا الباب وإن كان
الملكان ما ألقياه إليهم لذلك ،ولهذا قال " ويتعلمون ما يضرهم ول ينفعهم " لنهم
لما قصدوا بتعلمه أن يفعلوه ويرتكبوه ل أن يحبتنبوه صار ذلك بسوء اختيارهم
وثانيها :أن يكون " ما انزل " موضعه موضع جر ،ويكون معطوفا بالواو
على " ملك سليمان " أي :واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وعلى ما
انزل على الملكين .ومعنى " ما انزل على الملكين " ) ( 1أي معهما وعلى
ألسنتهما كما
قال تعالى " ربنا وآتناما وعدتنا على رسلك " أي على ألسنتهم ومعهم ،وليس
بمنكر
أن يكون " ما انزل " معطوفا على ملك سليمان وإن اعترض بينهما من الكلم ما
اعترض ،لن رد الشئ إلى نظيره وعطفه على ما هو أولى هو الواجب وإن
اعترض بينهما ما ليس منهما ،ولهذا نظائر في القرآن وكلم العرب كثيرة :قال
ال تعالى " الحمد ل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما " ) ( 2
) ( 2الكهف . 3 :
][269
و " قيم " من صفات الكتاب حال منه ،ل من صفة " عوج " وإن تباعد ما بينهما
،و
مثله " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل ال
وكفر به والمسجد الحرام " ) ( 1فالمسجد الحرام ههنا معطوف على الشهر
الحرام
أي يسألونك عن الشهر وعن المسجد الحرام .وحكي عن بعض علماء أهل اللغة
أنه قال :العرب تلف الخبرين المختلفين ثم ترمي بتفسير هما جملة ،ثقة بأن
السامع يرد إلى كل خبره كقوله عزوجل " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار
لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله " ) ( 2وهذا واضح في مذهب العرب كثير
النظائر .
ثم قال تعالى " وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة " والمعنى أنهما ل
يعلمان أحدا بل ينهيان عنه ،ويبلغ من نهيهما عنه وصدهما عن فعله واستعماله
أن يقول إنما نحن فتنة " فل تكفر " باستعمال السحر والقدام على فعله ،وهذا
كما يقول الرجل :ما أمرت فلنا بكذا ولقد بالغت في نهيه حتى قلت له إنك إن
فعلته أصابك كذا وكذا .وهذا هو نهاية البلغة في الكلم ،والختصار الدال مع
اللفظ القليل على المعاني الكثيرة ،لنه أشعر بقوله تعالى " وما يعلمان من أحد
حتى يقول إنما نحن فتنة " عن بسط الكلم الذي ذكرناه ولهذا نظائر في القرآن
قال ال تعالى " ما اتخذ ال من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما
خلق " ) ( 3ومثل قوله تعالى " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت
وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " ) ( 4أي فيقال للذين
اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم وأمثاله أكثر من أن نورد ثم قال تعالى "
فيتعلمون
منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " وليس يجوز أن يرجع الضمير على هذا
الجواب
إلى الملكين ،وكيف يرجع إليهما وقد نفى تعالى عنهما التعليم ؟ بل يرجع إلى
) ( 2العنكبوت . 73 :
) ( 3المؤمنون . 91 :
][270
الكفروا سحر ،وقد تقدم ذكر السحر وتقدم أيضا ذكر ما يدل على الكفر
ويقتضيه في قوله تعالى " ولكن الشياطين كفروا " فدل " كفروا " على الكفر
والعطف عليه مع السحر جائز ،وإن كان التصريح وقع بذكر السحر دونه ،و
مثل ذلك قوله تعالى " ؟ ؟ ؟ من يخشى ويتجنبها الشقى * الذي يصلى النار
الكبرى " ) ( 1أي يتجنب الدكرى الشقى ،ولم يتقدم تصريح بالذكرى لكن دل
عليها قوله " سيذكر " ويجوز أيضا أن يكون معنى " فيتعلمون منهما " أي بدل
مما علمهم الملكان ،ويكون المعنى أنهم يعدلون عما علمهم ووقفهم عليه الملكان
من
النهي عن السحر إلى تعلمه واستعماله ،كما يقول القائل :ليت لنا من كذا وكذا
يريد :جمعت مكان الخيرات ومكان أخلق الكرام هذه الخصال الذميمة .و
قوله تعالى " ما يفرقون به بين المرء وزوجه " فيه وجهان :أحدهما أن يكونوا
يغوون أحد الزوجين ويحملونه على الشرك بال تعالى ،فيكون بذلك قد فارق زوجه
الخر المؤمن المقيم على دينه ،ليفرق بينهما اختلف النحلة والملة ،والوجه
الخر أن يسعوا بين الزوجين بالنميمة والوشاية والغراء والتمويه بالباطل حتى
وثالث الوجوه في الية أن تحمل " ما " في قوله تعالى " وما انزل على
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 270سطر 19إلى صفحه 278سطر 18
الملكين " على الجحد والنفي ،فكأنه تعالى قال :واتبعوا ما تتلوا الشياطين على
ملك سليمان وما كفر ] سليمان [ وما أنزل ال السحر على الملكين ولكن الشياطين
كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت .ويكون قوله تعالى " ببابل
هاروت وماروت " من المؤخر الذي معناه التقديم ،فيكون على هذا التأويل هاروت
وماروت رجلين من جملة هذان اسماهما ،وإنما ذكرا بعد ذكر الناس تمييزا
][271
وتبيينا ،ويكون الملكان المذكوران اللذان نفى تعالى عنهما السحر جبرئيل و
ميكائيل ،لن سحرة اليهود فيما ذكر كانت تدعي أن ال تعالى أنزل السحر على
لسان جبرئيل ومكائيل إلى سليمان ،فأكذبهما ال تعالى بذلك ،ويجوز أن يكون
هاروت وماروت يرجعان إلى الشياطين ،كأنه تعالى قال :ولكن الشياطين هاروت
وماروت كفروا ،ويسوغ ذلك كما ساغ في قوله " وكنا لحكمهم شاهدين " يعني
تعالى حكم داود وسليمان ،ويكون قوله تعالى على هذا التأويل " وما يعلمان
من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة " راجعا إلى هاروت وماروت اللذين هما من
قولهما
" إنما نحن فتنة فل تكفر " يكون على طريق الستهزاء أو التماجن والتخالع
كما يقول الماجن من الناس إذا فعل قبيحا أو قال باطل :هذا فعل من ل يفلح ،و
قول من ل ينجو ،وال ل حصلت إل على الخسران .وليس ذلك منه على سبيل
النصيحة للناس وتحذيرهم من مثل فعل فعله ،بل على جهة المجون والتهالك .و
يجوز أيضا على هذا التأويل الذي تضمن الجحد والنفي أن يكون هاروت وماروت
اسمين للملكين ،ونفى عنهما إنزال السحر بقوله تعالى " وما انزل على الملكين "
ويكون
قوله تعالى " وما يعلمان من أحد " يرجع إلى قبيلتين من الجن أو إلى شياطين
الجن والنس
فتحسن التثنية لهذا .وقد روي هذا التأويل في حمل " ما " على النفي عن ابن
عباس وغيره
من المفسرين ،وحكي عنه أيضا أنه كان يقرأ " على الملكين " بكسر اللم ،
ويقول :
متى كان العلجان ملكين إنما كانا ملكين وعلى هذا القراءة ل ينكر أن يرجع قوله
تعالى
" وما يعلمان من أحد " إليهما ،ويمكن على هذه القراءة في الية وجه آخر وهو
أن ل يحمل قوله تعالى " :وما انزل على الملكين " على الجحد والنفي ،وهو أن
ل يكون هؤلء الذين أخبر عنهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين وتدعيه على ملك سليمان
واتبعوا ما انزل على هذين الملكين من السحر ،ول يكون النزال مضافا إلى ال
تعالى ،وإن اطلق لنه عزوجل ل ينزل السحر بل يكون منزله إليهما بعض
الضلل والعصاة ،وأن يكون معنى " انزل " وإن كان من الرض حمل إليهما لمن
][272
السماء أنه أتى به عن نجود الرض والبلد وأعاليهما ،فإن من هبط من نجد من
البلد إلى غورها يقال نزل وهبط وما جرى هذا المجرى .
فأما قوله تعالى " وماهم بضارين به من أحد إل بإذن ال " فيحتمل وجوها :
منها :أن يريد تعالى بالذن العلم من قولهم " أذنت فلنا بكذا وكذا " إذا أعلمته
و " أذنت بكذا وكذا " إذا أسمعته وعلمته ،وقال الشاعر :
ومنها :أن يكون " إل " زائدة ،ويكون المعنى :وماهم بضارين به من
أحد إل بأن يخلي ال تعالى بينهم وبينه ،ولو شاء لمنعهم بالقهر والقسر زائدا على
منعهم
ومنها :أن يكون الضرر الذي عنى به أنه ل يكون إل بإذنه ،وأضافه إليه
ما ] هو [ يلحق المسحور عن الدوية والغذية التي أطعمه إياه السحرة ،ويدعون
أنها موجبة لما يقصدونه فيه من المور ،ومعلوم أن الضرر الحاصل عن ذلك من
فعل ال تعالى بالعادة ،لن الغذية ل توجب ضررا ول نفعا ،وإن كان المعرض
للضرر من حيث كان كالفاعل له هو المستحق للذم ،وعليه يجب العوض .
ومنها :أن يكون الضرر المذكور إنما هو ما يحصل من التفريق بين الزواج
لنه أقرب إليه في ترتيب الكلم ،والمعنى أنهم إذ أغروا أحد الزوجين فكفر
فبانت منه زوجته فاستضر بذلك كانوا ضارين له بما حسنوا له من الكفر ،إل أن
الفرقة لم تكن إل بإذن ال وحكمه ،لنه تعالى هو الذي حكم وأمر بالتفريق بين
المختلفتين الديان ،فلهذا قوله تعالى " وماهم بضارين به من أحد إل بإذن ال "
والمعنى أنه لول حكم ال تعالى وإذنه في الفرقة بين هذين الزوجين باختلف الملة
لم يكونوا بضارين له هذا الضرر من الضرر الحاصل عند الفرقة ،ويقوي هذا
الوجه
ما روي أنه كان من دين سليمان أنه من سحر بانت منه امرأته .
وأما قوله تعالى " ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الخرة من خلق " ثم
قوله تعالى " لو كانوا يعلمون " ففيه وجوه :أولها :أن يكون الذين علموا غير
الذين
][273
لم يعلموا ،ويكون الذين علموا الشياطين أو الذين خبر عنهم بأنهم نبذوا كتاب
ال وراء ظهورهم كأنهم ل يعلمون ،واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان .
الذين علموا هم الذين لم يعلموا ،لنهم علموا شيئا ولم يعلموا غيره ،فكأنه تعالى
وصفهم بأنهم عالمون بأنه ل نصيب لمن اشترى ذلك ورضيه لنفسه على الجملة ،
ولم
يعلموا كنه ما يصير إليه من العقاب الذي ل نفادله ول انقطاع ،وثالثها أن تكون
الفائدة في نفي العلم بعد إثباته أنهم لم يعملوا بما علموه فكأنهم لم يعلموا ،وهذا
كما يقول أحدنا لغيره :ما أدعوك إليه خير لك وأعود عليك لو كنت تعقل وتنظر في
العواقب ،وهو يعقل وينظر إل أنه لم يعمل بموجب علمه ،فحسن أن يقال له مثل
هذا القول .وقال كعب بن زهير يصف ذئبا وغراباه تبعاه ليصيبا من زاده :
فنفى عنهما العمل ثم أثبته بقوله " ألم تعلما أني من الزاد مرمل " وإنما
المعنى في نفيه العلم عنهما أنهما لم يعمل بما علما ،فكأنهما لم يعلما ،ورابعها
أن يكون المعنى أن هؤلء القوم الذين قد علموا أن الخرة ل حظ لهم فيها مع
عملهم القبيح إل أنهم ارتكبوه طمعا في طعام الدنيا وزخرفها ،فقال تعالى " ولبئس
ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون " أي الذي آثروه وجعلوه عوضا عن الخرة
ل يتم لهم ول يبقى عليهم وأنه منقطع زائل ،ومضمحل باطل ،وأن المآل إلى
وأقول :قال في الصحاح :المغمرة الشدة والجمع غمر .قال القطامى يصف
سفينة نوح :وحان لتالك الغمر انحسار .وقال :النحسار النكشاف .وقال :
قشعت الريح السحاب أي كشفته فانقشع وتقشع .وقال :الوطب سقاء اللبن
خاصة .قال :العلبة محلب من جلد .وقال :صررت الناقة شددت عليها الصرار
وهو خيط يشد فوق الخلف والتودية لئل يرضعها ولدها .وقال :الخلف بالكسر
حلمة ضرع الناقة .والمزممة من الزمام .والبزل :جمع البازل ،وهو جمل أو ناقة
كمل
][274
لها تسع سنين .والماذي :العسل البيض .يقال :شرت العسل أي اجتنتيها ،و
وقال الرازي في تفسير هذه الية :أما قوله " واتبعوا ما تتلوا الشياطين
على ملك سليمان " ففيه مسائل :المسألة الولى قوله " واتبعوا " حكاية عما
تقدم
ذكره وهم اليهود ،ثم فيه أقوال :أحدها أنهم اليهود الذين كانوا في زمان محمد
صلى ال عليه وآله وثانيها أنهم الذين تقدموا من اليهود وثالثها أنهم الذين كانوا
في زمن سليمان من السحرة ،لن أكثر اليهود ينكرون نبوة سليمان ويعدونه
من جملة الملوك في الدنيا ،فالذين منهم كانوا في زمانه ل يمتنع أن يعتقدوا فيه
أنه
إنما وجد ذلك الملك العظيم بسبب السحر .ورابعها أنه يتناول الكل ،وهذا
أولى ،لنه ليس صرف اللفظ إلى البعض أولى من صرفه إلى غيره ،إذ ل دليل
على التخصيص .وخامسها أنه عائد إلى من تقدم ذكره في قوله " نبذ فريق من
الذين اوتوا الكتاب " قال السدي :لما جاءهم محمد صلى ال عليه وآله عارضوا
بالتورية
فخاصموه بها ،فاتفقت التورية والقرآن ،فنبذوا التورية وأخذوا بكتاب آصف
وسحر هاروت وماروت ،فلم يوافق القرآن ،فهذا هو قوله " ولما جاءهم رسول
من عندال مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب ال وراء
المسألة الثانية :ذكروا في تفسير " تتلوا " وجهين :أحدهما أن المراد
منه التلوة والخبار وثانيهما قال أبومسلم " :تتلوا " أي تكذب على ملك سليمان
يقال تل عليه إذا كذب ،وتل عنه أذا صدق ،وإذا ابهم جاز المران ،والقرب
هو الول ،لن التلوة حقيقة في الخبر ،إل أن المخبر ل يقال في خبره إذا كان
كذبا أنه يقول ) ( 1على فلن وأنه قد تل على فلن ،ليميز بينه وبين الصدق
الذي ل يقال ) ( 2على فلن بل يقال روى عن فلن وأخبر عن فلن ] ،وتل عن
][275
فلن [ وذلك ل يليق إل بالخبار والتلوة ،ول يمتنع أن يكون الذي كانوا
قول الكثرين ،وقيل :شياطين النس ،وهو قول المتكلمين من المعتزلة ،وقيل :
شياطين النس والجن معا ،أما الذين حملوا على شياطين الجن فقالوا :إن
الشياطين
كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى
الكهنة ،وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس ،وفشا ذلك في زمان
سليمان
حتى قالوا :إن الجن تعلم الغيب ،فكانوا يقولون هذا علم سليمان وماتم له
ملكه إل بهذا العلم ،وبه سخر الجن والنس والريح التي تجري بأمره ،وأما
الذين حملوه على شياطين النس فقالوا :روي في الخبر أن سليمان كان قد دفن
كثيرا من العلوم التي خصه ال بها تحت سرير ملكه حرصا على أنه إن هلك الظاهر
منها بقى ذلك المدفون ،فلما مضت مدة على ذلك توصل قوم من المنافقين إلى أن
كتبوا في خلل ذلك أشياء من السحر تناسب تلك الشياء من بعض الوجوه ،ثم بعد
موته واطلع الناس على تلك الكتب أو هموا الناس أنه من عمل سليمان ،وأنه ما
وصل إلى ما وصل إليه إل بسبب هذه الشياء ،فهذا معنى " ما تتلوا الشياطين "
واحتج
القائلون بهذا الوجه على فساد القول الول بأن شياطين الجن لو قدروا على تغيير
كتب النبياء وشرائعهم بحيث يبقى ذلك التحريف مخفيا ) ( 1فيما بين الناس
لرتفع الوثوق عن جميع الشرائع ،وذلك يفضي إلى الطعن في كل الديان .فإن
قيل :إذا جوزتم ذلك على شياطين النس فلم ل يجوز مثله من شياطين الجن قلنا
الفرق أن الذي يفتعله النسان لبد وأن يظهر من بعض الوجوه ،أما لو جوزنا
هذا الفتعال من الجن وهو أن يزيد في كتب سليمان بخط مثل خط سليمان فإنه
ل يظهر ذلك ويبقى مخفيا فيفضي إلى الطعن في جميع الديان .
المسالة الرابعة :أما قوله " على ملك سليمان " فقيل :في ملك سليمان ،عن
][276
ابن جريح .وقيل :على عهد ملك سليمان ،والقرب أن يكون المراد :واتبعوا
ما تتلوا الشياطين افتراء على ملك سليمان ،لنهم كانوا يقرؤون من كتب السحر
فيقولون :إن سليمان إنما وجد ذلك الملك بسبب هذا العلم ،فكانت تلوتهم لتلك
ملك سليمان هو النبوة ،أو يدخل فيها النبوة ،وتحت النبوة الكتاب المنزل عليه
والشريعة ،فإذا صح ذلك ثم أخرج القوم صحيفة فيها ضروب السحر وقد دفنوها
تحت سرير ملكه ثم أخرجوها بعد موته وأوهموا أنها من جهته صار ذلك منهم
تقول على ملكه في الحقيقة .والصح عندي أن يقال :القوم لما ادعوا أن سليمان
إنما وجد تلك المملكة بسبب ذلك العلم كان ذلك الدعاء كالفتراء على ملك سليمان
وال أعلم .المسألة السادسة :السبب في أنهم أضافوا السحر إلى سليمان وجوه :
أحدها أنهم أضافوا السحر إلى سليمان تفخيما لشأنه ،وتعظيما لمره ،وترغيبا
للقوم في قبول ذلك منهم .وثانيها أن اليهود ما كانوا يقرون بنبوة سليمان ،بل
كانوا يقولون إنما وجد ذلك الملك بسبب السحر .وثالثها :أن ال تعالى لما سخر
الجن لسليمان فكان يخالطهم ويستفيد منهم أسرارا عجيبة .فغلب على الظنون أنه
عليه السلم استفاد السحر منهم .أما قوله تعالى " وما كفر سليمان " فهذا تنزيه
له
عليه السلم عن الكفر ،وذلك يدل على أن القوم نسبوه إلى الكفر والسحر .وقيل
فيه أشياء أحدها ما روي عن بعض أحباز اليهود أنهم قالوا :أل تعجبون من محمد
يزعم أن سليمان كان نبيا وما كان إل ساحرا ؟ ! فأنزل ال هذه الية .وثانيها أن
السحرة من اليهود ،زعموا أنهم أخذوا السحر عن سليمان ،فنزهه ال منه .
وثالثها
أن قوما زعموا أن قوام ملكه كان بالسحر فبرأه ال منه ،لن كونه نبيا ينافي كونه
ساحرا كافرا ،ثم بين تعالى أن الذي برأه منه ل حق بغيره ،فقال :ولكن الشياطين
كفروا ،يشير به إلى ما تقدم ذكره ممن اتخذ السحر كالحرفة لنفسه وينسبه إلى
][277
سليمان ثم بين تعالى ما به كفروا ،فقد كان يجوز أن يتوهم أنهم كفروا ل بالسحر
اللغة ،فنقول :ذكر أهل اللغة أنه في الصل عبارة عما لطف وخفي سببه ،
والسحر
قيل فيه وجهان :أحدهما أنا نعلل ونخدع كالمسحور والمخدوع ،والخر
بالمسحر أنه ذوالسحر ،والسحر هو الرئة ،وما تعلق بالحلقوم .وهذا أيضا يرجع
إلى معنى الخفاء ،ومنه قول عائشة " توفي رسول ال بين سحري ونحري "
وقوله
تعالى " إنما أنت من المسحرين ) " ( 2يعني من المجوف الذي يطعم ويشرب
يدل عليه قولهم " ما أنت إل بشر مثلنا ) " ( 3وقال تعالى حكاية عن موسى عليه
السلم
إنه قال للسحرة " ما جئتم به السحر إن ال سيبطله ) " ( 4وقال :فلما ألقوا
سحروا
أعين الناس واسترهبوهم " ) ( 5فهذا هو معنى السحر في أصل اللغة .
الوجه الثانى :اعلم أن لفظ السحر في عرف الشرع مختص بكل أمر
مخفي ) ( 6سببه ،ويتخيل على غير حقيقته ،ويجري مجرى التمويه والخداع ،
و
) ( 4يونس . 81 :
][278
متى اطلق ولم يقيد أفاد ذم فاعله ،قال تعالى " سحروا أعين الناس " يعني موهوا
عليهم حتى ظنوا أن حبالهم وعصيهم تسعى ،وقال تعالى " يخيل إليه من سحرهم
أنها تسعى ) " ( 1وقد يستعمل مقيدا فيما يمدح ويحمد ،روي أنه قدم على رسول
ال صلى ال عليه وآله الزبرقان بن بدر وعمروبن الهتم وقال لعمرو :خبرني عن
الزبرقان
فقال :مطاع في ناديه ،شديد العارض ،مانع لما وراء ظهره ،قال الزبرقان :
هو وال يعلم أني أفضل منه .فقال عمرو :إنه زمر المروءة ضيق العطن أحمق
الب
لئيم الخال يا رسول ال صدقت فيهما أرضاني فقلت أحسن ما علمت وأسخطني
فقلت
أسوء ما علمت فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن من البيان لسحرا .فسمى
بعض البيان سحرا ،لن صاحبه يوضح الشئ المشكل ويكشف عن حقيقته بحسن
فان قيل :كيف يجوز أن يسمي ما يوضح الحق وينبئ وينبئ عنه سحرا وهذا
القائل إنما قصد إظهار الخفي ل إخفاء الظاهر ،ولفظ السحر إنما يكون عند
إخفاء الظاهر ؟
قلنا :إنما سماه سحرا لوجهين :الول أن ذلك العذر ) ( 2للطفه وحسنه
استمال القلوب ،فأشبه السحر الذي يستميل القلوب فمن هذا الوجه سمي سحرا ل
من الوجه الذي ظننت .الثانى :أن المقتدر على البيان يكون قادرا على تحسين
ما يكون قبيحا وتقبيح ما يكون حسنا ،فذلك يشبه السحر من هذا الوجه في أقسام
السحر .
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 278سطر 19إلى صفحه 286سطر 18
واعلم أن السحر على أقسام :القسم الول سحر الكلدانيين والكذابين ) ( 3
الذين كانوا في قديم الدهر ،وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي المدبرة
لهذا العالم ،ومنها تصدر الخيرات والشرور والسعادة والنحوسة ،وهم الذين
][279
وهؤلء فرق ثلث :الفريق الول هم الذين زعموا أن هذه الفلك والكواكب
واجبة الوجود في ذواتها ،وأنه ل حاجة بهذية ذواتها وصفاتها إلى موجب ومدبر
وخالق وعلة البتة .ثم إنها هي المدبرة لعالم الكون والفساد ،وهؤلء هم
الصابئة الدهرية .والفريق الثانى الذين قالوا :الجسم يستحيل أن يكون واجبا
لذاته ،لن كل جسم مركب ،وكل مركب فإنه مفتقر إلى كل واحد من
أجزائه ،وكل واحد من أجزائه غيره ،فكل جسم فهو مفتقر إلى غيره ،فهو ممكن
لذاته ] وكل ممكن لذاته فهو مؤثر [ فله مؤثر ،وهذه الجرام الفلكية و
الكوكبية لبد لها من مؤثر .ثم قالوا :ذلك المؤثر إما أن يكون حادثا أو
قديما ،فإن كان حادثا افتقر إلى مؤثر آخر ولزم التسلسل وهو محال ،وإن
كان قديما فإما أن يكون كل ما لبد منه في مؤثريته حاصل في الزل أو ليس
كذلك ،ويدخل في هذا التقسيم قول من يقول إنه إنما خلق العالم في الحيز
الذي خلقه فيه ،لن خلقه في ذلك الحيز أصلح من خلقه في حيز آخر ،أو
لن خلقه كان موقوفا على انقضاء الزل ،أو لن خلقه كان موقوفا على حضور
وقت معين إما مقدر أو محقق .فإن قلنا إن كل ما لبد منه في مؤثريته كان
حاصل في الزل لزم أن يكون الثر واجب الترتب عليه في الزل ،لن الزل
لولم يكن واجب الترتب عليه فهو إما ممتنع الترتب عليه ،فهو ليس بموثر البتة
وقد فرضناه مؤثرا ،هذا خلف ،وإن كان ممكن الترتب عليه وممكن اللترتب
عليه أيضا ،فلنفرض تارة مصدرا للثر بالفعل واخرى غير مصدر له بالفعل ،
فامتياز
الحيز الذي صار المؤثر فيه مصدرا للثر بالفعل عن الحيز الذي لم يصر فيه كذلك
إما أن يتوقف على انضمام قيد إليه أو لم يتوقف ،فإن توقف لم يكن الحاصل
قبل انضمام هذا القيد إليه كل ما لبد منه في المؤثرية وقد فرضناه كذلك ،و
هذا خلف ،وإن لم يتوقف فقد ترجح الممكن من غير مرجح البتة ،وتجويزه
يسد باب الستدلل بالممكن على وجود الصانع .وأما إن قلنا بأن كل مالبد
][280
منه في المؤثرية ما كان حاصل في الزل ،فإن استمر ذلك السلب وجب أن ل يصير
البتة مؤثرا .لكنا ] قد [ فرضناه مؤثرا في الزل ،هذا خلف ،وإن تغير فقد
حدث بعض مالبد منه في الموثرية ،فإن كان حدوثه ل لمر فقد وقع الممكن ل
عن مؤثر ،وهو محال ،وإن كان حدوثه لمر لم يكن الشئ الذي فرضناه حادثا
أول كذلك ،لنه حصل قبله حادث آخر وكنا فرضناه حادثا أول ،وهذا
خلف .وأيضا فإنا ننقل الكلم إليه ،ويلزم التسلسل وهو محال .
قالوا :وهذا يقتضي استناد الممكنات إلى مؤثر تام المؤثرية في الزل ،و
متى كان كذلك وجب كون الثار أزلية دائمة ،فهذا يقتضي أن ل يحصل في العالم
شئ من التغيرات البتة ،لكن التغيرات مشاهدة قطعا ،فلبد من حيلة ،فنقول
ذلك المؤثر القديم الواجب لذاته ،إل أن كل حادث مسبوق بحادث آخر حتى
يكون انقضاء المتقدم شرطا لحصول المتأخر عن ذلك المبدأ القديم وعلى هذا
الطريق
يصير المبدأ القديم مبدأ للحوادث المتغيرة ،فإذن لبد من توسط حركة دائمة
يكون كل جزء منها مسبوقا بالخر ل إلى أول ،وهذه الحركة يمتنع أن تكون
مستقيمة ،وإل لزم القول بأبعاد غير متناهية ،وهو محال ،فلبد من جرم متحرك
الحادثة في هذا العالم ،والمدبرات الملصقة بها ،فل جرم قالوا بإلهيتها ،
واشتغلوا
بعبادتها وتعظيمها ،واتخذوا لكل واحد منها هيكل مخصوصا وصنما معينا
قالوا :إن المبدأ الفاعلي ل يكفي وجوده في حصول الفعل ،بل لبد من حضور
المبدأ القابلي المنفعلي ،ول يكفي حضوره أيضا مالم تكن الشرائط حاصلة والموانع
زائلة ،وربما حدث أمر مشكل غريب في العالم العلى يصلح لفادة هيئة غريبة
في مادة العالم السفل ،فإذا لم تكن المادة السفلية متهيئة لقبول تلك الهيئة من
الشكال العلوية لم تحدث تلك الهيئة ،ثم إن فوات تلك التهيؤ تارة تكون لجل
كون المادة ممنوة بالمعوقات المانعة عن قبول ذلك الثر ،وتارة لجل فوات
][281
بعض الشرائط لكن لو تهيأت لنا تقدمة المعرفة بطبيعة ذلك التشكل وبوقت حدوثه
وبطبيعة المور المعتبرة في كون المادة السفلية قابلة لذلك الثر لكان يمكننا
تهيئة المادة لقبول ذلك الثر وإماطة الموانع عنها ،وتحصيل المعدات لها ،حتى
يتم ذلك الفيضان ،ويسري في القابليات ،لما تقرر أن الفاعل التام متى لقي
المنفعل التام ظهر الفعل التام ل محالة ،فاذا عرفت هذا فالساحر هو الذي يعرف
القوى العالية الفعالة بسائطها ومركباتها ،ويعرف ما يليق بكل واحد من العوالم
ما يدافعها ،يتقريب المنفعل من الفاعل ،وهذا معنى قول بطلميوس " علم النجوم
منك ومنها " فهذا هو الشارة إلى خلصة قول الفلسفة الصابئة في حقيقة السحر
وماهيته .
الفريق الثالث :الذين أثبتوا لهذه الفلك والكواكب فاعل مختارا خلقها
وأوجدها بعد العدم ،إل أنهم قالوا :إنه سبحانه أعطاه قوة عالية نافذة في هذا
العالم ،وفوض تدبير هذا العالم إليهم .قالوا :الدليل على كون هذه الجرام
فكيف يحسن في الحكمة خلق الحيوة في الجسام الخسيسة نحو أبدان الديدان
أن هذا الفلك متحركة بالستدارة ،فحركتها إما أن تكون طيعية ،أو قسرية
أو إرادية ،ل جائز أن تكون طبيعية ،لن المهروب عنه بالطبع ل يكون بعينه
مطلوبا بالطبع ،وكل نقطة فرضنا الفلك متحركا عنه فإن حركته عنها هي
عين حركته إليها فيستحيل كون تلك الحركة طبيعية ،ول جائز أن تكون قسرية
لن القسر هو الذي يكون على خلف الطبيعة ،فإذ قد بطلت الطبيعية ،وجب
بطلن كونها قسرية ،ولما بطل القسمان ثبت كونها إرادية ،فثبت أن الفلك
والكواكب أجرام حية عاقلة .قالوا :إذا ثبت هذا فنقول :الوقوف على جميع
][282
الطبائع العلوية والسفلية مما ل يفي به وسع البشر ،وطاقة النفس الناطقة لوجوه
أربعة :أولها أنه ل سبيل إلى إثبات الكواكب إل بواسطة القوة الباصرة ،ول
ارتياب أنها عن إدراك الصغير من البعيد قاصرة ،فإن أصغر كوكب مما في القدر
السابع من الفلك الثامن وهو الذي يمتحن به حدة البصره مثل كرة الرض بضعة
عشر مرة ،وإن كرة الرض أعظم من العطارد كذا ألف مرة ،فلو تكوكب
الفلك العظم بكواكب على قدر الكواكب الصغيرة المذكورة من الثوابت فل شك
أن الحس ل يدركه ،والبصر ل يمتد عليه ،فضل عما يكون في مقدار عطارد أو
أصغر منه .وعلى هذا التقدير ل يبعد أن يكون في السماوات كواكب كثيرة فعالة
وإن كنا ل نعرف وجودها فضل عن أن نعرف طبائعها ،ولهذا نقل صاحب كتاب
" تتكلوشا " عن رواياى ) ( 1البشر أنه بقي في الفلك وراء الكواكب المرصودة
وثانيها :أن الكواكب التي نراها ليست بأسرها مرصودة ،بل المرصودة
منها ألف واثنان وعشرون ،والبواقي غير مرصودة ،ومما يحقق ذلك ما ثبت
بالدللة أن المجرة ليست إل أجرام كوكبية صغيرة جدا مر تكزة في فلك الثوابت
على هذا السمت المخصوص ،وظاهر أن الوقوف على طبائعها متعذرة .
وثالثها :أن هذه الكواكب المرصودة مما لم يحصل الوقوف التام على
طبائعها ،لن أقوال الحكاميين ضعيفة قليلة الحاصل ،ل سيما في طبائع الثوابت .
ورابعها :أنا بتقدير أن نعرف طبائع هذا الكواكب على بساطتها لكنه
ل يمكننا الوقوف على طبائعها حال امتزاجها إل على سبيل التقريب البعيد عن
التحقيق .
ثم إنا نعلم أن الحوادث الحادثة في هذا العالم ل يصدر عن طبائها البسيطة
وإل لدامت هذه الحوادث بدوام تلك الطبائع ،بل إنما يحصل عن امتزاجاتها ،و
تلك المتزاجات غير متناهية ،فل سبيل إلى الوقوف عليها على سبيل القياس ،فقد
ثبت
][283
بهذه الوجوه الربعة تعذر الوقوف على طبائعها الفعالة ،وأما القوى المنفعلة
فالوقوف التام عليها كالمتعذر ،لن القبول التام ل يتحقق إل مع شرائط مخصوصة
في القابل من الكم والكيف والوضع والين وسائر المقولت ،والمواد السفلية
غير ثابتة على حالة واحدة ،بل هي أبدا في الستحالة والتغير ،وإن كان ل يظهر
في الحس ،فقد ظهر بما قررنا أن الوقوف التام على أحوال القوى الفعالة
السماوية والقوى الرضية المنفعلة غير حاصل للبشر ،ولو حصل ذلك لحد لوجب
أن يكون ذلك الشخص عالما بجميع التفاصيل الحاصلة من الماضية والتية ،وأن
ثم قالوا :فهذه المباحث والملمح ) ( 1مما يوهن العقل عن التمكن من هذه
الصناعة ،إل أنه نعم ما قيل من أن مال يدرك كله ل يترك كله فالقوى البشرية
وإن قصرت عن اكتناه هذه القوى العالية الفعالة والسافلة المنفعلة ولكن يمكنها
الطلع على بعض أحوالها ،وإن كان ذلك القدر تافها حقيرا بالنسبة إلى مافي
الوجود لكنه عظيم بالنسبة إلى قدرة النسان وقوته ،لن الحكاميين من أهل
النجوم قد وقفوا بسبب التجارب المتطاولة قرنا بعد قرن على كثير من أحوال
السبعة
والمثلثات
ما يعظم النتفاع بمعرفته لمن اطلع عليه وأحاط به ،وليس يلزمنا أنه لما تعذر
علينا تحصيل اليقين التام بها واسطة البراهين المنطبقة أن يترك النتفاع بها مع ما
تشاهد من صحة قوانينها الكلية ،كما ل يلزم من عدم قيام الدلئل الطبيعية ) ( 2
على طبائع الغذية والدوية البسيطة والمركبة أن ل ينتفع بها ،بل هذه الصناعة
أولى
بالرعاية من صناعة الطب ،وذلك لنهما بعد اشتراكهما في عدم البراهين المنطبقة
على مطالبها امتازت هذه الصناعة عن صناعة الطب بوصف نافع ،وذلك أن الدواء
المتناول لولم ينفع يحصل من تناوله ضرر عظيم ،وأما هذه الصناعة فلولم تنفع لم
تضر .
) ( 2المنطبقة ) ظ ( .
][284
وأما ظن حصول النفع فهو قائم في الموضعين ،وإذا كان كذلك كانت هذه الصناعة
فإن قال قائل :كيف السبيل إلى معرفة طبائع هذه الكواكب والبروج ؟ و
أما التجربة فهي متعذرة ،وذلك لن أقل مالبد منه في التجربة أن يعود المر
مرتين ،وعودة الفلك إلى شكله المعين ممتنع عند بعض الفلسفة ،ولو أمكن على
بعده
فإنما يقع لوعاد جميع الكواكب إلى الموضع الذي كان واقفا عليه في المرة الولى
وذلك مما ل يحصل إل بعد المدة التي تسمى بعمر العالم ،فأي عمر يفي بذلك ؟ و
الجواب أنه ل حاجة في هذه التجربة إلى عود الفلك إلى الشكل الول
من جميع الوجوه ،بل لما رأينا كوكبا حصل في برج وصدر عنه أثر وشاهدنا هذا
الثر مع حصوله في ذلك البرج مدة بعد اخرى غلب على ظننا أن حصوله في ذلك
البرج مستعقب لهذا الثر .وهذا القدر كاف في حصول الظن .وأيضا قد تحصل
معرفة طبائع هذه الكواكب على سبيل اللهام ،يحكى عن جالينوس أنه عرف
كثيرا من المور الطبية برؤيا رآها ،وإذا كان ذلك ممكنا فل سبيل إلى دفعه .
قالوا :إذا ثبت ذلك فإن التجارب التي مارسها الحكاميون من المنجمين
دلت على أن لكل اختصاصا بأشياء معينة في هذا العالم من المكنة والزمنة
واليام والساعات والغذية والروائح والشكال التي يتعلق بها كوكب معين في
وقت يكون الكوكب فيه قويا على ذلك الفعل الذي يطلب منه لم يبعد أن يحصل
ذلك الثر الخارق للعادة ل سيما إذا كان المتولي لمباشرة ذلك العمل القوي
الرواح
السماوية ،فهناك يتم المر ،ويحصل الغرض ،فهذا مجموع أقوال الصابئة في
أما المعتزلة فقد اتفقت كلمتهم على أن غير ال ل يقدر على خلق الجسم
][285
والحيوة واللون والطعم ،واحتجوا بوجوه ذكرها القاضي ولخصها في تفسيره وفي
أولها :وهو النكتة العقلية التي عليها يقولون ) ( 1أن كل ما سوى ال إما
متحيز أو قائم بالمتحيز ،فلو كان غير ال فاعل للجسم والحياة لكان ذلك الغير
متحيزا وذلك المتحيز لبد وأن يكون قادرا بالقدرة ،إذلو كان قادرا لذاته
لكان كل جسم كذلك بناء على أن الجسام متماثلة لكن القادر بالقدرة ل
يصح منه فعل الجسم والحيوة .ويدل عليه وجهان :الول أن العلم الضروري
حاصل
بأن الواحد منا ل يقدر على خلق الجسم والحياة ابتداء ،فقدرتنا مشتركة في امتناع
ذلك عليها فهذا المتناع حكم مشترك فلبد له من علة مشتركة ،ول مشترك ههنا
إل
كوننا قادرين بالقدرة ،وإذا ثبت هذا وجب في من كان قادرا بالقدرة أن يتعذر عليه
فعل
الجسم والحياة الثانى :أن هذه القدرة التي لنا ل شك أن بعضها يخالف بعضا ،فلو
قدرنا قدرة صالحة لخلق الجسم والحياة لم يكن مخالفتها لهذه القدرة أشد من
مخالفة
بعض هذه القدرة للبعض فلو كفى ذلك القدر من المخالفة في صلحيتها لخلق
الجسم ) ( 2
لوجب في هذه القدرة التي يخالف بعضها بعضا أن تكون صالحة لخلق الجسم
والحياة
ولما لم يكن كذلك علمنا أن القادر بالقدرة ل يقدر على خلق الجسم والحياة .
وثانيها :أنا لو جوزنا ذلك لتعذر الستدلل بالمعجزات على النبوات ) ( 3
لنا لما جوزنا استحداث الخوارق بواسطة تمزيج القوى السماوية بالقوى الرضية
لم يمكننا القطع بأن هذه الخوارق التي ظهرت على أيدي المناء ) ( 4صدرت عن
ال تعالى ،بل يجوز فيها أنهم أتوابها من طريق السحر ،وحينئذ يبطل القول
][286
الحياة واللوان لقدر ذلك النسان على تحصيل الموال العظيمة من غير تعب
لكنا نرى يدعي السحر متوسل إلى اكتساب الحقير من المال بجهد جهيد
فعلمنا كذبه ،وبهذا الطريق يعلم فساد ما يدعيه قوم من الكيمياء .فانا نقول لو
أمكنهم ببعض الدوية أن يقلبوا غير الذهب ذهبا لكان إما أن يمكنهم ذلك بالقليل
من الموال فكان ينبغي أن يغنوا أنفسهم بذلك عن المشقة والذلة ،أو ل يمكن إل
باللت العظام والموال الخطيرة ،فكان يجب أن يظهروا ذلك للملوك المتمكنين
من ذلك ،بل كان يجب أن يفطن الملوك لذلك ،لنه أنفع لهم من فتح البلد التي
ل يتم إل بإخراج الموال والكنوز ،وفي علمنا بانصراف النفوس والهمم عن ذلك
دللة على فساد هذا القول .قال القاضي :فثبت بهذه الجملة أن الساحر ل يصح أن
واعلم أن هذا الدلئل ضعيفة جدا ،أما الوجه الول فنقول :ما الدليل
على أن كل ما سوى ال تعالى إما أن يكون متحيزا أو قائما بالمتحيز ،أما علمتم
أن الفلسفة مصرون على إثبات العقول والنفوس الفلكية والنفوس الناطقة ،و
زعموا أنها في أنفسها ليست بمتحيزة ول قائمة بالمتحيز ،فما الدليل على فساد
القول بها ؟
فإن قالوا :لو وجد موجود هكذا لزم أن يكون مثل ل تعالى :
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 286سطر 19إلى صفحه 294سطر 18
سلمنا ذلك لكن لم ل يجوز أن يكون بعض الجسام يقدر على ذلك لذاته ؟ قوله
" الجسام متساوية ) ( 1فلو كان جسم كذلك لكان كل جسم كذلك " قلنا :ما
][287
ول بعد أن تكون الشياء المختلفة في الماهية مشتركة في بعض اللوازم ،سلمنا
أنه
يجب أن يكون قادرا بالقدرة ،فلم قلتم إن القادر بالقدرة ل يصح منه خلق الجسم
والحياة ؟ قوله " لن القدرة التي لنا مشتركة في هذا المتناع ،فهذا المتناع حكم
مشترك ،فل بد له من علة مشتركة ،ول مشترك سوى كوننا قادرين بالقدرة "
قلنا :هذا المقدمات بأسرها ممنوعة ،فل نسلم أن المتناع حكم معلل ،وذلك
لن المتناع عدمي ،والعدمي ل يعلل .سلمنأ أنه أمر وجودي ،ولكن من
مذهبهم أن كثيرا من الحكام ل يعلل ،فلم ل يجوز أن يكون ههنا كذلك ؟ سلمنا
أنه معلل ،فلم قلتم :إن الحكم المشترك لبد له من علة مشتركة ،أليس أن
القبح حصل في الظلم معلل بكونه ظلما وفي الكذب بكونه كذبا وفي الجهل بكونه
جهل ؟ سلمنا أنه لبد من علة مشتركة ،لكن ل نسلم أنه ل مشترك إل كوننا
قادرين بالقدرة ،فلم ل يجوز أن تكون هذه القدرة التي لنا مشتركة في وصف معين
وتلك القدرة التي تصلح لخلق الجسم تكون خارجة عن ذلك الوصف ،فما الدليل
أما الوجه الثاني وهو أنه ليست مخالفة تلك القدرة لبعض هذه القدرة أشد
من مخالفة بعض هذه القدرة للبعض ،فنقول :هذا أضعف ) ، ( 1لنا ل نعلل
صلحيتها لخلق الجسم بكونها مخالفة لهذا القدرة ،بل لخصوصيتها المعينة التي
لجلها خالفت سائر القدر ،وتلك الخصوصية معلوم أنها غير حاصلة في سائر
القدر
ونظير ما ذكروه أن يقال :ليست مخالفة الصوت للبياض أشد من مخالفة السواد
للبياض ،فلو كانت تلك المخالفة مانعة للصوت من صحة أن يرى لوجب لكون
السواد مخالفا للبياض أن يمتنع رؤيته ،ولما كان هذا الكلم فاسدا فكذا ما قالوه
والعجب من القاضي أنه لما حكى هذه الوجوه عن الشعرية في مسألة الرؤية
زيفها بهذه السئلة ،ثم إنه نفسه تمسك بها في هذه المسألة التي هي الصل في
][288
أما الوجه الثالث وهو أن القول بصحة النبوات ل يبقى مع تجويز هذا
الصل .فنقول :إما أن يكون القول بصحة النبوات متفرعا على فساد هذه القاعدة
أو ل يكون ،فإن كان الول امتنع إفساد هذا الصل بالبناء على صحة النبوات
وإل وقع الدور ،وإن كان الثاني فقد سقط هذا الكلم بالكلية .
وأما الوجه الرابع فلقائل أن يقول :الكلم في المكان غير ،وفي الوقوع
غير ،ونحن ل نقول بأن هذه الحالة حاصلة لكل أحد بل هذه الحالة ل تحصل للبشر
إل
في العصار المتباعدة ،فكيف يلزمنا ما ذكرتموه .فهذا هو الكلم في النوع الول
قالوا :اختلف الناس في أن الذي يشير إليه كل إنسان بقوله " أنا " ما
هو ؟ فمن الناس من يقول :إنه هو هذه البنية ،ومنهم من يقول :إنه جسم
سار في هذه البنية ،ومنهم من يقول :إنه موجود ليس بجسم ول جسماني
أما إذا قلنا :إن النسان هو هذه البنية فل شك أن هذه البنية مركبة من الخلط
الربعة ،فلم ل يجوز أن يتفق في بعض العصار النادرة أن يكون مزاج من
المزجة في ناحية من النواحي يقتضي القدرة على خلق الجسم والعلم بالمور
الغائبة
عنا ؟ وهكذا الكلم إذا قلنا إن النسان جسم سار في هذه البنية ،أما إذا قلنا إن
النفوس
أن تكون لذاتها قادرة على هذه الحوادث الغريبة مطلعة على السرار الغائبة
] عنا [ فهذا الحتمال مما لم يقم دللة على فساده سوى الوجوه المتقدمة وقد
ثم الذي يؤكد هذا الحتمال وجوه :أولها أن الجذع الذي يتمكن النسان
][289
من المشي عليه لو كان موضوعا على الرض ل يمكنه المشي عليه لو كان
كالجسر على
هاوية تحته ،وما ذاك إل لن تخيل السقوط متى قوي أوجبه .وثانيها أجمعت
الطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الشياء الحمر ،والمصروع عن النظر
إلى
الشياء القوية اللمعان والدوران ،وما ذاك إل لن النفوس خلقت مطيعة للوهام
وثالثها حكى صاحب الشفاء عن أرسطو في طبائع الحيوان أن الدجاجة إذا تشهت
كثيرا بالديكة في الصوت وفي الجواب مع الديكة نبت على ساقيها مثل الشئ النابت
على ساق الديك .ثم قال صاحب الشفاء :وهذا يدل على أن الحوال الجسمانية
ورابعها أجمعت المم على أن الدعاء مظنة للجابة وأجمعوا على أن الدعاء
اللساني
الخالي عن المطلب النفساني قليل البركة عديم الثر ،فدل ذلك على أن للهمم
والنفوس آثارا ،وهذا التفاق غير مختص بملة معينة ،ونحلة مخصوصة .
وخامسها
صالحة للفعل وتركه أو ضده ،ولن يترجح أحد الطرفين على الخر إل لمرجح
وما ذاك إل تصور كون الفعل جميل أو لذيذا ،أو تصور كونه قبيحا أو مؤلما
فتلك التصورات هي المبادئ لصيرورة القوى العضلية مبادئ بالفعل لوجود الفعال
بعد أن كانت كذلك بالقوة ،وإذا كانت هذه التصورات هي المبادئ لمبادئ هذه
الفعال فأي استبعاد في كونها مبادئ للفعال بأنفسها ) ( 2وإلغاء الواسطة عن
درجة
العتبار .وسادسها التجربة والعيان شاهدان بأن هذه التصورات مبادئ قريبة
لحدوث الكيفيات في البدان ،فإن الغضبان يشتد سخونة مزاجه حتى أنه يفيد
سخونة قوية .يحكى عن بعض الملوك أنه عرض له فالج فأعيى الطباء مزاولة
علجه ،فدخل عليه بعض الحذاق منهم على حين غفله منه ،وشافهه بالشتم
والقدح
في العرض ،فاشتد غضب الملك وقفز من مرقده قفزة اضطرارية لما ناله من شدة
ذلك الكلم ،فزالت تلك العلة المزمنة والمرضة المهلكة ! وإذا جاز كون التصورات
مبادئ لحدوث الحوادث في البدن فأي استبعاد من كونها مبادئ لحدوث الحوادث
خارج البدن .وسابعها أن الصابة بالعين أمر قد اتفق عليها العقلء ،وذلك أيضا
إذا عرفت هذا فنقول :النفوس التي تفعل هذه الفاعيل قد تكون قوية
جدا فتستغني في هذا الفعال عن الستعانة باللت والدوات ،وقد تكون ضعيفة
فتحتاج إلى الستعانة بهذه ،وتحقيقه أن النفس إذا كانت قوية مستعلية على البدن
شديدة النجذاب إلى عالم السماوات كانت كأنها روح من الرواح السماوية
فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم ،أما إذا كانت ضعيفة شديدة التعلق
بهذه اللذات البدنية فحينئذ ل يكون لها تصرف البتة إل في هذا البدن ،فإذا أراد هذا
النسان صيرورتها بحيث يتعدى تأثيرها من بدنها إلى بدن آخر اتخذ تمثال ذلك
الغير ،ووضعه عند الحس ليشتغل الحس به ،فيتبعه الخيال عليه ،وأقبلت النفس
المم على أنه لبد لمزاول هذه العمال من النقطاع عن المألوفات والمشتهيات
وتقليله الغذاء والنقطاع عن مخاطبة ) ( 1القلب ،فكلما كانت هذه المور أتم كان
ذلك التأثير أقوى ،فإذا اتفق أن كانت النفس مناسبة لهذا المر نظرا إلى ماهيتها
وخاصيتها عظم التأثير .والسبب اللمي ) ( 2فيه أن النفس إذا اشتغلت بالجانب
الواحد استعملت جميع قوتها في ذلك الفعل ،وإذا اشتغلت بالفعال الكثيرة تفرقت
قوتها وتوزعت على تلك الفعال ،فتصل إلى كل واحد من تلك الفعال شعبة
من تلك القوة ،وجدول من ذلك النهر ،ولذلك ترى أن إنسانين يستويان في
قوة الخاطر إذا اشتغل أحدهما بصناعة واحدة واشتغل الخر بصناعتين ،فإن ذا
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر " :مخالطة الخلق " وهو الصواب .
) : ( 2المتعين .
][291
الفن الواحد يكون أقوى من ذي الفنين ،ومن حاول الوقوف على حقيقة مسألة
من المسائل فإنه حال تفكره فيها لبد وأن يفرغ خاطره عما عداه ) ( 1فإنه عند
تفريغ الخاطر يتوجه الخاطر بكليته إليه ،فيكون الفعل أسهل وأحسن ،وإذا
كان كذلك ،فإذا كان النسان مشغول الهم والهمة بقضاء اللذات وتحصيل الشهوات
كانت القوة النفسانية مشغولة بها مستغرقة فيها ،فل يكون انجذابها إلى تحصيل
الفعل الغريب الذي يحاوله انجذابا قويا ،ل سيما وهنا آفة اخرى ،وهي أن
مثل هذه النفس اعتادت الشتغال باللذات من أول أمرها إلى آخره ولم تشتغل قط
باستحداث هذه الفعال الغريبة ،فهي بالطبع حنون إلى الول عزوف للثاني ) ( 2
فإذا وجدت مطلوبها من النمط الول فأنى تلتفت إلى الجانب الخر ؟ فقد ظهر
من هذا أن مزاولة هذه العمال ل تنأتى إل مع التجرد عن الحوال الجسمانية
وترك مخالطه الخلق والقبال بالكلية على عالم الصفا والرواح ،وأما الرقى فإن
كانت معلومة فالمر فيها ظاهر ،لن الغرض منها أن حس البصر كما شغلناه
بالمور المناسبة لذلك الغرض فحس السمع نشغله أيضا بالمور المناسبة لذلك
الغرض ،فإن الحواس متى تطابقت نحو ) ( 3التوجه إلى الغرض الواحد كان
توجه
النفس إليه حينئذ أقوى ،وأما إذا كانت بألفاظ غير معلومة حصلت للنفس هناك
حالة شبيهة بالحيرة والدهشة ) ( 4ويحصل للنفس في أثناء ذلك انقطاع عن
المحسوسات
وإقبال على ذلك الفعل ،وجد عظيم ،فيقوى التأثير النفساني ،فيحصل الغرض .
وهكذا القول في الدخن ،قالوا :فقد ثبت أن هذا القدر من القوة النفسانية مستقل
) : ( 4والدهشة فان النسان إذا اعتقدان هذه الكلمات انما تقرأ للستعانة
بشئ من المور الروحانية ول يدرى كيفية تلك الستعانة حصلت للنفس هناك حالة
شبيهة بالحيرة
والدهشة .
][292
بالتأثير ،فإن انضم إليه النوع الول من السحر وهو الستعانة بالكواكب وتأثيراتها
عظم التأثير .بل ههنا نوعان آخران :الول أن النفوس التي فارقت البدان قد
يكون فيها ما هو شديد المشابهة لهذه النفس في قوتها وفي تأثيراتها ،فإذا صارت
هذه
لتلك
النفوس نوع ما من التعلق بهذا البدن ،فتعاضد النفوس الكثيرة على ذلك الفعل ،و
إذا كملت القوة تزايدت قوى التأثير .الثانى أن هذه النفوس الناطقة إذا صارت
والنفوس الفلكية ،فتتقوى هذه النفوس بأنوار تلك الرواح ،فتقوى على امور
غريبة خارقة للعادة .فهذا شرح سحر أصحاب الوهام والرقى .
* ) النوع الثالث ( *
*
أما أكابر الفلسفة فإنهم ما أنكروا القول به ،إل أنهم سموها بالرواح
الرضية ،وهي في أنفسها مختلفة ،منها خيرة ومنها شريرة ،فالخير منهم الجن
والشريرة هم كفار الجن وشياطينهم ،ثم قال :خلق منهم ) ( 1هذه الرواح
جواهر
قائمة بأنفسها ل متحيزة ول حالة في المتحيز ،وهي قادرة عالمة مدركة للجزئيات
واتصال النفوس الناطقة بها أسهل من اتصالها بالرواح السماوية ،إل أن القوة
الحاصلة للنفوس الناطقة بسبب اتصالها بهذه الرواح الرضية أضعف من القوة
الحاصلة لها بسبب اتصالها بتلك الرواح السماوية ،أما أن التصال أسهل فلن
المناسبة بين نفوسنا وبين هذه الرواح الرضية أرسل ،فإن ) ( 2المشابهة
والمشاكلة بينها
][293
أتم وأشد من المشاكلة بين نفوسنا وبين الرواح السماوية ،وأما أن القوة الحاصلة
بسبب التصال بالرواح السماوية أقوى فلن الرواح السماوية بالنسبة إلى
الرواح
الرضية كالشمس بالنسبة إلى الشعلة والبحر بالنسبة إلى القطرة والسلطان
بالنسبة إلى
الرعية قالوا :وهذه الشياء وإن لم يقم على وجودها برهان قاهر فل أقل من
الحتمال
والمكان .ثم إن أصحاب الصنعة وأرباب التجربة شاهدوا أن التصال بهذه الرواح
الرضية يحصل بأعمال سهلة قليلة من الرقى والدخن والتجريد ،فهذا النوع هو
* ) النوع الرابع ( *
فهذا النوع مبني على مقدمات أحدها أن أغلط البصر كثيرة ،فإن راكب
السفينة إذا نظر إلى الشط رأى السفينة واقفة والشط متحركا ،وذلك يدل على
أن الساكن يرى متحركا والمتحرك يرى ساكنا ،والقطرة النازلة ترى خطا
مستقيما ،والزبالة التي تدار بسرعة ترى دائرة ،والقبة ترى في الماء
يريك
قرص الشمس عند طلوعها عظيما ،فإذا فارقته وارتفعت صغرت ،وأما رؤية
العظم
من البعيد صغيرا فظاهر ،فهذه الشياء قدهدت العقول إلى أن القوة الباصرة قد
تبصر الشئ على خلف ما هو عليه في الجملة لبعض السباب العارضة .
وثانيها :أن القوة الباصرة إنما تقف على المحسوس وقوفا تاما إذا أدركت
المحسوس في زمان له مقدرا فأما إذا أدركت المحسوس في زمان صغير جدا ثم
أدركت بعده محسوسا آخر وهكذا فإنه يختلط البعض بالبعض ،ول يتميز بعض
المحسوسات عن البعض ،ولذلك فإن الرحى إذا أخرجت من مركزها إلى محيطها
خطوطا كثيرة بألوان مختلفة ثم استدارت فإن الحس يرى لونا واحدا كأنه
][294
وثالثها أن النفس إذا كانت مشغولة بشئ فربما حضر عند الحس شئ آخر
فل يشعر الحس به البتة ،كما أن النسان عند دخوله على السلطان قد يلقاه
إنسان ) ( 1ويتكلم معه فل يعرفه ول يفهم كلمه ،لما أن قلبه مشغول بشئ آخر
وكذا الناظر في المرآة فإنه ربما قصد أن يرى قذاة في عينه فيراها ول يرى ما
هو أكثر ) ( 2منها إن كان بوجهه أثر أو بجبهته أو بسائر أعضائه التي تقابل
المرآة
وربما قصد أن يرى سطح المرآة هل هو مستوأم ل فل يرى شيئا مما في المرآة إذا
عرفت هذه المقدمات سهل عند ذلك تصور كيفية هذا النوع من السحر ،وذلك
لن المشعبذ الحاذق يظهر عمل شئ يشغل أذهان الناظرين به ويأخذ عيونهم إليه
حتى إذا استفز عنهم ) ( 3الشغل بذلك الشئ والتحديق نحوه عمل شيئا آخر عمل
بسرعة شديدة ،فيبقى ذلك العمل خفيا لتعلمون ) ( 4الشيئين أحدهما اشتغالهم
بالمر
الول ،والثاني سرعة التيان بهذا العمل الثانى ،وحينئذ يظهر لهم شئ آخر
غير ما انتظروه ،فيتعجبون منه جدا ،ولو أنه سكت ولم يتكلم بما يصرف الخواطر
إلى ضد ما يريد أن يعمل ولم تتحرك النفوس والوهام إلى غير ما يريد إخراجه
لفطن الناظرون لكل ما يفعله .فهذا هو المراد من قولهم إن المشعبذ يأخذ بالعيون
لنه بالحقيقة يأخذ بالعيون إلى غير الجهة التي يحتال ،وكلما كان أخذه للعيون
والخواطر وجذبه لها إلى سواء ) ( 5مقصوده أقوى كان أحذق في عمله ،وكلما
كانت
الحوال التي تفيد حس البصر نوعا من أنواع الخلل أشد كان هذا العمل أحسن
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 294سطر 19إلى صفحه 302سطر 18
مثل أن يجلس المشعبذ في موضع مضئ جدا ،فإن الضوء الشديد يفيد البصر كلل
) : ( 5سوى .
][295
واختلل ،وكذا الظلمة الشديدة ،وكذلك اللوان المشرقة القوية تفيد البصر
كلل واختلل ،واللوان المظلمة قلما تقف القوة الباصرة على أحوالها فهذا
* ) النوع الخامس ( *
* ) من السحر ( *
العمال العجيبة التي تطرأ ) ( 1من تركيب اللت المركبة على النسب الهندسية
تارة وعلى ضروب الخيلء ) ( 2اخرى مثل فارسين يقتتلن فيقتل أحدهما الخر
وكفارس على فرس في يده بوق كلما مضت ساعة من النهار ضرب البوق من غير
أن
يمسه أحد ،ومنها الصور التي تصورها الروم وأهل الهند حتى ل يفرق الناظر
بينها وبين النسان حتى يصورونها ضاحكة وباكية وحتى يفرق فيها بين ضحك
السرور وضحك الخجل وضحك الشامت ،فهذه الوجوه من لطيف امور التخائيل ) 3
(
وكان سحر سحرة فرعون من هذا الضرب .ومن هذا الباب تركيب صندوق
الساعات
ويندرج في هذا الباب علم جر الثقال ،وهو أن يجر ثقيل عظيما بآلة خفيفة
وهذا في الحقيقة ل ينبغي أن يعد من باب السحر ،لن لها أسبابا معلومة تعيينية )
(4
من اطلع عليها قدر عليها ،إل أن الطلع عليها لما كان عسرا شديدا ل يصل إليه
إل الفرد بعد الفرد ل جرم عد أهل الظاهر ذلك من باب السحر .ومن هذا الباب
عمل ارجعانوس ) ( 5الموسيقات ) ( 6في هيكل اورشليم العتيق عند تجديده إياه
) ( 2كذا في المصدر :وفي نسخ البحار " وعلى ضرورة الخلء اخرى " .
) ( 4يقينية ) خ ( .
) ( 5ارجيانوس ) خ ( .
][296
وذلك أنه اتفق له أن كان مجتازا بفلة من الرض ،فوجد فيها فرخا من فراخ
البراصل -والبراصل هو طائر عطوف -فكان يصفر صفيرا حزينا بخلف صفير
سائر
البراصل ،فكانت البراصل تجيئه بلطائف الزيتون فتطرحها عنده ،فيأكل بعضها و
يفضل بعضها عن حاجته ،فوقف هذا الموسيقات ) ( 1هناك وتأمل حال هذا الفرخ
و
رقت له الطيور وجاءته بما يأكله ،فتلطف لعمل آلة تشبه الصفارة إذا استقبل الريح
بها أدت ذلك الصفير ،ولم يزل يجرب ذلك حتى وثق بها وجاءته البراصل بالزيتون
كما كانت تجئ إلى ذلك الفرخ ،لنها تظن أن هناك فرخا من جنسها ،فلما
صح له ما أراد أظهر النسك وعمد إلى هيكل اورشليم ،وسأل عن الليلة التي دفن
فيها " اسطرحن ) " ( 2الناسك القيم بعمارة ذلك الهيكل ،فاخبر أنه دفن في أول
فوق
ذلك الهيكل ،وجعل فوق تلك الصورة قبة ،وأمرهم بفتحها في أول آب ،فكان
يظهر صوت البرصلة بسبب نفوذ الريح في تلك الصورة ،وكانت البراصل تجئ
بالزيتون حتى كانت تمتلئ القبة كل يوم من ذلك الزيتون ،والناس اعتقدوا أنه
من كرامات ذلك المدفون ،ويدخل في هذا الباب أنواع كثيرة ل يليق شرحها في
طعامه بعض الدوية المبلدة المزيلة للعقل ،والدخن المسكرة نحود ماغ الحمار إذا
تناول
النسان تبلد عقله وقلت فطنته ،واعمل أنه ل سبيل إلى إنكار الخواص ،فإن أثر
المغناطيس مشاهد ،إل أن الناس قد أكثروا فيه ،وخلطوا الصدق بالكذب ،والباطل
بالحق .
) : ( 2اسطرخس .
) : ( 3فاتخذ .
) : ( 4مثل أن .
][297
النوع السابع من السحر :تعليق القلب .وهو أن يدعي الساحر أنه قد
عرف السم العظم وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر المور ،فإذا
اتفق أن كان السامع لذلك ضعيف العقل قليل التميز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه
بذلك ،وحصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة ،فإذا حصل الخوف ضعفت
القوى
المور وعرف أحوال العالم ) ( 1علم أن لتعلق القلب أثرا عظيما في تنفيذ العمال
وذلك شائع في الناس ،فهذا جملة الكلم في أقسام السحر وشرح أنواعه وأصنافه
أم ل ؟ أما المعتزلة فقد اتفقوا على إنكارها إل النوع المنسوب إلى التخيل
والمنسوب
إلى إطعام بعض الدوية المبلدة والمنسوب إلى التضريب والنميمة ،فأما القسام
الخمسة
الول فقد أنكروها ،ولعلهم كفروا من قال بها وجوزو جودها .وأما أهل السنة فقد
جوزوا أن يقدر الساحر على أن يطير في الهواء ويقلب النسان حمارا والحمار
إنسانا ،إل أنهم قالوا إن ال تعالى هو الخالق لهذه الشياء عند ما يقرأ الساحر
رقى مخصوصة وكلمات معينة ،فأما أن يكون المؤثر في ذلك هو الفلك والنجوم فل
واحتج أصحابنا على فساد قول الصابئة أنه قد ثبت أن العالم محدث فوجب
أن يكون موجده قادرا ،فإن الشئ الذي حكم العقل بأنه مقدوره إنما يصح
أن يكون مقدورا له لكونه ممكنا ،والمكان قدر مشترك بين كل الممكنات ،فإذن
كل الممكنات مقدور ل ،ولو وجد شئ من تلك المقدورات بسبب آخر يلزم أن
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر :اهل العالم .
][298
يكون ذلك السبب مزيل لتعلق قدرة ال تعالى بذلك المقدور ،فيكون الحادث
سببا لعجز ال ،وهو محال .فثبت أنه يستحيل وقوع شئ من الممكنات إل بقدرة
قالوا :إذا ثبت هذا النوع فندعي أنه ل يمتنع وقوع هذه الخوارق بإجراء العادة
عند سحر السحرة ،فقد احتجوا ) ( 1على وقوع هذا النوع من السحر بالقرآن
والخبر .أما القرآن فقوله تعالى في هذه الية " وماهم بضارين به من أحد إل
بإذن ال " والستثناء يدل على حصول الثار بسببه .وأما الخبار ) ( 2فأحدها
ما روي أنه عليه السلم سحر ،وأن السحر عمل فيه حتى قال :إنه ليخيل إلي أني
أقول الشئ وأفعله ولم أقله ولم أفعله .وإن امرأة يهودية سحرته وجعلت ذلك
السحر تحت راعوفة البئر ،فلما استخرج ذلك زال عن النبي صلى ال عليه وآله
ذلك العارض
وثانيها :أن امرأة أتت عائشة فقالت لها :إني ساحرة ،فهل لي من توبة ؟
فقالت :وما سحرك ؟ فقالت :صرت إلى الموضع الذي فيه هاروت وماروت ببابل
أتعلم علم السحر ) ، ( 4فقال لي :يا أمة ال ! ل تختاري عذاب الخرة بأمر الدنيا
فأبيت ،فقال لي :اذهبي فبولي على ذلك الرماد ،فذهبت لبول عليه ،ففكرت
في نفسي فقلت :ل فعلت ) ، ( 5وجئت إليهما فقلت :قد فعلت ،فقال لي :ما
رأيت
لما فعلت ،فقلت :ما رأيت شيئا ،فقال لي :أنت على رأس أمرك ،فاتقي ال ول
تفعلي ،فأبيت ،فقال لي :اذهبي فافعلي ،فذهبت ففعلت ،فرأيت :كأن فارسا
مقنعا بالحديد قد خرج من فرجي فصعد إلى السماء ،فجئتهما فأخبرتهما ،فقال :
) ( 2في المصدر :فهى ورادة عنه صلى ال عليه وآله متواترة وآحادا ،احدها . .
][299
إيمانك قد خرج عنك ،فقد أحسنت السحر .فقلت :وما هو ؟ قال :ل تريدين
شيئا فتصورينه في وهمك إل كان ،فصورت في نفسي حبا من حنطة ،فإذا أنا
بحب
فقلت :انخبز ،فانخبز ،وأنا ل اريد شيئا اصوره في نفسي إل حصل ،فقالت
عائشة
وثالثها :ما يذكرونه من الحكايات الكثيرة في هذا الباب ،وهي مشهورة .
أما المعتزلة فقد احتجوا على إنكاره بوجوه :أحدها :قوله تعالى " ول يفلح
الساحر
حيث أتى " وثانيها قوله تعالى في صفة محمد صلى ال عليه وآله " وقال
رجل مسحورا " ولو صار صلى ال عليه وآله مسحورا لما استحقوا الذم بسبب
وثالثها أنه لو جاز ذلك من الساحر فكيف يتميز المعجز من السحر ؟ ثم قالوا :
هذه الدلئل يقينية ،والخبار التي ذكرتموها من باب الحاد ،فل تصلح معارضة
اتفق المحققون على ذلك ،لن العلم لذاته شريف ،وأيضا لعموم قوله
تعالى " هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون " ولن السحر لولم ) ( 2يعلم
لما أمكن الفرق بينه وبين المعجز ،والعلم بكون المعجز معجزا واجب ،وما يتوقف
الواجب عليه فهو واجب ،فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا ،و
أن الساحر هل يكفر أم ل ؟ روي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال :من أتى
كاهنا أو عرافا
فصدقهما بقول فقد كفر بما انزل على محمد .واعلم أنه ل نزاع بين المه في أن
][300
من اعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم ،وهي الخالقة لما فيه من الحوادث
] والخيرات [ والشرور فإنه يكون كافرا على الطلق ،وهذا هو النوع الول
من السحر ،وأما النوع الثاني وهو أن يعتقد أنه قد يبلغ روح النسان في التصفية
والقوة إلى حيث يقدر بها على إيجاد الجسام والحياة والقدرة وتغيير البنية
والشكل فالظهر إجماع المة أيضا على تكفيره ،أما النوع الثالث وهو أن يعتقد
الساحر أنه قد يبلغ في التصفية وقراءة الرقي وتدخين بعض الدوية إلى حيث
يخلق ال تعالى في عقب أفعاله على سبيل العادة الجسام والحياة والقدرة ) ( 1و
تغيير البنية والشكل ،فهنا المعتزلة اتفقوا على تكفير من يجوز ذلك ،قالوا :
لنه مع هذا العتقاد ل يمكنه أن يعرف صدق النبياء والرسل ،وهذا ركيك
من القول ،فإن لقائل أن يقول :إن النسان لوادعى النبوة وكان كاذبا في دعواه
فإنه
ل يجوز من ال تعالى إظهار هذه الشياء على يده لئل يحصل التلبيس ،أما إذا لم
يدع النبوة وظهرت هذه الشياء على يده لم يفض ذلك إلى التلبيس ،لن المحق
يتميز عن المبطل ،بما أن المحق تحصل له هذه الشياء مع ادعاء النبوة ،وأما
فان قيل :إن اليهود لما أضافوا السحر إلى سليمان ،قال ال تعالى تنزيها
عنه " وما كفر سليمان " وهذا يدل على أن السحر على الطلق كفر ،وأيضا
قال :
" ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " وهذا أيضا يقتضي أن يكون
السحر
على الطلق كفرا .وحكى عن الملكين أنهما ل يعلمان أحدا السحر حتى يقول إنما
نحن فتنة فل تكفر ،وهو يدل على أن السحر كفر على الطلق .
قلنا :حكاية الحال يكفي في صدقها صورة واحدة فنحملها على سحر من يعتقد
ثم قال بعد إيراد المسألة الرابعة عشر ) ( 2في حكم قتل الساحر :فهذا هو
][301
أما قوله تعالى " ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " فظاهر
الية يقتضي أنهم إنما كفروا لجل أنهم كانوا يعلمون ] الناس [ السحر لن ترتيب
الحكم على الوصف مشعر بالعلية ،وتعليم ما ل يكون كفرا ل يوجب الكفر فصارت
الية دالة على أن تعليم السحر كفر ،وعلى أن السحر أيضا كفر ،ولمن منع ذلك
أن
يقول :ل نسلم أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية ،بل المعنى أنهم
كفرواوهم
فان قيل :هذا مشكل لن ال أخبر في آخر الية أن الملكين يعلمان السحر
فلو كان تعليم السحر كفرا لزم تكفير الملكين ،وإنه غير جائز لما ثبت أن الملئكة
بأسرهم معصومون ،وأيضا فلنكم دللتم على أنه ليس كلما يسمى سحرا فهو كفر .
قلنا :اللفظ المشترك ل يكون عاما في جميع مسمياته ،فنحن نحمل هذا
السحر الذي هو كفر على النوع الول من الشياء المسماة بالسحر ،وهو اعتقاد
إلهية الكواكب والستعانة بها في إظهار المعجزات وخوارق العادات ،فهذا السحر
كفر ،والشياطين إنما كفروا بإتيانهم بهذا السحر ل بسائر القسام ،وأما الملكان
فل نسلم أنهما إنما علما هذا النوع من السحر ،بل لعلهما يعلمان سائر النواع
على ما قال تعالى " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " وأيضا
فبتقدير
أن يقال إنهما علما هذا النوع إنما يكون كفرا إذا قصد المعلم أن يعتقد المتعلم
حقيته وكونه صوابا ،فأما أن يعلمه ليحترر عنه فهذا التعليم ل يكون كفرا ،وتعليم
الملئكة كان لجل أن يصير المكلف محترزا عنه على ما قال تعالى حكاية عنهما "
وما
يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة " وأما الشياطين الذين علموا السحر
] الناس [ فكان مقصودهم اعتقاد حقية هذه الشياء ،فظهر الفرق .
المسالة الخامسة عشر ) : ( 1قرأ نافع وابن كثير وعاصم وأبوعمرو بتشديد
" لكن " و " الشياطين " بالنصب ،على أنه اسم لكن ،والباقون " لكن "
بالتخفيف
][302
أما قوله تعالى " وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت " ففيه مسائل
الولى ما في قوله " وما انزل " فيه وجهان :الول أنه بمعنى الذي ،ثم هؤلء
اختلفوا فيه على ثلثة أزال :أولها أنه عطف على السحر ،أي يعلمون الناس
السحر ،ويعلمونهم ما انزل على الملكين أيضا .وثانيها أنه عطف على قوله " ما
تتلوا الشياطين " أي واتبعوا ما تتلوا الشياطين افتراء على ملك سليمان وما انزل
على الملكين ،لن السحر منه ما هو كفر وهو الذي تتلوا الشياطين ،ومنه ما
تأثيره بالتفريق بين المرء وزوجه وهو الذي انزل على الملكين ،فكأنه تعالى
أخبر عن اليهود بأنهم اتبعوا كل المرين ولم يقتصروا على أحدهما .وثالثها
أن موضعه جز عطفا على " ملك سليمان " وتقديره :ما تتلوا الشياطين افتراء
على
ملك سليمان وعلى ما انزل على الملكين ،وهو اختيار أبي مسلم .وأنكر في
الملكين
أن يكون السحر نازل عليهما ،واحتج عليه بوجوه :الول أن السحر لو كان
نازل عليهما لكان منزله هو ال تعالى وذلك غير جائز ،لن السحر كفر وعبث
ول يليق بال تعالى إنزال ذلك .الثانى أن قوله " ولكن الشياطين كفروا يعلمون
الناس السحر " يدل على أن تعليم السحر كفر ،ولو ثبت في الملئكة أنهم يعلمون
السحر لزمهم الكفر ،وذلك باطل .الثالث كما ل يجوز في النبياء أن يبعثوا لتعليم
الكفرة والفسقة والشياطين المردة ،فكيف يضاف إلى ال ما ينهى عنه ويتوعد
عليه
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 302سطر 19إلى صفحه 310سطر 18
بالعقاب ؟ ! وهل السحر إل الباطل المموه ؟ وقد جرت عادة ال تعالى بإبطاله ،كما
قال في قصة موسى عليه السلم " ما جئتم به السحر إن ال سيبطله " .
ثم إنه سلك في تفسير الية مسلكا آخر يخالف قول أكثر المخالفين ،فقال
كما أن الشياطين نسبوا السحر إلى ملك سليمان مع أن ملك سليمان كان مبرءا
عنه ،فكذلك نسبوا ما انزل على الملكين إلى السحر ،مع أن المنزل عليهما كان
مبرءا عن السحر ،وذلك لن المنزل عليهما كان هو الشرع والدين والدعاء إلى
][303
الخير وأنهما كانا يعلمان الناس ذلك مع قولهما إنما نحن فتنة توكيدا لبعثهم
على القبول والتمثل ،فكانت طائفة تتمثل واخرى تخالف وتعدل عن ذلك " و
يتعلمون منهما " أي من الفتنة والكفر مقدار ما يفرقون به بين المرء وزوجه ،و
الوجه الثانى :أن يكون " ما " بمعنى الجحد ،ويكون معطوفا على قوله
" وما كفر سليمان " كأنه قال :لم يكفر سليمان ولم ينزل على الملكين سحر
لن السحرة كانت تضيف السحر إلى سليمان وتزعم أنه مما انزل على الملكين
ببابل هاروت وماروت ،فرد ال عليهم في القولين .وقوله " وما يعلمان من أحد
"
جحد أيضا ،أي ل يعلمان أحدا بل ينهيان عنه أشد النهي ،وأما قوله " حتى يقول
إنما نحن فتنة " أي ابتلء وامتحان " فل تكفر " فهو كقولك ما أمرت فلنا بكذا
حتى قلت له :إن فعلت كذا نالك كذا ،أي ما أمرته به ،بل حذرته عنه .
واعلم أن هذه القوال وإن كانت حسنة إل أن القول الول أحسن منها
وذلك لن عطف قوله " وما انزل " على مايليه أولى من عطفه على ما بعد عنه
إل لدليل منفصل .أما قوله لو نزل السحر عليهما لكان منزل ذلك السحر هو ال
تعالى ،قلنا :تعريف صفة الشئ قد يكون لجل الترغيب في إدخاله في الوجود ،
وقد
قوله ثانيا :إن تعليم السحر كفر لقوله تعالى " ولكن الشياطين كفروا
يعلمون الناس السحر " فالجواب أنا بينا أنه واقعة حال فيكفي في صدقها صورة
واحدة ،وهي ما إذا اشتغل بتعليم سحر من يقول بإلهية الكواكب ويكون قصده
من ذلك التعليم إثبات أن ذلك المذهب حق .قوله ثالثا :إنه ل يجوز بعثة النبياء
لتعليم السحر فكذا الملئكة .قلنا :ل نسلم أنه ل يجوز بعثة النبياء لتعليمه بحيث
يكون الغرض من ذلك التعليم التنبيه على إبطاله .قوله رابعا :إنما يضاف السحر
إلى الكفرة أو المردة فكيف يضاف إلى ال ما ينهى عنه ؟ قلنا :فرق بين العمل
وبين
][304
التعليم ،فلم ل يجوز أن يكون العمل به منهيا عنه وأما تعليمه لغرض التنبيه على
السمألة الثانية :قرأ الحسن " الملكين " بكسر اللم ،وهو مروي أيضا عن
الضحاك وابن عباس .ثم اختلقوا ،فقال الحسن :كانا عجلين أقلفين بباتل يعلمان
الناس السحر ،وقيل :كانا رجلين صالحين من الملوك ،والقراءة المشهورة بفتح
اللم ،وهما
كانا ملكين نزل من السماء ،وهاروت وماروت اسمان لهما .ثم قيل :هما جبرئيل
وميكائيل عليهم السلم ،وقيل :غيرهما ،أما الذين كسروا اللم فقد احتجوا بوجوه
:
أحدها أنه ل يليق بالملئكة تعليم السحر .وثانيها كيف يجوز إنزال الملكين مع
قوله " ولو أنزلنا ملكا لقضي المر ثم ل ينظرون " وثالثها لو أنزل الملكين لكان
إما أن
يجعلهما في صورة رجلين أول يجعلهما كذلك ،فإن جعلهما في صورة رجلين مع
أنهما
ليسا برجلين كان ذلك تجهيل وتلبيسا وهو غير جائز ،ولو جاز ذلك فلم ل يجوز أن
يكون
كل واحد من الناس الذين نشاهدهم ل يكون في الحقيقة إنسانا بل ملكا من
الملئكة !
وإن لم يجعلهما في صورة الرجلين قدح ذلك في قوله تعالى " ولو جعلناه ملكا
لجعلناه
رجل " والجواب عن الول أنا سنبين وجه الحكمة وإنزال الملئكة لتعليم السحر
وعن الثاني أن هذه الية عامة ،وقراءة الملكين بفتح اللم متواترة وخاصة ،و
الخاص يقدم على العام .وعن الثالث أن ال تعالى ينزلهما في صورة رجلين ،
وكان
النسان
بكونه إنسانا ،كما أن في زمان الرسول صلى ال عليه وآله كان الواجب على من
شاهد دحية
المسألة الثاثة :إذا قلنا بأنهما كانا من الملئكة فقد اختلفوا في سبب
نزولهما ،فروي عن ابن عباس أن الملئكة لما قالت " أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء " فأجابهم ال تعالى بقوله " إني أعلم مال تعلمون " ثم إن ال وكل
عليهم جمعا من الملئكة وهم الكرام الكاتبون فكانوا يعرجون بأعمالهم الخبيثة
فعجبت
الملئكة منهم ،ومن تبقية ال إياهم مع ما يظهر منهم من القبائح ،ثم أضافوا إليها
][305
عمل السحر فازداد تعجب الملئكة ،فأراد ال تعالى أن يبتلي الملئكة فقال لهم :
اختاروا
ملكين من أعظم الملئكة علما وزهدا وديانة لنزالهما إلى الرض ،فأختبرهما
فاختاروا هاروت وماروت ،وركب فيهما شهوة النس وأنزلهما ونهاهما عن
الشرك
والقتل والزنا والشرب ،فنزل فذهب إليهما امرأة من أحسن النساء وهي الزهرة
فراوداها عن نفسها فأبت إل بعد أن يعبدا الصنم وإل بعد أن يشربا ،فامتنعا أول
ثم غلبت الشهوة عليهما ،فأطاعا في كل ذلك ،فعند إقدامهما على الشرب وعبادة
الصنم دخل سائل عليهم فقالت :إن أظهر هذا السائل للناس ما رأى منا فسد أمرنا
فإن أردتما الوصول إلي فاقتل هذا الرجل ،فامتنعا منه ،ثم اشتغل بقتله ،فلما
فرغا من القتل طلبا المرأة فلم يجداها .ثم إن الملكين عند ذلك ندما وتحسرا
وتضرعا إلى ال تعالى فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الخرة ،فاختارا عذاب
الدنيا ،وهما معذبات ببابل ،معلقان بين السماء والرض يعلمان الناس السحر .
ثم لهم في الزهرة قولن :أحدهما أن ال تعالى لما ابتلى الملكين بشهوة بني
آدم أمر ال الكوكب الذي يقال له " الزهرة " وفلكها حتى هبط إلى الرض إلى أن
كان
ما كان ،فحينئذ ارتفعت الزهرة وفلكها إلى موضعها من السماء موبخين لهما على
ماشاهداه منهما .والقول الثاني أن المرأة كانت فاجرة من أهل الرض وواقعاها
بعد شرب الخمر وقتل النفس وعبادة الصنم ،ثم علماها السم الذي به كانا يعرجان
إلى السماء ،فتكلمت به وعرجت إلى السماء ،وكان اسمها " بيدخت " فمسخها
ال
واعلم أن هذه الرواية فاسدة مردودة غير مقبولة ،لنه ليس في كتاب ال
ما يدل عليها ،بل فيه ما يبطلها من وجوه :الول ما تقدم من الدلئل الدالة على
عصمة الملئكة عن كل المعاصي .وثانيها :أن قولهم إنهما خيرا بين عذاب الدنيا
وعذاب الخرة فاسد ،بل كان الولى أن يخيرابين التوبة والعذاب ،لن ال تعالى
خير بينهما من أشرك به طول عمره فكيف يبخل عليهما بذلك .وثالثها :أن من
أعجب المور قولهم إنهما يعلمان الناس السحر في حال كونهما معذبين ويدعوان
][306
السحرة كثرت في ذلك الزمان ،واستنبطت أبوابا غريبة ،وكانوا يدعون النبوة
ويتحدون الناس بها ،فبعث ال تعالى هذين الملكين لجل أن يعلما الناس أبواب
السحر حتى يتمكنوا من معارضة اولئك الذين كانوا يدعون النبوة كذبا ،ول
وثانيها :أن العلم بكون المعجزة مخالفا للسحر متوقف على العلم بماهية
المعجزة ) ( 1والناس كانوا جاهلين بماهية السحر فل جرم تعذرت عليهم معرفة
حقيقة
المعجزة فبعث ال هذين الملكين لتعريف ماهية السحر لجل هذا الغرض .وثالثها ل
يمتنع
أن يقال :السحر الذي يوقع الفرقة بين أعداء ال واللفة بين أولياء ال كان مباحا
عندهم أو مندوبا ،فال تعالى بعث الملكين لتعليم السحر لهذا الغرض .ثم إن القوم
تعلموا ذلك منهما واستعملوه في الشر وإيقاع الفرقة بين أولياء ال واللفة بين
أعداء ال .ورابعها أن تحصيل العلم بكل شئ حسن ولما كان السحر منهيا عنه
وجب
أن يكون متصورا معلوما ،لن الذي ل يكون متصورا امتنع النهي عنه .وخامسها
لعل الجن كان عندهم أنواع من السحر لم يقدر البشر على التيان بمثلها ،فبعث
ال الملئكة ليعلموا البشر امورا يقدرون بها على معارضة الجن .وسادسها يجوز
أن يكون ذلك تشديدا في التكليف من حيث إذا علمه ما أمكنه أن يتوصل به إلى
اللذات العاجلة ثم منعه من استعمالها كان ذلك في نهاية المشقة ،فيستوجب به
الثواب الزائد ،كما ابتلي قوم طالوت بالنهر على ما قال " فمن شرب منه فليس
مني ومن لم يطعمه فإنه مني " فثبت بهذه الوجوه أنه ل يبعد من ال تعالى إنزال
المسألة الرابعة :قال بعضهم :هذه الواقعة إنما وقعت في زمان إدريس عليه
السلم
][307
لنهما إذا كانا ملكين نزل بصورة البشر لهذا الغرض فلبد من رسول في وقتهما
ليكون ذلك معجزة له ،ول يجوز كونهما رسولين ،لنه ثبت أنه تعالى ل يبعث
المسألة الخامسة " :هاروت وماروت " عطف بيان لملكين ،علمان لهما
وهما اسمان أعجميان بدليل منع الصرف ،ولو كانا من الهرت والمرت وهو الكسر
كما زعم بعضهم ل نصرفا ،وقرأ الزهري " هاروت وماروت " بالرفع :على :
هما
هاروت وماروت ،وأما قوله تعالى " وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن
فتنة " فاعلم أنه تعالى شرح حالهما فقال :وهذان الملكان ل يعلمان السحر إل بعد
التحذير الشديد من العمل به ،وهو قولهما " إنما نحن فتنة " والمراد ههنا بالفتنة
المحنة التي بها يتميز المطيع عن العاصي ،كقولهم " فتنت الذهب بالنار " إذا
عرض على النار ليتميز الخالص عن المشوب .وقد بينا الوجوه في أنه كيف
يحسن بعثة الملكين لتعليم السحر ،فالمراد أنهما ل يعلمان أحدا السحر ول يصفانه
لحد ول يكشفان له وجوه الحتيال حتى يبذلله النصيحة ،فيقول له " إنما نحن
فتنة " أي هذا الذي نصفه لك وإن كان الغرض فيه أن يتميز السحر ) ( 1من
المعجز
ولكنه يمكنك أن تتوصل إلى المفاسد والمعاصي ،فإياك بعد وقوفك عليه أن
تستعمله فيها نهيت عنه ،أو تتوصل به إلى شئ من الغراض العاجلة .
أما قوله " :فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " ففيه مسائل :
التفريق إنما يكون بأن يعتقد أن ذلك السحر مؤثر في هذا التفريق فيصير كافرا
وإذا صار كافرا بانت منه امرأته ،فيحصل التفريق بينهما .الثاني يفرق بينهما
المسألة الثانية :أنه تعالى لم يذكر ذلك لن الذي يتعلمون منهما ليس
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر :ان يتميز به الفرق بين السحر وبين المعجز .
إل هذا القدر لكن هذه الصورة تنبيها على سائر الصور ،فإن استنامة المرء ) ( 1
إلى زوجه وركونه إليها معروف زائد على كل مودة فنبه بذكر ذلك ،على أن
السحر إذا ما أمكن به هذا المر على شدته فغيره به أولى .
أما قوله " وما هم بضارين به من أحد " فإنه يدل على ما ذكرناه ،لنه
أطلق الضرر ولم يقصره على التفريق بين المرء وزوجه ،فدل ذلك على أنه تعالى
أما قوله " بإذن ال " فاعلم أن الذن حقيقة في المر ،وال ل يأمر بالسحر
ولنه تعالى أراد عيبهم وذمهم ،ولو كان قد أمرهم به لما جاز أن يذمهم عليه
أحدها قال الحسن :المراد منه التخلية ،يعني الساحر إذا سحر إنسانا فإن
شاء ال منعه منه وإن شاء خلى بينه وبين ضرر السحر .وثانيها قال الصم :
المراد :إل بعلم ال ،وإنما سمي الذان أذانا لنه إعلم الناس وقت ) ( 2الصلة
وسمي الذن إذنا لن بالحاسة القائمة بذلك يدرك الذن ،وكذلك قوله " و
أذان من ال ورسوله إلى الناس " أي إعلم ،وقوله " فأذنوا بحرب من ال "
معناه
فاعلموا ،وقوله " فقل آذنتكم " يعني أعلمتكم .وثالثها أن الضرر الحاصل عند
فعل السحر إنما يحصل بخلق ال تعالى وإيجاذه وإبداعه ،وما كان كذلك فإنه
يصح أن يضاف إلى إذن ال تعالى كما قال " إنما قولنا لشي ء إذا أردناه أن نقول
له كن فيكون " ورابعها أن يكون المراد بالذن المر ،وهذا الوجه ل يليق
إل بأن يفسر التفريق بين المرء وزوجه بأن يصير كافرا ،والكفر يقتضي التفريق
أما قوله " ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الخرة من خلق " ففيه مسائل :
المسألة الولى إنما ذكر لفظ الشراء على سبيل الستعارة لوجوه :أحدها
) : ( 2بوقت .
][309
أنهم لما نبذوا كتاب ال وراء ظهورهم وأقبلوا على التمسك بما تتلوا الشياطين
فكأنهم قد اشتروا ذلك السحر بكتاب ال .وثانيها أن الملكين إنما قصدا بتعليم
السحر الحتراز عنه ليصل بذلك الحتراز إلى منافع الخرة ،فلما استعمل السحر
فكأنه اشترى بمنافع الخرة منافع الدنيا .وثالثها أنه لما استعمل السحر علمنا
أنه إنما تحمل المشقة ليتمكن من ذلك الستعمال ،فكأنه اشترى بالمحن التي
المسألة الثانية قال الكثرون :الخلق النصيب ،قال القفال ،يشبه أن
يكون أصل الكلمة من الخلق معناه التقدير ،ومنه خلق الديم ،ومنه يقال :قدر
الرجل كذا درهما رزقا على عمل كذا .وقال الخرون :الخلق الخلص ،قال
امية ) ( 1بن أبي صلت :
بقي في الية سؤال وهو أنه كيف أثبت لهم العلم أول في قوله " وقد علموا "
ثم نفاه عنهم في قوله " لو كانوا يعلمون " والجواب من وجوه :أحدها :أن الذين
علموا غير الذين لم يعلموا ،فالذين علمواهم الذين علموا السحر ودعوا الناس إلى
تعلمه ،وهم الذين قال ال في حقهم " نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب
ال وراء ظهورهم كأنهم ل يعلمون " وأما الجهال الذين يرغبون في تعلم السحر
فهم الذين ل يعلمون ،وهذا جواب الخفش وقطرب .وثانيها لو سلمنا أن القوم
واحد ] ولكنهم علموا أشياء ) ( 2وجهلوا أشياء اخر علموا أنه ليس لهم في
الخرة
خلق [ ولكنهم جهلوا مقدرا مافاتهم من منافع الخرة وما حصل لهم من مضارها
بعلمهم بل أعرضوا عنه فصار ذلك العلم كالعدم كما سمى ال تعالى الكفار صما
وبكما
) : ( 2شيئا .
][310
وعميا إذ لم ينتفعوا بهذه الحواس ويقال للرجل في شئ يفعله لكنه ل يضعه موضعه
:
وإنما أوردت أكثر كلمهم في هذا المقام مع طوله واشتماله على الزوائد
الكثيرة لمناسبة لما سيأتي في بعض البواب التية ،ولتطلع على مذاهبهم الواهية
في تلك البواب ،وسأل شيخنا البهائي -رحمه ال -بعض أخلئه عن قوله
البيضاوي
في تفسير هذه الية حيث قال " وما روي من أنهما مثل بشرين وركبت فيهما
الشهوة
فتعرضا ل مرأة يقال لها الزهرة فحملتها على المعاصي والشرك ،ثم صعدت
السماء بما تعلمت منهما ،فمحكي عن اليهود ،ولعله من رموز الوائل ،وحله
ل يخفى على ذوي البصائر " بينوا حتى نصير من ذوي البصائر ،فأجاب الشيخ
رحمه ال بعد أن أورد هذه القصة نحوا مما رواه الرازي في هذه القصة :هي ما
رواه قدماء المفسرين من العامة عن ابن عباس ،ولم يرتض بهذه الرواية
متأخروهم
وأطنب الفخر الرازي وغيره في تزييفها ،وقال :إنها فاسدة مردودة غير مقبولة
لوجوه ثلثة إلى آخر ما نقلناه من الوجوه في عرض كلمه ثم قال :وفي كل
من هذه الوجوه نظر ،أما الول فلنه لم يثبت بقاؤهما على العصمة بعد أن مثلهما
ال سبحانه بصورة البشر وركب فيهما قوتي الشهوة والغضب وجعلهما كسائر بني
آدم كما يظهر من القصة .وأما الثاني فلن التخيير بين التوبة والعذاب وإن
كان هو الصلح بحالهما لكن فعل الصلح مطلقا غير واجب عليه سبحانه على
مذهب
هذا المفسر ،بل فعل الصلح الذي من هذا القبيل غير واجب عندنا أيضا ،فإنا
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 310سطر 19إلى صفحه 318سطر 18
ل نوجب عليه سبحانه كل ماهو أصلح بحال العبد كما ظنه مخالفونا ،وشنعوا علينا
بما شنعوا ،بل إنما نوجب عليه سبحانه كل أصلح لولم يفعله كان مناقضا لغرضه
كما ذكرته في الحواشي التي علقتها على تفسير البيضاوي ،ولعله سبحانه لم
يلهمهما
التوبة وأغفلهما عنها لمصلحة ل يعلمها إل هو ،فل بخل منه سبحانه على هذا
التقدير .
وأما الثالث فلن التعليم حال التعذيب غير ممتنع ،وظني .أن تزييف الفخر *
][311
الرازي لهذه الرواية هو الباعث على عدول البيضاوي عزحمل هذه القصة على
ظاهرها
وتنزيلها على محض الرمز والذي سمعته من والدي -رحمه ال -في حله أنه
إشارة إلى
أن شخص العالم العامل الكامل المقرب من حظائر القدس قديو كل إلى نفسه الغرارة
ول يلحقه التوفيق والعناية ،فينبذ علمه وراء ظهره ،ويقبل على مشتهيات نفسه
إلى أسفل سافلين ،والشخص الناقص الجاهل المنغمس في الوزار قد يختلط بذلك
الشخص العالم قاصدا بذلك الفساد والفحشاء ،فيدركه بذلك التوفيق اللهي
فيستفيد من ذلك العلم ما يضرب بسببه صفحا عن أدناس دار الغرور ،وأرجاس
عالم
الزور ،ويرتفع ببركة ما يعلمه عن حضيض الجهل والخسران ،إلى أوج العزة
والعرفان ،فيصير به المتعلم في أرفع درج العلء ،والمعلم في أسفل درك الشقاء .
و
رأيت في بعض التفاسير أن المراد بالملكين المذكورين الروح والقلب ،فإنهما من
العالم الروحاني اهبطا إلى العالم الجسماني لقامة الحق ،فافتتنا بزهرة الحياة
الدنيا ،ووقعا في شبكة الشهوة ،فشربا خمر الغفلة ،وزنيا ببغي الدنيا ،
وعبداصنم
الهوى ،وقتل نفسهما بحرمانهما من النعيم الباقي ،فاستحقا أليم النكال ،وقطيع
العذاب .هذا وهذه القصة كما رواها علماء العامة عن ابن عباس فقدرواها علماؤنا
رضوان ال عليهم عن المام أبي جعفر الباقر عليه السلم وذكرها الشيخ الجليل
أبوعلي
الطبرسي في مجمع البيان ) ( 1لكن بين مارواه العامة وما رواه أصحابنا اختلف
يسير
فإن الرواية التي روها أصحابنا ليس فيها أنهما يعلمان الناس السحر في وقت
تعذيبهما ،بل هي صريحة في أن التعليم كان قبل التعذيب ،وكذلك ليس فيها أن
تلك المرأة تعلمت منهما السم العظم وصعدت ببركته إلى السماء .والحاصل أن
هذه القصة مروية من طرقنا ومن طرق العامة معا ،وليس من جملة الحكايات
الغير
المسنده ،كما يظهر من كلم الفاضل الدواني في شرح العقائد العضدية حيث قال :
إن هذه القصة ليست في كتاب ال ،ول في سنة رسول ال ما يدل على صدقها .ثم
إنه
][312
استدل على أنه من جملة الكاذيب بأن تمكن تلك المرأة من الصعود إلى السماء
بما تعلمته من الملكين أعني السم العظم وعدم تمكنهما من ذلك مع علمهما به
غير
معقول .ول يخفى أن دليله هذا إنما يتم لو ثبت أنه جل اسمه لم ينسهما
السم العظم بعد اقترافهما تلك الكبائر العظيمة ،واستحقاقهما الطرد والخذلن
" لن يستنكف " أي لم يأنف ،ولم يمتنع المسيح " أن يكون " أي من أن
يكون " عبدال ،ول الملئكة المقربون " أي ولهم يستكبرون من القرار بعبودية
ال سبحانه .قال الطبرسي رحمه ال :استدل بهذه الية من قال إن الملئكة
أفضل من النبياء ،قالوا :إن تأخير ذكر الملئكة في مثل هذا الخطاب يقتضي
تفضيلهم ،لن العادة لم تجر بأن يقال :لن يستنكف المير أن يفعل كذا ول
الحارس ،بل يقدم الدون ويؤحر العظم ،فيقال :لن يستنكف الوزير أن يفعل
كذا ول السلطان ) . ( 1وأجاب أصحابنا عن ذلك بأن قالوا :إنما أخر ذكر الملئكة
لن جميع الملئكة أفضل وأكثر ثوابا من المسيح ،وهذا ل يقتضي أن يكون كل
واحد منهم أفضل منه وإنما الخلف في ذلك ،وأيضا فإنا وإن ذهبنا إلى أن النبياء
أفضل من الملئكة فإنا نقول مع قولنا بالتفاوت أنه ل تفاوت كثيرا في الفضل بينهما
ومع التقارب والتداني يحسن أن يقدم ذكر الفضل ،أل ترى أنه يحسن أن يقال :
ما يستنكف المير فلن ول المير فلن ،إذا كانا متساويين في المنزلة أو متقاربين
)(2
وقال البيضاوي :لعله أراد بالعطف المبالغة باعتبار التكثير ل باعتبار التكبير ،
كقولك
" إن الذين عند ربك " أي مطلق الملئكة أو المقربين منهم " وله يسجدون "
* ) هامش ( * ) ( 1في الصمدر :وهذا يقتضى فضل الملئكة على النبياء .
][313
" ول يسجد ما في السماوات وما في الرض " قال البيضاوي :أي ينقاد انقيادا
يعم
النقياد لرادته وتأثيره طبعا ،والنقياد لتكليفه وأمره طوعا ،ليصح إسناده إلى
عامة أهل السماوات والرض ،وقوله " من دابة " بيان لهما ،لن الدبيب هو
الحركة الجسمانية ،سواء كان في أرض أوسماء ،والملئكة عطف على المبين به
عطف
جبرئيل على الملئكة للتعظيم ،أو عطف المجردات على الجسمانيات ،وبه احتج
من قال :إن الملئكة أرواح مجردة ،أو بيان لما في الرض والملئكة تكرير لما
غيرهم ،و " ما " لما استعمل للعقلء كما استعمل لغيرهم كان استعماله حيث
اجتمع
القبيلن أولى من إطلق " من " تغليبا للعقلء " وهم ل يستكبرون عن عبادته
يخافون
ربهم من فوقهم " يخافون أن يرسل عذابا من فوقهم أو يخافونه وهم فوقهم بالقهر
وقوله ) " ( 1وهو القاهر فوق عباده " والجملة حال من الضمير في " ل
يستكبرون "
أو بيان له وتقرير ،لن من خاف ال لم يستكبر عن عبادته " ويفعلون ما يؤمرون
"
من الطاعة والتدبير ،وفيه دليل على أن الملئكة مكلفون مدارون بين الخوف
والرجاء ( 2 ) .وقال في قوله " وما نتنزل إل أمر ربك " حكاية قول جبرئيل حين
استبطأه رسول ال صلى ال عليه وآله لما سئل عن أصحاب الكهف وذي القرنين
ما يجيب ورجا أن يوحى إليه فيه ،فأبطأ عليه خمسة عشر يوما وقيل أربعين ،
حتى
قال المشركون :ودعه ربه وقله ،ثم نزل تبيان ذلك ،والتنزل النزول على
مهل ،لنه مطاوع نزل ،وقد يطلق بمعنى النزول مطلقا كما يطلق نزل بمعنى أنزل
والمعنى :وما ننزل وقتا غب وقت إل بأمر ال تعالى على ما تقتضيه حكمته " له
ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك " وهو ما نحن فيه من الماكن والحايين
ل تنتقل ) ( 3من مكان إلى مكان أو ل تنزل ) ( 4في زمان دون زمان إل بأمره
ومشيته
][314
" وما كان ربك نسيا " أي تار كألك ،أي ما كان عدم النزول إل لعدم المر به ،ولم
يكن ذلك عن ترك ال لك وتوديعه إياك كما زعمت الكفرة ،وإنما كان لحكمة
رآها فيه ) " ( 1ول يستحسرون " أي ل يعبؤن منها " ل يفترون " حال من
الواو في
" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا " نزلت في خزاعة حيث قالوا :الملئكة بنات ال
سبحانه ،تنزيه له عن ذلك " بل عباد " أي بل هم عباد من حيث هم مخلوقون ،و
ليسوا بأولد " مكرمون " مقربون " .ل يسبقونه بالقول " ل يقولون شيئا حتى
يقوله
كما هو ديدن العبيد المقربين ) " ( 2وهم بأمره يعملون " ول يعملون قط مالم
يأمرهم
به " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم " ،ل تخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا أو
هو
كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده ،فإنه لحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم ويراقبون
أحوالهم " وهم من خشيته " من عظمته ومهابته " مشفقون " مرتعدون ،وأصل
فإن عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ،وإن عدي بعلى فبالعكس .
" ومن يقل منهم " أي من الملئكة أو من الخلئق " كذلك نجزي الظالمين "
أي من ظلم بالشراك وادعاء الربوبية ،وعلى تقدير إرجاع الضمير إلى الملئكة
ل ينافي عصمتهم ،فإن الفرض ل ينافي امتناع الوقوع ،كقوله تعالى " لئن
أشركت
" عليها " أي على النار " ملئكة " يلي أمرها وهم الزبانية " غلظ شداد "
غلظ القوال ،شداد الفعال ،أو غلظ الخلق ،شداد الخلق ،أقوياء على الفعال
الشديدة " ل يعصون ال ما أمرهم " فيما مضى " ويفعلون ما يؤمرون " فيما
يستقبل
) ( 2المؤدبين ) خ ( .
) ( 3الزمر . 65 :
][315
قال الطبرسي رحمه ال :في هذا دللة على أن الملئكة الموكلين بالنار
عنى أنهم ل يعصونه ويفعلون ما يأمرهم به في دار الدنيا ،لن الخرة ليست بدار
تكليف ،وإنما هي دار جزاء ] المؤمنين [ وإنما أمرهم ال تعالى بتعذيب أهل النار
على وجه الثواب لهم بأن جعل سرورهم ولذاتهم في تعذيب أهل النار ،كما جعل
سرورهم ) ( 1ولذاتهم في الجنة ) ) ( 2انتهى ( .
وأقول :كون الخرة درا جزاء الملئكة غير معلوم ،وإنما المعلوم أنها
دار جزاء النس ،فل ينافي كون الملئكة مكلفين فيها ،بل يمكن أن يكون
والمعنوية ،بل أصل خدماتهم وجزاؤهم كما ورد أن طعامهم التسبيح وشرابهم
التقديس .وقال الشيخ المفيد رحمه ال في كتاب المقالت :أقول :إن الملئكة
مكلفون وموعودون ومتوعدون ،قال ال تبارك وتعالى " ومن يقل منهم إني
إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين " وأقول :إنهم معصومون
مما يوجب لهم العقاب بالنار ،وعلى هذا القول جمهور المامية وسائر المعتزلة و
أكثر المرجئة وجماعة من أصحاب الحديث ،وقد أنكر قوم من المامية أن تكون
الملئكة مكلفين ،وزعموا أنهم إلى العمال مضطرون ،ووافقهم على ذلك جماعة
1العلل :عن محمد بن علي بن بشار القزويني ،عن المظفر بن أحمد القزويني
قال :سمعت أبا الحسين محمد بن جعفر السدي الكفوي ،يقول في سهيل
والزهرة :
] إنهما [ دابتان من دواب البحر المطيف بالدنيا في موضع ل تبلغه سفينة ،ول
تعمل
فيه حيلة ،وهما المسخان المذكوران في أصناف المسوخ ،ويغلط من يزعم أنهما
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر :سرور المؤمنين و . .
][316
الكوكبان ) ( 1ولو كانا ملكين لعصما فلم يعصيا ،وإنما سماهما ال عزوجل في
كتابه ملكين بمعنى أنهما خلقا ليكونا ملكين ،كما قال ال عزوجل لنبيه صلى ال
عليه وآله
" إنك ميت وإنهم ميتون " بمعنى ستكون ميتا ويكونون موتى ) . ( 2
بيان :المطيف بالدنيا على بناء الفعال أي المحيط ،يقال :فلن يرشح
للوزارة أي يربى ويؤهل لها .ثم إن هذا الكلم إن كان قاله السدي من قبل
نفسه فيرد عليه أن الملئكة ليست أمرا تحصل لذات بعد أن لم تكن ،بل الظاهر
أنهما لم يكونا من الملئكة ،بل كانا مما يصلحان ظاهرا أن يخلطا بالملئكة
كالشيطان .
2تفسير على بن إبراهيم :عن أبيه ،عن الحسن بن محبوب ،عن علي
ابن رئاب ،عن محمد بن قيس ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :سأله عطا ونحن
بمكة
عن هاروت وماروت ،فقال أبوجعفر عليه السلم :إن الملئكة كانوا ينزلون من
السماء
إلى الرض في كل يوم وليلة ،يحفظون أعمال أوساط أهل الرض من ولد آدم و
الجن ،فيكتبون أعمالهم ويعرجون بها إلى السماء ،قال :فضج أهل السماء من
معاصي أهل أوساط الرض ،فتوامزوا ) ( 3فيما بينهم مما يسمعون ويرون من
افترائهم
الكذب على ال تبارك وتعالى وجزأتهم عليه ونزهوا ال مما يقول فيه خلقه
ويصفون
فقالت طائفة من الملئكة :يا ربنا ما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك وما يصفون
فيك الكذب ويقولون الزور ويرتكبون المعاصي وقد نهيتهم عنها ،ثم أنت تحلم
عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخلل عافيتك ،قال أبوجعفر عليه السلم :فأحب
ال أن
يري الملئكة القدرة ونافذ أمره في جميع خلقه ،ويعرف الملئكة ما من به عليهم
روحانيين قد هيئا ورشحا للملئكة ولم ييلغ بهما حد الملئكة فاختارا المحنة
والبتلء
][317
مما ) ( 1عدله عنهم من صنع خلقه ،وما طبعهم عليه من الطاعة ،وعصمهم به
من
الذنوب .قال :فأوحى ال إلى الملئكة أن انتدبوا ) ( 2منكم ملكين حتى اهبطهما
إلى الرض ثم أجعل فيهما من طبائع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والمل
مثل ما جعلته في ولد آدم ،ثم أختبرهما في الطاعة لي قال :فندبوا لذلك هاروت
وماروت ،وكانا أشد ) ( 3الملئكة قول في العيب لولد آدم واستئثار غضب ال
عليهم .قال :فأوحى ال إليهما أن اهبطا إلى الرض ،فقد جعلت فيكما من طبائع
المطعم والمشرب والشهوة والحرص والمل مثل ما جعلت في ولد آدم .قال :
ثم أوحى ال إليهما انظرا أن لتشر كابي شيئا ،ول تقتل النفس التي حرم ال ،ول
تزنيا ،ول تشربا الخمر ،قال :ثم كشط عن السماوات السبع ليريهما قدرته ،ثم
أهبطهما إلى الرض في صورة البشر ولباسهم ،فهبطا ناحية بابل ،فرفع لهما بناء
مشرف ) ( 4فأقبل نحوه ،فإذا بحضرته امرأة جميلة حسناء مزينة معطرة
] مسفرة [
مقبلة نحوهما ،قال :فلما نظرا إليها وناطقاها وتأملها وقعت في قلوبهما موقعا
شديدا لموضع الشهوة التي جعلت فيهما ،فرجعا إليها رجوع فتنة وخذلن
وراوداها
عن نفسها .فقالت لهما :إن لي دينا أدين به ،وليس أقدر في ديني على أن
اجيبكما
إلى ما تريدان إل أن تدخل في ديني الذي أدين به ،فقال لها :وما دينك ؟ قالت :
لي إله من عبده وسجد له كان لي السبيل إلى أن اجيبه إلى كل ما سألني ،فقال
لها :وما إلهك ؟ قالت :إلهي هذا الصنم ،قال :فنظر أحدهما إلى صاحبه ،فقال :
هاتان خصلتان مما نهيبا عنهما :الشرك ،والزنا ،لنا إن سجدنا لهذا الصنم و
عبدناه أشركنا بال ،وإنما نشرك بال لنصل إلى الزنا ،وهو ذا نحن نطلب الزنا
فليس تعطى إل بالشرك .قال :فائتمرا بينهما ،فغلبتهما الشهوة التي جعلت فيهما
][318
فقال لها :نجيبك إلى ما سألت ،فقالت :فدونكما ،فاشربا هذه الخمر فإنه قربان
لكما ،وبه تصلن إلى ما تريدان ،فائتمرا بينهما فقال :هذه الثلث خصال مما
نهانا
ربنا عنها :الشرك ،والزنا ،وشرب الخمر ،وإنما ندخل في شرب الخمر و
الشرك حتى نصل إلى الزنا ،فائتمرا بينهما ،فقال :ما أعظم البلية بك ! قد أجبناك
إلى ما سألت ،قالت :فدونكما فاشربا من هذه الخمر ،واعبدا هذا الصنم ،
واسجداله
فشربا الخمر ،وعبدا الصنم ،ثم روادهما عن نفسها ،فلما تهيأت لهما وتهيئالها
دخل عليهما سائل يسأل ] هذه [ فلما أن رآهما ورأياه ذعرا منه فقال لهما :إنكما
نابان ) ( 1ذعران ،قد خلوتما بهذه المرأة المعطرة الحسناء ،إنكما لرجل سوء ،
و
خرج عنهما .فقالت لهما :ل وإلهي ما تصلن الن إلي وقد اطلع هذا الرجل
على حالكما وعرف مكانكما ،ويخرج الن ويخبر بخبر كما ،ولكن بادرا إلى
أنتما مطمئنان آمنان قال :فقاما إلى الرجل فأدركاه فقتله ثم رجعا إليها ،فلم
يرياها وبدت لهما سوآتهما ونزع عنهما رياشهما واسقطا في أيديهما ،قال :
فأوحى
ال إليهما أن أهبطتكما إلى الرض مع خلقي ساعة من النهار فعصيتماني بأربع من
معاصي كلها قد نهيتكما عنها وتقدمت إليكما فيها فلم تراقباني ) ( 2ولم تستحييا
مني وقد كنتما أشد من نقم على أهل الرض المعاصي واستجر أسفي وغضبي
عليهم
لما جعلت فيكما من طبع خلقي وعصمتي إياكما من المعاصي ،فكيف رأيتما موضع
خذلني فيكما ؟ اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الخرة ،فقال أحدهما لصاحبه :
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 318سطر 19إلى صفحه 327سطر 4
نتمتع من شهواتنا في الدنيا إذ صرنا إليها إلى أن نصير إلى عذاب الخرة .فقال
الخر :إن عذاب الدنيا له مدة وانقطاع ،وعذاب الخرة دائم ل انقطاع له
فلسنا نختار عذاب الخرة الدائم الشديد على عذاب الدنيا المقطع الفاني .قال :
فاختارا عذاب الدنيا ،فكانا يعلمان الناس السحر في أرض بابل ،ثم لما علما الناس
][319
السحر رفعا من الرض إلى الهواء ،فهما معذبان منكسان معلقان في الهواء إلى
يوم القيامة ) . ( 1
بيان " :أن انتدبوا " في بعض النسخ " أن اندبوا " وهو أصوب ،إذ الظاهر
من كلم أكثر اللغويين أن النتداب لزم ،قال الجوهري :ندبه إلى المر
فانتدب أي دعاه فأجاب .ونحوه قال الفيروز آبادي ،لكن قال في المصباح المنير
انتدبته في المر فانتدب يستعمل لزما ومتعديا ،وقال :كشطت البعير كشطا من
باب ضرب ] مثل [ سلخت الشاة إذا نحيت جلده ،وكشطت الشئ كشطا نحيته
وقال الفيروز آبادي :الكشط رفعك الشئ ) ( 2عن الشئ قد غشاه ،وإذا السماء
كشطت قلعت كما يقلع السقف ،وكشط الجل عن الفرس كشفه .وفي النهاية :
فيه يراود عمه على السلم أي يراجعه ويراوده .وفي القاموس :سقط في يده و
اسقط مضمومتين ذل وأخطا ،أو ندم وتحير .وقال :نكسه :قلبه على رأسه
كنكسه ) انتهى ( وأقول :يمكن حمل الخبر على التقية بقرينة كون السائل من
3العيون وتفسير المام :بالسناد إلى أبي محمد العسكري عن آبائه عن
الصادق جعفر بن محمد عليهم السلم في قول ال عزوجل " واتبعوا ما تتلو
الشياطين على
ملك سليمان " قال :اتبعوا ما تتلو كفرة الشياطين من السحر والنيرنجات على
ملك سليمان الذين يزعمون أن سليمان به ملك ،ونحن أيضا به نظهر العجائب
حتى ينقاد لنا الناس ] ونستغني عن النقياد لعلي [ وقالوا :كان سليمان كافرا
ساحرا ماهرا بسحره ملك ما ملك ،وقدر على ما قدر ،فرد ال عزوجل عليهم
فقال وما كفر سليمان ول استعمل السحر ] كما قال هؤلء الكافرون ،ولكن
الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر [ الذي نسبوه إلى سليمان وإلى ما انزل
][320
على الملكين ببابل هاروت وماروت .وكان بعد نوح عليه السلم قد كثر السحرة
والمموهون
فبعث ال عزوجل ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة ،وذكر
ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم ،فتلقاه النبي عن الملكين وأداه إلى عباد
ال بأمر ال عزوجل ،وأمرهم أن يقفوا به على السحر وأن يبطلوه ،ونهاهم أن
يسحروا به الناس ،وهذا كما يدل على السم ما هو وعلى ما يدفع به غائلة السم
] ثم يقال للمتعلم ذلك هذا السم فمن رأيته يسم فادفع غائلته بكذا وإياك أن
تقتل بالسم أحدا [ ثم قال عزوجل " :وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن
فتنة فل تكفر " ،يعني أن ذلك النبي أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين
ويعلما هما ما علمهما ال من ذلك ،فقال ال عزوجل :وما يعلمان من أحد ذلك
السحر وإبطاله حتى يقول للمتعلم " إنما نحن فتنة " امتحان للعباد ليطيعوا ال
فيما يتعلمون من هذا ،ويبطلوا به كيد الساحر ) ، ( 1ول يسحرواهم ،فل تكفر
باستعمال
هذا السحر وطلب الضرار به ودعاء الناس إلى أن يعتقدوا أنك به تحيي وتميت
وتفعل مال يقدر عليه إل ال عزوجل فإن ذلك كفر قال ال عزوجل " فيتعلمون "
يعني طالبي السحر " منهما " يعني مما كتبت الشياطين " على ملك سليمان " من
النيرنجات " وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت " يتعلمون من هذين
الصنفين
" ما يفرقون به بين المرء وزوجه " هذا من ) ( 2يتعلم للضرار بالناس ،
يتعلمون
التضريب بضروب الحيل والتمائم واليهام أنه قد دفن في موضع كذا وعمل كذا
ليحبب المرأة إلى الرجل والرجل إلى المرأة أو يؤدي إلى الفراق بينهما .ثم
قال عزوجل " وماهم بضارين به من أحد إل بإذن ال " أي ما المتعلمون لذلك
بالجبر و
القهر .ثم قول " ويتعلمون ما يضرهم ول ينفعهم " لنهم إذا تعلموا ذلك السحر
ليسحروا
به ويضروا فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ول ينفعهم فيه ،بل ينسلخون عن دين
ال
][321
بذلك ،ولقد علم هؤلء المتعلمون " لمن اشتراه " بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه "
ماله
في الخرة من خلق " أي من نصيب في ثواب الجنة .ثم قال عزوجل " ولبئس
ماشروابه أنفسهم " وهنوها ) ( 1بالعذاب " لو كانوا يعلمون " أنهم قد باعوا
الخرة
رسول ،ول إله ،ول بعث ،ول نشور .فقال " ولقد علموا لمن اشتراه ماله في
الخرة
من خلق " لنهم يعتقدون أن ل آخرة .فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة فل خلق
لهم في دار بعد الدنيا ،وإن كان بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها ل خلق لهم
فيها .ثم قال " ولبئس ماشروا به أنفسهم " إذ باعوا الخرة بالدنيا ورهنوا
بالعذاب
الدائم أنفسهم " لو كانوا يعلمون " أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب ،ولكن ل
يعلمون
ذلك لكفرهم به ،فلما تركوا النظر في حجج ال حتى يعلموا عذابهم على اعتقادهم
الباطل وجحدهم الحق .قال يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن
أبويهما
أنهما قال .فقلنا للحسن أبي القائم عليه السلم :فإن قوما عندنا يزعمون أن
هاروت
وماروت ملكان اختارتهما الملئكة لما كثر عصيان بني آدم ،وأنزلهما ال مع ثالث
لهما إلى ) ( 2الدنيا ،وأنهما افتتنا بالزهرة ،وأرادا الزنابها ،وشربا الخمر ،و
قتل النفس المحترمة ،وأن ال تبارك وتعالى يعذبهما ببابل ،وأن السحرة منهما
يتعلمون السحر ،وأن ال مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة ،فقال
المام عليه السلم :معاذ ال من ذلك ،إن ملئكة ال معصومون محفوظون من
الكفرو
ما يؤمرون " وقال عزوجل " وله ما في السماوات والرض ومن عنده " يعني
من
يفترون "
وقال عزوجل في الملئكة أيضا " بل عباد مكرمون ل يسبقونه بالقول وهم بأمره
يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ول يشفعون إل لمن ارتضى وهم من خشيته
][322
مشفقون " ثم قال عليه السلم :لو كان كما يقولون كان ال قد جعل هؤلء
الملئكة خلفاء
والئمة عليهم السلم قتل النفس والزنا .ثم قال عليه السلم :أو لست تعلم أن ال
عزوجل
لم يخل الدنيا قط من نبي أو إمام من البشر ؟ أو ليس ال عزوجل يقول " وما
أرسلنا
قبلك يعني إلى الخلق إل رجال نوحي إليهم من أهل القرى " فأخبر أنه لم
يبعث الملئكة إلى الرض ليكونوا أئمة وحكاما ،وإنما ارسلوا إلى أنبياء ال .
قال قلنا له :فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا ؟ فقال :ل ،بل كان من الجن
أما تسمعان ال عزوجل يقول " وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسبحدوا إل
إبليس كان من الجن " فأخبر عزوجل أنه كان من الجن ،وهو الذي قال ال
قال المام الحسن بن علي عليهم السلم :حدثني أبي عن جدي عن الرضا عن
آبائه عن علي عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ال
آل محمد ،واختار النبيين ،واختار الملئكة المقربين ،وما اختارهم إل على علم
وينتمون
به إلى المستحقين لعذابه ونقمته .قال :فقلنا له :فقد روي لنا أن عليا عليه السلم
لما نص
عليه رسول ال صلى ال عليه وآله بالمامة عرض ال عزوجل وليته في
من الناس وفئام من الملئكة ،فأبوها فمسخهم ال ضفادع ،فقال عليه السلم :
معاذ ال !
هؤلء المكذبون لنا المفترون علينا ،الملئكة هم رسل ال ،فهم كسائر أنبياء ال
ورسله إلى الخلق ،فيكون منهم الكفر بال ؟ قلنا :ل ،قال :فكذلك الملئكة ،إن
الحتجاج :بالسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلم من قوله " فقلنا للحسن
واقول :قد فسر في خبر فضل يوم الغدير بمائة الف .
4العيون :عن تميم بن عبدال القرشي ،عن أبيه ،عن أحمد بن علي
النصاري ،عن على بن محمد بن الجهم ،قال :سمعت المأمون يسأل الرضا علي
بن
موسى عليه السلم عما يرويه الناس من أمر الزهرة ،وأنها كانت امرأة فتن بها
هاروت و
ماروت وما يروونه من أمر سهيل ،وأنه كان عشارا باليمن ،فقال :كذبوا في
قولهم ،إنهما كوكبان ،وإنما كانتا دابتين من دواب البحر ،فغلط الناس وظنوا
أنهما كوكبان ،وما كان ال ليمسخ أعداءه أنوارا مضيئة ثم يبقيها ما بقيت السماء
والرض ،وإن المسوخ لم يبق أكثر من ثلثة أيام حتى ماتت ،وما تناسل منها
شئ ،وما على وجه الرض اليوم مسخ وإن التي وقع عليها اسم المسوخية مثل
القردة والخنزير والدب وأشباهها إنما هي مثل ما مسخ ال على صورها قوما
غضب
عليهم ولعنهم بإنكارهم توحيد ال وتكذيبهم رسله ،وأما هاروت وماروت فكانا
ملكين
علما الناس السحر ليتحرزوا به من سحر السحرة ،ويبطلوا به كيدهم ،وما علما
أحدا من ذلك إل قالله :إنما نحن فتنة فل تكفر ،فكفر قوم باستعمالهم لما امروا
بالحتراز منه ،وجعلوا يفرقون بما يعرفونه ) ( 2بين المرء وزوجه ،قال ال
عزوجل
5العلل :عن أبيه ،عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن إسماعيل بن
مهران ،عن محمد بن الحسن زعلن عن أبي الحسن عليه السلم أنه عد
المسوخ ،وساق
الحديد إلى أن قال :مسخت الزهرة لنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت ) ( 4
.
][324
6ومنه :بإسناد آخر عن الصادق عليه السلم وأما الزهرة فإنها كانت امراة
تسمى " ناهيد " وهي التي تقول الناس إنه افتتن بها هاروت وماروت ) . ( 1
7ومنه :بإسناد آخر عن الرضا عليه السلم :وأما الزهرة فكانت امرأة فتنت
بها هاروت وماروت ،فمسخها ال عزوجل الزهرة ) . ( 2
8ومنه :بإسناد آخر عن الصادق عليه السلم عن آبائه عليه السلم قال :قال
النبي صلى ال عليه وآله :وأما الزهرة فكانت امرأة نصرانية ،وكانت لبعض
وهي التي فتن بها هاروت وماروت ،وكان اسمها " ناهيل " والناس يقولون "
9العياشى :عن زرارة ،عن أبي الطفيل ،قال :كنت في مسجد الكوفة
فسمعت عليا وهو على المنبر وناداه ابن الكوا وهو في مؤخر المسجد فقال :يا
أميرالمؤمنين ما الهدى ؟ قال لعنك ال ولم يسمعه ما الهدى تريد ولكن العمى
تريد ،ثم
قال له :ادن ،فدنامنه ،فسأله عن أشياء فأخبره ،فقال :أخبرني عن هذه الكوكبة
الحمراء يعني الزهرة قال :إن ال اطلع ملئكته على خلقه ،وهم على معصية
من معاصيه ،فقال الملكان هاروت وماروت هؤلء الذين خلقت أباهم بيدك ،
وأسجدت
له ملئكتك يعصونك .قال :فلعلكم إذا ابتليتم بمثل الذي ابتلواهم به عصيتموني
] كما عصوني [ قال :ل وعزتك .قال :فابتلهما بمثل الذي ابتلى به بني آدم
من الشهوة ،ثم أمرهما أن ل يشركا به شيئا ،ول يقتل النفس التي حرم ال ،ول
يزنيا ،ول يشربا الخمر ،ثم أهبطهما إلى الرض ،فكانا يقضيان بين الناس ،هذا
في ناحية وهذا في ناحيه ،فكانا بذلك حتى أتت أحدهما هذه الكوكبة تخاصم إليه
وكانت من أجمل الناس ،فأعجبته ،فقال لها :الحق لك ول أقضي لك حتى تمكنينى
من نفسك ،فواعدت يوما ،ثم أتت الخر فلما خاصمت إليه وقعت في نفسه و
][325
أعجبته كما أعجبت الخر ،فقال لها مثل مقالة صاحبه ،فواعدته الساعة التي
واعدت صاحبه ،فاتفقا جميعا عندها في تلك الساعة ،فاستحيى كل واحد من
صاحبه
حيث رآه وطأطآ رؤوسهما ونكسا ،ثم نزع الحياء منهما ،فقال أحدهما لصاحبه :
يا هذا ! جاء بي الذي جاء بك ،قال :ثم راوداها عن نفسها ،فأبت عليهما حتى
يسجدا لوثنها ويشربا من شرابها ،وأبيا عليها وسألها فأبت إل أن يشربا من
شرابها فلما شربا صليا لوثنها ،ودخل مسكين فرآهما ،فقالت لهما :يخرج هذا
فيخبر عنكما ،فقاما إليه فقتله ،ثم راوداها عن نفسها فأبت حتى يخبراها بما
يصعدان به إلى السماء ،فأبيا وأبت أن تفعل ،فأخبراها ،فقالت ذلك لتجرب
مقالتهما وصعدت ،فرفعا أبصارهما إليها فرأيا أهل السماء مشرفين عليهما
ينظرون
إليهما ،وتناهت إلى السماء فمسخت ،فهي الكواكبة التي ترى .
10ومنه :عن الحسن بن محبوب ،عن أبي ولد ،قال :قلت لبي عبدال
عليه السلم :جعلت فداك ،إن رجل من أصحابنا ورعا مسلما كثير الصلوة قد
ابتلى بحب اللهو وهو يسمع الغناء ،فقال :أيمنعه ذلك من الصلوة لوقتها أو من
صوم
أو من عيادة مريض أو حضور جنازة أو زيارة أخ ؟ قال :قلت :ل ليس يمنعه ذلك
من شئ من الخير والبر ،قال :فقال :هذا من خطوات الشيطان مغفور له ذلك إن
شاء ال .ثم قال :إن طائفة من الملئكة عابوا ولد آدم في اللذات والشهوات أعني
ذلكم الحلل ليس الحرام ،قال :فأنف ال للمؤمنين من ولد آدم من تعيير الملئكة
لهم ،قال :فألقى ال في همة اولئك الملئكة اللذات والشهوات كيل يعيبون
المؤمنين ،قال :فلما أحسوا ذلك من هممهم عجوا إلى ال من ذلك ،فقالوا :ربنا
عفوك عفوك ،ردنا إلى ما خلقتنا له ،واخترتنا عليه ،فإنا نخاف أن نصير في أمر
مريج .قال :فنزع ال ذلك من هممهم ،قال :فإذا كان يوم القيامة وصار أهل
الجنة في الجنة استأذن اولئك الملئكة على أهل الجنة فيؤذون لهم ،فيدخلون
عليهم
فيسلمون عليهم ويقولون لهم :سلم عليكم بما صبرتم في الدنيا عن اللذات
والشهوات
الحلل .
][326
واضطرب .
11القبال :عن زين العابدين عليه السلم في دعاء عرفة :اللهم إن ملئكتك
مشفقون من خشيتك ،سامعون مطيعون لك ،وهم بأمرك يعملون ،ل يفترون الليل
12الحتجاج :سأل الزنديق أبا عبدال عليه السلم قال :فما تقول في الملكين
هاروت وماروت وما يقول الناس بأنهما يعلمان السحر ؟ قال :إنهما موضع ابتلء
وموقف ) ( 2فتنة تسبيحهما اليوم لو فعل النسان كذا وكذا لكان كذا ،ولو يعالج
بكذا وكذا لصار كذا أصناف السحر ،فيتعلمون منهما ما يخرج منهما ،فيقولن
* ) أبواب ( *
* ) والبلدان والقاليم ( *
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 327سطر 5إلى صفحه 335سطر 18
اليات :
يس :الذي جعل لكم من الشجر الخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ) . ( 2
الواقعة :أفرأيتم النار التي تورون * ءأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون *
تفسير :قال الطبرسي رحمه ال في قوله " جعل لكم من الشجر الخضر
نارا " أي جعل لكم من الشجر الرطب المطفئ للنار نارا محرقة .يعني بذلك المرخ
والعفار ،وهما شجران تتخذ العراب زنودها منهما ،فبين سبحانه أن من قدر
على أن يجعل في الشجر ] الخضر [ الذي هو في غاية الرطوبة نارا حامية مع
مضادة
النار للرطوبة حتى احتاج النسان حك بعضه ببعض فخرج منه النار وينقدح
قدر على العادة ،وتقول العرب في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار .و
) ( 2يس . 80 :
) ( 3الواقعة . 73 71 :
][328
" أفرأيتم النار التي تورون " أي تستخرجونها ) ( 1بزنادكم من الشجر " ءأنتم
أنشأتم شجرتها " التي تنقدح النار منها " أم نحن المنشئون " لها ،فل يمكن أحدا
أن يقول أنه أنشأ تلك الشجرة غير ال تعالى .والعرب تقدح بالزند والزندة
وهو خشب يحك بعضه ببعض فتخرج منه النار " نحن جعلناها تذكرة " أي نحن
جعلنا هذه النار تذكرة للنار الكبرى ،فإذا رآها الرائي ذكر جهنم واستعاذ
بال منها ،وقيل تذكرة لقدرة ال تعالى على المعاد " ومتاعا للمقوين " أي بلغة و
منفعة للسمافرين ،يعني الذين نزلوا الرض القي وهو القفر ،وقيل :للمستمتعين
بها من الناس أجمعين المسافرين والحاضرين ،والمعنى أن جميعهم يستضيؤون
بها في
الظلمة ،ويصطلون في البرد ،وينتفعون بها في الطبخ والخبز ،وعلى هذا فيكون
المقوي من الضداد ،أي الذي صار ذاقوة من المال والنعمة ،والذاهب ماله النازل
وقال الرازي في شجرة النار وجوه :أحدها أنها الشجرة التي توري النار
منها بالزند والزندة .وثانيها الشجرة التي تصلح ليقاد النار كالحطب ،فإنها لو
لم تكن لم يسهل إيقاد النار ،لن النار ل تتعلق بكل شئ كما تتعلق بالحطب .
وثالثها اصول شعلها وفروعها شجرتها ،ولول أنها ذات ) ( 3شعب لما صلحت
وقال البيضاوي " نحن جعلناها تذكرة " أي تبصرة في أمر البعث ،أو في
الظلم ] أو تذكيرا [ أو انموذجا لنار جهنم " ومتاعا " أي منفعة " للمقوين "
للذين ينزلون القوى وهي القفراء ،وللذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام
][329
وقال الجوهري :وفي المثل في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار أي
استكثرا منها كأنهما أخذا من النار ما هو جسمهما ويقال لنهما يسرعان الوري
فشبها بمن يكثر من العطاء طلبا للمجد .وقال المرخ شجر سريع الوري والعفار
1الخصال :عن محمد بن علي ما جيلويه ،عن محمد بن يحيى العطار ،عن
أحمد ) ( 1بن محمد بن يحيى الشعري ،عن صالح يرفعه بإسناده قال :أربعة
القليل
منها كثير ،النار القليل منها كثير ،والنوم القليل منه كثير ،والمرض القليل منه
بيان " :النار " أي نار القيامة القليل منها كثير في الضرر ،أو العم من
نار الدنيا ونار الخرة فالقليل منها كثير في النفع والضرر معا ،فإن قليل من
النار يضيئ كثيرا من المكنة وينتفع بها في جميع المور ،ويحرق قليل منها
عالما ،والنوم القليل منه كثير في المنفعة ،والمرض والعداوة في الضرر فقط ،
وإن
سألت
أبا عبدال عليه السلم عن النيران ،فقال :نار تأكل وتشرب ،ونار تأكل ول تشرب
،و
نار تشرب ول تأكل ،ونار ل تأكل ول تشرب .فالنار التي تأكل وتشرب فنار
ابن آدم وجميع الحيوان ،والتي تأكل ول تشرب فنار الوقود ،والتي تشرب ول
تأكل فنار الشجرة ،والتي ل تأكل ول تشرب فنار القداحة والحباحب ) ( 3الخبر .
بيان " :فنار ابن آدم " أي الحرارة الغريزية في بدن الحيوانات ،فإنها
تحلل الرطوبات وتخرج الحيوان إلى الماء والغذاء معا ،ونار الوقود النار التي
][330
تتقد في الحطب وتشتعل ،فانها تأكل الحطب مجازا أي تكسره وتفنيه وتقلبه
ول تشرب ماءبل هو مضادلها ،ونار الشجرة هي الكامنة مادتها أو أصلها في
الشجر
الخضر كما مر ،فإنها تشرب الماء ظاهرا وتصير سببا لنمو شجرتها ول تأكل
ظاهرا ،وإن كان للتراب أيضا مدخل في نموها ،أو المعنى أن عند احتكاك الغصنين
الرطبين يظهر الماء ،فكان النار الظاهر منها يشربها .والقداحة والقداح الحجر
الذي
يوري النار ذكره الجوهري .وقال :الحباحب بالضم اسم رجل بخيل كان ل يوقد
إل نارا ضعيفة مخافة الضيفان ،فضربوا بها المثال حتى قالوا نار الحباحب لما
تقدحه
الخيل بحوافرها ،وربما قالوا نار أبي حباحب وهو ذباب يطير بالليل كأنه نار
وربما جعلوا الحباحب اسما لتلك النار .وقال الفيروز آبادي :الحباحب ) ( 1بالضم
ذباب يطير بالليل له شعاع كالسراج ومنه نار الحباحب ،أوهي ما اقتدح من شرر
النار في الهواء من تصادم الحجارة ،أو كان أبوحباحب من محارب وكان ل يوقد
ناره
إل بالحطب الشخت لئل ترى ،أو هي من الحبحبة الضعف أو هي الشرر يسقط من
الزناد ) انتهى ( والمراد بهذه النار ما كمن منها ،أو من مادتها في الحجر والحديد
فإنها ل تصل إليها ماء ول غذاء ،أو عند قدحها قبل اتقادها في قطن أو حطب ل
تصادف
3الحتجاج :عن هشام بن الحكم عن أبي عبدال عليه السلم قال :قال الزنديق
له :أخبرني عن السراج إذا انطفى أين يذهب نوره ؟ قال :يذهب ول يعود ،قال :
فما أنكرت أن يكون النسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن لم يرجع
إليه أبدا ) ( 2؟ قال :لم تصب القياس ،إن النار في الجسام كامنة والجسام قائمة
بأعيانها كالحجر والحديد ،فاذا ضرب أحدهما الخر ) ( 3سطعت من بينهما نار
تقتبس
منها سراج له الضوء ،فالنار ثابتة في أجسامها والضوء ذاهب ) ( 4الخبر .
) ( 2في المصدر :كما ل يرجع ضوء السراج اليه ابدا اذا انطفى .
][331
4تفسير على بن ابراهيم " :الذى جعل لكم من الشجر الخضر نارا
فإذا أنتم منه توقدون " وهو المرخ والعفار يكون في ناحية بلد العرب ( 1 ) ،فاذا
أرادوا أن يستوقدوا أخذوا من ذلك الشجر ثم أخذوا عودا فحركوه فيه ،فيستوقدوا
في أحوال التركيبات والتحليلت ،ولقد ماء الفلسفة فيها اختلفات ،فمنهم من
جعل أصل العناصر واحدا والبواقي تحصل بالستحالة ،فقيل هو النار ،وقيل
الهواء ،وقيل الماء ،وقيل الرض ،وقيل البخار ،ومنهم من جعله اثنين ،فقيل
النار والرض ،وقيل الماء والرض ،وقيل الهواء والرض ،ومنهم من جعله
ثلثة ،فقيل النار والهواء والرض ،وإنما الماء هواء متكاثف ،وقيل الهواء
والماء و
الرض وإنما النار هواء شديد الحرارة ،وهذه القوال عندهم ضعيفة ،وقدمر
في الخبار ما يدل على كون أصل العناصر بل الفلك الماء ،أو هو مع النار ،أو
هما
مع الهواء ،وبالجملة ل ريب في وجود تلك العناصر الربعة تحت فلك القمر وإنما
الشكال في وجود كرة النار ،وعلى تقدير وجودها هل كانت هواء انقلبت نارا
بحركة
الفلك ،أو كانت في الصل نارا ،والمشهور أن هذه الربعة عناصر المركبات
النامة واسطقساتها ،ومنها تتركب وإليها تنحل .وقيل :النار غير موجودة في
ثم المشهور أن صور البسائط باقية في المركبات ،وقال الشيخ في الشفاء :
لكن قوما اخترعوا في قريب من زماننا هذا مذهبا غرييا ،قالوا :إن البسائط
إذا امتزجت وانفعل بعضها من بعض تأدى ذلك بها إلى أن يخلع صورها فل تكون
لواحد منها صورته الخاصة ،وليست حينئذ صورة خاصة واحدة فيصير لها هيولى
* ) هامش ( * ) ( 1في المصدر :بلد المغرب فاذا ارادوا ان يستوقدوا نارا .
][332
واحدة وصورة واحدة ،فمنهم من جعل تلك الصورة أمرا متوسطا بين صورها ،
ومنهم من
جعلها صورة اخرى من النوعيات ،واحتج على فساد هذا المذهب بوجوه تركناها .
تختلط من تلك الطبائع النوعية كاللحم والعظم والعصب والتمرو العسل والعنب
وغير ذلك ،وإنما سمي بالغالب الظاهر منها ،ويعرض لها عند ملقاة الغير أن
يبرز
منها ما كان كامنا فيها فيغلب ويظهر للحس بعد ما كان مغلوبا غائبا عنه ،ل على
أنه حدث بل على أنه برز ،ويكمن فيها ما كان بارزا فيصير مغلوبا وغائبا بعدما
كان غالبا وظاهرا .وبإزائهم قوم زعموا أن الظاهر ليس على سبيل البروز :بل
على سبيل النفوذ من غيره فيه ،كالماء مثل فإنه إنما يتسخن بنفوذ أجزاء نارية
فيه
تفعل
هي
ثم المشهور بينهم أن النار التي تسطع عند ملقاة الحجر والحديد أو عند
احتكاك الخشبتين الرطبتين أو اليابستين إنما هي بانقلب الهواء الذي بينهما نارا
بسبب حرارة حدثت فيه من الصطكاك والحتكاك ،ل بأن يخرج من الحجر أو
الحديد أو الشجر نار ،وظواهر اليات والخبار المتقدمة ل ينافي ذلك .
إما النار التي تركب الجسم منها ومن سائر العناصر أو المعنى أن ما هو سبب
لحداث
النار حاصل في الجسام وإن انطفت النيران المتولدة منها وانقلبت هواء ،والول
أظهر .والحاص أن قياسك الروح على نار الفتيلة وغيرها حيث لم يمكن إعادتها
إلى الجسام قياس مع الفارق ،فإن الروح إما جسم أو جوهر مجرد ثابت محفوظ
يمكن إعادته ،والنار الذي ) ( 1ذكرت انقلبت هواء وذهبت ،فعلى تقدير استحالة
][333
إعادتها ل توجب إعادة الروح ،بل ما يشبه الروح هو النار الكامن في الجسم
الموجود
فيه ل هذا الضوء الذاهب ،وأما نار الشجرة فذات احتمالت أو مأنا إليها سابقا .
) * 26باب ( *
اليات :
النشقاق :فل اقسم بالشفق * والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق ) . ( 4
تفسير " :إذا تنفس " قال الرازي :إشارة إلى تكامل طلوع الصبح ،وفي
كيفية المجاز قولن :أحدهما أنه إذا أقبل الصبح أقبل بإقباله روح ونسيم فجعل
ذلك نفسا له على المجاز ،والثانى أنه شبه الليل المظلم بالمكروب المحزون الذي
خنق بحيث ل يتحرك واجتمع الحزن في قلبه ،وإذا تنفس وجد راحة فههنا لما
طلع الصبح فكأنه تخلص من ذلك الحزن ،فعبر عنه بالتنفس ،وهو استعارة
لطيفة ) . ( 6
" فل اقسم بالشفق " أي بالحمرة التي عند المغرب في الفق ،وقيل :البياض
) ( 2المدثر . 34 :
) ( 3التكوير . 18 :
) ( 4النشقاق . 18 16 :
) ( 5الفجر . 1 :
][334
" والليل وما وسق " أي وما جمع وما ضم مما كان منتشرا بالنهار ،وقيل :وما
ساق ،لن ظلمة الليل تسوق كل شئ إلى مسكنه ،وقيل :وما طرد من الكواكب
فإنها تظهر بالليل وتخفى بالنهار " والقمر إذا اتسق " أي إذا استوى واجتمع و
تكامل وتم " والفجر " أقسم بفجر النهار وهو انفجار الصبح كل يوم ،وقيل :
الحمر والبيض إنما يظهر من وقوع ضوء الشمس على كرة البخار ،قالوا :
المستضيئ بالشمس من كرة الرض أكثر من نصفها دائما ،لما بين في محله أن
الكرة الصغرى إذا قبلت الضوء من الكبرى كان المستضيئ منها أعظم من نصفها ،
و
ظل الرض على هيئة مخروط يلزم رأسه مدار الشمس وينتهي في فلك الزهرة كما
علم بالحساب ،والنهار مدة كون المخروط تحت الفق ،والليل مدة كونه فوقه
فإذا ازداد قرب الشمس من شرقي الفق ازداد ميل المخروط إلى غربيه ،ول يزال
كذلك حتى يرى الشعاع المحيط به ،وأول ما يرى منه هو القرب إلى موضع
الناظر ،لنه صدق رؤيته ،وهو موقع خط يخرج من بصره عمودا على الخط
المماس للشمس والرض ،فيرى الضوء مرتفعا عن الفق مستطيل ،وما بينه
وبين
الفق مظلما لقربه من قاعدة المخروط الموجب لبعد الضوء هناك عن الناظر ،وهو
الصبح الكاذب .ثم إذا قربت الشمس جدا يرى الضوء معترضا وهو الصبح الصادق
ثم يرى محمرا والشفق بعكس الصبح يبدو محمرا ،ثم مبيضا معترضا ،ثم مرتفعا
مستطيل ،فالصبح والشفق متشابهان شكل ،ومتقابلن وضعا ،لن هيئة آخر
غروب الشمس مثل أول طلوع الفجر ،ويختلفان لونا بسبب اختلف كيفية الهواء
المخلوط ،فإن لون البخار في جانب المشرق مائل إلى الصفا والبياض ،ل كتسابه
الرطوبة من برودة الليل ،وفي جانب المغرب مائل إلى الصفرة لغلبة الجزء
الدخاني
المكتسب بحرارة النهار ،والجسم الكثيف كلما كثر صفاؤه وبياضه ازداد قبوله
للضوء ،وكان الشعاع المنعكس منه أقوى من المنعكس من غيره ،وقد عرف
باللت
][335
الرصدية أن انحطاط الشمس من الفق عند طلوع الصبح الول وآخر غروب
الشفق يكون ثمانية عشر درجة من دائرة الرتفاع المارة بمركز الشمس في جميع
الفاق ،ولكن لختلف مطالع قوس النحطاط تختلف الساعات التي بين طلوع
قال العلمة رحمه ال في كتاب المنتهى :اعلم أن ضوء النهار من ضياء الشمس
وإنما يستضيئ بها ما كان كذا في نفسه كثيفا في جوهره كالرض والقمر وأجزاء
الرض المتصلة والمنفصلة ،وكلما يستضيئ من جهة الشمس فإنه يقع له ظل
من ورائه ،وقد قدر ال تعالى بلطف حكمته دوران الشمس حول الرض ) ( 1فإذا
كانت تحتها وقع ظلها فوق الرض على شكل مخروط ،ويكون الهواء المستضيئ
بضياء الشمس محيطا بجوانب ذلك المخروط ،فتستضيئ نهايات الظل بذلك الهواء
المضيئ ،لكن ضوء الهواء ضعيف إذ هو مستعار ،فل ينفذ كثيرا في أجزاء
المخروط
بل كلما ازداد بعدا ازداد ضعفا ،فإذن متى تكون في وسط المخروط تكون في أشد
الظلم ،فإذا قربت الشمس من الفق الشرقي مال مخروط الظل عن سمت الرأس
وقربت الجزاء المستضيئة في حواشي الظل بضياء الهواء من البصر ،وفيه أدنى
قوة فيدركه البصر عند قرب الصباح ،وعلى هذا كلما ازدادت الشمس قربا من
الفق ازداد ضوء نهايات الظل قربا من البصر إلى أن تطلع الشمس ،وأول ما
يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقا مستطيل كالعمود ،ويسمى الصبح
الكاذب
ويشبه بذنب السرحان لدقته واستطالته ،ويسمى الول لسبقه على الثاني ،و
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 335سطر 19إلى صفحه 343سطر 18
الكاذب لكون الفق مظلما ،أي لو كان يصدق أنه نور الشمس لكان المنير مما يلي
الشمس دون ما يبعد منه ،ويكون ضعيفا دقيقا ويبقى وجه الرض على ظلمه بظل
الرض ،ثم يزداد هذا الضوء إلى أن يأخذ طول وعرضا فينبسط في أرض الفق
كنصف دائرة وهو الفجر الثاني الصادق لنه صدقك عن الصبح وبينه لك .
1الكافى :عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن ،عن سهل بن زياد ،عن ابن
][336
محبوب ،عن أبي ولد ،قال :قال أبوعبدال عليه السلم :إن ال خلق حجابا من
ظلمة
مما يلي المشرق ،ووكل به ملكا ،فإذا غابت الشمس اغترف ذلك الملك غرفة
بيديه ) ( 1
ثم استقبل بها المغرب يتبع الشفق ،ويخرج من بين يديه قليل قليل ويمضي
فيوافي المغرب عند سقوط الشفق ،فيسرح في الظلمة ثم يعود إلى المشرق ،فإذا
طلع الفجر نشر جناحيه فاستاق الظلمة من المشرق إلى المغرب حتى يوافي بها
" من " في قوله عليه السلم " من ظلمة " يحتمل البيان والتبعيض ،
والستياق :السوق
ولعل الكلم مبني على استعارة تمثيلية لبيان أن شيوع الظلمة واشتدادها تابعان
لقلة الشفق وغيبوبته وكذا العكس ،وأن جميع ذلك بتدبير المدبر الحكيم ،و
بتقدير العزيز العليم .وربما يؤول الخبر بأن المراد بالحجاب الظلماني ظل
الرض المخروطي من الشمس ،وبالملك الموكل به روحانية الشمس المحركة
لها الدائرة بها ،وبإحدى يديه القوة المحركة لها بالذات التي هي سبب لنقل
ضوئها من محل إلى آخر ،وبالخرى القوة المحركة لظل الرض بالعرض
بتبعية تحريك الشمس التي هي سبب لنقل الظلمة من محل إلى آخر ،وعوده إلى
المشرق إنما هو بعكس البدء بالضافة إلى الضوء والظل وبالنسبة إلى فوق
الرض
وتحتها ونشر جناحيه كأنه كناية عن نشر الضوء من جانب والظلمة من آخر .
وأقول :لعل السكوت عن أمثال ذلك ورد علمها إلى المام عليه السلم أحوط
وأولى .
2الكافى :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن علي بن أحمد بن أشيم
عن بعض أصحابنا ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :سمعته يقول :وقت المغرب
إذا ذهبت
الحمرة من المشرق ،وتدري كيف ذلك ؟ قلت :ل ،قال :لن المشرق مطل
][337
على المغرب هكذا ورفع يمينه فوق يساره فإذا غابت ههنا ذهبت الحمرة من
ههنا ) . ( 1
بيان :أطل عليه أي أشرف ،وفي بعض النسخ بالظاء المعجمة ،والمعنيان
متقاربان ،والمراد بالمشرق إما النصف الشرقي من السماء ،أو ما قرب من الفق
والفطار
هو غيبوبة القرص وذهاب آثاره من جانب المشرق مطلقا ،سواء كانت على
الجدران
والجبال أو على كرة البخار ،وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الصلة
3الكافى :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن الحجال ،عن ثعلبة
ابن ميمون ،عن عمران الحلبي ،قال :سألت أبا عبدال عليه السلم :متى تجب
العتمة ؟
فقال :إذا غاب الشفق ،والشفق الحمرة .فقال عبيدال :أصلحك ال إنه يبقى بعد
ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض ،فقال أبوعبدال عليه السلم :إن الشفق إنما
هو
4ومنه :عن علي بن إبراهيم ،عن علي بن محمد القاساني ،عن سليمان
ابن حفص المروزي ،عن أبي الحسن العسكري عليه السلم قال :إذا انتصف الليل
ظهر بياض في وسط السماء شبه عمود من حديد تضئ له الدنيا ،فيكون ساعة ثم
يذهب ويظلم ،فإذا بقي ثلث الليل ظهر بياض من قبل المشرق فأضاءت له الدنيا
فيكون ساعة ثم يذهب ،فيكون ) ( 4وقت صلة الليل ،ثم يظلم قبل الفجر ] ثم
يطلع الفجر [ الصادق من قبل المشرق .وقال :ومن أراد أن يصلي صلة الليل في
][338
بيان :قوله " ويظلم " أي البياض مجازا ،وفي بعض النسخ بالتاء ،أي الدنيا
ويمكن أن يكون المراد بالضاءة ظهور النوار المعنوية للمقربين بسبب فتح
أبواب سماء الرحمة ،ونزول الملئكة لرشاد العباد وتنبيههم وندائهم إياهم من
ملكوت السماوات ،كما ورد في سائر الرويات ،ويمكن أن تكون أنوارا ضعيفة
تخفى على أكثر الناس في أكثر الوقات وتظهر على أبصار العارفين الذين
ينظرون بنور ال ،كما أن الملئكة يراهم النبياء والوصياء عليهم السلم ول
يراهم غيرهم .
وقد يقال ظهور البياض كناية عن نزول الملك الذي ينزل نصف الليل إلى سماء
الدنيا
لينادي العباد فتضئ له الدنيا ،أي يقوم الناس للعبادة فيظهر له نور من الرض
بسبب عبادتهم ،كما ورد في الخبر أنهم يضيئون لهل السماء " .ثم يذهب "
لنهم
ينامون قليل كما ورد من سيرة رسول ال صلى ال عليه وآله ثم يقومون إذا بقي
وظهور البياض من قبل المشرق ،لن الملك ينتقل إليه " ثم يظلم قبل الفجر "
أي ينامون قليل .وبالجملة الخبر من المتشابهات وعلمه عند من صدر عنه إن لم
يكن
عليه السلم إذ أقبل الربيع وقال :أجب أمير المؤمنين .فلم يلبث أن عاد ،قلت :
أسرعت النصراف ،قال :إنه سألني عن شئ فاسأل الربيع عنه ،فقال صفوان :و
كان بيني وبين الربيع لطف ،فخرجت إلى الربيع وسألته ،فقال :أخبرك بالعجب
إن العراب خرجوا يجتنون الكمأة فأصابوا في البر خلقا ملقى ،فأتوني به
فأدخلته على الخليفة ،فلما رآه قال :نحه وادع جعفرا ،فدعوته فقال :يا
أبا عبدال أخبرني عن الهواء ما فيه ؟ قال :في الهواء موج مكفوف ،قال :ففيه
سكان ؟ قال :نعم ،قال :وما سكانه ؟ قال :خلق أبدانهم أبدان الحيتان ،
ورؤوسهم
رؤوس الطير ،ولهم أعرفة كأعرفة الديكة ،ونغانغ كنغانغ الديكة ،وأجنحة
كأجنحة
الطير من ألوان أشد بياضا من الفضة المجلوة .فقال الخليفة :هلم الطشت .
فجئت بها وفيها ذلك الخلق ،وإذا هو وال كما وصفه جعفر ،فلما خرج جعفر
][339
قال :يا ربيع هذا الشجا المعترض في حلقي من أعلم الناس .
بيان :قال الفيروز آبادي :الكمء نبات معروف ،والجمع أكمؤ وكمأة
أو هي اسم للجمع ،أو هي للواحد والكمء للجمع .قال :النغنغ الفرج ذوالربلت
وموضع بين اللهاة وشوارب الحنجور ،واللحمة في الحلق عند اللحام ) ، ( 1
والذي
يكون عند ) ( 2عنق البعير إذا اجتر تحرك .وقال :الديك بالكسر :معروف
والجمع ديوك وأدياك وديكة كقردة .وقال :الشجا ما اعترض في الحلق من عظم
ونحوه ) انتهى ( ولما كان عليه السلم مستحقا للخلفة متصفا بشرائطها دونه ولم
يمكنه
دفعه شبهه بالشجا المعترض في الحلق الذي ل يمكن إساغته ول دفعه .ولعل
المراد
إلى البحر المحيط ،ويكون هذا الحيوان مما ارتفع منه مع السحاب ،لكن ظاهر
هذا الخبر والخبر التي أنه بحر بين السماء والرض غير المحيط .
6كشف الغمة :قال محمد بن طلحة :إن أبا جعفر محمد بن علي عليهم السلم لما
توفي والده علي الرضا عليه السلم وقدم الخليفه إلى بغداد بعد وفاته بسنة اتفق
أنه
خرج إلى الصيد ،فاجتاز بطرف البلد في طريقه والصبيان يلعبون ومحمد واقف
معهم
وكان عمره يومئذ إحدى عشر سنة فما حولها ،فلما أقبل المأمون انصرف الصبيان
هاربين ووقف ] أبوجعفر [ محمد عليه السلم فلم يبرح مكانه ،فقرب منه
الخليفة ،فنظر
إليه وكان ال عزوعل قد ألقى عليه مسحة من قبول ،فوقف الخليفة وقال له :يا
غلم
ما منعك من النصراف مع الصبيان ؟ فقال له محمد مسرعا :يا أميرالمؤمنين لم
يكن بالطريق
ضيق ل وسعه عليك بذهابي ،ولم يكن لي جريمة فأخشاها ،وظني بك حسن أنك
ل تضر من ل ذنب له .فوقف فأعجبه كلمه ووجهه ،فقال له :ما اسمك ؟ قال :
محمد ،قال :ابن من أنت ؟ قال :يا أمير المؤمنين أنا ابن علي الرضا ،فترحم
على
أبيه وساق جواده إلى وجهته ،وكان معه بزاة ،فلما بعد عن العمارة أخذ بازيا
][340
فأرسله على دراجة ،فغاب عن عينه غيبة طويلة ،ثم عاد من الجو وفي منقاره
سمكة
صغيرة وبها بقايا الحياة ،فعجب الخليفة من ذلك غاية العجب ،ثم أخذها في يده
إلى داره في الطريق الذى أقبل منه ،فلما وصل إلى ذلك المكان وجد الصبيان على
حالهم ،فانصرفوا كما فعلوا أول مرة ،وأبوجعفر لم ينصرف ووقف كما وقف
أول ،فلما دنا منه الخليفة قال :يا محمد ! قال :لبيك يا أميرالمؤمنين ،قال :ما
في يدي ؟ فألهمه ال عزوجل أن قال :يا أميرالمؤمنين إن ال تعالى خلق بمشيته
في
بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بزاة الملوك والخلفاء ،فيختبرون بها سللة أهل
النبوة ! فلما سمع المأمون كلمه عجب منه وجعل يطيل نظره إليه ،وقال :أنت
ابن الرضا حقا ! وضاعف إحسانه إليه .
قال علي بن عيسى :إني رأيت في كتاب لم يحضرني الن اسمه أن البزاة
عادت وفي أرجلها حيات خضر ،وأنه سئل بعض الئمة فقال قبل أن يفصح عن
السؤال :إن بين السماء والرض حيات خضر تصديها بزاة شهب يمتحن بها أولد
7الدلئل للطبري :عن علي بن هبة ال ،عن الصدوق ،عن محمد بن
موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعد آبادي ،عن أحمد البرقي ،عن أبيه
عن محمد بن سنان ،عن داوود بن كثير الرقي ،عن أبي عبدال عليه السلم أنه
لما خرج
من عند المنصور نزل الحيرة ،فبينا هوبها إذ أتاه الربيع فقال :أجب أميرالمؤمنين
فركب إليه وقد كان وجد في الصحراء صورة عجيبة ل تعرف خلقتها ذكر من
وجدها أنه رآها وقد سقطت مع المطر ،فلما دخل عليه قال له :يا أبا عبدال
أخبرني
عن الهواء أي شئ فيه ؟ قال :بحر مكفوف ،قال له :فله سكان ؟ قال :نعم
قال :وما سكانه ؟ قال :أبدانهم أبدان الحيتان ،ورؤوسهم رؤوس الطير ،ولهم
* ) هامش ( * ) ( 1وفي مفتاح الفلح كما سيأتى نقله في الباب التى " ان الغيم
" .والرواية
كما تقدم مرسلة على ان نظائرها ل تخلو غالبا عن ضعف او ارسال وال اعلم
][341
ألوان أشد بياض من الفضة ،فدعا المنصور بالطست فإذا الخلق ل يزيد ول
ينقص ،فأذن له فانصرف ،ثم قال للربيع :ويلك يا ربيع ! هذا الشجا المعترض
فرفع
إلى الصادق عليه السلم بعض مواليه وقال :إني متحير ،فإني أرى أصحابنا
يختلفون
بيان :يدل على أن الخطاء في أمثال تلك المور التي ل تعلق لها باصول
الدين ول فروعه ل يوجب ضلل ووبال ،يل يومئ إلى أن العلم بها ليس مما
يورث للنسان فضل وكمال .ثم إنه يحتمل أن يكون اختلفهما في وجود الهواء
بمعنى الخل والبعد الذي هو مكان عند المتكلمين كما ذكره ابن ميثم ،وقد تقدم
كلمه في ذلك في الباب الول ،ويحتمل أن يراد به الهواء الذي هو أحد العناصر .
فائدة :اعلم أن في عدد طبقات الهواء مع طبقات سائر العناصر بين الحكماء
خلفا ،فقال نصير الملة والدين في التذكرة :طبقات العناصر ثمان :طبقة للنار
الصرفة ،ثم طبقة لما يمتزج من النار والهواء الحار التي تتلشى فيه الدخنة
المرتفعة
من السفل ،وتتكون فيها الكواكب ذوات الذناب والنيازك وما يشبههما من
العمدة وذوات القرون ونحوها ،وربما يوجد هذه المور المتكونة في هذه الطبقة
متحركة بحركة الفلك العظم ،ثم طبقة الهواء الغالب التي تحدث فيها الشهب
ثم طبقة الزمهريرية الباردة التي هي منشا السحب والرعد والبرق والصواعق
ثم طبقة الهواء الحار الكثيف المجاور للرض والماء ،ثم طبقة الماء ،وبعض هذه
المتنفسة ثم طبقة الرض المخالطة لغيرها التي تتولد فيها الجبال والمعادن وكثير
من النباتات والحيوانات ،ثم طبقة الرض الصرفة المحيطة بالمركز .
][342
وقيل :إنها تسع ثامنها الطبقة الطينية التي يخلط فيها الرض بالماء ،و
تاسعها طبقة الرض الصرفة ،وباقي الطبقات على النحو المذكور .وقيل :إنها
سبع :الولى طبقة النار الصرفة ،ثم الطبقات الخمس التي تحت النار الصرفة على
النحو المذكور ،وسابع الطبقات هي طبقة الرض .وقيل :إنها سبع الولى
طبقة للنار ،وطبقة للماء ،والطبقات الثلث الخيرة التي تعلقت بالرض بحالها
على النحو المذكور ،والهواء ينقسم إى طبقتين باعتبار مخالطة البخرة وعدمها :
كرتي الرض والماء بسبب أشعة الشمس وغيرها من الكواكب ،لن تلك الهيآت
تنتهي في ارتفاعها إلى حد ل يتجاوزه ،وهو من سطح الرض وجميع نواحيها أحد
وخمسون ميل وكسر قريب من تسعة عشر فرسخا ،فمن هذه النهاية إلى كرة
الثير هو الهواء الصافي ،وهو شفاف ل يقبل النور والظلمة واللوان كالفلك .
وثانيتهما هي الهواء المتكاثف بما فيهما من الجزاء الرضية والمائية ،وشكل هذا
الهواء شكل كرة محيطة بالرض والماء على مركزها وسطح مواز لسطحها
لتساوي
غاية ارتفاع الهيئات المذكورة عن مركز الرض في جميع النواحي المستلزم لكرية
هذه الطبقة ،لكنها مختلفة القوام ،لن القرب إلى الرض أكثف من البعد
لن اللطف يتصاعد أكثر من الكثف ،لكن ل يبلق في التكاثف بحيث يحجب
ماوراءه عن البصار ،وهذه الكرة تسمى كرة البخار ،وعالم النسيم يعني مهب
الرياح ،لن ما فوقها من الهواء الصافي ساكن ل يضطرب ،وتسمى كرة الليل
والنهار ،إذ هي القابلة للنور والظلمة بما فيها من الجزاء الرضية والمائية
وقال بعض المحققين منهم :الولى أن يقال :طبقات العنصريات سبع :
اوليها طبقة النار الصرفه ،وثانيتها طبقة الهواء الصافي الذي يصل إليه الدخان ،
و
ثالثتها طبقة الهواء الذي يصل الدخان إليه ولم يصل إليه البخار ،ويتكون في
الطرف
العلى منه النيازك وشبهها ،وفي الطرف الدنى منه الشهب ،ورابعتها طبقة
الهواء
][343
الذي يصل إليه البخار ويبقى على برودته الحاصلة ،وهي الطبقة الزمهريرية التي
تتكون فيها السحب والرعد والبرق والصواعق ،وخامستها طبقة الهواء الكثيف
المجاور للرض والماء ،وسادستها طبقة الماء ،وسابعتها طبقة الرض .وهو
الترتيب
المختار عند بعض في تفسير قوله تعالى " ال الذي خلق سبع سماوات ومن
الرض
مثلهن " بأن يكون المراد بالرض غير السماوات وما فيها .وقالوا :إن الزرقة
التي يظن الناس أنها لون السماء فإنها تظهر في كرة البخار ،لنه لما كان
اللطف منه أشد صعودا عن الكثف كانت الجزاء القريبة من سطح كرة البخار
أقل قبول للضوء ،لكثرة البعدو اللطافة من الجزاء القريبة من الرض ،ولهذا
تكون
كالظلمة بالنسبة إلى هذه الجزاء ،فيرى الناظر في كرة البخار لونا متوسطا بين
الظلم والضياء ،لن الناظر إذا رأى شيئا مظلما من خلف شئ مضئ رأى لونا
مخلوطا من الظلمة والضياء ،أو لن كرة البخار مستضيئة دائما بأشعة الكواكب
وماوراءها لعدم قبول الضوء كالمظلم بالنسبة إليها ،فإذا نفذ نور البصر من
الجزاء
المستنيرة بأشعة الكواكب ووصل إلى المظلم رأى الناظر مافوقه من الجو المظلم
بما يمازجه من الضياء الرضي والضياء الكوكبي لونا متوسطا بين الظلم والضياء
وهو اللون اللجوردي ،كما إذا نظرنا من وراء جسم مشف أحمر مثل إلى جسم
أخضر فإنه يظهر لنا لون مركب من الحمراء والخضرة ،وهذا اللون اللجوردي
أشد اللوان مناسبة وتقوية بالنسبة إلى البصار ،فظهوره للبصار إنما هو من
العناية اللهية ليكون للناظرين المتأملين في السماوات لذة ،وقوة للبصار في
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 343سطر 19إلى صفحه 351سطر 18
اقول :هذا ما قالوا في ذلك رجما بالغيب وأخذا بالظن ،وال يعلم حقائق
][344
) * 27باب ( *
اليات :البقرة :الذي جعل لكم الرض فراشا والسماء بناء وأنزل من المساء ماء
تعالى :
إن في خلق السماوات والرض واختلف الليل والنهار والفلك التي تجري في
البحر بما ينفع الناس وما أنزل ال من السماء من ماء فأحيى به الرض بعد موتها
وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والرض
ليات لقوم يعقلون ) . ( 2
العراف :وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت
سحابا ثقال سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك
الرعد :هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح
الرعد بحمده والملئكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم
يجادلون
) ( 2البقرة . 64 :
) ( 3النعام . 99 :
) ( 4العراف . 57 :
) ( 5الرعد . 13 12 :
][345
الحجر :إل من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ) . ( 2وقال تعالى :وإن
من شئ إل عندنا خزائنه وما ننزله إل بقدر معلوم وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا
من السماء ماء فأسقينا كموه وما أنتم له بخازنين ) . ( 3
النحل :وهو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه
تسيمون ) . ( 4وقال تعالى :وال أنزل من السماء ماء فأحيى به الرض بعد
موتها
الحج :وترى الرض ها مدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت
من كل زوج بهيج ) . ( 6وقال تعالى :ألم تر أن ال أنزل من السماء ماء فتصبح
ذهاب به لقادرون فأشألكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها
تأكلون ) . ( 8
الودق يخرج من خلله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من
يشاء
ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالبصار يقلب ال الليل والنهار إن في
ذلك
) ( 2الحجر . 18 :
) ( 3الحجر . 22 21 :
) ( 4النحل . 10 :
) ( 5النحل . 65 :
) ( 6الحج . 5 :
) ( 7الحج . 63 :
) ( 8المؤمنون . 19 18 :
][346
الفرقان :وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء
ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ولقد صرفناه
النمل :وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم
والرض ) . ( 3
الروم :ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي
به الرض بعد موتها أن في ذلك ليات لقوم يعقلون ) . ( 5وقال تعالى :ال الذي
يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق
يخرج من خلله فإذا أصاب به من يشاء من عباه إذاهم يستبشرون وإن كانوا من
قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر إلى آثار رحمة ال كيف يحيي الرض
بعد موتها
إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شئ قدير ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا
) ( 2الفرقان . 50 48 :
) ( 3النمل . 64 60 :
) ( 4العنكبوت . 63 :
) ( 5الروم . 24 :
) ( 6الروم . 51 48 :
) ( 7لقمان . 10 :
][347
فاطر :وال الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا
يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك
المؤمن :هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا ) . ( 4
حمعسق :هو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي
الحميد ) . ( 5
الزخرف :والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك
تخرجون ) . ( 6
به الرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون ) . ( 7
باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج ) . ( 8
أمرا ) . ( 9
) ( 2الصافات . 10 :
) ( 3الزمر . 21 :
) ( 4المؤمن . 13 :
) ( 5الشورى . 28 :
) ( 6الزخرف . 11 :
) ( 7الجاثية . 5 :
) ( 8ق . 11 9 :
) ( 9الذاريات . 4 1 :
][348
الجن :وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وإنا كنا
نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الن يجدله شهابا رصدا إلى قوله تعالى و
تفسير " :وأنزلنا من السماء ماء " قال البيضاوي :خروج الثمار بقدرة ال
ومشيته ولكن جعل الماء الممزوج بالتراب سببا في إخراجها ومادة لها كالنطفة
للحيوان بأن أجرى عادته بإفاضة صورها وكيفياتها على المادة الممزوجة منهما
أو أبدع في الماء قوة فاعلة وفي الرض قوة قابلة تتولد من اجتماعهما أنواع
الثمار
وهو قادر على أن يوجد الشياء كلها بل أسباب ومواد ،كما أبدع نفوس السباب
والمواد ،ولكن له في إنشائها مدرجا من حال إلى حال صنعا وحكما يجدد
فيها لولي البصار عبرا وسكونا إلى عظم قدرته ليس في إيجادها دفعة ،و " من
"
الولى للبتداء سواء اريد بالسماء السحاب فإن ما علك سماء ،أو الفلك ،فإن
المطر يبتدئ من السماء إلى السحاب ومنه إلى الرض على ما دلت عليه الظواهر
أو من أسباب سماوية تثير الجزاء الرطبة من أعماق الرض إلى جو الهواء فتنعقد
" إن في خلق السماوات والرض " قيل :إنما جمع السماوات وأفرد الرض
لن السماوات طبقات متفاصلة بالذات مختلفة بالحقيقة بخلف الرضين " بما ينفع
الناس " أي ينفعهم أو بالذي ينفعهم " وما أنزل ال من السماء من ماء " " من "
الولى
) ( 3الجن . 16 8 :
للبتداء ،والثانية للبيان .وقال البيضاوي :السماء يحتمل الفلك والسحاب وجهة
العلو ) . ( 1وقال الرازي :فإن قيل :أفتقولون إن الماء ينزل من السماء على
فتخرج منها أبخرة متصاعدة ،فإذا وصلت الجو بردت فثقلت فنزلت من فضاء
المحيط
إلى ضيق المركز اتصلت ،فتتولد من اتصال بعض تلك الذرات بالبعض قطرات
هي قطرات المطر .قلنا :بل نقول :إنه ينزل من السماء كما ذكر ال تعالى وهو
الصادق في خبره ،وإذا كان قادرا على إمساك الماء في السحاب فأي بعد في أن
يمسكه في السماء ؟ وأما قول من يقول إنه من بخار الرض فهذا ممكن في نفسه
لكن القطع بأنه كذلك ل يمكن إل بعد القول بنفي الفاعل المختار وقدم العالم
وذلك كفر ،لنا متى جوزنا أن الفاعل المختار قادر على خلق الجسم فكيف
" فأحيى به الرض " أي بالنبات مجازا " وبث فيها من كل دابة " قال
البيضاوي :عطف على " أنزل " كأنه استدل بنزول المطر وتكون النبات به و
بث الحيوانات في الرض ،أو على " أحيى " فإن الداوب ينمون بالخصب و
إنه سبحانه يصرفها على وجوه ) ( 4يقع بها النفع العظيم في النسان والحيوانات
ثم ذلك من وجوه :أحدها أنها مادة النفس التي لو انقطع ساعة عن الحيوان لمات
ل جرم كان وجدانه أسهل من وجدان كل شئ ،وبعد الهواء الماء ،لن الماء لبد
) ( 2مفاتيح الغيب :ج ، 2ص ، 100لكن مع وجود الدلئل القاطعة الحاصلة من
التجارب العلمية يمكن حصول العلم العادى به كحصول العلم بوجود سائر المعاليل
الطبيعية
][350
فيه من تكلف الغتراف بخلف الهواء ،فإن اللت المهيأه لجذبه حاضرة أبدا
ثم بعد الماء الحاجة إلى الطعام شديدة لكن دون الحاجة إلى الماء ،فل جرم كان
تحصيل الطعام أصعب من تحصيل الماء ،وبعد الطعام الحاجة إلى تحصيل المعاجين
والدوية النادرة قليلة ،فل جرم عزت هذه الشياء ،وبعد المعاجين الحاجة إلى
أنواع الجواهر من اليواقيت والزبرجد نادرة جدا ،ول جرم كانت في نهاية العزة
فثبت أن كلما كان الحتجاج إليه أشد كان وجدانه أسهل ،وكلما كان الحتياج
إليه أقل كان وجدانه أصعب ،وما ذلك إل رحمة منه على العباد ،ولما كانت الحاجة
إلى رحمة ال أعظم الحاجات نرجو أن يكون وجدانها أسهل من وجدان كل شئ .
وثانيها لول تحرك الهواء لما جرت الفلك ،وهذا مما ل يقدر عليه ] احد [ إل
ال تعالى ،فلو أراد كل ] من في [ العالم أن يقلب الريح من الشمال إلى الجنوب
" والسحاب المسخر بين السماء والرض " سمي السحاب سحابا ل نسحابه
في الهواء ،ومعنى التسخير التذليل ،وإنما سماه مسخرا لوجوه :أحدها أن
طبع الماء يقتضي النزول ،فكان بقاؤه في جو الهواء على خلف الطبع ،فلبد من
قاهر يقسره على ذلك ،ولذلك سماه بالمسخر .الثانى أن هذا السحاب لو دام
لعظم ضرره من حيث إنه يسترضوء الشمس ويكثر المطار ،ولو انقطع لعظم
ضرره
لنه يفضي إلى القحط وعدم العشب .الثالث أن السحاب ل يقف في موضع معين
بل يسوقه ال تعالى بواسطة تحريك الرياح إلى حيث أراد وشاء ،وذلك هو
التسخير ) ( 1
) انتهى ( .
" ليات لقوم يعقلون " قال البيضاوي :يتفكرون فيها وينظرون إليها بعيون
عقولهم ،والكلم المجمل في دللة هذه اليات على وجود الله ووحدته أنها امور
ممكنة وجد كل منها بوجه مخصوص من وجوه محتملة وأنحاء مختلفة .إذ كان من
الجائز مثل أن ل تتحرك السماوات أو بعضها كالرض ،وأن تتحرك بعكس حركتها
][351
وبحيث تصير المنطقة دائرة مارة بالقطبين ،وأن ل يكون لها أوج وحضيض أصل
أو على هذا الوجه لبساطتها وتساوي أجزائها ،فلبد لها من موجد قادر حكيم
يوجدها على ما تستدعيه حكمته ،وتقتضيه مشيته ،متعاليا عن معارضة غيره ،
إذ لو
كان معه إله يقدر على ما يقدر عليه ] الخر [ فإن توافقت إرادتهما فالفعل إن كان
لهما لزم اجتماع مؤثرين على أثر واحد ،وإن كان لحدهما لزم ترجيح الفاعل
بل مرجح وعجز الخر النافي للهيته ،وإن اختلفت لزم التمانع والتطارد ،كما
أشار إليه بقوله تعالى " لو كان فيهما آلهة إل ال لفسدتا ) ) " ( 1انتهى ( .
الشياء وإمكانها على افتقارها إلى صانع قديم واجب بذاته ،واشتمالها على الحكم
المتناهية على قدرته سبحانه وعلمه وحكمته ولطفه ،وبانتظامها وتلزمها على
الجبائي :إنه تعالى ينزل الماء من السماء ألى السحاب ومن السحاب إلى الرض
قال :لن ظاهر النص يقتضي نزول المطر من السماء ،والعدول عن الظاهر إلى
التأويل إنما يحتاج إليه عند قيام الدليل على أن إجراء اللفظ على ظاهره غير ممكن
وفي هذا الموضع لم يقم دليل على امتناع نزول المطر من السماء ،فوجب إجراء
اللفظ على ظاهره .وأما قول من يقول :إن البخارات الكثيرة تجتمع في باطن
الرض ثم تصعد وترتفع إلى الهواء فينعقد الغيم منها ويتقاطر وذلك هو المطر
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 351سطر 19إلى صفحه 359سطر 18
فقد احتج الجبائي على فساده بوجوه :الول أن البرد قد يوجد في وقت الحر
] بل [ في صميم الصيف ،ونجد المطر في أبرد وقت ينزل غير جامد ،وذلك يبطل
قولهم .الثانى أن البخارات إذا ارتفعت وتصاعدت وتفرقت لم يتولد منها قطرات
الماء .الثالث لو كان تولد المطر من صعود البخارات فالبخارات دائمة الرتفاع من
البحار .فوجب أن يدوم هناك نزول المطر ،وحيث لم يكن المر كذلك علمنا
فساد قولهم .قال :فثبت بهذه الوجوه أنه ليس تولد المطر من بخار الرض .
ثم قال :والقوم إنما احتاجوا إلى هذا القول لنهم اعتقدوا أن الجسام
قديمة ،وإذا كان المر كذلك امتنع دخول الزيادة والنقصان فيها ،وحينئذ ل
معنى لحدوث الحوادث إل اتصاف تلك الذوات ) ( 1بصفة بعد أن كانت موصوفة
المسلمون فلما اعتقدوا أن الجسام محدثة وأن خالق العالم فاعل مختار قادر على
خلق الجسام كيف شاء وأراد فعند هذا ل حاجة إلى استخراج هذه التكلفات
فثبت أن ظاهر القرآن يدل على أن الماء إنما ينزل من السماء ،ول دليل على
امتناع هذا الظاهر ،فوجب القول بحمله على ظاهره فثبت أن الحق سبحانه ينزل
المطر من السماء بمعنى أنه يخلق هذه الجسام في السماء ،ثم ينزلها إلى السحاب
ثم قال :نقل الواحدي في البسيط عن ابن عباس :يريد بالماء ههنا المطر ) . ( 2
يرى ذلك الغيم ماطرا عليهم ،وإذا كان هذا المر مشاهدا بالبصر كان النزاع فيه
باطل ،ول ينزل نقطة من المطر إل ومعها ملك .والفلسفة يحملون ذلك الملك
على الطبيعة الحالة في تلك الجسمية الموجبة لذلك النزول ) ) ( 3انتهى ( .
" وهو الذي يرسل الرياح بشرا " منهم من قرأ " نشرا " بضم النون والشين .
) ( 3ص . 154
][353
جمع نشور مثل رسل ورسول ،أي رياحا منشرة مفرقة من كل جانب ،وقرأ ابن
عامر بضم النون وإسكان الشين بتخفيف العين ،وقرأ حمزة بفتح النون وإسكان
الشين مصدر نشرت الثوب ضد طويته ،وهنا بمعنى المفعول ،أو بمعنى الحياة
فهو
بمعنى الفاعل ،وقرأ عاصم بالباء جمع بشير أي مبشرات بالمطر أو الرحمة "
حتى إذا
أقلت سحابا ثقال " قال الرازي :يقال أقل فلن الشئ إذا حمله ،أي حتى إذا
حملت هذه الرياح سحابا ثقال بما فيها من الماء ،والمعنى أن السحاب المسيطر
بالمياه
العظيمة إنما يبقى معلقا في الهواء لنه تعالى دبر بحكمته أن يحرك الرياح تحريكا
شديدا ،فيحصل منها فوائد :أحدها أن أجزاء السحاب ينضم بعضها إلى بعض و
يتراكم وينعقد السحاب الكثيف الماطر وثانيها أن بسبب تلك الحركات الشديدة
التي في تلك الرياح يمنة ويسرة يمتنع على تلك الجزاء المائية النزول ،فل جرم
يبقى معلقا في الهواء وثالثها أن بسبب حركات تلك الرياح ينساق السحاب من
موضع إلى موضع آخر ،وهو الموضع الذي علم ال تعالى احتياجهم إلى نزول
المطار وانتفاعهم بها .ورابعها أن حركة الرياح تارة تكون مفرقة لجزاء
السحاب مبطلة لها وخامسها أن هذه الرياح تارة تكون مقوية للزرع والشجار
مكملة لما فيها من النشوء والنماء ،وهي الرياح اللواقح ،وتارة تكون مبطلة لها
كما تكون في الخريف وسادسها أن هذه الرياح تارة تكون طيبة لذيذة موافقة
للبدان ،وتارة تكون مهلكة إما بسبب ما فيها من الحرارة الشديدة كما في السموم
أو بسبب ما فيها من البرد الشديد كما في الرياح المهلكة جدا وسابعها أن تلك
الرياح تارة تكون شرقية ،وتارة تكون غربية وشمالية وجنوبية ،وهذا ضبط
ذكره بعض الناس ،وإل فالرياح تهب من كل جانب من جوانب العالم ،ول ضبط
لها ،ول اختصاص لجانب من جوانب العالم بها وثامنها أن هذه الرياح تارة تصعد
من قعر الرض ،فان من ركب البحر يشاهد أن البحر يحصل له غليان شديد
فيه بسبب تولد الرياح في قعر البحر إلى ما فوق البحر ،وحينئذ يعظم هبوب الرياح
في وجه البحر ،وتارة ينزل الريح من جهة الفوق ،فاختلف الرياح بسبب هذه
][354
المعاني أيضا عجيب وعن السدي أنه تعالى يرسل الرياح فيأتي بالسحاب ،ثم
إنه تعالى يبسطه في السماء كيف يشاء ،ثم يفتح أبواب السماء فيسيل الماء على
الهواء واحدة وتأثيرات الطبائع والنجم والفلك واحدة تدل على أن هذه
الحوال لم تحصل إل بتدبيرالفاعل المختار سبحانه وتعالى .ثم قال تعالى " سفناه
لبلد ميت " والمعنى أنا نسوق ذلك السحاب إلى بلد ميت لم ينزل فيه غيث ول
تنبت فيه خضرة ،والسحاب لفظه مذكر ،وهو جمع " سحابة " فيجوز فيه التذكير
والتأنيث ،فلذا أتى بهما في الية ،واللم في قوله " لبلد " إما بمعنى إلى ،أو
المعنى
سقناه لجل بلد ميت ليس فيه حب نسقيه ،والضمير في قوله " به " إما راجع إلى
البلد ،أو إلى السحاب ،وفي قوله " أخرجنا به " عائد إلى الماء ،وقيل :إلى البلد
وعلى القول الول فال تعالى إنما يخلق الثمرات بواسطة الماء .
وقال أكثر المتكلمين :إن الثمار غير متولدة من الماء ،بل ال تعالى أجرى
عادته بخلق النبات ابتداء عقيب اختلط الماء بالتراب .وقال جمهور الحكماء :ل
يمتنع
أن يقال :إنه تعالى أودع في الماء قوة وطبيعة ،ثم إن تلك القوة والطبيعة
توجبان حدوث الحوال المخصوصة .والمتكلمون احتجوا على فساد هذا القول
بأن طبيعة الماء والتراب واحدة ،ثم إنا نرى أنه يتولد في النبات الواحد الحوال
المختلفة مثل العنب ،فإن قشره بارد يابس ،ولحمه وماؤه حار رطب ،وعجمه
بارد يابس ،فتولد الجسام الموصوفة بالصفات المختلفة من الماء والتراب يدل
على
أنها إنما حدثت بإحداث الفاعل المختار ل بالطبع والخاصية ) ) ( 1انتهى ( .
" خوفا وطمعا " قال الزمخشري :في انتصابهما وجوه :الول أنه ل يصح
أن يكونا مفعول لهما ،لنهما ليسا بفاعل الفعل المعلل به إل على تقدير حذف
المضاف ،أي إرادة خوف وطمع ،أو على معنى :إخافة وإطماعا الثانى يجوز أن
][355
يكونا منتصبين على الحال من البرق ،كأنه في نفسه خوف وطمع ،والتقدير :
وقال الرازي :في كونهما خوفا وطمعا وجود :الول ] :ان [ عند لمعان
البرق يخاف وقوع الصواعق ويطمع في نزول الغيث الثانى أنه يخاف من المطر
من له فيه ضرر كالمسافر وكمن في جرابه التمر والزبيب ويطمع فيه من له نفع
الثالث :أن كل شئ يحصل في الدنيا فهو خير بالنسبة إلى قوم وشر بالنسبة إلى
ثم اعلم أن حدوث البرق دليل عجيب على قدرة ال سبحانه ،وبيانه أن
السحاب ل شك أنه جسم مركب من أجزاء مائية وأجزاء هوائية ،ول شك أن
الغالب عليه الجزاء المائية ،والماء جسم بارد رطب ،والنار جسم حار يابس ،
فظهور
الضد من الضد التام على خلف العقل ،فلبد من صانع مختار يظهر الضد
فان قيل :لم ل يجوز أن يقال :إن الريح احتقن في داخل جرم السحاب
واستولى البرد على ظاهره فانجمد السطح الظاهر منه ،ثم إن ذلك الريح يمزقه
تمزيقا عنيفا فيتولد من ذلك التمزيق الشديد حركة عنيفة ،والحركة العنيفة
فالجواب :أن كل ما ذكر تموه على خلف المعقول ] وبيانه [ من وجوه :
الول :أنه لو كان المر كذلك لوجب أن يقال أينما يحصل البرق فلبد وأن
يحصل الرعد وهو الصوت الحادث من تمزق السحاب ،ومعلوم أن ليس المر
كذلك ،فإنه كثيرا ما بحدث البرق القوي من غير حدوث الرعد .الثانى أن
السخونة الحاصلة بسبب قوة الحركة مقابلة بالطبيعة المائية الموجبة للبرد وعند
حصول
هذا المعارض القوي كيف تحدث النارية ؟ بل نقول :النيران العظيمة تنطفئ بصب
الماء عليها ،والسحاب كله ماء ،فكيف يمكن أن يحدث فيه شعلة ضعيفة نارية ؟
][356
الثالث من مذهبكم أن النار الصرفة ل لون لها البتة ،فهب أنه حصلت النارية بسبب
قوة المحاكة الحاصلة في أجزاء السحاب ،لكن من أين حدث ذلك اللون الحمر ؟
فثبت أن السبب الذي ذكروه ضعيف ،وأن حدوث النار الخالصة في جرم السحاب
" وينشئ السحاب الثقال " السحاب اسم الجنس ،والواحدة سحابة والثقال :
جمع ثقيلة ،أي الثقال بالماء واعلم أن هذا أيضا من دلئل القدرة والحكمة ،وذلك
لن هذه الجزاء المائية إما يقال إنها حدثت في جو الهواء ،أو يقال إنها تصاعدت
من وجه الرض ،فإن كان الول وجب أن يكون حدوثها بإحداث محدث حكيم
قادر وهو المطلوب ،وإن كان الثاني وهو أن يقال إن تلك الجزاء تصاعدت من
الرض فلما وصلت إلى الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت ورجعت إلى الرض
فنقول :هذا باطل ،وذلك لن المطار مختلفة ،فتارة تكون القطرات كبيرة
وتارة تكون صغيرة ،وتارة تكون متقاربة واخرى تكون متباعدة تارة تدوم مدة
نزول المطر زمانا طويل وتارة قليل ،فاختلف المطار في هذه الصفات مع أن
طبيعة الرض واحدة وطبيعة الشعة المسخنة للبخارات واحدة لبد وأن يكون
بتخصيص الفاعل المختار .وأيضا فالتجربة دلت على أن للدعاء والتضرع في
نزول
الغيث أثرا عظيما ،ولذلك شرعت صلة الستسقاء ،فعلمنا أن المؤثر فيه هو قدرة
" ويسبح الرعد بحمده " قال الطبرسي ره :تسبيح الرعد دللته على
تنزيه ال تعالى ووجوب حمده ،فكأنه هو المسبح ،وقيل :إن الرعد هو الملك
الذي
يسوق السحاب ويزجره بصوته ،فهو يسبح ال ويحمده .وروي عن النبي صلى
أنه قال :إن ربكم سبحانه يقول :لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل
وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ،ولم اسمعهم صوت الرعد .وكان صلى ال عليه
صوت الرعد قال :سبحان من يسبح الرعد بحمده .وكان ابن عباس يقول :سبحان
* ) هامش ( * مفاتيح الغيب :ج ، 5ص . 279
][357
الذي سبحت له .وروى سالم بن عبدال ،عن أبيه ،قال :كان رسول ال صلى ال
سمع الرعد والصواعق قال :اللهم ل تقتلنا بغضبك ،ول تهلكنا بعذابك ،وعافنا
قبل ذلك ،قال ابن عباس :من سمع الرعد فقال " سبحان الذي يسبح الرعد بحمده
والملئكة من خيفته وهو على كل شئ قدير " فإن أصابته صاعقة فعلي ذنبه )
.(1
" والملئكة من خيفته " أي وتسبح الملئكة من خيفة ال تعالى وخشيته .
قال ابن عباس :إنهم خائفون من ال ليس كخوف ابن آدم ،ل يعرف أحدهم من
على يمينه ومن على يساره ،ل يشغله عن عبادة ال طعام ول شراب ول شئ " .
ويرسل
الصواعق فيصيب بها من يشاء " ويصرفها عمن يشاء ،إل أنه حذف ،ورووا
عن
أبي جعفر الباقر عليه السلم أن الصواعق تصيب المسلم وغير المسلم ،ول تصيب
ذاكرا
) انتهى ( ) . ( 2
وقال الرازي :في قوله تعالى " ويسبح الرعد بحمده " أقوال :الول أن
الرعد اسم ملك من الملئكة ،والصوت المسموع هو صوت ذلك الملك بالتسبيح
والتهليل .عن ابن عباس أن اليهود سألت النبي صلى ال عليه وآله عن الرعد ما
ملك من الملئكة موكل بالسحاب ،معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث
يشاء ال تعالى .قالوا :فالصوت الذي يسمع ؟ قال :زجرة السحاب .وعن الحسن
أنه خلق من ال ليس بملك ،فعلى هذا القول الرعد اسم للملك الموكل بالسحاب
وصوته تسبيح ل تعالى ،وذلك الصوت أيضا مسمى بالرعد ،ويؤكد هذا ما روي
عن ابن عباس :كان إذا سمع الرعد قال :سبحان الذي سبحت له .وعن النبي
أن ال ينشئ السحاب فينطق أحسن المنطق ،ويضحك أحسن الضحك ،فنطقه
الرعد ،وضحكه البرق .واعلم أن هذا القول غير مستبعد ،وذلك لن عند أهل
السنة البنية ليست شرطا لحصول الحياة ،فل يبعد من ال تعالى أن يخلق الحياة
والعلم والقدرة والنطق في أجزاء السحاب فيكون هذا الصوت المسموع فعل له
فكيف
يستبعد ذلك ونحن نرى أن السمندر يتولد في النار ،والضفادع تتولد في السحاب )
(1
والدودة العظيمة ربما تولدت في الثلوج القديمة ؟ وأيضا إذا لم يبعد تسبيح الجبال
في زمن داود عليه السلم ول تسبيح الحصى في زمن محمد صلى ال عليه وآله
وعلى هذا القول فهذا الشئ المسمى بالرعد ملك أو ليس بملك فيه قولن :
أحدهما أنه ليس بملك لنه عطف عليه الملئكة ،والثاني أنه ل يبعد أن يكون
القول الثانى :أن الرعد اسم لهذا الصوت المخصوص ،ومع ذلك فإن
الرعد يسبح ل تعالى ،لن التسبيح والتقديس وما يجري مجراهما ليس إل وجود
لفظ يدل على حصول النزاهة والتقديس ل تعالى ،فلما كان حدوث هذا الصوت
دليل على وجود ] موجود [ متعال عن النقص والمكان كان ذلك في الحقيقة
تسبيحا
الثالث :أن المراد من كون الرعد مسبحا أن من سمع الرعد فإنه يسبح
إنما تتم بقوى روحانية فلكية ،فللسحاب روح معين من الرواح الفلكية يدبره
وكذ القول في الرياح وسائر ] الثار [ العلوية .وهذا غير ما نقلنا أن الرعد
ثم قال :أمر الصاعقة عجيب جدا ،وذلك لنها نار تتولد في السحاب .
فإذا نزلت من السحاب فربما غاضت البحر وأحرقت الحيتان تحت البحر ! والحكماء
بالغوا في وصف قوتها .ووجه الستدلل أن النار حارة يابسة ،وطبيعتها ضد
طبيعة
][359
الحادثة عندنا على العادة ،لكنه ليس المر كذلك ،فإنها أقوى ] من [ نيران
هذا العالم ،فثبت أن اختصاصها بمزيد تلك القوة لبد وأن يكون بسبب تخصيص
" وهم يجادلون في ال " أي هؤلء الكفار مع ظهور هذه الدلئل يجادلون
في ال ،وهو يحتمل وجوها :أحدها أن يكون المراد الرد على الكافر الذي قال :
أخبرنا عن ربنا أمن نحاس أم حديد ؟ ! . .وثانيها أن يكون المراد الرد على
جدالهم في إنكار البعث وإبطال الحشر ،وثالثها الرد عليهم في طلب سائر
المعجزات
" وهو شديد المحال " المشهور أن الميم أصلية وقيل زائدة ،والمعنى :
شديد القوة ،وقيل :شديد المكر ،وقيل :شديد العقوبة ،وقيل :شديد المغالبة
" رزقا لكم " قال البيضاوي :أي تعيشون به ،وهو يشمل المطعوم والملبوس
مفعول " أخرج " و " من الثمرات " بيان له أو حال عنه ،ويحتمل عكس ذلك ،و
يجوز أن يراد به المصدر فينتصب بالعلة أو المصدر ،لن " أخرج " في معنى
السمع اختلسه سرا ،شبه به خطفتهم اليسيرة من قطان السماوات لما بينهم من
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 359سطر 19إلى صفحه 367سطر 18
عباس أنهم كانوا ل يحتجبون عن السماوات فلما ولد عيسى عليه السلم منعوا من
ثلث
سماوات .فلما ولد محمد صلى ال عليه وآله منعوا من كلها بالشهب ،ول يقدح
المولد ،لجواز أن يكون لها أسباب اخر .وقيل :الستثناء منقطع ،أي ولكن من
استرق السمع " فأتبعه شهاب " أي فتبعه ولحقه شهاب " مبين " ظاهر
للمبصرين ،و
][360
الشهاب شعلة نار ساطعة ،وقد يطلق للكوكب والسنان لما فيهما من البريق ) ( 1
) انتهى ( .
إلى السماوات ويختلط بالملئكة ويسمع أخبارا من الغيوب عنهم ثم إنها تنزل و
تلقي تلك الغيوب فعلى هذا التقدير يجب أن يخرج الخبار عن المغيبات عن كونه
معجزا دليل على الصدق .ول يقال :إن ال تعالى أخبر عن أنهم عجزوا عن ذلك
بعد مولد النبي صلى ال عليه وآله .لنا نقول :هذا المعجز ل يمكن إثباته إل بعد
القطع
بكون محمد صلى ال عليه وآله رسول ،والقطع بهذا ل يمكن إل بواسطة المعجز ،
وكون الخبار
عن الغيب معجزا ل يثبت إل بعد إبطال هذا الحتمال ،وحينئذ يلزم الدور ،وهو
ويمكن أن يجاب عنه بأنا نثبت كون محمد صلى ال عليه وآله رسول بسائر
المعجزات
ثم بعد العلم بنبوته نقطع بأن ال عجز الشياطين عن تلقف الغيب بهذا الطريق
وعند ذلك يصير الخبار عن الغيب معجزا وحينئذ يندفع الدور ) ) ( 2انتهى ( .
دعوى النبوة والمامة من هذا ،وإل لزم الغراء بالقبيح ولو بالنسبة إلى العوام
ولذا قيل :ل تجري الشعبذة أيضا على يد المدعي الكاذب فتأمل .
" وإن من شئ إل عندنا خزائنه " قيل :أي وما من شئ إل ونحن قادرون
على إيجاده وتكوينه أضعاف ما وجد منه ،فضرب الخزائن مثل ل قتداره ،أو شبه
مقدوراته بالشياء المخزونة التي ل يحوج إخراجها إلى كلفة واجتهاد " وما
ننزله " من تلك الخزائن " ل بقدر معلوم " اقتضته الحكمة وتعلقت به المشية
فإن تخصيص بعضها باليجاد في بعض الوقات على بعض الصفات والحالت لبد
له من مخصص حكيم .وقال علي بن إبراهيم :الخزانة الماء الذي ينزل من السماء
][361
فالخزائن عبارة عما كتبه القلم العلى أول على الوجه الكلي في لوح القضاء
المحفوظ
عن التبديل ،الذي منه يجري ثانيا على الوجه الجزئي في لوح القدر الذي فيه
المحو
والثبات تدرجا على التنزل ،فإلى الول اشير بقوله " وإن من شئ إل عندنا
خزائنه " وبقوله " وعنده ام الكتاب " وإلى الثاني بقوله " وما ننزله إل بقدر
معلوم " ومنه ينزل ويظهر في عالم الشهادة ،وعن السجاد عليه السلم :إن في
العرش
تمثال جميع ما خلق ال من البر والبحر ،قال :وهذا تأويل قوله " وإن من شئ
من إنشاء سحاب ماطر بالحامل ،كما شبه مال يكون كذلك بالعقيم ،أو ملقحات
للشجر والسحاب ،ونظيره الطوائح بمعنى المطيحات في قوله " ومختبط مما
" فأسقينا كموه " أي فجعلناه لكم سقيا ،يقال :سقيته حتى روي ،وأسقيته
نهرا ،أي جعلته شرابا له " .وما أنتم له بخازنين " أي قادرين متمكنين من
إخراجه
نفى عنهم ما أثبته لنفسه ،أو حافظين في الغدران والعيون والبار ،وذلك أيضا
يدل على المدبر الحكيم ،كما يدل عليه حركة الهواء في بعض الوقات من
بعض الجهات على وجه ينتفع به الناس ،فإن طبيعة الماء تقتضي الغور ،فوقونه
دون حد لبد له من سبب مخصص " .لكم منه شراب " قيل :أي ما تشربونه ،و
" لكم " صلة " أنزل " أو خبر " شراب " و " من " تبعيضية متعلفة به ،
وتقديمها
يوهم حصر المشروب فيه ،ول بأس به ،لن مياه العيون والبار منه ،لقوله
" فسلكه ينابيع " وقوله " فأسكناه في الرض " .
][362
" ومنه شجر " أي ومنه يكون شجر ،يعني الشجر الذي يرعاه المواشي ،و
قيل :كل ما ينبت على الرض شجر " فيه تسيمون " أي ترعون مواشيكم ،من
سامت الماشية وأسامها صاحبها ،وأصلها السومة وهي العلمة ،لنها تؤثر
بالرعي
علمات " .فأحيى به الرض بعد موتها " أنبت فيها أنواع النبات بعد يبسها "
لقوم
" وترى الرض هامدة " أي ميتة يابسة ،من همدت النار إذا صارت رمادا
" اهتزت " أي تحركت بالنبات " وربت " أي انتفخت " وأنبتت " على المجاز
" بهيج " البهجة :حسن الشئ ونضارته ،والبهيج بمعنى المبهج ،قال المبرد :
" ألم تر " أي ألم تعلم ،وقيل :المراد الرؤية بالبصر " فتصبح الرض "
إنما لم يقل أصبحت ليدل على بقاء ] أثر [ المطر زمانا بعد زمان ،وإنما لم ينصب
جوابا للستفهام ،لنه لو نصب لعطى عكس ما هو الغرض ،لن معناه إثبات
الخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الخضرار " إن ال لطيف " يصل علمه أو
لطفه
" وأنزلنا من السماء ماء " قال الرازي :من قال إن المراد بالسماء السحاب
قال إن ال تعالى أصعد الجزاء المائية من قعر الرض ومن البحار إلى السماء
حتى صارت عذبة صافية بسبب ذلك التصعيد ،ثم إن تلك الذرات تأتلف وتتكيف ) 1
(
ثم ينزله ال على قدر الحاجة إليه ،ولول ذلك لم ينتفع بتلك المياه لتفرقها في
قعر الرض ،ول بماء البحر لملوحته ،ولنه ل حيلة في إجراء مياه البحار على
وجه الرض ،لن البحار هي الغاية في العمق .وهذه الوجوه إنما يتمحلها من
ينكر الفاعل المختار ،وأما من أقر به فل حاجة له إلى شئ منها " .بقدر " أي
والشرب
][363
وبمقدار ما علمنا من حاجاتهم ومصالحهم " .فأسكناه في الرض " قيل :جعلناه
ثابتا في الرض ،قال ابن عباس :أنزل ال تعالى من الجنة خمسة أنهار :سيحون
وجيحون ،ودجلة ،والفرات ،والنيل ،ثم يرفعها عند خروج يأجون ومأجوج
ويرفع أيضا القرآن " .وإنا على ذهاب به لقادرون " أي كما قدرنا على إنزاله
نقدر على رفعه وإزالته .ولما نبه سبحانه على عظم نعمته بخلق الماء ذكر بعده
النعم الحاصلة من الماء فقال " :فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب " وإنما
خصهما لكثرة منافعهما ،فإنهما يقومان مقام الطعام ومقام الدام ومقام الفاكهة
رطبا ويابسا .وقوله " لكم فيها فواكه كثيرة " أي في الجنات ،فكما أن فيها
النخيل والعناب فيها الفواكه الكثيرة ،وقوله " ومنها تأكلون " قال الزمخشري
يجوز أن يكون هذا من قولهم :فلن يأكل من حرفة يحترفها ،ومن صنعة فعلها
يعنون أنها طعمته وجهته التي يحصل منها رزقه ،كأنه قال :وهذه الجنات وجوه
" ألم تر " بعين عقلك ولم تعلم " أن ال يزجي سحابا " أي يسوقه ،ومنه
البضاعة المزجاة ،فإنها يزجيها كل أحد " ثم يؤلف بينه " بأن يكون قزعا فيضم
بعضها إلى بعض ،وبهذا العتبار صح " بينه " إذا المعنى :بين أجزائه " ثم
يجعله
ركاما " أي متراكما بعضه على بعض " فترى الودق " أي المطر " يخرج من
خلله "
أي من فتوقه جمع خلل كجبال في جبل " وينزل من السماء " قيل :أي من الغمام
وكل ما علك فهو سماؤك " من جبال فيها من برد " قيل :أي قطع عظام تشبه
الجبال في عظمها أو جمودها " من برد " بيان للجبال والمفعول محذوف أي ينزل
حينئذ
ماء من السماء من جبال ،ويجوز أن تكون " من " الثانية والثالثة للتبعيض واقعة
موقع المفعول ،وقيل :المراد بالسماء المظلة وفيها جبال من برد كما في الرض
جبال من حجر ،وعليه ظواهر كثير من الخبار ولم يدل دليل قاطع على نفيه .
][364
والبرد والطل والصقيع في أكثر المر يكون من تكاثف البخار ،وفي القل
من تكاثف الهواء ،أما الول فالبخار الصاعد إن كان قليل وكان في الهواء
من الحرارة ما يحلل ذلك البخار فحينئذ ينحل وينقلب هواء ،وأما إن كان
البخار كثيرا ولم يكن في الهواء من الحرارة ما يحلله فتلك البخرة المتصاعدة
إما أن تبلغ في صعودها إلى الطبقة الباردة من الهواء أو ل تبلغ ،فإن بلغت
فإما أن يكون البرد قويا أو ل يكون ،فإن لم يكن البرد هناك قويا تكاثف
ذلك البخار بذلك القدر من البرد واجتمع وتقاطر ،فالبخار المجتمع هو السحاب
والمتقاطر هو المطر ،والديمة والوابل إنما يكون من أمثال هذه الغيوم ،وأما
إن كان البرد شديدا فل يخلو إما أن يصل البرد إلى الجزاء البخارية قبل اجتماعها
وانحللها أو بعد صيرورتها كذلك ،فإن كان على الوجه الول نزل ثلجا ،وإن
كان على الوجه الثاني نزل بردا ،وأما إذا لم تبلغ البخرة إلى الطبقة الباردة فهي
إما أن تكون قليلة أو تكون كثيرة ،فإن كانت كثيرة فهي تنعقد سحابا ماطرا وقد
ل تنعقد ،أما الول فذاك لحد أسباب خاصة :اولها إذا منع هبوب الرياح عن
تصاعد تلك البخرة وثانيها أن تكون الرياح ضاغطة لها إلى اجتماع بسبب وقوف
جبال قدام الريح وثالثها أن تكون هناك رياح متقابلة متصادفة فتمنع صعود
البخرة حينئذ ورابعها أن يعرض للجزء المتقدم وقوف لثقله وبطء حركته ثم
تلتصق به سائر الجزاء الكثيرة المدد وخامسها لشدة بردالهواء القريب من الرض
فقد يشاهد البخار يصعد في الجبال صعودا يسيرا حتى كأنه مكبة موضوعة على
وهدة ويكون الناظر إليها فوق تلك الغمامة ،والذين يكونون تحت الغمامة يمطرون
والذين يكونون فوقها يكونون في الشمس ،أما إذا كانت البخرة القليلة الرتفاع
قليلة لطيفة فإذا ضربها برد الليل وكثفها وعقدها ما يكون محسوسا ونزول نزول
متفرقا ل يحس به إل عند اجتماع شئ يعتد به ،فإن لم يجمد كان طل وإن جمد
كان صقيعا ،ونسبة الصقيع إلى الطل نسبة الثلج إلى المطر .
][365
والجواب :أنا لما دللنا على حدوث الجسام وتوسلنا بذلك إلى كونه
سبحانه قادرا مختارا يمكنه إيجاد الجسام لم يمكنا القطع بما ذكر تموه ،لحتمال
أنه سبحانه خلق أجزاء السحاب دفعة ل بالطريق الذي ذكر تموه ،وأيضا فهب أن
المر كما ذكرتم ولكن الجسام بالتفاق ممكنة في ذواتها ولبد لها من مؤثر
ثم إنها متماثلة فاختصاص كل واحد منها بصفته المعينة من الصعود والهبوط و
خالقا لتلك الطبائع ،وتلك الطبائع مؤثرة في هذا الحوال ،وخالق السبب
خالق المسبب ،فكان سبحانه هو الذي يزجي سحابا ،لنه هو الذي خلق تلك
الطبائع المحركة لتلك البخرة من باطن الرض إلى جو الهواء ،ثم تلك البخرة
ترادفت في صعودها والتصق بعضها بالبعض ،فهو سبحانه هو الذي جعله ركاما ،
فثبت
أنه على جميع التقديرات وجه الستدلل الشياء على القدرة والحكمة ظاهر
" فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء " الضميران للبرد والصابة بإهلك
الزرع والمال ،وقد يهلك النفس أيضا " يكاد سنابرقه " أي يقرب ضوء برق
السحاب أن " يذهب بالبصار " أبصار الناظرين إليه من فرط الضاءة " يقلب ال
الليل والنهار " بالمعاقبة بينهما أو بنقص أحدهما وزيادة الخر ،أو بتغيير
أحوالهما
بالحر والبرد والظلمة والنور ،أو ما يعم ذلك " إن في ذلك " أي في ما تقدم
ذكره " لعبرة لولي البصار " أي لولي البصائر والعقول :لدللته على وجود
الصانع القديم وكمال قدرته وإحاطة علمه ونفاذ مشيته وتنزهه عن الحاجة وما
بالنون والسكون ،أي ناشرات للسحاب ،والكسائي بفتح النون مصدرا " بين
][366
" ماء طهورا " أي مطرا ،وهو اسم لما يتطهر به كالوضوء والوقود ،وقيل :
بليغا في الطهارة " لنحيي به بلدة ميتا " بالنبات ،والتذكير لن " البلدة في معنى
البلد " وأناسي كثيرا " قيل :يعني أهل البوادي الذين يعيشون بالحياء ،ولذلك
النهار والمنابع ،فبهم ) ( 1وبما حولهم من النعام غنية عن سقي السماء .
" ولقد صرفناه بينهم " قال البيضاوي : :أي صرفنا هذا القول بين الناس في
القرآن وسائر الكتب ،أو المطر بينهم في البلدان المختلفة ،والوقات المتغايرة
والصفات المتفاوتة ،من وابل وطل وغيرهما وعن ابن عباس :ما عام أمطر من
عام ،ولكن ال قسم ذلك بين عباده على ما شاء ،وتل هذه الية .أو في النهار
أو في المنابع " ليذكروا " أي ليتفكروا ويعرفوا كمال القدرة وحق النعمة في
ذلك ويقوموا بشكره ،أو ليعتبروا بالصرف عنهم وإليهم " فأبى أكثر الناس إل
كفورا " أي إل كفران النعمة وقلة الكتراث لها أو جحودها بأن يقولوا :مطرنا
بنوء كذا ،ومن ل يرى المطار إل من النواء كان كافرا ،بخلف من يرى أنها
من خلق ال والنواء وسائط أو أمارات يجعله ) ( 2ال تعالى .
" فأنبتنا " :عدل به عن الغيبة إلى التكلم لتأكيد اختصاص الفعل بذاته ،و
التنبيه على أن إنبات الحدائق البهية ) ( 3المختلفة النواع المتباعدة الطبائع من
المواد المتشابهة ل يقدر عليه غيره تعالى كما أشار إليه بقوله " ما كان لكم أن
تنبتوا
شجرها " أي شجر الحدائق وهي البساتين من الحداق وهو الحاطة " من
" يريكم البرق " مقدربأن ،أو الفعل فيه منزل منزلة المصدر كقولهم " تسمع
) ( 2يجعلها ) ظ ( .
][367
بالمعيدي خير من أن تراه " أو صفة لمحذوف تقديره :آية يريكم بها البرق "
خوفا "
من الصاعقة وللمسافر " وطمعا " في الغيث وللمقيم " فيبسطه " أي متصل تارة
في
السماء أو ) ( 1في سمتها " كيف يشاء " سائرا وواقفا ،مطبقا وغير مطبق ،
المطر
" يخرج من خلله " في التارتين " فإذا أصاب به من يشاء من عباده " يعني
بلدهم
وأراضيهم " إذاهم يستبشرون " يمجئ الخصب " أن ينزل عليهم " أي المطر "
تكرير للتأكيد والدللة على تطاول عهدهم بالبطر واستحكام يأسهم ) ( 2وقيل :
الضمير
للمطر أو السحاب أو الرسال " لمبلسين " أي لبسين قانطين " .فانظر إلى آثار
رحمة ال "
أي أثر الغيث من النبات والشجار وأنواع الثمار ،ولذلك جمعه ابن عامر وحمزة
والكسائي وحفص " إن ذلك " يعني الذي قدر على إحياء الرض بعد موتها "
لمحيي
الموتى " لقادر على إحيائهم " فرأوه مصفرا " أي فرأوا الثر أو الزرع فإنه
مدلول
عليه بما تقدم ،وقيل :السحاب ،لنه إذا كان مصفرا لم يمطر ،وللم موطئة
للقسم دخلت على حرف الشرط ،وقوله " لظلوا " ] جواب [ سد مسد الجزاء .
" من كل زوج " أي صنف " كريم " أي كثير المنفعة " فتثير سحابا " على
حكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال الحكمة ،و
لن المراد بيان إحداثها بهذه الخاصية ولذلك أسنده إليها ،ويجوز أن يكون
اختلف الفعال للدللة على استمرار المر " فأحيينا به الرض " أي بالمطر النازل
منه ،وذكر السحاب كذكره ،أو بالسحاب فإنه سبب السبب ،أو الصائر مطرا " بعد
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 367سطر 19إلى صفحه 375سطر 18
موتها " أي بعد يبسها " كذلك النشور " أي مثل إحياء الموات نشور الموات في
صحة المقدورية ،إذ ليس بينهما إل احتمال اختلف المادة في المقيس ،وذلك
ل مدخل له فيها ،وقيل :في كيفية الحياء فإنه تعالى يرسل ماء من تحت العرش
) ( 2بأسهم ) خ ( .
) ( 3به ) خ ( .
][368
" إل من خطف الخطفة " الخطف الختلس ،والمراد اختلس كلم الملئكة
مسارقة ،و " أتبع " بمعنى تبع ،و " الشهاب " ما يرى كوكبا انقض ،وما قيل
إنه
بخار يصعد إلى الثير فيشتعل فتخمين إن يصح لم يناف ذلك ،إذ ليس فيه ما يدل
على أنه ينقض من الفلك ،ول في قوله تعالى " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح
وجعلناها رجوما للشياطين " فإن كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصباح لهل
الرض وزينة للسماء من حيث إنه يرى كأنه على سطحه ،ول يبعد أن يصير
الحادث
لما ذكر في بعض الوقات رجما للشياطين يتصعد إلى قرب الفلك للتسمع ،وما
روي
أن ذلك حدث بميلد النبي صلى ال عليه وآله إن صح فلعل المراد كثرة وقوعه أو
مصيره
الصاعد
مرة وقد ل يصيب كالموج لراكب السفينة ،ولذلك ل يرتدعون ] عنه [ رأسا .ول
يقال :
إن الشيطان من النار فل يحترق ،لنه ليس من النار الصرف كما أن النسان
ليس من التراب الخالص ،مع أن النار القوية إذا استولت على الضعيفة
استهلكتها .
" أنزل من السماء ماء " قال الرازي :وهو المطر ،وقيل :كل ماء كان في
الرض فهو من السماء ،ثم إنه تعالى ينزله إلى بعض المواضع ثم يقسمه " فسلكه
ينابيع
في الرض " أي فأدخله ونظمه ينابيع في الرض عيونا ومسالك ومجاري
كالعروق في
الجسام " ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه " من خضرة وحمرة وصفرة وبياض
وغير
ذلك ،أو مختلفا أصنافه من بر وشعير وسمسم " ثم يهيج " وذلك لنه إذاتم جفافه
جازله أن ينفصل من منابته وإن لم تتفرق أجزاؤه ،فتلك الجزاء كأنها هاجت
للتفرق " ثم يصير حطاما " فتاتا ) " ( 1إن في ذلك لذكرى :يعني أن من شاهد
هذه الحوال في النبات علم أن أحوال الحيوان والنسان كذلك ،وأنه وإن طال
عمره فلبد له من النتهاء إلى أن يصير مصفر اللون منحطم العضاء والجزاء ،
ثم
][369
عاقبته ) ( 1الموت فإذا كانت مشاهدة هذه الحوال في النبات مذكرة حصول مثل
هذه
الحوال في نفسه وفي حياته فحينئذ تعظم نفرته من الدنيا وطيباتها .قال الواحدي :
الينابيع جمع ينبوع وهو يفعول من نبع ،وهو نصب بنزع الخافض كان التقدير :
فسلكه في ينابيع " ثم يهيج " أي يخضر ،والحطام :ما تفتت وتكسر من النبت )
(2
) انتهى ( .
" من السماء رزقا " أي أسباب رزق كالمطر " ينزل الغيث " قال البيضاوي :
أي المطر الذي يغيثهم من الجدب " ولذلك خص بالنافع منها " من بعد ما قنطوا "
أيسوا منه " وينشر رحمته " في كل شئ من السهل والجبل والنبات والحيوان "
وهو
الولي " الذي يتولى عباده بإحسانه ونشر رحمته " الحميد " المستحق للحمد على
ذلك ) . ( 3
" ماء بقدر " أي بمقدار ينفع ول يضر " فأحيينا به بلدة ميتا " مال عنه النماء
" كذلك " مثل ذلك النشاء " تخرجون " تنشرون من قبوركم " .من رزق " أي
من مطر وسماه رزقا لنه سببه " بعد موتها " بعد يبسها " وتصريف الرياح "
باختلف
جهاتها وأحوالها " .ماء مباركا " أي كثير المنافع " فأنبتنا به جنات " أي
أشجارا
وثمارا ) " ( 4وحب الحصيد " أي حب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالبر
والشعير
" والنخل باسقات " طوال أو حوامل ،من أبسقت الشاة إذا حملت ،فيكون من
أفعل
فهو فاعل .وإفرادها بالذكر لفرط ارتفاعها وكثرة منافعها " لها طلع نضيد " أي
منضود بعضه فوق بعض ،والمراد تراكم الطلع أو كثرة ما فيه من التمر " رزقا
للعباد "
علة لنبتنا أو مصدر ،فإن النبات رزق " وأحيينا به بلدة ميتا " أي أرضا
) ( 1عاقبة ) خ ( .
) ( 4اثمارا ) خ ( .
][370
جدته لنماء فيها " كذلك الخروج " كما حييت هذه البلدة يكون خروجكم أحياء
بعد موتكم .
" والذاريات ذروا " قال الطبرسي ره :روي أن ابن الكواء سأل
أميرالمؤمنين عليه السلم وهو يخطب على المنبر فقال :ما الذاريات ذروا ؟ قال :
الرياح
قال :فالحاملت وقرا ؟ قال :السحاب ،قال :فالجاريات يسرا ؟ قال :السفن ؟
قال :فالمقسمات أمرا ؟ قال :الملئكة .وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد
تحمل ثقل من الماء من بلد فتصير موقرة به ،والوقر بالكسر :ثقل الحمل
على ظهر أو في بطن ) " ( 1فالجاريات يسرا " أي السفن تجري في الماء جريا
سهل
إلى حيث سيرت ،وقيل :هي السحاب تجري يسيرا إلى حيث سيرها ال من البقاع
وقيل :هي النجوم السبعة السيارة " فالمقسمات أمرا " الملئكة يقسمون المور
بين
الخلق على ما امروا به ،أقسم ال تعالى بهذه الشياء لكثرة ما فيها من المنافع
للعباد
ولما تضمنته من الدللة على وحدانية ال تعالى وبدائع صنعه ،وقيل :التقدير
القسم
إما حقائقها فنقول :للسماء أبواب تفتح وتغلق ول استبعاد فيه ،وهو على طريقة
الستعارة ،فإن الظاهر أن الماء كان من السحاب ،وعلى هذا فهو كما يقول
القائل في المطر الوابل :جرت ميازيب السماء ،وفتح أفواه القرب ،أي كأنه كان
ذلك ) . ( 3
" أفرأيتم الماء الذي تشربون " قال البيضاوي :أي العذب الصالح للشرب .
" من المزن " أي من السحاب ،وقيل :هو السحاب البيض وماؤه أعذب " .أم
نحن
][371
المنزلون " بقدرتنا " .جعلناه اجاجا " أي مالحا " فلول تشكرون " أمثال هذه
النعم الضرورية ) " . ( 1لسقيناهم ماء غدقا " أي لوسعنا عليهم الرزق ،
وتخصيص
الماء الغدق وهو الكثير بالذكر لنه أصل المعاش والسعة ،وعزة وجوده بين
العرب ) . ( 2
أقول :سيأتي تفسير باقي السورة في باب الجن ،وفيه ما يناسب هذه الباب .
1تفسير على بن ابراهيم :عن أبيه ،عن علي بن الحكم ،عن سيف بن
عميرة ،عن أبي بكر الحضرمي ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :خرج هشام بن
عبد
الملك حاجا معه البرش الكلبي ،فلقيا أبا عبدال في المسجد الحرام ،فقال هشام
للبرش :تعرف هذا ؟ ل ،قال هذا الذي تزعم الشيعة أنه نبي من كثرة علمه
فقال البرش :لسألنه عن مسألة ل يجيبني فيها إل نبي أووصي نبي .فقال
هشام :
وددت أنك فعلت ذلك .فلقي البرش أبا عبدال عليه السلم فقال :يا أبا عبدال !
أخبرني
عن قول ال " أولم ير الذين كفروا أن السماوات والرض كانتا رتقا ففتقناهما " )
(3
فما كان رتقهما وما كان فتقهما ؟ فقال أبوعبدال عليه السلم :يا أبرش ! هو كما
وصف نفسه
كان عرشه على الماء ،والماء على الهواء ،والهواء ل يحد ،ولم يكن يومئذ خلق
غيرهما ،والماء يومئذ عذب فرات ،فلما أراد أن يخلق الرض أمر الرياح فضربت
الماء حتى صار موجا ،ثم أزبد فصار زبدا واحدا ،فجمعه في موضع البيت ،ثم
جعله جبل من زبد ،ثم دحى الرض من تحته ،فقال ال تبارك وتعالى " :إن
أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ) " ( 4ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء
فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها ،فخرج من
ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ،فخلق منه السماء ،وجعل
فيها
) ( 3النبياء . 30 :
][372
خضراء
على لون الماء الخضر ،وكانت الرض غبراء على لون الماء العذب ،وكانتا
مرتوقتين
ليس لهما أبواب ،ولم يكن للرض أبواب وهو النبت ،ولم تمطر ) ( 1السماء
عليها
فتنبت ،ففتق السماء بالمطر ،وفتق الرض بالنبات ،وذلك قوله عزوجل
" أولم ير الذين كفروا أن السماوات والرض كانتا رتقا ففتقناهما " فقال البرش :
وال ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط ! أعد علي ،فأعاد عليه ،وكان البرش
ملحدا فقال :وأنا أشهد أنك ابن نبي ثلث مرات ) . ( 2
2العلل :عن أبيه ،عن الحميري ،عن هارون ،عن ابن صدقة ،عن جعفر
ابن محمد عن أبيه عليهم السلم قال :كان علي عليه السلم يقوم في المطر أول
رأسه ولحيته وثيابه ،فيقال له :يا أميرالمؤمنين ،الكن ! الكن ! فيقول :إن
هذا ماء قريب العهد بالعرش .ثم أنشأ يحدث فقال :إن تحت العرش بحرا فيه
ماء ينبت به أرزاق الحيوان ،وإذا أراد ال تعالى أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة
منه
أوحى ال عزوجل فمطر منه ماشاء من سماء إلى سماء حتى يصير إلى السماء
الدنيا
فتلقيه إلى السحاب ،والسحاب بمنزلة الغربال ،ثم يوحي ال عزوجل أن
اطلحنيه وأذيبيه ذوبان الملح في الماء ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا وعبابا )
(3
وغير عباب ،فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به ،فليس من قطرة تقطر إل
ومعها ملك ] حتى [ يضعها موضعها ،ولم ينزل من السماء قطرة من مطر إل بقدر
معدود ووزن معلوم إل ما كان يوم الطوفان على عهد نوح عليه السلم فإنه نزل
منها ماء
) ( 2تفسير القمى 427 :وقد مر الحديث بعينه في باب حدوث العالم وبدء خلقه
تحت
الرقم . 47
) ( 3او ) خ ( .
][373
3التفسير :في رواية أبي الجارود ،عن أبي جعفر عليه السلم في قوله " وأنزلنا
من السماء ماء بقدر فأسكناه في الرض " فهي النهار والعيون والبار ) . ( 2
وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى " ألم تر أن ال يزجي سحابا " أي
يثيره من الرض " ثم يؤلف بينه " فإذا غلظ بعث ال ريحا ) ( 3فتعصره فينزل
منه
الماء ،وهو قوله " فترى الودق يخرج من خلله " أي المطر ) . ( 4
4ومنه :عن أبيه ،عن العرزمي ،عن أبيه ،عن أبي إسحاق ،عن حارث
العور ،عن أميرالمؤمنين عليه السلم قال :سئل عن السحاب أين يكون ؟ قال :
يكون
على شجر كثيف على ساحل البحر يأوي إليها ،فإذا أراد ال أن يرسله أرسل ريحا
فأثاره ) . ( 5
5قرب السناد :عن السندي بن محمد ،عن أبي البختري ،عن جعفر ،عن
أبيه عليهم السلم أن عليا عليه السلم قال :السحاب غربال المطر ،ولول ذلك
لفسد كل
6وقال عليه السلم في قوله تعالى " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " قال :من
ماء السماء ومن ماء البحر ،فإذا أمطرت فتحت الصداف أفواهها في البحر فيقع
الكبيرة
) ( 5تفسير القمى 603 :وفيه :ووكل به ملئكة يضربونه بالمخاريق وهو البرق
فيرتفع .
][374
بيان :هذا أحد الوجوه في تأويل الية الكريمة ،ورواه المفسرون عن
ابن عباس ،ويؤيده أن البحر العذب ل يخرج منه اللؤلؤ على المشهور ،ولعل
عن أبيه ،عن عبيدال بن محمد بن سليمان ،عن أبي عمرو الضرير ،عن عباد
بن عباد
المهلبي ،عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ،عن أبيه ،قال :كنا عند رسول
ال صلى ال عليه وآله فنشأت سحابة ،فقالوا :يا رسول ال هذه سحابة ناشئة ،
قواعدها ؟ قالوا :يا رسول ال ما أحسنها وأشد تمكنها ! قال :كيف ترون بواسقها
؟
قالوا :يا رسول ال ما أحسنها وأشد تراكمها ! قال :كيف ترون جونها ؟ قالوا :
يا رسول ال ما أحسنه وأشد سواده ! قال :كيف ) ( 1ترون رحاها ؟ قالوا :يا
رسول ال ما أحسنها وأشد استدارتها ! قال :فكيف ترون برقها ؟ أخفوا أم وميضا
أم يشق شقا ؟ قالوا :يا رسول ال بل يشق شقا :قال رسول ال صلى ال عليه
فقالوا :يا رسول ال ما أفصحك ! وما رأينا الذي هو أفصح منك .فقال :وما
يمنعني
من ذلك وبلساني نزل القرآن " بلسان عربي مبين ) " ( 2؟
ثم قال :حدثنا الحاكم ،قال :حدثني أبي ،قال :حدثني أبوعلي
الرياحي ،عن أبي عمرو الضرير بهذا الحديث .وقال :أخبرني محمد بن هارون
الزنجاني ،قال :حدثنا علي بن عبدالعزيز ،عن أبي عبيد قال :القواعد هي
اصولها المعترضة في آفاق السماء ،وأحسبها تشبه بقواعد البيت وهي حيطانه
والواحدة قاعدة ،قال ال عزوجل " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت
][375
الفق الخر ،وكذلك كل طويل فهو باسق ،قال ال عزوجل " والنخل
باسقات لها طلع نضيد ) " ( 3والجون هو السود اليحمومي ،وجمعه " جون "
وأما قوله " فكيف ترون رحاها " فإن رحاها استدارة السحابة في السماء ،ولهذا
قيل " :رحا الحرب " وهو الموضع الذي يستدار فيه لها ،والخفو :العتراض
من
البرق في نواحي الغيم ،وفيه لغتان :يقال :خفا البرق يخفوا خفوا ويخفي خفيا .
فاستطالته في الجو إلى وسط السماء من غير أن يأخذ يمينا ول شمال .قال
الصدوق :
بيان :قال الزمخشري في الفائق :سأل النبي صلى ال عليه وآله عن
سحائب مرت فقال :كيف ترون قواعدها وبواسقها ورحاها أجون أم غير ذلك ؟
ثم سأل عن البرق فقال :أخفوا أم وميضا أم يشق شقا ؟ قالوا :يشق شقا ،فقال
رسول ال صلى ال عليه وآله :جاءكم الحيا .أراد بالقواعد ما اعترض منها
يبيت إذا مالح من نحو أرضه * سنا البرق يكل خفيه ويراقبه
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 375سطر 19إلى صفحه 383سطر 18
وسط السماء من غير أن يأخذ يمينا وشمال ،أراد :أيخفو خفوا أم يميض وميضا
) ( 3ق . 10 :
][376
ولذلك عطف عليه " يشق شقا " وإظهار الفعل هنا بعد أضماره في ما قبله نظير
المجئ بالواو في قوله عزوجل " :وثامنهم كلبهم ) " ( 1بعد تركها في ما قبلها
) انتهى ( .
7العلل :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن أيوب بن نوح ،عن صفوان
بن يحيى ،عن معاوية بن عمار ،قال :قال أبوعبدال عليه السلم :الصاعقة ل
تصيب
المؤمن .فقال له رجل :فإنا قد رأينا فلنا يصلي في المسجد الحرام فأصابته ،فقال
ذاكرا ) . ( 3
بيان :لعل المراد بالمؤمن أول الكامل في اليمان ،وثانيا مطلق المؤمن
بقرينة أن رمي حمام الحرم ل يخرج عن مطلق اليمان ،ويحتمل أن يكون الرامي
9التفسير :عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن سالم ،عن أبي عبدال
عليه السلم في خبر المعراج قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :فصعد
إلى السماء الدنيا وعليها ملك يقال له " إسماعيل " وهو صاحب الخطفة التي قال
ال
عزوجل " إل من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " وتحته سبعون ألف ملك تحت
) ( 10ومنه " :وحفظا من كل شيطان مارد " قال :المارد الخبيث " ل يسمعون
إلى المل العلى ويقذفون من كل جانب دحورا " يعني الكواكب التي يرمون بها
" ولهم عذاب واصب " أي واجب " إل من خطف الخطفة " يعني يسمعون الكلمة
][377
فيحفظونها " فأتبعه شهاب ثاقب " وهو ما يرمون به فيحرقون ،وفي رواية أبي
الجارود
عن أبي جعفر عليه السلم قال :عذاب واصب أي دائم وجع قد خلص إلى قلوبهم .
وقوله
11العيون ومعانى الخبار :عن محمد بن إبراهيم الطالقاني ،عن أبي عقدة
عن علي بن الحسن بن فضال ،عن أبيه ،قال :قال الرضا عليه السلم في قول ال
عزوجل
" هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا " قال :خوف للمسافر وطمع للمقيم ) . ( 2
ملك الروم وقال السائل :ما قوس قزح ؟ قال :ويحك ! ل نقل قوس قزح ،فإن
قزح اسم شيطان ،وهو قوس ال ،وعلمة الخصب ،وأمان لهل الرض من
الغرق ) . ( 3
13الحتجاج :عن الصبغ قال :سأل ابن الكواء أميرالمؤمنين عليه السلم
فقال :يا أميرالمؤمنين ! أخبرني عن قوس قزح .قال :ثكلتك أمك ] يا ابن
الكواء [ ! ل تقل قوس قزح فإن قرح ) ( 4اسم الشيطان ،ولكن قل :قوس ال
14العلل :عن محمد بن شاذان بن أحمد البرواذي ،عن محمد بن محمد بن الحرث
السمرقندي ،عن صالح بن سعيد الترمذي ،عن عبدالمنعم بن إدريس عن أبيه ،
عن وهب
بن منبه قال :أهل الكتابين يقولون :لما هبط نوح من السفينة أوحى ال عزوجل
إليه :يا نوح ! إنني خلقت خلقي لعبادتي وأمرتهم بطاعتي ،فقد عصوني وعبدوا
غيري واستوجبوا بذلك غضبي فغرقتهم ،وإني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي و
][378
بلدي وموثقا بيني وبين خلقي يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق ،ومن أوفى
بعهده مني ؟ ففرح نوح عليه السلم بذلك وتباشر ،وكانت القوس فيها سهم
ووتر ،فنزع
ال عزوجل السهم والوتر من القوس ) ( 1وجعلها أمانا لعباده وبلده من الغرق )
.(2
بيان :هذه الخبار تدل على أنه مادام يظهر القوس في الجو ل تصيبهم
15قصص الراوندى :بإسناده إلى الصدوق ،عن أبيه ،عن علي بن
إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن سالم ،عن أبي عبدال عليه
السلم ان
قوما من بني إسرائيل قالوا لنبي لهم :ادع لنا ربك يمطر علينا السماء إذا أردنا
فسأل ربه ذلك فوعده أن يفعل ،فأمطر السماء عليهم كلما أرادوا ،فزرعوا فنمت
زروعهم وحسنت ،فلما حصدوا لم يجدوا شيئا ،فقالوا :إنما سألنا المطر للمنفعة
فأوحى ال تعالى أنهم لم يرضوا بتدبيري لهم ،أو نحو هذا .
16المحاسن :عن أبيه ،عن علي بن الحكم ،عن الوشاء ،عن أبان الحمر
عمن ذكره ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :لول أن ال حبس الريح على أهل
الدنيا
لخوت الرض ،ولول السحاب لخربت الرض فما أنبتت شيئا ،ولكن ال يأمر
السحاب فيغربل الماء فينزل قطرا ،وإنه أرسل على قوم نوح بغير حساب .
بيان " :لخوت الرض " أي خلت من الناس أو من الخير أو خربت وانهدمت
قال الفيروز آبادي :خوت الدار :تهدمت ،وخوف وخويت :خلت من أهلها
وأرض خاوية :خالية من أهلها ،وخوى كرمى :تابع ) ( 3عليه الجوع ،و
الزند :لم يور ،كأخوى ،والنجوم خيا :أمحلت فلم تمطر ،كأخوت وخوت .
17الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن عبدال ،عن اليقطيني ،عن القاسم
][379
ابن يحيى ،عن جده الحسن ،عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ،عن أبي عبدال
عليه السلم
قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه
ال عزوجل
ولو قد قام قائمنا لنزلت السماء قطرها ،ولخرجت الرض نباتها ) . ( 1
18تفسير المام :في قوله تعالى " وأنزل من السماء ماء " يعني المطر ينزل
مع كل قطرة ملكا يضعها في موضعها الذي يأمره به ربه عزوجل .
فارتعدت السماء فقال :سبحان من يسبح له الرعد بحمده والملئكة من خيفته .
فقال له أبوبصير :جعلت فداك ،إن للرعد كلما ؟ فقال :يا أبا محمد سل عما يعنيك
بيان يدل على أن التفكر في حقائق المخلوقات وأمثالها مما لم يؤمر الخلق
20العياشى :عن أبي بصير ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :سألته عن الرعد
أي شئ يقول ؟ قال :إنه بمنزلة الرجل يكون في البل فيزجرها " هاى ،هاى "
كهيئة ذلك ) ، ( 3قلت :فما البرق ؟ قال ) ( 4لي :تلك مخاريق الملئكة تضرب
) ( 2الرواية مرسلة ودللتها على ما ذكره ممنوع لحتمال كون الردع لجل عدم
استعداد ابى بصير أو بعض الحضار لفهم حقيقته ،فكيف تعارض الدلة المتظافرة
على حسن مطلق
التفكر سوى التفكر في ذات ال تعالى ،وكيف ل يكون للناس فائدة فيه ؟ فاى فائدة
اعظم و
اهم من معرفة صنع ال تعالى ول سيما معرفة تسبيح خلئقه له واعترافها بتوحيده
وقدرته و
) ( 3وقد مر في الرواية السابقة ان ابا بصير سأله عليه السلم عن كلم الرعد
فردعه عنه
][380
الزنبور ) . ( 1
22الكافى :عن محمد بن يحيى ،عن ابن عيسى ،عن ابن بزيع ،عن محمد بن
الفضيل ،عن الكناني ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :يموت المؤمن بكل ميتة
إل
23ومنه :عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن ابن
اذينة ،عن بريد ،قال :قال أبوعبدال عليه السلم :إن الصاعقة ) ( 3ل تصيب
ذاكرا ) . ( 4
24الكافى :عن علي بن إبراهيم ،عن هارون بن مسلم ،عن مسعدة بن
صدقة ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :كان علي عليه السلم يقوم في المطر
يبتل رأسه ولحيته وثيابه ،فقيل له :يا أميرالمؤمنين الكن ! الكن ! فقال :إن
هذا ماء قريب العهد بالعرش ،ثم أنشأ يحدث فقال :إن تحت العرش بحرا فيه
ماء ينبت أرزاق الحيوانات ،فإذا أراد ال عزذكره أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة
منه
لهم أوحى ال إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء حتى يصير إلى سماء الدنيا
فيما
أظن فيلقيه إلى السحاب ،والسحاب بمنزلة الغربال ،ثم يوحي إلى الريح أن
اطحنيه أذيبيه ذوبان الماء ) ( 5ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فأمطري عليهم
فيكون كذا وكذا عبابا وغير ذلك ،فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به
فليس من قطرة تقطر إل ومعها ملك حتى يضعها موضعها ،ولم ينزل من السماء
قطرة من مطر إل بعدد معدود ووزن معلوم إل ما كان من يوم الطوفان على عهد
) ( 5الملح ) خ ( .
][381
نوح عليه السلم فإنه نزل من ماء منهمر بل وزن ول عدد ) . ( 1
25قال :وحدثني أبوعبدال عليه السلم قال :قال لي أبي عليه السلم :قال
أميرالمؤمنين
عليه السلم :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ال عزوجل جعل السحاب
غرابيل للمطر
هي تذيب البرد حتى يصير ماء لكي ل يضر شيئا يصيبه ،والذي ترون فيه من
البرد
والصواعق نقمة من ال عزوجل يصيب بها من يشاء من عباده .ثم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :ل تشيروا إلى المطر ول إلى الهلل فإن ال يكره
ذلك ) . ( 2
العلل :عن أبيه ،عن عبدال بن جعفر الحميري ،عن هارون بن مسلم مثله
إلى قوله " فإنه نزل منها ماء منهمر بل عدد ول وزن ] وقد مر في ما تقدم )
.[(3
السنة .وفي العلل " .أول مطر يمطر " وهو يؤيد الثاني .والكن بالنصب على
الغراء أي اطلبه أو ادخله ،وهو بالكسر ما يستتر به من بناء ونحو " .في ما
أظن " ليس هذه في العلل وقرب السناد ،وعلى تقديره وهو كلم الراوي ،أي
أظن أن الصادق عليه السلم ذكر السماء الدنيا " .ثم يوحي إلى الريح " في
الكتابين
" ثم يوحي ال إلى السحاب أن اطحنيه وأذيبيه ذوبان الملح في الماء " وهذا ظاهر
وآخر الخبر صريحا يدل على أن ما ينزل من السماء برد ،فإذا أراد أن يصيره
مطرا أمر الريح أو السحاب أن يطحنه ويذيبه ،والية أيضا تحتمل ذلك ،بل هو
أظهر فيها إذا الظاهر أن مفعول ينزل هو الودق ،لكن ذكرا البحر في أول الخبر
ل يلئم ذلك ،إل أن يقال :الجبال في ذلك البحر ،أو يكون مروز ذلك الماء على
تلك الجبال فبذلك ينجمد ،أو يحتمل من ذلك البرد فينزل ،وعلى ما فتحه
المتفلسفون
" ماء منهمر " أي منصب سائل من غير تقاطر أو كثير من غير أن يعلم وزنها
وعددها الملئكة " .ل تشيروا إلى المطر " . .لعل المراد به الشارة إليهما على
سبيل المدح كأن يقول :ما أحسن هذا الهلل وما أجود هذا المطر ! أو أنه ينبغي
عند رؤيتهما الشتغال بالدعاء ل الشارة إليهما كما يفعله السفهاء ،أو ل ينبغي
عند
رؤيتهما التوجه إليهما عند الدعاء والتوسل بهما ،كما أن بعض الناس يظنون
أن للهلل وأمثاله مدخل في نظام العالم فيتوسلون به ويتوجهون إليه ،وهذا
أظهر بالنسبة إلى الهلل ،ويؤيده ما روي في الفقيه عن الصادق عليه السلم أنه
قال :
إذا رأيت هلل شهر رمضان فل تشر إليه ،ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى
ال عزوجل وخاطب الهلل الخبر ) ( 1وقيل :المراد بالشارة الشاة المعنوية
والقول بأنهما مؤثران في العالم ،وقيل :هو نهي عن الشارة إلى كيفية حدوثهما
فإن ذلك يضر باعتقاد العامة ،كما قيل نظيره في قوله تعالى " يسألونك عن الهلة
26الكافى :عن محمد بن يحيى ،عن ابن عيسى ،عن الحسين بن سعيد ،عن
ابن العرزمي ،رفعه قال :قال أميرالمؤمنين عليه السلم وسئل عن السحاب أين
تكون ؟
قال :تكون على شجر على كثيب على شاطئ البحر يأوي إليه ،فإذا أراد ال عز
وجل أن يرسله أرسل ريحا فأثارته ،ووكل به ملئكة يضربونه بالمخاريق وهو
البرق فيرتفع ،ثم قرأ هذه الية " وال الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى
تفسير على بن ابراهيم :عن أبيه ،عن العرزمي ،عن أبيه ،عن أبي إسحاق
) ( 3الفاطر . 10 :
][383
عن الحارث العور عنه عليه السلم مثله ] إلى قوله " فيرتفع " [ ) . ( 1
بيان " :تكون على شجر " يحتمل أن يكون نوح من السحاب كذلك ،أو
يكون كناية عن انبعاثه عن البحر وما قرب منه ،وقيل " على شجر " أي على
أنواع منها ما يكون على الكثيب وهو اسم موضع على ساحل البحر اليمن يأتي
السحاب إلى مكة منها .وفي النهاية :في حديث علي عليه السلم " البرق مخاريق
الملئكة "
هي جمع مخراق ،وهو في الصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا ،
أراد
أنها آلة تزجربها الملئكة السحاب وتسوقه ،ويفسره حديث ابن عباس :البرق
27نوادر الراوندى :بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلم قال :
قال علي عليه السلم :المطر الذي منه أرزاق الحيوان من بحر تحت العرش ،فمن
ثم
كان رسول ال صلى ال عليه وآله يستمطر أول مطر ،ويقوم حتى يبتل رأسه
إن هذا ] ماء [ قريب عهد بالعرش ،وإذا أراد ال تعالى أن يمطر أنزله من ذلك
إلى سماء بعد سماء حتى يقع على الرض .ويقال :المزن ذلك البحر ،وتهب
ريح من تحت ساق عرش ال تعالى تلقح السحاب ،ثم ينزل من المزن الماء ،ومع
عن محمد بن همام ،عن عبدال الحميري ،عن الطيالسي ،عن زريق الخلقاني ،
عن
أبي عبدال عليه السلم قال :ما برقت ) ( 2قط في ظلمة ليل ول ضوء نهار إل
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 383سطر 19إلى صفحه 391سطر 18
الكافى :عن علي بن إبراهيم ،عن صالح بن السندي ،عن جعفر بن بشير
عن زريق ،عن أبي العباس ،عنه عليه السلم مثله ) . ( 3
بيان :قال الفيروز آبادي :برقت السماء بروقا ،لمعت أو جاءت ببرق ،و
][384
29دعوات الراوندى :كان أميرالمؤمنين عليه السلم إذا أصابه المطر مسح به
أميرالمؤمنين عليه السلم عن قوله تعالى " والذاريات ذروا " قال :الرياح ،ويلك
! قال :
فما الحاملت وقرا ؟ قال :السحاب ،ويلك ! قال :فما الجاريات يسرا ؟ قال :
السفن ،ويلك ! قال :فما المقسمات أمرا ؟ قال :الملئكة ،ويلك ؟ قال :فما قوس
قزح ؟ ويلك ! ل تقل قوس قزح فإن قزحا الشيطان ،ولكنها القوس ،و
31كتاب جعفر بن محمد بن شريح :عن عبدال بن طلحة ،عن أبي عبدال
32تفسير على بن ابراهيم :في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلم
في قوله " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الرض " فهي النهار والعيون
والبار .وقال علي بن إبراهيم في قوله " ألم تر أن ال يزحي سحابا " :أي
يثيره من الرض " ثم يؤلف بينه " فإذا غلظ بعث ال رياحا فتعصره فينزل منه
الماء
وهو قوله " فترى الودق يخرج من خلله " أي المطر ) . ( 1
33الكافى :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن محمد بن إسماعيل ،
عن
محمد بن الفضيل ،عن أبي الصباح الكناني ،عن أبي عبدال عليه السلم قال :
يموت المؤمن
بكل ميتة إل الصاعقة ل تأخذه وهو يذكر ال ) . ( 2
34ومنه :عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن ابن
][385
اذينة ،عن بريد العجلي ،قال :قال أبوعبدال عليه السلم :أن الصواعق ل تصيب
ذاكرا ،قلت :وما الذاكر ؟ قال :من قرأ مائة آية ) . ( 1
35ومنه :عن حميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد بن سماعة ،عن وهب ) ( 2
ابن حفص ،عن أبي بصير ،قال :سألت أبا عبدال عليه السلم عن ميتة المؤمن ،
قال :
يموت المؤمن بكل ميتة ،يموت غرقا ،ويموت بالهدم ،ويبتلي بالسبع ،ويموت
36توحيد المفضل :قال :قال الصادق عليه السلم :فكر يا مفضل في الصحو
والمطر كيف يعتقبان على هذا العالم لما فيه صلحه ،ولو دام واحد منهما عليه
كان في
ذلك فساده ،أل ترى أن المطار إذا توالت عفنت البقول والخضر ،واسترخت
العيون والودية ،فأضر ذلك بالناس ،وغلب اليبس على الهواء فأحدث ضروبا
اخرى من المراض ؟ فإذا تعاقبا على العالم هذا التعاقب اعتدل الهواء ،ودفع
فإن قال قائل :ولم ل يكون في شئ من ذلك مضرة البتة ؟ قيل له :ليمض
ذلك النسان ويولمه بعض اللم فيرعوي عن المعاصي ،فكما أن النسان إذا سقم
بدنه احتاج إلى الدوية المرة البشعة ليقوم طباعه ويصلح ما فسد منه ،كذلك إذا
طفى وأشر احتاج إلى ما يعضه ويولمه ليرعوي ويقصر عن مساوية ،ويتنبه على
ولو أن ملكا من الملوك قسم في أهل مملكته قناطير من ذهب وفضة ألم يكن
سيعظم عندهم ويذهب له به الصوت ؟ فأين هذا من مطرة رواء إذ يعمر به البلد
][386
ويزيد في الغلت أكثر من قناطير الذهب والفضة في أقاليم الرض كلها ؟ أفل ترى
المطرة الواحدة ما أكبر قدرها وأعظم النعمة على الناس فيها وهم عنها ساهون ؟ !
و
ربما عاقت عن أحدهم حاجة ل قدر لها فيذمر ويسخط إيثارا للخسيس قدره على
العظيم نفعه جهل بمحمود العاقبة ،وقلة معرفة معرفة لعظيم الغناء والمنفعة فيها .
تأمل نزوله على الرض وتدبر في ذلك ،فإنه جعل ينحدر عليها من علو
ليغشى ما غلظ وارتفع منها فيرويه ،ولو كان إنما يأتيها من بعض نواحيها لما عل
الموضع المشرفة منها ولقل ما يزرع في الرض ،أل ترى أن الذي يزرع سيحا
أقل من ذلك ؟ فالمطار هي التي تطبق الرض ،وربما تزرع هذه البراري
الواسعة وسفوح الجبال وذراها فتغل الغلة الكثيرة ،وبها يسقط عن الناس في
كثير من البلدان مؤونة سياق الماء من موضع إلى من موضع ،وما يجري في ذلك
بينهم
من التشاجر والتظالم ،حتى يستأثر بالماء ذوالعزة والقوة ويحرمه الضعفاء .
ثم إنه حين قدر أن يتحدر على الرض انحدارا جعل ذلك قطرا شبيها
بالرش ليغور في قعر الرض فيرويها ولو كان يسكبه انسكابا كان ينزل على وجه
الرض فل يغور فيها ،ثم كان يحطم الزرع القائمة إذا اندفق عليها ،فصار ينزل
نزول رقيقا فينبت الحب والمزروع ويحيي الرض والزرع القائم ،وفي نزوله
أيضا مصالح اخرى ،فإنه يلين البدان ،ويجلو كدر الهواء فيرتفع الوباء
الحادث من ذلك ويغسل ما يسقط على الشجر والزرع من الداء المسمى " اليرقان
"
فإن قال قائل :أو ليس قد يكون منه في بعض السنين الضرر العظيم الكثير
لشدة ما يقع منه ،أو برد يكون فيه تحطم الغلت وبخورة يحدثها في الهواء
فيتولد كثير من المراض في البدان ،والفات في العلت ؟ قيل :بلى ،قد يكون
ذلك الفرط لما فيه من صلح النسان وكفه عن ركوب المعاصي والتمادي فيها
فيكون المنفعة فيها يصلح له من دينه أرجح مما عسى أن يرزأ في ماله .
بيان " :يعتقبان " أي يأتى كل منهما عقيب صاحبه ،و " خصر الهواء "
][387
بكسر الصاد المهملة ،يقال خصر يومنا أي اشتد برده ،وماء خاصر :بارد ،وفي
وتجوز ،وفي بعضها بالخاء المعجمة والثاء المثلثة من قولهم خثر إذا غلظ .
والبشع :
الكريه المطعم الذي يأخذ بالحلق .والقنطار معيار ،ويروى أنه ألف ومائتا
أوقية ،ويقال :هو مائة وعشرون رطل ،ويقال :هو ملء مسك الثور ذهبا .
قوله عليه السلم " ويذهب له به الصوت " أي يملصيت كرمه وجوده الفاق .
والذمر :
37الدر المنثور :عن ابن عباس ،قال :السحاب السود فيه المطر ،و
38وعن ابن عباس ،قال :ما من عام بأقل مطرا من عام ،ولكن ال
يصرفه حيث يشاء ،ثم قرأ هذه الية " ولقد صرفنا بينهم ليذكروا الية " ) . ( 2
39وعن عمر مولى عفرة ،قال :سأل النبي صلى ال عليه وآله جبرئيل ،فقال :
إني
احب أن أعلم أمر السحاب ،فقال جبرئيل :هذا ملك السحاب فاسأله ،فقال :
تأتينا صكاك مختمة :اسق بلد كذا وكذا ،كذا وكذا قطرة ) . ( 3
40وعن ابن عباس ،قال :إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به ،وتل
41وفي رواية اخرى عنه ،قال :ل يقتلون بالشهاب ول يموتون ،ولكنها
42وعن ابن عباس ،قال :ما أرسل ال شيئا من ريح أو ماء إل بمكيال
* ) هامش ( * ) ( 1لم نجد هذه الرواية بعينها في المصدر :لكن يوجد ما
][388
إل يوم نوح ويوم عاد ،فأما يوم نوح فإن الماء طغى على خزانه فلم يكن لهم عليه
سبيل ،ثم قرأ " إنا لما طغى الماء " وأما يوم عاد فإن الريح عتت على خزانها
فلم يكن لهم عليها سبيل ،ثم قرأ " بريح صرصر عاتية " .وعن علي عليه السلم
مثله إل
أنه قال :لم تنزل قطرة من ماء إل بمكيال على يد ملك ) . ( 1
43وعن الزهري :عن علي بن الحسين عليهم السلم ،عن ابن عباس ،قال :
كان رسول ال صلى ال عليه وآله جالسا في نفر من أصحابه فرمي بنجم فاستنار ،
تقولون إذا كان هذا في الجاهلية ؟ قالوا :كنا نقول :يولد عظيم أو يموت عظيم
قال :فإنها ل يرمى بها لموت أحد ول لحياته .ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة
العرش ،ثم يسبح أهل السماء الذين يلون حملة العرش ،فيقول الذين يلون حملة
العرش لحملة العرش :ماذا قال ربكم ؟ فيخبر أهل كل سماء سماء حتى ينتهي
الخبر إلى أهل هذه السماء ،وتخطف الجن السمع فيرمون ،فما جاؤوا به على
وجهه فهو حق ،ولكنهم يحرفونه ويزيدون فيه .قال معمر :قلت للزهري :
أكان يرمى بها في الجاهلية ؟ قال :نعم ،قال :أرأيت " إنا كنا نقعد منها مقاعد
للسمع فمن يستمع الن يجد له شهابا رصدا ) " ( 2قال :غلظت وشدد أمرها حين
بعث رسول ال صلى ال عليه وآله ) . ( 3
* ) تتميم ( *
وقالوا :النار حار يابس ،والهواء حار رطب ،والماء بارد رطب ،والرض بارد
يابس ،وكرة النار عندهم ملصقة لكرة فلك القمر متحركة بحركتها بالتبع و
) ( 2الجن . 10 :
][389
لها كرة واحدة ،وتحتها الهواء وله أربع طبقات :الولى ما يمتزج منه مع النار
وهي التي تتلشى فيها الدخنة المرتفعة من السفل ،وتتكون فيها الكواكب ذوات
الذناب وما يشبهها من النيازك ولعمدة وغيرها .الثانية الهواء الصفرة أو القريب
من الصرافة ،وتضمحل فيها الدخنة اللطيفة ،ويحصل منها الشهب .الثالثة
الهواء
الباردة بما يخالطه من البخرة الباقي على برودته لعدم وصول أثر الشعاع
المنعكس
من وجه الرض إليه .الرابعة الهواء الكثيف المجاور للرض والماء الغير الباقي
ثم كرة الماء ،وهي غير تامة ،محيطة بثلثة أرباع الرض تقريبا .ثم
الرض وهي كرة مصمتة وقد أحاط بقريب من ثلثة أرباعها الماء ،فالماء على
هيئة
كرة مجوفة غير تامة قد قطع بعض جوانبها وملئت من الرض ،فالن مجموع
الماء والرض بمنزلة كرة واحدة تامة الهيئة .وللماء طبقة واحدة هي البحر
المحيط
بالرض ،ولم يبق على صرافته لنفوذ آثار الشعة فيه ومخالطته بالجزاء الرضية
وليس له ما يميز بين أبعاضه بحيث تختلف في الحكام اختلفا يعتد به ،والرض
ساكنة في الوسط بحيث ينطبق مركز حجمها على مركز العالم هذا هو المشهور
بينهم
وزعم بعض الوائل منهم أن الرض متحركة حركة وضعية دورية من المغرب
إلى المشرق وأن شروق الكواكب وغروبها بسبب ذلك ل بسبب حركة الفلك
وللرض ثلث طبقات الولى الرض الصرفة المحيطة بالمركز الثانية الطبقة
الطينية وهي المجاورة للماء الثالثة الطبقة المنكشفة من الماء ،وهي التي تحتبس
فيها البخرة والدخنة ،وتتولد فيها المعادن والنباتات والحيوانات ،وتنقسم إلى
البراري والجبال ،وهي المعروفة بالربع المسكون المنقسم إلى القاليم السبعة .
وأما السبب في انكشافها فقد قيل :هو انجذاب الماء إلى ناحية الجنوب لغلبة
الحرارة
فيها بسبب قرب الشمس ،لكون حضيض الشمس في البروج الجنوبية ،وكونها
في القرب أشد شعاعا من كونها في البعد ،وكون الحرارة اللزمة من الشعاع
][390
الشد أقوى ل محالة ،وشأن الحرارة جذب الرطوبات ،وعلى هذا يمكن أن تنتقل
العمارة من الشمال إلى الجنوب ثم من الجنوب إلى الشمال وهكذا بسبب انتقال
الوج من أحدهما إلى الخر ،وتكون العمارة دائما ] إلى [ حيث أوج الشمس
لئل يجتمع في الصيف قرب الشمس من سمت الرأس وقربها من الرض فتبلغ
الحرارة
إلى حد النكاية والحراق ،ول البعدان في الشتاء فيبلغ البرد إلى حد النكاية و
التفجيع ،وقيل :سببه كثرة الوهاد والغوار في ناحية الشمال باتفاق من السباب
الخارجة ،فتنحدر المياه إليها بالطبع وتبقى المواضع المرتفعة مكشوفة ،وقيل :
ليس له سبب معلوم غير العناية اللهية ليصير مستقرا للنسان وغيره من
الحيوانات
أي ينقلب بعضها إلى بعض بل توسط أو بتوسط واحد أو أكثر ،كالماء ينقلب حجر
المرمر ،فإنه يحصل من مياه صافية جارية مشروبة تجتمع في وهاد تتحجر
حجرا قريب الحجم من حجمها في زمان قليل كما ينقل من بعض محال مراغة من
بلد آذربايجان ،وقيل :الحق أن ذلك إنما هو بخاصية في بعض المواضع من
الرض خلق ال فيها قوة معدنية شديدة التأثير في التحجير إذا صادفتها المياه
تحجرت ،وربما كانت في باطن الرض فظهرت بالزلزل ،ومن هذا القبيل
ما نقل من انقلب بعض الناس حجرا ،وقد شوهدت في بعض البلد أشباح حجرية
والتخصيط
شئ ،وأشخاص بهيمية وسائر امور تتعلق بالنسان على حالت مخصوصة
وأوضاح
يغلب على الظن أنها كانت قوالب إنسية وما يتعلق بها ،فل يبعد ظهور ] مثل [ هذه
وقالوا :الحجر ينحل بالحيل الكسيرية ماء سيال ،والهواء ينقلب ماء
كما يشاهد في قلل الجبال وغيرها أن الهواء بسبب البرد يغلظ ويصير سحابا
متقاطرا
وكما يشاهد من ركوب القطرات على الطاس المكبوب على الجمد ،والماء ينقلب
][391
هواء بالحر الحاصل من تسخين الشمس أوالنار كما يشاهد من البخار الصاعد من
الماء المسخن ،فإن البخار أجزاء هوائية متكونة من الماء مستصحبة لجزاء
مائية لطيفة مختلطة بها ،والهواء ينقلب نارا كما في كور الحدادين إذا الح النفخ
عليها وسد الطرق التي يدخل منها الهواء الجديد يحدث فيه نار من انقلب الهواء
إليها ،ومن هذا القبيل الهواء الحار الذي منه السموم المحرقة ،والنار أيضا تنقلب
هواء كما يشاهد في شعلة المصباح ،فإنها لو بقيت على النارية لتحركت إلى
ثم إنهم قالوا :إذا تصغرت تلك العناصر وامتزجت وتماست وفعل بعضها
في بعض بقواها المتضادة تحصل منها كيفية متوسطة هي المزاج ،والتركيب
قد يكون تاما يحصل به مزاج ويستعد بذلك لفاضة صورة نوعية تحفظ التركيب
زمانا طويل ،وقد يكون ناقصا ل يبقى مدة مديدة بل تنحل بأدنى سبب مثل
قال صاحب المقاصد :المركبات التي ل مزاج لها ثلثة أنواع ،لن حدوثه
إما فوق الرض أعني في الهواء ،وإما على وجه الرض ،وإما في الرض فالنوع
الول منه ما يتكون من البخار ،ومنه ما يتكون من الدخان وكلهما بالحرارة
فإنها تحلل من الرطب أجزاء هوائية ومائية وهي البخار ،ومن اليابس أجزاء
أرضية تخالطها أجزاء نارية وقلما يخلو عن هوائية وهي الدخان ،فالبخار
المتصاعد قد يلطف بتحليل الحرارة أجزاؤه المائية فيصير هواء ،وقد يبلغ الطبقة
............................................................................
-بحار النوار جلد 52 :من صفحه 391سطر 19إلى صفحه 399سطر 11
الزمهريرية فيتكاثف فيجتمع سحابا ويتقاطر قطرا إن لم يكن البرد شديدا ،وإن
أصابه برد شديد يجمد السحاب قبل تشكله بشكل القطرات نزل ثلجا ،أو بعد تشكله
بذلك نزل بردا صغيرا مستديرا إن كان من سحاب بعيد لذوبان الزوايا بالحركة
والصطكاك ،وإل فكبيرا غير مستدير في الغالب ،وإنما يكون البرد في هواء
البخار المتصاعد الطبقة الزمهريرية ،فإن كثر صار ضبابا ،وإن قل وتكاثف ببرد
][392
الليل فإن انجمد نزل صقيعا ،وإل فطل ،فنسبة الصقيع إلى الطل نسبة الثلج
إلى المطر .وقد يكون السحاب الماطر من بخار كثير تكاثف بالبرد من غير أن
يتصعد
إلى الزمهريرية لمانع مثل هبوت الرياح المانعة للبخرة من التصاعد ،أو
الضاغطة
إياها إلى الجتماع بسبب وقوف جبال قدام الريح وثقل الجزء المتقدم وبطء
حركته .
وقد يكون مع البخار المتصاعد دخان ،فإذا ارتفعا معا إلى الهواء البارد
وقد انعقد البخار سحابا واحتبس الدخان فيه فإن بقي الدخان على حرارته قصد
الصعود ،وإن برد قصد النزول ،وكيف كان فإنه يمزق السحاب تمزيقا عنيقا
فيحدث من تمزيقه ومصاكته صوت هو الرعد ،ونارية لطيفة هي البرق ،أو كثيفة
وقد يشتعل الدخان الغليظ بالوصول إلى كرة النار كما يشاهد عند وصول
دخان سراج منطفئ إلى سراج مشتعل فيرى فيه الشتعال فيرى كأنه كوكب
انقض وهو الشهاب ،وقد يكون لغلظه ل يشتعل بل يحترق ويدوم فيه الحتراق
فيبقى على هيئة ذؤابة أوذنب أوحية أو حيوان له قرون ،وربما يقف تحت كوكب
ويدور مع النار بدوران الفلك إياها ،وربما تظهر فيه علمات هائلة حمر وسود
بحسب زيادة غلظ الدخان .وإذا لم ينقطع اتصال الدخان من الرض ونزل
اشتعاله إلى الرض يرى كأن تنينا ينزل من السماء إلى الرض وهو الحريق
) انتهى ( .
وقال في المواقف :وأما الدخان فربما يخالط السحاب فيحرقه ،إما في
صعوده بالطبع أو عند هبوطه للتكاثف بالبرد ،فيحدث من خرقه له ومصاكنه إياه
صوت هو الرعد ،وقد يشتعل بقوة التسخين الحاصل من الحركة والمصاكة فلطيفه
ينطفئ سريعا وهو البرق ،وكثيفه ل ينطفئ حتى يصل إلى الرض وهي الصاعقة .
وقال شارحه :وإذا وصل إليها فربما صار لطيفا ينفذ في المتخلخل ول يحرقه
ويذيب الجسام المندمجة ،فيذيب الذهب والفضة في الصرة مثل ول يحرقها إل
][393
ما احترق من الذوب ،وقد أخبرنا أهل التواتر بأن الصاعقة وقعت بشيراز على قبة
الشيخ الكبير أبي عبدال بن حفيف ،فأذاب قنديل فيها ولم يحرق شيئا منها .و
ربما كان كثيفا غليظا جدا فيحرق كل شئ أصابه ،وكثيرا ما تقع على الجبل
فتدكه دكا .ويحكى أن صبيا كان في صحراء فأصاب ساقيه صاعقة فسقط رجله
وقال الرازي في المباحث المشرقية :إذا ارتفع بخار دخاني لزج دهني
وتصاعد حتى وصل إلى حيز النار من غير أن ينقطع اتصاله عن الرض اشتعلت
النار فيه نازلة ،فيرى كأن تنينا ينزل من السماء إلى الرض ،فإذا وصلت إلى
الرض احترقت تلك المادة بالكلية وما يقرب منها ،وسبيل ذلك سبيل السراج
المنطفئ إذا وضع تحت السراج المشتعل فاتصل الدخان من الول إلى الثاني
فانحدر اللهب إلى فتيلته .
وقال في شرح المواقف في سبب الهالة والقوس :قد تحدث في الجو أجزاء
رطبة رشية صقيلة كدائرة تحيط تلك الجزاء بغيم رقيق لطيف ل تحجب ما وراءه
عن البصار ،فينعكس منها أي من تلك الجزاء الواقعة على ذلك الوضع ضوء
البصر لصقالتها إلى القمر ،فيرى في تلك الجزاء ضوؤه دون شكله .فإن الصقيل
الذي ينعكس منه شعاع البصر إذا صغر جدا بحيث ل ينقسم في الحس أدى ) ( 1
الضوء واللون دون الشكل والتخصيط كما في المرآة الصغيرة .وتلك الجزاء
الرشية مرايا صغار متراصة على هيئة الدائرة ،فيرى جميع تلك الدائرة كأنها
منورة بنور ضعيف وتسمى الهالة ،وإنا ل نرى الجزء الول الذي يقابل القمر
من ذلك الغيم ،لن قوة الشعاع تخفي حجم السحاب الذي ل يستره ،فل يرى
فيه خيال القمر ،كيف والشئ إنما يرى على الستقامة نفسه ل شبحه بخلف
أجزائه التي ل تقابله فإنها تؤدي خيال ضوئه كما عرفت .قيل :وأكثر ما تتولد
الهالة عند عدم الريح ،فإن تمزقت من جميع الجهات دلت على الصحو ،وإن ثخن
][394
السحاب حتى بطلت دلت على المطر ،لن الجزاء المائية قد كثرت ،وإن انخرقت
من جهة دلت على ريح تأتي من تلك الجهة ،و ] إن [ اتفق أن توجد سحابتان على
الصفة المذكورة إحداهما تحت الخرى حدثت هناك هالة تحت هالة ،وتكون
التحتانية أعظم لنها أقرب إلينا ،وزعم بعضهم أنه رأى سبع هالت معا .
واعلم أن هالة الشمس وتسمى " الطفاوة " نادرة جدا ،لن الشمس
تحلل السحب الرقيقة ،ومع ذلك فقد زعم ابن سينا أنه رأى حول الشمس هالة
تامة في ألوان قوس قزح ،ورأى بعد ذلك هالة فيها قوسية قليلة ،وإنما تنفرج
هالة الشمس إذا كثف السحاب وأظلم .وحكى أيضا أنه رأى حول القمر هالة
قوسية اللون ،لن السحاب كان غليظا فشوش في أداء الضوء وعرش ما يعرض
للقوس ،وقد يحدث مثل ذلك الذي ذكرناه من الجزاء الرشية الصقيلة على هيئة
وتفصيلة أنه إذا وجد في خلف جهة الشمس أجزاء رشية لطيفة صافية على
تلك الهيئة وكان وراءها جسم كثيف إما جبل أو سحاب كدر وكانت الشمس قريبة
من الفق فإذا ادبر على الشمس ونظر إلى تلك الجزاء انعكس شعاع البصر
عنها إلى الشمس ،ولما كانت صغيرة جدا لم يؤد الشكل بل اللون الذي يكون
مركبا من ضوء الشمس في لون المرآة ،وتختلف ألوانها بحسب اختلف أجزاء
وفي المباحث المشرقية :زعم بعضهم أن السبب في حدوث أمثال هذه الحوادث
فيظن
أن الصورة الولى حاصلة في الشئ الثاني ول يكون فيه بحسب نفس المر .
قال المام :هذا الذي ذكره ل ينافي ما ذكرناه ،فإن الصحة والمرض
قد يستندان إلى أسباب عنصرية تارة ،وإلى اتصالت فلكية وتأثيرات نفسانية
][395
اخرى ،لكن هذا الوجه يؤيده أن أصحاب التجارب شهدوا بأن أمثال هذه الحوادث
في الجو تدل على حدوث حوادث في الرض ،فلول أنها موجودات مستندة إلى
وقال بعضهم :إن ال سبحانه إذا أراد أن يلطف بقوم أو يغضب عليهم بإحداث
حدث في الرض وتكوين كائن من إمطار مطر أو إرسال ريح وما أشبههما أمر
الملئكة الموكلين بها ،أفاعيل الملئكة أن يحركوا شيئا منها ويخلطوه حتى يحصل
من اختلطه ما يشاء ،فإن كل ما يتكون في الجو والرض إنما يحدث من
تاما يحصل بسبب الكيفية الوحدانية المسماة بالمزاج هو البخار والدخان ،وذلك
لن الملئكة إذا هيجوا باسخان السماويات الحرارة بخروا من الجسام المائية
ودخنوا من الجسام الرضية ،وأثاروا أجزاء إما هوائية ومائية مختلطين وهو
البخار ،وإما نارية وأرضية كذلك وهو الدخان ،ثم حصل بتوسطهما موجودات
شتى غير تامة المزاج من الغيم والمطر والثلج والبرد والضباب والطل والصقيع
وتوسط ملئكته ،كما قال سبحانه إشارة إلى بعض ذلك " ألم تر أن ال يزحي
سحابا الية " والتأمل في بناء الحمام وعوارضه نعم العون على إدراك ماهية
الجو وكثير من حوادثه ،بل التدبر في ما يرتفع من أرض معدة النسان إلى
زمهرير دماغة ثم ينزل منه في ثقب وجهه يعين على ذلك كسائر المور النفسية
مقدمتين الولى :أن سائر اللوان المتوسطة بين السود والبيض إنما تحدث
عن اختلط هذين اللونين ،وبالجملة البيض إذا رؤي بتوسط السود أو بمخالطة
][396
السود حدثت عن ذلك اللوان الخر ،فإن كان النير هو الغالب رؤي الحمر
وإن لم يكن غالبا رؤي الكراثي والرجواني ،وغلبته في الكراثي أكثر وفي
الرجواني أقل .الثانية أن اللون السود هو بمنزلة عدم البصار ،لنا إذا
لم نر الشمس والمضئ ظننا أنا نرى شيئا أسود ،فالمكان من الغمام الذي يكون
البيض فيه غالبا على السود نراه أحمر ،والمكان الذي يكون فيه السود غالبا
نراه ارجوانيا ،والمكان الذي فيه السود بين الغالب والمغلوب نراه كراثيا .
فإذا تمهد هذا فنقول :إذا رأى البصر النير بتوسط الغمام على تلك
الشرائط رأى القوس على الكثر ذات ألوان ثلثة :الول منها وهو الدور الخارج
الذي يلي السماء أحمر لقلة سواده وكثرة بياضه ،والثاني وهو الذي دونه كراثي
لتوسطه بين الول والثالث في قلة السواد وكثرته وقلة البياض وكثرته ،والدور
الثلث مما يلي الرض ارجواني لكثرة سواده وقلة بياضه ،فأما الدور الصفر
الذي قد يرى أحيانا بين الدور الحمر والكراثي فإنه ليس يحدث بنحو النعكاس
فإنما يرى بمجاورة الحمر اللون الكراثي ،والعلة في ذلك أن البيض إذا وقع
على جنب السود رؤي أكثر بياضا ،ولما كان الدور الحمر فيه بياضا والكراثي
مائل إلى السواد رؤي طرف الحمر لقربه من الكراثي أكثر بياضا من الحمر
] وما هو أكثر بياضا من الحمر [ هو الصفر ،فلهذا يرى طرف الدور الحمر
القريب من الكراثي أصفر .وقد يظهر أحيانا قوسان معا كل واحدة منهما ذات
ثلثة ألوان على النحو الذي ذكرناه في الواحدة ،لكن وضع ألوان القوس
الخارجة بالعكس من الداخلة ،يعني دورها الخارج الذي يلى السماء ارجواني ،و
الذي يليه كراثي ،والذي يتول هذا أحمر ،ول يبعد أن يكون أحد القوسين عكسا
الشريعة ،ولم يكلف النسان الخوض فيها والتفكر في حقائقها ،ولو كان مما ينفع
الملكف لم يهمل صاحب الشرع بيانها ،وقد ورد في كثير من الخبار النهي عن
][397
تكلف مالم يؤمر المرء بعلمه .قال صاحب المواقف وشارحه بعد إيراد هذه المباحث
:
ما ذكرناه كله آراء الفلسفة حيث نفوا القادر المختار ،فأحالوا اختلف الجسام
بالصور إلى استعداد في موادها ،وأحالوا اختلف آثارها إلى صورها المتبائنة و
أمزجتها المتخالفة ،وكل ذلك إلى حركات الفلك وأوضاعها .وأما المتكلمون
اختلف فيها ،وإنما يعرض الختلف للجسام ل في ذواتها بل بما يحصل فيها
الواقف على قلة الجبل ل يرى سحابا ول مطرا ول ماء ،والذين تحت السحاب
ينزل عليهم المطر ل ينافى الظواهر الدالة على أن المطر من السماء بوجهين :
أولهما
أنه يمكن أن ينزل عليهم المطر من السماء إلى السحاب رشحا ضعيفا ل يحس به
أو قبل انعقاد الحساب على الموضع الذي يرتفع منه .وثانيهما أن نقول بحصول
الوجهين معا وانقسام المطر إلى القسمين ،فمنه ما ينزل من السماء ،ومنه ما
يرتفع
من بخار البحار والراضي الندية .ويؤيده ما رواه شيخنا البهائي قدس ال
روحه في كتاب " مفتاح الفلح " حيث قال :نقل الخاص والعام أن المأمون
ركب يوما للصيد فمر ببعض أزقة بغداد على جماعة من الطفال ،فخافوا وهربوا
وتفرقوا ،وبقي واحد منهم في مكانه ،فتقدم إليه المأمون وقال له :كيف لم
تهرب كما هرب أصحابك ؟ فقال :لن الطريق ليس ضيقا فيتسع بذهابي ،و
لبي عندك ذنب فأخافك لجله ،فلي شي أهرب ؟ ! فأعجب كلمه المأمون
فلما خرج إلى خارج بغداد أرسل صقره فارتفع في الهواء ولم بسقط على وجه
الرض
حتى رجع وفي منقاره سمكة صغيرة ،فتعجب المأمون من ذلك ،فلما رجع تفرق
الطفال وهربوا إل ذلك الطفل فإنه بقي في مكانه كما في المرة الولى ،فتقدم
إليه المأمون وهو ضام كفه على السمكة وقال له :قل أي شئ في يدي ؟ فقال :
إن الغيم حين أخذ من ماء البحر تداخله سمك صغار فتسقط منه فيصطادها الملوك
][398
فيمتحنون بها سللة النبوة .فأدهش ذلك المأمون فقال له :من أنت ؟ قال :أنا
محمد
ابن علي الرضا وكان ذلك بعد واقعة الرضا عليه السلم وكان عمره عليه السلم
في ذلك الوقت
إحدى عشر ،وقيل عشر سنة فنزل المأمون عن فرسه وقبل رأسه وتذلل له ثم
أقول :وقد مر في أبواب تاريخه عليه السلم .وسئل السيد المرتضى :الرعد و
البرق والغيم ما هو ؟ وقوله تعالى " وينزل من السماء من جبال فيها من برد "
وهل هناك بردأم ل ؟ فأجاب قدس سره :إن الغيم جسم كثيف وهو مشاهد
ل شك فيه ،وأما الرعد والبرق فقد روي أنهما ملكان ،والذي نقوله هو أن
الرعد صوت من اصطكاك أجرام السحاب .والبرق أيضا من تصادمهما .وقوله "
من
جبال " إلى آخره ل شبهة فيه أنه كلم ال ،وأنه ل يمتنع أن تكون جبال البرد
* ) بسمه تعالى ( *
][399
" بحار النوار " وهو الجزء السادس والخمسون حسب تجزئتنا
في هذه الطبعة وتنميقه والتعليق عليه ومقابلته بالنسخ والمصادر .