Professional Documents
Culture Documents
][1
بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر
المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء
الستون مؤسسة الوفاء بيروت -لبنان كافة الحقوق محفوظة ومسجلة
الطبعة الثانية المصححة 1403ه 1983 -م مؤسسة الوفاء -بيروت -
لبنان -ص ب - 1457هاتف386868 :
][1
بسم ال الرحمن الرحيم )باب( )تأثير السحر والعين وحقيقتهما زائدا على ما تقدم
في باب( )عصمة الملئكة( اليات :البقرة :يعلمون الناس السحر -إلى
قوله -فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين
به من أحد إل باذن ال ) .(1العراف :فلما ألقوا سحروا أعين الناس
واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم (2) .يونس :ول يفلح الساحرون(3) .
وقال تعالى :وقال موسى ما جئتم به السحر إن ال سيبطله إن ال ل يصلح
عمل المفسدين (4) .يوسف :وقال يا بنى ل تدخلوا من باب واحد وادخلوا
من أبواب متفرقة وما اغني عنكم من ال من شئ إن الحكم إل ل عليه
توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان
يغني عنهم من ال من شئ إل حاجة في نفس يعقوب
) (1البقرة (2) .102 :العراف (3) .116 :يونس (4) .77يونس.81 :
][2
قضيها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس ل يعلمون ) .(1طه :قال بل ألقوا
فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى -إلى قوله تعالى -
إنما صنعوا كيد ساحر ول يفلح الساحر حيث أتى ) .(2القلم :وإن يكاد
الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون.
وما هو إل ذكر للعالمين ) .(3الفلق :ومن شر النفاثات في العقد .ومن شر
حاسد إذا حسد " ) .(4تفسير :قال الطبرسي -رحمه ال -في قوله تعالى
" يعلمون الناس السحر " السحر والكهانة والحيلة نظائر ،يقال :سحره
يسحره سحرا .وقال صاحب العين :السحر عمل يقرب إلى الشياطين ،ومن
السحر الخذة التي تأخذ العين حتى تظن أن المر كما ترى وليس المر كما
ترى .فالسحر عمل خفي لخفاء سببه ،يصور الشئ بخلف صورته ،ويقلبه
عن جنسه في الظاهر ،ول يقلبه عن جنسه في الحقيقة ،أل ترى إلى قوله
تعالى " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " ) .(5وقال في قوله " :ما
يفرقون به " :فيه وجوه :أحدها أنهم يوجدون أحدهما على صاحبه
ويبغضونه إليه فيؤدي ذلك إلى الفرقة عن قتادة .وثانيها :أنهم يغوون أحد
الزوجين ويحملونه على الكفر والشرك بال تعالى فيكون بذلك قد فارق
زوجه الخر المؤمن المقيم على دينه ،فيفرق بينهما على اختلف النحلة
وتباين الملة .و ثالثها أنهم يسعون بين الزوجين بالنميمة والوشاية حتى
يؤول أمرهما إلى الفرقة و المباينة " .إل بإذن ال " أي يعلم ال فيكون
تهديدا أو بتخلية ال ).(6
) (1يوسف (2) .68 ،67طه (3) .69 - 66 :القلم (4) .52 - 51 :الفلق) .5 ،4 :
(5مجمع البيان :ج 1ص (6) .17مجمع البيان :ج 1ص 176
)بتلخيص(.
][3
وقال البيضاوي :المراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما ل
يستقل به النسان ،وذلك ل يستتب إل لمن يناسبه في الشرارة وخبث
النفس ،فإن التناسب شرط في التضام والتعاون ،وبهذا يميز الساحر عن
النبي والولي .وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة اللت
والدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير مذموم ،وتسميته سحرآ على
التجوز ،أو لما فيه من الدقة لنه في الصل لما خفي سببه ) .(1وقال
الشيخ -قدس سره -في التبيان :قيل في معنى السحر أربعة أقوال :أحدها
أنه خدع ومخاريق وتمويهات ل حقيقة لها ،يخيل إلى المسحور أن لها
حقيقة .والثاني أنه أخذ بالعين على وجه الحيلة .والثالث أنه قلب الحيوان
من صورة إلى صورة ،وإنشاء الجسام على وجه الختراع ،فيمكن
الساحر أن يقلب النسان حمارا وينشئ أجساما .والرابع أنه ضرب من
خدمة الجن .وأقرب القوال الول لن كل شئ خرج عن العادة الجارية فإنه
سحر ل يجوز أن يتأتى من الساحر ،ومن جوز شيئا من هذا فقد كفر ،لنه
ل يمكن مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة على النبوات ،لنه أجاز مثله
على جهة الحيلة والسحر ) .(2وقال النيسابوري :السحر في اللغة عبار
عن كل ما لطف مأخذه وخفي سببه ،ومنه الساحر العالم ،وسحره خدعه،
والسحر الرئة .وفي الشرع مختص بكل أمر يختفي سببه ويتخيل على غير
حقيقته ،ويجري مجرى التمويه والخداع .وقد يستعمل مقيدا فيما يمدح
ويحمد ،وهو السحر الحلل .قال صلى ال عليه وآله :إن من البيان
لسحرا .ثم السحر على أقسام :منها سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم
الدهر ،وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي المدبرة لهذا العالم،
ومنها تصدر الخيرات
][4
][5
وقال أيضا في قوله سبحانه " فيتعلمون " :أي فيتعلم الناس من الملكين ما
يفرقون به بين المرء وزوجه ،إما لنه إذا اعتقد أن السحر حق كفر فبانت
منه امرأته ،وإما لنه يفرق بينهما بالتمويه والحتيال ،كالنفث في العقد
ونحو ذلك مما يحدث ال عنده الفرك والنشوز ابتلء منه ،لن السحر له
أثر في نفسه بدليل قوله " وما هم بضارين به من أحد إل بإذن ال " أي
بإرادته وقدرته ،لنه إن شاء أحدث عند ذلك شيئا من أفعاله ،وإن شاء لم
يحدث .وكان الذي يتعلمون منهما لم يكن مقصورا على هذه الصورة،
ولكن سكون المرء وركونه إلى زوجه لما كان أشد خصت بالذكر ليدل بذلك
على أن سائر الصور بتأثير السحر فيها أولى -انتهى .-وقد مر من تفسير
المام عليه السلم " فيتعلمون " يعني طالبي السحر " منهما " يعني مما
كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات ،ومما انزل على الملكين
ببابل هاروت وماروت ،يتعلمون من هذين الصنفين " ما يفرقون به بين
المرء وزوجه " هذا من يتعلم للضرار بالناس ،يتعلمون التضريب
بضروب الحيل والنمائم واليهام أنه قد دفن في موضع كذا وعمل كذا
ليحبب المرأة إلى الرجل ،والرجل إلى المرأة ،أو يؤدي إلى الفراق بينهما.
" وما هم بضارين به " أي ما المتعلمون لذلك بضارين به " من أحد إل
بإذن ال " يعني بتخلية ال وعلمه ،فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر.
وقال الطبرسي -رحمه ال -في قوله تعالى " فلما ألقوا " أي فلما ألقى
السحرة ما عندهم من السحر احتالوا في تحريك العصي والحبال بما جعلوا
فيها من الزئبق ،حتى تحركت بحرارة الشمس وغير ذلك من الحيل وأنواع
التمويه والتلبيس ،وخيل إلى الناس أنها تتحرك على ما تتحرك الحية.
وإنما سحروا أعين الناس لنهم أروهم شيئا لم يعرفوا حقيقته ،وخفي ذلك
عليهم لبعده منهم ،لنهم لم يخلوا الناس يدخلون فيما بينهم .وفي هذا دللة
على أن السحر ل حقيقة له ،لنه لو صارت حيات حقيقة لم يقل ال
سبحانه " سحروا أعين الناس " بل كان يقول " فلما ألقوا صارت حيات
" -انتهى .(1) -
][6
وقال الرازي :احتج القائلون بأن السحر محض التمويه بهذه الية .قال القاضي :لو
كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم ل أعينهم ،فثبت أن المراد أنهم
تخيلوا أحوال عجيبة ،مع أن المر في الحقيقة ما كان على وفق ما
تخيلوه .قال الواحدي :بل المراد سحروا أعين الناس أي قلبوها عن صحة
إدراكها بسبب تلك التمويهات ) .(1وقال الطبرسي " :ول يفلح الساحرون
" أي ل يظفرون بحجة ،ول يأتون على ما يدعونه ببينة ،وإنما هو تمويه
على الضعفة " .ما جئتم به السحر " أي الذين جئتم به من الحبال
والعصي السحر ،ل ما جئت به " .إن ال سيبطل هذا السحر الذي
عظمتموه ) " .(2إن ال ل يصلح عمل المفسدين " إن ال ل يهيئ عمل
من قصد إفساد الدين ول يمضيه ،ويبطله حتى يظهر الحق من الباطل ).(3
وقال في قوله " ل تدخلوا من باب واحد " خاف عليهم العين ،لنهم كانوا
ذوي جمال ،وهيئة وكمال ،وهم إخوة ،أولد رجل واحد ،عن ابن عباس
والحسن وقتادة والضحاك والسدي وأبو مسلم .وقيل :خاف عليهم حسد
الناس إياهم ،وأن يبلغ الملك قوتهم وبطشهم ،فيحبسهم أو يقتلهم خوفا
على ملكه ،عن الجبائي ،وأنكر العين وذكر أنه لم يثبت بحجة ،وجوزه
كثير من المحققين ،ورووا فيه الخبر عن النبي صلى ال عليه وآله " إن
العين حق تستنزل الحالق " والحالق المكان المرتفع من الجبل وغيره،
فجعل عليه السلم العين كأنها تحط ذروة الجبل ،من قوة أخذها ،وشدة
بطشها .وورد في الخبر أنه صلى ال عليه وآله كان يعوذ الحسن
والحسين عليهما السلم بأن يقول " اعيذكما بكلمات ال التامة ،من كل
شيطان وهامة ،ومن كل عين لمة " وروي أن إبراهيم
تفسير الرازي ج (2) .203 :14في المصدر :فعلتموه (3) .مجمع البيان :ج :5
ص (*) .126
][7
عليه السلم عوذ ابنيه ،وأن موسى عليه السلم عوذ ابني هارون بهذه العوذة،
وروي أن بني جعفر بن أبيطالب كانوا غلمانا بيضا ،فقالت أسماء بنت
عميس :يا رسول ال ،إن العين إليهم سريعة ،أفأسترقي لهم من العين ؟
فقال صلى ال عليه وآله :نعم .وروي أن جبرئيل عليه السلم رقى رسول
ال صلى ال عليه وآله وعلمه الرقية ،وهي " :بسم ال أرقيك من كل
عين حاسد ال يشفيك " وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال :لو
كان شئ يسبق القدر لسبقته العين .ثم اختلفوا في وجه تأثير الصابة
بالعين ،فروي عن عمرو بن بحر الجاحظ أنه قال :ل ينكر أن ينفصل من
العين الصائبة إلى الشئ المستحسن أجزاء لطيفة تتصل به وتؤثر فيه،
ويكون هذا المعنى خاصة في بعض العين كالخواص في بعض الشياء.
وقد اعترض على ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الشياء
دون بعض ،ولن الجزاء تكون جواهر ،والجواهر متماثلة ،ول يؤثر
بعضها في بعض .وقال أبو هاشم :إنه فعل ال بالعادة لضرب من
المصلحة ،وهو قول القاضي .ورأيت في شرح هذا للشريف الجل الرضي
الموسوي -قدس ال روحه -كلما أحببت إيراده في هذا الموضع .قال:
إن ال يفعل المصالح بعباده على حسب ما يعلمه من الصلح لهم في تلك
الفعال التي يفعلها ،فغير ممتنع أن يكون تغييره نعمة زيد مصلحة لعمرو،
وإذا كان تعالى يعلم من حال عمرو أنه لو لم يسلب زيدا نعمته أقبل على
الدنيا بوجهه ،ونأى عن الخرة بعطفه .وإذا سلب نعمة زيد للعلة التي
ذكرناها عوضه ) (1عنها ،وأعطاه بدل منها عاجل وآجل ،فيمكن أن
يتأول قوله عليه السلم " العين حق " على هذا الوجه .على أنه قد روي
عنه عليه السلم ما يدل على أن الشئ إذا عظم في صدور العباد وضع ال
قدره ،وصغر أمره ،وإذا كان المر على هذا فل ينكر تغيير حال بعض
الشياء عند نظر بعض الناظرين إليه ،واستحسانه له ،وعظمه في صدره،
وفخامته في عينه ،كما روي أنه قال -لما سبقت ناقته العضباء ،وكانت إذا
سوبق بها لم تسبق " :-ما رفع العباد من شئ إل وضع ال منه " ويجوز
][8
أن يكون ما أمر به المستحسن للشئ عند الرؤية من تعويذه بال والصلة على
رسول ال صلى ال عليه وآله قائما في المصلحة مقام تغيير حالة الشئ
المستحسن ،فل تغيير ) (1عند ذلك ،لن الرائي لذلك قد أظهر الرجوع إلى
ال تعالى والعاذة به فكأنه غير راكن إلى الدنيا ،ول مغتر بها -انتهى
كلمه رضي ال عنه " .-وما اغني عنكم من ال من شئ " أي وما أدفع
من قضاء ال من شئ ،إن كان قد قضا عليكم الصابة بالعين أو غير ذلك.
" إن الحكم إل ل " أي ما الحكم إل ل " .عليه توكلت " فهو القادر على
أن يحفظكم من العين ،أو من الحسد ،ويردكم علي سالمين " .وعليه
فليتوكل المتوكلون " أي ليفوضوا أمورهم ) (2إليه وليثقوا به " .ولما
دخلوا مصر من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب متفرقة كما أمرهم
]أبوهم[ يعقوب " ما كان يغني عنهم -إلخ " -أي لم يكن دخولهم مصر
كذلك يغني عنهم ) (3أي يدفع عنهم شيئا أراد ال إيقاعه ،من حسد أو
إصابة عين ،وهو عليه السلم كان عالما بأنه ل ينفع حذر من قدر ،ولكن
كان ما قاله لبنيه حاجة في قلبه ،فقضى يعقوب تلك الحاجة ،أي أزال به
اضطراب قلبه ،لن ل يحال على العين مكروه يصيبهم .وقيل :معناه أن
العين لو قدر أن تصيبهم لصابتهم وهم متفرقون ،كما تصيبهم مجتمعين.
قال " :وحاجة " استثناء ليس من الول بمعنى ولكن حاجة " وإنه لذو
علم " أي لذو يقين ومعرفة بال " لما علمناه " من أجل تعليمنا إياه ،أو
يعلم ما علمناه فيعمل به " ولكن أكثر الناس ل يعلمون " مرتبة يعقوب في
العلم ).(4
) (1فل يغتر )خ( (2) .أمرهم )خ( (3) .في المصدر :أو (4) .مجمع البيان :ج ،5
ص .250 - 249
][9
قال البيضاوي :ل يعلمون سر القدر ،وأنه ل يغني عنه الحذر ) .(1وقال الرازي:
قال جمهور المفسرين إنه خاف من العين عليهم ،ولنا ههنا مقامان :المقام
الول إثبات أن العين حق .والذي يدل عليه وجهان :الول إطباق المتقدمين
من المفسرين على أن المراد من هذه الية ذلك .والثاني ما روي أن النبي
صلى ال عليه وإله كان يعوذ الحسن والحسين عليهما السلم .ثم ذكر
بعض ما مر من الحبار -إلى أن قال :-والخامس دخل رسول ال صلى
ال عليه وآله بيت ام سلمة وعندها صبي يشتكي فقال ) :(2يا رسول ال
أصابته العين ،فقال صلى ال عليه وآله :أما تسترقون له من العين ؟
السادس قوله صلى ال عليه وآله " العين حق ،ولو كان شئ يسبق القدر
لسبقت العين القدر " .السابع قالت عائشة :كان يأمر العاين أن يتوضأ ثم
يغتسل منه المعين الذي اصيب بالعين .المقام الثاني في الكشف عن
ماهيته ،فنقول :إن الجبائي أنكر هذا المعنى إنكارا بليغا ،ولم يذكر في
إنكاره شبهة فضل عن حجة .وأما الذين اعترفوا به وأقروا بوجوده فقد
ذكروا فيه وجوها :الول قال الجاحظ :تمتد من العين أجزاء ،فتتصل
بالشخص المستحسن ،فتؤثر وتسري فيه كتأثير اللسع والسم والنار ،وإن
كان مخالفا في وجه التأثير لهذه الشياء .قال القاضيي :وهذا ضعيف ،لنه
لو كان المر كما قال لوجب أن يؤثر في الشخص الذي ل يستحسن كتأثيره
في المستحسن .واعلم أن هذا العتراض ضعيف ،وذلك لنه إذا استحسن
شيئا فقد يحب بقاءه كما إذا استحسن ولد نفسه وبستان نفسه ،وقد يكره
بقاءه ،كما إذا استحسن الحاسد بحصول شئ حسن لعدوه ،فإن كان الول
فإنه يحصل عند ذلك الستحسان خوف
][10
شديد من زواله ،والخوف الشديد يوجب انحصار الروح في داخل القلب ،فحينئذ
يسخن القلب والروح جدا ،وتحصل في الروح الباصر كيفية قوة مسخنة،
وإن كان الثاني فإنه يحصل عند ذلك الستحسان حسد شديد وحزن عظيم
بسبب حصول تلك النعمة لعدوه ،والحزن أيضا يوجب انحصار الروح في
داخل القلب وتحصل فيه سخونة شديدة .فثبت أن عند الستحسان القوي
يسخن الروح جدا فيسخن شعاع العين ،بخلف ما إذا لم يستحسن فإنه ل
تحصل هذه السخونة ،فظهر الفرق بين الصورتين .ولهذا السبب أمر
الرسول صلى ال عليه وآله العاين بالوضوء ،ومن أصابته العين
بالغتسال .اقول :على ما ذكره ،إذا عاين شيئا عند استحسان شئ إخر
وحصول تلك الحالة فيه أو عند حصول غضب شديد على رجل آخر ،أو
حصول هم شديد من مصيبة أو خوف عظيم من عدو أو يؤثر نظره إليه
وإى كل شئ يعاينه ،ومعلوم أنه ليس كذلك .ثم قال الرازي :الثاني قال أبو
هاشم وأبو القاسم البلخي :ل يمتنع أن يكون العين حقا ،ويكون معناه أن
صاحب العين إذا شاهد الشئ واعجب به استحسانا كانت المصلحة له في
تكليفه أن يغير ال تعالى ذلك الشخص أو ذلك الشئ حتى ل يبقى قلب ذلك
المكلف متعلقا به ،فهذا التغيير غير ممتنع .ثم ل يبعد أيضا أنه لو ذكر ربه
عند تلك الحالة وبعد عن العجاب وسأل ربه فعنده تتغير المصلحة ،وال
سبحانه يبقيه ول يفنيه ،ولما كانت هذه العادة مطردة ل جرم قيل " :العين
حق " .الوجه الثالث :هو قول الحكماء .قالوا :هذا الكلم مبنى على
مقدمة ،وهي أنه ليس من شرط المؤثر أن يكون تأثيره بحسب هذه
الكيفيات المحسوسة ،أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ،بل قد
يكون التأثير نفسانيا ومحضا ،ول تكون القوى الجسمانية لها تعلق به
والذى يدل عليه أن اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على
الرض قدر النسان على المشي عليه ،ولو كان موضوعا فيما بين
جدارين عاليين لعجز النسان عن المشي عليه ،وما ذاك إل لن خوفه من
][11
السقوط منه يوجب سقوطه منه ،فعلمنا أن التأثيرات النفسانية موجودة .وأيضا إن
النسان إذا تصور كون فلن مؤذيا له حصل في قلبه ،وسخن مزاجه،
فمبدء تلك السخونة ليس إل ذاك التصور النفساني .ولن مبدء الحركات
البدنية ليس إل التصورات النفسانية .ولما ثبت أن تصور النفس يوجب
تغير بدنه الخاص لم يبعد أيضا أن يكون بعض النفوس تتعدى تأثيراتها
إلى سائر البدان .فثبت أنه ل يمتنع في العقل كون النفس مؤثرة في سائر
البدان .وأيضا جواهر النفوس مختلفة بالماهية ،فل يمتنع أن تكون بعض
النفوس بحيث يؤثر في تغيير بدن حيوان آخر بشرط أن تراه وتتعجب منه.
فثبت أن هذا المعنى أمر محتمل ،والتجارب من الزمن القدم ساعدت عليه،
والنصوص النبوية نطقت به ،فعند هذا ل يبقى في وقوعه شك .وإذا ثبت
هذا ثبت أن الذي أطبق عليه المتقدمون من المفسرين في تفسير هذه الية
بإصابة العين كلم حق ل يمكن رده (1) .قوله تعالى " :يخيل " قال
الطبرسي :الضمير ) (2راجع إلى موسى عليه السلم وقيل :إلى فرعون،
أي يرى الحبال والعصي من سحرهم أنها تسعى ) (3وتعدو مثل سير
الحيات .وإنما قال " يخيل إليه " لنها لم تكن تسعى حقيقة ،وإنما تحركت
لنهم جعلوا داخلها الزئبق ،فلما حميت الشمس طلب الزئبق الصعود
فحركت الشمس ذلك فظن أنها تسعى ) " .(4إنما صنعوا " أي إن الذي
صنعوه أو إن صنيعهم " كيد ساحر " أي مكره و حيلته " .ول يفلح
الساحر " أي ل يظفر ببغيته ،إذ ل حقيقة للسحر " حيث أتى " أي حيث
كان من الرض ،وقيل :ل يفوز الساحر حيث أتى بسحره ،لن الحق يبطله
).(5
) (1تفسير الرازي (2) .174 - 172 :18في المصدر :الضمير في " إليه "(3) .
فيه :تسير وتعدو (4) .مجمع البيان :ج ،7ص (5) .18المصدر :ج ،7
ص .20
][12
وقال -قدس سره -في قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا " " :إن " هي
المخففة من الثقيلة ) " (1ليزلقونك " أي ) (2يقتلونك ويهلكونك ،عن
ابن عباس وكان يقرأها كذلك .وقيل :ليصرعونك ،عن الكلبي .وقيل:
يصيبونك بأعينهم ،عن السدي .والكل يرجع في المعنى إلى الصابة
بالعين ،والمفسرون كلهم على أنه المراد في الية ،وأنكر الجبائي ذلك
وقال :إن إصابة العين ل تصح .وقال الرماني :وهذا الذي ذكره غير
صحيح ،لنه غير ممتنع أن يكون ال تعالى أجرى العادة بصحة ذلك
لضرب من المصلحة ،وعليه إجماع المفسرين ،وجوزه العقلء فل مانع
منه .وقيل :إن الرجل منهم كان إذا أراد أن يصيب صاحبه بالعين تجوع
ثلثة أيام ،ثم كان يصفه فيصرعه بذلك ،وذلك بأن يقول الذي ) (3أراد أن
يصيبه بالعين :ل أرى كاليوم إبل أو شاتا أو ما أراد ،أي كإبل أراها اليوم.
فقالوا للنبي صلى ال عليه وآله كما كانوا يقولون ) (4لما أرادوا أن
يصيبوه بالعين ،عن الفراء والزجاج .وقيل :معناه أنهم ينظرون إليك عند
تلوة القرآن والدعاء إلى التوحيد نظر عداوة وبغض وانكار لما يسمعونه
وتعجب منه ،فيكادون يصرعونك بحدة نظرهم ويزيلونك عن موضعك.
وهذا مستعمل في الكلم ،يقولون :نظر إلى فلن نظرا يكاد يصرعني
ونظرا يكاد يأكلني فيه .وتاويله كله أنه نظر إلى نظرا لو أمكنه معه أكلي
أو أن يصرعني لفعل ،عن الزجاج " .لما سمعوا الذكر " يعني القرآن "
ويقولون " مع ذلك " إنه لمجنون وما هو " أي القرآن " إل ذكر " أي
شرف " للعالمين " إلى أن تقوم الساعة ،أو مذكر لهم .قال
) (1المثقلة )خ( (2) .فيه :ليزهقونك (3) .في المصدر :للذى يريد (4) .فيه :لما
يريدون.
][13
الحسن :دواء إصابة العين أن يقرأ النسان هذه الية -انتهى .(1) -قوله " أي
كإبل " كأنه حمل قوله " أو ما أراد " على تغيير تركيب الكلم ،ول يخفى
بعده ،بل الظاهر أن المعنى :أو ما أراد أن يصيبه بالعين سوى البل،
فيذكره مكانهما .وقال -رحمه ال -في نزول سورة الفلق :قيل :إن لبيد
بن أعصم اليهودي سحر ) (2رسول ال صلى ال عليه وآله ثم دس ذلك
في بئر لبني زريق ،فمرض رسول ال صلى ال عليه وآله فبينما هو نائم
إذ أتاه ملكان ،فقعد أحدهما عند رأسه والخر عند رجليه ،فأخبراه بذلك
وأنه في بئر ذروان في جف طلعة تحت راعوفة -والجف قشر الطلع،
والراعوفة حجر في أسفل البئر يقف عليه المائح ) .(3فانتبه رسول ال
صلى ال عليه وآله وبعث عليا عليه السلم والزبير وعمارا فنزحوا ،ماء
تلك البئر ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ،فإذا فيه مشاطة رأس وأسنان
من مشطة ،وإذا فيه معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالبر ،فنزلت
هاتان السورتان ،فجعل كلما يقرء آية انحلت عقدة ،ووجد رسول ال خفة،
فقام فكأنما انشط من عقال .وجعل جبرئيل عليه السلم يقول " :بسم ال
أرقيك من كل شئ يؤذيك ،من حاسد وعين ،وال يشفيك " .ورووا ذلك
عن عائشة وابن عباس .وهذا ل يجوز ،لن من وصف بأنه مسحور فكأنه
قد خبل عقله ،قد أبى ال سبحانه ذلك في قوله " وقال الظالمون إن
تتبعون إل رجل مسحورا * انظر كيف ضربوا لك المثال فضلوا " )(4
ولكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما روي اجتهدوا في ذلك فلم
يقدروا عليه واطلع ال نبيه صلى ال عليه وآله على ما فعلوه من التمويه
حتى استخرج وكان ذلك دللة
) (1مجمع البيان :ج ،10ص (2) .341فيه :لرسول ال (3) .ماح يميح ميحا
وميحوحة :اغترف الماء بكفه.
][14
على صدقه صلى ال عليه وآله وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم ؟ ! ولو
قدروا على ذلك لقتلوه وقتل كثيرا من المؤمنين مع شده عداوتهم لهم !
وقال في قوله سبحانه " ومن شر النفاثات في العقد " معناه :ومن شر
النساء الساحرات اللتي ينفثن في العقد .وإنما امر بالتعوذ من شر السحرة
ليهامهم أنهم يمرضون ويصحون ويفعلون أشياء ) (1من النفع والضرر
والخير والشر وعامة الناس يصدقونهم ،فيعظم بذلك الضرر في الدين،
ولنهم يموهون ) (2أنهم يخدمون الجن ويعلمون الغيب ،وذلك فساد في
الدين ظاهر ،فلجل هذا الضرر امر بالتعوذ من شرهم .وقال أبو مسلم:
النفاثات النساء اللتي يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن مرادهم ويردونهم
إلى آرائهن ،لن العزم والرأي يعبر عنهما بالعقد ،فعبر عن حلهما بالنفث،
فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فيه " .ومن شر حاسد إذا حسد "
فإنه يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود ،فامر بالتعوذ من شره.
وقيل :إنه أراد من شر نفس الحاسد ومن شر عينه فإنه ربما أصاب بهما
فعان وضر .وقد جاء في الحديث أن العين حق .وقد مضى الكلم فيه.
وروي أن العضباء ناقة النبي صلى ال عليه وآله لم تكن تسبق ،فجاء
أعرابي على قعود له فسابق بها فسبقها ،فشق ذلك على الصحابة ،فقال
النبي صلى ال عليه وآله :حق على ال أن ل يرفع شيئا من الدنيا إل
وضعه ،وروى أنس أن النبيي صلى ال عليه وآله قال :من رأى شيئا
يعجبه فقال " :ال الصمد ،ما شاء ال ل قوة إل بال " لم يضر شيئا.
وروى أنس أن النبي صلى ال عليه وآله كان كثيرا ما يعوذ الحسن
والحسين عليهما السلم بهاتين السورتين -انتهى .(3) -
) (1فيه :شيئا (2) .فيه :يوهمون (3) .مجمع البيان :ج ،10ص .569 - 568
][15
وأقول :قال في النهاية :في حديث سحر النبي صلى ال عليه وآله " بئر ذروان "
بفتح الذال وسكون الراء ،بئر لبني زريق بالمدينة .وقال :الراعوفة هي
صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت تكون ناتئة هناك ،فأذا أرادوا تنقية
البئر جلس عليها المنقي .وقيل :هي حجر يكون على رأس البئر يقوم
المستقي عليه ،ويروى بالثاء المثلثة بمعناها .وقال :في حديث سحر النبي
صلى ال عليه وآله أنه جعل في جف طلعة .الجف وعاء الطلع ،وهو
الغشاء الذي يكون فوقه ،يروى في جب طلعة أي في داخلها .وقال :القعود
من الدواب ما يقتعده الرجل للركوب والحمل ،ول يكون إل ذكرا ،والقعود
من البل ما أمكن أن يركب .وقال البيضاوي " :ومن شر النفاثات في العقد
" ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللتي يعقدن عقدا في خيوط
وينفثن عليها .والنفث -بالفتح -النفخ مع ريق ،وتخصيصه لما روي أن
يهوديا سحر النبي صلى ال عليه وآله في إحدى عشرة عقدة في وتر دسه
في بئر ،فمرض عليه السلم ،فنزلت المعوذتان وأخبره جبرئيل بموضع
السحر ،فأرسل عليا عليه السلم فجاء به ،فقرأهما عليه ،فكان كلما قرأ
آية انحلت عقدة ،ووجد بعض الخفة .ول يوجب ذلك صدق الكفرة في أنه
مسحور ،لنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر .وقيل :المراد بالنفث
في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل ،مستعار من تليين العقدة بنفث الريق
ليسهل حلها " .ومن شر حاسد إذا حسد " إذا أظهر حسده ،وعمل
بمقتضاه ) .(1وقال الرازي :اختلفوا في أنه هل يجوز الستعاذة بالرقى
والعوذة أم ل ؟ منهم من قال انه يجوز -ثم ذكر احتجاجهم بالروايات
المتقدمة وغيرها -ومن الناس من منع من الرقى ،لما روي عن جابر،
قال :نهى رسول ال صلى ال عليه وآله عن الرقى .وقال عليه السلم:
][16
إن ل عبادا ل يكتوون ول يسترقون وعلى ربهم يتوكلون .وقال عليه السلم :لم
يتوكل على ال من اكتوى واسترقى ؟ ! واختلفوا في التعليق أيضا ،فمنهم
من منع لبعض الخبار ،ومنهم من جوز .سئل الباقر عليه السلم عن
التعويذ يعلق على الصبيان فرخص فيه .واختلفوا في النفث أيضا فمنهم
من أنكر ،عن عكرمة :ل ينبغي للراقي أن ينفث ول يمسح ول يعقد إلى
آخر ما قال 1 .(1) -تفسير على بن ابراهيم في هجرة جعفر بن أبيطالب
وأصحابه إلى الحبشة وبعثت ) (2قريش عمرو بن العاص وعمارة بن
الوليد إلى النجاشي ليردهم -وساق الخبر الطويل إلى أن قال -وكانت على
رأس النجاشي وصيفة له تذب عنه ،فنظرت إلى عمارة -وكان فتى جميل
-فأحبته ،فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة :لو راسلت
جارية الملك ! فراسلها ،فأجابته ،فقال عمرو :قل لها تبعث إليك من طيب
الملك شيئا .فقال لها فبعثت إليه ،فأخذ عمرو من ذلك الطيب وأدخله على
النجاشي وأخبره بما جرى بين عمارة وبين الوصيفة ،ثم وضع الطيب بين
يديه .فغضب النجاشي وهم بقتل عمارة ،ثم قال :ل يجوز قتله ،فإنهم دخلوا
بلدي بأمان ،فدعا السحرة فقال لهم :اعملوا )به( شيئا أشد عليه من
القتل ،فأخذوه فنفخوا ) (3في إحليله الزئبق فصار مع الوحش يغدو
ويروح ،وكان ل يأنس بالناس ،فبعثت قريش بعد ذلك :فكمنوا له في
موضع حتى ورد الماء مع الوحش ،فأخدوه فما زال يضطرب في أيديهم و
يصيح حتى مات -الخبر 2 .(4) -جنة المان :في رواية أدعية السر
القدسية :يا محمد ! ،إن السحر لم
) (1مفاتيح الغيب :ج ،32ص (2) .190بعث )خ( (3) .ونفخوا )خ( (4) .تفسير
القمى.165 :
][17
يزل قديما وليس يضر شيئا إل بإذني ،فمن أحب أن يكون من أهل عافيتي من
السحر فليقل " :اللهم رب موسى -الدعاء " -فإنه إذا قال ذلك لم يضره
سحر ساحر جني ول إنسي أبدا - 3 .ومنه :روي عن النبي صلى ال عليه
وآله أن العين حق ،وأنها تدخل الجمل والثور التنور .وفي كتاب الغرة أن
رجل عيانا ) (1رأى رجل راكبا ،فقال :ما أحسنه ! فسقطت الدابة وماتت
ومات الرجل .وعن أبي الحسن المخلدي قال :كان لي أكار ) (2ردئ العين،
فأبصر بيدي خاتما فقال :ما أحسنه ! فسقط الفص ،فحملته فقال :ما
أحسنه ! فانشق بنصفين .وعن الصمعي قال :كان عندنا عيانان ،فمر
أحدهما بحوض من حجارة ،فقال :بال ما رأيت كاليوم مثله .فانصدع
فلقين ،فضبب بحديد ،فمر عليه ثانيا فقال راسل ) :(3لعلك ما ضررت
أهلك ) (4فيك ! فتطاير أربع فلقات .وسمع الثاني صوت بول من وراء
الحائط ،فقال :إنك لشر شخب ! فقيل :هو ابنك ،فقال :وا انقطاع ظهراه !
وال ل يبول بعدها ،فمات من ساعته .وسمع أيضا صوت شخب بقرة
فأعجبه ،فقال :أيتهن هذه ؟ فوري بأخرى ،فهلكتا جميعا :المورى بها،
والمورى عنها .وقصة البعير والعرابي مشهورة معروفة 4 .وفى زبدة
البيان أن يعقوب عليه السلم خاف على بنيه من العين لجمالهم ،فقال" :
يا بني ل تدخلوا من باب واحد -الية 5 ." -وفيه عن النبي صلى ال
عليه وآله :العين تنزل الحالق -وهو ذروة -الجبل -من قوة أخذها وشدة
بطشها.
) (1العيان بتشديد الياء :الشديد الصابة بالعين (2) .الكار :الحراث ،والجمع "
الكرة " قال الجوهرى :كأنه جمع " آكر " في التقدير (3) .في بعض
النسخ :فقال :رأسك (4) .في بعضها :بأهلك.
][18
- 6ومنه :ذكر عبد الكريم بن محمد بن المظفر السمعاني في كتابه أن جبرئيل عليه
السلم نزل على النبي صلى ال عليه وآله فرآه مغتما ،فسأله عن غمه،
فقال له :إن الحسنين عليهما السلم أصابتهما عين .فقال له :يا محمد،
العين حق فعوذهما بهذه العوذة ،وذكرها - 7 .الدعائم :عن جعفر بن محمد
عليهما السلم قال :كان رسول ال صلى ال عليه وآله يجلس الحسن على
فخذه اليمنى ،والحسين على فخذه اليسرى ،ثم يقول :اعيذكما بكلمات ال
التامة ،من شر كل شيطان )و( هامة ،ومن شر )كل( عين لمة " ثم يقول:
هكذا كان إبراهيم أبي عليه السلم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهما
السلم - 8 .وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه نهى عن الرقى بغير
كتاب ال عزوجل وما يعرف من ذكره .وقال :إن هذه الرقى مما أخذه
سليمان بن داود عليهما السلم على الجن والهوام 9 .وعنه عليه السلم
أنه قال :ل رقى إل في ثلث :في حمة ،أو عين ،أو دم ل يرقأ ) .(1والحمة
السم - 10 .وعنه عليه السلم أنه قال :ل عدوى ول طيرة ول هام ،والعين
حق ،والفأل حق ،فإذا نظر أحدكم إلى إنسان أو دابة أو إلى شئ حسن
فأعجبه فليقل " آمنت بال وصلى ال على محمد وآله " فإنه ل يضره
عينه - 11 .وعنه صلى ال عليه وآله نهى عن التمائم والتول .فالتمائم ما
يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك ،والتول ما تتحبب به النساء إلى
أزواجهن كالكهانة وأشباهها ،ونهى عن السحر .توضيح :في النهاية :فيه
أنه كان يتفأل ول يتطير .الفأل مهموز فيما يسر ويسوء ،والطيرة ل يكون
إل فيما يسوء .وربما استعملت فيما يسر ،وقد أولع الناس بترك الهمزة
تخفيفا .وإنما أحب الفأل لن الناس إذا أملوا فائدة ال ورجوا عائدته عند
كل سبب ضعيف أو قوي فهم على خير ،ولو غلطوا في جهة الرجاء فإن
الرجاء
][19
لهم خير ،وإذا قطعوا أملهم أو رجاءهم من ال كان ذلك من الشر .وأما الطيرة فإن
فيها سوء الظن بال وتوقع البلء .ومعنى التفأل مثل أن يكون رجل
مريض فيتفأل بما يسمع من كلم ،فيسمع آخر يقول " يا سالم " أو يكون
طالب ضالة فيسمع آخر يقول " يا واجد " فيقع في ظنه أنه يبرأ من
مرضه ،أو يجد ضالته .وقال :في حديث عبد ال " التمائم والرقى من
الشرك " التمائم جمع تميمة ،وهي خرزات كانت العرب تعلقها على
أولدهم يتقون بها العين في زعمهم ،فأبطله السلم .وإنما جعلها شركا
لنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم ،فطلبوا دفع الذى من غير
ال الذي هو دافعه .وقال :في حديت عبد ال " التولة من الشرك " التولة
-بكسر التاء وفتح الواو -ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره،
جعله من الشرك لعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلف ما قدره ال تعالى.
وفي القاموس :التولة -كهمزة :-السحر أو شبهه ،وخرز تتحبب معها
المرأة إلى زوجها كالتولة -كعنبة -فيهما - 12 .الشهاب :عن النبي صلى
ال عليه وآله قال :ل رقية إل من حمة أو عين .الضوء " :عين " مصدر
عانه إذا أصابه بعينه إذا نظر إليه نظر معجب حاسد مستعظم .والحمة
السم ،وأصلها حمو وحمى ،والهاء عوض فيها عن الساقط ،وبهذا الكلم
يشير إلى ما كانت نساء العرب يدعينه من تأخيذ الرجال عن الزواج،
وكانت لهن رقى تضحك الثكلن ،فقال صلى ال عليه وآله " ل رقية " أي
ل تصح تأثير الرقية إل في العين التي تعين الشئ ،إي تصيبه .وإصل ذلك
إنها تستحسنه فيغيره ال تعالى عند ) (1ذلك ،لما للناظر إليه فيه من
اللطف ،أو لغيره من المعتبرين ،إذا رآه غب اللطافة والطراوة والعجاب
بخلف ما رآه ،فيستدل بذلك على أنه ل بقاء لما في الدنيا ،وأن نعيمها
زائل .وأما ما يذكر من أن العاين ينظر إلى الشئ فيتصل به شعاع هو
المؤثر فيه ،فل تلتفت إليه ،لنا نعلم قطعا أن الشعاع اللطيف ل يعمل في
الحديد والحجر وغير
][20
ذلك ،بل ذلك كله من فعل ال تعالى على سبيل اللطف والعلم بأن نعيم الدنيا إلى
انقراض .والرقيه ) (1التي فيها اسم ال تعالى أو اسم رسوله صلى ال
عليه وآله وسلم أو آية من كتاب ال تعالى يشفيه ،وكذلك من السموم التي
يستضر بها النسان من لسع الهوام .وهذا غير مدفوع ،وما سوى ذلك
فمخاريق يجلبون بها أموال الناس .وليس قوله صلى ال عليه وآله " ل
رقيقة " إلى آخره قطعا لن تكون رقية الحق ناجعة في غير ذلك من
الدواء ،بل المعنى إن الرقية لها تأثير قوي فيهما كما في قوله " ل سيف
إل ذو الفقار " وروي أن رجل جاء إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال :يا
رسول ال ،ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة ! قال :أما إنك لو قلت حين
أمسيت " أعوذ بكلمات ال التامات من شر ما خلق " لم تضرك .وعن ابن
عباس قال :كان رسول ال صلى ال عليه وآله يعلمنا من الوجاع كلها أن
نقول " بسم ال الكبر ،أعوذ بال العظيم ،من شر عرق نعار ) (2ومن
شر حر النار " وفائدة الحديث أن الرقية في غير العين والحمة ل تنجع،
وراوي الحديث جابر رضي ال عنه 13 .الشهاب :قال صلى ال عليه
وآله :إن العين لتدخل الرجل القبر ،والجمل ) (3القدر .الضوء :قد تقدم
الكلم فيه ،وأن المؤثر فيما يعينه العاين قدرة ال عز وجل الذي يفعل ما
يشاء ،ويغير المستحسن من الشياء عن حاله ،اعتبارا للناظر ،وإعلما أن
الدنيا ل يدوم نعيمها ،ول يبقى ما فيها على وتيرة واحدة .والعين ماذا تكاد
تفعل بنظرها ليت شعري ؟ ! ولو كان للعين نفسها أثر لكان يصح أن ينظر
العاين إلى بعض أعدائه الذين يريد إهلكهم وقلعهم ،فيهلكهم بالنظر ،وهذا
باطل والعين كالجماد إذا انفردت عن الجملة فماذا تصنع ؟ ! وللفلسفة في
هذا كلم ل اريد أن أطواه .وفائدة الحديث إعلم أن ال تعالى قد يغير بعض
ما يستحسنه النسان أظهارا
) (1فالرقبة )خ( (2) .النعار .العرق الذى يفور منه الدم (3) .في بعض النسخ "
وتدخل الجمل ".
][21
][22
العلج فأبرأ ) - 15 .(1تفسير الفرات :عن عبد الرحمان بن محمد العلوي ومحمد
بن عمرو الخزاز ،عن إبراهيم بن محمد بن ميمون ،عن عيسى بن محمد،
عن جده ،عن أمير المؤمنين عليه السلم قال :سحر لبيد بن أعصم
اليهودي وأم عبد ال اليهودية رسول ال صلى ال عليه وآله ) (2فعقدوا
له في إحدى عشرة عقدة ،وجعلوه في جف من طلع ) ،(3ثم أدخلوه في
بئر بواد بالمدينة في مراقي البئر تحت ) (4حجر ،فأقام النبي صلى ال
عليه وآله ل يأكل ول يشرب ول يسمع ول يبصر ول يأتي النساء .فنزل )
(5جبرئيل عليه السلم وأنزل معه المعوذات ،فقال له :يا محمد ،ما
شأنك ؟ قال :ما أدري ،أنا بالحال الذي ترى .قال :فإن أم عبد ال ولبيد بن
أعصم سحراك ،وأخبره بالسحر .وحيث هو .ثم قرأ جبرئيل " بسم ال
الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق " فقال رسول ال صلى ال عليه وآله
ذاك ،فانحلت عقدة ،ثم لم يزل يقرأ آية ويقرأ ) (6رسول ال صلى ال عليه
وآله .وتنحل عقدة ،حتى قرأها عليه إحدى عشرة آية وانحلت إحدى عشرة
عقدة ،وجلس النبي ودخل أمير المؤمنين عليه السلم فأخبره بما أخبره
جبرئيل عليه السلم وقال :انطلق وائتني ) (7بالسحر ،فجاء به فأمر به
النبي صلى ال عليه وآله فنقض ،ثم تفل عليه وأرسل إلى لبيد ) (8وأم
عبد ال ،فقال :ما دعاكم إلى ما صنعتما ؟ ثم دعا رسول ال صلى ال عليه
وآله على لبيد وقال :ل أخرجك ال من
) (1الحتجاج (2) .185 :في المصدر :في عقد من قز أحمر وأخضر وأصفر
فعقدوا (3) ..فيه :ثم جعلوه في جف من طلع يعنى قشور اللوز (4) .فيه:
تحت راعوفة -يعنى الحجر الخارج -فأقام النبي صلى ال عليه وآله
ثلثا ل يأكل (5) ..فيه :فنزل عليه جبرئيل ونزل معه بالعمعوذات(6) .
فيه :النبي صلى ال عليه وآله (7) .فيه :فائتني بالسحر ،فخرج على
)ع( فجاء به ،فأمر به رسول ال صلى ال عليه وآله (8) ..في المصدر:
إلى لبيد بن أعصم وأم عبد ال اليهودية.
][23
الدنيا سالما .قال :وكان موسرا كثير المال ،فمر به غلم ) (1في اذنه قرط قيمته
دينار فجذبه ) ،(2فخرم اذن الصبي وأخذه فقطعت يده فيه ) .(3بيان :في
القاموس :الجف بالضم -وعاء الطلع .أقول :قد مر الكلم في تأثير السحر
في النبياء والئمة عليهم السلم وأن المشهور عدمه .دعائم السلم :عن
جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن آبائه ،عن علي عليه السلم مثله -إلى
قوله -وجعله في مراقي البئر بالمدينة ،فأقام رسول ال صلى ال عليه
وآله ل يسمع ول يبصر ول يفهم ول يتكلم ول يأكل ول يشرب ،فنزل عليه
جبرئيل عليه السلم بمعوذات -وساق نحوه إلى قوله -فقطعت يده فكوي
منها فمات 16 .طب الئمة :عن محمد بن جعفر البرسي ،عن أحمد بن
يحيى الرمني عن محمد بن سنان ،عن المفضل بن عمر ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :إن جبرئيل أتى النبي
صلى ال عليه وآله وقال :يا محمد ،قال لبيك يا جبرئيل قال :إن فلنا
اليهودي سحرك ،وجعل السحر في بئر بني فلن ،فابعث إليه -يعني إلى
البئر -أوثق الناس عندك ،وأعظمهم في عينك ،وهو عديل نفسك ،حتى
يأتيك بالسحر .وقال :فبعث النبي صلى ال عليه وآله علي بن أبي طالب
عليه السلم وقال :انطلق إلى بئر " ذروان " فإن فيها سحرا سحرني به
لبيد بن أعصم اليهودي ،فائتني به .قال على عليه السلم :فانطلقت في
حاجة رسول ال صلى ال عليه وآله فهبطت فإذا ماء البئر قد صار كأنه
ماء الحناء من السحر ،فطلبته مستعجل حتى انتهيت إلى أسفل القليب )(4
ولم أظفر
) (1فيه :غلم يسعى (2) .فيه :فجاذبه فخرم اذن الصبى فأخذه وقطعت يده فمات
من وقته (3) .تفسير فرات (4) .233 :فلم )خ(.
][24
به .قال الذين معي :ما فيه شئ فاصعد ،فقلت :ل وال ،ما كذبت ) (1ول كذبت ،وما
يقيني به مثل يقينكم يعني رسول ال صلى ال عليه وآله ثم طلبت طلبا
بلطف ،فاستخرجت حقا ،فأتيت النبي صلى ال عليه وآله فقال :افتحه،
ففتحته فإذا في الحق قطعة كرب النخل ،في وتر عليها إحدى وعشرون
عقدة .وكان جبرئيل عليه السلم أنزل يومئذ المعوذتين على النبي صلى
ال عليه وآله فقال النبي صلى ال عليه وآله :يا علي اقرأهما على الوتر،
فجعل أمير المؤمنين كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ منها وكشف ال
عزوجل عن نبيه ما سحر به وعافاه .ويروى أن جبرئيل وميكائيل عليهما
السلم أتيا إلى النبي صلى ال عليه وآله فجلس أحدهما عن يمينه والخر
عن شماله ،فقال جبرئيل لميكائيل :ما وجع الرجل ؟ فقال ميكائيل هو
مطبوب ،فقال جبرئيل عليه السلم :ومن طبه ؟ قال :لبيد بن أعصم
اليهودي ،ثم ذكر الحديث إلى آخره ) .(2بيان :في القاموس :الكرب -
بالتحريك -أصول السعف الغلظ .وفي النهاية رجل مطبوب أي مسحور،
كنوا بالطب عن السحر تفأل بالبرء - 17 .الطب :عن إبراهيم بن البيطار،
عن محمد بن عيسى ،عن يونس بن عبد -الرحمان -ويقال له يونس
المصلي لكثرة صلته -عن ابن مسكان ،عن زرارة ،قال :قال أبو جعفر
الباقر عليه السلم :إن السحرة لم يسلطوا على شئ إل العين )- 18 .(3
وعن أبي عبد ال الصادق عليه السلم :أنه سئل عن المعوذتين :أنهما من
القرآن ؟ فقال الصادق عليه السلم :هما من القرآن .فقال الرجل :أنهما
ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ول في مصحفه .فقال أبو عبد ال
عليه السلم :أخطأ ابن مسعود -أو قال :كذب ابن مسعود -هما من
القرآن .قال الرجل :فأقرأ بهما يا ابن رسول ال في المكتوبة ؟ قال :نعم،
وهل تدري ما معنى المعوذتين وفي أي شئ نزلتا ؟ إن رسول ال سحره
) (1في المصدر :ما كذب وما كذبت (2) .الطب (3) .114 - 113 :الطب.114 :
][25
لبيد بن أعصم اليهودي .فقال إبو بصير لبي عبد ال عليه السلم :وما كان )(1
ذا ؟ وما عسى أن يبلغ من سحره ؟ ! فقال أبو عبد ال الصادق عليه
السلم :بلى ،كان البني صلى ال عليه وآله يرى يجامع وليس يجامع،
وكان يريد الباب ول يبصره حتى يلمسه بيده والسحر حق وما سلط السحر
إل على العين والفرج .فأتاه جبرئيل عليه السلم فأخبره بذلك ،فدعا عليا
عليه السلم وبعثه ليستخرج ذلك من بئر ) (2ازوان ،وذكر الحديث بطوله
إلى آخره ) - 19 .(3ومنه :عن محمد بن سليمان بن مهران ،عن زياد بن
هارون العبدي ،عن عبد ال بن محمد البجلي ،عن الحلبي ،عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :من أعجبه شئ من أخيه المؤمن ) (4فليثمد عليه،
فإن العين حق ) 20 .(5ومنه :عن محمد بن ميمون المكي ،عن عثمان بن
عيسى ،عن الحسين بن المختار ،عن صفوان الجمال عن أبي عبد ال
الصادق عليه السلم أنه قال :لو نبش لكم عن القبور لرأيتم أن أكثر
موتاهم بالعين ،لن العين حق ،إل أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال:
العين حق ،فمن أعجبله من أخيه شئ فليذكر ال في ذلك ،فأنه أذا ذكر ال
لم يضره ) 21 .(6ومنه :عن سهل بن محمد بن سهل ،عن عبد ربه بن
محمد بن إبراهيم ،عن ابن اورمة ،عن ابن مسكان ،عن الحلبي قال :سألت
أبا عبد ال عليه السلم عن النشرة للمسحور ،فقال :ما كان أبي عليه
السلم يرى بها بأسا ) - 22 .(7المكارم :عن معمر بن خلد ،قال :كنت مع
الرضا عليه السلم بخراسان
) (1في المصدر :وما كاد أو عسى (2) .فيه :ذروان (3) .الطب (4) .114 :في
المصدر :فليكبر 5) .و (6الطب (7) .121 :المصدر.114 :
][26
على نفقاته ،فأمرني أن أتخذ له غالية ،فلما اتخذتها فاعجب بها فنظر إليها فقال
لي :يا معمر ،إن العين حق فاكتب في رقعة الحمد وقل هو ال أحد
والمعوذتين وآية الكرسي واجعلها في غلف القارورة ) - 23 .(1ومنه:
روي عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال :العين حق ،وليس تأمنها منك
على نفسك ول منك على غيرك ،فإذا خفت شيئا من ذلك فقل " :ما شاء
ال )ل حول و( ل قوة إل بال العلي العظيم " ثلثا ) - 24 .(2وعنه عليه
السلم قال :من أعجبه من أخيه شئ فليبارك عليه ،فإن العين حق ).(3
25ومنه :قال النبي صلى ال عليه وآله :إن العين ليدخل الرجل القبر،
والجمل القدر ) .(4وقال صلى ال عليه وآله :ل رقية إل من حمة والعين )
- 27 .(5ومنه :عن الصادق عليه السلم :لو كان شئ يسبق القدر لسبقه
العين ) - 28 .(6الخصال :بإسناده عن السكوني ،عن جعفر بن محمد ،عن
أبيه عليه السلم أن النبي صلى ال عليه وآله قال :ل رقى إل في ثلثة:
في حمة ،أو عين ،أو دم ل يرقأ ) - 29 (7جامع الخبار :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :إن العين لتدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر ).(8
- 30وجاء في الخبر أن أسماء بنت عميس قالت :يا رسول ال صلى ال
عليه وآله وسلم إن بني
) (1مكارم الخلق 2) .445 :و (4مكارم الخلق (5) .445 :المصدر،446 :
وفيه " والعين حق " (6) .المصدر (7) .479 :الخصال (8) .74 :جامع
الخبار 157 :طبعة الحيدرية.
][27
جعفر تصيبهم العين ،فأسترقي لهم ؟ قال :نعم ،فلو كان شئ يسبق القدر لسبقت
العين ) - 31 .(1نوادر الراوندي :بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه
عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم :ما رفع الناس
أبصارهم إلى شئ إل وضعه ال ) - 32 .(2النهج :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :ما قال الناس لشئ طوبى له إل وقد خبأ الدهر له يوم سوء ).(3
بيان " :طوبى " كلمة تستعمل في مقام المدح والستحسان والتعجب من
حسن الشئ وكماله .وخبأت الشئ أخبوه :أخفيته " .يوم سوء " بالفتح
إي يوم نقص وبلية وزوال .وإخفاء الدهر ذلك اليوم كناية عن جهل الناس
بأسبابه وأنه يأتيهم بغته ،أو غفلتهم عن عدم ثبات زخارف الدنيا وسرعة
زوالها .ثم إنه يحتمل أن يكون ما ورد في هذا الخبر والخبر السابق إشارة
إلى تأثير العيون كما مر ،أو إلى أن من لوازم الدنيا أنه إذا انتهت فيها حال
شخص في الرافعة والعزة إلى غاية الكمال فل بد أن يرجع إلى النقص
والزوال ،فقولهم طوبى له واستحسانهم إياه ورفع أبصارهم إليه من
شواهد الرفعة والكمال ،وهو علمة الخذ في الهبوط والضمحلل .وقد
يخطر بالبال أن ما ورد في العين وتأثيرها يمكن أن يكون إشارة إلى هذا
المعنى ،وإن كان بعيدا من بعض اليات والخبار ،ويمكن تأويلها إليه
وتطبيقها عليه كما ل يخفى على أولي البصار ،وما ورد من ذكر ال
والدعاء عند ذلك ل ينافيه بل يؤيده ،فإن أمثال ذلك موجبة لدوام النعمة
واستمرارها ،وال يعلم حقائق المور ودقائق السرار.
) (1جامع الخبار 157 :فيه .أفاسترقى (2) .نوادر الراوندي (3) .17 :نهج
البلغة :ج ،2ص .205
][28
نقل وتحقيق اعلم أن أصحابنا والمخالفين اختلفوا في حقيقة السحر ،وأنه هل له
حقيقة أو محض توهم .ولنذكر بعض كلماتهم في ذلك .قال الشيخ قدس
سره في الخلف :السحر له حقيقة ،ويصح منه أن يعقد ويؤثر ويسحر
فيقتل ويمرض ويكوع ) (1اليدي ويفرق بين الرجل وزوجته ،و يتفق له
أن يسحر بالعراق رجل بخراسان فيقتله عند أكثر أهل العلم وأبي حنيفة
وأصحابه ومالك والشافعي .وقال أبو جعفر السترآبادي :ل حقيقة له،
وإنما هو تخييل وشعبدة .وبه قال المغربي من أهل الظاهر ،وهو الذي
يقوى في نفسي .ويدل عليه قوله تعالى " فإذا حبالهم -الية (2) " -
وذلك أن القوم جعلوا من الحبال كهيئات الحيات ،وطلوا عليها الزيبق
وأخذوا الموعد على وقت تطلع فيه الشمس ،حتى إذا وقعت على الزيبق
تحرك فخيل لموسى عليه السلم أنها حيات ولم يكن لها حقيقة ،وكان هذا
في أشد وقت الحر فألقى موسى عصاه فأبطل عليهم السحر ،فآمنوا به.
وأيضا فإن الواحد منا ل يصح أن يفعل في غيره وليس بينه وبينه اتصال
ول اتصال بما يتصل بما يفعل فيه ،فكيف يفعل من هو ببغداد فيمن هو
بالحجاز وأبعد منها ؟ ! ول يفني هذا قوله تعالى " ولكن الشياطين كفروا
يعلمون الناس السحر " ) (3لن ذلك ل نمنع منه ،وإنما الذي منعنا منه
أن يؤثر الساحر الذي يدعونه ،فأما أن يفعلوا ما يتخيل عنه أشياء فل
نمنع منه .ورووا عن عائشة ..أقول :ثم ذكر نحوا مما مر من سحر
اليهودي النبي صلى ال عليه وآله ثم قال :وهذه أخبار آحاد ل يعمل عليها
في هذا المعنى ،وقد روي عن عائشة أنها قالت :سحر
) (1كوع -كسمع :-عظم كوعه -وهو طرف الزند الذى يلى البهام -واعوج) .
(2طه (3) .76 :البقرة.(*) .102 :
][29
رسول ال صلى ال عليه وآله فما عمل فيه السحر ،وهذا معارض ذلك .ثم قال
قدس سره :إذا أقر أنه سحر فقتل بسحره متعمدا ل يجب عليه القود ،وبه
قال أبو حنيفة ،وقال الشافعي :يجب عليه القود .دليلنا أن الصل براءة
الذمة ،وأن هذا مما يقتل به يحتاج إلى دليل .وأيضا فقد بينا أن الواحد ل
يصح أن يقتل غيره بما ل يباشره به ،إل أن يسقيه ما يقتل به على العادة
مثل السم ،وليس السحر بشئ من ذلك .وقد روى أصحابنا أن الساحر
يقتل ،والوجه فيه أن هذا فساد في الرض والسعي فيها به ،فلجل ذلك
وجب فيه ) (1القتل .وقال العلمة نور ال مرقده -في التحرير :السحر
عقد ورمي كلم يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو
قلبه أو عقله من غير مباشرة ،وقد يحصل به القتل والمرض والتفريق بين
الرجل والمرأة وبغض أحدهما لصاحبه ومحبة أحد الشخصين للخر ،وهل
له حقيقة أم ل ؟ فيه نظر .ثم قال :والسحر الذي يجب فيه ) (2القتل هو ما
يعد في العرف سحرا ،كما نقل الموي في مغازيه أن النجاشي دعا
السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش ،فلم يزل معها
إلى أمارة عمر بن الخطاب ،فأمسكه إنسان ،فقال :خلني وإل مت ،فلم يخله
فمات من ساعته .وقيل :إن ساحرة أخذها بعض المراء ،فجاء زوجها
كالهائم ،فقال قولوا لها تخل عني ،فقالت :ائتوني بخيوط وباب ،فأتوا بذلك
فجلست وجعلت تعقد ،فطار بها الباب فلم يقدروا عليها ،وأمثال ذلك .وأما
الذي يعزم على المصروع ويزعم أنه يجمع الجن ويأسرها فتطيعه ،فل
يتعلق به حكم ،والذي يحل السحر بشئ من القرآن والذكر والقسام فل
بأس به ،وإن كان بالسحر حرم على إشكال .وقال في موضع آخر منه:
الذي اختاره الشيخ -رحمه ال -أنه ل حقيقة
][30
للسحر ،وفي الحاديث ما يدل على أن له حقيقة ،فعلى ما ورد في الخبار لو سحره
فمات بسحره ففي القود إشكال ،والقرب الدية -إلى آخر ما قال .-وقال
في المنتهى نحوا من أول الكلم ،ثم قال :واختلف في أنه له حقيقة أم ل.
قال الشيخ رحمه ال :ل حقيقة له :وإنما هو تخييل ،وهو قول بعض
الشافعية وقال الشافعي :له حقيقة ،وقال ،أصحاب أبي حنيفة :إن كان
يصل إلى بدن المسحور كدخان ونحوه جاز أن يحصل منه ما يؤثر في
نفس المسحور من قتل أو مرض أو أخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطيها
أو يفرق بينهما أو يبغض أحدهما إلى الخر أو يحببه إليه ،فأما أن يحصل
المرض والموت من غير أن يصل إلى بدنه شئ فل يجوز ذلك .ثم ذكر -
رحمه ال -احتجاج الطرفين بآية " يخيل إليه " وسورة الفلق ،ثم قال:
وروى الجمهور عن عائشة أن النبي صلى ال عليه وآله سحر حتى يرى
أنه يفعل الشئ ول يفعله ،وأنه قال لها ذات يوم :أشعرت أن ال تعالى
أفتاني فيما استفتيته إنه أتاني ملكان فجلس أحدهما عند رأسي والخر عند
رجلي ،فقال :ما وجع الرجل ؟ فقال :مطبوب ،قال :من طبه ؟ قال :لبيد بن
أعصم اليهودي في مشط ومشاطة في جف طلعة في بئر ذي أزوان .رواه
البخاري .وجف الطلعة وعاؤها ،والمشاطة الشعر الذي يخرج من شعر
الرأس وغيره إذا مشط ،فقد أثبت لهم سحرا .وهذا القول عندي باطل،
والروايات ضيعفة ،خصوصا رواية عائشة ،لستحالة تطرق السحر إلى
النبياء عليهم السلم .ثم قال :إن كان للسحر حقيقة فهو ما يعد في العرف
سحرا ،ثم ذكر القصتين للنجاشي والساحرة .ثم قال :فهذا وأمثاله مثل أن
يعقد الرجل المزوج فل يطيق وطي امرأته هو السحر المختلف فيه ،فأما
الذي يقال من العزم على المصروع فل يدخل تحت هذا الحكم ،وهو عندي
باطل ل حقيقة له ،وإنما هو من الخرافات .وقال الشهيد -رفع ال درجته -
في الدروس :تحرم الكهانة والسحر بالكلم والكتابة والرقية والدخنة
بعقاقير الكواكب وتصفية النفس والتصوير والعقد والنفث
][31
والقسام والعزائم بما ل يفهم معناه ويضر بالغير فعله .ومن السحر الستخدام
للملئكة والجن واستنزال الشياطين في كشف الغائب وعلج المصاب،
ومنه الستحضار بتلبيس الروح ببدن منفعل كالصبي والمرأة وكشف
الغائب عن لسانه .ومنه النيرنجات ،وهي إظهار غرائب خواص
المتزاجات وأسرار النيرين .وتلحق به الطلسمات ،وهي تمزيج القوى
العالية الفاعلة بالقوى السافلة المنفعلة ،ليحدث عنها فعل غريب .فعمل هذا
كله والتكسب به حرام ،والكثر على أنه ل حقيقة له ،بل هو تخييل ،وقيل:
أكثره تخييل ،وبعضه حقيقي ،لنه تعالى وصفه بالعظمة في سحرة
فرعون ،ومن التخييل إحداث خيالت ل وجود لها في الحس المشترك
للتأثير في شئ آخر ،وربما ظهر إلى الحس .وتلحق به الشعبذة ،وهي
الفعال العجيبة المرتبة على سرعة اليد بالحركة ،فيلبس على الحس،
وقيل :الطلسمات كانت معجزات للنبياء .وأما الكيمياء فيحرم المسمى
بالتكليس بالزيبق والكبريت والزاج والتصدية وبالشعر والبيض والمرار
والدهان كما تفعله الجهال ،أما سلب الجواهر خواصها .وإفادتها خواص
اخرى بالدواء المسمى بالكسير أو بالنار الملينة الموقدة على أصل
الفلزات أو لمراعاة نسبها في الحجم والوزن ،فهذا مما ل يعلم صحته،
وتجنب ذلك كله أولى وأحرى ) .(1وقال الشهيد الثاني -رفع ال مقامه :-
السحر هو كلم أو كتابة أو رقية أو أقسام وعزائم ونحوها يحدث بسببها
ضرر على الغير ،ومنه عقد الرجل عن زوجته بحيث ل يقدر على وطيها،
وإلقاء البغضاء بينهما ،ومنه استخدام الملئكة والجن واستنزال الشياطين
في كشف الغائبات وعلج المصاب ،واستحضارهم وتلبسهم ببدن صبي أو
امرأة وكشف الغائب على لسانه ،فتعلم ذلك وأشباهه وعمله وتعليمه كله
حرام والتكسب به سحت ،ويقتل مستحله .ولو تعلمه ليتوقى به أو ليدفع به
المتنبي بالسحر فالظاهر جوازه ،وربما وجب على الكفاية كما هو خيرة
الدروس ،ويجوز
][32
حله بالقرآن والقسام كما ورد في رواية القل .وهل له حقيقة ،أو هو تخييل ؟
الكثر على الثاني ،ويشكل بوجدان أثره في كثير من الناس على الحقيقة،
والتأثر بالوهم إنما بتم لو سبق للقابل علم بوقوعه ،ونحن نجد أثره فيمن
ل يشعر به أصل حتى يضر به ،ولو حمل تخييله على ما تظهر من تأثيره
في حركات الحيات والطيران ونحوهما أمكن ،ل في مطلق التأثير وإحضار
الجان وشبه ذلك فإنه أمر معلم ل يتوجه دفعه .ثم قال :والكهانة عمل
بوجوب طاعة بعض الجان له واتباعه )له( بحيث يأتيه بالخبار ،وهو
قريب من السحر .ثم قال :والشعبذة عرفوها بأنها الحركات السريعة التي
تترتب عليها الفعال العجيبة ،بحيث يتلبس ) (1على الحس الفرق بين
الشئ وشبهه لسرعة النتقال منه إلى شبهه .أقول :ونحو ذلك قال المحقق
الردبيلي روح ال روحه في شرح الرشاد وقال :الظاهر أن له حقيقة
بمعنى أنه يؤثر بالحقيقة ل أنه إنما يتأثر بالوهم فقط ولهذا نقل تأثيره في
شخص لم يعرف ول يشعر بوقوعه فيه ،نعم يمكن أن ل حقيقة له بمعنى
أن ل يوجد حيوان بفعله ،بل يتخيل ،كقوله تعالى " يخيل إليه من سحرهم
أنها تسعى " ) (2مع أنه ل ثمرة في ذلك ،إذ ل شك في عقابه ولزوم الدية
وعوض ما يفوت بفعل الساحر عليه .وقال ابن حجر في " فتح الباري "
في العين تقول :عنت الرجل أصبته بعينك ،فهو معيون ومعين ،ورجل
عاين ومعيان وعيون .والعين يضر باستحسان مشوب بحسد من حيث
الطبع يحصل للمبصور منه ضرر .وقد استشكل ذلك على بعض الناس
فقال :كيف يعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون ؟ والجواب أن
طبائع الناس تختلف ،فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العاين في
الهواء إلى بدن المعيون .وقد نقل عن بعض من كان معيانا أنه قال :إذا
رأيت شيئا يعجبني وجدت
][33
حرارة تخرج من عيني ! ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن
فيفسد ،ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد ،وكذا تدخل البستان فتضر بكثير
من العروش من غير أن تمسها .ومن ذلك أن الصحيح قد ينظر إلى العين
الرمد فيرمد ،ويتثأب ) (1بحضرته فيتثأب هو ،أشار إلى ذلك ابن بطال.
وقال الخطابي :في الحديث أن للعين تأثيرا في النفوس ،وأبطال قول
الطباعيين إنه ل شئ إل ما تدركه الحواس الخمس ،وما عدا ذلك ل حقيقة
له .وقال المازري :زعم بعض الطباعيين أن العاين تنبعث من عينه قوة
سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد ،وهو كإصابة السم من نظر الفعى،
وأشار إلى منع الحصر في ذلك مع تجويزه ،وأن الذي يتمشى على طريقة
أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العاين بعادة أجراها ال تعالى أن
يحدث الضر عند مقابلة شخص لخر وهل ثم جواهر خفية أول ،هو أمر
محتمل ل يقطع بإثباته ول نفيه .ومن قال ممن ينتمي إلى السلم من
أصحاب الطبائع بالقطع بأن جواهر لطيفة غير مرئية تنبعث من العاين
فتتصل بالمعيون وتتخلل مسام جسمه فيخلق البارئ الهلك عندها كما
يخلق الهلك عند شرب السموم ،فقد أخطأ بدعوى القطع ،ولكنه جائز أن
يكون عادة ليست ضرورة ول طبيعة انتهى .وهو كلم سديد ،وقد بالغ ابن
العربي في إنكاره فقال :ذهبت الفلسفة إلى أن الصابة بالعين صادرة عن
تأئير النفس بقوتها فيه ،فأول ما يؤثر في نفسها ثم يؤثر في غيرها .وقيل:
إنما هو سم في عين العاين يصيبه بلفحه ) (2عند التحديق إليه ،كما
يصيب لفح سم الفعى من يتصل به .ثم رد الول بأنه لو كان كذلك لما
تخلفت الصابة في كل حال ،والواقع بخلفه .والثاني بأن سم الفعى جزء
منها ،وكلها قاتل ،والعاين ليس يقتل منه
) (1التثاؤب معروف ،وهو أن يسترخى فيفتح فمه بل قصد ،والسم الثؤباء(2) .
لفحت النار أو السموم فلنا :أصاب حرها وجهه وأحرقه.
][34
شئ في قولهم إل بصره ،وهو معنى خارج عن ذلك .قال :والحق أن ال يخلق عند
بصر العاين إليه وإعجابه )به( إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة ،وقد
يصرفه قبل وقوعه بالستعاذة أو بغيرها ،وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية
أو بالغتسال أو بغير ذلك انتهى كلمه .-وفيه) :بعض( ما يتعقب ،فإن
الذي مثل بالفعى لم يرد أنها تلمس المصاب حتى يتصل به من سمها،
وإنما أراد أن جنسا من الفاعي اشتهر أنها إذا وقع بصرها على النسان
هلك ،فكذلك العاين .وليس مراد الخطابي بالتأثير المعنى الذي تذهب إليه
الفلسفة ،بل ما أجرى ال به العادة من حصول الضرر للمعيون .وقد
أخرج البزاز بسند حسن عن جابر رفعه قال :أكثر من يموت بعد قضاء ال
وقدره بالنفس .قال الراوي :يعني بالعين .وقد أجرى ال العادة بوجود كثير
من القوى والخواص في الجسام والرواح ،كما يحدث لمن ينظر إليه من
يحتشمه من الخجل ،فترى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك ،وكذا
الصفرار عند روية من يخافه ،وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه
ويضعف قواه ،وكل ذلك بواسطة ما خلق ال تعالى في الرواح من
التأثيرات ،ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين ،وليست هي
المؤثرة ،وإنما التأثير للروح .والرواح مختلفة في طبائعها وقواها
وكيفياتها وخواصها ،فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية من غير
اتصال به ،لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة .والحاصل أن التأثير
بأرادة ال تعالى وخلقه ليس مقصورا على التصال الجسماني ،بل يكون
تارة به ،وتارة بالمقابلة ،واخرى بمجرد الرؤية ،واخرى بتوجه الروح
كالذي يحدث من الدعية والرقى واللتجاء إلى ال تعالى ،وتارة يقع ذلك
بالتوهم والتخيل .والذي يخرج من عين العاين سهم معنوي إن صادف بدنا
ل وقاية له أثر فيه ،وإل لم ينفذ السهم بل ربما رد على صاحبه كالسهم
الحسي سواء .وقال في بيان السحر :قال الراغب وغيره :السحر يطلق
على معان :أحدها
][35
ما دق ولطف ،ومنه سحرت الصبي :خدعته واستملته ،فكل من استمال شيئا فقد
سحره :إطلق الشعراء سحر العيون لستمالتها النفوس :ومنه قول
الطباء " الطبيعة ساحرة " ومنه قوله تعالى " بل نحن قوم مسحورون )
" (1أي مصروفون عن المعرفة :ومنه حديث " إن من البيان لسحرا ".
الثاني ما يقع بخداع وتخييلت ل حقيقة لها ،نحو ما يفعله المشعبذ من
صرف البصار عما يتعاطاه بخفة يده ،وإلى ذلك الشارة بقوله تعالى "
يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " ) (2وقوله تعالى " سحروا أعين
الناس " ) (3ومن هناك سموا موسى عليه السلم ساحرا ،وقد يستعان في
ذلك بما يكون فيه خاصية كحجر المقناطيس .الثالث :ما يحصل بمعاونة
الشياطين بضرب من التقرب إليهم ،وإلى ذلك الشارة بقوله تعالى " ولكن
الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " ) .(4الرابع :ما يحصل بمخاطبة
الكواكب واشتراك روحانياتها بزعمهم ،قال ابن حزم :ومنه ما يؤخذ من
الطلسمات كالطابع المنقوش فيه صورة عقرب في وقت كون القمر في
العقرب ،فيفنع من لدغة العقرب ،وقد يجمع بعضهم بين المرين:
الستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب ،فيكون ذلك أقوى بزعمهم .ثم
السحر يطلق ويراد به اللة التي يسحر بها ،ويطلق ويراد به فعل الساحر
واللة تارة تكون معنى من المعاني فقط كالرقي والنفث ،وتارة تكون من
المحسوسات كتصوير صورة على صورة المسحور ،وتارة يجمع المرين
الحسي والمعنوي ،وهو أبلغ .واختلف في السحر فقيل :هو تخييل فقط ول
حقيقة له ،وقال النووي :والصحيح أن له حقيقة ،وبه قطع الجمهور،
وعليه عامة العلماء ،ويدل عليه الكتاب والسنة
) (1الحجر (2) .15 :طه (3) .66 :العراف (4) .116 :البقرة.102 :
][36
المشهورة -انتهى .لكن محل النزاع أنه هل يقع بالسحر انقلب عين أو ل ،فمن
قال إنه تخييل فقط منع من ذلك ،ومن قال له حقيقة اختلفوا ]في أنه[ هل
له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من المراض ،أو ينتهي إلى
الحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثل وعكسه .فالذي عليه الجمهور هو
الول ،وذهبت طائفة قليلة إلى الثاني ،فإن كان بالنظر إلى القدرة اللهية
فمسلم ،وإن كان بالنظر إلى الواقع فهو محل الخلف فإن كثيرا ممن يدعي
ذلك ل يستطيع إقامة البرهان عليه .ونقل الخطابي أن قوما أنكروا السحر
مطلقا ،وكأنه عنى القائلين بأنه تخييل فقط ،وإل فهي مكابرة .وقال
المازري :جمهور العلماء على إثبات السحر ،وأن له حقيقة ونفى بعضهم
حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالت باطلة ،وهو مردود لورود النقل
بإثبات السحر ولن العقل ل ينكر أن ال تعالى قد يخرق العادة عند نطق
الساحر بكلم ملفق وتركيب أجسام أو مزج بين قوى على ترتيب
مخصوص ،ونظير ما يقع من حذاق الطباء من مزج بعض العقاقير ببعض
حتى ينقلب الضار منها بمفرده فيصير بالتركيب نافعا ،وقيل :ل يزيد تأثير
السحر على ما ذكر ال تعالى في قوله " ما يفرقون به بين المرء وزوجه
" ) (1لكون المقام مقام تهويل ،فلو جاز أن يقع أكثر من ذلك لذكره .قال
المازري :والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك قال:
والية ليست نصا في منع الزيادة ولو قلنا إنها ظاهرة في ذلك .ثم قال:
والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة أن السحر يكون بمعاناة أقوال
وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد ،والكرامة ل تحتاج إلى ذلك بل إنما تقع
غالبا انفاقا ،وأما المعجزة فتمتاز من الكرامة بالتحدي .ونقل إمام الحرمين
الجماع على أن السحر ل يظهر إل عن فاسق ،والكرامة
][37
) (1في إكثر النسخ :على فاسق (2) .المستوفى )خ( (3) .العراف.116 :
][38
لنا على الجواز ما مر في العجاز ،من إمكان المر في نفسه وشمول قدرة ال له،
فإنه هو الخالق ،وإنما الساحر فاعل وكاسب .وأيضا إجماع الفقهاء ،وإنما
اختلفوا في الحكم .وعلى الوقوع وجوه :منها قوله تعالى " يعلمون الناس
السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت إلى قوله -فيتعلمون
منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إل
بإذن ال " ) (1وفيه إشعار بأنه ثبات حقيقة ،ليس مجرد إراءة وتمويه
وبأن المؤثر والخالق هو ال تعالى وحده .ومنها سورة الفلق ،فقد اتفق
جمهور المسلمين على أنها نزلت فيما كان من سحر لبيد بن أعصم
اليهودي لرسول ال صلى ال عليه وآله حتى مرض ثلث ليال .ومنها ما
روي أن جارية سحرت عايشة ،وأنه سحر ابن عمر حتى تكوعت يده .فإن
قيل :لو صح السحر لضرت السحرة بجميع النبياء والصالحين ،ولحصلوا
لنفسهم الملك العظيم ،وكيف يصح أن يسحر النبي صلى ال عليه وآله
وقد قال ال " وال يعصمك من الناس " ) " (2ول يفلح الساحر حيث أتى
" وكانت الكفرة يعيبون النبي صلى ال عليه وآله بأنه مسحور ،مع القطع
بأنهم كاذبون .قلنا :ليس الساحر يوجد في كل عصر وزمان ،وبكل قطر
ومكان ،ول ينفذ حكمه كل أوان ،ول له يد في كل شئ ) (3والنبي صلى ال
عليه وآله معصوم من أن يهلكه الناس أو يوقع خلل في نبوته ،ل أن
يوصل ضررا وألما إلى بدنه ،ومراد الكفار بكونه مسحورا أنه مجنون
أزيل عقله بالسحر حيث ترك دينهم .فان قيل :قوله تعالى في قصة موسى
عليه السلم " يخيل إليه من سحرهم أنها
][39
تسعى " ) (1يدل على أنه ل حقيقة للسحر ،وإنما هو تخييل وتمويه .قلنا :يجوز أن
يكون سحرهم إيقاع ذلك التخيل وقد تحقق ،ولو سلم فكون أثره في تلك
الصورة هو التخييل ل يدل على أنه ل حقيقة له أصل .وأما الصابة بالعين
وهو أن يكون لبعض النفوس خاصية أنها إذا استحسنت شيئا لحقه الفة،
فثبوتها يكاد يجري مجرى المشاهدات التي ل تفتقر إلى حجة .وقد قال
النبي صلى ال عليه وآله " العين حق يدخل الرجل القبر والجمل القدر "
وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا
ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون ) - (2الية " نزلت في
ذلك .وقالوا :كان العين في بني أسد ،فكان الرجل منهم يتجوع ثلثة أيام،
فل يمر به شئ يقول فيه " لم أر كاليوم " إل عانه ،فالتمس الكفار من
بعض من كانت له هذه الصنعة أن يقول في رسول ال صلى ال عليه وآله
ذلك ،فعصمه ال .واعترض الجبائي أن القوم ما كانوا ينظرون إلى النبي
صلى ال عليه واله نظر استحسان بل مقت ونقص .والجواب أنهم كانوا
يستحسنون منه الفصاحة وكثيرا من الصفات ،وإن كانوا يبغضونه من
جهة الدين .ثم للقائلين بالسحر والعين اختلف في جواز الستعانة بالرقى
والعوذ ،وفي جواز تعليق التمائم ،وفي جواز النفث والمسح .ولكل من
الطرفين أخبار وآثار ،والجواز هو الرجح ،والمسألة بالفقهيات أشبه -
انتهى .-وأقول :الذي ظهر لنا مما مضى من اليات والخبار والثار أن.
للسحر تأثيرا ما في بعض الشخاص والبدان ،كإحداث حب أو بغض أو
هم أو فرح ،وأما تأثيره في إحياء شخص ،أو قلب حقيقة إلى أخرى ،كجعل
النسان بهيمة ،فل ريب في نفيهما ،وأنهما من المعجزات .وكذا في كل ما
يكون من هذا القبيل ،كإبراء
][40
الكمه والبرص ،وإسقاط يد بغير جارحة أو وصل يد مقطوع ،أو إجراء الماء
الكثير من بين الصابع أو من حجر صغير وأشباه ذلك .والظاهر أن الماتة
أيضا كذلك ،فإنه بعيد أن يقدر النسان على أن يقتل رجل بغير ضرب
وجرح وسم وتأثير ظاهر في بدنه ،وإن أمكن أن يكون ال تعالى جعل
لبعض الشياء تأثيرا في ذلك ونهى عن فعله ،كما أنه سبحانه جعل الخمر
مسكرا ونهى عن شربه ،وجعل الحديد قاطعا ومنع من استعماله في غير
ما أحله ،وكذا التمريض ،لكنه أقل استبعادا .فان قيل :مع تجويز ذلك يبطل
كثير من المعجزات ،ويحتمل فيه السحر .قلنا :قد مر أن المعجزة تحدث
عند طلبها بل آلت وأدوات ومرور زمان يمكن فيه تلك العمال ،بخلف
السحر ،فإنه ل يحصل إل بعد استعمال تلك المور ومرور زمان .وأيضا
الفرق بين السحر والمعجز ]ة[ بين عند العارف بالسحر وحقيقته ولذا حكم
بعض الصحاب بوجوب تعلمه كفاية .ويروى عن شيخنا البهائي قدس ال
روحه أنه لو كان خروج الماء من بين أصابع النبي صلى ال عليه وآله
مع قبض يده وصم أصابعه إلى كفه كان يحتمل السحر ،وأما مع بسط
الصابع وتفريجها فل يحتمل السحر ،وذلك واضح وعند من له دربة )(1
في صناعة السحر .وأيضا معجزات النبياء ل تقع على وجه تكون فيه
شبهة لحد ،إل أن يقول معاند بلسانه ما ليس في قلبه ،فإن الساحر ربما
يخيل ويظهر قطرات من الماء من بين أصابعه أو كفه أن من حجر صغير،
وأما أن يجري أنهار كبيرة بمحض ضرب العصا أو يروي كثيرا من الناس
والدواب بما يجري من بين أصابعه بل معاناة عمل أو استعانة بآلة ،فهذا
مما يعرف كل عاقل أنه ل يكون من السحر .وكذا إذا دعا على أحد فمات أو
مرض من ساعته ،فإن مثل هذا ل يكون سحرا بديهة .وأما جهة تأثيره فما
كان من قبيل التخييلت والشعبدة فأسبابها ظاهرة عند العاملين بها
تفصيل ،وعند غيرهم إجمال ،كما مر في سحر سحرة فرعون ،واستعانتهم
][41
بالزئبق أو إرائتهم أشياء بسرعة اليد ل حقيقة لها .وأما حدوث الحب والبغض
والهم وأمثالها ،فالظاهر أن ال تعالى جعل لها تأثيرا وحرمها كما أومانأ
إليه ،وهذا مما ل ينكره العقل ،ويحتمل أن يكون للشياطين أيضا مدخل )(1
في ذلك .ويقل أو يبطل تأثيرها بالتوكل والدعاء واليات والتعويذات .ولذا
كان شيوع السحر والكهانة وأمثالهما في الفترات بين الرسل وخفاء آثار
النبوة واستيلء الشياطين أكثر ،وتضعف وتخفى تلك المور عند نشر آثار
النبياء وسطوع أنوارهم كأمثال تلك الزمنة ،فإنه ليس من دار ول بيت إل
وفيه مصاحف كثيرة وكتب جمة من الدعية والحاديث ،وليس من أحد إل
ومعه مصحف أو عوذة أو سورة شريفة ،وقلوبهم وصدورهم مشحونة
بذلك ،فلذا ل نرى منها أثرا بينا في تلك البلد إل نادرا في البلهاء
والضعفاء والمنهمكين في المعاصي ،وقد نسمع ظهور بعض آثارها في
أقاصي البلد ،لظهور آثار الكفر وندور أنوار اليمان فيها ،كأقاصي بلد
الهند والصين والترك .وأما تأثير السحر في النبي والمام -صلوات ال
عليهما -فالظاهر عدم وقوعه وإن لم يقم برهان على امتناعه إذا لم ينته
إلى حد يخل بغرض البعثة ،كالتخبيط والتخليط ،فإنه إذا كان ال سبحانه
أقدر الكفار لمصالح التكليف على حبس النبياء والوصياء عليهم السلم
وضربهم وجرحهم وقتلهم بأشنع الوجوه فأي استحالة على أن يقدروا
على فعل يؤثر فيهم هما ومرضا ؟ لكن لما عرفت أن السحر يندفع بالعوذ
واليات والتوكل ،وهم عليهم السلم معادن جميع ذلك ،فتأثيره فيهم
مستبعد ،والخبار الواردة في ذلك أكثرها عامية أو ضعيفة ومعارضة
بمثلها ،فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل ذلك .وأما ما يذكر من بلد
الترك أنهم يعملون ما يحدث به السحب والمطار فتأثير أعمال مثل هؤلء
الكفرة في الثار العلوية وما به نظام العالم مما يأبى عنه العقول
) (1كذا.
][42
السليمة ،والفهام القويمة ،ولم يثبت عندنا بخبر من يوثق بقوله .وأما العين
فالظاهر من اليات والخبار أن لها تحققا أيضا ،إما بأن جعل ال تعالى
لذلك تأثيرا وجعل علجه التوكل والتوسل باليات والدعية الواردة في ذلك
أو بأن ال تعالى يفعل في المعين فعل عند حدوث ذلك لضرب من
المصلحة ،وقد أومأنا إلى وجه آخر فيما مر .وبالجملة ل يمكن إنكار ذلك
رأسا ،لما يشاهد من ذلك عينا ،وورود الخبار به مستفيضا ،وال يعلم
وحججه عليهم السلم حقائق المور 2 .باب )حقيقة الجن واحوالهم( )(1
اليات النعام :وجعلوا ل شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات
بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون ) .(2وقال تعالى :ويوم يحشرهم
جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من النس وقال أولياؤهم من النس ربنا
استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين
فيها إل ما شاء ال إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا
بما كانوا يكسبون يا معشر الجن والنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون
عليكم
) (1بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خير
خلقه محمد وآله .يقول افقر العباد إلى رحمة ربه الباري عبد الرحيم
الربانى الشيرازي عفى عنه وعن والديه :هذه تعليقة وجيزة عملت فيها
ايضاح بعض غرائب اللغة ومشكلتها مما لم يذكره المصنف قدس سره
وخرجت الحاديث من مصادرها وقابلت نصوصها عليها ،وذكرت ما
اختلف فيها وربما شرحت بعض الحاديث واسانيدها مستعينا من ال
الموفق الصواب والسداد وراجيا منه العفو يوم الحساب انه ولى التوفيق
وعليه التكلن (2) .النعام.100 :
][43
آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحيوة الدنيا و
شهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) .(1العراف :فلما ألقوا سحروا
أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم ) .(2الحجر :والجان خلقناه
من قبل من نار السموم ) .(3الشعراء :هل انبئكم على من تنزل الشياطين،
تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ) .(4النمل :وحشر
لسليمان جنوده من الجن والنس والطير فهم يوزعون ) .(5وقال تعالى:
قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي
أمين ) .(6التنزيل :لملئن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) .(7سبأ :ومن
الجن من يعمل بين يديه باذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب
السعير ،يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور
راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور فلما قضينا عليه
الموت ما دلهم على موته إل دابة الرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن
أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) .(8وقال سبحانه:
بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ).(9
) (1النعام (2) .130 - 128 :العراف (3) .116 :الحجر (4) .27 :الشعراء:
(5) .123 - 121النمل (6) .17 :النمل (7) .39 :السجدة(8) .13 :
سبأ (9) .14 - 12 :سبأ.41 :
][44
الحقاف :أولئك الذين حق عليهم القول في امم قد خلت من قبلهم من الجن والنس
إنهم كانوا خاسرين ) .(1وقال سبحانه :وإذ صرفنا إليك نفرامن الجن
يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولو إلى قومهم
منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا لما بين
يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي ال
وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن ل يجب
داعي ال فليس بمعجز في الرض وليس له من دونه أولياء أولئك في
ضلل مبين ) .(2الرحمن وخلق الجان من مارج من نار ) .(3وقال
عزوجل :يا معشر الجن والنس إن استطعتهم أن تنفذوا من أقطار
السموات والرض فانفذوا ل تنفذون إل بسلطان ) .(4وقال سبحانه :ولمن
خاف مقام ربه جنتان ) .(5وقال تعالى :لم يطمثهن إنس قبلهم ول جان )
(6في موضعين .الجن :قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا
سمعنا قرآنا عجبا ) (7إلى آخر السورة .تفسير " :وجعلوا ل شركاء الجن
" قال الرازي في تفسيره :إن الذين أثبتوا الشريك ل فرق وطوائف:
فالولى عبدة الصنام فهم يقولون :الصنام شركاء ل في المعبودية
ولكنهم
) (1الحقاف (2) .18 :الحقاف (3) .32 - 29 :الرحمن (4) .15 :الرحمن.33 :
) (5الرحمن (6) .46 :الرحمن 56 :و (7) .74الجن.28 - 1 :
][45
يعترفون ) (1بأن هذه الصنام ل قدرة لها على الخلق واليجاد والتكوين .والثانية
الذين يقولون مدبر هذا العالم هو الكواكب ،وهؤلء فريقان منهم من يقول:
إنها واجبة الوجود لذواتها ) ،(2ومنهم من يقول إنها ممكنة الوجود
محدثة ) (3وخالقها هو ال تعالى ،إل أنه سبحانه فوض تدبير هذا العالم
السفل إليها وهم الذين ناظرهم الخليل ) .(4والثالثة من المشركين الذين
قالوا :لجملة هذا العالم بما فيه من السماوات والرض إلهان :أحدهما
فاعل الخير ،وثانيهما فاعل الشر ،والمقصود من هذه الية حكاية مذهب
هؤلء ،فروي عن ابن عباس أنه قال قوله تعالى " وجعلوا ل شركاء
الجن نزلت في الزنادقة الذين قالوا إن ال وإبليس أخوان ،فال تعالى
خالق النار والدواب والنعام والخيرات ،وإبليس خالق السباع والحيات
والعقارب والشرور .واعلم أن هذا القول الذي ذكره ابن عباس أحسن
الوجوه المذكورة في هذه الية لن بهذا الوجه يحصل لهذه الية مزيد
فائدة لما سبق ذكره في اليات المتقدمة قال ابن عباس :والذي يقوي هذا
الوجه قوله تعالى " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) " (5وإنما وصف
بكونه من الجن لن لفظ الجن مشتق من الستتار ،والملئكة والروحانيون
ل يرون بالعيون ،فصارت كأنها مستترة من العيون فبهذا ) (6اطلق لفظ
الجن عليها:
) (1في المصدر :معترفون (2) .في المصدر :لذاتها (3) .في المصدر :ممكنة
الوجود لذواتها محدثة (4) .في المصدر :وهؤلء هم الذين حكى ال
عنهم أن الخليل صلى ال عليه وآله وسلم ناظرهم بقوله :ل احب الفلين.
) (5الصافات .158 :قد سقطت هذه الية عن قلمه الشريف ،وكان يلزم
أن يذكرها تلو اليات (6) .في المصدر :فبهذا التأويل.
][46
وأقول :هذا مذهب المجوس وإنما قال ابن عباس :هذا قول الزنادقة ،لن المجوس
يلقبون بالزنادقة لن الكتاب الذي زعم زردشت ) (1أنه نزل عليه من عند
ال مسمى بالزند والمنسوب إليه يسمى بالزندي ) (2ثم عرب فقيل زنديق،
ثم جمع فقيل زنادقة .واعلم أن المجوس قالوا :كل ما في هذا العالم من
الخيرات فهو من يزدان وكل ما فيه من الشرور من أهرمن ،وهو المسمى
بابليس في شرعنا ،ثم اختلفوا فالكثرون منهم على أن أهرمن محدث،
ولهم في كيفية حدوثه أقوال عجيبة ،والقلون منهم قالوا إنه قديم أزلي،
وعلى القولين فقد اتفقوا على أنه شريك ل في تدبير العالم فخيرات هذا
العالم من ال وشروره من إبليس .فان قيل :فعلى هذا التقدير القوم أثبتوا
ل شريكا واحدا وهو إبليس ،فكيف حكى ال عنهم أنهم أثبتوا ل شركاء ؟
والجواب أنهم يقولون عسكر ال هم الملئكة وعسكر إبليس هم
الشياطين ،والملئكة فيهم كثرة عظيمة ،وهم أرواح طاهرة مقدسة وهي )
(3تلهم الرواح البشرية بالخيرات والطاعات ،والشياطين أيضا فيهم كثرة
عظيمة وهي تلقي الوسواس الخبيثة إلى الرواح البشرية ،وال مع
عسكره من الملئكة يحاربون إبليس مع عسكره من الشياطين ،فلهذا
السبب حكى ال عنهم أنهم أثبتوا ل شركاء من الجن .فإذا عرفت هذا
فقوله " وخلقهم " إشارة إلى الدليل القاطع الدال على فساد كون إبليس
شريكا ل في ملكه ،وتقريره من وجهين :الول أنا نقلنا عن المجوس أن
الكثرين منهم معترفون بأن إبليس ليس بقديم بل هو محدث وكل محدث
فله خالق وما ذاك إل ال سبحانه ،فيلزمهم القطع
) (1في المصدر :زرادشت (2) .في المصدر :بالزندى (3) .في المصدر :وهم
يلهمون تلك الرواح.
][47
بأن خالق إبليس هو ال تعالى ،ولما كان إبليس أصل لجميع الشرور والقبائح )(1
فيلزمهم أن إله العالم هو الخالق لما هو أصل الشرور والمفاسد ،وإذا كان
كذلك امتنع عليهم أن يقولوا لبد من إلهين يكون أحدهما فاعل الخيرات،
والثاني فاعل للشرور وبهذا الطريق ثبت أن إله الخير هو بعينه الخالق
لهذا الذي هو الشر العظم .والثاني ما بينا في كتبنا ) (2أن ما سوى
الواحد ممكن لذاته ،وكل ممكن لذاته فهو محدث ،ينتج أن ما سوى الواحد
الحد الحق فهو محدث ،فيلزم القطع بأن إبليس وجميع جنوده موصوفون
بالحدوث ،وحصول الوجود بعد العدم ،فيعود اللزام المذكور على ما قررنا.
وقيل :المراد بالية أن الكفار كانوا يقولون الملئكة بنات ال وأطلق الجن
عليهم لكونهم مستترين عن العين ،وقال الحسن وطائفة :إن المراد أن
الجن دعوا الكفار إلى عبادة الصنام ،وإلى القول بالشرك فقبلوا من الجن
هذا القول ،وأطاعوهم فصاروا من هذا الوجه قائلين بكون الجن شركاء
ل ،والحق هو القول الول ) " .(3وخرقوا له بنين " قال الفراء :معنى
خرقوا :افتعلوا وافتروا ،فاما الذين أثبتوا البنين فهم النصارى ،وقوم من
اليهود ،وأما الذين أثبتوا البنات فهم العرب ،قالوا الملئكة بنات ال،
وقوله :بغير علم " كالتنبيه على ما هو الدليل القاطع على فساد هذا
القول ،لن الولد ) (4يشعر بكونه متولدا عن جزء من أجزاء الوالد،
) (1في المصدر :لجميع الشرور والفات والمفاسد والقبائح .والمجوس سلموا ان
خالقه هو ال تعالى فحينئذ قد سلموا ان اله العالم هو الخالق لما هو اصل
الشرور والقبائح والمفاسد (2) .في المصدر :في هذا الكتاب وفى كتاب
الربعين في اصول الدين (3) .التفسير الكبير ،115 - 112 :13
اختصره رحمه ال في بعض المواضع (4) .ذكر الرازي في فساد هذا
القول وجوه ،والذى ذكره المصنف هو الوجه الثالث اما الولن فقال
الرازي :الحجة الولى :ان ال له يجب ان يكون واجب الوجود لذاته
فولده اما ان يكون واجب الوجود لذاته أو ل يكون ،فان كان واجب
الوجود لذاته - - -
][48
وذلك إنما يعقل في حق من يكون مركبا ويمكن انفصال بعض أجزائه عنه ،وذلك
في حق الحد ) (1الفرد محال .فحاصل الكلم أن من علم أن الله ما
حقيقته ،استحال أن يقول :له ولد ،فقوله " :بغير علم " إشارة إلى هذه
الدقيقة ،وسبحانه " تنزيه ل عن كل ما ل يليق به " وتعالى " أي هو
متعال عن كل اعتقاد باطل ) ،(2وقول فاسد ) .(3قوله سبحانه " ويوم
يحشرهم جميعا " أي جميع الخلق أو النس والجن " يا معشر الجن " أي
يا جماعة الجن " قد استكثرتم من النس " أي من إغوائهم وإضللهم ،أو
منهم بأن جعلتموهم أتباعكم فحشروا معكم " وقال أولياؤهم من النس "
الذين أطاعوهم " ربنا استمتع بعضنا ببعض " أي انتفع النس بالجن بأن
دلوهم على الشهوات وما يتوصل به إليها ،والجن بالنس بأن أطاعوهم
وحصلوا مرادهم وقيل استمتاع النس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم في
المفاوز عند المخاوف واستمتاعهم بالنس اعتراف بأنهم يقدرون على
إجارتهم " .وبلغنا أجلنا الذي أجلت " أي البعث " وكذلك نولي بعض
الظالمين بعضا "
- - - - -كان مستقل بنفسه قائما بذاته ل تعلق له في وجوده بالخر ،ومن كان
كذلك لم يكن والد له البتة لن الولد مشعر بالفرعية والحاجة ،واما ان
كان ذلك الولد ممكن الوجود لذاته فحينئذ يكون وجوده بايجاد واجب
الوجود لذاته ،ومن كان كذلك فيكون عبد ال ل والدا له فثبت ان من
عرف ان الله ما هو امتنع منه ان يثبت له البنات والبنين .الحجة الثانية
ان الولد يحتاج إليه ان يقوم مقامه بعد فنائه ،وهذا يعقل في حق من
يفنى ،اما من تقدس عن ذلك لم يعقل الولد في حقه (1) .في المصدر :في
حق الواحد الفرد الواجب لذاته محال (2) .فيه اختصار والموجود في
المصدر :واما قوله) :وتعالى( فل شك انه ل يفيد العلو في المكان ،لن
المقصود هاهنا تنزيه ال تعالى عن هذه القوال الفاسدة والعلو في
المكان ل يفيد هذا المعنى فثبت ان المراد هاهنا التعالى عن كل اعتقاد
باطل وقول فاسد (3) .التفسير الكبير 116 :13و .117
][49
أي نكل بعضهم إلى بعض ،أو يجعل ) (1بعضهم يتولى بعضا فيغويهم أو أولياء
بعض وقرنائهم في العذاب ،كما كانوا في الدنيا " .ألم يأتكم رسل منكم "
قال الطبرسي رحمه ال :قوله " منكم " وإن كان خطابا لجميعهم والرسل
من النس خاصة فانه يحتمل أن يكون لتغليب أحدهما على الخر ،كما قال
سبحانه " :يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) " (2وإن كان اللؤلؤ يخرج
من الملح دون العذاب ،وكما يقال أكلت الخبز واللبن ،وإنما يأكل الخبز
ويشرب اللبن ،وهو قول أكثر المفسرين ،وقيل :إنه أرسل رسل إلى الجن
كما أرسل إلى النس عن الضحاك ،وعن الكلبى كان الرسل يرسلون إلى
النس ثم بعث محمد صلى ال عليه وآله إلى النس والجن وقال ابن
عباس إنما بعث الرسول من النس ثم كان يرسل هو إلى الجن رسول من
الجن ،وقال مجاهد الرسل من النس والنذر من الجن ) .(3وأقول :قد مر
تفسير اليات في كتاب المعاد .وقال الرازي في قوله تعالى " :سحروا
أعين الناس " :احتج بهذه الية القائلون بأن السحر محض التمويه :قال
القاضي لو كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم ل أعينهم فثبت أن
المراد أنهم تخيلوا أحوال عجيبة مع أن المر في الحقيقة ما كان على ما
وفق ما تخيلوه ) " .(4والجان " قال البيضاوي :أي الجن .وقيل :إبليس
ويجوز أن يراد به كون الجنس بأسره مخلوقا منها ،وانتصابه بفعل يفسره
" خلقناه من قبل " أي من قبل خلق النسان " من نار السموم " أي من
) (1في المخطوطة :أو نجعل (2) .الرحمن (3) .22 :مجمع البيان .367 :4أقول:
هذه كلها اقوال من غير دليل (4) .التفسير الكبير .203 :14
][50
نار الحر الشديد النافذ في المسام ،ول يمتنع خلق الحياة في الجرام البسيطة كما ل
يمتنع خلقها في الجواهر المجردة ،فضل عن الجساد المؤلفة التي الغالب
فيها الجزء الناري ،فانها أقبل لها من التي الغالب فيها الجزء الرضي،
وقوله :من نار " باعتبار الجزء الغالب كقوله " خلقكم من تراب " ).(1
وقال الرازي :اختلفوا في أن الجان من هو ؟ قال عطاء :عن ابن عباس:
يريد إبليس ،وهو قول الحسن ومقاتل وقتادة .وقال ابن عباس في رواية
أخرى :الجان هو أبو الجن ،وهو قول الكثرين وسمي جانا لتواريه عن
العين كما سمي الجن جنا لهذا السبب ) ،(2والجنين متوار في بطن امه،
ومعنى الجان في اللغة الساتر من قولك جن الشئ إذا ستره فالجان
المذكور هنا يحتمل أن يكون جانا لنه يستر نفسه عن بني ) (3آدم أو
يكون من باب الفاعل الذي يراد به المفعول ،كما تقول في لبن وتامر وماء
دافق وعيشة راضية ،واختلفوا في الجن فقال بعضهم إنه جنس غير
الشياطين ،والصح أن الشياطين قسم من الجن ،فكل من كان منهم مؤمنا
فانه ل يسمى بالشيطان ،وكل من كان منهم كافرا يسمى بهذا السم.
والدليل على صحة ذلك أن لفظ الجن مشتق من الجتنان بمعنى الستتار
فكل من كان كذلك كان من الجن .والسموم في اللغة الريح الحارة تكون
بالنهار ،وقد تكون بالليل ،وعلى هذا فالريح الحارة فيها نار ولها لهب،
على ما ورد في الخبر أنها من فيح جهنم ) (4قيل :سميت سموما لنها
بلطفها تدخل مسام البدن ،وهي الخروق الخفية التي تكون
) (1انوار التنزيل 647 :1فيه :ابا الجن (2) .في المصدر :كما سمى الجنين جنينا
لهذا السبب (3) .في المصدر :عن اعين بنى آدم (4) .في المصدر:
فالريح الحارة فيها نار ولها لفح وأوار على ما ورد في الخبر انها لفح
جهنم.
][51
في جلد النسان يبرز منها عرقه وبخار باطنه .قال ابن مسعود :هذا السموم جزء
من سبعين جزءا من السموم التي منها الجان ) (1وتل هذه الية .فان قيل:
كيف يعقل حصول الحيوان ) (2من النار ؟ قلنا هذا على مذهبنا ظاهر لن
البنية عندنا ليست شرطا لمكان حصول الحياة ،فإنه تعالى قادر على خلق
الحياة والعقل والعلم في الجوهر الفرد ،وكذلك يكون قادرا على خلق الحياة
والعقل في الجسم الحار ) " .(3هل انبئكم " قال البيضاوي :لما بين أن
القرآن ل يصح أن يكون مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك بأن بين أن
محمدا " صلى ال عليه وآله ل يصح أن يتنزلوا عليه من وجهين أحدهما
أنه إنما يكون ) (4على شرير كذاب كثير الثم فان اتصال النسان
بالغائبات لما بينهما من التناسب والتواد ،وحال محمد صلى ال عليه وآله
على خلف ذلك ،وثانيهما قوله " :يلقون السمع وأكثرهم كاذبون " أي
الفاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم ظنونا وأمارات لنقصان
علمهم فينضمون إليها على حسب تخيلتهم أشياء ل يطابق أكثرها كما
جاء في الحديث الكلمة يختطفها الجني فيقرؤها ) (5في اذن وليه فيزيد
فيها أكثر من مائة كذبة ول كذلك محمد صلى ال عليه وآله فانه أخبر عن
مغيبات كثيرة ل تحصى وقد طابق كلها .وقد فسر الكثر بالكل ،كقوله " كل
أفاك " والظهر أن الكثرية باعتبار أقوالهم على معنى أن هؤلء قل من
يصدق منهم فيما يحكي عن الجني وقيل الضماير للشياطين أي يلقون
السمع إلى الملء العلى قبل أن رجموا فيختطفون منهم بعض المغيبات.
) (1في المصدر :خلق ال بها الجان (2) .في المصدر :خلق الجان (3) .التفسير
الكبير 180 :19و (4) .181في المصدر :ل يصلح لن تنزلوا عليه من
وجهين احدهما انه يكون (5) .في المصدر :فيقرها.
][52
" يوحون ) (1إلى أوليائهم " أي يلقون مسموعهم منهم إلى أوليائهم " وأكثرهم
كاذبون " فيما يوحون به إليهم إذ يسمعونهم ل على نحو ما تكلمت به
الملئكة لشرارتهم أو لقصور فهمهم أو ضبطهم أو أفهامهم ) .(2قال "
عفريت " قال البيضاوي :خبيث مارد " من الجن " بيان له لنه يقال
للرجل الخبيث المنكر المعفر أقرانه وكان اسمه ذكوان أو صخر ) " (3قبل
أن تقوم من مقامك " مجلسك للحكومة ،وكان يجلس إلى نصف النهار "
وإني عليه " على حمله " لقوي أمين " ل أختزل منه شيئا ول ابدله
انتهى ) .(4قوله تعالى " :من الجنة " يدل على أن الجن مكلفون
ومعذبون بالنار مع سائر الكفار " .ومن الجن من يعمل بين يديه باذن ربه
" قال الطبرسي رحمه ال :المعنى وسخرنا له من الجن من يعمل )(5
بحضرته وأمام عينه ما يأمرهم به من العمال كما يعمل الدمي بين يدي
الدمي بأمر ربه تعالى ،وكان يكلفهم العمال الشاقة مثل عمل الطين
وغيره :وقال ابن عباس :سخرهم ال لسليمان وأمرهم بطاعته فيما
يأمرهم به ،وفي هذا دللة على أنه قد كان من الجن من هو غير مسخر
له " .ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير " أي ومن يعدل
من هؤلء الجن الذين سخرناهم لسليمان عما أمرناهم به من طاعة
سليمان " نذقه من عذاب السعير " أي عذاب النار في الخرة عن أكثر
المفسرين .وفي هذا دللة على أنهم قد كانوا مكلفين.
) (1في المصدر :يوحون به (2) .انوار التنزيل (3) .190 :2في المصدر :أو
صخرا (4) .انوار التنزيل (5) .199 :2 :في المصدر :من يعمل له.
][53
وقيل :معناه :نذيقه العذاب في الدنيا ،وأن ال سبحانه وكل بهم ملكا بيده سوط من
نار ،فمن زاغ منهم عن طاعة سليمان ضربه ضربة أحرقته " .يعملون له
ما يشاء من محاريب " وهي بيوت الشريعة .وقيل :هي القصور
والمساجد يتعبد فيها ،وكان مما عملوه بيت المقدس " وتماثيل " يعني
صورا من نحاس وشبه ،وزجاج ،ورخام ،كانت الجن تعملها .وقال بعضهم
) (1كانت صورا للحيوانات .وقال آخرون :كانوا يعملون صور السباع
والبهائم على كرسيه ليكون أهيب له .قال الحسن :ولم يكن يومئذ
التصاوير محرمة ،وهي محظورة في شريعة نبينا صلى ال عليه وآله.
وقال ابن عباس :كانوا يعملون صور النبياء والعباد في المساجد ليقتدي
بهم ،وروي عن الصادق عليه السلم أنه قال :وال ما هي تماثيل الرجال
والنساء ،ولكنها الشجر وما أشبهه " .وجفان كالجواب " أي صحاف
كالحياض يجبى فيها الماء أي :يجمع .وقيل :إنه كان يجتمع على كل جفنة
ألف رجل يأكلون بين يديه " وقدور راسيات " أي ثابتات ل تزلن عن
أمكنتهن لعظمتهن " فلما قضينا عليه الموت " أي فلما حكمنا على
سليمان بالموت .وقيل :معناه أوجبنا على سليمان ) " (2ما دلهم على
موته إل دابة الرض تأكل منسأته " أي ما دل الجن على موته إل
الرضة ،ولم يعلموا موته حتى أكلت عصاه فسقط فعلموا أنه ميت .وروى
أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن سليمان أمر الشياطين فعملوا
له قبة من قوارير فبينما هو قائم متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى
الجن كيف يعملون
) (1في المصدر :ثم اختلفوا فقال بعضهم (2) .في المصدر :على سليمان الموت.
][54
وهم ينظرون إليه ل يصلون إليه إذا رجل معه في القبة ،فقال :من أنت ؟ قال :أنا
الذي ل أقبل الرشى ،ول أهاب الملوك ،فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه
في القبة .قال :فمكثوا سنة يعملون له حتى بعث ال الرضة فأكلت
منسأته .وفي حديث آخر عن أبي عبد ال عليه السلم قال :فكان آصف
يدبر أمره حتى دبت الرضة " فلما خر " أي سقط سليمان ميتا " تبينت
الجن " أي ظهرت الجن فانكشفت ) (1للناس " أن لو كانوا يعلمون الغيب
ما لبثوا في العذاب المهين " معناه في العمال الشاقة .وقيل :إن المعنى
تبينت عامة الجن وضعفاؤهم أن رؤساءهم ل يعلمون الغيب لنهم كانوا
يوهمونهم أنهم يعلمون الغيب .وقيل معناه :تبينت النس أن الجن كانوا ل
يعلمون الغيب فانهم كانوا يوهمون النس أنا نعلم الغيب ،وإنما قال" :
تبينت الجن " كما يقول من يناظر غيره ويلزمه الحجة :هل تبين لك أنك
باطل ؟ ) (2ويؤيده قراءة علي بن الحسين ،وأبي عبد ال عليهما السلم،
وابن عباس ،والضحاك " تبينت النس " ) (3وأما الوجه في عمل الجن
تلك العمال العظيمة ،فهو أن ال تعالى زاد في أجسامهم وقوتهم وغير
خلقهم عن خلق الجن الذين ل يرون للطافتهم ورقة أجسامهم على سبيل
العجاز الدال على نبوة سليمان ،فكانوا بمنزلة السراء في يده ،وكانوا
يتهيأ لهم العمال التي كان يكلفها إياهم ،ثم لما مات عليه السلم جعل ال
خلقهم على ما كانوا عليه فل يتهيأ لهم في هذا الزمان من ذلك شئ ).(4
وقال في قوله تعالى " :بل كانوا يعبدون الجن " بطاعتهم إياهم فيما
دعوهم إليه من عبادة الملئكة.
) (1في المصدر :فانكشف (2) .في المصدر على باطل (3) .ذكر الطبرسي هذه
القراءة في بحث القراءة (4) .مجمع البيان 380 :8و .384 - 382
][55
وقيل :المراد بالجن إبليس وذريته وأعوانه " .أكثرهم بهم مؤمنون " مصدقون
بالشياطين مطيعون لهم ) .(1وقال في قوله تعالى " :فحق عليهم القول )
" (2أي كلمة العذاب " في أمم " أي مع امم " قد خلت من قبلهم من
الجن والنس " على مثل حالهم واعتقادهم .قال قتادة :قال الحسن :الجن
ل يموتون ،فقلت " :اولئك الذين حق عليهم القول في امم " الية تدل
على خلفه ) .(3قوله تعالى " :وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن " قال
الرازي في كيفية هذه الواقعة قولن :الول :قال سعيد بن جبير :كانت
الجن تستمع فلما رجموا قالوا :هذا الذي حدث في السماء إنما حدث لشئ
حدث في الرض ،فذهبوا يطلبون السبب .وكان قد اتفق أن النبي صلى ال
عليه وآله لما آيس من أهل مكة أن يجيبوه خرج إلى الطائف ليدعوهم إلى
السلم ،فلما انصرف إلى مكة وكان ببطن نخلة ) (4أقام به يقرأ القرآن،
فمر به نفر من أشراف جن نصيبين كان ابليس بعثهم ليعرف ) (5السبب
الذي أوجب حراسة السماء بالرجم فتسمعوا ) (6القرآن وعرفوا أن ذلك
السبب .الثاني :أن ال أمر رسوله أن ينذر الجن ويدعوهم إلى ال تعالى
ويقرأ عليهم القرآن ،فصرف ال تعالى إليه نفرا من الجن ليسمعوا )(7
القرآن وينذروا قومهم.
) (1مجمع البيان (2) .395 :8هكذا في النسخ المطبوعة ،والمخطوطة خيالة
عنه ،والصحيح] :حق عليهم[ كما في المصحف الشريف (3) .مجمع
البيان (4) .87 :9في المصدر :قام يقرأ القرآن في صلة الفجر (5) .في
المصدر :ليعرفوا (6) .في النسخة المطبوعة بتبريز] :فتستمعوا[ وفى
المصدر :فسمعوا القرآن وعرفوا ان ذلك هو السبب (7) .في المصدر:
ليستمعوا منه.
][56
ويتفرع على ما ذكرناه فروع :الول :نقل القاضي في تفسيره عن الجن :أنهم كانوا
يهودا لن في الجن ملل كما في النس من اليهود والنصارى والمجوس
وعبدة الوثان ) (2وأطبق المحققون على أن الجن مكلفون ،سئل ابن
عباس هل للجن ثواب ؟ قال :نعم لهم ثواب وعليهم عذاب (3) ،يلتقون في
الجنة ويزدحمون على أبوابها .الثاني :قال صاحب الكشاف :النفر :دون
العشرة ويجمع أنفارا ،ثم روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس أن اولئك
الجن كانوا سبعة أنفار من أهل نصيبين فجعلهم رسول ال صلى ال عليه
وآله رسل إلى قومهم .وعن زر بن حبيش ،كانوا تسعة أحدهم زوبعة ).(4
الثالث :اختلفوا في أنه هل كان عبد ال بن مسعود مع النبي صلى ال عليه
وآله ليلة الجن أم ل ؟ والروايات فيه مختلفة .الرابع :روى القاضي في
تفسيره عن أنس قال :كنت مع النبي صلى ال عليه وآله في جبال مكة إذ
أقبل شيخ متوكئ على عكازة فقال صلى ال عليه وآله :مشية جني
ونغمته ،فقال :أجل ،فقال :من أي الجن أنت ؟ فقال :أنا هامة بن هيم بن
لقيس بن إبليس ،فقال :ل أرى بينك وبين إبليس إل أبوين ،فكم أتى
عليك ؟ قال :أكلت عمر الدنيا إل أقلها ،وكنت وقت قابيل وهابيل ) (5أمشي
بين الكام وذكر كثيرا مما مر به ،وذكر في جملته أن قال :قال لي عيسى:
إن لقيت محمدا " صلى ال عليه وآله
) (1في المصدر :نقل عن القاضى في تفسيره الجن (2) .في المصدر :وعبدة
الصنام (3) .في المصدر :وعليهم عقاب (4) .في المخطوطة] :ذويقة[
وفى المصدر] :ذويعة[ ولعل الصحيح ما في المتن وهو يناسب معناه
اللغوى وهو هيجان الرياح وتصاعدها إلى السماء يقال له بالفارسية:
گردباد (5) .في المصدر :وقت قتل قابيل.
][57
فاقرأه عني السلم ،وقد بلغت سلمه وآمنت بك ) (1فقال :إن موسى عليه السلم
علمني التوارة وعيسى عليه السلم علمني النجيل ،فعلمني القرآن !
فعلمه عشر سور ،وقبض رسول ال صلى ال عليه وآله ولم تتمه ).(2
واختلفوا في تفسير قوله " :وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن " فقال
بعضهم :لما لم يقصد الرسول قراءة القرآن عليهم فهو تعالى ألقى في
قلوبهم ميل إلى القرآن وداعية إلى استماعه .فلهذا السبب قال " :وإذ
صرفنا إليك نفرا من الجن " " .فلما حضروه " الضمير للقرآن أو
للرسول " قالوا " أي قال بعضهم لبعض " :انصتوا " أي اسكتوا
مستمعين ،فلما فرغ من القراءة " ولوا إلى قومهم منذرين " ينذرونهم،
وذلك ل يكون إل بعد إيمانهم ،لنهم ل يدعون غيرهم إلى استماع القرآن
والتصديق به إل وقد آمنوا بوعيده ) " .(3قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا "
الخ وصفه ) (4بوصفين :الول :كونه مصدقا لكتب النبياء عليهم السلم،
فهو يماثل سائر الكتب اللهية في الدعوة إلى المطالب العالية الشريفة.
والثاني :أن هذه المطالب حقة في أنفسها ) ،(5يعلم كل أحد بصريح عقله
) (1زاد في المصدر بعد ذلك :فقال عليه السلم :وعلى عيسى السلم وعليك يا
هامة ،ما حاجتك (2) .في المخطوطة] :ولم يتمه[ وفى المصدر :ولم ينعه
قال عمر بن الخطاب :ول اراه ال حيا (3) .في المصدر] :فعنده[ مكان
بوعيده (4) .في المصدر :ووصفوه (5) .الموجود في المصدر هكذا:
الول :كونه مصدقا لما بين يديه ،أي مصدقا لكتب النبياء ،والمعنى ان
كتب سائر النبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد والنبوة والمعاد
والمر بتطهير الخلق فكذلك هذا الكتاب مشتمل على هذه المعاني.
الثاني قوله] :يهدى إلى الحق والى طريق مستقيم[ واعلم ان الوصف
الول يفيد ان هذا الكتاب يماثل
][58
كونها كذلك .وإنما قالوا " :من بعد موسى " لنهم كانوا على اليهودية .وعن ابن
عباس :أن الجن ما سمعت أمر عيسى ،فلذا قالوا " :من بعد موسى "" .
أجيبوا داعي ال " أي الرسول ،أو الواسطة الذي يبلغ عنه .ويدل على أنه
كان مبعوثا إلى الجن كما كانم مبعوثا إلى النس ،قال مقاتل :ولم يبعث ال
نبيا إلى النس والجن قبله ) .(1واختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم ل ؟
قيل :ل ثواب لهم إل النجاة من النار ،ثم يقال لهم :كونوا ترابا مثل البهائم،
واحتجوا بقوله تعالى " :ويجركم من عذاب أليم " وهو قول أبي حنيفة،
والصحيح أنهم في حكم بني آدم فيستحقون الثواب على الطاعة ،والعقاب
على المعصية ،وهذا قول أبي ليلي ) (2ومالك ،وجرت بينه وبين أبي
حنيفة في هذا الباب مناظرة ،قال الضحاك :يدخلون الجنة ويأكلون
ويشربون .والدليل على صحة هذا القول :كل دليل دل على أن البشر
يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن والفرق بين
البابين بعيد جدا انتهى ) .(3وقال البيضاوي في قوله " :يغفر لكم من
ذنوبكم " :وهو بعض ذنوبكم وهو ما يكون في خالص حق ال ،فان
المظالم ل يغفر باليمان " .ويجركم من عذاب أليم " هو معد للكفار "
فليس بمعجز في الرض " إذ ل ينجي منه مهرب " وليس له من دونه
أولياء " يمنعونه منه " في ضلل مبين " حيث اعترضوا عن إجابة من
هذا شأنه ).(4
- - - -سائر الكتب اللهية في الدعوة إلى هذه المطالب العالية الشريفة ،والوصف
الثاني يفيد ان هذه المطالب التى اشتمل القرآن عليها مطلب حقة صدق
في انفسها (1) .اختصر المصنف كلم الرازي (2) .الصحيح كما في
المصدر :ابن ابى ليلى (3) .التفسير الكبير (4) .33 - 31 :28انوار
التنزيل .432 :2
][59
وقال الطبرسي رحمه ال :قوله تعالى " :وخلق الجان " أي أبا الجن ،قال الحسن:
هو إبليس أبو الجن ،وهو مخلوق من لهب النار كما أن آدم مخلوق من
طين " من مارج من نار " أي نار مختلط أحمر وأسود وأبيض عن
مجاهد .وقيل :المارج :الصافي من لهب النار الذي ل دخان فيه )" .(1
سنفرغ لكم أيها الثقلن " أي سنقصد لحسابكم أيها الجن والنس،
والثقلن أصله من الثقل ،وكل شئ له وزن وقدر فهو ثقل ،وإنما سميا "
ثقلين " لعظم خطرهما وجللة شأنهما بالضافة إلى ما في الرض من
الحيوانات ،ولثقل وزنهما بالعقل والتمييز .وقيل :لثقلهما على الرض
أحياء وأمواتا " ،ومنه قوله تعالى " :وأخرجت الرض أثقالها " أي
أخرجت ما فيها من الموتى " .أن تنفذوا " أي تخرجوا هاربين من الموت
" من أقطار السماوات والرض " أي جوانبهما ونواحيهما " فانفذوا "
أي فاخرجوا فلن تستطيعوا أن تهربوا منه " ل تنفذون إل بسلطان " أي
حيث توجهتم فثم ملكي ول تخرجون من سلطاني فأنا آخذكم بالموت ).(2
وقيل :أي ل تخرجون إل بقدرة من ال وقوة يعطيكموها بأن يخلق لكم
مكانا آخر سوى السماوات والرض ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه ).(3
" لم يطمثهن " أي لم يقتضهن ،والقتضاض :النكاح بالتدمية ) (4أي لم
يطأهن ولم يغشهن " إنس قبلهم ول جان " فهن أبكار لنهن خلقن في
الجنة .فعلى هذا القول هؤلء من حور الجنة .وقيل :هن من نساء الدنيا لم
يمسسهن منذ أنشأن خلق ،قال الزجاج:
) (1مجمع البيان (2) .201 :9ويحتمل أن يكون ذلك جملة مستانفة (3) .مجمع
البيان 204 :9و (4) .205في المصدر :لم يفتضهن ،والفتضاض:
النكاح بالتدمية.
][60
وفيها دللة على أن الجني يغشى كما يغشى النسي ،وقال ضمرة بن حبيب :وفيها
دليل على أن للجن ثوابا وأزواجا من الحور ،فالنسيات للنس والجنيات
للجن .وقال البلخي :والمعنى أن ما يهب ال لمؤمني النس من الحور لم
يطمثهن إنس ،وما يهب ال لمؤمني الجن من الحور لم يطمثهن جان
انتهى ) .(1وقال الرازي في قوله تعالى " :فبأي آلء ربكما " :الخطاب
للنس والجن أو الذكر والنثى .أو المراد التكرار للتأكيد .أو المراد العموم،
لن العام يدخل فيه قسمان كالحاضر وغير الحاضر ،والسواد وغير
السواد ،والبياض وغيره وهكذا ،أو القلب واللسان ،فان التكذيب قد يكون
بالقلب وقد يكون باللسان ،أو التكذيب للدلئل السمعية والعقلية ،والظاهر
منها الثقلن لقوله " :سنفرغ لكم أيها الثقلن " وقوله " :يا مشعر الجن
والنس " وقوله " :خلق النسان وخلق الجان " ) .(2وقال في قوله
تعالى " :لم يطمثهن " إلى آخره :ما الفائدة في ذكر الجان مع أن الجان ل
يجامع ؟ نقول :ليس كذلك بل الجن لهم أولد وذرية ،وإنما الخلف في
أنهم هل يواقعون النس أم ل ؟ والمشهور أنهم يواقعون ،ولما كانت الجنة
فيها النس والجن كانت مواقعة النس إياهن كمواقعة الجن ،فوجبت
الشارة إلى نفيهما انتهى ) .(3وقال البيضاوي في قوله تعالى " :ولمن
خاف مقام ربه جنتان " :جنة للخائف
) (1مجمع البيان :208 :9بيانه انه تعالى لما بين انهم ل يمكن لهم أن يهربوا من
الموت بالمر التعجيزى بالنفاذ من اقطار السماوات والرض استأنف
الكلم ببيان أن النفوذ إلى اقطار السماوات والرض ل يمكن ال بسلطان
العلم والقدرة (2) .التفسير الكبير 94 :29و .95واختصره المصنف) .
(3التفسير الكبير 130 :29فيه :وال لما كان في الجنة احساب ول
انساب فكان مواقعة النس اياهن كمواقعة الجن من حيث الشارة إلى
نفيها.
][61
النسي ،والخرى للخائف الجني ،فان الخطاب للفريقين .والمعنى لكل خائفين
منكما .أو لكل واحد جنة لعقيدته ،واخرى لعمله ،أو جنة لفعل الطاعات،
واخرى لترك المعاصي ،أو جنة يثاب بها ،واخرى يتفضل بها عليه ،أو
روحانية وجسمانية ) .(1وقال في قوله تعالى " :أنه استمع نفر من الجن
" :النفر :ما بين الثلثة والشعرة ،والجن أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم
النارية أو الهوائية .وقيل :نوع من الرواح المجردة ،وقيل :نفوس بشرية
مفارقة عن أبادنها ،وفيه دللة على أنه صلى ال عليه وآله ما رآهم ولم
يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر
ال به رسوله ،فقالوا " :إنا سمعنا قرآنا " كتابا " عجبا " بديعا مباينا
لكلم الناس في حسن نظمه ودقة معناه ،وهو مصدر وصف به للمبالغة" .
يهدي إلى الرشد " إلى الحق والصواب " فآمنا به " بالقرآن " ولم نشرك
بربنا أحدا " على ما نطق به الدلئل القاطعة على التوحيد " .وأنه تعالى
جد ربنا " قرأ ابن كثير والبصريان بالكسر على أنه من جملة المحكي بعد
القول وكذا ما بعده إل قوله " :وأن لو استقاموا .وأن المساجد .وأنه لما
قام " فانه من جملة الموحى به ،ووافقهم نافع وأبو بكر إل في قوله" :
إنه لما قام " على أنه استئناف أو مقول ،وفتح الباقون الكل إل ما صدر
بالفاء على أن ما كان من قولهم فمعطوف على محل الجار والمجرور في
" به " كأنه قيل :صدقناه وصدقنا " أنه تعالى جد ربنا " أي عظمته ،من
جد فلن في عيني :إذا عظم ) (2أو سلطانه أو غناه ،مستعار من الجد
الذي هو البخت .والمعنى :وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد لعظمته أو
سلطانه أو لغناه ،وقوله " :ما اتخذ صاحبة ول ولدا " بيان لذلك " وأنه
كان يقول سفيهنا " إبليس أو مردة الجن " على ال شططا " قول ذا
شطط وهو البعد ومجاوزة الحد ،أو هو شطط لفرط
) (1انوار التنزيل (2) .487 :2في المصدر :أي عظم ملكه وسلطانه.
][62
ما أشط فيه وهو نسبة الصاحبة والولد إلى ال تعالى " .وأنا ظننا أن لن يقول
النس والجن على ال كذبا " اعتذار عن اتباعهم للسفيه في ذلك لظنهم أن
أحدا ل يكذب على ال و " كذبا " نصب على المصدر لنه نوع من القول،
أو الوصف بمحذوف أي قول مكذوبا فيه " .وأنه كان رجال من النس
يعوذن برجال من الجن " فان الرجل كان إذا مشى بقفر قال :أعوذ بسيد
هذا الوادي من شر سفهاء قومه " فزادوهم " فزادوا الجن باستعاذتهم
بهم " رهقا " كبرا وعتوا " ،أو فزاد الجن النس غيا " بأن أضلوهم
حتى استعاذوا بهم ،والرهق في الصل ،غشيان الشئ " .وأنهم " وأن
النس " ظنوا كما ظننتم " أيها الجن أو بالعكس ،واليتان من كلم الجن
بعضهم لبعض ،أو استيناف كلم من ال ،ومن فتح " أن " فيهما جعلهما
من الموحى به " أن لن يبعث ال أحدا " ساد مسد مفعولي " ظنوا "" .
وأنا لمسنا السماء " طلبنا بلوغ السماء ،أو خبرها ،واللمس مستعار من
المس للطلب كالحس يقال :لمسه وألمسه وتلمسه ،كطلبه وأطلبه وتطلبه
" فوجدناها ملئت حرسا شديدا " حرسا اسم جمع كالخدم " شديدا " قويا
" ،وهم الملئكة الذين يمنعونهم عنها " وشهبا " جمع شهاب وهو
المضئ المتولد من النار " .وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " مقاعد
خالية عن الحرس والشهب أو صالحة للرصد ) (1والستماع " وللسمع "
صلة " لنقعد " أو صفة " لمقاعد " " .فمن يستمع الن يجد له شهابا
رصدا " أي شهابا راصدا له ،ولجله يمنعه عن الستماع بالرجم ،أو ذي
شهاب راصدين على أنه اسم جمع للراصد " وأنا ل ندري أشر اريد بمن
في الرض " بحراسة السماء " أم أراد بهم ربهم رشدا " خيرا " وأنا منا
الصالحون " المؤمنون البرار " ومنا دون ذلك " قوم دون ذلك ،فحذف
الموصوف وهم المقتصدون " كنا طرائق " ذوي طرائق ،أي مذاهب أو
مثل طرائق في اختلف
][63
الحوال ،أو كانت طرائقنا طرائق " قددا " متفرقة مختلفة جمع " قدة " من قد:
إذا قطع " .وأنا ظننا " علمنا " أن لن نعجز ال في الرض " كائنين في
الرض أينما كنا ) " (1ولن نعجزه هربا " هاربين منها إلى السماء أو لن
نعجزه في الرض إن أراد بنا أمرا ،أو لن نعجزه هربا إن طلبنا " وأنا لما
سمعنا الهدى " أي القرآن " آمنا به فمن يؤمن بربه فل يخاف " فهو ل
يخاف " بخسا ول رهقا " نقصا في الجزاء ول أن ترهقه ذلة أو جزاء
نقص ) (2لنه لم يبخس حقا ولم يرهق ظلما ،لن من حق اليمان بالقرآن
أن يجتنب ذلك " .وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون " الجائرون عن
طريق الحق وهو اليمان والطاعة " فمن أسلم فاولئك تحروا رشدا "
توخوا رشدا عظيما يبلغهم إلى دار الثواب " وأما القاسطون فكانوا لجهنم
حطبا " توقد بهم كما توقد بكفار النس " وأن لو استقاموا أي أن الشأن
لو استقام النس أو الجن أو كلهما " علي الطريقة لسقيناهم ماء غدقا "
على الطريقة المثلى لوسعنا عليهم الرزق ،وتخصيص الماء الغدق وهو
الكثير بالذكر لنه أصل المعاش والسعة ،وعزة وجوده بين العرب "
لنفتنهم فيه " لنختبرهم كيف يشكرونه .وقيل :معناه وأن لو استقام الجن
على طريقتهم القديمة ولم يسلموا باستماع القرآن لوسعنا عليهم الرزق
مستدرجين بهم لنوقعهم في الفتنة ونعذبهم في كفرانهم " ومن يعرض
عن ذكر ربه " عن عبادته أو موعظته أو وحيه " يسلكه " أي يدخله "
عذابا صعدا " شاقا " يعلو المعذب ويغلبه ،مصدر وصف به " وأن
المساجد ل " مختصة به " فل تدعوا مع ال أحدا " فل تعبدوا فيها
غيره .وقيل :اراد بالمساجد الرض كلها ،وقيل :مسجد الحرام لنه قبلة
المساجد
) (1في المصدر :اينما كنا فيها (2) .في المصدر :أو جزاء بخس ول راهق.
][64
ومواضع السجود ) (1على أن المراد النهي عن السجود لغير ال ،وأراد به )(2
السبعة والسجدات على أنه جمع مسجد " .وأنه لما قام عبد ال " أي
النبي ،وإنما ذكر لفظ " العبد " للتواضع لنه واقع موقع كلمه عن نفسه
والشعار بما هو المقتضي لقيامه " يدعوه " يعبده " كادوا " كاد الجن "
يكونون عليه لبدا " متراكمين من ازدحامهم عليه تعجبا مما رأوا من
عبادته وسمعوا من قراءته ،أو كاد النس والجن يكونون عليه مجتمعين ل
بطال أمره وهو جمع " لبدة " وهي ما تلبد بعضه على بعض كلبدة السد.
أقول :قد مضى تفسير اليات على وجه آخر في أبواب معجزات الرسول
صلى ال عليه وآله وغيرها - 1 .دلئل الطبري :عن محمد بن عبد ال
العطار ،عن محمد بن الحسن ،يرفعه إلى معتب مولى أبي عبد ال عليه
السلم ،قال :إنى لواقف يوما خارجا من المدينة ،وكان يوم التروية ،فدنا
مني رجل فناولني كتابا طينه رطب ،والكتاب من أبي عبد ال عليه السلم
وهو بمكة حاج ،ففضضته وقرأته فإذا فيه " إذا كان غدا افعل كذا وكذا "
ونظرت إلى الرجل لسأله متى عهدك به فلم أر شيئا ،فلما قدم أبو عبد ال
عليه السلم سألته عن ذلك ،فقال ذلك من شيعتنا من مؤمني الجن إذا
كانت لنا حاجة مهمة أرسلناهم فيها ) - 2 .(3مجالس الصدوق :عن محمد
بن موسى عن السعد آبادي عن أحمد البرقي عن أبيه عن فضالة عن زيد
الشحام عن أبي عبد ال عليه السلم في حديث طويل ذكر فيه مرض النبي
صلى ال عليه وآله ،وأنه عاده الحسنان عليهما السلم ،فافتقدهما
وطلبهما حتى أتى حديقة نبي النجار ،فإذا هما نائمان قد اعتنق كل واحد
منهما صاحبه ) ،(4وقد اكتنفتهما
) (1في المصدر :أو مواضع السجود (2) .في المصدر :أو اراد به السبعة
والسجدات (3) .دلئل الطبري (4) .132 :في المصدر :وقد تقشعت
السماء فوقهما كطبق فهى تمطر كاشد مطر ما رآه الناس قط وقد منع ال
عزوجل المطر منهما في البقعة التى هما فيها نائمان ل يمطر عليهما
قطرة وقد اكتنفتهما.
][65
حية لها شعرات كآجام القصب ،وجناحان :جناح قد غطت به الحسن ،وجناح قد
غطت به الحسين عليهما السلم .فلما أن بصر بهما النبي صلى ال عليه
وآله تنحنح فانسابت الحية وهي تقول :اللهم إني اشهدك واشهد ملئكتك
أن هذين شبل نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين.
فقال لها النبي :أيتها الحية فمن أنت ) (1؟ قالت :أنا رسول الجن إليك،
فقال :وأي الجن ؟ قالت :جن نصيبين نفر من بني مليح ،نسينا آية من
كتاب ال عزوجل ،فبعثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب ال .فلما بلغت
هذا الموضع سمعت مناديا ينادي :أيتها الحية إن هذين شبل نبيك )(2
فاحفظهما من العاهات والفات ،ومن طوارق الليل والنهار ،وقد حفظتهما
) (3وسلمتهما إليك سالمين صحيحين ،وأخذت الحية الية وانصرفت
الخبر ) .(4ومنه باسناده ) (5عن حبيب بن أبي ثابت عن ام سلمة زوجة
النبي صلى ال عليه وآله قالت :ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي صلى
ال عليه وآله إل الليلة ) ،(6ول أراني إل وقد اصبت بابني ،قالت :وجاءت
الجنية منهم تقول :أل يا عين فانهملي بجهد * * فمن يبكي على الشهداء
بعدي ؟ على رهط تقودهم المنايا * * إلى متجبر في ملك عبد )(7
) (1في المصدر :ممن أنت ؟ ) (2في المصدر :هذان شبل رسول ال (3) .في
المصدر :فقد حفظتهما (4) .مجالس الصدوق 266 :و 267والحديث
طويل (5) .والسناد هكذا :محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه ال
عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن ابى الخطاب عن
نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن عمرو بن ثابت عن حبيب بن ابى
ثابت (6) .أي ليلة عاشوراء ،والمراد بابنها هو الحسين بن على عليه
السلم (7) .مجالس الصدوق.85 :
][66
) (1في بعض نسخ المصدر :محمد بن حسين (2) .في المصدر :بينا (3) .انساب:
جرى ومشى مسرعا (4) .اصول الكافي (5) .396 :1الزط بالضم :جيل
من الهند معرب جت بالفتح والقياس يقتضى فتح معربه ايضا قاله
الفيروز آبادي (6) .اصول الكافي .394 :1
][67
- 6ومنه :عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عمن ذكره عن
محمد بن حجرش ) (1قال :حدثتني حكيمة بنت موسى قالت :رأيت الرضا
عليه السلم واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي ،ولست أرى أحدا ".
فقلت :يا سيدي لمن تناجي ؟ فقال :هذا عامر الزهرائي ،أتاني يسألني
ويشكو إلي ،فقلت :يا سيدي احب أن أسمع كلمه ،فقال لي :إنك إن سمعت
كلمه ) (2حممت سنة ،فقلت :يا سيدي احب أن أسمعه ،فقال لي :اسمعي
فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمى فحممت سنة ) .(3بيان:
لعل لخصوص المتكلم أو السامع صنفا أو شخصا مدخل في الحمى7 .
البصائر :عن علي بن حسان عن موسى بن بكر ) (4عن رجل عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :يوم الحد للجن ليس تظهر فيه لحد غيرنا ).(5
- 8ومنه :عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن الحسن بن راشد
عن يعقوب ابن إبراهيم الجعفري ) (6قال :سمعت إبراهيم بن وهب وهو
يقول :خرجت وأنا اريد أبا الحسن بالعريض ،فانطلقت حتى أشرفت على
قصر بنى سراة ،ثم انحدرت الوادي فسمعت صوتا ل أرى شخصه وهو
يقول :يا أبا جعفر :صاحبك خلف القصر عند السدة فاقرأه مني السلم.
) (1هكذا في النسخ ،وفى المصدر) :جحرش( بتقديم الجيم .قال في القاموس
جحرش كجعفر :غليظ مجتمع الخلق (2) .في المصدر :ان سمعت به) .
(3اصول كافى 395 :1و (4) .396في المصدر] :موسى بن بكير[
والظاهر انه مصحف وانه موسى بن بكر الواسطي (5) .بصائر
الدرجات 27 :و ) 95ط (6) .(2في المصدر] :يعقوب بن ابراهيم بن
محمد بن عبد ال بن جعفر بن ابى طالب[ وفى الكافي في باب مولد ابى
الحسن موسى عليه السلم :يعقوب بن جعفر بن ابراهيم.
][68
فالتفت فلم أر أحدا " ،ثم رد علي الصوت باللفظ الذي كان ،ثم فعل ذلك ثلثا،
فاقشعر جلدي ،ثم انحدرت في الوادي حتى أتيت قصد الطريق الذي خلف
القصر ثم أتيت السد نحو السمرات ،ثم انطلقت قصد الغدير ،فوجدت
خمسين حيات روافع ) (1من عند الغدير .ثم استمعت فسمعت كلما "
ومراجعة ،فطفقت ) (2بنعلي ليسمع وطئي ،فسمعت أبا الحسن عليه
السلم يتنحنح ،فتنحنحت وأجبته .ثم هجمت ) (3فإذا حية متعلقة بساق
شجرة ،فقال :ل تخشي ) (4ول ضائر ،فرمت بنفسها ثم نهضت على
منكبه ،ثم أدخلت رأسها في اذنه فأكثرت من الصفير فأجاب :بلى قد فصلت
بينكم ،ول يبغي ) (5خلف ما أقول إل ظالم ،ومن ظلم في دنياه فله عذاب
النار في آخرته مع عقاب شديد ،اعاقبه إياه وآخذ ماله ) (6إن كان له حتى
يتوب " .فقلت :بأبي أنت وامي ألكم عليهم طاعة ؟ فقال :نعم والذي أكرم
محمدا " صلى ال عليه وآله بالنبوة ،وأعز عليا عليه السلم بالوصية
والولية ،إنهم لطوع لنا منكم يا معشر النس وقليل ما هم ) .(7بيان:
السراة بالفتح اسم جمع للسرى بمعنى الشريف ،واسم لمواضع "
والسمرة " بضم الميم شجرة معروفة " ،روافع " بالفاء والعين المهملة،
أي رفعت رؤوسها ،أو بالغين المعجمة من الرفع ،وهو سعة العيش أي
مطمئنة غير خائفة ،أو بالقاف والعين المهملة أي ملونة بألوان مختلفة.
) (1في الطبعة الثانية :روافع ،وفى نسخة بدله :رواقع (2) .في نسخة من الكتاب
ومن المصدر :فصفقت (3) .في المصدر :ثم نظرت وهجمت (4) .في
نسخة] :ل عسى[ وهو مصحف (5) .أي ل يطلب (6) .في نسخة :مال) .
(7بصائر الدرجات 29 :و ) 103ط .(2
][69
ويحتمل أن يكون في الصل بالتاء والعين المهملة ،أي ترتع حول الغدير " فطفقت
" بنعلي أي شرعت أضرب به .والظاهر :أنه بالصاد كما في بعض النسخ.
والصفق :الضرب يسمع له صوت " ،ل تخشي ول ضائر " أي ل تخافي
فانه ليس هنا أحد يضرك ،يقال :ضاره أي ضره ،وفي بعض النسخ " ل
عسى " وهو تصحيف " وقليل ما هم " أي المطيعون من النس ،أو من
الجن بالنسبة إلى غيرهم من المخلوقات - 9 .تفسير الفرات :باسناده عن
قبيصة ) (1قال :دخلت على الصادق عليه السلم وعنده جماعة فلسمت
وجلست وقلت :يابن رسول ال أين كنتم قبل أن يخلق ال سماء مبينة،
وأرضا مدحية ،أو ظلمة أو نورا ؟ قال :يا قبيصة ) (2لم سألتني عن هذا
الحديث في مثل هذا الوقت ؟ أما علمت أن حبنا قد اكتتم وبغضنا قد فشا،
وإن لنا أعداء من الجن ) (3يخرجون حديثنا إلى أعدائنا من النس ،وإن
الحيطان لها آذان كآذان الناس .الخبر ) - 10 .(4تفسير على بن ابراهيم:
في قوله تعالى " :وكذلك جلعنا لكل نبي عدوا شياطين النس والجن "
الية قال :يعني ما بعث ال نبيا إل وفي امته شياطين النس والجن "
يوحي بعضهم إلى بعض " أي يقول بعضهم لبعض :ل تؤمنوا بزخرف
القول غرورا ،فهذا وحي كذب ) - 11 .(5تفسير النعماني :باسناده عن
أمير المؤمنين عليه السلم حيث قال :وأما ما حرف من الكتاب فقوله" :
فلما خر تبينت النس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب
) (1في المصدر] :فيضة بن يزيد الجعفي[ ولم يذكرهما الرجاليون .وفيه :قال:
دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليه السلم وعنده البوس بن ابى
الدرس وابن ظبيان والقاسم ابن الصيرفى (2) .في المصدر :يا فيضة) .
(3لعله تعريض بجلساء المجلس (4) .تفسير فرات (5) .207 :تفسير
القمى 202 :و .201
][70
ما لبثوا في العذاب المهين " ) - 12 .(1الكافي :بسنده الصحيح ) (2عن الوليد بن
صبيح عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن ال عزوجل أوحى إلى سليمان
بن داود عليه السلم :أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس ،يقال
لها :الحزنوبة ،قال :فنظر سليمان يوما :فإذا الشجرة الحزنوبة قد طلعت
في بيت المقدس ،فقال لها :ما اسمك ؟ قالت :الحزنوبة قال :فولى سليمان
مدبرا إلى محرابه ،فقام فيه متكئا على عصاه ،فقبض روحه من ساعته،
قال :فجعلت النس والجن يخدمونه ،ويسعون في أمره كما كانوا ،وهم
يظنون أنه حي لم يمت ،يغدون ويروحون وهو قائم ثابت ،حتى دنت )(3
الرضة من عصاه فأكلت منسأته ) (4فانكسرت وخر سليمان إلى الرض،
أفل تسمع لقوله عزوجل " :فلما خر تبيت الجن " الية ) - 13 .(5العلل
والعيون :باسناده ) ،(6عن الرضا عليه السلم قال :كان ) (7نقش خاتم
سليمان بن داود :سبحان من ألجم الجن بكلماته ) - 14 .(8تفسير على بن
ابراهيم :في قصة بلقيس قال :فارتحلت وخرجت نحو سليمان ،فلما علم
سليمان قدومها ) (9إليه قال للجن والشياطين " :أيكم يأتيني بعرشها
) (1المحكم والمتشابه 34 :فيه " :تيبنت الجن والنس[ ولعله مصحف(2) .
السناد على ما في المصدر هكذا :محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن
ابن محبوب عن جميل بن صالح عن الوليد بن صبيح (3) .في المصدر:
]حتى دبت[ أقول :الرضة :دويبة تأكل الخشب (4) .المنسأة :العصا(5) .
روضة الكافي 144 :ذكرت الية فيه بتمامه (6) .السناد على ما في
المصدر هكذا :حدثنا ابى رضى ال عنه قال :حدثنا سعد بن عبد ال عن
احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن على الكوفى عن الحسن بن ابى
عقبة الصيرفى عن الحسين بن خالد الصيرفى (7) .في الوسائل :وكان
نقش خاتم سليمان عليه السلم حرفين اشتقهما من الزبور :سبحان اه) .
(8عيون اخبار الرضا (9) .218 :في المصدر :وارتحلت نحو سليمان
فلما علم سليمان باقبالها نحوه.
][71
قبل أن يأتوني مسلمين .قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك
وإني عليه لقوي أمين " قال سليمان :اريد أسرع من ذلك فقال آصف بن
برخيا " :أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " القصة ) - 15 .(1الكافي:
عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ابن
عيسى جميعا عن ابن أبي عمير عن إسماعيل البصري عن الفضيل بن
يسار قال :سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول :إن نفرا من المسلمين
خرجوا إلى سفر فضلوا الطريق فأصابهم عطش شديد فتكفنوا ) (2ولزموا
اصول الشجر ،فجاءهم شيخ عليه ثياب بيض فقال :قوموا فل بأس عليكم،
فهذا الماء ،فقاموا وشربوا وارتووا ،فقالوا :من أنت يرحمك ال ؟ فقال:
أنا من الجن الذين بايعوا رسول ال صلى ال عليه وآله ،إني سمعت
رسول ال صلى ال عليه وآله يقول " :المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله
" فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي ) .(3بيان " :فتكفنوا " أي لفوا أثوابهم
على أنفسهم بمنزلة الكفن ،ووطنوا أنفسهم على الموت ،وفي بعض النسخ
بتقديم النون على الفاء ،أي ذهب كل منهم إلى كنف وجانب )- 15 .(4
الكافي :عن محمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن زكريا المؤمن عن
أبي سعيد المكارى عن أبي حمزة الثمالي قال :كنت عند حوض زمزم
فأتاني رجل فقال لى :ل تشرب من هذا الماء يا أبا حمزة ،فإن هذا يشترك
فيه الجن والنس وهذا ل يشرك فيه إل النس .قال :فتعجبت من قوله
وقلت :من أين علم هذا ؟ قال :ثم قلت لبي جعفر عليه السلم :ما كان من
قول الرجل لي ،فقال :إن ذلك رجل من الجن أراد إرشادك ).(5
) (1تفسير القمى 477 :و (2) .478في نسخة من الكتاب ومصدره :فتكنفوا(3) .
اصول الكافي (4) .167 :1ويؤيد التوجيه الول ما سيأتي من خبر
المحاسن ،هو بعينه هذا الخبر فتأمل منه قدس سره (5) .فروع الكافي
390 :6فيه :فقال عليه السلم لى.
][72
) (1المحاسن 379 :و (2) .380في المصدر :عن ابى عبد ال عليه السلم .وفيه:
ويا با صالح ارشدانا إلى الطريق رحمكما ال (3) .في المصدر :يرد
دقيقا (4) .المحاسن 362 :و .363
][73
رسول ال صلى ال عليه وآله فقالوا :يا رسول ال متعنا ،فأعطاهم الروث والعظم
فلذلك ل ينبغي أن يستنجي بهما ) - 19 .(1التهذيب :باسناده عن موسى
بن أكيل عن أبي عبد ال عليه السلم قال :جعل ال الحديد في الدنيا زينة
الجن والشياطين فحرم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلة إل أن
يكون المسلم في قتال عدو فل بأس به ) - 20 .(2قرب السناد :عن
الحسن بن ظريف عن معمر عن الرضا عن أبيه عليهم السلم قال :إن
الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعث النبي صلى ال عليه وآله فمنعت
في أوان رسالته بالرجوم ،وانقضاص النجوم ،وبطلن الكهنة والسحر،
الخبر ) - 21 .(3التفسير في قوله تعالى " :فبأي آلء ربكما تكذبان "
قال :في الظاهر مخاطبة للجن والنس ،وفي الباطن فلن وفلن )22 .(4
العلل :باسناده ) (5عن أبي الربيع عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
الكراد حي من الجن كشف ال عنهم الغطاء فل تخالطهم ).(6
) (1الفقية (2) .20 :1التهذيب ،227 :2في الحديث تقطيع وتمامه يأتي في كتاب
الصلة مع اسناده (3) .قرب السناد 133 :والحديث طويل (4) .تفسير
القمى ،659 :ل يناسب ذكره ههنا لنه من كلم القمى وليس بحديث(5) .
اسقط المصنف اسناد الحديث وصدره وهما هكذا :ابى رحمه ال قال:
حدثنا سعد بن عبد ال عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عمن حدثه
عن ابى الربيع الشامي قال :سألت ابا عبد ال فقلت له :ان عندنا قوما
من الكراد يجيؤنا بالبيع ونبايعهم فقال :يا ربيع ل تخالطهم فان الكراد
اه .وروى نحوه ايضا باسناده عن محمد بن الحسن عن الحسن بن متيل
عن محمد بن الحسن عن جعفر بن بشير عن حفص عمن حدثه عن ابى
الربيع (6) .علل الشرائع 178 :و ) 214 :2ط قم(.
][74
- 23ومنه :باسناده ) (1عن أمير المؤمنين عليه السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :إذا خلع أحدكم ثيابه فليسم ،لئل تلبسها الجن ،فانه إن لم
يسم عليها لبستها الجن حتى تصبح ) - 24 .(2قرب السناد :عن الحسن
بن طريف ،عن الحسين بن علوان ،عن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال:
كانوا يحبون أن يكون في البيت الشئ الداجن مثل الحمام ،أو الدجاج ،أو
العناق ،ليعبث به صبيان الجن ول يعبثون بصبيانهم ) 25 .(3طب الئمة:
) (4باسناده عن إبراهيم بن أبي يحيى قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله من رمى أو رمته الجن فليأخذ الحجر الذي رمي به فليرم من حيث
رمي وليقل " :حسبي ال وكفى ،سمع ال لمن دعا ،ليس وراء ال منتهى
" وقال صلى ال عليه وآله :أكثروا من الدواجن في بيوتكم تتشاغل بها
عن صبيانكم ) .(5بيان :في الصحاح :دجن بالمكان :أقام ،تقول :شاة
داجن :إذا ألفت البيوت - 26 .المكارم :عن أبى جعفر عليه السلم ،أتى
رجل ) (6فشكى إليه :أخرجتنا الجن من منازلنا ،يعني عمار منازلهم )(7
فقال :اجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمام في أكناف الدار،
قال الرجل ،ففعلنا فما رأينا شيئا نكرهه ).(8
) (1اسناد الحديث هكذا :ابى قال :حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن احمد
قال :حدثنى ابو جعفر احمد بن ابى عبد ال عن رجل عن على بن اسباط
عن عمه يعقوب رفع الحديث إلى على بن ابى طالب عليه السلم(2) .
علل الشرائع 194 :و ) 270 :2ط قم( والحديث طويل يأتي في موضعه.
) (3قرب السناد (4) .45 :السناد هكذا :حدثنا المظفر بن محمد بن عبد
الرحمن قال :حدثنا عبد الرحمن ابن ابى نجران عن سليمان بن جعفر
عن ابراهيم بن ابى يحيى المدنى (5) .طب الئمة 117 :فيه :يتشاغل بها
الشياطين عن صبيانكم (6) .في المصدر :أتاه رجل ]فشكى إليه[ فقال) .
(7ولعل المراد عوامر البيوت أي الحيات ،وهى المراد من الجن(8) .
مكارم الخلق .146 :1
][75
- 27ومنه :عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ليس من بيت نبي إل وفيه حمامان )
(1لن سفهاء الجن يعبثون بصبيان البيت فإذا كان فيه حمام عبثوا
بالحمام وتركوا الناس ) - 28 .(2مجالس الشيخ :باسناده عن أبي الحسن
العسكري عن آبائه عليهم السلم قال :دخل أشجع السلمي على الصادق
عليه السلم فقال :يا سيدي أنا أحصل في المواضع المفزعة ) (3فعلمني
شيئا " ما آمن به على نفسي قال :فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على ام
رأسك واقرأ برفيع صوتك " أفغير دين ال يبغون " ) (4الية .قال أشجع:
فحصلت ) (5في واد فيه الجن فسمعت قائل يقول :خذوه ،فقرأتها فقال
قائل :كيف نأخذه وقد احتجز بآية طيبة ) - 29 .(6منتخب البصائر:
باسناده عن المفضل بن عمر في خبر طويل في الرجعة وأحوال القائم
عليه السلم .قال المفضل :قلت يا سيدي :فمن يخاطبه ؟ قال :الملئكة
والمؤمنون من الجن ،وساق إلى قوله ،قال المفضل :يا سيدي وتظهر
الملئكة والجن للناس ؟ قال:
) (1في المصدر :حمام (2) .مكارم الخلق (3) .149 :1في المطبوع :المواضع
المتعددة المفزعة (4) .في المصدر :افغير دين ال تبغون وله اسلم من
في السماوات والرض طوعا وكرها واليه ترجعون (5) .في المصدر:
فحصلت في دار تعبث فيه الجن (6) .مجالس الشيخ .288 :1واسناد
الحديث هكذا :ابن الشيخ عن ابيه عن ابى محمد الحسن بن محمد بن
يحيى الفحام عن ابى الحسن محمد بن احمد بن عبد ال الهاشمي
المنصوري قال :حدثنى عم ابى ابو موسى بن احمد بن عيسى بن
المنصور قال :حدثنى المام على بن محمد العسكري اه وللحديث صدر لم
يذكره المصنف لنه ل يناسب الباب.
][76
إي وال يا مفضل ،ويخاطبونهم كما يكون الرجل مع حاشيته وأهله .قلت :يا سيدي
ويسيرون معه ؟ قال :إي وال يا مفضل ،ولينزلن أرض الهجرة ما بين
الكوفة والنجف ،وعدد أصحابه عليه السلم ستة وأربعون ألفا من
الملئكة ،وستة آلف من الجن ) ،(1والنقباء ثلثمائة وثلثة عشر رجل
الحديث ) - 30 .(2الحتجاج :عن هشام بن الحكم فيما سأل الزنديق أبا
عبد ال عليه السلم قال :فمن أين يصل ) (3الكهانة ؟ ومن أين يخبر
الناس بما يحدث ؟ قال :إن الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من
الرسل ،كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من
المور بينهم فيخبرهم بأشياء تحدث ،وذلك في وجوه ) (4شتى من فراسة
العين ،وذكاء القلب ،ووسوسة النفس وفطنة الروح ،مع قذف في قلبه لن
ما يحدث في الرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويؤديه إلى
الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والطراف .وأما أخبار السماء فان
الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي ل تحجب وترجم
بالنجوم ،وإنما منعت من استراق السمع لئل يقع في الرض سبب يشاكل
الوحي من خبر السماء ولبس ) (5على أهل الرض ما جاءهم عن ال
) (1الموجود في المصدر المطبوع " :ومثلها من الجن " والحديث طويل غير خال
من الغرائب منها انه نص فيه على وكالة محمد بن نصير النميري مع أن
الرجل من الغلة الملعونين ومن المدعين الكاذبين للبابية ،واسناد
الحديث ايضا مشتمل على المجهول والغالي وهو :الحسين بن حمدان
)أي الحضيني الفاسد المذهب( عن محمد بن اسماعيل وعلي ابن عبد ال
الحسنيين عن ابى شعيب محمد بن نصر عن عمر بن الفرات عن محمد
بن المفضل عن المفضل بن عمر (2) .مختصر بصائر الدرجات- 179 :
192راجعه (3) .في نسخة :اصل (4) .في المصدر :من وجوه شتى) .
(5في المصدر :سبب تشاكل الوحى من خبر السماء فيلبس.
][77
لثبات الحجة وفي الشبه .وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء
بما يحدث من ال في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الرض فيقذفها إلى
الكاهن ،فإذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل ،فما أصاب
الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما أداه ) (1إليه شيطانه مما سمعه،
وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه ،فمذ منعت الشياطين عن استراق
السمع انقطعت الكهانة .واليوم :إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخبارا "
للناس مما يتحدثون به وما يحدثونه ،والشياطين تؤدي إلى الشياطين ما
يحدث في البعد من الحوادث من سارق سرق ،ومن قاتل قتل ،ومن غائب
غاب ،وهم بمنزلة الناس أيضا صدوق وكذوب .فقال :كيف صعدت
الشياطين إلى السماء ،وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا
يبنون لسليمان بن داود عليه السلم من البنآء ما يعجز عنه ولد آدم ؟ قال:
غلظوا لسليمان كما سخروا ،وهم خلق رقيق غذاؤهم التنسم ) ،(2والدليل
على ذلك صعودهم إلى السماء لستراق السمع ،ول يقدر الجسم الكثيف
على الرتقاء إليها إل بسلم أو سبب ) - 31 .(3الخصال :عن محمد بن
الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن الحسن بن ظريف عن أبي عبد
الرحمن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد ال عليه السلم قال :الباء
ثلثة آدم ولد مؤمنا ،والجان ولد كافرا ) ،(4وإبليس ولد كافرا ،وليس
فيهم نتاج إنما يبيض ويفرخ وولده ذكور ليس فيهم اناث ).(5
) (1في نسخة " :ما اداه به " وفى المصدر :ما اداه إليه الشيطان (2) .في
المصدر :غذاؤهم النسيم (3) .الحتجاج 185 :فيه :أو بسبب (4) .في
المصدر :والجان ولد مؤمنا وكافرا (5) .الخصال .152 :1
][78
32ومنه :عن محمد بن موسى بن المتوكل ،عن عبد ال بن جعفر الحميري عن
أحمد بن محمد بن عيسي ،عن ابن محبوب ،عمن ذكره ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :الجن على ثلثة أجزاء :فجزء مع الملئكة ،وجزء
يطيرون في الهواء وجزء كلب وحيات الخبر ) - 33 .(1العلل والعيون:
عن محمد بن عمر ) (2بن علي البصري ،عن محمد بن عبد ال ابن أحمد
بن جبلة الواعظ ،عن عبد ال بن أحمد بن عامر الطائي ،عن أبيه ،عن
الرضا عن آبائه عليهم السلم قال :سأل الشامي أمير المؤمنين عليه
السلم عن اسم أبي الجن ،فقال :شومان ) ،(3وهو الذي خلق من مارج
من نار ،وسأله :هل بعث ال نبيا إلى الجن ؟ فقال :نعم ،بعث إليهم نبيا "
يقال له :يوسف ) ،(4فدعاهم إلى ال عزوجل فقتلوه ) - 34 (5العلل
والعيون :عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن
علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا
عليه السلم عن أبيه موسى بن جعفر بن محمد ،عن أبيه جعفر عليهم
السلم ) (6قال :إن سليمان بن داود عليه السلم قال ذات يوم لصحابه:
إن ال تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا " ل ينبغي لحد من بعدي ،سخر لي
الريح والنس والجن والطير والوحوش ،وعلمني منطق
) (1الخصال 154 :1ذيله :والنس على ثلثة اجزاء فجزء تحت ظل العرش يوم ل
ظل ال ظله ،وجزء عليهم الحساب والعذاب وجزء وجوههم وجوه
الدميين وقلوبهم قلوب الشياطين ) (2في نسخة من الكتاب وفى عيون
الخبار :عمرو (3) .في نسخة :شونان (4) .لعل المراد به يوسف النبي
الذى ورد اسمه في القرآن في سورة المؤمن بقوله تعالى " :ولقد جاءكم
يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم حتى إذا هلك قلتم لن
يبعث ال من بعده رسول كذلك يضل ال من هو مسرف مرتاب " منه
قدس سره (5) .علل الشرائع 198 :عيون اخبار الرضا (6) .134 :في
العيون :عن ابيه جعفر بن محمد عن ابيه محمد بن على.
][79
الطير ،وآتاني كل شئ ،ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم إلى
الليل ،وقد أحببت أن أدخل قصري في غد وأصعد أعله وأنظر إلى ممالكي،
فل تأذنوا لحد علي لئل يرد علي ما ينغص علي يومي ،قالوا :نعم .فلما
كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره ،ووقف
متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا ) (1بما أوتي ،فرحا بما
أعطي ،إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض
زوايا قصره .فلما بصر به ) (2سليمان عليه السلم قال له :من أدخلك إلى
هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم ؟ فباذن من دخلت ؟ فقال الشاب:
أدخلني هذا القصر ربه وباذنه دخلت ،فقال :ربه أحق به مني ،فمن أنت ؟
قال :أنا ملك الموت ،قال عليه السلم :وفيما جئت ؟ قال :جئت لقبض
روحك ،قال :امض لما أمرت به ،فهذا يوم سروري أبى ال عز وجل أن
يكون لي سرور دون لقائه ،فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على
عصاه .فبقي سليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء ال والناس
ينظرون إليه وهم يقدرون أنه حي ،فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال:
إن سليمان قد بقي متكا " على عصاه هذه اليام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم
ولم يأكل ولم يشرب ؟ إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده ،وقال قوم :إن
سليمان ساحر ،وأنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا وليس
كذلك ،فقال المؤمنون :إن سليمان هو عبد ال ونبيه يدبر ال أمره بما
شاء .فلما اختلفوا بعث ال عزوجل الرضة فدبت في عصاه ) (3فلما أكلت
جوفها انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على وجهه ،فشكر الجن
للرضة صنيعها )(4
) (1في نسخة " :سرورا " " وكذلك في العلل (2) .في العلل " :ابصره " وفى
العيون :ابصر به (3) .في المصدر :في عصا سليمان (4) .في العيون:
على صنيعها.
][80
فلجل ذلك ل توجد الرضة في مكان إل وعندها ماء وطين ،وذلك قول ال عزوجل:
" فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إل دابة الرض تأكل منسأته
" يعني عصاه " فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا
في العذاب المهين " .ثم قال الصادق عليه السلم :وال ما نزلت هذه الية
هكذا ،وإنما نزلت " فلما خر تبينت النس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب
ما لبثوا في العذاب المهين " ) - 35 .(1الخصال :عن أبيه ،عن سعد بن
عبد ال ،عن محمد بن عبد الحميد العطار عن محمد بن راشد البرمكي،
عن عمر بن سهل السدي ،عن سهيل بن غزوان البصري قال :سمعت أبا
عبد ال عليه السلم يقول :إن امرأة من الجن كان يقال لها :عفراء وكانت
تنتاب ) (2النبي صلى ال عليه وآله فتسمع من كلمه ،فتأتي صالحي
الجن فيسلمون على يديها ،وإنها فقدها النبي صلى ال عليه وآله فسأل
عنها جبرئيل ،فقال :إنها زارت اختا لها تحبها في ال .فقال النبي صلى ال
عليه وآله :طوبى للمتحابين في ال ،إن ال تبارك وتعالى خلق في الجنة
عمودا " من ياقوتة حمراء عليه سبعون ألف قصر ،في كل قصر سبعون
ألف غرفة ،خلقها ال عزوجل للمتحابين والمتزاورين في ال ،ثم قال :يا
عفراء أي شئ رأيت ؟ قالت :رأيت عجائب كثيرة ،قال :فأعجب ما رأيت ؟
قالت :رأيت إبليس في البحر الخضر على صخرة بيضاء ،مادا يديه إلى
السماء وهو يقول :إلهي إذا بررت قسمك وأدخلتني نار جهنم ،فأسألك
بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ،إل خلصتني منها وحشرتني
معهم .فقلت :يا حارث ما هذه السماء التي تدعو بها ؟ قال لي :رأيتها
على ساق العرش من قبل أن يخلق ال آدم بسبعة آلف سنة ،فعلمت أنهم
أكرم الخلق على ال عزوجل ،فأنا أسأله بحقهم ،فقال النبي صلى ال عليه
وآله :وال لو أقسم أهل الرض بهذه
) (1علل الشرائع 36 :عيون اخبار الرضا .146 .والية في سبأ (2) .24 :في
نسخة] :يأتي[ وكذلك في الخصال المطبوع.
][81
السماء لجابهم ) .(1بيان :قال في القاموس :انتابهم انتيابا " أتاهم مرة بعد مرة،
لو أقسم أهل الرض أي جميعهم - 36 .تفسير على بن ابراهيم :في قوله
تعالى حكاية عن الجن " :يا قومنا إنا سمعنا " إلى قوله " :اولئك في
ضلل مبين " فهو ) (2كله حكاية عن الجن .وكان سبب نزول هذه الية،
أن رسول ال صلى ال عليه وآله خرج من مكة إلى سوق عكاظ ومعه زيد
بن حارثة ،يدعو الناس إلى السلم ،فلم يجبه أحد ولم يجد من يقبله )(3
ثم رجع إلى مكة ،فلما بلغ موضعا يقال له :وادي مجنة تهجد بالقرآن في
جوف الليل ،فمر به نفر من الجن ،فلما سمعوا قراءة رسول ال استمعوا
له ،فلما سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض " :أنصتوا " يعنى اسكتوا" .
فلما قضى " أي فرغ رسول ال صلى ال عليه وآله من القراءة " ولوا
إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا " انزل من بعد موسى
مصدقا لما بين يديه يهدي إلي الحق وإلى طريق مستقيم ،يا قومنا أجيبوا
داعي ال وآمنوا به " إلى قوله " :اولئك في ضلل مبين " فجاؤا إلى
رسول ال ) (4فأسلموا وآمنوا ،وعلمهم رسول ال صلى ال عليه وآله
شرائع السلم .فأنزل ال على نبيه " :قل اوحي إلى أنه استمع نفر من
الجن " السورة كلها ،فحكى ال قولهم وولى رسول ال صلى ال عليه
وآله عليهم منهم ،وكانوا يعودون إلى رسول ال صلى ال عليه وآله في
كل وقت ،فأمر أمير المؤمنين صلوات ال عليه أن يعلمهم ويفقههم فمنهم
مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان.
وسئل العالم صلوات ال عليه عن مؤمني الجن :أيدخلون الجنة ؟ فقال :ل،
ولكن
) (1الخصال (2) .171 :2في نسخة] :فهذا[ وهو الموجود في المصدر ) (3في
المصدر :ولم يجد احدا يقبله (4) .في المصدر :فجاؤا إلى رسول ال
صلى ال عليه وآله يطلبون شرائع السلم.
][82
ل حظائر بين الجنة والنار يكون فيها مؤمنو الجن وفساق الشيعة )- 37 .(1
الكافي :عن محمد بن علي بن محبوب ،عن علي بن خالد ،عن أحمد بن
عبدوس ،عن ابن فضال ،عن أبي جميلة ،عن ليث ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البعر أو العود ،قال :أما
العظم والروث فطعام الجن وذلك مما اشترطوا على رسول ال صلى ال
عليه وآله ،فقال :ل يصلح بشئ من ذلك ) - 38 .(2العلل :عن محمد بن
الحسن بن الوليد ،عن محمد بن الحسن الصفار ،عن أحمد بن محمد بن
عيسى ،عن ابن محبوب ،عن عمرو بن أبي المقدام ،عن جابر ،عن أبي
جعفر عليه السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :إن ال تبارك
وتعالى لما أحب أن يخلق خلقا " بيده وذلك بعد ما مضى للجن والنسناس
في الرض سبعة آلف سنة ،قال :ولما كان من شأن ال أن يخلق آدم للذي
أراد من التدبير والتقدير لما هو مكونه في السماوات والرض وعلمه لما
أراده من ذلك كله كشط عن أطباق السماوات ،ثم قال للملئكة :انظروا إلى
أهل الرض من خلقي من الجن والنسناس .فلما رأوا ما يعملون فيها من
المعاصي وسفك الدماء والفساد في الرض بغير الحق ،عظم ذلك عليهم
وغضبوا ل وأسفوا على أهل الرض ولم يملكوا غضبهم أن قالوا :يا رب
أنت العزيز القادر الجابر القاهر العظيم الشأن ،وهذا خلقك الضعيف الذليل
في أرضك يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون ) (3بعافيتك
وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام ل تأسف ول تغضب ول تنتقم
لنفسك لما تسمع منهم وترى ،وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك .فلما سمع
ال عزوجل ذلك من الملئكة قال " :إني جاعل في الرض خليفة ،لي
عليهم فيكون حجة لي عليهم في أرضي على خلقي ،فقالت الملئكة" :
سبحانك
) (1تفسير القمى 623 :و (2) .624لم نجد الحديث في الكافي والظاهر ان
المصنف وهم في ذلك والصحيح ]التهذيب[ راجع التهذيب ) 101 :1ط
(1و ) 354ط (3) .(2في نسخة :ويتمتعون.
][83
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " وقالوا:
فاجعله منا فانا ل نفسد في الرض ول نسفك الدماء .قال ال جل جلله :يا
ملئكتي " إني أعلم ما ل تعلمون " إني اريد أن أخلق خلقا بيدي أجعل
ذريته أنبياء مرسلين ،وعبادا صالحين ،وأئمة مهتدين ،أجعلهم خلفائي
على خلقي في أرضي ،ينهونهم عن معاصي ) ،(1وينذرونهم عذابي،
ويهدونهم إلى طاعتي ،ويسلكون بهم طريق سبيلى ،وأجعلهم حجة لي
عذرا أو نذرا ،وابين النسناس ) (2من أرضي فاطهرها منهم ،وأنقل مردة
الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي ،واسكنهم في الهواء وفي أقطار
الرض ل يجاورون نسل خلقي ،وأجعل بين الجن وبين خلقي حجابا ،ول
يرى نسل خلقي الجن ول يؤانسونهم ول يخالطونهم ) ،(3فمن عصاني من
نسل خلقي الذين اصطفيتهم لنفسي أسكنتهم مساكن العصاة وأوردتهم
مواردهم ول أبالي ،فقالت الملئكة :يا رب افعل ما شئت " ل علم لنا إل
بما علمتنا ) (4إنك أنت العليم الحكم " الخبر .أقول :قد مضى تمامه في
باب ما به قوام بدن النسان ) - 39 .(5تفسير على بن ابراهيم :في قوله
تعالى " :والجان خلقناه من قبل من نار السموم " قال :أبو إبليس ،وقال:
الجن من ولد الجان منهم مؤمنون وكافرون ويهود ونصارى ،ويختلف
أديانهم ،والشياطين من ولد إبليس وليس فيهم مؤمنون إل واحد ،اسمه
هام بن هيم بن ل قيس بن إبليس ،جاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله
وسلم ،فرآه جسيما عظيما وامرءا مهول ،فقال له :من أنت ؟ قال :أنا هام
بن هيم بن لقيس بن إبليس ،كنت يوم قتل هابيل غلم ابن أعوام أنهى عن
العتصام وآمر بافساد الطعام.
) (1في المصدر :عن المعاصي (2) .أي اقطع النسناس من ارضى ،وفى نسخة:
]أبير[ أي اهلكهم (3) .في نسخة :ولما يجالسونهم (4) .في المصدر :ما
علمتنا (5) .علل الشرائع .98 :1
][84
فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :بئس لعمري الشاب المؤمل والكهل المؤمر،
فقال :دع عنك هذا يا محمد ،فقد جرت توبتي على يد نوح ،ولقد كنت معه
في السفينة فعاتبته على دعائه على قومه ،ولقد كنت مع إبراهيم حيث
القي في النار فجعلها ال بردا " وسلما " ،ولقد كنت مع موسى حين
غرق ال فرعون ونجى بني إسرائيل ،ولقد كنت مع هود حين دعا على
قومه فعاتبته ،ولقد كنت مع صالح ) (1فعاتبته على دعائه على قومه،
ولقد قرأت الكتب فكلها تبشرني بك والنبياء يقرأونك السلم ويقولون:
أنت أفضل النبياء وأكرمهم ،فعلمني مما أنزل ال عليك شيئا .فقال رسول
ال صلى ال عليه وآله وسلم لمير المؤمنين عليه السلم :علمه فقال
هام :يا محمد إنا ل نطيع إل نبيا أو وصي نبي ،فمن هذا ؟ قال :هذا أخي
ووصيي ووزيري ووارثي علي بن أبي طالب ،قال :نعم نجد اسمه في
الكتب اليا فعلمه أمير المؤمنين ،فلما كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى
أمير المؤمنين ) - 40 .(2دليل الطبري والبصائر :عن محمد بن إسماعيل
عن علي بن الحكم عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي ،قال :كنت
مع أبي عبد ال عليه السلم فيما بين مكة والمدينة ،إذا التفت ) (3عن
يساره فإذا كلب أسود ،فقال :مالك قبحك ال ما أشد مسارعتك ؟ فإذا هو
شبيه بالطائر ،فقلت :ما هو ) (4جعلت فداك ؟ فقال :هذا عثم بريد الجن،
مات هشام الساعة فهو يطير ينعاه ) (5في كل بلدة ) .(6الكافي :عن محمد
بن يحيى ،عن محمد بن الحسين ،عن محمد بن إسماعيل مثله ).(7
) (1في المصدر :ولقد قرأت الكتب مع صالح (2) .تفسير القمى (3) .351 :في
الدلئل :فالتفت (4) .في نسخة] :ما هذا[ وفى الدلئل :ما هذا جعلني ال
فداك (5) .في نسخة] :ينعى به[ وهو الموجود في الدلئل (6) .دلئل
المامة 132 :بصائر الدرجات (7) .22 :فروع الكافي ) 553 :6ط
آخوندى( فيه] :اسود بهيم[ وفيه] :ما هذا[ وفيه :غثيم.
][85
- 41المناقب لبن شهر آشوب :قال :قال أبو جعفر عليه السلم :خدم أبو خالد
الكابلي علي بن الحسين عليه السلم دهرا " من عمره ،ثم إنه أراد أن
ينصرف إلى أهله فأتى على بن الحسين عليه السلم وشكى إليه شدة
شوقه إلى والديه ،فقال :يا أبا خالد يقدم غدا " رجل من أهل الشام له قدر
ومال كثير وقد أصاب بنتا " له عارض من أهل الرض ) (1ويريدون أن
يطلبوا معالجا يعالجها ،فإذا أنت سمعت قدومه فأته وقل له :أنا اعالجها لك
على أن أشترط لك أني اعالجها على ديتها عشرة آلف درهم فل تطمئن
إليهم وسيعطونك ما تطلب منهم .فلما أصبحوا قدم الرجل ومن معه ،وكان
من عظماء أهل الشام في المال والمقدرة فقال :أما من معالج يعالج بنت
هذا الرجل ؟ فقال له أبو خالد :أنا اعالجها على عشرة آلف درهم ،فان
أنتم وفيتم وفيت لكم على أن ل يعود إليها أبدا " ،فشرطوا أن يعطوه
عشرة آلف درهم ،فأقبل إلى علي بن الحسين فأخبره الخبر .فقال :إنى
أعلم أنهم سيغدرون بك ول يفون لك ،انطلق يا أبا خالد ،فخذ باذن الجارية
اليسرى ثم قل :يا خبيث يقول لك علي بن الحسين :اخرج من هذه الجارية
ول تعد ،ففعل أبو خالد ما أمره وخرج منها فأفاقت الجارية ،وطلب أبو
خالد الذي شرطوا له فلم يعطوه ،فرجع مغتما " كئيبا ،فقال له علي بن
الحسين :مالي أراك كئيبا " يا أبا خالد ؟ ألم أقل لك :إنهم يغدرون بك ؟
دعهم فانهم سيعودون إليك فإذا لقوك فقل :لست اعالجها حتى تضعوا
المال على يدي علي بن الحسين ) .(2فعادوا إلى أبي خالد يلتمسون
مداواتها ،فقال لهم :إني ل اعالجها حتى تضعوا المال على يدي علي بن
الحسين عليه السلم فانه لي ولكم ثقة ،فرضوا ووضعوا المال على
) (1في الخرائج :قد اصابها عارض من الجن (2) .في المصدر] :على يدى على
بن الحسين فانه لى ولكم ثقة )فاصيبت الجارية وعادوا إليه وقال :ما
امره به فرضوا( ووضعوا المال على يدى على بن الحسين فرجع[
والظاهر انه مصحف لن الظاهر ان ابن شهر آشوب اخرج الحديث من
رجال الكشى والفاظة يوافق المتن.
][86
يدي علي بن الحسين عليه السلم :فرجع أبو خالد إلى الجارية فأخذ بأذنها
اليسرى ،ثم قال :يا خبيث يقول لك علي بن الحسين عليه السلم :اخرج
من هذه الجارية ول تعرض لها إل بسبيل خير فانك إن عدت أحرقتك بنار
ال الموقدة التي تطلع على الفئدة فخرج منها ،ودفع المال إلى أبي خالد
فخرج إلى بلده ) .(1الخرائج :عن أبي الصباح الكناني عنه عليه السلم
مثله ) .(2الكشى :وجدت بخط جبرئيل بن أحمد ،عن محمد بن عبد ال بن
مهران ،عن محمد بن علي ،عن علي بن محمد ،عن الحسن بن علي ،عن
أبيه ،عن الكناني مثله ) - 42 .(3الرشاد للمفيد ،واعلم الورى :جاء في
الثار عن ابن عباس ) (4قال :لما خرج النبي صلى ال عليه وآله إلى بني
المصطلق جنب عن الطريق وأدركه الليل فنزل بقرب واد وعر ) ،(5فلما
كان آخر الليل هبط عليه جبرئيل يخبره أن طائفة من كفار الجن قد
استبطنوا الوادي يريدون كيده عليه السلم وإيقاع الشر بأصحابه عند
سلوكهم إياه .فدعا أمير المؤمنين عليه السلم وقال له :اذهب إلى هذا
الوادي فسيعرض لك من أعداء ال الجن من يريدك فادفعه بالقوة التي
أعطاك ال عزوجل إياها وتحصن منهم بأسماء ال التي خصك بعلمها )
،(6وأنفذ معه مائة رجل من أخلط الناس ،وقال
) (1مناقب آل ابى طالب (2) .386 :3الخرائج والجرائح 195 :فيه اختلفات
لفظية كثيرة راجعه (3) .رجال الكشى) 81 :ط (1و 112و ) 113ط (2
فيه] :ولم يعد إليها[ والفاظه يوافق ما في الصلب (4) .رواه المفيد عن
محمد بن ابى السرى التيممى عن احمد بن الفرج عن الحسن ابن موسى
النهدي عن ابيه عن وبرة بن الحارث عن ابن عباس (5) .الوعر:
الصعب وزنا ومعنى (6) .في الرشاد واعلم الورى :خصك بها وبعلمها.
][87
لهم :كونوا معه وامتثلوا أمره ،فتوجه أمير المؤمنين عليه السلم إلى الوادي ،فلما
قرب ) (1شفيره أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ول
يحدثوا شيئا حتى يأذن لهم .ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بال
من أعدائه وسمى ال تعالى بأحسن أسمائه وأومأ إلى القوم الذين اتبعوه
أن يقربوا منه ،فقربوا كان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة ) ،(2ثم رام
الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد القوم يقعون على وجوههم
لشدتها ولم تثبت أقدامهم على الرض من هول الخصم ومن هول ما لحقهم
) (3فصاح أمير المؤمنين عليه السلم :أنا علي بن أبي طالب بن عبد
المطلب وصي رسول ال وابن عمه ،اثبتوا إن شئتم .وظهر للقوم أشخاص
على صور الزط يخيل ) (4في أيديهم شعل النار قد اطمأنوا بجنبات الوادي
فتوغل ) (5أمير المؤمنين عليه السلم بطن الوادي وهو يتلو القرآن
ويؤمي بسيفه يمينا " وشمال " ،فما لبث الشخاص حتى صارت كالدخان
السود ،وكبر أمير المؤمنين عليه السلم ثم صعد من حيث انهبط ،فقام مع
الذين اتبعوه حتى أسفر الموضع عما اعتراه .فقال له أصحاب رسول ال
صلى ال عليه وآله :ما لقيت يا أبا الحسن ؟ فلقد كدنا ) (6أن نهلك خوفا
" وإشفاقا " ) (7عليك أكثر مما لحقنا ،فقال عليه السلم لهم :إنه لما
تراءى لي العدو وجهرت فيهم بأسماء ال فتضاءلوا ) (8وعلمت ما حل
بهم من الجزع ،فتوغلت الوادي
) (1في نسخة :فلما قارب (2) .الغلوة :رمية سهم ابعد ما تقدر عليه (3) .في
العلم :على الرض من هول ما لحقهم (4) .في العلم :تخيل(5) .
توغل في البلد :ذهب وأبعد (6) .في نسخة من الكتاب وفى اعلم
الورى :فقد كدنا (7) .في اعلم الورى :واشفاقا عليه فقال (8) .أي
فتصاغروا.
][88
غير خائف منهم ،ولو بقوا على هيأتهم لتيت على آخرهم ،وقد كفى ال كيدهم
وكفى المسلمين شرهم وسيسبقني بقيتهم إلى النبي صلى ال عليه وآله
فيؤمنون به ،وانصرف أمير المؤمنين عليه السلم بمن معه إلى رسول ال
صلى ال عليه وآله ،فأخبره الخبر فسري عنه ودعا له بخير ،و قال له :قد
سبقك يا علي إلى من أخافه ال بك فأسلم وقبلت إسلمه )- 43 .(1
الرشاد :وهذا الحديث روته العامة كما روته الخاصة ولم يتناكروا شيئا "
منه ،والمعتزلة لميلها إلى مذهب البراهمة تدفعه ،ولبعدها عن معرفة
الخبار تنكره ،وهي سالكة في ذلك طريق الزنادقة فيما طعنت به في
القرآن وما تضمنه من أخبار الجن وإيمانهم بال ورسوله ،وما قص ال
تعالى من نبأهم في القرآن في سورة الجن وقولهم " :إنا سمعنا قرآنا "
عجبا " إلى آخر ما تضمنه الخبر عنهم في هذه السورة .وإذا بطل
اعتراض الزنادقة ) (2في ذلك مع إعجاز القرآن والعجوبة الباهرة فيه
كان مثل ذلك ظهور بطلن طعون المعتزلة في الخبر الذي رويناه لعدم
استحالة مضمونه في العقول ،وفي مجيئه من طريقين مختلفين وبرواية
فريقين متباينين برهان صحته وليس في إنكار من عدل عن النصاف في
النظر من المعتزلة والمجبرة قدح فيما ذكرناه من وجوب العمل عليه ،كما
أنه ليس في جحد الملحدة وأصناف الزنادقة واليهود والنصارى
والمجوس والصابئين ما جاء في صحته من الخبار بمعجزات النبي صلى
ال عليه وآله كانشقاق القمر وحنين الجذع وتسبيح الحصى في كفه
وشكوى البعير وكلم الذراع ومجيئ الشجرة وخروج الماء من بين
أصابعه عليه السلم في الميضأة ) ،(3إطعام الخلق الكثير من الطعام القليل
قدح في صحتها وصدق رواتها وثبوت الحجة بها .وساق الكلم إلى قوله:
ول زال أجد الجاهل من الناصبة والمعاند يظهر التعجب من الخبر بملقاة
أمير المؤمنين عليه السلم الجن وكفه شرهم عن النبي صلى ال عليه
وآله وأصحابه ،و
) (1ارشاد المفيد) 181 :ط (1و ) 160ط آخوندى( اعلم الورى (2) .182
المصدر زيادة :بتجويز العقول وجود الجن وامكان تكليفهم وثبوت ذلك) .
(3الميضاة بالقصر وكسر الميم وقد تمد :مطهرة كبيرة يتوضأ منها.
][89
يتضاحك لذلك وينسب الرواية إلى الخرافات الباطلة ،ويصنع مثل ذلك في الخبار
الواردة بسوى ذلك من معجزاته عليه السلم ويقول :إنها من موضوعات
الشيعة وتخرص من افتراه منهم للتكسب بذلك أو التعصب .وهذا بعينه
مقال الزنادقة وكافة أعداء السلم فيما نطق به القرآن من خبر الجن
وإسلمهم وقولهم ) " :(1إنا سمعنا قرآنا " عجبا " إلى آخره ،وفيما ثبت
به الخبر عن ابن مسعود في قصة ليلة الجن ومشاهدته لهم كالزط وفى
غير ذلك من معجزات الرسول صلى ال عليه وآله فانهم يظهرون التعجب
من جميع ذلك ويتضاحكون عند سماع الخبر به والحتجاج بصحته،
ويستهزؤن ويلغطون فيما يسرفون به من سب السلم وأهله )(2
ونسبتهم إياهم إلى العجز والجهل ووضع الباطيل ) (3إلى آخر ما أفاده
قدس سره .بيان :الشفير :ناحية الوادي ،وغلوة السهم :مرماه ،وتوغل
في الوادي :ذهب وبالغ وأبعد ،وتضاءل :تصاغر ،وانسرى الهم عني
وسري :انكشف ،كل ذلك ذكره الفيروز آبادي - 44 .كتاب الدلئل للطبري:
عن عبد ال بن أحمد الخازن ،عن محمد بن عمر التميمي ،عن أحمد بن
محمد بن سعيد ،عن إبراهيم بن أحمد بن جيرويه ،عن محمد بن أبي
البهلول ،عن صالح بن أبي السود ،عن جابر بن يزيد ،عن أبي جعفر
محمد بن علي الباقر عليه السلم قال :خرج أبو محمد علي بن الحسين
عليه السلم إلى مكة في جماعة من مواليه وناس من سواهم ،فلما بلغ
عسفان ضرب مواليه فسطاطه في موضع منها ،فلما دنا علي بن الحسين
عليه السلم من ذلك الموضع قال لمواليه :كيف ضربتم في هذا الموضع ؟
وهذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعة ،وذلك يضر بهم
ويضيق عليهم ).(4
) (1في المصدر ،وقوله (2) .زاد في المصدر :واستحماق معتقديه والناصرين لهم.
) (3ارشاد المفيد 184 - 182و ) 163 - 161آخوندى( (4) .قوله:
وهذا موضع إلى هنا ،يوافق نسخة امان الخطار واما الدلئل فموجود
فيه هكذا] :انه موضع فيه اولياؤنا من الجن ولنا شيعة وقد ضيقتم
مضربهم عليهم فقالوا[ وفى النجوم :وفيه قوم من الجن وهم اولياء لنا
وشيعة وقد اضررنا بهم وضيقنا عليهم فقالوا.
][90
فقلنا (1) :ما علمنا ذلك ،وعزموا ) (2إلى قلع الفسطاط وإذا هاتف يسمع صوته
ول يرى شخصه وهو يقول :يابن رسول ال ل تحول فسطاطك من
موضعه فانا نحتمل لك ذلك ،وهذا الطف ) (3قد أهديناه إليك ونحب أن تنال
منه لنتشرف ) (4بذلك فإذا جانب الفسطاط طبق عظيم وأطباق معه فيها
عنب ورمان وموز وفاكهة كثيرة فدعا أبو محمد عليه السلم من كان معه
فأكل وأكلوا من تلك الفاكهة ) .(5أمان الخطار :نقل من كتاب الدلئل
مرسل مثله ) .(6النجوم :روينا باسنادنا إلى سعيد بن هبة ال الراوندي
يرفعه إلي علي بن الحسين عليه السلم وذكر مثله ) .(7بيان :يدل على
جواز التصرف فيما أتى به الجن كما يقتضيه الصل - 45 .عيون
المعجزات :للسيد المرتضى ) (8من كتاب النوار عن أحمد بن محمد ابن
عبدويه ) (9عن سليمان بن علي الدمشقي عن أبي هاشم الزبالي )،(10
عن زاذان
) (1في المصادر :فقالوا (2) .في نسخة من الكتاب وامان الخطار :وعمدوا(3) .
في نسخة] :لطف[ وفى الدلئل] :الطبق[ وفى امان الخطار] :اللطف[
وفى النجوم ،شئ بعثنا به اليك فنظروا وإذا بجانب الفسطاط طبق عظيم
وفيه اطباق من عنب ورطب ورمان وفواكه كثيرة من الموز وغيره فدعا
على بن الحسين عليه السلم رجل معه واستحضر الناس فاكلوا
وارتحلنا (4) .في نسخة] :لنستر[ وفى الدلئل] :لنتشرف فإذا بجانب[
وفى امان الخطار :لنستر بذلك فإذا في جانب (5) .دلئل المامة) .93 :
(6امان الخطار (7) .124 ،فرج المهموم (8) .228 ،بل الصحيح انه
للشيخ حسين بن عبد الوهاب المعاصر للمرتضى والرضى (9) .في
المصدر :عبد ربه (10) .في نسخة] :الزياتي[ وفى المصدر :الرماني.
][91
عن سلمان قال :كان النبي صلى ال عليه وآله ذات يوم جالسا بالبطح وعنده
جماعة من أصحابه وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظرنا إلى زوبعة ) (1قد
ارتفعت فأثارت الغبار وما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقف بحذاء
النبي صلى ال عليه وآله ثم برز منها شخص كان فيها .ثم قال :يا رسول
ال صلى ال عليه وآله وسلم إني وافد قومي استجرنا بك فأجرنا وابعث
معي من قبلك من يشرف على قومنا فإن بعضهم قد بغى علينا ليحكم )(2
بيننا وبينهم بحكم ال وكتابه وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة أن أرده
إليك سالما في غداة غد إل أن تحدث علي حادثة من عند ال .فقال له النبي
صلى ال عليه وآله :من أنت ؟ ومن قومك ؟ قال :أنا عرفطة بن شمراخ )
(3أحد بني نجاح ،وأنا وجماعة من أهلي كنا نسترق السمع ،فلما منعنا
من ذلك آمنا ولما بعثك ال نبيا " آمنا بك على ما علمته وقد صدقناك ،وقد
خالفنا بعض القوم وأقاموا على ما كانوا عليه فوقع بيننا وبينهم الخلف،
وهم أكثر منا عددا " وقوة وقد غلبوا على الماء والمراعي وأضروا بنا
وبدوا بنا ،فابعث معي من يحكم بيننا بالحق .فقال له النبي صلى ال عليه
وآله :فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها ،قال:
فكشف لنا عن صورته فنظرنا فإذا شخص عليه شعر كثير ،وإذا رأسه
طويل ،طويل العينين عيناه في طول رأسه ،صغير الحدقتين ،وله أسنان
كأنها أسنان السباع ،ثم إن النبي صلى ال عليه وآله أخذ عليه العهد
والميثاق على أن يرد عليه في غد من يبعث به معه .فلما فرغ من ذلك
التفت إلى أبي بكر فقال له :صر مع أخينا عرفطة ) (4وانظر إلى ما هم
عليه واحكم بينهم بالحق ،فقال :يا رسول ال وأين هم ؟ قال :هم تحت
) (1الزوبعة :هيجان الرياح وتصاعدها إلى السماء (2) .في المصدر :فيحكم(3) .
في المصدر :غطرفة بن شمراخ (4) .في المصدر :غطرفة.
][92
الرض ،فقال أبو بكر :فكيف أطيق النزول تحت الرض ؟ وكيف أحكم بينهم ول
احسن ) (1كلمهم ،ثم التفت إلى عمر بن الخطاب فقال له :مثل قوله لبي
بكر ،فأجاب مثل جواب أبي بكر ،ثم أقبل على عثمان ،وقال له مثل قوله
لهما فأجابه كجوابهما .ثم استدعى بعلي عليه السلم وقال له :يا علي صر
مع أخينا عرفطة ) (2وتشرف على قومه وتنظر إلى ما هم عليه وتحكم
بينهم بالحق ،فقام أمير المؤمنين عليه السلم مع عرفطة وقد تقلد سيفه:
قال سلمان رضي ال عنه :فتبعتهما إلى أن صارا إلى الوادي فلما توسطا،
نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلم وقال :قد شكر ال تعالى سعيك يا أبا
عبد ال فارجع ،فوقفت أنظر إليهما فانشقت الرض ودخل فيها وعدت إلى
ما كنت ) (3ورجعت وتداخلني من الحسرة ما ال أعلم به كل ذلك إشفاقا "
على أمير المؤمنين عليه السلم .وأصبح النبي صلى ال عليه وآله وصلى
بالناس الغداة وجاء وجلس على الصفا وحف به أصحابه ،وتأخر أمير
المؤمنين عليه السلم وارتفع النهار وأكثر الكلم إلى أن زالت الشمس
وقالوا :إن الجني احتال على النبي صلى ال عليه وآله وقد أراحنا ال من
أبي تراب وذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا ،وأكثروا الكلم إلى أن صلى
النبي صلى ال عليه وآله وسلم صلة الولى وعاد إلى مكانه وجلس على
الصفا ،وما زال مع أصحابه بالحديث إلى أن وجبت صلة العصر ،وأكثروا
القوم الكلم وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين عليه السلم .فصلى النبي
صلى ال عليه وآله صلة العصر وجاء وجلس على الصفا وأظهر الفكر
في أمير المؤمنين عليه السلم وظهرت شماتة المنافقين بأمير المؤمنين
عليه السلم وكادت الشمس تغرب فتيقن القوم أنه قد هلك ،إذا وقد انشق
الصفا وطلع أمير المؤمنين منه وسيفه يقطر دما ومعه عرفطة ).(4
) (1في نسخة :ول احس كلمهم (2) .في المصدر :غطرفة (3) .في المصدر:
وعادت إلى ما كانت (4) .في المصدر :غطرفة.
][93
فقام إليه النبي صلى ال عليه وآله وقبل بين عينيه وجبينيه ،وقال له :ما الذي
حبسك عني إلي هذا الوقت ؟ قال عليه السلم :صرت إلى جن كثير قد بغوا
إلى عرفطة ) (1وقومه من المنافقين ،فدعوتهم إلى ثلث خصال فأبوا
علي ،وذلك أني دعوتهم إلى اليمان بال تعالى ،والقرار بنبوتك ورسالتك
فأبوا ،فدعوتهم إلى أداء الجزية فأبوا ،فسألتهم أن يصالحوا عرفطة )(2
وقومه فيكون بعض المرعى لعرفطة ) (3وقومه وكذلك الماء فأبوا ذلك
كله ،فوضعت سيفي فيهم وقتلت منهم ثمانين ألفا (4) ،فلما نظروا إلى ما
حل بهم طلبوا المان والصلح ،ثم آمنوا وصاروا إخوانا ) (5وزال الخلف
وما زلت معهم إلى الساعة ،فقال عرفطة ) :(6يا رسول ال جزاك ال
وأمير المؤمنين عليه السلم عنا خيرا ) - 46 .(7الكافي :عن علي بن
محمد ،عن صالح بن أبي حماد والحسين بن محمد عن المعلى ،جميعا "
عن الوشاء ،عن ابن عائذ ،عن أبي خديجة ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :ليس من بيت فيه حمام إل لم يصب أهل ذلك البيت آفة من الجن ،إن
سفهاء الجن يعبثون في البيت فيعبثون بالحمام ويدعون النسان )47 .(8
-ومنه :عن العدة عن أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن عبد ال بن
محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن زرارة عن أحدهما عليهما السلم
قال :الكلب السود البهم من الجن ).(9
) (3 - 1في المصدر :غطرفة (4) .في المصدر :زهاء ثمانين الفا (5) .في نسخة:
اعوانا (6) .في المصدر :غطرفة (7) .عيون المعجزات(8) .39 - 37 :
فروع الكافي ) 546 :6ط آخوندى( فيه] :ويتركون النسان[ ونقل في
الهامش عن بعض النسخ :يدعون النسان (9) .فروع الكافي :552 :6
البهيم من الجن.
][94
][95
فحفظوا ذلك اليوم ووجدوه ) (1قتل في ذلك اليوم ) - 51 .(2العلل لمحمد بن على
بن ابراهيم :العلة في الجن أنهم ل يدخلون الجنة أنهم خلقوا من النار،
والجنة هي نور فل تجتمع النار والنور ،وسئل العالم عليه السلم فقيل له،
فإذا لم يدخلوا الجنة فأين يكونون ؟ فقال :إن ال جعل حظائر بين الجنة
والنار يكونون فيها مؤمنوا الجن ) (3وفساق الشيعة ) - 53 .(4تفسير
علي بن ابراهيم :في قوله تعالى " :خلق السماوات والرض في ستة أيام
" قال :وخلق الجان وهو ابو الجن وانواع الطيور يوم الربعاء )- 54 (5
الحتجاج :مرسل " عن أبي بصير ،عن أبى جعفر عليه السلم في أجوبته
عن مسائل طاووس اليماني قال :فلم سمي الجن جنا ؟ قال :لنهم استجنوا
فلم يروا ) - 55 .(6تفسير المام :قيل له :لم يكن إبليس ملكا ؟ قال :ل ،بل
كان من الجن ،أما تسمعان ال يقول " :وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم
فسجدوا إل إبليس كان من الجن " وهو الذي قال ال " :والجان خلقناه
من قبل من نار السموم " ) - 56 .(7تفسير الفرات :عن عبد ال بن محمد
بن هاشم ،معنعنا " عن محمد بن علي عن آبائه عليهم السلم قال :هبط
جبرئيل عليه السلم على النبي صلى ال عليه وآله وسلم وهو في منزل ام
) (1في نسخة :فوجدوه (2) .تقريب المعارف :مخطوط لم نجد نسخته (3) .في
نسخة :ويكونون فيها مؤمنى الجن (4) .العلل :مخطوط لم نظفر بنسخته.
) (5تفسير القمى 298 :فيه :وهو ابو الجن في يوم السبت وخلق الطير
في يوم الربعاء (6) .الحتجاج (7) .179 :التفسير المنسوب إلى المام
العسكري عليه السلم 194 :فيه] :قال :قلنا له :فعلى هذا لم يكن[ وفيه:
]اما تسمعان ان ال[ وفيه] :كان من الجن فاخبر انه كان من الجن وهو[
والية الولى في البقرة 24 :والثانية في الحجر.27 :
][96
سلمة فقال :يا محمد مل ملئكة السماء الرابعة ) (1يجادلون في شئ حتى كثر
بينهم الجدال فيه وهم ) (2من الجن من قوم إبليس الذين قال ال في
كتابه " :إل إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " .فأوحى ال تعالى
إلى الملئكة قد كثر جدالكم ،فتراضوا بحكم من الدميين يحكم بينكم ،قالوا:
قد رضينا بحكم من امة محمد صلى ال عليه وآله ،فأوحى ال إليهم بمن
ترضون من أمة محمد صلى ال عليه وآله :قالوا :رضينا بعلي بن أبي
طالب عليه السلم ،فأهبط ال ملكا من ملئكة السماء الدنيا ببساط
وأريكتين فهبط إلى النبي صلى ال عليه وآله فأخبره بالذي جاء فيه .فدعا
النبي صلى ال عليه وآله وسلم بعلي بن أبي طالب عليه السلم ،وأقعده
على البساط ووسده بالريكتين ثم تفل في فيه ،ثم قال :يا علي ثبت ال
قلبك وجعل حجتك بين عينيك ثم عرج به إلى السماء ،فإذا نزل قال :يا
محمد ال يقرأك السلم ويقول لك " :نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي
علم عليم " ) - 57 .(3الكافي :عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن
الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن خالد بن إسماعيل عن رجل
من أصحابنا من أهل الجبل عن أبي جعفر عليه السلم قال :ذكرت
المجوس وإنهم يقولون :نكاح كنكاح ولد آدم ،وأنهم يحاجون بذلك ،فقال:
أما إنهم ) (4ل يحاجونكم به ،لما أدرك هبة ال قال آدم :يا رب زوج هبة
ال ،فأهبط ال له حوراء فولدت أربعة غلمة ،ثم رفعها ال .فلما أدرك ولد
هبة ال قال :يا رب زوج ولد هبة ال ،فأوحى ال إليه أن يخطب إلى رجل
من الجن وكان مسلما أربع بنات له على ولد هبة ال ،فزوجهن
) (1في المصدر :ان ملكا من ملئكة السماء (2) .ظاهره ان الضمير يرجع إلى
الملئكة ،فاطلق لفظة الملئكة على الجن مجازا (3) .تفسير فرات 70 :و
71والية الولى في الكهف 50 :والثانية في يوسف (4) .76 :في
المصدر :اما انتم فل يحاجونكم به.
][97
فما كان من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنبوة ،وما كان من سفه أو حدة فمن
الجن ) - 58 .(1العياشي :عن أبي بكر الحضرمي ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :إن آدم ولد له أربعة ذكور ،فأهبط ال إليهم أربعة من الحور
العين ،فزوج كل واحد منهم واحدة فتوالدوا ،ثم إن ال رفعهن ،وزج
هؤلء الربعة أربعة من الجن فصار النسل فيهم ،فما كان من حلم فمن
آدم ،وما كان من جمال فمن قبل الحور العين ،وما كان من قبح أو سوء
خلق فمن الجن ) - 59 .(2الفقيه :عن أبيه ،عن الحميري ،عن هارون بن
مسلم ،عن القاسم بن عروة ،عن بريد ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن
ال تبارك وتعالى أنزل على آدم حوراء من الجنة فزوجها أحد ابنيه،
وتزوج الخر ابنة الجان ،فما كان في الناس من جمال كثير أو حسن خلق
فهو من الحوراء ،وما كان من سوء خلق فهو من ابنة الجان )60 .(3
الحتجاج :عن موسى بن جعفر ،عن آبائه عليه وعليهم السلم في أجوبة
أمير المؤمنين عليه السلم عن مسائل اليهودي في فضل محمد صلى ال
عليه وآله على جميع النبياء -إلى أن قال - :قال له اليهودي :فان هذا
سليمان سخرت له الشياطين يعملون له ما يشآء من محاريب وتماثيل .قال
له علي عليه السلم :لقد كان كذلك ،ولقد اعطي محمد صلى ال عليه وآله
أفضل من هذا ،إن الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها،
ولقد سخرت لنبوة محمد صلى ال عليه وآله الشياطين باليمان ،فأقبل إليه
الجن التسعة من أشرافهم ،من جن نصيبين واليمن
) (1فروع الكافي (2) .569 :5تفسير العياشي (3) .215 :1الفقيه ) 240 :3ط
آخوندى( فيه " :وروى القاسم بن عروة " ولم يذكر فيه صدر السناد،
وفيه :وما كان فيهم من سوء.
][98
من بني عمرو بن عامر ) (1من ال حجة منهم شصاه ،ومصاه ) ،(2والهملكان،
والمرزبان والمازمان ،ونضاه ،وهاصب ،وهاضب ) ،(3وعمرو ،وهم
الذين يقول ال تبارك اسمه فيهم " :وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن " وهم
تسعة " يستمعون القرآن " فأقبل إليه الجن والنبي صلى ال عليه وآله
ببطن النخل ،فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث ال احدا .ولقد
أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم فبايعوه على الصوم والصلة والزكاة
والحج والجهاد ونصح المسلمين ،واعتذروا بأنهم قالوا :على ال شططا،
وهذا أفضل مما اعطي سليمان ،سبحان ) (4من سخرها لنبوة محمد صلى
ال عليه وآله بعد أن كانت تتمرد وتزعم أن ل ولدا ،فلقد ) (5شمل مبعثه
من الجن والنس ما ل يحصى ) - 61 .(6تفسير على بن ابراهيم :عن
علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد ال عن الحسين بن سعيد عن
النضر عن عبد ال بن سنان عن أبي عبد ال عليه السلم في قول الجن:
" وأنه تعالى جد ربنا " فقال :شئ كذبه الجن فقصه ال تعالى كما قال.
وعنه :عن أحمد بن الحسين ،عن فضالة ،عن أبان بن عثمان ،عن زرارة،
قال :سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال تعالى " :وأنه كان رجال من
النس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " قال :كان الرجل ينطلق
إلى الكاهن الذي يوحي إليه الشيطان فيقول :قل لشيطانك :فلن ) (7قد
عاذ بك .وقال علي بن إبراهيم في قوله " :وأنه كان رجال " الية ،قال:
كان الجن
) (1في المصدر :واحد من جن نصيبين والثمان من بنى عمرو بن عامر (2) .في
المصدر :شضاة ومضاة )شصاة ومصاة خ ل( (3) .في المصدر :هاضب
وهضب (4) .في المصدر :فسبحان (5) .في المصدر :ولقد شمل(6) .
الحتجاج (7) .118 :في المصدر :ان فلنا.
][99
ينزلون على قوم من النس ويخبرونهم الخبار التي يسمعونها في السماء من قبل
مولد رسول ال صلى ال عليه وآله ،فكان الناس يكهنون بما خبرهم
الجن ،وقوله " :فزادوهم رهقا " أي خسرانا " ،وقال :البخس :النقصان،
والرهق :العذاب ،وقوله " :كنا طرائق قددا " أي على مذاهب مختلفة )
- 62 .(1بصائر الدرجات :عن إبراهيم بن هاشم ،عن إبراهيم بن اسحاق،
عن عبد ال بن حماد ،عن عمر بن يزيد بياع السابري قال :قال أبو عبد
ال عليه السلم :بينا رسول ال صلى ال عليه وآله ذات يوم جالس ،إذ
أتاه رجل طويل كأنه نخلة فسلم عليه ،فرد عليه السلم وقال :يشبه )(2
الجن وكلمهم ،فمن أنت يا عبد ال ؟ فقال :أنا الهام بن الهيم بن لقيس
بن إبليس ،فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله :ما بينك وبين إبليس إل
أبوان ؟ فقال :نعم يا رسول ال صلى ال عليه وآله ،قال :فكم أتى لك ؟
قال :أكلت عمر الدنيا إل أقله ،أنا أيام قتل قابيل هابيل غلم أفهم الكلم
وأنهى عن العتصام وأطوف الجسام ) (3وآمر بقطيعة الرحام وافسد
الطعام ،فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله :بئس سيرة الشيخ المتأمل
والغلم المقبل .فقال :يا رسول ال صلى ال إني تائب ،قال صلى ال عليه
وآله :على يد من جرى ) (4توبتك من النبياء ؟ قال :على يدي نوح وكنت
معه في سفينته وعاتبته على دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني ،وقال :ل
جرم إني على ذلك من النادمين ،وأعوذ بال أن أكون من الجاهلين .ثم
كنت مع هود عليه السلم في مسجده مع الذين آمنوا معه فعاتبته على
دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني ،وقال :ل جرم إني على ذلك من
النادمين وأعوذ بال أن أكون من الجاهلين ،ثم كنت مع إبراهيم حين كاده
قومه فألقوه في النار فجعلها ال
) (1تفسير القمى 698 :و (2) .699في نسخة من الكتاب وفى المصدر :بشبه
الجن (3) .هكذا في الكتاب والمصدر ،ولعل الصحيح :واطوف الجام) .
(4في نسخة :جرت.
][100
عليه بردا " وسلما ،ثم كنت مع يوسف عليه السلم حين حسده إخوته فألقوه في
الجب فبادرته إلى قعر الجب فوضعته وضعا رفيقا ،ثم كنت معه في السجن
أؤنسه فيه حتى أخرجه ال منه .ثم كنت مع موسى عليه السلم وعلمني
سفرا " من التوارة وقال :إن أدركت عيسى عليه السلم فاقرأه مني
السلم ،فلقيته وأقرأته من موسى عليه السلم السلم ،وعلمني سفرا "
من النجيل وقال :إن أدركت محمدا " صلى ال عليه وآله فاقرأه مني
السلم ،فعيسى عليه السلم يا رسول ال صلى ال عليه وآله يقرأ عليك
السلم ،فقال النبي صلى ال عليه وآله :وعلى عيسى روح ال وكلمته
وجميع أنبياء ال ورسله ما دامت السماوات والرض السلم ،وعليك يا
هام بما بلغت السلم ،فارفع إلينا حوائجك .قال :حاجتي أن يبقيك ال لمتك
ويصلحهم لك ويرزقهم الستقامة لوصيك من بعدك ،فان المم السالفة إنما
هلكت بعصيان الوصياء وحاجتي يا رسول ال أن تعلمني سورا " من
القرآن أصلي بها ،فقال رسول ال صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم:
يا علي علم الهام وارفق به ،فقال هام :يا رسول ال صلى ال عليه وآله
من هذا الذي ضممتني إليه ؟ فإنا معاشر الجن قد امرنا أن ل نكلم ) (1إل
نبيا أو وصي نبي .فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله :يا هام من
وجدتم في الكتاب وصي آدم ؟ قال :شيث بن آدم ،قال :من وجدتم وصي
نوح ؟ قال :سام بن نوح ،قال :فمن كان وصي هود ؟ قال :يوحنا بن خزان
) (2ابن عم هود ،قال :فمن كان وصي إبراهيم ؟ قال :إسحاق بن إبراهيم )
،(3قال فمن كان وصي موسى ؟ قال :يوشع بن نون ،قال :فمن كان
وصي عيسى عليه السلم ؟ قال :شمعون بن حمون الصفا ابن عم مريم.
) (1في نسخة :ان ل نطيع (2) .في المصدر " :يوحنا بن حنان " وذكر في اثبات
الوصية وغيره ان وصى هود ابنه فالغ (3) .ذكر المسعودي في اثبات
الوصية ،28 :ان وصى ابراهيم اسماعيل وبعده قام اسحاق مقامه.
][101
قال :فمن وجدتم في الكتاب وصي محمد صلى ال عليه وآله وسلم ؟ قال :هو في
التوراة " اليا " قال له رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم :هذا " اليا "
هو علي وصيي ،قال الهام :يا رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فله
اسم غير هذا ؟ قال :نعم هو حيدرة ،فلم تسألني عن ذلك ؟ قال :إنا وجدنا
في كتاب النبياء أنه في النجيل " هيدارا " قال :هو " حيدرة " قال:
فعلمه علي عليه السلم سورا " من القرآن ،فقال هام :يا علي يا وصي
محمد صلى ال عليه وآله أكتفي بما علمتني من القرآن ؟ قال :نعم يا هام
قليل القرآن ) (1كثير ،ثم قام هام إلى النبي صلى ال عليه وآله فودعه فلم
يعد إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم حتى قبض ) (2صلى ال عليه
وآله .بيان :قد يستدل بقوله " :قد امرنا أن ل نكلم " الخ ،على أن ما يخبر
به الناس من كلم الجن كذب ول يسمع كلمهم غير النبياء والوصياء
عليهم السلم ،وفيه نظر لن كونهم مأمورين بذلك ل يدل على عدم وقوع
خلفه ،إذ الجن والشياطين ليسوا بمعصومين ،مع أن في بعض روايات
هذه القصة " ل نطيع " مكان " ل نكلم " وأيضا " الروايات الكثيرة مما
أوردنا في هذا الباب وغيرها دلت على وقوع التكلم مع سائر الناس ،فل بد
من تأويل فيه ،إما بحمله على الكلم على وجه الطاعة والنقياد أو معاينة
مع معرفة كونهم من الجن ،أو بالتخصيص ببعض النواع منهم أو غير
ذلك - 63 .البصائر :عن عبد ال بن محمد عن محمد بن إبراهيم عن بشر
عن فضالة عن محمد بن مسلم عن المفضل بن عمر قال :حمل إلى أبي
عبد ال عليه السلم مال من خراسان مع رجلين من أصحابه ل يزال
يتفقدان المال حتى مرا بالري فدفع إليهما رجل من أصحابهما كيسا فيه
ألف ) (3درهم فجعل يتفقدان في كل يوم الكيس حتى دنيا من المدينة ،فقال
أحدهما لصاحبه :تعال حتى ننظر ما حال المال ،فنظرا فإذا المال على حاله
ما خل كيس الرازي ،فقال أحدهما لصاحبه :ال المستعان ،ما نقول
الساعة لبي عبد ال عليه السلم ؟ فقال أحدهما :إنه كريم ،وأنا أرجو أن
يكون علم ما نقول
) (1في المصدر :قليل من القرآن (2) .بصائر الدرجات 28 :قوله :حتى قبض أي
رسول ال صلى ال عليه وآله (3) .في المصدر :فيه الفا درهم.
][102
عنده ،فلما دخل المدينة قصدا إليه فسلما إليه المال ،فقال لهما :أين كيس الرازي ؟
فأخبرا بالقصة ،فقال لهما :إن رأيتما الكيس تعرفانه ؟ قال :نعم ،قال :يا
جارية علي بكيس كذا وكذا ،فأخرجت الكيس فرفعه أبو عبد ال عليه
السلم إليهما ،فقال :أتعرفانه ؟ قال :هو ذاك ،قال :إنى احتجت في جوف
الليل إلى مال فوجهت رجل من الجن من شيعتنا فأتاني بهذا الكيس من
متاعكما ) - 64 .(1ومنه :عن الحسن بن علي بن عبد ال عن الحسن بن
علي بن فضال عن بعض أصحابنا عن سعد السكاف قال :أتيت أبا جعفر
عليه السلم اريد الذن عليه فإذا رواحل على الباب مصفوفة ،وإذا أصوات
قد ارتفعت ،فخرجت علي قوم معتمون بالعمائم يشبهون الزط .قال :فدخلت
على أبي جعفر عليه السلم فقلت :جعلت فداك يابن رسول ال أبطأ إذنك
اليوم ؟ وقد رأيت قوما " خرجوا علي معتمين بالعمائم فأنكرتهم ،فقال :أو
تدري من أولئك يا سعد ؟ قال :قلت :ل ،قال :إخوانك من الجن يأتوننا
يسألوننا عن حللهم وحرامهم ومعالم دينهم ) - 65 .(2ومنه :عن محمد
بن الحسين ،عن إبراهيم بن أبي البلد ،عن عمار السجستاني قال :كنت ل
أستأذن عليه ،يعني أبا عبد ال عليه السلم فجئت ذات يوم وليلة فجلست
في فسطاطه بمنى ،قال :فاستوذن لشباب كأنهم رجال الزط ،فخرج عيسى
شلقان فذكرنا له فأذن لي .قال :فقال لي :يا أبا عاصم متى جئت ؟ قلت:
قبل أولئك ) (3الذين دخل عليك وما رأيتهم خرجوا ،قال :اولئك قوم من
الجن فسألوا عن مسائلهم ثم ذهبوا ) - 66 .(4البصائر ودلئل المامة
للطبري :عن محمد بن الحسين عن إبراهيم ابن أبي البلد عن سدير
الصيرفي قال :أوصاني أبو جعفر عليه السلم بحوائج له بالمدينة،
) 1و (2بصائر الدرجات (3) .28 :في المصدر :قبيل اولئك (4) .بصائر الدرجات:
.28
][103
فبينا أنا في فج الروحآء على راحلتي إذا إنسان يلوي بثوبه ،قال :فقمت له )(1
وظننت أنه عطشان فناولته الداوة فقال :ل حاجة لي بها ،وناولني كتابا
طينه رطب ،فنظرت إلى الخاتم فإذا خاتم أبي جعفر عليه السلم ،فقلت له:
متى عهدك بصاحب الكتاب ؟ قال :الساعة .قال :فإذا فيه أشياء يأمرني
بها ،قال :ثم " التفت " فإذا ليس عندي أحد ،قال :فقدم أبو جعفر عليه
السلم فلقيته فقلت له :جعلت فداك رجل أتاني بكتاب وطينه رطب ،فقال:
إذا عجل بنا أمر أرسلت بعضهم يعني الجن ،(2) .وفي رواية اخرى :إنا
أهل البيت أعطينا أعوانا من الجن إذا عجلت بنا الحاجة بعثناهم فيها ).(3
- 67الدلئل :عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم وعلي بن جرير عن
منصور بن حازم عن سعد السكاف قال :طلبت الذن على أبي جعفر عليه
السلم مع أصحاب لنا لندخل عليه ) (4فإذا ثمانية نفر كأنهم من أب وام
عليهم ثياب زرابي وأقبية طاقية وعمآئم صفر دخلوا فما احتبسوا حتى
خرجوا ) ،(5فقال لي :يا سعد رأيتهم ؟ قلت :نعم جعلت فداك من هؤلء ؟
قال :إخوانكم من الجن ،أتونا يستفتونا في حللهم وحرامهم كما تأتونا
وتستفتونا في حللكم وحرامكم ،فقلت :جعلت فداك ويظهرون لكم ؟ قال:
نعم ) .(6البصائر :عن محمد بن إسماعيل عن ابن سنان عن ابن مسكان
عن سعد مثله ).(7
) (1في البصائر :فملت إليه .وفى الدلئل :إذا انا بانسان يتلوني فقمت إلى الداوة )
(2بصائر الدرجات 27 :دلئل الئمة 100 :فيه خلصة من الحديث(3) .
بصائر الدرجات ،27 :الموجود فيه هكذا :وزاد فيه محمد بن الحسين
بهذا السناد :يا سدير اما لنا خدما من الجن فإذا اردنا السرعة بعثناهم) .
(4في المصدر :مع اصحاب لى فدخلت عليه .فإذا عن يمينه نفر ) (5في
المصدر :وعمائم صفر فما لبثوا أن خرجوا (6) .دلئل الئمة (7) .101
بصائر الدرجات .27 :ذكر الصفار في البصائر روايتين عن سعد
السكاف فالتى < -
][104
][105
وإني لرجو أن يفصح لي ،فأرقت ) (1ليلتي وأصبحت كئيبا ،فلما كان من القابلة
أتاني نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال :اجلس فجلست ذعرا،
فقال :اسمع فقلت :وما أسمع ؟ قال :عجبت للجن وأخبارها * * وركبها
العيس بأكوارها ) (2تهوي إلى مكة تبغي الهدى * * ما مؤمنو الجن
ككفارها فارحل إلى الصفوة من هاشم * * بين روابيها ) (3وأحجارها
فقلت :وال لقد حدث في ولد هاشم أو يحدث ،وما أفصح لي وإني لرجو
أن يفصح لي ،فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا ،فلما كان من القابلة أتاني
نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال :اجلس فجلست وأنا ذعر ،فقال:
اسمع ،قلت :وما أسمع ؟ قال :عجبت للجن وإلبابها * * وركبها العيس
بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى * * ما صادقوا الجن ككذابها فارحل
إلى الصفوة من هاشم * * أحمد إذ هو خير أربابها ) (4قلت :عدو ال )(5
أفصحت ،فأين هو ؟ قال :ظهر بمكة يدعو إلى شهادة أن ل إله إل ال ،وأن
محمدا " رسول ال ،فأصبحت ورحلت ناقتي ووجهتها قبل مكة فأول ما
دخلتها لقيت أبا سفيان ،وكان شيخا ضال فسلمت عليه وسألته عن الحي،
فقال :وال إنهم مخصبون إل أن يتيم أبي طالب قد أفسد علينا ديننا ،قلت:
وما اسمه ؟ قال :محمد ،أحمد ،قلت :وأين هو ؟ قال :تزوج بخديجة ابنة )
(6خويلد فهو عليها نازل
) (1ارق :ذهب عنه النوم في الليل (2) .الكوار جمع الكور بالضم وهو الرحل
باداته (3) .الروابي جمع الرابية :ما ارتفع من الرض (4) .في نسخة:
ليس قداماها كاذبا بها (5) .في المصدر :قلت :قد وال افصحت (6) .في
نسخة :بنت.
][106
فأخذت بخطام ناقتي ثم انتهيت إلى بابها فعقلت ناقتي ثم ضربت الباب فأجابتني:
من هذا ؟ فقلت :أنا أردت محمدا ،فقالت :اذهب إلى عملك ) ،(1فقلت:
يرحمك ال إني رجل أقبلت من اليمن وعسى ال أن يكون من علي به فل
تحرميني النظر إليه ،و كان صلى ال عليه وآله رحيما " فسمعته يقول :يا
خديجة افتحي الباب ،ففتحت ،فدخلت فرأيت النور في وجهه ساطعا " نور
في نور ثم درت خلفه فإذا أنا بخاتم النبوة معجون ) (2على كتفه اليمن
فقبلته ،ثم قمت بين يديه وأنشأت أقول :اتاني نجي ) (3بعد هدء ورقدة *
* ولم يك فيما قد تلوت بكاذب ثلث ليال قوله كل ليلة * * أتاك رسول من
لوءي بن غالب فشمرت من ذيلي الزار ووسطت * * بي الذعلب الوجناء
بين السباسب ) (4فمرنا بما يأتيك يا خير قادر * * وإن كان فيما جاء
شيب الذوائب ) (5وأشهد أن ال ل شئ غيره * * وأنك مأمون ) (6على
كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة * * إلى ال يابن الكرمين الطائب
وكن لي شفيعا يوم ل ذو شفاعة * * إلى ال يغني عن سواد بن قارب
وكان اسم الرجل سواد بن قارب ) (7فرحت وال مؤمنا به صلى ال عليه
وآله ثم " خرج إلى صفين
) (1في المصدر وفى ابواب المعجزات :اذهب إلى عملك ما تذرون محمدا يأويه ظل
بيت قد طردتموه وهربتموه وحصنتموه اذهب إلى عملك .قلت (2) .في
المصدر :مختوم (3) .النجى :المحدث ،وفى المصدر] :بجنى[ والهدء:
السكون (4) .الذعلب :الناقة القوية .والوجناء :الناقة الصلبة .والسباسب
جمع سبسب وهو القفر والمفازة (5) .في المصدر] :فيما جاتشيب
الذوائب[ فعليه :جا مخفف جاء ،والمعنى أي قبلنا وصدقنا بما يأتيك به
الوحى من ال وان كان فيه امور شداد تشيب منها الذوائب والذوائب
جمع الذؤابة أي الناصية (6) .في نسخة من الكتاب وفى المصدر:
مأمور (7) .التفسير من صاحب كتاب الختصاص أو من الروات.
][107
) (1الختصاص .183 - 181 :وفى نسخة منه :فرجعت (2) .المجلد - 98 :18
100من طبعنا هذا (3) .في نسخة :مثل ذلك القول (4) .نعس الرجل:
أخذته فترة في حواسه فقارب النوم (5) .في نسخة] :وتطرا بها[
والقطرب :ذكر الغيلن وصغار الجن ،وقطرب :أسرع.
][108
عجبت للجن وتحساسها ) * * (1وشدها العيس بأحلسها إلى قوله :إلى رأسها.
فلما أصبحت أنفذت إلى راحلة من إبلي فركبت عليها حتى أتيت رسول ال
صلى ال عليه وآله فمثلت بين يديه وأنشأت أقول :أتاني نجي بعد هدء
ورقدة * * ولم يك فيما قد عهدت بكاذب إلى قوله :غالب .فشمرت عن
ساقي الزار وأرقلت * * بي الذعبل الوجناء بين السباسب فمرني بما
أحببت يا خير مرسل * * ولو كان فيما قلت شيب الذوائب إلى قوله :ل ذو
شفاعة * * سواك بمغن عن سواد بن قارب ) - 70 (2كتاب محمد بن
المثني بن القاسم :عن عبد السلم بن سالم عن ابن أبي البلد ) (3عن
عمار بن عاصم السجستاني قال :جئت إلى باب أبي عبد ال وأردت أن ل
أستأذن عليه فأقعد فأقول (4) :لعله يراني بعض من يدخل فيخبره فيأذن
لي ،قال :فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه شباب ادم في ازر وأردية ثم لم أرهم
خرجوا ،فخرج عيسى شلقان فرآني فقال :يا أبا عاصم أنت ههنا ؟ فدخل
فاستأذن لي فدخلت عليه ،فقال أبو عبد ال عليه السلم :منذ متى أنت
ههنا يا عمار ؟ قال :فقلت :من قبل أن يدخل عليك الشباب الدم ،ثم لم
أرهم خرجوا ،فقال أبو عبد ال عليه السلم :هؤلء قوم من الجن جاؤا
يسألون عن أمر دينهم - 71 .الدر المنثور :عن أبي عامر المكي قال :خلق
الملئكة من نور ،وخلق
) (1ذكره المصنف قبل في ابواب المعجزات عن رواية اخرى وفيها :تجساسها) .
(2كتاب مسلم بن محمود ليس عندي .وذكر القصة المصنف في ابواب
المعجزات بصورة اخرى راجعها (3) .في المصدر :عن ابى البلد(4) .
في المصدر :وأقول (5) .الصول الستة عشر.92 :
][109
الجان من نار ،وخلق البهائم من ماء ،وخلق آدم من طين ،فجعل الطاعة في
الملئكة والبهائم ) ،(1وجعل المعصية في النس والجن ) - 72 .(2تفسير
النيسابوري :روى الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلم قال :بينا
النبي صلى ال عليه وآله جالس في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم فاستنار
فقال :ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا حدث مثل هذا ؟ قالوا :كنا نقول:
يولد عظيم أو يموت عظيم ،فقال النبي صلى ال عليه وآله :ل يرمى لموت
أحد ول لحياته ،ولكن ربنا تعالى إذا قضى المر في السماء سبحت حملة
العرش ثم سبح أهل السماء وسبح كل سماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه
السماء ،ويستخبر أهل السماء حملة العرش ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم،
ول يزال ينتهي ذلك الخبر من سماء إلى سماء إلى أن ينتهي الخبر إلى
هذه السماء ،ويتخطف الجن فيرمون ،فما جاؤا به فهو حق ولكنهم
يزيدون ) 73 .(3كتاب زيد الزراد :قال :حججنا سنة فلما صرنا في
خرابات المدينة بين الحيطان افتقدنا رفيقا لنا من إخواننا ،فطلبناه فلم
نجده ،فقال لنا الناس بالمدينة :إن صاحبكم اختطفته الجن ،فدخلت على
أبي عبد ال عليه السلم وأخبرته بحاله وبقول أهل المدينة ،فقال :اخرج
إلى المكان الذي اختطف ،أو قال :افتقد ،فقل بأعلى صوتك يا صالح بن
علي ،إن جعفر بن محمد يقول لك :أهكذا عاهدت وعاقدت الجن علي ابن
طالب ؟ اطلب فلنا حتى تؤديه إلى رفقائه ،ثم قل :يا معشر الجن عزمت
عليكم بما عزم عليكم علي بن أبي طالب عليه السلم لما خليتم عن
صاحبي وأرشدتموه إلى الطريق .قال :ففعلت ذلك فلم ألبث إذا بصاحبي قد
خرج علي من بعض الخرابات فقال:
) (1اقتصر في المصدر بذكر الملئكة ،ولعل لفظة :البهائم ،اسقطت عن المطبوع.
) (2الدر المنثور 51 :1فيه :اخرج ابن ابى حاتم عن محمد بن عامر
المكى قال خلق ال (3) .تفسير النيسابوري ..ليست نسخته عندي.
][110
إن شخصا تراءى لي ما رأيت صورة إل وهو أحسن ) (1منها ،فقال :يا فتى أظنك
تتولى آل محمد صلى ال عليه وآله ؟ فقلت :نعم فقال :إن هيهنا رجل من
آل محمد صلى ال عليه وآله هل لك أن توجر وتسلم عليه ؟ فقلت :بلى،
فأدخلني من هذه الحيطان ) (2وهو يمشي أمامي .فلما أن سار غير بعيد
نظرت فلم أر شيئا " وغشي على فبقيت مغشيا علي ل أدري أين أنا من
أرض ال حتى كان الن ،فإذا قد أتاني آت وحملني حتى أخرجني إلى
الطريق ،فأخبرت أبا عبد ال عليه السلم بذلك فقال :ذلك الغوال (3) ،أو
الغول نوع من الجن يغتال النسان ،فإذا رأيت الشخص الواحد فل
تسترشده وإن أرشدكم فخالفوه ) (4وإذا رأيته في خراب وقد خرج عليك
أو في فلة من الرض فأذن في وجهه وارفع صوتك وقل " :سبحان الذي
جعل في السماء نجوما رجوما ) (5للشياطين ،عزمت عليك يا خبيث
بعزيمة ال التي عزم بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم،
ورميت بسهم ال المصيب الذي ل يخطئ ،وجعلت سمع ال على سمعك
وبصرك ،وذللتك بعزة ال ،وقهرت سلطانك بسلطان ال ،يا خبيث ل سبيل
لك " فانك تقهره إن شاء ال وتصرفه عنك .فإذا ضللت الطريق فأذن
بأعلى صوتك وقل " :يا سيارة ال دلونا على الطريق يرحمكم ال
أرشدونا يرشدكم ال " فإن اصبت وإل فناد " :يا عتاة الجن ويا مردة
الشياطين أرشدوني ودلوني على الطريق وإل أشرعت ) (6لكم بسهم ال
المصيب إياكم عزيمة علي أبي طالب ،يا مردة الشياطين " إن استطعتم أن
تنفذوا من أقطار السماوات والرض فانفذوا ل تنفذون إل بسلطان مبين "
ال غالبكم
) (1في المصدر :احسن منه (2) .في المصدر :بين هذه الحيطان (3) .هكذا في
الكتاب ومصدره ولعله مصحف والصحيح :ذلك الغول (4) .في نسخة من
المصدر :فخالفه (5) .في المصدر :ورجوما (6) .في المصدر :انتزعت
)اسرعت خ ل(.
][111
بجنده الغالب ،وقاهركم بسلطانه القاهر ،ومذللكم بعزته المتين ،فان تولوا فقل
حسبي ال ل إله إل هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " وارفع
صوتك بالذان ترشد وتصيب الطريق إن شاء ال ) - 74 .(1ومنه :قال:
سألت أبا عبد ال عليه السلم فقلت :الجن يخطفون النسان ؟ فقال :ما لهم
إلى ذلك سبيل ،لمن تكلم بهذه الكلمات وذكر الدعاء ) - 75 .(2الدر
المنثور :عن طارق بن ) (3حبيب قال :كنا جلو سامع عبد ال عمرو بن
العاص في الحجر ،إذ قلص ) (4الظل وقامت المجالس إذا نحن ببريق أيم
طالع من هذا الباب يعني باب بني شيبة -واليم :الحية الذكر -فاشرأبت
له أعين الناس ،فطاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين وراء المقام فقمت إليه
فقلنا :أيها المعتمر قد قضى ال نسكك ،وإنما بأرضنا عبيد ) (5وسفهاء،
وإنما نخشى عليك منهم ،فكوم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها
فسما في السماء حتى ما نراه ) - 76 .(6وأخرج الزرقي عن أبي الطفيل
قال :كانت امرأة من الجن في الجاهلية تسكن ذا طوى وكان لها ابن ولم
يكن لها ولد غيره فكانت تحبه حبا شديدا وكان شريفا في قومه فتزوج
وأتى زوجته ،فلما كان يوم سابعة قال لمه :يا امه إني اريد أن أطوف
بالكعبة سبعا نهارا ،قالت له امه :أي " بني " إني أخاف عليك سفهاء
قريش فقال :أرجو السلمة فأذنت له فولى في صورة جان فمضى نحو
الطواف فطاف بالبيت
) (1الصول الستة عشر 11 :و (2) .12الصول الستة عشر 9 :والدعاء طويل) .
(3في المصدر :طلق بن حبيب ،وهو الصحيح ترجمه ابن حجر في
تقريب التهذيب وتهذيب التهذيب وقال :طلق بسكون اللم ابن حبيب
العنزي بصرى صدوق عابد رمى بالرجاء مات بعد التسعين (4) .قلص
الظل :انقبض (6) .في المصدر :وان بارضنا عبيدا وسفهاء (6) .الدر
المنثور .120 :1
][112
سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم أقبل منقلبا فعرض له شاب من بني سهم فقتله
فثارت بمكة غبرة حتى لم تبصر لها الجبال ،قال أبو الطفيل :وبلغنا أنه إنما
تثور تلك الغبرة عن موت عظيم ) (1من الجن ،قال :فأصبح من بني سهم
على فرشهم موتى كثير من قتلى الجن فكان فيهم سبعون شيخا أصلع
سوى الشباب ) - 77 .(2وعن ابن مسعود قال :خرج رجل من النس
فلقيه رجل من الجن فقال :هل لك أن تصارعني ؟ فان صرعتني علمتك آية
إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان ،فصارعه فصرعه النسي،
فقال :تقرأ آية الكرسي ،فانه ل يقرأها أحد إذا دخل بيته إل خرج الشيطان
له خبج كخبج الحمار ) - 78 .(3وعن معاذ بن جبل ) (4قال :ضم إلي
رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم تمر الصدقة فجعلته في غرفة لي
فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا فشكوت ذلك إلى رسول ال صلى ال عليه
وآله فقال لي :هو عمل الشيطان فارصده فرصدته ليل ،فلما ذهب هوي
من الليل أقبل على صورة الفيل فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب
على غير صورته فدنا من التمر فجعل يلتقمه ،فشددت على ثيابي
فتوسطته فقلت :أشهد أن ل إله إل ال ،وأن محمدا عبده ورسوله ،يا عدو
ال وثبت إلى تمر الصدقة فاخذته وكانوا أحق به منك لرفعنك إلى رسول
ال صلى ال عليه وآله فيفضحك ،فعاهدني أن ل يعود .فغدوت إلى رسول
ال صلى ال عليه وآله فقال :ما فعل أسيرك ؟ فقلت :عاهدني أن ل يعود ؟
فقال :إنه عائد فارصده ،فرصدته الليلة الثانية ففعل مثل ذلك ) (5فعاهدني
أن ل يعود
) (1في المصدر :عند موت (2) .الدر المنثور (3) .120 :1الدر المنثور 323 :1
فيه :اخرج ابو عبيد في فضائله والدارمى والطبراني و ابو نعيم في دلئل
النبوة والبيهقي عن ابن مسعود (4) .في المصدر :اخرج ابن ابى الدنيا
في مكائد الشيطان ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابو نعيم
والبيهقي كلهما في الدلئل عن معاذ بن جبل (5) .في المصدر :فصنع
مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فعاهدني.
][113
فخليت سبيله ،ثم غدوت إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فأخبرته فقال :إنه عائد
فارصده ،فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فقلت :يا
عدو ال عاهدتني مرتين وهذه الثالثة .فقال :إني ذو عيال وما أتيتك إل من
نصيبين ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث
صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان نفرنا ) (1منها فوقعنا بنصيبين ،ول يقرأن
في بيت إل لم يلج فيها شيطان ثلثا ،فان خليت سبيلي علمتكهما ،قلت:
نعم ،قال :آية الكرسي وآخر سورة البقرة " :آمن الرسول " إلى آخرها،
فخليت سبيله ،قم غدوت إلى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فأخبرته
بما قال ،فقال :صدق الخبيث وهو كذوب ،قال :فكنت أقرأهما عليه بعد ذلك
فل أجد فيه نقصانا " ) - 79 .(2وعن ابن عباس ) (3قال :كان رسول ال
صلى ال عليه وآله نازل " على أبي أيوب في غرفة وكان طعامه في سلة
في المخدع ،فكانت تجئ من الكوة كهيئة السنور تأخذ الطعام من السلة،
فشكى ذلك إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :تلك الغول ،فإذا جاءت
فقل " :عزم عليك رسول ال صلى ال عليه وآله أن ل تبرحي " فجاءت
فقال لها أبو أيوب " :عزم عليك رسول ال صلى ال عليه وآله أن ل
تبرحي " فقالت :يا أبا أيوب دعني هذه المرة فوال ل أعود ،فتركها .ثم
قالت :هل لك أن اعلمك كلمات إذا قلتهن ل يقرب بيتك شيطان تلك الليلة
وذلك اليوم ومن الغد ؟ قلت :نعم ،قالت :اقرأ آية الكرسي ،فأتى رسول ال
صلى ال عليه وآله فأخبره فقال :صدقت وهي كذوب ) - 80 .(4وعن
حمزة الزيات ) (5قال :خرجت ذات ليلة اريد الكوفة فآواني
) (1في المصدر :انفرتنا منها (2) .الدر المنثور (3) .324 :1في المصدر :اخرج
الحاكم عن ابن عباس (4) .الدر المنثور ،325 :1وذكر فيه حكايات
أخر (5) .في المصدر :اخرج ابو الشيخ في العظمة عن حمزة.
][114
الليل إلى خرابة فدخلتها فبينما ،أنا فيها إذ دخل علي عفريتان من الجن فقال
أحدهما لصاحبه :هذا حمزة بن حبيب الزيات الذي يقرئ الناس بالكوفة،
قال :نعم وال لقتلنه ،قال :دعه المسكين يعيش ،قال :لقتلنه ،فلما أزمع
على قتلي قلت " :بسم ال الرحمن الرحيم شهد ال أنه ل إله إل هو
والملئكة " إلى قوله " :العزيز الحكيم وأنا على ذلك من الشاهدين "
فقال له صاحبه :دونك الن فاحفظه راغما " إلى لصباح ) - 81 .(1وعن
ابن عباس قال :الخلق أربعة :فخلق في الجنة كلهم ،وخلق في النار كلهم،
وخلقان في الجنة والنار ،فأما الذين في الجنة كلهم فالملئكة ،وأما الذين
في النار كلهم فالشياطين ،وأما الذين في الجنة والنار فالجن والنس لهم
الثواب وعليهم العقاب ) - 82 .(2وعن أبي ثعلبة ) ،(3عن رسول ال
صلى ال عليه وآله قال :الجن ثلثة أصناف :صنف لهم أجنحة يطيرون
في الهواء ،وصنف حيات وكلب ،وصنف يحلون ويظعنون )- 83 (4
وعن وهب ) (5أنه سئل عن الجن هل يأكلون ويشربون ،أو يموتون أو
يتناكحون ؟ قال :هم أجناس ،أما خالص الجن فهم ريح ل يأكلون ول
يشربون ول يموتون ول يتوالدون .ومنهم أجناس يأكلون ويشربون
ويتناكحون ويموتون وهي هذه التي منها
) (1الدر المنثور (2) .12 :2الدر المنثور 46 :3فيه :اخرج ابو الشيخ عن ابن
عباس (3) .في المصدر :واخرج الحكيم الترمذي في نوادر الصول وابن
ابى حاتم وابو الشيخ والطبراني والحاكم والللكانى في السنة والبيهقي
في السماء والصفات عن ابى ثعلبة الخشنى (4) .الدر المنثور ) .46 :3
(5في المصدر :اخرج ابن جرير عن وهب ابن منبه .وفيه :ويموتون
ويتناكحون فقال.
][115
السعالى والغول وأشباه ذلك ) - 84 .(1وعن يزيد بن جابر قال :ما من أهل بيت من
المسلمين إل وفي سقف بيتهم أهل بيت من الجن من المسلمين ،إذا وضع
غداؤهم نزلوا وتغدوا ،وإذا وضع عشاؤهم نزلوا فتعشوا معهم )- 85 .(2
وعن عكرمة بن خالد قال :بينما أنا ليلة في جوف الليل عند زمزم جالس
إذا نفز يطوفون عليهم ثياب بيض لم أر بياض ثيابهم بشئ قط ،فلما فرغوا
صلوا قريبا مني ،فالتفت بعضهم فقال لصحابه :اذهبوا بنا نشرب من
شراب البرار فقاموا فدخلوا زمزم فقلت :وال لو دخلت على القوم
فسألتهم ،فقمت فدخلت فإذا ليس فيها أحد من البشر ) - 86 .(3وعن
الزبير في قوله تعالى " :وإذ صرفنا إليك نفرا " من الجن يستمعون
القرآن " قال :بنخلة رسول ال صلى ال عليه وآله يصلي العشاء الخرة
كادوا يكونون عليه لبدا " - 87 .وعن ابن مسعود قال :هبطوا على النبي
صلى ال عليه وآله وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة ،فلما سمعوه قالوا" :
أنصتوا ) " (4وكانوا تسعة أحدهم زوبعة فأنزل ال " وإذ صرفنا إليك
نفرا " الية ) - 88 .(5وعن ابن عباس قال :كانوا تسعة نفر من أهل
نصيبين فجعلهم رسول ال
) (1الدر المنثور (2) .47 :3الدر المنثور 47 :3فيه :اخرج ابو الشيخ عن يزيد
بن جابر .أقول :يوجد فيه حكايات أخر (3) .الدر المنثور 46 :6فيه:
اخرج احمد وابن ابى حاتم وابن مردويه عن الزبير (4) .في المصدر:
قالوا :انصتوا قالوا :صه (5) .الدر المنثور :44 :6فيه اخرج ابن ابى
شيبه وابن منيع والحاكم وصححه وابن مردويه وابو نعيم والبيهقي معا
في الدلئل عن ابن مسعود.
][116
صلى ال عليه وآله رسل إلى قومهم ) - 89 .(1وعنه أيضا قال :صرفت الجن إلى
رسول ال صلى ال عليه وآله مرتين وكانوا أشراف الجن بنصيبين ).(2
- 90وعن ابن مسعود أنه سئل أين قرأ رسول ال على الجن ؟ قال :قرأ
عليهم بشعب يقال له :الحجون ) - 91 .(3وعن عكرمة قال :كانوا اثني
عشر ألفا جاؤا من جزيرة الموصل ) - 92 .(4وعن صفوان بن المعطل
قال :خرجنا حجاجا فلما كان بالعرج إذا نحن بحية تضطرب ،فما لبثت أن
ماتت فلفها رجل في خرقة فدفنها ،ثم قدمنا مكة فانا لبالمسجد الحرام إذ
وقف علينا شخص فقال :أيكم صاحب عمرو ؟ قلنا :ما نعرف عمرا ،قال:
أيكم صاحب الجان ؟ قالوا :هذا ،قال :أما إنه آخر التسعة موتا الذين أتوا
رسول ال يستمعون القرآن ) - 93 .(5وعن كعب الحبار قال :لما انصرف
النفر التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة ) (6جاؤا قومهم منذرين،
فخرجوا بعد وافدين إلى رسول ال صلى ال عليه وآله وهم
) (1الدر المنثور 44 :6فيه :اخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن
عباس واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن الية قال(2) .
الدر المنثور 44 :فيه :واخرج الطبراني في الوسط وابن مردويه عن
ابن عباس (3) .الدر المنثور 44 :6فيه :اخرج ابن مردويه والبيهقي
في الدلئل عن ابن مسعود (4) .الدر المنثور 45 :6فيه :اخراج ابن ابى
حاتم عن عكرمة في قوله :واذ صرفنا اليك نفرا من الجن قال (5) .الدر
المنثور 45 :6فيه :اخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه عن صفوان
ابن المعطل (6) .في المصدر ؟ وهم فلن وفلن وفلن والردوانيان
والحقب.
][117
ثلثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء الخضب ) (1فسلم على رسول ال صلى ال
عليه وآله فقال :إن قومنا قد حضروا الحجون يلقوك ،فواعده رسول ال
لساعة من الليل بالحجون ) - 94 .(2وعن جابر بن عبد ال قال :خرج
رسول ال صلى ال عليه وآله على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من
أولها إلى آخرها فسكتوا ،فقال :ما لي أراكم سكوتا ؟ لقد قرأتها على الجن
ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم ،كلما أتيت على قوله " :فبأي آلء
ربكما تكذبان " فقالوا :ول بشئ من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد ) .(3وعن
ابن عمر أيضا مثله ) - 95 .(4وعن عبد الملك قال :لم تحرس الجن في
الفترة بين عيسى ومحمد ،فلما بعث ال محمدا صلى ال عليه وآله وسلم
حرست السماء الدنيا ورميت الجن بالشهاب واجتمعت إلى إبليس فقال :لقد
حدث في الرض حدث ،فتعرفوا فأخبرونا ما هذا الحدث ،فبعث هؤلء النفر
إلي تهامة وإلى جانب اليمن وهم أشراف الجن وسادتهم فوجدوا النبي
صلى ال عليه وآله يصلي صلة الغداة بنخلة ،فسمعوه يتلوا القرآن ،فلما
حضروه قالوا " :أنصتوا ،فلما قضى " يعني بذلك أنه فرغ من صلة
الصبح " ولوا إلى قومهم منذرين " مؤمنين لم يشعر بهم حتى نزل " :قل
اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " يقال :سبعة من أهل نصيبين ).(5
) (1في المصدر " :فجاء الحقب " وفيه :يلقونك (2) .الدر المنثور 45 :6فيه" :
اخرج الواقدي وابو نعيم عن كعب " أقول :يوجد فيه حكايات اخر لم
يذكرها المصنف (3) .الدر المنثور 140 :6فيه :اخرج الترمذي وابن
المنذر وابو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي
في الدلئل عن جابر بن عبد ال (4) .الدر المنثور 140 :6فيه :اخرج
البزاز وابن جرير وابن المنذر والدار -قطني في الفراد وابن مردويه
والخطيب في تاريخه بسند صحيح عن ابن عمر .وفيه :ل بشئ من آلئك
ربنا نكذب فلك الحمد (5) .الدر المنثور 270 :6فيه :اخرج ابن المنذر
عن عبد الملك
][118
- 96وعن سهل بن عبد ال قال :كنت في ناحية ديار عاد إذ رأيت مدينة من حجر
منقور في وسطها قصر من حجارة تأويه الجن ،فدخلت فإذا شيخ عظيم
الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة ،فلم أتعجب من
عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته ،فسلمت عليه فرد علي السلم ،وقال:
يا سهل إن البدان ل تخلق الثياب وإنما تخلقها روائح الذنوب ومطاعم
السحت ،وإن هذه الجبة علي منذ سبعمائة سنة لقيت بها عيسى ومحمدا
صلى ال عليه وآله فآمنت بهما ،فقلت له :ومن أنت ؟ قال :أنا من الذين
نزلت فيهم " :قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " ) - 97 .(1وعن
عبد ال بن مسعود في قوله " :قل اوحى إلي أنه استمع نفر من الجن "
قال :كانوا من جن نصيبين ) - 98 .(2وعن كردم ابن أبي السائب
النصاري قال :خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر
رسول ال صلى ال عليه وآله بمكة ،فآويت إلى راعي غنم ) (3فلما
انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حمل من الغنم فوثب الراعي فقال :يا عامر
الوادي جارك ) (4فنادى مناد ل نراه :ياسرحان أرسل ،فأتى الحمل يشتد
حتى دخل في الغنم ،وأنزل ال على رسوله بمكة " وأنه كان رجال من
النس يعوذون برجال من الجن " الية ) - 99 .(5وعن ابن عباس أن
رجل من بني تميم كان جريا على الليل والرمال )(6
) (1الدر المنثور 270 :6فيه :اخرج ابن الجوزى في كتاب صفوة الصفوة بسنده
عن سهل (2) .الدر المنثور 270 :6قد سقط الحديث من المطبوع وبقى
قوله :قال :كانوا من جن نصيبين (3) .في المصدر :فآوانا المبيت إلى
راعى غنم (4) .في المصدر :انا جار دارك .وفيه :ارسله (5) .الدر
المنثور 271 :6فيه اخرج ابن المنذر وابن ابى حاتم والعقيلي في
الضعفاء والطبراني وابو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن كردم(6) .
في المصدر ]جريئا على الليل والرجال[ أقول :لعل الصحيح :الرحال.
][119
وأنه سار ليلة فنزل في أرض مجنة فاستوحش فعقل راحلته ثم توسد ذراعها وقال
" أعوذ بأعز أهل هذا الوادي ) (1من شر أهله " فأجاره شيخ منهم وكان
فيهم شاب وكان سيدا في الجن فغضب الشاب لما أجاره الشيخ ،فأخذ حربة
له قد سقاها السم لينحر بها ناقة الرجل ،فتلقاه الشيخ دون الناقة ،فقال :يا
مالك بن مهلهل مهل * * فذلك محجري وإزاري عن ناقة النسان ل
تعرض لها * * فاكفف يمينك راشدا عن جاري ) (2تسعى إليه بحربة
مسمومة * * أف لقربك يا أبا القيطار ) (3وأنشد أبياتا أخر في ذلك ،فقال
الفتى :أردت أن تعلو وتخفض ذكرنا * * في غير مرزية أبا الغيراري )(4
متنحل أمرا لغير فضيلة * * فارحل فان المجد للمراري (5من كان منكم
سيدا في ما مضى * * إن الخيار هم بنو الخيار فاقصد لقصدك يامعيكر
إنما * * كان المجير مهلهل بن دياري فقال الشيخ :صدقت كان أبوك
سيدنا وأفضلنا ،دع هذا الرجل ل أنازعك بعده أحدا ،فتركه فأتى الرجل إلى
النبي صلى ال عليه وآله وقص عليه القصة ،فقال رسول ال صلى ال
عليه وآله :إذا أصاب أحدا منكم وحشة أو نزل بأرض مجنة فليقل " :أعوذ
بكلمات ال التامات
) (1في المصدر :ذراعيها ،وقال :اعوذ بسيد هذا الوادي (2) .في المصدر هكذا:
عن ناقة النسان ل تعرض لها * * واختر إذا ورد المها اثواري انى
ضمنت له سلمة رحله * * فاكفف يمينك راشدا عن جارى ولقد اتيت
إلى ما لم احتسب * * ال رعيت قرابتي وجواري ) (3ذكر في المصدر
بيتا آخر هو :لول الحياء وان اهلك جيرة * * لنمزقنك بقوة اظفاري )(4
في المصدر :أتريد .وفيه :أبا العيزار (5) .في المصدر :للمرار .فيه :بنو
الخيار وفيه :مهلهل بن وبار.
][120
التي ل يجاوزهن بر ول فاجر من شر ما يلج في الرض وما يخرج منها وما ينزل
من السماء وما يعرج فيها ومن فتن الليل ومن طوارق النهار إل طارقا
يطرق بخير " فأنزل ال في ذلك " :وانه كان رجال من النس يعوذون
برجال من الجن فزادوهم رهقا " .قال أبو نصر :غريب جدا لم نكتبه إل
من هذا الوجه ) - 100 .(1وعن سعيد بن جبير أن رجل من بني تميم يقال
له :رافع بن عمير حدث عن بدء إسلمه قال :إني لسير برمل عالج ذات
ليلة إذ غلبني النوم فنزلت عن راحلتي وأنختها ونمت وقد تعوذت قبل
نومي ،وقلت " :أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن " فرأيت في منامي
رجل بيده حربة يريد أن يضعها في نحر ناقتي ،فانتبهت فزعا فالتفت يمينا
وشمال فلم أر شيئا ،فقلت :هذا حلم ،ثم عدت فغفوت ) (2فرأيت مثل ذلك
فانتبهت فدرت حول ناقتي فلم أر شيئا ،فإذا ناقتي ترعد ،ثم غفوت فرأيت
مثل ذلك .فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب ،والتفت فإذا برجل شاب كالذي
رأيته في المنام بيده حربة ،ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها ،فبينما هما
يتنازعان إذا طلعت ثلثة أثوار من الوحش ،فقال الشيخ للفتى :قم فخذ أيها
شئت فداء لناقة جاري النسي فقام الفتى فأخذ منها ثورا ) (3وانصرف،
ثم التفت إلي الشيخ وقال :يا هذا إذا نزلت واديا من الودية فخفت هوله
فقل " :أعوذ بال رب محمد صلى ال عليه وآله من هول هذا الوادي "
ول تعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها ،فقلت له :ومن محمد هذا ؟ قال :نبي
عربي ل شرقي ول غربي بعث يوم الثنين ،قلت :أين مسكنه ؟ قال :يثرب
ذات النخل .فركبت راحلتي حين ترقى لى الصبح ) ،(4وجددت السير حتى
أتيت المدينة
) (1الدر المنثور 271 :6فيه :اخرج ابو نصر السجزى في البانة من طريق
مجاهد عن ابن عباس (2) .غفا يغفو :نعس .نام نومة خفيفة (3) .في
المصدر :ثورا عظيما (4) .في المخطوطة] :حين ترقى لى الصبح[ وفى
المصدر :حين برق الصبح.
][121
فرآني رسول ال صلى ال عليه وآله فحدثني بالحديث قبل أن أذكر له منه شيئا،
ودعاني إلى السلم فأسلمت ،قال سعيد بن جبير :وكنا نرى أنه هو الذي
أنزل ال فيه " وأنه كان رجال من النس يعوذون برجال من الجن
فزادوهم رهقا " ) - 101 .(1وعن ابن عباس في قوله " :وأنه كان رجال
من النس يعوذون برجال من الجن " قال :كان رجال من النس يبيت
أحدهم بالوادي في الجاهلية فيقول :أعوذ بعزيز هذا الوادي " فزادوهم
رهقا ) - 102 .(2وعن الحسن في قوله " :وانه كان رجال من النس
يعوذون برجال من الجن " قال :كان أحدهم فإذا نزل الوادي قال " :أعوذ
بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه " فيأمن في نفسه يومه وليلته )
- 103 .(3وعن ربيع بن أنس " :وأنه كان رجال من النس يعوذون
برجال من الجن فزادوهم رهقا " قال :كانوا يقولون :فلن رب هذا الوادي
من الجن ،فكان أحدهم إذا دخل ذلك الوادي يعوذ برب الوادي من دون ال
فيزيده بذلك رهقا ،أي خوفا ) - 104 .(4وعن ابن عباس قال :كانت
الشياطين لهم مقاعد في السماء يسمعون فيها الوحي ،فإذا سمعوا الكلمة
زادوا فيها تسعا ،فأما الكلمة فتكون حقا ،وأما ما زاد فيكون باطل ،فلما
بعث رسول ال صلى ال عليه وآله منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لبليس
ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال لهم :ما هذا إل من أمر ) (5حدث
في الرض ،فبعث
) (1الدر المنثور 272 :6فيه :اخرج الخرائطي في كتاب الهواتف عن سعيد ابن
جبير (2) .الدر المنثور 272 :6فيه :اخرج ابن جرير وابن مردويه عن
ابن عباس (3) .الدر المنثور 272 :6فيه :اخرج عبد بن حميد وابن
المنذر عن الحسن وفيه :إذا نزل (4) .الدر المنثور 272 :6فيه :اخرج
عبد بن حميد عن الربيع بن انس (5) .في المصدر :ما هذا المر ال لمر
حدث.
][122
جنوده فوجدوا رسول ال صلى ال عليه وآله قائما يصلي بين جبلين بمكة )(1
فأتوه فأخبروه ،فقال :هذا الحدث الذي حدث في الرض ) - 105 (2وعن
ابن عباس قال :لم يكن السماء الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد
صلى ال عليه وآله ،وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع ،فلما بعث ال
محمدا صلى ال عليه وآله حرست السماء الدنيا حرسا شديدا ورجمت
الشياطين فأنكروا ذلك فقالوا " :ل ندري أشر اريد بمن في الرض أم أراد
بهم ربهم رشدا " .فقال إبليس :لقد حدث في الرض حدث فاجتمعت إليه
الجن فقال :تفرقوا في الرض فأخبروني ما هذا الحد ث الذي حدث في
السماء ،وكان أول بعث بعث ركب من أهل نصيبين وهم أشراف الجن
وسادتهم فبعثهم إلى تهامة فاندفعوا حتى ) (3تلقوا الوادي وادي نخلة،
فوجدوا نبي ال صلى ال عليه وآله يصلي صلة الغداة ببطن نخلة
فاستمعوا ،فلما سمعوه يتلو القرآن قالوا " :أنصتوا " ولم يكن نبي ال
صلى ال عليه وآله يعلم أنهم استمعوا له وهو يقرأ القرآن " فلما قضي "
يقول :فلما فرغ من الصلة " ولوا إلى قومهم منذرين " يقول :مؤمنين )
- 106 .(4وعن ابن عمر قال :لما كان اليوم الذى تنبأ فيه رسول ال
صلى ال عليه وآله منعت الشياطين من السماء ورموا بالشهب )107 .(5
-وعن ابن عباس قال :كانت الجن قبل أن يبعث النبي صلى ال عليه وآله
وسلم يستمعون
) (1في المصدر :بين جبلى نخلة (2) .الدر المنثور 273 :6فيه :اخرج ابن ابى
شيبة واحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير
والطبراني وابن مردويه وابو نعيم والبيهقي معا في دلئل النبوة عن ابن
عباس (3) .في المصدر :حتى بلغوا (4) .الدر المنثور 273 :6فيه:
اخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلئل عن ابن عباس قال:
لم تكن (5) .الدر المنثور 273 :6 :فيه :اخرج الواقدي وابو نعيم في
الدلئل عن ابن عمرو.
][123
من السماء ،فلما بعث حرست فلم يستطيعوا أن يستمعوا فجاؤا إلى قومهم يقول
للذين ) (1لم يستمعوا فقالوا " :إنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا
شديدا " وهم الملئكة " وشهبا " وهي الكواكب " وأنا كنا نقعد منها
مقاعد للسمع فمن يستمع الن يجد له شهابا رصدا " يقول :نجما قد
أرصد له يرمى به ،قال :فلما رموا بالنجوم قالوا لقومهم " :أنا ل ندري
أشر اريد بمن في الرض أم أراد بهم ربهم رشدا " ) - 108 .(2وعن
العمش قال :قالت الجن :يا رسول ال أتأذن لنا فنشهد معك الصلوات في
مسجدك ؟ فأنزل ال " :وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا " يقول:
صلوا ل تخالطوا الناس ) - 109 .(3وعن سعيد بن جبير قال :قالت الجن
للني صلى ال عليه وآله :كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤن عنك ؟
وكيف نشهد الصلة ونحن ناؤن عنك ؟ فنزلت " :وأن المساجد ل " اليه
) - 110 .(4وعن ابن مسعود قال :خرج رسول ال صلى ال عليه وآله
قبل الهجرة إلى نواحى مكة فخط لي خطا وقال :ل تحدثن شيئا حتى آتيك
ثم قال :ل يهولنك شئ تراه فتقدم شيئا ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم
رجال الزط وكانوا كما قال ال " :كادوا يكونون عليه لبدا " )- 111 .(5
وعن ابن عباس في قوله " :وانه لما قام عبد ال يدعوه كادوا يكونون
عليه لبدا " قال :لما سمعوا النبي صلى ال عليه وآله يتلوا القرآن كادوا
يركبونه من الحرص لما سمعوه (6) ،فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل
يقرأ " :قل اوحي إلي أنه استمع
) (1في المصدر :يقولون (2) .الدر المنثور 273 :6فيه :اخرج ابن مردويه عن
ابن عباس (3) .الدر المنثور 274 :6فيه :اخرج ابن ابى حاتم عن
العمش (4) .الدر المنثور 274 :6فيه :اخرج ابن جرير عن سعيد.
وفيه :أو كيف (5) .الدر المنثور 274 :6فيه :اخرج ابو نعيم في الدلئل
عن ابن مسعود (6) .في المصدر :لما سمعوه يتلو القرآن ودنوا منه فلم
يعلم.
][124
نفر من الجن " ) - 112 .(1وعن ابن عباس في قوله " :وأنه لما قام عبد ال
يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا " قال :لما أتى الجن على رسول ال صلى
ال عليه وآله وسلم وهو يصلي بأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون
بسجوده فعجبوا من طواعية أصحابه له ،فقالوا لقومهم :لما قام عبد ال
يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا ) - 113 .(2وعن ابن مسعود قال :انطلقت
مع النبي صلى ال عليه وآله ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط علي خطا
ثم تقدم إليهم فازدادوا عليه ) ،(3فقال سيدهم يقال له :وردان :أل أرحلهم
عنك يا رسول ال ؟ فقال :إنه لن يجيرني من ال أحدا ) .(4بيان :قال
الفيروز آبادي :اليم ككيس ،الحية البيض اللطيف ،أو عام كاليم بالكسر،
وقال :اشرأب إليه :مد عنقه لينظر أو ارتفع ،وقال :كوم التراب تكويما:
جعله كومة كومة ،بالضم :أي قطعة قطعة ورفع رأسها ،وقال في النهاية:
في حديث عمر :إذا اقيمت الصلة ولى الشيطان وله خبج " ،الخبج "
بالتحريك :الضراط ،ويروى بالحاء المهملة ،وفي حديث آخر :من قرأ آية
الكرسي خرج الشيطان وله خبج كخبج الحمار .وقال :الهوي بالفتح:
الحين الطويل من الزمان ،وقيل :هو مختص بالليل " فتوسطته " أي
دخلت وقمت وسط البيت ،وفي النهاية :المخدع هو البيت الصغير الذي
يكون داخل البيت الكبير وتضم ميمه وتفتح.
) (1الدر المنثور 275 :6فيه :اخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس(2) .
الدر المنثور 275 :6فيه :اخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم
وصححاه وابن جرير وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن
عباس (3) .في المصدر :فازدحموا عليه (4) .الدر المنثور 275 :6فيه:
اخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلئل عن ابن مسعود .اقول :وقد ذكر
فيه حكايات وروايات كثيرة لم يذكرها المصنف.
][125
وقال :فيه ل غول ول صفر ولكن السعالى ،هي جمع سعلة وهم سحرة الجن أي أن
الغول ل تقدر على أن تغول أحدا أو تضله ،ولكن في الجن سحرة كسحرة
النس لهم تلبيس وتخييل ،وفي القاموس :الزوبعة " اسم شيطان أو
رئيس للجن ،و منه سمي العصار زوبعة ،وقال " :الحجون " جبل
بمعلة مكة - 114 .حياة الحيوان :روى البيهقي في دلئل النبوة عن أبي
دجانة واسمه سماك بن خرشة قال :شكوت إلى النبي صلى ال عليه وآله
أني نمت في فراشي فسمعت صريرا كصرير الرحا ،ودويا كدوي النحل،
ولمعانا كلمع البرق ،فرفعت رأسي فإذا أنا بظل أسود يعلو ويطول بصحن
داري ،فمسست جلده فإذا هو كجلد القنفذ فرمى في وجهي مثل شرر النار،
فقال صلى ال عليه وآله :عامر دارك يا أبا دجانة ،ثم طلب دواة وقرطاسا،
وأمر عليا عليه السلم أن يكتب " بسم ال الرحمن الرحيم .هذا كتاب من
رسول رب العالمين إلى من طرق الدار ) (1من العمار والزوار إل طارقا
يطرق بخير ،أما بعد :فان لنا ولكم في الحق سعة فان يكن عاشقا مولعا أو
فاجر مقتحما فهذا كتاب ال ينطق علينا وعليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما
كنتم تعملون ،إن رسلنا ) (2يكتبون ما تمكرون ،اتركوا صاحب كتابي هذا
وانطلقوا إلى عبدة الصنام وإلى من يزعم أن مع ال إلها آخر ل إله إل هو
كل شئ هالك إل وجهه ،له الحكم وإليه ترجعون ،حم ل يبصرون،
حمعسق ،تفرق أعداء ال ،وبلغت حجة ال ،ول حول ول قوة إل بال
العلي العظيم ،فسيكفيكهم ال وهو السميع العليم " .قال أبو دجانة :فأخذت
الكتاب وأدرجته وحملته إلى داري وجعلته تحت رأسي فبت ليلتي فما
انتبهت إل من صراخ صارخ يقول :يا أبا دجانة أحرقتنا بهذه الكلمات
فبحق صاحبك إل ما رفعت عنا هذا الكتاب ،فل عود لنا في دارك ول في
جوارك ول
][126
في موضع يكون فيه هذا الكتاب ،قال أبو دجانة (1) :ل أرفعه حتى أستأذن رسول
ال صلى ال عليه وآله .قال أبو دجانة :ولقد طالت علي ليلتي مما سمعت
من أنين الجن وصراخهم وبكائهم حتى أصبحت ،فغدوت فصليت الصبح
مع رسول ال وأخبرته بما سمعت من الجن ليلتي وما قلت لهم ،فقال :يا
أبا دجانة ارفع عن القوم ،فوالذي بعثني بالحق نبيا إنهم ليجدون ألم
العذاب إلى يوم القيامة ،ورواه الوابلي الحافظ في كتاب البانة والقرطبي
في كتاب التذكرة ) - 115 .(2الفردوس :عن علي بن أبي طالب عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله إذا رأيت حية في الطريق
فاقتلها فاني قد شرطت على الجن أن ل يظهروا في صورة الحيات ،فمن
ظهر فقد أحل بنفسه ) .(3بيان :قال في النهاية :فيه أحل بمن أحل بك ،أي
من ترك إحرامه وأحل بك فقاتلك فاحلل أنت أيضا به وقاتله ،وقيل :معناه
إذا أحل رجل ما حرم ال عليه منك فادفعه أنت من نفسك بما قدرت عليه،
وفي كتاب أبي عبيد عن النخعي في المحرم يعدو عليه السبع أو اللص أحل
بمن أحل بك ،وفيه أنت محل بقومك ،أي أنك قد أبحت حريمهم وعرضتهم
للهلك - 116 .وأقول :مما يناسب ذلك ويؤيده ما ذكره شارح ديوان أمير
المؤمنين في فواتحه حيث قال :نقل أستادنا العلمة مولنا جلل الدين
محمد الدواني ،عن الشيخ العالم العامل النقي الكامل السيد صفي الدين عبد
الرحمن اليجي أنه قال :ذكر لي الفاضل العالم المتقي شيخ ابو بكر ،عن
الشيخ برهان الدين الموصلي ،وهو رجل
) (1في المصدر :فقلت :وال ل أرفعه (2) .حياة الحيوان :في القنفذ .وفيه :قال
البيهقى :وقد ورد في حرز ابى دجانة حديث طويل غير هذا موضع ل
تحل روايته ،وهذا الذى رواه البيهقى رواه الديلمى الحافظ في كتاب
النابة والقرطبى في كتاب التذكار في افضل الذكار (3) .فردوس
الخبار :لم يطبع وليست عندي نسخته.
][127
عالم فاضل صالح ورع ،أنا توجهنا من مصر إلى مكة نريد الحج فنزلنا منزل
وخرج علينا ثعبان فثار الناس إلى قتله ،فقتله ابن عمي :فاختطف ونحن
نرى سعيه وتبادر الناس على الخيل والركاب يريدون رده فلم يقدروا على
ذلك ،فحصل لنا من ذلك أمر عظيم .فلما كان آخر النهار جاء وعليه
السكينة والوقار فسألناه ما شأنك ؟ فقال :ما هو إل أن قتلت هذا الثعبان
الذي رأيتموه فصنع بي ما رأيتم ،وإذا أنا بين قوم من الجن يقول بعضهم:
قتلت أبي ،وبعضهم قتلت أخي ،وبعضهم قتلت ابن عمي ،فتكاثروا علي
وإذا رجل لصق بي وقال لي :قل :أنا أرضى بال وبالشريعة المحمدية،
فقلت :ذلك ،فأشار إليهم :أن سيروا إلى الشرع .فسرنا حتى وصلنا إلى
شيخ كبير على مصطبة ،فلما صرنا بين يديه قال :خلوا سبيله وادعوا
عليه ،فقال الولد :ندعي عليه أنه قتل أبانا ،فقلت :حاش ل إنا نحن وفد
بيت ال الحرام نزلنا هذا المنزل فخرج علينا ثعبان فتبادر الناس إلى قتله
فضربته فقتلته ،فلما سمع الشيخ مقالتي قال :خلوا سبيله ،سمعت ببطن
نخلة عن النبي صلى ال عليه وآله :من تزيى بغير زيه فقتل فل دية ول
قود انتهى .وأقول :أخبرني والدي قدس سره ،عن الشيخ الجل البهي
الشيخ بهاء الدين محمد العاملي روح ال روحه ،عن المولى الفاضل جمال
الدين محمود رحمه ال ،عن استاده العلمة الدواني ،عن بعض أصحابه
أنه جرى عليه تلك الواقعة إل أنه قال :ذهبت إلى الخلء فظهرت لي حية
فقتلتها فاجتمع علي جم غفير وأخذوني وذهبوا إلى ملكهم وهو جالس
على كرسي وادعوا علي قتل والدهم وولدهم وقريبهم كما مر فسألني عن
ديني فقلت :أنا من أهل السلم فقال :اذهبوا به إلى ملك المسلمين فليس
لي أن أقضي عليهم بعهد من رسول ال .فذهبوا بي إلى شيخ أبيض الرأس
واللحية جالس على سرير ،وقعت حاجباه على عينيه فرفعهما ،ولما
قصصنا عليه القصة قال :اذهبوا به إلى المكان الذي أخذتموه منه
][128
وخلوا سبيله ،فاني سمعت رسول ال قال :من تزيي بغير زيه فدمه هدر ،فجاؤا بي
إلى هذا المكان وخلوا سبيلي ) - 117 .(1وأقول :وجدت في كتاب أخبار
الجن للشيخ مسلم بن محمود من قدماء المخالفين روى باسناده عن دعبل
بن علي الخزاعي قال :هربت من الخليفة المعتصم فبت ليلة بنيسابور
وحدي وعزمت على أن أعمل قصيدة في عبد ال بن طاهر في تلك الليلة،
وإني لفي ذلك إذ سمعت والباب مردود علي :السلم عليكم ورحمة ال
وبركاته ألج ،يرحمك ال ،فاقشعر بدني من ذلك ونالني أمر عظيم ،فقال :ل
ترع عافاك ال فاني رجل من الجن إخوانك ثم من ساكني اليمن ،طرا إلينا
طار من أهل العراق وأنشدنا قصيدتك وأحببت أن أسمعها منك فأنشدته.
مدارس آيات خلت من تلوة * * ومنزل وحي مقفر العرصات اناس علي
الخير منهم وجعفر * * وحمزة والسجاد ذو الثفنات إذا فخروا يوما أتوا
بمحمد * * وجبريل والفرقان والسورات فأنشدته إلى آخرها ،فبكى حتى
خر مغشيا عليه ثم قال :رحمك ال أل احدثك حديثا يزيد في نيتك ويعينك
على التمسك بمذهبك ؟ قلت :بلى قال :مكثت حينا أسمع بذكر جعفر بن
محمد صلى ال عليه وآله فصرت إلى المدينة فسمعته يقول :حدثني أبي
عن أبيه عن جده أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال :علي وأهل بيته
الفائزون ،ثم ودعني لينصرف فقلت :رحمك ال إن رأيت أن تخبرني
باسمك ،قال :أنا ظبيان بن عامر - 118 .ومنه :عن المفضل قال :ركبنا في
بحر الخزر حتى إذا كنا غير بعيد لجج مركبنا وساقته الشمال شهرا في
اللجة ثم انكسر بنا فوقعت أنا ورجل من قريش إلى جزيرة من جزائر البحر
ليس بها أنيس ،فجعلنا نطمع في الحياة وأشرفنا على هوة فإذا بشيخ
مستند إلى شجرة عظيمة ،فلما رآنا تحسحس وأناف إلينا ففزعنا منه
فدنونا فقلنا :السلم عليك ورحمة ال وبركاته ،فآنسنا به وجلسنا إليه
فقال :ما خطبكما ؟
فأخبرناه ،فضحك وقال :ما وطئ هذه الرض من ولد آدم قط أحد إل أنتما ،فمن
أنتما ؟ قلنا :من العرب ،فقال :بأبي وأمي العرب ،فمن أيها أنتما ،فقلت:
أما أنا فرجل من خزاعة ،وأما صاحبي فمن قريش ،قال :بأبي وامي قريشا
وأحمدها ،يا أخا خزاعة من القائل :كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا *
* أنيس ولم يسمر بمكة سامر ؟ قلت :نعم ذلك الحارث ابن مصاص
الجرهمي ،قال :هو ذلك ،يا أخا قريش أولد عبد المطلب بن هاشم ؟ قال:
قلت :أين يذهب بك يرحمك ال ؟ فقال :أرى زمانا قد تقاربت أيامه ،أفولد
ابنه عبد ال ؟ قلت :إنك تسأل مسألة من كان من الموتى ) (1قال :فتزايد،
ثم قال :فابنه محمد الهادي عليه السلم ؟ قال :قلت :مات رسول ال صلى
ال عليه وآله منذ أربعين سنة ،فشهق شهقة حتى ظننا أن نفسه خرجت،
وانخفض حتى صار كالفرخ فأنشأ يقول :ولرب راج حيل دون رجائه * *
ومؤمل ذهبت به المال ثم جعل ينوح ويبكي حتى بل دمعه لحيته ،فبكينا
لبكائه ،ثم قلنا :أيها الشيخ قد سألتنا فأخبرناك ،فسألناك بال إل أخبرتنا
من أنت ؟ قال :أنا السفاح بن زفرات الجني لم أزل مؤمنا بال وبرسوله
ومصدقا ،وكنت أعرف التوراة والنجيل ،وكنت أرجو أني أرى محمدا،
وإني لما تعفرتت ) (2الجن وتطلقت الطوالق منها خبأت نفسي في هذه
الجزيرة لعبادة ال وتوحيده وانتصار نبيه محمد صلى ال عليه وآله
وآليت على نفسي أن ل أبرح ههنا حتى أسمع بخروجه ،ولقد تقاصرت
أعمار الدميين بعدي لما صرت في هذه الجزيرة منذ أربعمائة سنة ،وعبد
مناف إذ ذاك غلم يفع ما ظننت أنه ولد له ،وذلك أنا نجد علم الحاديث ول
يعلم الجال إل ال .وأما أنتما أيها الرجلن فبينكما وبين الدميين مسيرة
أكثر من سنة ولكن
) (1في المخطوطة :مسألة من الموتى (2) .تعفرت :صار عفريتا .والعفريت:
الخبيث المنكر .النافذ المر مع دهاء وذلك من الجن والنس والشياطين.
)*(
][130
خذ هذا العود وأخرج من تحت رجله عودا فاكتفله كالدابة فانه يؤديكما إلى
بلدكما ،فاقرئا على رسول ال صلى ال عليه وآله مني السلم فاني طامع
بجوا قبره ،قال :ففعلنا ما أمرناه به فأصبحنا في آمد ) .(1بيان :طرا أي
أتى من مكان بعيد ،ولجج تلجيجا :خاض اللجة وهي معظم الماء،
وتحسحس أي تحرك ،وأناف عليه :أشرف وكان فيه تضمينا ،والعفريت
بالكسر :الخبيث ،والنافذ في المر المبالغ فيه مع دهاء ،وقد تعفرت فهي
عفريتة ،وتطلقت الطوالق أي نجت من الحبس وشرعت في الفساد .في
القاموس :الطالقة من البل ناقة ترسل في الحي ترعى من جنابهم حيث
شاءت .وقال :الكفل بالكسر :مركب للرجال يؤخذ كساء فيعقد طرفاه فيلقى
مقدمه على الكاهل ومؤخره مما يلي العجز ،أو شئ مستدير يتخذ من خرق
وغيرها ويوضع على سنام البعير ،واكتفل البعير :جعل عليه كفل ،وقال:
آمد :بلد بالثغور.
][131
) 3باب( )ابليس لعنه ال وقصصه وبدء خلقه ومكائده ومصائده و( )أحوال ذريته
والحتراز عنهم ،اعاذنا ال من شرورهم( اليات :البقرة " :" 2ول
تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء
والفحشاء وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون ) .(1وقال تعالى :الشيطان
يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ) .(2وقال سبحانه :الذين يأكلون الربا ل
يقومون إل كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) .(3آل عمران " 3
" :وإنى اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) .(4وقال :إنما ذلكم
الشيطان يخوف أولياءه فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) .(5النساء
" :" 4ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ) .(6وقال تعالى :فقاتلوا
أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) (7وقال:
) (1البقرة 168 :و (2) .169البقرة (3) .268 :البقرة (4) .275 :آل عمران:
(5) .26آل عمران (6) .157 :النساء (7) .37 :النساء.76 :
][132
ولول فضل ال عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان إل قليل ) ،(1وقال تعالى :إن
يدعون من دونه إل إناثا وإن يدعون إل شيطانا مريدا * لعنه ال وقال:
لتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولضلنهم ولمنينهم ولمرنهم
فليبتكن آذان النعام ولمرنهم فليغيرن خلق ال ومن يتخذ الشيطان وليا
من دون ال فقد خسر خسرانا مبينا * يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان
إل غرورا * اولئك مأواهم جهنم ول يجدون عنها محيصا ) .(2المائدة "
:" 5إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر
والميسر ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة فهل أنتم منتهون ) .(3النعام
" :" 6وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم
إلى بعض زخرف القول غرورا ) (4وقال :وإن الشياطين ليوحون إلى
أوليائهم ليجادلوكم ) ،(5وقال تعالى :ول تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم
عدو مبين ) .(6العراف " :" 7ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا
للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما
منعك أن ل تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من
طين قال :فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من
الصاغرين * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال
فبما أغويتني لقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لتينهم من بين أيديهم
ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين * قال
اخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لملن جهنم منكم أجمعين )(7
إلى آخر
) (1النساء (2) .83 :النساء (3) .121 - 117 :المائدة (4) .91 :النعام) .112 :
(5النعام (6) .121 :النعام (7) .142 :العراف.18 - 11 :
][133
ما مر في قصة آدم .وقال تعالى :وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ) .(1وقال
تعالى :يا بني آدم ل يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع
عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث ل ترونهم
إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين ل يؤمنون ) * (2وقال تعالى :إنهم اتخذوا
الشياطين أولياء من دون ال ) (3وقال تعالى :وإما ينزغنك من الشيطان
نزغ فاستعذ بال إنه سميع عليم * إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من
الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * و إخوانهم يمدونهم في الغي ثم ل
يقصرون ) .(4النفال " :" 8وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال ل
غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على
عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما ل ترون إني أخاف ال وال شديد
العقاب ) .(5يوسف " :" 13إن الشيطان للنسان عدو مبين ) (6وقال
تعالى :فأنساه الشيطان ذكر ربه ) (7وقال :من بعد أن نزغ الشيطان بيني
وبين إخوتي ) .(8إبراهيم " :" 14وقال الشيطان لما قضي المر إن ال
وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إل أن
دعوتكم فاستجبتم لي فل تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما
أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن
) (1العراف (2) .22 :العراف (3) .27 :العراف (4) .30 :العراف- 199 :
(5) .201النفال (6) .48 :يوسف (7) .5 :يوسف (8) .42 :يوسف:
.100
][134
الظالمين لهم عذاب أليم ) .(1الحجر " :" 15وحفظناها من كل شيطان رجيم * إل
من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ) .(2وقال سبحانه :وإذ قال ربك
للملئكة إني خالق بشرا من صلصال من حماء مسنون * فإذا سويته
ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملئكة كلهم أجمعون *
إل إبليس أبى أن يكون مع الساجدين * قال يا إبليس ما لك أن ل تكون مع
الساجدين * قال لم أكن لسجد لبشر خلقته من صلصال من حماء مسنون
* قال فاخرج منها فانك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين * قال رب
فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم
* قال رب بما أغويتني لزينن لهم في الرض ولغوينهم أجمعين * إل
عبادك منهم المخلصين * قال هذا صراط علي مستقيم * إن عبادي ليس
لك عليهم سلطان إل من اتبعك من الغاوين * وإن جهنم لموعدهم أجمعين
) .(3النحل " :" 16فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم )،(4
وقال تعالى :فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم * إنه ليس
له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين
يتولونه والذين هم به مشركون ) .(5السرى " :" 17إن المبذرين كانوا
إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) (6وقال تعالى :إن الشيطان
ينزغ بينهم إن الشيطان كان للنسان عدوا
) (1ابراهيم (2) .22 :الحجر 17 :و (3) .18الحجر (4) .42 - 28 :النحل) .62 :
(5النحل (6) .98 :السراء(*) .27 :
][135
مبينا ) (1وقال تعالى :وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس قال ءإسجد
لمن خلقت طينا * قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم
القيامة لحتنكن ذريته إل قليل * قال اذهب فمن تبعك منهم فان جهنم
جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب
عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الموال والولد وعدهم وما يعدهم
الشيطان إل غرورا * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيل
) .(2الكهف " :" 18وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس
كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم
لكم عدو بئس للظالمين بدل * ما أشهدتهم خلق السماوات والرض ول
خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ) (3وقال تعالى :وما أنسانيه
إل الشيطان أن أذكره ) .(4مريم " :" 19يا أبت ل تعبد الشيطان إن
الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من
الرحمن فتكون للشيطان وليا ) .(5وقال تعالى :فوربك لنحشرنهم
والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ) (6وقال تعالى :ألم تر أنا
أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ) .(7طه " " 20فسجدوا إل
إبليس -إلى قوله تعالى - :فوسوس إليه الشيطان ) .(8النبياء " :" 21
ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عمل دون ذلك وكنا
) (1السراء (2) .53 :السراء (3) .65 - 60 :الكهف 50 :و (4) .51الكهف:
(5) .63مريم 44 :و (6) .45مريم (7) .68 :مريم (8) .83 :طه:
.120 - 116
][136
لهم حافظين ) .(1الحج " :" 22ويتبع كل شيطان مريد * كتب عليه أنه توله فانه
يضله ويهديهه إلى عذاب السعير ) ،(2وقال تعالى :وما أرسلنا من قبلك
من رسول ول نبي إل إذا تمنى ألقى الشيطان في امنيته فينسخ ال ما يلي
الشيطان ثم يحكم ال آياته وال عليم حكيم * ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة
للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ) .(3المؤمنون " :" 23وقل
رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون ).(4
النور " :" 24يا أيها الذين آمنوا ل تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع
خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر ) .(5الشعراء " :" 26
فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون ) (6وقال تعالى :وما
تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع
لمعزولون -إلى قوله تعالى - :هل انبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل
على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ) .(7النمل " :" 27
وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل ).(8
) (1النبياء (2) .82 :الحج 3 :و (3) .4الحج 52 :و (4) .53المؤمنون 97 :و
(5) .98النور (6) .21 :الشعراء 94 :و (7) .95الشعراء- 110 :
(8) .123النمل.24 :
][137
القصص " :" 28قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ) .(1سبأ " 24
" :ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من المؤمنين * وما كان
له عليهم من سلطان إل لنعلم من يؤمن بالخرة ممن هو منها في شك
وربك على كل شئ حفيظ ) .(2فاطر " :" 35إن الشيطان لكم عدو
فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) .(3يس "
:" 36ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن ل تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين *
وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبل كثيرا أفلم تكونوا
تعقلون ) .(4الصافات " :" 37وحفظا من كل شيطان مارد * ل يسمعون
إلى الملء العلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب *
إل من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) (5وقال تعالى :طلعها كأنه
رؤوس الشياطين ) .(6ص " :" 38والشياطين كل بناء وغواص *
وآخرين مقرنين في الصفاد ) (7وقال تعالى :إذ نادى ربه أني مسني
الشيطان بنصب وعذاب ) .(8وقال تعالى :إذ قال ربك للملئكة إني خالق
بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد
الملئكة كلهم أجمعون * إل إبليس
) (1القصص (2) .15 :سبا 20 :و (3) .21فاطر (4) .6 :يس(5) .62 - 60 :
الصافات (6) .10 - 7 :الصافات (7) .65 :ص 37 :و (8) .38ص:
.41
][138
استكبر وكان من الكافرين * قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي
أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من
طين * قال فاخرج منها فانك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين * قال
رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت
المعلوم * قال فبعزتك لغوينهم أجمعين إل عبادك منهم المخلصين * قال
فالحق والحق أقول * لملئن جهنم منك و ممن تبعك منهم أجمعين ).(1
السجدة " :" 41وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بال إنه هو
السميع العليم ) .(2الزخرف " :" 43ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض
له شيطانا فهو له قرين ) .(3وقال تعالى :ول يصدنكم الشيطان إنه لكم
عدو مبين ) .(4محمد " :" 47الشيطان سول لهم وأملى لهم ).(5
المجادلة " :" 58استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر ال أولئك حزب
الشيطان أل إن حزب الشيطان هم الخاسرون ) .(6الحشر " :" 59كمثل
الشيطان إذ قال للنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك اني أخاف ال رب
العالمين * فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين
).(7
) (1ص (2) .85 - 71 :فصلت (3) .46 :الزخرف (4) .26 :الزخرف(5) .62 :
محمد (6) .25 :المجادلة (7) .19 :الحشر 16 :و .17
][139
الملك " 67 " :ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين
وأعتدنا لهم عذاب السعير * وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس
المصير * إذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميز من
الغيظ كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد
جاءنا نذير * فكذبنا وقلنا ما نزل ال من شئ إن أنتم إل في ضلل كبير )
.(1الناس " :" 114من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في
صدور الناس * من الجنة والناس ) .(2تفسير " :ول تتبعوا خطوات
الشيطان " قال البيضاوي :ل تقتدوا به في اتباع الهوى فتحرموا الحلل
وتحللوا الحرام " إنه لكم عدو مبين " ظاهر العداوة عند ذوي البصيرة
وإن كان يظهر الموالة لمن يغويه ،ولذلك سماه وليا في قوله " :أولياؤهم
الطاغوت " " .إنما يأمركم بالسوء والفحشاء " بيان لعداوته ووجوب
التحرز عن متابعته واستعير المر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تسفيها
لرأيهم وتحقيرا لشأنهم ،والسوء والفحشاء :ما أنكره العقل واستقبحه
الشرع ،والعطف لختلف الوصفين فانه سوء لغتمام العاقل به ،وفحشاء
باستقباحه إياه .وقيل :السوء يعم القبائح ،والفحشاء ما يجاوز الحد في
القبح من الكبائر .وقيل :الول ما ل حد فيه ،والثاني ما شرع فيه الحد" .
وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون " كاتخاذ النداد وتحليل المحرمات
وتحريم الطيبات ) .(3وقال الرازي :اعلم أن أمر الشيطان ووسوسته
عبارة عن هذه الخواطر التي نجدها في أنفسنا ،وقد اختلف الناس في هذه
الخواطر من وجوه:
][140
أحدها :اختلفوا في ماهياتها ،فقال بعض :إنها حروف وأصوات خفية ،قالت
الفلسفة ) :(1إنها تصورات الحروف والصوات وأشباهها وتخيلتها
على مثال الصور المنطبعة في المرايا فان تلك الصور تشبه تلك الشياء
من بعض الوجوه وإن لم تكن مشابهة لها من كل الوجوه ،ولقائل أن
يقول :صور هذه الحروف وتخيلتها هل تشبه هذه الحروف في كونها
حروفا أو ل تشبهها ؟ فان كان الول فتصور ) (2الحروف حروف ،فعاد
القول إلى أن هذه الخواطر أصوات وحروف خفية ،وإن كان الثاني لم يكن
تصورات هذه الحروف حروفا لكني أجد من نفسي هذه الحروف
والصوات مترتبة منتظمة على حسب انتطامها في الخارج والعربي ل
يتكلم في قلبه إل بالعربية ،وكذا العجمي ) ،(3وتصورات هذه الحروف
وتعاقبها وتواليها في الخارج ) ،(4فثبت أنها في أنفسها حروف وأصوات
خفية .وثانيها :أن فاعل هذه الخواطر من هو ؟ أما على أصلنا أن خالق )
(5الحوادث بأسرها هو ال تعالى فالمر ظاهر .وأما على أصل المعتزلة
فهم ل يقولون بذلك .وأيضا فان المتكلم عندهم من فعل الكلم ،فلو كان
فاعل هذه الخواطر هو ال تعالى وفيها ما يكون كذبا ) (6لزم كون ال
تعالى موصوفا بذلك تعالى ال عنه .ول يمكن أن يقال أن فاعلها هو العبد،
لن العبد قد يكره حصول تلك الخواطر ويحتال في دفعها عن نفسه ،مع
أنها البتة ل يندفع بل ينجر البعض إلى البعض على سبيل التصال ،فإذا ل
بد ههنا من شئ آخر ،وهو إما الملك وإما الشيطان ،فلعلهما متكلمان بهذا
) (1في المصدر :وقال الفلسفة (2) .في المصدر :فصور الحروف (3) .في
المصدر :وكذا العجمي (4) .في المصدر :وتواليها ل يكون ال على
مطابقة تعاقبها وتواليها في الخارج (5) .في المصدر :وهو ان خالق) .
(6في المصدر :كذبا وسخفا.
][141
الكلم في أقصى الدماغ ،أو في أقصى القلب ،حتى أن النسان وإن كان في غاية
الصمم فانه يسمع هذه الحروف والصوات .ثم إن قلنا :بأن الشيطان
والملك ذوات قائمة بأنفسها غير متحيزة البتة لم يبعد كونها قادرة على
مثل هذه الفعال ،وإن قلنا :بأنها أجسام لطيفة لم يبعد أيضا أن يقال :إنها
وإن كانت ل تتولج بواطن البشر إل أنهم يقدرون على إيصال هذا الكلم
إلى بواطن البشر .ول يبعد أيضا أن يقال :إنها لغاية لطافتها يقدر على
النفوذ في مضائق بواطن البشر ومخارق جسمه ،وتوصل الكلم إلى قلبه
ودماغه ،ثم إنها مع لطافتها تكون مستحكمة التركيب بحيث يكون اتصال
بعض أجزائه بالبعض اتصال ل ينفصل ،فل جرم ل يقتضي نفوذها في هذه
المضائق والمخارق انفصالها وتفرق أجزائها ،وكل هذه الحتمالت مما ل
دليل على فسادها ،والمر في معرفة حقائقها عند ال تعالى ،ومما يدل
على إثبات إلهام الملئكة بالخير قوله تعالى " :إذ يوحي ربك إلى الملئكة
أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ) " (1أي ألهموهم بالثبات ) ،(2ويدل عليه
من الخبار قوله صلى ال عليه وآله " :للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة
" .وفي الحديث أيضا " :إذا ولد المولود لبني آدم قرن إبليس به شيطانا
وقرن ال به ملكا فالشيطان جاثم على اذن قلبه اليسر ،والملك قائم )(3
على اذن قلبه اليمن فهما يدعوانه " .ومن الصوفية والفلسفة من فسر
الملك الداعي إلى الخير بالقوة العقلية ،وفسر الشيطان الداعي إلى الشر
بالقوة الشهوانية والغضبية ،ودلت الية على أن الشيطان ل يأمر إل
بالقبائح لن ال تعالى ذكره بكلمة إنما وهي للحصر ،وقال بعض العارفين:
إن الشيطان قد يدعو إلى الخير لكن لغرض أن يجره منه إلى الشر ،وذلك
إلى
) (1النفال (2) .12 :في المصدر :بالثبات وشجعوهم على اعدائهم (3) .في
المصدر :والملك جاثم.
][142
أنواع :إما أن يجره من الفضل إلى الفاضل السهل أو من السهل إلى الفضل الشق
) (1ليصير ازدياد المشقة سببا لحصول النفرة عن الطاعة بالكلية ).(2
وقال في قوله تعالى " :إن الشيطان يعدكم الفقر " اختلفوا في الشيطان
فقيل :إبليس ،وقيل :سائر الشياطين ،وقيل :شياطين الجن والنس ،وقيل:
النفس المارة بالسوء ،والوعد يستعمل في الخير والشر ،ويمكن أن يكون
هذا محمول على التهكم وقد مر الكلم في حقيقة الوسوسة في تفسير
الستعاذة .وروى ابن مسعود أن للشيطان لمة وهي اليعاد بالشر ،وللملك
لمة وهي الوعد بالخير ،فمن وجد ذلك فليعلم أنه من ال ،ومن وجد الول
فليتعوذ بال من الشيطان الرجيم ،وقرأ هذه الية ،وروى الحسن قال بعض
المهاجرين :من سره أن يعلم مكان الشيطان منه فليتأمل موضعه من
المكان الذي منه يجد الرغبة في فعل المنكر .والفحشاء :البخل ،والفاحش
عند العرب :البخل ) (3وقال في قوله تعالى " :إل كما يقوم الذي يتخبطه
الشيطان من المس " التخبط معناه التصرف على غير استواء وتخبطه
الشيطان :إذا مسه بخبل أو جنون ،وتسمى إصابة الشيطان بالجنون ،و
الخبل :خبطة ،والمس :الجنون ،يقال :مس الرجل فهو ممسوس وبه مس،
وأصله من المس باليد ،كأن الشيطان يمس النسان فيجننه ،ثم سمي
الجنون مسا كما أن الشيطان يتخبطه ويطأه برجله فيخبله ،فسمي الجنون
خبطة ،فالتخبط بالرجل والمس باليد .وقال الجبائي :والناس يقولون:
المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لن الشيطان يمسه ويصرعه ،وهذا
باطل لن قدرة الشيطان ضعيفة ) (4ل يقدر على صرع
) (1في المصدر :اما ان يجره من الفضل إلى الفاضل ليتمكن من ان يخرجه من
الفاضل إلى الشر ،واما ان يجره من الفاضل السهل إلى الفضل الشق.
) (2تفسير الرازي 4 :5و ) 5ط مصر بالمطبعة البهية( (3) .تفسير
الرازي 68 :7و 69وفيه اختصار (4) .في المصدر :لن الشيطان
ضعيف(*) .
][143
الناس وقتلهم ،ويدل عليه وجوه :أحدها :قوله تعالى حكاية عن الشيطان " :وما
كان لي عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي " وهذا صريح في
أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والقتل واليذاء .والثاني :أن الشيطان
إما أن يقال :إنه كثيف الجسم أو يقال :إنه من الجسام اللطيفة ،فان كان
الول وجب أن يرى ويشاهد ،إذ لو جاز فيه أن يكون كثيفا ويحضر ثم ل
يرى لجاز أن يكون بحضرتنا شموس ورعود وبروق وجبال ونحن ل
نراها ،وذلك جهالة عظيمة ،ولنه لو كان جسما كثيفا فكيف يمكنه أن
يدخل في باطن بدن النسان ،وأما إن كان جسما لطيفا كالهواء فمثل هذا
يمتنع أن تكون فيه صلبة وقوة فيمتنع أن يكون قادرا على أن يصرع
النسان ويقتله .الثالث :لو كان الشيطان يقدر على أن يصرع النسان
فيقتله لصح أن يفعل مثل معجزات النبياء وذلك يجر الطعن في النبوة.
الرابع :أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم ل يصرع جميع المؤمنين ول
يخبطهم ) (1من شدة عداوته مع أهل اليمان ؟ ولم ل يغصب أموالهم
ويفسد أحوالهم ويفشي أسرارهم ويزيل عقولهم ؟ وكل ذلك ظاهر الفساد.
واحتج القائلون بأن الشيطان يقدر على هذه الشيآء بوجهين :الول :ما
روي أن الشياطين في زمان سليمان عليه السلم كانوا يعملون العمال
الشاقة على ما حكى ال عنهم :إنهم كانوا " يعملون له ما يشآء من
محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " والجواب عنه أنه
تعالى كثف ) (2أجسامهم في زمان سليمان عليه السلم .والثاني :أن هذه
الية وهي قوله تعالى " :يتخبطه الشيطان من المس " صريح في أن
تخبطه كان من الشيطان ومسه مسببا ) (3عنه.
) (1في المصدر :لم ل يخبطهم (2) .في المصدر :انه كلفهم (3) .في المصدر:
صريح في أن يتخبطه الشيطان بسبب مسه.
][144
والجواب عنه :أن الشيطان يمسه بالوسوسة الموذية التي يحدث عندها الصرع
وهو كقول أيوب " إني مسني الشيطان بنصب وعذاب " وإنما يحدث
الصرع عند تلك الوسوسة ،فل جرم فيصرع عند تلك الوسوسة ) (1كما
يفزع الجبان من الموضع الخالي وبهذا المعنى ) (2ل يوجد هذا الخبط من
الفضلء الكاملين وأهل الحزم والعقل ،وإنما يوجد فيمن به نقص في
المزاج وخلل في الدماغ ،وهذا جملة كلم الجبائي في هذا الباب .وذكر
القفال وجها آخر فيه ،وهو أن الناس يضيفون الصرع إلى الشيطان وإلى
الجن فخوطبوا على ما تعارفوه من هذا .وأيضا من عادة الناس أنهم إذا
أرادوا تقبيح شئ يضيفوه إلى الشيطان كما في قوله تعالى " :طلعها كأنه
رؤوس الشياطين " وقال الطبرسي قدس سره :قيل :إن هذا على وجه
التشبيه ،لن الشيطان ل يصرع النسان على الحقيقة ،ولكن من غلب
عليه المرة السوداء وضعف ) (3ربما يخيل إليه الشيطان امورا هائلة
ويوسوس إليه ،فيقع الصرع عند ذلك من فعل ال تعالى ،ونسب ذلك إلى
الشيطان مجازا لما كان ذلك عند وسوسته عن الجبائي .وقيل :يجوز أن
يكون الصرع من فعل الشيطان في بعض الناس دون بعض عن أبي الهذيل
وابن الخشيد ،قال :لن الظاهر من القرآن يشهد به وليس في العقل ما
يمنع منه ول يمنع ال سبحانه الشيطان عنه امتحانا لبعض الناس وعقوبة
لبعض على ذنب ألم به ولم يتب منه كما يسلط بعض الناس على بعض
فيظلمه ويأخذ ماله ول يمنعه ال منه ).(4
) (1في المصدر :وانما يحدث الصرع عند تلك الوسوسة لن ال تعالى خلقه من
ضعف الطباع وغلبة السوداء عليه بحيث عند الوسوسة فل يجترئ
فيصرع عند تلك الوسوسة (2) .في المصدر :ولهذا المعنى (3) .في
المصدر :أو ضعف عقله (4) .مجمع البيان .389 :2
][145
" واني اعيذهخا بك " قال البيضاوي :اجيرها بحفظك " الرجيم " :المطرود،
وأصل الرجم :الرمي بالحجارة ،وعن النبي صلى ال عليه وآله " :ما من
مولود يولد إل والشيطان يمسه حين يولد فيستهل من مسه إل مريم وابنها
" ومعناه أن الشيطان يطمع في اغواء كل مولود بحيث يتأثر منه إل مريم
وابنها ،فان ال تعالى عصمها ) (1ببركة هذه الستعاذة ) " .(2إنما ذلك
الشيطان يخوف " قال الرازي :قوله " :الشيطان " خبر " ذلكم " بمعنى
إنما ذلكم المثبط هو الشيطان " يخوف أولياء " ،جملة مستأنفة بيان
لشيطنته أو الشيطان صفة لسم الشارة ،ويخوف الخبر ،والمراد
بالشيطان الركب ،وقيل :نعيم بن مسعود وسمي شيطانا لعتوة وتمرده في
الكفر ،كقوله " :شياطين النس والجن " وقيل :هو الشيطان يخوف
أولياءه بالوسوسة ) .(3وقال في قوله سبحانه " :إن كيد الشيطان كان
ضعيفا " لن ال ينصر أولياءه والشيطان ينصر أولياءه ،ول شك أن
نصرة الشيطان لوليآئه أضعف من نصرة ال لوليائه أل ترى أن أهل
الخير والدين بقى ذكرهم الحميد على وجه الدهر وإن كانوا حال حياتهم في
غاية الفقر والذلة ،وأما الملوك والجبابرة فإذا ماتوا انقرضوا ) (4ول يبقى
في الدنيا رسمهم ول ظلمهم " والكيد " :السعي في فساد الحال على جهة
الحيلة ،وفائدة إدخال " كان " للتأكيد لضعف كيده ،يعني أنه منذ كان كان
موصوفا بالضعف والذلة ) .(5وقال البيضاوي " :ولول فضل ال عليكم
ورحمته " بارسال الرسول وإنزال الكتاب " لتبعتم الشيطان " بالكفر
والضلل " إل قليل " إل قليل منكم تفضل ال عليه بعقل راجح اهتدى به
إلى الحق والصواب وعصمه عن متابعة الشيطان ،كزيد بن نفيل
) (1في المصدر :عصمهما (2) .انوار التنزيل (3) .203 :1تفسير الرازي :9
(4) .102في المصدر :انقرض أثرهم (5) .تفسير الرازي .184 :10
][146
وورقة بن نوفل ،أو إل اتباعا قليل على الندور ) .(1وقال في قوله سبحانه " :إن
يدعون من دونه إل إناثا " يعني اللت والعزى مناة ونحوها ،كان لكل حي
صنم يعبدونه ويسمونه انثى بني فلن ،وذلك إما لتأنيث أسمائها ،أو لنها
كانت جمادات ،والجمادات تؤنث من حيث أنها ضاهت الناث ل نفعا لها،
ولعله تعالى ذكرها بهذا السم تنبيها على أنهم يعبدون ما يسمونه إناثا
لنه ينفعل ول يفعل ،ومن حق المعبود أن يكون فاعل غير منفعل ،ليكون
دليل على تناهي جهلهم وفرط حماقتهم .وقيل :المراد الملئكة لقولهم:
بنات ال " وإن يدعون " وإن يعبدون بعبادتها " إل شيطانا مريدا " لنه
الذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها ،فكان طاعته في ذلك عبادة له،
والمارد والمريد :الذي ل يعلق بخير ،وأصل التركيب للملبسة ،ومنه
صرح ممرد ،وغلم أمرد .وشجرة مردآء للتي تناثر ورقها " لعنه ال "
صفة ثانية للشيطان " وقال لتخذن من عبادك نصيبا مفروضا " عطف
عليه ،أي شيطانا مريدا جامعا بين لعنة ال وهذا القول الدال على فرط
عداوته للناس .ولضلنهم " عن الحق " ولمنينهم " الماني الباطلة
كطول ) (2البقاء وأن ل بعث ول عقاب " ولمرنهم فليبتكن آذان النعام "
يشقونها لتحريم ما أحله ال وهي عبارة عما كانت العرب تفعل بالبحائر )
(3والسوائب ،وإشارة إلى تحريم كل ما أحل ال ونقص كل ما خلق كامل
بالفعل أو بالقوة " ولمرنهم فليغيرن خلق ال " عن وجهه صورة أو
صفة ،ويندرج فيه ما قيل :من فق ء عين الحامي وخصاء العبيد والوشر
والوشم ) (4واللواط والسحق ونحو ذلك ،وعبادة الشمس والقمر ،وتغيير
فطرة ال
) (1انوار التنزيل (2) .291 :1في المصدر :كطول الحياة (3) .البحائر جمع
البحيرة أي مشقوق الذان كما كانت العرب تفعلها في الجاهلية بانعامهم.
) (4الوشم :غرز البره في البدن وذر النيل عليه .يقال له بالفارسية:
خال كوبى .والوشر :تحديد السنان وترقيقها.
][147
التي هي السلم ،واستعمال الجوارح والقوى فيما ل يعود على النفس كمال ول
يوجب لها من ال زلفا ،وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا ،لكن الفقهاء
رخصوا في خصاء البهائم للحاجة ،والجمل الربع حكاية عما ذكره
الشيطان نطقا أو أتاه فعل " .ومن يتخذ الشيطان وليا من دون ال "
بايثاره ما يدعوه إليه على ما أمره ال به ومجاوزته عن طاعة ال إلى
طاعته " فقد خسر خسرانا مبينا " إذ ضيع رأس ماله وبدل مكانه من
الجنة بمكان من النار " يعدهم " ما ل ينجز " ويمنيهم " ما ل ينالون "
وما يعدهم الشيطان إل غرورا " وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر ،وهذا
الوعد إما بالخواطر الفاسدة أو بلسان أوليائه " ول يجدون عنها محيصا
" معدل ومهربا ) .(1وقال الرازي بعد إيراد كلم المفسرين :ويخطر ببالي
ههنا وجه آخر في تخريج الية على سبيل المعنى وذلك لن دخول الضرر
والمرض في الشئ يكون على ثلثة أوجه :التشوش ،والنقصان،
والبطلن ،فادعى الشيطان إلقاء أكثر الخلق في مرض الدين وضرر الدين
وهو قوله " :ولمنينهم " ثم إن هذا المرض لبد وأن يكون على أحد
العلل الثلثة التي ذكرناها وهي التشوش والنقصان والبطلن .فأما
التشوش فالشارة إليه بقوله " :ولمنينهم " وذلك لن صاحب الماني
يستعمل عقله وفكره في استخراج المعاني الدقيقة والحيل والوسائل
اللطيفة في تحصيل المطالب الشهوانية والغضبية ،فهذا مرض روحاني
من جنس التشوش .وأما النقصان فالشارة إليه بقوله " :ولمرنهم
فليبتكن آذان النعام " وذلك لن بتك الذان نوع من النقصان ،وهذا لن
النسان إذا صار بحيث يستغرق العقل في طلب الدنيا صار فاتر الرأي
ضعيف الحزم في طلب الخرة .وأما البطلن فالشارة بقوله " :فليغيرن
خلق ال " وذلك لن التغيير ) (2يوجب بطلن الصفة الحاصلة في المرة
الولى ،ومن المعلوم أن من بقي مواظبا على طلب اللذات العاجلة معرضا
عن السعادات الروحانية فل يزال يشتد في قلبه الرغبة في الدنيا
) (1انوار التنزيل 303 :1و (2) .304في المصدر :التغيير.
][148
والنفرة عن الخرة ،ول يزال تتزايد هذه الحوال إلى أن يتغير القلب بالكلية فل
يخطر بباله ذكر الخرة البتة ،ول يزول عن خاطره حب الدنيا البتة فتكون
حركته وسكونه وقوله ) (1لجل الدنيا ،وذلك يوجب تغير الخلقة ) ،(2لن
الرواح البشرية إنما دخلت هذا العالم الجسماني على سبيل السفر وهي
متوجهة إلى عالم القيامة .فإذا نسيت معادها وألفت هذه المحسوسات التي
ل بد من انقضائها وفنائها كان هذا بالحقيقة تغير الخلقة ) ،(3وهو كما قال
تعالى " :ول تكونوا كالذين نسوا ال فأنساهم أنفسهم " وقال " :فإنها ل
تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " ) .(4وقال في قوله
تعالى " :إنما يريد الشيطان " الخ أما وجه العداوة في الخمر فان الظاهر
فيمن يشربها أنه يشربها مع جماعة ويكون غرضه من ذلك الشرب أن
يستأنس برفقائه ويفرح بمحادثتهم ومكالمتهم ،وكان غرضه من ذلك
الجتماع تأكيد اللفة والمحبة إل أن ذلك ينقلب في الغلب إلى الضد ،لن
الخمر تزيل العقل وإذا زال العقل استولت الشهوة والغضب من غير مدافعة
العقل ،وعند استيلئهما تحصل المنازعة بين اولئك الحباب ،وتلك
المنازعة ربما أدت إلى الضرب والقتل والمشافهة بالفحش وذلك يوجب
أشد ) (5العداوة والبغضاء ) .(6وأما الميسر ففيه بازاء التوسعة على
المحتاجين الجحاف بأرباب الموال ،لن .من صار مغلوبا في القمار مرة
دعاه ذلك إلى اللجاج فيه على رجاء أنه ربما صار غالبا
) (1في المصدر :وقوله وفعله (2) .في المصدر :تغيير اللخلقة (3) .في المصدر:
تغييرا للخلقة (4) .تفسير الرازي 49 :11و (5) .50في المصدر:
يورث (6) .زاد في المصدر :فالشيطان يسول ان الجتماع على الشرب
يوجب تأكيد اللفة والمحبة ،وبالخرة انقلب المر وحصلت نهاية العداوة
والبغضاء.
][149
فيه ،وقد يتفق أن ل يحصل له ذلك إلى أن ل يبقى له شئ من المال وإلى أن يقامر
على لحيته وأهله وولده ،ول شك أنه يبقى بعد ذلك فقيرا مسكينا ويصير
من أعدى العداء لولئك الذين كانوا غالبين له ،فظهر أن الخمر والميسر
سببان عظيمان في إثارة العداوة والبغضاء بين الناس ،ول شك أن شدة
العداوة والبغضاء تفضي إلى أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن
وكل ذلك مضار لمصالح العالم .وأشار إلى المفاسد الدينية بقوله تعالى" :
ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة ) .(1قوله " :وكذلك جعلنا لكل نبي
عدوا " قيل :المراد كما أمرناك بعداوة قومك من المشركين فقد أمرنا من
قبلك بمعاداة أعدائهم من الجن والنس ،ومتى أمر ال رسوله بسعادة قوم
من المشركين فقد جعلهم أعداء له .وقيل :معناه حكمنا بأنهم أعداء
وأخبرنا بذلك ليعاملوهم معاملة العداء في الحتراز عنهم .وقيل :أي خلينا
بينهم وبين اختيارهم العداوة لم نمنعهم من ذلك جبرا .وقيل :إنه سبحانه
لما أرسل إليهم الرسل وأمرهم بدعائهم إلى السلم وخلع النداد نصبوا
عند ذلك العداوة لنبيائه ،فلذا أضاف تعالى إلى نفسه والمراد بشياطين
النس والجن مردة الكفار من الفريقين .وقيل :إن شياطين النس الذين
يغوونهم ،وشياطين الجن الذين هم من ولد إبليس .وقال الطبرسي رحمه
ال :في تفسير الكلبي عن ابن عباس :ان إبليس جعل جنده فريقين فبعث
فريقا منهم إلى النس ،وفريقا إلي الجن ،فشياطين النس والجن أعداء
الرسل والمؤمنين ،فتلقى ) (2شياطين النس وشياطين الجن في كل حين
فيقول بعضهم لبعض :أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثلها ،فكذلك
يوحي بعضهم إلى بعض،
][150
وروي عن أبي جعفر عليه السلم أيضا أنه قال :إن الشياطين يلقى بعضهم بعضا
فيلقي إليه ما يغوي به الخلق حتى يتعلم بعضهم من بعض " يوحي " أي
يوسوس ويلقي خفية " زخرف القول " أي المموه المزين الذي يستحسن
ظاهره ول حقيقة له ول أصل " غرورا " أي يغرونهم بذلك غرورا أو
ليغروهم بذلك ) .(1وقال الرازي :اعلم أنه ل يجب أن يكون كل معصية
تصدر عن إنسان فانها تكون بسبب وسوسة شيطان ،وإل لزم التسلسل أو
الدور ) ،(2فوجب العتراف بانتهاء هذه القبائح والمعاصي إلى قبيح أول
ومعصية سابقة حصلت ل بوسوسة شيطان آخر ،إذا ثبت هذا فنقول :إن
اولئك الشياطين كما أنهم يلقون الوساوس إلى النس والجن فقد يوسوس
بعضهم بعضا ،وللناس فيه مذاهب :منهم من قال :الرواح إما فلكية وإما
أرضية ،والرواح الرضية منها طيبة طاهرة ) ،(3ومنها خبيثة قذرة
شريرة تأمر بالمعاصي والقبائح وهم الشياطين .ثم إن تلك الرواح الطيبة
كما أنها تأمر الناس بالطاعات والخيرات فكذلك قد يأمر بعضهم بعضا
بالطاعات ،والرواح الخبيثة كما أنها تأمر الناس بالقبائح والمنكرات
فكذلك قد يأمر بعضهم بعضا بتك القبائح والزيادة فيها ،وما لم يحصل نوع
من أنواع المناسبة بين النفوس البشرية وبين تلك الرواح لم يحصل ذلك
النضمام بالنفوس البشرية وإذا كانت طاهرة نقية عن الصفات الذميمة
كانت في جنس الرواح الخبيثة فتنتظم ) (4إليها.
) (1مجمع البيان (2) .352 :4في المصدر :وال لزم دخول التسلسل أو الدور في
هؤلء الشياطين (3) .في المصدر :طاهرة خيرة ،آمرة بالطاعة والفعال
الحسنة وهم الملئكة الرضية ) (4هكذا في المصدر المطبوع
والمخطوط ،والصحيح كما في المصدر :فالنفوس البشرية إذا كانت
طاهرة نقية عن الصفات الذميمة كانت من جنس الرواح الطاهرة فتنضم
إليها ،وإذا كانت خبيثة موصوفة بالصفات الذميمة كانت من جنس
الرواح الخبيثة فتنضم إليها ثم ان صفات الطهارة.
][151
ثم إن صفات الطهر كثيرة وصفات النقص والخسران ) (1كثيرة وبحسب كل نوع
منها طوائف من البشر وطوائف من الرواح الرضية .وبحسب تلك
المجانسة والمشابهة والمشاكلة ينضم الجنس إلى جنسه ،فان كان ذلك في
أفعال الخير كان الحاصل ) (2عليها ملكا ،وكان تقوية ذلك الخاطر إلهاما،
وإن كان في باب الشر كان الحاصل ) (3عليها شيطانا ،وكان تقوية ذلك
الخاطر وسوسة ،و يقال ) :(4فلن يزخرف كلمه :إذا زينه بالباطل
والكذب ،وكل شئ حسن مموه فهو مزخرف .وتحقيقه :أن النسان ما لم
يعتقد في أمر من المور كونه مشتمل على خير راجح ونفع زائد فانه ل
يرغب فيه ،ولذلك سمي الفاعل المختار مختارا لكونه طالبا للخير والنفع،
ثم إن كان هذا العتقاد مطابقا للمعتقد فهو الحق والصدق واللهام وإن
كان صادرا من الملك ،وإن لم يكن مطابقا للمعتقد فحينئذ يكون ظاهره
مزينا لنه في اعتقاده سبب للنفع الزائد والصلح الراجح ويكون باطنه
فاسدا لن هذا العتقاد غير مطابق للمعتقد فكان مزخرفا ) .(5قوله تعالى:
" وإن الشياطين " قال الطبرسي قدس سره :يعني علماء الكافرين
ورؤوساءهم المتمردين في كفرهم " ليوحون " أي يوحون ويشيرون "
إلى أوليائهم " الذين اتبعوهم من الكفار " ليجادلوكم " في استحلل
الميتة ،وقال ابن عباس ،معناه وإن الشياطين من الجن وهم إبليس
وجنوده ليوحون إلى أوليائهم من النس والوحي :إلقاء
) (1في المصدر :وصفات الخبث والنقصان 2) .و (3في المصدر :الحامل عليها) .
(3اختصره المصنف وتمامه :إذا عرفت هذا الصل فنقول :انه تعالى
عبر من هذه الحالة المذكورة بقوله] :يوحى بعضهم إلى بعض زخرف
القول غرورا[ فيجب علينا تفسير الفاظ ثلثة :الول الوحى وهو عبارة
عن اليماء والقول السريع .والثانى الزخرف وهو الذى يكون باطنه
باطل ،وظاهره مزينا ظاهرا يقال (5) :تفسير الرازي 154 :13و .155
][152
المعنى إلى النفس من وجه خفي ،وهم يلقون الوسوسة إلى قلوب أهل الشرك ).(1
قوله " :فبما أغويتني " قيل :أي خيبتني من رحمتك وجنتك ،وقيل :أي
صرت سببا لغوايتي بأن أمرتني بالسجود لدم فغويت عنده ،وقيل :أي
أهلكتني بلعنك إياي ،وقيل :هذا جري على اعتقاد إبليس فانه كان مجبرا "
لقعدن لهم " أي أرصد لهم لقطع سبيلهم " صراطك المستقيم " أي دين
الحق أو العم ،وهو منصوب على الظرفية ،وقيل :تقديره على صراطك "
ثم لتينهم من بين أيديهم " الخ أي من جميع الجهات ،وبأي وجه أمكنه.
وقيل :من جهة دنياهم وآخرتهم ومن جهة حسناتهم وسيآتهم عن ابن
عباس وغيره .وحاصله :إني ازين لهم الدنيا واخوفهم بالفقر وأقول لهم:
ل جنة ول نار ول بعث ول حساب واثبطهم عن الحسنات وأشغلهم عنها
واحبب إليهم السيآت وأحثهم عليها ،قال ابن عباس ،وإنما لم يقل :ومن
فوقهم ،لن فوقهم جهة نزول الرحمة من السماء ،فل سبيل له إلى ذلك،
ولم يقل :من تحت أرجلهم لن التيان منه موحش .وقيل " :من بين
أيديهم وعن أيمانهم " من حيث يبصرون " ،ومن خلفهم وعن شمائلهم "
من حيث ل يبصرون ،وروي عن أبي جعفر عليه السلم قال " :ثم لتينهم
من بين أيديهم " معناه أهون عليهم أمر الخرة " ومن خلفهم " آمرهم
بجمع الموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم " وعن أيمانهم "
افسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضللة وتحسين الشبهة " وعن شمائلهم
" بتحبيب اللذات إليهم وتغليب الشهوات على قلوبهم ) .(2وقال
البيضاوي " :من بين أيديهم " من حيث يعلمون ويقدرون على التحرز
) (1مجمع البيان (2) .358 :4الظاهر انه يتم إلى ههنا كلم ابى جعفر عليه
السلم ،وذكر القوال والرواية الطبرسي في مجمع البيان .404 :4
][153
عنه " ومن خلفهم " من حيث ل يعلمون ول يقدرون " وعن أيمانهم وعن
شمائلهم " من حيث يتيسر لهم أن يعلموا أو يتحرزوا ،ولكن لم يفعلوا
لعدم تيقظهم و احتياطهم ،وإنما عدى الفعل إلى الولين بحرف البتداء لنه
منهما متوجه إليهم وإلى الخرين بحرف المجاوزة لن التي منهما
كالمنحرف عنهم المار على عرضهم ،ونظيره قولهم :جلست عن يمينه "
ول تجد أكثرهم شاكرين " مطيعين ،وإنما قاله ظنا لقوله " :ولقد صدق
عليهم إبليس ظنه " لما رأى مبدأ الشر فيهم متعددا ومبدأ الخير واحدا،
وقيل :سمعه من الملئكة " مذؤما " أي مذموما " مدحورا " مطرودا )
.(1وقال الرازي بعد ذكر بعض هذه الوجوه :أما حكماء السلم فقد ذكروا
فيها وجوها اخرى :أولها :وهو الشرف القوى أن في البدن قوى أربعا
هي الموجبة لفوات السعادات الروحانية :فاحداها القوة الخيالية التي تجمع
فيها صور المحسوسات ومثلها ،وهي موضوعة في البطن المقدم من
الدماغ ،وصور المحسوسات إنما ترد عليها من مقدمها ،وإليه الشارة
بقوله " :من بين أيديهم " والقوة الثانية القوة الوهمية التي تحكم في
غير المحسوسات بالحكام المناسة للمحسوسات ،وهي موضوعة في
البطن المؤخر من الدماغ وإليه الشارة بقوله " :ومن خلفهم " والقوة
الثالثة الشهوة ،وهي موضوعة في الكبد وهي يمين ) (2البدن ،والقوة
الرابعة الغضب ،وهي موضوعة في البطن اليسر من القلب فهذه القوى
الربع هي التي تتولد منها أحوال توجب زوال السعادة الروحانية،
والشياطين الخارجية ما لم تستعن بشئ من هذه القوى الربع لم يقدر على
إلقآء الوسوسة ،فهذا هو السبب في تعيين الجهات الربع وهو وجه
حقيقي شريف.
) (1انوار التنزيل (2) .417 :1في المصدر :وهى من يمين البدن.
][154
وثانيها :أن قوله " لتينهم من بين أيديهم " المراد منه الشبهات المبنية على
التشبيه ،إما في الذات والصفات مثل شبه المجسمة ،وإما في الفعال مثل
شبه المعتزلة في التعديل والتخويف والتحسين والتقبيح " ومن خلفهم "
المراد منه الشبهات الناشئة من التعطيل .أما الول :فلن النسان يشاهد
هذه الجسمانيات وأحوالها وهي حاضرة بين يديه فيعتقد أن الغائب يجب
أن يكون مساويا لهذا الشاهد ،وهذا يوجب أن يكون " من خلفهم " كناية
عن التعليل لنه خلفه ،وأما قوله " :عن أيمانهم " فالمراد به الترغيب
في ترك المأمورات " وعن شمائلهم " الترغيب في ترك المنهيات ).(1
وثالثها :نقل عن شقيق أنه قال :ما من صباح إل ويأتيني الشيطان من
الجهات الربع :من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي :أما بين
يدي فيقول :ل تخف فان ال غفور رحيم ،فأقرأ " :وإني لغفار لمن تاب
وآمن وعمل صالحا ) " (2وأما من خلفي فيخوفني من وقوع أولدي في
الفقر فأقرأ " وما من دابة في الرض إل على ال رزقها ) " (3وأما قبل
يميني فيأتني من قبل النساء ) (4فأقرأ " والعاقبة للمتقين ) " (5وأما من
قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فأقرأ " وحيل بينهم وبين ما
يشتهون ) " (6ثم قال :فالغرض منه أنه يبالغ في إلقاء الوسوسة ول
يقصر في وجه من الوجوه الممكنة .وعن رسول ال صلى ال عليه وآله
أنه قال :إن الشيطان قعد لبن آدم بطريق السلم فقال له :تدع دين آبائك:
فعصاه فأسلم ،ثم قعد له بطريق الهجرة فقال له :تدع ديارك وتتغرب ؟
فعصاه وهاجر ،ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له :تقاتل فتقتل فيقسم مالك
وتنكح
) (1في المصدر :في فعل المنهيات (2) .طه (3) .82 :هود (4) .6 :في المصدر:
من قبل الثناء (5) .القصص (6) .83 :سبأ.54 :
][155
امرأتك ؟ فعصاه فقاتل .فهذا الخبر يدل على أن الشيطان ل يترك جهة من جهات
الوسوسة إل ويلقيها في القلب .فان قيل :فلم لم يذكر من فوقهم ومن
تحتهم ؟ قلنا :أما في التحقيق فقد ذكرنا أن القوى التي يتولد منها ما
يوجب تفوت ) (1السعادات الروحانية فهي موضوعة في هذه الجوانب
الربعة .وأما في الظاهر فيروى أن الشيطان لما قال هذا الكلم :رقت قلوب
الملئكة على البشر فقالوا :يا إلهنا كيف يتخلص النسان من الشيطان مع
كونه مستوليا عليه من هذه الجهات الربع ؟ فأوحى ال تعالى إليهم إنه
بقي للنسان جهتان :الفوق والتحت ،فإذا رفع يديه إلى فوق في الدعاء
على سبيل الخضوع أو وضع جبهته على الرض على سبيل الخشوع
غفرت له ذنب سبعين سنة .وقال في نكتة التعدية " بمن " في الولين "
وبعن " في الخرين :قد ذكرنا ) (2أن المراد من قوله " :من بين أيديهم
ومن خلفهم " الخيال والوهم ،والضرر الناشي منهما هو حصول العقائد
الباطلة وهو الكفر ،ومن قوله " :عن أيمانهم وعن شمائلهم " الشهوة
والغضب وذلك هو المعصية ،ول شك أن الضرر الحاصل من الكفر لزم
لن عقابه دائم ،وأما الضرر الحاصل من المعصية فسهل لن عقابه
منقطع ،فلهذا السبب خص هذين القسمين بكلمة " عن " تنبيها على أن
هذين القسمين في اللزوم والتصال دون القسم الول .وقال في وجه
معرفة إبليس كون أكثرهم غير شاكرين :إنه جعل للنفس تسع )(3
) (1في المصدر :تفويت (2) .وقد ذكر قبل ذلك انه إذا قيل :جلس عن يمينه ،معناه
انه جلس متجافيا عن صاحب اليمين غير ملتصق به (3) .وذكر وجوها
اخرى لذلك منها انه رآه في اللوح المحفوظ ،ومنها انه قال على سبيل
الظن.
][156
عشر قوة ،وكلها تدعو النفس إلى اللذات الجسمانية والطيبات الشهوانية ،فعشرة
منها الحواس الظاهرة والباطنة ،واثنان :الشهوة والغضب ،وسبعة هي
القوى الكامنة وهي الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية
والنامية والمولدة ؟ فمجموعها تسعة عشر ،وهي بأسرها تدعو النفس إلى
عالم الجسم وترغبها في طلب اللذات البدنية وأما العقل فهو قوة واحدة
وهي التي تدعو النفس إلى عبادة ال تعالى وطلب السعادة الروحانية ،ول
شك أن استيلء تسع عشر قوة أكمل من استيلء القوة الواحدة ) .(1قوله
تعالى " :إنه يراكم هو وقبيله " قال الطبرسي رحمه ال أي نسله ،يدل
عليه قوله " :أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " وقيل :جنوده وأتباعه
من الجن والشياطين " من حيث ل ترونهم " قال ابن عباس :إن ال تعالى
جعلهم يجرون من بني آدم مجرى الدم ،وصدور بني آدم مساكن لهم ،كما
قال " :الذي يوسوس في صدور الناس " فهم يرون بنى آدم وبنو آدم ل
يرونهم ) ،(2وإنما ل يراهم البشر لن أجسامهم شفافة لطيفة يحتاج في
رؤيتها إلى فضل شعاع .وقال أبو بكر بن الخشيد وأبو الهذيل :يجوز أن
يمكنهم ال سبحانه فيتكثفوا فيراهم حينئذ من يحضرهم ،وإليه ذهب علي
بن عيسى ،وقال :إنهم ممكنون من ذلك وهو الذي نصره الشيخ المفيد أبو
عبد ال ،قال الشيخ أبو جعفر قدس ال روحه :وهو القوى عندي ،وقال
الجبائي :ل يجوز أن يرى الشياطين والجن لن ال تعالى قال " :ل
ترونهم " وإنما يجوز أن يروا في زمن النبياء عليهم السلم بأن يكثف
ال أجسادهم علما ) (3للنبياء كما يجوز أن يرى الناس الملئكة في زمن
النبياء " إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين ل يؤمنون " أي حكمنا بذلك
لنهم يتناصرون على الباطل ) .(4وقال الرازي :قال أصحابنا :إنهم يرون
النسان لنه تعالى خلق في عيونهم
) (1تفسير الرازي (2) .43 - 41 :14إلى هنا ينتهى كلم ابن عباس (3) .في
المصدر :اجسادهم على النبياء (4) .مجمع البيان 409 :4و .410
][157
إدراكا ،والنس ل يرونهم لنه تعالى لم يخلق هذا الدراك في عيون النس ،وقالت
المعتزلة :الوجه في أن النس ل يرون الجن لرقة أجسام الجن )(1
ولطافتها والوجه في رؤية الجن للنس كثافة أجسام النس ،والوجه في
أن يرى بعض الجن بعضا ،أن ال تعالى يقوى شعاع أبصار الجن ويزيد
فيه ،ولو زاد ال في قوة ) (2بصرنا لرأيناهم كما يرى بعضهم بعضا ،ولو
أنه تعالى كثف أجسامهم وبقيت أبصارنا على هذه الحالة لرأيناهم .فعلى
هذا كون النس مبصرا للجن موقوف عند المعتزلة إما على ازدياد كثافة
أجسام الجن ،أو على ازدياد قوة أبصار النس ،وقوله تعالى " :من حيث
ل ترونهم " يدل على أن النس ل يرون الجن ،لن قوله " :من حيث ل
ترونهم " يدل على أن النس ل يرون الجن ،لن قوله " :من حيث ل
ترونهم " يتناول أوقات الستقبال من غير تخصيص ،قال بعض العلماء:
لو قدر الجن على تغير ) (3صور أنفسهم بأي صورة شاؤا أو أرادوا
لوجب أن ترتفع الثقة عن معرفة الناس ،فلعل هذا الذي نشاهده وحكم )(4
عليه بأنه ولدي أو زوجتي جني صور نفسه بصورة ولدي أو زوجتى.
وعلى هذا التقدير يرتفع الوثوق عن معرفة الشخاص ،وأيضا فلو كانوا
قادرين على تخبيط الناس وإزالة العقل مع أنه تعالى بين العداوة الشديدة
بينهم وبين النس فلم ل يفعلون ذلك في حق اكثر البشر وفي حق العلماء
والفاضل والزهاد ؟ لن هذه العداوة بينهم وبين العلماء والزهاد أكثر
وأقوى ،ولما لم يوجد شئ من ذلك ثبت أنه ل قدرة لهم على البشر بوجه
من الوجوه ،ويتأكد هذا بقوله " :ما كان لي عليكم
) (1في المصدر :رقة اجسام الجن (2) .في المصدر :أبصارنا لرأيناهم كما يرى
بعضنا بعضا (3) .في المصدر :على تغيير (4) .في المصدر] :شاؤا
وارادوا[ وفيه :اشاهده واحكم عليه.
][158
من سلطان إل أن دعوتكم فاسستجبتم لي " قال مجاهد :قال إبليس :أعطنا )(1
أربع خصال :نرى ،ول نرى ،ونخرج من تحت الثرى ،ويعود شيخنا فتى )
.(2قوله تعالى " :وإما ينزغنك " قال الطبرسي قدس سره :معناه يا
محمد إن نالك من الشيطان وسوسة في القلب .والنزغ :الزعاج بالغواء
) (3وأكثرها ما يكون ذلك عند الغضب ،وأصله الزعاج بالحركة .وقيل:
النزغ :الفساد ،ومنه " نزغ الشيطان بينى وبين إخوتي " أي أفسد قال
الزجاج :النزغ " أدنى حركة تكون ،ومن الشيطان أدنى وسوسة " فاستعذ
بال " أي سل ال عز اسمه أن يعيذك منه " إنه سميع " للمسموعات "
عليم " بالخفيات .وقيل :سميع لدعائك ،عليم بما عرض لك ،وقيل :النزغ:
أول الوسوسة ،والمس ل يكون إل بعد التمكن ،ولذلك فصل ال سبحانه
بين النبي وغيره فقال للنبي صلى ال عليه وآله " :وإما ينزغنك " وقال
للناس " :إذا مسهم طائف " معناه إذا وسوس إليهم الشيطان وأغراهم
بمعاصيه " تذكروا " ما عليهم من العقاب بذلك فيجتنبونه ويتركونه ،قال
الحسن :يعني إذا طاف عليهم الشيطان بوساوسه ،وقال ابن جبير :هو
الرجل يغضب الغضبة فيتذكر ويكظم غيظه .وقيل :طائف غضب وطيف
جنون .وقيل :معناهما واحد " فإذا هم مبصرون " للرشد " وإخوانهم
يمدونهم في الغي " معناه وإخوان المشركين من شياطين الجن والنس
يمدونهم في الضلل والمعاصي ،أي يزيدونهم فيه ويزينون لهم ما هم فيه
" ثم ل يقصرون " ثم ل يكفون يعني الشياطين عن استغوائهم ول
يرحمونهم ،وقيل :معناه وإخوان الشياطين من الكفار يمدهم الشياطين في
الغي :ثم ل يقصرون هؤلء ) (4كما يقصر الذين اتقوا ،وقيل :معناه ثم ل
يقصر
) (1في المصدر :اعطينا (2) .تفسير الرازي (3) .54 :14في المصدر :وسوسة
ونخسة في القلب .والنزع :الزعاج بالغراء (4) .في المصدر :ثم ل
يقصر هؤلء مع ذلك.
][159
) (1مجمع البيان 513 :4و (2) .514في المصدر :وقيل :واني عاقد لكم.
][160
الناس لضرب من المتحان ) .(1وقال الرازي في قوله تعالى " :وإذ زين لهم
الشيطان أعمالهم " في كيفية هذا التزيين وجهان :الول :أن الشيطان
زين بوسوسته من غير أن يتحول في صورة إنسان ،وهو قول الحسن
والصم .الثاني :أنه ظهر في صورة إنسان ،قالوا :إن المشركين حين
أرادوا المسير إلى بدر خافوا من بني بكر بن كنانة لنهم كانوا قتلوا منهم
واحدا فلم يأمنوا أن يأتوهم من ورائهم ،فتصور لهم إبليس بصورة سراقة
بن مالك بن جعشم من بني بكر بن كنانة و كان من أشرافهم في جند من
الشياطين ومعه رآية وقال :ل غالب لكم اليوم من الناس وإني مجيركم من
بني كنانة ،ولما رأى إبليس الملئكة تنزل نكص ) .(2وقيل :كانت يده في
يد الحارث بن هشام فلما نكص قال له الحارث :أتخذلنا في هذه الحال ؟ "
فقال إني أرى ما ل ترون " ودفع في صدر الحارث وانهزموا ،وفي هذه
القصة سؤالت :الول :ما الفائدة في تغيير صورة إبليس إلى صورة
سراقة ؟ والجواب :فيه معجزة عظيمة للرسول ،وذلك لن كفار قريش لما
رجعوا إلى مكة قالوا :هزم الناس سراقة فقال (3) :ما شعرت بمسيركم
حتى بلغتني هزيمتكم فعند ذلك تبين للقوم أن ذلك الشخص ما كان سراقة
بل كان شيطانا .الثاني :أنه تعالى لما غير صورته إلى صورة البشر فما
بقي شيطانا بل صار بشرا .والجواب :ل نسلم فان النسان إنما كا إنسانا
بجوهر نفسه الناطقة ،ونفوس الشياطين مخالفة لنفوس البشر ،فلم يلزم
من تغيير الصورة تغيير الحقيقة ،وهذا الباب أحد الدلئل السمعية على أن
النسان ليس إنسان بحسب بنيته الظاهرة وصورته
) (1مجمع البيان 549 :4و (2) .550في المصدر :فلما رأى ابليس نزول
الملئكة نكص على عقبيه (3) .في نسخة :فبلغ ذلك سراقة فقال.
][161
المخصوصة ) (1إلى آخر كلمه في هذا المقام .قوله تعالى " :من بعد أن نزغ
الشيطان بيني " في الكشاف :نزغ :أفسد بيننا وأغرى ،وأصله من نخس
الرائض الدابة وحملها على الجري ) .(2قوله تعالى " :وقال الشيطان لما
قضي المر " قال الرازي :قال المفسرون :إذا استقر أهل الجنة في الجنة
وأهل النار في النار فيشرع الناس في لوم إبليس ) (3وتقريعه فيقوم فيما
بينهم خطيبا ويقول :ما أخبر ال تعالى عنه بقوله " :وقال الشيطان ".
وقيل :إن المراد لما انقضت المحاسبة ،والول أولى ،والمراد بالشيطان
إبليس ،وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه إذا جمع ال الخلق وقضي
المر بينهم ) ،(4يقول الكافر :قد وجد المسلمون من شفع لهم ) ،(5فمن
يشفع لنا ؟ ما هو إل إبليس هو الذي أضلنا ،فيأتونه ويسألونه فعند ذلك
يقول هذا القول ) " ،(6إن ال وعدكم وعد الحق " هو البعث والجزاء
على العمال فوفى لكم " ووعدتكم " خلف ذلك " فأخلفتكم " .وتقدير
الكلم ) (7أن النفس تدعو إلى هذه الحوال الدنيوية ول تتصور كيفية
السعادات الخروية والكمالت النفسانية ،وال يدعو إليها ويرغب فيها كما
قال " :والخرة خير وأبقى " ) (8وقوله " :وعد الحق " من قبيل إضافة
الشئ إلى
) (1تفسير الرازي 174 :15و (2) .175في النهاية :نزغ الشيطان بينهم أي
افسد وأغرى ،ونزغه بكلمة سوء أي رماه بها وطعن فيه ومنه الحديث:
صباح المولود حين يقع نزغة من الشيطان ،أي نخسة وطعنة (3) .في
المصدر :اخذ اهل النار في لوم ابليس (4) .في المصدر :وقضى بينهم) .
(5في المصدر :من يشفع (6) .إلى هنا ينتهى الحديث (7) .في المصدر:
وتقرير الكلم (8) .العلى.17 :
][162
نعته ) :(1كقوله " :حب الحصيد " ) .(2وأما قوله " :ما كان لي عليكم من
سلطان " أي قدرة ومكنة وتسلط وقهر فأقهركم على الكفر والمعاصي
والجئكم إليها " ،إل أن دعوتكم " إل دعائي إليكم إلى الضللة )(3
بوسوستي وتزييني ،والستثناء منقطع أو متصل ،لن قدرة النسان على
حمل الغير على عمل من العمال تارة تكون بالقهر والقسر ،وتارة تكون
بتقوية الداعية في قلبه بالقاء الوساوس إليه ،فهذا نوع من أنواع التسليط
) ،(4إل أن ظاهر هذه الية يدل على أن الشيطان ل قدرة له على تصريع
النسان ،ول على تعويج أعضائه وجوارحه ول على إزالة العقل عنه كما
تقوله العوام والحشوية ،ثم قال " :فل تلوموني ولوموا أنفسكم " يعني ما
كان مني إل الدعاء والوسوسة وكنتم سمعتم دلئل ال وشاهدتم مجئ
أنبياء ال ،فكان من الواجب عليكم أن ل تغتروا بقولي ول تلتفتوا إلى،
فلما رجحتم قولي على الدلئل الظاهرة كان اللوم عليكم ل علي في هذا
الباب .وفي هذه الية مسألتان :الولى :قالت المعتزلة :هذه الية تدل على
أشياء :الول :أنه لو كان الكفر والمعصية من ال تعالى لوجب أن يقال:
فل تلوموني ول على أنفسكم فان ال قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه.
والثاني :ظاهر هذه الية تدل على أن الشيطان ل قدرة له على تصريع
النسان وعلى تعويج أعضائه ول على إزالة العقل عنه كما تقوله العوام
والحشوية .والثالث :هذه الية تدل على أن النسان ل يجوز ذمه ولومه
وعقابه بسبب فعل الغير ،وعند هذا يظهر أنه ل يجوز عقاب أولد الكفار
بسبب كفر آبائهم .وأجاب بعض الصحاب عن هذه الوجوه بأن هذا القول
الشيطان فل يجوز التمسك
) (1في المصدر] :إلى نفسه[ والظاهر انه مصحف من الطابع (2) .ق (3) .9 :في
المصدر :ال دعائي اياكم إلى الضللة (4) .في المصدر :من انواع
التسلط.
][163
به ،وأجاب الخصم عنه بأنه لو كان هذا القول منه باطل لبين ال تعالى بطلنه
وأظهر إنكاره وأيضا أي فائدة في ذكر هذا الكلم الباطل والقول الفاسد ؟
أل ترى أن قوله " :إن ال وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم " كلم
حق ؟ وقوله " :وما كان لي عليكم من سلطان " قول حق ؟ بدليل قوله:
" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إل من اتبعك من الغاوين " .الثانية:
هذه الية تدل على أن الشيطان الصلي هو النفس ،وذلك لن الشيطان بين
أنه ما أتى إل بالوسوسة ،فلول الميل الحاصل بسبب الشهوة والغضب
والوهم والخيال لم يكن لوسوسة تأثير البتة ،فدل هذا على أن الشيطان
الصلي هو النفس .فان قال قائل :بينوا لنا حقيقة الوسوسة .قلنا :الفعل
إنما يصدر عن النسان لحصول ) (1امور أربعة يترتب بعضها على
البعض ترتيبا لزما طبيعيا .بيانه :أن أعضاء النسان بحكم السلمة
الصلية والصلحية الطبيعية صالحة للفعل والترك والقدام والجحام ،فلما
لم يحصل في القلب ميل إلى ترجيح الفعل على الترك أو بالعكس فانه يمتنع
صدور الفعل ،وذلك الميل هو الرادة الجازمة والقصد الجازم ،ثم إن تلك
الرادة الجازمة ل تحصل إل عند حصول علم واعتقاد ) (2أو ظن بأن ذلك
الفعل سبب للنفع أو سبب للضرر ،فان لم يحصل فيه العتقاد لم يحصل
ميل ،ل إلى الفعل ول إلى الترك .فالحاصل :أن النسان إذا أحس بشئ
ترتب عليه شعور بكونه ملئما له أو بكونه منافرا له ،أو بكونه غير ملئم
ول منافر ،فان حصل الشعور بكونه ملئما له ترتب عليه الميل الجازم إلى
الفعل ،وإن حصل الشعور بكونه منافرا له ترتب عليه الميل الجازم إلى
الترك ،وإن لم يحصل ل هذا ول ذاك لم يحصل ميل ل إلى الشئ
) (1في النسخة] :عن النسان لمور[ وفى المصدر :عند حصول امور اربعة(2) .
في المصدر :أو اعتقاد.
][164
ول إلى ضده ،بل بقي النسان كما كان ،وعند حصول ذلك الميل الجازم يصير
القدرة مع ذلك الميل موجبا للفعل ،إذا عرفت هذا فنقول :صدور الفعل عن
مجموعي القدرة والداعي الخالص أمر واجب فل يكون للشيطان مدخل
فيه ،وصدور الميل عن تصور كونه خيرا أو تصور كونه شرا أمر واجب،
فل يكون للشيطان مدخل فيه ،وحصول تصور كونه خيرا أو تصور كونه
شرا غير مطلق الشعور بذاته أمر لزم فل مدخل للشيطان فيه ،فلم يبق
للشيطان مدخل في هذه المقامات ) (1إل في أن أذكره شيئا ) (2بأن يلقي
إليه حديثه مثل أن كان النسان غافل عن صورة امرأة فيلقي الشيطان
حديثها في خاطره ،والشيطان ل قدرة له إل في هذا المقام وهو عين ما
حكى ال تعالى عنه أنه قال " :وما كان لي عليكم من سلطان إل أن
دعوتكم فاستجبتم لي " يعني ما كان مني إل هجس ) (3هذه الدعوة ،فأما
بقية المراتب ما صدرت مني وما كان لي أثر البتة .بقي في هذا المقام
سؤالن :الول :كيف يعقل تمكن الشيطان من النفوذ في داخل أعضاء
النسان وإلقاء الوسوسة إليه .والجواب :للناس في الملئكة والشياطين
قولن :الول :ما سوى ال بحسب القسمة العقلية على أقسام ثلثة:
المتحيز ،والحال في المتحيز ،والذي ل يكون متحيزا ول حال فيه .وهذا
القسم الثالث لم يقم الدليل البتة على فساد القول به ،بل الدلئل الكثيرة
قامت على صحة القول به ،وهذا هو المسمى بالرواح فهذه الرواح إن
كانت طاهرة مقدسة من عالم الروحانيات المقدسة ) (4فهم الملئكة ،وإن
كانت خبيثة داعية إلى
) (1في المصدر :في شئ من هذه المقامات (2) .في النسخة المخطوطة
والمطبوعة بتبريز] :أن ذكره شيئا[ وفى المصدر :ان يذكره شيئا(3) .
هجس الشئ في صدره :خطر بباله .وفى المصدر :ال مجرد هذه الدعوة.
) (4في المصدر :الروحانيات القدسية.
][165
الشرور وعالم الجساد ومنازل الظلمات فهم الشياطين .إذا عرفت هذا فنقول :فعلى
هذا التقدير الشيطان ل يكون جسما يحتاج إلى الولوج في داخل البدن ،بل
هو جوهر روحاني خبيث الفعل مجبول على الشر ،والنفس النسانية أيضا
كذلك ،فل يبعد على هذا التقدير أن يلقي شئ من تلك الرواح أنواعا من
الوساوس والباطيل إلى جوهر النفس النسانية .وذكر بعض العلماء في
هذا الباب احتمال ثانيا وهو أن النفس الناطقة البشرية مختلفة بالنوع،
فهي طوائف وكل طائفة منها في تدبير روح من الرواح السماوية بعينها،
فنوع من النفوس البشرية تكون حسنة الخلق كريمة الفعال موصوفة
بالفرح والسرور وسهولة المر ،وهي تكون منتسبة إلى روح معين من
الرواح السماوية وطائفة اخرى منها تكون موصوفة بالحدة والقسوة
والغلظة وعدم المبالة بأمر من المور وهى تكون منتسبة إلى روح اخرى
من الرواح السماوية ،وهذه الرواح البشرية كالعون ) (1لتلك الروح
السماوي وكالنتائج الحاصلة وكالفروع المتفرعة عليها ،وتلك الروح
السماوية هي التي تتولى إرشادها إلى مصالحها ،وهى التي تخصها )(2
باللهامات في حالتي النوم واليقظة ،والقدماء كانوا يسمون تلك السماوي
بالطباع التام ول شك أن لتلك الروح السماوية ) (3التي هي الصل
والينبوع شعب كثيرة ونتايج كثيرة وهي بأسرها تكون من جنس روح هذا
النسان وهي لجل مشاكلتها ومجانستها يعين بعضها بعضا على العمال
اللئقة بها والفعال المناسبة لطبائعها .ثم إنها إن كانت خيرة طاهرة طيبة
كانت ملئكة وكانت تلك العانة مسماة باللهام ،وإن كانت شريرة خبيثة
قبيحة العمال كانت شياطين ،وكانت تلك العانة مسماة بالوسوسة ،وذكر
بعض العلماء أيضا فيه احتمال ثالثا وهو أن النفوس البشرية
) (1في المصدر :كالولد لذلك الروح السماوي (2) .في المصدر :وذلك الروح هو
الذى يتولى ارشادها إلى مصالحها وهو الذى (3) .في المصدر] :ذلك
الروح السماوي[ وفيه :ول شك ان لذلك الروح السماوي الذى هو
الصل.
][166
والرواح النسانية إذا فارقت أبدانها قويت في تلك الصفات التي اكتسبتها في تلك
البدان وكملت فيها ،فإذا حدثت نفس اخري مشاكلة لتلك النفس المفارقة
في بدن مشاكل لبدن تلك النفس المفارقة حدث بين تلك النفس المفارقة
وبين هذا البدن نوع تعلق بسبب المشاكلة الحاصلة بين هذا البدن وبين ما
كان بدنا لتلك النفس المفارقة تعلق شديد ) (1بهذا البدن وتصير تلك
النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن ومعاضدة لها على
أفعالها وأحوالها بسبب هذه المشاكلة .ثم إن كان هذا المعنى في أبواب
الخير والبر كان ذلك إلهاما ،وإن كان من باب ) (2الشر كان ذلك وسوسة،
فهذه وجوه محتملة تفريعا على القول باثبات جواهر قدسية مبرأة من
الحجمية والتحيز (3) ،والقول بالرواح الطاهرة والخبيثة كلم مشهور
عند قدماء الفلسفة فليس لهم أن ينكروا إثباتها على صاحب شريعتنا
صلوات ال عليه .وأما القول الثاني ،وهو أن الملئكة والشياطين لبد وأن
تكون أجساما ،فنقول على هذا التقدير يمتنع أن يقال :إنها أجسام كثيفة،
بل لبد من القول بأنها أجسام لطيفة ،وال سبحانه ركبها تركيبا عجيبا،
وهي أن تكون مع لطافتها ل يقبل التفرق والتمزق والفساد والبطلن،
ونفوذ الجرام اللطيفة في عمق الجرام الكثيفة غير مستبعد ،أل ترى أن
الروح النسانية جسم لطيف ثم إنه نفذ في داخل عمق البدن ،وإذا عقل
ذلك فكيف يستبعد نفوذ أنواع كثيرة من الجسام اللطيفة في داخل هذا
البدن ؟ أليس أن جرم النار سرى في جرم الفحم ،وماء الورد سرى في
ورق الورد ،ودهن السمسم سرى في جسم السمسم فكذا ههنا ) (4فظهر
بما قررنا أن القول باثبات الجن والشياطين
) (1في المصدر :فيصير لتلك النفس المفارقة تعلق شديد بهذا البدن (2) .في
المصدر :وان كان في باب الشر (3) .في المصدر :مبرأة عن الجسمية
والتحيز (4) .ويمكن ان يستدل لذلك بوجود الصوات التى نسمعها من
المسافات البعيدة فهى مع لطافتها وعبورها عن مصادمات كثيرة ل
نتفرق ول نتمزق :ول تدخلها الفساد.
][167
أمر ل تحيله العقول ول تبطله الدلئل ،وأن الصرار على النكار ليس إل من نتيجة
الجهل وقلة الفطنة .ولما ثبت أن القول بالشياطين ممكن في الجملة فنقول:
الخلق والولى أن يقال :الملئكة على هذا القول مخلوقون من النور وأن
الشياطين مخلوقون من الدخان واللهب كما قال تعالى " :والجان خلقناه
من قبل من نار السموم ) " (1وهذا الكلم من المشهورات عند قدماء
الفلسفة فكيف يليق بالعاقل أن يستبعده من صاحب شريعتنا صلوات ال
عليه ؟ انتهى ) .(2وقال البيضاوي " :فل تلوموني " بوسوستي فان من
صرح العداوة ليلم بأمثال ذلك " ولوموا أنفسكم " حيث أطعتموني إذ
دعوتكم ،ولم تطيعوا ربكم لما دعاكم " ما أنا بمصرخكم " بمغيثكم من
العذاب " وما أنتم بمصرخي " بمغيثي " إني كفرت بما أشركتمون من
قبل " ما إما مصدرية وهي متعلقة بأشركتموني ،أي كفرت اليوم باشراككم
إياي من قبل هذا اليوم ،أي في الدنيا بمعنى تبرأت منه واستكبرته )(3
كقوله تعالى " :ويوم القيامة يكفرون بشرككم " أو موصولة بمعنى " من
" ومن متعلقة بكفرت أي كفرت بالذي أشركتمونيه وهو ال تعالى
بطاعتكم إياي فيما دعوتكم إليه من عبادة الصنام وغيرها من قبل
إشراككم حين رددت أمره بالسجود لدم .وأشرك :منقول من شركت زيدا
للتعدية إلى مفعول ثان " إن الظالمين " تتمة كلمه أو ابتداء كلم من ال
) .(4وقال في قوله سبحانه " :وحفظناها من كل شيطان رجيم " :فل
يقدر أن يصعد إليها ويوسوس أهلها ويتصرف في أمرها ويطلع على
أحوالها " إل من استرق السمع " بدل من " كل شيطان " واستراق
السمع :اختلسه سرا ،شبه به خطفتهم اليسيرة من قطان
) (1الحجر (2) .27 :تفسير الرازي (3) .114 - 112 :19في المصدر:
واستنكرته (4) .انوار التنزيل .634 :1
][168
][169
وقيل :وما في قوله " :فأذن مؤذن بينهم أن لعنة ال على الظالمين " بمعنى آخر
ينسى عنده هذه .وقيل :إنما حد اللعن به لنه أبعد غاية يضربها الناس ،أو
لنه يعذب فيه بما ينسي اللعن معه فيصير كالزائل " قال رب فأنظرني "
فأخرني ،والفاء متعلقة بمحذوف دل عليه :فاخرج منها فانك رجيم " إلى
يوم يبعثون " أراد أن يجد فسحة في الغواء ونجاة عن الموت إذ ل موت
بعد وقت البعث ،فأجابه إلى الول دون الثاني " ،قال فانك من المنظرين
إلى يوم الوقت المعلوم " المسمى فيه أجلك عند ال ،أو انقراض الناس
كلهم هو النفخة الولى عند الجمهور ،ويجوز أن يكون اليام الثلثة يوم
القيامة ) (1واختلف العبارات لختلق العتبارات ،فعبر عنه أول بيوم
الجزاء لما عرفت ،وثانيا بيوم البعث إذ به يحصل العلم بانقطاع التكليف
واليأس عن التضليل ،وثالثا بالمعلوم لوقوعه في الكلمين ول يلزم منه أن
ل يموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث الخلئق في تضاعيفه ) " .(2قال
رب بما أغويتني " البآء للقسم وما مصدرية وجوابه " لزينن لهم في
الرض " والمعنى اقسم باغوائك إياي لزينن لهم المعاصي في الدنيا التي
هي دار الغرور لقوله ) " :(3أخلد إلى الرض ) " (4وقيل :للسببية،
والمعتزلة أو لوا الغواء بالنسبة إلى الغي أو التسبب له بأمره إياه
بالسجود لدم عليه السلم أو باضلله عن طريق الجنة ).(5
) (1في المصدر :ويجوز ان يراد باليام الثلثة يوم القيامة (2) .ثم ذكرنا ما ذكره
الرازي قبل من الوجه لمخاطبة ال اياه فقال :وهذه المخاطبة وان لم تكن
بواسطة لم تدل على علو منصب ابليس لن خطاب ال تعالى له على
سبيل الهانة والدلل (3) .في المصدر :كقوله (4) .العراف(5) .175 :
انوار التنزيل 648 :1و .649
][170
وقال الرازي :اعلم أن أصحابنا قد احتجوا بهذه الية على أنه تعالى قد يريد خلق
الكفر في الكافر ويضله عن الدين ويغويه عن الحق من وجوه :الول :أن
إبليس استمهل وطلب البقاء إلى يوم القيامة مع أنه صرح بأنه إنما يطلب
هذا ) (1لغواء بني آدم وإضللهم ،وأنه تعالى أمهله وأجابه إلى هذا
المطلوب ،ولو كان تعالى يراعي صلح المكلفين في ) (2الدنيا لما أمهله
هذا الزمان الطويل ولما أمكنه من الغواء والضلل والوسوسة .والثاني:
أن أكابر النبياء والولياء مجدون مجتهدون في إرشاد الخلق إلى الدين
الحق وإن إبليس ورهطه وشيعته مجدون مجتهدون في الغواء فلو كان
مراد ال هو الرشاد والهداية لكان من الواجب إبقاء المرشدين والمحقين،
وإهلك المضلين والمغوين وحيث فعل بالضد علمنا أنه أراد بهم الخذلن
والكفر .ثم قال :أما الشكال الول فللمعتزلة فيه طريقان :الول وهو
طريقة الجبائي أنه تعالى إنما أمهل إبليس تلك المدة الطويلة لنه تعالى
علم أنه ل تتفاوف أحوال الناس بسبب وسوسته في الكفر والمعصية البتة،
وعلم أن كل من كفر وعصى عند وسوسته فانه بتقدير ) (3أن ل يوجد
إبليس ول وسوسته فان ذلك الكافر والعاصي كان يأتي بذلك الكفر
والمعصية ،فلما كان المر كذلك ل جرم أمهله هذه المدة الطويلة .الثاني
وهو طريقة أبي هاشم أنه ل يبعد أن يقال :إنه تعالى علم أن أقواما يقعون
بسبب وسوسته في الكفر والمعاصي إل أن وسوسته ما كانت موجبة لذلك
الكفر وتلك المعاصي ،غاية ) (4ما في هذا البأب أن يقال :الحتراز عن
القبائح حال عدم
) (1في المصدر :هذا المهال والبقاء (2) .في المصدر :مصالح المكلفين في
الدين (3) .في المصدر] :علم انه ل يتفاوت احوال الناس بسبب وسوسته
فبتقدير ان ل يوجد ابليس[ وقد سقط عنه ما بقى ،أو كان الزيادة في
نسخة المضف من قبل الناسخ (4) .في المصدر :ما كانت موجبة لذلك
الكفر والمعصية بل الكافر والعاصي بسبب اختياره اختار ذلك الكفر وتلك
المعصية ،اقصى ما في الباب.
][171
الوسوسة أسهل منه حال وجودها إل أنه على هذا التقدير تصير وسوسته سببا
لزيادة المشقة في أداء الطاعات ،وذلك ل يمنع الحكيم من فعله كما أن
إنزال المشاق والمشتبهات سبب الشبهات ) ،(1ومع ذلك فلم يمتنع فعله
فكذا ههنا ،وهذان الطريقان هما بعينهما الجواب عن السؤال الثاني )" .(2
إل عبادك منهم المخلصين " استثناهم لنه علم أن كيده ل يعمل فيهم.
وقرأ ابن كثير وابن عامر بكسر اللم والباقون بالفتح ،فعلى الول أي
الذين أخلصوا دينهم وعبادتهم من كل شائب يناقض اليمان والتوحيد،
وعلى الثاني معناه الذين أخلصهم ال بالهداية واليمان " .هذا صراط علي
مستقيم " فيه وجوه :الول :أن إبليس لما قال " :إل عبادك منهم
المخلصين " فلفظ " المخلصين " يدل على الخلص فقوله " هذا " عائد
إليه ،والمعنى أن الخلص طريق علي وإلى أي يؤدي إلى كرامتي ،وقال
الحسن :معناه هذا صراط إلي مستقيم ،وقال آخرون :هذا صراط من مر
عليه ،فكأنه مر على رضواني وكرامتي ،وهو كما يقال :طريقك علي.
الثاني :أن الخلص طريق العبودية ،فقوله " :هذا صراط علي مستقيم "
أي هذا الطريق في العبودية طريق على مستقيم قال بعضهم :لما ذكر أن
إبليس يغوي بني آدم إل من عصمه ال بتوفيقه تضمن هذا الكلم تفويض
المور إلى ال تعالى وإلى إرادته ،فقال تعالى " هذا صراط علي " أي
تفويض المور إلى إرادتي " طريق مستقيم " " .إن عبادي ليس لك
عليهم سلطان " اعلم أن إبليس لما قال " :لزينن لهم في الرض إل
عبادك ) (3منهم المخلصين " أو هم هذا الكلم أن له سلطانا على عباد ال
الذين ل يكونون من المخلصين ،فبين ال تعالى أنه ليس له سلطان على
أحد من عبيد ال سواء كانوا
) (1في المصدر :وانزال المتشابهات صار سببا لمزيد الشبهات (2) .تفسير الرازي
(3) .188 - 182 :19في المصدر :لزينن لهم في الرض ولغوينهم
اجمعين ال عبادك.
][172
مخلصين أو لم يكونوا مخلصين بل من اتبع منهم ابليس باختياره صار تبعا له،
ولكن حصول تلك المتابعة أيضا ليس لجل أن إبليس ) (1أوهم أن له على
بعض عباد ال سلطانا فبين تعالى كذبه وذكر أنه ليس له على أحد منهم
سلطان ول قدرة أصل ،ونظير هذه الية قوله تعالى حكاية عن إبليس" :
وما كان لي عليكم من سلطان " الية ،وقوله " :ليس له سلطان على
الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين
هم به مشركون " وقال الجبائي :هذه الية تدل على بطلن قول من زعم
أن الشيطان والجن يمكنهم صرع الناس وإزالة عقولهم كما تقوله العامة،
وربما نسبوا ذلك إلى السحرة ،وقال :ذلك خلف نص القرآن ،وفي الية
قول آخر :وهو أن إبليس لما قال " :إل عبادك منهم المخلصين " فذكر
أنه ل يقدر على إغواء المخلصين صدقه ال وقال " :إن عبادي ليس لك
عليهم سلطان " فلهذا قال الكلبي :المذكورون في هذه الية هم الذين
استثناهم إبليس .واعلم أنه على القول الول يمكن أن يكون قوله " :إل
من اتبعك " استثناء لن المعنى أن عبادي ليس لك عليهم سلطان إل من
اتبعك من الغاوين ،فان لك عليهم سلطانا بسبب كونهم منقادين لك في
المر والنهي ،وأما على القول الثاني فيمتنع أن يكون استثناء بل يكون إل
بمعنى لكن " وإن جهنم لموعدهم أجمعين " قال ابن عباس :يريد إبليس
وأشياعه ومن اتبعه من الغاوين ) " (2فزين لهم الشيطان أعمالهم "
قالت المعتزلة :الية تدل على فساد قول المجبرة من وجوه ) (3شتى.
) (1في العبارة سقط والصحيح كما في المصدر :ولكن حصول تلك المتابعة ايضا
ليس لجل أن ابليس يقهره على تلك المتابعة أو يجبره عليها والحاصل
في هذا القول ان ابليس اوهم (2) .التفاسير مأخوذة من تفسير الرازي
باختصار ،راجع تفسير الرازي 190 :19و (3) .191ذكر الرازي في
تفسيره 61 :20وقال :الول لنه إذا كان خالق اعمالهم هو ال تعالى فل
فائدة في التزيين .والثانى :ان ذلك التزيين لما كان بخلق ال تعالى - -
][173
" فهو وليهم اليوم " فيه احتمالت ) :(1الول أن المراد منه كفار مكة ،يقول:
الشيطان وليهم اليوم يتولى إغواءهم وصرفهم عنك كما فعل بكفار المم
قبلك .الثاني :أنه أراد باليوم " يوم القيامة يقول :فهو ولي اولئك الذين
زين لهم أعمالهم يوم القيامة فل ولي لهم ذلك اليوم ول ناصر ) " .(2فإذا
قرأت القرآن " ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الستعاذة بعد
القراءة ،وأما الكثرون فقد اتفقوا على أن الستعاذة متقدمة .فالمعنى :إذا
أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ ،والمراد بالشيطان في هذه الية قيل :إبليس،
والقرب أنه للجنس لن لجميع المردة من الشياطين حظا من الوسوسة
ولما أمر ال رسوله بالستعاذة من الشيطان وكان ذلك يوهم أن للشيطان
قدرة على التصرف في أبدان الناس ،فأزال ال تعالى هذا الوهم وبين أنه ل
قدرة له البتة إل على الوسوسة ،فقال " :إنه ليس له سلطان على الذين
آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " .ويظهر من هذا أن الستعاذة إنما تفيد إذا
خطر في قلب النسان كونه ضعيفا وأنه ل يمكنه التحفظ عن وسوسة
الشيطان إل بعصمة ال " .إنما سلطانه على الذين يتولونه " قال ابن
عباس :يطيعونه ،يقال :توليته أي أطعته ،وتوليت عنه أي أعرضت عنه.
" والذين هم به مشركون " الضمير راجع إلى ربهم أو إلى الشيطان ،أي
بسببه
- - - -لم يجز ذم الشيطان بسببه ،والثالث :ان التزيين هو الذى يدعو النسان إلى
الفعل وإذا كان حصول الفعل فيه بخلق ال تعالى كان ضروريا فلم يكن
التزيين داعيا .والرابع :ان على قولهم الخالق لذلك اجد ران يكون وليا
لهم من الداعي إليه .والخامس :انه تعالى اضاف التزيين إلى الشيطان
ولو كان ذلك المزين هو ال تعالى لكانت اضافته إلى الشيطان كذبا(1) .
الصحيح :فيه احتمالن ،كما في التفسير (2) .اختصره من تفسير الرازي
61 :20و .62
][174
مشركون بال ) " (1كانوا إخوان الشياطين " المراد من هذه الخوة التشبه بهم
في هذا الفعل القبيح ،وذلك ل العرب يسمون الملزم للشئ أخا له فيقول:
فلن أخو الكرم والجود وأخو الشعر ،إذا كان مواظبا على هذه الفعال.
وقيل :أي قرناءهم في الدنيا والخرة " وكان الشيطان لربه كفورا " معنى
كون الشيطان كفورا لربه هو أن يستعمل بدنه في المعاصي والفساد في
الرض والضلل للناس .وكذلك من رزقه ال مال أو جاها فصرفه إلى
غير مرضات ال كان كفورا لنعمة ال ،والمقصود أن المبذرين موافقون
للشياطين في الصفة والفعل ،ثم الشيطان كفور بربه فلزم كون المبذر
كفورا بربه ) " .(2إن الشيطان ينزغ بينهم " أي يفسد بينهم ويغري
بينهم " إن الشيطان كان للنسان عدوا مبينا " أي العداوة الحاصلة بين
الشيطان وبين النسان عداوة قديمة .وقال البيضاوي في قوله " :لمن
خلقت طينا " :لمن خلقته من طين ،فنصب بنزع الخافض ،ويجوز أن
يكون حال من الراجع إلى الموصول ،أي خلقته وهو طين أو منه ،أئ
أسجد له وأصله طين ؟ وفيه على الوجوه إيماء بعلة النكار " قال أرأيتك
هذا الذي كرمت علي " الكاف لتأكيد الخطاب ل محل له من العراب ،وهذا
مفعول أول ،والذي صفته ،والمفعول الثاني محذوف لدللة صلته عليه،
والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته علي بأمري بالسجود له لم كرمته
على ؟ " لئن أخرتن إلى يوم القيامة " كلم مبتدء واللم موطئة للقسم
وجوابه " لحتنكن ذريته إل قليل " أي لستأصلنهم بالغواء إل قليل ل
أقدر أن اقاوم شكيمتهم ،من احتنك الجراد الرض :إذا جرد ما عليها أكل،
مأخوذ من الحنك ،وإنما علم أن ذلك يتسهل له إما استنباطا من قول
الملئكة " :أتجعل فيها من يفسد فيها " ) (3مع التقرير ،أو تفرسا من
خلقه ذا وهم وشهوة وغضب " قال اذهب " امض لما قصدته ،وهو طرد
) (1مختصر مما في تفسير الرازي 114 :20و (2) .115مختصر مما في تفسير
الرازي 193 :20و (3) .194البقرة.30 :
][175
وتخلية بينه وبين ما سولته له نفسه " فمن تبعك منهم فان جهنم جزاؤكم "
جزاؤك وجزاؤهم ،فغلب المخاطب على الغائب ،ويمكن أن يكون الخطاب
للتابعين على اللتفات " جزاء موفورا " مكمل من قولهم " :فر لصاحبك
عرضه " ) (1وانتصاب جزاء على المصدر باضمار فعله ،أو بما في
جزاءكم من معنى تجازون ،أو حال موطئة لقوله " :موفورا " "
واستفزز " واستخف " من استطعت منهم " أن تستفزه .والفز :الخفيف
" بصوتك " بدعائك إلى الفساد ) .(2وقال الرازي :يقال :أفزه الخوف
واستفزه أي أزعجه واستخفه ،وصوته دعاؤه إلى معصية ال .وقيل :أراد
بصوتك الغناء واللهو واللعب ،والمر للتهديد " وأجلب عليهم " قال
الفراء إنه من الجلبة وهي الصياح ،وقال الزجاج في فعل وأفعل :أجلب
على العدو إجلبا :إذا جمع عليه الخيول ،وقال ابن السكيت :يقال :هم
يجلبون عليه ويجلبون عليه بمعنى أي يعينون عليه ) (3وعن ابن
العرابي :أجلب الرجل ) (4الرجل :إذا توعده الشر وجمع عليه الجمع،
فالمعنى على قول الفراء :صح عليهم بخيلك ورجلك ،وعلى قول الزجاج،
أجمع عليهم كل ما تقدر من مكائدك ،فالباء زائدة ،وعلى قول ابن السكيت
أعن عليهم ) ،(5ومفعول الجلب محذوف كأنه يستعين على إغوائهم
بخيله ورجله وهذا يقرب من قول ابن العرابي ،واختلفوا في تفسير الخيل
والرجل ،فروي عن ابن عباس أنه قال :كل راكب أو راجل في معصية ال
فهو من خيل إبليس وجنوده ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية ال،
فخيله ورجله كل من شاركه في الدعاء
) (1يقال :فر لصاحبك عرضه أي اثن عليه ول تعبد (2) .انوار التنزيل 703 :1و
(3) .704في المصدر :بمعنى انهم يعينون عليه (4) .في المصدر :اجلب
الرجل على الرجل (5) .في المصدر :اعن عليهم بخيلك ورجلك(*) .
][176
إلى المعصية ،ويحتمل أن يكون لبليس جند من الشياطين بعضهم راكب وبعضهم
راجل .أو المراد منه ضرب المثل ،وهذا أقرب ،والخيل يقع على الفرسان
وعلى الفراس والرجل جمع راجل كالصحب والركب " وشاركهم في
الموال " هي عبارة عن كل تصرف قبيح في المال ،سواء كان ذلك القبح
بسبب أخذه من غير حقه أ وضعه في غير حقه ،ويدخل فيه الربا والغصب
والسرقة والمعاملت الفاسدة ،كذا قاله القاضي ،وقال قتادة :هي أن جعلوا
بحيرة وسائبة ،وقال عكرمة :هي تبكيتهم آذان النعام .وقيل :هي أن
جعلوا من أموالهم شيئا لغير ال كما قال تعالى " :فقالوا هذا ل بزعمهم
وهذا لشركائنا " والصوب ما قاله القاضي .وأما المشاركة في الولد:
فقالوا :إنه الدعاء إلى الزنا أو أن يسموا أولدهم بعبد اللت وعبد العزى،
أو أن يرغبوا أولدهم في الديان الباطلة ،أو إقدامهم على قتل الولد
ووأدهم ،أو ترغيبهم في حفظ الشعار المشتملة على الفحش ،أو ترغيبهم
في القتل والقتال والحرف الخبيثة الخسيسة .والضابط أن يقال :إن كل
تصرف من المرء في ولده على وجه يتأدى ذلك إلى ارتكاب منكر وقبيح.
فهو داخل فيه .قوله تعالى عزوجل " :وعدهم " اعلم أنه لما كان مقصود
الشيطان الترغيب في العتقاد الباطل والعمل الباطل والتنفير عن اعتقاد
الحق وعمل ) (1الحق ومعلوم أن الترغيب في الشئ ل يمكن إل بأن يقرر
عنده أنه ل ضرر البتة في فعله ومع ذلك فانه يفيد المنافع العظيمة،
والتنفير عن الشئ ل يمكن إل بأن يقرر عنده أنه ل فائدة في فعله ،ومع
ذلك فيفيد المضار العظيمة ،فإذا ثبت هذا فنقول :إن الشيطان إذا دعا إلى
المعصية فل بد وأن يقرر أول أنه ل مضرة في فعله البتة ،وذلك ل يمكن
إل إذا قال :ل معاد ول جنة ول نار ول حياة بعد هذه
) (1في المصدر :العتقاد الحق والعمل الحق (2) .في المصدر :ول حياة للنسان
في هذه الدنيا ال به.
][177
الحياة ،فبهذا الطريق يقرر عنده أنه ل مضرة البتة في فعل هذه المعاصي ،وإذا
فرغ من هذا المقام قرر عنده أن هذا الفعل يفيد أنواعا من اللذة والسرور
ول حياة للنسان إل في هذه الدنيا فتفويتها غبن وخسران ،وأما طريق
التنفير عن الطاعة فهو أن قرر أول عنده أنه ل فائدة فيه من وجهين ):(1
الول أنه ل جنة ول نار ول ثواب ول عقاب .والثاني :أن هذه العبادات ل
فائدة فيها للعابد ول للمعبود فكانت عبثا محضا وإذا فرغ من هذا المقام
قال :إنها يوجب التعب والمحنة ،وذلك أعظم المضار ،فهذه مجامع تلبيس
الشيطان ،فقوله " :وعدهم " يتناول كل هذه القسام :قال المفسرون" :
وعدهم " ) (2بأنه ل جنة ول نار ،أو بتسويف التوبة ،أو بشفاعة الصنام
عند ال ،أو بالنساب الشريفة ،أو إيثار العاجل على الجل .وبالجملة فهذه
القسام كثيرة وكلها داخلة في الضبط الذي ذكرناه " وما يعدهم الشيطان
إل غرورا " لنه إنما يدعو إلى أحد ثلثة امور :قضاء الشهوة وإمضاء
الغضب ،وطلب الرياسة والرفعة ) ،(3ول يدعو البتة إلى معرفة ال ول
إلى خدمته وتلك الشياء الثلثة معيوبة من وجوه كثيرة :أحدها :أنها في
الحقيقة ليست لذات بل هي خلص عن اللم .وثانيها :أنها وإنه كانت
لذات ولكنها لذات خسيسة مشترك فيها بين الكلب والديدان والخنافس.
وثالثها :أنها سريعة الذهاب والنقضاء والنقراض .ورابعها :أنها ل
تحصل إل بعد متاعب كثيرة ومشاق عظيمة .وخامسها :أن لذات البطن
والفرج ل يتم إل بمزاولة رطوبات عفنة مستقذرة.
) (1في المصدر :وتقريره من وجهين :الول أن يقول :ل جنة (2) .في المصدر:
أي بانه ل جنة (3) .في المصدر :وعلو الدرجة.
][178
وسادسها :أنها غير باقية بل يمنعها ) (1الموت والهرم والفقر والحسرة على
الفوت والخوف من الموت ،فلما كانت هذه المطالب وإن كانت لذيذة بحسب
الظاهر إل أنها ممزوجة بهذه الفات العظيمة والمخافات الجسيمة كانت
الترغيب فيها تغريرا " إن عبادي " أي كلهم أو أهل الفضل واليمان منهم
كما مر " وكفى بربك وكيل " لما أمكن إبليس ) (2بأن يأتي بأقصى ما
يقدر عليه في باب الوسوسة وكان ذلك سببا لحصول الخوف الشديد في
قلب النسان قال " :وكفى بربك وكيل " ومعناه أن الشيطان وإن كان
قادرا فال أقدر منه وأرحم بعباده من الل ،فهو تعالى يدفع عنه كيد
الشيطان ويعصمه من إضلله وإغوائه ،وفيها دللة على أن المعصوم من
عصمه ال ،وأن النسان ل يمكنه أن يحترز بنفسه عن مواقع الضلل )
.(3وقال في قوله تعالى " :إنه كان من الجن " :للناس في هذه المسألة
أقوال :الول :أنه من الملئكة ول ينافي ذلك كونه من الجن ،ولهم فيه
وجوه :الول :أن قبيلة من الملئكة يسمون بذلك بدليل قوله تعالى" :
وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) " (4وقوله تعالى " :وجعلوا ل شركاء
الجن " ) .(5والثاني :أن الجن سمي جنا للستتار ،فهم داخلون في الجنة
) .(6الثالث :أنه كان خازن الجنة فنسب إلى الجنة ،كقولهم :كوفي
وبصري وعن سعيد بن جبير :كان من الجانين الذين يعملون في الجنان
جن من الملئكة ) (7يصوغون حلي أهل الجنة مذ خلقوا ،رواه القاضي
في تفسيره عن هشام عن ابن جبير.
) (1في المصدر :بل يتبعها (2) .في المصدر :من أن يأتي (3) .تفسير الرازي :21
(4) .9 - 5الصافات (5) .158 :النعام (6) .100 :في المصدر:
والملئكة كذلك فهم داخلون في الجن (7) .في نسخة] :من جن الملئكة[
وفي المصدر :حى من الملئكة.
][179
والثاني ) (1أنه من الجن الذينهم الشياطين والذين خلقوا من النار وهو أبوهم.
والثالث :قول من قال :كان من الملئكة فمسخ وغير ) .(2وقال
البيضاوي " :كان من الجن " حال باضمار " قد " أو استيناف للتعليل
كأنه قيل :ما له لم يسجد ؟ فقيل :كان من الجن " ففسق عن أمر ربه "
فخرج عن أمره بترك السجود ،والفاء للتسبب ،وفيه دليل على أن الملك ل
يعصي البتة وإنما عصى إبليس لنه كان جنيا في أصله " ،أفتتخذونه "
أعقيب ما وجد منه تتخذونه ؟ والهمزة للنكار والتعجب " وذريته "
أولده وأتباعه ،وسماهم ذريته مجازا " أولياء من دوني " فتستبدلونهم
بي فتطيعونهم بدل طاعتي " بئس للظالمين بدل " من ال إبليس وذريته
" ما أشهدتهم " الخ نفي إحضار إبليس وذريته " خلق السماوات
والرض " وإحضار بعضهم خلق بعض ليدل على نفي العتضاد بهم في
ذلك كما صرح به بقوله " :وما كنت متخذ المضلين عضدا " أي أعوانا
ردا لتخاذهم أولياء من دون ال شركاء له في العبادة ،فان استحقاق
العبادة من توابع الخالقية والشتراك فيه يستلزم الشتراك فيها .وقيل:
الضمير للمشركين ،والمعنى ما أشهدتهم خلق ذلك وما خصصتهم بعلوم ل
يعرفها غيرهم حتى لو آمنوا تبعهم الناس كما يزعمون فل يلتفت ) (3إلى
قولهم طمعا في نصرتهم للدين ،فانه ل ينبغي لي أن أعتضد بالمضلين )(4
لديني .وقال في قوله " :وما أنسانيه " الخ أي وما أنساني ذكره إل
الشيطان فإن " أذكره " بدل من الضمير وهو اعتذار عن نسيانه بشغل
الشيطان له بوسواسه ) (5ولعله
) (1أي الثاني من القوال (2) .تفسير الرازي 136 :21نقله باختصار (3) .في
المصدر :فل تلتفت (4) .انوار التنزيل (5) .17 :2في المصدر:
بوساوسه والحال وان كانت عجيبة ل ينسى مثلها لكنه لما ضرى
بمشاهدة امثالها عند موسى والفها قل اهتمامه بها.
][180
نسي ذلك لستغراقه في الستبصار وانجذاب شراشره إلى جناب القدس بما عراه
من مشاهدة اليات الباهرة ،وإنما نسبه إلى الشيطان هضما لنفسه ،أو لن
عدم احتمال القوة للجانبين واشتغالها بأحدهما عن الخر يعد من نقصان )
(1انتهى ،قوله تعالى " :ل تعبد الشيطان " أي ل تطعه في عبادة اللهة،
ثم علل ذلك بأن الشيطان عاص ل والمطاوع للعاصي عاص " ،وليا " أي
قرينا في اللعن أو العذاب تليه ويليك ،أو ثابتا في موالته فانه أكبر من
العذاب كما أن رضوان ال أكبر من الثواب .قوله " :والشياطين " قال
البيضاوي :عطف أو مفعول معه لما روي أن الكفرة يحشرون مع قرنائم
من الشياطين الذين أغووهم كل مع شيطانه في سلسلة " جثيا " على
ركبهم لما يدهمهم من هول المطلع ،أو لنه من توابع التواقف للحساب )
" .(2إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين " قال الطبرسي :أي خلينا )(3
بينهم و بين الشياطين إذا وسوسوا إليهم ودعوهم إلى الضلل حتى
أغووهم ولم يحل بينهم وبينهم باللجاء ول بالمنع ،وعبر عن ذلك
بالرسال على سبيل المجاز والتوسع ،وقيل :معناه سلطانهم عليهم ويكون
في معنى التخلية أيضا " تؤزهم أزا " أي تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلى
المعصية عن ابن عباس .وقيل :تغريهم إغراء بالشئ ) (4تقول :امض في
هذا المر حتى توقعهم في النار عن ابن جبير ) .(5قوله سبحانه " :ومن
الشياطين من يغوصون له " قال الرازي :المراد أنهم يغوصون له في
البحار فيستخرجون الجواهر ويتجاوزن ذلك إلى العمال المهين )(6
) (1انوار التنزيل (2) .20 :2انوار التنزيل (3) .43 :2في نسخة] :ولم يخل[
وفى المصدر :ولم نحل (4) .في نسخة] :تغويهم اغواء بالشئ[ وفى
المصدر :تغريهم اغراء بالشر (5) .مجمع البيان 530 :6و (6) .531
في المصدر :إلى العمال والمهن.
][181
وبناء المدن والقصور واختراع الصنائع العجيبة كما قال " :يعملون له ما يشاء
من محاريب وتماثيل " وأما الصناعات فكاتخاذ الحمام والنورة والطواحين
والقوارير والصابون ،وليس في الظاهر إل أنه سخرهم ،لكنه قدر روي أنه
تعالى سخر كفارهم دون المؤمنين ،وهو القرب من وجهين :أحدهما،
إطلق لفظ الشياطين ،والثاني :قوله " :وكنا لهم حافظين " فان المؤمن
إذا سخر في أمر ل يجب أن يحفظ لئل يفسد ،وإنما يجب ذلك في الكافر.
وفي قوله " :وكنا لهم حافظين وجوه :أحدها :أنه تعالى وكل بهم جمعا من
الملئكة أو جمعا من مؤمني الجن .وثانيها :سخرهم ال تعالى بأن حبب
إليهم طاعته وخوفهم من مخالفته .وثالثها :قال ابن عباس :يريد وسلطانه
مقيم عليهم يفعل بهم ما يشاء .فان قيل :وعن أي شئ كانوا محفظين ؟ )
.(1قلنا فيه ثلثة أوجه :أحدها :أنه تعالى كان يحفظهم عليه لئل يذهبوا
ويتركوا وثانيها كان يحفظهم من أن يهيجوا أحدا في زمانه ،وثالثها :كان
يحفظهم من أن يفسدوا ما عملوا وكان دأبهم أنهم يعملونه في النهار ثم
يفسدونه في الليل ،وسأل الجبائي نفسه وقال :كيف يتهيأ لهم هذه العمال
وأجسامهم رقيقة ل يقدرون على عمل الثقيل ،وإنما يمكنهم الوسوسة ؟
وأجاب بأنه سبحانه كثف أجسامهم خاصة وقواهم وزادهم في عظمهم )(2
فيكون ذلك معجزة لسليمان عليه السلم ،فلما مات سليمان عليه السلم
ردهم إلى الخلقة الولى لنه تعالى لو أبقاهم على الخلقة الثانية لصار
شبهة على الناس ،ولو ادعى متنبئ النبوة وجعله دللة لكان كمعجزات
الرسل ،فلذلك ردهم إلى خلقهم الولى .واعلم أن هذا الكلم ساقط من
وجوه :أحدها لم قلت :إن الجن من الجسام ولم ل يجوز وجود محدث ليس
بمتحيز ول قائم بالمتحيز ويكون الجن منهم ؟
][182
فان قلت :لو كان المر كذلك لكان مثل للباري تعالى .قلت :هذا ضعيف لن
الشتراك في اللوازم السلبية ) ،(1سلمنا أنه جسم لكن لم ل يجوز حصول
القدرة على هذه العمال الشاقة في الجسم اللطيف ؟ وكلمه بناء على أن
البنية شرط وليس في يده إل الستقراء الضعيف ،سلمنا أنه لبد من
تكثيف أجسامهم لكن لم قلت :إنه لبد من ردها إلى الخلقة الولى بعد موت
سليمان عليه السلم وقوله :لنه يفضي إلى التلبيس ) ،(2قلنا :التلبيس
غير لزم لن المتنبئ إذا جعل ذلك معجزة لنفسه فللمدعو ) (3أن يقول :لم
ل يجوز أن يقال :إن قوة أجسادهم كانت معجزة لنبي آخر قبلك ؟ ومع قيام
هذا الحتمال ل يتمكن المتنبئ من الستدلل به ) .(4وقال البيضاوي" :
ويتبع " في المجادلة أو في عامة أحواله " كل شيطان مريد " متجرد
للفساد ،وأصله العري ) " (5كتب عليه " على الشيطان " من توله "
تبعه والضمير للشأن " فانه يضله " خبر لمن أو جواب له ،والمعنى كتب
عليه إضلل من توله لنه جبل عليه " ويهديه إلى عذاب السعير "
بالحمل على ما يؤدي إليه ) .(6وقال في قوله " :في امنيته " في تشهيه
بما يوجب ) (7اشتغاله بالدنيا ،كما قال
) (1فيه اختصار والموجود في المصدر :لن الشتراك في اللوازم الثبوتية ل يدل
على الشتراك في الملزومات فكيف اللوازم السلبية ؟ ) (2في المصدر:
فان قال :لئل يفضى إلى التلبيس (3) .في المصدر :فللمدعى (4) .تفسير
الرازي (5) .203 - 201 :22يقال :شجرة مرداء أي ل ورق لها،
ورملة مرداء :ل نبت عليها وغلم أمرد لم تنبت لحيته .ومردت الغصن:
القيت عنه لحاءه (6) .انوار التنزيل (7) .95 :2في المصدر :ما يوجب.
][183
صلى ال عليه وآله :وإنه ليغان ) (1على قلبي فأستغفر ال في اليوم سبعين مرة "
فينسخ ال ما يلقي الشيطان " فيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون
والرشاد إلى ما يزيحه " ثم يحكم ال آياته " ثم يثبت آياته الداعية إلى
الستغراق في أمر الخرة " وال عليم " بأحوال الناس " حكيم " فيما
يفعله بهم " ليجعل ما يلقي الشيطان " علة لتمكين الشيطان منه " للذين
في قلوبهم مرض " شك ونفاق " والقاسية قلوبهم " المشركين ).(2
أقول :قد مضت القوال في نزول الية في المجلد السادس " .من همزات
الشياطين " أي وساوسهم " أن يحضرون " أن يحوموا حولي في شئ
من الحوال ) " (3فكبكبوا فيها هم والغاوون " أي اللهة وعبدتهم،
والكبكبة تكرير الكب ،معناه أنه القي في النار ينكب مرة بعد اخرى حتى
يستقر في قعرها " و جنود إبليس " متبعوه من عصاة الثقلين أو شياطينه
) " (4وما تنزلت به الشياطين " كما زعمت المشركون أنه من قبيل ما
يلقي الشيطان إلى الكهنة " وما ينبغي لهم " وما يصلح لهم أن ينزلوا به
" وما يستطيعون " وما يقدرون " إنهم عن السمع " لكلم الملئكة "
لمعزولون " أي مصروفون عن استماع القرآن من السماء قد حيل بينهم
وبين السمع بالملئكة والشهب .قيل :وذلك لنه مشروط بمشاركة في
صفات الذات وقبول فيضان الحق
) (1في النهاية :فيه :انه ليغان على قلبى حتى استغفر ال في اليوم سبعين مرة،
الغين :الغيم وغينت السماء تغان :إذا اطبق عليها الغيم ،وقيل :الغين:
شجر ملتف .اراد ما يغشاه من السهو الذى ل يخلو منه البشر لن قلبه
أبدا كان مشغول بال تعالى فان عرض له وقتا ما عارض بشرى يشغله:
من امور المة والملة ومصالحهما عد ذلك ذنبا وتقصيرا فيفزع إلى
الستغفار انتهى أقول :لعل الصحيح انه اراد توجهه إلى الخلق إلى المأكل
والمشرب ولوازمها وما يطرأ على النسان من اللوازم البشرية(2) .
انوار التنزيل 107 :2و (3) 108انوار التنزيل 127 :2و (4) .128
انوار التنزيل .182 :2
][184
ونفوسهم حينئذ ظلمانية شريرة ) (1ثم لما بين سبحانه أن القرآن ل يصح أن يكون
مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك ببيان من تنزلت عليه فقال " :هل انبئكم
" إلى قوله " :على كل أفاك أثيم " أي كذاب شديد الثم " يلقون السمع
وأكثرهم كاذبون " أي الفاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم
ظنونا وأمارات لنقصان علمهم فيضمون إليها على حسب تخيلتهم أشياء
ل يطابق ،كذا قيل ) .(2وفي الكافي في خبر طويل عن الباقر عليه السلم
قال :ليس من يوم وليلة إل وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلل،
ويزور أئمة الهدى عددهم من الملئكة حتى إذا أتت ليلة القدر ،فهبط )(3
فيها من الملئكة إلى اولي المر خلق ال ،أو قال :قيض ال من الشياطين
بعددهم ثم زاروا ولي الضللة فأتوه بالفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول:
رأيت كذا وكذا فلو سأل ولي المر عن ذلك لقال :رأيت شيطانا أخبرك بكذا
وكذا حتى يفسر له تفسيرا ويعلمه الضللة التي هو عليها ) " .(4ولقد
صدق عليهم إبليس ظنه " صدق في ظنه وهو قوله " :لضلنهم
ولغوينهم " وقرئ بالتشديد أي حققه " إل فريقا من المؤمنين " أي إل
فريقا هم المؤمنون لم يتبعوه ،وتقليلهم بالضافة إلى الكفار ،أو إل فريقا
من فرق المؤمنين لم يتبعوه في العصيان وهم المخلصون " من سلطان "
أي من تسلط واستيلء " إل لنعلم " الخ أي
) (1ذكره البيضاوى في تفسيره 189 :1فيه :وقبول فيضان الحق والنتقاش
بالصور الملكوتية ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات ل تقبل ذلك
والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات ل يمكن تلقيها ال من الملئكة(2) .
القائل هو البيضاوى في انوار التنزيل 190 :2وفيه :اكد ذلك بأن بين ان
محمدا صلى ال عليه وسلم ل يصلح لن تنزلوا عليه من وجهين:
احدهما انه يكون على شرير كذاب كثير الثم فان اتصال النسان
بالغائبات لما بينهما من التناسب والتواد وحال محمد صلى ال عليه
وسلم على خلف ذلك ،وثانيهما قوله يلقون اه (3) .في المصدر :فيهبط.
) (4اصول الكافي .253 :1
][185
إل ليتعلق علمنا بذلك تعلقا يترتب عليه الجزاء ،أو ليتميز المؤمن من الشاك،
والمراد من حصول العلم حصول متعلقة مبالغة ) .(1وفي الكافي عن الباقر
عليه السلم قال :كان تأويل هذه الية ،لما قبض رسول ال صلى ال عليه
وآله والظن من إبليس حين قالوا لرسول ال صلى ال عليه وآله " :إنه
ينطق عن الهوى " فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه ) .(2وفي تفسير
علي بن إبراهيم عن الصادق عليه السلم قال :لما أمر ال نبيه صلى ال
عليه وآله أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلم للناس في قوله " :يا أيها
الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " في علي بغدير خم ،قال " :من كنت
موله فعلي موله " فجاءت البالسة إلى إبليس الكبر وحثوا التراب على
رؤوسهم فقال لهم إبليس :ما لكم ؟ قالوا :إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة
ل يحلها شئ إلى يوم القيامة ،فقال لهم إبليس :كل إن الذين حوله قد
وعدوني فيه عدة لن يخلفوني ،فأنزل ال عزوجل على رسوله " :ولقد
صدق عليهم إبليس ظنه " الية ) " .(3إن الشيطان لكم عدو " عداوة
عامة قديمة " ،فاتخذوه عدوا " في عقائدكم وأفعالكم وكونوا على حذر
منه في مجامع أحوالكم " إنما يدعوا " الخ تقدير لعداوته وبيان لغرضه )
" .(4ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن ل تعبدوا الشيطان " هو من جملة ما
يقال لهم يوم القيامة تقريعا وإلزاما للحجة ،وعهده إليهم ما نصب لهم من
الدلئل العقلية والسمعية المرة بعبادته الزاجرة عن عبادة غيره ،وجعلها
عبادة الشيطان لنه المر بها المزين لها.
) (1اختصره من انوار التنزيل 288 :2و (2) .289الحديث طويل رواه الكليني
في الروضة (3) .345 :تفسير القمى 538 :رواه عن ابيه عن ابن ابى
عمير عن ابن سنان (4) .انوار التنزيل .297 :2
][186
" إنه لكم عدو مبين " تعليل للمنع عن عبادته بالطاعة فيما يحملهم عليه " وأن
اعبدوني " عطف على أن ل تعبدوا " هذا صراط مستقيم " إشارة إلى ما
عهد إليهم ،أو إلى عبادته بالطاعة فيما يحملهم عليه ،والجملة استيناف
لبيان المقتضي للعهد " ولقد أضل منكم جبل كثيرا " رجوع إلى بيان
معاداة الشيطان مع ظهور عداوته ووضوح إضلله لمن له أدنى عقل
ورأي ،والجبل :الخلق ) .(1قوله سبحانه " :وحفظا من كل شيطان مارد
" قال البيضاوي " :حفظا " منصوب باضمار فعله أو العطف على زينة
باعتبار المعنى ،كأنه قال :إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا من كل
شيطان مارد ،خارج عن الطاعة برمي الشهب ) .(2قال الرازي :قال ابن
عباس :يريد حفظ السماء بالكواكب ) (3من كل شيطان تمرد على ال ،قال
المفسرون :الشياطين يصعدون ) (4إلى قرب السماء فربما سمعوا كلم
الملئكة وعرفوا به ما سيكون من الغيوب ،وكانوا يخبرون به ضعفاءهم
ويوهمونهم أنهم يعلمون الغيب ،فمنعهم ال تعالى عن الصعود إلى قرب
السماء بهذه الشهب ،فانه تعالى يرميهم بها فيحرقهم بها .وبقي ههنا
سؤالت :الول هذه الشهب هل هي من الكواكب التي زين ال السماء بها
أم ل ؟ و الول باطل لن هذه الشهب تبطل وتضمحل ،فلو كانت هذه
الشهب تلك الكواكب الحقيقية لوجب أن يظهر نقصان كثير في أعداد
كواكب السماء ،ومعلوم أن هذا المعنى لم يوجد البتة ،وأيضا فجعلها
رجوما للشياطين مما يوجب النقصان في زينة السماء فكان الجمع بين
هذين المقصودين كالمتناقض .وأما القسم الثاني :وهو أن يقال :هذه
الشهب جنس آخر غير الكواكب المركوزة
) (1أخذه من انوار التنزيل (2) .315 :2انوار التنزيل (3) .320 :2 :إلى هنا
انتهى كلم ابن عباس (4) .في المصدر :الشياطين كانوا يصعدون.
][187
في الفلك ،فهذا أيضا مشكل لنه تعالى قال في سورة تبارك " :ولقد زينا السماء
الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين " والضمير عائد إلى
المصابيح .والجواب أن هذه الشهب غير تلك الثواقب الباقية ،وأما قوله:
" ولقد زينا " الخ فنقول :كل منير يحصل في الجو العالي فهو مصباح
لهل الرض إل أن تلك المصابيح منها باقية على وجه الدهر آمنة من
التغير والفساد ،ومنها ما ل يكون كذلك وهي هذه الشهب التي يحدثها ال
تعالى ويجعلها رجوما للشياطين ) .(1الثاني :كيف يجوز أن يذهب
الشياطين إلى السماء حيث يعلمون بالتجربة أن الشهب تحرقهم ول
يصلون إلى مقصودهم البتة ؟ وهل يمكن أن يصدر مثل هذا الفعل عن
عاقل فكيف من الشاطين الذين لهم مزية في معرفة الحيل الدقيقة ؟
والجواب :أن حصول هذه الحالة ليس له موضع معين ،وإل لم يذهبوا إليه
وإنما يمنعون من المصير إلى مواضع الملئكة ،ومواضعها مختلفة ،فربما
أن صاروا إلى موضع تصيبهم الشهب ،وربما صاروا إلى غيره ول
يصادفون الملئكة فل تصيبهم الشهب فلما هلكوا في بعض الوقات
وسلموا في بعضها ،جاز أن يصيروا إلى مواضع يغلب على ظنونهم أنه ل
تصيبهم الشهب فيها ،كما يجوز فيمن يسلك البحر أن يسلكه في موضع
يغلب على ظنه حصول النجاة ،هذا ما ذكره الجبائي في تفسيره .ولقائل أن
يقول :إنهم إذا صعدوا فاما أن يصلوا إلى مواضع الملئكة أو إلى غير ذلك
الموضع ،فان وصلوا إلى مواضع الملئكة احترقوا ،وإن وصلوا إلى
غيرها لم يفوزوا بمقصود أصل ) ،(2فبعد هذه التجزية وجب أن يمتنعوا
عن هذا العمل.
) (1ويمكن ان يقال :ان تلك الشهب هي الحجار السماوية التى تقطعت عن كوكب
أو قطع من بقايا كوكب متهشم موجودة في جهة من الجو مجذوبة
للشمس متى مرت الرض بجانبها وصارت في متناول جاذبيتها انجذبت
إليها واحترقت من سرعة هويها ولم يصل الرض منها شئ ،وربما
وصلت قطعة فغارت في الرض على ما قيل (2) .في المصدر :لم يفوزوا
بمقصودهم اصل.
][188
والقرب في الجواب أن نقول :هذه الواقعة إنما تتفق في الندرة فلعلها لم يشتهر
بين الشياطين .الثالث :قالوا :دلت التواريخ المتواترة على أن حدوث
الشهب كان حاصل قبل مجئ النبي صلى ال عليه وآله وسلم ،ولذلك )(1
فان الحكماء الذين كانوا موجودين قبل مجئ النبي صلى ال عليه وآله
بزمان طويل ذكروا ذلك وتكلموا في سبب حدوثه .وأجاب القاضي بأن
القرب أن هذه الحالة كانت موجودة قبل النبي لكنها كثرت في زمانه صلى
ال عليه وآله وسلم فصار بسبب الكثرة معجزا ) (2انتهى .وأقول :يمكن
أن يقال في الجواب عن السؤال الول :أما أول فبأنه على تقدير كون
المراد بالمصابيح الكواكب نمنع عدم التغير في أعدادها ،لن جميعها غير
مرصودة ل سيما على القول بأن المجرة مركبة من الكواكب الصغيرة.
وأما ثانيا فبأن يقال :يجوز أن يخلق ال تعالى في موضع الكوكب الذي
يرمى به الشياطين كوكبا آخر فل يحس بزواله .وأما ثالثا فبأن يقال :لعله
ينفصل من الكوكب جسم يحرق الشياطين ويهلكهم مع بقاء الكوكب ،كما
ينفصل عن النار شعل محرقة مع بقائها ،والشهاب في الصل شعلة نار
ساطعة ،ومنه قوله تعالى " :آتيكم بشهاب قبس " .وأما السؤال الثاني
فأجاب الشيخ رحمه ال في التبيان عنه بأنهم ربما جوزوا أن يصادفوا
موضعا يصعدون منه ليس فيه ملك يرميهم بالشهب ،أو اعتقدوا أن ذلك
غير صحيح ولم يصدقوا من أخبرهم أنهم رموا حين أرادوا الصعود .وقيل
في الجواب :إذا جاء القضا عمي البصر ،فإذا قضى ال عليه شيطان
بالحرق قبض ) (3ال من نفسه ما يبعثه على القدام على الهلكة ،وربما
غفل عن التجربة لشدة حرصه على درك المقصود ،وقد يقال في الجواب
عن الثالث :بأن ما حدث بولدته صلى ال عليه وآله
) (1لم يذكر في المصدر قوله :ولذلك (2) .تفسير الرازي 120 :26و (3) .121
هكذا في النسخ ولعل الصحيح :فيض ال ،أي قدر ال.
][189
وبعثه هو طرد الشياطين بالشهب الثواقب ل وجودها ،مع أن طائفة زعموا أن هذه
الشهب ما كانت موجودة قبل البعث ،ورووه عن ابن عباس وأبي بن كعب
قالوا :لم يرم بنجم منذ رفع عيسى بن مريم عليه السلم حتى بعث رسول
ال صلى ال عليه وآله فرمي بها ،فرأت قريش أمرا ما رأوه قبل ذلك
فجعلوا يسيبون أنعامهم ويعتقون رقابهم يظنون إبان الفنآء ،فبلغ ذلك
بعض أكابرهم فقال :لم فعلتم ذلك ؟ فقالوا :رمي بالنجوم فرأينا تتهافت في
السماء فقال :اصبروا فان تكن نجوم معروفة فهو وقت فناء الدنيا ،وإن
كانت نجوم ل تعرف فهو أمر حدث ،فنظروا فإذا هي ل تعرف فأخبروه
فقال :في المر مهلة ،وهذا عند ظهور نبي فما مكثوا إل يسيرا حتى قدم
أبو سفيان على أخواله وأخبر أولئك القوام أنه ظهر محمد بن عبد ال
صلى ال عليه وآله ويدعي أنه نبي مرسل ،وهؤلء زعموا أن كتب الوائل
قد توالت عليها التحريفات ،فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة بها طعنا
منهم في هذه المعجزة ،وكذا الشعار المنسوبة إلى أهل الجاهلية لعلها
مختلقة عليهم لذلك .قوله تعالى " :ل يسمعون إلى المل العلى " قال
البيضاوي :كلم مبتدأ لبيان حالهم بعد ما حفظ السماء عنهم ،ول يجوز
جعله صفة " لكل شيطان " فانه يقتضي أن يكون الحفظ من شياطين ل
يسمعون ،والضمير لكل باعتبار المعنى ،وتعدية السماع بالى لتضمنه
معنى الصغاء مبالغة لنفيه وتهويل لما يمنعهم ،ويدل عليه قراءة حمزة و
الكسائي وحفص بالتشديد من التسمع وهو طلب السماع ،والمل ال على
الملئكة أو أشرافهم " ويقذفون " يرمون " من كل جانب " من السماء
إذا قصدوا صعوده " دحورا " علة أي للدحور وهو الطرد ،أو مصدر لنه
والقذف متقاربان ،أو حال بمعنى مدحورين أو منزوع عنه الباء جمع دحر
وهو ما يطرد به ،ويقويه القراءة بالفتح ،وهو يحتمل أيضا أن يكون
مصدرا كالقبول أو صفة له ،أي قذفا دحورا " ولهم عذاب واصب " أي
عذاب آخر دائم أو شديد وهو عذاب الخرة " إل من خطف الخطفة "
استثناء من " واو " يسمعون ومن بدل منه ،والخطف :الختلس،
والمراد اختلس كلم الملئكة مسارقة و " أتبع " بمعنى تبع والثاقب
المضئ ).(1
][190
أقول :وقد مر بعض الكلم في بعض هذه اليات .وقال البيضاوي " :طلعها " أي
حملها :مستعار من طلع الثمر لمشاركته إياه في الشكل أو لطلوعه من
الشجر " كأنها رؤوس الشياطين " في تناهي القبح والهول وهو تشبيه
بالمتخيل كتشبيه الفائق في الحسن بالملك ،وقيل :الشياطين حيات هائلة
قبيحة المنظر لها أعراف ،ولعلها سميت بها لذلك ) .(1وقال" :
والشياطين " عطف على الريح " كل بناء وغواص " بدل منه " وآخرين
مقرنين في الصفاد " عطف على " كل " كأنه فصل الشياطين إلى عملة
استعملهم في العمال الشاقة كالبناء والغوص ،ومردة قرن بعضهم مع
بعض في السلسل ليكفوا عن الشر ،ولعل أجسامهم شفافة صلبة فل ترى،
ويمكن تقييدها ،هذا والقرب أن المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالقران
في الصفد وهو القيد ) .(2وقال الرازي :وههنا بحث وهو أن هذه اليات
دالة على أن الشياطين لها قوة عظيمة وبسبب تلك القوة قدروا على بناء
البنية القوية التي ل يقدر عليها البشر وقدروا على الغوص في البحار،
واحتاج سليمان عليه السلم إلى قيدهم ،ولقائل أن يقول :هذه الشياطين
إما أن تكون أجسادهم كثيفة أو لطيفة ،فان كان الول وجب أن يراهم من
كان صحيح الحاسة ،إذ لو جاز أن ل نراهم مع كثافة أجسادهم فليجز أن
يكون بحضرتنا جبال عالية وأصوات هائلة ل نراها ول نسمعها ،وذلك
دخول في السفسطة فان كان الثاني :وهو أن أجسادهم ليست كثيفة بل
لطيفة رقيقة ،فمثل هذا يمتنع أن يكون موصوفا بالقوة الشديدة ،وأيضا
لزم أن تتفرق أجسادهم وأن تتمزق بسبب الرياح القوية وأن يموتوا في
الحال ،وذلك يمنع وصفهم باللت القوية ) .(3وأيضا الجن والشياطين إن
كانو موصوفين بهذه الشدة والقوة فلم ل يقتلون العلماء والزهاد في زماننا
؟ ولم ل يخربون ديار الناس مع أن المسلمين مبالغون في إظهار لعنتهم
وعداوتهم ،وحيث ل يحس شئ من ذلك علمنا أن القول باثبات الجن
والشياطين ضعيف.
) (1انوار التنزيل (2) ،326 :2انوار التنزيل (3) .346 :2في المصدر :وذلك
يمنع من وصفهم ببناء البنية القوية.
][191
واعلم أن أصحابنا يجوزون أن تكون أجسامهم كثيفة مع أنا ل نراها ،وأيضا ل يبعد
أن يقال :أجسامهم لطيفه بمعنى عدم اللون ،ولكنها صلبة بمعنى أنها ل
تقبل التفرق ،وأما الجبائي فقد سلم أنها كانت كثيفة الجسام ،وزعم أن
الناس كانوا يشاهدونهم في زمن سليمان عليه السلم ،ثم إنهم لما توفي
سليمان عليه السلم أمات ال تلك الجن والشياطين وخلق نوعا آخر من
الجن والشياطين ،والموجود في زماننا ليس إل من هذا الجنس ) (1وال
أعلم انتهى ) .(2قال الطبرسي رحمه ال " :وآخرين " أي وسخرنا له
آخرين من الشياطين مشددين ) (3في الغلل والسلسل من الحديد ،وكان
يجمع بين اثنين وثلثة منهم في سلسلة ل يمتنعون عليه إذا أراد ذلك بهم
عند تمردهم .وقيل :إنه إنما كان يفعل ذلك بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم ).(4
" بنصب وعذاب " أي بتعب ومكروه ومشقة وقيل :بوسوسة ،فيقول له:
طال مرضك ول يرحمك ربك انتهى ) .(5وقال البيضاوي في قوله تعالى:
" فإذا سويته " عدلت خلقته " استكبر " تعظم و " كان " أي وصار ،أو
في علم ال " فبعزتك " فبسلطانك وقهرك " فالحق والحق أقول " أي
فأحق الحق وأقوله .وقيل :الحق الول اسم ال تعالى ،ونصب بحذف حرف
القسم وجوابه " لملئن جهنم منك وممن تبعك منهم أجعين " وما بينهما
اعتراض ،وهو على الول جواب محذوف ،والجملة تفسير للحق المقول،
وقرأ عاصم وحمزة برفع الول على البتداء
) (1في المصدر :من الجن والشياطين تكون اجسامهم في غاية الرقة ول يكون لهم
شئ من القوة والموجود في زماننا من الجن والشياطين ليس ال من هذا
الجن (2) .تفسر الرازي 210 :26و (3) .211في المصدر :مشدودين.
) (4مجمع البيان (5) .477 :8مجمع البيان .478 :8
][192
أي الحق يميني أو قسمي أو الخبر أي أنا الحق ) " (1وإما ينزغنك من الشيطان
نزغ " أي نخس به شبه وسوسته لنها بعث على ما ل ينبغي كالدفع بما
هو أسوأ ،وجعل النزغ نازغا على طريقة جد جده ،أو اريد به نازغ وصفا
للشيطان بالمصدر " فاستعذ بال إنه هو السميع " ل ستعاذتك " العليم "
بنيتك أو بصلحك ) (2ومن يعش عن ذكر الرحمن " يتعامى ) (3ويعرض
عنه لفرط اشتغاله بالمحسوسات أو انهماكه في الشهوات " نقيض " نقدر
ونسبب له " شيطانا فهو له قرين " يوسوسه ويغويه ) (4دائما .أقول:
وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلم :من تصدى بالثم أعشى عن
ذكر ال تعالى ،ومن ترك الخذ عمن أمر ال بطاعته قيض له شيطانا فهو
له قرين ) " .(5سول لهم " قيل أي سهل لهم اقتراف الكبائر ،وقيل:
حملهم على الشهوات " وأملى لهم " أي وأمد لهم في المال والماني أو
أمهلهم ال ولم يعاجلهم بالعقوبة ) " (6استحوذ عليهم الشيطان " أي
استولى عليهم وهو مما جاء على الصل " فأنساهم ذكر ال " ل يذكرونه
بقلوبهم ول بألسنتهم " اولئك حزب الشيطان " جنوده وأتباعه " أل إن
حزب الشيطان هم الخاسرون " لنهم فوتوا على أنفسهم النعيم المؤبد
وعرضوها للعذاب المخلد ) " .(7كمثل الشيطان " قال البيضاوي :أي مثل
المنافقين في إغراء اليهود على القتال كمثل الشيطان " إذ قال للنسان
اكفر " أغراه على الكفر إغراء المر المأمور " فلما
) (1انوار التنزيل 350 :2و (2) .351انوار التنزيل (3) .389 :2في المصدر:
]يتعام[ وهو الصحيح (4) .انوار التنزيل (5) .408 :2الخصال 633 :2
و 634طبعة الغفاري وفيها] :من صدئ[ وفيها] :قيض ال له[ والحديث
من أجزاء حديث اربعمائة (6) .انوار التنزيل (7) .438 :2انوار التنزيل
.507 :2
][193
كفر قال إني برئ منك " تبرأ عنه مخافة أن يشاركه في العذاب ول ينفعه ذلك كما
قال " :إني أخاف ال رب العالمين " إلى قوله " :جزاء الظالمين "
والمراد من النسان الجنس وقيل :أبو جهل قال له إبليس يوم بدر :ل
غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم الية ،وقيل :راهب حمله على
الفجور والرتداد ) .(1ولقد زينا " أقول :قد مر الكلم فيها في باب
السماوات " .من شر الوسواس الخناس " قال الطبرسي رحمه ال فيه
أقوال :أحدها :أن معناه من شر الوسوسة الواقعة من الجنة التي
يوسوسها في صدور الناس ،فيكون فاعل يوسوس ضمير الجنة ،وإنما
ذكر لن الجنة والجن واحد وجازت الكناية عنه وإن كان متأخرا لنه في
نية التقدم .وثانيها :أن معناه من شر ذي الوسواس وهو الشيطان ،كما
جاء في الثر " أنه يوسوس فإذا ذكر ربه خنس " .ثم وصفه ال تعالى
بقوله " :الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس " أي بالكلم
الخفى الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير سماع ،ثم ذكر أن هذا
الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة وهم الشياطين كما قال
سبحانه " :إل إبليس كان من الجن ) " (2ثم عطف بقوله " :والناس "
على الوسواس ،والمعنى من شر الوسواس ،ومن شر الناس كأنه أمر أن
يستعيذ من شر الجن والنس .وثالثها :أن معناه من شر ذي الوسواس
الخناس ،ثم فسره بقوله " :من الجنة والناس " كما تقول نعوذ بال من
شر كل ما رد من الجن والنس ،وعلى هذا فيكون وسواس الجنة هو
وسواس الشيطان ،وفي وسواس النس وجهان :أحدهما أنه وسوسة
النسان نفسه .والثاني إغواء من يغويه من الناس ،ويدل عليه قوله" :
شياطين النس والجن " )(3
) (1انوار التنزيل 511 :2و (2) .512الكهف (3) .51 :النعام.112 :
][194
فشيطان الجن يوسوس ،وشيطان النس يأتي علنية ويري أنه ينصح وقصده
الشر ،قال مجاهد :الخناس :الشيطان إذا ذكر ال سبحانه خنس وانقبض،
وإذا لم يذكر ال انبسط على القلب ،ويؤيده ما روي عن أنس بن مالك قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن الشيطان واضع خطمه على قلب
ابن آدم فإذا ذكر ال سبحانه خنس ،وإن نسي التقم قلبه ،فذلك الوسواس
الخناس .وقيل :الخناس معناه الكثير الختفاء بعد الظهور وهو المستتر
المختفي عن أعين الناس لنه يوسوس من حيث ل يرى بالعين ،وروى
العياشي باسناده ،عن أبان بن تغلب ،عن جعفر بن محمد عليه السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ما من مؤمن إل ولقلبه في صدره
اذنان :اذن ينفث فيها الملك ،واذن ينفث فيها الوسواس الخناس ،فيؤيد ال
المؤمن بالملك ،وهو قوله سبحانه " :وأيدهم بروح منه )- 1 ." (1
تفسير علي بن إبراهيم :قوله تعالى " :والشياطين كل بناء وغواص " أي
في البحر " وآخرين مقرنين في الصفاد " يعنى مقيدين قد شد بعضهم
إلى بعض ،وهم الذين عصوا سليمان عليه السلم حين سلبه ال ملكه ،قال
الصادق عليه السلم :جعل ال عزوجل ملك سليمان في خاتمه ،فكان إذا
لبسه حضرته الجن والنس والشياطين وجميع الطير والوحش وأطاعوه
ويبعث ال ) (2رياحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين والطير
والنس والدواب والخيل ،فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان،
وكان يصلي الغداة بالشام والظهر بفارس ،وكان يأمر الشياطين أن يحملوا
الحجارة من فارس يبيعونها بالشام فلما مسح أعناق الخيل وسوقها
بالسيف سلبه ال ملكه فجاء شيطان فأخذ من خادمه خاتمه حيث دخل
الخلء ) - (3وساق الحديث إلى قوله - :فلما رد عليه الخاتم ولبسه )(4
حوت
) (1مجمع البيان 570 :10و (2) .571في المصدر :وأطاعوه فيقعد على كرسيه
ويبعث ال (3) .في المصدر] :سلبه ال ملكه وكان إذا دخل الخلء دفع
خاتمه إلى بعض من يخدمه فجاء شيطان فخدع خادمه واخذ من يده
الخاتم فلبسه اه[ والحديث طويل فيه غرابة شديدة .بل فيه ما يخالف
ضرورة المذهب راجعه (4) .في المصدر] :فخرت[ وما قبل ذلك نقل
بالمعنى راجع المصدر.
][195
عليه الشياطين والجن والنس والطير والوحوش ورجع إلى ماكان ،فطلب ذلك
بالشيطان وجنوده الذين كانوا معه ،فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء
وبعضهم في جوف الصخر بأسامي ال ،فهم محبوسون معذبون إلى يوم
القيامة ) - 2 .(1القصص :بسنده عن أبي بصير ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :كان سليمان عليه السلم يأمر الشياطين فتحمل له الحجارة من
موضع إلى موضع فقال لهم ابليس :كيف أنتم ؟ قالوا :ما لنا طاقة بما نحن
فيه ،فقال إبليس :أليس تذهبون بالحجارة وترجعون فراغا ؟ قالوا :نعم
قال :فأنتم في راحة ،فأبلغت الريح سليمان ما قال إبليس للشياطين،
فأمرهم يحملون الحجارة ذاهبين ويحملون الطين راجعين إلى موضعها،
فتراءى لهم إبليس فقال :كيف أنتم ؟ فشكوا إليه فقال :ألستم تنامون بالليل
؟ قالوا :بلى ،قال :فأنتم في راحة ،فابلغت الريح ما قالت الشياطين
وإبليس ،فأمرهم أن يعملوا بالليل والنهار فما لبثوا إل يسيرا حتى مات
سليمان صلوات ال عليه ) - 3 .(2العيون والعلل :باسناده عن الرضا عن
آبائه عليهم السلم قال :سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلم عن اسم
ابليس ما كان في السماء ؟ فقال :كان اسمه الحارث ،وسأله عن أول من
كفر ،فقال :إبليس لعنه ال ) - 4 .(3التفسير :قال علي بن إبراهيم في
قوله تعالى " :فاستعذ بال من الشيطان الرجيم " قال :الرجيم أخبث
الشياطين ،قيل :ولم سمي رجيما ؟ قال :لنه يرجم ) - 5 (4القصص
للراوندي :باسناده عن عبد ال بن عمر قال :سئل رسول ال صلى ال
عليه وآله
) (1تفسير القمى (2) .566 :قصص النبياء :مخطوط .واخرجه المصنف بتمامه
مع اسناده في كتاب النبوة .راجع ج (3) .72 :14عيون اخبار الرضا:
135 - 133علل الشرائع 197 :و 198والحديث طويل رواه الصدوق
باسناده عن ابى الحسن محمد بن عمرو بن على بن عبد ال البصري
عن ابى عبد ال محمد بن عبد ال بن احمد بن جبلة الواعظ عن ابى
القاسم عبد ال بن احمد بن عامر الطائى عن ابيه عن على بن موسى
الرضا عليه السلم (4) .تفسير القمى.365 :
][196
عن ذي الكفل ،فقال كان رجل من حضرموت واسمه عويد ابن أديم ،وكان في زمن
نبي من النبياء ) (1قال :من يلي ) (2أمر الناس بعدي على أن ل
يغضب ؟ فقام فتى فقال :أنا ،فلم يلتفت إليه ،ثم قال :كذلك ،فقام الفتى،
فمات ذلك النبي وبقي ذلك الفتى وجعله ال نبيا ،وكان الفتى يقضي أول
النهار فقال إبليس لتباعه :من له ؟ فقال واحد منهم يقال له :البيض :أنا،
فقال إبليس :فاذهب إليه لعلك تغضبه ،فلما انتصف النهار جاء البيض إلى
ذي الكفل وقد أخذ مضجعه فصاح وقال :إني مظلوم ،فقال :قل له :تعالى !
فقال :ل أنصرف ،قال :فأعطاه خاتمه فقال :اذهب وأتني بصاحبك ،فذهب
حتى إذا كان من الغد جاء تلك الساعة التي أخذ هو مضجعه فصاح إني
مظلوم وإن خصمى لم يلتفت إلى خاتمك ،فقال له الحاجب :ويحك دعه ينم
فانه لم ينم البارحة ول أمس ،قال :ل أدعه ينام وأنا مظلوم ،فدخل الحاجب
وأعلمه فكتب له كتابا وختمه ودفعه إليه ،فذهب حتى إذا كان من الغد حين
أخذ مضجعه جاء فصاح فقال :ما التفت إلى شئ من أمرك ولم يزل يصيح
حتى قام وأخذ بيده في يوم شديد الحر لو وضعت فيه بضعة لحم على
الشمس لنضجت ،فلما رأى البيض ذلك انتزع يده من يده ويئس منه أن
يغضب ،فأنزل ال جل وعل قصته على نبيه ليصبر على الذى كما صبر
النبياء صلوات ال عليهم على البلء ) (3بيان :كأنه سقط من أول الخبر
شئ ) ،(4والقائل :هو ) (5نبي آخر غير ذي
) (1في كتاب النبوة :فقيل له :ما كان ذو الكفل ؟ فقال :كان رجل من حضرموت
واسمه عويديا بن ادريم قال :من يلى (2) .أي ذلك النبي (3) .اخرجه
المصنف مسندا في كتاب النبوة في باب قصص ذى الكفل ،راجع ج :13
405وذكر الطبرسي في مجمع البيان ان اسمه عدويا بن ادارين(4) .
الحديث على النسخة التى ذكرت ههنا ليس فيها غموض لن الضمير في
كان يرجع إلى ذى الكفل واسمه عويديا ،ولكن النسخة التى ذكرت في
كتاب النبوة فيها اشكال حيث ان الظاهر ان عويديا غير ذى الكفل وعلى
ذلك ل يحتاج ههنا إلى بيان (5) .أي القائل :من يلى والقائل الثاني هو
الذى قال :انا.
][197
الكفل ،والقائل :هو عليه السلم كما بيناه في المجلد الخامس - 6 .مجالس
الصدوق :عن أبيه ،عن عبد ال الحميري ،عن موسى بن جعفر ابن وهب،
عن علي بن سليمان النوفلي ) (1عن فطر بن خليفة ،عن الصادق جعفر
بن محمد عليه السلم قال :لما نزلت هذه الية " :والذين إذا فعلوا فاحشة
أو ظلموا أنفسهم ذكروا ال فاستغفروا لذنوبهم " ) (2صعد إبليس جبل
بمكة يقال له :ثور ،فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه ،فقالوا :يا
سيدنا لم دعوتنا ؟ قال :نزلت هذه الية ،فمن لها ؟ فقام عفريت من
الشياطين فقال :أنا لها بكذا وكذا ،قال :لست لها ،فقام آخر فقال :مثل ذلك،
فقال :لست لها ،فقال الوسواس الخناس :أنا لها ،قال :بماذا ؟ قال :أعدهم
وامنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الستغفار،
فقال :أنت لها ،فوكله بها إلى يوم القيامة ) .(3بيان :في القاموس :رجل
عفر وعفرية وعفريت بكسرهن خبيث منكر والعفريت :النافذ في المر
المبالغ فيه مع دهاء - 7 .العلل :باسناده عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :سألته عن الخناس قال :إن إبليس يلتقم القلب فإذا ذكر
ال خنس فلذلك سمي الخناس ) - 8 .(4تفسير الفرات ) :(5باسناده عن
الحسن عليه السلم فيما سأل كعب الحبار
) (1هكذا في نسخة امين الضرب وفى غيرها] :موسى بن جعفر بن وهب عن على
بن وهب عن على بن سليمان النوفلي[ وفى المصدر :موسى بن جعفر
بن وهب البغدادي عن على بن معبد عن على بن سليمان النوفلي (2) .آل
عمران (3) .135 :مجالس الصدوق) 287 :م (4) .(71علل الشرائع:
178وج ) 213 :2ط قم( رواه باسناده عن ابيه عن سعد ابن عبد ال
عن ابى بصير (5) .في النسخة المطبوعة :الخصال وتفسير الفرات ،ولم
نجد الحديث في الخصال .والظاهر أن الزيادة من الطابع(*) .
][198
أمير المؤمنين عليه السلم قال :لما أراد ال تعالى خلق آدم بعث جبرئيل فأخذ من
أديم الرض قبضة فعجنه بالماء العذب والمالح وركب فيه الطبايع قبل أن
ينفخ فيه الروح ،فخلقه من أديم الرض فطرحه كالجبل العظيم ،وكان
إبليس يومئذ خازنا على السماء الخامسة يدخل في منخر آدم ثم يخرج من
دبره ،ثم يضرب بيده على بطنه فيقول :لي أمر خلقت ؟ لئن جعلت فوقي
ل أطعتك ،ولئن جعلت أسفل مني لعينك ) (1فمكث في الجنة ألف سنة ما
بين خلقه إلى أن ينفخ فيه الروح الحديث ) - 9 .(2الكافي :باسناده عن
مسعدة قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم وسئل عن الكفر والشرك أيهما
أقدم ؟ فقال :الكفر أقدم ؟ وذلك أن إبليس أول من كفر وكان كفره غير
شرك لنه لم يدع إلى عبادة غير ال ،وإنما دعا ) (3إلى ذلك بعد فأشرك )
- 10 .(4ومنه :باسناده عن عبد الحميد أبي العلء ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :قال لي :يا أبا محمد وال لو أن ابليس سجد ل بعد المعصية
والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ،ول قبله ال عزوجل منه ما لم يسجد لدم
كما أمره ال أن يسجد له الحديث ) - 11 .(5العلل :باسناده قال :دخل أبو
حنيفة على أبي عبد ال عليه السلم فقال له :يا أبا حنيفة بلغني أنك تقيس
؟ قال نعم :أنا أقيس ،قال :ويلك ل تقس إن أول من قاس إبليس ،قال" :
خلقتني من نار وخلقته من طين " قاس ما بين النار والطين
) (1في المصدر :ل ابقيتك (2) .تفسير فرات (3) .67 :في المصدر :وانما دعى) .
(4اصول الكافي 386 :2رواه باسناده عن على بن ابراهيم عن هارون
بن مسلم عن مسعدة بن صدقة (5) .روضة الكافي ،270 .رواه الكليني
باسناده عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد وعدة من اصحابنا عن
سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عبد الحميد
بن ابى العلء .وللحديث صدر وذيل لم يذكرهما المصنف.
][199
ولو قاس نورية آدم بنور النار عرف فضل ما بين النورين وصفاء أحدها على
الخر ) - 12 .(1العياشي :عن جابر ،عن النبي صلى ال عليه وآله قال:
إبليس أول من تغنى ،وأول من ناح ،لما أكل آدم من الشجرة تغنى )13 .(2
-العلل :باسناده عن يزيد بن سلم قال :قال النبي صلى ال عليه وآله:
الخميس يوم خامس من الدنيا وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه
إدريس ) (3الخبر - 14 .الكافي :باسناده عن زرارة ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار ويكثر
الكفار في أعين المسلمين ،فشد عليه جبرئيل بالسيف فهرب منه وهو
يقول :يا جبرئيل إني مؤجل ،حتى وقع في البحر قال زرارة :فقلت لبي
جعفر عليه السلم :لي شئ كان يخاف وهو مؤجل ؟ قال :على أن يقطع
بعض أطرافه ) - 15 .(4ومنه ) :(5باسناده عن علي عليه السلم :قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ل تؤووا
) (1علل الشرائع 40 :و ) 82ط قم( والحديث طويل لم يذكر تمامه رواه الصدوق
باسناده عن ابيه عن سعد بن عبد ال عن احمد بن ابى عبد ال البرقى
عن محمد بن على عن عن عيسى بن عبد ال القرشى رفعه قال :دخل) .
(2تفسير العياشي 40 :1فيه] :جابر بن عبد ال[ وفيه] :كان ابليس[
وفيه واول من ناح واول من حدا ،لما اكل من الشجرة تغنى ،فلما هبط
حدا فلما استتر على الرض ناح يذكره ما في الجنة (3) .علل الشرائع:
161و ) 155 :2ط قم( والحديث طويل رواه الصدوق باسناده عن
الحسين بن يحيى بن ضريس البجلى عن أبيه عن ابى جعفر عمارة عن
ابراهيم ابن عاصم عن عبد ال بن هارون الكرخي عن ابى جعفر احمد
بن عبد ال بن يزيد بن سلم بن عبيد ال عن ابيه عن يزيد بن سلم) .
(4الروضة ،277 :اورده المصنف باسناده في غزوة بدر الكبرى راجع
ج (5) .304 :19الظاهر ان الضمير يرجع إلى الكافي ،ولم نجده بتمامه
في الكافي نعم يوجد الحكم الول في باب النوادر من الطعمة والشربة
والحكم الثاني في باب النوادر من الزى - - -
][200
منديل اللحم في البيت فانه مربض الشيطان ،ول توووا التراب خلف الباب فانه
مأوى الشيطان ،فإذا بلغ ) (1أحدكم باب حجرته فليسم فانه يفر الشيطان،
وإذا سمعتم نياح الكلب ونهيق الحمير فتعوذوا بال من الشيطان الرجيم
فانهم يرون ول ترون فافعلوا ما تؤمرون الخبر ) - 16 .(2العلل :باسناده
عن عبد العظيم الحسني قال :كتبت إلى أبي جعفر عليه السلم أسأله عن
علة الغائط ونتنه ،قال :إن ال تعالى خلق آدم وكان جسده طيبا وبقي
أربعين سنة ملقى تمر به الملئكة فتقول :لمر ما خلقت ،وكان إبليس
يدخل في فيه ويخرج من دبره فلذلك صار ما في جوف آدم منتنا خبيثا غير
طيب ) - 17 .(3العلل :عن ما جيلويه عن عمه عن أحمد البرقي عن أبيه
عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :إنما كانت بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا لنعمة أنعم ال
بها عليه فأدى شكرها ،وكان إبليس في ذلك الزمان ل يحجب دون العرش،
فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس فقال :يا رب إن أيوب
لم يؤد شكر هذه النعمة إل بما أعطيته من الدنيا ،فلو حلت بينه وبين دنياه
ما أدى إليك شكر نعمة ،فسلطني على دنياه تعلم أنه ل يؤدي شكر نعمة
فقال :قد سلطتك على دنياه ،فلم يدع له دنيا ول ولدا إل أهلك ذلك ) (4وهو
يحمد
- - - -والتجمل ،والصحيح ان يرجع الضمير إلى العلل فانه ذكر الحديث فيه في
ص 194وفى ج 270 :2مفصل مع احكام اخر لم يذكرها المصنف
ههنا ،والحديث مروى فيه باسناده عن ابيه عن محمد بن يحيى العطار
عن محمد بن احمد عن ابى جعفر احمد بن ابى عبد ال عن رجل عن
على بن اسباط عن عمه يعقوب رفع الحديث إلى على بن ابى طالب عليه
السلم (1) .في العلل] :وإذا[ وفيه :فانهن يرون (2) .فروع الكافي :6
299و (3) .531علل الشرايع 101 :وج ) 261 :1ط قم( رواه عن
على بن احمد بن محمد عن محمد بن ابى عبد ال الكوفى عن سهل بن
زياد الدمى عن عبد العظيم بن عبد ال الحسنى قال :كتبت إلى ابى جعفر
محمد بن على بن موسى عليه السلم (4) .في المصدر :ال اهلكه .كل
ذلك.
][201
ال عزوجل .ثم رجع إليه فقال :يا رب إن أيوب يعلم أنك سترد عليه دنياه التي
أخذتها منه فسلطني على بدنه حتى تعلم أنه ل يودي شكر نعمة ،قال
عزوجل :قد سلطتك على بدنه ما عدا عينيه وقلبه ولسانه وسمعه ،فقال
أبو بصير :قال أبو عبد ال عليه السلم :فانقض مبادرا خشية أن تدركه
رحمة ال عزوجل فيحول بينه وبينه فنفخ في منخريه من نار السموم
فصار جسده نقطا نقطا ) - 18 .(1الكافي :عن محمد بن يحيى عن أحمد
بن محمد عن محمد بن سنان عن عثمان النوا عمن ذكره عن أبى عبد ال
عليه السلم قال :إن ال عزوجل يبتلي المؤمن بكل بلية ويميته بكل ميتة
ول يبتليه بذهاب عقله ،أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله وعلى
ولده وعلى أهله وعلى كل شئ منه ولم يسلط على عقله ؟ ترك له يوحد
ال به ) - 19 .(2الفقيه :قال الصادق عليه السلم :إذا أتى أحدكم أهله
فليذكر ال فان من لم يذكر ال عند الجماع فكان ) (3منه ولد كان شرك
شيطان ويعرف ذلك بحبنا وبغضنا ) - 20 .(4ومنه :قال أبو جعفر عليه
السلم :إذا انكشف أحدكم لبول أو لغير ذلك فليقل :بسم ال فان الشيطان
يغض بصره عنه حتى يفرغ ) - 21 .(5ومنه :باسناده عن علي بن
أسباط ،عن الرضا عليه السلم قال :قال لي :إذا خرجت من منزلك في
سفر أو حضر فقل :بسم ال آمنت بال توكلت على ال ما شاء
) (1علل الشرائع 36 :وج ) 71 :1ط قم( (2) .اصول الكافي 256 :2فيه :ليوحد
ال به (3) .في المصدر :وكان (4) .الفقيه ) 256 :3ط آخوندى((5) .
الفقيه 18 :1فيه :بسم ال وبال.
][202
ال ل حول ول قوة إل بال العلى العظيم ) ،(1فتلقاه الشياطين فتضرب الملئكة
وجوهها وتقول :ما سبيلكم عليه وقد سمى ال وآمن به وتوكل على ال ؟
وقال :ما شاء ال ل حول ول قوة إل بال ) - 22 .(2الكافي :باسناده عن
حفص بن القاسم قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :إن على ذروة كل
جسر شيطانا ،فإذا انتهيت إليه فقل " :بسم ال " يرحل عنك )- 23 .(3
التهذيب :باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
الرجل إذا أتى المرأة ) (4وجلس مجلسه حضره الشيطان فإن هو ذكر اسم
ال تنحى الشيطان عنه ،وإن فعل ولم يسم أدخل الشيطان ذكره فكان العمل
منهما جميعا والنطفة واحدة قلت :فبأي شئ يعرف هذا جعلت فداك ؟ قال:
بحبنا وبغضنا ) - 24 .(5ومنه :باسناده عن أبي حمزة قال :قال علي بن
الحسين عليه السلم :يا ثمالي إن الصلة إذا أقيمت جاء الشيطان إلى
قرين المام فيقول :هل ذكر ربه ؟ فان قال :نعم ذهب ،وإن قال :ل ركب
على كتفيه فكان إمام القوم حتى ينصرفوا ،قال :فقلت :جعلت فداك ليس
يقرأون القرآن ؟ قال :بلى ليس حيث تذهب يا ثمالي إنما هو الجهر ببسم
ال الرحمن الرحيم ).(6
) (1لم يرد في المصدر قوله :العلى العظيم (2) .الفقيه 177 :2و ) 178ط
آخوندى( ) (3فروع الكافي 287 :4رواه عن على بن ابراهيم عن ابيه
عن ابن أبى عمير عن قاسم الصيرفى عن حفص بن القاسم ورواه
الصدوق في من ل يحضره الفقيه عن جعفر بن القاسم والبرقي في
المحاسن 373 :عن ابيه عن ابن ابى عمير (4) .في المصدر :إذا دنا من
المرأة (5) .تهذيب الحكام ) 407 :7ط الخوندى( الحديث طويل رواه
عن احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن مثنى بن الوليد
الحناط عن ابى بصير ورواه الكليني والصدوق ايضا في الكافي والفقيه.
) (6تهذيب الحكام ،290 :2رواه عن احمد بن محمد عن ابن ابى
نجران عن صباح الحذاء عن رجل عن ابى حمزة.
][203
بيان :قرين المام :الملك الذي يحفظ عمله ،أو الشيطان الذي وكل به- 25 .
المحاسن :باسناده عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إذا أكلت الطعام فقل:
بسم ال في أوله وفي آخره ،فان العبد إذا سمى في طعامه قبل أن يأكل لم
يأكل معه الشيطان ) (1وإذا سمى بعد ما يأكل وأكل الشيطان منه تقيأ ما
كان أكل ) - 16 .(2ومنه :باسناده عن محمد بن مروان عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :إذا وضع الغداء والعشاء فقل " :بسم ال " فان
الشيطان يقول لصحابه :اخرجوا فليس هنا عشاء ول مبيت ،وإن هو
نسي أن يسمي قال لصحابه :تعالوا فان لكم هنا عشاء ومبيتا )- 27 .(3
وقال عليه السلم :في خبر آخر إذا توضأ أحدكم ولم يسم كان للشيطان في
وضوئه شرك ،وإن أكل أو شرب أو لبس ) (4لباسا ينبغي أن يسمي عليه،
فان لم يفعل كان للشيطان فيه شرك ) - 28 .(5الفقيه :في وصايا النبي
صلى ال عليه وآله لعلي :يا علي النوم على أربعة :نوم النبياء على
أقفيتهم ،ونوم المؤمنين على أيمانهم ،ونوم الكفار والمنافقين على
يسارهم ونوم الشياطين على وجوههم ).(6
) (1زاد في المصدر :وإذا لم يسم اكل معه الشيطان (2) .المحاسن 432 :رواه عن
ابى ايوب المدائني عن محمد بن ابى عمير عن حسين ابن مختار عن
رجل عن ابى عبد ال عليه السلم (3) .المحاسن 432 :رواه عن ابن
فضال عن ابى جميلة عن محمد بن مروان ورواه ايضا عن محمد بن
سنان عن العلء بن فضيل عن ابى عبد ال عليه السلم ورواه ايضا عن
محمد بن سنان عن حماد بن عثمان عن ربعى بن عبد ال عن الفضيل
عن ابى عبد ال عليه السلم مثله وزاد فيه :فقال :إذا توضأ .إلى آخر
الحديث التى (4) .في المصدر :أو لبس وكل شئ صنعه ينبغى(5) .
المحاسن 432 :و (6) .433الفقيه .264 :4
][204
- 29تفسير المام :قال عليه السلم :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :تعوذوا
بال من الشيطان الرجيم فان من تعوذ بال أعاذه ال ،وتعوذوا من همزاته
ونفخاته ونفثاته ،أتدرون ما هي ؟ أما همزاته :فما يلقيه في قلوبكم من
بغضنا أهل البيت ،قالوا :يارسول ال وكيف نبغضكم بعد ما عرفنا محلكم
من ال ومنزلتكم ؟ قال :أن تبغضوا ) (1أولياءنا وتحبوا أعداءنا .قيل :يا
رسول ال وما نفخاتهم ؟ قال :هي ما ينفخون به عند الغضب في النسان
الذي يحملونه على هلكه في دينه ودنياه ،وقد ينفخون في غير حال
الغضب بما يهلكون به ،أتدرون ما أشد ما ينفخون ؟ وهو ) (2ما ينفخون
بأن يوهموا أن أحدا من هذه المة فاضل علينا أو عدل لنا أهل البيت ،وأما
نفثاته :فانه يرى أحدكم أن شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت
ومن الصلة علينا ) - 30 .(3العلل :باسناده عن جابر النصاري قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :اغلقوا أبوابكم ) (4وخمروا آنيتكم وأوكئوا
أسقيتكم ،فان الشيطان ل يكشف غطاء ول يحل وكاء ) - 31 .(5الكافي:
باسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد ،عن أبي الحسن عليه السلم قال :قال
رسول ال :إذا ركب الرجل الدابة فسمى ردفه ملك يحفظه حتى ينزل ،وإذا
ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول له :تغن ،فان قال له :ل احسن قال له:
تمن
) (1في المصدر :بأن تبغصوا (2) .في المصدر] :هو ما ينفخون[ بل عاطف(3) .
التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم ،244 :اختصره
المصنف (4) .في المصدر] :اجيفوا ابوابكم[ أقول :اجاف الباب :رده،
وخمروا آنيتكم أي غطوها .والوكاء :ما يشد به (5) .علل الشرائع194 :
و ) 269 :2ط قم( رواه عن ابيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد
بن احمد عن محمد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب عمن ذكره عن
ابى عبد ال عليه السلم عن ابيه عن جابر بن عبد ال النصاري.
وللحديث ذيل لم يذكره المصنف هنا(*) .
][205
فل يزال يتمنى حتى ينزل ) - 32 .(1العيون :باسناده عن الرضا ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :في أول يوم من شهر
رمضان تغل مردة الشياطين ) - 33 .(2العلل :عن أبيه عن محمد بن يحيى
عن محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن على بن أسباط ) (3عن أبي
عبد الرحمن قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :ربما ) (4حزنت فل
أعرف في أهل ول مال ول ولد ،وربما فرحت فل أعرف في أهل ول مال
ول ولد فقال :إنه ليس من أحد إل ومعه ملك وشيطان فإذا كان فرحه كان
دنو الملك منه وإذا كان حزنه كان دنوا الشيطان منه ،وذلك قول ال تبارك
وتعالى ) " (5الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء وال يعدكم مغفرة
منه وفضل وال واسع عليم " ) .(6بيان :كأن المراد أن هذا الهم لجل
وساوس الشيطان لكنه ل يتفطن به النسان فيظن أنه بل سبب .أو المراد:
أنه لما كان شأن الشيطان ذلك يصير محض دنوه سببا للهم ،أو أراد
السائل عدم كونه لفوت تلك المور في الماضي ويجري جميع المور في
الملك أيضا - 34 .الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير
عن حماد عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ما من قلب إل وله اذنان على
أحدهما ملك مرشد ،وعلى الخرى
) (1فروع الكافي 540 :6رواه عن على بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن
الدهقان عن درست عن ابراهيم .وللحديث ذيل لم يذكره المصنف ههنا) .
(2عيون اخبار الرضا 228 :وفيه] :المردة من الشياطين[ والحديث
باسناده و تمامه يأتي في باب فضل شهر رجب ) (3في نسخة] :عن
اسباط[ وفى المصدر :عن عباس عن اسباط وفى نسخة منه :الحسن بن
على بن عباس (4) .في المصدر :انى ربما (5) .البقرة (6) .268 :علل
الشرائع.42 :
][206
شيطان مفتن ،هذا يأمره وهذا يزجره ،الشيطان يأمره بالمعاصي ،والملك يزجره
عنها ،وهو قول ال عزوجل " :عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ
من قول إل لديه رقيب عتيد " ) - 35 .(1ومنه :باسناده عن أبي بصير
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن للقلب اذنين فإذا هم العبد بذنب قال
له روح اليمان :ل تفعل ،وقال له الشيطان :افعل ،وإذا كان على بطنها
نزع منه روح اليمان ) - 36 .(2المحاسن :عن أبي طالب عن أنس عن
عياض الليثي ) (3عن أبي عبد ال عن أبيه عليهما السلم قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :إن على ذروة كل بعير شيطانا فامتهنوها لنفسكم
وذللوها ،واذكروا اسم ال عليها كما أمركم ال ) - 37 .(4ومنه :عن
القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن يعقوب بن جعفر قال :سمعت أبا
الحسن عليه السلم قال :الخيل على كل منخر منها شيطان فإذا أراد أحكم
أن يلجمها فليسم ال ) 38 .(5طب الئمة :باسناده قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :أكثروا من الدواجن في بيوتكم تتشاغل بها الشياطين
عن صبيانكم ) - 39 .(6الكافي :باسناده عن سليم بن قيس عن أمير
المؤمنين عليه السلم قال :قال
) (1اصول الكافي ،266 :2والية في سورة ق (2) .18 :اصول الكافي 267 :2
رواه عن الحسين بن محمد عن احمد بن اسحاق عن سعدان عن ابى
بصير .قوله :وإذا كان على بطنها ،فسره في هامش البحار بقوله :يعنى
ان المرء إذا كان مشغول بالزنا نزع روح اليمان كما هو احد الوجوه في
قوله :ل يزنى الزانى وهو مؤمن (3) .الصحيح كما في المصدر :انس بن
عياض الليثى (4) .المحاسن (5) .636 :المحاسن (6) .634 :طب
الئمة.117 :
][207
رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ال حرم الجنة على كل فحاش بذي قليل الحياء
ل يبالي ما قال ول ما قيل له ،فانك إن فتشته لم تجده إل لغية أو شرك
شيطان ،قيل :يا رسول ال وفى الناس شرك شيطان ؟ فقال صلى ال عليه
وآله :أما تقرأ قول ال عزوجل " :وشاركهم في الموال والولد " الخبر
) .(1بيان :في القاموس :ولد غية ويكسر :زنية - 40 .الكافي :باسناده
عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم حيث علمه الدعاء إذا دخلت
عليه امرأته ،وقال فيه :ول تجعل فيه شركا للشيطان ،قال :قلت :وبأي
شئ يعرف ذلك ؟ قال :أما تقرأ كتاب ال عزوجل " :وشاركهم في الموال
والولد " ثم قال :إن الشيطان ليجئ حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل
منها ويحدث كما يحدث وينكح كما ينكح ،قلت :بأي شئ يعرف ذلك ؟ قال:
بحبنا وبغضنا فمن أحبنا كان نطفة العبد ،ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان
) - 41 .(2وقال في حديث آخر :وإن الشيطان يجيئ فيقعد كما يقعد الرجل
وينزل كما ينزل الرجل ) - 42 .(3وفي رواية اخرى عن هشام ،عنه عليه
السلم في النطفتين اللتين للدمي والشيطان إذا اشتركا ،فقال أبو عبد ال
عليه السلم :ربما خلق من أحدهما وربما خلق منهما جميعا ).(4
) (1اصول الكافي 323 :2و .324رواه عن عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد
ابن خالد عن عثمان بن عيسى عن عمر بن اذينة عن ابان بن ابى عياش
عن سليم (2) .فروع الكافي 502 :5رواه الكليني عن الحسين بن محمد
عن معلى بن محمد وعدة من اصحابنا عن احمد بن محمد جميعا عن
الوشاء عن موسى بن بكر عن ابى بصير ،الحديث طويل اورده في كتاب
النكاح (3) .فروع الكافي 503 :5رواه الكليني عن عدة من اصحابنا عن
احمد بن محمد بن خالد عن ابيه عن حمزة بن عبد ال عن جميل بن
دراج عن ابى الوليد عن ابى بصير ،اورد تمام الحديث في كتاب النكاح) .
(4فروع الكافي 503 :5رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن
محمد عن على بن الحكم عن هشام بن سالم عن ابى عبد ال عليه
السلم.
][208
- 43تفسير الفرات :باسناده عن أبي جعفر عليه السلم قال :رأى أمير المؤمنين
عليه السلم على بابه شيخا فعرفه أنه الشيطان فصارعه ) (1وصرعه
قال :قم عني يا علي حتى ابشرك فقام عنه فقال :بم تبشرني يا ملعون ؟
قال :إذا كان يوم القيامة صار الحسن عن يمين العرش والحسين عن يسار
العرش ،يعطيان شيعتهما الجواز من النار ،قال :فقام إليه وقال:
اصارعك ؟ قال :مرة اخرى ) ،(2قال :نعم ،فصرعه أمير المؤمنين قال :قم
عني حتى ابشرك ،فقام عنه فقال :لما خلق ال آدم خرج ذريته من ظهره
مثل الذر فأخذ ميثاقهم فقال " :ألست بربكم قالوا بلى " قال :فأشهدهم
على أنفسهم فأخذ ميثاق محمد وميثاقك فعرف وجهك الوجوه وروحك
الرواح ،فل يقول لك أحد :احبك ،إل عرفته ،ول يقول لك أحد :ابغضك ،إل
عرفته ،قال :قم صار عني ،قال :ثلثة ) ،(3قال :نعم فصارعه وصرعه
فقال ) :(4يا علي ل تبغضني وقم عني حتى ابشرك قال :بلى وأبرأ منك
وألعنك ،قال :وال يابن أبي طالب ما أحد يبغضك إل شركت في رحم امه
وفي ولده ،فقال له :أما قرأت كتاب ال " وشاركهم في الموال والولد "
الية ) - 44 .(5تفسير علي بن إبراهيم :باسناده عن أبي بصير عن أبي
جعفر ) (6في قصة طويلة في
) (1في المصدر] :حدثنى اسماعيل بن ابراهيم الفارسى معنعنا عن ابى جعفر محمد
بن على عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :يا على
قال :لبيك ،قال له :اتى الشيطان الوادي فدار فيه :فلم ير احدا حتى إذا
صار على بابه لقى شيخا فقال :ما تصنع هنا ؟ قال :ارسلني رسول ال
صلى ال عليه وآله قال :تعرفني ؟ قال :ينبغى ان تكون انت يا ملعون فما
بد أن اصارعك قال :ل بد منه ،فصارعه[ أقول :الظاهر ان صدر الحديث
سقط عنه شئ (2) .في المصدر :فقال :اصارعك مرة اخرى (3) .في
المصدر :ثالثة (4) .في المصدر .فصارعه فاعرقه ثم صرعه امير
المؤمنين عليه السلم قال (5) .تفسير فرات 40 :والية في السراء:
(6) .64فيه وهم والموجود في المصدر :حدثنى ابى عن فضالة بن
ايوب عن معاوية بن عمار عن ابى عبد ال عليه السلم .وذكره المصنف
صحيحا في كتاب النبوة.
][209
حج إبراهيم وذبحه ابنه إلى أن قال :وسلما لمر ال ،وأقبل شيخ فقال :يا إبراهيم
ما تريد من هذا الغلم ؟ قال :اريد أن أذبحه ،فقال :سبحان ال تذبح غلما
لم يعص ال عزوجل طرفة عين ؟ فقال إبراهيم :إن ال أمرني بذلك ،فقال:
ربك ينهاك عن ذلك ،وإنما أمرك بهذا الشيطان ،فقال له إبراهيم إن الذي
بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به والكلم الذي وقع في اذني ) ،(1فقال:
ل وال ما أمرك بهذا إل الشيطان فقال إبراهيم :ل وال ل اكلمك .ثم عزم
إبراهيم على الذبح فقال :يا إبراهيم إنك إمام يقتدى بك ،وإنك إذا ذبحته
ذبح الناس أولدهم ،فلم يكلمه وأقبل على الغلم واستشاره في الذبح -
وساق الحديث في الفداء إلى قوله -ولحق إبليس بام الغلم حين نظرت
إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها :ما شيخ رأيته ،قالت :إن
ذلك بعلي ،قال :فوصيف رأيته معه ،قالت :ذلك ابني ،قال :فاني رأيته وقد
أضجعه وأخذ المدية ليذبحه فقالت :كذبت إن إبراهيم أرحم الناس كيف
يذبح ابنه ؟ قال :فورب السماء والرض ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه
وأخذ المدية ،فقالت :ولم ؟ قال :يزعم أن ربه أمره بذلك ،قالت :فحق له
أن يطيع ربه ،فوقع في نفسها أنه قد امر في ابنها بأمر .فلما قضت
مناسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى وهي واضعة يدها على
رأسها تقول :ربي ل تؤآخدني بما عملت بام إسماعيل ) (2الحديث- 45 .
العلل :عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن سهل بن زياد عن الحسن
بن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :إن آدم
) (1لعله معطوف على الموصول المتقدم أي الكلم الذى وقع في اذنى امرني بهذا
فيكون كالتفسير لقوله :الذى بلغني هذا المبلغ ،أو المراد بالول الرب
تعالى وبالثانى وحيه ويحتمل ان يكون خبرا لمبتدء محذوف أي وهو
الكلم الذى وقع في اذنى ،وفى الكافي :ويلك الكلم الذى سمعت هو الذى
بلغ بى ما ترى .قاله المصنف (2) .تفسير القمى 559 - 557 :اورده
المصنف بتمامه في كتاب النبوة راجع ج .127 - 125 .12
][210
عليه السلم لما هبط من الجنة اشتهى من ثمارها فأنزل ال تبارك وتعالى عليه
قضيبين من عنب فغرسهما فلما أورقا وأثمرا وبلغا جاء إبليس فحاط
عليهما حائط ،فقال له آدم :ما لك يا ملعون ؟ فقال له إبليس :إنهما لي،
فقال :كذبت ،فرضيا بينها بروح القدس فلما انتهيا إليه قص آدم عليه
السلم قصته فأخذ روح القدس شيئا من نار فرمى بها عليهما فالتهبت في
أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منهما شئ إل احترق وظن إبليس مثل
ذلك قال :فدخلت النار حيث دخلت وقد ذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث،
فقال الروح :أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه ال وما بقي فلك يا آدم )
.(1الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابه عن أحمد بن
محمد وسهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب مثله ) - 46 .(2ومنه :عن
علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن
بن علي بن أبي حمزة ) (3عن إبراهيم عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
إن ال تبارك وتعالى لما أهبط آدم عليه السلم أمره بالحرث والزرع
وطرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل والعنب والزيتون
والرمان فغرسها لتكون لعقبه وذريته فأكل هو من ثمارها ،فقال له إبليس
لعنه ال :يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الرض وقد كنت بها
قبلك ؟ ائذن لي آكل منه شيئا ،فأبى أن يطعمه ) ،(4فجاء عند آخر عمر
آدم فقال لحوا :إنه قد أجهدني الجوع والعطش ،فقالت له ) (5حواء عليها
السلم :إن آدم عهد إلي
) (1علل الشرائع 163 :وج ) 162 :2ط قم( فيه :فحظ لبليس (2) .فروع الكافي
393 :9فيه] :قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن اصل الخمر كيف
كان بدء حللها وحرامها ومتى اتخذ الخمر ؟ فقال :ان[ وفيه) :ما حالك
يا ملعون( وفيه] :ضغثا من نار ورمى به والعنب في اغصانهما[ وفيه:
لم يبق منهما (3) .في المصدر :عن على بن ابى حمزة (4) .في
المصدر :فابى آدم عليه السلم أن يدعه فجاء ابليس (5) .في المصدر:
فقالت له حواء :فما الذى تريد ؟ قال :اريد ان تذيقني من هذه الثمار
فقالت حواء.
][211
أن ل اطعمك شيئا من هذا الغرس لنه من الجنة ول ينبغي لك أن تأكل ) (1منه
فقال لها :فاعصري في كفي منه شيئا فأبت عليه ،فقال :ذريني أمصه ول
آكله ،فأخذت عنقودا من عنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه شيئا ،لما كانت
حواء قد أكدت عليه ،فلما ذهب يعضه جذبته ) (2حواء من فيه فأوحى ال
عزوجل إلى آدم عليه السلم إن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس لعنه
ال وقد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس إبليس ،فحرمت
الخمر لن عدو ال إبليس مكر بحواء حتى مص العنبة ) ،(3ولو أكلها
لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها وجميع ثمارها ) (4وما يأكل )(5
منها ،ثم إنه قال لحواء عليها السلم :فلو أمصصتني شيئا من هذا التمر
كما أمصصتني من العنب ،فأعطته تمرة فمصها ،وكانت ) (6العنبة والتمر
أشد رائحة وأزكى من المسك الذفر وأحلى من العسل ،فلما مصهما عدو
ال ذهبت رائحتهما وانتقصت حلوتهما .قال أبو عبد ال عليه السلم :ثم
إن إبليس الملعون ذهب ) (7بعد وفاة آدم عليه السلم فبال في أصل
الكرمة والنخلة فجرى الماء في عروقهما ) (8ببول عدو ال ،فمن ثم
يختمر العنب والتمر فحرم ال عزوجل على ذرية آدم كل مسكر لن الماء
جرى ببول عدو ال في النخلة والعنب وصار كل مختمر خمرا لن الماء
اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو ال ابليس لعنه ال ).(9
) (1في المصدر :منه شيئا (2) .هكذا في النسخ وفيه وهم والصحيح كما في
المصدر :فلما ذهب يعض عليه جذبته (3) .في المصدر :العنب (4) .في
المصدر :وجميع ثمرها (5) .في المصدر :وما يخرج منها (6) .في
المصدر :وكانت العنب (7) .في المصدر :ثم ان ابليس ذهب (8) .في
المصدر :على عروقهما من بول عدو ال (9) .فروع الكافي 392 :6و
.394
][212
بيان قوله عليه السلم :فمن ثم يختمر العنب ،أي يغلي وينتن ويصير مسكرا .قوله
عليه السلم :لن الماء اختمر في النخلة ،أي غلى وتغير وأنتن من رائحة
بول عدو ال .قال الفيروز آبادي :الخمر بالتحريك :التغير عما كان عليه،
وقال :اختمار الخمر :إدراكها وغليانها انتهى .ويحتمل أن يكون المراد
باختمار العنب والتمر :تغطية أوانيهما ليصيرا خمرا وكذا اختمار الماء
المراد به احتباسه في الشجرة لكنه بعيد .وأقول :الخبار بهذا المضمون
كثيرة سيأتي بعضها في محالها - 47 .تفسير المام :قيل للمام عليه
السلم :فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا فقال :ل بل من الجن ،أما
تسمعون ) (1ال عزوجل يقول " :وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا
إل ابليس كان من الجن " ) (2وهو الذي قال ال عزوجل " :والجان
خلقناه من قبل من نار السموم " إلى آخر ما مر في قصة هاروت وماروت
) - 48 .(3النهج :في خطبة يذكر فيها خلقة آدم عليه السلم قال صلوات
ال عليه :واستأدى ال سبحانه وتعالى الملئكة وديعته لديهم وعهد
وصيته إليهم في الذعان بالسجود له والخنوع ) (4لتكرمته فقال" :
اسجدوا لدم " فسجدوا إل ابليس وقبيله ) (5اعترتهم الحمية وغلبت
عليهم الشقوة ) (6وتعززوا بخلقة النار واستوهنوا خلق الصلصال
) (1في المصدر :اما تسمعان (2) .زاد في المصدر بعد الية :فاخبر انه كان من
الجن (3) .التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم194 :
والية الولى في الكهف 50 :والثانية في الحجر (4) .27 :في نسخة من
المصدر :الخشوع (5) .لم يذكر كلمة ]وقبيله[ في النسخة المطبوعة
بمصر ول في الشرح لبن ابى الحديد ،وذكر فيهما الضمائر التية كلها
بلفظ المفرد (6) .الشقوة بكسر الشين وفتحها :ما حتم عليه من الشقاء
والشقاء ضد السعادة وهو النصب الدائم واللم الملزم.
][213
فأعطاه النظرة ) (1استحقاقا للسخطة واستتماما للبلية وإنجازا للعدة فقال " :انك
من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " ) (2ثم أسكن سبحانه آدم دارا
أرغد فيها عيشه وآمن فيها محلته وحذره إبلس وعداوته ،فاغتره عدوه
نفاسة عليه بدار المقام ومرافقة ) (3البرار ) .(4توضيح ،استأدى وديعته
أي طلب أداءها ،والوديعة اشارة إلى قوله تعالى " :وان قال ربك للملئكة
إني خالق بشرا " ) (5الية ،والخنوع :الخضوع .والقبيل في الصل:
الجماعة تكون من الثلثة فصاعدا من قوم شتى ،فان كانوا من أب واحد
فهم قبيلة ،وضم القبيل ) (6هنا إلى ابليس غريب فانه لم يكن له في هذا
الوقت ذرية ولم يكن أشباهه في السماء فيمكن أن يكون المراد به أشباهه
من الجن في الرض بأن يكونوا مأمورين بالسجود أيضا ،وعدم ذكرهم في
اليات وسائر الخبار لعدم العتناء بشأنهم ،أو المراد به طائفة خلقها ال
تعالى في السماء غير الملئكة ،ويمكن أن يكون المراد بالقبيل ذريته
ويكون إسناد عدم السجود إليهم لرضاهم بفعله كما قال عليه السلم في
موضع آخر :إنما يجمع الناس الرضا والسخط وإنما عقر ناقة ثمود رجل
واحد فعمهم ال بالعذاب لما عموه بالرضا فقال سبحانه " :فعقروها )(7
فأصبحوا نادمين " ).(8
) (1النظرة المهلة (2) .ص 80 :و (3) .81أي مرافقته مع الملئكة البرار ،أو
اعم منهم وممن يأتي بعد ذلك من النبياء والصلحاء (4) .نهج البلغة
24 :1و (5) .25الحجر (6) .28 :قد عرفت أن النسخة المطبوعة
بمصر والشرح لبن ابى الحديد هما خاليان عنها (7) .الشعراء) .157 :
(8نهج البلغة .442 :1
][214
اعترتهم أي غشيتهم ،والتعزز :التكبر ،واستوهنه أي عده وهنا ضعيفا ،نفاسة أي
بخل - 49 .النهج :في الخطبة القاصعة قال أمير المؤمنين عليه السلم:
الحمد ل الذي لبس العز والكبرياء واختارهما لنفسه دون خلقه وجعلهما
حمى ) (1وحرما على غيره واصطفاهما لجلله وجعل اللعنة على من
نازعه فيهما من عباده ،ثم اختبر بذلك ملئكته المقربين ليميز المتواضعين
منهم من المستكبرين ،فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب
ومحجوبات الغيوب " :إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه
من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملئكة كلهم أجمعون إل إبليس " )(2
اعترضته الحمية فافتخر على آدم بخلقه وتعصب عليه لصله ،فعدو ال
إمام المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية ) (3ونازع
ال رداء الجبرية وادرع لباس التعزز وخلع قناع التذلل -إلى قوله :-
فاعتبروا بما كان من فعل ال بابليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد
وكان قد عبد ال ستة آلف سنة ل يدرى أمن سني الدنيا أم من سني
الخرة عن كبر ) (4ساعة واحدة ،فمن بعد إبليس يسلم ) (5على ال بمثل
معصيته ؟ كل ما كان ال سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به ملكا،
إن حكمه في أهل السماء وأهل الرض لواحد ،وما بين ال وبين أحد من
خلقه هوادة ) (6في إباحة حمى حرمه على العالمين :فاحذروا عباد ال
عدو ال أن يعديكم ) (7بدائه وأن
) (1الحمى ما حميته عن وصول الغير إليه والتصرف فيه (2) .ص) .74 - 71 :
(3أبان عليه السلم ان العصبية بكل معانيه من التعصب القومي
والجنسى واللونى من الشيطان فالسلم برئ من كل تعصب (4) .متعلق
باحبط أي اضاع عمله بسبب كبر ساعة (5) .أي يسلم من عقابه(6) .
الهوادة :اللين والرخصة (7) .اعداه من علة أو خلق :اكسبه مثل ما به
من العلة أو الخلق.
][215
يستفزكم ) (1بخيله ورجله ،فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد وأغرق بكم بالنزع
الشديد ) (2ورماكم من مكان قريب ) ،(3وقال " :رب بما أغويتني لزينن
لهم في الرض ولغوينهم أجمعين " ) (4قذفا بغيب بعيد ورجما بظن غير
مصيب ) (5فصدقه به أبناء الحمية واخوان العصبية وفرسان الكبر
والجاهلية -إلى قوله عليه السلم - :فاجعلوا عليه حدكم ) (6وله جدكم
فلعمر ال لقد فخر على أصلكم ووقع في حسبكم ودفع في نسبكم وأجلب
بخيله عليكم وقصد برجله سبيلكم ) .(7إلى آخر الخطبة .بيان :ل يدرى.
على صيغة المجهول ،وفي بعض النسخ على المتكلم المعلوم ،فعلى الول
ل يدل على عدم علمه عليه السلم وعلى الثاني أيضا المراد به غيره
وأدخل نفسه تغليبا ،والبهام لمصلحة كعدم تحاشي السامعين من طول
المدة أو غيره .قوله عليه السلم :اخرج به منها ملكا ،ظاهره أن ابليس
كان من الملئكة ،ويمكن الجواب بان اطلق الملك عليه لكونه من الملئكة
بالولء .وقال بعض شراح النهج :يسلم على ال أي يرجع إليه سالما من
طرده ولعنه تقول :سلم علي هذا الشئ :إذا رجع إليك سالما ولم يلحقه
تلف ،والباء للمصاحبة كما في قوله :بأمر ،وأما الباء في " به " فيحتمل
المصاحبة والسببية وقد مر تمام الخطبة وشرحها - 50 .المحاسن :عن
عبد ال بن الصلت عن أبي هدية ) (8عن أنس بن مالك ان
) (1في المصدر :وان يستفزكم بندائه وان يجلب عليكم بخيله ورجله (2) .اغرق
النازع :إذا استوفى مد قوسه (3) .لنه يجرى من ابن آدم مجرى الدم) .
(4الحجر (5) .39 :في المصدر :بظن مصيب (6) .أي غضبكم وحدتكم.
) (7نهج البلغة (8) .399 - 396 :1هكذا في الكتاب ومصدره
والظاهر انه مصحف والصحيح :هدبة بالباء وهو ابراهيم بن هدبة أبو
هدبة الفارسى صاحب أنس ترجمه ابن حجر في لسان الميزان 119 :1
و 120وقال :بقى إلى سنة مائتين :وترجمه ايضا ابو نعيم في تاريخ
اصبهان .170 :1
][216
رسول ال صلى ال عليه وآله كان ذات يوم جالسا على باب الدار معه علي بن أبي
طالب عليه السلم إذ أقبل شيخ فسلم على رسول ال صلى ال عليه وآله
ثم انصرف فقال رسول ال صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم :أتعرف
الشيخ :فقال له على :ما أعرفه ،فقال صلى ال عليه وآله :هذا إبليس،
فقال علي عليه السلم :لو علمت ) (1يا رسول ال لضربته ضربة بالسيف
فخلصت امتك منه ،قال :فانصرف إبليس إلى علي عليه السلم فقال له:
ظلمتني يا أبا الحسن ،أما سمعت ال عزوجل يقول " :فشاركهم في
الموال والولد " ؟ فوال ما شركت أحدا أحبك في امه ) - 51 .(2ومنه
عن علي بن حسان الواسطي رفع الحديث قال :أتت امرأة من الجن إلى
رسول ال صلى ال عليه وآله فآمنت به وحسن اسلمها فجعلت تجيئه في
كل اسبوع فغابت عنه أربعين يوما ثم أتته فقال لها رسول ال صلى ال
عليه وآله :ما الذي أبطأ بك يا جنية فقالت :يا رسول ال أتيت البحر الذي
هو محيط بالدنيا في أمر أردته ،فرأيت على شط ذلك البحر صخرة خضراء
وعليها رجل جالس قد رفع يديه إلى السماء وهو يقول " :اللهم إني أسألك
بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إل ما غفرت لي " فقلت له:
من أنت ؟ قال :أنا إبليس ،فقلت :ومن أين تعرف هؤلء ؟ قال :إني عبدت
ربي في الرض كذا وكذا سنة ،وعبدت ربي في السماء كذا وكذا سنة ،ما
رأيت في السماء اسطوانة إل وعليها مكتوب :ل إله إل ال ،محمد رسول
ال علي أمير المؤمنين أيدته به ) - 52 .(3ومنه عن القاسم بن محمد
الصفهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :ظهر ابليس ليحيى بن زكريا عليه السلم وإذا عليه
معاليق من كل شئ ،فقال له يحيى :ما هذه المعاليق يا إبليس ؟ فقال :هذه
الشهوات التي أصبتها من ابن آدم ،قال :فهل لي منها شئ ؟ قال :ربما
شبعت فثقلتك عن الصلة والذكر قال يحيى :ل علي أن ل أمل بطني من
طعام أبدا ،فقال إبليس :ل علي أن ل أنصح مسلما أبدا ،ثم قال أبو عبد ال
عليه السلم :يا حفص ول على جعفر وآل جعفر أن ل يملؤا بطونهم من
طعام أبدا ول على جعفر وآل جعفر أن ل يعملوا للدنيا أبدا ).(4
) (1في نسخة :لو علمته (2) .المحاسن (4) .332 :المحاسن 439 :و .440
][217
بيان :ثقلتك ،على صيغة الغيبة أي الشبعة ،ويحتمل التكلم بحذف العائد- 53 .
المحاسن :عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال :قال علي بن أبي طالب
عليه السلم :إن لبليس كحل وسفوفا ولعوقا ،فاما كحله فالنوم وأما
سفوفه فالغضب وأما لعوقه فالكذب ) .(1بيان :مناسبة الكحل للنوم ظاهر،
وأما السفوف للغضب فلن أكثر السفوفات من المسهلت التي توجب
خروج المور الردية ،والغضب أيضا يوجب صدور ما ل ينبغي من النسان
وبروز الخلق الذميمة به ويكثر منه ،وفي القاموس :سففت الدواء
بالكسر سفا واستففته :قمحته أو أخذته غير ملتوت ،وهو سفوف كصبور
انتهى ،وأما اللعوق فلنه غالبا مما يتلذذ به ويكثر منه ،والكذب كذلك،
وفي النهاية :فيه إن للشيطان لعوقا ودسوما ،اللعوق بالفتح :اسم لما يلعق
به أي يؤكل بالملعقة ،والدسام بالكسر :ما يسد به الذن فل تعي ذكرا ول
موعظة ) - 54 .(2العياشي :عن جميل بن دراج قال :سألت ابا عبد ال
عليه السلم عن إبليس أكان من الملئكة أو كان يلي شيئا من أمر
السماء ؟ فقال :لم يكن من الملئكة وكانت الملئكة ترى أنه منها ،وكان
ال يعلم أنه ليس منها ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء ول كرامة فأتيت
الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكر وقال :كيف ل يكون من الملئكة وال
يقول للملئكة " :اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس " فدخل عليه الطيار
فسأله وأنا عنده فقال له :جعلت فداك قول ال عزوجل " :يا أيها الذين
آمنوا " ) (3في غير مكان
) (1المحاسن (2) :وفى النهاية :كل شئ سددته فقد دسمته يعنى ان وساوس
الشيطان مهما وجدت منفذا دخلت فيه (3) .الظاهر أن الطيار سأل عن
هذه الية توطئة لن يستشكل عليه عليه السلم زعما انه عليه السلم
يقول بخروج المنافقين عن الخطاب في قوله :يا ايها الذين آمنوا،
فيستشكل بأن المنافقين حيث انهم خارجون عن هذه المخاطبة فكذلك
ابليس ايضا خارج عن الملئكة ،وحيث انه عليه السلم ابان أن
المنافقين داخلون في قوله :يا ايها الذين آمنوا ،لم يجد للشكال سبيل- .
--
][218
في مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذه المنافقون ؟ قال :نعم يدخل في هذه المنافقون
والضلل وكل من أقر بالدعوة الظاهرة ) .(1كا :أبو علي الشعري عن
محمد بن عبد الجبار عن علي بن حديد عن جميل مثله )- 55 .(2
العياشي :عن جميل بن دراج عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سألته عن
إبليس أكان من الملئكة أو هل كان يلي شيئا من أمر السماء ؟ قال :لم يكن
من الملئكة ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء وكان من الجن وكان مع
الملئكة وكانت الملئكة ترى أنه منها وكان ال يعلم أنه ليس منها ،فلما
أمر بالسجود كان منه الذي كان ) .(3بيان :قوله عليه السلم :ترى أنه
منهم أي في طاعة ال وعدم العصيان لمواظبته على
- - -وقال المصنف في كتاب النبوة ذيل الخبر :حاصل الحديث ان ال تعالى انما
ادخله في لفظ الملئكة لنه كان مخلوطا بهم وكونه ظاهرا منهم ،وانما
وجه الخظاب في المر بالسجود إلى هؤلء الحاضرين وكان من بينهم
فشمله المر ،أو المراد انه خاطبهم بيا ايها الملئكة مثل وكان ابليس
ايضا مأمورا لكونه ظاهرا منهم ومظهرا لصفاتهم ،كما ان الخطاب يا ايها
الذين آمنوا يشمل المنافقين لكونهم ظاهرا من المؤمنين ،واما ظن
الملئكة فيحتمل أن يكون المراد انهم ظنوا انه منهم في الطاعة وعدم
العصيان لنه يبعد أن ل يعلم الملئكة انه ليس منهم مع انهم رفعوه إلى
السماء واهلكوا قومه فيكن من قبيل قولهم " :سلمان منا اهل البيت "
على انه يحتمل أن يكون الملئكة ظنوا انه كان ملكا جعله ال حاكما على
الجان ،ويحتمل أن يكون هذا الظن من بعض الملئكة الذين لم يكونوا بين
جماعة منهم قتلوا الجان ورفعوا ابليس .راجع ج (1) .148 :11تفسير
العياشي (2) .33 :1الروضة 274 :فيه] :فقال :لم يكن من الملئكة ولم
يكن يلى شيئا من امر السماء ول كرامة فاتيت[ وفيه] :فانكره[ وفيه:
]واذ قلنا للملئكة اسجدوا الخ[ وفيه ،جعلت فداك رأيت قوله عزوجل،
وفيه :من مخاطبة (3) .تفسير العياشي ،34 :1
][219
عبادته سبحانه أزمنة متطاولة لبعد عدم علم الملئكة بأنه ليس منهم بعد أن أسروه
من الجن ورفعوه إلى السماء فيكون من قبيل قولهم عليهم السلم" :
سلمان منا أهل البيت " أو أنهم لما رأوا تباين أخلقه ظاهرا للجن وتكريم
ال تعالى إياه وجعله من بينهم بل جعله رئيسا على بعضهم كما قيل ظنوا
أنه كان منهم وقع بين الجن ،أو أن الظان كان بعض الملئكة- 56 .
العياشي :عن يونس ) (1عن بعض أصحابه عن أبي عبد ال عليه السلم
في قول ال " :ولمرنهم فليغيرن خلق ال " قال :أمر ال بما أمر به ).(2
- 57ومنه عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم في قول ال " :ولمرنهم
فليغيرن خلق ال " قال :دين ال ) .(3بيان :فسر عليه السلم في الخبر
الول خلق ال بأمر ال وفي الثاني بدين ال ،وقال الطبرسي رحمه ال:
قيل :يريد دين ال وأمره عن ابن عباس وابراهيم ومجاهد والحسن
وقتادة ،وهو المروي عن أبي عبد ال عليه السلم ،ويؤيده قوله سبحانه:
" فطرة ال التي فطر الناس عليها ل تبديل لخلق ال " ) (4وأراد بذلك
تحريم الحلل وتحليل الحرام ،وقيل :أراد الخصاء ،وقيل :إنه الوشم،
وقيل :إنه أراد الشمس والقمر والحجارة عدلوا عن النتفاع بها إلى
عبادتها ) - 58 .(5العياشي عن جابر عن النبي صلى ال عليه وآله قال:
كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا ،قال :لما أكل آدم من
الشجرة تغنى ،فلما أهبط حدا به ،فلما استقر على الرض ناح فأذكره ما
في الجنة ،فقال آدم :رب هذا الذي جعلت بينى وبينه العداوة لم أقو عليه
وأنا في الجنة وإن لم تعني عليه لم أقو عليه ،فقال ال:
) (1في المصدر :محمد بن يونس (2) .تفسير العياشي (3) .276 :1المصدر :1
(4) .276الروم (5) .30 :مجمع البيان .113 :3
][220
السيئة بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة قال :رب زدنى قال :ل يولد لك
ولد إل جعلت معه ملكا ) (1أو ملكين يحفظانه ،قال :رب زدني ،قال :التوبة
مفروضة ) (2في الجسد ما دام فيها الروح ،قال :رب زدني ،قال :أغفر
الذنوب ول ابالي قال :حسبي قال :فقال ابليس :رب هذا الذي كرمت علي
وفضلته وإن لم تفضل علي لم أقو عليه قال :ل يولد له ولد إل ولد لك
ولدان ،قال :رب زدني ،قال :قال تجري منه مجرى الدم في العروق ،قال
ربي زدني ،قال تتخذ أنت وذريتك في صدورهم مساكن قال :رب زدني،
قال :تعدهم وتمنيهم وما يعدهم الشيطان إل غرورا ) - 59 .(3ومنه عن
داود بن فرقد عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن الملئكة كانوا يحسبون
أن إبليس منهم وكان في علم ال أنه ليس منهم فاستخرج ال ما في نفسه
بالحمية فقال :خلقتني من نار وخلقته من طين ) - 60 .(4ومنه عن أبي
بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال :الصراط الذي قال إبليس" :
لقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لتينهم من بين أيديهم " الية ،هو علي
عليه السلم ) - 61 .(5ومنه عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي
جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم عن قوله :يا بني آدم ،قال :هي عامة )
.(6أقول :ذكر الخبر في قوله تعالى :يا بني آدم ل يفتننكم الشيطان )(7
- 62ومنه عن بكر بن محمد الزدي عن عمه عبد السلم عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :قال :يا عبد السلم احذر الناس ونفسك ،فقلت :بأبي أنت
وامي أما الناس فقد أقدر على أن أحذرهم وأما نفسي فكيف ؟ قال :إن
الخبيث يسترق السمع يجيئك
) (1لم يذكر في المصدر قوله :ملكا (2) .في المصدر :معروضة (3) .تفسير
العياشي 4) .276 :1و (5تفسير العياشي 9 :2والية في سورة
العراف (6) .26 :تفسير العياشي (7) .11 :2العراف.27 :
][221
فيسترق ثم يخرج في صورة آدمي فيقول :قال عبد السلم :فقلت :بأبي أنت وامي
هذا ما ل حيلة له ،قال :هو ذاك ) .(1بيان :الظاهر أن المراد به ما تلفظ به
من معايب الناس وغيرها من المور التي يريد إخفاءها فيكون مبالغ في
التقية ،ويحتمل شموله لما يخطر بالبال فيكون الغرض رفع الستبعاد عما
يخفيه النسان عن غيره ثم يسمعه من الناس وهذا كثير والمراد بالخبيث
الشيطان - 63 .تأويل اليات الباهرة :بحذف السناد مرفوعا إلى وهب بن
جميع عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سألته عن إبليس وقوله " :رب
فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت
المعلوم " أي يوم هو ؟ قال :يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث ال الناس ؟ ل
ولكن ال عزوجل أنظره إلى يوم يبعث ال قائمنا فيأخذ بناصيته فيضرب
عنقه فذلك اليوم هو الوقت المعلوم ) - 64 .(2الكافي :عن العدة عن
البرقي عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز عن سليمان بن خالد
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى
إبليس من موت فقيه ) - 65 .(3ومنه عن علي بن إبراهيم عن محمد بن
عيسى عن يونس عن هارون بن خارجة عن زيد الشحام عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :سمعته يقول :إن العبد إذا سجد فأطال السجود نادى
إبليس :يا ويله ) (4أطاع وعصيت وسجد وأبيت ) .(5توضيح :قال في
النهاية :في حديث أبي هريرة :إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل
الشيطان يبكي ويقول :يا ويله.
) (1تفسير العياشي (2) .239 :2تأويل اليات الباهرة 268 :و 287من نسختي،
والية في سورة ص (3) .81 - 79 :اصول الكافي (4) .38 :1في
المصدر :يا ويله (5) .الفروع ) 264 :3طبعة الخوندى(.
][222
الويل :الحزن والهلك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة دعا بالويل
ومعنى النداء فيه :يا ويلي ويا حزني ويا هلكي ويا عذابي احضر فهذا
وقتك وأوانك فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من المر الفظيع
والشدة ) ،(1وعدل عن حكاية قول ابليس يا ويلى ،كراهة أن يضيف الويل
إلى نفسه ) - 66 .(2الخصال :عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن أحمد بن
محمد عن ابن عيسى عن الحسن بن علي عن عمر عن أبان بن عثمان )
(3عن العلء بن سيابة عن أبي عبد ال عليه السلم قال :لما هبط نوح
عليه السلم من السفينة أتاه إبليس فقال له :ما في الرض رجل أعظم منة
علي منك ،دعوت ال على هولء الفساق فأرحتني منهم ،أل اعلمك
خصلتين ؟ إياك والحسد فهو الذي عمل بي ما عمل ،وإياك والحرص فهو
الذي عمل بآدم ما عمل ) - 67 .(4ومنه :بهذا السناد عن أحمد بن محمد
عن محمد البرقي عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن
أبي جعفر عليه السلم قال :لما دعا نوح عليه السلم ربه عزوجل على
قومه أتاه إبليس لعنه ال فقال :يا نوح إن لك عندي يدا اريد أن اكافيك
عليها ،فقال نوح عليه السلم :إنه ليبغض ) (5إلي أن يكون لك عندي يد،
فما هي ؟ قال :بلى دعوت ال على قومك فاغرقتهم فلم يبق أحد اغويه فأنا
مستريح حتى ينشأ قرن آخر واغويهم ) (6فقال له نوح عليه السلم :ما
الذي تريد أن تكافئني به ؟ قال :اذكرني
) (1في النهاية :من المر الفظيع وهو الندم على ترك السجود لدم عليه السلم،
وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حمل على المعنى ،وعدل (2) .النهاية
(3) .250 :4هكذا في النسخ وفيه وهم والصحيح كما في طبعة الغفاري
وفى مشيخة الفقيه :سعد بن عبد ال عن احمد بن محمد بن عيسى عن
الحسن بن على عن ابان بن عثمان (4) .الخصال 50 :1طبعة الغفاري.
) (5في المصدر :وال انى ليبغض (6) .في المصدر :فاغويهم.
][223
في ثلث مواطن ) (1فاني أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحداهن :اذكرني إذا
غضبت ،واذكرني إذا حكمت بين اثنين ،واذكرني إذا كنت مع امرأة خاليا
ليس معكما أحد ) - 68 .(2ومنه :بالسناد المتقدم عن محمد البرقي عن
عبد الرحمن بن محمد العرزمي ) (3عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
يقول إبليس لعنه ال :ما أعياني في ابن آدم فلم يعيني منه واحدة من
ثلثة :أخذ مال من غير حله ،أو منعه من حقه ،أو وضعه في غير وجهه )
.(4بيان :أي أي شئ أعجزني في إضلل ابن ادم في أمر من المور
ومعصية من المعاصي فل أعجز عن إضلله في أحد هذه المور الثلثة
فاغويه في واحدة منها أي غالبا - 69 .الخصال :عن محمد بن الحسن عن
محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن محمد بن
إسماعيل عن الحسن بن ظريف عن أبي عبد الرحمن عن معاوية بن عمار
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :الباء ثلثة :آدم ولد مؤمنا ،والجان،
ولد كافرا ) (5وإبليس ولد كافرا وليس فيهم نتاج ،إنما يبيض ويفرخ،
وولده ذكور ليس فيهم إناث ) - 70 .(6مجالس ابن الشيخ :عن أحمد بن
هارون بن الصلت عن أحمد بن محمد بن
) (1في المصدر :في ثلثة مواطن (2) .الخصال (3) .132 :1العرزمى بتقديم
الراء المهملة على الزاى المعجمة نسبة إلى عرزم :بطن من فزارة
وجبانة عرزم بالكوفة معروفة ولعل هذا البطن نزلوا بها فنسب إليهم) .
(4الخصال (5) .132 :1في المصدر :والجان ولد مؤمنا وكافرا(6) .
الخصال .152 :1
][224
) (1في المطبوع] :شبير بن ابراهيم[ والرجل غير مذكور في الرجال ) (2في
النسخة المخطوطة] :سليم[ ولعله مصحف ،وسليمان بن بلل المدنى
مترجم في كتب الفريقين ال ان طبقته ل يناسب روايته عن الرضا عليه
السلم لنه مات سنة 177ولذا عده الشيخ وغيره من رجال الصادق
عليه السلم ،واورده ابن داود في أصحاب الرضا عليه السلم نقل عن
رجال الشيخ ولكنه وهم (3) .في المصدر :وأجاف عليه الباب (4) .في
المصدر :وإذا عيناه مشقوقتان طول وفمه مشقوق طول واسنانه وفمه
عظما واحدا بل ذقن ول لحية(*) .
][225
فقال :هذه المجوسية أنا الذي سننتها وزينتها لهم ،فقال له :ما هذه الخيوط اللوان
قال له :هذه جميع أصناع النساء ل تزال المرأة تصنع الصنيع ) (1حتى
يقع مع لونها فأفتن ) (2الناس بها ؟ فقال له :فما هذا الجرس الذي بيدك ؟
قال :هذا مجمع كل لذة من طنبور وبربط ومعزفة وطبل وناى وصرناي،
وإن القوم ليجلسون على شرابهم فل يستلذونه فاحرك الجرس فيما بينهم
فإذا سمعوه استخفهم الطرب فمن بين من يرقص ومن بين من يفرقع
أصابعه ومن بين من يشق ثيابه ،فقال له :وأي الشياء أقر لعينك ؟ قال:
النساء هن فخوخي ومصائدي ،فاني إذا اجتمعت على دعوات الصالحين
ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن ،فقال له يحيى عليه السلم:
فما هذه البيضة التي على رأسك ؟ قال :بها أتوقى دعوة المؤمنين ،قال:
فما هذه الحديدة التي أرى فيها ؟ قال :بهذه اقلب قلوب الصالحين ،قال
يحيى عليه السلم :فهل ظفرت بي ساعة قط قال :ل ولكن فيك خصلة
تعجبني ،قال يحيى :فما هي ؟ قال :أنت رجل أكول فإذا أفطرت أكلت
وبشمت ) (3فيمنعك ذلك من بعض صلتك وقيامك بالليل ،قال يحيى عليه
السلم :فاني اعطي ال عهدا أني ل أشبع من الطعام حتى ألقاه ،قال له
إبليس :وأنا أعطي ال عهدا أني ل أنصح مسلما حتى ألقاه ،ثم خرج فما
عاد إليه بعد ذلك ) .(4بيان :قوله :وحبا ،الظاهر زيادة الواو أو هو عطف
على مفعول له الخر مثله أي أفعله طاعة وحبا ،حتى ساواه أي حاذاه
محاذ ،يقال :ساواه مساواة :ماثله وعادله قدرا أو قيمة ،وفي القاموس:
الخوخة :كوة تؤدي الضوء إلى البيت ،ومخترق ما بين كل دارين ما عليه
باب ،والكلب كتفاح :ما يقال له بالفارسية :قلب قوله :أصناع النساء ،في
أكثر النسخ بالصاد والعين المهملتين والنون ،وفي بعضها بالصاد
) (1في المصدر :اصباغ النساء ل تزال المرأة تصبغ الصبغ (2) .في المصدر:
فافتتن (3) .لعل المراد بها الشبع لن الكل على حد التخمة مناف لزهادة
يحيى عليه السلم وعلمه بانه مضر للجسد ،أو الصحيح ما في بعض
النسخ من انه :ونمت (4) .مجالس ابن الشيخ.216 :
][226
والباء والغين المعجمة وبعده " :ل تزال المرأة تصنع الصنيع " على الول ،و "
تصبغ الصبغ " على الثاني ،ولعله أظهر ،أي تتبع الصباغ واللوان في
ثيابها وبدنها حتى يوافق لونها ،وعلى الول أيضا يؤل إليه ،قال الفيروز
آباد :صنع الشئ صنعا :عمله ،وما أحسن صنيع ) (1ال عندك وصنعة
الفرس :حسن القيام عليه ،صنعت فرسي صنعا وصنعة ،والصنيع :ذلك
الفرس ،والحسان ،وهو صنيعي وصنيعتي أي اصطنعته وربيته ،وصنعت
الجارية كعني :احسن إليها حتى سمنت ،وصنع الجارية أي أحسن إليها
وسمنها ،ورجل صنيع اليدين :حاذق في الصنعة ،من قوم أصناع اليدى
والصنع بالكسر :الثوب والعمامة ،والجمع ،أصناع ،والتصنع :التزين.
وقال :المعازف :الملهي كالعود والطنبور ،الواحد عزف أو معزف كمنبر
ومكنسة ،وقال :البشم محركة :التخمة والسامة ،بشم كفرح وأبشمه
الطعام ،وفي بعض النسخ :ونمت - 71 .وأقول :وجدت هذا الخبر في كتاب
غور المور للترمذي على وجه أبسط فأحببت إيراده هنا ،قال :حدثنا أبو
مقاتل عن صالح بن سعيد عن أبي سهل عن الحسن قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :إن إبليس عدو ال كان يأتي النبياء ويتحدث إليهم
من لدن نوح إلى عيسى بن مريم وما بين ذلك من النبياء ،غير أنه لم يكن
لحد أكثر زيارة ول أشد استيناسا منه إلى يحيى بن زكريا عليه السلم،
وإنه دخل عليه ذات يوم فلما أراد النصراف من عنده قال له يحيى :يابا
مرة ،واسمه الحارث وكنيته أبو مرة وإنما سماه ال إبليس لنه أبلس من
الخير كله يوم آدم عليه السلم .فقال له :يابا مرة إني سائلك حاجة فأحببت
) (2أن ل تردني عنها ،فقال له :ولك ذلك يا نبي ال فسل ) ،(3فقال له
يحيى بن :زكريا :إني احبك ) (4تجيئني
) (1في المصدر :صنع ال بالضم وصنيع ال عندك (2) .في نسخة :فاحب (3) .في
نسخة :فاسأل (4) .في نسخة :احب أن تجيئني.
][227
في صورتك وخلقك وتعرض علي مصائدك ) (1التي بها تهلك الناس ،قال إبليس:
سألتني أمرا عظيما ضقت به ذرعا ) (2وتفاقم خطبه عندي ولكنك أعز
علي وأمن من أن أردك بمسألة ول أجيبك بحاجة ،ولكني أحب أن تخلو
برؤيتي فل يكون معك أحد غيرك ،فتواعدا لغد عند ارتفاع النهار ،صدر )
(3من عنده على ذلك ،فلما كان من الغد في تلك الساعة تمثل بين يديده
قائما فنظر إلى أمر من أمر ال عظيم ،إذا هو ممسوخ منكوس مقبوح
هائل كريه ،جسده على أمثال أجساد الخنازير ،ووجهه على وجه القردة،
وشق عينيه طول وشق فاه طول ،حيال رأسه وأسنانه كلها عظم واحد ل
ذقن له أصل ول لحية ،وشعر رأسه مقلل ) (4مقلوب المنبت نحو السماء،
وله أربعة أيدي :يدان في منكبيه ،ويدان في جنبيه ،وأصابعه مما يليه من
القدم خلفه ،وعراقيبه ) (5أمامه وأصابع يديه ستة ،وخده أصلت )،(6
ومنخرا أنفه نحو السماء ،له خرطوم كخرطوم الطير ،ووجهه قبل القفاء،
أعمش العينين ،أعرج معوج ،له جناح ،وإذا عليه قميص مقلص ) (7قد
تمنطق فوقه بعد ) (8المجوس ،وإذا أكواز صغار قد علقه من منطقته،
وحوالي قميصه خياعيل ) (9شبه الشرب ) (10في ألوان شتى من بياض
وسواد وحمرة
) (1المصائد جمع المصيدة :ما يصاد به (2) .أي لم اقدر على رده .وتفاقم المر:
عظم (3) .أي رجع (4) .أي قليل (5) .العراقيب جمع العرقوب :عصب
غليظ فوق العقب (6) .جبين صلت :واضح مستو بارز (7) .قلص قميصه
فقلص هو :شمره ورفعه فارتفع وتشمر (8) .هكذا في الكتاب ولعله من
عد ،أي بمثل المجوس (9) .الخياعيل جمع الخيعل :الفرو ،أو ثوب غير
مخيط الفرجن ،أو درع يخاط أحد شقيه ويترك الخر تلبسه المرأة
كالقميص ،أو قميص ل كمى له ،قاله الفيروز آبادى ولعل المراد به هنا
غيرها (10) .لعله جمع الشرابة هي ضمة من خيوط يعلق على اطراف
الثوب يقال لها بالفارسية ريشه ،وكلبتون.
][228
وصفرة وخضرة ،وبيده جرس ضخم ،وعلى رأسه بيضة في قلتها حديدة مستطيلة
معقفة الطرف .فقال له يحيى :أخبرني يابا مرة عما أسألك مما أرى ،قال:
يا نبي ال ما دخلت عليك على هذه الحالة إل وأنا احب أن اخبرك بكل شئ
تسألني عليه ثم ل أعمى عليك ،فقال :حدثني يابا مرة عن إنطاقك هذا فوق
القميص ما هو ؟ قال :يا نبي ال تشبه بالمجوس ،أنا وضعت المجوسية
فدنت بها .قال :فأخبرني ما هذه الكواز الصغار التي هي معلقة من
منطقتك مقدمة .قال :يا نبي ال فيها شهواتي وخياعيل مصائدي ،فأول ما
أصيد به المؤمن من قبل النساء فان هو اعتصم بطاعة ال أقبلت عليه من
قبل جمع المال من الحرام طمعا فيه حرصا عليه فان هو اعتصم بطاعة ال
وأجنبني بالزهادة أقبلت عليه من قبل الشراب هذا المسكر حتى اكرر عليه
هذه الشهوات كلها ولبد أن يواقع بعضها ولو كان من أورع الناس ،قال:
فما هذه الخياعيل إلى طرف قميصك ؟ قال :يا نبي ال هذه ألوان أصباغ
النساء وزينتهن فل يزال إحداهن تتلون ) (1ثيابها حتى تأتي على ما يليق
بها فهناك افتتن الرجال إلى ما عليها من الزينة .قال :فما هذا الجرس بيدك
؟ قال :يا نبي ال هذا معدن الطرب وجماعات أصوات المعازف من بين
بربط وطنبور ومزامير وطبول ودفوف ونوح وغناء ،وإن القوم يجتمعون
على محفل شر وعندهم بعض ما ذكرت من هذه المعازف ،فل يكادون
يتنعمون في مجلس ويستلذون ويطربون ،فإذا رأيت ذلك منهم حركت هذا
الجرس فيختلط ذلك الصوت بمعازفهم ،فهناك يزيد استلذاذهم وتطريبهم،
فمنهم من إذا سمع هذا يفرقع أصابعه ،ومنهم من يهز رأسه ،ومنهم من
يصفق بيديه ،فما زال هذا دأبهم حتى ابرتهم ).(2
][229
قال :فما هذه البيضة على رأسك ؟ قال :يا نبي ال احترز مني ومن مصائدي التي
وصفت لك النبياء والصالحون والنساك وأهل الورع ،كما أحرز رأسي
هذه البيضة من كل نكبة ،قال :وما النكبة ؟ قال :اللعنة ،قال :فما هذه
الحديدة المستطيلة التي في قلتها ؟ قال :يا نبي ال هي التي اقلب بها قلوب
الصالحين ،قال :بقيت حاجة قال :قل ،قال :ما بال خلقك وصورتك على ما
أرى من القبح والتقليب والنكار ؟ قال :يا نبي ال هذا بسبب أبيك آدم ،إني
كنت من الملئكة المكرمين ممن لم أرفع رأسي من سجدة واحدة أربعمائة
ألف سنة ،وعصيت ربي في أمر سجودي لدم أبيك فغضب ال علي
ولعنني ،فحولت من صورة الملئكة إلى صورة الشياطين ولم يكن في
الملئكة أحسن صورة مني فصرت ممسوخا منكوسا مقبوحا مقلوبا هائل
كريها كما ترى .قال :فهل أريت صورتك هذه أحدا قط ،ومصائدك بهذه
الصورة ؟ قال :ل وعزة ربي إن هذا الشئ ما نظر إليه آدمي قط ،ولقد
أكرمتك بهذه دون الناس كلهم ،قال :فتمم إكرامك إياى بمسئلتين أسألك
عنهما ،إحداهما عامة ،والخرى خاصة ،قال :ولك ذلك يا نبي ال فسل،
قال :حدثني أي الشياء أرجى عندك وأدعمه لظهرك وأسله لكأبتك )(1
وأقره لعينك وأشد لركنك وأفرحه لقلبك ؟ قال :يا نبي ال إني أخاف أن
تخبر به أحدا فيحفظون ذلك فيعتصمون به ويضيع كيدي ) .(2قال :إن ال
قد أنزل في الكتاب شأنك وكيدك وبين لنبيائه وأوليائه .فاحترزوا ما
احترزوا ،وأما الغاوون فأنت أولى بهم قد تلعب بهم كالصوالجة بالكرة
فليس قولك عندهم أدعى وأعز من قول ال .قال :يا نبي ال إن .أرجى
الشياء عندي وأدعمه لظهري وأقره لعيني النساء
) (1دعم الشئ :أسنده لئل يميل :دعمه :أعانه وقواه .أسله عن همه :كشفه عنه.
الكأبة :الحزن الشديد (2) .في النسخة المخطوطة :فيضيع كيدى.
][230
فانها حبالتي ومصائدي وسهمي الذي به ل أخطئ ،بأبي هن ،لو لم يكن هن ما
أطقت إضلل أدنى آدمي ،قرة عيني ،بهن أظفر بمقراتي ) (1وبهن اوقع
في المهالك ،يا حبذاهن إذا اغتممت ليست على النساك ) (2والعباد
والعلماء غلبوني بعد ما أرسلت عليهم الجيوش فانهزموا وبعد ما ركبت
وقهرت ذكرت النساء طابت نفسي وسكن غضبي واطمأن كظمي وانكشف
غيظي وسلت كأبتي وقرت عيني واشتد أزري ) ،(3و لولهن من نسل آدم
لسجدتهن فهن سيداتي وعلى عنقي سكناهن وعلي ماهن ) (4ما اشتهت
امرأة من حبالتي ) (5حاجة إل كنت أسعي برأسي دون رجلي في إسعافها
بحاجتها لنهن رجائي وظهري وعصمتي ومسندي وثقتي وغوثي ،قال:
وما نفعك وفرحك في ضللة الدمي ؟ وبأي شئ سلبت عليه ) (6؟ قال:
خلق ال الفراح والحزان والحلل والحرام ،وخيرني فيهما يوم آدم
فاخترت الشهوات والفراح واخترت الحرام والفحش والمناكير صارت تلك
نهمتي ) (7وهواي ،وخير آدم فاختار الحزان والعبادة والحلل ،فصار
ذلك له نهمة ومنية ،فذلك منيته ونهمته ،وهذا هواي ونهمتي وشهوتي،
فذلك شيئه وماله ومتاعه ،وهذا شيئي ومالي ومتاعي وبضاعتي ،وشئ
المرء كنفسه لن فيه نهمته وشهوته ،ونهمة المرء وشهوته حياته فإذا
سلب الحياة هلك المرء ،فكم ) (8نرى من خلق ال سلب منهم نهمته
وهمته مات
) (1هكذا في النسخ ولعله مصحف :بمغزاتى .والمغزاة :الغزو .ومغزى الكلم:
مقصده (2) .هكذا في النسخ ولعله مصحف :إذا اهتممت على النساك ،أو
إذا اغتممت أن النساك (3) .أي ظهرى (4) .في المطبوع] :وعلى
تمماهن[ ولعله مصحف تمامهن (5) .في النسخة المخطوطة :من
حيالتى (6) .في النسخة المخطوطة] :سلت عليه[ (7) .النهمة :الحاجة.
بلوغ الهمة والشهوة في الشئ (8) .في النسخة المخطوطة :وكم يرى.
][231
وهلك ،فكذلك هذا ،إن ما اخترت صار ذلك شهوتي وهواي وحياتي ،فمهما سلبت
هلكت ،ومهما ظفرت به فرحت وحييت ،فإذا رأيت شهوتي وهواي وحياتي
عند غيرى قد سلبها مني أجتهد كل الجهد حتى أظفر بها ليكون بها قوامي
يدي ) (1للدمي سلب حياتي وهي الشهوة ) (2والهوى فجعلها في كنه )
(3وحرزه وقد تهيأ واستعد يقاتلني ويحاربني فهل بد من المحاربة ليصل
المحق إلى حقه ويقهر الظالم فهذه حالتي وشأني ) (4وسبب فرحي إذا
غلبته .قال له :وما ظلمه حيث تقول :يقهر الظالم ؟ قال :فيظلمني إذا سلب
هواي فجعله في كنه ،لوله كيف ل أطمع أنا في حربه وحلله كما طمع في
حرامي وهواي ؟ قال له :أليس بمحال ) (5أن تقول :أنا اريد استرداد
هواي فتفرح إن هو استعمله وتحزن إن لم يستعمل هواك في شؤنه ؟ قال:
إذا استعمل هواي لست أحزن ولكني أفرح لنه قد أعطاني نهمتي الفرح،
إنما أحزن حتى ل يستعمله ) ،(6لست أطلب نهمتي لخذه مني فاني قد
أمنت أن ل يرد لنه قد خيل عليه ،ولكننى اريد استعماله فإذا استعمله
أعطاني منيتي ومختاري وحياتي فهو نفسي فإذا استعمل منيتي أحياني
وفرحني ،وإنه استعمله على جهته ،وإذا لم يستعمله فهو في كنه
كالمسجون ،فإذا كان هو في كنه مسجونا مقيدا وهو حياتي كنت كأني
المسجون المقيد وصرت حربا ) (7لنه أبدلني بمكان حياتي الموت ،فلبد
أن أحتال بكل حيلة آتية بكل خدعة واهيئ وازين اللة
) (1استظهر المنصف انه مصحف :يريد .أقول :الظاهر أن ]للدمي[ ايضا مصحف
الدمى (2) .في نسخة :وهى شهوتي (3) .الكن :وقاء كل شئ وستره.
البيت (4) .في النسخة المخطوطة] :وثباتي[ ولعله مصحف (5) .أي
أليس بمحال في الحكمة (6) .لعله مصحف :حين ل يستعمله (7) .في
النسخة المخطوطة :وقد صرت حزنا(*) .
][232
) (1في النسخة المخطوطة :فاخرج الملهي وأدواته (2) .في النسخة المخطوطة:
ويبهج (3) .تبلد :تردد متحيرا .تلهف .صفق بكفيه .تقاصرت نفسه:
تضاءلت (4) .في النسخة المخطوطة :لحزنك.
][233
فرصة ) ،(1قال يحيى :ولم تجد علي الفرصة من عمري إل الذي ذكرت ؟ قال:
اللهم ل إل ذلك ،قال يحيى :عاهدت عزوجل نذرا واجبا على أن أخرج من
الدنيا ول أشبع من الطعام ،قال :فغضب إبليس وحزن على ما أخبره،
فاحترز يحيى واعتصم قال :خدعتني يا بن آدم وكسرت ظهري بما
خدعتني وأنا اعاهد ال ربي نذرا واجبا على أن ل أنصح آدميا ،ولقد
غلبتني يا ابن آدم وكسرت ظهري بما خدعتني حتى سلمت مني وخرج من
عنده غضبانا ) .(2انتهى .وأقول :كانت النسخة سقيمة جدا فأثبته كما
وجدته تأكيدا وتوضيحا لما روي من طرق أهل البيت عليهم السلم- 72 .
مجالس ابن الشيخ :عن أبيه عن المفيد عن أبي عبد ال بن أبي رافع عن
جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني عن عيسي بن مهران عن يحيى بن
الحسن بن فرات عن ثعلبة بن زيد النصاري قال :سمعت جابر بن عبد ال
النصاري رحمه ال يقول :تمثل إبليس لعنه ال في أربع صور :تمثل يوم
بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش " :ل غالب لكم
اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال
إني برئ منكم " ) (3وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج
فنادى :إن محمدا والصباة ) (4معه عند العقبة فأدركوهم ،فقال رسول ال
صلى ال عليه وآله للنصار :ل تخافوا فان صوته لن يعدوه ،وتصور يوم
اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد وأشار عليهم
في النبي صلى ال عليه وآله بما أشار ،فأنزل ال تعالى " :وإذ يمكر بك
الذين كفروا ليثبتوا أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر ال وال خير
الماكرين " ) (5وتصور يوم قبض النبي صلى ال عليه وآله في صورة
المغيرة بن شعبة
) (1في النسخة المخطوطة :ساعة فرصة (2) .غور المور :لم نجد نسخته(3) .
النفال (4) .48 :الصباة جمع صابئ :من خرج من دين إلى دين آخر) .
(5النفال.30 :
][234
فقال :أيها الناس ل تجعلوها كسروانية ولما قيصرانية وسعوها تتسع فل تردوها
في بني هاشم فينتظر بها الحبالى ) .(1بيان :فينتظر بها الحبالى أي إذا
كانت الخلفة مخصوصة ببني هاشم صار المر بحيث ينتظر الناس أن تلد
الحبالى أحدا منهم فيصير خليفة ولم يعطوها غيرهم - 73 .تفسير على بن
ابراهيم :عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :سئل عما ندب ال الخلق إليه أدخل فيه الضلل ) (2؟ قال :نعم
و الكافرون دخلوا فيه ،لن ال تعالى أمر الملئكة بالسجود لدم فدخل في
أمره الملئكة وإبليس ،فإن إبليس كان من الملئكة ) (3في السماء يعبد
ال وكانت الملئكة تظن أنه منهم ولم يكن منهم ،فلما أمر ال الملئكة
بالسجود لدم أخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد فعلمت الملئكة عند
ذلك أن إبليس لم يكن منهم ،فقيل له :فكيف وقع المر على إبليس ،وإنما
أمر ال الملئكة بالسجود لدم فقال :كان ابليس منهم بالولء ولم يكن من
جنس الملئكة ،وذلك أن ال خلق خلقا قبل آدم وكان إبليس فيهم حاكما في
الرض فعتوا وأفسدوا وسفكوا الدماء ،فبعث ال الملئكة فقتلوهم وأسروا
إبليس ورفعوه إلى السماء فكان مع الملئكة يعبد ال إلى أن خلق ال
تبارك وتعالى آدم ) - 74 .(4ومنه :في قوله تعالى " :فإذا قرأت القرآن
فاستعذ بال من الشيطان الرجيم " قال :الرجيم أخبث الشياطين ،فقلت له:
ولم سمي رجيما ؟ قال :لنه يرجم ).(5
) (1مجالس ابن الشيخ 111 :و 112فيه :فتنتظر (2) .لعله بتشديد اللم جمع
الضال ،ومراد السائل أن الخطابات الواردة في الشرع هل يشمل الضلل
والكافرون ام ل ؟ فاجابه بالشمول ومثل ذلك بالخطاب الوارد بالسجود
لدم حيث دخل فيه ابليس (3) .في المصدر :كان مع الملئكة (4) .تفسير
القمى (5) .32 :تفسير القمى.365 :
][235
بيان :أي يرجم بالشهب أو باللعن أو في زمن القائم عليه السلم - 75 .الحتجاج:
عن هشام بن الحكم قال :سأل الزنديق أبا عبد ال عليه السلم فقال :أفمن
حكمته أن جعل لنفسه عدوا وقد كان ول عدو له ،فخلق كما زعمت إبليس
فسلطه على عبيده يدعوهم إلى خلف طاعته ويأمرهم بمعصيته وجعل له
من القوة كما زعمت يصل ) (1بلطف الحيلة إلى قلوبهم فيوسوس إليهم
فيشككهم في ربهم ويلبس عليهم دينهم فيزيلهم عن معرفته حتى أنكر قوم
لما وسوس إليهم ربوبيته وعبدوا سواه فلم سلط عدوه على عبيده وجعل
له السبيل إلى إغوائهم ؟ قال :إن هذا العدو الذي ذكرت ل يضره )(2
عداوته ول ينفعه وليته ،وعداوته ل تنقص من ملكه شيئا ،ووليته ل
تزيد فيه شيئا ،وإنما يتقى العدو إذا كان في قوة يضر وينفع ،إن هم بملك
أخذه أو بسلطان قهره ،فأما إبليس فعبد خلقه ليعبده ويوحده وقد علم حين
خلقه ما هو وإلى ما يصير إليه ،فلم يمل يعبده مع ملئكته حتى امتحنه
بسجود آدم فامتنع من ذلك حسدا وشقاوة غلبت عليه ،فلعنه عند ذلك
وأخرجه عن صفوف الملئكة وأنزله إلى الرض ملعونا مدحورا ،فصار
عدو آدم وولده بذلك السبب ،وماله من السلطنة على ولده إل الوسوسة
والدعاء إلى غير السبيل وقد أقر مع معصيته لربه بربوبيته )- 76 .(3
ومنه :في اسؤلة الزنديق المدعي للتناقض في القرآن ،قال أمير المؤمنين
عليه السلم :اليمان بالقلب هو التسليم للرب ،ومن سلم المور لمالكها لم
يستكبر عن أمره كما استكبر إبليس عن السجود لدم واستكبر أكثر المم
عن طاعة أنبيائهم فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود
الطويل فانه سجد سجدة واحدة أربعة آلف عام لم يرد بها غير زخرف
الدنيا والتمكين من النظرة ،فكذلك ل تنفع الصلة والصدقة إل مع الهتداء
إلى سبيل النجاة وطريق الحق ) .(4الخبر
) (1في المصدر .ما يصل (2) .في المصدر] :ل تضره[ بالتأنيث وكذا :ول تنفعه) .
(3الحتجاج 80 :2طبعة دار النعمان (4) .الحتجاج 368 :1فيه] :ولم
يرد[ وفيه :فلذلك.
][236
) (1المجالس 123 :فيه :أحمد بن هارون (2) .المجالس (3) .395 :تفسير القمى:
234والية في العراف (4) .200 :في المصدر :الحسن بن محمد(5) .
في المصدر :محمد بن على بن معمر (6) .في المصدر :عمرو بن
منصور.
][237
فقال صلى ال عليه وآله :هو الذي أخرج أباكم من الجنة ،فمضى إليه علي عليه
السلم غير مكترث ) (1فهزه هزة أدخل أضلعه اليمنى في اليسرى
واليسرى في اليمنى ،ثم قال :لقتلنك إن شاء ال تعالى ،فقال :لن تقدر
على ذلك إلى أجل معلوم من عند ربي ،مالك تريد قتلي ؟ فو ال ما أبغضك
أحد إل سبقت نطفتي إلى رحم امه قبل نطفة أبيه ،ولقد شاركت مبغضيك
في الموال والولد ،وهو قول ال عزوجل في محكم كتابه " :وشاركهم
في الموال والولد " ) (2قال النبي صلى ال عليه وآله :صدق يا علي ل
يبغضك من قريش إل سفاحي ول من النصار إل يهودي ول من العرب إل
دعي ول من سائر الناس إل شقي ول من النساء إل سلقلقية وهي التي
تحيض من دبرها ،ثم أطرق مليا ثم رفع رأسه فقال :معاشر النصار !
اعرضوا أولدكم على محبة علي ) ،(3قال جابر بن عبد ال :فكنا نعرض
حب علي عليه السلم على أولدنا ،فمن أحب عليا علمنا أنه من أولدنا
ومن أبغض عليا انتفينا منه ) - 81 .(4العلل والمجالس للصدوق :عن
الحسين بن أحمد العلوي عن علي بن أحمد ابن موسى عن أحمد بن علي
عن الحسن بن إبراهيم العباسي عن عمير بن مرداس الدولقي ) (5عن
جعفر بن بشير المكى عن وكيع عن المسعودي رفعه إلى سلمان الفارسي
رحمه ال قال :مر إبليس لعنه ال بنفر بتناولون أمير المؤمنين عليه
السلم فوقف أمامهم فقال القوم :من الذي وقف أمامنا ؟ فقال :أنا أبو مرة،
فقالوا :يا أبا مرة أما تسمع كلمنا فقال :سوأة لكم تسبون مولكم على بن
أبي طالب ؟ قالوا له :من أين علمت أنه
) (1أي غير مبال به (2) .السراء (3) .64 :زاد في نسخة من المصدر :فان
اجابوا فهم منكم وان أبوا فليسوا منكم (4) .علل الشرائع 135 :1و
136طبعة قم (5) .هكذا في الكتاب وبعض نسخ المصدر ،وفى المصدر
المطبوع بقم :الدونقى وهو الصحيح صرح بذلك ابن الثير في اللباب
قال :الدونقى بضم الدال وسكون الواو وفتح النون نسبة إلى دونق :قرية
من قرى نهاوند ،والدونقى هو عمير بن مرداس.
][238
مولنا ؟ قال :من قول نبيكم صلى ال عليه وآله] :من كنت موله فعلي موله اللهم
وال من واله وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله[ فقالوا
له :فأنت من مواليه وشيعته ؟ فقال :ما أنا من مواليه ول من شيعته،
ولكني احبه ،ول يبغضه أحد إل شاركته في المال والولد ،فقالوا له :يابا
مرة فتقول في علي شيئا ؟ فقال لهم :اسمعوا مني ) (1معاشر الناكثين
والقاسطين والمارقين ،عبدت ال عزوجل في الجان اثني عشر ألف سنة
فلما أهلك ال الجان شكوت إلى ال عز وجل الوحدة ،فعرج بي إلى السماء
الدنيا فعبدت ال في السماء الدنيا إثنى عشر ألف سنة اخرى في جملة
الملئكة ،فبينا نحن كذلك نسبح ال عزوجل ونقدسه إذ مر بنا نور
شعشعانى فخرت الملئكة لذلك النور سجدا فقالوا :سبوح قدوس هذا نور
ملك مقرب أو نبى مرسل ،فإذا بالنداء من قبل ال عزوجل :ما هذا نور
ملك مقرب ول نبي مرسل ،هذا نور طينة علي بن أبي طالب عليه السلم )
.(2بيان :كأن اللعين ذكر ذلك لهم لتكون الحجة عليهم أتم وعذابهم أشد
لعلمه بأنهم ل يؤمنون بذلك - 82 .العلل :عن علي بن عبد ال الوراق عن
سعد بن عبد ال عن أحمد بن محمد ابن عيسى والفضل بن عامر الشعري
معا عن سليمان بن مقبل عن محمد بن زياد الزدي عن عيسى بن عبد ال
الشعري عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلم قال :حدثني أبي عن
جدي عن أبيه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله لما
اسري بى إلى السماء حملني جبرئيل على كتفه اليمن فنظرت إلى بقعة
بأرض الجبل حمراء أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك،
فإذا فيها شيخ على رأسه برنس ،فقلت لجبرئيل :ما هذه البقعة الحمراء
التي هي أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك ؟ قال :بقعة
شيعتك وشيعة وصيك علي ،فقلت :من الشيخ صاحب البرنس ؟ قال:
إبليس ،قال :فما يريد
) (1في نسخة :كلمي (2) .علل الشرائع 136 :1و ،137المجالس 209 :فيه :ل
نور.
][239
منهم ؟ قال :يريد أن يصدهم عن ولية أمير المؤمنين ويدعوهم إلى الفسق
والفجور فقلت :يا جبرئيل أهو بنا إليهم ،فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق
الخاطف والبصر اللمح ،فقلت :قم يا ملعون فشارك أعداءهم في أموالهم
وأولدهم ونسائهم فان شيعتي وشيعة علي ليس لك عليهم سلطان،
فسميت ) (1قم ) - 83 .(2مجالس الصدوق :عن علي بن الحسين بن
شاذويه المؤدب عن محمد بن عبد ال بن جعفر الحميري عن أبيه عن
يعقوب بن يزيد ،عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب
عن عكرمة عن ابن عباس قال :لما مضى لعيسى عليه السلم ثلثون سنة
بعثه ال تعالى إلى بني إسرائيل فلقيه إبليس لعنه ال على عقبة بيت
المقدس وهي عقبة افيق ،فقال له :يا عيسى أنت الذي بلغ من عظم
ربوبيتك أن تكونت من غير أب ؟ قال عيسى عليه السلم :بل العظمة للذي
كونني وكذلك كون آدم وحواء ،قال إبليس :يا عيسى فأنت الذي بلغ من
عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا ؟ قال عيسى عليه السلم :يا
إبليس بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لبكمني ،قال إبليس،
فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ
فيه فيصير طيرا ؟ قال عيسى عليه السلم :بل العظمة للذي خلقني وخلق
ما سخر لي ،قال إبليس :فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشفي
المرضى ؟ قال عيسى عليه السلم :بل العظمة للذي باذنه أشفيهم وإذا
شاء أمرضني ،قال إبليس :فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي
الموتى ؟ قال عيسى عليه السلم :بل العظمة للذي باذنه احييهم ولبد من
أن يميت ما أحييت ويميتني ،قال إبليس :يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم
ربوبيتك أنك تعبر البحر فل تبتل قدماك ول ترسخ فيه ؟ قال عيسى عليه
السلم :بل العظمة للذي ذل ولو شاء أغرقني قال إبليس :يا عيسى فأنت
الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنه سيأتي عليك يوم تكون السماوات والرض
ومن فيهن دونك وأنت فوق ذلك كله ،تدبر المر وتقسم الرزاق
][240
فأعظم عيسى عليه السلم ذلك من قول إبليس الكافر اللعين ،فقال عيسى عليه
السلم :سبحان ال مل سماواته وأرضه ومداد كلماته وزنة عرشه ورضا
نفسه ،قال :فلما سمع إبليس لعنه ال ذلك ذهب على وجهه ل يملك من
نفسه شيئا حتي وقع في اللجة الخضراء .قال ابن عباس :فخرجت امرأة
من الجن تمشي على شاطئ البحر فإذا هي بابليس ساجدا على صخرة
صماء تسيل دموعه على خديه ،فقامت تنظر إليه تعجبا ،ثم قالت له :ويحك
يا إبليس ما ترجو بطول السجود ؟ فقال لها :أيتها المرأة الصالحة ابنة
الرجل الصالح أرجو إذا بررني عزوجل قسمه وأدخلني نار جهنم أن
يخرجني من النار برحمته ) - 84 .(1العلل :عن أبيه عن سعد بن عبد ال
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حسان عن علي بن عطية قال:
قال أبو عبد ال عليه السلم :إن إبليس عبد ال في السماء سبعة الف
سنة في ركعتين فأعطاه ال ما أعطاه ثوابا له بعبادته ) - 85 .(2ومنه
بالسناد المذكور ) (3قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :حدثنى كيف قال
ال عزوجل لبليس " (4) :فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم
" قال :لشئ كان تقدم شكره عليه ،قلت :وما هو ؟ قال :ركعتان ركعهما
في السماء في ألفي سنة أو في ) (5أربعة آلف سنة ) 86 .(6وفي رواية
اخرى :عبد ال في السماء سبعة آلف سنة في ركعتين فأعطاه ال ما
أعطاه ثوابا له بعبادته ) .(7بيان :يمكن رفع التنافي بين أزمنة الصلة
والسجود بوقوع الجميع وبصدور
) (1المجالس 122 :و 123فيه :إذا ابر ربى (2) .علل الشرائع (3) .213 :2
السناد في المصدر هكذا :ابى رحمه ال قال :حدثنا سعد بن عبد ال عن
الحسن بن عطية قال (4) .ص 81 :و (5) .82الترديد من الراوى(6) .
علل الشرائع (7) .212 :2لم يذكر المصنف مصدر الحديث.
][241
البعض موافقا لقوال العامة تقية - 87 .تفسير علي بن إبراهيم في خبر ولدة النبي
صلى ال عليه وآله وسلم قال :لما رأت الشياطين ما حدث من اليات
لولدته ونزول الملئكة ورمي الشياطين بالشهب أنكروا ذلك واجتمعوا إلى
إبليس فقالوا :قد منعنا من السماء وقد ) (1رمينا بالشهب فقال :اطلبوا
فان أمرا قد حدث في الدنيا فرجعوا وقالوا :لم نر شيئا ،فقال إبليس :،أنا
لها بنفسي فجال بين ) (2المشرق والمغرب حتى انتهى إلى الحرم فرآه
محفوفا بالملئكة وجبرئيل على باب الحرم بيده حرية ،فأراد إبليس أن
يدخل فصاح به جبرئيل فقال :اخسأ يا ملعون ،فجاء من قبل حرا فصار
مثل الصر ،فقال :يا جبرئيل حرف أسألك عنه ،قال :ما هو ؟ قال :ما هذا ؟
وما اجتماعكم في الدنيا ؟ فقال :هذا نبي هذه المة قد ولد وهو آخر
النبياء وأفضلهم قال :هل لي فيه نصيب ؟ قال :ل ،قال ؟ ففي امته ؟ قال:
بلى ،قال :قد رضيت ) .(3بيان :الصر بالفتح :طائر كالعصفور أصفر88 .
-قرب السناد :عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن
محمد عن أبيه عليهما السلم أن إبليس عدو ال رن أربع رنات :يوم لعن،
ويوم اهبط إلى الرض ويوم بعث النبي صلى ال عليه وآله ويوم الغدير )
.(4بيان :الرنة بالفتح :الصوت ويطلق غالبا على ما يكون عند مصيبة أو
داهية شديدة - 89 .معاني الخبار :عن المظفر بن جعفر العلوي عن جعفر
بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه عن علي بن الحسن بن فضال عن
محمد بن الوليد عن العباس بن هلل عن الرضا عليه السلم انه ذكر أن
اسم إبليس الحارث ،وإنما قول ال عزوجل :يا إبليس:
) (1في المصدر :ورمينا (2) .في المصدر :ما بين (3) .تفسير القمى350 :
والحديث طويل أخرجه المصنف عنه وعن كمال الدين في كتاب النبوة
في باب تاريخ ولدته راجع ج (4) .271 - 269 :15قرب السناد.
][242
يا عاصى ،وسمي إبليس لنه أبلس من رحمة ال ) .(1بيان :قال الراغب:
البلس :الحزن المعترض من شدة اليأس ،يقال :أبلس ومنه اشتق إبليس
فيما قيل ،قال تعالى :ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون )- 90 .(2
المعاني :عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن أحمد بن محمد عن ابن فضال
رفعه إلى أبي جعفر عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
إن لبليس كحل ولعوقا وسعوطا ،فكحله النعاس ولعوقه الكذب وسعوطه
الكبر ) - 91 .(3ومنه :عن محمد بن أحمد الشيباني ) (4عن محمد بن
جعفر السدي عن سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسني قال :سمعت أبا
الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلم يقول :معنى الرجيم أنه
مرجوم باللعن ،مطرود من مواضع الخير ،ل يذكره مؤمن إل لعنه ،وإن
في علم ال السابق أنه إذا خرج القائم عليه السلم ل يبقى مؤمن في
زمانه إل رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن )- 92 .(5
العلل :عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن الحلبي قال
سألت :أبا عبد ال عليه السلم لم سمي الرجيم رجيما ؟ قال :لنه يرجم،
فقلت :فهل ينقلب إذا رجم ؟ قال :ل ولكنه يكون في العلم مرجوما ).(6
بيان :قوله :فهل ينقلب أي يرجع إلى الحياة والبقاء بعد الرجم ،فقال عليه
السلم:
) (1معاني الخبار 138 :طبعة الغفاري (2) .المفردات 60 :والية في الروم.12 :
) (3معاني الخبار (4) .138 :هكذا في الكتاب ومصدره والظاهر انه
مصحف السنانى نسبة إلى جده العلى محمد بن سنان المعروف والرجل
هو أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان الزاهرى نزيل الرى
المترجم في رجال الشيخ في باب من لم يرو عنهم ،راجع ما حققناه في
مقدمة معاني الخبار (5) .60 :معاني الخبار (6) .139 :علل الشرائع
.213 :2
][243
ل ،والستدراك لنه توهم السائل أن الرجم في هذه الزمنة ،فرفع عليه السلم
وهمه بأنه إنما يسمى الن رجيما لنه في علم ال أنه يصير بعد ذلك
رجيما عند قيام القائم عليه السلم كما مر في الخبر السابق ،ويحتمل أن
يكون في الصل " فهل ينفلت " وسيأتي في رواية العياشي ما يؤيده93 .
-تفسير على بن إبراهيم " :لتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن
أيمانهم وعن شمائلهم " أما بين أيديهم فهو من قبل الخرة لخبرنهم أنه
ل جنة ول نار ول نشور ،وأما خلفهم يقول :من قبل دنياهم آمرهم بجمع
الموال وآمرهم أن ل يصلوا في أموالهم رحما ول يعطوا منه حقا،
وآمرهم أن ل ينفقوا على ذراريهم واخوفهم على الضيعة ) (1وأما عن
أيمانهم يقول :من قبل دينهم ،فان كانوا على ضللة زينتها ،وإن كانوا
على الهدى جهدت عليهم حتى اخرجهم منه ،وأما عن شمائلهم يقول :من
قبل اللذات والشهوات ،يقول ال تعالى " :ولقد صدق عليهم إبليس ظنه "
) (2وأما قوله " :اخرج منها مذؤما مدحورا " فالمذؤم المعيب،
والمدحور المقصي أي ملقى في جهنم ) - 94 .(3المعاني :عن أبيه عن
محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن علي بن
النعمان عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم في قوله" :
إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " قال :ليس له على هذه العصابة خاصة
سلطان ،قالت قلت فكيف جعلت فداك وفيهم ما فيهم ؟ قال :ليس حيث
تذهب ،إنما قوله " :ليس لك عليهم سلطان " أن يحبب إليهم الكفر
ويبغض إليهم اليمان ) .(4المحاسن والعياشي :عن علي بن النعمان عمن
ذكره عنه عليه السلم مثله ).(5
) (1في المصدر :على ذراريهم واخوانهم وأخوف عليهم الضيعة (2) .سبأ) .20 :
(3تفسير القمى 212 :والية في العراف 17 :و (4) .18معاني
الخبار 158 :والية في الحجر (5) .42 :المحاسن 171 :وتفسير
العياشي 242 :2في المصادر كلها :قلت :وكيف.
][244
- 95التفسير :عن أبيه عن سعيد ) (1عن إسحاق بن جرير قال :قال أبو عبد ال
عليه السلم :أي شئ يقول أصحابك في قول إبليس " :خلقتني من نار
وخلقته من طين " قلت :جعلت فداك قد قال ذلك وذكره ال في كتابه ،قال:
كذب يا إسحاق ) (2ما خلقه ال إل من طين ،ثم قال :قال ال " :الذي جعل
لكم من الشجر الخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون ) " (3خلقه ال من ذلك
النار ومن تلك الشجره ،والشجرة أصلها من طين ) .(4بيان :لعل المعنى
أن الطين داخل في طينته وإن كان النار فيه أغلب - 96 .التفسير :عن
أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن محمد بن يونس عن رجل عن أبي
عبد ال عليه السلم في قول ال تبارك وتعالى " :أنظرني ) (5إلى يوم
يبعثون * قال فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم " قال :يوم
الوقت المعلوم يوم يذبحه رسول ال صلى ال عليه وآله على الصخرة
التي في بيت المقدس ) - 97 .(6العيون :عن محمد بن أحمد بن الحسين
بن يوسف البغدادي عن علي بن محمد بن عنبسة مولى الرشيد عن دارم
بن قبيصة عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال :كان النبي صلى ال
عليه وآله يأكل الطلع والجمار ) (7بالتمر ،ويقول :إن إبليس لعنه ال
يشتد غضبه ويقول :عاش ابن آدم حتى أكل العتيق بالحديث )- 98 .(8
ومنه بهذا السناد عن علي بن أبي طالب عليه السلم قال :كنت جالسا عند
الكعبة
) (1في المصدر :سعيد بن ابى سعيد (2) .في المصدر :كذب ابليس يا اسحاق(3) .
يس (4) .80 :تفسير القمى 573 :فيه :من تلك النار (5) .في المصدر
وفى المصحف :فانظرني (6) .تفسير القمى 573 :واليات في ص- 79 :
(7) .81الطلع من النخل :شئ يخرج كانه نعلن مطبقان والحمل بينهما
منضود .والجمار بضم الجيم وتشديد الميم :شحم النخلة (8) .عيون
الخبار.229 :
][245
فإذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر وفي يده عكازة وعلى
رأسه برنس أحمر ،وعليه مدرعة من الشعر ،فدنا إلى النبي صلى ال
عليه وآله والنبي مسند ظهره على الكعبة ) (1فقال :يا رسول ال ادع لي
بالمغفرة ،فقال النبي صلى ال عليه وآله :خاب سعيك يا شيخ وضل علمك
) ،(2فلما تولى الشيخ قال لي :يا أبا الحسن أتعرفه ؟ قلت :ل ) ،(3قال:
ذلك اللعين إبليس ،قال علي عليه السلم :فعدوت خلفه حتى لحقته
وصرعته إلى الرض وجلست على صدره ووضعت يدي في حلقه لخنقه،
ققال لي :ل تفعل يا أبا الحسن فاني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم،
وال يا على إني لحبك جدا وما أبغضك أحد إل شركت أباه في امه فصار
ولد زنا ،فضحكت وخليت سبيله ) .(4بيان :في القاموس :الحدب محركة:
خروج الظهر ودخول الصدر والبطن حدب واحدودب ،وقال :العكاز :عصا
ذات زج ،وقال :البرنس بالضم :قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه.
وقال :المدرعة :كمكنسة :ثوب كالدراعة ول يكون إل من صوف- 99 .
التفسير " :قل أعوذ برب الناس " وإنما هو أعوذ برب الناس ) " (5ملك
الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس " اسم الشيطان ،في
صدور الناس ) (6يوسوس فيها ويؤيسهم من الخير ويعدهم الفقر
ويحملهم على المعاصي والفواحش ،وهو قول ال " :الشيطان يعدكم الفقر
ويأمركم بالفحشاء ) ." (7وقال الصادق عليه السلم :ما من قلب إل وله
اذنان على أحدهما ملك مرشد ،وعلى
) (1في المصدر :وهو مسند ظهره إلى الكعبة (2) .في المصدر :عملك (3) .في
المصدر :قلت :اللهم ل (4) .عيون الخبار 229 :فيه :ولد الزنا(5) .
المصدر خال من قوله :وانما هو اعوذ برب الناس (6) .في المصدر :هو
في صدور الناس (7) .البقرة.286 :
][246
الخر شيطان مفتر ) ،(1هذا يأمره وذا يزجره ،كذلك من الناس شيطان يحمل
الناس على المعاصي كما يحمل الشيطان من الجن ) .(2بيان :قوله :وإنما
هو ،لعل المراد أن ما قرأه الرسول صلى ال عليه وآله عند التعوذ بها
أسقط منها كلمة :قل ،أو ينبغي ذلك لكل من قرأها لذلك ،أو ينبغي إعادة
تلك الفقرة ثانية بدون " قل " كما روى الطبرسي رحمه ال عن أبي عبد
ال عليه السلم إذا قرأت " :قل أعوذ برب الفلق " فقل في نفسك :أعوذ
برب الفلق ،وإذا قرأت " :قل أعوذ برب الناس " فقل في نفسك :أعوذ
برب الناس ) - 100 .(3التفسير :عن سعيد بن محمد عن بكر بن سهل
عن عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن عن مقاتل بن
سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس في قوله " :من شر
الوسواس الخناس " يريد الشيطان على قلب ابن آدم له خرطوم مثل
خرطوم الخنزير ،يوسوس ابن آدم إذا أقبل على الدنيا وما ل يحب ال ،فإذا
ذكر ال عزوجل انخنس ،يريد رجع ،قال ال " :الذي يوسوس في صدور
الناس " ثم أخبر أنه من الجن والنس ،فقال عزوجل " :من الجنة
والناس " يريد من الجن والنس ) - 101 .(4العلل :عن أبيه عن محمد
بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن أبى جعفر عن أبي الجوزاء عن
الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي
عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن ال عزوجل
حين أمر آدم أن يهبط هبط آدم وزوجتة ،وهبط إبليس ول زوجة له،
وهبطت الحية ول زوج لها ،فكان أول من يلوط بنفسه إبليس ،فكانت
ذريته من نفسه ،وكذلك الحية ،وكانت ذرية آدم من
) (1أي يحملهم على الفتور وفى بعض النسخ :مفتن (2) .تفسير القمى(3) .744 :
مجمع البيان (4) .571 .10تفسير القمى.744 :
][247
زوجته فأخبرهما أنهما عدوان لهما ) - 102 .(1ومنه :عن محمد بن موسى عن
بعد ال الحميري عن محمد بن الحسين عن أحمد بن محمد البزنطي عن
أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلم في قول لوط" :
إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين " فقال :إبليس
أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث عليه ثياب حسنة ،فجاء إلى شباب منهم
فأمرهم أن يقعوا به ،ولو طلب إليهم أن يقع بهم لبوا عليه ،ولكن طلب
إليهم أن يقعوا به ،فلما وقعوا به التذوه ،ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال
بعضهم على بعض ) - 103 .(2العيون والعلل :باسناده قال :سأل الشامي
أمير المؤمنين عليه السلم عن اسم إبليس ما كان في السماء ؟ فقال :كان
اسمه الحارث ،وسأله عن أول من عمل عمل قوم لوط فقال :إبليس فانه
أمكن من نفسه ) - 104 .(3الخصال :عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن
أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن علي بن عقبة
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد ال عليه السلم قال :رن إبليس أربع
رنات :أولهن يوم لعن ،وحين اهبط إلى الرض ،وحين بعث محمد صلى
ال عليه وآله على حين فترة من الرسل ،وحين انزلت ام الكتاب ،ونخر
نخرتين :حين أكل آدم من الشجرة ،وحين اهبط من الجنة ) .(4القصص:
باسناده عن الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد ال ،عن يعقوب بن يزيد
عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عنه عليه السلم مثله ) .(5بيان:
مخالفة الرنة الرابعة لما سبق ) (6ل ضير فيها ،لعدم التصريح فيهما
بالحصر
) (1علل الشرائع (2) .234 :2علل الشرائع 234 :والية في العنكبوت(3) 28 :
عيون الخيار 134 :و ،136علل الشرائع 281 :2و (4) .283
الخصال (5) .263 :1قصص النبياء :مخطوط (6) .أي في خبر قرب
السناد لن فيه :يوم الغدير راجع الرقم .88
][248
والنخير صوت بالنف يصات به عند الفرح ،والمرأة تفعله عند الجماع ،ولذا تكرهه
بعض العرب قال في القاموس :نخر ينخر وينخر نخيرا :مد الصوت في
خياشيمه - 105 .الخصال :عن أحمد بن هارون الفامي عن محمد بن
جعفر بن بطة عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن صفوان بن يحيى
رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم أنه قال :قال إبليس :خمسة أشياء ليس
لي فيهن حيلة ،وسائر الناس في قبضتي :من اعتصم بال عن نية صادقة
واتكل عليه في جميع اموره ،ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره ،ومن
رضي لخيه المؤمن ما يرضاه لنفسه ،ومن لم يجزع على المصيبة حين
تصيبه ،ومن رضي بما قسم ال له ولم يهتم لرزقه ) - 106 .(1ومنه عن
محمد بن علي ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن اليشكري عن
محمد بن زياد الزدي عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن سفيان بن
أبي ليلى عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلم أنه قال في حديث
طويل له مع ملك الروم :إن ملك الروم سأله فيما سأله عن سبعة أشياء
خلقها ال عزوجل لم تخرج من رحم ،فقال :آدم وحوا وكبش إبراهيم وناقة
صالح وحية الجنة والغراب الذي بعثه ال عزوجل يبحث في الرض
وإبليس لعنه ال ) - 107 .(2ومنه ) (3عن أبيه عن محمد بن يحيى
العطار عن محمد بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي ) (4عن علي بن
معبد عن عبيد ال الدهقان عن درست عن عطية أخي أبي العرام ) (5قال:
ذكرت لبي عبد ال عليه السلم المنكوح من الرجال قال :ليس
) (1الخصال 285 :1فيه :بما يرضاه (2) .الخصال (3) .353 :2هكذا في النسخ،
ولم نجد الحديث في الخصال والظاهر انه وهم من المصنف وصحيحه:
العلل (4) .في المصدر :موسى بن جعفر ]بن الحسين[ السعد آبادى(5) .
في العلل :أخى أبى المغراء.
][249
يبلي ال عزوجل بهذا البلء أحدا وله فيه حاجة إن في أدبارهم أرحاما منكوسة
وحياء أدبارهم كحياء المرأة ،وقد شرك فيه ابن لبليس يقال له :زوال،
فمن شرك فيه من الرجال كان منكوحا ،ومن شرك فيه من النساء كان من
الموارد ) (1الخبر ) .(2الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن
معبد مثله ) .(3بيان :الموارد :المجاري والطرق إلى الماء ،جمع مورد
من الورود استعير هنا للنساء الزواني اللتي ل يمنعن ورود وارد عليهن.
- 108العلل :عن أبيه عن عبد ال بن جعفر الحميري عن هارون بن
مسلم عن مسعدة بن صدقة عن رجل عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إذا
ولد ولي ال خرج إبليس لعنه ال فصرخ ) (4صرخة يفزع لها شياطينه
قال :فقالت له :يا سيدنا مالك صرخت هذه الصرخة ؟ قال :فقال :ولد ولي
ال قال :فقالوا :وما عليك من ذلك ؟ قال :إنه إن عاش حتى يبلغ مبلغ
الرجال هدى ال به قوما كثيرا ،قال :فقالوا له ،أول تأذن لنا فنقتله ؟ قال:
ل ،فيقولون له :ولم وأنت تكرهه ؟ قال :لن بقاءنا بأولياء ال ،فإذا لم يكن
في الرض من ولي قامت القيامة فصرنا إلى النار ،فما لنا نتعجل إلى النار
) (5؟ - 109قصص الراوندي :بالسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد
بن عبد ال عن يعقوب ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج
قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم أكان إبليس من الملئكة أم من الجن ؟
قال :كانت الملئكة ترى أنه منها وكان ال يعلم أنه ليس منها ،فلما أمره
بالسجود كان منه الذي كان ).(6
) (1في المصدر :كانت ]عقيما خ[ من المولود ،ونقل عن نسخة بدل ذلك :من
الموارد (2) .علل الشرائع 238 :و (3) .239فروع الكافي ) .549 :5
(4في المصدر :إذا ولد ولى ال صرخ ابليس (5) .علل الشرائع 264 :2
فيه :فإذا لم يكن ل في الرض ولى (6) .قصص النبياء :مخطوط.
][250
][251
الثم .والتلقف :الخذ بسرعة - 113 .القصص :بالسناد إلى الصدوق باسناده إلى
ابن عباس قال :قال إبليس لنوح عليه السلم :لك عندي يد ،ساعلمك
خصال ،قال نوح ،وما يدي عندك ؟ قال :دعوتك على قومك حتى أهلكهم
ال جميعا ،فاياك والكبر ،وإياك والحرص ،وإياك والحسد ،فان الكبر هو
الذي حملني على أن تركت السجود لدم فأكفرني وجعلني شيطانا رجيما
وإياك والحرص فان آدم ابيح له الجنة ونهى عن شجرة واحدة فحمله
الحرص على أن أكل منها ،وإياك والحسد فان ابن آدم حسد أخاه فقتله،
فقال نوح عليه السلم :فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم ؟ قال :عند
الغضب ) - 114 .(1ومنه بالسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن
أحمد بن محمد عمن ذكره عن درست عمن ذكره عنهم عليهم السلم قال:
بينا موسى جالس إذ أقبل إبليس وعليه برنس ) (2فوضعه ودنا من موسى
وسلم ،فقال له موسى :من أنت ؟ قال :إبليس ،قال :ل قرب ال دارك ،لماذا
البرنس ) (3؟ قال :اختطفت ) (4به قلوب بني آدم ،فقال له موسى عليه
السلم :أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت ) (5عليه ،قال:
ذلك إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في نفسه ذنبه ،وقال :يا
موسى ) (6ل تخل بامرأة ل تحل لك ) (7فانه ل يخلو رجل بامرأة ل تحل )
(8له إل كنت صاحبه دون أصحابي ،وإياك أن تعاهد ال عهدا فانه ما
عاهد ال أحد إل كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحل بينه وبين الوفاء
) (1قصص النبياء :مخطوط (2) .في المجالس :برنس ذولون فلما دنا من موسى
خلع البرنس وأقبل عليه فسلم عليه (3) .في المجالس :فل قرب ال دارك
فيم جئت ؟ قال :انما جئت لسلم عليك لمكانك من ال عزوجل ،فقال له
موسى :فما هذا البرنس ؟ ) (4في النسخة المخطوطة :أختطف به )(5
استحوذ عليه :غلبه واستولى عليه (6) ،في المجالس :وصغر في عينه
ذنبه ،ثم قال له :اوصيك بثلث خصال يا موسى (7) .في المجالس :ول
تخلو بك (8) .في المجالس :ول تخلو به.
][252
به ،وإذا هممت بصدقة فأمضها ،فإذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي
حتى أحول بينه وبينها ) .(1مجالس المفيد :عن جعفر بن محمد بن قولويه
عن الكليني عن على بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس عن سعدان عن
أبي عبد ال عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله مثله ،وزاد في
آخره :ثم ولى إبليس وهو يقول :يا ويله يا عوله ،علمت موسى ما يعلمه
بني آدم ) (2وقد أوردناه في باب جوامع المساوى - 115 .القصص:
باسناده إلى الصدوق باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال
عن علي بن عتبة عن بريد القصراني قال :قال لي أبو عبد ال عليه
السلم :صعد عيسى عليه السلم على جبل بالشام يقال له :أريحا ،فأتاه
إبليس في صورة ملك فلسطين فقال له :يا روح ال أحييت الموتى وأبرأت
الكمه والبرص ،فاطرح نفسك عن الجبل فقال عليه السلم :إن ذلك اذن
لي فيه ،وإن هذا لم يؤذن لي فيه ) .(3ومنه :عن الصدوق عن محمد بن
الحسن بن الوليد عن الصفار عن محمد بن خالد عن ابن أبي عمير عن
هشام بن سالم عن الصادق عليه السلم قال :جاء إبليس إلى عيسى فقال:
أليس تزعم أنك تحيي الموتى ؟ قال عيسى :بلى قال إبليس :فاطرح نفسك
من فوق الحائط ،فقال عيسى عليه السلم :ويلك إن العبد ل يجرب ربه
وقال إبليس :يا عيسى هل يقدر ربك على أن يدخل الرض في بيضة
والبيضة كهيئتها ؟ فقال :إن ال تعالى عز وعل ل يوصف بالعجز ،والذي
قلت ل يكون ) .(4قال الراوندي رحمه ال :يعني هو مستحيل في نفسه
كجمع الضدين ) - 116 .(5المحاسن :عن ابن محبوب عن حنان بن سدير
وابن رئاب عن زرارة قال :قلت لبي جعفر عليه السلم قوله " :لقعدن
لهم صراطك المستقيم * ثم لتينهم من بين
) (1قصص النبياء :مخطوط (2) .مجالس المفيد 93 :فيه] :سعدان بن مسلم[
وفيه .ما ل يعلمه بنى آدم 3) .و (4قصص النبياء :مخطوط (5) .أراد
عليه السلم ان ذلك يكون لنقص القابل ل لنقص الفاعل.
][253
أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين )" (1
فقال أبو جعفر عليه السلم :يا زرارة إنما صمد ) (2لك ولصحابك ،فاما
الخرين ) (3فقد فرغ منهم ) .(4العياشي :عن زرارة مثله )- 117 .(5
المناقب :في حديث طويل عن علي بن محمد الصوفي أنه لقي إبليس
وسأله فقال له :من أنت ؟ قال :أنا من ولد آدم ،فقال :ل إله إل ال ،أنت
من قوم يزعمون أنهم يحبون ال ويعصونه ويبغضون إبليس ويطيعونه،
فقال :من أنت ؟ فقال :أنا صاحب الميسم والسم الكبير والطبل العظيم،
وأنا قاتل هابيل ،وأنا الراكب مع نوح في الفلك أنا عاقر ناقة صالح ،أنا
صاحب نار إبراهيم ،أنا مدبر قتل يحيى ،أنا ممكن قوم فرعون من النيل أنا
مخيل السحر وقائده إلى موسى ،أنا صانع العجل لبني إسرائيل ،أنا صاحب
منشار زكريا ،أنا السائر مع أبرهة إلى الكعبة بالفيل ،أنا المجمع لقتال
محمد يوم أحد و حنين ،أنا ملقي الحسد يوم السقيفة في قلوب المنافقين،
أنا صاحب الهودج يوم الخريبة ) (6والبعير ،أنا الواقف في عسكر صفين،
أنا الشامت يوم كربل بالمؤمنين ،أنا إمام المنافقين ،أنا مهلك الولين ،أنا
مضل الخرين ،أنا شيخ الناكثين ،أنا ركن القاسطين أنا ظل المارقين ،أنا
أبو مرة مخلوق من نار ل من طين ،أنا الذي غضب ال عليه رب العالمين.
فقال الصوفي :بحق ال عليك إل دللتني على عمل أتقرب به إلى ال
وأستعين به على نوائب دهري ،فقال :اقنع من دنياك بالعفاف والكفاف،
واستعن على الخرة بحب على بن أبي طالب عليه السلم وبغض أعدائه،
فاني عبدت ال في سبع سماواته وعصيته في سبع أرضيه
) (1العراف 16 :و (2) .17في نسخة من العياشي] :عمد[ وكلهما بمعنى قصد.
) (3في العياشي :واما الخرون (4) .المحاسن (5) .171 :تفسير
العياشي (6) .9 :2في المصدر :يوم البصرة والبعير .أنا صاحب
المواقف.
][254
فل وجدت ملكا مقربا ول نبيا مرسل إل وهو يتقرب بحبه ،قال :ثم غاب عن بصرى
فأتيت أبا جعفر فأخبرته بخبره ،فقال :آمن الملعون بلسانه وكفر بقلبه )
.(1بيان :في القاموس :الخريبة كجهينة :موضع بالبصرة يسمى البصرة
الصغرى ،والمراد بالهودج ما ركبته عائشة يوم الجمل - 118 .العياشي:
عن الحسن بن عطية قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :إن إبليس
عبد ال في السماء الرابعة في ركعتين ستة آلف سنة ،وكان إنظار ال
إياه إلى يوم الوقت المعلوم بما سبق من تلك العبادة ) - 119 .(2ومنه:
عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار قال :سألت أبا عبد ال عليه
السلم عن قول إبليس " :رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من
المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " قال له وهب :جعلت فداك أي يوم هو ؟
قال :يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث ال فيه الناس ؟ إن ال أنظره إلى يوم
يبعث فيه قائمنا ،فإذا بعث ال قائمنا كان في مسجد الكوفة ،وجاء إبليس
حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول :يا ويله من هذا اليوم فيأخذ
بناصيته فيضرب عنقه ،فذلك يوم الوقت المعلوم ) - 120 .(3ومنه :عن
أبي جميلة عن أبي عبد ال عليه السلم ) (4وعن جابر عن أبي جعفر
عليه السلم قال :قلت :أرأيت قول ال " :إن عبادي ليس لك عليهم
سلطان " ما تفسير هذا ؟ قال :قال ال :إنك ل تملك أن تدخلهم جنة ول
نارا ) .(5بيان :كأن المعنى ل تقدر على إجبارهم على ما يوجب الجنة أو
النار - 121 .العياشي :عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
سمعته يقول :وإذا
) (1مناقب آل ابى طالب (2) .89 :2تفسير العياشي (3) .241 :2تفسير العياشي
(4) .242 :2ذكر الحديث في المصدر بالسناد الثاني فقط ،واما السناد
الول فله متن آخر غير ذلك راجعه (5) .تفسير العياشي (*) .242 :2
][255
قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين
آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم
به مشركون " قال :فقال :يا با محمد يسلط وال من المؤمنين على أبدانهم
ول يسلط على أديانهم ،قد سلط على أيوب فشوه خلقه ولم يسلط على
دينه ،قلت له :قوله " :إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به
مشركون " قال :الذين هم بال مشركون يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم
) .(1الكافي :عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد
الرحمن عن منصور بن يونس عن أبي بصير مثله ) - 122 .(2العياشي:
عن سماعة عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال " :وإذا قرأت القرآن
فاستعذ بال من الشيطان الرجيم " قلت :كيف أقول ؟ قال :تقول " :أستعيذ
بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " قال :إن الرجيم أخبث الشياطين،
قلت :لم يسمى الرجيم ؟ قال :لنه يرجم ،قلت :فما ينفلت منها شئ ) (3؟
قال :ل ،قلت :فكيف سمي الرجيم ولم يرجم بعد ؟ قال :يكون في العلم أنه
رجيم ) - 123 .(4ومنه :عن حماد بن عيسى رفعه إلى أبي عبد ال عليه
السلم قال :سألته عن قول ال " :إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين
هم به مشركون " قال :ليس له أن يزيلهم عن الولية ،فأما الذنوب وأشباه
ذلك فانه ينال منهم كما ينال من غيرهم ).(5
) (1تفسير العياشي 269 :2والية في النحل (2) .100 - 98روضة الكافي288 :
راجع متنه واسناده .وأورد المصنف رواية الكافي بعد ذلك راجع رقم
(3) .148في النسخة المخطوطة] :فما يفيت منها شئ[ وفى المصدر:
فانفلت منها بشئ ؟ ) (4تفسير العياشي (5) .270 :2تفسير العياشي :2
270فيه :سألته عن قول ال :انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى
ربهم يتوكلون * انما سلطانه.
][256
- 124ومنه :عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلم قال :سمعته يقول :كان
الحجاج ابن شيطان يباضع ذي الردهة ،ثم قال :إن يوسف دخل على أم
الحجاج فأراد أن يصيبها ،فقالت :أليس إنما عهدك بذلك الساعة ؟ فأمسك
عنها فولدت الحجاج ) .(1بيان :يباضع أي يجامع ،وذي الردهة نعت أو
عطف بيان للشيطان إن لم يكن في الكلم تصحيف .قال في النهاية :في
حديث علي عليه السلم أنه ذكر ذا الثدية فقال :شيطان الردهة .والردهة:
النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء ،وقيل :الردهة قلة الرابية وفي حديثه:
وأما شيطان الردهة فقد كفيته سمعت لها وجيب قلبه ،قيل :أراد به معاوية
لما انهزم أهل الشام يوم صفين وأخلد إلى لمحاكمة انتهى ) .(2وقال ابن
أبي الحديد :وقال قوم :شيطان الردهة أحد البالسة المردة من أعوان عدو
ال إبليس ،ورووا في ذلك خبرا عن النبي صلى ال عليه وآله وأنه كان
يتعوذ منه ،وهذا مثل قوله :هذا أزب العقبة أي شيطانها ،ولعل أزب العقبة
هو شيطان الردهة بعينه ،وقال قوم :إنه عفريت مارد يتصور في صورة
حية ويكون في الردهة ) - 125 .(3العياشي :عن جعفر بن محمد
الخزاعى عن أبيه قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يذكر في حديث
غدير خم أنه لما قال النبي صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم ما قال
وأقامه للناس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت فقالوا :يا سيدنا
ما هذه الصرخة ؟ فقال :ويلكم يومكم كيوم عيسى ،وال لضلن فيه الخلق،
قال :فنزل القرآن " :ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من
المؤمنين " فقال :فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا :يا
سيدنا ما هذه الصرخة الخرى ؟ فقال :ويحكم حكى ال وال كلمي
][257
قرآنا وأنزل عليه " :ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من المؤمنين
" ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال :وعزتك وجللك ل لحقن الفريق
بالجميع ،قال :فقال النبي صلى ال عليه وآله :بسم ال الرحمن الرحيم إن
عبادي ليس لك عليهم سلطان .قال :ثم صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه
العفاريت فقالوا :يا سيدنا ما هذه الصرخة الثالثة ؟ قال :وال من أصحاب
علي ،ولكن وعزتك وجللك يا رب لزينن لهم المعاصي حتي أبغضهم إليك
قال :فقال أبو عبد ال عليه السلم :والذي بعث بالحق محمدا للعفاريت
والبالسة على المؤمن اكثر من الزنابير على اللحم ،والمؤمن أشد من
الجبل ،والجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت منه ،والمؤمن ل يستقل عن دينه )
- 126 .(1العياشي :عن عبد الرحمن بن سالم في قول ال " :إن عبادي
ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيل " قال :نزلت في علي بن أبي
طالب عليه السلم ونحن نرجو أن يجري لمن أحب ال من عباده
المسلمين ) - 127 .(2الكافي :عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد
عن ابن فضال عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن
إبليس عليه لعائن ال يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس وتطلع،
فأكثروا ذكر ال عزوجل في هاتين الساعتين وتعوذوا بال من شر إبليس
وجنوده ،وعوذوا صغاركم في هاتين الساعتين فانهما ساعتا غفلة ).(3
- 128ومنه :عن علي بن محمد بن ما بنداد عن أحمد بن أبي عبد ال عن
محمد بن علي عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن أبي خديجة عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :ما من أحد يحضره الموت إل كل به إبليس من
شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى تخرج نفسه ،فمن كان
مؤمنا لم يقدر عليه ،فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة أن ل إله إل ال
وأن محمدا رسول ال حتى يموت ).(4
) (1تفسير العياشي 301 :2واليات مذكورة في صدر الباب راجع موضعها(2) .
تفسير العياشي 302 :2و 303والية في السراء (3) .65 :اصول
الكافي (4) .522 :2الكافي .123 :3
][258
- 129وفي رواية اخرى قال فلقنه كلمات الفرج والشهادتين وتسمى له القرار
بالئمة عليهم السلم واحدا بعد واحد حتى ينقطع عنه الكلم )- 130 .(1
ومنه :عن الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى جميعا عن على بن محمد بن
إسماعيل ) (2عن محمد بن مسلم عن أحمد بن زكريا عن محمد بن خالد
بن ميمون عن عبد ال بن سنان عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :ما اجتمع ثلثة من المؤمنين فصاعدا إل حضر من
الملئكة مثلهم فان دعوا بخير أمنوا ،وإن استعاذوا من شر دعوا ال
ليصرفه عنهم ،وإن سألوا حاجة تشفعوا إلى ال وسألوه قضاها ،وما
اجتمع ثلثة من الجاحدين إل حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين ،فان
تكلموا تكلم الشياطين بنحو كلمهم وإذا ضحكوا ضحكوا معهم ،وإذا نالوا
من أولياء ال نالوا معهم ،فمن ابتلى من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في
ذلك فليقم ول يكن شرك شيطان ول جليسه فان غضب ال عزوجل ل يقوم
له شئ ولعنته ل يردها شئ ،ثم قال عليه السلم :فان لم يستطع فلينكر
بقلبه وليقم ولو حلب شاة أو فواق ناقة ) .(3بيان :الفواق كغراب :بين
الحلبتين من الوقت ،ويفتح ،أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع.
- 131الكافي :بالسناد المتقدم عن محمد بن سليمان عن محمد بن
محفوظ عن أبي المغرا قال :سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول :ليس
شئ أنكى لبليس وجنوده من زيارة الخوان في ال بعضهم لبعض ،وقال:
وإن المؤمنين يلتقيان فيذكر ان ال ثم يذكران فضلنا أهل البيت فل يبقى
على وجه ابليس مضغة ال تخدد حتى أن روحه لتستغيث ) (4من شدة ما
تجد من اللم فتحس ملئكة السماء وخزان الجنان فيلعنونه حتى ل يبقى
ملك مقرب
) (1الكافي (2) .124 :3في المصدر] :على بن محمد بن سعد[ وفى هامشه :في
بعض النسخ] :محمد بن اسماعيل[ وفى بعضها :محمد بن سعيد(3) .
اصول الكافي 187 :2و (4) .188في المصدر :تستغيث من شدة ما
يجد.
][259
إل لعنه فيقع خاسئا حسيرا مدحورا ) .(1بيان :في القاموس :نكى العدو فيه نكاية:
قتل وجرح ،والقرحة نكاها أي قشرها قبل أن تبرأ فنديت وقال :خدد لحمه
وتخدد :هزل ونقص .وقال :خسأ الكلب طرده ،والحسير :الكال والمتلهف
والمعيي ،والدحر :الطرد والبعاد والدفع - 132 .الكافي :عن العدة عن
سهل بن زياد عن محمد بن بكر عن زكريا المؤمن عمن حدثه عن أبي عبد
ال عليه السلم قال اطووا ثيابكم بالليل فانها إذا كانت منشورة لبسها
الشيطان ) - 133 .(2ومنه :عن العدة عن أحد بن أبي عبد ال البرقي عن
أبيه عن فضالة عن داود بن فرقد عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
الملئكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم وكان في علم ال أنه ليس منهم
فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب ،فقال :خلقتني من نار وخلقته من
طين ) - 134 .(3ومنه :عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن
عبيد عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد ال عليه السلم :قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بينما موسى عليه السلم جالس إذ
أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان ،فلما دنا من موسى خلع البرنس وقام
إلى موسى فسلم عليه ،فقال له موسى :من أنت ؟ قال :أنا إبليس ،قال:
أنت ؟ فل قرب ال دارك ،قال :إني إنما جئت لسلم عليك لمكانك من ال،
قال :فقال له موسى :فما هذا البرنس ؟ قال :به أختطف قلوب بني آدم،
فقال له موسى :فأخبرني عن الذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت )(4
عليه ،قال :إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في عينيه ذنبه ).(5
) (1الصول (2) .188 :2الكافي 480 :6فيه] :لبسها الشيطان بالليل[ أقول :لعل
المراد بالشيطان في أمثال ذلك الموضع هو معنى آخر غير ما هو
المشهور ،وتناسب الحكم والموضوع في أمثال المقام هو معنى يشبه ما
يقال في زماننا بالميكروبات والذرات المضرة ) (3اصول الكافي :2
(4) .308خطفه :استلبه بسرعة .واستحوذ عليه :غلبه (5) .اصول
الكافي .314 :2
][260
][261
- 139ومنه :عن العدة عن سهل بن زياد عن أحمد بن أبي محمد بن نصر عن
صفوان عن العل عن محمد بن مسلم عن أحدهما أنه قال :ل تشرب وأنت
قائم ول تبل في ماء نقيع ،ول تطف بقبر ول تخل في بيت وحدك ،ول
تمش بنعل واحدة ) ،(1فان الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على
بعض هذه الحوال ،وقال :إنه ما أصاب أحدا شئ على هذه الحال فكاد أن
يفارقه إل أن يشاء ال عزوجل ) .(2بيان :ل تطف بقبر ،كأن المعنى ل
تتغوط عليه ،قال في النهاية :الطوف :الحدث من الطعام ،ومنه الحديث:
نهى عن محدثين على طوفهما أي عند الغائط .وفي القاموس الطوف:
الغائط ،وطاف :ذهب ليتغوط كأطاف على افتعل - 140 .الكافي :عن علي
بن إبراهيم عن أبيه عن عبد ال بن المغيرة عن السكوني عن أبي عبد ال
عن آبائه عليهم السلم أن النبي صلى ال عليه وآله قال لصحابه :أل
اخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من
المغرب ؟ قالوا :بلى ،قال :الصوم يسود وجهه ،والصدقة تكسر ظهره،
والحب في ال والموازرة على العمل الصالح يقطع دابره ،والستغفار
يقطع وتينه ) .(3بيان :في النهاية .يقطع دابرهم أي جميعهم حتى ل يبقى
منهم أحد ،ودابر القوم :آخر من يبقى منهم ويجئ في آخرهم ،وقال:
الوتين :عرق في القلب إذا قطع مات صاحبه - 141 .الكافي :عن العدة
عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن
عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :إذا طلع هلل شهر رمضان غلت مردة الشياطين ).(4
) (1في المصدر :في نعل واحد (2) .الكافي .534 :6أقول :وفى هذا الباب روايات
اخرى لم يذكرها المصنف راجعه (3) .الكافي 62 :4ذيله :ولكل شئ
زكاة وزكاة البدان الصيام (4) .الكافي 67 :4فيه] :قال كان رسول ال
صلى ال عليه وآله يقبل بوجهه إلى الناس فيقول :يا معشر الناس إذا
طلع[ وللحديث ذيل يأتي في كتاب الصيام(*) .
][262
- 142ومنه :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل قال :كان
الطيار يقول لي :إبليس ليس من الملئكة ،وإنما امرت الملئكة بالسجود
لدم عليه السلم فقال إبليس :ل أسجد ،فما لبليس يعصي حين لم يسجد
وليس هو من الملئكة ؟ قال :فدخلت أنا وهو على أبي عبد ال عليه
السلم قال :فأحسن وال في المسألة ،فقال :جعلت فداك أرأيت ماندب ال
إليه المؤمنين من قوله " :يا أيها الذين آمنوا " أدخل في ذلك المنافقون
معهم ؟ قال :نعم والضلل كل من أقر بالدعوة الظاهرة ،وكان إبليس ممن
أقر بالدعوة الظاهرة معهم ) - 143 .(1ومنه :عن محمد بن يحيى عن
أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن
حنان بن سدير قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :قال النبي صلى
ال عليه وآله لعلي عليه السلم :إياك أن تركب ميثرة حمراء فانها ميثرة
إبليس ) .(2بيان :في النهاية :فيه أنه نهى عن ميثرة الرجوان ،الميثرة
بالكسر مفعلة من الوثارة ،يقال :وثروثارة فهو وثير أي وطيئ لين ،وهي
من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج يحشى بقطن أو صوف يجعلها
الراكب تحته على الرحال - 144 .التهذيب :عن محمد بن علي بن محبوب
عن محمد بن الحسين عن صفوان عن العل عن محمد عن أبي عبد ال
عليه السلم أنه قال :ليس من عبد إل ويوقظ في كل ليلة
) (1اصول الكافي 412 :2أقول :ورواه الكليني في كتاب الروضة 274 :بنحو آخر
ذكره باسناده عن ابى على الشعري عن محمد بن عبد الجبار عن على
بن حديد عن جميل بن دراج قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن
ابليس أكان من الملئكة ام كان يلى شيئا من أمر السماء ؟ فقال :لم يكن
من الملئكة ولم يكن يلى شيئا من امر السماء ول كرامة ،فأتيت الطيار
فاخبرته بما سمعت فانكره وقال :وكيف ل يكون من الملئكة وال
عزوجل يقول " :واذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا ال ابليس " ؟
فدخل عليه الطيار فسأله وانا عنده فقال له :جعلت فداك رأيت قوله
عزوجل " :يا ايها الذين آمنوا " في غير مكان من مخاطبة المؤمنين
أيدخل في هذا المنافقون ؟ قال :نعم يدخل في هذا المنافقون والضلل وكل
من اقر بالدعوة الظاهرة (2) .الكافي .541 :6
][263
مرة أو مرتين أو مرارا ،فان قام كان ذلك ،وإل فحج الشيطان فبال في اذنه ،أو ل
يرى أحدكم أنه إذا قام ولم يكن ذلك منه قام وهو متخثر ثقيل كسلن ) (1؟
توضيح :كأن بول الشيطان كناية عن قوة استيلئه وغلبته عليه ،وإن
احتمل الحقيقة أيضا ،قال في النهاية :فيه " أنه بال قائما ففحج رجليه "
أي فرقهما وباعد ما بينهما ،والفحج :تباعد ما بين الفخذين ) ،(2وقال:
فيه " من نام حتى أصبح فقد بال الشيطان في اذنه " قيل :معناه سخر منه
وظهر عليه حتى نام عن طاعة ال ،كقول الشاعر :بال سهيل في الفضيح
ففسد .أي لما كان الفضيح يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره عليه مفسدا له،
وفي حديث آخر عن الحسن مرسل أن النبي صلى ال عليه وآله قال :فإذا
نام شغر الشيطان برجله فبال في اذنه ،وحديث ابن مسعود " :كفى بالرجل
شرا أن يبول الشيطان في اذنه " وكل هذا على سبيل المجاز والتمثيل
انتهى .(3) .وقال الطيبي :فيه تمثيل لتثاقل نومه وعدم تنبهه بصوت
المؤذن بحال من بول في اذنه وفسد حسه .وقال النووي :قال القاضي :ل
يبعد حمله على ظاهره وخص الذن لنها حساسة النتباه - 145 .الكافي:
عن علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن علي بن الحكم عن أبان بن
عثمان عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن لبليس عونا يقال له :تمريح،
إذا جاء الليل مل ما بين الخافقين ).(4
][264
) (1نوادر الروندى (2) .19 :نهج البلغة (3) .417 :1النحل(4) .100 - 98 :
روضة الكافي 288 :راجع المصدر فان اسناد الحديث فيه يخالفه وقد
ذكر المصنف الحديث ذيل الحديث .121
][265
سلطنة واستيلء على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ،فالمستعيذ به تعالى في
أمانه وحفظه إذا راعى شرائط الستعاذة .وقوله عليه السلم :ول يسلط
على دينه ،أي في اصول عقائده أو العم منها ومن العمال فانه إذا كان
على حقيقة اليمان وارتكب باغوائه بعض المعاصي فال يوفقه للتوبة و
النابة ،ويصير ذلك سببا لمزيد رفعته في اليمان وبعده عن وساوس
الشيطان ،ويدل الخبر على أن ضمير " به " راجع إلى الرب كما هو
الظهر ل إلى الشيطان - 149 .الكافي :عن عدة من أصحابه عن سهل بن
زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن هذا الغضب جمرة
من الشيطان توقد في قلب ابن آدم ،وإن أحدكم إذا غضب احمرت عيناه
وانتفخت أوداجه ودخل الشيطان فيه ،فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه
فليلزم الرض فان رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك ) - 150 .(1حياة
الحيوان :قال وهب ) (2بن الورد :بلغنا أن إبليس تمثل ليحيى بن زكريا
عليه السلم فقال له :أنصحك ؟ فقال :ل اريد ذلك ،ولكن أخبرني عن بني
آدم فقال :هم عندنا ثلثة أصناف :صنف منهم أشد الصناف عندنا ،نقبل
على أحدهم حتى نفتنه في دينه ونستمكن ) (3منه ،فيفزع إلى الستغفار
والتوبة فيفسد علينا كل شئ نصيبه منه ،ثم نعود إليه فيعود إلى الستغفار
والتوبة فل نيأس منه ول نحن ندرك منه حاجتنا فنحن معه في عناء،
وصنف ) (4هم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلقفهم كيف
شئنا قد كفينا مؤنة أنفسهم ،وصنف منهم مثلك معصومون ل نقدر منهم
على شئ ).(5
) (1اصول الكافي 304 :2و (2) .305في المصدر :وهيب بن الورد (3) .في
المصدر :ونتمكن منه (4) .في المصدر :وصنف منهم (5) .حياة
الحيوان :باب الخاء الخشاش.
][266
) (1في المصدر :قال حدثنا ابى قال :حدثنى عبد العظيم (2) .الموجود في المصدر:
]اللمس[ فقط ،وجعل ]اللبس[ في هامش الكتاب بدله (3) .اسقط
المصنف هنا جملة وهي :وبالسم الذى اهتز به عرش بلقيس ،واعيذ
دينى ونفسي وجميع ما تحوطه عنايتي (4) .في هامش المصدر :تمثال
خ (5) .في هامش المصدر :سكن خ (6) .في المصدر] :ينشر[ وفى
هامشه :ينتشر خ (7) .في المصدر] :والفاتنة[ وفى هامشه :والفاترة.
) (8هكذا في المطبوع ،والنسخة المخطوطة والمصدر خاليتان عنه،
والظاهر انه من زيادة النساخ (9) .في المصدر] :وعبثهم[ وفى هامشه:
وعينهم خ (10) .في المصدر] :واخلفهم[ وفى هامشه :واخلقهم خ.
][267
وما ولدوا ) (1وما وردوا إلى آخر الدعاء ) .(2توضيح :قال الكفعمي رحمه ال:
الدناهش :جنس من أجناس الجن ،والحس :الصوت الخفي ،وبرد يحرق
الكلء والقتل ،والتمثال :الصورة والمعاهد :الذي حصل منه المان،
والكام جمع أكمة وهي الرابية ،والجام جمع اجمة وهي منبت الشجر
والقصب الملتف والمغائض جمع مغيضة وهي الجمة .وكنايس اليهود
معروفة .والنواويس :مقابر النصارى .والمريبين :الذين يأتون بالريبة
والتهمة والسامرة :الذين يتحدثون بالليل ،والفاترة :البالسة ،وابن
فطرة :حية خبيثة .والفراعنة :العتاة .والبالسة :هم الشياطين وهم ذكور
واناث يتوالدون ول يموتون ويخلدون في الدنيا كما خلد إبليس وإبليس هو
أبو الجن ،والجن ذكور واناث ويتوالدون ويموتون ،وأما الجان فهو أبو
الجن ،وقيل :هو إبليس ،وقيل :إنه مسخ الجن كما أن القردة والخنازير
مسخ النس ،والكل خلقوا قبل آدم عليه السلم ،والعرب تنزل الجن
مراتب ،فإذا ذكروا الجنس قالوا :جن ،فان أرادوا أنه يسكن مع الناس
قالوا :عامر والجمع عمار ،فان كانوا ممن يتعرض للصبيان قالوا :أرواح،
فان خبث فهو شيطان فان زاد على ذلك قالوا :مارد ،فان زاد على القوة
قالوا عفريت ،وروي أن النبي صلى ال عليه وآله قال :خلق ال الجن
خمسة أصناف :صنف كالريح في الهواء ،وصنف حيات ،وصنف عقارب،
وصنف حشرات الرض ،وصنف كبني آدم عليهم الحساب والعقاب.
والغيلن :سحرة الجن .وام الصبيان :ريح تعرض لهم .أقول :وسيأتي
الدعاء بتمامه مشروحا في كتاب الدعاء إن شاء ال - 152 .الفقيه :قال:
قال الصادق عليه السلم :إذا تغولت بكم الغول فأذنوا )- 153 .(3
المحاسن :عن عبيد بن يحيى بن المغيرة عن محمد بن سنان ) (4عن
سلم
) (1لم يذكر في المصدر قوله :وما ولدوا (2) .مصباح المتهجد 340 :و (3) .341
من ل يحضره الفقيه 195 :1فيه :تغولت لكم (4) .في المصدر :سهل بن
سنان.
][268
المدائني عن جابر الجعفي عن محمد بن على عليه السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :إذا تغولت بكم الغيلن فأذنوا بأذان الصلة .بيان :قال
الشهيد رحمه ال في الذكرى :في الجعفريات عن النبي صلى ال عليه
وآله إذا تغولت ) (1بكم الغيلن فأذنوا بأذان الصلة ) .(2ورواه العامة
وفسره الهروي بأن العرب تقول :إن الغيلن في الفلوات تراءى للناس،
تتغول تغول أي تتلون تلونا ،فتضلهم عن الطريق وتهلكهم .وروي في
الحديث " .ل غول " وفيه إبطال لكلم العرب فيمكن أن يكون الذان لدفع
الخيال الذي يحصل في الفلوات وإن لم تكن له حقيقة ،وفي مضمر سليمان
الجعفري سمعته يقول " :أذن في بيتك فانه يطرد الشيطان ،ويستحب من
أجل الصبيان " وهذا يمكن حمله على أذان الصلة ) .(3وفي النهاية :فيه
" لغول ول صفر " الغول :أحد الغيلن ،وهي جنس من الجن والشياطين
وكانت العرب تزعم أن الغول تتراءى للناس ،فتتغول تغول أي تتلون تلونا
في صور شتى ،وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ،فنفاه النبي
صلى ال عليه وآله وسلم وأبطله ،وقيل :قوله] :ل غول[ ليس نفيا لعين
الغول ووجوده ،وإنما فيه إبطال مزعم العرب وتلونه بالصور المختلفة
واغتياله :فيكون المعني بقوله " :ول غول " إنها ل تستطيع أن تضل
أحدا ويشهد له الحديث الخر " :ل غول ولكن السعالى " السعالى :سحرة
الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل ،ومنه الحديث " :إذا
تغولت الغيلن فبادروا بالذان " أي ادفعوا شرها بذكر ال تعالى ،وهذا
يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها - 154 .الشهاب :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ).(4
) (1في المصدر :تغولت لكم (2) .المحاسن (3) .49 :الذكرى (4) .175 :لم نجد
الحديث في النسخة المطبوعة من الشهاب المنضمة مع كتاب البيان
للشهيد وليست عندي طبعة اخرى ولعل النسخة كانت سقيمة.
][269
الضوء :الشيطان :فيعال من شطن :إذا تباعد ،فكأنه يتباعد إذا ذكر ال تعالى وقيل:
إنه فعلن من شاط يشيط :إذا احترق غضبا لنه يحترق ويغضب إذا أطاع
العبد فيقول صلى ال عليه وآله :إن الشيطان ل يزال يراقب العبد
ويوسوس إليه في نومه ويقظته ،وهو جسم لطيف هوائي يمكنه أن يصل
إلى ذلك ،والنسان غاو غافل فيوصل كلمه ووسواسه إلى باطن اذنه
فيصير إلى قلبه ،وال تعالى هو العالم بكيفية ذلك ،فأما وسواسه فل شك
فيه ،والشيطان هنا اسم جنس ول يريد به إبليس فحسب وذلك لن له
أولدا وأعوانا وذكر جريانه من ابن آدم مجرى الدم مثل ،ول يعني به أنه
يدخل عروقه وأوراده وتجاويف أعضائه ،بل المعنى أنه ل يزايله كما
يقال :فلن يلزمني ملزمة الظل وملزمة الحفيظين وملزمة الروح
الجسد وملزمة القرن الشاة إلى غير ذلك ،كلم العرب إشارات وتلويحات
والكلم إذا ذهب عنه المجاز والستعارة زالت طلوته ) (1وفارقه رونقه
وبقي مغسول وكان سيدنا رسول ال صلى ال عليه وآله من أفصح
الناس ،وفي كلم بعضهم :احترس من الشيطان فانه عدو مبين يراك ول
تراه ويكيدك وأنت ل تعلم وهو قديم وأنت حديث ،وأنت سليم الصدر وهو
خبيث .وفائد الحديث إعلم أن الشيطان يلزمك ويراصدك من حيث ل
تعلم ،فعليك بالحتراز منه والتوقي من مكره وكيده ووسوسته ،والراوي
أنس بن مالك ) - 155 .(2الكافي :باسناده عن عطية أبي العرام ) (3قال:
ذكرت لبي عبد ال عليه السلم المنكوح من الرجال فقال :ليس يبلي ال
بهذا البلء أحدا وله فيه حاجة ان في أدبارهم أرحاما منكوسة وحياء )(4
أدبارهم كحياء المرأة قد شرك فيهم ابن لبليس يقال له :زوال فمن شرك
فيه من الرجال كان منكوحا ،ومن شارك فيه من النساء كانت من الموارد
) (1الطلوة :الحسن والبهجة (2) .كتاب الضوء :لم نجد نسخته (3) .رواه الكليني
باسناده عن على بن ابراهيم عن أبيه عن على بن معبد عن عبد ال
الدهقان عن درست بن ابى منصور عن عطية أخى أبى العرام(4) .
الحياء :فرج المرأة.
][270
العامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه ) (1الخبر - 156 .ومنه
باسناده عن يعقوب بن جعفر ) (2قال :سأل رجل أبا عبد ال عليه السلم
أو أبا إبراهيم عليه السلم عن المرأة تساحق المرأة وكان متكائا فجلس
فقال :ملعونة ملعونة الراكبة والمركوبة -وساق الحديث إلى أن قال قاتل
ال لقيس بنت إبليس ماذا جاءت به ؟ فقال الرجل :هذا ما جاء به أهل
العراق ،فقال :وال لقد كان على عهد رسول ال صلى ال عليه وآله قبل
أن يكون العراق ) (3الخبر 157 .نوادر علي بن أسباط :عن سعيد بن
عمرو بن أبي نصر عن أبي حمزة الثمالي عن على بن الحسين عليه
السلم قال :كان عابد من بني إسرائيل فقال إبليس لجنده من له فانه قد
غمني ،فقال واحد منهم :أنا له ،فقال :في أي شئ ؟ قال :أزين له الدنيا،
قال :لست بصاحبه ،قال الخر :فأنا له ،قال :في أي شئ ؟ قال :في
النساء ،قال :لست بصاحبه ،قال الثالث :أنا له ،قال :في أي شئ ؟ قال :في
عبادته قال :أنت له ) ،(4فلما جنه الليل طرقه فقال :ضيف ،فأدخله ،فمكث
ليلته يصلي حتى أصبح ،فمكث ثلثا يصلي ول يأكل ول يشرب ،فقال له
العابد :يا عبد ال ما رأيت مثلك ،فقال له :إنك لم تصب شيئا من الذنوب
وأنت ضعيف العبادة ،قال :وما الذنوب التي اصيبها ؟ قال :خذ أربعة دراهم
فتأتي فلنة البغية فتعطيها درهما للحم ،ودرهما للشراب ،ودرهما لطيبها
ودرهما لها فتقضي حاجتك منها ؟ قال :فنزل وأخذ أربعة دراهم فأتى بابها
فقال :يا فلنة يا فلنة ،فخرجت فلما رأته قالت :مفتون وال ،مفتون وال،
قالت له :ما تريد ؟ قال :خذي أربعة دراهم فهيئي لي طعاما وشرابا وطيبا
وتعالي حتى آتيك ،فذهبت فدارت فإذا هي بقطعة من حمار ميت
) (1الكافي .549 :5والحديث له ذيل راجعه (2) .رواه الكليني باسناده عن على
بن ابراهيم عن أبيه عن على بن القاسم عن جعفر بن محمد عن الحسين
بن زياد عن يعقوب بن جعفر (3) .الكافي ،552 :5وللحديث قطعات
اخرى لم يذكرها المصنف ههنا (4) .في المصدر :انت له انت له.
][271
فأخذته ،ثم عمدت إلى بول عتيق فجعلته في كوز ،ثم جاءت به إليه ،فقال :هذا
طعامك ؟ قالت :نعم قال :ل حاجه لي فيه ،وهذا شرابك ؟ فل حاجة لي فيه،
اذهبي فتهيئي ،فتقذرت جهدها ،ثم جاءته فلما شمها قال :ل حاجة لي فيك،
فلما أصبحت كتب على بابها :إن ال قد غفر لفلنة البغية بفلن العابد ).(1
- 158تفسير المام :قال عليه السلم قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
أل فاذكروا يا امة محمد محمدا وآله عند نوائبكم وشدائدكم لينصر ال بهم
ملئكتكم على الشياطين الذين يقصدونكم ،فان كل واحد منكم معه ملك عن
يمينه يكتب حسناته وملك عن يساره يكتب سيئاته ومعه شيطانان من عند
إبليس يغويانه فإذا وسوسا في قلبه ذكر ال وقال :ل حول ول قوة إل بال
العلي العظيم وصلى ال على محمد وآله حبس ) (2الشيطانان ثم سار إلى
إبليس فشكواه وقال له :قد أعيانا أمره فأمددنا بالمردة ،فل يزال يمدهما )
(3حتى يمدهما بألف مارد فيأتونه ،فكلما راموه ذكر ال وصلى على
محمد وآله الطيبين لم يجدوا عليه طريقا ول منفذا ،قالوا لبليس :ليس له
غيرك تباشره بجنودك فتغلبه وتغويه ،فيقصده إبليس بجنوده فيقول ال
تعالى للملئكة :هذا إبليس قد قصد عبدي فلنا أو أمتي فلنة بجنوده ،أل
فقاتلوه ) ،(4فيقاتلهم بازاء كل شيطان رجيم منهم مائة ألف ملك وهم على
أفراس من نار بأيديهم سيوف من نار ورماح من نار وقسي ونشاشيب
وسكاكين واسلحتهم من نار ) ،(5فل يزالون يخرجونهم ويقتلونهم بها
ويأسرون إبليس فيضعون عليه تلك السلحة فيقول :يا رب وعدك وعدك،
قد أجلتني إلى يوم الوقت المعلوم ،فيقول ال تعالى للملئكة :وعدته أن ل
اميته ،ولم
) (1نوادر على بن أسباط (2) .127 :في المصدر :خنس الشيطانان (3) .في
المصدر :فل يزال يمدهما بالمردة (4) .في المصدر :فقاتلوهم (5) .في
المصدر :واسلحة من نار.
][272
أعده أن ل اسلط عليه السلح والعذاب واللم ،اشتفوا ) (1منه ضربا بأسلحتكم
فاني ل اميته ،فيثخنونه بالجراحات ،ثم يدعونه فل يزال سخين العين على
نفسه وأولده المقتولين المقتلين ) ،(2ول يندمل شئ من جراحاته إل
بسماعه أصوات المشركين بكفرهم فان بقي هذا المؤمن على طاعة ال
وذكره والصلة على محمد وآله بقي إبليس على تلك الجراحات ) ،(3وإن
زال العبد عن ذلك وانهمك في مخالفة ال عزوجل ومعاصيه اندملت
جراحات إبليس ثم قوي على ذلك العبد حتى يلجمه ويسرج على ظهره
ويركبه ثم ينزل عنه ويركب ظهره شيطانا من شياطينه ويقول لصحابه:
أما تذكرون ما أصابنا من شأن هذا ؟ ذل .وانقاد لنا الن حتى صار يركبه
هذا ،ثم قال رسول ال صلى ال عليه وآله :فان أردتم أن تديموا على
إبليس سخنة عينه ) (4وألم جراحاته فداوموا على طاعة ال وذكره
والصلة على محمد وآله ،وإن زلتم عن ذلك كنتم اسراء فيركب أقفيتكم
بعض مردته ) .(5بيان :النشاشيب جمع النشاب بالضم والتشديد وهو
النبل .وقال الجوهرى :سخنة العين نقيض قرتها ،قد سخنت عينه بالكسر
فهو سخين العين ،وأسخن ال عينه أي أبكاه ،والمقتلين على بناء المفعول
من باب الفعال أي المعرضين للقتل ،أو التفعيل تأكيدا لبيان كثرة
مقتوليهم .قال الجوهري :أقتلت فلنا :عرضته للقتل ،وقتلوا تقتيل :شدد
للكثرة - 159 .تفسير المام :قال عليه السلم :الشيطان هو البعيد من كل،
خير ،الرجيم :المرجوم باللعن ،المطرود من بقاع الخير ).(6
) (1في نسخة من المصدر :استبقوا (2) .المصدر خال عن قوله :مقتلين (3) .في
المصدر :بقى على ابليس تلك الجراحات (4) .في المصدر :من سخنة
عينه (5) .التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم 159 :و
(6) .160التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم.5 :
][273
- 160تفسير على بن ابراهيم :عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :سئل عما ندب ال الخلق إليه أدخل فيه الضلل ؟ قال:
نعم ،والكافرون دخلوا فيه ،لن ال تبارك وتعالى أمر الملئكة بالسجود
لدم فدخل في أمره الملئكة وإبليس ،فان إبليس كان مع الملئكة في
السماء يعبد ال وكانت الملئكة تظن أنه منهم ولم يكن منهم ،فلما أمر ال
الملئكة بالسجود لدم أخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد ،فعلمت
الملئكة عند ذلك أن إبليس لم يكن منهم ،فقيل له عليه السلم :فكيف وقع
المر على إبليس وإنما أمر ال الملئكة بالسجود لدم ؟ فقال :كان إبليس
منم بالولء ولم يكن من جنس الملئكة ،وذلك أن ال خلق خلقا قبل آدم
وكان إبليس فيهم حاكما في الرض فعتوا وأفسدوا وسفكوا الدماء ،فبعث
ال الملئكة فقتلوهم وأسروا إبليس ورفعوه إلى السماء ،وكان مع
الملئكة يعبد ال إلى أن خلق ال آدم ) - 161 .(1ومنه :عن أبيه عن ابن
محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن ثابت الحذاء عن جابر الجعفي عن
أبي جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال :إن ال تبارك
وتعالى أراد أن يخلق خلقا بيده ،وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس
في الرض سبعة آلف سنة -وساق الحديث إلى أن قال تعالى - :إني اريد
أن أخلق خلقا بيدي وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعبادا صالحين
وأئمة مهتدين ،وأجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي ) ،(2وابيد النسناس
من أرضي واطهرها منهم ،وأنقل مردة الجن العصاة من بريتي وخلقي
وخيرتي ،واسكنهم في الهواء وفي أقطار الرض فل يجاورون نسل
خلقي ،وأجعل بين الجن وبين خلقي حجابا فل يرى نسل خلقي الجن ول
يجالسونهم ول يخالطونهم -وساق الحديث إلى قوله - :فخلق ال آدم فبقي
) (1تفسير القمى (2) .32 :أسقط المصنف هنا من الحديث من دون اشارة وهو:
ينهونهم عن معصيتى وينذرونهم من عذابي ويهدونهم إلى طاعتي
ويسلكون بهم طريق سبيلى وأجعلهم لى حجة عذرا و نذرا وابيد.
][274
أربعين سنة مصورا ،فكان يمر به إبليس اللعين فيقول :لمر ما خلقت ،فقال العالم
عليه السلم فقال إبليس :لئن أمرني ال بالسجود لهذا لعصيته ) ،(1ثم
نفخ فيه ) (2ثم قال للملئكة " اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس " )(3
فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد فأبى أن يسجد ،فقال ال عزوجل:
" ما منعك أن ل تسجد إذ أمرتك * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته
من طين " ) .(4قال الصادق عليه السلم :أول من قاس إبليس واستكبر،
والستكبار هو أول معصية عصى ال بها ) .(5قال :فقال إبليس :يا رب
اعفني من السجود لدم وأنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرب ول نبي
مرسل ،قال ال تبارك وتعالى :ل حاجة لي إلى عبادتك إنما إريد أن اعبد
من حيث اريد ل من حيث تريد ) ،(6فأبي أن يسجد ،فقال ال تبارك
وتعالى " :اخرج منها فانك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين " قال
إبليس :يا رب وكيف وأنت العدل الذي ل تجوز ول تظلم ؟ فثواب عملي
بطل ؟ قال :ل ولكن سلني من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك فاعطيك،
فأول ما سأل البقاء إلى يوم الدين ،فقال ال :قد أعطيتك ،قال :سلطني على
ولد آدم ،قال :سلطتك قال :أجرني فيهم مجرى الدم في العروق ،قال :قد:
أجريتك ،قال :ل يولد لهم ولد
) (1في المصدر :لعصينه (2) .اسقط المصنف أيضا من هنا جملة من دون اشارة
وهى :فلما بلغت الروح إلى دماغه عطس فقال :الحمد ل ،فقال ال
تعالى :يرحمك ال ،قال الصادق عليه السلم :فسبقت له من ال تعالى:
الرحمة ثم قال ال (3) .البقرة .34 :والعراف (4) .11 :العراف.12 :
) (5أي بعد خلق آدم عليه السلم وال فقبله ذكر في الحديث أن الجن
والنسناس عملوا المعاصي من سفك الدماء والفساد في الرض بغير
الحق (6) .لم تذكر في المصدر المطبوع جملة :ل من حيث تريد.
][275
إل ولد لي اثنان ،وأراهم ول يروني ،وأتصور لهم في كل صورة شئت ،فقال :قد
أعطيتك ،قال :يا رب زدني ،قال :قد جعلت لك ولذريتك في صدورهم
أوطانا ،قال :رب حسبي ،فقال إبليس عند ذلك :فوعزتك ) (1لغوينهم
أجمعين * إل عبادك منهم المخلصين * ثم لتينهم ) (2من بين أيديهم ومن
خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين )- 162 .(3
ومنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن زرارة عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :لما أعطى ال تبارك وتعالى إبليس ما أعطاه من القوة
قال آدم :يا رب سلطت إبليس على ولدي وأجريته فيهم مجرى الدم في
العروق ،وأعطيته ما أعطيته فما لي ولولدي ؟ فقال :لك ولولدك السيئة
بواحدة والحسنة بعشرة أمثالها ،قال :يا رب زدني ،قال :التوبة مبسوطة
إلى حين تبلغ النفس الحلقوم ،قال :يا رب زدني قال :اغفر ول أبالي ،قال:
حسبي ،قال :قلت :جعلت فداك بماذا استوجب إبليس من ال أن أعطاه ما
أعطاه ؟ قال :بشئ كان منه شكره ال عليه ،قلت :وما كان منه جعلت فداك
؟ قال :ركعتان ركعهما في السماء أربعة آلف سنة ) - 163 .(4دلئل
الطبري :عن محمد بن هارون بن موسى عن أبيه عن محمد بن همام عن
أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم عن أبيه عن بعض رجاله عن
الحسن بن شعيب عن علي بن هاشم عن المفضل بن عمر قال :قلت لبي
عبد ال عليه السلم :جعلت فداك ما لبليس من السلطان ؟ قال :ما
يوسوس في قلوب الناس ،قلت :فما لملك الموت قال :يقبض أرواح
الناس ،قلت :وهما مسلطان على من في المشرق والمغرب ؟ قال :نعم،
قلت :فما لك أنت جعلت فداك من السلطان ؟ قال :أعلم ما في المشرق
والمغرب وما في السماوات
) (1هكذا في الكتاب ومصدره والصحيح] :فبعزتك[ راجع سورة ص(2) .82 :
العراف (3) .17 :تفسير القمى 35 - 32 :والحديث طويل ذكره في باب
خلقه آدم عليه السلم (4) .تفسير القمى.35 :
][276
والرض وما في البر والبحر وعدد ما فيهن ،وليس ذلك لبليس ول لملك الموت )
- 164 .(1الكافي :باسناده عن الحسن بن العباس بن الجريش ) (2قال:
قال أبو جعفر عليه السلم :لما يزور ) (3من بعثه ال للشقاء على أهل
الضللة من أجناد الشياطين وأرواحهم أكثر مما يزور ) (4خليفة ال الذي
بعثه للعدل والصواب من الملئكة قيل :يا أبا جعفر وكيف يكون شئ أكثر
من الملئكة ؟ قال :كما شاء ال عزوجل ،قال السائل :يا أبا جعفر إني لو
حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لنكروه ،قال :كيف ينكرونه ؟ قال
يقولون :إن الملئكة عليهم السلم أكثر من الشياطين ،قال :صدقت افهم
عني ما أقول ،إنه ليس من يوم ول ليلة إل وجميع الجن والشياطين تزور
أئمة الضللة ويزور إمام الهدى عددهم من الملئكة حتى إذا أتت ليلة
القدر فيهبط فيها من الملئكة إلي ولي المر ،خلق ال أو قال :قيض ال
عزوجل من الشياطين بعددهم ،ثم زاروا ولي الضللة فأتوه بالفك والكذب
حتى لعله يصبح فيقول :رأيت كذا وكذا ،فلو سئل ولي المر عن ذلك لقال:
رأيت شيطانا أخبرك كذا وكذا حتى يفسر له تفسيرها ويعلمه الضللة التي
هو عليها ) .(5الحديث - 165 .ومنه :عن محمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن
) (1دلئل المة (2) .125 :هكذا في النسخ والصحيح ما في المصدر بالحاء
المهملة :الحريش وزان زبير ،والرجل مذكور في فهرست الشيخ
والنجاشى وقال الثاني :ضعيف جدا له كتاب انا انزلناه في ليلة القدر،
وهو كتاب ردى الحديث مضطرب اللفاظ الخ وقال ابن الغضائري:
ضعيف جدا يروى عن ابى جعفر الثاني فضل انا انزلناه في ليلة القدر،
وله كتاب مصنف فاسد اللفاظ تشهد مخائله على أنه موضوع ،وهذا
الرجل ل يلتفت إليه ول يكتب من حديثه انتهى أقول :هذا الحديث من
كتابه المذكور (3) .في المصدر :لما ترون (4) .في المصدر :مما ترون.
) (5اصول الكافي 252 :1و .253
][277
سنان عمن أخبره عن أبي عبد ال عليه السلم قال :كان عابد في بني إسرئيل لم
يقارف من أمر الدنيا شيئا فنخر إبليس نخرة فاجتمعت إليه جنوده فقال:
من لي بفلن ؟ فقال بعضهم :أنا ) ،(1فقال :من أين تأتيه ؟ فقال :من
ناحية النساء ،قال :لست له لم يجرب النساء ،فقال له آخر :فأنا له ،قال:
من أين تأتيه ؟ قال :من ناحية الشراب واللذات قال لست له ليس ،هذا بهذا
قال آخر ،فأنا له ،قال من أين تأتيه ؟ قال :من ناحية البر ،قال :انطلق فأنت
صاحبه ،فانطلق إلى موضع الرجل فأقام حذاءه يصلي ،قال :وكان الرجل
ينام ،والشيطان ل ينام ،ويستريح والشيطان ل يستريح .فتحول إليه الرجل
وقد تقاصرت إليه نفسه واستصغر عمله ،فقال :يا عبد ال بأي شئ قويت
على هذه الصلة :فلم يجبه ،ثم عاد عليه فلم يجبه ،ثم عاد عليه فقال :يا
عبد ال إني أذنبت ذنبا وأنا تائب منه ،فإذا ذكرت الذنب قويت على
الصلة ،قال :فأخبرني بذنب حتى أعمله وأتوب ،فإذا فعلته قويت على
الصلة ،فقال :ادخل المدينة فسل عن فلنة البغية فأعطها درهمين ونل
منها ،قال :ومن أين لي درهمين ؟ ما أدري ما الدرهمين ؟ فتناول الشيطان
من تحت قدمه درهمين فناوله إياهما ،فقام فدخل المدينة بجلبيبه يسأل
عن فلنة البغية ) (2فأرشدوه الناس وظنوا أنه جاء يعظها ،فأرشدوه
فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال :قومي ،فقامت فدخلت منزلها
وقالت :ادخل ،وقالت :إنك جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها،
فأخبرني بخبرك ،فأخبرها ،فقال له :يا عبد ال إن ترك الذنب أهون من
طلب التوبة ،وليس كل من طلب التوبة وجدها ،وإنما ينبغي أن يكون هذا
شيطانا مثل لك ،فانصرف فانك ل ترى شيئا ،فانصرف وماتت من ليلتها
فأصبحت فإذا على بابها مكتوب :احضروا فلنة فانها من أهل الجنة،
فارتاب الناس فمكثوا ثلثا ل يدفنونها ارتيابا في أمرها ،فأوحى ال
عزوجل إلى نبي من النبياء ل أعلمه إل موسى بن عمران عليه السلم أن
أئت فلنة فصل عليها ومر الناس أن يصلوا عليها
) (1في المصدر :أنا له (2) .في المصدر :يسأل عن منزل فلنة البغية فارشده
الناس.
][278
فاني قد غفرت لها وأوجبت لها الجنة بتثبيطها ) (1عبدي فلنا عن معصيتي ).(2
- 166ومنه :عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد
بن سعيد عن زكريا بن محمد عن أبيه عن عمرو عن أبي جعفر عليه
السلم :قال كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم ال ،فطلبهم إبليس الطلب
الشديد ،وكان من فضلهم وخيرتهم أنهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا
بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم ،فلم يزل إبليس يعتادهم وكانوا ) (3إذا
رجعوا خرب إبليس ما يعملون ،فقال بعضهم لبعض :تعالوا نرصد هذا
الذي يخرب متاعنا ،فرصدوه فإذا هو غلم أحسن ما يكون من الغلمان،
فقالوا له :أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد اخرى ؟ فأجمع رأيهم ) (4على
أن يقتلوه ،فبيتوه عند رجل فلما كان الليل صاح فقال له :ما لك ؟ فقال:
كان أبي ينومني على بطنه ،فقال له :تعال فنم على بطني ،قال فلم يزل
يدلك الرجل حتى علمه أن يفعل بنفسه ) ،(5فأول علمه إبليس ،والثانية
علمه هو ،ثم انسل ففر منهم فأصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلم
ويعجبهم منه وهم ل يعرفونه ،فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال )(6
بعضهم ببعض ،ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق يفعلون بهم حتى تنكب
مدينتهم الناس ،ثم تركوا نساءهم وأقبلوا على الغلمان ،فلما رأى أنه قد
أحكم أمره في الرجال جاء إلى النساء فصير نفسه امرأة ،ثم قال :إن
رجالكن يفعل بعضهم ببعض ؟ قالوا :نعم قد رأينا ذلك ،وكل ذلك يعظهم
لوط عليه السلم ويوصيهم وإبليس يغويهم حتى استغنى النساء بالنساء )
(7الحديث الطويل.
) (1ثبطة عن المر :عوقه وشغله عنه (2) .روضة الكافي 384 :و (3) .385في
المصدر :فكانوا (4) .في المصدر :فاجتمع رأيهم (5) .في المصدر :حتى
علمه انه يفعل بنفسه (6) .في المصدر :حتى اكتفى الرجال بالرجال(7) .
الكافي .544 :5
][279
بيان :يعتادهم أي يعتاد المجئ إليهم أو ينتابهم كلما رجعوا أقبل اللعين ،قال في
القاموس :العود :انتياب الشئ كالعتياد ،وفي المحاسن :فلما حسدهم
إبليس لعبادتهم كانوا إذا رجعوا ) " (1وفي ثواب العمال " :فأتى إبليس
عبادتهم " " .فأول علمه ) " (2كذا في النسخ بتقديم اللم على الميم في
الموضعين ولعل الظهر تقديم الميم ) ،(3أي أو ل أدخل إبليس ذكر الرجل،
وثانيا أدخل الرجل ذكره ،وعلى ما في النسخ كأن المعنى أنه كان أول معلم
هذا الفعل حيث علمه ذلك الرجل ثم صار الرجل معلم الناس - 167 .تفسير
علي بن إبراهيم :عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي
بصير عن أبي جعفر عليه السلم قال :إن سليمان بن داود أمر الجن فبنوا
له بيتا من قوارير فبينا هو متكئ على عصاه ينظر إلى الشياطين كيف
يعملون وينظرون إليه إذ حانت ) (4منه التفاتة فإذا هو برجل معه في
القبة ففزع منه وقال :من أنت ؟ قال :أنا الذي ل أقبل الرشى ول أهاب
الملوك ،أنا ملك الموت ،فقبضه وهو متكئ على عصاه فمكثوا سنة يبنون
وينظرون إليه ويدأبون له ويعملون حتى بعث ال الرضة فأكلت منسأته
وهي العصا ،فلما خر تبينت النس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا
سنة في العذاب المهين فالجن تشكر الرضة بما عملت بعصا سليمان،
قال :فل تكاد تراها في مكان إل وجد عندها ماء وطين ،فلما هلك سليمان
وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ثم طواه وكتب على ظهره :هذا ما
وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم من أراد
كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ،ثم دفنه تحت السرير ثم استشاره ) (5لهم فقرأه
فقال الكافرون :ما كان سليمان عليه السلم يغلبنا إل بهذا ،وقال
المؤمنون :بل هو
) (1المحاسن (2) .110 :في عقاب العمال والمحاسن " :فاول عمله ابليس
والثانية عمله هو " راجع عقاب العمال :باب عقاب الوطى (3) .قد
عرفت انه الموجود في عقاب العمال والمحاسن (4) .في المصدر:
خانت عنه (5) ،هكذا في الكتاب ومصدره ولعل الصحيح كما في
البرهان :استثاره أي اظهره لهم.
][280
عبد ال ونبيه ) - 168 .(1الدعائم :عن علي عليه السلم أنه قال :كنا مع رسول
ال صلى ال عليه وآله ذات ليلة إذ رمي ينجم فاستنار ،فقال للقوم :ما
كنتم تقولون في الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا ؟ قالوا :كنا نقول :مات عظيم
وولد عظيم ،قال :فانه ل يرمى به لموت أحد ولحياة أحد ولكن ربنا إذا
قضى أمرا سبح حملة العرش وقالوا :قضى ربنا بكذا ،فيسمع ذلك أهل
السماء التي تليهم فيقولون ذلك حتى يبلغ ذلك أهل السماء الدنيا فيسترق
الشياطين السمع فربما اعتلقوا شيئا فأتوا به الكهنة فيزيدون وينقصون،
فتخطئ الكهنة وتصيب ثم إن ال عزوجل منع السماء بهذه النجوم
فانقطعت الكهانه فل كهانة ،وتل جعفر بن محمد عليه السلم " :إل من
استرق السمع فأتبعه شهاب ثاقب ) (2وقوله " :وإنا كنا نقعد منها مقاعد
) (3للسمع " الية ) .(4بيان :فربما اعتلقوا شيئا أي أحبوه أو تعلموه أو
تعلقوا به ،في القاموس :اعتلقه أي أحبه وتعلقه وتعلق به بمعنى ،وفي
النهاية :أنى علقها أي من أين تعلمها ممن أخذها - 169 .الدر المنثور
للسيوطي :عن ابن عمر قال :لقي إبليس موسى فقال لموسى (5) :أنت
الذي اصطفاك ال برسالته وكلمك تكليما ،أذنبت وأنا اريد أن أتوب فاشفع
لي إلى ربي أن يتوب علي ،قال موسى :نعم ،فدعا موسى ربه فقيل :يا
موسى قد قضيت حاجتك :فلقي موسى إبليس وقال :قد امرت أن تسجد
بقبر آدم ويتاب عليك ،فاستكبر وغضب وقال :لم أسجد له حيا ،أسجد له
ميتا ؟ ثم قال إبليس :يا موسى إن لك علي حقا بما شفعت لي إلى ربك
فاذكرني عند ثلث ل اهلكك فيمن اهلك ) :(6اذكرني
) (1تفسير القمى 46 :و (2) .47هكذا في الكتاب ولعله وهم النساخ والصحيح" :
شهاب مبين " راجع الحجر (3) .18الجن (4) .9 :دعائم السلم:
ليست عندي نسخته (5) .في المصدر :فقال :يا موسى (6) .في المصدر:
ل أهلكك فيهن.
][281
حين تغضب فاني أجري منك مجرى الدم .واذكرني حين تلقى الزحف فاني آتي ابن
آدم حين يلقى الزحف فأذكره ولده وزوجته حتى يولي ،وإياك أن تجالس
امراة ليست بذات محرم فاني رسولها إليك ورسولك إليها )- 170 .(1
وعن أنس قال :إن نوحا لما ركب السفينة أتاه إبليس فقال له نوح :من
أنت ؟ قال أنا إبليس ،قال :فما جاء بك ؟ قال :جئت تسأل لي ربك هل لي
من توبة ؟ فأوحى ال إليه :أن توبته أن يأتي قبر آدم فيسجد له ،قال :أما
أنا لم أسجد له حيا أسجد له ميتا ؟ قال فاستكبر وكان من الكافرين ).(2
- 171وعن جنادة بن أبي امية قال :أول خطيئة كانت الحسد :حسد إبليس
آدم أن يسجد له حين أمره فحمله الحسد على المعصية ) 172 .(3وعن
قتادة :قال :لما هبط إبليس قال آدم :أي رب قد لعنته فما علمه ؟ قال:
السحر قال :فما قراءته ؟ قال :الشعر ،قال :فما كتابته ) (4؟ قال :الوشم،
قال :فما طعامه ؟ قال :كل ميتة وما لم يذكر اسم ال عليه ،قال :فما شرابه
؟ قال :كل مسكر ،قال :فأين مسكنه ؟ قال :الحمام ،قال :فاين مجلسه ؟
قال :السواق ،قال :فما صوته ؟ قال :المزمار قال :فما مصائده ؟ قال
النساء ) - 173 .(5وعن ابن عباس :قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله قال إبليس لربه تعالى :يا رب قد اهبط آدم وقد علمت أنه سيكون كتب
ورسل ،فما كتبهم ورسلهم ؟ قال :رسلهم الملئكة والنبيون ،وكتبهم
التوراة والنجيل والزبور والفرقان ،قال :فما كتابي ؟ قال :كتابك الوشم،
وقراءتك الشعر ،ورسلك الكهنة ،وطعامك ما لم يذكر اسم ال عليه
وشرابك كل مسكر ،وصدقك الكذب ،وبيتك الحمام ،ومصائدك النساء،
ومؤذنك المزمار ،ومسجدك السواق ).(6
) (3 - 1الدر المنثور (4) .51 :1في المصدر :فما كتابه ؟ ) 5و (6الدر المنثور
.63 :1
][282
- 174وعن ابن عباس :قال :جاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في
صورة رجال من بني مدلج ،والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن
جعشم ،فقال الشيطان " :ل غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم "
وأقبل جبريل على إبليس فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين
انتزع إبليس يده ) (1وولى مدبرا وشيعته فقال الرجل :يا سراقه إنك جار
لنا ،فقال :إني أرى ما ل ترون ،وذلك حين رأى الملئكة " اني أخاف ال
وال شديد العقاب " ) - 175 .(2وعن رفاعة النصاري :قال :لما رأى
إبليس ما تفعل الملئكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه
فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة ابن مالك فوكز في صدر
الحارث فألقاه ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر يرفع يديه فقال:
اللهم إني أسألك نظرتك اياي ) - 176 .(3وعن أبي التياح ) :(4قال :قال
رجل لعبد الرحمن بن خنيش كيف صنع رسول ال صلى ال عليه وآله
كادته الشياطين ؟ قال :نعم تحدرت الشياطين من الجبال والودية يريدون
رسول ال صلى ال عليه وآله فيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن
يحرق بها رسول ال صلى ال عليه وآله فلما رآهم رسول ال صلى ال
عليه وآله فزع منهم وجاءه جبرئيل فقال :يا محمد قل :ما أقول " :أعوذ
بكلمات ال التامات اللتي ل يجاوزهن بر ول فاجر من شر ما خلق وبرأ
وذرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ،ومن شر ما
ذرأ في الرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ،ومن
شر كل طارق إل طارقا يطرق بخير يا رحمن " قال :فطفئت نار الشياطين
وهزمهم ال عزوجل ).(5
) (1في المصدر :وأقبل جبرئيل عليه السلم على ابليس وكانت يده في يد رجل من
المشركين فلما رأى جبريل انتزغ يده وولى مدبرا هو وشيعته (2) .الدر
المنثور (3) .190 :2الدر المنثور (4) .190 :3قال ابن حجر في
التقريب :أبوالتياح بفتح اوله وتشديد التحتانية اسمه يزيد ابن حميد(5) .
الدر المنثور:
][283
- 177وعن ابن مسعود قال :لما كان ليلة الجن أقبل عفريت من الجن في يده
شعلة من نار فجعل النبي صلى ال عليه وآله وسلم يقرأ القرآن فل يزداد
إل قربا ،فقال له جبرئيل :أل اعلمك كلمات تقولهن ينكب منها لفيه وتطفئ
شعلته ؟ قل :أعوذ بوجه ال الكريم وكلمات ال التامات التي ل يجاوزهن
بر ول فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر
ما ذرأ في الرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن
شر طوارق الليل ومن شر كل طارق إل طارقا يطرق بخير يا رحمن .فقالها
فانكب لفيه وطفيت شعلته ) .(1تتمة :تشمل على فوائد جمة :الولى :ل
خلف بين المامية بل بين المسلمين في أن الجن والشياطين أجسام لطيفة
يرون في بعض الحيان ول يرون في بعضها ،ولهم حركات سريعة وقدرة
على أعمال قوية ويجرون في أجساد بني آدم مجرى الدم ،وقد يشكلهم ال
بحسب المصالح بأشكال مختلفة وصور متنوعة كما ذهب إليه السيد
المرتضى رضي ال عنه ،أو جعل ال لهم القدرة على ذلك كما هو الظهر
من الخبار والثار .قال صاحب المقاصد :ظاهر الكتاب والسنة وهو قول
أكثر المة أن الملئكة أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلت بأشكال
مختلفة كاملة في العلم والقدرة على الفعال الشاقة -وساق الكلم إلى
قوله - :والجن أجسام لطيفة هوائية متشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها
أفعال عجيبة ،منهم المؤمن والكافر والمطيع والعاصي والشياطين أجسام
نارية شأنها إلقاء النفس في الفساد والغواية بتذكير أسباب المعاصي
واللذات وإنساء منافع الطاعات وما أشبه ذلك على ما قال تعالى حكاية عن
الشيطان " :وما كان لي عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي فل
تلوموني ولوموا أنفسكم " ) (2وقيل :تركيب النواع الثلثة من امتزاج
العناصر الربعة إل أن الغالب على الشيطان عنصر النار ،وعلى الخرين
عنصر الهواء ،وذلك أن امتزاج العناصر قد ل يكون على القرب من
العتدال بل على قدر صالح من غلبة أحدهما ،فان كانت الغلبة
][284
للرضية يكون الممتزج مائل إلى عنصر الرض ،وإن كانت للمائية فالى الماء أو
للهوائية فالى الهواء أو للنارية فالى النار ،ل يبرح ول يفارق إل بالجبار،
أو أبان يكون حيوانا فيفارق بالختيار ،وليس لهذه الغلبة حد معين بل
تختلف إلى مراتب بحسب أنواع الممتزجات التي تسكن هذا العنصر،
ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والشفيف ،كانت الملئكة والجن
والشياطين بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتى أجواف النسان ول
يرون بحس البصر إل إذا اكتسبوا من الممتزجات الخر التي تغلب عليها
الرضية والمائية جلبيب وغواشي فيرون في أبدان كأبدان الناس أو
غيره من الحيوانات ،والملئكة كثيرا ما تعاون النسان على أعمال يعجز
هو عنها بقوته كالغلبة على العداء والطيران في الهواء والمشي على
الماء ،ويحفظه خصوصا المضطرين عن كثير من الفات .وأما الجن
والشياطين فيخالطون بعض الناسي ويعاونونهم على السحر والطلسمات
والنيرنجات ،ثم تعرض لدفع الشبهة الواردة على هذا القول وهي أن
الملئكة والجن والشياطين إن كانت أجساما ممتزجة من العناصر يجب أن
تكون مرئية لكل سليم الحس كسائر المركبات وإل لجاز أن تكون بحضرتنا
جبال شاهقة وأصوات هائلة ل نبصرها ول نسمعها ،والعقل جازم ببطلن
ذلك على ما هو شأن العلوم العادية وإن كانت غلبته اللطيف بحيث ل تجوز
رؤية الممتزج يلزم أن ل يروا أصل ،وأن تتمزق أبدانهم وتنحل تراكيبهم
بأدنى سبب ،واللزم باطل لما تواتر من مشاهدة بعض الولياء والنبياء )
(1إياهم ومكالمتهم ومن بقائهم زمانا طويل مع هبوب الرياح العاصفة
والدخول في المضائق الضيقة ،وأيضا لو كان من المركبات المزاجية
لكانت لهم صور نوعية وأمزجة مخصوصة تقتضي أشكال مخصوصة كما
في سائر الممتزجات ،فل يتصور التصور بأشكال مختلفة ) .(2والجواب:
منع الملزمات :أما على القول باستناد الممكنات إلى القادر المختار
) (1في النسخة المخطوطة :بعض النبياء والولياء (2) .في النسخة المخطوطة:
بالشكال المختلفة.
][285
فظاهر ،لجواز أن يخلق رؤيتهم في بعض البصار والحوال دون البعض ،وأن
يحفظ بالقدرة والرادة تركيبهم ويبدل أشكالهم .وأما على القول باليجاب
فلجواز أن يكون فيهم من العنصر الكثيف ما يحصل منه الرؤية لبعض
البصار دون البعض وفي بعض الحوال دون البعض ،أو يظهروا أحيانا
في أجسام كثيفة هي بمنزلة الغشاء والجلباب لهم فيبصروا وأن يكون
نفوسهم أو أمزجتهم أو صورهم النوعية تقتضي حفظ تركيبهم عن
النحلل وتبدل أشكالهم بحسب اختلف الوضاع والحوال ويكون فيهم
من الفطنة والذكاء ما يعرفون به جهات هبوب الرياح وسائر أسباب
انحلل التركيب ،فيحترزون عنها ويأوون إلى أماكن ل يلحقهم ضرر .وأما
الجواب بأنه يجوز أن تكون لطافتهم بمعنى الشفافية دون رقة القوام فل
يلئم ما يحكى عنهم من النفوذ في المنافذ الضيقة والظهور في ساعة
واحدة في صور مختلفة بالصغر والكبر ونحو ذلك .ثم ذكر مذاهب الحكماء
في ذلك فقال :والقائلون من الفلسة بالجن والشيطان زعموا أن الجن
جواهر مجردة لها تصرف وتأثير في الجسام العنصرية من غير تعلق بها
تعلق النفوس البشرية بأبدانها والشياطين هي القوى المتخيلة في أفراد
النسان من حيث استيلئها على القوى العقلية وصرفها عن جانب القدس
واكتساب الكمالت العقلية إلى اتباع الشهوات واللذات الحسية والوهمية.
ومنهم من زعم أن النفوس البشرية بعد مفارقتها عن البدان وقطع العلقة
عنها إن كانت خيرة مطيعة للدواعي العقلية فهم الجن ،وإن كانت شريرة
باعثة على الشرور والقبائح معينة على الضلل والنهماك في الغواية فهم
الشياطين وبالجمة فالقول بوجود الملئكة والشياطين مما انعقد عليه
إجماع الراء ونطق به كلم ال تعالى و كلم النبياء عليهم السلم وحكي
مشاهدة الجن عن كثير من العقلء وأرباب المكاشفات من الولياء فل
وجه لنفيها كما ل سبيل إلى إثباتها بالدلة العقلية ،ثم ذكر طريقة المتألهين
من الحكماء وقولهم بالعالم بين العالمين وعالم المثال ،وانهم جعلوا
الملئكة والجن والشياطين والغيلن من هذا العالم وقد مضى بعض الكلم
فيه.
][286
][287
ورد الول بأنه خلف الظاهر فل يصار إليه إل لدليل ) .(1وثانيها :قوله تعالى" :
ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) " (2فنفى عن الملئكة
المعصية نفيا عاما فوجب أن ل يكون إبليس منهم .واجيب عنه بأنه قوله
تعالى " :ل يعصون " صفة لخزنة النيران ل لمطلق الملئكة يدل عليه
قوله تعالى " :عليها ملئكة غلظ شداد ل يعصون ال ما أمرهم )" (3
ول يلزم من كونهم معصومين كون الجميع كذلك ،ويرد عليه أن الدلئل
الدالة على عصمة الملئكة كثيرة وقد مر كثير منها .وثالثها :أن إبليس له
نسل وذرية قال تعالى " :أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو
" ) (4والملئكة ل ذرية لهم لنه ليس فيهم انثى لقوله تعالى " :وجعلوا
الملئكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ) " (5والذرية إنما تحصل من الذكر
والنثى .ويمكن الجواب عنه بعد تسليم دللة الية على السلب الكلي بأن
انتفاء النثى فيهم ل يدل على انتفاء الذرية ،كما أن الشياطين ليس فيهم
انثى مع أن لهم ذرية كما مر أن ذرية إبليس من نفسه وأنه يبيض ويفرخ.
وقال الشيخ رحمه ال في التبيان :من قال :إن إبليس له ذرية والملئكة ل
ذرية لهم ول يتناكحون ول يتناسلون ،فقد عول على خبر غير معلوم ).(6
ورابعها :أن الملئكة رسول ال لقوله " :جاعل الملئكة رسل )" (7
ورسل ال معصومون لقوله سبحانه " :ال أعلم حيث يجعل رسالته )(8
" ول يجوز على رسل ال الكفر
) (1في النسخة المخطوطة :بدليل 2) .و (3التحريم (4) .9 :الكهف(5) .51 :
الزخرف (6) .15 :التبيان (7) .57 :7فاطر (8) .1 :النعام.124 :
][288
والعصيان ملئكة كانوا أم بشرا .واجيب بأنه ليس المراد بالية العموم لقوله
تعالى " :ال يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس ) " (1قال في
التبيان :وكلمة " من " للتبعيض بل خلف ) .(2ولو لم يكن كذلك لجاز لنا
أن نخص هذا العموم بقوله تعالى " :إل إبليس " لن حمل الستثناء على
أنه منقطع حمل له على المجاز كما أن تخصيص العموم مجاز وإذا تعارضا
سقطا لو لم يكن التخصيص أولى ) .(3واستدلوا على مغايرة الجن
للملئكة بأن الملئكة روحانيون مخلوقون من الريح في قول بعضهم ومن
النور في قول بعضهم ول يطعمون ول يشربون ،والجن خلقوا من النار
لقوله تعالى " :والجان خلقناه من قبل من نار السموم ) " (4وقد ورد في
الخبار النهي عن التمسح بالعظم والروث لكونهما طعاما لهم ولدوابهم.
واجيب بمنع المقدمات ،قال في التبيان :الكل والشرب لو علم فقدهما في
الملئكة فل نعلم أن إبليس كان يأكل ويشرب ،وقد قيل :إنهم يتشمون
الطعام ول يأكلونه ) (5انتهى .واستدل أيضا بقوله تعالى " :ويوم
يحشرهم جميعا ثم يقول للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون * قالوا
سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون )
" (6وعورض بقوله تعالى " :وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) " (7لن
قريشا قالت :الملئكه بنات ال ،فرد ال عليهم بقوله " :سبحان ال عما
يصفون )" (8
) (1الحج (2) .75 :لم يذكر فيه قوله :بل خلف ،نعم ذكر في ج :342 :7عند أهل
اللغة (3) .التبيان (4) .153 :1الحجر (5) .27 :التبيان :57 :7لم
يذكر فيه قوله :وقد قيل ولعله في موضع آخر (6) .سبأ 40 :و 7) .41و
(8الصافات 159 :و .160
][289
واجيب بالمنع فانه فسرت الية بوجوه اخرى :منها أن المراد به قول الزنادقة :إن
ال وإبليس أخوان أو إن ال خلق النور والخير والحيوان النافع ،وإبليس
خلق الظلمة والشر والحيوان الضار ،وبعضهم أشركوا الشيطان في عبادة
ال تعالى ،وذلك هو النسب الذي جعلوه بينه سبحانه وبين الجنة .ومنها
أنهم قالوا :صاهر ال الجن فحدثت الملئكة .واحتج القائلون بأنه من
الملئكة بوجهين :الول أن ال تعالى استثناه من الملئكة ،والستثناء يفيد
إخراج ما لوله لدخل ،وذلك يوجب كونه من الملئكة .واجيب بأن
الستثناء ههنا منقطع ،وهو مشهور في كلم العرب ،كثير في كلمه
تعالى ،قال سبحانه " :ل يسمعون فيها لغوا ول تأثيما إل قيل سلما سلما
) " (1وقال " :ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن تكون تجارة عن
تراض منكم ) " (2وايضا فلنه كان جنيا واحدا بين اللوف من الملئكة
فغلبوا عليه في قوله " :فسجدوا " ثم استثنى هو منهم استثناء واحد
منهم وقد كان مأمورا بالسجود معهم ،فلما دخل معهمم في المر جاز
إخراجه بالستثناء منهم .ورد بأن كل واحد من هذين الوجهين على خلف
الصل فل يصار إليه إل عند الضرورة ،والدلئل التي ذكرتموها في نفي
كونه من الملئكة ليس فيها إل العتماد على العمومات ،فلو جعلناه من
الملئكة لزم تخصيص ما عولتم عليه من العمومات ،ولو قلنا :إنه ليس
من الملئكة لزمنا حمل الستثناء على المنقطع ،ومعلوم أن تخصيص
العموم أكثر في كتاب ال من حمل الستثناء على المنقطع فكان قولي
أولى ،وأما قولكم :إنه جني واحد بين اللوف من الملئكة فغلبوا عليه
فنقول :إنما يغلب الكثير على القليل إذا كان ذلك القليل ساقط العبرة غير
ملتفت إليه ،وأما إذا كان معظم الحديث ليس إل عن ذلك الواحد لم يجز
تغليب غيره عليه ،وفيه نظر .الثاني أنه لو لم يكن من الملئكة لما كان
قوله تعالى " :وإذ قلنا للملئكة
][290
اسجدوا " متناول له ،فل يكون تركه للسجود إباء واستكبارا ومعصية ،ولما
استحق الذم والعقاب فعلم أن الخطاب كان متناول له ،ول يتناوله الخطاب
إل إذا كان من الملئكة .وأجيب بأنه وإن لم يكن من الملئكة إل أنه نشأ
منهم وطالت خلطته بهم والتصق بهم فل جرم تناوله ذلك الخطاب ،وأيضا
يجوز أن يكون مأمورا بالسجود بأمر آخر ويكون قوله تعالى " :ما منعك
أل تسجد إذ أمرتك " إشارة إلى ذلك المر ،ورد الول بأن مخالطته لهم ل
يوجب توجه الخطاب إليه كما حقق في موضعه ،والثاني بأن ظاهر قوله
تعالى " وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس " الية أن الباء
والعصيان إنما حصل بمخالفة هذا المر ل بمخالفة أمر آخر .هذا ما قيل أو
يمكن أن يقال في هذا المقام .لكن الظاهر من أكثر الخبار والثار عدم
كونه من الملئكة ،وإنه لما كان مخلوطا بهم وتوجه الخطاب إليهم شمله
هذا الخطاب ،وقوله تعالى " :وإذ قلنا للملئكة " مبني على التغليب
الشايع في الكلم وأما ما يشعر به كلم الشيخ رحمه ال في التبيان من
ورود الخبار ) (1بأن إبليس كان من الملئكة فلم نظفر بها وإن ورد في
بعضها فهو نادر مأول .وقال رحمه ال :وأما ما روي عن ابن عباس من
أن الملئكة كانت تقاتل الجن فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملئكة )
(2فتعبد معها ،فلما امروا بالسجود لدم سجدوا إل إبليس ) (3فلذلك قال
تعالى " :إل إبليس كان من الجن " فانه خبر واحد ل يصح ،والمعروف
عن ابن عباس أنه كان ) (4من الملئكة فأبى واستكبر وكان من الكافرين
).(5
) (1راجع التبيان 150 :1و (2) 151في المصدر " :كان صغيرا مع الملئكة) .
(3في المصدر :ال ابليس أبى (4) .في المصدر :ما قلناه انه كان(5) .
التبيان .153 :1
][291
الثالثة :ل خلف في أن الجن والشياطين مكلفون ،وأن كفارهم في النار معذبون،
وأما أن مؤمنهم يدخلون الجنة فقد اختلف فيه العامة ،ولم أر لصحابنا فيه
تصريحا .قال علي بن إبراهيم في تفسيره :سئل العالم عليه السلم عن
مؤمني الجن يدخلون الجنة ؟ فقال :ل ،ولكن ل حظائر بين الجنة والنار
يكون فيها مؤمنوا الجن وفساق الشيعة ) .(1ول خلف في أن نبينا صلى
ال عليه وآله مبعوث عليهم ،وأما سائر أولي العزم عليهم السلم فلم
يتحقق عندي بعثهم عليهم نفيا أو إثباتا ،وإن كان بعض الخبار يشعر
بكونهم مبعوثين عليهم ،ول بد في إثبات الحجة عليهم من بعثة نبي عليهم
منهم أو بعثة النبياء من النس عليهم أيضا ،وقد مر أنه بعث فيهم نبي
يقال له :يوسف ،وقد مضى كلم الطبرسي رحمه ال والقوال التي ذكرها
في ذلك .الرابعة :فيما ذكره المخالفون في ذلك ورواياتهم التي رووها في
خواصهم و أنواعهم وأحكامهم ،قال الدميري في كتاب حياة الحيوان :إن
الجن أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة لها عقول وأفهام
وقدرة على الكلم والعمال الشاقة وهم خلف النس ،الواحد جني،
ويقال :إنما سميت بذلك لنها تبقى ول ترى وروى الطبراني باسناد حسن
عن ثعلبة الحسني ) (2أن النبي صلى ال عليه وآله قال :الجن ثلثة
أصناف ،فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء ،وصنف حيات،
وصنف يحلون ويظعنون ،وكذلك رواه الحاكم وقال :صحيح السناد وروى
أبو الدنيا في كتاب مكائد الشيطان من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى
ال عليه وآله قال :الجن ثلثة أصناف :صنف حيات وعقارب وخشاش
) (1تفسير القمى (2) .664 :هكذا في الكتاب وفيه وهم والصحيح كما في المصدر:
]عن ابى ثعلبة الخشنى[ قال ابن الثير في اللباب :374 :1الخشنى بضم
الخاء وفتح الشين وفى آخرها نون .هذه النسبة إلى قبيلة وقرية ،أما
القبيله فهى من قضاعة نسبة إلى خشين بن النمر بن وبرة بن تغلب بن
عمران بن حلوان بن الحاف بن قضاعة ،منها أبو ثعلبة الخشنى.
][292
الرض ،وصنف كالريح في الهواء ،وصنف عليهم الحساب والعقاب ،وخلق ال
النس ثلثة أصناف :صنف كالبهائم ) (1لهم قلوب ل يفقهون بها ،وله
آذان ل يسمعون بها ،ولهم أعين ل يبصرون بها ،وصنف أجسادهم أجساد
بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف كالملئكة في ظل ال يوم ل
ظل إل ظله .وأجمع المسلمون على أن نبينا محمد صلى ال عليه وآله
مبعوث إلى الجن كما هو مبعوث إلى النس ،قال ال تعالى " :واوحى إلي
هذا القرآن لنذركم به ومن بلغ ) " (2والجن بلغهم القرآن ،وقال تعالى" :
وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن ) " (3الية ،وقال" :
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) " (4قال" :
وما أرسلناك إل رحمة ) (5للعالمين ) (6وما أرسلناك إل كافة للناس )(7
" وقال الجوهري :الناس قد تكون من الجن والنس ،وقال تعالى خطابا
لفريقين " :سنفرغ لكم أيها الثقلن * فبأي آلء ربكما تكذبان )" (8
والثقلن :الجن والنس ،سميا بذلك لنهما ثقل الرض ،وقيل :لنهما
مثقلن بالذنوب وقال " :ولمن خاف مقام ربه جنتان ) " (9ولذلك قيل :إن
من الجن مقربين و أبرارا ،كما أن من النس كذلك ،وخالف في ذلك أبو
حنيفة والليث فقال :ثواب
) (1في المصدر :كالبهائم قال ال عزوجل :ان هم ال كالنعام بل هم أضل سبيل.
وقال تعالى :لهم قلوب ل يفقهون بها ذكر الية بتمامها (2) .النعام.19 :
) (3الحقاف (4) .29 :الفرقان (5) .1 :النبياء (6) .107 :في
المصدر :وقال تعالى (7) .سبأ (8) .28 :الرحمن 31 :و (9) .32
الرحمن.46 :
][293
][294
وفيه :من حديث جابر :وبعثت إلى كل أحمر وأسود .وفيه :عن ابن مسعود قال :كنا
مع النبي صلى ال عليه وآله ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الودية
والشعاب ،فقلنا :استطير أو اغتيل ،فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ،فلما
أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء فقلنا :يا رسول ال فقدناك فطلبناك فلم
نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ،قال :أتاني داعي الجن فذهبت معه
وقرأت عليهم القرآن فانطلق بنا فارانا آثار نيرانهم ،وسألوه الزاد فقال:
لكم كل عظم ذكر اسم ال عليه تأخذونه فيقع في أيديكم أوفر ما كان لحما،
وكل بعر علف لدوابكم ،قال :فل تستنجوا بهما فانهما طعام إخوانكم الجن.
وروى الطبراني باسناد حسن عن الزبير بن العوام قال :صلى بنا رسول
ال صلى ال عليه وآله صلة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قال:
أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة ؟ فسكت القوم ولم يتكلم منهم أحد ،قال
ذلك ثلثا ،فمر بى يمشي فأخذ بيدي فجعلت أمشي معه حتى يتباعد )(1
عنا جبال المدينة كلها وأفضينا إلى أرض براز وإذا رجال طوال كأنهم
الرماح مستثفري ) (2ثيابهم من بين أرجلهم ،فلما رأيتهم غشيتني رعدة
شديدة حتى ما تمسكني رجلى من الفرق ) ،(3فلما دنونا منهم خط لي
رسول ال صلى ال عليه وآله بابهام رجله في الرض خطا وقال لي :اقعد
في وسطه ،فلما جلست ذهب عنى كل شئ أجده من ريبة ،وبقي صلى ال
عليه وآله ) (4بيني وبينهم فتل قرآنا رفيعا حتى طلع الفجر ثم أقبل حتى
مر بي فقال :الحق بي ،فجعلت أمشي معه فمضينا غير بعيد فقال ):(5
التفت فانظر هل ترى حيث كان اولئك من أحد ؟ قلت يا رسول ال أرى
سوادا كثيرة ،فخفض رسول ال صلى ال عليه وآله رأسه إلى الرض
) (1في المصادر :حتى تباعدت (2) .في المصدر :مستدثرى (3) .الفرق :الفزع) .
(4في المصدر :ومضى رسول ال صلى ال عليه وآله (5) .في
المصدر :فقال صلى ال عليه وآله لى.
][295
فنظم ) (1عظما بروثة فرمى ) (2به إليهم ،ثم قال :هؤلء وفد جن نصيبين سألوني
الزاد فجعلت لهم كل عظم وروثة .قال الزبير :ول يحل لحد أن يستنجي
بعظم ول روثة .ثم روى أيضا عن ابن مسعود قال :استتبعني رسول ال
صلى ال عليه وآله ليلة فقال :إن نفرا من الجن خمسة عشر بنو إخوة
وبنو عم يأتون الليلة فأقرأ عليهم القرآن ،فانطلقت معه إلى المكان الذي
أراد فجعل لي خطا ثم أجلسني فيه وقال :ل تخرجن من هذا فبت فيه حتى
أتاني رسول ال صلى ال عليه وآله من السحر ) (3وفي يده عظم حائل
وروثة وجمجمة ،وقال :إذا أتيت الخل فل تستنج بشئ من هذا ،قال فلما
أصبحت قلت :لعلمن حيث كان رسول ال صلى ال عليه وآله فذهبت
فرأيت موضع سبعين بعيرا .وفي كتاب خبر البشر بخير البشر للعلمة
محمد بن ظفر عن ابن مسعود أنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله
) (4وهو بمكة :من أحب منكم أن يحصر الليلة أمر الجن ) (5؟ فانطلقت
معه حتى إذا كنا بأعلى مكة خط لي خطا ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن
فغشيته أسود كثيرة فحالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته ،ثم انطلقوا
يتقطعون مثل قطع السحاب ) (6ذاهبين حتى بقي منهم رهط ،ثم أتى النبي
صلى ال عليه وآله فقال :ما فعل الرهط ؟ قلت :هم اولئك يا رسول ال،
فأخذ عظما وروثا فأعطاهم إياه ،ونهى أن يستطيب أحد بعظم أو روث.
وفي إسناده ضعف .وفيه أيضا عن بلل بن الحارث .قال :نزلنا مع النبي
صلى ال عليه وآله في بعض أسفاره بالعرج فتوجهت نحوه فلما قاربته
سمعت لغطا ) (7وخصومة
) (1المصدر :فنظر عظما وروثا (2) .في المصدر :فرمى بهما (3) .في المصدر:
مع السحر (4) .في المصدر :قال رسول ال صلى ال عليه وآله
لصحابه (5) .في المصدر :أمر الجن فلينطلق معى (6) .في المصدر:
كما يتقطع السحاب (7) .في المصدر :سمعت لغة.
][296
رجال لم أسمع أحد من ألسنتهم ،فوقفت حتى جاء النبي صلى ال عليه وآله وهو
يضحك فقال :اختصم إلي الجن المسلمون والجن المشركون وسألوني أن
اسكنهم ،فأسكنت المشركين الغور ) (1كل مرتفع من الرض :جلس ونجد،
وكل منخفض غور وروي أيضا عن ابن عباس أنه قال :انطلق النبي صلى
ال عليه وآله في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين
الشياطين وبين خبر السماء ،فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا :ما لكم
قد حيل ) (2بيننا وبين خبر السماء وارسلت علينا الشهب ؟ قالوا ) :(3ما
ذاك إل من شئ حدث فاضربوا مشارق الرض ومغاربها ،فالتقى الذين
أخذوا نحو تهامة النبي صلى ال عليه وآله وأصحابه وهو بنخلة عامدين
إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلة الفجر ،فلما سمعوا القرآن
أنصتوا ) ،(5وقالوا :هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء ورجعوا إلى
قومهم فقالوا " :إنا سمعنا قرآنا عجبا " اليتين ) .(5وهذا الذي ذكره ابن
عباس أول ما كان من أمر الجن مع النبي صلى ال عليه وآله ولم يكن
النبي صلى ال عليه وآله رآهم إذ ذاك ،إنما اوحي إليه بما كان منهم .روى
الشافعي والبيهقي أن رجل من النصار خرج يصلي العشاء فسبته الجن
وفقد أعواما وتزوجت امرأته ثم أتى المدينة فسأله عمر عن ذلك فقال:
اختطفتني الجن فلبثت فيهم زمانا طويل فغزاهم جن مؤمنون فقاتلوهم
فظهروا عليهم فسبوا منهم سبايا وسبوني معهم فقالوا :نراك رجل مسلما
ول يحل لنا سباؤك ،فخيروني بين المقام عندهم أو القفول إلى أهلي
فاخترت أهلي ،فأتوا بي إلى المدينة ،فقال له عمر :ما كان طعامهم ) (6؟
) (1في المصدر] :فأسكنت المسلمين الجلس واسكنت المشركين الغور[ أقول:
الظاهر أن الحديث ينتهى بذلك ،والباقى كلم الدميري (2) .في المصدر:
فقالوا :مالكم ؟ قالوا حيل (3) .في المصدر :فقالوا (4) .في المصدر:
انصتوا له (5) :الجن 1 :و (6) .2أي طعام مشركيهم ،لن مؤمنيهم قد
مر ان طعامهم مما يذكر اسم ال عليه.
][297
قال :الفول ) (1وما لم يذكر اسم ال عليه قال :فما كان شرابهم ؟ قال :الجذف،
وهو الرغوة لنها تجذف عن الماء ،وقيل :نبات يقطع ويؤكل ،وقيل :كل
إناء كشف عنه غطاؤه .وأما الجماع فنقل ابن عطية وغيره التفاق على
أن الجن متعبدون بهذه الشريعة على الخصوص ،وأن نبينا محمدا صلى
ال عليه وآله وسلم مبعوث إلى الثقلين .فان قيل :لو كانت الحكام بجملتها
لزمة لهم لكانوا يترددون إلى النبي صلى ال عليه وآله يتعلمونها )،(2
ولم ينقل أنهم أتوه إل مرتين بمكة ،وقد تجدد بعد ذلك أكثر الشريعة .قلنا:
ل يلزم من عدم النقل عدم اجتماعهم به وحضورهم مجلسه وسماعهم
كلمه من غير أن يراهم المؤمنون ،ويكون ) (4صلى ال عليه وآله يراهم
هو ،ول يراهم أصحابه ،فان ال تعالى يقول عن رأس الجن " :إنه يراكم
هو وقبيله من حيث ل ترونهم " ) (3فقد يراهم هو صلى ال عليه وآله
بقوة يعطيها ال له زائدة على قوة أصحابه ،وقد يراهم بعض الصحابة في
بعض الحوال كما رأى أبو هريرة الشيطان الذي يسرق ) (5من زكاة
رمضان ،كما رواه البخاري .فان قيل :فما تقول فيما حكي عن بعض
المعتزلة أنه ينكر وجود الجن ؟ قلنا عجب ) (6أن يثبت ذلك عمن صدق
بالقرآن وهو ناطق بوجودهم ،وروى البخاري ومسلم والنسائي عن أبي
هريرة :إن النبي صلى ال عليه وآله قال :إن عفريتا من الجن تفلت علي
البارحة يريد أن يقطع علي صلتي فذعته -بالذال المعجمة والعين المهملة
أي خنقته -وأردت أن أربطه في سواري المسجد فذكرت قول أخي سليمان
عليه السلم وقال :إن
) (1الفول :الباقلى (2) .في المصدر :حتى يتعلمونها (3) .في المصدر :ويكون هو
صلى ال عليه وآله يراهم (4) .العراف (5) .26 :في المصدر:
الشيطان الذى أتاه ليسرق (6) .في المصدر :عجيب.
][298
بالمدينة جنا قد أسلموا .وقال :ل يسمع نداء صوت المؤذن ) (1جن ول إنس ول
شئ إل شهد له يوم القيامة .وروى المسلم عن ابن مسعود أن النبي صلى
ال عليه وآله وسلم قال :ما منكم من أحد إل وقد وكل به قرينه من الجن،
قالوا :وإياك يا رسول ال ؟ قال :وإياي ،إل أن ال أعانني عليه فأسلم فل
يأمرني إل بخير .وروي :فأسلم بفتح الميم وضمها وصحح الخطابي
الرفع ،ورجح القاضي عياض والنووي الفتح ،وأجمعت المة على عصمة
النبي صلى ال عليه وآله من الشيطان ،وإنما المراد تحذير غيره من فتنة
القرين ووسوسته وإغوائه ،وأعلمنا أنه معنا لنتحرز منه بحسب المكان،
والحاديث في وجود الجن والشياطين ل تحصى ،وكذلك أشعار العرب
وأخبارها ،فالنزاع في ذلك مكابرة فيما هو معلوم بالتواتر ،ثم إنه أمر ل
يحيله العقل ول يكذبه الحس ،ولذلك جرت التكاليف عليهم ،ومما اشتهر
أن سعد بن عبادة ) (2لما لم يبايعه الناس وبايعوا أبا بكر سار إلى الشام
فنزل حوران وأقام بها إلى أن مات في سنة خمس عشرة ،ولم يختلفوا في
أنه وجد ميتا في مغتسله بحوران وأنهم لم يشعروا بموته ) (3حتى سمعوا
قائل يقول :نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة * فرميناه بسهمين ولم
نخط فؤاده .فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه ووقع في
صحيح مسلم أنه شهد بدرا.
) (1في المصدر :مدى صوت المؤذن (2) .لما تخلف سعد عن بيعة ابى بكر وبعده
عن بيعة عمر كان ذلك قدحا في امرهما فأرسل عمر محمد بن سلمة
النصاري وخالد بن الوليد من المدينة ليقتله فرمى كل واحد منهما إليه
سهما فقتله ،وكان مصلحة الوقت يوجب ستره عن العامة فنسبوه إلى
الجن ،قال ابن ابى الحديد في شرح النهج :ان رجل من العامة سأل
شيعيا :لم سكت على عليه السلم عن المطالبة بحقه الذى تزعمونه حتى
أمات نفسه وهو صاحب ما هو صاحبه من المآثر المشهورة ؟ فقال له:
انه خاف أن تقتله الجن ! ) (3في المصدر :وانهم لم يشعروا بموته
بمدينة(*) .
][299
وروي عن حجاج بن علط السلمي أنه قدم مكة في ركب فأجنهم الليل بواد مخوف
موحش فقال له أهل الركب :قم فخذ لنفسك أمانا لصحابك ،فجعل ل ينام بل
يطوف بالركب ويقول :اعيذ نفسي واعيذ صحبي * * من كل جني بهذا
النقب حتى أعود سالما وركبي فسمع قائل يقول " :يا معشر الجن والنس
إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والرض " الية ) ،(1فلما قدم
مكة أخبر كفار قريش بما سمع ،فقالوا :صبأت ) (2يا أبا كلب ،إن هذا
يزعم أنه انزل على محمد ) ،(3فقال :وال لقد سمعته وسمعه هؤلء معي
ثم أسلم وحسن إسلمه وهاجر إلى المدينة وابتنى بها مسجدا يعرف به.
وقال محمد بن الحسن البرسي :قال الربيع :سمعت الشافعي يقول :من
زعم من أهل العدالة أنه يرى الجن أبطلنا شهادته لقوله تعالى " :إنه
يراكم هو وقبيله من حيث ل ترونهم " إل أن يكون الزاعم نبيا .وعد ابن
سعد والطبراني والحافظ وأبو موسى ) (4وغيرهم عمرو بن جابر الجني
في الصحابة فرووا بأسانيدهم عن صفوان بن المعطل السلمي أنه قال:
خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب ،فلم نلبث أن ماتت
فأخرج لها رجل منا خرقة فلفها فيها ثم حفر لها في الرض ثم قدمنا مكة
فأتينا المسجد الحرام فوقف علينا رجل فقال :أيكم صاحب عمرو بن جابر ؟
قلنا :ما نعرفه ،قال :أيكم صاحب الجان ؟ قالوا :هذا ،قال :جزاك ال )(5
خيرا أما إنه كان آخر التسعة الجن )(6
) (1الرحمن (2) .33 :صبأ الرجل :خرج من دين إلى دين آخر .تدين بدين
الصابئين ،وكان مشركو مكة يسمون من دخل في السلم صابئا (3) .في
المصدر :ان هذا الذى قلته يزعم محمد انه انزل عليه (4) .في المصدر:
والحافظ ابى موسى (5) .في المصدر :جزاك ال عنا خيرا (6) .في
المصدر :من الجن.
][300
الذين سمعوا القرآن من النبي صلى ال عليه وآله موتا .وكذا رواه الحاكم في
المستدرك .وذكر ابن أبي الدنيا عن رجل من التابعين أن حية دخلت عليه
في خبائه تلهث عليه فسقاها ثم إنها ماتت فدفنها فأتي له من الليل فسلم
عليه وشكر وأخبر أن تلك الحية كانت رجل صالحا من جن نصيبين اسمه
زوبعة .قال :وبلغنا من فضائل عمر بن عبد العزيز أنه كان يمشي بأرض
فلة فإذا حية ميتة فكفنها فضلة من ردائه ) (1فإذا قائل يقول :يا سرق
أشهد لقد سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول لك :ستموت بأرض
فلة فيكفنك ويدفنك رجل صالح ،فقال :ومن أنت يرحمك ال ؟ فقال :أنا من
الجن الذين سمعوا القرآن من رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم لم يبق
منهم إل أنا ) (2وهذا الذي قد مات ) .(3وروى البيهقي في دلئله عن
الحسن أن عمار بن ياسر قال :قاتلت مع رسول ال صلى ال عليه وآله
وسلم النس والجن ) (4فسئل عن قتال الجن فقال :أرسلني رسول ال
صلى ال عليه وآله إلى بئر أستقي منها فلقيت ) (5الشيطان في صورته
حتى قاتلني ) (6فصرعته ثم جعلت ادمي أنفه بفهر كان معي أو حجر فقال
رسول ال صلى ال عليه وآله لصحابه :إن عمارا لقي الشيطان عند بئر
فقاتله ،فلما رجعت سألني فأخبرته المر ،وكان أبو هريرة يقول :إن عمار
بن ياسر أجاره ال من الشيطان على لسان نبيه صلى ال عليه وآله وهذا
الذي أشار إليه البخاري بما رواه )(7
) (1في المصدر :من ردائه ودفنها (2) .في المصدر :وسرق هذا (3) .قد عرفت
في حكاية صفوان قبل ذلك أن آخر التسعة مات في زمانها فلم يبق أحد
من التسعة حتى يكفنه ويدفنه عمر بن عبد العزيز هذا ،وصفوان بن
المعطل من الصحابة مات سنة ثمان وخمسين على ما قيل وعمر بن عبد
العزيز مات سنة احدى ومائة وله أربعون سنة (4) .في المصدر :الجن
والنس (5) .في المصدر :فرأيت (6) .في المصدر :فصارعني (7) .في
المصدر :وقد اشار إليه البخاري فيما رواه.
][301
عن إبراهيم النخعي قال :ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد قال :اللهم
ارزقني ) (1جليسا صالحا ،فجلس إلى أبي الدرداء فقال أبو الدرداء :ممن
أنت ؟ قال :من أهل الكوفة ،قال :أليس فيكم أو منكم صاحب السر الذي ل
يعلمه غيره ؟ يعني حذيفة ،قال :قلت :بلى ،قال :أليس فيكم أو منكم الذي
أجاره ال من الشيطان على لسان نبيه ؟ يعني عمارا ،قلت :بلى ،قال:
أليس فيكم أو منكم صاحب السواك أو السوار ) (2؟ قلت :بلى ،قال :كيف
كان عبد ال يقرأ " :والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى " ؟ قلت" :
والذكر والنثى " الحديث .وفي كتاب خبر البشر بخير البشر :عن عبيد
المكتب عن إبراهيم قال :خرج نفر من أصحاب عبد ال بن مسعود يريدون
) (3الحج حتى إذا كانوا ببعض الطريق رأوا حية بيضاء تثني علي الطريق
يفوح منها ريح المسك فقال :قلت لصحابي :امضوا فلست ببارح حتى
أرى ماذا يصير إليه أمره ،فما لبثت أن ماتت فظننت به الخير لمكان
الرائحة الطيبة فكفنته في خرقة ثم نحيتها عن الطريق وأدركت أصحابي
في المتعشى ،قال :فوال أنا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب
فقالت واحدة منهن :أيكم دفن عمروا ؟ فقلنا :من عمرو ؟ فقالت :أيكم دفن
الحية ؟ قال :قلت ؟ أنا ،قالت :أما وال لقد دفنت صواما قواما يؤمن بما
أنزل ال ،ولقد آمن بنبيكم وسمع صفته في السماء قبل أن يبعث بأربعمائة
سنة ،قال :فحمدت ال ثم قضينا حجنا ثم مررت بعمر فأخبرته خبر الحية )
(4فقال :صدقت سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول فيه هذا .فيه
أيضا عن ابن عمر قال :كنت عند عثمان إذ جاءه رجل فقال :أل احدثك
بعجب ) (5؟ قال :بلى ،قال :بينما أنا بفلة من الرض رأيت عصابتين قد
التقتا ثم
) (1في المصدر :اللهم يسر لى (2) .في المصدر :والوساد (3) .في المصدر :وأنا
معهم يريدون (4) .في المصدر :الحية والمرأة (5) .في المصدر :بعجيب.
][302
افترقتا قال :فجئت معتركهما قال :فإذا أنا من الحيات شئ ما رأيت مثله قط ،وإذا
ريح المسك أجده من حية منها صفراء دقيقة ،وظننت أن تلك الرائحة لخير
فيها فأخذتها فلففتها في عمامتي ثم دفنتها فبينما أنا أمشي إذا مناديا )(1
ينادي :هداك ال إن هذين حيان من أحياء ) (2الجن كان بينهما قتال،
فاستشهدت الحية التي دفنت وهو من الذين استمعوا الوحي من رسول ال
صلى ال عليه وآله .وفيه أيضا :أن فاطمة بنت النعمان النجارية قالت:
كان تابع ) (3من الجن وكان إذا اقتحم البيت الذي أنا فيه اقتحاما فجاءني
يوما فوقع ) (4على الجدار ولم يصنع كما يصنع ،فقلت له :ما بالك لم
تصنع كما كنت تصنع صنيعك قبل ؟ فقال :إنه قد بعث اليوم نبي يحرم
الزنا .وروى أبو بكر في رباعياته والقاضي أبو يعلى عن عبد ال بن
الحسين المصيصي قال :دخلت على طرطوس فقيل له ) :(5ههنا امرأة
يقال لها :نهوس ) (6رأت الجن الذين وفدوا على رسول ال صلى ال
عليه وآله فأتيتها فإذا هي امرأة مستلقية على قفاها ،فقلت :رأيت أحدا من
الجن الذين وفدوا على رسول ال صلى ال عليه وآله ؟ قال :نعم ،حدثني
علية بن ) (7سمحج وسماه النبي صلى ال عليه وآله عبد ال ،قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله ) :(8ما من مريض يقرأ
) (1في المصدر :إذا بمناد (2) .في نسخة من حيات (3) .في المصدر :قد كان لى
تابع (4) .في المصدر :فوقف (5) .في المصدر :دخلت طرطوس فقيل
لى (6) .في اسد الغابة :منوس (7) .في نسخة] :عبد علية بن سمج[
وفى المصدر] :حدثنى سمحج[ وهو الصحيح راجع اسد الغابة .353 :2
) (8في المصدر :قال قلت يا رسول ال أين كان ربنا قبل السماوات
والرض ؟ قال :على حوت من نور يتلجلج في النور ،قالت :قال :تعنى
سمحج وسمعته صلى ال عليه وآله يقول :ما من مريض.
][303
عنده يس إل مات ودخل قبره ريانا وحشره يوم القيامة ريانا ) .(1وفي اسد الغابة:
عن أنس بن مالك قال :كنت مع رسول ال صلى ال عليه وآله خارجا من
جبال مكة إذ أقبل شيخ متكئ ) (2على عكازة فقال النبي صلى ال عليه
وآله :مشية جني ونغمته قال :أجل ،قال :من أي الجن ؟ قال :أنا هامة بن
الهيم أو أبي هيم بن لقيس بن إبليس ،قال :ل أرى بينك وبينه إل أبوين،
قال :أجل .قال :كم أتى عليك ؟ قال :أكلت الدنيا إل أقلها ،كنت ليالي قتل
قابيل غلما ابن أعوام ،فكنت أستوي ) (3على الكام واورش بين النام،
فقال صلى ال عليه وآله :بئس العمل ،فقال :يا رسول ال دعني من العتب
فاني ممن آمن بنوح عليه السلم وتبت على يديه ،وإني عاتبته في دعوته
فبكى وأبكاني ،وقال :إني وال من النادمين ،وأعوذ بال أن أكون من
الجاهلين ،ولقيت هودا وآمنت به ولقيت ابراهيم وكنت معه في النار إذ
القي فيها ،وكنت مع يوسف إذ القي في الجب فسبقته إلى قعره وكنت مع
شعيب وموسى ولقيت عيسى بن مريم وقال لي :إن لقيت محمدا فاقرأه
مني السلم ،وقد بلغت رسالته وآمنت بك ،فقال رسول ال :وعلى عيسى
وعليك السلم ما حاجتك يا هامة ؟ قال :إن موسى علمني التوارة ،وإن
عيسى علمني النجيل فعلمني القرآن فعلمه .وفي رواية :علمه عشر سور
من القرآن ،وقبض رسول ال صلى ال عليه وآله ولم ينعه إلينا فل نراه
وال أعلم إل حيا .وفيه أيضا أن عمر بن الخطاب قال ذات يوم لبن
عباس :حدثني بحديث تعجبني به ،فقال :حدثني خريم بن فاتك السدي أنه
خرج يوما في الجاهلية في طلب إبل له قد ضلت فأصابها في ابرق الغراف
وسمي بذلك بأنه يسمع به غريف الجن قال :فعقلتها وتوسدت ذراع بكر
منها ثم قلت :أعوذ بعظيم هذا المكان ،وفي رواية :بكبير هذا الوادي ،وإذا
بهاتف يهتف ويقول:
) (1في المصدر :ال مات ريان ودخل قبره ريان وحشر يوم القيامة ريان (2) .في
المصدر :يتوكأ (3) .في المصدر :أتشوف.
][304
) (1في المصدر :ويحك عذ بال ذى الجلل (2) .في المصدر :فما تخييل (3) .في
المصدر :عندك (4) .في المصدر :من أنت أيها الهاتف (5) .في المصدر:
إلى جن (6) .في المصدر :فقال :ان أردت السلم فأنا أكفيكها حتى
أردها (7) .في نسخة ]فاعتلقت[ وفى المصدر :فامتطيت راحلتي وقصدت
المدينة فقدمتها في يوم جمعة فأتيت المسجد فإذا رسول ال صلى ال
عليه وآله يخطب فأنخت راحلتي بباب المسجد وقلت :ألبث حتى يفرغ من
خطبته فإذا ابو ذر قد خرج فقال :ان رسول ال صلى ال عليه وآله قد
أرسلني اليك وهو يقول لك :مرحبا بك قد بلغني اسلمك فادخل فصل مع
الناس ،قال :فتطهرت و دخلت فصليت ثم دعاني وقال :ما فعل.
][305
أن يرد إبلك إلى أهلك ؟ أما إنه قد أداها ) (1إلى أهلك سالمة ،فقلت :رحمه ال ،قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :أجل رحمه ال فأسلم وحسن إسلمه .وفي
مسند الدارمي عن الشعبى قال :قال عبد ال بن مسعود :لقي رجل من
أصحاب رسول ال ) (2صلى ال عليه واله وسلم رجل من الجن فصارعه
فصرعه النسى فقال له النسي :إني أراك ضئيل شخيتا كأن ذراعيك
ذراعا كلب فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك ؟ قال :ل وال
إني من بينهم لضليع ،ولكن عاودني الثانية فان صرعتني علمتك شيئا
ينفعك ،قال :نعم ،قال :فعاوده فصرعه فقال له :أتقرأ " :ال ل إله إل هو
الحي القيوم " ؟ قال :نعم ،قال :فانك ل تقرأها في بيت إل خرج منه
الشيطان له خبج كخبج الحمار ثم ل يدخل ) (3حتى يصبح .قال الدارمي:
الضئيل :الرقيق ) (4والشخيت :المهزول .والضليع :جيد الضلع.
والخبج :الريح .قال أبو عبيدة :الخبج :الضراط .ثم قال الدميري :يصح
انعقاد الجمعة بأربعين مكلفا ،سواء كانوا من الجن أو من النس أو منهما.
قال القمولي :لكن نقل ) (5في مناقب الشافعي :إنه كان يقول :من زعم من
أهل العدالة أنه يرى الجن ردت شهادته ،وعزر لمخالفته قوله تعالى" :
إنه يراكم هو وقبيله من حيث ل ترونهم ) " (6إل أن يكون الزاعم نبيا،
ويحمل قوله على من
) (1في المصدر :قد ردها (2) .في المصدر وفى نسخة :محمد (3) .في المصدر :ل
يدخله (4) .في المصدر :الدقيق (5) .في المصدر :نقل الشيخ ابو الحسن
محمد بن الحسين البرى في مناقب الشافعي التى الفها عن الربيع أنه
قال :سمعت الشافعي يقول (6) .العراف.27 :
][306
ادعى رؤيتهم على ما خلقوا عليه ،وقول القمولي على ما إذا تصورا ) (1صور بني
آدم .والمشهور أن جميع الجن من ذرية إبليس ،وبذلك يستدل على أنه
ليس من الملئكة ،لن الملئكة ل يتناسلون لنهم ليس فيهم إناث ،وقيل:
الجن جنس وإبليس واحد منهم ،ول شك أن لهم ذرية ) (2بنص القرآن
ومن كفر من الجن يقال له :شيطان .وفي الحديث :لما أراد ال تعالى أن
يخلق لبليس نسل وزوجة ألقى عليه الغضب فطارت منه شظية من نار
فخلق منه امرأته .ونقل ابن خلكان في تاريخه في ترجمة الشعبي أنه قال:
إني لقاعد يوما إذ أقبل جمال ومعه دن فوضعه ثم جاءني فقال :أنت
الشعبي ؟ قلت :نعم ،قال :أخبرني هل لبليس زوجة ؟ فقلت :إن ذلك
العرس ما شهدته ،قال :ثم ذكرت قوله تعالى " :أفتتخذونه وذريته أولياء
من دوني " فقلت :إنه ل يكون ذرية إل من زوجة ،فقلت :نعم ،فأخذ دنه
وانطلق ،قال :فرأيته يختبرني ) .(3وروي أن ال تعالى قال لبليس :ل
أخلق لدم ذرية إل ذرأت لك مثلها فليس أحد من ولد آدم ) (4إل وله
شيطان قد قرن به .وقيل :إن الشياطين فيهم الذكور والناث يتوالدون من
ذلك ،وأما إبليس فان ال تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكرا وفي اليسرى
فرجا فهو ينكح هذه بهذا فيخرج له كل يوم عشر بيضات ) .(5وذكر
مجاهد أن من ذرية إبليس ل قيس وولها ) (6وهو صاحب الطهارة
) (1في المصدر :في صورة (2) .في المصدر :ول شك ان الجن ذريته (3) .في
المصدر :فرأيت انه مجتاز بى (4) .في المصدر :فليس من ولد آدم احد
ال (5) .زاد في المصدر :يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة) .
(6في المصدر :وولهان.
][307
والصلة ،والهفاف وهو صاحب الصحارى ،ومرة به يكنى ،وزلنبور وهو صاحب
السواق ويزين اللغو والحلف الكاذب ومدح السلعة .وبثر وهو صاحب
المصائب يزين خمش الوجوه ولطم الخدود وشق الجيوب ،والبيض وهو
الذي يوسوس للنبياء ،والعور وهو صاحب الزنا ينفخ في إحليل الرجل
وعجز المرأة ،وداسم وهو الذي إذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر
اسم ال تعالى دخل معه ووسوس له فألقى الشر بينه وبين أهله ،فان أكل
ولم يذكر اسم ال تعالى أكل معه ،فإذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر
ال ورأى شيئا يكره ) (1فليقل " :داسم داسم أعوذ بال منه " ومطرش )
(2وهو صاحب الخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس ول يكن لها أصل
ول حقيقة .والقبض ) (3وامهم طرطبة ،وقال النقاش :بل هي حاضنتهم،
ويقال :إنه باض ثلثين بيضة :عشرا في المشرق ،وعشرا في المغرب،
وعشرا في وسط الرض ،وإنه خرج من كل بيضة جنس من الشياطين
كالعفاريت والغيلن والقطاربة ) (4والجان و أسماء مختلفة ،كلهم عدو
لبني آدم لقوله تعالى " :أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو
) " (5إل من آمن منهم ،وكنية إبليس أبو مرة .واختلف العلماء في أنه
من الملئكة من طائفة ) (6يقال لهم :الجن أم ليس من الملئكة ،وفي أنه
اسم عربي أو عجمي ) ،(7فقال ابن عباس وابن مسعود وابن
) (1في المصدر :يكرهه وخاصم أهله فليقل (2) .في المصدر :ومطوس (3) .في
المصدر :والقنص (4) .في المصدر :كالغيلن والعقارب والقطارب(5) .
الكهف (6) .51 :في المصدر :واختلف العلماء في انه هل من الملئكة
من طائفة (7) .وفى المصدر :وفي اسمه هل هو اسم اعجمي ام عربي.
][308
المسيب وقتادة وابن جريح ) (1والزجاج وابن النباري :كان إبليس من الملئكة
من طائفة يقال لهم :الجن وكان اسمه بالعبرانية عزازيل ،وبالعربية
الحارث ،وكان من خزان الجنة وكان رئيس ملئكة سماء الدنيا وسلطانها
وسلطان الرض ،وكان من أشد الملئكة اجتهادا وأكثرهم علما ،وكان
يسوس ما بين السماء والرض ) (2نعوذ بال من خذلنه ،قالوا :وقوله
تعالى " :كان من الجن ) " (3أي من طائفة من الملئكة هم الجن ).(4
وقال ابن جبير والحسن :لم يكن من الملئكة طرفة عين وانه لصل الجن
كما أن آدم أصل النس .وقال عبد الرحمن بن زيد وشهر بن حوشب ):(5
وإنما كان من الجن الذين ظفر بهم الملئكة فأسره بعضهم وذهب به إلى
السماء .وقال أكثر أهل اللغة والتفسير :إنما سمي إبليس لنه أبلس من
رحمة ال ،والصحيح كما قاله المام النووي وغيره من الئمة العلم :أنه
من الملئكة وأنه اسم أعجمي ،والستثناء متصل لنه لم يقل :(6) :إن
غيرهم امر بالسجود ،والصل في الستثناء أن يكون من جنس المستثنى
منه .وقال القاضي عياض :الكثر على أنه أبو الجن كما أن آدم أبو البشر،
والستثناء من غير الجنس شايع في كلم العرب ،قال تعالى " :ما لهم به
علم إل اتباع الظن "
) (1هكذا في الكتاب والصحيح اما ابن جريج أو ابن جرير ،والموجود في المصدر
الثاني (2) .زاد في المصدر :فرأى بذلك لنفسه شرفا عظيما وعظمة فذاك
الذى دعاه إلى الكبر فعصى وكفر فمسخه ال شيطانا رجيما ملعونا(3) .
الكهف (4) .51 :في المصدر :يقال لهم :الجن (5) .في المصدر :ما كان
من الملئكة قط والستثناء منقطع وزاد ابن حوشب :وانما ) (6في
المصدر :لم ينقل.
][309
والصحيح المختار على ما سبق عن النووي ومن وافقه ،وعن محمد بن كعب
القرظي :إنه قال :الجن مؤمنون والشياطين كفار وأصلهم واحد ،وسئل
وهب بن منبه عن الجن ما هم ؟ وهل يأكلون ويشربون ويتناكحون ؟
فقال :هم أجناس ،فأما الصميم الخالص من الجن فانهم ريح ل يأكلون ول
يشربون ول يموتون ) (1في الدنيا ول يتوالدون ولهم أجناس يأكلون
ويشربون ويتناكحون وهم السعالى والغيلب والقطارب وأشباه ذلك .وقال
القرافي :اتفق الناس على تكفير إبليس بقصته مع آدم عليه السلم وليس
مدرك الكفر فيها المتناع من السجود وإل لكان كل من أمر بالسجود
فامتنع منه كافرا وليس كذلك ،ول كان كفره لكونه حسد آدم على منزلته
من ال تعالى وإل لكان كل حاسد كافرا ،وليس كذلك ،ول كان كفره
لعصيانه وفسوقه وإل لكان كل عاص وفاسق كافرا ،وقد اشكل ذلك على
جماعة من الفقهاء ) (2فضل عن غيرهم ،وينبغي أن يعلم أنه إنما كفر
لنسبة الحق جل جلله إلى الجور والتصرف الذي ليس بمرضي ،وأظهر
ذلك من فحوى قوله " :أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )(3
" ومراده على ما قاله الئمة المحققون من المفسرين وغيرهم ؟ أن إلزام
العظيم الجليل بالسجود للحقير من الجور والظلم ،فهذا وجه كفره لعنه ال،
وقد أجمع المسلمون قاطبة على أن من نسب ذلك للحق تعالى وتنزه كافر.
واختلفوا هل كان قبل إبليس كافر أول ؟ فقيل :ل وإنه أول من كفر ،قيل:
كان قبله قوم كفار وهم الجن الذين كانوا في الرض انتهى .وقد اختلفوا
في كفر إبليس هل كان جهل أو عنادا على قولين لهل السنة ،ول خلف
أنه كان عالما بال تعالى قبل كفره ،فمن قال :إنه كفر جهل قال :إنه سلب
) (1في المصدر :ول ينامون (2) .على جماعة من متأخرى الفقهاء (3) .العراف:
.11
][310
العلم الذي كان عنده عند كفره ،ومن قال :كفر عنادا قال :كفر ومعه علمه ،قال ابن
عطية :والكفر مع بقاء العلم مستبعد إل أنه عندي جائز ول يستحيل مع
خذلن ال تعالى لمن يشاء .وذكر البيهقي في شرح السماء الحسنى في
قوله تعالى " :ما كانوا ليؤمنوا إل أن يشاء ال ) " (1عن عمر بن ذر
قال :سمعت عمر بن عبد العزيز يقول :لو أراد ال تعالى أن ل يعصى لم
يخلق إبليس وقد بين ذلك في آية من كتابه وفصلها علمها من علمها
وجهلها من جهلها وهي قوله تعالى " ما أنتم عليه بفاتنين * إل من هو
صال الجحيم ) " (2ثم روى من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
أن النبي صلى ال عليه وآله قال لبى بكر :يا أبا بكر لو أراد ال أن ل
يعصى ما خلق إبليس انتهى .وقال رجل للحسن :يا أبا سعيد أينام إبليس:
فقال :لو نام لوجدنا راحة ،ول خلص للمؤمن منه إل بتقوى ال تعالى.
وقال في الحياء (3) :من غفل عن ذكر ال تعالى ولو لحظة ليس له قرين
في تلك اللحظة ال الشيطان ،قال تعالى " :ومن يعش عن ذكر الرحمن
نقيض له شيطانا فهو له قرين ) ." (4واختلفوا هل بعث ال إليهم من
الجن رسل قبل بعثة نبينا محمد ؟ فقال الضحاك :كان منهم رسل لظاهر
قوله تعالى " :يا معشر الجن والنس ألم يأتكم رسل منكم ) " (5وقال
المحققون :لم يرسل إليهم منهم رسول ولم يكن ذلك في الجن قط ،وإنما
الرسل من النس خاصة ،وهذا هو الصحيح المشهور ،أما الجن ففيهم
النذر ،وأما الية فمعناها
) (1النعام (2) .111 :الصافات 162 :و (3) .163في المصدر :في الحياء قبيل
بيانه دواء الصبر (4) .الزخرف (5) .36 :النعام.130 :
][311
من أحد الفريقين كقوله تعالى " :يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) " (1وإنما
يخرجان من المالح دون العذب .وقال منذر بن سعيد البلوطي :قال ابن
مسعود :إن الذين لقوا النبي صلى ال عليه وآله من الجن كانوا رسل إلى
قومهم ،وقال مجاهد :النذر من الجن والرسل من النس ،ول شك أن الجن
مكلفون في المم الماضية كما هم مكلفون في هذه المة لقوله تعالى" :
أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والنس
انهم كانوا خاسرين " ) (2وقوله تعالى " :وما خلقت الجن والنس إل
ليعبدون ) " (3قيل :المراد مؤمنوا الفريقين فما خلق أهل الطاعة منهم إل
لعبادته ،ول خلق الشقياء إل للشقاوة ول مانع من إطلق العام وارادة
الخاص ،وقيل :معناه إل لمرهم بعبادتي وأدعوهم إليها ،وقيل :إل
ليوحدوني .فان قيل :لم اقتصر على الفريقين ولم يذكر الملئكة فالجواب
أن ذلك لكثرة من كفر من الفريقين بخلف الملئكة فان ال تعالى عصمهم
كما تقدم .فان قيل :لم قدم الجن على النس في هذه الية ؟ فالجواب أن
لفظ النس أخف لمكان النون الخفيفة والسين الهموسة وكان الثقل أولى
بأول الكلم من الخف لنشاط المتكلم وراحته .فرع :كان الشيخ عماد الدين
يونس يجعل من موانع النكاح اختلف الجنس ويقول :ل يجوز للنسي أن
يتزوج لقوله تعالى " :وال جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكونوا إليها
وجعل بينكم مودة ورحمة ) " (4فالمودة الجماع ،والرحمة الولد
) (1الرحمن (2) .22 :الحقاف (3) .18 :الذاريات (4) .56 :هكذا في الكتاب
مطبوعه ومخطوطه ،وفيه وهم والمصحيح كما في المصدر " :وال جعل
لكم من انفسكم ازواجا " وقال تعالى " :ومن آياته أن خلق لكم من
أنفسكم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " انتهى أقول:
الية الولى في النحل ،72 :والثانية في الروم.21 :
][312
ونص على منعه جماعة من الحنابلة ،وفي الفتاوى السراجية ) :(1ل يجوز ذلك
لختلف الجني ،وفي القنية :سئل البصري عنه فقال :يجوز بحضرة
شاهدين .وفي مسائل ابن حرب عن الحسن وقتادة أنهما كرها ذلك ،ثم
روى بسند فيه ابن لهيعة أن النبي صلى ال عليه وآله نهى عن نكاح
الجن .وعن زيد العمي أنه كان يقول :اللهم ارزقني جنية أتزوج بها
تصاحبني حيثما كانت ) .(2وذكر ابن عدي في ترجمة نعيم بن سالم بن
قنبر مولى علي بن أبي طالب عليه السلم عن الطحاوي قال :حدثنا يونس
بن عبد العلى قال :قدم علينا نعيم بن سالم مصر فسمعته يقول :تزوجت
امرأة من الجن ولم اعد إلى ذلك ) .(3وروى في ترجمة سعيد بن بشير
عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :أحد أبوي بلقيس كان جنيا .قال الشيخ نجم
الدين القمولي :وفي المنع عن التزويج نظر ،لن التكليف يعم الفريقين،
قال :وقد رأيت شيخا كبيرا صالحا أخبرني أنه تزوج جنية انتهى .قلت :وقد
رأيت أنا رجل من أهل القرآن والعلم تزوج ) (4أربعا من الجن واحدة بعد
واحدة ،لكن يبقى النظر في حكم طلقها ولعانها واليلء منها وعدتها
ونفقتها وكسوتها والجمع بينها وبين أربع سواها وما يتعلق بذلك ،وكل
ذلك فيه نظر ل يخفى .قال شيخ السلم شمس الدين الذهبي :رأيت بخط
الشيخ فتح الدين اليعمري يقول :وحدثني عنه عثمان المقاتلي قال :سمعت
أبا الفتح القشيري يقول :سمعت الشيخ عز الدين عبد السلم يقول وقد
سئل عن ابن عربي فقال :شيخ سوء كذاب،
) (1في المصدر :الفتاوى السرجية (2) .في المصدر :حيثما كنت (3) .في
المصدر :فلم أرجع إليه (4) .المصدر :اخبرني انه تزوج.
][313
فقال ) :(1وكذاب أيضا ؟ قال نعم تذاكرنا يوما نكاح الجن فقال :الجن روح لطيف
والنس جسم كثيف فكيف يجتمعان ؟ ثم غاب عنا مدة وجاء وفي رأسه
شجة فقيل له في ذلك فقال :تزوجت امرأة من الجن فحصل بيني وبينها
شئ فشجني هذه الشحة قال المام الذهبي بعد ذلك :وما أظن عن ابن
عربي تعمد هذه الكذبة وإنما هي من خرافات الرياضة .فرع :روى أبو
عبيد في كتاب الموال والبيهقي عن الزهري عن النبي أنه نهى عن ذبائح
الجن ،وذبائح الجن هو أن يشتري الرجل الدار ويستخرج العين وما أشبه
ذلك فيذبح لها ذبيحة للطيرة وكانوا في الجاهلية يقولون ،إذا فعل الرجل
ذلك ل يضر أهلها الجن ،فأبطل صلى ال عليه وآله ذلك ونهى عنه .وقال
الدميري :ل تدخل الجن بيتا فيه اترج ،قال :وروي أن النبي صلى ال عليه
وآله قال :إن الجن ل يدخلون دارا فيه فرس عتيق ) .(2وأقول :قال:
السعلة :أخبث الغيلن وكذلك السعلء يمد ويقصر والجمع السعالى .قال
الجاحظ :كان عمرو بن يربوع متولدا من السعلة والنسان ،قال :وذكروا
أن جرهما كان من نتاج الملئكة وبنات آدم ،قال :وكان الملئكة إذا عصى
ربه أهبط إلى الرض في صورة رجل كما صنع بهاروت وماروت فولدت
منهما جرهما ) .(3قال :ومن هذا الضرب كانت بلقيس ملكة سبا ،وكذلك
كان ذو القرنين كانت امه آدمية وأبوه من الملئكة ،ولذلك لما سمع عمر
رجل ينادي رجل :يا ذا القرنين ،قال :أفرغتم من أسماء النبياء فارتفعتم
إلى أسماء الملئكة ،انتهى .والحق في ذلك أن الملئكة معصومون من
الصغائر والكبائر كالنبياء عليهم السلم كما
) (1في المصدر :فقيل له (2) .حياة الحيوان 155 - 147 :1باب الجيم في الجن) .
(3في المصدر :وماروت فوقع بعض الملئكة على بعض بنات آدم
فولدت جرهما.
][314
قاله القاضي عياض وغيره وما ذكروه من أمر جرهم وذي القرنين وبلقيس
فممنوع ،واستدللهم بقصة هارون وماروت ليس بشئ فانها لم تثبت على
الوجه الذي أرادوه ) (1بل قال ابن عباس :هما رجلن ساحران كانا ببابل.
وقال الجاحظ :وزعموا أن التناكح والتلقح قد يقع بين الجن والنس لقوله
تعالى " :وشاركهم في الموال والولد ) " (2وهذا ظاهر ،وذلك أن
الجنية إنما تصرع رجال النس ) (3على جهة العشق في طلب السفاد
وكذلك رجال الجن لنساء النس ولول ذلك لعرض الرجال للرجال والنساء
للنساء قال تعالى " :لم يطمثهن إنس قبلهم ول جان ) " (4فلول كان
الجان تقتض الدميات ) (5ولم يكن ذلك في تركيبه لما قال ال تعالى هذا
القول ،وذكروا أن الواق واق نتاج ما بين بعض النباتات وبعض الحيوان.
وقال السهيلي :السعلة :ما يتراءى للناس بالنهار ،والغول :الذي يتراءى
بالليل ) .(6وقال القزويني :السعلة نوع من المتشيطنة مغاير للغول،
وأكثر ما توجد السعلة في الغياض إذا ظفرت بانسان ترقصه وتلعب به،
كما يلعب القط بالفأر ،وقال :وربما اصطادها الذئب بالليل فأكلها فإذا
افترسها ترفع صوتها وتقول :أدركوني فان الذئب قد أكلني ،وربما تقول:
من يخلصنى ومعي ألف دينار يأخذها ؟ والناس يعرفون أنه كلم السعلة
فل يخلصها أحد فيأكلها الذئب ).(7
) (1في المصدر :اوردوه (2) .السراء (3) .64 :في المصدر :وذلك أن الجنيات
انما تتعرض لصرع رجال النس (4) .الرحمن (5) .74 :في المصدر:
ولو كان الجان ل يفتض الدميات (6) .في المصدر :للناس بالليل(7) .
حياة الحيوان 16 - 14 :2باب السين.
][315
وقال الدميري أيضا الغول واحد الغيلن وهو جنس من الجن والشياطين وهم
سحرتهم ،قال الجوهري :هو من السعالى والجمع أغوال وغيلن وكل من
اغتال النسان فأهلكه فهو غول ،والتغول :التلون .وروى الطبراني وغيره
عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله قال :إذا تغولت لكم الغيلن
فنادوا بالذان فان الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص أي ضراط.
قال النووي في الذكار :إنه حديث صحيح أرشد صلى ال عليه وآله إلى
دفع ضررها بذكر ال .ورواه النسائي في آخر سننه الكبرى عن جابر بن
عبد ال أن النبي صلى ال عليه وآله قال عليكم بالدلجة فان الرض تطوى
بالليل فإذا تغولت لكم الغيلن فنادوا بالذان .قال النووي :وكذلك ينبغي أن
يؤذن أذان الصلة إذا عرض للنسان شيطان ،لما روى مسلم عن سهل بن
أبي صالح أنه قال :أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلم لنا ،أو صاحب
لنا ،فناداه مناد من حائط باسمه فأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا
فذكرت ذلك لبي فقال :لو شعرت أنك تلقى ) (1هذا لم ارسلك ،ولكن إذا
سمعت صوتا فناد بالصلة فاني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول ال
صلى ال عليه وآله انه قال :إن الشيطان إذا نوي بالصلة أدبر .وروى
مسلم عن جابر أن النبي صلى ال عليه وآله قال :ل عدوى ول طيرة ول
غول .قال جمهور العلماء :كانت العرب تزعم أن الغيلن في الفلوات وهي
جنس من الشياطين تتراءى للناس وتتغول تغول ،أي تتلون تلونا ،فتضلهم
عن الطريق وتهلكهم فأبطل النبي صلى ال عليه وآله ذلك ،وقال آخرون:
ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول ،و إنما معناه إبطال ما تزعم )(2
العرب من تلون الغول بالصور المختلفة ،قالوا :ومعنى ل غول ،أي ل
تستطيع أن تضل أحدا ،ويشهد له حديث آخر:
) (1في المصدر :ترى هذا أرسلتك (2) .في المصدر :ما تزعمه.
][316
" ل غول ولكن السعالى " قال العلماء :السعالى بالسين المفتوحة والعين المهملة
من سحرة الجن ،ومنه ما روى الترمذي والحاكم عن أبي أيوب النصاري
أنه قال :كانت لي سهوة فيها تمر فكانت تجيئ الغول كهيئة السنور فتأخذ
منه ،فشكونا ذلك إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم فقال :اذهب فإذا
رأيتها فقل :بسم ال أجيبي رسول ال " فأخذتها ) (1فحلفت أن ل نعود،
فأرسلها ) (2ثم جاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :ما فعل
أسيرك ؟ قال :حلفت أن ل تعود ،قال صلى ال عليه وآله :كذبت وهي
معاودة للكذب فأخذها وقال :ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى رسول ال
صلى ال عليه وآله ،فقالت :إني ذاكرة لك شيئا :آية الكرسي اقرأها في
بيتك فل يقربك شيطان ول غيره ،فجاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله
فقال :ما فعل أسيرك ؟ فأخبره بما قال ،قال صلى ال عليه وآله ،صدقك
وهو كذوب ) .(3قال الترمذي :هذا حديث حسن غريب ،وهذا روى مثله
البخاري عن أبى هريرة وفي آخره :تعلم من تخاطب منذ ثلث ليال يا أبا
هريرة ؟ قال :ل ،قال :صلى ال عليه وآله :ذاك الشيطان .وروى الحاكم
وابن حبان عن ابي بن كعب أنه كان له جرين تمر وكان يجده ينقص
فحرسه ليلة فإذا هو بمثل الغلم المحتلم قال :فسلمت فرد علي السلم،
فقلت :ما أنت ناولني يدك ،فإذا ) (4يد كلب وشعر كلب ،فقلت :أجني أم
إنسي ؟ فقال بل جني ،قلت :إني أراك ضئيل الخلقة ،أهكذا خلق الجن ؟
قال :لقد علمت الجن
) (1في المصدر :فأخذها (2) .زاد في المصدر :وجاء إلى النبي صلى ال عليه
وآله فقال :ما فعل أسيرك ؟ قال :حلفت أن ل تعود قال صلى ال عليه
وآله :كذبت وهى معاودة للكذب ،قال :فأخذها مرة اخرى فحلفت أن ل
تعود فأرسلها ،ثم جاء (3) .في المصدر :بما قالت فقال صلى ال عليه
وآله :صدقت وهى كذوب (4) .في المصدر :فناولني فإذا.
][317
أن ما فيهم أشد مني فقلت ،ما يحملك ) (1على ما صنعت ؟ قال :بلغني أنك رجل
تحب الصدقة فأحببت أن اصيب من طعامك ،فقلت :فما يجيرنا منكم ؟ قال:
تقرأ آية الكرسي فانك إن قرأتها غدوة اجرت منا حتى تمسي ،وإن قرأتها
حين تمسي اجرت منا حتى تصبح ،قال :فغدوت إلى رسول ال صلى ال
عليه وآله فأخبرته فقال :صدق الخبيث .وتزعم العرب أنه إذا انفرد الرجل
في الصحراء ظهرت له في خلقة إنسان فل يزال يتبعها حتى تضله عن
الطريق وتدنو له وتتمثل له في صور مختلفة فتهلكه روعا ،وقالوا :إذا
أرادت أن تضل إنسانا أو قدت له نارا فيقصدها فيفعل ذلك ) ،(2قالوا:
وخلقتها خلقة إنسان ورجلها رجل حمار .وقال القزويني :ورأى الغول
جماعة من الصحابة منهم عمر حين سافر إلى الشام قبل السلم فضربها
بالسيف .وذكر عن ثابت بن جابر الفهري أنه رأى الغول ،وذكر أبياته
النونية في ذلك ) .(3وقال الدميري أيضا :قطرب :طائر يجول الليل كله ل
ينام .وقال ابن سيدة :إنه الذكر من السعالى ،وقيل :هم صغار الجن ،وقيل:
القطارب :صغائر الكلب واحدها قطرب :دويبة ل تستريح نهارها سعيا،
وقال محمد بن ظفر :القطرب حيوان يكون بالصعيد في أرض مصر يظهر
للمنفرد من الناس ،فربما صده عن نفسه إذا كان شجاعا إل لم ينته حتى
ينكحه ،فإذا نكحه هلك ،وهم إذا رأوا من ظهر له القطرب قالوا :أمنكوح أم
مروع ،فان قال :منكوح يئسوا منه ) ،(4وإن قال :مروع عالجوه ،قال:
وقد رأيت أهل مصر يلهجون بذكره ) (5انتهى ما أخرجته من كتاب
) (1في المصدر :ما حملك (2) .في المصدر :فتفعل به ذلك (3) .حياة الحيوان :2
137 - 134باب الغين (4) .في المصدر :آيسوا من حياته (5) .حياة
الحيوان 181 :2باب القاف.
][318
حياة الحيوان .ولنبين بعض ما ربما يحتاج إلى البيان :الحشاش مثلثة :حشرات
الرض ،وفي النهاية :مستطير أي منتشر متفرق كأنه طائر في نواحيها،
ومنه حديث ابن مسعود فقدنا رسول ال ليلة فقلنا :اغتيل استطير أي ذهب
به بسرعة ،كأن الطير حملته أو اغتاله أحد ،والستطارة والتطاير :التفرق
والذهاب ،والغتيال :أن يخدع فيقتل في موضع ل يراه فيه أحد ،قوله :أو
فرما كان قال البي :الظهر انه مما يبقى عليه بدع الكل ،ويحتمل أنه
تعالى يخلق ذلك عليها ،والنظر في أنه هل يستحب أن ل يستقصى العظام
بتقشير ما عليها وهل يثاب مثله له ،والظهر ان انتفاعهم إنما هو بالشم
لنه ل يبقى ع ؟ ليه ما يقولون إل أن يكونوا في القوت بخلف النس
انتهى .وفي النهاية في صفة الجن :فإذا نحن برجال طوال كأنهم الرماح
مستثفرين ثيابهم هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب
بذنبه .وقال :العرج بفتح العين وسكون الراء :قرية جامعة من أعمال
الفرع على أيام من المدينة ،وقال :اللغط :صوت وضجة ل يفهم معناه،
وقال :الجلس :كل مرتفع من الرض ،والغور :ما انخفض من الرض.
وقال :فيه ذكر عكاظ وهي موضع بقرب مكة كانت تقام به في الجاهلية
سوق يقيمون فيها أياما .وقال :في حديث عمر أنه سأل رجل استهوته
الجن فقال :ما كان طعامهم ؟ قال :الفول وما لم يذكر اسم ال عليه ،قال:
فما كان شرابهم ؟ قال :الجذف .الفول هو الباقلى والجذف بالتحريك :نبات
يكون باليمن ل يحتاج آكله معه إلى شرب ماء ،وقيل :هو كل ما ل يغطى
من الشراب وغيره قال القتيبي :أصله من الجدف :القطع ،أراد ما يرمى به
عن الشراب من زبد أو رغوة أو قذى كأنه قطع من الشراب فرمي به،
هكذا حكاه الهروي عنه ،والذي جاء في صحاح الجوهري :أن القطع هو
الجذف بالذال المعجمة ،ولم يذكره في الدال المهملة ،وأثبته الزهري
فيهما.
][319
وقال :تفلت علي أي تعرض في صلتي فجأة .وقال في ذعت :فأمكنني ال منه
فذعته أي خنقته ،والذعت والدعت بالذال والدال :الدفع العنيف ،والذعت
أيضا :المعك في التراب .وقال :وفيه ما من آدمي إل ومعه شيطان ،قيل:
ومعك ؟ قال :نعم ولكن ال أعانني عليه فأسلم ،وفي رواية :حتى أسلم أي
انقاد وكف عن وسوستي ،وقيل :دخل في السلم فسلمت من شره ،وقيل:
إنما هو فأسلم بضم الميم على أنه فعل مستقبل أي أسلم أنا منه ومن شره،
ويشهد للول الحديث الخر :كان شيطان آدم كافرا وكان شيطاني مسلما
انتهى .وأقول :قصة سعد مما افترى على الجن ،وإنما قتله من بعثه عمر
ليقتله كما ذكرناه في كتاب الفتن مفصل .وفي النهاية :يقال :صبأ فلن :إذا
خرج من دين إلى دين غيره ،وكانت العرب تسمي النبي صلى ال عليه
وآله الصابئ لنه خرج من دين قريش إلى دين السلم ويسمون المسلمين
الصباة بغير همز .وقال :لهث الكلب وغيره يلهث لهثا :إذا أخرج لسانه من
شدة العطش والحر وقال الفهر :الحجر ملء الكف ،وقيل :هو الحجر
مطلقا .وفي القاموس :الغريف :صوت الجن وهو جرس يسمع في المفاوز
بالليل ،وكشداد رمل لبني سعد أو جبل بالدهناء على اثني عشر ميل من
المدينة سمي به لنه كان يسمع به غريف الجن ،وأبرق الغراف ،ماء لبني
أسد .وقال :القعدة بالضم من البل :ما يقتعده الراعي في كل حاجة،
واقتعده ،اتخذه قعدة .وفي النهاية :قال للجني :إني أراك ضئيل شخيتا،
الضئيل :النحيف الدقيق والشخت والشخيت :النحيف الجسم الدقيق .وقال:
إني منهم لضليع رأي عظيم الخلق ،وقيل :هو العظيم الصدر الواسع
الجبينين ،وقال :الشظية :الفلقة من العصا ونحوها ،وقال الفيروز آبادى:
القط بالكسر السنور.
][320
وقال في النهاية :الحصاص :شدة العدو وحدته ،وقيل :هو أن يمصع بذنبه ويصر
باذنيه ويعدو ،وقيل :هو الضراط وقال :السهوة :بيت صغير منحدر في
الرض قليل شبيه بالمخدع والخزانة وقيل :هو كالصفة يكون بين يدي
البيت ،وقيل :شبيه بالرف والطاق يوضع فيه شئ وقال :الجرين هو
موضع تجويف التمر وهو له كالبيدر للحنطة .وقال الرازي في مفتتح
تفسيره في تحقيق الستعاذة من الشيطان وفي بيان المستعاذ منه قال:
وفيه مسائل :المسألة الولى :اختلف الناس في وجود الجن والشياطين،
فمن الناس من ينكر الجن والشياطين ،واعلم أنه ل بد من البحث أول عن
ماهية الجن والشياطين ،فنقول :أطبق الكل على أنه ليس الجن والشياطين
عبارة عن أشخاص جسمانية كثيفة تجيئ وتذهب مثل الناس والبهائم ،بل
القول المحصل فيه قولن :الول أنها أجسام هوائية قادرة على التشكل
بأشكال مختلفة ولها عقول وأفهام وقدرة على أعمال صعبة شاقة .والقول
الثاني أن كثيرا من الناس أثبتوا أنها موجودات غير متحيزة ول حالة في
المتحيز ،وزعموا أنها موجودات مجردة عن الجسمية ،ثم إن هذه
الموجودات قد تكون عالية مقدسة عن تدبير الجسام بالكلية ،وهي
الملئكة المقربون كما قال تعالى " :ومن عنده ل يستكبرون عن عبادته
ول يستحسرون " ) (1وتليها مرتبة الرواح المتعلقة بتدبير الجسام،
وأشرفها حملة العرش كما قال تعالى " :ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية ) ." (2والمرتبة الثانية الحافون حول العرش كما قال تعالى" :
وترى الملئكة حافين من حول العرش " ).(3
][321
المرتبة الثالثة :ملئكة الكرسي .والمرتبة الرابعة :ملئكة السماوات طبقة فطبقة.
والمرتبة الخامسة :ملئكة كرة الثير .والمرتبة السادسة :ملئكة كرة
الهواء الذي هو في طبع النسيم .والمرتبة السابعة :ملئكة كرة الزمهرير.
والمرتبة الثامنة :مرتبة الرواح المتعلقة بالبحار .والمرتبة التاسعة:
مرتبة الرواح المتعلقة بالجبال .والمرتبة العاشرة :مرتبة الرواح السفلية
المتصرفة في هذه الجسام النباتية والحيوانية الموجودة في هذا العالم.
واعلم أنه على كل القولين فهذه الرواح قد تكون مشرقة إلهية خيرة
سعيدة وهي المسماة بالصالحين من الجن ،وقد تكون كدرة سفلية شريرة
شقية وهي المسماة بالشياطين .واحتج المنكرون لوجود الجن والشياطين
بوجوه :الحجة الولى أن الشيطان لو كان موجودا لكان إما أن يكون جسما
لطيفا أو كثيفا ،والقسمان باطلن فيبطل القول بوجوده ،وإنما قلنا :إنه
يمتنع أن يكون كثيفا لنه لو كان كذلك لوجب أن يراه كل من كان سليم
الحس ،إذ لو جاز أن يكون بحضرتنا أجسام كثيفة ونحن ل نراها لجاز أن
تكون بحضرتنا جبال عالية وشموس مضيئته ورعود وبروق ،مع أنا ل
نشاهد شيئا منها ،ومن جوز ذلك كان خارجا عن العقل .وإنما قلنا :إنه ل
يجوز كونها أجساما لطيفة لنه لو كان كذلك لوجب أن يتمزق ويتفرق )(1
عند هبوب الرياح العاصفة القوية ،وأيضا يلزم أن ل يكون لها قدرة وقوة
على العمال الشاقة ومثبتوا الجن ينسبون إليها العمال الشاقة ،ولما
][322
بطل القسمان ثبت فساد القول بالجن .والحجة الثانية :أن هذه الشخاص المسماة
بالجن إذا كانوا حاضرين في هذا العالم ومخالطين للبشر فالظاهر الغالب
أن يحصل لهم بسبب طول المخالطة والمصاحبة إما صداقة وإما عداوة،
فان حصلت الصداقة وجب ظهور المنافع بسبب تلك الصداقة وإن حصلت
العداوة وجب ظهور المضار بسبب تلك العداوة ،إل أنا ل نرى أثرا ل من
تلك الصداقة ول من تلك العداوة ،وهؤلء الذين يمارسون صنعة التعزيم
إذا تابوا من الكاذيب يعترفون بأنهم قط ما شاهدوا أثرا من هذا الجن،
وذلك مما يغلب على الظن عدم هذه الشياء ،وسمعت ممن تاب عن هذه
الصنعة قال :إني واظبت على العزيمة الفلنية كذا من اليام وما تركت
دقيقة من الدقائق إل أتيت بها ،ثم إني ما شاهدت من تلك الحوال
المذكورة أثرا ول خبرا .الحجة الثالثة :أن الطريق إلى معرفة هذه الشياء
إما الحس وإما الخبر وإما الدليل ،أما الحس فلم يدل دليل على وجود هذه
الشياء ) ،(1فإذا كنا ل نرى صورة ول سمعنا صوتا فكيف يمكننا أن
ندعي الحساس بها ،والذين يقولون :إنا أبصرناها أو سمعنا أصواتها فهم
طائفتان :المجانين الذين يتخيلون أشياء بسبب خلل أمزجتهم فيظنون أنهم
رأوها ،والكاذبون المنحرفون .وأما إثبات هذه الشياء بواسطة أخبار
النبياء والرسل عليهم السلم فباطل لن هذه الشياء لو ثبتت لبطلت نبوة
النبياء ،فان على تقدير ثبوتها يجوز أن يقال :إن كل ما تأتي به النبياء
من المعجزات إنما حصل باعانة الجن والشياطين ،وكل فرع أدى إلى إبطال
الصل كان باطل مثاله إذا جوزنا نفوذ الجن في بواطن النسان فلم ل
يجوز أن يقال :إن حنين الجذع إنما كان لجل أن الشيطان نفذ في ذلك
الجذع ثم أظهر الحنين ؟ ولم ل يجوز أن يقال :إن الناقة إنما تكلمت مع
الرسول صلى ال عليه وآله لجل أن الشيطان دخل في بطنها وتكلم ؟ ولم
ل يجوز أن يقال :إن الشجرة إنما انقلعت من
) (1زاد في المصدر بعد ذلك :لن وجودها اما بالصورة أو الصوت.
][323
أصلها لن الشيطان اقتلعها ،فثبت أن القول باثبات الجن والشياطين يوجب القول
ببطلن نبوة النبياء عليهم السلم ،وأما إثبات هذه الشياء بواسطة الدليل
والنظر فهو متعذر لنا ل نعرف دليل عقليا يدل على وجود الجن
والشياطين فثبت أنه ل سبيل لنا إلى العلم بوجود هذه الشياء فوجب أن
يكون القول بوجود هذه الشياء باطل ،فهذا جملة شبه منكري الجن
والشياطين .والجواب عن الول بأنا نقول :إن الشبهة التي ذكرتم تدل على
أنه يمتنع كون الجن جسما فلم ل يجوز أن يقال :إنه جوهر مجرد عن
الجسمية ؟ واعلم أن القائلين بهذا القول فرق :الولى :الذين قالوا:
النفوس الناطقة البشرية المفارقة للبدان قد تكون خيرة ،وقد تكون
شريرة ،فان كانت خيرة فهي الملئكة الرضية ،وإن كانت شريرة فهي
الشياطين الرضية ،ثم إذا حدث بدن شديد المشابهة ببدن تلك النفس
المفارقة ) (1وتعلق بذلك البدن نفس شديدة المتشابهة لتلك النفس
المفارقة فحينئذ يحدث لتلك النفس المفارقة ضرب تعلق بهذا البدن الحادث
وتصير تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن على
العمال اللئقة بها فان كانت النفسان من النفوس الطاهرة المشرقة
الخيرة كانت تلك المعاونة والمعاضدة إلهاما ،وإن كانتا من النفوس
الخبيثة الشريرة كانت تلك المعاونة والمناصرة وسوسة فهذا هو الكلم في
اللهام والوسوسة على قول هؤلء .الفريق الثاني :الذين قالوا :الجن
والشياطين جواهر مجردة عن الجسمية وعلئقها ،وجنسها مخالف لجنس
النفوس الناطقة البشرية ،ثم إن ذلك الجنس يندرج فيه أنواع أيضا ،فان
كانت طاهرة نورانية فهي الملئكة الرضية وهم المسمون بصالحي الجن،
وإن كانت خبيثة شريرة فهي الشياطين المؤذية ،إذا عرفت هذا فنقول:
الجنسية علة الضم ،فالنفوس البشرية الطاهرة النورانية تنضم .إليها تلك
الرواح النورانية الطاهرة ) ،(2وتعينها على أعمالها التي هي من أبواب
الخير والبر والتقوى
) (1في المصدر :تلك النفوس المفارقة (2) .في المصدر :الطاهرة النورانية.
][324
والنفوس البشرية الخبيثة الكدرة تنضم إليها تلك الرواح الخبيثة الشريرة وتعينها
علي أعمالها التي هي من باب الشر والثم والعدوان .الفريق الثالث :وهم
الذين ينكرون وجود الرواح السفلية ،ولكنهم أثبتوا الرواح ) (1المجردة
الفلكية ،وزعموا أن تلك الرواح أرواح عالية قاهرة قوية وهي مختلفة
بجواهرها وماهياتها ،فكما أن لكل روح من الرواح البشرية بدنا معينا
فكذلك لكل روح من الرواح الفلكية بدن معين ،وهو ذلك الفلك المعين،
وكما أن الروح البشري ) (2يتعلق أول بالقلب ثم بواسطته يتعدى أثر ذلك
الروح إلى كل البدن فكذلك الروح الفلكي يتعلق أول بالكواكب ثم بواسطة
ذلك العلق يتعدى أثر ذلك الروح إلى كلية ذلك الفلك وإلى كلية ذلك العالم،
وكما أنه يتولد في القلب والدماغ أرواح لطيفة وتلك الرواح تتأدى في
الشرائين والعصاب إلى أجزاء البدن وتصل بهذا الطريق قوة الحياة
والحس والحركة إلى كل جزء من أجزاء العضاء فكذلك ينبعث من جرم
الكواكب خطوطا شعاعية تتصل بجوانب العالم وتتأدى قوة ذلك )(3
الكواكب بواسطة تلك الخطوط الشعاعية إلى أجزاء هذا العالم ،وكما أن
بواسطة الرواح الفائضة من القلب والدماغ إلى أجزاء البدن يحصل في
كل جزء من أجزاء ذلك البدن قوى مختلفة وهي الغاذية والنامية والمولدة
والحساسة فتكون هذه القوى كالنتائج والولد لجوهر النفس المدبرة لكلية
البدن ،فكذلك بواسطة الخطوط الشعاعية المنبثة من الكواكب الواصلة إلى
أجزاء هذا العالم تحدث في تلك الجزاء نفوس مخصوصة ،مثل نفس زيد
ونفس عمرو ،وهذه النفوس كالولد لتلك النفوس الفلكية ولما كات
النفوس الفلكية مختلفة في جواهرها وماهياتها فكذلك النفوس المتولدة من
نفس فلك زحل مثل طائفة ،والنفوس المتولدة من نفس فلك المشتري
طائفة
) (1في المصدر :وجود الرواح (2) .في المصدر :الروح البشرية تتعلق (3) .في
المصدر :تلك.
][325
اخرى ،فتكون النفوس المنسبة إلى روح زحل متجانسة متشاركة ،ويحصل بينها
مودة ومحبة ) ،(1وتكون النفوس المنتسبة إلى روح زحل مخالفة بالطبع
والماهية للنفوس المنتسبة إلى روح المشترى ،وإذا عرفت هذا فنقول:
قالوا :إن العلة تكون أقوى من المعلول ،فلكل طائفة من النفوس البشرية
طبيعة خاصة وهي تكون معلولة لروح من تلك الرواح الفلكية ،وتلك
الطبيعة تكون في الروح الفلكي أقوى وأعلى بكثير منها في هذه الرواح
البشرية ،وتلك الروح ) (2الفلكية بالنسبة إلى تلك الطائفة من الرواح
البشرية كالب المشفق والسلطان الرحيم ،فلهذا السبب تلك الرواح
الفلكية تعين أولدها على صلحها ) (3وتهديها تارة في النوم على سبيل
الرؤيا والخرى ) (4في اليقظة على سبيل اللهام .ثم إذا اتفق لبعض هذه
النفوس البشرية قوة قوية من جنس تلك الخاصية وقوي اتصاله بالروح
الفلكي .الذي هو أصله ومعدنه ظهرت عليه أفعال عجيبة وأعمال خارقة
للعادات ،فهذا تفصيل مذاهب من يثبت الجن والشياطين ،ويزعم أنها
موجودات ليست أجساما ول جسما .واعلم أن قوما من الفلسفة طعنوا في
هذا المذهب وزعموا أن المجرد يمتنع عليه إدراك الجزئيات ،والمجردات
يمتنع كونها فاعلة للفعال الجزئية .واعلم أن هذا باطل لوجهين :الول أنه
يمكننا أن نحكم على هذا الشخص المعين بأنه إنسان وليس بفرس،
والقاضي على الشيئين لبد وأن يحضره المقضي عليهما ،فههنا شئ واحد
هو مدرك للكلي وهو النفس ،فيلزم أن يكون المدرك للجزئي هو النفس.
) (1في المصدر :محبة ومودة (2) .في المصدر :وتلك الرواح (3) .في المصدر:
على مصالحها (4) .في المصدر :واخرى.
][326
الثاني :هب أن النفس المجردة ل تقوى على إدراك الجزئيات ابتداء ،لكن ل نزاع
أنه يمكنها أن تدرك الجزئيات بواسطة اللت الجسمانية ،فلم ل يجوز أن
يقال :إن تلك الجواهر المجردة المسماة بالجن والشياطين لها آلت
جسمانية من كرة الثير أو من كرة الزمهرير ثم إنها بواسطة تلك اللت
الجسمانية تقوى على إدراك الجزئيات وعلى التصرف في هذه البدان.
فهذا تمام الكلم في شرح هذا المذهب .وأما الذين زعموا أن الجن أجسام
هوائية أو نارية فقالوا :الجسام متساوية في الحجمية والمقدار ،وهذان
المعنيان أعراض فالجسام متساوية في قبول هذه العراض والشياء
المختلفة في الماهية ل يمتنع اشتراكها في بعض اللوازم ،فلم ل يجوز أن
يقال :إن الجسام مختلفة بحسب ذواتها المخصوصة وماهياتها المعينة،
وإن كانت مشتركه في قبول الحجمية والمقدار .وإذا ثبت هذا فنقول :لم ل
يجوز أن يقال :أحد أنواع الجسام أجسام لطيفة نفاذة حية لذواتها عاقلة
لذواتها قادرة على العمال الشاقة لذواتها ،وهي غير قابلة للتفرق
والتمزق ؟ وإذا كان المر كذلك فتلك الجسام تكون قادرة على تشكيل
أنفسها بأشكال مختلفة ،ثم إن الرياح العاصفة ل تمزقها والجسام الكثيفة
ل تفرقها ،أليس أن الفلسفة قالوا :إن النار التي تنفصل عن الصواعق
تنفذ في اللحظة اللطيفة في بواطن الحجار والحديد وتخرج من الجانب
الخر ؟ فلم ل يعقل مثله في هذه الصورة ؟ وعلى هذا التقدير فان الجن
تكون قادرة على النفوذ في بواطن الناس ،وعلى التصرف فيها ،وإنها
تبقى حية فعالة مصونة عن الفساد إلى الجل المعين والوقت المعلوم ،فكل
هذه الحوال الحتمال ت ظاهرة ،والدليل لم يقم على إبطالها ،فلم يجز
المصير إلى القول بابطالها .والجواب عن الشبهة الثانية أنه ل يجب
حصول تلك الصداقة والعداوة مع كل واحد ،وكل واحد ل يعرف إل حال
نفسه ،أما حال غيره فانه ل يعلمها ،فبقى هذا المر في حيز الحتمال.
][327
فأما الجواب ) (1عن الشبهة الثالثة فهو أنا نقول :ل نسلم أن القول بوجود الجن
والملئكة يوجب الطعن في نبوة النبياء عليهم السلم ،وسيظهر الجواب
عن الشبهة ) (2التي ذكرتموها فيما بعد ذلك ،فهذا آخر الكلم في الجواب
عن هذه الشبهات .المسألة الثانية :اعلم أن القرآن والخبار يدلن على
وجود الجن والشياطين أما القرآن فآيات :اليه الولى قوله تعالى " :وإذ
صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما
قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد
موسى مصدقا لما بين يديه ويهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم " ).(3
وهذا نص على وجودهم وعلى أنهم سمعوا القرآن وعلى أنهم أنذروا
قومهم .والية الثانية :قوله تعالى " :واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك
سليمان ) .(4والية الثالثة :قوله تعالى في قصة سليمان " :يعملون له ما
يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " ) .(5وقال
تعالى :والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الصفاد ).(6
وقال تعالى :ولسليمان الريح -إلى قوله تعالى :ومن الجن من يعمل بين
يديه باذن ربه ) .(7والية الرابعة :قوله تعالى :يا معشر الجن والنس إن
استطعتم أن تنفذوا من
) (1في المصدر :وأما الجواب (2) .في المصدر :عن الجوبة التى (3) .الحقاف:
29و (4) .30البقرة (5) .102سبا (6) .13 :ص (7) .38 :سبا.12 :
][328
أقطار السموات والرض ) .(1والية الخامسة :قوله تعالى :إنا زينا السماء الدنيا
بزينة الكواكب * و حفظا من كل شيطان مارد ) .(2وأما الخبار فكثيرة:
الخبر الول :روى مالك في الموطأ عن صيفي بن أفلح عن أبي السائب
مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري قال :فوجدته يصلي،
فجلست أنتظره حتى يقضي صلته ،قال :فسمعت تحريكا تحت سريره في
بيته فإذا هي حية نفرت فهممت أن أقتلها ) ،(3فأشار أبو سعيد :أن أجلس
) ،(4فجلست أنتظره حتى يقضي صلته ،فلما انصرف من صلته أشار
إلى بيت في الدار فقال :ترى هذا البيت ؟ قلت :نعم ،قال :إنه كان فيه فتى
من النصار حديث عهد بعرس -وساق الحديث إلى أن قال - :فرأى امرأته
واقفة بين البابين ) (5فهيأ الرمح ليطعنها بسبب الغيرة ،فقالت امرأته:
ادخل بيتك لترى ،فدخل بيته فإذا هو بحية على فراشها فركز فيها رمحه
فاضطربت الحية في رأس الرمح وخر الفتى فما يدرى ) (6أيهما كان
أسرع موتا الفتى أم الحية ؟ فسألنا رسول ال صلى ال عليه وآله )(7
فقال :إن بالمدينة جنيا قد أسلموا فمن بدا لكم منهم فأذنوا ثلثة أيام فان
عاد فاقتلوه فانه شيطان ).(8
) (1الرحمن (2) .33 :الصافات 6 :و (3) .7في المصدر :فقمت لقتلها (4) .في
المصدر :أن اجلس فلما انصرف (5) .في المصدر :بين الناس فأدركته
غيرة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها بسبب الغيرة فقالت :ل تعجل حتى
تدخل وتنظر ما في بيتك فدخل فإذا هو بحية مطوقة على فراشه (6) .في
المصدر :وخر الفتى ميتا فما ندرى (7) .في المصدر :فذكرت ذلك لرسول
ال صلى ال عليه وآله (8) .في المصدر :فأذنوه ثلثة ايام فان بدا لكم
بعد ذلك فاقتلوه فانما هو شيطان.
][329
والخبر الثاني :روى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد قال :لما اسري بالنبي
صلى ال عليه وآله رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من النار كلما
التفت رآه فقال جبرئيل عليه السلم :أل اعلمك كلمات إذا قلتهن طفيت
شعلته وصرفته ؟ ) (1؟ قل :أعوذ بوجه ال الكريم وبكلمات ) (2ال
التامات التي ل يجاوزهن بر ول فاجر من شر ما ينزل من السماء ،ومن
شر ما يعرج فيها ،ومن شر ما ينزل إلى الرض ومن شر ما يخرج منها
ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إل طارقا يطرق
بخير يا رحمن .والخبر الثالث :روى أيضا مالك في الموطأ أن كعب الحبار
كان يقول :أعوذ بوجه ال العظيم الذي ليس شئ أعظم منه وبكلماته )(3
التامات التي ل يجاوزهن بر ول فاجر وبأسمائه كلها ما قد علمت منها وما
لم أعلم ،من شر ما خلق وذرأ وبرأ .والخبر الرابع :روى أيضا مالك أن
خالد بن الوليد قال :يا رسول ال إني اروع في منامي فقال له رسول ال
صلى ال عليه وآله :قل :أعوذ بكلمات ال التامات من غضبه وعقابه
وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون .والخبر الخامس :ما
اشتهر وبلغ مبلغ التواتر من خروج النبي صلى ال عليه وآله ليلة الجن
وقراءته عليهم ودعوته إياهم إلى السلم .والخبر السادس :روى القاضي
أبو بكر في الهداية أن عيسى عليه السلم دعا ربه أن يريه موضع
الشيطان من بنى آدم فأراه ذلك فإذا رأسه مثل رأس الحية واضع رأسه
على قلبه ،فإذا ذكر ال تعالى خنس ،وإذا لم يذكره وضع رأسه على حبة
قلبه .والخبر السابع :قوله عليه السلم :إن الشيطان ليجري من ابن آدم
مجرى الدم وقال :ما منكم من أحد إل وله شيطان ،قيل :ول أنت يا رسول
ال ؟ قال :ول أنا إل
) (1في المصدر :وخر لفيه (2) .في المصدر :وبكلماته (3) .في المصدر :وبكلمات
ال.
][330
أن ال تعالى أعانني عليه فأسلم .والحاديث في ذلك كثيرة والقدر الذي ذكرناه
كاف .المسألة الثالثة :في بيا أن الجن مخلوق من النار ،والدليل عليه قوله
تعالى " :والجان خلقناه من قبل من نار السموم " وقال تعالى حاكيا عن
إبليس أنه قال " :خلقتني من نار وخلقته من طين " .واعلم أن حصول
الحياة في النار غير مستبعد ،أل ترى أن الطباء قالوا :ان المتعلق الول
للنفس هو القلب والروح وهما في غاية السخونة ،وقال جالينوس :إني
بقرت مرة بطن قرد وأدخلت يدي في بطنه وأدخلت اصبعي في قلبه
فوجدته في غاية السخونة ) ،(1ونقول :أطبق الطباء على أن الحياة ل
تحصل إل بسبب الحرارة الغريزية وقال بعضهم :الغلب على الظن أن كرة
النار تكون مملوة من الروحانيات .المسألة الرابعة :ذكروا قولين في أنهم
لم سموا بالجن ؟ الول :أن لفظ الجن مأخوذ من الستتار ،ومنه الجنة
لستتار أرضها بالشجار ومنه الجنة لنها ) (2ساترة للنسان ومنه الجن
لستتارهم عن العيون ،ومنه المجنون لستتار عقله ،ومنه الجنين
لستتاره في البطن ومنه قوله تعالى " :اتخذوا أيمانهم جنة ) (3أي وقاية
وسترا .واعلم أن على هذا القول يلزم أن تكون الملئكة من الجن
لستتارهم عن العيون إل أن يقال :إن هذا من باب تقييد المطلق بسبب
العرف .والقول الثاني :أنهم سموا بهذا السم لنهم كانوا في أول أمرهم
خزان الجنة والقول الول أقوى .المسألة الخامسة :اعلم أن طوائف
المكلفين أربعة :الملئكة والنس والجن و
) (1في المصدر :في غاية السخونة بل تزيد (2) .في المصدر :لكونها(3) .
المنافقون.2 :
][331
الشياطين ،واختلفوا في الجن والشياطين فقيل :الشياطين جنس ،والجن جنس آخر
كما أن النسان جنس والفرس جنس آخر ،وقيل :الجن منهم أخيار ومنهم
أشرار والشياطين اسم لشرار الجن .المسألة السادسة :المشهور أن الجن
لهم قدرة على النفوذ في بواطن البشر ،وأنكر أكثر المعتزلة ذلك ،وأما
المثبتون فقد احتجوا بوجوه :الول :أنه إن كان الجن عبارة عن موجود
ليس بجسم ول جسماني فحينئذ يكون معنى كونه قادرا على النفوذ في
باطنه أنه يقدر على التصرف في باطنه ،وذلك غير مستبعد ،وإن كان
عبارة عن حيوان هوائي لطيف نفاذ كما وصفناه في باطن بني آدم غير
ممتنع قياسا على النفس وغيره .الثاني قوله تعالى " :ل يقومون إل كما
يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) " (1الثالث :قوله عليه السلم:
إن الشيطان ليجري من بني آدم مجرى الدم .أما المنكرون فقد احتجوا
بامور :الول قوله تعالى حكاية عن إبليس " :وما كان لي عليكم من
سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي ) " (2صرح بأنه ما كان له على
البشر سلطان إل من الوجه الواحد ،وهو إلقاء الوسوسة والدعوة إلى
الباطل .والثاني :ل شك أن النبياء والعلماء المحققين يدعون الناس إلى
لعن الشيطان والبراءة منه ،فوجب أن تكون العداوة بين الشياطين وبينهم
أعظم أنواع العداوة ،فلو كانوا قادرين على النفوذ في بواطن البشرو على
إيصال البلء والشر إليهم لوجب أن يكون تضرر النبياء والعلماء منهم
أشد من تضرر كل أحد ،ولما لم يكن كذلك علمنا أنه باطل .المسألة
السابعة :اتفقوا على أن الملئكة ل يأكلون ول يشربون ول ينكحون،
يسبحون الليل والنهار ل يفترون ،وأما الجن والشياطين فانهم يأكلون
ويشربون ،قال
][332
صلى ال عليه وآله في الروث والعظم :إنه زاد إخوانكم من الجن ،وأيضا فانهم
يتوالدون قال تعالى " :أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " وال أعلم.
المسألة الثامنة :في كيفية الوسوسة بناء على ما ورد في الثار ،ذكروا
أنه يغوص في باطن النسان ويضع رأسه على حبة قلبه ويلقي إليه
الوسوسة ،واحتجوا عليه بما روي أن النبي صلى ال عليه وآله قال :إن
الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم أل فضيقوا مجاريه بالجوع .وقال
صلى ال عليه وآله :لول أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم
لنظروا إلى ملكوت السماوات والرض ) .(1ومن الناس من قال :هذه
الخبار لبد من تأويلها لنه يمتنع حملها على ظواهرها واحتج عليه
بوجوه :الول أن نفوذ الشياطين في بواطن الناس محال لنه يلزم إما
اتساع تلك المجاري أو تداخل تلك الجسام .والثاني :ما ذكرنا أن العداوة
الشديدة حاصلة بينه وبين أهل الدين فلو قدر على هذا النفوذ فلم لم
يخصهم بمزيد الضرر ؟ الثالث :أن الشيطان مخلوق من النار ،فلو دخل في
داخل البدن لصار كأنه نفذ النار في داخل البدن ،ومعلوم أنا ل نحس بذلك )
.(2الرابع :أن الشياطين يحبون المعاصي وأنواع الكفر والفسق ،ثم إنا
نتضرع بأعظم الوجوه إليهم ليظهروا أنواع الكفر والفسق فل نجد منه أثرا
ول فائدة وبالجملة فل نرى من عداوتهم ضررا ول نجد من صداقتهم نفعا
) .(3وأجاب مثبتوا الشياطين عن السؤال الول بأن على القول بأنها
نفوس مجردة فالسؤال زائل ،وعلى القول بأنها أجسام لطيفة كالضوء
والهواء فالسؤال أيضا زائل.
) (1المصدر خال عن كلمة :والرض (2) .في المصدر ومعلوم أنه ل يحس بذلك) .
(3في المصدر :ل من عداوتهم ضررا ول من صداقتهم نفعا.
][333
وعن الثاني :ل يبعد أن يقال :إن ال والملئكة ) (1يمنعونهم من إيذاء علماء
البشر .وعن الثالث :أنه لما جاز أن يقول ال تعالى لنار إبراهيم " :يا نار
كوني بردا و سلما على إبراهيم ) " (2فلم ل يجوز مثله ههنا ؟ وعن
الرابع :أن الشياطين مختارون ولعلهم يفعلون بعض القبائح دون بعض.
المسألة التاسعة :في تحقيق الكلم في الوسوسة على الوجه الذي قرره
الشيخ الغزالي في كتاب الحياء قال :القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إليها
الحوال من كل باب ،أو مثل هدف ترمى إليه السهام من كل جانب ،أو مثل
مرآة منصوبة يجتاز عليها الشخاص فيتراءى ) (3فيها صورة بعد
صورة ،أو مثل حوض ينصب ) (4إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة،
واعلم أن مداخل هذه الثار المجددة ) (5في القلب ساعة فساعة إما من
الظاهر كالحواس الخمس ،وإما من الباطن كالخيال والشهوة والغضب
والخلق المركبة في مزاج النسان فانه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل
منه أثر في القلب ،وكذا إذا هاجت الشهوة أو الغضب حصل من تلك
الحوال آثار في القلب ،وأما إذا منع النسان عن الدراكات الظاهرة
فالخيالت الحاصلة في النفس تبقى وينتقل الخيال من الشئ إلى الشئ )(6
وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال ،فالقلب دائما في
التغير والتأثر من هذه السباب وأخص الثار الحاصلة في القلب هي
الخواطر ،وأعني بالخواطر ما يعرض فيه من الفكار والذكار ،وأعني
بهذا إدراكات وعلوما إما على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر ،فانما )
(7تسمى خواطر من حيث أنها تخطر بالخيال بعد أن
) (1في المصدر :وملئكته (2) .النبياء (3) .69 :في المصدر] :تجتاز[ وفيه:
فتتراءى (4) .في المصدر :تنصب (5) .في المصدر] :المتجددة[ وفى
النسخة المخطوطة :المحددة (6) .في المصدر :من شئ إلى شئ (7) .في
المصدر :وانما.
][334
) (1في المصدر :بعد حذف التطويلت منه (2) .في المصدر :وبوجود شئ(*) .
][335
والمقدمة الرابعة :أن القوة الباصرة إذا أدركت موجودا في الخارج لزم من حصول
ذلك الدراك البصري وقوف الذهن على ماهية ذلك المرئي ،وعند الوقوف
عليه يحصل العلم بكونه لذيدا أو مولما أو خاليا عنهما فان حصل العلم
بكونه لذيذا ترتب على حصول هذا العلم أو العتقاد حصول الميل إلى
تحصيله ،وإن حصل العلم بكونه مؤلما ترتب على هذا العلم أو العتقاد
حصول الميل إلى البعد عنه والفرار منه وإن لم يحصل العلم بكونه مؤلما
ول بكونه لذيذا لم يحصل في القلب ل رغبة إلى الفرار عنه ول رغبة إلى
تحصيله .المقدمة الخامسة :أن العلم بكونه لذيذا إنما يوجب حصول الميل
والرغبة في تحصيله إذا حصل ذلك العلم خاليا عن المعارض والمعاوق،
فأما إذا حصل هذا المعارض لم يحصل ذلك القتضاء ،مثاله :إذا رأينا
طعاما لذيذا فعلمنا بكونه لذيذا إنما يؤثر في القدام على تناوله إذا لم نعتقد
أنه حصل فيه ضررا زائد ،أما إذا اعتقدنا أنه حصل فيه ضرر زائد ،فعندئذ
يعتبر العقل كيفية المعارضة والترجيح فايهما غلب على ظنه أنه راجح
عمل بمقتضى ذلك الرجحان ،ومثال آخر لهذا المعنى أن النسان قد يقتل
نفسه وقد يلقي نفسه من السطح العالي إل أنه إنما يقدم على هذا العمل إذا
اعتقد أنه بسبب تحمل ذلك العمل المؤلم يتخلص عن مؤلم آخر أعظم منه
أو يتوصل به إلى تحصيل منفعة أعلى حال منها ،فثبت بما ذكرنا أن اعتقاد
كونه لذيذا أو مولما إنما يوجب الرغبة والنفرة إذا خل ذلك العتقاد عن
المعارض .المقدمة السادسة في بيان أن التقرير الذي بيناه يدل على أن
الفعال الحيوانية لها مراتب مترتبة ترتيبا ذاتيا لزوميا عقليا ،وذلك لن
هذه الفعال مصدرها القريب هو القوى الموجودة في العضلت إل أن هذه
القوى صالحة للفعل والترك فامتنع صيرورتها مصدرا للفعل بدل عن الترك
وللترك بدل عن الفعل ،ال بضميمة تنضم إليها وهي الرادات ثم إن تلك
الردات إنما توجد وتحدث لجل العلم بكونها لذيذة أو مولمة ،ثم إن تلك
العلوم إن حصلت بفعل انسان عاد البحث الول فيه ولزم إما الدور وإما
التسلسل وهما محالن ،وإما النتهاء إلى علوم وإدراكات وتصورات
تحصل في جوهر النفس من
][336
السباب الخارجة ،وهي إما التصالت الفلكية على مذهب قوم أو السبب الحقيقي
فهو أن ال تعالى يخلق تلك العتقادات والعلوم في القلب ،فهذا تلخيص
الكلم في أن الفعل كيف يصدر عن الحيوان ،إذا عرفت هذا فاعلم أن نفاة
الشياطين ونفاة الوسوسة قالوا :ثبت أن المصدر القريب للفعال الحيوانية
هو هذه القوى المركوزة ) (1في العضلت والوتاد ) (2وثبت أن تلك
القوى ل تصير مصادر للفعل والترك إل عند انضمام الميل والرادة إليها
وثبت أن تلك الرادة من لوازم حصول الشعور بكون ذلك الشئ لذيذا أو
مؤلما ،وثبت أن حصول ذلك الشعور لبد وأن يكون بخلق ال تعالى ابتداء
أو بواسطة مراتب شأن كل واحد منها في استلزام ما بعده على الوجه
الذي قررناه ،وثبت أن ترتب كل واحد من هذه المراتب على ما قبله أمر
لزم لزوما ذاتيا واجبا ،فانه إذا أحس بالشئ وعرف كونه ملئما مال طبعه
إليه ،وإذا مال طبعه إليه تحركت القوة إلى الطلب ،وإذا حصلت هذه
المراتب حصل الفعل ل محالة ،فلو قدرنا شيطانا من الخارج وفرضنا أنه
حصلت له وسوسة كانت تلك الوسوسة عديمة الثر ،لنه إذا حصلت تلك
المراتب المذكورة حصل الفعل سواء حصل هذا الشيطان أولم يحصل وإن
لم يحصل مجموع تلك المراتب امتنع حصول الفعل سواء حصل هذا
الشيطان أولم يحصل ،فعلمنا أن القول بوجود الشيطان وبوجود الوسوسة
قول باطل ،بل الحق أن نقول :إن اتفق حصول هذه المراتب في الطرف
النافع سميناها باللهام ،وإن اتفق حصولها في الطرف الضار سميناها
بالوسوسة ،هذا تمام الكلم في تقرير هذا الشكال .والجواب أن كل ما
ذكرتموه حق وصدق إل انه ل يبعد أن يكون النسان غافل عن الشئ ،فإذا
ذكره الشيطان ذلك الشئ تذكره ثم عند التذكر ترتب عليه الميل إليه وترتب
) (3الفعل على حصول ذلك الميل ،فالذي أتى به الشيطان الخارجي ليس
إل ذلك التذكر ،وإليه الشارة بقوله تعالى حكاية عن إبليس أنه قال " :وما
كان لي عليكم من سلطان
) (1في المصدر :المذكورة (2) .في المصدر :والوتار (3) .في المصدر :يترتب
الميل عليه ويترتب.
][337
إل أن دعوتكم فاستجبتم لي ) " (1إل أنه بقي لقائل أن يقول :فالنسان إنما أقدم
على المعصية بتذكير الشيطان ،فالشيطان إن كان إقدامه على المعصية
بتذكير شيطان آخر لزم التسلسل ) (2وإن كان عمل ذلك الشيطان ليس
لجل شيطان آخر ثبت أن ذلك الشيطان الول إنما أقدم على ما أقدم عليه
لحصول ذلك العتقاد في قلبه ،ولبد لذلك العتقاد الحادث من محدث ،وما
ذاك إل ال تعالى ،وعند هذا يظهر أن الكل من عند ال تعالى ،فهذا غاية
الكلم في هذا البحث الدقيق العميق ،وصار حاصل الكلم ما قاله سيد
الرسل صلى ال عليه وآله وهو قوله " :وأعوذ بك منك " وال أعلم.
المسألة الحادية عشر :اعلم أن النسان إذا جلس في الخلوة وتواترت
الخواطر في قلبه فربما صار بحيث كأنه يسمع في داخل قلبه ودماغه
أصواتا خفية وحروفا خفية وكأن متكلما يتكلم معه ومخاطبا يخاطبه ،وهذا
أمر وجداني يجده كل أحد من نفسه ثم اختلف الناس في تلك الخواطر
فقالت الفلسفة :إن هذه الشياء ليست حروفا ول أصواتا ،وإنما هي
تخيلت الصوات والحروف ،وتخيل الشئ عبارة عن حضور رسمه
ومثاله في الخيال ،وهذا كما أنا إذا تخيلنا صورة البحار والشخاص،
فأعيان تلك الشياء غير موجودة في العقل والقلب ،بل الموجود في العقل
والقلب صورها وأمثلتها ورسومها ،وهي على سبيل التمثيل جارية
مجمرى الصورة المرتسمة في المرآة ،فإذا أحسسنا صورة الفلك والشمس
والقمر في المرآة فان ذلك ليس بأنه حضرت ) (3ذوات هذه الشياء في
المرآة فان ذلك محال ،وإنما الحاصل في المرآة رسوم هذه الشياء
وصورها وأمثلتها فإذا عرفت هذا في تخيل المبصرات فاعلم أن الحال في
تخيل الحروف والكلمات المسموعة كذلك ،فهذا قول جمهور الفلسفة،
ولقائل أن يقول :هذا الذي سميته بتخيل الحروف والكلمات هل هو مساو
للحروف والكلمة في الماهية أول ؟ فان حصلت المساواة فقد عاد
) (1ابراهيم (2) .22 :في المصدر :لزم تسلسل الشياطين (3) .في المصدر :فإذا
احسسنا في المرآة صورة الفلك والشمس والقمر فليس ذلك لجل انه
حضرت.
][338
الكلم إلى أن الحاصل في الخيال حقائق الحروف والصوات ،وإلى أن الحاصل في
الخيال عند تخيل البحر والسماء حقيقة البحر والسماء ،وإن كان الحق هو
الثاني وهو أن الحاصل في الخيال شئ آخر مخالف للمبصرات
والمسموعات ،فحينئذ يعود السؤال وهو أنا كيف نجد من أنفسنا صور هذه
المرئيات ؟ وكيف نجد من أنفسنا هذه الكلمات والعبارات وجد انا ل نشك
أنها حروف متوالية على العقل متعاقبة على الذهن ؟ فهذا منتهى الكلم في
كلم الفلسفة ،وأما الجمهور العظم من أهل العلم فانهم سلموا أن هذه
الخواطر المتوالية المتعاقبة حروف وأصوات خفية ) .(1واعلم أن القائلين
بهذا القول قالوا :فاعل هذه الحروف والصوات إما ذلك النسان أو إنسان
آخر ،وإما شئ روحاني مباين يمكنه إلقاء هذه الحروف والصوات إلى هذا
النسان ،سواء قيل :إن ذلك المتكلم هو الجن والشياطين أو الملك ،وإما أن
يقال :خالق تلك الحروف والصوات هو ال تعالى ،أما القسم الول وهو
أن فاعل هذه الحروف والصوات هو ذلك النسان فهذا قول باطل ،لن
الذي يحصل باختيار النسان يكون قادرا على تركه ،فلو كان حصول هذه
الخواطر بفعل النسان لكان النسان إذا أراد دفعها أو تركها لقدر عليه،
ومعلوم أنه ل يقدر على دفعها فانه سواء حاول فعلها أو حاول تركها فتلك
الخواطر تتوارد على طبعه وتتعاقب على ذهنه بغير اختياره .وأما القسم
الثاني وهو أنها حصلت بفعل إنسان آخر فهو ظاهر الفساد ،ولما بطل
هذان القسمان بقي الثالث وهي أنها من فعل الجن أو الملك أو من فعل ال
تعالى ،وأما الذين قالوا :إن ال ل يجوز أن يفعل القبائح فاللئق بمذهبهم
أن يقولوا :إن هذه الخواطر الخبيثة ليست من فعل ال تعالى ،فبقي أنها
من أحاديث الجن والشياطين وأما الذين قالوا :إنه ل يقبح من ال شئ
فليس في مذهبهم مانع يمنعهم من نسبة
][339
إسناد ) (1هذه الخواطر إلى ال تعالى .واعلم أن الثنوية يقولون :للعالم إلهان:
أحدهما خير وعسكره الملئكة والثاني شر ) (2وعسكره الشياطين ،وهما
يتنازعان أبدا ،وكل ) (3شئ في هذا العالم فلكل واحد منهما تعلق به،
فالخواطر الداعية إلى أعمال الخير إنما حصلت من عساكر ال والخواطر
الداعية إلى أعمال الشر إنما حصلت من عساكر الشيطان ،واعلم أن القول
باثبات إلهين قول باطل على ما ثبت فساده بالدلئل ،فهذا منتهى القول في
هذا الباب .المسألة الثانية عشر :من الناس من أثبت لهذه الشياطين قدرة
على الحياء وعلى الماتة وعلى خلق الجسام وعلى تغيير الشخاص عن
صورتها الصلية وخلقتها الولوية ) (4ومنهم من أنكر هذه الحوال وقال:
إنه ل قدرة لها على شئ من هذه الحوال ،وأما أصحابنا فقد أقاموا الدللة
على أن القدرة على اليجاد والتكوين والحداث ليست إل ل ،فبطلت هذه
المذاهب كلها بالكلية ،وأما المعتزلة فقد سلموا أن النسان قادر على إيجاد
بعض الحوادث ،فل جرم صاروا محتاجين إلى بيان أن هذه الشياطين ل
قدرة لها على خلق الجسام والحياة ،ودليلهم هو أن قالوا الشيطان جسم،
وكل جسم فانه قادر بالقدرة ،والقدرة التي لنا ل تحصل ليجاد الجسام،
فهذه مقدمات ثلث ،فالمقدمة الولى أن الشيطان جسم ،فقد بنوا هذه
المقدمة على أن ما سوى ال إما متحيز وإما حال في المتحيز ،وليس لهم
في إثبات هذه المقدمة شبهة فضل عن حجة .وأما المقدمة الثانية وهى
قولهم :الجسم إنما يكون قادرا بالقدرة ،فقد بنوا
) (1في النسخة المخطوطة] :من نسبة انشاء هذه الخواطر[ وفى المصدر :من
اسناد هذه الخواطر (2) .المصدر :شرير (3) .في المصدر] :كل[ بل
عاطف (4) .في المصدر :الولية.
][340
هذا على أن الجسام متماثلة ) ،(1فلو كان شئ منها قادرا لذاته لكان الكل قادرا
لذاته وبناء هذه المقدمة على تماثل الجسام .وأما المقدمة الثالثة وهي
قولهم :هذه القدرة التي لنا ل تصلح لخلق الجسام ،فوجب أن ل تصلح
القدرة الحادثة لخلق الجسام وهذا أيضا ضعيف ،لنه يقال لهم :لم ل يجوز
حصول قدرة مخالفة لهذه القدرة الحاصلة لنا ،وتكون تلك القدرة صالحة
لخلق الجسام ؟ فانه ل يلزم من عدم وجود الشئ في الحال امتناع وجوده،
فهذا تمام الكلم في هذه المسألة .المسألة الثالثة عشر :اختلفوا في أن
الجن هل يعلمون الغيب ؟ وقد بين ال تعالى في كتابه أنهم بقوا في قيد
سليمان عليه السلم وفي حبسه بعد موته مدة وهم ما كانوا يعلمون موته،
وذلك يدل على أنهم ل يعلمون الغيب ،ومن الناس من يقول :إنهم يعلمون
الغيب ،ثم اختلفوا فقال بعضهم :إن فيهم من يصعد إلى السماوات أو يقرب
منها و يتلقى بعض تلك الغيوب ) (2على ألسنة الملئكة ،ومنهم من قال:
إن لهم طرقا اخرى في معرفة الغيوب عن ال تعالى ) .(3اعلم أن فتح
الباب في مثل هذه المباحث ل يفيد إل الظنون والحسبانات ،والعالم
يحقائقها هو ال سبحانه وتعالى ) .(4وقال أيضا في تفسير سورة الجن:
اختلف الناس قديما وحديثا في ثبوت الجن ونفيه ،فالنقل الظاهر عن أكثر
الفلسفة إنكاره ،وذلك لن أبا علي بن سينا قال في رسالته في حدود
الشياء :الجن حيوان هوائي متشكل بأشكال مختلفة ،ثم قال :وهذا شرح
للسم .فقوله :فهذا شرح للسم ،يدل على أن هذا الحد شرح المراد من
هذا اللفظ
) (1في المصدر :مما تستلزم مماثلة (2) .في المصدر :ويخبر ببعض الغيوب(3) .
في المصدر :في معرفة الغيوب ل يعلمها ال ال (4) .تفسير الرازي :1
.89 - 76
][341
وليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج ) .(1وأما جمهور أرباب الملل والمصدقين
للنبياء عليهم السلم فقد اعترفوا بوجود الجن واعترف به جمع عظيم من
قدماء الفلسفة وأصحاب الروحانيات ويسمونها بالرواح السفلية،
وزعموا أن الرواح السفلية أسرع اجابة إل أنها أضعف ،وأما الرواح
الفلكية فهي أبطأ إجابة إل أنها أقوى .واختلف المثبتون على قولين :فمنهم
من زعم أنها ليست أجساما ول حالة في الجسام بل هي جواهر قائمة
بأنفسها ،قالوا :ول يلزم من هذا أن يقال :إنها تكون مساوية لذات ال لن
كونها ليست أجساما ول جسمانية سلوب ،والمشاركة في السلوب ل
تقتضي المساواة في الماهية ،قالوا :ثم إن هذه الذوات بعد اشتراكها في
هذه السلوب أنواع مختلف بالماهية كاختلف ماهيات العراض بعد
استوائها في الحاجة إلى المحل ،فبعضها خيرة وبعضها شريرة ،وبعضها
كريمة حرة محبة للخيرات ،وبعضها دنيئة خسيسة محبة للشرور والفات،
ول يعرف عدد أنواعهم وأصنافهم إل ال تعالى ،قالوا :وكونها موجودات
مجردة ل يمنع من كونها عالمة بالخيرات ) (2قادرة على الفعال ،فهذه
الرواح يمكنها أن تسمع وتبصر وتعلم الفعال الخيرة ) ،(3فيفعل )(4
الفعال المخصوصة ،ولما ذكرنا أن ماهياتها مختلفة لجرم ل يبعد ) (5أن
يكون في أنواعها ما يقدر على أفعال شاقة عظيمة يعجز عنها قدرة البشر،
ول يبعد أيضا أن يكون لكل نوع منها تعلق بنوع مخصوص من أجسام هذا
العالم ،وكما أنه دلت الدلئل الطبيعية على أن التعلق )(6
) (1هذا ل يدل على ذلك بل المراد انه ليس حدا ذاتيا له بل هو شرح للسم ،وذلك
اعم من أن يكون له وجود في الخارج أم ل (2) .في المصدر :عالمة
بالخبريات (3) .في المصدر] :وتعلم الحوال الخبرية[ وفى النسخ
المخطوطة :الحوال الخيرة (4) .في المصدر :وتفعل (5) .في المصدر:
لم يبعد (6) .في المصدر :المتعلق الول.
][342
الول للنفس الناطقة التي ليس للنسان ) (1إل هي ،هي الرواح وهي أجسام
بخارية لطيفة تتولد من ألطف أجزاء الدم وتتكون في الجانب اليسر من
القلب ،ثم بواسطة تعلق النفس بهذه الرواح تصير متعلقة بالعضاء التي
تسري فيها هذه الرواح لم يبعد أيضا أنه يكون ) (2لكل واحد من هؤلء
هو المتعلق الول لذلك الروح ،ثم بواسطة سريان ذلك الهواء في جسم
آخر كثيف يحصل لتلك الرواح تعلق تصرف في تلك الجسام الكثيفة .ومن
الناس من ذكر في الجن طريقة اخرى فقال :هذه الرواح البشرية
والنفوس الناطقة إذا فارقت أبادنها ،ازدادت قوة وكمال بسبب ما في ذلك
العالم الروحاني من انكشاف السرار الروحانية فإذا اتفق أن حدث بدن
آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن فبسبب تلك المشاكلة
يحصل لتلك النفس المفارقة تعلق ما بهذا البدن وتصير تلك النفس
المفارقة كالمعاونة لنفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرها لذلك البدن ،فان
الجنسية علة الضم ،فان اتفقت هذه الحالة في النفوس الخيرة سمي ذلك
المعين ملكا وتلك العانة إلهاما ،وإن اتفقت في النفوس الشريرة سمى
ذلك المعين شيطانا وتلك العانة وسوسة .والقول الثاني في الجن أنهم
أجسام ،ثم القائلون بهذا المذهب اختلفوا على قولين :منهم من زعم أن
الجسام مختلفة في ماهياتها ،إنما المشترك بينها صفة واحدة وهي كونها
بأسرها حاصلة في الحيز والمكان والجهة ،وكونها موصوفة بالطول
والعرض والعمق ،وهذه كلها إشارة إلى الصفات ،والشتراك في الصفات
ل يقتضي الشتراك في تمام الماهية لما ثبت أن الشياء المختلفة في تمام
الماهية ل يمتنع اشتراكها في لزم واحد ،قالوا :وليس لحد أن يحتج على
تماثل الجسام بأن يقال :الجسم من حيث أنه جسم له حد واحد وحقيقة
واحدة ،فيلزم أن ل يصل التفاوت في ماهية الجسم من حيث
][343
هو جسم ،بل إن حصل التفاوت حصل في مفهوم زائد على ذلك ،وأيضا فلنه يمكننا
تقسيم الجسم إلى اللطيف والكثيف والعلوي والسفلي ،ومورد التقسيم
مشترك بين القسام فالقسام كلها مشتركة في الجسمية ،والتفاوت إنما
يحصل بهذه الصفات وهي اللطافة والكثافة وكونها علوية وسفلية ،قالوا:
وهاتان الحجتان ضعيفتان .أما الحجة الولى فلنا نقول :كما أن الجسم من
حيث أنه جسم له حد واحد وحقيقة واحدة ،فكذا العرض من حيث أنه
عرض له حد واحد وحقيقة واحدة ،فيلزم منه أن تكون العراض كلها
متساوية في تمام الماهية ،وهذا مما ل يقوله عاقل ،بل الحق عند الفلسفة
أنه ليس للعراض البتة قدر مشترك بينها من الذاتيات ،إذ لو حصل بينها
قدر مشترك لكان ذلك المشترك جنسا لها ،ولو كان كذلك لما كانت التسعة
أجناسا عالية بل كانت أنواع جنس واحد .إذا ثبت هذا فنقول :العراض من
حيث أنها أعراض لها حقيقة واحدة ،ولم يلزم من ذلك أن يكون بينها ذاتي
مشترك أصل ،فضل عن أن تكون متساوية في تمام الماهية ،فلم ل يجوز
أن يكون الحال في الجسم كذلك ،فانه كما أن العراض مختلفة في تمام
الماهية ،ثم إن تلك المختلفات متساوية في وصف عارض ،وهو كونه
عارضا لموضوعاتها ،فكذا من الجائز أن يكون ماهيات الجسام مختلفة
في تمام ماهياتها ،ثم إنها تكون متساوية في وصف عارض وهو كونها
مشارا إليها بالحس وحاصلة في الحيز والمكان ،وموصوفة بالبعاد
الثلثة ،فهذا الحتمال ل دافع له أصل .وأما الحجة الثانية وهي قولهم :إنه
يمكن تقسيم الجسم إلى اللطيف والكثيف فهي أيضا منقوضة بالعرض،
فانه يمكن تقسيم العرض إلى الكيف والكم ولم يلزم أن يكون هناك قدر
مشترك من الذاتي فضل عن التساوي في كل الذاتيات ،فلم ل يجوز أن
يكون المر هنا أيضا كذلك ،وإذا ثبت أنه ل امتناع في كون الجسام
مختلفة ولم يدل دليل على بطلن هذا الحتمال ،وحينئذ قالوا :ل يمتنع في
بعض الجسام اللطيفة الهوائية أن تكون مخالفة لسائر أنواع الهواء في
الماهية ،ثم يكون تلك الماهية تقتضي لذاتها علما مخصوصا وقدرة
مخصوصة على أفعال عجيبة ،وعلى هذا التقدير يكون
][344
القول بالجن ظاهر الحتمال ،وتكون قدرتها على التشكل بالشكال المختلفة ظاهرة
الحتمال .القول الثاني :قول من قال :الجسام متساوية في تمام الماهية،
والقائلون بهذا المذهب أيضا فرقتان :الفرقة الولى الذين زعموا أن البنية
ليست شرطا في الحياة وهذا قول الشعري وجمهور أتباعه ،وأدلتهم في
هذا الباب ظاهرة قوية ،قالوا :لو كانت البنية شرطا في الحياة ) (1لكان إما
أن يقال :إن الحياة الواحدة قامت بمجموع الجزاء ،أو يقال قام بكل واحدة
من الجزاء حياة واحدة على حدة ،والول محال لن حلول العرض الواحد
في المحال الكثيرة دفعة واحدة غير معقول .والثاني أيضا باطل لن الجزاء
التي منها تألف الجسم متساوية والحياة القائمة بكل واحد منها متساوية
للحياة القائمة بالجزء الخر ،وحكم الشئ حكم مثله ،فلو افتقر قيام الحياة
بهذا الجزء إلى قيام تلك الحياة بذلك الجزء يحصل ) (2هذا الفتقار من
الجانب الخر ،فيلزم وقوع الدور ،وهو محال ،وإن لم يحصل هذا الفتقار
فحينئذ ثبت أن قيام الحياة بهذا الجزء ل يتوقف على قيام الحياة الثانية
بذلك الجزء الثاني ،وإذا بطل هذا التوقيف ) (3ثبت أنه يصح كون الجزء
الواحد موصوفا بالحياة والعلم وفي القدرة والرادة وبطل القول بأن البنية
شرط ،قالوا :وأما دليل المعتزلة وهو أنه ل بد من البنية فليس إل
الستقراء ،وهو أنا رأينا أنه متى فسدت البنية بطلت الحياة ،ومتى لم تفسد
بقيت الحياة ،فوجب توقف الحياة على حصول البنية ،إل أن هذا ركيك ،فان
الستقراء ل يفيد القطع بالوجوب ،فما الدليل على أن حال ما لم يشاهد
كحال ما شوهد وأيضا فلن هذا الكلم إنما يستقيم على قول من ينكر خرق
العادات ،أما من يجوزها فهذا ل يتمشى على مذهبه ،والفرق بينهما في
جعل بعضها على سبيل العادة وجعل بعضها على سبيل الوجوب تحكم
محض ل سبيل إليه ،فثبت أن البنية ليست شرطا في الحياة
) (1في المصدر :للحياة (2) .في المصدر :لحصل (3) .في المصدر ؟ هذا التوقف.
][345
وإذا ثبت هذا لم يبعد أن يخلق ال تعالى في الجوهر الفرد علما بامور كثيرة وقدرة
على أشياء شاقة شديدة وعند هذا ظهر القول بامكان وجود الجن ،سواء
كانت أجسامهم لطيفة أو كثيفة ،وسواء كانت أجرامهم كبيرة أو صغيرة.
القول الثاني :إن البنية شرط الحياة ،وإنه لبد من صلبة في البنية حتى
يكون قادرا على الفعال الشاقة .فههنا مسألة اخرى :وهي أنه هل يمكن أن
يكون المرئي حاضرا ،والموانع مرتفعة والشرائط من القرب والبعد
حاصلة ،وتكون الحاسة سليمة ،ثم مع هذا ل يحصل الدراك أو يكون هذا
ممتنعا عقل ؟ أما الشعري وأتباعه فقد جوزوه ،وأما المعتزلة فقد حكموا
بامتناعه عقل ،واستدل الشعري على قوله بوجوه عقلية ونقلية أما
العقلية فأمران :الول :أنا نرى الكبير من البعيد صغيرا ،وما ذاك إل أنا
نرى بعض أجزاء ذلك البعيد دون البعض ،مع أن نسبة الحاسة وجميع
الشرائط إلى تلك الجزاء المرئية كهي بالنسبة إلى الجزاء التي هي غير
مرئية ،فعلمنا أن مع حصول سلمة الحاسة وحضور المرئي وحصول
الشرائط وانتفاء الموانع ل يكون الدراك واجبا .الثاني :إن الجسم الكبير ل
معنى له إل مجموع تلك الجزاء المتألفة ،فإذا رأينا ذلك الجسم الكبير على
مقدار من البعد فقد رأينا تلك الجزاء ،فأما أن تكون رؤية هذا الجزء
مشروطة برؤية ذلك الجزء الخر أول يكون ،فان كان الول لزم الدور،
لن الجزاء متساوية ،فلو افتقرت رؤية هذا الجزء إلى رؤية ذلك الجزء
لفتقرت أيضا رؤية ذلك الجزء إلى رؤية هذا الجزء ،فيقع الدور ،وإن لم
يحصل هذا الفتقار فحيئذ رؤية الجوهر الفرد على القدر من المسافة تكون
ممكنة .ثم من المعلوم أن ذلك الجوهر الفرد لو حصل وحده من غير أن
ينضم إليه سائر الجواهر فانه ل يرى ،فعلمنا أن حصول الرؤية عند
اجتماع جملة الشرائط ) (1ل يكون واجبا بل جائزا.
][346
وأما المعتزلة فقد عولوا على أنا إن جوزنا ذلك لجوزنا أن يكون بحضرتنا طبلت
وبوقات ول نراها ول نسمعها ،وإذا عارضناهم بسائر المور العادية وقلنا
لهم فجوزوا أن يقال :انقلبت مياه البحار ذهبا وفضة والجبال ياقوتا
وزبرجدا ،وحصل ) (1في السماء حال ما غمضت العين ألف شمس وقمر،
ثم كما فتحت العين أعدمها ال تعالى عجزوا عن الفرق ،والسبب في هذا
التشويش أن هؤلء المعتزلة نظروا إلى هذه المور المطردة في مناهج
العادات فزعموا ) (2أن بعضها واجبة ،وبعضها غير واجب ،فلما لم يجدوا
قانونا مستقيما ومأخذا سليما بين البابين تشوش المر عليهم ،بل الواجب
أن يسوي بين الكل فيحكم على الكل بالوجوب ،كما هو قول الفلسفة ،أو
على الكل بعدم الوجوب كما هو قول الشعري ،فأما التحكم في الفرق فهو
بعيد .إذا ثبت هذا ظهر جواز القول بالجن وأن أجسامهم وإن كانت كثيفة
قوية إل أنه ل يمتنع أن ل نراها وإن كانوا حاضرين ،هذا على قول
الشعري فهذا هو تفصيل هذه الوجوه .وأنا متعجب من هؤلء المعتزلة
أنهم كيف يصدقون ما جاء في القرآن من إثبات الملك والجن مع
استمرارهم على مذاهبهم ،وذلك لن القرآن دل على أن للملئكة قوة
عظيمة على الفعال الشاقة والجن أيضا كذلك ،وهذه القدرة ل تثبت إل في
العضاء الكثيفة الصلبة ،فإذا يجب في الملك والجن أن يكونوا كذلك ،ثم
إن هؤلء الملئكة حاضرون عندنا أبدا وهم الكرام الكاتبون والحفظة،
ويحضرون أيضا عند قبض الرواح وقد كانوا يحضرون عند الرسول
صلى ال عليه وآله وسلم ،وإن أحدا من القوم ما كان يراهم ،وكذلك الناس
الجالسون عند من يكون في النزع ل يرون أحدا ،فان وجبت رؤية الكثيف
عند الحضور فلم ل نراها ؟ وإن لم تجب الرؤية فقد بطل مذهبهم ،وإن
كانوا موصوفين بالقوة والشدة مع عدم الكثافة والصلبة فقد بطل قولهم:
إن البنية شرط الحياة ،فان قالوا :إنها أجسام لطيفة ولكنها للطافتها ل تقدر
على العمال الشاقة ،فهذا إنكار لصريح القرآن ،وبالجملة فحالهم في
القرار بالملك والجن مع هذه المذاهب عجيبة ).(3
) (1في المصدر :أو حصلت (2) .في المصدر :فوهموا ) (3تفسير الرازي :30
.152 - 148
][347
بيان (1) :أقول :إنما أوردت هذه القوال الركيكة لتطلع على مذاهب جميع الفرق
في ذلك ،وقد عرفت ما دلت عليه اليات والخبار المعتبرة ،وأشرنا إلى ما
هو الحق الحقيق بالذعان ولم نتعرض لتزييف القوال السخيفة حذرا من
الطناب .قوله :فأذنوه ثلثة أيام ،أي فأعلموه وأتموا الحجة عليه ،قال
النووي :فانه إذا لم يذهب بالنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت ول
ممن أسلم من الجن ،بل هو شيطان فاقتلوه ولن يجعل ال له سبيل إلى
النتصار عليكم بثاره بخلف العوامر وصفة النذار أن يقول :انشدكم
بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان أن تؤذونا وأن تظهروا لنا " قالوا :ل تقتل
حيات المدينة إل بالنذار ،وفي غيرها يقتل بغيره ،بسبب أن طائفة من
الجن أسلم بها ،وقيل :النهي في حيات البيوت في جميع البلد ،وما ليس
في البيوت يقتل بدونه انتهى .وأقول :وفي بعض رواياتهم " :فليحرج
عليها " قال في النهاية :قوله عليه السلم في قتل الحيات :فليحرج عليها،
هو أن يقول لها :أنت في حرج أي ضيق ،إن عدت إلينا فل تلومينا ،إن
ضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل انتهى .وقال النووي :أحرج عليك بال
واليوم الخر أن ل تبدوا لنا ول تؤذونا قتل الحيات :فليحرج عليها ،هو أن
يقول لها :أنت في حرج أي ضيق ،إن عدت إلينا فل تلومينا ،إن ضيق
عليك بالتتبع والطرد والقتل انتهى .وقال النووي :أحرج عليك بال واليوم
الخر أن ل تبدوا لنا ول تؤذونا ول تظهروا لنا فان لم يذهب أو عاد بعده
فاقتلوه ،فانه إما جني كافر أو حية .وقوله :شيطان ،أي ولد من أولد
إبليس أو حية ).(2
) (1في النسخة المخطوطة :تنبيه (2) .أقول :هذا آخر الجزء الثالث والستون من
كتاب بحار النوار من المجلد السماء والعالم ويأتى بعده الجزء الرابع
والستون وأوله أبواب الحيوان وأصنافها ،والحمد ل أول وآخرا ونصلي
على رسوله وآله .قم المشرفة :عبد الرحيم الربانى الشيرازي عفى عنه
وعن والديه.
][348
بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على محمد وآله
الطيبين الطاهرين وبعد فقد وفقنا ال تبارك وتعالى لتصحيح هذا الجزء
من كتاب بحار النوار وهو الجزء الستون حسب تجزئتنا ،قد بذلنا الجهد
والمجهود في تصحيحه وتنميقه ومقابلته بالنسخ وبمصادره ،وعلقنا عليه
تعليقا مختصرا تتميما لما لم يذكره المصنف من غريب اللغة وغيره،
وتبيانا لما اختلف في مصادره من نصوصه ،وكان المرجع في تصحيحنا
مضافا إلى النسخة المطبوعة المعروفة بطبعة أمين الضرب ،والنسخة
المعروفة بطبعة الخونسارى نسخة مخطوطة أرسلها الفاضل المحترم
السيد جلل الدين الرموى دامت توفيقاته استكتبها أبو القاسم الرضوي
الموسوي الخونسارى في سنة ،1235نشكر ال تعالى على توفيقنا لذلك
ونسأله المزيد من توفيقه وإفضاله ،إنه ذو الفضل العظيم .قم المشرفة:
عبد الرحيم الربانى الشيرازي عفى عنه وعن والديه رمضان 1390ق