You are on page 1of 266

‫بحار النوار‬

‫العلمة المجلسي ج ‪60‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر‬
‫المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء‬
‫الستون مؤسسة الوفاء بيروت ‪ -‬لبنان كافة الحقوق محفوظة ومسجلة‬
‫الطبعة الثانية المصححة ‪‍ 1403‬ه ‪ 1983 -‬م مؤسسة الوفاء ‪ -‬بيروت ‪-‬‬
‫لبنان ‪ -‬ص ب ‪ - 1457‬هاتف‪386868 :‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم )باب( )تأثير السحر والعين وحقيقتهما زائدا على ما تقدم‬
‫في باب( )عصمة الملئكة( اليات‪ :‬البقرة‪ :‬يعلمون الناس السحر ‪ -‬إلى‬
‫قوله ‪ -‬فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين‬
‫به من أحد إل باذن ال )‪ .(1‬العراف‪ :‬فلما ألقوا سحروا أعين الناس‬
‫واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم‪ (2) .‬يونس‪ :‬ول يفلح الساحرون‪(3) .‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬وقال موسى ما جئتم به السحر إن ال سيبطله إن ال ل يصلح‬
‫عمل المفسدين‪ (4) .‬يوسف‪ :‬وقال يا بنى ل تدخلوا من باب واحد وادخلوا‬
‫من أبواب متفرقة وما اغني عنكم من ال من شئ إن الحكم إل ل عليه‬
‫توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان‬
‫يغني عنهم من ال من شئ إل حاجة في نفس يعقوب‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .102 :‬العراف‪ (3) .116 :‬يونس ‪ (4) .77‬يونس‪.81 :‬‬

‫]‪[2‬‬

‫قضيها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس ل يعلمون )‪ .(1‬طه‪ :‬قال بل ألقوا‬
‫فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪-‬‬
‫إنما صنعوا كيد ساحر ول يفلح الساحر حيث أتى )‪ .(2‬القلم‪ :‬وإن يكاد‬
‫الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون‪.‬‬
‫وما هو إل ذكر للعالمين )‪ .(3‬الفلق‪ :‬ومن شر النفاثات في العقد‪ .‬ومن شر‬
‫حاسد إذا حسد " )‪ .(4‬تفسير‪ :‬قال الطبرسي ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬في قوله تعالى‬
‫" يعلمون الناس السحر " السحر والكهانة والحيلة نظائر‪ ،‬يقال‪ :‬سحره‬
‫يسحره سحرا‪ .‬وقال صاحب العين‪ :‬السحر عمل يقرب إلى الشياطين‪ ،‬ومن‬
‫السحر الخذة التي تأخذ العين حتى تظن أن المر كما ترى وليس المر كما‬
‫ترى‪ .‬فالسحر عمل خفي لخفاء سببه‪ ،‬يصور الشئ بخلف صورته‪ ،‬ويقلبه‬
‫عن جنسه في الظاهر‪ ،‬ول يقلبه عن جنسه في الحقيقة ‪ ،‬أل ترى إلى قوله‬
‫تعالى " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " )‪ .(5‬وقال في قوله‪ " :‬ما‬
‫يفرقون به "‪ :‬فيه وجوه‪ :‬أحدها أنهم يوجدون أحدهما على صاحبه‬
‫ويبغضونه إليه فيؤدي ذلك إلى الفرقة عن قتادة‪ .‬وثانيها‪ :‬أنهم يغوون أحد‬
‫الزوجين ويحملونه على الكفر والشرك بال تعالى فيكون بذلك قد فارق‬
‫زوجه الخر المؤمن المقيم على دينه‪ ،‬فيفرق بينهما على اختلف النحلة‬
‫وتباين الملة‪ .‬و ثالثها أنهم يسعون بين الزوجين بالنميمة والوشاية حتى‬
‫يؤول أمرهما إلى الفرقة و المباينة‪ " .‬إل بإذن ال " أي يعلم ال فيكون‬
‫تهديدا أو بتخلية ال )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬يوسف ‪ (2) .68 ،67‬طه‪ (3) .69 - 66 :‬القلم‪ (4) .52 - 51 :‬الفلق‪) .5 ،4 :‬‬
‫‪ (5‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .17‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪176‬‬
‫)بتلخيص(‪.‬‬

‫]‪[3‬‬

‫وقال البيضاوي‪ :‬المراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما ل‬
‫يستقل به النسان‪ ،‬وذلك ل يستتب إل لمن يناسبه في الشرارة وخبث‬
‫النفس‪ ،‬فإن التناسب شرط في التضام والتعاون‪ ،‬وبهذا يميز الساحر عن‬
‫النبي والولي‪ .‬وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة اللت‬
‫والدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير مذموم‪ ،‬وتسميته سحرآ على‬
‫التجوز‪ ،‬أو لما فيه من الدقة لنه في الصل لما خفي سببه )‪ .(1‬وقال‬
‫الشيخ ‪ -‬قدس سره ‪ -‬في التبيان‪ :‬قيل في معنى السحر أربعة أقوال‪ :‬أحدها‬
‫أنه خدع ومخاريق وتمويهات ل حقيقة لها‪ ،‬يخيل إلى المسحور أن لها‬
‫حقيقة‪ .‬والثاني أنه أخذ بالعين على وجه الحيلة‪ .‬والثالث أنه قلب الحيوان‬
‫من صورة إلى صورة‪ ،‬وإنشاء الجسام على وجه الختراع‪ ،‬فيمكن‬
‫الساحر أن يقلب النسان حمارا وينشئ أجساما‪ .‬والرابع أنه ضرب من‬
‫خدمة الجن‪ .‬وأقرب القوال الول لن كل شئ خرج عن العادة الجارية فإنه‬
‫سحر ل يجوز أن يتأتى من الساحر‪ ،‬ومن جوز شيئا من هذا فقد كفر‪ ،‬لنه‬
‫ل يمكن مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة على النبوات‪ ،‬لنه أجاز مثله‬
‫على جهة الحيلة والسحر )‪ .(2‬وقال النيسابوري‪ :‬السحر في اللغة عبار‬
‫عن كل ما لطف مأخذه وخفي سببه‪ ،‬ومنه الساحر العالم‪ ،‬وسحره خدعه‪،‬‬
‫والسحر الرئة‪ .‬وفي الشرع مختص بكل أمر يختفي سببه ويتخيل على غير‬
‫حقيقته‪ ،‬ويجري مجرى التمويه والخداع‪ .‬وقد يستعمل مقيدا فيما يمدح‬
‫ويحمد‪ ،‬وهو السحر الحلل‪ .‬قال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن من البيان‬
‫لسحرا‪ .‬ثم السحر على أقسام‪ :‬منها سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم‬
‫الدهر‪ ،‬وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي المدبرة لهذا العالم‪،‬‬
‫ومنها تصدر الخيرات‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ‪ (2) .102‬التبيان ‪.374 :1‬‬

‫]‪[4‬‬

‫والشرور والسعادة والنحوسة‪ ،‬ويستحدثون الخوارق بواسطة تمزيج القوى‬


‫السماوية بالقوى الرضية‪ ،‬وهم الذين بعث ال إبراهيم عليه السلم مبطل‬
‫لمقالتهم‪ .‬ومنها سحر أصحاب الوهام والنفوس القوية‪ ،‬بدليل أن الجذع‬
‫الذي يتمكن النسان من المشي عليه لو كان موضوعا على الرض‪ ،‬ل‬
‫يمكنه المشي عليه لو كان كالجسر‪ ،‬وما ذاك إل لن تخيل السقوط متى‬
‫قوي أوجبه‪ .‬وقد اجتمعت الطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى‬
‫الشياء الحمر‪ ،‬والمصروع عن النظر إلى الشياء القوية اللمعان‬
‫والدوران‪ ،‬وما ذلك إل لن النفوس خلقت مطيعة للوهام واجتمعت المم‬
‫على أن الدعاء مظنة الجابة‪ ،‬وأن الدعاء باللسان من غير طلب نفساني‬
‫قليل الثر‪ ،‬والصابة بالعين مما اتفق عليه العقلء‪ .‬ومنها سحر من‬
‫يستعين بالرواح الرضية‪ ،‬وهو المسمى بالعزائم وتسخير الجن‪ .‬ومنها‬
‫التخييلت الخذة بالعيون‪ ،‬وتسمى بالشعبدة‪ (1) .‬ومنها العمال العجيبة‬
‫التي تظهر من اللت المركبة على النسب الهندسية‪ ،‬أو لضرورة الخلء‪.‬‬
‫ومن هذا الباب صندوق الساعات وعلم جر الثقال‪ .‬وهذا ل يعد من السحر‬
‫عرفا لن لها أسبابا معلومة يقينية‪ .‬ومنها الستعانة بخواص الدوية‬
‫والحجار‪ .‬ومنها تعليق القلب‪ ،‬وهو أن يدعى الساحر أنه قد عرف السم‬
‫العظم‪ ،‬و أن الجن ينقادون له في أكثر المور‪ ،‬فإذا اتفق أن كان السامع‬
‫ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه بذلك‪ ،‬وحصل في قلبه‬
‫نوع من الرعب وحينئذ تضعف القوى الحساسة فيتمكن الساحر من أن‬
‫يفعل فيه ما شاء‪ .‬ومنها السعي بالنميمة والتضريب من وجوه خفية لطيفة‬
‫‪ -‬انتهى ‪ .-‬وهذا فذلكة مما نقلنا عن الرازي في باب عصمة الملئكة‪.‬‬

‫)‪ (1‬بالشعوذة )خ(‪.‬‬

‫]‪[5‬‬
‫وقال أيضا في قوله سبحانه " فيتعلمون "‪ :‬أي فيتعلم الناس من الملكين ما‬
‫يفرقون به بين المرء وزوجه‪ ،‬إما لنه إذا اعتقد أن السحر حق كفر فبانت‬
‫منه امرأته‪ ،‬وإما لنه يفرق بينهما بالتمويه والحتيال‪ ،‬كالنفث في العقد‬
‫ونحو ذلك مما يحدث ال عنده الفرك والنشوز ابتلء منه‪ ،‬لن السحر له‬
‫أثر في نفسه بدليل قوله " وما هم بضارين به من أحد إل بإذن ال " أي‬
‫بإرادته وقدرته‪ ،‬لنه إن شاء أحدث عند ذلك شيئا من أفعاله‪ ،‬وإن شاء لم‬
‫يحدث‪ .‬وكان الذي يتعلمون منهما لم يكن مقصورا على هذه الصورة‪،‬‬
‫ولكن سكون المرء وركونه إلى زوجه لما كان أشد خصت بالذكر ليدل بذلك‬
‫على أن سائر الصور بتأثير السحر فيها أولى ‪ -‬انتهى ‪ .-‬وقد مر من تفسير‬
‫المام عليه السلم " فيتعلمون " يعني طالبي السحر " منهما " يعني مما‬
‫كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات‪ ،‬ومما انزل على الملكين‬
‫ببابل هاروت وماروت‪ ،‬يتعلمون من هذين الصنفين " ما يفرقون به بين‬
‫المرء وزوجه " هذا من يتعلم للضرار بالناس‪ ،‬يتعلمون التضريب‬
‫بضروب الحيل والنمائم واليهام أنه قد دفن في موضع كذا وعمل كذا‬
‫ليحبب المرأة إلى الرجل‪ ،‬والرجل إلى المرأة‪ ،‬أو يؤدي إلى الفراق بينهما‪.‬‬
‫" وما هم بضارين به " أي ما المتعلمون لذلك بضارين به " من أحد إل‬
‫بإذن ال " يعني بتخلية ال وعلمه‪ ،‬فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر‪.‬‬
‫وقال الطبرسي ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬في قوله تعالى " فلما ألقوا " أي فلما ألقى‬
‫السحرة ما عندهم من السحر احتالوا في تحريك العصي والحبال بما جعلوا‬
‫فيها من الزئبق‪ ،‬حتى تحركت بحرارة الشمس وغير ذلك من الحيل وأنواع‬
‫التمويه والتلبيس‪ ،‬وخيل إلى الناس أنها تتحرك على ما تتحرك الحية‪.‬‬
‫وإنما سحروا أعين الناس لنهم أروهم شيئا لم يعرفوا حقيقته‪ ،‬وخفي ذلك‬
‫عليهم لبعده منهم‪ ،‬لنهم لم يخلوا الناس يدخلون فيما بينهم‪ .‬وفي هذا دللة‬
‫على أن السحر ل حقيقة له‪ ،‬لنه لو صارت حيات حقيقة لم يقل ال‬
‫سبحانه " سحروا أعين الناس " بل كان يقول " فلما ألقوا صارت حيات‬
‫" ‪ -‬انتهى ‪.(1) -‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪ ،4‬ص ‪.461‬‬

‫]‪[6‬‬

‫وقال الرازي‪ :‬احتج القائلون بأن السحر محض التمويه بهذه الية‪ .‬قال القاضي‪ :‬لو‬
‫كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم ل أعينهم‪ ،‬فثبت أن المراد أنهم‬
‫تخيلوا أحوال عجيبة‪ ،‬مع أن المر في الحقيقة ما كان على وفق ما‬
‫تخيلوه‪ .‬قال الواحدي‪ :‬بل المراد سحروا أعين الناس أي قلبوها عن صحة‬
‫إدراكها بسبب تلك التمويهات )‪ .(1‬وقال الطبرسي‪ " :‬ول يفلح الساحرون‬
‫" أي ل يظفرون بحجة‪ ،‬ول يأتون على ما يدعونه ببينة‪ ،‬وإنما هو تمويه‬
‫على الضعفة‪ " .‬ما جئتم به السحر " أي الذين جئتم به من الحبال‬
‫والعصي السحر‪ ،‬ل ما جئت به‪ " .‬إن ال سيبطل هذا السحر الذي‬
‫عظمتموه )‪ " .(2‬إن ال ل يصلح عمل المفسدين " إن ال ل يهيئ عمل‬
‫من قصد إفساد الدين ول يمضيه‪ ،‬ويبطله حتى يظهر الحق من الباطل )‪.(3‬‬
‫وقال في قوله " ل تدخلوا من باب واحد " خاف عليهم العين‪ ،‬لنهم كانوا‬
‫ذوي جمال‪ ،‬وهيئة وكمال‪ ،‬وهم إخوة‪ ،‬أولد رجل واحد‪ ،‬عن ابن عباس‬
‫والحسن وقتادة والضحاك والسدي وأبو مسلم‪ .‬وقيل‪ :‬خاف عليهم حسد‬
‫الناس إياهم‪ ،‬وأن يبلغ الملك قوتهم وبطشهم‪ ،‬فيحبسهم أو يقتلهم خوفا‬
‫على ملكه‪ ،‬عن الجبائي‪ ،‬وأنكر العين وذكر أنه لم يثبت بحجة‪ ،‬وجوزه‬
‫كثير من المحققين‪ ،‬ورووا فيه الخبر عن النبي صلى ال عليه وآله " إن‬
‫العين حق تستنزل الحالق " والحالق المكان المرتفع من الجبل وغيره‪،‬‬
‫فجعل عليه السلم العين كأنها تحط ذروة الجبل‪ ،‬من قوة أخذها‪ ،‬وشدة‬
‫بطشها‪ .‬وورد في الخبر أنه صلى ال عليه وآله كان يعوذ الحسن‬
‫والحسين عليهما السلم بأن يقول " اعيذكما بكلمات ال التامة‪ ،‬من كل‬
‫شيطان وهامة‪ ،‬ومن كل عين لمة " وروي أن إبراهيم‬

‫تفسير الرازي ج ‪ (2) .203 :14‬في المصدر‪ :‬فعلتموه‪ (3) .‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪:5‬‬
‫ص ‪(*) .126‬‬

‫]‪[7‬‬

‫عليه السلم عوذ ابنيه‪ ،‬وأن موسى عليه السلم عوذ ابني هارون بهذه العوذة‪،‬‬
‫وروي أن بني جعفر بن أبيطالب كانوا غلمانا بيضا‪ ،‬فقالت أسماء بنت‬
‫عميس‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬إن العين إليهم سريعة‪ ،‬أفأسترقي لهم من العين ؟‬
‫فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬نعم‪ .‬وروي أن جبرئيل عليه السلم رقى رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وعلمه الرقية‪ ،‬وهي‪ " :‬بسم ال أرقيك من كل‬
‫عين حاسد ال يشفيك " وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬لو‬
‫كان شئ يسبق القدر لسبقته العين‪ .‬ثم اختلفوا في وجه تأثير الصابة‬
‫بالعين‪ ،‬فروي عن عمرو بن بحر الجاحظ أنه قال‪ :‬ل ينكر أن ينفصل من‬
‫العين الصائبة إلى الشئ المستحسن أجزاء لطيفة تتصل به وتؤثر فيه‪،‬‬
‫ويكون هذا المعنى خاصة في بعض العين كالخواص في بعض الشياء‪.‬‬
‫وقد اعترض على ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الشياء‬
‫دون بعض‪ ،‬ولن الجزاء تكون جواهر‪ ،‬والجواهر متماثلة‪ ،‬ول يؤثر‬
‫بعضها في بعض‪ .‬وقال أبو هاشم‪ :‬إنه فعل ال بالعادة لضرب من‬
‫المصلحة‪ ،‬وهو قول القاضي‪ .‬ورأيت في شرح هذا للشريف الجل الرضي‬
‫الموسوي ‪ -‬قدس ال روحه ‪ -‬كلما أحببت إيراده في هذا الموضع‪ .‬قال‪:‬‬
‫إن ال يفعل المصالح بعباده على حسب ما يعلمه من الصلح لهم في تلك‬
‫الفعال التي يفعلها‪ ،‬فغير ممتنع أن يكون تغييره نعمة زيد مصلحة لعمرو‪،‬‬
‫وإذا كان تعالى يعلم من حال عمرو أنه لو لم يسلب زيدا نعمته أقبل على‬
‫الدنيا بوجهه‪ ،‬ونأى عن الخرة بعطفه‪ .‬وإذا سلب نعمة زيد للعلة التي‬
‫ذكرناها عوضه )‪ (1‬عنها‪ ،‬وأعطاه بدل منها عاجل وآجل‪ ،‬فيمكن أن‬
‫يتأول قوله عليه السلم " العين حق " على هذا الوجه‪ .‬على أنه قد روي‬
‫عنه عليه السلم ما يدل على أن الشئ إذا عظم في صدور العباد وضع ال‬
‫قدره‪ ،‬وصغر أمره‪ ،‬وإذا كان المر على هذا فل ينكر تغيير حال بعض‬
‫الشياء عند نظر بعض الناظرين إليه‪ ،‬واستحسانه له‪ ،‬وعظمه في صدره‪،‬‬
‫وفخامته في عينه‪ ،‬كما روي أنه قال ‪ -‬لما سبقت ناقته العضباء‪ ،‬وكانت إذا‬
‫سوبق بها لم تسبق ‪ " :-‬ما رفع العباد من شئ إل وضع ال منه " ويجوز‬

‫)‪ (1‬فيه عوضه غيرها وأعطاه بدل منها عاجل أو آجل‪.‬‬

‫]‪[8‬‬

‫أن يكون ما أمر به المستحسن للشئ عند الرؤية من تعويذه بال والصلة على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله قائما في المصلحة مقام تغيير حالة الشئ‬
‫المستحسن‪ ،‬فل تغيير )‪ (1‬عند ذلك‪ ،‬لن الرائي لذلك قد أظهر الرجوع إلى‬
‫ال تعالى والعاذة به فكأنه غير راكن إلى الدنيا‪ ،‬ول مغتر بها ‪ -‬انتهى‬
‫كلمه رضي ال عنه ‪ " .-‬وما اغني عنكم من ال من شئ " أي وما أدفع‬
‫من قضاء ال من شئ‪ ،‬إن كان قد قضا عليكم الصابة بالعين أو غير ذلك‪.‬‬
‫" إن الحكم إل ل " أي ما الحكم إل ل‪ " .‬عليه توكلت " فهو القادر على‬
‫أن يحفظكم من العين‪ ،‬أو من الحسد‪ ،‬ويردكم علي سالمين‪ " .‬وعليه‬
‫فليتوكل المتوكلون " أي ليفوضوا أمورهم )‪ (2‬إليه وليثقوا به‪ " .‬ولما‬
‫دخلوا مصر من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب متفرقة كما أمرهم‬
‫]أبوهم[ يعقوب " ما كان يغني عنهم ‪ -‬إلخ ‪ " -‬أي لم يكن دخولهم مصر‬
‫كذلك يغني عنهم )‪ (3‬أي يدفع عنهم شيئا أراد ال إيقاعه‪ ،‬من حسد أو‬
‫إصابة عين‪ ،‬وهو عليه السلم كان عالما بأنه ل ينفع حذر من قدر‪ ،‬ولكن‬
‫كان ما قاله لبنيه حاجة في قلبه‪ ،‬فقضى يعقوب تلك الحاجة‪ ،‬أي أزال به‬
‫اضطراب قلبه‪ ،‬لن ل يحال على العين مكروه يصيبهم‪ .‬وقيل‪ :‬معناه أن‬
‫العين لو قدر أن تصيبهم لصابتهم وهم متفرقون‪ ،‬كما تصيبهم مجتمعين‪.‬‬
‫قال‪ " :‬وحاجة " استثناء ليس من الول بمعنى ولكن حاجة " وإنه لذو‬
‫علم " أي لذو يقين ومعرفة بال " لما علمناه " من أجل تعليمنا إياه‪ ،‬أو‬
‫يعلم ما علمناه فيعمل به " ولكن أكثر الناس ل يعلمون " مرتبة يعقوب في‬
‫العلم )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬فل يغتر )خ(‪ (2) .‬أمرهم )خ(‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬أو‪ (4) .‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪،5‬‬
‫ص ‪.250 - 249‬‬

‫]‪[9‬‬

‫قال البيضاوي‪ :‬ل يعلمون سر القدر‪ ،‬وأنه ل يغني عنه الحذر )‪ .(1‬وقال الرازي‪:‬‬
‫قال جمهور المفسرين إنه خاف من العين عليهم‪ ،‬ولنا ههنا مقامان‪ :‬المقام‬
‫الول إثبات أن العين حق‪ .‬والذي يدل عليه وجهان‪ :‬الول إطباق المتقدمين‬
‫من المفسرين على أن المراد من هذه الية ذلك‪ .‬والثاني ما روي أن النبي‬
‫صلى ال عليه وإله كان يعوذ الحسن والحسين عليهما السلم‪ .‬ثم ذكر‬
‫بعض ما مر من الحبار ‪ -‬إلى أن قال ‪ :-‬والخامس دخل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله بيت ام سلمة وعندها صبي يشتكي فقال )‪ :(2‬يا رسول ال‬
‫أصابته العين‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬أما تسترقون له من العين ؟‬
‫السادس قوله صلى ال عليه وآله " العين حق‪ ،‬ولو كان شئ يسبق القدر‬
‫لسبقت العين القدر "‪ .‬السابع قالت عائشة‪ :‬كان يأمر العاين أن يتوضأ ثم‬
‫يغتسل منه المعين الذي اصيب بالعين‪ .‬المقام الثاني في الكشف عن‬
‫ماهيته‪ ،‬فنقول‪ :‬إن الجبائي أنكر هذا المعنى إنكارا بليغا‪ ،‬ولم يذكر في‬
‫إنكاره شبهة فضل عن حجة‪ .‬وأما الذين اعترفوا به وأقروا بوجوده فقد‬
‫ذكروا فيه وجوها‪ :‬الول قال الجاحظ‪ :‬تمتد من العين أجزاء‪ ،‬فتتصل‬
‫بالشخص المستحسن‪ ،‬فتؤثر وتسري فيه كتأثير اللسع والسم والنار‪ ،‬وإن‬
‫كان مخالفا في وجه التأثير لهذه الشياء‪ .‬قال القاضيي‪ :‬وهذا ضعيف‪ ،‬لنه‬
‫لو كان المر كما قال لوجب أن يؤثر في الشخص الذي ل يستحسن كتأثيره‬
‫في المستحسن‪ .‬واعلم أن هذا العتراض ضعيف‪ ،‬وذلك لنه إذا استحسن‬
‫شيئا فقد يحب بقاءه كما إذا استحسن ولد نفسه وبستان نفسه‪ ،‬وقد يكره‬
‫بقاءه‪ ،‬كما إذا استحسن الحاسد بحصول شئ حسن لعدوه‪ ،‬فإن كان الول‬
‫فإنه يحصل عند ذلك الستحسان خوف‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ‪ (2) .603‬فقالت )ظ(‪.‬‬

‫]‪[10‬‬

‫شديد من زواله‪ ،‬والخوف الشديد يوجب انحصار الروح في داخل القلب‪ ،‬فحينئذ‬
‫يسخن القلب والروح جدا‪ ،‬وتحصل في الروح الباصر كيفية قوة مسخنة‪،‬‬
‫وإن كان الثاني فإنه يحصل عند ذلك الستحسان حسد شديد وحزن عظيم‬
‫بسبب حصول تلك النعمة لعدوه‪ ،‬والحزن أيضا يوجب انحصار الروح في‬
‫داخل القلب وتحصل فيه سخونة شديدة‪ .‬فثبت أن عند الستحسان القوي‬
‫يسخن الروح جدا فيسخن شعاع العين‪ ،‬بخلف ما إذا لم يستحسن فإنه ل‬
‫تحصل هذه السخونة‪ ،‬فظهر الفرق بين الصورتين‪ .‬ولهذا السبب أمر‬
‫الرسول صلى ال عليه وآله العاين بالوضوء‪ ،‬ومن أصابته العين‬
‫بالغتسال‪ .‬اقول‪ :‬على ما ذكره‪ ،‬إذا عاين شيئا عند استحسان شئ إخر‬
‫وحصول تلك الحالة فيه أو عند حصول غضب شديد على رجل آخر‪ ،‬أو‬
‫حصول هم شديد من مصيبة أو خوف عظيم من عدو أو يؤثر نظره إليه‬
‫وإى كل شئ يعاينه‪ ،‬ومعلوم أنه ليس كذلك‪ .‬ثم قال الرازي‪ :‬الثاني قال أبو‬
‫هاشم وأبو القاسم البلخي‪ :‬ل يمتنع أن يكون العين حقا‪ ،‬ويكون معناه أن‬
‫صاحب العين إذا شاهد الشئ واعجب به استحسانا كانت المصلحة له في‬
‫تكليفه أن يغير ال تعالى ذلك الشخص أو ذلك الشئ حتى ل يبقى قلب ذلك‬
‫المكلف متعلقا به‪ ،‬فهذا التغيير غير ممتنع‪ .‬ثم ل يبعد أيضا أنه لو ذكر ربه‬
‫عند تلك الحالة وبعد عن العجاب وسأل ربه فعنده تتغير المصلحة‪ ،‬وال‬
‫سبحانه يبقيه ول يفنيه‪ ،‬ولما كانت هذه العادة مطردة ل جرم قيل‪ " :‬العين‬
‫حق "‪ .‬الوجه الثالث‪ :‬هو قول الحكماء‪ .‬قالوا‪ :‬هذا الكلم مبنى على‬
‫مقدمة‪ ،‬وهي أنه ليس من شرط المؤثر أن يكون تأثيره بحسب هذه‬
‫الكيفيات المحسوسة‪ ،‬أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة‪ ،‬بل قد‬
‫يكون التأثير نفسانيا ومحضا‪ ،‬ول تكون القوى الجسمانية لها تعلق به‬
‫والذى يدل عليه أن اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على‬
‫الرض قدر النسان على المشي عليه‪ ،‬ولو كان موضوعا فيما بين‬
‫جدارين عاليين لعجز النسان عن المشي عليه‪ ،‬وما ذاك إل لن خوفه من‬

‫]‪[11‬‬

‫السقوط منه يوجب سقوطه منه‪ ،‬فعلمنا أن التأثيرات النفسانية موجودة‪ .‬وأيضا إن‬
‫النسان إذا تصور كون فلن مؤذيا له حصل في قلبه‪ ،‬وسخن مزاجه‪،‬‬
‫فمبدء تلك السخونة ليس إل ذاك التصور النفساني‪ .‬ولن مبدء الحركات‬
‫البدنية ليس إل التصورات النفسانية‪ .‬ولما ثبت أن تصور النفس يوجب‬
‫تغير بدنه الخاص لم يبعد أيضا أن يكون بعض النفوس تتعدى تأثيراتها‬
‫إلى سائر البدان‪ .‬فثبت أنه ل يمتنع في العقل كون النفس مؤثرة في سائر‬
‫البدان‪ .‬وأيضا جواهر النفوس مختلفة بالماهية‪ ،‬فل يمتنع أن تكون بعض‬
‫النفوس بحيث يؤثر في تغيير بدن حيوان آخر بشرط أن تراه وتتعجب منه‪.‬‬
‫فثبت أن هذا المعنى أمر محتمل‪ ،‬والتجارب من الزمن القدم ساعدت عليه‪،‬‬
‫والنصوص النبوية نطقت به‪ ،‬فعند هذا ل يبقى في وقوعه شك‪ .‬وإذا ثبت‬
‫هذا ثبت أن الذي أطبق عليه المتقدمون من المفسرين في تفسير هذه الية‬
‫بإصابة العين كلم حق ل يمكن رده‪ (1) .‬قوله تعالى‪ " :‬يخيل " قال‬
‫الطبرسي‪ :‬الضمير )‪ (2‬راجع إلى موسى عليه السلم وقيل‪ :‬إلى فرعون‪،‬‬
‫أي يرى الحبال والعصي من سحرهم أنها تسعى )‪ (3‬وتعدو مثل سير‬
‫الحيات‪ .‬وإنما قال " يخيل إليه " لنها لم تكن تسعى حقيقة‪ ،‬وإنما تحركت‬
‫لنهم جعلوا داخلها الزئبق‪ ،‬فلما حميت الشمس طلب الزئبق الصعود‬
‫فحركت الشمس ذلك فظن أنها تسعى )‪ " .(4‬إنما صنعوا " أي إن الذي‬
‫صنعوه أو إن صنيعهم " كيد ساحر " أي مكره و حيلته‪ " .‬ول يفلح‬
‫الساحر " أي ل يظفر ببغيته‪ ،‬إذ ل حقيقة للسحر " حيث أتى " أي حيث‬
‫كان من الرض‪ ،‬وقيل‪ :‬ل يفوز الساحر حيث أتى بسحره‪ ،‬لن الحق يبطله‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬تفسير الرازي ‪ (2) .174 - 172 :18‬في المصدر‪ :‬الضمير في " إليه "‪(3) .‬‬
‫فيه‪ :‬تسير وتعدو‪ (4) .‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪ ،7‬ص ‪ (5) .18‬المصدر‪ :‬ج ‪،7‬‬
‫ص ‪.20‬‬

‫]‪[12‬‬

‫وقال ‪ -‬قدس سره ‪ -‬في قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا "‪ " :‬إن " هي‬
‫المخففة من الثقيلة )‪ " (1‬ليزلقونك " أي )‪ (2‬يقتلونك ويهلكونك‪ ،‬عن‬
‫ابن عباس وكان يقرأها كذلك‪ .‬وقيل‪ :‬ليصرعونك‪ ،‬عن الكلبي‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫يصيبونك بأعينهم‪ ،‬عن السدي‪ .‬والكل يرجع في المعنى إلى الصابة‬
‫بالعين‪ ،‬والمفسرون كلهم على أنه المراد في الية‪ ،‬وأنكر الجبائي ذلك‬
‫وقال‪ :‬إن إصابة العين ل تصح‪ .‬وقال الرماني‪ :‬وهذا الذي ذكره غير‬
‫صحيح‪ ،‬لنه غير ممتنع أن يكون ال تعالى أجرى العادة بصحة ذلك‬
‫لضرب من المصلحة‪ ،‬وعليه إجماع المفسرين‪ ،‬وجوزه العقلء فل مانع‬
‫منه‪ .‬وقيل‪ :‬إن الرجل منهم كان إذا أراد أن يصيب صاحبه بالعين تجوع‬
‫ثلثة أيام‪ ،‬ثم كان يصفه فيصرعه بذلك‪ ،‬وذلك بأن يقول الذي )‪ (3‬أراد أن‬
‫يصيبه بالعين‪ :‬ل أرى كاليوم إبل أو شاتا أو ما أراد‪ ،‬أي كإبل أراها اليوم‪.‬‬
‫فقالوا للنبي صلى ال عليه وآله كما كانوا يقولون )‪ (4‬لما أرادوا أن‬
‫يصيبوه بالعين‪ ،‬عن الفراء والزجاج‪ .‬وقيل‪ :‬معناه أنهم ينظرون إليك عند‬
‫تلوة القرآن والدعاء إلى التوحيد نظر عداوة وبغض وانكار لما يسمعونه‬
‫وتعجب منه‪ ،‬فيكادون يصرعونك بحدة نظرهم ويزيلونك عن موضعك‪.‬‬
‫وهذا مستعمل في الكلم‪ ،‬يقولون‪ :‬نظر إلى فلن نظرا يكاد يصرعني‬
‫ونظرا يكاد يأكلني فيه‪ .‬وتاويله كله أنه نظر إلى نظرا لو أمكنه معه أكلي‬
‫أو أن يصرعني لفعل‪ ،‬عن الزجاج‪ " .‬لما سمعوا الذكر " يعني القرآن "‬
‫ويقولون " مع ذلك " إنه لمجنون وما هو " أي القرآن " إل ذكر " أي‬
‫شرف " للعالمين " إلى أن تقوم الساعة‪ ،‬أو مذكر لهم‪ .‬قال‬

‫)‪ (1‬المثقلة )خ(‪ (2) .‬فيه‪ :‬ليزهقونك‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬للذى يريد‪ (4) .‬فيه‪ :‬لما‬
‫يريدون‪.‬‬

‫]‪[13‬‬

‫الحسن‪ :‬دواء إصابة العين أن يقرأ النسان هذه الية ‪ -‬انتهى ‪ .(1) -‬قوله " أي‬
‫كإبل " كأنه حمل قوله " أو ما أراد " على تغيير تركيب الكلم‪ ،‬ول يخفى‬
‫بعده‪ ،‬بل الظاهر أن المعنى‪ :‬أو ما أراد أن يصيبه بالعين سوى البل‪،‬‬
‫فيذكره مكانهما‪ .‬وقال ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬في نزول سورة الفلق‪ :‬قيل‪ :‬إن لبيد‬
‫بن أعصم اليهودي سحر )‪ (2‬رسول ال صلى ال عليه وآله ثم دس ذلك‬
‫في بئر لبني زريق‪ ،‬فمرض رسول ال صلى ال عليه وآله فبينما هو نائم‬
‫إذ أتاه ملكان‪ ،‬فقعد أحدهما عند رأسه والخر عند رجليه‪ ،‬فأخبراه بذلك‬
‫وأنه في بئر ذروان في جف طلعة تحت راعوفة ‪ -‬والجف قشر الطلع‪،‬‬
‫والراعوفة حجر في أسفل البئر يقف عليه المائح )‪ .(3‬فانتبه رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وبعث عليا عليه السلم والزبير وعمارا فنزحوا‪ ،‬ماء‬
‫تلك البئر ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف‪ ،‬فإذا فيه مشاطة رأس وأسنان‬
‫من مشطة‪ ،‬وإذا فيه معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالبر‪ ،‬فنزلت‬
‫هاتان السورتان‪ ،‬فجعل كلما يقرء آية انحلت عقدة‪ ،‬ووجد رسول ال خفة‪،‬‬
‫فقام فكأنما انشط من عقال‪ .‬وجعل جبرئيل عليه السلم يقول‪ " :‬بسم ال‬
‫أرقيك من كل شئ يؤذيك‪ ،‬من حاسد وعين‪ ،‬وال يشفيك "‪ .‬ورووا ذلك‬
‫عن عائشة وابن عباس‪ .‬وهذا ل يجوز‪ ،‬لن من وصف بأنه مسحور فكأنه‬
‫قد خبل عقله‪ ،‬قد أبى ال سبحانه ذلك في قوله " وقال الظالمون إن‬
‫تتبعون إل رجل مسحورا * انظر كيف ضربوا لك المثال فضلوا " )‪(4‬‬
‫ولكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما روي اجتهدوا في ذلك فلم‬
‫يقدروا عليه واطلع ال نبيه صلى ال عليه وآله على ما فعلوه من التمويه‬
‫حتى استخرج وكان ذلك دللة‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪ ،10‬ص ‪ (2) .341‬فيه‪ :‬لرسول ال‪ (3) .‬ماح يميح ميحا‬
‫وميحوحة‪ :‬اغترف الماء بكفه‪.‬‬

‫]‪[14‬‬
‫على صدقه صلى ال عليه وآله وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم ؟ ! ولو‬
‫قدروا على ذلك لقتلوه وقتل كثيرا من المؤمنين مع شده عداوتهم لهم !‬
‫وقال في قوله سبحانه " ومن شر النفاثات في العقد " معناه‪ :‬ومن شر‬
‫النساء الساحرات اللتي ينفثن في العقد‪ .‬وإنما امر بالتعوذ من شر السحرة‬
‫ليهامهم أنهم يمرضون ويصحون ويفعلون أشياء )‪ (1‬من النفع والضرر‬
‫والخير والشر وعامة الناس يصدقونهم‪ ،‬فيعظم بذلك الضرر في الدين‪،‬‬
‫ولنهم يموهون )‪ (2‬أنهم يخدمون الجن ويعلمون الغيب‪ ،‬وذلك فساد في‬
‫الدين ظاهر‪ ،‬فلجل هذا الضرر امر بالتعوذ من شرهم‪ .‬وقال أبو مسلم‪:‬‬
‫النفاثات النساء اللتي يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن مرادهم ويردونهم‬
‫إلى آرائهن‪ ،‬لن العزم والرأي يعبر عنهما بالعقد‪ ،‬فعبر عن حلهما بالنفث‪،‬‬
‫فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فيه‪ " .‬ومن شر حاسد إذا حسد "‬
‫فإنه يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود‪ ،‬فامر بالتعوذ من شره‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه أراد من شر نفس الحاسد ومن شر عينه فإنه ربما أصاب بهما‬
‫فعان وضر‪ .‬وقد جاء في الحديث أن العين حق‪ .‬وقد مضى الكلم فيه‪.‬‬
‫وروي أن العضباء ناقة النبي صلى ال عليه وآله لم تكن تسبق‪ ،‬فجاء‬
‫أعرابي على قعود له فسابق بها فسبقها‪ ،‬فشق ذلك على الصحابة‪ ،‬فقال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬حق على ال أن ل يرفع شيئا من الدنيا إل‬
‫وضعه‪ ،‬وروى أنس أن النبيي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من رأى شيئا‬
‫يعجبه فقال‪ " :‬ال الصمد‪ ،‬ما شاء ال ل قوة إل بال " لم يضر شيئا‪.‬‬
‫وروى أنس أن النبي صلى ال عليه وآله كان كثيرا ما يعوذ الحسن‬
‫والحسين عليهما السلم بهاتين السورتين ‪ -‬انتهى ‪.(3) -‬‬

‫)‪ (1‬فيه‪ :‬شيئا‪ (2) .‬فيه‪ :‬يوهمون‪ (3) .‬مجمع البيان‪ :‬ج ‪ ،10‬ص ‪.569 - 568‬‬

‫]‪[15‬‬

‫وأقول‪ :‬قال في النهاية‪ :‬في حديث سحر النبي صلى ال عليه وآله " بئر ذروان "‬
‫بفتح الذال وسكون الراء‪ ،‬بئر لبني زريق بالمدينة‪ .‬وقال‪ :‬الراعوفة هي‬
‫صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت تكون ناتئة هناك‪ ،‬فأذا أرادوا تنقية‬
‫البئر جلس عليها المنقي‪ .‬وقيل‪ :‬هي حجر يكون على رأس البئر يقوم‬
‫المستقي عليه‪ ،‬ويروى بالثاء المثلثة بمعناها‪ .‬وقال‪ :‬في حديث سحر النبي‬
‫صلى ال عليه وآله أنه جعل في جف طلعة‪ .‬الجف وعاء الطلع‪ ،‬وهو‬
‫الغشاء الذي يكون فوقه‪ ،‬يروى في جب طلعة أي في داخلها‪ .‬وقال‪ :‬القعود‬
‫من الدواب ما يقتعده الرجل للركوب والحمل‪ ،‬ول يكون إل ذكرا‪ ،‬والقعود‬
‫من البل ما أمكن أن يركب‪ .‬وقال البيضاوي‪ " :‬ومن شر النفاثات في العقد‬
‫" ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللتي يعقدن عقدا في خيوط‬
‫وينفثن عليها‪ .‬والنفث ‪ -‬بالفتح ‪ -‬النفخ مع ريق‪ ،‬وتخصيصه لما روي أن‬
‫يهوديا سحر النبي صلى ال عليه وآله في إحدى عشرة عقدة في وتر دسه‬
‫في بئر‪ ،‬فمرض عليه السلم‪ ،‬فنزلت المعوذتان وأخبره جبرئيل بموضع‬
‫السحر‪ ،‬فأرسل عليا عليه السلم فجاء به‪ ،‬فقرأهما عليه‪ ،‬فكان كلما قرأ‬
‫آية انحلت عقدة‪ ،‬ووجد بعض الخفة‪ .‬ول يوجب ذلك صدق الكفرة في أنه‬
‫مسحور‪ ،‬لنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر‪ .‬وقيل‪ :‬المراد بالنفث‬
‫في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل‪ ،‬مستعار من تليين العقدة بنفث الريق‬
‫ليسهل حلها‪ " .‬ومن شر حاسد إذا حسد " إذا أظهر حسده‪ ،‬وعمل‬
‫بمقتضاه )‪ .(1‬وقال الرازي‪ :‬اختلفوا في أنه هل يجوز الستعاذة بالرقى‬
‫والعوذة أم ل ؟ منهم من قال انه يجوز ‪ -‬ثم ذكر احتجاجهم بالروايات‬
‫المتقدمة وغيرها ‪ -‬ومن الناس من منع من الرقى‪ ،‬لما روي عن جابر‪،‬‬
‫قال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وآله عن الرقى‪ .‬وقال عليه السلم‪:‬‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل‪ :‬ج ‪ ،2‬ص ‪.627‬‬

‫]‪[16‬‬

‫إن ل عبادا ل يكتوون ول يسترقون وعلى ربهم يتوكلون‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬لم‬
‫يتوكل على ال من اكتوى واسترقى ؟ ! واختلفوا في التعليق أيضا‪ ،‬فمنهم‬
‫من منع لبعض الخبار‪ ،‬ومنهم من جوز‪ .‬سئل الباقر عليه السلم عن‬
‫التعويذ يعلق على الصبيان فرخص فيه‪ .‬واختلفوا في النفث أيضا فمنهم‬
‫من أنكر‪ ،‬عن عكرمة‪ :‬ل ينبغي للراقي أن ينفث ول يمسح ول يعقد إلى‬
‫آخر ما قال ‪ 1 .(1) -‬تفسير على بن ابراهيم في هجرة جعفر بن أبيطالب‬
‫وأصحابه إلى الحبشة وبعثت )‪ (2‬قريش عمرو بن العاص وعمارة بن‬
‫الوليد إلى النجاشي ليردهم ‪ -‬وساق الخبر الطويل إلى أن قال ‪ -‬وكانت على‬
‫رأس النجاشي وصيفة له تذب عنه‪ ،‬فنظرت إلى عمارة ‪ -‬وكان فتى جميل‬
‫‪ -‬فأحبته‪ ،‬فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة‪ :‬لو راسلت‬
‫جارية الملك ! فراسلها‪ ،‬فأجابته‪ ،‬فقال عمرو‪ :‬قل لها تبعث إليك من طيب‬
‫الملك شيئا‪ .‬فقال لها فبعثت إليه‪ ،‬فأخذ عمرو من ذلك الطيب وأدخله على‬
‫النجاشي وأخبره بما جرى بين عمارة وبين الوصيفة‪ ،‬ثم وضع الطيب بين‬
‫يديه‪ .‬فغضب النجاشي وهم بقتل عمارة‪ ،‬ثم قال‪ :‬ل يجوز قتله‪ ،‬فإنهم دخلوا‬
‫بلدي بأمان‪ ،‬فدعا السحرة فقال لهم‪ :‬اعملوا )به( شيئا أشد عليه من‬
‫القتل‪ ،‬فأخذوه فنفخوا )‪ (3‬في إحليله الزئبق فصار مع الوحش يغدو‬
‫ويروح‪ ،‬وكان ل يأنس بالناس‪ ،‬فبعثت قريش بعد ذلك‪ :‬فكمنوا له في‬
‫موضع حتى ورد الماء مع الوحش‪ ،‬فأخدوه فما زال يضطرب في أيديهم و‬
‫يصيح حتى مات ‪ -‬الخبر ‪ 2 .(4) -‬جنة المان‪ :‬في رواية أدعية السر‬
‫القدسية‪ :‬يا محمد !‪ ،‬إن السحر لم‬

‫)‪ (1‬مفاتيح الغيب‪ :‬ج ‪ ،32‬ص ‪ (2) .190‬بعث )خ(‪ (3) .‬ونفخوا )خ(‪ (4) .‬تفسير‬
‫القمى‪.165 :‬‬

‫]‪[17‬‬

‫يزل قديما وليس يضر شيئا إل بإذني‪ ،‬فمن أحب أن يكون من أهل عافيتي من‬
‫السحر فليقل‪ " :‬اللهم رب موسى ‪ -‬الدعاء ‪ " -‬فإنه إذا قال ذلك لم يضره‬
‫سحر ساحر جني ول إنسي أبدا‪ - 3 .‬ومنه‪ :‬روي عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله أن العين حق‪ ،‬وأنها تدخل الجمل والثور التنور‪ .‬وفي كتاب الغرة أن‬
‫رجل عيانا )‪ (1‬رأى رجل راكبا‪ ،‬فقال‪ :‬ما أحسنه ! فسقطت الدابة وماتت‬
‫ومات الرجل‪ .‬وعن أبي الحسن المخلدي قال‪ :‬كان لي أكار )‪ (2‬ردئ العين‪،‬‬
‫فأبصر بيدي خاتما فقال‪ :‬ما أحسنه ! فسقط الفص‪ ،‬فحملته فقال‪ :‬ما‬
‫أحسنه ! فانشق بنصفين‪ .‬وعن الصمعي قال‪ :‬كان عندنا عيانان‪ ،‬فمر‬
‫أحدهما بحوض من حجارة‪ ،‬فقال‪ :‬بال ما رأيت كاليوم مثله‪ .‬فانصدع‬
‫فلقين‪ ،‬فضبب بحديد‪ ،‬فمر عليه ثانيا فقال راسل )‪ :(3‬لعلك ما ضررت‬
‫أهلك )‪ (4‬فيك ! فتطاير أربع فلقات‪ .‬وسمع الثاني صوت بول من وراء‬
‫الحائط‪ ،‬فقال‪ :‬إنك لشر شخب ! فقيل‪ :‬هو ابنك‪ ،‬فقال‪ :‬وا انقطاع ظهراه !‬
‫وال ل يبول بعدها‪ ،‬فمات من ساعته‪ .‬وسمع أيضا صوت شخب بقرة‬
‫فأعجبه‪ ،‬فقال‪ :‬أيتهن هذه ؟ فوري بأخرى‪ ،‬فهلكتا جميعا‪ :‬المورى بها‪،‬‬
‫والمورى عنها‪ .‬وقصة البعير والعرابي مشهورة معروفة‪ 4 .‬وفى زبدة‬
‫البيان أن يعقوب عليه السلم خاف على بنيه من العين لجمالهم‪ ،‬فقال‪" :‬‬
‫يا بني ل تدخلوا من باب واحد ‪ -‬الية ‪ 5 ." -‬وفيه عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬العين تنزل الحالق ‪ -‬وهو ذروة ‪ -‬الجبل ‪ -‬من قوة أخذها وشدة‬
‫بطشها‪.‬‬

‫)‪ (1‬العيان بتشديد الياء‪ :‬الشديد الصابة بالعين‪ (2) .‬الكار‪ :‬الحراث‪ ،‬والجمع "‬
‫الكرة " قال الجوهرى‪ :‬كأنه جمع " آكر " في التقدير‪ (3) .‬في بعض‬
‫النسخ‪ :‬فقال‪ :‬رأسك‪ (4) .‬في بعضها‪ :‬بأهلك‪.‬‬

‫]‪[18‬‬

‫‪ - 6‬ومنه‪ :‬ذكر عبد الكريم بن محمد بن المظفر السمعاني في كتابه أن جبرئيل عليه‬
‫السلم نزل على النبي صلى ال عليه وآله فرآه مغتما‪ ،‬فسأله عن غمه‪،‬‬
‫فقال له‪ :‬إن الحسنين عليهما السلم أصابتهما عين‪ .‬فقال له‪ :‬يا محمد‪،‬‬
‫العين حق فعوذهما بهذه العوذة‪ ،‬وذكرها‪ - 7 .‬الدعائم‪ :‬عن جعفر بن محمد‬
‫عليهما السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يجلس الحسن على‬
‫فخذه اليمنى‪ ،‬والحسين على فخذه اليسرى‪ ،‬ثم يقول‪ :‬اعيذكما بكلمات ال‬
‫التامة‪ ،‬من شر كل شيطان )و( هامة‪ ،‬ومن شر )كل( عين لمة " ثم يقول‪:‬‬
‫هكذا كان إبراهيم أبي عليه السلم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهما‬
‫السلم‪ - 8 .‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه نهى عن الرقى بغير‬
‫كتاب ال عزوجل وما يعرف من ذكره‪ .‬وقال‪ :‬إن هذه الرقى مما أخذه‬
‫سليمان بن داود عليهما السلم على الجن والهوام‪ 9 .‬وعنه عليه السلم‬
‫أنه قال‪ :‬ل رقى إل في ثلث‪ :‬في حمة‪ ،‬أو عين‪ ،‬أو دم ل يرقأ )‪ .(1‬والحمة‬
‫السم‪ - 10 .‬وعنه عليه السلم أنه قال‪ :‬ل عدوى ول طيرة ول هام‪ ،‬والعين‬
‫حق‪ ،‬والفأل حق‪ ،‬فإذا نظر أحدكم إلى إنسان أو دابة أو إلى شئ حسن‬
‫فأعجبه فليقل " آمنت بال وصلى ال على محمد وآله " فإنه ل يضره‬
‫عينه‪ - 11 .‬وعنه صلى ال عليه وآله نهى عن التمائم والتول‪ .‬فالتمائم ما‬
‫يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك‪ ،‬والتول ما تتحبب به النساء إلى‬
‫أزواجهن كالكهانة وأشباهها‪ ،‬ونهى عن السحر‪ .‬توضيح‪ :‬في النهاية‪ :‬فيه‬
‫أنه كان يتفأل ول يتطير‪ .‬الفأل مهموز فيما يسر ويسوء‪ ،‬والطيرة ل يكون‬
‫إل فيما يسوء‪ .‬وربما استعملت فيما يسر‪ ،‬وقد أولع الناس بترك الهمزة‬
‫تخفيفا‪ .‬وإنما أحب الفأل لن الناس إذا أملوا فائدة ال ورجوا عائدته عند‬
‫كل سبب ضعيف أو قوي فهم على خير‪ ،‬ولو غلطوا في جهة الرجاء فإن‬
‫الرجاء‬

‫)‪ (1‬أي ل ينقطع‪.‬‬

‫]‪[19‬‬

‫لهم خير‪ ،‬وإذا قطعوا أملهم أو رجاءهم من ال كان ذلك من الشر‪ .‬وأما الطيرة فإن‬
‫فيها سوء الظن بال وتوقع البلء‪ .‬ومعنى التفأل مثل أن يكون رجل‬
‫مريض فيتفأل بما يسمع من كلم‪ ،‬فيسمع آخر يقول " يا سالم " أو يكون‬
‫طالب ضالة فيسمع آخر يقول " يا واجد " فيقع في ظنه أنه يبرأ من‬
‫مرضه‪ ،‬أو يجد ضالته‪ .‬وقال‪ :‬في حديث عبد ال " التمائم والرقى من‬
‫الشرك " التمائم جمع تميمة‪ ،‬وهي خرزات كانت العرب تعلقها على‬
‫أولدهم يتقون بها العين في زعمهم‪ ،‬فأبطله السلم‪ .‬وإنما جعلها شركا‬
‫لنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم‪ ،‬فطلبوا دفع الذى من غير‬
‫ال الذي هو دافعه‪ .‬وقال‪ :‬في حديت عبد ال " التولة من الشرك " التولة‬
‫‪ -‬بكسر التاء وفتح الواو ‪ -‬ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره‪،‬‬
‫جعله من الشرك لعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلف ما قدره ال تعالى‪.‬‬
‫وفي القاموس‪ :‬التولة ‪ -‬كهمزة ‪ :-‬السحر أو شبهه‪ ،‬وخرز تتحبب معها‬
‫المرأة إلى زوجها كالتولة ‪ -‬كعنبة ‪ -‬فيهما‪ - 12 .‬الشهاب‪ :‬عن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬ل رقية إل من حمة أو عين‪ .‬الضوء‪ " :‬عين " مصدر‬
‫عانه إذا أصابه بعينه إذا نظر إليه نظر معجب حاسد مستعظم‪ .‬والحمة‬
‫السم‪ ،‬وأصلها حمو وحمى‪ ،‬والهاء عوض فيها عن الساقط‪ ،‬وبهذا الكلم‬
‫يشير إلى ما كانت نساء العرب يدعينه من تأخيذ الرجال عن الزواج‪،‬‬
‫وكانت لهن رقى تضحك الثكلن‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله " ل رقية " أي‬
‫ل تصح تأثير الرقية إل في العين التي تعين الشئ‪ ،‬إي تصيبه‪ .‬وإصل ذلك‬
‫إنها تستحسنه فيغيره ال تعالى عند )‪ (1‬ذلك‪ ،‬لما للناظر إليه فيه من‬
‫اللطف‪ ،‬أو لغيره من المعتبرين‪ ،‬إذا رآه غب اللطافة والطراوة والعجاب‬
‫بخلف ما رآه‪ ،‬فيستدل بذلك على أنه ل بقاء لما في الدنيا‪ ،‬وأن نعيمها‬
‫زائل‪ .‬وأما ما يذكر من أن العاين ينظر إلى الشئ فيتصل به شعاع هو‬
‫المؤثر فيه‪ ،‬فل تلتفت إليه‪ ،‬لنا نعلم قطعا أن الشعاع اللطيف ل يعمل في‬
‫الحديد والحجر وغير‬

‫)‪ (1‬ع‍ن )خ(‪.‬‬

‫]‪[20‬‬

‫ذلك‪ ،‬بل ذلك كله من فعل ال تعالى على سبيل اللطف والعلم بأن نعيم الدنيا إلى‬
‫انقراض‪ .‬والرقيه )‪ (1‬التي فيها اسم ال تعالى أو اسم رسوله صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم أو آية من كتاب ال تعالى يشفيه‪ ،‬وكذلك من السموم التي‬
‫يستضر بها النسان من لسع الهوام‪ .‬وهذا غير مدفوع‪ ،‬وما سوى ذلك‬
‫فمخاريق يجلبون بها أموال الناس‪ .‬وليس قوله صلى ال عليه وآله " ل‬
‫رقيقة " إلى آخره قطعا لن تكون رقية الحق ناجعة في غير ذلك من‬
‫الدواء‪ ،‬بل المعنى إن الرقية لها تأثير قوي فيهما كما في قوله " ل سيف‬
‫إل ذو الفقار " وروي أن رجل جاء إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا‬
‫رسول ال‪ ،‬ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة ! قال‪ :‬أما إنك لو قلت حين‬
‫أمسيت " أعوذ بكلمات ال التامات من شر ما خلق " لم تضرك‪ .‬وعن ابن‬
‫عباس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يعلمنا من الوجاع كلها أن‬
‫نقول " بسم ال الكبر‪ ،‬أعوذ بال العظيم‪ ،‬من شر عرق نعار )‪ (2‬ومن‬
‫شر حر النار " وفائدة الحديث أن الرقية في غير العين والحمة ل تنجع‪،‬‬
‫وراوي الحديث جابر رضي ال عنه‪ 13 .‬الشهاب‪ :‬قال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن العين لتدخل الرجل القبر‪ ،‬والجمل )‪ (3‬القدر‪ .‬الضوء‪ :‬قد تقدم‬
‫الكلم فيه‪ ،‬وأن المؤثر فيما يعينه العاين قدرة ال عز وجل الذي يفعل ما‬
‫يشاء‪ ،‬ويغير المستحسن من الشياء عن حاله‪ ،‬اعتبارا للناظر‪ ،‬وإعلما أن‬
‫الدنيا ل يدوم نعيمها‪ ،‬ول يبقى ما فيها على وتيرة واحدة‪ .‬والعين ماذا تكاد‬
‫تفعل بنظرها ليت شعري ؟ ! ولو كان للعين نفسها أثر لكان يصح أن ينظر‬
‫العاين إلى بعض أعدائه الذين يريد إهلكهم وقلعهم‪ ،‬فيهلكهم بالنظر‪ ،‬وهذا‬
‫باطل والعين كالجماد إذا انفردت عن الجملة فماذا تصنع ؟ ! وللفلسفة في‬
‫هذا كلم ل اريد أن أطواه‪ .‬وفائدة الحديث إعلم أن ال تعالى قد يغير بعض‬
‫ما يستحسنه النسان أظهارا‬

‫)‪ (1‬فالرقبة )خ(‪ (2) .‬النعار‪ .‬العرق الذى يفور منه الدم‪ (3) .‬في بعض النسخ "‬
‫وتدخل الجمل "‪.‬‬

‫]‪[21‬‬

‫لقدرته‪ ،‬واعتبارا للمعتبر من خليقته‪ ،‬وراوي الحديث جابر‪ 14 .‬الحتجاج‪ :‬سأل‬


‫الزنديق أبا عبد ال عليه السلم فيما سأله فقال‪ :‬إخبرني عن السحر ما‬
‫أصله ؟ وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه وما يفعل ؟ قال إن‬
‫السحر على وجوه شتى‪ :‬وجه منها بمنزلة الطب‪ ،‬كما أن الطباء وضعوا‬
‫لكل داء دواء فكذلك علم السحر احتالوا لكل صحة آفة‪ ،‬ولكل عافية عاهة‪،‬‬
‫ولكل معنى حلية‪ .‬ونوع )‪ (1‬منه آخر خطفة وسرعة ومخاريق وخفة‪.‬‬
‫ونوع )‪ (2‬منه ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم‪ .‬قال‪ :‬فمن أين علم‬
‫الشياطين السحر ؟ قال‪ :‬من حيث عرف الطباء الطب وبعضه تجربة‪،‬‬
‫وبعضه علج‪ .‬قال‪ :‬فما تقول في الملكين‪ :‬هاروت وماروت‪ ،‬وما يقول‬
‫الناس بأنهما يعلمان )الناس( السحر ؟ قال‪ :‬إنهما موضع ابتلء وموقف‬
‫فتنة‪ ،‬تسبيحهما اليوم لو فعل النسان كذا وكذا لكان كذا‪ ،‬ولو يعالج بكذا‬
‫وكذا لصار كذا‪ ،‬أصناف سحر )‪ .،(3‬فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما‪،‬‬
‫فيقولن لهم‪ :‬أنما نحن فتنة فل تأخذوا عنا ما يضركم ول ينفعكم‪ .‬قال‪:‬‬
‫أفيقدر الساحر أن يجعل النسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو‬
‫غير ذلك ؟ قال‪ :‬هو أعجز من ذلك‪ ،‬وأضعف من أن يغير خلق ال ! إن من‬
‫أبطل ما ركبه ال وصوره غيره فهو شريك ل )‪) (4‬في خلقه( تعالى عن‬
‫ذلك علوا كبيرا ! لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم‬
‫والفة والمراض‪ ،‬ولنفى البياض عن رأسه والفقر عن ساحته‪ .‬وإن من‬
‫أكبر السحر النميمة ! يفرق بها بين المتحابين‪ ،‬ويجلب العداوة على‬
‫المتصافيين‪ ،‬ويسفك بها الدماء ويهدم بها الدور‪ ،‬ويكشف بها الستور‪.‬‬
‫والنمام أشر من وطئ على الرض بقدم ! فأقرب أقاويل السحر من‬
‫الصواب أنه بمنزلة الطب‪ .‬إن الساحر عالج فامتنع من مجامعة النساء‪،‬‬
‫فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك‬
‫)‪ 1‬و ‪ (2‬في المصدر‪ :‬نوع آخر منه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬السحر‪ (4) .‬فيه‪ :‬شريك ال‬
‫في خلقه‪ ،‬تعالى ال عن ذلك‪..‬‬

‫]‪[22‬‬

‫العلج فأبرأ )‪ - 15 .(1‬تفسير الفرات‪ :‬عن عبد الرحمان بن محمد العلوي ومحمد‬
‫بن عمرو الخزاز‪ ،‬عن إبراهيم بن محمد بن ميمون‪ ،‬عن عيسى بن محمد‪،‬‬
‫عن جده‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬سحر لبيد بن أعصم‬
‫اليهودي وأم عبد ال اليهودية رسول ال صلى ال عليه وآله )‪ (2‬فعقدوا‬
‫له في إحدى عشرة عقدة‪ ،‬وجعلوه في جف من طلع )‪ ،(3‬ثم أدخلوه في‬
‫بئر بواد بالمدينة في مراقي البئر تحت )‪ (4‬حجر‪ ،‬فأقام النبي صلى ال‬
‫عليه وآله ل يأكل ول يشرب ول يسمع ول يبصر ول يأتي النساء‪ .‬فنزل )‬
‫‪ (5‬جبرئيل عليه السلم وأنزل معه المعوذات‪ ،‬فقال له‪ :‬يا محمد‪ ،‬ما‬
‫شأنك ؟ قال‪ :‬ما أدري‪ ،‬أنا بالحال الذي ترى‪ .‬قال‪ :‬فإن أم عبد ال ولبيد بن‬
‫أعصم سحراك‪ ،‬وأخبره بالسحر‪ .‬وحيث هو‪ .‬ثم قرأ جبرئيل " بسم ال‬
‫الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق " فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫ذاك‪ ،‬فانحلت عقدة‪ ،‬ثم لم يزل يقرأ آية ويقرأ )‪ (6‬رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ .‬وتنحل عقدة‪ ،‬حتى قرأها عليه إحدى عشرة آية وانحلت إحدى عشرة‬
‫عقدة‪ ،‬وجلس النبي ودخل أمير المؤمنين عليه السلم فأخبره بما أخبره‬
‫جبرئيل عليه السلم وقال‪ :‬انطلق وائتني )‪ (7‬بالسحر‪ ،‬فجاء به فأمر به‬
‫النبي صلى ال عليه وآله فنقض‪ ،‬ثم تفل عليه وأرسل إلى لبيد )‪ (8‬وأم‬
‫عبد ال‪ ،‬فقال‪ :‬ما دعاكم إلى ما صنعتما ؟ ثم دعا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله على لبيد وقال‪ :‬ل أخرجك ال من‬

‫)‪ (1‬الحتجاج‪ (2) .185 :‬في المصدر‪ :‬في عقد من قز أحمر وأخضر وأصفر‬
‫فعقدوا‪ (3) ..‬فيه‪ :‬ثم جعلوه في جف من طلع يعنى قشور اللوز‪ (4) .‬فيه‪:‬‬
‫تحت راعوفة ‪ -‬يعنى الحجر الخارج ‪ -‬فأقام النبي صلى ال عليه وآله‬
‫ثلثا ل يأكل‪ (5) ..‬فيه‪ :‬فنزل عليه جبرئيل ونزل معه بالعمعوذات‪(6) .‬‬
‫فيه‪ :‬النبي صلى ال عليه وآله‪ (7) .‬فيه‪ :‬فائتني بالسحر‪ ،‬فخرج على‬
‫)ع( فجاء به‪ ،‬فأمر به رسول ال صلى ال عليه وآله‪ (8) ..‬في المصدر‪:‬‬
‫إلى لبيد بن أعصم وأم عبد ال اليهودية‪.‬‬

‫]‪[23‬‬

‫الدنيا سالما‪ .‬قال‪ :‬وكان موسرا كثير المال‪ ،‬فمر به غلم )‪ (1‬في اذنه قرط قيمته‬
‫دينار فجذبه )‪ ،(2‬فخرم اذن الصبي وأخذه فقطعت يده فيه )‪ .(3‬بيان‪ :‬في‬
‫القاموس‪ :‬الجف بالضم ‪ -‬وعاء الطلع‪ .‬أقول‪ :‬قد مر الكلم في تأثير السحر‬
‫في النبياء والئمة عليهم السلم وأن المشهور عدمه‪ .‬دعائم السلم‪ :‬عن‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي عليه السلم مثله ‪ -‬إلى‬
‫قوله ‪ -‬وجعله في مراقي البئر بالمدينة‪ ،‬فأقام رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله ل يسمع ول يبصر ول يفهم ول يتكلم ول يأكل ول يشرب‪ ،‬فنزل عليه‬
‫جبرئيل عليه السلم بمعوذات ‪ -‬وساق نحوه إلى قوله ‪ -‬فقطعت يده فكوي‬
‫منها فمات‪ 16 .‬طب الئمة‪ :‬عن محمد بن جعفر البرسي‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫يحيى الرمني عن محمد بن سنان‪ ،‬عن المفضل بن عمر‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن جبرئيل أتى النبي‬
‫صلى ال عليه وآله وقال‪ :‬يا محمد‪ ،‬قال لبيك يا جبرئيل قال‪ :‬إن فلنا‬
‫اليهودي سحرك‪ ،‬وجعل السحر في بئر بني فلن‪ ،‬فابعث إليه ‪ -‬يعني إلى‬
‫البئر ‪ -‬أوثق الناس عندك‪ ،‬وأعظمهم في عينك‪ ،‬وهو عديل نفسك‪ ،‬حتى‬
‫يأتيك بالسحر‪ .‬وقال‪ :‬فبعث النبي صلى ال عليه وآله علي بن أبي طالب‬
‫عليه السلم وقال‪ :‬انطلق إلى بئر " ذروان " فإن فيها سحرا سحرني به‬
‫لبيد بن أعصم اليهودي‪ ،‬فائتني به‪ .‬قال على عليه السلم‪ :‬فانطلقت في‬
‫حاجة رسول ال صلى ال عليه وآله فهبطت فإذا ماء البئر قد صار كأنه‬
‫ماء الحناء من السحر‪ ،‬فطلبته مستعجل حتى انتهيت إلى أسفل القليب )‪(4‬‬
‫ولم أظفر‬

‫)‪ (1‬فيه‪ :‬غلم يسعى‪ (2) .‬فيه‪ :‬فجاذبه فخرم اذن الصبى فأخذه وقطعت يده فمات‬
‫من وقته‪ (3) .‬تفسير فرات‪ (4) .233 :‬فلم )خ(‪.‬‬

‫]‪[24‬‬

‫به‪ .‬قال الذين معي‪ :‬ما فيه شئ فاصعد‪ ،‬فقلت‪ :‬ل وال‪ ،‬ما كذبت )‪ (1‬ول كذبت‪ ،‬وما‬
‫يقيني به مثل يقينكم يعني رسول ال صلى ال عليه وآله ثم طلبت طلبا‬
‫بلطف‪ ،‬فاستخرجت حقا‪ ،‬فأتيت النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬افتحه‪،‬‬
‫ففتحته فإذا في الحق قطعة كرب النخل‪ ،‬في وتر عليها إحدى وعشرون‬
‫عقدة‪ .‬وكان جبرئيل عليه السلم أنزل يومئذ المعوذتين على النبي صلى‬
‫ال عليه وآله فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي اقرأهما على الوتر‪،‬‬
‫فجعل أمير المؤمنين كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ منها وكشف ال‬
‫عزوجل عن نبيه ما سحر به وعافاه‪ .‬ويروى أن جبرئيل وميكائيل عليهما‬
‫السلم أتيا إلى النبي صلى ال عليه وآله فجلس أحدهما عن يمينه والخر‬
‫عن شماله‪ ،‬فقال جبرئيل لميكائيل‪ :‬ما وجع الرجل ؟ فقال ميكائيل هو‬
‫مطبوب‪ ،‬فقال جبرئيل عليه السلم‪ :‬ومن طبه ؟ قال‪ :‬لبيد بن أعصم‬
‫اليهودي‪ ،‬ثم ذكر الحديث إلى آخره )‪ .(2‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬الكرب ‪-‬‬
‫بالتحريك ‪ -‬أصول السعف الغلظ‪ .‬وفي النهاية رجل مطبوب أي مسحور‪،‬‬
‫كنوا بالطب عن السحر تفأل بالبرء‪ - 17 .‬الطب‪ :‬عن إبراهيم بن البيطار‪،‬‬
‫عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس بن عبد ‪ -‬الرحمان ‪ -‬ويقال له يونس‬
‫المصلي لكثرة صلته ‪ -‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو جعفر‬
‫الباقر عليه السلم‪ :‬إن السحرة لم يسلطوا على شئ إل العين )‪- 18 .(3‬‬
‫وعن أبي عبد ال الصادق عليه السلم‪ :‬أنه سئل عن المعوذتين‪ :‬أنهما من‬
‫القرآن ؟ فقال الصادق عليه السلم‪ :‬هما من القرآن‪ .‬فقال الرجل‪ :‬أنهما‬
‫ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ول في مصحفه‪ .‬فقال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬أخطأ ابن مسعود ‪ -‬أو قال‪ :‬كذب ابن مسعود ‪ -‬هما من‬
‫القرآن‪ .‬قال الرجل‪ :‬فأقرأ بهما يا ابن رسول ال في المكتوبة ؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫وهل تدري ما معنى المعوذتين وفي أي شئ نزلتا ؟ إن رسول ال سحره‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ما كذب وما كذبت‪ (2) .‬الطب‪ (3) .114 - 113 :‬الطب‪.114 :‬‬

‫]‪[25‬‬

‫لبيد بن أعصم اليهودي‪ .‬فقال إبو بصير لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬وما كان )‪(1‬‬
‫ذا ؟ وما عسى أن يبلغ من سحره ؟ ! فقال أبو عبد ال الصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬بلى‪ ،‬كان البني صلى ال عليه وآله يرى يجامع وليس يجامع‪،‬‬
‫وكان يريد الباب ول يبصره حتى يلمسه بيده والسحر حق وما سلط السحر‬
‫إل على العين والفرج‪ .‬فأتاه جبرئيل عليه السلم فأخبره بذلك‪ ،‬فدعا عليا‬
‫عليه السلم وبعثه ليستخرج ذلك من بئر )‪ (2‬ازوان‪ ،‬وذكر الحديث بطوله‬
‫إلى آخره )‪ - 19 .(3‬ومنه‪ :‬عن محمد بن سليمان بن مهران‪ ،‬عن زياد بن‬
‫هارون العبدي‪ ،‬عن عبد ال بن محمد البجلي‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬من أعجبه شئ من أخيه المؤمن )‪ (4‬فليثمد عليه‪،‬‬
‫فإن العين حق )‪ 20 .(5‬ومنه‪ :‬عن محمد بن ميمون المكي‪ ،‬عن عثمان بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن الحسين بن المختار‪ ،‬عن صفوان الجمال عن أبي عبد ال‬
‫الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬لو نبش لكم عن القبور لرأيتم أن أكثر‬
‫موتاهم بالعين‪ ،‬لن العين حق‪ ،‬إل أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫العين حق‪ ،‬فمن أعجبله من أخيه شئ فليذكر ال في ذلك‪ ،‬فأنه أذا ذكر ال‬
‫لم يضره )‪ 21 .(6‬ومنه‪ :‬عن سهل بن محمد بن سهل‪ ،‬عن عبد ربه بن‬
‫محمد بن إبراهيم‪ ،‬عن ابن اورمة‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن الحلبي قال‪ :‬سألت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم عن النشرة للمسحور‪ ،‬فقال‪ :‬ما كان أبي عليه‬
‫السلم يرى بها بأسا )‪ - 22 .(7‬المكارم‪ :‬عن معمر بن خلد‪ ،‬قال‪ :‬كنت مع‬
‫الرضا عليه السلم بخراسان‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وما كاد أو عسى‪ (2) .‬فيه‪ :‬ذروان‪ (3) .‬الطب‪ (4) .114 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬فليكبر‪ 5) .‬و ‪ (6‬الطب‪ (7) .121 :‬المصدر‪.114 :‬‬

‫]‪[26‬‬

‫على نفقاته‪ ،‬فأمرني أن أتخذ له غالية‪ ،‬فلما اتخذتها فاعجب بها فنظر إليها فقال‬
‫لي‪ :‬يا معمر‪ ،‬إن العين حق فاكتب في رقعة الحمد وقل هو ال أحد‬
‫والمعوذتين وآية الكرسي واجعلها في غلف القارورة )‪ - 23 .(1‬ومنه‪:‬‬
‫روي عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬العين حق‪ ،‬وليس تأمنها منك‬
‫على نفسك ول منك على غيرك‪ ،‬فإذا خفت شيئا من ذلك فقل‪ " :‬ما شاء‬
‫ال )ل حول و( ل قوة إل بال العلي العظيم " ثلثا )‪ - 24 .(2‬وعنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من أعجبه من أخيه شئ فليبارك عليه‪ ،‬فإن العين حق )‪.(3‬‬
‫‪ 25‬ومنه‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬إن العين ليدخل الرجل القبر‪،‬‬
‫والجمل القدر )‪ .(4‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل رقية إل من حمة والعين )‬
‫‪ - 27 .(5‬ومنه‪ :‬عن الصادق عليه السلم‪ :‬لو كان شئ يسبق القدر لسبقه‬
‫العين )‪ - 28 .(6‬الخصال‪ :‬بإسناده عن السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن‬
‫أبيه عليه السلم أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬ل رقى إل في ثلثة‪:‬‬
‫في حمة‪ ،‬أو عين‪ ،‬أو دم ل يرقأ )‪ - 29 (7‬جامع الخبار‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬إن العين لتدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر )‪.(8‬‬
‫‪ - 30‬وجاء في الخبر أن أسماء بنت عميس قالت‪ :‬يا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم إن بني‬

‫)‪ (1‬مكارم الخلق‪ 2) .445 :‬و ‪ (4‬مكارم الخلق‪ (5) .445 :‬المصدر‪،446 :‬‬
‫وفيه " والعين حق "‪ (6) .‬المصدر‪ (7) .479 :‬الخصال‪ (8) .74 :‬جامع‬
‫الخبار‪ 157 :‬طبعة الحيدرية‪.‬‬

‫]‪[27‬‬

‫جعفر تصيبهم العين‪ ،‬فأسترقي لهم ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فلو كان شئ يسبق القدر لسبقت‬
‫العين )‪ - 31 .(1‬نوادر الراوندي‪ :‬بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬ما رفع الناس‬
‫أبصارهم إلى شئ إل وضعه ال )‪ - 32 .(2‬النهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬ما قال الناس لشئ طوبى له إل وقد خبأ الدهر له يوم سوء )‪.(3‬‬
‫بيان‪ " :‬طوبى " كلمة تستعمل في مقام المدح والستحسان والتعجب من‬
‫حسن الشئ وكماله‪ .‬وخبأت الشئ أخبوه‪ :‬أخفيته‪ " .‬يوم سوء " بالفتح‬
‫إي يوم نقص وبلية وزوال‪ .‬وإخفاء الدهر ذلك اليوم كناية عن جهل الناس‬
‫بأسبابه وأنه يأتيهم بغته‪ ،‬أو غفلتهم عن عدم ثبات زخارف الدنيا وسرعة‬
‫زوالها‪ .‬ثم إنه يحتمل أن يكون ما ورد في هذا الخبر والخبر السابق إشارة‬
‫إلى تأثير العيون كما مر‪ ،‬أو إلى أن من لوازم الدنيا أنه إذا انتهت فيها حال‬
‫شخص في الرافعة والعزة إلى غاية الكمال فل بد أن يرجع إلى النقص‬
‫والزوال‪ ،‬فقولهم طوبى له واستحسانهم إياه ورفع أبصارهم إليه من‬
‫شواهد الرفعة والكمال‪ ،‬وهو علمة الخذ في الهبوط والضمحلل‪ .‬وقد‬
‫يخطر بالبال أن ما ورد في العين وتأثيرها يمكن أن يكون إشارة إلى هذا‬
‫المعنى‪ ،‬وإن كان بعيدا من بعض اليات والخبار‪ ،‬ويمكن تأويلها إليه‬
‫وتطبيقها عليه كما ل يخفى على أولي البصار‪ ،‬وما ورد من ذكر ال‬
‫والدعاء عند ذلك ل ينافيه بل يؤيده‪ ،‬فإن أمثال ذلك موجبة لدوام النعمة‬
‫واستمرارها‪ ،‬وال يعلم حقائق المور ودقائق السرار‪.‬‬

‫)‪ (1‬جامع الخبار‪ 157 :‬فيه‪ .‬أفاسترقى‪ (2) .‬نوادر الراوندي‪ (3) .17 :‬نهج‬
‫البلغة‪ :‬ج ‪ ،2‬ص ‪.205‬‬

‫]‪[28‬‬

‫نقل وتحقيق اعلم أن أصحابنا والمخالفين اختلفوا في حقيقة السحر‪ ،‬وأنه هل له‬
‫حقيقة أو محض توهم‪ .‬ولنذكر بعض كلماتهم في ذلك‪ .‬قال الشيخ قدس‬
‫سره في الخلف‪ :‬السحر له حقيقة‪ ،‬ويصح منه أن يعقد ويؤثر ويسحر‬
‫فيقتل ويمرض ويكوع )‪ (1‬اليدي ويفرق بين الرجل وزوجته‪ ،‬و يتفق له‬
‫أن يسحر بالعراق رجل بخراسان فيقتله عند أكثر أهل العلم وأبي حنيفة‬
‫وأصحابه ومالك والشافعي‪ .‬وقال أبو جعفر السترآبادي‪ :‬ل حقيقة له‪،‬‬
‫وإنما هو تخييل وشعبدة‪ .‬وبه قال المغربي من أهل الظاهر‪ ،‬وهو الذي‬
‫يقوى في نفسي‪ .‬ويدل عليه قوله تعالى " فإذا حبالهم ‪ -‬الية ‪(2) " -‬‬
‫وذلك أن القوم جعلوا من الحبال كهيئات الحيات‪ ،‬وطلوا عليها الزيبق‬
‫وأخذوا الموعد على وقت تطلع فيه الشمس‪ ،‬حتى إذا وقعت على الزيبق‬
‫تحرك فخيل لموسى عليه السلم أنها حيات ولم يكن لها حقيقة‪ ،‬وكان هذا‬
‫في أشد وقت الحر فألقى موسى عصاه فأبطل عليهم السحر‪ ،‬فآمنوا به‪.‬‬
‫وأيضا فإن الواحد منا ل يصح أن يفعل في غيره وليس بينه وبينه اتصال‬
‫ول اتصال بما يتصل بما يفعل فيه‪ ،‬فكيف يفعل من هو ببغداد فيمن هو‬
‫بالحجاز وأبعد منها ؟ ! ول يفني هذا قوله تعالى " ولكن الشياطين كفروا‬
‫يعلمون الناس السحر " )‪ (3‬لن ذلك ل نمنع منه‪ ،‬وإنما الذي منعنا منه‬
‫أن يؤثر الساحر الذي يدعونه‪ ،‬فأما أن يفعلوا ما يتخيل عنه أشياء فل‬
‫نمنع منه‪ .‬ورووا عن عائشة‪ ..‬أقول‪ :‬ثم ذكر نحوا مما مر من سحر‬
‫اليهودي النبي صلى ال عليه وآله ثم قال‪ :‬وهذه أخبار آحاد ل يعمل عليها‬
‫في هذا المعنى‪ ،‬وقد روي عن عائشة أنها قالت‪ :‬سحر‬

‫)‪ (1‬كوع ‪ -‬كسمع ‪ :-‬عظم كوعه ‪ -‬وهو طرف الزند الذى يلى البهام ‪ -‬واعوج‪) .‬‬
‫‪ (2‬طه‪ (3) .76 :‬البقرة‪.(*) .102 :‬‬

‫]‪[29‬‬

‫رسول ال صلى ال عليه وآله فما عمل فيه السحر‪ ،‬وهذا معارض ذلك‪ .‬ثم قال‬
‫قدس سره‪ :‬إذا أقر أنه سحر فقتل بسحره متعمدا ل يجب عليه القود‪ ،‬وبه‬
‫قال أبو حنيفة‪ ،‬وقال الشافعي‪ :‬يجب عليه القود‪ .‬دليلنا أن الصل براءة‬
‫الذمة‪ ،‬وأن هذا مما يقتل به يحتاج إلى دليل‪ .‬وأيضا فقد بينا أن الواحد ل‬
‫يصح أن يقتل غيره بما ل يباشره به‪ ،‬إل أن يسقيه ما يقتل به على العادة‬
‫مثل السم‪ ،‬وليس السحر بشئ من ذلك‪ .‬وقد روى أصحابنا أن الساحر‬
‫يقتل‪ ،‬والوجه فيه أن هذا فساد في الرض والسعي فيها به‪ ،‬فلجل ذلك‬
‫وجب فيه )‪ (1‬القتل‪ .‬وقال العلمة نور ال مرقده ‪ -‬في التحرير‪ :‬السحر‬
‫عقد ورمي كلم يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو‬
‫قلبه أو عقله من غير مباشرة‪ ،‬وقد يحصل به القتل والمرض والتفريق بين‬
‫الرجل والمرأة وبغض أحدهما لصاحبه ومحبة أحد الشخصين للخر‪ ،‬وهل‬
‫له حقيقة أم ل ؟ فيه نظر‪ .‬ثم قال‪ :‬والسحر الذي يجب فيه )‪ (2‬القتل هو ما‬
‫يعد في العرف سحرا‪ ،‬كما نقل الموي في مغازيه أن النجاشي دعا‬
‫السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش‪ ،‬فلم يزل معها‬
‫إلى أمارة عمر بن الخطاب‪ ،‬فأمسكه إنسان‪ ،‬فقال‪ :‬خلني وإل مت‪ ،‬فلم يخله‬
‫فمات من ساعته‪ .‬وقيل‪ :‬إن ساحرة أخذها بعض المراء‪ ،‬فجاء زوجها‬
‫كالهائم‪ ،‬فقال قولوا لها تخل عني‪ ،‬فقالت‪ :‬ائتوني بخيوط وباب‪ ،‬فأتوا بذلك‬
‫فجلست وجعلت تعقد‪ ،‬فطار بها الباب فلم يقدروا عليها‪ ،‬وأمثال ذلك‪ .‬وأما‬
‫الذي يعزم على المصروع ويزعم أنه يجمع الجن ويأسرها فتطيعه‪ ،‬فل‬
‫يتعلق به حكم‪ ،‬والذي يحل السحر بشئ من القرآن والذكر والقسام فل‬
‫بأس به‪ ،‬وإن كان بالسحر حرم على إشكال‪ .‬وقال في موضع آخر منه‪:‬‬
‫الذي اختاره الشيخ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬أنه ل حقيقة‬

‫)‪ (1‬به )خ(‪ (2) .‬الخلف ‪ 423 :2‬و ‪.424‬‬

‫]‪[30‬‬
‫للسحر‪ ،‬وفي الحاديث ما يدل على أن له حقيقة‪ ،‬فعلى ما ورد في الخبار لو سحره‬
‫فمات بسحره ففي القود إشكال‪ ،‬والقرب الدية ‪ -‬إلى آخر ما قال ‪ .-‬وقال‬
‫في المنتهى نحوا من أول الكلم‪ ،‬ثم قال‪ :‬واختلف في أنه له حقيقة أم ل‪.‬‬
‫قال الشيخ رحمه ال‪ :‬ل حقيقة له‪ :‬وإنما هو تخييل‪ ،‬وهو قول بعض‬
‫الشافعية وقال الشافعي‪ :‬له حقيقة‪ ،‬وقال‪ ،‬أصحاب أبي حنيفة‪ :‬إن كان‬
‫يصل إلى بدن المسحور كدخان ونحوه جاز أن يحصل منه ما يؤثر في‬
‫نفس المسحور من قتل أو مرض أو أخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطيها‬
‫أو يفرق بينهما أو يبغض أحدهما إلى الخر أو يحببه إليه‪ ،‬فأما أن يحصل‬
‫المرض والموت من غير أن يصل إلى بدنه شئ فل يجوز ذلك‪ .‬ثم ذكر ‪-‬‬
‫رحمه ال ‪ -‬احتجاج الطرفين بآية " يخيل إليه " وسورة الفلق‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وروى الجمهور عن عائشة أن النبي صلى ال عليه وآله سحر حتى يرى‬
‫أنه يفعل الشئ ول يفعله‪ ،‬وأنه قال لها ذات يوم‪ :‬أشعرت أن ال تعالى‬
‫أفتاني فيما استفتيته إنه أتاني ملكان فجلس أحدهما عند رأسي والخر عند‬
‫رجلي‪ ،‬فقال‪ :‬ما وجع الرجل ؟ فقال‪ :‬مطبوب‪ ،‬قال‪ :‬من طبه ؟ قال‪ :‬لبيد بن‬
‫أعصم اليهودي في مشط ومشاطة في جف طلعة في بئر ذي أزوان‪ .‬رواه‬
‫البخاري‪ .‬وجف الطلعة وعاؤها‪ ،‬والمشاطة الشعر الذي يخرج من شعر‬
‫الرأس وغيره إذا مشط‪ ،‬فقد أثبت لهم سحرا‪ .‬وهذا القول عندي باطل‪،‬‬
‫والروايات ضيعفة‪ ،‬خصوصا رواية عائشة‪ ،‬لستحالة تطرق السحر إلى‬
‫النبياء عليهم السلم‪ .‬ثم قال‪ :‬إن كان للسحر حقيقة فهو ما يعد في العرف‬
‫سحرا‪ ،‬ثم ذكر القصتين للنجاشي والساحرة‪ .‬ثم قال‪ :‬فهذا وأمثاله مثل أن‬
‫يعقد الرجل المزوج فل يطيق وطي امرأته هو السحر المختلف فيه‪ ،‬فأما‬
‫الذي يقال من العزم على المصروع فل يدخل تحت هذا الحكم‪ ،‬وهو عندي‬
‫باطل ل حقيقة له‪ ،‬وإنما هو من الخرافات‪ .‬وقال الشهيد ‪ -‬رفع ال درجته ‪-‬‬
‫في الدروس‪ :‬تحرم الكهانة والسحر بالكلم والكتابة والرقية والدخنة‬
‫بعقاقير الكواكب وتصفية النفس والتصوير والعقد والنفث‬

‫]‪[31‬‬

‫والقسام والعزائم بما ل يفهم معناه ويضر بالغير فعله‪ .‬ومن السحر الستخدام‬
‫للملئكة والجن واستنزال الشياطين في كشف الغائب وعلج المصاب‪،‬‬
‫ومنه الستحضار بتلبيس الروح ببدن منفعل كالصبي والمرأة وكشف‬
‫الغائب عن لسانه‪ .‬ومنه النيرنجات‪ ،‬وهي إظهار غرائب خواص‬
‫المتزاجات وأسرار النيرين‪ .‬وتلحق به الطلسمات‪ ،‬وهي تمزيج القوى‬
‫العالية الفاعلة بالقوى السافلة المنفعلة‪ ،‬ليحدث عنها فعل غريب‪ .‬فعمل هذا‬
‫كله والتكسب به حرام‪ ،‬والكثر على أنه ل حقيقة له‪ ،‬بل هو تخييل‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫أكثره تخييل‪ ،‬وبعضه حقيقي‪ ،‬لنه تعالى وصفه بالعظمة في سحرة‬
‫فرعون‪ ،‬ومن التخييل إحداث خيالت ل وجود لها في الحس المشترك‬
‫للتأثير في شئ آخر‪ ،‬وربما ظهر إلى الحس‪ .‬وتلحق به الشعبذة‪ ،‬وهي‬
‫الفعال العجيبة المرتبة على سرعة اليد بالحركة‪ ،‬فيلبس على الحس‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الطلسمات كانت معجزات للنبياء‪ .‬وأما الكيمياء فيحرم المسمى‬
‫بالتكليس بالزيبق والكبريت والزاج والتصدية وبالشعر والبيض والمرار‬
‫والدهان كما تفعله الجهال‪ ،‬أما سلب الجواهر خواصها‪ .‬وإفادتها خواص‬
‫اخرى بالدواء المسمى بالكسير أو بالنار الملينة الموقدة على أصل‬
‫الفلزات أو لمراعاة نسبها في الحجم والوزن‪ ،‬فهذا مما ل يعلم صحته‪،‬‬
‫وتجنب ذلك كله أولى وأحرى )‪ .(1‬وقال الشهيد الثاني ‪ -‬رفع ال مقامه ‪:-‬‬
‫السحر هو كلم أو كتابة أو رقية أو أقسام وعزائم ونحوها يحدث بسببها‬
‫ضرر على الغير‪ ،‬ومنه عقد الرجل عن زوجته بحيث ل يقدر على وطيها‪،‬‬
‫وإلقاء البغضاء بينهما‪ ،‬ومنه استخدام الملئكة والجن واستنزال الشياطين‬
‫في كشف الغائبات وعلج المصاب‪ ،‬واستحضارهم وتلبسهم ببدن صبي أو‬
‫امرأة وكشف الغائب على لسانه‪ ،‬فتعلم ذلك وأشباهه وعمله وتعليمه كله‬
‫حرام والتكسب به سحت‪ ،‬ويقتل مستحله‪ .‬ولو تعلمه ليتوقى به أو ليدفع به‬
‫المتنبي بالسحر فالظاهر جوازه‪ ،‬وربما وجب على الكفاية كما هو خيرة‬
‫الدروس‪ ،‬ويجوز‬

‫)‪ (1‬الدروس‪ :‬كتاب المكاسب‪(*) .‬‬

‫]‪[32‬‬

‫حله بالقرآن والقسام كما ورد في رواية القل‪ .‬وهل له حقيقة‪ ،‬أو هو تخييل ؟‬
‫الكثر على الثاني‪ ،‬ويشكل بوجدان أثره في كثير من الناس على الحقيقة‪،‬‬
‫والتأثر بالوهم إنما بتم لو سبق للقابل علم بوقوعه‪ ،‬ونحن نجد أثره فيمن‬
‫ل يشعر به أصل حتى يضر به‪ ،‬ولو حمل تخييله على ما تظهر من تأثيره‬
‫في حركات الحيات والطيران ونحوهما أمكن‪ ،‬ل في مطلق التأثير وإحضار‬
‫الجان وشبه ذلك فإنه أمر معلم ل يتوجه دفعه‪ .‬ثم قال‪ :‬والكهانة عمل‬
‫بوجوب طاعة بعض الجان له واتباعه )له( بحيث يأتيه بالخبار‪ ،‬وهو‬
‫قريب من السحر‪ .‬ثم قال‪ :‬والشعبذة عرفوها بأنها الحركات السريعة التي‬
‫تترتب عليها الفعال العجيبة‪ ،‬بحيث يتلبس )‪ (1‬على الحس الفرق بين‬
‫الشئ وشبهه لسرعة النتقال منه إلى شبهه‪ .‬أقول‪ :‬ونحو ذلك قال المحقق‬
‫الردبيلي روح ال روحه في شرح الرشاد وقال‪ :‬الظاهر أن له حقيقة‬
‫بمعنى أنه يؤثر بالحقيقة ل أنه إنما يتأثر بالوهم فقط ولهذا نقل تأثيره في‬
‫شخص لم يعرف ول يشعر بوقوعه فيه‪ ،‬نعم يمكن أن ل حقيقة له بمعنى‬
‫أن ل يوجد حيوان بفعله‪ ،‬بل يتخيل‪ ،‬كقوله تعالى " يخيل إليه من سحرهم‬
‫أنها تسعى " )‪ (2‬مع أنه ل ثمرة في ذلك‪ ،‬إذ ل شك في عقابه ولزوم الدية‬
‫وعوض ما يفوت بفعل الساحر عليه‪ .‬وقال ابن حجر في " فتح الباري "‬
‫في العين تقول‪ :‬عنت الرجل أصبته بعينك‪ ،‬فهو معيون ومعين‪ ،‬ورجل‬
‫عاين ومعيان وعيون‪ .‬والعين يضر باستحسان مشوب بحسد من حيث‬
‫الطبع يحصل للمبصور منه ضرر‪ .‬وقد استشكل ذلك على بعض الناس‬
‫فقال‪ :‬كيف يعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون ؟ والجواب أن‬
‫طبائع الناس تختلف‪ ،‬فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العاين في‬
‫الهواء إلى بدن المعيون‪ .‬وقد نقل عن بعض من كان معيانا أنه قال‪ :‬إذا‬
‫رأيت شيئا يعجبني وجدت‬

‫)‪ (1‬يلتبس‪ (2) .‬طه‪.66 :‬‬

‫]‪[33‬‬

‫حرارة تخرج من عيني ! ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن‬
‫فيفسد‪ ،‬ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد‪ ،‬وكذا تدخل البستان فتضر بكثير‬
‫من العروش من غير أن تمسها‪ .‬ومن ذلك أن الصحيح قد ينظر إلى العين‬
‫الرمد فيرمد‪ ،‬ويتثأب )‪ (1‬بحضرته فيتثأب هو‪ ،‬أشار إلى ذلك ابن بطال‪.‬‬
‫وقال الخطابي‪ :‬في الحديث أن للعين تأثيرا في النفوس‪ ،‬وأبطال قول‬
‫الطباعيين إنه ل شئ إل ما تدركه الحواس الخمس‪ ،‬وما عدا ذلك ل حقيقة‬
‫له‪ .‬وقال المازري‪ :‬زعم بعض الطباعيين أن العاين تنبعث من عينه قوة‬
‫سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد‪ ،‬وهو كإصابة السم من نظر الفعى‪،‬‬
‫وأشار إلى منع الحصر في ذلك مع تجويزه‪ ،‬وأن الذي يتمشى على طريقة‬
‫أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العاين بعادة أجراها ال تعالى أن‬
‫يحدث الضر عند مقابلة شخص لخر وهل ثم جواهر خفية أول‪ ،‬هو أمر‬
‫محتمل ل يقطع بإثباته ول نفيه‪ .‬ومن قال ممن ينتمي إلى السلم من‬
‫أصحاب الطبائع بالقطع بأن جواهر لطيفة غير مرئية تنبعث من العاين‬
‫فتتصل بالمعيون وتتخلل مسام جسمه فيخلق البارئ الهلك عندها كما‬
‫يخلق الهلك عند شرب السموم‪ ،‬فقد أخطأ بدعوى القطع‪ ،‬ولكنه جائز أن‬
‫يكون عادة ليست ضرورة ول طبيعة انتهى‪ .‬وهو كلم سديد‪ ،‬وقد بالغ ابن‬
‫العربي في إنكاره فقال‪ :‬ذهبت الفلسفة إلى أن الصابة بالعين صادرة عن‬
‫تأئير النفس بقوتها فيه‪ ،‬فأول ما يؤثر في نفسها ثم يؤثر في غيرها‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫إنما هو سم في عين العاين يصيبه بلفحه )‪ (2‬عند التحديق إليه‪ ،‬كما‬
‫يصيب لفح سم الفعى من يتصل به‪ .‬ثم رد الول بأنه لو كان كذلك لما‬
‫تخلفت الصابة في كل حال‪ ،‬والواقع بخلفه‪ .‬والثاني بأن سم الفعى جزء‬
‫منها‪ ،‬وكلها قاتل‪ ،‬والعاين ليس يقتل منه‬
‫)‪ (1‬التثاؤب معروف‪ ،‬وهو أن يسترخى فيفتح فمه بل قصد‪ ،‬والسم الثؤباء‪(2) .‬‬
‫لفحت النار أو السموم فلنا‪ :‬أصاب حرها وجهه وأحرقه‪.‬‬

‫]‪[34‬‬

‫شئ في قولهم إل بصره‪ ،‬وهو معنى خارج عن ذلك‪ .‬قال‪ :‬والحق أن ال يخلق عند‬
‫بصر العاين إليه وإعجابه )به( إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة‪ ،‬وقد‬
‫يصرفه قبل وقوعه بالستعاذة أو بغيرها‪ ،‬وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية‬
‫أو بالغتسال أو بغير ذلك انتهى كلمه ‪ .-‬وفيه‪) :‬بعض( ما يتعقب‪ ،‬فإن‬
‫الذي مثل بالفعى لم يرد أنها تلمس المصاب حتى يتصل به من سمها‪،‬‬
‫وإنما أراد أن جنسا من الفاعي اشتهر أنها إذا وقع بصرها على النسان‬
‫هلك‪ ،‬فكذلك العاين‪ .‬وليس مراد الخطابي بالتأثير المعنى الذي تذهب إليه‬
‫الفلسفة‪ ،‬بل ما أجرى ال به العادة من حصول الضرر للمعيون‪ .‬وقد‬
‫أخرج البزاز بسند حسن عن جابر رفعه قال‪ :‬أكثر من يموت بعد قضاء ال‬
‫وقدره بالنفس‪ .‬قال الراوي‪ :‬يعني بالعين‪ .‬وقد أجرى ال العادة بوجود كثير‬
‫من القوى والخواص في الجسام والرواح‪ ،‬كما يحدث لمن ينظر إليه من‬
‫يحتشمه من الخجل‪ ،‬فترى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك‪ ،‬وكذا‬
‫الصفرار عند روية من يخافه‪ ،‬وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه‬
‫ويضعف قواه‪ ،‬وكل ذلك بواسطة ما خلق ال تعالى في الرواح من‬
‫التأثيرات‪ ،‬ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين‪ ،‬وليست هي‬
‫المؤثرة‪ ،‬وإنما التأثير للروح‪ .‬والرواح مختلفة في طبائعها وقواها‬
‫وكيفياتها وخواصها‪ ،‬فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية من غير‬
‫اتصال به‪ ،‬لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة‪ .‬والحاصل أن التأثير‬
‫بأرادة ال تعالى وخلقه ليس مقصورا على التصال الجسماني‪ ،‬بل يكون‬
‫تارة به‪ ،‬وتارة بالمقابلة‪ ،‬واخرى بمجرد الرؤية‪ ،‬واخرى بتوجه الروح‬
‫كالذي يحدث من الدعية والرقى واللتجاء إلى ال تعالى‪ ،‬وتارة يقع ذلك‬
‫بالتوهم والتخيل‪ .‬والذي يخرج من عين العاين سهم معنوي إن صادف بدنا‬
‫ل وقاية له أثر فيه‪ ،‬وإل لم ينفذ السهم بل ربما رد على صاحبه كالسهم‬
‫الحسي سواء‪ .‬وقال في بيان السحر‪ :‬قال الراغب وغيره‪ :‬السحر يطلق‬
‫على معان‪ :‬أحدها‬

‫]‪[35‬‬

‫ما دق ولطف‪ ،‬ومنه سحرت الصبي‪ :‬خدعته واستملته‪ ،‬فكل من استمال شيئا فقد‬
‫سحره‪ :‬إطلق الشعراء سحر العيون لستمالتها النفوس‪ :‬ومنه قول‬
‫الطباء " الطبيعة ساحرة " ومنه قوله تعالى " بل نحن قوم مسحورون )‬
‫‪ " (1‬أي مصروفون عن المعرفة‪ :‬ومنه حديث " إن من البيان لسحرا "‪.‬‬
‫الثاني ما يقع بخداع وتخييلت ل حقيقة لها‪ ،‬نحو ما يفعله المشعبذ من‬
‫صرف البصار عما يتعاطاه بخفة يده‪ ،‬وإلى ذلك الشارة بقوله تعالى "‬
‫يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى " )‪ (2‬وقوله تعالى " سحروا أعين‬
‫الناس " )‪ (3‬ومن هناك سموا موسى عليه السلم ساحرا‪ ،‬وقد يستعان في‬
‫ذلك بما يكون فيه خاصية كحجر المقناطيس‪ .‬الثالث‪ :‬ما يحصل بمعاونة‬
‫الشياطين بضرب من التقرب إليهم‪ ،‬وإلى ذلك الشارة بقوله تعالى " ولكن‬
‫الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " )‪ .(4‬الرابع‪ :‬ما يحصل بمخاطبة‬
‫الكواكب واشتراك روحانياتها بزعمهم‪ ،‬قال ابن حزم‪ :‬ومنه ما يؤخذ من‬
‫الطلسمات كالطابع المنقوش فيه صورة عقرب في وقت كون القمر في‬
‫العقرب‪ ،‬فيفنع من لدغة العقرب‪ ،‬وقد يجمع بعضهم بين المرين‪:‬‬
‫الستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب‪ ،‬فيكون ذلك أقوى بزعمهم‪ .‬ثم‬
‫السحر يطلق ويراد به اللة التي يسحر بها‪ ،‬ويطلق ويراد به فعل الساحر‬
‫واللة تارة تكون معنى من المعاني فقط كالرقي والنفث‪ ،‬وتارة تكون من‬
‫المحسوسات كتصوير صورة على صورة المسحور‪ ،‬وتارة يجمع المرين‬
‫الحسي والمعنوي‪ ،‬وهو أبلغ‪ .‬واختلف في السحر فقيل‪ :‬هو تخييل فقط ول‬
‫حقيقة له‪ ،‬وقال النووي‪ :‬والصحيح أن له حقيقة‪ ،‬وبه قطع الجمهور‪،‬‬
‫وعليه عامة العلماء‪ ،‬ويدل عليه الكتاب والسنة‬

‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .15 :‬طه‪ (3) .66 :‬العراف‪ (4) .116 :‬البقرة‪.102 :‬‬

‫]‪[36‬‬

‫المشهورة ‪ -‬انتهى‪ .‬لكن محل النزاع أنه هل يقع بالسحر انقلب عين أو ل‪ ،‬فمن‬
‫قال إنه تخييل فقط منع من ذلك‪ ،‬ومن قال له حقيقة اختلفوا ]في أنه[ هل‬
‫له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من المراض‪ ،‬أو ينتهي إلى‬
‫الحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثل وعكسه‪ .‬فالذي عليه الجمهور هو‬
‫الول‪ ،‬وذهبت طائفة قليلة إلى الثاني‪ ،‬فإن كان بالنظر إلى القدرة اللهية‬
‫فمسلم‪ ،‬وإن كان بالنظر إلى الواقع فهو محل الخلف فإن كثيرا ممن يدعي‬
‫ذلك ل يستطيع إقامة البرهان عليه‪ .‬ونقل الخطابي أن قوما أنكروا السحر‬
‫مطلقا‪ ،‬وكأنه عنى القائلين بأنه تخييل فقط‪ ،‬وإل فهي مكابرة‪ .‬وقال‬
‫المازري‪ :‬جمهور العلماء على إثبات السحر‪ ،‬وأن له حقيقة ونفى بعضهم‬
‫حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالت باطلة‪ ،‬وهو مردود لورود النقل‬
‫بإثبات السحر ولن العقل ل ينكر أن ال تعالى قد يخرق العادة عند نطق‬
‫الساحر بكلم ملفق وتركيب أجسام أو مزج بين قوى على ترتيب‬
‫مخصوص‪ ،‬ونظير ما يقع من حذاق الطباء من مزج بعض العقاقير ببعض‬
‫حتى ينقلب الضار منها بمفرده فيصير بالتركيب نافعا‪ ،‬وقيل‪ :‬ل يزيد تأثير‬
‫السحر على ما ذكر ال تعالى في قوله " ما يفرقون به بين المرء وزوجه‬
‫" )‪ (1‬لكون المقام مقام تهويل‪ ،‬فلو جاز أن يقع أكثر من ذلك لذكره‪ .‬قال‬
‫المازري‪ :‬والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك قال‪:‬‬
‫والية ليست نصا في منع الزيادة ولو قلنا إنها ظاهرة في ذلك‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة أن السحر يكون بمعاناة أقوال‬
‫وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد‪ ،‬والكرامة ل تحتاج إلى ذلك بل إنما تقع‬
‫غالبا انفاقا‪ ،‬وأما المعجزة فتمتاز من الكرامة بالتحدي‪ .‬ونقل إمام الحرمين‬
‫الجماع على أن السحر ل يظهر إل عن فاسق‪ ،‬والكرامة‬

‫)‪ (1‬البقرة‪.102 :‬‬

‫]‪[37‬‬

‫ل تظهر عن )‪ (1‬الفاسق‪ .‬ونقل النووي في زيادات الروضة عن المستولي )‪(2‬‬


‫نحو ذلك وينبغي أن يعتبر بحال من يقع الخارق منه‪ ،‬فإن كان متمسكا‬
‫بالشريعة متجنبا للموبقات فالذي يظهر على يده من الخوارق كرامة‪ ،‬وإل‬
‫فهو سحر‪ ،‬لنه ينشأ عن أحد أنواعه كاعانة الشياطين‪ .‬وقال القرطبي‪:‬‬
‫السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالكتساب‪ ،‬غير أنها لدقتها ل يتوصل‬
‫إليها إل آحاد الناس‪ .‬ومادتها الوقوف على خواص الشياء‪ ،‬والعلم بوجوه‬
‫تركيبتها وأوقاته‪ ،‬وأكثرها تخييلت بغير حقيقة‪ ،‬وإيهامات بغير ثبوت‪،‬‬
‫فيعظم عند من ل يعرف ذلك‪ ،‬كما قال ال تعالى عن سحرة فرعون "‬
‫وجاؤا بسحر عظيم " )‪ (3‬مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها‬
‫حبال وعصيا‪ .‬ثم قال‪ :‬والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرا في القلوب‪،‬‬
‫كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر في البدان باللم والسقم‪ ،‬وإنما المنكر‬
‫أن الجماد ينقلب حيوانا وعكسه بسحر الساحر ونحو ذلك انتهى‪ .‬وقال‬
‫شارح المقاصد‪ :‬السحر إظهار أمر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة‬
‫بمباشرة أعمال مخصوصة يجري فيها التعلم والتلمذ‪ ،‬وبهذين العتبارين‬
‫يفارق المعجزة والكرامة‪ ،‬وبأنه ل يكون بحسب اقتراح المعترض‪ ،‬وبأنه‬
‫يختص ببعض الزمنة أو المكنة أو الشرائط‪ ،‬وبأنه قد يتصدى لمعارضته‬
‫ويبذل الجهد في التيان بمثله وبأن صاحبه ربما يعلن بالفسق‪ ،‬ويتصف‬
‫بالرجس في الظاهر والباطن‪ ،‬والخزي في الدنيا والخرة‪ ،‬إلى غير ذلك من‬
‫وجوه المفارقة‪ .‬وهو عند أهل الحق جائز عقل ثابت سمعا وكذلك الصابة‬
‫بالعين‪ .‬وقالت المعتزلة‪ :‬هو مجرد إراءة ما ل حقيقة له بمنزلة الشعبذة‬
‫التي سببها خفة حركات اليد أو خفاء وجه الحيلة فيه‪.‬‬

‫)‪ (1‬في إكثر النسخ‪ :‬على فاسق‪ (2) .‬المستوفى )خ(‪ (3) .‬العراف‪.116 :‬‬
‫]‪[38‬‬

‫لنا على الجواز ما مر في العجاز‪ ،‬من إمكان المر في نفسه وشمول قدرة ال له‪،‬‬
‫فإنه هو الخالق‪ ،‬وإنما الساحر فاعل وكاسب‪ .‬وأيضا إجماع الفقهاء‪ ،‬وإنما‬
‫اختلفوا في الحكم‪ .‬وعلى الوقوع وجوه‪ :‬منها قوله تعالى " يعلمون الناس‬
‫السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت إلى قوله ‪ -‬فيتعلمون‬
‫منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إل‬
‫بإذن ال " )‪ (1‬وفيه إشعار بأنه ثبات حقيقة‪ ،‬ليس مجرد إراءة وتمويه‬
‫وبأن المؤثر والخالق هو ال تعالى وحده‪ .‬ومنها سورة الفلق‪ ،‬فقد اتفق‬
‫جمهور المسلمين على أنها نزلت فيما كان من سحر لبيد بن أعصم‬
‫اليهودي لرسول ال صلى ال عليه وآله حتى مرض ثلث ليال‪ .‬ومنها ما‬
‫روي أن جارية سحرت عايشة‪ ،‬وأنه سحر ابن عمر حتى تكوعت يده‪ .‬فإن‬
‫قيل‪ :‬لو صح السحر لضرت السحرة بجميع النبياء والصالحين‪ ،‬ولحصلوا‬
‫لنفسهم الملك العظيم‪ ،‬وكيف يصح أن يسحر النبي صلى ال عليه وآله‬
‫وقد قال ال " وال يعصمك من الناس " )‪ " (2‬ول يفلح الساحر حيث أتى‬
‫" وكانت الكفرة يعيبون النبي صلى ال عليه وآله بأنه مسحور‪ ،‬مع القطع‬
‫بأنهم كاذبون‪ .‬قلنا‪ :‬ليس الساحر يوجد في كل عصر وزمان‪ ،‬وبكل قطر‬
‫ومكان‪ ،‬ول ينفذ حكمه كل أوان‪ ،‬ول له يد في كل شئ )‪ (3‬والنبي صلى ال‬
‫عليه وآله معصوم من أن يهلكه الناس أو يوقع خلل في نبوته‪ ،‬ل أن‬
‫يوصل ضررا وألما إلى بدنه‪ ،‬ومراد الكفار بكونه مسحورا أنه مجنون‬
‫أزيل عقله بالسحر حيث ترك دينهم‪ .‬فان قيل‪ :‬قوله تعالى في قصة موسى‬
‫عليه السلم " يخيل إليه من سحرهم أنها‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .102 :‬المائدة‪ (3) .67 :‬شان )خ(‪.‬‬

‫]‪[39‬‬

‫تسعى " )‪ (1‬يدل على أنه ل حقيقة للسحر‪ ،‬وإنما هو تخييل وتمويه‪ .‬قلنا‪ :‬يجوز أن‬
‫يكون سحرهم إيقاع ذلك التخيل وقد تحقق‪ ،‬ولو سلم فكون أثره في تلك‬
‫الصورة هو التخييل ل يدل على أنه ل حقيقة له أصل‪ .‬وأما الصابة بالعين‬
‫وهو أن يكون لبعض النفوس خاصية أنها إذا استحسنت شيئا لحقه الفة‪،‬‬
‫فثبوتها يكاد يجري مجرى المشاهدات التي ل تفتقر إلى حجة‪ .‬وقد قال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله " العين حق يدخل الرجل القبر والجمل القدر "‬
‫وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا‬
‫ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون )‪ - (2‬الية " نزلت في‬
‫ذلك‪ .‬وقالوا‪ :‬كان العين في بني أسد‪ ،‬فكان الرجل منهم يتجوع ثلثة أيام‪،‬‬
‫فل يمر به شئ يقول فيه " لم أر كاليوم " إل عانه‪ ،‬فالتمس الكفار من‬
‫بعض من كانت له هذه الصنعة أن يقول في رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫ذلك‪ ،‬فعصمه ال‪ .‬واعترض الجبائي أن القوم ما كانوا ينظرون إلى النبي‬
‫صلى ال عليه واله نظر استحسان بل مقت ونقص‪ .‬والجواب أنهم كانوا‬
‫يستحسنون منه الفصاحة وكثيرا من الصفات‪ ،‬وإن كانوا يبغضونه من‬
‫جهة الدين‪ .‬ثم للقائلين بالسحر والعين اختلف في جواز الستعانة بالرقى‬
‫والعوذ‪ ،‬وفي جواز تعليق التمائم‪ ،‬وفي جواز النفث والمسح‪ .‬ولكل من‬
‫الطرفين أخبار وآثار‪ ،‬والجواز هو الرجح‪ ،‬والمسألة بالفقهيات أشبه ‪-‬‬
‫انتهى ‪ .-‬وأقول‪ :‬الذي ظهر لنا مما مضى من اليات والخبار والثار أن‪.‬‬
‫للسحر تأثيرا ما في بعض الشخاص والبدان‪ ،‬كإحداث حب أو بغض أو‬
‫هم أو فرح‪ ،‬وأما تأثيره في إحياء شخص‪ ،‬أو قلب حقيقة إلى أخرى‪ ،‬كجعل‬
‫النسان بهيمة‪ ،‬فل ريب في نفيهما‪ ،‬وأنهما من المعجزات‪ .‬وكذا في كل ما‬
‫يكون من هذا القبيل‪ ،‬كإبراء‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .66 :‬القلم‪(*) .51 :‬‬

‫]‪[40‬‬

‫الكمه والبرص‪ ،‬وإسقاط يد بغير جارحة أو وصل يد مقطوع‪ ،‬أو إجراء الماء‬
‫الكثير من بين الصابع أو من حجر صغير وأشباه ذلك‪ .‬والظاهر أن الماتة‬
‫أيضا كذلك‪ ،‬فإنه بعيد أن يقدر النسان على أن يقتل رجل بغير ضرب‬
‫وجرح وسم وتأثير ظاهر في بدنه‪ ،‬وإن أمكن أن يكون ال تعالى جعل‬
‫لبعض الشياء تأثيرا في ذلك ونهى عن فعله‪ ،‬كما أنه سبحانه جعل الخمر‬
‫مسكرا ونهى عن شربه‪ ،‬وجعل الحديد قاطعا ومنع من استعماله في غير‬
‫ما أحله‪ ،‬وكذا التمريض‪ ،‬لكنه أقل استبعادا‪ .‬فان قيل‪ :‬مع تجويز ذلك يبطل‬
‫كثير من المعجزات‪ ،‬ويحتمل فيه السحر‪ .‬قلنا‪ :‬قد مر أن المعجزة تحدث‬
‫عند طلبها بل آلت وأدوات ومرور زمان يمكن فيه تلك العمال‪ ،‬بخلف‬
‫السحر‪ ،‬فإنه ل يحصل إل بعد استعمال تلك المور ومرور زمان‪ .‬وأيضا‬
‫الفرق بين السحر والمعجز ]ة[ بين عند العارف بالسحر وحقيقته ولذا حكم‬
‫بعض الصحاب بوجوب تعلمه كفاية‪ .‬ويروى عن شيخنا البهائي قدس ال‬
‫روحه أنه لو كان خروج الماء من بين أصابع النبي صلى ال عليه وآله‬
‫مع قبض يده وصم أصابعه إلى كفه كان يحتمل السحر‪ ،‬وأما مع بسط‬
‫الصابع وتفريجها فل يحتمل السحر‪ ،‬وذلك واضح وعند من له دربة )‪(1‬‬
‫في صناعة السحر‪ .‬وأيضا معجزات النبياء ل تقع على وجه تكون فيه‬
‫شبهة لحد‪ ،‬إل أن يقول معاند بلسانه ما ليس في قلبه‪ ،‬فإن الساحر ربما‬
‫يخيل ويظهر قطرات من الماء من بين أصابعه أو كفه أن من حجر صغير‪،‬‬
‫وأما أن يجري أنهار كبيرة بمحض ضرب العصا أو يروي كثيرا من الناس‬
‫والدواب بما يجري من بين أصابعه بل معاناة عمل أو استعانة بآلة‪ ،‬فهذا‬
‫مما يعرف كل عاقل أنه ل يكون من السحر‪ .‬وكذا إذا دعا على أحد فمات أو‬
‫مرض من ساعته‪ ،‬فإن مثل هذا ل يكون سحرا بديهة‪ .‬وأما جهة تأثيره فما‬
‫كان من قبيل التخييلت والشعبدة فأسبابها ظاهرة عند العاملين بها‬
‫تفصيل‪ ،‬وعند غيرهم إجمال‪ ،‬كما مر في سحر سحرة فرعون‪ ،‬واستعانتهم‬

‫)‪ (1‬درب دربا ودربة‪ :‬كان حاذقا في صناعته‪.‬‬

‫]‪[41‬‬

‫بالزئبق أو إرائتهم أشياء بسرعة اليد ل حقيقة لها‪ .‬وأما حدوث الحب والبغض‬
‫والهم وأمثالها‪ ،‬فالظاهر أن ال تعالى جعل لها تأثيرا وحرمها كما أومانأ‬
‫إليه‪ ،‬وهذا مما ل ينكره العقل‪ ،‬ويحتمل أن يكون للشياطين أيضا مدخل )‪(1‬‬
‫في ذلك‪ .‬ويقل أو يبطل تأثيرها بالتوكل والدعاء واليات والتعويذات‪ .‬ولذا‬
‫كان شيوع السحر والكهانة وأمثالهما في الفترات بين الرسل وخفاء آثار‬
‫النبوة واستيلء الشياطين أكثر‪ ،‬وتضعف وتخفى تلك المور عند نشر آثار‬
‫النبياء وسطوع أنوارهم كأمثال تلك الزمنة‪ ،‬فإنه ليس من دار ول بيت إل‬
‫وفيه مصاحف كثيرة وكتب جمة من الدعية والحاديث‪ ،‬وليس من أحد إل‬
‫ومعه مصحف أو عوذة أو سورة شريفة‪ ،‬وقلوبهم وصدورهم مشحونة‬
‫بذلك‪ ،‬فلذا ل نرى منها أثرا بينا في تلك البلد إل نادرا في البلهاء‬
‫والضعفاء والمنهمكين في المعاصي‪ ،‬وقد نسمع ظهور بعض آثارها في‬
‫أقاصي البلد‪ ،‬لظهور آثار الكفر وندور أنوار اليمان فيها‪ ،‬كأقاصي بلد‬
‫الهند والصين والترك‪ .‬وأما تأثير السحر في النبي والمام ‪ -‬صلوات ال‬
‫عليهما ‪ -‬فالظاهر عدم وقوعه وإن لم يقم برهان على امتناعه إذا لم ينته‬
‫إلى حد يخل بغرض البعثة‪ ،‬كالتخبيط والتخليط‪ ،‬فإنه إذا كان ال سبحانه‬
‫أقدر الكفار لمصالح التكليف على حبس النبياء والوصياء عليهم السلم‬
‫وضربهم وجرحهم وقتلهم بأشنع الوجوه فأي استحالة على أن يقدروا‬
‫على فعل يؤثر فيهم هما ومرضا ؟ لكن لما عرفت أن السحر يندفع بالعوذ‬
‫واليات والتوكل‪ ،‬وهم عليهم السلم معادن جميع ذلك‪ ،‬فتأثيره فيهم‬
‫مستبعد‪ ،‬والخبار الواردة في ذلك أكثرها عامية أو ضعيفة ومعارضة‬
‫بمثلها‪ ،‬فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل ذلك‪ .‬وأما ما يذكر من بلد‬
‫الترك أنهم يعملون ما يحدث به السحب والمطار فتأثير أعمال مثل هؤلء‬
‫الكفرة في الثار العلوية وما به نظام العالم مما يأبى عنه العقول‬

‫)‪ (1‬كذا‪.‬‬
‫]‪[42‬‬

‫السليمة‪ ،‬والفهام القويمة‪ ،‬ولم يثبت عندنا بخبر من يوثق بقوله‪ .‬وأما العين‬
‫فالظاهر من اليات والخبار أن لها تحققا أيضا‪ ،‬إما بأن جعل ال تعالى‬
‫لذلك تأثيرا وجعل علجه التوكل والتوسل باليات والدعية الواردة في ذلك‬
‫أو بأن ال تعالى يفعل في المعين فعل عند حدوث ذلك لضرب من‬
‫المصلحة‪ ،‬وقد أومأنا إلى وجه آخر فيما مر‪ .‬وبالجملة ل يمكن إنكار ذلك‬
‫رأسا‪ ،‬لما يشاهد من ذلك عينا‪ ،‬وورود الخبار به مستفيضا‪ ،‬وال يعلم‬
‫وحججه عليهم السلم حقائق المور‪ 2 .‬باب )حقيقة الجن واحوالهم( )‪(1‬‬
‫اليات النعام‪ :‬وجعلوا ل شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات‬
‫بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬ويوم يحشرهم‬
‫جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من النس وقال أولياؤهم من النس ربنا‬
‫استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين‬
‫فيها إل ما شاء ال إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا‬
‫بما كانوا يكسبون يا معشر الجن والنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون‬
‫عليكم‬

‫)‪ (1‬بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خير‬
‫خلقه محمد وآله‪ .‬يقول افقر العباد إلى رحمة ربه الباري عبد الرحيم‬
‫الربانى الشيرازي عفى عنه وعن والديه‪ :‬هذه تعليقة وجيزة عملت فيها‬
‫ايضاح بعض غرائب اللغة ومشكلتها مما لم يذكره المصنف قدس سره‬
‫وخرجت الحاديث من مصادرها وقابلت نصوصها عليها‪ ،‬وذكرت ما‬
‫اختلف فيها وربما شرحت بعض الحاديث واسانيدها مستعينا من ال‬
‫الموفق الصواب والسداد وراجيا منه العفو يوم الحساب انه ولى التوفيق‬
‫وعليه التكلن‪ (2) .‬النعام‪.100 :‬‬

‫]‪[43‬‬

‫آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحيوة الدنيا و‬
‫شهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين )‪ .(1‬العراف‪ :‬فلما ألقوا سحروا‬
‫أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم )‪ .(2‬الحجر‪ :‬والجان خلقناه‬
‫من قبل من نار السموم )‪ .(3‬الشعراء‪ :‬هل انبئكم على من تنزل الشياطين‪،‬‬
‫تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )‪ .(4‬النمل‪ :‬وحشر‬
‫لسليمان جنوده من الجن والنس والطير فهم يوزعون )‪ .(5‬وقال تعالى‪:‬‬
‫قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي‬
‫أمين )‪ .(6‬التنزيل‪ :‬لملئن جهنم من الجنة والناس أجمعين )‪ .(7‬سبأ‪ :‬ومن‬
‫الجن من يعمل بين يديه باذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب‬
‫السعير‪ ،‬يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور‬
‫راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور فلما قضينا عليه‬
‫الموت ما دلهم على موته إل دابة الرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن‬
‫أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )‪ .(8‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .130 - 128 :‬العراف‪ (3) .116 :‬الحجر‪ (4) .27 :‬الشعراء‪:‬‬
‫‪ (5) .123 - 121‬النمل‪ (6) .17 :‬النمل‪ (7) .39 :‬السجدة‪(8) .13 :‬‬
‫سبأ‪ (9) .14 - 12 :‬سبأ‪.41 :‬‬

‫]‪[44‬‬

‫الحقاف‪ :‬أولئك الذين حق عليهم القول في امم قد خلت من قبلهم من الجن والنس‬
‫إنهم كانوا خاسرين )‪ .(1‬وقال سبحانه‪ :‬وإذ صرفنا إليك نفرامن الجن‬
‫يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولو إلى قومهم‬
‫منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا لما بين‬
‫يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي ال‬
‫وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن ل يجب‬
‫داعي ال فليس بمعجز في الرض وليس له من دونه أولياء أولئك في‬
‫ضلل مبين )‪ .(2‬الرحمن وخلق الجان من مارج من نار )‪ .(3‬وقال‬
‫عزوجل‪ :‬يا معشر الجن والنس إن استطعتهم أن تنفذوا من أقطار‬
‫السموات والرض فانفذوا ل تنفذون إل بسلطان )‪ .(4‬وقال سبحانه‪ :‬ولمن‬
‫خاف مقام ربه جنتان )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬لم يطمثهن إنس قبلهم ول جان )‬
‫‪ (6‬في موضعين‪ .‬الجن‪ :‬قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا‬
‫سمعنا قرآنا عجبا )‪ (7‬إلى آخر السورة‪ .‬تفسير‪ " :‬وجعلوا ل شركاء الجن‬
‫" قال الرازي في تفسيره‪ :‬إن الذين أثبتوا الشريك ل فرق وطوائف‪:‬‬
‫فالولى عبدة الصنام فهم يقولون‪ :‬الصنام شركاء ل في المعبودية‬
‫ولكنهم‬

‫)‪ (1‬الحقاف‪ (2) .18 :‬الحقاف‪ (3) .32 - 29 :‬الرحمن‪ (4) .15 :‬الرحمن‪.33 :‬‬
‫)‪ (5‬الرحمن‪ (6) .46 :‬الرحمن‪ 56 :‬و ‪ (7) .74‬الجن‪.28 - 1 :‬‬

‫]‪[45‬‬
‫يعترفون )‪ (1‬بأن هذه الصنام ل قدرة لها على الخلق واليجاد والتكوين‪ .‬والثانية‬
‫الذين يقولون مدبر هذا العالم هو الكواكب‪ ،‬وهؤلء فريقان منهم من يقول‪:‬‬
‫إنها واجبة الوجود لذواتها )‪ ،(2‬ومنهم من يقول إنها ممكنة الوجود‬
‫محدثة )‪ (3‬وخالقها هو ال تعالى‪ ،‬إل أنه سبحانه فوض تدبير هذا العالم‬
‫السفل إليها وهم الذين ناظرهم الخليل )‪ .(4‬والثالثة من المشركين الذين‬
‫قالوا‪ :‬لجملة هذا العالم بما فيه من السماوات والرض إلهان‪ :‬أحدهما‬
‫فاعل الخير‪ ،‬وثانيهما فاعل الشر‪ ،‬والمقصود من هذه الية حكاية مذهب‬
‫هؤلء‪ ،‬فروي عن ابن عباس أنه قال قوله تعالى " وجعلوا ل شركاء‬
‫الجن نزلت في الزنادقة الذين قالوا إن ال وإبليس أخوان‪ ،‬فال تعالى‬
‫خالق النار والدواب والنعام والخيرات‪ ،‬وإبليس خالق السباع والحيات‬
‫والعقارب والشرور‪ .‬واعلم أن هذا القول الذي ذكره ابن عباس أحسن‬
‫الوجوه المذكورة في هذه الية لن بهذا الوجه يحصل لهذه الية مزيد‬
‫فائدة لما سبق ذكره في اليات المتقدمة قال ابن عباس‪ :‬والذي يقوي هذا‬
‫الوجه قوله تعالى " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا )‪ " (5‬وإنما وصف‬
‫بكونه من الجن لن لفظ الجن مشتق من الستتار‪ ،‬والملئكة والروحانيون‬
‫ل يرون بالعيون‪ ،‬فصارت كأنها مستترة من العيون فبهذا )‪ (6‬اطلق لفظ‬
‫الجن عليها‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬معترفون‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لذاتها‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ممكنة‬
‫الوجود لذواتها محدثة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وهؤلء هم الذين حكى ال‬
‫عنهم أن الخليل صلى ال عليه وآله وسلم ناظرهم بقوله‪ :‬ل احب الفلين‪.‬‬
‫)‪ (5‬الصافات‪ .158 :‬قد سقطت هذه الية عن قلمه الشريف‪ ،‬وكان يلزم‬
‫أن يذكرها تلو اليات‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فبهذا التأويل‪.‬‬

‫]‪[46‬‬

‫وأقول‪ :‬هذا مذهب المجوس وإنما قال ابن عباس‪ :‬هذا قول الزنادقة‪ ،‬لن المجوس‬
‫يلقبون بالزنادقة لن الكتاب الذي زعم زردشت )‪ (1‬أنه نزل عليه من عند‬
‫ال مسمى بالزند والمنسوب إليه يسمى بالزندي )‪ (2‬ثم عرب فقيل زنديق‪،‬‬
‫ثم جمع فقيل زنادقة‪ .‬واعلم أن المجوس قالوا‪ :‬كل ما في هذا العالم من‬
‫الخيرات فهو من يزدان وكل ما فيه من الشرور من أهرمن‪ ،‬وهو المسمى‬
‫بابليس في شرعنا‪ ،‬ثم اختلفوا فالكثرون منهم على أن أهرمن محدث‪،‬‬
‫ولهم في كيفية حدوثه أقوال عجيبة‪ ،‬والقلون منهم قالوا إنه قديم أزلي‪،‬‬
‫وعلى القولين فقد اتفقوا على أنه شريك ل في تدبير العالم فخيرات هذا‬
‫العالم من ال وشروره من إبليس‪ .‬فان قيل‪ :‬فعلى هذا التقدير القوم أثبتوا‬
‫ل شريكا واحدا وهو إبليس‪ ،‬فكيف حكى ال عنهم أنهم أثبتوا ل شركاء ؟‬
‫والجواب أنهم يقولون عسكر ال هم الملئكة وعسكر إبليس هم‬
‫الشياطين‪ ،‬والملئكة فيهم كثرة عظيمة‪ ،‬وهم أرواح طاهرة مقدسة وهي )‬
‫‪ (3‬تلهم الرواح البشرية بالخيرات والطاعات‪ ،‬والشياطين أيضا فيهم كثرة‬
‫عظيمة وهي تلقي الوسواس الخبيثة إلى الرواح البشرية‪ ،‬وال مع‬
‫عسكره من الملئكة يحاربون إبليس مع عسكره من الشياطين‪ ،‬فلهذا‬
‫السبب حكى ال عنهم أنهم أثبتوا ل شركاء من الجن‪ .‬فإذا عرفت هذا‬
‫فقوله " وخلقهم " إشارة إلى الدليل القاطع الدال على فساد كون إبليس‬
‫شريكا ل في ملكه‪ ،‬وتقريره من وجهين‪ :‬الول أنا نقلنا عن المجوس أن‬
‫الكثرين منهم معترفون بأن إبليس ليس بقديم بل هو محدث وكل محدث‬
‫فله خالق وما ذاك إل ال سبحانه‪ ،‬فيلزمهم القطع‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬زرادشت‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بالزندى‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وهم‬
‫يلهمون تلك الرواح‪.‬‬

‫]‪[47‬‬

‫بأن خالق إبليس هو ال تعالى‪ ،‬ولما كان إبليس أصل لجميع الشرور والقبائح )‪(1‬‬
‫فيلزمهم أن إله العالم هو الخالق لما هو أصل الشرور والمفاسد‪ ،‬وإذا كان‬
‫كذلك امتنع عليهم أن يقولوا لبد من إلهين يكون أحدهما فاعل الخيرات‪،‬‬
‫والثاني فاعل للشرور وبهذا الطريق ثبت أن إله الخير هو بعينه الخالق‬
‫لهذا الذي هو الشر العظم‪ .‬والثاني ما بينا في كتبنا )‪ (2‬أن ما سوى‬
‫الواحد ممكن لذاته‪ ،‬وكل ممكن لذاته فهو محدث‪ ،‬ينتج أن ما سوى الواحد‬
‫الحد الحق فهو محدث‪ ،‬فيلزم القطع بأن إبليس وجميع جنوده موصوفون‬
‫بالحدوث‪ ،‬وحصول الوجود بعد العدم‪ ،‬فيعود اللزام المذكور على ما قررنا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المراد بالية أن الكفار كانوا يقولون الملئكة بنات ال وأطلق الجن‬
‫عليهم لكونهم مستترين عن العين‪ ،‬وقال الحسن وطائفة‪ :‬إن المراد أن‬
‫الجن دعوا الكفار إلى عبادة الصنام‪ ،‬وإلى القول بالشرك فقبلوا من الجن‬
‫هذا القول‪ ،‬وأطاعوهم فصاروا من هذا الوجه قائلين بكون الجن شركاء‬
‫ل‪ ،‬والحق هو القول الول )‪ " .(3‬وخرقوا له بنين " قال الفراء‪ :‬معنى‬
‫خرقوا‪ :‬افتعلوا وافتروا‪ ،‬فاما الذين أثبتوا البنين فهم النصارى‪ ،‬وقوم من‬
‫اليهود‪ ،‬وأما الذين أثبتوا البنات فهم العرب‪ ،‬قالوا الملئكة بنات ال‪،‬‬
‫وقوله‪ :‬بغير علم " كالتنبيه على ما هو الدليل القاطع على فساد هذا‬
‫القول‪ ،‬لن الولد )‪ (4‬يشعر بكونه متولدا عن جزء من أجزاء الوالد‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لجميع الشرور والفات والمفاسد والقبائح‪ .‬والمجوس سلموا ان‬
‫خالقه هو ال تعالى فحينئذ قد سلموا ان اله العالم هو الخالق لما هو اصل‬
‫الشرور والقبائح والمفاسد‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬في هذا الكتاب وفى كتاب‬
‫الربعين في اصول الدين‪ (3) .‬التفسير الكبير ‪،115 - 112 :13‬‬
‫اختصره رحمه ال في بعض المواضع‪ (4) .‬ذكر الرازي في فساد هذا‬
‫القول وجوه‪ ،‬والذى ذكره المصنف هو الوجه الثالث اما الولن فقال‬
‫الرازي‪ :‬الحجة الولى‪ :‬ان ال له يجب ان يكون واجب الوجود لذاته‬
‫فولده اما ان يكون واجب الوجود لذاته أو ل يكون‪ ،‬فان كان واجب‬
‫الوجود لذاته ‪- - -‬‬

‫]‪[48‬‬

‫وذلك إنما يعقل في حق من يكون مركبا ويمكن انفصال بعض أجزائه عنه‪ ،‬وذلك‬
‫في حق الحد )‪ (1‬الفرد محال‪ .‬فحاصل الكلم أن من علم أن الله ما‬
‫حقيقته‪ ،‬استحال أن يقول‪ :‬له ولد‪ ،‬فقوله‪ " :‬بغير علم " إشارة إلى هذه‬
‫الدقيقة‪ ،‬وسبحانه " تنزيه ل عن كل ما ل يليق به " وتعالى " أي هو‬
‫متعال عن كل اعتقاد باطل )‪ ،(2‬وقول فاسد )‪ .(3‬قوله سبحانه " ويوم‬
‫يحشرهم جميعا " أي جميع الخلق أو النس والجن " يا معشر الجن " أي‬
‫يا جماعة الجن " قد استكثرتم من النس " أي من إغوائهم وإضللهم‪ ،‬أو‬
‫منهم بأن جعلتموهم أتباعكم فحشروا معكم " وقال أولياؤهم من النس "‬
‫الذين أطاعوهم " ربنا استمتع بعضنا ببعض " أي انتفع النس بالجن بأن‬
‫دلوهم على الشهوات وما يتوصل به إليها‪ ،‬والجن بالنس بأن أطاعوهم‬
‫وحصلوا مرادهم وقيل استمتاع النس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم في‬
‫المفاوز عند المخاوف واستمتاعهم بالنس اعتراف بأنهم يقدرون على‬
‫إجارتهم‪ " .‬وبلغنا أجلنا الذي أجلت " أي البعث " وكذلك نولي بعض‬
‫الظالمين بعضا "‬

‫‪ - - - - -‬كان مستقل بنفسه قائما بذاته ل تعلق له في وجوده بالخر‪ ،‬ومن كان‬
‫كذلك لم يكن والد له البتة لن الولد مشعر بالفرعية والحاجة‪ ،‬واما ان‬
‫كان ذلك الولد ممكن الوجود لذاته فحينئذ يكون وجوده بايجاد واجب‬
‫الوجود لذاته‪ ،‬ومن كان كذلك فيكون عبد ال ل والدا له فثبت ان من‬
‫عرف ان الله ما هو امتنع منه ان يثبت له البنات والبنين‪ .‬الحجة الثانية‬
‫ان الولد يحتاج إليه ان يقوم مقامه بعد فنائه‪ ،‬وهذا يعقل في حق من‬
‫يفنى‪ ،‬اما من تقدس عن ذلك لم يعقل الولد في حقه‪ (1) .‬في المصدر‪ :‬في‬
‫حق الواحد الفرد الواجب لذاته محال‪ (2) .‬فيه اختصار والموجود في‬
‫المصدر‪ :‬واما قوله‪) :‬وتعالى( فل شك انه ل يفيد العلو في المكان‪ ،‬لن‬
‫المقصود هاهنا تنزيه ال تعالى عن هذه القوال الفاسدة والعلو في‬
‫المكان ل يفيد هذا المعنى فثبت ان المراد هاهنا التعالى عن كل اعتقاد‬
‫باطل وقول فاسد‪ (3) .‬التفسير الكبير ‪ 116 :13‬و ‪.117‬‬

‫]‪[49‬‬

‫أي نكل بعضهم إلى بعض‪ ،‬أو يجعل )‪ (1‬بعضهم يتولى بعضا فيغويهم أو أولياء‬
‫بعض وقرنائهم في العذاب‪ ،‬كما كانوا في الدنيا‪ " .‬ألم يأتكم رسل منكم "‬
‫قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬قوله " منكم " وإن كان خطابا لجميعهم والرسل‬
‫من النس خاصة فانه يحتمل أن يكون لتغليب أحدهما على الخر‪ ،‬كما قال‬
‫سبحانه‪ " :‬يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان )‪ " (2‬وإن كان اللؤلؤ يخرج‬
‫من الملح دون العذاب‪ ،‬وكما يقال أكلت الخبز واللبن‪ ،‬وإنما يأكل الخبز‬
‫ويشرب اللبن‪ ،‬وهو قول أكثر المفسرين‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه أرسل رسل إلى الجن‬
‫كما أرسل إلى النس عن الضحاك‪ ،‬وعن الكلبى كان الرسل يرسلون إلى‬
‫النس ثم بعث محمد صلى ال عليه وآله إلى النس والجن وقال ابن‬
‫عباس إنما بعث الرسول من النس ثم كان يرسل هو إلى الجن رسول من‬
‫الجن‪ ،‬وقال مجاهد الرسل من النس والنذر من الجن )‪ .(3‬وأقول‪ :‬قد مر‬
‫تفسير اليات في كتاب المعاد‪ .‬وقال الرازي في قوله تعالى‪ " :‬سحروا‬
‫أعين الناس "‪ :‬احتج بهذه الية القائلون بأن السحر محض التمويه‪ :‬قال‬
‫القاضي لو كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم ل أعينهم فثبت أن‬
‫المراد أنهم تخيلوا أحوال عجيبة مع أن المر في الحقيقة ما كان على ما‬
‫وفق ما تخيلوه )‪ " .(4‬والجان " قال البيضاوي‪ :‬أي الجن‪ .‬وقيل‪ :‬إبليس‬
‫ويجوز أن يراد به كون الجنس بأسره مخلوقا منها‪ ،‬وانتصابه بفعل يفسره‬
‫" خلقناه من قبل " أي من قبل خلق النسان " من نار السموم " أي من‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬أو نجعل‪ (2) .‬الرحمن‪ (3) .22 :‬مجمع البيان ‪ .367 :4‬أقول‪:‬‬
‫هذه كلها اقوال من غير دليل‪ (4) .‬التفسير الكبير ‪.203 :14‬‬

‫]‪[50‬‬

‫نار الحر الشديد النافذ في المسام‪ ،‬ول يمتنع خلق الحياة في الجرام البسيطة كما ل‬
‫يمتنع خلقها في الجواهر المجردة‪ ،‬فضل عن الجساد المؤلفة التي الغالب‬
‫فيها الجزء الناري‪ ،‬فانها أقبل لها من التي الغالب فيها الجزء الرضي‪،‬‬
‫وقوله‪ :‬من نار " باعتبار الجزء الغالب كقوله " خلقكم من تراب " )‪.(1‬‬
‫وقال الرازي‪ :‬اختلفوا في أن الجان من هو ؟ قال عطاء‪ :‬عن ابن عباس‪:‬‬
‫يريد إبليس‪ ،‬وهو قول الحسن ومقاتل وقتادة‪ .‬وقال ابن عباس في رواية‬
‫أخرى‪ :‬الجان هو أبو الجن‪ ،‬وهو قول الكثرين وسمي جانا لتواريه عن‬
‫العين كما سمي الجن جنا لهذا السبب )‪ ،(2‬والجنين متوار في بطن امه‪،‬‬
‫ومعنى الجان في اللغة الساتر من قولك جن الشئ إذا ستره فالجان‬
‫المذكور هنا يحتمل أن يكون جانا لنه يستر نفسه عن بني )‪ (3‬آدم أو‬
‫يكون من باب الفاعل الذي يراد به المفعول‪ ،‬كما تقول في لبن وتامر وماء‬
‫دافق وعيشة راضية‪ ،‬واختلفوا في الجن فقال بعضهم إنه جنس غير‬
‫الشياطين‪ ،‬والصح أن الشياطين قسم من الجن‪ ،‬فكل من كان منهم مؤمنا‬
‫فانه ل يسمى بالشيطان‪ ،‬وكل من كان منهم كافرا يسمى بهذا السم‪.‬‬
‫والدليل على صحة ذلك أن لفظ الجن مشتق من الجتنان بمعنى الستتار‬
‫فكل من كان كذلك كان من الجن‪ .‬والسموم في اللغة الريح الحارة تكون‬
‫بالنهار‪ ،‬وقد تكون بالليل‪ ،‬وعلى هذا فالريح الحارة فيها نار ولها لهب‪،‬‬
‫على ما ورد في الخبر أنها من فيح جهنم )‪ (4‬قيل‪ :‬سميت سموما لنها‬
‫بلطفها تدخل مسام البدن‪ ،‬وهي الخروق الخفية التي تكون‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ 647 :1‬فيه‪ :‬ابا الجن‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬كما سمى الجنين جنينا‬
‫لهذا السبب‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬عن اعين بنى آدم‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فالريح الحارة فيها نار ولها لفح وأوار على ما ورد في الخبر انها لفح‬
‫جهنم‪.‬‬

‫]‪[51‬‬

‫في جلد النسان يبرز منها عرقه وبخار باطنه‪ .‬قال ابن مسعود‪ :‬هذا السموم جزء‬
‫من سبعين جزءا من السموم التي منها الجان )‪ (1‬وتل هذه الية‪ .‬فان قيل‪:‬‬
‫كيف يعقل حصول الحيوان )‪ (2‬من النار ؟ قلنا هذا على مذهبنا ظاهر لن‬
‫البنية عندنا ليست شرطا لمكان حصول الحياة‪ ،‬فإنه تعالى قادر على خلق‬
‫الحياة والعقل والعلم في الجوهر الفرد‪ ،‬وكذلك يكون قادرا على خلق الحياة‬
‫والعقل في الجسم الحار )‪ " .(3‬هل انبئكم " قال البيضاوي‪ :‬لما بين أن‬
‫القرآن ل يصح أن يكون مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك بأن بين أن‬
‫محمدا " صلى ال عليه وآله ل يصح أن يتنزلوا عليه من وجهين أحدهما‬
‫أنه إنما يكون )‪ (4‬على شرير كذاب كثير الثم فان اتصال النسان‬
‫بالغائبات لما بينهما من التناسب والتواد‪ ،‬وحال محمد صلى ال عليه وآله‬
‫على خلف ذلك‪ ،‬وثانيهما قوله‪ " :‬يلقون السمع وأكثرهم كاذبون " أي‬
‫الفاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم ظنونا وأمارات لنقصان‬
‫علمهم فينضمون إليها على حسب تخيلتهم أشياء ل يطابق أكثرها كما‬
‫جاء في الحديث الكلمة يختطفها الجني فيقرؤها )‪ (5‬في اذن وليه فيزيد‬
‫فيها أكثر من مائة كذبة ول كذلك محمد صلى ال عليه وآله فانه أخبر عن‬
‫مغيبات كثيرة ل تحصى وقد طابق كلها‪ .‬وقد فسر الكثر بالكل‪ ،‬كقوله " كل‬
‫أفاك " والظهر أن الكثرية باعتبار أقوالهم على معنى أن هؤلء قل من‬
‫يصدق منهم فيما يحكي عن الجني وقيل الضماير للشياطين أي يلقون‬
‫السمع إلى الملء العلى قبل أن رجموا فيختطفون منهم بعض المغيبات‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬خلق ال بها الجان‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬خلق الجان‪ (3) .‬التفسير‬
‫الكبير ‪ 180 :19‬و ‪ (4) .181‬في المصدر‪ :‬ل يصلح لن تنزلوا عليه من‬
‫وجهين احدهما انه يكون‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فيقرها‪.‬‬

‫]‪[52‬‬

‫" يوحون )‪ (1‬إلى أوليائهم " أي يلقون مسموعهم منهم إلى أوليائهم " وأكثرهم‬
‫كاذبون " فيما يوحون به إليهم إذ يسمعونهم ل على نحو ما تكلمت به‬
‫الملئكة لشرارتهم أو لقصور فهمهم أو ضبطهم أو أفهامهم )‪ .(2‬قال "‬
‫عفريت " قال البيضاوي‪ :‬خبيث مارد " من الجن " بيان له لنه يقال‬
‫للرجل الخبيث المنكر المعفر أقرانه وكان اسمه ذكوان أو صخر )‪ " (3‬قبل‬
‫أن تقوم من مقامك " مجلسك للحكومة‪ ،‬وكان يجلس إلى نصف النهار "‬
‫وإني عليه " على حمله " لقوي أمين " ل أختزل منه شيئا ول ابدله‬
‫انتهى )‪ .(4‬قوله تعالى‪ " :‬من الجنة " يدل على أن الجن مكلفون‬
‫ومعذبون بالنار مع سائر الكفار‪ " .‬ومن الجن من يعمل بين يديه باذن ربه‬
‫" قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬المعنى وسخرنا له من الجن من يعمل )‪(5‬‬
‫بحضرته وأمام عينه ما يأمرهم به من العمال كما يعمل الدمي بين يدي‬
‫الدمي بأمر ربه تعالى‪ ،‬وكان يكلفهم العمال الشاقة مثل عمل الطين‬
‫وغيره‪ :‬وقال ابن عباس‪ :‬سخرهم ال لسليمان وأمرهم بطاعته فيما‬
‫يأمرهم به‪ ،‬وفي هذا دللة على أنه قد كان من الجن من هو غير مسخر‬
‫له‪ " .‬ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير " أي ومن يعدل‬
‫من هؤلء الجن الذين سخرناهم لسليمان عما أمرناهم به من طاعة‬
‫سليمان " نذقه من عذاب السعير " أي عذاب النار في الخرة عن أكثر‬
‫المفسرين‪ .‬وفي هذا دللة على أنهم قد كانوا مكلفين‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬يوحون به‪ (2) .‬انوار التنزيل ‪ (3) .190 :2‬في المصدر‪ :‬أو‬
‫صخرا‪ (4) .‬انوار التنزيل‪ (5) .199 :2 :‬في المصدر‪ :‬من يعمل له‪.‬‬

‫]‪[53‬‬

‫وقيل‪ :‬معناه‪ :‬نذيقه العذاب في الدنيا‪ ،‬وأن ال سبحانه وكل بهم ملكا بيده سوط من‬
‫نار‪ ،‬فمن زاغ منهم عن طاعة سليمان ضربه ضربة أحرقته‪ " .‬يعملون له‬
‫ما يشاء من محاريب " وهي بيوت الشريعة‪ .‬وقيل‪ :‬هي القصور‬
‫والمساجد يتعبد فيها‪ ،‬وكان مما عملوه بيت المقدس " وتماثيل " يعني‬
‫صورا من نحاس وشبه‪ ،‬وزجاج‪ ،‬ورخام‪ ،‬كانت الجن تعملها‪ .‬وقال بعضهم‬
‫)‪ (1‬كانت صورا للحيوانات‪ .‬وقال آخرون‪ :‬كانوا يعملون صور السباع‬
‫والبهائم على كرسيه ليكون أهيب له‪ .‬قال الحسن‪ :‬ولم يكن يومئذ‬
‫التصاوير محرمة‪ ،‬وهي محظورة في شريعة نبينا صلى ال عليه وآله‪.‬‬
‫وقال ابن عباس‪ :‬كانوا يعملون صور النبياء والعباد في المساجد ليقتدي‬
‫بهم‪ ،‬وروي عن الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬وال ما هي تماثيل الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬ولكنها الشجر وما أشبهه‪ " .‬وجفان كالجواب " أي صحاف‬
‫كالحياض يجبى فيها الماء أي‪ :‬يجمع‪ .‬وقيل‪ :‬إنه كان يجتمع على كل جفنة‬
‫ألف رجل يأكلون بين يديه " وقدور راسيات " أي ثابتات ل تزلن عن‬
‫أمكنتهن لعظمتهن " فلما قضينا عليه الموت " أي فلما حكمنا على‬
‫سليمان بالموت‪ .‬وقيل‪ :‬معناه أوجبنا على سليمان )‪ " (2‬ما دلهم على‬
‫موته إل دابة الرض تأكل منسأته " أي ما دل الجن على موته إل‬
‫الرضة‪ ،‬ولم يعلموا موته حتى أكلت عصاه فسقط فعلموا أنه ميت‪ .‬وروى‬
‫أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن سليمان أمر الشياطين فعملوا‬
‫له قبة من قوارير فبينما هو قائم متكئ على عصاه في القبة ينظر إلى‬
‫الجن كيف يعملون‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ثم اختلفوا فقال بعضهم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬على سليمان الموت‪.‬‬

‫]‪[54‬‬

‫وهم ينظرون إليه ل يصلون إليه إذا رجل معه في القبة‪ ،‬فقال‪ :‬من أنت ؟ قال‪ :‬أنا‬
‫الذي ل أقبل الرشى‪ ،‬ول أهاب الملوك‪ ،‬فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه‬
‫في القبة‪ .‬قال‪ :‬فمكثوا سنة يعملون له حتى بعث ال الرضة فأكلت‬
‫منسأته‪ .‬وفي حديث آخر عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬فكان آصف‬
‫يدبر أمره حتى دبت الرضة " فلما خر " أي سقط سليمان ميتا " تبينت‬
‫الجن " أي ظهرت الجن فانكشفت )‪ (1‬للناس " أن لو كانوا يعلمون الغيب‬
‫ما لبثوا في العذاب المهين " معناه في العمال الشاقة‪ .‬وقيل‪ :‬إن المعنى‬
‫تبينت عامة الجن وضعفاؤهم أن رؤساءهم ل يعلمون الغيب لنهم كانوا‬
‫يوهمونهم أنهم يعلمون الغيب‪ .‬وقيل معناه‪ :‬تبينت النس أن الجن كانوا ل‬
‫يعلمون الغيب فانهم كانوا يوهمون النس أنا نعلم الغيب‪ ،‬وإنما قال‪" :‬‬
‫تبينت الجن " كما يقول من يناظر غيره ويلزمه الحجة‪ :‬هل تبين لك أنك‬
‫باطل ؟ )‪ (2‬ويؤيده قراءة علي بن الحسين‪ ،‬وأبي عبد ال عليهما السلم‪،‬‬
‫وابن عباس‪ ،‬والضحاك " تبينت النس " )‪ (3‬وأما الوجه في عمل الجن‬
‫تلك العمال العظيمة‪ ،‬فهو أن ال تعالى زاد في أجسامهم وقوتهم وغير‬
‫خلقهم عن خلق الجن الذين ل يرون للطافتهم ورقة أجسامهم على سبيل‬
‫العجاز الدال على نبوة سليمان‪ ،‬فكانوا بمنزلة السراء في يده‪ ،‬وكانوا‬
‫يتهيأ لهم العمال التي كان يكلفها إياهم‪ ،‬ثم لما مات عليه السلم جعل ال‬
‫خلقهم على ما كانوا عليه فل يتهيأ لهم في هذا الزمان من ذلك شئ )‪.(4‬‬
‫وقال في قوله تعالى‪ " :‬بل كانوا يعبدون الجن " بطاعتهم إياهم فيما‬
‫دعوهم إليه من عبادة الملئكة‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فانكشف‪ (2) .‬في المصدر على باطل‪ (3) .‬ذكر الطبرسي هذه‬
‫القراءة في بحث القراءة‪ (4) .‬مجمع البيان ‪ 380 :8‬و ‪.384 - 382‬‬

‫]‪[55‬‬

‫وقيل‪ :‬المراد بالجن إبليس وذريته وأعوانه‪ " .‬أكثرهم بهم مؤمنون " مصدقون‬
‫بالشياطين مطيعون لهم )‪ .(1‬وقال في قوله تعالى‪ " :‬فحق عليهم القول )‬
‫‪ " (2‬أي كلمة العذاب " في أمم " أي مع امم " قد خلت من قبلهم من‬
‫الجن والنس " على مثل حالهم واعتقادهم‪ .‬قال قتادة‪ :‬قال الحسن‪ :‬الجن‬
‫ل يموتون‪ ،‬فقلت‪ " :‬اولئك الذين حق عليهم القول في امم " الية تدل‬
‫على خلفه )‪ .(3‬قوله تعالى‪ " :‬وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن " قال‬
‫الرازي في كيفية هذه الواقعة قولن‪ :‬الول‪ :‬قال سعيد بن جبير‪ :‬كانت‬
‫الجن تستمع فلما رجموا قالوا‪ :‬هذا الذي حدث في السماء إنما حدث لشئ‬
‫حدث في الرض‪ ،‬فذهبوا يطلبون السبب‪ .‬وكان قد اتفق أن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله لما آيس من أهل مكة أن يجيبوه خرج إلى الطائف ليدعوهم إلى‬
‫السلم‪ ،‬فلما انصرف إلى مكة وكان ببطن نخلة )‪ (4‬أقام به يقرأ القرآن‪،‬‬
‫فمر به نفر من أشراف جن نصيبين كان ابليس بعثهم ليعرف )‪ (5‬السبب‬
‫الذي أوجب حراسة السماء بالرجم فتسمعوا )‪ (6‬القرآن وعرفوا أن ذلك‬
‫السبب‪ .‬الثاني‪ :‬أن ال أمر رسوله أن ينذر الجن ويدعوهم إلى ال تعالى‬
‫ويقرأ عليهم القرآن‪ ،‬فصرف ال تعالى إليه نفرا من الجن ليسمعوا )‪(7‬‬
‫القرآن وينذروا قومهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .395 :8‬هكذا في النسخ المطبوعة‪ ،‬والمخطوطة خيالة‬
‫عنه‪ ،‬والصحيح‪] :‬حق عليهم[ كما في المصحف الشريف‪ (3) .‬مجمع‬
‫البيان ‪ (4) .87 :9‬في المصدر‪ :‬قام يقرأ القرآن في صلة الفجر‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ليعرفوا‪ (6) .‬في النسخة المطبوعة بتبريز‪] :‬فتستمعوا[ وفى‬
‫المصدر‪ :‬فسمعوا القرآن وعرفوا ان ذلك هو السبب‪ (7) .‬في المصدر‪:‬‬
‫ليستمعوا منه‪.‬‬
‫]‪[56‬‬

‫ويتفرع على ما ذكرناه فروع‪ :‬الول‪ :‬نقل القاضي في تفسيره عن الجن‪ :‬أنهم كانوا‬
‫يهودا لن في الجن ملل كما في النس من اليهود والنصارى والمجوس‬
‫وعبدة الوثان )‪ (2‬وأطبق المحققون على أن الجن مكلفون‪ ،‬سئل ابن‬
‫عباس هل للجن ثواب ؟ قال‪ :‬نعم لهم ثواب وعليهم عذاب‪ (3) ،‬يلتقون في‬
‫الجنة ويزدحمون على أبوابها‪ .‬الثاني‪ :‬قال صاحب الكشاف‪ :‬النفر‪ :‬دون‬
‫العشرة ويجمع أنفارا‪ ،‬ثم روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس أن اولئك‬
‫الجن كانوا سبعة أنفار من أهل نصيبين فجعلهم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله رسل إلى قومهم‪ .‬وعن زر بن حبيش‪ ،‬كانوا تسعة أحدهم زوبعة )‪.(4‬‬
‫الثالث‪ :‬اختلفوا في أنه هل كان عبد ال بن مسعود مع النبي صلى ال عليه‬
‫وآله ليلة الجن أم ل ؟ والروايات فيه مختلفة‪ .‬الرابع‪ :‬روى القاضي في‬
‫تفسيره عن أنس قال‪ :‬كنت مع النبي صلى ال عليه وآله في جبال مكة إذ‬
‫أقبل شيخ متوكئ على عكازة فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬مشية جني‬
‫ونغمته‪ ،‬فقال‪ :‬أجل‪ ،‬فقال‪ :‬من أي الجن أنت ؟ فقال‪ :‬أنا هامة بن هيم بن‬
‫لقيس بن إبليس‪ ،‬فقال‪ :‬ل أرى بينك وبين إبليس إل أبوين‪ ،‬فكم أتى‬
‫عليك ؟ قال‪ :‬أكلت عمر الدنيا إل أقلها‪ ،‬وكنت وقت قابيل وهابيل )‪ (5‬أمشي‬
‫بين الكام وذكر كثيرا مما مر به‪ ،‬وذكر في جملته أن قال‪ :‬قال لي عيسى‪:‬‬
‫إن لقيت محمدا " صلى ال عليه وآله‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬نقل عن القاضى في تفسيره الجن‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وعبدة‬
‫الصنام‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وعليهم عقاب‪ (4) .‬في المخطوطة‪] :‬ذويقة[‬
‫وفى المصدر‪] :‬ذويعة[ ولعل الصحيح ما في المتن وهو يناسب معناه‬
‫اللغوى وهو هيجان الرياح وتصاعدها إلى السماء يقال له بالفارسية‪:‬‬
‫گردباد‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وقت قتل قابيل‪.‬‬

‫]‪[57‬‬

‫فاقرأه عني السلم‪ ،‬وقد بلغت سلمه وآمنت بك )‪ (1‬فقال‪ :‬إن موسى عليه السلم‬
‫علمني التوارة وعيسى عليه السلم علمني النجيل‪ ،‬فعلمني القرآن !‬
‫فعلمه عشر سور‪ ،‬وقبض رسول ال صلى ال عليه وآله ولم تتمه )‪.(2‬‬
‫واختلفوا في تفسير قوله‪ " :‬وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن " فقال‬
‫بعضهم‪ :‬لما لم يقصد الرسول قراءة القرآن عليهم فهو تعالى ألقى في‬
‫قلوبهم ميل إلى القرآن وداعية إلى استماعه‪ .‬فلهذا السبب قال‪ " :‬وإذ‬
‫صرفنا إليك نفرا من الجن "‪ " .‬فلما حضروه " الضمير للقرآن أو‬
‫للرسول " قالوا " أي قال بعضهم لبعض‪ " :‬انصتوا " أي اسكتوا‬
‫مستمعين‪ ،‬فلما فرغ من القراءة " ولوا إلى قومهم منذرين " ينذرونهم‪،‬‬
‫وذلك ل يكون إل بعد إيمانهم‪ ،‬لنهم ل يدعون غيرهم إلى استماع القرآن‬
‫والتصديق به إل وقد آمنوا بوعيده )‪ " .(3‬قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا "‬
‫الخ وصفه )‪ (4‬بوصفين‪ :‬الول‪ :‬كونه مصدقا لكتب النبياء عليهم السلم‪،‬‬
‫فهو يماثل سائر الكتب اللهية في الدعوة إلى المطالب العالية الشريفة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن هذه المطالب حقة في أنفسها )‪ ،(5‬يعلم كل أحد بصريح عقله‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر بعد ذلك‪ :‬فقال عليه السلم‪ :‬وعلى عيسى السلم وعليك يا‬
‫هامة‪ ،‬ما حاجتك‪ (2) .‬في المخطوطة‪] :‬ولم يتمه[ وفى المصدر‪ :‬ولم ينعه‬
‫قال عمر بن الخطاب‪ :‬ول اراه ال حيا‪ (3) .‬في المصدر‪] :‬فعنده[ مكان‬
‫بوعيده‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ووصفوه‪ (5) .‬الموجود في المصدر هكذا‪:‬‬
‫الول‪ :‬كونه مصدقا لما بين يديه‪ ،‬أي مصدقا لكتب النبياء‪ ،‬والمعنى ان‬
‫كتب سائر النبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد والنبوة والمعاد‬
‫والمر بتطهير الخلق فكذلك هذا الكتاب مشتمل على هذه المعاني‪.‬‬
‫الثاني قوله‪] :‬يهدى إلى الحق والى طريق مستقيم[ واعلم ان الوصف‬
‫الول يفيد ان هذا الكتاب يماثل‬

‫]‪[58‬‬

‫كونها كذلك‪ .‬وإنما قالوا‪ " :‬من بعد موسى " لنهم كانوا على اليهودية‪ .‬وعن ابن‬
‫عباس‪ :‬أن الجن ما سمعت أمر عيسى‪ ،‬فلذا قالوا‪ " :‬من بعد موسى "‪" .‬‬
‫أجيبوا داعي ال " أي الرسول‪ ،‬أو الواسطة الذي يبلغ عنه‪ .‬ويدل على أنه‬
‫كان مبعوثا إلى الجن كما كانم مبعوثا إلى النس‪ ،‬قال مقاتل‪ :‬ولم يبعث ال‬
‫نبيا إلى النس والجن قبله )‪ .(1‬واختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم ل ؟‬
‫قيل‪ :‬ل ثواب لهم إل النجاة من النار‪ ،‬ثم يقال لهم‪ :‬كونوا ترابا مثل البهائم‪،‬‬
‫واحتجوا بقوله تعالى‪ " :‬ويجركم من عذاب أليم " وهو قول أبي حنيفة‪،‬‬
‫والصحيح أنهم في حكم بني آدم فيستحقون الثواب على الطاعة‪ ،‬والعقاب‬
‫على المعصية‪ ،‬وهذا قول أبي ليلي )‪ (2‬ومالك‪ ،‬وجرت بينه وبين أبي‬
‫حنيفة في هذا الباب مناظرة‪ ،‬قال الضحاك‪ :‬يدخلون الجنة ويأكلون‬
‫ويشربون‪ .‬والدليل على صحة هذا القول‪ :‬كل دليل دل على أن البشر‬
‫يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن والفرق بين‬
‫البابين بعيد جدا انتهى )‪ .(3‬وقال البيضاوي في قوله‪ " :‬يغفر لكم من‬
‫ذنوبكم "‪ :‬وهو بعض ذنوبكم وهو ما يكون في خالص حق ال‪ ،‬فان‬
‫المظالم ل يغفر باليمان‪ " .‬ويجركم من عذاب أليم " هو معد للكفار "‬
‫فليس بمعجز في الرض " إذ ل ينجي منه مهرب " وليس له من دونه‬
‫أولياء " يمنعونه منه " في ضلل مبين " حيث اعترضوا عن إجابة من‬
‫هذا شأنه )‪.(4‬‬

‫‪ - - - -‬سائر الكتب اللهية في الدعوة إلى هذه المطالب العالية الشريفة‪ ،‬والوصف‬
‫الثاني يفيد ان هذه المطالب التى اشتمل القرآن عليها مطلب حقة صدق‬
‫في انفسها‪ (1) .‬اختصر المصنف كلم الرازي‪ (2) .‬الصحيح كما في‬
‫المصدر‪ :‬ابن ابى ليلى‪ (3) .‬التفسير الكبير ‪ (4) .33 - 31 :28‬انوار‬
‫التنزيل ‪.432 :2‬‬

‫]‪[59‬‬

‫وقال الطبرسي رحمه ال‪ :‬قوله تعالى‪ " :‬وخلق الجان " أي أبا الجن‪ ،‬قال الحسن‪:‬‬
‫هو إبليس أبو الجن‪ ،‬وهو مخلوق من لهب النار كما أن آدم مخلوق من‬
‫طين " من مارج من نار " أي نار مختلط أحمر وأسود وأبيض عن‬
‫مجاهد‪ .‬وقيل‪ :‬المارج‪ :‬الصافي من لهب النار الذي ل دخان فيه )‪" .(1‬‬
‫سنفرغ لكم أيها الثقلن " أي سنقصد لحسابكم أيها الجن والنس‪،‬‬
‫والثقلن أصله من الثقل‪ ،‬وكل شئ له وزن وقدر فهو ثقل‪ ،‬وإنما سميا "‬
‫ثقلين " لعظم خطرهما وجللة شأنهما بالضافة إلى ما في الرض من‬
‫الحيوانات‪ ،‬ولثقل وزنهما بالعقل والتمييز‪ .‬وقيل‪ :‬لثقلهما على الرض‬
‫أحياء وأمواتا "‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ " :‬وأخرجت الرض أثقالها " أي‬
‫أخرجت ما فيها من الموتى‪ " .‬أن تنفذوا " أي تخرجوا هاربين من الموت‬
‫" من أقطار السماوات والرض " أي جوانبهما ونواحيهما " فانفذوا "‬
‫أي فاخرجوا فلن تستطيعوا أن تهربوا منه " ل تنفذون إل بسلطان " أي‬
‫حيث توجهتم فثم ملكي ول تخرجون من سلطاني فأنا آخذكم بالموت )‪.(2‬‬
‫وقيل‪ :‬أي ل تخرجون إل بقدرة من ال وقوة يعطيكموها بأن يخلق لكم‬
‫مكانا آخر سوى السماوات والرض ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه )‪.(3‬‬
‫" لم يطمثهن " أي لم يقتضهن‪ ،‬والقتضاض‪ :‬النكاح بالتدمية )‪ (4‬أي لم‬
‫يطأهن ولم يغشهن " إنس قبلهم ول جان " فهن أبكار لنهن خلقن في‬
‫الجنة‪ .‬فعلى هذا القول هؤلء من حور الجنة‪ .‬وقيل‪ :‬هن من نساء الدنيا لم‬
‫يمسسهن منذ أنشأن خلق‪ ،‬قال الزجاج‪:‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .201 :9‬ويحتمل أن يكون ذلك جملة مستانفة‪ (3) .‬مجمع‬
‫البيان ‪ 204 :9‬و ‪ (4) .205‬في المصدر‪ :‬لم يفتضهن‪ ،‬والفتضاض‪:‬‬
‫النكاح بالتدمية‪.‬‬
‫]‪[60‬‬

‫وفيها دللة على أن الجني يغشى كما يغشى النسي‪ ،‬وقال ضمرة بن حبيب‪ :‬وفيها‬
‫دليل على أن للجن ثوابا وأزواجا من الحور‪ ،‬فالنسيات للنس والجنيات‬
‫للجن‪ .‬وقال البلخي‪ :‬والمعنى أن ما يهب ال لمؤمني النس من الحور لم‬
‫يطمثهن إنس‪ ،‬وما يهب ال لمؤمني الجن من الحور لم يطمثهن جان‬
‫انتهى )‪ .(1‬وقال الرازي في قوله تعالى‪ " :‬فبأي آلء ربكما "‪ :‬الخطاب‬
‫للنس والجن أو الذكر والنثى‪ .‬أو المراد التكرار للتأكيد‪ .‬أو المراد العموم‪،‬‬
‫لن العام يدخل فيه قسمان كالحاضر وغير الحاضر‪ ،‬والسواد وغير‬
‫السواد‪ ،‬والبياض وغيره وهكذا‪ ،‬أو القلب واللسان‪ ،‬فان التكذيب قد يكون‬
‫بالقلب وقد يكون باللسان‪ ،‬أو التكذيب للدلئل السمعية والعقلية‪ ،‬والظاهر‬
‫منها الثقلن لقوله‪ " :‬سنفرغ لكم أيها الثقلن " وقوله‪ " :‬يا مشعر الجن‬
‫والنس " وقوله‪ " :‬خلق النسان وخلق الجان " )‪ .(2‬وقال في قوله‬
‫تعالى‪ " :‬لم يطمثهن " إلى آخره‪ :‬ما الفائدة في ذكر الجان مع أن الجان ل‬
‫يجامع ؟ نقول‪ :‬ليس كذلك بل الجن لهم أولد وذرية‪ ،‬وإنما الخلف في‬
‫أنهم هل يواقعون النس أم ل ؟ والمشهور أنهم يواقعون‪ ،‬ولما كانت الجنة‬
‫فيها النس والجن كانت مواقعة النس إياهن كمواقعة الجن‪ ،‬فوجبت‬
‫الشارة إلى نفيهما انتهى )‪ .(3‬وقال البيضاوي في قوله تعالى‪ " :‬ولمن‬
‫خاف مقام ربه جنتان "‪ :‬جنة للخائف‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ :208 :9‬بيانه انه تعالى لما بين انهم ل يمكن لهم أن يهربوا من‬
‫الموت بالمر التعجيزى بالنفاذ من اقطار السماوات والرض استأنف‬
‫الكلم ببيان أن النفوذ إلى اقطار السماوات والرض ل يمكن ال بسلطان‬
‫العلم والقدرة‪ (2) .‬التفسير الكبير ‪ 94 :29‬و ‪ .95‬واختصره المصنف‪) .‬‬
‫‪ (3‬التفسير الكبير ‪ 130 :29‬فيه‪ :‬وال لما كان في الجنة احساب ول‬
‫انساب فكان مواقعة النس اياهن كمواقعة الجن من حيث الشارة إلى‬
‫نفيها‪.‬‬

‫]‪[61‬‬

‫النسي‪ ،‬والخرى للخائف الجني‪ ،‬فان الخطاب للفريقين‪ .‬والمعنى لكل خائفين‬
‫منكما‪ .‬أو لكل واحد جنة لعقيدته‪ ،‬واخرى لعمله‪ ،‬أو جنة لفعل الطاعات‪،‬‬
‫واخرى لترك المعاصي‪ ،‬أو جنة يثاب بها‪ ،‬واخرى يتفضل بها عليه‪ ،‬أو‬
‫روحانية وجسمانية )‪ .(1‬وقال في قوله تعالى‪ " :‬أنه استمع نفر من الجن‬
‫"‪ :‬النفر‪ :‬ما بين الثلثة والشعرة‪ ،‬والجن أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم‬
‫النارية أو الهوائية‪ .‬وقيل‪ :‬نوع من الرواح المجردة‪ ،‬وقيل‪ :‬نفوس بشرية‬
‫مفارقة عن أبادنها‪ ،‬وفيه دللة على أنه صلى ال عليه وآله ما رآهم ولم‬
‫يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر‬
‫ال به رسوله‪ ،‬فقالوا‪ " :‬إنا سمعنا قرآنا " كتابا " عجبا " بديعا مباينا‬
‫لكلم الناس في حسن نظمه ودقة معناه‪ ،‬وهو مصدر وصف به للمبالغة‪" .‬‬
‫يهدي إلى الرشد " إلى الحق والصواب " فآمنا به " بالقرآن " ولم نشرك‬
‫بربنا أحدا " على ما نطق به الدلئل القاطعة على التوحيد‪ " .‬وأنه تعالى‬
‫جد ربنا " قرأ ابن كثير والبصريان بالكسر على أنه من جملة المحكي بعد‬
‫القول وكذا ما بعده إل قوله‪ " :‬وأن لو استقاموا‪ .‬وأن المساجد‪ .‬وأنه لما‬
‫قام " فانه من جملة الموحى به‪ ،‬ووافقهم نافع وأبو بكر إل في قوله‪" :‬‬
‫إنه لما قام " على أنه استئناف أو مقول‪ ،‬وفتح الباقون الكل إل ما صدر‬
‫بالفاء على أن ما كان من قولهم فمعطوف على محل الجار والمجرور في‬
‫" به " كأنه قيل‪ :‬صدقناه وصدقنا " أنه تعالى جد ربنا " أي عظمته‪ ،‬من‬
‫جد فلن في عيني‪ :‬إذا عظم )‪ (2‬أو سلطانه أو غناه‪ ،‬مستعار من الجد‬
‫الذي هو البخت‪ .‬والمعنى‪ :‬وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد لعظمته أو‬
‫سلطانه أو لغناه‪ ،‬وقوله‪ " :‬ما اتخذ صاحبة ول ولدا " بيان لذلك " وأنه‬
‫كان يقول سفيهنا " إبليس أو مردة الجن " على ال شططا " قول ذا‬
‫شطط وهو البعد ومجاوزة الحد‪ ،‬أو هو شطط لفرط‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ (2) .487 :2‬في المصدر‪ :‬أي عظم ملكه وسلطانه‪.‬‬

‫]‪[62‬‬

‫ما أشط فيه وهو نسبة الصاحبة والولد إلى ال تعالى‪ " .‬وأنا ظننا أن لن يقول‬
‫النس والجن على ال كذبا " اعتذار عن اتباعهم للسفيه في ذلك لظنهم أن‬
‫أحدا ل يكذب على ال و " كذبا " نصب على المصدر لنه نوع من القول‪،‬‬
‫أو الوصف بمحذوف أي قول مكذوبا فيه‪ " .‬وأنه كان رجال من النس‬
‫يعوذن برجال من الجن " فان الرجل كان إذا مشى بقفر قال‪ :‬أعوذ بسيد‬
‫هذا الوادي من شر سفهاء قومه " فزادوهم " فزادوا الجن باستعاذتهم‬
‫بهم " رهقا " كبرا وعتوا "‪ ،‬أو فزاد الجن النس غيا " بأن أضلوهم‬
‫حتى استعاذوا بهم‪ ،‬والرهق في الصل‪ ،‬غشيان الشئ‪ " .‬وأنهم " وأن‬
‫النس " ظنوا كما ظننتم " أيها الجن أو بالعكس‪ ،‬واليتان من كلم الجن‬
‫بعضهم لبعض‪ ،‬أو استيناف كلم من ال‪ ،‬ومن فتح " أن " فيهما جعلهما‬
‫من الموحى به " أن لن يبعث ال أحدا " ساد مسد مفعولي " ظنوا "‪" .‬‬
‫وأنا لمسنا السماء " طلبنا بلوغ السماء‪ ،‬أو خبرها‪ ،‬واللمس مستعار من‬
‫المس للطلب كالحس يقال‪ :‬لمسه وألمسه وتلمسه‪ ،‬كطلبه وأطلبه وتطلبه‬
‫" فوجدناها ملئت حرسا شديدا " حرسا اسم جمع كالخدم " شديدا " قويا‬
‫"‪ ،‬وهم الملئكة الذين يمنعونهم عنها " وشهبا " جمع شهاب وهو‬
‫المضئ المتولد من النار‪ " .‬وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " مقاعد‬
‫خالية عن الحرس والشهب أو صالحة للرصد )‪ (1‬والستماع " وللسمع "‬
‫صلة " لنقعد " أو صفة " لمقاعد "‪ " .‬فمن يستمع الن يجد له شهابا‬
‫رصدا " أي شهابا راصدا له‪ ،‬ولجله يمنعه عن الستماع بالرجم‪ ،‬أو ذي‬
‫شهاب راصدين على أنه اسم جمع للراصد " وأنا ل ندري أشر اريد بمن‬
‫في الرض " بحراسة السماء " أم أراد بهم ربهم رشدا " خيرا " وأنا منا‬
‫الصالحون " المؤمنون البرار " ومنا دون ذلك " قوم دون ذلك‪ ،‬فحذف‬
‫الموصوف وهم المقتصدون " كنا طرائق " ذوي طرائق‪ ،‬أي مذاهب أو‬
‫مثل طرائق في اختلف‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أو صالحة للترصد‪.‬‬

‫]‪[63‬‬

‫الحوال‪ ،‬أو كانت طرائقنا طرائق " قددا " متفرقة مختلفة جمع " قدة " من قد‪:‬‬
‫إذا قطع‪ " .‬وأنا ظننا " علمنا " أن لن نعجز ال في الرض " كائنين في‬
‫الرض أينما كنا )‪ " (1‬ولن نعجزه هربا " هاربين منها إلى السماء أو لن‬
‫نعجزه في الرض إن أراد بنا أمرا‪ ،‬أو لن نعجزه هربا إن طلبنا " وأنا لما‬
‫سمعنا الهدى " أي القرآن " آمنا به فمن يؤمن بربه فل يخاف " فهو ل‬
‫يخاف " بخسا ول رهقا " نقصا في الجزاء ول أن ترهقه ذلة أو جزاء‬
‫نقص )‪ (2‬لنه لم يبخس حقا ولم يرهق ظلما‪ ،‬لن من حق اليمان بالقرآن‬
‫أن يجتنب ذلك‪ " .‬وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون " الجائرون عن‬
‫طريق الحق وهو اليمان والطاعة " فمن أسلم فاولئك تحروا رشدا "‬
‫توخوا رشدا عظيما يبلغهم إلى دار الثواب " وأما القاسطون فكانوا لجهنم‬
‫حطبا " توقد بهم كما توقد بكفار النس " وأن لو استقاموا أي أن الشأن‬
‫لو استقام النس أو الجن أو كلهما " علي الطريقة لسقيناهم ماء غدقا "‬
‫على الطريقة المثلى لوسعنا عليهم الرزق‪ ،‬وتخصيص الماء الغدق وهو‬
‫الكثير بالذكر لنه أصل المعاش والسعة‪ ،‬وعزة وجوده بين العرب "‬
‫لنفتنهم فيه " لنختبرهم كيف يشكرونه‪ .‬وقيل‪ :‬معناه وأن لو استقام الجن‬
‫على طريقتهم القديمة ولم يسلموا باستماع القرآن لوسعنا عليهم الرزق‬
‫مستدرجين بهم لنوقعهم في الفتنة ونعذبهم في كفرانهم " ومن يعرض‬
‫عن ذكر ربه " عن عبادته أو موعظته أو وحيه " يسلكه " أي يدخله "‬
‫عذابا صعدا " شاقا " يعلو المعذب ويغلبه‪ ،‬مصدر وصف به " وأن‬
‫المساجد ل " مختصة به " فل تدعوا مع ال أحدا " فل تعبدوا فيها‬
‫غيره‪ .‬وقيل‪ :‬اراد بالمساجد الرض كلها‪ ،‬وقيل‪ :‬مسجد الحرام لنه قبلة‬
‫المساجد‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اينما كنا فيها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أو جزاء بخس ول راهق‪.‬‬

‫]‪[64‬‬

‫ومواضع السجود )‪ (1‬على أن المراد النهي عن السجود لغير ال‪ ،‬وأراد به )‪(2‬‬
‫السبعة والسجدات على أنه جمع مسجد‪ " .‬وأنه لما قام عبد ال " أي‬
‫النبي‪ ،‬وإنما ذكر لفظ " العبد " للتواضع لنه واقع موقع كلمه عن نفسه‬
‫والشعار بما هو المقتضي لقيامه " يدعوه " يعبده " كادوا " كاد الجن "‬
‫يكونون عليه لبدا " متراكمين من ازدحامهم عليه تعجبا مما رأوا من‬
‫عبادته وسمعوا من قراءته‪ ،‬أو كاد النس والجن يكونون عليه مجتمعين ل‬
‫بطال أمره وهو جمع " لبدة " وهي ما تلبد بعضه على بعض كلبدة السد‪.‬‬
‫أقول‪ :‬قد مضى تفسير اليات على وجه آخر في أبواب معجزات الرسول‬
‫صلى ال عليه وآله وغيرها‪ - 1 .‬دلئل الطبري‪ :‬عن محمد بن عبد ال‬
‫العطار‪ ،‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬يرفعه إلى معتب مولى أبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ ،‬قال‪ :‬إنى لواقف يوما خارجا من المدينة‪ ،‬وكان يوم التروية‪ ،‬فدنا‬
‫مني رجل فناولني كتابا طينه رطب‪ ،‬والكتاب من أبي عبد ال عليه السلم‬
‫وهو بمكة حاج‪ ،‬ففضضته وقرأته فإذا فيه " إذا كان غدا افعل كذا وكذا "‬
‫ونظرت إلى الرجل لسأله متى عهدك به فلم أر شيئا‪ ،‬فلما قدم أبو عبد ال‬
‫عليه السلم سألته عن ذلك‪ ،‬فقال ذلك من شيعتنا من مؤمني الجن إذا‬
‫كانت لنا حاجة مهمة أرسلناهم فيها )‪ - 2 .(3‬مجالس الصدوق‪ :‬عن محمد‬
‫بن موسى عن السعد آبادي عن أحمد البرقي عن أبيه عن فضالة عن زيد‬
‫الشحام عن أبي عبد ال عليه السلم في حديث طويل ذكر فيه مرض النبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬وأنه عاده الحسنان عليهما السلم‪ ،‬فافتقدهما‬
‫وطلبهما حتى أتى حديقة نبي النجار‪ ،‬فإذا هما نائمان قد اعتنق كل واحد‬
‫منهما صاحبه )‪ ،(4‬وقد اكتنفتهما‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أو مواضع السجود‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أو اراد به السبعة‬
‫والسجدات‪ (3) .‬دلئل الطبري‪ (4) .132 :‬في المصدر‪ :‬وقد تقشعت‬
‫السماء فوقهما كطبق فهى تمطر كاشد مطر ما رآه الناس قط وقد منع ال‬
‫عزوجل المطر منهما في البقعة التى هما فيها نائمان ل يمطر عليهما‬
‫قطرة وقد اكتنفتهما‪.‬‬

‫]‪[65‬‬

‫حية لها شعرات كآجام القصب‪ ،‬وجناحان‪ :‬جناح قد غطت به الحسن‪ ،‬وجناح قد‬
‫غطت به الحسين عليهما السلم‪ .‬فلما أن بصر بهما النبي صلى ال عليه‬
‫وآله تنحنح فانسابت الحية وهي تقول‪ :‬اللهم إني اشهدك واشهد ملئكتك‬
‫أن هذين شبل نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين‪.‬‬
‫فقال لها النبي‪ :‬أيتها الحية فمن أنت )‪ (1‬؟ قالت‪ :‬أنا رسول الجن إليك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬وأي الجن ؟ قالت‪ :‬جن نصيبين نفر من بني مليح‪ ،‬نسينا آية من‬
‫كتاب ال عزوجل‪ ،‬فبعثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب ال‪ .‬فلما بلغت‬
‫هذا الموضع سمعت مناديا ينادي‪ :‬أيتها الحية إن هذين شبل نبيك )‪(2‬‬
‫فاحفظهما من العاهات والفات‪ ،‬ومن طوارق الليل والنهار‪ ،‬وقد حفظتهما‬
‫)‪ (3‬وسلمتهما إليك سالمين صحيحين‪ ،‬وأخذت الحية الية وانصرفت‬
‫الخبر )‪ .(4‬ومنه باسناده )‪ (5‬عن حبيب بن أبي ثابت عن ام سلمة زوجة‬
‫النبي صلى ال عليه وآله قالت‪ :‬ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي صلى‬
‫ال عليه وآله إل الليلة )‪ ،(6‬ول أراني إل وقد اصبت بابني‪ ،‬قالت‪ :‬وجاءت‬
‫الجنية منهم تقول‪ :‬أل يا عين فانهملي بجهد * * فمن يبكي على الشهداء‬
‫بعدي ؟ على رهط تقودهم المنايا * * إلى متجبر في ملك عبد )‪(7‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ممن أنت ؟ )‪ (2‬في المصدر‪ :‬هذان شبل رسول ال‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فقد حفظتهما‪ (4) .‬مجالس الصدوق‪ 266 :‬و ‪ 267‬والحديث‬
‫طويل‪ (5) .‬والسناد هكذا‪ :‬محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه ال‬
‫عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن ابى الخطاب عن‬
‫نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن عمرو بن ثابت عن حبيب بن ابى‬
‫ثابت‪ (6) .‬أي ليلة عاشوراء‪ ،‬والمراد بابنها هو الحسين بن على عليه‬
‫السلم‪ (7) .‬مجالس الصدوق‪.85 :‬‬

‫]‪[66‬‬

‫‪ - 4‬الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيي وأحمد بن محمد عن محمد بن الحسن )‪ (1‬عن‬


‫إبراهيم ابن هاشم عن عمرو بن عمثان عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو‬
‫بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بينما )‪ (2‬أمير‬
‫المؤمنين على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد‪ ،‬فهم‬
‫الناس أن يقتلوه‪ ،‬فأرسل أمير المؤمنين عليه السلم أن كفوا‪ ،‬فكفوا‪ .‬وأقبل‬
‫الثعبان ينساب )‪ (3‬حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على أمير‬
‫المؤمنين فأشار امير المؤمنين عليه السلم إليه‪ :‬أن يقف حتى يفرغ من‬
‫خطبته‪ ،‬ولما فرغ من خطبته أقبل عليه‪ ،‬فقال‪ :‬من أنت‪ ،‬فقال‪ :‬أنا عمرو‬
‫بن عثمان خليفتك على الجن‪ ،‬وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع‬
‫رأيك‪ ،‬وقد أتيتك يا أمير المؤمنين‪ ،‬فما تأمرني به ؟ وما ترى ؟ فقال له‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أوصيك بتقوى ال‪ ،‬وأن تنصرف فتقوم مقام‬
‫أبيك في الجن‪ ،‬فانك خليفتي عليهم‪ ،‬قال‪ :‬فودع عمرو أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم وانصرف فهو خليفته على الجن‪ ،‬فقلت له‪ :‬جعلت فداك فيأتيك‬
‫عمرو‪ ،‬وذاك الواجب عليه ؟ قال‪ :‬نعم )‪ - 5 .(4‬ومنه‪ :‬عن على بن محمد‬
‫عن سهل بن زياد عن علي بن حسان عن إبراهيم ابن إسماعيل عن ابن‬
‫جبل عن أبي عبد ال عليه السلم قال كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه‬
‫الزط )‪ (5‬عليهم ازر وأكسية‪ ،‬فسألنا أبا عبد ال عليه السلم‪ ،‬فقال‪ :‬هؤلء‬
‫إخوانكم من الجن )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في بعض نسخ المصدر‪ :‬محمد بن حسين‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بينا‪ (3) .‬انساب‪:‬‬
‫جرى ومشى مسرعا‪ (4) .‬اصول الكافي ‪ (5) .396 :1‬الزط بالضم‪ :‬جيل‬
‫من الهند معرب جت بالفتح والقياس يقتضى فتح معربه ايضا قاله‬
‫الفيروز آبادي‪ (6) .‬اصول الكافي ‪.394 :1‬‬

‫]‪[67‬‬

‫‪ - 6‬ومنه‪ :‬عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عمن ذكره عن‬
‫محمد بن حجرش )‪ (1‬قال‪ :‬حدثتني حكيمة بنت موسى قالت‪ :‬رأيت الرضا‬
‫عليه السلم واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي‪ ،‬ولست أرى أحدا "‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬يا سيدي لمن تناجي ؟ فقال‪ :‬هذا عامر الزهرائي‪ ،‬أتاني يسألني‬
‫ويشكو إلي‪ ،‬فقلت‪ :‬يا سيدي احب أن أسمع كلمه‪ ،‬فقال لي‪ :‬إنك إن سمعت‬
‫كلمه )‪ (2‬حممت سنة‪ ،‬فقلت‪ :‬يا سيدي احب أن أسمعه‪ ،‬فقال لي‪ :‬اسمعي‬
‫فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمى فحممت سنة )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫لعل لخصوص المتكلم أو السامع صنفا أو شخصا مدخل في الحمى‪7 .‬‬
‫البصائر‪ :‬عن علي بن حسان عن موسى بن بكر )‪ (4‬عن رجل عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يوم الحد للجن ليس تظهر فيه لحد غيرنا )‪.(5‬‬
‫‪ - 8‬ومنه‪ :‬عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن الحسن بن راشد‬
‫عن يعقوب ابن إبراهيم الجعفري )‪ (6‬قال‪ :‬سمعت إبراهيم بن وهب وهو‬
‫يقول‪ :‬خرجت وأنا اريد أبا الحسن بالعريض‪ ،‬فانطلقت حتى أشرفت على‬
‫قصر بنى سراة‪ ،‬ثم انحدرت الوادي فسمعت صوتا ل أرى شخصه وهو‬
‫يقول‪ :‬يا أبا جعفر‪ :‬صاحبك خلف القصر عند السدة فاقرأه مني السلم‪.‬‬

‫)‪ (1‬هكذا في النسخ‪ ،‬وفى المصدر‪) :‬جحرش( بتقديم الجيم‪ .‬قال في القاموس‬
‫جحرش كجعفر‪ :‬غليظ مجتمع الخلق‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ان سمعت به‪) .‬‬
‫‪ (3‬اصول كافى ‪ 395 :1‬و ‪ (4) .396‬في المصدر‪] :‬موسى بن بكير[‬
‫والظاهر انه مصحف وانه موسى بن بكر الواسطي‪ (5) .‬بصائر‬
‫الدرجات‪ 27 :‬و ‪) 95‬ط ‪ (6) .(2‬في المصدر‪] :‬يعقوب بن ابراهيم بن‬
‫محمد بن عبد ال بن جعفر بن ابى طالب[ وفى الكافي في باب مولد ابى‬
‫الحسن موسى عليه السلم‪ :‬يعقوب بن جعفر بن ابراهيم‪.‬‬

‫]‪[68‬‬

‫فالتفت فلم أر أحدا "‪ ،‬ثم رد علي الصوت باللفظ الذي كان‪ ،‬ثم فعل ذلك ثلثا‪،‬‬
‫فاقشعر جلدي‪ ،‬ثم انحدرت في الوادي حتى أتيت قصد الطريق الذي خلف‬
‫القصر ثم أتيت السد نحو السمرات‪ ،‬ثم انطلقت قصد الغدير‪ ،‬فوجدت‬
‫خمسين حيات روافع )‪ (1‬من عند الغدير‪ .‬ثم استمعت فسمعت كلما "‬
‫ومراجعة‪ ،‬فطفقت )‪ (2‬بنعلي ليسمع وطئي‪ ،‬فسمعت أبا الحسن عليه‬
‫السلم يتنحنح‪ ،‬فتنحنحت وأجبته‪ .‬ثم هجمت )‪ (3‬فإذا حية متعلقة بساق‬
‫شجرة‪ ،‬فقال‪ :‬ل تخشي )‪ (4‬ول ضائر‪ ،‬فرمت بنفسها ثم نهضت على‬
‫منكبه‪ ،‬ثم أدخلت رأسها في اذنه فأكثرت من الصفير فأجاب‪ :‬بلى قد فصلت‬
‫بينكم‪ ،‬ول يبغي )‪ (5‬خلف ما أقول إل ظالم‪ ،‬ومن ظلم في دنياه فله عذاب‬
‫النار في آخرته مع عقاب شديد‪ ،‬اعاقبه إياه وآخذ ماله )‪ (6‬إن كان له حتى‬
‫يتوب "‪ .‬فقلت‪ :‬بأبي أنت وامي ألكم عليهم طاعة ؟ فقال‪ :‬نعم والذي أكرم‬
‫محمدا " صلى ال عليه وآله بالنبوة‪ ،‬وأعز عليا عليه السلم بالوصية‬
‫والولية‪ ،‬إنهم لطوع لنا منكم يا معشر النس وقليل ما هم )‪ .(7‬بيان‪:‬‬
‫السراة بالفتح اسم جمع للسرى بمعنى الشريف‪ ،‬واسم لمواضع "‬
‫والسمرة " بضم الميم شجرة معروفة‪ " ،‬روافع " بالفاء والعين المهملة‪،‬‬
‫أي رفعت رؤوسها‪ ،‬أو بالغين المعجمة من الرفع‪ ،‬وهو سعة العيش أي‬
‫مطمئنة غير خائفة‪ ،‬أو بالقاف والعين المهملة أي ملونة بألوان مختلفة‪.‬‬

‫)‪ (1‬في الطبعة الثانية‪ :‬روافع‪ ،‬وفى نسخة بدله‪ :‬رواقع‪ (2) .‬في نسخة من الكتاب‬
‫ومن المصدر‪ :‬فصفقت‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ثم نظرت وهجمت‪ (4) .‬في‬
‫نسخة‪] :‬ل عسى[ وهو مصحف‪ (5) .‬أي ل يطلب‪ (6) .‬في نسخة‪ :‬مال‪) .‬‬
‫‪ (7‬بصائر الدرجات‪ 29 :‬و ‪) 103‬ط ‪.(2‬‬

‫]‪[69‬‬

‫ويحتمل أن يكون في الصل بالتاء والعين المهملة‪ ،‬أي ترتع حول الغدير " فطفقت‬
‫" بنعلي أي شرعت أضرب به‪ .‬والظاهر‪ :‬أنه بالصاد كما في بعض النسخ‪.‬‬
‫والصفق‪ :‬الضرب يسمع له صوت‪ " ،‬ل تخشي ول ضائر " أي ل تخافي‬
‫فانه ليس هنا أحد يضرك‪ ،‬يقال‪ :‬ضاره أي ضره‪ ،‬وفي بعض النسخ " ل‬
‫عسى " وهو تصحيف " وقليل ما هم " أي المطيعون من النس‪ ،‬أو من‬
‫الجن بالنسبة إلى غيرهم من المخلوقات‪ - 9 .‬تفسير الفرات‪ :‬باسناده عن‬
‫قبيصة )‪ (1‬قال‪ :‬دخلت على الصادق عليه السلم وعنده جماعة فلسمت‬
‫وجلست وقلت‪ :‬يابن رسول ال أين كنتم قبل أن يخلق ال سماء مبينة‪،‬‬
‫وأرضا مدحية‪ ،‬أو ظلمة أو نورا ؟ قال‪ :‬يا قبيصة )‪ (2‬لم سألتني عن هذا‬
‫الحديث في مثل هذا الوقت ؟ أما علمت أن حبنا قد اكتتم وبغضنا قد فشا‪،‬‬
‫وإن لنا أعداء من الجن )‪ (3‬يخرجون حديثنا إلى أعدائنا من النس‪ ،‬وإن‬
‫الحيطان لها آذان كآذان الناس‪ .‬الخبر )‪ - 10 .(4‬تفسير على بن ابراهيم‪:‬‬
‫في قوله تعالى‪ " :‬وكذلك جلعنا لكل نبي عدوا شياطين النس والجن "‬
‫الية قال‪ :‬يعني ما بعث ال نبيا إل وفي امته شياطين النس والجن "‬
‫يوحي بعضهم إلى بعض " أي يقول بعضهم لبعض‪ :‬ل تؤمنوا بزخرف‬
‫القول غرورا‪ ،‬فهذا وحي كذب )‪ - 11 .(5‬تفسير النعماني‪ :‬باسناده عن‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم حيث قال‪ :‬وأما ما حرف من الكتاب فقوله‪" :‬‬
‫فلما خر تبينت النس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪] :‬فيضة بن يزيد الجعفي[ ولم يذكرهما الرجاليون‪ .‬وفيه‪ :‬قال‪:‬‬
‫دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليه السلم وعنده البوس بن ابى‬
‫الدرس وابن ظبيان والقاسم ابن الصيرفى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬يا فيضة‪) .‬‬
‫‪ (3‬لعله تعريض بجلساء المجلس‪ (4) .‬تفسير فرات‪ (5) .207 :‬تفسير‬
‫القمى‪ 202 :‬و ‪.201‬‬

‫]‪[70‬‬

‫ما لبثوا في العذاب المهين " )‪ - 12 .(1‬الكافي‪ :‬بسنده الصحيح )‪ (2‬عن الوليد بن‬
‫صبيح عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل أوحى إلى سليمان‬
‫بن داود عليه السلم‪ :‬أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس‪ ،‬يقال‬
‫لها‪ :‬الحزنوبة‪ ،‬قال‪ :‬فنظر سليمان يوما‪ :‬فإذا الشجرة الحزنوبة قد طلعت‬
‫في بيت المقدس‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما اسمك ؟ قالت‪ :‬الحزنوبة قال‪ :‬فولى سليمان‬
‫مدبرا إلى محرابه‪ ،‬فقام فيه متكئا على عصاه‪ ،‬فقبض روحه من ساعته‪،‬‬
‫قال‪ :‬فجعلت النس والجن يخدمونه‪ ،‬ويسعون في أمره كما كانوا‪ ،‬وهم‬
‫يظنون أنه حي لم يمت‪ ،‬يغدون ويروحون وهو قائم ثابت‪ ،‬حتى دنت )‪(3‬‬
‫الرضة من عصاه فأكلت منسأته )‪ (4‬فانكسرت وخر سليمان إلى الرض‪،‬‬
‫أفل تسمع لقوله عزوجل‪ " :‬فلما خر تبيت الجن " الية )‪ - 13 .(5‬العلل‬
‫والعيون‪ :‬باسناده )‪ ،(6‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬كان )‪ (7‬نقش خاتم‬
‫سليمان بن داود‪ :‬سبحان من ألجم الجن بكلماته )‪ - 14 .(8‬تفسير على بن‬
‫ابراهيم‪ :‬في قصة بلقيس قال‪ :‬فارتحلت وخرجت نحو سليمان‪ ،‬فلما علم‬
‫سليمان قدومها )‪ (9‬إليه قال للجن والشياطين‪ " :‬أيكم يأتيني بعرشها‬
‫)‪ (1‬المحكم والمتشابه‪ 34 :‬فيه‪ " :‬تيبنت الجن والنس[ ولعله مصحف‪(2) .‬‬
‫السناد على ما في المصدر هكذا‪ :‬محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن‬
‫ابن محبوب عن جميل بن صالح عن الوليد بن صبيح‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫]حتى دبت[ أقول‪ :‬الرضة‪ :‬دويبة تأكل الخشب‪ (4) .‬المنسأة‪ :‬العصا‪(5) .‬‬
‫روضة الكافي‪ 144 :‬ذكرت الية فيه بتمامه‪ (6) .‬السناد على ما في‬
‫المصدر هكذا‪ :‬حدثنا ابى رضى ال عنه قال‪ :‬حدثنا سعد بن عبد ال عن‬
‫احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن على الكوفى عن الحسن بن ابى‬
‫عقبة الصيرفى عن الحسين بن خالد الصيرفى‪ (7) .‬في الوسائل‪ :‬وكان‬
‫نقش خاتم سليمان عليه السلم حرفين اشتقهما من الزبور‪ :‬سبحان ا‍ه‪) .‬‬
‫‪ (8‬عيون اخبار الرضا‪ (9) .218 :‬في المصدر‪ :‬وارتحلت نحو سليمان‬
‫فلما علم سليمان باقبالها نحوه‪.‬‬

‫]‪[71‬‬

‫قبل أن يأتوني مسلمين‪ .‬قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك‬
‫وإني عليه لقوي أمين " قال سليمان‪ :‬اريد أسرع من ذلك فقال آصف بن‬
‫برخيا‪ " :‬أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " القصة )‪ - 15 .(1‬الكافي‪:‬‬
‫عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ابن‬
‫عيسى جميعا عن ابن أبي عمير عن إسماعيل البصري عن الفضيل بن‬
‫يسار قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬إن نفرا من المسلمين‬
‫خرجوا إلى سفر فضلوا الطريق فأصابهم عطش شديد فتكفنوا )‪ (2‬ولزموا‬
‫اصول الشجر‪ ،‬فجاءهم شيخ عليه ثياب بيض فقال‪ :‬قوموا فل بأس عليكم‪،‬‬
‫فهذا الماء‪ ،‬فقاموا وشربوا وارتووا‪ ،‬فقالوا‪ :‬من أنت يرحمك ال ؟ فقال‪:‬‬
‫أنا من الجن الذين بايعوا رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬إني سمعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ " :‬المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله‬
‫" فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي )‪ .(3‬بيان‪ " :‬فتكفنوا " أي لفوا أثوابهم‬
‫على أنفسهم بمنزلة الكفن‪ ،‬ووطنوا أنفسهم على الموت‪ ،‬وفي بعض النسخ‬
‫بتقديم النون على الفاء‪ ،‬أي ذهب كل منهم إلى كنف وجانب )‪- 15 .(4‬‬
‫الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن زكريا المؤمن عن‬
‫أبي سعيد المكارى عن أبي حمزة الثمالي قال‪ :‬كنت عند حوض زمزم‬
‫فأتاني رجل فقال لى‪ :‬ل تشرب من هذا الماء يا أبا حمزة‪ ،‬فإن هذا يشترك‬
‫فيه الجن والنس وهذا ل يشرك فيه إل النس‪ .‬قال‪ :‬فتعجبت من قوله‬
‫وقلت‪ :‬من أين علم هذا ؟ قال‪ :‬ثم قلت لبي جعفر عليه السلم‪ :‬ما كان من‬
‫قول الرجل لي‪ ،‬فقال‪ :‬إن ذلك رجل من الجن أراد إرشادك )‪.(5‬‬
‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ 477 :‬و ‪ (2) .478‬في نسخة من الكتاب ومصدره‪ :‬فتكنفوا‪(3) .‬‬
‫اصول الكافي ‪ (4) .167 :1‬ويؤيد التوجيه الول ما سيأتي من خبر‬
‫المحاسن‪ ،‬هو بعينه هذا الخبر فتأمل منه قدس سره‪ (5) .‬فروع الكافي‬
‫‪ 390 :6‬فيه‪ :‬فقال عليه السلم لى‪.‬‬

‫]‪[72‬‬

‫‪ - 16‬المحاسن‪ :‬عن أبيه عن محمد بن أبي القاسم عن علي بن سليمان بن رشيد‬


‫عن علي بن الحسين القلنسي عن محمد بن سنان عن عمر بن يزيد قال‪:‬‬
‫ضللنا سنة من السنين ونحن في طريق مكة‪ ،‬فأقمنا ثلثة أيام نطلب‬
‫الطريق فلم نجده‪ ،‬فلما أن كان في اليوم الثالث وقد نفد ما كان معنا من‬
‫الماء عمدنا إلى ما كان معنا من ثياب الحرام ومن الحنوط فتحنطنا وتكفنا‬
‫بإزار إحرامنا‪ .‬فقام رجل من أصحابنا فنادى‪ :‬يا صالح يا أبا الحسن‪،‬‬
‫فأجابه مجيب من بعد فقلنا له‪ :‬من أنت يرحمك ال ؟ فقال‪ :‬أنا من النفر‬
‫الذي قال ال في كتابه‪ " :‬وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن‬
‫" إلى آخر الية‪ ،‬ولم يبق منهم غيري فأنا مرشد الضال إلى الطريق‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فلم نزل نتبع الصوت حتى خرجنا إلى الطريق )‪ - 17 .(1‬ومنه‪ :‬عن أبيه‬
‫عن عبيد ال بن الحسن الزرندي عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم )‪ (2‬قال‪ :‬إذا ضللت في الطريق فناد‪ :‬يا صالح‪،‬‬
‫يابا صالح ارشدونا إلى الطريق رحمكم ال‪ ،‬قال عبيد ال‪ :‬فأصابنا ذلك‬
‫فأمرنا بعض من معنا أن يتنحى وينادي كذلك قال‪ :‬فتنحى فنادى ثم أتانا‬
‫فأخبرنا أنه سمع صوتا برز )‪ (3‬دقيقا يقول‪ :‬الطريق يمنة‪ ،‬أو قال‪ :‬يسرة‪،‬‬
‫فوجدناه كما قال‪ .‬وحدثني به أبي أنهم حادوا عن الطريق بالبادية‪ ،‬ففعلنا‬
‫ذلك فأرشدونا‪ ،‬وقال صاحبنا‪ :‬سمعت صوتا دقيقا يقال‪ :‬الطريق يمنة‪ ،‬فما‬
‫سرنا إل قليل حتى عارضنا الطريق )‪ .(4‬بيان‪ :‬في القاموس‪ " ،‬الرز "‬
‫بالكسر‪ :‬الصوت تسمعه من بعيد أو العم‪ - 18 .‬الفقيه‪ :‬ل يجوز‬
‫الستنجاء بالروث والعظم‪ ،‬لن وفد الجن جاؤا إلى‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ 379 :‬و ‪ (2) .380‬في المصدر‪ :‬عن ابى عبد ال عليه السلم‪ .‬وفيه‪:‬‬
‫ويا با صالح ارشدانا إلى الطريق رحمكما ال‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يرد‬
‫دقيقا‪ (4) .‬المحاسن‪ 362 :‬و ‪.363‬‬

‫]‪[73‬‬

‫رسول ال صلى ال عليه وآله فقالوا‪ :‬يا رسول ال متعنا‪ ،‬فأعطاهم الروث والعظم‬
‫فلذلك ل ينبغي أن يستنجي بهما )‪ - 19 .(1‬التهذيب‪ :‬باسناده عن موسى‬
‫بن أكيل عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬جعل ال الحديد في الدنيا زينة‬
‫الجن والشياطين فحرم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلة إل أن‬
‫يكون المسلم في قتال عدو فل بأس به )‪ - 20 .(2‬قرب السناد‪ :‬عن‬
‫الحسن بن ظريف عن معمر عن الرضا عن أبيه عليهم السلم قال‪ :‬إن‬
‫الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعث النبي صلى ال عليه وآله فمنعت‬
‫في أوان رسالته بالرجوم‪ ،‬وانقضاص النجوم‪ ،‬وبطلن الكهنة والسحر‪،‬‬
‫الخبر )‪ - 21 .(3‬التفسير في قوله تعالى‪ " :‬فبأي آلء ربكما تكذبان "‬
‫قال‪ :‬في الظاهر مخاطبة للجن والنس‪ ،‬وفي الباطن فلن وفلن )‪22 .(4‬‬
‫العلل‪ :‬باسناده )‪ (5‬عن أبي الربيع عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫الكراد حي من الجن كشف ال عنهم الغطاء فل تخالطهم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬الفقية ‪ (2) .20 :1‬التهذيب ‪ ،227 :2‬في الحديث تقطيع وتمامه يأتي في كتاب‬
‫الصلة مع اسناده‪ (3) .‬قرب السناد‪ 133 :‬والحديث طويل‪ (4) .‬تفسير‬
‫القمى‪ ،659 :‬ل يناسب ذكره ههنا لنه من كلم القمى وليس بحديث‪(5) .‬‬
‫اسقط المصنف اسناد الحديث وصدره وهما هكذا‪ :‬ابى رحمه ال قال‪:‬‬
‫حدثنا سعد بن عبد ال عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عمن حدثه‬
‫عن ابى الربيع الشامي قال‪ :‬سألت ابا عبد ال فقلت له‪ :‬ان عندنا قوما‬
‫من الكراد يجيؤنا بالبيع ونبايعهم فقال‪ :‬يا ربيع ل تخالطهم فان الكراد‬
‫ا‍ه‪ .‬وروى نحوه ايضا باسناده عن محمد بن الحسن عن الحسن بن متيل‬
‫عن محمد بن الحسن عن جعفر بن بشير عن حفص عمن حدثه عن ابى‬
‫الربيع‪ (6) .‬علل الشرائع‪ 178 :‬و ‪) 214 :2‬ط قم(‪.‬‬

‫]‪[74‬‬

‫‪ - 23‬ومنه‪ :‬باسناده )‪ (1‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إذا خلع أحدكم ثيابه فليسم‪ ،‬لئل تلبسها الجن‪ ،‬فانه إن لم‬
‫يسم عليها لبستها الجن حتى تصبح )‪ - 24 .(2‬قرب السناد‪ :‬عن الحسن‬
‫بن طريف‪ ،‬عن الحسين بن علوان‪ ،‬عن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال‪:‬‬
‫كانوا يحبون أن يكون في البيت الشئ الداجن مثل الحمام‪ ،‬أو الدجاج‪ ،‬أو‬
‫العناق‪ ،‬ليعبث به صبيان الجن ول يعبثون بصبيانهم )‪ 25 .(3‬طب الئمة‪:‬‬
‫)‪ (4‬باسناده عن إبراهيم بن أبي يحيى قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله من رمى أو رمته الجن فليأخذ الحجر الذي رمي به فليرم من حيث‬
‫رمي وليقل‪ " :‬حسبي ال وكفى‪ ،‬سمع ال لمن دعا‪ ،‬ليس وراء ال منتهى‬
‫" وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬أكثروا من الدواجن في بيوتكم تتشاغل بها‬
‫عن صبيانكم )‪ .(5‬بيان‪ :‬في الصحاح‪ :‬دجن بالمكان‪ :‬أقام‪ ،‬تقول‪ :‬شاة‬
‫داجن‪ :‬إذا ألفت البيوت‪ - 26 .‬المكارم‪ :‬عن أبى جعفر عليه السلم‪ ،‬أتى‬
‫رجل )‪ (6‬فشكى إليه‪ :‬أخرجتنا الجن من منازلنا‪ ،‬يعني عمار منازلهم )‪(7‬‬
‫فقال‪ :‬اجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمام في أكناف الدار‪،‬‬
‫قال الرجل‪ ،‬ففعلنا فما رأينا شيئا نكرهه )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬اسناد الحديث هكذا‪ :‬ابى قال‪ :‬حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن احمد‬
‫قال‪ :‬حدثنى ابو جعفر احمد بن ابى عبد ال عن رجل عن على بن اسباط‬
‫عن عمه يعقوب رفع الحديث إلى على بن ابى طالب عليه السلم‪(2) .‬‬
‫علل الشرائع‪ 194 :‬و ‪) 270 :2‬ط قم( والحديث طويل يأتي في موضعه‪.‬‬
‫)‪ (3‬قرب السناد‪ (4) .45 :‬السناد هكذا‪ :‬حدثنا المظفر بن محمد بن عبد‬
‫الرحمن قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن ابن ابى نجران عن سليمان بن جعفر‬
‫عن ابراهيم بن ابى يحيى المدنى‪ (5) .‬طب الئمة‪ 117 :‬فيه‪ :‬يتشاغل بها‬
‫الشياطين عن صبيانكم‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬أتاه رجل ]فشكى إليه[ فقال‪) .‬‬
‫‪ (7‬ولعل المراد عوامر البيوت أي الحيات‪ ،‬وهى المراد من الجن‪(8) .‬‬
‫مكارم الخلق ‪.146 :1‬‬

‫]‪[75‬‬

‫‪ - 27‬ومنه‪ :‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ليس من بيت نبي إل وفيه حمامان )‬
‫‪ (1‬لن سفهاء الجن يعبثون بصبيان البيت فإذا كان فيه حمام عبثوا‬
‫بالحمام وتركوا الناس )‪ - 28 .(2‬مجالس الشيخ‪ :‬باسناده عن أبي الحسن‬
‫العسكري عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬دخل أشجع السلمي على الصادق‬
‫عليه السلم فقال‪ :‬يا سيدي أنا أحصل في المواضع المفزعة )‪ (3‬فعلمني‬
‫شيئا " ما آمن به على نفسي قال‪ :‬فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على ام‬
‫رأسك واقرأ برفيع صوتك " أفغير دين ال يبغون " )‪ (4‬الية‪ .‬قال أشجع‪:‬‬
‫فحصلت )‪ (5‬في واد فيه الجن فسمعت قائل يقول‪ :‬خذوه‪ ،‬فقرأتها فقال‬
‫قائل‪ :‬كيف نأخذه وقد احتجز بآية طيبة )‪ - 29 .(6‬منتخب البصائر‪:‬‬
‫باسناده عن المفضل بن عمر في خبر طويل في الرجعة وأحوال القائم‬
‫عليه السلم‪ .‬قال المفضل‪ :‬قلت يا سيدي‪ :‬فمن يخاطبه ؟ قال‪ :‬الملئكة‬
‫والمؤمنون من الجن‪ ،‬وساق إلى قوله‪ ،‬قال المفضل‪ :‬يا سيدي وتظهر‬
‫الملئكة والجن للناس ؟ قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬حمام‪ (2) .‬مكارم الخلق ‪ (3) .149 :1‬في المطبوع‪ :‬المواضع‬
‫المتعددة المفزعة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬افغير دين ال تبغون وله اسلم من‬
‫في السماوات والرض طوعا وكرها واليه ترجعون‪ (5) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فحصلت في دار تعبث فيه الجن‪ (6) .‬مجالس الشيخ ‪ .288 :1‬واسناد‬
‫الحديث هكذا‪ :‬ابن الشيخ عن ابيه عن ابى محمد الحسن بن محمد بن‬
‫يحيى الفحام عن ابى الحسن محمد بن احمد بن عبد ال الهاشمي‬
‫المنصوري قال‪ :‬حدثنى عم ابى ابو موسى بن احمد بن عيسى بن‬
‫المنصور قال‪ :‬حدثنى المام على بن محمد العسكري ا‍ه وللحديث صدر لم‬
‫يذكره المصنف لنه ل يناسب الباب‪.‬‬

‫]‪[76‬‬

‫إي وال يا مفضل‪ ،‬ويخاطبونهم كما يكون الرجل مع حاشيته وأهله‪ .‬قلت‪ :‬يا سيدي‬
‫ويسيرون معه ؟ قال‪ :‬إي وال يا مفضل‪ ،‬ولينزلن أرض الهجرة ما بين‬
‫الكوفة والنجف‪ ،‬وعدد أصحابه عليه السلم ستة وأربعون ألفا من‬
‫الملئكة‪ ،‬وستة آلف من الجن )‪ ،(1‬والنقباء ثلثمائة وثلثة عشر رجل‬
‫الحديث )‪ - 30 .(2‬الحتجاج‪ :‬عن هشام بن الحكم فيما سأل الزنديق أبا‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬فمن أين يصل )‪ (3‬الكهانة ؟ ومن أين يخبر‬
‫الناس بما يحدث ؟ قال‪ :‬إن الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من‬
‫الرسل‪ ،‬كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من‬
‫المور بينهم فيخبرهم بأشياء تحدث‪ ،‬وذلك في وجوه )‪ (4‬شتى من فراسة‬
‫العين‪ ،‬وذكاء القلب‪ ،‬ووسوسة النفس وفطنة الروح‪ ،‬مع قذف في قلبه لن‬
‫ما يحدث في الرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويؤديه إلى‬
‫الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والطراف‪ .‬وأما أخبار السماء فان‬
‫الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي ل تحجب وترجم‬
‫بالنجوم‪ ،‬وإنما منعت من استراق السمع لئل يقع في الرض سبب يشاكل‬
‫الوحي من خبر السماء ولبس )‪ (5‬على أهل الرض ما جاءهم عن ال‬

‫)‪ (1‬الموجود في المصدر المطبوع‪ " :‬ومثلها من الجن " والحديث طويل غير خال‬
‫من الغرائب منها انه نص فيه على وكالة محمد بن نصير النميري مع أن‬
‫الرجل من الغلة الملعونين ومن المدعين الكاذبين للبابية‪ ،‬واسناد‬
‫الحديث ايضا مشتمل على المجهول والغالي وهو‪ :‬الحسين بن حمدان‬
‫)أي الحضيني الفاسد المذهب( عن محمد بن اسماعيل وعلي ابن عبد ال‬
‫الحسنيين عن ابى شعيب محمد بن نصر عن عمر بن الفرات عن محمد‬
‫بن المفضل عن المفضل بن عمر‪ (2) .‬مختصر بصائر الدرجات‪- 179 :‬‬
‫‪ 192‬راجعه‪ (3) .‬في نسخة‪ :‬اصل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬من وجوه شتى‪) .‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬سبب تشاكل الوحى من خبر السماء فيلبس‪.‬‬

‫]‪[77‬‬
‫لثبات الحجة وفي الشبه‪ .‬وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء‬
‫بما يحدث من ال في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الرض فيقذفها إلى‬
‫الكاهن‪ ،‬فإذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل‪ ،‬فما أصاب‬
‫الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما أداه )‪ (1‬إليه شيطانه مما سمعه‪،‬‬
‫وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه‪ ،‬فمذ منعت الشياطين عن استراق‬
‫السمع انقطعت الكهانة‪ .‬واليوم‪ :‬إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخبارا "‬
‫للناس مما يتحدثون به وما يحدثونه‪ ،‬والشياطين تؤدي إلى الشياطين ما‬
‫يحدث في البعد من الحوادث من سارق سرق‪ ،‬ومن قاتل قتل‪ ،‬ومن غائب‬
‫غاب‪ ،‬وهم بمنزلة الناس أيضا صدوق وكذوب‪ .‬فقال‪ :‬كيف صعدت‬
‫الشياطين إلى السماء‪ ،‬وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا‬
‫يبنون لسليمان بن داود عليه السلم من البنآء ما يعجز عنه ولد آدم ؟ قال‪:‬‬
‫غلظوا لسليمان كما سخروا‪ ،‬وهم خلق رقيق غذاؤهم التنسم )‪ ،(2‬والدليل‬
‫على ذلك صعودهم إلى السماء لستراق السمع‪ ،‬ول يقدر الجسم الكثيف‬
‫على الرتقاء إليها إل بسلم أو سبب )‪ - 31 .(3‬الخصال‪ :‬عن محمد بن‬
‫الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن‬
‫عيسى عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن الحسن بن ظريف عن أبي عبد‬
‫الرحمن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الباء‬
‫ثلثة آدم ولد مؤمنا‪ ،‬والجان ولد كافرا )‪ ،(4‬وإبليس ولد كافرا‪ ،‬وليس‬
‫فيهم نتاج إنما يبيض ويفرخ وولده ذكور ليس فيهم اناث )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة‪ " :‬ما اداه به " وفى المصدر‪ :‬ما اداه إليه الشيطان‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬غذاؤهم النسيم‪ (3) .‬الحتجاج‪ 185 :‬فيه‪ :‬أو بسبب‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬والجان ولد مؤمنا وكافرا‪ (5) .‬الخصال ‪.152 :1‬‬

‫]‪[78‬‬

‫‪ 32‬ومنه‪ :‬عن محمد بن موسى بن المتوكل‪ ،‬عن عبد ال بن جعفر الحميري عن‬
‫أحمد بن محمد بن عيسي‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬الجن على ثلثة أجزاء‪ :‬فجزء مع الملئكة‪ ،‬وجزء‬
‫يطيرون في الهواء وجزء كلب وحيات الخبر )‪ - 33 .(1‬العلل والعيون‪:‬‬
‫عن محمد بن عمر )‪ (2‬بن علي البصري‪ ،‬عن محمد بن عبد ال ابن أحمد‬
‫بن جبلة الواعظ‪ ،‬عن عبد ال بن أحمد بن عامر الطائي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫الرضا عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬سأل الشامي أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم عن اسم أبي الجن‪ ،‬فقال‪ :‬شومان )‪ ،(3‬وهو الذي خلق من مارج‬
‫من نار‪ ،‬وسأله‪ :‬هل بعث ال نبيا إلى الجن ؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬بعث إليهم نبيا "‬
‫يقال له‪ :‬يوسف )‪ ،(4‬فدعاهم إلى ال عزوجل فقتلوه )‪ - 34 (5‬العلل‬
‫والعيون‪ :‬عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن‬
‫علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا‬
‫عليه السلم عن أبيه موسى بن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه جعفر عليهم‬
‫السلم )‪ (6‬قال‪ :‬إن سليمان بن داود عليه السلم قال ذات يوم لصحابه‪:‬‬
‫إن ال تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا " ل ينبغي لحد من بعدي‪ ،‬سخر لي‬
‫الريح والنس والجن والطير والوحوش‪ ،‬وعلمني منطق‬

‫)‪ (1‬الخصال ‪ 154 :1‬ذيله‪ :‬والنس على ثلثة اجزاء فجزء تحت ظل العرش يوم ل‬
‫ظل ال ظله‪ ،‬وجزء عليهم الحساب والعذاب وجزء وجوههم وجوه‬
‫الدميين وقلوبهم قلوب الشياطين )‪ (2‬في نسخة من الكتاب وفى عيون‬
‫الخبار‪ :‬عمرو‪ (3) .‬في نسخة‪ :‬شونان‪ (4) .‬لعل المراد به يوسف النبي‬
‫الذى ورد اسمه في القرآن في سورة المؤمن بقوله تعالى‪ " :‬ولقد جاءكم‬
‫يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم حتى إذا هلك قلتم لن‬
‫يبعث ال من بعده رسول كذلك يضل ال من هو مسرف مرتاب " منه‬
‫قدس سره‪ (5) .‬علل الشرائع‪ 198 :‬عيون اخبار الرضا‪ (6) .134 :‬في‬
‫العيون‪ :‬عن ابيه جعفر بن محمد عن ابيه محمد بن على‪.‬‬

‫]‪[79‬‬

‫الطير‪ ،‬وآتاني كل شئ‪ ،‬ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم إلى‬
‫الليل‪ ،‬وقد أحببت أن أدخل قصري في غد وأصعد أعله وأنظر إلى ممالكي‪،‬‬
‫فل تأذنوا لحد علي لئل يرد علي ما ينغص علي يومي‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم‪ .‬فلما‬
‫كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره‪ ،‬ووقف‬
‫متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا )‪ (1‬بما أوتي‪ ،‬فرحا بما‬
‫أعطي‪ ،‬إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض‬
‫زوايا قصره‪ .‬فلما بصر به )‪ (2‬سليمان عليه السلم قال له‪ :‬من أدخلك إلى‬
‫هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم ؟ فباذن من دخلت ؟ فقال الشاب‪:‬‬
‫أدخلني هذا القصر ربه وباذنه دخلت‪ ،‬فقال‪ :‬ربه أحق به مني‪ ،‬فمن أنت ؟‬
‫قال‪ :‬أنا ملك الموت‪ ،‬قال عليه السلم‪ :‬وفيما جئت ؟ قال‪ :‬جئت لقبض‬
‫روحك‪ ،‬قال‪ :‬امض لما أمرت به‪ ،‬فهذا يوم سروري أبى ال عز وجل أن‬
‫يكون لي سرور دون لقائه‪ ،‬فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على‬
‫عصاه‪ .‬فبقي سليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء ال والناس‬
‫ينظرون إليه وهم يقدرون أنه حي‪ ،‬فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال‪:‬‬
‫إن سليمان قد بقي متكا " على عصاه هذه اليام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم‬
‫ولم يأكل ولم يشرب ؟ إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده‪ ،‬وقال قوم‪ :‬إن‬
‫سليمان ساحر‪ ،‬وأنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا وليس‬
‫كذلك‪ ،‬فقال المؤمنون‪ :‬إن سليمان هو عبد ال ونبيه يدبر ال أمره بما‬
‫شاء‪ .‬فلما اختلفوا بعث ال عزوجل الرضة فدبت في عصاه )‪ (3‬فلما أكلت‬
‫جوفها انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على وجهه‪ ،‬فشكر الجن‬
‫للرضة صنيعها )‪(4‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة‪ " :‬سرورا " " وكذلك في العلل‪ (2) .‬في العلل‪ " :‬ابصره " وفى‬
‫العيون‪ :‬ابصر به‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬في عصا سليمان‪ (4) .‬في العيون‪:‬‬
‫على صنيعها‪.‬‬

‫]‪[80‬‬

‫فلجل ذلك ل توجد الرضة في مكان إل وعندها ماء وطين‪ ،‬وذلك قول ال عزوجل‪:‬‬
‫" فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إل دابة الرض تأكل منسأته‬
‫" يعني عصاه " فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا‬
‫في العذاب المهين "‪ .‬ثم قال الصادق عليه السلم‪ :‬وال ما نزلت هذه الية‬
‫هكذا‪ ،‬وإنما نزلت " فلما خر تبينت النس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب‬
‫ما لبثوا في العذاب المهين " )‪ - 35 .(1‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن‬
‫عبد ال‪ ،‬عن محمد بن عبد الحميد العطار عن محمد بن راشد البرمكي‪،‬‬
‫عن عمر بن سهل السدي‪ ،‬عن سهيل بن غزوان البصري قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن امرأة من الجن كان يقال لها‪ :‬عفراء وكانت‬
‫تنتاب )‪ (2‬النبي صلى ال عليه وآله فتسمع من كلمه‪ ،‬فتأتي صالحي‬
‫الجن فيسلمون على يديها‪ ،‬وإنها فقدها النبي صلى ال عليه وآله فسأل‬
‫عنها جبرئيل‪ ،‬فقال‪ :‬إنها زارت اختا لها تحبها في ال‪ .‬فقال النبي صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬طوبى للمتحابين في ال‪ ،‬إن ال تبارك وتعالى خلق في الجنة‬
‫عمودا " من ياقوتة حمراء عليه سبعون ألف قصر‪ ،‬في كل قصر سبعون‬
‫ألف غرفة‪ ،‬خلقها ال عزوجل للمتحابين والمتزاورين في ال‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا‬
‫عفراء أي شئ رأيت ؟ قالت‪ :‬رأيت عجائب كثيرة‪ ،‬قال‪ :‬فأعجب ما رأيت ؟‬
‫قالت‪ :‬رأيت إبليس في البحر الخضر على صخرة بيضاء‪ ،‬مادا يديه إلى‬
‫السماء وهو يقول‪ :‬إلهي إذا بررت قسمك وأدخلتني نار جهنم‪ ،‬فأسألك‬
‫بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين‪ ،‬إل خلصتني منها وحشرتني‬
‫معهم‪ .‬فقلت‪ :‬يا حارث ما هذه السماء التي تدعو بها ؟ قال لي‪ :‬رأيتها‬
‫على ساق العرش من قبل أن يخلق ال آدم بسبعة آلف سنة‪ ،‬فعلمت أنهم‬
‫أكرم الخلق على ال عزوجل‪ ،‬فأنا أسأله بحقهم‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬وال لو أقسم أهل الرض بهذه‬
‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ 36 :‬عيون اخبار الرضا‪ .146 .‬والية في سبأ‪ (2) .24 :‬في‬
‫نسخة‪] :‬يأتي[ وكذلك في الخصال المطبوع‪.‬‬

‫]‪[81‬‬

‫السماء لجابهم )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال في القاموس‪ :‬انتابهم انتيابا " أتاهم مرة بعد مرة‪،‬‬
‫لو أقسم أهل الرض أي جميعهم‪ - 36 .‬تفسير على بن ابراهيم‪ :‬في قوله‬
‫تعالى حكاية عن الجن‪ " :‬يا قومنا إنا سمعنا " إلى قوله‪ " :‬اولئك في‬
‫ضلل مبين " فهو )‪ (2‬كله حكاية عن الجن‪ .‬وكان سبب نزول هذه الية‪،‬‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وآله خرج من مكة إلى سوق عكاظ ومعه زيد‬
‫بن حارثة‪ ،‬يدعو الناس إلى السلم‪ ،‬فلم يجبه أحد ولم يجد من يقبله )‪(3‬‬
‫ثم رجع إلى مكة‪ ،‬فلما بلغ موضعا يقال له‪ :‬وادي مجنة تهجد بالقرآن في‬
‫جوف الليل‪ ،‬فمر به نفر من الجن‪ ،‬فلما سمعوا قراءة رسول ال استمعوا‬
‫له‪ ،‬فلما سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض‪ " :‬أنصتوا " يعنى اسكتوا‪" .‬‬
‫فلما قضى " أي فرغ رسول ال صلى ال عليه وآله من القراءة " ولوا‬
‫إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا " انزل من بعد موسى‬
‫مصدقا لما بين يديه يهدي إلي الحق وإلى طريق مستقيم‪ ،‬يا قومنا أجيبوا‬
‫داعي ال وآمنوا به " إلى قوله‪ " :‬اولئك في ضلل مبين " فجاؤا إلى‬
‫رسول ال )‪ (4‬فأسلموا وآمنوا‪ ،‬وعلمهم رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫شرائع السلم‪ .‬فأنزل ال على نبيه‪ " :‬قل اوحي إلى أنه استمع نفر من‬
‫الجن " السورة كلها‪ ،‬فحكى ال قولهم وولى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله عليهم منهم‪ ،‬وكانوا يعودون إلى رسول ال صلى ال عليه وآله في‬
‫كل وقت‪ ،‬فأمر أمير المؤمنين صلوات ال عليه أن يعلمهم ويفقههم فمنهم‬
‫مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان‪.‬‬
‫وسئل العالم صلوات ال عليه عن مؤمني الجن‪ :‬أيدخلون الجنة ؟ فقال‪ :‬ل‪،‬‬
‫ولكن‬

‫)‪ (1‬الخصال ‪ (2) .171 :2‬في نسخة‪] :‬فهذا[ وهو الموجود في المصدر )‪ (3‬في‬
‫المصدر‪ :‬ولم يجد احدا يقبله‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فجاؤا إلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله يطلبون شرائع السلم‪.‬‬

‫]‪[82‬‬

‫ل حظائر بين الجنة والنار يكون فيها مؤمنو الجن وفساق الشيعة )‪- 37 .(1‬‬
‫الكافي‪ :‬عن محمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن علي بن خالد‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫عبدوس‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن ليث‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البعر أو العود‪ ،‬قال‪ :‬أما‬
‫العظم والروث فطعام الجن وذلك مما اشترطوا على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ ،‬فقال‪ :‬ل يصلح بشئ من ذلك )‪ - 38 .(2‬العلل‪ :‬عن محمد بن‬
‫الحسن بن الوليد‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عمرو بن أبي المقدام‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن ال تبارك‬
‫وتعالى لما أحب أن يخلق خلقا " بيده وذلك بعد ما مضى للجن والنسناس‬
‫في الرض سبعة آلف سنة‪ ،‬قال‪ :‬ولما كان من شأن ال أن يخلق آدم للذي‬
‫أراد من التدبير والتقدير لما هو مكونه في السماوات والرض وعلمه لما‬
‫أراده من ذلك كله كشط عن أطباق السماوات‪ ،‬ثم قال للملئكة‪ :‬انظروا إلى‬
‫أهل الرض من خلقي من الجن والنسناس‪ .‬فلما رأوا ما يعملون فيها من‬
‫المعاصي وسفك الدماء والفساد في الرض بغير الحق‪ ،‬عظم ذلك عليهم‬
‫وغضبوا ل وأسفوا على أهل الرض ولم يملكوا غضبهم أن قالوا‪ :‬يا رب‬
‫أنت العزيز القادر الجابر القاهر العظيم الشأن‪ ،‬وهذا خلقك الضعيف الذليل‬
‫في أرضك يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون )‪ (3‬بعافيتك‬
‫وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام ل تأسف ول تغضب ول تنتقم‬
‫لنفسك لما تسمع منهم وترى‪ ،‬وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك‪ .‬فلما سمع‬
‫ال عزوجل ذلك من الملئكة قال‪ " :‬إني جاعل في الرض خليفة‪ ،‬لي‬
‫عليهم فيكون حجة لي عليهم في أرضي على خلقي‪ ،‬فقالت الملئكة‪" :‬‬
‫سبحانك‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ 623 :‬و ‪ (2) .624‬لم نجد الحديث في الكافي والظاهر ان‬
‫المصنف وهم في ذلك والصحيح ]التهذيب[ راجع التهذيب ‪) 101 :1‬ط‬
‫‪ (1‬و ‪) 354‬ط ‪ (3) .(2‬في نسخة‪ :‬ويتمتعون‪.‬‬

‫]‪[83‬‬

‫أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " وقالوا‪:‬‬
‫فاجعله منا فانا ل نفسد في الرض ول نسفك الدماء‪ .‬قال ال جل جلله‪ :‬يا‬
‫ملئكتي " إني أعلم ما ل تعلمون " إني اريد أن أخلق خلقا بيدي أجعل‬
‫ذريته أنبياء مرسلين‪ ،‬وعبادا صالحين‪ ،‬وأئمة مهتدين‪ ،‬أجعلهم خلفائي‬
‫على خلقي في أرضي‪ ،‬ينهونهم عن معاصي )‪ ،(1‬وينذرونهم عذابي‪،‬‬
‫ويهدونهم إلى طاعتي‪ ،‬ويسلكون بهم طريق سبيلى‪ ،‬وأجعلهم حجة لي‬
‫عذرا أو نذرا‪ ،‬وابين النسناس )‪ (2‬من أرضي فاطهرها منهم‪ ،‬وأنقل مردة‬
‫الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي‪ ،‬واسكنهم في الهواء وفي أقطار‬
‫الرض ل يجاورون نسل خلقي‪ ،‬وأجعل بين الجن وبين خلقي حجابا‪ ،‬ول‬
‫يرى نسل خلقي الجن ول يؤانسونهم ول يخالطونهم )‪ ،(3‬فمن عصاني من‬
‫نسل خلقي الذين اصطفيتهم لنفسي أسكنتهم مساكن العصاة وأوردتهم‬
‫مواردهم ول أبالي‪ ،‬فقالت الملئكة‪ :‬يا رب افعل ما شئت " ل علم لنا إل‬
‫بما علمتنا )‪ (4‬إنك أنت العليم الحكم " الخبر‪ .‬أقول‪ :‬قد مضى تمامه في‬
‫باب ما به قوام بدن النسان )‪ - 39 .(5‬تفسير على بن ابراهيم‪ :‬في قوله‬
‫تعالى‪ " :‬والجان خلقناه من قبل من نار السموم " قال‪ :‬أبو إبليس‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫الجن من ولد الجان منهم مؤمنون وكافرون ويهود ونصارى‪ ،‬ويختلف‬
‫أديانهم‪ ،‬والشياطين من ولد إبليس وليس فيهم مؤمنون إل واحد‪ ،‬اسمه‬
‫هام بن هيم بن ل قيس بن إبليس‪ ،‬جاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬فرآه جسيما عظيما وامرءا مهول‪ ،‬فقال له‪ :‬من أنت ؟ قال‪ :‬أنا هام‬
‫بن هيم بن لقيس بن إبليس‪ ،‬كنت يوم قتل هابيل غلم ابن أعوام أنهى عن‬
‫العتصام وآمر بافساد الطعام‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬عن المعاصي‪ (2) .‬أي اقطع النسناس من ارضى‪ ،‬وفى نسخة‪:‬‬
‫]أبير[ أي اهلكهم‪ (3) .‬في نسخة‪ :‬ولما يجالسونهم‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ما‬
‫علمتنا‪ (5) .‬علل الشرائع ‪.98 :1‬‬

‫]‪[84‬‬

‫فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬بئس لعمري الشاب المؤمل والكهل المؤمر‪،‬‬
‫فقال‪ :‬دع عنك هذا يا محمد‪ ،‬فقد جرت توبتي على يد نوح‪ ،‬ولقد كنت معه‬
‫في السفينة فعاتبته على دعائه على قومه‪ ،‬ولقد كنت مع إبراهيم حيث‬
‫القي في النار فجعلها ال بردا " وسلما "‪ ،‬ولقد كنت مع موسى حين‬
‫غرق ال فرعون ونجى بني إسرائيل‪ ،‬ولقد كنت مع هود حين دعا على‬
‫قومه فعاتبته‪ ،‬ولقد كنت مع صالح )‪ (1‬فعاتبته على دعائه على قومه‪،‬‬
‫ولقد قرأت الكتب فكلها تبشرني بك والنبياء يقرأونك السلم ويقولون‪:‬‬
‫أنت أفضل النبياء وأكرمهم‪ ،‬فعلمني مما أنزل ال عليك شيئا‪ .‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وسلم لمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬علمه فقال‬
‫هام‪ :‬يا محمد إنا ل نطيع إل نبيا أو وصي نبي‪ ،‬فمن هذا ؟ قال‪ :‬هذا أخي‬
‫ووصيي ووزيري ووارثي علي بن أبي طالب‪ ،‬قال‪ :‬نعم نجد اسمه في‬
‫الكتب اليا فعلمه أمير المؤمنين‪ ،‬فلما كانت ليلة الهرير بصفين جاء إلى‬
‫أمير المؤمنين )‪ - 40 .(2‬دليل الطبري والبصائر‪ :‬عن محمد بن إسماعيل‬
‫عن علي بن الحكم عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي‪ ،‬قال‪ :‬كنت‬
‫مع أبي عبد ال عليه السلم فيما بين مكة والمدينة‪ ،‬إذا التفت )‪ (3‬عن‬
‫يساره فإذا كلب أسود‪ ،‬فقال‪ :‬مالك قبحك ال ما أشد مسارعتك ؟ فإذا هو‬
‫شبيه بالطائر‪ ،‬فقلت‪ :‬ما هو )‪ (4‬جعلت فداك ؟ فقال‪ :‬هذا عثم بريد الجن‪،‬‬
‫مات هشام الساعة فهو يطير ينعاه )‪ (5‬في كل بلدة )‪ .(6‬الكافي‪ :‬عن محمد‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل مثله )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ولقد قرأت الكتب مع صالح‪ (2) .‬تفسير القمى‪ (3) .351 :‬في‬
‫الدلئل‪ :‬فالتفت‪ (4) .‬في نسخة‪] :‬ما هذا[ وفى الدلئل‪ :‬ما هذا جعلني ال‬
‫فداك‪ (5) .‬في نسخة‪] :‬ينعى به[ وهو الموجود في الدلئل‪ (6) .‬دلئل‬
‫المامة‪ 132 :‬بصائر الدرجات‪ (7) .22 :‬فروع الكافي ‪) 553 :6‬ط‬
‫آخوندى( فيه‪] :‬اسود بهيم[ وفيه‪] :‬ما هذا[ وفيه‪ :‬غثيم‪.‬‬

‫]‪[85‬‬

‫‪ - 41‬المناقب لبن شهر آشوب‪ :‬قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬خدم أبو خالد‬
‫الكابلي علي بن الحسين عليه السلم دهرا " من عمره‪ ،‬ثم إنه أراد أن‬
‫ينصرف إلى أهله فأتى على بن الحسين عليه السلم وشكى إليه شدة‬
‫شوقه إلى والديه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا خالد يقدم غدا " رجل من أهل الشام له قدر‬
‫ومال كثير وقد أصاب بنتا " له عارض من أهل الرض )‪ (1‬ويريدون أن‬
‫يطلبوا معالجا يعالجها‪ ،‬فإذا أنت سمعت قدومه فأته وقل له‪ :‬أنا اعالجها لك‬
‫على أن أشترط لك أني اعالجها على ديتها عشرة آلف درهم فل تطمئن‬
‫إليهم وسيعطونك ما تطلب منهم‪ .‬فلما أصبحوا قدم الرجل ومن معه‪ ،‬وكان‬
‫من عظماء أهل الشام في المال والمقدرة فقال‪ :‬أما من معالج يعالج بنت‬
‫هذا الرجل ؟ فقال له أبو خالد‪ :‬أنا اعالجها على عشرة آلف درهم‪ ،‬فان‬
‫أنتم وفيتم وفيت لكم على أن ل يعود إليها أبدا "‪ ،‬فشرطوا أن يعطوه‬
‫عشرة آلف درهم‪ ،‬فأقبل إلى علي بن الحسين فأخبره الخبر‪ .‬فقال‪ :‬إنى‬
‫أعلم أنهم سيغدرون بك ول يفون لك‪ ،‬انطلق يا أبا خالد‪ ،‬فخذ باذن الجارية‬
‫اليسرى ثم قل‪ :‬يا خبيث يقول لك علي بن الحسين‪ :‬اخرج من هذه الجارية‬
‫ول تعد‪ ،‬ففعل أبو خالد ما أمره وخرج منها فأفاقت الجارية‪ ،‬وطلب أبو‬
‫خالد الذي شرطوا له فلم يعطوه‪ ،‬فرجع مغتما " كئيبا‪ ،‬فقال له علي بن‬
‫الحسين‪ :‬مالي أراك كئيبا " يا أبا خالد ؟ ألم أقل لك‪ :‬إنهم يغدرون بك ؟‬
‫دعهم فانهم سيعودون إليك فإذا لقوك فقل‪ :‬لست اعالجها حتى تضعوا‬
‫المال على يدي علي بن الحسين )‪ .(2‬فعادوا إلى أبي خالد يلتمسون‬
‫مداواتها‪ ،‬فقال لهم‪ :‬إني ل اعالجها حتى تضعوا المال على يدي علي بن‬
‫الحسين عليه السلم فانه لي ولكم ثقة‪ ،‬فرضوا ووضعوا المال على‬

‫)‪ (1‬في الخرائج‪ :‬قد اصابها عارض من الجن‪ (2) .‬في المصدر‪] :‬على يدى على‬
‫بن الحسين فانه لى ولكم ثقة )فاصيبت الجارية وعادوا إليه وقال‪ :‬ما‬
‫امره به فرضوا( ووضعوا المال على يدى على بن الحسين فرجع[‬
‫والظاهر انه مصحف لن الظاهر ان ابن شهر آشوب اخرج الحديث من‬
‫رجال الكشى والفاظة يوافق المتن‪.‬‬

‫]‪[86‬‬

‫يدي علي بن الحسين عليه السلم‪ :‬فرجع أبو خالد إلى الجارية فأخذ بأذنها‬
‫اليسرى‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا خبيث يقول لك علي بن الحسين عليه السلم‪ :‬اخرج‬
‫من هذه الجارية ول تعرض لها إل بسبيل خير فانك إن عدت أحرقتك بنار‬
‫ال الموقدة التي تطلع على الفئدة فخرج منها‪ ،‬ودفع المال إلى أبي خالد‬
‫فخرج إلى بلده )‪ .(1‬الخرائج‪ :‬عن أبي الصباح الكناني عنه عليه السلم‬
‫مثله )‪ .(2‬الكشى‪ :‬وجدت بخط جبرئيل بن أحمد‪ ،‬عن محمد بن عبد ال بن‬
‫مهران‪ ،‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن علي بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن علي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن الكناني مثله )‪ - 42 .(3‬الرشاد للمفيد‪ ،‬واعلم الورى‪ :‬جاء في‬
‫الثار عن ابن عباس )‪ (4‬قال‪ :‬لما خرج النبي صلى ال عليه وآله إلى بني‬
‫المصطلق جنب عن الطريق وأدركه الليل فنزل بقرب واد وعر )‪ ،(5‬فلما‬
‫كان آخر الليل هبط عليه جبرئيل يخبره أن طائفة من كفار الجن قد‬
‫استبطنوا الوادي يريدون كيده عليه السلم وإيقاع الشر بأصحابه عند‬
‫سلوكهم إياه‪ .‬فدعا أمير المؤمنين عليه السلم وقال له‪ :‬اذهب إلى هذا‬
‫الوادي فسيعرض لك من أعداء ال الجن من يريدك فادفعه بالقوة التي‬
‫أعطاك ال عزوجل إياها وتحصن منهم بأسماء ال التي خصك بعلمها )‬
‫‪ ،(6‬وأنفذ معه مائة رجل من أخلط الناس‪ ،‬وقال‬

‫)‪ (1‬مناقب آل ابى طالب ‪ (2) .386 :3‬الخرائج والجرائح‪ 195 :‬فيه اختلفات‬
‫لفظية كثيرة راجعه‪ (3) .‬رجال الكشى‪) 81 :‬ط ‪ (1‬و ‪ 112‬و ‪) 113‬ط ‪(2‬‬
‫فيه‪] :‬ولم يعد إليها[ والفاظه يوافق ما في الصلب‪ (4) .‬رواه المفيد عن‬
‫محمد بن ابى السرى التيممى عن احمد بن الفرج عن الحسن ابن موسى‬
‫النهدي عن ابيه عن وبرة بن الحارث عن ابن عباس‪ (5) .‬الوعر‪:‬‬
‫الصعب وزنا ومعنى‪ (6) .‬في الرشاد واعلم الورى‪ :‬خصك بها وبعلمها‪.‬‬

‫]‪[87‬‬

‫لهم‪ :‬كونوا معه وامتثلوا أمره‪ ،‬فتوجه أمير المؤمنين عليه السلم إلى الوادي‪ ،‬فلما‬
‫قرب )‪ (1‬شفيره أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ول‬
‫يحدثوا شيئا حتى يأذن لهم‪ .‬ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بال‬
‫من أعدائه وسمى ال تعالى بأحسن أسمائه وأومأ إلى القوم الذين اتبعوه‬
‫أن يقربوا منه‪ ،‬فقربوا كان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة )‪ ،(2‬ثم رام‬
‫الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد القوم يقعون على وجوههم‬
‫لشدتها ولم تثبت أقدامهم على الرض من هول الخصم ومن هول ما لحقهم‬
‫)‪ (3‬فصاح أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أنا علي بن أبي طالب بن عبد‬
‫المطلب وصي رسول ال وابن عمه‪ ،‬اثبتوا إن شئتم‪ .‬وظهر للقوم أشخاص‬
‫على صور الزط يخيل )‪ (4‬في أيديهم شعل النار قد اطمأنوا بجنبات الوادي‬
‫فتوغل )‪ (5‬أمير المؤمنين عليه السلم بطن الوادي وهو يتلو القرآن‬
‫ويؤمي بسيفه يمينا " وشمال "‪ ،‬فما لبث الشخاص حتى صارت كالدخان‬
‫السود‪ ،‬وكبر أمير المؤمنين عليه السلم ثم صعد من حيث انهبط‪ ،‬فقام مع‬
‫الذين اتبعوه حتى أسفر الموضع عما اعتراه‪ .‬فقال له أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬ما لقيت يا أبا الحسن ؟ فلقد كدنا )‪ (6‬أن نهلك خوفا‬
‫" وإشفاقا " )‪ (7‬عليك أكثر مما لحقنا‪ ،‬فقال عليه السلم لهم‪ :‬إنه لما‬
‫تراءى لي العدو وجهرت فيهم بأسماء ال فتضاءلوا )‪ (8‬وعلمت ما حل‬
‫بهم من الجزع‪ ،‬فتوغلت الوادي‬

‫)‪ (1‬في نسخة‪ :‬فلما قارب‪ (2) .‬الغلوة‪ :‬رمية سهم ابعد ما تقدر عليه‪ (3) .‬في‬
‫العلم‪ :‬على الرض من هول ما لحقهم‪ (4) .‬في العلم‪ :‬تخيل‪(5) .‬‬
‫توغل في البلد‪ :‬ذهب وأبعد‪ (6) .‬في نسخة من الكتاب وفى اعلم‬
‫الورى‪ :‬فقد كدنا‪ (7) .‬في اعلم الورى‪ :‬واشفاقا عليه فقال‪ (8) .‬أي‬
‫فتصاغروا‪.‬‬

‫]‪[88‬‬

‫غير خائف منهم‪ ،‬ولو بقوا على هيأتهم لتيت على آخرهم‪ ،‬وقد كفى ال كيدهم‬
‫وكفى المسلمين شرهم وسيسبقني بقيتهم إلى النبي صلى ال عليه وآله‬
‫فيؤمنون به‪ ،‬وانصرف أمير المؤمنين عليه السلم بمن معه إلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬فأخبره الخبر فسري عنه ودعا له بخير‪ ،‬و قال له‪ :‬قد‬
‫سبقك يا علي إلى من أخافه ال بك فأسلم وقبلت إسلمه )‪- 43 .(1‬‬
‫الرشاد‪ :‬وهذا الحديث روته العامة كما روته الخاصة ولم يتناكروا شيئا "‬
‫منه‪ ،‬والمعتزلة لميلها إلى مذهب البراهمة تدفعه‪ ،‬ولبعدها عن معرفة‬
‫الخبار تنكره‪ ،‬وهي سالكة في ذلك طريق الزنادقة فيما طعنت به في‬
‫القرآن وما تضمنه من أخبار الجن وإيمانهم بال ورسوله‪ ،‬وما قص ال‬
‫تعالى من نبأهم في القرآن في سورة الجن وقولهم‪ " :‬إنا سمعنا قرآنا "‬
‫عجبا " إلى آخر ما تضمنه الخبر عنهم في هذه السورة‪ .‬وإذا بطل‬
‫اعتراض الزنادقة )‪ (2‬في ذلك مع إعجاز القرآن والعجوبة الباهرة فيه‬
‫كان مثل ذلك ظهور بطلن طعون المعتزلة في الخبر الذي رويناه لعدم‬
‫استحالة مضمونه في العقول‪ ،‬وفي مجيئه من طريقين مختلفين وبرواية‬
‫فريقين متباينين برهان صحته وليس في إنكار من عدل عن النصاف في‬
‫النظر من المعتزلة والمجبرة قدح فيما ذكرناه من وجوب العمل عليه‪ ،‬كما‬
‫أنه ليس في جحد الملحدة وأصناف الزنادقة واليهود والنصارى‬
‫والمجوس والصابئين ما جاء في صحته من الخبار بمعجزات النبي صلى‬
‫ال عليه وآله كانشقاق القمر وحنين الجذع وتسبيح الحصى في كفه‬
‫وشكوى البعير وكلم الذراع ومجيئ الشجرة وخروج الماء من بين‬
‫أصابعه عليه السلم في الميضأة )‪ ،(3‬إطعام الخلق الكثير من الطعام القليل‬
‫قدح في صحتها وصدق رواتها وثبوت الحجة بها‪ .‬وساق الكلم إلى قوله‪:‬‬
‫ول زال أجد الجاهل من الناصبة والمعاند يظهر التعجب من الخبر بملقاة‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم الجن وكفه شرهم عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله وأصحابه‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬ارشاد المفيد‪) 181 :‬ط ‪ (1‬و ‪) 160‬ط آخوندى( اعلم الورى ‪(2) .182‬‬
‫المصدر زيادة‪ :‬بتجويز العقول وجود الجن وامكان تكليفهم وثبوت ذلك‪) .‬‬
‫‪ (3‬الميضاة بالقصر وكسر الميم وقد تمد‪ :‬مطهرة كبيرة يتوضأ منها‪.‬‬

‫]‪[89‬‬

‫يتضاحك لذلك وينسب الرواية إلى الخرافات الباطلة‪ ،‬ويصنع مثل ذلك في الخبار‬
‫الواردة بسوى ذلك من معجزاته عليه السلم ويقول‪ :‬إنها من موضوعات‬
‫الشيعة وتخرص من افتراه منهم للتكسب بذلك أو التعصب‪ .‬وهذا بعينه‬
‫مقال الزنادقة وكافة أعداء السلم فيما نطق به القرآن من خبر الجن‬
‫وإسلمهم وقولهم )‪ " :(1‬إنا سمعنا قرآنا " عجبا " إلى آخره‪ ،‬وفيما ثبت‬
‫به الخبر عن ابن مسعود في قصة ليلة الجن ومشاهدته لهم كالزط وفى‬
‫غير ذلك من معجزات الرسول صلى ال عليه وآله فانهم يظهرون التعجب‬
‫من جميع ذلك ويتضاحكون عند سماع الخبر به والحتجاج بصحته‪،‬‬
‫ويستهزؤن ويلغطون فيما يسرفون به من سب السلم وأهله )‪(2‬‬
‫ونسبتهم إياهم إلى العجز والجهل ووضع الباطيل )‪ (3‬إلى آخر ما أفاده‬
‫قدس سره‪ .‬بيان‪ :‬الشفير‪ :‬ناحية الوادي‪ ،‬وغلوة السهم‪ :‬مرماه‪ ،‬وتوغل‬
‫في الوادي‪ :‬ذهب وبالغ وأبعد‪ ،‬وتضاءل‪ :‬تصاغر‪ ،‬وانسرى الهم عني‬
‫وسري‪ :‬انكشف‪ ،‬كل ذلك ذكره الفيروز آبادي‪ - 44 .‬كتاب الدلئل للطبري‪:‬‬
‫عن عبد ال بن أحمد الخازن‪ ،‬عن محمد بن عمر التميمي‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن سعيد‪ ،‬عن إبراهيم بن أحمد بن جيرويه‪ ،‬عن محمد بن أبي‬
‫البهلول‪ ،‬عن صالح بن أبي السود‪ ،‬عن جابر بن يزيد‪ ،‬عن أبي جعفر‬
‫محمد بن علي الباقر عليه السلم قال‪ :‬خرج أبو محمد علي بن الحسين‬
‫عليه السلم إلى مكة في جماعة من مواليه وناس من سواهم‪ ،‬فلما بلغ‬
‫عسفان ضرب مواليه فسطاطه في موضع منها‪ ،‬فلما دنا علي بن الحسين‬
‫عليه السلم من ذلك الموضع قال لمواليه‪ :‬كيف ضربتم في هذا الموضع ؟‬
‫وهذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعة‪ ،‬وذلك يضر بهم‬
‫ويضيق عليهم )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ ،‬وقوله‪ (2) .‬زاد في المصدر‪ :‬واستحماق معتقديه والناصرين لهم‪.‬‬
‫)‪ (3‬ارشاد المفيد ‪ 184 - 182‬و ‪) 163 - 161‬آخوندى(‪ (4) .‬قوله‪:‬‬
‫وهذا موضع إلى هنا‪ ،‬يوافق نسخة امان الخطار واما الدلئل فموجود‬
‫فيه هكذا‪] :‬انه موضع فيه اولياؤنا من الجن ولنا شيعة وقد ضيقتم‬
‫مضربهم عليهم فقالوا[ وفى النجوم‪ :‬وفيه قوم من الجن وهم اولياء لنا‬
‫وشيعة وقد اضررنا بهم وضيقنا عليهم فقالوا‪.‬‬

‫]‪[90‬‬

‫فقلنا‪ (1) :‬ما علمنا ذلك‪ ،‬وعزموا )‪ (2‬إلى قلع الفسطاط وإذا هاتف يسمع صوته‬
‫ول يرى شخصه وهو يقول‪ :‬يابن رسول ال ل تحول فسطاطك من‬
‫موضعه فانا نحتمل لك ذلك‪ ،‬وهذا الطف )‪ (3‬قد أهديناه إليك ونحب أن تنال‬
‫منه لنتشرف )‪ (4‬بذلك فإذا جانب الفسطاط طبق عظيم وأطباق معه فيها‬
‫عنب ورمان وموز وفاكهة كثيرة فدعا أبو محمد عليه السلم من كان معه‬
‫فأكل وأكلوا من تلك الفاكهة )‪ .(5‬أمان الخطار‪ :‬نقل من كتاب الدلئل‬
‫مرسل مثله )‪ .(6‬النجوم‪ :‬روينا باسنادنا إلى سعيد بن هبة ال الراوندي‬
‫يرفعه إلي علي بن الحسين عليه السلم وذكر مثله )‪ .(7‬بيان‪ :‬يدل على‬
‫جواز التصرف فيما أتى به الجن كما يقتضيه الصل‪ - 45 .‬عيون‬
‫المعجزات‪ :‬للسيد المرتضى )‪ (8‬من كتاب النوار عن أحمد بن محمد ابن‬
‫عبدويه )‪ (9‬عن سليمان بن علي الدمشقي عن أبي هاشم الزبالي )‪،(10‬‬
‫عن زاذان‬

‫)‪ (1‬في المصادر‪ :‬فقالوا‪ (2) .‬في نسخة من الكتاب وامان الخطار‪ :‬وعمدوا‪(3) .‬‬
‫في نسخة‪] :‬لطف[ وفى الدلئل‪] :‬الطبق[ وفى امان الخطار‪] :‬اللطف[‬
‫وفى النجوم‪ ،‬شئ بعثنا به اليك فنظروا وإذا بجانب الفسطاط طبق عظيم‬
‫وفيه اطباق من عنب ورطب ورمان وفواكه كثيرة من الموز وغيره فدعا‬
‫على بن الحسين عليه السلم رجل معه واستحضر الناس فاكلوا‬
‫وارتحلنا‪ (4) .‬في نسخة‪] :‬لنستر[ وفى الدلئل‪] :‬لنتشرف فإذا بجانب[‬
‫وفى امان الخطار‪ :‬لنستر بذلك فإذا في جانب‪ (5) .‬دلئل المامة‪) .93 :‬‬
‫‪ (6‬امان الخطار‪ (7) .124 ،‬فرج المهموم‪ (8) .228 ،‬بل الصحيح انه‬
‫للشيخ حسين بن عبد الوهاب المعاصر للمرتضى والرضى‪ (9) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬عبد ربه‪ (10) .‬في نسخة‪] :‬الزياتي[ وفى المصدر‪ :‬الرماني‪.‬‬

‫]‪[91‬‬

‫عن سلمان قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه وآله ذات يوم جالسا بالبطح وعنده‬
‫جماعة من أصحابه وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظرنا إلى زوبعة )‪ (1‬قد‬
‫ارتفعت فأثارت الغبار وما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقف بحذاء‬
‫النبي صلى ال عليه وآله ثم برز منها شخص كان فيها‪ .‬ثم قال‪ :‬يا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وسلم إني وافد قومي استجرنا بك فأجرنا وابعث‬
‫معي من قبلك من يشرف على قومنا فإن بعضهم قد بغى علينا ليحكم )‪(2‬‬
‫بيننا وبينهم بحكم ال وكتابه وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة أن أرده‬
‫إليك سالما في غداة غد إل أن تحدث علي حادثة من عند ال‪ .‬فقال له النبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬من أنت ؟ ومن قومك ؟ قال‪ :‬أنا عرفطة بن شمراخ )‬
‫‪ (3‬أحد بني نجاح‪ ،‬وأنا وجماعة من أهلي كنا نسترق السمع‪ ،‬فلما منعنا‬
‫من ذلك آمنا ولما بعثك ال نبيا " آمنا بك على ما علمته وقد صدقناك‪ ،‬وقد‬
‫خالفنا بعض القوم وأقاموا على ما كانوا عليه فوقع بيننا وبينهم الخلف‪،‬‬
‫وهم أكثر منا عددا " وقوة وقد غلبوا على الماء والمراعي وأضروا بنا‬
‫وبدوا بنا‪ ،‬فابعث معي من يحكم بيننا بالحق‪ .‬فقال له النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فكشف لنا عن صورته فنظرنا فإذا شخص عليه شعر كثير‪ ،‬وإذا رأسه‬
‫طويل‪ ،‬طويل العينين عيناه في طول رأسه‪ ،‬صغير الحدقتين‪ ،‬وله أسنان‬
‫كأنها أسنان السباع‪ ،‬ثم إن النبي صلى ال عليه وآله أخذ عليه العهد‬
‫والميثاق على أن يرد عليه في غد من يبعث به معه‪ .‬فلما فرغ من ذلك‬
‫التفت إلى أبي بكر فقال له‪ :‬صر مع أخينا عرفطة )‪ (4‬وانظر إلى ما هم‬
‫عليه واحكم بينهم بالحق‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال وأين هم ؟ قال‪ :‬هم تحت‬

‫)‪ (1‬الزوبعة‪ :‬هيجان الرياح وتصاعدها إلى السماء‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فيحكم‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬غطرفة بن شمراخ‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬غطرفة‪.‬‬

‫]‪[92‬‬

‫الرض‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬فكيف أطيق النزول تحت الرض ؟ وكيف أحكم بينهم ول‬
‫احسن )‪ (1‬كلمهم‪ ،‬ثم التفت إلى عمر بن الخطاب فقال له‪ :‬مثل قوله لبي‬
‫بكر‪ ،‬فأجاب مثل جواب أبي بكر‪ ،‬ثم أقبل على عثمان‪ ،‬وقال له مثل قوله‬
‫لهما فأجابه كجوابهما‪ .‬ثم استدعى بعلي عليه السلم وقال له‪ :‬يا علي صر‬
‫مع أخينا عرفطة )‪ (2‬وتشرف على قومه وتنظر إلى ما هم عليه وتحكم‬
‫بينهم بالحق‪ ،‬فقام أمير المؤمنين عليه السلم مع عرفطة وقد تقلد سيفه‪:‬‬
‫قال سلمان رضي ال عنه‪ :‬فتبعتهما إلى أن صارا إلى الوادي فلما توسطا‪،‬‬
‫نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلم وقال‪ :‬قد شكر ال تعالى سعيك يا أبا‬
‫عبد ال فارجع‪ ،‬فوقفت أنظر إليهما فانشقت الرض ودخل فيها وعدت إلى‬
‫ما كنت )‪ (3‬ورجعت وتداخلني من الحسرة ما ال أعلم به كل ذلك إشفاقا "‬
‫على أمير المؤمنين عليه السلم‪ .‬وأصبح النبي صلى ال عليه وآله وصلى‬
‫بالناس الغداة وجاء وجلس على الصفا وحف به أصحابه‪ ،‬وتأخر أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم وارتفع النهار وأكثر الكلم إلى أن زالت الشمس‬
‫وقالوا‪ :‬إن الجني احتال على النبي صلى ال عليه وآله وقد أراحنا ال من‬
‫أبي تراب وذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا‪ ،‬وأكثروا الكلم إلى أن صلى‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وسلم صلة الولى وعاد إلى مكانه وجلس على‬
‫الصفا‪ ،‬وما زال مع أصحابه بالحديث إلى أن وجبت صلة العصر‪ ،‬وأكثروا‬
‫القوم الكلم وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين عليه السلم‪ .‬فصلى النبي‬
‫صلى ال عليه وآله صلة العصر وجاء وجلس على الصفا وأظهر الفكر‬
‫في أمير المؤمنين عليه السلم وظهرت شماتة المنافقين بأمير المؤمنين‬
‫عليه السلم وكادت الشمس تغرب فتيقن القوم أنه قد هلك‪ ،‬إذا وقد انشق‬
‫الصفا وطلع أمير المؤمنين منه وسيفه يقطر دما ومعه عرفطة )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة‪ :‬ول احس كلمهم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬غطرفة‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫وعادت إلى ما كانت‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬غطرفة‪.‬‬

‫]‪[93‬‬

‫فقام إليه النبي صلى ال عليه وآله وقبل بين عينيه وجبينيه‪ ،‬وقال له‪ :‬ما الذي‬
‫حبسك عني إلي هذا الوقت ؟ قال عليه السلم‪ :‬صرت إلى جن كثير قد بغوا‬
‫إلى عرفطة )‪ (1‬وقومه من المنافقين‪ ،‬فدعوتهم إلى ثلث خصال فأبوا‬
‫علي‪ ،‬وذلك أني دعوتهم إلى اليمان بال تعالى‪ ،‬والقرار بنبوتك ورسالتك‬
‫فأبوا‪ ،‬فدعوتهم إلى أداء الجزية فأبوا‪ ،‬فسألتهم أن يصالحوا عرفطة )‪(2‬‬
‫وقومه فيكون بعض المرعى لعرفطة )‪ (3‬وقومه وكذلك الماء فأبوا ذلك‬
‫كله‪ ،‬فوضعت سيفي فيهم وقتلت منهم ثمانين ألفا‪ (4) ،‬فلما نظروا إلى ما‬
‫حل بهم طلبوا المان والصلح‪ ،‬ثم آمنوا وصاروا إخوانا )‪ (5‬وزال الخلف‬
‫وما زلت معهم إلى الساعة‪ ،‬فقال عرفطة )‪ :(6‬يا رسول ال جزاك ال‬
‫وأمير المؤمنين عليه السلم عنا خيرا )‪ - 46 .(7‬الكافي‪ :‬عن علي بن‬
‫محمد‪ ،‬عن صالح بن أبي حماد والحسين بن محمد عن المعلى‪ ،‬جميعا "‬
‫عن الوشاء‪ ،‬عن ابن عائذ‪ ،‬عن أبي خديجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ليس من بيت فيه حمام إل لم يصب أهل ذلك البيت آفة من الجن‪ ،‬إن‬
‫سفهاء الجن يعبثون في البيت فيعبثون بالحمام ويدعون النسان )‪47 .(8‬‬
‫‪ -‬ومنه‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى عن عبد ال بن‬
‫محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن زرارة عن أحدهما عليهما السلم‬
‫قال‪ :‬الكلب السود البهم من الجن )‪.(9‬‬

‫)‪ (3 - 1‬في المصدر‪ :‬غطرفة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬زهاء ثمانين الفا‪ (5) .‬في نسخة‪:‬‬
‫اعوانا‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬غطرفة‪ (7) .‬عيون المعجزات‪(8) .39 - 37 :‬‬
‫فروع الكافي ‪) 546 :6‬ط آخوندى( فيه‪] :‬ويتركون النسان[ ونقل في‬
‫الهامش عن بعض النسخ‪ :‬يدعون النسان‪ (9) .‬فروع الكافي ‪:552 :6‬‬
‫البهيم من الجن‪.‬‬

‫]‪[94‬‬

‫‪ - 38‬ومنه‪ :‬عن العدة عن سهل عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد ال بن‬


‫عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬الكلب من ضعفة الجن فإذا أكل أحدكم طعاما )‪(1‬‬
‫وشئ منها بين يديه فليطعمه أو ليطرده فان لها أنفس سوء )‪- 49 .(2‬‬
‫ومنه‪ :‬عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي‬
‫هاشم عن سالم بن أبي سلمة عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سئل عن‬
‫الكلب فقال‪ :‬كل أسود بهيم‪ ،‬وكل أحمر بهيم‪ ،‬وكل أبيض بهيم فذلك )‪(3‬‬
‫خلق من الكلب من الجن‪ ،‬وما كان أبلق فهو مسخ من الجن والنس )‪.(4‬‬
‫بيان‪ :‬يحتمل أن يكون المعنى أن أصل خلق الكلب من الجن لما سيأتي أنه‬
‫خلق من بزاق إبليس‪ ،‬أو أنه في الصفات شبيه بهم‪ ،‬أو أن الجن يتصور‬
‫بصورتهم‪ ،‬أو أنه لما كان الكلب من المسوخ فبعضهم مسخوا من النس‬
‫وبعضهم من الجن‪ - 50 .‬الختصاص‪ :‬عن المعلى بن محمد عن بعض‬
‫أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل خلق‬
‫الملئكة من أنوار )‪ ،(5‬وخلق الجان من نار وخلق الجن صنفا من الجان‬
‫من الريح‪ ،‬وخلق الجن صنفا " من الجن من الماء )‪ .(6‬أقول‪ :‬تمامه في‬
‫باب قوام بدن النسان‪ - 51 .‬تقريب المعارف‪ :‬لبي الصلح الحلبي نقل "‬
‫من تاريخ الواقدي عن عبد ال بن السائب قال‪ .‬لما قتل عثمان اتى حذيفة‬
‫وهو بالمدائن فقيل‪ :‬يا أبا عبد ال لقيت رجل آنفا على الجسر فحدثني أن‬
‫عثمان قتل‪ ،‬قال‪ :‬هل تعرف الرجل ؟ قلت‪ :‬أظنني أعرفه وما أثبته‪ ،‬قال‬
‫حذيفة‪ :‬إن ذلك عيثم الجني وهو الذي يسير بالخبار‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬الطعام‪ 2) .‬و ‪ (4‬فروع الكافي ‪ (3) .553 :6‬في نسخة‪ :‬فلذا‪(5) .‬‬
‫في نسخة‪] :‬من نور[ وفى المصدر‪ :‬من النور وخلق الجان من النار‪(6) .‬‬
‫الختصاص‪.109 :‬‬

‫]‪[95‬‬

‫فحفظوا ذلك اليوم ووجدوه )‪ (1‬قتل في ذلك اليوم )‪ - 51 .(2‬العلل لمحمد بن على‬
‫بن ابراهيم‪ :‬العلة في الجن أنهم ل يدخلون الجنة أنهم خلقوا من النار‪،‬‬
‫والجنة هي نور فل تجتمع النار والنور‪ ،‬وسئل العالم عليه السلم فقيل له‪،‬‬
‫فإذا لم يدخلوا الجنة فأين يكونون ؟ فقال‪ :‬إن ال جعل حظائر بين الجنة‬
‫والنار يكونون فيها مؤمنوا الجن )‪ (3‬وفساق الشيعة )‪ - 53 .(4‬تفسير‬
‫علي بن ابراهيم‪ :‬في قوله تعالى‪ " :‬خلق السماوات والرض في ستة أيام‬
‫" قال‪ :‬وخلق الجان وهو ابو الجن وانواع الطيور يوم الربعاء )‪- 54 (5‬‬
‫الحتجاج‪ :‬مرسل " عن أبي بصير‪ ،‬عن أبى جعفر عليه السلم في أجوبته‬
‫عن مسائل طاووس اليماني قال‪ :‬فلم سمي الجن جنا ؟ قال‪ :‬لنهم استجنوا‬
‫فلم يروا )‪ - 55 .(6‬تفسير المام‪ :‬قيل له‪ :‬لم يكن إبليس ملكا ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬بل‬
‫كان من الجن‪ ،‬أما تسمعان ال يقول‪ " :‬وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم‬
‫فسجدوا إل إبليس كان من الجن " وهو الذي قال ال‪ " :‬والجان خلقناه‬
‫من قبل من نار السموم " )‪ - 56 .(7‬تفسير الفرات‪ :‬عن عبد ال بن محمد‬
‫بن هاشم‪ ،‬معنعنا " عن محمد بن علي عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬هبط‬
‫جبرئيل عليه السلم على النبي صلى ال عليه وآله وسلم وهو في منزل ام‬

‫)‪ (1‬في نسخة‪ :‬فوجدوه‪ (2) .‬تقريب المعارف‪ :‬مخطوط لم نجد نسخته‪ (3) .‬في‬
‫نسخة‪ :‬ويكونون فيها مؤمنى الجن‪ (4) .‬العلل‪ :‬مخطوط لم نظفر بنسخته‪.‬‬
‫)‪ (5‬تفسير القمى‪ 298 :‬فيه‪ :‬وهو ابو الجن في يوم السبت وخلق الطير‬
‫في يوم الربعاء‪ (6) .‬الحتجاج‪ (7) .179 :‬التفسير المنسوب إلى المام‬
‫العسكري عليه السلم‪ 194 :‬فيه‪] :‬قال‪ :‬قلنا له‪ :‬فعلى هذا لم يكن[ وفيه‪:‬‬
‫]اما تسمعان ان ال[ وفيه‪] :‬كان من الجن فاخبر انه كان من الجن وهو[‬
‫والية الولى في البقرة‪ 24 :‬والثانية في الحجر‪.27 :‬‬

‫]‪[96‬‬

‫سلمة فقال‪ :‬يا محمد مل ملئكة السماء الرابعة )‪ (1‬يجادلون في شئ حتى كثر‬
‫بينهم الجدال فيه وهم )‪ (2‬من الجن من قوم إبليس الذين قال ال في‬
‫كتابه‪ " :‬إل إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه "‪ .‬فأوحى ال تعالى‬
‫إلى الملئكة قد كثر جدالكم‪ ،‬فتراضوا بحكم من الدميين يحكم بينكم‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫قد رضينا بحكم من امة محمد صلى ال عليه وآله‪ ،‬فأوحى ال إليهم بمن‬
‫ترضون من أمة محمد صلى ال عليه وآله‪ :‬قالوا‪ :‬رضينا بعلي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم‪ ،‬فأهبط ال ملكا من ملئكة السماء الدنيا ببساط‬
‫وأريكتين فهبط إلى النبي صلى ال عليه وآله فأخبره بالذي جاء فيه‪ .‬فدعا‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وسلم بعلي بن أبي طالب عليه السلم‪ ،‬وأقعده‬
‫على البساط ووسده بالريكتين ثم تفل في فيه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا علي ثبت ال‬
‫قلبك وجعل حجتك بين عينيك ثم عرج به إلى السماء‪ ،‬فإذا نزل قال‪ :‬يا‬
‫محمد ال يقرأك السلم ويقول لك‪ " :‬نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي‬
‫علم عليم " )‪ - 57 .(3‬الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن‬
‫الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن خالد بن إسماعيل عن رجل‬
‫من أصحابنا من أهل الجبل عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬ذكرت‬
‫المجوس وإنهم يقولون‪ :‬نكاح كنكاح ولد آدم‪ ،‬وأنهم يحاجون بذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أما إنهم )‪ (4‬ل يحاجونكم به‪ ،‬لما أدرك هبة ال قال آدم‪ :‬يا رب زوج هبة‬
‫ال‪ ،‬فأهبط ال له حوراء فولدت أربعة غلمة‪ ،‬ثم رفعها ال‪ .‬فلما أدرك ولد‬
‫هبة ال قال‪ :‬يا رب زوج ولد هبة ال‪ ،‬فأوحى ال إليه أن يخطب إلى رجل‬
‫من الجن وكان مسلما أربع بنات له على ولد هبة ال‪ ،‬فزوجهن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ان ملكا من ملئكة السماء‪ (2) .‬ظاهره ان الضمير يرجع إلى‬
‫الملئكة‪ ،‬فاطلق لفظة الملئكة على الجن مجازا‪ (3) .‬تفسير فرات‪ 70 :‬و‬
‫‪ 71‬والية الولى في الكهف‪ 50 :‬والثانية في يوسف‪ (4) .76 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬اما انتم فل يحاجونكم به‪.‬‬

‫]‪[97‬‬

‫فما كان من جمال وحلم فمن قبل الحوراء والنبوة‪ ،‬وما كان من سفه أو حدة فمن‬
‫الجن )‪ - 58 .(1‬العياشي‪ :‬عن أبي بكر الحضرمي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إن آدم ولد له أربعة ذكور‪ ،‬فأهبط ال إليهم أربعة من الحور‬
‫العين‪ ،‬فزوج كل واحد منهم واحدة فتوالدوا‪ ،‬ثم إن ال رفعهن‪ ،‬وزج‬
‫هؤلء الربعة أربعة من الجن فصار النسل فيهم‪ ،‬فما كان من حلم فمن‬
‫آدم‪ ،‬وما كان من جمال فمن قبل الحور العين‪ ،‬وما كان من قبح أو سوء‬
‫خلق فمن الجن )‪ - 59 .(2‬الفقيه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن هارون بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن القاسم بن عروة‪ ،‬عن بريد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫ال تبارك وتعالى أنزل على آدم حوراء من الجنة فزوجها أحد ابنيه‪،‬‬
‫وتزوج الخر ابنة الجان‪ ،‬فما كان في الناس من جمال كثير أو حسن خلق‬
‫فهو من الحوراء‪ ،‬وما كان من سوء خلق فهو من ابنة الجان )‪60 .(3‬‬
‫الحتجاج‪ :‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليه وعليهم السلم في أجوبة‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم عن مسائل اليهودي في فضل محمد صلى ال‬
‫عليه وآله على جميع النبياء ‪ -‬إلى أن قال‪ - :‬قال له اليهودي‪ :‬فان هذا‬
‫سليمان سخرت له الشياطين يعملون له ما يشآء من محاريب وتماثيل‪ .‬قال‬
‫له علي عليه السلم‪ :‬لقد كان كذلك‪ ،‬ولقد اعطي محمد صلى ال عليه وآله‬
‫أفضل من هذا‪ ،‬إن الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها‪،‬‬
‫ولقد سخرت لنبوة محمد صلى ال عليه وآله الشياطين باليمان‪ ،‬فأقبل إليه‬
‫الجن التسعة من أشرافهم‪ ،‬من جن نصيبين واليمن‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .569 :5‬تفسير العياشي ‪ (3) .215 :1‬الفقيه ‪) 240 :3‬ط‬
‫آخوندى( فيه‪ " :‬وروى القاسم بن عروة " ولم يذكر فيه صدر السناد‪،‬‬
‫وفيه‪ :‬وما كان فيهم من سوء‪.‬‬

‫]‪[98‬‬

‫من بني عمرو بن عامر )‪ (1‬من ال حجة منهم شصاه‪ ،‬ومصاه )‪ ،(2‬والهملكان‪،‬‬
‫والمرزبان والمازمان‪ ،‬ونضاه‪ ،‬وهاصب‪ ،‬وهاضب )‪ ،(3‬وعمرو‪ ،‬وهم‬
‫الذين يقول ال تبارك اسمه فيهم‪ " :‬وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن " وهم‬
‫تسعة " يستمعون القرآن " فأقبل إليه الجن والنبي صلى ال عليه وآله‬
‫ببطن النخل‪ ،‬فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث ال احدا‪ .‬ولقد‬
‫أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم فبايعوه على الصوم والصلة والزكاة‬
‫والحج والجهاد ونصح المسلمين‪ ،‬واعتذروا بأنهم قالوا‪ :‬على ال شططا‪،‬‬
‫وهذا أفضل مما اعطي سليمان‪ ،‬سبحان )‪ (4‬من سخرها لنبوة محمد صلى‬
‫ال عليه وآله بعد أن كانت تتمرد وتزعم أن ل ولدا‪ ،‬فلقد )‪ (5‬شمل مبعثه‬
‫من الجن والنس ما ل يحصى )‪ - 61 .(6‬تفسير على بن ابراهيم‪ :‬عن‬
‫علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد ال عن الحسين بن سعيد عن‬
‫النضر عن عبد ال بن سنان عن أبي عبد ال عليه السلم في قول الجن‪:‬‬
‫" وأنه تعالى جد ربنا " فقال‪ :‬شئ كذبه الجن فقصه ال تعالى كما قال‪.‬‬
‫وعنه‪ :‬عن أحمد بن الحسين‪ ،‬عن فضالة‪ ،‬عن أبان بن عثمان‪ ،‬عن زرارة‪،‬‬
‫قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال تعالى‪ " :‬وأنه كان رجال من‬
‫النس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " قال‪ :‬كان الرجل ينطلق‬
‫إلى الكاهن الذي يوحي إليه الشيطان فيقول‪ :‬قل لشيطانك‪ :‬فلن )‪ (7‬قد‬
‫عاذ بك‪ .‬وقال علي بن إبراهيم في قوله‪ " :‬وأنه كان رجال " الية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫كان الجن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬واحد من جن نصيبين والثمان من بنى عمرو بن عامر‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬شضاة ومضاة )شصاة ومصاة خ ل(‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬هاضب‬
‫وهضب‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فسبحان‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ولقد شمل‪(6) .‬‬
‫الحتجاج‪ (7) .118 :‬في المصدر‪ :‬ان فلنا‪.‬‬

‫]‪[99‬‬

‫ينزلون على قوم من النس ويخبرونهم الخبار التي يسمعونها في السماء من قبل‬
‫مولد رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬فكان الناس يكهنون بما خبرهم‬
‫الجن‪ ،‬وقوله‪ " :‬فزادوهم رهقا " أي خسرانا "‪ ،‬وقال‪ :‬البخس‪ :‬النقصان‪،‬‬
‫والرهق‪ :‬العذاب‪ ،‬وقوله‪ " :‬كنا طرائق قددا " أي على مذاهب مختلفة )‬
‫‪ - 62 .(1‬بصائر الدرجات‪ :‬عن إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن إبراهيم بن اسحاق‪،‬‬
‫عن عبد ال بن حماد‪ ،‬عن عمر بن يزيد بياع السابري قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬بينا رسول ال صلى ال عليه وآله ذات يوم جالس‪ ،‬إذ‬
‫أتاه رجل طويل كأنه نخلة فسلم عليه‪ ،‬فرد عليه السلم وقال‪ :‬يشبه )‪(2‬‬
‫الجن وكلمهم‪ ،‬فمن أنت يا عبد ال ؟ فقال‪ :‬أنا الهام بن الهيم بن لقيس‬
‫بن إبليس‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما بينك وبين إبليس إل‬
‫أبوان ؟ فقال‪ :‬نعم يا رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬قال‪ :‬فكم أتى لك ؟‬
‫قال‪ :‬أكلت عمر الدنيا إل أقله‪ ،‬أنا أيام قتل قابيل هابيل غلم أفهم الكلم‬
‫وأنهى عن العتصام وأطوف الجسام )‪ (3‬وآمر بقطيعة الرحام وافسد‬
‫الطعام‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬بئس سيرة الشيخ المتأمل‬
‫والغلم المقبل‪ .‬فقال‪ :‬يا رسول ال صلى ال إني تائب‪ ،‬قال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬على يد من جرى )‪ (4‬توبتك من النبياء ؟ قال‪ :‬على يدي نوح وكنت‬
‫معه في سفينته وعاتبته على دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني‪ ،‬وقال‪ :‬ل‬
‫جرم إني على ذلك من النادمين‪ ،‬وأعوذ بال أن أكون من الجاهلين‪ .‬ثم‬
‫كنت مع هود عليه السلم في مسجده مع الذين آمنوا معه فعاتبته على‬
‫دعائه على قومه حتى بكى وأبكاني‪ ،‬وقال‪ :‬ل جرم إني على ذلك من‬
‫النادمين وأعوذ بال أن أكون من الجاهلين‪ ،‬ثم كنت مع إبراهيم حين كاده‬
‫قومه فألقوه في النار فجعلها ال‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ 698 :‬و ‪ (2) .699‬في نسخة من الكتاب وفى المصدر‪ :‬بشبه‬
‫الجن‪ (3) .‬هكذا في الكتاب والمصدر‪ ،‬ولعل الصحيح‪ :‬واطوف الجام‪) .‬‬
‫‪ (4‬في نسخة‪ :‬جرت‪.‬‬

‫]‪[100‬‬

‫عليه بردا " وسلما‪ ،‬ثم كنت مع يوسف عليه السلم حين حسده إخوته فألقوه في‬
‫الجب فبادرته إلى قعر الجب فوضعته وضعا رفيقا‪ ،‬ثم كنت معه في السجن‬
‫أؤنسه فيه حتى أخرجه ال منه‪ .‬ثم كنت مع موسى عليه السلم وعلمني‬
‫سفرا " من التوارة وقال‪ :‬إن أدركت عيسى عليه السلم فاقرأه مني‬
‫السلم‪ ،‬فلقيته وأقرأته من موسى عليه السلم السلم‪ ،‬وعلمني سفرا "‬
‫من النجيل وقال‪ :‬إن أدركت محمدا " صلى ال عليه وآله فاقرأه مني‬
‫السلم‪ ،‬فعيسى عليه السلم يا رسول ال صلى ال عليه وآله يقرأ عليك‬
‫السلم‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬وعلى عيسى روح ال وكلمته‬
‫وجميع أنبياء ال ورسله ما دامت السماوات والرض السلم‪ ،‬وعليك يا‬
‫هام بما بلغت السلم‪ ،‬فارفع إلينا حوائجك‪ .‬قال‪ :‬حاجتي أن يبقيك ال لمتك‬
‫ويصلحهم لك ويرزقهم الستقامة لوصيك من بعدك‪ ،‬فان المم السالفة إنما‬
‫هلكت بعصيان الوصياء وحاجتي يا رسول ال أن تعلمني سورا " من‬
‫القرآن أصلي بها‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم‪:‬‬
‫يا علي علم الهام وارفق به‪ ،‬فقال هام‪ :‬يا رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫من هذا الذي ضممتني إليه ؟ فإنا معاشر الجن قد امرنا أن ل نكلم )‪ (1‬إل‬
‫نبيا أو وصي نبي‪ .‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا هام من‬
‫وجدتم في الكتاب وصي آدم ؟ قال‪ :‬شيث بن آدم‪ ،‬قال‪ :‬من وجدتم وصي‬
‫نوح ؟ قال‪ :‬سام بن نوح‪ ،‬قال‪ :‬فمن كان وصي هود ؟ قال‪ :‬يوحنا بن خزان‬
‫)‪ (2‬ابن عم هود‪ ،‬قال‪ :‬فمن كان وصي إبراهيم ؟ قال‪ :‬إسحاق بن إبراهيم )‬
‫‪ ،(3‬قال فمن كان وصي موسى ؟ قال‪ :‬يوشع بن نون‪ ،‬قال‪ :‬فمن كان‬
‫وصي عيسى عليه السلم ؟ قال‪ :‬شمعون بن حمون الصفا ابن عم مريم‪.‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة‪ :‬ان ل نطيع‪ (2) .‬في المصدر‪ " :‬يوحنا بن حنان " وذكر في اثبات‬
‫الوصية وغيره ان وصى هود ابنه فالغ‪ (3) .‬ذكر المسعودي في اثبات‬
‫الوصية‪ ،28 :‬ان وصى ابراهيم اسماعيل وبعده قام اسحاق مقامه‪.‬‬

‫]‪[101‬‬

‫قال‪ :‬فمن وجدتم في الكتاب وصي محمد صلى ال عليه وآله وسلم ؟ قال‪ :‬هو في‬
‫التوراة " اليا " قال له رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬هذا " اليا "‬
‫هو علي وصيي‪ ،‬قال الهام‪ :‬يا رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فله‬
‫اسم غير هذا ؟ قال‪ :‬نعم هو حيدرة‪ ،‬فلم تسألني عن ذلك ؟ قال‪ :‬إنا وجدنا‬
‫في كتاب النبياء أنه في النجيل " هيدارا " قال‪ :‬هو " حيدرة " قال‪:‬‬
‫فعلمه علي عليه السلم سورا " من القرآن‪ ،‬فقال هام‪ :‬يا علي يا وصي‬
‫محمد صلى ال عليه وآله أكتفي بما علمتني من القرآن ؟ قال‪ :‬نعم يا هام‬
‫قليل القرآن )‪ (1‬كثير‪ ،‬ثم قام هام إلى النبي صلى ال عليه وآله فودعه فلم‬
‫يعد إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم حتى قبض )‪ (2‬صلى ال عليه‬
‫وآله‪ .‬بيان‪ :‬قد يستدل بقوله‪ " :‬قد امرنا أن ل نكلم " الخ‪ ،‬على أن ما يخبر‬
‫به الناس من كلم الجن كذب ول يسمع كلمهم غير النبياء والوصياء‬
‫عليهم السلم‪ ،‬وفيه نظر لن كونهم مأمورين بذلك ل يدل على عدم وقوع‬
‫خلفه‪ ،‬إذ الجن والشياطين ليسوا بمعصومين‪ ،‬مع أن في بعض روايات‬
‫هذه القصة " ل نطيع " مكان " ل نكلم " وأيضا " الروايات الكثيرة مما‬
‫أوردنا في هذا الباب وغيرها دلت على وقوع التكلم مع سائر الناس‪ ،‬فل بد‬
‫من تأويل فيه‪ ،‬إما بحمله على الكلم على وجه الطاعة والنقياد أو معاينة‬
‫مع معرفة كونهم من الجن‪ ،‬أو بالتخصيص ببعض النواع منهم أو غير‬
‫ذلك‪ - 63 .‬البصائر‪ :‬عن عبد ال بن محمد عن محمد بن إبراهيم عن بشر‬
‫عن فضالة عن محمد بن مسلم عن المفضل بن عمر قال‪ :‬حمل إلى أبي‬
‫عبد ال عليه السلم مال من خراسان مع رجلين من أصحابه ل يزال‬
‫يتفقدان المال حتى مرا بالري فدفع إليهما رجل من أصحابهما كيسا فيه‬
‫ألف )‪ (3‬درهم فجعل يتفقدان في كل يوم الكيس حتى دنيا من المدينة‪ ،‬فقال‬
‫أحدهما لصاحبه‪ :‬تعال حتى ننظر ما حال المال‪ ،‬فنظرا فإذا المال على حاله‬
‫ما خل كيس الرازي‪ ،‬فقال أحدهما لصاحبه‪ :‬ال المستعان‪ ،‬ما نقول‬
‫الساعة لبي عبد ال عليه السلم ؟ فقال أحدهما‪ :‬إنه كريم‪ ،‬وأنا أرجو أن‬
‫يكون علم ما نقول‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬قليل من القرآن‪ (2) .‬بصائر الدرجات‪ 28 :‬قوله‪ :‬حتى قبض أي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فيه الفا درهم‪.‬‬

‫]‪[102‬‬

‫عنده‪ ،‬فلما دخل المدينة قصدا إليه فسلما إليه المال‪ ،‬فقال لهما‪ :‬أين كيس الرازي ؟‬
‫فأخبرا بالقصة‪ ،‬فقال لهما‪ :‬إن رأيتما الكيس تعرفانه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬يا‬
‫جارية علي بكيس كذا وكذا‪ ،‬فأخرجت الكيس فرفعه أبو عبد ال عليه‬
‫السلم إليهما‪ ،‬فقال‪ :‬أتعرفانه ؟ قال‪ :‬هو ذاك‪ ،‬قال‪ :‬إنى احتجت في جوف‬
‫الليل إلى مال فوجهت رجل من الجن من شيعتنا فأتاني بهذا الكيس من‬
‫متاعكما )‪ - 64 .(1‬ومنه‪ :‬عن الحسن بن علي بن عبد ال عن الحسن بن‬
‫علي بن فضال عن بعض أصحابنا عن سعد السكاف قال‪ :‬أتيت أبا جعفر‬
‫عليه السلم اريد الذن عليه فإذا رواحل على الباب مصفوفة‪ ،‬وإذا أصوات‬
‫قد ارتفعت‪ ،‬فخرجت علي قوم معتمون بالعمائم يشبهون الزط‪ .‬قال‪ :‬فدخلت‬
‫على أبي جعفر عليه السلم فقلت‪ :‬جعلت فداك يابن رسول ال أبطأ إذنك‬
‫اليوم ؟ وقد رأيت قوما " خرجوا علي معتمين بالعمائم فأنكرتهم‪ ،‬فقال‪ :‬أو‬
‫تدري من أولئك يا سعد ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إخوانك من الجن يأتوننا‬
‫يسألوننا عن حللهم وحرامهم ومعالم دينهم )‪ - 65 .(2‬ومنه‪ :‬عن محمد‬
‫بن الحسين‪ ،‬عن إبراهيم بن أبي البلد‪ ،‬عن عمار السجستاني قال‪ :‬كنت ل‬
‫أستأذن عليه‪ ،‬يعني أبا عبد ال عليه السلم فجئت ذات يوم وليلة فجلست‬
‫في فسطاطه بمنى‪ ،‬قال‪ :‬فاستوذن لشباب كأنهم رجال الزط‪ ،‬فخرج عيسى‬
‫شلقان فذكرنا له فأذن لي‪ .‬قال‪ :‬فقال لي‪ :‬يا أبا عاصم متى جئت ؟ قلت‪:‬‬
‫قبل أولئك )‪ (3‬الذين دخل عليك وما رأيتهم خرجوا‪ ،‬قال‪ :‬اولئك قوم من‬
‫الجن فسألوا عن مسائلهم ثم ذهبوا )‪ - 66 .(4‬البصائر ودلئل المامة‬
‫للطبري‪ :‬عن محمد بن الحسين عن إبراهيم ابن أبي البلد عن سدير‬
‫الصيرفي قال‪ :‬أوصاني أبو جعفر عليه السلم بحوائج له بالمدينة‪،‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬بصائر الدرجات‪ (3) .28 :‬في المصدر‪ :‬قبيل اولئك‪ (4) .‬بصائر الدرجات‪:‬‬
‫‪.28‬‬

‫]‪[103‬‬

‫فبينا أنا في فج الروحآء على راحلتي إذا إنسان يلوي بثوبه‪ ،‬قال‪ :‬فقمت له )‪(1‬‬
‫وظننت أنه عطشان فناولته الداوة فقال‪ :‬ل حاجة لي بها‪ ،‬وناولني كتابا‬
‫طينه رطب‪ ،‬فنظرت إلى الخاتم فإذا خاتم أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬فقلت له‪:‬‬
‫متى عهدك بصاحب الكتاب ؟ قال‪ :‬الساعة‪ .‬قال‪ :‬فإذا فيه أشياء يأمرني‬
‫بها‪ ،‬قال‪ :‬ثم " التفت " فإذا ليس عندي أحد‪ ،‬قال‪ :‬فقدم أبو جعفر عليه‬
‫السلم فلقيته فقلت له‪ :‬جعلت فداك رجل أتاني بكتاب وطينه رطب‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إذا عجل بنا أمر أرسلت بعضهم يعني الجن‪ ،(2) .‬وفي رواية اخرى‪ :‬إنا‬
‫أهل البيت أعطينا أعوانا من الجن إذا عجلت بنا الحاجة بعثناهم فيها )‪.(3‬‬
‫‪ - 67‬الدلئل‪ :‬عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم وعلي بن جرير عن‬
‫منصور بن حازم عن سعد السكاف قال‪ :‬طلبت الذن على أبي جعفر عليه‬
‫السلم مع أصحاب لنا لندخل عليه )‪ (4‬فإذا ثمانية نفر كأنهم من أب وام‬
‫عليهم ثياب زرابي وأقبية طاقية وعمآئم صفر دخلوا فما احتبسوا حتى‬
‫خرجوا )‪ ،(5‬فقال لي‪ :‬يا سعد رأيتهم ؟ قلت‪ :‬نعم جعلت فداك من هؤلء ؟‬
‫قال‪ :‬إخوانكم من الجن‪ ،‬أتونا يستفتونا في حللهم وحرامهم كما تأتونا‬
‫وتستفتونا في حللكم وحرامكم‪ ،‬فقلت‪ :‬جعلت فداك ويظهرون لكم ؟ قال‪:‬‬
‫نعم )‪ .(6‬البصائر‪ :‬عن محمد بن إسماعيل عن ابن سنان عن ابن مسكان‬
‫عن سعد مثله )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬في البصائر‪ :‬فملت إليه‪ .‬وفى الدلئل‪ :‬إذا انا بانسان يتلوني فقمت إلى الداوة )‬
‫‪ (2‬بصائر الدرجات‪ 27 :‬دلئل الئمة‪ 100 :‬فيه خلصة من الحديث‪(3) .‬‬
‫بصائر الدرجات‪ ،27 :‬الموجود فيه هكذا‪ :‬وزاد فيه محمد بن الحسين‬
‫بهذا السناد‪ :‬يا سدير اما لنا خدما من الجن فإذا اردنا السرعة بعثناهم‪) .‬‬
‫‪ (4‬في المصدر‪ :‬مع اصحاب لى فدخلت عليه‪ .‬فإذا عن يمينه نفر )‪ (5‬في‬
‫المصدر‪ :‬وعمائم صفر فما لبثوا أن خرجوا‪ (6) .‬دلئل الئمة ‪(7) .101‬‬
‫بصائر الدرجات‪ .27 :‬ذكر الصفار في البصائر روايتين عن سعد‬
‫السكاف فالتى ‪< -‬‬

‫]‪[104‬‬

‫‪ - 68‬الختصاص‪ :‬أبو محمد عن صباح المزني عن الحارث بن حصيرة عن‬


‫الصبغ بن نباته قال‪ :‬كنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم يوم الجمعة في المسجد بعد العصر إذ أقبل رجل طوال كأنه بدوي‬
‫فسلم عليه‪ ،‬فقال له علي عليه السلم‪ :‬ما فعل جنيك الذي كان يأتيك ؟ قال‪:‬‬
‫إنه ليأتيني إلى أن وقفت بين يديك يا أمير المؤمنين‪ ،‬قال علي عليه‬
‫السلم‪ :‬فحدث القوم بما كان منه‪ ،‬فجلس وسمعنا له فقال‪ :‬إني لراقد‬
‫باليمن قبل أن يبعث ال نبيه صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬فإذا جني أتاني‬
‫نصف الليل فرفسني )‪ (1‬برجله وقال‪ :‬اجلس‪ ،‬فجلست ذعرا‪ ،‬فقال‪ :‬اسمع‪،‬‬
‫قلت‪ :‬وما أسمع ؟ قال‪ :‬عجبت للجن وإبلسها * * وركبها العيس‬
‫بأحلسها )‪ (2‬تهوي إلى مكة تبغي الهدى * * ما طاهر الجن كأنجاسها‬
‫فارحل إلى الصفوة من هاشم * * وارم بعينيك إلى رأسها )‪ (3‬قال‪ :‬فقلت‪:‬‬
‫وال لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث وما أفصح )‪ (4‬لي‪،‬‬

‫> ‪ -‬يوافق متنها به هو رواية محمد بن اسماعيل عن على بن حديد عن منصور‬


‫بن حازم عن سعد السكاف ال انه لم يذكر فيها ذيله‪ :‬فقلت الخ‪ .‬واما‬
‫الرواية التى أورد المصنف اسنادها هنا فهى هكذا‪ ،‬سعد السكاف قال‪:‬‬
‫طلبت الذن عن ابى جعفر عليه السلم فبعث إلى ل تعجل فان عندي قوما‬
‫من اخوانكم فلم البث ان خرج على اثنا عشر رجل يشبهون الزط عليهم‬
‫اقبية طبقين وخفاف فسلموا ومروا ودخلت على ابى جعفر عليه السلم‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك من هؤلء الذين خرجوا من عندك ؟ قال‪ :‬هؤلء قوم‬
‫من اخوانكم من الجن‪ ،‬قلت‪ :‬ويظهرون لكم ؟ قال‪ :‬نعم‪ (1) .‬رفسه‪:‬‬
‫ضربه في صدره‪ (2) .‬العيس بالكسر‪ :‬البل البيض يخالط بياضها شئ‬
‫من الشقرة‪ .‬والحلس جمع حلس وهو كساء يطرح على ظهر البعير‪) .‬‬
‫‪ (3‬الضمير يرجع إلى القبيلة‪ (4) .‬أي ما بين مراده ول اوضحه‪.‬‬

‫]‪[105‬‬

‫وإني لرجو أن يفصح لي‪ ،‬فأرقت )‪ (1‬ليلتي وأصبحت كئيبا‪ ،‬فلما كان من القابلة‬
‫أتاني نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال‪ :‬اجلس فجلست ذعرا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬اسمع فقلت‪ :‬وما أسمع ؟ قال‪ :‬عجبت للجن وأخبارها * * وركبها‬
‫العيس بأكوارها )‪ (2‬تهوي إلى مكة تبغي الهدى * * ما مؤمنو الجن‬
‫ككفارها فارحل إلى الصفوة من هاشم * * بين روابيها )‪ (3‬وأحجارها‬
‫فقلت‪ :‬وال لقد حدث في ولد هاشم أو يحدث‪ ،‬وما أفصح لي وإني لرجو‬
‫أن يفصح لي‪ ،‬فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا‪ ،‬فلما كان من القابلة أتاني‬
‫نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال‪ :‬اجلس فجلست وأنا ذعر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اسمع‪ ،‬قلت‪ :‬وما أسمع ؟ قال‪ :‬عجبت للجن وإلبابها * * وركبها العيس‬
‫بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى * * ما صادقوا الجن ككذابها فارحل‬
‫إلى الصفوة من هاشم * * أحمد إذ هو خير أربابها )‪ (4‬قلت‪ :‬عدو ال )‪(5‬‬
‫أفصحت‪ ،‬فأين هو ؟ قال‪ :‬ظهر بمكة يدعو إلى شهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن‬
‫محمدا " رسول ال‪ ،‬فأصبحت ورحلت ناقتي ووجهتها قبل مكة فأول ما‬
‫دخلتها لقيت أبا سفيان‪ ،‬وكان شيخا ضال فسلمت عليه وسألته عن الحي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬وال إنهم مخصبون إل أن يتيم أبي طالب قد أفسد علينا ديننا‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫وما اسمه ؟ قال‪ :‬محمد‪ ،‬أحمد‪ ،‬قلت‪ :‬وأين هو ؟ قال‪ :‬تزوج بخديجة ابنة )‬
‫‪ (6‬خويلد فهو عليها نازل‬

‫)‪ (1‬ارق‪ :‬ذهب عنه النوم في الليل‪ (2) .‬الكوار جمع الكور بالضم وهو الرحل‬
‫باداته‪ (3) .‬الروابي جمع الرابية‪ :‬ما ارتفع من الرض‪ (4) .‬في نسخة‪:‬‬
‫ليس قداماها كاذبا بها‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬قلت‪ :‬قد وال افصحت‪ (6) .‬في‬
‫نسخة‪ :‬بنت‪.‬‬

‫]‪[106‬‬

‫فأخذت بخطام ناقتي ثم انتهيت إلى بابها فعقلت ناقتي ثم ضربت الباب فأجابتني‪:‬‬
‫من هذا ؟ فقلت‪ :‬أنا أردت محمدا‪ ،‬فقالت‪ :‬اذهب إلى عملك )‪ ،(1‬فقلت‪:‬‬
‫يرحمك ال إني رجل أقبلت من اليمن وعسى ال أن يكون من علي به فل‬
‫تحرميني النظر إليه‪ ،‬و كان صلى ال عليه وآله رحيما " فسمعته يقول‪ :‬يا‬
‫خديجة افتحي الباب‪ ،‬ففتحت‪ ،‬فدخلت فرأيت النور في وجهه ساطعا " نور‬
‫في نور ثم درت خلفه فإذا أنا بخاتم النبوة معجون )‪ (2‬على كتفه اليمن‬
‫فقبلته‪ ،‬ثم قمت بين يديه وأنشأت أقول‪ :‬اتاني نجي )‪ (3‬بعد هدء ورقدة *‬
‫* ولم يك فيما قد تلوت بكاذب ثلث ليال قوله كل ليلة * * أتاك رسول من‬
‫لوءي بن غالب فشمرت من ذيلي الزار ووسطت * * بي الذعلب الوجناء‬
‫بين السباسب )‪ (4‬فمرنا بما يأتيك يا خير قادر * * وإن كان فيما جاء‬
‫شيب الذوائب )‪ (5‬وأشهد أن ال ل شئ غيره * * وأنك مأمون )‪ (6‬على‬
‫كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة * * إلى ال يابن الكرمين الطائب‬
‫وكن لي شفيعا يوم ل ذو شفاعة * * إلى ال يغني عن سواد بن قارب‬
‫وكان اسم الرجل سواد بن قارب )‪ (7‬فرحت وال مؤمنا به صلى ال عليه‬
‫وآله ثم " خرج إلى صفين‬

‫)‪ (1‬في المصدر وفى ابواب المعجزات‪ :‬اذهب إلى عملك ما تذرون محمدا يأويه ظل‬
‫بيت قد طردتموه وهربتموه وحصنتموه اذهب إلى عملك‪ .‬قلت‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬مختوم‪ (3) .‬النجى‪ :‬المحدث‪ ،‬وفى المصدر‪] :‬بجنى[ والهدء‪:‬‬
‫السكون‪ (4) .‬الذعلب‪ :‬الناقة القوية‪ .‬والوجناء‪ :‬الناقة الصلبة‪ .‬والسباسب‬
‫جمع سبسب وهو القفر والمفازة‪ (5) .‬في المصدر‪] :‬فيما جاتشيب‬
‫الذوائب[ فعليه‪ :‬جا مخفف جاء‪ ،‬والمعنى أي قبلنا وصدقنا بما يأتيك به‬
‫الوحى من ال وان كان فيه امور شداد تشيب منها الذوائب والذوائب‬
‫جمع الذؤابة أي الناصية‪ (6) .‬في نسخة من الكتاب وفى المصدر‪:‬‬
‫مأمور‪ (7) .‬التفسير من صاحب كتاب الختصاص أو من الروات‪.‬‬

‫]‪[107‬‬

‫فاستشهد مع أمير المؤمنين )‪ (1‬عليه السلم‪ .‬أقول‪ :‬قد مر شرحه في المجلد‬


‫السادس في أبواب المعجزات )‪ - 69 .(2‬ووجدته في كتاب مسلم بن‬
‫محمود مرويا عن ابن عباس قال‪ :‬وفد سوادة ابن قارب على عمر بن‬
‫الخطاب وسلم عليه فرد عليه السلم وقال عمر‪ :‬يا سوادة ما بقي من‬
‫كهانتك ؟ فغضب وقال‪ :‬ما أظنك استقبلت بهذا الكلم غيري‪ ،‬فلما رأى عمر‬
‫الكراهة في وجهه قال‪ :‬يا سوادة إن الذي كنا عليه من عبادة الوثان أعظم‬
‫من الكهانة‪ ،‬فحدثني بحديث كنت أشتهي أن أسمعه منك‪ ،‬قال‪ :‬نعم بينا أنا‬
‫في إبلي بالسراة وكان لي نجي من الجن يأتيني بالخبار‪ ،‬وإنى لنائم ذات‬
‫ليلة إذ وكزني برجله‪ ،‬فقال‪ :‬قم يا سوادة فقد ظهر الداعي إلى الحق‪ ،‬وإلى‬
‫طريق مستقيم‪ ،‬فقلت‪ :‬أنا ناعس‪ ،‬فرجع عني وهو يقول‪ :‬عجبت للجن‬
‫وتسيارها * * وشدها العيس بأكوارها إلى قوله‪ :‬وأحجارها‪ ،‬فلما كان في‬
‫الليلة الثانية أتاني فقال لي‪ :‬مثل ذلك )‪ (3‬فقلت‪ :‬أنا ناعس )‪ (4‬فولى عني‬
‫وأنشأ يقول‪ :‬عجبت للجن وقطرابها )‪ * * (5‬وحملها العيس بأقتابها إلى‬
‫قوله‪ :‬من هاشم * * ليس قداماها كأذنابها‪ .‬فلما كانت في الليلة الثالثة‪،‬‬
‫قال لي‪ :‬مثل مقالته الولى فقلت‪ :‬أنا ناعس فتولى عني وهو يقول‪:‬‬

‫)‪ (1‬الختصاص‪ .183 - 181 :‬وفى نسخة منه‪ :‬فرجعت‪ (2) .‬المجلد ‪- 98 :18‬‬
‫‪ 100‬من طبعنا هذا‪ (3) .‬في نسخة‪ :‬مثل ذلك القول‪ (4) .‬نعس الرجل‪:‬‬
‫أخذته فترة في حواسه فقارب النوم‪ (5) .‬في نسخة‪] :‬وتطرا بها[‬
‫والقطرب‪ :‬ذكر الغيلن وصغار الجن‪ ،‬وقطرب‪ :‬أسرع‪.‬‬
‫]‪[108‬‬

‫عجبت للجن وتحساسها )‪ * * (1‬وشدها العيس بأحلسها إلى قوله‪ :‬إلى رأسها‪.‬‬
‫فلما أصبحت أنفذت إلى راحلة من إبلي فركبت عليها حتى أتيت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله فمثلت بين يديه وأنشأت أقول‪ :‬أتاني نجي بعد هدء‬
‫ورقدة * * ولم يك فيما قد عهدت بكاذب إلى قوله‪ :‬غالب‪ .‬فشمرت عن‬
‫ساقي الزار وأرقلت * * بي الذعبل الوجناء بين السباسب فمرني بما‬
‫أحببت يا خير مرسل * * ولو كان فيما قلت شيب الذوائب إلى قوله‪ :‬ل ذو‬
‫شفاعة * * سواك بمغن عن سواد بن قارب )‪ - 70 (2‬كتاب محمد بن‬
‫المثني بن القاسم‪ :‬عن عبد السلم بن سالم عن ابن أبي البلد )‪ (3‬عن‬
‫عمار بن عاصم السجستاني قال‪ :‬جئت إلى باب أبي عبد ال وأردت أن ل‬
‫أستأذن عليه فأقعد فأقول‪ (4) :‬لعله يراني بعض من يدخل فيخبره فيأذن‬
‫لي‪ ،‬قال‪ :‬فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه شباب ادم في ازر وأردية ثم لم أرهم‬
‫خرجوا‪ ،‬فخرج عيسى شلقان فرآني فقال‪ :‬يا أبا عاصم أنت ههنا ؟ فدخل‬
‫فاستأذن لي فدخلت عليه‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬منذ متى أنت‬
‫ههنا يا عمار ؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬من قبل أن يدخل عليك الشباب الدم‪ ،‬ثم لم‬
‫أرهم خرجوا‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬هؤلء قوم من الجن جاؤا‬
‫يسألون عن أمر دينهم‪ - 71 .‬الدر المنثور‪ :‬عن أبي عامر المكي قال‪ :‬خلق‬
‫الملئكة من نور‪ ،‬وخلق‬

‫)‪ (1‬ذكره المصنف قبل في ابواب المعجزات عن رواية اخرى وفيها‪ :‬تجساسها‪) .‬‬
‫‪ (2‬كتاب مسلم بن محمود ليس عندي‪ .‬وذكر القصة المصنف في ابواب‬
‫المعجزات بصورة اخرى راجعها‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬عن ابى البلد‪(4) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬وأقول‪ (5) .‬الصول الستة عشر‪.92 :‬‬

‫]‪[109‬‬

‫الجان من نار‪ ،‬وخلق البهائم من ماء‪ ،‬وخلق آدم من طين‪ ،‬فجعل الطاعة في‬
‫الملئكة والبهائم )‪ ،(1‬وجعل المعصية في النس والجن )‪ - 72 .(2‬تفسير‬
‫النيسابوري‪ :‬روى الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬بينا‬
‫النبي صلى ال عليه وآله جالس في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم فاستنار‬
‫فقال‪ :‬ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا حدث مثل هذا ؟ قالوا‪ :‬كنا نقول‪:‬‬
‫يولد عظيم أو يموت عظيم‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يرمى لموت‬
‫أحد ول لحياته‪ ،‬ولكن ربنا تعالى إذا قضى المر في السماء سبحت حملة‬
‫العرش ثم سبح أهل السماء وسبح كل سماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه‬
‫السماء‪ ،‬ويستخبر أهل السماء حملة العرش ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم‪،‬‬
‫ول يزال ينتهي ذلك الخبر من سماء إلى سماء إلى أن ينتهي الخبر إلى‬
‫هذه السماء‪ ،‬ويتخطف الجن فيرمون‪ ،‬فما جاؤا به فهو حق ولكنهم‬
‫يزيدون )‪ 73 .(3‬كتاب زيد الزراد‪ :‬قال‪ :‬حججنا سنة فلما صرنا في‬
‫خرابات المدينة بين الحيطان افتقدنا رفيقا لنا من إخواننا‪ ،‬فطلبناه فلم‬
‫نجده‪ ،‬فقال لنا الناس بالمدينة‪ :‬إن صاحبكم اختطفته الجن‪ ،‬فدخلت على‬
‫أبي عبد ال عليه السلم وأخبرته بحاله وبقول أهل المدينة‪ ،‬فقال‪ :‬اخرج‬
‫إلى المكان الذي اختطف‪ ،‬أو قال‪ :‬افتقد‪ ،‬فقل بأعلى صوتك يا صالح بن‬
‫علي‪ ،‬إن جعفر بن محمد يقول لك‪ :‬أهكذا عاهدت وعاقدت الجن علي ابن‬
‫طالب ؟ اطلب فلنا حتى تؤديه إلى رفقائه‪ ،‬ثم قل‪ :‬يا معشر الجن عزمت‬
‫عليكم بما عزم عليكم علي بن أبي طالب عليه السلم لما خليتم عن‬
‫صاحبي وأرشدتموه إلى الطريق‪ .‬قال‪ :‬ففعلت ذلك فلم ألبث إذا بصاحبي قد‬
‫خرج علي من بعض الخرابات فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬اقتصر في المصدر بذكر الملئكة‪ ،‬ولعل لفظة‪ :‬البهائم‪ ،‬اسقطت عن المطبوع‪.‬‬
‫)‪ (2‬الدر المنثور ‪ 51 :1‬فيه‪ :‬اخرج ابن ابى حاتم عن محمد بن عامر‬
‫المكى قال خلق ال‪ (3) .‬تفسير النيسابوري‪ ..‬ليست نسخته عندي‪.‬‬

‫]‪[110‬‬

‫إن شخصا تراءى لي ما رأيت صورة إل وهو أحسن )‪ (1‬منها‪ ،‬فقال‪ :‬يا فتى أظنك‬
‫تتولى آل محمد صلى ال عليه وآله ؟ فقلت‪ :‬نعم فقال‪ :‬إن هيهنا رجل من‬
‫آل محمد صلى ال عليه وآله هل لك أن توجر وتسلم عليه ؟ فقلت‪ :‬بلى‪،‬‬
‫فأدخلني من هذه الحيطان )‪ (2‬وهو يمشي أمامي‪ .‬فلما أن سار غير بعيد‬
‫نظرت فلم أر شيئا " وغشي على فبقيت مغشيا علي ل أدري أين أنا من‬
‫أرض ال حتى كان الن‪ ،‬فإذا قد أتاني آت وحملني حتى أخرجني إلى‬
‫الطريق‪ ،‬فأخبرت أبا عبد ال عليه السلم بذلك فقال‪ :‬ذلك الغوال‪ (3) ،‬أو‬
‫الغول نوع من الجن يغتال النسان‪ ،‬فإذا رأيت الشخص الواحد فل‬
‫تسترشده وإن أرشدكم فخالفوه )‪ (4‬وإذا رأيته في خراب وقد خرج عليك‬
‫أو في فلة من الرض فأذن في وجهه وارفع صوتك وقل‪ " :‬سبحان الذي‬
‫جعل في السماء نجوما رجوما )‪ (5‬للشياطين‪ ،‬عزمت عليك يا خبيث‬
‫بعزيمة ال التي عزم بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‪،‬‬
‫ورميت بسهم ال المصيب الذي ل يخطئ‪ ،‬وجعلت سمع ال على سمعك‬
‫وبصرك‪ ،‬وذللتك بعزة ال‪ ،‬وقهرت سلطانك بسلطان ال‪ ،‬يا خبيث ل سبيل‬
‫لك " فانك تقهره إن شاء ال وتصرفه عنك‪ .‬فإذا ضللت الطريق فأذن‬
‫بأعلى صوتك وقل‪ " :‬يا سيارة ال دلونا على الطريق يرحمكم ال‬
‫أرشدونا يرشدكم ال " فإن اصبت وإل فناد‪ " :‬يا عتاة الجن ويا مردة‬
‫الشياطين أرشدوني ودلوني على الطريق وإل أشرعت )‪ (6‬لكم بسهم ال‬
‫المصيب إياكم عزيمة علي أبي طالب‪ ،‬يا مردة الشياطين " إن استطعتم أن‬
‫تنفذوا من أقطار السماوات والرض فانفذوا ل تنفذون إل بسلطان مبين "‬
‫ال غالبكم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬احسن منه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بين هذه الحيطان‪ (3) .‬هكذا في‬
‫الكتاب ومصدره ولعله مصحف والصحيح‪ :‬ذلك الغول‪ (4) .‬في نسخة من‬
‫المصدر‪ :‬فخالفه‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ورجوما‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬انتزعت‬
‫)اسرعت خ ل(‪.‬‬

‫]‪[111‬‬

‫بجنده الغالب‪ ،‬وقاهركم بسلطانه القاهر‪ ،‬ومذللكم بعزته المتين‪ ،‬فان تولوا فقل‬
‫حسبي ال ل إله إل هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " وارفع‬
‫صوتك بالذان ترشد وتصيب الطريق إن شاء ال )‪ - 74 .(1‬ومنه‪ :‬قال‪:‬‬
‫سألت أبا عبد ال عليه السلم فقلت‪ :‬الجن يخطفون النسان ؟ فقال‪ :‬ما لهم‬
‫إلى ذلك سبيل‪ ،‬لمن تكلم بهذه الكلمات وذكر الدعاء )‪ - 75 .(2‬الدر‬
‫المنثور‪ :‬عن طارق بن )‪ (3‬حبيب قال‪ :‬كنا جلو سامع عبد ال عمرو بن‬
‫العاص في الحجر‪ ،‬إذ قلص )‪ (4‬الظل وقامت المجالس إذا نحن ببريق أيم‬
‫طالع من هذا الباب يعني باب بني شيبة ‪ -‬واليم‪ :‬الحية الذكر ‪ -‬فاشرأبت‬
‫له أعين الناس‪ ،‬فطاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين وراء المقام فقمت إليه‬
‫فقلنا‪ :‬أيها المعتمر قد قضى ال نسكك‪ ،‬وإنما بأرضنا عبيد )‪ (5‬وسفهاء‪،‬‬
‫وإنما نخشى عليك منهم‪ ،‬فكوم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها‬
‫فسما في السماء حتى ما نراه )‪ - 76 .(6‬وأخرج الزرقي عن أبي الطفيل‬
‫قال‪ :‬كانت امرأة من الجن في الجاهلية تسكن ذا طوى وكان لها ابن ولم‬
‫يكن لها ولد غيره فكانت تحبه حبا شديدا وكان شريفا في قومه فتزوج‬
‫وأتى زوجته‪ ،‬فلما كان يوم سابعة قال لمه‪ :‬يا امه إني اريد أن أطوف‬
‫بالكعبة سبعا نهارا‪ ،‬قالت له امه‪ :‬أي " بني " إني أخاف عليك سفهاء‬
‫قريش فقال‪ :‬أرجو السلمة فأذنت له فولى في صورة جان فمضى نحو‬
‫الطواف فطاف بالبيت‬

‫)‪ (1‬الصول الستة عشر‪ 11 :‬و ‪ (2) .12‬الصول الستة عشر‪ 9 :‬والدعاء طويل‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬طلق بن حبيب‪ ،‬وهو الصحيح ترجمه ابن حجر في‬
‫تقريب التهذيب وتهذيب التهذيب وقال‪ :‬طلق بسكون اللم ابن حبيب‬
‫العنزي بصرى صدوق عابد رمى بالرجاء مات بعد التسعين‪ (4) .‬قلص‬
‫الظل‪ :‬انقبض‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬وان بارضنا عبيدا وسفهاء‪ (6) .‬الدر‬
‫المنثور ‪.120 :1‬‬
‫]‪[112‬‬

‫سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم أقبل منقلبا فعرض له شاب من بني سهم فقتله‬
‫فثارت بمكة غبرة حتى لم تبصر لها الجبال‪ ،‬قال أبو الطفيل‪ :‬وبلغنا أنه إنما‬
‫تثور تلك الغبرة عن موت عظيم )‪ (1‬من الجن‪ ،‬قال‪ :‬فأصبح من بني سهم‬
‫على فرشهم موتى كثير من قتلى الجن فكان فيهم سبعون شيخا أصلع‬
‫سوى الشباب )‪ - 77 .(2‬وعن ابن مسعود قال‪ :‬خرج رجل من النس‬
‫فلقيه رجل من الجن فقال‪ :‬هل لك أن تصارعني ؟ فان صرعتني علمتك آية‬
‫إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان‪ ،‬فصارعه فصرعه النسي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬تقرأ آية الكرسي‪ ،‬فانه ل يقرأها أحد إذا دخل بيته إل خرج الشيطان‬
‫له خبج كخبج الحمار )‪ - 78 .(3‬وعن معاذ بن جبل )‪ (4‬قال‪ :‬ضم إلي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم تمر الصدقة فجعلته في غرفة لي‬
‫فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا فشكوت ذلك إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله فقال لي‪ :‬هو عمل الشيطان فارصده فرصدته ليل‪ ،‬فلما ذهب هوي‬
‫من الليل أقبل على صورة الفيل فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب‬
‫على غير صورته فدنا من التمر فجعل يلتقمه‪ ،‬فشددت على ثيابي‬
‫فتوسطته فقلت‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬يا عدو‬
‫ال وثبت إلى تمر الصدقة فاخذته وكانوا أحق به منك لرفعنك إلى رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فيفضحك‪ ،‬فعاهدني أن ل يعود‪ .‬فغدوت إلى رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬ما فعل أسيرك ؟ فقلت‪ :‬عاهدني أن ل يعود ؟‬
‫فقال‪ :‬إنه عائد فارصده‪ ،‬فرصدته الليلة الثانية ففعل مثل ذلك )‪ (5‬فعاهدني‬
‫أن ل يعود‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬عند موت‪ (2) .‬الدر المنثور ‪ (3) .120 :1‬الدر المنثور ‪323 :1‬‬
‫فيه‪ :‬اخرج ابو عبيد في فضائله والدارمى والطبراني و ابو نعيم في دلئل‬
‫النبوة والبيهقي عن ابن مسعود‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬اخرج ابن ابى الدنيا‬
‫في مكائد الشيطان ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابو نعيم‬
‫والبيهقي كلهما في الدلئل عن معاذ بن جبل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فصنع‬
‫مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فعاهدني‪.‬‬

‫]‪[113‬‬

‫فخليت سبيله‪ ،‬ثم غدوت إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فأخبرته فقال‪ :‬إنه عائد‬
‫فارصده‪ ،‬فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فقلت‪ :‬يا‬
‫عدو ال عاهدتني مرتين وهذه الثالثة‪ .‬فقال‪ :‬إني ذو عيال وما أتيتك إل من‬
‫نصيبين ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث‬
‫صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان نفرنا )‪ (1‬منها فوقعنا بنصيبين‪ ،‬ول يقرأن‬
‫في بيت إل لم يلج فيها شيطان ثلثا‪ ،‬فان خليت سبيلي علمتكهما‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬آية الكرسي وآخر سورة البقرة‪ " :‬آمن الرسول " إلى آخرها‪،‬‬
‫فخليت سبيله‪ ،‬قم غدوت إلى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فأخبرته‬
‫بما قال‪ ،‬فقال‪ :‬صدق الخبيث وهو كذوب‪ ،‬قال‪ :‬فكنت أقرأهما عليه بعد ذلك‬
‫فل أجد فيه نقصانا " )‪ - 79 .(2‬وعن ابن عباس )‪ (3‬قال‪ :‬كان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله نازل " على أبي أيوب في غرفة وكان طعامه في سلة‬
‫في المخدع‪ ،‬فكانت تجئ من الكوة كهيئة السنور تأخذ الطعام من السلة‪،‬‬
‫فشكى ذلك إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬تلك الغول‪ ،‬فإذا جاءت‬
‫فقل‪ " :‬عزم عليك رسول ال صلى ال عليه وآله أن ل تبرحي " فجاءت‬
‫فقال لها أبو أيوب‪ " :‬عزم عليك رسول ال صلى ال عليه وآله أن ل‬
‫تبرحي " فقالت‪ :‬يا أبا أيوب دعني هذه المرة فوال ل أعود‪ ،‬فتركها‪ .‬ثم‬
‫قالت‪ :‬هل لك أن اعلمك كلمات إذا قلتهن ل يقرب بيتك شيطان تلك الليلة‬
‫وذلك اليوم ومن الغد ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬اقرأ آية الكرسي‪ ،‬فأتى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله فأخبره فقال‪ :‬صدقت وهي كذوب )‪ - 80 .(4‬وعن‬
‫حمزة الزيات )‪ (5‬قال‪ :‬خرجت ذات ليلة اريد الكوفة فآواني‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬انفرتنا منها‪ (2) .‬الدر المنثور ‪ (3) .324 :1‬في المصدر‪ :‬اخرج‬
‫الحاكم عن ابن عباس‪ (4) .‬الدر المنثور ‪ ،325 :1‬وذكر فيه حكايات‬
‫أخر‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬اخرج ابو الشيخ في العظمة عن حمزة‪.‬‬

‫]‪[114‬‬

‫الليل إلى خرابة فدخلتها فبينما‪ ،‬أنا فيها إذ دخل علي عفريتان من الجن فقال‬
‫أحدهما لصاحبه‪ :‬هذا حمزة بن حبيب الزيات الذي يقرئ الناس بالكوفة‪،‬‬
‫قال‪ :‬نعم وال لقتلنه‪ ،‬قال‪ :‬دعه المسكين يعيش‪ ،‬قال‪ :‬لقتلنه‪ ،‬فلما أزمع‬
‫على قتلي قلت‪ " :‬بسم ال الرحمن الرحيم شهد ال أنه ل إله إل هو‬
‫والملئكة " إلى قوله‪ " :‬العزيز الحكيم وأنا على ذلك من الشاهدين "‬
‫فقال له صاحبه‪ :‬دونك الن فاحفظه راغما " إلى لصباح )‪ - 81 .(1‬وعن‬
‫ابن عباس قال‪ :‬الخلق أربعة‪ :‬فخلق في الجنة كلهم‪ ،‬وخلق في النار كلهم‪،‬‬
‫وخلقان في الجنة والنار‪ ،‬فأما الذين في الجنة كلهم فالملئكة‪ ،‬وأما الذين‬
‫في النار كلهم فالشياطين‪ ،‬وأما الذين في الجنة والنار فالجن والنس لهم‬
‫الثواب وعليهم العقاب )‪ - 82 .(2‬وعن أبي ثعلبة )‪ ،(3‬عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله قال‪ :‬الجن ثلثة أصناف‪ :‬صنف لهم أجنحة يطيرون‬
‫في الهواء‪ ،‬وصنف حيات وكلب‪ ،‬وصنف يحلون ويظعنون )‪- 83 (4‬‬
‫وعن وهب )‪ (5‬أنه سئل عن الجن هل يأكلون ويشربون‪ ،‬أو يموتون أو‬
‫يتناكحون ؟ قال‪ :‬هم أجناس‪ ،‬أما خالص الجن فهم ريح ل يأكلون ول‬
‫يشربون ول يموتون ول يتوالدون‪ .‬ومنهم أجناس يأكلون ويشربون‬
‫ويتناكحون ويموتون وهي هذه التي منها‬

‫)‪ (1‬الدر المنثور ‪ (2) .12 :2‬الدر المنثور ‪ 46 :3‬فيه‪ :‬اخرج ابو الشيخ عن ابن‬
‫عباس‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬واخرج الحكيم الترمذي في نوادر الصول وابن‬
‫ابى حاتم وابو الشيخ والطبراني والحاكم والللكانى في السنة والبيهقي‬
‫في السماء والصفات عن ابى ثعلبة الخشنى‪ (4) .‬الدر المنثور ‪) .46 :3‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬اخرج ابن جرير عن وهب ابن منبه‪ .‬وفيه‪ :‬ويموتون‬
‫ويتناكحون فقال‪.‬‬

‫]‪[115‬‬

‫السعالى والغول وأشباه ذلك )‪ - 84 .(1‬وعن يزيد بن جابر قال‪ :‬ما من أهل بيت من‬
‫المسلمين إل وفي سقف بيتهم أهل بيت من الجن من المسلمين‪ ،‬إذا وضع‬
‫غداؤهم نزلوا وتغدوا‪ ،‬وإذا وضع عشاؤهم نزلوا فتعشوا معهم )‪- 85 .(2‬‬
‫وعن عكرمة بن خالد قال‪ :‬بينما أنا ليلة في جوف الليل عند زمزم جالس‬
‫إذا نفز يطوفون عليهم ثياب بيض لم أر بياض ثيابهم بشئ قط‪ ،‬فلما فرغوا‬
‫صلوا قريبا مني‪ ،‬فالتفت بعضهم فقال لصحابه‪ :‬اذهبوا بنا نشرب من‬
‫شراب البرار فقاموا فدخلوا زمزم فقلت‪ :‬وال لو دخلت على القوم‬
‫فسألتهم‪ ،‬فقمت فدخلت فإذا ليس فيها أحد من البشر )‪ - 86 .(3‬وعن‬
‫الزبير في قوله تعالى‪ " :‬وإذ صرفنا إليك نفرا " من الجن يستمعون‬
‫القرآن " قال‪ :‬بنخلة رسول ال صلى ال عليه وآله يصلي العشاء الخرة‬
‫كادوا يكونون عليه لبدا "‪ - 87 .‬وعن ابن مسعود قال‪ :‬هبطوا على النبي‬
‫صلى ال عليه وآله وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة‪ ،‬فلما سمعوه قالوا‪" :‬‬
‫أنصتوا )‪ " (4‬وكانوا تسعة أحدهم زوبعة فأنزل ال " وإذ صرفنا إليك‬
‫نفرا " الية )‪ - 88 .(5‬وعن ابن عباس قال‪ :‬كانوا تسعة نفر من أهل‬
‫نصيبين فجعلهم رسول ال‬

‫)‪ (1‬الدر المنثور ‪ (2) .47 :3‬الدر المنثور ‪ 47 :3‬فيه‪ :‬اخرج ابو الشيخ عن يزيد‬
‫بن جابر‪ .‬أقول‪ :‬يوجد فيه حكايات أخر‪ (3) .‬الدر المنثور ‪ 46 :6‬فيه‪:‬‬
‫اخرج احمد وابن ابى حاتم وابن مردويه عن الزبير‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬انصتوا قالوا‪ :‬صه‪ (5) .‬الدر المنثور ‪ :44 :6‬فيه اخرج ابن ابى‬
‫شيبه وابن منيع والحاكم وصححه وابن مردويه وابو نعيم والبيهقي معا‬
‫في الدلئل عن ابن مسعود‪.‬‬
‫]‪[116‬‬

‫صلى ال عليه وآله رسل إلى قومهم )‪ - 89 .(1‬وعنه أيضا قال‪ :‬صرفت الجن إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله مرتين وكانوا أشراف الجن بنصيبين )‪.(2‬‬
‫‪ - 90‬وعن ابن مسعود أنه سئل أين قرأ رسول ال على الجن ؟ قال‪ :‬قرأ‬
‫عليهم بشعب يقال له‪ :‬الحجون )‪ - 91 .(3‬وعن عكرمة قال‪ :‬كانوا اثني‬
‫عشر ألفا جاؤا من جزيرة الموصل )‪ - 92 .(4‬وعن صفوان بن المعطل‬
‫قال‪ :‬خرجنا حجاجا فلما كان بالعرج إذا نحن بحية تضطرب‪ ،‬فما لبثت أن‬
‫ماتت فلفها رجل في خرقة فدفنها‪ ،‬ثم قدمنا مكة فانا لبالمسجد الحرام إذ‬
‫وقف علينا شخص فقال‪ :‬أيكم صاحب عمرو ؟ قلنا‪ :‬ما نعرف عمرا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أيكم صاحب الجان ؟ قالوا‪ :‬هذا‪ ،‬قال‪ :‬أما إنه آخر التسعة موتا الذين أتوا‬
‫رسول ال يستمعون القرآن )‪ - 93 .(5‬وعن كعب الحبار قال‪ :‬لما انصرف‬
‫النفر التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة )‪ (6‬جاؤا قومهم منذرين‪،‬‬
‫فخرجوا بعد وافدين إلى رسول ال صلى ال عليه وآله وهم‬

‫)‪ (1‬الدر المنثور ‪ 44 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن‬
‫عباس واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن الية قال‪(2) .‬‬
‫الدر المنثور‪ 44 :‬فيه‪ :‬واخرج الطبراني في الوسط وابن مردويه عن‬
‫ابن عباس‪ (3) .‬الدر المنثور ‪ 44 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن مردويه والبيهقي‬
‫في الدلئل عن ابن مسعود‪ (4) .‬الدر المنثور ‪ 45 :6‬فيه‪ :‬اخراج ابن ابى‬
‫حاتم عن عكرمة في قوله‪ :‬واذ صرفنا اليك نفرا من الجن قال‪ (5) .‬الدر‬
‫المنثور ‪ 45 :6‬فيه‪ :‬اخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه عن صفوان‬
‫ابن المعطل‪ (6) .‬في المصدر ؟ وهم فلن وفلن وفلن والردوانيان‬
‫والحقب‪.‬‬

‫]‪[117‬‬

‫ثلثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء الخضب )‪ (1‬فسلم على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله فقال‪ :‬إن قومنا قد حضروا الحجون يلقوك‪ ،‬فواعده رسول ال‬
‫لساعة من الليل بالحجون )‪ - 94 .(2‬وعن جابر بن عبد ال قال‪ :‬خرج‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من‬
‫أولها إلى آخرها فسكتوا‪ ،‬فقال‪ :‬ما لي أراكم سكوتا ؟ لقد قرأتها على الجن‬
‫ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم‪ ،‬كلما أتيت على قوله‪ " :‬فبأي آلء‬
‫ربكما تكذبان " فقالوا‪ :‬ول بشئ من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد )‪ .(3‬وعن‬
‫ابن عمر أيضا مثله )‪ - 95 .(4‬وعن عبد الملك قال‪ :‬لم تحرس الجن في‬
‫الفترة بين عيسى ومحمد‪ ،‬فلما بعث ال محمدا صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫حرست السماء الدنيا ورميت الجن بالشهاب واجتمعت إلى إبليس فقال‪ :‬لقد‬
‫حدث في الرض حدث‪ ،‬فتعرفوا فأخبرونا ما هذا الحدث‪ ،‬فبعث هؤلء النفر‬
‫إلي تهامة وإلى جانب اليمن وهم أشراف الجن وسادتهم فوجدوا النبي‬
‫صلى ال عليه وآله يصلي صلة الغداة بنخلة‪ ،‬فسمعوه يتلوا القرآن‪ ،‬فلما‬
‫حضروه قالوا‪ " :‬أنصتوا‪ ،‬فلما قضى " يعني بذلك أنه فرغ من صلة‬
‫الصبح " ولوا إلى قومهم منذرين " مؤمنين لم يشعر بهم حتى نزل‪ " :‬قل‬
‫اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " يقال‪ :‬سبعة من أهل نصيبين )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ " :‬فجاء الحقب " وفيه‪ :‬يلقونك‪ (2) .‬الدر المنثور ‪ 45 :6‬فيه‪" :‬‬
‫اخرج الواقدي وابو نعيم عن كعب " أقول‪ :‬يوجد فيه حكايات اخر لم‬
‫يذكرها المصنف‪ (3) .‬الدر المنثور ‪ 140 :6‬فيه‪ :‬اخرج الترمذي وابن‬
‫المنذر وابو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي‬
‫في الدلئل عن جابر بن عبد ال‪ (4) .‬الدر المنثور ‪ 140 :6‬فيه‪ :‬اخرج‬
‫البزاز وابن جرير وابن المنذر والدار ‪ -‬قطني في الفراد وابن مردويه‬
‫والخطيب في تاريخه بسند صحيح عن ابن عمر‪ .‬وفيه‪ :‬ل بشئ من آلئك‬
‫ربنا نكذب فلك الحمد‪ (5) .‬الدر المنثور ‪ 270 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن المنذر‬
‫عن عبد الملك‬

‫]‪[118‬‬

‫‪ - 96‬وعن سهل بن عبد ال قال‪ :‬كنت في ناحية ديار عاد إذ رأيت مدينة من حجر‬
‫منقور في وسطها قصر من حجارة تأويه الجن‪ ،‬فدخلت فإذا شيخ عظيم‬
‫الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة‪ ،‬فلم أتعجب من‬
‫عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته‪ ،‬فسلمت عليه فرد علي السلم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫يا سهل إن البدان ل تخلق الثياب وإنما تخلقها روائح الذنوب ومطاعم‬
‫السحت‪ ،‬وإن هذه الجبة علي منذ سبعمائة سنة لقيت بها عيسى ومحمدا‬
‫صلى ال عليه وآله فآمنت بهما‪ ،‬فقلت له‪ :‬ومن أنت ؟ قال‪ :‬أنا من الذين‬
‫نزلت فيهم‪ " :‬قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن " )‪ - 97 .(1‬وعن‬
‫عبد ال بن مسعود في قوله‪ " :‬قل اوحى إلي أنه استمع نفر من الجن "‬
‫قال‪ :‬كانوا من جن نصيبين )‪ - 98 .(2‬وعن كردم ابن أبي السائب‬
‫النصاري قال‪ :‬خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله بمكة‪ ،‬فآويت إلى راعي غنم )‪ (3‬فلما‬
‫انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حمل من الغنم فوثب الراعي فقال‪ :‬يا عامر‬
‫الوادي جارك )‪ (4‬فنادى مناد ل نراه‪ :‬ياسرحان أرسل‪ ،‬فأتى الحمل يشتد‬
‫حتى دخل في الغنم‪ ،‬وأنزل ال على رسوله بمكة " وأنه كان رجال من‬
‫النس يعوذون برجال من الجن " الية )‪ - 99 .(5‬وعن ابن عباس أن‬
‫رجل من بني تميم كان جريا على الليل والرمال )‪(6‬‬
‫)‪ (1‬الدر المنثور ‪ 270 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن الجوزى في كتاب صفوة الصفوة بسنده‬
‫عن سهل‪ (2) .‬الدر المنثور ‪ 270 :6‬قد سقط الحديث من المطبوع وبقى‬
‫قوله‪ :‬قال‪ :‬كانوا من جن نصيبين‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فآوانا المبيت إلى‬
‫راعى غنم‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬انا جار دارك‪ .‬وفيه‪ :‬ارسله‪ (5) .‬الدر‬
‫المنثور ‪ 271 :6‬فيه اخرج ابن المنذر وابن ابى حاتم والعقيلي في‬
‫الضعفاء والطبراني وابو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن كردم‪(6) .‬‬
‫في المصدر ]جريئا على الليل والرجال[ أقول‪ :‬لعل الصحيح‪ :‬الرحال‪.‬‬

‫]‪[119‬‬

‫وأنه سار ليلة فنزل في أرض مجنة فاستوحش فعقل راحلته ثم توسد ذراعها وقال‬
‫" أعوذ بأعز أهل هذا الوادي )‪ (1‬من شر أهله " فأجاره شيخ منهم وكان‬
‫فيهم شاب وكان سيدا في الجن فغضب الشاب لما أجاره الشيخ‪ ،‬فأخذ حربة‬
‫له قد سقاها السم لينحر بها ناقة الرجل‪ ،‬فتلقاه الشيخ دون الناقة‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫مالك بن مهلهل مهل * * فذلك محجري وإزاري عن ناقة النسان ل‬
‫تعرض لها * * فاكفف يمينك راشدا عن جاري )‪ (2‬تسعى إليه بحربة‬
‫مسمومة * * أف لقربك يا أبا القيطار )‪ (3‬وأنشد أبياتا أخر في ذلك‪ ،‬فقال‬
‫الفتى‪ :‬أردت أن تعلو وتخفض ذكرنا * * في غير مرزية أبا الغيراري )‪(4‬‬
‫متنحل أمرا لغير فضيلة * * فارحل فان المجد للمراري ‪ (5‬من كان منكم‬
‫سيدا في ما مضى * * إن الخيار هم بنو الخيار فاقصد لقصدك يامعيكر‬
‫إنما * * كان المجير مهلهل بن دياري فقال الشيخ‪ :‬صدقت كان أبوك‬
‫سيدنا وأفضلنا‪ ،‬دع هذا الرجل ل أنازعك بعده أحدا‪ ،‬فتركه فأتى الرجل إلى‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وقص عليه القصة‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬إذا أصاب أحدا منكم وحشة أو نزل بأرض مجنة فليقل‪ " :‬أعوذ‬
‫بكلمات ال التامات‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ذراعيها‪ ،‬وقال‪ :‬اعوذ بسيد هذا الوادي‪ (2) .‬في المصدر هكذا‪:‬‬
‫عن ناقة النسان ل تعرض لها * * واختر إذا ورد المها اثواري انى‬
‫ضمنت له سلمة رحله * * فاكفف يمينك راشدا عن جارى ولقد اتيت‬
‫إلى ما لم احتسب * * ال رعيت قرابتي وجواري )‪ (3‬ذكر في المصدر‬
‫بيتا آخر هو‪ :‬لول الحياء وان اهلك جيرة * * لنمزقنك بقوة اظفاري )‪(4‬‬
‫في المصدر‪ :‬أتريد‪ .‬وفيه‪ :‬أبا العيزار‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬للمرار‪ .‬فيه‪ :‬بنو‬
‫الخيار وفيه‪ :‬مهلهل بن وبار‪.‬‬

‫]‪[120‬‬
‫التي ل يجاوزهن بر ول فاجر من شر ما يلج في الرض وما يخرج منها وما ينزل‬
‫من السماء وما يعرج فيها ومن فتن الليل ومن طوارق النهار إل طارقا‬
‫يطرق بخير " فأنزل ال في ذلك‪ " :‬وانه كان رجال من النس يعوذون‬
‫برجال من الجن فزادوهم رهقا "‪ .‬قال أبو نصر‪ :‬غريب جدا لم نكتبه إل‬
‫من هذا الوجه )‪ - 100 .(1‬وعن سعيد بن جبير أن رجل من بني تميم يقال‬
‫له‪ :‬رافع بن عمير حدث عن بدء إسلمه قال‪ :‬إني لسير برمل عالج ذات‬
‫ليلة إذ غلبني النوم فنزلت عن راحلتي وأنختها ونمت وقد تعوذت قبل‬
‫نومي‪ ،‬وقلت‪ " :‬أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن " فرأيت في منامي‬
‫رجل بيده حربة يريد أن يضعها في نحر ناقتي‪ ،‬فانتبهت فزعا فالتفت يمينا‬
‫وشمال فلم أر شيئا‪ ،‬فقلت‪ :‬هذا حلم‪ ،‬ثم عدت فغفوت )‪ (2‬فرأيت مثل ذلك‬
‫فانتبهت فدرت حول ناقتي فلم أر شيئا‪ ،‬فإذا ناقتي ترعد‪ ،‬ثم غفوت فرأيت‬
‫مثل ذلك‪ .‬فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب‪ ،‬والتفت فإذا برجل شاب كالذي‬
‫رأيته في المنام بيده حربة‪ ،‬ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها‪ ،‬فبينما هما‬
‫يتنازعان إذا طلعت ثلثة أثوار من الوحش‪ ،‬فقال الشيخ للفتى‪ :‬قم فخذ أيها‬
‫شئت فداء لناقة جاري النسي فقام الفتى فأخذ منها ثورا )‪ (3‬وانصرف‪،‬‬
‫ثم التفت إلي الشيخ وقال‪ :‬يا هذا إذا نزلت واديا من الودية فخفت هوله‬
‫فقل‪ " :‬أعوذ بال رب محمد صلى ال عليه وآله من هول هذا الوادي "‬
‫ول تعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها‪ ،‬فقلت له‪ :‬ومن محمد هذا ؟ قال‪ :‬نبي‬
‫عربي ل شرقي ول غربي بعث يوم الثنين‪ ،‬قلت‪ :‬أين مسكنه ؟ قال‪ :‬يثرب‬
‫ذات النخل‪ .‬فركبت راحلتي حين ترقى لى الصبح )‪ ،(4‬وجددت السير حتى‬
‫أتيت المدينة‬

‫)‪ (1‬الدر المنثور ‪ 271 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابو نصر السجزى في البانة من طريق‬
‫مجاهد عن ابن عباس‪ (2) .‬غفا يغفو‪ :‬نعس‪ .‬نام نومة خفيفة‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ثورا عظيما‪ (4) .‬في المخطوطة‪] :‬حين ترقى لى الصبح[ وفى‬
‫المصدر‪ :‬حين برق الصبح‪.‬‬

‫]‪[121‬‬

‫فرآني رسول ال صلى ال عليه وآله فحدثني بالحديث قبل أن أذكر له منه شيئا‪،‬‬
‫ودعاني إلى السلم فأسلمت‪ ،‬قال سعيد بن جبير‪ :‬وكنا نرى أنه هو الذي‬
‫أنزل ال فيه " وأنه كان رجال من النس يعوذون برجال من الجن‬
‫فزادوهم رهقا " )‪ - 101 .(1‬وعن ابن عباس في قوله‪ " :‬وأنه كان رجال‬
‫من النس يعوذون برجال من الجن " قال‪ :‬كان رجال من النس يبيت‬
‫أحدهم بالوادي في الجاهلية فيقول‪ :‬أعوذ بعزيز هذا الوادي " فزادوهم‬
‫رهقا )‪ - 102 .(2‬وعن الحسن في قوله‪ " :‬وانه كان رجال من النس‬
‫يعوذون برجال من الجن " قال‪ :‬كان أحدهم فإذا نزل الوادي قال‪ " :‬أعوذ‬
‫بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه " فيأمن في نفسه يومه وليلته )‬
‫‪ - 103 .(3‬وعن ربيع بن أنس‪ " :‬وأنه كان رجال من النس يعوذون‬
‫برجال من الجن فزادوهم رهقا " قال‪ :‬كانوا يقولون‪ :‬فلن رب هذا الوادي‬
‫من الجن‪ ،‬فكان أحدهم إذا دخل ذلك الوادي يعوذ برب الوادي من دون ال‬
‫فيزيده بذلك رهقا‪ ،‬أي خوفا )‪ - 104 .(4‬وعن ابن عباس قال‪ :‬كانت‬
‫الشياطين لهم مقاعد في السماء يسمعون فيها الوحي‪ ،‬فإذا سمعوا الكلمة‬
‫زادوا فيها تسعا‪ ،‬فأما الكلمة فتكون حقا‪ ،‬وأما ما زاد فيكون باطل‪ ،‬فلما‬
‫بعث رسول ال صلى ال عليه وآله منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لبليس‬
‫ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال لهم‪ :‬ما هذا إل من أمر )‪ (5‬حدث‬
‫في الرض‪ ،‬فبعث‬

‫)‪ (1‬الدر المنثور ‪ 272 :6‬فيه‪ :‬اخرج الخرائطي في كتاب الهواتف عن سعيد ابن‬
‫جبير‪ (2) .‬الدر المنثور ‪ 272 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن جرير وابن مردويه عن‬
‫ابن عباس‪ (3) .‬الدر المنثور ‪ 272 :6‬فيه‪ :‬اخرج عبد بن حميد وابن‬
‫المنذر عن الحسن وفيه‪ :‬إذا نزل‪ (4) .‬الدر المنثور ‪ 272 :6‬فيه‪ :‬اخرج‬
‫عبد بن حميد عن الربيع بن انس‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ما هذا المر ال لمر‬
‫حدث‪.‬‬

‫]‪[122‬‬

‫جنوده فوجدوا رسول ال صلى ال عليه وآله قائما يصلي بين جبلين بمكة )‪(1‬‬
‫فأتوه فأخبروه‪ ،‬فقال‪ :‬هذا الحدث الذي حدث في الرض )‪ - 105 (2‬وعن‬
‫ابن عباس قال‪ :‬لم يكن السماء الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع‪ ،‬فلما بعث ال‬
‫محمدا صلى ال عليه وآله حرست السماء الدنيا حرسا شديدا ورجمت‬
‫الشياطين فأنكروا ذلك فقالوا‪ " :‬ل ندري أشر اريد بمن في الرض أم أراد‬
‫بهم ربهم رشدا "‪ .‬فقال إبليس‪ :‬لقد حدث في الرض حدث فاجتمعت إليه‬
‫الجن فقال‪ :‬تفرقوا في الرض فأخبروني ما هذا الحد ث الذي حدث في‬
‫السماء‪ ،‬وكان أول بعث بعث ركب من أهل نصيبين وهم أشراف الجن‬
‫وسادتهم فبعثهم إلى تهامة فاندفعوا حتى )‪ (3‬تلقوا الوادي وادي نخلة‪،‬‬
‫فوجدوا نبي ال صلى ال عليه وآله يصلي صلة الغداة ببطن نخلة‬
‫فاستمعوا‪ ،‬فلما سمعوه يتلو القرآن قالوا‪ " :‬أنصتوا " ولم يكن نبي ال‬
‫صلى ال عليه وآله يعلم أنهم استمعوا له وهو يقرأ القرآن " فلما قضي "‬
‫يقول‪ :‬فلما فرغ من الصلة " ولوا إلى قومهم منذرين " يقول‪ :‬مؤمنين )‬
‫‪ - 106 .(4‬وعن ابن عمر قال‪ :‬لما كان اليوم الذى تنبأ فيه رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله منعت الشياطين من السماء ورموا بالشهب )‪107 .(5‬‬
‫‪ -‬وعن ابن عباس قال‪ :‬كانت الجن قبل أن يبعث النبي صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم يستمعون‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬بين جبلى نخلة‪ (2) .‬الدر المنثور ‪ 273 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن ابى‬
‫شيبة واحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير‬
‫والطبراني وابن مردويه وابو نعيم والبيهقي معا في دلئل النبوة عن ابن‬
‫عباس‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬حتى بلغوا‪ (4) .‬الدر المنثور ‪ 273 :6‬فيه‪:‬‬
‫اخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلئل عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫لم تكن‪ (5) .‬الدر المنثور‪ 273 :6 :‬فيه‪ :‬اخرج الواقدي وابو نعيم في‬
‫الدلئل عن ابن عمرو‪.‬‬

‫]‪[123‬‬

‫من السماء‪ ،‬فلما بعث حرست فلم يستطيعوا أن يستمعوا فجاؤا إلى قومهم يقول‬
‫للذين )‪ (1‬لم يستمعوا فقالوا‪ " :‬إنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا‬
‫شديدا " وهم الملئكة " وشهبا " وهي الكواكب " وأنا كنا نقعد منها‬
‫مقاعد للسمع فمن يستمع الن يجد له شهابا رصدا " يقول‪ :‬نجما قد‬
‫أرصد له يرمى به‪ ،‬قال‪ :‬فلما رموا بالنجوم قالوا لقومهم‪ " :‬أنا ل ندري‬
‫أشر اريد بمن في الرض أم أراد بهم ربهم رشدا " )‪ - 108 .(2‬وعن‬
‫العمش قال‪ :‬قالت الجن‪ :‬يا رسول ال أتأذن لنا فنشهد معك الصلوات في‬
‫مسجدك ؟ فأنزل ال‪ " :‬وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا " يقول‪:‬‬
‫صلوا ل تخالطوا الناس )‪ - 109 .(3‬وعن سعيد بن جبير قال‪ :‬قالت الجن‬
‫للني صلى ال عليه وآله‪ :‬كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤن عنك ؟‬
‫وكيف نشهد الصلة ونحن ناؤن عنك ؟ فنزلت‪ " :‬وأن المساجد ل " اليه‬
‫)‪ - 110 .(4‬وعن ابن مسعود قال‪ :‬خرج رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫قبل الهجرة إلى نواحى مكة فخط لي خطا وقال‪ :‬ل تحدثن شيئا حتى آتيك‬
‫ثم قال‪ :‬ل يهولنك شئ تراه فتقدم شيئا ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم‬
‫رجال الزط وكانوا كما قال ال‪ " :‬كادوا يكونون عليه لبدا " )‪- 111 .(5‬‬
‫وعن ابن عباس في قوله‪ " :‬وانه لما قام عبد ال يدعوه كادوا يكونون‬
‫عليه لبدا " قال‪ :‬لما سمعوا النبي صلى ال عليه وآله يتلوا القرآن كادوا‬
‫يركبونه من الحرص لما سمعوه‪ (6) ،‬فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل‬
‫يقرأ‪ " :‬قل اوحي إلي أنه استمع‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬يقولون‪ (2) .‬الدر المنثور ‪ 273 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن مردويه عن‬
‫ابن عباس‪ (3) .‬الدر المنثور ‪ 274 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن ابى حاتم عن‬
‫العمش‪ (4) .‬الدر المنثور ‪ 274 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن جرير عن سعيد‪.‬‬
‫وفيه‪ :‬أو كيف‪ (5) .‬الدر المنثور ‪ 274 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابو نعيم في الدلئل‬
‫عن ابن مسعود‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬لما سمعوه يتلو القرآن ودنوا منه فلم‬
‫يعلم‪.‬‬

‫]‪[124‬‬

‫نفر من الجن " )‪ - 112 .(1‬وعن ابن عباس في قوله‪ " :‬وأنه لما قام عبد ال‬
‫يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا " قال‪ :‬لما أتى الجن على رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم وهو يصلي بأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون‬
‫بسجوده فعجبوا من طواعية أصحابه له‪ ،‬فقالوا لقومهم‪ :‬لما قام عبد ال‬
‫يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا )‪ - 113 .(2‬وعن ابن مسعود قال‪ :‬انطلقت‬
‫مع النبي صلى ال عليه وآله ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط علي خطا‬
‫ثم تقدم إليهم فازدادوا عليه )‪ ،(3‬فقال سيدهم يقال له‪ :‬وردان‪ :‬أل أرحلهم‬
‫عنك يا رسول ال ؟ فقال‪ :‬إنه لن يجيرني من ال أحدا )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال‬
‫الفيروز آبادي‪ :‬اليم ككيس‪ ،‬الحية البيض اللطيف‪ ،‬أو عام كاليم بالكسر‪،‬‬
‫وقال‪ :‬اشرأب إليه‪ :‬مد عنقه لينظر أو ارتفع‪ ،‬وقال‪ :‬كوم التراب تكويما‪:‬‬
‫جعله كومة كومة‪ ،‬بالضم‪ :‬أي قطعة قطعة ورفع رأسها‪ ،‬وقال في النهاية‪:‬‬
‫في حديث عمر‪ :‬إذا اقيمت الصلة ولى الشيطان وله خبج‪ " ،‬الخبج "‬
‫بالتحريك‪ :‬الضراط‪ ،‬ويروى بالحاء المهملة‪ ،‬وفي حديث آخر‪ :‬من قرأ آية‬
‫الكرسي خرج الشيطان وله خبج كخبج الحمار‪ .‬وقال‪ :‬الهوي بالفتح‪:‬‬
‫الحين الطويل من الزمان‪ ،‬وقيل‪ :‬هو مختص بالليل " فتوسطته " أي‬
‫دخلت وقمت وسط البيت‪ ،‬وفي النهاية‪ :‬المخدع هو البيت الصغير الذي‬
‫يكون داخل البيت الكبير وتضم ميمه وتفتح‪.‬‬

‫)‪ (1‬الدر المنثور ‪ 275 :6‬فيه‪ :‬اخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس‪(2) .‬‬
‫الدر المنثور ‪ 275 :6‬فيه‪ :‬اخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم‬
‫وصححاه وابن جرير وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن‬
‫عباس‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فازدحموا عليه‪ (4) .‬الدر المنثور ‪ 275 :6‬فيه‪:‬‬
‫اخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلئل عن ابن مسعود‪ .‬اقول‪ :‬وقد ذكر‬
‫فيه حكايات وروايات كثيرة لم يذكرها المصنف‪.‬‬

‫]‪[125‬‬

‫وقال‪ :‬فيه ل غول ول صفر ولكن السعالى‪ ،‬هي جمع سعلة وهم سحرة الجن أي أن‬
‫الغول ل تقدر على أن تغول أحدا أو تضله‪ ،‬ولكن في الجن سحرة كسحرة‬
‫النس لهم تلبيس وتخييل‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬الزوبعة " اسم شيطان أو‬
‫رئيس للجن‪ ،‬و منه سمي العصار زوبعة‪ ،‬وقال‪ " :‬الحجون " جبل‬
‫بمعلة مكة‪ - 114 .‬حياة الحيوان‪ :‬روى البيهقي في دلئل النبوة عن أبي‬
‫دجانة واسمه سماك بن خرشة قال‪ :‬شكوت إلى النبي صلى ال عليه وآله‬
‫أني نمت في فراشي فسمعت صريرا كصرير الرحا‪ ،‬ودويا كدوي النحل‪،‬‬
‫ولمعانا كلمع البرق‪ ،‬فرفعت رأسي فإذا أنا بظل أسود يعلو ويطول بصحن‬
‫داري‪ ،‬فمسست جلده فإذا هو كجلد القنفذ فرمى في وجهي مثل شرر النار‪،‬‬
‫فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬عامر دارك يا أبا دجانة‪ ،‬ثم طلب دواة وقرطاسا‪،‬‬
‫وأمر عليا عليه السلم أن يكتب " بسم ال الرحمن الرحيم‪ .‬هذا كتاب من‬
‫رسول رب العالمين إلى من طرق الدار )‪ (1‬من العمار والزوار إل طارقا‬
‫يطرق بخير‪ ،‬أما بعد‪ :‬فان لنا ولكم في الحق سعة فان يكن عاشقا مولعا أو‬
‫فاجر مقتحما فهذا كتاب ال ينطق علينا وعليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما‬
‫كنتم تعملون‪ ،‬إن رسلنا )‪ (2‬يكتبون ما تمكرون‪ ،‬اتركوا صاحب كتابي هذا‬
‫وانطلقوا إلى عبدة الصنام وإلى من يزعم أن مع ال إلها آخر ل إله إل هو‬
‫كل شئ هالك إل وجهه‪ ،‬له الحكم وإليه ترجعون‪ ،‬حم ل يبصرون‪،‬‬
‫حمعسق‪ ،‬تفرق أعداء ال‪ ،‬وبلغت حجة ال‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال‬
‫العلي العظيم‪ ،‬فسيكفيكهم ال وهو السميع العليم "‪ .‬قال أبو دجانة‪ :‬فأخذت‬
‫الكتاب وأدرجته وحملته إلى داري وجعلته تحت رأسي فبت ليلتي فما‬
‫انتبهت إل من صراخ صارخ يقول‪ :‬يا أبا دجانة أحرقتنا بهذه الكلمات‬
‫فبحق صاحبك إل ما رفعت عنا هذا الكتاب‪ ،‬فل عود لنا في دارك ول في‬
‫جوارك ول‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬يطرق‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ورسلنا‪.‬‬

‫]‪[126‬‬

‫في موضع يكون فيه هذا الكتاب‪ ،‬قال أبو دجانة‪ (1) :‬ل أرفعه حتى أستأذن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ .‬قال أبو دجانة‪ :‬ولقد طالت علي ليلتي مما سمعت‬
‫من أنين الجن وصراخهم وبكائهم حتى أصبحت‪ ،‬فغدوت فصليت الصبح‬
‫مع رسول ال وأخبرته بما سمعت من الجن ليلتي وما قلت لهم‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫أبا دجانة ارفع عن القوم‪ ،‬فوالذي بعثني بالحق نبيا إنهم ليجدون ألم‬
‫العذاب إلى يوم القيامة‪ ،‬ورواه الوابلي الحافظ في كتاب البانة والقرطبي‬
‫في كتاب التذكرة )‪ - 115 .(2‬الفردوس‪ :‬عن علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله إذا رأيت حية في الطريق‬
‫فاقتلها فاني قد شرطت على الجن أن ل يظهروا في صورة الحيات‪ ،‬فمن‬
‫ظهر فقد أحل بنفسه )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه أحل بمن أحل بك‪ ،‬أي‬
‫من ترك إحرامه وأحل بك فقاتلك فاحلل أنت أيضا به وقاتله‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه‬
‫إذا أحل رجل ما حرم ال عليه منك فادفعه أنت من نفسك بما قدرت عليه‪،‬‬
‫وفي كتاب أبي عبيد عن النخعي في المحرم يعدو عليه السبع أو اللص أحل‬
‫بمن أحل بك‪ ،‬وفيه أنت محل بقومك‪ ،‬أي أنك قد أبحت حريمهم وعرضتهم‬
‫للهلك‪ - 116 .‬وأقول‪ :‬مما يناسب ذلك ويؤيده ما ذكره شارح ديوان أمير‬
‫المؤمنين في فواتحه حيث قال‪ :‬نقل أستادنا العلمة مولنا جلل الدين‬
‫محمد الدواني‪ ،‬عن الشيخ العالم العامل النقي الكامل السيد صفي الدين عبد‬
‫الرحمن اليجي أنه قال‪ :‬ذكر لي الفاضل العالم المتقي شيخ ابو بكر‪ ،‬عن‬
‫الشيخ برهان الدين الموصلي‪ ،‬وهو رجل‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فقلت‪ :‬وال ل أرفعه‪ (2) .‬حياة الحيوان‪ :‬في القنفذ‪ .‬وفيه‪ :‬قال‬
‫البيهقى‪ :‬وقد ورد في حرز ابى دجانة حديث طويل غير هذا موضع ل‬
‫تحل روايته‪ ،‬وهذا الذى رواه البيهقى رواه الديلمى الحافظ في كتاب‬
‫النابة والقرطبى في كتاب التذكار في افضل الذكار‪ (3) .‬فردوس‬
‫الخبار‪ :‬لم يطبع وليست عندي نسخته‪.‬‬

‫]‪[127‬‬

‫عالم فاضل صالح ورع‪ ،‬أنا توجهنا من مصر إلى مكة نريد الحج فنزلنا منزل‬
‫وخرج علينا ثعبان فثار الناس إلى قتله‪ ،‬فقتله ابن عمي‪ :‬فاختطف ونحن‬
‫نرى سعيه وتبادر الناس على الخيل والركاب يريدون رده فلم يقدروا على‬
‫ذلك‪ ،‬فحصل لنا من ذلك أمر عظيم‪ .‬فلما كان آخر النهار جاء وعليه‬
‫السكينة والوقار فسألناه ما شأنك ؟ فقال‪ :‬ما هو إل أن قتلت هذا الثعبان‬
‫الذي رأيتموه فصنع بي ما رأيتم‪ ،‬وإذا أنا بين قوم من الجن يقول بعضهم‪:‬‬
‫قتلت أبي‪ ،‬وبعضهم قتلت أخي‪ ،‬وبعضهم قتلت ابن عمي‪ ،‬فتكاثروا علي‬
‫وإذا رجل لصق بي وقال لي‪ :‬قل‪ :‬أنا أرضى بال وبالشريعة المحمدية‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ذلك‪ ،‬فأشار إليهم‪ :‬أن سيروا إلى الشرع‪ .‬فسرنا حتى وصلنا إلى‬
‫شيخ كبير على مصطبة‪ ،‬فلما صرنا بين يديه قال‪ :‬خلوا سبيله وادعوا‬
‫عليه‪ ،‬فقال الولد‪ :‬ندعي عليه أنه قتل أبانا‪ ،‬فقلت‪ :‬حاش ل إنا نحن وفد‬
‫بيت ال الحرام نزلنا هذا المنزل فخرج علينا ثعبان فتبادر الناس إلى قتله‬
‫فضربته فقتلته‪ ،‬فلما سمع الشيخ مقالتي قال‪ :‬خلوا سبيله‪ ،‬سمعت ببطن‬
‫نخلة عن النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من تزيى بغير زيه فقتل فل دية ول‬
‫قود انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬أخبرني والدي قدس سره‪ ،‬عن الشيخ الجل البهي‬
‫الشيخ بهاء الدين محمد العاملي روح ال روحه‪ ،‬عن المولى الفاضل جمال‬
‫الدين محمود رحمه ال‪ ،‬عن استاده العلمة الدواني‪ ،‬عن بعض أصحابه‬
‫أنه جرى عليه تلك الواقعة إل أنه قال‪ :‬ذهبت إلى الخلء فظهرت لي حية‬
‫فقتلتها فاجتمع علي جم غفير وأخذوني وذهبوا إلى ملكهم وهو جالس‬
‫على كرسي وادعوا علي قتل والدهم وولدهم وقريبهم كما مر فسألني عن‬
‫ديني فقلت‪ :‬أنا من أهل السلم فقال‪ :‬اذهبوا به إلى ملك المسلمين فليس‬
‫لي أن أقضي عليهم بعهد من رسول ال‪ .‬فذهبوا بي إلى شيخ أبيض الرأس‬
‫واللحية جالس على سرير‪ ،‬وقعت حاجباه على عينيه فرفعهما‪ ،‬ولما‬
‫قصصنا عليه القصة قال‪ :‬اذهبوا به إلى المكان الذي أخذتموه منه‬

‫]‪[128‬‬

‫وخلوا سبيله‪ ،‬فاني سمعت رسول ال قال‪ :‬من تزيي بغير زيه فدمه هدر‪ ،‬فجاؤا بي‬
‫إلى هذا المكان وخلوا سبيلي )‪ - 117 .(1‬وأقول‪ :‬وجدت في كتاب أخبار‬
‫الجن للشيخ مسلم بن محمود من قدماء المخالفين روى باسناده عن دعبل‬
‫بن علي الخزاعي قال‪ :‬هربت من الخليفة المعتصم فبت ليلة بنيسابور‬
‫وحدي وعزمت على أن أعمل قصيدة في عبد ال بن طاهر في تلك الليلة‪،‬‬
‫وإني لفي ذلك إذ سمعت والباب مردود علي‪ :‬السلم عليكم ورحمة ال‬
‫وبركاته ألج‪ ،‬يرحمك ال‪ ،‬فاقشعر بدني من ذلك ونالني أمر عظيم‪ ،‬فقال‪ :‬ل‬
‫ترع عافاك ال فاني رجل من الجن إخوانك ثم من ساكني اليمن‪ ،‬طرا إلينا‬
‫طار من أهل العراق وأنشدنا قصيدتك وأحببت أن أسمعها منك فأنشدته‪.‬‬
‫مدارس آيات خلت من تلوة * * ومنزل وحي مقفر العرصات اناس علي‬
‫الخير منهم وجعفر * * وحمزة والسجاد ذو الثفنات إذا فخروا يوما أتوا‬
‫بمحمد * * وجبريل والفرقان والسورات فأنشدته إلى آخرها‪ ،‬فبكى حتى‬
‫خر مغشيا عليه ثم قال‪ :‬رحمك ال أل احدثك حديثا يزيد في نيتك ويعينك‬
‫على التمسك بمذهبك ؟ قلت‪ :‬بلى قال‪ :‬مكثت حينا أسمع بذكر جعفر بن‬
‫محمد صلى ال عليه وآله فصرت إلى المدينة فسمعته يقول‪ :‬حدثني أبي‬
‫عن أبيه عن جده أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬علي وأهل بيته‬
‫الفائزون‪ ،‬ثم ودعني لينصرف فقلت‪ :‬رحمك ال إن رأيت أن تخبرني‬
‫باسمك‪ ،‬قال‪ :‬أنا ظبيان بن عامر‪ - 118 .‬ومنه‪ :‬عن المفضل قال‪ :‬ركبنا في‬
‫بحر الخزر حتى إذا كنا غير بعيد لجج مركبنا وساقته الشمال شهرا في‬
‫اللجة ثم انكسر بنا فوقعت أنا ورجل من قريش إلى جزيرة من جزائر البحر‬
‫ليس بها أنيس‪ ،‬فجعلنا نطمع في الحياة وأشرفنا على هوة فإذا بشيخ‬
‫مستند إلى شجرة عظيمة‪ ،‬فلما رآنا تحسحس وأناف إلينا ففزعنا منه‬
‫فدنونا فقلنا‪ :‬السلم عليك ورحمة ال وبركاته‪ ،‬فآنسنا به وجلسنا إليه‬
‫فقال‪ :‬ما خطبكما ؟‬

‫)‪ (1‬شرح ديوان‪ :‬ليست عندي نسخته‬


‫]‪[129‬‬

‫فأخبرناه‪ ،‬فضحك وقال‪ :‬ما وطئ هذه الرض من ولد آدم قط أحد إل أنتما‪ ،‬فمن‬
‫أنتما ؟ قلنا‪ :‬من العرب‪ ،‬فقال‪ :‬بأبي وأمي العرب‪ ،‬فمن أيها أنتما‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫أما أنا فرجل من خزاعة‪ ،‬وأما صاحبي فمن قريش‪ ،‬قال‪ :‬بأبي وامي قريشا‬
‫وأحمدها‪ ،‬يا أخا خزاعة من القائل‪ :‬كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا *‬
‫* أنيس ولم يسمر بمكة سامر ؟ قلت‪ :‬نعم ذلك الحارث ابن مصاص‬
‫الجرهمي‪ ،‬قال‪ :‬هو ذلك‪ ،‬يا أخا قريش أولد عبد المطلب بن هاشم ؟ قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬أين يذهب بك يرحمك ال ؟ فقال‪ :‬أرى زمانا قد تقاربت أيامه‪ ،‬أفولد‬
‫ابنه عبد ال ؟ قلت‪ :‬إنك تسأل مسألة من كان من الموتى )‪ (1‬قال‪ :‬فتزايد‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬فابنه محمد الهادي عليه السلم ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬مات رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله منذ أربعين سنة‪ ،‬فشهق شهقة حتى ظننا أن نفسه خرجت‪،‬‬
‫وانخفض حتى صار كالفرخ فأنشأ يقول‪ :‬ولرب راج حيل دون رجائه * *‬
‫ومؤمل ذهبت به المال ثم جعل ينوح ويبكي حتى بل دمعه لحيته‪ ،‬فبكينا‬
‫لبكائه‪ ،‬ثم قلنا‪ :‬أيها الشيخ قد سألتنا فأخبرناك‪ ،‬فسألناك بال إل أخبرتنا‬
‫من أنت ؟ قال‪ :‬أنا السفاح بن زفرات الجني لم أزل مؤمنا بال وبرسوله‬
‫ومصدقا‪ ،‬وكنت أعرف التوراة والنجيل‪ ،‬وكنت أرجو أني أرى محمدا‪،‬‬
‫وإني لما تعفرتت )‪ (2‬الجن وتطلقت الطوالق منها خبأت نفسي في هذه‬
‫الجزيرة لعبادة ال وتوحيده وانتصار نبيه محمد صلى ال عليه وآله‬
‫وآليت على نفسي أن ل أبرح ههنا حتى أسمع بخروجه‪ ،‬ولقد تقاصرت‬
‫أعمار الدميين بعدي لما صرت في هذه الجزيرة منذ أربعمائة سنة‪ ،‬وعبد‬
‫مناف إذ ذاك غلم يفع ما ظننت أنه ولد له‪ ،‬وذلك أنا نجد علم الحاديث ول‬
‫يعلم الجال إل ال‪ .‬وأما أنتما أيها الرجلن فبينكما وبين الدميين مسيرة‬
‫أكثر من سنة ولكن‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬مسألة من الموتى‪ (2) .‬تعفرت‪ :‬صار عفريتا‪ .‬والعفريت‪:‬‬
‫الخبيث المنكر‪ .‬النافذ المر مع دهاء وذلك من الجن والنس والشياطين‪.‬‬
‫)*(‬

‫]‪[130‬‬

‫خذ هذا العود وأخرج من تحت رجله عودا فاكتفله كالدابة فانه يؤديكما إلى‬
‫بلدكما‪ ،‬فاقرئا على رسول ال صلى ال عليه وآله مني السلم فاني طامع‬
‫بجوا قبره‪ ،‬قال‪ :‬ففعلنا ما أمرناه به فأصبحنا في آمد )‪ .(1‬بيان‪ :‬طرا أي‬
‫أتى من مكان بعيد‪ ،‬ولجج تلجيجا‪ :‬خاض اللجة وهي معظم الماء‪،‬‬
‫وتحسحس أي تحرك‪ ،‬وأناف عليه‪ :‬أشرف وكان فيه تضمينا‪ ،‬والعفريت‬
‫بالكسر‪ :‬الخبيث‪ ،‬والنافذ في المر المبالغ فيه مع دهاء‪ ،‬وقد تعفرت فهي‬
‫عفريتة‪ ،‬وتطلقت الطوالق أي نجت من الحبس وشرعت في الفساد‪ .‬في‬
‫القاموس‪ :‬الطالقة من البل ناقة ترسل في الحي ترعى من جنابهم حيث‬
‫شاءت‪ .‬وقال‪ :‬الكفل بالكسر‪ :‬مركب للرجال يؤخذ كساء فيعقد طرفاه فيلقى‬
‫مقدمه على الكاهل ومؤخره مما يلي العجز‪ ،‬أو شئ مستدير يتخذ من خرق‬
‫وغيرها ويوضع على سنام البعير‪ ،‬واكتفل البعير‪ :‬جعل عليه كفل‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫آمد‪ :‬بلد بالثغور‪.‬‬

‫)‪ (1‬اخبار الجن‪ :‬ليست نسخة عندي‪.‬‬

‫]‪[131‬‬

‫‪) 3‬باب( )ابليس لعنه ال وقصصه وبدء خلقه ومكائده ومصائده و( )أحوال ذريته‬
‫والحتراز عنهم‪ ،‬اعاذنا ال من شرورهم( اليات‪ :‬البقرة " ‪ :" 2‬ول‬
‫تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء‬
‫والفحشاء وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬الشيطان‬
‫يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء )‪ .(2‬وقال سبحانه‪ :‬الذين يأكلون الربا ل‬
‫يقومون إل كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )‪ .(3‬آل عمران " ‪3‬‬
‫"‪ :‬وإنى اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم )‪ .(4‬وقال‪ :‬إنما ذلكم‬
‫الشيطان يخوف أولياءه فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين )‪ .(5‬النساء‬
‫" ‪ :" 4‬ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬فقاتلوا‬
‫أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا )‪ (7‬وقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ 168 :‬و ‪ (2) .169‬البقرة‪ (3) .268 :‬البقرة‪ (4) .275 :‬آل عمران‪:‬‬
‫‪ (5) .26‬آل عمران‪ (6) .157 :‬النساء‪ (7) .37 :‬النساء‪.76 :‬‬

‫]‪[132‬‬

‫ولول فضل ال عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان إل قليل )‪ ،(1‬وقال تعالى‪ :‬إن‬
‫يدعون من دونه إل إناثا وإن يدعون إل شيطانا مريدا * لعنه ال وقال‪:‬‬
‫لتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولضلنهم ولمنينهم ولمرنهم‬
‫فليبتكن آذان النعام ولمرنهم فليغيرن خلق ال ومن يتخذ الشيطان وليا‬
‫من دون ال فقد خسر خسرانا مبينا * يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان‬
‫إل غرورا * اولئك مأواهم جهنم ول يجدون عنها محيصا )‪ .(2‬المائدة "‬
‫‪ :" 5‬إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر‬
‫والميسر ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة فهل أنتم منتهون )‪ .(3‬النعام‬
‫" ‪ :" 6‬وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم‬
‫إلى بعض زخرف القول غرورا )‪ (4‬وقال‪ :‬وإن الشياطين ليوحون إلى‬
‫أوليائهم ليجادلوكم )‪ ،(5‬وقال تعالى‪ :‬ول تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم‬
‫عدو مبين )‪ .(6‬العراف " ‪ :" 7‬ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا‬
‫للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما‬
‫منعك أن ل تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من‬
‫طين قال‪ :‬فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من‬
‫الصاغرين * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال‬
‫فبما أغويتني لقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لتينهم من بين أيديهم‬
‫ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين * قال‬
‫اخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لملن جهنم منكم أجمعين )‪(7‬‬
‫إلى آخر‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .83 :‬النساء‪ (3) .121 - 117 :‬المائدة‪ (4) .91 :‬النعام‪) .112 :‬‬
‫‪ (5‬النعام‪ (6) .121 :‬النعام‪ (7) .142 :‬العراف‪.18 - 11 :‬‬

‫]‪[133‬‬

‫ما مر في قصة آدم‪ .‬وقال تعالى‪ :‬وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين )‪ .(1‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬يا بني آدم ل يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع‬
‫عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث ل ترونهم‬
‫إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين ل يؤمنون )‪ * (2‬وقال تعالى‪ :‬إنهم اتخذوا‬
‫الشياطين أولياء من دون ال )‪ (3‬وقال تعالى‪ :‬وإما ينزغنك من الشيطان‬
‫نزغ فاستعذ بال إنه سميع عليم * إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من‬
‫الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * و إخوانهم يمدونهم في الغي ثم ل‬
‫يقصرون )‪ .(4‬النفال " ‪ :" 8‬وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال ل‬
‫غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على‬
‫عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما ل ترون إني أخاف ال وال شديد‬
‫العقاب )‪ .(5‬يوسف " ‪ :" 13‬إن الشيطان للنسان عدو مبين )‪ (6‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬فأنساه الشيطان ذكر ربه )‪ (7‬وقال‪ :‬من بعد أن نزغ الشيطان بيني‬
‫وبين إخوتي )‪ .(8‬إبراهيم " ‪ :" 14‬وقال الشيطان لما قضي المر إن ال‬
‫وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إل أن‬
‫دعوتكم فاستجبتم لي فل تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما‬
‫أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن‬
‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .22 :‬العراف‪ (3) .27 :‬العراف‪ (4) .30 :‬العراف‪- 199 :‬‬
‫‪ (5) .201‬النفال‪ (6) .48 :‬يوسف‪ (7) .5 :‬يوسف‪ (8) .42 :‬يوسف‪:‬‬
‫‪.100‬‬

‫]‪[134‬‬

‫الظالمين لهم عذاب أليم )‪ .(1‬الحجر " ‪ :" 15‬وحفظناها من كل شيطان رجيم * إل‬
‫من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين )‪ .(2‬وقال سبحانه‪ :‬وإذ قال ربك‬
‫للملئكة إني خالق بشرا من صلصال من حماء مسنون * فإذا سويته‬
‫ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملئكة كلهم أجمعون *‬
‫إل إبليس أبى أن يكون مع الساجدين * قال يا إبليس ما لك أن ل تكون مع‬
‫الساجدين * قال لم أكن لسجد لبشر خلقته من صلصال من حماء مسنون‬
‫* قال فاخرج منها فانك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين * قال رب‬
‫فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم‬
‫* قال رب بما أغويتني لزينن لهم في الرض ولغوينهم أجمعين * إل‬
‫عبادك منهم المخلصين * قال هذا صراط علي مستقيم * إن عبادي ليس‬
‫لك عليهم سلطان إل من اتبعك من الغاوين * وإن جهنم لموعدهم أجمعين‬
‫)‪ .(3‬النحل " ‪ :" 16‬فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم )‪،(4‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم * إنه ليس‬
‫له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين‬
‫يتولونه والذين هم به مشركون )‪ .(5‬السرى " ‪ :" 17‬إن المبذرين كانوا‬
‫إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا )‪ (6‬وقال تعالى‪ :‬إن الشيطان‬
‫ينزغ بينهم إن الشيطان كان للنسان عدوا‬

‫)‪ (1‬ابراهيم‪ (2) .22 :‬الحجر‪ 17 :‬و ‪ (3) .18‬الحجر‪ (4) .42 - 28 :‬النحل‪) .62 :‬‬
‫‪ (5‬النحل‪ (6) .98 :‬السراء‪(*) .27 :‬‬

‫]‪[135‬‬

‫مبينا )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس قال ءإسجد‬
‫لمن خلقت طينا * قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم‬
‫القيامة لحتنكن ذريته إل قليل * قال اذهب فمن تبعك منهم فان جهنم‬
‫جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب‬
‫عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الموال والولد وعدهم وما يعدهم‬
‫الشيطان إل غرورا * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيل‬
‫)‪ .(2‬الكهف " ‪ :" 18‬وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس‬
‫كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم‬
‫لكم عدو بئس للظالمين بدل * ما أشهدتهم خلق السماوات والرض ول‬
‫خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا )‪ (3‬وقال تعالى‪ :‬وما أنسانيه‬
‫إل الشيطان أن أذكره )‪ .(4‬مريم " ‪ :" 19‬يا أبت ل تعبد الشيطان إن‬
‫الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من‬
‫الرحمن فتكون للشيطان وليا )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬فوربك لنحشرنهم‬
‫والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا )‪ (6‬وقال تعالى‪ :‬ألم تر أنا‬
‫أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا )‪ .(7‬طه " ‪ " 20‬فسجدوا إل‬
‫إبليس ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ - :‬فوسوس إليه الشيطان )‪ .(8‬النبياء " ‪:" 21‬‬
‫ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عمل دون ذلك وكنا‬

‫)‪ (1‬السراء‪ (2) .53 :‬السراء‪ (3) .65 - 60 :‬الكهف‪ 50 :‬و ‪ (4) .51‬الكهف‪:‬‬
‫‪ (5) .63‬مريم‪ 44 :‬و ‪ (6) .45‬مريم‪ (7) .68 :‬مريم‪ (8) .83 :‬طه‪:‬‬
‫‪.120 - 116‬‬

‫]‪[136‬‬

‫لهم حافظين )‪ .(1‬الحج " ‪ :" 22‬ويتبع كل شيطان مريد * كتب عليه أنه توله فانه‬
‫يضله ويهديهه إلى عذاب السعير )‪ ،(2‬وقال تعالى‪ :‬وما أرسلنا من قبلك‬
‫من رسول ول نبي إل إذا تمنى ألقى الشيطان في امنيته فينسخ ال ما يلي‬
‫الشيطان ثم يحكم ال آياته وال عليم حكيم * ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة‬
‫للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم )‪ .(3‬المؤمنون " ‪ :" 23‬وقل‬
‫رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون )‪.(4‬‬
‫النور " ‪ :" 24‬يا أيها الذين آمنوا ل تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع‬
‫خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر )‪ .(5‬الشعراء " ‪:" 26‬‬
‫فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون )‪ (6‬وقال تعالى‪ :‬وما‬
‫تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع‬
‫لمعزولون ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ - :‬هل انبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل‬
‫على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )‪ .(7‬النمل " ‪:" 27‬‬
‫وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬النبياء‪ (2) .82 :‬الحج‪ 3 :‬و ‪ (3) .4‬الحج‪ 52 :‬و ‪ (4) .53‬المؤمنون‪ 97 :‬و‬
‫‪ (5) .98‬النور‪ (6) .21 :‬الشعراء‪ 94 :‬و ‪ (7) .95‬الشعراء‪- 110 :‬‬
‫‪ (8) .123‬النمل‪.24 :‬‬
‫]‪[137‬‬

‫القصص " ‪ :" 28‬قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين )‪ .(1‬سبأ " ‪24‬‬
‫"‪ :‬ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من المؤمنين * وما كان‬
‫له عليهم من سلطان إل لنعلم من يؤمن بالخرة ممن هو منها في شك‬
‫وربك على كل شئ حفيظ )‪ .(2‬فاطر " ‪ :" 35‬إن الشيطان لكم عدو‬
‫فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير )‪ .(3‬يس "‬
‫‪ :" 36‬ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن ل تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين *‬
‫وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبل كثيرا أفلم تكونوا‬
‫تعقلون )‪ .(4‬الصافات " ‪ :" 37‬وحفظا من كل شيطان مارد * ل يسمعون‬
‫إلى الملء العلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب *‬
‫إل من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬طلعها كأنه‬
‫رؤوس الشياطين )‪ .(6‬ص " ‪ :" 38‬والشياطين كل بناء وغواص *‬
‫وآخرين مقرنين في الصفاد )‪ (7‬وقال تعالى‪ :‬إذ نادى ربه أني مسني‬
‫الشيطان بنصب وعذاب )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬إذ قال ربك للملئكة إني خالق‬
‫بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد‬
‫الملئكة كلهم أجمعون * إل إبليس‬

‫)‪ (1‬القصص‪ (2) .15 :‬سبا‪ 20 :‬و ‪ (3) .21‬فاطر‪ (4) .6 :‬يس‪(5) .62 - 60 :‬‬
‫الصافات‪ (6) .10 - 7 :‬الصافات‪ (7) .65 :‬ص‪ 37 :‬و ‪ (8) .38‬ص‪:‬‬
‫‪.41‬‬

‫]‪[138‬‬

‫استكبر وكان من الكافرين * قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي‬
‫أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من‬
‫طين * قال فاخرج منها فانك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين * قال‬
‫رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت‬
‫المعلوم * قال فبعزتك لغوينهم أجمعين إل عبادك منهم المخلصين * قال‬
‫فالحق والحق أقول * لملئن جهنم منك و ممن تبعك منهم أجمعين )‪.(1‬‬
‫السجدة " ‪ :" 41‬وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بال إنه هو‬
‫السميع العليم )‪ .(2‬الزخرف " ‪ :" 43‬ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض‬
‫له شيطانا فهو له قرين )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬ول يصدنكم الشيطان إنه لكم‬
‫عدو مبين )‪ .(4‬محمد " ‪ :" 47‬الشيطان سول لهم وأملى لهم )‪.(5‬‬
‫المجادلة " ‪ :" 58‬استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر ال أولئك حزب‬
‫الشيطان أل إن حزب الشيطان هم الخاسرون )‪ .(6‬الحشر " ‪ :" 59‬كمثل‬
‫الشيطان إذ قال للنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك اني أخاف ال رب‬
‫العالمين * فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين‬
‫)‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬ص‪ (2) .85 - 71 :‬فصلت‪ (3) .46 :‬الزخرف‪ (4) .26 :‬الزخرف‪(5) .62 :‬‬
‫محمد‪ (6) .25 :‬المجادلة‪ (7) .19 :‬الحشر‪ 16 :‬و ‪.17‬‬

‫]‪[139‬‬

‫الملك‪ " 67 " :‬ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين‬
‫وأعتدنا لهم عذاب السعير * وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس‬
‫المصير * إذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميز من‬
‫الغيظ كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد‬
‫جاءنا نذير * فكذبنا وقلنا ما نزل ال من شئ إن أنتم إل في ضلل كبير )‬
‫‪ .(1‬الناس " ‪ :" 114‬من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في‬
‫صدور الناس * من الجنة والناس )‪ .(2‬تفسير‪ " :‬ول تتبعوا خطوات‬
‫الشيطان " قال البيضاوي‪ :‬ل تقتدوا به في اتباع الهوى فتحرموا الحلل‬
‫وتحللوا الحرام " إنه لكم عدو مبين " ظاهر العداوة عند ذوي البصيرة‬
‫وإن كان يظهر الموالة لمن يغويه‪ ،‬ولذلك سماه وليا في قوله‪ " :‬أولياؤهم‬
‫الطاغوت "‪ " .‬إنما يأمركم بالسوء والفحشاء " بيان لعداوته ووجوب‬
‫التحرز عن متابعته واستعير المر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تسفيها‬
‫لرأيهم وتحقيرا لشأنهم‪ ،‬والسوء والفحشاء‪ :‬ما أنكره العقل واستقبحه‬
‫الشرع‪ ،‬والعطف لختلف الوصفين فانه سوء لغتمام العاقل به‪ ،‬وفحشاء‬
‫باستقباحه إياه‪ .‬وقيل‪ :‬السوء يعم القبائح‪ ،‬والفحشاء ما يجاوز الحد في‬
‫القبح من الكبائر‪ .‬وقيل‪ :‬الول ما ل حد فيه‪ ،‬والثاني ما شرع فيه الحد‪" .‬‬
‫وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون " كاتخاذ النداد وتحليل المحرمات‬
‫وتحريم الطيبات )‪ .(3‬وقال الرازي‪ :‬اعلم أن أمر الشيطان ووسوسته‬
‫عبارة عن هذه الخواطر التي نجدها في أنفسنا‪ ،‬وقد اختلف الناس في هذه‬
‫الخواطر من وجوه‪:‬‬

‫)‪ (1‬الملك‪ (2) .9 - 5 :‬الناس‪ (3) .6 - 4 :‬انوار التنزيل ‪.128 :1‬‬

‫]‪[140‬‬

‫أحدها‪ :‬اختلفوا في ماهياتها‪ ،‬فقال بعض‪ :‬إنها حروف وأصوات خفية‪ ،‬قالت‬
‫الفلسفة )‪ :(1‬إنها تصورات الحروف والصوات وأشباهها وتخيلتها‬
‫على مثال الصور المنطبعة في المرايا فان تلك الصور تشبه تلك الشياء‬
‫من بعض الوجوه وإن لم تكن مشابهة لها من كل الوجوه‪ ،‬ولقائل أن‬
‫يقول‪ :‬صور هذه الحروف وتخيلتها هل تشبه هذه الحروف في كونها‬
‫حروفا أو ل تشبهها ؟ فان كان الول فتصور )‪ (2‬الحروف حروف‪ ،‬فعاد‬
‫القول إلى أن هذه الخواطر أصوات وحروف خفية‪ ،‬وإن كان الثاني لم يكن‬
‫تصورات هذه الحروف حروفا لكني أجد من نفسي هذه الحروف‬
‫والصوات مترتبة منتظمة على حسب انتطامها في الخارج والعربي ل‬
‫يتكلم في قلبه إل بالعربية‪ ،‬وكذا العجمي )‪ ،(3‬وتصورات هذه الحروف‬
‫وتعاقبها وتواليها في الخارج )‪ ،(4‬فثبت أنها في أنفسها حروف وأصوات‬
‫خفية‪ .‬وثانيها‪ :‬أن فاعل هذه الخواطر من هو ؟ أما على أصلنا أن خالق )‬
‫‪ (5‬الحوادث بأسرها هو ال تعالى فالمر ظاهر‪ .‬وأما على أصل المعتزلة‬
‫فهم ل يقولون بذلك‪ .‬وأيضا فان المتكلم عندهم من فعل الكلم‪ ،‬فلو كان‬
‫فاعل هذه الخواطر هو ال تعالى وفيها ما يكون كذبا )‪ (6‬لزم كون ال‬
‫تعالى موصوفا بذلك تعالى ال عنه‪ .‬ول يمكن أن يقال أن فاعلها هو العبد‪،‬‬
‫لن العبد قد يكره حصول تلك الخواطر ويحتال في دفعها عن نفسه‪ ،‬مع‬
‫أنها البتة ل يندفع بل ينجر البعض إلى البعض على سبيل التصال‪ ،‬فإذا ل‬
‫بد ههنا من شئ آخر‪ ،‬وهو إما الملك وإما الشيطان‪ ،‬فلعلهما متكلمان بهذا‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وقال الفلسفة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فصور الحروف‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وكذا العجمي‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وتواليها ل يكون ال على‬
‫مطابقة تعاقبها وتواليها في الخارج‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وهو ان خالق‪) .‬‬
‫‪ (6‬في المصدر‪ :‬كذبا وسخفا‪.‬‬

‫]‪[141‬‬

‫الكلم في أقصى الدماغ‪ ،‬أو في أقصى القلب‪ ،‬حتى أن النسان وإن كان في غاية‬
‫الصمم فانه يسمع هذه الحروف والصوات‪ .‬ثم إن قلنا‪ :‬بأن الشيطان‬
‫والملك ذوات قائمة بأنفسها غير متحيزة البتة لم يبعد كونها قادرة على‬
‫مثل هذه الفعال‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬بأنها أجسام لطيفة لم يبعد أيضا أن يقال‪ :‬إنها‬
‫وإن كانت ل تتولج بواطن البشر إل أنهم يقدرون على إيصال هذا الكلم‬
‫إلى بواطن البشر‪ .‬ول يبعد أيضا أن يقال‪ :‬إنها لغاية لطافتها يقدر على‬
‫النفوذ في مضائق بواطن البشر ومخارق جسمه‪ ،‬وتوصل الكلم إلى قلبه‬
‫ودماغه‪ ،‬ثم إنها مع لطافتها تكون مستحكمة التركيب بحيث يكون اتصال‬
‫بعض أجزائه بالبعض اتصال ل ينفصل‪ ،‬فل جرم ل يقتضي نفوذها في هذه‬
‫المضائق والمخارق انفصالها وتفرق أجزائها‪ ،‬وكل هذه الحتمالت مما ل‬
‫دليل على فسادها‪ ،‬والمر في معرفة حقائقها عند ال تعالى‪ ،‬ومما يدل‬
‫على إثبات إلهام الملئكة بالخير قوله تعالى‪ " :‬إذ يوحي ربك إلى الملئكة‬
‫أني معكم فثبتوا الذين آمنوا )‪ " (1‬أي ألهموهم بالثبات )‪ ،(2‬ويدل عليه‬
‫من الخبار قوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة‬
‫"‪ .‬وفي الحديث أيضا‪ " :‬إذا ولد المولود لبني آدم قرن إبليس به شيطانا‬
‫وقرن ال به ملكا فالشيطان جاثم على اذن قلبه اليسر‪ ،‬والملك قائم )‪(3‬‬
‫على اذن قلبه اليمن فهما يدعوانه "‪ .‬ومن الصوفية والفلسفة من فسر‬
‫الملك الداعي إلى الخير بالقوة العقلية‪ ،‬وفسر الشيطان الداعي إلى الشر‬
‫بالقوة الشهوانية والغضبية‪ ،‬ودلت الية على أن الشيطان ل يأمر إل‬
‫بالقبائح لن ال تعالى ذكره بكلمة إنما وهي للحصر‪ ،‬وقال بعض العارفين‪:‬‬
‫إن الشيطان قد يدعو إلى الخير لكن لغرض أن يجره منه إلى الشر‪ ،‬وذلك‬
‫إلى‬

‫)‪ (1‬النفال‪ (2) .12 :‬في المصدر‪ :‬بالثبات وشجعوهم على اعدائهم‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬والملك جاثم‪.‬‬

‫]‪[142‬‬

‫أنواع‪ :‬إما أن يجره من الفضل إلى الفاضل السهل أو من السهل إلى الفضل الشق‬
‫)‪ (1‬ليصير ازدياد المشقة سببا لحصول النفرة عن الطاعة بالكلية )‪.(2‬‬
‫وقال في قوله تعالى‪ " :‬إن الشيطان يعدكم الفقر " اختلفوا في الشيطان‬
‫فقيل‪ :‬إبليس‪ ،‬وقيل‪ :‬سائر الشياطين‪ ،‬وقيل‪ :‬شياطين الجن والنس‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫النفس المارة بالسوء‪ ،‬والوعد يستعمل في الخير والشر‪ ،‬ويمكن أن يكون‬
‫هذا محمول على التهكم وقد مر الكلم في حقيقة الوسوسة في تفسير‬
‫الستعاذة‪ .‬وروى ابن مسعود أن للشيطان لمة وهي اليعاد بالشر‪ ،‬وللملك‬
‫لمة وهي الوعد بالخير‪ ،‬فمن وجد ذلك فليعلم أنه من ال‪ ،‬ومن وجد الول‬
‫فليتعوذ بال من الشيطان الرجيم‪ ،‬وقرأ هذه الية‪ ،‬وروى الحسن قال بعض‬
‫المهاجرين‪ :‬من سره أن يعلم مكان الشيطان منه فليتأمل موضعه من‬
‫المكان الذي منه يجد الرغبة في فعل المنكر‪ .‬والفحشاء‪ :‬البخل‪ ،‬والفاحش‬
‫عند العرب‪ :‬البخل )‪ (3‬وقال في قوله تعالى‪ " :‬إل كما يقوم الذي يتخبطه‬
‫الشيطان من المس " التخبط معناه التصرف على غير استواء وتخبطه‬
‫الشيطان‪ :‬إذا مسه بخبل أو جنون‪ ،‬وتسمى إصابة الشيطان بالجنون‪ ،‬و‬
‫الخبل‪ :‬خبطة‪ ،‬والمس‪ :‬الجنون‪ ،‬يقال‪ :‬مس الرجل فهو ممسوس وبه مس‪،‬‬
‫وأصله من المس باليد‪ ،‬كأن الشيطان يمس النسان فيجننه‪ ،‬ثم سمي‬
‫الجنون مسا كما أن الشيطان يتخبطه ويطأه برجله فيخبله‪ ،‬فسمي الجنون‬
‫خبطة‪ ،‬فالتخبط بالرجل والمس باليد‪ .‬وقال الجبائي‪ :‬والناس يقولون‪:‬‬
‫المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لن الشيطان يمسه ويصرعه‪ ،‬وهذا‬
‫باطل لن قدرة الشيطان ضعيفة )‪ (4‬ل يقدر على صرع‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اما ان يجره من الفضل إلى الفاضل ليتمكن من ان يخرجه من‬
‫الفاضل إلى الشر‪ ،‬واما ان يجره من الفاضل السهل إلى الفضل الشق‪.‬‬
‫)‪ (2‬تفسير الرازي ‪ 4 :5‬و ‪) 5‬ط مصر بالمطبعة البهية(‪ (3) .‬تفسير‬
‫الرازي ‪ 68 :7‬و ‪ 69‬وفيه اختصار‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬لن الشيطان‬
‫ضعيف‪(*) .‬‬

‫]‪[143‬‬

‫الناس وقتلهم‪ ،‬ويدل عليه وجوه‪ :‬أحدها‪ :‬قوله تعالى حكاية عن الشيطان‪ " :‬وما‬
‫كان لي عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي " وهذا صريح في‬
‫أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والقتل واليذاء‪ .‬والثاني‪ :‬أن الشيطان‬
‫إما أن يقال‪ :‬إنه كثيف الجسم أو يقال‪ :‬إنه من الجسام اللطيفة‪ ،‬فان كان‬
‫الول وجب أن يرى ويشاهد‪ ،‬إذ لو جاز فيه أن يكون كثيفا ويحضر ثم ل‬
‫يرى لجاز أن يكون بحضرتنا شموس ورعود وبروق وجبال ونحن ل‬
‫نراها‪ ،‬وذلك جهالة عظيمة‪ ،‬ولنه لو كان جسما كثيفا فكيف يمكنه أن‬
‫يدخل في باطن بدن النسان‪ ،‬وأما إن كان جسما لطيفا كالهواء فمثل هذا‬
‫يمتنع أن تكون فيه صلبة وقوة فيمتنع أن يكون قادرا على أن يصرع‬
‫النسان ويقتله‪ .‬الثالث‪ :‬لو كان الشيطان يقدر على أن يصرع النسان‬
‫فيقتله لصح أن يفعل مثل معجزات النبياء وذلك يجر الطعن في النبوة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم ل يصرع جميع المؤمنين ول‬
‫يخبطهم )‪ (1‬من شدة عداوته مع أهل اليمان ؟ ولم ل يغصب أموالهم‬
‫ويفسد أحوالهم ويفشي أسرارهم ويزيل عقولهم ؟ وكل ذلك ظاهر الفساد‪.‬‬
‫واحتج القائلون بأن الشيطان يقدر على هذه الشيآء بوجهين‪ :‬الول‪ :‬ما‬
‫روي أن الشياطين في زمان سليمان عليه السلم كانوا يعملون العمال‬
‫الشاقة على ما حكى ال عنهم‪ :‬إنهم كانوا " يعملون له ما يشآء من‬
‫محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " والجواب عنه أنه‬
‫تعالى كثف )‪ (2‬أجسامهم في زمان سليمان عليه السلم‪ .‬والثاني‪ :‬أن هذه‬
‫الية وهي قوله تعالى‪ " :‬يتخبطه الشيطان من المس " صريح في أن‬
‫تخبطه كان من الشيطان ومسه مسببا )‪ (3‬عنه‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لم ل يخبطهم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬انه كلفهم‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫صريح في أن يتخبطه الشيطان بسبب مسه‪.‬‬

‫]‪[144‬‬
‫والجواب عنه‪ :‬أن الشيطان يمسه بالوسوسة الموذية التي يحدث عندها الصرع‬
‫وهو كقول أيوب " إني مسني الشيطان بنصب وعذاب " وإنما يحدث‬
‫الصرع عند تلك الوسوسة‪ ،‬فل جرم فيصرع عند تلك الوسوسة )‪ (1‬كما‬
‫يفزع الجبان من الموضع الخالي وبهذا المعنى )‪ (2‬ل يوجد هذا الخبط من‬
‫الفضلء الكاملين وأهل الحزم والعقل‪ ،‬وإنما يوجد فيمن به نقص في‬
‫المزاج وخلل في الدماغ‪ ،‬وهذا جملة كلم الجبائي في هذا الباب‪ .‬وذكر‬
‫القفال وجها آخر فيه‪ ،‬وهو أن الناس يضيفون الصرع إلى الشيطان وإلى‬
‫الجن فخوطبوا على ما تعارفوه من هذا‪ .‬وأيضا من عادة الناس أنهم إذا‬
‫أرادوا تقبيح شئ يضيفوه إلى الشيطان كما في قوله تعالى‪ " :‬طلعها كأنه‬
‫رؤوس الشياطين " وقال الطبرسي قدس سره‪ :‬قيل‪ :‬إن هذا على وجه‬
‫التشبيه‪ ،‬لن الشيطان ل يصرع النسان على الحقيقة‪ ،‬ولكن من غلب‬
‫عليه المرة السوداء وضعف )‪ (3‬ربما يخيل إليه الشيطان امورا هائلة‬
‫ويوسوس إليه‪ ،‬فيقع الصرع عند ذلك من فعل ال تعالى‪ ،‬ونسب ذلك إلى‬
‫الشيطان مجازا لما كان ذلك عند وسوسته عن الجبائي‪ .‬وقيل‪ :‬يجوز أن‬
‫يكون الصرع من فعل الشيطان في بعض الناس دون بعض عن أبي الهذيل‬
‫وابن الخشيد‪ ،‬قال‪ :‬لن الظاهر من القرآن يشهد به وليس في العقل ما‬
‫يمنع منه ول يمنع ال سبحانه الشيطان عنه امتحانا لبعض الناس وعقوبة‬
‫لبعض على ذنب ألم به ولم يتب منه كما يسلط بعض الناس على بعض‬
‫فيظلمه ويأخذ ماله ول يمنعه ال منه )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وانما يحدث الصرع عند تلك الوسوسة لن ال تعالى خلقه من‬
‫ضعف الطباع وغلبة السوداء عليه بحيث عند الوسوسة فل يجترئ‬
‫فيصرع عند تلك الوسوسة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ولهذا المعنى‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬أو ضعف عقله‪ (4) .‬مجمع البيان ‪.389 :2‬‬

‫]‪[145‬‬

‫" واني اعيذهخا بك " قال البيضاوي‪ :‬اجيرها بحفظك " الرجيم "‪ :‬المطرود‪،‬‬
‫وأصل الرجم‪ :‬الرمي بالحجارة‪ ،‬وعن النبي صلى ال عليه وآله‪ " :‬ما من‬
‫مولود يولد إل والشيطان يمسه حين يولد فيستهل من مسه إل مريم وابنها‬
‫" ومعناه أن الشيطان يطمع في اغواء كل مولود بحيث يتأثر منه إل مريم‬
‫وابنها‪ ،‬فان ال تعالى عصمها )‪ (1‬ببركة هذه الستعاذة )‪ " .(2‬إنما ذلك‬
‫الشيطان يخوف " قال الرازي‪ :‬قوله‪ " :‬الشيطان " خبر " ذلكم " بمعنى‬
‫إنما ذلكم المثبط هو الشيطان " يخوف أولياء‪ " ،‬جملة مستأنفة بيان‬
‫لشيطنته أو الشيطان صفة لسم الشارة‪ ،‬ويخوف الخبر‪ ،‬والمراد‬
‫بالشيطان الركب‪ ،‬وقيل‪ :‬نعيم بن مسعود وسمي شيطانا لعتوة وتمرده في‬
‫الكفر‪ ،‬كقوله‪ " :‬شياطين النس والجن " وقيل‪ :‬هو الشيطان يخوف‬
‫أولياءه بالوسوسة )‪ .(3‬وقال في قوله سبحانه‪ " :‬إن كيد الشيطان كان‬
‫ضعيفا " لن ال ينصر أولياءه والشيطان ينصر أولياءه‪ ،‬ول شك أن‬
‫نصرة الشيطان لوليآئه أضعف من نصرة ال لوليائه أل ترى أن أهل‬
‫الخير والدين بقى ذكرهم الحميد على وجه الدهر وإن كانوا حال حياتهم في‬
‫غاية الفقر والذلة‪ ،‬وأما الملوك والجبابرة فإذا ماتوا انقرضوا )‪ (4‬ول يبقى‬
‫في الدنيا رسمهم ول ظلمهم " والكيد "‪ :‬السعي في فساد الحال على جهة‬
‫الحيلة‪ ،‬وفائدة إدخال " كان " للتأكيد لضعف كيده‪ ،‬يعني أنه منذ كان كان‬
‫موصوفا بالضعف والذلة )‪ .(5‬وقال البيضاوي‪ " :‬ولول فضل ال عليكم‬
‫ورحمته " بارسال الرسول وإنزال الكتاب " لتبعتم الشيطان " بالكفر‬
‫والضلل " إل قليل " إل قليل منكم تفضل ال عليه بعقل راجح اهتدى به‬
‫إلى الحق والصواب وعصمه عن متابعة الشيطان‪ ،‬كزيد بن نفيل‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬عصمهما‪ (2) .‬انوار التنزيل ‪ (3) .203 :1‬تفسير الرازي ‪:9‬‬
‫‪ (4) .102‬في المصدر‪ :‬انقرض أثرهم‪ (5) .‬تفسير الرازي ‪.184 :10‬‬

‫]‪[146‬‬

‫وورقة بن نوفل‪ ،‬أو إل اتباعا قليل على الندور )‪ .(1‬وقال في قوله سبحانه‪ " :‬إن‬
‫يدعون من دونه إل إناثا " يعني اللت والعزى مناة ونحوها‪ ،‬كان لكل حي‬
‫صنم يعبدونه ويسمونه انثى بني فلن‪ ،‬وذلك إما لتأنيث أسمائها‪ ،‬أو لنها‬
‫كانت جمادات‪ ،‬والجمادات تؤنث من حيث أنها ضاهت الناث ل نفعا لها‪،‬‬
‫ولعله تعالى ذكرها بهذا السم تنبيها على أنهم يعبدون ما يسمونه إناثا‬
‫لنه ينفعل ول يفعل‪ ،‬ومن حق المعبود أن يكون فاعل غير منفعل‪ ،‬ليكون‬
‫دليل على تناهي جهلهم وفرط حماقتهم‪ .‬وقيل‪ :‬المراد الملئكة لقولهم‪:‬‬
‫بنات ال " وإن يدعون " وإن يعبدون بعبادتها " إل شيطانا مريدا " لنه‬
‫الذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها‪ ،‬فكان طاعته في ذلك عبادة له‪،‬‬
‫والمارد والمريد‪ :‬الذي ل يعلق بخير‪ ،‬وأصل التركيب للملبسة‪ ،‬ومنه‬
‫صرح ممرد‪ ،‬وغلم أمرد‪ .‬وشجرة مردآء للتي تناثر ورقها " لعنه ال "‬
‫صفة ثانية للشيطان " وقال لتخذن من عبادك نصيبا مفروضا " عطف‬
‫عليه‪ ،‬أي شيطانا مريدا جامعا بين لعنة ال وهذا القول الدال على فرط‬
‫عداوته للناس‪ .‬ولضلنهم " عن الحق " ولمنينهم " الماني الباطلة‬
‫كطول )‪ (2‬البقاء وأن ل بعث ول عقاب " ولمرنهم فليبتكن آذان النعام "‬
‫يشقونها لتحريم ما أحله ال وهي عبارة عما كانت العرب تفعل بالبحائر )‬
‫‪ (3‬والسوائب‪ ،‬وإشارة إلى تحريم كل ما أحل ال ونقص كل ما خلق كامل‬
‫بالفعل أو بالقوة " ولمرنهم فليغيرن خلق ال " عن وجهه صورة أو‬
‫صفة‪ ،‬ويندرج فيه ما قيل‪ :‬من فق ء عين الحامي وخصاء العبيد والوشر‬
‫والوشم )‪ (4‬واللواط والسحق ونحو ذلك‪ ،‬وعبادة الشمس والقمر‪ ،‬وتغيير‬
‫فطرة ال‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ (2) .291 :1‬في المصدر‪ :‬كطول الحياة‪ (3) .‬البحائر جمع‬
‫البحيرة أي مشقوق الذان كما كانت العرب تفعلها في الجاهلية بانعامهم‪.‬‬
‫)‪ (4‬الوشم‪ :‬غرز البره في البدن وذر النيل عليه‪ .‬يقال له بالفارسية‪:‬‬
‫خال كوبى‪ .‬والوشر‪ :‬تحديد السنان وترقيقها‪.‬‬

‫]‪[147‬‬

‫التي هي السلم‪ ،‬واستعمال الجوارح والقوى فيما ل يعود على النفس كمال ول‬
‫يوجب لها من ال زلفا‪ ،‬وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا‪ ،‬لكن الفقهاء‬
‫رخصوا في خصاء البهائم للحاجة‪ ،‬والجمل الربع حكاية عما ذكره‬
‫الشيطان نطقا أو أتاه فعل‪ " .‬ومن يتخذ الشيطان وليا من دون ال "‬
‫بايثاره ما يدعوه إليه على ما أمره ال به ومجاوزته عن طاعة ال إلى‬
‫طاعته " فقد خسر خسرانا مبينا " إذ ضيع رأس ماله وبدل مكانه من‬
‫الجنة بمكان من النار " يعدهم " ما ل ينجز " ويمنيهم " ما ل ينالون "‬
‫وما يعدهم الشيطان إل غرورا " وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر‪ ،‬وهذا‬
‫الوعد إما بالخواطر الفاسدة أو بلسان أوليائه " ول يجدون عنها محيصا‬
‫" معدل ومهربا )‪ .(1‬وقال الرازي بعد إيراد كلم المفسرين‪ :‬ويخطر ببالي‬
‫ههنا وجه آخر في تخريج الية على سبيل المعنى وذلك لن دخول الضرر‬
‫والمرض في الشئ يكون على ثلثة أوجه‪ :‬التشوش‪ ،‬والنقصان‪،‬‬
‫والبطلن‪ ،‬فادعى الشيطان إلقاء أكثر الخلق في مرض الدين وضرر الدين‬
‫وهو قوله‪ " :‬ولمنينهم " ثم إن هذا المرض لبد وأن يكون على أحد‬
‫العلل الثلثة التي ذكرناها وهي التشوش والنقصان والبطلن‪ .‬فأما‬
‫التشوش فالشارة إليه بقوله‪ " :‬ولمنينهم " وذلك لن صاحب الماني‬
‫يستعمل عقله وفكره في استخراج المعاني الدقيقة والحيل والوسائل‬
‫اللطيفة في تحصيل المطالب الشهوانية والغضبية‪ ،‬فهذا مرض روحاني‬
‫من جنس التشوش‪ .‬وأما النقصان فالشارة إليه بقوله‪ " :‬ولمرنهم‬
‫فليبتكن آذان النعام " وذلك لن بتك الذان نوع من النقصان‪ ،‬وهذا لن‬
‫النسان إذا صار بحيث يستغرق العقل في طلب الدنيا صار فاتر الرأي‬
‫ضعيف الحزم في طلب الخرة‪ .‬وأما البطلن فالشارة بقوله‪ " :‬فليغيرن‬
‫خلق ال " وذلك لن التغيير )‪ (2‬يوجب بطلن الصفة الحاصلة في المرة‬
‫الولى‪ ،‬ومن المعلوم أن من بقي مواظبا على طلب اللذات العاجلة معرضا‬
‫عن السعادات الروحانية فل يزال يشتد في قلبه الرغبة في الدنيا‬
‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ 303 :1‬و ‪ (2) .304‬في المصدر‪ :‬التغيير‪.‬‬

‫]‪[148‬‬

‫والنفرة عن الخرة‪ ،‬ول يزال تتزايد هذه الحوال إلى أن يتغير القلب بالكلية فل‬
‫يخطر بباله ذكر الخرة البتة‪ ،‬ول يزول عن خاطره حب الدنيا البتة فتكون‬
‫حركته وسكونه وقوله )‪ (1‬لجل الدنيا‪ ،‬وذلك يوجب تغير الخلقة )‪ ،(2‬لن‬
‫الرواح البشرية إنما دخلت هذا العالم الجسماني على سبيل السفر وهي‬
‫متوجهة إلى عالم القيامة‪ .‬فإذا نسيت معادها وألفت هذه المحسوسات التي‬
‫ل بد من انقضائها وفنائها كان هذا بالحقيقة تغير الخلقة )‪ ،(3‬وهو كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬ول تكونوا كالذين نسوا ال فأنساهم أنفسهم " وقال‪ " :‬فإنها ل‬
‫تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " )‪ .(4‬وقال في قوله‬
‫تعالى‪ " :‬إنما يريد الشيطان " الخ أما وجه العداوة في الخمر فان الظاهر‬
‫فيمن يشربها أنه يشربها مع جماعة ويكون غرضه من ذلك الشرب أن‬
‫يستأنس برفقائه ويفرح بمحادثتهم ومكالمتهم‪ ،‬وكان غرضه من ذلك‬
‫الجتماع تأكيد اللفة والمحبة إل أن ذلك ينقلب في الغلب إلى الضد‪ ،‬لن‬
‫الخمر تزيل العقل وإذا زال العقل استولت الشهوة والغضب من غير مدافعة‬
‫العقل‪ ،‬وعند استيلئهما تحصل المنازعة بين اولئك الحباب‪ ،‬وتلك‬
‫المنازعة ربما أدت إلى الضرب والقتل والمشافهة بالفحش وذلك يوجب‬
‫أشد )‪ (5‬العداوة والبغضاء )‪ .(6‬وأما الميسر ففيه بازاء التوسعة على‬
‫المحتاجين الجحاف بأرباب الموال‪ ،‬لن‪ .‬من صار مغلوبا في القمار مرة‬
‫دعاه ذلك إلى اللجاج فيه على رجاء أنه ربما صار غالبا‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وقوله وفعله‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬تغيير اللخلقة‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫تغييرا للخلقة‪ (4) .‬تفسير الرازي ‪ 49 :11‬و ‪ (5) .50‬في المصدر‪:‬‬
‫يورث‪ (6) .‬زاد في المصدر‪ :‬فالشيطان يسول ان الجتماع على الشرب‬
‫يوجب تأكيد اللفة والمحبة‪ ،‬وبالخرة انقلب المر وحصلت نهاية العداوة‬
‫والبغضاء‪.‬‬

‫]‪[149‬‬

‫فيه‪ ،‬وقد يتفق أن ل يحصل له ذلك إلى أن ل يبقى له شئ من المال وإلى أن يقامر‬
‫على لحيته وأهله وولده‪ ،‬ول شك أنه يبقى بعد ذلك فقيرا مسكينا ويصير‬
‫من أعدى العداء لولئك الذين كانوا غالبين له‪ ،‬فظهر أن الخمر والميسر‬
‫سببان عظيمان في إثارة العداوة والبغضاء بين الناس‪ ،‬ول شك أن شدة‬
‫العداوة والبغضاء تفضي إلى أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن‬
‫وكل ذلك مضار لمصالح العالم‪ .‬وأشار إلى المفاسد الدينية بقوله تعالى‪" :‬‬
‫ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة )‪ .(1‬قوله‪ " :‬وكذلك جعلنا لكل نبي‬
‫عدوا " قيل‪ :‬المراد كما أمرناك بعداوة قومك من المشركين فقد أمرنا من‬
‫قبلك بمعاداة أعدائهم من الجن والنس‪ ،‬ومتى أمر ال رسوله بسعادة قوم‬
‫من المشركين فقد جعلهم أعداء له‪ .‬وقيل‪ :‬معناه حكمنا بأنهم أعداء‬
‫وأخبرنا بذلك ليعاملوهم معاملة العداء في الحتراز عنهم‪ .‬وقيل‪ :‬أي خلينا‬
‫بينهم وبين اختيارهم العداوة لم نمنعهم من ذلك جبرا‪ .‬وقيل‪ :‬إنه سبحانه‬
‫لما أرسل إليهم الرسل وأمرهم بدعائهم إلى السلم وخلع النداد نصبوا‬
‫عند ذلك العداوة لنبيائه‪ ،‬فلذا أضاف تعالى إلى نفسه والمراد بشياطين‬
‫النس والجن مردة الكفار من الفريقين‪ .‬وقيل‪ :‬إن شياطين النس الذين‬
‫يغوونهم‪ ،‬وشياطين الجن الذين هم من ولد إبليس‪ .‬وقال الطبرسي رحمه‬
‫ال‪ :‬في تفسير الكلبي عن ابن عباس‪ :‬ان إبليس جعل جنده فريقين فبعث‬
‫فريقا منهم إلى النس‪ ،‬وفريقا إلي الجن‪ ،‬فشياطين النس والجن أعداء‬
‫الرسل والمؤمنين‪ ،‬فتلقى )‪ (2‬شياطين النس وشياطين الجن في كل حين‬
‫فيقول بعضهم لبعض‪ :‬أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثلها‪ ،‬فكذلك‬
‫يوحي بعضهم إلى بعض‪،‬‬

‫)‪ (1‬تفسير الرازي ‪ 80 :12‬و ‪ (2) .81‬في المصدر فيلتقي‪.‬‬

‫]‪[150‬‬

‫وروي عن أبي جعفر عليه السلم أيضا أنه قال‪ :‬إن الشياطين يلقى بعضهم بعضا‬
‫فيلقي إليه ما يغوي به الخلق حتى يتعلم بعضهم من بعض " يوحي " أي‬
‫يوسوس ويلقي خفية " زخرف القول " أي المموه المزين الذي يستحسن‬
‫ظاهره ول حقيقة له ول أصل " غرورا " أي يغرونهم بذلك غرورا أو‬
‫ليغروهم بذلك )‪ .(1‬وقال الرازي‪ :‬اعلم أنه ل يجب أن يكون كل معصية‬
‫تصدر عن إنسان فانها تكون بسبب وسوسة شيطان‪ ،‬وإل لزم التسلسل أو‬
‫الدور )‪ ،(2‬فوجب العتراف بانتهاء هذه القبائح والمعاصي إلى قبيح أول‬
‫ومعصية سابقة حصلت ل بوسوسة شيطان آخر‪ ،‬إذا ثبت هذا فنقول‪ :‬إن‬
‫اولئك الشياطين كما أنهم يلقون الوساوس إلى النس والجن فقد يوسوس‬
‫بعضهم بعضا‪ ،‬وللناس فيه مذاهب‪ :‬منهم من قال‪ :‬الرواح إما فلكية وإما‬
‫أرضية‪ ،‬والرواح الرضية منها طيبة طاهرة )‪ ،(3‬ومنها خبيثة قذرة‬
‫شريرة تأمر بالمعاصي والقبائح وهم الشياطين‪ .‬ثم إن تلك الرواح الطيبة‬
‫كما أنها تأمر الناس بالطاعات والخيرات فكذلك قد يأمر بعضهم بعضا‬
‫بالطاعات‪ ،‬والرواح الخبيثة كما أنها تأمر الناس بالقبائح والمنكرات‬
‫فكذلك قد يأمر بعضهم بعضا بتك القبائح والزيادة فيها‪ ،‬وما لم يحصل نوع‬
‫من أنواع المناسبة بين النفوس البشرية وبين تلك الرواح لم يحصل ذلك‬
‫النضمام بالنفوس البشرية وإذا كانت طاهرة نقية عن الصفات الذميمة‬
‫كانت في جنس الرواح الخبيثة فتنتظم )‪ (4‬إليها‪.‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .352 :4‬في المصدر‪ :‬وال لزم دخول التسلسل أو الدور في‬
‫هؤلء الشياطين‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬طاهرة خيرة‪ ،‬آمرة بالطاعة والفعال‬
‫الحسنة وهم الملئكة الرضية )‪ (4‬هكذا في المصدر المطبوع‬
‫والمخطوط‪ ،‬والصحيح كما في المصدر‪ :‬فالنفوس البشرية إذا كانت‬
‫طاهرة نقية عن الصفات الذميمة كانت من جنس الرواح الطاهرة فتنضم‬
‫إليها‪ ،‬وإذا كانت خبيثة موصوفة بالصفات الذميمة كانت من جنس‬
‫الرواح الخبيثة فتنضم إليها ثم ان صفات الطهارة‪.‬‬

‫]‪[151‬‬

‫ثم إن صفات الطهر كثيرة وصفات النقص والخسران )‪ (1‬كثيرة وبحسب كل نوع‬
‫منها طوائف من البشر وطوائف من الرواح الرضية‪ .‬وبحسب تلك‬
‫المجانسة والمشابهة والمشاكلة ينضم الجنس إلى جنسه‪ ،‬فان كان ذلك في‬
‫أفعال الخير كان الحاصل )‪ (2‬عليها ملكا‪ ،‬وكان تقوية ذلك الخاطر إلهاما‪،‬‬
‫وإن كان في باب الشر كان الحاصل )‪ (3‬عليها شيطانا‪ ،‬وكان تقوية ذلك‬
‫الخاطر وسوسة‪ ،‬و يقال )‪ :(4‬فلن يزخرف كلمه‪ :‬إذا زينه بالباطل‬
‫والكذب‪ ،‬وكل شئ حسن مموه فهو مزخرف‪ .‬وتحقيقه‪ :‬أن النسان ما لم‬
‫يعتقد في أمر من المور كونه مشتمل على خير راجح ونفع زائد فانه ل‬
‫يرغب فيه‪ ،‬ولذلك سمي الفاعل المختار مختارا لكونه طالبا للخير والنفع‪،‬‬
‫ثم إن كان هذا العتقاد مطابقا للمعتقد فهو الحق والصدق واللهام وإن‬
‫كان صادرا من الملك‪ ،‬وإن لم يكن مطابقا للمعتقد فحينئذ يكون ظاهره‬
‫مزينا لنه في اعتقاده سبب للنفع الزائد والصلح الراجح ويكون باطنه‬
‫فاسدا لن هذا العتقاد غير مطابق للمعتقد فكان مزخرفا )‪ .(5‬قوله تعالى‪:‬‬
‫" وإن الشياطين " قال الطبرسي قدس سره‪ :‬يعني علماء الكافرين‬
‫ورؤوساءهم المتمردين في كفرهم " ليوحون " أي يوحون ويشيرون "‬
‫إلى أوليائهم " الذين اتبعوهم من الكفار " ليجادلوكم " في استحلل‬
‫الميتة‪ ،‬وقال ابن عباس‪ ،‬معناه وإن الشياطين من الجن وهم إبليس‬
‫وجنوده ليوحون إلى أوليائهم من النس والوحي‪ :‬إلقاء‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وصفات الخبث والنقصان‪ 2) .‬و ‪ (3‬في المصدر‪ :‬الحامل عليها‪) .‬‬
‫‪ (3‬اختصره المصنف وتمامه‪ :‬إذا عرفت هذا الصل فنقول‪ :‬انه تعالى‬
‫عبر من هذه الحالة المذكورة بقوله‪] :‬يوحى بعضهم إلى بعض زخرف‬
‫القول غرورا[ فيجب علينا تفسير الفاظ ثلثة‪ :‬الول الوحى وهو عبارة‬
‫عن اليماء والقول السريع‪ .‬والثانى الزخرف وهو الذى يكون باطنه‬
‫باطل‪ ،‬وظاهره مزينا ظاهرا يقال‪ (5) :‬تفسير الرازي ‪ 154 :13‬و ‪.155‬‬

‫]‪[152‬‬

‫المعنى إلى النفس من وجه خفي‪ ،‬وهم يلقون الوسوسة إلى قلوب أهل الشرك )‪.(1‬‬
‫قوله‪ " :‬فبما أغويتني " قيل‪ :‬أي خيبتني من رحمتك وجنتك‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‬
‫صرت سببا لغوايتي بأن أمرتني بالسجود لدم فغويت عنده‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‬
‫أهلكتني بلعنك إياي‪ ،‬وقيل‪ :‬هذا جري على اعتقاد إبليس فانه كان مجبرا "‬
‫لقعدن لهم " أي أرصد لهم لقطع سبيلهم " صراطك المستقيم " أي دين‬
‫الحق أو العم‪ ،‬وهو منصوب على الظرفية‪ ،‬وقيل‪ :‬تقديره على صراطك "‬
‫ثم لتينهم من بين أيديهم " الخ أي من جميع الجهات‪ ،‬وبأي وجه أمكنه‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬من جهة دنياهم وآخرتهم ومن جهة حسناتهم وسيآتهم عن ابن‬
‫عباس وغيره‪ .‬وحاصله‪ :‬إني ازين لهم الدنيا واخوفهم بالفقر وأقول لهم‪:‬‬
‫ل جنة ول نار ول بعث ول حساب واثبطهم عن الحسنات وأشغلهم عنها‬
‫واحبب إليهم السيآت وأحثهم عليها‪ ،‬قال ابن عباس‪ ،‬وإنما لم يقل‪ :‬ومن‬
‫فوقهم‪ ،‬لن فوقهم جهة نزول الرحمة من السماء‪ ،‬فل سبيل له إلى ذلك‪،‬‬
‫ولم يقل‪ :‬من تحت أرجلهم لن التيان منه موحش‪ .‬وقيل‪ " :‬من بين‬
‫أيديهم وعن أيمانهم " من حيث يبصرون‪ " ،‬ومن خلفهم وعن شمائلهم "‬
‫من حيث ل يبصرون‪ ،‬وروي عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ " :‬ثم لتينهم‬
‫من بين أيديهم " معناه أهون عليهم أمر الخرة " ومن خلفهم " آمرهم‬
‫بجمع الموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم " وعن أيمانهم "‬
‫افسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضللة وتحسين الشبهة " وعن شمائلهم‬
‫" بتحبيب اللذات إليهم وتغليب الشهوات على قلوبهم )‪ .(2‬وقال‬
‫البيضاوي‪ " :‬من بين أيديهم " من حيث يعلمون ويقدرون على التحرز‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .358 :4‬الظاهر انه يتم إلى ههنا كلم ابى جعفر عليه‬
‫السلم‪ ،‬وذكر القوال والرواية الطبرسي في مجمع البيان ‪.404 :4‬‬

‫]‪[153‬‬

‫عنه " ومن خلفهم " من حيث ل يعلمون ول يقدرون " وعن أيمانهم وعن‬
‫شمائلهم " من حيث يتيسر لهم أن يعلموا أو يتحرزوا‪ ،‬ولكن لم يفعلوا‬
‫لعدم تيقظهم و احتياطهم‪ ،‬وإنما عدى الفعل إلى الولين بحرف البتداء لنه‬
‫منهما متوجه إليهم وإلى الخرين بحرف المجاوزة لن التي منهما‬
‫كالمنحرف عنهم المار على عرضهم‪ ،‬ونظيره قولهم‪ :‬جلست عن يمينه "‬
‫ول تجد أكثرهم شاكرين " مطيعين‪ ،‬وإنما قاله ظنا لقوله‪ " :‬ولقد صدق‬
‫عليهم إبليس ظنه " لما رأى مبدأ الشر فيهم متعددا ومبدأ الخير واحدا‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬سمعه من الملئكة " مذؤما " أي مذموما " مدحورا " مطرودا )‬
‫‪ .(1‬وقال الرازي بعد ذكر بعض هذه الوجوه‪ :‬أما حكماء السلم فقد ذكروا‬
‫فيها وجوها اخرى‪ :‬أولها‪ :‬وهو الشرف القوى أن في البدن قوى أربعا‬
‫هي الموجبة لفوات السعادات الروحانية‪ :‬فاحداها القوة الخيالية التي تجمع‬
‫فيها صور المحسوسات ومثلها‪ ،‬وهي موضوعة في البطن المقدم من‬
‫الدماغ‪ ،‬وصور المحسوسات إنما ترد عليها من مقدمها‪ ،‬وإليه الشارة‬
‫بقوله‪ " :‬من بين أيديهم " والقوة الثانية القوة الوهمية التي تحكم في‬
‫غير المحسوسات بالحكام المناسة للمحسوسات‪ ،‬وهي موضوعة في‬
‫البطن المؤخر من الدماغ وإليه الشارة بقوله‪ " :‬ومن خلفهم " والقوة‬
‫الثالثة الشهوة‪ ،‬وهي موضوعة في الكبد وهي يمين )‪ (2‬البدن‪ ،‬والقوة‬
‫الرابعة الغضب‪ ،‬وهي موضوعة في البطن اليسر من القلب فهذه القوى‬
‫الربع هي التي تتولد منها أحوال توجب زوال السعادة الروحانية‪،‬‬
‫والشياطين الخارجية ما لم تستعن بشئ من هذه القوى الربع لم يقدر على‬
‫إلقآء الوسوسة‪ ،‬فهذا هو السبب في تعيين الجهات الربع وهو وجه‬
‫حقيقي شريف‪.‬‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ (2) .417 :1‬في المصدر‪ :‬وهى من يمين البدن‪.‬‬

‫]‪[154‬‬

‫وثانيها‪ :‬أن قوله " لتينهم من بين أيديهم " المراد منه الشبهات المبنية على‬
‫التشبيه‪ ،‬إما في الذات والصفات مثل شبه المجسمة‪ ،‬وإما في الفعال مثل‬
‫شبه المعتزلة في التعديل والتخويف والتحسين والتقبيح " ومن خلفهم "‬
‫المراد منه الشبهات الناشئة من التعطيل‪ .‬أما الول‪ :‬فلن النسان يشاهد‬
‫هذه الجسمانيات وأحوالها وهي حاضرة بين يديه فيعتقد أن الغائب يجب‬
‫أن يكون مساويا لهذا الشاهد‪ ،‬وهذا يوجب أن يكون " من خلفهم " كناية‬
‫عن التعليل لنه خلفه‪ ،‬وأما قوله‪ " :‬عن أيمانهم " فالمراد به الترغيب‬
‫في ترك المأمورات " وعن شمائلهم " الترغيب في ترك المنهيات )‪.(1‬‬
‫وثالثها‪ :‬نقل عن شقيق أنه قال‪ :‬ما من صباح إل ويأتيني الشيطان من‬
‫الجهات الربع‪ :‬من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي‪ :‬أما بين‬
‫يدي فيقول‪ :‬ل تخف فان ال غفور رحيم‪ ،‬فأقرأ‪ " :‬وإني لغفار لمن تاب‬
‫وآمن وعمل صالحا )‪ " (2‬وأما من خلفي فيخوفني من وقوع أولدي في‬
‫الفقر فأقرأ " وما من دابة في الرض إل على ال رزقها )‪ " (3‬وأما قبل‬
‫يميني فيأتني من قبل النساء )‪ (4‬فأقرأ " والعاقبة للمتقين )‪ " (5‬وأما من‬
‫قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فأقرأ " وحيل بينهم وبين ما‬
‫يشتهون )‪ " (6‬ثم قال‪ :‬فالغرض منه أنه يبالغ في إلقاء الوسوسة ول‬
‫يقصر في وجه من الوجوه الممكنة‪ .‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫أنه قال‪ :‬إن الشيطان قعد لبن آدم بطريق السلم فقال له‪ :‬تدع دين آبائك‪:‬‬
‫فعصاه فأسلم‪ ،‬ثم قعد له بطريق الهجرة فقال له‪ :‬تدع ديارك وتتغرب ؟‬
‫فعصاه وهاجر‪ ،‬ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له‪ :‬تقاتل فتقتل فيقسم مالك‬
‫وتنكح‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في فعل المنهيات‪ (2) .‬طه‪ (3) .82 :‬هود‪ (4) .6 :‬في المصدر‪:‬‬
‫من قبل الثناء‪ (5) .‬القصص‪ (6) .83 :‬سبأ‪.54 :‬‬

‫]‪[155‬‬

‫امرأتك ؟ فعصاه فقاتل‪ .‬فهذا الخبر يدل على أن الشيطان ل يترك جهة من جهات‬
‫الوسوسة إل ويلقيها في القلب‪ .‬فان قيل‪ :‬فلم لم يذكر من فوقهم ومن‬
‫تحتهم ؟ قلنا‪ :‬أما في التحقيق فقد ذكرنا أن القوى التي يتولد منها ما‬
‫يوجب تفوت )‪ (1‬السعادات الروحانية فهي موضوعة في هذه الجوانب‬
‫الربعة‪ .‬وأما في الظاهر فيروى أن الشيطان لما قال هذا الكلم‪ :‬رقت قلوب‬
‫الملئكة على البشر فقالوا‪ :‬يا إلهنا كيف يتخلص النسان من الشيطان مع‬
‫كونه مستوليا عليه من هذه الجهات الربع ؟ فأوحى ال تعالى إليهم إنه‬
‫بقي للنسان جهتان‪ :‬الفوق والتحت‪ ،‬فإذا رفع يديه إلى فوق في الدعاء‬
‫على سبيل الخضوع أو وضع جبهته على الرض على سبيل الخشوع‬
‫غفرت له ذنب سبعين سنة‪ .‬وقال في نكتة التعدية " بمن " في الولين "‬
‫وبعن " في الخرين‪ :‬قد ذكرنا )‪ (2‬أن المراد من قوله‪ " :‬من بين أيديهم‬
‫ومن خلفهم " الخيال والوهم‪ ،‬والضرر الناشي منهما هو حصول العقائد‬
‫الباطلة وهو الكفر‪ ،‬ومن قوله‪ " :‬عن أيمانهم وعن شمائلهم " الشهوة‬
‫والغضب وذلك هو المعصية‪ ،‬ول شك أن الضرر الحاصل من الكفر لزم‬
‫لن عقابه دائم‪ ،‬وأما الضرر الحاصل من المعصية فسهل لن عقابه‬
‫منقطع‪ ،‬فلهذا السبب خص هذين القسمين بكلمة " عن " تنبيها على أن‬
‫هذين القسمين في اللزوم والتصال دون القسم الول‪ .‬وقال في وجه‬
‫معرفة إبليس كون أكثرهم غير شاكرين‪ :‬إنه جعل للنفس تسع )‪(3‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬تفويت‪ (2) .‬وقد ذكر قبل ذلك انه إذا قيل‪ :‬جلس عن يمينه‪ ،‬معناه‬
‫انه جلس متجافيا عن صاحب اليمين غير ملتصق به‪ (3) .‬وذكر وجوها‬
‫اخرى لذلك منها انه رآه في اللوح المحفوظ‪ ،‬ومنها انه قال على سبيل‬
‫الظن‪.‬‬

‫]‪[156‬‬

‫عشر قوة‪ ،‬وكلها تدعو النفس إلى اللذات الجسمانية والطيبات الشهوانية‪ ،‬فعشرة‬
‫منها الحواس الظاهرة والباطنة‪ ،‬واثنان‪ :‬الشهوة والغضب‪ ،‬وسبعة هي‬
‫القوى الكامنة وهي الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية‬
‫والنامية والمولدة ؟ فمجموعها تسعة عشر‪ ،‬وهي بأسرها تدعو النفس إلى‬
‫عالم الجسم وترغبها في طلب اللذات البدنية وأما العقل فهو قوة واحدة‬
‫وهي التي تدعو النفس إلى عبادة ال تعالى وطلب السعادة الروحانية‪ ،‬ول‬
‫شك أن استيلء تسع عشر قوة أكمل من استيلء القوة الواحدة )‪ .(1‬قوله‬
‫تعالى‪ " :‬إنه يراكم هو وقبيله " قال الطبرسي رحمه ال أي نسله‪ ،‬يدل‬
‫عليه قوله‪ " :‬أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " وقيل‪ :‬جنوده وأتباعه‬
‫من الجن والشياطين " من حيث ل ترونهم " قال ابن عباس‪ :‬إن ال تعالى‬
‫جعلهم يجرون من بني آدم مجرى الدم‪ ،‬وصدور بني آدم مساكن لهم‪ ،‬كما‬
‫قال‪ " :‬الذي يوسوس في صدور الناس " فهم يرون بنى آدم وبنو آدم ل‬
‫يرونهم )‪ ،(2‬وإنما ل يراهم البشر لن أجسامهم شفافة لطيفة يحتاج في‬
‫رؤيتها إلى فضل شعاع‪ .‬وقال أبو بكر بن الخشيد وأبو الهذيل‪ :‬يجوز أن‬
‫يمكنهم ال سبحانه فيتكثفوا فيراهم حينئذ من يحضرهم‪ ،‬وإليه ذهب علي‬
‫بن عيسى‪ ،‬وقال‪ :‬إنهم ممكنون من ذلك وهو الذي نصره الشيخ المفيد أبو‬
‫عبد ال‪ ،‬قال الشيخ أبو جعفر قدس ال روحه‪ :‬وهو القوى عندي‪ ،‬وقال‬
‫الجبائي‪ :‬ل يجوز أن يرى الشياطين والجن لن ال تعالى قال‪ " :‬ل‬
‫ترونهم " وإنما يجوز أن يروا في زمن النبياء عليهم السلم بأن يكثف‬
‫ال أجسادهم علما )‪ (3‬للنبياء كما يجوز أن يرى الناس الملئكة في زمن‬
‫النبياء " إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين ل يؤمنون " أي حكمنا بذلك‬
‫لنهم يتناصرون على الباطل )‪ .(4‬وقال الرازي‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬إنهم يرون‬
‫النسان لنه تعالى خلق في عيونهم‬

‫)‪ (1‬تفسير الرازي ‪ (2) .43 - 41 :14‬إلى هنا ينتهى كلم ابن عباس‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬اجسادهم على النبياء‪ (4) .‬مجمع البيان ‪ 409 :4‬و ‪.410‬‬

‫]‪[157‬‬

‫إدراكا‪ ،‬والنس ل يرونهم لنه تعالى لم يخلق هذا الدراك في عيون النس‪ ،‬وقالت‬
‫المعتزلة‪ :‬الوجه في أن النس ل يرون الجن لرقة أجسام الجن )‪(1‬‬
‫ولطافتها والوجه في رؤية الجن للنس كثافة أجسام النس‪ ،‬والوجه في‬
‫أن يرى بعض الجن بعضا‪ ،‬أن ال تعالى يقوى شعاع أبصار الجن ويزيد‬
‫فيه‪ ،‬ولو زاد ال في قوة )‪ (2‬بصرنا لرأيناهم كما يرى بعضهم بعضا‪ ،‬ولو‬
‫أنه تعالى كثف أجسامهم وبقيت أبصارنا على هذه الحالة لرأيناهم‪ .‬فعلى‬
‫هذا كون النس مبصرا للجن موقوف عند المعتزلة إما على ازدياد كثافة‬
‫أجسام الجن‪ ،‬أو على ازدياد قوة أبصار النس‪ ،‬وقوله تعالى‪ " :‬من حيث‬
‫ل ترونهم " يدل على أن النس ل يرون الجن‪ ،‬لن قوله‪ " :‬من حيث ل‬
‫ترونهم " يدل على أن النس ل يرون الجن‪ ،‬لن قوله‪ " :‬من حيث ل‬
‫ترونهم " يتناول أوقات الستقبال من غير تخصيص‪ ،‬قال بعض العلماء‪:‬‬
‫لو قدر الجن على تغير )‪ (3‬صور أنفسهم بأي صورة شاؤا أو أرادوا‬
‫لوجب أن ترتفع الثقة عن معرفة الناس‪ ،‬فلعل هذا الذي نشاهده وحكم )‪(4‬‬
‫عليه بأنه ولدي أو زوجتي جني صور نفسه بصورة ولدي أو زوجتى‪.‬‬
‫وعلى هذا التقدير يرتفع الوثوق عن معرفة الشخاص‪ ،‬وأيضا فلو كانوا‬
‫قادرين على تخبيط الناس وإزالة العقل مع أنه تعالى بين العداوة الشديدة‬
‫بينهم وبين النس فلم ل يفعلون ذلك في حق اكثر البشر وفي حق العلماء‬
‫والفاضل والزهاد ؟ لن هذه العداوة بينهم وبين العلماء والزهاد أكثر‬
‫وأقوى‪ ،‬ولما لم يوجد شئ من ذلك ثبت أنه ل قدرة لهم على البشر بوجه‬
‫من الوجوه‪ ،‬ويتأكد هذا بقوله‪ " :‬ما كان لي عليكم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬رقة اجسام الجن‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أبصارنا لرأيناهم كما يرى‬
‫بعضنا بعضا‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬على تغيير‪ (4) .‬في المصدر‪] :‬شاؤا‬
‫وارادوا[ وفيه‪ :‬اشاهده واحكم عليه‪.‬‬

‫]‪[158‬‬

‫من سلطان إل أن دعوتكم فاسستجبتم لي " قال مجاهد‪ :‬قال إبليس‪ :‬أعطنا )‪(1‬‬
‫أربع خصال‪ :‬نرى‪ ،‬ول نرى‪ ،‬ونخرج من تحت الثرى‪ ،‬ويعود شيخنا فتى )‬
‫‪ .(2‬قوله تعالى‪ " :‬وإما ينزغنك " قال الطبرسي قدس سره‪ :‬معناه يا‬
‫محمد إن نالك من الشيطان وسوسة في القلب‪ .‬والنزغ‪ :‬الزعاج بالغواء‬
‫)‪ (3‬وأكثرها ما يكون ذلك عند الغضب‪ ،‬وأصله الزعاج بالحركة‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫النزغ‪ :‬الفساد‪ ،‬ومنه " نزغ الشيطان بينى وبين إخوتي " أي أفسد قال‬
‫الزجاج‪ :‬النزغ " أدنى حركة تكون‪ ،‬ومن الشيطان أدنى وسوسة " فاستعذ‬
‫بال " أي سل ال عز اسمه أن يعيذك منه " إنه سميع " للمسموعات "‬
‫عليم " بالخفيات‪ .‬وقيل‪ :‬سميع لدعائك‪ ،‬عليم بما عرض لك‪ ،‬وقيل‪ :‬النزغ‪:‬‬
‫أول الوسوسة‪ ،‬والمس ل يكون إل بعد التمكن‪ ،‬ولذلك فصل ال سبحانه‬
‫بين النبي وغيره فقال للنبي صلى ال عليه وآله‪ " :‬وإما ينزغنك " وقال‬
‫للناس‪ " :‬إذا مسهم طائف " معناه إذا وسوس إليهم الشيطان وأغراهم‬
‫بمعاصيه " تذكروا " ما عليهم من العقاب بذلك فيجتنبونه ويتركونه‪ ،‬قال‬
‫الحسن‪ :‬يعني إذا طاف عليهم الشيطان بوساوسه‪ ،‬وقال ابن جبير‪ :‬هو‬
‫الرجل يغضب الغضبة فيتذكر ويكظم غيظه‪ .‬وقيل‪ :‬طائف غضب وطيف‬
‫جنون‪ .‬وقيل‪ :‬معناهما واحد " فإذا هم مبصرون " للرشد " وإخوانهم‬
‫يمدونهم في الغي " معناه وإخوان المشركين من شياطين الجن والنس‬
‫يمدونهم في الضلل والمعاصي‪ ،‬أي يزيدونهم فيه ويزينون لهم ما هم فيه‬
‫" ثم ل يقصرون " ثم ل يكفون يعني الشياطين عن استغوائهم ول‬
‫يرحمونهم‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه وإخوان الشياطين من الكفار يمدهم الشياطين في‬
‫الغي‪ :‬ثم ل يقصرون هؤلء )‪ (4‬كما يقصر الذين اتقوا‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ثم ل‬
‫يقصر‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اعطينا‪ (2) .‬تفسير الرازي ‪ (3) .54 :14‬في المصدر‪ :‬وسوسة‬
‫ونخسة في القلب‪ .‬والنزع‪ :‬الزعاج بالغراء‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ثم ل‬
‫يقصر هؤلء مع ذلك‪.‬‬

‫]‪[159‬‬

‫الشياطين عن إغوائهم ول يقصرونهم عن ارتكاب الفواحش )‪ .(1‬وقال رحمه ال‬


‫في قوله سبحانه‪ " :‬وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم " أي واذكروا إذ زين‬
‫الشيطان للمشركين أعمالهم‪ ،‬أي حسنها في نفوسهم‪ ،‬وذلك أن إبليس‬
‫حسن لقريش مسيرهم إلى بدر لقتال النبي صلى ال عليه وآله‪ " ،‬وقال ل‬
‫غالب لكم اليوم من الناس " أي ل يغلبكم أحد من الناس لكثرة عددكم‬
‫وقوتكم " وإني " مع ذلك " جار لكم " أي ناصر لكم ودافع عنكم السوء‪،‬‬
‫وإني عاقد لكم )‪ (2‬عقد المان من عدوكم‪ " ،‬فلما تراءت الفئتان " أي‬
‫التقت الفرقتان " نكص على عقبيه " أي رجع القهقرى منهزما وراءه "‬
‫وقال إني برئ منكم إني أرى ما ل ترون " أي رجعت عما ضمنت لكم من‬
‫المان والسلمة لني أرى من الملئكة الذين جاؤا لنصر المسلمين " ما ل‬
‫ترون " وكان إبليس يعرف الملئكة وهم كانوا يعرفونه " إني أخاف ال‬
‫" أي أخاف عذاب ال على أيدي من أراهم " وال شديد العقاب " ل يطاق‬
‫عقابه‪ .‬أقول‪ :‬ثم ذكر رحمه ال كيفية ظهور الشيطان لهم كما ذكرناه في‬
‫باب قصة بدر ثم قال‪ :‬ورأيت في كلم الشيخ المفيد أبي عبد ال محمد بن‬
‫محمد بن النعمان ‪ -‬ره ‪ -‬أنه يجوز أن يقدر ال تعالى الجن ومن جرى‬
‫مجراهم على أن يتجمعوا ويعتمدوا ببعض جواهرهم على بعض حتى‬
‫يتمكن الناس من رؤيتهم ويتشبهوا بغيرهم من أنواع الحيوان‪ ،‬لن‬
‫أجسامهم من الرقة على ما يمكن ذلك فيها‪ ،‬وقد وجدنا النسان يجمع‬
‫الهوى ويفرقه ويغير صور الجسام الرخوة ضروربا من التغيير وأعيانها‬
‫لم تزد ولم تنقص‪ ،‬وقد استفاض الخبر بأن إبليس تراءى الهل دار الندوة‬
‫في صورة شيخ من أهل نجد‪ ،‬وحضر يوم بدر في صورة سراقة‪ ،‬وأن‬
‫جبرئيل عليه السلم ظهر لصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله في‬
‫صورة دحية الكلبي‪ ،‬قال‪ :‬وغير محال أيضا أن يغير ال صورهم ويكثفها‬
‫في بعض الحوال فيراهم‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ 513 :4‬و ‪ (2) .514‬في المصدر‪ :‬وقيل‪ :‬واني عاقد لكم‪.‬‬

‫]‪[160‬‬

‫الناس لضرب من المتحان )‪ .(1‬وقال الرازي في قوله تعالى‪ " :‬وإذ زين لهم‬
‫الشيطان أعمالهم " في كيفية هذا التزيين وجهان‪ :‬الول‪ :‬أن الشيطان‬
‫زين بوسوسته من غير أن يتحول في صورة إنسان‪ ،‬وهو قول الحسن‬
‫والصم‪ .‬الثاني‪ :‬أنه ظهر في صورة إنسان‪ ،‬قالوا‪ :‬إن المشركين حين‬
‫أرادوا المسير إلى بدر خافوا من بني بكر بن كنانة لنهم كانوا قتلوا منهم‬
‫واحدا فلم يأمنوا أن يأتوهم من ورائهم‪ ،‬فتصور لهم إبليس بصورة سراقة‬
‫بن مالك بن جعشم من بني بكر بن كنانة و كان من أشرافهم في جند من‬
‫الشياطين ومعه رآية وقال‪ :‬ل غالب لكم اليوم من الناس وإني مجيركم من‬
‫بني كنانة‪ ،‬ولما رأى إبليس الملئكة تنزل نكص )‪ .(2‬وقيل‪ :‬كانت يده في‬
‫يد الحارث بن هشام فلما نكص قال له الحارث‪ :‬أتخذلنا في هذه الحال ؟ "‬
‫فقال إني أرى ما ل ترون " ودفع في صدر الحارث وانهزموا‪ ،‬وفي هذه‬
‫القصة سؤالت‪ :‬الول‪ :‬ما الفائدة في تغيير صورة إبليس إلى صورة‬
‫سراقة ؟ والجواب‪ :‬فيه معجزة عظيمة للرسول‪ ،‬وذلك لن كفار قريش لما‬
‫رجعوا إلى مكة قالوا‪ :‬هزم الناس سراقة فقال‪ (3) :‬ما شعرت بمسيركم‬
‫حتى بلغتني هزيمتكم فعند ذلك تبين للقوم أن ذلك الشخص ما كان سراقة‬
‫بل كان شيطانا‪ .‬الثاني‪ :‬أنه تعالى لما غير صورته إلى صورة البشر فما‬
‫بقي شيطانا بل صار بشرا‪ .‬والجواب‪ :‬ل نسلم فان النسان إنما كا إنسانا‬
‫بجوهر نفسه الناطقة‪ ،‬ونفوس الشياطين مخالفة لنفوس البشر‪ ،‬فلم يلزم‬
‫من تغيير الصورة تغيير الحقيقة‪ ،‬وهذا الباب أحد الدلئل السمعية على أن‬
‫النسان ليس إنسان بحسب بنيته الظاهرة وصورته‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ 549 :4‬و ‪ (2) .550‬في المصدر‪ :‬فلما رأى ابليس نزول‬
‫الملئكة نكص على عقبيه‪ (3) .‬في نسخة‪ :‬فبلغ ذلك سراقة فقال‪.‬‬
‫]‪[161‬‬

‫المخصوصة )‪ (1‬إلى آخر كلمه في هذا المقام‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬من بعد أن نزغ‬
‫الشيطان بيني " في الكشاف‪ :‬نزغ‪ :‬أفسد بيننا وأغرى‪ ،‬وأصله من نخس‬
‫الرائض الدابة وحملها على الجري )‪ .(2‬قوله تعالى‪ " :‬وقال الشيطان لما‬
‫قضي المر " قال الرازي‪ :‬قال المفسرون‪ :‬إذا استقر أهل الجنة في الجنة‬
‫وأهل النار في النار فيشرع الناس في لوم إبليس )‪ (3‬وتقريعه فيقوم فيما‬
‫بينهم خطيبا ويقول‪ :‬ما أخبر ال تعالى عنه بقوله‪ " :‬وقال الشيطان "‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن المراد لما انقضت المحاسبة‪ ،‬والول أولى‪ ،‬والمراد بالشيطان‬
‫إبليس‪ ،‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه إذا جمع ال الخلق وقضي‬
‫المر بينهم )‪ ،(4‬يقول الكافر‪ :‬قد وجد المسلمون من شفع لهم )‪ ،(5‬فمن‬
‫يشفع لنا ؟ ما هو إل إبليس هو الذي أضلنا‪ ،‬فيأتونه ويسألونه فعند ذلك‬
‫يقول هذا القول )‪ " ،(6‬إن ال وعدكم وعد الحق " هو البعث والجزاء‬
‫على العمال فوفى لكم " ووعدتكم " خلف ذلك " فأخلفتكم "‪ .‬وتقدير‬
‫الكلم )‪ (7‬أن النفس تدعو إلى هذه الحوال الدنيوية ول تتصور كيفية‬
‫السعادات الخروية والكمالت النفسانية‪ ،‬وال يدعو إليها ويرغب فيها كما‬
‫قال‪ " :‬والخرة خير وأبقى " )‪ (8‬وقوله‪ " :‬وعد الحق " من قبيل إضافة‬
‫الشئ إلى‬

‫)‪ (1‬تفسير الرازي ‪ 174 :15‬و ‪ (2) .175‬في النهاية‪ :‬نزغ الشيطان بينهم أي‬
‫افسد وأغرى‪ ،‬ونزغه بكلمة سوء أي رماه بها وطعن فيه ومنه الحديث‪:‬‬
‫صباح المولود حين يقع نزغة من الشيطان‪ ،‬أي نخسة وطعنة‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬اخذ اهل النار في لوم ابليس‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وقضى بينهم‪) .‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬من يشفع‪ (6) .‬إلى هنا ينتهى الحديث‪ (7) .‬في المصدر‪:‬‬
‫وتقرير الكلم‪ (8) .‬العلى‪.17 :‬‬

‫]‪[162‬‬

‫نعته )‪ :(1‬كقوله‪ " :‬حب الحصيد " )‪ .(2‬وأما قوله‪ " :‬ما كان لي عليكم من‬
‫سلطان " أي قدرة ومكنة وتسلط وقهر فأقهركم على الكفر والمعاصي‬
‫والجئكم إليها‪ " ،‬إل أن دعوتكم " إل دعائي إليكم إلى الضللة )‪(3‬‬
‫بوسوستي وتزييني‪ ،‬والستثناء منقطع أو متصل‪ ،‬لن قدرة النسان على‬
‫حمل الغير على عمل من العمال تارة تكون بالقهر والقسر‪ ،‬وتارة تكون‬
‫بتقوية الداعية في قلبه بالقاء الوساوس إليه‪ ،‬فهذا نوع من أنواع التسليط‬
‫)‪ ،(4‬إل أن ظاهر هذه الية يدل على أن الشيطان ل قدرة له على تصريع‬
‫النسان‪ ،‬ول على تعويج أعضائه وجوارحه ول على إزالة العقل عنه كما‬
‫تقوله العوام والحشوية‪ ،‬ثم قال‪ " :‬فل تلوموني ولوموا أنفسكم " يعني ما‬
‫كان مني إل الدعاء والوسوسة وكنتم سمعتم دلئل ال وشاهدتم مجئ‬
‫أنبياء ال‪ ،‬فكان من الواجب عليكم أن ل تغتروا بقولي ول تلتفتوا إلى‪،‬‬
‫فلما رجحتم قولي على الدلئل الظاهرة كان اللوم عليكم ل علي في هذا‬
‫الباب‪ .‬وفي هذه الية مسألتان‪ :‬الولى‪ :‬قالت المعتزلة‪ :‬هذه الية تدل على‬
‫أشياء‪ :‬الول‪ :‬أنه لو كان الكفر والمعصية من ال تعالى لوجب أن يقال‪:‬‬
‫فل تلوموني ول على أنفسكم فان ال قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ظاهر هذه الية تدل على أن الشيطان ل قدرة له على تصريع‬
‫النسان وعلى تعويج أعضائه ول على إزالة العقل عنه كما تقوله العوام‬
‫والحشوية‪ .‬والثالث‪ :‬هذه الية تدل على أن النسان ل يجوز ذمه ولومه‬
‫وعقابه بسبب فعل الغير‪ ،‬وعند هذا يظهر أنه ل يجوز عقاب أولد الكفار‬
‫بسبب كفر آبائهم‪ .‬وأجاب بعض الصحاب عن هذه الوجوه بأن هذا القول‬
‫الشيطان فل يجوز التمسك‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪] :‬إلى نفسه[ والظاهر انه مصحف من الطابع‪ (2) .‬ق‪ (3) .9 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬ال دعائي اياكم إلى الضللة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬من انواع‬
‫التسلط‪.‬‬

‫]‪[163‬‬

‫به‪ ،‬وأجاب الخصم عنه بأنه لو كان هذا القول منه باطل لبين ال تعالى بطلنه‬
‫وأظهر إنكاره وأيضا أي فائدة في ذكر هذا الكلم الباطل والقول الفاسد ؟‬
‫أل ترى أن قوله‪ " :‬إن ال وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم " كلم‬
‫حق ؟ وقوله‪ " :‬وما كان لي عليكم من سلطان " قول حق ؟ بدليل قوله‪:‬‬
‫" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إل من اتبعك من الغاوين "‪ .‬الثانية‪:‬‬
‫هذه الية تدل على أن الشيطان الصلي هو النفس‪ ،‬وذلك لن الشيطان بين‬
‫أنه ما أتى إل بالوسوسة‪ ،‬فلول الميل الحاصل بسبب الشهوة والغضب‬
‫والوهم والخيال لم يكن لوسوسة تأثير البتة‪ ،‬فدل هذا على أن الشيطان‬
‫الصلي هو النفس‪ .‬فان قال قائل‪ :‬بينوا لنا حقيقة الوسوسة‪ .‬قلنا‪ :‬الفعل‬
‫إنما يصدر عن النسان لحصول )‪ (1‬امور أربعة يترتب بعضها على‬
‫البعض ترتيبا لزما طبيعيا‪ .‬بيانه‪ :‬أن أعضاء النسان بحكم السلمة‬
‫الصلية والصلحية الطبيعية صالحة للفعل والترك والقدام والجحام‪ ،‬فلما‬
‫لم يحصل في القلب ميل إلى ترجيح الفعل على الترك أو بالعكس فانه يمتنع‬
‫صدور الفعل‪ ،‬وذلك الميل هو الرادة الجازمة والقصد الجازم‪ ،‬ثم إن تلك‬
‫الرادة الجازمة ل تحصل إل عند حصول علم واعتقاد )‪ (2‬أو ظن بأن ذلك‬
‫الفعل سبب للنفع أو سبب للضرر‪ ،‬فان لم يحصل فيه العتقاد لم يحصل‬
‫ميل‪ ،‬ل إلى الفعل ول إلى الترك‪ .‬فالحاصل‪ :‬أن النسان إذا أحس بشئ‬
‫ترتب عليه شعور بكونه ملئما له أو بكونه منافرا له‪ ،‬أو بكونه غير ملئم‬
‫ول منافر‪ ،‬فان حصل الشعور بكونه ملئما له ترتب عليه الميل الجازم إلى‬
‫الفعل‪ ،‬وإن حصل الشعور بكونه منافرا له ترتب عليه الميل الجازم إلى‬
‫الترك‪ ،‬وإن لم يحصل ل هذا ول ذاك لم يحصل ميل ل إلى الشئ‬

‫)‪ (1‬في النسخة‪] :‬عن النسان لمور[ وفى المصدر‪ :‬عند حصول امور اربعة‪(2) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬أو اعتقاد‪.‬‬

‫]‪[164‬‬

‫ول إلى ضده‪ ،‬بل بقي النسان كما كان‪ ،‬وعند حصول ذلك الميل الجازم يصير‬
‫القدرة مع ذلك الميل موجبا للفعل‪ ،‬إذا عرفت هذا فنقول‪ :‬صدور الفعل عن‬
‫مجموعي القدرة والداعي الخالص أمر واجب فل يكون للشيطان مدخل‬
‫فيه‪ ،‬وصدور الميل عن تصور كونه خيرا أو تصور كونه شرا أمر واجب‪،‬‬
‫فل يكون للشيطان مدخل فيه‪ ،‬وحصول تصور كونه خيرا أو تصور كونه‬
‫شرا غير مطلق الشعور بذاته أمر لزم فل مدخل للشيطان فيه‪ ،‬فلم يبق‬
‫للشيطان مدخل في هذه المقامات )‪ (1‬إل في أن أذكره شيئا )‪ (2‬بأن يلقي‬
‫إليه حديثه مثل أن كان النسان غافل عن صورة امرأة فيلقي الشيطان‬
‫حديثها في خاطره‪ ،‬والشيطان ل قدرة له إل في هذا المقام وهو عين ما‬
‫حكى ال تعالى عنه أنه قال‪ " :‬وما كان لي عليكم من سلطان إل أن‬
‫دعوتكم فاستجبتم لي " يعني ما كان مني إل هجس )‪ (3‬هذه الدعوة‪ ،‬فأما‬
‫بقية المراتب ما صدرت مني وما كان لي أثر البتة‪ .‬بقي في هذا المقام‬
‫سؤالن‪ :‬الول‪ :‬كيف يعقل تمكن الشيطان من النفوذ في داخل أعضاء‬
‫النسان وإلقاء الوسوسة إليه‪ .‬والجواب‪ :‬للناس في الملئكة والشياطين‬
‫قولن‪ :‬الول‪ :‬ما سوى ال بحسب القسمة العقلية على أقسام ثلثة‪:‬‬
‫المتحيز‪ ،‬والحال في المتحيز‪ ،‬والذي ل يكون متحيزا ول حال فيه‪ .‬وهذا‬
‫القسم الثالث لم يقم الدليل البتة على فساد القول به‪ ،‬بل الدلئل الكثيرة‬
‫قامت على صحة القول به‪ ،‬وهذا هو المسمى بالرواح فهذه الرواح إن‬
‫كانت طاهرة مقدسة من عالم الروحانيات المقدسة )‪ (4‬فهم الملئكة‪ ،‬وإن‬
‫كانت خبيثة داعية إلى‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في شئ من هذه المقامات‪ (2) .‬في النسخة المخطوطة‬
‫والمطبوعة بتبريز‪] :‬أن ذكره شيئا[ وفى المصدر‪ :‬ان يذكره شيئا‪(3) .‬‬
‫هجس الشئ في صدره‪ :‬خطر بباله‪ .‬وفى المصدر‪ :‬ال مجرد هذه الدعوة‪.‬‬
‫)‪ (4‬في المصدر‪ :‬الروحانيات القدسية‪.‬‬
‫]‪[165‬‬

‫الشرور وعالم الجساد ومنازل الظلمات فهم الشياطين‪ .‬إذا عرفت هذا فنقول‪ :‬فعلى‬
‫هذا التقدير الشيطان ل يكون جسما يحتاج إلى الولوج في داخل البدن‪ ،‬بل‬
‫هو جوهر روحاني خبيث الفعل مجبول على الشر‪ ،‬والنفس النسانية أيضا‬
‫كذلك‪ ،‬فل يبعد على هذا التقدير أن يلقي شئ من تلك الرواح أنواعا من‬
‫الوساوس والباطيل إلى جوهر النفس النسانية‪ .‬وذكر بعض العلماء في‬
‫هذا الباب احتمال ثانيا وهو أن النفس الناطقة البشرية مختلفة بالنوع‪،‬‬
‫فهي طوائف وكل طائفة منها في تدبير روح من الرواح السماوية بعينها‪،‬‬
‫فنوع من النفوس البشرية تكون حسنة الخلق كريمة الفعال موصوفة‬
‫بالفرح والسرور وسهولة المر‪ ،‬وهي تكون منتسبة إلى روح معين من‬
‫الرواح السماوية وطائفة اخرى منها تكون موصوفة بالحدة والقسوة‬
‫والغلظة وعدم المبالة بأمر من المور وهى تكون منتسبة إلى روح اخرى‬
‫من الرواح السماوية‪ ،‬وهذه الرواح البشرية كالعون )‪ (1‬لتلك الروح‬
‫السماوي وكالنتائج الحاصلة وكالفروع المتفرعة عليها‪ ،‬وتلك الروح‬
‫السماوية هي التي تتولى إرشادها إلى مصالحها‪ ،‬وهى التي تخصها )‪(2‬‬
‫باللهامات في حالتي النوم واليقظة‪ ،‬والقدماء كانوا يسمون تلك السماوي‬
‫بالطباع التام ول شك أن لتلك الروح السماوية )‪ (3‬التي هي الصل‬
‫والينبوع شعب كثيرة ونتايج كثيرة وهي بأسرها تكون من جنس روح هذا‬
‫النسان وهي لجل مشاكلتها ومجانستها يعين بعضها بعضا على العمال‬
‫اللئقة بها والفعال المناسبة لطبائعها‪ .‬ثم إنها إن كانت خيرة طاهرة طيبة‬
‫كانت ملئكة وكانت تلك العانة مسماة باللهام‪ ،‬وإن كانت شريرة خبيثة‬
‫قبيحة العمال كانت شياطين‪ ،‬وكانت تلك العانة مسماة بالوسوسة‪ ،‬وذكر‬
‫بعض العلماء أيضا فيه احتمال ثالثا وهو أن النفوس البشرية‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬كالولد لذلك الروح السماوي‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وذلك الروح هو‬
‫الذى يتولى ارشادها إلى مصالحها وهو الذى‪ (3) .‬في المصدر‪] :‬ذلك‬
‫الروح السماوي[ وفيه‪ :‬ول شك ان لذلك الروح السماوي الذى هو‬
‫الصل‪.‬‬

‫]‪[166‬‬

‫والرواح النسانية إذا فارقت أبدانها قويت في تلك الصفات التي اكتسبتها في تلك‬
‫البدان وكملت فيها‪ ،‬فإذا حدثت نفس اخري مشاكلة لتلك النفس المفارقة‬
‫في بدن مشاكل لبدن تلك النفس المفارقة حدث بين تلك النفس المفارقة‬
‫وبين هذا البدن نوع تعلق بسبب المشاكلة الحاصلة بين هذا البدن وبين ما‬
‫كان بدنا لتلك النفس المفارقة تعلق شديد )‪ (1‬بهذا البدن وتصير تلك‬
‫النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن ومعاضدة لها على‬
‫أفعالها وأحوالها بسبب هذه المشاكلة‪ .‬ثم إن كان هذا المعنى في أبواب‬
‫الخير والبر كان ذلك إلهاما‪ ،‬وإن كان من باب )‪ (2‬الشر كان ذلك وسوسة‪،‬‬
‫فهذه وجوه محتملة تفريعا على القول باثبات جواهر قدسية مبرأة من‬
‫الحجمية والتحيز‪ (3) ،‬والقول بالرواح الطاهرة والخبيثة كلم مشهور‬
‫عند قدماء الفلسفة فليس لهم أن ينكروا إثباتها على صاحب شريعتنا‬
‫صلوات ال عليه‪ .‬وأما القول الثاني‪ ،‬وهو أن الملئكة والشياطين لبد وأن‬
‫تكون أجساما‪ ،‬فنقول على هذا التقدير يمتنع أن يقال‪ :‬إنها أجسام كثيفة‪،‬‬
‫بل لبد من القول بأنها أجسام لطيفة‪ ،‬وال سبحانه ركبها تركيبا عجيبا‪،‬‬
‫وهي أن تكون مع لطافتها ل يقبل التفرق والتمزق والفساد والبطلن‪،‬‬
‫ونفوذ الجرام اللطيفة في عمق الجرام الكثيفة غير مستبعد‪ ،‬أل ترى أن‬
‫الروح النسانية جسم لطيف ثم إنه نفذ في داخل عمق البدن‪ ،‬وإذا عقل‬
‫ذلك فكيف يستبعد نفوذ أنواع كثيرة من الجسام اللطيفة في داخل هذا‬
‫البدن ؟ أليس أن جرم النار سرى في جرم الفحم‪ ،‬وماء الورد سرى في‬
‫ورق الورد‪ ،‬ودهن السمسم سرى في جسم السمسم فكذا ههنا )‪ (4‬فظهر‬
‫بما قررنا أن القول باثبات الجن والشياطين‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فيصير لتلك النفس المفارقة تعلق شديد بهذا البدن‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وان كان في باب الشر‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬مبرأة عن الجسمية‬
‫والتحيز‪ (4) .‬ويمكن ان يستدل لذلك بوجود الصوات التى نسمعها من‬
‫المسافات البعيدة فهى مع لطافتها وعبورها عن مصادمات كثيرة ل‬
‫نتفرق ول نتمزق‪ :‬ول تدخلها الفساد‪.‬‬

‫]‪[167‬‬

‫أمر ل تحيله العقول ول تبطله الدلئل‪ ،‬وأن الصرار على النكار ليس إل من نتيجة‬
‫الجهل وقلة الفطنة‪ .‬ولما ثبت أن القول بالشياطين ممكن في الجملة فنقول‪:‬‬
‫الخلق والولى أن يقال‪ :‬الملئكة على هذا القول مخلوقون من النور وأن‬
‫الشياطين مخلوقون من الدخان واللهب كما قال تعالى‪ " :‬والجان خلقناه‬
‫من قبل من نار السموم )‪ " (1‬وهذا الكلم من المشهورات عند قدماء‬
‫الفلسفة فكيف يليق بالعاقل أن يستبعده من صاحب شريعتنا صلوات ال‬
‫عليه ؟ انتهى )‪ .(2‬وقال البيضاوي‪ " :‬فل تلوموني " بوسوستي فان من‬
‫صرح العداوة ليلم بأمثال ذلك " ولوموا أنفسكم " حيث أطعتموني إذ‬
‫دعوتكم‪ ،‬ولم تطيعوا ربكم لما دعاكم " ما أنا بمصرخكم " بمغيثكم من‬
‫العذاب " وما أنتم بمصرخي " بمغيثي " إني كفرت بما أشركتمون من‬
‫قبل " ما إما مصدرية وهي متعلقة بأشركتموني‪ ،‬أي كفرت اليوم باشراككم‬
‫إياي من قبل هذا اليوم‪ ،‬أي في الدنيا بمعنى تبرأت منه واستكبرته )‪(3‬‬
‫كقوله تعالى‪ " :‬ويوم القيامة يكفرون بشرككم " أو موصولة بمعنى " من‬
‫" ومن متعلقة بكفرت أي كفرت بالذي أشركتمونيه وهو ال تعالى‬
‫بطاعتكم إياي فيما دعوتكم إليه من عبادة الصنام وغيرها من قبل‬
‫إشراككم حين رددت أمره بالسجود لدم‪ .‬وأشرك‪ :‬منقول من شركت زيدا‬
‫للتعدية إلى مفعول ثان " إن الظالمين " تتمة كلمه أو ابتداء كلم من ال‬
‫)‪ .(4‬وقال في قوله سبحانه‪ " :‬وحفظناها من كل شيطان رجيم "‪ :‬فل‬
‫يقدر أن يصعد إليها ويوسوس أهلها ويتصرف في أمرها ويطلع على‬
‫أحوالها " إل من استرق السمع " بدل من " كل شيطان " واستراق‬
‫السمع‪ :‬اختلسه سرا‪ ،‬شبه به خطفتهم اليسيرة من قطان‬

‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .27 :‬تفسير الرازي ‪ (3) .114 - 112 :19‬في المصدر‪:‬‬
‫واستنكرته‪ (4) .‬انوار التنزيل ‪.634 :1‬‬

‫]‪[168‬‬

‫السماوات لما بينهم من المناسبة في الجوهر‪ ،‬أو بالستدلل من أوضاع الكواكب‬


‫وحركاتها‪ .‬وعن ابن عباس‪ :‬أنهم كانوا ل يحتجبون عن السماوات‪ ،‬فلما‬
‫ولد عيسى منعوا من ثلث سماوات‪ ،‬ولما ولد محمد صلى ال عليه وآله‬
‫منعوا من كلها بالشهب‪ ،‬ول يقدح فيه تكونها قبل المولد لجواز أن تكون‬
‫لها أسباب أخر‪ .‬وقيل‪ :‬الستثناء منقطع‪ :‬أي ولكن من استرق السمع "‬
‫فأتبعه " أي فتبعه ولحقه " شهاب مبين " ظاهر للمبصرين‪ .‬والشهاب‪:‬‬
‫شعلة نار ساطعة‪ ،‬وقد يطلق للكوكب والسنان لما فوقها من البريق )‪.(1‬‬
‫وقال الرازي في قوله‪ " :‬إل إبليس "‪ :‬أجمعوا على أن إبليس كان مأمورا‬
‫بالسجود لدم‪ ،‬واختلفوا في أنه هل كان من الملئكة أم ل )‪ (2‬؟ وظاهره‬
‫أن ال تعالى تكلم مع إبليس بغير واسطة‪ ،‬وأن إبليس تكلم مع ال بغير‬
‫واسطة‪ ،‬فكيف يعقل هذا ؟ مع أن مكالمة ال تعالى بغير واسطة من أعظم‬
‫المناصب وأشرف المراتب‪ ،‬فكيف يعقل حصوله لرأس الكفر ورئيسهم ؟‬
‫لعل الجواب عنه‪ :‬أن مكالمة ال تعالى إنما كان منصبا عاليا إذا كان على‬
‫سبيل الكرام والعظام فأما إذا كان على سبيل الهانة والذلل فل )‪.(3‬‬
‫قوله‪ " :‬فاخرج منها " قال البيضاوي‪ :‬أي من السماء أو من الجنة‪ ،‬أو‬
‫من زمرة الملئكة‪ " ،‬فانك رجيم " مطرود عن الخير والكرامة‪ ،‬فان من‬
‫يطرد يرجم بالحجر‪ ،‬أو شيطان يرجم بالشهب‪ ،‬وهو وعيد يتضمن الجواب‬
‫عن شبهته‪ " ،‬وإن عليك اللعنة " هذا الطرد والبعاد " إلى يوم الدين "‬
‫فانه منتهى أمد اللعن لنه يناسب أيام التكليف لزمان الجزاء‪.‬‬
‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ 645 :1‬و ‪ (2) .646‬احال الرازي جوابه إلى ما تقدم في سورة‬
‫البقرة‪ (3) .‬تفسير الرازي ‪ 182 :19‬و ‪.183‬‬

‫]‪[169‬‬

‫وقيل‪ :‬وما في قوله‪ " :‬فأذن مؤذن بينهم أن لعنة ال على الظالمين " بمعنى آخر‬
‫ينسى عنده هذه‪ .‬وقيل‪ :‬إنما حد اللعن به لنه أبعد غاية يضربها الناس‪ ،‬أو‬
‫لنه يعذب فيه بما ينسي اللعن معه فيصير كالزائل " قال رب فأنظرني "‬
‫فأخرني‪ ،‬والفاء متعلقة بمحذوف دل عليه‪ :‬فاخرج منها فانك رجيم " إلى‬
‫يوم يبعثون " أراد أن يجد فسحة في الغواء ونجاة عن الموت إذ ل موت‬
‫بعد وقت البعث‪ ،‬فأجابه إلى الول دون الثاني‪ " ،‬قال فانك من المنظرين‬
‫إلى يوم الوقت المعلوم " المسمى فيه أجلك عند ال‪ ،‬أو انقراض الناس‬
‫كلهم هو النفخة الولى عند الجمهور‪ ،‬ويجوز أن يكون اليام الثلثة يوم‬
‫القيامة )‪ (1‬واختلف العبارات لختلق العتبارات‪ ،‬فعبر عنه أول بيوم‬
‫الجزاء لما عرفت‪ ،‬وثانيا بيوم البعث إذ به يحصل العلم بانقطاع التكليف‬
‫واليأس عن التضليل‪ ،‬وثالثا بالمعلوم لوقوعه في الكلمين ول يلزم منه أن‬
‫ل يموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث الخلئق في تضاعيفه )‪ " .(2‬قال‬
‫رب بما أغويتني " البآء للقسم وما مصدرية وجوابه " لزينن لهم في‬
‫الرض " والمعنى اقسم باغوائك إياي لزينن لهم المعاصي في الدنيا التي‬
‫هي دار الغرور لقوله )‪ " :(3‬أخلد إلى الرض )‪ " (4‬وقيل‪ :‬للسببية‪،‬‬
‫والمعتزلة أو لوا الغواء بالنسبة إلى الغي أو التسبب له بأمره إياه‬
‫بالسجود لدم عليه السلم أو باضلله عن طريق الجنة )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ويجوز ان يراد باليام الثلثة يوم القيامة‪ (2) .‬ثم ذكرنا ما ذكره‬
‫الرازي قبل من الوجه لمخاطبة ال اياه فقال‪ :‬وهذه المخاطبة وان لم تكن‬
‫بواسطة لم تدل على علو منصب ابليس لن خطاب ال تعالى له على‬
‫سبيل الهانة والدلل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬كقوله‪ (4) .‬العراف‪(5) .175 :‬‬
‫انوار التنزيل ‪ 648 :1‬و ‪.649‬‬

‫]‪[170‬‬

‫وقال الرازي‪ :‬اعلم أن أصحابنا قد احتجوا بهذه الية على أنه تعالى قد يريد خلق‬
‫الكفر في الكافر ويضله عن الدين ويغويه عن الحق من وجوه‪ :‬الول‪ :‬أن‬
‫إبليس استمهل وطلب البقاء إلى يوم القيامة مع أنه صرح بأنه إنما يطلب‬
‫هذا )‪ (1‬لغواء بني آدم وإضللهم‪ ،‬وأنه تعالى أمهله وأجابه إلى هذا‬
‫المطلوب‪ ،‬ولو كان تعالى يراعي صلح المكلفين في )‪ (2‬الدنيا لما أمهله‬
‫هذا الزمان الطويل ولما أمكنه من الغواء والضلل والوسوسة‪ .‬والثاني‪:‬‬
‫أن أكابر النبياء والولياء مجدون مجتهدون في إرشاد الخلق إلى الدين‬
‫الحق وإن إبليس ورهطه وشيعته مجدون مجتهدون في الغواء فلو كان‬
‫مراد ال هو الرشاد والهداية لكان من الواجب إبقاء المرشدين والمحقين‪،‬‬
‫وإهلك المضلين والمغوين وحيث فعل بالضد علمنا أنه أراد بهم الخذلن‬
‫والكفر‪ .‬ثم قال‪ :‬أما الشكال الول فللمعتزلة فيه طريقان‪ :‬الول وهو‬
‫طريقة الجبائي أنه تعالى إنما أمهل إبليس تلك المدة الطويلة لنه تعالى‬
‫علم أنه ل تتفاوف أحوال الناس بسبب وسوسته في الكفر والمعصية البتة‪،‬‬
‫وعلم أن كل من كفر وعصى عند وسوسته فانه بتقدير )‪ (3‬أن ل يوجد‬
‫إبليس ول وسوسته فان ذلك الكافر والعاصي كان يأتي بذلك الكفر‬
‫والمعصية‪ ،‬فلما كان المر كذلك ل جرم أمهله هذه المدة الطويلة‪ .‬الثاني‬
‫وهو طريقة أبي هاشم أنه ل يبعد أن يقال‪ :‬إنه تعالى علم أن أقواما يقعون‬
‫بسبب وسوسته في الكفر والمعاصي إل أن وسوسته ما كانت موجبة لذلك‬
‫الكفر وتلك المعاصي‪ ،‬غاية )‪ (4‬ما في هذا البأب أن يقال‪ :‬الحتراز عن‬
‫القبائح حال عدم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬هذا المهال والبقاء‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬مصالح المكلفين في‬
‫الدين‪ (3) .‬في المصدر‪] :‬علم انه ل يتفاوت احوال الناس بسبب وسوسته‬
‫فبتقدير ان ل يوجد ابليس[ وقد سقط عنه ما بقى‪ ،‬أو كان الزيادة في‬
‫نسخة المضف من قبل الناسخ‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ما كانت موجبة لذلك‬
‫الكفر والمعصية بل الكافر والعاصي بسبب اختياره اختار ذلك الكفر وتلك‬
‫المعصية‪ ،‬اقصى ما في الباب‪.‬‬

‫]‪[171‬‬

‫الوسوسة أسهل منه حال وجودها إل أنه على هذا التقدير تصير وسوسته سببا‬
‫لزيادة المشقة في أداء الطاعات‪ ،‬وذلك ل يمنع الحكيم من فعله كما أن‬
‫إنزال المشاق والمشتبهات سبب الشبهات )‪ ،(1‬ومع ذلك فلم يمتنع فعله‬
‫فكذا ههنا‪ ،‬وهذان الطريقان هما بعينهما الجواب عن السؤال الثاني )‪" .(2‬‬
‫إل عبادك منهم المخلصين " استثناهم لنه علم أن كيده ل يعمل فيهم‪.‬‬
‫وقرأ ابن كثير وابن عامر بكسر اللم والباقون بالفتح‪ ،‬فعلى الول أي‬
‫الذين أخلصوا دينهم وعبادتهم من كل شائب يناقض اليمان والتوحيد‪،‬‬
‫وعلى الثاني معناه الذين أخلصهم ال بالهداية واليمان‪ " .‬هذا صراط علي‬
‫مستقيم " فيه وجوه‪ :‬الول‪ :‬أن إبليس لما قال‪ " :‬إل عبادك منهم‬
‫المخلصين " فلفظ " المخلصين " يدل على الخلص فقوله " هذا " عائد‬
‫إليه‪ ،‬والمعنى أن الخلص طريق علي وإلى أي يؤدي إلى كرامتي‪ ،‬وقال‬
‫الحسن‪ :‬معناه هذا صراط إلي مستقيم‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬هذا صراط من مر‬
‫عليه‪ ،‬فكأنه مر على رضواني وكرامتي‪ ،‬وهو كما يقال‪ :‬طريقك علي‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن الخلص طريق العبودية‪ ،‬فقوله‪ " :‬هذا صراط علي مستقيم "‬
‫أي هذا الطريق في العبودية طريق على مستقيم قال بعضهم‪ :‬لما ذكر أن‬
‫إبليس يغوي بني آدم إل من عصمه ال بتوفيقه تضمن هذا الكلم تفويض‬
‫المور إلى ال تعالى وإلى إرادته‪ ،‬فقال تعالى " هذا صراط علي " أي‬
‫تفويض المور إلى إرادتي " طريق مستقيم "‪ " .‬إن عبادي ليس لك‬
‫عليهم سلطان " اعلم أن إبليس لما قال‪ " :‬لزينن لهم في الرض إل‬
‫عبادك )‪ (3‬منهم المخلصين " أو هم هذا الكلم أن له سلطانا على عباد ال‬
‫الذين ل يكونون من المخلصين‪ ،‬فبين ال تعالى أنه ليس له سلطان على‬
‫أحد من عبيد ال سواء كانوا‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وانزال المتشابهات صار سببا لمزيد الشبهات‪ (2) .‬تفسير الرازي‬
‫‪ (3) .188 - 182 :19‬في المصدر‪ :‬لزينن لهم في الرض ولغوينهم‬
‫اجمعين ال عبادك‪.‬‬

‫]‪[172‬‬

‫مخلصين أو لم يكونوا مخلصين بل من اتبع منهم ابليس باختياره صار تبعا له‪،‬‬
‫ولكن حصول تلك المتابعة أيضا ليس لجل أن إبليس )‪ (1‬أوهم أن له على‬
‫بعض عباد ال سلطانا فبين تعالى كذبه وذكر أنه ليس له على أحد منهم‬
‫سلطان ول قدرة أصل‪ ،‬ونظير هذه الية قوله تعالى حكاية عن إبليس‪" :‬‬
‫وما كان لي عليكم من سلطان " الية‪ ،‬وقوله‪ " :‬ليس له سلطان على‬
‫الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين‬
‫هم به مشركون " وقال الجبائي‪ :‬هذه الية تدل على بطلن قول من زعم‬
‫أن الشيطان والجن يمكنهم صرع الناس وإزالة عقولهم كما تقوله العامة‪،‬‬
‫وربما نسبوا ذلك إلى السحرة‪ ،‬وقال‪ :‬ذلك خلف نص القرآن‪ ،‬وفي الية‬
‫قول آخر‪ :‬وهو أن إبليس لما قال‪ " :‬إل عبادك منهم المخلصين " فذكر‬
‫أنه ل يقدر على إغواء المخلصين صدقه ال وقال‪ " :‬إن عبادي ليس لك‬
‫عليهم سلطان " فلهذا قال الكلبي‪ :‬المذكورون في هذه الية هم الذين‬
‫استثناهم إبليس‪ .‬واعلم أنه على القول الول يمكن أن يكون قوله‪ " :‬إل‬
‫من اتبعك " استثناء لن المعنى أن عبادي ليس لك عليهم سلطان إل من‬
‫اتبعك من الغاوين‪ ،‬فان لك عليهم سلطانا بسبب كونهم منقادين لك في‬
‫المر والنهي‪ ،‬وأما على القول الثاني فيمتنع أن يكون استثناء بل يكون إل‬
‫بمعنى لكن " وإن جهنم لموعدهم أجمعين " قال ابن عباس‪ :‬يريد إبليس‬
‫وأشياعه ومن اتبعه من الغاوين )‪ " (2‬فزين لهم الشيطان أعمالهم "‬
‫قالت المعتزلة‪ :‬الية تدل على فساد قول المجبرة من وجوه )‪ (3‬شتى‪.‬‬

‫)‪ (1‬في العبارة سقط والصحيح كما في المصدر‪ :‬ولكن حصول تلك المتابعة ايضا‬
‫ليس لجل أن ابليس يقهره على تلك المتابعة أو يجبره عليها والحاصل‬
‫في هذا القول ان ابليس اوهم‪ (2) .‬التفاسير مأخوذة من تفسير الرازي‬
‫باختصار‪ ،‬راجع تفسير الرازي ‪ 190 :19‬و ‪ (3) .191‬ذكر الرازي في‬
‫تفسيره ‪ 61 :20‬وقال‪ :‬الول لنه إذا كان خالق اعمالهم هو ال تعالى فل‬
‫فائدة في التزيين‪ .‬والثانى‪ :‬ان ذلك التزيين لما كان بخلق ال تعالى ‪- -‬‬

‫]‪[173‬‬

‫" فهو وليهم اليوم " فيه احتمالت )‪ :(1‬الول أن المراد منه كفار مكة‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫الشيطان وليهم اليوم يتولى إغواءهم وصرفهم عنك كما فعل بكفار المم‬
‫قبلك‪ .‬الثاني‪ :‬أنه أراد باليوم " يوم القيامة يقول‪ :‬فهو ولي اولئك الذين‬
‫زين لهم أعمالهم يوم القيامة فل ولي لهم ذلك اليوم ول ناصر )‪ " .(2‬فإذا‬
‫قرأت القرآن " ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الستعاذة بعد‬
‫القراءة‪ ،‬وأما الكثرون فقد اتفقوا على أن الستعاذة متقدمة‪ .‬فالمعنى‪ :‬إذا‬
‫أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ‪ ،‬والمراد بالشيطان في هذه الية قيل‪ :‬إبليس‪،‬‬
‫والقرب أنه للجنس لن لجميع المردة من الشياطين حظا من الوسوسة‬
‫ولما أمر ال رسوله بالستعاذة من الشيطان وكان ذلك يوهم أن للشيطان‬
‫قدرة على التصرف في أبدان الناس‪ ،‬فأزال ال تعالى هذا الوهم وبين أنه ل‬
‫قدرة له البتة إل على الوسوسة‪ ،‬فقال‪ " :‬إنه ليس له سلطان على الذين‬
‫آمنوا وعلى ربهم يتوكلون "‪ .‬ويظهر من هذا أن الستعاذة إنما تفيد إذا‬
‫خطر في قلب النسان كونه ضعيفا وأنه ل يمكنه التحفظ عن وسوسة‬
‫الشيطان إل بعصمة ال‪ " .‬إنما سلطانه على الذين يتولونه " قال ابن‬
‫عباس‪ :‬يطيعونه‪ ،‬يقال‪ :‬توليته أي أطعته‪ ،‬وتوليت عنه أي أعرضت عنه‪.‬‬
‫" والذين هم به مشركون " الضمير راجع إلى ربهم أو إلى الشيطان‪ ،‬أي‬
‫بسببه‬

‫‪ - - - -‬لم يجز ذم الشيطان بسببه‪ ،‬والثالث‪ :‬ان التزيين هو الذى يدعو النسان إلى‬
‫الفعل وإذا كان حصول الفعل فيه بخلق ال تعالى كان ضروريا فلم يكن‬
‫التزيين داعيا‪ .‬والرابع‪ :‬ان على قولهم الخالق لذلك اجد ران يكون وليا‬
‫لهم من الداعي إليه‪ .‬والخامس‪ :‬انه تعالى اضاف التزيين إلى الشيطان‬
‫ولو كان ذلك المزين هو ال تعالى لكانت اضافته إلى الشيطان كذبا‪(1) .‬‬
‫الصحيح‪ :‬فيه احتمالن‪ ،‬كما في التفسير‪ (2) .‬اختصره من تفسير الرازي‬
‫‪ 61 :20‬و ‪.62‬‬

‫]‪[174‬‬

‫مشركون بال )‪ " (1‬كانوا إخوان الشياطين " المراد من هذه الخوة التشبه بهم‬
‫في هذا الفعل القبيح‪ ،‬وذلك ل العرب يسمون الملزم للشئ أخا له فيقول‪:‬‬
‫فلن أخو الكرم والجود وأخو الشعر‪ ،‬إذا كان مواظبا على هذه الفعال‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬أي قرناءهم في الدنيا والخرة " وكان الشيطان لربه كفورا " معنى‬
‫كون الشيطان كفورا لربه هو أن يستعمل بدنه في المعاصي والفساد في‬
‫الرض والضلل للناس‪ .‬وكذلك من رزقه ال مال أو جاها فصرفه إلى‬
‫غير مرضات ال كان كفورا لنعمة ال‪ ،‬والمقصود أن المبذرين موافقون‬
‫للشياطين في الصفة والفعل‪ ،‬ثم الشيطان كفور بربه فلزم كون المبذر‬
‫كفورا بربه )‪ " .(2‬إن الشيطان ينزغ بينهم " أي يفسد بينهم ويغري‬
‫بينهم " إن الشيطان كان للنسان عدوا مبينا " أي العداوة الحاصلة بين‬
‫الشيطان وبين النسان عداوة قديمة‪ .‬وقال البيضاوي في قوله‪ " :‬لمن‬
‫خلقت طينا "‪ :‬لمن خلقته من طين‪ ،‬فنصب بنزع الخافض‪ ،‬ويجوز أن‬
‫يكون حال من الراجع إلى الموصول‪ ،‬أي خلقته وهو طين أو منه‪ ،‬أئ‬
‫أسجد له وأصله طين ؟ وفيه على الوجوه إيماء بعلة النكار " قال أرأيتك‬
‫هذا الذي كرمت علي " الكاف لتأكيد الخطاب ل محل له من العراب‪ ،‬وهذا‬
‫مفعول أول‪ ،‬والذي صفته‪ ،‬والمفعول الثاني محذوف لدللة صلته عليه‪،‬‬
‫والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته علي بأمري بالسجود له لم كرمته‬
‫على ؟ " لئن أخرتن إلى يوم القيامة " كلم مبتدء واللم موطئة للقسم‬
‫وجوابه " لحتنكن ذريته إل قليل " أي لستأصلنهم بالغواء إل قليل ل‬
‫أقدر أن اقاوم شكيمتهم‪ ،‬من احتنك الجراد الرض‪ :‬إذا جرد ما عليها أكل‪،‬‬
‫مأخوذ من الحنك‪ ،‬وإنما علم أن ذلك يتسهل له إما استنباطا من قول‬
‫الملئكة‪ " :‬أتجعل فيها من يفسد فيها " )‪ (3‬مع التقرير‪ ،‬أو تفرسا من‬
‫خلقه ذا وهم وشهوة وغضب " قال اذهب " امض لما قصدته‪ ،‬وهو طرد‬

‫)‪ (1‬مختصر مما في تفسير الرازي ‪ 114 :20‬و ‪ (2) .115‬مختصر مما في تفسير‬
‫الرازي ‪ 193 :20‬و ‪ (3) .194‬البقرة‪.30 :‬‬

‫]‪[175‬‬

‫وتخلية بينه وبين ما سولته له نفسه " فمن تبعك منهم فان جهنم جزاؤكم "‬
‫جزاؤك وجزاؤهم‪ ،‬فغلب المخاطب على الغائب‪ ،‬ويمكن أن يكون الخطاب‬
‫للتابعين على اللتفات " جزاء موفورا " مكمل من قولهم‪ " :‬فر لصاحبك‬
‫عرضه " )‪ (1‬وانتصاب جزاء على المصدر باضمار فعله‪ ،‬أو بما في‬
‫جزاءكم من معنى تجازون‪ ،‬أو حال موطئة لقوله‪ " :‬موفورا " "‬
‫واستفزز " واستخف " من استطعت منهم " أن تستفزه‪ .‬والفز‪ :‬الخفيف‬
‫" بصوتك " بدعائك إلى الفساد )‪ .(2‬وقال الرازي‪ :‬يقال‪ :‬أفزه الخوف‬
‫واستفزه أي أزعجه واستخفه‪ ،‬وصوته دعاؤه إلى معصية ال‪ .‬وقيل‪ :‬أراد‬
‫بصوتك الغناء واللهو واللعب‪ ،‬والمر للتهديد " وأجلب عليهم " قال‬
‫الفراء إنه من الجلبة وهي الصياح‪ ،‬وقال الزجاج في فعل وأفعل‪ :‬أجلب‬
‫على العدو إجلبا‪ :‬إذا جمع عليه الخيول‪ ،‬وقال ابن السكيت‪ :‬يقال‪ :‬هم‬
‫يجلبون عليه ويجلبون عليه بمعنى أي يعينون عليه )‪ (3‬وعن ابن‬
‫العرابي‪ :‬أجلب الرجل )‪ (4‬الرجل‪ :‬إذا توعده الشر وجمع عليه الجمع‪،‬‬
‫فالمعنى على قول الفراء‪ :‬صح عليهم بخيلك ورجلك‪ ،‬وعلى قول الزجاج‪،‬‬
‫أجمع عليهم كل ما تقدر من مكائدك‪ ،‬فالباء زائدة‪ ،‬وعلى قول ابن السكيت‬
‫أعن عليهم )‪ ،(5‬ومفعول الجلب محذوف كأنه يستعين على إغوائهم‬
‫بخيله ورجله وهذا يقرب من قول ابن العرابي‪ ،‬واختلفوا في تفسير الخيل‬
‫والرجل‪ ،‬فروي عن ابن عباس أنه قال‪ :‬كل راكب أو راجل في معصية ال‬
‫فهو من خيل إبليس وجنوده ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية ال‪،‬‬
‫فخيله ورجله كل من شاركه في الدعاء‬

‫)‪ (1‬يقال‪ :‬فر لصاحبك عرضه أي اثن عليه ول تعبد‪ (2) .‬انوار التنزيل ‪ 703 :1‬و‬
‫‪ (3) .704‬في المصدر‪ :‬بمعنى انهم يعينون عليه‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬اجلب‬
‫الرجل على الرجل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬اعن عليهم بخيلك ورجلك‪(*) .‬‬

‫]‪[176‬‬

‫إلى المعصية‪ ،‬ويحتمل أن يكون لبليس جند من الشياطين بعضهم راكب وبعضهم‬
‫راجل‪ .‬أو المراد منه ضرب المثل‪ ،‬وهذا أقرب‪ ،‬والخيل يقع على الفرسان‬
‫وعلى الفراس والرجل جمع راجل كالصحب والركب " وشاركهم في‬
‫الموال " هي عبارة عن كل تصرف قبيح في المال‪ ،‬سواء كان ذلك القبح‬
‫بسبب أخذه من غير حقه أ وضعه في غير حقه‪ ،‬ويدخل فيه الربا والغصب‬
‫والسرقة والمعاملت الفاسدة‪ ،‬كذا قاله القاضي‪ ،‬وقال قتادة‪ :‬هي أن جعلوا‬
‫بحيرة وسائبة‪ ،‬وقال عكرمة‪ :‬هي تبكيتهم آذان النعام‪ .‬وقيل‪ :‬هي أن‬
‫جعلوا من أموالهم شيئا لغير ال كما قال تعالى‪ " :‬فقالوا هذا ل بزعمهم‬
‫وهذا لشركائنا " والصوب ما قاله القاضي‪ .‬وأما المشاركة في الولد‪:‬‬
‫فقالوا‪ :‬إنه الدعاء إلى الزنا أو أن يسموا أولدهم بعبد اللت وعبد العزى‪،‬‬
‫أو أن يرغبوا أولدهم في الديان الباطلة‪ ،‬أو إقدامهم على قتل الولد‬
‫ووأدهم‪ ،‬أو ترغيبهم في حفظ الشعار المشتملة على الفحش‪ ،‬أو ترغيبهم‬
‫في القتل والقتال والحرف الخبيثة الخسيسة‪ .‬والضابط أن يقال‪ :‬إن كل‬
‫تصرف من المرء في ولده على وجه يتأدى ذلك إلى ارتكاب منكر وقبيح‪.‬‬
‫فهو داخل فيه‪ .‬قوله تعالى عزوجل‪ " :‬وعدهم " اعلم أنه لما كان مقصود‬
‫الشيطان الترغيب في العتقاد الباطل والعمل الباطل والتنفير عن اعتقاد‬
‫الحق وعمل )‪ (1‬الحق ومعلوم أن الترغيب في الشئ ل يمكن إل بأن يقرر‬
‫عنده أنه ل ضرر البتة في فعله ومع ذلك فانه يفيد المنافع العظيمة‪،‬‬
‫والتنفير عن الشئ ل يمكن إل بأن يقرر عنده أنه ل فائدة في فعله‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فيفيد المضار العظيمة‪ ،‬فإذا ثبت هذا فنقول‪ :‬إن الشيطان إذا دعا إلى‬
‫المعصية فل بد وأن يقرر أول أنه ل مضرة في فعله البتة‪ ،‬وذلك ل يمكن‬
‫إل إذا قال‪ :‬ل معاد ول جنة ول نار ول حياة بعد هذه‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬العتقاد الحق والعمل الحق‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ول حياة للنسان‬
‫في هذه الدنيا ال به‪.‬‬

‫]‪[177‬‬

‫الحياة‪ ،‬فبهذا الطريق يقرر عنده أنه ل مضرة البتة في فعل هذه المعاصي‪ ،‬وإذا‬
‫فرغ من هذا المقام قرر عنده أن هذا الفعل يفيد أنواعا من اللذة والسرور‬
‫ول حياة للنسان إل في هذه الدنيا فتفويتها غبن وخسران‪ ،‬وأما طريق‬
‫التنفير عن الطاعة فهو أن قرر أول عنده أنه ل فائدة فيه من وجهين )‪:(1‬‬
‫الول أنه ل جنة ول نار ول ثواب ول عقاب‪ .‬والثاني‪ :‬أن هذه العبادات ل‬
‫فائدة فيها للعابد ول للمعبود فكانت عبثا محضا وإذا فرغ من هذا المقام‬
‫قال‪ :‬إنها يوجب التعب والمحنة‪ ،‬وذلك أعظم المضار‪ ،‬فهذه مجامع تلبيس‬
‫الشيطان‪ ،‬فقوله‪ " :‬وعدهم " يتناول كل هذه القسام‪ :‬قال المفسرون‪" :‬‬
‫وعدهم " )‪ (2‬بأنه ل جنة ول نار‪ ،‬أو بتسويف التوبة‪ ،‬أو بشفاعة الصنام‬
‫عند ال‪ ،‬أو بالنساب الشريفة‪ ،‬أو إيثار العاجل على الجل‪ .‬وبالجملة فهذه‬
‫القسام كثيرة وكلها داخلة في الضبط الذي ذكرناه " وما يعدهم الشيطان‬
‫إل غرورا " لنه إنما يدعو إلى أحد ثلثة امور‪ :‬قضاء الشهوة وإمضاء‬
‫الغضب‪ ،‬وطلب الرياسة والرفعة )‪ ،(3‬ول يدعو البتة إلى معرفة ال ول‬
‫إلى خدمته وتلك الشياء الثلثة معيوبة من وجوه كثيرة‪ :‬أحدها‪ :‬أنها في‬
‫الحقيقة ليست لذات بل هي خلص عن اللم‪ .‬وثانيها‪ :‬أنها وإنه كانت‬
‫لذات ولكنها لذات خسيسة مشترك فيها بين الكلب والديدان والخنافس‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أنها سريعة الذهاب والنقضاء والنقراض‪ .‬ورابعها‪ :‬أنها ل‬
‫تحصل إل بعد متاعب كثيرة ومشاق عظيمة‪ .‬وخامسها‪ :‬أن لذات البطن‬
‫والفرج ل يتم إل بمزاولة رطوبات عفنة مستقذرة‪.‬‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وتقريره من وجهين‪ :‬الول أن يقول‪ :‬ل جنة‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫أي بانه ل جنة‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وعلو الدرجة‪.‬‬

‫]‪[178‬‬

‫وسادسها‪ :‬أنها غير باقية بل يمنعها )‪ (1‬الموت والهرم والفقر والحسرة على‬
‫الفوت والخوف من الموت‪ ،‬فلما كانت هذه المطالب وإن كانت لذيذة بحسب‬
‫الظاهر إل أنها ممزوجة بهذه الفات العظيمة والمخافات الجسيمة كانت‬
‫الترغيب فيها تغريرا " إن عبادي " أي كلهم أو أهل الفضل واليمان منهم‬
‫كما مر " وكفى بربك وكيل " لما أمكن إبليس )‪ (2‬بأن يأتي بأقصى ما‬
‫يقدر عليه في باب الوسوسة وكان ذلك سببا لحصول الخوف الشديد في‬
‫قلب النسان قال‪ " :‬وكفى بربك وكيل " ومعناه أن الشيطان وإن كان‬
‫قادرا فال أقدر منه وأرحم بعباده من الل‪ ،‬فهو تعالى يدفع عنه كيد‬
‫الشيطان ويعصمه من إضلله وإغوائه‪ ،‬وفيها دللة على أن المعصوم من‬
‫عصمه ال‪ ،‬وأن النسان ل يمكنه أن يحترز بنفسه عن مواقع الضلل )‬
‫‪ .(3‬وقال في قوله تعالى‪ " :‬إنه كان من الجن "‪ :‬للناس في هذه المسألة‬
‫أقوال‪ :‬الول‪ :‬أنه من الملئكة ول ينافي ذلك كونه من الجن‪ ،‬ولهم فيه‬
‫وجوه‪ :‬الول‪ :‬أن قبيلة من الملئكة يسمون بذلك بدليل قوله تعالى‪" :‬‬
‫وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا )‪ " (4‬وقوله تعالى‪ " :‬وجعلوا ل شركاء‬
‫الجن " )‪ .(5‬والثاني‪ :‬أن الجن سمي جنا للستتار‪ ،‬فهم داخلون في الجنة‬
‫)‪ .(6‬الثالث‪ :‬أنه كان خازن الجنة فنسب إلى الجنة‪ ،‬كقولهم‪ :‬كوفي‬
‫وبصري وعن سعيد بن جبير‪ :‬كان من الجانين الذين يعملون في الجنان‬
‫جن من الملئكة )‪ (7‬يصوغون حلي أهل الجنة مذ خلقوا‪ ،‬رواه القاضي‬
‫في تفسيره عن هشام عن ابن جبير‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬بل يتبعها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬من أن يأتي‪ (3) .‬تفسير الرازي ‪:21‬‬
‫‪ (4) .9 - 5‬الصافات‪ (5) .158 :‬النعام‪ (6) .100 :‬في المصدر‪:‬‬
‫والملئكة كذلك فهم داخلون في الجن‪ (7) .‬في نسخة‪] :‬من جن الملئكة[‬
‫وفي المصدر‪ :‬حى من الملئكة‪.‬‬

‫]‪[179‬‬

‫والثاني )‪ (1‬أنه من الجن الذينهم الشياطين والذين خلقوا من النار وهو أبوهم‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬قول من قال‪ :‬كان من الملئكة فمسخ وغير )‪ .(2‬وقال‬
‫البيضاوي‪ " :‬كان من الجن " حال باضمار " قد " أو استيناف للتعليل‬
‫كأنه قيل‪ :‬ما له لم يسجد ؟ فقيل‪ :‬كان من الجن " ففسق عن أمر ربه "‬
‫فخرج عن أمره بترك السجود‪ ،‬والفاء للتسبب‪ ،‬وفيه دليل على أن الملك ل‬
‫يعصي البتة وإنما عصى إبليس لنه كان جنيا في أصله‪ " ،‬أفتتخذونه "‬
‫أعقيب ما وجد منه تتخذونه ؟ والهمزة للنكار والتعجب " وذريته "‬
‫أولده وأتباعه‪ ،‬وسماهم ذريته مجازا " أولياء من دوني " فتستبدلونهم‬
‫بي فتطيعونهم بدل طاعتي " بئس للظالمين بدل " من ال إبليس وذريته‬
‫" ما أشهدتهم " الخ نفي إحضار إبليس وذريته " خلق السماوات‬
‫والرض " وإحضار بعضهم خلق بعض ليدل على نفي العتضاد بهم في‬
‫ذلك كما صرح به بقوله‪ " :‬وما كنت متخذ المضلين عضدا " أي أعوانا‬
‫ردا لتخاذهم أولياء من دون ال شركاء له في العبادة‪ ،‬فان استحقاق‬
‫العبادة من توابع الخالقية والشتراك فيه يستلزم الشتراك فيها‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫الضمير للمشركين‪ ،‬والمعنى ما أشهدتهم خلق ذلك وما خصصتهم بعلوم ل‬
‫يعرفها غيرهم حتى لو آمنوا تبعهم الناس كما يزعمون فل يلتفت )‪ (3‬إلى‬
‫قولهم طمعا في نصرتهم للدين‪ ،‬فانه ل ينبغي لي أن أعتضد بالمضلين )‪(4‬‬
‫لديني‪ .‬وقال في قوله‪ " :‬وما أنسانيه " الخ أي وما أنساني ذكره إل‬
‫الشيطان فإن " أذكره " بدل من الضمير وهو اعتذار عن نسيانه بشغل‬
‫الشيطان له بوسواسه )‪ (5‬ولعله‬

‫)‪ (1‬أي الثاني من القوال‪ (2) .‬تفسير الرازي ‪ 136 :21‬نقله باختصار‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فل تلتفت‪ (4) .‬انوار التنزيل ‪ (5) .17 :2‬في المصدر‪:‬‬
‫بوساوسه والحال وان كانت عجيبة ل ينسى مثلها لكنه لما ضرى‬
‫بمشاهدة امثالها عند موسى والفها قل اهتمامه بها‪.‬‬

‫]‪[180‬‬

‫نسي ذلك لستغراقه في الستبصار وانجذاب شراشره إلى جناب القدس بما عراه‬
‫من مشاهدة اليات الباهرة‪ ،‬وإنما نسبه إلى الشيطان هضما لنفسه‪ ،‬أو لن‬
‫عدم احتمال القوة للجانبين واشتغالها بأحدهما عن الخر يعد من نقصان )‬
‫‪ (1‬انتهى‪ ،‬قوله تعالى‪ " :‬ل تعبد الشيطان " أي ل تطعه في عبادة اللهة‪،‬‬
‫ثم علل ذلك بأن الشيطان عاص ل والمطاوع للعاصي عاص‪ " ،‬وليا " أي‬
‫قرينا في اللعن أو العذاب تليه ويليك‪ ،‬أو ثابتا في موالته فانه أكبر من‬
‫العذاب كما أن رضوان ال أكبر من الثواب‪ .‬قوله‪ " :‬والشياطين " قال‬
‫البيضاوي‪ :‬عطف أو مفعول معه لما روي أن الكفرة يحشرون مع قرنائم‬
‫من الشياطين الذين أغووهم كل مع شيطانه في سلسلة " جثيا " على‬
‫ركبهم لما يدهمهم من هول المطلع‪ ،‬أو لنه من توابع التواقف للحساب )‬
‫‪ " .(2‬إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين " قال الطبرسي‪ :‬أي خلينا )‪(3‬‬
‫بينهم و بين الشياطين إذا وسوسوا إليهم ودعوهم إلى الضلل حتى‬
‫أغووهم ولم يحل بينهم وبينهم باللجاء ول بالمنع‪ ،‬وعبر عن ذلك‬
‫بالرسال على سبيل المجاز والتوسع‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه سلطانهم عليهم ويكون‬
‫في معنى التخلية أيضا " تؤزهم أزا " أي تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلى‬
‫المعصية عن ابن عباس‪ .‬وقيل‪ :‬تغريهم إغراء بالشئ )‪ (4‬تقول‪ :‬امض في‬
‫هذا المر حتى توقعهم في النار عن ابن جبير )‪ .(5‬قوله سبحانه‪ " :‬ومن‬
‫الشياطين من يغوصون له " قال الرازي‪ :‬المراد أنهم يغوصون له في‬
‫البحار فيستخرجون الجواهر ويتجاوزن ذلك إلى العمال المهين )‪(6‬‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ (2) .20 :2‬انوار التنزيل ‪ (3) .43 :2‬في نسخة‪] :‬ولم يخل[‬
‫وفى المصدر‪ :‬ولم نحل‪ (4) .‬في نسخة‪] :‬تغويهم اغواء بالشئ[ وفى‬
‫المصدر‪ :‬تغريهم اغراء بالشر‪ (5) .‬مجمع البيان ‪ 530 :6‬و ‪(6) .531‬‬
‫في المصدر‪ :‬إلى العمال والمهن‪.‬‬

‫]‪[181‬‬

‫وبناء المدن والقصور واختراع الصنائع العجيبة كما قال‪ " :‬يعملون له ما يشاء‬
‫من محاريب وتماثيل " وأما الصناعات فكاتخاذ الحمام والنورة والطواحين‬
‫والقوارير والصابون‪ ،‬وليس في الظاهر إل أنه سخرهم‪ ،‬لكنه قدر روي أنه‬
‫تعالى سخر كفارهم دون المؤمنين‪ ،‬وهو القرب من وجهين‪ :‬أحدهما‪،‬‬
‫إطلق لفظ الشياطين‪ ،‬والثاني‪ :‬قوله‪ " :‬وكنا لهم حافظين " فان المؤمن‬
‫إذا سخر في أمر ل يجب أن يحفظ لئل يفسد‪ ،‬وإنما يجب ذلك في الكافر‪.‬‬
‫وفي قوله‪ " :‬وكنا لهم حافظين وجوه‪ :‬أحدها‪ :‬أنه تعالى وكل بهم جمعا من‬
‫الملئكة أو جمعا من مؤمني الجن‪ .‬وثانيها‪ :‬سخرهم ال تعالى بأن حبب‬
‫إليهم طاعته وخوفهم من مخالفته‪ .‬وثالثها‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬يريد وسلطانه‬
‫مقيم عليهم يفعل بهم ما يشاء‪ .‬فان قيل‪ :‬وعن أي شئ كانوا محفظين ؟ )‬
‫‪ .(1‬قلنا فيه ثلثة أوجه‪ :‬أحدها‪ :‬أنه تعالى كان يحفظهم عليه لئل يذهبوا‬
‫ويتركوا وثانيها كان يحفظهم من أن يهيجوا أحدا في زمانه‪ ،‬وثالثها‪ :‬كان‬
‫يحفظهم من أن يفسدوا ما عملوا وكان دأبهم أنهم يعملونه في النهار ثم‬
‫يفسدونه في الليل‪ ،‬وسأل الجبائي نفسه وقال‪ :‬كيف يتهيأ لهم هذه العمال‬
‫وأجسامهم رقيقة ل يقدرون على عمل الثقيل‪ ،‬وإنما يمكنهم الوسوسة ؟‬
‫وأجاب بأنه سبحانه كثف أجسامهم خاصة وقواهم وزادهم في عظمهم )‪(2‬‬
‫فيكون ذلك معجزة لسليمان عليه السلم‪ ،‬فلما مات سليمان عليه السلم‬
‫ردهم إلى الخلقة الولى لنه تعالى لو أبقاهم على الخلقة الثانية لصار‬
‫شبهة على الناس‪ ،‬ولو ادعى متنبئ النبوة وجعله دللة لكان كمعجزات‬
‫الرسل‪ ،‬فلذلك ردهم إلى خلقهم الولى‪ .‬واعلم أن هذا الكلم ساقط من‬
‫وجوه‪ :‬أحدها لم قلت‪ :‬إن الجن من الجسام ولم ل يجوز وجود محدث ليس‬
‫بمتحيز ول قائم بالمتحيز ويكون الجن منهم ؟‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬محفوظين‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وزاد في عظمهم‪.‬‬

‫]‪[182‬‬

‫فان قلت‪ :‬لو كان المر كذلك لكان مثل للباري تعالى‪ .‬قلت‪ :‬هذا ضعيف لن‬
‫الشتراك في اللوازم السلبية )‪ ،(1‬سلمنا أنه جسم لكن لم ل يجوز حصول‬
‫القدرة على هذه العمال الشاقة في الجسم اللطيف ؟ وكلمه بناء على أن‬
‫البنية شرط وليس في يده إل الستقراء الضعيف‪ ،‬سلمنا أنه لبد من‬
‫تكثيف أجسامهم لكن لم قلت‪ :‬إنه لبد من ردها إلى الخلقة الولى بعد موت‬
‫سليمان عليه السلم وقوله‪ :‬لنه يفضي إلى التلبيس )‪ ،(2‬قلنا‪ :‬التلبيس‬
‫غير لزم لن المتنبئ إذا جعل ذلك معجزة لنفسه فللمدعو )‪ (3‬أن يقول‪ :‬لم‬
‫ل يجوز أن يقال‪ :‬إن قوة أجسادهم كانت معجزة لنبي آخر قبلك ؟ ومع قيام‬
‫هذا الحتمال ل يتمكن المتنبئ من الستدلل به )‪ .(4‬وقال البيضاوي‪" :‬‬
‫ويتبع " في المجادلة أو في عامة أحواله " كل شيطان مريد " متجرد‬
‫للفساد‪ ،‬وأصله العري )‪ " (5‬كتب عليه " على الشيطان " من توله "‬
‫تبعه والضمير للشأن " فانه يضله " خبر لمن أو جواب له‪ ،‬والمعنى كتب‬
‫عليه إضلل من توله لنه جبل عليه " ويهديه إلى عذاب السعير "‬
‫بالحمل على ما يؤدي إليه )‪ .(6‬وقال في قوله‪ " :‬في امنيته " في تشهيه‬
‫بما يوجب )‪ (7‬اشتغاله بالدنيا‪ ،‬كما قال‬

‫)‪ (1‬فيه اختصار والموجود في المصدر‪ :‬لن الشتراك في اللوازم الثبوتية ل يدل‬
‫على الشتراك في الملزومات فكيف اللوازم السلبية ؟ )‪ (2‬في المصدر‪:‬‬
‫فان قال‪ :‬لئل يفضى إلى التلبيس‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فللمدعى‪ (4) .‬تفسير‬
‫الرازي ‪ (5) .203 - 201 :22‬يقال‪ :‬شجرة مرداء أي ل ورق لها‪،‬‬
‫ورملة مرداء‪ :‬ل نبت عليها وغلم أمرد لم تنبت لحيته‪ .‬ومردت الغصن‪:‬‬
‫القيت عنه لحاءه‪ (6) .‬انوار التنزيل ‪ (7) .95 :2‬في المصدر‪ :‬ما يوجب‪.‬‬

‫]‪[183‬‬

‫صلى ال عليه وآله‪ :‬وإنه ليغان )‪ (1‬على قلبي فأستغفر ال في اليوم سبعين مرة "‬
‫فينسخ ال ما يلقي الشيطان " فيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون‬
‫والرشاد إلى ما يزيحه " ثم يحكم ال آياته " ثم يثبت آياته الداعية إلى‬
‫الستغراق في أمر الخرة " وال عليم " بأحوال الناس " حكيم " فيما‬
‫يفعله بهم " ليجعل ما يلقي الشيطان " علة لتمكين الشيطان منه " للذين‬
‫في قلوبهم مرض " شك ونفاق " والقاسية قلوبهم " المشركين )‪.(2‬‬
‫أقول‪ :‬قد مضت القوال في نزول الية في المجلد السادس‪ " .‬من همزات‬
‫الشياطين " أي وساوسهم " أن يحضرون " أن يحوموا حولي في شئ‬
‫من الحوال )‪ " (3‬فكبكبوا فيها هم والغاوون " أي اللهة وعبدتهم‪،‬‬
‫والكبكبة تكرير الكب‪ ،‬معناه أنه القي في النار ينكب مرة بعد اخرى حتى‬
‫يستقر في قعرها " و جنود إبليس " متبعوه من عصاة الثقلين أو شياطينه‬
‫)‪ " (4‬وما تنزلت به الشياطين " كما زعمت المشركون أنه من قبيل ما‬
‫يلقي الشيطان إلى الكهنة " وما ينبغي لهم " وما يصلح لهم أن ينزلوا به‬
‫" وما يستطيعون " وما يقدرون " إنهم عن السمع " لكلم الملئكة "‬
‫لمعزولون " أي مصروفون عن استماع القرآن من السماء قد حيل بينهم‬
‫وبين السمع بالملئكة والشهب‪ .‬قيل‪ :‬وذلك لنه مشروط بمشاركة في‬
‫صفات الذات وقبول فيضان الحق‬

‫)‪ (1‬في النهاية‪ :‬فيه‪ :‬انه ليغان على قلبى حتى استغفر ال في اليوم سبعين مرة‪،‬‬
‫الغين‪ :‬الغيم وغينت السماء تغان‪ :‬إذا اطبق عليها الغيم‪ ،‬وقيل‪ :‬الغين‪:‬‬
‫شجر ملتف‪ .‬اراد ما يغشاه من السهو الذى ل يخلو منه البشر لن قلبه‬
‫أبدا كان مشغول بال تعالى فان عرض له وقتا ما عارض بشرى يشغله‪:‬‬
‫من امور المة والملة ومصالحهما عد ذلك ذنبا وتقصيرا فيفزع إلى‬
‫الستغفار انتهى أقول‪ :‬لعل الصحيح انه اراد توجهه إلى الخلق إلى المأكل‬
‫والمشرب ولوازمها وما يطرأ على النسان من اللوازم البشرية‪(2) .‬‬
‫انوار التنزيل ‪ 107 :2‬و ‪ (3) 108‬انوار التنزيل ‪ 127 :2‬و ‪(4) .128‬‬
‫انوار التنزيل ‪.182 :2‬‬

‫]‪[184‬‬

‫ونفوسهم حينئذ ظلمانية شريرة )‪ (1‬ثم لما بين سبحانه أن القرآن ل يصح أن يكون‬
‫مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك ببيان من تنزلت عليه فقال‪ " :‬هل انبئكم‬
‫" إلى قوله‪ " :‬على كل أفاك أثيم " أي كذاب شديد الثم " يلقون السمع‬
‫وأكثرهم كاذبون " أي الفاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم‬
‫ظنونا وأمارات لنقصان علمهم فيضمون إليها على حسب تخيلتهم أشياء‬
‫ل يطابق‪ ،‬كذا قيل )‪ .(2‬وفي الكافي في خبر طويل عن الباقر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ليس من يوم وليلة إل وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلل‪،‬‬
‫ويزور أئمة الهدى عددهم من الملئكة حتى إذا أتت ليلة القدر‪ ،‬فهبط )‪(3‬‬
‫فيها من الملئكة إلى اولي المر خلق ال‪ ،‬أو قال‪ :‬قيض ال من الشياطين‬
‫بعددهم ثم زاروا ولي الضللة فأتوه بالفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول‪:‬‬
‫رأيت كذا وكذا فلو سأل ولي المر عن ذلك لقال‪ :‬رأيت شيطانا أخبرك بكذا‬
‫وكذا حتى يفسر له تفسيرا ويعلمه الضللة التي هو عليها )‪ " .(4‬ولقد‬
‫صدق عليهم إبليس ظنه " صدق في ظنه وهو قوله‪ " :‬لضلنهم‬
‫ولغوينهم " وقرئ بالتشديد أي حققه " إل فريقا من المؤمنين " أي إل‬
‫فريقا هم المؤمنون لم يتبعوه‪ ،‬وتقليلهم بالضافة إلى الكفار‪ ،‬أو إل فريقا‬
‫من فرق المؤمنين لم يتبعوه في العصيان وهم المخلصون " من سلطان "‬
‫أي من تسلط واستيلء " إل لنعلم " الخ أي‬

‫)‪ (1‬ذكره البيضاوى في تفسيره ‪ 189 :1‬فيه‪ :‬وقبول فيضان الحق والنتقاش‬
‫بالصور الملكوتية ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات ل تقبل ذلك‬
‫والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات ل يمكن تلقيها ال من الملئكة‪(2) .‬‬
‫القائل هو البيضاوى في انوار التنزيل ‪ 190 :2‬وفيه‪ :‬اكد ذلك بأن بين ان‬
‫محمدا صلى ال عليه وسلم ل يصلح لن تنزلوا عليه من وجهين‪:‬‬
‫احدهما انه يكون على شرير كذاب كثير الثم فان اتصال النسان‬
‫بالغائبات لما بينهما من التناسب والتواد وحال محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم على خلف ذلك‪ ،‬وثانيهما قوله يلقون ا‍ه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فيهبط‪.‬‬
‫)‪ (4‬اصول الكافي ‪.253 :1‬‬

‫]‪[185‬‬

‫إل ليتعلق علمنا بذلك تعلقا يترتب عليه الجزاء‪ ،‬أو ليتميز المؤمن من الشاك‪،‬‬
‫والمراد من حصول العلم حصول متعلقة مبالغة )‪ .(1‬وفي الكافي عن الباقر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان تأويل هذه الية‪ ،‬لما قبض رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله والظن من إبليس حين قالوا لرسول ال صلى ال عليه وآله‪ " :‬إنه‬
‫ينطق عن الهوى " فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه )‪ .(2‬وفي تفسير‬
‫علي بن إبراهيم عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬لما أمر ال نبيه صلى ال‬
‫عليه وآله أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلم للناس في قوله‪ " :‬يا أيها‬
‫الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " في علي بغدير خم‪ ،‬قال‪ " :‬من كنت‬
‫موله فعلي موله " فجاءت البالسة إلى إبليس الكبر وحثوا التراب على‬
‫رؤوسهم فقال لهم إبليس‪ :‬ما لكم ؟ قالوا‪ :‬إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة‬
‫ل يحلها شئ إلى يوم القيامة‪ ،‬فقال لهم إبليس‪ :‬كل إن الذين حوله قد‬
‫وعدوني فيه عدة لن يخلفوني‪ ،‬فأنزل ال عزوجل على رسوله‪ " :‬ولقد‬
‫صدق عليهم إبليس ظنه " الية )‪ " .(3‬إن الشيطان لكم عدو " عداوة‬
‫عامة قديمة‪ " ،‬فاتخذوه عدوا " في عقائدكم وأفعالكم وكونوا على حذر‬
‫منه في مجامع أحوالكم " إنما يدعوا " الخ تقدير لعداوته وبيان لغرضه )‬
‫‪ " .(4‬ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن ل تعبدوا الشيطان " هو من جملة ما‬
‫يقال لهم يوم القيامة تقريعا وإلزاما للحجة‪ ،‬وعهده إليهم ما نصب لهم من‬
‫الدلئل العقلية والسمعية المرة بعبادته الزاجرة عن عبادة غيره‪ ،‬وجعلها‬
‫عبادة الشيطان لنه المر بها المزين لها‪.‬‬

‫)‪ (1‬اختصره من انوار التنزيل ‪ 288 :2‬و ‪ (2) .289‬الحديث طويل رواه الكليني‬
‫في الروضة‪ (3) .345 :‬تفسير القمى‪ 538 :‬رواه عن ابيه عن ابن ابى‬
‫عمير عن ابن سنان‪ (4) .‬انوار التنزيل ‪.297 :2‬‬

‫]‪[186‬‬

‫" إنه لكم عدو مبين " تعليل للمنع عن عبادته بالطاعة فيما يحملهم عليه " وأن‬
‫اعبدوني " عطف على أن ل تعبدوا " هذا صراط مستقيم " إشارة إلى ما‬
‫عهد إليهم‪ ،‬أو إلى عبادته بالطاعة فيما يحملهم عليه‪ ،‬والجملة استيناف‬
‫لبيان المقتضي للعهد " ولقد أضل منكم جبل كثيرا " رجوع إلى بيان‬
‫معاداة الشيطان مع ظهور عداوته ووضوح إضلله لمن له أدنى عقل‬
‫ورأي‪ ،‬والجبل‪ :‬الخلق )‪ .(1‬قوله سبحانه‪ " :‬وحفظا من كل شيطان مارد‬
‫" قال البيضاوي‪ " :‬حفظا " منصوب باضمار فعله أو العطف على زينة‬
‫باعتبار المعنى‪ ،‬كأنه قال‪ :‬إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا من كل‬
‫شيطان مارد‪ ،‬خارج عن الطاعة برمي الشهب )‪ .(2‬قال الرازي‪ :‬قال ابن‬
‫عباس‪ :‬يريد حفظ السماء بالكواكب )‪ (3‬من كل شيطان تمرد على ال‪ ،‬قال‬
‫المفسرون‪ :‬الشياطين يصعدون )‪ (4‬إلى قرب السماء فربما سمعوا كلم‬
‫الملئكة وعرفوا به ما سيكون من الغيوب‪ ،‬وكانوا يخبرون به ضعفاءهم‬
‫ويوهمونهم أنهم يعلمون الغيب‪ ،‬فمنعهم ال تعالى عن الصعود إلى قرب‬
‫السماء بهذه الشهب‪ ،‬فانه تعالى يرميهم بها فيحرقهم بها‪ .‬وبقي ههنا‬
‫سؤالت‪ :‬الول هذه الشهب هل هي من الكواكب التي زين ال السماء بها‬
‫أم ل ؟ و الول باطل لن هذه الشهب تبطل وتضمحل‪ ،‬فلو كانت هذه‬
‫الشهب تلك الكواكب الحقيقية لوجب أن يظهر نقصان كثير في أعداد‬
‫كواكب السماء‪ ،‬ومعلوم أن هذا المعنى لم يوجد البتة‪ ،‬وأيضا فجعلها‬
‫رجوما للشياطين مما يوجب النقصان في زينة السماء فكان الجمع بين‬
‫هذين المقصودين كالمتناقض‪ .‬وأما القسم الثاني‪ :‬وهو أن يقال‪ :‬هذه‬
‫الشهب جنس آخر غير الكواكب المركوزة‬

‫)‪ (1‬أخذه من انوار التنزيل ‪ (2) .315 :2‬انوار التنزيل‪ (3) .320 :2 :‬إلى هنا‬
‫انتهى كلم ابن عباس‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬الشياطين كانوا يصعدون‪.‬‬
‫]‪[187‬‬

‫في الفلك‪ ،‬فهذا أيضا مشكل لنه تعالى قال في سورة تبارك‪ " :‬ولقد زينا السماء‬
‫الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين " والضمير عائد إلى‬
‫المصابيح‪ .‬والجواب أن هذه الشهب غير تلك الثواقب الباقية‪ ،‬وأما قوله‪:‬‬
‫" ولقد زينا " الخ فنقول‪ :‬كل منير يحصل في الجو العالي فهو مصباح‬
‫لهل الرض إل أن تلك المصابيح منها باقية على وجه الدهر آمنة من‬
‫التغير والفساد‪ ،‬ومنها ما ل يكون كذلك وهي هذه الشهب التي يحدثها ال‬
‫تعالى ويجعلها رجوما للشياطين )‪ .(1‬الثاني‪ :‬كيف يجوز أن يذهب‬
‫الشياطين إلى السماء حيث يعلمون بالتجربة أن الشهب تحرقهم ول‬
‫يصلون إلى مقصودهم البتة ؟ وهل يمكن أن يصدر مثل هذا الفعل عن‬
‫عاقل فكيف من الشاطين الذين لهم مزية في معرفة الحيل الدقيقة ؟‬
‫والجواب‪ :‬أن حصول هذه الحالة ليس له موضع معين‪ ،‬وإل لم يذهبوا إليه‬
‫وإنما يمنعون من المصير إلى مواضع الملئكة‪ ،‬ومواضعها مختلفة‪ ،‬فربما‬
‫أن صاروا إلى موضع تصيبهم الشهب‪ ،‬وربما صاروا إلى غيره ول‬
‫يصادفون الملئكة فل تصيبهم الشهب فلما هلكوا في بعض الوقات‬
‫وسلموا في بعضها‪ ،‬جاز أن يصيروا إلى مواضع يغلب على ظنونهم أنه ل‬
‫تصيبهم الشهب فيها‪ ،‬كما يجوز فيمن يسلك البحر أن يسلكه في موضع‬
‫يغلب على ظنه حصول النجاة‪ ،‬هذا ما ذكره الجبائي في تفسيره‪ .‬ولقائل أن‬
‫يقول‪ :‬إنهم إذا صعدوا فاما أن يصلوا إلى مواضع الملئكة أو إلى غير ذلك‬
‫الموضع‪ ،‬فان وصلوا إلى مواضع الملئكة احترقوا‪ ،‬وإن وصلوا إلى‬
‫غيرها لم يفوزوا بمقصود أصل )‪ ،(2‬فبعد هذه التجزية وجب أن يمتنعوا‬
‫عن هذا العمل‪.‬‬

‫)‪ (1‬ويمكن ان يقال‪ :‬ان تلك الشهب هي الحجار السماوية التى تقطعت عن كوكب‬
‫أو قطع من بقايا كوكب متهشم موجودة في جهة من الجو مجذوبة‬
‫للشمس متى مرت الرض بجانبها وصارت في متناول جاذبيتها انجذبت‬
‫إليها واحترقت من سرعة هويها ولم يصل الرض منها شئ‪ ،‬وربما‬
‫وصلت قطعة فغارت في الرض على ما قيل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لم يفوزوا‬
‫بمقصودهم اصل‪.‬‬

‫]‪[188‬‬

‫والقرب في الجواب أن نقول‪ :‬هذه الواقعة إنما تتفق في الندرة فلعلها لم يشتهر‬
‫بين الشياطين‪ .‬الثالث‪ :‬قالوا‪ :‬دلت التواريخ المتواترة على أن حدوث‬
‫الشهب كان حاصل قبل مجئ النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬ولذلك )‪(1‬‬
‫فان الحكماء الذين كانوا موجودين قبل مجئ النبي صلى ال عليه وآله‬
‫بزمان طويل ذكروا ذلك وتكلموا في سبب حدوثه‪ .‬وأجاب القاضي بأن‬
‫القرب أن هذه الحالة كانت موجودة قبل النبي لكنها كثرت في زمانه صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم فصار بسبب الكثرة معجزا )‪ (2‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يمكن‬
‫أن يقال في الجواب عن السؤال الول‪ :‬أما أول فبأنه على تقدير كون‬
‫المراد بالمصابيح الكواكب نمنع عدم التغير في أعدادها‪ ،‬لن جميعها غير‬
‫مرصودة ل سيما على القول بأن المجرة مركبة من الكواكب الصغيرة‪.‬‬
‫وأما ثانيا فبأن يقال‪ :‬يجوز أن يخلق ال تعالى في موضع الكوكب الذي‬
‫يرمى به الشياطين كوكبا آخر فل يحس بزواله‪ .‬وأما ثالثا فبأن يقال‪ :‬لعله‬
‫ينفصل من الكوكب جسم يحرق الشياطين ويهلكهم مع بقاء الكوكب‪ ،‬كما‬
‫ينفصل عن النار شعل محرقة مع بقائها‪ ،‬والشهاب في الصل شعلة نار‬
‫ساطعة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ " :‬آتيكم بشهاب قبس "‪ .‬وأما السؤال الثاني‬
‫فأجاب الشيخ رحمه ال في التبيان عنه بأنهم ربما جوزوا أن يصادفوا‬
‫موضعا يصعدون منه ليس فيه ملك يرميهم بالشهب‪ ،‬أو اعتقدوا أن ذلك‬
‫غير صحيح ولم يصدقوا من أخبرهم أنهم رموا حين أرادوا الصعود‪ .‬وقيل‬
‫في الجواب‪ :‬إذا جاء القضا عمي البصر‪ ،‬فإذا قضى ال عليه شيطان‬
‫بالحرق قبض )‪ (3‬ال من نفسه ما يبعثه على القدام على الهلكة‪ ،‬وربما‬
‫غفل عن التجربة لشدة حرصه على درك المقصود‪ ،‬وقد يقال في الجواب‬
‫عن الثالث‪ :‬بأن ما حدث بولدته صلى ال عليه وآله‬

‫)‪ (1‬لم يذكر في المصدر قوله‪ :‬ولذلك‪ (2) .‬تفسير الرازي ‪ 120 :26‬و ‪(3) .121‬‬
‫هكذا في النسخ ولعل الصحيح‪ :‬فيض ال‪ ،‬أي قدر ال‪.‬‬

‫]‪[189‬‬

‫وبعثه هو طرد الشياطين بالشهب الثواقب ل وجودها‪ ،‬مع أن طائفة زعموا أن هذه‬
‫الشهب ما كانت موجودة قبل البعث‪ ،‬ورووه عن ابن عباس وأبي بن كعب‬
‫قالوا‪ :‬لم يرم بنجم منذ رفع عيسى بن مريم عليه السلم حتى بعث رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فرمي بها‪ ،‬فرأت قريش أمرا ما رأوه قبل ذلك‬
‫فجعلوا يسيبون أنعامهم ويعتقون رقابهم يظنون إبان الفنآء‪ ،‬فبلغ ذلك‬
‫بعض أكابرهم فقال‪ :‬لم فعلتم ذلك ؟ فقالوا‪ :‬رمي بالنجوم فرأينا تتهافت في‬
‫السماء فقال‪ :‬اصبروا فان تكن نجوم معروفة فهو وقت فناء الدنيا‪ ،‬وإن‬
‫كانت نجوم ل تعرف فهو أمر حدث‪ ،‬فنظروا فإذا هي ل تعرف فأخبروه‬
‫فقال‪ :‬في المر مهلة‪ ،‬وهذا عند ظهور نبي فما مكثوا إل يسيرا حتى قدم‬
‫أبو سفيان على أخواله وأخبر أولئك القوام أنه ظهر محمد بن عبد ال‬
‫صلى ال عليه وآله ويدعي أنه نبي مرسل‪ ،‬وهؤلء زعموا أن كتب الوائل‬
‫قد توالت عليها التحريفات‪ ،‬فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة بها طعنا‬
‫منهم في هذه المعجزة‪ ،‬وكذا الشعار المنسوبة إلى أهل الجاهلية لعلها‬
‫مختلقة عليهم لذلك‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬ل يسمعون إلى المل العلى " قال‬
‫البيضاوي‪ :‬كلم مبتدأ لبيان حالهم بعد ما حفظ السماء عنهم‪ ،‬ول يجوز‬
‫جعله صفة " لكل شيطان " فانه يقتضي أن يكون الحفظ من شياطين ل‬
‫يسمعون‪ ،‬والضمير لكل باعتبار المعنى‪ ،‬وتعدية السماع بالى لتضمنه‬
‫معنى الصغاء مبالغة لنفيه وتهويل لما يمنعهم‪ ،‬ويدل عليه قراءة حمزة و‬
‫الكسائي وحفص بالتشديد من التسمع وهو طلب السماع‪ ،‬والمل ال على‬
‫الملئكة أو أشرافهم " ويقذفون " يرمون " من كل جانب " من السماء‬
‫إذا قصدوا صعوده " دحورا " علة أي للدحور وهو الطرد‪ ،‬أو مصدر لنه‬
‫والقذف متقاربان‪ ،‬أو حال بمعنى مدحورين أو منزوع عنه الباء جمع دحر‬
‫وهو ما يطرد به‪ ،‬ويقويه القراءة بالفتح‪ ،‬وهو يحتمل أيضا أن يكون‬
‫مصدرا كالقبول أو صفة له‪ ،‬أي قذفا دحورا " ولهم عذاب واصب " أي‬
‫عذاب آخر دائم أو شديد وهو عذاب الخرة " إل من خطف الخطفة "‬
‫استثناء من " واو " يسمعون ومن بدل منه‪ ،‬والخطف‪ :‬الختلس‪،‬‬
‫والمراد اختلس كلم الملئكة مسارقة و " أتبع " بمعنى تبع والثاقب‬
‫المضئ )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ 320 :2‬و ‪ 321‬وفيه اختصار‪.‬‬

‫]‪[190‬‬

‫أقول‪ :‬وقد مر بعض الكلم في بعض هذه اليات‪ .‬وقال البيضاوي‪ " :‬طلعها " أي‬
‫حملها‪ :‬مستعار من طلع الثمر لمشاركته إياه في الشكل أو لطلوعه من‬
‫الشجر " كأنها رؤوس الشياطين " في تناهي القبح والهول وهو تشبيه‬
‫بالمتخيل كتشبيه الفائق في الحسن بالملك‪ ،‬وقيل‪ :‬الشياطين حيات هائلة‬
‫قبيحة المنظر لها أعراف‪ ،‬ولعلها سميت بها لذلك )‪ .(1‬وقال‪" :‬‬
‫والشياطين " عطف على الريح " كل بناء وغواص " بدل منه " وآخرين‬
‫مقرنين في الصفاد " عطف على " كل " كأنه فصل الشياطين إلى عملة‬
‫استعملهم في العمال الشاقة كالبناء والغوص‪ ،‬ومردة قرن بعضهم مع‬
‫بعض في السلسل ليكفوا عن الشر‪ ،‬ولعل أجسامهم شفافة صلبة فل ترى‪،‬‬
‫ويمكن تقييدها‪ ،‬هذا والقرب أن المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالقران‬
‫في الصفد وهو القيد )‪ .(2‬وقال الرازي‪ :‬وههنا بحث وهو أن هذه اليات‬
‫دالة على أن الشياطين لها قوة عظيمة وبسبب تلك القوة قدروا على بناء‬
‫البنية القوية التي ل يقدر عليها البشر وقدروا على الغوص في البحار‪،‬‬
‫واحتاج سليمان عليه السلم إلى قيدهم‪ ،‬ولقائل أن يقول‪ :‬هذه الشياطين‬
‫إما أن تكون أجسادهم كثيفة أو لطيفة‪ ،‬فان كان الول وجب أن يراهم من‬
‫كان صحيح الحاسة‪ ،‬إذ لو جاز أن ل نراهم مع كثافة أجسادهم فليجز أن‬
‫يكون بحضرتنا جبال عالية وأصوات هائلة ل نراها ول نسمعها‪ ،‬وذلك‬
‫دخول في السفسطة فان كان الثاني‪ :‬وهو أن أجسادهم ليست كثيفة بل‬
‫لطيفة رقيقة‪ ،‬فمثل هذا يمتنع أن يكون موصوفا بالقوة الشديدة‪ ،‬وأيضا‬
‫لزم أن تتفرق أجسادهم وأن تتمزق بسبب الرياح القوية وأن يموتوا في‬
‫الحال‪ ،‬وذلك يمنع وصفهم باللت القوية )‪ .(3‬وأيضا الجن والشياطين إن‬
‫كانو موصوفين بهذه الشدة والقوة فلم ل يقتلون العلماء والزهاد في زماننا‬
‫؟ ولم ل يخربون ديار الناس مع أن المسلمين مبالغون في إظهار لعنتهم‬
‫وعداوتهم‪ ،‬وحيث ل يحس شئ من ذلك علمنا أن القول باثبات الجن‬
‫والشياطين ضعيف‪.‬‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ (2) ،326 :2‬انوار التنزيل ‪ (3) .346 :2‬في المصدر‪ :‬وذلك‬
‫يمنع من وصفهم ببناء البنية القوية‪.‬‬

‫]‪[191‬‬

‫واعلم أن أصحابنا يجوزون أن تكون أجسامهم كثيفة مع أنا ل نراها‪ ،‬وأيضا ل يبعد‬
‫أن يقال‪ :‬أجسامهم لطيفه بمعنى عدم اللون‪ ،‬ولكنها صلبة بمعنى أنها ل‬
‫تقبل التفرق‪ ،‬وأما الجبائي فقد سلم أنها كانت كثيفة الجسام‪ ،‬وزعم أن‬
‫الناس كانوا يشاهدونهم في زمن سليمان عليه السلم‪ ،‬ثم إنهم لما توفي‬
‫سليمان عليه السلم أمات ال تلك الجن والشياطين وخلق نوعا آخر من‬
‫الجن والشياطين‪ ،‬والموجود في زماننا ليس إل من هذا الجنس )‪ (1‬وال‬
‫أعلم انتهى )‪ .(2‬قال الطبرسي رحمه ال‪ " :‬وآخرين " أي وسخرنا له‬
‫آخرين من الشياطين مشددين )‪ (3‬في الغلل والسلسل من الحديد‪ ،‬وكان‬
‫يجمع بين اثنين وثلثة منهم في سلسلة ل يمتنعون عليه إذا أراد ذلك بهم‬
‫عند تمردهم‪ .‬وقيل‪ :‬إنه إنما كان يفعل ذلك بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم )‪.(4‬‬
‫" بنصب وعذاب " أي بتعب ومكروه ومشقة وقيل‪ :‬بوسوسة‪ ،‬فيقول له‪:‬‬
‫طال مرضك ول يرحمك ربك انتهى )‪ .(5‬وقال البيضاوي في قوله تعالى‪:‬‬
‫" فإذا سويته " عدلت خلقته " استكبر " تعظم و " كان " أي وصار‪ ،‬أو‬
‫في علم ال " فبعزتك " فبسلطانك وقهرك " فالحق والحق أقول " أي‬
‫فأحق الحق وأقوله‪ .‬وقيل‪ :‬الحق الول اسم ال تعالى‪ ،‬ونصب بحذف حرف‬
‫القسم وجوابه " لملئن جهنم منك وممن تبعك منهم أجعين " وما بينهما‬
‫اعتراض‪ ،‬وهو على الول جواب محذوف‪ ،‬والجملة تفسير للحق المقول‪،‬‬
‫وقرأ عاصم وحمزة برفع الول على البتداء‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من الجن والشياطين تكون اجسامهم في غاية الرقة ول يكون لهم‬
‫شئ من القوة والموجود في زماننا من الجن والشياطين ليس ال من هذا‬
‫الجن‪ (2) .‬تفسر الرازي ‪ 210 :26‬و ‪ (3) .211‬في المصدر‪ :‬مشدودين‪.‬‬
‫)‪ (4‬مجمع البيان ‪ (5) .477 :8‬مجمع البيان ‪.478 :8‬‬

‫]‪[192‬‬

‫أي الحق يميني أو قسمي أو الخبر أي أنا الحق )‪ " (1‬وإما ينزغنك من الشيطان‬
‫نزغ " أي نخس به شبه وسوسته لنها بعث على ما ل ينبغي كالدفع بما‬
‫هو أسوأ‪ ،‬وجعل النزغ نازغا على طريقة جد جده‪ ،‬أو اريد به نازغ وصفا‬
‫للشيطان بالمصدر " فاستعذ بال إنه هو السميع " ل ستعاذتك " العليم "‬
‫بنيتك أو بصلحك )‪ (2‬ومن يعش عن ذكر الرحمن " يتعامى )‪ (3‬ويعرض‬
‫عنه لفرط اشتغاله بالمحسوسات أو انهماكه في الشهوات " نقيض " نقدر‬
‫ونسبب له " شيطانا فهو له قرين " يوسوسه ويغويه )‪ (4‬دائما‪ .‬أقول‪:‬‬
‫وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬من تصدى بالثم أعشى عن‬
‫ذكر ال تعالى‪ ،‬ومن ترك الخذ عمن أمر ال بطاعته قيض له شيطانا فهو‬
‫له قرين )‪ " .(5‬سول لهم " قيل أي سهل لهم اقتراف الكبائر‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫حملهم على الشهوات " وأملى لهم " أي وأمد لهم في المال والماني أو‬
‫أمهلهم ال ولم يعاجلهم بالعقوبة )‪ " (6‬استحوذ عليهم الشيطان " أي‬
‫استولى عليهم وهو مما جاء على الصل " فأنساهم ذكر ال " ل يذكرونه‬
‫بقلوبهم ول بألسنتهم " اولئك حزب الشيطان " جنوده وأتباعه " أل إن‬
‫حزب الشيطان هم الخاسرون " لنهم فوتوا على أنفسهم النعيم المؤبد‬
‫وعرضوها للعذاب المخلد )‪ " .(7‬كمثل الشيطان " قال البيضاوي‪ :‬أي مثل‬
‫المنافقين في إغراء اليهود على القتال كمثل الشيطان " إذ قال للنسان‬
‫اكفر " أغراه على الكفر إغراء المر المأمور " فلما‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ 350 :2‬و ‪ (2) .351‬انوار التنزيل ‪ (3) .389 :2‬في المصدر‪:‬‬
‫]يتعام[ وهو الصحيح‪ (4) .‬انوار التنزيل ‪ (5) .408 :2‬الخصال ‪633 :2‬‬
‫و ‪ 634‬طبعة الغفاري وفيها‪] :‬من صدئ[ وفيها‪] :‬قيض ال له[ والحديث‬
‫من أجزاء حديث اربعمائة‪ (6) .‬انوار التنزيل ‪ (7) .438 :2‬انوار التنزيل‬
‫‪.507 :2‬‬

‫]‪[193‬‬

‫كفر قال إني برئ منك " تبرأ عنه مخافة أن يشاركه في العذاب ول ينفعه ذلك كما‬
‫قال‪ " :‬إني أخاف ال رب العالمين " إلى قوله‪ " :‬جزاء الظالمين "‬
‫والمراد من النسان الجنس وقيل‪ :‬أبو جهل قال له إبليس يوم بدر‪ :‬ل‬
‫غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم الية‪ ،‬وقيل‪ :‬راهب حمله على‬
‫الفجور والرتداد )‪ .(1‬ولقد زينا " أقول‪ :‬قد مر الكلم فيها في باب‬
‫السماوات‪ " .‬من شر الوسواس الخناس " قال الطبرسي رحمه ال فيه‬
‫أقوال‪ :‬أحدها‪ :‬أن معناه من شر الوسوسة الواقعة من الجنة التي‬
‫يوسوسها في صدور الناس‪ ،‬فيكون فاعل يوسوس ضمير الجنة‪ ،‬وإنما‬
‫ذكر لن الجنة والجن واحد وجازت الكناية عنه وإن كان متأخرا لنه في‬
‫نية التقدم‪ .‬وثانيها‪ :‬أن معناه من شر ذي الوسواس وهو الشيطان‪ ،‬كما‬
‫جاء في الثر " أنه يوسوس فإذا ذكر ربه خنس "‪ .‬ثم وصفه ال تعالى‬
‫بقوله‪ " :‬الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس " أي بالكلم‬
‫الخفى الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير سماع‪ ،‬ثم ذكر أن هذا‬
‫الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة وهم الشياطين كما قال‬
‫سبحانه‪ " :‬إل إبليس كان من الجن )‪ " (2‬ثم عطف بقوله‪ " :‬والناس "‬
‫على الوسواس‪ ،‬والمعنى من شر الوسواس‪ ،‬ومن شر الناس كأنه أمر أن‬
‫يستعيذ من شر الجن والنس‪ .‬وثالثها‪ :‬أن معناه من شر ذي الوسواس‬
‫الخناس‪ ،‬ثم فسره بقوله‪ " :‬من الجنة والناس " كما تقول نعوذ بال من‬
‫شر كل ما رد من الجن والنس‪ ،‬وعلى هذا فيكون وسواس الجنة هو‬
‫وسواس الشيطان‪ ،‬وفي وسواس النس وجهان‪ :‬أحدهما أنه وسوسة‬
‫النسان نفسه‪ .‬والثاني إغواء من يغويه من الناس‪ ،‬ويدل عليه قوله‪" :‬‬
‫شياطين النس والجن " )‪(3‬‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل ‪ 511 :2‬و ‪ (2) .512‬الكهف‪ (3) .51 :‬النعام‪.112 :‬‬

‫]‪[194‬‬

‫فشيطان الجن يوسوس‪ ،‬وشيطان النس يأتي علنية ويري أنه ينصح وقصده‬
‫الشر‪ ،‬قال مجاهد‪ :‬الخناس‪ :‬الشيطان إذا ذكر ال سبحانه خنس وانقبض‪،‬‬
‫وإذا لم يذكر ال انبسط على القلب‪ ،‬ويؤيده ما روي عن أنس بن مالك قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن الشيطان واضع خطمه على قلب‬
‫ابن آدم فإذا ذكر ال سبحانه خنس‪ ،‬وإن نسي التقم قلبه‪ ،‬فذلك الوسواس‬
‫الخناس‪ .‬وقيل‪ :‬الخناس معناه الكثير الختفاء بعد الظهور وهو المستتر‬
‫المختفي عن أعين الناس لنه يوسوس من حيث ل يرى بالعين‪ ،‬وروى‬
‫العياشي باسناده‪ ،‬عن أبان بن تغلب‪ ،‬عن جعفر بن محمد عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما من مؤمن إل ولقلبه في صدره‬
‫اذنان‪ :‬اذن ينفث فيها الملك‪ ،‬واذن ينفث فيها الوسواس الخناس‪ ،‬فيؤيد ال‬
‫المؤمن بالملك‪ ،‬وهو قوله سبحانه‪ " :‬وأيدهم بروح منه )‪- 1 ." (1‬‬
‫تفسير علي بن إبراهيم‪ :‬قوله تعالى‪ " :‬والشياطين كل بناء وغواص " أي‬
‫في البحر " وآخرين مقرنين في الصفاد " يعنى مقيدين قد شد بعضهم‬
‫إلى بعض‪ ،‬وهم الذين عصوا سليمان عليه السلم حين سلبه ال ملكه‪ ،‬قال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬جعل ال عزوجل ملك سليمان في خاتمه‪ ،‬فكان إذا‬
‫لبسه حضرته الجن والنس والشياطين وجميع الطير والوحش وأطاعوه‬
‫ويبعث ال )‪ (2‬رياحا تحمل الكرسي بجميع ما عليه من الشياطين والطير‬
‫والنس والدواب والخيل‪ ،‬فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان‪،‬‬
‫وكان يصلي الغداة بالشام والظهر بفارس‪ ،‬وكان يأمر الشياطين أن يحملوا‬
‫الحجارة من فارس يبيعونها بالشام فلما مسح أعناق الخيل وسوقها‬
‫بالسيف سلبه ال ملكه فجاء شيطان فأخذ من خادمه خاتمه حيث دخل‬
‫الخلء )‪ - (3‬وساق الحديث إلى قوله‪ - :‬فلما رد عليه الخاتم ولبسه )‪(4‬‬
‫حوت‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ 570 :10‬و ‪ (2) .571‬في المصدر‪ :‬وأطاعوه فيقعد على كرسيه‬
‫ويبعث ال‪ (3) .‬في المصدر‪] :‬سلبه ال ملكه وكان إذا دخل الخلء دفع‬
‫خاتمه إلى بعض من يخدمه فجاء شيطان فخدع خادمه واخذ من يده‬
‫الخاتم فلبسه ا‍ه[ والحديث طويل فيه غرابة شديدة‪ .‬بل فيه ما يخالف‬
‫ضرورة المذهب راجعه‪ (4) .‬في المصدر‪] :‬فخرت[ وما قبل ذلك نقل‬
‫بالمعنى راجع المصدر‪.‬‬

‫]‪[195‬‬

‫عليه الشياطين والجن والنس والطير والوحوش ورجع إلى ماكان‪ ،‬فطلب ذلك‬
‫بالشيطان وجنوده الذين كانوا معه‪ ،‬فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء‬
‫وبعضهم في جوف الصخر بأسامي ال‪ ،‬فهم محبوسون معذبون إلى يوم‬
‫القيامة )‪ - 2 .(1‬القصص‪ :‬بسنده عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان سليمان عليه السلم يأمر الشياطين فتحمل له الحجارة من‬
‫موضع إلى موضع فقال لهم ابليس‪ :‬كيف أنتم ؟ قالوا‪ :‬ما لنا طاقة بما نحن‬
‫فيه‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬أليس تذهبون بالحجارة وترجعون فراغا ؟ قالوا‪ :‬نعم‬
‫قال‪ :‬فأنتم في راحة‪ ،‬فأبلغت الريح سليمان ما قال إبليس للشياطين‪،‬‬
‫فأمرهم يحملون الحجارة ذاهبين ويحملون الطين راجعين إلى موضعها‪،‬‬
‫فتراءى لهم إبليس فقال‪ :‬كيف أنتم ؟ فشكوا إليه فقال‪ :‬ألستم تنامون بالليل‬
‫؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فأنتم في راحة‪ ،‬فابلغت الريح ما قالت الشياطين‬
‫وإبليس‪ ،‬فأمرهم أن يعملوا بالليل والنهار فما لبثوا إل يسيرا حتى مات‬
‫سليمان صلوات ال عليه )‪ - 3 .(2‬العيون والعلل‪ :‬باسناده عن الرضا عن‬
‫آبائه عليهم السلم قال‪ :‬سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلم عن اسم‬
‫ابليس ما كان في السماء ؟ فقال‪ :‬كان اسمه الحارث‪ ،‬وسأله عن أول من‬
‫كفر‪ ،‬فقال‪ :‬إبليس لعنه ال )‪ - 4 .(3‬التفسير‪ :‬قال علي بن إبراهيم في‬
‫قوله تعالى‪ " :‬فاستعذ بال من الشيطان الرجيم " قال‪ :‬الرجيم أخبث‬
‫الشياطين‪ ،‬قيل‪ :‬ولم سمي رجيما ؟ قال‪ :‬لنه يرجم )‪ - 5 (4‬القصص‬
‫للراوندي‪ :‬باسناده عن عبد ال بن عمر قال‪ :‬سئل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ (2) .566 :‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ .‬واخرجه المصنف بتمامه‬
‫مع اسناده في كتاب النبوة‪ .‬راجع ج ‪ (3) .72 :14‬عيون اخبار الرضا‪:‬‬
‫‪ 135 - 133‬علل الشرائع‪ 197 :‬و ‪ 198‬والحديث طويل رواه الصدوق‬
‫باسناده عن ابى الحسن محمد بن عمرو بن على بن عبد ال البصري‬
‫عن ابى عبد ال محمد بن عبد ال بن احمد بن جبلة الواعظ عن ابى‬
‫القاسم عبد ال بن احمد بن عامر الطائى عن ابيه عن على بن موسى‬
‫الرضا عليه السلم‪ (4) .‬تفسير القمى‪.365 :‬‬

‫]‪[196‬‬

‫عن ذي الكفل‪ ،‬فقال كان رجل من حضرموت واسمه عويد ابن أديم‪ ،‬وكان في زمن‬
‫نبي من النبياء )‪ (1‬قال‪ :‬من يلي )‪ (2‬أمر الناس بعدي على أن ل‬
‫يغضب ؟ فقام فتى فقال‪ :‬أنا‪ ،‬فلم يلتفت إليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬كذلك‪ ،‬فقام الفتى‪،‬‬
‫فمات ذلك النبي وبقي ذلك الفتى وجعله ال نبيا‪ ،‬وكان الفتى يقضي أول‬
‫النهار فقال إبليس لتباعه‪ :‬من له ؟ فقال واحد منهم يقال له‪ :‬البيض‪ :‬أنا‪،‬‬
‫فقال إبليس‪ :‬فاذهب إليه لعلك تغضبه‪ ،‬فلما انتصف النهار جاء البيض إلى‬
‫ذي الكفل وقد أخذ مضجعه فصاح وقال‪ :‬إني مظلوم‪ ،‬فقال‪ :‬قل له‪ :‬تعالى !‬
‫فقال‪ :‬ل أنصرف‪ ،‬قال‪ :‬فأعطاه خاتمه فقال‪ :‬اذهب وأتني بصاحبك‪ ،‬فذهب‬
‫حتى إذا كان من الغد جاء تلك الساعة التي أخذ هو مضجعه فصاح إني‬
‫مظلوم وإن خصمى لم يلتفت إلى خاتمك‪ ،‬فقال له الحاجب‪ :‬ويحك دعه ينم‬
‫فانه لم ينم البارحة ول أمس‪ ،‬قال‪ :‬ل أدعه ينام وأنا مظلوم‪ ،‬فدخل الحاجب‬
‫وأعلمه فكتب له كتابا وختمه ودفعه إليه‪ ،‬فذهب حتى إذا كان من الغد حين‬
‫أخذ مضجعه جاء فصاح فقال‪ :‬ما التفت إلى شئ من أمرك ولم يزل يصيح‬
‫حتى قام وأخذ بيده في يوم شديد الحر لو وضعت فيه بضعة لحم على‬
‫الشمس لنضجت‪ ،‬فلما رأى البيض ذلك انتزع يده من يده ويئس منه أن‬
‫يغضب‪ ،‬فأنزل ال جل وعل قصته على نبيه ليصبر على الذى كما صبر‬
‫النبياء صلوات ال عليهم على البلء )‪ (3‬بيان‪ :‬كأنه سقط من أول الخبر‬
‫شئ )‪ ،(4‬والقائل‪ :‬هو )‪ (5‬نبي آخر غير ذي‬
‫)‪ (1‬في كتاب النبوة‪ :‬فقيل له‪ :‬ما كان ذو الكفل ؟ فقال‪ :‬كان رجل من حضرموت‬
‫واسمه عويديا بن ادريم قال‪ :‬من يلى‪ (2) .‬أي ذلك النبي‪ (3) .‬اخرجه‬
‫المصنف مسندا في كتاب النبوة في باب قصص ذى الكفل‪ ،‬راجع ج ‪:13‬‬
‫‪ 405‬وذكر الطبرسي في مجمع البيان ان اسمه عدويا بن ادارين‪(4) .‬‬
‫الحديث على النسخة التى ذكرت ههنا ليس فيها غموض لن الضمير في‬
‫كان يرجع إلى ذى الكفل واسمه عويديا‪ ،‬ولكن النسخة التى ذكرت في‬
‫كتاب النبوة فيها اشكال حيث ان الظاهر ان عويديا غير ذى الكفل وعلى‬
‫ذلك ل يحتاج ههنا إلى بيان‪ (5) .‬أي القائل‪ :‬من يلى والقائل الثاني هو‬
‫الذى قال‪ :‬انا‪.‬‬

‫]‪[197‬‬

‫الكفل‪ ،‬والقائل‪ :‬هو عليه السلم كما بيناه في المجلد الخامس‪ - 6 .‬مجالس‬
‫الصدوق‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد ال الحميري‪ ،‬عن موسى بن جعفر ابن وهب‪،‬‬
‫عن علي بن سليمان النوفلي )‪ (1‬عن فطر بن خليفة‪ ،‬عن الصادق جعفر‬
‫بن محمد عليه السلم قال‪ :‬لما نزلت هذه الية‪ " :‬والذين إذا فعلوا فاحشة‬
‫أو ظلموا أنفسهم ذكروا ال فاستغفروا لذنوبهم " )‪ (2‬صعد إبليس جبل‬
‫بمكة يقال له‪ :‬ثور‪ ،‬فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا‬
‫سيدنا لم دعوتنا ؟ قال‪ :‬نزلت هذه الية‪ ،‬فمن لها ؟ فقام عفريت من‬
‫الشياطين فقال‪ :‬أنا لها بكذا وكذا‪ ،‬قال‪ :‬لست لها‪ ،‬فقام آخر فقال‪ :‬مثل ذلك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬لست لها‪ ،‬فقال الوسواس الخناس‪ :‬أنا لها‪ ،‬قال‪ :‬بماذا ؟ قال‪ :‬أعدهم‬
‫وامنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الستغفار‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أنت لها‪ ،‬فوكله بها إلى يوم القيامة )‪ .(3‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬رجل‬
‫عفر وعفرية وعفريت بكسرهن خبيث منكر والعفريت‪ :‬النافذ في المر‬
‫المبالغ فيه مع دهاء‪ - 7 .‬العلل‪ :‬باسناده عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الخناس قال‪ :‬إن إبليس يلتقم القلب فإذا ذكر‬
‫ال خنس فلذلك سمي الخناس )‪ - 8 .(4‬تفسير الفرات )‪ :(5‬باسناده عن‬
‫الحسن عليه السلم فيما سأل كعب الحبار‬

‫)‪ (1‬هكذا في نسخة امين الضرب وفى غيرها‪] :‬موسى بن جعفر بن وهب عن على‬
‫بن وهب عن على بن سليمان النوفلي[ وفى المصدر‪ :‬موسى بن جعفر‬
‫بن وهب البغدادي عن على بن معبد عن على بن سليمان النوفلي‪ (2) .‬آل‬
‫عمران‪ (3) .135 :‬مجالس الصدوق‪) 287 :‬م ‪ (4) .(71‬علل الشرائع‪:‬‬
‫‪ 178‬وج ‪) 213 :2‬ط قم( رواه باسناده عن ابيه عن سعد ابن عبد ال‬
‫عن ابى بصير‪ (5) .‬في النسخة المطبوعة‪ :‬الخصال وتفسير الفرات‪ ،‬ولم‬
‫نجد الحديث في الخصال‪ .‬والظاهر أن الزيادة من الطابع‪(*) .‬‬
‫]‪[198‬‬

‫أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬لما أراد ال تعالى خلق آدم بعث جبرئيل فأخذ من‬
‫أديم الرض قبضة فعجنه بالماء العذب والمالح وركب فيه الطبايع قبل أن‬
‫ينفخ فيه الروح‪ ،‬فخلقه من أديم الرض فطرحه كالجبل العظيم‪ ،‬وكان‬
‫إبليس يومئذ خازنا على السماء الخامسة يدخل في منخر آدم ثم يخرج من‬
‫دبره‪ ،‬ثم يضرب بيده على بطنه فيقول‪ :‬لي أمر خلقت ؟ لئن جعلت فوقي‬
‫ل أطعتك‪ ،‬ولئن جعلت أسفل مني لعينك )‪ (1‬فمكث في الجنة ألف سنة ما‬
‫بين خلقه إلى أن ينفخ فيه الروح الحديث )‪ - 9 .(2‬الكافي‪ :‬باسناده عن‬
‫مسعدة قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم وسئل عن الكفر والشرك أيهما‬
‫أقدم ؟ فقال‪ :‬الكفر أقدم ؟ وذلك أن إبليس أول من كفر وكان كفره غير‬
‫شرك لنه لم يدع إلى عبادة غير ال‪ ،‬وإنما دعا )‪ (3‬إلى ذلك بعد فأشرك )‬
‫‪ - 10 .(4‬ومنه‪ :‬باسناده عن عبد الحميد أبي العلء‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال لي‪ :‬يا أبا محمد وال لو أن ابليس سجد ل بعد المعصية‬
‫والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك‪ ،‬ول قبله ال عزوجل منه ما لم يسجد لدم‬
‫كما أمره ال أن يسجد له الحديث )‪ - 11 .(5‬العلل‪ :‬باسناده قال‪ :‬دخل أبو‬
‫حنيفة على أبي عبد ال عليه السلم فقال له‪ :‬يا أبا حنيفة بلغني أنك تقيس‬
‫؟ قال نعم‪ :‬أنا أقيس‪ ،‬قال‪ :‬ويلك ل تقس إن أول من قاس إبليس‪ ،‬قال‪" :‬‬
‫خلقتني من نار وخلقته من طين " قاس ما بين النار والطين‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ل ابقيتك‪ (2) .‬تفسير فرات‪ (3) .67 :‬في المصدر‪ :‬وانما دعى‪) .‬‬
‫‪ (4‬اصول الكافي ‪ 386 :2‬رواه باسناده عن على بن ابراهيم عن هارون‬
‫بن مسلم عن مسعدة بن صدقة‪ (5) .‬روضة الكافي‪ ،270 .‬رواه الكليني‬
‫باسناده عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد وعدة من اصحابنا عن‬
‫سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عبد الحميد‬
‫بن ابى العلء‪ .‬وللحديث صدر وذيل لم يذكرهما المصنف‪.‬‬

‫]‪[199‬‬

‫ولو قاس نورية آدم بنور النار عرف فضل ما بين النورين وصفاء أحدها على‬
‫الخر )‪ - 12 .(1‬العياشي‪ :‬عن جابر‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫إبليس أول من تغنى‪ ،‬وأول من ناح‪ ،‬لما أكل آدم من الشجرة تغنى )‪13 .(2‬‬
‫‪ -‬العلل‪ :‬باسناده عن يزيد بن سلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫الخميس يوم خامس من الدنيا وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه‬
‫إدريس )‪ (3‬الخبر‪ - 14 .‬الكافي‪ :‬باسناده عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار ويكثر‬
‫الكفار في أعين المسلمين‪ ،‬فشد عليه جبرئيل بالسيف فهرب منه وهو‬
‫يقول‪ :‬يا جبرئيل إني مؤجل‪ ،‬حتى وقع في البحر قال زرارة‪ :‬فقلت لبي‬
‫جعفر عليه السلم‪ :‬لي شئ كان يخاف وهو مؤجل ؟ قال‪ :‬على أن يقطع‬
‫بعض أطرافه )‪ - 15 .(4‬ومنه )‪ :(5‬باسناده عن علي عليه السلم‪ :‬قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل تؤووا‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ 40 :‬و ‪) 82‬ط قم( والحديث طويل لم يذكر تمامه رواه الصدوق‬
‫باسناده عن ابيه عن سعد بن عبد ال عن احمد بن ابى عبد ال البرقى‬
‫عن محمد بن على عن عن عيسى بن عبد ال القرشى رفعه قال‪ :‬دخل‪) .‬‬
‫‪ (2‬تفسير العياشي ‪ 40 :1‬فيه‪] :‬جابر بن عبد ال[ وفيه‪] :‬كان ابليس[‬
‫وفيه واول من ناح واول من حدا‪ ،‬لما اكل من الشجرة تغنى‪ ،‬فلما هبط‬
‫حدا فلما استتر على الرض ناح يذكره ما في الجنة‪ (3) .‬علل الشرائع‪:‬‬
‫‪ 161‬و ‪) 155 :2‬ط قم( والحديث طويل رواه الصدوق باسناده عن‬
‫الحسين بن يحيى بن ضريس البجلى عن أبيه عن ابى جعفر عمارة عن‬
‫ابراهيم ابن عاصم عن عبد ال بن هارون الكرخي عن ابى جعفر احمد‬
‫بن عبد ال بن يزيد بن سلم بن عبيد ال عن ابيه عن يزيد بن سلم‪) .‬‬
‫‪ (4‬الروضة‪ ،277 :‬اورده المصنف باسناده في غزوة بدر الكبرى راجع‬
‫ج ‪ (5) .304 :19‬الظاهر ان الضمير يرجع إلى الكافي‪ ،‬ولم نجده بتمامه‬
‫في الكافي نعم يوجد الحكم الول في باب النوادر من الطعمة والشربة‬
‫والحكم الثاني في باب النوادر من الزى ‪- - -‬‬

‫]‪[200‬‬

‫منديل اللحم في البيت فانه مربض الشيطان‪ ،‬ول توووا التراب خلف الباب فانه‬
‫مأوى الشيطان‪ ،‬فإذا بلغ )‪ (1‬أحدكم باب حجرته فليسم فانه يفر الشيطان‪،‬‬
‫وإذا سمعتم نياح الكلب ونهيق الحمير فتعوذوا بال من الشيطان الرجيم‬
‫فانهم يرون ول ترون فافعلوا ما تؤمرون الخبر )‪ - 16 .(2‬العلل‪ :‬باسناده‬
‫عن عبد العظيم الحسني قال‪ :‬كتبت إلى أبي جعفر عليه السلم أسأله عن‬
‫علة الغائط ونتنه‪ ،‬قال‪ :‬إن ال تعالى خلق آدم وكان جسده طيبا وبقي‬
‫أربعين سنة ملقى تمر به الملئكة فتقول‪ :‬لمر ما خلقت‪ ،‬وكان إبليس‬
‫يدخل في فيه ويخرج من دبره فلذلك صار ما في جوف آدم منتنا خبيثا غير‬
‫طيب )‪ - 17 .(3‬العلل‪ :‬عن ما جيلويه عن عمه عن أحمد البرقي عن أبيه‬
‫عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إنما كانت بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا لنعمة أنعم ال‬
‫بها عليه فأدى شكرها‪ ،‬وكان إبليس في ذلك الزمان ل يحجب دون العرش‪،‬‬
‫فلما صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة حسده إبليس فقال‪ :‬يا رب إن أيوب‬
‫لم يؤد شكر هذه النعمة إل بما أعطيته من الدنيا‪ ،‬فلو حلت بينه وبين دنياه‬
‫ما أدى إليك شكر نعمة‪ ،‬فسلطني على دنياه تعلم أنه ل يؤدي شكر نعمة‬
‫فقال‪ :‬قد سلطتك على دنياه‪ ،‬فلم يدع له دنيا ول ولدا إل أهلك ذلك )‪ (4‬وهو‬
‫يحمد‬

‫‪ - - - -‬والتجمل‪ ،‬والصحيح ان يرجع الضمير إلى العلل فانه ذكر الحديث فيه في‬
‫ص ‪ 194‬وفى ج ‪ 270 :2‬مفصل مع احكام اخر لم يذكرها المصنف‬
‫ههنا‪ ،‬والحديث مروى فيه باسناده عن ابيه عن محمد بن يحيى العطار‬
‫عن محمد بن احمد عن ابى جعفر احمد بن ابى عبد ال عن رجل عن‬
‫على بن اسباط عن عمه يعقوب رفع الحديث إلى على بن ابى طالب عليه‬
‫السلم‪ (1) .‬في العلل‪] :‬وإذا[ وفيه‪ :‬فانهن يرون‪ (2) .‬فروع الكافي ‪:6‬‬
‫‪ 299‬و ‪ (3) .531‬علل الشرايع‪ 101 :‬وج ‪) 261 :1‬ط قم( رواه عن‬
‫على بن احمد بن محمد عن محمد بن ابى عبد ال الكوفى عن سهل بن‬
‫زياد الدمى عن عبد العظيم بن عبد ال الحسنى قال‪ :‬كتبت إلى ابى جعفر‬
‫محمد بن على بن موسى عليه السلم‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ال اهلكه‪ .‬كل‬
‫ذلك‪.‬‬

‫]‪[201‬‬

‫ال عزوجل‪ .‬ثم رجع إليه فقال‪ :‬يا رب إن أيوب يعلم أنك سترد عليه دنياه التي‬
‫أخذتها منه فسلطني على بدنه حتى تعلم أنه ل يودي شكر نعمة‪ ،‬قال‬
‫عزوجل‪ :‬قد سلطتك على بدنه ما عدا عينيه وقلبه ولسانه وسمعه‪ ،‬فقال‬
‫أبو بصير‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬فانقض مبادرا خشية أن تدركه‬
‫رحمة ال عزوجل فيحول بينه وبينه فنفخ في منخريه من نار السموم‬
‫فصار جسده نقطا نقطا )‪ - 18 .(1‬الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيى عن أحمد‬
‫بن محمد عن محمد بن سنان عن عثمان النوا عمن ذكره عن أبى عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل يبتلي المؤمن بكل بلية ويميته بكل ميتة‬
‫ول يبتليه بذهاب عقله‪ ،‬أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله وعلى‬
‫ولده وعلى أهله وعلى كل شئ منه ولم يسلط على عقله ؟ ترك له يوحد‬
‫ال به )‪ - 19 .(2‬الفقيه‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬إذا أتى أحدكم أهله‬
‫فليذكر ال فان من لم يذكر ال عند الجماع فكان )‪ (3‬منه ولد كان شرك‬
‫شيطان ويعرف ذلك بحبنا وبغضنا )‪ - 20 .(4‬ومنه‪ :‬قال أبو جعفر عليه‬
‫السلم‪ :‬إذا انكشف أحدكم لبول أو لغير ذلك فليقل‪ :‬بسم ال فان الشيطان‬
‫يغض بصره عنه حتى يفرغ )‪ - 21 .(5‬ومنه‪ :‬باسناده عن علي بن‬
‫أسباط‪ ،‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬قال لي‪ :‬إذا خرجت من منزلك في‬
‫سفر أو حضر فقل‪ :‬بسم ال آمنت بال توكلت على ال ما شاء‬
‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ 36 :‬وج ‪) 71 :1‬ط قم(‪ (2) .‬اصول الكافي ‪ 256 :2‬فيه‪ :‬ليوحد‬
‫ال به‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وكان‪ (4) .‬الفقيه ‪) 256 :3‬ط آخوندى(‪(5) .‬‬
‫الفقيه ‪ 18 :1‬فيه‪ :‬بسم ال وبال‪.‬‬

‫]‪[202‬‬

‫ال ل حول ول قوة إل بال العلى العظيم )‪ ،(1‬فتلقاه الشياطين فتضرب الملئكة‬
‫وجوهها وتقول‪ :‬ما سبيلكم عليه وقد سمى ال وآمن به وتوكل على ال ؟‬
‫وقال‪ :‬ما شاء ال ل حول ول قوة إل بال )‪ - 22 .(2‬الكافي‪ :‬باسناده عن‬
‫حفص بن القاسم قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن على ذروة كل‬
‫جسر شيطانا‪ ،‬فإذا انتهيت إليه فقل‪ " :‬بسم ال " يرحل عنك )‪- 23 .(3‬‬
‫التهذيب‪ :‬باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫الرجل إذا أتى المرأة )‪ (4‬وجلس مجلسه حضره الشيطان فإن هو ذكر اسم‬
‫ال تنحى الشيطان عنه‪ ،‬وإن فعل ولم يسم أدخل الشيطان ذكره فكان العمل‬
‫منهما جميعا والنطفة واحدة قلت‪ :‬فبأي شئ يعرف هذا جعلت فداك ؟ قال‪:‬‬
‫بحبنا وبغضنا )‪ - 24 .(5‬ومنه‪ :‬باسناده عن أبي حمزة قال‪ :‬قال علي بن‬
‫الحسين عليه السلم‪ :‬يا ثمالي إن الصلة إذا أقيمت جاء الشيطان إلى‬
‫قرين المام فيقول‪ :‬هل ذكر ربه ؟ فان قال‪ :‬نعم ذهب‪ ،‬وإن قال‪ :‬ل ركب‬
‫على كتفيه فكان إمام القوم حتى ينصرفوا‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬جعلت فداك ليس‬
‫يقرأون القرآن ؟ قال‪ :‬بلى ليس حيث تذهب يا ثمالي إنما هو الجهر ببسم‬
‫ال الرحمن الرحيم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬لم يرد في المصدر قوله‪ :‬العلى العظيم‪ (2) .‬الفقيه ‪ 177 :2‬و ‪) 178‬ط‬
‫آخوندى( )‪ (3‬فروع الكافي ‪ 287 :4‬رواه عن على بن ابراهيم عن ابيه‬
‫عن ابن أبى عمير عن قاسم الصيرفى عن حفص بن القاسم ورواه‬
‫الصدوق في من ل يحضره الفقيه عن جعفر بن القاسم والبرقي في‬
‫المحاسن‪ 373 :‬عن ابيه عن ابن ابى عمير‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬إذا دنا من‬
‫المرأة‪ (5) .‬تهذيب الحكام ‪) 407 :7‬ط الخوندى( الحديث طويل رواه‬
‫عن احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن مثنى بن الوليد‬
‫الحناط عن ابى بصير ورواه الكليني والصدوق ايضا في الكافي والفقيه‪.‬‬
‫)‪ (6‬تهذيب الحكام ‪ ،290 :2‬رواه عن احمد بن محمد عن ابن ابى‬
‫نجران عن صباح الحذاء عن رجل عن ابى حمزة‪.‬‬

‫]‪[203‬‬
‫بيان‪ :‬قرين المام‪ :‬الملك الذي يحفظ عمله‪ ،‬أو الشيطان الذي وكل به‪- 25 .‬‬
‫المحاسن‪ :‬باسناده عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا أكلت الطعام فقل‪:‬‬
‫بسم ال في أوله وفي آخره‪ ،‬فان العبد إذا سمى في طعامه قبل أن يأكل لم‬
‫يأكل معه الشيطان )‪ (1‬وإذا سمى بعد ما يأكل وأكل الشيطان منه تقيأ ما‬
‫كان أكل )‪ - 16 .(2‬ومنه‪ :‬باسناده عن محمد بن مروان عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إذا وضع الغداء والعشاء فقل‪ " :‬بسم ال " فان‬
‫الشيطان يقول لصحابه‪ :‬اخرجوا فليس هنا عشاء ول مبيت‪ ،‬وإن هو‬
‫نسي أن يسمي قال لصحابه‪ :‬تعالوا فان لكم هنا عشاء ومبيتا )‪- 27 .(3‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬في خبر آخر إذا توضأ أحدكم ولم يسم كان للشيطان في‬
‫وضوئه شرك‪ ،‬وإن أكل أو شرب أو لبس )‪ (4‬لباسا ينبغي أن يسمي عليه‪،‬‬
‫فان لم يفعل كان للشيطان فيه شرك )‪ - 28 .(5‬الفقيه‪ :‬في وصايا النبي‬
‫صلى ال عليه وآله لعلي‪ :‬يا علي النوم على أربعة‪ :‬نوم النبياء على‬
‫أقفيتهم‪ ،‬ونوم المؤمنين على أيمانهم‪ ،‬ونوم الكفار والمنافقين على‬
‫يسارهم ونوم الشياطين على وجوههم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر‪ :‬وإذا لم يسم اكل معه الشيطان‪ (2) .‬المحاسن‪ 432 :‬رواه عن‬
‫ابى ايوب المدائني عن محمد بن ابى عمير عن حسين ابن مختار عن‬
‫رجل عن ابى عبد ال عليه السلم‪ (3) .‬المحاسن‪ 432 :‬رواه عن ابن‬
‫فضال عن ابى جميلة عن محمد بن مروان ورواه ايضا عن محمد بن‬
‫سنان عن العلء بن فضيل عن ابى عبد ال عليه السلم ورواه ايضا عن‬
‫محمد بن سنان عن حماد بن عثمان عن ربعى بن عبد ال عن الفضيل‬
‫عن ابى عبد ال عليه السلم مثله وزاد فيه‪ :‬فقال‪ :‬إذا توضأ‪ .‬إلى آخر‬
‫الحديث التى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬أو لبس وكل شئ صنعه ينبغى‪(5) .‬‬
‫المحاسن‪ 432 :‬و ‪ (6) .433‬الفقيه ‪.264 :4‬‬

‫]‪[204‬‬

‫‪ - 29‬تفسير المام‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬تعوذوا‬
‫بال من الشيطان الرجيم فان من تعوذ بال أعاذه ال‪ ،‬وتعوذوا من همزاته‬
‫ونفخاته ونفثاته‪ ،‬أتدرون ما هي ؟ أما همزاته‪ :‬فما يلقيه في قلوبكم من‬
‫بغضنا أهل البيت‪ ،‬قالوا‪ :‬يارسول ال وكيف نبغضكم بعد ما عرفنا محلكم‬
‫من ال ومنزلتكم ؟ قال‪ :‬أن تبغضوا )‪ (1‬أولياءنا وتحبوا أعداءنا‪ .‬قيل‪ :‬يا‬
‫رسول ال وما نفخاتهم ؟ قال‪ :‬هي ما ينفخون به عند الغضب في النسان‬
‫الذي يحملونه على هلكه في دينه ودنياه‪ ،‬وقد ينفخون في غير حال‬
‫الغضب بما يهلكون به‪ ،‬أتدرون ما أشد ما ينفخون ؟ وهو )‪ (2‬ما ينفخون‬
‫بأن يوهموا أن أحدا من هذه المة فاضل علينا أو عدل لنا أهل البيت‪ ،‬وأما‬
‫نفثاته‪ :‬فانه يرى أحدكم أن شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت‬
‫ومن الصلة علينا )‪ - 30 .(3‬العلل‪ :‬باسناده عن جابر النصاري قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬اغلقوا أبوابكم )‪ (4‬وخمروا آنيتكم وأوكئوا‬
‫أسقيتكم‪ ،‬فان الشيطان ل يكشف غطاء ول يحل وكاء )‪ - 31 .(5‬الكافي‪:‬‬
‫باسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد‪ ،‬عن أبي الحسن عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال‪ :‬إذا ركب الرجل الدابة فسمى ردفه ملك يحفظه حتى ينزل‪ ،‬وإذا‬
‫ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول له‪ :‬تغن‪ ،‬فان قال له‪ :‬ل احسن قال له‪:‬‬
‫تمن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬بأن تبغصوا‪ (2) .‬في المصدر‪] :‬هو ما ينفخون[ بل عاطف‪(3) .‬‬
‫التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم‪ ،244 :‬اختصره‬
‫المصنف‪ (4) .‬في المصدر‪] :‬اجيفوا ابوابكم[ أقول‪ :‬اجاف الباب‪ :‬رده‪،‬‬
‫وخمروا آنيتكم أي غطوها‪ .‬والوكاء‪ :‬ما يشد به‪ (5) .‬علل الشرائع‪194 :‬‬
‫و ‪) 269 :2‬ط قم( رواه عن ابيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد‬
‫بن احمد عن محمد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب عمن ذكره عن‬
‫ابى عبد ال عليه السلم عن ابيه عن جابر بن عبد ال النصاري‪.‬‬
‫وللحديث ذيل لم يذكره المصنف هنا‪(*) .‬‬

‫]‪[205‬‬

‫فل يزال يتمنى حتى ينزل )‪ - 32 .(1‬العيون‪ :‬باسناده عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬في أول يوم من شهر‬
‫رمضان تغل مردة الشياطين )‪ - 33 .(2‬العلل‪ :‬عن أبيه عن محمد بن يحيى‬
‫عن محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن على بن أسباط )‪ (3‬عن أبي‬
‫عبد الرحمن قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬ربما )‪ (4‬حزنت فل‬
‫أعرف في أهل ول مال ول ولد‪ ،‬وربما فرحت فل أعرف في أهل ول مال‬
‫ول ولد فقال‪ :‬إنه ليس من أحد إل ومعه ملك وشيطان فإذا كان فرحه كان‬
‫دنو الملك منه وإذا كان حزنه كان دنوا الشيطان منه‪ ،‬وذلك قول ال تبارك‬
‫وتعالى )‪ " (5‬الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء وال يعدكم مغفرة‬
‫منه وفضل وال واسع عليم " )‪ .(6‬بيان‪ :‬كأن المراد أن هذا الهم لجل‬
‫وساوس الشيطان لكنه ل يتفطن به النسان فيظن أنه بل سبب‪ .‬أو المراد‪:‬‬
‫أنه لما كان شأن الشيطان ذلك يصير محض دنوه سببا للهم‪ ،‬أو أراد‬
‫السائل عدم كونه لفوت تلك المور في الماضي ويجري جميع المور في‬
‫الملك أيضا‪ - 34 .‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير‬
‫عن حماد عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما من قلب إل وله اذنان على‬
‫أحدهما ملك مرشد‪ ،‬وعلى الخرى‬
‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ 540 :6‬رواه عن على بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن‬
‫الدهقان عن درست عن ابراهيم‪ .‬وللحديث ذيل لم يذكره المصنف ههنا‪) .‬‬
‫‪ (2‬عيون اخبار الرضا‪ 228 :‬وفيه‪] :‬المردة من الشياطين[ والحديث‬
‫باسناده و تمامه يأتي في باب فضل شهر رجب )‪ (3‬في نسخة‪] :‬عن‬
‫اسباط[ وفى المصدر‪ :‬عن عباس عن اسباط وفى نسخة منه‪ :‬الحسن بن‬
‫على بن عباس‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬انى ربما‪ (5) .‬البقرة‪ (6) .268 :‬علل‬
‫الشرائع‪.42 :‬‬

‫]‪[206‬‬

‫شيطان مفتن‪ ،‬هذا يأمره وهذا يزجره‪ ،‬الشيطان يأمره بالمعاصي‪ ،‬والملك يزجره‬
‫عنها‪ ،‬وهو قول ال عزوجل‪ " :‬عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ‬
‫من قول إل لديه رقيب عتيد " )‪ - 35 .(1‬ومنه‪ :‬باسناده عن أبي بصير‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن للقلب اذنين فإذا هم العبد بذنب قال‬
‫له روح اليمان‪ :‬ل تفعل‪ ،‬وقال له الشيطان‪ :‬افعل‪ ،‬وإذا كان على بطنها‬
‫نزع منه روح اليمان )‪ - 36 .(2‬المحاسن‪ :‬عن أبي طالب عن أنس عن‬
‫عياض الليثي )‪ (3‬عن أبي عبد ال عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن على ذروة كل بعير شيطانا فامتهنوها لنفسكم‬
‫وذللوها‪ ،‬واذكروا اسم ال عليها كما أمركم ال )‪ - 37 .(4‬ومنه‪ :‬عن‬
‫القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن يعقوب بن جعفر قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫الحسن عليه السلم قال‪ :‬الخيل على كل منخر منها شيطان فإذا أراد أحكم‬
‫أن يلجمها فليسم ال )‪ 38 .(5‬طب الئمة‪ :‬باسناده قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬أكثروا من الدواجن في بيوتكم تتشاغل بها الشياطين‬
‫عن صبيانكم )‪ - 39 .(6‬الكافي‪ :‬باسناده عن سليم بن قيس عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬قال‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ ،266 :2‬والية في سورة ق‪ (2) .18 :‬اصول الكافي ‪267 :2‬‬
‫رواه عن الحسين بن محمد عن احمد بن اسحاق عن سعدان عن ابى‬
‫بصير‪ .‬قوله‪ :‬وإذا كان على بطنها‪ ،‬فسره في هامش البحار بقوله‪ :‬يعنى‬
‫ان المرء إذا كان مشغول بالزنا نزع روح اليمان كما هو احد الوجوه في‬
‫قوله‪ :‬ل يزنى الزانى وهو مؤمن‪ (3) .‬الصحيح كما في المصدر‪ :‬انس بن‬
‫عياض الليثى‪ (4) .‬المحاسن‪ (5) .636 :‬المحاسن‪ (6) .634 :‬طب‬
‫الئمة‪.117 :‬‬

‫]‪[207‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال حرم الجنة على كل فحاش بذي قليل الحياء‬
‫ل يبالي ما قال ول ما قيل له‪ ،‬فانك إن فتشته لم تجده إل لغية أو شرك‬
‫شيطان‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول ال وفى الناس شرك شيطان ؟ فقال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬أما تقرأ قول ال عزوجل‪ " :‬وشاركهم في الموال والولد " الخبر‬
‫)‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬ولد غية ويكسر‪ :‬زنية‪ - 40 .‬الكافي‪ :‬باسناده‬
‫عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم حيث علمه الدعاء إذا دخلت‬
‫عليه امرأته‪ ،‬وقال فيه‪ :‬ول تجعل فيه شركا للشيطان‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬وبأي‬
‫شئ يعرف ذلك ؟ قال‪ :‬أما تقرأ كتاب ال عزوجل‪ " :‬وشاركهم في الموال‬
‫والولد " ثم قال‪ :‬إن الشيطان ليجئ حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل‬
‫منها ويحدث كما يحدث وينكح كما ينكح‪ ،‬قلت‪ :‬بأي شئ يعرف ذلك ؟ قال‪:‬‬
‫بحبنا وبغضنا فمن أحبنا كان نطفة العبد‪ ،‬ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان‬
‫)‪ - 41 .(2‬وقال في حديث آخر‪ :‬وإن الشيطان يجيئ فيقعد كما يقعد الرجل‬
‫وينزل كما ينزل الرجل )‪ - 42 .(3‬وفي رواية اخرى عن هشام‪ ،‬عنه عليه‬
‫السلم في النطفتين اللتين للدمي والشيطان إذا اشتركا‪ ،‬فقال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬ربما خلق من أحدهما وربما خلق منهما جميعا )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ 323 :2‬و ‪ .324‬رواه عن عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد‬
‫ابن خالد عن عثمان بن عيسى عن عمر بن اذينة عن ابان بن ابى عياش‬
‫عن سليم‪ (2) .‬فروع الكافي ‪ 502 :5‬رواه الكليني عن الحسين بن محمد‬
‫عن معلى بن محمد وعدة من اصحابنا عن احمد بن محمد جميعا عن‬
‫الوشاء عن موسى بن بكر عن ابى بصير‪ ،‬الحديث طويل اورده في كتاب‬
‫النكاح‪ (3) .‬فروع الكافي ‪ 503 :5‬رواه الكليني عن عدة من اصحابنا عن‬
‫احمد بن محمد بن خالد عن ابيه عن حمزة بن عبد ال عن جميل بن‬
‫دراج عن ابى الوليد عن ابى بصير‪ ،‬اورد تمام الحديث في كتاب النكاح‪) .‬‬
‫‪ (4‬فروع الكافي ‪ 503 :5‬رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن‬
‫محمد عن على بن الحكم عن هشام بن سالم عن ابى عبد ال عليه‬
‫السلم‪.‬‬

‫]‪[208‬‬

‫‪ - 43‬تفسير الفرات‪ :‬باسناده عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬رأى أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم على بابه شيخا فعرفه أنه الشيطان فصارعه )‪ (1‬وصرعه‬
‫قال‪ :‬قم عني يا علي حتى ابشرك فقام عنه فقال‪ :‬بم تبشرني يا ملعون ؟‬
‫قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة صار الحسن عن يمين العرش والحسين عن يسار‬
‫العرش‪ ،‬يعطيان شيعتهما الجواز من النار‪ ،‬قال‪ :‬فقام إليه وقال‪:‬‬
‫اصارعك ؟ قال‪ :‬مرة اخرى )‪ ،(2‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬فصرعه أمير المؤمنين قال‪ :‬قم‬
‫عني حتى ابشرك‪ ،‬فقام عنه فقال‪ :‬لما خلق ال آدم خرج ذريته من ظهره‬
‫مثل الذر فأخذ ميثاقهم فقال‪ " :‬ألست بربكم قالوا بلى " قال‪ :‬فأشهدهم‬
‫على أنفسهم فأخذ ميثاق محمد وميثاقك فعرف وجهك الوجوه وروحك‬
‫الرواح‪ ،‬فل يقول لك أحد‪ :‬احبك‪ ،‬إل عرفته‪ ،‬ول يقول لك أحد‪ :‬ابغضك‪ ،‬إل‬
‫عرفته‪ ،‬قال‪ :‬قم صار عني‪ ،‬قال‪ :‬ثلثة )‪ ،(3‬قال‪ :‬نعم فصارعه وصرعه‬
‫فقال )‪ :(4‬يا علي ل تبغضني وقم عني حتى ابشرك قال‪ :‬بلى وأبرأ منك‬
‫وألعنك‪ ،‬قال‪ :‬وال يابن أبي طالب ما أحد يبغضك إل شركت في رحم امه‬
‫وفي ولده‪ ،‬فقال له‪ :‬أما قرأت كتاب ال " وشاركهم في الموال والولد "‬
‫الية )‪ - 44 .(5‬تفسير علي بن إبراهيم‪ :‬باسناده عن أبي بصير عن أبي‬
‫جعفر )‪ (6‬في قصة طويلة في‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪] :‬حدثنى اسماعيل بن ابراهيم الفارسى معنعنا عن ابى جعفر محمد‬
‫بن على عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا على‬
‫قال‪ :‬لبيك‪ ،‬قال له‪ :‬اتى الشيطان الوادي فدار فيه‪ :‬فلم ير احدا حتى إذا‬
‫صار على بابه لقى شيخا فقال‪ :‬ما تصنع هنا ؟ قال‪ :‬ارسلني رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله قال‪ :‬تعرفني ؟ قال‪ :‬ينبغى ان تكون انت يا ملعون فما‬
‫بد أن اصارعك قال‪ :‬ل بد منه‪ ،‬فصارعه[ أقول‪ :‬الظاهر ان صدر الحديث‬
‫سقط عنه شئ‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فقال‪ :‬اصارعك مرة اخرى‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ثالثة‪ (4) .‬في المصدر‪ .‬فصارعه فاعرقه ثم صرعه امير‬
‫المؤمنين عليه السلم قال‪ (5) .‬تفسير فرات‪ 40 :‬والية في السراء‪:‬‬
‫‪ (6) .64‬فيه وهم والموجود في المصدر‪ :‬حدثنى ابى عن فضالة بن‬
‫ايوب عن معاوية بن عمار عن ابى عبد ال عليه السلم‪ .‬وذكره المصنف‬
‫صحيحا في كتاب النبوة‪.‬‬

‫]‪[209‬‬

‫حج إبراهيم وذبحه ابنه إلى أن قال‪ :‬وسلما لمر ال‪ ،‬وأقبل شيخ فقال‪ :‬يا إبراهيم‬
‫ما تريد من هذا الغلم ؟ قال‪ :‬اريد أن أذبحه‪ ،‬فقال‪ :‬سبحان ال تذبح غلما‬
‫لم يعص ال عزوجل طرفة عين ؟ فقال إبراهيم‪ :‬إن ال أمرني بذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ربك ينهاك عن ذلك‪ ،‬وإنما أمرك بهذا الشيطان‪ ،‬فقال له إبراهيم إن الذي‬
‫بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به والكلم الذي وقع في اذني )‪ ،(1‬فقال‪:‬‬
‫ل وال ما أمرك بهذا إل الشيطان فقال إبراهيم‪ :‬ل وال ل اكلمك‪ .‬ثم عزم‬
‫إبراهيم على الذبح فقال‪ :‬يا إبراهيم إنك إمام يقتدى بك‪ ،‬وإنك إذا ذبحته‬
‫ذبح الناس أولدهم‪ ،‬فلم يكلمه وأقبل على الغلم واستشاره في الذبح ‪-‬‬
‫وساق الحديث في الفداء إلى قوله ‪ -‬ولحق إبليس بام الغلم حين نظرت‬
‫إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها‪ :‬ما شيخ رأيته‪ ،‬قالت‪ :‬إن‬
‫ذلك بعلي‪ ،‬قال‪ :‬فوصيف رأيته معه‪ ،‬قالت‪ :‬ذلك ابني‪ ،‬قال‪ :‬فاني رأيته وقد‬
‫أضجعه وأخذ المدية ليذبحه فقالت‪ :‬كذبت إن إبراهيم أرحم الناس كيف‬
‫يذبح ابنه ؟ قال‪ :‬فورب السماء والرض ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه‬
‫وأخذ المدية‪ ،‬فقالت‪ :‬ولم ؟ قال‪ :‬يزعم أن ربه أمره بذلك‪ ،‬قالت‪ :‬فحق له‬
‫أن يطيع ربه‪ ،‬فوقع في نفسها أنه قد امر في ابنها بأمر‪ .‬فلما قضت‬
‫مناسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى وهي واضعة يدها على‬
‫رأسها تقول‪ :‬ربي ل تؤآخدني بما عملت بام إسماعيل )‪ (2‬الحديث‪- 45 .‬‬
‫العلل‪ :‬عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن سهل بن زياد عن الحسن‬
‫بن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن آدم‬

‫)‪ (1‬لعله معطوف على الموصول المتقدم أي الكلم الذى وقع في اذنى امرني بهذا‬
‫فيكون كالتفسير لقوله‪ :‬الذى بلغني هذا المبلغ‪ ،‬أو المراد بالول الرب‬
‫تعالى وبالثانى وحيه ويحتمل ان يكون خبرا لمبتدء محذوف أي وهو‬
‫الكلم الذى وقع في اذنى‪ ،‬وفى الكافي‪ :‬ويلك الكلم الذى سمعت هو الذى‬
‫بلغ بى ما ترى‪ .‬قاله المصنف‪ (2) .‬تفسير القمى‪ 559 - 557 :‬اورده‬
‫المصنف بتمامه في كتاب النبوة راجع ج ‪.127 - 125 .12‬‬

‫]‪[210‬‬

‫عليه السلم لما هبط من الجنة اشتهى من ثمارها فأنزل ال تبارك وتعالى عليه‬
‫قضيبين من عنب فغرسهما فلما أورقا وأثمرا وبلغا جاء إبليس فحاط‬
‫عليهما حائط‪ ،‬فقال له آدم‪ :‬ما لك يا ملعون ؟ فقال له إبليس‪ :‬إنهما لي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كذبت‪ ،‬فرضيا بينها بروح القدس فلما انتهيا إليه قص آدم عليه‬
‫السلم قصته فأخذ روح القدس شيئا من نار فرمى بها عليهما فالتهبت في‬
‫أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منهما شئ إل احترق وظن إبليس مثل‬
‫ذلك قال‪ :‬فدخلت النار حيث دخلت وقد ذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث‪،‬‬
‫فقال الروح‪ :‬أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه ال وما بقي فلك يا آدم )‬
‫‪ .(1‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابه عن أحمد بن‬
‫محمد وسهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب مثله )‪ - 46 .(2‬ومنه‪ :‬عن‬
‫علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن‬
‫بن علي بن أبي حمزة )‪ (3‬عن إبراهيم عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫إن ال تبارك وتعالى لما أهبط آدم عليه السلم أمره بالحرث والزرع‬
‫وطرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل والعنب والزيتون‬
‫والرمان فغرسها لتكون لعقبه وذريته فأكل هو من ثمارها‪ ،‬فقال له إبليس‬
‫لعنه ال‪ :‬يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الرض وقد كنت بها‬
‫قبلك ؟ ائذن لي آكل منه شيئا‪ ،‬فأبى أن يطعمه )‪ ،(4‬فجاء عند آخر عمر‬
‫آدم فقال لحوا‪ :‬إنه قد أجهدني الجوع والعطش‪ ،‬فقالت له )‪ (5‬حواء عليها‬
‫السلم‪ :‬إن آدم عهد إلي‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ 163 :‬وج ‪) 162 :2‬ط قم( فيه‪ :‬فحظ لبليس‪ (2) .‬فروع الكافي‬
‫‪ 393 :9‬فيه‪] :‬قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن اصل الخمر كيف‬
‫كان بدء حللها وحرامها ومتى اتخذ الخمر ؟ فقال‪ :‬ان[ وفيه‪) :‬ما حالك‬
‫يا ملعون( وفيه‪] :‬ضغثا من نار ورمى به والعنب في اغصانهما[ وفيه‪:‬‬
‫لم يبق منهما‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬عن على بن ابى حمزة‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فابى آدم عليه السلم أن يدعه فجاء ابليس‪ (5) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فقالت له حواء‪ :‬فما الذى تريد ؟ قال‪ :‬اريد ان تذيقني من هذه الثمار‬
‫فقالت حواء‪.‬‬

‫]‪[211‬‬

‫أن ل اطعمك شيئا من هذا الغرس لنه من الجنة ول ينبغي لك أن تأكل )‪ (1‬منه‬
‫فقال لها‪ :‬فاعصري في كفي منه شيئا فأبت عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ذريني أمصه ول‬
‫آكله‪ ،‬فأخذت عنقودا من عنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه شيئا‪ ،‬لما كانت‬
‫حواء قد أكدت عليه‪ ،‬فلما ذهب يعضه جذبته )‪ (2‬حواء من فيه فأوحى ال‬
‫عزوجل إلى آدم عليه السلم إن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس لعنه‬
‫ال وقد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس إبليس‪ ،‬فحرمت‬
‫الخمر لن عدو ال إبليس مكر بحواء حتى مص العنبة )‪ ،(3‬ولو أكلها‬
‫لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها وجميع ثمارها )‪ (4‬وما يأكل )‪(5‬‬
‫منها‪ ،‬ثم إنه قال لحواء عليها السلم‪ :‬فلو أمصصتني شيئا من هذا التمر‬
‫كما أمصصتني من العنب‪ ،‬فأعطته تمرة فمصها‪ ،‬وكانت )‪ (6‬العنبة والتمر‬
‫أشد رائحة وأزكى من المسك الذفر وأحلى من العسل‪ ،‬فلما مصهما عدو‬
‫ال ذهبت رائحتهما وانتقصت حلوتهما‪ .‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ثم‬
‫إن إبليس الملعون ذهب )‪ (7‬بعد وفاة آدم عليه السلم فبال في أصل‬
‫الكرمة والنخلة فجرى الماء في عروقهما )‪ (8‬ببول عدو ال‪ ،‬فمن ثم‬
‫يختمر العنب والتمر فحرم ال عزوجل على ذرية آدم كل مسكر لن الماء‬
‫جرى ببول عدو ال في النخلة والعنب وصار كل مختمر خمرا لن الماء‬
‫اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو ال ابليس لعنه ال )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬منه شيئا‪ (2) .‬هكذا في النسخ وفيه وهم والصحيح كما في‬
‫المصدر‪ :‬فلما ذهب يعض عليه جذبته‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬العنب‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وجميع ثمرها‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وما يخرج منها‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وكانت العنب‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬ثم ان ابليس ذهب‪ (8) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬على عروقهما من بول عدو ال‪ (9) .‬فروع الكافي ‪ 392 :6‬و‬
‫‪.394‬‬

‫]‪[212‬‬

‫بيان قوله عليه السلم‪ :‬فمن ثم يختمر العنب‪ ،‬أي يغلي وينتن ويصير مسكرا‪ .‬قوله‬
‫عليه السلم‪ :‬لن الماء اختمر في النخلة‪ ،‬أي غلى وتغير وأنتن من رائحة‬
‫بول عدو ال‪ .‬قال الفيروز آبادي‪ :‬الخمر بالتحريك‪ :‬التغير عما كان عليه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬اختمار الخمر‪ :‬إدراكها وغليانها انتهى‪ .‬ويحتمل أن يكون المراد‬
‫باختمار العنب والتمر‪ :‬تغطية أوانيهما ليصيرا خمرا وكذا اختمار الماء‬
‫المراد به احتباسه في الشجرة لكنه بعيد‪ .‬وأقول‪ :‬الخبار بهذا المضمون‬
‫كثيرة سيأتي بعضها في محالها‪ - 47 .‬تفسير المام‪ :‬قيل للمام عليه‬
‫السلم‪ :‬فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا فقال‪ :‬ل بل من الجن‪ ،‬أما‬
‫تسمعون )‪ (1‬ال عزوجل يقول‪ " :‬وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا‬
‫إل ابليس كان من الجن " )‪ (2‬وهو الذي قال ال عزوجل‪ " :‬والجان‬
‫خلقناه من قبل من نار السموم " إلى آخر ما مر في قصة هاروت وماروت‬
‫)‪ - 48 .(3‬النهج‪ :‬في خطبة يذكر فيها خلقة آدم عليه السلم قال صلوات‬
‫ال عليه‪ :‬واستأدى ال سبحانه وتعالى الملئكة وديعته لديهم وعهد‬
‫وصيته إليهم في الذعان بالسجود له والخنوع )‪ (4‬لتكرمته فقال‪" :‬‬
‫اسجدوا لدم " فسجدوا إل ابليس وقبيله )‪ (5‬اعترتهم الحمية وغلبت‬
‫عليهم الشقوة )‪ (6‬وتعززوا بخلقة النار واستوهنوا خلق الصلصال‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اما تسمعان‪ (2) .‬زاد في المصدر بعد الية‪ :‬فاخبر انه كان من‬
‫الجن‪ (3) .‬التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم‪194 :‬‬
‫والية الولى في الكهف‪ 50 :‬والثانية في الحجر‪ (4) .27 :‬في نسخة من‬
‫المصدر‪ :‬الخشوع‪ (5) .‬لم يذكر كلمة ]وقبيله[ في النسخة المطبوعة‬
‫بمصر ول في الشرح لبن ابى الحديد‪ ،‬وذكر فيهما الضمائر التية كلها‬
‫بلفظ المفرد‪ (6) .‬الشقوة بكسر الشين وفتحها‪ :‬ما حتم عليه من الشقاء‬
‫والشقاء ضد السعادة وهو النصب الدائم واللم الملزم‪.‬‬

‫]‪[213‬‬

‫فأعطاه النظرة )‪ (1‬استحقاقا للسخطة واستتماما للبلية وإنجازا للعدة فقال‪ " :‬انك‬
‫من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " )‪ (2‬ثم أسكن سبحانه آدم دارا‬
‫أرغد فيها عيشه وآمن فيها محلته وحذره إبلس وعداوته‪ ،‬فاغتره عدوه‬
‫نفاسة عليه بدار المقام ومرافقة )‪ (3‬البرار )‪ .(4‬توضيح‪ ،‬استأدى وديعته‬
‫أي طلب أداءها‪ ،‬والوديعة اشارة إلى قوله تعالى‪ " :‬وان قال ربك للملئكة‬
‫إني خالق بشرا " )‪ (5‬الية‪ ،‬والخنوع‪ :‬الخضوع‪ .‬والقبيل في الصل‪:‬‬
‫الجماعة تكون من الثلثة فصاعدا من قوم شتى‪ ،‬فان كانوا من أب واحد‬
‫فهم قبيلة‪ ،‬وضم القبيل )‪ (6‬هنا إلى ابليس غريب فانه لم يكن له في هذا‬
‫الوقت ذرية ولم يكن أشباهه في السماء فيمكن أن يكون المراد به أشباهه‬
‫من الجن في الرض بأن يكونوا مأمورين بالسجود أيضا‪ ،‬وعدم ذكرهم في‬
‫اليات وسائر الخبار لعدم العتناء بشأنهم‪ ،‬أو المراد به طائفة خلقها ال‬
‫تعالى في السماء غير الملئكة‪ ،‬ويمكن أن يكون المراد بالقبيل ذريته‬
‫ويكون إسناد عدم السجود إليهم لرضاهم بفعله كما قال عليه السلم في‬
‫موضع آخر‪ :‬إنما يجمع الناس الرضا والسخط وإنما عقر ناقة ثمود رجل‬
‫واحد فعمهم ال بالعذاب لما عموه بالرضا فقال سبحانه‪ " :‬فعقروها )‪(7‬‬
‫فأصبحوا نادمين " )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬النظرة المهلة‪ (2) .‬ص‪ 80 :‬و ‪ (3) .81‬أي مرافقته مع الملئكة البرار‪ ،‬أو‬
‫اعم منهم وممن يأتي بعد ذلك من النبياء والصلحاء‪ (4) .‬نهج البلغة‬
‫‪ 24 :1‬و ‪ (5) .25‬الحجر‪ (6) .28 :‬قد عرفت أن النسخة المطبوعة‬
‫بمصر والشرح لبن ابى الحديد هما خاليان عنها‪ (7) .‬الشعراء‪) .157 :‬‬
‫‪ (8‬نهج البلغة ‪.442 :1‬‬

‫]‪[214‬‬

‫اعترتهم أي غشيتهم‪ ،‬والتعزز‪ :‬التكبر‪ ،‬واستوهنه أي عده وهنا ضعيفا‪ ،‬نفاسة أي‬
‫بخل‪ - 49 .‬النهج‪ :‬في الخطبة القاصعة قال أمير المؤمنين عليه السلم‪:‬‬
‫الحمد ل الذي لبس العز والكبرياء واختارهما لنفسه دون خلقه وجعلهما‬
‫حمى )‪ (1‬وحرما على غيره واصطفاهما لجلله وجعل اللعنة على من‬
‫نازعه فيهما من عباده‪ ،‬ثم اختبر بذلك ملئكته المقربين ليميز المتواضعين‬
‫منهم من المستكبرين‪ ،‬فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب‬
‫ومحجوبات الغيوب‪ " :‬إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه‬
‫من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملئكة كلهم أجمعون إل إبليس " )‪(2‬‬
‫اعترضته الحمية فافتخر على آدم بخلقه وتعصب عليه لصله‪ ،‬فعدو ال‬
‫إمام المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية )‪ (3‬ونازع‬
‫ال رداء الجبرية وادرع لباس التعزز وخلع قناع التذلل ‪ -‬إلى قوله ‪:-‬‬
‫فاعتبروا بما كان من فعل ال بابليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد‬
‫وكان قد عبد ال ستة آلف سنة ل يدرى أمن سني الدنيا أم من سني‬
‫الخرة عن كبر )‪ (4‬ساعة واحدة‪ ،‬فمن بعد إبليس يسلم )‪ (5‬على ال بمثل‬
‫معصيته ؟ كل ما كان ال سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به ملكا‪،‬‬
‫إن حكمه في أهل السماء وأهل الرض لواحد‪ ،‬وما بين ال وبين أحد من‬
‫خلقه هوادة )‪ (6‬في إباحة حمى حرمه على العالمين‪ :‬فاحذروا عباد ال‬
‫عدو ال أن يعديكم )‪ (7‬بدائه وأن‬

‫)‪ (1‬الحمى ما حميته عن وصول الغير إليه والتصرف فيه‪ (2) .‬ص‪) .74 - 71 :‬‬
‫‪ (3‬أبان عليه السلم ان العصبية بكل معانيه من التعصب القومي‬
‫والجنسى واللونى من الشيطان فالسلم برئ من كل تعصب‪ (4) .‬متعلق‬
‫باحبط أي اضاع عمله بسبب كبر ساعة‪ (5) .‬أي يسلم من عقابه‪(6) .‬‬
‫الهوادة‪ :‬اللين والرخصة‪ (7) .‬اعداه من علة أو خلق‪ :‬اكسبه مثل ما به‬
‫من العلة أو الخلق‪.‬‬

‫]‪[215‬‬

‫يستفزكم )‪ (1‬بخيله ورجله‪ ،‬فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد وأغرق بكم بالنزع‬
‫الشديد )‪ (2‬ورماكم من مكان قريب )‪ ،(3‬وقال‪ " :‬رب بما أغويتني لزينن‬
‫لهم في الرض ولغوينهم أجمعين " )‪ (4‬قذفا بغيب بعيد ورجما بظن غير‬
‫مصيب )‪ (5‬فصدقه به أبناء الحمية واخوان العصبية وفرسان الكبر‬
‫والجاهلية ‪ -‬إلى قوله عليه السلم‪ - :‬فاجعلوا عليه حدكم )‪ (6‬وله جدكم‬
‫فلعمر ال لقد فخر على أصلكم ووقع في حسبكم ودفع في نسبكم وأجلب‬
‫بخيله عليكم وقصد برجله سبيلكم )‪ .(7‬إلى آخر الخطبة‪ .‬بيان‪ :‬ل يدرى‪.‬‬
‫على صيغة المجهول‪ ،‬وفي بعض النسخ على المتكلم المعلوم‪ ،‬فعلى الول‬
‫ل يدل على عدم علمه عليه السلم وعلى الثاني أيضا المراد به غيره‬
‫وأدخل نفسه تغليبا‪ ،‬والبهام لمصلحة كعدم تحاشي السامعين من طول‬
‫المدة أو غيره‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬اخرج به منها ملكا‪ ،‬ظاهره أن ابليس‬
‫كان من الملئكة‪ ،‬ويمكن الجواب بان اطلق الملك عليه لكونه من الملئكة‬
‫بالولء‪ .‬وقال بعض شراح النهج‪ :‬يسلم على ال أي يرجع إليه سالما من‬
‫طرده ولعنه تقول‪ :‬سلم علي هذا الشئ‪ :‬إذا رجع إليك سالما ولم يلحقه‬
‫تلف‪ ،‬والباء للمصاحبة كما في قوله‪ :‬بأمر‪ ،‬وأما الباء في " به " فيحتمل‬
‫المصاحبة والسببية وقد مر تمام الخطبة وشرحها‪ - 50 .‬المحاسن‪ :‬عن‬
‫عبد ال بن الصلت عن أبي هدية )‪ (8‬عن أنس بن مالك ان‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وان يستفزكم بندائه وان يجلب عليكم بخيله ورجله‪ (2) .‬اغرق‬
‫النازع‪ :‬إذا استوفى مد قوسه‪ (3) .‬لنه يجرى من ابن آدم مجرى الدم‪) .‬‬
‫‪ (4‬الحجر‪ (5) .39 :‬في المصدر‪ :‬بظن مصيب‪ (6) .‬أي غضبكم وحدتكم‪.‬‬
‫)‪ (7‬نهج البلغة ‪ (8) .399 - 396 :1‬هكذا في الكتاب ومصدره‬
‫والظاهر انه مصحف والصحيح‪ :‬هدبة بالباء وهو ابراهيم بن هدبة أبو‬
‫هدبة الفارسى صاحب أنس ترجمه ابن حجر في لسان الميزان ‪119 :1‬‬
‫و ‪ 120‬وقال‪ :‬بقى إلى سنة مائتين‪ :‬وترجمه ايضا ابو نعيم في تاريخ‬
‫اصبهان ‪.170 :1‬‬

‫]‪[216‬‬

‫رسول ال صلى ال عليه وآله كان ذات يوم جالسا على باب الدار معه علي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم إذ أقبل شيخ فسلم على رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫ثم انصرف فقال رسول ال صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم‪ :‬أتعرف‬
‫الشيخ‪ :‬فقال له على‪ :‬ما أعرفه‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬هذا إبليس‪،‬‬
‫فقال علي عليه السلم‪ :‬لو علمت )‪ (1‬يا رسول ال لضربته ضربة بالسيف‬
‫فخلصت امتك منه‪ ،‬قال‪ :‬فانصرف إبليس إلى علي عليه السلم فقال له‪:‬‬
‫ظلمتني يا أبا الحسن‪ ،‬أما سمعت ال عزوجل يقول‪ " :‬فشاركهم في‬
‫الموال والولد " ؟ فوال ما شركت أحدا أحبك في امه )‪ - 51 .(2‬ومنه‬
‫عن علي بن حسان الواسطي رفع الحديث قال‪ :‬أتت امرأة من الجن إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فآمنت به وحسن اسلمها فجعلت تجيئه في‬
‫كل اسبوع فغابت عنه أربعين يوما ثم أتته فقال لها رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬ما الذي أبطأ بك يا جنية فقالت‪ :‬يا رسول ال أتيت البحر الذي‬
‫هو محيط بالدنيا في أمر أردته‪ ،‬فرأيت على شط ذلك البحر صخرة خضراء‬
‫وعليها رجل جالس قد رفع يديه إلى السماء وهو يقول‪ " :‬اللهم إني أسألك‬
‫بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إل ما غفرت لي " فقلت له‪:‬‬
‫من أنت ؟ قال‪ :‬أنا إبليس‪ ،‬فقلت‪ :‬ومن أين تعرف هؤلء ؟ قال‪ :‬إني عبدت‬
‫ربي في الرض كذا وكذا سنة‪ ،‬وعبدت ربي في السماء كذا وكذا سنة‪ ،‬ما‬
‫رأيت في السماء اسطوانة إل وعليها مكتوب‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬محمد رسول‬
‫ال علي أمير المؤمنين أيدته به )‪ - 52 .(3‬ومنه عن القاسم بن محمد‬
‫الصفهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ظهر ابليس ليحيى بن زكريا عليه السلم وإذا عليه‬
‫معاليق من كل شئ‪ ،‬فقال له يحيى‪ :‬ما هذه المعاليق يا إبليس ؟ فقال‪ :‬هذه‬
‫الشهوات التي أصبتها من ابن آدم‪ ،‬قال‪ :‬فهل لي منها شئ ؟ قال‪ :‬ربما‬
‫شبعت فثقلتك عن الصلة والذكر قال يحيى‪ :‬ل علي أن ل أمل بطني من‬
‫طعام أبدا‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬ل علي أن ل أنصح مسلما أبدا‪ ،‬ثم قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬يا حفص ول على جعفر وآل جعفر أن ل يملؤا بطونهم من‬
‫طعام أبدا ول على جعفر وآل جعفر أن ل يعملوا للدنيا أبدا )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة‪ :‬لو علمته‪ (2) .‬المحاسن‪ (4) .332 :‬المحاسن‪ 439 :‬و ‪.440‬‬
‫]‪[217‬‬

‫بيان‪ :‬ثقلتك‪ ،‬على صيغة الغيبة أي الشبعة‪ ،‬ويحتمل التكلم بحذف العائد‪- 53 .‬‬
‫المحاسن‪ :‬عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال علي بن أبي طالب‬
‫عليه السلم‪ :‬إن لبليس كحل وسفوفا ولعوقا‪ ،‬فاما كحله فالنوم وأما‬
‫سفوفه فالغضب وأما لعوقه فالكذب )‪ .(1‬بيان‪ :‬مناسبة الكحل للنوم ظاهر‪،‬‬
‫وأما السفوف للغضب فلن أكثر السفوفات من المسهلت التي توجب‬
‫خروج المور الردية‪ ،‬والغضب أيضا يوجب صدور ما ل ينبغي من النسان‬
‫وبروز الخلق الذميمة به ويكثر منه‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬سففت الدواء‬
‫بالكسر سفا واستففته‪ :‬قمحته أو أخذته غير ملتوت‪ ،‬وهو سفوف كصبور‬
‫انتهى‪ ،‬وأما اللعوق فلنه غالبا مما يتلذذ به ويكثر منه‪ ،‬والكذب كذلك‪،‬‬
‫وفي النهاية‪ :‬فيه إن للشيطان لعوقا ودسوما‪ ،‬اللعوق بالفتح‪ :‬اسم لما يلعق‬
‫به أي يؤكل بالملعقة‪ ،‬والدسام بالكسر‪ :‬ما يسد به الذن فل تعي ذكرا ول‬
‫موعظة )‪ - 54 .(2‬العياشي‪ :‬عن جميل بن دراج قال‪ :‬سألت ابا عبد ال‬
‫عليه السلم عن إبليس أكان من الملئكة أو كان يلي شيئا من أمر‬
‫السماء ؟ فقال‪ :‬لم يكن من الملئكة وكانت الملئكة ترى أنه منها‪ ،‬وكان‬
‫ال يعلم أنه ليس منها ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء ول كرامة فأتيت‬
‫الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكر وقال‪ :‬كيف ل يكون من الملئكة وال‬
‫يقول للملئكة‪ " :‬اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس " فدخل عليه الطيار‬
‫فسأله وأنا عنده فقال له‪ :‬جعلت فداك قول ال عزوجل‪ " :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا " )‪ (3‬في غير مكان‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) :‬وفى النهاية‪ :‬كل شئ سددته فقد دسمته يعنى ان وساوس‬
‫الشيطان مهما وجدت منفذا دخلت فيه‪ (3) .‬الظاهر أن الطيار سأل عن‬
‫هذه الية توطئة لن يستشكل عليه عليه السلم زعما انه عليه السلم‬
‫يقول بخروج المنافقين عن الخطاب في قوله‪ :‬يا ايها الذين آمنوا‪،‬‬
‫فيستشكل بأن المنافقين حيث انهم خارجون عن هذه المخاطبة فكذلك‬
‫ابليس ايضا خارج عن الملئكة‪ ،‬وحيث انه عليه السلم ابان أن‬
‫المنافقين داخلون في قوله‪ :‬يا ايها الذين آمنوا‪ ،‬لم يجد للشكال سبيل‪- .‬‬
‫‪--‬‬

‫]‪[218‬‬

‫في مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذه المنافقون ؟ قال‪ :‬نعم يدخل في هذه المنافقون‬
‫والضلل وكل من أقر بالدعوة الظاهرة )‪ .(1‬كا‪ :‬أبو علي الشعري عن‬
‫محمد بن عبد الجبار عن علي بن حديد عن جميل مثله )‪- 55 .(2‬‬
‫العياشي‪ :‬عن جميل بن دراج عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫إبليس أكان من الملئكة أو هل كان يلي شيئا من أمر السماء ؟ قال‪ :‬لم يكن‬
‫من الملئكة ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء وكان من الجن وكان مع‬
‫الملئكة وكانت الملئكة ترى أنه منها وكان ال يعلم أنه ليس منها‪ ،‬فلما‬
‫أمر بالسجود كان منه الذي كان )‪ .(3‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ :‬ترى أنه‬
‫منهم أي في طاعة ال وعدم العصيان لمواظبته على‬

‫‪ - - -‬وقال المصنف في كتاب النبوة ذيل الخبر‪ :‬حاصل الحديث ان ال تعالى انما‬
‫ادخله في لفظ الملئكة لنه كان مخلوطا بهم وكونه ظاهرا منهم‪ ،‬وانما‬
‫وجه الخظاب في المر بالسجود إلى هؤلء الحاضرين وكان من بينهم‬
‫فشمله المر‪ ،‬أو المراد انه خاطبهم بيا ايها الملئكة مثل وكان ابليس‬
‫ايضا مأمورا لكونه ظاهرا منهم ومظهرا لصفاتهم‪ ،‬كما ان الخطاب يا ايها‬
‫الذين آمنوا يشمل المنافقين لكونهم ظاهرا من المؤمنين‪ ،‬واما ظن‬
‫الملئكة فيحتمل أن يكون المراد انهم ظنوا انه منهم في الطاعة وعدم‬
‫العصيان لنه يبعد أن ل يعلم الملئكة انه ليس منهم مع انهم رفعوه إلى‬
‫السماء واهلكوا قومه فيكن من قبيل قولهم‪ " :‬سلمان منا اهل البيت "‬
‫على انه يحتمل أن يكون الملئكة ظنوا انه كان ملكا جعله ال حاكما على‬
‫الجان‪ ،‬ويحتمل أن يكون هذا الظن من بعض الملئكة الذين لم يكونوا بين‬
‫جماعة منهم قتلوا الجان ورفعوا ابليس‪ .‬راجع ج ‪ (1) .148 :11‬تفسير‬
‫العياشي ‪ (2) .33 :1‬الروضة‪ 274 :‬فيه‪] :‬فقال‪ :‬لم يكن من الملئكة ولم‬
‫يكن يلى شيئا من امر السماء ول كرامة فاتيت[ وفيه‪] :‬فانكره[ وفيه‪:‬‬
‫]واذ قلنا للملئكة اسجدوا الخ[ وفيه‪ ،‬جعلت فداك رأيت قوله عزوجل‪،‬‬
‫وفيه‪ :‬من مخاطبة‪ (3) .‬تفسير العياشي ‪،34 :1‬‬

‫]‪[219‬‬

‫عبادته سبحانه أزمنة متطاولة لبعد عدم علم الملئكة بأنه ليس منهم بعد أن أسروه‬
‫من الجن ورفعوه إلى السماء فيكون من قبيل قولهم عليهم السلم‪" :‬‬
‫سلمان منا أهل البيت " أو أنهم لما رأوا تباين أخلقه ظاهرا للجن وتكريم‬
‫ال تعالى إياه وجعله من بينهم بل جعله رئيسا على بعضهم كما قيل ظنوا‬
‫أنه كان منهم وقع بين الجن‪ ،‬أو أن الظان كان بعض الملئكة‪- 56 .‬‬
‫العياشي‪ :‬عن يونس )‪ (1‬عن بعض أصحابه عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫في قول ال‪ " :‬ولمرنهم فليغيرن خلق ال " قال‪ :‬أمر ال بما أمر به )‪.(2‬‬
‫‪ - 57‬ومنه عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم في قول ال‪ " :‬ولمرنهم‬
‫فليغيرن خلق ال " قال‪ :‬دين ال )‪ .(3‬بيان‪ :‬فسر عليه السلم في الخبر‬
‫الول خلق ال بأمر ال وفي الثاني بدين ال‪ ،‬وقال الطبرسي رحمه ال‪:‬‬
‫قيل‪ :‬يريد دين ال وأمره عن ابن عباس وابراهيم ومجاهد والحسن‬
‫وقتادة‪ ،‬وهو المروي عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬ويؤيده قوله سبحانه‪:‬‬
‫" فطرة ال التي فطر الناس عليها ل تبديل لخلق ال " )‪ (4‬وأراد بذلك‬
‫تحريم الحلل وتحليل الحرام‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد الخصاء‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه الوشم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه أراد الشمس والقمر والحجارة عدلوا عن النتفاع بها إلى‬
‫عبادتها )‪ - 58 .(5‬العياشي عن جابر عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا‪ ،‬قال‪ :‬لما أكل آدم من‬
‫الشجرة تغنى‪ ،‬فلما أهبط حدا به‪ ،‬فلما استقر على الرض ناح فأذكره ما‬
‫في الجنة‪ ،‬فقال آدم‪ :‬رب هذا الذي جعلت بينى وبينه العداوة لم أقو عليه‬
‫وأنا في الجنة وإن لم تعني عليه لم أقو عليه‪ ،‬فقال ال‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬محمد بن يونس‪ (2) .‬تفسير العياشي ‪ (3) .276 :1‬المصدر ‪:1‬‬
‫‪ (4) .276‬الروم‪ (5) .30 :‬مجمع البيان ‪.113 :3‬‬

‫]‪[220‬‬

‫السيئة بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة قال‪ :‬رب زدنى قال‪ :‬ل يولد لك‬
‫ولد إل جعلت معه ملكا )‪ (1‬أو ملكين يحفظانه‪ ،‬قال‪ :‬رب زدني‪ ،‬قال‪ :‬التوبة‬
‫مفروضة )‪ (2‬في الجسد ما دام فيها الروح‪ ،‬قال‪ :‬رب زدني‪ ،‬قال‪ :‬أغفر‬
‫الذنوب ول ابالي قال‪ :‬حسبي قال‪ :‬فقال ابليس‪ :‬رب هذا الذي كرمت علي‬
‫وفضلته وإن لم تفضل علي لم أقو عليه قال‪ :‬ل يولد له ولد إل ولد لك‬
‫ولدان‪ ،‬قال‪ :‬رب زدني‪ ،‬قال‪ :‬قال تجري منه مجرى الدم في العروق‪ ،‬قال‬
‫ربي زدني‪ ،‬قال تتخذ أنت وذريتك في صدورهم مساكن قال‪ :‬رب زدني‪،‬‬
‫قال‪ :‬تعدهم وتمنيهم وما يعدهم الشيطان إل غرورا )‪ - 59 .(3‬ومنه عن‬
‫داود بن فرقد عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن الملئكة كانوا يحسبون‬
‫أن إبليس منهم وكان في علم ال أنه ليس منهم فاستخرج ال ما في نفسه‬
‫بالحمية فقال‪ :‬خلقتني من نار وخلقته من طين )‪ - 60 .(4‬ومنه عن أبي‬
‫بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الصراط الذي قال إبليس‪" :‬‬
‫لقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لتينهم من بين أيديهم " الية‪ ،‬هو علي‬
‫عليه السلم )‪ - 61 .(5‬ومنه عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي‬
‫جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم عن قوله‪ :‬يا بني آدم‪ ،‬قال‪ :‬هي عامة )‬
‫‪ .(6‬أقول‪ :‬ذكر الخبر في قوله تعالى‪ :‬يا بني آدم ل يفتننكم الشيطان )‪(7‬‬
‫‪ - 62‬ومنه عن بكر بن محمد الزدي عن عمه عبد السلم عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال‪ :‬يا عبد السلم احذر الناس ونفسك‪ ،‬فقلت‪ :‬بأبي أنت‬
‫وامي أما الناس فقد أقدر على أن أحذرهم وأما نفسي فكيف ؟ قال‪ :‬إن‬
‫الخبيث يسترق السمع يجيئك‬
‫)‪ (1‬لم يذكر في المصدر قوله‪ :‬ملكا‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬معروضة‪ (3) .‬تفسير‬
‫العياشي ‪ 4) .276 :1‬و ‪ (5‬تفسير العياشي ‪ 9 :2‬والية في سورة‬
‫العراف‪ (6) .26 :‬تفسير العياشي ‪ (7) .11 :2‬العراف‪.27 :‬‬

‫]‪[221‬‬

‫فيسترق ثم يخرج في صورة آدمي فيقول‪ :‬قال عبد السلم‪ :‬فقلت‪ :‬بأبي أنت وامي‬
‫هذا ما ل حيلة له‪ ،‬قال‪ :‬هو ذاك )‪ .(1‬بيان‪ :‬الظاهر أن المراد به ما تلفظ به‬
‫من معايب الناس وغيرها من المور التي يريد إخفاءها فيكون مبالغ في‬
‫التقية‪ ،‬ويحتمل شموله لما يخطر بالبال فيكون الغرض رفع الستبعاد عما‬
‫يخفيه النسان عن غيره ثم يسمعه من الناس وهذا كثير والمراد بالخبيث‬
‫الشيطان‪ - 63 .‬تأويل اليات الباهرة‪ :‬بحذف السناد مرفوعا إلى وهب بن‬
‫جميع عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن إبليس وقوله‪ " :‬رب‬
‫فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت‬
‫المعلوم " أي يوم هو ؟ قال‪ :‬يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث ال الناس ؟ ل‬
‫ولكن ال عزوجل أنظره إلى يوم يبعث ال قائمنا فيأخذ بناصيته فيضرب‬
‫عنقه فذلك اليوم هو الوقت المعلوم )‪ - 64 .(2‬الكافي‪ :‬عن العدة عن‬
‫البرقي عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز عن سليمان بن خالد‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى‬
‫إبليس من موت فقيه )‪ - 65 .(3‬ومنه عن علي بن إبراهيم عن محمد بن‬
‫عيسى عن يونس عن هارون بن خارجة عن زيد الشحام عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬إن العبد إذا سجد فأطال السجود نادى‬
‫إبليس‪ :‬يا ويله )‪ (4‬أطاع وعصيت وسجد وأبيت )‪ .(5‬توضيح‪ :‬قال في‬
‫النهاية‪ :‬في حديث أبي هريرة‪ :‬إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل‬
‫الشيطان يبكي ويقول‪ :‬يا ويله‪.‬‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ (2) .239 :2‬تأويل اليات الباهرة‪ 268 :‬و ‪ 287‬من نسختي‪،‬‬
‫والية في سورة ص‪ (3) .81 - 79 :‬اصول الكافي ‪ (4) .38 :1‬في‬
‫المصدر‪ :‬يا ويله‪ (5) .‬الفروع ‪) 264 :3‬طبعة الخوندى(‪.‬‬

‫]‪[222‬‬

‫الويل‪ :‬الحزن والهلك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة دعا بالويل‬
‫ومعنى النداء فيه‪ :‬يا ويلي ويا حزني ويا هلكي ويا عذابي احضر فهذا‬
‫وقتك وأوانك فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من المر الفظيع‬
‫والشدة )‪ ،(1‬وعدل عن حكاية قول ابليس يا ويلى‪ ،‬كراهة أن يضيف الويل‬
‫إلى نفسه )‪ - 66 .(2‬الخصال‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن أحمد بن‬
‫محمد عن ابن عيسى عن الحسن بن علي عن عمر عن أبان بن عثمان )‬
‫‪ (3‬عن العلء بن سيابة عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لما هبط نوح‬
‫عليه السلم من السفينة أتاه إبليس فقال له‪ :‬ما في الرض رجل أعظم منة‬
‫علي منك‪ ،‬دعوت ال على هولء الفساق فأرحتني منهم‪ ،‬أل اعلمك‬
‫خصلتين ؟ إياك والحسد فهو الذي عمل بي ما عمل‪ ،‬وإياك والحرص فهو‬
‫الذي عمل بآدم ما عمل )‪ - 67 .(4‬ومنه‪ :‬بهذا السناد عن أحمد بن محمد‬
‫عن محمد البرقي عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬لما دعا نوح عليه السلم ربه عزوجل على‬
‫قومه أتاه إبليس لعنه ال فقال‪ :‬يا نوح إن لك عندي يدا اريد أن اكافيك‬
‫عليها‪ ،‬فقال نوح عليه السلم‪ :‬إنه ليبغض )‪ (5‬إلي أن يكون لك عندي يد‪،‬‬
‫فما هي ؟ قال‪ :‬بلى دعوت ال على قومك فاغرقتهم فلم يبق أحد اغويه فأنا‬
‫مستريح حتى ينشأ قرن آخر واغويهم )‪ (6‬فقال له نوح عليه السلم‪ :‬ما‬
‫الذي تريد أن تكافئني به ؟ قال‪ :‬اذكرني‬

‫)‪ (1‬في النهاية‪ :‬من المر الفظيع وهو الندم على ترك السجود لدم عليه السلم‪،‬‬
‫وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حمل على المعنى‪ ،‬وعدل‪ (2) .‬النهاية‬
‫‪ (3) .250 :4‬هكذا في النسخ وفيه وهم والصحيح كما في طبعة الغفاري‬
‫وفى مشيخة الفقيه‪ :‬سعد بن عبد ال عن احمد بن محمد بن عيسى عن‬
‫الحسن بن على عن ابان بن عثمان‪ (4) .‬الخصال ‪ 50 :1‬طبعة الغفاري‪.‬‬
‫)‪ (5‬في المصدر‪ :‬وال انى ليبغض‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فاغويهم‪.‬‬

‫]‪[223‬‬

‫في ثلث مواطن )‪ (1‬فاني أقرب ما أكون إلى العبد إذا كان في إحداهن‪ :‬اذكرني إذا‬
‫غضبت‪ ،‬واذكرني إذا حكمت بين اثنين‪ ،‬واذكرني إذا كنت مع امرأة خاليا‬
‫ليس معكما أحد )‪ - 68 .(2‬ومنه‪ :‬بالسناد المتقدم عن محمد البرقي عن‬
‫عبد الرحمن بن محمد العرزمي )‪ (3‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫يقول إبليس لعنه ال‪ :‬ما أعياني في ابن آدم فلم يعيني منه واحدة من‬
‫ثلثة‪ :‬أخذ مال من غير حله‪ ،‬أو منعه من حقه‪ ،‬أو وضعه في غير وجهه )‬
‫‪ .(4‬بيان‪ :‬أي أي شئ أعجزني في إضلل ابن ادم في أمر من المور‬
‫ومعصية من المعاصي فل أعجز عن إضلله في أحد هذه المور الثلثة‬
‫فاغويه في واحدة منها أي غالبا‪ - 69 .‬الخصال‪ :‬عن محمد بن الحسن عن‬
‫محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن محمد بن‬
‫إسماعيل عن الحسن بن ظريف عن أبي عبد الرحمن عن معاوية بن عمار‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الباء ثلثة‪ :‬آدم ولد مؤمنا‪ ،‬والجان‪،‬‬
‫ولد كافرا )‪ (5‬وإبليس ولد كافرا وليس فيهم نتاج‪ ،‬إنما يبيض ويفرخ‪،‬‬
‫وولده ذكور ليس فيهم إناث )‪ - 70 .(6‬مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن أحمد بن‬
‫هارون بن الصلت عن أحمد بن محمد بن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في ثلثة مواطن‪ (2) .‬الخصال ‪ (3) .132 :1‬العرزمى بتقديم‬
‫الراء المهملة على الزاى المعجمة نسبة إلى عرزم‪ :‬بطن من فزارة‬
‫وجبانة عرزم بالكوفة معروفة ولعل هذا البطن نزلوا بها فنسب إليهم‪) .‬‬
‫‪ (4‬الخصال ‪ (5) .132 :1‬في المصدر‪ :‬والجان ولد مؤمنا وكافرا‪(6) .‬‬
‫الخصال ‪.152 :1‬‬

‫]‪[224‬‬

‫سعيد عن الحسن بن القاسم عن شبير بن إبراهيم )‪ (1‬عن سليم )‪ (2‬بن بلل‬


‫المدني عن الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلم ان‬
‫إبليس كان يأتي النبياء عليهم السلم من لدن آدم عليه السلم إلى أن بعث‬
‫ال المسيح عليه السلم يتحدث عندهم ويسائلهم ولم يكن بأحد منهم أشد‬
‫انسا منه بيحيى بن زكريا عليه السلم فقال له يحيى‪ :‬يا أبا مرة إن لي إليك‬
‫حاجة فقال له‪ :‬أنت أعظم قدرا من أن أردك بمسألة‪ ،‬فاسألني ما شئت فاني‬
‫غير مخالفك في أمر تريده‪ .‬فقال يحيى‪ :‬يا أبا مرة احب أن تعرض علي‬
‫مصائدك وفخوخك التي تصطاد بها بني آدم‪ ،‬فقال له إبليس‪ :‬حبا وكرامة‪،‬‬
‫وواعده لغد فلما أصبح يحيى عليه السلم قعد في بيته ينتظر الموعد‬
‫وأغلق عليه الباب )‪ (3‬اغلقا‪ ،‬فما شعر حتى ساواه من خوخة كانت في‬
‫بيته‪ ،‬فإذا وجهه صورة وجه القرد‪ ،‬وجسده على صورة الخنزير‪ ،‬وإذا‬
‫عيناه مشقوقتان طول‪ ،‬وإذا أسنانه وفمه مشقوقا طول عظما واحدا بل‬
‫ذقن ول لحية )‪ (4‬وله أربعة أيد‪ :‬يدان في صدره‪ ،‬ويدان في منكبه‪ ،‬وإذا‬
‫عراقيبه قوادمه‪ ،‬وأصابعه خلفه وعليه قباء قد شد وسطه بمنطقة فيها‬
‫خيوط معلقة بين أحمر وأصفر وأخضر وجميع اللوان‪ ،‬وإذا بيده جرس‬
‫عظيم‪ ،‬وعلى رأسه بيضة‪ ،‬وإذا في البيضة حديدة معلقة شبيهة بالكلب‪.‬‬
‫فلما تأمله يحيى عليه السلم قال له‪ :‬ما هذه المنطقة التي في وسطك ؟‬

‫)‪ (1‬في المطبوع‪] :‬شبير بن ابراهيم[ والرجل غير مذكور في الرجال )‪ (2‬في‬
‫النسخة المخطوطة‪] :‬سليم[ ولعله مصحف‪ ،‬وسليمان بن بلل المدنى‬
‫مترجم في كتب الفريقين ال ان طبقته ل يناسب روايته عن الرضا عليه‬
‫السلم لنه مات سنة ‪ 177‬ولذا عده الشيخ وغيره من رجال الصادق‬
‫عليه السلم‪ ،‬واورده ابن داود في أصحاب الرضا عليه السلم نقل عن‬
‫رجال الشيخ ولكنه وهم‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وأجاف عليه الباب‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وإذا عيناه مشقوقتان طول وفمه مشقوق طول واسنانه وفمه‬
‫عظما واحدا بل ذقن ول لحية‪(*) .‬‬

‫]‪[225‬‬

‫فقال‪ :‬هذه المجوسية أنا الذي سننتها وزينتها لهم‪ ،‬فقال له‪ :‬ما هذه الخيوط اللوان‬
‫قال له‪ :‬هذه جميع أصناع النساء ل تزال المرأة تصنع الصنيع )‪ (1‬حتى‬
‫يقع مع لونها فأفتن )‪ (2‬الناس بها ؟ فقال له‪ :‬فما هذا الجرس الذي بيدك ؟‬
‫قال‪ :‬هذا مجمع كل لذة من طنبور وبربط ومعزفة وطبل وناى وصرناي‪،‬‬
‫وإن القوم ليجلسون على شرابهم فل يستلذونه فاحرك الجرس فيما بينهم‬
‫فإذا سمعوه استخفهم الطرب فمن بين من يرقص ومن بين من يفرقع‬
‫أصابعه ومن بين من يشق ثيابه‪ ،‬فقال له‪ :‬وأي الشياء أقر لعينك ؟ قال‪:‬‬
‫النساء هن فخوخي ومصائدي‪ ،‬فاني إذا اجتمعت على دعوات الصالحين‬
‫ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن‪ ،‬فقال له يحيى عليه السلم‪:‬‬
‫فما هذه البيضة التي على رأسك ؟ قال‪ :‬بها أتوقى دعوة المؤمنين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما هذه الحديدة التي أرى فيها ؟ قال‪ :‬بهذه اقلب قلوب الصالحين‪ ،‬قال‬
‫يحيى عليه السلم‪ :‬فهل ظفرت بي ساعة قط قال‪ :‬ل ولكن فيك خصلة‬
‫تعجبني‪ ،‬قال يحيى‪ :‬فما هي ؟ قال‪ :‬أنت رجل أكول فإذا أفطرت أكلت‬
‫وبشمت )‪ (3‬فيمنعك ذلك من بعض صلتك وقيامك بالليل‪ ،‬قال يحيى عليه‬
‫السلم‪ :‬فاني اعطي ال عهدا أني ل أشبع من الطعام حتى ألقاه‪ ،‬قال له‬
‫إبليس‪ :‬وأنا أعطي ال عهدا أني ل أنصح مسلما حتى ألقاه‪ ،‬ثم خرج فما‬
‫عاد إليه بعد ذلك )‪ .(4‬بيان‪ :‬قوله‪ :‬وحبا‪ ،‬الظاهر زيادة الواو أو هو عطف‬
‫على مفعول له الخر مثله أي أفعله طاعة وحبا‪ ،‬حتى ساواه أي حاذاه‬
‫محاذ‪ ،‬يقال‪ :‬ساواه مساواة‪ :‬ماثله وعادله قدرا أو قيمة‪ ،‬وفي القاموس‪:‬‬
‫الخوخة‪ :‬كوة تؤدي الضوء إلى البيت‪ ،‬ومخترق ما بين كل دارين ما عليه‬
‫باب‪ ،‬والكلب كتفاح‪ :‬ما يقال له بالفارسية‪ :‬قلب قوله‪ :‬أصناع النساء‪ ،‬في‬
‫أكثر النسخ بالصاد والعين المهملتين والنون‪ ،‬وفي بعضها بالصاد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اصباغ النساء ل تزال المرأة تصبغ الصبغ‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فافتتن‪ (3) .‬لعل المراد بها الشبع لن الكل على حد التخمة مناف لزهادة‬
‫يحيى عليه السلم وعلمه بانه مضر للجسد‪ ،‬أو الصحيح ما في بعض‬
‫النسخ من انه‪ :‬ونمت‪ (4) .‬مجالس ابن الشيخ‪.216 :‬‬

‫]‪[226‬‬
‫والباء والغين المعجمة وبعده‪ " :‬ل تزال المرأة تصنع الصنيع " على الول‪ ،‬و "‬
‫تصبغ الصبغ " على الثاني‪ ،‬ولعله أظهر‪ ،‬أي تتبع الصباغ واللوان في‬
‫ثيابها وبدنها حتى يوافق لونها‪ ،‬وعلى الول أيضا يؤل إليه‪ ،‬قال الفيروز‬
‫آباد‪ :‬صنع الشئ صنعا‪ :‬عمله‪ ،‬وما أحسن صنيع )‪ (1‬ال عندك وصنعة‬
‫الفرس‪ :‬حسن القيام عليه‪ ،‬صنعت فرسي صنعا وصنعة‪ ،‬والصنيع‪ :‬ذلك‬
‫الفرس‪ ،‬والحسان‪ ،‬وهو صنيعي وصنيعتي أي اصطنعته وربيته‪ ،‬وصنعت‬
‫الجارية كعني‪ :‬احسن إليها حتى سمنت‪ ،‬وصنع الجارية أي أحسن إليها‬
‫وسمنها‪ ،‬ورجل صنيع اليدين‪ :‬حاذق في الصنعة‪ ،‬من قوم أصناع اليدى‬
‫والصنع بالكسر‪ :‬الثوب والعمامة‪ ،‬والجمع‪ ،‬أصناع‪ ،‬والتصنع‪ :‬التزين‪.‬‬
‫وقال‪ :‬المعازف‪ :‬الملهي كالعود والطنبور‪ ،‬الواحد عزف أو معزف كمنبر‬
‫ومكنسة‪ ،‬وقال‪ :‬البشم محركة‪ :‬التخمة والسامة‪ ،‬بشم كفرح وأبشمه‬
‫الطعام‪ ،‬وفي بعض النسخ‪ :‬ونمت‪ - 71 .‬وأقول‪ :‬وجدت هذا الخبر في كتاب‬
‫غور المور للترمذي على وجه أبسط فأحببت إيراده هنا‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبو‬
‫مقاتل عن صالح بن سعيد عن أبي سهل عن الحسن قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬إن إبليس عدو ال كان يأتي النبياء ويتحدث إليهم‬
‫من لدن نوح إلى عيسى بن مريم وما بين ذلك من النبياء‪ ،‬غير أنه لم يكن‬
‫لحد أكثر زيارة ول أشد استيناسا منه إلى يحيى بن زكريا عليه السلم‪،‬‬
‫وإنه دخل عليه ذات يوم فلما أراد النصراف من عنده قال له يحيى‪ :‬يابا‬
‫مرة‪ ،‬واسمه الحارث وكنيته أبو مرة وإنما سماه ال إبليس لنه أبلس من‬
‫الخير كله يوم آدم عليه السلم‪ .‬فقال له‪ :‬يابا مرة إني سائلك حاجة فأحببت‬
‫)‪ (2‬أن ل تردني عنها‪ ،‬فقال له‪ :‬ولك ذلك يا نبي ال فسل )‪ ،(3‬فقال له‬
‫يحيى بن‪ :‬زكريا‪ :‬إني احبك )‪ (4‬تجيئني‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬صنع ال بالضم وصنيع ال عندك‪ (2) .‬في نسخة‪ :‬فاحب‪ (3) .‬في‬
‫نسخة‪ :‬فاسأل‪ (4) .‬في نسخة‪ :‬احب أن تجيئني‪.‬‬

‫]‪[227‬‬

‫في صورتك وخلقك وتعرض علي مصائدك )‪ (1‬التي بها تهلك الناس‪ ،‬قال إبليس‪:‬‬
‫سألتني أمرا عظيما ضقت به ذرعا )‪ (2‬وتفاقم خطبه عندي ولكنك أعز‬
‫علي وأمن من أن أردك بمسألة ول أجيبك بحاجة‪ ،‬ولكني أحب أن تخلو‬
‫برؤيتي فل يكون معك أحد غيرك‪ ،‬فتواعدا لغد عند ارتفاع النهار‪ ،‬صدر )‬
‫‪ (3‬من عنده على ذلك‪ ،‬فلما كان من الغد في تلك الساعة تمثل بين يديده‬
‫قائما فنظر إلى أمر من أمر ال عظيم‪ ،‬إذا هو ممسوخ منكوس مقبوح‬
‫هائل كريه‪ ،‬جسده على أمثال أجساد الخنازير‪ ،‬ووجهه على وجه القردة‪،‬‬
‫وشق عينيه طول وشق فاه طول‪ ،‬حيال رأسه وأسنانه كلها عظم واحد ل‬
‫ذقن له أصل ول لحية‪ ،‬وشعر رأسه مقلل )‪ (4‬مقلوب المنبت نحو السماء‪،‬‬
‫وله أربعة أيدي‪ :‬يدان في منكبيه‪ ،‬ويدان في جنبيه‪ ،‬وأصابعه مما يليه من‬
‫القدم خلفه‪ ،‬وعراقيبه )‪ (5‬أمامه وأصابع يديه ستة‪ ،‬وخده أصلت )‪،(6‬‬
‫ومنخرا أنفه نحو السماء‪ ،‬له خرطوم كخرطوم الطير‪ ،‬ووجهه قبل القفاء‪،‬‬
‫أعمش العينين‪ ،‬أعرج معوج‪ ،‬له جناح‪ ،‬وإذا عليه قميص مقلص )‪ (7‬قد‬
‫تمنطق فوقه بعد )‪ (8‬المجوس‪ ،‬وإذا أكواز صغار قد علقه من منطقته‪،‬‬
‫وحوالي قميصه خياعيل )‪ (9‬شبه الشرب )‪ (10‬في ألوان شتى من بياض‬
‫وسواد وحمرة‬

‫)‪ (1‬المصائد جمع المصيدة‪ :‬ما يصاد به‪ (2) .‬أي لم اقدر على رده‪ .‬وتفاقم المر‪:‬‬
‫عظم‪ (3) .‬أي رجع‪ (4) .‬أي قليل‪ (5) .‬العراقيب جمع العرقوب‪ :‬عصب‬
‫غليظ فوق العقب‪ (6) .‬جبين صلت‪ :‬واضح مستو بارز‪ (7) .‬قلص قميصه‬
‫فقلص هو‪ :‬شمره ورفعه فارتفع وتشمر‪ (8) .‬هكذا في الكتاب ولعله من‬
‫عد‪ ،‬أي بمثل المجوس‪ (9) .‬الخياعيل جمع الخيعل‪ :‬الفرو‪ ،‬أو ثوب غير‬
‫مخيط الفرجن‪ ،‬أو درع يخاط أحد شقيه ويترك الخر تلبسه المرأة‬
‫كالقميص‪ ،‬أو قميص ل كمى له‪ ،‬قاله الفيروز آبادى ولعل المراد به هنا‬
‫غيرها‪ (10) .‬لعله جمع الشرابة هي ضمة من خيوط يعلق على اطراف‬
‫الثوب يقال لها بالفارسية ريشه‪ ،‬وكلبتون‪.‬‬

‫]‪[228‬‬

‫وصفرة وخضرة‪ ،‬وبيده جرس ضخم‪ ،‬وعلى رأسه بيضة في قلتها حديدة مستطيلة‬
‫معقفة الطرف‪ .‬فقال له يحيى‪ :‬أخبرني يابا مرة عما أسألك مما أرى‪ ،‬قال‪:‬‬
‫يا نبي ال ما دخلت عليك على هذه الحالة إل وأنا احب أن اخبرك بكل شئ‬
‫تسألني عليه ثم ل أعمى عليك‪ ،‬فقال‪ :‬حدثني يابا مرة عن إنطاقك هذا فوق‬
‫القميص ما هو ؟ قال‪ :‬يا نبي ال تشبه بالمجوس‪ ،‬أنا وضعت المجوسية‬
‫فدنت بها‪ .‬قال‪ :‬فأخبرني ما هذه الكواز الصغار التي هي معلقة من‬
‫منطقتك مقدمة‪ .‬قال‪ :‬يا نبي ال فيها شهواتي وخياعيل مصائدي‪ ،‬فأول ما‬
‫أصيد به المؤمن من قبل النساء فان هو اعتصم بطاعة ال أقبلت عليه من‬
‫قبل جمع المال من الحرام طمعا فيه حرصا عليه فان هو اعتصم بطاعة ال‬
‫وأجنبني بالزهادة أقبلت عليه من قبل الشراب هذا المسكر حتى اكرر عليه‬
‫هذه الشهوات كلها ولبد أن يواقع بعضها ولو كان من أورع الناس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما هذه الخياعيل إلى طرف قميصك ؟ قال‪ :‬يا نبي ال هذه ألوان أصباغ‬
‫النساء وزينتهن فل يزال إحداهن تتلون )‪ (1‬ثيابها حتى تأتي على ما يليق‬
‫بها فهناك افتتن الرجال إلى ما عليها من الزينة‪ .‬قال‪ :‬فما هذا الجرس بيدك‬
‫؟ قال‪ :‬يا نبي ال هذا معدن الطرب وجماعات أصوات المعازف من بين‬
‫بربط وطنبور ومزامير وطبول ودفوف ونوح وغناء‪ ،‬وإن القوم يجتمعون‬
‫على محفل شر وعندهم بعض ما ذكرت من هذه المعازف‪ ،‬فل يكادون‬
‫يتنعمون في مجلس ويستلذون ويطربون‪ ،‬فإذا رأيت ذلك منهم حركت هذا‬
‫الجرس فيختلط ذلك الصوت بمعازفهم‪ ،‬فهناك يزيد استلذاذهم وتطريبهم‪،‬‬
‫فمنهم من إذا سمع هذا يفرقع أصابعه‪ ،‬ومنهم من يهز رأسه‪ ،‬ومنهم من‬
‫يصفق بيديه‪ ،‬فما زال هذا دأبهم حتى ابرتهم )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬تلون‪ (2) .‬أي حتى أهلكتهم‪.‬‬

‫]‪[229‬‬

‫قال‪ :‬فما هذه البيضة على رأسك ؟ قال‪ :‬يا نبي ال احترز مني ومن مصائدي التي‬
‫وصفت لك النبياء والصالحون والنساك وأهل الورع‪ ،‬كما أحرز رأسي‬
‫هذه البيضة من كل نكبة‪ ،‬قال‪ :‬وما النكبة ؟ قال‪ :‬اللعنة‪ ،‬قال‪ :‬فما هذه‬
‫الحديدة المستطيلة التي في قلتها ؟ قال‪ :‬يا نبي ال هي التي اقلب بها قلوب‬
‫الصالحين‪ ،‬قال‪ :‬بقيت حاجة قال‪ :‬قل‪ ،‬قال‪ :‬ما بال خلقك وصورتك على ما‬
‫أرى من القبح والتقليب والنكار ؟ قال‪ :‬يا نبي ال هذا بسبب أبيك آدم‪ ،‬إني‬
‫كنت من الملئكة المكرمين ممن لم أرفع رأسي من سجدة واحدة أربعمائة‬
‫ألف سنة‪ ،‬وعصيت ربي في أمر سجودي لدم أبيك فغضب ال علي‬
‫ولعنني‪ ،‬فحولت من صورة الملئكة إلى صورة الشياطين ولم يكن في‬
‫الملئكة أحسن صورة مني فصرت ممسوخا منكوسا مقبوحا مقلوبا هائل‬
‫كريها كما ترى‪ .‬قال‪ :‬فهل أريت صورتك هذه أحدا قط‪ ،‬ومصائدك بهذه‬
‫الصورة ؟ قال‪ :‬ل وعزة ربي إن هذا الشئ ما نظر إليه آدمي قط‪ ،‬ولقد‬
‫أكرمتك بهذه دون الناس كلهم‪ ،‬قال‪ :‬فتمم إكرامك إياى بمسئلتين أسألك‬
‫عنهما‪ ،‬إحداهما عامة‪ ،‬والخرى خاصة‪ ،‬قال‪ :‬ولك ذلك يا نبي ال فسل‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثني أي الشياء أرجى عندك وأدعمه لظهرك وأسله لكأبتك )‪(1‬‬
‫وأقره لعينك وأشد لركنك وأفرحه لقلبك ؟ قال‪ :‬يا نبي ال إني أخاف أن‬
‫تخبر به أحدا فيحفظون ذلك فيعتصمون به ويضيع كيدي )‪ .(2‬قال‪ :‬إن ال‬
‫قد أنزل في الكتاب شأنك وكيدك وبين لنبيائه وأوليائه‪ .‬فاحترزوا ما‬
‫احترزوا‪ ،‬وأما الغاوون فأنت أولى بهم قد تلعب بهم كالصوالجة بالكرة‬
‫فليس قولك عندهم أدعى وأعز من قول ال‪ .‬قال‪ :‬يا نبي ال إن‪ .‬أرجى‬
‫الشياء عندي وأدعمه لظهري وأقره لعيني النساء‬

‫)‪ (1‬دعم الشئ‪ :‬أسنده لئل يميل‪ :‬دعمه‪ :‬أعانه وقواه‪ .‬أسله عن همه‪ :‬كشفه عنه‪.‬‬
‫الكأبة‪ :‬الحزن الشديد‪ (2) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬فيضيع كيدى‪.‬‬
‫]‪[230‬‬

‫فانها حبالتي ومصائدي وسهمي الذي به ل أخطئ‪ ،‬بأبي هن‪ ،‬لو لم يكن هن ما‬
‫أطقت إضلل أدنى آدمي‪ ،‬قرة عيني‪ ،‬بهن أظفر بمقراتي )‪ (1‬وبهن اوقع‬
‫في المهالك‪ ،‬يا حبذاهن إذا اغتممت ليست على النساك )‪ (2‬والعباد‬
‫والعلماء غلبوني بعد ما أرسلت عليهم الجيوش فانهزموا وبعد ما ركبت‬
‫وقهرت ذكرت النساء طابت نفسي وسكن غضبي واطمأن كظمي وانكشف‬
‫غيظي وسلت كأبتي وقرت عيني واشتد أزري )‪ ،(3‬و لولهن من نسل آدم‬
‫لسجدتهن فهن سيداتي وعلى عنقي سكناهن وعلي ماهن )‪ (4‬ما اشتهت‬
‫امرأة من حبالتي )‪ (5‬حاجة إل كنت أسعي برأسي دون رجلي في إسعافها‬
‫بحاجتها لنهن رجائي وظهري وعصمتي ومسندي وثقتي وغوثي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وما نفعك وفرحك في ضللة الدمي ؟ وبأي شئ سلبت عليه )‪ (6‬؟ قال‪:‬‬
‫خلق ال الفراح والحزان والحلل والحرام‪ ،‬وخيرني فيهما يوم آدم‬
‫فاخترت الشهوات والفراح واخترت الحرام والفحش والمناكير صارت تلك‬
‫نهمتي )‪ (7‬وهواي‪ ،‬وخير آدم فاختار الحزان والعبادة والحلل‪ ،‬فصار‬
‫ذلك له نهمة ومنية‪ ،‬فذلك منيته ونهمته‪ ،‬وهذا هواي ونهمتي وشهوتي‪،‬‬
‫فذلك شيئه وماله ومتاعه‪ ،‬وهذا شيئي ومالي ومتاعي وبضاعتي‪ ،‬وشئ‬
‫المرء كنفسه لن فيه نهمته وشهوته‪ ،‬ونهمة المرء وشهوته حياته فإذا‬
‫سلب الحياة هلك المرء‪ ،‬فكم )‪ (8‬نرى من خلق ال سلب منهم نهمته‬
‫وهمته مات‬

‫)‪ (1‬هكذا في النسخ ولعله مصحف‪ :‬بمغزاتى‪ .‬والمغزاة‪ :‬الغزو‪ .‬ومغزى الكلم‪:‬‬
‫مقصده‪ (2) .‬هكذا في النسخ ولعله مصحف‪ :‬إذا اهتممت على النساك‪ ،‬أو‬
‫إذا اغتممت أن النساك‪ (3) .‬أي ظهرى‪ (4) .‬في المطبوع‪] :‬وعلى‬
‫تمماهن[ ولعله مصحف تمامهن‪ (5) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬من‬
‫حيالتى‪ (6) .‬في النسخة المخطوطة‪] :‬سلت عليه[‪ (7) .‬النهمة‪ :‬الحاجة‪.‬‬
‫بلوغ الهمة والشهوة في الشئ‪ (8) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬وكم يرى‪.‬‬

‫]‪[231‬‬

‫وهلك‪ ،‬فكذلك هذا‪ ،‬إن ما اخترت صار ذلك شهوتي وهواي وحياتي‪ ،‬فمهما سلبت‬
‫هلكت‪ ،‬ومهما ظفرت به فرحت وحييت‪ ،‬فإذا رأيت شهوتي وهواي وحياتي‬
‫عند غيرى قد سلبها مني أجتهد كل الجهد حتى أظفر بها ليكون بها قوامي‬
‫يدي )‪ (1‬للدمي سلب حياتي وهي الشهوة )‪ (2‬والهوى فجعلها في كنه )‬
‫‪ (3‬وحرزه وقد تهيأ واستعد يقاتلني ويحاربني فهل بد من المحاربة ليصل‬
‫المحق إلى حقه ويقهر الظالم فهذه حالتي وشأني )‪ (4‬وسبب فرحي إذا‬
‫غلبته‪ .‬قال له‪ :‬وما ظلمه حيث تقول‪ :‬يقهر الظالم ؟ قال‪ :‬فيظلمني إذا سلب‬
‫هواي فجعله في كنه‪ ،‬لوله كيف ل أطمع أنا في حربه وحلله كما طمع في‬
‫حرامي وهواي ؟ قال له‪ :‬أليس بمحال )‪ (5‬أن تقول‪ :‬أنا اريد استرداد‬
‫هواي فتفرح إن هو استعمله وتحزن إن لم يستعمل هواك في شؤنه ؟ قال‪:‬‬
‫إذا استعمل هواي لست أحزن ولكني أفرح لنه قد أعطاني نهمتي الفرح‪،‬‬
‫إنما أحزن حتى ل يستعمله )‪ ،(6‬لست أطلب نهمتي لخذه مني فاني قد‬
‫أمنت أن ل يرد لنه قد خيل عليه‪ ،‬ولكننى اريد استعماله فإذا استعمله‬
‫أعطاني منيتي ومختاري وحياتي فهو نفسي فإذا استعمل منيتي أحياني‬
‫وفرحني‪ ،‬وإنه استعمله على جهته‪ ،‬وإذا لم يستعمله فهو في كنه‬
‫كالمسجون‪ ،‬فإذا كان هو في كنه مسجونا مقيدا وهو حياتي كنت كأني‬
‫المسجون المقيد وصرت حربا )‪ (7‬لنه أبدلني بمكان حياتي الموت‪ ،‬فلبد‬
‫أن أحتال بكل حيلة آتية بكل خدعة واهيئ وازين اللة‬

‫)‪ (1‬استظهر المنصف انه مصحف‪ :‬يريد‪ .‬أقول‪ :‬الظاهر أن ]للدمي[ ايضا مصحف‬
‫الدمى‪ (2) .‬في نسخة‪ :‬وهى شهوتي‪ (3) .‬الكن‪ :‬وقاء كل شئ وستره‪.‬‬
‫البيت‪ (4) .‬في النسخة المخطوطة‪] :‬وثباتي[ ولعله مصحف‪ (5) .‬أي‬
‫أليس بمحال في الحكمة‪ (6) .‬لعله مصحف‪ :‬حين ل يستعمله‪ (7) .‬في‬
‫النسخة المخطوطة‪ :‬وقد صرت حزنا‪(*) .‬‬

‫]‪[232‬‬

‫والدوات‪ ،‬واخرج )‪ (1‬الملهي والدوات وأضربها واحركها وألوحها لعله يرى‬


‫ذلك فيطرب ويذكر وينشط ويغتر ويهيج )‪ (2‬فيستعمل الهواء الذي فيه‪،‬‬
‫وهي حياتي وشهوتي فأحيى وابهج حتى يجد هو السبيل إلى التحرك‬
‫والخلص من السجن وهذا ما لم أذكر لحد قط منذ خلقت‪ ،‬ولول ما أرى‬
‫لك من الفضل والكرامة ما أخبرتك بهذا كله‪ .‬قال يحيى عليه السلم‪:‬‬
‫فالمسألة الخاصة التي سألتك‪ ،‬قال‪ :‬نعم سل‪ ،‬قال‪ :‬هل أصبت مني فرصتك‬
‫قط في لحظة من بصر أو لفظة بلسان أو هم بقلب ؟ قال‪ :‬اللهم ل‪ ،‬إل أنه‬
‫كان يعجبني منك خصلة فكثر ذلك عنك ووقع عندي موقعا شريفا‪ ،‬فتغير‬
‫لون يحيى من قوله وتبلد وتقاصرت إليه نفسه )‪ (3‬وارتعدت فرائصه‬
‫وغشي عليه‪ ،‬قال‪ :‬وما ذلك يابا مرة ؟ قال‪ :‬أنت رجل أكول وكنت أحيانا‬
‫تكثر الطعام فتبشم منه ويعتريك الوهن والنوم والثقل والكسل والنعاس‬
‫فكنت تنام على جنبك أحيانا من الوقات التي كنت تقوم فيها من الليل‪ ،‬هذا‬
‫يعجبني منك‪ .‬قال‪ :‬وبهذا كنت تجد علي الفرصة ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ما أشد‬
‫لفرحك وما أشد لحركتك )‪ (4‬؟ قال‪ :‬قد ذكرت لك فلم تحفظه‪ ،‬ولكن أجملك‪،‬‬
‫جميع ما يكره ال فهو مختاري‪ ،‬وجميع ما يحب فهو منبوذي‪ ،‬لم أتمالك‬
‫حتى أحتال بكل حيلة حتى ينبذه‪ ،‬وازين له مختاري حتى يرفعه‪ ،‬لن حياتي‬
‫في استعمال مختاري‪ ،‬ومماتي وهلكي وذلي وضعفي في استعماله‬
‫مرفضي ومنبوذي وهو الحلل الطيب من الشياء والحزان‪ ،‬ومختاري‬
‫الحرام والخبث من الشياء والفراح‪ ،‬بها قد خطر ال عليه‪ .‬ثم قال إبليس‪:‬‬
‫حسبك يا يحيى‪ ،‬فرحا بما قد أظهر ليحيى أنه قد وجد عليه‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬فاخرج الملهي وأدواته‪ (2) .‬في النسخة المخطوطة‪:‬‬
‫ويبهج‪ (3) .‬تبلد‪ :‬تردد متحيرا‪ .‬تلهف‪ .‬صفق بكفيه‪ .‬تقاصرت نفسه‪:‬‬
‫تضاءلت‪ (4) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬لحزنك‪.‬‬

‫]‪[233‬‬

‫فرصة )‪ ،(1‬قال يحيى‪ :‬ولم تجد علي الفرصة من عمري إل الذي ذكرت ؟ قال‪:‬‬
‫اللهم ل إل ذلك‪ ،‬قال يحيى‪ :‬عاهدت عزوجل نذرا واجبا على أن أخرج من‬
‫الدنيا ول أشبع من الطعام‪ ،‬قال‪ :‬فغضب إبليس وحزن على ما أخبره‪،‬‬
‫فاحترز يحيى واعتصم قال‪ :‬خدعتني يا بن آدم وكسرت ظهري بما‬
‫خدعتني وأنا اعاهد ال ربي نذرا واجبا على أن ل أنصح آدميا‪ ،‬ولقد‬
‫غلبتني يا ابن آدم وكسرت ظهري بما خدعتني حتى سلمت مني وخرج من‬
‫عنده غضبانا )‪ .(2‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬كانت النسخة سقيمة جدا فأثبته كما‬
‫وجدته تأكيدا وتوضيحا لما روي من طرق أهل البيت عليهم السلم‪- 72 .‬‬
‫مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن أبيه عن المفيد عن أبي عبد ال بن أبي رافع عن‬
‫جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني عن عيسي بن مهران عن يحيى بن‬
‫الحسن بن فرات عن ثعلبة بن زيد النصاري قال‪ :‬سمعت جابر بن عبد ال‬
‫النصاري رحمه ال يقول‪ :‬تمثل إبليس لعنه ال في أربع صور‪ :‬تمثل يوم‬
‫بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش‪ " :‬ل غالب لكم‬
‫اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال‬
‫إني برئ منكم " )‪ (3‬وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج‬
‫فنادى‪ :‬إن محمدا والصباة )‪ (4‬معه عند العقبة فأدركوهم‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله للنصار‪ :‬ل تخافوا فان صوته لن يعدوه‪ ،‬وتصور يوم‬
‫اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد وأشار عليهم‬
‫في النبي صلى ال عليه وآله بما أشار‪ ،‬فأنزل ال تعالى‪ " :‬وإذ يمكر بك‬
‫الذين كفروا ليثبتوا أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر ال وال خير‬
‫الماكرين " )‪ (5‬وتصور يوم قبض النبي صلى ال عليه وآله في صورة‬
‫المغيرة بن شعبة‬
‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬ساعة فرصة‪ (2) .‬غور المور‪ :‬لم نجد نسخته‪(3) .‬‬
‫النفال‪ (4) .48 :‬الصباة جمع صابئ‪ :‬من خرج من دين إلى دين آخر‪) .‬‬
‫‪ (5‬النفال‪.30 :‬‬

‫]‪[234‬‬

‫فقال‪ :‬أيها الناس ل تجعلوها كسروانية ولما قيصرانية وسعوها تتسع فل تردوها‬
‫في بني هاشم فينتظر بها الحبالى )‪ .(1‬بيان‪ :‬فينتظر بها الحبالى أي إذا‬
‫كانت الخلفة مخصوصة ببني هاشم صار المر بحيث ينتظر الناس أن تلد‬
‫الحبالى أحدا منهم فيصير خليفة ولم يعطوها غيرهم‪ - 73 .‬تفسير على بن‬
‫ابراهيم‪ :‬عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سئل عما ندب ال الخلق إليه أدخل فيه الضلل )‪ (2‬؟ قال‪ :‬نعم‬
‫و الكافرون دخلوا فيه‪ ،‬لن ال تعالى أمر الملئكة بالسجود لدم فدخل في‬
‫أمره الملئكة وإبليس‪ ،‬فإن إبليس كان من الملئكة )‪ (3‬في السماء يعبد‬
‫ال وكانت الملئكة تظن أنه منهم ولم يكن منهم‪ ،‬فلما أمر ال الملئكة‬
‫بالسجود لدم أخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد فعلمت الملئكة عند‬
‫ذلك أن إبليس لم يكن منهم‪ ،‬فقيل له‪ :‬فكيف وقع المر على إبليس‪ ،‬وإنما‬
‫أمر ال الملئكة بالسجود لدم فقال‪ :‬كان ابليس منهم بالولء ولم يكن من‬
‫جنس الملئكة‪ ،‬وذلك أن ال خلق خلقا قبل آدم وكان إبليس فيهم حاكما في‬
‫الرض فعتوا وأفسدوا وسفكوا الدماء‪ ،‬فبعث ال الملئكة فقتلوهم وأسروا‬
‫إبليس ورفعوه إلى السماء فكان مع الملئكة يعبد ال إلى أن خلق ال‬
‫تبارك وتعالى آدم )‪ - 74 .(4‬ومنه‪ :‬في قوله تعالى‪ " :‬فإذا قرأت القرآن‬
‫فاستعذ بال من الشيطان الرجيم " قال‪ :‬الرجيم أخبث الشياطين‪ ،‬فقلت له‪:‬‬
‫ولم سمي رجيما ؟ قال‪ :‬لنه يرجم )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬مجالس ابن الشيخ‪ 111 :‬و ‪ 112‬فيه‪ :‬فتنتظر‪ (2) .‬لعله بتشديد اللم جمع‬
‫الضال‪ ،‬ومراد السائل أن الخطابات الواردة في الشرع هل يشمل الضلل‬
‫والكافرون ام ل ؟ فاجابه بالشمول ومثل ذلك بالخطاب الوارد بالسجود‬
‫لدم حيث دخل فيه ابليس‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬كان مع الملئكة‪ (4) .‬تفسير‬
‫القمى‪ (5) .32 :‬تفسير القمى‪.365 :‬‬

‫]‪[235‬‬

‫بيان‪ :‬أي يرجم بالشهب أو باللعن أو في زمن القائم عليه السلم‪ - 75 .‬الحتجاج‪:‬‬
‫عن هشام بن الحكم قال‪ :‬سأل الزنديق أبا عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬أفمن‬
‫حكمته أن جعل لنفسه عدوا وقد كان ول عدو له‪ ،‬فخلق كما زعمت إبليس‬
‫فسلطه على عبيده يدعوهم إلى خلف طاعته ويأمرهم بمعصيته وجعل له‬
‫من القوة كما زعمت يصل )‪ (1‬بلطف الحيلة إلى قلوبهم فيوسوس إليهم‬
‫فيشككهم في ربهم ويلبس عليهم دينهم فيزيلهم عن معرفته حتى أنكر قوم‬
‫لما وسوس إليهم ربوبيته وعبدوا سواه فلم سلط عدوه على عبيده وجعل‬
‫له السبيل إلى إغوائهم ؟ قال‪ :‬إن هذا العدو الذي ذكرت ل يضره )‪(2‬‬
‫عداوته ول ينفعه وليته‪ ،‬وعداوته ل تنقص من ملكه شيئا‪ ،‬ووليته ل‬
‫تزيد فيه شيئا‪ ،‬وإنما يتقى العدو إذا كان في قوة يضر وينفع‪ ،‬إن هم بملك‬
‫أخذه أو بسلطان قهره‪ ،‬فأما إبليس فعبد خلقه ليعبده ويوحده وقد علم حين‬
‫خلقه ما هو وإلى ما يصير إليه‪ ،‬فلم يمل يعبده مع ملئكته حتى امتحنه‬
‫بسجود آدم فامتنع من ذلك حسدا وشقاوة غلبت عليه‪ ،‬فلعنه عند ذلك‬
‫وأخرجه عن صفوف الملئكة وأنزله إلى الرض ملعونا مدحورا‪ ،‬فصار‬
‫عدو آدم وولده بذلك السبب‪ ،‬وماله من السلطنة على ولده إل الوسوسة‬
‫والدعاء إلى غير السبيل وقد أقر مع معصيته لربه بربوبيته )‪- 76 .(3‬‬
‫ومنه‪ :‬في اسؤلة الزنديق المدعي للتناقض في القرآن‪ ،‬قال أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ :‬اليمان بالقلب هو التسليم للرب‪ ،‬ومن سلم المور لمالكها لم‬
‫يستكبر عن أمره كما استكبر إبليس عن السجود لدم واستكبر أكثر المم‬
‫عن طاعة أنبيائهم فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود‬
‫الطويل فانه سجد سجدة واحدة أربعة آلف عام لم يرد بها غير زخرف‬
‫الدنيا والتمكين من النظرة‪ ،‬فكذلك ل تنفع الصلة والصدقة إل مع الهتداء‬
‫إلى سبيل النجاة وطريق الحق )‪ .(4‬الخبر‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ .‬ما يصل‪ (2) .‬في المصدر‪] :‬ل تضره[ بالتأنيث وكذا‪ :‬ول تنفعه‪) .‬‬
‫‪ (3‬الحتجاج ‪ 80 :2‬طبعة دار النعمان‪ (4) .‬الحتجاج ‪ 368 :1‬فيه‪] :‬ولم‬
‫يرد[ وفيه‪ :‬فلذلك‪.‬‬

‫]‪[236‬‬

‫‪ - 77‬مجالس الصدوق‪ :‬عن محمد بن هارون الفامي عن محمد بن عبد ال‬


‫الحميري عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم ابن أبي عمير عن إبراهيم بن زياد‬
‫الكرخي قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬إذا كان يوم القيامة نشر ال تبارك‬
‫وتعالى رحمته حتى يطمع إبليس في رحمته )‪ - 78 .(1‬ومنه‪ :‬عن أحمد‬
‫بن محمد العطار عن سعد بن عبد ال عن القاسم بن محمد الصبهاني عن‬
‫سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬جاء إبليس إلى موسى بن عمران عليه السلم وهو‬
‫يناجى ربه‪ ،‬فقال له ملك من الملئكة‪ :‬ما ترجو منه وهو في هذه الحال‬
‫يناجي ربه ؟ فقال‪ :‬أرجو منه مارجوت من أبيه آدم )‪ .(2‬الخبر ‪- 79‬‬
‫تفسير على بن ابراهيم‪ " :‬إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان‬
‫تذكروا فإذا هم مبصرون " قال‪ :‬إذا ذكرهم الشيطان المعاصي وحملهم‬
‫عليها يذكرون اسم ال فإذا هم مبصرون )‪ - 80 .(3‬العلل‪ :‬عن الحسين بن‬
‫محمد )‪ (4‬بن سعيد الهاشمي عن فرات بن إبراهيم الكوفي عن محمد بن‬
‫علي بن معتمر )‪ (5‬عن أحمد بن علي بن محمد الرملي عن أحمد بن‬
‫موسى عن يعقوب بن إسحاق المروزي عن عمر بن منصور )‪ (6‬عن‬
‫اسماعيل بن أبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبيه عن أبي هارون العبدي‬
‫عن جابر بن عبد ال النصاري قال‪ :‬كنا بمنى مع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله إذ بصرنا برجل ساجد وراكع ومتضرع‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول ال ما‬
‫أحسن صلته ؟‬

‫)‪ (1‬المجالس‪ 123 :‬فيه‪ :‬أحمد بن هارون‪ (2) .‬المجالس‪ (3) .395 :‬تفسير القمى‪:‬‬
‫‪ 234‬والية في العراف‪ (4) .200 :‬في المصدر‪ :‬الحسن بن محمد‪(5) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬محمد بن على بن معمر‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬عمرو بن‬
‫منصور‪.‬‬

‫]‪[237‬‬

‫فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬هو الذي أخرج أباكم من الجنة‪ ،‬فمضى إليه علي عليه‬
‫السلم غير مكترث )‪ (1‬فهزه هزة أدخل أضلعه اليمنى في اليسرى‬
‫واليسرى في اليمنى‪ ،‬ثم قال‪ :‬لقتلنك إن شاء ال تعالى‪ ،‬فقال‪ :‬لن تقدر‬
‫على ذلك إلى أجل معلوم من عند ربي‪ ،‬مالك تريد قتلي ؟ فو ال ما أبغضك‬
‫أحد إل سبقت نطفتي إلى رحم امه قبل نطفة أبيه‪ ،‬ولقد شاركت مبغضيك‬
‫في الموال والولد‪ ،‬وهو قول ال عزوجل في محكم كتابه‪ " :‬وشاركهم‬
‫في الموال والولد " )‪ (2‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬صدق يا علي ل‬
‫يبغضك من قريش إل سفاحي ول من النصار إل يهودي ول من العرب إل‬
‫دعي ول من سائر الناس إل شقي ول من النساء إل سلقلقية وهي التي‬
‫تحيض من دبرها‪ ،‬ثم أطرق مليا ثم رفع رأسه فقال‪ :‬معاشر النصار !‬
‫اعرضوا أولدكم على محبة علي )‪ ،(3‬قال جابر بن عبد ال‪ :‬فكنا نعرض‬
‫حب علي عليه السلم على أولدنا‪ ،‬فمن أحب عليا علمنا أنه من أولدنا‬
‫ومن أبغض عليا انتفينا منه )‪ - 81 .(4‬العلل والمجالس للصدوق‪ :‬عن‬
‫الحسين بن أحمد العلوي عن علي بن أحمد ابن موسى عن أحمد بن علي‬
‫عن الحسن بن إبراهيم العباسي عن عمير بن مرداس الدولقي )‪ (5‬عن‬
‫جعفر بن بشير المكى عن وكيع عن المسعودي رفعه إلى سلمان الفارسي‬
‫رحمه ال قال‪ :‬مر إبليس لعنه ال بنفر بتناولون أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم فوقف أمامهم فقال القوم‪ :‬من الذي وقف أمامنا ؟ فقال‪ :‬أنا أبو مرة‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا أبا مرة أما تسمع كلمنا فقال‪ :‬سوأة لكم تسبون مولكم على بن‬
‫أبي طالب ؟ قالوا له‪ :‬من أين علمت أنه‬

‫)‪ (1‬أي غير مبال به‪ (2) .‬السراء‪ (3) .64 :‬زاد في نسخة من المصدر‪ :‬فان‬
‫اجابوا فهم منكم وان أبوا فليسوا منكم‪ (4) .‬علل الشرائع ‪ 135 :1‬و‬
‫‪ 136‬طبعة قم‪ (5) .‬هكذا في الكتاب وبعض نسخ المصدر‪ ،‬وفى المصدر‬
‫المطبوع بقم‪ :‬الدونقى وهو الصحيح صرح بذلك ابن الثير في اللباب‬
‫قال‪ :‬الدونقى بضم الدال وسكون الواو وفتح النون نسبة إلى دونق‪ :‬قرية‬
‫من قرى نهاوند‪ ،‬والدونقى هو عمير بن مرداس‪.‬‬

‫]‪[238‬‬

‫مولنا ؟ قال‪ :‬من قول نبيكم صلى ال عليه وآله‪] :‬من كنت موله فعلي موله اللهم‬
‫وال من واله وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله[ فقالوا‬
‫له‪ :‬فأنت من مواليه وشيعته ؟ فقال‪ :‬ما أنا من مواليه ول من شيعته‪،‬‬
‫ولكني احبه‪ ،‬ول يبغضه أحد إل شاركته في المال والولد‪ ،‬فقالوا له‪ :‬يابا‬
‫مرة فتقول في علي شيئا ؟ فقال لهم‪ :‬اسمعوا مني )‪ (1‬معاشر الناكثين‬
‫والقاسطين والمارقين‪ ،‬عبدت ال عزوجل في الجان اثني عشر ألف سنة‬
‫فلما أهلك ال الجان شكوت إلى ال عز وجل الوحدة‪ ،‬فعرج بي إلى السماء‬
‫الدنيا فعبدت ال في السماء الدنيا إثنى عشر ألف سنة اخرى في جملة‬
‫الملئكة‪ ،‬فبينا نحن كذلك نسبح ال عزوجل ونقدسه إذ مر بنا نور‬
‫شعشعانى فخرت الملئكة لذلك النور سجدا فقالوا‪ :‬سبوح قدوس هذا نور‬
‫ملك مقرب أو نبى مرسل‪ ،‬فإذا بالنداء من قبل ال عزوجل‪ :‬ما هذا نور‬
‫ملك مقرب ول نبي مرسل‪ ،‬هذا نور طينة علي بن أبي طالب عليه السلم )‬
‫‪ .(2‬بيان‪ :‬كأن اللعين ذكر ذلك لهم لتكون الحجة عليهم أتم وعذابهم أشد‬
‫لعلمه بأنهم ل يؤمنون بذلك‪ - 82 .‬العلل‪ :‬عن علي بن عبد ال الوراق عن‬
‫سعد بن عبد ال عن أحمد بن محمد ابن عيسى والفضل بن عامر الشعري‬
‫معا عن سليمان بن مقبل عن محمد بن زياد الزدي عن عيسى بن عبد ال‬
‫الشعري عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلم قال‪ :‬حدثني أبي عن‬
‫جدي عن أبيه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله لما‬
‫اسري بى إلى السماء حملني جبرئيل على كتفه اليمن فنظرت إلى بقعة‬
‫بأرض الجبل حمراء أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك‪،‬‬
‫فإذا فيها شيخ على رأسه برنس‪ ،‬فقلت لجبرئيل‪ :‬ما هذه البقعة الحمراء‬
‫التي هي أحسن لونا من الزعفران وأطيب ريحا من المسك ؟ قال‪ :‬بقعة‬
‫شيعتك وشيعة وصيك علي‪ ،‬فقلت‪ :‬من الشيخ صاحب البرنس ؟ قال‪:‬‬
‫إبليس‪ ،‬قال‪ :‬فما يريد‬
‫)‪ (1‬في نسخة‪ :‬كلمي‪ (2) .‬علل الشرائع ‪ 136 :1‬و ‪ ،137‬المجالس‪ 209 :‬فيه‪ :‬ل‬
‫نور‪.‬‬

‫]‪[239‬‬

‫منهم ؟ قال‪ :‬يريد أن يصدهم عن ولية أمير المؤمنين ويدعوهم إلى الفسق‬
‫والفجور فقلت‪ :‬يا جبرئيل أهو بنا إليهم‪ ،‬فأهوى بنا إليهم أسرع من البرق‬
‫الخاطف والبصر اللمح‪ ،‬فقلت‪ :‬قم يا ملعون فشارك أعداءهم في أموالهم‬
‫وأولدهم ونسائهم فان شيعتي وشيعة علي ليس لك عليهم سلطان‪،‬‬
‫فسميت )‪ (1‬قم )‪ - 83 .(2‬مجالس الصدوق‪ :‬عن علي بن الحسين بن‬
‫شاذويه المؤدب عن محمد بن عبد ال بن جعفر الحميري عن أبيه عن‬
‫يعقوب بن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب‬
‫عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬لما مضى لعيسى عليه السلم ثلثون سنة‬
‫بعثه ال تعالى إلى بني إسرائيل فلقيه إبليس لعنه ال على عقبة بيت‬
‫المقدس وهي عقبة افيق‪ ،‬فقال له‪ :‬يا عيسى أنت الذي بلغ من عظم‬
‫ربوبيتك أن تكونت من غير أب ؟ قال عيسى عليه السلم‪ :‬بل العظمة للذي‬
‫كونني وكذلك كون آدم وحواء‪ ،‬قال إبليس‪ :‬يا عيسى فأنت الذي بلغ من‬
‫عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا ؟ قال عيسى عليه السلم‪ :‬يا‬
‫إبليس بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لبكمني‪ ،‬قال إبليس‪،‬‬
‫فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ‬
‫فيه فيصير طيرا ؟ قال عيسى عليه السلم‪ :‬بل العظمة للذي خلقني وخلق‬
‫ما سخر لي‪ ،‬قال إبليس‪ :‬فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشفي‬
‫المرضى ؟ قال عيسى عليه السلم‪ :‬بل العظمة للذي باذنه أشفيهم وإذا‬
‫شاء أمرضني‪ ،‬قال إبليس‪ :‬فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي‬
‫الموتى ؟ قال عيسى عليه السلم‪ :‬بل العظمة للذي باذنه احييهم ولبد من‬
‫أن يميت ما أحييت ويميتني‪ ،‬قال إبليس‪ :‬يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم‬
‫ربوبيتك أنك تعبر البحر فل تبتل قدماك ول ترسخ فيه ؟ قال عيسى عليه‬
‫السلم‪ :‬بل العظمة للذي ذل ولو شاء أغرقني قال إبليس‪ :‬يا عيسى فأنت‬
‫الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنه سيأتي عليك يوم تكون السماوات والرض‬
‫ومن فيهن دونك وأنت فوق ذلك كله‪ ،‬تدبر المر وتقسم الرزاق‬

‫)‪ (1‬أي هذه البقعة‪ (2) .‬علل الشرائع ‪.259 :2‬‬

‫]‪[240‬‬
‫فأعظم عيسى عليه السلم ذلك من قول إبليس الكافر اللعين‪ ،‬فقال عيسى عليه‬
‫السلم‪ :‬سبحان ال مل سماواته وأرضه ومداد كلماته وزنة عرشه ورضا‬
‫نفسه‪ ،‬قال‪ :‬فلما سمع إبليس لعنه ال ذلك ذهب على وجهه ل يملك من‬
‫نفسه شيئا حتي وقع في اللجة الخضراء‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬فخرجت امرأة‬
‫من الجن تمشي على شاطئ البحر فإذا هي بابليس ساجدا على صخرة‬
‫صماء تسيل دموعه على خديه‪ ،‬فقامت تنظر إليه تعجبا‪ ،‬ثم قالت له‪ :‬ويحك‬
‫يا إبليس ما ترجو بطول السجود ؟ فقال لها‪ :‬أيتها المرأة الصالحة ابنة‬
‫الرجل الصالح أرجو إذا بررني عزوجل قسمه وأدخلني نار جهنم أن‬
‫يخرجني من النار برحمته )‪ - 84 .(1‬العلل‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال‬
‫عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حسان عن علي بن عطية قال‪:‬‬
‫قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن إبليس عبد ال في السماء سبعة الف‬
‫سنة في ركعتين فأعطاه ال ما أعطاه ثوابا له بعبادته )‪ - 85 .(2‬ومنه‬
‫بالسناد المذكور )‪ (3‬قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬حدثنى كيف قال‬
‫ال عزوجل لبليس‪ " (4) :‬فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم‬
‫" قال‪ :‬لشئ كان تقدم شكره عليه‪ ،‬قلت‪ :‬وما هو ؟ قال‪ :‬ركعتان ركعهما‬
‫في السماء في ألفي سنة أو في )‪ (5‬أربعة آلف سنة )‪ 86 .(6‬وفي رواية‬
‫اخرى‪ :‬عبد ال في السماء سبعة آلف سنة في ركعتين فأعطاه ال ما‬
‫أعطاه ثوابا له بعبادته )‪ .(7‬بيان‪ :‬يمكن رفع التنافي بين أزمنة الصلة‬
‫والسجود بوقوع الجميع وبصدور‬

‫)‪ (1‬المجالس‪ 122 :‬و ‪ 123‬فيه‪ :‬إذا ابر ربى‪ (2) .‬علل الشرائع ‪(3) .213 :2‬‬
‫السناد في المصدر هكذا‪ :‬ابى رحمه ال قال‪ :‬حدثنا سعد بن عبد ال عن‬
‫الحسن بن عطية قال‪ (4) .‬ص‪ 81 :‬و ‪ (5) .82‬الترديد من الراوى‪(6) .‬‬
‫علل الشرائع ‪ (7) .212 :2‬لم يذكر المصنف مصدر الحديث‪.‬‬

‫]‪[241‬‬

‫البعض موافقا لقوال العامة تقية‪ - 87 .‬تفسير علي بن إبراهيم في خبر ولدة النبي‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم قال‪ :‬لما رأت الشياطين ما حدث من اليات‬
‫لولدته ونزول الملئكة ورمي الشياطين بالشهب أنكروا ذلك واجتمعوا إلى‬
‫إبليس فقالوا‪ :‬قد منعنا من السماء وقد )‪ (1‬رمينا بالشهب فقال‪ :‬اطلبوا‬
‫فان أمرا قد حدث في الدنيا فرجعوا وقالوا‪ :‬لم نر شيئا‪ ،‬فقال إبليس‪ :،‬أنا‬
‫لها بنفسي فجال بين )‪ (2‬المشرق والمغرب حتى انتهى إلى الحرم فرآه‬
‫محفوفا بالملئكة وجبرئيل على باب الحرم بيده حرية‪ ،‬فأراد إبليس أن‬
‫يدخل فصاح به جبرئيل فقال‪ :‬اخسأ يا ملعون‪ ،‬فجاء من قبل حرا فصار‬
‫مثل الصر‪ ،‬فقال‪ :‬يا جبرئيل حرف أسألك عنه‪ ،‬قال‪ :‬ما هو ؟ قال‪ :‬ما هذا ؟‬
‫وما اجتماعكم في الدنيا ؟ فقال‪ :‬هذا نبي هذه المة قد ولد وهو آخر‬
‫النبياء وأفضلهم قال‪ :‬هل لي فيه نصيب ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال ؟ ففي امته ؟ قال‪:‬‬
‫بلى‪ ،‬قال‪ :‬قد رضيت )‪ .(3‬بيان‪ :‬الصر بالفتح‪ :‬طائر كالعصفور أصفر‪88 .‬‬
‫‪ -‬قرب السناد‪ :‬عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن‬
‫محمد عن أبيه عليهما السلم أن إبليس عدو ال رن أربع رنات‪ :‬يوم لعن‪،‬‬
‫ويوم اهبط إلى الرض ويوم بعث النبي صلى ال عليه وآله ويوم الغدير )‬
‫‪ .(4‬بيان‪ :‬الرنة بالفتح‪ :‬الصوت ويطلق غالبا على ما يكون عند مصيبة أو‬
‫داهية شديدة‪ - 89 .‬معاني الخبار‪ :‬عن المظفر بن جعفر العلوي عن جعفر‬
‫بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه عن علي بن الحسن بن فضال عن‬
‫محمد بن الوليد عن العباس بن هلل عن الرضا عليه السلم انه ذكر أن‬
‫اسم إبليس الحارث‪ ،‬وإنما قول ال عزوجل‪ :‬يا إبليس‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ورمينا‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ما بين‪ (3) .‬تفسير القمى‪350 :‬‬
‫والحديث طويل أخرجه المصنف عنه وعن كمال الدين في كتاب النبوة‬
‫في باب تاريخ ولدته راجع ج ‪ (4) .271 - 269 :15‬قرب السناد‪.‬‬

‫]‪[242‬‬

‫يا عاصى‪ ،‬وسمي إبليس لنه أبلس من رحمة ال )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال الراغب‪:‬‬
‫البلس‪ :‬الحزن المعترض من شدة اليأس‪ ،‬يقال‪ :‬أبلس ومنه اشتق إبليس‬
‫فيما قيل‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون )‪- 90 .(2‬‬
‫المعاني‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن أحمد بن محمد عن ابن فضال‬
‫رفعه إلى أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫إن لبليس كحل ولعوقا وسعوطا‪ ،‬فكحله النعاس ولعوقه الكذب وسعوطه‬
‫الكبر )‪ - 91 .(3‬ومنه‪ :‬عن محمد بن أحمد الشيباني )‪ (4‬عن محمد بن‬
‫جعفر السدي عن سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسني قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلم يقول‪ :‬معنى الرجيم أنه‬
‫مرجوم باللعن‪ ،‬مطرود من مواضع الخير‪ ،‬ل يذكره مؤمن إل لعنه‪ ،‬وإن‬
‫في علم ال السابق أنه إذا خرج القائم عليه السلم ل يبقى مؤمن في‬
‫زمانه إل رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن )‪- 92 .(5‬‬
‫العلل‪ :‬عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن الحلبي قال‬
‫سألت‪ :‬أبا عبد ال عليه السلم لم سمي الرجيم رجيما ؟ قال‪ :‬لنه يرجم‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬فهل ينقلب إذا رجم ؟ قال‪ :‬ل ولكنه يكون في العلم مرجوما )‪.(6‬‬
‫بيان‪ :‬قوله‪ :‬فهل ينقلب أي يرجع إلى الحياة والبقاء بعد الرجم‪ ،‬فقال عليه‬
‫السلم‪:‬‬
‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ 138 :‬طبعة الغفاري‪ (2) .‬المفردات‪ 60 :‬والية في الروم‪.12 :‬‬
‫)‪ (3‬معاني الخبار‪ (4) .138 :‬هكذا في الكتاب ومصدره والظاهر انه‬
‫مصحف السنانى نسبة إلى جده العلى محمد بن سنان المعروف والرجل‬
‫هو أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان الزاهرى نزيل الرى‬
‫المترجم في رجال الشيخ في باب من لم يرو عنهم‪ ،‬راجع ما حققناه في‬
‫مقدمة معاني الخبار‪ (5) .60 :‬معاني الخبار‪ (6) .139 :‬علل الشرائع‬
‫‪.213 :2‬‬

‫]‪[243‬‬

‫ل‪ ،‬والستدراك لنه توهم السائل أن الرجم في هذه الزمنة‪ ،‬فرفع عليه السلم‬
‫وهمه بأنه إنما يسمى الن رجيما لنه في علم ال أنه يصير بعد ذلك‬
‫رجيما عند قيام القائم عليه السلم كما مر في الخبر السابق‪ ،‬ويحتمل أن‬
‫يكون في الصل " فهل ينفلت " وسيأتي في رواية العياشي ما يؤيده‪93 .‬‬
‫‪ -‬تفسير على بن إبراهيم‪ " :‬لتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن‬
‫أيمانهم وعن شمائلهم " أما بين أيديهم فهو من قبل الخرة لخبرنهم أنه‬
‫ل جنة ول نار ول نشور‪ ،‬وأما خلفهم يقول‪ :‬من قبل دنياهم آمرهم بجمع‬
‫الموال وآمرهم أن ل يصلوا في أموالهم رحما ول يعطوا منه حقا‪،‬‬
‫وآمرهم أن ل ينفقوا على ذراريهم واخوفهم على الضيعة )‪ (1‬وأما عن‬
‫أيمانهم يقول‪ :‬من قبل دينهم‪ ،‬فان كانوا على ضللة زينتها‪ ،‬وإن كانوا‬
‫على الهدى جهدت عليهم حتى اخرجهم منه‪ ،‬وأما عن شمائلهم يقول‪ :‬من‬
‫قبل اللذات والشهوات‪ ،‬يقول ال تعالى‪ " :‬ولقد صدق عليهم إبليس ظنه "‬
‫)‪ (2‬وأما قوله‪ " :‬اخرج منها مذؤما مدحورا " فالمذؤم المعيب‪،‬‬
‫والمدحور المقصي أي ملقى في جهنم )‪ - 94 .(3‬المعاني‪ :‬عن أبيه عن‬
‫محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن علي بن‬
‫النعمان عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم في قوله‪" :‬‬
‫إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " قال‪ :‬ليس له على هذه العصابة خاصة‬
‫سلطان‪ ،‬قالت قلت فكيف جعلت فداك وفيهم ما فيهم ؟ قال‪ :‬ليس حيث‬
‫تذهب‪ ،‬إنما قوله‪ " :‬ليس لك عليهم سلطان " أن يحبب إليهم الكفر‬
‫ويبغض إليهم اليمان )‪ .(4‬المحاسن والعياشي‪ :‬عن علي بن النعمان عمن‬
‫ذكره عنه عليه السلم مثله )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬على ذراريهم واخوانهم وأخوف عليهم الضيعة‪ (2) .‬سبأ‪) .20 :‬‬
‫‪ (3‬تفسير القمى‪ 212 :‬والية في العراف‪ 17 :‬و ‪ (4) .18‬معاني‬
‫الخبار‪ 158 :‬والية في الحجر‪ (5) .42 :‬المحاسن‪ 171 :‬وتفسير‬
‫العياشي ‪ 242 :2‬في المصادر كلها‪ :‬قلت‪ :‬وكيف‪.‬‬
‫]‪[244‬‬

‫‪ - 95‬التفسير‪ :‬عن أبيه عن سعيد )‪ (1‬عن إسحاق بن جرير قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬أي شئ يقول أصحابك في قول إبليس‪ " :‬خلقتني من نار‬
‫وخلقته من طين " قلت‪ :‬جعلت فداك قد قال ذلك وذكره ال في كتابه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫كذب يا إسحاق )‪ (2‬ما خلقه ال إل من طين‪ ،‬ثم قال‪ :‬قال ال‪ " :‬الذي جعل‬
‫لكم من الشجر الخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون )‪ " (3‬خلقه ال من ذلك‬
‫النار ومن تلك الشجره‪ ،‬والشجرة أصلها من طين )‪ .(4‬بيان‪ :‬لعل المعنى‬
‫أن الطين داخل في طينته وإن كان النار فيه أغلب‪ - 96 .‬التفسير‪ :‬عن‬
‫أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن محمد بن يونس عن رجل عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم في قول ال تبارك وتعالى‪ " :‬أنظرني )‪ (5‬إلى يوم‬
‫يبعثون * قال فانك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم " قال‪ :‬يوم‬
‫الوقت المعلوم يوم يذبحه رسول ال صلى ال عليه وآله على الصخرة‬
‫التي في بيت المقدس )‪ - 97 .(6‬العيون‪ :‬عن محمد بن أحمد بن الحسين‬
‫بن يوسف البغدادي عن علي بن محمد بن عنبسة مولى الرشيد عن دارم‬
‫بن قبيصة عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬كان النبي صلى ال‬
‫عليه وآله يأكل الطلع والجمار )‪ (7‬بالتمر‪ ،‬ويقول‪ :‬إن إبليس لعنه ال‬
‫يشتد غضبه ويقول‪ :‬عاش ابن آدم حتى أكل العتيق بالحديث )‪- 98 .(8‬‬
‫ومنه بهذا السناد عن علي بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬كنت جالسا عند‬
‫الكعبة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬سعيد بن ابى سعيد‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬كذب ابليس يا اسحاق‪(3) .‬‬
‫يس‪ (4) .80 :‬تفسير القمى‪ 573 :‬فيه‪ :‬من تلك النار‪ (5) .‬في المصدر‬
‫وفى المصحف‪ :‬فانظرني‪ (6) .‬تفسير القمى‪ 573 :‬واليات في ص‪- 79 :‬‬
‫‪ (7) .81‬الطلع من النخل‪ :‬شئ يخرج كانه نعلن مطبقان والحمل بينهما‬
‫منضود‪ .‬والجمار بضم الجيم وتشديد الميم‪ :‬شحم النخلة‪ (8) .‬عيون‬
‫الخبار‪.229 :‬‬

‫]‪[245‬‬

‫فإذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر وفي يده عكازة وعلى‬
‫رأسه برنس أحمر‪ ،‬وعليه مدرعة من الشعر‪ ،‬فدنا إلى النبي صلى ال‬
‫عليه وآله والنبي مسند ظهره على الكعبة )‪ (1‬فقال‪ :‬يا رسول ال ادع لي‬
‫بالمغفرة‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬خاب سعيك يا شيخ وضل علمك‬
‫)‪ ،(2‬فلما تولى الشيخ قال لي‪ :‬يا أبا الحسن أتعرفه ؟ قلت‪ :‬ل )‪ ،(3‬قال‪:‬‬
‫ذلك اللعين إبليس‪ ،‬قال علي عليه السلم‪ :‬فعدوت خلفه حتى لحقته‬
‫وصرعته إلى الرض وجلست على صدره ووضعت يدي في حلقه لخنقه‪،‬‬
‫ققال لي‪ :‬ل تفعل يا أبا الحسن فاني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم‪،‬‬
‫وال يا على إني لحبك جدا وما أبغضك أحد إل شركت أباه في امه فصار‬
‫ولد زنا‪ ،‬فضحكت وخليت سبيله )‪ .(4‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬الحدب محركة‪:‬‬
‫خروج الظهر ودخول الصدر والبطن حدب واحدودب‪ ،‬وقال‪ :‬العكاز‪ :‬عصا‬
‫ذات زج‪ ،‬وقال‪ :‬البرنس بالضم‪ :‬قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه‪.‬‬
‫وقال‪ :‬المدرعة‪ :‬كمكنسة‪ :‬ثوب كالدراعة ول يكون إل من صوف‪- 99 .‬‬
‫التفسير‪ " :‬قل أعوذ برب الناس " وإنما هو أعوذ برب الناس )‪ " (5‬ملك‬
‫الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس " اسم الشيطان‪ ،‬في‬
‫صدور الناس )‪ (6‬يوسوس فيها ويؤيسهم من الخير ويعدهم الفقر‬
‫ويحملهم على المعاصي والفواحش‪ ،‬وهو قول ال‪ " :‬الشيطان يعدكم الفقر‬
‫ويأمركم بالفحشاء )‪ ." (7‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬ما من قلب إل وله‬
‫اذنان على أحدهما ملك مرشد‪ ،‬وعلى‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وهو مسند ظهره إلى الكعبة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬عملك‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬قلت‪ :‬اللهم ل‪ (4) .‬عيون الخبار‪ 229 :‬فيه‪ :‬ولد الزنا‪(5) .‬‬
‫المصدر خال من قوله‪ :‬وانما هو اعوذ برب الناس‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬هو‬
‫في صدور الناس‪ (7) .‬البقرة‪.286 :‬‬

‫]‪[246‬‬

‫الخر شيطان مفتر )‪ ،(1‬هذا يأمره وذا يزجره‪ ،‬كذلك من الناس شيطان يحمل‬
‫الناس على المعاصي كما يحمل الشيطان من الجن )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله‪ :‬وإنما‬
‫هو‪ ،‬لعل المراد أن ما قرأه الرسول صلى ال عليه وآله عند التعوذ بها‬
‫أسقط منها كلمة‪ :‬قل‪ ،‬أو ينبغي ذلك لكل من قرأها لذلك‪ ،‬أو ينبغي إعادة‬
‫تلك الفقرة ثانية بدون " قل " كما روى الطبرسي رحمه ال عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم إذا قرأت‪ " :‬قل أعوذ برب الفلق " فقل في نفسك‪ :‬أعوذ‬
‫برب الفلق‪ ،‬وإذا قرأت‪ " :‬قل أعوذ برب الناس " فقل في نفسك‪ :‬أعوذ‬
‫برب الناس )‪ - 100 .(3‬التفسير‪ :‬عن سعيد بن محمد عن بكر بن سهل‬
‫عن عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن عن مقاتل بن‬
‫سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس في قوله‪ " :‬من شر‬
‫الوسواس الخناس " يريد الشيطان على قلب ابن آدم له خرطوم مثل‬
‫خرطوم الخنزير‪ ،‬يوسوس ابن آدم إذا أقبل على الدنيا وما ل يحب ال‪ ،‬فإذا‬
‫ذكر ال عزوجل انخنس‪ ،‬يريد رجع‪ ،‬قال ال‪ " :‬الذي يوسوس في صدور‬
‫الناس " ثم أخبر أنه من الجن والنس‪ ،‬فقال عزوجل‪ " :‬من الجنة‬
‫والناس " يريد من الجن والنس )‪ - 101 .(4‬العلل‪ :‬عن أبيه عن محمد‬
‫بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن أبى جعفر عن أبي الجوزاء عن‬
‫الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال عزوجل‬
‫حين أمر آدم أن يهبط هبط آدم وزوجتة‪ ،‬وهبط إبليس ول زوجة له‪،‬‬
‫وهبطت الحية ول زوج لها‪ ،‬فكان أول من يلوط بنفسه إبليس‪ ،‬فكانت‬
‫ذريته من نفسه‪ ،‬وكذلك الحية‪ ،‬وكانت ذرية آدم من‬

‫)‪ (1‬أي يحملهم على الفتور وفى بعض النسخ‪ :‬مفتن‪ (2) .‬تفسير القمى‪(3) .744 :‬‬
‫مجمع البيان ‪ (4) .571 .10‬تفسير القمى‪.744 :‬‬

‫]‪[247‬‬

‫زوجته فأخبرهما أنهما عدوان لهما )‪ - 102 .(1‬ومنه‪ :‬عن محمد بن موسى عن‬
‫بعد ال الحميري عن محمد بن الحسين عن أحمد بن محمد البزنطي عن‬
‫أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلم في قول لوط‪" :‬‬
‫إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين " فقال‪ :‬إبليس‬
‫أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث عليه ثياب حسنة‪ ،‬فجاء إلى شباب منهم‬
‫فأمرهم أن يقعوا به‪ ،‬ولو طلب إليهم أن يقع بهم لبوا عليه‪ ،‬ولكن طلب‬
‫إليهم أن يقعوا به‪ ،‬فلما وقعوا به التذوه‪ ،‬ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال‬
‫بعضهم على بعض )‪ - 103 .(2‬العيون والعلل‪ :‬باسناده قال‪ :‬سأل الشامي‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم عن اسم إبليس ما كان في السماء ؟ فقال‪ :‬كان‬
‫اسمه الحارث‪ ،‬وسأله عن أول من عمل عمل قوم لوط فقال‪ :‬إبليس فانه‬
‫أمكن من نفسه )‪ - 104 .(3‬الخصال‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن‬
‫أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن علي بن عقبة‬
‫عن بعض أصحابنا عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬رن إبليس أربع‬
‫رنات‪ :‬أولهن يوم لعن‪ ،‬وحين اهبط إلى الرض‪ ،‬وحين بعث محمد صلى‬
‫ال عليه وآله على حين فترة من الرسل‪ ،‬وحين انزلت ام الكتاب‪ ،‬ونخر‬
‫نخرتين‪ :‬حين أكل آدم من الشجرة‪ ،‬وحين اهبط من الجنة )‪ .(4‬القصص‪:‬‬
‫باسناده عن الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن يعقوب بن يزيد‬
‫عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عنه عليه السلم مثله )‪ .(5‬بيان‪:‬‬
‫مخالفة الرنة الرابعة لما سبق )‪ (6‬ل ضير فيها‪ ،‬لعدم التصريح فيهما‬
‫بالحصر‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ‪ (2) .234 :2‬علل الشرائع‪ 234 :‬والية في العنكبوت‪(3) 28 :‬‬
‫عيون الخيار‪ 134 :‬و ‪ ،136‬علل الشرائع ‪ 281 :2‬و ‪(4) .283‬‬
‫الخصال ‪ (5) .263 :1‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (6) .‬أي في خبر قرب‬
‫السناد لن فيه‪ :‬يوم الغدير راجع الرقم ‪.88‬‬
‫]‪[248‬‬

‫والنخير صوت بالنف يصات به عند الفرح‪ ،‬والمرأة تفعله عند الجماع‪ ،‬ولذا تكرهه‬
‫بعض العرب قال في القاموس‪ :‬نخر ينخر وينخر نخيرا‪ :‬مد الصوت في‬
‫خياشيمه‪ - 105 .‬الخصال‪ :‬عن أحمد بن هارون الفامي عن محمد بن‬
‫جعفر بن بطة عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن صفوان بن يحيى‬
‫رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬قال إبليس‪ :‬خمسة أشياء ليس‬
‫لي فيهن حيلة‪ ،‬وسائر الناس في قبضتي‪ :‬من اعتصم بال عن نية صادقة‬
‫واتكل عليه في جميع اموره‪ ،‬ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره‪ ،‬ومن‬
‫رضي لخيه المؤمن ما يرضاه لنفسه‪ ،‬ومن لم يجزع على المصيبة حين‬
‫تصيبه‪ ،‬ومن رضي بما قسم ال له ولم يهتم لرزقه )‪ - 106 .(1‬ومنه عن‬
‫محمد بن علي ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن اليشكري عن‬
‫محمد بن زياد الزدي عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن سفيان بن‬
‫أبي ليلى عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلم أنه قال في حديث‬
‫طويل له مع ملك الروم‪ :‬إن ملك الروم سأله فيما سأله عن سبعة أشياء‬
‫خلقها ال عزوجل لم تخرج من رحم‪ ،‬فقال‪ :‬آدم وحوا وكبش إبراهيم وناقة‬
‫صالح وحية الجنة والغراب الذي بعثه ال عزوجل يبحث في الرض‬
‫وإبليس لعنه ال )‪ - 107 .(2‬ومنه )‪ (3‬عن أبيه عن محمد بن يحيى‬
‫العطار عن محمد بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي )‪ (4‬عن علي بن‬
‫معبد عن عبيد ال الدهقان عن درست عن عطية أخي أبي العرام )‪ (5‬قال‪:‬‬
‫ذكرت لبي عبد ال عليه السلم المنكوح من الرجال قال‪ :‬ليس‬

‫)‪ (1‬الخصال ‪ 285 :1‬فيه‪ :‬بما يرضاه‪ (2) .‬الخصال ‪ (3) .353 :2‬هكذا في النسخ‪،‬‬
‫ولم نجد الحديث في الخصال والظاهر انه وهم من المصنف وصحيحه‪:‬‬
‫العلل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬موسى بن جعفر ]بن الحسين[ السعد آبادى‪(5) .‬‬
‫في العلل‪ :‬أخى أبى المغراء‪.‬‬

‫]‪[249‬‬

‫يبلي ال عزوجل بهذا البلء أحدا وله فيه حاجة إن في أدبارهم أرحاما منكوسة‬
‫وحياء أدبارهم كحياء المرأة‪ ،‬وقد شرك فيه ابن لبليس يقال له‪ :‬زوال‪،‬‬
‫فمن شرك فيه من الرجال كان منكوحا‪ ،‬ومن شرك فيه من النساء كان من‬
‫الموارد )‪ (1‬الخبر )‪ .(2‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن‬
‫معبد مثله )‪ .(3‬بيان‪ :‬الموارد‪ :‬المجاري والطرق إلى الماء‪ ،‬جمع مورد‬
‫من الورود استعير هنا للنساء الزواني اللتي ل يمنعن ورود وارد عليهن‪.‬‬
‫‪ - 108‬العلل‪ :‬عن أبيه عن عبد ال بن جعفر الحميري عن هارون بن‬
‫مسلم عن مسعدة بن صدقة عن رجل عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا‬
‫ولد ولي ال خرج إبليس لعنه ال فصرخ )‪ (4‬صرخة يفزع لها شياطينه‬
‫قال‪ :‬فقالت له‪ :‬يا سيدنا مالك صرخت هذه الصرخة ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬ولد ولي‬
‫ال قال‪ :‬فقالوا‪ :‬وما عليك من ذلك ؟ قال‪ :‬إنه إن عاش حتى يبلغ مبلغ‬
‫الرجال هدى ال به قوما كثيرا‪ ،‬قال‪ :‬فقالوا له‪ ،‬أول تأذن لنا فنقتله ؟ قال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬فيقولون له‪ :‬ولم وأنت تكرهه ؟ قال‪ :‬لن بقاءنا بأولياء ال‪ ،‬فإذا لم يكن‬
‫في الرض من ولي قامت القيامة فصرنا إلى النار‪ ،‬فما لنا نتعجل إلى النار‬
‫)‪ (5‬؟ ‪ - 109‬قصص الراوندي‪ :‬بالسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد‬
‫بن عبد ال عن يعقوب ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج‬
‫قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم أكان إبليس من الملئكة أم من الجن ؟‬
‫قال‪ :‬كانت الملئكة ترى أنه منها وكان ال يعلم أنه ليس منها‪ ،‬فلما أمره‬
‫بالسجود كان منه الذي كان )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬كانت ]عقيما خ[ من المولود‪ ،‬ونقل عن نسخة بدل ذلك‪ :‬من‬
‫الموارد‪ (2) .‬علل الشرائع‪ 238 :‬و ‪ (3) .239‬فروع الكافي ‪) .549 :5‬‬
‫‪ (4‬في المصدر‪ :‬إذا ولد ولى ال صرخ ابليس‪ (5) .‬علل الشرائع ‪264 :2‬‬
‫فيه‪ :‬فإذا لم يكن ل في الرض ولى‪ (6) .‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪.‬‬

‫]‪[250‬‬

‫‪ - 110‬ومنه بالسناد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الصادق عليه‬


‫السلم قال‪ :‬أمر ال إبليس بالسجود لدم فقال‪ :‬يا رب وعزتك إن أعفيتني‬
‫من السجود لدم ل عبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها‪ ،‬قال ال جل‬
‫جلله‪ :‬إني احب أن اطاع من حيث اريد )‪ - 111 .(1‬ومنه بالسناد عن‬
‫الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن‬
‫محمد بن اورمة عن مصعب بن يزيد عمن ذكره عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬جاء نوح عليه السلم إلى الحمار ليدخله السفينة فامتنع عليه‪،‬‬
‫وكان إبليس بين أرجل الحمار فقال‪ :‬يا شيطان ادخل‪ ،‬فدخل الحمار ودخل‬
‫الشيطان‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬اعلمك خصلتين فقال نوح عليه السلم‪ :‬ل حاجة لي‬
‫في كلمك‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬إياك والحرص فانه أخرج أبويك من الجنة‪ ،‬وإياك‬
‫والحسد فانه أخرجني من الجنة‪ ،‬فأوحى ال‪ :‬اقبلهما وإن كان ملعونا )‪.(2‬‬
‫‪ - 112‬ومنه بالسناد عن الصدوق عن على بن أحمد بن موسى عن محمد‬
‫بن جعفر السدي عن سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسني عن علي بن‬
‫محمد العسكري عليه السلم قال‪ :‬جاء إبليس إلى نوح عليه السلم فقال‪:‬‬
‫إن لك عندي يدا عظيمة فانتصحني فاني ل أخونك‪ ،‬فتأثم نوح بكلمه‬
‫ومساءلته‪ ،‬فأوحى ال إليه‪ :‬أن كلمه وسله فاني سانطقه بحجة عليه‪ ،‬فقال‬
‫نوح عليه السلم‪ :‬تكلم‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬إذا وجدنا ابن آدم شحيحا )‪ (3‬أو‬
‫حريصا أو حسودا أو جبارا أو عجول تلقفناه تلقف الكرة‪ ،‬فان اجتمعت لنا‬
‫هذه الخلق سميناه شيطانا مريدا‪ ،‬فقال نوح عليه السلم‪ :‬ما اليد العظيمة‬
‫التي صنعت ؟ قال‪ :‬إنك دعوت ال على أهل الرض فألحقتهم في ساعة‬
‫بالنار‪ ،‬فصرت فارغا‪ ،‬ولول دعوتك لشغلت بهم دهرا طويل )‪ .(4‬توضيح‪:‬‬
‫النتصاح‪ :‬قبول النصيحة‪ ،‬والتألم‪ :‬التحرج والمتناع مخافة‬

‫)‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪ (4‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (3) .‬الشحيح‪ :‬البحيل‪.‬‬

‫]‪[251‬‬

‫الثم‪ .‬والتلقف‪ :‬الخذ بسرعة‪ - 113 .‬القصص‪ :‬بالسناد إلى الصدوق باسناده إلى‬
‫ابن عباس قال‪ :‬قال إبليس لنوح عليه السلم‪ :‬لك عندي يد‪ ،‬ساعلمك‬
‫خصال‪ ،‬قال نوح‪ ،‬وما يدي عندك ؟ قال‪ :‬دعوتك على قومك حتى أهلكهم‬
‫ال جميعا‪ ،‬فاياك والكبر‪ ،‬وإياك والحرص‪ ،‬وإياك والحسد‪ ،‬فان الكبر هو‬
‫الذي حملني على أن تركت السجود لدم فأكفرني وجعلني شيطانا رجيما‬
‫وإياك والحرص فان آدم ابيح له الجنة ونهى عن شجرة واحدة فحمله‬
‫الحرص على أن أكل منها‪ ،‬وإياك والحسد فان ابن آدم حسد أخاه فقتله‪،‬‬
‫فقال نوح عليه السلم‪ :‬فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم ؟ قال‪ :‬عند‬
‫الغضب )‪ - 114 .(1‬ومنه بالسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن‬
‫أحمد بن محمد عمن ذكره عن درست عمن ذكره عنهم عليهم السلم قال‪:‬‬
‫بينا موسى جالس إذ أقبل إبليس وعليه برنس )‪ (2‬فوضعه ودنا من موسى‬
‫وسلم‪ ،‬فقال له موسى‪ :‬من أنت ؟ قال‪ :‬إبليس‪ ،‬قال‪ :‬ل قرب ال دارك‪ ،‬لماذا‬
‫البرنس )‪ (3‬؟ قال‪ :‬اختطفت )‪ (4‬به قلوب بني آدم‪ ،‬فقال له موسى عليه‬
‫السلم‪ :‬أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت )‪ (5‬عليه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ذلك إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في نفسه ذنبه‪ ،‬وقال‪ :‬يا‬
‫موسى )‪ (6‬ل تخل بامرأة ل تحل لك )‪ (7‬فانه ل يخلو رجل بامرأة ل تحل )‬
‫‪ (8‬له إل كنت صاحبه دون أصحابي‪ ،‬وإياك أن تعاهد ال عهدا فانه ما‬
‫عاهد ال أحد إل كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحل بينه وبين الوفاء‬

‫)‪ (1‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (2) .‬في المجالس‪ :‬برنس ذولون فلما دنا من موسى‬
‫خلع البرنس وأقبل عليه فسلم عليه‪ (3) .‬في المجالس‪ :‬فل قرب ال دارك‬
‫فيم جئت ؟ قال‪ :‬انما جئت لسلم عليك لمكانك من ال عزوجل‪ ،‬فقال له‬
‫موسى‪ :‬فما هذا البرنس ؟ )‪ (4‬في النسخة المخطوطة‪ :‬أختطف به )‪(5‬‬
‫استحوذ عليه‪ :‬غلبه واستولى عليه‪ (6) ،‬في المجالس‪ :‬وصغر في عينه‬
‫ذنبه‪ ،‬ثم قال له‪ :‬اوصيك بثلث خصال يا موسى‪ (7) .‬في المجالس‪ :‬ول‬
‫تخلو بك‪ (8) .‬في المجالس‪ :‬ول تخلو به‪.‬‬

‫]‪[252‬‬

‫به‪ ،‬وإذا هممت بصدقة فأمضها‪ ،‬فإذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي‬
‫حتى أحول بينه وبينها )‪ .(1‬مجالس المفيد‪ :‬عن جعفر بن محمد بن قولويه‬
‫عن الكليني عن على بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس عن سعدان عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله مثله‪ ،‬وزاد في‬
‫آخره‪ :‬ثم ولى إبليس وهو يقول‪ :‬يا ويله يا عوله‪ ،‬علمت موسى ما يعلمه‬
‫بني آدم )‪ (2‬وقد أوردناه في باب جوامع المساوى‪ - 115 .‬القصص‪:‬‬
‫باسناده إلى الصدوق باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال‬
‫عن علي بن عتبة عن بريد القصراني قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬صعد عيسى عليه السلم على جبل بالشام يقال له‪ :‬أريحا‪ ،‬فأتاه‬
‫إبليس في صورة ملك فلسطين فقال له‪ :‬يا روح ال أحييت الموتى وأبرأت‬
‫الكمه والبرص‪ ،‬فاطرح نفسك عن الجبل فقال عليه السلم‪ :‬إن ذلك اذن‬
‫لي فيه‪ ،‬وإن هذا لم يؤذن لي فيه )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن الصدوق عن محمد بن‬
‫الحسن بن الوليد عن الصفار عن محمد بن خالد عن ابن أبي عمير عن‬
‫هشام بن سالم عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬جاء إبليس إلى عيسى فقال‪:‬‬
‫أليس تزعم أنك تحيي الموتى ؟ قال عيسى‪ :‬بلى قال إبليس‪ :‬فاطرح نفسك‬
‫من فوق الحائط‪ ،‬فقال عيسى عليه السلم‪ :‬ويلك إن العبد ل يجرب ربه‬
‫وقال إبليس‪ :‬يا عيسى هل يقدر ربك على أن يدخل الرض في بيضة‬
‫والبيضة كهيئتها ؟ فقال‪ :‬إن ال تعالى عز وعل ل يوصف بالعجز‪ ،‬والذي‬
‫قلت ل يكون )‪ .(4‬قال الراوندي رحمه ال‪ :‬يعني هو مستحيل في نفسه‬
‫كجمع الضدين )‪ - 116 .(5‬المحاسن‪ :‬عن ابن محبوب عن حنان بن سدير‬
‫وابن رئاب عن زرارة قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه السلم قوله‪ " :‬لقعدن‬
‫لهم صراطك المستقيم * ثم لتينهم من بين‬

‫)‪ (1‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (2) .‬مجالس المفيد‪ 93 :‬فيه‪] :‬سعدان بن مسلم[‬
‫وفيه‪ .‬ما ل يعلمه بنى آدم‪ 3) .‬و ‪ (4‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (5) .‬أراد‬
‫عليه السلم ان ذلك يكون لنقص القابل ل لنقص الفاعل‪.‬‬

‫]‪[253‬‬

‫أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين )‪" (1‬‬
‫فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬يا زرارة إنما صمد )‪ (2‬لك ولصحابك‪ ،‬فاما‬
‫الخرين )‪ (3‬فقد فرغ منهم )‪ .(4‬العياشي‪ :‬عن زرارة مثله )‪- 117 .(5‬‬
‫المناقب‪ :‬في حديث طويل عن علي بن محمد الصوفي أنه لقي إبليس‬
‫وسأله فقال له‪ :‬من أنت ؟ قال‪ :‬أنا من ولد آدم‪ ،‬فقال‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬أنت‬
‫من قوم يزعمون أنهم يحبون ال ويعصونه ويبغضون إبليس ويطيعونه‪،‬‬
‫فقال‪ :‬من أنت ؟ فقال‪ :‬أنا صاحب الميسم والسم الكبير والطبل العظيم‪،‬‬
‫وأنا قاتل هابيل‪ ،‬وأنا الراكب مع نوح في الفلك أنا عاقر ناقة صالح‪ ،‬أنا‬
‫صاحب نار إبراهيم‪ ،‬أنا مدبر قتل يحيى‪ ،‬أنا ممكن قوم فرعون من النيل أنا‬
‫مخيل السحر وقائده إلى موسى‪ ،‬أنا صانع العجل لبني إسرائيل‪ ،‬أنا صاحب‬
‫منشار زكريا‪ ،‬أنا السائر مع أبرهة إلى الكعبة بالفيل‪ ،‬أنا المجمع لقتال‬
‫محمد يوم أحد و حنين‪ ،‬أنا ملقي الحسد يوم السقيفة في قلوب المنافقين‪،‬‬
‫أنا صاحب الهودج يوم الخريبة )‪ (6‬والبعير‪ ،‬أنا الواقف في عسكر صفين‪،‬‬
‫أنا الشامت يوم كربل بالمؤمنين‪ ،‬أنا إمام المنافقين‪ ،‬أنا مهلك الولين‪ ،‬أنا‬
‫مضل الخرين‪ ،‬أنا شيخ الناكثين‪ ،‬أنا ركن القاسطين أنا ظل المارقين‪ ،‬أنا‬
‫أبو مرة مخلوق من نار ل من طين‪ ،‬أنا الذي غضب ال عليه رب العالمين‪.‬‬
‫فقال الصوفي‪ :‬بحق ال عليك إل دللتني على عمل أتقرب به إلى ال‬
‫وأستعين به على نوائب دهري‪ ،‬فقال‪ :‬اقنع من دنياك بالعفاف والكفاف‪،‬‬
‫واستعن على الخرة بحب على بن أبي طالب عليه السلم وبغض أعدائه‪،‬‬
‫فاني عبدت ال في سبع سماواته وعصيته في سبع أرضيه‬

‫)‪ (1‬العراف‪ 16 :‬و ‪ (2) .17‬في نسخة من العياشي‪] :‬عمد[ وكلهما بمعنى قصد‪.‬‬
‫)‪ (3‬في العياشي‪ :‬واما الخرون‪ (4) .‬المحاسن‪ (5) .171 :‬تفسير‬
‫العياشي ‪ (6) .9 :2‬في المصدر‪ :‬يوم البصرة والبعير‪ .‬أنا صاحب‬
‫المواقف‪.‬‬

‫]‪[254‬‬

‫فل وجدت ملكا مقربا ول نبيا مرسل إل وهو يتقرب بحبه‪ ،‬قال‪ :‬ثم غاب عن بصرى‬
‫فأتيت أبا جعفر فأخبرته بخبره‪ ،‬فقال‪ :‬آمن الملعون بلسانه وكفر بقلبه )‬
‫‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬الخريبة كجهينة‪ :‬موضع بالبصرة يسمى البصرة‬
‫الصغرى‪ ،‬والمراد بالهودج ما ركبته عائشة يوم الجمل‪ - 118 .‬العياشي‪:‬‬
‫عن الحسن بن عطية قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن إبليس‬
‫عبد ال في السماء الرابعة في ركعتين ستة آلف سنة‪ ،‬وكان إنظار ال‬
‫إياه إلى يوم الوقت المعلوم بما سبق من تلك العبادة )‪ - 119 .(2‬ومنه‪:‬‬
‫عن وهب بن جميع مولى إسحاق بن عمار قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم عن قول إبليس‪ " :‬رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فانك من‬
‫المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " قال له وهب‪ :‬جعلت فداك أي يوم هو ؟‬
‫قال‪ :‬يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث ال فيه الناس ؟ إن ال أنظره إلى يوم‬
‫يبعث فيه قائمنا‪ ،‬فإذا بعث ال قائمنا كان في مسجد الكوفة‪ ،‬وجاء إبليس‬
‫حتى يجثو بين يديه على ركبتيه فيقول‪ :‬يا ويله من هذا اليوم فيأخذ‬
‫بناصيته فيضرب عنقه‪ ،‬فذلك يوم الوقت المعلوم )‪ - 120 .(3‬ومنه‪ :‬عن‬
‫أبي جميلة عن أبي عبد ال عليه السلم )‪ (4‬وعن جابر عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬أرأيت قول ال‪ " :‬إن عبادي ليس لك عليهم‬
‫سلطان " ما تفسير هذا ؟ قال‪ :‬قال ال‪ :‬إنك ل تملك أن تدخلهم جنة ول‬
‫نارا )‪ .(5‬بيان‪ :‬كأن المعنى ل تقدر على إجبارهم على ما يوجب الجنة أو‬
‫النار‪ - 121 .‬العياشي‪ :‬عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫سمعته يقول‪ :‬وإذا‬

‫)‪ (1‬مناقب آل ابى طالب ‪ (2) .89 :2‬تفسير العياشي ‪ (3) .241 :2‬تفسير العياشي‬
‫‪ (4) .242 :2‬ذكر الحديث في المصدر بالسناد الثاني فقط‪ ،‬واما السناد‬
‫الول فله متن آخر غير ذلك راجعه‪ (5) .‬تفسير العياشي ‪(*) .242 :2‬‬

‫]‪[255‬‬

‫قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين‬
‫آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم‬
‫به مشركون " قال‪ :‬فقال‪ :‬يا با محمد يسلط وال من المؤمنين على أبدانهم‬
‫ول يسلط على أديانهم‪ ،‬قد سلط على أيوب فشوه خلقه ولم يسلط على‬
‫دينه‪ ،‬قلت له‪ :‬قوله‪ " :‬إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به‬
‫مشركون " قال‪ :‬الذين هم بال مشركون يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم‬
‫)‪ .(1‬الكافي‪ :‬عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد‬
‫الرحمن عن منصور بن يونس عن أبي بصير مثله )‪ - 122 .(2‬العياشي‪:‬‬
‫عن سماعة عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬وإذا قرأت القرآن‬
‫فاستعذ بال من الشيطان الرجيم " قلت‪ :‬كيف أقول ؟ قال‪ :‬تقول‪ " :‬أستعيذ‬
‫بالسميع العليم من الشيطان الرجيم " قال‪ :‬إن الرجيم أخبث الشياطين‪،‬‬
‫قلت‪ :‬لم يسمى الرجيم ؟ قال‪ :‬لنه يرجم‪ ،‬قلت‪ :‬فما ينفلت منها شئ )‪ (3‬؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬قلت‪ :‬فكيف سمي الرجيم ولم يرجم بعد ؟ قال‪ :‬يكون في العلم أنه‬
‫رجيم )‪ - 123 .(4‬ومنه‪ :‬عن حماد بن عيسى رفعه إلى أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سألته عن قول ال‪ " :‬إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين‬
‫هم به مشركون " قال‪ :‬ليس له أن يزيلهم عن الولية‪ ،‬فأما الذنوب وأشباه‬
‫ذلك فانه ينال منهم كما ينال من غيرهم )‪.(5‬‬
‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ 269 :2‬والية في النحل ‪ (2) .100 - 98‬روضة الكافي‪288 :‬‬
‫راجع متنه واسناده‪ .‬وأورد المصنف رواية الكافي بعد ذلك راجع رقم‬
‫‪ (3) .148‬في النسخة المخطوطة‪] :‬فما يفيت منها شئ[ وفى المصدر‪:‬‬
‫فانفلت منها بشئ ؟ )‪ (4‬تفسير العياشي ‪ (5) .270 :2‬تفسير العياشي ‪:2‬‬
‫‪ 270‬فيه‪ :‬سألته عن قول ال‪ :‬انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى‬
‫ربهم يتوكلون * انما سلطانه‪.‬‬

‫]‪[256‬‬

‫‪ - 124‬ومنه‪ :‬عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬كان‬
‫الحجاج ابن شيطان يباضع ذي الردهة‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن يوسف دخل على أم‬
‫الحجاج فأراد أن يصيبها‪ ،‬فقالت‪ :‬أليس إنما عهدك بذلك الساعة ؟ فأمسك‬
‫عنها فولدت الحجاج )‪ .(1‬بيان‪ :‬يباضع أي يجامع‪ ،‬وذي الردهة نعت أو‬
‫عطف بيان للشيطان إن لم يكن في الكلم تصحيف‪ .‬قال في النهاية‪ :‬في‬
‫حديث علي عليه السلم أنه ذكر ذا الثدية فقال‪ :‬شيطان الردهة‪ .‬والردهة‪:‬‬
‫النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء‪ ،‬وقيل‪ :‬الردهة قلة الرابية وفي حديثه‪:‬‬
‫وأما شيطان الردهة فقد كفيته سمعت لها وجيب قلبه‪ ،‬قيل‪ :‬أراد به معاوية‬
‫لما انهزم أهل الشام يوم صفين وأخلد إلى لمحاكمة انتهى )‪ .(2‬وقال ابن‬
‫أبي الحديد‪ :‬وقال قوم‪ :‬شيطان الردهة أحد البالسة المردة من أعوان عدو‬
‫ال إبليس‪ ،‬ورووا في ذلك خبرا عن النبي صلى ال عليه وآله وأنه كان‬
‫يتعوذ منه‪ ،‬وهذا مثل قوله‪ :‬هذا أزب العقبة أي شيطانها‪ ،‬ولعل أزب العقبة‬
‫هو شيطان الردهة بعينه‪ ،‬وقال قوم‪ :‬إنه عفريت مارد يتصور في صورة‬
‫حية ويكون في الردهة )‪ - 125 .(3‬العياشي‪ :‬عن جعفر بن محمد‬
‫الخزاعى عن أبيه قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يذكر في حديث‬
‫غدير خم أنه لما قال النبي صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم ما قال‬
‫وأقامه للناس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت فقالوا‪ :‬يا سيدنا‬
‫ما هذه الصرخة ؟ فقال‪ :‬ويلكم يومكم كيوم عيسى‪ ،‬وال لضلن فيه الخلق‪،‬‬
‫قال‪ :‬فنزل القرآن‪ " :‬ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من‬
‫المؤمنين " فقال‪ :‬فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا‪ :‬يا‬
‫سيدنا ما هذه الصرخة الخرى ؟ فقال‪ :‬ويحكم حكى ال وال كلمي‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ .301 :2‬ورواه ايضا في ص ‪ 299‬باسناده عن زرارة قال‪:‬‬


‫كان يوسف أبو الحجاج صديقا لعلى بن الحسين صلوات ال عليه وأنه‬
‫دخل على امرأته فاراد أن يصيبها أعنى ام الحجاج قال‪ :‬فقالت له‪ :‬أليس‬
‫انما عهدك بذلك الساعة‪ ،‬قال‪ :‬فأتى على بن الحسين فأخبره فأمره أن‬
‫يمسك عنها فامسك عنها فولدت بالحجاج وهو ابن شيطان ذى الردهة‪) .‬‬
‫‪ (2‬النهاية ‪ (3) .82 :2‬شرح نهج البلغة لبن ابى الحديد ‪ 245 :2‬طبعة‬
‫دار الكتب العربية الكبرى‪.‬‬

‫]‪[257‬‬

‫قرآنا وأنزل عليه‪ " :‬ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من المؤمنين‬
‫" ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال‪ :‬وعزتك وجللك ل لحقن الفريق‬
‫بالجميع‪ ،‬قال‪ :‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم إن‬
‫عبادي ليس لك عليهم سلطان‪ .‬قال‪ :‬ثم صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه‬
‫العفاريت فقالوا‪ :‬يا سيدنا ما هذه الصرخة الثالثة ؟ قال‪ :‬وال من أصحاب‬
‫علي‪ ،‬ولكن وعزتك وجللك يا رب لزينن لهم المعاصي حتي أبغضهم إليك‬
‫قال‪ :‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬والذي بعث بالحق محمدا للعفاريت‬
‫والبالسة على المؤمن اكثر من الزنابير على اللحم‪ ،‬والمؤمن أشد من‬
‫الجبل‪ ،‬والجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت منه‪ ،‬والمؤمن ل يستقل عن دينه )‬
‫‪ - 126 .(1‬العياشي‪ :‬عن عبد الرحمن بن سالم في قول ال‪ " :‬إن عبادي‬
‫ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيل " قال‪ :‬نزلت في علي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم ونحن نرجو أن يجري لمن أحب ال من عباده‬
‫المسلمين )‪ - 127 .(2‬الكافي‪ :‬عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد‬
‫عن ابن فضال عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫إبليس عليه لعائن ال يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس وتطلع‪،‬‬
‫فأكثروا ذكر ال عزوجل في هاتين الساعتين وتعوذوا بال من شر إبليس‬
‫وجنوده‪ ،‬وعوذوا صغاركم في هاتين الساعتين فانهما ساعتا غفلة )‪.(3‬‬
‫‪ - 128‬ومنه‪ :‬عن علي بن محمد بن ما بنداد عن أحمد بن أبي عبد ال عن‬
‫محمد بن علي عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن أبي خديجة عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ما من أحد يحضره الموت إل كل به إبليس من‬
‫شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى تخرج نفسه‪ ،‬فمن كان‬
‫مؤمنا لم يقدر عليه‪ ،‬فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة أن ل إله إل ال‬
‫وأن محمدا رسول ال حتى يموت )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ 301 :2‬واليات مذكورة في صدر الباب راجع موضعها‪(2) .‬‬
‫تفسير العياشي ‪ 302 :2‬و ‪ 303‬والية في السراء‪ (3) .65 :‬اصول‬
‫الكافي ‪ (4) .522 :2‬الكافي ‪.123 :3‬‬

‫]‪[258‬‬
‫‪ - 129‬وفي رواية اخرى قال فلقنه كلمات الفرج والشهادتين وتسمى له القرار‬
‫بالئمة عليهم السلم واحدا بعد واحد حتى ينقطع عنه الكلم )‪- 130 .(1‬‬
‫ومنه‪ :‬عن الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى جميعا عن على بن محمد بن‬
‫إسماعيل )‪ (2‬عن محمد بن مسلم عن أحمد بن زكريا عن محمد بن خالد‬
‫بن ميمون عن عبد ال بن سنان عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ما اجتمع ثلثة من المؤمنين فصاعدا إل حضر من‬
‫الملئكة مثلهم فان دعوا بخير أمنوا‪ ،‬وإن استعاذوا من شر دعوا ال‬
‫ليصرفه عنهم‪ ،‬وإن سألوا حاجة تشفعوا إلى ال وسألوه قضاها‪ ،‬وما‬
‫اجتمع ثلثة من الجاحدين إل حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين‪ ،‬فان‬
‫تكلموا تكلم الشياطين بنحو كلمهم وإذا ضحكوا ضحكوا معهم‪ ،‬وإذا نالوا‬
‫من أولياء ال نالوا معهم‪ ،‬فمن ابتلى من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في‬
‫ذلك فليقم ول يكن شرك شيطان ول جليسه فان غضب ال عزوجل ل يقوم‬
‫له شئ ولعنته ل يردها شئ‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬فان لم يستطع فلينكر‬
‫بقلبه وليقم ولو حلب شاة أو فواق ناقة )‪ .(3‬بيان‪ :‬الفواق كغراب‪ :‬بين‬
‫الحلبتين من الوقت‪ ،‬ويفتح‪ ،‬أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع‪.‬‬
‫‪ - 131‬الكافي‪ :‬بالسناد المتقدم عن محمد بن سليمان عن محمد بن‬
‫محفوظ عن أبي المغرا قال‪ :‬سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول‪ :‬ليس‬
‫شئ أنكى لبليس وجنوده من زيارة الخوان في ال بعضهم لبعض‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وإن المؤمنين يلتقيان فيذكر ان ال ثم يذكران فضلنا أهل البيت فل يبقى‬
‫على وجه ابليس مضغة ال تخدد حتى أن روحه لتستغيث )‪ (4‬من شدة ما‬
‫تجد من اللم فتحس ملئكة السماء وخزان الجنان فيلعنونه حتى ل يبقى‬
‫ملك مقرب‬

‫)‪ (1‬الكافي ‪ (2) .124 :3‬في المصدر‪] :‬على بن محمد بن سعد[ وفى هامشه‪ :‬في‬
‫بعض النسخ‪] :‬محمد بن اسماعيل[ وفى بعضها‪ :‬محمد بن سعيد‪(3) .‬‬
‫اصول الكافي ‪ 187 :2‬و ‪ (4) .188‬في المصدر‪ :‬تستغيث من شدة ما‬
‫يجد‪.‬‬

‫]‪[259‬‬

‫إل لعنه فيقع خاسئا حسيرا مدحورا )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬نكى العدو فيه نكاية‪:‬‬
‫قتل وجرح‪ ،‬والقرحة نكاها أي قشرها قبل أن تبرأ فنديت وقال‪ :‬خدد لحمه‬
‫وتخدد‪ :‬هزل ونقص‪ .‬وقال‪ :‬خسأ الكلب طرده‪ ،‬والحسير‪ :‬الكال والمتلهف‬
‫والمعيي‪ ،‬والدحر‪ :‬الطرد والبعاد والدفع‪ - 132 .‬الكافي‪ :‬عن العدة عن‬
‫سهل بن زياد عن محمد بن بكر عن زكريا المؤمن عمن حدثه عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال اطووا ثيابكم بالليل فانها إذا كانت منشورة لبسها‬
‫الشيطان )‪ - 133 .(2‬ومنه‪ :‬عن العدة عن أحد بن أبي عبد ال البرقي عن‬
‫أبيه عن فضالة عن داود بن فرقد عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫الملئكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم وكان في علم ال أنه ليس منهم‬
‫فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب‪ ،‬فقال‪ :‬خلقتني من نار وخلقته من‬
‫طين )‪ - 134 .(3‬ومنه‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن‬
‫عبيد عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بينما موسى عليه السلم جالس إذ‬
‫أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان‪ ،‬فلما دنا من موسى خلع البرنس وقام‬
‫إلى موسى فسلم عليه‪ ،‬فقال له موسى‪ :‬من أنت ؟ قال‪ :‬أنا إبليس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنت ؟ فل قرب ال دارك‪ ،‬قال‪ :‬إني إنما جئت لسلم عليك لمكانك من ال‪،‬‬
‫قال‪ :‬فقال له موسى‪ :‬فما هذا البرنس ؟ قال‪ :‬به أختطف قلوب بني آدم‪،‬‬
‫فقال له موسى‪ :‬فأخبرني عن الذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت )‪(4‬‬
‫عليه‪ ،‬قال‪ :‬إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في عينيه ذنبه )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الصول ‪ (2) .188 :2‬الكافي ‪ 480 :6‬فيه‪] :‬لبسها الشيطان بالليل[ أقول‪ :‬لعل‬
‫المراد بالشيطان في أمثال ذلك الموضع هو معنى آخر غير ما هو‬
‫المشهور‪ ،‬وتناسب الحكم والموضوع في أمثال المقام هو معنى يشبه ما‬
‫يقال في زماننا بالميكروبات والذرات المضرة )‪ (3‬اصول الكافي ‪:2‬‬
‫‪ (4) .308‬خطفه‪ :‬استلبه بسرعة‪ .‬واستحوذ عليه‪ :‬غلبه‪ (5) .‬اصول‬
‫الكافي ‪.314 :2‬‬

‫]‪[260‬‬

‫‪ - 135‬ومنه‪ :‬عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن‬


‫يحيى الخزاز عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫الشيطان يدبر ابن آدم في كل شئ فإذا أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته‬
‫)‪ .(1‬بيان‪ :‬جثم النسان والطائر‪ :‬لزم مكانه فلم يبرح أو وقع على صدره‪.‬‬
‫‪ - 136‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يقول إبليس لجنوده‪ :‬ألقوا بينهم الحسد‬
‫والبغي فانهما يعدلن )‪ (2‬عند ال الشرك )‪ - 137 .(3‬ومنه‪ :‬عن محمد‬
‫بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن إبراهيم بن ميمون عن عيسى بن عبد‬
‫ال عن جده قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬بيت الشيطان من بيوتكم بيوت العنكبوت )‪ 138 .(4‬ومنه‪ :‬عن‬
‫العدة عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال‪ :‬سألت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم عن إغلق البواب وإيكاء الواني وإطفاء السراج‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أغلق بابك فان الشيطان )‪ (5‬ل يكشف مخمرا يعني مغطى )‪.(6‬‬
‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .315 :2‬أي في الخراج من الدين والعقوبة والتأثير في‬
‫فساد نظام العالم‪ ،‬إذا كثر المفاسد التى نشأت في العالم من مخالفة‬
‫النبياء والوصيآء عليهم السلم وترك طاعتهم وشيوع المعاصي انما‬
‫نشأت من هذين الخصلتين‪ (3) .‬اصول الكافي ‪ (4) .327 :2‬الكافي ‪:6‬‬
‫‪ (5) .532‬في المصدر‪ :‬فان الشيطان ل يفتح بابا‪ ،‬واطف السراج من‬
‫الفويسقة وهى الفارة ل تحرق بيتك‪ ،‬وأوك الناء‪ ،‬وروى أن الشيطان ل‬
‫يكشف مخمرا يعنى مغطى‪ (6) .‬الكافي ‪ 532 :6‬وفيه‪ :‬عن عدة من‬
‫أصحابنا عن سهل بن زياد عن على بن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم‬
‫رفعه قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬ل تؤووا التراب خلف الباب‬
‫فانه مأوى الشياطين الكافي ‪.531 :6‬‬

‫]‪[261‬‬

‫‪ - 139‬ومنه‪ :‬عن العدة عن سهل بن زياد عن أحمد بن أبي محمد بن نصر عن‬
‫صفوان عن العل عن محمد بن مسلم عن أحدهما أنه قال‪ :‬ل تشرب وأنت‬
‫قائم ول تبل في ماء نقيع‪ ،‬ول تطف بقبر ول تخل في بيت وحدك‪ ،‬ول‬
‫تمش بنعل واحدة )‪ ،(1‬فان الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على‬
‫بعض هذه الحوال‪ ،‬وقال‪ :‬إنه ما أصاب أحدا شئ على هذه الحال فكاد أن‬
‫يفارقه إل أن يشاء ال عزوجل )‪ .(2‬بيان‪ :‬ل تطف بقبر‪ ،‬كأن المعنى ل‬
‫تتغوط عليه‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬الطوف‪ :‬الحدث من الطعام‪ ،‬ومنه الحديث‪:‬‬
‫نهى عن محدثين على طوفهما أي عند الغائط‪ .‬وفي القاموس الطوف‪:‬‬
‫الغائط‪ ،‬وطاف‪ :‬ذهب ليتغوط كأطاف على افتعل‪ - 140 .‬الكافي‪ :‬عن علي‬
‫بن إبراهيم عن أبيه عن عبد ال بن المغيرة عن السكوني عن أبي عبد ال‬
‫عن آبائه عليهم السلم أن النبي صلى ال عليه وآله قال لصحابه‪ :‬أل‬
‫اخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من‬
‫المغرب ؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬الصوم يسود وجهه‪ ،‬والصدقة تكسر ظهره‪،‬‬
‫والحب في ال والموازرة على العمل الصالح يقطع دابره‪ ،‬والستغفار‬
‫يقطع وتينه )‪ .(3‬بيان‪ :‬في النهاية‪ .‬يقطع دابرهم أي جميعهم حتى ل يبقى‬
‫منهم أحد‪ ،‬ودابر القوم‪ :‬آخر من يبقى منهم ويجئ في آخرهم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫الوتين‪ :‬عرق في القلب إذا قطع مات صاحبه‪ - 141 .‬الكافي‪ :‬عن العدة‬
‫عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن‬
‫عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬إذا طلع هلل شهر رمضان غلت مردة الشياطين )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في نعل واحد‪ (2) .‬الكافي ‪ .534 :6‬أقول‪ :‬وفى هذا الباب روايات‬
‫اخرى لم يذكرها المصنف راجعه‪ (3) .‬الكافي ‪ 62 :4‬ذيله‪ :‬ولكل شئ‬
‫زكاة وزكاة البدان الصيام‪ (4) .‬الكافي ‪ 67 :4‬فيه‪] :‬قال كان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله يقبل بوجهه إلى الناس فيقول‪ :‬يا معشر الناس إذا‬
‫طلع[ وللحديث ذيل يأتي في كتاب الصيام‪(*) .‬‬

‫]‪[262‬‬

‫‪ - 142‬ومنه‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل قال‪ :‬كان‬
‫الطيار يقول لي‪ :‬إبليس ليس من الملئكة‪ ،‬وإنما امرت الملئكة بالسجود‬
‫لدم عليه السلم فقال إبليس‪ :‬ل أسجد‪ ،‬فما لبليس يعصي حين لم يسجد‬
‫وليس هو من الملئكة ؟ قال‪ :‬فدخلت أنا وهو على أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬فأحسن وال في المسألة‪ ،‬فقال‪ :‬جعلت فداك أرأيت ماندب ال‬
‫إليه المؤمنين من قوله‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا " أدخل في ذلك المنافقون‬
‫معهم ؟ قال‪ :‬نعم والضلل كل من أقر بالدعوة الظاهرة‪ ،‬وكان إبليس ممن‬
‫أقر بالدعوة الظاهرة معهم )‪ - 143 .(1‬ومنه‪ :‬عن محمد بن يحيى عن‬
‫أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل وعلي بن إبراهيم عن أبيه عن‬
‫حنان بن سدير قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬قال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله لعلي عليه السلم‪ :‬إياك أن تركب ميثرة حمراء فانها ميثرة‬
‫إبليس )‪ .(2‬بيان‪ :‬في النهاية‪ :‬فيه أنه نهى عن ميثرة الرجوان‪ ،‬الميثرة‬
‫بالكسر مفعلة من الوثارة‪ ،‬يقال‪ :‬وثروثارة فهو وثير أي وطيئ لين‪ ،‬وهي‬
‫من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج يحشى بقطن أو صوف يجعلها‬
‫الراكب تحته على الرحال‪ - 144 .‬التهذيب‪ :‬عن محمد بن علي بن محبوب‬
‫عن محمد بن الحسين عن صفوان عن العل عن محمد عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم أنه قال‪ :‬ليس من عبد إل ويوقظ في كل ليلة‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ 412 :2‬أقول‪ :‬ورواه الكليني في كتاب الروضة‪ 274 :‬بنحو آخر‬
‫ذكره باسناده عن ابى على الشعري عن محمد بن عبد الجبار عن على‬
‫بن حديد عن جميل بن دراج قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫ابليس أكان من الملئكة ام كان يلى شيئا من أمر السماء ؟ فقال‪ :‬لم يكن‬
‫من الملئكة ولم يكن يلى شيئا من امر السماء ول كرامة‪ ،‬فأتيت الطيار‬
‫فاخبرته بما سمعت فانكره وقال‪ :‬وكيف ل يكون من الملئكة وال‬
‫عزوجل يقول‪ " :‬واذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا ال ابليس " ؟‬
‫فدخل عليه الطيار فسأله وانا عنده فقال له‪ :‬جعلت فداك رأيت قوله‬
‫عزوجل‪ " :‬يا ايها الذين آمنوا " في غير مكان من مخاطبة المؤمنين‬
‫أيدخل في هذا المنافقون ؟ قال‪ :‬نعم يدخل في هذا المنافقون والضلل وكل‬
‫من اقر بالدعوة الظاهرة‪ (2) .‬الكافي ‪.541 :6‬‬
‫]‪[263‬‬

‫مرة أو مرتين أو مرارا‪ ،‬فان قام كان ذلك‪ ،‬وإل فحج الشيطان فبال في اذنه‪ ،‬أو ل‬
‫يرى أحدكم أنه إذا قام ولم يكن ذلك منه قام وهو متخثر ثقيل كسلن )‪ (1‬؟‬
‫توضيح‪ :‬كأن بول الشيطان كناية عن قوة استيلئه وغلبته عليه‪ ،‬وإن‬
‫احتمل الحقيقة أيضا‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬فيه " أنه بال قائما ففحج رجليه "‬
‫أي فرقهما وباعد ما بينهما‪ ،‬والفحج‪ :‬تباعد ما بين الفخذين )‪ ،(2‬وقال‪:‬‬
‫فيه " من نام حتى أصبح فقد بال الشيطان في اذنه " قيل‪ :‬معناه سخر منه‬
‫وظهر عليه حتى نام عن طاعة ال‪ ،‬كقول الشاعر‪ :‬بال سهيل في الفضيح‬
‫ففسد‪ .‬أي لما كان الفضيح يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره عليه مفسدا له‪،‬‬
‫وفي حديث آخر عن الحسن مرسل أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬فإذا‬
‫نام شغر الشيطان برجله فبال في اذنه‪ ،‬وحديث ابن مسعود‪ " :‬كفى بالرجل‬
‫شرا أن يبول الشيطان في اذنه " وكل هذا على سبيل المجاز والتمثيل‬
‫انتهى‪ .(3) .‬وقال الطيبي‪ :‬فيه تمثيل لتثاقل نومه وعدم تنبهه بصوت‬
‫المؤذن بحال من بول في اذنه وفسد حسه‪ .‬وقال النووي‪ :‬قال القاضي‪ :‬ل‬
‫يبعد حمله على ظاهره وخص الذن لنها حساسة النتباه‪ - 145 .‬الكافي‪:‬‬
‫عن علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن علي بن الحكم عن أبان بن‬
‫عثمان عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن لبليس عونا يقال له‪ :‬تمريح‪،‬‬
‫إذا جاء الليل مل ما بين الخافقين )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬تهذيب الحكام ‪ 334 :2‬والحديث مروى ايضا في المحاسن‪ 86 :‬وفى من ل‬


‫يحضره الفقيه‪ (2) .‬النهاية ‪ (3) .200 :3‬النهاية ‪(4) .119 :1‬‬
‫الروضة‪ .232 :‬قال المصنف‪ :‬أي ل ضلل الناس واضرارهم أو‬
‫للوساوس في المنام كما رواه الصدوق رحمه ال في اماليه عن ابيه‬
‫باسناده عن ابى جعفر عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬ان لبليس شيطانا‬
‫يقال له‪ :‬هزع يمل المشرق والمغرب في كل ليلة يأتي الناس في المنام‪.‬‬
‫ولعله هذا الخبر فسقط عنه بعض الكلمات في المتن والسند ووقع فيه‬
‫بعض التصحيف‪.‬‬

‫]‪[264‬‬

‫‪ - 146‬نوادر الرواندي‪ :‬باسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلم عن‬


‫أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬قيل لرسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا‬
‫رسول ال ما الذي يباعد الشيطان منا ؟ قال‪ :‬الصوم ل يسود وجهه‪،‬‬
‫والصدقة تكسر ظهره‪ ،‬والحب في ال تعالى والمواظبة على العمل الصالح‬
‫يقطع دابره‪ ،‬والستغفار يقطع وتينه )‪ - 147 .(1‬النهج‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحى عليه‬
‫عليه صلى ال عليه وآله‪ ،‬فقلت‪ :‬يارسول ال ما هذه الرنة ؟ فقال‪ :‬هذا‬
‫الشيطان قد آيس من عبادته‪ ،‬إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إل أنك‬
‫لست بنبي ولكنك وزير وإنك لعلى خير )‪ - 148 .(2‬الكافي‪ :‬عن على بن‬
‫محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور بن‬
‫يونس عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ " :‬وإذا‬
‫قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على‬
‫الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )‪ " (3‬فقال‪ :‬يا أبا محمد يسلط وال من‬
‫المؤمن على بدنه ول يسلط على دينه‪ ،‬قد سلط على أيوب عليه السلم‬
‫فشوه خلقه ولم يسلط على دينه‪ ،‬وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ول‬
‫يسلط على دينهم قلت له‪ :‬قول ال عزوجل‪ " :‬إنما سلطانه على الذين‬
‫يتولونه والذين هم به مشركون " قال‪ :‬الذين هم بال مشركون يسلط على‬
‫أبدانهم وعلى أديانهم )‪ .(4‬تبيين‪ :‬قد مر الكلم في تفسير الية‪ ،‬ولما كانت‬
‫الستعاذة الكاملة ملزومة لليمان الكامل بال وقدرته وعلمه وكماله‬
‫والقرار بعجز نفسه وافتقاره في جميع اموره إلى معونته تعالى وتوكله‬
‫في كل أحواله عليه‪ ،‬فلذا ذكر بعد الستعاذة أنه ليس له‬

‫)‪ (1‬نوادر الروندى‪ (2) .19 :‬نهج البلغة ‪ (3) .417 :1‬النحل‪(4) .100 - 98 :‬‬
‫روضة الكافي‪ 288 :‬راجع المصدر فان اسناد الحديث فيه يخالفه وقد‬
‫ذكر المصنف الحديث ذيل الحديث ‪.121‬‬

‫]‪[265‬‬

‫سلطنة واستيلء على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون‪ ،‬فالمستعيذ به تعالى في‬
‫أمانه وحفظه إذا راعى شرائط الستعاذة‪ .‬وقوله عليه السلم‪ :‬ول يسلط‬
‫على دينه‪ ،‬أي في اصول عقائده أو العم منها ومن العمال فانه إذا كان‬
‫على حقيقة اليمان وارتكب باغوائه بعض المعاصي فال يوفقه للتوبة و‬
‫النابة‪ ،‬ويصير ذلك سببا لمزيد رفعته في اليمان وبعده عن وساوس‬
‫الشيطان‪ ،‬ويدل الخبر على أن ضمير " به " راجع إلى الرب كما هو‬
‫الظهر ل إلى الشيطان‪ - 149 .‬الكافي‪ :‬عن عدة من أصحابه عن سهل بن‬
‫زياد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن‬
‫أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن هذا الغضب جمرة‬
‫من الشيطان توقد في قلب ابن آدم‪ ،‬وإن أحدكم إذا غضب احمرت عيناه‬
‫وانتفخت أوداجه ودخل الشيطان فيه‪ ،‬فإذا خاف أحدكم ذلك من نفسه‬
‫فليلزم الرض فان رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك )‪ - 150 .(1‬حياة‬
‫الحيوان‪ :‬قال وهب )‪ (2‬بن الورد‪ :‬بلغنا أن إبليس تمثل ليحيى بن زكريا‬
‫عليه السلم فقال له‪ :‬أنصحك ؟ فقال‪ :‬ل اريد ذلك‪ ،‬ولكن أخبرني عن بني‬
‫آدم فقال‪ :‬هم عندنا ثلثة أصناف‪ :‬صنف منهم أشد الصناف عندنا‪ ،‬نقبل‬
‫على أحدهم حتى نفتنه في دينه ونستمكن )‪ (3‬منه‪ ،‬فيفزع إلى الستغفار‬
‫والتوبة فيفسد علينا كل شئ نصيبه منه‪ ،‬ثم نعود إليه فيعود إلى الستغفار‬
‫والتوبة فل نيأس منه ول نحن ندرك منه حاجتنا فنحن معه في عناء‪،‬‬
‫وصنف )‪ (4‬هم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلقفهم كيف‬
‫شئنا قد كفينا مؤنة أنفسهم‪ ،‬وصنف منهم مثلك معصومون ل نقدر منهم‬
‫على شئ )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ 304 :2‬و ‪ (2) .305‬في المصدر‪ :‬وهيب بن الورد‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ونتمكن منه‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وصنف منهم‪ (5) .‬حياة‬
‫الحيوان‪ :‬باب الخاء الخشاش‪.‬‬

‫]‪[266‬‬

‫‪ - 151‬المتهجد‪ :‬عن جماعة عن أبي المفضل عن عبد ال بن الحسين العلوي )‪(1‬‬


‫عن عبد العظيم الحسني أن أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلم كتب‬
‫هذه العوذة لبنه أبي الحسن عليه السلم وساق الدعاء الطويل إلى قوله‪:‬‬
‫أمتنع من شياطين النس والجن ومن رجلهم وخيلهم وركضهم وعطفهم‬
‫ورجعتهم وكيدهم وشرهم وشر ما يأتون به تحت الليل وتحت النهار من‬
‫البعد والقرب ومن شر الغائب والحاضر إلى قوله‪ :‬ومن شر الدناهش‬
‫والحس واللمس واللبس )‪ (2‬ومن عين الجن والنس )‪ (3‬ومن شر كل‬
‫صورة وخيال أو بياض أو سواد أو مثال )‪ (4‬أو معاهد أو غير معاهد ممن‬
‫يسكن )‪ (5‬الهواء والسحاب والظلمات والنور والظل والحرور والبر‬
‫والبحور والسهل والوعور والخراب والعمران والكام والجام والمغائض‬
‫والكنائس والنواويس والفلوات والجبانات من الصادرين والواردين ممن‬
‫يبدو بالليل وينتشر )‪ (6‬بالنهار وبالعشي والبكار والغدو والصال‬
‫والمريبين والسامرة والفاترة )‪ (7‬وابن فطرة‪ (8) ،‬والفراعنة والبالسة‬
‫ومن جنودهم وأزواجهم وعشائرهم وقبائلهم‪ ،‬ومن همزهم ولمزهم ونفثهم‬
‫ووقاعهم وأخذهم وسحرهم وضربهم وعينهم )‪ (9‬ولمحهم واحتيالهم‬
‫واحلفهم )‪ ،(10‬ومن شر كل ذي شر من السحرة والغيلن وام الصبيان‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬قال حدثنا ابى قال‪ :‬حدثنى عبد العظيم‪ (2) .‬الموجود في المصدر‪:‬‬
‫]اللمس[ فقط‪ ،‬وجعل ]اللبس[ في هامش الكتاب بدله‪ (3) .‬اسقط‬
‫المصنف هنا جملة وهي‪ :‬وبالسم الذى اهتز به عرش بلقيس‪ ،‬واعيذ‬
‫دينى ونفسي وجميع ما تحوطه عنايتي‪ (4) .‬في هامش المصدر‪ :‬تمثال‬
‫خ‪ (5) .‬في هامش المصدر‪ :‬سكن خ‪ (6) .‬في المصدر‪] :‬ينشر[ وفى‬
‫هامشه‪ :‬ينتشر خ‪ (7) .‬في المصدر‪] :‬والفاتنة[ وفى هامشه‪ :‬والفاترة‪.‬‬
‫)‪ (8‬هكذا في المطبوع‪ ،‬والنسخة المخطوطة والمصدر خاليتان عنه‪،‬‬
‫والظاهر انه من زيادة النساخ‪ (9) .‬في المصدر‪] :‬وعبثهم[ وفى هامشه‪:‬‬
‫وعينهم خ‪ (10) .‬في المصدر‪] :‬واخلفهم[ وفى هامشه‪ :‬واخلقهم خ‪.‬‬

‫]‪[267‬‬

‫وما ولدوا )‪ (1‬وما وردوا إلى آخر الدعاء )‪ .(2‬توضيح‪ :‬قال الكفعمي رحمه ال‪:‬‬
‫الدناهش‪ :‬جنس من أجناس الجن‪ ،‬والحس‪ :‬الصوت الخفي‪ ،‬وبرد يحرق‬
‫الكلء والقتل‪ ،‬والتمثال‪ :‬الصورة والمعاهد‪ :‬الذي حصل منه المان‪،‬‬
‫والكام جمع أكمة وهي الرابية‪ ،‬والجام جمع اجمة وهي منبت الشجر‬
‫والقصب الملتف والمغائض جمع مغيضة وهي الجمة‪ .‬وكنايس اليهود‬
‫معروفة‪ .‬والنواويس‪ :‬مقابر النصارى‪ .‬والمريبين‪ :‬الذين يأتون بالريبة‬
‫والتهمة والسامرة‪ :‬الذين يتحدثون بالليل‪ ،‬والفاترة‪ :‬البالسة‪ ،‬وابن‬
‫فطرة‪ :‬حية خبيثة‪ .‬والفراعنة‪ :‬العتاة‪ .‬والبالسة‪ :‬هم الشياطين وهم ذكور‬
‫واناث يتوالدون ول يموتون ويخلدون في الدنيا كما خلد إبليس وإبليس هو‬
‫أبو الجن‪ ،‬والجن ذكور واناث ويتوالدون ويموتون‪ ،‬وأما الجان فهو أبو‬
‫الجن‪ ،‬وقيل‪ :‬هو إبليس‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه مسخ الجن كما أن القردة والخنازير‬
‫مسخ النس‪ ،‬والكل خلقوا قبل آدم عليه السلم‪ ،‬والعرب تنزل الجن‬
‫مراتب‪ ،‬فإذا ذكروا الجنس قالوا‪ :‬جن‪ ،‬فان أرادوا أنه يسكن مع الناس‬
‫قالوا‪ :‬عامر والجمع عمار‪ ،‬فان كانوا ممن يتعرض للصبيان قالوا‪ :‬أرواح‪،‬‬
‫فان خبث فهو شيطان فان زاد على ذلك قالوا‪ :‬مارد‪ ،‬فان زاد على القوة‬
‫قالوا عفريت‪ ،‬وروي أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬خلق ال الجن‬
‫خمسة أصناف‪ :‬صنف كالريح في الهواء‪ ،‬وصنف حيات‪ ،‬وصنف عقارب‪،‬‬
‫وصنف حشرات الرض‪ ،‬وصنف كبني آدم عليهم الحساب والعقاب‪.‬‬
‫والغيلن‪ :‬سحرة الجن‪ .‬وام الصبيان‪ :‬ريح تعرض لهم‪ .‬أقول‪ :‬وسيأتي‬
‫الدعاء بتمامه مشروحا في كتاب الدعاء إن شاء ال‪ - 152 .‬الفقيه‪ :‬قال‪:‬‬
‫قال الصادق عليه السلم‪ :‬إذا تغولت بكم الغول فأذنوا )‪- 153 .(3‬‬
‫المحاسن‪ :‬عن عبيد بن يحيى بن المغيرة عن محمد بن سنان )‪ (4‬عن‬
‫سلم‬

‫)‪ (1‬لم يذكر في المصدر قوله‪ :‬وما ولدوا‪ (2) .‬مصباح المتهجد‪ 340 :‬و ‪(3) .341‬‬
‫من ل يحضره الفقيه ‪ 195 :1‬فيه‪ :‬تغولت لكم‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬سهل بن‬
‫سنان‪.‬‬

‫]‪[268‬‬
‫المدائني عن جابر الجعفي عن محمد بن على عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إذا تغولت بكم الغيلن فأذنوا بأذان الصلة‪ .‬بيان‪ :‬قال‬
‫الشهيد رحمه ال في الذكرى‪ :‬في الجعفريات عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله إذا تغولت )‪ (1‬بكم الغيلن فأذنوا بأذان الصلة )‪ .(2‬ورواه العامة‬
‫وفسره الهروي بأن العرب تقول‪ :‬إن الغيلن في الفلوات تراءى للناس‪،‬‬
‫تتغول تغول أي تتلون تلونا‪ ،‬فتضلهم عن الطريق وتهلكهم‪ .‬وروي في‬
‫الحديث‪ " .‬ل غول " وفيه إبطال لكلم العرب فيمكن أن يكون الذان لدفع‬
‫الخيال الذي يحصل في الفلوات وإن لم تكن له حقيقة‪ ،‬وفي مضمر سليمان‬
‫الجعفري سمعته يقول‪ " :‬أذن في بيتك فانه يطرد الشيطان‪ ،‬ويستحب من‬
‫أجل الصبيان " وهذا يمكن حمله على أذان الصلة )‪ .(3‬وفي النهاية‪ :‬فيه‬
‫" لغول ول صفر " الغول‪ :‬أحد الغيلن‪ ،‬وهي جنس من الجن والشياطين‬
‫وكانت العرب تزعم أن الغول تتراءى للناس‪ ،‬فتتغول تغول أي تتلون تلونا‬
‫في صور شتى‪ ،‬وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم‪ ،‬فنفاه النبي‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم وأبطله‪ ،‬وقيل‪ :‬قوله‪] :‬ل غول[ ليس نفيا لعين‬
‫الغول ووجوده‪ ،‬وإنما فيه إبطال مزعم العرب وتلونه بالصور المختلفة‬
‫واغتياله‪ :‬فيكون المعني بقوله‪ " :‬ول غول " إنها ل تستطيع أن تضل‬
‫أحدا ويشهد له الحديث الخر‪ " :‬ل غول ولكن السعالى " السعالى‪ :‬سحرة‬
‫الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل‪ ،‬ومنه الحديث‪ " :‬إذا‬
‫تغولت الغيلن فبادروا بالذان " أي ادفعوا شرها بذكر ال تعالى‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها‪ - 154 .‬الشهاب‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬تغولت لكم‪ (2) .‬المحاسن‪ (3) .49 :‬الذكرى‪ (4) .175 :‬لم نجد‬
‫الحديث في النسخة المطبوعة من الشهاب المنضمة مع كتاب البيان‬
‫للشهيد وليست عندي طبعة اخرى ولعل النسخة كانت سقيمة‪.‬‬

‫]‪[269‬‬

‫الضوء‪ :‬الشيطان‪ :‬فيعال من شطن‪ :‬إذا تباعد‪ ،‬فكأنه يتباعد إذا ذكر ال تعالى وقيل‪:‬‬
‫إنه فعلن من شاط يشيط‪ :‬إذا احترق غضبا لنه يحترق ويغضب إذا أطاع‬
‫العبد فيقول صلى ال عليه وآله‪ :‬إن الشيطان ل يزال يراقب العبد‬
‫ويوسوس إليه في نومه ويقظته‪ ،‬وهو جسم لطيف هوائي يمكنه أن يصل‬
‫إلى ذلك‪ ،‬والنسان غاو غافل فيوصل كلمه ووسواسه إلى باطن اذنه‬
‫فيصير إلى قلبه‪ ،‬وال تعالى هو العالم بكيفية ذلك‪ ،‬فأما وسواسه فل شك‬
‫فيه‪ ،‬والشيطان هنا اسم جنس ول يريد به إبليس فحسب وذلك لن له‬
‫أولدا وأعوانا وذكر جريانه من ابن آدم مجرى الدم مثل‪ ،‬ول يعني به أنه‬
‫يدخل عروقه وأوراده وتجاويف أعضائه‪ ،‬بل المعنى أنه ل يزايله كما‬
‫يقال‪ :‬فلن يلزمني ملزمة الظل وملزمة الحفيظين وملزمة الروح‬
‫الجسد وملزمة القرن الشاة إلى غير ذلك‪ ،‬كلم العرب إشارات وتلويحات‬
‫والكلم إذا ذهب عنه المجاز والستعارة زالت طلوته )‪ (1‬وفارقه رونقه‬
‫وبقي مغسول وكان سيدنا رسول ال صلى ال عليه وآله من أفصح‬
‫الناس‪ ،‬وفي كلم بعضهم‪ :‬احترس من الشيطان فانه عدو مبين يراك ول‬
‫تراه ويكيدك وأنت ل تعلم وهو قديم وأنت حديث‪ ،‬وأنت سليم الصدر وهو‬
‫خبيث‪ .‬وفائد الحديث إعلم أن الشيطان يلزمك ويراصدك من حيث ل‬
‫تعلم‪ ،‬فعليك بالحتراز منه والتوقي من مكره وكيده ووسوسته‪ ،‬والراوي‬
‫أنس بن مالك )‪ - 155 .(2‬الكافي‪ :‬باسناده عن عطية أبي العرام )‪ (3‬قال‪:‬‬
‫ذكرت لبي عبد ال عليه السلم المنكوح من الرجال فقال‪ :‬ليس يبلي ال‬
‫بهذا البلء أحدا وله فيه حاجة ان في أدبارهم أرحاما منكوسة وحياء )‪(4‬‬
‫أدبارهم كحياء المرأة قد شرك فيهم ابن لبليس يقال له‪ :‬زوال فمن شرك‬
‫فيه من الرجال كان منكوحا‪ ،‬ومن شارك فيه من النساء كانت من الموارد‬

‫)‪ (1‬الطلوة‪ :‬الحسن والبهجة‪ (2) .‬كتاب الضوء‪ :‬لم نجد نسخته‪ (3) .‬رواه الكليني‬
‫باسناده عن على بن ابراهيم عن أبيه عن على بن معبد عن عبد ال‬
‫الدهقان عن درست بن ابى منصور عن عطية أخى أبى العرام‪(4) .‬‬
‫الحياء‪ :‬فرج المرأة‪.‬‬

‫]‪[270‬‬

‫العامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه )‪ (1‬الخبر‪ - 156 .‬ومنه‬
‫باسناده عن يعقوب بن جعفر )‪ (2‬قال‪ :‬سأل رجل أبا عبد ال عليه السلم‬
‫أو أبا إبراهيم عليه السلم عن المرأة تساحق المرأة وكان متكائا فجلس‬
‫فقال‪ :‬ملعونة ملعونة الراكبة والمركوبة ‪ -‬وساق الحديث إلى أن قال قاتل‬
‫ال لقيس بنت إبليس ماذا جاءت به ؟ فقال الرجل‪ :‬هذا ما جاء به أهل‬
‫العراق‪ ،‬فقال‪ :‬وال لقد كان على عهد رسول ال صلى ال عليه وآله قبل‬
‫أن يكون العراق )‪ (3‬الخبر‪ 157 .‬نوادر علي بن أسباط‪ :‬عن سعيد بن‬
‫عمرو بن أبي نصر عن أبي حمزة الثمالي عن على بن الحسين عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان عابد من بني إسرائيل فقال إبليس لجنده من له فانه قد‬
‫غمني‪ ،‬فقال واحد منهم‪ :‬أنا له‪ ،‬فقال‪ :‬في أي شئ ؟ قال‪ :‬أزين له الدنيا‪،‬‬
‫قال‪ :‬لست بصاحبه‪ ،‬قال الخر‪ :‬فأنا له‪ ،‬قال‪ :‬في أي شئ ؟ قال‪ :‬في‬
‫النساء‪ ،‬قال‪ :‬لست بصاحبه‪ ،‬قال الثالث‪ :‬أنا له‪ ،‬قال‪ :‬في أي شئ ؟ قال‪ :‬في‬
‫عبادته قال‪ :‬أنت له )‪ ،(4‬فلما جنه الليل طرقه فقال‪ :‬ضيف‪ ،‬فأدخله‪ ،‬فمكث‬
‫ليلته يصلي حتى أصبح‪ ،‬فمكث ثلثا يصلي ول يأكل ول يشرب‪ ،‬فقال له‬
‫العابد‪ :‬يا عبد ال ما رأيت مثلك‪ ،‬فقال له‪ :‬إنك لم تصب شيئا من الذنوب‬
‫وأنت ضعيف العبادة‪ ،‬قال‪ :‬وما الذنوب التي اصيبها ؟ قال‪ :‬خذ أربعة دراهم‬
‫فتأتي فلنة البغية فتعطيها درهما للحم‪ ،‬ودرهما للشراب‪ ،‬ودرهما لطيبها‬
‫ودرهما لها فتقضي حاجتك منها ؟ قال‪ :‬فنزل وأخذ أربعة دراهم فأتى بابها‬
‫فقال‪ :‬يا فلنة يا فلنة‪ ،‬فخرجت فلما رأته قالت‪ :‬مفتون وال‪ ،‬مفتون وال‪،‬‬
‫قالت له‪ :‬ما تريد ؟ قال‪ :‬خذي أربعة دراهم فهيئي لي طعاما وشرابا وطيبا‬
‫وتعالي حتى آتيك‪ ،‬فذهبت فدارت فإذا هي بقطعة من حمار ميت‬

‫)‪ (1‬الكافي ‪ .549 :5‬والحديث له ذيل راجعه‪ (2) .‬رواه الكليني باسناده عن على‬
‫بن ابراهيم عن أبيه عن على بن القاسم عن جعفر بن محمد عن الحسين‬
‫بن زياد عن يعقوب بن جعفر‪ (3) .‬الكافي ‪ ،552 :5‬وللحديث قطعات‬
‫اخرى لم يذكرها المصنف ههنا‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬انت له انت له‪.‬‬

‫]‪[271‬‬

‫فأخذته‪ ،‬ثم عمدت إلى بول عتيق فجعلته في كوز‪ ،‬ثم جاءت به إليه‪ ،‬فقال‪ :‬هذا‬
‫طعامك ؟ قالت‪ :‬نعم قال‪ :‬ل حاجه لي فيه‪ ،‬وهذا شرابك ؟ فل حاجة لي فيه‪،‬‬
‫اذهبي فتهيئي‪ ،‬فتقذرت جهدها‪ ،‬ثم جاءته فلما شمها قال‪ :‬ل حاجة لي فيك‪،‬‬
‫فلما أصبحت كتب على بابها‪ :‬إن ال قد غفر لفلنة البغية بفلن العابد )‪.(1‬‬
‫‪ - 158‬تفسير المام‪ :‬قال عليه السلم قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫أل فاذكروا يا امة محمد محمدا وآله عند نوائبكم وشدائدكم لينصر ال بهم‬
‫ملئكتكم على الشياطين الذين يقصدونكم‪ ،‬فان كل واحد منكم معه ملك عن‬
‫يمينه يكتب حسناته وملك عن يساره يكتب سيئاته ومعه شيطانان من عند‬
‫إبليس يغويانه فإذا وسوسا في قلبه ذكر ال وقال‪ :‬ل حول ول قوة إل بال‬
‫العلي العظيم وصلى ال على محمد وآله حبس )‪ (2‬الشيطانان ثم سار إلى‬
‫إبليس فشكواه وقال له‪ :‬قد أعيانا أمره فأمددنا بالمردة‪ ،‬فل يزال يمدهما )‬
‫‪ (3‬حتى يمدهما بألف مارد فيأتونه‪ ،‬فكلما راموه ذكر ال وصلى على‬
‫محمد وآله الطيبين لم يجدوا عليه طريقا ول منفذا‪ ،‬قالوا لبليس‪ :‬ليس له‬
‫غيرك تباشره بجنودك فتغلبه وتغويه‪ ،‬فيقصده إبليس بجنوده فيقول ال‬
‫تعالى للملئكة‪ :‬هذا إبليس قد قصد عبدي فلنا أو أمتي فلنة بجنوده‪ ،‬أل‬
‫فقاتلوه )‪ ،(4‬فيقاتلهم بازاء كل شيطان رجيم منهم مائة ألف ملك وهم على‬
‫أفراس من نار بأيديهم سيوف من نار ورماح من نار وقسي ونشاشيب‬
‫وسكاكين واسلحتهم من نار )‪ ،(5‬فل يزالون يخرجونهم ويقتلونهم بها‬
‫ويأسرون إبليس فيضعون عليه تلك السلحة فيقول‪ :‬يا رب وعدك وعدك‪،‬‬
‫قد أجلتني إلى يوم الوقت المعلوم‪ ،‬فيقول ال تعالى للملئكة‪ :‬وعدته أن ل‬
‫اميته‪ ،‬ولم‬
‫)‪ (1‬نوادر على بن أسباط‪ (2) .127 :‬في المصدر‪ :‬خنس الشيطانان‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فل يزال يمدهما بالمردة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فقاتلوهم‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬واسلحة من نار‪.‬‬

‫]‪[272‬‬

‫أعده أن ل اسلط عليه السلح والعذاب واللم‪ ،‬اشتفوا )‪ (1‬منه ضربا بأسلحتكم‬
‫فاني ل اميته‪ ،‬فيثخنونه بالجراحات‪ ،‬ثم يدعونه فل يزال سخين العين على‬
‫نفسه وأولده المقتولين المقتلين )‪ ،(2‬ول يندمل شئ من جراحاته إل‬
‫بسماعه أصوات المشركين بكفرهم فان بقي هذا المؤمن على طاعة ال‬
‫وذكره والصلة على محمد وآله بقي إبليس على تلك الجراحات )‪ ،(3‬وإن‬
‫زال العبد عن ذلك وانهمك في مخالفة ال عزوجل ومعاصيه اندملت‬
‫جراحات إبليس ثم قوي على ذلك العبد حتى يلجمه ويسرج على ظهره‬
‫ويركبه ثم ينزل عنه ويركب ظهره شيطانا من شياطينه ويقول لصحابه‪:‬‬
‫أما تذكرون ما أصابنا من شأن هذا ؟ ذل‪ .‬وانقاد لنا الن حتى صار يركبه‬
‫هذا‪ ،‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬فان أردتم أن تديموا على‬
‫إبليس سخنة عينه )‪ (4‬وألم جراحاته فداوموا على طاعة ال وذكره‬
‫والصلة على محمد وآله‪ ،‬وإن زلتم عن ذلك كنتم اسراء فيركب أقفيتكم‬
‫بعض مردته )‪ .(5‬بيان‪ :‬النشاشيب جمع النشاب بالضم والتشديد وهو‬
‫النبل‪ .‬وقال الجوهرى‪ :‬سخنة العين نقيض قرتها‪ ،‬قد سخنت عينه بالكسر‬
‫فهو سخين العين‪ ،‬وأسخن ال عينه أي أبكاه‪ ،‬والمقتلين على بناء المفعول‬
‫من باب الفعال أي المعرضين للقتل‪ ،‬أو التفعيل تأكيدا لبيان كثرة‬
‫مقتوليهم‪ .‬قال الجوهري‪ :‬أقتلت فلنا‪ :‬عرضته للقتل‪ ،‬وقتلوا تقتيل‪ :‬شدد‬
‫للكثرة‪ - 159 .‬تفسير المام‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬الشيطان هو البعيد من كل‪،‬‬
‫خير‪ ،‬الرجيم‪ :‬المرجوم باللعن‪ ،‬المطرود من بقاع الخير )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬استبقوا‪ (2) .‬المصدر خال عن قوله‪ :‬مقتلين‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬بقى على ابليس تلك الجراحات‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬من سخنة‬
‫عينه‪ (5) .‬التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم‪ 159 :‬و‬
‫‪ (6) .160‬التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم‪.5 :‬‬

‫]‪[273‬‬

‫‪ - 160‬تفسير على بن ابراهيم‪ :‬عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬سئل عما ندب ال الخلق إليه أدخل فيه الضلل ؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬والكافرون دخلوا فيه‪ ،‬لن ال تبارك وتعالى أمر الملئكة بالسجود‬
‫لدم فدخل في أمره الملئكة وإبليس‪ ،‬فان إبليس كان مع الملئكة في‬
‫السماء يعبد ال وكانت الملئكة تظن أنه منهم ولم يكن منهم‪ ،‬فلما أمر ال‬
‫الملئكة بالسجود لدم أخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد‪ ،‬فعلمت‬
‫الملئكة عند ذلك أن إبليس لم يكن منهم‪ ،‬فقيل له عليه السلم‪ :‬فكيف وقع‬
‫المر على إبليس وإنما أمر ال الملئكة بالسجود لدم ؟ فقال‪ :‬كان إبليس‬
‫منم بالولء ولم يكن من جنس الملئكة‪ ،‬وذلك أن ال خلق خلقا قبل آدم‬
‫وكان إبليس فيهم حاكما في الرض فعتوا وأفسدوا وسفكوا الدماء‪ ،‬فبعث‬
‫ال الملئكة فقتلوهم وأسروا إبليس ورفعوه إلى السماء‪ ،‬وكان مع‬
‫الملئكة يعبد ال إلى أن خلق ال آدم )‪ - 161 .(1‬ومنه‪ :‬عن أبيه عن ابن‬
‫محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن ثابت الحذاء عن جابر الجعفي عن‬
‫أبي جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال‪ :‬إن ال تبارك‬
‫وتعالى أراد أن يخلق خلقا بيده‪ ،‬وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس‬
‫في الرض سبعة آلف سنة ‪ -‬وساق الحديث إلى أن قال تعالى‪ - :‬إني اريد‬
‫أن أخلق خلقا بيدي وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعبادا صالحين‬
‫وأئمة مهتدين‪ ،‬وأجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي )‪ ،(2‬وابيد النسناس‬
‫من أرضي واطهرها منهم‪ ،‬وأنقل مردة الجن العصاة من بريتي وخلقي‬
‫وخيرتي‪ ،‬واسكنهم في الهواء وفي أقطار الرض فل يجاورون نسل‬
‫خلقي‪ ،‬وأجعل بين الجن وبين خلقي حجابا فل يرى نسل خلقي الجن ول‬
‫يجالسونهم ول يخالطونهم ‪ -‬وساق الحديث إلى قوله‪ - :‬فخلق ال آدم فبقي‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ (2) .32 :‬أسقط المصنف هنا من الحديث من دون اشارة وهو‪:‬‬
‫ينهونهم عن معصيتى وينذرونهم من عذابي ويهدونهم إلى طاعتي‬
‫ويسلكون بهم طريق سبيلى وأجعلهم لى حجة عذرا و نذرا وابيد‪.‬‬

‫]‪[274‬‬

‫أربعين سنة مصورا‪ ،‬فكان يمر به إبليس اللعين فيقول‪ :‬لمر ما خلقت‪ ،‬فقال العالم‬
‫عليه السلم فقال إبليس‪ :‬لئن أمرني ال بالسجود لهذا لعصيته )‪ ،(1‬ثم‬
‫نفخ فيه )‪ (2‬ثم قال للملئكة " اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس " )‪(3‬‬
‫فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد فأبى أن يسجد‪ ،‬فقال ال عزوجل‪:‬‬
‫" ما منعك أن ل تسجد إذ أمرتك * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته‬
‫من طين " )‪ .(4‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬أول من قاس إبليس واستكبر‪،‬‬
‫والستكبار هو أول معصية عصى ال بها )‪ .(5‬قال‪ :‬فقال إبليس‪ :‬يا رب‬
‫اعفني من السجود لدم وأنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرب ول نبي‬
‫مرسل‪ ،‬قال ال تبارك وتعالى‪ :‬ل حاجة لي إلى عبادتك إنما إريد أن اعبد‬
‫من حيث اريد ل من حيث تريد )‪ ،(6‬فأبي أن يسجد‪ ،‬فقال ال تبارك‬
‫وتعالى‪ " :‬اخرج منها فانك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين " قال‬
‫إبليس‪ :‬يا رب وكيف وأنت العدل الذي ل تجوز ول تظلم ؟ فثواب عملي‬
‫بطل ؟ قال‪ :‬ل ولكن سلني من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك فاعطيك‪،‬‬
‫فأول ما سأل البقاء إلى يوم الدين‪ ،‬فقال ال‪ :‬قد أعطيتك‪ ،‬قال‪ :‬سلطني على‬
‫ولد آدم‪ ،‬قال‪ :‬سلطتك قال‪ :‬أجرني فيهم مجرى الدم في العروق‪ ،‬قال‪ :‬قد‪:‬‬
‫أجريتك‪ ،‬قال‪ :‬ل يولد لهم ولد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لعصينه‪ (2) .‬اسقط المصنف أيضا من هنا جملة من دون اشارة‬
‫وهى‪ :‬فلما بلغت الروح إلى دماغه عطس فقال‪ :‬الحمد ل‪ ،‬فقال ال‬
‫تعالى‪ :‬يرحمك ال‪ ،‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬فسبقت له من ال تعالى‪:‬‬
‫الرحمة ثم قال ال‪ (3) .‬البقرة‪ .34 :‬والعراف‪ (4) .11 :‬العراف‪.12 :‬‬
‫)‪ (5‬أي بعد خلق آدم عليه السلم وال فقبله ذكر في الحديث أن الجن‬
‫والنسناس عملوا المعاصي من سفك الدماء والفساد في الرض بغير‬
‫الحق‪ (6) .‬لم تذكر في المصدر المطبوع جملة‪ :‬ل من حيث تريد‪.‬‬

‫]‪[275‬‬

‫إل ولد لي اثنان‪ ،‬وأراهم ول يروني‪ ،‬وأتصور لهم في كل صورة شئت‪ ،‬فقال‪ :‬قد‬
‫أعطيتك‪ ،‬قال‪ :‬يا رب زدني‪ ،‬قال‪ :‬قد جعلت لك ولذريتك في صدورهم‬
‫أوطانا‪ ،‬قال‪ :‬رب حسبي‪ ،‬فقال إبليس عند ذلك‪ :‬فوعزتك )‪ (1‬لغوينهم‬
‫أجمعين * إل عبادك منهم المخلصين * ثم لتينهم )‪ (2‬من بين أيديهم ومن‬
‫خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين )‪- 162 .(3‬‬
‫ومنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن زرارة عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬لما أعطى ال تبارك وتعالى إبليس ما أعطاه من القوة‬
‫قال آدم‪ :‬يا رب سلطت إبليس على ولدي وأجريته فيهم مجرى الدم في‬
‫العروق‪ ،‬وأعطيته ما أعطيته فما لي ولولدي ؟ فقال‪ :‬لك ولولدك السيئة‬
‫بواحدة والحسنة بعشرة أمثالها‪ ،‬قال‪ :‬يا رب زدني‪ ،‬قال‪ :‬التوبة مبسوطة‬
‫إلى حين تبلغ النفس الحلقوم‪ ،‬قال‪ :‬يا رب زدني قال‪ :‬اغفر ول أبالي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حسبي‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك بماذا استوجب إبليس من ال أن أعطاه ما‬
‫أعطاه ؟ قال‪ :‬بشئ كان منه شكره ال عليه‪ ،‬قلت‪ :‬وما كان منه جعلت فداك‬
‫؟ قال‪ :‬ركعتان ركعهما في السماء أربعة آلف سنة )‪ - 163 .(4‬دلئل‬
‫الطبري‪ :‬عن محمد بن هارون بن موسى عن أبيه عن محمد بن همام عن‬
‫أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم عن أبيه عن بعض رجاله عن‬
‫الحسن بن شعيب عن علي بن هاشم عن المفضل بن عمر قال‪ :‬قلت لبي‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك ما لبليس من السلطان ؟ قال‪ :‬ما‬
‫يوسوس في قلوب الناس‪ ،‬قلت‪ :‬فما لملك الموت قال‪ :‬يقبض أرواح‬
‫الناس‪ ،‬قلت‪ :‬وهما مسلطان على من في المشرق والمغرب ؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قلت‪ :‬فما لك أنت جعلت فداك من السلطان ؟ قال‪ :‬أعلم ما في المشرق‬
‫والمغرب وما في السماوات‬

‫)‪ (1‬هكذا في الكتاب ومصدره والصحيح‪] :‬فبعزتك[ راجع سورة ص‪(2) .82 :‬‬
‫العراف‪ (3) .17 :‬تفسير القمى‪ 35 - 32 :‬والحديث طويل ذكره في باب‬
‫خلقه آدم عليه السلم‪ (4) .‬تفسير القمى‪.35 :‬‬

‫]‪[276‬‬

‫والرض وما في البر والبحر وعدد ما فيهن‪ ،‬وليس ذلك لبليس ول لملك الموت )‬
‫‪ - 164 .(1‬الكافي‪ :‬باسناده عن الحسن بن العباس بن الجريش )‪ (2‬قال‪:‬‬
‫قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬لما يزور )‪ (3‬من بعثه ال للشقاء على أهل‬
‫الضللة من أجناد الشياطين وأرواحهم أكثر مما يزور )‪ (4‬خليفة ال الذي‬
‫بعثه للعدل والصواب من الملئكة قيل‪ :‬يا أبا جعفر وكيف يكون شئ أكثر‬
‫من الملئكة ؟ قال‪ :‬كما شاء ال عزوجل‪ ،‬قال السائل‪ :‬يا أبا جعفر إني لو‬
‫حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لنكروه‪ ،‬قال‪ :‬كيف ينكرونه ؟ قال‬
‫يقولون‪ :‬إن الملئكة عليهم السلم أكثر من الشياطين‪ ،‬قال‪ :‬صدقت افهم‬
‫عني ما أقول‪ ،‬إنه ليس من يوم ول ليلة إل وجميع الجن والشياطين تزور‬
‫أئمة الضللة ويزور إمام الهدى عددهم من الملئكة حتى إذا أتت ليلة‬
‫القدر فيهبط فيها من الملئكة إلي ولي المر‪ ،‬خلق ال أو قال‪ :‬قيض ال‬
‫عزوجل من الشياطين بعددهم‪ ،‬ثم زاروا ولي الضللة فأتوه بالفك والكذب‬
‫حتى لعله يصبح فيقول‪ :‬رأيت كذا وكذا‪ ،‬فلو سئل ولي المر عن ذلك لقال‪:‬‬
‫رأيت شيطانا أخبرك كذا وكذا حتى يفسر له تفسيرها ويعلمه الضللة التي‬
‫هو عليها )‪ .(5‬الحديث‪ - 165 .‬ومنه‪ :‬عن محمد بن يحيى عن أحمد بن‬
‫محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن‬

‫)‪ (1‬دلئل المة‪ (2) .125 :‬هكذا في النسخ والصحيح ما في المصدر بالحاء‬
‫المهملة‪ :‬الحريش وزان زبير‪ ،‬والرجل مذكور في فهرست الشيخ‬
‫والنجاشى وقال الثاني‪ :‬ضعيف جدا له كتاب انا انزلناه في ليلة القدر‪،‬‬
‫وهو كتاب ردى الحديث مضطرب اللفاظ الخ وقال ابن الغضائري‪:‬‬
‫ضعيف جدا يروى عن ابى جعفر الثاني فضل انا انزلناه في ليلة القدر‪،‬‬
‫وله كتاب مصنف فاسد اللفاظ تشهد مخائله على أنه موضوع‪ ،‬وهذا‬
‫الرجل ل يلتفت إليه ول يكتب من حديثه انتهى أقول‪ :‬هذا الحديث من‬
‫كتابه المذكور‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬لما ترون‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬مما ترون‪.‬‬
‫)‪ (5‬اصول الكافي ‪ 252 :1‬و ‪.253‬‬
‫]‪[277‬‬

‫سنان عمن أخبره عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان عابد في بني إسرئيل لم‬
‫يقارف من أمر الدنيا شيئا فنخر إبليس نخرة فاجتمعت إليه جنوده فقال‪:‬‬
‫من لي بفلن ؟ فقال بعضهم‪ :‬أنا )‪ ،(1‬فقال‪ :‬من أين تأتيه ؟ فقال‪ :‬من‬
‫ناحية النساء‪ ،‬قال‪ :‬لست له لم يجرب النساء‪ ،‬فقال له آخر‪ :‬فأنا له‪ ،‬قال‪:‬‬
‫من أين تأتيه ؟ قال‪ :‬من ناحية الشراب واللذات قال لست له ليس‪ ،‬هذا بهذا‬
‫قال آخر‪ ،‬فأنا له‪ ،‬قال من أين تأتيه ؟ قال‪ :‬من ناحية البر‪ ،‬قال‪ :‬انطلق فأنت‬
‫صاحبه‪ ،‬فانطلق إلى موضع الرجل فأقام حذاءه يصلي‪ ،‬قال‪ :‬وكان الرجل‬
‫ينام‪ ،‬والشيطان ل ينام‪ ،‬ويستريح والشيطان ل يستريح‪ .‬فتحول إليه الرجل‬
‫وقد تقاصرت إليه نفسه واستصغر عمله‪ ،‬فقال‪ :‬يا عبد ال بأي شئ قويت‬
‫على هذه الصلة‪ :‬فلم يجبه‪ ،‬ثم عاد عليه فلم يجبه‪ ،‬ثم عاد عليه فقال‪ :‬يا‬
‫عبد ال إني أذنبت ذنبا وأنا تائب منه‪ ،‬فإذا ذكرت الذنب قويت على‬
‫الصلة‪ ،‬قال‪ :‬فأخبرني بذنب حتى أعمله وأتوب‪ ،‬فإذا فعلته قويت على‬
‫الصلة‪ ،‬فقال‪ :‬ادخل المدينة فسل عن فلنة البغية فأعطها درهمين ونل‬
‫منها‪ ،‬قال‪ :‬ومن أين لي درهمين ؟ ما أدري ما الدرهمين ؟ فتناول الشيطان‬
‫من تحت قدمه درهمين فناوله إياهما‪ ،‬فقام فدخل المدينة بجلبيبه يسأل‬
‫عن فلنة البغية )‪ (2‬فأرشدوه الناس وظنوا أنه جاء يعظها‪ ،‬فأرشدوه‬
‫فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال‪ :‬قومي‪ ،‬فقامت فدخلت منزلها‬
‫وقالت‪ :‬ادخل‪ ،‬وقالت‪ :‬إنك جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها‪،‬‬
‫فأخبرني بخبرك‪ ،‬فأخبرها‪ ،‬فقال له‪ :‬يا عبد ال إن ترك الذنب أهون من‬
‫طلب التوبة‪ ،‬وليس كل من طلب التوبة وجدها‪ ،‬وإنما ينبغي أن يكون هذا‬
‫شيطانا مثل لك‪ ،‬فانصرف فانك ل ترى شيئا‪ ،‬فانصرف وماتت من ليلتها‬
‫فأصبحت فإذا على بابها مكتوب‪ :‬احضروا فلنة فانها من أهل الجنة‪،‬‬
‫فارتاب الناس فمكثوا ثلثا ل يدفنونها ارتيابا في أمرها‪ ،‬فأوحى ال‬
‫عزوجل إلى نبي من النبياء ل أعلمه إل موسى بن عمران عليه السلم أن‬
‫أئت فلنة فصل عليها ومر الناس أن يصلوا عليها‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أنا له‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬يسأل عن منزل فلنة البغية فارشده‬
‫الناس‪.‬‬

‫]‪[278‬‬

‫فاني قد غفرت لها وأوجبت لها الجنة بتثبيطها )‪ (1‬عبدي فلنا عن معصيتي )‪.(2‬‬
‫‪ - 166‬ومنه‪ :‬عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد‬
‫بن سعيد عن زكريا بن محمد عن أبيه عن عمرو عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم‪ :‬قال كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم ال‪ ،‬فطلبهم إبليس الطلب‬
‫الشديد‪ ،‬وكان من فضلهم وخيرتهم أنهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا‬
‫بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم‪ ،‬فلم يزل إبليس يعتادهم وكانوا )‪ (3‬إذا‬
‫رجعوا خرب إبليس ما يعملون‪ ،‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬تعالوا نرصد هذا‬
‫الذي يخرب متاعنا‪ ،‬فرصدوه فإذا هو غلم أحسن ما يكون من الغلمان‪،‬‬
‫فقالوا له‪ :‬أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد اخرى ؟ فأجمع رأيهم )‪ (4‬على‬
‫أن يقتلوه‪ ،‬فبيتوه عند رجل فلما كان الليل صاح فقال له‪ :‬ما لك ؟ فقال‪:‬‬
‫كان أبي ينومني على بطنه‪ ،‬فقال له‪ :‬تعال فنم على بطني‪ ،‬قال فلم يزل‬
‫يدلك الرجل حتى علمه أن يفعل بنفسه )‪ ،(5‬فأول علمه إبليس‪ ،‬والثانية‬
‫علمه هو‪ ،‬ثم انسل ففر منهم فأصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلم‬
‫ويعجبهم منه وهم ل يعرفونه‪ ،‬فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال )‪(6‬‬
‫بعضهم ببعض‪ ،‬ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق يفعلون بهم حتى تنكب‬
‫مدينتهم الناس‪ ،‬ثم تركوا نساءهم وأقبلوا على الغلمان‪ ،‬فلما رأى أنه قد‬
‫أحكم أمره في الرجال جاء إلى النساء فصير نفسه امرأة‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن‬
‫رجالكن يفعل بعضهم ببعض ؟ قالوا‪ :‬نعم قد رأينا ذلك‪ ،‬وكل ذلك يعظهم‬
‫لوط عليه السلم ويوصيهم وإبليس يغويهم حتى استغنى النساء بالنساء )‬
‫‪ (7‬الحديث الطويل‪.‬‬

‫)‪ (1‬ثبطة عن المر‪ :‬عوقه وشغله عنه‪ (2) .‬روضة الكافي‪ 384 :‬و ‪ (3) .385‬في‬
‫المصدر‪ :‬فكانوا‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فاجتمع رأيهم‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬حتى‬
‫علمه انه يفعل بنفسه‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬حتى اكتفى الرجال بالرجال‪(7) .‬‬
‫الكافي ‪.544 :5‬‬

‫]‪[279‬‬

‫بيان‪ :‬يعتادهم أي يعتاد المجئ إليهم أو ينتابهم كلما رجعوا أقبل اللعين‪ ،‬قال في‬
‫القاموس‪ :‬العود‪ :‬انتياب الشئ كالعتياد‪ ،‬وفي المحاسن‪ :‬فلما حسدهم‬
‫إبليس لعبادتهم كانوا إذا رجعوا )‪ " (1‬وفي ثواب العمال‪ " :‬فأتى إبليس‬
‫عبادتهم "‪ " .‬فأول علمه )‪ " (2‬كذا في النسخ بتقديم اللم على الميم في‬
‫الموضعين ولعل الظهر تقديم الميم )‪ ،(3‬أي أو ل أدخل إبليس ذكر الرجل‪،‬‬
‫وثانيا أدخل الرجل ذكره‪ ،‬وعلى ما في النسخ كأن المعنى أنه كان أول معلم‬
‫هذا الفعل حيث علمه ذلك الرجل ثم صار الرجل معلم الناس‪ - 167 .‬تفسير‬
‫علي بن إبراهيم‪ :‬عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي‬
‫بصير عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن سليمان بن داود أمر الجن فبنوا‬
‫له بيتا من قوارير فبينا هو متكئ على عصاه ينظر إلى الشياطين كيف‬
‫يعملون وينظرون إليه إذ حانت )‪ (4‬منه التفاتة فإذا هو برجل معه في‬
‫القبة ففزع منه وقال‪ :‬من أنت ؟ قال‪ :‬أنا الذي ل أقبل الرشى ول أهاب‬
‫الملوك‪ ،‬أنا ملك الموت‪ ،‬فقبضه وهو متكئ على عصاه فمكثوا سنة يبنون‬
‫وينظرون إليه ويدأبون له ويعملون حتى بعث ال الرضة فأكلت منسأته‬
‫وهي العصا‪ ،‬فلما خر تبينت النس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا‬
‫سنة في العذاب المهين فالجن تشكر الرضة بما عملت بعصا سليمان‪،‬‬
‫قال‪ :‬فل تكاد تراها في مكان إل وجد عندها ماء وطين‪ ،‬فلما هلك سليمان‬
‫وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ثم طواه وكتب على ظهره‪ :‬هذا ما‬
‫وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم من أراد‬
‫كذا وكذا فليفعل كذا وكذا‪ ،‬ثم دفنه تحت السرير ثم استشاره )‪ (5‬لهم فقرأه‬
‫فقال الكافرون‪ :‬ما كان سليمان عليه السلم يغلبنا إل بهذا‪ ،‬وقال‬
‫المؤمنون‪ :‬بل هو‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .110 :‬في عقاب العمال والمحاسن‪ " :‬فاول عمله ابليس‬
‫والثانية عمله هو " راجع عقاب العمال‪ :‬باب عقاب الوطى‪ (3) .‬قد‬
‫عرفت انه الموجود في عقاب العمال والمحاسن‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫خانت عنه‪ (5) ،‬هكذا في الكتاب ومصدره ولعل الصحيح كما في‬
‫البرهان‪ :‬استثاره أي اظهره لهم‪.‬‬

‫]‪[280‬‬

‫عبد ال ونبيه )‪ - 168 .(1‬الدعائم‪ :‬عن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬كنا مع رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله ذات ليلة إذ رمي ينجم فاستنار‪ ،‬فقال للقوم‪ :‬ما‬
‫كنتم تقولون في الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا ؟ قالوا‪ :‬كنا نقول‪ :‬مات عظيم‬
‫وولد عظيم‪ ،‬قال‪ :‬فانه ل يرمى به لموت أحد ولحياة أحد ولكن ربنا إذا‬
‫قضى أمرا سبح حملة العرش وقالوا‪ :‬قضى ربنا بكذا‪ ،‬فيسمع ذلك أهل‬
‫السماء التي تليهم فيقولون ذلك حتى يبلغ ذلك أهل السماء الدنيا فيسترق‬
‫الشياطين السمع فربما اعتلقوا شيئا فأتوا به الكهنة فيزيدون وينقصون‪،‬‬
‫فتخطئ الكهنة وتصيب ثم إن ال عزوجل منع السماء بهذه النجوم‬
‫فانقطعت الكهانه فل كهانة‪ ،‬وتل جعفر بن محمد عليه السلم‪ " :‬إل من‬
‫استرق السمع فأتبعه شهاب ثاقب )‪ (2‬وقوله‪ " :‬وإنا كنا نقعد منها مقاعد‬
‫)‪ (3‬للسمع " الية )‪ .(4‬بيان‪ :‬فربما اعتلقوا شيئا أي أحبوه أو تعلموه أو‬
‫تعلقوا به‪ ،‬في القاموس‪ :‬اعتلقه أي أحبه وتعلقه وتعلق به بمعنى‪ ،‬وفي‬
‫النهاية‪ :‬أنى علقها أي من أين تعلمها ممن أخذها‪ - 169 .‬الدر المنثور‬
‫للسيوطي‪ :‬عن ابن عمر قال‪ :‬لقي إبليس موسى فقال لموسى‪ (5) :‬أنت‬
‫الذي اصطفاك ال برسالته وكلمك تكليما‪ ،‬أذنبت وأنا اريد أن أتوب فاشفع‬
‫لي إلى ربي أن يتوب علي‪ ،‬قال موسى‪ :‬نعم‪ ،‬فدعا موسى ربه فقيل‪ :‬يا‬
‫موسى قد قضيت حاجتك‪ :‬فلقي موسى إبليس وقال‪ :‬قد امرت أن تسجد‬
‫بقبر آدم ويتاب عليك‪ ،‬فاستكبر وغضب وقال‪ :‬لم أسجد له حيا‪ ،‬أسجد له‬
‫ميتا ؟ ثم قال إبليس‪ :‬يا موسى إن لك علي حقا بما شفعت لي إلى ربك‬
‫فاذكرني عند ثلث ل اهلكك فيمن اهلك )‪ :(6‬اذكرني‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ 46 :‬و ‪ (2) .47‬هكذا في الكتاب ولعله وهم النساخ والصحيح‪" :‬‬
‫شهاب مبين " راجع الحجر ‪ (3) .18‬الجن‪ (4) .9 :‬دعائم السلم‪:‬‬
‫ليست عندي نسخته‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فقال‪ :‬يا موسى‪ (6) .‬في المصدر‪:‬‬
‫ل أهلكك فيهن‪.‬‬

‫]‪[281‬‬

‫حين تغضب فاني أجري منك مجرى الدم‪ .‬واذكرني حين تلقى الزحف فاني آتي ابن‬
‫آدم حين يلقى الزحف فأذكره ولده وزوجته حتى يولي‪ ،‬وإياك أن تجالس‬
‫امراة ليست بذات محرم فاني رسولها إليك ورسولك إليها )‪- 170 .(1‬‬
‫وعن أنس قال‪ :‬إن نوحا لما ركب السفينة أتاه إبليس فقال له نوح‪ :‬من‬
‫أنت ؟ قال أنا إبليس‪ ،‬قال‪ :‬فما جاء بك ؟ قال‪ :‬جئت تسأل لي ربك هل لي‬
‫من توبة ؟ فأوحى ال إليه‪ :‬أن توبته أن يأتي قبر آدم فيسجد له‪ ،‬قال‪ :‬أما‬
‫أنا لم أسجد له حيا أسجد له ميتا ؟ قال فاستكبر وكان من الكافرين )‪.(2‬‬
‫‪ - 171‬وعن جنادة بن أبي امية قال‪ :‬أول خطيئة كانت الحسد‪ :‬حسد إبليس‬
‫آدم أن يسجد له حين أمره فحمله الحسد على المعصية )‪ 172 .(3‬وعن‬
‫قتادة‪ :‬قال‪ :‬لما هبط إبليس قال آدم‪ :‬أي رب قد لعنته فما علمه ؟ قال‪:‬‬
‫السحر قال‪ :‬فما قراءته ؟ قال‪ :‬الشعر‪ ،‬قال‪ :‬فما كتابته )‪ (4‬؟ قال‪ :‬الوشم‪،‬‬
‫قال‪ :‬فما طعامه ؟ قال‪ :‬كل ميتة وما لم يذكر اسم ال عليه‪ ،‬قال‪ :‬فما شرابه‬
‫؟ قال‪ :‬كل مسكر‪ ،‬قال‪ :‬فأين مسكنه ؟ قال‪ :‬الحمام‪ ،‬قال‪ :‬فاين مجلسه ؟‬
‫قال‪ :‬السواق‪ ،‬قال‪ :‬فما صوته ؟ قال‪ :‬المزمار قال‪ :‬فما مصائده ؟ قال‬
‫النساء )‪ - 173 .(5‬وعن ابن عباس‪ :‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله قال إبليس لربه تعالى‪ :‬يا رب قد اهبط آدم وقد علمت أنه سيكون كتب‬
‫ورسل‪ ،‬فما كتبهم ورسلهم ؟ قال‪ :‬رسلهم الملئكة والنبيون‪ ،‬وكتبهم‬
‫التوراة والنجيل والزبور والفرقان‪ ،‬قال‪ :‬فما كتابي ؟ قال‪ :‬كتابك الوشم‪،‬‬
‫وقراءتك الشعر‪ ،‬ورسلك الكهنة‪ ،‬وطعامك ما لم يذكر اسم ال عليه‬
‫وشرابك كل مسكر‪ ،‬وصدقك الكذب‪ ،‬وبيتك الحمام‪ ،‬ومصائدك النساء‪،‬‬
‫ومؤذنك المزمار‪ ،‬ومسجدك السواق )‪.(6‬‬

‫)‪ (3 - 1‬الدر المنثور ‪ (4) .51 :1‬في المصدر‪ :‬فما كتابه ؟ )‪ 5‬و ‪ (6‬الدر المنثور‬
‫‪.63 :1‬‬
‫]‪[282‬‬

‫‪ - 174‬وعن ابن عباس‪ :‬قال‪ :‬جاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في‬
‫صورة رجال من بني مدلج‪ ،‬والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن‬
‫جعشم‪ ،‬فقال الشيطان‪ " :‬ل غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم "‬
‫وأقبل جبريل على إبليس فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين‬
‫انتزع إبليس يده )‪ (1‬وولى مدبرا وشيعته فقال الرجل‪ :‬يا سراقه إنك جار‬
‫لنا‪ ،‬فقال‪ :‬إني أرى ما ل ترون‪ ،‬وذلك حين رأى الملئكة " اني أخاف ال‬
‫وال شديد العقاب " )‪ - 175 .(2‬وعن رفاعة النصاري‪ :‬قال‪ :‬لما رأى‬
‫إبليس ما تفعل الملئكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه‬
‫فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة ابن مالك فوكز في صدر‬
‫الحارث فألقاه ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر يرفع يديه فقال‪:‬‬
‫اللهم إني أسألك نظرتك اياي )‪ - 176 .(3‬وعن أبي التياح )‪ :(4‬قال‪ :‬قال‬
‫رجل لعبد الرحمن بن خنيش كيف صنع رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫كادته الشياطين ؟ قال‪ :‬نعم تحدرت الشياطين من الجبال والودية يريدون‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن‬
‫يحرق بها رسول ال صلى ال عليه وآله فلما رآهم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله فزع منهم وجاءه جبرئيل فقال‪ :‬يا محمد قل‪ :‬ما أقول‪ " :‬أعوذ‬
‫بكلمات ال التامات اللتي ل يجاوزهن بر ول فاجر من شر ما خلق وبرأ‬
‫وذرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها‪ ،‬ومن شر ما‬
‫ذرأ في الرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار‪ ،‬ومن‬
‫شر كل طارق إل طارقا يطرق بخير يا رحمن " قال‪ :‬فطفئت نار الشياطين‬
‫وهزمهم ال عزوجل )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وأقبل جبرئيل عليه السلم على ابليس وكانت يده في يد رجل من‬
‫المشركين فلما رأى جبريل انتزغ يده وولى مدبرا هو وشيعته‪ (2) .‬الدر‬
‫المنثور ‪ (3) .190 :2‬الدر المنثور ‪ (4) .190 :3‬قال ابن حجر في‬
‫التقريب‪ :‬أبوالتياح بفتح اوله وتشديد التحتانية اسمه يزيد ابن حميد‪(5) .‬‬
‫الدر المنثور‪:‬‬

‫]‪[283‬‬

‫‪ - 177‬وعن ابن مسعود قال‪ :‬لما كان ليلة الجن أقبل عفريت من الجن في يده‬
‫شعلة من نار فجعل النبي صلى ال عليه وآله وسلم يقرأ القرآن فل يزداد‬
‫إل قربا‪ ،‬فقال له جبرئيل‪ :‬أل اعلمك كلمات تقولهن ينكب منها لفيه وتطفئ‬
‫شعلته ؟ قل‪ :‬أعوذ بوجه ال الكريم وكلمات ال التامات التي ل يجاوزهن‬
‫بر ول فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر‬
‫ما ذرأ في الرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن‬
‫شر طوارق الليل ومن شر كل طارق إل طارقا يطرق بخير يا رحمن‪ .‬فقالها‬
‫فانكب لفيه وطفيت شعلته )‪ .(1‬تتمة‪ :‬تشمل على فوائد جمة‪ :‬الولى‪ :‬ل‬
‫خلف بين المامية بل بين المسلمين في أن الجن والشياطين أجسام لطيفة‬
‫يرون في بعض الحيان ول يرون في بعضها‪ ،‬ولهم حركات سريعة وقدرة‬
‫على أعمال قوية ويجرون في أجساد بني آدم مجرى الدم‪ ،‬وقد يشكلهم ال‬
‫بحسب المصالح بأشكال مختلفة وصور متنوعة كما ذهب إليه السيد‬
‫المرتضى رضي ال عنه‪ ،‬أو جعل ال لهم القدرة على ذلك كما هو الظهر‬
‫من الخبار والثار‪ .‬قال صاحب المقاصد‪ :‬ظاهر الكتاب والسنة وهو قول‬
‫أكثر المة أن الملئكة أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلت بأشكال‬
‫مختلفة كاملة في العلم والقدرة على الفعال الشاقة ‪ -‬وساق الكلم إلى‬
‫قوله‪ - :‬والجن أجسام لطيفة هوائية متشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها‬
‫أفعال عجيبة‪ ،‬منهم المؤمن والكافر والمطيع والعاصي والشياطين أجسام‬
‫نارية شأنها إلقاء النفس في الفساد والغواية بتذكير أسباب المعاصي‬
‫واللذات وإنساء منافع الطاعات وما أشبه ذلك على ما قال تعالى حكاية عن‬
‫الشيطان‪ " :‬وما كان لي عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي فل‬
‫تلوموني ولوموا أنفسكم " )‪ (2‬وقيل‪ :‬تركيب النواع الثلثة من امتزاج‬
‫العناصر الربعة إل أن الغالب على الشيطان عنصر النار‪ ،‬وعلى الخرين‬
‫عنصر الهواء‪ ،‬وذلك أن امتزاج العناصر قد ل يكون على القرب من‬
‫العتدال بل على قدر صالح من غلبة أحدهما‪ ،‬فان كانت الغلبة‬

‫)‪ (1‬الدر المنثور‪ (2) :‬ابراهيم‪.22 :‬‬

‫]‪[284‬‬

‫للرضية يكون الممتزج مائل إلى عنصر الرض‪ ،‬وإن كانت للمائية فالى الماء أو‬
‫للهوائية فالى الهواء أو للنارية فالى النار‪ ،‬ل يبرح ول يفارق إل بالجبار‪،‬‬
‫أو أبان يكون حيوانا فيفارق بالختيار‪ ،‬وليس لهذه الغلبة حد معين بل‬
‫تختلف إلى مراتب بحسب أنواع الممتزجات التي تسكن هذا العنصر‪،‬‬
‫ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والشفيف‪ ،‬كانت الملئكة والجن‬
‫والشياطين بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتى أجواف النسان ول‬
‫يرون بحس البصر إل إذا اكتسبوا من الممتزجات الخر التي تغلب عليها‬
‫الرضية والمائية جلبيب وغواشي فيرون في أبدان كأبدان الناس أو‬
‫غيره من الحيوانات‪ ،‬والملئكة كثيرا ما تعاون النسان على أعمال يعجز‬
‫هو عنها بقوته كالغلبة على العداء والطيران في الهواء والمشي على‬
‫الماء‪ ،‬ويحفظه خصوصا المضطرين عن كثير من الفات‪ .‬وأما الجن‬
‫والشياطين فيخالطون بعض الناسي ويعاونونهم على السحر والطلسمات‬
‫والنيرنجات‪ ،‬ثم تعرض لدفع الشبهة الواردة على هذا القول وهي أن‬
‫الملئكة والجن والشياطين إن كانت أجساما ممتزجة من العناصر يجب أن‬
‫تكون مرئية لكل سليم الحس كسائر المركبات وإل لجاز أن تكون بحضرتنا‬
‫جبال شاهقة وأصوات هائلة ل نبصرها ول نسمعها‪ ،‬والعقل جازم ببطلن‬
‫ذلك على ما هو شأن العلوم العادية وإن كانت غلبته اللطيف بحيث ل تجوز‬
‫رؤية الممتزج يلزم أن ل يروا أصل‪ ،‬وأن تتمزق أبدانهم وتنحل تراكيبهم‬
‫بأدنى سبب‪ ،‬واللزم باطل لما تواتر من مشاهدة بعض الولياء والنبياء )‬
‫‪ (1‬إياهم ومكالمتهم ومن بقائهم زمانا طويل مع هبوب الرياح العاصفة‬
‫والدخول في المضائق الضيقة‪ ،‬وأيضا لو كان من المركبات المزاجية‬
‫لكانت لهم صور نوعية وأمزجة مخصوصة تقتضي أشكال مخصوصة كما‬
‫في سائر الممتزجات‪ ،‬فل يتصور التصور بأشكال مختلفة )‪ .(2‬والجواب‪:‬‬
‫منع الملزمات‪ :‬أما على القول باستناد الممكنات إلى القادر المختار‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬بعض النبياء والولياء‪ (2) .‬في النسخة المخطوطة‪:‬‬
‫بالشكال المختلفة‪.‬‬

‫]‪[285‬‬

‫فظاهر‪ ،‬لجواز أن يخلق رؤيتهم في بعض البصار والحوال دون البعض‪ ،‬وأن‬
‫يحفظ بالقدرة والرادة تركيبهم ويبدل أشكالهم‪ .‬وأما على القول باليجاب‬
‫فلجواز أن يكون فيهم من العنصر الكثيف ما يحصل منه الرؤية لبعض‬
‫البصار دون البعض وفي بعض الحوال دون البعض‪ ،‬أو يظهروا أحيانا‬
‫في أجسام كثيفة هي بمنزلة الغشاء والجلباب لهم فيبصروا وأن يكون‬
‫نفوسهم أو أمزجتهم أو صورهم النوعية تقتضي حفظ تركيبهم عن‬
‫النحلل وتبدل أشكالهم بحسب اختلف الوضاع والحوال ويكون فيهم‬
‫من الفطنة والذكاء ما يعرفون به جهات هبوب الرياح وسائر أسباب‬
‫انحلل التركيب‪ ،‬فيحترزون عنها ويأوون إلى أماكن ل يلحقهم ضرر‪ .‬وأما‬
‫الجواب بأنه يجوز أن تكون لطافتهم بمعنى الشفافية دون رقة القوام فل‬
‫يلئم ما يحكى عنهم من النفوذ في المنافذ الضيقة والظهور في ساعة‬
‫واحدة في صور مختلفة بالصغر والكبر ونحو ذلك‪ .‬ثم ذكر مذاهب الحكماء‬
‫في ذلك فقال‪ :‬والقائلون من الفلسة بالجن والشيطان زعموا أن الجن‬
‫جواهر مجردة لها تصرف وتأثير في الجسام العنصرية من غير تعلق بها‬
‫تعلق النفوس البشرية بأبدانها والشياطين هي القوى المتخيلة في أفراد‬
‫النسان من حيث استيلئها على القوى العقلية وصرفها عن جانب القدس‬
‫واكتساب الكمالت العقلية إلى اتباع الشهوات واللذات الحسية والوهمية‪.‬‬
‫ومنهم من زعم أن النفوس البشرية بعد مفارقتها عن البدان وقطع العلقة‬
‫عنها إن كانت خيرة مطيعة للدواعي العقلية فهم الجن‪ ،‬وإن كانت شريرة‬
‫باعثة على الشرور والقبائح معينة على الضلل والنهماك في الغواية فهم‬
‫الشياطين وبالجمة فالقول بوجود الملئكة والشياطين مما انعقد عليه‬
‫إجماع الراء ونطق به كلم ال تعالى و كلم النبياء عليهم السلم وحكي‬
‫مشاهدة الجن عن كثير من العقلء وأرباب المكاشفات من الولياء فل‬
‫وجه لنفيها كما ل سبيل إلى إثباتها بالدلة العقلية‪ ،‬ثم ذكر طريقة المتألهين‬
‫من الحكماء وقولهم بالعالم بين العالمين وعالم المثال‪ ،‬وانهم جعلوا‬
‫الملئكة والجن والشياطين والغيلن من هذا العالم وقد مضى بعض الكلم‬
‫فيه‪.‬‬

‫]‪[286‬‬

‫الثانية‪ :‬اختلف أصحابنا والمخالفون في أن إبليس هل كان من الملئكة أم ل ؟‬


‫فالذي ذهب إليه أكثر المتكلمين من أصحابنا وغيرهم أنه لم يكن من‬
‫الملئكة‪ ،‬وقد مرت الخبار الدالة عليه‪ .‬قال الشيخ المفيد رحمه ال في‬
‫كتاب المقالت‪ :‬إن إبليس من الجن خاصة وإنه ليس من الملئكة ول كان‬
‫منها‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬إل إبليس كان من الجن )‪ " (1‬وجاءت الخبار‬
‫متواترة عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلم بذلك‪ ،‬وهو مذهب‬
‫المامية كلها وكثير من المعتزلة وأصحاب الحديث )‪ (2‬انتهى‪ .‬وذهب‬
‫طائفة من المتكلمين إلى أنه منهم‪ ،‬واختاره من أصحابنا شيخ الطائفة روح‬
‫ال روحه في التبيان وقال‪ :‬وهو المروي عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫والظاهر في تفاسيرنا‪ ،‬ثم قال رحمه ال‪ :‬ثم اختلف من قال‪ :‬كان منهم‪.‬‬
‫فمنهم من قال‪ :‬إنه كان خازنا على الجنان‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬كان له سلطان‬
‫سماء الدنيا وسلطان الرض‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬إنه كان يوسوس ما بين‬
‫السماء والرض )‪ (3‬انتهى‪ .‬واحتج الولون بوجوه‪ :‬أحدها قوله تعالى‪" :‬‬
‫إل ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " قالوا‪ :‬ومتى اطلق لفظ الجن‬
‫لم يجز أن يعنى به إل الجنس المعروف الذي يقابل بالنس في الكتاب‬
‫الكريم‪ .‬وأجيب عنه بوجهين‪ :‬الول أن معنى " كان من الجن " صار من‬
‫الجن كما أن قوله‪ " :‬وكان من الكافرين " معناه صار من الكافرين ذكر‬
‫ذلك الخفش وجماعة من أهل اللغة‪ .‬الثاني‪ :‬أن إبليس كان من طائفة من‬
‫الملئكة يسمون جنا من حيث كانوا خزنة الجنة وقيل‪ :‬سموا جنا لجتنانهم‬
‫من العيون‪ ،‬واستشهدوا بقول العشى في سليمان عليه السلم‪ :‬وسخر‬
‫من جن الملئك تسعة * قياما لديه يعملون بل أجر‬
‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .51 :‬اوائل المقالت‪ (3) .110 :‬التبيان ‪ 150 :1‬و ‪.151‬‬

‫]‪[287‬‬

‫ورد الول بأنه خلف الظاهر فل يصار إليه إل لدليل )‪ .(1‬وثانيها‪ :‬قوله تعالى‪" :‬‬
‫ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )‪ " (2‬فنفى عن الملئكة‬
‫المعصية نفيا عاما فوجب أن ل يكون إبليس منهم‪ .‬واجيب عنه بأنه قوله‬
‫تعالى‪ " :‬ل يعصون " صفة لخزنة النيران ل لمطلق الملئكة يدل عليه‬
‫قوله تعالى‪ " :‬عليها ملئكة غلظ شداد ل يعصون ال ما أمرهم )‪" (3‬‬
‫ول يلزم من كونهم معصومين كون الجميع كذلك‪ ،‬ويرد عليه أن الدلئل‬
‫الدالة على عصمة الملئكة كثيرة وقد مر كثير منها‪ .‬وثالثها‪ :‬أن إبليس له‬
‫نسل وذرية قال تعالى‪ " :‬أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو‬
‫" )‪ (4‬والملئكة ل ذرية لهم لنه ليس فيهم انثى لقوله تعالى‪ " :‬وجعلوا‬
‫الملئكة الذين هم عباد الرحمن إناثا )‪ " (5‬والذرية إنما تحصل من الذكر‬
‫والنثى‪ .‬ويمكن الجواب عنه بعد تسليم دللة الية على السلب الكلي بأن‬
‫انتفاء النثى فيهم ل يدل على انتفاء الذرية‪ ،‬كما أن الشياطين ليس فيهم‬
‫انثى مع أن لهم ذرية كما مر أن ذرية إبليس من نفسه وأنه يبيض ويفرخ‪.‬‬
‫وقال الشيخ رحمه ال في التبيان‪ :‬من قال‪ :‬إن إبليس له ذرية والملئكة ل‬
‫ذرية لهم ول يتناكحون ول يتناسلون‪ ،‬فقد عول على خبر غير معلوم )‪.(6‬‬
‫ورابعها‪ :‬أن الملئكة رسول ال لقوله‪ " :‬جاعل الملئكة رسل )‪" (7‬‬
‫ورسل ال معصومون لقوله سبحانه "‪ :‬ال أعلم حيث يجعل رسالته )‪(8‬‬
‫" ول يجوز على رسل ال الكفر‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬بدليل‪ 2) .‬و ‪ (3‬التحريم‪ (4) .9 :‬الكهف‪(5) .51 :‬‬
‫الزخرف‪ (6) .15 :‬التبيان ‪ (7) .57 :7‬فاطر‪ (8) .1 :‬النعام‪.124 :‬‬

‫]‪[288‬‬

‫والعصيان ملئكة كانوا أم بشرا‪ .‬واجيب بأنه ليس المراد بالية العموم لقوله‬
‫تعالى‪ " :‬ال يصطفي من الملئكة رسل ومن الناس )‪ " (1‬قال في‬
‫التبيان‪ :‬وكلمة " من " للتبعيض بل خلف )‪ .(2‬ولو لم يكن كذلك لجاز لنا‬
‫أن نخص هذا العموم بقوله تعالى‪ " :‬إل إبليس " لن حمل الستثناء على‬
‫أنه منقطع حمل له على المجاز كما أن تخصيص العموم مجاز وإذا تعارضا‬
‫سقطا لو لم يكن التخصيص أولى )‪ .(3‬واستدلوا على مغايرة الجن‬
‫للملئكة بأن الملئكة روحانيون مخلوقون من الريح في قول بعضهم ومن‬
‫النور في قول بعضهم ول يطعمون ول يشربون‪ ،‬والجن خلقوا من النار‬
‫لقوله تعالى‪ " :‬والجان خلقناه من قبل من نار السموم )‪ " (4‬وقد ورد في‬
‫الخبار النهي عن التمسح بالعظم والروث لكونهما طعاما لهم ولدوابهم‪.‬‬
‫واجيب بمنع المقدمات‪ ،‬قال في التبيان‪ :‬الكل والشرب لو علم فقدهما في‬
‫الملئكة فل نعلم أن إبليس كان يأكل ويشرب‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إنهم يتشمون‬
‫الطعام ول يأكلونه )‪ (5‬انتهى‪ .‬واستدل أيضا بقوله تعالى‪ " :‬ويوم‬
‫يحشرهم جميعا ثم يقول للملئكة أهؤلء إياكم كانوا يعبدون * قالوا‬
‫سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون )‬
‫‪ " (6‬وعورض بقوله تعالى‪ " :‬وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا )‪ " (7‬لن‬
‫قريشا قالت‪ :‬الملئكه بنات ال‪ ،‬فرد ال عليهم بقوله‪ " :‬سبحان ال عما‬
‫يصفون )‪" (8‬‬

‫)‪ (1‬الحج‪ (2) .75 :‬لم يذكر فيه قوله‪ :‬بل خلف‪ ،‬نعم ذكر في ج ‪ :342 :7‬عند أهل‬
‫اللغة‪ (3) .‬التبيان ‪ (4) .153 :1‬الحجر‪ (5) .27 :‬التبيان ‪ :57 :7‬لم‬
‫يذكر فيه قوله‪ :‬وقد قيل ولعله في موضع آخر‪ (6) .‬سبأ‪ 40 :‬و ‪ 7) .41‬و‬
‫‪ (8‬الصافات‪ 159 :‬و ‪.160‬‬

‫]‪[289‬‬

‫واجيب بالمنع فانه فسرت الية بوجوه اخرى‪ :‬منها أن المراد به قول الزنادقة‪ :‬إن‬
‫ال وإبليس أخوان أو إن ال خلق النور والخير والحيوان النافع‪ ،‬وإبليس‬
‫خلق الظلمة والشر والحيوان الضار‪ ،‬وبعضهم أشركوا الشيطان في عبادة‬
‫ال تعالى‪ ،‬وذلك هو النسب الذي جعلوه بينه سبحانه وبين الجنة‪ .‬ومنها‬
‫أنهم قالوا‪ :‬صاهر ال الجن فحدثت الملئكة‪ .‬واحتج القائلون بأنه من‬
‫الملئكة بوجهين‪ :‬الول أن ال تعالى استثناه من الملئكة‪ ،‬والستثناء يفيد‬
‫إخراج ما لوله لدخل‪ ،‬وذلك يوجب كونه من الملئكة‪ .‬واجيب بأن‬
‫الستثناء ههنا منقطع‪ ،‬وهو مشهور في كلم العرب‪ ،‬كثير في كلمه‬
‫تعالى‪ ،‬قال سبحانه‪ " :‬ل يسمعون فيها لغوا ول تأثيما إل قيل سلما سلما‬
‫)‪ " (1‬وقال‪ " :‬ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن تكون تجارة عن‬
‫تراض منكم )‪ " (2‬وايضا فلنه كان جنيا واحدا بين اللوف من الملئكة‬
‫فغلبوا عليه في قوله‪ " :‬فسجدوا " ثم استثنى هو منهم استثناء واحد‬
‫منهم وقد كان مأمورا بالسجود معهم‪ ،‬فلما دخل معهمم في المر جاز‬
‫إخراجه بالستثناء منهم‪ .‬ورد بأن كل واحد من هذين الوجهين على خلف‬
‫الصل فل يصار إليه إل عند الضرورة‪ ،‬والدلئل التي ذكرتموها في نفي‬
‫كونه من الملئكة ليس فيها إل العتماد على العمومات‪ ،‬فلو جعلناه من‬
‫الملئكة لزم تخصيص ما عولتم عليه من العمومات‪ ،‬ولو قلنا‪ :‬إنه ليس‬
‫من الملئكة لزمنا حمل الستثناء على المنقطع‪ ،‬ومعلوم أن تخصيص‬
‫العموم أكثر في كتاب ال من حمل الستثناء على المنقطع فكان قولي‬
‫أولى‪ ،‬وأما قولكم‪ :‬إنه جني واحد بين اللوف من الملئكة فغلبوا عليه‬
‫فنقول‪ :‬إنما يغلب الكثير على القليل إذا كان ذلك القليل ساقط العبرة غير‬
‫ملتفت إليه‪ ،‬وأما إذا كان معظم الحديث ليس إل عن ذلك الواحد لم يجز‬
‫تغليب غيره عليه‪ ،‬وفيه نظر‪ .‬الثاني أنه لو لم يكن من الملئكة لما كان‬
‫قوله تعالى‪ " :‬وإذ قلنا للملئكة‬

‫)‪ (1‬الواقعة‪ (2) .26 :‬النساء‪.28 :‬‬

‫]‪[290‬‬

‫اسجدوا " متناول له‪ ،‬فل يكون تركه للسجود إباء واستكبارا ومعصية‪ ،‬ولما‬
‫استحق الذم والعقاب فعلم أن الخطاب كان متناول له‪ ،‬ول يتناوله الخطاب‬
‫إل إذا كان من الملئكة‪ .‬وأجيب بأنه وإن لم يكن من الملئكة إل أنه نشأ‬
‫منهم وطالت خلطته بهم والتصق بهم فل جرم تناوله ذلك الخطاب‪ ،‬وأيضا‬
‫يجوز أن يكون مأمورا بالسجود بأمر آخر ويكون قوله تعالى‪ " :‬ما منعك‬
‫أل تسجد إذ أمرتك " إشارة إلى ذلك المر‪ ،‬ورد الول بأن مخالطته لهم ل‬
‫يوجب توجه الخطاب إليه كما حقق في موضعه‪ ،‬والثاني بأن ظاهر قوله‬
‫تعالى " وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس " الية أن الباء‬
‫والعصيان إنما حصل بمخالفة هذا المر ل بمخالفة أمر آخر‪ .‬هذا ما قيل أو‬
‫يمكن أن يقال في هذا المقام‪ .‬لكن الظاهر من أكثر الخبار والثار عدم‬
‫كونه من الملئكة‪ ،‬وإنه لما كان مخلوطا بهم وتوجه الخطاب إليهم شمله‬
‫هذا الخطاب‪ ،‬وقوله تعالى‪ " :‬وإذ قلنا للملئكة " مبني على التغليب‬
‫الشايع في الكلم وأما ما يشعر به كلم الشيخ رحمه ال في التبيان من‬
‫ورود الخبار )‪ (1‬بأن إبليس كان من الملئكة فلم نظفر بها وإن ورد في‬
‫بعضها فهو نادر مأول‪ .‬وقال رحمه ال‪ :‬وأما ما روي عن ابن عباس من‬
‫أن الملئكة كانت تقاتل الجن فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملئكة )‬
‫‪ (2‬فتعبد معها‪ ،‬فلما امروا بالسجود لدم سجدوا إل إبليس )‪ (3‬فلذلك قال‬
‫تعالى‪ " :‬إل إبليس كان من الجن " فانه خبر واحد ل يصح‪ ،‬والمعروف‬
‫عن ابن عباس أنه كان )‪ (4‬من الملئكة فأبى واستكبر وكان من الكافرين‬
‫)‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬راجع التبيان ‪ 150 :1‬و ‪ (2) 151‬في المصدر‪ " :‬كان صغيرا مع الملئكة‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬ال ابليس أبى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ما قلناه انه كان‪(5) .‬‬
‫التبيان ‪.153 :1‬‬
‫]‪[291‬‬

‫الثالثة‪ :‬ل خلف في أن الجن والشياطين مكلفون‪ ،‬وأن كفارهم في النار معذبون‪،‬‬
‫وأما أن مؤمنهم يدخلون الجنة فقد اختلف فيه العامة‪ ،‬ولم أر لصحابنا فيه‬
‫تصريحا‪ .‬قال علي بن إبراهيم في تفسيره‪ :‬سئل العالم عليه السلم عن‬
‫مؤمني الجن يدخلون الجنة ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن ل حظائر بين الجنة والنار‬
‫يكون فيها مؤمنوا الجن وفساق الشيعة )‪ .(1‬ول خلف في أن نبينا صلى‬
‫ال عليه وآله مبعوث عليهم‪ ،‬وأما سائر أولي العزم عليهم السلم فلم‬
‫يتحقق عندي بعثهم عليهم نفيا أو إثباتا‪ ،‬وإن كان بعض الخبار يشعر‬
‫بكونهم مبعوثين عليهم‪ ،‬ول بد في إثبات الحجة عليهم من بعثة نبي عليهم‬
‫منهم أو بعثة النبياء من النس عليهم أيضا‪ ،‬وقد مر أنه بعث فيهم نبي‬
‫يقال له‪ :‬يوسف‪ ،‬وقد مضى كلم الطبرسي رحمه ال والقوال التي ذكرها‬
‫في ذلك‪ .‬الرابعة‪ :‬فيما ذكره المخالفون في ذلك ورواياتهم التي رووها في‬
‫خواصهم و أنواعهم وأحكامهم‪ ،‬قال الدميري في كتاب حياة الحيوان‪ :‬إن‬
‫الجن أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة لها عقول وأفهام‬
‫وقدرة على الكلم والعمال الشاقة وهم خلف النس‪ ،‬الواحد جني‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬إنما سميت بذلك لنها تبقى ول ترى وروى الطبراني باسناد حسن‬
‫عن ثعلبة الحسني )‪ (2‬أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬الجن ثلثة‬
‫أصناف‪ ،‬فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء‪ ،‬وصنف حيات‪،‬‬
‫وصنف يحلون ويظعنون‪ ،‬وكذلك رواه الحاكم وقال‪ :‬صحيح السناد وروى‬
‫أبو الدنيا في كتاب مكائد الشيطان من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬الجن ثلثة أصناف‪ :‬صنف حيات وعقارب وخشاش‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ (2) .664 :‬هكذا في الكتاب وفيه وهم والصحيح كما في المصدر‪:‬‬
‫]عن ابى ثعلبة الخشنى[ قال ابن الثير في اللباب ‪ :374 :1‬الخشنى بضم‬
‫الخاء وفتح الشين وفى آخرها نون‪ .‬هذه النسبة إلى قبيلة وقرية‪ ،‬أما‬
‫القبيله فهى من قضاعة نسبة إلى خشين بن النمر بن وبرة بن تغلب بن‬
‫عمران بن حلوان بن الحاف بن قضاعة‪ ،‬منها أبو ثعلبة الخشنى‪.‬‬

‫]‪[292‬‬

‫الرض‪ ،‬وصنف كالريح في الهواء‪ ،‬وصنف عليهم الحساب والعقاب‪ ،‬وخلق ال‬
‫النس ثلثة أصناف‪ :‬صنف كالبهائم )‪ (1‬لهم قلوب ل يفقهون بها‪ ،‬وله‬
‫آذان ل يسمعون بها‪ ،‬ولهم أعين ل يبصرون بها‪ ،‬وصنف أجسادهم أجساد‬
‫بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف كالملئكة في ظل ال يوم ل‬
‫ظل إل ظله‪ .‬وأجمع المسلمون على أن نبينا محمد صلى ال عليه وآله‬
‫مبعوث إلى الجن كما هو مبعوث إلى النس‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬واوحى إلي‬
‫هذا القرآن لنذركم به ومن بلغ )‪ " (2‬والجن بلغهم القرآن‪ ،‬وقال تعالى‪" :‬‬
‫وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن )‪ " (3‬الية‪ ،‬وقال‪" :‬‬
‫تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا )‪ " (4‬قال‪" :‬‬
‫وما أرسلناك إل رحمة )‪ (5‬للعالمين )‪ (6‬وما أرسلناك إل كافة للناس )‪(7‬‬
‫" وقال الجوهري‪ :‬الناس قد تكون من الجن والنس‪ ،‬وقال تعالى خطابا‬
‫لفريقين‪ " :‬سنفرغ لكم أيها الثقلن * فبأي آلء ربكما تكذبان )‪" (8‬‬
‫والثقلن‪ :‬الجن والنس‪ ،‬سميا بذلك لنهما ثقل الرض‪ ،‬وقيل‪ :‬لنهما‬
‫مثقلن بالذنوب وقال‪ " :‬ولمن خاف مقام ربه جنتان )‪ " (9‬ولذلك قيل‪ :‬إن‬
‫من الجن مقربين و أبرارا‪ ،‬كما أن من النس كذلك‪ ،‬وخالف في ذلك أبو‬
‫حنيفة والليث فقال‪ :‬ثواب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬كالبهائم قال ال عزوجل‪ :‬ان هم ال كالنعام بل هم أضل سبيل‪.‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬لهم قلوب ل يفقهون بها ذكر الية بتمامها‪ (2) .‬النعام‪.19 :‬‬
‫)‪ (3‬الحقاف‪ (4) .29 :‬الفرقان‪ (5) .1 :‬النبياء‪ (6) .107 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬وقال تعالى‪ (7) .‬سبأ‪ (8) .28 :‬الرحمن‪ 31 :‬و ‪(9) .32‬‬
‫الرحمن‪.46 :‬‬

‫]‪[293‬‬

‫المؤمنين منهم أن يجاروا من العذاب‪ ،‬وخالفهم الكثرون )‪ (1‬حتى أبو يوسف‬


‫ومحمد وليس لبي حنيفة والليث حجة إل قوله تعالى‪ " :‬يجركم من عذاب‬
‫أليم )‪ " (2‬وقول‪ " :‬فمن يؤمن بربه فل يخاف بخسا ول رهقا " )‪ (2‬فلم‬
‫يذكر في اليتين ثوابا غير النجاة من العذاب‪ .‬والجواب من وجهين‪:‬‬
‫أحدهما أن الثواب مسكوت عنه‪ .‬والثاني أن ذلك من قول الجن‪ ،‬ويجوز أن‬
‫يكونوا لم يطلعوا إلى على ذلك وخفي عليهم ما أعد ال لهم من الثواب‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إنهم إذا دخلوا الجنة ل يكونون مع النس بل يكونون في ربضها )‬
‫‪ ،(4‬وفي الحديث عن ابن عباس‪ :‬قال‪ :‬الخلق كلهم أربعة أصناف فخلق في‬
‫الجنة كلهم وهم الملئكة‪ ،‬وخلق في النار كلهم وهم الشياطين‪ ،‬وخلق في‬
‫الجنة والنار وهم الجن والنس لهم الثواب وعليهم العقاب‪ ،‬وفيه شئ )‪:(5‬‬
‫وهو أن الملئكة ل يثابون بنعيم الجنة‪ .‬ومن المستغربات ما رواه أحمد بن‬
‫مروان المالكي الدينوري عن مجاهد أنه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون‬
‫الجنة‪ ،‬فقال‪ :‬يدخلونها ولكن ل يأكلون فيها ول يشربون بل يلهمون‬
‫التسبيح والتقديس فيجدون فيه ما يجد أهل الجنة من لذيذ الطعام‬
‫والشراب‪ .‬ويدل على عموم بعثته صلى ال عليه وآله من السنة أحاديث‪:‬‬
‫منها ما روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫اعطيت جوامع الكلم وارسلت إلى الناس )‪ (6‬كافة‪.‬‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وخالفهما الكثرون‪ (2) .‬الحقاف‪ (3) .31 :‬الجن‪(4) .13 :‬‬
‫الربض‪ :‬مأوى الغنم‪ .‬مسكن القوم‪ .‬ما حول المدينة من بيوت ومساكن‪.‬‬
‫سور المدينة‪ (5) .‬أي في الحديث شئ من الغرابة‪ (6) .‬بناء على ما تقدم‬
‫من قول الجوهرى‪ :‬الناس قد تكون من الجن والنس‪.‬‬

‫]‪[294‬‬

‫وفيه‪ :‬من حديث جابر‪ :‬وبعثت إلى كل أحمر وأسود‪ .‬وفيه‪ :‬عن ابن مسعود قال‪ :‬كنا‬
‫مع النبي صلى ال عليه وآله ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الودية‬
‫والشعاب‪ ،‬فقلنا‪ :‬استطير أو اغتيل‪ ،‬فبتنا بشر ليلة بات بها قوم‪ ،‬فلما‬
‫أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء فقلنا‪ :‬يا رسول ال فقدناك فطلبناك فلم‬
‫نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم‪ ،‬قال‪ :‬أتاني داعي الجن فذهبت معه‬
‫وقرأت عليهم القرآن فانطلق بنا فارانا آثار نيرانهم‪ ،‬وسألوه الزاد فقال‪:‬‬
‫لكم كل عظم ذكر اسم ال عليه تأخذونه فيقع في أيديكم أوفر ما كان لحما‪،‬‬
‫وكل بعر علف لدوابكم‪ ،‬قال‪ :‬فل تستنجوا بهما فانهما طعام إخوانكم الجن‪.‬‬
‫وروى الطبراني باسناد حسن عن الزبير بن العوام قال‪ :‬صلى بنا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله صلة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قال‪:‬‬
‫أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة ؟ فسكت القوم ولم يتكلم منهم أحد‪ ،‬قال‬
‫ذلك ثلثا‪ ،‬فمر بى يمشي فأخذ بيدي فجعلت أمشي معه حتى يتباعد )‪(1‬‬
‫عنا جبال المدينة كلها وأفضينا إلى أرض براز وإذا رجال طوال كأنهم‬
‫الرماح مستثفري )‪ (2‬ثيابهم من بين أرجلهم‪ ،‬فلما رأيتهم غشيتني رعدة‬
‫شديدة حتى ما تمسكني رجلى من الفرق )‪ ،(3‬فلما دنونا منهم خط لي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله بابهام رجله في الرض خطا وقال لي‪ :‬اقعد‬
‫في وسطه‪ ،‬فلما جلست ذهب عنى كل شئ أجده من ريبة‪ ،‬وبقي صلى ال‬
‫عليه وآله )‪ (4‬بيني وبينهم فتل قرآنا رفيعا حتى طلع الفجر ثم أقبل حتى‬
‫مر بي فقال‪ :‬الحق بي‪ ،‬فجعلت أمشي معه فمضينا غير بعيد فقال )‪:(5‬‬
‫التفت فانظر هل ترى حيث كان اولئك من أحد ؟ قلت يا رسول ال أرى‬
‫سوادا كثيرة‪ ،‬فخفض رسول ال صلى ال عليه وآله رأسه إلى الرض‬

‫)‪ (1‬في المصادر‪ :‬حتى تباعدت‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬مستدثرى‪ (3) .‬الفرق‪ :‬الفزع‪) .‬‬
‫‪ (4‬في المصدر‪ :‬ومضى رسول ال صلى ال عليه وآله‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فقال صلى ال عليه وآله لى‪.‬‬

‫]‪[295‬‬
‫فنظم )‪ (1‬عظما بروثة فرمى )‪ (2‬به إليهم‪ ،‬ثم قال‪ :‬هؤلء وفد جن نصيبين سألوني‬
‫الزاد فجعلت لهم كل عظم وروثة‪ .‬قال الزبير‪ :‬ول يحل لحد أن يستنجي‬
‫بعظم ول روثة‪ .‬ثم روى أيضا عن ابن مسعود قال‪ :‬استتبعني رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله ليلة فقال‪ :‬إن نفرا من الجن خمسة عشر بنو إخوة‬
‫وبنو عم يأتون الليلة فأقرأ عليهم القرآن‪ ،‬فانطلقت معه إلى المكان الذي‬
‫أراد فجعل لي خطا ثم أجلسني فيه وقال‪ :‬ل تخرجن من هذا فبت فيه حتى‬
‫أتاني رسول ال صلى ال عليه وآله من السحر )‪ (3‬وفي يده عظم حائل‬
‫وروثة وجمجمة‪ ،‬وقال‪ :‬إذا أتيت الخل فل تستنج بشئ من هذا‪ ،‬قال فلما‬
‫أصبحت قلت‪ :‬لعلمن حيث كان رسول ال صلى ال عليه وآله فذهبت‬
‫فرأيت موضع سبعين بعيرا‪ .‬وفي كتاب خبر البشر بخير البشر للعلمة‬
‫محمد بن ظفر عن ابن مسعود أنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫)‪ (4‬وهو بمكة‪ :‬من أحب منكم أن يحصر الليلة أمر الجن )‪ (5‬؟ فانطلقت‬
‫معه حتى إذا كنا بأعلى مكة خط لي خطا ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن‬
‫فغشيته أسود كثيرة فحالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته‪ ،‬ثم انطلقوا‬
‫يتقطعون مثل قطع السحاب )‪ (6‬ذاهبين حتى بقي منهم رهط‪ ،‬ثم أتى النبي‬
‫صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬ما فعل الرهط ؟ قلت‪ :‬هم اولئك يا رسول ال‪،‬‬
‫فأخذ عظما وروثا فأعطاهم إياه‪ ،‬ونهى أن يستطيب أحد بعظم أو روث‪.‬‬
‫وفي إسناده ضعف‪ .‬وفيه أيضا عن بلل بن الحارث‪ .‬قال‪ :‬نزلنا مع النبي‬
‫صلى ال عليه وآله في بعض أسفاره بالعرج فتوجهت نحوه فلما قاربته‬
‫سمعت لغطا )‪ (7‬وخصومة‬

‫)‪ (1‬المصدر‪ :‬فنظر عظما وروثا‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فرمى بهما‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫مع السحر‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫لصحابه‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬أمر الجن فلينطلق معى‪ (6) .‬في المصدر‪:‬‬
‫كما يتقطع السحاب‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬سمعت لغة‪.‬‬

‫]‪[296‬‬

‫رجال لم أسمع أحد من ألسنتهم‪ ،‬فوقفت حتى جاء النبي صلى ال عليه وآله وهو‬
‫يضحك فقال‪ :‬اختصم إلي الجن المسلمون والجن المشركون وسألوني أن‬
‫اسكنهم‪ ،‬فأسكنت المشركين الغور )‪ (1‬كل مرتفع من الرض‪ :‬جلس ونجد‪،‬‬
‫وكل منخفض غور وروي أيضا عن ابن عباس أنه قال‪ :‬انطلق النبي صلى‬
‫ال عليه وآله في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين‬
‫الشياطين وبين خبر السماء‪ ،‬فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا‪ :‬ما لكم‬
‫قد حيل )‪ (2‬بيننا وبين خبر السماء وارسلت علينا الشهب ؟ قالوا )‪ :(3‬ما‬
‫ذاك إل من شئ حدث فاضربوا مشارق الرض ومغاربها‪ ،‬فالتقى الذين‬
‫أخذوا نحو تهامة النبي صلى ال عليه وآله وأصحابه وهو بنخلة عامدين‬
‫إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلة الفجر‪ ،‬فلما سمعوا القرآن‬
‫أنصتوا )‪ ،(5‬وقالوا‪ :‬هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء ورجعوا إلى‬
‫قومهم فقالوا‪ " :‬إنا سمعنا قرآنا عجبا " اليتين )‪ .(5‬وهذا الذي ذكره ابن‬
‫عباس أول ما كان من أمر الجن مع النبي صلى ال عليه وآله ولم يكن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله رآهم إذ ذاك‪ ،‬إنما اوحي إليه بما كان منهم‪ .‬روى‬
‫الشافعي والبيهقي أن رجل من النصار خرج يصلي العشاء فسبته الجن‬
‫وفقد أعواما وتزوجت امرأته ثم أتى المدينة فسأله عمر عن ذلك فقال‪:‬‬
‫اختطفتني الجن فلبثت فيهم زمانا طويل فغزاهم جن مؤمنون فقاتلوهم‬
‫فظهروا عليهم فسبوا منهم سبايا وسبوني معهم فقالوا‪ :‬نراك رجل مسلما‬
‫ول يحل لنا سباؤك‪ ،‬فخيروني بين المقام عندهم أو القفول إلى أهلي‬
‫فاخترت أهلي‪ ،‬فأتوا بي إلى المدينة‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬ما كان طعامهم )‪ (6‬؟‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪] :‬فأسكنت المسلمين الجلس واسكنت المشركين الغور[ أقول‪:‬‬
‫الظاهر أن الحديث ينتهى بذلك‪ ،‬والباقى كلم الدميري‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فقالوا‪ :‬مالكم ؟ قالوا حيل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فقالوا‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫انصتوا له‪ (5) :‬الجن‪ 1 :‬و ‪ (6) .2‬أي طعام مشركيهم‪ ،‬لن مؤمنيهم قد‬
‫مر ان طعامهم مما يذكر اسم ال عليه‪.‬‬

‫]‪[297‬‬

‫قال‪ :‬الفول )‪ (1‬وما لم يذكر اسم ال عليه قال‪ :‬فما كان شرابهم ؟ قال‪ :‬الجذف‪،‬‬
‫وهو الرغوة لنها تجذف عن الماء‪ ،‬وقيل‪ :‬نبات يقطع ويؤكل‪ ،‬وقيل‪ :‬كل‬
‫إناء كشف عنه غطاؤه‪ .‬وأما الجماع فنقل ابن عطية وغيره التفاق على‬
‫أن الجن متعبدون بهذه الشريعة على الخصوص‪ ،‬وأن نبينا محمدا صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم مبعوث إلى الثقلين‪ .‬فان قيل‪ :‬لو كانت الحكام بجملتها‬
‫لزمة لهم لكانوا يترددون إلى النبي صلى ال عليه وآله يتعلمونها )‪،(2‬‬
‫ولم ينقل أنهم أتوه إل مرتين بمكة‪ ،‬وقد تجدد بعد ذلك أكثر الشريعة‪ .‬قلنا‪:‬‬
‫ل يلزم من عدم النقل عدم اجتماعهم به وحضورهم مجلسه وسماعهم‬
‫كلمه من غير أن يراهم المؤمنون‪ ،‬ويكون )‪ (4‬صلى ال عليه وآله يراهم‬
‫هو‪ ،‬ول يراهم أصحابه‪ ،‬فان ال تعالى يقول عن رأس الجن‪ " :‬إنه يراكم‬
‫هو وقبيله من حيث ل ترونهم " )‪ (3‬فقد يراهم هو صلى ال عليه وآله‬
‫بقوة يعطيها ال له زائدة على قوة أصحابه‪ ،‬وقد يراهم بعض الصحابة في‬
‫بعض الحوال كما رأى أبو هريرة الشيطان الذي يسرق )‪ (5‬من زكاة‬
‫رمضان‪ ،‬كما رواه البخاري‪ .‬فان قيل‪ :‬فما تقول فيما حكي عن بعض‬
‫المعتزلة أنه ينكر وجود الجن ؟ قلنا عجب )‪ (6‬أن يثبت ذلك عمن صدق‬
‫بالقرآن وهو ناطق بوجودهم‪ ،‬وروى البخاري ومسلم والنسائي عن أبي‬
‫هريرة‪ :‬إن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن عفريتا من الجن تفلت علي‬
‫البارحة يريد أن يقطع علي صلتي فذعته ‪ -‬بالذال المعجمة والعين المهملة‬
‫أي خنقته ‪ -‬وأردت أن أربطه في سواري المسجد فذكرت قول أخي سليمان‬
‫عليه السلم وقال‪ :‬إن‬

‫)‪ (1‬الفول‪ :‬الباقلى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬حتى يتعلمونها‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ويكون هو‬
‫صلى ال عليه وآله يراهم‪ (4) .‬العراف‪ (5) .26 :‬في المصدر‪:‬‬
‫الشيطان الذى أتاه ليسرق‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬عجيب‪.‬‬

‫]‪[298‬‬

‫بالمدينة جنا قد أسلموا‪ .‬وقال‪ :‬ل يسمع نداء صوت المؤذن )‪ (1‬جن ول إنس ول‬
‫شئ إل شهد له يوم القيامة‪ .‬وروى المسلم عن ابن مسعود أن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم قال‪ :‬ما منكم من أحد إل وقد وكل به قرينه من الجن‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬وإياك يا رسول ال ؟ قال‪ :‬وإياي‪ ،‬إل أن ال أعانني عليه فأسلم فل‬
‫يأمرني إل بخير‪ .‬وروي‪ :‬فأسلم بفتح الميم وضمها وصحح الخطابي‬
‫الرفع‪ ،‬ورجح القاضي عياض والنووي الفتح‪ ،‬وأجمعت المة على عصمة‬
‫النبي صلى ال عليه وآله من الشيطان‪ ،‬وإنما المراد تحذير غيره من فتنة‬
‫القرين ووسوسته وإغوائه‪ ،‬وأعلمنا أنه معنا لنتحرز منه بحسب المكان‪،‬‬
‫والحاديث في وجود الجن والشياطين ل تحصى‪ ،‬وكذلك أشعار العرب‬
‫وأخبارها‪ ،‬فالنزاع في ذلك مكابرة فيما هو معلوم بالتواتر‪ ،‬ثم إنه أمر ل‬
‫يحيله العقل ول يكذبه الحس‪ ،‬ولذلك جرت التكاليف عليهم‪ ،‬ومما اشتهر‬
‫أن سعد بن عبادة )‪ (2‬لما لم يبايعه الناس وبايعوا أبا بكر سار إلى الشام‬
‫فنزل حوران وأقام بها إلى أن مات في سنة خمس عشرة‪ ،‬ولم يختلفوا في‬
‫أنه وجد ميتا في مغتسله بحوران وأنهم لم يشعروا بموته )‪ (3‬حتى سمعوا‬
‫قائل يقول‪ :‬نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة * فرميناه بسهمين ولم‬
‫نخط فؤاده‪ .‬فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه ووقع في‬
‫صحيح مسلم أنه شهد بدرا‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬مدى صوت المؤذن‪ (2) .‬لما تخلف سعد عن بيعة ابى بكر وبعده‬
‫عن بيعة عمر كان ذلك قدحا في امرهما فأرسل عمر محمد بن سلمة‬
‫النصاري وخالد بن الوليد من المدينة ليقتله فرمى كل واحد منهما إليه‬
‫سهما فقتله‪ ،‬وكان مصلحة الوقت يوجب ستره عن العامة فنسبوه إلى‬
‫الجن‪ ،‬قال ابن ابى الحديد في شرح النهج‪ :‬ان رجل من العامة سأل‬
‫شيعيا‪ :‬لم سكت على عليه السلم عن المطالبة بحقه الذى تزعمونه حتى‬
‫أمات نفسه وهو صاحب ما هو صاحبه من المآثر المشهورة ؟ فقال له‪:‬‬
‫انه خاف أن تقتله الجن ! )‪ (3‬في المصدر‪ :‬وانهم لم يشعروا بموته‬
‫بمدينة‪(*) .‬‬

‫]‪[299‬‬

‫وروي عن حجاج بن علط السلمي أنه قدم مكة في ركب فأجنهم الليل بواد مخوف‬
‫موحش فقال له أهل الركب‪ :‬قم فخذ لنفسك أمانا لصحابك‪ ،‬فجعل ل ينام بل‬
‫يطوف بالركب ويقول‪ :‬اعيذ نفسي واعيذ صحبي * * من كل جني بهذا‬
‫النقب حتى أعود سالما وركبي فسمع قائل يقول‪ " :‬يا معشر الجن والنس‬
‫إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والرض " الية )‪ ،(1‬فلما قدم‬
‫مكة أخبر كفار قريش بما سمع‪ ،‬فقالوا‪ :‬صبأت )‪ (2‬يا أبا كلب‪ ،‬إن هذا‬
‫يزعم أنه انزل على محمد )‪ ،(3‬فقال‪ :‬وال لقد سمعته وسمعه هؤلء معي‬
‫ثم أسلم وحسن إسلمه وهاجر إلى المدينة وابتنى بها مسجدا يعرف به‪.‬‬
‫وقال محمد بن الحسن البرسي‪ :‬قال الربيع‪ :‬سمعت الشافعي يقول‪ :‬من‬
‫زعم من أهل العدالة أنه يرى الجن أبطلنا شهادته لقوله تعالى‪ " :‬إنه‬
‫يراكم هو وقبيله من حيث ل ترونهم " إل أن يكون الزاعم نبيا‪ .‬وعد ابن‬
‫سعد والطبراني والحافظ وأبو موسى )‪ (4‬وغيرهم عمرو بن جابر الجني‬
‫في الصحابة فرووا بأسانيدهم عن صفوان بن المعطل السلمي أنه قال‪:‬‬
‫خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب‪ ،‬فلم نلبث أن ماتت‬
‫فأخرج لها رجل منا خرقة فلفها فيها ثم حفر لها في الرض ثم قدمنا مكة‬
‫فأتينا المسجد الحرام فوقف علينا رجل فقال‪ :‬أيكم صاحب عمرو بن جابر ؟‬
‫قلنا‪ :‬ما نعرفه‪ ،‬قال‪ :‬أيكم صاحب الجان ؟ قالوا‪ :‬هذا‪ ،‬قال‪ :‬جزاك ال )‪(5‬‬
‫خيرا أما إنه كان آخر التسعة الجن )‪(6‬‬

‫)‪ (1‬الرحمن‪ (2) .33 :‬صبأ الرجل‪ :‬خرج من دين إلى دين آخر‪ .‬تدين بدين‬
‫الصابئين‪ ،‬وكان مشركو مكة يسمون من دخل في السلم صابئا‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ان هذا الذى قلته يزعم محمد انه انزل عليه‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫والحافظ ابى موسى‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬جزاك ال عنا خيرا‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬من الجن‪.‬‬

‫]‪[300‬‬

‫الذين سمعوا القرآن من النبي صلى ال عليه وآله موتا‪ .‬وكذا رواه الحاكم في‬
‫المستدرك‪ .‬وذكر ابن أبي الدنيا عن رجل من التابعين أن حية دخلت عليه‬
‫في خبائه تلهث عليه فسقاها ثم إنها ماتت فدفنها فأتي له من الليل فسلم‬
‫عليه وشكر وأخبر أن تلك الحية كانت رجل صالحا من جن نصيبين اسمه‬
‫زوبعة‪ .‬قال‪ :‬وبلغنا من فضائل عمر بن عبد العزيز أنه كان يمشي بأرض‬
‫فلة فإذا حية ميتة فكفنها فضلة من ردائه )‪ (1‬فإذا قائل يقول‪ :‬يا سرق‬
‫أشهد لقد سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول لك‪ :‬ستموت بأرض‬
‫فلة فيكفنك ويدفنك رجل صالح‪ ،‬فقال‪ :‬ومن أنت يرحمك ال ؟ فقال‪ :‬أنا من‬
‫الجن الذين سمعوا القرآن من رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم لم يبق‬
‫منهم إل أنا )‪ (2‬وهذا الذي قد مات )‪ .(3‬وروى البيهقي في دلئله عن‬
‫الحسن أن عمار بن ياسر قال‪ :‬قاتلت مع رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم النس والجن )‪ (4‬فسئل عن قتال الجن فقال‪ :‬أرسلني رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله إلى بئر أستقي منها فلقيت )‪ (5‬الشيطان في صورته‬
‫حتى قاتلني )‪ (6‬فصرعته ثم جعلت ادمي أنفه بفهر كان معي أو حجر فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله لصحابه‪ :‬إن عمارا لقي الشيطان عند بئر‬
‫فقاتله‪ ،‬فلما رجعت سألني فأخبرته المر‪ ،‬وكان أبو هريرة يقول‪ :‬إن عمار‬
‫بن ياسر أجاره ال من الشيطان على لسان نبيه صلى ال عليه وآله وهذا‬
‫الذي أشار إليه البخاري بما رواه )‪(7‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من ردائه ودفنها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وسرق هذا‪ (3) .‬قد عرفت‬
‫في حكاية صفوان قبل ذلك أن آخر التسعة مات في زمانها فلم يبق أحد‬
‫من التسعة حتى يكفنه ويدفنه عمر بن عبد العزيز هذا‪ ،‬وصفوان بن‬
‫المعطل من الصحابة مات سنة ثمان وخمسين على ما قيل وعمر بن عبد‬
‫العزيز مات سنة احدى ومائة وله أربعون سنة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬الجن‬
‫والنس‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فرأيت‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فصارعني‪ (7) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وقد اشار إليه البخاري فيما رواه‪.‬‬

‫]‪[301‬‬

‫عن إبراهيم النخعي قال‪ :‬ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد قال‪ :‬اللهم‬
‫ارزقني )‪ (1‬جليسا صالحا‪ ،‬فجلس إلى أبي الدرداء فقال أبو الدرداء‪ :‬ممن‬
‫أنت ؟ قال‪ :‬من أهل الكوفة‪ ،‬قال‪ :‬أليس فيكم أو منكم صاحب السر الذي ل‬
‫يعلمه غيره ؟ يعني حذيفة‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬أليس فيكم أو منكم الذي‬
‫أجاره ال من الشيطان على لسان نبيه ؟ يعني عمارا‪ ،‬قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أليس فيكم أو منكم صاحب السواك أو السوار )‪ (2‬؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬كيف‬
‫كان عبد ال يقرأ‪ " :‬والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى " ؟ قلت‪" :‬‬
‫والذكر والنثى " الحديث‪ .‬وفي كتاب خبر البشر بخير البشر‪ :‬عن عبيد‬
‫المكتب عن إبراهيم قال‪ :‬خرج نفر من أصحاب عبد ال بن مسعود يريدون‬
‫)‪ (3‬الحج حتى إذا كانوا ببعض الطريق رأوا حية بيضاء تثني علي الطريق‬
‫يفوح منها ريح المسك فقال‪ :‬قلت لصحابي‪ :‬امضوا فلست ببارح حتى‬
‫أرى ماذا يصير إليه أمره‪ ،‬فما لبثت أن ماتت فظننت به الخير لمكان‬
‫الرائحة الطيبة فكفنته في خرقة ثم نحيتها عن الطريق وأدركت أصحابي‬
‫في المتعشى‪ ،‬قال‪ :‬فوال أنا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب‬
‫فقالت واحدة منهن‪ :‬أيكم دفن عمروا ؟ فقلنا‪ :‬من عمرو ؟ فقالت‪ :‬أيكم دفن‬
‫الحية ؟ قال‪ :‬قلت ؟ أنا‪ ،‬قالت‪ :‬أما وال لقد دفنت صواما قواما يؤمن بما‬
‫أنزل ال‪ ،‬ولقد آمن بنبيكم وسمع صفته في السماء قبل أن يبعث بأربعمائة‬
‫سنة‪ ،‬قال‪ :‬فحمدت ال ثم قضينا حجنا ثم مررت بعمر فأخبرته خبر الحية )‬
‫‪ (4‬فقال‪ :‬صدقت سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول فيه هذا‪ .‬فيه‬
‫أيضا عن ابن عمر قال‪ :‬كنت عند عثمان إذ جاءه رجل فقال‪ :‬أل احدثك‬
‫بعجب )‪ (5‬؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬بينما أنا بفلة من الرض رأيت عصابتين قد‬
‫التقتا ثم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اللهم يسر لى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬والوساد‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وأنا‬
‫معهم يريدون‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬الحية والمرأة‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬بعجيب‪.‬‬

‫]‪[302‬‬

‫افترقتا قال‪ :‬فجئت معتركهما قال‪ :‬فإذا أنا من الحيات شئ ما رأيت مثله قط‪ ،‬وإذا‬
‫ريح المسك أجده من حية منها صفراء دقيقة‪ ،‬وظننت أن تلك الرائحة لخير‬
‫فيها فأخذتها فلففتها في عمامتي ثم دفنتها فبينما أنا أمشي إذا مناديا )‪(1‬‬
‫ينادي‪ :‬هداك ال إن هذين حيان من أحياء )‪ (2‬الجن كان بينهما قتال‪،‬‬
‫فاستشهدت الحية التي دفنت وهو من الذين استمعوا الوحي من رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ .‬وفيه أيضا‪ :‬أن فاطمة بنت النعمان النجارية قالت‪:‬‬
‫كان تابع )‪ (3‬من الجن وكان إذا اقتحم البيت الذي أنا فيه اقتحاما فجاءني‬
‫يوما فوقع )‪ (4‬على الجدار ولم يصنع كما يصنع‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما بالك لم‬
‫تصنع كما كنت تصنع صنيعك قبل ؟ فقال‪ :‬إنه قد بعث اليوم نبي يحرم‬
‫الزنا‪ .‬وروى أبو بكر في رباعياته والقاضي أبو يعلى عن عبد ال بن‬
‫الحسين المصيصي قال‪ :‬دخلت على طرطوس فقيل له )‪ :(5‬ههنا امرأة‬
‫يقال لها‪ :‬نهوس )‪ (6‬رأت الجن الذين وفدوا على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله فأتيتها فإذا هي امرأة مستلقية على قفاها‪ ،‬فقلت‪ :‬رأيت أحدا من‬
‫الجن الذين وفدوا على رسول ال صلى ال عليه وآله ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬حدثني‬
‫علية بن )‪ (7‬سمحج وسماه النبي صلى ال عليه وآله عبد ال‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله )‪ :(8‬ما من مريض يقرأ‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬إذا بمناد‪ (2) .‬في نسخة من حيات‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬قد كان لى‬
‫تابع‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فوقف‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬دخلت طرطوس فقيل‬
‫لى‪ (6) .‬في اسد الغابة‪ :‬منوس‪ (7) .‬في نسخة‪] :‬عبد علية بن سمج[‬
‫وفى المصدر‪] :‬حدثنى سمحج[ وهو الصحيح راجع اسد الغابة ‪.353 :2‬‬
‫)‪ (8‬في المصدر‪ :‬قال قلت يا رسول ال أين كان ربنا قبل السماوات‬
‫والرض ؟ قال‪ :‬على حوت من نور يتلجلج في النور‪ ،‬قالت‪ :‬قال‪ :‬تعنى‬
‫سمحج وسمعته صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬ما من مريض‪.‬‬

‫]‪[303‬‬

‫عنده يس إل مات ودخل قبره ريانا وحشره يوم القيامة ريانا )‪ .(1‬وفي اسد الغابة‪:‬‬
‫عن أنس بن مالك قال‪ :‬كنت مع رسول ال صلى ال عليه وآله خارجا من‬
‫جبال مكة إذ أقبل شيخ متكئ )‪ (2‬على عكازة فقال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬مشية جني ونغمته قال‪ :‬أجل‪ ،‬قال‪ :‬من أي الجن ؟ قال‪ :‬أنا هامة بن‬
‫الهيم أو أبي هيم بن لقيس بن إبليس‪ ،‬قال‪ :‬ل أرى بينك وبينه إل أبوين‪،‬‬
‫قال‪ :‬أجل‪ .‬قال‪ :‬كم أتى عليك ؟ قال‪ :‬أكلت الدنيا إل أقلها‪ ،‬كنت ليالي قتل‬
‫قابيل غلما ابن أعوام‪ ،‬فكنت أستوي )‪ (3‬على الكام واورش بين النام‪،‬‬
‫فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬بئس العمل‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال دعني من العتب‬
‫فاني ممن آمن بنوح عليه السلم وتبت على يديه‪ ،‬وإني عاتبته في دعوته‬
‫فبكى وأبكاني‪ ،‬وقال‪ :‬إني وال من النادمين‪ ،‬وأعوذ بال أن أكون من‬
‫الجاهلين‪ ،‬ولقيت هودا وآمنت به ولقيت ابراهيم وكنت معه في النار إذ‬
‫القي فيها‪ ،‬وكنت مع يوسف إذ القي في الجب فسبقته إلى قعره وكنت مع‬
‫شعيب وموسى ولقيت عيسى بن مريم وقال لي‪ :‬إن لقيت محمدا فاقرأه‬
‫مني السلم‪ ،‬وقد بلغت رسالته وآمنت بك‪ ،‬فقال رسول ال‪ :‬وعلى عيسى‬
‫وعليك السلم ما حاجتك يا هامة ؟ قال‪ :‬إن موسى علمني التوارة‪ ،‬وإن‬
‫عيسى علمني النجيل فعلمني القرآن فعلمه‪ .‬وفي رواية‪ :‬علمه عشر سور‬
‫من القرآن‪ ،‬وقبض رسول ال صلى ال عليه وآله ولم ينعه إلينا فل نراه‬
‫وال أعلم إل حيا‪ .‬وفيه أيضا أن عمر بن الخطاب قال ذات يوم لبن‬
‫عباس‪ :‬حدثني بحديث تعجبني به‪ ،‬فقال‪ :‬حدثني خريم بن فاتك السدي أنه‬
‫خرج يوما في الجاهلية في طلب إبل له قد ضلت فأصابها في ابرق الغراف‬
‫وسمي بذلك بأنه يسمع به غريف الجن قال‪ :‬فعقلتها وتوسدت ذراع بكر‬
‫منها ثم قلت‪ :‬أعوذ بعظيم هذا المكان‪ ،‬وفي رواية‪ :‬بكبير هذا الوادي‪ ،‬وإذا‬
‫بهاتف يهتف ويقول‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ال مات ريان ودخل قبره ريان وحشر يوم القيامة ريان‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬يتوكأ‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬أتشوف‪.‬‬
‫]‪[304‬‬

‫تعوذن بال ذي الجلل )‪ * * (1‬منزل الحرام والحلل ووحد ال ول تبال * * ما‬


‫هول ذى الجن من الهوال فقلت‪ :‬يا أيها الداعي ما تخييل )‪ * * (2‬أرشد‬
‫عنك )‪ (3‬أم تضليل ؟ فقال‪ :‬هذا رسو ال ذو الخيرات * * جاء بياسين‬
‫وحاميمات وسور بعد مفصلت * * يدعو إلى الجنة والنجاة يأمر بالصوم‬
‫وبالصلة * * ويزجر الناس عن الهنات قال‪ :‬فقلت‪ :‬من أنت )‪ (4‬يرحمك‬
‫ال ؟ قال‪ :‬أنا مالك بن مالك‪ ،‬بعثني رسول ال صلى ال عليه وآله على‬
‫جن )‪ (5‬أهل نجد‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬لو كان لي من يكفيني إبلي هذه لتيته حتى‬
‫اؤمن به‪ ،‬قال‪ :‬أنا أكفيكها )‪ (6‬حتى اؤديها إلى أهلك سالمة إن شاء ال‬
‫فاقتعدت )‪ (7‬بعيرا منها حتى أتيت النبي صلى ال عليه وآله بالمدينة‬
‫فوافقت الناس يوم الجمعة وهم في الصلة فاني انيخ راحلتي إذ خرج إلى‬
‫أبو ذر فقال لي‪ :‬يقول لك رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ادخل فدخلت‪،‬‬
‫فلما رآني قال‪ :‬ما فعل الشيخ الذي ضمن لك‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ويحك عذ بال ذى الجلل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فما تخييل‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬عندك‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬من أنت أيها الهاتف‪ (5) .‬في المصدر‪:‬‬
‫إلى جن‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فقال‪ :‬ان أردت السلم فأنا أكفيكها حتى‬
‫أردها‪ (7) .‬في نسخة ]فاعتلقت[ وفى المصدر‪ :‬فامتطيت راحلتي وقصدت‬
‫المدينة فقدمتها في يوم جمعة فأتيت المسجد فإذا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله يخطب فأنخت راحلتي بباب المسجد وقلت‪ :‬ألبث حتى يفرغ من‬
‫خطبته فإذا ابو ذر قد خرج فقال‪ :‬ان رسول ال صلى ال عليه وآله قد‬
‫أرسلني اليك وهو يقول لك‪ :‬مرحبا بك قد بلغني اسلمك فادخل فصل مع‬
‫الناس‪ ،‬قال‪ :‬فتطهرت و دخلت فصليت ثم دعاني وقال‪ :‬ما فعل‪.‬‬

‫]‪[305‬‬

‫أن يرد إبلك إلى أهلك ؟ أما إنه قد أداها )‪ (1‬إلى أهلك سالمة‪ ،‬فقلت‪ :‬رحمه ال‪ ،‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أجل رحمه ال فأسلم وحسن إسلمه‪ .‬وفي‬
‫مسند الدارمي عن الشعبى قال‪ :‬قال عبد ال بن مسعود‪ :‬لقي رجل من‬
‫أصحاب رسول ال )‪ (2‬صلى ال عليه واله وسلم رجل من الجن فصارعه‬
‫فصرعه النسى فقال له النسي‪ :‬إني أراك ضئيل شخيتا كأن ذراعيك‬
‫ذراعا كلب فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك ؟ قال‪ :‬ل وال‬
‫إني من بينهم لضليع‪ ،‬ولكن عاودني الثانية فان صرعتني علمتك شيئا‬
‫ينفعك‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فعاوده فصرعه فقال له‪ :‬أتقرأ‪ " :‬ال ل إله إل هو‬
‫الحي القيوم " ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فانك ل تقرأها في بيت إل خرج منه‬
‫الشيطان له خبج كخبج الحمار ثم ل يدخل )‪ (3‬حتى يصبح‪ .‬قال الدارمي‪:‬‬
‫الضئيل‪ :‬الرقيق )‪ (4‬والشخيت‪ :‬المهزول‪ .‬والضليع‪ :‬جيد الضلع‪.‬‬
‫والخبج‪ :‬الريح‪ .‬قال أبو عبيدة‪ :‬الخبج‪ :‬الضراط‪ .‬ثم قال الدميري‪ :‬يصح‬
‫انعقاد الجمعة بأربعين مكلفا‪ ،‬سواء كانوا من الجن أو من النس أو منهما‪.‬‬
‫قال القمولي‪ :‬لكن نقل )‪ (5‬في مناقب الشافعي‪ :‬إنه كان يقول‪ :‬من زعم من‬
‫أهل العدالة أنه يرى الجن ردت شهادته‪ ،‬وعزر لمخالفته قوله تعالى‪" :‬‬
‫إنه يراكم هو وقبيله من حيث ل ترونهم )‪ " (6‬إل أن يكون الزاعم نبيا‪،‬‬
‫ويحمل قوله على من‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬قد ردها‪ (2) .‬في المصدر وفى نسخة‪ :‬محمد‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ل‬
‫يدخله‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬الدقيق‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬نقل الشيخ ابو الحسن‬
‫محمد بن الحسين البرى في مناقب الشافعي التى الفها عن الربيع أنه‬
‫قال‪ :‬سمعت الشافعي يقول‪ (6) .‬العراف‪.27 :‬‬

‫]‪[306‬‬

‫ادعى رؤيتهم على ما خلقوا عليه‪ ،‬وقول القمولي على ما إذا تصورا )‪ (1‬صور بني‬
‫آدم‪ .‬والمشهور أن جميع الجن من ذرية إبليس‪ ،‬وبذلك يستدل على أنه‬
‫ليس من الملئكة‪ ،‬لن الملئكة ل يتناسلون لنهم ليس فيهم إناث‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الجن جنس وإبليس واحد منهم‪ ،‬ول شك أن لهم ذرية )‪ (2‬بنص القرآن‬
‫ومن كفر من الجن يقال له‪ :‬شيطان‪ .‬وفي الحديث‪ :‬لما أراد ال تعالى أن‬
‫يخلق لبليس نسل وزوجة ألقى عليه الغضب فطارت منه شظية من نار‬
‫فخلق منه امرأته‪ .‬ونقل ابن خلكان في تاريخه في ترجمة الشعبي أنه قال‪:‬‬
‫إني لقاعد يوما إذ أقبل جمال ومعه دن فوضعه ثم جاءني فقال‪ :‬أنت‬
‫الشعبي ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أخبرني هل لبليس زوجة ؟ فقلت‪ :‬إن ذلك‬
‫العرس ما شهدته‪ ،‬قال‪ :‬ثم ذكرت قوله تعالى‪ " :‬أفتتخذونه وذريته أولياء‬
‫من دوني " فقلت‪ :‬إنه ل يكون ذرية إل من زوجة‪ ،‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فأخذ دنه‬
‫وانطلق‪ ،‬قال‪ :‬فرأيته يختبرني )‪ .(3‬وروي أن ال تعالى قال لبليس‪ :‬ل‬
‫أخلق لدم ذرية إل ذرأت لك مثلها فليس أحد من ولد آدم )‪ (4‬إل وله‬
‫شيطان قد قرن به‪ .‬وقيل‪ :‬إن الشياطين فيهم الذكور والناث يتوالدون من‬
‫ذلك‪ ،‬وأما إبليس فان ال تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكرا وفي اليسرى‬
‫فرجا فهو ينكح هذه بهذا فيخرج له كل يوم عشر بيضات )‪ .(5‬وذكر‬
‫مجاهد أن من ذرية إبليس ل قيس وولها )‪ (6‬وهو صاحب الطهارة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في صورة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ول شك ان الجن ذريته‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فرأيت انه مجتاز بى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فليس من ولد آدم احد‬
‫ال‪ (5) .‬زاد في المصدر‪ :‬يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة‪) .‬‬
‫‪ (6‬في المصدر‪ :‬وولهان‪.‬‬

‫]‪[307‬‬

‫والصلة‪ ،‬والهفاف وهو صاحب الصحارى‪ ،‬ومرة به يكنى‪ ،‬وزلنبور وهو صاحب‬
‫السواق ويزين اللغو والحلف الكاذب ومدح السلعة‪ .‬وبثر وهو صاحب‬
‫المصائب يزين خمش الوجوه ولطم الخدود وشق الجيوب‪ ،‬والبيض وهو‬
‫الذي يوسوس للنبياء‪ ،‬والعور وهو صاحب الزنا ينفخ في إحليل الرجل‬
‫وعجز المرأة‪ ،‬وداسم وهو الذي إذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر‬
‫اسم ال تعالى دخل معه ووسوس له فألقى الشر بينه وبين أهله‪ ،‬فان أكل‬
‫ولم يذكر اسم ال تعالى أكل معه‪ ،‬فإذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر‬
‫ال ورأى شيئا يكره )‪ (1‬فليقل‪ " :‬داسم داسم أعوذ بال منه " ومطرش )‬
‫‪ (2‬وهو صاحب الخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس ول يكن لها أصل‬
‫ول حقيقة‪ .‬والقبض )‪ (3‬وامهم طرطبة‪ ،‬وقال النقاش‪ :‬بل هي حاضنتهم‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬إنه باض ثلثين بيضة‪ :‬عشرا في المشرق‪ ،‬وعشرا في المغرب‪،‬‬
‫وعشرا في وسط الرض‪ ،‬وإنه خرج من كل بيضة جنس من الشياطين‬
‫كالعفاريت والغيلن والقطاربة )‪ (4‬والجان و أسماء مختلفة‪ ،‬كلهم عدو‬
‫لبني آدم لقوله تعالى‪ " :‬أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو‬
‫)‪ " (5‬إل من آمن منهم‪ ،‬وكنية إبليس أبو مرة‪ .‬واختلف العلماء في أنه‬
‫من الملئكة من طائفة )‪ (6‬يقال لهم‪ :‬الجن أم ليس من الملئكة‪ ،‬وفي أنه‬
‫اسم عربي أو عجمي )‪ ،(7‬فقال ابن عباس وابن مسعود وابن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬يكرهه وخاصم أهله فليقل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ومطوس‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬والقنص‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬كالغيلن والعقارب والقطارب‪(5) .‬‬
‫الكهف‪ (6) .51 :‬في المصدر‪ :‬واختلف العلماء في انه هل من الملئكة‬
‫من طائفة‪ (7) .‬وفى المصدر‪ :‬وفي اسمه هل هو اسم اعجمي ام عربي‪.‬‬

‫]‪[308‬‬

‫المسيب وقتادة وابن جريح )‪ (1‬والزجاج وابن النباري‪ :‬كان إبليس من الملئكة‬
‫من طائفة يقال لهم‪ :‬الجن وكان اسمه بالعبرانية عزازيل‪ ،‬وبالعربية‬
‫الحارث‪ ،‬وكان من خزان الجنة وكان رئيس ملئكة سماء الدنيا وسلطانها‬
‫وسلطان الرض‪ ،‬وكان من أشد الملئكة اجتهادا وأكثرهم علما‪ ،‬وكان‬
‫يسوس ما بين السماء والرض )‪ (2‬نعوذ بال من خذلنه‪ ،‬قالوا‪ :‬وقوله‬
‫تعالى‪ " :‬كان من الجن )‪ " (3‬أي من طائفة من الملئكة هم الجن )‪.(4‬‬
‫وقال ابن جبير والحسن‪ :‬لم يكن من الملئكة طرفة عين وانه لصل الجن‬
‫كما أن آدم أصل النس‪ .‬وقال عبد الرحمن بن زيد وشهر بن حوشب )‪:(5‬‬
‫وإنما كان من الجن الذين ظفر بهم الملئكة فأسره بعضهم وذهب به إلى‬
‫السماء‪ .‬وقال أكثر أهل اللغة والتفسير‪ :‬إنما سمي إبليس لنه أبلس من‬
‫رحمة ال‪ ،‬والصحيح كما قاله المام النووي وغيره من الئمة العلم‪ :‬أنه‬
‫من الملئكة وأنه اسم أعجمي‪ ،‬والستثناء متصل لنه لم يقل‪ :(6) :‬إن‬
‫غيرهم امر بالسجود‪ ،‬والصل في الستثناء أن يكون من جنس المستثنى‬
‫منه‪ .‬وقال القاضي عياض‪ :‬الكثر على أنه أبو الجن كما أن آدم أبو البشر‪،‬‬
‫والستثناء من غير الجنس شايع في كلم العرب‪ ،‬قال تعالى‪ " :‬ما لهم به‬
‫علم إل اتباع الظن "‬

‫)‪ (1‬هكذا في الكتاب والصحيح اما ابن جريج أو ابن جرير‪ ،‬والموجود في المصدر‬
‫الثاني‪ (2) .‬زاد في المصدر‪ :‬فرأى بذلك لنفسه شرفا عظيما وعظمة فذاك‬
‫الذى دعاه إلى الكبر فعصى وكفر فمسخه ال شيطانا رجيما ملعونا‪(3) .‬‬
‫الكهف‪ (4) .51 :‬في المصدر‪ :‬يقال لهم‪ :‬الجن‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ما كان‬
‫من الملئكة قط والستثناء منقطع وزاد ابن حوشب‪ :‬وانما )‪ (6‬في‬
‫المصدر‪ :‬لم ينقل‪.‬‬

‫]‪[309‬‬

‫والصحيح المختار على ما سبق عن النووي ومن وافقه‪ ،‬وعن محمد بن كعب‬
‫القرظي‪ :‬إنه قال‪ :‬الجن مؤمنون والشياطين كفار وأصلهم واحد‪ ،‬وسئل‬
‫وهب بن منبه عن الجن ما هم ؟ وهل يأكلون ويشربون ويتناكحون ؟‬
‫فقال‪ :‬هم أجناس‪ ،‬فأما الصميم الخالص من الجن فانهم ريح ل يأكلون ول‬
‫يشربون ول يموتون )‪ (1‬في الدنيا ول يتوالدون ولهم أجناس يأكلون‬
‫ويشربون ويتناكحون وهم السعالى والغيلب والقطارب وأشباه ذلك‪ .‬وقال‬
‫القرافي‪ :‬اتفق الناس على تكفير إبليس بقصته مع آدم عليه السلم وليس‬
‫مدرك الكفر فيها المتناع من السجود وإل لكان كل من أمر بالسجود‬
‫فامتنع منه كافرا وليس كذلك‪ ،‬ول كان كفره لكونه حسد آدم على منزلته‬
‫من ال تعالى وإل لكان كل حاسد كافرا‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬ول كان كفره‬
‫لعصيانه وفسوقه وإل لكان كل عاص وفاسق كافرا‪ ،‬وقد اشكل ذلك على‬
‫جماعة من الفقهاء )‪ (2‬فضل عن غيرهم‪ ،‬وينبغي أن يعلم أنه إنما كفر‬
‫لنسبة الحق جل جلله إلى الجور والتصرف الذي ليس بمرضي‪ ،‬وأظهر‬
‫ذلك من فحوى قوله‪ " :‬أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )‪(3‬‬
‫" ومراده على ما قاله الئمة المحققون من المفسرين وغيرهم ؟ أن إلزام‬
‫العظيم الجليل بالسجود للحقير من الجور والظلم‪ ،‬فهذا وجه كفره لعنه ال‪،‬‬
‫وقد أجمع المسلمون قاطبة على أن من نسب ذلك للحق تعالى وتنزه كافر‪.‬‬
‫واختلفوا هل كان قبل إبليس كافر أول ؟ فقيل‪ :‬ل وإنه أول من كفر‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫كان قبله قوم كفار وهم الجن الذين كانوا في الرض انتهى‪ .‬وقد اختلفوا‬
‫في كفر إبليس هل كان جهل أو عنادا على قولين لهل السنة‪ ،‬ول خلف‬
‫أنه كان عالما بال تعالى قبل كفره‪ ،‬فمن قال‪ :‬إنه كفر جهل قال‪ :‬إنه سلب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ول ينامون‪ (2) .‬على جماعة من متأخرى الفقهاء‪ (3) .‬العراف‪:‬‬
‫‪.11‬‬

‫]‪[310‬‬

‫العلم الذي كان عنده عند كفره‪ ،‬ومن قال‪ :‬كفر عنادا قال‪ :‬كفر ومعه علمه‪ ،‬قال ابن‬
‫عطية‪ :‬والكفر مع بقاء العلم مستبعد إل أنه عندي جائز ول يستحيل مع‬
‫خذلن ال تعالى لمن يشاء‪ .‬وذكر البيهقي في شرح السماء الحسنى في‬
‫قوله تعالى‪ " :‬ما كانوا ليؤمنوا إل أن يشاء ال )‪ " (1‬عن عمر بن ذر‬
‫قال‪ :‬سمعت عمر بن عبد العزيز يقول‪ :‬لو أراد ال تعالى أن ل يعصى لم‬
‫يخلق إبليس وقد بين ذلك في آية من كتابه وفصلها علمها من علمها‬
‫وجهلها من جهلها وهي قوله تعالى " ما أنتم عليه بفاتنين * إل من هو‬
‫صال الجحيم )‪ " (2‬ثم روى من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‬
‫أن النبي صلى ال عليه وآله قال لبى بكر‪ :‬يا أبا بكر لو أراد ال أن ل‬
‫يعصى ما خلق إبليس انتهى‪ .‬وقال رجل للحسن‪ :‬يا أبا سعيد أينام إبليس‪:‬‬
‫فقال‪ :‬لو نام لوجدنا راحة‪ ،‬ول خلص للمؤمن منه إل بتقوى ال تعالى‪.‬‬
‫وقال في الحياء‪ (3) :‬من غفل عن ذكر ال تعالى ولو لحظة ليس له قرين‬
‫في تلك اللحظة ال الشيطان‪ ،‬قال تعالى‪ " :‬ومن يعش عن ذكر الرحمن‬
‫نقيض له شيطانا فهو له قرين )‪ ." (4‬واختلفوا هل بعث ال إليهم من‬
‫الجن رسل قبل بعثة نبينا محمد ؟ فقال الضحاك‪ :‬كان منهم رسل لظاهر‬
‫قوله تعالى‪ " :‬يا معشر الجن والنس ألم يأتكم رسل منكم )‪ " (5‬وقال‬
‫المحققون‪ :‬لم يرسل إليهم منهم رسول ولم يكن ذلك في الجن قط‪ ،‬وإنما‬
‫الرسل من النس خاصة‪ ،‬وهذا هو الصحيح المشهور‪ ،‬أما الجن ففيهم‬
‫النذر‪ ،‬وأما الية فمعناها‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .111 :‬الصافات‪ 162 :‬و ‪ (3) .163‬في المصدر‪ :‬في الحياء قبيل‬
‫بيانه دواء الصبر‪ (4) .‬الزخرف‪ (5) .36 :‬النعام‪.130 :‬‬

‫]‪[311‬‬
‫من أحد الفريقين كقوله تعالى‪ " :‬يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان )‪ " (1‬وإنما‬
‫يخرجان من المالح دون العذب‪ .‬وقال منذر بن سعيد البلوطي‪ :‬قال ابن‬
‫مسعود‪ :‬إن الذين لقوا النبي صلى ال عليه وآله من الجن كانوا رسل إلى‬
‫قومهم‪ ،‬وقال مجاهد‪ :‬النذر من الجن والرسل من النس‪ ،‬ول شك أن الجن‬
‫مكلفون في المم الماضية كما هم مكلفون في هذه المة لقوله تعالى‪" :‬‬
‫أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والنس‬
‫انهم كانوا خاسرين " )‪ (2‬وقوله تعالى‪ " :‬وما خلقت الجن والنس إل‬
‫ليعبدون )‪ " (3‬قيل‪ :‬المراد مؤمنوا الفريقين فما خلق أهل الطاعة منهم إل‬
‫لعبادته‪ ،‬ول خلق الشقياء إل للشقاوة ول مانع من إطلق العام وارادة‬
‫الخاص‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه إل لمرهم بعبادتي وأدعوهم إليها‪ ،‬وقيل‪ :‬إل‬
‫ليوحدوني‪ .‬فان قيل‪ :‬لم اقتصر على الفريقين ولم يذكر الملئكة فالجواب‬
‫أن ذلك لكثرة من كفر من الفريقين بخلف الملئكة فان ال تعالى عصمهم‬
‫كما تقدم‪ .‬فان قيل‪ :‬لم قدم الجن على النس في هذه الية ؟ فالجواب أن‬
‫لفظ النس أخف لمكان النون الخفيفة والسين الهموسة وكان الثقل أولى‬
‫بأول الكلم من الخف لنشاط المتكلم وراحته‪ .‬فرع‪ :‬كان الشيخ عماد الدين‬
‫يونس يجعل من موانع النكاح اختلف الجنس ويقول‪ :‬ل يجوز للنسي أن‬
‫يتزوج لقوله تعالى‪ " :‬وال جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكونوا إليها‬
‫وجعل بينكم مودة ورحمة )‪ " (4‬فالمودة الجماع‪ ،‬والرحمة الولد‬

‫)‪ (1‬الرحمن‪ (2) .22 :‬الحقاف‪ (3) .18 :‬الذاريات‪ (4) .56 :‬هكذا في الكتاب‬
‫مطبوعه ومخطوطه‪ ،‬وفيه وهم والمصحيح كما في المصدر‪ " :‬وال جعل‬
‫لكم من انفسكم ازواجا " وقال تعالى‪ " :‬ومن آياته أن خلق لكم من‬
‫أنفسكم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " انتهى أقول‪:‬‬
‫الية الولى في النحل‪ ،72 :‬والثانية في الروم‪.21 :‬‬

‫]‪[312‬‬

‫ونص على منعه جماعة من الحنابلة‪ ،‬وفي الفتاوى السراجية )‪ :(1‬ل يجوز ذلك‬
‫لختلف الجني‪ ،‬وفي القنية‪ :‬سئل البصري عنه فقال‪ :‬يجوز بحضرة‬
‫شاهدين‪ .‬وفي مسائل ابن حرب عن الحسن وقتادة أنهما كرها ذلك‪ ،‬ثم‬
‫روى بسند فيه ابن لهيعة أن النبي صلى ال عليه وآله نهى عن نكاح‬
‫الجن‪ .‬وعن زيد العمي أنه كان يقول‪ :‬اللهم ارزقني جنية أتزوج بها‬
‫تصاحبني حيثما كانت )‪ .(2‬وذكر ابن عدي في ترجمة نعيم بن سالم بن‬
‫قنبر مولى علي بن أبي طالب عليه السلم عن الطحاوي قال‪ :‬حدثنا يونس‬
‫بن عبد العلى قال‪ :‬قدم علينا نعيم بن سالم مصر فسمعته يقول‪ :‬تزوجت‬
‫امرأة من الجن ولم اعد إلى ذلك )‪ .(3‬وروى في ترجمة سعيد بن بشير‬
‫عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أحد أبوي بلقيس كان جنيا‪ .‬قال الشيخ نجم‬
‫الدين القمولي‪ :‬وفي المنع عن التزويج نظر‪ ،‬لن التكليف يعم الفريقين‪،‬‬
‫قال‪ :‬وقد رأيت شيخا كبيرا صالحا أخبرني أنه تزوج جنية انتهى‪ .‬قلت‪ :‬وقد‬
‫رأيت أنا رجل من أهل القرآن والعلم تزوج )‪ (4‬أربعا من الجن واحدة بعد‬
‫واحدة‪ ،‬لكن يبقى النظر في حكم طلقها ولعانها واليلء منها وعدتها‬
‫ونفقتها وكسوتها والجمع بينها وبين أربع سواها وما يتعلق بذلك‪ ،‬وكل‬
‫ذلك فيه نظر ل يخفى‪ .‬قال شيخ السلم شمس الدين الذهبي‪ :‬رأيت بخط‬
‫الشيخ فتح الدين اليعمري يقول‪ :‬وحدثني عنه عثمان المقاتلي قال‪ :‬سمعت‬
‫أبا الفتح القشيري يقول‪ :‬سمعت الشيخ عز الدين عبد السلم يقول وقد‬
‫سئل عن ابن عربي فقال‪ :‬شيخ سوء كذاب‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬الفتاوى السرجية‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬حيثما كنت‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فلم أرجع إليه‪ (4) .‬المصدر‪ :‬اخبرني انه تزوج‪.‬‬

‫]‪[313‬‬

‫فقال )‪ :(1‬وكذاب أيضا ؟ قال نعم تذاكرنا يوما نكاح الجن فقال‪ :‬الجن روح لطيف‬
‫والنس جسم كثيف فكيف يجتمعان ؟ ثم غاب عنا مدة وجاء وفي رأسه‬
‫شجة فقيل له في ذلك فقال‪ :‬تزوجت امرأة من الجن فحصل بيني وبينها‬
‫شئ فشجني هذه الشحة قال المام الذهبي بعد ذلك‪ :‬وما أظن عن ابن‬
‫عربي تعمد هذه الكذبة وإنما هي من خرافات الرياضة‪ .‬فرع‪ :‬روى أبو‬
‫عبيد في كتاب الموال والبيهقي عن الزهري عن النبي أنه نهى عن ذبائح‬
‫الجن‪ ،‬وذبائح الجن هو أن يشتري الرجل الدار ويستخرج العين وما أشبه‬
‫ذلك فيذبح لها ذبيحة للطيرة وكانوا في الجاهلية يقولون‪ ،‬إذا فعل الرجل‬
‫ذلك ل يضر أهلها الجن‪ ،‬فأبطل صلى ال عليه وآله ذلك ونهى عنه‪ .‬وقال‬
‫الدميري‪ :‬ل تدخل الجن بيتا فيه اترج‪ ،‬قال‪ :‬وروي أن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله قال‪ :‬إن الجن ل يدخلون دارا فيه فرس عتيق )‪ .(2‬وأقول‪ :‬قال‪:‬‬
‫السعلة‪ :‬أخبث الغيلن وكذلك السعلء يمد ويقصر والجمع السعالى‪ .‬قال‬
‫الجاحظ‪ :‬كان عمرو بن يربوع متولدا من السعلة والنسان‪ ،‬قال‪ :‬وذكروا‬
‫أن جرهما كان من نتاج الملئكة وبنات آدم‪ ،‬قال‪ :‬وكان الملئكة إذا عصى‬
‫ربه أهبط إلى الرض في صورة رجل كما صنع بهاروت وماروت فولدت‬
‫منهما جرهما )‪ .(3‬قال‪ :‬ومن هذا الضرب كانت بلقيس ملكة سبا‪ ،‬وكذلك‬
‫كان ذو القرنين كانت امه آدمية وأبوه من الملئكة‪ ،‬ولذلك لما سمع عمر‬
‫رجل ينادي رجل‪ :‬يا ذا القرنين‪ ،‬قال‪ :‬أفرغتم من أسماء النبياء فارتفعتم‬
‫إلى أسماء الملئكة‪ ،‬انتهى‪ .‬والحق في ذلك أن الملئكة معصومون من‬
‫الصغائر والكبائر كالنبياء عليهم السلم كما‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فقيل له‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪ 155 - 147 :1‬باب الجيم في الجن‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬وماروت فوقع بعض الملئكة على بعض بنات آدم‬
‫فولدت جرهما‪.‬‬

‫]‪[314‬‬

‫قاله القاضي عياض وغيره وما ذكروه من أمر جرهم وذي القرنين وبلقيس‬
‫فممنوع‪ ،‬واستدللهم بقصة هارون وماروت ليس بشئ فانها لم تثبت على‬
‫الوجه الذي أرادوه )‪ (1‬بل قال ابن عباس‪ :‬هما رجلن ساحران كانا ببابل‪.‬‬
‫وقال الجاحظ‪ :‬وزعموا أن التناكح والتلقح قد يقع بين الجن والنس لقوله‬
‫تعالى‪ " :‬وشاركهم في الموال والولد )‪ " (2‬وهذا ظاهر‪ ،‬وذلك أن‬
‫الجنية إنما تصرع رجال النس )‪ (3‬على جهة العشق في طلب السفاد‬
‫وكذلك رجال الجن لنساء النس ولول ذلك لعرض الرجال للرجال والنساء‬
‫للنساء قال تعالى‪ " :‬لم يطمثهن إنس قبلهم ول جان )‪ " (4‬فلول كان‬
‫الجان تقتض الدميات )‪ (5‬ولم يكن ذلك في تركيبه لما قال ال تعالى هذا‬
‫القول‪ ،‬وذكروا أن الواق واق نتاج ما بين بعض النباتات وبعض الحيوان‪.‬‬
‫وقال السهيلي‪ :‬السعلة‪ :‬ما يتراءى للناس بالنهار‪ ،‬والغول‪ :‬الذي يتراءى‬
‫بالليل )‪ .(6‬وقال القزويني‪ :‬السعلة نوع من المتشيطنة مغاير للغول‪،‬‬
‫وأكثر ما توجد السعلة في الغياض إذا ظفرت بانسان ترقصه وتلعب به‪،‬‬
‫كما يلعب القط بالفأر‪ ،‬وقال‪ :‬وربما اصطادها الذئب بالليل فأكلها فإذا‬
‫افترسها ترفع صوتها وتقول‪ :‬أدركوني فان الذئب قد أكلني‪ ،‬وربما تقول‪:‬‬
‫من يخلصنى ومعي ألف دينار يأخذها ؟ والناس يعرفون أنه كلم السعلة‬
‫فل يخلصها أحد فيأكلها الذئب )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اوردوه‪ (2) .‬السراء‪ (3) .64 :‬في المصدر‪ :‬وذلك أن الجنيات‬
‫انما تتعرض لصرع رجال النس‪ (4) .‬الرحمن‪ (5) .74 :‬في المصدر‪:‬‬
‫ولو كان الجان ل يفتض الدميات‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬للناس بالليل‪(7) .‬‬
‫حياة الحيوان ‪ 16 - 14 :2‬باب السين‪.‬‬

‫]‪[315‬‬

‫وقال الدميري أيضا الغول واحد الغيلن وهو جنس من الجن والشياطين وهم‬
‫سحرتهم‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬هو من السعالى والجمع أغوال وغيلن وكل من‬
‫اغتال النسان فأهلكه فهو غول‪ ،‬والتغول‪ :‬التلون‪ .‬وروى الطبراني وغيره‬
‫عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إذا تغولت لكم الغيلن‬
‫فنادوا بالذان فان الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص أي ضراط‪.‬‬
‫قال النووي في الذكار‪ :‬إنه حديث صحيح أرشد صلى ال عليه وآله إلى‬
‫دفع ضررها بذكر ال‪ .‬ورواه النسائي في آخر سننه الكبرى عن جابر بن‬
‫عبد ال أن النبي صلى ال عليه وآله قال عليكم بالدلجة فان الرض تطوى‬
‫بالليل فإذا تغولت لكم الغيلن فنادوا بالذان‪ .‬قال النووي‪ :‬وكذلك ينبغي أن‬
‫يؤذن أذان الصلة إذا عرض للنسان شيطان‪ ،‬لما روى مسلم عن سهل بن‬
‫أبي صالح أنه قال‪ :‬أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلم لنا‪ ،‬أو صاحب‬
‫لنا‪ ،‬فناداه مناد من حائط باسمه فأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا‬
‫فذكرت ذلك لبي فقال‪ :‬لو شعرت أنك تلقى )‪ (1‬هذا لم ارسلك‪ ،‬ولكن إذا‬
‫سمعت صوتا فناد بالصلة فاني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله انه قال‪ :‬إن الشيطان إذا نوي بالصلة أدبر‪ .‬وروى‬
‫مسلم عن جابر أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬ل عدوى ول طيرة ول‬
‫غول‪ .‬قال جمهور العلماء‪ :‬كانت العرب تزعم أن الغيلن في الفلوات وهي‬
‫جنس من الشياطين تتراءى للناس وتتغول تغول‪ ،‬أي تتلون تلونا‪ ،‬فتضلهم‬
‫عن الطريق وتهلكهم فأبطل النبي صلى ال عليه وآله ذلك‪ ،‬وقال آخرون‪:‬‬
‫ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول‪ ،‬و إنما معناه إبطال ما تزعم )‪(2‬‬
‫العرب من تلون الغول بالصور المختلفة‪ ،‬قالوا‪ :‬ومعنى ل غول‪ ،‬أي ل‬
‫تستطيع أن تضل أحدا‪ ،‬ويشهد له حديث آخر‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ترى هذا أرسلتك‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ما تزعمه‪.‬‬

‫]‪[316‬‬

‫" ل غول ولكن السعالى " قال العلماء‪ :‬السعالى بالسين المفتوحة والعين المهملة‬
‫من سحرة الجن‪ ،‬ومنه ما روى الترمذي والحاكم عن أبي أيوب النصاري‬
‫أنه قال‪ :‬كانت لي سهوة فيها تمر فكانت تجيئ الغول كهيئة السنور فتأخذ‬
‫منه‪ ،‬فشكونا ذلك إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم فقال‪ :‬اذهب فإذا‬
‫رأيتها فقل‪ :‬بسم ال أجيبي رسول ال " فأخذتها )‪ (1‬فحلفت أن ل نعود‪،‬‬
‫فأرسلها )‪ (2‬ثم جاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬ما فعل‬
‫أسيرك ؟ قال‪ :‬حلفت أن ل تعود‪ ،‬قال صلى ال عليه وآله‪ :‬كذبت وهي‬
‫معاودة للكذب فأخذها وقال‪ :‬ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬فقالت‪ :‬إني ذاكرة لك شيئا‪ :‬آية الكرسي اقرأها في‬
‫بيتك فل يقربك شيطان ول غيره‪ ،‬فجاء إلى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫فقال‪ :‬ما فعل أسيرك ؟ فأخبره بما قال‪ ،‬قال صلى ال عليه وآله‪ ،‬صدقك‬
‫وهو كذوب )‪ .(3‬قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن غريب‪ ،‬وهذا روى مثله‬
‫البخاري عن أبى هريرة وفي آخره‪ :‬تعلم من تخاطب منذ ثلث ليال يا أبا‬
‫هريرة ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬صلى ال عليه وآله‪ :‬ذاك الشيطان‪ .‬وروى الحاكم‬
‫وابن حبان عن ابي بن كعب أنه كان له جرين تمر وكان يجده ينقص‬
‫فحرسه ليلة فإذا هو بمثل الغلم المحتلم قال‪ :‬فسلمت فرد علي السلم‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ما أنت ناولني يدك‪ ،‬فإذا )‪ (4‬يد كلب وشعر كلب‪ ،‬فقلت‪ :‬أجني أم‬
‫إنسي ؟ فقال بل جني‪ ،‬قلت‪ :‬إني أراك ضئيل الخلقة‪ ،‬أهكذا خلق الجن ؟‬
‫قال‪ :‬لقد علمت الجن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فأخذها‪ (2) .‬زاد في المصدر‪ :‬وجاء إلى النبي صلى ال عليه‬
‫وآله فقال‪ :‬ما فعل أسيرك ؟ قال‪ :‬حلفت أن ل تعود قال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬كذبت وهى معاودة للكذب‪ ،‬قال‪ :‬فأخذها مرة اخرى فحلفت أن ل‬
‫تعود فأرسلها‪ ،‬ثم جاء‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬بما قالت فقال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬صدقت وهى كذوب‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فناولني فإذا‪.‬‬

‫]‪[317‬‬

‫أن ما فيهم أشد مني فقلت‪ ،‬ما يحملك )‪ (1‬على ما صنعت ؟ قال‪ :‬بلغني أنك رجل‬
‫تحب الصدقة فأحببت أن اصيب من طعامك‪ ،‬فقلت‪ :‬فما يجيرنا منكم ؟ قال‪:‬‬
‫تقرأ آية الكرسي فانك إن قرأتها غدوة اجرت منا حتى تمسي‪ ،‬وإن قرأتها‬
‫حين تمسي اجرت منا حتى تصبح‪ ،‬قال‪ :‬فغدوت إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله فأخبرته فقال‪ :‬صدق الخبيث‪ .‬وتزعم العرب أنه إذا انفرد الرجل‬
‫في الصحراء ظهرت له في خلقة إنسان فل يزال يتبعها حتى تضله عن‬
‫الطريق وتدنو له وتتمثل له في صور مختلفة فتهلكه روعا‪ ،‬وقالوا‪ :‬إذا‬
‫أرادت أن تضل إنسانا أو قدت له نارا فيقصدها فيفعل ذلك )‪ ،(2‬قالوا‪:‬‬
‫وخلقتها خلقة إنسان ورجلها رجل حمار‪ .‬وقال القزويني‪ :‬ورأى الغول‬
‫جماعة من الصحابة منهم عمر حين سافر إلى الشام قبل السلم فضربها‬
‫بالسيف‪ .‬وذكر عن ثابت بن جابر الفهري أنه رأى الغول‪ ،‬وذكر أبياته‬
‫النونية في ذلك )‪ .(3‬وقال الدميري أيضا‪ :‬قطرب‪ :‬طائر يجول الليل كله ل‬
‫ينام‪ .‬وقال ابن سيدة‪ :‬إنه الذكر من السعالى‪ ،‬وقيل‪ :‬هم صغار الجن‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫القطارب‪ :‬صغائر الكلب واحدها قطرب‪ :‬دويبة ل تستريح نهارها سعيا‪،‬‬
‫وقال محمد بن ظفر‪ :‬القطرب حيوان يكون بالصعيد في أرض مصر يظهر‬
‫للمنفرد من الناس‪ ،‬فربما صده عن نفسه إذا كان شجاعا إل لم ينته حتى‬
‫ينكحه‪ ،‬فإذا نكحه هلك‪ ،‬وهم إذا رأوا من ظهر له القطرب قالوا‪ :‬أمنكوح أم‬
‫مروع‪ ،‬فان قال‪ :‬منكوح يئسوا منه )‪ ،(4‬وإن قال‪ :‬مروع عالجوه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وقد رأيت أهل مصر يلهجون بذكره )‪ (5‬انتهى ما أخرجته من كتاب‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ما حملك‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فتفعل به ذلك‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪:2‬‬
‫‪ 137 - 134‬باب الغين‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬آيسوا من حياته‪ (5) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪ 181 :2‬باب القاف‪.‬‬

‫]‪[318‬‬

‫حياة الحيوان‪ .‬ولنبين بعض ما ربما يحتاج إلى البيان‪ :‬الحشاش مثلثة‪ :‬حشرات‬
‫الرض‪ ،‬وفي النهاية‪ :‬مستطير أي منتشر متفرق كأنه طائر في نواحيها‪،‬‬
‫ومنه حديث ابن مسعود فقدنا رسول ال ليلة فقلنا‪ :‬اغتيل استطير أي ذهب‬
‫به بسرعة‪ ،‬كأن الطير حملته أو اغتاله أحد‪ ،‬والستطارة والتطاير‪ :‬التفرق‬
‫والذهاب‪ ،‬والغتيال‪ :‬أن يخدع فيقتل في موضع ل يراه فيه أحد‪ ،‬قوله‪ :‬أو‬
‫فرما كان قال البي‪ :‬الظهر انه مما يبقى عليه بدع الكل‪ ،‬ويحتمل أنه‬
‫تعالى يخلق ذلك عليها‪ ،‬والنظر في أنه هل يستحب أن ل يستقصى العظام‬
‫بتقشير ما عليها وهل يثاب مثله له‪ ،‬والظهر ان انتفاعهم إنما هو بالشم‬
‫لنه ل يبقى ع ؟ ليه ما يقولون إل أن يكونوا في القوت بخلف النس‬
‫انتهى‪ .‬وفي النهاية في صفة الجن‪ :‬فإذا نحن برجال طوال كأنهم الرماح‬
‫مستثفرين ثيابهم هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب‬
‫بذنبه‪ .‬وقال‪ :‬العرج بفتح العين وسكون الراء‪ :‬قرية جامعة من أعمال‬
‫الفرع على أيام من المدينة‪ ،‬وقال‪ :‬اللغط‪ :‬صوت وضجة ل يفهم معناه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬الجلس‪ :‬كل مرتفع من الرض‪ ،‬والغور‪ :‬ما انخفض من الرض‪.‬‬
‫وقال‪ :‬فيه ذكر عكاظ وهي موضع بقرب مكة كانت تقام به في الجاهلية‬
‫سوق يقيمون فيها أياما‪ .‬وقال‪ :‬في حديث عمر أنه سأل رجل استهوته‬
‫الجن فقال‪ :‬ما كان طعامهم ؟ قال‪ :‬الفول وما لم يذكر اسم ال عليه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما كان شرابهم ؟ قال‪ :‬الجذف‪ .‬الفول هو الباقلى والجذف بالتحريك‪ :‬نبات‬
‫يكون باليمن ل يحتاج آكله معه إلى شرب ماء‪ ،‬وقيل‪ :‬هو كل ما ل يغطى‬
‫من الشراب وغيره قال القتيبي‪ :‬أصله من الجدف‪ :‬القطع‪ ،‬أراد ما يرمى به‬
‫عن الشراب من زبد أو رغوة أو قذى كأنه قطع من الشراب فرمي به‪،‬‬
‫هكذا حكاه الهروي عنه‪ ،‬والذي جاء في صحاح الجوهري‪ :‬أن القطع هو‬
‫الجذف بالذال المعجمة‪ ،‬ولم يذكره في الدال المهملة‪ ،‬وأثبته الزهري‬
‫فيهما‪.‬‬

‫]‪[319‬‬

‫وقال‪ :‬تفلت علي أي تعرض في صلتي فجأة‪ .‬وقال في ذعت‪ :‬فأمكنني ال منه‬
‫فذعته أي خنقته‪ ،‬والذعت والدعت بالذال والدال‪ :‬الدفع العنيف‪ ،‬والذعت‬
‫أيضا‪ :‬المعك في التراب‪ .‬وقال‪ :‬وفيه ما من آدمي إل ومعه شيطان‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫ومعك ؟ قال‪ :‬نعم ولكن ال أعانني عليه فأسلم‪ ،‬وفي رواية‪ :‬حتى أسلم أي‬
‫انقاد وكف عن وسوستي‪ ،‬وقيل‪ :‬دخل في السلم فسلمت من شره‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫إنما هو فأسلم بضم الميم على أنه فعل مستقبل أي أسلم أنا منه ومن شره‪،‬‬
‫ويشهد للول الحديث الخر‪ :‬كان شيطان آدم كافرا وكان شيطاني مسلما‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬قصة سعد مما افترى على الجن‪ ،‬وإنما قتله من بعثه عمر‬
‫ليقتله كما ذكرناه في كتاب الفتن مفصل‪ .‬وفي النهاية‪ :‬يقال‪ :‬صبأ فلن‪ :‬إذا‬
‫خرج من دين إلى دين غيره‪ ،‬وكانت العرب تسمي النبي صلى ال عليه‬
‫وآله الصابئ لنه خرج من دين قريش إلى دين السلم ويسمون المسلمين‬
‫الصباة بغير همز‪ .‬وقال‪ :‬لهث الكلب وغيره يلهث لهثا‪ :‬إذا أخرج لسانه من‬
‫شدة العطش والحر وقال الفهر‪ :‬الحجر ملء الكف‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الحجر‬
‫مطلقا‪ .‬وفي القاموس‪ :‬الغريف‪ :‬صوت الجن وهو جرس يسمع في المفاوز‬
‫بالليل‪ ،‬وكشداد رمل لبني سعد أو جبل بالدهناء على اثني عشر ميل من‬
‫المدينة سمي به لنه كان يسمع به غريف الجن‪ ،‬وأبرق الغراف‪ ،‬ماء لبني‬
‫أسد‪ .‬وقال‪ :‬القعدة بالضم من البل‪ :‬ما يقتعده الراعي في كل حاجة‪،‬‬
‫واقتعده‪ ،‬اتخذه قعدة‪ .‬وفي النهاية‪ :‬قال للجني‪ :‬إني أراك ضئيل شخيتا‪،‬‬
‫الضئيل‪ :‬النحيف الدقيق والشخت والشخيت‪ :‬النحيف الجسم الدقيق‪ .‬وقال‪:‬‬
‫إني منهم لضليع رأي عظيم الخلق‪ ،‬وقيل‪ :‬هو العظيم الصدر الواسع‬
‫الجبينين‪ ،‬وقال‪ :‬الشظية‪ :‬الفلقة من العصا ونحوها‪ ،‬وقال الفيروز آبادى‪:‬‬
‫القط بالكسر السنور‪.‬‬

‫]‪[320‬‬

‫وقال في النهاية‪ :‬الحصاص‪ :‬شدة العدو وحدته‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن يمصع بذنبه ويصر‬
‫باذنيه ويعدو‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الضراط وقال‪ :‬السهوة‪ :‬بيت صغير منحدر في‬
‫الرض قليل شبيه بالمخدع والخزانة وقيل‪ :‬هو كالصفة يكون بين يدي‬
‫البيت‪ ،‬وقيل‪ :‬شبيه بالرف والطاق يوضع فيه شئ وقال‪ :‬الجرين هو‬
‫موضع تجويف التمر وهو له كالبيدر للحنطة‪ .‬وقال الرازي في مفتتح‬
‫تفسيره في تحقيق الستعاذة من الشيطان وفي بيان المستعاذ منه قال‪:‬‬
‫وفيه مسائل‪ :‬المسألة الولى‪ :‬اختلف الناس في وجود الجن والشياطين‪،‬‬
‫فمن الناس من ينكر الجن والشياطين‪ ،‬واعلم أنه ل بد من البحث أول عن‬
‫ماهية الجن والشياطين‪ ،‬فنقول‪ :‬أطبق الكل على أنه ليس الجن والشياطين‬
‫عبارة عن أشخاص جسمانية كثيفة تجيئ وتذهب مثل الناس والبهائم‪ ،‬بل‬
‫القول المحصل فيه قولن‪ :‬الول أنها أجسام هوائية قادرة على التشكل‬
‫بأشكال مختلفة ولها عقول وأفهام وقدرة على أعمال صعبة شاقة‪ .‬والقول‬
‫الثاني أن كثيرا من الناس أثبتوا أنها موجودات غير متحيزة ول حالة في‬
‫المتحيز‪ ،‬وزعموا أنها موجودات مجردة عن الجسمية‪ ،‬ثم إن هذه‬
‫الموجودات قد تكون عالية مقدسة عن تدبير الجسام بالكلية‪ ،‬وهي‬
‫الملئكة المقربون كما قال تعالى‪ " :‬ومن عنده ل يستكبرون عن عبادته‬
‫ول يستحسرون " )‪ (1‬وتليها مرتبة الرواح المتعلقة بتدبير الجسام‪،‬‬
‫وأشرفها حملة العرش كما قال تعالى‪ " :‬ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ‬
‫ثمانية )‪ ." (2‬والمرتبة الثانية الحافون حول العرش كما قال تعالى‪" :‬‬
‫وترى الملئكة حافين من حول العرش " )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬النبياء‪ (2) .19 :‬الحاقه‪ (3) .17 :‬الزمر‪.75 :‬‬

‫]‪[321‬‬

‫المرتبة الثالثة‪ :‬ملئكة الكرسي‪ .‬والمرتبة الرابعة‪ :‬ملئكة السماوات طبقة فطبقة‪.‬‬
‫والمرتبة الخامسة‪ :‬ملئكة كرة الثير‪ .‬والمرتبة السادسة‪ :‬ملئكة كرة‬
‫الهواء الذي هو في طبع النسيم‪ .‬والمرتبة السابعة‪ :‬ملئكة كرة الزمهرير‪.‬‬
‫والمرتبة الثامنة‪ :‬مرتبة الرواح المتعلقة بالبحار‪ .‬والمرتبة التاسعة‪:‬‬
‫مرتبة الرواح المتعلقة بالجبال‪ .‬والمرتبة العاشرة‪ :‬مرتبة الرواح السفلية‬
‫المتصرفة في هذه الجسام النباتية والحيوانية الموجودة في هذا العالم‪.‬‬
‫واعلم أنه على كل القولين فهذه الرواح قد تكون مشرقة إلهية خيرة‬
‫سعيدة وهي المسماة بالصالحين من الجن‪ ،‬وقد تكون كدرة سفلية شريرة‬
‫شقية وهي المسماة بالشياطين‪ .‬واحتج المنكرون لوجود الجن والشياطين‬
‫بوجوه‪ :‬الحجة الولى أن الشيطان لو كان موجودا لكان إما أن يكون جسما‬
‫لطيفا أو كثيفا‪ ،‬والقسمان باطلن فيبطل القول بوجوده‪ ،‬وإنما قلنا‪ :‬إنه‬
‫يمتنع أن يكون كثيفا لنه لو كان كذلك لوجب أن يراه كل من كان سليم‬
‫الحس‪ ،‬إذ لو جاز أن يكون بحضرتنا أجسام كثيفة ونحن ل نراها لجاز أن‬
‫تكون بحضرتنا جبال عالية وشموس مضيئته ورعود وبروق‪ ،‬مع أنا ل‬
‫نشاهد شيئا منها‪ ،‬ومن جوز ذلك كان خارجا عن العقل‪ .‬وإنما قلنا‪ :‬إنه ل‬
‫يجوز كونها أجساما لطيفة لنه لو كان كذلك لوجب أن يتمزق ويتفرق )‪(1‬‬
‫عند هبوب الرياح العاصفة القوية‪ ،‬وأيضا يلزم أن ل يكون لها قدرة وقوة‬
‫على العمال الشاقة ومثبتوا الجن ينسبون إليها العمال الشاقة‪ ،‬ولما‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬تتمزق وتتفرق‪.‬‬

‫]‪[322‬‬

‫بطل القسمان ثبت فساد القول بالجن‪ .‬والحجة الثانية‪ :‬أن هذه الشخاص المسماة‬
‫بالجن إذا كانوا حاضرين في هذا العالم ومخالطين للبشر فالظاهر الغالب‬
‫أن يحصل لهم بسبب طول المخالطة والمصاحبة إما صداقة وإما عداوة‪،‬‬
‫فان حصلت الصداقة وجب ظهور المنافع بسبب تلك الصداقة وإن حصلت‬
‫العداوة وجب ظهور المضار بسبب تلك العداوة‪ ،‬إل أنا ل نرى أثرا ل من‬
‫تلك الصداقة ول من تلك العداوة‪ ،‬وهؤلء الذين يمارسون صنعة التعزيم‬
‫إذا تابوا من الكاذيب يعترفون بأنهم قط ما شاهدوا أثرا من هذا الجن‪،‬‬
‫وذلك مما يغلب على الظن عدم هذه الشياء‪ ،‬وسمعت ممن تاب عن هذه‬
‫الصنعة قال‪ :‬إني واظبت على العزيمة الفلنية كذا من اليام وما تركت‬
‫دقيقة من الدقائق إل أتيت بها‪ ،‬ثم إني ما شاهدت من تلك الحوال‬
‫المذكورة أثرا ول خبرا‪ .‬الحجة الثالثة‪ :‬أن الطريق إلى معرفة هذه الشياء‬
‫إما الحس وإما الخبر وإما الدليل‪ ،‬أما الحس فلم يدل دليل على وجود هذه‬
‫الشياء )‪ ،(1‬فإذا كنا ل نرى صورة ول سمعنا صوتا فكيف يمكننا أن‬
‫ندعي الحساس بها‪ ،‬والذين يقولون‪ :‬إنا أبصرناها أو سمعنا أصواتها فهم‬
‫طائفتان‪ :‬المجانين الذين يتخيلون أشياء بسبب خلل أمزجتهم فيظنون أنهم‬
‫رأوها‪ ،‬والكاذبون المنحرفون‪ .‬وأما إثبات هذه الشياء بواسطة أخبار‬
‫النبياء والرسل عليهم السلم فباطل لن هذه الشياء لو ثبتت لبطلت نبوة‬
‫النبياء‪ ،‬فان على تقدير ثبوتها يجوز أن يقال‪ :‬إن كل ما تأتي به النبياء‬
‫من المعجزات إنما حصل باعانة الجن والشياطين‪ ،‬وكل فرع أدى إلى إبطال‬
‫الصل كان باطل مثاله إذا جوزنا نفوذ الجن في بواطن النسان فلم ل‬
‫يجوز أن يقال‪ :‬إن حنين الجذع إنما كان لجل أن الشيطان نفذ في ذلك‬
‫الجذع ثم أظهر الحنين ؟ ولم ل يجوز أن يقال‪ :‬إن الناقة إنما تكلمت مع‬
‫الرسول صلى ال عليه وآله لجل أن الشيطان دخل في بطنها وتكلم ؟ ولم‬
‫ل يجوز أن يقال‪ :‬إن الشجرة إنما انقلعت من‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر بعد ذلك‪ :‬لن وجودها اما بالصورة أو الصوت‪.‬‬

‫]‪[323‬‬

‫أصلها لن الشيطان اقتلعها‪ ،‬فثبت أن القول باثبات الجن والشياطين يوجب القول‬
‫ببطلن نبوة النبياء عليهم السلم‪ ،‬وأما إثبات هذه الشياء بواسطة الدليل‬
‫والنظر فهو متعذر لنا ل نعرف دليل عقليا يدل على وجود الجن‬
‫والشياطين فثبت أنه ل سبيل لنا إلى العلم بوجود هذه الشياء فوجب أن‬
‫يكون القول بوجود هذه الشياء باطل‪ ،‬فهذا جملة شبه منكري الجن‬
‫والشياطين‪ .‬والجواب عن الول بأنا نقول‪ :‬إن الشبهة التي ذكرتم تدل على‬
‫أنه يمتنع كون الجن جسما فلم ل يجوز أن يقال‪ :‬إنه جوهر مجرد عن‬
‫الجسمية ؟ واعلم أن القائلين بهذا القول فرق‪ :‬الولى‪ :‬الذين قالوا‪:‬‬
‫النفوس الناطقة البشرية المفارقة للبدان قد تكون خيرة‪ ،‬وقد تكون‬
‫شريرة‪ ،‬فان كانت خيرة فهي الملئكة الرضية‪ ،‬وإن كانت شريرة فهي‬
‫الشياطين الرضية‪ ،‬ثم إذا حدث بدن شديد المشابهة ببدن تلك النفس‬
‫المفارقة )‪ (1‬وتعلق بذلك البدن نفس شديدة المتشابهة لتلك النفس‬
‫المفارقة فحينئذ يحدث لتلك النفس المفارقة ضرب تعلق بهذا البدن الحادث‬
‫وتصير تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن على‬
‫العمال اللئقة بها فان كانت النفسان من النفوس الطاهرة المشرقة‬
‫الخيرة كانت تلك المعاونة والمعاضدة إلهاما‪ ،‬وإن كانتا من النفوس‬
‫الخبيثة الشريرة كانت تلك المعاونة والمناصرة وسوسة فهذا هو الكلم في‬
‫اللهام والوسوسة على قول هؤلء‪ .‬الفريق الثاني‪ :‬الذين قالوا‪ :‬الجن‬
‫والشياطين جواهر مجردة عن الجسمية وعلئقها‪ ،‬وجنسها مخالف لجنس‬
‫النفوس الناطقة البشرية‪ ،‬ثم إن ذلك الجنس يندرج فيه أنواع أيضا‪ ،‬فان‬
‫كانت طاهرة نورانية فهي الملئكة الرضية وهم المسمون بصالحي الجن‪،‬‬
‫وإن كانت خبيثة شريرة فهي الشياطين المؤذية‪ ،‬إذا عرفت هذا فنقول‪:‬‬
‫الجنسية علة الضم‪ ،‬فالنفوس البشرية الطاهرة النورانية تنضم‪ .‬إليها تلك‬
‫الرواح النورانية الطاهرة )‪ ،(2‬وتعينها على أعمالها التي هي من أبواب‬
‫الخير والبر والتقوى‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬تلك النفوس المفارقة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬الطاهرة النورانية‪.‬‬

‫]‪[324‬‬

‫والنفوس البشرية الخبيثة الكدرة تنضم إليها تلك الرواح الخبيثة الشريرة وتعينها‬
‫علي أعمالها التي هي من باب الشر والثم والعدوان‪ .‬الفريق الثالث‪ :‬وهم‬
‫الذين ينكرون وجود الرواح السفلية‪ ،‬ولكنهم أثبتوا الرواح )‪ (1‬المجردة‬
‫الفلكية‪ ،‬وزعموا أن تلك الرواح أرواح عالية قاهرة قوية وهي مختلفة‬
‫بجواهرها وماهياتها‪ ،‬فكما أن لكل روح من الرواح البشرية بدنا معينا‬
‫فكذلك لكل روح من الرواح الفلكية بدن معين‪ ،‬وهو ذلك الفلك المعين‪،‬‬
‫وكما أن الروح البشري )‪ (2‬يتعلق أول بالقلب ثم بواسطته يتعدى أثر ذلك‬
‫الروح إلى كل البدن فكذلك الروح الفلكي يتعلق أول بالكواكب ثم بواسطة‬
‫ذلك العلق يتعدى أثر ذلك الروح إلى كلية ذلك الفلك وإلى كلية ذلك العالم‪،‬‬
‫وكما أنه يتولد في القلب والدماغ أرواح لطيفة وتلك الرواح تتأدى في‬
‫الشرائين والعصاب إلى أجزاء البدن وتصل بهذا الطريق قوة الحياة‬
‫والحس والحركة إلى كل جزء من أجزاء العضاء فكذلك ينبعث من جرم‬
‫الكواكب خطوطا شعاعية تتصل بجوانب العالم وتتأدى قوة ذلك )‪(3‬‬
‫الكواكب بواسطة تلك الخطوط الشعاعية إلى أجزاء هذا العالم‪ ،‬وكما أن‬
‫بواسطة الرواح الفائضة من القلب والدماغ إلى أجزاء البدن يحصل في‬
‫كل جزء من أجزاء ذلك البدن قوى مختلفة وهي الغاذية والنامية والمولدة‬
‫والحساسة فتكون هذه القوى كالنتائج والولد لجوهر النفس المدبرة لكلية‬
‫البدن‪ ،‬فكذلك بواسطة الخطوط الشعاعية المنبثة من الكواكب الواصلة إلى‬
‫أجزاء هذا العالم تحدث في تلك الجزاء نفوس مخصوصة‪ ،‬مثل نفس زيد‬
‫ونفس عمرو‪ ،‬وهذه النفوس كالولد لتلك النفوس الفلكية ولما كات‬
‫النفوس الفلكية مختلفة في جواهرها وماهياتها فكذلك النفوس المتولدة من‬
‫نفس فلك زحل مثل طائفة‪ ،‬والنفوس المتولدة من نفس فلك المشتري‬
‫طائفة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وجود الرواح‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬الروح البشرية تتعلق‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬تلك‪.‬‬

‫]‪[325‬‬

‫اخرى‪ ،‬فتكون النفوس المنسبة إلى روح زحل متجانسة متشاركة‪ ،‬ويحصل بينها‬
‫مودة ومحبة )‪ ،(1‬وتكون النفوس المنتسبة إلى روح زحل مخالفة بالطبع‬
‫والماهية للنفوس المنتسبة إلى روح المشترى‪ ،‬وإذا عرفت هذا فنقول‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬إن العلة تكون أقوى من المعلول‪ ،‬فلكل طائفة من النفوس البشرية‬
‫طبيعة خاصة وهي تكون معلولة لروح من تلك الرواح الفلكية‪ ،‬وتلك‬
‫الطبيعة تكون في الروح الفلكي أقوى وأعلى بكثير منها في هذه الرواح‬
‫البشرية‪ ،‬وتلك الروح )‪ (2‬الفلكية بالنسبة إلى تلك الطائفة من الرواح‬
‫البشرية كالب المشفق والسلطان الرحيم‪ ،‬فلهذا السبب تلك الرواح‬
‫الفلكية تعين أولدها على صلحها )‪ (3‬وتهديها تارة في النوم على سبيل‬
‫الرؤيا والخرى )‪ (4‬في اليقظة على سبيل اللهام‪ .‬ثم إذا اتفق لبعض هذه‬
‫النفوس البشرية قوة قوية من جنس تلك الخاصية وقوي اتصاله بالروح‬
‫الفلكي‪ .‬الذي هو أصله ومعدنه ظهرت عليه أفعال عجيبة وأعمال خارقة‬
‫للعادات‪ ،‬فهذا تفصيل مذاهب من يثبت الجن والشياطين‪ ،‬ويزعم أنها‬
‫موجودات ليست أجساما ول جسما‪ .‬واعلم أن قوما من الفلسفة طعنوا في‬
‫هذا المذهب وزعموا أن المجرد يمتنع عليه إدراك الجزئيات‪ ،‬والمجردات‬
‫يمتنع كونها فاعلة للفعال الجزئية‪ .‬واعلم أن هذا باطل لوجهين‪ :‬الول أنه‬
‫يمكننا أن نحكم على هذا الشخص المعين بأنه إنسان وليس بفرس‪،‬‬
‫والقاضي على الشيئين لبد وأن يحضره المقضي عليهما‪ ،‬فههنا شئ واحد‬
‫هو مدرك للكلي وهو النفس‪ ،‬فيلزم أن يكون المدرك للجزئي هو النفس‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬محبة ومودة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وتلك الرواح‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫على مصالحها‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬واخرى‪.‬‬
‫]‪[326‬‬

‫الثاني‪ :‬هب أن النفس المجردة ل تقوى على إدراك الجزئيات ابتداء‪ ،‬لكن ل نزاع‬
‫أنه يمكنها أن تدرك الجزئيات بواسطة اللت الجسمانية‪ ،‬فلم ل يجوز أن‬
‫يقال‪ :‬إن تلك الجواهر المجردة المسماة بالجن والشياطين لها آلت‬
‫جسمانية من كرة الثير أو من كرة الزمهرير ثم إنها بواسطة تلك اللت‬
‫الجسمانية تقوى على إدراك الجزئيات وعلى التصرف في هذه البدان‪.‬‬
‫فهذا تمام الكلم في شرح هذا المذهب‪ .‬وأما الذين زعموا أن الجن أجسام‬
‫هوائية أو نارية فقالوا‪ :‬الجسام متساوية في الحجمية والمقدار‪ ،‬وهذان‬
‫المعنيان أعراض فالجسام متساوية في قبول هذه العراض والشياء‬
‫المختلفة في الماهية ل يمتنع اشتراكها في بعض اللوازم‪ ،‬فلم ل يجوز أن‬
‫يقال‪ :‬إن الجسام مختلفة بحسب ذواتها المخصوصة وماهياتها المعينة‪،‬‬
‫وإن كانت مشتركه في قبول الحجمية والمقدار‪ .‬وإذا ثبت هذا فنقول‪ :‬لم ل‬
‫يجوز أن يقال‪ :‬أحد أنواع الجسام أجسام لطيفة نفاذة حية لذواتها عاقلة‬
‫لذواتها قادرة على العمال الشاقة لذواتها‪ ،‬وهي غير قابلة للتفرق‬
‫والتمزق ؟ وإذا كان المر كذلك فتلك الجسام تكون قادرة على تشكيل‬
‫أنفسها بأشكال مختلفة‪ ،‬ثم إن الرياح العاصفة ل تمزقها والجسام الكثيفة‬
‫ل تفرقها‪ ،‬أليس أن الفلسفة قالوا‪ :‬إن النار التي تنفصل عن الصواعق‬
‫تنفذ في اللحظة اللطيفة في بواطن الحجار والحديد وتخرج من الجانب‬
‫الخر ؟ فلم ل يعقل مثله في هذه الصورة ؟ وعلى هذا التقدير فان الجن‬
‫تكون قادرة على النفوذ في بواطن الناس‪ ،‬وعلى التصرف فيها‪ ،‬وإنها‬
‫تبقى حية فعالة مصونة عن الفساد إلى الجل المعين والوقت المعلوم‪ ،‬فكل‬
‫هذه الحوال الحتمال ت ظاهرة‪ ،‬والدليل لم يقم على إبطالها‪ ،‬فلم يجز‬
‫المصير إلى القول بابطالها‪ .‬والجواب عن الشبهة الثانية أنه ل يجب‬
‫حصول تلك الصداقة والعداوة مع كل واحد‪ ،‬وكل واحد ل يعرف إل حال‬
‫نفسه‪ ،‬أما حال غيره فانه ل يعلمها‪ ،‬فبقى هذا المر في حيز الحتمال‪.‬‬

‫]‪[327‬‬

‫فأما الجواب )‪ (1‬عن الشبهة الثالثة فهو أنا نقول‪ :‬ل نسلم أن القول بوجود الجن‬
‫والملئكة يوجب الطعن في نبوة النبياء عليهم السلم‪ ،‬وسيظهر الجواب‬
‫عن الشبهة )‪ (2‬التي ذكرتموها فيما بعد ذلك‪ ،‬فهذا آخر الكلم في الجواب‬
‫عن هذه الشبهات‪ .‬المسألة الثانية‪ :‬اعلم أن القرآن والخبار يدلن على‬
‫وجود الجن والشياطين أما القرآن فآيات‪ :‬اليه الولى قوله تعالى‪ " :‬وإذ‬
‫صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما‬
‫قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد‬
‫موسى مصدقا لما بين يديه ويهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم " )‪.(3‬‬
‫وهذا نص على وجودهم وعلى أنهم سمعوا القرآن وعلى أنهم أنذروا‬
‫قومهم‪ .‬والية الثانية‪ :‬قوله تعالى‪ " :‬واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك‬
‫سليمان )‪ .(4‬والية الثالثة‪ :‬قوله تعالى في قصة سليمان‪ " :‬يعملون له ما‬
‫يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " )‪ .(5‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الصفاد )‪.(6‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ولسليمان الريح ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬ومن الجن من يعمل بين‬
‫يديه باذن ربه )‪ .(7‬والية الرابعة‪ :‬قوله تعالى‪ :‬يا معشر الجن والنس إن‬
‫استطعتم أن تنفذوا من‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وأما الجواب‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬عن الجوبة التى‪ (3) .‬الحقاف‪:‬‬
‫‪ 29‬و ‪ (4) .30‬البقرة ‪ (5) .102‬سبا‪ (6) .13 :‬ص‪ (7) .38 :‬سبا‪.12 :‬‬

‫]‪[328‬‬

‫أقطار السموات والرض )‪ .(1‬والية الخامسة‪ :‬قوله تعالى‪ :‬إنا زينا السماء الدنيا‬
‫بزينة الكواكب * و حفظا من كل شيطان مارد )‪ .(2‬وأما الخبار فكثيرة‪:‬‬
‫الخبر الول‪ :‬روى مالك في الموطأ عن صيفي بن أفلح عن أبي السائب‬
‫مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري قال‪ :‬فوجدته يصلي‪،‬‬
‫فجلست أنتظره حتى يقضي صلته‪ ،‬قال‪ :‬فسمعت تحريكا تحت سريره في‬
‫بيته فإذا هي حية نفرت فهممت أن أقتلها )‪ ،(3‬فأشار أبو سعيد‪ :‬أن أجلس‬
‫)‪ ،(4‬فجلست أنتظره حتى يقضي صلته‪ ،‬فلما انصرف من صلته أشار‬
‫إلى بيت في الدار فقال‪ :‬ترى هذا البيت ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إنه كان فيه فتى‬
‫من النصار حديث عهد بعرس ‪ -‬وساق الحديث إلى أن قال‪ - :‬فرأى امرأته‬
‫واقفة بين البابين )‪ (5‬فهيأ الرمح ليطعنها بسبب الغيرة‪ ،‬فقالت امرأته‪:‬‬
‫ادخل بيتك لترى‪ ،‬فدخل بيته فإذا هو بحية على فراشها فركز فيها رمحه‬
‫فاضطربت الحية في رأس الرمح وخر الفتى فما يدرى )‪ (6‬أيهما كان‬
‫أسرع موتا الفتى أم الحية ؟ فسألنا رسول ال صلى ال عليه وآله )‪(7‬‬
‫فقال‪ :‬إن بالمدينة جنيا قد أسلموا فمن بدا لكم منهم فأذنوا ثلثة أيام فان‬
‫عاد فاقتلوه فانه شيطان )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬الرحمن‪ (2) .33 :‬الصافات‪ 6 :‬و ‪ (3) .7‬في المصدر‪ :‬فقمت لقتلها‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬أن اجلس فلما انصرف‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬بين الناس فأدركته‬
‫غيرة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها بسبب الغيرة فقالت‪ :‬ل تعجل حتى‬
‫تدخل وتنظر ما في بيتك فدخل فإذا هو بحية مطوقة على فراشه‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وخر الفتى ميتا فما ندرى‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬فذكرت ذلك لرسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ (8) .‬في المصدر‪ :‬فأذنوه ثلثة ايام فان بدا لكم‬
‫بعد ذلك فاقتلوه فانما هو شيطان‪.‬‬

‫]‪[329‬‬

‫والخبر الثاني‪ :‬روى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد قال‪ :‬لما اسري بالنبي‬
‫صلى ال عليه وآله رأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من النار كلما‬
‫التفت رآه فقال جبرئيل عليه السلم‪ :‬أل اعلمك كلمات إذا قلتهن طفيت‬
‫شعلته وصرفته ؟ )‪ (1‬؟ قل‪ :‬أعوذ بوجه ال الكريم وبكلمات )‪ (2‬ال‬
‫التامات التي ل يجاوزهن بر ول فاجر من شر ما ينزل من السماء‪ ،‬ومن‬
‫شر ما يعرج فيها‪ ،‬ومن شر ما ينزل إلى الرض ومن شر ما يخرج منها‬
‫ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إل طارقا يطرق‬
‫بخير يا رحمن‪ .‬والخبر الثالث‪ :‬روى أيضا مالك في الموطأ أن كعب الحبار‬
‫كان يقول‪ :‬أعوذ بوجه ال العظيم الذي ليس شئ أعظم منه وبكلماته )‪(3‬‬
‫التامات التي ل يجاوزهن بر ول فاجر وبأسمائه كلها ما قد علمت منها وما‬
‫لم أعلم‪ ،‬من شر ما خلق وذرأ وبرأ‪ .‬والخبر الرابع‪ :‬روى أيضا مالك أن‬
‫خالد بن الوليد قال‪ :‬يا رسول ال إني اروع في منامي فقال له رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬قل‪ :‬أعوذ بكلمات ال التامات من غضبه وعقابه‬
‫وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون‪ .‬والخبر الخامس‪ :‬ما‬
‫اشتهر وبلغ مبلغ التواتر من خروج النبي صلى ال عليه وآله ليلة الجن‬
‫وقراءته عليهم ودعوته إياهم إلى السلم‪ .‬والخبر السادس‪ :‬روى القاضي‬
‫أبو بكر في الهداية أن عيسى عليه السلم دعا ربه أن يريه موضع‬
‫الشيطان من بنى آدم فأراه ذلك فإذا رأسه مثل رأس الحية واضع رأسه‬
‫على قلبه‪ ،‬فإذا ذكر ال تعالى خنس‪ ،‬وإذا لم يذكره وضع رأسه على حبة‬
‫قلبه‪ .‬والخبر السابع‪ :‬قوله عليه السلم‪ :‬إن الشيطان ليجري من ابن آدم‬
‫مجرى الدم وقال‪ :‬ما منكم من أحد إل وله شيطان‪ ،‬قيل‪ :‬ول أنت يا رسول‬
‫ال ؟ قال‪ :‬ول أنا إل‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وخر لفيه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وبكلماته‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وبكلمات‬
‫ال‪.‬‬

‫]‪[330‬‬

‫أن ال تعالى أعانني عليه فأسلم‪ .‬والحاديث في ذلك كثيرة والقدر الذي ذكرناه‬
‫كاف‪ .‬المسألة الثالثة‪ :‬في بيا أن الجن مخلوق من النار‪ ،‬والدليل عليه قوله‬
‫تعالى‪ " :‬والجان خلقناه من قبل من نار السموم " وقال تعالى حاكيا عن‬
‫إبليس أنه قال‪ " :‬خلقتني من نار وخلقته من طين "‪ .‬واعلم أن حصول‬
‫الحياة في النار غير مستبعد‪ ،‬أل ترى أن الطباء قالوا‪ :‬ان المتعلق الول‬
‫للنفس هو القلب والروح وهما في غاية السخونة‪ ،‬وقال جالينوس‪ :‬إني‬
‫بقرت مرة بطن قرد وأدخلت يدي في بطنه وأدخلت اصبعي في قلبه‬
‫فوجدته في غاية السخونة )‪ ،(1‬ونقول‪ :‬أطبق الطباء على أن الحياة ل‬
‫تحصل إل بسبب الحرارة الغريزية وقال بعضهم‪ :‬الغلب على الظن أن كرة‬
‫النار تكون مملوة من الروحانيات‪ .‬المسألة الرابعة‪ :‬ذكروا قولين في أنهم‬
‫لم سموا بالجن ؟ الول‪ :‬أن لفظ الجن مأخوذ من الستتار‪ ،‬ومنه الجنة‬
‫لستتار أرضها بالشجار ومنه الجنة لنها )‪ (2‬ساترة للنسان ومنه الجن‬
‫لستتارهم عن العيون‪ ،‬ومنه المجنون لستتار عقله‪ ،‬ومنه الجنين‬
‫لستتاره في البطن ومنه قوله تعالى‪ " :‬اتخذوا أيمانهم جنة )‪ (3‬أي وقاية‬
‫وسترا‪ .‬واعلم أن على هذا القول يلزم أن تكون الملئكة من الجن‬
‫لستتارهم عن العيون إل أن يقال‪ :‬إن هذا من باب تقييد المطلق بسبب‬
‫العرف‪ .‬والقول الثاني‪ :‬أنهم سموا بهذا السم لنهم كانوا في أول أمرهم‬
‫خزان الجنة والقول الول أقوى‪ .‬المسألة الخامسة‪ :‬اعلم أن طوائف‬
‫المكلفين أربعة‪ :‬الملئكة والنس والجن و‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في غاية السخونة بل تزيد‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لكونها‪(3) .‬‬
‫المنافقون‪.2 :‬‬

‫]‪[331‬‬

‫الشياطين‪ ،‬واختلفوا في الجن والشياطين فقيل‪ :‬الشياطين جنس‪ ،‬والجن جنس آخر‬
‫كما أن النسان جنس والفرس جنس آخر‪ ،‬وقيل‪ :‬الجن منهم أخيار ومنهم‬
‫أشرار والشياطين اسم لشرار الجن‪ .‬المسألة السادسة‪ :‬المشهور أن الجن‬
‫لهم قدرة على النفوذ في بواطن البشر‪ ،‬وأنكر أكثر المعتزلة ذلك‪ ،‬وأما‬
‫المثبتون فقد احتجوا بوجوه‪ :‬الول‪ :‬أنه إن كان الجن عبارة عن موجود‬
‫ليس بجسم ول جسماني فحينئذ يكون معنى كونه قادرا على النفوذ في‬
‫باطنه أنه يقدر على التصرف في باطنه‪ ،‬وذلك غير مستبعد‪ ،‬وإن كان‬
‫عبارة عن حيوان هوائي لطيف نفاذ كما وصفناه في باطن بني آدم غير‬
‫ممتنع قياسا على النفس وغيره‪ .‬الثاني قوله تعالى‪ " :‬ل يقومون إل كما‬
‫يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )‪ " (1‬الثالث‪ :‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫إن الشيطان ليجري من بني آدم مجرى الدم‪ .‬أما المنكرون فقد احتجوا‬
‫بامور‪ :‬الول قوله تعالى حكاية عن إبليس‪ " :‬وما كان لي عليكم من‬
‫سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي )‪ " (2‬صرح بأنه ما كان له على‬
‫البشر سلطان إل من الوجه الواحد‪ ،‬وهو إلقاء الوسوسة والدعوة إلى‬
‫الباطل‪ .‬والثاني‪ :‬ل شك أن النبياء والعلماء المحققين يدعون الناس إلى‬
‫لعن الشيطان والبراءة منه‪ ،‬فوجب أن تكون العداوة بين الشياطين وبينهم‬
‫أعظم أنواع العداوة‪ ،‬فلو كانوا قادرين على النفوذ في بواطن البشرو على‬
‫إيصال البلء والشر إليهم لوجب أن يكون تضرر النبياء والعلماء منهم‬
‫أشد من تضرر كل أحد‪ ،‬ولما لم يكن كذلك علمنا أنه باطل‪ .‬المسألة‬
‫السابعة‪ :‬اتفقوا على أن الملئكة ل يأكلون ول يشربون ول ينكحون‪،‬‬
‫يسبحون الليل والنهار ل يفترون‪ ،‬وأما الجن والشياطين فانهم يأكلون‬
‫ويشربون‪ ،‬قال‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .275 :‬ابراهيم‪.22 :‬‬

‫]‪[332‬‬

‫صلى ال عليه وآله في الروث والعظم‪ :‬إنه زاد إخوانكم من الجن‪ ،‬وأيضا فانهم‬
‫يتوالدون قال تعالى‪ " :‬أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " وال أعلم‪.‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬في كيفية الوسوسة بناء على ما ورد في الثار‪ ،‬ذكروا‬
‫أنه يغوص في باطن النسان ويضع رأسه على حبة قلبه ويلقي إليه‬
‫الوسوسة‪ ،‬واحتجوا عليه بما روي أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن‬
‫الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم أل فضيقوا مجاريه بالجوع‪ .‬وقال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬لول أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم‬
‫لنظروا إلى ملكوت السماوات والرض )‪ .(1‬ومن الناس من قال‪ :‬هذه‬
‫الخبار لبد من تأويلها لنه يمتنع حملها على ظواهرها واحتج عليه‬
‫بوجوه‪ :‬الول أن نفوذ الشياطين في بواطن الناس محال لنه يلزم إما‬
‫اتساع تلك المجاري أو تداخل تلك الجسام‪ .‬والثاني‪ :‬ما ذكرنا أن العداوة‬
‫الشديدة حاصلة بينه وبين أهل الدين فلو قدر على هذا النفوذ فلم لم‬
‫يخصهم بمزيد الضرر ؟ الثالث‪ :‬أن الشيطان مخلوق من النار‪ ،‬فلو دخل في‬
‫داخل البدن لصار كأنه نفذ النار في داخل البدن‪ ،‬ومعلوم أنا ل نحس بذلك )‬
‫‪ .(2‬الرابع‪ :‬أن الشياطين يحبون المعاصي وأنواع الكفر والفسق‪ ،‬ثم إنا‬
‫نتضرع بأعظم الوجوه إليهم ليظهروا أنواع الكفر والفسق فل نجد منه أثرا‬
‫ول فائدة وبالجملة فل نرى من عداوتهم ضررا ول نجد من صداقتهم نفعا‬
‫)‪ .(3‬وأجاب مثبتوا الشياطين عن السؤال الول بأن على القول بأنها‬
‫نفوس مجردة فالسؤال زائل‪ ،‬وعلى القول بأنها أجسام لطيفة كالضوء‬
‫والهواء فالسؤال أيضا زائل‪.‬‬

‫)‪ (1‬المصدر خال عن كلمة‪ :‬والرض‪ (2) .‬في المصدر ومعلوم أنه ل يحس بذلك‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬ل من عداوتهم ضررا ول من صداقتهم نفعا‪.‬‬
‫]‪[333‬‬

‫وعن الثاني‪ :‬ل يبعد أن يقال‪ :‬إن ال والملئكة )‪ (1‬يمنعونهم من إيذاء علماء‬
‫البشر‪ .‬وعن الثالث‪ :‬أنه لما جاز أن يقول ال تعالى لنار إبراهيم‪ " :‬يا نار‬
‫كوني بردا و سلما على إبراهيم )‪ " (2‬فلم ل يجوز مثله ههنا ؟ وعن‬
‫الرابع‪ :‬أن الشياطين مختارون ولعلهم يفعلون بعض القبائح دون بعض‪.‬‬
‫المسألة التاسعة‪ :‬في تحقيق الكلم في الوسوسة على الوجه الذي قرره‬
‫الشيخ الغزالي في كتاب الحياء قال‪ :‬القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إليها‬
‫الحوال من كل باب‪ ،‬أو مثل هدف ترمى إليه السهام من كل جانب‪ ،‬أو مثل‬
‫مرآة منصوبة يجتاز عليها الشخاص فيتراءى )‪ (3‬فيها صورة بعد‬
‫صورة‪ ،‬أو مثل حوض ينصب )‪ (4‬إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة‪،‬‬
‫واعلم أن مداخل هذه الثار المجددة )‪ (5‬في القلب ساعة فساعة إما من‬
‫الظاهر كالحواس الخمس‪ ،‬وإما من الباطن كالخيال والشهوة والغضب‬
‫والخلق المركبة في مزاج النسان فانه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل‬
‫منه أثر في القلب‪ ،‬وكذا إذا هاجت الشهوة أو الغضب حصل من تلك‬
‫الحوال آثار في القلب‪ ،‬وأما إذا منع النسان عن الدراكات الظاهرة‬
‫فالخيالت الحاصلة في النفس تبقى وينتقل الخيال من الشئ إلى الشئ )‪(6‬‬
‫وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال‪ ،‬فالقلب دائما في‬
‫التغير والتأثر من هذه السباب وأخص الثار الحاصلة في القلب هي‬
‫الخواطر‪ ،‬وأعني بالخواطر ما يعرض فيه من الفكار والذكار‪ ،‬وأعني‬
‫بهذا إدراكات وعلوما إما على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر‪ ،‬فانما )‬
‫‪ (7‬تسمى خواطر من حيث أنها تخطر بالخيال بعد أن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وملئكته‪ (2) .‬النبياء‪ (3) .69 :‬في المصدر‪] :‬تجتاز[ وفيه‪:‬‬
‫فتتراءى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬تنصب‪ (5) .‬في المصدر‪] :‬المتجددة[ وفى‬
‫النسخة المخطوطة‪ :‬المحددة‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬من شئ إلى شئ‪ (7) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وانما‪.‬‬

‫]‪[334‬‬

‫كان القلب غافل عنها‪ ،‬فالخواطر هي المحركات للرادات‪ ،‬والرادات محركة‬


‫للعضاء ثم إن هذه الخواطر المحركة لهذه الرادات تنقسم إلى ما يدعو‬
‫إلى الشر‪ ،‬أعني إلى ما يضر في العاقبة إلى الخير أعني ما ينفع في‬
‫العاقبة‪ ،‬فهما خاطران مختلفان فافتقر إلى اسمين مختلفين‪ ،‬فالخاطر‬
‫المحمود يسمى إلهاما‪ ،‬والمذموم يسمى وسواسا‪ ،‬ثم إنك تعلم أن هذه‬
‫الخواطر أحوال حادثة فل بد لها من سبب‪ ،‬والتسلسل محال‪ ،‬فل بد من‬
‫انتهاء الكل إلى واجب الوجود‪ ،‬هذا مخلص كلم الغزالي‪ ،‬وقد حذفنا‬
‫التطويل منه )‪ .(1‬المسألة العاشرة‪ :‬في تحقيق الكلم فيما ذكره الغزالي‪،‬‬
‫واعلم أن هذا الرجل دار حول المقصود إل أنه ل يحصل الغرض إل من بعد‬
‫مزيد التنقيح فنقول‪ :‬ل بد قبل الخوض في المقصود من تقديم مقدمات‪،‬‬
‫فالمقدمة الولى ل شك أن ههنا مطلوبا ومهروبا وكل مطلوب فاما أن‬
‫يكون مطلوبا لذاته أو لغيره ول يجوز أن يكون كل مطلوب مطلوبا لغيره‬
‫وأن يكون كل مهروب مهروبا عنه لغيره وإل لزم إما الدور وإما التسلسل‪،‬‬
‫وهما محالن‪ ،‬فثبت أنه لبد من العتراف بوجود شئ يكون مطلوبا لذاته‬
‫ووجود )‪ (2‬شئ يكون مهروبا عنه لذاته‪ .‬والمقدمة الثانية‪ :‬أن الستقراء‬
‫يدل على أن المطلوب بالذات هو اللذة والسرور والمطلوب بالتبع ما يكون‬
‫وسيلة إليهما‪ ،‬والمهروب عنه بالذات هو اللم والحزن‪ ،‬و المهروب عنه‬
‫بالتبع ما يكون وسيلة إليهما‪ .‬والمقدمة الثالثة‪ :‬أن اللذيد عند كل قوة من‬
‫القوى النفسانية شئ آخر فاللذيد عند القوة الباصرة شئ واللذيد عند القوة‬
‫السامعة شئ آخر‪ ،‬واللذيد عند القوة الشهوانية شئ ثالث‪ ،‬واللذيد عند‬
‫القوة الغضبية شئ رابع‪ ،‬واللذيد عند القوة العاقلة شئ خامس‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬بعد حذف التطويلت منه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وبوجود شئ‪(*) .‬‬

‫]‪[335‬‬

‫والمقدمة الرابعة‪ :‬أن القوة الباصرة إذا أدركت موجودا في الخارج لزم من حصول‬
‫ذلك الدراك البصري وقوف الذهن على ماهية ذلك المرئي‪ ،‬وعند الوقوف‬
‫عليه يحصل العلم بكونه لذيدا أو مولما أو خاليا عنهما فان حصل العلم‬
‫بكونه لذيذا ترتب على حصول هذا العلم أو العتقاد حصول الميل إلى‬
‫تحصيله‪ ،‬وإن حصل العلم بكونه مؤلما ترتب على هذا العلم أو العتقاد‬
‫حصول الميل إلى البعد عنه والفرار منه وإن لم يحصل العلم بكونه مؤلما‬
‫ول بكونه لذيذا لم يحصل في القلب ل رغبة إلى الفرار عنه ول رغبة إلى‬
‫تحصيله‪ .‬المقدمة الخامسة‪ :‬أن العلم بكونه لذيذا إنما يوجب حصول الميل‬
‫والرغبة في تحصيله إذا حصل ذلك العلم خاليا عن المعارض والمعاوق‪،‬‬
‫فأما إذا حصل هذا المعارض لم يحصل ذلك القتضاء‪ ،‬مثاله‪ :‬إذا رأينا‬
‫طعاما لذيذا فعلمنا بكونه لذيذا إنما يؤثر في القدام على تناوله إذا لم نعتقد‬
‫أنه حصل فيه ضررا زائد‪ ،‬أما إذا اعتقدنا أنه حصل فيه ضرر زائد‪ ،‬فعندئذ‬
‫يعتبر العقل كيفية المعارضة والترجيح فايهما غلب على ظنه أنه راجح‬
‫عمل بمقتضى ذلك الرجحان‪ ،‬ومثال آخر لهذا المعنى أن النسان قد يقتل‬
‫نفسه وقد يلقي نفسه من السطح العالي إل أنه إنما يقدم على هذا العمل إذا‬
‫اعتقد أنه بسبب تحمل ذلك العمل المؤلم يتخلص عن مؤلم آخر أعظم منه‬
‫أو يتوصل به إلى تحصيل منفعة أعلى حال منها‪ ،‬فثبت بما ذكرنا أن اعتقاد‬
‫كونه لذيذا أو مولما إنما يوجب الرغبة والنفرة إذا خل ذلك العتقاد عن‬
‫المعارض‪ .‬المقدمة السادسة في بيان أن التقرير الذي بيناه يدل على أن‬
‫الفعال الحيوانية لها مراتب مترتبة ترتيبا ذاتيا لزوميا عقليا‪ ،‬وذلك لن‬
‫هذه الفعال مصدرها القريب هو القوى الموجودة في العضلت إل أن هذه‬
‫القوى صالحة للفعل والترك فامتنع صيرورتها مصدرا للفعل بدل عن الترك‬
‫وللترك بدل عن الفعل‪ ،‬ال بضميمة تنضم إليها وهي الرادات ثم إن تلك‬
‫الردات إنما توجد وتحدث لجل العلم بكونها لذيذة أو مولمة‪ ،‬ثم إن تلك‬
‫العلوم إن حصلت بفعل انسان عاد البحث الول فيه ولزم إما الدور وإما‬
‫التسلسل وهما محالن‪ ،‬وإما النتهاء إلى علوم وإدراكات وتصورات‬
‫تحصل في جوهر النفس من‬

‫]‪[336‬‬

‫السباب الخارجة‪ ،‬وهي إما التصالت الفلكية على مذهب قوم أو السبب الحقيقي‬
‫فهو أن ال تعالى يخلق تلك العتقادات والعلوم في القلب‪ ،‬فهذا تلخيص‬
‫الكلم في أن الفعل كيف يصدر عن الحيوان‪ ،‬إذا عرفت هذا فاعلم أن نفاة‬
‫الشياطين ونفاة الوسوسة قالوا‪ :‬ثبت أن المصدر القريب للفعال الحيوانية‬
‫هو هذه القوى المركوزة )‪ (1‬في العضلت والوتاد )‪ (2‬وثبت أن تلك‬
‫القوى ل تصير مصادر للفعل والترك إل عند انضمام الميل والرادة إليها‬
‫وثبت أن تلك الرادة من لوازم حصول الشعور بكون ذلك الشئ لذيذا أو‬
‫مؤلما‪ ،‬وثبت أن حصول ذلك الشعور لبد وأن يكون بخلق ال تعالى ابتداء‬
‫أو بواسطة مراتب شأن كل واحد منها في استلزام ما بعده على الوجه‬
‫الذي قررناه‪ ،‬وثبت أن ترتب كل واحد من هذه المراتب على ما قبله أمر‬
‫لزم لزوما ذاتيا واجبا‪ ،‬فانه إذا أحس بالشئ وعرف كونه ملئما مال طبعه‬
‫إليه‪ ،‬وإذا مال طبعه إليه تحركت القوة إلى الطلب‪ ،‬وإذا حصلت هذه‬
‫المراتب حصل الفعل ل محالة‪ ،‬فلو قدرنا شيطانا من الخارج وفرضنا أنه‬
‫حصلت له وسوسة كانت تلك الوسوسة عديمة الثر‪ ،‬لنه إذا حصلت تلك‬
‫المراتب المذكورة حصل الفعل سواء حصل هذا الشيطان أولم يحصل وإن‬
‫لم يحصل مجموع تلك المراتب امتنع حصول الفعل سواء حصل هذا‬
‫الشيطان أولم يحصل‪ ،‬فعلمنا أن القول بوجود الشيطان وبوجود الوسوسة‬
‫قول باطل‪ ،‬بل الحق أن نقول‪ :‬إن اتفق حصول هذه المراتب في الطرف‬
‫النافع سميناها باللهام‪ ،‬وإن اتفق حصولها في الطرف الضار سميناها‬
‫بالوسوسة‪ ،‬هذا تمام الكلم في تقرير هذا الشكال‪ .‬والجواب أن كل ما‬
‫ذكرتموه حق وصدق إل انه ل يبعد أن يكون النسان غافل عن الشئ‪ ،‬فإذا‬
‫ذكره الشيطان ذلك الشئ تذكره ثم عند التذكر ترتب عليه الميل إليه وترتب‬
‫)‪ (3‬الفعل على حصول ذلك الميل‪ ،‬فالذي أتى به الشيطان الخارجي ليس‬
‫إل ذلك التذكر‪ ،‬وإليه الشارة بقوله تعالى حكاية عن إبليس أنه قال‪ " :‬وما‬
‫كان لي عليكم من سلطان‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬المذكورة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬والوتار‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يترتب‬
‫الميل عليه ويترتب‪.‬‬

‫]‪[337‬‬

‫إل أن دعوتكم فاستجبتم لي )‪ " (1‬إل أنه بقي لقائل أن يقول‪ :‬فالنسان إنما أقدم‬
‫على المعصية بتذكير الشيطان‪ ،‬فالشيطان إن كان إقدامه على المعصية‬
‫بتذكير شيطان آخر لزم التسلسل )‪ (2‬وإن كان عمل ذلك الشيطان ليس‬
‫لجل شيطان آخر ثبت أن ذلك الشيطان الول إنما أقدم على ما أقدم عليه‬
‫لحصول ذلك العتقاد في قلبه‪ ،‬ولبد لذلك العتقاد الحادث من محدث‪ ،‬وما‬
‫ذاك إل ال تعالى‪ ،‬وعند هذا يظهر أن الكل من عند ال تعالى‪ ،‬فهذا غاية‬
‫الكلم في هذا البحث الدقيق العميق‪ ،‬وصار حاصل الكلم ما قاله سيد‬
‫الرسل صلى ال عليه وآله وهو قوله‪ " :‬وأعوذ بك منك " وال أعلم‪.‬‬
‫المسألة الحادية عشر‪ :‬اعلم أن النسان إذا جلس في الخلوة وتواترت‬
‫الخواطر في قلبه فربما صار بحيث كأنه يسمع في داخل قلبه ودماغه‬
‫أصواتا خفية وحروفا خفية وكأن متكلما يتكلم معه ومخاطبا يخاطبه‪ ،‬وهذا‬
‫أمر وجداني يجده كل أحد من نفسه ثم اختلف الناس في تلك الخواطر‬
‫فقالت الفلسفة‪ :‬إن هذه الشياء ليست حروفا ول أصواتا‪ ،‬وإنما هي‬
‫تخيلت الصوات والحروف‪ ،‬وتخيل الشئ عبارة عن حضور رسمه‬
‫ومثاله في الخيال‪ ،‬وهذا كما أنا إذا تخيلنا صورة البحار والشخاص‪،‬‬
‫فأعيان تلك الشياء غير موجودة في العقل والقلب‪ ،‬بل الموجود في العقل‬
‫والقلب صورها وأمثلتها ورسومها‪ ،‬وهي على سبيل التمثيل جارية‬
‫مجمرى الصورة المرتسمة في المرآة‪ ،‬فإذا أحسسنا صورة الفلك والشمس‬
‫والقمر في المرآة فان ذلك ليس بأنه حضرت )‪ (3‬ذوات هذه الشياء في‬
‫المرآة فان ذلك محال‪ ،‬وإنما الحاصل في المرآة رسوم هذه الشياء‬
‫وصورها وأمثلتها فإذا عرفت هذا في تخيل المبصرات فاعلم أن الحال في‬
‫تخيل الحروف والكلمات المسموعة كذلك‪ ،‬فهذا قول جمهور الفلسفة‪،‬‬
‫ولقائل أن يقول‪ :‬هذا الذي سميته بتخيل الحروف والكلمات هل هو مساو‬
‫للحروف والكلمة في الماهية أول ؟ فان حصلت المساواة فقد عاد‬

‫)‪ (1‬ابراهيم‪ (2) .22 :‬في المصدر‪ :‬لزم تسلسل الشياطين‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فإذا‬
‫احسسنا في المرآة صورة الفلك والشمس والقمر فليس ذلك لجل انه‬
‫حضرت‪.‬‬
‫]‪[338‬‬

‫الكلم إلى أن الحاصل في الخيال حقائق الحروف والصوات‪ ،‬وإلى أن الحاصل في‬
‫الخيال عند تخيل البحر والسماء حقيقة البحر والسماء‪ ،‬وإن كان الحق هو‬
‫الثاني وهو أن الحاصل في الخيال شئ آخر مخالف للمبصرات‬
‫والمسموعات‪ ،‬فحينئذ يعود السؤال وهو أنا كيف نجد من أنفسنا صور هذه‬
‫المرئيات ؟ وكيف نجد من أنفسنا هذه الكلمات والعبارات وجد انا ل نشك‬
‫أنها حروف متوالية على العقل متعاقبة على الذهن ؟ فهذا منتهى الكلم في‬
‫كلم الفلسفة‪ ،‬وأما الجمهور العظم من أهل العلم فانهم سلموا أن هذه‬
‫الخواطر المتوالية المتعاقبة حروف وأصوات خفية )‪ .(1‬واعلم أن القائلين‬
‫بهذا القول قالوا‪ :‬فاعل هذه الحروف والصوات إما ذلك النسان أو إنسان‬
‫آخر‪ ،‬وإما شئ روحاني مباين يمكنه إلقاء هذه الحروف والصوات إلى هذا‬
‫النسان‪ ،‬سواء قيل‪ :‬إن ذلك المتكلم هو الجن والشياطين أو الملك‪ ،‬وإما أن‬
‫يقال‪ :‬خالق تلك الحروف والصوات هو ال تعالى‪ ،‬أما القسم الول وهو‬
‫أن فاعل هذه الحروف والصوات هو ذلك النسان فهذا قول باطل‪ ،‬لن‬
‫الذي يحصل باختيار النسان يكون قادرا على تركه‪ ،‬فلو كان حصول هذه‬
‫الخواطر بفعل النسان لكان النسان إذا أراد دفعها أو تركها لقدر عليه‪،‬‬
‫ومعلوم أنه ل يقدر على دفعها فانه سواء حاول فعلها أو حاول تركها فتلك‬
‫الخواطر تتوارد على طبعه وتتعاقب على ذهنه بغير اختياره‪ .‬وأما القسم‬
‫الثاني وهو أنها حصلت بفعل إنسان آخر فهو ظاهر الفساد‪ ،‬ولما بطل‬
‫هذان القسمان بقي الثالث وهي أنها من فعل الجن أو الملك أو من فعل ال‬
‫تعالى‪ ،‬وأما الذين قالوا‪ :‬إن ال ل يجوز أن يفعل القبائح فاللئق بمذهبهم‬
‫أن يقولوا‪ :‬إن هذه الخواطر الخبيثة ليست من فعل ال تعالى‪ ،‬فبقي أنها‬
‫من أحاديث الجن والشياطين وأما الذين قالوا‪ :‬إنه ل يقبح من ال شئ‬
‫فليس في مذهبهم مانع يمنعهم من نسبة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وأصوات حقيقة‪.‬‬

‫]‪[339‬‬

‫إسناد )‪ (1‬هذه الخواطر إلى ال تعالى‪ .‬واعلم أن الثنوية يقولون‪ :‬للعالم إلهان‪:‬‬
‫أحدهما خير وعسكره الملئكة والثاني شر )‪ (2‬وعسكره الشياطين‪ ،‬وهما‬
‫يتنازعان أبدا‪ ،‬وكل )‪ (3‬شئ في هذا العالم فلكل واحد منهما تعلق به‪،‬‬
‫فالخواطر الداعية إلى أعمال الخير إنما حصلت من عساكر ال والخواطر‬
‫الداعية إلى أعمال الشر إنما حصلت من عساكر الشيطان‪ ،‬واعلم أن القول‬
‫باثبات إلهين قول باطل على ما ثبت فساده بالدلئل‪ ،‬فهذا منتهى القول في‬
‫هذا الباب‪ .‬المسألة الثانية عشر‪ :‬من الناس من أثبت لهذه الشياطين قدرة‬
‫على الحياء وعلى الماتة وعلى خلق الجسام وعلى تغيير الشخاص عن‬
‫صورتها الصلية وخلقتها الولوية )‪ (4‬ومنهم من أنكر هذه الحوال وقال‪:‬‬
‫إنه ل قدرة لها على شئ من هذه الحوال‪ ،‬وأما أصحابنا فقد أقاموا الدللة‬
‫على أن القدرة على اليجاد والتكوين والحداث ليست إل ل‪ ،‬فبطلت هذه‬
‫المذاهب كلها بالكلية‪ ،‬وأما المعتزلة فقد سلموا أن النسان قادر على إيجاد‬
‫بعض الحوادث‪ ،‬فل جرم صاروا محتاجين إلى بيان أن هذه الشياطين ل‬
‫قدرة لها على خلق الجسام والحياة‪ ،‬ودليلهم هو أن قالوا الشيطان جسم‪،‬‬
‫وكل جسم فانه قادر بالقدرة‪ ،‬والقدرة التي لنا ل تحصل ليجاد الجسام‪،‬‬
‫فهذه مقدمات ثلث‪ ،‬فالمقدمة الولى أن الشيطان جسم‪ ،‬فقد بنوا هذه‬
‫المقدمة على أن ما سوى ال إما متحيز وإما حال في المتحيز‪ ،‬وليس لهم‬
‫في إثبات هذه المقدمة شبهة فضل عن حجة‪ .‬وأما المقدمة الثانية وهى‬
‫قولهم‪ :‬الجسم إنما يكون قادرا بالقدرة‪ ،‬فقد بنوا‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪] :‬من نسبة انشاء هذه الخواطر[ وفى المصدر‪ :‬من‬
‫اسناد هذه الخواطر‪ (2) .‬المصدر‪ :‬شرير‪ (3) .‬في المصدر‪] :‬كل[ بل‬
‫عاطف‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬الولية‪.‬‬

‫]‪[340‬‬

‫هذا على أن الجسام متماثلة )‪ ،(1‬فلو كان شئ منها قادرا لذاته لكان الكل قادرا‬
‫لذاته وبناء هذه المقدمة على تماثل الجسام‪ .‬وأما المقدمة الثالثة وهي‬
‫قولهم‪ :‬هذه القدرة التي لنا ل تصلح لخلق الجسام‪ ،‬فوجب أن ل تصلح‬
‫القدرة الحادثة لخلق الجسام وهذا أيضا ضعيف‪ ،‬لنه يقال لهم‪ :‬لم ل يجوز‬
‫حصول قدرة مخالفة لهذه القدرة الحاصلة لنا‪ ،‬وتكون تلك القدرة صالحة‬
‫لخلق الجسام ؟ فانه ل يلزم من عدم وجود الشئ في الحال امتناع وجوده‪،‬‬
‫فهذا تمام الكلم في هذه المسألة‪ .‬المسألة الثالثة عشر‪ :‬اختلفوا في أن‬
‫الجن هل يعلمون الغيب ؟ وقد بين ال تعالى في كتابه أنهم بقوا في قيد‬
‫سليمان عليه السلم وفي حبسه بعد موته مدة وهم ما كانوا يعلمون موته‪،‬‬
‫وذلك يدل على أنهم ل يعلمون الغيب‪ ،‬ومن الناس من يقول‪ :‬إنهم يعلمون‬
‫الغيب‪ ،‬ثم اختلفوا فقال بعضهم‪ :‬إن فيهم من يصعد إلى السماوات أو يقرب‬
‫منها و يتلقى بعض تلك الغيوب )‪ (2‬على ألسنة الملئكة‪ ،‬ومنهم من قال‪:‬‬
‫إن لهم طرقا اخرى في معرفة الغيوب عن ال تعالى )‪ .(3‬اعلم أن فتح‬
‫الباب في مثل هذه المباحث ل يفيد إل الظنون والحسبانات‪ ،‬والعالم‬
‫يحقائقها هو ال سبحانه وتعالى )‪ .(4‬وقال أيضا في تفسير سورة الجن‪:‬‬
‫اختلف الناس قديما وحديثا في ثبوت الجن ونفيه‪ ،‬فالنقل الظاهر عن أكثر‬
‫الفلسفة إنكاره‪ ،‬وذلك لن أبا علي بن سينا قال في رسالته في حدود‬
‫الشياء‪ :‬الجن حيوان هوائي متشكل بأشكال مختلفة‪ ،‬ثم قال‪ :‬وهذا شرح‬
‫للسم‪ .‬فقوله‪ :‬فهذا شرح للسم‪ ،‬يدل على أن هذا الحد شرح المراد من‬
‫هذا اللفظ‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬مما تستلزم مماثلة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ويخبر ببعض الغيوب‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬في معرفة الغيوب ل يعلمها ال ال‪ (4) .‬تفسير الرازي ‪:1‬‬
‫‪.89 - 76‬‬

‫]‪[341‬‬

‫وليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج )‪ .(1‬وأما جمهور أرباب الملل والمصدقين‬
‫للنبياء عليهم السلم فقد اعترفوا بوجود الجن واعترف به جمع عظيم من‬
‫قدماء الفلسفة وأصحاب الروحانيات ويسمونها بالرواح السفلية‪،‬‬
‫وزعموا أن الرواح السفلية أسرع اجابة إل أنها أضعف‪ ،‬وأما الرواح‬
‫الفلكية فهي أبطأ إجابة إل أنها أقوى‪ .‬واختلف المثبتون على قولين‪ :‬فمنهم‬
‫من زعم أنها ليست أجساما ول حالة في الجسام بل هي جواهر قائمة‬
‫بأنفسها‪ ،‬قالوا‪ :‬ول يلزم من هذا أن يقال‪ :‬إنها تكون مساوية لذات ال لن‬
‫كونها ليست أجساما ول جسمانية سلوب‪ ،‬والمشاركة في السلوب ل‬
‫تقتضي المساواة في الماهية‪ ،‬قالوا‪ :‬ثم إن هذه الذوات بعد اشتراكها في‬
‫هذه السلوب أنواع مختلف بالماهية كاختلف ماهيات العراض بعد‬
‫استوائها في الحاجة إلى المحل‪ ،‬فبعضها خيرة وبعضها شريرة‪ ،‬وبعضها‬
‫كريمة حرة محبة للخيرات‪ ،‬وبعضها دنيئة خسيسة محبة للشرور والفات‪،‬‬
‫ول يعرف عدد أنواعهم وأصنافهم إل ال تعالى‪ ،‬قالوا‪ :‬وكونها موجودات‬
‫مجردة ل يمنع من كونها عالمة بالخيرات )‪ (2‬قادرة على الفعال‪ ،‬فهذه‬
‫الرواح يمكنها أن تسمع وتبصر وتعلم الفعال الخيرة )‪ ،(3‬فيفعل )‪(4‬‬
‫الفعال المخصوصة‪ ،‬ولما ذكرنا أن ماهياتها مختلفة لجرم ل يبعد )‪ (5‬أن‬
‫يكون في أنواعها ما يقدر على أفعال شاقة عظيمة يعجز عنها قدرة البشر‪،‬‬
‫ول يبعد أيضا أن يكون لكل نوع منها تعلق بنوع مخصوص من أجسام هذا‬
‫العالم‪ ،‬وكما أنه دلت الدلئل الطبيعية على أن التعلق )‪(6‬‬

‫)‪ (1‬هذا ل يدل على ذلك بل المراد انه ليس حدا ذاتيا له بل هو شرح للسم‪ ،‬وذلك‬
‫اعم من أن يكون له وجود في الخارج أم ل‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬عالمة‬
‫بالخبريات‪ (3) .‬في المصدر‪] :‬وتعلم الحوال الخبرية[ وفى النسخ‬
‫المخطوطة‪ :‬الحوال الخيرة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وتفعل‪ (5) .‬في المصدر‪:‬‬
‫لم يبعد‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬المتعلق الول‪.‬‬
‫]‪[342‬‬

‫الول للنفس الناطقة التي ليس للنسان )‪ (1‬إل هي‪ ،‬هي الرواح وهي أجسام‬
‫بخارية لطيفة تتولد من ألطف أجزاء الدم وتتكون في الجانب اليسر من‬
‫القلب‪ ،‬ثم بواسطة تعلق النفس بهذه الرواح تصير متعلقة بالعضاء التي‬
‫تسري فيها هذه الرواح لم يبعد أيضا أنه يكون )‪ (2‬لكل واحد من هؤلء‬
‫هو المتعلق الول لذلك الروح‪ ،‬ثم بواسطة سريان ذلك الهواء في جسم‬
‫آخر كثيف يحصل لتلك الرواح تعلق تصرف في تلك الجسام الكثيفة‪ .‬ومن‬
‫الناس من ذكر في الجن طريقة اخرى فقال‪ :‬هذه الرواح البشرية‬
‫والنفوس الناطقة إذا فارقت أبادنها‪ ،‬ازدادت قوة وكمال بسبب ما في ذلك‬
‫العالم الروحاني من انكشاف السرار الروحانية فإذا اتفق أن حدث بدن‬
‫آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن فبسبب تلك المشاكلة‬
‫يحصل لتلك النفس المفارقة تعلق ما بهذا البدن وتصير تلك النفس‬
‫المفارقة كالمعاونة لنفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرها لذلك البدن‪ ،‬فان‬
‫الجنسية علة الضم‪ ،‬فان اتفقت هذه الحالة في النفوس الخيرة سمي ذلك‬
‫المعين ملكا وتلك العانة إلهاما‪ ،‬وإن اتفقت في النفوس الشريرة سمى‬
‫ذلك المعين شيطانا وتلك العانة وسوسة‪ .‬والقول الثاني في الجن أنهم‬
‫أجسام‪ ،‬ثم القائلون بهذا المذهب اختلفوا على قولين‪ :‬منهم من زعم أن‬
‫الجسام مختلفة في ماهياتها‪ ،‬إنما المشترك بينها صفة واحدة وهي كونها‬
‫بأسرها حاصلة في الحيز والمكان والجهة‪ ،‬وكونها موصوفة بالطول‬
‫والعرض والعمق‪ ،‬وهذه كلها إشارة إلى الصفات‪ ،‬والشتراك في الصفات‬
‫ل يقتضي الشتراك في تمام الماهية لما ثبت أن الشياء المختلفة في تمام‬
‫الماهية ل يمتنع اشتراكها في لزم واحد‪ ،‬قالوا‪ :‬وليس لحد أن يحتج على‬
‫تماثل الجسام بأن يقال‪ :‬الجسم من حيث أنه جسم له حد واحد وحقيقة‬
‫واحدة‪ ،‬فيلزم أن ل يصل التفاوت في ماهية الجسم من حيث‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬النسان‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أن يكون‪.‬‬

‫]‪[343‬‬

‫هو جسم‪ ،‬بل إن حصل التفاوت حصل في مفهوم زائد على ذلك‪ ،‬وأيضا فلنه يمكننا‬
‫تقسيم الجسم إلى اللطيف والكثيف والعلوي والسفلي‪ ،‬ومورد التقسيم‬
‫مشترك بين القسام فالقسام كلها مشتركة في الجسمية‪ ،‬والتفاوت إنما‬
‫يحصل بهذه الصفات وهي اللطافة والكثافة وكونها علوية وسفلية‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫وهاتان الحجتان ضعيفتان‪ .‬أما الحجة الولى فلنا نقول‪ :‬كما أن الجسم من‬
‫حيث أنه جسم له حد واحد وحقيقة واحدة‪ ،‬فكذا العرض من حيث أنه‬
‫عرض له حد واحد وحقيقة واحدة‪ ،‬فيلزم منه أن تكون العراض كلها‬
‫متساوية في تمام الماهية‪ ،‬وهذا مما ل يقوله عاقل‪ ،‬بل الحق عند الفلسفة‬
‫أنه ليس للعراض البتة قدر مشترك بينها من الذاتيات‪ ،‬إذ لو حصل بينها‬
‫قدر مشترك لكان ذلك المشترك جنسا لها‪ ،‬ولو كان كذلك لما كانت التسعة‬
‫أجناسا عالية بل كانت أنواع جنس واحد‪ .‬إذا ثبت هذا فنقول‪ :‬العراض من‬
‫حيث أنها أعراض لها حقيقة واحدة‪ ،‬ولم يلزم من ذلك أن يكون بينها ذاتي‬
‫مشترك أصل‪ ،‬فضل عن أن تكون متساوية في تمام الماهية‪ ،‬فلم ل يجوز‬
‫أن يكون الحال في الجسم كذلك‪ ،‬فانه كما أن العراض مختلفة في تمام‬
‫الماهية‪ ،‬ثم إن تلك المختلفات متساوية في وصف عارض‪ ،‬وهو كونه‬
‫عارضا لموضوعاتها‪ ،‬فكذا من الجائز أن يكون ماهيات الجسام مختلفة‬
‫في تمام ماهياتها‪ ،‬ثم إنها تكون متساوية في وصف عارض وهو كونها‬
‫مشارا إليها بالحس وحاصلة في الحيز والمكان‪ ،‬وموصوفة بالبعاد‬
‫الثلثة‪ ،‬فهذا الحتمال ل دافع له أصل‪ .‬وأما الحجة الثانية وهي قولهم‪ :‬إنه‬
‫يمكن تقسيم الجسم إلى اللطيف والكثيف فهي أيضا منقوضة بالعرض‪،‬‬
‫فانه يمكن تقسيم العرض إلى الكيف والكم ولم يلزم أن يكون هناك قدر‬
‫مشترك من الذاتي فضل عن التساوي في كل الذاتيات‪ ،‬فلم ل يجوز أن‬
‫يكون المر هنا أيضا كذلك‪ ،‬وإذا ثبت أنه ل امتناع في كون الجسام‬
‫مختلفة ولم يدل دليل على بطلن هذا الحتمال‪ ،‬وحينئذ قالوا‪ :‬ل يمتنع في‬
‫بعض الجسام اللطيفة الهوائية أن تكون مخالفة لسائر أنواع الهواء في‬
‫الماهية‪ ،‬ثم يكون تلك الماهية تقتضي لذاتها علما مخصوصا وقدرة‬
‫مخصوصة على أفعال عجيبة‪ ،‬وعلى هذا التقدير يكون‬

‫]‪[344‬‬

‫القول بالجن ظاهر الحتمال‪ ،‬وتكون قدرتها على التشكل بالشكال المختلفة ظاهرة‬
‫الحتمال‪ .‬القول الثاني‪ :‬قول من قال‪ :‬الجسام متساوية في تمام الماهية‪،‬‬
‫والقائلون بهذا المذهب أيضا فرقتان‪ :‬الفرقة الولى الذين زعموا أن البنية‬
‫ليست شرطا في الحياة وهذا قول الشعري وجمهور أتباعه‪ ،‬وأدلتهم في‬
‫هذا الباب ظاهرة قوية‪ ،‬قالوا‪ :‬لو كانت البنية شرطا في الحياة )‪ (1‬لكان إما‬
‫أن يقال‪ :‬إن الحياة الواحدة قامت بمجموع الجزاء‪ ،‬أو يقال قام بكل واحدة‬
‫من الجزاء حياة واحدة على حدة‪ ،‬والول محال لن حلول العرض الواحد‬
‫في المحال الكثيرة دفعة واحدة غير معقول‪ .‬والثاني أيضا باطل لن الجزاء‬
‫التي منها تألف الجسم متساوية والحياة القائمة بكل واحد منها متساوية‬
‫للحياة القائمة بالجزء الخر‪ ،‬وحكم الشئ حكم مثله‪ ،‬فلو افتقر قيام الحياة‬
‫بهذا الجزء إلى قيام تلك الحياة بذلك الجزء يحصل )‪ (2‬هذا الفتقار من‬
‫الجانب الخر‪ ،‬فيلزم وقوع الدور‪ ،‬وهو محال‪ ،‬وإن لم يحصل هذا الفتقار‬
‫فحينئذ ثبت أن قيام الحياة بهذا الجزء ل يتوقف على قيام الحياة الثانية‬
‫بذلك الجزء الثاني‪ ،‬وإذا بطل هذا التوقيف )‪ (3‬ثبت أنه يصح كون الجزء‬
‫الواحد موصوفا بالحياة والعلم وفي القدرة والرادة وبطل القول بأن البنية‬
‫شرط‪ ،‬قالوا‪ :‬وأما دليل المعتزلة وهو أنه ل بد من البنية فليس إل‬
‫الستقراء‪ ،‬وهو أنا رأينا أنه متى فسدت البنية بطلت الحياة‪ ،‬ومتى لم تفسد‬
‫بقيت الحياة‪ ،‬فوجب توقف الحياة على حصول البنية‪ ،‬إل أن هذا ركيك‪ ،‬فان‬
‫الستقراء ل يفيد القطع بالوجوب‪ ،‬فما الدليل على أن حال ما لم يشاهد‬
‫كحال ما شوهد وأيضا فلن هذا الكلم إنما يستقيم على قول من ينكر خرق‬
‫العادات‪ ،‬أما من يجوزها فهذا ل يتمشى على مذهبه‪ ،‬والفرق بينهما في‬
‫جعل بعضها على سبيل العادة وجعل بعضها على سبيل الوجوب تحكم‬
‫محض ل سبيل إليه‪ ،‬فثبت أن البنية ليست شرطا في الحياة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬للحياة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لحصل‪ (3) .‬في المصدر ؟ هذا التوقف‪.‬‬

‫]‪[345‬‬

‫وإذا ثبت هذا لم يبعد أن يخلق ال تعالى في الجوهر الفرد علما بامور كثيرة وقدرة‬
‫على أشياء شاقة شديدة وعند هذا ظهر القول بامكان وجود الجن‪ ،‬سواء‬
‫كانت أجسامهم لطيفة أو كثيفة‪ ،‬وسواء كانت أجرامهم كبيرة أو صغيرة‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬إن البنية شرط الحياة‪ ،‬وإنه لبد من صلبة في البنية حتى‬
‫يكون قادرا على الفعال الشاقة‪ .‬فههنا مسألة اخرى‪ :‬وهي أنه هل يمكن أن‬
‫يكون المرئي حاضرا‪ ،‬والموانع مرتفعة والشرائط من القرب والبعد‬
‫حاصلة‪ ،‬وتكون الحاسة سليمة‪ ،‬ثم مع هذا ل يحصل الدراك أو يكون هذا‬
‫ممتنعا عقل ؟ أما الشعري وأتباعه فقد جوزوه‪ ،‬وأما المعتزلة فقد حكموا‬
‫بامتناعه عقل‪ ،‬واستدل الشعري على قوله بوجوه عقلية ونقلية أما‬
‫العقلية فأمران‪ :‬الول‪ :‬أنا نرى الكبير من البعيد صغيرا‪ ،‬وما ذاك إل أنا‬
‫نرى بعض أجزاء ذلك البعيد دون البعض‪ ،‬مع أن نسبة الحاسة وجميع‬
‫الشرائط إلى تلك الجزاء المرئية كهي بالنسبة إلى الجزاء التي هي غير‬
‫مرئية‪ ،‬فعلمنا أن مع حصول سلمة الحاسة وحضور المرئي وحصول‬
‫الشرائط وانتفاء الموانع ل يكون الدراك واجبا‪ .‬الثاني‪ :‬إن الجسم الكبير ل‬
‫معنى له إل مجموع تلك الجزاء المتألفة‪ ،‬فإذا رأينا ذلك الجسم الكبير على‬
‫مقدار من البعد فقد رأينا تلك الجزاء‪ ،‬فأما أن تكون رؤية هذا الجزء‬
‫مشروطة برؤية ذلك الجزء الخر أول يكون‪ ،‬فان كان الول لزم الدور‪،‬‬
‫لن الجزاء متساوية‪ ،‬فلو افتقرت رؤية هذا الجزء إلى رؤية ذلك الجزء‬
‫لفتقرت أيضا رؤية ذلك الجزء إلى رؤية هذا الجزء‪ ،‬فيقع الدور‪ ،‬وإن لم‬
‫يحصل هذا الفتقار فحيئذ رؤية الجوهر الفرد على القدر من المسافة تكون‬
‫ممكنة‪ .‬ثم من المعلوم أن ذلك الجوهر الفرد لو حصل وحده من غير أن‬
‫ينضم إليه سائر الجواهر فانه ل يرى‪ ،‬فعلمنا أن حصول الرؤية عند‬
‫اجتماع جملة الشرائط )‪ (1‬ل يكون واجبا بل جائزا‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬عند اجتماع الشرائط‪.‬‬

‫]‪[346‬‬

‫وأما المعتزلة فقد عولوا على أنا إن جوزنا ذلك لجوزنا أن يكون بحضرتنا طبلت‬
‫وبوقات ول نراها ول نسمعها‪ ،‬وإذا عارضناهم بسائر المور العادية وقلنا‬
‫لهم فجوزوا أن يقال‪ :‬انقلبت مياه البحار ذهبا وفضة والجبال ياقوتا‬
‫وزبرجدا‪ ،‬وحصل )‪ (1‬في السماء حال ما غمضت العين ألف شمس وقمر‪،‬‬
‫ثم كما فتحت العين أعدمها ال تعالى عجزوا عن الفرق‪ ،‬والسبب في هذا‬
‫التشويش أن هؤلء المعتزلة نظروا إلى هذه المور المطردة في مناهج‬
‫العادات فزعموا )‪ (2‬أن بعضها واجبة‪ ،‬وبعضها غير واجب‪ ،‬فلما لم يجدوا‬
‫قانونا مستقيما ومأخذا سليما بين البابين تشوش المر عليهم‪ ،‬بل الواجب‬
‫أن يسوي بين الكل فيحكم على الكل بالوجوب‪ ،‬كما هو قول الفلسفة‪ ،‬أو‬
‫على الكل بعدم الوجوب كما هو قول الشعري‪ ،‬فأما التحكم في الفرق فهو‬
‫بعيد‪ .‬إذا ثبت هذا ظهر جواز القول بالجن وأن أجسامهم وإن كانت كثيفة‬
‫قوية إل أنه ل يمتنع أن ل نراها وإن كانوا حاضرين‪ ،‬هذا على قول‬
‫الشعري فهذا هو تفصيل هذه الوجوه‪ .‬وأنا متعجب من هؤلء المعتزلة‬
‫أنهم كيف يصدقون ما جاء في القرآن من إثبات الملك والجن مع‬
‫استمرارهم على مذاهبهم‪ ،‬وذلك لن القرآن دل على أن للملئكة قوة‬
‫عظيمة على الفعال الشاقة والجن أيضا كذلك‪ ،‬وهذه القدرة ل تثبت إل في‬
‫العضاء الكثيفة الصلبة‪ ،‬فإذا يجب في الملك والجن أن يكونوا كذلك‪ ،‬ثم‬
‫إن هؤلء الملئكة حاضرون عندنا أبدا وهم الكرام الكاتبون والحفظة‪،‬‬
‫ويحضرون أيضا عند قبض الرواح وقد كانوا يحضرون عند الرسول‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬وإن أحدا من القوم ما كان يراهم‪ ،‬وكذلك الناس‬
‫الجالسون عند من يكون في النزع ل يرون أحدا‪ ،‬فان وجبت رؤية الكثيف‬
‫عند الحضور فلم ل نراها ؟ وإن لم تجب الرؤية فقد بطل مذهبهم‪ ،‬وإن‬
‫كانوا موصوفين بالقوة والشدة مع عدم الكثافة والصلبة فقد بطل قولهم‪:‬‬
‫إن البنية شرط الحياة‪ ،‬فان قالوا‪ :‬إنها أجسام لطيفة ولكنها للطافتها ل تقدر‬
‫على العمال الشاقة‪ ،‬فهذا إنكار لصريح القرآن‪ ،‬وبالجملة فحالهم في‬
‫القرار بالملك والجن مع هذه المذاهب عجيبة )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أو حصلت‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فوهموا )‪ (3‬تفسير الرازي ‪:30‬‬
‫‪.152 - 148‬‬
‫]‪[347‬‬

‫بيان‪ (1) :‬أقول‪ :‬إنما أوردت هذه القوال الركيكة لتطلع على مذاهب جميع الفرق‬
‫في ذلك‪ ،‬وقد عرفت ما دلت عليه اليات والخبار المعتبرة‪ ،‬وأشرنا إلى ما‬
‫هو الحق الحقيق بالذعان ولم نتعرض لتزييف القوال السخيفة حذرا من‬
‫الطناب‪ .‬قوله‪ :‬فأذنوه ثلثة أيام‪ ،‬أي فأعلموه وأتموا الحجة عليه‪ ،‬قال‬
‫النووي‪ :‬فانه إذا لم يذهب بالنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت ول‬
‫ممن أسلم من الجن‪ ،‬بل هو شيطان فاقتلوه ولن يجعل ال له سبيل إلى‬
‫النتصار عليكم بثاره بخلف العوامر وصفة النذار أن يقول‪ :‬انشدكم‬
‫بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان أن تؤذونا وأن تظهروا لنا " قالوا‪ :‬ل تقتل‬
‫حيات المدينة إل بالنذار‪ ،‬وفي غيرها يقتل بغيره‪ ،‬بسبب أن طائفة من‬
‫الجن أسلم بها‪ ،‬وقيل‪ :‬النهي في حيات البيوت في جميع البلد‪ ،‬وما ليس‬
‫في البيوت يقتل بدونه انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬وفي بعض رواياتهم‪ " :‬فليحرج‬
‫عليها " قال في النهاية‪ :‬قوله عليه السلم في قتل الحيات‪ :‬فليحرج عليها‪،‬‬
‫هو أن يقول لها‪ :‬أنت في حرج أي ضيق‪ ،‬إن عدت إلينا فل تلومينا‪ ،‬إن‬
‫ضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل انتهى‪ .‬وقال النووي‪ :‬أحرج عليك بال‬
‫واليوم الخر أن ل تبدوا لنا ول تؤذونا قتل الحيات‪ :‬فليحرج عليها‪ ،‬هو أن‬
‫يقول لها‪ :‬أنت في حرج أي ضيق‪ ،‬إن عدت إلينا فل تلومينا‪ ،‬إن ضيق‬
‫عليك بالتتبع والطرد والقتل انتهى‪ .‬وقال النووي‪ :‬أحرج عليك بال واليوم‬
‫الخر أن ل تبدوا لنا ول تؤذونا ول تظهروا لنا فان لم يذهب أو عاد بعده‬
‫فاقتلوه‪ ،‬فانه إما جني كافر أو حية‪ .‬وقوله‪ :‬شيطان‪ ،‬أي ولد من أولد‬
‫إبليس أو حية )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬تنبيه‪ (2) .‬أقول‪ :‬هذا آخر الجزء الثالث والستون من‬
‫كتاب بحار النوار من المجلد السماء والعالم ويأتى بعده الجزء الرابع‬
‫والستون وأوله أبواب الحيوان وأصنافها‪ ،‬والحمد ل أول وآخرا ونصلي‬
‫على رسوله وآله‪ .‬قم المشرفة‪ :‬عبد الرحيم الربانى الشيرازي عفى عنه‬
‫وعن والديه‪.‬‬

‫]‪[348‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على محمد وآله‬
‫الطيبين الطاهرين وبعد فقد وفقنا ال تبارك وتعالى لتصحيح هذا الجزء‬
‫من كتاب بحار النوار وهو الجزء الستون حسب تجزئتنا‪ ،‬قد بذلنا الجهد‬
‫والمجهود في تصحيحه وتنميقه ومقابلته بالنسخ وبمصادره‪ ،‬وعلقنا عليه‬
‫تعليقا مختصرا تتميما لما لم يذكره المصنف من غريب اللغة وغيره‪،‬‬
‫وتبيانا لما اختلف في مصادره من نصوصه‪ ،‬وكان المرجع في تصحيحنا‬
‫مضافا إلى النسخة المطبوعة المعروفة بطبعة أمين الضرب‪ ،‬والنسخة‬
‫المعروفة بطبعة الخونسارى نسخة مخطوطة أرسلها الفاضل المحترم‬
‫السيد جلل الدين الرموى دامت توفيقاته استكتبها أبو القاسم الرضوي‬
‫الموسوي الخونسارى في سنة ‪ ،1235‬نشكر ال تعالى على توفيقنا لذلك‬
‫ونسأله المزيد من توفيقه وإفضاله‪ ،‬إنه ذو الفضل العظيم‪ .‬قم المشرفة‪:‬‬
‫عبد الرحيم الربانى الشيرازي عفى عنه وعن والديه رمضان ‪ 1390‬ق‬

‫مكتبة يعسوب الدين عليه السلم اللكترونية‬

You might also like