Professional Documents
Culture Documents
][1
بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر
المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي قدس ال سره الجزء الحادي
والستون دار إحياء التراث العربي بيروت -لبنان الطبعة الثالثة المصححة
1403ه 1983 .م دار احياء التراث العربي
][1
][2
يوزعون * حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ل
يحطمنكم سليمان وجنوده وهم ل يشعرون .18 - 16إلى قوله تعالى:
وتفقد الطير فقال مالي ل أرى الهدهد أم كان من الغائبين * لعذبنه عذابا
شديدا أو لذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين * فمكث غير بعيد فقال أحطت
بما لم تحط به وجئتك من سباء بنباء يقين .22 - 20إلى قوله سبحانه:
قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين * اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم
تول عنهم فانظر ماذا يرجعون 27و .28العنكبوت " :" 29وكأين من
دابة ل تحمل رزقها ال يرزقها وإياكم وهو السميع العليم .60لقمان "
:" 31وبث فيها من كل دابة .10ص " :" 38والطير محشورة كل له
أواب .19الزخرف " :" 43والذي خلق الزواج كلها .12الجاثية " 43
" :وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون .4الملك " " 67أو
لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إل الرحمن إنه بكل
شئ بصير .19التكوير " :" 81وإذا الوحوش حشرت .5الفيل " 105
" :ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل .إلى آخر السورة .تفسير :قال
الطبرسي قدس سره في قوله تعالى " :وما من دابة في الرض " :أي ما
من حيوان يمشي على وجه الرض " ول طائر يطير بجناحيه " جمع
بهذين اللفظين جميع الحيوانات لنها ل تخلو أن تكون تطير بجناحيه أو
تدب ،وإنما قال " :يطير بجناحيه " للتوكيد ورفع اللبس ،لن القائل قد
يقول :طرفي حاجتي أي أسرع فيها ،أو لن السمك تطير في الماء ول
جناح لها ،وإنما خرج السمك عن الطائر لنه من دواب البحر ،وإنما أراد
تعالى ما في الرض وما في الجو ).(1
][3
وأقول :قيل :إنها تشمل الحيتان أيضا ،إما بدخولها في الول لنها تدب في الماء أو
في الثاني ،ول يخفى بعدهما .وقال الرازي في قوله " :إل امم أمثالكم" :
قال الفراء :يقال :كل صنف من البهائم امة ،وجاء في الحديث " :لول أن
الكلب امة تسبح لمرت ) (1بقتلها " فجعل الكلب امة ،إذا ثبت هذا
فنقول :الية دلت على أن هذه الدواب والطيور أمثالنا ،وليس فيها ما يدل
على أن هذه المماثلة في أي المعاني حصلت ول يمكن أن يقال :المراد
حصول المماثلة من كل الوجوه وإل لكان يجب كونها أمثالنا ) (2في
الصورة والصفة والخلقة ،وذلك باطل ،فظهر أنه ل دللة في الية على أن
تلك المماثلة حصلت في أي الحوال والمور ،فاختلف الناس في تفسير
المر الذي حكم ال فيه بالمماثلة بين البشر وبين الدواب والطيور:
وذكروا فيه أقوال :الول :نقل الواحدي عن ابن عباس :أنه قال] :يريد
يعرفونني ويوحدونني ويسبحونني ويحمدونني " وإلى هذا القول ذهبت
طائفة عظيمة من المفسرين وقالوا :إن هذه الحيوانات تعرف ال وتحمده
وتسبحه ،واحتجوا عليه بقوله " :وإن من شئ إل يسبح بحمده " )(3
وبقوله في صفة الحيوانات " :كل قد علم صلته وتسبيحه " ) (4ولنه
تعالى ) (5خاطب النمل والهدهد .وعن أبي الدرداء قال :ابهمت عقول
البهم عن كل شئ إل أربعة ) (6أشياء:
) (1في المصدر :لو ل ان الكلب امة من المم لمرت بقتلها (2) .في المصدر:
امثال لنا (3) .السرء (4) .44 :النور (5) .41 :في المصدر :وبما أنه
تعالى ) (6في المصدر :ال عن أربعة* .
][4
معرفة الله ،وطلب الرزق ،ومعرفة الذكر والنثى ،وتهيأ كل واحد منهما لصاحبه.
وروي عن النبي صلى ال عليه واله وسلم أنه قال :من قتل عصفورا عبثا
جاء يوم القيامة يعج -إلى ال تعالى يقول يا رب إن هذا قتلني عبثا لم
ينتفع بي ولم يدعني فآكل من حشارة ) (1الرض .الثاني أن المراد كونها
أمثالكم في كونها امما وجماعات ،وفي كونها مخلوقة بحيث يشبه بعضها
بعضا ويأنس بعضها ببعض ويتوالد بعضها من بعض ،إل أن للسائل أن
يقول :حمل الية على هذا الوجه ل يفيد فائدة معتبرة ،إذ معلوم لكل أحد
كونها كذلك .الثالث :أن المراد أنها أمثالنا في أن دبرها ال تعالى وخلقها
وتكفل برزقها ،وهذا يقرب من القول الثاني فيما ذكر .الرابع :أن المراد أنه
تعالى كما أحصى في الكتاب كل ما يتعلق بأحوال البشر من العمر والرزق
والجل والسعادة والشقاوة ،فكذلك أحصى في الكتاب جميع هذه الحوال
في حق كل الحيوانات ،قالوا :والدليل عليه قوله تعالى " :ما فرطنا في
الكتاب من شئ " .والخامس :أنه أراد تعالى أنها أمثالها ) (2في أنها
تحشر يوم القيامة وتوصل ) (3إليها حقوقها كما روي عن النبي صلى ال
عليه واله وسلم أنه قال :يقتص للجماء من القرناء .السادس :ما رواه
الخطابي عن سفيان بن عيينة أنه لما قرأ هذه الية قال :ما في الرض
آدمي إل وفيه شبه من بعض البهائم ،فمنهم من يقدم إقدام السد ومنهم
من يعدو عدو الذئب ،ومنهم من ينبح نباح الكلب ،ومنهم من يتطوس
) (1في المصدر) :خشاش الرض( والمعنى واحد وهو حشرات الرض (2) .في
المصدر :امثالنا (3) .في المصدر :يوصل* .
][5
كفعل الطاووس ،ومنهم من يشبه الخنزير ،فانه لو القي إليه الطعام الطيب تركه
وإذا أقام الرجل عن رجيعه ولغت ) (1فيه ،وكذلك نجد من الدميين من لو
سمع خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منها ،فان أخطأت مرة واحدة حفظها،
ولم يجلس مجلسا إل رواه عنه .ثم قال :فاعلم يا أخي أنك إنما تعاشر
البهائم والسباع فبالغ في الحتراز .ثم قال :ذهب القائلون بالتناسخ إلى أن
الرواح البشرية إن كانت سعيدة مطيعة ل موصوفة بالمعارف الحقة
وبالخلق الطاهرة فانها بعد موتها تنقل إلى أبدان الملوك ،فربما قالوا:
إنها تنقل إلى مخالطة عالم الملئكة ،وإن كانت شقية جاهلة عاصية فانها
تنقل إلى أبدان الحيوانات ،وكلما كانت تلك الرواح أكثر شقاوة واستحقاقا
للعذاب نقلت إلى بدن حيوان أخس وأكثر تعبا وشقاء واحتجوا على صحة
قولهم بهذه الية فقالوا :صريح هذه الية يدل على أنه ل دابة ول طير إل
وهي امم أمثالنا ،ولفظ المماثلة يقتضي حصول المساواة في جميع
الصفات الذاتية وأما الصفات العرضية المفارقة فالمساواة فيها غير
معتبرة في حصول المماثلة .ثم إن القائلين بهذا القول زادوا عليه وقالوا:
قد ثبت بهذا أن أرواح جميع الحيوانات عارفة بربها وعارفة بما تحصل
لها من السعادة والشقاوة ،وأن ال تعالى أرسل إلى كل جنس منها رسول
من جنسها .واحتجوا عليه بأنه ثبت بهذه الية أن الدواب والطيور امم ،ثم
إنه تعالى قال " :وإن من امة إل خل فيها نذير " ) (2وذلك تصريح بأن
لكل طائفة من هذه الحيوانات رسول أرسله ال إليه ،ثم أكدوا ذلك بقصة
الهدهد والنمل وسائر القصص المذكورة في القرآن .واعلم أن القول
بالتناسخ قد أبطلناه بالدلئل الجيدة في علم الصول ،وأما
][6
هذه الية فقد ذكرنا أنه يكفي في ضبط حصول المماثلة ) (1في بعض المور
المذكورة فل حاجة إلى إثبات ما ذكره أهل التناسخ ) (2انتهى .وقال
الطبرسي رحمه ال " :إل امم " أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها
يشتمل كل صنف على العدد الكثير عن مجاهد " أمثالكم " قيل :يريد
أشباهكم في إبداع ال إياها وخلقه لها ودللته على أن لها صانعا ،وقيل:
إنما مثلت المم من غير الناس بالناس في الحاجة إلى مدبر يدبرهم في
أغذيتهم وأكلهم ولباسهم ونومهم ويقظتهم وهدايتهم إلى مراشدهم إلى ما
ل يحصى كثرة من أحوالهم ومصالحهم وانهم يموتون ويحشرون .وبين
بهذا أنه ل يجوز للعباد أن يتعدوا في ظلم شئ منها فان ال خالقها
والمنتصف لها .ثم قال في قوله سبحانه " :إلى ربهم يحشرون " معناه
يحشرون إلى ال بعد موتهم يوم القيامة كما يحشر العباد ،فيعوض ال
تعالى ما يستحق العوض منها و ينتصف لبعضها من بعض .وفيما رووه
عن أبي هريرة أنه قال :يحشر ال الخلق يوم القيامة البهائم والدواب
والطير ،وكل شئ ،فيبلغ من عدل ال تعالى يومئذ أن يأخذ للجماء من
القرناء ) ،(3ثم يقول " :كوني ترابا " فلذلك يقول الكافر " :يا ليتني كنت
ترابا " ) .(4وعن أبي ذر قال :بينا أنا عند رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم إذا انتطحت ) (5عنزان ) (6فقال النبي صلى ال عليه واله وسلم" :
أتدرون فيم انتطحا ؟ فقالوا :ل ندري قال :لكن ال يدرى
) (1في المصدر :فقد ذكرنا ما يكفى في صدق حصول المماثلة (2) .تفسير الرازي
(3) .215 - 213 :12الجماء جمع الجم :الكبش ل قرن له .والقرناء
جمع القرن :ماله قرنان (4) .النبأ (5) .40 :نطحه :اصابه بقرنه
وانتطح الكبشان :نطح احدهما الخر (6) ،في المصدر :إذ نطحت عنزان.
*
][7
وسيقضي بينهما " وعلى ) (1هذا فانما جعلت أمثالنا في الحشر والقصاص ).(2
واستدلت جماعة من أهل التناسخ بهذه الية على أن البهائم والطيور
مكلفة لقوله " :امم امثالكم " وهذا باطل لنا قد بينا أنها من اي جهة
تكون أمثالنا ولو وجب حمل ذلك على العموم لوجب أن تكون أمثالنا في
كونها على مثل صورنا وهيئاتنا وخلقتنا وأخلقنا ،فكيف يصح تكليف
البهائم وهي غير عاقلة ؟ والتكليف ل يصح إل مع كمال العقل انتهى ).(3
وقال الرازي :للفضلء فيه قولن :الول :أنه تعالى يحشر البهائم والطيور
ل يصال العواض إليها وهو قول المعتزلة ،وذلك لن إيصال اللم إليها
من غير سبق جناية ل يحسن إل للعوض ولما كان إيصال العوض إليها
واجبا فال تعالى يحشرها ليوصل تلك العواض إليها .والقول الثاني قول
أصحابنا :إن اليجاب على ال تعالى محال ،بل ال يحشرها بمجرد الرادة
والمشية ومقتضى اللهية .واحتجوا على أن القول :بوجوب العوض على
ال باطل بامور :الول :أن الوجوب عبارة عن كونه مستلزما للذم عند
الترك ،وكونه تعالى مستلزما للذم محال ،لنه كامل لذاته ،والكامل لذاته ل
يعقل كونه مستحقا للذم بسبب أمر منفصل ،لن ما يكون لزما بالذات ل
يبطل عند عروض أمر من الخارج ) .(4الثاني :أنه لو حسن إيصال الضرر
إلى الغير لجل العوض لوجب أن يحسن منا إيصال المضار إلى الغير لجل
التزام العوض من غير رضاه ،وذلك باطل ،فثبت أن القول بالعوض باطل.
إذا عرفت هذا فلنذكر بعض التفاريع الذي ذكر ها القاضي في هذا الباب:
) (1الظاهر الحديث ينتهى بقوله :بينهما ،وبعده من كلم الطبرسي (2) .في
المصدر :والقتصاص (3) .مجمع البيان 297 :4و (4) .298زاد في
المصدر حجة أخرى وهى انه تعالى مالك لكل المحدثات ،والمالك يحسن
تصرفه في ملك نفسه من غير حاجة إلى العوض* .
][8
الول :قال :كل حيوان استحق العوض عن ) (1ال مما لحقه من اللم و كان ذلك
العوض لم يصل إليه في الدنيا .فانه يجب على ال حشره ) (2في الخرة
ليوفر عليه العوض ،والذي ل يكون كذلك فانه ل يجب حشره عقل إل أنه
تعالى أخبر أنه يحشر الكل ،فمن حيث السمع يقطع بذلك ،وإنما قلنا :إن في
الحيوانات من ل يستحق العوض البتة لنه ربما بقيت مدة حياتها مصونة
عن اللم ،ثم إنه تعالى يميتها من غير إيلم أصل ،فانه لم يثبت بالدليل أن
الموت لبد وأن يحصل معه شئ من اللم ) ،(3وعلى هذا التقدير فانه ل
يستحق العوض البتة .الثاني :كل حيوان أذن ال في ذبحه فالعوض على
ال ،وهي على أقسام :منها :ما أذن في ذبحها لجل الكل ،ومنها :ما أذن
في ذبحها لجل كونها مؤذية مثل السباع العادية والحشرات المؤذية،
ومنها :ما اوذي بالمراض ) .(4ومنها :ما أذن ال في حمل الحمال
الثقيلة عليها واستعمالها بالفعال الشاقة ،وأما إذا ظلمها الناس فذلك
العوض على ذلك الظالم ،وإذا ظلم بعضها بعضا فذلك العوض على ذلك
الظالم .فان قيل :إذا ذبح ما يؤكل لحمه ل على وجه التذكية فعلى من
العوض ؟ أجاب :بأن ذلك ظلم والعوض على الذابح ،ولذلك نهى النبي
صلى ال عليه وآله عن ذبح الحيوان إل لكله ) .(5الثالث :المراد من
العوض منافع عظيمة بلغت في الجللة والرفعة إلى حيث لو كانت هذه
البهيمة عاقلة وعلمت أنه ل سبيل لها إلى تحصيل تلك المنفعة إل بواسطة
تحمل ذلك الذبح فانها كانت ترضى به ،فهذا هو العوض الذي لجله يحسن
اليلم والضرار.
) (1في المصدر :على ال (2) .في المصدر :حشره عقل (3) .في المصدر :من
اليلم (4) .في المصدر :ما آلمهما بالمراض (5) .في المصدر :ال
لمأكله* .
][9
الرابع :مذهب القاضي وأكثر معتزلة البصرة أن العوض منقطع ،قال القاضي :وهو
قول أكثر المفسرين لنه قال :إنه تعالى بعد توفير العوض عليها يجعلها
ترابا وعنده يقول الكافر " :يا ليتني كنت ترابا " ) .(1قال أبو القاسم:
يجب كون العوض دائما ) .(2واحتج القاضي على قوله بأنه يحسن من
الواحد منا أن يلتزم عمل شاقا لمنفعة منقطعة ) ،(3فعلمنا أن إيصال اللم
إلى الغير غير مشروط بدوام الجر ) .(4واحتج البلخي على قوله بأن قال:
ل يمكن قطع ذلك العوض إل باماتة تلك البهيمة ،وإماتتها توجب اللم
وذلك اللم يوجب عوضا آخر وهكذا إلى مال آخر له .والجواب عنه ،أنه لم
يثبت بالدليل أن الماتة ل يمكن تحصيلها إل مع اليلم .الخامس :أن
البهيمة إذا استحقت على بهيمة اخرى عوضا فان كانت البهيمة الظالمة قد
استحقت على ال عوضا فان ال تعالى ينقل ذلك العوض إلى المظلوم وإن
لم يكن المر كذلك فال تعالى يكمل هذا العوض فهذا مختصر من أحكام
العواض على قول المعتزلة انتهى كلمه في هذا المقام ) .(5وقال في
قوله تعالى " :ول يسجد " :قد ذكرنا أن السجود على نوعين :سجود هو
عبادة كسجود المسلمين ل ،وسجود عبارة عن النقياد والخضوع )،(6
ويرجع حاصل هذا السجود إلى أنها في أنفسها ممكنة الوجود والعدم قابلة
لهما ،فانه ل يرجح )(7
) (1النبأ (2) .40 :في المصدر :يجب أن يكون العوض دائما (3) .في المصدر
والجرة منقطعة (4) .في المصدر الجرة (5) .تفسير الرازي 218 :12
(6) .220 -في المصدر :عن النقياد ل تعالى والخضوع (7) .في
المصدر وانه ل يترجح* .
][10
أحد الطرفين على الخر إل لمرجح ،فمن ) (1الناس من قال :المراد هنا المعنى
الثاني لن اللئق بالدابة ليس له إل هذا السجود ،ومنهم من قال :المراد
هو المعنى الول لنه اللئق بالملئكة ،ومنهم من قال :هو لفظ مشترك
وحمل المشترك على معنييه جائز وهو ضعيف ) .(2وقال في قوله تعالى:
" ألم يروا إلى الطير " هذا دليل آخر على كمال قدرة ال تعالى وحكمته،
فانه لول أنه تعالى خلق الطير خلقة معها يمكنه الطيران ،و خلق الجو
خلقة معها يمكن الطيران فيها ) (3لما أمكن ذلك ،فانه تعالى أعطى الطير
جناحا يبسطه مرة ويكسره اخرى ،مثل ما يعمل السابح في الماء ،وخلق
الهواء خلقة لطيفة رقيقة يسهل خرقه ) (4والنفاذ فيه ،ولول ذلك لما كان
الطيران ممكنا " ،ما يمسكهن إل ال " المعنى أن جسد الطير جسم ثقيل،
والجسم الثقيل يمتنع بقاؤه في الجو معلقا من غير دعامة تحته ول علقة
فوقه ،فوجب أن يكون الممسك له في ذلك الجو هو ال تعالى ،قال
القاضي :إنما أضاف ال تعالى هذا المساك إلى نفسه لنه تعالى هو الذي
أعطى اللت التي لجلها يتمكن الطير من تلك الفعال ،فلما كان تعالى هو
السبب لذلك لجرم صحت الضافة انتهى ) .(5قوله تعالى " :والطير " أي
والطير أيضا تسبح ،وقد مر أن تسبيحها إما محمول على الحقيقة بناء
على شعورها ،أو جعلها ال في هذا الوقت ذات شعور معجزة لداود عليه
السلم ،أو تسبيحها بلسان الحال ،كما مر في تسبيح الجمادات ،أو هو من
السباحة قال الرازي :وأما الطير فل امتناع في أن يصدر عنها الكلم،
ولكن أجمعت المة على
) (1نقله المصنف من هنا إلى آخر كلمه باختصار (2) .تفسير الرازي 42 :20و
(3) .44في المصدر :الطيران فيه (4) .في المصدر يسهل بسببها خرقه.
) (5تفسير الرازي 90 :2و 91فيه :فلما كان تعالى هو المسبب لذلك ل
جرم صحت هذه الضافة إلى ال تعالى* .
][11
أن المكلفين إما الجن أو النس أو الملئكة فيمتنع فيها أن تبلغ في العقل إلى درجة
التكليف ،بل يكون حاله ) (1كحال الطفل في أن يؤمر وينهى وإن لم يكن
مكلفا فصار ذلك معجزة من حيث جعلها في الفهم بمنزلة المرافق ).(2
وقال الطبرسي رحمه ال :تسخير الطير له تسبيح يدل على أن مسخرها
قادر ل يجوز عليه ما يجوز على العباد ،عن الجبائي وعلي بن عيسى،
وقيل :إن الطير كانت تسبح معه بالغداة والعشي معجزة له عن وهب" ،
وكنا فاعلين " أي قادرين على فعل هذه الشياء ،ففعلناها دللة على نبوته
) .(3قوله سبحانه " :ألم تر " قال الرازي :أي ألم تعلم ،وظاهره
الستفهام والمراد به التقرير والبيان .واعلم :أنه إما أن يكون المراد من
التسبيح دللته بهذه الشياء ) (4على كونه تعالى منزها عن النقائص
موصوفا بنعوت الجلل ) ،(5وإما أن يكون المراد منه في حق البعض
الدللة على التنزيه ،وفي حق الباقين النطق باللسان ،والول :أقرب وأما
القسم الثالث :فهو أن يقال :استعمل اللفظ الواحد في الحقيقة والمجاز معا
وهو غير جائز فلم يبق إل الول .فان قيل :فالتسبيح بها المعنى حاصل
لجميع المخلوقات فما وجه تخصيصه هنا بالعقلء ؟ قلنا :لن خلقة العقلء
أشد دللة على وجود الصانع سبحانه ،لن العجائب فيها أكثر ).(6
) (1في المصدر :بل تكون على حالة (2) .تفسير الرازي (3) .200 :22مجمع
البيان (4) .58 :7في المصدر :دللة هذه الشياء (5) .زاد في المصدر:
واما ان يكون المراد منه أنها تنطق بالتسبيح وتتكلم به (6) .في
المصدر :لن العجائب والغرائب في خلقهم أكثر وهى العقل والنطق
والفهم* .
][12
ولما ذكر ) (1أن أهل السماوات وأهل الرض يسبحون ذكر أن الذين استقروا في
الهواء وهو الطير يسبحون ،وذلك لن إعطاء الجرم الثقيل القوة التي
تقوى بها على الوقوف في جو السماء صافة باسطة أجنحتها بما فيها من
القبض والبسط من أعظم الدلئل على قدرة الصانع المدبر سبحانه ،وجعل
طيرانها سجودا منها له سبحانه وذلك يؤكد ما ذكرناه أن المراد من
التسبيح دللة هذه المور على التنزيه ل النطق اللساني " ،كل قد علم "
أي علم ال ويدل عليه قوله " :وال عليم بما يفعلون " هو اختيار
جمهور المتكلمين .والثاني :أن يعود الضمير في علم ،والصلة،
والتسبيح ،على لفظ " كل " أي انهم يعلمون ما يجب عليهم من الصلة
والتسبيح .والثالث :أن تكون الهاء راجعة إلى ال ) ،(2يعنى قد علم كل
مسبح وكل مصل صلته ) (3التي كلفه إياها ،وعلى هذين التقديرين
فقوله " :وال عليم " استيناف .وروي عن أبي ثابت قال :كنت جالسا عند
أبي جعفر ) (4الباقر عليه السلم فقال لي :أتدرى ما تقول هذه العصافير
عند طلوع الشمس وبعد طلوعها ؟ قال ) :(5فانهن يقدسن ربهن ويسألنه
قوت يومهن .واستبعد المتكلمون ذلك ،فقالوا :الطير لو كانت عارفة بال
لكانت كالعقلء الذين يفهمون كلمنا وإشارتنا ،لكنها ليست كذلك فانا نعلم
بالضرورة أنها أشد نقصانا
) (1فيه اختصار ،وتمامه على ما في المصدر :اما قوله تعالى " :والطير صافات "
فلقائل أن يقول :ما وجه اتصال هذا بما قبله ؟ والجواب انه سبحانه لما
ذكر (2) .في المصدر :على ذكر ال (3) .في المصدر :صلة ال (4) .في
المصدر " :محمد بن جعفر الباقر " ولعله تصحيف من النساخ (5) .في
المصدر :قال :ل ،قال* .
][13
من الصبي الذين ل يعرف هذه المور ،فبأن يمتنع ذلك فيها أولى ،وإذا ثبت أنها ل
تعرف ال استحال كونها مسبحة له بالنطق فثبت أنها ل تسبح ال إل
بلسان الحال .ثم ذكر كثيرا من الحيل الدقيقة الصادرة عن الحيوانات كما
سيأتي ،واستدل بها على شعورها وعقلها ،ثم قال :والكياس من العقلء
يعجزون عن أمثال هذه الحيل ،فإذا جاز ذلك فلم ل يجوز أن يقال :إنها
ملهمة عن ال سبحانه بمعرفته والثناء عليه وكانت ) (1غير عارفة بسائر
المور التي يعرفها الناس ؟ ول در شهاب السمعاني حيث قال :جل جناب
العز والجلل ،عن أن يوزن بميزان العتزال ) .(2وقال في قوله سبحانه:
" وال خلق كل دابة من ماء " في هذه الية سئوالت :الول :قال ال" :
خلق كل دابة من ماء " مع أن كثيرا من الحيوانات غير مخلوقة من الماء
كالملئكة ) ،(3وهو أعظم المخلوقات عددا ،وأنهم ) (4مخلوقون من
النور ،وأما الجن فهم مخلوقون من النار ،وخلق ال آدم من التراب )(5
وخلق ال عيسى من الريح لقوله " :فنفخنا فيه من روحنا " ) .(6وأيضا
نرى أن كثيرا من الحيوانات يتولد ل عن النطفة .والجواب من وجوه:
أحدها وهو الحسن ما قاله القفال :وهو أن " من ماء " صلة " كل دابة
" وليس هو من صلة " خلق " أن كل دابة متولدة من الماء فهي مخلوقة
ل .وثانيها :أن أصل جميع المخلوقات الماء على ما روي " أول ما خلق
ال تعالى جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فصارت ماء ثم من ذلك الماء
خلق النار والهواء والنور "
) (1في المصدر :وان كانت (2) .تفسير الرازي (3) .12 - 10 :24في المصدر:
اما الملئكة (4) .في المصدر :وهم مخلوقون (5) .زاد في المصدر:
لقوله " :خلقه من تراب " أقول :الية في آل عمران (6) .59 :التحريم:
* .12
][14
ولما كان المقصود من هذه الية بيان أصل الخلقة وكان الصل الول هو الماء ل
جرم ذكره على هذا الوجه .وثالثها :أن المراد من الدابة ،الذي يدب )(1
على وجه الرض ومسكنهم هناك لتخرج الملئكة والجن ) ،(2ولما كان
الغالب جدا من هذه الحيوانات كونهم مخلوقين من الماء إما لنها متولدة
من النطفة ،وإما لنها ل تعيش إل بالماء ل جرم أطلق الكل تنزيل للغالب
منزلة الكل .الثاني :لم سمي الزحف على البطن مشيا ؟ والجواب هذا على
سبيل الستعارة كمايقال :فلن ل يمشي له أمر ،وعلى طريق المشاكلة.
الثالث :أنه لم تنحصر ) (3القسمة ،لنا نجد ما يمشي على أكثر من أربع
مثل العناكب والعقارب ومثل الحيوان الذي له أربع وأربعون رجل الذي
يسمى دخال الذن .والجواب :القسم الذي ذكرتم كالنادر فكان ملحقا بالعدم،
ولن الفلسفة يقولون :ماله قوائم كثيرة فالعتماد له إذا مشى على أربع
جهاته ل غير فكأنه يمشي على أربع ولن قوله " :يخلق ال ما يشاء "
تنبيه على أن الحيوانات كما اختلف بحسب كيفية المشي فكذا هي مختلفة
بحسب امور اخر .ولنذكر هيهنا بعض تلك التقسيمات :التقسيم الول:
الحيوانات قد تشترك في أعضاء وقد تتباين بأعضاء ،أما الشركة :فمثل
اشتراك النسان والفرس في أن لهما لحما وعصبا وعظما ،وأما التباين:
فاما أن يكون في نفس العضو ،أو في صفته.
) (1في المصدر :التى تدب (3) .في المصدر :فيخرج عنه الملئكة والجن (3) .في
المصدر :لم يستوف القسمة* .
][15
أما الول ،فعلى وجهين :أحدهما :أن ل يكون العضو حاصل للخر وإن كانت
أجزاؤه حاصلة للثاني ،كالفرس والنسان ،فان الفرس له ذنب ،والنسان
ليس له ذنب ولكن أجزاء الذنب ليس إل العظم والعصب واللحم والجلد
والشعر ،وكل ذلك حاصل للنسان .والثاني :أن ل يكون ذلك العضو حاصل
للثاني ل بذاته ول بأجزائه ،مثل أن للسلحفاة صدفا يحيط به وليس
للنسان ،وللسمك فلوس ) ،(1وللقنفذ شوك ،وليس شئ منها للنسان.
وأما التباين في صفة العضو ،فأما أن يكون من باب الكمية ،أو الكيفية أو
الوضع ،أو الفعل ،أو النفعال ،أما الذي في الكمية ،فاما أن يتعلق بالمقدار
مثل أن عين البوم كبيرة وعن العقاب صغيرة ،أو بالعدد مثل أن أرجل
بعض العناكب ستة وأرجل ضرب آخر ثمانية أو عشرة ،والذي في الكيفية
فكاختلفها في اللوان والشكال والصلبة واللين ،والذي في الوضع :فمثل
اختلف وضع ثدي الفيل فانه قريب من الصدور ،وثدي الفرس فانه عند
السرة ،وأما الذي في الفعل :فمثل كون اذن الفيل للذب ) (2مع كونه آلة
للسمع ،وليس كذلك النسان ) (3وكون أنفه آلة للقبض دون أنف غيره،
وأما الذي في النفعال :فمثل كون عين الخفاش سريعة التحير في
الوضوء ،وعين الخطاف خلف ذلك .التقسيم الثاني للحيوان :إما أن يكون
مائيا بأن يكون مسكنه الصلي هو الماء ،أو أرضيا ،أو يكون مائيا ثم
يصير أرضيا ،أما الحيوانات المائية :فتعتبر أحوالها من وجوه الول :إما
أن يكون مكانه وغذاؤه ونفسه مائيا فله بدل التنفس
) (1في المصدر ،وليس للنسان ذلك وكذا للسمك فلوس (2) .في المصدر :صالحا
للذب (3) .في المصدر :في النسان* .
][16
جذب الماء إلى بطنه ثم رده ) (1ول يعيش إذا فارقه ،والسمك كله كذلك ) (2أو
مكانه وغذاؤه مائي ،ل يتنفس ول يستنشق مثل أصناف من الصدف ل
تظهر للهواء ول تستدخل الماء إلى باطنها .الثاني :الحيوانات المائية
بعضها ماؤها النهار الجارية ،وبعضها ماؤها البطائح مثل الضفادع،
وبعضها ماؤها مياه البحر ) .(3الثالث :منها لجية ،ومنها شطية ،ومنها
طينية ،ومنها صخرية .الوجه الرابع :الحيوان المنتقل في الماء منه ما
يعتمد في غوصه على رأسه وفي السباحة على أجنحته كالسمك ،ومنه ما
يعتمد في السباحة على أرجله كالضفادع ومنه ما يمشى في قعر الماء
كالسرطان ،ومنه ما يزحف مثل ضرب من السمك ل جناح له كالدود .وأما
الحيوانات البرية :فتعتبر أحوالها أيضا من وجهين .الول :أن منها ما
يتنفس من طريق واحد كالفم والخيشوم ،ومنه ما ل يتنفس كذلك بل على
نحو آخر ) (4مثل الزنبور والنحل .الثاني :أن الحيوانات الرضية منها:
ماله مأوى معلوم ،ومنها :ما مأواه كيف اتفق إل أن تلد فيقيم للحضانة
واللواتي لها مأوى :فبعضها مأواه قلة رابية ) ،(5وبعضها مأواه وجه
الرض.
) (1في المصدر :فله بدل التنفس في الهواء التنشق المائى فهو يقبل الماء إلى
باطنه ثم يرده (2) .سقط هنا قسم آخر فهو على ما في المصدر :ومنه ما
كان مكانه وغذاؤه مائى ولكن يتنفس من الهواء مثل السلحفاة المائية) .
(3في المصدر :بعضها مأواها مياه النهار الجارية وبعضها مياه
البطائح وبعضها مأواها مياه البحر (4) .في المصدر :بل على نحو آخر
من مسامه (5) .في المصدر :فبعضها مأواه وشق وبعضها حفر وبعضها
مأواه قلة رابية* .
][17
الثالث :الحيوان البري كل طائر منه ذو جناحين فانه يمشي برجليه ومن جملة ذلك
مشيه صعب عليه كالخطاف الكبير السود والخفاش ،وأما الذي جناحه جلد
أو غشاء فقد يكون عديم الرجل كضرب من الحيات بالحبشة تطير .الرابع:
الطير تختلف فبعضها تتعايش معا كالكراكي ،وبعضها تعيش منفردا
كالعقاب وجميع الجوارح التي تتنازع على الطعم لحتياجها إلى الجتهاد
لتصيد ) (1ومنها :ما تتعايش زوجا كالقطا ،ومنها :ما تجتمع تارة وتنفرد
اخرى ،ثم ان المنفرد قد تكون مدنية وقد تكون برية صرفة وقد تكون
بستانية .والنسان من بين الحيوان :هو الذي ل يمكنه أن يعيش وحده،
فان أسباب حياته ومعيشته تلتئم بالمشاركة المدنية ،والنحل وبعض
الفراش يشارك النسان في ذلك ،لكن الحدا والكراكي ) (2تطيع رئيسا
واحدا .والنمل :لها اجتماع ول رئيس لها .الخامس :الطير منه آكل لحم
ومنه ل قط حب ومنه آكل عشب ،وقد يكون للبعض طعم معين كالنحل فان
غذاءه الزهر ،والعنكبوت فان غذاءه الذباب ،وقد يكون بعضه متفق الطعم.
وأما القسم الثالث :وهو الحيوان الذي يكون تارة مائيا واخرى بريا فيقال:
إنه حيوان يكون في البحر ويعيش فيه ثم إنه يبرز إلى البر ويبقى فيه
القسم الثالث :منه ما هو إنسي بالطبع ،فمنه ما يسرع استيناسه )(3
ويبقى
) (1في المصدر :إلى الحتيال لتصيد ومنافستها فيه (2) .في المصدر :والنحل
والنمل وبعض الغرانيق يشارك النسان في ذلك لكن النحل والكراكي) .
(3الظاهر أن نسخة المصنف كانت ناقصة ،والصحيح كما في المصدر:
الحيوان منه ما هو انسى بالطبع كالنسان ومنه ما هو انسى بالمولد
كالهرة والفرس ،ومنه ما هو انسى بالقسر كالفهد ،ومنه مال يأنس
كالنمر ،والمستأنس بالقسر منه ما يسرع استئناسه* .
][18
مستأنسا كالفيل ،ومنه ما يبطئ كالسد ،ويشبه أن يكون من كل نوع صنف أنسي
وصنف وحشي حتى من الناس .التقسيم الرابع :من الحيوان ما هو
مصوت ومنه ما ل صوت له ،وكل مصوت فانه يصير عند الغتلم وحركة
شهوة الجماع أشد تصويتا حتى النسان ) ،(1ومنه ماله شبق يسفد كل
وقت كالديك ،ومنه عفيف له وقت معين .التقسيم الخامس :بعض
الحيوانات هادئ الطبع قليل الغضب مثل البقر وبعضه شديد الجهل حاد
الغضب كالخنزير البري ،وبعضها حليم حمول كالبعير ،وبعضها سريع
الحركات كالحية ) ،(2وبعضها قوي جرئ شهم كبير النفس كريم الطبع
كالسد ،ومنها قوي محتال ) (3وحشي كالذئب ،وبعضها محتال مكار ذي
الحركات ) (4كالثعلب ،وبعضها غضوب شديد الغضب سفيه إل أنه ملق
متودد كالكلب وبعضها شديد اللين مستأنس كالفيل والقرد ،وبعضها حسود
مباه ) (5بجماله كالطاووس وبعضها شديد الحفظ ) (6كالجمل والحمار ل
ينسى كل منهما الطريق الذي رآه .التقسيم السادس :من الحيوانات ما
تناسله بأن تلد حيوانا ) ،(7وبعضها ما تناسله بأن تلد انثاه دودا )(8
انتهى .وقال النيسابوري منه ولود ،ومنه بيوض ،وكل اذون ولود ،وكل
) (1الصحيح كما في المصدر :ال النسان (2) .في المصدر :وبعضها ردئ
الحركات مغتال كالحية (3) .في المصدر :مغتال (4) .في المصدر :ردئ
الحركات (5) .في المصدر :متباه (6) .في المصدر شديد التحفظ (7) .في
المصدر :ان تلد انثاه حيوانا (8) .تفسير الرازي 19 - 16 :24زاد فيه
بعد ذلك :كالنحل والعنكبوت فانها تلد دودا ثم ان اعضاءه تستكمل بعده،
وبعضها تناسله بأن تبيض انثاه بيضا* .
][19
صموخ بيوض سوى الخشاف .وفي قوله " :إن ال على كل شئ قدير " إشارة إلى
أن اختصاص كل حيوان بهذه الخواص وبأمثالها ل يكون إل عن قادر
مختار قهار ) (1انتهى .وقال البيضاوي في قوله تعالى " :وعلمنا منطق
الطير " :النطق والمنطق في المتعارف كل لفظ يعبر به عما في الضمير
مفردا كان أو مركبا ،وقد يطلق لكل ما يصوت به على التشبيه والتبع،
كقولهم :نطقت الحمامة ،ومنه الناطق والصامت للحيوان والجماد ،فان
الصوات الحيوانية من حيث أنها تابعة للتخيلت منزلة منزلة العبارات،
سيما وفيها ما تتفاوت باختلف الغراض بحيث يفهمها ما من جنسه )،(2
ولعل سليمان مهما سمع صوت حيوان علم بقوته القدسية التخيل الذي
صوته والغرض الذي توخاه ) (3به ،ومن ذلك ما حكي أنه مر ببلبل
يتصوت ويترقص ،فقال :يقول " :إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدينا العفا "
وصاحت فاختة فقال :إنها تقول " :ليت الخلق لم يخلقوا " فلعله كان
صوت البلبل عن شبع وفراغ بال ،وصياح الفاختة عن مقاساة شدة وتألم
قلب " ،فهم يوزعون " يحبسون بحبس أولهم على آخرهم ليتلحقوا "
حتى إذا أتوا على واد النمل " :واد بالشام كثير النمل ،والتعدية " بعلى "
إما لن إتيانهم كان من على ،أو لن المراد قطعه من قولهم :أتى الشئ :إذا
أنفده وبلغ آخره ،كأنهم أرادوا أن ينزلوا اخريات الوادي " قالت نملة "
كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت عنهم مخافة حطمهم فتبعها
غيره ) (4فصاحت صيحة نبهت ) (5بها ما بحضرتها من النمال فتبعتها،
فشبه ذلك بمخاطبة العقلء ومناصحتهم ،ولذلك أجروا مجراهم ،مع أنه ل
يمتنع أن خلق
) (1تفسير النيسابوري 91 :3فيه :ال عن فاعل مختار قدير قهار (2) .في
المصدر :ما هو من جنسه (3) .توخى المر :تعمده وتطلبه دون سواه) .
(4في المصدر :غيرها (5) .في المصدر :تنبهت* .
][20
ال فيها العقل والنطق ) .(1وقال النيسابوري :قال المفسرون :إنه تعالى جعل
الطير في أيامه مما له عقل ) ،(2وليس كذلك حال الطير في أيامنا وإن كان
فيها ما قد ألهمه ال تعالى الدقائق التي خصت بالحاجة إليها ،يحكى أنه مر
على بلبل في شجرة فقال لصحابه :إنه يقول " :أكلت نصف تمرة وعلى
الدنيا العفاء " أي التراب ،وصاحت فاختة فأخبر الناس أنها تقول " :ليت
ذا الخلق لم يخلقوا " وصاح طاووس فقال :يقول " :كما تدين تدان "
وأخبر أن الهدهد يقول " :استغفروا ال يا مذنبون " والخطاف يقول" :
قدموا خيرا تجدوه " والرخمة ) (3تقول " :سبحان ربي العلى ملء
سمائه وأرضه " والقمري يقول " :سبحان ربي العلى " والقطاة تقول:
" من سكت سلم " والببغاء ) (4تقول " :ويل لمن الدنيا همه " والديك
يقول " :اذكروا ال يا غافلون " والنسر يقول " :يا بن آدم عش ما شئت
وآخرك الموت " والعقاب يقول " :في البعد من الناس انس " ) .(5وقال
الطبرسي قدس سره :أهل العربية يقولون :ل يطلق النطق على غير بني
آدم ،وإنما يقال :الصوت لن النطق عبارة عن الكلم ول كلم للطير إل أنه
لما فهم سليمان معنى صوت الطير سماه منطقا مجازا ،وقيل :إنه أراد
حقيقة
) (1انوار التنزيل 194 :2و (2) .195هذا بعيد في الغاية ،وكأن قائل ذلك لما لم
يتيسر له فهم الية تمسك بذلك (3) .الرخمة بالتحريك :طائر أبقع يشبه
النسر في الخلقة ،وكنيتها ام جعران وام رسالة وام عجيبة وام كبير،
ويقال لها :النوق .قال الدميري :من طبع هذا الطائر انه ل يرضى من
الجبال ال بالموحش منها ول من الماكن باسحقها وابعدها من اماكن
اعدائه ول من الهضاب ال بصخورها ،والنثى منه ل تمكن من نفسها
غير ذكرها وتبيض بيضة واحدة وربما أتأمت (4) .الببغاء :طائر اخضر
يسمى بالدرة والطوطى (5) .تفسير النيسابوري * .135 :3
][21
المنطق لن من الطير ما له كلم يهجي كالطوطي ،قال المبرد :العرب تسمي كل
مبين عن نفسه ناطقا ومتكلما ،وقال علي بن عيسى :إن الطير كانت تكلم
سليمان معجزة له كما أخبر عن الهدهد ،ومنطق الطير صوت تتفاهم به
معانيها على صيغة واحدة ،بخلف منطق الذي يتفاهمون به المعاني على
صيغ مختلفة ،ولذلك لم نفهم عنها مع طول مصاحبتها ولم تفهم هي عنا،
لن أفهامنا مقصورة على تلك المور المخصوصة ،ولما جعل سليمان
يفهم عنها كان قد علم منطقها ) .(1وقال رحمه ال :واختلف في سبب
تفقده ) (2للهدهد من بين الطير فقيل :إنه احتاج إليه في سفره ليدله على
الماء لنه يقال :إنه يرى الماء في بطن الرض كما نراه في القارورة عن
ابن عباس ،وروى العياشي بالسناد :قال :قال ابو حنيفة لبي عبد ال
عليه السلم :كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير ؟ قال :لن الهدهد
يرى الماء في بطن الرض كما يرى أحدكم الدهن في القارورة ،فنظر أبو
حنيفة إلى أصحابه وضحك ،قال أبو عبد ال عليه السلم :ما يضحكك ؟
قال :ظفرت بك جعلت فداك قال :وكيف ذاك ؟ قال :الذي يرى الماء في
بطن الرض ل يرى الفخ في التراب حتى تأخذ بعنقه ؟ ! قال أبو عبد ال
عليه السلم :يا نعمان أما علمت أنه إذا نزل القدر أغشى البصر ) .(3ثم
قال رحمه ال في قوله " :لعذبنه " كما صح نطق الطير وتكليفه في
زمانه معجزة له جازت معاتبته على ما وقع منه من تقصير فإنه كان
مأمورا بطاعته فاستحق العقاب على غيبته ) .(4وقال في قوله تعالى" :
وزين لهم الشيطان " الية ،قال الجبائي :لم يكن
) (1مجمع البيان (2) .214 :7في المصدر :تفقده الهدهد (3) .مجمع البيان :7
217و (4) .218مجمع البيان * .218 :7
][22
الهدهد عارفا بال تعالى ،وإنما أخبر بذلك كما يخبر مراهقوا صبياننا لنه ل تكليف
إل على الملئكة والنس والجن ،فيرانا الصبي على عبادة ال فيتصور أن
ما خالفها باطل ،فكذلك الهدهد تصور له أن ما خالف فعل سليمان باطل،
وهذا الذي ذكره خلف ظاهر القرآن لنه ل يجوز أن يفرق بين الحق الذي
هو السجود ل وبين الباطل الذي هو السجود للشمس ،وأن أحدهما حسن،
والخر قبيح إل العارف بال سبحانه وبما يجوز عليه وبما ل يجوز ،هذا
مع نسبة تزيين أعمالهم وصدهم عن طريق الحق إلى الشيطان ،وهذه
مقالة من يعرف العدل وأن القبيح غير جائز على ال تعالى ) .(1وقال
قدس سره في قوله سبحانه في سورة العنكبوت " :وكأين من دابة ل
تحمل رزقها " :أي وكم من دابة ل يكون رزقها مدخرا معدا عن الحسن،
وقيل :معناه ل يطيق حمل رزقها لضعفها وتأكل بأفواهها ،عن مجاهد،
وقيل ،إن الحيوان أجمع من البهائم والطيور وغيرهما مما يدب على وجه
الرض ل يدخر القوت لغدها إل بني آدم والنملة والفارة ،بل تأكل منها قدر
كفايتها فقط ،عن ابن عباس " ،ال يرزقها واياكم " أي يرزق تلك الدابة
الضعيفة التي ل تقدر على حمل رزقها ويرزقكم أيضا فل تتركوا الهجرة
بهذا السبب ،عن ابن عمر قال :خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم حتى دخل بعض حيطان النصار فجعل يلتقط من التمر ويأكل ،فقال:
يا ابن عمر مالك ل تأكل ؟ فقلت :ل أشتهيه يا رسول ال ،فقال :ولكني
أشتهيه وهذه صبيحة رابعة منذ لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربي
فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر ،فكيف بك يا ابن عمر إذا وبقيت مع قوم
يخبؤن رزق سنتهم لضعف اليقين فوال ما برحنا حتى نزلت الية " وهو
السميع " أي لقوالكم عند مفارقة أوطانكم " العليم " بأحوالكم ل يخفى
عليه شئ من سركم وإعلنكم ).(2
وقال قدس ال روحه " :والطير " أي وسخرنا الطير " محشورة " أي مجموعة
إليه تسبح ال تعالى معه " كل " يعني كل الطير والجبال " له أواب "
رجاع إلى ما يريد ،مطيع له بالتسبيح معه ،قال الجبائي :ل يمتنع أن يكون
ال تعالى خلق في الطيور من المعارف ما يفهم به أمر داود ونهيه فيطيعه
فيما يريد منها وإن لم تكن كاملة العقل مكلفة ) .(1وقال الرازي :فان قيل:
كيف يصدر تسبيح ال عن الطير مع أنه ل عقل له ؟ قلنا :ل يبعد أن يقال:
إن ال تعالى كان يخلق لها عقول حتى تعرف ال فتسبحه حينئذ ،وكل ذلك
كان معجزة لداود عليه السلم انتهى ) " .(2خلق الزواج كلها " قيل:
يعني أزواج الحيوان من ذكر وانثى ،وقيل :أي الشكال ،وقيل :أي
الصناف ،وقيل :كل ممكن فهو زوج تركيبي .والواحد الحق والفرد
والمطلق هو ال تعالى " ،وما يبث من دابة " أي وفي خلق ما يفرق على
وجه الرض من الحيوان على اختلف أجناسها ومنافعها والمقاصد
المطلوبة منها دللت واضحات على وجوده سبحانه وعلمه وقدرته
وحكمته ولطفه " لقوم يوقنون " قيل :أي يطلبون علم اليقين بالتدبر
والتفكر .قوله سبحانه " :صافات " قيل :أي باسطات أجنحتهن في الجو
عند طيرانها فانهن إذا بسطنها صففن قوادمها " ويقبضن " أي
ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للستظهار به على
التحرك ،ولذلك عدل به إلى صيغة الفعل للتفرقة بين الصيل في الطيران
والطاري عليه " ما يمسكهن " في الجو على خلف طبعهن " إل الرحمن
" الشامل رحمته كل شئ بأن خلقهن على أشكال وخصائص هيئاتهن
للحركة في الهواء " إنه بكل شئ بصير " يعلم كيف يخلق الغرائب ويدبر
العجائب .وأقول :في سورة الفيل وقصته دللة على شعور الحيوانات
وكونها مطيعة
) (1مجمع البيان 496 :8فيه] :تفهم[ وفيه :فتطيعه (2) .تفسير الرازي :26
186فيه " :ل عقل لهما " وفيه :عقل* .
][24
لمره سبحانه ،فان الظاهر أن الطيور كانت حيوانات ولم تكن من الملئكة وإن
احتملت ذلك ،وكذا الفيلة حيث امتنعت من دخول الحرم وفهمت كلم عبد
المطلب وسجدت له رضي ال عنه كما مر مفصل في ذكر تلك القصة،
نعم :يمكن أن يكون ال تعالى جعلها في ذلك الوقت ذوات شعور ومعرفة
كرامة للبيت وعبد المطلب وإرهاصا لنبوة نبينا صلى ال عليه واله وسلم.
- 1تفسير علي بن إبراهيم :عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن الحسين بن سعيد ،عن الوشاء عن صديق بن عبد ال عن
إسحاق بن عمار عن أبي عبد -ال عليه السلم قال :ما من طير يصاد في
بر ولبحر ول يصاد شئ من الوحوش إل بتضييعه التسبيح ) .(1العياشي:
عن إسحاق مثله ) - 2 .(2التفسير] :وال خلق كل دابة من ماء[ أي من
مني )] (3فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي علي رجلين
ومنهم من يمشي على أربع يخلق ال ما يشاء إن ال على كل شئ قدير[
قال :على رجلين الناس ،وعلى بطنه الحيات ،وعلى أربع البهايم ،وقال أبو
عبد ال عليه السلم :ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك ) .(4بيان :قال
الدميري :قال الجاحظ :الحيوان على أربعة أقسام :شئ يمشي وشئ يطير،
وشئ يعوم ) ،(5وشئ ينساخ في الرض إل أن كل طاير يمشي ) (6وليس
كل شئ يمشي يطير ) (7فالنوع الذي يمشي هو على ثلثة أقسام :ناس
) (1تفسير القمى (2) .459 :تفسير العياشي ) (3في التفسير المطبوع :أي من
مياه (4) .تفسير القمى (5) .459 :عام في الماء :سبح (6) .في
المصدر :كل شئ يطير يمشى (7) .في نسخة :وليس كل شئ يمشى فهو
طائر* .
][25
وبهائم وسباع ،والطير كله سبع وبهيمة وهمج ،والخشاش :ما لطف جرمه وصغر
جسمه ) (1وكان عديم السلح ،والهمج :ليس من الطير ولكنه يطير ،وهو
فيما يطير كالحشرات فيما يمشي ،والسبع من الطير :ما أكل اللحم خالصا،
والبهيمة :ما أكل الحب خالصا ،والمشترك كالعصفور فانه ليس بذي مخلب
ول منسر وهو يلقط الحب ،وهو مع ذلك يصيد النمل إذا طار ،ويصيد
الجراد ،ويأكل اللحم ول يزق فراخه كما يزق الحمام فهو مشترك الطبيعة،
وأشباه العصافير من المشترك كثيرة وليس كل ما طار بجناحين من الطير،
فقد يطير الجعلن والذباب والزنابير والجراد والنمل والبعوض والفراش
والرضة والنحل وغير ذلك ول يسمى طيورا ،وكذلك الملئكة تطير ولها
أجنحة وليست من الطير ،وكذلك جعفر بن أبي طالب ذو جناحين يطير بهما
في الجنة وليس من الطير ) - 3 .(2قرب السناد :عن سعد بن طريف عن
الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم :إنه ما يصاد من الطير إل بتضييعهم التسبيح )
- 4 .(3العلل :عن محمد بن موسى بن المتوكل عن محمد بن يحيي
العطار عن الحسين ابن الحسن بن أبان عن محمد بن اورمة عن عبد ال
بن محمد عن حماد بن عثمان عن أبي -عبد ال عليه السلم قال :كانت
الوحوش والطير والسباع وكل شئ خلق ال عزوجل مختلطا بعضه
ببعض ،فلما قتل ابن آدم أخاه نفرت وفزعت فذهب كل شئ إلى شكله ).(4
) (1في نسخة :وصغر شخصه (2) .حياة الحيوان) 206 :مادة الحيوان( (3) .قرب
السناد 55 :فيه :داووا مرضاكم بالصدقة ،وادفعوا ابواب البلء بالدعاء
وحصنوا اموالكم بالزكاة فانه ما يصاد ما تصيد من الطير (4) .علل
الشرائع * .5 :1
][26
- 5ومنه :عن أبيه عن محمد بن يحيي العطار عن محمد بن أحمد الشعري عن
أحمد ابن أبي عبد ال البرقي عن رجل عن ابن أسباط عن عمه يعقوب
رفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلم قال :إذا سمعتم نباح الكلب
ونهيق ) (1الحمار فتعوذوا بال من الشيطان الرجيم ،فانهم يرون ) (2ما
ل ترون ،فافعلوا ما تؤمرون الخبر ) - 6 .(3مجالس ابن الشيخ :عن
جماعة ،عن أبي المفضل الشيباني عن أحمد بن عبد ال بن عمار الثقفي
الكاتب :عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي ،عن محمد بن الحارث )(4
بن بشير الدهني ،عن القاسم بن الفضل بن عمرة القيسي ،عن عباد
المنقري ) (5عن أبي عبد ال جعفر بن محمد قال :حدثني أبي عن أبيه
عن جده عن علي ابن أبي طالب صلوات ال عليهم أجمعين قال :مر
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم بظبية مربوطة بطنب فسطاط ،فلما
رأت رسول ال صلى ال عليه واله وسلم أطلق ال عزوجل لها من لسانها
فكلمته فقالت :يا رسول ال إني ام خشفين ) (6عطشانين وهذا ضرعي قد
امتل لبنا فخلني حتى أنطلق ) (7فأرضعهما ثم أعود فتربطني ) (8كما
كنت ،فقال لها رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :كيف وأنت ربيطة قوم
وصيدهم ؟ قالت :بلى يا رسول ال أنا أجيئ فتربطني كما كنت أنت بيدك )
(9فأخذ عليها موثقا من ال لتعودن ،وخلى سبيلها
) (1في المصدر :ونهيق الحمير (2) .الصحيح كما في بعض نسخ المصدر :فانهن
يرون (3) .علل الشرايع 270 :2وللحديث صدر وذيل تركهما المنصف.
) (4في نسخة من المصدر :الحرب (5) .في المصدر] :عميرة العبسى:
عن حماد المقرئ[ وفى بعض النسخ :عباد المقرئ (6) .الخشف بتثليث
الخاء :ولد الظبى أول ما يولد (7) .في المصدر :لنطلق (8) .في
المصدر :فيربطني (9) .في المصدر :سأجيئ فتربطني أنت بيدك كما
كنت* .
][27
فلم تلبث إل يسيرا حتى رجعت قد فرغت ما في ضرعها :فربطها نبي ال كما كانت
ثم سأل لمن هذا الصيد ؟ قالوا (1) :يا رسول ال هذه لبني فلن ،فأتاهم
النبي صلى ال عليه واله وسلم وكان الذي اقتنصها ) (2منهم منافقا فرجع
عن نفاقه وحسن إسلمه فكلمه النبي ليشتريها منه ) (3قال :بل اخلي
سبيلها فداك أبي وامي يا نبي ال ،فقال رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم :لو أن البهائم يعلمون من الموت ما تعلمون أنتم ما أكلتم منها سمينا
) .(4بيان " :من الموت " أي من أصل وقوعه أو من شدائد الموت
والعقوبات الواقعة بعده والهوال المتوقعة عنده وبعده ،ولعله أظهر- 7 .
المحاسن :عن محمد بن علي عن ابن فضال عن عبد ال بن ميمون القداح
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال يعقوب عليه السلم لبنه :يا بني
لتزن فلو أن الطيرزنى لتناثر ريشه ) - 8 .(5الخرائج :روي أن الحسين
عليه السلم سئل في حال صغره عن أصوات الحيوانات لن من شرط
المام أن يكون عالما بجميع اللغات حتى أصوات الحيوانات ،فقال :على ما
روى محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي عن الحسين عليه السلم أنه
قال :إذا صاح النسر فانه يقول " :يا ابن آدم عش ما شئت فآخره الموت
" ) (6وإذا صاح البازي يقول " :يا عالم الخفيات ويا كاشف البليات "
وإذا صاح الطاووس يقول " :مولي ظلمت نفسي واغتررت بزينتي فاغفر
لي " وإذا صاح الدراج يقول " :الرحمن على العرش استوى " وإذا صاح
الديك يقول " :من عرف ال لم ينس ذكره " وإذا قرقرت الدجاجة تقول:
" يا إله الحق أنت الحق وقولك الحق يا ال يا حق "
) (1في المصدر :فقيل له :هذه (2) .في الكتاب ومصدره اقتضها والظاهر انه
مصحف " اقتنصها " أي اصطادها (3) .في المصدر :فكلمه النبي صلى
ال عليه وآله في بيعها ليشتريها منه (4) .امالي ابن الشيخ ،68 :2و
) 289ط (5) .(1المحاسن (6) .106 :في النسخة المخطوطة :فان آخره
الموت* .
][28
وإذا صاح الباشق يقول " :آمنت بال واليوم الخر " وإذا صاحت الحداء )(1
تقول " :توكل على ال ترزق " وإذا صاح العقاب يقول " :من أطاع ال
لم يشق " وإذا صاح الشاهين يقول " :سبحان ال حقا حقا " وإذا صاحت
البومة يقول " :البعد من الناس انس " وإذا صاح الغراب يقول " :يا
رزاق ابعث الرزق الحلل " وإذا صاح الكركي يقول :اللهم احفظني من
عدوي " وإذا صاح اللقلق يقول " :من تخلى عن الناس نجا من أذاهم "
وإذا صاح البطة تقول " :غفرانك يا ال " وإذا صاح الهدهد يقول " :ما
أشقى من عصى ال " وإذا صاح القمري يقول " :يا عالم السر والنجوى
يا ال " وإذا صاح الدبسي ) (2يقول " :أنت ال ل إله سواك يا ال "
وإذا صاح العقعق يقول " :سبحان من ل يخفى عليه خافية " وإذا صاح
الببغاء يقول " :من ذكر ربه غفر ذنبه " وإذا صاح العصفور :يقول" :
استغفر ال مما يسخط ال " وإذا صاح البلبل يقول " :ل إله إل ال حقا
حقا " وإذا صاح القبجة ) (3تقول " :قرب الحق قرب " وإذا صاحت
السمانات ) (4يقول :يا ابن آدم ما أغفلك عن الموت " وإذا صاح
السوذنيق ) (5يقول " :ل إله إل ال محمد وآله خيرة ال " وإذا صاحت
الفاختة " :يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد " وإذا صاح الشقراق يقول" :
مولي أعتقني من النار " .وإذا صاحت القنبرة تقول " :مولي تب على
كل مذنب من المذنبين " وإذا صاح الورشان يقول " :إن لم تغفر ذنبي
شقيت " وإذا صاح الشفنين ) (6يقول " :لقوة إل
) (1في النسخة المخطوطة :الحداءة (2) .قال الدميري :الدبسي بفتح الدال وكسر
السين ويقال :بضم الدال :طائر منسوب إلى دبس الرطب ،وهو قسم من
الحمام البرى ولونه الدكنة وقيل :هو ذكر اليمام (3) .القبجة :الحجل
وهى اسم جنس يقع على الذكر والنثى (4) .في النسخة المخطوطة:
السمانى تقول (5) .في حياة الحيوان :السوذنيق :الصقر (6) .قال
الدميري :الشفنين بكسر الشين :هو متولد بين نوعين مأكولين وعده
الجاحظ *
][29
بال العلي العظيم " وإذا صاحت النعامة تقول " :ل معبود سوى ال " وإذا
صاحت الخطافة فانها تقرأ سورة الحمد وتقول " :يا قابل توبة التوابين يا
ال لك الحمد " وإذا صاحت الزرافة تقول " :ل إله إل ال وحده " وإذا
صاح الحمل يقول " :كفى بالموت واعظا " وإذا صاح الجدي يقول" :
عاجلني الموت ثقل ذنبي وازداد " وإذا صاح السد يقول " :أمر ال مهم
مهم " وإذا صاح الثور يقول " :مهل مهل يا ابن آدم أنت بين يدي من
يرى ول يرى وهو ال " وإذا صاح الفيل يقول " :ل يغني عن الموت قوة
ول حيلة " وإذا صاح الفهد يقول " :يا عزيز يا جبار يا متكبر يا ال "
وإذا صاح الجمل يقول " :سبحان مذل الجبارين سبحانه " وإذا صهل
الفرس يقول " :سبحان ربنا سبحانه " وإذا صاح الذئب يقول " :ما حفظ
ال لن يضيع أبدا " وإذا صاح ابن آوي يقول " :الويل الويل للمذنب
المصر " وإذا صاح الكلب يقول " :كفى بالمعاصي ذل " وإذا صاح
الرنب يقول " :ل تهلكني يا ال لك الحمد " وإذا صاح الثعلب يقول" :
الدنيا دار غرور " وإذا صاح الغزال يقول " :نجني من الذى " وإذا صاح
الكركدن يقول " :اغثني وإل هلكت يا مولي " وإذا صاح البل يقول" :
حسبي ال ونعم الوكيل حسبي ال " وإذا صاح النمر يقول " :سبحان من
تغزز بالقدرة سبحانه " وإذا سبحت الحية تقول " :ما أشقى من عصاك يا
رحمن " وإذا سبحت العقرب تقول " :الشر شئ وحش " .ثم قال عليه
السلم :ما خلق ال من شئ إل وله تسبيح يحمد به ربه ثم تل هذه الية "
وإن من شئ ) (1إل يسبح بحمده ولكن ل تفقهون تسبيحهم " ) .(2بيان:
قال الدميري :النسر :طائر معروف وهو عريف الطير ويقول في
في انواع الحمام وبعضهم يقول :هو الذى تسميه العامة اليمام وصوته في الترنم
كصوت الرباب وفيه تحزين (1) .السراء (2) .44 :لم نجد الحديث في
الخرائج المطبوع ،والذى يستفاد من مواضع من البحار أن النسخة
المطبوعة من الخرائج مختصر من نسخة المصنف* .
][30
صياحه " :ابن آدم عش ما شئت فان الموت ملقيك " كذا قال الحسن بن علي
رضي ال عنهما ،قال :وفي هذا مناسبة لما خص النسر به من طول
العمر ،يقال :إنه من أطول الطير عمرا وإنه يعمر ألف سنة وفي كتاب
نفحات الزهار عن علي ابن أبي طالب عليه السلم قال :سمعت حبيبي
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم يقول :هبط علي جبرئيل فقال :يا
محمد إن لكل شئ سيدا فسيد البشر آدم ،وسيد ولد آدم أنت ،وسيد
الروصهيب ،وسيد فارس سلمان ،وسيد الحبش بلل ،وسيد الشجر السدر
وسيد الطير النسر ،وسيد الشهور رمضان ،وسيد اليام يوم الجمعة ،وسيد
الكلم العربية ،وسيد العربية القرآن وسيد القرآن سورة البقرة ) .(1وقال:
البازي أفصح لغاته مخففة الياء ،والثانية باز ،والثالثة بازي بتشديد الياء،
والتثنية بازان ) ،(2والجمع بزاة ،وفي عجائب المخلوقات :ل يكون إل
انثى وذكرها من أنواع اخر ) (3من الحداء والشواهين ولهذا اختلف
أشكالها ) .(4وقال :طاووس في طبعه العفة وحب الزهو ) (5بنفسه
والخيلء والعجاب بريشه وعقده لذنبه كالطاق ،ل سيما إذا كانت النثى
ناظرة إليه ،إلى آخر ما سيأتي ) .(6وقال في الدراج :وهو القائل" :
بالشكر قدوم النعم " وصوته مقطع علي هذه الكلمات ).(7
) (1حياة الحيوان 251 :و (2) .252في المصدر :والتثنية بازيان (3) .في
المصدر :من نوع آخر كالحداء (4) .حياة الحيوان (5) .77 :الزهو:
الفخر .التيه والكبر (6) .حياة الحيوان (7) .59 :2حياة الحيوان :1
* .243
][31
وفي القاموس :القرقرة هدير البعير وصوت الحمام انتهى ) .(1والباشق :معرب
باشه ) (2وهو معروف ،والحدأة كعنبة :طائر معروف ) .(3وقال
الدميري :إن العقاب إذا صاحت تقول " :في البعد من الناس راحة " ).(4
وقال :الكركي :طائر كبير معروف ،والجمع الكراكي ،وهو من الحيوان
الذي ل يصح إل برئيس ،وفي طبعه التناصر ،ول تطير الجماعة منه
متفرقة بل صفا واحدا يقدمها واحد منها كالرائس ) (5وهي تتبعه يكون
ذلك حينا ثم يخلفه آخر منها مقدما حتى يصير الذي كان مقدما مؤخرا )(6
وقال :الدبسي بفتح الدال وضمها :طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب،
وهو قسم من الحمام البري ) (7وقال :العقعق كثعلب تسمى كندش ،وهو
طائر على قدر الحمامة وعلى شكل الغراب ،وجناحاه أكبر من جناحي
الحمامة ،وهو ذولونين :أبيض وأسود ،طويل الذنب ل يأوي تحت سقف
ول يستظل به ،وفي طبعه الزنا والخيانة ويوصف بالسرقة والخبث )(8
وقال :الببغاء بثلث باءات موحدات اولهن وثالثتهن مفتوحات )(9
والثانية ساكنة ،وبالغين المعجمة ،هي الطائر الخضر المسمى بالدرة،
وهي في قدر الحمامة يتخذها الناس للنتفاع بصوتها ،ولها قوة على
حكاية الصوات وقبول
) (1القاموس :مادة القر (2) .القاموس :مادة بشق (3) .القاموس :مادة الحدأ) .
(4حياة الحيوان 87 :2فيه :عن الناس (5) .في المصدر :كالرئيس لها.
) (6حياة الحيوان (7) 194 :2حياة الحيوان (8) .238 :1حياة
الحيوان (9) .102 :2في المصدر :مفتوحتان.
][32
التلقين يتخذها الملوك والكابر لتنم ما تسمع من الخبار ،وتتناول مأكولها برجلها
) (1كما يتناول النسان الشئ بيده ) (2وفي القاموس :الببغاء وقد تشدد
الباء الثانية :طائر أخضر ) .(3قوله :قرب الحق على بناء المجرد أو
التفعيل ،والحق :الرب سبحانه أو القيامة أو ضد الباطل .وقال الدميري:
القبجة اسم جنس تقع على الذكر والنثى ) .(4وقال :السمانى بضم السين
وفتح النون ) :(5اسم طائر يلبد بالرض ول يكاد يطير إل أن يطار ،وإذا
سمع الرعد مات ،ويسكت في الشتاء وإذا أقبل الربيع يصيح ) .(6وفي
القاموس :السوذنيق كزنجبيل ويضم أوله والسيذنوق بضم أوله وفتحه
وكسر النون وفتحه ،والسذانق بفتح النون وضمه ،والسوذنيق :الصقر
والشاهين ) .(7وقال الدميري :الفاختة واحدة الفواخت ،من ذوات
الطواق ،وهي بفتح الفاء وكسر الخاء المعجمة وبالتاء المثناة في آخرها،
قاله في الكفاية ،وزعمو أن الحيات تهرب من صوتها ،وفيها فصاحة
وحسن صوت وفي طبعها النس بالناس وتعيش في الدور ،والعرب تصفها
بالكذب ،فان صوتها عندهم " هذا أوان الرطب " تقول ذلك والنخل لم
تطلع .وأقول :المشهور أنها بالتاء المثناة الفوقانية في القاموس وغيره،
وقال الدميري :الشقراق بفتح الشين وكسرها وربما قالوا :الشرقراق:
طائر هو صغير
) (1في المصدر :لينم بما يسمع من الخبار ويتناول مأكوله برجله (2) .حياة
الحيوان (3) .80 :1القاموس :الببغاء (4) .حياة الحيوان (5) .169 :2
في المصدر :على وزن الحبارى (6) .حياة الحيوان (7) .18 :2
القاموس :السوذنيق* .
][33
يسمي الخيل ،والعرب تتشام به ،وهو أخضر مليح بقدر الحمامة ،خضرته حسنة
مشبعة ،في أجنحته سواد ،وله مشتى ومصيف ،ويكون مخططا بحمرة
وخضرة وسواد ) (1وفي القاموس :القبر كسكر وصرد :طائر ،الواحدة
بهاء ويقال :القنبراء والجمع قنابر ،ول تقل :قنبرة كقنفذة أو لغية ).(2
وقال الدميري :الورشان :ساق حر وهو ذكر القماري ،وقيل :إنه طائر
متولد بين الفاختة والحمامة يوصف بالحنو على أولده حتى إنه ربما قتل
نفسه إذا رآها في يد القانص ،قال عطاء :إنه يقول :لدوا للموت وابنوا
للخراب ،وهذه لم العاقبة مجازا ) .(3وقال :الشفنين بالكسر :متولد بين
نوعين مأكولين ،وعده الجاحظ في أنواع الحمام ،وقيل :هو الذي تسميه
العامة اليمام ،وصوته في الترنم كصوت الرباب وفيه تحزين وتحسن
أصواتها إذا اختلطت ،ومن طبعه إذا فقد انثاه لم يزل اغرب إلى أن يموت،
وكذلك النثى ) .(4وقال :ذكر الثعلبي أن آدم عليه السلم لما خرج من
الجنة اشتكى الوحشة ) (5فآنسه ال بالخطاف وألزمها البيوت فهي ل
تفارق بني آدم انسا لهم ،قال :ومعها أربع آيات من كتاب ال عزوجل" :
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية ال " إلى
آخر السورة ) ،(6وتمد صوتها بقوله " :العزيز الحكيم " ).(7
) (1حياة الحيوان (2) .38 :2القاموس :القبر (3) .حياة الحيوان (4) .284 :2
حياة الحيوان (5) .36 :2في المصدر :اشتكى إلى ال تعالى الوحشة) .
(6الحشر (7) .24 - 20 :حياة الحيوان * .213 :1
][34
وقال :الزرافة بفتح الزاي وضمها :حسنة الخلق ،طويلة اليدين قصيرة الرجلين،
مجموع يديها ورجليها نحو عشرة أذرع ،رأسها كرأس البل ،وقرنها
كقرن البقر ،وجلدها كجلد النمر ،وقوائهما وأظلفها كالبقر ،وذنبها كذنب
الظبي ،ليس لها ركب في رجليها ،إنما ركبتاها في يديها ،وإذا مشت قدمت
الرجل اليسرى واليد اليمنى بخلف ذوات الربع فانها تقدم اليد اليسرى،
ومن طبعها التودد والتأنس ) (1ولما علم ال أن قوتها في الشجر )(2
جعل يديها أطول من رجليها لتستعين بذلك على المرعى منها ) ،(3وقيل:
هي متولدة بين ثلثة حيوانات :الناقة الوحشية ،والبقرة الوحشية،
والضبعان ) .(4أقول :سيأتي تمام القول في ذلك إنشاء ال .وقال الدميري:
الحمل :الخروف إذا بلغ ستة أشهر :وقيل :هو ولد الضأن الجذع فما دونه
) - 9 .(5المناقب ) :(6تفسير الثعلبي :قال الصادق عليه السلم :قال
الحسين بن علي صلوات ال عليهما :إذا صاح النسر قال :ابن آدم ! عش
ما شئت آخره الموت ،وإذا صاح الغراب قال :إن في البعد من الناس انسا،
وإذا صاح القنبرة قال :اللهم العن مبغضي آل محمد ،وإذا صاح الخطاف
قرأ " :الحمد ل رب العالمين " ويمد " الضالين " كما يمدها القارئ )
.(7
) (1في المصدر :فانها تقدم اليد اليمنى والرجل اليسرى ،ومن طبها التودد
والتأنس وتجتر وتبعر (2) .في المصدر :من الشجر (3) .في المصدر:
على الرعى منها بسهولة (4) .حياة الحيوان (5) .4 :2في المصدر :1
(6) .192في المطبوع :العياشي والمناقب ،ولعله وهم (7) .مناقب آل
ابى طالب * .223 :3
][35
- 10الكافي :عن أبي عبد ال العاصمي ،عن علي بن الحسن الميثمي ،عن علي
بن أسباط ،عن أبيه أسباط بن سالم ،عن مولى أبان ،قال :سمعت أبا عبد
ال عليه السلم يقول :ما من طير يصاد إل بتركه التسبيح ،وما من مال
يصاب إل بترك الزكاة ) - 11 .(1ومنه :عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن
محمد ،عن الحسين بن سعيد ،عن إبراهيم بن أبي البلد ،عن بعض
أصحابه ،عن أبي جعفر عليه السلم ،أو عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة ،وإن كلم الطير فيه إذا لقي
) (2بعضه بعضا :سلم سلم يوم صالح ) - 12 .(3الختصاص :عن ابن
عباس قال :شهدنا مجلس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات ال
وسلمه عليه فإذا نحن بعدة من العجم فسلموا عليه فقالوا :جئناك لنسألك
عن ست خصال ،فان أنت أخبرتنا آمنا وصدقنا ،وإل كذبنا وجحدنا ،فقال
علي عليه السلم :سلوا متفقهين ول تسألوا متعنتين ،قالوا :أخبرنا ما
يقول الفرس :في صهيله ،والحمار في نهيقه ،والدراج في صياحه،
والقنبرة في صفيرها ،والديك في نعيقه والضفدع في نقيقه ؟ فقال علي
عليه السلم :إذا التقى الجمعان ومشى الرجال إلى الرجال بالسيوف يرفع
الفرس رأسه فيقول " :سبحان الملك القدوس " ويقول الحمار في نهيقه:
" اللهم العن العشارين " ويقول الديك في نعيقه بالسحار " :اذكروا ال
يا غافلين " ويقول الضفدع في نقيقه " :سبحان المعبود في لجج البحار
" ويقول الدراج في صياحه " :الرحمن على العرش استوى " وتقول
القنبرة في صفيرها " :اللهم العن مبغضي آل محمد " قال :فقالوا :آمنا
وصدقنا وما على وجه الرض من هو أعلم منك ،فقال عليه السلم :أل
افيدكم ؟ قالوا :بلى يا أمير -المؤمنين ،فقال :إن للفرس في كل يوم ثلث
دعوات مستجابات ،يقول في أول نهاره:
) (1فروع الكافي 505 :3طبعة الخوندى (2) .في المصدر :إذا التقى (3) .فروع
الكافي 415 :3و * .416
][36
" اللهم وسع على سيدي الرزق " ويقول في وسط النهار " :اللهم اجعلني أحب
إلى سيدي من أهله وماله " ويقول في آخر نهاره :اللهم ارزق سيدي على
ظهري الشهادة ) .(1بيان :نعق الغراب بالعين المهملة والمعجمة ينعق
نعيقا :صاح ،ونق الضفدع ينق نقيقا :صاح - 13 .الختصاص :عن أحمد
بن محمد بن عيسى وأحمد بن الحسن بن فضال عن الحسن بن فضال )(2
عن عبد ال بن بكير عن زرارة عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
ناضحا ) (3كان لرجل من النصار فلما استن ) (4قال بعض أهله :لو
نحرتموه ،فجاء البعير إلى رسول ال صلى ال عليه واله وسلم فجعل
يرغو ،فبعث رسول ال صلى ال عليه واله وسلم إلى صاحبه ،فلما جاء
قال له النبي :إن هذا يزعم أنه كان لكم شابا حتى إذا هرم وإنه قد نفعكم
وإنكم أردتم نحره ) (5فقال :صدق ،فقال :ل تنحروه ودعوه )- 14 .(6
ومنه :عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن عبد
الرحمن ابن حماد عن محمد بن الحسن بن أبى خالد ) (7قال :خرجت مع
علي بن الحسين عليه السلم
) (1الختصاص (2) .136 :في المصدر " :احمد بن الحسن بن على بن فضال عن
عبد ال بن بكير " ولعل فيه سقط ،والحسن بن فضال أي الحسن بن
على بن فضال (3) .الناضح :البعير الذى يستقى عليه (4) .في المصدر:
" استسن " وهو الصحيح أي كبرت سنه (5) .في المصدر :ثم انكم
اردتم نحره (6) .الختصاص 294 :فيه :ودعوه فدعوه (7) .الظاهر انه
هو محمد بن الحسن شنبولة القمى الشعري المعدود من اصحاب الرضا
عليه السلم ،والرواية مرسلة ،ورواه الصفار في البصائر 101 :عن
محمد بن الحسين عن العباس بن معروف عن ابى القاسم الكوفى عن
محمد بن الحسن بن محمد بن عمران زرعة عن سماعة عن ابى بصير
عن رجل ،ورواه ايضا الطبري في دلئل المامة :88عن *
][37
إلى مكة فلما دخلنا البواء كان على راحلته وكنت أمشي فوافى غنما وإذا نعجة قد
تخلفت عن الغنم وهي تثغو ثغآء شديد وتلتفت ،وإذا رخلة خلفها تثغو
وتشتد في طلبها ،فلما قامت الرخلة ثغت النعجة فتبعتها الرخلة ،فقال علي
بن الحسين عليه السلم يا عبد العزيز أتدري ما قالت النعجة ؟ قالت :ل
وال ،ما أدري ،قال :فانها قالت :الحقي بالغنم فان اختها عام الول تخلفت
في هذا الموضع فأكلها الذئب ) .(1بيان :الثغاء :صياح الغنم ،والرخل
بكسر الراء :النثى من سخال الضأن - 15 .الختصاص :عن أحمد بن
محمد بن عيسى وأحمد بن الحسن بن فضال ،عن الحسن بن فضال )،(2
عن عبد ال بن بكير ،عن بعض أصحابنا ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :إن الذئاب جاءت إلى رسول ال صلى ال عليه واله وسلم تطلب
أرزاقها ،فقال لصحابه :إن شئتم صالحتها على شئ تخرجوه إليها ول
ترزأ ) (3من أموالكم شيئا ،وإن تركتموها تعدو وعليكم حفظ أموالكم،
قالوا :بل نتركها كما هي تصيب منا ما أصابت ونمنعها ما استطعنا 16 .(4
-ومنه :عن عبد ال بن محمد عن محمد بن إبراهيم عن بشر وإبراهيم
ابني محمد أبيهما عن حمران عن علي بن الحسين عليه السلم قال :كان
قاعدا في جماعة من أصحابه إذا جاءته ظبية فبصبصت عنده وضربت
بيديها ،فقال أبو محمد عليه السلم :أتدرون ما تقول
العباس بن معروف وفيه " :الحسن بن عمران " والظاهر انه وما في البصائر
مصحفان والصحيح " :الحسن بن محمد بن عمران " وهو الحسن بن
محمد بن عمران بن عبد ال الشعري ،بقرينة روايته عن زرعة .وفى
اسناد دلئل المامة ايضا سقط وارسال راجعه .والظاهر من متن
الختصاص والبصائر أن الذى يروى عن المام عليه السلم رجل اسمه
عبد العزيز فتأمل (1) .الختصاص (2) .294 :في المصدر :الحسن بن
على بن فضال (3) .رزأ الرجل ماله :اصاب منه شيئا مهما كان أي
نقصه (4) .الختصاص 595 :ورواه في البصائر 101 :راجعه* .
][38
هذه الظبية ؟ قالوا :ل ،قال :تزعم هذه الظبية أن فلن ابن فلن -رجل من قريش
اصطاد خشفا لها في هذا اليوم ،وإنما جاءت أن أسأله أن يضع الخشف
بين يديها فترضعه .ثم قال أبو محمد عليه السلم لصحابه :قوموا بنا،
فقاموا بأجمعهم فأتوه ،فخرج إليهم فقال لبي محمد :فداك أبي وامي ما
جاء بك ؟ فقال :أسألك بحقي عليك إل أخرجت إلى الخشف الذي اصطدتها
اليوم ،فأخرجها فوضعها بين يدي امها فأرضعتها فقال علي بن الحسين
عليه السلم :أسألك يا فلن لما وهبت لنا الخشف ،قال :قد فعلت فأرسل
الخشف مع الظبية فمضت الظبية فبصبصت وحركت ذنبها ،فقال علي بن
الحسين عليه السلم :تدرون ما قالت الظبية ؟ قالوا :ل قال :قالت :رد ال
عليكم كل غائب لكم وغفر لعلي -بن الحسين كما رد علي ولدي ).(1
بيان :بصبص الكلب :حرك ذنبه ،والخشف مثلثة :ولد الظبي أول ما يولد
أو أول مشيه ،أو التي نفرت من أولدها وتشردت - 17 .نوادر الراوندي:
باسناده ،عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلم أن أبا ذر الغفاري
رضي ال عنه تمعك فرسه ذات يوم فحمحم في تمعكه ،فقال أبو ذر :هي
حسبك الن فقد استجيب لك ،فاسترجع القوم وقالوا :خولط أبو ذر ،فقال
للقوم :مالكم ،قالوا :تكلم بهيمة من البهائم ؟ فقال أبو ذر رضي ال عنه:
سمعت رسول ال صلى ال عليه واله وسلم يقول :إذا تمعك الفرس دعا
بدعوتين فيستجاب له يقول " :اللهم اجعلني أحب ماله إليه " والدعوة
الثانية " :اللهم ارزقه على ظهري الشهادة " ودعوتاه مستجابتان ).(2
- 18وبهذا السناد قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :إذا كان
يوم الجمعة نادت
) (1الختصاص 297 :والحديث يوجد في البصائر 103وفى دلئل المامة 89
وفيه اختصار وفى ذيله :رد ال عليكم كل حق غصبتم عليه وكل غائب
وكل سبب ترجونه وغفر الخ (2) .نوادر الراوندي 15 :فيه :اللهم ارزقه
الشهادة على ظهرى* .
][39
الطير الطير ،والوحش الوحش ،والسباع السباع :سلم عليكم هذا يوم صالح ).(1
- 19نهج البلغة من خطبة أمير المؤمنين عليه السلم في صفة عجيب
خلق أصناف من الحيوان ) :(2ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة،
لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق ،ولكن القلوب عليلة ،والبصائر
مدخولة ،أل ينظرون إلى صغير ما خلق ،كيف أحكم خلقه وأتقن تركيبه،
وفلق له السمع والبصر ،وسوى له العظم والبشر ؟ انظروا إلى النملة في
صغر جثتها ولطافة هيئتها ل تكاد تنال بلحظ البصر ،ول بمستدرك الفكر،
كيف دبت على أرضها وضنت ) (3على رزقها ،تنقل الحبة إلى حجرها،
وتعدها في مستقرها ،تجمع في حرها لبردها ،وفي ورودها لصدرها،
مكفولة برزقها ،مرزوقة برفقها ،ل يغفلها المنان ،ول يحرمها الديان ،ولو
في الصفا اليابس ،والحجر الجامس ) (4ولو فكرت في مجاري اكلها وفي
علوها وسفلها وما في الجوف من شراسيف بطنها وما في الرأس من
عينها واذنها ،لقضيت من خلقها عجبا ،ولقيت من وصفها تعنا ،فتعالى
الذي أقامها على قوائمها ،وبناها على دعائمها ،لم يشركه في فطرتها
فاطر ،ولم يعنه في خلقها قادر ،ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته
مادلتك الدللة إل على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة لدقيق تفصيل كل
شئ ،وغامض اختلف كل حي ،وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف
والقوي والضعيف في خلقه إل سواء ،كذلك السماء والهواء والرياح
والماء ،فانظر إلى الشمس والقمر والنبات والشجر والماء والحجر،
واختلف هذا الليل والنهار وتفجر هذه البحار ،وكثرة هذه الجبال ،وطول
هذه القلل ،وتفرق هذه اللغات واللسن المختلفات ) ،(5فالويل لمن جحد
المقدر ،وأنكر المدبر ،زعموا أنهم
) (1نوادر الراوندي (2) .24 :في المصدر :في صفة خلق أصناف الحيوان(3) .
في المصدر :ونسخة من الكتاب :وصبت (4) .الجامس :الجامد (5) .زاد
في هامش طبعة الكمبانى " فالويل لمن أنكر المختلفات " ولكن سائر
النسخ والمصدر خالية عنها* .
][40
كالنبات مالهم زارع ،ول لختلف صورهم مانع ،ولم يلجأوا إلى حجة فيما ادعوا
ول تحقيق لما اوعوا ،وهل يكون بناء من غير بان ،أو جناية من غير جان
وإن شئت قلت في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين ،وأسرج لها
حدقتين قمراوين وجعل لها السمع الخفي ،وفتح لها الفم السوي ،وجعل
لها الحس القوي .ونابين بهما تقرض ،ومنجلين بهما تقبض ،يرهبها
الزارع في زرعهم ول يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم حتى ترد
الحرث في نزواتها ،وتقضي منه شهواتها ،وخلقها كله ل يكون أصبعا
مستدقة .فتبارك ال الذي يسجد له من في السماوات والرض طوعا
وكرها ويعفر له ) (1خدا ووجها ،ويلقي بالطاعة إليه سلما وضعفا،
ويعطي له القياد رهبة وخوفا فالطير مسخرة لمره ،أحصى عدد الريش
منها والنفس ،وأرسى قوائمها على الندى واليبس ،قدر أقواتها ،وأحصى
أجناسها ،فهذا غراب وهذا عقاب ،وهذا حمام وهذا نعام ،دعا كل طير
باسمه ،وتكفل برزقه ) ،(2وأنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها وعدد
قسمها ،فبل الرض بعد جفوفها ،وأخرج نبتها بعد جدوبها ) .(3تبيين،
التفكير :إعمال النظر في الشئ ،يقال :فكر فيه كضرب ،وفكر بالتشديد
وأفكر وتفكر بمعنى ،والجسيم :العظيم ،والحريق اسم من الحتراق
والبصائر جمع البصيرة وهي والبصر بالتحريك :العلم والخبرة ،وفي
بعض النسخ :البصار موضع البصائر ،والدخل بالتحريك :ما داخلك من
فساد في عقل أو جسم والعيب والريبة ،يقال :هذا المر فيه دخل ودغل
بمعنى ،وقد دخل كفرح ،ودخل على البناء للمفعول ،والحكام :التقان،
وركبه تركيبا أي وضع بعضه على بعض فتركب ،وفلق كضرب أي شق
فانفلق ،ومنه " فالق الحب والنوى " ) (4واستوى
) (1في المصدر :ويعنو له (2) .في المصدر :وفى نسخة من الكتاب :وكفل له
برزقه (3) .نهج البلغة (4) .376 - 373 :1النعام* .95 :
][41
الشئ :اعتدل ،وسويته :عدلته ،والنملة واحدة النمل ،والجثة بالضم للنسان:
شخصه قاعدا أو نائما ،فان كان منتصبا فهو طل بالتحريك ،والشخص
عام ،كذا قيل وفي القاموس :جثة النسان :شخصه ،ولطف الشئ ككرم
لطافة بالفتح وقيل :هو اسم أي صغر ودق ،والهيئة :حال الشئ وكيفيته،
ونلته بالكسر أنيله أي أصبته ،واللحظ في الصل :النظر بمؤخر العين وهو
أشد التفاتا من الشزر وفي بعض النسخ :بلحظ النظر ،واستدرك الشئ
وأدركه بمعنى ،ذكره الجوهري واستدركت ما فات وتداركته بمعنى،
واستدركت الشئ بالشئ أي حاولت إدراكه به ،والفكر كعنب جمع فكرة
بالكسر وهو إعمال النظر ،وقيل :اسم من الفتكار كالعبرة من العتبار،
وفي بعض النسخ :الفكر بسكون العين ،ومستدرك الفكر على بناء المفعول
يحتمل أن يكون مصدرا أي إدراك الكفر أو يطلبها الدراك ،ولعله أنسب
بقوله عليه السلم " :بلحظ البصر " وأن يكون اسم مفعول أي بالفكر
الذي يدركه النسان ويصل إليه أو يطلب إدراكه أي منتهى طلبه ل يصل
إلى إدراك ذلك ،وأن يكون اسم مكان ،والباء بمعنى في ،ودب كفر أي
مشى رويدا ،وصبت على بناء المفعول من الصب وهو في الصل الراقة،
وقيل :هو على العكس أي صبت رزقها عليها والظاهر أنه ل حاجة إليه،
أي كيف الهمت حتى انحطت على رزقها ،واستعير له الصب لهجومها
عليه ،وفي بعض النسخ " :وضنت " بالضاد المعجمة والنون على بناء
المعلوم أي بخلت برزقها ،وذكر دبيبها لنه متوقف على القوائم والمفاصل
والقوى الجزئية ،وتركبها فيها مع غاية صغرها على وجه تنتظم به
حركاتها السريعة المتتابعة مظهر للقدرة ولطيف الصنعة ،وذكر الصب أو
الضنة للدللة على علمها بحاجتها إلى الرزق وحسن نظرها في العداد
والحفظ ،والجحرة بالضم :الحفرة التي تحتفرها الهوام والسباع لنفسها،
وأعده أي هيأه ،ومستقرها :موضع استقرارها ،والورود في الصل:
الشراف على الماء للشرب ،والصدر بالتحريك :رجوع الشاربة من
الورود كان المعنى :تجمع في أيام التمكن من الحركة ليام العجز عنها،
فانها تظهر في الصيف وتخفى في الشتاء لعجزها عن البرد ،وكفل كنصر
وقيل :كعلم وشرف أي
][42
ضمن ،قيل :تقول :كفلته وبه وعنه :إذا تحملت به ،بوفقها أي بقدر كفايتها )(1
وأغفلت الشئ إغفال أي تركته إهمال من غير نسيان ،والمنان :المنعم
المعطي من المن بمعنى العطاء ل من المنة ،وقد يشتق منه وهو مذموم،
وحرمه كمنعه :ضد أعطاه والديان :الحاكم والقاضي ،وقيل :القهار ،وقيل:
السائس وهو القائم على الشئ بما يصلحه كما تفعل الولة والمراء
بالرعية ،ووجه المناسبة على الخير واضح ولعله على الول هو أن
إعطاء كل شئ ما يستحقه ولو على وجه التفضل من فروع الحكم بالحق،
وعلى الثاني الشعار بأن قهره سبحانه ل يمنعه عن العطاء كما يكون في
غيره أحيانا ،والصفا مقصورا :الحجارة ،وقيل :الحجر الصلد الضخم ل
ينبت شيئا والواحدة صفاة ،وجمس وجمد بمعنى ،وقيل :أكثر ما يستعمل
في الماء جمد ،وفي السمن وغيره جمس ،وصخرة جامسة أي ثابتة في
موضعها ،والكل بالضم كما في بعض النسخ وبضمتين كما في بعضها:
المأكول ،والكلة بالضم :اللقمة ،وعلوها وسفلها بالضم فيهما في بعض
النسخ ،وبالكسر في بعضها ،والضميران كالسوابق .قال بعض شراح
النهج :علوها :رأسها وما يليه إلى الجزء المتوسط ،ويحتمل رجوعهما
إلى المجاري ،والشراسيف :مقاط الضلع وهي أطرافها التي تشرف على
البطن ،وقيل :الشرسوف كعصفور :غضروف معلق بكل ضلع مثل
غضروف الكتف ،ول حاجة إلى الحمل على المجاز كما يظهر من كلم
بعض الشارحين ،والذن بضمتين في النسخ ،والقضاء يكون بمعنى الداء،
قال ال تعالى " :فإذا قضيتم مناسككم ) " (2وقال " :فإذا قضيتم الصلة
" ) (3وقضاء العجب " التعجب أو التعجب الكامل ،وقال بعض الشارحين:
يحتمل أن يكون بمعنى الموت من قولهم :قضى فلن أي مات ،أي لقضيت
نحبك من شدة تعجبك ،ويكون " عجبا " نصبا على المفعول له ،ول يخفى
بعده ،والدعامة والدعام بالكسر فيهما :عماد البيت ،والخشب المنصوب
للتعريش
) (1أو بما يوافقها من الرزق (2) .البقرة (3) .200 :النساء* .103 :
][43
وفيه تشبيه لها بالبيت المبني على الدعائم ،وفي بعض النسخ " :لم يعنه "
والضرب في الرض :السير فيها أو السراع فيه ،والدللة بالفتح كما في
بعض النسخ وبالكسر كما في بعضها ،السم من قولك :دله إلى الشئ
وعليه ،أي أرشده وسدده ،والغامض :خلف الواضح ،والغرض من الكلم
دفع توهم يسر الخلق وسهولة البداع في بعض الشياء للصغر وخفاء
دقائق الصنع ،والجليل :العظيم ،يقال :جل كفر جللة بالفتح أي عظم،
والغرض استواء نسبة القدرة الكاملة إلى النواع ،كذلك السماء قيل:
المشبه به المور المتضادة السابقة ،والمشبه هو السماء والهواء والرياح
والماء ووجه الشبه هو حاجتها في خلقها وتركيبها وأحوالها المختلفة
والمتفقة إلى صانع حكيم ،ويحتمل أن يكون التشبيه في استواء نسبة
القدرة .فانظر إلى الشمس والقمر الخ ،أي تدبر فيما أودع في هذه الشياء
من غرائب الصنعة ولطائف الحكمة ،وقيل :استدلل بامكان العراض على
ثبوت الصانع بأن يقال :كل جسم يقبل لجسميته المشتركة بينه وبين سائر
الجسام ما يقبله غيره من الجسام فإذا اختلف الجسام في العراض فلبد
من مخصص وهو الصانع الحكيم انتهى .واختلف الليل والنهار :تعاقبهما،
وفجر الماء أي فتح له طريقا فتفجر وانفجر أي جري وسال ،والمراد
البحار النهار العظيمة أو البحار المعروفة ،وتفجرها :جريانها لو وجدت
طريقا ،والقلل كجبال جمع قلة :بالضم وهي أعلى الجبل ،وقيل :الجبل،
وتفرق اللغات :اختلفها وتباينها كما قال عزوجل " :واختلف ألسنتكم
وألوانكم " ) (1والويل :الحزن والهلك والمشقة من العذاب ،وعلم واد
في جهنم والجملة تحتمل الخبار والدعاء ،قال سيبويه :الويل مشترك بين
الدعاء والخبر .والمراد بالنبات ما ينبت في الصحارى والجبال من غير
زرع ،وليس المراد أن النبات ليس له مقدر ول مدبر ،بل المعنى أن النبات
المذكور كما أنه ليس له مدبر من البشر يزعمون أن النسان يحصل من
غير مدبر أصل ،وقيل :المراد أنهم قاسوا
) (1الروم* .22 :
][44
أنفسهم على النبات الذي جعلوا من الصول المسلمة أنه ل مقدر له بل ينبت بنفسه
من غير مدبر ،وذكر الختلف في الصور لنه من الدلئل الواضحة على
الصانع لم يلجأوا أي لم يستندوا ،والغرض استنادهم في دعواهم إلى قياس
باطل وظن ضعيف كما قال عزوجل " :وما لهم بذلك من علم إن هم إل
يظنون " ) (1وأوعى الشئ ووعاه على المجرد كما في بعض النسخ أي
حفظه وجمعه ،أي لم يرتبوا العلوم الضرورية ،ولم يحصلوا المقدمات على
وجهها حتى تفضي إلى نتيجة صحيحة ،وجنى فلن جناية بالكسر أي جر
جريرة على نفسه وقومه ،ويقال :جنيت الثمرة أجنيها واجتنيتها أي
اقتطفتها ،واسم الفاعل منها " جان " إل أن المصدر من الثاني " جنى "
ل جناية ،والغرض دعوى الضرورة في الحتياج إلى الصانع والفاعل
كالبناء والجناية ل الستناد إلى القياس .قلت في الجرادة ،أي تكلمت في
بديع صنعتها وعجيب فطرتها ،وأسرج لها حدقتين ،أي جعلهما ،مضيئتين
كالسراج ،قمراوين أي منيرتين كالليلة القمر آء المضيئة بالقمر ،وجعل
لها السمع الخفي أي من عين أعين الناظرين ،وقيل :المراد بالخفي
اللطيف السامع لخفي الصوات ،فوصف بالخفة مجازا من قبيل إطلق اسم
المقبول على القابل وهو أنسب بقوله عليه السلم :وجعل لها الحس
القوي ،وقيل :أراد بحسها قوتها الوهمية ،وبقوته حذفتها ) (2فيما ألهمت
إياه من وجوه معاشها وتصرفها يقال :لفلن حس حاذق :إذا كان ذكيا فطنا
دراكا ،والناب في الصل :السن خلف الرباعية ،وقرض كضرب أي قطع،
والمنجل كمنبر :حديدة يقضب بها الزرع وقيل :المنجلن رجلها شبههما
بالمناجل لعوجهما وخشونتهما ،ورهبه كعلم أي خاف ،وذب عن حريمه
كمد أي دفع وحمى ،وأجلبوها أي تجمعوا وتألبوا ،وأجلب على فرسه أي
استحثه للعدو بوكز أو صياح أو نحو ذلك ،بجمعهم أي بأجمعهم ،وكلمة
) (1الجاثية (2) .24 :في الشرح لبن ميثم :وبقوة حذقها* .
][45
" لو " للوصل ،والحرث :الزرع ،ونزا كدعا أي وثب " وخلقها " الجملة حالية
واستدق صار دقيقا " ،الذي يسجد " أي حقيقة فانه يسجد له الملئكة
والمؤمنون من الثقلين " طوعا " حالتي الشدة والرخاء ،والكفرة له كرها
حال الشدة والضرورة أو أعم منها ومن السجدة المجازية وهي الخضوع
والدخول تحت ذل الفتقار والحاجة كما مر مرارا ،والعفر بالتحريك وقد
يسكن :وجه الرض ويطلق على التراب وعفره في التراب كضرب وعفره
تعفيرا أي مرغه فيه ،وكان التعفير في البعض كأهل السماوات كناية عن
غاية الخضوع ،واللقاء بالطاعة مجاز عن النقياد ،وفي بعض النسخ
بالطاعة إليه ،والسلم بالكسر كما في بعض النسخ الصلح وبالتحريك كما
في بعضها :الستسلم والنقياد ،والقياد بالكسر :ما يقاد به وإعطاء
القياد :النقياد ،والرهبة :الخوف ،وأرسى أي أثبت ،والندى ) :(1البلل
والمطر ،واليبس بالتحريك :ضد الرطوبة ،وطريق يبس أي ل نداوة فيه
ول بلل والحمام بالفتح :كل ذي طوق من الفواخت والقماري والوراشين
وغيرها ،والحمامة تقع على الذكر والنثى كالحية والنعامة ،واسم الجنس
من النعامة نعام بالفتح والغرض بيان عموم علمه سبحانه وقدرته ،دعا كل
طائر باسمه ،قيل :الدعاء استعارة في أمر كل نوع بالدخول في الوجود،
وقد عرفت أن ذلك المر يعود إلى حكم القدرة اللهية عليه بالدخول في
الوجود كقوله تعالى " :فقال لها وللرض ائتيا " ) (2الية ،ولما استعار
الدعا رشح بذكر السم لن الشئ إنما يدعى باسمه ،ويحتمل أن يريد السم
اللغوي ،وهو العلمة ،فان لكل نوع من الطير خاصة وسمة ليست للخر،
ويكون المعنى أنه تعالى أجرى عليها حكم القدرة بما لها من السمات
والخواص في العلم اللهي واللوح المحفوظ ،وقال بعضهم :أراد أسماء
الجناس وذلك أن ال تعالى كتب في اللوح المحفوظ كل لغة تواضع عليها
العباد في المستقبل وذكر
) (1الندى هنا :مقابل اليبس فيعم الماء كانه يريد ان ال جعل من الطير ما تثبت
ارجله في الماء ومنه ما يمشى العلى الرض اليابسة (2) .فصلت.11 :
*
][46
السماء التي يتواضعون عليها ،وذكر لكل اسم مسماه فعند إرادة خلقها نادى كل
نوع باسمه فأجاب داعية وأسرع في إجابته ،وكفل برزقه أي ضمن،
والسحاب جمع سحابة وهي الغيم ،والهطل بالفتح :تتابع المطر أو الدمع
وسيلنه ،وقيل :تتابع المطر المتفرق العظيم القطر ،والديمة بالكسر :مطر
يدوم في سكون بل رعد وبرق والجمع ديم كعنب ،وتعديد القسم :إحصاء
ما قدر منها لكل بلد وأرض على وفق الحكمة ،والبلة بالكسر :ضد
الجفاف ،يقال :بله فابتل :والجفوف بالضم :الجفاف بالتفح ،والجدوب
بالضم :انقطاع المطر ويبس الرض - 20 .الشهاب :قال رسول ال صلى
ال عليه واله وسلم :لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم ما أكلتم
سمينا ) .(1الضوء :في الحديث استزادة من بني آدم وإعلم أن البهائم لو
كان لها عقل لكانت أضبط منهم ،وذلك لنها ليست بمكلفة ،ولو علمت
بالموت لم تأكل ولم تشرب فكانت تهزل وابن آدم يأكل ويشرب ويعلم أنه
غدا ميت ،وفيه تعيير بالقصور عن البهائم في هذه الخلة خاصة فعليك أيها
العاقل بالنتباه من سنة الغفلة فان هذا الخطاب لك ،وفائدة الحديث إعلم
أن البهائم الخرس لو علمت الموت لما سمنت بالرتوع في المراتع
ولمسكت عن الرعي ) - 21 .(2كتاب جعفر بن محمد بن شريح :عن عبد
ال بن طلحة ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ما يصاد من الطير إل ما
ضيع التسبيح ) - 22 .(3أصل قديم منقول من خط التلعكبري رحمه ال
قال :أخبرني محمد بن الحسن بن الوليد ،عن محمد بن الحسن الصفار،
عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن موسى ابن القاسم ،عن الحسن بن
محبوب ،عن علي بن رئاب ،عن مولى للقميين ،قد أخبرني عمن أخبره،
عن أبي عبد ال عن آبائه عليهم السلم قال :قال رجل من اليهود لرسول
ال صلى ال عليه واله وسلم :يا محمد أخبرني ما يقول الحمار في
نهيقه ؟ وما يقول الفرس في
) (1لم نجد الحديث في النسخة المطبوعة التى عندي من الشهاب (2) .لم نجد
نسخة كتاب الضوء (3) .الصول الستة عشر* .77 :
][47
صهيله ؟ وما يقول الدراج في صوته ؟ وما تقول القنبرة في صوتها ؟ وما يقول
الضفدع في نقيقه ؟ وما يقول الهدهد في صوته ؟ قال :فأطرق رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم ثم قال :أعد علي يا يهودي قال :فأعاد ،فقال
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :أما الحمار فيلعن العشار ،وأما
الفرس فيقول " :الملك ل الواحد القهار " وأما الدراج فيقول " :الرحمن
على العرش استوى " وأما الديك فيقول " :سبوح قدوس رب الملئكة
والروح " وأما الضفدع فيقول " :اذكروا ال يا غافلين " وأما الهدهد
فيقول " :رحمك ال يا داود " يعني سليمان بن داود ،وأما القنبرة فيقول:
" لعن ال من يبغض أهل بيت رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ).(1
- 23العلل :لمحمد بن علي بن إبراهيم ،إنما سميت الوحش لنها
استوحشت من آدم يوم هبوطه ) - 24 .(2المناقب :لبن شهر آشوب:
روى أبو بكر الشيرازي بالسناد عن مقاتل عن محمد بن الحنفية ،عن
أمير المؤمنين عليه السلم في قوله تعالى " :إنا عرضنا المانة " عرض
ال أمانتي ) (3على السماوات السمع بالثواب والعقاب ،فقلن :ربنا ل
نحملها ) (4بالثواب والعقاب ،ولكنها نحملها بل ثواب ول عقاب ،وإن ال
عرض أمانتي ووليتي على الطيور ،فأول من آمن بها البزاة البيض
والقنابر ،وأول من جحدها البوم والعنقاء ،فأما البوم فل تقدر أن تظهر
بالنهار لبعض الطير لها ،وأما العنقاء فغابت في البحار ل ترى ،وإن ال
عرض إمامتي على الرضين ،فكل بقعة آمنت بوليتي جعلها طيبة زكية
وجعل نباتها وثمرها حلوا عذبا ،وجعل ماءها زلل ،وكل بقعة جحدت
إمامتي وأنكرت وليتي ،جعلها سبخة وجعل نباتها مرا علقما وجعل ثمرها
العوسج والحنظل ،وجعل ماءها ملحا اجاجا ،ثم قال " :وحملها النسان "
يعني امتك يا محمد ولية أمير المؤمنين وإمامته بما فيها من الثواب
والعقاب " ،إنه كان
) (1لم نجد ذلك الصل (2) .لم نجد العلل لمحمد بن ابراهيم (3) .هكذا في الكتاب
ومصدره ولعل الصحيح " :امامتي " (4) .في المصدر :ل تحملنا* .
][48
ظلوما " لنفسه " جهول " ) (1لمر ربه ،من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم غشوم )
.(2بيان :في القاموس :العلقم :الحنظل وكل شئ مر ،والنبقة المرة ،فإن
قلت :لما أبوا أول حملها كيف قبل بعض الطيور والرضين ؟ قلت :ليس
في أول الخبر ذكر الرضين ول في آخره العرض على السماوات ،فل
تنافي ،لكن يرد عليه أنه تفسير للية ،وفيها ذكر إباء السماوات
والرضين والجبال جميعا ،فذكر السماوات أول على المثال ،والكتفاء في
البعض لظهور البواقي ،فاما أن يحمل العرض أول على العرض على
مجموع السماوات والرضين والجبال إجمال ،والثاني على العرض على
كل حيوان وكل بقعة تفصيل ،أو يقال :ليس في أول الخبر إل امتناعها عن
الحمل بالثواب والعقاب ،فل ينافي قبول بعضها ورد بعضها عند العرض
بل ثواب ول عقاب ،فقوله :ولكنا نحملها قول بعضهم ،أو قول الجملة
باعتبار البعض ،أو يحمل الول على الظاهري والثاني على القلبي ،وال
يعلم - 25 .الدر المنثور :عن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :إن
إبراهيم حين القي في النار لم تكن في الرض دابة إل تطفئ عنه النار غير
الوزغ فانه كان ينفخ على إبراهيم فأمر رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم بقتله .وعن ام شريك عنه أن النبي صلى ال عليه واله وسلم أمر
بقتل الوزاغ ،وقال :كانت تنفخ على إبراهيم عليه السلم .وعن قتادة عن
بعضهم عن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :كانت الضفدع تطفئ النار
عن إبراهيم ،وكانت الوزغ تنفخ عليه ،فنهى عن قتل هذا ،وأمر بقتل
الوزغ .وعن أنس قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله :ل تسبوا
الضفدع ،فان صوته تسبيح وتقديس وتكبير ،إن البهائم استأذنت ربها في
أن تطفئ النار عن إبراهيم فأذن للضفادع فتراكبت عليه فأبدلها ال بحر
النار الماء ).(3
) (1الحزاب (2) .72 :مناقب آل ابى طالب 141 :2و (3) .142الدر المنثور :4
321و 322فيه :بحر النار برد الماء* .
][49
وعن ابن مسعود ،عن كعب الحبر قال :جاءت هامة ) (1إلى سليمان فقال :السلم
عليك يا نبي ال فقال :وعليك السلم يا هام ،أخبرني كيف ل تأكلين الزرع
فقالت :يا نبي ال لن آدم عصي ربه بسببه فلذلك ل آكله ،قال :فكيف ل
تشربين الماء ؟ قالت :يا نبي ال لن ال أغرق بالماء قوم نوح ،من أجل
ذلك تركت شربه قال :فكيف تركت العمران وسكنت الخراب ؟ قالت :لن
الخراب ميراث ال وأنا أسكن في ميراث ال ،وقد ) (2ذكر ال في كتابه
فقال " :وكم أهلنا من قرية بطرت معيشتها " إلى قوله " :وكنا نحن
الوارثين " ) .(3وعن أبي الصديق الناجي قال :خرج سليمان بن داود
يستسقي بالناس فمر على ) (4نملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها إلى
السماء وهي تقول " :اللهم إنا خلق من خلقك ليس لنا غنى عن رزقك فاما
أن تسقينا وإما أن تهلكنا ،فقال سليمان للناس :ارجعوا فقد سقاكم بدعوة
غيركم ) .(5وعن أبي الدرداء قال :كان داود عليه السلم يقضي بين
البهائم يوما وبين الناس يوما فجاءت بقرة فوضعت قرنها على حلقة الباب
ثم نغمت ) (6كما تنغم الوالدة على ولدها وقالت :كنت شابة كانوا ينتجوني
ويستعملوني ،ثم إني كبرت فأرادوا أن يذبحوني فقال داود ،أحسنوا إليها ل
تذبحوها ،ثم قرأ ) " (7علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ " ).(8
) (1الهامة :طير الليل وهو الصدى :والصدى :الذكر من البوم (2) .لعله من كلم
الراوى (3) .الدر المنثور 103 :5والية في القصص (4) .58 :في
المصدر :فمر بنملة (5) .الدر المنثور (6) .103 :5في المصدر :تنغمت.
) (7أي أبا الدرداء (8) .الدر المنثور 103 :5والية في النمل* .16 :
][50
وعن نوف والحكم قال :كان النمل في زمن سليمان أمثال الذباب ) .(1وعن ابن
عباس أنه سئل كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير ،قال :إن سليمان
نزل منزل فلم يدر ما بعد الماء ،وكان الهدهد يدل سليمان على الماء فأراد
أن يسأله عنه ففقده ،قيل :كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ يلقى عليه
التراب ويضع له الصبي الحبالة فيغيبها فيصيدها ،فقال :إذا جاء القضاء
ذهب البصر ) - 26 .(2كتاب عبد الملك بن حكيم ) ،(3عن بشير النبال،
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سهرداود عليه السلم ليلة يتلو الزبور
فأعجبته ) (4عبادته فنادته ضفدع :يا داود تعجب من سهرك ليلة ،وإني
لتحت هذه الصخرة منذ أربعين سنة ما جف لساني عن ذكر ال عزوجل )
- 27 .(5الخصال :عن محمد بن الحسن بن الوليد ،عن محمد بن الحسن
الصفار ،عن العباس بن معروف ،عن الحسن بن محبوب ،عن علي بن
رئاب ،عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليه السلم أنه كان
يقول :ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة :معرفتها بالرب تبارك
وتعالى ،ومعرفتها بالموت ،ومعرفتها بالنثى من الذكر ،ومعرفتها
بالمرعى الخصب ).(6
) 1و (2الدر المنثور (3) .104 :5اسناد الحديث على ما في المصدر هكذا :الشيخ
ابو محمد هارون بن موسى بن احمد التلعكبرى قال :اخبرنا ابو العباس
احمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال :اخبرنا على بن حسن بن على بن
فضال قال :حدثنا جعفر بن محمد بن حكيم قال :حدثنى عمى عبد الملك
بن حكيم (4) .فيه غرابة لن النبياء عليهم السلم عندنا معصومون) .
(5الصول الستة عشر (6) .101 :الخصال 260 :1طبعة الغفاري* .
][51
الكافي :عن العدة عن سهل بن زياد عن ابن محبوب مثله ) .(1الفقيه :باسناده
الصحيح عن ابن رئاب مثله ،ثم قال رحمه ال :وأما الخبر الذي روي عن
الصادق عليه السلم أنه قال " :لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما
أكلتم منها سمينا قط " فليس بخلف هذا الخبر لنها تعرف الموت ،لكنها
ل تعرف منه ما تعرفون ) - 28 .(2مجالس الشيخ :عن جماعة عن أبى
المفضل الشيباني عن محمد بن صالح بن فيض عن أحمد بن محمد بن
عيسى عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي حمزة قال :كان على بن
الحسين عليه السلم يقول :مهما ابهمت عنه البهائم فلم تبهم عن أربع:
معرفتها بالرب عزوجل ،ومعرفتها بالمرعى الخصب ،ومعرفتها بالثنى
عن الذكر ،ومعرفتها بالموت والفرار منه .قال أبو المفضل :حدثنا محمد
بن صالح ،عن أحمد بن محمد بجميع كتاب المشيخة عن ابن محبوب ).(3
- 29الكافي :عن أبي علي الشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال
وابن فضال عن ثعلبة عن يعقوب بن سالم عن رجل عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :مهما ابهم على البهائم من شئ فل يبهم عليها أربع خصال،
معرفة أن لها خالقا ،ومعرفة طلب الرزق ،ومعرفة الذكر من النثى،
ومخافة الموت ) - 30 .(4العلل :عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن
الحسن بن أبان ) (5عن محمد ابن اورمة عن الحسن بن علي عن علي بن
عقبة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد ال عليه السلم قال :لقد شكرت
الشياطين الرضة حين أكلت عصاة سليمان عليه السلم حتى
) (1الكافي 539 :6طبعة الخوندى (2) .من ل يحضره الفقيه 188 :2طبعة
الخوندى (3) .المجالس والخبار) 26 :ط (1و ) 207ط (4) .(2الكافي
(5) .539 :6في المصدر :عن الحسين بن الحسن بن أبان* .
][52
سقط ،وقالوا :عليك الخراب وعلينا الماء والطين ،فل تكاد تراها في موضع إل
رأيت ماء وطينا ) - 31 .(1المناقب ل بن شهراشوب :في حديث أبي
حمزة الثمالي أنه دخل عبد ال ابن عمر على زين العابدين عليه السلم
وقال :يا ابن الحسين أنت تقول :إن يونس بن متى إنما لقي من الحوت ما
لقي لنه عرضت عليه ولية جدي فتوقف عندها ؟ فقال :بلى ثكلتك امك،
قال :فأرني آية ذلك إن كنت من الصادقين ،فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني
بعصابة ،ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا ،فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب
أمواجه ،فقال ابن عمر :يا سيدي دمي في رقبتك ،ال ال في نفسي ،فقال:
هيه وأريه إن كنت من الصادقين ،ثم قال :يا أيتها الحوت ،قال :فاطلع
الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول :لبيك لبيك يا ولي
ال ،فقال :من أنت ؟ قال :أنا حوت يونس يا سيدي ،قال :أنبئنا بالخبر،
قال :يا سيدي إن ال تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد
صلى ال عليه واله وسلم إل وقد عرض عليه وليتكم أهل البيت ،فمن
قبلها من النبياء سلم وتخلص ،ومن توقف عنها وتمنع ) (2في حملها
لقي ما لقي آدم من المعصية ،وما لقي نوح من الغرق ،وما لقي إبراهيم
من النار ،وما لقي يوسف من الجب ،وما لقي أيوب من البلء ،وما لقي
داود من الخطيئة ،إلى أن بعث ال يونس فأوحى ال إليه :أن يا يونس تول
أمير المؤمنين عليا عليه السلم والئمة الراشدين من صلبه -في كلم له
-قال :فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه ؟ وذهب مغتاظا ،فأوحى ال إلى:
أن التقمي يونس ول توهني له عظما ،فمكث في بطني أربعين صباحا
يطوف معي البحار في ظلمات ثلث ينادي ) " (3ل إله إل أنت سبحانك
إني كنت من الظالمين " قد قبلت
) (1علل الشرائع 70 :1طبعة قم (2) .في المصدر :وتعتع في حملها (3) .في
المصدر :انه ل اله* .
][53
ولية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والئمة الراشدين من ولده ،فلما أن آمن
بوليتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر ،فقال زين العابدين عليه
السلم :ارجع أيها الحوت إلى وكرك واستوى الماء ) .(1أقول :قد مر
شرح الخبر وتأويله في معجزات علي بن الحسين عليه السلم وباب
أحوال يونس عليه السلم - 32 .توحيد المفضل :قال الصادق عليه السلم
يا مفضل فكر في هذه الصناف الثلثة من الحيوان وفي خلقها على ما هي
عليه بما فيه صلح كل واحد منها ،فالنس لما قدروا أن يكونوا ذوي ذهن
وفطنة وعلج لمثل هذه الصناعات من البناء والنجارة والصناعة
والخياطة ) (2وغير ذلك خلقت لهم أكف كبار ذوات أصابع غلظ ،ليتمكنوا
من القبض على الشياء ،وأوكدها هذه الصناعات ،وآكلت اللحم لما قدر
أن يكون معايشها ) (3من الصيد خلقت لهم أكف لطاف مدمجة ) (4ذوات
براثن ) (5ومخاليب تصلح لخذ الصيد ول تصلح للصناعات ،وآكلت
النبات لما قدر أن يكونوا ل ذات صنعة ول ذات صيد ،خلقت لبعضها
أظلف تقيها ) (6خشونة الرض
) (1مناقب آل ابى طالب (2) .218 :3في النسخة المخطوطة :والصناعة
)والخياطة خ( وفي كتاب التوحيد من البحار " :92 :3والصياغة "
وفي بعض النسخ :والخياطة (3) .في النسخة المخطوطة :معايشهم(4) .
قال المصنف في كتاب التوحيد :مدمجة أي انضم بعضها إلى بعض قال
الجوهرى دمج الشئ دموجا :إذا دخل في الشئ واستحكم فيه ،وادمجت
الشئ ،إذا لففته في ثوب وفى بعض النسخ :مدبحة بالباء والحاء المهملة
ولعل المراد معوجة من قولهم :دبح تدبيحا أي بسط ظهره وطأطأ رأسه،
وهو تصحيف أقول :ويمكن أن يكون مصحف " مذبحة " كما في بعض
النسخ (5) .البراثن من السباع والطير :بمنزلة الصابع من النسان.
والمخلب .ظفر البرثن (6) .في نسخة :تقيمها* .
][54
إذا حاول طلب الرعي ،ولبعضها حوافر ململمة ذوات قعر كأخمص القدم تنطبق
على الرض ليتهيأ للركوب والحمولة .تأمل التدبير في خلق آكلت اللحم
من الحيوان حين خلقت ) (1ذوات أسنان حداد ،وبراثن شداد ،وأشداق
وأفواه واسعة ،فانه لما قدر أن يكون طعمها اللحم خلقت خلقة تشاكل ذلك
واعينت بسلح وأدوات تصلح للصيد ،وكذلك تجد سباع الطير ذوات مناقير
ومخاليب مهيأة لفعلها ،ولو كانت الوحوش ذوات مخالب كانت قد اعطيت
ما ل يحتاج إليه لنها ل تصيد ول تأكل اللحم ،ولو كانت السباع ذوات
أظلف كانت قد منعت ما تحتاج إليه أعني السلح الذي به تصيد وتتعيش،
أفل ترى كيف اعطي كل واحد من الصنفين ما يشا كل صنفه وطبقته بل ما
فيه بقاؤه وصلحه ؟ انظر الن إلى ذوات الربع كيف تراها تتبع امهاتها )
(2مستقلة بأنفسها ل تحتاج إلى الحمل والتربية كما تحتاج أولد النس،
فمن أجل أنه ليس عند أمهاتها ما عند امهات البشر من الرفق والعلم
بالتربية والقوة عليها بالكف والصابع المهيأة لذلك ،اعطيت النهوض
والستقلل بانفسها ،وكذلك ترى كثيرا من الطير كمثل الدجاج والدراج
والقبج ) (3تدرج وتلقط حين ينقاب عنها البيض ،فأما ما كان منها ضعيفا
ل نهوض فيه كمثل فراخ الحمام واليمام والحمر فقد جعل في المهات
فضل عطف عليها فصارت تمج الطعام في أفواهها بعد ما توعيه
حواصلها ،فل تزال تغذوها حتى تستقل بأنفسها ولذلك لم ترزق الحمام
فراخا كثيرة مثل ما ترزق الدجاج لتقوى الم على تربية فراخها ،فل تفسد
ول تموت ،فكل اعطي بقسط من تدبير الحكيم اللطيف الخبير.
) (1في النسخة المخطوطة :حيث جعلت (2) .في المخطوطة وفى التوحيد :اماتها.
) (3القبج بالقاف والباء المفتوحين :طائر يشبه الحجل* .
][55
انظر إلى قوائم الحيوان كيف تأتي أزواجا لتهيأ ) (1للمشئ ولو كانت أفرادا لم
تصلح لذلك ،لن الماشي ينقل بعض قوائمه ويعتمد على بعض :فذو
القائمتين ينقل واحدة ويعتمد على واحدة ،وذو الربع ينقل اثنين ويعتمد
على اثنين ،وذلك من خلف لن ذا الربع لو كان ينقل قائمتين من أحد
جانبيه ويعتمد على قائمتين من الجانب الخر لما يثبت على الرض كما ل
يثبت السرير وما اشبهه ،فصار ينقل اليمنى من مقاديمه مع اليسرى من
مآخيره ،وينقل الخريين أيضا من خلف فيثبت على الرض ول يسقط إذا
مشى .أما ترى الحمار كيف يذل للطحن والحمولة وهو يرى الفرس مودعا
منعما ،والبعير ل يطيقه عدة رجال لو استعصى كيف كان ينقاد للصبي ؟
والثور الشديد كيف كان يذعن لصاحبه حتى يضع النير على عنقه ويحرث
به ؟ والفرس الكريم يركب السيوف والسنة بالمواتاة ) (2لفارسه،
والقطيع من الغنم يرعاه رجل واحد ،ولو تفرقت الغنم فأخذ كل واحد منها
في ناحية لم يلحقها ،وكذلك جميع الصناف المسخرة للنسان (3) ،فبم
كانت كذلك إل بأنها عدمت العقل والروية ،فانها لو كانت تعقل وتروى )(4
في المور كانت خليقة أن تلتوي على النسان في كثير من مآربه ) (5حتى
يمتنع الجمل على قائده والثور على صاحبه وتتفرق الغنم عن راعيها
وأشباه هذا من المور .وكذلك هذه السباع لو كانت ذات عقل وروية
فتوازرت على الناس كانت خليقة أن تحاجهم ) ،(6فمن كان يقوم للسد،
والذئاب والنمورة والدببة لو
) (1في كتاب التوحيد من البحار :لتتهيأ (2) .المواتاة :الموافقة (3) .في الموضع
المتقدم :مسخرة للنسان (4) .تروى :تفكر (5) .المآرب :الحوائج(6) .
هكذا في النسخ ،وفى توحيد البحار :تجتاحهم ،ولعله الصحيح أي
تستأصلهم و تهلكهم* .
][56
تعاونت وتظاهرت على الناس ؟ أفل ترى كيف حجر ذلك عليها وصارت مكان ما
كان يخاف من إقدامها ونكايتها ) (1تهاب مساكن الناس وتحجم عنها ثم ل
تظهر ول تنتشر لطلب قوتها إل بالليل ،فهي مع صولتها كالخائف للنس
بل مقموعة ) (2ممنوعة منهم ،ولول ذلك لساورتهم في مساكنهم وضيقت
عليهم ) ،(3ثم جعل في الكلب من بين هذه السباع عطف على مالكه
ومحاماة عنه وحفاظ له ،فهو ينتقل على الحيطان والسطوح في ظلمة الليل
لحراسة منزل صاحبه وذب الدغار عنه ) ،(4ويبلغ من محبته لصاحبه أن
يبذل نفسه للموت دونه ودون ماشيته وماله ،ويألفه غاية اللف حتى
يصبر معه على الجوع والجفوة ،فلم طبع الكلب على هذه اللف إل ليكون
حارسا للنسان ،له عين بأنياب ومخاليب ونباح هائل ليذعر منه السارق
ويتجنب المواضع التي يحميها ويحضرها ) .(5يا مفضل تأمل وجه الدابة
كيف هو ؟ فانك ترى العينين شاخصتين أمامها لتبصر ما بين يديها لئل
تصدم حائطا أو تتردى في حفرة ،وترى الفم مشقوقا شقا في أسفل الخطم
ولو شق كمكان الفم من النسان في مقدم الذقن لما استطاع أن يتناول به
شيئا من الرض ،أل ترى أن النسان ل يتناول بها الطعام بفيه ولكن بيده
تكرمة له على سائر الكلت فلما لم يكن للدابة يد تتناول بها العلف جعل
خطمها مشقوقا من أسفله لتقبض به على العلف ثم تقضمه ،واعينت
بالجحفلة تتناول بها ما قرب وما بعد .اعتبر بذنبها والمنفعة لها فيه فانه
بمنزلة الطبق على الدبر والحياء جميعا يواريهما ويسترهما ،ومن منافعها
فيه أن ما بين الدبر ومراقي البطن منها وضر يجتمع عليه الذئاب
والبعوض ،فجعل لها الذنب كالمذبة تذب بها عن ذلك الموضع،
) (1نكى ينكى نكاية العدو وفى العدو :قهره بالقتل والجرح (2) .في نسخة :غير
مقمعة (3) .في نسخة :وضيعت عليهم (4) .أي ودفع الهجوم عنه .وفي
نسخة :وذب الذعار عنه (5) .في نسخة) :ويحفرها( ولعله مصحف" :
ويخفرها " كما في التوحيد من البحار* .
][57
ومنها أن الدابة تستريح إلى تحريكه وتصريفه يمنة ويسرة ،فانه لما كان قيامها
على الربع بأسرها وشغلت المقدمتان بحمل البدن عن التصرف والتقلب
كان لها في تحريك الذنب راحة ،وفيه منافع اخرى يقصر عنها الوهم،
يعرف موقعها في وقت الحاجة إليها ،فمن ذلك أن الدابة ترتطم في الوحل )
(1فل يكون شئ أعون على نهوضها من الخذ بذنبها ،وفي شعر الذنب
منافع للناس كثيرة يستعملونها في مأربهم ،ثم جعل ظهرها مسطحا
مبطوحا ) (2على قوائم أربع ليتمكن من ركوبها ،وجعل حياءها بارزا من
ورائها ليتمكن الفحل من ضربها ،ولو كان أسفل البطن كمكان الفرج من
المرأة لم يتمكن الفحل منها ،أل ترى أنه تستطيع أن يأتيها كفاحا كما )(3
يأتي الرجل المرأة ؟ تأمل مشفر الفيل وما فيه من لطيف التدبير فانه يقوم
مقام اليد في تناول العلف والماء وازدرادهما ) (4إلى جوفه ،ولول ذلك ما
استطاع أن يتناول شيئا من الرض ،لنه ليست له رقبة يمدها كسائر
النعام ،فلما عدم العنق اعين مكان ذلك بالخرطوم الطويل ليسدله )(5
فيتناول به حاجته ،فمن ذا الذي عوضه مكان العضو الذى عدمه ما يقوم
مقامه إل الرؤوف بخلقه ؟ وكيف يكون هذا بالهمال كما قالت الظلمة ؟
فان قال قائل :فما باله لم يخلق ذاعنق كسائر النعام ؟ قيل له :إن رأس
الفيل واذنيه أمر عظيم وثقل ثقيل ،ولو كان ذلك على عنق عظيمة لهدها
وأوهنها ،فجعل رأسه ملصقا بجسمه لكيل ينال منه ما وصفنا ،وخلق له
مكان العنق هذا المشفر ليتناول به غذاءه ،فصار مع عدمه العنق مستوفيا
ما فيه بلوغ حاجته.
) (1أي تسقط فيه (2) .أي ملقى على وجهه ) (3أي مستقبل ) (4الزدراد :البلع) .
(5أي ليرسله ويرخيه* .
][58
انظر الن كيف حياء النثى من الفيلة في أسفل بطنها فإذا هاجت للضراب ارتفع
وبرز حتى يتمكن الفحل من ضربها ،فاعتبر كيف جعل حياء النثى من
الفيلة على خلف ما عليه في غيرها من النعام ،ثم جعلت فيه هذه الخلة
ليتهيأ للمر الذي فيه قوام النسل ودوامه .فكر في خلق الزرافة )(1
واختلف أعضائها وشبهها بأعضاء أصناف من الحيوان ،فرأسها رأس
فرس ،وعنقها عنق جمل ،وأظلفها أظلف بقرة ،وجلدها جلد نمر ،وزعم
ناس من الجهال بال عزوجل أن نتاجها من فحول شتى ،قالوا :وسبب ذلك
أن أصنافا من حيوان البر إذا وردت الماء تنزو على بعض السائمة وينتج
مثل هذا الشخص الذي هو كالملتقط من أصناف شتى ،وهذا جهل من قائله
وقلة معرفته بالباري جل قدسه ،وليس كل صنف من الحيوان يلقح كل
صنف ،فل الفرس يلقح الجمل ،ول الجمل يلقح البقر ،وإنما يكون التلقيح
من بعض الحيوان فيما يشاكله ويقرب من خلقه كما يلقح الفرس الحمارة
فيخرج بينهما البغل ،ويلقح الذئب الضبع فيخرج بينهما السمع ،على أنه
ليس يكون في الذي يخرج من بينهما عضو من كل واحد منهما كما في
الزرافة عضو من الفرس ،وعضو من الجمل ،و أظلف من البقرة ،بل
يكون كالمتوسط بينهما الممتزج منهما كالذي تراه في البغل ،فانك ترى
رأسه واذنيه وكفله وذنبه وحوافره وسطابين هذه العضاء من الفرس
والحمار وشحيجه ) (2كالممتزج من صهيل ونهيق الحمار ،فهذا دليل على
أنه ليست الزرافة من لقاح أصناف شتى من الحيوان كما زعم الجاهلون،
بل هي خلق عجيب من خلق ال للدللة على قدرته التي ل يعجزها شئ،
وليعلم أنه خالق أصناف الحيوان كلها يجمع بين ما يشاء من أعضائها في
أيها شاء ويفرق ما شاء منها في أيها شاء و يزيد في الخلقة ما شاء
وينقص منها ما شاء دللة على قدرته على الشياء وأنه ل يعجزه شئ
) (1الزرافة :دابة يقال لها بالفارسية :اشتر گاو پلنگ (2) .شحج البغل أو الغراب:
صوت أو غلظ صوته* .
][59
أراده جل وتعالى ،فأما طول عنقها والمنفعة لها في ذلك فان منشأها ومرعاها في
غياطل ) (1ذوات أشجار شاهقة ذاهبة طول في الهواء فهي تحتاج إلى
طول العنق لتناول بفيها أطراف تلك الشجار فتتقوت من ثمارها .تأمل
خلق القرد وشبهه بالنسان في كثير من أعضائه أعني الرأس والوجه و
المنكبين والصدر وكذلك أحشاؤه شبيهة أيضا بأحشاء النسان ،وخص مع
ذلك بالذهن والفطنة التي بها يفهم عن سائسه ما يؤمي إليه ) (2ويحكي
كثيرا مما يرى النسان بفعله ،حتى أنه يقرب من خلق النسان وشمائله
في التدبير في خلقته على ما هي عليه ،أن يكون ) (3عبرة للنسان في
نفسه ،فيلعم أنه من طينة البهائم و سنخها ) (4إذ كان يقرب من خلقها هذا
القرب ،ولول أنه فضيلة ) (5فضله ) (6بها في الذهن والعقل والنطق كان
كبعض البهائم ،على أن في جسم القرد فضول اخرى يفرق بينه وبين
النسان كالخطم والذنب المسدل والشعر المجلل للجسم كله ،وهذا لم يكن
مانعا للقرد أن يحلق بالنسان لو اعطي مثل ذهن النسان وعقله ونطقه ،و
الفصل الفاصل بينه وبين النسان بالصحة ) (7هو النقص في العقل
والذهن والنطق .انظر يا مفضل :إلى لطف ال جل اسمه بالبهائم كسيت
أجسامهم هذه الكسوة من الشعر والوبر والصوف ليقيها من البرد ،وكثرة
الفات ،والبست
) (1الغياطل جمع الغيطل وهو الشجر الكثير الملتف (2) .أي يشير إليه (3) .أي
خلق كذلك لن يكون عبرة للنسان (4) .السنخ :الصل (5) .في
المخطوطة وفى التوحيد من البحار :وانه لول فضيلة (6) .في التوحيد
من البحار :فضله ال بها (7) .أي الفصل الصحيح الذى يصلح لن يكون
فاصل .وقال المصنف :في اكثر النسخ " :وهو " وعلى هذا فل يبعد أن
تكون الصحة تصحيف القحة أي قلة الحياء* .
][60
الظلف ) (1والحوافر والخفات ليقيها من الحفاء إذ كانت ل أيدي لها ول أكف ول
أصابع مهيأة للغزل والنسج فكفوا بأن جعل كسوتهم في خلقتهم باقية
عليهم ما بقوا :ل يحتاجون إلى تجديدها والستبدال بها ،فأما النسان فانه
ذوحيلة وكف مهيأة للعمل فهو ينسج ويغزل ويتخذ لنفسه الكسوة،
ويستبدل بها حال بعد حال ،وله في ذلك صلح من جهات :من ذلك أنه
يشتغل بصنعة اللباس عن العبث وما يخرجه إليه الكفاية ،ومنها :أنه
يستريح إلى خلع كسوته ) (2ولبسها إذا شاء ،ومنها :أنه يتخذ لنفسه من
الكسوة ضروبا ،لها جمال وروعة ) (3فيتلذذ بلبسها وتبديلها ،وكذلك يتخذ
بالرفق من الصنعة ضروبا من الخفاف والنعال يقي بها قدميه وفي ذلك
معايش لمن يعلمه من الناس ،ومكاسب يكون فيها معاشهم ،ومنها أقواتهم
وأقوات عيالهم ،فصار الشعر والوبر والصوف يقوم للبهائم مقام الكسوة،
والظلف والحوافر والخفاف مقام الحذاء .فكر يا مفضل :في خلقة عجيبة
في البهائم ،فانهم يوارون أنفسهم إذا ماتوا كما يواري الناس موتاهم ،وإل
فأين جيف هذه الوحوش والسباع وغيرها ل يرى منها شئ ،وليست قليلة
فتخفى لقلتها ،بل لو قال قائل :إنها أكثر من الناس لصدق .فاعتبر ذلك بما
تراه في الصحاري والجبال من أسراب الظباء والمها والحمير والوعول
واليائيل وغير ذلك من الوحوش ،وأصناف السباع من السد والضباع و
لذئاب والنمور وغيرها ،وضروب الهوام والحشرات ودواب الرض وكذلك
سراب الطير من الغربان والقطا والوز والكراكي ) (4والحمام وسباع
الطير
) (1في كتاب التوحيد من البحار :والبست قوائمها الظلف (2) .في التوحيد :إلى
خلع كسوته إذا شاء (3) .الروعة :المسحة من الجمال (4) .الغربان جمع
الغراب ،والقطا جمع القطاة طائر في حجم الحمام .والوز جمع الوزة:
طائر مائى يقال له :الوزة ايضا :والكراكي جمع الكركي :طائر كبير أغبر
اللون طويل العنق والرجلين ،ابتر الذنب ،قليل اللحم ،يأوى إلى الماء
احيانا* .
][61
جميعا ،وكلها ل يرى منها إذا ماتت ) (1إل الواحد بعد الواحد يصيده قانص
ويفترسه سبع ،فإذا أحسوا بالموت كمنوا ) (2في مواضع خفية فيموتون
فيها ،ولول ذلك لمتلت الصحاري منها حتى تفسد رائحة الهواء ويحدث
المراض والوباء ،فانظر إلى هذا الذي يخلص إليه الناس وعملوه بالتمثيل
الول الذي مثل لهم كيف جعل طبعا وفي البهائم وغيرها ادكارا ليسلم
الناس من معرة ما ) (3يحدث عليهم من المراض والفساد .فكر يا مفضل:
في الفطن التي جعلت في البهائم لمصلحتها بالطبع والخلقة لطفا من ال
عزوجل لهم ،لئل يخلو من نعمه جل وعزأحد من خلقه ل بعقل وروية ،فان
اليل يأكل الحيات فيعطش عطشا شديدا فيمتنع من شرب الماء خوفا من
أن يدب السم في جسمه فيقتله ،ويقف على الغدير وهو مجهود عطشا
فيعج عجيجا عاليا ول يشرب منه ،ولو شرب لمات من ساعته فانظر إلى
ما جعل من طباع هذه البهيمة من تحمل الظماء الغالب خوفا من المضرة
في الشرب ،وذلك مما ل يكاد النسان العاقل المميز يضبطه من نفسه،
والثعلب إذا أعوزه الطعم تماوت و نفخ بطنه حتى يحسبه الطير ميتا ،فإذا
وقعت عليه لتنهشه وثب عليها فأخذها ،فمن أعان الثعلب العديم النطق
والروية بهذه الحيلة إل من توكل بتوجيه الرزق له من هذا وشبهه ،فانه
لما كان الثعلب يضعف عن كثير مما يقوي عليه السباع من مساورة
الصيد ،اعين بالدهاء ) (4والفطنة والحتيال لمعاشه ،والدلفين يلتمس
صيد الطير فيكون حيلته في ذالك أن يأخذ السمك فيقتله ويشرحه ) (5حتى
يطفو على
) (1في كتاب التوحيد :وكلها ل يرى منها شئ إذا ماتت (2) .أي تواروا واختفوا) .
(3المعرة :الذى (4) .الدهاء :جودة الرأى والحذق .المكرو الحتيال) .
(5شرح اللحم :قطعه قطعا طوال* .
][62
الماء ثم يكمن تحته ويثور الماء الذي عليه حتى ل يتبين شخصه فإذا وقع الطير
على السمك الطافي وثب إليها فاصطادها ،فانظر إلى هذه الحيلة كيف
جعلت طبعا في هذه البهيمة لبعض المصلحة .قال المفضل :فقلت :خبرني
يا مولي عن التنين والسحاب ،فقال عليه السلم :إن السحاب كالموكل به
يختطفه حيثما ثقفه كما يختطف حجر المقناطيس الحديد فهو ل يطلع رأسه
في الرض خوفا من السحاب ،ول يخرج إل في القيظ مرة ،إذا سحت
السماء فلم يكن فيها نكتة من غيمة قلت :فلم وكل السحاب بالتنين يرصده
ويختطفه إذا وجده ،قال :ليدفع عن الناس مضرته .قال المفضل :فقلت :قد
وصفت لي يا مولي من أمر البهائم ما فيه معتبر لمن اعتبر ،فصف لي
الذرة ) (1والنمل والطير ،فقال عليه السلم :يا مفضل تأمل وجه الذرة
الحقيرة الصغيرة هل تجد فيها نقصا عما فيه صلحها ،فمن أين هذا
التقدير والصواب في خلق الذرة إل من التدبير القائم في صغير الخلق
وكبيره .انظر إلى النمل واحتشادها في جمع القوت وإعداده ،فانك ترى
الجماعة منها إذا نقلت الحب إلى زبيتها بمنزلة جماعة من الناس ينقلون
الطعام أو غيره ،بل للنمل في ذلك من الجد والتشمير ما ليس للناس مثله،
أما تراهم يتعاونون على النقل كما يتعاون الناس على العمل ؟ ثم يعمدون
إلى الحب فيقطعونه قطعا لكيل ينبت فيفسد عليهم ) ،(2فان أصابه ندى
أخرجوه فنشروه حتى يجف ،ثم ل يتخذ النمل الزيبة ) (3إل في نشز من
الرض كي ل يفيض السيل فيغرقها ) ،(4فكل هذا منه بل عقل
) (1الذرة :النملة الصغيرة الحمراء (2) .ويقطع الكسفرة ويقسمها ارباعا لما الهم
من ان نصفها ايضا ينبت (3) .الزيبة بالضم :الحفرة (4) .قال الدميري:
يحفر قريته بقوائمه وهى ست ،فإذا حفرها جعل فيها تعاريج لئل يجرى
إليها ماء المطر ،وربما اتخذ قرية فوق قرية بسبب ذلك ،وانما يفعل ذلك
خوفا على ما يدخره من البلل ،ومن عجائبه اتخاذ القرية تحت الرض
وفيها منازل ودهاليز وغرف و طبقات معلقة يملها حبوبا ودخائر
للشتاء* .
][63
ول روية ،بل خلقة خلق عليها لمصلحة لطفا من ال عزوجل انظر إلى هذا الذي
يقال له الليث :وتسميه العامة أسد الذباب وما اعطي من الحيلة ،والرفق
في معاشه ،فانك تراه حين يحس بالذباب قد وقع قريبا منه تركه مليا حتى
كأنه موات ل حراك به ،فإذا رأى الذباب قد اطمأن وغفل عنه دب دبيبا
دقيقا ) (1حتى يكون منه بحيث يناله وثبه ثم يثب عليه فيأخذه ،فإذا أخذه
اشتمل عليه بجسمه كله مخافة أن ينجو منه فل يزال قابضا عليه حتى
يحس بأنه قد ضعف واسترخى ثم يقبل عليه فيفترسه ويحيى بذلك منه،
فأما العنكبوت فانه ينسج ذلك النسج فيتخذه شركا ومصيدة للذباب ،ثم
يكمن في جوفه فإذا نشب ) (2فيه الذباب أحال ) (3عليه يلدغه ساعة بعد
ساعة فيعيش بذلك منه ،فكذلك يحكي صيد الكلب والنهود ،وهكذا يحكى
صيد الشراك والحبائل .فانظر إلى هذه الدويبة الضعيفة كيف جعل طبعها
مال يبلغه النسان إل بالحيلة واستعمال آلت فيها فل تزدر ) (4بالشئ إذا
كانت العبرة فيه واضحة كالذرة والنملة وما أشبه ذلك فان المعنى النفيس،
قد يمثل بالشئ الحقير فل يصنع منه ) (5ذلك ،كما ل يضع من الدينار وهو
من ذهب أن يوزن بمثقال من حديد .تأمل يا مفضل :جسم الطائر وخلقته
فانه حين قدر أن يكون طائرا في
) (1في المخطوطة :دب دبيبا رقيقا (2) .نشب فيه :وقع فيما ل مخلص منه(3) .
احال عليه :اقبل ،وفى كتاب التوحيد " اجال عليه " أي اداره ،ويحتمل
ان يكون مصحفا (4) .هكذا في النسخ والظاهر انه مصحف " فل تزدرأ
" حيث قال المصنف في تفسير الحديث في كتاب التوحيد الزدراء:
الحتقار (5) .أي ل ينقص من قدر المعنى النفيس تمثيله بالشئ الحقير،
قال الفيروز آبادي :وضع عنه :حط من قدره* .
][64
الجو خفف جمسه وادمج خلقه فاقتصر به من القوائم الربع على اثنتين ،ومن
الصابع الخمس على أربع ،ومن منفذين للزبل والبول على واحد
يجمعهما ،ثم خلق ذاجؤجؤ محدد ليسهل عليه أن يخرق الهواء كيف ما
أخذ فيه كما جعل السفينة بهذه الهيئة لتشق الماء وتنفذ فيه ،وجعل في
جناحيه وذنبه ريشات طوال متان لينهض بها للطيران ،وكسي كله الريش
ليداخله الهواء فيقله ،ولما قدر أن يكون طعمه الحب واللحم يبلعه بلعا بل
مضغ نقص من خلقه السنان وخلق له منقار صلب جاس تيناول به طعمه
فل ينسجح من لقط الحب ول يتقصف من نهش اللحم ،ولما عدم السنان
وصار يزدرد الحب ) (1صحيحا واللحم غريضا اعين بفضل حرارة في
الجوف تطحن له الطعم طحنا يستغنى به عن المضغ .واعتبر ذلك بأن عجم
العنب وغيره يخرج من أجواف النس صحيحا ويطحن في أجواف الطير،
ل يرى له أثر ،ثم جعل مما يبيض بيضا ول يلده ولدة لكيل يثقل عن
الطيران ،فانه لو كانت الفراخ في جوفه تمكث حتى تستحكم لثقلته وعاقته
عن النهوض والطيران ،فجعل كل شئ من خلقه مشاكل للمر الذي قدر أن
يكون عليه ،ثم صار الطائر السائح في هذا الجو يقعد على بيضه فيحضنه
اسبوعا وبعضها اسبوعين وبعضها ثلثة أسابيع حتى يخرج الفرخ من
البيضة ثم يقبل عليه فيزقه الريح لتتسع حوصلته للغذاء ،ثم يربيه ويغذيه
بما يعيش به ،فمن كلفه أن يلقط الطعم ويستخرجه بعد أن يستقر في
حوصلته ويغذو به فراخه ؟ ولي معنى يحتمل هذه المشقة وليس بذي،
روية ول تفكر ول يأمل في فراخه ما يأمل النسان في ولده من العز
والرفد ) (2وبقاء الذكر ؟ فهذا من فعل يشهد ) (3بأنه معطوف على فراخه
لعلة ل يعرفها ول يفكر فيها وهي دوام النسل وبقاؤه لطفا من ال تعالى
ذكره.
) (1أي يبتلعه (2) .في كتاب التوحيد من البحار " :فهذا هو فعل يشهد " وفي
نسخة :فهذا من فعله يشهد (3) .الرفد :النصيب .المعاونة* .
][65
انظر إلى الدجاجة كيف تهيج لحضن البيض والتفريخ وليس لها بيض مجتمع ول
وكر ) (1موطئ ،بل تنبعث تنتفخ وتقوقى وتمتنع من الطعم حتى يجمع لها
البيض فتحضنه فتفرخ فلم كان ذلك منها إل لقامة النسل ؟ ومن أخذها
باقامة النسل ول روية ول تفكر لول أنها مجبولة على ذلك ؟ اعتبر بخلق
البيضة وما فيها من المح ) (2الصفر الخاثر والماء البيض الرقيق،
فبعضه لينشر منه الفرخ ،وبعضه ليغذي ) (3به إلى أن تنقاب عنه البيضة
وما في ذلك من التدبير ،فانه لو كان نشو الفرخ في تلك القشرة
المستحضنة ) (4التي ل مساغ لشئ إليها لجعل معه في جوفها من الغذاء
ما يكتفي به إلى وقت خروجه منها كمن يحبس في حصن حصين ) (5ل
يوصل إلى من فيه فيجعل معه من القوت ما يكتفي به إلى وقت خروجه
منه .فكر في حوصلة الطائر وما قدر له فان مسلك الطعم إلى القانصة )(6
ضيق ل ينفذ فيه الطعام إل قليل قليل ،فلو كان الطائر ل يلقط حبة ثانية
حتى تصل الولى القانصة لطال عليه ،ومتى كان يستوفي طعمه فانما
يختلسه اختلسا لشدة الحذر فجعلت الحوصلة كالمخلة المعلقة أمامه
ليوعي ) (7فيها ما أدرك من الطعم بسرعة ،ثم تنفذه إلى القانصة على
مهل ،وفي الحوصلة أيضا خلة اخرى ،فان من الطائر ما يحتاج إلى أن
يزق فراخه فيكون رده للطعم من قرب أسهل عليه.
) (1الوكر بفتح الواو وسكون الكاف :عش الطائر (2) .في نسخه " :المخ "
بالخاء المعجمة .وقال الصمعي :اخثرت الزبد :تركته خاثرا ،وذلك إذا لم
تذبه (3) .في نسخة :ليغتذى (4) ،في نسخة :المستحسفة (5) :في
النسخة المخطوطة وفى كتاب التوحيد من البحار :في حبس حصين(6) .
القانصة للطير :كالمعدة للنسان (7) .اوعى الزاد :جعله في الوعاء* .
][66
قال المفضل :فقلت :إن قوما من المعطلة يزعمون أن اختلف اللوان والشكال في
الطير إنما يكون من قبل امتزاج الخلط واختلف مقاديرها بالمرج )(1
والهمال .فقال :يا مفضل هذا الوشي ) (2الذي تراه في الطواويس
والدراج والتدراج ) (3على استواء ومقابلة كنحو ما يخط بالقلم كيف
يأتي به المتزاج ) (4المهمل على شكل واحد ل يختلف ؟ ولو كان
بالهمال لعدم الستواء ولكان مختلفا .تأمل ريش الطير كيف هو ؟ فانك
تراه منسوجا كنسج الثوب من سلوك ) (5دقاق قد الف بعضه إلى بعض
كتأليف الخيط إلى الخيط ،والشعرة إلى الشعرة ،ثم ترى ذلك النسج إذا
مددته ينفتح قليل ول ينشق لتداخله الريح ،فيقل الطائر إذا طار ،وترى في
وسط الريشة عمودا غليظا متينا قد نسج عليه الذي هو مثل الشعر ليمسكه
بصلبته ،وهو القصبة التي في وسط الريشة ،وهو مع ذلك أجوف ليخف
على الطائر ول يعوقه عن الطيران .هل رأيت يا مفضل هذا الطائر الطويل
الساقين ؟ وعرفت ماله من المنفعة في طول ساقيه ؟ فانه أكثر ذلك في
ضحضاح من الماء فتراه بساقين طويلين كأنه ربيئة فوق مرقب ،وهو
يتأمل ما يدب في الماء فإذا رأى شيئا مما يتقوت به خطا خطوات
) (1قال المصنف :المرج بالتحريك :الفساد والضطراب والختلط ،وفي بعض
النسخ بالزاى المعجمة ،والول أظهر (2) .الوشى :نقش الثوب ويكون
من كل لون (3) .التدرج والتذرج :طائر حسن الصورة ارقش طويل
الذنب ،والجمع تدارج ،واوردنا كلم الدميري في كتاب التوحيد راجع ج
(4) .105 :3اراد عليه السلم بالمتزاج الطبيعة التى يقولها القائلون
باستناد الموجودات إليها في زماننا هذا (5) .السلوك جمع السلك وهو
جمع السلكة بالكسر :الخيط يخاط بها* .
][67
رقيقا ) (1حتى يتناوله ،ولو كان قصير الساقين وكان يخطو نحو الصيد ليأخذه
يصيب بطنه الماء فيثور ويذعر ) (2منه فيتفرق عنه فخلق له ذلك
العمودان ليدرك بهما حاجته ول يفسد عليه مطلبه .تأمل ضروب التدبير
في خلق الطائر فانك تجد كل طائر طويل الساقين طويل العنق ،وذلك
ليتمكن من تناول طعمه من الرض ،ولو كان طويل الساقين قصير العنق
لما استطاع أن يتناول شيئا من الرض ،وربما اعين مع طول العنق بطول
المناقير ليزداد المر عليه سهولة له وإمكانا ،أفل ترى أنك ل تفتش شيئا
من الخلقة إل وجدته على غاية الصواب والحكمة .انظر إلى العصافير كيف
تطلب اكلها بالنهار فهي ل تفقده ول هي تجده مجموعا معدا ،بل تناله
بالحركة والطلب ،وكذلك الخلق كله ،فسبحان من قدر الرزق كيف قوته )
(3فلم يجعل مما ل يقدر عليه إذ جعل للخلق حاجة إليه ولم يجعله مبذول
يناله ) (4بالهوينا إذا كان ل صلح في ذلك ،فانه لو كان يوجد مجموعا
معدا كانت البهائم تتقلب عليه ول تتقلع عنه حتى تبشم فتهلك ،وكان
الناس أيضا يصيرون بالفراغ إلى غاية الشر والبطر حتى يكثر الفساد
ويظهر الفواحش .أعلمت ما طعم هذه الصناف من الطير التي ل تخرج إل
بالليل كمثل البوم والهام ) (5والخفاش ؟ قلت :ل يا مولي.
) (1في نسخة :خطوات رقيقات (2) .أي ويخاف منه (3) .في نسخة " :كيف قدره
" وفي النسخة المخطوطة :كيف قدر (4) .في نسخة " :ينال بالهوينا "
أقول :الهوينا " التؤدة والرفق وهى تصغير الهونى ،والهونى تأنيث
الهون (5) .الهام جمع الهامة نوع من البوم الصغير تألف القبور
والماكن الخربة وتنظر من كل مكان ،اينما درت ادارت رأسها ،وتسمى
ايضا الصدى* .
][68
قال :إن معاشها من ضروب تنتشر في هذا الجو من البعوض والفراش وأشباه
الجراد واليعاسيب ،وذلك أن هذه الضروب مبثوثة في الجو ل يخلو منها
موضع ،واعتبر ذلك بأنك إذا وضعت سراجا بالليل في سطح أو عرصة دار
اجتمع عليه من هذا شئ كثير ،فمن أين يأتي ذلك كله إل من القرب .فان
قال قائل :انه يأتي من الصحاري والبراري ،قيل له :كيف يوافي تلك
الساعة من موضع بعيد ؟ وكيف يبصر من ذلك البعد سراجا في دار
محفوفة بالدور فيقصد إليه ؟ مع أن هذه عيانا تتهافت على السراج )(1
من قرب ،فيدل ذلك على أنها منتشرة في كل موضع من الجو ،فهذه
الصناف من الطير تلتمسها إذا خرجت فتتقوت بها .فانظر كيف وجه
الرزق لهذه الطيور التي ل تخرج إل بالليل من هذه الضروب المنتشرة في
الجو ،واعرف ذلك المعنى في خلق هذه الضروب المنتشرة التي عسى أن
يظن ظان أنها فضل ل معنى له .خلق الخفاش خلقة عجيبة بين خلقة الطير
وذوات الربع ،بل هو إلى ذوات الربع أقرب :وذلك أنه ذو اذنين ناشزتين
وأسنان ووبر ،وهو يلد ولدا ويرضع و يبول ويمشي إذا مشى على أربع )
(2وكل هذا خلف صفة الطير ،ثم هو أيضا مما يخرج بالليل ويتقوت مما
يسري في الجو من الفراش ،وما أشبهه ،وقد قال القائلون :إنه ل طعم
للخفاش وإن غذاءه من النسيم وحده ،وذلك يفسد ويبطل من جهتين:
إحداهما خروج مايخرج منه من الثفل والبول ،فان هذا ل يكون من غير
طعم ،والخرى أنه ذو أسنان ولو كان ل يطعم شيئا لم يكن للسنان فيه
معنى ،وليس في الخلقة شئ ل معنى له ،وأما المآرب فيه فمعروفة حتى
أن زبله يدخل في
) (1أي تتساقط عليه وتتابع (2) .وقال الدميري :يحيض ويطهر ويضحك كما
يضحك النسان* .
][69
بعض العمال (1) ،ومن أعظم الرب فيه خلقته العجيبة الدالة على قدرة الخالق
جل ثناؤه وتصرفه فيما شاء كيف شاء لضرب من المصلحة ،فأما الطائر
الصغير الذي يقال له :ابن تمرة فقد عشش في بعض الوقات في بعض
الشجر فنظر إلى حية عظيمة قد أقبلت نحو عشته فاغرة ) (2فاها لتبلعه،
فبينما هو يتقلب ويضطرب في طلب حيلة منها إذ وجد حسكة ) (3فحملها
فألقاها في فم الحية فلم تزل الحية تلتوي و تتقلب حتى ماتت ،أفرأيت لو لم
اخبرك بذالك كان يخطر ببالك أو ببال غيرك أنه يكون من حسكة مثل هذه
المنفعة العظيمة ؟ أو يكون من طائر صغير أو كبير مثل هذه الحيلة ؟
اعتبر بهذا وكثير من الشياء تكون فيها منافع ل تعرف إل بحادث يحدث
به والخبر يسمع به ) .(4انظر إلى النحل واحتشاده في صنعة العسل
وتهيئة البيوت المسدسة وما ترى في ذلك اجتماعه من دقايق الفطنة )،(5
فانك إذا تأملت العمل رأيته عجيبا لطيفا ،وإذا رأيت المعمول وجدته عظيما
شريفا موقعه من الناس ،وإذا رجعت إلى الفاعل ألفيته غيبا جاهل بنفسه
فضل عما سوى ذلك ،ففي هذا أوضح الدللة على أن الصواب و الحكمة
في هذه الصنعة ليست للنحل بل هي للذي طبعه عليها وسخره فيها
لمصلحة الناس .انظر إلى هذه الجراد ما أضعفه وأقواه ،فانك إذا تأملت
خلقه رأيته كأضعف
) (1قال الدميري :ان زبله إذا طلى به على القوابى قلعها ،وذكر لجزائه الخرى
خواصا كثيرة .منها ان طبخ رأسه في اناء أو حديد بدهن زنبق ويغمر
فيه مرارا حتى يتهرى ويصفى ذاك الدهن عنه ويدهن به صاحب النقرس
والفالج القديم والرتعاش والتورم في الجسد فانه ينفعه ذلك و يبرئه) .
(2فغرفاه :فتحه (3) .الحسك :نبات شائك (4) ،في التوحيد من البحار:
أو خبر يسمع به (5) .في نسخة :وما ترى في اجتماعه من دقائق
الفطنة* .
][70
الشياء وإن دلفت ) (1عساكره نحو بلد من البلدان لم يستطع أحد أن يحميه منه أل
ترى أن ملكا من ملوك الرض لو جمع خيله ورجله ليحمي بلده من
الجراد لم يقدر على ذلك ؟ أفليس من الدلئل على قدرة الخالق أن يبعث
أضعف خلقه إلى أقوى خلقه فل يستطيع دفعه ؟ انظر إليه كيف ينساب )(2
على وجه الرض مثل السيل فيغشى السهل والجبل والبدو والحضر حتى
يستر نور الشمس بكثرته ،فلو كان مما يصنع باليدي متى كان يجتمع منه
هذه الكثرة ؟ وفي كم من سنة كان يرتفع ؟ فاستدل بذلك على القدرة التي
ل ) (3يؤودها شئ ول يكثر عليها .تأمل خلق السمك ومشاكلته للمر الذي
قدر أن يكون عليه ،فانه خلق غير ذي قوائم لنه ل يحتاج إلى المشي إذا
كان مسكنه الماء ،وخلق غير ذي رية لنه ل يستطيع أن يتنفس وهو
منغمس في ) (4اللجة ،وجعلت له مكان القوائم أجنحة شداد يضرب بها
في جانبيه كما يضرب الملح بالمجاذيف ) (5جانبي السفينة ،و كسي
جسمه قشورا متانا متداخله كتداخل الدروع والجواشن لتقيه من الفات،
فاعين بفضل حس في الشم لن بصره ضعيف والماء يحجبه ،فصار يشم
الطعم من البعد البعيد فينتجعه ) (6وإل فكيف يعلم به بموضعه ؟ واعلم أن
من فيه إلى صماخيه منافذ فهو يعب ) (7الماء بفيه ويرسله من صماخيه )
(8فيتروح إلى ذلك كما يتروح غيره من الحيوان إلى أن تنسم هذا النسيم،
فكر الن في كثرة نسله وما خص به
) (1دلفت الكتيبة في الحرب :تقدمت (2) .انساب :جرى ومشى مسرعا(3) .
ليؤودها أي ل يثقلها (4) .لجة الماء :معظمه (5) .المجذاف :ما تجرى
به السفينة (6) .انتجع :طلب الكل في موضعه (7) .أي يشرب أو يكرع
بل تنفس (8) .الصمخ :خرق الذن الباطن الماضي إلى الرأس* .
][71
من ذلك فانك ترى في جوف السمكة الواحدة من البيض مال يحصى كثرة ،والعلة
في ذلك أن يتسع لما يغتذي به من أصناف الحيوان ،فان أكثرها يأكل
السمك حتى أن السباع أيضا في حافات الجام ) (1عاكفة على الماء )(2
أيضا كي ترصدا السمك فإذا مر بها خطفته ،فلما كانت السباع تأكل السمك
والطير يأكل السمك والناس يأكلون السمك والسمك يأكل السمك كان من
التدبير فيه أن يكون على ما هو عليه من الكثرة فإذا أردت أن تعرف سعة
حكمة الخالق وقصر علم المخلوقين فانظر إلى ما في البحار من ضروب
السمك ودواب الماء والصداف والصناف التي ل تحصى ول تعرف
منافعها إل الشئ بعد الشئ يدركه الناس بأسباب تحدث ،مثل القرمز فانه
إنما عرف الناس صبغه بأن كلبة تجول على شاطئ البحر فوجدت شيئا من
الصنف الذي يسمي الحلزون فأكلته فاختضب خطمها بدمه ،فنظر الناس
إلى حسنه فاتخذوه صبغا ،وأشباه هذا مما يقف الناس عليه حال بعد حال
وزمانا بعد زمان ) .(3توضيح :وأوكدها ،أي أوكد الشياء وأحوجها إلى
هذا النوع من الخلق هذه الصناعات ،ويمكن أن يكون فعل والضمير راجعا
إلى جنس البشر ،أي ألزمها وألهمها هذه الصناعات ،ول يبعد إرجاعه إلى
الكف أيضا ،والململم بفتح اللمين :المجتمع المدور المصموم ،واليمام:
حمام الوحش ،وفي حياة الحيوان :قال الصمعي :إنه الحمام الوحشي،
الواحدة يمامة وقال الكسائي :هي التي تألف البيوت (4) ،وقال :الحمر
بضم الحاء المهملة وتشديد الميم وبالراء المهملة :ضرب من الطير
كالعصفور ،وروى أبو داود الطيالسي والحاكم -وقال :صحيح السناد -
عن ابن مسعود قال :كنا عند النبي صلى ال عليه واله وسلم فدخل رجل
غيضة فأخرج منها بيضة حمرة فجاءت
) (1أي جوانبها (2) .عكف على الشئ :اقبل عليه مواظبا (3) .رواه المصنف
بتفصيله في كتاب التوحيد راجع ج (4) .110 - 92 :3حياة الحيوان:
296 :2باب الياء* .
][72
الحمرة تزف على رسول ال ) (1صلى ال عليه واله وسلم وأصحابه فقال
لصحابه :أيكم فجع هذه ؟ فقال رجل :يا رسول ال أخذت بيضها -وفي
رواية الحاكم فريخها (2) -فقال صلى ال عليه واله وسلم :رده رده،
رحمة لها انتهى ) .(3وفي القاموس :الحمر كصرد :طائر وتشدد الميم
والمودع بفتح الدال :المستريح :ونير الفدان :الخشبة المعترضة في عنق
الثورين ،والدببة كعنبة جمع الدب ،والعين بالفتح :الغلظ في الجسم
والخشونة ،والخطم بالفتح من كل دابة :مقدم أنفه وفمه ،والجحفلة:
بمنزلة الشفة للبغال والحمير والخيل ،والحياء :الفرج ،والمراد بمراقي
البطن :ما ارتفع منه من وسطه أو قرب منه ،والوضر :الدرن .وقال
الدميري :ذكر القزويني :أن فرج الفيلة تحت إبطها فإذا كان وقت الضراب
ارتفع وبرز للفحل حتى يتمكن من إتيانها ،فسبحان من ل يعجزه شئ ).(4
أقول :سيأتي أحوال الفيل في باب المسنوخ إنشاء ال وقال الدميري:
الزرافة بفتح الزاي وضمها مخففة الراء ،وهي حسنة الخلق طويلة اليدين
قصيرة الرجلين مجموع يديها ورجليها نحو عشرة أذرع ،رأسها كرأس
البل ،وقرنها كقرن البقر وجلدها كجلد النمر ،وقوائمها واظلفها كالبقر،
وذنبها كذنب الظبي ،ليس لها ركب في رجليها ،إنما ركبتاها في يديها،
وإذا مشت قدمت الرجل اليسرى واليد اليمنى بخلف ذوات الربع كلها
فانها تقدم اليد اليسرى والرجل اليمنى ) ،(5وفي طبعها التودد والتأنس
وتجتر وتبعر ،ولما علم ال تعالى أن قوتها في الشجر )(6
) (1في المصدر :تزف على رأس رسول ال صلى ال عليه وآله (2) .في المصدر:
فرخها (3) .حياة الحيوان 191و 192باب الحاء (4) .حياة الحيوان :2
(5) .160في المصدر :فانها تقدم اليد اليمنى والرجل اليسرى ومن
طبعها (6) .في المصدر :من الشجر* .
][73
جعل يديها أطول من رجليها ،وتستعين ) (1بذلك على الرعي منها وفي تاريخ ابن
خلكان في ترجمة محمد بن عبد ال العتبي البصري الخباري الشاعر أنه
كان يقول :الزرافة بفتح الزاي وضمها :الحيوان المعروف ،وهي متولدة
بين ثلثة حيوانات :الناقة الوحشية ) ،(2والبقر الوحشية ،والضبعان وهو
الذكر من الضباع ،فيقع الضبعان على الناقة فيأتي بولد بين الناقة
والضبع ،فان كان الولد ذكرا وقع على البقرة فتأتي بالزرافة ،وذلك في
بلد الحبشة ولذالك قيل لها :الزرافة ،وهي في الصل الجماعة ،فلما
تولدت من جماعة قيل لها ذلك ،والعجم يسمونها اشتر گاو پلنگ ) (3وقال
قوم :إنها متولدة من حيوانات ) ،(4وسبب ذلك اجتماع الدواب والوحوش
في القيظ عند المياه ،فتتسافد فيلقح منها ما يلقح ويمتنع ما يمتنع ،وربما
سفد النثى من الحيوان ذكور كثيرة فتختلط مياهها فيأتي منها خلق
مختلف الصور والشكال واللوان ،والجاحظ ل يرتضي هذا القول ويقول:
إنه جهل شديد ل يصدر إل عمن ل تحصيل لديه ،لن ال تعالى يخلق ما
يشاء ،وهو نوع من الحيوان قائم بنفسه كقيام الخيل والحمير ،ومما يحقق
ذلك أنه يلد مثله وقد شوهد ذلك ) .(5وقال :السمع بكسر السين :ولد
الذئب من الضبع ،وهو سبع مركب فيه شدة الضبع وقوتها ،وجرأة الذئب
وخفته ،ويزعمون أنه كالحية ل يعرف العلل ول يموت حتف أنفه ،وإنه
أسرع عدوا من الريح ) .(6وقال :القرد حيوان معروف وجمعه قرود وقد
يجمع على قردة بكسر القاف
) (1في المصدر :لتستعين بذلك على الرعى منها بسهولة قاله القزويني في عجائب
المخلوقات (2) .في المصدر :بين الناقة الوحشية :(3) .في المصدر لن
اشتر :الجمل ،وگاو :البقرة ،وپلنگ :الضبع (4) .في المصدر :من
حيوانات مختلفة (5) .حياة الحيوان (6) .4 :2حياة الحيوان* .19 :
][74
وفتح الراء المهملة ،والنثى قردة بكسر القاف وإسكان الراء وجمعها قرد بكسر
القاف وفتح الراء وبالدال في آخر مثل قربة وقرب ،وكنيته أبو خالد وأبو
حبيب وأبو زنة وأبوقشة (1) ،وهو حيوان قبيح مليح ذكي سريع الفهم
يتعلم الصنعة أهدى ملك النوبة إلى المتوكل قردا خياطا وآخر صائغا ،وأهل
اليمن يعلمون القردة القيام بحوائجهم حتى أن البقال والقصاب يعلم القردة
حفظ الدكان حتى يعود صاحبه ،ويعلم السرقة فيسرق ،نقل الشيخان عن
القاضي حسين أنه قال :لو علم قرد النزول إلى الدار وإخراج المتاع ثم
نقب وارسل القرد فأخرج المتاع ينبغي أن ل يقطع لن للحيوان اختيارا،
وروي عن أحمد بن طاهر أنه قال :شهدت بالرملة قردا صائغا فإذا أراد أن
ينفخ أشار إلى رجل حتى ينفخ له انتهى ) .(2وسيأتي سائر أحواله في باب
المسوخ .وشحيج البغل والحمار :صوتهما ،والسراب جمع السرب وهو
القطيع من الظبأ والقطا والخيل ونحوها ،والمها جمع المهاة وهي البقر
الوحشية .قال الدميري :وقيل :المها نوع من البقر الوحشي والنثى من
المها إذا حملت هربت من البقر ،ومن طبعها الشبق والذكر لفرط شهوته
يركب ذكرا آخر ،والمها أشبه شئ بالمعز الهلية وقرونها صلب جدا،
ومخها يطعم صاحب القولنج ينفعه نفعا ،ومن استصحب معه شعبة من
قرن المها نفرت منه السباع ،وإذا بخر بقرنه أو جلده أو ظفره في بيت
نفرت منه الحيات ،ورماد قرنه يذر على السن المتأكلة يسكن وجعها،
وشعره إذا بخربه بيت هربت منه الفار والخنافس ،وإذا احرق قرنه وجعل
في طعام صاحب حمى الربع ) (3فانها تزول عنه ،وإذا شرب في شئ من
الشربة زاد في الباه وقوي العصب وزاد في النعاظ ،وإذا نفخ في أنف
الراعف قطع
) (1في المصدر :وابو حبيب وابو خلف وابوربه وابوقشة (2) .حياة الحيوان :2
171و (3) .172في المصدر :صاحب الحمى الربع* .
][75
دمه ،وإذا احرق قرناه حتى يصيرا رمادا واديفا ) (1بخل وطلي به موضع البرص
مستقبل الشمس فانه يزول ،وإذا استف ) (2منه مقدار مثقال فانه ل
يخاصم أحدا إل غلب عليه ) .(3والوعل بالفتح وككتف :تيس الجبل
والجمع أوعال ووعول ،قال الدميري :الوعل بفتح الواو وكسر العين
المهملة :الروى وهو التيس الجبلي ،وفي طبعه أنه يأوي إلى الماكن
الوعر الخشنة ول يزال مجتمعا ،فإذا كان وقت الولدة تفرق .وإذا اجتمع
في ضرع انثى لبن امتصته ،والذكر إذا عجز عن النزو أكل البلوط فتقوى
شهوته ،وإذا لم يجد النثى انتزع المني بالمتصاص من فيه (4) ،وذلك إذا
جذبه الشبق ،وفي طبعه أنه إذا أصابه جرح طلب الخضرة التي في
الحجارة فيمصها ويجعلها في الجرح ) (5فيبرأ وإذا أحس بقناص وهو في
مكان مرتفع استلقى على ظهره ثم يزج نفسه فينحدر ويكون قرناه وهما
في رأسه إلى عجزه يقيانه ما يخشى من الحجارة ويسرعان به لملوستهما
على الصفا انتهى ) .(6واليل بضم الهمزة وكسرها وفتح الياء المشددة
وكسيد :الذكر من الوعال ،ويقال :هو الذي يسمى بالفارسية گوزن
والجمع اياييل ،قال الدميري :وأكثر أحواله شبيهة ببقر الوحشي ،وإذا
خاف من الصياد يرمي نفسه من رأس الجبل ول يتضرر بذلك ،وعدد سني
عمره العقد التي في قرنه ،وإذا لسعته الحية أكل السرطان ،ويصادق
السمك فهو يمشي إلى الساحل ليرى السمك ،والسمك يقرب من البر ليراه،
والصيادون يعرفون هذا فيلبسون جلده ليقصدهم السمك فيصطادون
) (1داف وأداف الدواء :خلطه (2) .سف الدواء والسويق ونحوهما :اخذه غير
ملتوت (3) .حياة الحيوان 236 :2و (4) .237في المصدر :بفيه(5) .
في المصدر :فيمتصها ويجعلها على الجرح (6) .حياة الحيوان 290 :2
و * .291
][76
منه ،وهو مولع بأكل الحيات يطلبها حيث وجدها وربما لسعته فتسيل دموعه إلى
نقرتين تحت محاجر عينيه ،يدخل الصبع فيها فتجمد تلك الدموع فتصير
كالشمع فيتخذ درياقا لسم الحيات وهو البادزهر الحيواني ،وأجوده
الصفر ،وأماكنه بلد السند والهند ،وفارس ،وإذا وضع على لسع الحيات
والعقارب نفعها ،وإن أمسكه شارب السم في فيه نفعه ،وله في دفع
السموم خاصية عجيبة ،وهذا الحيوان ل تنبت له قرون إل بعد مضي
سنتين من عمره ،فإذا نبت قرناه نبتا مستقيمين كالوتدين وفي الثالثة
يتشعب ) ،(1ول تزال التشعب في زيادة إلى تمام ست سنين ،فحينئذ
يكونان كشجرتين في رأسه ثم بعد ذلك يلقي قرنيه في كل سنة مرة ثم
ينبتان ،فإذا نبتا تعرض بها للشمس ليصلبا واليل في نفسه جبان دائم
الرعب ،وهو يأكل الحيات أكل ذريعا ،وإذا أكل الحيات بدأ بأكل ذنبها إلى
رأسها وهو يلقي قرونه في كل سنة ،وذلك إلهام من ال تعالى لما للناس
فيها من المنفعة ،لن الناس يطردون بقرنه كل دابة سوء وييسر عسر
الولدة وينفع الحوامل ويخرج الدود من البطن إذا احرق جزء منه ولعق
بالعسل .وقال أرسطو :إن هذا النوع يصاد بالصفير والغناء ول ينام مادام
يسمع ذلك ،فالصيادون يشغلونه بذلك ويأتونه من ورائه فإذا رأوه قد
استرخت اذناه أخذوه ،وذكره من عصب ل لحم ول عظم وقرنه مصمت ل
تجويف فيه ،ويسمن هذا الحيوان سمنا كثيرا ،فإذا اتفق له ذلك هرب خوفا
من أن يصاد ،وإن اليايل تأكل الفاعي في الصيف فتحمى وتلتهب
لحرارتها فتطلب الماء فإذا رأته امتنعت من شر به وحامت عليه تتنسمه )
(2لنها لو شربته في تلك الحالة فصادف الماء السم الذي في أجوافها
هلكت ،فل تزال تمتنع من شرب الماء حتى يطول بها الزمان فيذهب ثوران
السم ثم تشربه فل يضرها ،وإذا بخر بقرنه طرد الهوام وكل ذي سم وإذا
احرق
) (1في المصدر :وفى الثالثة يتشعبان (2) .أي تشمه ووجد نسيمه* .
][77
قرنه واستيك به قلع الصفرة والحفر من السنان وشد اصولها ،ومن علق عليه
شيئا من أجزائه لم ينم مادام عليه ،وإذا جفف قضيبه وسفي هيج الباه،
وإذا شرب دمه فتتت الحصاة التي في المثانة انتهى ) .(1والقانص:
الصائد ،والمراد بالتمثيل ما ذكر ال تعالي في قصة هابيل ،و المعرة:
الذى ،قوله عليه السلم :ل يعقل ،لعل المراد أن هذه المور بمحض لطفه
سبحانه حيث يلهمهم ذلك ل بعقل وروية .وقال الفيروز آبادي :الدلفين
بالضم :دابة بحرية تنجي الغريق ،وقال الدميري :الدلفين ) (2ضبطه
الجوهري في باب السين بضم الدال ،فقال :الدخس مثل الصرد :دابة في
البحر تنجي الغريق تمكنه من ظهرها تستعين ) (3على السباحة وتسمى
الدلفين ،وقال بعضهم :إنه خنزير البحر وهو دابة تنجي الغريق وهو كثير
بأواخر نيل مصر من جهة البحر المالح لنه يقذف به البحر إلى النيل،
وصفته كصفة الزق المنفوخ وله رأس صغير جدا ،وليس في دواب البحر
دابة لها رئة سواه ،ولذا يسمع منه النفخ والنفس وهو إذا ظفر بالغريق
كان أقوى السباب في نجاته لنه ل يزال يدفعه إلى البر حتى ينجيه ،ول
يؤذي أحدا ول يأكل إل السمك ،و ربما ظهر على وجه الماء كأنه الميت )
(4وهو يلد ويرضع وأولده تتبعه حيث ذهب ول يلد إل في الصيف ،وفي
طبعه النس ) (5وخاصة بالصبيان ،وإذا صيد جاءت دلفين كثيرة لقتال
صائده ،وإذا لبث في العمق حينا حبس نفسه وصعد بعد ذلك مسرعا مثل
السهم لطلب النفس فان كانت بين يديه سفينة وثب وثبة وارتفع بها عن
) (1حياة الحيوان 76 :1و (2) .77في المصدر :الدلفين :الدخس (3) .في
المصدر :لتستعين به على السباحة (4) .في المصدر :كانه ميت (5) .في
المصدر :ومن طبعه النس بالناس* .
][78
السفينة ،ول يرى منها ذكر إل مع انثى انتهى ) .(1وقال الفيروزآبادي :التنين
كسكين :حية عظيمة ،وقال الدميري :ضرب من الحيات كأكبر ما يكون
منها (2) ،وقال القزويني في عجائب المخلوقات :إنه شر من الكوسج ،في
فمه أنياب مثل أسنة الرماح ،وهو طويل كالنخلة السحوق أحمر العينين
مثل الدم واسع الفم والجوف براق العينين يبتلع كثيرا من الحيوانات يخافه
حيوان البر والبحر ،إذا تحرك يموج البحر لشدة قوته ،وأول أمره تكون
حية متمردة تأكل من دواب البر ما ترى فإذا كثر فسادها احتملها ملك
وألقاها في البحر ،فتفعل في دواب البحر ما كانت تفعل ) (3بدواب البر
فيعظم بدنها ،فيبعث ال تعالى إليها ملكا يحملها ويلقيها إلى يأجوج
ومأجوج (4) ،وروى بعضهم أنه رأى تنينا طوله نحوفر سخين ،ولونه
مثل لون النمر مفلسا مثل فلوس السمك بجناحين عظيمين على هيئة
جناحي السمك ورأسه كرأس النسان لكنه كالتل العظيم ،واذناه طويلتان
وعيناه مدورتان كبيرتان جدا انتهى ) .(5وأقول :لم أر في كلمهم اختطاف
السحاب للتنين ،وقال الفيروزآبادي :القيظ صميم الصيف من طلوع الثريا
إلى طلوع سهيل والزبية بالضم :الحفرة .و النشز بالفتح وبالتحريك:
المكان المرتفع ،وقال الجوهري :الليث :السد و ضرب من العناكب
يصطاد الذباب بالوثب ،ويقال :أحال عليه بالسوط يضربه أي أقبل ،قوله:
فكذلك أي كفعل الليث ،وقوله :هكذا أي كفعل العنكبوت ،قال الدميري:
العنكبوت :دويبة تنسج في الهواء ،وجمعها عناكب والذكر عنكب و
) (1حياة الحيوان (2) .245 :1زاد في المصدر :وكنيته ابو مرداس وهو ايضا
نوع من السمك (3) .في المصدر :بدواب البحر ما كانت تفعله (4) .فيه
غرابة شديدة وهو بالقصة اشبه (5) .حياة الحيوان * .120 :1
][79
وزنه فعللوت وهي قصار الرجل كبار العيون للواحد ثمانية أرجل وست أعين )(1
فإذا أراد صيد الذباب لطأ بالرض وسكن أطرافه وجمع نفسه ثم وثب على
الذباب فل يخطئه .قال أفلطون :أحرص الشياء الذباب ،وأقنع الشياء
العنكبوت ،فجعل ال رزق أقنع الشياء أحرص الشياء .فسبحان اللطيف
الخبير ،وهذا النوع يسمى الذباب ،ومنها نوع يضرب بالحمرة له زغب
وله في رأسه اربع إبرينهش بها ،وهو ل ينسج بل يحفر بيته في الرض
ويخرج بالليل كسائر الهوام ،منها الرتيل قال الجاحظ :الرتيل نوع من
العناكب وتسمى عقرب الحيات ) (2لنها تقتل الحيات والفاعي ،وقيل:
انها ستة أنواع ،وقيل :ثمانية ،وكلها من أصناف العنكبوت وقال الجاحظ:
ولد العنكبوت أعجب من الفروخ الذي يخرج إلى الدنيا كاسبا كاسيا ،لن
ولد العنكبوت يقوى على النسج ساعة يولد من غير تلقين ول تعليم و
يبيض ويحضن وأول ما يولد يكون دودا صغارا ثم يتغير ويصير عنكبوتا
وتكمل صورته عند ثلثة أيام وهو يطاول للفساد ،فإذا أراد الذكر النثى
جذب بعض خيوط نسجها من الوسط فإذا فعل ذلك فعلت النثى مثله فليز
الن يتدانيان حتى يتشابكا فيصير بطن الذكر قبالة بطن النثى ،وهذا النوع
من العناكب حكيم ،ومن حكمته أنه يمد السدى ثم يعمل اللحمة ويبتدئ من
الوسط ويهيئ موضعا لما يصيده من مكان آخر كالخزانة ،فإذا وقع شئ
فيما نسجه وتحرك عمد إليه وشبك عليه شيئا يضعفه (3) ،فإذا علم ضعفه
حمله وذهب به إلى خزانته فإذا خرق الصيد من النسج شيئا عاد إليه و
رمه ،والذي تنسجه ل يخرجه من جوفها بل من خارج جلدها وفمها
مشقوق بالطول (4) ،وهذا النوع ينسج بيته دائما مثلث الشكل وتكون
سعة بيتها بحيث
) (1في المصدر :وست عيون (2) .في المصدر :عقرب الحيات والفاعي (3) .في
المصدر :وشبك عليه حتى يضعفه (4) .في المصدر ذكر الفعال
والضمائر بلفظ المذكر* .
][80
يغيب فيه شخصها انتهى ) .(1ويقال :وضع عنه أي حط من قدره ،وأقله أي حمله
ورفعه ،وجساكدعا صلب ويبس ،وسحجت جلده فانسحج أي قشرته
فانقشر ،والتقصف :التكسر والغريض :الطري أي غير مطبوخ ،والعجم
بالتحريك :النوى ،وتقوقى أي تصيح والمح بضم الميم والحاء المهملة:
صفرة البيض ،وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة وتنقاب اي تنفلق ،وماء
ضحضاح :قريب القعر ،والربيئة بالهمز :العين والطليعة الذي ينظر للقوم
لئل يدهمهم عدو ،والمرقب :الموضع المشرف يرتفع عليه الرقيب والبشم
محركة :التخمة بشم كفرح ،والفراش هي التي تقع في السراج ،واليعسوب
أمير النحل وطائر أصغر من الجرادة أو أعظم ،وفي القاموس :التمرة
كقبرة أو ابن تمرة طائر أصغر من العصفور ،وقال :القرمز صبغ أرمنى
يكون من عصارة دود في آجامهم ،وقال :الحلزون محركة :دابة تكون في
الرمث أي بعض مراعي البل .أقول :ويظهر من الخبر اتحادهما ،ويحتمل
أن يكون المراد أن من صبغ الحلزون تفطنوا باعمال القرمز للصبغ
لتشابههما .قال الدميري :الحلزون :دود في جوف انبوبة حجرية يوجد في
سواحل البحار وشطوط النهار وهذه الدودة تخرج بنصف بدنها من جوف
تلك النبوبة الصدفية وتمشي يمنة ويسرة ،تطلب مادة تغتدي بها ،فإذا
أحست برطوبة ولين انبسطت إليها ،وإذا أحست بخشونة أو صلبة
انقبضت وغاصت في جوف النبوبة الصدفية حذرا من المؤذي لجسمها،
وإذا انسابت جرت بيتها معها انتهى .(2) .أقول ::قد أوردنا الخبر بتمامه
وشرحناه على وجه آخر في كتاب التوحيد .تذييل نفعه جليل :اعلم أنه قد
ظهر من سياق هذا الخبر في مواضع أن العمال الصادرة عن الحيوانات
العجم ليست على جهة الفهم والشعور ،وإنما هي طبايع طبعت عليها ،وقد
لح من ظواهر كثير من اليات والخبار أن لها شعورا
) (1حياة الحيوان 266 :1و (2) .114 :2حياة الحيوان * .171 :1
][81
ومعرفة ،بل لهم تكاليف يعاقبون على ترك بعضها في الدنيا وعلى ترك بعضها في
الخرة ل على الدوام ،بل في مدة يحصل فيها التقاص بين مظلومها
وظالمها ،وقد اختلف الحكماء و المتكلمون من الخاص والعام في ذلك،
فالحكماء ذهبوا إلى تجرد النفوس الناطقة النسانية ،وإلى أنه ل يتأتي
إدراك الكلي إل من المجرد ،فلذا خصوا إدراكه بالنسان ،وأما سائر
الحيوانات فتدرك بالقوى الدراكة البدنية المور الجزئية كادراك الشاة
معنى جزئيا في الذئب يوجب نفورها عنه ،وأكثر المتكلمين أيضا نفوا عنها
الفهم والشعور والعقل التي هي مناط التكليف ،وأولوا اليات والخبار
الواردة في ذلك كما عرفت سابقا وسيأتي ،والحق أنه لم يدل دليل قاطع
على نفي العقل والتكليف عنها مطلقا ،بل إنما يدل على أنها ليست في
درجة النسان في إدراك المعاني الدقيقة والتكاليف العظيمة التى كلف بها
النسان والوعد بالنعيم الدائم والوعيد بالعذاب المخلد ،فيحتمل أن تكون
مدركة لبعض المور الكلية والمصالح الجلية المتعلقة ببقاء نوعها
وغذائها ونموها ،وملهمة بمعرفة صانعها وطاعة إمام الزمان وسائر
المور الواردة في الخبار المعتبرة ،ول استحالة في ذلك ،ول يلزم من ذلك
أن تكون كسائر المكلفين مكلفة بجميع التكاليف معاقبة على ترك كلها،
وأيضا في التكليف ل يدل على سلب العقول والشعور مطلقا فان المراهقين
غير مكلفين قد يكون لهم من إدراك العلوم وتحقيق المطالب ما لم يحصل
لكثير من المكلفين على أنه يمكن حمل بعض اليات والخبار على أنه
تعالى لظهار المعجز لنبي أو وصي أو الكرامة لولي أعطاها في ذلك
الوقت عقل وشعورا بها يصدر منها بعض أقوال العقلء وأفعالهم كما مر،
أو أوجد فيها كلما أو فعل بحيث ل تشعر لما ذكروا وإن كان بعيدا ،وأما
القول :بأن صدور العمال الوثيقة والصنايع الدقيقة منها إنما هي من طبع
طبعت عليها من غير شعور بها وفائدتها ففي غاية البعد ،ويمكن تأويل ما
يوهم ذلك في حديث المفضل على أن المعنى أن ال تعالى يلهمها عند
حاجة إلى أمر من المور ومصلحة من المصالح ذلك ،من غير أن يحصل
لها ذلك العلم بالخذ من معلم أو بتحصيل تجربة أو الرجوع إلى كتاب كما
][82
تتفق تلك المور لكثر أفراد البشر العاقلين ،كما أن الطفل عند الولدة يلقى عليه
شهوة الغذاء والبكاء لتحصيله ،ويلهم كيفية مص الثدي وأمثال ذلك مما
مر شرحه وتفصيله .ولنذكر هنا بعض ما ذكره محققوا أصحابنا وغيرهم
في ذلك ،فمنها ما ذكره السيد المرتضى رضي ال عنه في كتاب الغرر
حيث سئل ما القول في الخبار الواردة في عمدة كتب من الصول والفروع
بمدح أجناس من الطير والبهائم والمأكولت والرضين وذم أجناس منها،
كمدح الحمام والبلبل والقنبر والحجل والدراج وما شاكل ذلك من فصيحات
الطير ،وذم الفواخت والرخم ؟ وما يحكى من أن كل جنس من هذه
الجناس المحمودة ينطق بثناء على ال تعالى وعلى أوليائه ودعاء لهم
ودعاء على أعدائهم ،وأن كل جنس من هذه الجناس المذمومة ينطق
بضد ذلك من ذم الولياء عليهم السلم ،وكذم الجري وما شاكله من السمك
وما نطق به الجري من أنه مسخ بجحده الولية ،وورود الثار بتحريمه
لذلك ،وكذم الدب والقرد والفيل وسائر المسوخ المحرمة ،وكذم البطيخة
التى كسرها أمير المؤمنين عليه السلم فصادفها مرة فقال :من النار إلى
النار ) (1ودحابها من يده ففار من الموضع الذى سقطت فيه دخان ،وكذم
الرضين السبخة ،والقول بأنها جحدت الولية أيضا ،وقد جاء في هذا
المعنى ما يطول شرحه ،وظاهره مناف لما تدل العقول عليه من كون هذه
الجناس مفارقة لقبيل ما يجوز تكليفه ويسوغ أمره ونهيه ،وفي هذه
الخبار التى أشرنا إليها أن بعض هذه الجناس يعتقد الحق ويدين به
وبعضها يخالفه ،وهذا كله مناف لظاهر ما العقلء عليه .ومنها ما يشهد
أن لهذه الجناس منطقا مفهوما وألفاظا تفيد أغراضها وأنها بمنزلة
العجمي والعربي اللذين ل يفهم أحدهما صاحبه ،وإن شاهد ذلك من قول
ال سبحانه فيما حكاه عن سليمان عليه السلم " :يا أيها الناس علمنا
منطق الطير
][83
واوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين " ) (1وكلم النملة أيضا مما حكاه
ال سبحانه ،وكلم الهدهد واحتجاجه وفهمه وجوابه ،فلينعم بذكر ما عنده
مثابا إن شاء ال وبال التوفيق .وأجاب رضي ال عنه ! اعلم أن المعول
فيما نعتقد على ) (2ما تدل الدلة عليه من نفي وإثبات ،فإذا دلت الدلة
على أمر من المور وجب أن نبني كل وارد من الخبار إذا كان ظاهره
بخلفه عليه ونسوقه إليه ونطابق بينه وبينه ونخلي ظاهرا إن كان له،
ونشرط ان كان مطلقا ،ونخصه إن كان عاما ،ونفضله ان كان مجمل،
ونوفق بينه وبين الدلة من كل طريق اقتضى الموافقة وآل إلى المطابقة
وإذا كنا نفعل ذلك ول نحتشمه في ظواهر القرآن المقطوع على صحته
المعلوم وروده فكيف نتوقف عن ذلك في أخبار آحاد ل توجب علما ول
تثمر يقينا ؟ فمتى ورودت عليك أخبار فأعرضها على هذه الجملة وابنها
عليها وافعل فيها ما حكمت به الدلة وأوجبته الحجج العقلية ،وإن تعذر
فيها بناء وتأويل وتخريج وتنزيل فليس غير الطراح لها وترك التعريج
عليها ،ولو اقتصرنا على هذه الجملة لكتفينا فيمن يتدبر ويتفكر ،وقد
يجوز أن يكون المراد بذم هذه الجناس من الطير أنها ناطقة بضد الثناء
على ال وبذم أوليائه ونقص أصفيائه :ذم متخذيها ) (3و مرتبطيها ،وأن
هؤلء المغرين بمحبة هذه الجناس واتخاذها هم الذين ينطقون بضد الثناء
على ال ويذمون أولياءه وأحباءه ،فاضاف النطق إلى هذه الجناس وهو
لمتخذيها أو مرتبطيها للتجاور والتقارب ،وعلى سبيل التجوز والستعارة
كما أضاف ال تعالى السؤال في القرآن إلى القرية ،وإنما هو لهل القرية،
وكما قال تعالى " :وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها
حسابا شديدا و
) (1النمل (2) .16 :لعل كلمة )على( زائدة (3) .في المصدر :معناه ذم متخذيها* .
][84
عذ بناها عذابا نكرا * فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا " ) " (1وفي
هذا كله حذوف ،وقد اضيف في الظاهر الفعل إلى من هو في الحقيقة
متعلق بغيره ،والقول في مدح أجناس من الطير والوصف لها بأنها تنطق
بالثناء على ال والمدح لوليائه يجري على هذا المنهاج الذي نهجناه .فان
قيل :كيف يستحق مرتبط هذه الجناس مدحا بارتباطها ومرتبط بعض آخر
ذما بارتباطه حتى علقتم المدح والذم بذلك ؟ قلنا :ما جعلنا لرتباط هذه
الجناس حظا في استحقاق مرتبطيها مدحا ولذما وإنما قلنا :إنه غير
ممتنع أن تجري عادة المؤمنين الموالين لولياء ال تعالى والمعادين
لعدائه ،بأن بالغوا ) (2ارتباط أجناس من الطير ،وكذلك تجري عادة
بعض أعداء ال تعالى باتخاذ بعض أجناس الطير فيكون متخذ بعضها
ممدوحا ل من أجل اتخاذه لكن لما هو عليه من التخاذ الصحيح فيضاف
المدح إلى هذه الجناس وهو لمرتبطها والنطق بالتسبيح والدعاء الصحيح
إليها وهو لمتخذها تجوزا واتساعا ،وكذلك القول في الذم المقابل للمدح.
فإن قيل :فلم نهي عن اتخاذ بعض هذه الجناس إذا كان الذم ل يتعلق
باتخاذها ،وإنما يتعلق ببعض متخذيها لكفرهم وضللهم ؟ قلنا :يجوز أن
يكون في اتخاذ هذه البهائم المنهي عن اتخاذها وارتباطها مفسدة ،وليس
يقبح خلقها في الصل لهذا الوجه لنها خلقت لينتفع بها من سائر وجوه
النتفاع سوى الرتباط والتخاذ الذي ل يمتنع تعلق المفسدة به ،ويجوز
أيضا أن يكون في اتخاذ هذه الجناس المنهي عنها شوم وطيرة ،فللعرب
في ذلك مذهب معروف ويصح هذا النهي أيضا على مذهب من نفي الطيرة
على التحقيق ،لن الطيرة والتشام وإن كان ل تأثير لهما على التحقيق فان
النفوس تستشعر ذلك ،ويسبق
][85
إليها ما يجب على كل حال تجنبه والتوقي عنه ) ،(1وعلى هذا يحمل معنى قوله
عليه السلم " :ل يورد ذوعاهة على مصح " وأما تحريم السمك الجري
وما أشبهه فغير ممتنع لشئ يتعلق بالمفسدة في تناوله كما نقول في سائر
المحرمات ،فأما القول :بأن الجري نطق بأنه مسخ لجحده الولية فهو مما
يضحك منه ويتعجب من قائله والملتفت إلى مثله ،فأما تحريم الدب والقرد
والفيل فكتحريم كل محرم في الشريعة والوجه في التحريم ل يختلف،
والقول بأنها ممسوخة إذا تكلفنا حملناه على أنها كانت على خلق حميدة
غير منفور عنها ،ثم جعلت على هذه الصور الشنية على سبيل التنفير
عنها والزيادة عن الصد ) (2في النتفاع بها ،لن بعض الحياء ل يجوز
أن يكون غيره على الحقيقة ،والفرق بين كل حيين معلوم ضرورة ،فكيف
يجوز أن يصير حي حيا آخر غيره ،وإذا اريد بالمسخ هذا فهو باطل ،وإن
اريد غيره نظرنا فيه ،وأما البطيخة فقد يجوز أن يكون أمير المؤمنين
عليه السلم لما ذاقها ونفر عن طعمها وزادت كراهيته له قال " :من النار
وإلى النار " أي هذا من طعام أهل النار وما يليق بعذاب أهل النار ،كما
يقول أحدنا ذلك فيما يستوبيه ويكرهه ،ويجوز أن يكون فوران الدخان عند
اللقاء لها على سبيل التصديق لقوله عليه السلم " :من النار وإلى النار
" وإظهار المعجز له ،وأما ذم الرضين السبخة والقول بأنها جحدت
الولية ،فمتى لم يكن محمول معناه على ما قدمناه من جحد هذه الرض
وسكانها الولية لم يكن معقول ،ويجري ذلك مجرى قوله تعالى " :وكأين
من قرية عتت عن أمر ربها ورسله " ) (3وأما إضافة اعتقاد الحق إلى
بعض البهائم واعتقاد الباطل والكفر إلى بعض آخر فمما تخالفه العقول
والضرورات لن هذه البهائم غير عاقلة ول كاملة ول مكلفة ،فيكف تعتقد
حقا أو باطل ؟ وإذا ورد أثر في ظاهره شئ من هذه المحالت فالوجه فيه
إما إطراح أو تأول على المعنى الصحيح ،وقد نهجنا
) (1في نسخة من الكتاب ومصدره :والتوقى منه (2) .في المصدر :في الصد عن
النتفاع بها (3) .الطلق* .8 :
][86
طريق التأويل وبينا كيف التوصل إليه ،فأما حكايته تعالى عن سليمان عليه السلم:
" يا أيها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ ان هذا لهو الفضل
المبين " ) (1فالمراد به أنه علم ما يفهم به ما تنطق به الطير وتتداعى
في أصواتها وأغراضها ومقاصدها بما يقع منها من صياح على سبيل
المعجزة لسليمان عليه السلم ،وأما الحكاية عن النملة بأنها قالت " :يا
أيها النمل ادخلوا مساكنكم ل يحطمنكم سليمان " ) (2فقد يجوز أن يكون
المراد به أنه ظهر منها دللة القول على هذا المعنى ،وأشعرت باقى النمل
وخوفتهم من الضرر بالمقام ،وأن النجاة في الهرب إلى مساكنها ،فتكون
إضافة القول إليه مجازا أو استعارة ،كما قال الشاعر :وشكا إلى بعيرة
وتحمحم ) (3وكما قال الخر :وقالت له العينان :سمعا وطاعة ويجوز أن
يكون وقع من النملة كلم ذو حروف منظومة كما يتكلم أحدنا يتضمن
المعاني المذكورة ويكون ذلك معجزة لسليمان عليه السلم لن ال تعالى
سخر له الطير وافهمه معاني أصواتها على سبيل المعجز له ،وليس هذا
بمنكر فان النطق بمثل هذا الكلم المسموع منا ل يمتنع وقوعه ممن ليس
بمكلف ) (4ول كامل العقل ،أل ترى أن المجنون ومن لم يبلغ الكمال من
الصبيان قد يتكلمون بالكلم المتضمن للغراض ،وإن كان التكليف والكمال
عنهم زائلين ،والقول فيما حكي عن الهدهد يجري على الوجهين اللذين
ذكرناهما في النملة ،فل حاجة بنا إلى إعادتهما ،وأما حكاية أنه قال" :
لعذ بنه عذابا شديدا أو لذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " )(5
) (1النمل (2) .16 :النمل (3) .18 :في المصدر :وشكا إلى بعبرة وتحمحم(4) .
في المصدر :مما ليس بمكلف (5) .النمل* .21 :
][87
وكيف يجوز أن يكون ذلك في الهدهد وهو غير مكلف ول يستحق مثله العذاب ؟
فالجواب عنه :أن العذاب اسم للضرر الواقع ،وان لم يكن مستحقا فليس
يجري مجري العقاب الذي ل يكون إل جزاء على أمر تقدم ،فليس يمتنع أن
يكون معنى " لعذ بنه " أي لؤلمنه ،ويكون ال تعالى قد أباحه اليلم له
كما أباحه الذبح له لضرب من المصلحة ،كما سخر له الطير يصرفها في
منافعه وأغراضه ،وكل هذا ل ينكر في نبي مرسل تخرق له والعادات
وتظهر على يده المعجزات ،وإنما يشتبه على قوم يظنون أن هذه الحكايات
تقتضي كون النملة والهدهد مكلفين ،وقد بينا أن المر بخلف ذلك ).(1
وقال قدس ال روحه أيضا في جواب المسائل الطرابلسيات :فأما الستبعاد
في النملة أن تنذر باقي النمل بالنصراف عن الموضع ،والتعجب من فهم
النملة عن الخرى ،ومن أن يخبر عنها بما نطق القرآن به من قوله " :يا
ايها النمل ادخلوا " الية ،فهو في غير موضعه لن البهيمة قد تفهم عن
الخرى بصوت يقع منها أو فعل كثيرا من أغراضها ،ولهذا نجد الطيور
وكثيرا من البهائم يدعو الذكر منها النثى بضرب من الصوت يفرق بينه
وبين غيره من الصوات التي ل تقتضي الدعاء ،والمر في ضروب
الحيوانات وفهم بعضها من بعض مرادها وأغراضها بفعل يظهر أو صوت
يقع أظهر من أن يخفي والتغابي عن ذلك مكابرة ،فما المنكر على هذا أن
يفهم باقي النمل من تلك النملة التي حكي عنها ما حكي النذار
والتخويف ؟ فقد نرى مرارا نملة تستقبل اخرى وهي متوجهة إلى جهة
فإذا حاذتها وباشرها عادت من جهتها ورجعت معها ،وتلك الحكاية البليغة
الطويلة ل يجب أن تكون النملة قائلة لها ول ذاهبة إليها ،وإنها لما خوفت
من الضرر الذي أشرف النمل عليه جاز أن يقول الحاكي لهذه الحال :تلك
الحكاية البليغة المرتبة ،لنها لو كانت قائلة ناطقة ومخوفة بلسان وبيان
لما قالت إل مثل ذلك ،وقد يحكى العربي عن الفارسي كلما مرتبا مهذبا
][88
ما نطق به الفارسي ،وإنما أشار إلى معناه ،فقد زال التعجب من الموضعين معا
وأي شئ أحسن وأبلغ وأدل على قوه البلغة وحسن التصرف في
الفصاحة من أن تشعر نملة لباقي النمل بالضرر لسليمان وجنده بما يفهم
به أمثالها عنها ،فيحكي هذا المعنى الذي هو التخويف التنفير بهذه اللفاظ
المونقة والترتيب الرائق الصادق وإنما يضل عن فهم هذه المور وسرعة
الهجوم عليها من ل يعرف مواقع الكلم الفصيح ومراتبه ومذاهبه ).(1
وقال شارح المقاصد :ذهب جمهور الفلسفة إلى أنه ليست لغير النسان
من الحيوانات نفوس مجردة مدركة للكليات ،وبعضهم إلى أننا ل نعرف
وجود النفس لها لعدم الدليل ول نقطع بالنتفاء لقيام الحتمال ،وما يتوهم
من أنه لو كانت لها نفوس لكانت إنسانا ،لن حقيقة النفس والبدن ل غير
ليس بشئ لجواز اختلف النفسين بالحقيقة وجواز التميز بفصول آخر ل
نطلع على حقيقتها ،وذهب جمع من أهل النظر إلى ثبوت ذلك تمسكا
بالمعقول والمنقول ،أما العقول فهو أنا نشاهد منها أفعال غريبة تدل على
أن لها إدراكات عقلية كالنحل في بناء بيوته المسدسة والنقياد لرئيس،
والنمل في إعداد الذخيرة ،والبل والبغل والخيل والحمار في الهتداء إلى
الطريق في الليالي المظلمة ،والفيل في غرائب أحوال تشاهد منه ،وكثير
من الطيور والحشرات في علج أمراض تعرض لها إلى غير ذلك من
الحيل العجيبة التي يعجز عنها كثير من العقلء ،وأما المنقول فكقوله
تعالى " :والطير صافات " ) (2الية ،وقوله تعالى " :وأوحى ربك إلى
النحل " ) (3الية ،وقوله تعالى " :يا جبال أو بي معه والطير " )(4
وقوله تعالى حكاية عن الهدهد " :أحطت بما لم تحط
) (1جواب المسائل الطرابلسيات :لم يطبع (2) .النور (3) .41 :النمل(4) .68 :
السبأ* .10 :
][89
به " ) ،(1وحكاية عن النملة " يا أيها النمل ادخلو ) (2مساكنكم " الية ).(3
وقال الرازي في المطالب العالية في البحث عن نفوس سائر الحيوانات:
أما الفلسفة المتأخرون فقد اتفقوا على أن لها قوي جسمانية وأنه يمتنع
أن تكون لها نفوس مجردة ،ولم يذكروا في تقريره حجة ول شبهة ،وليس
لحد أن يقول :لو كانت نفوسها مجردة لوجب كونها مساوية للنفوس
البشرية في تمام الماهية فيلزم وقوع الستواء في العلوم والخلق ،وذلك
محال ،فانا نقول :الستواء في التجرد استواء في قيد سلبي ،وقد عرفت
أن الستواء في القيود السلبية ل يوجب الستواء في تمام الماهية ،وأما
سائر الناس فقد اختلفوا في أنه هل لها نفوس مجردة وهل لها شئ من
القوة العقلية أم ل ؟ فزعم طائفة من أهل النظر ومن أهل الثر أن ذلك
ثابت ،واحتجوا على صحته بالمعقول والمنقول ،أما المعقول فهو أنهم
قالوا :إنا نشاهد من هذه الحيوانات أفعال ل يصدر إل من أفاضل العقلء،
وذلك يدل على أن لها قدرا من العقل ،وبينوا ذلك بوجوه :الول :أن الفارة
تدخل ذنبها في قارورة الدهن ثم تلحسه ،وهذا الفعل ل يصدر عنها إل
لعلمها بمجموع مقدمات :فأحدها أنها محتاجة إلى الدهن ،وثانيها :أن
رأسها ل تدخل في القارورة ،وثالثها :أن ذنبها تدخل ،ورابعها :أن
المقصود حاصل بهذا الطريق فوجب القدام عليه .الثاني :أن النحل يبني
البيوت المسدسة ،وهذا الشكل فيه منفعتان ل يحصلن إل من المسدس،
وتقريره أن الشكال على قسمين :منها :أشكال متى ضم بعضها إلى بعض
امتلت العرصة منها ،إل أن زواياها ضيقة فتبقى معطلة ،ومنها :أشكال
ليست كذلك فالقسم الول كالمثلثات والمربعات فانهما وإن امتلت العرصة
منهاها إل أن زوايا ضيقة فيبقى معطلة وأما المسبع والمثمن وغيرهما
فزواياها وإن كانت واسعة إل أنه ل تمتلى العرصة
) (1النمل (2) .22 :النمل (3) .18 :شرح المقاصد :نسخته ليست موجودة عندي.
*
][90
منها بل يبقى بينها فضاء ،فأما الكشل المستجمع لكلتا المنفعتين فليس إل
المسدس ،وذلك لن زواياها واسعة فل يبقي شئ من الجوانب فيه معطل،
وإذا ضمت المسدسات بعضها إلى بعض لم يبق فيما بينها فرجة ضائعة،
فإذا ثبت أن الشكل الموصوف بهاتين الصفتين هذا المسدس ل جرم اختار
النحل بناء بيوتها على هذا الشكل ،ولو ل أنه تعالى أعطاها من اللهام
والذكاء لما حصل هذا المر ،وفيه اعجوبة ثانية وهي أن البشر ل يقدر
على بناء البيت المسدس إل بالمسطر والبركار ،والنحل يبني تلك البيوت
من غير حاجة إلى شئ من اللت والدوات .واعلم أن عجائب أحوال
النحل في رياسته وفي تدبيره لحوال الرعية ،وفي كيفية خدمة الرعية
لذلك الرئيس كثيرة مذكورة في كتاب الحيوان .الثالث :أن النمل يسعى في
إعداد الذخيرة لنفسها :وما ذاك إل لعلمها بأنها قد تحتاج في الزمنة
المستقبلة إلى الغذاء ،ول تكون قادرة على تحصيله في تلك الوقات فوجب
السعي في تحصيله في هذا الوقت الذي حصلت فيه القدرة على تحصيل
الذخيرة ،ومن عجائب أحوالها امور ثلثة :أحدها أنها إذا أحست بنداوة
المكان فانها تشق الحبة بنصفين لعلمها بأن الحبة لو بقيت سالمة ووصلت
النداوة إليها لنبت منها وتفسد الحبة على النملة ،أما إذا صارت مشقوقة
بنصفين لم تنبت ،وثانيها :إذا وصلت النداوة إلى تلك الشياء ثم طلعت
الشمس فانها تخرج تلك الشياء من حجرها وتضعها حتى تجف وثالثها:
أن النملة إذا أخذت في نقل متاعها إلى داخل الحجر انذر ذلك بنزول
المطار وهبوب الرياح ،وهذه الحوال تدل على حصول ذكاء عظيم لهذا
الحيوان الصغير .الرابع :أن العنكبوت تبني بيوتها على وجه عجيب وذلك
لنها ما نسجت الشبكة التي هي مصيدتها إل بعد أن تفكرت أنه كيف ينبغي
وضعها حتى يصلح لصطياد الذباب بها ،وهذه الفعال فكرية ليست أقل من
الفكار النسانية .الخامس :أن الجمل والحمار إذا سلكا طريقا في الليلة
الظلماء ففي المرة الثانية يقدر على سلوك ذلك الطريق من غير إرشاد
مرشد ول تعليم معلم ،حتى أن
][91
الناس إذا اختلفوا في ذلك الطريق وقدموا الجمل وتبعوه وجدوا الطريق المستقيم
عند متابعته .وأيضا أن النسان ل يمكنه النتقال من بلد إلى بلد إل عند
الستدلل بالعلمات المخصوصة ،إما الرضية كالجبال والرياح ،أو
السماوية كأحوال الشمس والقمر .وأما القطا فانه يطير في الهواء من بلد
إلى بلد طيرانا سويا من غير غلط ول خطاء ،وكذلك الكراكي تنتقل من
طرف من أطراف العالم إلى طرف آخر لطلب الهواء الموافق من غير غلط
البتة ،فهذا فعل يعجز عنه أفضل البشر وهذا النوع من الحيوان قادر عليه.
السادس :أن الدب إذا أراد أن يفترس الثور علم أنه ل يمكنه أن يقصده
ظاهرا ،فيقال :إنه يستلقي في ممر ذلك الثور ،فإذا قرب الثور وأراد نطحه
جعل قرنيه فيما بين ذراعيه ول يزال ينهش ما بين ذراعيه حتى يثخنه،
وأيضا أنه يأخذ العصا ويضرب النسان حتى يتوهم أنه مات فيتركه وربما
عاد يشمه ويتجسس نفسه ) (1وأيضا يصعد الشجر أخف صعود ويأخذ
الجوزبين كفيه ويضرب ما في أحد كفيه على ما في الكف الخر ثم ينفخ
فيه ويزيل القشور ويأكل اللب .السابع :أن الثعلب إذا اجتمع البق الكثير
والبعوض الكثير على جلده أخذ بفيه قطعة من جلد حيوان ميت ،ثم إنه
يضع يده ورجليه في الماء ول يزال يغوص فيه قليل قليل فإذا أحس البق
والبعوض بالماء أخذت تصعد إلى المواضع الخارجة من الثعلب من الماء،
ثم إن الثعلب ل يزال يغوص قليل قليل وتلك الحيوانات ترتفع قليل قليل،
فإذا غاص كل بدنه في الماء وبقي رأسه خارج الماء تصاعد كل تلك
الحيوانات إلى الراس ثم إنه يغوص رأسه في الماء قليل قليل فتلك
الحيوانات تنتقل إلى تلك الجلدة الميتة وتجتمع فيها فإذا أحس الثعلب
بانتقالها إلى تلك الجلدة رماها في الماء وخرج من الماء سليما فارغا عن
تلك الحيوانات الموذية ،ول شك أنها حيلة عجيبة في دفع الموذيات.
][92
الثامن :يقال :إن من خواص الفرس أن كل واحد منها يعرف صوت الفرس الذي
قاتله ،والكلب تتعالج بالعشبة المعروفة لها ،والفهد إذا سقي الدواء
المعروف بخانق الفهد ) (1طلب زبل النسان فأكله ،والتمساح تفتح فاها
لطائر مخصوص يدخل في فمها وينظف ما بين أسنانها وعلى رأس ذلك
الطير شئ كالشوك ،فاذاهم التمساح بالتقام ذلك الطير تأذى من ذلك الشوك
ففتح فاه فخرج ذلك الطير ،والسلحفات تتناول بعد أكل الحية صعتر اجبليا
ثم تعود قد شوهد ذلك ،وحكى بعض الثقات المحبين للصيد أنه شاهد
الحبارى تقاتل الفعى وتنهزم عنه إلى بقلة تتناول منها ثم تعود ول تزال
تفعل ذلك ،وكان ذلك الشيخ قاعدا في كن غاير كما تفعله الصيادون وكانت
البقلة قريبة في ذلك الموضع ،فلما اشتغل الحبارى بالفعى قلع الرجل تلك
البقلة فعادت الحبارى إلى منبتها فأخذت تدور حول منبتها دورانا متتابعا
ثم سقطت وماتت فعلم ذلك الرجل أنها كانت تتعالج بأكلها من لسعة الفعى،
وتلك البقلة هي الخس البري ) ،(2وأما ابن عرس فانه يستظهر في قتال
الحية بأكل السداب ،فان النكهة السدابية مما يكرهها الفعى ،والكلب إذا
تدود بطنها أكلت سنبل الحية ،وإذا جرحت اللقالق بعضها بعضا عالجت
تلك الجراحات بالصعتر الجبلي ،فتأمل من أين حصلت لهذه الحيوانات هذا
الطب وهذا العلج .التاسع :أن القنافذ قد تحس بريح الشمال والجنوب قبل
الهبوب فتغير المدخل إلى حجرتها ،يحكي أنه كان بالقسطنطنية رجل قد
جمع مال كثيرا بسبب أنه كان ينذر بالرياح قبل هبوبها وينتفع الناس بذلك
النذار وكان السبب فيه قنفذ في داره يفعل الفعل المذكور .العاشر :أن
الخطاف صناع حسن في اتخاذ العش لنفسه من الطين وقطع الخشب ،فإذا
أعوزه الطين ابتل وتمرغ في التراب ليحمل جناحاه قدرا من الطين وإذا
أفرخ بالغ في تعهد الفراخ ويأخذ زرقها بمنقارها ويرميها عن العش ثم
) (1خانق الفهد :حشيش (2) .في نسخة :الجرجير البرى* .
][93
تعلمها إلقاء الزرق بالتولية نحو طرف العش .الحادي عشر :إذا قرب الصائد من
مكان فرخ القبجة ظهرت له القبجة وقربت منه مطيعة لجل أن يتبعها ثم
تذهب إلى جانب آخر سوى جانب فراخها .الثاني عشر :ناقر الخشب قلما
يجلس على الرض ،بل يجلس على الشجر وينقر الموضع الذي يعلم أن
فيه دودا .الثالث عشر :الغرانيق ) (1تصعد في الجو جدا عند الطيران فان
حصل عباب ) (2أو سحاب يحجب بعضها عن بعض أحدثت عن أجنحتها
حفيفا مسموعا ،ويصير ذلك الصوت سببا لجتماعها وعدم تفرقها ،وإذا
نامت نامت على فرد رجل قد اضطبعت ) (3الرؤس إل القائد فانه ينام
مكشوف الرأس فيسرع انتباهه وإذا أحس بأحد أو صوت صاح تنبيها
للباقين .الرابع عشر :النعامة إذا اجتمع لها من بيضها عشرون أو ثلثون
قسمتها ثلثة أثلث ،فتدفن ثلثا منها في التراب ،وثلثا تتركها في الشمس،
وثلثا تحتضنه فإذا خرجت الفراريخ كسرت ما كان في الشمس وسقت تلك
الفراريخ ما فيها من الرطوبات التي ذوبتها الشمس ورققتها ،فإذا قويت
تلك الفراريخ أخرجت الثلث الثاني الذي دفنته في الرض وثقبتها وقد
اجتمع فيها النمل والذباب والديدان والحشرات فتجعل تلك الشياء طعمة
لتلك الفراريخ ،فإذا تم ذلك فقد صارت تلك الفراريخ قادرة على الرعي
والطلب ،ول شك أن هذا الطريق حيلة عجيبة في تربية الولد .ولنكتف
من هذا النوع بهذا القدر الذى ذكرناه فان الستقصاء فيه مذكور في كتاب
الحيوان ،وقد ظهر منها أن هذه الحيوانات قد تأتي بأفعال يعجز أكثر
) (1جمع الغرنيق بضم الغين وفتح النون :طائر ابيض طويل العنق من طير الماء
وقيل :انه الذكر من طير الماء وقيل :هو الكراكى ،وقيل :طيرسوداء في
قدر البط (2) .في النسخة المخطوطة :ضباب (3) .اضطبع الشئ :أدخله
تحت ضبعيه* .
][94
الذكياء من الناس عنها ،ولو ل كونها عاقلة فاهمة لما صح شئ من ذلك ،فهذا ما
يتعلق بالعقل ،وأما النقل فقد تمسكوا في إثبات قولهم بآيات :فاحداها قوله
تعالى حكاية عن سليمان عليه السلم " :يا أيها الناس علمنا منطق الطير
واوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين ) ." (1والثانية ) :(2قوله
تعالى " :حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا
مساكنكم " ) .(3والثالثة ) " :(4وتفقد الطير فقال مالي ل أرى الهدهد "
) (5وهذا التهديد ل يعقل إل مع العاقل .والرابعة ) :(6قوله تعالى حكاية
عن الهدهد " :أحطت بما لم تحط به " ) (7إلى آخر الية .والخامسة )(8
قوله " :والطير صافات كل قد علم صلته وتسبيحه " ) (9قيل :معناه كل
من الطير قد علم صلته وتسبيحه .قال بعضهم :كنت جالسا عند أبي جعفر
الباقر عليه السلم فقال لي :أتدري ما تقول هذه العصافير عند طلوع
الشمس وبعد طلوعها ؟ قلت ل :قال :إنها تقدس ربها وتسأله قوت يومها.
) (1النمل (2) .16 :في النسخة المطبوعة :الحجة الثانية (3) .النمل (4) .18 :في
النسخة المطبوعة :الحجة الثالثة (5) .النمل (6) .20 :في النسخة
المطبوعة :الحجة الرابعة (7) .النمل (8) .22 :في النسخة المطبوعة:
الحجة الخامسة (9) .النور* .41 :
][95
) (1في النسخة المطبوعة " :فلما افلحوا " ولعل كلهما مصحفان والصحيح" :
فلما بلحوا " أي اعيوا وعجزوا يقال :بلح وبلح على أي لم اجد عنده
شيئا ،أو الصحيح :فما أفلحوا* .
][96
وقال الدميري :الغرنيق بضم الغين وفتح النون ،قال الجوهري والزمخشري إنه
طائر أبيض من طير الماء طويل العنق ) ،(1وقال في النهاية :إنه الذكر
من طير الماء ،ويقال :غرنيق وغرنوق ،وقيل :هو الكركي ،وقيل:
الغرانيق والغرانقة طير أسود في حد البط ) ،(2وقال القزويني :الغرنيق )
(3من الطيور القواطع ،وهي إذا أحست بتغير الزمان عزمت على الرجوع
إلى بلدها ،فعند ذلك تتخذ قائدا حارسا ثم تنهض معا ،فإذا طارت ترتفع في
الهواء حتى ل يعرض لها شئ من السباع فإذا رأت غيما أو غشيها الليل
أو سقطت للطعم أمسكت عن الصياح كيل يحس بها العدو ،وإذا أرادت
النوم أدخل كل واحد منها رأسه تحت جناحه لعلمه بأن الجناح أحمل
للصدمة من الرأس لما فيه من العين التي هي أشرف العضاء ،والدماغ
الذي هو ملك البدن ،وينام كل واحد منها قائما على إحدي رجليه حتى ل
يكون نومها ) (1ثقيل ،وأما قائدها وحارسها فل ينام ،ول يدخل رأسه في
جناحه ،ول يزال ينظر في جميع الجوانب فإذا أحس بأحد صاح بأعلى
صوته ) (2انتهى .قوله :قد اضطبعت :أي أدخلت رأسها في ضبعها.
) (1في المصدر :طائر اببض طويل العنق من طير الماء (2) .في المصدر :طيور
سود في قدر البط (3) .في المصدر :الغرنوق (1) .في المصدر :نومه) .
(2حياة الحيوان 125 :2و * .126
][97
* ) 2باب( * * )أحوال النعام منافعها ومضارها واتخاذها( * اليات :المائدة " 5
" :احلت لكم بهيمة النعام .1النعام :وجعلوا ل مما ذرأ من الحرث،
والنعام نصيبا -إلى قوله - :ساء ما يحكمون .136وقال سبحانه :وقالوا
هذه أنعام -إلى قوله - :وما كانوا مهتدين .138وقال تعالى :ومن النعام
حمولة وفرشا -إلى آخر الية .142النحل :16والنعام خلقها لكم فيها
دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فبها جمال حين تريحون وحين
تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إل بشق النفس إن
ربكم لرؤف رحيم * والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مال
تعلمون .8 - 5وقال سبحانه " :وجعل لكم من جلود النعام بيوتا
تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها
أثاثا ومتاعا إلى حين " .80الحج " " 22ويذكروا اسم ال في أيام
معلومات على ما رزقهم من بهيمة النعام فكلوا منها وأطعموا البائس
الفقير -إلى قوله تعالى - :واحلت لكم بهيمة النعام إل ما يتلي عليكم -إلى
قوله تعالى - :والبدن جعلناها لكم من شعائر ال لكم فيها خير -إلى قوله
عزوجل :كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون .36 - 28المؤمنون " :" 23
وإن لكم في النعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة
ومنها تأكلون * وعليها على الفلك تحملون 21و .22فاطر :35ومن
الناس والدواب والنعام مختلف ألوانه كذلك .28يس " :" 36وخلقنا لهم
من مثله ما يركبون .42
][98
وقال عزوجل " :أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون *
وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون * ولهم فيها منافع ومشارب أفل
يشكرون .73 - 71الزمر " :" 39وأنزل لكم من النعام ثمانية أزواج .6
المؤمن " :" 40ال الذي جعل لكم النعام لتركبوا منها ومنها يأكلون *
ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك
تحملون 79و .80حمعسق " " 42جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن
النعام أزواجا يذرؤكم فيه .11الزخرف " :" 33وجعل لكم من الفلك
والنعام ما تركبون .12الغاشية " " 88أفل ينظرون إلى البل كيف
خلقت .17تفسير " :بهيمة النعام " ذهب أكثر المفسرين إلى أنها إضافة
بيان أو إضافة الصفة إلى الموصوف اريد بها الزواج الثمانية ،والمستفاد
من أكثر الخبار أن بيان " حل النعام " في آيات اخر ،والمراد هنا بيان
الجنة التي في بطونها ،وروي في الكافي في الحسن كالصحيح عن محمد
بن مسلم ،قال :سألت أحدهما عليهما السلم عن قول ال عزوجل " :احلت
لكم بهيمة النعام " فقال :الجنين في بطن امه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة
امه ،فذلك الذي عني ال عزوجل ) .(1فعلى هذا الضافة بتقدير " من "
أو اللم ،ويمكن حمل الخبر على أن المراد أن الجنين أيضا داخل في الية،
فيكون الغرض بيان الفرد الخفى أو يكون تحديدا لول تسميتها بالبهيمة
وحلها ،فل ينافي التعميم ،قال الطبرسي رحمه ال :اختلف في تأويله على
أقوال :أحدها :أن المراد به النعام ،وإنما ذكر البهيمة للتأكيد فمعناه احلت
لكم النعام :البل والبقر والغنم .وثانيها :أن المراد بذلك أجنة النعام التي
توجد في بطون امهاتها إذا أشعرت وقد ذكيت المهات وهي ميتة فذكاتها
ذكاة امهاتها ،وهو المروي عن أبي جعفر
][99
وأبي عبد ال عليهما السلم .وثالثها :أن بهيمة النعام وحشيها كالظبي ) (1والبقر
الوحشي وحمر الوحش والولى حمل الية على الجميع انتهى ) (2والية
تدل على حل أكل لحوم البهائم بل سائر أجزائها بل جميع النتفاعات منها
إل أخرجه الدليل " ،وجلعوا " أي مشركو العرب " ل مما ذرأ " أي خلق
" من الحرث " أي الزرع " والنعام نصيبا فقالوا هذا ل بزعمهم " من
غير أن يؤمروا به " وهذا لشركائنا " يعني الوثان " فما كان لشركائهم
فل يصل إلى ال وما كان ل فهو يصل إلى شركائهم " وروي أنهم كانوا
يعينون شيأ من حرث ونتاج ل ويصرفونه في الضيفان والمساكين ،وشيئا
منهما للهتهم وينفقون على سدنتها ) (3ويذبحون عندها ،ثم إن رأوا ما
عينوا ل أزكى بدلوه بما للهتهم ،وإن رأوا ما للهتهم أزكى تركوه لها
حبا لها ،واعتلوا لذلك بأن ال أغنى ،وروي في المجمع عن أئمتنا عليهم
السلم أنه كان إذا اختلط ما جعل للصنام بما جعل ل رد وه ،وإذا اختلط ما
جعل ل جعلوه للصنام تركوه وقالوا :ال أغنى ،وإذا انخرق الماء ) (4من
الذي ل في الذي للصنام لم يسدوه ،وإذا انخرق ) (5من الذي للصنام في
الذي ل سدوه وقالوا :ال غنى ) " (6ساء ما يحكمون " أي ساء الحكم
حكمهم هذا ) " (7وقالوا هذا أنعام وحرث حجر " أي حرام " ل يطعمها
إل من نشاء " ) (8يعنون خدمة الوثان والرجال دون النساء " بزعمهم
أي بغير حجة " وأنعام حرمت ظهورها " ) (9يعني البحائر والسوائب
والحوامي " وأنعام ل يذكرون
) (1في المصدر :كالظباء وبقر الوحش (2) .مجمع البيان (3) .152 :3أي خدمها
وبوابها 4) .و (5في المصدر :وإذا تخرق الماء (6) .في المصدر :ال
اغنى (7) .مجمع البيان (8) .370 :4أي ال من نشاء أن نأذن له أكلها.
) (9يعنى النعام التى حرموا الركوب والحمل عليها* .
][100
اسم ال عليها " في الذبح بل يسمون آلهتهم ،وقيل :ل يحجون على ظهورها "
اقتراء عليه " نصب على المصدر " سيجزيهم بما كانوا يفترون * وقالوا
ما في بطون هذه النعام " يعنون أجنة البحائر والسوائب " خالصة
لذكورنا ومحرم على أزواجنا " أي إن ولد حيا " وإن يكن ميتة فهم فيه
شركاء " أي الذكور والناث فيه سواء " سيجزيهم وصفهم " أي جزاء
وصفهم الكذب على ال في التحليل والتحريم " إنه حكيم عليم * قد خسر
الذين قتلوا أولدهم " أي بناتهم " سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم ال
" من البحائر ونحوها " افتراء على ال قد ضلوا وما كانوا مهتدين " إلى
الحق والصواب " ومن النعام " أي وأنشأ من النعام " .حمولة وفرشا "
قيل فيه وجوه :الول :أن الحمولة :كبار البل أو العم والفرش :صغارها
الدانية من الرض مثل الفرش المفروش عليها .الثاني :أن الحمولة :ما
يحمل عليه من البل والبقر ،والفرش :الغنم ،الثالث :أن الحمولة :كل ما
حمل من البل والبقر والخيل والبغال والحمير والفرش :الغنم ،روي ذلك
عن ابن عباس فكأنه ذهب إلى أنه يدخل في النعام الحافر على وجه التبع.
والرابع :أن معناه ما ينتفعون به في الحمل وما يفترشونه في الذبح،
فمعنى الفتراش الضطجاع للذبح .والخامس :أن الفرش :ما يفرش من
أصوافها وأوبارها ،أي من النعام ما يحمل عليه ومنها ما يتخذ من
أوبارها وأصوافها ما يفرش ويبسط ،وقيل :أي ما يفرش المنسوج من
شعره وصوفه ووبره ،ويدل على جواز حمل ما يقبل الحمل منها وذبح ما
يستحق الذبح منها أو افتراش أصوافها وأوبارها وأشعارها ) " .(1كلوا
مما رزقكم ال " قال الطبرسي رحمه ال :أي استحلوا الكل مما أعطاكم
ال ول تحرموا شيئا منها كما فعله أهل الجاهلية في الحرث والنعام،
وعلى هذا يكون المر على ظاهره ،ويمكن أن يكون المراد نفس الكل
فيكون بمعنى
][101
الباحة ) " .(1ول تتبعوا خطوات الشيطان " قال البيضاوي :أي في التحليل
والتحريم من عند أنفسكم " ،إنه لكم عدو مبين " ظاهر العداوة " ثمانية
أزواج " بدل من حمولة وفرشا ،أو مفعول " كلوا " ول تتبعوا معترض
بينهما :أو فعل دل عليه ،أو حال من " ماء " بمعنى مختلفة أو متعددة،
والزوج :ما معه آخر من جنسه يزاوجه وقد يقال :لمجموعهما ،والمراد
الول ) " .(2من الضأن اثنين ومن المعز اثنين " قال الطبرسي قدس
سره :معناه ثمانية أفراد ،لن كل واحد من ذلك يسمى زوجا ،فالذكر :زوج
النثى والنثى زوج الذكر وقيل :معناه ثمانية أصناف " من الضأن اثنين
" يعني الذكر والنثى " ومن المعز اثنين " الذكر والنثى ،والضأن :ذوات
الصوف من الغنم ،والمعز ذوات الشعر منه ،وواحد الضأن ضائن ،والنثى
ضائنة ،وواحد المعز ماعز ،وقيل :المراد بالثنين الهلي والوحشي من
الضأن والمعز والبقر ،والمراد بالثنين من البل العراب والبخاتي ،وهو
المروي عن أبي عبد ال عليه السلم " ،قل " يا محمد صلى ال عليه
واله وسلم لهؤلء المشركين الذين يحرمون ما أحل ال تعالى " :آلذكرين
" من الضأن والمعز " حرم " ال " أم النثيين " منهما " أما اشتملت
عليه أرحام النثين " أي أم حرم ما اشتمل عليه رحم النثى من الضأن
والنثى من المعز ،وإنما ذكر ال هذا على وجه الحتجاج عليهم بين به
فريتهم وكذبهم على ال تعالى فيما ادعوا من أن ما في بطون النعام حلل
للذكور وحرام على الناث وغير ذلك مما حرموه فانهم لو قالوا :حرم
الذكرين لزمهم أن يكون كل ذكر حراما ،ولو قالوا :حرم النثيين لزمهم أن
يكون كل انثى حراما ولو قالوا :حرام ما اشتملت عليه رحم النثى من
الضأن والمعز لزمهم تحريم الذكور والناث ،فان أرحام الناث تشتمل على
الذكور والناث فيلزمهم بزعمهم تحريم هذا الجنس صغارا وكبارا ذكورا
واناثا ولم يكونوا يفعلون ذلك بل كانوا يخصون
) (1مجمع البيان (2) .377 :4انوار التنزيل * .406 :1
][102
بالتحريم بعضا دون بعض فقد لزمتهم الحجة ،ثم قال " :نبئوني بعلم إن كنتم
صادقين " معناه أخبروني بعلم عما ذكرتموه من تحريم ما حرمتموه
وتحليل ما حللتموه إن كنتم صادقين في ذلك " ،ومن البل اثنين ومن البقر
اثنين قل " يا محمد " :آلذكرين حرم ال منهما " أم الثنيين أما اشتملت
عليه أرحام النثيين أم كنتم شهداء " أي حضورا " إذ وصاكم ال بهذا "
أي أمركم به وحرمه عليكم حتى تضيفوه إليه ،وإنما ذكر ذلك لن طرق
العلم إما الدليل الذي يشترك العقلء في إدراك الحق به ،أو المشاهدة التي
يختص بها بعضهم دون بعض ،فإذا لم يكن أحد من المرين سقط المذهب،
" فمن أظلم " لنفسه " ممن افترى على ال كذبا " أي أضاف إليه تحريم
ما لم يحرمه وتحليل ما لم يحلله " ،ليضل الناس بغير علم " أي يعمل
عمل القاصد إلى إضللهم من أجل دعائه إياهم إلى مال يثق بصحته مما ل
يأمن أن يكون فيه هلكهم وإن لم يقصد إضللهم " ،إن ال ل يهدي القوم
الظالمين " إلى الثواب لنهم مستحقون العقاب الدائم بكفرهم وضللهم )
.(1أقول :وسيأتي تفسير سائر اليات في البواب التية " .والنعام خلقها
" قال الطبرسي قدس سره :معناه وخلق النعام من الماء كما خلقكم منه
لقوله " :وال خلق كل دابة من ماء " ) .(2وأكثر ما يتناول النعام البل
ويتناول البقر والغنم أيضا وفي اللغة هي ذوات الخفاف والظلف دون
ذوات الحوافر " ،لكم فيها دفء " أي لباس عن ابن عباس وغيره ،وقيل:
ما يستدفأ به مما يعمل من صوفها ووبرها وشعرها ،فيدخل فيه الكيسة
واللحف والملبوسات والمبسوطات ) (3وغيرها ،قال الزجاج :أخبر
سبحانه أن في النعام ما يدفئنا ،ولم يقل :ولكم فيها ما يكنكم من البرد ،لن
ما ستر من الحر ستر من البرد ،وقال
) (1مجمع البيان (2) .377 :4النور (3) .45 :في المصدر :والملبوسات وغيرها.
*
][103
في موضع آخر " :سرابيل تقيكم الحر " ) (1فعلم أنها تقي البرد أيضا فكذلك ههنا،
وقيل :إن معناه وخلق النعام لكم ،أي لمنافعكم ،ثم ابتدأ وأخبر فقال" :
فيها دفء ومنافع " أي ولكم فيها منافع اخر من الحمل والركوب وإثارة
الرض والدر ) (2والنسل " ،ومنها تأكلون " أي ومن لحومها تأكلون" ،
ولكم فيها جمال " أي حسن منظر وزينة " ،حين تريحون " أي حين
تردونها إلى مراحها وهو حيث تأوي إليه ليل " ،وحين تسرحون " أي
ترسلونها بالغداة إلى مراعيها وأحسن ما تكون إذا راحت عظاما ضروعها
ممتلية بطونها منتصبة أسنمتها ) (3وكذلك إذا سرحت إلى المراعي رافعة
رؤوسها فيقول الناس :هذا جمال فلن ومواشيه ،فيكون له فيها جمال" ،
وتحمل أثقالكم " أي أمتعتكم " إلى بلد لم تكونوا بالغيه إل بشق النفس "
أي وتحمل البل وبعض البقر أحمالكم الثقيلة إلى بلد بعيد ل يمكنكم أن
تبلغوه من دون الحمال ال بمشقة وكلفة تلحق أنفسكم ،فكيف تبلغونه مع
الحمال لول أن ال سخر هذه النعام لكم حتى حملت أثقالكم إلى أين شئتم،
وقيل :إن الشق معناه الشطر والنصف ،فيكون المراد إل بأن يذهب شطر
قوتكم ،أي نصف قوة النفس ،وقيل معناه تحمل أثقالكم إلى مكة لنها من
بلد الفلوات ،ابن عباس وعكرمة " إن ربكم لرؤف رحيم " أي ذو رأفة
ورحمة ،ولذلك أنعم عليكم بخلق هذه النعام ابتداء منه بهذا النعام )" .(4
والخيل " أي وخلق لكم الخيل " والبغال والحمير لتركبوها " في حوائجكم
وتصرفاتكم " وزينة " أي ولتتزينوا بها ،من ال سبحانه على خلقه ،بأن
خلق لهم من الحيوان ما يركبونه ويتجملون به ،وليس في هذا ما يدل على
تحريم أكل لحومها
) (1النحل (2) .81 :هكذا في النسخ وفى المصدر :والزرع (3) .جمع السنام:
حدبة في ظهر البعير (4) .مجمع البيان * .350 :6
][104
" ويخلق مال تعلمون " ) (1من أصناف الحيوان والنبات والجماد لمنافعكم )" (2
وجعل لكم من جلود النعام " أي النطاع والدم " بيوتا تستخفونها " أي
خياما وقبابا يخف عليكم حملها في اسفاركم " يوم ظعنكم " أي ارتحالكم
من مكان إلى مكان " ويوم إقامتكم " أي اليوم الذي تنزلون موضعا
تقيمون فيه أي ل يثقل عليكم في الحالين ) " (3ومن أصوافها " وهي
للضأن " وأوبارها " وهي للبل " وأشعارها " وهي للمعز " أثاثا " أي
مال عن ابن عباس ،وقيل :أنواعا من متاع البيت من الفرش والكيسة،
وقيل :طنافس وبسطا وثيابا وكسوة ،والكل متقارب " ومتاعا " تتمتعون
به ومعاشا تتجرون فيه " إلى حين " أي إلى يوم القيامة أو إلى وقت
الموت ،ويحتمل أن يكون المراد به موت المالك أو موت النعام ،وقيل :إلى
وقت البلى والفناء ) (4وفيه إشارة إلى أنها فانية فل ينبغي للعاقل أن
يختارها على نعيم الخرة انتهى ) .(5قوله سبحانه " :على ما رزقهم من
بهيمة النعام " يدل على حل النعام الثلثة والتسمية عند ذبحها على
بعض الوجوه " إل ما يتلى عليكم " أي تحريمه من الميتة و والمنخنقة
والموقوذة وما لم يذكر اسم ال عليه وسائر ما سيأتي .وقال الطبرسي
رحمه ال :البدن جمع بدنة وهي البل المبدنة بالسمن ،قال الزجاج:
يقولون :بدنت البل أي سمنتها وقيل :أصل البدن الضخم وكل ضخم بدن
وقيل :البدن :الناقة والبقرة مما يجوز في الهدي والضاحي " من شعائر
ال " أي من أعلم دينه ،وقيل :من أعلم مناسك الحج " لكم فيها خير "
أي نفع في الدنيا والخرة ،وقيل :أراد
) (1فيه اشارة إلى سائر المراكب التى لم تكن موجودة في ذلك العصر ،فتشمل
السيارات الموجودة في عصرنا وما سيأتي بعد (2) .في المصدر :في
الحالتين (3) .مجمع البيان (4) .352 :6ويحتمل أن يكون المراد إلى
حين يصلح للتمتع وهو بصلحية الطرفين فإذا انعدم احدهما أو فسد
يخرج عن الصلحية (5) .مجمع البيان * .377 :6
][105
بالخير ثواب الخرة " كذلك سخرناها لكم " أي ذللناها لكم ل تمتنع عما تريدون
منها من النحر والذبح بخلف السباع الممتنعة ولتنتفعوا بركوبها وحملها
ونتاجها نعمة منا عليكم " لعلكم تشكرون " ذلك ) " (1وإن لكم في النعام
لعبرة " أي دللة تستدلون بها على قدرة ال تعالى " نسقيكم مما في
بطونها " أراد به اللبن " ولكم فيها منافع كثيرة " في ظهورها وألبانها
وأولدها ) (2وأصوافها وأشعارها " ومنها تأكلون " أي من لحومها و
أولدها والتكسب بها " وعليها " يعني على البل خاصة " وعلى الفلك
تحملون " وهذا كقوله " :وحملناهم في البر والبحر " ) (3أما في البر
فالبل ،وأما في البحر فالسفن " .(4) .ومن الناس والدواب " التي تدب
على وجه الرض " والنعام " كالبل والغنم والبقر " مختلف ألوانه كذلك
" أي كاختلف الثمرات والجبال ) " (5وخلقنالهم من مثله ما يركبون "
أي وخلقنا لهم من مثل سفينة نوح سفنا يركبون فيها ،وقيل ،إن المراد به
البل وهي سفن البر عن مجاهد وقيل :مثل السفينة من الدواب كالبل
والبقر والحمير عن الجبائي " أولم يروا " أي أولم يعلموا " أنا خلقنا لهم
" أي لمنافعهم " مما عملت أيدينا " أي مما ولينا خلقه بابداعنا وإنشائنا،
لم نشارك في خلقه ولم نخلقه باعانة معين ،واليد في اللغة على أقسام:
منها الجارحة ،ومنها النعمة ،ومنها ،القوة ،ومنها تحقيق الضافة ،يقال
في معنى النعمة :لفلن عندي يد بيضاء ،وبمعنى القدرة (6) :تلقى فلن
قولي باليدين أي بالقوة والتقبل .ويقولون " :هذا ما جنت يداك " وهو
المعني في الية وإذا قال الواحد منا :عملت هذا بيدي ،دل ذلك على انفراده
بعمله من غير أن يكله إلى
) (1مجمع البيان 85 :7و (2) .86في المصدر :وأوبارها (3) .السراء(4) .70 :
مجمع البيان (5) .103 :7مجمع البيان 407 :8فيه :والبقر خلق
مختلف ألوانه كذلك (6) .في المصدر :بمعنى القوة* .
][106
أحد " أنعاما " يعني البل والبقر والغنم " فهم لها مالكون " ولو لم نخلقها )(1
لما ملكوها ولما انتفعوا بها وبألبانها وركوبها ولحومها ،وقيل :فهم لها
ضابطون قاهرون لم نخلقها وحشية نافرة منهم ل يقدرون على ضبطها
فهي مسخرة لهم وهو قوله " :وذللناها لهم " أي سخرناها لهم حتى
صارت منقادة " فمنها ركوبهم ومنها يأكلون " قسم النعام بأن جعل منها
ما يركب ،ومنها ما يذبح فينتفع بلحمه ويؤكل ،قال مقاتل :الركوب
الحمولة يعني البل والبقر " ولهم فيها منافع ومشارب " فمن منافعها
لبس أصوافها وأشعارها وأوبارها وأكل لحومها وركوب ظهرها ) (2إلى
غير ذلك من أنواع المنافع الكثيرة فيها والمشارب من ألبانها " أفل
يشكرون " ال على هذه النعم ) " .(3وأنزل لكم من النعام ثمانية أزواج
" فيه وجوه :أحدها :أن معنى النزال هنا الحداث والنشاء كقوله " :قد
أنزلنا عليكم لباسا " ) (4ولم ينزل اللباس ولكن أنزل الماء الذي هو سبب
القطن والصوف ،واللباس يكون منهما ،فكذلك النعام تكون بالنبات
والنبات بالماء .والثاني :أنه أنزلها بعد أن خلقها في الجنة ،عن الجبائي،
قال :وفي الخبر الشاة من دواب الجنة ،والبل من دواب الجنة والثالث :أن
المعنى جعلها نزل و رزقا لكم ،ويعني بالزواج الثمانية من النعام :البل
والبقر والغنم :الضأن والمعز من كل صنف اثنان هما زوجان ) .(5أقول:
وقال البيضاوي " :وأنزل لكم " أي وقضى أو قسم لكم فان قضاياه
توصف بالنزول من السماء حيث كتب في اللوح ،أو أحدث بأسباب نازلة
منها كأشعة
) (1في المصدر :أي ولو لم نخلقها (2) .في المصدر :وركوب ظهورها (3) .مجمع
البيان (4) .433 :8العراف (5) .26 :مجمع البيان * .490 :8
][107
الكواكب والمطار ) " (1ال الذي جعل لكم النعام " قال في المجمع :من البل و
البقر والغنم " لتركبوا منها " أي لتنتفعوا بركوبها " ومنها تأكلون "
يعني أن بعضها للركوب والكل كالبل والبقر ،وبعضها للكل كالغنام،
وقيل :المراد بالنعام ههنا البل خاصة ،لنها التي تركب وتحمل عليها في
أكثر العادات ،واللم في قوله " :لتركبوا " لم الغرض ،وإذا كان ال
تعالى خلق هذه النعام وأراد أن ينتفع خلقه بها وكان جل جلله ل يريد
القبيح ول المباح فل بد أن يكون أراد انتفاعهم بها على وجه القربة إليه
والطاعة له " .ولكم فيها منافع " من جهة ألبانها وأصوافها وأوبارها
وأشعارها " ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم " بأن تركبوها وتبلغوا
المواضع التي تقصدونها بحوائجكم " وعليها " أي وعلى النعام وهي
البل هنا " وعلى الفلك " أي وعلى السفن " تحملون " يعني على البل
في البر ،وعلى الفلك في البحر تحملون في السفار " (2) .جعل لكم من
أنفسكم " قال البيضاوي :من جنسكم " أزواجا " نساء " ومن النعام
أزواجا " أي وخلق للنعام من جنسها أزواجا ،أو خلق لكم من النعام
اصنافا أو ذكورا وإناثا " يذرؤكم " يكثركم ،من الذرء وهو البث " فيه "
في هذا التدبير وهو جعل الناس والنعام أزواجا تكون بينهم توالد فانه
كالمنبع للبث والتكثير " (3) .أفل ينظرون إلى البل كيف خلقت " قال
الطبرسي قدس سره :كانت البل عيشا من عيشهم فيقول :أفل يتفكرون
فيها وما يخرج ال من ضروعها من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا
للشاربين ،يقول :كما صنعت هذا لهم فكذلك أصنع لهل الجنة في الجنة،
وقيل :معناه أفل يعتبرون بنظرهم إلى البل وما ركبه ال عليه من عجيب
الخلق فانه مع عظمته وقوته يذل الصغير فينقادله بتسخير ال إياه لعباده
فيبركه و يحمل عليه ثم يقول ،وليس ذلك في غيره من ذوات الربع فل
يحمل على شئ منها
) (1انوار التنزيل (2) .353 :2مجمع البيان (3) .534 :8انوار التنزيل .394 :2
*
][108
إل وهو قائم ،فأراهم ال سبحانه هذه الية فيه ليستدلوا على توحيده بذلك ،وسئل
الحسن عن هذه الية وقيل له :الفيل أعظم من البل في العجوبة ،فقال:
أما الفيل فالعرب بعيد العهد بها ثم هو خنزير ل يركب ظهرها ول يؤكل
لحمها ول يحلب درها والبل من أعز مال العرب وأنفسه تأكل النوى
والقت وتخرج اللبن ويأخذ الصبي بزمامها فيذهب بها حيث شاء مع
عظمها في نفسها ،ويحكى أن فأرة أخذت تجرها وهي تتبعها حتى دخلت
الحجر فجرت الزمام وبركت الناقة فجرت فقربت فمها من جحر الفأر
انتهى (1) .وقال الرازي :للبل خواص :منها أنه تعالى جعل الحيوان الذي
يقتضى ) (2أصنافا شتى ،فتارة يقتنى ليؤكل لحمه ،وتارة ليشرب لبنه،
وتارة ليحمل النسان في السفار ،وتارة لينقل أمتعه النسان من بلد إلى
بلد ،وتارة ليكون به زينة وجمال وهذه المنافع بأسرها حاصلة في البل،
وإن شيئا من سائر الحيوانات ل تجتمع فيه هذه الخصال (3) .وثانيها :أنه
في كل واحد من هذه الخصال أفضل من الحيوان الذي ل توجد فيه إل هذه
الخصلة لنها إن جعلت حلوبة سقت فأروت الكثير وإن جعلت اكولة
أطعمت وأشبعت الكثير ،وإن جعلت ركوبة أمكن أن يقطع بها من المسافة
المديدة ) (4ما ل يمكن قطعه بحيوان آخر ،وذلك لما ركب فيها من القوة
على مداومته على السير ) ،(5والصبر على العطش ،والجتزاء من
العلوفات ما ل يجتزي ) (6به حيوان آخر وإن جعلت حمولة ) (7استقلت
بحمل العمال الثقيلة التي ل يستقل بها سواها ،ومنها:
) (1مجمع البيان (2) .480 :10في نسخة :يقتنى به (3) .اختصره المصنف(4) .
في المصدر :من المسافات المديدة (5) .في المصدر :من قوة احتمال
المداومة على السير (6) .في المصدر بما ل يجتزئ حيوان آخر (7) .في
المصدر :وان جعلت حملة* .
][109
أن هذا الحيوان كان أعظم الحيوانات وقعا في قلوب العرب ولذلك جعلو ادية )(1
قتل النسان إبل وكان ملوكهم إذا أرادوا ) (2المبالغة في إعطاء الشاعر
الذي جاء من المكان البعيد أعطوه مأة ) (3بعير لن امتلء العين منه أشد
من امتلء العين من غيره ،ولهذا قال " :ولكم فيها جمال " ) (4الية،
ومنها :أني كنت مع جماعة في مفازة فضللنا الطريق فقدموا جمل وتبعوه
فكان ذلك البل ) (5ينعطف من تل إلى تل ومن جانب إلى جانب ،والجميع
كانوا يتبعونه حتى وصل إلى الطريق بعد زمان طويل ،وهذا من قوة )(6
تخيل ذلك الحيوان بالمرة الواحدة ) (7كيف انحفظت في خياله صورة تلك
المعاطف ،حتى أن الذى عجز جمع من العقلء إلى الهتداء إليه فان ذلك
الحيوان اهتدى إليه .ومنها :أنها مع كونها في غاية القوة على العمل
مباينة لغيرها في النقياد والطاعة لضعف الحيوانات كالصبي ،ومباينة
لغيرها أيضا في أنها يحمل عليها وهي باركة ثم تقوم ،فهذه الصفات
الكثيرة الموجودة فيها توجب على العاقل أن ينظر في خلقتها وتركيبها
ويستدل بذلك على وجود الصانع الحكيم سبحانه ،ثم إن العرب من أعرف
الناس بأحوال البل في صحتها وسقمها ومنافعها ومضارها ،فلهذه
السباب حسن من الحكيم تعالى أن يأمر بالتأمل في خلقتها ) .(8اقول:
وقال الدميري في حياة الحيوان :البل الجمال وهي اسم واحد يقع على
) (1في المصدر :ولذلك فانهم جعلوا (2) .في المصدر :وكان الواحد من ملوكهم إذا
أراد (3) .في المصدر )جاءه( وفيه :اعطاء مائة بعير (4) .النحل) .6 :
(5في المصدر :ذلك الجمل (6) .في المصدر فتعجبنا من قوة (7) .في
المصدر انه بالمرة الواحدة (8) .تفسير الرازي 156 :31و * .157
][110
الجمع ليس بجمع ول اسم جمع ،إنما هو دال على الجنس ،وروى ابن ماجة أن
النبي صلى ال عليه واله وسلم قال " :البل عز لهلها ،والغنم بركة،
والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة " والبل من الحيوان
العجيب ) (1وإن كان عجبها سقط من أعين الناس لكثرة رؤيتهم لها ،وهو
أنه حيوان عظيم الجسم شديد النقياد ينهض بالحمل الثقيل ويبرك به
وتأخذ زمامه فأرة تذهب به حيث شاءت وتحمل على ظهره بيتا يقعد فيه
النسان ) (2مع مأكوله ومشروبه وملبوسه وظروفه ووسائده كما في
بيته وتتخذ للبيت سقفا ) (3وهو يمشي بكل هذه ،ولهذا قال تعالى " :أفل
ينظرون إلى البل كيف خلقت " وعن بعض الحكماء أنه حدث عن البعير
وعظم خلقه ) (4وكان قد نشأ بأرض ل إبل بها ففكر (5) ،ثم قال :يوشك
أن تكون طوال العناق ،وحين أراد ال ) (3بها أن تكون سفائن البر
صبرها على احتمال العطش حتى أن ظمأها يرتفع إلى العشر ،وجعلها
ترعى كل شئ نابت في البراري والمفاوز مال يرعاه سائر البهائم ،وفي
الحديث " :لتسبوا البل فان فيها رقوء الدم ومهر الكريمة " أي تعطى )
(7في الديات فتحقن بها الدماء فتقطع عن أن يهراق ) (8دم القاتل ،وقال
أصحاب الكلم :في طبائع الحيوان ليس لشئ من الفحول مثل ما للجمل
عند هيجانه إذ يسوء خلقه ويظهر زبده ورغاؤه فلو حمل ثلثة أضعاف
عادته حمل ،ويقل أكله ) ،(9وسئل رسول ال صلى ال عليه واله وسلم
عن الصلة
) (1في المصدر :والبل من الحيوانات العجيبة (2) .في المصدر :ويتخذ على
ظهره بيت يقعد النسان فيه (3) .في المصدر :كانه في بيته ويتخذ للبيت
سقف (4) .في المصدر :وعن بديع خلقها (5) .في المصدر :ففكر ساعة.
) (6في المصدر :وحيث أراد ال (7) .في المصدر :أي انها تعطى(8) .
في المصدر :وتمنع من أن يهراق (9) .زاد في المصدر :ويخرج
الشقشقة وهى الجلدة الحمراء التى يخرجها من جوفه وينفخ فيها فتظهر
من شدقه ل يعرف ماهى اه* .
][111
في مبارك البل ،فقال :ل تصلوا في مبارك البل فانها من الشياطين ) ،(1وسئل
عن الصلة في مرابض الغنم فقال :صلوا فيها ) (2فانها بركة ) .(3وفي
مسند أحمد والحاكم عن عبد ال بن جعفر أن النبي صلى ال عليه واله
وسلم دخل حائطا لبعض النصار فإذا فيه جمل ،فلما رأى النبي صلى ال
عليه واله وسلم ذرفت عيناه فمسح النبي صلى ال عليه واله وسلم سنامه
) (4فسكن ثم قال :من رب هذا الجمل ؟ فجاء فتى من النصار فقال :هولي
يا رسول ال ،فقال أل تتقي ال في هذه البهيمة التي ملكك ال إياها فانه
يشكو ) (5إلي أنك تجيعه وتذيبه .وروي الطبراني عن جابر قال :خرجنا
مع رسول ال صلى ال عليه واله في غزوة وسلم ذات الرقاع حتى إذا كنا
بحرة ) (6واقم أقبل جمل يرفل حتى دنا من رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم فجعل يرغو على هامته ،فقال صلى ال عليه واله وسلم :إن هذا
الجمل يستعديني على صاحبه يزعم أنه كان يحرث عليه منذ سنين حتى
أجربه ) (7وأعجفه وكبر سنه أراد نحره ،اذهب يا جابر
) (1في المصدر :فانها مأوى الشياطين (2) .في المصدر :فانها مباركة (3) .حياة
الحيوان (4) .11 - 9 :في المصدر :سنامه ،وفى رواية :فمسح ذفرييه
فسكن (5) .في المصدر :فانه شكا (6) .في معجم البلدان :حرة واقم
احدى حرتى المدينة وهى الشرقية سميت برجل من العماليق اسمه واقم
نزلها في الدهر الول ،وفي هذه الحرة كانت وقعة الحرة المشهورة في
ايام يزيد بن معاوية في سنة 63وأمير الجيش من قبل يزيد مسلم بن
عقبة المرى وسموه لقبيح صنيعه مسرفا ،قدم المدينة فنزل حرة واقم
وخرج إليه اهل المدينة يحاربونه فكسرهم وقتل من الموالى ثلثة آلف
وخسمائة رجل ،ومن النصار الفار واربعمائة وقيل :الفا وسبعمائة ،ومن
قريش الفا وثلثمائة ،ودخل جنده المدينة فنهبوا الموال وسبوا الذرية و
استباحوا الفروج ،وحملت منهم ثمانمائة حرة وولدن اه (7) .في
المصدر :حتى اعجزه* .
][112
إلى صاحبه فأت به ،قال :ما أعرفه ،قال :إنه سيدلك عليه ،قال ،فخرج بين يدي
معنقا حتى وقف بي مجلس بني حطمة ) (1فقلت :أين رب هذا الجمل،
قالوا :هذا لفلن بن فلن فجئته فقلت :أجب رسول ال ،فخرج معي حتى
إذا جاء رسول ال صلى ال عليه واله وسلم قال :إن جملك يزعم انك
حرثت عليه زمانا حتى إذا أجربته وأعجفته وكبر سنه أردت نحره )،(2
قال :والذي بعثك بالحق إن ذلك كذلك ) ،(3قال صلى ال عليه واله وسلم:
ما هكذا جزاء المملوك الصالح ،ثم قال :بعنيه ) (4قال :نعم فابتاعه منه،
ثم أرسله صلى ال عليه واله في الشجر حتى نصب سنامه .وكان إذا اعتل
على بعض المهاجرين والنصار من نواضحهم شئ أعطاه إياه فمكث كذلك
زمانا ) .(5وقال :البقر اسم جنس يقع على الذكر والنثى ،وإنما دخلته
الهاء للوحدة والجمع بقرات ،وهو حيوان شديد القوة كثير المنفعة خلقه
ال ذلل ) (6ولم يخلق له سلحا شديدا كما للسباع لنه في رعاية النسان،
فالنسان يدفع عنه عدوه فلو كان له سلح لصعب على النسان ضبطه،
والبقر الجم ) (7يعلم أن سلحه في رأسه فيستعمل محل القرن كما ترى
في العجاجيل قبل نبات قرونها تنطح برؤوسها تفعل ذلك طبعا ،وهي
أجناس منها الجواميس وهي أكثرها ألبانا وأعظمها أجسادا ) ،(8ومنها
العراب وهي جرد ملس اللوان ،ومنها نوع آخر يقال له :الدربانة )،(9
والبقر ينزو ذكورها
) (1في المصدر :بنى خطمة (2) .في المصدر :حتى إذا أعجزته وأعجفته وكبر
سنه أردت أن تنحره (3) .في المصدر :لكذلك (4) .في المصدر :تبيعه ؟
) (5حياة الحيوان (6) .145 :1في المصدر :ذلول (7) .أي الذى لقرن
له (8) .في المصدر :واعظمها اجساما (9) .في المصدر :وهى التى تنقل
عليها الحمال وربما كانت اسنمة* .
][113
على إناثها إذا تمت لها سنة من عمرها في الغالب وهي كثيرة المنى ،وكل الحيوان
إناثه أرق صوتا من الذكور ،إل البقر ،فان النثى أفخم وأجهر ،وليس
لجنس البقر ثنايا عليا فهي تقطع الحشيش بالسفلى .وذكر صاحب الترغيب
والترهيب والبيهقي في الشعب عن ابن عباس :أن ملكا من الملوك خرج
يتصيد في مملكته مختفيا من الناس ) (1فنزل على رجل له بقرة ،فراحت
عليه تلك البقرة فحلبت مقدار ثلثين بقرة ،فحدث الملك نفسه أن يأخذها،
فلما كان من الغدغدت البقرة إلى مرعاها ثم راحت فحلبت نصف ذلك فدعا
الملك صاحبها ،فقال :أخبرني عن بقرتك هذه لم نقص حلبها ؟ ألم يكن
مرعاها اليوم مرعاها بالمس ؟ قال :بلى ولكن أرى الملك أضمر لبعض
الرعية سوء فنقص لبنها ،فان الملك إذا ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة،
قال :فعاهد الملك ربه أن ل يأخذها ول يظلم أحدا ،قال :فغدت ثم راحت )(2
فحلبت حلبها في اليوم الول فاعتبر الملك بذلك وعدل وقال :إن الملك إذا
ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة ل جرم لعدلن ولكونن على أفضل الحالت )
.(3وقال :الغنم الشاة ل واحد له من لفظه ،وروى عبد بن حميد بسنده إلى
عطية عن أبي سعيد الخدري ،قال :افتخر أهل البل وأهل الغنم عند رسول
ال صلى ال عليه واله وسلم فقال :السكينة والوقار في أهل الغنم ،والفخر
والخيلء في الفدادين أهل البل .وهو في الصحيحين بألفاظ مختلفة منها:
" السكينة ) (4في أهل الغنم ،والفخر والرياء في الفدادين أهل الخيل
والوبر وفي لفظ :الفخر والخيلء في أصحاب البل ،والسكينة والوقار في
أصحاب الشاة .أراد بالسكينة السكون ،وبالوقار التواضع ،وأراد بالفخر
التفاخر بكثرة
) (1في المصدر :خرج من بلده يسير في مملكته وهو مستخف من الناس (2) .في
المصدر :فغدت فرعت ثم راحت (3) .حياة الحيوان (4) .107 - 105 :1
في المصدر :السكينة والوقار* .
][114
المال والجاه وغير ذلك من مراتب أهل الدنيا ،وبالخيلء التكبر والتعاظم ،ومنه
قوله تعالى " :إن ال ل يحب كل مختال فخور " ) (1ومراده بالوبر أهل
البل لنه لها كالصوف للغنم ) (2والشعر للمعز ،ولذلك قال تعالى " :ومن
أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين " ) (3وهذا منه صلى
ال عليه واله وسلم إخبار عن أكثر حال أهل الغنم وأهل البل وأغلبه،
وقيل :أراد به أي بأهل الغنم أهل اليمن لن أكثرهم أهل الغنم بخلف ربيعة
ومضر فانهم أصحاب إبل .والغنم على ضربين :ضائنة وماعزة ،قال
الجاحظ :واتفقوا على أن الضأن أفضل من الماعز (4) ،واستدلوا عليه
بأوجه منها :أن ال تعالى بدأ بذكر الضأن في القرآن فقال " :من الضأن
اثنين ومن المعز اثنين " ) (5ومنها قوله " :إن هذا أخي له تسع
وتسعون نعجة " ) (6ومنها " :فديناه بذبح عظيم " ) (7ومما يذكر من
فضلها أنها تلد في السنة مرة وتفرد غالبا ،والمعز تلد مرتين وقد تثنى
وتثلث ،والبركه في الضأن أكثر ،ومن ذلك أن الضأن إذا رعت شيئا من
الكلء فانه ينبت ،وإذا رعت الماعز شيئا ل ينبت لن المعز تقلعه من
اصولها والضأن ترعى ما على وجه الرض ،وأيضا فان صوف الضأن
أفضل من شعر المعز وأعز قيمة وليس الصوف إل للضأن ،ومنها أنهم
كانوا إذا مدحوا
) (1لقمان (2) .18 :في المصدر :كالصوف للضأن (3) .النحل (4) .80 :في
المصدر :من المعز (5) .النعام (6) .143 :في المصدر :وتسعون نعجة
ولى نعجة واحدة .ولم يقل :تسع وتسعون عنزا ولى عنز واحدة .أقول:
الية في ص (7) .23 :زاد في المصدر :واجمعوا كما قال الحافظ انه
كبش .أقول :الية في الصافات* .107 :
][115
شخصا قالوا :إنما هو كبش وإذا ذموه قالو :ما هو إل تيس (1) ،ومما أهان ال به
التيس أن جعله مهتوك الستر مكشوف القبل والدبر بخلف الكبش ،ولذا
شبه رسول ال صلى ال عليه واله وسلم المحلل بالتيس المستعار.
ومنها :أن رؤوس الضأن أطيب وأفضل من رؤوس الماعز ،وكذلك لحمها
فان أكل لحم الماعز ،يحرك المرة السوداء ويولد البلغم ويورث النسيان
ويفسد الدم ،ولحم الضأن عكس ذلك قال أبو زيد :يقال لما تضعه الغنم
والمعز حالة وضعه سخلة ،ذكرا كان أو انثى ،وجمعها سخل بفتح السين
وسخال بكسرها ،ثم ل يزال اسمه ذلك مادام يرضع اللبن ،ثم يقال للذكر
والنثى :بهمة بفتح الباء والجمع بهم بضمها ،ويقال الولد المعز حين يولد
سليل وسليط فإذا بلغ أربعة أشهر وفصل عن امه وأكل من البقل فان كان
من أولد المعز فهو جفر ،والنثى جفرة ،والجمع جفار فإذا قوي وأتى
عليه حول فهو عريض ،وجمعه عرضان بكسر العين ،والعتود نوع منه،
وجمعه أعتدة وعتدان ،وهو في ذلك جدي ) (2والنثى عناق إذا كان من
أولد المعز ويقال له إذا تبع امه :تلو ،لنه يتلو امه ،ويقال للجدي :امر،
بضم الهمزة وتشديد الميم والراء المهملة في آخره ،ويقال له :هلع وهلعة
بضم الهاء وتشديد اللم ،والبكرة :العناق أيضا ،والعطعط :الجدي ،فإذا
أتى عليه حول فالذكر تيس ،والنثى عنز ،ثم يكون جذعا في السنة الثانية،
والنثى جذعة ،فإذا طعن في السنة الثالثة ،فهو ثني ،والنثى ثنية فإذا
طعن في السنة الرابعة كان رباعيا والنثى رباعية (3) ،ثم تكون سدسا
والنثى سدسة ) ،(4ثم يكون ضالعا والنثى كذلك ،ويقال :ضلع يضلع
ضلوعا والجمع الضلع
) (1في المصدر :انما هو تيس واذ أرادوا المبالغة في الذم قالوا :انما هو تيس في
سفينة (2) .في المصدر :وهو في كل ذلك جدى (3) .زاد في المصدر بعد
ذلك :ثم يكون خماسيا والنثى خماسية (4) ،في المصدر :ثم يكون
سداسيا والنثى سداسية* .
][116
بتشديد اللم ) ،(1وقال :الجلن والجلم ) :(2من أولد المعز خاصة ،وفي الحديث:
في الرنب يصيبها المحرم جلن ) .(3قال الجاحظ :وقد قالوا في أولد
الضأن كما قالوا في أولد المعز إل في مواضع ،قال الكسائي :هي خروف
) (4في العريض من أولد المعز ،والنثى خروفة ،ويقال له :حمل ،والنثى
رخل بفتخ الراء المهملة وكسر الخاء المعجمة ،والجمع رخال بضم الراء،
وهو مما جمع على غير قياس كما قالوا في المرضع :ظئر وظؤار ،وللشاة
القريبة العهد بالنتاج ربي ورباب ،والبهمة للذكر والنثى من أولد الضأن
والمعز جميعا ،ول يزال كذلك حتى يأكل ويجتر ،ثم هو قرقر بقافين
مكسورتين ،والجمع قرقار وقرقور ،وهذا كله حين يأكل ويجتر ،والجلم
بكسر الجيم :الجدي أيضا ،والبذج بفتح الباء والذال المعجمة وبالجيم في
آخره :من أولد الضأن خاصة ،والجمع بذجان .وروى ابن ماجة باسناد
صحيح عن ام هاني قالت :إن النبي صلى ال عليه واله قال لها :اتخذي
غنما فان فيها البركة .وشكت إليه امرأة أن غنمها ل تزكو ،فقال صلى ال
عليه واله :ما ألوانها ؟ قالت :سود ،فقال :عفري أي استبدلي أغناما بيضا
فان البركة فيها .وفي الحديث :صلوا في مرابض الغنم وامسحوا رغامها.
والرغام :ما يسيل من النف .وروى أبو داود أن النبي صلى ال عليه واله
كانت له مائة شاة ل يريد أن تزيد .وكان صلى ال عليه واله وسلم كلما
ولدت سخلة ذبح مكانها شاة.
) (1في المصدر :ثم يكون صالغا والنثى كذلك ،ويقال :صلغ يصلغ صلوغا والجمع
الصلغ بتشديد الصاد واللم (2) .في المصدر " :الحلن والجلم " أقول:
ولعل الصحيح فيهما بالحاء المهملة (3) .في المصدر :الحلن (4) .في
المصدر :هو خروف* .
][117
وروى مالك وأبو داود والبخاري والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول ال صلى ال عليه واله يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما
يتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن .شعف الجبال
بفتح الشين المعجمة والعين المهملة :رؤوسها ،وشعف كل شئ :أعله،
قال أبو الزناد :خص عليه السلم الغنم من بين سائر الشياء حضا على
التواضع وتنبيها على إيثار الخمول وترك الستعلء والظهور ،وقد رعاها
النبياء والصالحون ،وقال صلى ال عليه واله :ما بعث ال نبيا إل راعي
غنم ) .(1وأخبر صلى ال عليه واله أن السكينة في أهل الغنم .وفي
الحديث أنه صلى ال عليه واله قال :ما من نبي إل وقد رعى الغنم ،قيل:
وأنت يا رسول ال ؟ قال :وأنا ) .(2قيل :والحكمة أن ال عزوجل جعل
الرعي في النبياء تقدمة لهم ليكونوا رعاة الخلق وتكون ) (3اممهم رعايا
لهم وروى الحاكم في مستدركه عن ابن عمر قال :قال رسول ال صلى ال
عليه واله :رأيت غنما سودا دخلت فيها غنم كثير بيض ،فقالوا :فما أولته
يا رسول ال ؟ قال :العجم ) (4يشركونكم في دينكم وأنسابكم ،قالوا :العجم
يا رسول ال ؟ قال صلى ال عليه واله :لو كان اليمان معلقا بالثريا لناله
رجال من العجم .وفي عجائب المخلوقات عن موسى بن عمران عليه
السلم أنه اجتاز بعين ماء في سفح جبل فتوضأ منها ثم ارتقى الجبل
ليصلي إذ أقبل فارس فشرب من ماء العين و ترك عنده كيسا فيه دراهم
وذهب مارا فجاء بعده راعي غنم فرأى الكيس فأخذه ومضى ،ثم جاء بعده
شيخ عليه أثر البؤس وعلى رأسه حزمة حطب فوضعها هناك ثم
) (1في المصدر :الرعى غنما (2) .زاد في المصدر :وكنت أرعاها لهل مكة
بالقراريط .قال سويد :يعنى كل شاة بقيراط (3) .في المصدر :ولتكون) .
(4العجم :الفرس .خلف العرب* .
][118
استلقى ليستريح فما كان إل قليل حتى عاد الفارس فطلب كيسه ) (1فلم يجده فأقبل
على الشيخ يطالبه فأنكر فلم يزال كذلك حتى ضربه ولم يزل يضربه حتى
قتله ،فقال موسى :يا رب كيف العدل في هذه المور ؟ فأوحى ال إليه أن
الشيخ كان قتل أبا الفارس وكان على أب الفارس دين لب الراعي مقدار
ما في الكيس فجرى بينهما القصاص و قضي الدين وأنا حكم عدل )1 .(2
-الخصال :عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد
الشعري عن سهل بن زياد عن الحسين بن يزيد عن سفيان الحريري عن
عبد المؤمن النصاري عن أبي جعفر عليه السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه واله :البركة عشرة أجزاء تسعة أعشارها في التجارة،
والعشر الباقي في الجلود .قال الصدوق رضي ال عنه :يعني بالجلود
الغنم ،وتصديق ذلك ما روي عن النبي صلى ال عليه واله وسلم أنه قال:
" تسعة أعشار الرزق في التجارة ،والجزء الباقي في السابياء " يعني
الغنم ،حدثنا بذلك أحمد بن الحسن القطان عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن
بكر بن عبد ال بن حبيب عن تميم بن بهلول عن سعيد بن عبد الرحمن
المخزومي عن الحسين بن زيد عن أبيه زيد بن علي عن أبيه علي بن
الحسين عن أبيه الحسين ابن علي ،عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم
السلم عن النبي صلى ال عليه واله وسلم أنه قال :تسعة أعشار الرزق
في التجارة ،والجزء الباقي في السابياء يعني الغنم ) .(3بيان :قال في
النهاية بعد إيراد الرواية في السابياء :يريد به النتاج في المواشي
وكثرتها ،يقال :إن لل فلن سابياء أي مواشي كثيرة ،والجمع السوابي
وهي في الصل الجلدة التي يخرج فيها الولد ،وقيل :هي المشيمة انتهى )
.(4أقول :الجلود في الخبر الول لعله اريد به ذوات الجلود من الحيوانات،
وفي
) (1في المصدر :يطلب كيسه (2) .حياة الحيوان (3) .134 - 130 :2الخصال :2
445و 446طبعة الغفاري (4) .النهاية * .157 :2
][119
القاموس :الجلد محركة :الشاة يموت ولدها حين تضع ،كالجلدة محركة فيهما
والكبار من البل ل صغار فيها ،ومن الغنم والبل ما ل أولد لها ول ألبان،
وككتاب من البل :الغزيرات اللبن كالمجاليد ،أو ما ل لبن لها ول نتاج،
والجلد :الذكر " وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا " ) (1أي لفروجهم ).(2
- 2الفقيه :قال :قال أمير الؤمنين عليه السلم :اتقوا ال فيما خولكم ،وفي
العجم من أموالكم ،فقيل له :وما العجم ؟ قال :الشاة والبقر والحمام )3 .(3
-تفسير علي بن ابراهيم :قال أبو الجارود في قوله " :والنعام خلقها لكم
فيها دفء ومنافع " ) (4والدفء حواشي البل ،ويقال :بل هي الدفاء من
البيوت والثياب ،وقال علي بن ابراهيم في قوله " :دفء " أي ما
يستدفؤن به مما يتخذ من صوفها ووبرها ،قوله " :ولكم فيها جمال حين
تريحون وحين تسرحون " قال :حين يرجع من المرعى ،وحين تسرحون:
حين يخرج إلى المرعى ،قوله " :وتحمل أثقالكم إلى بلدكم تكونوا بالغيه
إل بشق النفس " قال :إلى مكة والمدينة وجميع البلدان ،ثم قال" :
والخيل والبغال والحمير لتركبوها " ولم يقل عز وعل :لتركبوها وتاكلوها
) (5كما قال في النعام " ويخلق ما ل تعلمون " قال :العجائب التي خلقها
ال في البر والبحر ) .(6بيان :قوله :حواشي البل أي صغار أولدها،
وهذا تفسير آخر غير التفاسير المشهورة لكنه موافق للغة ،قال
الفيروزآبادي :الحشو صغار البل كالحاشية ) (7وقال:
) (1فصلت (2) .21 :القاموس :جلد (3) .من ل يحضره الفقيه 220 :3وزاد فيه:
واشباه ذلك (4) .النحل (5) .5 :في المصدر :ولتأكلوها (6) .تفسير
القمى 357 :واليات في أوائل سورة النحل (7) .القاموس :حشو* .
][120
الدفء بالكسر ويحرك :نقيض حدة البرد وإبل مدفئة ومدفأة ومد فأة ومدفئة :كثيرة
الوبار والشحوم ،والدفء بالكسر :نتاج البل وأوبارها والنتفاع بها ).(1
وقال الراغب :الدفء :خلف البرد ،قال تعالى " :لكم فيها دفء ومنافع "
وهو لما يدفئ ،ورجل دفآن وامرأة دفأى وبيت دفئ ) ،(2قوله " :من
البيوت " أي الخيم من الشعر والصوف ،قوله " :ولم يقل " إلى آخره كأن
غرضه أنها ليست مما اعدت للكل ورغب في أكلها إل أنها محرمة )(3
فيدل على كراهتها كما هو المشهور - 4 .الخصال :عن أبيه عن سعد بن
عبد ال عن يعقوب بن يزيد عن زياد القندي عن أبي وكيع عن أبي
إسحاق السبيعي عن الحارث قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :قال
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :عليكم بالغنم والحرث ،فانهما
يروحان بخير ويغدوان بخير فقيل :يا رسول ال فأين البل ؟ قال :تلك
أعنان الشياطين ،ويأتيها خيرها من الجانب الشأم (4) ،قيل :يا رسول ال
إن سمع الناس بذلك تركوها ،فقال :إذا ل يعدمها الشقياء الفجرة ).(5
بيان :قال في النهاية :سئل عليه السلم عن البل ،فقال :أعنان الشياطين،
العنان :النواحي ،كأنه قال :إنها لكثرة آفاتها كأنها من نواحي الشياطين
في أخلقها وطبائعها ،وفي حديث آخر :ل تصلوا في أعطان لنها خلقت
من أعنان الشياطين ).(6
) (1القاموس :الدفء (2) .المفردات (3) .170 :هكذا في النسخ .ولعل الصحيح:
ل انها محرمة (3) .أي من الجانب اليسر ،والمراد من خيرها لبنها،
لنها تحلب وتركب من الجانب اليسر (5) .الخصال 45 :1و ) 46طبعة
الغفاري( (6) .النهاية * .153 :3
][121
) (1الخصال (2) .246 :1معاني الخبار (3) .197 :آل عمران(4) .104 :
البقرة (5) .106 :المفردات* .160 :
][122
قوله " :الراسيات في الوحل " أي النخيل التي نشبت عروقها في الطين وثبتت فيه
وهي تطعم أي تثمر في المحل ،وهو بالفتح :الجدب وانقطاع المطر،
والتخصيص بها لنها تحمل العطش أكثر من سائر الشجار ،قوله " :فانما
ثمنه " هو قائم مقام الخبر كأنه قيل :فل يرى خيرا لن ثمنه ،فلذا خل عن
العائد أو هو خبر بار جاع ضمير ثمنه إلى الموصول ،قوله صلى ال عليه
واله وسلم " .بمنزلة رماد " اقتباس من قوله تعالى " :مثل الذين كفروا
بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ل يقدرون مما
كسبوا على شئ " ) (1والعصف :اشتداد الريح ،وصف به زمانه للمبالغة
كقولهم :نهاره صائم وليله قائم " واشتدت به " أي حملته وأسرعت
الذهاب به ،والشاهق :المرتفع من الجبال والبنية وغيرها " إل أن يخلف
مكانها " أي مثله أو العم ،والول أظهر ،والشقاء :الشدة والعسر ،أو هو
ضد السعادة .والجفاء :البعد عن الشئ وترك الصلة والبر وغلظ الطبع،
وفي القاموس :جفا عليه كذا :ثقل ،وجفا ماله :لم يلزمه ،وأجفى
الماشية :أتعبها ولم يدعها تأكل .وأقول :هنا أكثر المعاني مناسب فان فيها
غلظ الطبع ومن يلزمها يصير كذلك كما يرى في العراب والجمالين
ويبعد عن صاحبه للرعي ،وإن كان المراد ببعد الدار أيضا ذلك ،وتتعب
صاحبها وتثقل على صاحبها لقلة منافعها ،والعناء :التعب " تغدو مدبرة
" لنها تطلب العلف من صاحبها غدوة وليست لها منفعة تداركه وكذا في
الرواح " ،أما إنها لتعدم الشقياء الفجرة " أي انها مع هذه الخلل ل
يتركها الشقياء ويتخذونها للشوكة والرفعة التي فيها ول يصير قولي هذا
سببا لتركهم لها ،وما يروى عن الشيخ البهائي قدس سره أن المعنى أن
من جملة مفاسدها أنه تكون معها غالبا شرار الناس وهم الجمالون ،فهذا
الخبر وإن كان يحتمله لكن سائر الخبار مصرحة بالمعنى الول- 6 .
المعاني والخصال :عن علي بن أحمد بن موسى عن محمد السدي )(2
عن صالح
) (1ابراهيم (2) .18 :في المصدر :محمد بن ابى عبد ال الكوفى* .
][123
ابن أبي حماد عن إسماعيل بن مهران عن أبيه عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي
عبد ال عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم :الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت ،والبقر
إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت ،والبل أعنان الشياطين إذا أقبلت أدبرت
وإذا أدبرت أدبرت ،ول يجئ خيرها إل من الجانب الشأم ) (1قيل :يا
رسول ال فمن يتخذها بعد ذا ؟ قال :فأين الشقياء الفجرة .قال صالح:
وأنشد إسماعيل بن مهران :هي المال لول قلة الخفض حولها * فمن شاء
داراها ومن شاء باعها ) (2المعاني :عن محمد بن هارون الزنجاني عن
علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد أنه قال :قوله " :أعنان الشياطين "
أعنان كل شئ :نواحيه ،وأما الذي يحكيه أبو -عمرو فأعنان الشئ نواحيه
قالها أبو عمرو وغيره ،فان كانت العنان محفوظة فأراد أن البل من
نواحي الشياطين أي أنها على أخلقها وطبائعها ،وقوله " :ل تقبل إل
مولية ول تدبر إل مولية " فهذا عندي كالمثل الذي يقال فيها :إنها إذا
أقبلت أدبرت وإذا أدبرت ،وذلك لكثرة آفاتها وسرعة فنائها ،وقوله " :ل
يأتي خيرها إل من جانبها الشأم " يعني الشمال يقال :لليد الشمال:
الشؤمى ) (3ومنه قول ال عزوجل " :وأصحاب المشأمة ) " (4يريد
أصحاب الشمال ،ومعنى قوله " :ل يأتي نفعها إل من هناك " يعني أنها ل
تحلب ول تركب إل من شمالها وهو الجانب الذي يقال له :الوحشي ،في
قول الصمعي :لنه الشمال ،قال :واليمن هو النسي ،وقال بعضهم :ل
ولكن النسي هو الذي يأتيه الناس في الحتلب والركوب ،والوحشي هو
اليمن لن الدابة ل تؤتى من جانبها اليمن إنما تؤتى من اليسر،
) (1في نسخة من المعاني :ال من جانبها الشأم (2) .معاني الخبار:321 :
الخصال (3) .246 :1في المصدر :الشؤم (4) .الواقعة* .9 :
][124
قال أبو عبيد :فهذا هو القول عندي ،وإنما الجانب الوحشي اليمن لن الخائف انما
يفر من موضع المخافة إلى موضع المن ) .(1توضيح :قال الزمخشري
في الفائق " :سئل عن البل فقال :أعنان الشياطين ل تقبل إل مولية ول
تدبر إل مولية ول يأتي نفعها إل من جانبها الشأم " العنان :النواحي
جمع عنن وعن ،يقال :أخذنا كل عن وسن وفن ،اخذ من " عن " كما اخذ
العرض من " عرض " وفي الحديث " :إنهم كرهوا الصلة في أعطان
البل لنها خلقت من أعنان الشياطين قال الجاحظ :يزعم بعض الناس أن
البل لكثرة آفاتها أن من شأنها إذا أقبلت أن يتعقب إقبالها الدبار ،وإذا
أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء ومستأصل ،ول يأتي نفعها يعني
منفعة الركوب والحلب إل من جانبها الذي ديدن العرب أن يتشأموا به وهو
جانب الشمال ،ومن ثم سموا الشمال شؤمى ،قال :فانحى على شؤمى يديه
فذادها فهي إذا للفتنة مظنة ،وللشياطين مجال متسع ،حيث تسببت أول إلى
إغراء المالكين ) (2على إخللهم بشكر النعمة العظيمة فيها ،فلما زواها
عنهم لكفرانهم أغرتهم أيضا على إغفال ما لزمهم من حق جميل الصبر
على المرزئة بها ،وسولت لهم في الجانب الذي يستملون منه نعمتي
الركوب والحلب أنه الجانب الشأم وهو في الحقيقة اليمن والبرك ،وقال
أيضا ،قيل :أي لرسول ال صلى ال عليه واله وسلم :أي أموالنا ،أفضل ؟
قال :الحرث ،وقيل :يا رسول ال فالبل ؟ قال :تلك عناجيح الشياطين.
العنجوج من الخيل والبل :الطويل العنق ،فعلول من عنجه :إذا عطفه لنه
يعطف عنقه لطولها في كل جهة ويلويها ليا ،وراكبه يعجنها إليه بالعنان
الزمام ،يريد أنها مطايا الشياطين ،ومنه قوله :إن على ذروة كل بعير
شيطانا "
) (1معاني الخبار 321 :و (2) .322في النسخة المخطوطة :على اغرامها
لمالكيهن* .
][125
وقال في النهاية " :ل يأتي خيرها إل من جانبها الشأم " يعني الشمال ،ومنه
قولهم لليد الشمال :الشؤمى ،تأنيث الشأم ،يريد بخيرها لبنها لنها إنما
تحلب وتركب من الجانب اليسر ) (1انتهى .وقال الجوهري :الوحشي:
الجانب اليمن من كل شئ ،هذا قول أبي زيد وأبي عمرو قال عنترة:
وكأنما تنأى بجانب دفها * الوحشي من هزج العشي مؤوم وإنما تنأى
بالجانب الوحشى لن سوط الراكب في يده اليمنى وقال الراعي :فمالت
على شق وحشيها * وقد ريع جانبها اليسر ويقال :ليس شئ يفزع إل مال
على جانبه اليمن ،لن الدابة ل تؤتى من جانبها اليمن وإنما تؤتى في
الحتلب والركوب من جانبها اليسر فانما خوفه منه ،والخائف إنما يفر
من موضع المخافة إلى موضع المن ،وكان الصمعي يقول :الوحشي
الجانب اليسر من كل شئ ،وفي المصباح المنير :الوحشي من كل دابة
الجانب اليمن ،قال الزهري :قال أئمة العربية :الوحشي من جميع
الحيوان غير النسان الجانب اليمن وهو الذي ل يركب منه الراكب ول
يحلب منه الحالب والنسي الجانب الخر وهو اليسر ،وروى أبو عبيدة
عن الصمعي أن الوحشي هو الذي يأتي منه الراكب ويحلب منه الحالب،
لن الدابة تستوحش عنده فتفر منه إلى الجانب اليمن ،قال الزهري :وهو
غير صحيح عندي ،قال ابن النباري ما من شئ يفزع إل مال إلى جانبه
اليمن لن الدابة إنما تؤتى للحلب والركوب من الجانب اليسر فتخاف منه
فتفر من موضع المخافة وهو الجانب اليسر إلى موضع النس وهو
الجانب اليمن ،فلهذا قيل :الوحشي الجانب اليمن انتهى .وأقول :يرد في
الخبر إشكال وهو أن الحلب والركوب من الجانب اليمن
][126
ل اختصاص لهما بالبل فكيف صارا سببا لذم خصوص البل ؟ والتكلف الذي
ارتكبه الجاحظ في غاية السماجة والركاكة إل أن يقال :الركوب من بين
النعام الثلثة مختص بالبل ،والحلب وإن كان مشتركا لكن قد تحلب الشاة
بل البقرة أيضا من جانب الخلف ،وأيضا فيهما من السهولة والبركة ما
يقاوم ذلك ،وقد يقال :يمكن أن يكون كون الخبر " من الجانب الشأم "
كناية عن أن نفعها مشوب بضرر عظيم ،فان اليمن منسوب إلى اليمين
والشوم منسوب إلى اليسار ،أو يكون الشأم أفعل تفضيل من الشأمة
ويكون الغرض موتها واستيصالها أي خيرها في عدمها مبالغة في قلة
نفعها كأن عدمها أنفع من وجودها - 7 .الخصال :في الربعمائة قال أمير
المؤمنين عليه السلم :أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة فمن
كانت في منزله شاة قد ست عليه الملئكة في كل يوم مرة ومن كانت عنده
شاتان قد ست عليه الملئكة مرتين في كل يوم وكذلك في الثلث يقول:
بورك فيكم - 8 (1) .العلل :عن محمد بن موسى بن المتوكل ،عن على بن
الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي عن أبيه عن محمد
بن يحيى عن حماد بن عثمان قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :إنا نرى
الدواب في بطون أيديها الرقعتين مثل الكي فمن أي شئ ذلك ؟ قال :ذلك
موضع منخريه في بطن امه ،وابن آدم منتصب في بطن امه وذلك قول ال
عزوجل " :لقد خلقنا النسان في كبد " ) (2وما سوى ابن آدم فرأسه في
دبره ويداه بين يديه ).(3
) (1الخصال ،617 :2رواه الصدوق باسناده عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن
محمد ابن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبى
بصير ومحمد بن مسلم عن أبى عبد ال عن أبيه عن آبائه (2) .البلد.4 :
) (3الخصال 181 :2طبعة قم* .
][127
الفقيه :عن أبيه عن سعد بن عبد ال والحميري جميعا ،عن يعقوب بن يزيد عن
محمد بن أبي عمير عن حماد مثله إلى قوله :موضع منخريه في بطن امه
) - 9 .(1ثواب العمال :عن محمد بن علي ما جيلويه عن عمه محمد بن
أبي القاسم عن أحمد البرقي عن ابن محبوب عن محمد بن مارد قال:
سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :ما من مؤمن يكون في منزله عنز
حلوب إل قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم ،وان كانت اثنتين قد سوا
وبورك عليهم كل يوم مرتين ،فقال بعض أصحابنا :وكيف يقدسون ؟ قال:
يقف عليهم ملك كل صباح ومساء فيقول :قد ستم وبورك عليكم وطبتم
وطاب ادامكم ،فقلت له :ما معنى قد ستم قال :طهرتم ) .(2المحاسن :عن
ابن محبوب مثله .(3) .الكافي :عن محمد بن يحيى عن أحمد محمد بن
عيسى عن ابن محبوب مثله ) .(4بيان :العنز النثى من المعز- 10 .
المحاسن :عن أبيه عن هارون بن الجهم عن محمد بن مسلم قال :كنت
عند أبي عبد ال عليه السلم بمعنى إذ أقبل أبو حنيفة على حمار له
فاستأذن على أبي عبد ال عليه السلم فأذن له ،فلما جلس قال لبي عبد
ال عليه السلم :إني اريد أن اقايسك ،فقال له أبو -عبد ال عليه السلم:
ليس في دين ال قياس ،ولكن أسألك عن حمارك هذا فيم أمره ؟ قال :وعن
أي أمره تسأل ؟ قال :أخبرني عن هاتين النكتتين اللتين بين يديه ماهما ؟
فقال أبو حنيفة :خلق في الدواب كخلق اذنيك وأنفك في رأسك ،فقال له أبو
عبد ال عليه السلم:
) (1من ل يحضره الفقيه ) 189 :2طبعة الخوندى( فيه :قال قلت له جعلت فداك
نرى الدواب في بطون ايديها مثل الرقعتين في باطن يديها مثل الكى فاى
شى هو ؟ ) (2ثواب العمال 93 :ورواه في الفقيه 220 :3عن الحسن
بن محبوب عن محمد بن مارد باختلف (3) .المحاسن 640 :فيه
اختلف لفظي (4) .فروع الكافي 544 :6فيه] :يقف عليهم مالك في كل
صباح فيقول[ وفيه اختلف آخر* .
][128
خلق ال اذني لسمع بهما ،وخلق عيني لبصربهما ،وخلق أنفي لجد به الرائحة
الطيبة والمنتنة ففيما خلق هذان ؟ وكيف نبت الشعر على جميع جسده ما
خل هذا الموضع ؟ فقال أبو حنيفة :سبحان ال أسألك ) (1عن دين ال
وتسألني عن مسائل الصبيان ،فقام وخرج ،قال محمد بن مسلم :فقلت له
عليه السلم :جعلت فداك سألته عن أمر احب أن أعلمه ،فقال :يا محمد إن
ال تبارك وتعالى يقول في كتابه " :لقد خلقنا النسان في كبد " ) (2يعني
منتصبا في بطن امه ،مقاديمه إلى مقاديم امه ،ومواخيره إلى مواخير امه،
غذاؤه مما تأكل امه ،ويشرب مما تشرب امه ،وتنسمه تنسيما وميثاقه
الذي أخذ ال عليه بين عينيه ،فإذا دنا ولدته أتاه ملك يسمى الزاجر
فيزجره فينقلب فتصير مقاديمه إلى مؤاخر امه ومواخيره إلى مقدم امه )
(3ليسهل ال على المرأة والوالد أمره ،ويصيب ذلك جميع الناس إل إذا
كان عاميا ) ،(4فإذا زجره فزع وانقلب ووقع إلى الرض باكيا من زجرة
الزاجر ونسي الميثاق ،وإن ال خلق جميع البهائم في بطون امهاتها
منكوسة مقدمها إلى مؤخرامها ومؤخرها إلى مقدم امها ) ،(5وهي
تتربص في الرحام منكوسة ،قد ادخل رأسها بين يديها ورجليها ،تأخذ
الغذاء من امها ،فإذا دنا ولدتها انسلت انسلل وامترقت من بطون
امهاتها ،وهاتان التي بين أيديها ) (6كلها موضع أعينها في بطون
امهاتها ،وما في عراقيبها موضع مناخيرها ،ل ينبت عليه الشعر ،وهو
للدواب كلها ما خل البعير فان عنقه طال فنفذ رأسه بين
) (1في المصدر :أتيتك أسألك (2) .البلد (3) .4 :في المصدر :إلى مقاديم امه(4) .
في المصدر :عاتيا (5) .في المصدر :منكوسين مقدمها إلى مواخر
امهاتها ومؤخرها إلى مقدم امهاتها (6) .في المصدر :انسلت انسلل
وموضع اعينها في بطون امهاتها وهاتان النكتتان اللتان بين أيديها* .
][129
قوائمه في بطن امه ) .(1بيان " :تنسمه تنسيما " كأن المعنى :أن بنفسه مما
تتنفس به امه يصل إليه أثر ذلك النسيم ،قوله " :إل إذا كان عاميا " أي
أعمي البصر أو أعمى القلب مخالفا ،وفي بعض النسخ " :عانيا " بالنون،
أي إل أن يقدر ال تعالى أن يكون في عناء ومشقة عليه وعلى امه
الولدة ،والظهر أنه كان في الصل إل إذا كان يتنا أو ميتونا بتقديم المثناة
التحتانية على المثناة الفوقانية ثم النون ،قال في القاموس :اليتن أن تخرج
رجل المولود قبل يديه ،وقد خرج يتنا ،أيتنت ويتنت وهي موتن وموتنة
وهو ميتون ،والقياس موتن ) .(2وفي النهاية :اليتن :الولد الذي تخرج
رجله من بطن امه قبل رأسه وقد أيتنت الم إذا جاءت به يتنا ) (3وفي
القاموس :مرق السهم من الرمية مروقا خرج من الجانب الخر ،وكانت
امرأة تغزو فحبلت فذكر لها الغزو فقالت :رويد الغزو يتمرق أي أمهل
الغزو حتى يخرج الولد ،والمتراق :سرعة المروق ) .(4ثم اعلم أن الخبر
يشعر بأن النتصاب في الرحم الذي هو شأن النسان أصعب وأشق من
الهيئة التي عليها غيره فلذا فسر عليه السلم به الية - 11 .المحاسن:
عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :الشاة نعم المال الشاة ) .(5بيان:
كأن شاة الولى منصوبة على الغراء والخرى تأكيد وخبره محذوف
وليس في الكافي :الشاة الولى.
) (1المحاسن 304 :و (2) .305القاموس :اليتن (3) .النهاية (4) .380 :4
القاموس :مرق (5) .المحاسن* .640 :
][130
- 12المحاسن :عن الوشاء عن إسحاق بن جعفر قال :قال لي أبو عبد ال عليه
السلم :يا بني اتخذ الغنم ول تتخذ البل ) - 13 .(1ومنه :عن النوفلي عن
السكوني عن أبي عبد ال عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم :إذا كانت لهل بيت شاة قد ستهم الملئكة ).(2
- 14ومنه :عن محمد بن علي عن عبيس بن هشام عن عبد ال بن سنان
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إذا اتخذ أهل البيت الشاة قد ستهم
الملئكة كل يوم تقديسة ،قلت :كيف يقولون قال :يقولون :قد ستم قد ستم
) - 15 .(3قال :وفي حديث آخر قال :إذا أتخذ أهل البيت ثلث شياة ).(4
- 16ومنه :عن أبيه عن سليمان الجعفري رفعه قال :قال رسول ال صلى
ال عليه واله وسلم :من كانت في بيته شاة قد ستهم الملئكة تقديسة،
وانتقل عنهم الفقر منقلة ) ،(5ومن كانت في بيته شاتان قد ستهم الملئكة
مرتين ،وارتحل عنهم الفقر منقلتين ،فان كانت ثلث شياة قد ستهم
الملئكة ثلث تقديسات وانتقل عنهم الفقر ) .(6بيان :وانتقل عنهم الفقر
أي رأسا كما سيأتي ) - 17 .(7المحاسن :عن ابن أبي نجران وعثمان عن
أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم قال :قال النبي صلى ال
عليه واله وسلم لعمته :ما يمنعك من أن تتخذي في بيتك ببركة فقالت :يا
رسول ال ما البركة ؟ فقال :شاة تحلب فانه من كانت ) (8في داره شاة
تحلب أو نعجة أو بقرة فبركات كلهن ) (9قال :وروى أبي عن أحمد بن
النضر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم ).(10
) (4 - 1المحاسن (5) .460 :في المصدر :منتقلة (6) .المحاسن(7) .640 :
سيأتي ذلك في الخبر (8) .20في الكافي :من كان (10 - 9) .المحاسن:
* .641
][131
الكافي :عن العدة عن البرقي مثله إلى آخر الخبر بالسند الول (1) .بيان :كأن
المراد بالشاة المعز أو النعجة النثى من الضأن ،والشاة أعم من الضأن،
والمعز تطلق على الذكر والنثى كما ذكره الفيروزآبادي ،وفي الكافي أو
بقرة تحلب - 18 .المحاسن :عن محمد بن علي ،عن عبد الرحمن بن أبي
هاشم ،عن أبي خديجة ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :دخل رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم على ام أيمن فقال :مالي ل أرى في بيتك
البركة ؟ فقالت :أو ليس في بيتي بركة ؟ قال :لست أعني لك ) (2ذاك شاة
تتخذيها تستغني ولدك من لبنها وتطعمين من سمنها وتصلين في مربضها
) .(3بيان :لست أعني أي عدم البركة مطلقا ،لك أي بركة ،ذاك أي الذي
قلت ،أو لست أعنى وأقول لك ،ذاك الذي فهمت هي شاة ،ول يبعد أن يكون
" ذلك " مكان " لك " - 19 .المحاسن :عن أبيه عن نصر بن مزاحم عن
حميد الللي ) (4عن ام راشد مولة ام هاني أن أمير المؤمنين صلوات ال
عليه دخل على ام هاني ،فقالت ام هاني :قدمي لبي الحسن طعاما ،فقدمت
ما كان في البيت ،فقال :مالى ل أرى عندكم البركة ؟ فقالت ام هاني لبي
الحسن :أو ليس هذا بركة ،فقال :لست أعني هذا إنما أعني الشاة ،فقالت:
مالنا من شاة فأكل واستسقى ) .(5بيان " :فقالت ام هاني " أي لمولتها
ام راشد :فقدمت على صيغة المتكلم ،فأكل أي من سمنها ،واستسقى أي
من لبنها.
) (1فروع الكافي (2) .545 :6في نسخة] :اعني ذلك[ وفى اخرى " :اعني لك
ذلك " وفي المصدر :اعني ذلك ،ذاك شاة (3) .المحاسن (4) .641 :في
نسخة " :السلمى " وفي المصدر :البى (5) .المحاسن* .641 :
][132
- 20المحاسن :عن محمد بن علي ،عن عبيس بن هشام ،عن عبد ال بن سنان،
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إذا اتخذ أهل البيت ) (1شاة آتاهم ال
برزقها وزاد في أرزاقهم وارتحل عنهم الفقر مرحلة ،فان اتخذوا شاتين
آتاهم ال بأرزاقها وزاد في أرزاقهم وارتحل عنهم الفقر مرحلتين ،وان
اتخذوا ثلثا آتاهم ال بأرزاقها وزاد في أرزاقهم وارتحل عنهم الفقر رأسا
) .(2الكافي :عن أبي علي الشعري عن الحسن بن علي عن عبيس مثله
) - 21 .(3المحاسن :عن أبيه عن سليمان الجعفري رفعه إلى أبى عبد ال
الحسين عليه السلم قال :ما من أهل بيت تروح عليهم ثلثين شاة إل نزل
الملئكة ) (4تحرسهم حتى يصبحوا ) - 22 .(5ومنه :عن بعض أصحابنا
عن الفضل بن المبارك عن عبد ال بن سنان عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :من كانت في بيته شاة عيديه ) (6ارتحل الفقر عنه منقلة ،ومن كانت
في بيته اثنتان ارتحل عنه الفقر منقلتين ،ومن كانت في بيته ثلثة نفي ال
عنهم الفقر ) .(7بيان :عيدية في بعض النسخ بالياء المثناة وكأن المراد
نجيبة ،قال الفيروز آبادي :العيد بالكسر شجر جبلي وفحل معروف منه
النجائب العيدية ،ا نسبته إلى العيدي بن الندعي ،أو إلى عاد بن عاد ،أو
إلى بني عيد بن المري ) (8وفي
) (1في الكافي :أهل بيت (2) .المحاسن 641 :و (3) .642فروع الكافي .544 :6
) (4في المصدر :يروح عليهم ثلثون شاة ال تنزل الملئكة(5) .
المحاسن (6) .642 :في نسخة ،عبدية (7) .المحاسن(8) .642 :
القاموس :العود* .
][133
بعضها بالباء الموحدة ،قال في القاموس :بنو العبيد بطن ،وهو عبدي كهذلي وقال:
العبدي نسبة إلى عبد القيس ) (1وكأن شياههم كانت أحسن وأكثر لبنا.
- 23المحاسن :عن النهيكي ويعقوب بن يزيد عن العبدي عن أبي وكيع
عن أبي اسحاق عن علي عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه
واله وسلم :عليكم بالغنم والحرث فانهما يغدوان بخير ويروحان بخير ).(2
بيان :كان الغدو والرواح هنا كناية عن دوام المنفعة واستمرارها ) (3إذ
في كثير من الزمان ل يعودان بخير ل سيما في الحرث - 24 .المحاسن:
عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن محمد بن مسلم عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :من كانت في
منزله شاة قدست عليه الملئكة في كل يوم مرة ،ومن كانت اثنتين )(4
قدست عليه الملئكة في كل يوم مرتين ،وكذلك في الثلثة ،ويقول ال:
بورك فيكم ) - 25 .(5ومنه :عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن ابن سنان،
عن محمد بن عجلن قال :سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول :ما من أهل
بيت يكون عندهم شاة لبون إل قدسوا كل يوم مرتين ،قلت وكيف يقال
لهم ؟ قال :يقال لهم :بوركتم بوركتم ) .(6الكافي :عن علي بن إبراهيم عن
أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن ابن عجلن مثله ).(7
) (1القاموس :العبد (2) .المحاسن (3) .643 :في نسخة :واستقرارها (4) .في
المصدر :ومن كان عنده اثنتان (5) .المحاسن (6) .643 :المحاسن:
(7) .643الفروع * .544 :6
][134
) (1المحاسن (2) .643 :فروع الكافي (3) .545 :6القاموس :البركة(4) .
المحاسن (5) .635 :في المصدر :وقد سئل (6) .المحاسن* .638 :
][135
الضعيف ما غالوا ببهيمة ) - 30 .(1وفي حديث آخر قال :قال أبو عبد ال عليه
السلم :اشتر السود القباح منها فانها أطول شئ أعمارا ) .(2الكافي :عن
العدة ،عن أحمد بن محمد ،عن الحجال مثله إلى قوله :وخذه أشوه فانه
أطول شئ أعمارا ،فاشتريت له جمل بثمانين درهما فأتيته به ،وفي حديث
آخر الخ ) .(3بيان :في القاموس شاه وجهه شوها وشوهة :قبح كشوه
كفرخ فهو أشوه وشوهه ال :قبح وجهه ،وكمعظم :القبيح الشكل )31 .(4
-المحاسن :عن الحسن بن محبوب ،عن حسين ) (5بن عمر بن يزيد قال:
اشتريت إبل وأنا بالمدينة مقيم ،فأعجبني إعجابا شديدا فدخلت على أبي
عبد ال عليه السلم فذكرته فقال :ومالك وللبل ؟ أما علمت أنها كثيرة
المصائب ؟ قال :فمن إعجابي بها أكريتها وبعثت بها غلماني إلى الكوفة،
قال :فسقطت كلها ،فدخلت عليه فأخبرته فقال " :فليحذر ) (6الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " ) .(7الكافي:
عن محمد بن يحيى ،عن أحمد بن محمد ،عن ابن محبوب مثله ،إل أن
فيه " :عن أبيه قال :اشتريت " إلى قوله " :فدخلت على أبي الحسن
الول عليه السلم فذكرتها له " إلى قوله " :فبعثت بها مع غلمان لي إلى
الكوفة " ).(8
) 1و (2المحاسن (3) .639 :فروع الكافي (4) .543 :6القاموس :شاه (5) .في
المصدر :الحسين (6) .النور (7) .63 :المحاسن (8) .639 :فروع
الكافي * .543 :6
][136
بيان :الستشهاد بالية مبني على أن قوله قول ال ،ومخالفة أمره مخالفة لمر
ال - 32 .المحاسن :عن أبيه مرسل ،عمن ذكره عن أبي عبد ال عن أبيه
عليهما السلم قال :نهى رسول ال صلى ال عليه واله وسلم أن يتخطى
القطار ،قيل :يا رسول ال و لم ؟ قال :لنه ليس من قطار إل وما بين
البعير إلى البعير شيطان ) 33 .(1ومنه :عن يعقوب بن يزيد وابن أبي
عمير عن ابن سنان عن أبي عبد -ال عليه السلم قال :كان علي بن
الحسين عليه السلم ليبتاع الراحلة بمائة دينار ويكرم بها نفسه ).(2
الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله ) .(3بيان:
يدل على استحباب ركوب الدابة الفارهة والمغالة في ثمنها لكرام النفس
عند الناس - 34 .البصائر والختصاص :عن السندي بن محمد البزاز عن
أبان بن عثمان عن عمرو بن صهبان عن عبد ال بن الفضل الهاشمي عن
جابر بن عبد ال قال :لما أقبل رسول ال صلى ال عليه واله وسلم من
غزوة ذات الرقاع وهي غزوة بني ثعلبة ) (4من غطفان أقبل حتى إذا كان
قريبا من المدينة إذا بعير قد أقبل من قبل البيوت حتى انتهى ) (5إلى
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ،فوضع جرانه إلى الرض ثم جرجر،
فقال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :هل تدرون ما يقول هذا البعير ؟
فقالوا :ال ورسوله أعلم ،قال :فانه أخبرني أن صاحبه عمل
) (1المحاسن 639 :ورواه الكليني في الفروع 543 :6ولم يذكر :عن أبيه(2) .
المحاسن (3) .639 :فروع الكافي (4) .542 :6في المصدر " :بنى
ثعلبة " وهو الصحيح وهم بنو ثعلبة بن سعد بن قيس غزاهم رسول ال
صلى ال عليه وآله سنة الرابع من الهجرة (5) .ما نقله المصنف من
الحديث يوافق الفاظ الختصاص ،واما البصائر فيخالفه في الفاظ ففيه" :
إذا بعير يرقل حتى انتهى " وفيه :ثم خرخر* .
][137
عليه حتى إذا أكبره وأدبره وأهزله أراد نحره وبيع لحمه ) ،(1ثم قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :يا جابر اذهب به إلى صاحبه وائتني به ،فقلت :ل
أعرف صاحبه ،فقال :هو يدلك عليه ،قال :فخرجت معه حتى انتهيت إلى
بني واقف فدخل في زقاق فإذا أنا بمجلس فقالوا :يا جابر كيف تركت
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ؟ وكيف تركت المسلمين ؟ قلت :هم
صالحون ،ولكن أيكم صاحب هذا البعير ؟ فقال بعضهم :أنا ،فقلت :أجب
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ،فقال :مالي ،قلت :استعدى عليك
بعيرك فجئت أنا والبعير وصاحبه ) (2إلى رسول ال صلى ال عليه واله،
فقال :إن بعيرك يخبرني أنك عملت عليه حتى إذا أكبرته وأدبرته وأهزلته
أردت نحره وبيع لحمه ،فقال :قد كان ذلك يا رسول ال ،قال :فبعنيه )(3
قال :هو لك يا رسول ال ،قال صلى ال عليه واله وسلم :بل ) (4بعنيه
فاشتراه رسول ال صلى ال عليه واله وسلم منه ،ثم ضرب على صفحته
فتركه يرعى في ضواحي المدينة فكان الرجل منا إذا أراد الروحة أو
الغدوة منحه رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ،قال جابر :رأيته بعد
وقد ذهب دبره وصلح ) .(5بيان :أكبره أي جعله كبيرا في السن مجازا ،أو
وجده كبيرا ،وأدبره أي جعله ذا دبر وهو بالتحريك :قرحة الدابة،
وضواحي المدينة :نواحيها ،وفي القاموس منحه كمنعه وضربه :أعطاه،
والسم المنحة بالكسر ،ومنحه الناقة :جعل له وبرها ولبنها وولدها ،وهي
المنحة والمنيحة - 35 .الختصاص :عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن
الحسين بن سعيد ومحمد البرقي عن ابن أبي عمير ،عن حفص بن
البختري ،عمن ذكره عن أبي جعفر عليه السلم قال :لما مات علي بن
الحسين عليه السلم جاءت ناقة له من الرعى حتى ضربت بجرانها القبر
) (1في البصائر :اراد ان ينحره ويبيع لحمه (2) .في البصائر فجئت انا وهو
والبعير إلى رسول ال صلى ال عليه وآله (3) .في البصائر :بعه منى
قال :بل هو (4) .في البصائر :بل بعه منى (5) .بصائر الدرجات 101 :لم
يذكر فيه) :وصلح( الختصاص 299 :و * .300
][138
وتمرغت عليه ،إن أبي كان يحج عليها ويعتمر ولم يقرعها قرعة قط )- 36 .(1
أصل من اصول أصحابنا :عن هارون بن موسى عن محمد بن علي عن
محمد ابن الحسين عن علي بن أسباط عن ابن فضال عن الصادق عن أبيه
عن آبائه عليهم السلم عن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :الشاة
المنتجة ) (2بركة ) - 37 .(3الكافي :عن محمد بن أبي عبد ال ،عن
محمد بن الحسين ،عن محمد بن سنان عن إسماعيل الجعفي وعبد الكريم
بن عمرو وعبد الحميد بن ابي الديلم ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
حمل نوح عليه السلم في السفينة الزواج الثمانية التي قال ال عزوجل "
ثمانية ازواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن البل اثنين ومن البقر
اثنين " ) (4فكان من الضان اثنين ،زوج داجنة يربيها الناس ،والزوج
الخر الضان التى تكون في الجبال الوحشية احل لهم صيدها ومن المعز
اثنين زوج داجنة يربيها الناس ،والزوج الخر الظباء ) (5التي تكون في
المفاوز ،ومن البل اثنين البخاتي والعراب ،ومن البقر اثنين زوج داجنة
للناس ،والزوج الخر البقرة الوحشية ،وكل طير طيب وحشي وانسي ثم
غرقت الرض ) .(6الكافي :عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد ،عن
على بن السندي عن محمد بن عمرو بن سعيد عن رجل عن ابن أبي
يعفور عن أبي جعفر عليه السلم قال :سمعته يقول :إياكم والبل الحمر
فانها أقصر البل أعمارا ).(7
) (1الختصاص 301 :ورواه الصفار في البصائر 103 :باسناده عن احمد بن
محمد عن البرقى وابراهيم بن هاشم عن ابن ابى عمير (2) .في نسخة:
المنيحة (3) .لم نجد ذلك الصل (4) .النعام 143 :و (5) .144في
المصدر :الظبى (6) .روضة الكافي 283 :و (7) .284فروع الكافي :6
543و * .544
][139
المكارم :مرسل عن الصادق عليه السلم مثله ) - 39 .(1الكافي :عن أبي علي
الشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال ،عن صفوان الجمال قال:
قال أبو عبد ال عليه السلم :لو يعلم الناس كنه حملن ال للضعيف ما
غالوا ببهيمة ) .(2بيان :في النهاية :كنه المر :حقيقته ،وقيل :وقته
وقدره ،وقيل :غايته ) .(3وقال :قال أبو موسى :أرسلني أصحابي إلى
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم أسأله الحملن " الحملن مصدر
حمل يحمل حملنا ،وذلك أنهم أنفذوه ) (4يطلب منه شيئا يركبون عليه،
ومنه تمام الحديث :قال النبي صلى ال عليه واله :ما أنا حملتكم ولكن ال
حملكم أراد إفراده تعالى بالمن عليهم ،وقيل :لما ساق ال إليه هذه البل
وقت حاجتهم كان هو الحامل لهم عليها ،وقيل :كان ناسيا ليمينه أنه ل
يحملهم ،فلما أمر لهم بالبل قال :ما أنا حملتكم ولكن ال حملكم ،كما قال
للصائم الذي أفطر ناسيا :ال أطعمك وسقاك انتهى ) (5والحاصل هنا أنه
تعالى لما كان هو المقوي للضعيف لحمل الثقيل نسب الحمل إليه سبحانه.
- 40الكافي :عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى
عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم :إن على ذروة كل بعير شيطانا فامتهنوها
لنفسكم وذللوها واذكروا اسم ال فانما يحمل ال ) .(6بيان :فامتهنوها اي
ابتذلوها واستخدموها.
) (1مكارم الخلق (2) .138 :فروع الكافي (3) .542 :6النهاية (4) .38 :4في
المصدر :أرسلوه (5) .النهاية (6) .295 :1فروع الكافي * .542 :4
][140
- 41الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير ،عن هشام بن الحكم
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :لو يعلم الحاج ماله من الحملن ما غالى
أحد ببعير ) - 42 .(1ومنه :عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن
الوشاء عن عبد ال بن سنان قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول:
إن ال عزو جل اختار من كل شئ شيئا اختار من البل الناقة ،ومن الغنم
الضائنة ) .(2بيان :في القاموس :الضائن :خلف الماعز من الغنم والجمع
ضأن ويحرك ،وكأمير وهي ضائنة والجمع ضوائن ) - 43 .(3تفسير علي
بن إبراهيم :عن أبيه عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن
الصبغ قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم في وصف حملة الكرسي:
أحدها في صورة الثور ) (4وهو سيد البهائم ولم يكن في هذه الصور
أحسن من الثور ول أشد انتصابا منه حتى اتخذ المل من بني إسرائيل
العجل ،فلما عكفوا عليه وعبدوه من دون ال خفض الملك الذي في صورة
الثور رأسه استحياء من ال أن عبد من دون ال شئ يشبهه ،وتخوف )
(5أن ينزل به العذاب الخبر ) - 44 .(6العلل :عن محمد بن عمرو بن
علي البصري عن إبراهيم بن حماد النهاوندي
) (1فروع الكافي (2) .542 :فروع الكافي (3) .544 :6القاموس :الضائن(4) .
صدر الحديث هكذا :ان عليا عليه السلم سئل عن قول ال عزوجل" :
وسع كرسيه السماوات والرض " قال :السماوات والرض وما فيهما
من مخلوق في جوف الكرسي وله اربعة املك يحملونه باذن ال ،فاما
ملك منهم في صورة الدميين وهى اكرم الصور على ال وهو يدعو ال
ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق لبنى آدم ،والملك الثاني في
صورة الثور وهو سيد البهائم " إلى ان قال " :ولم يكن (5) .في
المصدر :من دون ال ما يشبهه ويخاف (6) .تفسير القمى 75 :و 76
وقد اسقط المصنف من وسط الحديث وآخره جمله* .
][141
) (1في المصدر " :الستيتى " وذكر اختلف النسخ في هامشه راجع (2) .علل
الشرائع ) 180 :2طبعة قم( (3) .في المصدر :عن أبيه عن آبائه عن
على بن ابى طالب عليه السلم (4) .في العلل :انه سأله (5) .في
المصدر :لما ادخلها (6) .علل الشرائع 180 :2و 181عيون الخبار:
134و 136فيه :فاسترت باللية* .
][142
أعنان الشياطين ل تقبل إل مولية ول تدبر إل مولية ،ول يأتي نفعها إل من جانبها
الشأم .قال السيد الرضى رضي ال عنه :فقوله :أعنان الشياطين مجاز،
والعنان :النواحي ،وقال بعضهم :الصحيح أن عنان الشئ نواحيه ،فالول
قول البصريين والثاني قول الكوفيين والمراد على القولين المبالغة في
وصف البل بالخلق السيئة والطباع المستعصية فكأن الشياطين تنهاها
وتأمرها ) ،(1ومما يؤيد ذلك قوله صلى ال عليه واله وسلم " :البل
خلقت من الشياطين " وقوله " :إن على ذروة كل بعير شيطانا " ثم ذكر
نحوا مما مر من كلم الزمخشري ) - 47 .(2المجازات :قال صلى ال
عليه واله وسلم " :ل تسبوا البل فإنها رقوء الدم " وإنما المراد أنها إذا
اعطيت في الديات كانت سببا لنقطاع الدماء المطلولة ) (3والثارات
المطلوبة فشبه عليه السلم تلك الحال بالعرق العائذ ) (4والدم السائل
الذى إذ ترك لج واستنثر الدم ،وإذا عولج انقطع ورقأ ،ويروى :فا فيها
رقوء الدم ) - 48 .(5الدر المنثور :عن زيد بن ثابت قال :امتنعت )(6
على نوح الماعزة أن تدخل السفينة فدفعها في ذنبها ،فمن ثم انكسر ذنبها
فصار معقوفا وبد احياؤها ومضت النعجة حتى دخلت فمسح على ذنبها
فستر حياؤها ) .(7بيان :عقفه كضربه :عطفه ،والحياء :الفرج من ذوات
الخف والظلف والسباع.
) (1في المصدر :فكان الشياطين تختلها وتنفرها وتنهاها وتأمرها (2) .المجازات
النبوية) 290 :طبعة القاهرة( (3) .المطلولة :المسفوكة المراقة(4) .
العرق العائذ :السائل الذى ل ينقطع (5) .المجازات النبوية(6) .327 :
في المصدر :استصعبت (7) .الدر المنثور 329 :3و * .330
][143
) (1في المصدر :فكلما لعبت السخلة (2) .دلئل المامة* .88 :
][144
يذقن من لبنها شيئا ول أن ينتفعن بها ،وكان لبنها ومنافعها للرجال خاصة دون
النساء حتى تموت ،فإذا ماتت اشتراك الرجال والنساء في أكلها عن ابن
عباس ،وقيل :إن البحيرة بنت السائبة عن محمد بن إسحاق " ول سائبة
" وهي ما كانوا يسيبونها فان الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو لبرء من
علة وما أشبه ذلك فقال :ناقتي سائبة فكانت كالبحيرة في أن ل ينتفع بها
وأن ل تخل عن ماء ول تمنع من رعي عن الزجاج وعلقمة ) .(1وقيل:
هي التي تسيب للصنام أي تعتق لها ،وكان الرجل يسيب من ماله ما يشاء
فيجئ به إلى السدنة وهم خدمة آلهتهم فيطعمون من لبنها أبناء السبيل
ونحو ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ،وقيل :إن السائبة هي الناقة إذا
تابعت بين عشر إناث ليس فيهن ذكر سيبت فلم يركبوها ولم يجزوا وبرها
ول يشرب لبنها ) (2إل ضيف فما نتجت بعد ذلك من انثى شق اذنها ثم
يخلى سبيلها مع امها وهي البحيرة عن محمد بن إسحاق " ،ول وصيلة "
وهي في الغنم كانت الشاة إذا ولدت انثى فهي لهم وإذا ولدت ذكرا جعلوه
للهتهم ،فان ولدت ذكرا وانثى قالوا :وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر
للهتهم عن الزجاج ،وقيل :كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فان كان
السابع جديا ذبحوه للهتهم ولحمه للرجال دون النساء ،وإن كان عناقا
استحيوها وكانت من عرض الغنم ،وإن ولدت في البطن السابع جديا
وعناقا قالوا :إن الخت وصلت أخاها محرمة علينا ) (3فحرما جميعا،
وكانت المنفعة واللبن للرجال دون النساء ،عن ابن مسعود ومقاتل ،وقيل:
الوصيلة :الشاة إذا أتأمت عشر إناث في خمسة أبطن ليس فيها ذكر جعلت
وصيلة فقالوا :قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الناث ،عن
محمد بن إسحاق " ،ول حام " وهو الذكر من البل ،كانت العرب إذا نتجت
من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا :قد حمى
) (1في المصدر :عن الزجاج وهو قول علقمة (2) .في المصدر :ولم يشرب لبنها.
) (3في المصدر :فحرمته علينا* .
][145
ظهره فل يحمل عليه ول يمنع من ماء ول من مرعى ،عن ابن عباس وابن مسعود
وغيرهما ،وقيل :إنه الفحل إذا لقح ولد ولده قيل :حمى ظهره فل يركب،
عن الفراء .أعلم ال أنه لم يحرم من هذه الشياء شيئا ،قال المفسرون:
روى ابن عباس عن النبي صلى ال عليه واله وسلم أن عمرو بن لحى بن
قمعة بن خندف كان قد ملك مكة ،وكان أول من غير دين إسماعيل فاتخذ
الصنام ونصب الوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة
وحمى الحامي ،قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :فلقد رأيته في
النار تؤذي أهل النار ريح قصبه ،ويروى يجر قصبه في النار " ولكن
الذين كفروا يفترون على ال الكذب " أي يكذبون على ال باد عائهم أن
هذه الشياء من فعل ال أو أمره " وأكثرهم ل يعقلون " خص الكثر
بأنهم ل يعقلون لنهم أتباع فهم ل يعقلون أن ذلك كذب وافتراء كما يعقله
الرؤوساء ،وقيل :إن معناه أن أكثرهم ل يعقلون ما حرم عليهم وما حلل
لهم يعني أن المعاند هو القل منهم ) - 1 .1معاني الخبار :عن أبيه عن
محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن العباس بن
معروف عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي
عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل " :ما جعل ال من بحيرة ول
سائبة ول وصيلة ول حام " ) (2قال :إن أهل الجاهلية كان إذا ولدت الناقة
ولدين في بطن واحد قالوا :وصلت ،فل يستحلون ذبحها ول أكلها وإذا
ولدت عشرا جعلوها سائبة ول يستحلون ظهرها وأكلها و " الحام " فحل
البل لم يكونوا يستحلونه ،فأنزل ال عزوجل أنه لم يكن يحرم شيأ من ذا )
.(3العياشي :عن محمد بن مسلم مثله ).(4
) (1مجمع البيان 252 :3و (2) .253المائدة (3) .103 :معاني الخبار148 :
فيه :من ذلك (4) .تفسير العياشي 347 :1فيه :ان ال لم يحرم شيئا من
هذا* .
][146
- 2المعاني :وقد روي أن البحيرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فان كان الخامس
ذكرا نحروه فأكله الرجال والنساء ،وإن كان الخامس انثى بحروا اذنها،
أي شقوه وكانت حراما على النساء والرجال لحمها ولبنها ،فإذا ماتت حلت
للنساء ،والسائبة :البعيرة يسيب بنذر يكون على الرجل إن سلمه ال
عزوجل من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك ،والوصيلة من الغنم كان إذا
ولدت الشاة سبعة أبطن فان كان السابع ذكرا ذبح وأكل منه الرجال
والنساء ،وإن كانت انثى تركت في الغنم ،وإن كان ذكرا وانثى قالوا:
وصلت أخاها ،فلم تذبح وكان لحومها حراما على النساء إل أن يكون
يموت منها شئ فيحل أكلها للرجال والنساء ،والحام :الفحل إذا ركب ولد
ولده قالوا :حمى ظهره ،وقد يروى أن الحام هو من البل إذا نتج عشرة
أبطن قالوا :قد حمى ظهره فل يركب ول يمنع من كلء ول ماء )- 3 .(1
العياشي :عن عمار بن أبي الحوص قال :قال أبو عبد ال عليه السلم:
البحيرة إذا ولدت ولد ولدها بحرت ) - 4 .(2تفسير علي بن إبراهيم :وأما
قوله " :ما جعل ال من بحيرة ول سائبة ول وصيلة ول حام " فإن
البحيرة كانت إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ففي السادسة قالت العرب :قد
بحرت ،فجعلوها للصنم ول تمنع ماء ول مرعى ،والوصيلة :إذا وضعت
الشاة خمسة أبطن ثم وضعت في السادسة جديا وعناقا في بطن واحد
جعلوا النثى للصنم وقالوا :وصلت أخاها ،وحرموا لحمها على النساء،
والحام :كان إذا كان الفحل من البل جد الجد قالوا :حمى ظهره وسموه
حام ،فل يركب ول يمنع ماء ول مرعى ول يحمل عليه شئ ،فرد ال
عليهم فقال " :ما جعل ال من بحيرة " إلى قوله " :وأكثرهم ل يعقلون "
).(3
معاني الخبار (2) .148 :تفسير العياشي (3) .348 :1تفسير القمى* .175 :
][147
) (1مكارم الخلق (2) .138 :رواه الشيخ في التهذيب ج 572 :1والكليني في
الكافي .313 :1والصدوق في من ل يحضره الفقيه (3) .307 :2معاني
الخبار 223 :طبعة الغفاري (4) .من ل يحضره الفقيه * .309 :2
][148
ذلك لئل يسقط أحدهم متعمدا فيموت فيكون قاتل نفسه ويستوجب بذلك دخول النار.
وليس هذا الحديث ينهى عن ركوب الزوامل ،وإنما هو نهي عن الوقوع
منها من غير أن يتعلق بالرحل ،والحديث الذي روي " :أن من ركب زاملة
فليوص " فليس ذلك أيضا ينهي عن ركوب الزاملة ،إنما هو المر
بالوصية كما قيل " :من خرج في حج أو جهاد فليوص " وليس ذلك بنهي
عن الحج والجهاد ،وما كان الناس يركبون إل الزوامل ،وإنما المحامل
محدثة لم تعرف فيما مضى ) .(1بيان :في النهاية :الزاملة :البعير الذي
يحمل عليه الطعام والمتاع كأنه فاعلة من الزمل :الحمل .وقال الوالد قدس
سره :الظاهر كراهة الركوب عليها مع القدرة على غيرها لما فيه من
التعرض للضرر غالبا كما هو شائع أنه قلما يركبها أحد ولم يسقط منها،
وذكر بعضهم أن وجه النهي أنه استأجرها لحمل المتاع فل يجوز الركوب
عليها بغير رضى المكاري ،لكن يأباه الخبر الثاني ،والظاهر أن المراد به
الجمال الصعبة التي لم تذلل بعد ،وقوله رحمه ال " :إنما المحامل محدثة
" لعله أراد أن شيوعها محدثة ،وإن كان فيه أيضا كلم ،إذ ذكر المحمل
في الخبار كثير.
][149
)باب ) * (5آداب الحلب والرعى وفيه بعض النوادر( * - 1معاني الخبار :عن
محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبد اللعزيز عن أبي عبيد القاسم
بن سلم رفعه أن رجل حلب عند النبي صلى ال عليه واله وسلم ناقة فقال
النبي صلى ال عليه وآله :دع داعي اللبن .يقول :أبق في الضرع شيئا ل
تستوعبه كله في الحلب فان الذي تبقيه به يدعو ما فوقه من اللبن وينزله
) ،(1وإذا استقصى كل ما في الضرع أبطأ عليه الدر بعد ذلك ) .(2بيان:
قال في النهاية :فيه انه أمر ضرار بن الزور أن يحلب له ناقة ،وقال له:
دع داعي اللبن ل تجهده .أي ابق في الضرع قليل من اللبن ) (3وذكر نحو
ذلك .وفي المجازات النبوية :ومن ذلك قوله عليه السلم لرجل حلب ناقة:
دع داعي اللبن ،قال السيد :هذه استعارة ،والمراد أمره أن يبقي في خلف
الناقة ) (4شيئا من لبنها من غير أن يستفرغ جميعه لن ما يبقى منه
يستنزل عفافتها ) (5ويستجم درتها فكأنه يدعو بقية اللبن إليه ويكون
كالمثابة له وإذا استنفد الحالب ما في الخلف أبطأ غزره ) (6وقلص دره )
.(7
) (1في نسخة من المصدر :ويدر له (2) .معاني الخبار (3) .284 :النهاية :2
(4) .25خلف الناقة بكسر الحاء وسكون اللم :ثديها (5) .العفافة :بقية
اللبن في الضرع بعد ما حلب اكثره ويستجم درتها أي يكثر ادرارها
وانزالها اللبن (6) .الغزر :الكثرة ،وقلص :قل ،والدر :نزول اللبن في
الضرع (7) .المجازات النبوية 250 :طبعة القاهرة* .
][150
- 2المحاسن :عن بعض أصحابه رفعه قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم :نظفوا مرابض ) (1الغنم وامسحوا رغامهن فانهن من دواب الجنة
) - 3 .(2ومنه :عن أبيه عن سليمان الجعفري رفعه ) (3قال رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم :امسحوا رغام الغنم وصلوا في مراحها فانها
دابة من دواب الجنة ،قال :الرغام :ما يخرج من انوفها ) - 4 .(4الكافي:
عن أبي علي الشعري عن الحسن بن علي عن عبيس بن هشام عن عبد
ال بن سنان عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم :نظفوا مرابضها وامسحوا رغامها ) .(5توضيح :الرغام
بالضم :التراب ،ولعل المعنى مسح التراب عنها وتنظيفها وفي بعض نسخ
المحاسن بالعين المهملة وهو المناسب لما فسره به البرقي ،لكن أكثر
نسخ الكافي بالمعجمة ،وهذا التفسير والختلف موجودان في روايات
العامة أيضا ،قال الجزري في الراء مع العين المهملة :فيه " :صلوا في
مراح الغنم وامسحوا رعامها " الرعام :ما يسيل من انوفها ) ،(6ثم قال:
في الراء مع الغين المعجمة :في حديث أبي هريرة " :صل في مراح الغنم،
وامسح الرغام عنها " كذا رواه بعضهم بالغين المعجمة ،وقال :إنه ما
يسيل من النف ،بالمشهور فيه والمروي بالعين المهملة ويجوز أن يكون
أراد مسح التراب عنها رعاية لها وإصلحا لشأنها انتهى ) - 5 .(7العلل:
عن أبيه عن سعد عن محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن
) (1المرابض جمع المربض :مأوى الغنم (2) .المحاسن (3) .641 :في المصدر:
قال :قال (4) .المحاسن (5) .642 :فروع الكافي (6) .544 :6النهاية
92 :2و (7) .93في المحاسن* .95 :
][151
هشام بن سالم عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قلت له :كيف كان يعلم قوم لوط
أنه قد جاء لوطا رجال ؟ فقال :كانت امرأته تخرج فتصفر فإذا سمعوا
التصفير جاؤا ،فلذلك كره التصفير ) - 6 .(1المحاسن :عن بكر بن صالح
عن الجعفري قال :سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول :ل تصفر بغنمك
ذاهبة ،وانعق بها راجعة ) .(2بيان :ل تصفر من الصفير وهو الصوت
المعروف ،قال في القاموس :الصفير بل هاء من الصوات ،وقد صفر
يصفر صفيرا وصفر بالحمار :دعاه للماء ) ،(3وقال نعق بغنمه كمنع
وضرب نعقا ونعيقا ونعاقا ونعقانا :صاح بها وزجرها انتهى ) .(4ويدل
على مرجوحية الصفير للغنم ،وقد مر في باب الطيرة والعدوى ما يدل على
بعض الوجوه على النهي عن الصفير ،وعلى جواز خلط الدابة الجرباء
بغيرها وعدم العداء.
) (1علل الشرائع (2) .250 :2المحاسن (3) .642 :القاموس :الصفرة ،وفيه:
دعاه إلى الماء (4) .القاموس :نعق* .
][152
* )باب ) * * (6علل تسمية الدواب وبدء خلقها( * - 1العلل :عن علي بن أحمد
عن الكليني عن علن ) (1باسناده رفعه قال :قال أمير المؤمنين عليه
السلم في جواب ما سأل اليهودي :إنما قيل للفرس :أجد ،لن أول من
ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل وأنشأ يقول :أجد اليوم وما * ترك
الناس دما فقيل للفرس " :أجد " لذلك ،وإنما قيل للبغل " :عد " لن أول
من ركب البغل آدم عليه السلم وذلك كان له ابن يقال له " :معد " وكان
عشوقا للدواب ،وكان يسوق بآدم عليه السلم فإذا تقاعس البغل نادى :يا
معد سقها ،فألفت البغلة اسم معد ،فترك الناس معد ) (2وقالوا " :عد "
وإنما قيل للحمار " :حر " لن أول من ركب الحمار حوا ،وذلك أنه كان
لها حمارة ،وكانت تركبها لزيارة قبر ولدها هابيل فكانت تقول في
مسيرها " :واحراه " فإذا قالت هذه الكلمات سارت الحمارة وإذا أمسكت
تقاعست فترك الناس ذلك وقالوا :حر ) .(3بيان :قوله :أجد اليوم ،كأنه
من الجادة أي أجد السعي ،لن الناس ل يتركون الدم بل يطلبونه مني أو
من الوجدان ،أي أجد الناس اليوم ل يتركون الدم ،أو بتشديد الدال بمعنى
الجد والسعي فيرجع إلى المعني الول ،وربما يقال :لعل قوله " :وما "
تصحيف دما ،أي أجد اليوم أخذت لنفسي دما وانتقمت من
) (1في المصدر " :على بن محمد " وعلن لقب على بن محمد بن ابراهيم بن
ابان الرازي الكليني ،وجزم المنصف بأن على بن محمد هو علن لمكان
رواية الكليني عنه (2) .في نسخة من المصدر :فترك الناس ميم معد) .
(3علل الشرائع 2 :1و * .3
][153
عدوى ،فيكون قوله :ترك الناس دما كلمه عليه السلم ،وعلى الول والثاني
الظاهر أنها كلمة زجر كما في عد ،لكن المشهور أنها زجر للبل ،قال في
القاموس :إجد بالكسر ساكنة الدال :زجر للبل ) ،(1وقال :عدعد :زجر
للبغل ) ،(2وقال الحر زجر للبعير كما يقال للضأن :الحيه ) (3انتهى.
وكأنه كان في أول الحال زجرا للحمار ،وكذا عد كان زجرا للبغل ،ولما
كانت البل أشيع وأكثر عند العرب منهما شاع استعمالهما فيها عندهم- 2 .
العلل :عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن
العباس ابن معروف عن محمد بن سنان عن طلحة بن زيد عن عبدوس بن
أبي عبيدة قال :سمعت الرضا عليه السلم يقول :أول من ركب الخيل
إسماعيل وكانت وحشية ل تركب فحشرها ال عزوجل على إسماعيل من
جبل منى ،وإنما سميت الخيل العراب لن أول من ركبها إسماعيل ).(4
بيان " :وإنما سميت الخيل " أي نفائسها وعربيها " لن أول من ركبها
إسماعيل " فانه كان أصل العرب وأباهم ،فنسب الخيل إلى العرب ،قال في
النهاية :العرب :اسم لهذا الجيل المعروف من الناس ول واحد له من
لفظه ،سواء أقام بالبادية أو المدن ،والنسب إليهما أعرابي وعربي ،وفي
حديث سطيح " :يقود خيل عرابا " أي عربية منسوبة إلى العرب ،فرقوا
بين الخيل والناس فقالوا في الناس :عرب وأعراب :وفي الخيل عراب )
- 3 .(5أمان الخطار :ذكر محمد بن صالح مولى جعفر بن سليمان في
كتاب نسب
) (1القاموس :الجاد (2) .القاموس :العد (3) .القاموس :الحر (4) .علل الشرائع
(5) .70 :2النهاية * .88 :3
][154
الخيل في حديث عن ابن عباس أن إسماعيل عليه السلم لما بلغ أخرج ال له من
البحر مائة فرس فأقامت ترعى بمكة ما شاء ال ،ثم أصبحت على بابه
فرسنها وأنتجها وركبها ) - 4 .(1وروي في حديث آخر عن محمد بن
مسلم ) (2أن أول من ركب الخيل إسماعيل ) .(3بيان :في القاموس الرسن
محركة :الحبل ،وما كان من زمام على أنف ورسنها يرسنها ويرسنها
وأرسنها :جعل لها رسنا ورسنها :شدها برسن ) - 5 .(4العلل :عن محمد
بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد ال
عن البزنطي عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن مجاهد عن ابن عباس
قال :كانت الخيل العراب وحوشا بأرض العرب ،فلما رفع إبراهيم
وإسماعيل القواعد من البيت قال :إني قد أعطيتك كنزا لم اعطه أحدا كان
قبلك ،قال :فخرج إبراهيم وإسماعيل حتى صعدا جيادا فقال :أل هل أل
هلم ،فلم يبق في أرض العرب فرس إل أتاه وتذلل له وأعطت بنواصيها،
وإنما سميت جيادا لهذا ،فما زالت الخيل بعد تدعو ال أن يحببها إلى
أربابها ،فلم تزل الخيل حتى اتخذها سليمان ،فلما ألهته أمر بها أن يمسح
رقابها وسوقها ) (5حتى بقي أربعون فرسا ) .(6بيان :قال الفيروز آبادي:
هل :زجر للخيل ) ،(7وتهلى الفرس :أسرع
) (1المان من اخطار السفار والزمان (2) .97 :في المصدر :عن مسلم بن
جندب (3) .المان من اخطار السفار والزمان (4) .97 :القاموس" :
الرسن " فيه :أرسنها :شدها برسن (5) .في المصدر :أن تمسح
أعناقها (6) .علل الشرائع 35 :1و (7) .36القاموس :هاله* .
][155
وهلهل :زجره بهل ) ،(1وقال :الخيل :جماعة الفراس ل واحد له ،أو واحده خائل
لنه يختال ،والجمع أخيال وخيول ويكسر ،والفرسان ) .(2قال الجوهري:
جاد الفرس أي صار رائعا يجود جودة بالضم فهو جواد للذكر والنثى ،من
خيل جياد وأجياد وأجاويد ،والجياد :جبل بمكة ،سمي بذلك لموضع خيل
تبع ،وسمي قعيقعان ،لموضع سلحه ،وفي القاموس :أجياد :شاة وأرض
بمكة أو جبل بها لكونه موضع خيل تبع انتهى .والخبر ) (3يدل على أن
اسم الجبل كان جيادا بدون ألف ،ويحتمل سقوطه من الرواة أو النساخ،
ويؤيده أن الدميري رواه عن ابن عباس وفيه :فخرج إسماعيل إلى أجياد،
كما سيأتي .وقوله :فلما ألهته الخ لم يكن في بعض النسخ وكان المصنف
ضرب عليه أخيرا لكونه مخالفا لما اختاره في تلك القصة كما مر مفصل
في بابه ،وهذا موافق لما رواه المخالفون في ذلك - 6 .الكافي :عن العدة
عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن أبان عن زرارة عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :إن الخيل كانوا ) (4وحوشا في بلد العرب فصعد إبراهيم
وإسماعيل عليهما السلم على جبل جياد ثم صاحا :أل هل ألهلم ،قال :فما
بقي فرس إل أعطاهما بيده وأمكن من ناصيته ).(5
) (1القاموس :الهلل (2) .القاموس :خال (3) .وكذلك الخبار التية تدل على ذلك،
وفى المصحف الشريف استعمل الجياد للخيل في قوله " :إذ عرض عليه
بالعشى الصافنات الجياد " وذلك يؤيد الروايات التى تدل على ان اسم
الجبل كان جيادا (4) .في المصدر :كانت (5) .فروع الكافي * .47 :5
][156
المحاسن :عن غير واحد مثله ) - 7 .(1حياة الحيوان :نقل من تاريخ نيسابور
روى ) (2باسناده عن علي بن أبي طالب قال :قال رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم :لما أراد ال أن يخلق الخيل قال لريح الجنوب إني خالق
منك خلقا أجعله عزا لوليائي ومذلة لعدائي وجمال لهل طاعتي .فقالت
الريح :اخلق يا رب ،فقبض منها قبضة فخلق منها فرسا ،وقال :خلقتك
عربيا وجعلت الخير معقود بناصيتك والغنائم محتازة على ظهرك ،وبوأتك
سعة من الرزق ،وأيدتك على غيرك من الدواب ،وعطفت عليك صاحبك،
وجعلتك تطيرين بل جناح فأنت للطلب وأنت للهرب ،وإني سأجعل على
ظهرك رجال يسبحوني ويحمدوني ويهللوني ويكبروني ،ثم قال صلى ال
عليه واله وسلم :ما من تسبيحة وتهليلة وتكبيرة يكبرها صاحبها فتسمعه
) (3إل تجيبه بمثلها ،قال :فلما سمعت الملئكة بخلق الفرس قالت :يا رب
نحن ملئكتك نسبحك ونحمدك ونهللك ) ،(4فماذا لنا ؟ فخلق ال لها خيل
لها أعناق كأعناق البخت يمد بها من يشاء من أنبيائه ورسله قال :فلما
استوت قوائم الفرس في الرض قال ال له :اذل بصهيلك المشركين ،وأمل
منه آذانهم ،واذل به أعناقهم ،وأرعب به قلوبهم .قال :فلما أن عرض ال
على آدم كل شئ مما خلق قال له :اختر من خلقي ما شئت ،فاختار الفرس
فقيل له :اخترت عزك وعز ولدك خالدا ما خلدوا وباقيا
) (1المحاسن 630 :فيه) :عن ابان الحمر رفعه إلى أبى عبد ال عليه السلم(
وفيه) :كانت الخيل وحوشا( وفيه) :ال هلم ،فما فرس ال اعطى بيده(
واورده المصنف بالفاظه عن المحاسن في كتاب النبوة وفيه) :على
أجياد( راجع ج (2) .114 :12في المصدر :رأيت في تاريخ نيسابور
للحاكم ابى عبد ال في ترجمة ابى جعفر الحسن بن محمد بن جعفر
الزاهد العابد انه روى (3) .في المصدر :فتسمعه الملئكة (4) .في
المصدر :ونهللك ونكبرك* .
][157
ما بقوا أبد البدين ودهر الداهرين .ثم قال :أول من ركبها إسماعيل عليه السلم
ولذلك سميت العراب ) ،(1وكانت قبل ذلك وحشيا ) (2كسائر الوحوش،
فلما أذن ال تعالى لبراهيم وإسماعيل برفع القواعد من البيت قال ال
عزوجل :إني معطيكما كنزا ادخرته لكما ،ثم أوحى ال تعالى إلى إسماعيل:
أن اخرج فادع بذلك الكنز فخرج إلى أجياد ،وكان ل يدري ما الدعاء وما
الكنز ،فألهمه ال عزوجل الدعاء ،فلم يبق على وجه الرض فرس بأرض
العرب إل أجابته وأمكنته من نواصيها وتذللت له ،ولذلك قال النبي صلى
ال عليه وآله :اركبوا الخيل فانها ميراث أبيكم إسماعيل ) - 8 .(3قرب
السناد :عن عبد ال بن الحسن عن جده على بن جعفر عن أخيه موسى
عليه السلم قال :سألته عن جياد لم سمي جيادا ؟ قال :لن الخيل كانت
وحوشا فاحتاج إليها إبراهيم وإسماعيل ) ،(4فدعا ال تبارك وتعالى أن
يسخرها له ،فأمره أن يصعد على أبي قبيس فينادي ) :(5أل هل أل هلم،
فأقبلت حتى وقفت بجياد فنزل إليها فأخذها ،فلذلك سمي جيادا ) .(6كتاب
المسائل :باسناده عن علي بن جعفر مثله ).(7
) (1في المصدر :بالعراب (2) .في المصدر :وحشية (3) .حياة الحيوان 224 :1و
(4) .225في المصدر :كانت وحشا فاحتاج إليها اسماعيل عليه السلم.
) (5في المصدر :فأمره فصعد على ابى قبيس ثم نادى (6) .قرب
السناد (7) .105 :أورد المصنف كتاب المسائل بتمامه في كتاب
الحتجاجات راجع * .291 - 249 10
][158
* )باب ) * * (7فضل ارتباط الدواب وبيان انواعها وما فيه شومها وبركتها( *
اليات :النفال " :" 8وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل
ترهبون به عدو ال وعدوكم .60النحل " :" 16والخيل والبغال والحمير
لتركبوها وزينة .8ص " " 38إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد
* فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب * ردوها
علي فطفق مسحا بالسوق والعناق .33 - 31تفسير " :وأعدوا لهم "
أي لناقضي العهد أو للكفار " ما استطعتم من قوة " قيل :أي كل ما يتقوي
به في الحرب ) ،(1وفي تفسير علي بن إبراهيم قال :السلح ) (2وفي
الفقيه ) (3قال عليه السلم :منه الخضاب بالسواد ) ،(4وفي تفسير
العياشي عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سيف وترس ) .(5وفي الكافي
مرفوعا قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :هو
) (1هذا هو المعنى التام للقوة ،واما سائر ما قيل في معناه فهو من بيان المصداق
ل المفهوم الحقيقي (2) .تفسير القمى (3) .255 :من ل يحضره الفقيه
(4) .70 :1علة ذلك ان صاحبه يرى شابا فيهاب منه ،ولذلك ورد في
الحديث :في الخضاب ثلثة خصال :مهيبة في الحرب ،ومحبة إلى
النساء ،ويزيد في الباه (5) .تفسير العياشي 66 :2رواه عن محمد بن
عيسى عمن ذكره عن ابى عبد ال عليه السلم ،وروى عن عبد ال بن
المغيرة رفعه عن رسول ال صلى ال عليه وآله " أو عن جابر بن عبد
ال عن رسول ال صلى ال عليه وآله كما في نسخة " أنه الرمى* .
][159
الرمي ) " (1ومن رباط الخيل " قيل :اسم للخيل التي تربط في سبيل ال فعال:
بمعنى مفعول أو مصدر سمي به يقال :ربطه ربطا ورابطه مرابطة
ورباطا ،أو جمع ربيط كفصيل وفصال .وفي مجمع البيان عن النبي صلى
ال عليه واله :وارتبطوا الخيل فان ظهورها لكم عز وأجوافها كنز )" (2
ترهبون " أي تخوفون " به " الضمير لما استطعتم أو للعداد " عدو ال
وعدوكم " قيل :يعني كفار مكة ،وأقول :خصوص السبب ل يدل على
خصوص الحكم ،ويدل على رجحان رباط الخيل للجهاد ول رهاب أعداء
ال وإن كان في زمن غيبة المام عليه السلم توقعا لظهوره ) (1كما ورد
في الخبار ،وقد مر تفسير الية الثانية وكذا الثالثة في باب أحوال داود
عليه السلم ،وقالوا :الصافن من الخيل :الذي يقوم على طرف سنبك يد أو
رجل ،وهو من الصفات المحمودة في الخيل ل تكاد تكون إل في العراب
الخلص ،والجياد جمع جواد أو جود وهو الذي يسرع في جريه ،وقيل الذي
يجود بالركض ،وقيل :جمع جيد ،والخير :المال الكثير ،والمراد هنا الخيل
كما قال النبي صلى ال عليه واله وسلم " :الخيل معقود بنواصيها الخير
إلى يوم القيامة " وفي قراءة ابن مسعود :حب الخيل " حتى توارت
بالحجاب " أي الخيل أو الشمس " فطفق مسحا " قيل :أي فأخذ يمسح
السيف مسحا " بالسوق والعناق " يقطعها لنها كانت سبب فوت
صلتها ،وقيل :جعل يمسح بيده أعناقها وسوقها وحبالها ،وفي الخبر :أن
الضمير للشمس ،والمراد بالمسح بالسوق والعناق الوضوء بطريق شرع
لهم - 1 .الفقيه :قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :الخيل
معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ،والمنفق عليها في سبيل ال
كالباسط يده بالصدقة ل يقبضها ،فإذا أعددت
][160
شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلثة طلق اليمين كميتا ثم أغر ) (1تسلم وتغنم ).(2
توضيح :قال في النهاية :فيه ) " :(3خير الخيل الرثم القرح المحجل "
الرثم :الذي أنفه أبيض وشفته العليا ) ،(4والقرح :ما كان في جبهته
قرحة بالضم ،وهي بياض يسير في وجه الفرس دون الغرة ).(5
والمحجل :هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز
الرساغ ول يجاوز الركبتين ،لنها مواضع الحجال وهي الخلخيل
والقيود ،ول يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلن )
.(6قال :وفيه " :خير الخيل القرح طلق اليد اليمنى " أي مطلقها ليس
فيها تحجيل ) - 2 .(7الكافي :عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد
عن أحمد بن محمد عمن أخبره عن ابن طيفور المتطبب قال :سألني أبو
الحسن عليه السلم أي شئ تركب ؟ قلت :حمارا فقال :بكم ابتعته ؟ قلت:
بثلثة عشر دينارا ،قال :إن هذا لهو السرف ) (8أن تشتري حمارا بثلثة
عشر دينارا وتدع برذونا ،قلت :يا سيدي إن مؤونة البرذون أكثر من
مؤونة الحمار ،قال :فقال إن الذي يمون الحمار يمون البرذون ،أما علمت
أن من ارتبط دابة
) (1الكميت من الخيل للمذكر والمؤنث :ما كان لونه بين السود والحمر .والغر:
ما كان في جبهته بياض (2) .الفقيه 185 :2و (3) .186أي في
الحديث (4) .النهاية (5) .69 :2النهاية (6) .270 :3النهاية .237 :1
) (7النهاية (8) .47 :3في المصدر :فقال :ان هذا هو السرف* .
][161
متوقعا به أمرنا ويغيظ به عدونا وهو منسوب إلينا أدر ال رزقه وشرح صدره
وبلغه أمله وكان عونا على حوائجه ) .(1بيان :في القاموس :مأن القوم:
احتمل مؤونتهم ،أي قوتهم ،وقد ل يهمز فالفعل مانهم ) - 3 .(2الكافي:
عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عبد ال
ابن جندب قال :حدثني رجل من أصحابنا عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
تسعة أعشار الرزق مع صاحب الدابة ) - 4 .(3ومنه :عن عدة من
أصحابه عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن ) (4عن جعفر بن بشير
عن داود الرقى قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :من اشترى دابة كان له
ظهرها وعلى ال رزقها ) - 5 .(5ومنه :عن العدة عن سهل عن محمد بن
الوليد عن يونس بن يعقوب قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :اتخذ حمارا
يحمل رحلك فان رزقه على ال ،قال :فاتخذت حمارا وكنت أنا ويوسف
أخي إذا تمت السنة حسبنا نفقاتنا فنعلم مقدارها فحسبنا بعد شراء الحمار
نفقاتنا فإذا هي كما كانت في كل عام لم تزد شيئا ) - 6 .(6ومنه :عن علي
بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن بعض أصحابه عن إبراهيم ابن أبي
البلد عن علي بن أبي المغيرة ) (7عن أبي جعفر عليه السلم قال :من
شقاء العيش
) (1فروع الكافي (2) .535 :6القاموس :المأنة (3) .فروع الكافي (4) .535 :6
في المصدر :عن محمد بن الحسين (5) .فروع الكافي (6) .536 :6
فروع الكافي (7) .536 :6في المصدر :على بن المغيرة* .
][162
المركب السوء ) - 7 .(1معاني الخبار :عن محمد بن علي بن بشار القزويني عن
المظفر بن أحمد عن محمد بن جعفر الكوفي عن البرمكي عن عبد ال بن
أحمد الحمري عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن دينار عن علي بن
الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم :خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة )8 .(2
-ومنه :عن محمد بن الحسين الديلمي عن محمد بن يعقوب الصم عن
محمد بن عبد ال المنادي ) (3عن روح بن عبادة عن أبي نعامة العدوي )
(4عن مسلم بن زيد ) (5عن اناس بن زهير عن سويد بن هبيرة عن
النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :خير مال المرء مهرة مأمورة أو سكة
مأبورة .قوله " :سكة مأبورة " يقال :هي الطريقة المستقيمة المستوية
المصطفة من النخل ،ويقال :إنما سميت الزقة سككا لصطفاف الدور فيها
كطرائق النخل هذا في اللغة ،وقد روي عن النبي صلى ال عليه واله وسلم
أنه قال :ل تسموا الطريق السكة فانه ل سكة إل سكك الجنة.
) (1فروع الكافي (2) .637 :6معاني الخبار 292 :طبعة الغفاري (3) .في
المصدر " :محمد بن عبيد ال المنادى " وهو الصحيح ،قال ابن الثير
في اللباب :179 :3المنادى بضم الميم :نسبة إلى من ينادى على
الشياء التى تباع والشياء الضائعة ،والمشهور بهذه النسبة ابو جعفر
محمد بن ابى داود عبيد ال بن يزيد المنادى بغدادي مات في شهر
رمضان سنة 272وكانت ولدته سنه 171وعمره 101سنة (4) .هو
عمرو بن عيسى بن سويد بن هبيرة (5) .في المصدر " :مسلم بن بديل
عن اياس بن زهير " وفى اسد الغابة 381 :2في ترجمة سويد بن
هبيرة عبد الحارث الديلمى :روى عنه أياس بن زهير أن النبي صلى ال
عليه وآله قال :خير المال للرجل المسلم سكة مأبورة أو مهرة مأمورة.
رواه كذا روح بن عبادة عن ابى نعامة عن اياس بن زهير عن سويد بن
هبيرة* .
][163
وأما " المأبورة " فهي التي قد لقحت ،قال أبو عبيدة :لقحت للواحدة خفيفة
وللجمع بالتثقيل " لقحت " يقال :أدبرت النخل آبرها أبرا وهي نخلة
مأبورة ،ويقال :ائتبرت ) (1غيري :إذا سألته أن يأبر لك نخلك ،وكذلك
الزرع ،والبر :العامل والمؤبر ) :(2رب الزرع ،والمأبور :الزرع والنخل
الذي قد لقح ،وأما " المهرة المأمورة " فانها الكثيرة النتاج ،وفيها لغتان
يقال :فد أمرها ال فهي مأمورة ،وآمرها -ممدودة -فهي مؤمرة ،وقد قرأ
بعضهم " :أمرنا مترفيها " ) (3غير ممدودة يكون من المر وروي عن
الحسن أنه فسرها فقال :أمرناهم بالطاعة فعصوا ،وقد يكون " أمرنا "
بمعنى أكثرنا على قوله :مهرة مأمورة وفرس مأمورة ،ومن قرأها "
آمرنا " فمدها فليس معناه إل أكثرنا ،ومن قرأها مشددة فقال " :أمرنا "
فهذا من التسليط ،ويقال في الكلم :قد أمر القوم يأمرون :إذا كثروا وهو
من قوله :مهرة مأمورة ) .(4تأييد :قال في القاموس :المهر بالضم :ولد
الفرس أو أول ما ينتج منه ومن غيره ،والنثى :مهرة ،والم :ممهر ).(5
وفي النهاية :فيه " :خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة " المأمورة:
الكثيرة النسل والنتاج ،يقال :أمرهم ال فأمروا ،أي كثروا ،وفيه لغتان:
أمرها فهي مأمورة ،وآمرها فهي مؤمرة ) (6والسكة :الطريقة المصطفة
من النخل ،ومنها قيل للزقة :سكك ،لصطفاف الدور فيها ).(7
) (1في نسخة من المصدر :استأبرت (2) .في المصدر :والمؤتبر (3) .السراء:
(4) .17معاني الخبار 292 :و (5) .293القاموس :المهر (6) .النهاية
(7) .51 :1النهاية * .186 :2
][164
والمأبورة :الملقحة ،يقال :أبرت النخلة وأبرتها فهي مأبورة ومؤبرة ) (1والسم
البار ،وقيل :السكة سكة الحرث ،والمأبورة ،المصلحة له ،أراد خير المال
نتاج أو زرع انتهى ) .(4وأقول :روى في شهاب الخبار " :وفرس
مأمورة " ) (3وقال في ضوء الشهاب :وروي " :ومهرة مأمورة " وهو
من أمر القوم :إذا كثروا ،وأمرنا له أي كثر وأمرتهم أي أكثرتهم ،على
فعلتهم لغتان فان كانت الكلمة من أمر على فعل فهي على موجبها وبابها
وإن كان من آمر فانما صار مأمورة لزدواج الكلم وملءمته كما قالوا" :
الغدايا والعشايا " وكان حقها " الغداوات " وكما قالوا " :هنأني الطعام
ومرأني " فإذا أفردوا قالوا " :أمرأني " وكقوله عليه السلم " :ارجعن
مأزورات غير مأجورات " وهو من الوزر وكان حقه " موزورات " )(4
وكقوله عليه السلم " :أعوذ بال من الهامة واللمة " وإذا افردت كانت
" الملمة " لنه من ألم بالشئ ،فكأنه يقول صلى ال عليه واله وسلم" :
خير المال النخل والنتاج " وقال بعد تفسير السكة بالنخل " وفسر
الصمعي هذه الكلمة على وجه آخر فقال :السكة :الحديدة التي تثار بها
الرض للزرع ،ومأبورة على هذا أي مصلحة محددة ،ول بأس بهذا
الوجه ،ويكون المعنى خير المال الزرع والنتاج ،وفي الحديث " :ما دخلت
السكة دار قوم " يعني الزراعة واتباع أذناب البقر وترك الغزو ،وإنما كان
النخل أو الزرع والنتاج خير المال لشتمال النخل والزرع على الزكوات
والعشور فتتوفر ) (5على المساكين والمحتاجين
) (1ضبطهما في النهاية بالتشديد من باب التفعيل (2) .النهاية (3) .11 :1
الموجود في شهاب الخبار المطبوع بضميمة البيان " :25 :خير المال
سكة مأبورة " ولم يزد على ذلك والظاهر انه غير كتاب الشهاب الذى
يروى عنه المصنف (4) .هكذا في المطبوع وفى المخطوط " :مأزورات
" ولعل الصحيح :موزورات (5) .في النسخة المخطوطة :فتوفر* .
][165
) (1في النسخة المخطوطة :والمحتاجين المستحقين (2) .في النسخة المخطوطة:
لتوفر (3) .ضوء الشهاب :لم نجد نسخته (4) .في نسخة من المصدر:
سعيد بن عنبسة (5) .في المصدر " :يوسف بن اسحاق بن ابى اسحاق
" وهو الصحيح ،ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب 316 :10من روات
منصور بن وردان يوسف بن اسحاق بن ابى اسحاق وأورد ترجمة
يوسف في التقريب والتهذيب فقال :يوسف بن اسحاق بن ابى اسحاق
السبيعى وقد ينسب لجده ثقة مات سنة (6) .157مجالس ابن الشيخ:
(7) .244في المصدر :يعقوب بن جعفر بن ابراهيم بن محمد الجعفري.
) (8ثواب العمال* .103 :
][166
) (1المحاسن (2) .631 :فيه وهم لن الحديث الذى روى في الفقيه يغاير ذلك
اسنادا ومتنا ،وهو حديث سليمان بن جعفر الجعفري ،قال الصدوق في
الفقيه :186 :2وروى بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفري عن
أبى الحسن عليه السلم ،قال :سمعته يقول :الخيل على كل منخر منها
شيطان فإذا أراد احدكم ان يلجمها فليسم .ثم قال :قال :وسمعته يقول :من
ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات وكتبت له احدى عشر حسنة
في كل يوم ،ومن ارتبط هجينا محيت عنه في كل يوم سيئتان ،وكتب له
تسع حسنات في كل يوم ،ومن ارتبط برذونا يريد به جمال أو قضاء
حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتب له ست حسنات،
ومن ارتبط فرسا أشقر .إلى قوله " :ل يدخل بيته حيف " فيما يأتي عن
ثواب العمال تحت رقم (3) .13فروع الكافي (4) .48 :5حياة الحيوان
* .147 :2
][167
- 11ثواب العمال :عن أبيه عن علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي
عبد ال البرقي عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله :الخير معقود بنواصي
الخيل إلى يوم القيامة ) - 12 .(1ومنه :عن محمد بن علي ماجيلويه عن
عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي عن أبيه عن
ابن أبي عمير عن ابن رئاب عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إذا اشتريت
دابة فان منفعتها لك ورزقها على ال ) .(2المحاسن :عن أبيه مثله إل أن
فيه :اشتر دابة ) - 3 .(3ثواب العمال :عن محمد بن موسى بن المتوكل
عن علي بن الحسين السعد -آبادي عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي عن
بكر بن صالح عن سليمان الجعفري قال :سمعت أبا الحسن ) (4عليه
السلم يقول :من ارتبط فرسا أشقر أغر أو أقرح ) - (5فان كان أغر سائل
الغرة به وضح في قوائمه فهو أحب إلى -لم يدخل بيته فقر مادام ذلك
الفرس فيه ،وما دام أيضا في ملكه ل يدخل بيته حنق ) .(6قال :وسمته
يقول :من ارتبط فرسا ليرهب به عدوا ) (7أو يستعين به على جماله لم
يزل معانا عليه أبدا مادام في ملكه ،ول يدخل بيته خصاصة مادام في ملكه
).(8
) (1ثواب العمال 103 :ورواه البرقى في المحاسن 631 :عن على بن الحكم
وفيه :الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ورواه الكليني في
الفروع 48 :5عن العدة عن البرقى (2) .ثواب العمال(3) .103 :
المحاسن (4) .625 :في المصدر :أبا الحسن الكاظم عليه السلم(5) .
في المحاسن " :اغر اقرح " ولعله مصحف (6) .في المحاسن :والفقيه:
حيف (7) .في المحاسن :لرهبة عدو (8) .ثواب العمال* .103 :
][168
المحاسن :عن بكربن صالح مثله ) .(1بيان :في القاموس :الشقر من الدواب:
الحمر في مغرة حمرة يحمر منها العرف والذنب ) .(2وقال في المصباح:
الشقرة :حمرة صافية في الخيل ،وقال :الغرة :في الجبهة بياض فوق
الدرهم ،وفرس أغر ومهرة غراء ونحوه ،قال الجوهري :وقال :القرحة:
في وجه الفرس ما دون الغرة ،والفرس أقرح ،وقال :الوضح :الضوء
والبياض ،يقال :بالفرس وضح :إذا كانت به وشية انتهى .والخنق :الغيظ،
وفي بعض نسخ ثواب العمال والفقيه " :حيق " بالياء ،وفي القاموس:
الحيق :ما يشتمل على النسان من مكروه فعله ) ،(3وفي أكثر نسخ
المحاسن والفقيه " :حيف ) " (4أي ظلم .والخصاصة بالفتح :الفقر وفي
المحاسن :ول يزال بيته مخصبا ما دام في ملكه - 14 .المحاسن :عن أبيه
عن فضالة عن أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلم وعبد الرحمن
بن أبي عبد ال عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم :الخيل في نواصيها الخير ) - 15 .(5ومنه :عن ابن
فضال عن ثعلبة بن ميمون عن معمر عن أبي جعفر عليه السلم قال:
سمعته يقول :إن الخير كل الخير ) (6في نواصي الخيل إلى يوم القيامة )
.(7
) (1المحاسن 631 :و (2) .633القاموس :الشقر (3) .القاموس :حاق(4) .
وهو الموجود في المصدرين المطبوعين (5) .المحاسن (6) .630 :في
المحاسن " :ان كل الخير " ورواه الكليني في الفروع 48 :5عن العدة
عن البرقى وفيه :الخير كله (7) .المحاسن* .630 :
][169
- 16ومنه :عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه واله :الخيل معقود في نواصيها الخير إلى
يوم القيامة ) - 17 .(1ومنه :عن بكر بن صالح عن سليمان الجعفري
قال :سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول :أهدى أمير المؤمنين إلى رسول
ال صلى ال عليه واله وسلم أربعة أفراس من اليمن فقال ) :(2سمها لي،
فقال :هي ألوان مختلفة ،فقال :أفيها وضح ؟ فقال :نعم أشقربه وضح،
قال :فأمسكه علي ،قال :وفيها كميتان أوضحان ،قال :أعطهما ابنيك ،قال
والرابع أدهم بهيم ،قال :بعه واستخلف ثمنه نفقة لعيالك ،إنما يمن الخيل
في ذوات الوضاح .قال :وسمعت أبا الحسن عليه السلم يقول :كرهنا
البهيم ) (3من الدواب كلها إل الجمل والبغل ) ،(4وكرهت شية أوضاح في
الحمار والبغل اللوان ) ،(5وكرهت القرح في البغل إل أن يكون به غرة
سائلة ،ول أستثنيها على حال ) .(6وقال :إذا عثرت الدابة تحت الرجل
فقال لها " :تعست " تقول :تعس وانتكس أعصانا لربه ) .(7الكافي :عن
العدة عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا عن بكر بن صالح مثله إلى
قوله :ول أشتهيها على حال ).(8
) (1المحاسن 631 :ورواه الكليني عن العدة عن البرقى (2) .أي فقال رسول ال
صلى ال عليه وآله لعلى عليه السلم (3) .في المصدر :كرهنا البهم) .
(4في الكافي :ال الحمار والبغل وكرهت شية الوضاح (5) .في الكافي:
اللون (6) .في المصدر :ول أشتهيها على حال (7) .المحاسن) .631 :
(8فروع الكافي 535 :6و * .536
][170
الفقيه :باسناده عن بكر مثله إلى قوله :وفي ذوات الوضاح ) .(1بيان :فقال:
سمها لي بالتشديد ،أي صفها ،أو بالتخفيف من الوسم أي اذكر سمتها
وعلمتها ،وفي الفقيه " :من اليمن فأتاه فقال :يا رسول ال أهديت لك
أربعة أفراس قال :صفها " وفي القاموس الوضح محركة :الغرة،
والتحجيل في القوائم ) .(2وقال الجوهري :الكميت من الفرس يستوي فيه
المذكر والمؤنث ولونه الكمتة ،وهي حمرة يدخلها قنوء ،قال سيبويه:
سألت الخليل عن كميت فقال :إنما صغر لنه بين السواد والحمرة كأنه لم
يخلص له واحد منهما فأرادوا بالتصغير أنه قريب منهما ،والفرق بين
الكميت والشقر بالعرف والذنب ،فان كانا أحمرين فهو أشقر ،وإن كانا
أسودين فهو كميت ،وقال :هذا فرس بهيم وهذه فرس بهيم ،أي مصمت،
وهو الذي ل يخلط لونه شئ سوى لونه ،والجمع بهم مثل رغيف ورغف
وقال :الدهمة السواد ،وقال :الشية :كل لون يخالف معظم لون الفرس
وغيره والهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله .قوله عليه السلم:
اللوان أي في جميع اللوان ،وفي الكافي " :إل لون واحد " ) (3وهو
أظهر ،قوله عليه السلم ول أستثنيها ) (4أي ل أستثنى الغرة وحسنها
على حال وفي الكافي " :ول أشتهيها " أي ول أشتهي الغرة والشيات
فيهما على حال - 18 .المحاسن ،عن بكر بن صالح بن سليمان الجعفري
عن أبي الحسن عليه السلم قال :من خرج من منزله أو منزل غيره في
أول الغداة فلقي فرسا أشقربه أوضاح )(5
) (1من ل يحضره الفقيه 186 :2فيه :قال ،ففيها وضح ؟ قال :نعم ،قال :فيها
اشقر به وضح ؟ قال :نعم قال :فامسكه على .وفيه :واستخلف قيمته
لعيالك (2) .القاموس :الوضح (3) .قد ذكرنا قبل ذلك ان الموجود في
الكافي :اللون (4) .قد عرفت قبل ذلك ان الموجود في المصدر " :ول
أشتهيها " وهو يماثل ما في الكافي (5) .في ثواب العمال :به وضح أو
كانت له* .
][171
-وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش كل العيش -لم يلق في يومه ذلك إل سرورا
) ،(1وإن توجه في حاجة فلقي الفرس قضى ال حاجته ) .(2ثواب
العمال :عن محمد بن موسى المتوكل عن علي بن الحسين السعد آبادي
عن البرقي عن بكر مثله .وليس فيه :في أول الغداة ) - 19 .(3المحاسن:
عن أبيه مرسل قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :من سعادة الرجل المسلم المركب الهنئ (4) .ومنه :عن
النوفلي عن السكوني عن أبي عبد ال عن آبائه عليهم السلم عن النبي
صلى ال عليه وآله مثله ) .(5الكافي :عن على بن إبراهيم عن أبيه عن
النوفلي مثله ) .(6بيان :الهنئ :ما اتي من غير مشقة ،وكأن المراد هنا
السريع السير الموافق - 20 .المحاسن :عن علي بن محمد عن سماعة
عن محمد بن مروان عن أبي عبد ال عليه السلم قال :من سعادة المرء
دابة يركبها في حوائجه ويقضي عليها حقوق إخوانه ).(7
) (1لعل ذلك كناية عن فضل ارتباط دابة ذلك وصفها ،ل انه عليه السلم اراد بذلك
التأفل كما هو المرسوم في الجاهلية (2) .المحاسن 633 :و (3) .634
ثواب العمال 103 :ورواه الصدوق في من ل يحضره الفقيه 187 :2
مع الزيادة وفيه " :به أوضاح بورك له في يومه وان كانت به غرة
سائلة فهو العيش ولم يلق " وفيه :ال سرورا وقضى ال عزوجل له
حاجته (4) .المحاسن (5) .625 :المحاسن (6) .626 :فروع الكافي :6
536فيه :المرء المسلم (7) .المحاسن* .626 :
][172
) (1فروع الكافي (2) .536 :6المحاسن (3) .626 :فروع الكافي 537 :6فيه:
اتخذوا الدابة (4) .فروع الكافي (5) .537 :6في المصدر " :عن
الحجال عن ابى عبد ال بن محمد " ولعله تصحيف من النساخ أو
الروات وكان اصله :عن الحجال عبد ال بن محمد (6) .في المصدر :عن
محمد بن القاسم عن الفضيل بن يسار (7) .المحاسن (8) .635 :يحتمل
ان ل يريد بذلك ذما بل اراد النفى حقيقة* .
][173
أو الجميع ،والغرض أنها ليست مما لسائر الورثة فيه نصيب ،وليس في بعض
النسخ " :ليس " - 24 .المكارم :قال رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم :الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ،والمنفق عليها في
سبيل ال كالباسط يده بالصدقة يقبضها ) - 25 .(1روي عن رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم أنه قال :ل تجزوا نواصي الخيل ول أعرافها ول
أذنابها ،فان الخير في نواصيها ،وإن أعرافها دفؤها ،وإن أذنابها مذابها )
- 26 .(2وقال صلى ال عليه واله وسلم :يمن الخيل في كل أحوي أحمر،
وفي كل أدهم أغر مطلق اليمين ) - 27 .(3وعن الباقر عليه السلم :قال
إن أحب المطايا إلى الحمر ) ،(4كان رسول ال صلى ال عليه واله وسلم
يركب حمارا اسمه يعفور ) .(5بيان :قال في النهاية فيه " :ولدت
جدياأسفع أحوى " أي أسود ليس شديد البياض ،وفيه " :خير الخيل الحو
" الحو جمع أحوى وهو الكميت الذي يعلوه سواد ،والحوة :الكمتة ،وقد
حوى فهو أحوى ) .(6وفي الصحاح :الحوة :لون يخالط الكمتة مثل صدء
الحديد ،وقال الصمعي الحوة :حمرة تضرب إلى السواد ،وقد احووى
الفرس يحووي احوواء ،وقال بعض العرب يقول :حوي يحوى حوة ،حكاه
في كتاب الفرس ،وفي النهاية :فيه " :خير الخيل القرح طلق اليد اليمنى
" أي مطلقها ليس فيه تحجيل ) - 28 .(7نوادر الراوندي :عن عبد الواحد
بن إسماعيل الرؤياني عن محمد بن
) (3 - 1مكارم الخلق (4) .138 :لعل محبوبية ذلك مختصة بغير حال الجهاد لنه
تدل على التواضع ،واما في الجهاد فالفضل للخيل (5) .مكارم الخلق:
(6) .138النهاية (7) .308 :1النهاية * .47 :3
][174
) (1البقرة (2) .274 :نوادر الراوندي 33 :و (3) .34نوادر الراوندي(4) .34 :
في المصدر :ليفزع (5) .نوادر الراوندي (6) .34 :في المصدر :هل من
مغيث بالماء ؟ ) (7زاد في المصدر :ثم جاء رجل آخر على فرس أشقر
بين يديه قربة من ماء .فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :اللهم بارك
في الشقر (8) .نوادر الراوندي* .34 :
][175
- 32وبهذا السناد قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ) :(1الخيل
معقود في نواصيها الخير إلى أن تقوم القيامة ،وأهلها معانون ) (2عليها،
أعرافها وقارها ،ونواصيها جمالها ،وأذنابها مذابها ) .(3تبيان " :الذين
ينفقون أموالهم " قال الطبرسي رحمه ال :قال ابن عباس :نزلت الية في
علي عليه السلم كانت معه أربعة دراهم فتصدق بواحد نهارا وتصدق
بواحد ليل ،وبواحد سرا وبواحد علنية ،وهو المروي عن أبي جعفر وأبي
عبد ال عليهما السلم وروي عن أبي ذر والوزاعي أنها نزلت في النفقة
على الخيل في سبيل ال ،وقيل :هي عامة في كل من أنفق ماله في طاعة
ال على هذه الصفة ،وعلى هذا فأقول :الية نزلت في علي عليه السلم
وحكمها سائر في كل من فعل مثل فعله ،وله فضل السبق على ذلك انتهى )
.(4قوله :وأذنابها ،بالنصب عطفا على أعرافها ومذابها عطف بيان لها
ويحتمل رفعهما ليكون جملة ) ،(5وظاهره حرمة الجز ،ويمكن حمله على
شدة الكراهة أو على ما إذا كان الغرض التدليس كما هو الشائع- 33 .
أعلم أعلم الدين :قيل :حج الرشيد فلقيه موسى عليه السلم على بغلة له
فقال له الرشيد :من مثلك في حسبك ونسبك وتقدمك تلقاني على بغلة ؟
فقال :تطأطات عن خيلء الخيل وارتفعت عن ذلة الحمير ).(6
) (1ذكر في المصدر صدر للحديث وهو هكذا :قال على عليه السلم :ان رجل من
نجران كان مع رسول ال صلى ال عليه وآله في غزاة ومعه فرس وكان
رسول ال صلى ال عليه وآله يستأنس إلى صهيله ففقده فبعث إليه
فقال :ما فعل فرسك ،قال :اشتد على شغبه فخصيته فقال رسول ال صلى
ال عليه وآله :مثلت به مثلت به ،الخيل (2) .في المصدر :معاونون
عليها (3) .نوادر الراوندي (4) .34 :مجمع البيان (5) .388 :2في
المخطوطة :ويكون جملة (6) .اعلم الدين :مخطوط لم نجد نسخته* .
][176
) (1المامة والتبصرة مخطوط لم نجد نسخته (2) .البقرة (3) .274 :الفقيه :2
(4) .188الشهاب (5) ...الشهاب* ....
][177
الخيلء لن الفرس كان له خيلء في نفسه وكذلك الفارس ،ولذلك يقال :ما ركب
أحد فرسا إل وجد في نفسه نخوة ،وفي كلم للعجم " :إن الرستاقي إذا
ركب الفرس نسي ال " والحديث مقصور على مدح الفراس للغناء الذي
جعله ال فيها ،و لول الخيل ما فتحت مدينة ول يغلب على بلد من بلد
الكفار ،وبها استنجد النبي صلى ال عليه وآله وصحابته من بعده فيما
تيسر لهم من الستيلء وفتح البلد ونشر دعوة السلم فيها ،ولول
تقويهم بها لما تيسر لهم ذلك ول تمشى لهم أمر ،ثم انها من أخص آلت
الجهاد وأمر العدد لعداء السلم .وذكر النواصي مجاز ،وإنما اختصها
بالذكر لنها من أول ما يستقبلك منها ويقال " :أرى في ناصية فلن خيرا
" وبالعكس ،وروي عن وهب ابن منبه قال :في بعض الكتب :لما أراد ال
أن يخلق الخيل قال للريح الجنوب :إني خالق منك خلقا أجعله عزا
لوليائي ،وإجلل لهل طاعتي ،فقبض قبضة من ريح الجنوب فخلق منها
فرسا ،وقال :سميتك فرسا وجعلتك عربيا ،الخير معقود بناصيتك ،والغنم
محوز على ظهرك ،وجعلتك تطير بل جناج ،فأنت للطلب وأنت للهرب.
وروي أن تميما الداري كان ينقي شعيرا لفرسه وهو أمير على بيت
المقدس فقيل له :لو كلفت هذا غيرك ،فقال :سمعت رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم :من نقى شعيرا لفرسه ثم قام به حتى يعلفه عليه كتب ال
له بكل شعيرة حسنة .وعن أنس بن مالك رفعه :رباط يوم في سبيل ال
خير من عبادة الرجل في أهله ثلثمائة وستين يوما ،كل يوم ألف سنة .ولم
تزل العرب مكرمة لخيولها على ما تنطق به أشعارهم كما قال :تجاع لها
العيال ول تجاع وكما قال :وما تستوي والورد ساعة تفزع إلى غير ذلك
مما يطول تعداده ،وكان من سنتهم في الجاهلية أن يتمشى القبيلة إلى
القبيلة في ثلثة أشياء :إذا ولد لهم غلم شريف ،أو نتج مهر جواد ،أو *
][178
نبغ لهم شاعر مفلق .وفائدة الحديث التنبيه على شرف منزلة الخيل ،والمر
باكرامها وراوي الحديث ابن عمر .رحمه ال :وقال في الحديث الثاني:
اليمن :البركة والنماء ،وقد يمن فلن فهو ميمون :إذا كان مباركا ويمن
هو فهو يامن ،وبالعكس منه شئم وشأم ،وتيمنت بذلك :تبركت به،
والشقرة في النسان :حمرة صافية مع ميل البشرة إلى البياض ،وهي في
الخيل حمرة ) (1صافية يحمر معها العرف والذنب ،فإذا اسود فهو
الكميت ،والشقرة في الجمال :حمرة شديدة يقال :بعير أشقر ،والشقر:
شقائق النعمان :الواحدة الشقرة قال طرفة :وتساقى القوم كأسا مرة *
وعلى الخيل ) (2دماء كالشقر وشقرة لقب للحارث بن تميم بن مر،
والنسب إليه شقري بفتح القاف ،والصل في الكلمة الحمرة .وروي في
حديث آخر :يمن الخيل في الشقر ،وعليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر
ول تقصوا أعرافها وأذنابها .وعن أبي قتادة النصاري أن رجل قال :يا
رسول ال اريد أن أشتري فرسا فأيها أشتري ؟ قال :اشتر أدهم أرثم
محجل مطلق اليمين ،أو من الكمت على هذه الشية .وقال صلى ال عليه
واله وسلم :لو جمعت خيل العرب في صعيد واحد ما سبقها إل الشقر.
وقال :إن النبي صلى ال عليه واله وسلم بعث سرية فكان أول من جاء
بالفتح صاحب أشقر .ول ريب أن أقوى الخيل الشقر والكميت ول كثير
فرق بينهما إل بالعراف والذناب ،وفائدة الحديث تفضيل الشقر وبيان
أنها أيمن وأبرك من غيرها ،وراوي الحديث عيسى بن علي الهاشمي عن
أبيه عن جده ).(3
) (1في المخطوطة :سمرة (2) .في المخطوطة :وعل الخيل (3) .الضوء :ليست
عندي نسخته* .
][179
- 38الشهاب :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :الشوم في المرأة والفرس
والدار ) .(1الضوء :الشوم :نقيض اليمن ،وروي هذا الحديث على وجه
آخر أن النبي صلى ال عليه وآله قال :ل عدوى ول هامة ول صفر ،وإن
تكن الطيرة في شئ ففي المرأة والفرس والدار .والعدوى اسم من أعداه
الجرب وغيره يعديه :إذا تجاوز منه إليه ،وفي حديث آخر " :فما أعدى
الول " ول يعني به أن بعض المراض ل يعدي ،فقد رئي مشاهدة أن
الجرب يعدي والرمد يعدي وغير ذلك من المراض ،ولكن المعنى وال
أعلم أنه ل ينبغي للنسان أن يعتقد أن هذه المراض ل تكاد تحصل إل من
العدوى فحسب ،بل قد تعدي وقد يبتدئها ال ابتداء من غير عدوى ،فل
عدوى مطلقة بحيث ل يكون ابتداء بالمرض ،والولى أن يقال :إن ال
تعالى قد أجرى العادة بأن تجرب الصحيحة إذا ماست الجربة في بعض
الحوال ،ولذلك قال " :ل يوردن ذوعاهة على مصح " وتكون العدوى
محمولة على هذا ،ثم ذكر رحمه ال الهامة والصفر نحو ما ذكرنا سابقا
في باب العدوى والطيرة ،ثم قال :قيل :إن شؤم المرأة كثره مهرها وسوء
خلقها وأن ل تلد ،وشؤم الدار ضيقها وسوء جوارها ،وشوم الفرس أن ل
يغزى عليها ،وقيل :إن الشؤم في هذه الثلثة لكثرة النفاق عليها .وعن
أنس قال :قال رجل :يا رسول ال إنا كنا في دار كثير فيها عددنا كثير فيها
أموالنا ،فتحولنا إلى دار اخرى فقل فيها عددنا ،وقلت فيها أموالنا .فقال
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :ذروها ذميمة ول تأثير للدار .بل لعله
صلى ال عليه واله قال ذلك حتى ل يتأذوا بهذا العتقاد ،وفائدة الحديث
إعلم أن هذه الثلثة الشياء يكثر الخرج عليها وتذهب البركة من المال
بسببها ،وراوي الحديث عبد ال بن عمر ).(2
) (1الشهاب :ليست عندي نسخته (2) .الضوء :ليست عندي نسخته* .
][180
- 39المجازات النبوية :قال صلى ال عليه واله وسلم :خير الخيل الدهم القرح
المحجل ثلثا طلق اليد اليمنى .قال السيد :هذه من محاسن الستعارات لنه
عليه السلم شبه الثلث من قوائمه للتفات التحجيل عليها بالثلث
المعقولة من قوايم البعير والمشكولة من قوائم الفرس ،وشبه اليمنى منها
لخلوها من التحجيل بالمطلقة من العقال أو العاطلة من الشكال ) ،(1يقال:
ناقة طلق ) :(2إذا لم تكن معقولة وناقة عطل ) :(3إذا لم تكن مزمومة )
- 40 .(4حياة الحيوان :في الصحيح عن جرير بن عبد ال قال :رأيت
رسول ال صلى ال عليه وآله يلوي ناصية فرس بأصبعه وهو يقول" :
الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الجر والغنيمة " ومعنى
عقد الخير بنواصيها أنه ملزم لها كأنه معقود فيها ،والمراد بالناصية هنا
الشعر المسترسل على الجبهة قاله الخطابي وغيره ،قال ) :(5وكني
بالناصية عن جميع ذات الفرس كما يقال :فلن مبارك الناصية وميمون
الغرة ،أي الذات ،وروى مسلم ) (6أنه صلى ال عليه واله وسلم كان يكره
الشكال من الخيل.
) (1العقال :القيد :والشكال :الحبل (2) .في المصدر :ويقال ،ناقة علط :إذا لم تكن
موسومة ،ويقال :طلق :اذالم تكن معقولة (3) .في المصدر " :وناقة
علط " أقول :العلط من النوق :ما لسمة لها ول خطام (4) .المجازات
النبوية 121 :و (5) .122في المصدر :قالوا (6) .في المصدر :وروى
مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابى هريرة* .
][181
والشكال :أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض أو في يده اليسرى ) ،(1أو في
يده اليمنى ورجله اليسرى بياض ،كذا وقع في تفسير صحيح مسلم ،وهذا
أحد القوال في الشكال ،وقال أبو عبيدة وجمهور أهل اللغة والعرب :أن
يكون ) (2منه ثلث قوايم محجلة وواحدة مطلقة ،تشبيها بالشكال الذي
يشكل به الخيل ،فانه يكون في ثلث قوائم غالبا ،وقال ابن دريد :هو أن
يكون محجل في شق واحد في يده ورجله ،فان كان مخالفا قيل :شكال
مخالف ،وقيل :الشكال :بياض الرجلين .وقيل :بياض اليدين .قال العلماء:
وإنما كرهه لنه على صورة المشكول ،وقيل :يحتمل أن يكون جرب ذلك
الجنس فلم تكن فيه نجابة ،وقال بعض العلماء :فإذا كان مع ذلك أغر زالت
الكراهة له بزوال شبه الشكال ) .(3وروى النسائي عن أنس ) (4أن النبي
صلى ال عليه واله وسلم لم يكن شئ أحب إليه بعد النساء من الخيل.
إسناده جيد .وروى الثعلبي باسناده عن النبي صلى ال عليه واله وسلم:
أنه قال :ما من فرس إل ويؤذن له عند كل فجر ) :(5اللهم من خولتني من
بني آدم وجعلتني له فاجعلني أحب ماله وأهله إليه ).(6
) (1في المصدر :وفي يده اليسرى (2) .في المصدر :اهل اللغة والغريب هوأن
يكون (3) .في المصدر :لزوال شبهه بالشكال (4) .ذكر في المصدر
اسناده وتركه المصنف للختصار (5) .في المصدر :عند كل فجر بدعوة
يدعو بها (6) .في المصدر :وخولتني له فاجعلني احب اهله وماله إليه.
*
][182
وفي طبقات ابن سعد بسنده عن غريب ) (1المليكي أن النبي صلى ال عليه واله
سئل عن قوله تعالى " :الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلنية
فلهم أجرهم عند ربهم ول خوف عليهم ول هم يحزنون " ) (2من هم ؟
فقال صلى ال عليه واله وسلم :أصحاب الخيل ) (3ثم قال :المنفق على
الخيل كالباسط يديه ) (4بالصدقة ل يقبضها ،وأبوالها وأوراثها يوم
القيامة كذكي المسك ) .(5وقال :الفرس واحد الخيل والجمع أفراس ،الذكر
والنثى في ذلك سواء وأصله التأنيث وحكى ابن جني والفراء فرسة،
وتصغير الفرس فريس ،وإن أردت النثى خاصة لم تقل إل فريسة بالهاء،
ولفظها مشتق من الفتراس كأنها تفترس الرض لسرعة مشيها )،(6
وراكب الفرس :فارس ،وهو مثل لبن وتامر ،وروى أبو داود والحاكم عن
أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه واله وسلم كان يسمي النثى من الخيل
فرسا .قال ابن السكيت :يقال لراكب ذي الحافر من فرس أو بغل أو حمار:
فارس .والفرس أشبه الحيوان بالنسان لما يوجد فيه من الكرم وشرف
النفس وعلو الهمة ،وتزعم العرب أنه كان وحشيا ،وأول من ذل وركبه
إسماعيل عليه السلم ،ومن
) (1فيه تصحيف والصحيح " :عريب " بالمهملة ،ترجمه ابن الثير في اسد الغابة
407 :3قال :عريب أبو عبد ال المليكى عداده في اهل الشام قال
البخاري :قيل :له صحبة اه ثم ذكر الحديث الوارد في تفسير الية عنه.
أقول :هو بضم العين مصغرا (2) .البقرة (3) .274 :في المصدر :هم
اصحاب الخيل (4) .في المصدر :يده (5) .حياة الحيوان 223 :1و
(6) .224في المصدر :بسرعة مشيها* .
][183
الخيل ما ل يبول ول يروث مادام عليه راكبه ) ،(1ومنها ما يعرف صاحبه ول
يمكن غيره من ركوبه ،وكان لسليمان عليه السلم خيل ذوات أجنحة،
والخيل جنسان ) :(2عتيق وهجين ) ،(3فالعتيق ما أبواه عربيان،
والعتيق :الكريم من كل شئ .والخيار من كل شئ .قال الزمخشري ) (4في
الحديث :إن الشيطان ل يقرب صاحب فرس عتيق ول دارا فيها فرس
عتيق .وفي كتاب الخيل :إن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :إن
الشيطان ل يخبل أحدا في دار فيها فرس عتيق .وعن سليمان بن موسى )
(5أن النبي صلى ال عليه واله قال في هذه الية " :وآخرين من دونهم
ل تعلمونهم " ) (6قال :هم الجن ل يدخلون بيتا فيها فرس عتيق .قال ابن
عبد البر في التمهيد :الفرس العتيق هو الفاره عندنا .وقال صاحب العين:
هو السابق .وفي المستدرك من حديث معاوية بن حديج -بالحاء المهملة
المضمومة والدال المهملة المفتوحة وبالجيم في آخره ،وهو الذي أحرق
محمد بن أبي بكر بمصر -عن أبي ذر عن النبي صلى ال عليه واله أنه
قال :ما من فرس عربي إل يؤذن له كل يوم بدعوتين يقول:
) (1في المصدر :مادام راكبه عليه (2) .في المصدر :والخيل نوعان (3) .أسقط
المصنف من هنا ما ذكره سابقا من الفرق بين الفرس والبرذون (4) .في
المصدر :قال الزمخشري في تفسير سورة النفال :وفي الحديث (5) .في
المصدر :سليمان بن يسار (6) .النفال* .60 :
][184
اللهم كما خولتني من خولتني فاجعلني من أحب أهله وماله إليه .ثم قال :صحيح
السناد .ولهذا الحديث قصة ذكرها النسائي في كتاب الخيل من سننه فقال:
قال أبو -عبيدة :قال معاوية بن حديج :لما افتتحت مصر كان لكل قوم
مراغة يمرغون فيها دوابهم فمر معاوية بأبى ذر وهو يمرغ فرسا له فسلم
عليه ثم قال :يا أبا ذر ماهذا الفرس ؟ قال :هذا فرس ل أراه إل مستجاب
الدعاء قال :وهل تدعو الخيل وتجاب ؟ قال :نعم ليس من ليلة إل والفرس
يدعو فيها ربه فيقول " :رب ! إنك سخرتني لبن آدم وجعلت رزقي في
يده فاجعلني أحب إليه من أهله وولده " فمنها المستجاب ومنها غير
المستجاب ،ول أرى فرسي هذا إل مستجابا .وروى الحاكم عن عقبة بن
عامر مرفوعا قال :إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أدهم محجل طلق اليمنى
فانك تغنم وتسلم .ثم قال :صحيح على شرط مسلم .والهجين :الذي أبوه
عربي وامه عجمية ،والمقرف بضم الميم وإسكان القاف وبالراء المهملة
وبالفاء في آخره :عكسه ،وكذلك في بني آدم .وفي كتب الغريب أن النبي
صلى ال عليه واله وسلم قال " :إن ال يحب الرجل القوي المبدئ المعيد
على الفرس المبدئ المعيد " أي الذي أبدا في غزوة وأعاد فغزا مرة
اخرى بعد مرة ،أي جرب المور طورا بعد طور ،والفرس المبدئ المعيد:
الذي غذا عليه صاحبه مرة بعد اخرى ،وقيل :هو الذي قد ريض وادب
فصار طوع راكبه .وفي الصحيح إن النبي صلى ال عليه واله وسلم ركب
فرسا معرورا ) (1لبي طلحة وقال :إن وجدناه لبحرا.
][185
وفي الفائق :إن أهل المدينة فزعوا مرة فركب صلى ال عليه واله وسلم فرسا
عريا وركض في آثارهم ،فلما رجع صلى ال عليه واله وسلم قال :إن
وجدناه لبحرا .قال حماد بن سلمة :كان هذا الفرس بطيئا ،فلما قال صلى
ال عليه واله وسلم :هذا القول ،صار سابقا ل يلحق .وروى النسائي
والطبراني من حديث عبد ال بن أبي الجعد أخي سالم بن أبي الجعد عن
جعيل الشجعي قال :خرجت مع النبي صلى ال عليه واله في بعض
غزواته و أنا على فرس عجفاء ،فكنت في آخر الناس فلحقني النبي صلى
ال عليه واله وسلم فقال :سر يا صاحب الفرس ،فقلت :يا رسول ال إنها
فرس عجفآء ضعيفة ،فرفع صلى ال عليه واله وسلم بمخصرة ) (1كانت
معه فضربها بها وقال " :اللهم بارك له فيها " فلقد رأيتني ما أملك رأسها
حتى صرت من قدام القوم ،ولقد بعت من بطنها باثني عشر ألفا .وروي
عن خالد بن الوليد أنه كان ل يركب في القتال إل الناث لقلة صهيلها .وقال
ابن محيريز :كان الصحابة يستحبون ذكور الخيل عند الصفوف ،وإناث
الخيل عند البيات والغارات .وقال ابن حبان في صحيحة عن ابن عامر
الهوزني ) (2عن أبي كبشة النماري واسمه أصرم بن سعد ) (3أنه أتاه
فقال :اطرقني فرسك فاني سمعت رسول ال صلى ال عليه واله وسلم
) (1في الصدر " :مخفقة " أقول :المخفقة :الدرة يضرب بها ،وقيل :سوط من
خشب .والمخصرة :شئ كالسوط يتوكا عليه كالعصا (2) .الهوزنى بفتح
الهاء وسكون الواو وفتح الزاى نسبة إلى هوزن بن عوف بن عبد
شمس بن وائل بن الغوث ،بطن من ذى الكلع من حمير (3) .هكذا في
النسخ وفي المصدر " :اسمه عمرو بن سعد " قال ابن حجر في التقريب
:607أبو كبشة النمارى هو سعيد بن عمرو ،أو عمرو بن سعيد ،وقيل:
عمر ،أو عامر بن سعد ،صحابي نزل الشام* .
][186
يقول :من أطرق فرسا فعقب له كان له كأجر سبعين فرسا حمل عليها في سبيل
ال ،وإن لم يعقب له كان له كأجر فرس حمل عليها في سبيل ال .وفي
طبع الفرس الزهو والخيلء والسرور بنفسه والمحبة لصاحبه ،ومن
أخلقه الدالة على شرف نفسه وكرمه أنه ل يأكل بقية علف غيره ،ومن
علو همته أن أشقر مروان كان سائسه ل يدخل عليه إل باذن ،وهو أن
يحرك له المخلة فان حمحم دخل ،وإن دخل ولم يحمحم شد عليه .والنثى
من الخيل ذات شبق شديد ،ولذلك تطيع الفحل من غير نوعها وجنسها.
قال الجاحظ :والحيض يعرض للناث منهن ولكنه قليل ،والذكر ينزو إلى
تمام أربع سنين ،وربما عمر إلى التسعين ،والفرس يرى المنامات كبني
آدم ،وفي طبعه أنه ل يشرب الماء إل كدرا ،فإذا أراه صافيا كدره،
ويوصف بحدة البصر ،وإذا وطئ على أثر الذئب خدرت قوائمه حتى ل يكاد
يتحرك ،ويخرج الدخان من جلده .قال الجوهري :ويقال :إن الفرس ل
طحال له وهو مثل لسرعته وحركته ،كما يقال :البعير ل مرارة له ،أي ل
جسارة له ،وعن أبي عبيدة وأبي زيد قال :الفرس ل طحال له ،ول مرارة
للبعير ،والظليم لمخ له ،قال أبو زيد :وكذلك طير الماء وحيتان البحر ل
ألسنة ول أدمغة ،والسمك لرئة له ،ولذلك ل يتنفس ،وكل ذي رئة يتنفس.
ورووا أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :إن يكن الخير في شئ ففي
ثلث :المرأة والدار والفرس .وفي رواية :الشوم في ثلث :المرأة والدار
والفرس .وفي رواية :الشوم في الربع والخادم والفرس ).(2
) (1في المصدر :وفي رواية :الشوم في أربع :المرأة والدار والفرس والخادم* .
][187
واختلف العلماء فيه فقيل معناه على اعتقاد الناس في ذالك ) ،(1وروي ذلك عن
عائشة ) (2قالت :لم يحفظ أبو هريرة لنه دخل والرسول صلى ال عليه
واله وسلم يقول :قاتل ال اليهود يقولون :الشوم في ثلث الخ ،فسمع آخر
الحديث ولم يسمع أوله .وقال طائفة :هي على ظاهرها فان الدار قد يجعل
ال سكناها سببا للضرر والهلك ،وكذلك الفرس والخادم ) (3قد يجعل ال
الهلك عندهما ) (4بقضاء ال وقدره .وقال الخطابي وكثيرون :هو في
معنى الستثناء من الطيرة أي الطيرة منهي عنها إل أن يكون له دار يكره
سكناها ،أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم ) (5فليفارق الجميع
بالبيع ونحوه ،وطلق المرأة .وقال آخرون :شوم الدار ضيقها وسوء
جيرانها ،وشوم المرأة عدم ولدتها وسلطة لسانها وتعرضها للريب،
وشوم الفرس أن ل يغزى عليها .وقيل :حرانها ) (6وغلء ثمنها وشوم
الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فوض إليه وقيل :المراد بالشوم هنا عدم
الموافقة واعترض بعض الملحدة بحديث ل طيرة على هذا ،واجاب ابن
قتيبة وغيره بان هذا مخصوص من حديث طيرة )(7
) (1زاد في المصدر :ل انه خبر من النبي صلى ال عليه وآله عن اثبات الشوم) .
(2زاد في المصدر :ففى مسند ابى داود الطيالسي عنها انه قيل لها :ان
ابا هريرة يقول :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :الشوم في ثلث:
المرأة والدار والفرس فقالت عائشة (3) .في المصدر :وكذك المرأة
والفرس والخادم (4) .في المصدر :عند وجودهم (5) .في المصدر :أو
فرس أو خادم يكره اقامتهما (6) .حرن الفرس :وقف ولم ينقد (7) .في
المصدر :من حديث ل طيرة* .
][188
اي ل طيرة ال في هذه الثلثة قال الدمياطي :روينا بالسناد الصحيح عن يوسف بن
موسى القطان عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابيه ان
النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :البركة في ثلث :في الفرس والمرأة
والدار قال يوسف :سألت ابن عيينة عن معنى هذا الحديث فقال سفيان:
سألت عنه الزهري فقال الزهري :سألت عنه سالما فقال سالم :سالت عنه
عبد ال بن عمر فقال ) :(1سألت عنه النبي صلى ال عليه واله وسلم:
فقال :إذا كان الفرس ضروبا فهو مشوم وإذا كانت المراة قد عرفت زوجا
غير زوجها فحنت إلى الزوج الول فهي مشومة وإذا كانت الدار بعيدة عن
المسجد ل يسمع فيها الذان والقامة فهى مشؤمة وإذا كن بغير هذا
الوصف ) (2فهن مباركات ) .(3وقال :البغل مركب من الفرس والحمار
ولذالك صار له صلبة الحمار وعظم آلت الخيل وكذلك شحيجه اي صوته
تولد ) (4من صهيل الفرس ونهيق الحمار وهو عقيم ل يولد له لكن في
تاريخ ابن البطريق في حوادث سنة اربع واربعين واربعمأة ان بغلة
بنابلس ولدت -وشر الطباع ما تجاذبته العراق المتضادة والخلق
المتباينة والعناصر المتباعدة وإذا كان الذكر حمارا يكون شديد الشبه
بالفرس وإذا كان الذكر فرسا يكون شديد الشبه بالحمار ومن العجب ان كل
عضو فرضته منه يكون بين الفرس والحمار وكذلك أخلقه ليس له ذكاء
الفرس ول بلدة الحمار .ويقال :ان أول من أنتجها قارون .وله صبر
الحمار وقوة الفرس ،ويوصف برداءة الخلق والتلون لجل
) (1في المصدر :فقال عبد ال بن عمر (2) .في المصدر :بغير هذه الصفات(3) .
حياة الحيوان (4) .150 - 146 :2في المصدر :مولد* .
][189
التركيب ،لكنه يوصف مع ذلك بالهداية في كل طريق يسلكه مرة واحدة ،وهو مع
ذلك مركب الملوك في أسفارها ،وقعيدة الصعاليك في قضاء أوطارها ،مع
احتماله الثقال ،وصبره على طول النقال ،ولذلك يقال :مركب قاض وإمام
عدل * وسيد وعالم وكهل يصلح للرجل وغير الرجل ) (1وروى ابن
عساكر في تاريخ دمشق عن علي بن أبي طالب عليه السلم أن البغال
كانت تتناسل وكانت أسرع الدواب في نقل الحطب لنار إبراهيم خليل
الرحمن ،فدعا عليها فقطع ال نسلها .وعن إسحاق بن ) (2حماد بن أبى
حنيفة أنه قال :كان عندنا طحان رافضي له بغلن ،سمي أحدهما أبا بكر
والخر عمر ،فرمحه أحدهما فقتله فأخبر جدي أبو حنيفة بذلك ،فقال:
انظروا الذي رمحه فهو الذي سماه عمر ،فوجدوه كذلك .وفي كامل ابن
عدي عن أنس أن النبي صلى ال عليه واله وسلم ركب بغلة فحادت )(3
به فحسبها وأمر رجل أن يقرأ عليها " :قل أعوذ برب الفلق " فسكنت.
وروى أبو داود والنسائي عن عبد ال بن زفير النافعي ) (4المصري عن
علي عليه السلم
في المصدر :وعالم وسيد وكهل يصلح للرحل وغير الرحل (2) .في المصدر" :
اسماعيل بن حماد " وهو الصحيح راجع التقريب (3) .42 :أي مالت به.
) (4في المخطوطة :النافعى )القافقى خ ل( وفي المصدر " :عبد ال بن
زرير الغافقي المصرى " والصحيح هو الذى في المصدر :قال ابن حجر
في التقريب :266 :عبد ال بن زرير بتقديم الزاى مصغرا :الغافقي
المصرى ثقة رمى بالتشيع مات سنة ،80أو بعدها* .
][190
قال :اهديت لرسول ال صلى ال عليه واله وسلم بغلة فركبها ،فقال علي عليه
السلم ) :(1لو حملنا الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه ،فقال رسول
ال صلى ال عليه واله وسلم :إنما يفعل ذلك الذين ل يعلمون .قال ابن
حبان :معناه الذين ل يعلمون النهي عنه ،قال الخطابي :يشبه أن يكون
المعنى في ذلك -وال أعلم -أن الحمير إذا حملت على الخيل تعطلت منافع
الخيل وقل عددها وانقطع نماؤها ،والخيل يحتاج إليها للركوب )(2
والركض والطلب ،وعليها يجاهد العدو وبها تحرز الغنائم ،ولحمها مأكول،
ويسهم للفرس كما يسهم للفارس وليس للبغل شئ من هذه الفضائل،
فأحب النبي صلى ال عليه واله وسلم أن ينمو عدد الخيل ويكثر نسلها لما
فيها من النفع والصلح ،فإذا كانت الفحول خيل و المهات حميرا فيحتمل
أن ل يكون داخل في النهي إل أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة
الخيل عن مزاوجة الحمير وكراهة اختلط مائها بمائها ،لئل يكون منها
الحيوان المركب من نوعين مختلفين ،فان أكثر الحيوان المركب ) (3من
جنسين من الحيوان أخبث طبعا من اصولها التي تتولد منها ،وأشد شراسة
كالسمع ونحوه ) .(4ثم إن البغل حيوان عقيم ليس لها نسل ولنماء ول
يذكى ول يزكى ،ثم قال :ول أرى هذا الرأى طائل فان ال تعالى قال" :
والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " )(5
) (1في المصدر " :فقالوا :لو " أقول :أي أصحابه صلى ال عليه وآله (2) .في
المصدر :للركوب والعدو والركض (3) .في المصدر :فان أكثر الحيوانات
المركبة من نوعين (4) .في المصدر " :كالسمع والعسبار ونحوهما ":
أقول :السمع بكسر فسكون :ولد الذئب من الضبع :والعسبار :ولد الذئب
أو ولد الضبع من الذئب (5) .النحل* .8 :
][191
فذكر البغال وامتن علينا بها كامتنانه بالخيل والحمير ،وأفرد ذكرها بالسم الخاص
الموضوع لها ،ونبه على ما فيها من الرب والمنفعة ،والمكروه من
الشياء مذموم ل يستحق المدح ول يقع المتنان به ،وقد استعمل صلى ال
عليه واله وسلم البغل واقتناه و ركبه حضرا وسفرا ،ولو كان مكروها لم
يقتنه ولم يستعمله انتهى .وروى مسلم عن زيد بن ثابت قال :بينما النبي
صلى ال عليه واله وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ
حادت به وكادت أن تلقيه ،وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة ،فقال :من
يعرف أصحاب هذه القبر ؟ قال رجل :أنا ،فقال صلى ال عليه واله وسلم:
متى مات هؤلء ؟ قال :ماتوا على الشراك .فقال صلى ال عليه وآله :إن
هذه المة تبتلى في قبورها ،فلول أن ل تدافنوا لدعوت ال أن يسمعكم من
عذاب القبر الذي أسمع منه ،ثم أقبل صلى ال عليه واله وسلم بوجهه
الكريم إلينا ) (1فقال :تعوذوا بال من عذاب القبر ،فقالوا :نعوذ بال من
عذاب القبر ) ،(2فقال صلى ال عليه واله وسلم :تعوذوا بال من الفتن ما
ظهر منها وما بطن ،فقالوا :نعوذ بال من الفتن ما ظهر منها وما بطن،
فقال صلى ال عليه واله وسلم :تعوذوا بال من فتنة الدجال ،فقالوا :نعوذ
بال من فتنة الدجال .وفي مجمع الطبراني الوسط من حديث أنس قال:
انهزم المسلمون يوم حنين ورسول ال صلى ال عليه واله وسلم على
بغلته الشهبآء التي يقال لها :دلدل ،فقال لها رسول ال صلى ال عليه
وآله :دلدل اسدي ،فألصقت بطنها بالرض حتى أخذ النبي حفنة )(3
) (1في المصدر :ثم اقبل النبي صلى ال عليه وآله علينا بوجهه الكريم (2) .زاد
في المصدر بعد ذلك :فقال :تعوذوا بال من عذاب النار ،فقالوا :نعوذ
بال من عذاب النار (3) .هكذا في المطبوع والمخطوط ،وفى المصدر" ،
خفة " ولعله مصحف عن " حفنة " أي مل الكفين* .
][192
من تراب فرمى بها وجوههم قال " :حم ل ينصرون " ) (1قال :فانهزم القوم وما
رميناهم بسهم ول طعنا هم برمح ول ضربناهم بسيف .وفيه من حديث
شيبة بن عثمان أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال لعمه عباس يوم
حنين ناولني من البطحاء فأفقه ال البغلة كلمه فانخفضت به حتى كاد
بطنها يمس الرض فتناول رسول ال صلى ال عليه وآله من الحصباء
فنفخ في وجوههم وقال :شاهت الوجوه " ،حم ل ينصرون " ) .(2وروى
الطبراني وأبو نعيم من طرق صحيحة عن خزيمة بن أوس قال :هاجرت
إلى النبي صلى ال عليه واله وسلم وقدمت عليه عند منصرفه من تبوك
فأسلمت فسمعته يقول :هذه الحيرة قد رفعت إلي وإنكم ستفتحونها ،وهذه
الشيماء بنت نفيلة السدية ) (3على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود،
فقلت :يا رسول ال ! إن نحن دخلنا الحيرة فوجدناها على هذه الصفة فهي
لي ؟ قال :هي لك ،فأقبلنا مع خالد بن الوليد نريد الحيرة فلما دخلناها كان
أول من تلقانا الشيماء بنت نفيلة ) (4كما قال رسول ال صلى ال عليه
وآله بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود ،فتعلقت بها فقلت :هذه وهبها لي
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ،وطلب مني خالد عليها البينة فأتيته
بها فسلمها إلي ،ونزل إلينا أخوها عبد المسيح فقال لي أبتيعينها قلت:
نعم ،قال :فاحتكم بما
) 1و (2في المصدر " :صم ل يبصرون " والظاهر انه مصحف والصحيح ما في
المتن ،قال الجزرى في النهاية :296 :1في حديث الجهاد " :إذ بيتم
فقولوا :حم ل ينصرون " قيل :معناه اللهم ل ينصرون ،ويريد به الخبر
ل الدعاء لنه لو كان دعاء لقال " :ل ينصروا " مجزوما ،فكأنه قال:
وال ل ينصرون ،وقيل :ان السور التى في اولها حم سور لها شأن فنبه
ان ذكرها لشرف منزلتها مما يستظهر به على استنزال النصر من ال،
وقوله " :ل ينصرون " كلم مستأنف ،كانه حين قال :قولوا :حم ،قيل:
ماذا يكون إذا قلناه ؟ فقال :ل ينصرون (3) .في المصدر :بنت نفيل
الزدية (2) .في المصدر :بنت نفيل* .
][193
شئت فقلت :وال ل أنقصها عن ألف درهم فدفع إلى ألف درهم فقال لي لو قلت مأة
ألف درهم دفعتها إليك ،فقلت ل أحب مال فوق ألف درهم قال الطبراني
وبلغني أن الشاهدين كانا محمد بن مسلمة وعبد ال بن عمر .وقال في
الحمار ،وليس في الحيوان ما ينزو على غير جنسه ويلقح إل الحمار و
الفرس ،وهو ينزو إذا تم له ثلثون شهرا ،ومنه نوع يصلح لحمل الثقال
ونوع لين العطاف سريع العدو ،يسبق براذين الخيل .ومن عجيب امره
إذا شم رايحة السد رمى نفسه عليه من شدة الخوف منه يريد بذلك
الفرار ،ويوصف بالهداية إلى سلوك الطرقات التى مشى فيها ولو مرة
واحدة وبحدة السمع .وللناس في مدحه وذمه اقوال متباينة بحسب
الغراض فمن ذلك أن خالد ابن صفوان والفضل بن عيسى الرقاشي كانا
يختاران ركوب الحمير على ركوب البراذين فاما خالد فلقيه بعض الشراف
بالبصرة على حمار فقال :ما هذا يا باصفوان ؟ فقال :هذا عير من نسل
الكداد ،يحمل الرجلة ويبلغني العقبة ،ويقل داؤه ويخف دواؤه ،و يمنعنى
من أن أكون جبارا في الرض وأن أكون من المفسدين .وأما الفضل فانه
سئل عن ركوبه فقال انه أقل الدواب مؤنة ،وأكثرها معونة وأخفضها
مهوى ،وأقربها مرتقى ،فسمع أعرابي كلمه فعارضه بقوله :الحمار شنار
والعير عار ،منكر الصوت ،لترقابه الدماء ،ول تمهر به النساء ،وصوته
أنكر الصوات .قال الزمخشري :الحمار مثل في الذم الشنيع والشتمة ومن
استيحاشهم لذكر اسمه أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح به،
فيقولون الطويل الذنين كما يكنى عن الشئ المستقذر وقد عد من مساوى
الداب أن تجرى ذكر الحمار في مجلس قوم اولى المروة .ومن العرب من
ل يركب الحمار استنكافا وإن بلغت به الرجلة الجهد .والمروءة بالهمز
وتركه قال الجوهري هي النسانية ،وقال ابن فارس الرجولية
][194
وقيل إن ذا المروءة من يصون نفسه عن الدناس ول يشينها عند الناس ،وقيل من
يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه .قال الدارمي :قيل المروءة في
الحرفة ،وقيل في آداب الدين كالكل والصياح في الجم الغفير ،وانتهار
الشايل ،وقلة فعل الخير مع القدرة عليه ،وكثرة الستهزاء والضحك ونحو
ذلك انتهى .وروي عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلم أنه كان في
بني إسرائيل رجل صالح وكان له مع ال معاملة حسنة وكان له زوجه
وكان ضنينا بها ،وكانت من أجمل أهل زمانها مفرطة في الجمال والحسن،
وكان يقفل عليها الباب ،فنظرت يوما شابا فهويته وهواها فعمل لها مفتاحا
على باب دارها ،وكان يخرج ويدخل ليل ونهارا متى شاء ،وزوجها لم
يشعر بذلك .فبقيا على ذلك زمانا طويل فقال لها زوجها يوما وكان أعبد
بني إسرائيل و أزهدهم إنك قد تغيرت على ولم أعلم ما سببه وقد توسوس
قلبى علي وكان قد أخذها بكرا ثم قال وأشتهي منك أنك تحلفي لى أنك لم
تعرفى رجل غيرى ،وكان لبنى إسرائيل جبل يقسمون به ويتحاكمون
عنده ،وكان الجبل خارج المدينة عنده نهر جار ،وكان ل يحلف عنده أحد
كاذبا إل هلك فقالت له :ويطيب قلبك إذا حلفت لك عند الجبل ؟ قال :نعم،
قالت متى شئت فعلت .فلما خرج العابد لقضاء حاجته دخل عليها الشاب
فأخبرته بما جرى لها مع زوجها ،وأنها تريد أن تحلف له عند الجبل،
وقالت ما يمكننى أن أحلف كاذبة ول أقول لزوجي ،فبهت الشاب وتحير،
وقال :فما تصنعين ؟ فقالت بكر غدا والبس ثوب مكار وخذ حمارا واجلس
على باب المدينة ،فإذا خرجنا فأنا أدعه يكترى منك الحمار فإذا اكتراه منك
بادر واحملني وارفعني فوق الحمار حتى أحلف له وأنا صادقة أنه ما
مسنى أحد غيرك وغير هذا المكارى ،فقال :حبا وكرامة ،وإنه لما جاء
زوجها ،قال لها قومي إلى الجبل لتحلفي به ،قالت مالي طاقة بالمشي،
فقال اخرجي فان وجدت مكاريا اكتريت لك ،فقامت ولم تلبس لباسها .فلما
خرج العابد وزوجته ،رأت الشاب ينتظرها فصاحت به :يا مكاري أكتري
][195
حمارك بنصف درهم إلى الجبل ؟ قال نعم ،ثم تقدم ورفعها على الحمار ،وساروا
حتى وصلوا إلى الجبل ،فقالت للشاب :أنزلني عن الحمار أصعد الجبل،
فلما تقدم الشاب إليها ألقت بنفسها إلى الرض فانكشفت عورتها فشتمت
الشاب فقال :وال مالي ذنب ثم مدت يدها إلى الجبل فمسكته وحلفت له أنه
لم يمسها أحد ول نظر إنسان مثل نظرك إلى مذ عرفتك غيرك وهذا
المكاري ،فاضطرب الجبل اضطرابا شديدا وزال عن مكانه وأنكرت بنو
إسرائيل فذلك قوله تعالى " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " .وروي
البيهقي في الشعب عن ابن مسعود أنه قال كانت النبياء يركبون الحمر
ويلبسون الصوف ،ويحلبون الشاة ،وكان للنبي صلى ال عليه واله وسلم
حمار اسمه عفير بضم العين المهملة ،وضبطه القاضى عياض بالغين
المعجمة ،واتفقوا على تغليطه ،أهداه له المقوقس وكان فورة بن عمر
الجذامي أهدى له حمارا يقال له يعفور ،مأخوذ من العفرة ،وهو لون
التراب فنفق يعفور في منصرف النبي صلى ال عليه واله وسلم من حجة
الوداع وذكر السهيلي أن يعفورا طرح نفسه في بئر لما مات رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم .وذكر ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى منصور
وقال :لما فتح رسول ال صلى ال عليه واله خيبر أصاب حمارا أسود فكلم
الحمار رسول ال صلى ال عليه واله وسلم فقال له :ما اسمك ؟ قال يزيد
ابن شهاب أخرج ال تعالى من نسل جدي ستين حمارا ل يركبها إل نبى،
وقد كنت أتوقعك لتركبني ،ولم يبق من نسل جدي غيري ،ول من النبياء
غيرك ،وقد كنت قبلك لتركبني عند رجل يهودى ،وكنت أتعثر به ،وكان
يجيع بطني ويضرب ظهرى .فقال له النبي صلى ال عليه واله وسلم:
فأنت يعفور يا يعفور تشتهي الناث ؟ قال :ل ،فكان رسول ال صلى ال
عليه وآله يركبه في حاجته ،وكان يبعث به خلف من شاء من أصحابه،
فيأتي الباب فيقرعه برأسه فإذا خرج صاحب الدار أومأ إليه ،فيعلم أن
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم أرسله إليه فيأتى النبي ،صلى ال
عليه واله وسلم فلما قبض النبي صلى ال عليه واله وسلم جاء إلى بئر
وكانت لبي الهيثم بن التيهان فتردى فيها جزعا على رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم فصارت قبره .وفي كامل ابن عدى في ترجمة أحمد بن
بشير وفي شعب اليمان للبيهقي عن العمش
][196
عن سلمة عن عطا عن جابر بن عبد ال قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم تعبد رجل في صومعة فمطرت السماء وأعشبت الرض فرآى حمارا
يرعى ،فقال يا رب لو كان لك حمار لرعيته مع حماري ،فبلغ ذلك نبيا من
بني إسرائيل فأراد أن يدعو عليه فأوحى ال تعالى إليه إنما اجازي العباد
على قدر عقولهم ،وهو كذلك في الحلية في ترجمة زيد بن أسلم .وفي
كتاب ابتلء الخيار أن عيسى عليه السلم لقي إبليس وهو يسوق خمسة
أحمرة عليها أحمال ،فسئله عن الحمال ،فقال :تجارة أطلب لها مشترين
فقال وما هي التجارة ؟ قال ؟ أحدها الجور ،قال ومن يشتريه ؟ قال:
السلطين ،والثاني الكبر ،قال :ومن يشتريه ؟ قال :الدهاقين ،والثالث
الحسد قال :ومن يشتريه ؟ قال العلماء ،والرابع الخيانة ،قال :ومن
يشتريها ؟ قال عمال التجار ،والخامس الكيد قال :ومن يشتريه ؟ قال
النساء انتهى .وروى السنائى والحاكم عن جابر بن عبد ال أن النبي صلى
ال عليه واله وسلم قال إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمير من الليل،
فتعوذوا بال من الشيطان الرجيم ،فانها ترى مال ترون ،وأقل الخروج إذا
جدت فان ال يبث في الليل من خلقه ما شاء .توضيح :فرسا معرورا كذا
في أكثر النسخ ،والمعرور الجرب في النهاية فيه أنه ركب فرسا لبي
طلحة مقرفا ،المقرف من الخيل الهجين وهو الذى امه برذونة وأبوه
عربي ،وقيل بالعكس ،وقيل هو الذي دانى الهجنة وقاربها ،وقال إن
وجدناه لبحرا أي واسع الجرى وسمى البحر بحرا لسعته ،وقال اطراق
الفحل اعارته للضراب - 41 .الكافي عن على بن إبراهيم أو غيره رفعه
قال :خرج عبد الصمد بن علي ومعه جماعة فبصر بأبي الحسن عليه
السلم مقبل راكبا بغل ،فقال لمن معه :مكانكم حتى اضحككم من موسى
بن جعفر ،فلما دنى منه قال :ما هذه الدابة التى ل تدرك عليها الثار ،ول
تصلح عند النزال ،فقال له أبو الحسن :تطأطأت عن سمو الخيل،
وتجاوزت قمؤ العير وخير المور أوسطها ،فأفحم عبد الصمد فما أحار
جوابا ).(1
][197
إرشاد المفيد :مرسل مثله ) .(1بيان قال الجوهري قال أبو زيد قمأت الماشية تقمؤ
قموءا وقموءة إذا سمنت و قمؤ الرجل بالضم قماء وقماءة صار قميئا
وهو الصغير الذليل ،وأقمأته صغرته و ذللته ،وفي القاموس قمأ كجمع
وكرم قماءة وقماء بالضم والكسر ذل وصغر ،والماشية قموءا وقموءة
وقماءة سمنت .أقول :لو صحت النسخة وما ذكراه كان اطلق القموء على
العير من جهة الستعارة والعير بالفتح الحمار ،وغلب على الوحشي،
وعبد الصمد كانه ابن علي بن عبد ال بن العباس ،وقد عد من أصحاب
الصادق عليه السلم - 42 .معاني الخبار :عن محمد بن هرون الزنجاني
عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد القاسم بن سلم بأسانيد متصلة إلى
النبي صلى ال عليه واله وسلم أنه عليه السلم كره الشكال في الخيل
يعني أن يكون ثلث قوائم منه محجلة ،وواحدة مطلقة ،وإنما أخذ هذا من
الشكال الذي بشكل به الخيل شبه به لن الشكال إنما يكون في ثلث قوايم
أو أن تكون الثلثة مطلقة ورجل محجلة ،وليس يكون الشكال إل في الرجل
ول يكون في اليد ) .(2بيان قد مر كلم في ذلك من الدميري ،وقال في
النهاية فيه أنه كره الشكال في الخيل ،هو أن تكون ثلثة قوائم منه محجلة
وواحدة مطلقة ،تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل لنه يكون في ثلث
قوائم غالبا ،وقيل هو أن تكون الواحدة محجلة والثلث مطلقة وقيل هو أن
تكون إحدى يديه واحدى رجليه من خلف محجلتين وإنما كرهه لنه
كالمشكول صورة تفؤل ،ويمكن أن يكون جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه
نجابة ،وقيل إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال وال
اعلم .وفي القاموس :شكل الدابة شد قوائمها بحبل كشكلها ،واسم الحبل
الشكال ككتاب ،والشكال وثاق بين الحقب والبطان وبين اليد والرجل ،وفي
الخيل أن يكون
) (1ارشاد المفيد 278 :ط الخوندى (2) .معاني الخبار 284 :ط مكتبة الصدوق.
*
][198
ثلث قوايم منه محجلة والواحدة مطلقة ،وعكسه أيضا - 43 .المعاني والمجالس
للصدوق :عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن
سهل بن زياد عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :تذاكرنا الشؤم فقال الشوم في ثلثة في المرأة والدابة
والدار ،فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها ،وأما الدابة فسوء
خلقها ومنعها ظهرها ،وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة
عيوبها ) - 44 .(1المعاني :عن أبيه عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن
عبد ال بن ميمون عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه واله وسلم :الشؤم في ثلثة أشياء في الدابة والمرأة والدار فأما
المرأة فشومها غلء مهرها وعسر ولدتها ،وأما الدابة فشومها عللها
وسوء خلقها وأما الدار فشومها ضيقها وخبث جيرانها ) .(2بيان قال في
النهاية فيه ان كان الشؤم في شئ ففي ثلث :المرأة والدار والفرس أي إن
كان ما يكره ويخاف عاقبته ففى هذه الثلث ،وتخصيصه لها لنه لما أبطل
مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوهما
قال فانكانت لحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره
ارتباطها ،فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويطلق المرأة ويبيع الفرس ،وقيل
إن شوم الدار ضيقها وسوء جارها وشوم المرأة أن ل تلد وشؤم الفرس
أن ل يغزى عليها والواو في الشؤم همزة ولكنها خففت فصارت واوا
وغلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة - 45 .الكشى عن
حمدويه وابراهيم ابني نصير عن محمد بن عيسى عن الحسن الوشا عن
بشر بن طرخان قال :لما قدم أبو عبد ال عليه السلم الحيرة أتيته فسألني
عن صناعتي فقلت نخاس فقال :نخاس الدواب ؟ فقلت نعم ،وكنت رث
الحال ،فقال اطلب لى بغلة فضحاء بيضاء العفاج بيضاء البطن ،فقلت ما
رأيت هذه الصفة قط ،فقال بلى فخرجت من عنده ،فلقيت غلما تحته بغلة
بهذه الصفة ،فسألته عنها فدلني على موله ،فأتيته
) (1معاني الخبار ،152 :امالي الصدوق (2) .145 :معاني الخبار* .152 :
][199
فلم أبرح حتى اشتريتها ثم أتيت أبا عبد ال عليه السلم فقال :نعم هذه الصفة
طلبت ،ثم دعا لي فقال أنمى ال ولدك ،وكثر مالك ،فرزقت من ذلك ببركة
دعائه ،وقنيت من الولد ما قصرت عنه المنية ) - 46 .(1الكافي :عن
الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن طرخان النخاس
قال :مررت بأبى عبد ال عليه السلم وقد نزل الحيرة فقال لي ما علجك ؟
قلت نخاس ،فقال أصب لي بغلة فضحاء ،قلت جعلت فداك وما الفضحاء ؟
قال دهماء بيضاء البطن ،بيضاء الفجاج ،بيضاء الجحفلة ،قال :فقلت:
وال ما رأيت مثل هذه الصفة .فرجعت من عنده فساعة دخلت الخندق،
فإذا غلم قد أسقى بغلة على هذه الصفة فسألت الغلم لمن هذه البغلة فقال
لمولي ،فقلت :يبيعها ؟ فقال ل أدري فتبعته حتى أتيت موله فاشتريتها
منه ،وأتيته بها ،فقال :هذه الصفة التي أردتها قلت :جعلت فداك ادع ال
لي ،فقال اكثر ال مالك وولدك ،قال :فصرت أكثر أهل الكوفة مال وولدا.
توضيح :النخاس في القاموس بياع الدواب والرقيق :وقال الحيرة بالكسر
بلد قرب الكوفة ،وقال الفضح البيض ل شديدا فضح كفرح والسم
الفضحة بالضم و قال العفج وبالكسر وبالتحريك وككتف ما ينتقل الطعام
إليه بعد المعدة والجمع أعفاج والعفج العظيمها .واقول :ما في الكافي
كانه تصحيف ويرجع بتكلف إلى ما في الكشي قال في القاموس فحج في
مشيته تدانى صدور قدميه وتباعد عقباه ،كفحج وهو أفحج بين الفحج
محركة والتفحج التفريج بين الرجلين ،وفي النسخ بالجيمين كناية عن
المضيق بين الرجلين وفي القاموس الفج الطريق الواسع بين جبلين،
وفججت مابين رجلي فتحت كافججت وهو يمشى مفاجا وقد تفاج وأفج
أسرع ،ورجل أفج بين الفجج ،وهو أقبح من الفحج ،وفي النهاية التفاج
المبالغة في تفريج ما بين الرجلين ،وهو
][200
من الفج الطريق والجحفلة للحافر كالشفة للنسان ،وقنى المال كرمى اكتسبه وفي
بعض النسخ وكسبت - 47 .الكشى :عن حمدويه بن نصير عن محمد بن
عيسى عن إبراهيم بن عبد الحميد عن هرون بن خارجة عن زيد الشحام
عن عبد ال بن عطا قال :أرسل إلي أبو عبد ال عليه السلم وقد أسرج له
بغل وحمار ،فقال لي :هل لك أن تركب معنا إلى مالنا ؟ قلت :نعم ،قال
أيهما أحب إليك ؟ قلت الحمار ،فقال :الحمار أرفقهما بي ؟ قال فركبت البغل
وركب الحمار ،ثم سرنا فبينما هو يحدثنا إذ انكب على السرج مليا ثم رفع
رأسه فقلت ما أرى السرج إل وقد ضاق عنك ،فلو تحولت على البغل ،فقال
كل ،ولكن الحمار اختال ،فصنعت كما صنع رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم ركب حمارا يقال له عفير ،فاختال فوضع رأسه على القربوس ما
شاء ال ،ثم رفع رأسه فقال :يا رب هذا عمل غفير ليس هو من عملي )
- 48 .(1الكافي :عن محمد بن يحيى عن أحمد بن أبى عبد ال البرقي
عن ابن فضال عن عبيس بن هشام عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي عن
الحكم بن محمد بن أبي القسم أنه سمع عبد ال بن عطا يقول قال أبو جعفر
عليه السلم قم فأسرج دابتين حمارا وبغل فأسرجت حمارا وبغل وقدمت
إليه البغل ،فرأيت أنه أحبهما إليه فقال من أمرك أن تقدم إلى هذا البغل ؟
قلت اخترته لك ،قال فأمرتك أن تختار لى ؟ ثم قال لي إن أحب المطايا إلى
الحمر قال فقدمت إليه الحمار فركب وركبت الحديث ) .(2المحاسن عن
أبى فضالة مثله ).(3
) (1رجال الكشى ص 215تحقيق المصطفوى (2) .الكافي ج 8ص (3) .276
المحاسن* .352 :
][201
* )باب * (8حق الدابة على صاحبها وآداب ركوبها وحملها وبعض النوادر - 1
الخصال :عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن
إبراهيم ابن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه
عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه واله وسلم للدابة على صاحبها خصال ست يبدء بعلفها إذا نزل
ويعرض عليها الماء إذا مر به ،ول يضرب وجهها ،فانها تسبح بحمد
ربها ،و ل يقف على ظهرها إل في سبيل ال عزوجل ،ول يحملها فوق
طاقتها ول يكلفها من المشى إل ما تطيق ) - 2 .(1الفقيه :باسناده عن
إسمعيل بن أبي زياد باسناده قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم :للدابة على صاحبها خصال وذكر مثله ) .(2تبيان :البتداء بعلفها
كانه على الستحباب ،وان كان أصل علفها بقدر ل يموت أو بالمتعارف لها
واجبا على الظهر ،وكذا عرض الماء كلما مر به مستحب إن لم يعلم
تضررها به ،فان أصحاب الدواب يظنون تضررها به ،وإن وجبا في بعض
الوقات وأصل السقي على أحد الوجهين واجب وعدم ضرب الوجه كانه
على الكراهة كما يؤمئ إليه التعليل ،وإن كان الحوط الترك .قوله عليه
السلم فانها تسبح قال الوالد قدس سره :أي الوجوه تسبح بالنطق الذى
لها في الوجه ،أو لن دللة الوجوه على وجود الصانع تعالى وقدرته
وعلمه وساير صفاته الكمالية أكثر من غيرها كما ل يخفى على من نظر
في كتب التشريح أو التسبيح أمر خاص بها ل نعرفه ،ويمكن إرجاع
الضمير إلى الدابة ،والتخصيص بالوجه لكون
][202
الضرر والهانه فيه أكثر ،أو لما مر من أن التسبيح بالعضاء التي في الوجه.
قوله عليه السلم إل في سبيل ال كأنه على التمثيل أو ذكر أفضل الفراد
" فوق طاقتها " أي قدرتها أو وسعها بأن ل يشق عليها ،والتحريم بالول
أنسب كالكراهة بالثاني و كذا الكلم في تكليف المشي - 2 .مجالس
الصدوق :بالسناد المتقدم عن الصادق عليه السلم قال :للدابة على
صاحبها سبعة حقوق :ل يحملها فوق طاقتها ،ول يتخذ ظهرها مجلسا
يتحدث عليه ،و يبدأ بعلفها إذا نزل ،ول يسمها في وجهها ،ول يضربها في
وجهها فانها تسبح ويعرض عليها الماء إذا مر به ،ول يضربها على
النفار ،ويضربها على العثار لنها ترى ما ل ترون ) .(1الكافي :عن علي
بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :للدابة على صاحبها ستة حقوق ،إلى قوله إذا مر به ،ثم قال
بعد أخبار :وروي عن النبي صلى ال عليه واله وسلم انه قال :اضربوها
على العثار ول تضربوها على النفار ) .(2المحاسن :عن النوفلي مثله
وفيه ستة حقوق إلى قوله إذا مر به ) .(3توضيح :أقول قال الصدوق )ره(
في الفقيه ) (4أيضا ،وروى أنه قال أي أبو عبد ال عليه السلم اضربوها
على العثار الخ ،وقال الوالد قدس سره روى الكليني والبرقي أخبارا عن
النبي صلى ال عليه واله والصادق عليه السلم بعكس ذلك بدون ذكر
التعليل ،فالظاهر أنه وقع السهو من الصدوق )ره( وذكر التتمة لتوجيه
ذلك مع أنه ل ذنب لها في العثار لنه إما لزلق أو حجر وأمثالهما انتهى.
) (1امالي الصدوق (2) .303 :الكافي ج 6ص (3) .538المحاسن(4) .637 :
الفقيه ج 2ص * .187
][203
واقول :يحتمل أن يكون الخبر ورد على وجهين ويكون لكل منهما مورد خاص كما
إذا كان العثار بسبب كسل الدابة ،والنفار لرؤية شبح من البعيد يحتمل
كونه عدوا أو حيوانا موذيا وبالجملة المر ل يخلو من غرابة- 3 .
الخصال :في الربعماة قال أمير المؤمنين عليه السلم :من سافر منكم
بدابة فليبدء حين ينزل بعلفها وسقيها ) .(1المحاسن :عن القاسم بن يحيى
عن جده الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )
- 4 .(2العلل والخصال :عن على بن أحمد بن أبي عبد ال البرقي عن
أبيه عن جده أحمد ابن أبي عبد ال عن أبيه عن ابن اسباط عن عمه
يعقوب بن سالم يرفع الحديث إلى أمير المؤمنين قال :قال رسول ال صلى
ال عليه واله وسلم في حديث طويل :ل يرتدف ثلثة على دابة فان أحدهم
ملعون وهو المقدم ) .(3المحاسن :عدة من أصحابنا عن ابن أسباط مثله )
.(4بيان :كأنه محمول على الكراهة الشديدة ،والتخصيص بالمقدم لنه
أضر لنه يقع على العنق غالبا - 5 .المحاسن :عن النوفلي عن الكسوني
عن أبي عبد ال عن آبائه عليهم السلم أن النبي صلى ال عليه وآله
أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها ،فقال :أين صاحبها ؟ مروه فليستعد
غدا للخصومة ) - 6 .(5ومنه الفقيه :عن ابن فضال عن حماد اللحام قال:
مرقطار لبي عبد ال عليه السلم
) (1الخصال ج 2ص (2) .159المحاسن (3) .361 :علل الشرايع ص ،194
الخصال ج 1ص (4) .49المحاسن (5) .627 :المحاسن * .36 :1
][204
فرأى زاملة قد مالت ،فقال :يا غلم اعدل على هذا الجمل فان ال يحب العدل ).(1
بيان :في النهاية الزاملة البعير الذي يحمل عليها الطعام والمتاع ،كأنه
فاعلة من الزمل :وهو الحمل - 6 .المحاسن عن يعقوب بن يزيد عن ابن
أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد ال عليه السلم قال حج علي بن
الحسين عليه السلم على راحلته عشر حجج ما قرعها بسوط ،ولقد بركت
به سنة من سنواته فما قرعها بسوط ) .(2ومنه عن أبيه عن ابن المغيرة
ومحمد بن سنان عن طلحة بن زيد عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
لكل شئ حرمة وحرمة البهايم في وجوهها ) .(3الكافي :عن علي بن
إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عنه عليه السلم مثله )- 7 (4
المحاسن عن محمد بن على عن ابن أسباط رفعه قال قال أمير المؤمنين
عليه السلم :قال رسول ال صلى ال عليه واله :ل تضربوا وجوه الدواب
وكل شئ فيه الروح ،فانه يسبح بحمد ال ) .(5ومنه :عن القاسم بن يحيى
عن جده الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد ال عليه السلم قال قال
أمير المؤمنين عليه السلم ل تضربوا الدواب على وجوهها ،فانها تسبح
بحمد ربها .وفي حديث آخر :ول تسموها في وجوهها ) .(6الكافي :عن
العدة عن أحمد بن محمد عن القاسم مثله ) .(7الخصال :في الربعماة مثل
الحديث الول - 8 .المحاسن :عن بعض أصحابنا بلغ به أبا عبد ال عليه
السلم قال :أل يستحيي أحدكم
) (1الفقيه ج 2ص ،191المحاسن (2) .361 :المحاسن (3) .361 :المحاسن:
(4) .632الكافي ج 6ص 5) .539و (6المحاسن (7) .633 :الكافي
ج 6ص * .538
][205
أن يغني على دابته وهى تسبح .وروي عن النبي صلى ال عليه واله أنه قال:
اضربوها على النفار ول تضربوها على العثار ) .(1ومنه :عن النوفلي
عن السكوني عن أبى عبد ال عن آبائه عليهم السلم قال :للدابة على
صاحبها ستة حقوق ل يحملها فوق طاقتها ،ول يتخذ ظهورها مجالس،
فيتحدث عليها ،ويبدء بعلفها إذا نزل ،ويعرض عليها الماء إذا مر به ،ول
يسمها في وجوهها فانها تسبح ) .(2ومنه :عن يعقوب بن يزيد عن يحيى
بن المبارك عن علي بن حسان قال قال أبو ذر تقول الدابة :اللهم ارزقني
مليك صدق يرفق بى ،ويحسن إلى ويطعمني ويسقيني ول يعنف على ).(3
ومنه :عن محمد بن علي عن ابن أسباط عن علي بن جعفر عن أبي
إبراهيم عليه السلم قال :ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها إل قالت
اللهم اجعله بى رحيما ) .(4ومنه :عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص
بن البخترى عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إذا ركب العبد الدابة قالت
اللهم اجعله بي رحيما ) .(5ومنه :عن ابن فضال عن أبي المغرا عن ابن
مسكان عن سليمان بن خالد فيما أظن عن أبي عبد ال عليه السلم قال
رئى أبو ذر رضي ال عنه يسقى حمارا له بالربذة ،فقال له بعض الناس:
أمالك يا باذر من يسقى لك هذا الحمار ،فقال :سمعت رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم يقول ما من دابة إل وهى تسأل كل صباح اللهم ارزقني
مليكا صالحا يشبعني من العلف ،ويروينى من الماء ،ول يكلفنى فوق
طاقتي ،فأنا أحب أن أسقيه بنفسي ) .(6ومنه :عن محمد بن علي عن ابن
أسباط عن سيابة بن ضريس عن سعيد بن غزوان عن :أبي عبد ال عليه
السلم مثله ) .(7الكافي :عن العدة عن أحمد بن محمد عن ابن فضال مثله
وفيه قال فيماظن ).(8
) 1و (2المحاسن (7 - 3) .623 :المحاسن (8) .626 :الكافي ج 6ص * .537
][206
بيان :على نسخة الكافي الظاهر أن الشك من سليمان ويحتمل كونه من ابن سنان،
وعلى ما في المحاسن كان الخير متعين ،والسؤال يحتمل أن يكون بلسان
الحال كناية ،عن احتياجها إلى ذلك وإضطرارها فلبد من رعايتها- 9 .
المحاسن :عن ابن فضال عن صفوان الجمال قال أرسل إلى المفضل بن
عمر أن أشترى لبي عبد ال عليه السلم جمل فاشتريت جمل بثمانين
درهما فقدم به على أبي عبد ال عليه السلم فقال لي :أتراه يحمل القبة ؟
فشددت عليه القبة وركبته فاستعرضته ثم قال :لو أن الناس يعلمون كنه
حملن ال على الضعيف ما غالوا ببهيمة ) .(1ومنه :عن يعقوب بن يزيد
عن ابن أبي عمير عن ابن سنان قال :سئل أبو عبد ال عليه السلم عن
صلوة المغرب فقال أنخ إذا غابت الشمس ،قال فانه يشتد على إناخته
مرتين قال :افعل فانه أصون للظهر ) .(2ومنه :عن بعض أصحابنا رفعه
قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :ل تضربوها على العثار واضربوها على
النفار ،وقال ل تغنوا على ظهورها أما يستحيي أحدكم أن يغني على ظهر
دابته وهي تسبح ) .(3ومنه :عن بعض أصحابه رفعه إلى أبى عبد ال
عليه السلم قال :قال على بن الحسين عليه السلم لبنه محمد عليه
السلم حين حضرته الوفاة :إني قد حججت على ناقتي هذه عشرين حجة
فلم أقرعها بسوط قرعة ،فإذا نفقت فادفنها ل يأكل لحمها السباع ،قال
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :مامن بعير يوقف عليه موقف عرفة
سبع حجج إل جعله ال من نعم الجنة ،وبارك في نسله ،فلما نفقت حفر لها
أبو جعفر عليه السلم ودفنها ) .(4بيان يدل على استحباب ترك ضرب
الدواب ل سيما في طريق الحج ،وكانه
) (1المحاسن (2) .638 :المحاسن (3) .639 :المحاسن (4) .627 :المحاسن:
* .635
][207
محمول على ما إذا لم تدع إليه ضرورة ،وعلى استحباب دفن الناقة التي حج عليها
سبع حجج ،ويحتمل شموله لجميع الدواب كما يؤمى إليه الخير التي،
ويحتمل اختصاص الحكم بمركوبهم عليهم السلم لكن التعليل يؤمى إلى
التعميم - 10 .المحاسن :عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن مرازم عن أبيه
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم :انه ليس من دابة عرف بها خمس وقفات إل كانت من نعم الجنة
قال :روى بعضهم وقف بها ثلث وقفات ) .(1ومنه عن محمد بن سنان
عن عبد العلى عن أحدهما عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم إنه ليس من بعير إل على ذروته شيطان ،فامتهنوهن ول
يقول أحدكم اريح بعيري فان ال هو الذى يحمل ) .(2ومنه :عن محمد بن
يحيى عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد ال عن آبائه عليهم السلم قال
قال رسول ال :إن على ذروة كل بعير شيطانا فامتهنوها لنفسكم ،وذللوها
واذكروا اسم ال عليها ،فانما يحمل ال ) .(3ومنه :عن أبي طالب عن
أنس بن عياض الليثي ،عن أبي عبد ال عليه السلم عن أبيه عليه السلم
قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :إن على ذروة كل بعير
شيطانا فامتهنوها لنفسكم ،و ذللوها ،واذكروا اسم ال عليها كما أمركم
ال ) .(4بيان " كما أمركم ال " أي في قوله تعالى " والذي خلق الزواج
كلها وجعل لكم من الفلك والنعام ما تركبون لتستوا على ظهوره ثم تذكروا
نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له
مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون " ) (5فانه في قوة المر كما سيأتي إنشاء
ال في باب آداب الركوب .ويمكن أن يكون المراد بأمره تعالى ما يشمل
أمر الرسول وأوصيائه عليهم السلم أيضا.
][208
- 11المحاسن :عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبي عبد ال وعن أبيه
ميمون قال :خرجنا مع أبي جعفر عليه السلم إلى أرضه بطيبة ومعه
عمرو بن دينار وأناس من أصحابه ،فأقمنا بطيبة ما شاء ال وركب أبو
جعفر عليه السلم على جمل صعب ،فقال له عمرو بن دينار ما أصعب
بعيركم ؟ فقال له أما علمت أن رسول ال صلى ال عليه واله وسلم قال إن
على ذروة كل بعير شيطانا فامتهنوها وذللوها ،وذكروا اسم ال عليها،
فانما يحمل ال ثم دخل مكة ودخلنا معه بغير إحرام ) .(1الكافي :عن العدة
عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد مثله ) .(2بيان :كان المراد بطيبة
هنا غير المدينة بل هي اسم موضع قريب مكة وإنما دخل عليه السلم بغير
احرام لعدم مضى شهر من الحرام الول ،قال الفيروزآبادي طيبة أي
بالفتح المدينة النبوية ،وبالكسر قرية عند زرود - 12 .المحاسن :عن أبيه
عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
لويعلم الحاج ماله من الحملن ما غالى أحد للبعير ) .(3ومنه :عن محمد
بن علي عن الحجال عن صفوان الجمال قال :قال أبو عبد ال عليه السلم
لو يعلم الناس كنه حملن ال على الضعيف ما غالوا ببهيمة ) .(4ومنه:
عن أبيه عن محمد بن عمرو عن سليمان الرحال عن ابن أبي يعفور ،قال
مر بى أبو عبد ال عليه السلم وأنا أمشى عن ناقتي ،فقال مالك ل تركب ؟
فقلت :ضعفت ناقتي ،و أردت أن اخفف عنها ،فقال :رحمك ال اركب ،فان
ال يحمل على الضعيف والقوى ) .(5الكافي عن العدة عن أحمد بن أبي
عبد ال عن أبيه مثله ) - 13 .(6المحاسن عن بكر بن صالح عن سليمان
الجعفري عن أبى الحسن عليه السلم قال
][209
إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها :تعست تقول تعس وانتكس أعصانا لربه ).(1
الكافي عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد بن
يسار عن عبيدال الدهقان عن درست عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :وذكر مثله ) .(2توضيح :قال
الجوهرى التعس الهلك ،وأصله الكب وهو ضد النتعاش ،وقد تعس
بالفتح يتعس تعسا وأتعسه ال ،يقال تعسا لفلن أي ألزمه ال هلكا .وقال
الفيروز آبادي التعس الهلك والعثار والسقوط والشر والبعد والنحطاط
والفعل كمنع وسمع أو إذا خاطبت قلت تعست كمنع ،وإذا حكيت قلت تعس
كسمع وقال :انتكس أي وقع على رأسه انتهى .وقوله " لربه " الظاهر أن
المراد به الرب سبحانه كما هو المصرح به في غيره ويحتمل أن يكون
المراد بالرب المالك أي ما عصيتك في هذه العثرة إذ لم تكن باختياري
وأنت عصيت ربك كثيرا - 14 .المكارم :عن الرضا عليه السلم قال :على
كل منخر من الدواب شيطانا فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم ال عزوجل
) .(3الكافي :عن العدة عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن جده
الحسن عن يعقوب بن جعفر قال :سمعت أبا الحسن عليه السلم وذكر
مثله ) - 15 .(4المكارم :عن أبي عبيدة عن أحدهما عليهما السلم قال
أيما دابة استصعبت على صاحبها من لجام ونفار فليقرأ في اذنها أو عليها
" أفغير دين ال يبغون وله أسلم من في السموات والرض طوعا وكرها
وإليه ترجعون " وليقل " اللهم سخرها وبارك لي فيها بحق محمد وآل
محمد " واقرء إنا أنزلناه ).(5
) (1المحاسن (2) .631 :الكافي ج 6ص (3) .538مكارم الخلق(4) .303 :
الكافي ج 6ص (5) .539مكارم الخلق* .303 :
][210
الكافي :عن العدة عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة
مثله إلى قوله وإليه ترجعون ) .(1بيان :قوله عليه السلم " :أو عليها "
أي قريبا منها إن لم يقدر على إدناء الفم من أذنها - 16 .نوادر الراوندي:
باسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلم قال :قال على عليه
السلم :للدابة على صاحبها ست خصال يبدأ بعلفها إذا نزل ،ويعرض
عليها الماء إذا مر به ول يضربها إل على حق ول يحتملها إل ما تطيق ول
يكلفها من السير إل طاقتها ،ول يقف عليها فواقا .وبهذا السناد قال :قال
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :ل تتخذوا ظهور الدواب كراسي فرب
دابة مركوبة خير من راكبها ،وأطوع ل تعالى وأكثر ذكرا .وبهذا السناد
قال :قال علي عليه السلم :نهي رسول ال صلى ال عليه واله وسلم أن
توسم الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها .وبهذا السناد قال :قال
رسول ال صلى ال عليه واله :قلدوا النساء ولو بسير ،وقلدوا الخيل ول
تقلدوها الوتار ) .(2بيان :قال الجوهري الفواق والفواق ما بين الحلبتين
من الوقت لنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب يقال
ما أقام عنده إل فواقا - 17 .المجازات النبوية :قال عليه السلم :قلدوا
الخيل ول تقلدوها الوتار ) .(3قال السيد رضي ال :عنه هذه استعاره
على أحد التأويلين وهو أن يكون المراد النهي عن طلب أوتار الجاهلية
على الخيل بشن الغارات وشب النائرات ،ومعنى " ل تقلدوها " أي ل
تجعلوها كأنها قلدت درك الوتر فتقلدته ،وضمنت أخذ الثار فضمنته وذلك
عبارة عن فرط جدهم في الطلب وحرصهم على الدرك ،فكأنه عليه السلم
قال :قلدوا
) (1الكافي ج 6ص (2) .540نوادر الراوندي 14و (3) .15المجازات النبوية:
* .165
][211
الخيل طلب أعداء الدين والدفاع عن المسلمين ،ول تقلدوها طلب أوتار الجاهلية
ودخول مصارع الحمية .وإذا حمل الخبر على التأويل الخر خرج عن أن
يكون مجازا وهوأن يكون المراد النهي عن تقليد الخيل أوتار القسى وقيل
في وجه النهي عن ذلك قولن أحدهما أن يكون عليه السلم إنما نهى عنه
لن الخيل ربما رعت الكلء والشجار فنشبت الوتار في أعناقها ببعض
شعب ما ترعاه من ذلك ،فخنقتها أو حبستها على عدم المأكل والمشرب
حتى تقضى نحبها .والوجه الخر أنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن تقليد
الخيل بالوتار يرفع عنها حمة عين العاين وشرارة نظر المستحسن،
فتكون كالعوذلها والحراز عليها ،فأراد عليه السلم أن يعلمهم أن تلك
الوتار ل تدفع ضررا ول تصرف حذرا وإنما ال سبحانه وتعالى الدافع
الكافي والمعيذ الواقي ومما يقوى هذا التأويل ما روي من أمره عليه
السلم بقطع الوتار عن أعناق الخيل .ولتقليد الخيل وجه آخر وهو أن
العرب كانت إذا قدرت وظفرت قلدت الخيل العمائم وذكر أن معوية لما
تغلب على المر ودخل الكوفة بعد صلح الحسين عليه السلم فعل ذلك
بخيله .اقول :وذكر ابن الثير في النهاية هذه الوجوه ال الخير- 18 .
المجازات :قال النبي صلى ال عليه واله وسلم :إذا سافرتم في الخصب
فأعطوا الركب أسنتها وفي روايه أخرى فاعطوا الركاب أسنانها ).(1
وهذه استعارة والمراد بالسنة هيهنا على ما قاله جماعة من علماء اللغة
السنان وهو جمع جمع لن السنان جمع سن والسنة جمع السنان،
والركب جمع الركاب ،فكأنه عليه السلم أمرهم بأن يمكنوا ركابهم زمان
الخصب من الرعى في طرق أسفارهم ،وعند نزولهم وارتحالهم فكنى عن
ذلك باعطائها أسنانها ،والمراد تمكينها من استعمال أسنانها في اجتذاب
الكلء والعشاب ،فكأنهم بتمكينها من ذلك قد أعطوها أسنانها ،وهذا كما
يقول
القائل لغيره :أعط الفرس عنانها ،وأعط الراحلة زمامها :أي مكنها من التوسع في
الجرى ومد العنق في الخطو .وعندي في ذلك وجه آخر وهو أن يكون
المراد مكنوا الركاب في الخصب من أن يسمن بكثرة الرعي ،فانهم قد
عبروا في أشعارهم عن سمن البل بالسلح تارة ،و بالسنة تارة ،فان
سمنها وشارتها في عين صاحبها يمنعه من أن ينحرها للضيافة ويبذلها
لطراقة ،فجعل السمن لها كالسلح الذي يدافع به عن نحرها ،وتماطل به
عن عقرها - 19 .الفقيه :باسناده عن أيوب بن أعين قال :سمعت الوليد
بن صبيح يقول لبي عبد ال عليه السلم إن أبا حنيفة رأى هلل ذي
الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة ،فقال ما لهذا صلوة ما لهذا حج .وحج
علي بن الحسين عليه السلم على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط )
.(1ومنه :باسناده الصحيح عن علي بن رئاب عن أبي بصير عن أبي
جعفر عليه السلم قال :كان رسول ال صلى ال عليه واله ومرثد بن أبي
مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ) .(2بيان :العقبة
بالضم النوبة وأعقب زيد عمروا :ركبا بالنوبة - 20 .الفقيه :قال على
عليه السلم في الدواب :ل تضربوها الوجوه ول تلعنوها فان ال عزوجل
لعن ل عنها .وفي خبر آخر :ل تقبحوا الوجوه .وقال النبي صلى ال عليه
واله وسلم :إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة ) .(3توضيح " :ل تقبحوا
الوجوه " أي ل تقولوا لها قبح ال وجهك أول تفعلوا شيئا يصير سببا
لقباحة وجهها قال في النهاية يقال قبحت فلنا إذا قلت قله قبحك ال ،من
) (1الفقيه ج 2ص (2) .191الفقيه ج 2ص (3) .192الفقيه ج 2ص * .188
][213
القبح وهو البعاد ،ومنه الحديث ل تقبحوا الوجه أي ل تقولوا قبح ال وجه فلن،
و قيل ل تنسبوا إلى القبح ضد الحسن ،لن ال قد أحسن كل شئ خلقه.
قوله عليه السلم " لزمتها " أي يستجاب فيها ويصير سببا لهلكها أو
لزمتها مقابلة اللعن باللعن ،قال في النهاية في حديث المرأة التي لعنت
ناقتها في السفر ،فقال :ضعوا عنها فانها ملعونة ،قيل إنما فعل ذلك لنه
استجيبت دعاؤها فيها ،وقيل فعله عقوبة لصاحبتها لئل تعود إلى مثلها،
وليعتبر بها غيرها ،وأصل اللعن الطرد والبعاد من ال تعالى ومن الخلق
السب والدعاء - 21 .الفقيه :باسناده عن السكوني باسناده قال قال رسول
ال صلى ال عليه واله وسلم :إن ال تبارك وتعالى يحب الرفق ويعين
عليه ،فإذا ركبتم الدواب العجاف فأنزلوها منازلها فانكانت الرض مجدبة
فانجوا عليها ،وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها .وقال صلى ال عليه
واله :من سافر منكم بدابة فليبدء حين ينزل بعلفها وسقيها ) .(1وقال أبو
جعفر عليه السلم :إذا سرت في أرض خصبة فأرفق بالسير ،وإذا سرت
في أرض مجدبة فعجل بالسير ) .(2بيان :العجاف المهازيل ،فأنزلوها
منازلها أي كلفوها على قدر طاقتها ول تتعدوا بها المنزل كما في الثاني
فانجوا أي فأسرعوا لتصلوا إلى الماء والكلء ،فأرفق بالسير أي لترعى
في الطريق - 22 .الكافي عن محمد بن يحيى عن علي بن إبراهيم
الجعفري رفعه قال سئل الصادق عليه السلم متى أضرب دابتي تحتي ؟
فقال إذ لم تمش كمشيتها إلى مذودها ) (3الفقيه :سأل رجل أبا عبد ال
عليه السلم وذكر مثله ) .(4بيان :في أكثر نسخ الكافي المذود بالذال
المعجمة ،وفي أكثر نسخ الفقيه بالزاي
) (1الفقيه ج 2ص (2) .189الفقيه ج 2ص (3) .190الكافي ج 6ص ) .538
(4الفقيه ج 2ص * .187
][214
والول أظهر ،في القاموس المذود كمنبر معلف الدابة ،وقال الزود تأسيس الزاد و
كمنبر وعاؤه - 23 .الكافي :عن حميد بن زياد عن الخشاب عن ابن بقاح
عن معاذ الجوهري عن عمرو بن جميع عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
قال رسول ال :ل تتور كوا على الدواب ول تتخذوا ظهورها مجالس ).(1
بيان :لعل المراد بالتورك عليها الجلوس عليها على إحدى الوركين ،فانها
تتضرر به ويصير سببا لدبرها ،أو المراد رفع إحدى الرجلين ووضعها
فوق السرج للستراحة ،قال الجوهري تورك على الدابة أي ثنى رجله
ووضع إحدى وركيه في السرج ،وكذلك التوريك ،وقال أبو عبيدة المورك
والموركة الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا مل
من الركوب وفي القاموس :تورك على الدابة ثنى رجله لينزل أو ليستريح
انتهى .وفي بعض النسخ :ل تتوكؤا من التكاء وكأنه تصحيف- 24 .
الكافي :عن العدة عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن
الصم عن مسمع بن عبد الملك عن أبى عبد ال عليه السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :اضربوها على النفار ول تضربوها
على العثار ) .(2الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير
عن هشام بن سالم قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :إن من الحق أن
يقول الراكب للماشي :الطريق .وفي نسخة اخري :إن من الجور أن يقول
الراكب للماشي :الطريق ) .(3بيان :كأن قوله :وفي نسخة اخرى ،من كلم
رواة الكافي ،ويحتمل كونه من الكليني بأن يكون اختلف النسخ في
اصوله ،وعلى التقديرين فالنسخة الخرى محمولة على ما إذا كان هناك
طريق آخر يمكنه أن يثني عنانه إليه ،وعلى النسخة
][215
الولى معناه أنه ينبغي للراكب أن يحذر الماشي ليعدل عن طريقه لئل يصيبه ضرر
ويؤيد النسخة الثانية ما سيأتي ،ولم تكن النسخة الولى في بعض نسخ
الكافي وإن كانت أظهر - 25 .الخصال :عن أبيه عن محمد بن يحيى عن
محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن هشام بن سالم
عن أبى عبد ال عليه السلم قال :من الجور قول الراكب للماشي الطريق
) - 26 .(1الفقيه :قال النبي صلى ال عليه واله وسلم :أخروا الحمال فان
اليدين معلقة والرجلين موثقة ) - 26 .(2الكافي :عن الحسين بن محمد
عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحسن بن الحسين العلوي
قال :قال أبو الحسن عليه السلم :من مروة الرجل أن يكون دوابه سمانا
قال :وسمعته يقول :ثلث من المروة :فراهة الدابة ،وحسن وجه المملوك.
والفرس السرى ) .(3بيان :في القاموس :فره ككرم فراهة وفراهية:
حذق ،فهو فاره بين الفروهة ) (4والسري :النفيس الشريف- 28 .
مجالس الصدوق والفقيه :في حديث المناهى عن جعفر بن محمد عن آبائه
عليهم السلم قال :نهى رسول ال صلى ال عليه واله عن ضرب وجوه
البهائم ،ونهى عن قتل النحل ونهى عن الوسم في وجوه البهايم )- 9 .(5
إرشاد المفيد :عن أبي محمد الحسن بن محمد عن جده عن أحمد بن محمد
الرافقي ) (6عن إبراهيم بن علي عن أبيه قال :حججت مع أبي علي بن
الحسين عليهما السلم فالتاثت عليه
) (1الخصال 3 :فيه :للراجل (2) .من ل يحضره الفقيه (3) .191 :2فروع الكافي
(4) .479 :6القاموس :فره (5) .المجالس) 255 :م (66من ل يحضره
الفقيه (6) .5 :4في المصدر :الرافعى* .
][216
الناقة في سيرها فأشار إليها بالقضيب ثم قال :آه لول القصاص ،ورد يده عنها )
.(1بيان :في النهاية فيه إذا التاثت راحلة أحدنا أي أبطأت في سيرها ).(2
- 30الكافي عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن على بن إسماعيل
رفعه قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :كل لهو المؤمن باطل
إل في ثلث :في تأديبه الفرس ،ورميه عن قوسه ،وملعبته امرأته فانهن
حق ،الخبر ) - 31 .(3الفقيه :باسناده عن أحمد بن إسحاق بن سعد عن
عبد ال بن ميمون عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلم
قال :قال الفضل بن العباس :اهدي إلى رسول ال صلى ال عليه وآله بغلة
أهداها له كسرى أو قيصر فركبها النبي صلى ال عليه واله وسلم بجل من
شعر وأردفني خلفه ،الخبر ) - 32 .(4كتاب المسائل :بالسناد عن علي بن
جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال :سألته عن الرجل أيصلح أن يركب
الدابة عليها الجلجل ؟ قال :إن كان له صوت فل وإن كان أصم فل بأس )
- 33 .(5الفقيه :قال الصادق عليه السلم :إن على ذروة كل بعير شيطانا
فاشبعه و امتهنه ) .(6تذنيب :ذكر العلمة قدس سره في المنتهى كثيرا
من أخبار حقوق الدابة من غير تصريح بالوجوب أو الستحباب ،وقال:
ويستحب اتخاذ الخيل وارتباطها
) (1الرشاد) 240 :طبعة الخوندى( (2) .النهاية (3) .72 :4 :فروع الكافي :5
50صدره :اركبوا وارموا وان ترموا احب إلى من أن تركبوا ثم قال :كل،
ذيله :ال ان ال عزوجل ليدخل في السهم الواحد الثلثة الجنة :عامل
الخشبة والمقوى به في سبيل ال والرامي به في سبيل ال (4) .من ل
يحضره الفقيه (5) .296 :4 :بحار النوار (6) .264 :10من ل يحضره
الفقيه * .190 :2
][217
استحبابا مؤكدا ،وقال :وينبغي اجتناب ضرب الدابة إل مع الحاجة ول بأس بالعقبة.
وأقول :سائر الداب المذكورة في هذه الخبار لم ينص الصحاب فيها
بشئ فالحكم بالوجوب أو الحرمة في أكثرها مشكل ،بل الظاهر أن أكثرها
من السنن والداب المستحبة المرغوبة ،لكن الحتياط يقتضي العمل
بجميعها ما تيسر .وقال الدميري في حياة الحيوان :في شرح الكافية :ل
يجوز بيع الخيل لهل الحرب كالسلح ،ويكره أن يقلد الوتار لنهي النبي
صلى ال عليه واله وسلم عن ذلك وأمره بقطع قلئد الخيل ،قال مالك :أراه
من أجل العين ،وقال غيره :إنما أمر بقطعها لنهم كانوا يعلقون فيها
الجراس ،وقال آخرون :لنها تختنق بها عند شدة الركض ،و يحتمل أن
يكون أراد عين الوتر خاصة دون غيره من السيور والخيوط ) (1على
ماكان من عادتهم في الجاهلية ،وقيل :معناه ل تطلبوا عليها الوتار
والذحول ول تركضوها في طلب الثأر ) .(2وفي شفاء الصدور :عن أبي
سعيد الخدري أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :ل تضربوا وجوه
الدواب فان كل شئ يسبح بحمده .وروي عن ابن مسعود أن النبي صلى
ال عليه واله وسلم قال :إذا انفلتت دابة أحدكم بارض فلة فليناد " :يا
عباد ال احبسوا " فان ل عزوجل في الرض حاجزا سيحبسه ).(3
وروى الطبراني في معجمه الوسط من حديث أنس أن النبي صلى ال
عليه واله وسلم قال :من ساء خلقه من الرقيق والدواب والصبيان فاقرأوا
في اذنه " أفغير دين ال يبغون وله أسلم من في السماوات والرض
طوعا وكرها إليه ترجعون ) " (4ثم قال :يجب علي مالك الدواب علفها
وسقيها ) (5لحرمة الروح.
) (1في المصدر :وقيل " :معناه " إلى قوله " :في طلب الثأر " ثم زاد بعده :على
ما كان من عادتهم في الجاهلية (2) .حياة الحيوان (3) .288 :1في
المصدر :حابسا يحبسها (4) .آل عمران (5) .83 :في المصدر :على
مالك الدابة علفها ورعيها وسقيها* .
][218
وفي الصحيح " :عذبت امرأة في هرة " فان لم تكن ترعى لزمه أن يعلفها و
يسقيها إلى أول شبعها وريها دون غايتهما ،وإن كانت ترعى لزمه
إرسالها لذلك حتى تشبع وتروي بشرط فقد السباع ) (1ووجود الماء ،وإن
اكتفت بكل من الرعي والعلف خير بينهما ،وإن لم تكتف إل بهما لزماه،
وإذا احتاجت البهيمة إلى السقي ومعه ما يحتاج إليه لطهارته سقاها
وتيمم ،فان امتنع من العلف اجبر في مأكوله على بيع أو علف أو ذبح وفي
غيرها على بيع أو علف صيانة لها عن الهلك ،فان لم تفعل فعل الحاكم ما
تقتضيه المصلحة ،فان كان له مال ظاهر بيع في النفقة ،فان تعذر جميع
ذلك فمن بيت المال .ويستحب أن يقول عند الركوب ما رواه الحاكم
والترمدي وصححاه عن على ابن ربيعة قال :شهدت علي بن أبي طالب
عليه السلم وقد اتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب ) (2قال" :
سبحانك اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه ل يغفر الذنوب إل أنت " ثم
ضحك فقيل :يا أمير المؤمنين من أي شئ ضحكت ؟ فقال :رأيت النبي
صلى ال عليه واله وسلم فعل كما فعلت ثم ضحك فقلت :يا رسول ال من
أي شئ ضحكت ؟ فقال :إن ربك تعالى ليعجب من عبده إذا قال " :رب
اغفر لي ذنوبي " يعلم ) (3أنه ل يغفر الذنوب غيرى .وروى أبو القاسم
الطبراني عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى ال عليه واله وسلم
قال :إذا ركب العبد الدابة ولم يذكر اسم ال ردفه الشيطان فقال " :تغن "
فان كان ل يحسن الغناء قال له " :تمن " فل يزال في امنيته حتى ينزل.
وعن أبي الدرداء أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :من قال إذا ركب
دابة " :بسم ال الذي ل يضر مع اسمه شئ في الرض ول في السماء،
سبحانه ليس له سمي سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا مقرنين وإنا إلى
ربنا لمنقلبون ،والحمد ل رب العالمين وصلى ال على
) (1في المصدر :السباع العادية (2) .في المصدر " :قال بسم ال فلما استوى على
ظهرها :قال الحمد ل ثم قال " وفيه :فانه (3) .أي يقول ال تعالى :يعلم
عبدى انه ل يغفر الذنوب غيرى ،أو تفسير للعجاب* .
][219
محمد وآله وعليهم السلم " إل قالت ) (1الدابة بارك ال عليك من مؤمن خففت
على ظهرى وأطعت ربك ،وأحسنت إلى نفسك ،بارك ال لك ) (2وأنجح
حاجتك .وروى ابن أبى الدنيا باسناده عن عمر بن قيس أنه قال :إذا ركب
الرجل الدابة قالت " :اللهم اجعله بي رفيقا رحيما " فإذا لعنها قالت :لعنة
ال على أعصانا ل ) .(3وفي كامل ابن عدي عن ابن عمر أن النبي صلى
ال عليه واله وسلم قال :اضربوا الدواب على النفار ول تضربوها على
العثار .وقال :يجوز الرداف على الدابة إذا كانت مطيقة ول يجوز إذا لم
تطقه .ففي الصحيحين عن اسامة بن زيد أن النبي صلى ال عليه واله
وسلم أردفه حين دفع من عرفات إلى المزدلفة ،ثم أردف الفضل بن
العباس من مزدلفة إلى منى ،وأنه صلى ال عليه واله وسلم أردف معاذا
على الرحل وعلى حمار يقال له :عفير ) ،(4ثم قال :وإذا أردف صاحب
الدابة فهو أحق بصدرها ،ويكون الرديف وراءه إل أن يرضى صاحبها
بتقديمه لجللة أو غير ذلك .وأفاد الحافظ ابن منده أن الذين أردفهم النبي
صلى ال عليه واله وسلم ثلثة وثلثون نفسا ) .(5وروى الطبراني عن
جابر رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه واله وسلم نهى أن يركب
ثلثة على دابة .وقال :يكره دوام الركوب على الدابة لغير حاجة وترك
النزول عنها للحاجة لما في سنن أبى داود والبيهقي عن أبى هريرة )(6
أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :إياكم أن
) (1في المصدر " :وصلى ال عليه سيدنا محمد وعليه السلم قالت " وفيه :عن
ظهرى (2) .في المصدر :لك في سفرك (3) .في المصدر :قالت :على
اعصانا ل لعنة ال (4) .حياة الحيوان (5) .233 - 230 :1زاد في
المصدر :وامر صلى ال عليه وآله عبد الرحمن بن ابى بكران يعتمر
باخته عائشة من التنعيم فاردفها وراءه على راحلته وأردف صلى ال
عليه وآله صفية ام المؤمنين وراءه حين تزوجها بخيير (6) .في
المصدر :من حديث ابى مريم عن ابى هريرة* .
][220
تتخذوا ظهور دوابكم منابر ،فان ال تعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم
تكونوا بالغيه إل بشق النفس ،وجعل لكم في الرض مستقرا فاقضوا
عليها حاجاتكم .ويجوز الوقوف على ظهرها للحاجة ريثما تقضي لما روى
مسلم وأبو داود والنسائي عن ام الحصين الخمصية ) (1أنها قالت:
حججت مع رسول ال صلى ال عليه واله وسلم حجة الوداع فرأيت اسامة
وبلل أحدهما أخذ خطام ناقة النبي صلى ال عليه واله وسلم والخر رافع
ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة .وقال الشيخ عز الدين بن
عبد السلم في الفتاوى الموصلية :النهي عن ركوب الدواب وهي واقفة
محمول على ما إذا كان لغير غرض صحيح ،وأما الركوب الطويل في
الغراض الصحيحة فتارة يكون مندوبا كالوقوف بعرفة ،وتارة يكون
واجبا كوقوف الصفوف في قتال المشركين وقتال كل من يجب قتاله،
وكذلك الحراسة في الجهاد وإذا خيف هجمة العدو ،وهذا ل خلف فيه
انتهى ) .(2أقول :سيأتي الخبار المناسبة للباب في أبواب السفر وأبواب
آداب الركوب إن شاء ال.
][221
) (1في المخطوطة :وعرقبتها )تعرقبها خ ل( (2) .الوسم :اثر الكي .والوشم :غرز
البرة في البدن وذر النيلج عليه وبالفارسية يقال :خالكوبى .والوشر:
تحديد السنان وترقيقها* .
][222
وأراد بذلك تحريم الحلل وتحليل الحرام ،وقيل :أراد معنى الخصاء عن عكرمة و
شهر بن حوشب وأبي صالح عن ابن عباس وكرهوا الخصاء في البهائم
وقيل :إنه الوشم عن ابن مسعود ،وقيل :إنه أراد الشمس والقمر
والحجارة عدلوا عن النتفاع بها إلى عبادتها عن الزجاج )- 1 .(1
المحاسن :عن محمد بن علي عن يونس بن يعقوب قال :سألت أبا عبد ال
عليه السلم عن الخصاء فلم يجبني ،ثم سألت أبا الحسن عليه السلم بعده
فقال :ل بأس ) .(2الفقيه :باسناده عن الحسن بن علي بن فضال عن
يونس بن يعقوب مثله وفيه عن الخصاء ) .(3بيان :محمول على إخصاء
الحيوانات كما سيأتي ،والمشهور فيه الكراهة ،وقيل بالحرمة ،والمشهور
أظهر ،قال العلمة -رحمه ال -في المنتهى :نقل ابن ادريس عن بعض
علمائنا أن إخصاء الحيوان محرم ،قال :والولى عندي تجنب ذلك وأنه
مكروه دون أن يكون محرما محظورا ،لنه ملك للنسان يعمل به ما شاء
مما فيه الصلح له ) ،(4وما روي في ذلك يحمل على الكراهية دون
الحظر - 2 .قرب السناد :عن السندي بن محمد عن يونس بن يعقوب عن
أبي الحسن عليه السلم قال :سألته عن إخصاء الغنم قال :ل بأس )3 .(5
-الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي
عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :إذا
حرنت على أحدكم دابة في أرض العدو
) (1مجمع البيان (2) .113 :3المحاسن (3) .628 :من ل يحضره الفقيه 216 :3
فيه :ل بأس به (4) .الضمير ان عاد إلى الحيوان فالتعليل صحيح واما
ان عاد إلى النسان ففى عموم التعليل نظر (5) .قرب السناد* .131 :
][223
فليذبحها ) (1ول يعرقبها ) - 4 .(2ومنه :بالسناد المتقدم قال :كان أبو عبد ال
عليه السلم يقول :لما كان يوم مؤتة كان جعفر بن أبي طالب على فرس
له فلما التقوا نزل عن فرسه فعرقبها بالسيف فكان أول من عرقب في
السلم ) .(3المحاسن :عن النوفلي مثله ) .(4بيان :يدل على جواز
العرقبة مع الضرورة - 5 .مجالس الشيخ :عن الحسين بن إبراهيم عن
محمد بن وهبان عن علي بن حبشي عن العباس بن محمد بن الحسين عن
أبيه عن صفوان وجعفر بن عيسى عن الحسين بن أبي غندر عن أبيه عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :كان رجل شيخ ناسك يعبد ال في بني
إسرائيل ،فبينا هو يصلي وهو في عبادته إذ بصر بغلمين صبيين قد أخذاد
يكاوهما ينتفان ريشه ،فأقبل على ما فيه من العبادة ولم ينههما عن ذلك،
فأوحى ال إلى الرض :أن تسخي بعبدي ،فساخت به الرض فهو يهوي
في الدر دون أبد البدين ودهر الداهرين ) .(5بيان :الدردون لم أجده في
كتب اللغة ،وكأنه اسم طبقة من طبقات الرض أو طبقات جهنم ،ويدل على
عدم جواز الضرار بالحيوانات بغير مصلحة ،ووجوب نهي الصبيان عن
مثله ،وفيه مبالغة عظيمة في المر بالمعروف والنهي عن المنكر- 6 .
المحاسن :عن أبيه عن ابن المغيرة ومحمد بن سنان عن طلحة بن زيد
عن أبي عبد ال عن أبيه عليهما السلم أنه كره إخصاء الدواب والتحريش
بينها ).(6
) (1في المصدر " :دابة يعنى اقامت في أرض العدو اوفى سبيل ال فليذبحها "
أقول :حرنت الدابة :وقفت ولم تنقد .عرقب الرجل الدابة :قطع عرقوبها.
والعرقوب :عصب غلبظ فوق العقب 2) .و (3فروع الكافي (4) .49 :5
المحاسن (5) .634 :المجالس والخبار (6) .63 :المحاسن* .634 :
][224
) (1في المصدر :إلى يوم القيامة (2) .نوادر الراوندي (3) .34 :في المصدر :وانا
عنده يوما (4) .فروع الكافي 254 :6و (5) .255لن ذلك يصير سببا
لنقص لبنها وعدم رشد ولدها* .
][225
أن تلقح حين تنتج أو أن يحمل عليها في كل عام وذلك أردأ النتاج - 10 .التهذيب:
باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن عباد بن سليمان عن سعد بن
سعد عن هشام بن إبراهيم قال :سألته عن الحمير ننزيها على الرمك لتنتج
البغال أيحل ذلك ؟ قال :نعم انزها ) .(1بيان :الرمكة محركة :الفرس
والبزدونة تتخذ للنسل ،والجمع رمك و جمع الجمع أرماك ذكره
الفيروزآبادي .وأقول :ل تنافي بين هذا الخبر وبين الخبر السابق واللحق
لن النهي فيهما متعلق بالنزو على العتيقة العربية والتجويز في هذا الخبر
للبرذون ،مع أن الخبر التي يحتمل كونه مختصا بهم عليهم السلم بل
ظاهره ذلك - 11 .صحيفة الرضا :باسناد الطبرسي عن الرضا عن آبائه
عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :إنا أهل بيت
ل تحل لنا صدقة ) ،(2وأمرنا باسباغ الوضوء وأن ل ننزي حمارا على
عتيقة ،ول نمسح على خف ) .(3بيان :قال في النهاية في حديث علي
عليه السلم :امرنا أن ل ننزي الحمر على الخيل أي نحملها عليه للنسل
يقال :نزوت على الشئ أنزو نزوا إذا وثبت عليه وقد يكون في الجسام
والمعاني ،ثم ذكر عن الخطابي بعض الوجوه التي ذكرها الدميري مما
أوردته سابقا ) - 12 .(4المحاسن :عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد
ال عن آبائه عليهم السلم أن عليا عليه السلم مر ببهيمة وفحل يسفدها
على ظهر الطريق ،فأعرض على عليه السلم بوجهه ،فقيل له :لم فعلت
ذلك يا أمير المؤمنين فقال :إنه ل ينبغي أن تصنعوا ) (5ما يصنعون
) (1تهذيب الحكام (2) .في المخطوطة :انا اهل البيت ل تحل لنا الصدقة(3) .
صحيفة الرضا (4) .5 :النهاية (5) .147 :4في المصدر :أن يصنعوا* .
][226
) (1في المصدر :ال أن يواروه (2) .المحاسن (3) .634 :نوادر الراوندي14 :
فيه " :على بهيمة " وفيه " :فاعرض بوجهه عنها " وفيه :أن يصنعوا
ما صنعوا وهو من المنكر ولكن ينبغى لهم أن يواروه (4) .فروع الكافي
(5) .548 :6السرائر (6) .فروع الكافي (7) .554 :6المحاسن.628 :
*
][227
الكافي :عن العدة عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم مثله وفيه كله يكره إل
الكلب ) - 17 .(1الفقيه :نهى رسول ال صلى ال عليه واله وسلم عن
تحريش البهائم إل الكلب ) .(2بيان :قوله عليه السلم " :إل الكلب "
كأن المراد به تحريش الكلب على الصيد ل تحريش الكلب بعضها على
بعض ،والخبار وإن وردت بلفظ الكراهة لكن قد عرفت أن الكراهة في
عرف الخبار أعم من الحرمة وهو لهو ولغو وإضرار بالحيوانات بغير
مصلحة فل يبعد القول بالتحريم وال يعلم - 18 .مجالس الصدوق والفقيه:
في مناهى النبي صلى ال عليه واله وسلم :إنه نهى عن الوسم في وجوه
البهائم ) - 19 .(3قرب السناد :عن عبد ال بن الحسن عن جده علي بن
جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال :سألته عن الدابة أيصلح أن
يضرب وجهها أو يسمه بالنار ؟ قال :ل بأس ) - 20 .(4المحاسن :عن
محمد بن على عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
سألته عن سمة الغنم في وجوهها فقال :سمها في آذانها ) - 21 .(5ومنه:
عن ابن محبوب عن ابن سنان قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن
سمة المواشي فقال :ل بأس بها إل في الوجه ) .(6الكافي :عن محمد بن
يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب مثله ) - 22 .(7المحاسن :عن
أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم
) (1فروع الكافي 553 :6و 554فيه :كله مكروه ال الكلب (2) .من ل يحضره
الفقيه (3) .5 :4مجالس الصدوق) 255 :م (66من ل يحضره الفقيه
(4) .5 :4قرب السناد 5) .121 :و (6المحاسن (7) .644 :فروع
الكافي 545 :6فيه :الفى الوجوه* .
][228
قال :ل بأس بها إل ما كان في الوجه ) - 23 .(1ومنه :عن أبيه عن فضالة عن
أبان عن إسحاق بن عمار قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن وسم
المواشي فقال :توسم في غير وجهها ) - 24 .(2ومنه :عن محمد بن علي
عن ابن أسباط عن علي بن جعفر قال :سألت أبا إبراهيم عليه السلم عن
الدابة يصلح أن يضرب وجهها ويسمها بالنار ؟ فقال :ل بأس )- 25 .(3
العياشي :عن الحسن عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن
أبيه عليه السلم قال :نهى رسول ال صلى ال عليه واله وسلم عن أن
توسم البهائم في وجهها وأن يضرب وجوهها فانها تسبح بحمد ربها ).(4
- 26الكافي :عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن
يونس بن يعقوب قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :أسم الغنم في
وجوهها ؟ قال :سمها في آذانها ) - 27 .(5قرب السناد :عن هارون بن
مسلم عن مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال :ل بأس
بسمة المواشي إذا تنكبتم وجوهها ) - 28 .(6حياة الحيوان :روي
البخاري أن النبي صلى ال عليه واله مر بحمار وسم في وجهه فقال :لعن
ال من فعل بهذا ) - 29 .(7وفي رواية :لعن ال الذي وسمه ).(8
) (1المحاسن 644 :فيه :ل بأس به (2) .المحاسن 644 ،فيه :في غير وجوهها) .
(3المحاسن (4) .628 :تفسير العياشي (5) .294 :2فروع الكافي :6
(6) .545قرب السناد 39 :فيه :ل بأس بسمة المواشى بالنار إذا انتم
تنكبتم وجوهها 7) .و (8حياة الحيوان 182 :1فيه " :من فعل هذا "
وفيه :وسم هذا* .
][229
* )باب * (10النحل والنمل وسائر ما نهى عن قتله من الحيوانات ،وما يحل قتله
منها من الحيات والعقارب والغربان وغيرها والنهى عن حرق الحيوانات
وتعذيبها اليات :المائدة :5فبعث ال غرابا الية .30النحل :16وأوحى
ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم
كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذلل يخرج من بطونها شراب
مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون 68و .69
النمل :27حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا
مساكنكم ل يحطمنكم سليمان وجنوده وهم ل يشعرون فتبسم ضاحكا من
قولها -إلى قوله تعالى -وتفقد الطير فقال مالي ل أرى الهدهد أم كان من
الغائبين اليات .21 - 18تفسير :قد مرت قصة الغراب الذي علم قابيل
كيف يواري جسد هابيل عليه السلم حين قتله قوله تعالى " :وأوحى ربك
" قال الرازي يقال :وحى وأوحى وهو اللهام ،و المراد من اللهام أنه
تعالى قرر في نفسها هذه العمال العجيبة التى يعجز عنها العقلء من
البشر ،وبيانه من وجوه :الول أنها تبنى البيوت المسدسة من أضلع
متساوية ل يزيد بعضها على بعض بمجرد طباعها ،والعقلء من البشر ل
يمكنهم بناء مثل تلك البيوت إل بآلت وأدوات مثل المسطر والفرجار،
والثاني أنه ثبت في الهندسة أن تلك البيوت لو كانت مشكلة بأشكال سوى
المسدسات فانه يبقى بالضرورة مابين تلك البيوت فرج خالية ضائعة
فاهتداء تلك الحيوان الضعيف إلى هذه الحكمة الخفية و الدقيقة اللطيفة من
العاجيب* .
][230
والثالث :أن النحل يحصل بينها واحد كالرئيس للبقية وذلك الواحد يكون أعظم من
الباقي ،ويكون نافذ الحكم على تلك البقية وهم يخدمونه ويحملونه عند
تعبه ،وذلك أيضا من العاجيب .والرابع أنها إذا ذهبت عن وكرها ذهبت
مع الجمعية إلى موضع آخر ،فإذا أرادوا عودها إلى وكرها ضربوا الطبول
وآلت الموسيقي ،وبواسطة تلك اللحان يقدرون على ردها إلى وكرها،
وهذه أيضا حالة عجيبة ،فلما امتاز هذا الحيوان بهذه الخواص العجيبة
الدالة على مزيد الذكاء والكياسة ليس إل على سبيل اللهام وهو حالة
شبيهة بالوحي ،لجرم قال تعالى في حقها " :وأوحى ربك إلى النحل "
واعلم أن الوحى قد ورد في حق النبياء كقوله تعالى " :وما كان لبشر أن
يكلمه ال إل وحيا " ) (1وفي الولياء أيضا قال تعالى " :وإذا أوحيت إلى
الحواريين ) " (2وبمعنى اللهام في حق البشر " وأوحينا إلى ام موسى )
" (3وفي حق سائر الحيوان خاص وقال الزجاج :يجوز أن يقال :سمى
هذا الحيوان نحل لن ال تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها،
وقال غيره :النحل يذكر ويؤنث وهي مؤنثة في لغة الحجاز ،ولذلك أنثها
ال ،وكذلك كل جمع ليس بينه وبين الواحدة إل الهاء " أن اتخذي " أن
مفسرة لن في اليحاء معنى القول " ومما يعرشون " أي يبنون
ويسقفون ،وقرء بضم الراء وكسرها .واعلم أن النحل نوعان :أحدهما ما
يسكن في الجبال والغياض ول يتعهدها أحد من الناس ،والنوع الثاني التي
يسكن بيوت الناس ويكون في تعهدات الناس فالول هو المراد بقوله" :
أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر " والثاني هو المراد بقوله" :
ومما يعرشون " وإنما قال " :من الجبال ومن الشجر " لئل تبنى بيوتها
في كل جبل وشجر بل في مساكن يوافق مصالحها ويليق بها ،واختلفوا في
][231
هذا المر :فمن الناس من يقول :ل يبعد أن يكون لهذه الحيوانات عقول وأن يتوجه
عليها من ال أمر ونهي ،وقال آخرون :ليس المر كذلك بل المراد منه أنه
تعالى خلق فيها غرائز وطبايع توجب هذه الحوال " ثم كلي من كل
الثمرات " من للتبعيض أو لبتداء الغاية ،رأيت في كتب الطب أنه تعالى
دبر هذا العالم على وجه يحدث في الهواء طل لطيف في الليالي ،ويقع ذلك
الطل على أوراق الشجار ،فقد تكون تلك الجزاء الطلية لطيفة الصور
متفرقة على الوراق والزهار ،وقد تكون كثيرة بحيث يجتمع منها أجزاء
محسوسة ،أما القسم الثاني فانه مثل الترنجبين فانه طل ينزل من الهواء
ويجتمع على أطراف الشجر في بعض البلدان ،وذلك محسوس ،وأما القسم
الول فهو الذي ألهم ال تعالى هذا النحل تلتقط تلك الذرات من الزهار و
أوراق الشجار بأفواهها وتأكلها وتغتذي بها ،فإذا شبعت التقطت بأفواهها
مرة اخرى شيئا من تلك الجزاء ثم تذهب بها إلى بيوتها وتضعها هناك
كأنها تحاول أن تدخر لنفسها غذاءها ،فإذا اجتمع في بيوتها من تلك
الجزاء الطلية شئ كثير فذاك هو العسل .ومن الناس من يقول :إن النحل
تأكل من الزهار الطيبة والوراق العطرة أشياء ،ثم إنه تعالى يقلب تلك
الجسام في داخل بطنه عسل ،ثم إنها تقئ مرة اخرى فذاك هو العسل،
والقول الول أقرب إلى العقل وأشد مناسبة للستقراء فان طبيعة
الترنجبين قريبة إلى العسل في الطعم والشكل ،ولشك أنه طل يحدث في
الهواء ويقع على أطراف الشجار والزهار ،فكذا هاهنا ،وأيضا فنحن
نشاهد أن هذا النحل إنما تغتذي بالعسل ،ولذلك فانا إذا أخرجنا العسل من
بيوت النحل تركنا لها بقية من ذلك العسل لجل أن تغتذي بها ،فعلمنا أنها
تعتذي بالعسل ،و أنها إنما تقع على الشجار والزهار لنها تغتذي بتلك
الجزاء الطلية العسلية الواقعة من الهواء عليها ،إذا عرفت هذا فنقول:
قوله " :كلى من كل الثمرات " كلمة " من " ها هنا تكون لبتداء الغاية
ول تكون للتبعيض على هذا القول " فاسلكي *
][232
سبل ربك ) (1أي الطرق التي ألهمك وأفهمك في عمل العسل ،أو يكون المراد
فاسلكي في طلب تلك الثمرات سبل ربك ،وفي قوله " :ذلل " قولن:
الول أنه حال من السبل لن ال تعالى ذللها لها ووطئها وسهلها كقوله" :
هو الذي جعل لكم الرض ذلول " ) .(2الثاني أنه حال من الضمير في
قوله " فاسلكي " أي وائتي يا أيتها النحل ذلك منقادة لما امرت به غير
ممتنعة " يخرج من بطونها " هذا رجوع من الخطاب إلى الغيبة ،والسبب
فيه أن المقصود من ذكر هذه الحوال أن يحتج النسان المكلف به على
قدرة ال تعالى وحكمته وحسن تدبيره لحوال العالم العلوي والسفلى،
فكأنه تعالى لما خاطب النحل بما سبق ذكره خاطب النسان وقال :إنما
ألهمنا هذا النحل لهذه العجائب لجل أن يخرج من بطونها شراب مختلف
ألوانه ،ثم إنا ذكرنا أن من الناس من يقول :العسل عبارة عن أجزاء طلية
تحدث في الهواء وتقع على أطراف الشجار وعلى الوراق والزهار
فيلقطها الزنبور بفمه ،فإذا ذهبنا إلى هذا الوجه كان المراد من قوله" :
يخرج من بطونها " أي من أفواهها ،وكل تجويف في داخل البدن فانه
يسمى بطنا ،أل ترى أنهم يقولون " :بطون الدماغ " وعنوابها تجاويف
الدماغ فكذا ههنا " يخرج من بطونها " أي أفواهها ،وأما على قول أهل
الظاهر وهو أن النحل تأكل الوراق والثمرات ثم تقئ فذلك هو العسل
فالكلم ظاهر ،ثم وصف العسل بكونه شرابا لنه تارة يشرب وحده وتارة
يتخذ منه الشربة ،وبأنه مختلف ألوانه والمقصود منه إبطال القول بالطبع
لهذا الجسم مع كونه متشابه الطبيعة ،لما حدث على ألوان مختلفة ،دل ذلك
على حدوث تلك اللوان بتدبير الفاعل المختار ،ل لجل
) (1من العجائب التى لم يعلم رمزها إلى زماننا هذا هي أن النحل بكثرتها كيف كيف
تهتدى إلى خليته مع كثرة الخليا ،واظن ان قوله " :فاسلكي سبل ربك
ذلل " اشارة إلى الطريقة التى علمها ربها للهتداء إلى ذلك (2) .الملك:
* .15
][233
إيجاب الطبيعة ،وبأن فيه شفاء للناس وفيه قولن :الول وهو الصحيح أنه صفة
للعسل .فان قالوا :كيف يكون شفاء للناس وهو يضر بالصفراء ويهيج
المرار ؟ قلنا :إنه تعالى لم يقل :إنه شفاء لكل الناس ولكل داء وفي كل
حال ،بل لما كان شفاء في الجملة ،إنه قل معجون من المعاجين إل وتمامه
وكماله يحصل بالعجن بالعسل وأيضا فالشربة المتخذة منه في المراض
البلغمية عظيمة النفع .والقول الثاني :وهو قول مجاهد أن المراد أن
القرآن فيه شفاء للناس ،و على هذا التقدير فقصة تولد العسل من النحل
تمت عند قوله " :مختلف ألوانه " ثم ابتدأ وقال " :فيه شفاء للناس "
أي في هذا القرآن حصل ما هو شفاء للناس من الكفر والبدعة مثل هذا
الذي مر في قصة النحل ،وعن ابن مسعود أن العسل شفاء من كل داء،
والقرآن فيه شفاء لما في الصدور .واعلم أن هذا القول ضعيف من وجهين
الول أن الضمير يجب عوده إلى أقرب المذكورات ،وما ذاك إل قوله" :
شراب مختلف ألوانه " وأما الحكم بعوده إلى القرآن مع أنه غير مذكور
فيما سبق فهو غير مناسب .الثاني ما روى أبو سعيد الخدري أنه جاء
رجل إلى النبي صلى ال عليه واله وقال :إن أخي يشتكي بطنه ،فقال:
اسقه عسل ،فذهب ثم رجع فقال :قد سقيته فلم تغن عنه فقال عليه السلم:
" اذهب فاسقه عسل " وقال " :صدق ال وكذب بطن أخيك " فسقاة فبرأ
كانما نشط من عقال .وحملوا قوله " :صدق ال " على قوله تعالى " :فيه
شفاء للناس " وذلك إنما يصح لو كان هذا صفة للعسل .فان قال قائل :فما
المراد من قوله عليه السلم :صدق ال وكذب بطن أخيك ؟ قلنا :العلة أنه
عليه السلم علم بنور الوحي أن ذلك العسل سيظهر نفعه بعد ذلك ،فلما لم
يظهر في الحال مع أنه عليه السلم كان عالما بأنه سيظهر نفعه بعد ذلك
كان هذا جاريا مجرى الكذب ،فلهذا السبب أطلق عليه هذا اللفظ انتهى )
.(1
][234
وآيات النمل قد مر تفسيرها وتدل على شرافة في الجملة للنملة وعلى بعض ما
سيأتي ذكره ،وكذا آيات الهدهد تدل على كرامته وبعض ما سيأتي من
أحواله وقد مضت قصته وسيأتي بعضها .وقال الدميري في حياة الحيوان:
النحل :ذباب العسل ،وقد تقدم أن النبي صلى ال عليه وآله قال " :الذباب
كله في النار إل النحل " وواحدة النحل نحلة ،و قرأ يحيى بن وثاب" :
وأوحى ربك إلى النحل " بفتح الحاء والجمهور بالسكان قال الزجاج في
تفسير سورة النساء :سميت نحل لن ال تعالى نحل الناس العسل الذي
يخرج منها ،إذا النحلة العطية ،وكفاها شرفا قول ال عز وجل " :وأوحى
ربك إلى النحل " فأوحى ال سبحانه وتعالى إليها فأثنى عليها ،فعلمت
مساقط النوار من وراء البيداء فتقع هناك على كل نورة عبقة وزهرة أنقة
ثم تصدر عنها بما تحفظه رضابا وتلفظه شرابا ) .(1قال في عجائب
المخلوقات :يقال ليوم عيد الفطر " :يوم الرحمة " إذ أوحى ال تعالى فيه
إلى النحل صنعة العسل فبين سبحانه أن في النحل أعظم اعتبار ،وهو
حيوان فهيم ذوكيس وشجاعة ونظر في العواقب ومعرفة بفصول السنة
وأوقات المطر وتدبير المراتع والمطاعم ،والطاعة لكبيرة والستكانة
لميره وقائده ،وبديع الصنعة و عجيب الفطرة .قال أرسطو :النحل تسعة
أصناف :منها ستة يأوي بعضها إلى بعض وغذاؤها من الفضول الحلوة
والرطوبات التي ترشح بها الزهر والورق ،ويجمع ذلك كله ويدخره وهو
العسل وأوعيته ،ويجمع مع ذلك رطوبات دسمة يتخذ منها بيوت العسل
وهي الشمع ،وهو يلقطها بخرطومه ويحملها على فخذيه وينقلها من
فخذيه إلى صلبه هكذا .قال :والقرآن يدل على أنها ترعى الزهر فيستحيل
في جوفها عسل وتلقيه
][235
من أفواهها ،فيجمع منه القناطير المقنطرة ،قال تعالى " :ثم كلي من كل الثمرات
فاسلكي سبل ربك ذلل يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء
للناس " وقوله " :من كل الثمرات " المراد به بعضها نظيره قوله" :
واوتيت من كل شئ " يريد به البعض ،واختلف اللوان في العسل بحسب
اختلف النحل ) ،(1وقد يختلف طعمه لختلف المرعى ،ومن هذا المعنى
قول زينب للنبى صلى ال عليه واله وسلم " :جرست نحلة العرفط " حين
شبهت رائحته برائحة المغافير ،والحديث مشهور في الصحيحين
وغيرهما .ومن شأنه في تدبير معاشه أنه إذا أصاب موضعا نقيا بني فيه
بيتا من الشمع ثم يبني ) (2البيوت التى يأوى فيها الملوك ،ثم بيوت
الذكور التى لتعمل فيها شيئا ) (3والذكور أصغر جرما من الناث ،وهي
تكثر المادة داخل الخلية ،وهي إذا طارت تخرج بأجمعها وترتفع في الهواء
ثم تعود إلى الخلية ،والنحل تعمل الشمع أول ثم تلقي البزر لنه له بمنزلة
العش للطائر فإذا ألقته قعدت وتحضنه كما تحضن الطير ) (4فيتكون من
ذلك البزر دود ثم تنهض الدود فتغذي أنفسها ) (5ثم تطير ،والنحل ل يقعد
على أزهار مختلفة بل على زهر واحد ،وتمل بعض البيوت عسل وبعضها
فراخا ومن عادتها أنها إذا رأت فسادا من ملك إما أن تعزله أو تقتله،
وأكثر ما تقتل خارج الخلية ،والملوك ل تخرج إل مع جميع النحل ،والملك
إذا عجز عن الطيران حملته وسيأتي بيان هذا في أواخرا كتاب في لفظ
اليعسوب ،ومن خصايص الملك أنه ليس له حمة يلسع بها ،وأفضل
ملوكها الشقر ،وأسوأها الرقط بسواد والنحل تجتمع فتقسم العمال،
فبعضها يعمل الشمع ،وبعضها يعمل العسل ،وبعضها يسقي الماء ،و
بعضها يبني البيوت ،وبيوتها من أعجب الشياء لنها مبنية على الشكل
المسدس الذي
) (1في المصدر :بحسب اختلف النحل والمرعى (2) .في المصدر :بيوتا من
الشمع اول ثم بنى (3) .في المصدر :ل تعمل شيئا (4) .في المصدر:
قعدت عليه وحضنته كما يحضن الطير (5) .في المصدر :دود أبيض ثم
ينهض الدود وتغذى نفسها* .
][236
) (1في المصدر :ل ينحرف (2) .في المصدر :ول بركار* .
][237
ما وقع منها على نجاسة لقضيت من ذلك العجب إن كنت بصيرا على نفسك )،(1
وفارغا من هم بطنك وفرجك وشهوات نفسك في معاداة أقرانك وموالة
إخوانك ،ثم دع عنك جميع ذلك فانظر إلى بنيانها بيتها من الشمع
واختيارها من جميع الشكال المسدس فل تبني بيتها مستديرا ول مربعا
ول مخمسا بل مسدسا لخاصية في الشكل المسدس يقصر فيه فهم
المهندس ) (2وهو أن أوسع الشكال وأحوالها المسدس وما يقرب منه
فان المربع يخرج منه زوايا ضائعة ،وشكل النحل مستدير مستطيل فترك
المربع حتى ل يبقى الزوايا فارغة ،ثم لوبناها مستديرة لبقيت خارج
البيوت فرج ضائعة فان الشكال المستديرة إذا اجتمعت لم تجتمع متراصة
ولشكل في الشكال ذوات الزوايا يقرب في الحتواء من المستدير ثم
تتراص الجملة بحيث ل يبقى بعد اجتماعها فرجة إل المسدس ،وهذه
خاصية هذا الشكل ،فانظر كيف ألهم ال تعالى النحل على صغر جرمه ذلك
لطفا به وعناية بوجوده فيما هو محتاج إليه ،ليتهيأ عيشه ) ،(3فسبحانه
ما أعظم شأنه وأوسع لطفه وامتنانه .وفي طبعه أنه يهرب بعضه عن
بعض ،ويقاتل بعضه بعضا في الخليا ،ويلسع من دنا من الخلية ،وربما
هلك الملسوع ،وإذا هلك منها شئ داخل الخليا أخرجته الحياء إلى
الخارج ،وفي طبعه أيضا النظافة فلذلك يخرج رجيعه من الخلية لنه منتن
الريح ،وهو يعمل زماني الربيع والخريف ،والذي يعمله ) (4في الربيع
أجود والصغير أعمل من الكبير ،وهو يشرب من الماء ماكان عذبا صافيا
يطلبه حيث كان ول يأكل من العسل إل قدر شبعه ،وإذا قل العسل في
الخلية قذفه بالماء ليكثر خوفا على نفسه من نفاده لنه إذا نفد أفسد النحل
بيوت الملوك وبيوت الذكور ،وربما قتلت ما كان منها هناك.
) (1في المصدر :في نفسك (2) .في المصدر :يقصر فهم المهندس عن درك ذلك) .
(3في المصدر :ليهنأ عيشه (4) .في المصدر :يعسله* .
][238
قال حكيم من اليونانيين لتلمذته :كونوا كالنحل في الخليا ،قالوا :وكيف النحل ؟ )
(1قال :إنها ل تترك عندها بطال إل أبعدته وأقصته عن الخلية لنه يضيق
المكان ويفنى العسل ،ويعلم النشيط الكسل .والنحل يسلخ جلده كالحيات،
وتوافقه الصوات اللذيذة المطربة ،ويضره السوس ،ودواؤه أن يطرح في
كل خلية كف ملح ،وأن يفتح في كل شهر مرة و يدخن بأخثاء البقر .وفي
طبعه أنه متى طار من الخلية يرعى ثم يعود فتعود كل نحلة إلى مكانها ل
تخطئه ،وأهل مصر يحولون أبواب الخليا في السفن ويسافرون بها إلى
مواضع الزهر والشجر فإذا اجتمع في المرعى فتحت أبواب الخليا فتخرج
النحل منها و يرعى يومه أجمع فإذا أمسى عاد إلى السفينة وأخذت كل
نحلة مكانها من الخلية ل تتخطاه ) .(2وروى أحمد وابن أبي شيبة
والطبراني أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :المؤمن كالنحلة تأكل
طيبا وتضع طيبا وقعت فلم تكسر ولم تفسد .وفي شعب البيهقى عن مجاهد
قال :صاحبت عمر من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم إل هذا الحديث :إن مثل المؤمن كمثل النحلة إن
صاحبته نفعك وإن شاورته نفعك وإن جالسته نفعك وكل شأنه منافع
وكذلك النحلة كل شأنها منافع .قال ابن الثير :وجه المشابهة بين المؤمن
والنحلة ،حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه
في النهار وتنزهه عن القذار وطيب أكله ،و أنه ل يأكل من كسب غيره
ونحوله ،وطاعته لميره ،وللنحل آفات ) (3تقطعه عن عمله ،منها الظلمة
والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات
) (1في المصدر :وكيف النحل في الخليا ؟ ) (2في المصدر :من الخلية ل تتغير
عنه (3) .في المصدر :وان للنحل آفات* .
][239
تفتره عن عمله ،منها ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء
السعة ونار الهوى .وفي مستدرك الدارمي عن علي بن أبي طالب عليه
السلم أنه قال :كونوا في الناس كالنحلة في الطير إنه ليس في الطير إل
وهو يستضعفها ،ولو تعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك
بها ) ،(1وخالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزائلوهم بأعمالكم وقلوبكم
فان للمرء ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب .وفيه أيضا عن ابن
عباس أنه سأل كعب الحبار كيف تجد نعت رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم في التوراة ؟ فقال كعب :نجده محمد بن عبد ال صلى ال عليه واله
وسلم يولد بمكة ويهاجر إلى طيبة و يكون ملكه بالشام ،ليس بفحاش
ولصخاب في السواق ،ول يكافئ السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح،
امته الحامدون ) (2يحمدون ال تعالى في كل سرآء وضراء ،يوضئون
أطرافهم ،ويأتزرون في أوسطهم ،يصفون في صلتهم كما يصفون في
قتالهم ،دويهم في مساجدهم كدوي النحل ،يسمع مناديهم في جو السماء.
وذكر ابن خلكان في ترجمة عبد المؤمن بن علي ملك المغرب أن أباه كان
يعمل الطين فخارا ،وإنه كان في صغره نائما في دار أبيه وأبوه يعمل
الطين ،فسمع أبوه دويا في السماء فرفع رأسه فرأى سحابة سوداء من
النحل قدهوت مطبقة على الدار فاجتمعت كلها على ولده وهو نائم فغطته
وأقامت عليه مدة ثم ارتفعت عنه وما تألم منها ،وكان بالقرب منه رجل
يعرف الزجر فأخبره أبوه بذلك فقال :يوشك أن يجتمع على ولدك أهل
المغرب ) ،(3فكان كذلك ،وكان من أمر ولده ما اشتهر من ملك المغرب
العلى والدنى .وجمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل.
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلم أنه قال تحقيرا للدنيا " :أشرف
لباس ابن آدم لعاب دودة ،وأشرف
) (1في المصدر :ما فعلت ذلك بها ،خالطوا (2) .في المصدر :الحمادون (3) .في
المصدر :جميع أهل المغرب* .
][240
شرابه فيها رجيع نحلة " وظاهر هذا أنه من غير الفم ،كذا نقله عنه ابن عطية،
والمعروف أنه ) (1قال :إنما الدنيا ستة أشياء :مطعوم ومشروب وملبوس
ومركوب ومنكوح و مشموم ،فأشرف المطعوم العسل وهو مذقة ذباب،
وأشرف المشروب الماء ويستوي فيه البر والفاجر ،وأشرف الملبوس
الحرير وهو نسج دودة ،وأشرف المركوب الفرس و عليه تقتل الرجال،
وأشرف المنكوح المرأة وهو مبال في مبال ،وأشرف المشموم المسك وهو
دم حيوان .والتحقيق أن العسل يخرج من بطونها لكن ل ندري أمن فمها أم
من غيره ،ول يتم صلحه إل بحمو أنفاسها ) (2وقد صنع أرسطاطاليس
بيتا من زجاج لينظر إلى كيفية ما تصنع فأبت أن تعمل حتى لطخته من
باطن الزجاج بالطين كذا قاله الغزنوى وغيره ،وروينا في تفسير الكواشي
الوسط أن العسل ينزل من السماء فينبت في أماكن من الرض فيأتي
النحل فيشربه ،ثم يأتي الخلية فيلقيه في الشمع المهيأ للعسل في الخلية ،ل
كما يتوهمه بعض الناس من أن العسل من فضلت الغذا وإنه قد استحال
في المعدة عسل هذه عبارته وال أعلم ) .(3توضيح :عبق به الطيب:
لصق ،والرضاب كغراب :الريق المرشوف ،جرست أي أكلت ،والجرس
اللحس باللسان ،والعرفط :شجر الطلح وله صمغ كريه الرائحة والخلي :ما
تعسل فيه النحل ،والسوس :دود يقع في الصوف ،والخثاء جمع الخثى
بالكسر وهو فضلة البقر - 1 .تفسير على بن ابراهيم قال الصادق عليه
السلم :إن ل واديا ينبت الذهب والفضة وقد حماه ال بأضعف خلقه وهو
النمل ،لورامته البخاتي ما قدرت عليه ) - 2 .(4حياة الحيوان :النمل
معروف ،الواحدة نملة والجمع نمال ،وأرض نملة
) (1في المصدر :والمعروف عنه أنه قال (2) .أي بحرارة انفاسها .وفى المصدر:
بحمى انفاسها (3) .حياة الحيوان (4) .248 - 245 :2تفسير القمى:
* .476
][241
ذات نمل ،وطعام منمول ،أصابه النمل ) ،(1والنملة بالضم :النميمة ،يقال :رجل
نمل أي نمام ،وما أحسن قول الول :اقنع فما تبقى ) (2بل بلغة * فليس
ينسى ربنا النملة إن أقبل الدهر فقم قائما * وإن تولى مدبرا فنم له )(3
وسميت نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قوائمها ،والنمل ل يتزاوج
ول يتلقح إنما يسقط منه شئ حقير في الرض فينمو حتى يصير بيظا ،ثم
يتكون منه والبيض كله بالضاد المعجمة إل بيض النمل فانه بالظاء
المشالة ،والنمل عظيم الحيلة في طلب الرزق ،فإذا وجد شيئا أنذر الباقين
يأتون إليه ) (4وقيل :إنما يفعل ذلك منها رؤساؤها .ومن طبعه أنه يحتكر
) (5في زمن الصيف لزمن الشتاء ،وله في الحتكار من الحيل ما أنه إذا
احتكر ما يخاف إنباته قسمته نصفين ماخل الكسفرة فانه يقسمها أرباعا
لما الهم أن كل نصف منها ينبت ،وإذا خاف العفن على الحب أخرجه إلى
ظاهر الرض ونشره ،وأكثر ما يفعل ذلك ليل في ضوء القمر ،ويقال :إن
حياته ليست من قبل ما يأكله ولقوامه ،وذلك أنه ) (6ليس له جوف ينفذ
فيه الطعام ،ولكنه مقطوع نصفين ،وإنما قوته إذا قطع الحب في استنشاق
ريحه فقط وذلك يكفيه و قد روي عن سفيان بن عيينة أنه قال :ليس شئ
يخبأ قوته ) (7إل النسان والعقعق والنمل والفأر ،وبه جزم في الحياء في
باب التوكل ،وعن بعضهم أن البلبل يحتكر ).(8
) (1في المصدر :إذا اصابه النمل (2) .في المصدر :بما تلقى (3) .في المصدر :نم
له (4) .في المصدر :ليأتوا إليه ويقال (5) .في المصدر :يحتكر قوته من
زمن (6) .في المصدر :وذلك لنه (7) .في المصدر :ليس شئ يحتال
لقوته (8) .في المصدر :يحتكر الطعام* .
][242
ويقال :إن للعقعق مخابى إل أنه ينساها ،والنمل شديد الشم ،ومن أسباب هلكه
نبات أجنحته فإذا صار النمل كذلك أخصبت العصافير لنها تصيدها في حال
طيرانها وقد أشار إلى ذلك أبو العتاهية بقوله :وإذا استوت للنمل أجنحة *
حتى تطير فقد دنا عطبه وكان الرشيد يتمثل بذلك كثيرا عند نكبة البرامكة.
وهو يحفر قرية بقوائمه وهي ست فإذا حفرها جعل فيها تعاويج لئل يجرى
إليها ماء المطر ،وربما اتخذ قرية فوق قرية بسبب ذلك ،وإنما يفعل ذلك
خوفا على ما يدخره من البلبل .قال البيهقي في الشعب :وكان عدي بن
حاتم الطائي يفت الخبز للنمل ويقول إنهن جارات ولهن علينا حق الجوار.
وسيأتي في الوحش عن الفتح بن خرشف الزاهد أنه كان يفت الخبز لهن
في كل يوم فإذا كان يوم عاشورا لم تأكله .وليس في الحيوان ما يحمل
ضعف بدنه مرارا غيره ،على أنه ل يرضى بأضعاف الضعاف حتى أنه
تتكلف حمل ) (1نوى التمر وهو ل ينتفع به ،وإنما يحمله على حمله
الحرص والشره وهو يجمع غذاء سنين لو عاش ول يكون عمره أكثر من
سنة ،و من عجايبه اتخاذ القرية تحت الرض وفيها منازل ودهاليز
وغرف وطبقات معلقات يملها حبوبا وذخائر للشتاء .ومنها ما يسمي
الفارسي ) (2وهو من النمل بمنزلة الزنابير من النحل ،ومنها ما يسمي
نمل السد ،سمي بذلك لن مقدمه يشبه وجه السد ومؤخره يشبه النمل،
وروى البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبى هريرة عن
النبي صلى ال عليه واله وسلم أنه قال :نزل نبي من النبياء عليهم السلم
تحت شجرة فلذعته نملة فأمر
) (1في المصدر :لحمل نوى (2) .في المصدر :الذر الفارسى* .
][243
بجهازه فأخرج من تحتها وأمر بها فاحرقت بالنار ،فأوحى ال تعالى إليه :فهل نملة
واحدة ؟ ! قال أبو عبد ال الترمذي في نوادر الصول :لم يعاتبه ) (1على
تحريقها ،و إنما عاتبه لكونه أخذ البرئ بغير البرئ ،وهذا النبي ) (2هو
موسى بن عمران عليه السلم وإنه قال :يا رب تعذب أهل قرية بمعاصيهم
وفيهم الطائع ؟ وكأنه أحب أن يريه ذلك من عنده ،فسلط عليه الحر حتى
التجأ إلى شجرة مستروحا إلى ظلها وعنده قرية نمل فغلبه النوم فلما وجد
لذة النوم لذعته نملة فدلكهن بقدمه فأهلكهن وأحرق مسكنهن فأراه تعالى
الية في ذلك عبرة لما لذعته نملة ،كيف اصيب الباقون بعقوبتها ،يريد أن
ينبهه على أن العقوبة من ال تعالى تعم الطايع والعاصي فتصير رحمة
وطهارة و بركة على المطيع ،وشرا ونقمة وعدوانا ) (3على العاصي،
وعلى هذا ليس في الحديث ما يدل على كراهة ول حظر في قتل النمل ،فان
من أذاك حل لك دفعه عن نفسك ول أحد من خلق ال تعالى أعظم حرمة
من المؤمن وقد ابيح لك دفعه عن نفسك بضرب أو قتل على ماله من
المقدار فكيف بالهوام والدواب التي قد سخرت للمؤمن وسلط عليها )(4
فإذا آذته ابيح له قتلها .وقوله " :فهل نملة واحدة " دليل على أن الذي
يؤذي يقتل وكل قتل كان لنفع أو دفع ضرر فل بأس به عند العلماء ،ولم
يخص تلك النملة التي لذعت من غيرها لنه ليس المراد القصاص لنه لو
أراد لقال :فهل نملتك التي لذعتك ،ولكن قال " :فهل نملة " فكأن نملة
تعم البرى والجاني وذلك ليعلم أنه أراد أن ينبهه لمسألة ربه في عذاب أهل
قرية فيهم المطيع والعاصي .وقد قيل :إن في شرع هذا النبي عليه الصلة
والسلم كانت العقوبة للحيوان بالتحريق جائزة ،فلذلك إنما عاتبه ال تعالى
في إحراق الكثير ل في أصل
) (1في المصدر :لم يعاتبه ال (2) .في المصدر :قال القرطبى :هذا النبي (3) .في
المصدر :وسوء ونقمة وعذابا على العاصى (4) .في المصدر :وسلط
عليها وسلطت عليه.
][244
الحراق ،أل ترى قوله " :فهل نملة واحدة " ؟ وهو بخلف شرعنا فان النبي
صلى ال عليه واله وسلم قد نهى عن تعذيب الحيوان بالنار وقال " :ل
يعذب بالنار إل ال تعالى " فل يجوز إحراق الحيوان بالنار إل إذا أحرق
إنسانا فمات بالحراق فلوارثه القتصاص بالحراق للجاني .وأما قتل
النملة فمذهبنا ل يجوز لحديث ابن عباس أن النبي صلى ال عليه واله
وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب :النملة والنحلة والهدهد والصرد.
رواه أبو داود باسناد صحيح على شرط الشيخين ،والمراد النمل الكبير
السليماني كما قاله الخطابي والبغوي في شرح السنة ،أما النمل الصغير
المسمى بالذر فقتله جائز ،وكره مالك قتل النمل إل أن يضر ول يقدر على
دفعه إل بالقتل ،وأطلق ابن أبى زيد جواز قتل النمل إذا آذت ،وقيل :إنما
عاتب ال تعالى هذا النبي لنتقامه لنفسه باهلك جمع آذاه واحد منهم،
وكان الولى به الصفح والصبر ،ولكن وقع للنبي صلى ال عليه واله
وسلم أن هذا النوع مؤذ لبني آدم ،وحرمة بني آدم أعظم من حرمة غيره
من الحيوان ،فلو انفرد له هذا النظر ولم ينضم إليه التشفي الطبيعي لم
يعاتب ،فعوتب على التشفي بذلك وال أعلم .وروى الطبراني في معجمه
الوسط والدار قطني ) (1أنه قال :لما كلم ال موسى عليه السلم كان
يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ.
وروى الترمذي الحكيم في نوادره عن معقل بن يسار قال :قال أبو بكر
وشهد به على رسول ال صلى ال عليه واله وسلم قال :ذكر رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم الشرك فقال :هو أخفي فيكم من دبيب النمل
وسأدلك على شئ إذا فعلته أذهب ال عنك صغار الشرك وكباره ،تقول" :
اللهم إني أعوذ بك أن اشرك بك شيئا وأنا أعلم وأستغفرك لما ل أعلم " )
(2تقولها ثلث مرات .وروي أيضا عن أبى أمامة الباهلي قال :ذكر
لرسول ال صلى ال عليه واله وسلم رجلن أحدهما
) (1في المصدر :روى الدار قطني والطبراني في معجمه الوسط عن أبى هريرة) .
(2في المصدر :لما تعلم ول أعلم* .
][245
عابد والخر عالم ،فقال رسول ال صلى ال عليه واله :فضل العالم على العابد
كفضلي على أدناكم ثم قال :إن ال تعالى وملئكته وأهل الرض حتى
النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلمي الناس
الخير .قال الترمذي :حديث حسن صحيح .وسمعت أبا عثمان الحسين بن
حريث الخزاعي يقول :سمعت الفضيل بن عياض يقول :عالم معلم )(1
يدعي كبيرا في ملكوت السماوات .وروي أن النملة التي خاطبت سليمان
عليه السلم أهدت إليه نبقة فوضعها عليه الصلة والسلم في كفه فقالت:
ألم ترنا نهدي إلى ال ماله * وإن كان عنه ذاغنى فهو قابله ولو كان
يهدى للجليل بقدره * لقصر عنه البحر حين يساحله ولكننا نهدى إلى من
نحبه * فيرضى به عنا ويشكر فاعله وماذاك إل من كريم فعاله * وإل فما
في ملكنا ما يشاكله فقال سليمان عليه السلم :بارك ال فيكم ،فهو بتلك
الدعوة أكثر خلق ال تعالى ) .(2وروي أن رجل استوقف المأمون ليستمع
منه فلم يقف له ،فقال :يا أمير المؤمنين إن ال تعالى استوقف سليمان بن
داود عليه السلم لنملة ليستمع منها وما أنا عند ال تعالى بأحقر من نملة،
وما أنت عند ال بأعظم من سليمان عليه السلم فقال المأمون :صدقت و
وقف وسمع كلمه وقضى حاجته .وقال فخر الدين الرازي في تفسير قوله
تعالى " :حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلو
مساكنكم " الية ،وادي النمل بالشام كثير النمل فان قيل :لم أتى بعلى
قلت :لوجهين .أحدهما أن إتيانهم كان من فوق فأتى بحرف الستعلء.
التأني أنه يراد به قطع الوادي وبلوغ آخره من قولهم :أتى على الشئ إذا
) (1في المصدر :عالم عامل معلم (2) .في المصدر :اشكر خلق ال واكثر خلق ال
توكل على ال تعالى* .
][246
بلغ آخره ،تكلمت النملة بذلك ،وهذا غير مستبعد فان حصول العلم والنطق لها
ممكن في نفسه ،وال تعالى قادر على الممكنات ،وحكي عن قتادة أنه دخل
الكوفة فاجتمع عليه الناس فقال :سلوا عما شئتم ،وكان أبو حنيفة حاضرا
وهو يومئذ غلم حدث فقال :سلوه عن نملة سليمان عليه الصلة والسلم
أكانت ذكر أم انثى ؟ فافحم ) (1فقال أبو حنيفة :كانت انثى ،فقيل له :كيف
عرفت ذلك ؟ قال :من قوله تعالى " :قالت نملة " ولو كانت ذكرا لقال" :
قال نملة " لن النمل مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والنثى.
ورأيت في بعض الكتب المعتمدة أن تلك النملة إنما أمر رعيتها بالدخول
في مساكنهم لئل ترى النعم فتقع ) (2في كفران نعم ال تعالى عليها ،وفي
هذا تنبيه على أن مجالسة أرباب الدنيا مخطورة .روي أن سليمان قال لها:
لم قلت للنمل :ادخلوا مساكنكم ؟ أخفت عليها مني ظلما ؟ قالت :ل ولكني
خشيت أن يفتنوا بما يروا من جمالك وزينتك فيشغلهم ذلك عن طاعة ال
تعالى .قال الثعلبي وغيره :إنها كانت مثل الذئب في العظم وكانت عرجاء
ذات جناحين وذكر عن مقاتل أن سليمان عليه السلم سمع كلمها من
ثلثة أميال ،وقال بعض أهل العلم ) (3إنها تكلمت لعشرة أنواع من البديع:
قولها " :يا " نادت " أيها " نبهت " النمل " سمت " ادخلوا " أمرت "
مساكنكم " نعتت " ل يحطمنكم " حذرت " سليمان " خصت " وجنوده
" عمت " وهم " أشارت " ل يشعرون " اعتذرت .والمشهور أنه النمل
الصغار ،واختلف في اسمها فقيل :كان اسمها طاغية ) ،(4وقيل :كان
اسمها خرمى ،قيل :كان نمل الوادي ،كالذئاب قيل :كالبخاتي.
) (1في المصدر :فسألوه فافحم (2) .في المصدر :في مساكنها لئل ترى النعم التى
أوتيها سليمان وجنوده فتقع (3) .في المصدر :وقال بعض أهل التذكير) .
(4في المصدر :طاخية* .
][247
وروي الدار قطني والحاكم عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال:
ل تقتلوا النملة فان سليمان عليه السلم خرج ذات يوم يستسقي فإذا هو
بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها تقول " :اللهم إنا خلق من خلقك
ل غنى لنا عن فضلك ،اللهم ل تؤاخذنا بذنوب عبادك الخاطئين ،واسقنا
مطرا تنبت لنا به شجرا وتطعمنا به ثمرا " فقال سليمان عليه السلم
لقومه :ارجعوا فقد كفينا وسقيتم بغيركم ) - 3 .(1الكافي :عن علي بن
إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عمن أخبره عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :كل ما خاف المحرم على نفسه من السباع والحيات
وغيرها فليقتله فان لم يردك فل ترده ) - 4 .(2ومنه :عن علي عن أبيه
ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبى عمير
وصفوان عن معاوية بن عمار عن أبى عبد ال عليه السلم قال :إذا
أحرمت فاتق ال قتل الدواب كلها إل الفعى والعقرب والفأرة فانها توهي
السقاء وتخرق على أهل البيت ،وأما العقرب فالنبي صلى ال عليه واله
وسلم مد يده إلى الحجر فلسعته عقرب فقال :لعنك ال ل برا تدعين ول
فاجرا ،والحية إذا أرادتك فاقتلها ،فان لم تردك فل تردها ،والكلب العقور
والسبع إذا أراداك ) ،(3فان لم يريداك فل تردهما ،والسود الغدر فاقتله
على كل حال ،وارم الغراب رميا ،والحدأة على ظهر بعيرك ) .(4بيان:
قوله عليه السلم :توهي السقاء الوهي :الشق في الشئ وتخرقه استرخاء
رباطه ،أي تشق القربة أو تأكل رباطها فيهراق ماؤها ،وتحرق على أهل
البيت لنها تجر الفتيلة فتحرق ما في البيت ،وفي القاموس ،السود :الحية
العظيمة ،والسودان :الحية والعقرب ،والوصف بالغدر كأنه لغدره وأخذه
بغتة ،وقال صاحب المنتقى :قال في القاموس :غدر الليل كفرح :أظلم:
فهى غدرة كفرحة ،فكأنه استعير منه
) (1حياة الحيوان (2) .266 - 263 :2فروع الكافي (3) .363 :4في نسخة من
المصدر :إذا اراداك فاقتلهما (4) .فروع الكافي * .363 :4
][248
الغدر لشديد السواد من الحية ،والسبع تعميم بعد التخصيص ،أو أراد به أكمل
أفراده وهو السد ،وقيل :المراد به الذئب - 5 .قرب السناد :عن السندي
بن محمد عن أبى البخترى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه
السلم قال :يقتل المحرم ما عدا عليه من سبع أو غيره ،ويقتل الزنبور
والعقرب والحية والنسر والذئب والسد وما خاف أن يعدو عليه من
السباع و الكلب العقور ) - 6 .(1الكافي :عن علي عن أبيه عن ابن أبي
عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم قال :يقتل في
الحرم والحرام الفعى والسود الغدر وكل حية سوء والعقرب والفأرة
وهي الفويسقة وترجم الغراب والحدأة رجما ،فان عرض لك لصوص
امتنعت منهم ) - 7 .(2ومنه :عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن
محمد بن يحيى عن غياث بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عبد ال عن أبيه )
(3عليهما السلم قال :يقتل المحرم الزنبور والنسر والسود الغدر والذئب
وما خاف أن يعدو عليه ،وقال الكلب العقور هو الذئب ) .(4بيان :كأنه
تفسير الكلب العقور الذي وقع في كلم النبي صلى ال عليه واله وستأتي
الخبار فيما رخص في قتله وما لم يرخص فيه في كتاب الحج إنشاء ال
تعالى .وقال الدميري :الفعي النثى من الحيات ،والذكر الفعوان بضم
الهمزة والعين ،قال الزبيدي :الفعى حية رقشاء دقيقة العنق عريضة
الرأس ،وربما كانت ذات قرنين ،ومن عجائب أمرها ما حكاه ابن شبرمة
أن أفعى نهشت غلما في رجله فانصدعت جبهته .وقال القزويني هي حية
قصيرة الذنب من أخبث الحيات إذا فقئت عينها
) (1قرب السناد (2) .66 :فروع الكافي (3) .363 :4لم يذكر في المصدر
المطبوع قوله :عن أبيه (4) .فروع الكافي * .364 :4
][249
تعود ول تغمض حدقتها البتة ،تختفي في التراب أربعة أشهر في البرد ثم تخرج
وقد أظلمت عيناها قتقصد ) (1شجر الرازيانج فتحك عينها به فترجع إليها
ضوؤها .وقال الزمخشري :يحكى أن الفعى إذ أتت عليها ألف سنة عميت،
وقد ألهمها ال تعالى أن تمسح العين ) (2بورق الرازيانج الرطب يرد إليها
بصرها ،فربما كانت في برية وبينها وبين الريف مسيرة أيام فتطوي تلك
المسافة على طولها وعلى عماها حتى تهجم في بعض البساتين على
شجرة الرازيانج ل تخطئها فتحك بها عينها فترجع باصرة باذن ال تعالى.
وإذا قطع ذنبها عاد كما كان وإذا قلع نابها طلع ) (3بعد ثلثة أيام ،وإن
شجت ) (4تبقى تتحرك ثلثة أيام ،وهي أعدى عدو للنسان وبقر الوحش
يأكلها أكل ذريعا ) ،(5وإذا مرضت أكلت ورق الزيتون فتشفي ،ومن
الفاعي ما تتسافد بأفواهها ،وإذا وطي الذكر النثى وقع مغشيا عليه فتعمد
النثى إلى موضع مذاكيره فتقطعها نهشا فيموت من ساعته ) .(6وقال:
السود السالخ من الفعوان شديد السواد سمي بذلك لنه يسلخ جلده كل
عام ،وفي الصحيحين أن النبي صلى ال عليه واله وسلم أمر بقتل
السودين في الصلة :العقرب والحية ).(7
) (1في المصدر :تطلب (2) .في المصدر :أن مسح عينها (3) .في المصدر :عاد) .
(4في المصدر :وإذا ذبحت (5) .زاد في المصدر :وحكى انها نهشت ناقة
في مشفرها ولها فصيل ترضعها فمات الفصيل في الحال قبل موت امه) .
(6حياة الحيوان (7) .19 :1اختصر المصنف وفيما كان اختصره :روى
ابو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد ال بن عمر قال :كان
رسول ال صلى ال عليه وآله إذا سافر فاقبل الليل قال :يا ارض ربى
وربك ال أعوذ بال من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما
يدب عليك ،اعوذ بال من اسد واسود ومن الحية والعقرب ومن ساكن
البلد ومن شر والد وما ولد* .
][250
وروى البيهقي عن ابن عباس قال :كان رسول ال صلى ال عليه واله وسلم إذا
أراد الحاجة أبعد فذهب يوما فقعد تحت شجرة فنزع خفيه قال :ولبس
أحدهما فجاء طائر فأخذ الخف الخر فحلق به في السماء فانسلت منه
أسود سالخ ،فقال النبي صلى ال عليه واله وسلم :هذه كرامة أكرمني ال
تعالى بها ،اللهم إني أعوذ بك من شر من يمشي على رجلين ،ومن شر من
يمشي على أربع ،ومن ) (1شر من يمشي على بطنه ) .(2وقال :العقرب:
دويبة من الهوام تكون للذكر والنثى بلفظ واحد ،واحده العقارب وقد يقال
للنثى :عقربة وعقرباء ممدودا ) ،(3ومنها السود والخضر والصفر وهن
قواتل ،وأشدها بلء الخضر ،وهي مائية الطباع كثيرة الولد ،وعامة هذا
النوع إذا حملت النثى منه يكون حتفها في ولدتها ،لن أولدها إذا
استوى خلقها يأكلون بطنها ويخرجون ) (4فتموت الم ،والجاحظ ل يعجبه
هذا القول ويقول :قد أخبرني من أثق به أنه رأى العقرب تلد من فيها
وتحمل أولدها على ظهرها وهي على قدر القمل كثيرة العدد ،والذي ذهب
إليه الجاحظ هو الصواب ،والعقرب أشر ما تكون إذا كانت حامل ولها
ثمانية أرجل وعيناها في ظهرها ،ومن عجيب أمرها أنها ل تضرب الميت
ول النائم حتى يتحرك بشئ من بدنه ،فانها عند ذلك تضربه ،وهي تأوي
إلى الخنافس وتسالمها وربما لسعت الفعى فتموت ،وهي تلسع بعضها
فتموت قاله الجاحظ .ومن شأنها أنها إذا لسعت النسان فرت فرار من
يخشى العقارب ) ،(5ومن لطيف أمرها أنها مع صغرها تقتل الفيل والبعير
بلسعها ،ومن نوع العقارب الطيارة ،قالوا:
) (1قدم في المصدر الجملة الخيرة على الجملتين اللتين قبلها (2) .حياة الحيوان
(3) .17 :1في المصدر :واسمها بالفارسية :الرشك بضم الراء (4) .في
المصدر :فتخرج (5) .في المصدر :فرار مسئ يخشى العقاب* .
][251
وهذا النوع يقتل غالبا ،وقيل :يصح بيع النمل بنصيبين لنه تعالج به العقارب
الطيارة ) .(1وروي عن عائشة قالت :دخل علي بن أبي طالب عليه السلم
على رسول ال صلى ال عليه واله وسلم وهو يصلي فقام إلى جنبه يصلي
بصلته فجاءت عقرب حتى انتهت إلى رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم ثم تركته وذهبت نحو علي عليه السلم فضربها بنعله حتى قتلها )
،(2فلم ير رسول ال صلى ال عليه واله وسلم بقتلها بأسا .وروى ابن
ماجة عن ابن رافع أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قتل عقربا وهو
يصلي .وفيه عن عائشة قالت :لذعت النبي صلى ال عليه واله وسلم
عقرب وهو في الصلة فقال :لعن ال العقرب ما تدع مصليا ول غير
المصلي ) (3اقتلوها في الحل والحرم .وروى أبو نعيم والمستغفري
والبيهقي ) (4عن علي عليه السلم أنه قال :لذعت النبي صلى ال عليه
واله وسلم عقرب وهو في الصلة فلما فرغ قال :لعن ال العقرب ما تدع
مصليا ول نبيا و ل غيره إل لذعته ،وتناول نعله فقتلها بها ثم دعا بماء
وملح فجعل يمسح عليها ويقر أقل هو ال أحد والمعوذتين ) .(5وقال:
الغراب معروف سمي بذلك لسواده ،وهو أصناف :الغداف والزاغ والكحل
وغراب الزرع والورق ،وهذا الصنف يحكى جميع ما يسمعه ،والغراب
العصم عزيز الوجود ،قالت العرب أعز من الغراب العصم ،وقال رسول
ال صلى ال عليه واله وسلم :مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل
الغراب العصم في مائة غراب.
) (1في المصدر :العقارب الطيارة التى بها (2) .والظاهر انه عليه السلم قتله في
الصلة فعليه فقوله لم ير رسول ال صلى ال عليه وآله لقتلها بأسا أي
في الصلة (3) .في المصدر :ول غير مصل (4) .في المصدر :ابو نعيم
في تاريخ اصبهان ،والمستغفري في الدعوات والبيهقي في الشعب(5) .
حياة الحيوان * .95 - 93 :2
][252
وفي رواية :قيل :يا رسول ال ! وما الغراب العصم ؟ قال :الذي إحدى رجليه
بيضاء .وقال في الحياء :العصم :أبيض البطن ،وقيل :أبيض الجناحين،
وقيل :أبيض الرجلين .وغراب الليل قال الجاحظ :هو غراب ترك أخلق
الغراب ) (1وتشبه بأخلق البوم فهو من طير الليل .وقال أرسطاطاليس:
الغربان أربعة أجناس :أسود حالك ،وأبلق ،ومطرف ببياض لطيف الجرم
يأكل الحب ،وأسود طاووسي براق الريش ورجله كلون المرجان يعرف
بالزاغ .قال صاحب المنطق :الغراب من لئام الطير وليس من كرامها ول
من أحرارها ،ومن شأنه أكل الجيف والقمامات ،وهو إما حالك السواد
شديد الحتراق ،ويكون مثله في الناس الزنج فانهم شرار الخلق تركيبا
ومزاجا ،والغراب البقع أكثر معرفة منه ) ،(3وغراب البين :البقع .قال
الجوهري :وهو الذي فيه سواد وبياض .وقال صاحب المنطق :الغربان من
الجناس التي امر بقتلها في الحل والحرم من الفواسق ،اشتق لها ذلك
السم ) (3من اسم إبليس لما يتعاطاه من الفساد الذي هو من شأن إبليس،
واشتق ذلك أيضا لكل شئ اشتد أذاه ،وأصل الفسق الخروج عن الشئ
وفي الشرع الخروج عن الطاعة .وقال الجاحظ :غراب البين نوعان:
غراب ) (4صغير معروف باللؤم والضعف ،و
) (1في المصدر :اخلق الغربان (2) .في المصدر :فالغراب الشديد السواد ليس له
معرفة ول كمال والغراب البقع كثير المعرفة وهو ألم من السود(3) .
أي اسم الفاسق (4) .في المصدر :احدهما غراب* .
][253
أما الخر فانه ينزل في دور الناس ويقع على مواضع إقامتهم إذا ارتحلوا عنها
وبانوا ) (1فلما كان هذا الغراب ل يوجد إل عند مباينتهم ) (2عن منازلهم
اشتقوا له هذا السم من البينونة .وقال المقدسي :هو غراب أسود ينوح
نوح الحزين المصاب وينعق ببين الخلن والحباب إذا رأي شمل مجتمعا
أنذر بشتاته ،وإن شاهد ربعا عامرا بشر بخرابه ودرس عرصاته يعرف
النازل والساكن بخراب الدور والمساكن ،ويحذر الكل غصة المآكل ويبشر
الراحل بقرب المراحل ،ينعق ) (3بصوت فيه تحزين كما يصيح المعلن
بالتأذين .وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة ) (4أن النبي صلى ال
عليه واله وسلم نهى المصلي عن نقرة الغراب وافتراش السبع ) .(5يريد
بنقرة الغراب تخفيف السجود ،وأنه ل يمكث فيها إل قدر وضع الغراب
منقاره فيما يريد أكله .وروى الدار قطني عن أبي أمامة قال :دعا النبي
صلى ال عليه واله وسلم بخفيه ليلبسهما فلبس أحدهما ثم جاء غراب
فاحتمل الخر ورمى به فخرجت منه حية ،فقال النبي صلى ال عليه واله
وسلم من كان يؤمن بال واليوم الخر فل يلبس خفيه حتى ينفضهما ).(6
وفي طبع الغراب كله الستتار عند السفاد ،وهو يسفد مواجهة ول يعود
إلى النثى بعد ذلك لقلة وفائه ،والنثى تبيض أربع بيضات أو خمسا ،وإذا
) (1في المصدر :وبانوا منها (2) .في المصدر :ال عند بينونتهم (3) .في المصدر:
" يتغق " ثم قال :ونغق بالغين عند جمهور أهل اللغة وهو الذى قاله ابن
قتيبة ،وجعل غيره خطأ ونقل البطليوسى عن صاحب المنطق انه قال:
نعق الغراب ونغق قال " :وبالغين المعجمة احسن (4) .في المصدر :من
حديث عبد الرحمن بن شبل (5) .زاد في المصدر :وان يوطن الرجل
المكان كما يوطنه البعير (6) .حياة الحيوان * .121 - 119 :2
][254
خرجت الفراخ من البيض طردتها لنها تخرج قبيحة المنظر جد إذ تكون صغار
الجرام عظام الرؤوس والمناقير جرد اللون ) (1متفاوتات العضاء،
فالبوان ينكران الفراخ ويطيران لذلك ويتركانه ) (2فيجعل ال قوته في
الذباب والبعوض الكائن في عشه إلى أن يقوى وينبت ريشه فيعود إليه
أبواه ،وعلى النثى الحضن ) ،(3والذكران يأتيها بالطعم ،وفي طبعه أنه ل
يتعاطى الصيد ،بل إن وجد جيفة أكلها وإل مات جوعا أو يتقمقم كما
يتقمقم صغار الطير ،وفيه حذر شديد وتنافر والغداف يقاتل البوم و يخطف
بيضها ويأكله ،ومن عجيب أمره أن النسان إذا أراد أن يأخذ فراخه تحتمل
النثى ) (4والذكر في أرجلهما حجارة ويتحلقان في الجو ويطرحان
الحجارة عليه يريدان بذلك دفعه ،والعرب تتشأم بالغراب ،وغراب البين:
البقع ،وهو الذي فيه سواد وبياض وقال صاحب المجالسة :سمي بذلك
لنه بان عن نوح عليه السلم لما وجهه لينظر إلى الماء فذهب ولم يرجع
ولذلك تشأموا به ،وذكر ابن قتيبة أنه سمي فاسقا لذلك أيضا ) .(5ويقال:
إذا صاح الغراب مرتين فهو شر ،وإذا صاح ثلث مرات فهو خير على قدر
عدد الحروف ) .(6وكان ابن عباس إذا نعق الغراب يقول :اللهم ل طير إل
طيرك ول خير إل خيرك ول إله غيرك .ويقال :إن الغراب يبصر من تحت
الرض بقدرة منقاره ،وروي أن قابيل حمل أخاه ومشى به حتى أروح فلم
يدر ما يصنع به فبعث ال غرابين قتل أحدهما الخر.
) (1في المصدر :جرداء اللون (2) .في المصدر :فالبوان ينظران الفرخ كذلك
فيتركانه (3) .في المصدر :ان يحضن (4) .في المصدر :يحمل الذكر
والنثى (5) .حياة الحيوان 119 :2و (6) .120حياة الحيوان* .121 :
][255
ثم بحث في الرض بمنقاره ودفن أخاه ،فاقتدى به قابيل ،فلما رجع آدم من مكة
قال :أين هابيل ؟ قال :ل أدري ،فقال " :اللهم العن أرضا شربت دمه "
فمن ذلك الوقت ما شربت الرض دما ) .(1قال مقاتل :وكان قبل ذلك
السباع والطيور تستأنس بآدم ،فلما قتل قابيل هابيل هربت منه الطير،
والوحش وشاكت الشجار وحمضت الفواكه وملحت المياه واغبرت
الرض ) .(2ويحرم أكل الغراب البقع الفاسق ،وأما السود الكبير الجبلي
) (3فهو حرام أيضا على الصح وغراب الزرع حلل على الصح .وفي
صحيح البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال:
خمس من الدواب ليس على قاتلهن جناح :الغراب والحدأة والفأرة والحية
والكلب العقور .وفي سنن ابن ماجة ) (4قال رسول ال صلى ال عليه
واله وسلم :الحية فاسقة ،والفأرة فاسقة ،والغراب فاسق ) .(5وقال :الفأر
بالهمز جمع فأرة وهي أصناف :الجرذ والفأر المعروفان ،ومنها اليرابيع
والزباب والخلد ،فالزباب صم ،والخلد أعمى ،واليربوع ،وفأرة البيش،
وفأرة البل ،وفأرة المسك ،وذات النطاق ،فأما فأرة البيت فهي الفويسقة
التي أمر النبي صلى ال عليه واله بقتلها في الحل والحرم ،وإنما سميت
فواسق لخبثهن ،وقيل :لخروجهن عن الحرمة في الحل والحرم ،أي ل
حرمة لهن بحال ،وقيل :سميت بذلك لنها عمدت إلى حبال سفينة نوح
فقطعتها.
) (1راجع المصدر فان المصنف ادخل بعض حديث في حديث آخر فأورده بشكل
حديث واحد (2) .حياة الحيوان (3) .122 :2في المصدر :وهو الجبلى.
) (4في المصدر :وفى سنن ابن ماجة والبيهقي عن عائشة انها قالت:
قال (5) .حياة الحيوان 123 :2و * .124
][256
وروى الطحاوي عن يزيد بن أبي نعيم أنه سال أبا سعيد الخدري لم سميت الفأرة
فويسقة ؟ قال :استقيظ النبي صلى ال عليه واله وسلم ذات ليلة وقد أخذت
فأرة فتيلة السراج لتحرق على رسول ال صلى ال عليه واله وسلم البيت،
فقام صلى ال عليه واله وسلم إليها وقتلها وأحل قتلها للحلل و المحرم.
وروى الحاكم عن عكرمة عن ابن عباس قال :جاءت فأرة فأخذت تجر
الفتيلة فذهبت الجارية فزجرتها ) ،(1فقال النبي صلى ال عليه واله:
دعيها ،فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول ال صلى ال عليه واله وسلم
على الخمرة التي كان قاعدا عليها فأحرقت منها موضع درهم ،فقال صلى
ال عليه وآله :إذا نمتم فأطفؤا سرجكم فان الشيطان يدل مثل هذه على هذا
فتحرقكم .والخمرة السجادة التي يصلي عليها المصلي ،سميت بذلك لنها
تخمر الوجه أي تغطيه .وفي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى ال عليه
واله أمر باطفاء النار عند النوم ،وعلل ذلك بأن الفويسقة تضرم على أهل
البيت بيتهم نارا .والفأر نوعان جرذان وفئران ،وكلهما له حاسة السمع
والبصر ،وليس في الحيوانات أفسد من الفأر ،ول أعظم أذى منه ،ومن
شأنه أنه يأتي القارورة الضيقة الرأس فيحتال حتى يدخل فيها ذنبه ،فكلما
ابتل بالدهن أخرجه وامتصه حتى ل يدع فيها شيئا ،ول يخفى ما بين الفأر
والهر من العداوة ،والسبب في ذلك أن نوحا عليه السلم لما حمل في
السفينة من كل زوجين اثنين شكا أهل السفينة الفأرة وأنها تفسد طعامهم
ومتاعهم فأوحى ال إلى السد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة
منها ) .(2والزباب جمع الزبابة بالفتح :الفأرة البرية تسرق كل ما تحتاج
إليه وتستغني )(3
) (1في المصدر :تزجرها (2) .حياة الحيوان 138 :2و (3) .139في المصدر:
وما تستغنى عنه* .
][257
عنه ،وقيل :هي فأرة عمياء صماء ،ويشبه بها الرجل الجاهل ) .(1والخلد بالضم
وقد يفتح ويكسر هي دويبة عمياء صماء ل تعرف ما بين يديها إل بالشم
وقيل فأر أعمى ل يدرك إل بالشم ) ،(2وقال أرسطو ) :(3كل حيوان له
عينان إل الخلد ،وإنما خلق كذلك لنها ترابي جعل ال له الرض كالماء
للسمك ،وغذاؤه من بطنها ،وليس له في ظاهرها قوة ول نشاط ،ولما لم
يكن له بصر عوضه ال تعالى حدة السمع فتدرك الوطئ الخفي من مسافة
بعيدة ،فإذا أحس بذلك يختفي في الرض ) ،(4وقيل :إن سمعه مقدار بصر
غيره ) .(5واليربوع حيوان طويل اليدين جدا ) (6وله ذنب كذنب الجرذ
يرفعه صعدا لونه كلون الغزال ،وهو يسكن بطن الرض لتقوم رطوبتها له
مقام الماء ،وهو يؤثر النسيم ويكره البخار أبدا ،يتخذ حجرة في نشز من
الرض ثم يحفر بيته في مهب الرياح الربع ويتخذ فيه كوى ،ويسمى
النافقاء والقاصعاء والراهطاء ،فإذا طلب من إحدى هذه الكوى نافق أي
خرج من النافقاء وإن طلب من النافقا خرج من القاصعاء .وظاهر بيته
تراب وباطنه حفر ،وكذلك المنافق ظاهره إيمان وباطنه كفر وبه سمى
المنافق ،قال القزويني :هو من نوع الفأر وهو من الحيوان الذي له رئيس
مطاع
) (1حياة الحيوان (2) .3 :2زاد في المصدر :فتخرج من جحرها وهى تعلم ان ل
سمع لها ول بصر فتفتح فاها وتقف عند جحرها فيأتى الذباب فيقع على
شدقها ويمر بين لحييها فتدخله جوفها بنفسها فهى تتعرض لذلك في
الساعات التى يكون فيها الذباب اكثر (3) .في المصدر :في كتاب النعوت.
) (4في المصدر :جعل يحفر في الرض (5) .حياة الحيوان (6) .215 :1
في المصدر :طويل الرجلين قصير اليدين جدا* .
][258
ينقاد إليه وإذا كان فيها يكون من بينها في مكان مشرف أو على صخرة ينظر إلى
الطريق من كل ناحية ،فان رأى ما يخافه ضرب بأسنانه ) (1وصوت ،فإذا
سمعته انصرفت إلى حجرتها ،فان قصر الرئيس حتى أدركهم أحد وصاد
منهم شيئا اجتمعوا على الرئيس فقتلوه وولوا غيره (2) -وإذا خرجت
لطلب المعاش خرج الرئيس أول يشرف ) (3فان لم ير شيئا يخافه مر
إليها يصوت ويضرب بأسنانه فتخرج واليا ) .(4وروى الزمخشري عن
سفيان بن عيينة أنه قال :ليس من الحيوان شئ يخبأ قوته إل النسان
والنمل والفأر والعقعق .والعقعق :طائر على قدر الحمامة وعلى شكل
الغراب وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة ،وهو ذولونين أبيض وأسود
طويل الذنب ويقال له :القعقع أيضا ،وهو ل يأوي تحت السقف ول يستظل
به بل يهيئ وكره في المواضع المشرفة ،وفي طبعه الزنا والخيانة،
ويوصف بالسرقة والخبث ،والعرب تضرب به المثل في جميع ذلك ).(5
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال :إن النبي صلى ال عليه واله
وسلم قال :فقدت امة من بني إسرائيل ل يدرى ما فعلت ول أراها ال الفأر،
أل تراها إذا وضع لها ألبان البل لم تشربه ،وإذا وضع لها ألبان الشاة
شربته .قال النووي وغيره :ومعنى هذا أن لحوم البل وألبانها حرمت على
بني إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها ،فدل على أن امتناع الفارة من لبن
البل دون لبن الغنم على أنها مسخ من بني إسرائيل .وأما فأرة البيش
بالكسر وهو السم فدويبة تشبه الفأرة وليست بفأرة ،ولكن هكذا تسمى،
وتكون في الرياض والغياض وهي تتخللها طلبا لمنابت السموم لتأكلها ول
) (1في المصدر :فان رأى ما يخافه عليها صر بأسنانه (2) .في المصدر :حتى
أدركها أحد وصاد منها شيئا اجتمعت على الرئيس فقتلته و ولت غيره
وهى إذا (3) .في المصدر " :يتشوف " أي نظر وأشرف (4) .في
المصدر " :يخافه صر باسنانه وصوت إليها فتخرج " راجع حياة
الحيوان (5) .295 :2حياة الحيوان * .102 :2
][259
تضرها ،وكثيرا ما تطلب البيش .وأما ذات النطاق فهي فأرة منقطة ببياض وأعلها
أسود شبهوها بالمرأة ذات النطاق ،وهي التي تلبس قميصتين ملونين
وتشد وسطها ثم ترسل العلى على السفل قاله القزويني أيضا .وأما فأرة
المسك مهموزة كفأرة الحيوان ،قال :ويجوز ترك الهمزة كما في نظائره،
وقال الجوهري وابن مكي :ليست مهموزة وهو شذوذ منهما ،قال الجاحظ:
فأرة المسك نوعان :الول منهما دويبة تكون في بلد التبت تصاد لنوافجها
وسررها ،فإذا صيدت شدت بعصائب وهي متدلية ) (1فيجتمع فيها دمها
فإذا احكم ذلك ذبحت ) (2وما أكثر من يأكلها عندنا ،فهي غير مهموزة
لنها من فار يفور وهي النافجة كذا قاله القزويني وفي التحرير فارة
المسك .والثاني جرذان سود تكون في البيوت ليس عندها إل تلك الرائحة
اللزمة و رائحته كرائحة المسك إل أنه ل يوجد منه المسك ،وأما فأرة
البل فقال في الصحاح :هي أن يفوح منها رائحة طيبة إذا رعت العشب
وزهره ثم شربت وصدرت عن الماء ففاحت ) (3منها رائحة طيبة ويقال
لتك الرائحة :فأرة البل ،ويحرم أكل جميع الفأر إل اليربوع ويكره أكل
سؤر الفأر ) .(4العياشي :عن محمد بن يوسف عن أبيه قال :سألت أبا
جعفر عليه السلم عن قول ال " :وأوحى ربك إلى النحل " قال :إلهام )
.(5
) (1في المصدر :وتبقى متدلية (2) .زاد في المصدر :فإذا ماتت فورت السرة التى
عصبت ثم تدفن في الشعير حينا حتى يستحيل ذلك الدم المختنق هناك
الجامد ،بعد موتها مسكا ذكيا بعد ما ل يرام نتينا (3) .في المصدر :عن
الماء نديت جلودها ففاحت (4) .حياة الحيوان 139 :2و (5) .140
تفسير العياشي ج 2ص * .263
][260
) (1روضة الكافي 246 :فيه :ما لم يسقوا مثله قط (2) .النسع :سير أو حبل
عريض تشد به الرحال ،والقطعة منه ،النسعة (3) .الخرائج ) (4من ل
يحضره الفقيه 221 :3فيه :ل تدعوهن (5) .حياة الحيوان * .133 :1
][261
وفي النهاية :في حديث قتل الحيات " :إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا
فحرجوا عليها ) (1ثلثا " العوامر :الحيات التي تكون في البيوت ،واحدها
عامر وعامرة ،قيل سميت عوامر لطول أعمارها ) - 12 .(2التهذيب:
باسناده عن محمد بن أحمد عن محمد بن موسى السمان عن أيوب بن
نوح عن ابن أبي عمير عن حماد عن عبيدال الحلبي ،عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :نهى رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :أن يؤكل ما
تحمله النملة بفيها وقوائمها ) .(3بيان :النهي على المشهور محمول على
الكراهة .قال الدميري :يكره أكل ما حملت النملة بفيها وقوائمها لما روى
الحافظ أبو نعيم في الطب النبوي عن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه
عن جده أن رسول ال صلى ال عليه واله نهى عن أن يؤكل ما حملته
النمل بفيها وقوائمها ) - 13 .(4البصائر :عن أحمد بن محمد عن الحسين
بن سعيد النضر عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن عبد ال بن فرقد
قال :خرجنا مع أبي عبد ال عليه السلم متوجهين إلى مكة حتى إذا كنا
بسرف استقبله غراب ينعق في وجهه ،فقال :مت جوعا ما تعلم شيئا إل
ونحن نعلمه إل أنا أعلم بال منك ،فقلنا :هل كان في وجهه شئ ؟ قال :نعم
سقطت ناقة بعرفات ) .(5دلئل الطبري :عن علي بن هبة ال عن الصدوق
عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن البرقي عن النضر مثله ).(6
) (1حرج عليه :قال له :انت في حرج أي ضيق ،وقال المصنف أي تعزم عليها و
تقسم علبها بان ل تضر ول تظهر (2) .النهاية (3) .144 :3تهذيب
الحكام (4) .حياة الحيوان (5) .267 :2بصائر الدرجات 345 :ط
تبريز (6) .دلئل المامة* .135 :
][262
بيان :لعله كان متوجها إلى عرفات لكل الناقة الميتة وكان جائعا ولم يكن علمه من
جهة المشاهدة ،بل بما أعطاه ال من العلم بجهة رزقه أو ببعض الوقائع
كما هو المشهور في الغراب - 14 .المكارم :قال الصادق عليه السلم:
تعلموا من الغراب ثلث خصال :استتاره بالسفاد ،وبكوره في طلب الرزق،
وحذره ) - 15 .(1الخصال :باسناده عن سفيان بن أبي ليلي أن ملك الروم
سأل الحسن بن علي عليهما السلم عن سبعة أشياء خلقها ال عزوجل لم
تخرج من رحم ،فقال :آدم وحوا وكبش إبراهيم وناقة صالح وحية الجنة
والغراب الذي بعثه ال يبحث في الرض وإبليس لعنه ال )- 16 .(2
الفقيه :روي من قتل وزغا فعليه الغسل ،وقال بعض مشايخنا :إن العلة في
ذلك أنه يخرج من ذنوبه فيغتسل منها ) - 17 .(3حياة الحيوان :في
الحديث الصحيح من رواية أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه واله قال:
من قتل وزغة من أول ضربة فله كذا وكذا من الحسنة ،ومن قتلها في
الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الولى ) ،(4وفيه أيضا :إن من
قتلها في الولى فله مائة حسنة ،وفي الثانية دون ذلك ،وفي الثالثة دون
ذلك .وروى الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى ال عليه واله وسلم
قال :اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة .وفي حديث عائشة أنه كان في
بيتها رمح موضوع فقيل لها :ما تصنعين بها ؟ فقالت :نقتل به الوزغ ،فان
النبي صلى ال عليه واله أخبرنا أن إبراهيم عليه السلم القي في النار
) (1مكارم الخلق (2) .154 :الخصال ج 2ص (3) .8من ل يحضره الفقيه ج 1
ص (4) .44في المصدر زاد :ومن قتلها في الثالثة فله كذا وكذا حسنة
دون الثانية* .
][263
ولم تكن في الرض دابة إل أطفأت عنه النار غير الوزغ ) (1فانه كان ينفخ عليه )
(2فأمر عليه السلم بقتل الوزغ .وكذلك رواه أحمد في مسنده .وفي تاريخ
ابن النجار عن عائشة قالت :سمعت رسول ال صلى ال عليه واله وسلم
يقول :من قتل وزغة محا ال عنه سبع خطيئات .وفي الكامل :عن ابن
عباس أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :من قتل وزغة فكأنما قتل
شيطانا .ثم قال :وأما تقييد الحسنات في الضربة الولى بمائة وفي الثانية
بسبعين كما هو في بعض الروايات فجوابه أنه كقوله في صلة الجماعة
بسبع وعشرين وبخمس و عشرين أن مفهوم العدد ل يعمل به ،فذكر
السبعين ل يمنع المائة فل تعارض بينهما أو لعله أخبرنا بالسبعين ثم
تصدق ال بالزيادة ) (3فأعلم به صلى ال عليه واله وسلم حين أوحى إليه
بعد ذلك أو أنه يختلف باختلف قاتلي الوزغ بحسب نياتهم وإخلصهم
وكمال أحوالهم ونقصها فتكون المأة للكامل ) (4منهم والسبعون لغيره.
وقال يحيى بن يعمر :سبب كثرة الحسنات في المبادرة أن تكرر الضرب في
قتلها يدل على عدم الهتمام بأمر صاحب الشرع ،إذ لو قوي عزمه
واشتدت حميته لقتلها في المرة الولى ،لنه حيوان لطيف ل يحتاج إلى
كثرة مؤنة في الضرب ،فحيث لم يقتلها في المرة الولى دلت على ضعف
عزمه ولذلك نقص أجره عن المائة إلى السبعين .وعلل عز الدين بن عبد
السلم كثرة الحسنات في الولى بأنه إحسان في
) (1يأتي من الخصال ان هوام الرض استأذن ال ان تصب عليه الماء فلم يأذن ال
عزوجل بشئ منها ال للضفدع (2) .في المصدر :ينفخ عليه النار(3) .
في المصدر :بالزيادة علينا (4) .في المصدر :للكمل منهم* .
][264
القتل ،فدخل في قوله صلى ال عليه واله وسلم " :إذا قتلتم فأحسنوا القتلة "
ولنه ) (1مبادرة إلى الخير فيدخل تحت قوله تعالى " :فاستبقوا الخيرات
) " (2وقال :وعلى كل المعنيين ) (3فالحية والعقرب أولى بذلك لعظم
مفسدتهما ) - 18 .(4قرب السناد :عن علي بن جعفر عن أخيه عليه
السلم قال :سألته عن قتل النملة قال :ل تقتلها إل أن تؤذيك ،وسألته عن
قتل الهدهد أيصلح ؟ قال :ل تؤذيه ول تقتله ول تذبحه فنعم الطير هو ).(5
- 19اليعون والعلل :عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن أحمد بن أبي عبد
ال البرقى عن علي بن محمد القاساني عن أبي أيوب المديني عن سليمان
بن جعفر الجعفري عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلم إن
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم نهى عن قتل خمسة :الصرد والصوام
والهدهد والنحلة والنملة والضفدع ،وأمر بقتل خمسة :الغراب والحدأ
والحية والعقرب والكلب العقور .قال الصدوق :هذا أمر إطلق ورخصة ل
أمر وجوب وفرض ) .(6بيان :يدل على اتحاد الصرد والصوام كما يظهر
من كلم الدميري وأكثر اللغويين ،لكن الفقهاء عدوهما اثنين ،قال في
القاموس :الصرد بضم الصاد وفتح الراء ،طائر ضخم الرأس يصطاد
العصافير ،وهو أول طائر صام ل تعالى ،والجمع صردان .وقال في
النهاية :فيه " :إنه نهى المحرم عن قتل الصرد " وهو طائر ضخم الرأس
) (1في المصدر :أو أنه (2) .المائدة (3) .48 :في المصدر :وعلى كل المعنيين) .
(4حياة الحيوان (5) .288 :2قرب السناد 121 :فيه :عبد ال بن
الحسن عن جده على بن جعفر (6) .عيون الخبار ج 1ص 277
الخصال 297 :1فيه] :الصرد الصوام[ وفيه ]الحدأة[ ولم نجد الحديث
في العلل والظاهر انه تصحيف الخصال* .
][265
والمنقار له ريش عظيم نصفه أبيض ونصفه أسود ،ومنه حديث ابن عباس أنه
نهى عن قتل أربع من الدواب :النملة والنحلة والهدهد والصرد .قال
الخطابى :إنما جاء في قتل النمل عن نوع منه خاص وهو الكبار ذوات
الرجل الطوال لنها قليلة الذى والضرر ،وأما النحلة فلما فيها من
المنفعة وهو العسل والشمع وأما الهدهد والصرد فلتحريم لحمهما ،لن
الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لحترامه أو الضرر فيه كان لتحريم
لحمه ،أل ترى أنه نهى عن قتل الحيوان لغير مأكله ،ويقال :إن الهدهد
منتن الريح فصار في معنى الجللة ،والصرد تتشأم به العرب وتتطير
بصوته وشخصه ،وقيل :إنما كرهوه من اسمه من التصريد وهو التقليل )
.(1وقال :فيه " :خمس ) (2يقتلن في الحل والحرم " وعد منها الحدأ
وهو هذا الطائر المعروف من الجوارح ،واحدها حدأة بوزن عنبة ).(3
وقال :فيه " :خمس يقتلن في الحل والحرم " وعد منها الكلب العقور
وهو كل سبع يعقر أي يجرح ويقتل ويفترس كالسد والنمر والذئب سماها
كلبا لشتراكها في السبعية والعقور من أبنية المبالغة انتهى ) .(4وأقول:
التعميم الذى ادعاها غير معلوم وكأن المراد بالعقور الكلب الهراش )(5
الذي يضر ول ينفع - 20 .الخصال :عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن
محمد بن أحمد عن إبراهيم بن إسحاق عن الحسن بن زياد عن داود بن
كثير الرقي قال :بينما نحن قعود عند أبي
) (1النهاية (2) .281 :2في المصدر :خمس فواسق يقتلن (3) .النهاية .239 :1
) (4النهاية (5) .131 :3تقدم في حديث غياث بن ابراهيم المروى عن
قرب السناد اطلقه على الذئب أيضا* .
][266
عبد ال عليه السلم إذ مر بنا رجل بيده خطاف مذبوح ،فوثب إليه أبو عبد ال
عليه السلم حتى أخذه من يده ثم دحابه الرض ثم قال :أعالمكم أمركم
بهذا ) (1أم فقيهكم ؟ لقد أخبرني أبي عن جدي عليه السلم أن رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم نهى عن قتل ستة النحلة والنملة والضفدع
والصرد والهدهد والخطاف ،فأما النحلة فانها تأكل طيبا وتضع طيبا وهي
التي أوحى ال عزوجل إليها ليست من الجن ول من النس ) ،(2وأما
النملة فانهم قحطوا على عهد سليمان بن داود عليه السلم فخرجوا
يستسقون فإذا هم بنملة قائمة على رجليها مادة يدها إلى السماء وهي
تقول " :اللهم إنا خلق من خلقك لغنى بنا عن فضلك فارزقنا من عندك
ول تؤاخذنا بذنوب سفهاء ولد آدم " فقال لهم سليمان :ارجعوا إلى
منازلكم فان ال تبارك وتعالى قد سقاكم بدعاء غيركم ،وأما الضفدع فانه
لما اضرمت النار على إبراهيم عليه السلم شكت هوام الرض إلى ال
عزوجل واستأذنته أن تصب عليها الماء ،فلم يأذن ال عزوجل لشئ منها
إل للضفدع فاحترق منه الثلثان وبقي منه الثلث ،وأما الهدهد فانه كان
دليل سليمان عليه السلم إلى ملك بلقيس ،وأما الصرد فانه كان دليل آدم
عليه السلم من بلد سرانديب إلى بلد جدة شهرا ،وأما الخطاف فان
دورانه في السماء أسفا لما فعل بأهل بيت محمد صلى ال عليه واله وسلم
وتسبيحه قراءة " الحمد ل رب العالمين " أل ترونه وهو يقول " :ول
الضالين " ) - 21 .(3العلل والعيون :عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق
عن أحمد بن محمد الهمداني عن الحسن بن القاسم عن على بن إبراهيم
بن المعلى عن محمد بن خالد عن عبد ال بن بكر المرادي عن موسى بن
جعفر عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :نهي
عن أكل الصرد والخطاف ).(4
) (1أي امركم بقتله (2) .أي ليست من الجن الذى اوحى إليه ول من النس،
وحاصله أنه يوجد من اوحى إليه من غيرهما وهو النمل (3) .الخصال
(4) .326 :1علل الشرايع ج 2ص ،281عيون الخبار ج 1ص .243
*
][267
) (1عيون الخبار ج 2ص (2) .65معاني الخبار (3) .173 :مجالس الصدوق:
254و ) 255م (66من ل يحضره الفقيه (4) .3 :4ثواب العمال 327
تحقيق الغفاري (5) .المحاسن* .613 :
][268
][269
- 32الدر المنثور :عن ابن عباس قال :سئل رسول ال صلى ال عليه واله وسلم
عن قتل الحيات قال :خلقت هي والنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه إن
رآها أفزعته ،وإن لذعته أوجعته ،فاقتلها حيث وجدتها )- 33 .(1
الشهاب :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :إن ال يحب البصر
النافذ عند مجئ الشهوات ،والعقل الكامل عند نزول الشبهات ،ويحب
السماحة ولو على تمرات ) (2ويحب الشجاعة ولو على قتل حية ).(3
الضوء :قوله عليه السلم " :يحب الشجاعة " هذا مثل ،يعنى أنه عزوجل
يحبه على قدر عنائه ومبلغ بلئه وإن لم يكن إل يسيرا ،فكثير الشجاعة
عنده محمود ،و قليله غير مردود ،وعلى ذكر الحية فلنذكر مما ورد فيه
طرفا وروي عنه صلى ال عليه واله وسلم اقتلوا البتر وذو الطفيتين )(4
فالبتر القصير الذنب :وذو الطفيتين ) (5الذي على ظهره خطان
كالخوصتين والطفي الخوص .وقال عليه السلم :من ترك الحيات مخافة
طلبهن فليس منا .وقال صلى ال عليه واله وسلم :اقتلوا الحيات فمن خاف
اثارهن فليس منا .وسئل عن حيات البيوت فقال صلى ال عليه واله وسلم:
إذا رأيتم شيئا في مساكنكم فقولوا :انشدكم العهد الذي أخذ عليكم نوح
عليه السلم ،انشدكم العهد الذي أخذ عليكم سليمان عليه السلم أن تؤذونا
فان عدن فاقتلوهن .وعن ابن مسعود :اقتلوا الحيات كلها إل الجان
البيض لنه قصبة فضة.
) (1الدر المنثور ج 1ص (2) .55في المخطوطة :ولو على التمرات(3) .
الشهاب :ليس عندي نسخته (4) .و ) (5هكذا في المطبوع وفي النخسة
المخطوطة " :الطفيئتين " وفي المنجد .الطفية :ضرب من الحيات
الخبيثة ،والجمع طفى .وفى النهاية :فيه " :اقتلوا ذا الطفيتين والبتر "
الطفية " خوصة المقل في الصل وجمعها طفى شبه الخطين اللذين على
ظهر الحية بخوصتين* .
][270
وقال صلى ال عليه واله وسلم " :من ترك قتل الحية خشية النار فقد كفر " يعنى
كفر بأمري لنى أمرت بقتلهن ) .(1بيان " :اثارهن " كذا في النسخ
القديمة ،وكأنه من الثأر بمعنى طلب الدم وفى النهاية في الحديث إنه ذكر
الحيات فقال :من خشي إربهن فليس منا " الرب بكسر الهمزة وسكون
الراء :الدهاء ،أي من خشي غائلتها وجبن عن قتلها للذي قيل في
الجاهلية " :إنها تؤذي قاتلها أو تصيبه بخبل " فقد فارق سنتنا وخالف ما
نحن عليه ) - 34 .(2الشهاب :عن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال:
من قتل عصفورا عبثا جاء يوم القيامة وله صراخ حول العرش يقول :رب
سل هذا فيم قتلني من غير منفعة ) .(3الضوء :العبث من فعل العالم :ما
ليس فيه غرض مثله ،وقيل :هو ما خلط به لعب ،يقول صلى ال عليه
واله وسلم ناهيا عن العبث ،رادا من اللعب ،ضاربا المثل بالعصفور الذي
يقتله العابث من غير غرض صحيح :إن العصفور المقتول باطل يجيئ يوم
القيامة ويصرخ حول العرش متظلما يسأل ربه أن يسأل قاتله لم قتله من
غير جلب منفعة ول دفع مضرة ؟ وهذا مثل ضربه بالعصفور وإذا كان ظلم
العصفور في صغر جسمه وحقارته ل يترك ول يهمل بل يستوفى عوض
ما أصابه من اللم فكيف بما فوقه من بني آدم وغيرهم ؟ وإذا كان ال
تعالى قد مكن المؤلم من اليلم فلبد أن يكون هو المستوفي لعوضه منه،
وكلم العصفور يجوز أن يكون على طريق المثل وتقريب الحال ،ويكون
المعنى أن ال تعالى ل شك مستوف عوض ألم القتل من القاتل ،فكأنه
يتظلم حول العرش وينصفه ويجوز أن يكون على حقيقته وينطقه ال
تعالى فيتظلم حول العرش ويكون ذكر ذلك لطفا لمن يسمعه ،وفيه أن
الصيد لغير غرض قبيح ،وكذلك صيد اللهو واللعب ،وفى
) (1الضوء :لم نجد نسخته (2) .النهاية (3) .29 :1الشهاب :لم نجد نسخته* .
][271
الحديث دللة على أن جميع الحيوانات من الوحوش والطيور تنشر ،وفيه إثبات
العواض ،وفائدة الحديث تعظيم أمر الظلم وإعلم أن ال تعالى ل يهمله
ولو كان بالعصفور ،وراوي الحديث أنس بن مالك ) - 35 .(1الدر
المثنور :عن خالد قال :لما حمل نوح في السفينة ما حمل جاءت العقرب
فقالت :يا نبي ال أدخلني معك ،قال :ل ،أنت تلذعين الناس وتؤذينهم،
قالت :ل ،احملني معك فلك ال علي أن ل ألذع من يصلي عليك تلك الليلة )
- 36 .(2قرب السناد :عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال:
سمعت جعفر بن محمد عليه السلم يقول :وسئل ) (3عن قتل الحيات
والنمل في الدور إذا آذين ،قال :ل بأس بقتلهن وإحراقهن إذا آذين ،ولكن
ل تقتلوا من الحيات عوامر البيوت ،ثم قال :إن شابا من النصار خرج مع
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم يوم احد وكانت له امرأة حسناء فغاب
فرجع فإذا هو بامرأته تطلع من الباب ،فلما رآها أشار إليها بالرمح فقالت
له :ل تفعل ولكن ادخل فانظر ) (3ما في بيتك ،فدخل فإذا هو بحية مطوقة
على فراشه ،فقالت المرأة لزوجها :هذا الذي أخرجني ،فطعن الحية في
رأسها ثم علقها فجعل ) (5ينظر إليها وهي تضطرب ،فبينما ) (6هو كذلك
إذ سقط فاندقت عنقه ،فاخبر رسول ال صلى ال عليه واله وسلم فنهى
يومئذ عن قتلها ،وأما من قال " :من تركهن مخافة تبعتهن فليس منا "
لما سوى ذلك ) (7فأما عمار الدار فل تهاج لنهي رسول ال صلى ال
عليه واله وسلم عن قتلهن يومئذ ).(8
) (1الضوء :لم نجد نسخته (2) .الدر المنثور ج 3ص (3) .330في المصدر:
وسمعت جعفرا وسئل عن قتل النمل والحيات في الدور (4) .في المصدر:
وانظر إلى مافى بيتك (5) .في المصدر :وجعل (6) .في المصدر :فبينا) .
(7في المصدر :لما سوى ذلك منهن فاما عمار الدور (8) .قرب السناد:
* .41
][272
) (1فهرست النجاشي (2) .3 :تحف العقول (3) .12 :النهاية (4) .246 :1
انصاب الحرم أي اعلمها ،وانساب :مشى مسرعا* .
][273
كل مرة تلد ولدا فإذا وضعته سجرت التنور فألقته فيه ) - 40 .(1الخرائج :عن
سليمان الجعفري عن الرضا عليه السلم إن عصفورا وقع بين يديه وجعل
يصيح ويضطرب فقال :أتدري ما يقول ؟ فقلت :ل فقال :قال لي :إن حية
تريد أن تأكل فراخي في البيت ،فقم وخذ تلك النسعة وادخل البيت واقتل
الحية ،فقمت وأخذت النسعة ودخلت البيت وإذا حية تجول في البيت
فقتلتها ) - 41 .(2الكافي :عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير
عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال :إن العقرب لذعت )(3
رسول ال صلى ال عليه واله فقال :لعنك ال ،فما تبالين مؤمنا آذيت أم
كافرا ،ثم دعا بالملح فدلكه فهدأت ،ثم قال أبو جعفر عليه السلم :لو يعلم
الناس ما في الملح ما بغوا ) (4معه درياقا ) .(5بيان :هدأ كمنع :سكن.
- 42الكافي :عن العدة عن أحمد بن أبي عبد ال عن أبيه وعمرو بن
إبراهيم جميعا عن خلف بن حماد عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد ال
عليه السلم قال :لذعت رسول ال صلى ال عليه واله وسلم عقرب
فنفضها وقال :لعنك ال فما يسلم منك مؤمن ول كافر ،ثم دعا بملح
فوضعه على موضع اللذعة ثم عصره بابهامه حتى ذاب ،ثم قال :لو يعلم
الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى ترياق ) - 43 .(6حياة الحيوان:
قال أصحابنا :ما ليس مأكول من الدواب والطيور إن كان فيه مضره
متمحضة استحب قتله للمحرم وغيره كالفواسق الخمس والذئب و
) (1الدر المنثور (2) .النسخة المخطوطة خلى عن هذا الحديث ،وهو الصحيح لنه
تقدم تحت رقم (3) .10في المصدر :لسعت (4) .أي ما طلبوا معه
درياقا .وفي بعض النسخ :ما احتاجوا معه درياقا (5) .فروع الكافي :6
(6) .337فروع الكافي * .327 :6
][274
السد والنمر والنسر والحدأة والبرغوث والقمل والبق وأشباهها ) ،(1فان كان فيه
منفعة ومضرة كالفهد والكلب المعلم والعقاب والبازي والصقر ونحوها فل
يستحب قتلها لما فيها من منفعة الصطياد ،ول يكره لما فيها من الضرر
وهو الصيال على حمام الناس والعقر وإن لم يكن فيه نفع ول ضرر
كالخنافس والديدان والجعلن والسرطان والنعامة والرخمة والعظاءة
والذباب وأشباهها فيكره قتلها ،ول يحرم على ما قطع به الجمهور ،وحكى
المام وجها شاذا أنه يحرم قتل الطيور دون الحشرات لنه عبث بل حاجة
) .(2وقال في الحية :اسم يطلق على الذكر والنثى فان أردت التمييز قلت:
هذا حية ذكر ،وهذه انثى ) (3قاله المبرد في الكامل ،وإنما دخلته الهاء
لنه واحد من جنس كبطة ودجاجة ،على أنه قد روي عن بعض العرب أنه
قال :رأيت حيا على حية أي ذكرا على انثى ،والنسبة إلى حية حيوي،
والحيوت ذكر الحيات ،أنشد الصمعي :وتأكل الحية والحيوتا * وتخنق
العجوز أو تموتا وذكر ابن خالويه لها مائتي اسم ،ونقل السهيلي عن
المسعودي أن ال تعالى لما أهبط الحية إلى الرض أنزلها بسجستان ،فهي
أكثر أرض ال حيات ،ولول العربد يأكلها ويفني كثيرا منها لخلت من أهلها
لكثرة الحيات .وقال كعب الحبار :أهبط ال الحية باصبهان وإبليس بجدة
وحوا بعرفة وآدم بجبل سرانديب ،وهو بأعلى الصين في بحر الهند ،عال
يراه البحريون من مسافة أيام وفيه أثر قدم آدم عليه السلم مغموسة في
الحجر ،وترى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ول بد
له في كل يوم من مطر يغسل موضع قدم آدم عليه السلم ويقال :إن
الياقوت الحمر يوجد على هذا الجبل فتحدره السيول والمطار من
) (1في المصدر :والقمل والزنبور والبق والقراد واشباهها (2) .حياة الحيوان :1
(3) .233في المصدر :وهذه حية انثى* .
][275
ذروته إلى الحضيض ،ويوجد فيه ألماس أيضا ،وبه يوجد العود كذا قاله القزويني.
والحية أنواع :منها الرقشاء وهي التي فيها نقط سواد وبياض ويقال لها:
الرقطاء أيضا ،وهي من أخبث الفاعي ،وتزعم العراب أن الفاعي صم
وكذلك النعام ،ومن أنواعها الزعر وهو غالب فيها ،ومنها ما هو أزب
ذوشعر ،ومنها ذوات القرون ،و أرسطو ينكر ذلك قال الراجز :وذات
قرنين طحون الضرس * تنهش لو تمكنت من نهش تدير عينا كشهاب
القيش ) .(1ومنها الشجاع بالضم والكسر ،وهو الحية العظيمة التي تواثب
الفارس ) (2والراجل وتقوم على ذنبها وربما لقت ) (3رأس الفارس
وتكون بالصحاري ) ،(4ومنها العربد وهي حية عظيمة تأكل الحيات،
ومنها الصلة وهو عظيم جدا ،وله وجه كوجه النسان ،ويقال :إنه يصير
كذلك إذا مرت عليه الوف من السنين ،ومن خاصية هذا أن يقتل بالنظر،
ومنها الصل وسمى المكللة لنها مكللة الرأس وقيل :الصل الول وهذه
المكللة شديدة الفساد تحرق كل ما مرت عليه ،ول ينبت حول حجرها شئ
من الزرع أصل ،وإذا حاذى مسكنها طائر سقط ،ول يمر حيوان بقربها إل
هلك ،وتقبل بصفيرها على غلوة سهم ،ومن وقع عليها بصره ) ،(5ولو
من بعد مات ،ومن نهشته مات في الحال ،وضربها فارس برمحه فمات هو
وفرسه ،وهى كثيرة ببلد الترك ،ومنها ذو الطفيتين والبتر ،في
الصحيحين أن النبي صلى ال عليه واله قال :اقتلوهما فانهما يلتمسان
البصر ويستسقطان الحبالى .قال الزهري :ونرى ذلك من سمها.
) (1في المصدر " :نهس " وفيه :كشهاب القبس .راجع حياة الحيوان ) .199 :1
(2في المصدر :تثب على الفارس (3) .في المصدر :وربما بلغت(4) .
حياة الحيوان (5) .34 :2في المصدر :ومن وقع عليه بصرها* .
][276
ومنها الناظر متى وقع نظره على إنسان مات النسان من ساعته ،ومنها نوع آخر
إذا سمع النسان صوته مات ،وقد جاء في حديث الخدري عن الشاب
النصاري الذى طعن الحية برمحه فماتت ومات الشاب من ساعته .ومن
أسماء الحية العين والعيم ) (1والين والرقم والصلة والجان والثعبان
والشجاع والزب والزعر والبتر والناشر والفعى والفعوان الذكر من
الفاعي ،والرقم والرقش والصل والرقط وذو الطفيتين والعربد .قال ابن
الثير ويقال للحيات :أبوالبختري وأبو الربيع وأبو عثمان وأبو العاصي
وأبو دعور وأبو وثاب وأبو يقظان وام طبق وام عافية وام عثمان وام
الفتح وام محبوب وبنات طبق ) .(3والحية الصماء وهى شديدة الشر،
والصمة :الذكر من الحيات ،وبه سمي والد دريد بن الصمة .وزعم أهل
الكلم في طبائع الحيوان ان الحية تعيش ألف سنة ،وهي كل سنة تسلخ
جلدها وتبيض ثلثين بيضة على عدد أضلعها ،فتجمع النمل ) (3فيفسد
غالب بيضها ول يصلح منه إل القليل ،وإذا لذعتها العقرب ماتت .ومن
أنواعها الحريش وشرها الفاعي ومساكنها الرمال ،وبيض الحيات
مستطيل وهو أكدر اللون وأخضر واسود وارقط وابيض ،وفي بعضه نمش
) (4ولمع و السبب في اختلف ذلك ل يعرف ،وداخله شئ كالصديد :وهو
في جوفها متصل ) (5طول على خط واحد ،وليس للحيات سفاد يعرف،
وإنما هو التواء بعضها على بعض ولسانها مشقوق ،فيظن بعض الناس
أن لها لسانين ،وتوصف بالنهم والشرة لنها
) (1زاد في المصدر :والصم (2) .قد اسقطت من المصدر عدة من السماء(3) .
في المصدر :فيجتمع عليه النمل (4) .النمش :نقط بيض وسود واو بقع
تقع في الجلد تخالف لونه (5) .في المصدر :منضد* .
][277
تبتلع الفراخ من غير مضغ كما يفعل السد ،ومن شأنها أنها إذا ابتلعت شيئا له
عظيم أتت شجرة أو نحوها فتلتوي عليه التواء شديدا حتى يتكسر ذلك في
بطنها ،ومن عادتها أنها إذا نهشت انقلبت فيتوهم بعض الناس أنها فعلت )
(1لتفرغ سمها وليس كذلك ،ومن شأنها إذا لم تجد طعاما عاشت بالنسيم،
وتتقات به الزمن الطويل و تبلغ الجهد من الجوع ول تأكل إل لحم الشئ
الحي ،وهي إذا كبرت صغر جرمها وأقنعت بالنسيم ول تشتهي الطعام.
ومن غرائب أمرها أنها ل تريد الماء ول ترده إل أنها ل تضبط نفسها عن
الشراب إذا شمته لما في طبعها من الشوق إليه ،فهي إذا وجدته شربت
منه حتى تكسر ،و ربما كان السكر سبب هلكها ،والذكر ل يقيم بموضع
واحد ،وإنما تقيم النثى على بيضها حتى يخرج فراخها ،وتقوى على
الكسب ثم هي سائرة ) (2وعينها ل تدور في رأسها كأنها مسمار مضروب
في رأسها وكذلك عين الجراد ،وإذا قلعت عادت وكذك نابها إذا قلع عاد بعد
ثلثة أيام وكذلك ذنبها إذا قطع نبت ،ومن عجيب أمرها أنها تهرب من
الرجل العريان ،وتفرح بالنار وتطلبها ،وتتعجب من أمرها وتحب اللبن حبا
شديدا ،وإذا ضربت بسوط مسه عرق الخيل ماتت ،وتذبح فتبقى أياما ل
تموت ،وإذا عميت أو خرجت من الرض ) (3وهي ل تبصر طلبت
الرازيانج الخضر فتحك به بصرها فتبصر ،فسبحان من قدر فهدى ،قدر
عليها العمى وهداها إلى ما يزيله عنها ،وليس في الرض ) (4مثل الحية
إل وجسم الحية أقوى منه ،وكذلك إذا أدخلت صدرها في جحر أو صدع لم
يستطع أقوى الناس إخراجها منه وربما تقطعت ول تخرج ،وليس لها
قوائم ول أظفار تنشب بها ) ،(5وإنما قوى ظهرها هذه
) (1في المصدر :انما فعلت ذلك (2) .في المصدر :ثم هي سائرة فان وجدت جحرا
انسابت فيه (3) .في المصدر :من تحت الرض ل تبصر (4) .في
المصدر :وليس شئ في الرض (5) .في المصدر :تتثبت بها* .
][278
القوة بسبب كثرة أضلعها ،فان له ثلثين ضلعا ،وإذا مشت مشت على بطنها
فتدافع أجزاؤها وتسعى بذلك الدفع الشديد ،والحيات من أصل الطبع مائية،
وتعيش في البحر بعد أن كانت برية ،وفي البر بعد أن كانت بحرية .قال
الجاحظ :الحيات ثلثة انواع :منها مال ينفع للسعته ترياق ول غيره
كالثعبان والفعى والحية الهندية ونوع منها ينفع في لسعته الدرياق ،وما
كان سواهما مما يقتل فانما يقتل بواسطة الفزع ،كما حكي ان شخصا نام
تحت شجرة فتدلت عليه حية فعضت راسه فانتبه مخمر الوجه فحك راسه
وتلفت فلم ير احدا فلم يربت ) (1بشئ ووضع راسه ونام ،فلما كان بعد
ذلك بمدة قال له بعض من رآه هل علمت مم كان انتباهك تحت الشجرة ؟
قال :ل وال ما علمت قال :إنما كان من حية تدلت عليك فعضت راسك فلما
قمت فزعا تقلصت ،ففزع فزعة فاتت فيها نفسه ) (2قال :فهم يزعمون أن
الفزع هو الذي هيج السم وفتح مسام البدن حتى مشى السم فيه انتهى.
وذكر القرطبي في سورة غافر عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن
كعب الحبار أنه قال :لما خلق ال تعالى العرش قال :لم يخلق ال خلقا
أعظم مني ،واهتز تعاظما ،فطوقه بحية لها سبعون ألف جناح في كل جناح
سبعون ألف لسان ) (3يخرج من أفواهها كل يوم من التسبيح عدد قطر
المطر وعدد ورق الشجر وعدد الحصى و الثرى وعدد أيام الدنيا وعدد
الملئكة اجمعين فالتوت الحية على العرش ،فالعرش إلى نصف الحية
وهي ملتوية عليه فتواضع عند ذلك انتهى .وذكر أبو الفرج بن الجوزي
عن بشر بن الفضل قال :خرجنا حجابا فمررنا
) (1هكذا في الكتاب وفى المصدر " :فلم يرتب " وهو الصحيح من ارتاب يرتاب
بفلن :اتهمه ورأى منه ما يريبه (2) .في المصدر :فاضت فيها نفسه) .
(3فيه تفصيل اختصره المصنف لغرابته* .
][279
بماء من مياه العرب فوصف لنا فيه ثلث جوار أخوات بارعات في الجمال وإنهن
يتطببن ويعالجن ،فأحببنا أن نراهن ،فعمدنا إلى صاحب لنا فحكينا )(1
ساقه بعود حتى أدميناه ثم حملناه وأتينا به إليهن وقلنا :هذا سليم فهل من
راق فخرجت إلينا الخت الصغرى فإذا جارية كالشمس الطالعة فجاءت
حتى وقفت عليه ونظرته فقالت :ليس بسليم قلنا :وكيف ذلك ؟ قالت :إنه
خدشه عود بال عليه حية ذكر ،والدليل على ذلك أنه إذا طلعت الشمس
مات ،قال :فلما طلعت الشمس مات فعجبنا من ذلك وانصرفنا .وقال أيضا:
إن عيسى عليه السلم مر بحواء ) (2يطارد حية ،فقالت الحية :يا روح
ال قل له :لئن لم يلتفت عنى لضربنه ضربة أقطعه قطعا ،فمر عيسى ثم
عاد فإذا الحية في سلة الحاوي ) ،(3فقال لها عيسى :ألست القائلة كذا
وكذا ؟ فكيف صرت معه ؟ فقالت :يا روح ال إنه قد حلف لي والن
غدرني ) (4فسم غدره أضر عليه من سمى .وفي عجايب المخلوقات
للقزويني أن الريحان الفارسي لم يكن قبل كسرى أنو شيروان وإنما وجد
في زمانه ،وسببه أنه كان ذات يوم جالسا للمظالم إذ أقبلت حية عظيمة
تنساب تحت سريره فهموا بقتلها فقال كسرى :كفوا عنها فاني أظنها
مظلومة فمرت تنساب فأتبعها كسرى بعض أساورته فلم يزل سائرة حتى
نزلت على فوهة ) (5بئر فنزلت فيها ثم أقبلت تتطلع فنظر الرجل فإذا في
قعر البئر حية مقتولة وعلى متنها عقرب أسود فأدلى رمحه إلى العقرب
ونخسها به ،وأتى الملك فأخبره بحال الحية فلما كان في العام القابل أتت
تلك الحية في اليوم الذي كان كسرى جالسا فيه للمظالم وجعلت تنساب
حتى وقفت بين يديه فأخرجت من ) (6فيها بزرا أسود ،فأمر
) (1في المصدر :فحككنا (2) .الحواء " :جامع الحيات " وفى المصدر :مربحا و.
) (3الحاوى :الذى يرقى الحية (4) .في المصدر :غدر بي (5) .فوهة
البئر والوادى والطريق :فمها (6) .في المصدر :فنفضت من فيها* .
][280
الملك أن يزرع فنبت منه الريحان ،وكان الملك كثير الزكام وأوجاع الدماغ فاستعمل
) (1منه فنفعه جدا ) .(2وذكر المسعودي عن الزبير بن ركاز ) (3أن
أخوين في الجاهلية خرجا مسافرين فنزل في ظل شجرة بجنب صفاة فلما
دنا الرواح خرجت لهما من تحت الصفاة حية تحمل دينارا فألقته إليهما
فقال :إن هذا لمن كنز هنا ،فأقاما ثلثة أيام وهي في كل يوم تخرج إليهما
دينارا ،فقال أحدهما للخر :إلى متى ننتظر هذا الحية أل نقتلها ونحفر هذا
الكنز فنأخذه ،فنهاه أخوه وقال :ما تدري لعلك تعطب ول تدرك المال ،فأبى
عليه ثم أخذ فأسا ورصد الحية حتى خرجت فضربها ضربة جرح رأسها
ولم يقتلها وبادرت إليه الحية فقتلته ورجعت إلى جحرها فدفنه أخوه وأقام
حتى إذا كان الغد خرجت الحية معصوبا رأسها وليس معها شئ ،فقال :يا
هذه وال ما رضيت ما أصابك ولقد نهيت أخي عن ذلك فلم يقبل ،فان
رأيتي أن تجعلي ال ) (4بيننا على أن ل تضرني ول أضرك وترجعين إلى
ما كنت عليه أو ل فقالت الحية :ل ،قال :لي شئ ؟ قالت :لني أعلم أن
نفسك ل تطيب لي أبدا وأنت ترى قبر أخيك ،ونفسي ل تطيب لك أبدا وأنا
أذكر هذه الشجة ) .(5وفي مسند أحمد عن ابن مسعود أن النبي صلى ال
عليه واله وسلم قال :من قتل حية فكأنما قتل رجل مشركا بال ،ومن ترك
حية مخافة عاقبتها فليس منا .وقال ابن عباس :إن الحيات مسخن كما
مسخت القردة من بني إسرائيل ،وكذا رواه الطبراني عنه عن رسول ال
صلى ال عليه واله وسلم ،وكذا رواه ابن حبان.
) (1من القصص المختلقة لعدل كسرى وكم له من نظير (2) .حياة الحيوان :1
(3) .210 - 199هكذا في الكتاب وهو مصحف والصحيح كما في
المصدر الزبير بن بكار (4) .في المصدر :فهل لك أن نجعل ال (5) .هذه
من غرائب ابن بكار وكم له من نظير* .
][281
وأما الحيات التي في البيوت فل تقتل حتى تنذر ثلثة أيام لقوله صلى ال عليه واله
وسلم :إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منها شيئا فأذنوه ) (1ثلثة
أيام .وحمل بعض العلماء ذلك على المدينة وحده ،والصحيح أنه عام في
كل بلد ل تقتل حتى تنذر .روى مسلم ومالك في آخر الموطأ وغيرهما عن
أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه قال :دخلت على أبي سعيد الخدري
في بيته فوجدته يصلي فجلست أنتظر فراغه فسمعت حركة تحت السرير
في ناحية البيت ،فالتفت فإذا حية فوثبت لقتلها فأشار إلي :أن اجلس،
فجلست ،فلما انصرف من صلته أشار إلى بيت في الدار فقال :أترى هذا
البيت ؟ قلت :نعم ،قال :كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس فخرجنا مع
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم إلى الخندق ،وكان ذلك الفتى يستأذن
على رسول ال صلى ال عليه واله وسلم عند انتصاف النهار ويرجع إلى
أهله ،فاستأذنه يوما ،فقال له صلى ال عليه واله وسلم :خذ عليك سلحك
فاني أخشى عليك بني قريظة ،فأخذ الفتى سلحه ثم رجع إلى أهله فوجد
امرأته بين البابين قائمة ،فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وقد أصابته
غيرة فقالت :اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني،
فدخل فإذا هو بحية عظيمة مطوقة على الفراش فأهوى إليها بالرمح
فانتظمها به ،ثم خرج فوكزه ) (2في الدار فاضطربت عليه وخر الفتى ميتا
فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى ؟ قال :فجئنا النبي صلى ال
عليه واله وسلم فأخبرناه بذلك وقلنا :ادعو ) (3ال تعالى أن يحييه ،فقال:
استغفروا ) (4لصاحبكم .ثم قال :إن بالمدينة جنا قد أسلموا ،فإذا رأيتم
منها شيئا فأذنوه ) (5ثلثة أيام
) (1في المخطوطة :فانذروه (2) .المصدر :فركزه (3) .في المصدر :ادع ال(4) .
في المصدر :استغفروا ربكم (5) .في المخطوطة :فانذروه خ* .
][282
فان بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فانما هو شيطان .واختلف العلماء في تفسير النذار هل
هو ثلثة أيام أو ثلث مرات ،والول عليه الجمهور ،وكيفيته أن يقول:
انشدكن بالعهد الذى أخذه عليكن نوح وسليمان عليهما السلم أن ل تبدوا
لنا ول تعادونا ) .(1وفي اسد الغابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال:
قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :إذا ظهرت الحية في المسكن
فقولوا لها " :إنا نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان عليهما السلم ل تؤذينا
" فان عادت فاقتلوها .وروي عن عمران بن الحصين قال :أخذ النبي
صلى ال عليه واله وسلم بعمامتي من ورائي وقال :يا عمران إن ال يحب
النفاق ويبغض القتار فأنفق وأطعم ول تصرصر ) (2فيعسر عليك الطلب،
واعلم أن ال عزوجل يحب البصر النافذ عند هجم الشبهات ،والعقل الكامل
عند نزول الشهوات ) ،(3ويحب السماحة ولو على تمرات ،ويحب
الشجاعة ولو على قتل حية .وعند الحنفية ينبغي أن ل تقتل الحية البيضاء
لنها من الجان ،وقال الطحاوي ل بأس بقتل الجميع والولى هو النذار )
.(4وقال في موضع آخر :في الصحيحين عن عبد ال بن عمر أن النبي
صلى ال عليه واله وسلم قال :لعن ال من مثل بالحيوان .وفي رواية :لعن
ال من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا ).(5
) (1في المخطوطة " :ول تعودونا " وفى المصدر :ول تؤذونا (2) .هكذا في
الكتاب ،يقال :صرصر الرجل أي صاح وصرصر الشئ :جمعه و ضم
اطراف ما انتشر منه .وفى المصدر :ول تعسر فيعسر عليك الطلب(3) .
في المصدر :عند نزول البليا (4) .حياة الحيوان (5) .205 - 203 :1
في المصدر :وفى رواية نهى رسول ال " ص " أن تصبر البهائم .قال
العلماء :تصبير البهائم هو أن تحتبس وهى احياء لتقتل بالرمي ونحوه،
وهو معنى قوله :ل تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا أي يرمى* .
][283
أي يرمى إليه كالغرض من الجلود وغيرها ،وهذا النهي للتحريم لن النبي صلى ال
عليه وآله لعن فاعله ولنه تعذيب للحيوان وإتلف لنفسه وتضييع لماليته
و تفويت لذكاته إن كان يذكى ولمنفعته إن لم يكن يذكى ) - 44 .(1العيون
والعلل :عن محمد بن عمر البصري عن محمد بن عبد ال بن جبلة عن
عبد ال بن أحمد بن عامر عن أبيه عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال:
سأل شامي أمير -المؤمنين عليه السلم كم حج آدم من حجة ؟ فقال له:
سبعين حجة ماشيا على قدميه ،وأول حجة حجها كان معه الصرد يدله
على مواضع الماء وخرج معه من الجنة ،وقد نهي عن أكل الصرد
والخطاف ،وسأله ما باله ل يمشي ؟ قال :لنه ناح على بيت المقدس
فطاف حوله أربعين عاما يبكي عليه ولم يزل يبكي مع آدم عليه السلم
فمن هناك سكن البيوت ،ومعه تسع آيات من كتاب ال عزوجل مما كان
آدم يقرأها في الجنة وهي معه إلى يوم القيامة :ثلث آيات من أول الكهف،
وثلث آيات من سبحان وهى " فإذا قرأت القرآن " وثلث آيات من يس:
" وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا " ) - 45 .(2العيون :عن
عبد ال بن محمد بن عبد الوهاب عن منصور بن عبد ال عن المنذر بن
محمد عن الحسين بن محمد عن سليمان بن جعفر عن الرضا عن آبائه
عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال :في جناح كل هدهد خلقه ال عزوجل
مكتوب بالسريانية :آل محمد خير البرية ) - 46 .(3البصائر :عن أحمد بن
محمد عن الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن محمد بن
سيف التميمي ) (4عن محمد بن جعفر عن أبيه قال :قال رسول ال صلى
ال عليه واله وسلم :استوصوا بالصائيات خيرا يعني الخطاف ،فانه آنس
طير الناس بالناس ،ثم قال رسول ال
) (1حياة الحيوان (2) .207 :1عيون الخبار ج 1ص ،243علل الشرائع :2
281و ) 282ط قم( (3) .عيون الخبار ج 1ص (4) .261في الكافي:
محمد بن يوسف التميمي* .
][284
صلى ال عليه وآله :أتدرون ما تقول الصائية إذا ترنمت ؟ تقول " :بسم ال
الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين " حتى تقرأ ام الكتاب ،فإذا كان في
آخر ترنمها قالت :ول الضالين ) ." (1الكافي :عن العدة عن سهل بن بن
زياد وأحمد بن أبي عبد ال جميعا عن الجاموراني مثله وفيه :استوصوا
بالصئينات ،وما تقول الصئينة إذا مرت وترنمت ،وزاد في آخره :مد بها
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم " ول الضالين " ) .(2بيان :قال
الدميري :السنونو بضم السين والنونين الواحدة سنونوة وهو نوع من
الخطاطيف ،ولذلك سمي حجر اليرقان حجر السنونو ،ولكن تصحف على
عجائب المخلوقات فقال :حجر الصنونو بالصاد ،والصواب أنه بالسين
المهملة نسبة إلى هذا النوع من الخطاطيف ) .(3المختلف :نقل من كتاب
عمار بن موسى الصادق عليه السلم قال :خرؤ الخطاف ل بأس به ،هو
مما يؤكل لحمه ،ولكن كره أكله لنه استجار بك وآوى في منزلك وكل شئ
يستجير بك فأجره ) .(4التهذيب :باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن
أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار مثله
إل أنه أسقط لفظة خرؤ ) - 48 .(5ومنه :بالسناد المتقدم عن عمار عن
أبي عبد ال عليه السلم عن الرجل يصيب خطافا في الصحراء أو يصيده
أيأكله ؟ قال :هو مما يؤكل ،وعن الوبر يؤكل ؟ قال:
) (1بصائر الدرجات (2) .346فروع الكافي 223 :6و 224فيه مدبها رسول ال
صوته :ول الضالين (3) .حياة الحيوان (4) .26 :2مختلف الحكام ص
(5) .172تهذيب الحكام* .
][285
ل هو حرام ) .(1بيان :حمل الشيخ قوله :هو مما يؤكل على التعجب والنكار ،وهو
بعيد ،و الولى حمل أخبار النهي على الكراهة كما فعله الكثر- 49 .
التهذيب :بالسناد المتقدم عن عمار عن أبي عبد ال عليه السلم أنه سئل
عن الشقراق فقال :كره قتله لحال الحيات ،قال :وكان النبي صلى ال عليه
واله وسلم يوما يمشي فإذا شقراق قد انقض ) (2فاستخرج من خفه حية )
.(3بيان :قوله عليه السلم :لحال الحيات ،أي لنه يأكلها ،وفي وجوده
منفعة عظيمة فلذاكره قتله ،أو لنه أخرج الحية من خفه صلى ال عليه
واله وسلم فصار بذلك محترما ،أو لنه يأكل الحية ففيه سميته ،فالمراد
بقتله قتله للكل ،والول أظهر - 50 .الخرائج :عن أبى بصير عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :سأله رجل من الخطاف ،فقال :ل تؤذوه فانه ل يؤذي
شيئا ،وهو طير يحبنا أهل البيت ) - 51 .(4الكافي :عن محمد بن يحيى
عن محمد بن عيسى عن علي بن سليمان عن مروك ابن عبيد عن نشيط
بن صالح قال :سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول :ل أرى بأكل الحبارى
بأسا ،وإنه جيد للبواسير ووجع الظهر وهو مما يعين على كثرة الجماع )
- 52 .(5حياة الحيوان :الهدهد بضم الهائين وإسكان الدال المهملة وبفتح
الهاءين وإسكان الدال المهملة بينهما :طائر معروف ذو خطوط وألوان
كثيرة ،والجمع الهداهد بالفتح ،هو طير منتن الريح طبعا لنه يبنى
افحوصته ) (6في الزبل ،وهذا عام في جميع جنسه.
) (1تهذيب الحكام ج 9ص (2) .21انقض الطائر :هوى ليقع (3) .تهذيب
الحكام ج 9ص (4) .21الخرائج (5) .فروع الكافي (6) .313 :6
الفحوصة :الموضع الذى تفحص القطاة التراب عنه لتبيض فيه* .
][286
ويذكر عنه أنه يرى الماء في باطن الرض كما يراه النسان في باطن الزجاج
وزعموا أنه كان دليل سليمان عليه السلم على الماء ،وبهذا تفقده لما
فقده ،وكان سبب غيبة الهدهد عن سليمان عليه السلم أنه لما فرغ من
بناء بيت المقدس عزم على الخروج إلى أرض الحرم فتجهز واستصحب
من الجن والنس والشياطين والطير والوحش ما بلغ عسكره مائة فرسخ
فحملتهم الريح ،فلما وافى الحرم أقام به ما شاء ال أن يقيم ،وكان ينحر
كل يوم طول مقامه ) (1خمسة آلف ناقة ويذبح خمسة آلف ثور،
وعشرين ألف شاة ،وإنه قال لمن حضره من أشراف قومه :إن هذا مكان
يخرج منه نبي عربي من صفته كذا وكذا يعطى النصر على من ناواه،
وتبلغ هيبته مسيرة شهر ،القريب والبعيد عنده في الحق سواء ،ل تأخذه
في ال لومة لئم ،قالوا :فبأي دين يدين يا نبي ال ؟ قال :بدين الحنيفية،
فطوبى لمن أدركه وآمن به ،قالوا :فكم بيننا وبين خروجه ؟ قال :مقدار
ألف عام ) ،(2فليبلغ الشاهد منكم الغائب فانه سيد النبياء وخاتم الرسل.
وأقام سليمان عليه السلم بمكة حتى قضى نسكه ثم خرج من مكة صباحا،
وسار نحو اليمن فوافى صنعاء وقت الزوال وذلك مسيرة شهر ،فرأى
أرضا حسنا تزهو خضرتها فأحب النزول فيها ليصلي ويتغذي ،فلما نزل
قال الهدهد :إن سليمان قد اشتغل بالنزول فارتفع نحو السماء فنظر إلى
طول الدنيا وعرضها يمينا وشمال فرأى بستانا لبلقيس فمال إلى الخضرة
فوقع فيه فإذا هو بهدهد من هداهد اليمن فهبط عليه ،وكان اسم هدهد
سليمان يعفور ،فقال ) (2ليعفور :من أين أقبلت ؟ وأين تريد ؟ قال :أقبلت
من الشام مع صاحبي سليمان بن داود عليه السلم ،فقال :ومن سليمان ؟
قال :ملك الجن والنس والشياطين والطيور والوحوش والرياح ،وذكر له
من عظمة ملك سليمان
) (1المصدر :طول مقامه بمكة (2) .بين مولده صلى ال عليه وآله ونبوة سليمان
)ع( اكثر من الف وخمسمائة عام ،ولعل الوهم من الراوى (3) .في
المصدر :فقال هدهد اليمن ليعفور* .
][287
وما سخر له من كل شئ ،فمن أين أنت ؟ قال الهدهد الخر :أنا من هذه البلد،
ووصف له ملك بلقيس وأن تحت يدها اثنى عشر ألف قائد تحت كل قائد
مائة ألف مقاتل ) ،(1ثم قال :فهل أنت منطلق معي تنظر إلى ملكها ؟ فقال:
أخاف أن يتفقدني سليمان في وقت الصلة إذا احتاج إلى الماء ،فقال
الهدهد اليماني :إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة .فمضى معه
ونظر إلى ملك بلقيس وما رجع إلى سليمان إل بعد العصر ،فكان سليمان
عليه السلم قد نزل على غير ماء ) (3فسأل النس والجن والشياطين عن
الماء فلم يعلموا له خبرا ،فتفقد الطير وتفقد الهدهد ) (3فدعا عريف الطير
وهو النسر وسأله عن الهدهد فلم يجد علمه عنده ،فغضب سليمان عليه
السلم عند ذلك وقال " :لعذبنه عذابا شديدا " الية ثم دعا بالعقاب وهو
سيد الطير وقال :علي بالهدهد الساعة ،فارتفع في الهواء ونظر إلى الدنيا
كالقصعة في يد الرجل ثم التفت يمينا وشمال فإذا هو بالهدهد مقبل من
نحو اليمن فانقض يريده فناشده ال تعالى وقال :أسألك بحق الذي قواك
وأقدرك علي إل ما رحمتني ولم تتعرض لي بسوء ،فتركه ثم قال له :ويلك
ثكلتك امك إن نبي ال قد حلف ليعذبنك أو ليذبحنك ،فقال الهدهد :أوما
استثنى نبي ال ؟ قال :بلى " أو ليأتيني بسلطان مبين " فقال الهدهد:
فنجوت إذا .ثم طار الهدهد والعقاب حتى أتيا سليمان عليه السلم فلما قرب
منه الهدهد أرخى ذنبه وجناحه يجرهما على الرض تواضعا له ،فأخذ
سليمان عليه السلم برأسه فمده إليه فقال :يا نبي ال اذكر وقوفك بين
يدي ال عزوجل ،فارتعد سليمان وعفا عنه ثم سأله عن سبب غيبته
فأخبره بأمر بلقيس.
) (1فيه غرابة شديدة (2) .ظاهر قوله) :رأى ارضا حسناء تزهو خضرتها( أن
الرض كانت ذات ماء ،و ظاهره ايضا انه نزل على تلك الرض
المخضرة (3) .في المصدر :ففقده الهدهد* .
][288
وقد تقدمت الشارة إلى طرف من قصتها .وأما قوله " :لعذبنه " أراد تعذيبه بما
يحتمله حاله ليعتبر به أبناء جنسه ،و قيل :كان عذاب سليمان عليه السلم
للطير أن ينتف ريشه وذنبه ويلقيه ممعطا ) (1ل يمتنع من النمل ول من
هوام الرض ،وهو أظهر القاويل ،وقيل :أن يطلى بالقطران ويشمس
وقيل :أن يلقى للنمل تأكله ،وقيل :إيداعه القفص ،وقيل :التفريق بينه
وبين إلفه وقيل :إلزامه صحبة الضداد ،وعن بعضهم أنه قال :أضيق
السجون صحبة الضداد وقيل :حبسه مع غير جنسه ،وقيل :إلزامه خدمة
أقرانه ،وقيل :تزويجه عجوزا .فان قلت :من أين حل تعذيب الهدهد ؟ قلت:
يجوز أن يبيح ال له ذلك كما أباح ذبح البهائم والطيور للكل وغيره من
المنافع .حكى القزويني أن الهدهد قال لسليمان عليه السلم :اريد أن تكون
في ضيافتي قال :أنا وحدي ؟ قال :لبل أنت وأهل عسكرك في جزيرة كذا
في يوم كذا ،فحضر سليمان بجنوده ،فطار الهدهد فاصطاد جرادة وخنقها
ورمى بها في البحر وقال :كلوا يا نبي ال من فاته اللحم ناله المرق،
فضحك سليمان وجنوده من ذلك حول كامل .وقال عكرمة :إنما صرف
سليمان عليه السلم عن ذبح الهدهد لنه كان بارا بوالديه ينقل الطعام
إليهما فيزقهما في حالة كبرهما .قال الجاحظ :هو وفاء حفوظ ودود ،وذلك
أنه إذا غابت انثاه لم يأكل ولم يشرب ولم يشتغل بطلب طعم ول غيره ول
يقطع الصياح حتى تعود إليه ،فان حدث حادث أعدمه إياها لم يسفد بعدها
انثى أبدا ،ولم يزل صائحا عليها ما عاش ولم يشبع أبدا من طعم بل يناله
منه ما يمسك رمعه إلى أن يشرف على الموت ،فعند ذلك ينال منه يسيرا.
وفي الكامل وشعب اليمان للبيهقي :أن نافعا سأل ابن عباس فقال:
سليمان عليه السلم مع ما خوله ال تعالى من الملك كيف عني بالهدهد
مع صغره ؟ فقال ابن عباس :إنه احتاج إلى الماء ،والهدهد كانت الرض
له كالزجاج ،فقال ابن الزرق
][289
لبن عباس :قف يا وقاف كيف ينظر الماء من تحت الرض وليرى الفخ إذا غطي
له بقدر إصبع من تراب ؟ فقال ابن عباس :إذا نزل القضاء عمي البصر.
ثم قال :والصح تحريم أكله لنهي النبي صلى ال عليه واله عن قتله )،(1
ولنه منتن الريح ويقتات الدود ،وقيل :يحل أكله ) .(2وقال :الحبارى بضم
الحاء المهملة :طائر معروف ،وهو اسم جنس يقع على الذكر والنثى
واحده وجمعه سواء ،وإن شئت قلت في الجمع :حبارات ،وهو من أشد
الطير طيرانا وأبعدها صوتا ) ،(3وهو طائر طويل العنق ،رمادي اللون في
منقاره بعض طول ،ويضرب بها المثل في الحمق ) .(4وقال :الصرد
كرطب قال الشيخ أبو عمرو بن الصلح :هو مهمل الحروف على وزن
جعل كنيته أبو كثير ،وهو طائر فوق العصفور يصيد العصافير والجمع
صردان ،قاله النضر بن شميل ،وهو أبقع ضخم الرأس يكون في الشجر،
نصفه أبيض ونصفه أسود ضخم المنقار له برثن عظيم ،يعنى أصابعه
عظيمة ،ل يرى إل في سعفه أو في شجرة ل يقدر عليه أحد ،وهو شرس
النفس شديدة النقرة ،غذاؤه من اللحم وله صفير مختلف يصفر لكل طائر
يريد صيده بلغته ،فيدعوه إلى التقرب منه ،فإذا اجتمعوا إليه شد على
بعضهم وله منقار شديد ،فإذا نقر واحدا قده من ساعته وأكله ،ول يزال
كذلك ،هذا دأبه ،ومأواه الشجار ورؤوس القلع .ونقل أبو الفرج بن
الجوزي في المدهش في قوله تعالى " :وإذ قال موسى لفتيه " الية عن
ابن عباس والضحاك ومقاتل قالوا :إن موسى عليه السلم لما أحكم
التوراة وعلم ما فيها قال في نفسه :لم يبق في الرض أحد أعلم مني من
غير أن يتكلم مع أحد فرأى في منامه كأن ال أرسل الماء بالماء حتى
غرق ما بين المشرق والمغرب ،فرأى
) (1في المصدر :عن اكله (2) .حياة الحيوان (3) .274 - 272 :2في المصدر:
وأبعدها شوطا (4) .حياة الحيوان * .163 :1
][290
فتاه ) (1على البحر فيها صردة فكانت الصردة تجيئ للماء الذي غرق الرض
فتنقل الماء بمنقارها ثم تدفعه في البحر ،فلما استيقظ الكليم هاله ذلك،
فجاءه جبرائيل فقال :مالي أراك يا موسى كئيبا ؟ فأخبره بالرؤيا ،فقال:
إنك زعمت أنك استغرقت العلم كله فلم يبق في الرض من هو أعلم منك،
وإن ل عبدا علمك في علمه كالماء الذي حملته الصردة بمنقارها فدفعته
في البحر ،فقال :يا جبرئيل من هذا العبد ؟ فقال :الخضر بن عاميل من ولد
الطيب يعني إبراهيم الخليل عليه السلم قال :من أين أطلبه ؟ قال :اطلبه
من وراء هذا البحر ،فقال :من يدلني عليه ؟ قال :بعض زادك قالوا :فمن
حرصه على رؤياه لم يستخلف في قومه ) (2ومضى لوجهه وقال لفتاه
يوشع :هل أنت موازري ؟ قال :نعم ،اذهب فاحتمل لنا زادا ،فانطلق يوشع
فاحتمل أرغفة وسمكة عتيقة مالحة ،سارا في البحر حتى خاضا وحل
وطينا ولقيا تعبا ونصبا حتى انتهيا إلى صخرة ناتئة في البحر خلف بحر
أرمنية يقال لتلك الصخرة :قلعة الحرس .فأتياها فانطلق موسى ليتوضا
فاقتحم مكانا فوجد عينا من عيون الجنة في البحر فتؤضا منها وانصرف
ولحيته تقطر ماء وكان عليه السلم حسن اللحية ولم يكن أحد أحسن لحية
منه ،فنفض موسى لحيته فوقعت منها قطرة على تلك السمكة المالحة،
وماء الجنة ل يصيب شيئا ميتا إل عاش ،فعاشت السمكة ووثبت في البحر
فسارت ،فصار مجراها في البحر سربا ونسي يوشع ذكر السمكة " فلما
جاوزا قال موسى لفتيه آتنا غدائنا " الية ،فذكر له أمر السمكة فقال له:
ذلك الذي نريده فرجعا يقصان أثرهما فأوحى ال إلى الماء فجمد وصار
سربا على قامة موسى وفتاه فجرى الحوت أمامهما حتى خرج إلى البر
فصار مسيره لهما جادة فسلكاها فناداهما مناد من السماء :أن دعا الجادة
فانه طريق الشياطين إلى عرش إبليس ،وخذاذات اليمين .فأخذ ذات اليمين
حتى انتهيا إلى صخرة عظيمة وعندها مصلى فقال موسى:
) (1هكذا في الكتاب وفى المصدر " :قتاة " ولعله مصحف :قنات أي نبات(2) .
في المصدر :على لقياه لم يستخلف على قومه* .
][291
ما أحسن هذا المكان ينبغي أن يكون لذلك العبد الصالح ،فلم يلبثا أن جاء الخضر
حتى انتهى إلى ذلك المكان والبقعة ،فلما قام عليها اهتزت خضرا ،قالوا:
وإنما سمى الخضر لنه ل يقوم على بقعة بيضاء إل صارت خضراء ،فقال
موسى عليه السلم :السلم عليك يا خضر ،فقال :وعليك السلم يا موسى،
يا نبي بني إسرائيل ،فقال :ومن أدراك من أنا ؟ قال :أدراني الذي دلك على
مكاني ،فكان من أمرهما ما كان و ما قصة القرآن العظيم انتهى .وقال
القرطبي :ويقال له :الصرد الصوام ،روينا في معجم عبد الغني بن قانع
عن أبي غليظة امية بن خلف الجمحي قال :رآني رسول ال صلى ال عليه
واله وعلى يده صرد ) (1فقال :هذا أول طير صام عاشورا .وكذلك أخرجه
الحافظ أبو موسى ،والحديث مثل اسمه غليظ ،قال الحاكم :وهو من
الحاديث التى وضعها قتلة الحسين عليه السلم رواه أبو عبد ال بن
معاوية بن موسى بن أبي غليظ نشيط بن مسعود بن امية بن خلف
الجمحي عن أبيه عن أبي غليظ قال :رآني رسول ال صلى ال عليه واله
وعلى يده صردة ) (2قال :هذا أول طير صام عاشورا .وهو حديث باطل
ورواته مجهولون .وقيل :لما خرج إبراهيم عليه السلم من الشام لبناء
البيت كانت السكينة معه والصرد ،وكان الصرد دليله على الموضع
والسكينة بمقداره ،فلما صار إلى موضع البيت وقفت السكينة في موضع
البيت ونادت :إبن يا إبراهيم على مقدار ظلي .وروى أحمد وأبو داود وابن
ماجه عن ابن عباس أن النبي صلى ال عليه واله نهى عن قتل النحلة
والنملة والهدهد والصرد .والعرب تتشأم بصوته وشخصه ،قال القاضي
أبو بكر :إنما نهى النبي صلى ال عليه واله عن قتله لن العرب كانت
تتشأم به ،فنهى عن قتله ليخلع عن قلوبهم ما ثبت فيها من اعتقادهم
الشوم فيه ل أنه حرام ).(3
) 1و (2في المصدر :وعلى يدى صرد (3) .حياة الحيوان 41 :2و * .42
][292
وقال :الشقراق بفتح الشين وكسرها وربما قالوا :الشرقراق :طائر ضعيف )(1
يسمى الخيل ،والعرب تتشأم به ،وهو أخضر مليح بقدر الحمام ،خضرته
حسنة مشبعه ،في أجنحته سواد ،ويكون مخططا بحمرة وخضرة أو سواد،
وفي طبعه شره و شراسة وسرقة فراخ غيره ،وهو ل يزال متباعدا من
النس ويألف الروابي ورؤوس الجبال ،لكنه يحضن بيضه في العمران
العوالي التي ل تناله اليدي ،وعشه شديد النتن .وقال الجاحظ :إنه نوع
من الغربان ،وفي طبعه العفة عن السفاد ،وهو كثير الستغاثة إذا حاربه
طائر ضربه وصاح كأنه المضروب ،ثم قال :والكثر على تحريمه ،وقال
بعض الصحاب بحله ) ،(2وقال الفيروز آبادي :الشقراق ويكسر الشين،
والشقراق كقرطاس ،والشرقراق بالفتح والكسر ،والشرقرق كسفرجل:
طائر معروف مرقط بخضرة وحمرة وبياض وتكون بأرض الحرم انتهى.
وقال الدميري الحدأ بكسر الحاء أخس الطائر ) ،(3وجمعها حدأ مثل عنبة
وعنب ومن ألوانها السود والرمد وهي ل تصيد ،وإنما تخطف ومن طبعها
أنها تقف في الطيران وليس ذلك لغيرها من الكواسر ،وزعم بعضهم أن
الحدأة والعقاب يتبد لن فتصير الحدأة عقابا أو العقاب حدأة ،وقال
القزويني :إنها سنة ذكر وسنة انثى .وروى البخاري ومسلم ) (4أن النبي
صلى ال عليه واله قال :خمس فواسق يقتلن في الحل والحرام -وفي
رواية :ليس للمحرم في قتلهن جناح :-الحدأة والغراب البقع والعقرب
والفأرة والكلب العقور .نبه صلى ال عليه واله بذكر هذه الخمسة على
جواز قتل كل مضر فيجوز قتل الفهد و النمر والذئب والصقر والباشق
والشاهين والزنبور والبق والبرغوث والبعوض و الوزغ والذباب والنمل
إذا آذاه ).(5
) (1في المصدر :وهو طائر صغير (2) .حياة اليحوان (3) .38 :2في المصدر:
اخس الطير (4) .زاد في المصدر :من حديث ابن عمر وعائشة وحفصة.
) (5حياة الحيوان 165 :1و * .166
][293
وقال :الخطاف جمعه خطاطيف ويسمى زوار الهند ،وهو من الطيور القواطع إلى
الناس ،يقطع البلد البعيدة إليهم رغبة في القرب منهم ،ثم إنها تبنى
بيوتها في أبعد المواضع عن الوصول إليها ،وهذا الطائر يعرف عند الناس
بعصفور الجنة لنه زهد فيما بأيديهم من القوات فأحبوه ،لنه إنما يتقوت
بالبعوض والذباب ومن عجيب أمره أن عينه تقلع وترجع ) (1ول يرى
واقفا على شئ يأكله أبدا ول مجتمعا بانثاه ،والخفاش يعاديه ،فلذلك إذا
أفرخ يجعل في عشه قضبان الكرفس فل يؤذيه إذا شم رائحته ،ول يفرخ
في عش عتيق حتى يطينه بطين جديد ،ويبني عشه بناء عجيبا ،وذلك أنه
يبني الطين مع التبن فإذا لم يجد طينا مهيا ألقى نفسه في الماء ثم يتمرغ
في التراب حتى يمتلي جناحاه ويصير شبيها بالطين فإذا هيا عشه جعله
على القدر الذي يحتاج إليه هو وأفراخه ،ول يلقي في عشه زبل بل يلقيه
إلى خارج ،فإذا كبرت فراخه علمها ذلك ،وأصحاب اليرقان يلطخون فراخ
الخطاف بالزعفران ،فإذا رآها صفرا ظن أن اليرقان أصابها من شدة الحر
فيذهب فيأتي بحجر اليرقان من أرض الهند فيطرحه على فراخه ،وهو
حجر صغير فيه خطوط بين الحمرة والسواد ،ويعرف بحجر السنونو
فيأخذه المحتال فيعلقه عليه أو يحكه ويشرب من مائه يسيرا فانه يبرأ
باذن ال تعالى ،والخطاف متى سمع صوت الرعد يكاد أن يموت .وقال
أرسطو في كتاب النعوت :الخطاطيف إذا عميت أكلت من شجرة يقال لها
عين شمس ،فيرد بصرها لما في تلك الشجرة من المنفعة للعين .وفي
رسالة القشيري في آخر باب المجبة :إن خطافا راود خطافة على قبة
سليمان عليه السلم فامتنعت منه فقال لها :أتمنعين على ولو شئت لقلبت
القبة على سليمان ؟ فسمعه سليمان فدعاه وقال :ما حملك على ما قلت ؟
فقال :يا نبي ال العشاق ل يؤاخذون بأقوالهم ،قال :صدقت .وذكر الثعلبي
وغيره في تفسير سورة النمل أن آدم عليه السلم لما خرج من
][294
الجنة اشتكى الوحشة فآنسه ال بالخطاف وألزمها البيوت ،فهي ل تفارق بني آدم
انسا لهم ،قال :ومعها أربع آيات من كتاب ال العزيز وهي " لو أنزلنا هذا
القرآن على جبل " إلى آخر السورة ،وتمد صوتها بقوله " :العزيز الحكيم
" والخطاطيف أنواع منها نوع يألف سواحل البحر يحفر بيته هناك
ويعشش فيه وهو صغير الجثة دون عصفور الجنة ولونه رمادي والناس
يسمونه سنونو بضم السين المهملة ونونين ومنها نوع أخضر على ظهره
بعض حمرة أصغر من الدرة يسميه أهل مصر الخضيري لخضرته ،يقتات
الفراش والذباب ونحو ذلك ،ومنها نوع طويل الجنحة رقيقها يألف الجبال
ويأكل النمل ،وهذا النوع يقال له :السمائم ،مفرده سمامة ،و منهم من
يسمي هذا النوع السنونو الواحدة سنونوة ،وهو كثير في المسجد الحرام
يعشش في سقفه في باب ) (1بنى شيبة ،وبعض الناس يزعم أن ذلك هو
البابيل الذي عذب ال تعالى به أصحاب الفيل .ثم قال :يحرم أكل
الخطاطيف لما روى عبد الرحمن بن معاوية عن النبي صلى ال عليه واله
أنه نهى عن قتل الخطاطيف ) .(2وعن إبراهيم بن طهمان عن عبادة بن
إسحاق عن أبيه أنه قال :نهى رسول ال صلى ال عليه وآله عن قتل
الخطاطيف عواد البيوت ) .(3وعن ابن عمر قال :ل تقتلوا الضفادع فان
نقيقها تسبيح ،ول تقتلوا الخطاف فانه لما خرب بيت المقدس قال :رب
سلطني على البحر حتى اغرقهم ) .(4وقال في الضفدع :هو بكسر الضاد
مثل الخنصر واحد الضفادع والنثى
) (1في المصدر :في باب ابراهيم وباب (2) .زاد في المصدر :وقال :ل تقتلوا هذه
العوذ انها تعوذ بكم من غيركم ،ورواه البيهقى وقال :انه منقطع .قال:
ورواه ابراهيم بن طهمان اه (3) .في المصدر :عوذ البيوت .ومن هذه
الطريق رواه ابو داود في مراسيله ،قال البيهقى :وهو منقطع ايضا لكن
صح عن عبد ال بن عمر .اه (4) .حياة الحيوان 212 :1و * .213
][295
ضفدعة ،وناس يقولون :ضفدع بفتح الدال ،قال الخليل :ليس في الكلم فعلل إل
أربعة أحرف :درهم وهجرع -وهو الطويل -وهبلع -وهو الكول -وقلعم
و هو اسم .وقال ابن الصلح :الشهر فيه من حيث اللغة كسر الدال
وفتحها أشهر في ألسنة العامة وأشباه العامة من الخاصية ،وقد أنكره
بعض أئمة اللغة ،وقال البطليوسي في شرح أدب الكاتب :وحكي أيضا
ضفدع بضم الضاد وفتح الدال وهو نادر حكاه المطرزي أيضا قال في
الكفاية :وذكر الضفادع يقال له :العلجوم بضم العين والجيم وإسكان اللم
والواو وآخره ميم ،والضفدع أنواع كثيرة ،وتكون من سفاد وغير سفاد،
وتتولد من المياه القائمة الضعيفة الجري ومن العفونات وعقب المطار
الغزيرة حتى يظن أنه يقع من السحاب لكثرة ما يرى منه على السطحة
عقيب .المطر والريح ،وليس ذلك عن ذكر وانثى ،وإنما ال تعالى يخلقه
في تلك الساعة من طباع تلك التربة ،وهي من الحيوان التي ل عظام لها،
ومنها من ينق ومنها ما ل ينق والذي منها ينق يخرج صوته من قرب
اذنه ،ويوصف بحدة السمع إذا تركت النقيق وكانت خارج الماء ،وإذا
أرادت أن تنق أدخلت فكها السفل في الماء ،ومتى دخل الماء في فيها ل
تنق ،قال عبد القاهر :والثعبان :يستدل بصياح الضفدع عليه فيأتى على
صياحه فيأكله ،وتعرض لبعض الضفادع مثل ما يعرض لبعض الوحوش
من رؤية النار حيرة إذا رأتها وتتعجب منها لنها تنق ،فإذا أبصرت النار
سكتت .ول تزال تدمن النظر إليها وأول نشوها في الماء أن تظهر مثل حب
الدخن السود ،ثم تخرج منه وهي كالد عموس ،ثم بعد ذلك ينبت لها
العضاء ،فسبحان القادر على ما يشاء وعلى ما يريد سبحانه ل إله غيره
إل هو .وفي الكامل لبن عدي عن جابر أن النبي صلى ال عليه واله قال:
من قتل ضفدعا فعليه شاة محرما كان أو حلل .قال سفيان :يقال :إنه ليس
شئ أكثر ذكرا ل منه .وفيه أنه روي عن جابر الجعفي عن عكرمة عن
ابن عباس أن ضفدعا ألقت *
][296
نفسها في النار من مخافة ال فأثابهن ال بها برد الماء وجعل نقيقهن التسبيح،
وقال :نهى رسول ال صلى ال عليه واله عن قتل الضفدع والصرد
والنحلة .قال :ول أعلم لحماد بن عبيد غير هذا الحديث ،قال البخاري :ل
يصح حديثه ،وقال أبو حاتم :ليس بصحيح الحديث .وفي كتاب الزاهر لبي
عبد ال القرطبي أن داود عليه السلم قال :ل سبحن ال الليلة تسبيحا ما
سبحه به أحد من خلقه ،فنادته ضفدعة من ساقية في داره :يا داود تفخر
على ال بتسبيحك ؟ إن لي ) (1لسبعين سنة ما جف لساني من ذكر ال
تعالى ،وإن لي لعشر ليال ما طعمت خضرا ول شربت ماء اشتغال بكلمتين،
فقال :ماهما ؟ قالت :يا مسبحا بكل لسان ومذكورا بكل مكان ،فقال داود في
نفسه :وما عسى أن أقول أبلغ من هذا ؟ وروى البيهقي في شعبه عن
أنس بن مالك أنه قال :إن نبي ال داود ظن في نفسه أن أحدا لم يمدح
خالقه بأفضل مما يمدحه به ) ،(2فأنزل ال عليه ملكا وهو قاعد في
محرابه والبركة إلى جانبه ،فقال :يا داود افهم ما تصوت به الضفدعة
فأنصت إليها فإذا هي تقول :سبحانك وبمحدك منتهى علمك ،فقال له
الملك :كيف ترى ؟ فقال :والذي جعلني نبيا إني لم أمدحه بهذا .وفي كتاب
فضل الذكر لجعفر بن محمد الفريابي الحافظ العلمة عن عكرمة أنه قال:
صوت الضفدع تسبيح .وفيه أيضا عن العمش عن أبي صالح أنه سمع
صوت صرير باب فقال :هذا منه تسبيح .قال الرئيس ابن سينا :إذا كثرت
الضفادع في سنة وزادت عن العادة يقع الوبا عقيبها .وقال القزويني:
الضفادع تبيض في الرمل مثل السلحفاة ،وهي نوعان :جبلية ومائية.
) (1في المصدر :تفتخر على ال بتسبيحك وان لى (2) .في المصدر :مما مدحه به.
*
][297
ونقل الزمخشري في الفائق عن عمر بن عبد العزيز قال :سأل رجل ربه أن يريه
موضع الشيطان من قلب ابن آدم ،فرآى فيما يرى النائم رجل كالبلور يرى
داخله من خارجه ،ورأى اليشطان في صورة الضفدع له خرطوم كخرطوم
البعوضة قد أدخله في منكبه اليسر إلى قلبه يوسوس له فإذا ذكر ال
خنس .وروى ابن عدي عن ابن عمر أن النبي صلى ال عليه واله قال :ل
تقتلوا الضفادع فان نقيقها تسبيح .وقال الزمخشري :إنها تقول في نقيقها:
سبحان الملك القدوس .وعن أنس :ل تقتلوا الضفادع فانها مرت بنار
إبراهيم عليه السلم فحملت في أفواهها الماء وكانت ترشه على النار.
وفي الشفاء الصدور عن عبد ال بن عمرو بن العاص أن النبي صلى ال
عليه واله قال :ل تقتلوا الضفادع فان نقيقهن تسبيح ) .(1فذلكة :اعلم أن
أكثر الصحاب حكموا بكراهة أكل الهدهد والفاختة و القبرة والحبارى
والصرد والصوام والشقراق ،واختلفوا في الخطاف فذهب أكثر المتأخرين
إلى الكراهة ،وذهب الشيخ في النهاية والقاضي وابن ادريس إلى التحريم
بل ادعى ابن ادريس عليه الجماع ،واستدلوا على كراهة أكثر ما ذكر بما
مر من الخبار الناهية عن قتلها وإيذائها ،ول يخفى أنها ل تدل على كراهة
أكل لحمها بعد القتل ،فان الظاهر أن ذلك لكرامتها واحترامها ،ل لكراهة
لحومها وحرمتها والخبار التية في الفاختة إنما تدل على كراهة إيوائها
في البيوت ،بل ربما يشعر بحسن قتلها وأكلها ،قال المحقق الردبيلي قدس
سره بعد إيراد روايات النهي عن قتل الهدهد :وظاهر الدليل هو التحريم،
والحمل على الكراهة كأنه للصل والعمومات وحصر المحرمات ولعدم
القائل بالتحريم على الظاهر تأمل .ثم اعلم أن الكلم في كراهة أكل اللحم
والدليل ما دل عليه بل على النهي عن أذاه وقتله ،وهو غير مستلزم للنهي
عن أكل لحمه ،وهو ظاهر ،فان في أكله بعد
][298
القتل ليس أذاه ،وأيضا يحتمل أن يكون المراد بالنهي قتله ل للكل بل لذاه ،يؤيده
قوله " :ل يؤذى " والعلة أيضا فان كونه " نعم الطير " ل يستلزم عدم
قتله للكل ،فان الغنم أيضا موصوف بأنه نعم المال أو مال مبارك ونحو
ذلك ،مع أنه خلق للكل ،ول شك أن الجتناب عن أذاه أولى وأحوط .ثم قال
رحمه ال في حديث الخطاف المتقدم :يفهم منه أن المراد بالنهي عن القتل
النهي عن الكل حيث دحابه بعد أن كان مذبوحا ) ،(1ثم نقل النهي عن
القتل فتأمل ،ولكن في السند جهالة واضطراب .وقال قدس سره :وأما
كراهة الحبارى فليس عليها دليل واضح سوى أنه مذكور في أكثر الكتب،
قال في التحرير :وبها رواية شاذة ،نعم في صحيحة عبد ال ابن سنان
قال :سئل أبو عبد ال عليه السلم وأنا أسمع ما تقول في الحبارى ؟ قال:
إن كانت له قانصة فكل .الخبر .وهي مشعرة بعدم ظهور حالها فالجتناب
أولى فتأمل انتهى .وأقول :كأن وجه التأمل أنه ل إشعار في كلمه عليه
السلم بالكراهة ،بل الظاهر أن غرضه عليه السلم بيان القاعدة الكلية
لبعد عدم علمه عليه السلم بذلك ،ويحتمل أن يكون في هذا التعبير
مصلحة اخرى كتقية ونحوها ،وبالجملة عدم الكراهة أظهر لما ورد في
الصحيح عن كردين المسمعي قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن
الحبارى قال :لوددت أن عندي منه فآكل حتى أمتلي ) .(2ولرواية بسطام
بن صالح .وأما الحيات فالظاهر جواز قتلها مطلقا إل عوامر البيوت إذا لم
تؤذ أصحاب البيت ،فانه يحتمل أن تكون فيها كراهة ،لكن ينبغي أن ل
يكون الحتراز عن قتلهن لتوهم إثم في قتلهن أو ضرر منهن ،وأما
التفاصيل الواردة في أخبار العامة
) (1ولعل ذلك كان لشدة غضبه عليه السلم على قتله فل يدل على حرمة الكل بعد
ذبحه (2) .من ل يحضره الفقيه * .206 :3
][299
فلم نجده في أخبارنا ،وأما سائر المؤذيات فل بأس بقتلهن وما لم يؤذ منها فلعل
الفضل الجتناب عن قتلها تنزها ل تحريما للتعليلت الواردة في بعض
الخبار فتفطن .وأما تعذيب الحيوان الحي بل مصلحة داعية إلى ذلك فهو
قبيح عقل ،ويشعر فحاوي بعض الخبار بالمنع عنه فالحوط تركه ،ولم
يتعرض أكثر أصحابنا لتلك الحكام إل نادرا* .
][300
) (1في المصدر :القنبرة (2) .فروع الكافي (3) .225 :6القنزعة :الخصلة من
الشعر تترك على الرأس (4) .في المصدر :القنبرة (5) .في المصدر :فما
اريد (6) .في المخطوطة " :يذكر به " وفي المصدر :تذكر به (7) .في
المصدر :فمن يراك (8) .النقاب :شق البيضة عن الفرخ* .
][301
طلع سليمان بن داود عليه السلم في جنوده والطير تظله ،فقالت له :هذا سليمان
قد طلع علينا في جنوده ول آمن أن يحطمنا ويحطم بيضنا ،فقال لها :إن
سليمان عليه السلم لرجل رحيم بنا ،فهل عندك شئ هيأته لفراخك ) (1إذا
نقبن ؟ قالت :نعم عندي جرادة خبأتها منك أنتظر بها فراخي إذا نقبن ،فهل
عندك أنت شئ ) (2؟ قال :نعم عندي تمرة خبأتها منك لفراخنا ،فقالت :خذ
أنت تمرتك وآخذ أنا جرادتي ونعرض لسليمان عليه السلم فنهديهما له
فانه رجل يحب الهدية ،فأخذ التمرة في منقاره ،و أخذت هي الجرادة في
رجليها ،ثم تعرضا لسليمان عليه السلم ،فلما رآهما وهو على عرشه
بسط يديه لهما فأقبل فوقع الذكر على اليمنى ووقعت النثى على اليسرى )
(3فسألهما عن حالهما فأخبره فقبل هديتهما وجنب جنوده عن بيضهما )
(4فمسح على رأسهما ودعا لهما بالبركة ،فحدثت القنزعة على رأسهما
من مسحة سليمان عليه السلم ) .(5تبيان :قال الجوهري :القبرة واحدة
القبر ،وهو ضرب من الطير والقنبراء لغة فيها ،والجمع القنابر ،والعامة
تقول :القنبرة .أقول :الخبار تدل على أنها مع النون أيضا لغة فصيحة كما
مر عن القاموس قول ،ونقل الدميري عن البطليوسي في شرح أدب الكاتب
أنها أيضا لغة فصيحة ،قال :وفي طبعه أنه ل يهوله صوت صائح ،وربما
رمي بالحجر فاستخف بالرامي و لطئ بالرض حتى يجاوزه الحجر ،وهو
يضع وكره على الجادة حبا للنس انتهى ) .(6وقال الجوهري :حضن
الطائر بيضة يحضنه :إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحه
) (1في بعض النسخ :خبأته لفراخك (2) .في المصدر :فهل عند أنت شئ (3) .في
المصدر " :على اليمين " وعلى اليسار وسألهما (4) .في المصدر:
وجنب جنده عنهما وعن بيضهما ومسح (5) .فروه الكافي 225 :6و
(6) .226حياة الحيوان 169 :2و * .170
][302
على النقاب :أي شق البيضة عن الفرخ .والحطم :الكسر ،ولعل الخوف لحتمال
النزول أو لجتماع الناس للنظر إلى شوكته وزينته وغرايب أمره
فيحطمون ،فالسناد إليه إسناد إلى السبب البعيد .وقال المحقق الردبيلي
روح ال روحه بعد إيراد الرواية الخيرة :فيها أحكام مثل قصد النسل من
النكاح ،والتجنب عن كسر بيض الطيور وأخذها ،والهدية و قبولها وإن
كان قليل جدا وكان لصاحبها طلب من المهدى إليه والدعاء له بالبركة و
غيرها ،وإن كان في شرع سليمان عليه السلم فتأمل انتهى .وقال شارح
اللمعة نور ال ضريحه :كراهة القبرة منضمة إلى البركة بخلف الفاختة.
- 3دلئل الطبري :عن أحمد بن محمد المعروف بغزال قال :كنت جالسا
مع أبي -الحسن عليه السلم في حائط له إذ جاء عصفور فوقع بين يديه
وأخذ يصيح ويكثر الصياح ويضطرب ،فقال لي :تدري ما يقول هذا
العصفور ؟ قلت :ال ورسوله ووليه أعلم فقال :يقول :يا مولي إن حية
تريد أن تأكل فراخي في البيت ،فقم بناء ندفعها عنه وعن فراخه فقمنا
ودخلنا البيت فإذا حية تجول في البيت فقتلناها ) - 4 .(1البصائر :عن
يعقوب بن يزيد عن الوشاء عمن رواه عن الميثمي عن منصور عن
الثمالي قال :كنت مع علي بن الحسين عليه السلم في داره وفيها
عصافيروهن يصحن فقال لي :أتدري ما يقلن هؤلء العصافير ؟ قلت :ل
أدري ،قال :يسبحن ربهن و يطلبن رزقهن ) .(2دليل الطبري :عن ابن
زيد عن الوشاء عمن رواه عن الميثمي عن علي بن منصور عن الثمالي
مثله إلى قوله :يسبحن ربهن ويهللن ويسألنه قوت يومهن ،ثم قال :يا
باحمزة " علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ " ).(3
) (1دلئل المامة (2) .172 :بصائر الدرجات 99ط حجر (3) .دلئل المامة.88 :
*
][303
- 5البصائر :عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ثعلبة عن سالم مولى أبان بياع
الزطي قال :كنا في حائط لبي عبد ال عليه السلم ونفر معي قال فصاحت
العصافير فقال :أتدري ما تقول ؟ فقلنا :جعلنا ال فداك ل ندري ما تقول
فقال :تقول :اللهم إنا خلق من خلقك لبد لنا من رزقك فأطعمنا واسقنا )
- 6 .(1مشارق النوار :باسناده عن محمد بن مسلم قال :خرجت مع أبي
جعفر عليه السلم فإذا نحن بقاع مجدب يتوقد حرا وهناك عصافير
فتطايرن حول بغلته ،فزجرها فقال :ل ول كرامة ،قال :ثم سار إلى
مقصده ،فلما رجعنا من الغد وعدنا إلى القاع فإذا العصافير قد طارت
ودارت حول بغلته ورفرفت ،فسمعته يقول :اشربي واروي ،قال :فنظرت
وإذا في القاع ضحضاح من الماء ،فقلت :يا سيدي بالمس منعتها واليوم
سقيتها ،فقال :اعلم أن اليوم خالطها القنابر فسقيتها ،ولول القنابر لما
سقيتها .فقلت :يا سيدي وما الفرق بين القنابر والعصافير ؟ فقال :ويحك
أما العصافير فانهم موالي عمر لنهم منه ،وأما القنابر فانهم من موالينا
أهل البيت وإنهم يقولون في صفيرهم " :بوركتم أهل البيت وبوركت
شيعتكم ولعن ال أعداءكم " ثم قال :عادانا من كل شئ حتى من الطيور
الفاختة ومن اليام الربعاء ) - 7 .(2مجالس الشيخ :عن محمد بن أحمد
بن الحسن بن شاذان عن أبيه عن محمد بن الحسن عن محمد بن أبي
القاسم عن أحمد البرقي عن علي بن محمد القاساني عن أبي أيوب المدني
) (3عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن جده عليهم
السلم قال :ل تأكلوا القنبرة ول تسبوها ول تعطوها الصبيان يلعبون بها
فانها كثيرة التسبيح ل ،وتسبيحها :لعن ال مبغضي آل محمد ).(4
) (1بصائر الدرجات ) (2مشارق النوار (3) .114 :في المخطوطة وفي الكافي" :
المدينى " وفي المصدر :المدائني (4) .المجالس والخبار 71 :فيه:
سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلم يقول :ل تقتلوا القبرة ول تأكلوا
لحمها فانها كثيرة التسبيح وتقول في آخر تسبيحها :لعن اه* .
][304
- 8وبهذا السناد قال :كان علي بن الحسين عليه السلم يقول :ما أزرع الزرع
لطلب الفضل وفيه وما أزرعه إل ليتناوله الفقير وذو الحاجة وليتناول منه
القنبرة خاصة من الطير ) .(1الكافي :عن العدة عن أحمد بن أبي عبد ال
عن علي بن محمد بن سليمان عن أبي أيوب مثل الخبرين ) .(2تبيين:
يظهر من المجالس أن علي بن محمد بن سليمان هو القاساني وأن
سليمان تصحيف :شيرة " فان القاساني هو علي بن محمد بن شيرة كما
ذكره النجاشي ثم اعلم أنه ل يبعد أن تكون الخبار الواردة في حب بعض
الحيوانات والنباتات والجمادات لهم عليهم السلم وبغض بعضها لهم
وكونها منسوبة إلى اعدائهم محمولة على أنه للشياء الحسنة ارتباط
واقعي منسوب بعضها إلى بعض :وللجناس الخبيثة ربط واقعي لبعضها
إلى بعض ،سواء كانت من النسان والحيوانات أو الجمادات ) (3أو
العمال أو الفعال أو الخلق أو غيرها ،فالطيور الحسنة مثل من جهة
حسنها الواقعي ،كأنها تحب المقدسين من البشر لشتراكها معهم في
الحسن ،وكذا النباتات والجمادات وغيرها ،والمور القبيحة والشياء
الخبيثة لها مناسبة بالملعونين من البشر فكأنها تحبهم لمناسبتهم لهم
وتبغض الئمة وشيعتهم لمباينتها إياهم ،والتسليم لها مجمل وتفويض
علمها إليهم أحوط وأولى ،وقد مر بعض القول في مثله - 9 .حياة
الحيوان :العصفور بضم العين وحكى ابن رشيق الفتح أيضا ،والنثى
عصفورة ،قال حمزة :سمي عصفورا لنه عصى وفر ،وهو أنواع :منها
ما يطرب بصوته ،ومنها ما يعجب بصوته وحسنه ،والصعفور الصوار هو
الذي يجيب إذا دعي وعصفور الجنة هو الخطاف ،وأما العصفور الدوري
فانه في طباعه اختلفا وذلك أن فيه من الطباع ما يشبه طباع السباع وهو
أكل اللحم ول يزق فراخه ،ومن
) (1المجالس والخبار (2) .71 :فروع الكافي 225 :6فيه :ليناله المعتر (3) .في
المخطوطة :والحيوانات والجمادات* .
][305
البهائم أنه ليس بذي مخلب ول منسر ويأكل الحب وإذا سقط على عود قدم أصابعه
الثلث وأخر الدابرة وساير سباع الطير ) (1تقدم أصبعين وتفرج أصبعين،
ويأكل الحب والبقول ،ويتميز الذكر منها بلحية سوداء كما مر للرجل
والتيس والديك وليس في الرض طائر ول سبع ول بهيمة أحنى من
العصفور على ولده ول أشد له عشقا وذلك مشاهد عند أخذ فراخها،
ووكره في العمران تحت السقوف خوفا من الجوارح وإذا خلت مدينة من
أهلها ذهبت العصافير منها فإذا عادوا إليها عادت العصافير بها والعصفور
ل يعرف المشي وإنما يثب وثبا ،وهو كثير السفاد ،فربما سفد في الساعة
الواحدة مائة مرة ،ولذلك قصر عمره فانه ل يعيش في الغالب أكثر من
سنة ،ولفرخه تدرب على الطيران حتى أنه يدعى فيجيب .قال الجاحظ:
بلغني أنه يرجع من فرسخ .ومن أنواعه عصفور الشوك ومأواه السباخ،
وزعم أرسطو أن بينه وبين الحمار عداوة ،لن الحمار إذا كان به دبر حكه
بالشوك الذي يأوي إليه هذا العصفور فيقتله وربما نهق الحمار فتسقط
فراخه أو بيضه من جوف وكره ،فلذلك هذا العصفور إذا رأى الحمار
رفرف فوق رأسه وعلى عينيه وآذاه بطيرانه وصياحه .ومن أنواعه
القبرة وحسون ) (2وهو ذو ألوان بحمرة وصفرة وبياض وسواد وزرقة
وخضرة ،وهو يقبل التعليم فيتعلم أخذ الشئ من يد النسان المتباعد ويأتي
به إلى مالكه ) .(3ومنها البلبل والصعوة والحمرة والعندليب والمكاكي
والصافر والتنوط و الوضع والبرقش والقبعة .وروى البيهقي وابن عساكر
بسندهما إلى أبي مالك قال :مر سليمان بن داود عليه السلم بعصفور
يدور حول عصفورة قال لصحابه :أتدرون ما يقول ؟ قالوا :وما
) (1في المصدر :وسائر أنواع الطير (2) .حياة الحيوان (3) .80 :2حياة الحيوان
* .169 :1
][306
يقول يا نبي ال قال :يخطبها إلى نفسه ويقول :تزوجيني أسكنك أي قصور دمشق
شئت ،قال سليمان :وقصور دمشق مبنية بالصخر ل يقدر أن يسكنها ،لكن
كل خاطب كذاب .وروى ابن قانع أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال:
من قتل عصفورا عبثا عج إلى ال يوم القيامة ويقول :يا رب عبدك قتلني
عبثا ولم يقتلني لمنفعة .وفي الحلية للحافظ أبي نعيم :قال أبو حمزة
الثمالي :كنت عند علي بن الحسين زين العابدين عليه السلم إذا عصافير
يطرن حوله ويصرخن فقال :يا باحمزة هل تدري ما تقول هذه العصافير ؟
قلت :ل ،قال :إنها تقدس ربها جل وعل وتسأله قوت يومها .وقال ابن
عباس :لما ركب موسى والخضر عليهما السلم السفينة جاء عصفور
حتى وقع على حرف السفينة ثم نقر في البحر ) (1فقال له الخضر :ما
نقص علمي وعلمك من علم ال إل مثل ) (2ما نقص هذا العصفور من
البحر .قال العلماء :لفظ النقص ليس هنا على ظاهره ،وإنما معناه إنما
علمي وعلمك بالنسبة إلى علم ال كنسبة ما نقره ) (3هذا العصفور من
هذا البحر ،قلت :وهذا على التقريب إلى الفهام وإل فنسبة علمهما أقل
وأحقر .وقال عبد ال بن عمر :قال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم:
ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إل سأله ال عنها ،قيل:
يا رسول ال وما حقها ؟ قال :أن يذبحها فيأكلها وأن ل يقطع رأسها
ويرمي ) (4به رواه النسائي .ولحم العصافير حار يابس أجود من لحم
الدجاج ،وأجودها الشتوية السمان وأكلها يزيد في المني والباه ،لكنها
تضر أصحاب الرطوبات الصلية ،ويدفع ضررها دهن اللوز ،وهي تولد
خلطا صفراويا توافق من النسان الشيوخ ،ومن المزجة
) (1في المصدر :فنقر نقرة أو نقرتين في البحر (2) .في المصدر :ال كنقرة هذا
العصفور .وفى الرواية الخرى :ال مثل اه (3) .في المصدر :ما نقص) .
(4في المصدر :فيرمى به* .
][307
الباردة ،ومن الزمان الشتا ) .(1وروى الحافظ أبو نعيم وصاحب الترغيب
والترهيب من حديث مالك بن دينار أن سليمان بن داود عليه السلم مر
على بلبل فوق شجرة تصفر وتحرك رأسها وتميل ذنبها ،فقال لصحابه:
أتدرون ما يقول ؟ قالوا :ل ،قال :إنه يقول :أكلت نصف تمرة وعلى الدنيا
العفا وهو الدروس وذهاب الثر وقيل :التراب ) .(2وقال :الصعوة من
صغار العصافير أحمر الرأس ) ،(3وقال :الحمر بضم الحاء المهملة
وتشديد الميم والراء المهملة :ضرب من الطير كالعصفور .وروي ) (4عن
ابن مسعود قال :كنا عند النبي صلى ال عليه واله وسلم فدخل رجل
غيضة فأخرج منها بيضة حمرة ) (5فجاءت الحمرة ترفرف على رسول
ال ) (6صلى ال عليه واله وسلم وأصحابه ،فقال لصحابه :أيكم فجع هذه
؟ فقال رجل أنا يا رسول ال أخذت بيضها -وفي رواية فريخها )- (7
فقال :رده رده رحمة لها .في الترمذي وابن ماجة عن عامر الدارمي مثله
) .(8وقال :العندليب :الهزار ،والجمع العنادل ،والبلبل يعندل إذا صوت )
.(9وقال :المكاء ) (10بالمد والتشديد طائر وجمعه المكاكي ،والمكاء:
الصغير ،وهذا
) (1حياة الحيوان (2) .82 - 80 :2حياة الحيوان (3) .112 :1حياة الحيوان :2
(4) .43في المصدر :روى ابو داود والطيالسي والحاكم وقال :صحيح
عن ابن مسعود (5) .في المصدر :بيض حمرة (6) .في المصدر :ترف
على رأس رسول ال صلى ال عليه وآله (7) .في المصدر :وفى رواية
الحاكم :أخذت فرخها (8) .حياة الحيوان 191 :1و (9) .192حياة
الحيوان (10) .110 :2في المصدر :بضم الميم* .
][308
الطائر يصفر ويصوت كثيرا ) .(1وقال القزويني :هو من طير البادية يتخذا
فحوصة عجيبا وبينه وبين الحية معاداة ،فان الحية تأكل بيضه وفراخه،
وحدث هشام بن سالم أن حية أكلت بيض مكاء فجعل المكاء يشرشر )(2
على رأسها ويدنو منها حتى إذا فتحت فاها ألقى في فيها حسكة فأخذت
بحلق الحية فماتت ) .(3وقال :الصافر ويقال :الصفار ) (4طائر معروف
من أنواع العصافير ،ومن شأنه أنه إذا أقبل الليل يأخذ بغصن شجرة ويضم
عليه رجليه وينكس رأسه ،ثم ل يزل يصيح حتى يطلع الفجر ويظهر
النور ،قال القزويني :إنما يصيح خوفا من السماء أن تقع عليه ،قال غيره:
الصافر :التنوط وإنه إن كان له وكر جعله كالخريطة ،و إن لم يكن له
وكرشرع يتعلق بالغصان كما ذكرناه ) .(5وقال :التنوط بضم التاء
وكسرها وقد يفتح وفتح النون وضم الواو والمشددة ،وقيل :يجور الفتح
أيضا ،قال الصمعي إنما سمي بذلك لنه يدلي خيطا من شجرة يفرخ فيها،
والواحدة تنوطة ،ومن شأنه إذا أقبل عليه الليل ينتقل في زوايا بيته ويدور
فيها ول يأخذه قرار إلى الصبح خوفا على نفسه ) .(6وقال :الوضع بفتح
الواو والضاد المعجمة ) (7والعين المهملة :الصعوة ،وقيل :هو طائر
أصغر من العصفور .وفي الحديث إن إسرافيل عليه السلم له جناح
بالمشرق وجناح بالمغرب ،وإن العرش
) (1في المصدر :قال البغوي :اسم طائر ابيض يكون بالحجاز له صفير (2) .أي
يرفرف (3) .حياة الحيوان (4) .236 :2في المصدر :الصفارية(5) .
حياة الحيوان (6) .39 :2حياة الحيوان (7) .120 :1في المصدر:
الوصع بفتح الواو والصاد المهملة* .
][309
على منكب إسرافيل ليتضاءل الحيان لعظمة ال تعالى حتى يصير مثل الوضع )(1
والبرقش بالكسر :طائر صغير مثل العصفور ،ويسميه أهل الحجاز
السرسوز ) (2وقال :القبعة بضم القاف وتخفيف الباء الموحدة والعين
المهملة المفتوحتين :طوير أبقع مثل العصفور ،ويكون عنده حجرة
الجرذان فإذا فرغ أو رمي بحجر انقبع فيها قاله ابن السكيت وقوله :انقبع
فيها أي دخل الجحر فالتجأ فيه ).(3
) (1حياة الحيوان 289 :2و 290فيه :مثل الوصع (2) .هكذا في الكتاب،
والصحيح كما في المصدر :شرشور :راجع حياة الحيوان (3) .88 :1
حياة الحيوان * .171 :2
][310
) (1سيأتي في الحديث " :أنه فضل على الفيل بالجناحين " وفى كلم الدميري :ان
للبعوض مضافا إلى اعضاء الفيل رجلين زائدتين واربعة اجنحة وخرطوم
الفيل مصمت وخرطومه مجوف نافذ للجوف* .
][311
بحيالهم إلى يعوق ،ثم يستديرون عن يسارها بحيالهم إلى نسر ثم يلبون فيقولون:
" لبيك اللهم لبيك ،ل شريك لك إل شريك هو لك تملكه وما ملك " قال:
فبعث ال ذبابا أخضر له أربعة أجنحة فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئا
إل أكله فأنزل ال " يا أيها الناس ضرب مثل " الية " ما قدروا ال حق
قدره " أي ما عظموه حق تعظيمه ،أو ما عرفوه حق معرفته حيث أشركوا
به وسموا باسمه ما هو أبعد الشياء عنه مناسبة ) - 1 .(1الكافي :عن
محمد بن يحيى عن أحمد عن ابن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد
ال عليه السلم قال :ل بأس بقتل البرغوث والقملة والبقة في الحرم ).(2
- 2ومنه عن العدة عن سهل عن البزنطي عن مثنى بن عبد السسلم عن
زرارة عن أحدهما عليهما السلم قال :سألته عن المحرم يقتل البقة
والبرغوث إذا أذياه ؟ قال :نعم ) - 3 .(3التهذيب :باسناده عن الحسين بن
سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير يعني
المرادي عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سألته عن الذباب يقع في
الدهن والسمن والطعام ،فقال .ل بأس كل ) - 4 .(4السرائر :نقل من كتاب
البزنطي عن جميل قال :سألت أبا عبد ال عليه السلم عن المحرم يقتل
البقة والبراغيث إذا أذياه ؟ قال :نعم ) - 5 .(5العلل :عن محمد بن علي
ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي
عن أبيه عمن ذكره عن الربيع صاحب المنصور قال :قال المنصور
) (1رواه الكليني في الكافي في باب النوادر من الحج عن محمد بن يحيى عن
بعض اصحابه عن العباس بن عامر عن احمد بن رزق الغمشانى عن
عبد الرحمن بن الشل بياع النماط راجع فروع الكافي (2) .542 :4
فروع الكافي 364 :4فيه عن بعض اصحابنا عن زرارة (3) .في
المصدر 364 :4فيه :إذا أراده (4) .تهذيب الحكام ج 9ص 86ط
النجف (5) .السرائر* .466 :
][312
يوما لبي عبد ال عليه السلم وقد وقع على المنصور ذباب فذبه عنه ثم وقع عليه
فذبه عنه ) ،(1فقال :يا أبا عبد ال لي شئ خلق ال عزوجل الذباب ؟
قال :ليذل به الجبارين ) - 6 .(2ومنه :عن الحسين بن أحمد بن إدريس
عن أبيه عن محمد بن أبي الصهبان عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم
عن أبي عبد ال عليه السلم قال :لول ) (3ما يقع من الذباب على طعام
الناس ما وجد منهم إل مجذوما ) - 7 .(4طب الئمة :عن سهل بن أحمد
عن محمد بن اورمة عن صالح بن محمد عن عمرو بن شمر عن جابر عن
أبي جعفر الباقر عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم :إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فيه فان في إحدى جناحيه
شفاء وفي الخرى سما وإنه يغمس جناحه المسموم في الشراب ول
يغمس الذي فيه الشفاء فاغمسوها لئل يضركم ) .(5وقال عليه السلم:
لول الذباب الذي يقع في اطعمة الناس من حيث ل يعلمون لسرع فيهم
الجذام ) - 8 .(6وعن محمد بن علي الباقر عليه السلم :لول أن الناس
يأكلون الذباب من حيث ل يعلمون لجذموا ،أو قال :لجذم ) (7عامتهم ).(8
- 9التهذيب :باسناده عن محمد بن أحمد عن محمد بن الحسين عن علي
بن النعمان عن هارون بن خارجة عن شعيب عن عيسى بن حسان عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :كنت
) (1كرر في المصدر قوله :ثم وقع عليه فذبه عنه (2) .علل الشرائع (3) .182 :2
من هذا الحديث والحاديث التى تأتى بعده يستفاد ان في الذباب مادة
تضاد الجذام وتدافعه وهذا مما لم يهتد إليه إلى الن العلوم العصرية،
وحقيق ذلك بأن يبحث عنه ويجرب (4) .علل الشرائع 5) .182 :2و (6
طب الئمة (7) .106 :في المخطوطة :-لجذموا عامتهم (8) .طب
الئمة* .106 :
][313
عنده إذ أقبلت خنفساء فقال :نحها فانها قشة من قشاش النار ) .(1بيان :في
القاموس :القشة بالكسر :دويبة كالخنفساء .وقال الدميري :الخنفساء
بفتح الفاء ممدودة والنثى خنفساة بالهاء ) :(2تتولد من عفونة الرض
وبينها وبين العقرب صداقة ،وهي أنواع منها الجعل وحمار قبان و بنات
وردان والحنطب وهو ذكر الخنافس ،والخنفساء مخصوصة بكسرة الفسو.
وروى ابن عدي عن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :ليدعن الناس
فخرهم في الجاهلية أو ليكونن أبغض إلى ال من الخنافس .وحكى
القزويني أن رجل رأى خنفساء فقال :ما يريد ) (3ال من خلق هذه ؟
أحسن وشكلها ) (4أو طيب ريحها ؟ فابتله ال بقرحة عجز عنها الطباء
حتى ترك علجها ،فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين وهو ينادي في
الدرب فقال :هاتوه حتى ينظر في أمري ،فقالوا :ما تصنع بطريقي ) (5وقد
عجز عنك حذاق الطباء ؟ فقال :لبد لي منه ،فلما أحضروه ورأى القرحة
استدعى بخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه
فقال :احضروا له ما طلب فان الرجل على بصيرة ) (6فأحرقها وذر
رمادها على قرحته فبرئ باذن ال تعالى ،فقال للحاضرين :إن ال تعالى
أراد أن يعرفني أن أخس المخلوقات أعز الدوية ) .(7وقال :الذباب
معروف واحدته ذبابة وجمعه أذبة وذبان بكسر الذال وتشديد الباء
الموحدة وبالنون في آخره قال أفلطون :إن الذباب أحرص الشياء
) (1تهذيب الحكام ج 9ص (2) .82زاد في المصدر :دويبة سوداء اصغر من
الجعل منتنة الريح (3) .في المصدر :ماذا يريد ال تعالى (4) .في
المصدر :الحسن شكلها أو لطيب ريحها (5) .في المصدر :بطرفي(6) .
في المصدر :على بصيرة من أمره فاحضروها له فاحرقها ) (7حياة
الحيوان 222 :1و * .223
][314
ولم يخلق للذباب أجفان لصغر أحداقها ،ومن شأن الجفان أن تصقل مرآة الحدقة
من الغبار فجعل ال لها عوض الجفان يدين تصقل بهما مرآة حدقتها ،فلذا
ترى الذباب يمسح بيديه عينيه ،وهو أصناف كثيرة متولدة من العفونة،
قال الجاحظ :الذباب عند العرب يقع على الزنابير والبعوض ) (1بأنواعه
كالبق والبراغيث والقمل والصواب والناموس والفراش والنمل ،والذباب
المعروف عند الطلق العرفي وهو أصناف :النغر والقمع والخازباز
والشعراء وذباب الكلب وذباب الرياض ،وذباب الكلء والذباب الذي
يخالط الناس يخلق من السفاد ،وقد يخلق من الجسام ،ويقال إن الباقل إذا
عتق في موضع استحال كله ذبابا فطار من الكوى التي في ذلك الموضع
ول يبقى فيه غير القشر .وعن أنس أن النبي صلى ال عليه واله وسلم
قال :عمر الذباب أربعون ليلة ،والذباب كله في النار إل النحل .قيل :كونه
في النار ليس بعذاب ،وإنما هو ليعذب به أهل النار لوقوعه عليهم .وعن
أبي أمامة أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :وكل بالمؤمن مائة
وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه ،فمن ذلك سبعة أملك يذبون عنه
كما يذب عن قصعة العسل الذباب في يوم الصائف ،ولو بدوا لكم
لرأيتموهم على كل سهل وجبل كل باسط يده فاغرفاه ،ولو وكل العبد إلى
نفسه طرفة عين ل ختطفته الشياطين .والعرب يجعل الذباب والفراش
والدبر ونحوه كلها واحدا وجالينوس يقول :إنه ألوان فللبل ذباب وللبقر
ذباب وأصله دود صغار تخرج من أبدانهن فتصير ذبابا وزنابير وذباب
الناس يتولد من الزبل إذا هاجت ) (2ريح الجنوب ويخلق في تلك الساعة،
و إذا هبت ريح الشمال خف وتلشى ،وهو من ذوات الخراطيم كالبعوض
انتهى .ومن عجيب أمره أنه يلقى رجيعه على البيض أسود وعلى السود
أبيض،
) (1في المصدر :على الزنابير والبعوض (2) .في المصدر :ويكثر الذباب* .
][315
ول يقع على شجرة اليقطين ،ولذلك أنبتها ال على يونس عليه السلم حين خرج
من بطن الحوت ،ولو وقعت عليه ذبابة للمته فمنع ال تعالى عنه الذباب
فلم يزل كذلك حتى تصلب جسمه ،ول يظهر كثيرا إل في الماكن العفنة
ومبدأ خلقه منها ثم من السفاد وربما بقي الذكر على النثى عامة اليوم،
ومن الحيوان الشمسية ) (1لنه يخفى شتاء ويظهر صيفا .وروى البخاري
وغيره ) (2أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :إذا وقع الذباب في
إناء أحدكم فليمقله فان في أحد جناحيه داء وفي الخر دواء ،وإنه يتقي
بجناحه الذى فيه الداء .وفى رواية النسائي وابن ماجة أن إحدى جناحي
الذباب سم والخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فانه يقدم السم ويؤخر
الشفاء .وقال الخطابي :وقد تكلم على هذا الحديث بعض من ل خلق له
وقال :كيف يكون هذا وكيف يجتمع الداء والشفاء في جناحي ذبابة ؟
وكيف تعلم ذلك في نفسها حتى تقدم جناح الداء وتؤخر جناح الشفاء وما
أداها إلى ذلك ؟ قال :وهذا سؤال جاهل أو متجاهل فان الذي يجد نفسه
ونفوس عامة الحيوان ) (3قد جمع فيها بين الحرارة والبرودة والرطوبة
واليبوسة وهي أشياء متضادة إذا تلقت تفاسد ،ثم يرى ال ) (4سبحانه
قد ألف بينها و قهرها على الجتماع وجعل منها قوى الحيوان التى منها
بقاؤه وصلحه لجدير أن ل ينكر اجتماع الداء والشفاء في جزئين من
حيوان واحد ،وإن الذي ألهم النحلة أن نتخذ البيت العجيب الصنعة وأن
تعسل فيه ،وألهم الذرة أن تكتسب قوتها وتدخره لوان حاجتها إليه ،هو
الذي خلق الذبابة وجعل لها الهداية إلى أن تقدم جناحا وتؤخر
) (1في المصدر :وهو من الحيوانات الشمسية (2) .في المصدر :وروى البخاري
وابو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان (3) .في
المصدر :ونفس سائر الحيوانات (4) .في المصدر :ثم يرى ان ال* .
][316
جناحا ) (1لما أراد من البتلء الذي هو مدرجة التعبد والمتحان الذي هو مضمار
التكليف ،وله في كل شئ حكمة وعنوان ،وما يذكر إل اولو اللباب انتهى.
وقد تأملت الذباب فوجدته يتقي بجناحه اليسر وهو مناسب للدآء ،كما أن
اليمن مناسب للشفاء ،وقد استفيد من الحديث أنه إذا وقع في المايع ل
ينجسه لنه ليست له نفس سائلة .ولو وقع الزنبور أو الفراش أو النحل أو
أشباه ذلك في الطعام فهل يؤمر بغمسه لعموم قوله صلى ال عليه واله
وسلم " :إذا وقع الذباب في إناء أحدكم " الحديث ،وهذه النوع كلها يقع
عليها اسم الذباب في اللغة كما تقدم ،وقد قال على عليه السلم في العسل:
" إنه مذقة ذبابة " وقد مر أن الذباب كله في النار إل النحل ،فسمي الكل
ذبابا ،فإذا كان كذلك فالظاهر وجوب حمل المر بالغمس على الجميع إل
النحل ،فان الغمس قد يؤدي إلى قتله .وفي شفاء الصدور وتاريخ ابن
النجار مسندا أن النبي صلى ال عليه واله وسلم كان ل يقع على جسده
ول على ثيابه ذبابا أصل .والذباب أجهل الخلق لنه يلقي نفسه في الهلكة
) .(2وقال :البق المعروف هو الفسافس ،يقال :إنه يتولد من النفس الحار
و
) (1اعلم انه قد أورد حديث الذباب كل من الخاصة والعامة في كتبهم المعتبرة
وتكلم عليه كثير ممن شأنهم العتراض بكل ما لم يوافق نظره ،واعترض
على سابقا بعض الطباء ايضا فاجبته بانك ما جريت هذا حتى يمكنك
نفيه ،واستنكارك ليس الصرف الستبعاد والعلم لم يكشف عن ذلك قناعه
فاى مانع في ان ال جعل فيه مادة مضرة يقال لها :ميكروب ،وجعل فيه
ضده ودافعه ،ولعل تقديمه الجناح الذى فيه الداء لزالته عن نفسه.
وظفرت بعد هذه المحاورة بكتاب كل ما في صحيح البخاري صحيح
ورأيت انه تكلم على هذا الحديث وما اعترض عليه ،واجاب بأن بعض
الطباء العصرى استكشف أن في الذباب مادة يوجب الداء وفيه ما يدفعه
أقول :ولعله يستفاد من تقديم الجناح الذى فيه الداء أن الماء يدفع ذلك
الداء وهو ضده ورافعه (2) .حياة الحيوان * .259 - 254 :1
][317
لشدة رغبته في النسان إذا شم رائحته رمى بنفسه عليه ) .(1وفي حديث الطبراني
باسناد جيد عن أبي هريرة قال :سمعت اذناي هاتان وأبصرت عيناى
هاتان رسول ال صلى ال عليه واله وهو آخذ بكفيه جميعا حسنا أو
حسينا وقدماه على قدمي رسول ال صلى ال عليه واله وسلم وهو يقول:
" حزقة حزقة ترق عين بقة " .فيرقى الغلم فيضع قدميه على صدر
رسول ال صلى ال عليه واله وسلم ثم قال :افتح قال ،ثم قبله ،ثم قال :من
أحبه فانى احبه .رواه البزار ببعض هذا اللفظ .والحزقة :الضعيف
المتقارب الخطو ،ذكر له ذلك على سبيل المداعبة والتأنيس ،وترق معناه
اصعد وعين بقة كناية عن ضعف العين ) ،(2مرفوع خبر مبتدء محذوف.
وفي تاريخ ابن النجار عن ابن نباته قال :سمعت على بن أبي طالب عليه
السلم يقول في خطبته :ابن آدم تؤلمه بقة .وتنتنه عرقة ) ،(3وتقتله
شرقة ) .(4وقال :الزنبور :الدبر ،وهي تؤنث ،والزنابير لغة فيها ،وربما
سميت النحلة زنبورا ،والجمع الزنابير وهو صنفان جبلي وسهلي،
فالجبلي يأوى الجبال ويعيش في الشجر ) (5ولونه إلى السواد ،وبداءة
خلقه دود حتى يصير كذلك ويتخذ بيوتا من تراب كبيوت النحل ،ويجعل
لبيوته أربعة أبواب لمهاب الرياح الربع وله حمة يلسع بها ،وغذاؤه من
الثمار والزهار ،ويتميز ذكورها من إناثها بكبر الجثة ،والسهلي لونه
أحمر ،ويتخذ عشه تحت الرض ويخرج التراب منه كما يفعل النمل،
ويختفى في الشتاء لنه متى ظهر فيه هلك ،فهو ينام طول الشتاء كالميتة
ول يجمع القوت للشتاء بخلف النمل ،فإذا جاء الربيع وقد صار من البرد
وعدم
) (1في المصدر :في النسان ل يتمالك إذا شم رائحته ال رمى نفسه عليه (2) .في
المصدر :عن صغر العين ،مرفوع على أنه خبر (3) .في المصدر :وتتبعه
حرقة (4) .حياة الحيوان 110 :1و (5) .111في المصدر :ويعشش في
الشجر* .
][318
القوت كالخشب اليابس نفخ ال في تلك الجثة الحياة فعاشت مثل العام الول ،وذلك
دأبها ،وفي هذا النوع صنف مختلف اللون مستطيل الجسد في طبعه
الحرص والشرة يطلب المطابخ ويأكل ما فيها من اللحوم ويطير مفردا )(1
ويسكن بطن الرض و الجدران ،وهذا الحيوان بأسره مقسوم في وسطه،
ولذلك ل يتنفس من جوفه البتة ومتى غمس في الدهن سكنت حركته،
وإنما ذلك لضيق منافذه فان طرح في الخل عاش ) ،(2ويحرم أكله،
ويستحب قتله لما روي عن أنس أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال:
من قتل زنبورا اكتسب ثلث حسنات .لكن يكره إحراق بيوتها بالنار ،وسئل
أحمد عن تدخين بيوت الزنابير ،فقال :إذا يخشى أذاها فل بأس وهو أحب
إلى من تحريقه ) .(3وقال :الدبر بفتح الدال :جماعة النحل ،قال السهيلي:
الدبر :الزنابير ،وقال الصمعي :ل واحد له من لفظه ،ويقال :إن واحده
خشرمة .وفي الفائق أن سكينة بنت الحسين عليه السلم جاءت إلى امها
الرباب وهي صغيرة تبكى ،فقالت :ما بك ؟ قالت :مرت بي دبيرة فلسعتني
بابيره .أرادت تصغير دبرة وهي النحلة ،سميت بذلك لتدبيرها في عمل
العسل ) .(4وقال :البرغوث واحد البراغيث وضم بائه أكثر من كسرها،
وحكى الجاحظ أن البرغوث من الحيوان الذى يعرض له الطيران كما
يعرض للنحل ،وهو يطيل السفاد ويبيض فيفرخ بعد أن يتولد ،وهو ينشأ
أول من التراب لسيما في الماكن المظلمة ،وسلطانه في أواخر فصل
الشتاء وأول فصل الربيع ،ويقال :إنه على صورة الفيل ،وله أنياب يعض
بها وخرطوم يمص به ،ول يسب لما روي عن أنس أن النبي
) (1في المصدر :ويطير منفردا (2) .في المصدر :فإذا طرح في الخل عاش وطار
ويحرم اكله لستخباثه (3) .حياة الحيوان 6 :2و 7فيه :من تحريقها
ول يصح بيعها لنها من الحشرات (4) .حياة الحيوان 237 :1و .238
*
][319
صلى ال عليه وآله سمع رجل يسب برغوثا فقال :ل تسبه فانه أيقظ نبيا لصلة
الفجر .ومن معجم الطبراني عن علي عليه السلم قال :نزلنا منزل فآذتنا
البراغيث فسببناها فقال رسول ال صلى ال عليه واله وسلم :ل تسبوها
فنعمت الدابة فانها أيقظتكم لذكر ال وفي دعوات المستغفري عن أبي ذر )
(1أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :إذا آذاك البرغوث فخذ قدحا
من ماء واقرأ عليه سبع مرات " :وما لنا أل نتوكل على ال وقد هدانا
سبلنا " الية ثم يقول :إن كنتم مؤمنين فكفوا شركم وأذاكم عنا ،ثم ترشه
حول فراشك فانك تبيت آمنا من شرها ،ويستحب قتله للمحل والمحرم ).(2
- 10الكافي :عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن سعيد
بن جناح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد ال عليه السلم قال :ما خلق ال
عزوجل خلقا أصغر من البعوض والجرجس أصغر من البعوض ،والذي
نسميه نحن الولع أصغر من الجرجس ،وما في الفيل إل وفيه مثله وفضل
على الفيل بالجناحين ) .(3بيان :قال الجوهري :الجرجس لغة في القرقس
وهو البعوض الصغار .وأقول :لعل قوله عليه السلم :أصغر من البعوض
يعني به أصغر من سائر أنواعه ليستقيم قوله عليه السلم " :ما خلق ال
خلقا أصغر من البعوض " ويوافق كلم أهل اللغة على أنه يحتمل أن يكون
الحصر في الول اضافيا كما أن الظاهر أنه لبد من تخصيصه بالطيور إذ
قد يحس من الحيوانات ما هو أصغر من البعوض ) (4إل أن يقال:
) (1في المصدر :وفى كتاب الدعوات للمستغفرى عن ابى الدرداء وفى شرح
المقامات للمسعودي عن ابى ذر رضى ال عنه (2) .حياة الحيوان :1
87و (3) .88روضة الكافي (4) .248 :قد ورد في الحديث في وجه
تسمية ال باللطيف :لنه خلق ما ل يعرف ذكره من انثاه وما ل يكاد
يستبينه العيون لصغره ،وفى الصحيفة السجادية :وامزج مياههم
بالوباء ،وهما يدلن على وجود حيوانات ذرية* .
][320
يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار ل يكون شئ من الحيوانات أصغر منها ،و
الوالع غير مذكور في كتب اللغة ،والظاهر أنه أيضا صنف من البعوض.
وقال الدميري :البعوض :دويبة .وقال الجوهري :إنه البق الواحدة
بعوضة ،وهو وهم ،والحق أنهما صنفان صنف كالقراد ،لكن له أرجل
خفية ) (1ورطوبة ظاهرة يسمى بالعراق والشام الجرجس ،قال
الجوهري :وهو لغة في القرقس وهو البعوض الصغار .والبعوض على
خلقة الفيل إل أنه أكثر أعضاء منه ،فان للفيل أربعة أرجل وخرطوما وذنبا
وللبعوض مع هذه العضاء رجلن زائدتان وأربعة أجنحة ،وخرطوم الفيل
مصمت و خرطومة مجوف نافذ للجوف ،فإذا طعن به جسد النسان استقى
الدم وقذف به إلى جوفه ،فهو له كالبلعوم والحلقوم ،فلذلك اشتد عضها
وقويت على خرق الجلود الغلظ ،ومما ألهمه ال تعالى أنه إذا جلس على
عضو من أعضاء النسان ل يزال يتوخى بخرطومه المسام التي يخرج
منها العرق لنها أرق بشرة من جلد النسان ،فإذا وجدها وضع خرطومه
فيها وفيه من الشرة أن يمص الدم إلى ينشق ويموت أو إلى أن يعجز عن
الطيران فيكون ذلك سبب هلكه ،ومن ظريف ) (2أمره أنه ربما قتل البعير
وغيره من ذوات الربع فيبقى طريحا في الصحراء فيجتمع حوله السباع
والطير مما يأكل الجيف ) ،(3فمتى أكل منها شيئا مات لوقته .وكان بعض
جبابرة الملوك بالعراق يعذب بالبعوض فيأخذ من يريد قتله فيخرجه مجردا
إلى بعض الجام التي بالبطائح ويتركه فيها مكتوفا فيقتل في أسرع وقت.
وروى الترمذي أن النبي صلى ال عليه واله وسلم قال :لو كانت الدنيا
تعدل عند ال جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء .وروى وهب بن
منبه :أرسل ال ) (4البعوض على نمرود ،واجتمع منه في عسكره
) (1في المصدر :خفيفة (2) .في المصدر :ومن عجيب امره (3) .في المصدر:
والطير التى تأكل الجيف (4) .في المصدر " :لما ارسل ال البعوض على
النمرود اجتمع "* .
][321
مال يحصى عددا ،فلما عاين نمرود ) (1ذلك انفرد عن جيشه ودخل بيته وأغلق
الباب وأرخى الستور ونام على قفاه مفكرا فدخلت بعوضة في أنفه فصعدت
إلى دماغه فتعذب ) (2بها أربعين يوما إلى أن كان يضرب برأسه الرض،
وكان أعز الناس عنده من يضرب رأسه ،ثم سقط منه كالفرخ وهو يقول:
كذلك يسلط ال رسله على من يشاء من عباده ثم هلك حينئذ .وروى جعفر
بن محمد عن أبيه عليه السلم :قال نظر رسول ال صلى ال عليه واله
وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من النصار فقال له رسول ال صلى
ال عليه واله وسلم :ارفق بصاحبي فانه مؤمن قال :إنى بكل مؤمن رفيق،
وما من أهل بيت إل أتصفحهم في كل يوم خمس مرات ،ولو أنى أردت أن
أقبض روح بعوضة ما قدرت حتى يكون من ال المر بقبضها .قال جعفر
بن محمد :بلغني أنه يتصفحهم عند مواقيت الصلة ومن هذا يعلم أن ملك
الموت هو الموكل بقبض كل روح ) (3والبعوضة على صغر جرمها قد
أودع ال تعالى في مقدم دماغها قوة الحفظ ،و في وسطه قوة الفكر ،وفي
مؤخره قوة الذكر ،وخلق لها حاسة البصر وحاسة اللمس وحاسة الشم،
وخلق لها منفذا للغذاء ومخرجا للفضلة ،وخلق لها جوفا ومعاء و عظاما،
فسبحان من قدر فهدى ولم يخلق شيئا من المخلوقات سدى ).(4
) (1في المصدر :النمرود (2) .في المصدر :فعذب (3) .في المصدر :كل ذى روح.
) (4حياة الحيوان * .92 - 90 :1
][322
)باب (13الخفاش وغرايب خلقه وعجايب أمره اليات :آل عمران " 3 :إني أخلق
لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا باذن ال " .49تقسير:
المشهور بين المفسرين من الخاصة والعامة أن الطير كان هو الخفاش،
قال أبو الليث في تفسيره :إن الناس سألوا عيسى على وجه التعنت فقالوا
له :اخلق لنا خفاشا واجعل فيه روحا أن كنت من الصادقين ،فأخذ طينا
وجعل خفاشا ونفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء والرض ،وكان تسوية
الطين والنفخ من عيسى عليه السلم ،والخلق من ال تعالى ،ويقال :إنما
طلبوا منه خلق خفاش لنه أعجب من سائر الخلق :ومن عجائبه أنه دم
ولحم يطير بغير ريش ،ويلد كما يلد الحيوان ،ول يبيض كما يبيض سائر
الطيور ،ويكون له الضرع ،ويخرج منه اللبن ،ول يبصر في ضوء النهار
ول في ظلمة الليل وإنما يرى في ساعتين بعد غروب الشمس ساعة وبعد
طلوع الفجر ساعة قبل أن يسفر جدا ،ويضحك كما يضحك النسان،
وتحيض كما تحيض المرأة ،فلما رأوا ذلك منه ضحكوا وقالوا :هذا سحر
مبين ،فذاهبوا إلى جالينوس فأخبروه بذلك فقال :آمنوا به الخبر- 1 .
العيون والعلل :في خبر الشامي أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلم عن
ستة لم يركضوا في رحم فقال :آدم وحوا وكبش إسماعيل ) (1وعصا
موسى وناقة صالح و
) (1في الخصال والعلل " :وكبش ابراهيم " والنسخة المخطوطة اكتفى فيها بذكر
مسألة الخفاش فقط* .
][323
الخفاش الذي عمله عيسى بن مريم عليه السلم فطار باذن ال تعالى ) - 2 .(1نهج
البلغة :من خطبة له عليه السلم يذكر فيها بديع خلقة الخفاش :الحمد ل
الذى انحسرت الوصاف عن كنه معرفته ،وردعت عظمته العقول فلم يجد
مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته ،هو ال الملك الحق المبين أحق وأبين مما
ترى العيون ،لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها ،ولم تقع عليه الوهام
بتقدير فيكون ممثل ،خلق الخلق على غير تمثيل ول مشورة مشير ول
معونة معين ،فتم خلقه بأمره وأذعن بطاعته فأجاب ولم يدافع وانقاد فل
ينازع ) ،(2ومن لطائف صنعته وعجائب خلقته ما أرانا من غوامض
الحكمة في هذه الخفافيش التى يقبضها الضياء الباسط لكل شئ ،ويبسطها
الظلم القابض لكل حي ،وكيف غشيت أعينها عن أن تستمد من الشمس )
(3المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها ،وتصل ) (4بعلنية برهان
الشمس إلى معارفها ،وردعها بتللوء ضيائها عن المضي في سبحات
إشراقها ،وأكنها في مكامنها عن الذهاب في بلج إئتلقها ،فهي مسدلة
الجفون بالنهار على أحداقها ،وجاعلة الليل سراجا تستدل به في التماس
أرزاقها ،فل يرد أبصارها أسداف ظلمته ول تمتنع من المضي فيه لغسق
دجنته ،فإذا ألقت الشمس قناعها وبدت أوضاح نهارها ودخل من إشراق
نورها على الضباب في وجارها أطبقت الجفان على مأقيها ،وتبلغت بما
اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها ،فسبحان من جعل الليل لها نهارا
ومعاشا والنهار سكنا وقرارا ،وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند
الحاجة إلى الطيران كأنها شظايا الذان غير ذوات ريش ول قصب ،إل أنك
ترى مواضع العروق بينة أعلما لها جناحان لما
) (1علل الشرائع 282 :2عيون الخبار ج 1ص .244ورواه ايضا في الخصال
323 :1والحديث مسند راجع (2) .في المخطوطة :ولم ينازع (3) .في
المخطوطة :من ان تستمد عن الشمس (4) .في نسخة :ويتصل* .
][324
يرقا فينشقا ،ولم يغلظا فيثقل ،تطير وولدها لصق بها لجئ إليها يقع إذا وقعت
ويرتفع إذا ارتفعت ،ل يفارقها حتى تشتد أركانها ويحمله للنهوض جناحه،
ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه ،فسبحان البارئ لكل شئ على غير
مثال خل من غيره ) .(1تبيان :الخفاش كرمان معروف ،وحسر حسورا
كقعد :كل لطول مدى و نحوه .وحسرته أنا يتعدى ول يتعدى ،وانحسرت
أي كلت وأعيت وكنه الشئ :حقيقته ونهايته ،وردعت كمنعت لفظا ومعنا
والمساغ :المسلك ،والملكوت :العز والسلطان ،والحق :المتحقق وجوده،
أو الموجود حقيقة ،وأبين أي أوضح ،وكونه سبحانه أحق وأبين مما ترى
العيون ،لن العلم بوجوده سبحانه عقلي يقيني ل يتطرق إليه ما يتطرق
إلى المحسوسات من الغلط ،والحد في اللغة :المنع ،والحاجز بين الشيئين
ونهاية الشئ وطرفه ،وفي عرف المنطقيين :التعريف بالذاتي ،والمراد
بالتحديد هنا إما إثبات النهاية والطرف المستلزم للمشابهة بالجسام ،أو
التحديد المنطقي والول أنسب بعرفهم والتقدير :إثبات المقدار ،وكأن
المراد بالتمثيل إيجاد الخلق على حذو ما قد خلقه غيره ،أو أنه لم يجعل
لخلقه مثال قبل اليجاد كما يفعله البناء تصويرا لما يريد بناءه،
والمشورة :مفعلة من أشار إليه بكذا ،أي أمره به ،والمشهورة بضم الشين
كما في بعض النسخ والشورى بمعناه والمعونة السم من أعانه وعونه،
فتم خلقه :أي بلغ كل مخلوق إلى كماله الذي أراده ال سبحانه منه ،أو
خرج جميع ما أراده من العدم إلى الوجود بمجرد أمره ،وأذعن أي خضع
وأقر وأسرع في الطاعة وانقاد ،والجملتان كالتفسير للذعان ،ولعل المراد
بالذعان دخوله تحت القدرة اللهية وعدم الستطاعة للمتناع .وقوله
عليه السلم " :لم يدافع " بيان للجابة ،كما أن " لم ينازع " بيان
للنقياد ،وإل لكان العكس أنسب ،ويحتمل أن يكون إشارة إلى تسبيحهم
بلسان الحال كقوله تعالى
][325
" وإن من شئ إل يسبح بحمده ) " (1كما مر ،واللطائف جمع لطيفة ،وهى ما
صغرودق والعجائب جمع عجيبة ،وعجيب قيل :يجمع على عجائب كأفيل
وأفايل ،وقيل :ل يجمع عجيب ول عجب ،والغامض :خلف الواضح وكل
شئ خفي مأخذه .وقال بعضهم :حاصل الكلم التعجب من مخالفتها لجميع
الحيوانات في النقباض عن الضوء والشارة إلى خفاء العلة في ذلك،
والمراد بالنقباض انقباض أعينها في الضوء ،ويكون ذلك عن إفراط
التحلل في الروح النوري لحر النهار ،ثم يستدرك ذلك برد الليل فيعود
البصار .وقيل :الظهر أنه ليس لمجرد الحر وإل لزم أن ل يعرضه
النقباض في الشتاء إل إذا ظهرت الحرارة في الهواء ،وفي الصيف أيضا
في أوائل النهار ،بل ذلك لضعف في قوتها الباصرة ،ونوع من التضاد
والتنافر بينها وبين النور كالعجز العارض لسائر القوى المبصرة عن
النظر إلى جرم الشمس ،وأما أن علة التنافر ماذا ؟ ففيه خفاء ،وهو منشأ
التعجب الذي يشير إليه الكلم ،ويمكن أن يعود الضيمر إليها من غير
تقدير مضاف ،ويكون المراد بانقباضها ما هو منشأ اختفائها نهارا وإن
كان ذلك ناشيا من جهة البصار ،والعشي بالفتح مقصورا سوء البصر
بالنهار أو بالليل والنهار أو العمي ،والمعنى كيف عجزت وعميت عن أن
تستمد ؟ أي تستعين وتتقوى تقول :أمددته بمدد :إذا أعنته وقويته.
ومذاهبها :طرق معاشها ومسالكها في سيرها وانتفاعها :و " تصل "
بالنصب عطفا على " تستمد " وفي بعض النسخ بالرفع عطفا على "
تهتدي " وفي بعضها " :وتتصل " والتصال إلى الشئ :الوصول إليه.
والبرهان :الدليل ،ومعارفها :ما تعرفه من طرق انتفاعها ،وردعها :أي
كفها وردها ،وتلل البرق أي لمع ،والسبحات بضمتين جمع سبحة بالضم
وهي النور وقيل :سبحات الوجه محاسنه لنك إذا رأيت الوجه الحسن
قلت :سبحان ال ،و قيل :سبحان ال تنزيه له ،أي سبحان وجهه ،والكن
بالكسر :الستر وأكنه :ستره ،واستكن :استتر ،وكمن كنصر ومنع أي
استخفى ،والمكمن :الموضع ،والبلج
][326
بالتحريك مصدربلج كتعب أي ظهر ووضح ،وصبح أبلج بين البلج أي مشرق
ومضئ ذكره الجوهري وقيل :البلج جمع بلجة بالضم وهو أول ضوء
الصبح ،وجاء بلجة أيضا بالفتح ولم أجده في كلمهم ،والئتلق :اللمعان،
يقال :ائتلق وتألق :إذا التمع وسدل ثوبه يسدله وأسدله أي أرسله وأرخاه
والجفن ،بالفتح :غطاء العين من أعلها وأسفلها ،والجمع أجفان وجفون
وأجفن والحدقة محركة :سواد العين ،وتجمع على حداق كما في بعض
النسخ ،وعلى أحداق كما في بعضها ،وإسدال جفونها لنقباضها و تأثر
حاستها عن الضياء ،وقيل :لن تحلل الروح الحامل للقوة الباصرة سبب
للنوم أيضا فيكون ذلك السدال ضربا من النوم ،واللتماس :الطلب،
وأسدف الليل أي أظلم ،وفي بعض النسخ " أسداف " بفتح الهمزة جمع
سدف بالتحريك كجمل وأجمال وهو الظلمة ،والضافة للمبالغة ،والضمير
في " فيه " راجع إلى الليل ،والغسق بالتحريك ظلمة أول الليل ،والدجنة
بضم الدال المهملة والجيم وتشديد النون كحزقة و الدجن كعتل :الظلمة،
وحاصل الكلم التعجب من كون حالها في البصار والتماس الرزق على
عكس سائر الحيوانات ،وقناع الشمس :كناية عن الظلمة أو ما يحجبها من
الفاق ،وإلقاء القناع :طلوعها ،والوضح بالتحريك :البياض من كل شئ و
بياض الصبح والقمر وفي بعض النسخ " :دخل من إشراق نورها " أي
دخل الشئ من إشراق نورها .والضباب بالكسر جمع الضب :الدابة
المعروفة ،ووجارها بالكسر :جحرها الذي تأوي إليه ،ومن عادتها
الخروج من وجارها عند طلوع الشمس لمواجهة النور على عكس
الخفافيش ،ومأقيها بفتح الميم وسكون الهمزة وكسر القاف وسكون الياء
كما في أكثر النسخ لغة في المؤق بضم الميم وسكون الهمزة أي طرف
عينها مما يلي النف ،وهو مجرى الدمع من العين ،وقيل :مؤخرها وقال
الزهري :أجمع أهل اللغة أن المؤق والمأق بالضم والفتح :طرف العين
الذي يلي النف ،وأن الذي يلي الصدغ يقال له :اللحاظ والمأقي لغة فيه،
وقال ابن القطاع ،مأقى العين فعلى ،وقد غلط فيه جماعة من العلماء
فقالوا :هو مفعل ،وليس كذلك بل الياء في آخره
][327
لللحاق ،قال الجوهري :وليس هو مفعل لن الميم أصلية وإنما زيدت في آخره
الياء لللحاق ،ولما كان فعلى بكسر اللم نادرا ل اخت لها الحق بمفعل،
ولهذا جمع على مآقي على التوهم ،وفي بعض النسخ " :مآقيها " على
صيغة الجمع ،و " تبلغ بكذا " أي اكتفى .والمعاش :ما يعاش به وما
يعاش فيه ،ومصدر بمعنى الحياة ،والمناسب ههنا الول ،وفيما سيجي
الثاني ،وفي بعض النسخ " ليلها " موضع " لياليها " والسكن بالتحريك:
ما تسكن إليه النفس وتطمئن ،وقر الشئ كفر أي استقر بالمكان والسم
القرار بالفتح ،وقيل :هو اسم مصدر ) ،(1والشظية :الفلقة من الشئ فعيلة
من قولك تشظت العصا :إذا صارت فلقا ،والجمع شظايا ،والقصب الذي في
أسفل الريش للطيور .والعلم جمع علم بالتحريك وهو طراز الثوب،
ورسم الشئ ورقمه و " أعلما " في المعنى كالتأكيد لبينة ،وكلمة " لها
" غير موجودة في بعض النسخ ،فيكون قوله " :جناحان " خبر مبتدء
محذوف ،أي جناحاه لم يجعل رقيقين بالغين في الرقة ول في الغلظ حذرا
من النشقاق والثقل المانع من الطيران ،ولجأ إلى الشئ أي لذواعتصم
به ،ووقوع الطير :ضد ارتفاعه .وأركان كل شئ :جوانبه التي يستند إليها
ويقوم بها ،والنهوض :التحرك بالقيام ،ونهض الطائر :إذا بسط جناحه
ليطير ،والعيش :الحياة ،ومصالح الشئ :ما فيه صلحه ضد الفساد،
والبارئ :الخالق ،ومثال الشئ شبهه ،وخل أي مضى وسبق ،أي لم يخلق
الشياء على حذو خالق سبقه بل ابتدعها على مقتضى الحكمة والمصلحة.
قال الدميري :الخفاش بضم الخاء وتشديد الفاء واحد الخفافيش :التي
تطير في الليل وهو غريب الشكل والوصف ،والخفش :صغر العين وضيق
البصر ،والخفش صغير العين ضعيف البصر ،وقيل هو عكس العشى،
وقيل :هو من يبصر في الغيم دون الصحو ،وقال الجوهري هو نوعان،
فالعشى :من يبصر نهارا ل ليل ،والعمش :ضعف الرؤية مع
) (1في المخطوطة :هو مصدر* .
][328
سيلن الدمع غالب الوقاق ،والعور معروف .قال البطليوسى :الخفاش له أربعة
أسماء :خفاش وخشاف وخطاف ووطواط وتسميته خفاشا يحتمل أن يكون
مأخوذا من الخفش ،والخفش في اللغة نوعان :ضعيف البصر خلقه،
والثاني لعلة حدثت ،وهو الذي يبصر بالليل دون النهار ،وفي يوم الغيم
دون الصحو .وما ذكره من أن الخفاش هو الخطاف فيه نظر ،والحق أنه
صنفان ) .(1وقال قوم :الخفاش الصغير ،والوطواط الكبير ،وهو ل يبصر
في ضوء القمر و ول في ضوء النهار ،ولما كان ل يبصر نهارا التمس
الوقت الذي ل يكون فيه ظلمة ول ضوء وهو قريب غروب الشمس لنه
وقت هيجان البعوض ،فان البعوض يخرج ذلك الوقت يطلب قوته وهو
دماء الحيوان ،والخفاش يطلب الطعم ) (2فيقع طالب رزق على طالب
رزق ،والخفاش ليس هو من الطير في شئ لنه ذوا ذنين وأسنان
وخصيتين ويحيض ويطهر ويضحك كما يضحك النسان ،ويبول كما تبول
ذوات الربع ،ويرضع ولده ول ريش له .قال بعض المفسرين :لما كان
الخفاش هو الذي خلقه عيسى بن مريم عليه السلم باذن ال تعالى ،كان
مباينا لصنعة ال تعالى ولهذا جميع الطير تقهره وتبغضه ،فما كان منها
يأكل اللحم أكله وماليأ كل اللحم قتله ،فلذلك ل يطير إل ليل .وقيل :لم
يخلق عيسى عليه السلم غيره لنه أكمل الطير خلقا وهو أبلغ في القدرة
لن له ثديا وأسنانا واذنا ) ،(4وقيل :إنما طلبوا خلق الخفاش لنه من
أعجب الطير ) (5إذ هو لحم ودم يطير بغير ريش وهو شديد الطيران
سريع التقلب
) (1في المصدر :صنفان وهو الوطواط (2) .في المصدر :والخفاش يخرج طالبا
للطعم (3) .في المصدر :وخصيتين ومنقار (4) .زاد في المصدر:
وتحيض كما تحيض المرأة (5) .في المصدر :من اعجب الطير خلقة* .
][329
يقتات بالبعوض والذباب وبعض الفواكه ،وهو مع ذلك موصف بطول العمر ،فيقال:
إنه أطول عمرا من النسر ومن حمارا الوحش ،وتلدا نثاه مابين ثلثة
أفراخ وسبعة ،وكثيرا ما يسفدو هو طائر في الهواء ،وليس في الحيوان
ما يحمل ولده غيره والقرد والنسان ،ويحمله تحت جناحه ،وربما قبض
عليه بفيه وهو من حنوه عليه وإشفاقه عليه ،وربما أرضعت النثى ولدها
وهي طائرة ،وفي طبعه أنه متى أصابه ورق الدلب حذرو لم يطر،
ويوصف بالحمق ،ومن ذلك إذا قيل له " :اطرق كرا " التصق بالرض )
) * .(1باب البوم - 1 * (14كامل الزيارة :عن محمد بن الحسن بن
الوليد وجماعة مشايخي عن سعد بن عبد ال عن اليقطيني عن صفوان
عن الحسين بن أبي غندر عن أبي عبد ال عليه السلم قال :سمعته يقول
في البومة فقال :هل أحد منكم رآها نهارا ) (2؟ قيل له :ل تكاد تظهر
بالنهار ول تظهر إل ليل ،قال :أما إنها لم تزل تأوي العمران فلما أن قتل
الحسين عليه السلم آلت على نفسها أن ل تأوي العمران أبدا ،ول تأوي
إل الخراب ،فل تزال نهارها صائمة حزينة حتى يجنها الليل ،فإذا جنها
الليل فل تزال ترن على الحسين عليه السلم حتى تصبح ) - 2 .(3ومنه:
عن حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة عن الحسين بن علي بن صاعد
البربري وكان قيما لقبر الرضا عليه السلم قال :حدثني أبي قال :دخلت
على الرضا عليه السلم فقال لي :ما يقول الناس ؟ قال :قلت :جعلت فداك
جئنا نسألك ،قال :فقال :ترى هذه البومة ) (4كانت على عهد جدي رسول
ال صلى ال عليه واله وسلم تأوي المنازل والقصور والدور
) (1حياة الحيوان 214 :1و (2) .215في المصدر :بالنهار (3) .كامل الزيارة:
(4) .99في المصدر :فقال لى :ترى هذه البومة ؟ ما يقول الناس ؟ قال:
قلت :جعلت فداك جئنا نسألك .فقال :هذه البومة* .
][330
وكانت إذا أكل الناس الطعام تطير فتقع أمامهم فيرمى إليها بالطعام وتسقي ثم ترجع
إلى مكانها ،ولما قتل الحسين بن علي عليهما السلم خرجت من العمران
إلى الخراب والجبال والبراري وقالت :بئس المة أنتم قتلتم ابن نبيكم ول
آمنكم على نفسي ) - 3 .(1ومنه :عن محمد بن جعفر الرزاز عن ابن أبي
الخطاب عن ابن فضال عن رجل عن أبي عبد ال عليه السلم قال :إن
البومة لتصوم النهار ،فإذا أفطرت تدلهت ) (2على الحسين عليه السلم
حتى تصبح ) .(3بيان " :تدلهت " كذا في أكثر النسخ بالدال المهملة،
وفي القاموس :الدله و الدلهة محركة ،والدلوة :ذهاب الفؤاد من هم
ونحوه ،ودلهه العشق بكذا تدليها فتدله والمدله كمعظم :الساهي القلب
الذاهب العقل من عشق ونحوه ،وفي بعض النسخ بالواو .وفي القاموس:
الوله محركة :الحزن وذهاب العقل حزنا ،والحيرة والخوف ،وله كورث
ووجل ووعد فهو ولهان وواله وتوله واتله وهي ولهى و والهة وواله
وميله :شديدة الحزن والجزع على ولدها - 4 .الكامل :عن علي بن
الحسين عن سعد بن موسى بن عمر عن الحسن بن علي الميثمي قال :قال
أبو عبد ال عليه السلم :يا بايعقوب رأيت بومة قط تنفس بالنهار فقال:
ل ،قال وتدري لم ذلك ؟ قال :ل ،قال :لنها تظل يومها صائمة ،فإذا جنها
الليل أفطرت على ما رزقت ،ثم لم تزل ترنم على الحسين عليه السلم حتى
تصبح ) .(4بيان :تنفس كذا في أكثر النسخ بالنون والفاء وكأنه كناية عن
التصويت و الترنم ،ول يبعد أن يكون " تنغش " بالنون والغين المعجمة،
قال في القاموس :النغش :تحرك الشئ من مكانه ،كالنتغاش والتنغش،
وكل طائر أوهامة تحرك في مكانه فقد تنغش.
) (1كامل الزيارة (2) .99 :في المصدر :اندبت على الحسين بن على عليه السلم
) 3و (4كامل الزيارة* .99 :
][331
- 5دليل الطبري :عن الحسن بن علي الوشاء عن عبد الصمد بن بشير عن عطية
أخي أبي العوام قال :كنت مع أبي جعفر عليه السلم في مسجد الرسول
صلى ال عليه واله إذ أقبل أعرابي على لقوح ) (1له فعقله ثم دخل
فضرب ببصره يمينا وشمال كأنه طائر العقل ،فهتف به أبو جعفر عليه
السلم فلم يسمعه فأخذ كفا من حصى فحصبه ) ،(2فأقبل العرابي حتى
نزل بين يديه ،فقال له :يا أعرابي من أين أقبلت ؟ قال :من أقصى الرض،
فقال له أبو جعفر :الرض أوسع من ذلك ،فمن أين أقبلت ؟ قال :من أقصى
الدنيا وما خلفي من شئ ،أقبلت من الحقاف ،قال :أي الحقاف ؟ قال:
أحقاف عاد ،قال :يا أعرابي فما مررت به في طريقك ؟ قال ،مررت بكذا،
فقال ابو جعفر عليه السلم :ومررت بكذا ،قال العرابي نعم ،قال أبو جعفر
عليه السلم :ومررت بكذا فلم يزل يقول العرابي :إني مررت ويقول له
أبو جعفر عليه السلم :ومررت بكذا إلى أن قال له أبو جعفر :فمررت
بشجرة يقال له :شجرة الرقاق ،قال :فوثب العرابي على رجليه ثم صفق
بيده وقال :وال ما رأيت رجل أعلم بالبلد منك أوطئتها ؟ قال :ل يا
أعرابي ،ولكنها عندي في كتاب ،يا أعرابي إن من ورائكم لواديا يقال له:
البرهوت تسكنه البوم والهام يعذب فيه أرواح المشركين إلى يوم القيامة )
- 6 .(3حياة الحيوان :البوم بضم الباء طائر يقع على الذكر والنثى حتى
تقول صدى أو قيادا ) (4فيختص بالذكر ،كنية النثى ام الخراب وام
الصبيان ،ويقال لها غراب الليل ،ومن طبعها أن تدخل على كل طائر في
وكره وتخرجه منه وتأكل فراخه وبيضه ،وهي قوية السلطان في الليل ل
يحتملها شئ من الطير ول تنام الليل فإذا رآها الطير في النهار قتلوها
ونتفوا ريشها للعداوة التي بينها وبينهم ،ومن
) (1اللقوح :الفحل من الخيل والبل (2) .أي رماه بالحصباء أي الحصى (3) .دلئل
المامة (4) .101 :هكذا في الكتاب ،والصحيح :فياد بالفاء قال الدميري:
الفياد كصياد :ذكر البوم* .
][332
أجل ذلك صار الصيادون يجعلونها تحت شباكهم ليقع لهم الطير ،ونقل المسعودي
عن الجاحظ أن البومة ل تطير ) (1بالنهار خوفا من أن تصاب بالعين
لحسنها وجمالها ولما تصور في نفسها أنها أحسن الطير لم تظهر إل
بالليل ،وتزعم العرب في أكاذيبها أن النسان إذا مات أو قتل يتصور )(2
نفسه في صورة طائر يصرخ على قبره مستوحشة لجسدها .والبوم
أصناف وكلها تحب الخلوة بنفسها ) (3والتفرد ،وفي أصل طبعها عداوة
الغربان .وفي تاريخ ابن النجار أن كسرى قال لعامل له :صد لي شر الطير
واشوه بشر الوقود وأطعمه شر الناس ،فصاد بومة وشواها بحطب الدفلى
وأطعمها ساعيا .وفي سراج الملوك لبي بكر الطرطوسي أن عبد الملك بن
مروان أرق ) (4ليلة فاستدعى سميرا ) (5له يحدثه فكان فيما حدثه به أن
قال :يا أمير المؤمنين كان بالموصل بومة وبالبصرة بومة ،فخطبت بومة
الموصل إلى بومة البصرة بنتها لبنها ،فقالت بومة البصرة :ل أفعل إل أن
تجعل لى صداقها مائة ضيعة خراب ،فقالت بومة الموصل :ل أقدر على
ذلك الن ولكن إن دام والينا علينا سلمه ال تعالى سنة واحدة فعلت ذلك
فاستيقظ لها عبد الملك وجلس للمظالم وأنصف الناس بعضهم عن بعض،
وتفقد أمر الولة .ورأيت في بعض المجاميع بخط بعض العلماء الكابر أن
المأمون أشرف يوما من قصره فرأى رجل قائما وبيده فحمة وهو يكتب
بها على حائط قصره ،فقال المأمون
) (1في المصدر :ل تظهر بالنهار (2) .في المصدر " :تتصور " وفيه :تصرخ) .
(3في المصدر :بانفسها (4) .أرق :ذهب عنه النوم في الليل(5) .
السمير :صاحب السمر ،والسمر :الحديث ليل* .
][333
لبعض خدمه :اذهب إلى ذلك الرجل فانظر ما كتب ) (1وائتنى به ،فبادر الخادم إلى
الرجل مسرعا وقبض عليه وتأمل ما كتب فإذا هو :يا قصر جمع فيك
الشوم واللوم * حتى يعشش في أركانك البوم يوما يعشش فيك البوم من
فرحي * أكون أول من يرعاك مرغوم ) (2ثم إن الخادم قال له :أجب أمير
المؤمنين ،فقال له الرجل :سألتك بال ل تذهب بي إليه ،فقال الخادم :لبد
من ذلك ) ،(3فلما مثله بين يدي المأمون أعلمه بما كتب ،فقال له
المأمون :ويلك ما حملك على هذا ؟ قال :يا أمير المؤمنين إنه لن يخفى
عليك ما حواه قصرك هذا من خزاين الموال والحلي والحلل والطعام
والشراب و الفرش والواني والمتعة والجواري والخدم وغير ذلك مما
يقصر عنه وصفي ويعجز عنه فهمي ،وإني يا أمير المؤمنين قد مررت
عليه الن وأنا في غاية من الجوع والفاقة فوقفت متفكرا في أمري ،فقلت
في نفسي :هذا القصر عامر عال وأنا جائع ول فائدة لي فيه ،فلو كان
خرابا ومررت به لم أعدم منه رخامة أو خشبة أو مسمارا أبيعه وأتقوت
بثمنه ،أو ما علم أمير المؤمنين ما قال الشاعر :إذا لم يكن للمرء في دولة
امرئ * نصيب ول حظ تمنى زوالها وما ذاك من بغض له ) (4غير أنه *
يرجى سواها فهو يهوي انتقالها فقال المأمون :يا غلم أعطه ألف دينار،
ثم قال له :هي لك في كل سنة مادام قصرنا عامرا بأهله ).(5
) (1في المصدر :وانظر ما يكتب (2) .في المصدر :من ينعيك (3) .في المصدر :ثم
ذهب به (4) .في المصدر من بغض لها (5) .حياة الحيوان * .115 :1
][334
بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على محمد وآله
الطيبين الطاهرين وبعد فقد وفقنا ال تبارك وتعالى لتصحيح هذا الجزء
من كتاب بحار النوار وهو الجزء الحادي والستون حسب تجزئتنا ،قد
بذلنا الجهد والمجهود في تصحيحه وتنميقه ومقابلته بالنسخ وبمصادره،
وعلقنا عليه تعليقا مختصرا تتميما لما لم يذكره المصنف من غريب اللغة
وغيره ،وتبيانا لما اختلف في مصادره من نصوصه ،وكان المرجع في
تصحيحنا مضافا إلى النسخة المطبوعة المعروفة بطبعة أمين الضرب،
والنسخة المعروفة بطبعة الخونساري نسخة وهو الجزء الحادي والستون
حسب تجزئتنا ،قد بذلنا الجهد والمجهود في تصحيحه وتنميقه ومقابلته
بالنسخ وبمصادره ،وعلقنا عليه تعليقا مختصرا تتميما لما لم يذكره
المصنف من غريب اللغة وغيره ،وتبيانا لما اختلف في مصادره من
نصوصه ،وكان المرجع في تصحيحنا مضافا إلى النسخة المطبوعة
المعروفة بطبعة أمين الضرب ،والنسخة المعروفة بطبعة الخونساري
نسخة مخطوطة أرسلها الفاضل المحترم السيد جلل الدين الرموي دامت
توفيقاته استكتبها أبو القاسم الرضوي الموسوي الخونساري في سنة
،1235نشكر ال تعالى على توفيقنا لذلك ونسأله المزيد من توفيقه
وإفضاله ،إنه ذو الفضل العظيم .عبد الرحيم الرباني الشيرازي عفى عنه
وعن والديه ربيع الول 1392ق
][335
بسمه تعالى انتهى الجزء الثامن من المجلد الرابع عشر -كتاب السماء والعالم -
من بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة البرار ،وهو الجزء الواحد
والستون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة النفيسة الرائقة ،وقد قابلناه على
النسخة التى صححها الفاضل الخبير الشيخ عبد الرحيم الرباني المحترم
بما فيها من التعليق والتنميق وال ولى التوفيق .محمد الباقر البهبودى