You are on page 1of 247

‫بحار النوار‬

‫العلمة المجلسي ج ‪62‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر‬
‫المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء الثاني‬
‫والستون مؤسسة الوفاء بيروت ‪ -‬لبنان الطبعة الثانية المصححة ‪ 1403‬ه‍‬
‫‪ 1983 -‬م‬

‫]‪[1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم } أبواب { } الدواجن وقد مضت منها النعام { } باب {‬
‫} استحباب اتخاذ الدواجن في البيوت { ‪ - 1‬قرب السناد‪ :‬عن سعد بن‬
‫طريف )‪ (1‬عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‬
‫السلم قال‪ :‬كانوا يحبون أن يكون في البيت الشئ الداجن مثل الحمام‬
‫والدجاج أو العناق ليعبث به صبيان الجن ول يعبثون بصبيانهم )‪- 2 .(2‬‬
‫طب الئمة‪ :‬عن المظفر بن محمد بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي‬
‫نجران عن سليمان بن جعفر عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬أكثروا من الدواجن في بيوتكم‬
‫تتشاغل )‪ (3‬بها الشياطين عن صبيانكم )‪(4‬‬

‫)‪ (1‬هكذا في الكتاب في مطبوعة ومخطوطه وفيه تصحيف والصحيح كما في‬
‫المصدر‪ :‬الحسن بن ظريف‪ (2) .‬قرب السناد‪ (3) .45 :‬في المخطوطة‪:‬‬
‫لتشاغل‪ (4) .‬طب الئمة‪.117 :‬‬

‫]‪[2‬‬

‫بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬دجن بالمكان دجونا‪ :‬أقام به وأدجن مثله‪ ،‬وقال ابن السكيت‪:‬‬
‫شاة داجن وراجن‪ :‬إذا ألفت البيوت واستأنست‪ ،‬قال‪ :‬ومن العرب من‬
‫يقولها بالهاء وكذلك غير الشاة‪ ،‬قال لبيد‪ :‬حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا *‬
‫غضفا دواجن قافل أعصامها أراد به كلب الصيد‪ .‬وقال في النهاية‪ :‬فيه‪:‬‬
‫" لعن ال من مثل بدواجنه " هي جمع داجن وهو الشاة التي يعلفها‬
‫الناس في منازلهم يقال‪ :‬شاة داجن‪ ،‬ودجنت تدجن دجونا‪ ،‬والمداجنة حسن‬
‫المخالطة وقد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير‬
‫وغيرها والمثلة بها‪ :‬أن يخصيها ويجدعها انتهى )‪ .(1‬وقال الدميري‪:‬‬
‫الداجن‪ :‬الشاة التى يعلفها الناس في منازلهم‪ ،‬وكذلك الناقة والحمام‬
‫البيوتي‪ ،‬والنثى داجنة‪ ،‬والجمع دواجن‪ ،‬وقال أهل اللغة‪ :‬دواجن البيوت‪:‬‬
‫ما ألفها من الطير والشاة وغيرهما‪ ،‬وقد دجن في بيته‪ :‬إذا لزمه )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ (2) .14 :2‬حياة الحيوان ‪.236 :1‬‬

‫]‪[3‬‬

‫)‪ } - (2‬باب { } فضل اتخاذ الديك وأنواعها واتخاذ الدجاج في البيت وأحكامهما {‬
‫‪ - 1‬العيون والخصال‪ :‬عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد‬
‫الشعري عن إبراهيم بن حمويه عن اليقطيني قال‪ :‬قال الرضا عليه السلم‬
‫في الديك البيض خمس خصال من خصال النبياء‪ :‬معرفته بأوقات الصلة‬
‫والغيرة والسخاء والشجاعة وكثرة الطروقة )‪ - 2 .(1‬مجالس الصدوق‪:‬‬
‫في مناهي النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬نهى عن سب الديك وقال‪ :‬إنه‬
‫يوقظ للصلة )‪ - 3 .(2‬المكارم‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫تعلموا من الديك خمس خصال‪ :‬محافظته على أوقات الصلة والغيرة‬
‫والسخاء والشجاعة وكثرة الطروقة )‪ - 4 .(3‬كتاب جعفر بن محمد بن‬
‫شريح الحضرمي‪ :‬عن حميد بن شعيب عن جابر الجعفي قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن ل ديكا رجله في الرض ورأسه تحت‬
‫العرش‪ ،‬جناح له في المشرق‪ ،‬وجناح له في المغرب‪ ،‬يقول‪ " :‬سبحان‬
‫الملك القدوس " فإذا قال ذلك‪ :‬صاحت الديوك وأجابته فإذا سمع صوت‬
‫الديك فليقل أحدكم‪ :‬سبحان ربي الملك القدوس )‪ - 5 .(4‬الكافي‪ :‬عن العدة‬
‫عن البرقي عن محمد بن علي عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬ديك أفرق‬
‫أبيض يحفظ )‪ (5‬دويرة‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار‪ :‬ج ‪ 277 :1‬الخصال ‪ (2) .298 :1‬مجالس الصدوق‪) 254 :‬‬
‫‪ (662‬ورواه في الفقيه ‪ 3 :4‬باسناد المناهى‪ (3) .‬مكارم الخلق‪.154 :‬‬
‫)‪ (4‬كتاب جعفر بن محمد بن شريح‪ (5) :‬في المصدر‪ :‬ديك ابيض افرق‬
‫يحرس‪.‬‬

‫]‪[4‬‬

‫أهله وسبع دويرات حوله )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال في القاموس‪ :‬ديك أفرق بين الفرق‪،‬‬
‫عرفه مفروق‪ - 6 .‬الكافي‪ :‬عن العدة عن سهل بن زياد عن علي بن‬
‫سليمان بن رشيد عن القاسم بن عبد الرحمن الهاشمي عن محمد بن مخلد‬
‫الهوازي عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ديك أفرق أبيض )‪ (2‬يحرس‬
‫دويرته وسبع دويرات حوله ولنفضة من حمامة منمرة )‪ (3‬أفضل من سبع‬
‫ديوك فرق بيض )‪ - 7 .(4‬ومنه‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد‬
‫عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر بن‬
‫إبراهيم الجعفري قال‪ :‬ذكر عند أبي الحسن عليه السلم حسن الطاووس‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ل يزيدك على حسن الديك البيض بشئ‪ ،‬قال‪ :‬وسمعته يقول‪ :‬الديك‬
‫أحسن صوتا من الطاووس وهو أعظم بركة‪ ،‬ينبهك في مواقيت الصلة‪،‬‬
‫وإنما يدعو الطاووس بالويل بخطيئته التي ابتلي بها )‪ - 8 .(5‬ومنه‪ :‬عن‬
‫علي عن بعض أصحابه )‪ (6‬رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬الديك‬
‫البيض صديقي وصديق كل مؤمن )‪ - 9 .(7‬ومنه‪ :‬عن علي )‪ (8‬عن‬
‫بعض أصحابه عن أبي شعيب المحاملي عن أبي الحسن عليه السلم قال‪:‬‬
‫في الديك خمس خصال من خصال النبياء‪ :‬السخاء والشجاعة )‪(9‬‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .549 :6‬في المصدر‪ :‬ديك أبيض أفرق‪ (3) .‬طير منمر‪ :‬فيه‬
‫نقط سود‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ (5) .550 :6‬فروع الكافي ‪ 550 :6‬فيه‪:‬‬
‫لخطيئة‪ (6) .‬في المصدر‪ " :‬عنه عن بعض اصحابه " ومرجع الضمير‬
‫غير معلوم‪ (7) .‬فروع الكافي ‪ (8) .550 :6‬في المصدر‪ " :‬عنه عن‬
‫بعض اصحابه " ومرجع الضمير غير معلوم‪ (9) .‬زاد في المصدر بعد‬
‫الشجاعة‪ :‬القناعة‪ .‬والظاهر انه زائد وال تزيد عن خمس‪.‬‬

‫]‪[5‬‬

‫والمعرفة بأوقات الصلة )‪ (1‬وكثرة الطروقة والغيرة )‪ .(2‬بيان‪ :‬كثرة الطروقة‬


‫بفتح الطاء من قولهم‪ :‬طروقة الفحل أي انثاه‪ ،‬فالمراد كثرة الزواج‪ ،‬أو‬
‫بالضم مصدر طرق الفحل الناقة‪ :‬إذا نزا عليها‪ ،‬فالمراد كثرة الجماع‪- 10 .‬‬
‫الكافي‪ :‬عن علي وعدة )‪ (3‬من أصحابه عن سهل بن زيد جميعا عن جعفر‬
‫ابن محمد الشعري عن ابن القداح عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم صياح الديك صلته‪ ،‬وضربه بجناحه ركوعه‬
‫وسجوده )‪ .(4‬بيان‪ :‬كأنه إشارة إلى قوله تعالى‪ " :‬والطير صافات كل قد‬
‫علم صلته وتسبيحه " كما مر‪ ،‬وقد مر استحباب اتخاذ الدجاج في الباب‬
‫السابق‪ - 11 .‬الكافي‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد عن عمرو بن‬
‫عثمان رفعه قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الوز‪ :‬جاموس الطير‪،‬‬
‫والدجاج‪ :‬خنزير الطير‪ ،‬والدراج حبش الطير‪ ،‬وأين أنت عن فرخين‬
‫ناهضين ربتهما امرأة من ربيعة بفضل قوتها )‪ .(5‬بيان‪ :‬الوز لغة في‬
‫الوز وكونه جاموس الطير لنسه بالحماءة والمياه‪ ،‬وشبه الدجاج‬
‫بالخنزير في أكل العذرة وكون الدراج حبش الطير لسواده‪ ،‬وكأن‬
‫التخصيص بامرأة ربيعة لكون طيرهم أجود أو كونهم أحذق في ذلك أو‬
‫كون الشائع في ذلك الزمان وجود هذا الطير أو كثرته عندهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬باوقات الصلوات‪ (2) .‬فروع الكافي ‪ (3) .550 :6‬في المصدر‪:‬‬
‫عنه وعن عدة من اصحابنا‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ (5) .550 :6‬فروع‬
‫الكافي ‪ .312 :6‬ورواه البرقى في المحاسن‪ .474 :‬وروى باسناده عن‬
‫ابن الحسن النهدي عن على بن أسباط رفعه إلى امير المؤمنين )ع( انه‬
‫ذكر عنده لحم الطير فقال‪ :‬اطيب اللحم لحم فرخ غذته فتاة من ربيعة‬
‫بفضل قوتها‪.‬‬

‫]‪[6‬‬

‫‪ - 10‬الكافي‪ :‬عن أحمد عن السياري رفعه قال‪ :‬ذكرت اللحمان بين يدي عمر‪ :‬فقال‬
‫عمر‪ :‬إن أطيب اللحمان لحم الدجاج‪ ،‬فقال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬كل‬
‫إن ذلك خنازير الطير‪ ،‬وإن أطيب اللحمان لحم فرخ نهض أو كاد ينهض )‬
‫‪ - 11 .(1‬المحاسن‪ :‬عن محمد بن علي عن يونس بن يعقوب عن عبد‬
‫العلى قال‪ :‬أكلت مع أبي عبد ال عليه السلم فدعا واتي بدجاجة محشوة‬
‫وبخبيص‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬هذه اهديت لفاطمة‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا‬
‫جارية ايتنا بطعامنا المعروف فجاء بتريد وخل وزيت )‪ - 12 .(2‬مجمع‬
‫البيان‪ :‬روي أن النبي صلى ال عليه وآله كان يأكل الدجاج والفالوذج‬
‫وكان يعجبه الحلواء والعسل )‪ .(3‬بيان‪ :‬أكثر الخبار تدل على كراهة لحم‬
‫الدجاج‪ ،‬ولم أرمن تعرض لها غير أن الشهيد ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬في الدروس‬
‫ذكر الرواية المتقدمة‪ ،‬ويمكن حمل أخبار الذم على ما إذا كانت جللة أو‬
‫قريبة من الجلل ولم يستبرء‪ ،‬فمع الستبراء ثلثة أيام يزول التحريم أو‬
‫الكراهة‪ ،‬كما روى الدميري عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله كان إذا أراد أن يأكل دجاجة أمر بها فربطت أياما ثم يأكلها بعد ذلك‬
‫انتهى )‪ .(4‬والتعليل الوارد في الخبار المتقدمة ربما يشعر بذلك‪- 13 .‬‬
‫حياة الحيوان‪ :‬الديك ذكر الدجاج‪ ،‬وجمعه ديوك وديكة‪ ،‬وتصغيره دويك‪،‬‬
‫ويسمى النيس والمؤانس‪ ،‬ومن شأنه أنه ل يحنو على ولده ول يألف‬
‫زوجة واحدة‪ ،‬وهو أبله الطبيعة‪ ،‬وذلك إنه إذا سقط من حائط لم تكن له‬
‫هداية تر شده إلى دار أهله‪ ،‬وفيه من الخصال الحميدة أن يسوي بين‬
‫دجاجه ول يؤثر واحدة على واحدة إل نادرا‪.‬‬
‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ .312 :6‬ورواه البرقى في المحاسن‪ 475 :‬عن السيارى‪(2) .‬‬
‫المحاسن‪ 400 :‬فيه‪ :‬بثريد‪ (3) .‬مجمع البيان ‪ 236 :3‬ط الصيداء‪(4) .‬‬
‫حياة الحيوان ‪.241 :1‬‬

‫]‪[7‬‬

‫وأعظم ما فيه من العجائب معرفة الوقات الليلية‪ ،‬فيقسط أصواته عليها تقسيطا ل‬
‫يكاد يغادر منه شيئا سواء طال أو قصر‪ ،‬ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده‬
‫فسبحان من هداه لذلك‪ ،‬ولهذا أفتى القاضي حسين والمتولي والرافعي‬
‫بجواز اعتماد الديك المجرب في أوقات الصلة )‪ ،(1‬ومن غرائب أمره أنه‬
‫إذا كانت الديكة بمكان و دخل عليهم ديك غريب سفدته كلها‪ .‬قال الجاحظ‪:‬‬
‫ويدخل في الديك الهندي والجلسي والنبطي والسندي والزنجي قال‪ :‬وزعم‬
‫أهل التجربة أن الديك البيض الفرق من خواصه أن يحفظ الدار التي هو‬
‫فيها‪ ،‬وزعموا أن الرجل إذا ذبح الديك البيض الفرق لم يزل ينكب )‪ (2‬في‬
‫أهله وماله‪ .‬روى عبد الحق بن قانع باسناده إلى جابر بن أثوب ‪ -‬بسكون‬
‫الثاء المثلثة وفتح الواو وهو أثوب بن عتبة ‪ -‬أن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله قال‪ :‬الديك البيض خليلي‪ .‬وإسناده ل يثبت‪ ،‬ورواه غيره بلفظ‪ :‬الديك‬
‫البيض صديقي وعدو الشيطان يحرس صاحبه وسبع دور خلفه‪ .‬وكان‬
‫النبي صلى ال عليه وآله يقتنيه في البيت والمسجد‪ .‬وفي ترجمة البزي‬
‫الراوي عن ابن كثير عن الحسن عن أنس أن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫كان يقول‪ :‬الديك البيض الفرق حبيبي وحبيب جبرئيل‪ ،‬يحرس بيته وستة‬
‫عشر بيتا من جيرانه‪ .‬وروى الشيخ محب الدين الطبري أن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله كان له ديك أبيض وكانت الصحابة يسافرون بالديكة لتعرفهم‬
‫أوقات الصلة‪ .‬وفي الصحيحين وسنن أبي داود والترمدي والنسائي عن‬
‫أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إذا سمعتم صياح الديكة‬
‫فاسألوا ال من فضله فانها رأت ملكا‪ ،‬وإذا سمعتم نهاق الحمير فتعوذوا‬
‫بال من الشيطان فانها رأت شيطانا‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في اوقات الصلوات‪ (2) .‬أي يصيبه النكبة أي المصيبة‪.‬‬

‫]‪[8‬‬

‫قال القاضي‪ :‬سببه رجاء تأمين الملئكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم له‬
‫بالخلض والتضرع والبتهال‪ ،‬وفيه استحباب الدعاء عند حضور‬
‫الصالحين والتبرك بهم‪ ،‬وإنما أمرنا بالتعوذ من الشيطان عند نهيق الحمير‬
‫لن الشيطان يخاف من شره عند حضوره‪ ،‬فينبغي أن يتعوذ منه انتهى‪.‬‬
‫وفي معجم الطبراني وتاريخ إصبهان عن النبي صلى ال عليه وآله قال إن‬
‫ل ديكا أبيض جناحاه موشيان بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ‪ ،‬له جناح‬
‫بالمشرق وجناح بالمغرب‪ ،‬و رأسه تحت العرش وقوائمه في الهواء‬
‫ويؤذن كل سحر فيسمع تلك الصيحة أهل السماوات والرض إل الثقلين‪:‬‬
‫الجن والنس فعند ذلك يجيبه ديوك الرض‪ ،‬فإذا دنايوم القيامة قال ال‬
‫تعالى‪ :‬ضم جناحك وغض صوتك‪ ،‬فيعلم أهل السماوات والرض إل‬
‫الثقلين أن الساعة قد اقتربت‪ .‬وروى الطبراني والبيهقي في الشعب عن‬
‫محمد بن المنكدر عن جابر أن النبي صلى ال عليه وآله قال إن ل ديكا‬
‫رجله في التخوم ورأسه )‪ (1‬تحت العرش مطوية‪ ،‬فإذا كان هنة )‪ (2‬من‬
‫الليل صاح‪ " :‬سبوح قدوس " فتصيح الديكة‪ .‬وفي كتاب فضل الذكر‬
‫للحافظ جعفر بن محمد بن الحسن الفرياني عن ثوبان مولى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم قال‪ :‬إن ل ديكا براثنه )‪ (3‬في الرض السفلى‪،‬‬
‫وعنقه مثني تحت العرش وجناحاه في الهواء يخفق بهما في السحر كل‬
‫ليلة يقول‪ :‬سبحان الملك القدوس ربنا الرحمن )‪ (4‬الملك ل إله غيره )‪.(5‬‬
‫وروى الثعلبي أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬ثلثة أصواب يحبها ال‬
‫تعالى‪ :‬صوت‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وعنقه‪ (2) .‬الهنة‪ :‬الطائفة من الليل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬رجله‪) .‬‬
‫‪ (4‬في المصدر‪ :‬ربنا الملك الرحمن‪ (5) .‬هذه وامثالها من روايات العامة‬
‫لم تثبت من طريق الخاصة وفيها غرابة شديدة ولعل المراد بالديك ملك‬
‫يشابهه وعلى أي فالسكوت عنها طريق النجاة‪.‬‬

‫]‪[9‬‬

‫الديك وصوت قارئ القرآن وصوت المستغفرين بالسحار‪ .‬وروى المام أحمد وأبو‬
‫داود وابن ماجة عن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫قال‪ :‬ل تسبوا الديك فانه يوقظ للصلة‪ .‬إسناده جيد‪ ،‬وفي لفظ‪ :‬فانه يدعو‬
‫إلى الصلة‪ .‬قال المام الحليمي قوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬فانه يدعو إلى‬
‫الصلة " فيه دليل على أن كل من استفيد منه خير ل ينبغي أن يسب‬
‫ويستهان‪ ،‬بل حقه أن يكرم ويشكر ويتلقى بالحسان‪ ،‬وليس معنى دعاء‬
‫الديك إلى الصلة أن يقول بصراخه حقيقة‪ :‬الصلة أوقد حانت الصلة‪ ،‬بل‬
‫معناه أن العادة قد جرت بأن يصرخ صرخات متتابعة عند الفجر وعند‬
‫الزوال فطرة فطره ال عليها فتذكر الناس بصراخه الصلة‪ ،‬ول يجوز لهم‬
‫أن يصلوا بصراخه من غير دللة سواه إل من جرب منه ما ل يخلف‬
‫فيصير ذلك له إشارة وال أعلم انتهى‪ .‬وروى الحاكم في المستدرك )‪(1‬‬
‫عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن ال تعالى أذن لي أن‬
‫احدث عن ديك رجله في الرض وعنقه مثنية تحت العرش وهو يقول‪" :‬‬
‫سبحانك ما أعظم شأنك ؟ " قال‪ :‬فيرد عليه ما يعلم ذلك من حلف بي لذبا‪.‬‬
‫وروى أبو طالب المكي والغزالي عن ميمون بن مهران أنه قال‪ :‬بلغني أن‬
‫تحت العرش ملكا في صورة ديك رأسه من لؤلؤة‪ ،‬وجناحاه من زبرجد‬
‫أخضر )‪ ،(2‬فإذا مضى ثلث الليل الول ضرب بجناحيه وزقا )‪ (3‬وقال‪:‬‬
‫ليقم القائمون‪ ،‬فإذا مضى نصف الليل ضرب بجناحيه وزقا وقال‪ :‬ليقم‬
‫المصلون‪ ،‬فإذا طلع الفجر ضرب بجناحيه وزقا وقال‪ :‬ليقم الغافلون‪:‬‬
‫وعليهم أوزارهم‪ .‬ومعنى زقا‪ :‬صاح‪.‬‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر‪ :‬في أوائل كتاب اليمان والطبراني ورجاله رجال الصحيح‪) .‬‬
‫‪ (2‬في المصدر‪ :‬براثنه من لؤلؤ صيصيته من زبرجد أخضر‪ (3) .‬زقا‬
‫الطائر‪ :‬صاح‪.‬‬

‫]‪[10‬‬

‫وعن عبد ال بن نافع أن النبي صلى ال عليه وآله نهى عن إخصاء الخيل والغنم‬
‫والديك )‪ (1‬وقال‪ :‬إنما النماء في الخيل وتحرم المنافرة بالديكة )‪ .(2‬وقال‪:‬‬
‫الدجاج مثلث الدال الواحدة دجاجة‪ ،‬الذكر والنثى فيه سواء والهاء فيه‬
‫كبطة وحمامة ومن عجيب أمرها أنه يمر بها سائر السباع فل يخشاها‪،‬‬
‫فإذا مربها ابن آوي وهي على سطح أو جدار أو شجرة رمت بنفسها إليه‪،‬‬
‫وتوصف بسرعة النتباه وقوة )‪ (3‬النوم ويقال‪ :‬إن نومها واستيقاظها إنما‬
‫هو بمقدار خروج النفس ورجوعه ويقال‪ :‬إنما تفعل ذلك من شدة الجبن‪،‬‬
‫وأكثر ما عندها من الحيلة أنها ل تنام على الرض بل ترتفع على رف أو‬
‫جذع أو جدار أو ما قارب ذلك‪ ،‬والدجاج مشترك الطبيعة يأكل اللحم‬
‫والذباب‪ ،‬وذلك من طباع الجوارح‪ ،‬ويأكل الخبز ويلقظ الحب وذلك من‬
‫طباع بهائم الطير )‪ ،(4‬والفرخ يخرج من البيضة تارة بالحضن وتارة بأن‬
‫يدفن في الزبل )‪ (5‬ونحوه‪ .‬وروى ابن ماجة من حديث أبي هريرة أن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أمر الغنياء باتخاذ الغنم وأمر الفقراء باتخاذ‬
‫الدجاج )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وفى الكامل في ترجمة عبد ال بن نافع مولى ابن عمر أن النبي‬
‫)ص( نهى عن خصاء الديك والغنم والخيل‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪ 249 :1‬و‬
‫‪ (3) .250‬في المصدر‪ :‬وتوصف الدجاحة بقلة النوم وسرعة النتباه‪) .‬‬
‫‪ (4‬زاد في المصدر‪ :‬ويعرف الديك من الدجاجة وهو في البيضة وذلك ان‬
‫البيضة إذا كانت مستطيلة محدودة الطراف فهى مخرج الناث وان كانت‬
‫مستديرة عريضة الطراف فهى مخرج الذكور‪ (5) .‬الزبل‪ :‬السرجين أو‬
‫السرقين‪ :‬يستفاد من ذلك أن انتاج الدجاج من وضع البيض تحت حرارة‪،‬‬
‫كان معمول سابقا‪ ،‬ولعل المعاصرين تفطنوا من ذلك لختراعهم الجديدة‪.‬‬
‫)‪ (6‬زاد في المصدر‪ :‬وقال‪ " :‬عند اتخاذ الغنياء الدجاج يأذن ال تعالى‬
‫بهلك القرى " وفيه‪ :‬يعنى ان الغنياء إذا ضيقوا على الفقراء في‬
‫مكاسبهم وخالطوهم في معايشهم تعطل سببهم وهلكوا وفى هلك الفقراء‬
‫بوار وفى ذلك هلك القرى وبوارها‪.‬‬

‫]‪[11‬‬

‫ويحل أكل الدجاج لما روى الشيخان والترمدي والنسائي عن إبراهيم بن رهدم بن‬
‫المصرم الحرمي )‪ (1‬قال‪ :‬كنا عند أبي موسى الشعري فدعا بمائدة عليها‬
‫لحم دجاجة فخرج من بنى تيم ال أحمر شبيه بالموالي فقال‪ :‬هلم فتلكأ )‪(2‬‬
‫فقال‪ :‬هلم فاني رأيت النبي صلى ال عليه وآله يأكل منه‪ .‬وفي لفظ‪ :‬يأكل‬
‫دجاجة‪ .‬وهذا الرجل إنما تلكأ لنها تأكل العذرة )‪ (2‬فقذره‪ ،‬ويحتمل أن‬
‫يكون تردد ل لتباس الحكم عليه أولم يكن عنده دليل فتوقف حتى يعلم حكم‬
‫ال تعالى‪.‬‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬عن ابن رهدم مصرم الحرمى وفى المصدر‪ :‬عن زهدم بن‬
‫مضرم الجرمى‪ (2) .‬أي أبطأ وتوقف‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وهذا الرجل تلكأ‬
‫لنه رآه يأكل العذرة‪.‬‬

‫]‪[12‬‬

‫‪ } - 3‬باب { } الحمام وأنواعه من الفواخت والقمارى والدباسى { } والوراشى‬


‫وغيرها { ‪ - 1‬العلل‪ :‬عن محمد بن موسى المتوكل عن علي بن الحسين‬
‫السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد ال البرقى عن أبيه عن يونس عن عبد‬
‫ال بن مسكان عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن الشئ إذا اختلف لم‬
‫يلقح‪ ،‬قلت‪ :‬فان الناس يزعمون الطير الراعبي )‪ (1‬أحد أبويه ورشان وقد‬
‫نراه يبيض ويفرخ‪ ،‬قال كذبوا إنه قد يلقى الورشان على الطير فيتزاوج‬
‫ويبيض ويفرخ ول يفرخ نسله أبدا )‪ .(2‬تبيان‪ :‬قوله‪ " :‬إن الشئ إذا‬
‫اختلف لم يلقح " أي إذا تولد الحيوان من جنسين مختلفين يكون عقيما ل‬
‫يلد‪ ،‬فقال الراوي‪ :‬الراعبي مع كونه من جنسين مختلفين يبيض ويفرخ‪،‬‬
‫وجوابه عليه السلم يحتمل وجهين‪ :‬أحدهما تكذيب الناس في ذلك وإفادة‬
‫أنه ل يبيض ول يفرخ بل كل راعبي يتولد من جنسين‪ ،‬وثانيهما أن يكون‬
‫المعنى أن ما يحصل من الورشان والجنس الخر هو غير الراعبي ول‬
‫يفرخ‪ ،‬ولعله أظهر‪ .‬وقال الدميري‪ :‬الراعبي‪ :‬طائر متولد بين الورشان‬
‫والحمام وهو شكل عجيب قاله القزويني )‪ .(3‬وقال‪ :‬الورشان هو ساق‬
‫حر‪ ،‬وقيل‪ :‬طائر متولد بين الفاختة والحمامة‪ ،‬و بعضهم يسميه الوراشين‪،‬‬
‫وهو أصناف منها النوبي وهو أسود حجازى إل أنه أشجى صوتا من‬
‫الورشان يوصف بالحنو على الولد حتى أنه ربما قتل نفسه إذا رآها‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ان الطير الراعبى‪ (2) .‬الخصال ‪) 181 :2‬طبعة قم(‪ (3) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪.265 :1‬‬

‫]‪[13‬‬

‫في يد القانص )‪ .(1‬وقال‪ :‬ساق حر‪ :‬الورشان وهو ذكر القماري ل يختلفون في‬
‫ذلك )‪ - 2 .(2‬العيون والعلل‪ :‬بالسناد المتقدم سأل الشامي أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم عن معنى هدير الحمام الراعبية‪ ،‬فقال‪ :‬تدعو على أهل‬
‫المعازف والقيان والمزامير والعيدان )‪ .(3‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬المعازف‪:‬‬
‫الملهي كالعود والطنبور والواحد عزف أو معزف كمنبر ومكنسة‪ ،‬والقيان‬
‫جمع القينة‪ :‬المة المغنية‪ ،‬فهو عطف على الهل‪ ،‬ويقدر المضاف في‬
‫الخيرين‪ - 3 .‬الختصاص والبصائر‪ :‬عن أحمد بن محمد عن البزنطي عن‬
‫بعض أصحابنا قال‪ :‬اهدي إلى أبي عبد ال عليه السلم فاختة وورشان‬
‫وطير راعبي فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أما الفاختة فتقول‪ " :‬فقدتكم‬
‫فقدتكم " فافقدوها قبل أن تفقدكم فأمر بها فذبحت‪ ،‬وأما الورشان فيقول‪:‬‬
‫" قد ستم قد ستم " فوهبه لبعض أصحابه‪ ،‬والطير الراعبي يكون عندي‬
‫أسر به )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال الدميري‪ :‬الفاختة واحدة الفواخت من ذوات‬
‫الطواق‪ ،‬زعموا أن الحيات تهرب من صوتها وهى عراقية وليست‬
‫حجازية‪ ،‬وفيها فصاحة وحسن صوت وفي طبعها النس‪ ،‬وتعيش في‬
‫الدور‪ ،‬والعرب تصفها بالكذب‪ ،‬فان صوتها عندهم هذا أو ان الرطب تقول‬
‫ذلك والنخل لم تطلع وتعمر )‪ (5‬وقد ظهر منه ما عاش خمسة و عشرين‬
‫سنة وما عاش أربعين سنة )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ (2) .284 :2‬حياة الحيوان ‪ (3) .8 :2‬عيون الخبار ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ 246‬علل الشرائع ‪ 283 :2‬و ‪ 284‬فيه‪ :‬القينات‪ (4) .‬الختصاص‪294 :‬‬
‫فيه‪ :‬انسى به‪ ،‬بصائر الدرجات‪ 234 :‬ط التبريز‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وهذا‬
‫الطائر يعمر كثيرا‪ (6) .‬حياة الحيوان ‪ 137 :2‬و ‪.138‬‬

‫]‪[14‬‬
‫‪ - 4‬البصائر‪ :‬عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر عن الحلبي عن‬
‫ابن مسكان عن أبي أحمد عن شعيب بن الحسن قال‪ :‬كنت عند أبي جعفر‬
‫عليه السلم جالسا فسمع صوتا من الفاختة فقال‪ :‬تدرون ما تقول ؟ قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ل قال‪ :‬تقول‪ " :‬فقدتكم " فافقدوها قبل أن تفقدكم )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن‬
‫البرقي عن النضر عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن أبي أحمد عن‬
‫سعد بن الحسن عن أبي جعفر عليه السلم مثله )‪ - 5 .(2‬ومنه‪ :‬عن أحمد‬
‫بن محمد عن سعيد بن جناح عن ابن أبي عمير عن حفص ابن البختري‬
‫عن بعض أصحابنا قال‪ :‬سمعت فاختة تصيح من دار أبي عبد ال عليه‬
‫السلم فقال‪ :‬أتدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬تقول‪:‬‬
‫فقدتكم أما أنا لنفقدنها قبل أن تفقدنا‪ ،‬قال‪ :‬فأمر بها فذبحت )‪- 6 .(3‬‬
‫ومنه‪ :‬عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد والبرقي عن النضر عن‬
‫يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن داود بن فرقد عن علي بن سنان قال‪ :‬كنا‬
‫عند أبي عبد ال عليه السلم فسمع صوت فاختة في الدار فقال‪ :‬أين هذه‬
‫التي أسمع صوتها ؟ قلنا‪ :‬هي في الدار اهديت لبعضهم‪ ،‬فقال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬أما لنفقدنك قبل أن تفقدنا قال‪ :‬ثم أمر بها فاخرجت من الدار‬
‫)‪ .(4‬بيان‪ :‬ربما يحمل دعاؤها على صاحب البيت بأنها لخساستها وبعض‬
‫جهات الشر فيها في صوتها نحوسة تترتب عليها الجلء والهلك‪ ،‬فكأنها‬
‫تدعو على صاحب البيت‪ ،‬ول ضرورة في ارتكاب هذه التكلفات كما عرفت‬
‫سابقا‪ - 7 .‬كامل الزيارة‪ :‬عن أبيه وعلي بن الحسين عن علي بن إبراهيم‬
‫عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫اتخذوا الحمام الراعبية في‬

‫)‪ (1‬بصائر الدرجات‪ (2) .343 :‬بصائر الدرجات‪ (3) .344 :‬بصائر الدرجات‪.‬‬
‫‪ (4) .344‬بصائر الدرجات‪.346 :‬‬

‫]‪[15‬‬

‫بيوتكم‪ ،‬فانها تلعن قتلة الحسين عليه السلم )‪ .(1‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم‬
‫مثله )‪ - 8 .(2‬الكامل‪ :‬عن أبيه وأخيه وعلي بن الحسين ومحمد بن‬
‫الحسن جميعا عن أحمد ابن إدريس عن الجامورانى عن الحسن بن علي‬
‫بن أبي حمزة عن صندل عن داود بن فرقد قال‪ :‬كنت جالسا في بيت أبي‬
‫عبد ال عليه السلم فنظرت إلى الحمام الراعبي يقرقر طويل‪ ،‬فنظر إلى‬
‫أبو عبد ال عليه السلم طويل فقال‪ :‬يا داود أتدري ما يقول هذا الطير ؟‬
‫قلت‪ :‬ل وال جعلت فداك‪ ،‬قال‪ :‬يدعو على قتلة الحسين عليه السلم‬
‫فاتخذوه في منازلكم )‪ (3‬الكافي‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد بن‬
‫الجاموراني مثله )‪ - 9 .(4‬إرشاد المفيد‪ :‬عن علي بن سعيد عن محمد بن‬
‫كرامة عن أبي حمزة الثمالي قال‪ :‬كانت لبن ابنتي حمامات فذبحتهن‬
‫غضبا ثم خرجت إلى مكة فدخلت على أبي جعفر محمد الباقر عليه السلم‬
‫قبل طلوع الشمس فلما طلعت رأيت فيها حماما كثيرا‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أسأله‬
‫مسائل وأكتب ما يجيبني عنها وقلبي متفكر فيما صنعت بالكوفة وذبحي‬
‫لتلك الحمامات من غير معنى‪ ،‬وقلت في نفسي‪ :‬لو لم يكن في الحمام خير‬
‫لما أمسكهن‪ .‬فقال لي أبو جعفر عليه السلم‪ :‬مالك يا با حمزة ؟ قلت‪ :‬يابن‬
‫رسول ال خير‪ ،‬قال‪ :‬كأن قلبك في مكان آخر ؟ قلت‪ :‬إي وال‪ ،‬وقصصت‬
‫عليه القصة وحدثته بأني ذبحتهن فالن أنا أعجب بكثرة ما عندك منها‪،‬‬
‫قال‪ :‬فقال الباقر عليه السلم‪ :‬بئس ما صنعت يا أبا حمزة أما علمت إنه إذا‬
‫كان من أهل الرض عبثا بصبياننا ندفع عنهم الضرر بانتفاض الحمام‪،‬‬
‫وإنهن يؤذن بالصلة في آخر الليل‪ ،‬فتصدق عن كل واحدة منهن دينارا‬
‫فانك قتلتهن غضبا )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬كامل الزيارات‪ (2) .98 :‬فروع الكافي ‪ 547 :6‬و ‪ 548‬زاد في آخره‪ :‬ولعن‬
‫ال قاتله‪ (3) .‬كامل الزيارات‪ (4) .98 :‬فروع الكافي ‪ 547 :6‬فيه‪ :‬إلى‬
‫حمام راعبي يقرقر فنظر‪ (5) .‬ارشاد المفيد‪.‬‬

‫]‪[16‬‬

‫بيان‪ :‬انتفاض الحمام‪ :‬تحركها ونفض أجنحتها‪ ،‬ويدل على لزوم الكفارة إذا قتل‬
‫الحمام غضبا‪ ،‬ولعله محمول على الستحباب ولم أرمن تعرض له‪- 10 .‬‬
‫طب الئمة‪ :‬عن علي بن سعيد عن محمد بن كرامة قال‪ :‬رأيت في منزل‬
‫موسى بن جعفر عليه السلم زوج حمام أما الذكر فانه كان أخضر به شئ‬
‫من السمر‪ ،‬وأما النثى فسوداء ورأيته يفت لهما الخبز وهو على الخوان‬
‫ويقول‪ :‬إنهما ليحر كان من الليل ويؤنسان وما من انتفاضة ينتفضانها من‬
‫الليل إل دفع ال بها من دخل البيت من الرواح‪ .‬بيان‪ :‬الرواح‪ :‬الجن‪11 .‬‬
‫‪ -‬مشارق النوار‪ :‬عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫عادانا من كل شئ حتى من الطيور الفاختة ومن اليام الربعاء )‪- 12 .(2‬‬
‫الكافي‪ :‬عن العدة عن سهل عن علي بن سليمان عن القاسم بن عبد‬
‫الرحمن عن محمد بن مخلد عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لنفضة من‬
‫حمامة منمرة أفضل من سبع ديوك فرق بيض )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال في‬
‫القاموس‪ :‬النمرة بالضم‪ :‬النكتة من أي لون كان‪ ،‬والنمر‪ :‬ما فيه نمرة‬
‫بيضاء واخرى سوداء وهي نمراء‪ ،‬والنمر ككتف وبالكسر‪ :‬سبع معروف‬
‫سمي للنمر التي فيه‪ - 13 .‬الكافي‪ :‬عن عدة من أصحابه عن أحمد بن‬
‫محمد بن خالد عن بكر بن صالح عن محمد بن أبي حمزة عن عثمان‬
‫الصبهاني قال‪ :‬أهديت لسماعيل بن أبي عبد ال عليه السلم صلصل‪،‬‬
‫فدخل أبو عبد ال عليه السلم فلما رآه قال‪ :‬هذا الطير المشؤم أخرجوه‬
‫فانه يقول‪ " :‬فقدتكم " فافقدوه قبل أن يفقدكم )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬طب الئمة‪ (2) :‬مشارق النوار‪ :‬ليست عندي نسخته‪ (3) .‬فروع الكافي ‪:6‬‬
‫‪ 549‬و ‪ 550‬فيه‪ " :‬على بن سليمان بن رشيد " وفيه‪ " :‬القاسم ابن‬
‫عبد الرحمن الهاشمي " وتقدم الحديث بتمامه في الباب السابق‪(4) .‬‬
‫فروع الكافي ‪.551 :6‬‬

‫]‪[17‬‬

‫البصائر‪ :‬عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن محمد بن أبي حمزة عن عمر‬
‫بن محمد الصبهاني مثله )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال الدميري‪ :‬الصلصل بالضم‪:‬‬
‫الفاختة‪ ،‬وكذا ذكره الجوهري وغيره‪ ،‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬الصلصل‬
‫كهدهد‪ :‬طائر أو الفاختة‪ - 14 .‬الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيى عن أحمد بن‬
‫محمد عن علي بن الحكم وابن محبوب عن معاوية بن وهب قال‪ :‬الحمام‬
‫من طيور النبياء عليهم السلم )‪ - 15 .(2‬ومنه‪ :‬عن الحسين بن محمد‬
‫عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان عن‬
‫عبد ال على مولى آل سام قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن‬
‫أول حمام كان بمكة حمام كان لسماعيل عليه السلم )‪ - 16 .(3‬ومنه‪:‬‬
‫عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم إن أصل حمام الحرم بقية حمام كان‬
‫لسماعيل بن إبراهيم عليهما السلم اتخذها كان يأنس بها‪ ،‬فقال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬يستحب أن يتخذ طيرا مقصوصا يأنس به مخافة الهوام )‬
‫‪ .(4‬بيان‪ :‬الهوام جمع الهامة وهي كل ذات سم يقتل‪ ،‬وقد يقع الهوام على‬
‫كل ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل‪ ،‬وكأن المراد هنا الجن وإن احتمل أن‬
‫يكون نافعا لدفع الهوام أيضا‪ - 17 .‬الكافي‪ :‬عن علي بن محمد عن صالح‬
‫بن أبي حماد عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة قال‪ :‬سمعت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬هذه الحمام حمام الحرم هي من نسل حمام‬
‫إسماعيل بن إبراهيم التي كانت له )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬بصائر الدرجات‪ (2) .345 :‬فروع الكافي ‪ (3) .546 :6‬فروع الكافي ‪546 :6‬‬
‫فيه‪ :‬حمام لسماعيل )ع(‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ 564 :6‬فيه‪ :‬تأنس به‪(5) .‬‬
‫فروع الكافي ‪.546 :6‬‬

‫]‪[18‬‬
‫‪ - 18‬ومنه‪ :‬عن علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد والحسين بن محمد عن‬
‫معلى ابن محمد جميعا عن الوشاء عن ابن عائذ عن أبي خديجة عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ليس من بيت فيه حمام إل لم يصب أهل ذلك‬
‫البيت آفة من الجن‪ ،‬إن سفهاء الجن يعبثون في البيت فيعبثون بالحمام‬
‫ويدعون النسان )‪ - 19 .(1‬ومنه‪ :‬عن على بن إبراهيم عن محمد بن‬
‫عيسي عن عبيد ال الدهقان عن درست عن عبد ال بن سنان عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬شكى رجل إلى النبي صلى ال عليه وآله )‪(2‬‬
‫الوحشة فأمره أن يتخذ في بيته زوج حمام )‪ - 20 .(3‬ومنه‪ :‬عن عدة من‬
‫أصحابه عن سهل بن زياد عن أبي عبد ال الجاموراني عن الحسن بن‬
‫على بن أبي حمزة عن أبيه عن صندل عن زيد الشحام قال‪ :‬ذكرت الحمام‬
‫عند أبي عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬اتخذوها في منازلكم فانها محبوبة‬
‫لحقتها دعوة نوح عليه السلم وهي آنس شئ في البيوت‪ - 21 .‬ومنه‪:‬‬
‫عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن رجل عن عمر‬
‫بن يزيد عن أبى سلمة قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬الحمام طير من‬
‫طيور النبياء عليهم السلم التي كانوا يمسكون في بيوتهم‪ ،‬وليس من بيت‬
‫فيه حمام إل لم يصب )‪ (4‬أهل ذلك البيت آفة من الجن‪ ،‬إن سفهاء الجن‬
‫يعبثون في البيت فيعبثون بالحمام ويدعون الناس قال‪ :‬فرأيت في بيت أبي‬
‫عبد ال عليه السلم حماما لبنه إسماعيل عليه السلم )‪ - 22 .(5‬ومنه‪:‬‬
‫عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد عن القاسم بن يحيى عن جده‬
‫الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر قال‪ :‬قال أبو الحسن الول عليه‬
‫السلم‪ :‬ونظرت )‪(6‬‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .546 :6‬في المصدر‪ :‬إلى رسول ال )ص(‪ (3) .‬فروع‬
‫الكافي‪ .546 :6 :‬وروى الصدوق نحوه مرسل في الفقيه ‪(4) .220 :3‬‬
‫في المصدر‪ :‬اللم تصب‪ (5) .‬فروع الكافي ‪ 547 :6‬فيه‪ :‬بيوت‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ونظر‪.‬‬

‫]‪[19‬‬

‫إلى حمام في بيته ‪ -‬ما من انتفاض ينتفض بها إل نفر ال بها من دخل البيت من‬
‫عزمة أهل الرض )‪ .(1‬بيان‪ :‬العزمة بالضم‪ :‬اسرة الرجل وقبيلته‪،‬‬
‫والجمع كصرد وبالتحريك‪ :‬المصححون للمودة‪ ،‬وكأن المراد هنا طائفة من‬
‫الجن يدخلون البيوت ويوادون أهلها‪ - 23 .‬الكافي‪ :‬عن العدة عن أحمد بن‬
‫محمد عن محمد بن على عن رجل عن يحيى الزرق قال‪ :‬سمعت أبا عبد‬
‫ال عليه السلم يقول‪ :‬إن خفيق )‪ (2‬أجنحة الحمام ليطرد الشياطين )‪.(3‬‬
‫بيان‪ :‬خفيق جناح الطائر‪ :‬صوته‪ ،‬ويقال‪ :‬خفق الطائر أي طار‪ ،‬وأخفق‪:‬‬
‫إذا ضرب بجناحيه‪ - 24 .‬الكافي‪ :‬عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد‬
‫رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن ال عزوجل يدفع بالحمام عن‬
‫هدة الدار )‪ .(4‬بيان‪ :‬عن هدة الدار أي كسرها وهدمها‪ ،‬أو يدفع الضرر‬
‫عن ضعفاء الدار كالنساء والصبيان‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬الهد‪ :‬الهدم الشديد‪،‬‬
‫والكسر‪ ،‬والصوت الغليظ والرجل الضعيف والهدهد بفتحتين‪ :‬أصوات‬
‫الجن بل واحد انتهى‪ .‬وفي بعض النسخ‪ " :‬عن أهل هذه الدار " وهو‬
‫أظهر‪ - 25 .‬الكافي‪ :‬عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد عن بكر بن‬
‫صالح عن محمد ابن أبي حمزة عن عثمان بن الصبهاني )‪ (5‬قال‪:‬‬
‫استهداني إسماعيل بن أبي عبد ال عليه السلم‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .547 :6‬في المصدر‪ :‬الخفيف بالفائين‪ (3) .‬فروع الكافي‬
‫‪ 547 :6‬فيه‪ :‬لتطرد‪ .‬ورواه الصدوق في الفقيه ‪ 220 :3‬مرسل عن امير‬
‫المؤمنين )ع( وفيه حفيف‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ (5) .547 :6‬في المصدر‪:‬‬
‫عن عثمان الصبهاني‪.‬‬

‫]‪[20‬‬

‫فأهديت له طيرا راعبيا‪ ،‬فدخل أبو عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬اجعلوا هذا الطير‬
‫الرعبي معي في البيت يؤنسني قال‪ :‬وقال عثمان‪ :‬دخلت على أبي عبد ال‬
‫عليه السلم وبين يديه حمام يفت لهن خبزا )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس‪:‬‬
‫الفت‪ :‬الدق والكسر بالصابع انتهى‪ .‬ويدل على استحباب )‪ (2‬إطعام الحمام‬
‫الراعبية وفت الخبز لها‪ - 26 .‬الكافي‪ :‬عن العدة عن سهل عن بكر بن‬
‫صالح عن أشعث بن محمد البارقي عن عبد الكريم بن صالح قال‪ :‬دخلت‬
‫على أبي عبد ال عليه السلم فرأيت على فراشه ثلث حمامات خضر قد‬
‫ذرقن على الفراش‪ ،‬فقلت‪ :‬جعلت فداك هؤلء الحمام تقذر الفراش فقال‪ :‬ل‬
‫إنه يستحب أن يمسكن )‪ (3‬في البيت )‪ .(4‬بيان‪ :‬ذرق الطائر قد يكون‬
‫بالذال والزاى‪ ،‬والفعل كضرب ونصر‪ - 27 .‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم‬
‫عن بعض أصحابه عن أبان عن رجل عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫كان في منزل رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم زوج حمام أحمر )‪.(5‬‬
‫‪ - 28‬ومنه‪ :‬عن على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير )‪ (6‬عن ابن‬
‫أبي نجران عن محمد بن عمر )‪ (7‬عن إبراهيم بن السندي )‪ (8‬عن يحيى‬
‫الزرق قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم احتفر أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم بئرا فرموا فيها فاخبر بذلك فجاء حتى وقف عليها فقال‪ :‬لتكفن أول‬
‫سكننها الحمام‪ ،‬ثم قال أبو عبد ال عليه السلم إن خفيق )‪ (9‬أجنحتها‬
‫يطرد‬
‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .548 :6‬استفادة الستحباب الشرعي من أمثال تلك الفعال‬
‫بعيد‪ ،‬ال أن يستفاد ذلك من استحباب اتخاذه في البيت التزاما‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ان تسكن في البيت‪ 4) .‬و ‪ (5‬فروع الكافي ‪ (6) .548 :6‬لم‬
‫يذكر في المصدر‪ :‬عن ابن أبى عمير‪ (7) .‬في نسخة من المصدر‪ :‬عمرو‪.‬‬
‫)‪ (8‬في المصدر‪ :‬ابراهيم السندي‪ (9) .‬في المصدر‪ :‬حفيف‪.‬‬

‫]‪[21‬‬

‫الشياطين )‪ .(1‬بيان‪ :‬الخطاب للجن والشياطين الذين كان الرمي منهم‪- 29 .‬‬
‫الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه )‪ (2‬قال‪ :‬ذكر‬
‫الحمام عند أبي عبد ال عليه السلم فقال له رجل‪ :‬إنه بلغني أن عمر رأى‬
‫حماما يطير و رجل تحته يعدو‪ ،‬فقال عمر‪ :‬شيطان يعدو تحته شيطان‪،‬‬
‫فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما كان إسماعيل عندكم ؟ فقيل‪ :‬صديق‪:‬‬
‫فقال‪ :‬فان بقية حمام الحرم من حمام إسماعيل عليه السلم )‪- 30 .(3‬‬
‫ومنه‪ :‬عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن‬
‫مهران عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من اتخذ طيرا في بيته فليتخذ ورشانا فانه أكثر شئ ذكرا ل‬
‫عزوجل وأكثر تسبيحا وهو طير يحبنا أهل البيت )‪ - 31 .(4‬ومنه‪ :‬عن‬
‫العدة عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن محمد بن أبي حمزة عن‬
‫عثمان بن الصبهاني قال‪ :‬استهداني إسماعيل بن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫طيرا من طيور العراق فأهديت له ورشانا فدخل أبو عبد ال عليه السلم‬
‫فرآه فقال‪ :‬إن الورشان يقول‪ :‬بوركتم بوركتم فأمسكوه )‪ - 32 .(5‬ومنه‪:‬‬
‫عن العدة عن أحمد بن محمد عن الجامورانى عن ابن أبى حمزة عن سيف‬
‫عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم إنه نهى‬
‫ابنه إسماعيل‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .548 :6‬في المصدر‪ :‬عن بعض أصحابنا‪ (3) .‬فروع الكافي‬
‫‪ 548 :6‬فيه‪ :‬ان بقية‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ 550 :6‬فيه‪ :‬من اتخذ في بيته‬
‫طيرا فليتخذ ورشانا فانه أكثر شيئا لذكر ال‪ (5) .‬فروع الكافي ‪551 :6‬‬
‫فيه‪ :‬عثمان الصبهاني‪.‬‬

‫]‪[22‬‬

‫عن اتخاذ الفاختة وقال‪ :‬وإن كنت ولبد متخذا فاتخذ ورشانا فانه كثير الذكر ل‬
‫عزوجل )‪ .(1‬بيان‪ :‬كأنه عليه السلم لم يكن يعلم صلح إسماعيل في‬
‫اتخاذ الحمام مطلقا كما يؤمي إليه الخبر‪ - 33 .‬الكافي‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن رجل عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كانت في دار أبي جعفر عليه السلم فاختة‬
‫فسمعها يوما وهي تصيح فقال لهم‪ :‬أتدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ فقالوا‪:‬‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬تقول‪ :‬فقدتكم فقدتكم‪ ،‬ثم قال‪ :‬لنفقدنها قبل أن تفقدنا‪ ،‬ثم أمر بها‬
‫فذبحت )‪ - 34 .(2‬ومنه‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد عن‬
‫الجامورانى عن أبي حمزة )‪ (3‬عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار‬
‫عن أبي بصير قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال عليه السلم فقال لي‪ :‬يا با‬
‫محمد اذهب بنا إلى إسماعيل نعوده وكان شاكيا فقمنا فدخلنا على إسماعيل‬
‫فإذا في منزله فاختة في قفص تصيح‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا‬
‫بني ما يدعوك إلى إمساك هذه الفاختة ؟ أو ما علمت أنها مشومة ؟ أو ما‬
‫تدري ما تقول ؟ قال إسماعيل‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إنما تدعو على أربابها فتقول‪:‬‬
‫فقدتكم فقدتكم‪ ،‬فأخرجوها )‪ .(4‬الخرائج‪ :‬عن أبي بصير مثله )‪- 35 .(5‬‬
‫الكافي‪ :‬عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن‬
‫إسماعيل عن محمد بن عذافر قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫الطير يرسل من البلد البعيد الذي لم يره قط فيأتي فقال‪ :‬يابن عذافر هو‬
‫يأتي منزل صاحبه من ثلثين فرسخا على‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ 551 :6‬فيه‪ :‬وقال‪ :‬ان كنت لبد‪ (2) .‬فروع الكافي ‪) .551 :6‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬عن ابن أبى حمزة‪ (4) .‬فروع الكافي ‪ 551 :6‬و ‪) .552‬‬
‫‪ (5‬الخرائج‪.‬‬

‫]‪[23‬‬

‫معرفته وحسه )‪ (1‬فإذا زادت على ثلثين فرسخا جاءت إلى أربابها بأرزاقها )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ :‬بأرزاقها‪ ،‬أي تأتي بسبب أنه قدر رزقها في بيت‬
‫صاحبها بتسبيب ال تعالى من غير معرفة لها بالطريق ]والرواية[ التية‬
‫أيضا هذا مغزاها‪ ،‬والكل بالضم وبضمتين‪ :‬الثمر والرزق والحظ من الدنيا‬
‫كما ذكره الفيروز آبادي‪ - 36 .‬الكافي‪ :‬عن عدة من أصحابه عن سهل بن‬
‫زياد رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما أتى من ثلثين فرسخا‬
‫فبالهداية‪ ،‬وما كان أكثر من ذلك فبالكل )‪ - 37 .(3‬ومنه‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن سيف بن‬
‫عميرة عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬الطير‬
‫يجيئ من المكان البعيد‪ ،‬قال‪ :‬إنما يجيئ لرزقه )‪ - 38 .(4‬ومنه‪ :‬عن‬
‫الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن على بن‬
‫داود الحداد عن حريز عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت الحمام‬
‫يرسلن من المواضع البعيدة فتأتي ويرسلن من المكان القريب فل تأتي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إذا انقطع أكله فل تأتى )‪ .(5‬بيان‪ :‬إذا انقطع أكله‪ ،‬أي من الدنيا‬
‫فيموت‪ ،‬أو من بيت صاحبه فيذهب إلى مكان آخر‪ - 39 .‬دلئل الطبري‪:‬‬
‫عن أحمد بن إبراهيم )‪ (6‬عن خالد عن علي بن حسان عن عبد الرحمن‬
‫بن كثير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان أبو جعفر محمد بن على‬
‫الباقر في طريق مكة ومعه أبو أمية النصاري وهو زميله في محمله فنظر‬
‫إلى زوج ورشان في جانب المحمل معه فرفع أبو أمية يده لينحية فقال له‬
‫أبو جعفر‪ :‬مهل فان هذا‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وحسبه‪ (2) .‬فروع الكافي‪ (5 - 3) .549 :6 :‬فروع الكافي ‪:6‬‬
‫‪ (6) .549‬في المصدر‪ " :‬موسى بن الحسن عن احمد بن الحسين عن‬
‫احمد بن ابراهيم " والسناد معلق على ما قبله راجعه‪.‬‬

‫]‪[24‬‬

‫الطير جاء يستجير بنا أهل البيت فان حية تؤذيه وتأكل فراخه كل سنة وقد دعوت‬
‫ال أن يدفع عنه وقد فعل )‪ - 40 .(1‬مشارق النوار‪ :‬عن محمد بن مسلم‬
‫قال‪ :‬كنت عند أبى جعفر عليه السلم إذ وقع عليه ورشانان ثم هدل )‪(2‬‬
‫فرد عليهما فطارا‪ ،‬فقلت‪ :‬جعلت فداك ما هذا ؟ فقال‪ :‬هذا طائر ظن في‬
‫زوجته سوء فحلفت له فقال لها‪ :‬ل أرضى إل بمولي محمد بن علي‬
‫فجاءت فحلفت له بالولية أنها لم تخنه فصدقها‪ ،‬وما من أحد يحلف‬
‫بالولية إل صدق إل النسان فانه حلف مهين )‪ - 41 .(3‬دلئل الطبري‪:‬‬
‫عن أحمد بن محمد عن محمد بن يوسف عن علي بن داود الحذاء عن‬
‫الفضيل بن يسار عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كنت عنده إذ نظرت‬
‫إلى زوج حمام عنده يهدر الذكر على النثى‪ ،‬فقال‪ :‬أتدري ما يقول ؟ قلت‪:‬‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬يقول‪ :‬يا سكني و عرسي ما خلق ال خلقا أحب إلي منك إل أن‬
‫يكون جعفر بن محمد عليه السلم )‪ - 42 .(4‬حياة الحيوان‪ :‬الحمام قال‬
‫الجوهري‪ :‬وهو عند العرب ذوات الطواق نحو الفواخت والقماري وساق‬
‫حر والقطا والوراشين وأشباه ذلك‪ ،‬يقع على الذكر والنثى‪ ،‬لن الهاء إنما‬
‫دخلته على أنه واحد من جنس ل للتأنيث‪ ،‬وعند العامة أنها الدواجن فقط‪،‬‬
‫الواحد حمامة‪ ،‬وحكى أبو حاتم عن الصمعي في كتاب الطير الكبير أن‬
‫الحمام هو اليمام البرى )‪ (5‬الواحدة يمامة وهو ضروب‪ ،‬والفرق بين‬
‫الحمام الذي عندنا واليمام أن في أسفل ذنب الحمامة مما يلي ظهرها‬
‫بياض وأسفل ذنب اليمامة ل بياض فيه انتهى‪ .‬ونقل النووي في التحرير‬
‫عن الصمعي أن كل ذات طوق فهو حمام‪ ،‬والمراد‬
‫)‪ (1‬دلئل المامة‪) 98 ،‬ط ‪ (2‬فيه‪ ،‬جاء يستخفر بنا‪ (2) .‬هدل الحمام‪ :‬صوت‪(3) .‬‬
‫مشارق النوار‪ :‬ليست عندي نسخته‪ (4) .‬دلئل المامة‪ 134 :‬و ‪) .135‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬ان اليمام هو الحمام البرى‪(*) .‬‬

‫]‪[25‬‬

‫بالطوق الخضرة أو الحمرة أو السواد المحيط بعنق الحمامة في طوقها‪ ،‬وكان‬


‫الكسائي يقول‪ :‬الحمام هو البري‪ ،‬واليمام ما يألف البيوت‪ ،‬والصواب ما‬
‫قاله الصمعي ونقل الزهري عن الشافعي أن الحمام كل ما عب وهدر وإن‬
‫تفرقت أسماؤه في الطائر عب )‪ (1‬ول يقال‪ :‬شرب والهدر جمع الصوت )‬
‫‪ (2‬ومواصلته من غير تقطيع له‪ ،‬قال الرافعي‪ :‬والشبه أن ماعب هدر‪،‬‬
‫ولو اقتصروا في تفسير الحمام على العب لكفاهم ويدل عليه أن الشافعي‬
‫ذكر في عيون المسائل وماعب من الماء عبا فهو حمام‪ ،‬وما شرب قطرة‬
‫قطرة كالدجاج فليس بحمام انتهى‪ .‬وفيما قاله الرافعي نظر لنه ل يلزم من‬
‫العب الهدير‪ ،‬وقال الشاعر‪ :‬على حويضي نغر مكب * إذا فترت فترة يعب‬
‫وحمرات شربهن عب وصف النغر بالعب مع أنه ل يهدرو إل كان حماما‪،‬‬
‫والنغر نوع من العصفور )‪ .(3‬إذا علمت ذلك انتظم لك كلم الشافعي‪ ،‬وأهل‬
‫اللغة يقولون‪ :‬إن الحمام يقع على الذي يألف البيوت ويستفرخ فيها وعلى‬
‫اليمام والقماري وساق حر وهو ذكر القمري والفواخت والدبسي )‪(4‬‬
‫والقطا والوراشين واليعاقيب )‪ (5‬والسنفين )‪(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬والعب بالعين المهملة‪ :‬شدة جرع الماء من غير تنفس‪ ،‬قال ابن‬
‫سيده‪ :‬يقال في الطائر‪ :‬عب‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ترجيع الصوت‪ (3) .‬يكون‬
‫حمر المناقير‪ (4) .‬الدبسي بفتح الدال وكسر السين المهملة ويقال ايضا‬
‫بضم الدال‪ :‬طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب والدبس من الطير‬
‫والخيل‪ :‬الذى في لونه غبرة بين السواد والحمرة وهذا النوع قسم من‬
‫الحمام البرى‪ ،‬وقيل هو ذكر اليمام قال الجاحظ‪ :‬قال صاحب منطق الطير‪:‬‬
‫يقال في الوحشى من القمارى والفواخت وما اشبه ذلك‪ :‬دباسى‪(5) .‬‬
‫جمع اليعقوب‪ :‬ذكر الحجل‪ (6) .‬هكذا في المطبوع وفي المخطوط‪" :‬‬
‫السفنين " وكلهما مصحفان والصحيح‬

‫]‪[26‬‬

‫والواعي )‪ (1‬والورداني والطوراني وسيأتي إنشاء ال تعالى بيان ذلك كل واحد في‬
‫بابه‪ ،‬والكلم الن في الحمام الذي يألف البيت وهو قسمان‪ :‬أحدهما البري‬
‫الذي يلزم البروج وما أشبه ذلك وهو كثير النفور‪ ،‬سمي بريا لذلك‪،‬‬
‫والثاني الهلى وهو أنواع مختلفة وأشكال متباينة‪ ،‬منها المراعيش‬
‫والرواعب والعداد والمضرب )‪ (2‬والقلب والمنسوب‪ ،‬وهو بالنسبة إلى‬
‫ما تقدم كالعتاق من الخيل وتلك كالبراذين‪ ،‬قال الجاحظ‪ :‬الفقيع من الحمام‬
‫كالصقلبي من الناس وهو البيض‪ .‬روى أبو داود وابن ماجة والطبراني‬
‫وابن حبان باسناد جيد عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله رأى‬
‫رجل يتبع حمامة فقال‪ :‬شيطان يتبع شيطانه‪ .‬وروي‪ :‬شيطان يتبعه‬
‫شيطان‪ .‬قال البيهقي‪ :‬وحمله بعض أهل العلم على إدمان صاحب الحمام‬
‫على الشتغال به )‪ (3‬والرتقاء به على السطحة التي يشرف منها على‬
‫بيوت الجيران )‪ .(4‬وروي عن اسامة )‪ (5‬بن زيد قال‪ :‬شهدت عمر بن‬
‫عبد العزيز يأمر بالحمام الطائرة فتذبح وتترك المقصصات‪ .‬وروى ابن‬
‫قانع والطبراني عن حبيب بن عبد ال بن أبي كبشة عن أبيه عن جده أن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله كان يعجبه النظر إلى الترج والحمام الحمر‬
‫ورواه الحاكم في تاريخ نيسابور عن عائشة قالت‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله يعجبه النظر إلى الخضرة وإلى الحمام الحمر‪.‬‬

‫" الشفنين " قال الدميري‪ :‬الشفنين كالبشنين بكسر الشين المعجمة وهو متولد‬
‫بين نوعين مأكولين وعدة الجاحظ في انواع الحمام وبعضهم يقول‪ :‬هو‬
‫الذى تسميه العامة اليمام‪ ،‬وصوته في الترنم كصوت الرباب وفيه‬
‫تحزين‪ (1) .‬هكذا في الكتاب وفي المصدر‪ :‬والزاغ‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫العداد والسداد والمضرب‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬على اطارته والشتغال به‪) .‬‬
‫‪ (4‬زاد في المصدر بعد ذلك‪ :‬وحرمهم لجله‪ (5) .‬في المصدر‪ " :‬وروى‬
‫البيهقى عن اسامة بن زيد " وفيه‪ :‬بالحمام الطيار‪.‬‬

‫]‪[27‬‬

‫قال ابن قانع والحافظ أبو موسى‪ :‬قال هلل بن العلء‪ :‬الحمام الحمر‪ :‬التفاح قال‬
‫أبو موسى‪ :‬وهذا التفسير لم أره لغيره‪ ،‬وكان في منزله صلى ال عليه‬
‫وآله حمام أحمر اسمه وردان‪ .‬وفي عمل اليوم والليلة لبن السني عن‬
‫خالد بن معدان عن معاذ بن جبل أن عليا شكى إلى النبي صلى ال عليه‬
‫وآله الوحشة فأمره أن يتخذ زوج حمام وأن يذكر ال تعالى عند هديره‪.‬‬
‫ورواه الحافظ ابن عساكر وقال‪ :‬إنه غريب جدا وسنده ضعيف‪ .‬وروى ابن‬
‫عدي في كامله في ترجمة ميمون بن موسى عن علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم أنه اشتكى )‪ (1‬إلى رسول ال صلى ال عليه وآله الوحشة فقال له‪:‬‬
‫اتخذ زوجا من حمام تؤنسك وتوقظك للصلة بتغريدها )‪ ،(2‬واتخذ ديكا‬
‫يؤنسك ويوقظك للصلة‪ .‬وروى أيضا في ترجمة محمد بن زياد الطحان‬
‫عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم‪ :‬اتخذوا الحمام المقاصيص )‪ (3‬في بيوتكم فانها تلهي الجن‬
‫عن صبيانكم‪ .‬وقال عبادة بن الصامت‪ :‬شكى رجل إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم الوحشة فقال له النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬اتخذ زوجا‬
‫من حمام )‪ .(4‬رواه الطبراني وفيه الصلت بن الجراح ل يعرف‪ ،‬وبقية‬
‫رجاله رجال الصحيح‪ .‬وفي كامل ابن عدي في ترجمة سهل بن وزير )‪(5‬‬
‫عن محمد بن المنكدر عن جابر أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال‪:‬‬
‫شكت الكعبة إلى ال تعالى قلة زوارها فأوحى ال تعالى إليها لبعثن )‪(6‬‬
‫أقواما يحنون إليها كما تحن الحمامة إلى فراخها‪ .‬وفي سنن أبي داود‬
‫والنسائي من حديث ابن عباس باسناد جيد أن النبي‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬شكى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬من حمام تؤنسك وتصيب من فراخها‬
‫وتوقظك للصلة‪ (3) .‬أي مقطوع الجناح‪ (4) .‬وروى الصدوق نحوه في‬
‫الفقيه ‪ (5) .220 :3‬في المخطوطة‪ " :‬درين وفى المصدر‪ :‬فرير‪(6) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬لبعثن اليك‪.‬‬

‫]‪[28‬‬

‫صلى ال عليه وآله قال‪ :‬يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحوامل‬
‫الحمام ل يريحون رائحة الجنة‪ .‬ومن طبعه أنه يألف وكره ولو ارسل من‬
‫ألف فرسخ ويحمل الخبار ويأتي بها من المسافة البعيدة )‪ (1‬في المدة‬
‫القريبة‪ ،‬وفيه ما يقطع ثلثة آلف فرسخ في يوم واحد‪ ،‬وربما اصطيد‬
‫وغاب عن وطنه عشر حجج وأكثر‪ ،‬ثم هو على ثبات عقله وقوة حفظه‬
‫ونزوعه إلى وطنه حتى يجد فرصة فيصير إليه‪ ،‬وسباع الطير تطلبه أشد‬
‫طلب‪ ،‬وخوفه من الشواهين أشد من خوفه من غيره‪ ،‬وهو أطير منه ومن‬
‫سائر الطير كله‪ ،‬لكنه يذعر منه‪ ،‬ويعتريه ما يعتري الحمار إذا رأى السد‬
‫والشاة إذا رأت الذئب والفأر إذا رأت الهر‪ ،‬ومن عجيب الطبيعة فيه ما‬
‫حكاه ابن قتيبة في عيون الخبار عن المثنى بن زهير أنه قال‪ :‬لم أر شيئا‬
‫قط من رجل وامرأة إل وقد رأيته في الحمام‪ ،‬ما رأيت حمامة إل تريد‬
‫ذكرها‪ ،‬ول ذكرا إل يريد انثاه إلى أن يهلك أحدهما أو يفقد‪ ،‬ورأيت حمامة‬
‫تتزين للذكر ساعة يريدها‪ ،‬ورأيت حمامة لها زوج وهي تمكن آخر ما‬
‫تعدوه‪ ،‬ورأيت حمامة تقمط )‪ (2‬حمامة‪ ،‬ويقال‪ :‬إنها تبيض عن ذلك‪ ،‬لكن‬
‫ل يكون لذلك البيض فراخ‪ ،‬ورأيت ذكرا يقمط ذكرا‪ ،‬ورأيت ذكرا يقمط من‬
‫كل لقى )‪ (3‬ول يزوج‪ ،‬وانثى يقمطها كل من رآها من الذكور ول تزوج )‬
‫‪ .(4‬وليس من الحيوان ما يستعمل التقبيل عند السفاد إل النسان والحمام‬
‫وهو عفيف السفاد يجر ذنبه ليعفي أثر النثى كأنه قد علم ما فعلت ويجتهد‬
‫في إخفائه )‪ ،(5‬وقد يسفد لتمام ستة أشهر‪ ،‬والنثى تحضن )‪ (6‬أربعة‬
‫عشر يوما‪ ،‬وتبيض‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من البلد البعيدة‪ (2) .‬قمطه طعم الشئ‪ :‬ذاقه‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫ورأيت ذكرا يقمط كل مالقى ول يزاوج‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬كل ما رآها من‬
‫الذكور ول تزاوج‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فيجتهد في اخفائه‪ (6) .‬في المصدر‪:‬‬
‫والنثى تحمل‪.‬‬

‫]‪[29‬‬

‫بيضتين يخرج من الولى ذكر ومن الثانية انثى )‪ ،(1‬وبين الولى والثانية يوم‬
‫وليلة‪ ،‬والذكر يجلس على البيض ويسخنه جزء من النهار‪ ،‬والنثى بقية‬
‫النهار وكذلك في الليل‪ ،‬وإذا باضت النثى وأبت الدخول على بيضها لمر‬
‫ما‪ ،‬ضربها الذكر واضطرها إلى الدخول‪ ،‬وإذا أراد الذكر أن يسفد النثى‬
‫أخرج فراخه عن الوكر وقد الهم هذا النوع أن فراخه إذا خرجت من‬
‫البيض بأن يمضغ الذكر ترابا مالحا ويطعمها إياه ليسهل به سبيل المطعم‪،‬‬
‫فسبحان اللطيف الخبير الذي آتى كل نفس هداها‪ .‬وزعم أرسطو أن الحمام‬
‫يعيش ثمان سنين‪ ،‬وذكر الثعلبي وغيره عن وهب ابن منبه في قوله‬
‫تعالى‪ " :‬وربك يخلق ما يشاء ويختار )‪ " (2‬قال‪ :‬اختار من الغنم الضأن‪،‬‬
‫ومن الطير الحمام‪ .‬وذكر أهل التاريخ أن المسترشد لما حبس رأى في‬
‫منامه على يده حمامة مطوقة فأتاه آت وقال له‪ :‬خلصك في هذا‪ ،‬فلما‬
‫أصبح حكى ذلك لبن سكينة )‪ (3‬المام فقال له‪ :‬ما أولته‪ ،‬قال‪ :‬أولته ببيت‬
‫أبي تمام‪ :‬هن الحمام فان كسرت عيافه * من حائهن فانهن حمام وخلصي‬
‫في حمامي فقتل بعد أيام يسيرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬احداهما ذكر والثانية انثى‪ (2) .‬القصص‪ (3) .68 :‬في المصدر‪:‬‬
‫لبن السكينة‪ (4) .‬حياة الحيوان ‪ 186 :1‬و ‪.187‬‬

‫]‪[30‬‬

‫)‪ } (4‬باب الطاووس { ‪ - 1‬نهج البلغة‪ :‬من خطبة له عليه السلم يذكر فيه عجيب‬
‫خلقة الطاووس‪ :‬ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات وساكن وذي‬
‫حركات‪ ،‬فأقام من شواهد البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ما‬
‫انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له‪ ،‬ونعقت في أسماعنا دلئله على‬
‫وحدانيته‪ ،‬وما ذرأ من مختلف صور الطيار التي أسكنها أخاديد الرض‬
‫وخروق فجاجها ورواسي أعلمها من ذوات أجنحة مختلفة )‪ (1‬وهيئآت‬
‫مختلفة متباينة مصرفة في زمام التسخير‪ ،‬ومرفرفة بأجنحتها في مخارق‬
‫الجو المنفسح والفضاء المنفرج‪ ،‬كونها بعد إذ لم تكن في عجائب صور‬
‫ظاهرة‪ ،‬وركبها في حقاق مفاصل محتجبة‪ ،‬ومنع بعضها بعبالة خلقه أن‬
‫يسمو في الهواء خفوفا وجعله يدف دفيفا‪ ،‬ونسقها على اختلفها في‬
‫الصابيغ بلطيف قدرته ودقيق صنعته فمنها مغموس في قالب لون ل‬
‫يشوبه غير لون ما غمس فيه‪ ،‬ومنها مغموس في لون صبغ قد طوق‬
‫بخلف ما صبغ به‪ .‬ومن أعجبها خلقا الطاووس الذي أقامه في أحكم‬
‫تعديل‪ ،‬ونضد ألوانه في أحسن تنضيد بجناح أشرج قصبه وذنب أطال‬
‫مسحبه إذا درج إلى النثى نشره من طيه وسمابه مطل على رأسه )‪،(2‬‬
‫كأنه قلع داري عنجه نوتيه‪ ،‬يختال بألوانه ويميس بزيفانه‪ ،‬يفضي كافضاء‬
‫الديكة‪ ،‬ويؤر بملقحة أر الفحول المغتلمة للضراب‪ ،‬احيلك من ذلك على‬
‫معاينة ل كمن يحيل على ضعيف إسناده‪ ،‬ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح‬
‫بدمعة تسفحها مدامعه‪ ،‬فتقف في ضفتي جفونه‪ ،‬وإن انثاه تطعم ذلك ثم‬
‫يبيض‪ ،‬ل من لقاح‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من ذات اجنحة مختلفة وهيئات متباينة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬مظل‬
‫على رأسه‪.‬‬

‫]‪[31‬‬

‫فحل سوى الدمع المنبجس‪ ،‬لما كان ذلك باعجب من مطاعمة الغراب‪ ،‬تخال قصبه‬
‫مدارى من فضة‪ ،‬وما أنبت عليها من عجيب داراته وشموسه خالص‬
‫العقيان وفلذ الزبرجد‪ .‬فان شبهته بما أنبتت الرض قلت‪ :‬جني من زهرة‬
‫كل ربيع )‪ ،(1‬وإن ضاهيته بالملبس فهو كموشي الحلل أو مونق عصب‬
‫اليمن )‪ ،(2‬وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين‬
‫المكلل‪ ،‬يمشي مشي المرح المختال‪ ،‬ويتصفح ذنبه وجناحه )‪ (3‬فيقهقه‬
‫ضاحكا لجمال سرباله وأصابيغ وشاحه‪ ،‬فاذار مى ببصره إلى قوائمه زقا‬
‫معول بصوت يكاد يبين عن استغاثته ويشهد بصادق توجعه‪ ،‬لن قوائمه‬
‫حمش كقوائم الديكة الخلسية وقد نجمت من ظنبوت ساقه صيصية خفية‪،‬‬
‫وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة‪ ،‬ومخرج عنقه كالبريق‪،‬‬
‫ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية أو كحريرة ملبسة مرآة‬
‫ذات صقال‪ ،‬وكأنه متلفع بمعجر أسحم إل أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه‬
‫أن الخضرة الناضرة ممتزجة به ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في‬
‫لون القحوان أبيض يقق فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق‪ ،‬وقل صبغ‬
‫إل وقد أخذ منه بقسط‪ ،‬عله بكثرة صقاله وبريقه وبصيص ديباجه‬
‫ورونقه‪ ،‬فهو كالزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع ول شموس قيظ‪،‬‬
‫وقد يتحسر من ريشه ويعرى من لباسه فيسقط تترى وينبت تباعا فينحت‬
‫من قصبه انحتات أوراق الغصان‪ ،‬ثم يتلحق ناميا حتى يعود كهيئته قبل‬
‫سقوطه ل يخالف سائر ألوانه )‪ (4‬ول يقع لون في غير مكانه‪ ،‬وإذا‬
‫تصفحت شعرة من شعرات قصبه أرتك‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬جنى جنى من زهرة كل ربيع‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أو كمونق عصب‬
‫اليمن‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وجناحيه‪ (4) .‬هكذا في الكتاب مطبوعه‬
‫ومخطوطه‪ ،‬ولكن في المصدر المطبوع‪ " :‬سالف ألوانه " ويظهر مما‬
‫سيجئ عن المصنف في تفسير الحديث أن الصل كان‪ " :‬سالف الوانه "‬
‫وفى بعض النسخ‪ :‬سائر الوانه‪.‬‬

‫]‪[32‬‬

‫مرة حمرة وردية‪ ،‬وتارة خضرة زبر جدية‪ ،‬وأحيانا صفرة عسجدية‪ ،‬فكيف تصل‬
‫إلى صفة هذا عمائق الفطن‪ ،‬أو تبلغه قرائح العقول‪ ،‬أو تستنظم وصفه‬
‫أقوال الواصفين ؟ وأقل أجزائه قد أعجز الوهام أن تدركه واللسنة أن‬
‫تصفه فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جله للعيون فأدركته‬
‫محدودا مكونا ومؤلفا ملونا‪ ،‬وأعجز اللسن عن تلخيص صفته وقعد بها‬
‫عن تأدية نعته‪ ،‬وسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة إلى ما فوقهما من‬
‫خلق الحيتان والفيلة‪ ،‬ووأى على نفسه أن ل يضطرب شبح مما أولج فيه‬
‫الروح إل وجعل الحمام موعده والفناء غايته )‪ .(1‬قال السيد رضي ال‬
‫عنه‪ :‬تفسير بعض ما جاء فيها من الغريب‪ " :‬ويؤر بملقحة " الر كناية‬
‫عن النكاح‪ ،‬يقال‪ :‬أر المرأة )‪ (2‬يؤرها‪ :‬إذا نكحها زوجها وقوله‪ " :‬كأنه‬
‫قلع داري عنجه نوتيه " القلع‪ :‬شراع السفينة‪ ،‬وداري منسوب إلى دارين‬
‫وهي بلدة على البحر يجلب منها الطيب‪ ،‬وعنجه أي عطفه‪ ،‬يقال‪ :‬عنجت‬
‫الناقة أعنجها عنجا‪ :‬إذا عطفتها‪ ،‬والنوتي‪ :‬الملح‪ ،‬وقوله عليه السلم‪" :‬‬
‫ضفتي جفونه " أراد جانبي جفونه والضفتان‪ :‬الجانبان‪ ،‬وقوله عليه‬
‫السلم‪ " :‬وفلذ الزبرجد " الفلذ جمع فلذة وهي القطعة وقوله‪ " :‬كبائس‬
‫اللؤلؤ الرطب " الكبائس جمع الكباسة العذق‪ ،‬والعساليج الغصون واحدها‬
‫عسلوج )‪ .(3‬توضيح‪ :‬الطاووس على فاعول وتصغيره طويس‪ ،‬وطوست‬
‫المرأة أي تزينت‪ ،‬والحيوان بالتحريك‪ :‬جنس الحي ويكون بمعنى الحياة‪،‬‬
‫والموات‪ .‬كسحاب‪ :‬ما ل روح فيه‪ ،‬وأرض لم تحي بعد‪ ،‬والتي ل مالك لها‬
‫ول ساكن كالرض والجبال وذي حركات كالماء والنار‪ ،‬أي المتحرك‬
‫بطبعه‪ ،‬أو العم‪ ،‬ول يضر التداخل‪ ،‬واللطيف‪ :‬الدقيق و " ما " مفعول "‬
‫أقام " والضمير عائد إلى ما في " به " و " له " راجع إلى ال‪ ،‬ويحتمل‬
‫أن يعود إلى " ما " و " نعقت " أي صاحت والغرض الشعار‬
‫)‪ (1‬نهج البلغة‪) 525 - 520 :‬طبع فيض( فيه‪ :‬والفيلة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أر‬
‫الرجل المرأة‪ (3) .‬نهج البلغة‪) 529 :‬طبع فيض(‪.‬‬

‫]‪[33‬‬

‫بوضوح الدلئل‪ .‬والضمير في دلئله راجع إلى ال أو إلى " ما " و " ما ذرأ " أي‬
‫خلق‪ ،‬وقيل‪ :‬الذرء مختص بخلق الذرية‪ .‬والخاديد جمع اخدود بالضم وهو‬
‫الشق في الرض‪ ،‬والطير الذي يسكن الخدود كالقطا‪ ،‬والفجاج بالكسر‬
‫جمع فج بالفتح وهو الطريق الواسع بين جبلين‪ ،‬والقبج يسكن الفجاج‪،‬‬
‫والعلم‪ :‬الجبال‪ ،‬ورواسيها‪ :‬ثوابتها‪ ،‬والعقبان والصقور ونحوهما تسكن‬
‫الجبال الراسية‪ .‬والتصريف‪ :‬التقليب والتحويل من حال إلى حال‪ ،‬و "‬
‫مصرفة " منصوبة على الحالية وفي بعض النسخ مجرور على أنه صفة‬
‫لذوات أجنحة‪ ،‬وكذلك مرفرفة‪ ،‬وزمه‪ :‬شده‪ ،‬والزمام ككتاب‪ :‬ما يزم به‪،‬‬
‫وزمام البعير‪ :‬خطامه‪ ،‬وزمام التسخير‪ :‬القدرة الكاملة‪ .‬ورفرف الطائر‬
‫بجناحيه‪ :‬إذا بسطهما عند السقوط على شئ يحوم عليه ليقع فوقه‪،‬‬
‫ومخارق الجو‪ :‬أمكنتها التي تخرق الهواء فتدخلها‪ ،‬والمنفسخ‪ :‬الواسع‪،‬‬
‫والفضاء بالفتح‪ :‬المكان الواسع‪ :‬والحقاق بالكسر جمع حق بالضم وهو‬
‫مجمع المفصلين من العضاء‪ ،‬واحتجاب المفاصل‪ :‬استتارها باللحم‬
‫والجلد ونحوهما وعبل الشئ بالضم عبالة بالفتح فيهما مثل ضخم ضخامة‬
‫وزنا ومعنى‪ " ،‬أن يسمو " أي يعلو في السماء أي في جهة العلو‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ‪ :‬في الهواء‪ ،‬والخفوق بالضم‪ :‬سرعة الحركة‪ ،‬ودف الطائر‬
‫كمد‪ :‬حرك جناحيه لطيرانه ومعناه ضرب بهمادفيه وهما جناحاه‪ ،‬قيل‬
‫وذلك إذا أسرع مشيا ورجله على وجه الرض ثم يستقل طيرانا‪ ،‬ودفيف‬
‫الطائر‪ :‬طيرانه فوق الرض )‪ ،(1‬يقال‪ :‬عقاب دفوف ودفت الحمامة‬
‫كفرت‪ :‬إذا سارت سيرا لينا‪ ،‬كذا في المصباح‪ ،‬ويظهر من كلم بعضهم أن‬
‫الفعل كمد فيهما‪ ،‬و " يدف " فيما عندنا من النسخ بكسر العين‪ ،‬ونسقها‬
‫أي رتبها‪ ،‬يقال‪ :‬نسقت الدر كنصرت أي نظمتها‪ ،‬ونسقت الكلم أي عطفت‬
‫بعضه على بعض‪ ،‬والصابيغ جمع أصباغ بالفتح جمع صبغ بالكسر وهو‬
‫اللون أي جعل كل منها على لون خاص على وفق الحكمة البالغة‪ ،‬وغمسه‬
‫في الماء كضربه‪ ،:‬دخله‪ ،‬والغتماس‪ :‬الرتماس‪:‬‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬فوق الرض‪.‬‬

‫]‪[34‬‬
‫شبه الطير بالثوب الذي دقه الصباغ إذا أراد صبغه‪ ،‬والقالب بالفتح كما في النسخ‬
‫قالب الخف وغيره كالخاتم والطابع‪ ،‬وبالكسر‪ :‬البسر الحمر‪ ،‬وفي‬
‫القاموس‪ :‬القالب‪ :‬البسر الحمر‪ ،‬وكالمثال يفرغ فيه الجواهر‪ ،‬وفتح لمه‬
‫أكثر‪ ،‬وشاة قالب لون‪ :‬على غير لون امها‪ ،‬وفي " حديث شعيب وموسى‬
‫عليهما السلم‪ :‬لك من غنمي ما جاءت به قالب لون " تفسيره في الحديث‬
‫أنها جاءت على غير ألوان امهاتها كأن لونها قد انقلب‪ ،‬ومنه حديث علي‬
‫عليه السلم في صفة الطيور‪ " :‬فمنها مغموس في قالب لون ل يشوبه‬
‫غير لون ما غمس فيه " انتهى )‪ .(1‬والظهر أن الغمس في قالب اللون‬
‫عبارة عن إحاطة اللون الواحد بجميع أجزائه كما يحيط القالب بالشياء‬
‫المصوغة بالصب فيه من نحاس ونحوه‪ ،‬وعلى الكسر يمكن أن يكون‬
‫المراد بقالب اللون اللون الذي يقلب اللون إلى لون آخر‪ ،‬و " لون صبغ "‬
‫في بعض النسخ بجر " لون " مضافا إلى " صبغ " على الضافة‬
‫البيانية‪ ،‬وفي بعضها بالجر منونا و " صبغ " على صيغة الماضي‬
‫المجهول‪ ،‬أي صبغ ذلك المغموس‪ .‬والطوق‪ :‬حلي للعنق وكل ما استدار‬
‫بشئ‪ ،‬وهذا النوع كالفواخت ونحوها‪ ،‬والتعديل‪ :‬التسوية‪ ،‬ومنه تعديل‬
‫القسمة‪ ،‬والمراد إعطاء كل شئ منه في الخلق ما يستحقه وخلقه خاليا من‬
‫نقص ونضد متاعه كنصر ونضده بالتشديد أي جعل بعضه فوق بعض‪ ،‬أي‬
‫رتب ألوانه " بجناح أشرج قصبه " أي ركب بعضها في بعض كما يشرج‬
‫العيبة أي يداخل بين أشراجها وهي عراها‪ .‬وسحبه كمنعه‪ :‬جره على وجه‬
‫الرض‪ ،‬وسحبت المرأة ذيلها‪ :‬إذا درج أي مشى‪ ،‬وطوى الصحيفة كرمى‬
‫ضد نشرها وسما كدعا أي ارتفع‪ ،‬وسمابه أي أعله و رفعه‪ ،‬وأطل عليه‬
‫أي أشرف والقلع بالكسر‪ :‬الشراح‪ ،‬والداري منسوب إلى دارين وهو‬
‫موضع في البحر كان يؤتى منه الطيب من الهند وهو الن خراب لعمارة‬
‫به ول سكنى وفيه آثار قديمة‪ ،‬والنسبة إليه لنه كان مرسى )‪ (2‬السفن في‬
‫زمانه عليه السلم‪،‬‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ (2) .304 :3‬المرسى‪ :‬محل وقوف السفن‪.‬‬

‫]‪[35‬‬

‫وعنجه كنصره أي عطفه‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن يجذب الراكب خطام البعير فيرده على‬
‫رجليه‪ .‬وفي النهاية‪ :‬النوتي‪ :‬الملح‪ :‬الذي يدبر السفينة في البحر وقدنات‬
‫ينوت نوتا‪ :‬إذا تمايل من النعاس‪ ،‬كأن النوتي يميل السفينة من جانب إلى‬
‫جانب انتهى )‪ (1‬ولطف التشبيه واضح‪ .‬واختال أي تكبر وأعجب بنفسه‪،‬‬
‫ويميس أي يتبختر‪ ،‬وزاف يزيف زيفانا‪ ،‬أي تبختر في مشيه‪ ،‬ويفضي أي‬
‫يسفد‪ ،‬ويقال‪ :‬أفضى المرأة أي جامعها أو خلبها‪ ،‬و الديكة كقردة جمع‬
‫ديك بالكسر وفي بعض النسخ وفي نهاية ابن الثير‪ :‬كافضاء الديكة ويأر‬
‫كيمد أرا بالفتح أي يجامع‪ ،‬وألقح الفحل الناقة أي أحبلها‪ ،‬والملقحة‬
‫مفاعلة منه وفي بعض النسخ‪ " :‬بملقحه " على صيغة الجمع مضافا إلى‬
‫الضمير‪ ،‬أي بآلت تناسله وأعضآئه‪ ،‬والفحل‪ :‬الذكر من كل حيوان‪ ،‬وغلم‬
‫كعلم أي اشتد شبقه‪ ،‬واغتلم البعير‪ :‬إذا هاج من شدة شهوة الضراب‪.‬‬
‫وقوله عليه السلم‪ " :‬أر الفحول المغتلمة " ليس في بعض النسخ‪،‬‬
‫والحالة من الحوالة " على ضعيف إسناده " أي إسناده الضعيف‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ‪ " :‬على ضعف " بصيغة المصدر مبالغة ويقال‪ :‬سفحت الدم‬
‫كمنعت أي أرقته‪ ،‬والدمع أي أرسلته‪ ،‬وفي بعض النسخ‪ " :‬تنشجها "‬
‫كتضرب‪ ،‬يقال‪ :‬نشج القدر والزق أي غلى ما فيه حتى سمع له صوت‪،‬‬
‫ولعل الول أوضح‪ ،‬فان الفعل ليس متعديا بنفسه على ما في كتب اللغة‪،‬‬
‫وضفتا جفونه‪ :‬جانباها‪ ،‬وكذلك ضفتا النهر والوادي‪ ،‬و " تطعم " على‬
‫صيغة التفعل بحذف إحدى التائين‪ ،‬وبجس الماء تبجيسا‪ :‬فجره فتبجس‬
‫وانبجس ويوجد الكلمة في النسخ بهما أي الدمع المنفجر‪ .‬قال بعض‬
‫الشارحين‪ :‬زعم قوم أن اللقاح في الطاووس بالدمعة وأمير المؤمنين عليه‬
‫السلم لم يحل ذلك‪ ،‬ولكنه قال ليس بأعجب من مطاعمة الغراب‪ ،‬والعرب‬
‫تزعم أن الغراب ل يسفد‪ ،‬ومن أمثالهم‪ " :‬أخفى من سفاد الغراب "‬
‫فيزعمون أن اللقاح‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ 191 :4‬وفيه‪ " :‬في حديث على )ع( كانه قطع دارى عنجه نوتيه "‬
‫ثم ذكر التفسير‪.‬‬

‫]‪[36‬‬

‫من المطاعمة وانتقال جزء من الماء الذي في قانصة الذكر إلى النثى من منقاره‪،‬‬
‫وأما الحكماء فقل أن يصدقوا بذلك على أنهم قد قالوا في كتبهم ما يقرب‬
‫من هذا‪ ،‬قال ابن سينا‪ :‬والقبجة تحبلها ريح تهب من ناحية الحجل الذكر‬
‫ومن سماع صوته‪ ،‬قال‪ :‬والنوع المسمى مالقيا )‪ (1‬تتلصق بأفواهها ثم‬
‫تتشابك فذاك سفادها‪ ،‬ول يخفى أن المثل المذكور ل يدل على أن الغراب ل‬
‫يسفد‪ ،‬بل الظاهر منه خلفه إل أن يكون مراد القائل أيضا ذلك‪ ،‬وأما كلمه‬
‫عليه السلم فالظاهر منه أن الطاووس لقاحه بالسفاد لقوله عليه السلم‪:‬‬
‫" يؤر بملقحة " ولتعبيره عن القول الخر بالزعم‪ ،‬وأن الغراب لقاحه‬
‫بالمطاعمة‪ .‬وفي القاموس‪ :‬الحمام إذا أدخل فمه في فم انثاه فقد تطاعما‬
‫وطاعما‪ ،‬وخال الشئ كخاف أي ظنه‪ ،‬وخاله يخيله لغة فيه‪ ،‬وتقول في‬
‫المضارع للمتكلم إخال بكسر الهمزه على غير قياس وهو أكثر استعمال‬
‫وبنو أسد يفتحون على القياس‪ ،‬والمداري بالدال المهملة على ما في أكثر‬
‫النسخ جمع مدرى بكسر الميم‪ ،‬قال ابن الثير‪ :‬المدرى والمدراة‪ :‬شئ من‬
‫حديد )‪ (2‬أو خشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه يسرح به‬
‫الشعر المتلبد ويستعمله من ل مشط له )‪ .(3‬وكان في نسخة ابن ميثم‬
‫بالذال المعجمة‪ ،‬قال‪ :‬وهي خشبة ذات أطراف كأصابع الكف ينقى به‬
‫الطعام‪ ،‬والدارة‪ :‬هالة القمر‪ ،‬وما أحاط بالشئ كالدائرة‪ .‬والعقيان بالضم‪:‬‬
‫الذهب الخالص‪ ،‬وقيل‪ :‬ما ينبت منه نباتا‪ ،‬والفلذ كعنب جمع فلذة بالكسر‬
‫وهي القطعة من الذهب والفضة وغيرهما‪ ،‬وفلذت له من الشئ كضربت‬
‫أي قطعت‪ ،‬والزبرجد‪ :‬جوهر معروف‪ ،‬قيل‪ :‬ويسميه الناس البلخش‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬هو الزمرد‪ ،‬و جنيت الثمرة والزهرة واجتنيتها بمعنى‪ ،‬والجني فعيل‬
‫منه وفي بعض النسخ‪ :‬جنى كحصى وهو ما يجنى من الشجر مادام غضا‬
‫بمعنى فعيل‪ ،‬ولفظة الفعل المجهول ليست‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬ملقيا‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬شئ يعمل‪ (3) .‬النهاية ‪.23 :2‬‬

‫]‪[37‬‬

‫في بعض النسخ‪ ،‬وزهر البنات بالفتح‪ :‬نوره‪ ،‬والواحدة زهرة كتمر وتمرة‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ول يسمى زهرا حتى تفتح‪ ،‬والمضاهاة والمشاكلة والمشابهة بمعنى‪،‬‬
‫واستعمال فاعل بمعنى فعل بالتشديد كثير لسيما في كلمه عليه السلم‪،‬‬
‫واللباس واللبس بالكسر فيهما والملبس واحد‪ .‬والوشي‪ :‬نقش الثوب من‬
‫كل لون‪ ،‬والموشي كمرمي‪ :‬المنقش‪ ،‬والحلل كصرد جمع حلة بالضم وهي‬
‫إزار ورداء من برد أو غيره فل تكون حلة إل من ثوبين أو ثوب له بطانة‪،‬‬
‫وشئ أنيق أي حسن معجب‪ ،‬والمونق مفعل منه قلبت الهمزة واوا‬
‫والعصب بالفتح‪ :‬ضرب من البرود‪ ،‬والحلي بضم الحاء وكسر اللم‬
‫وتشديد الياء جمع حلي بالفتح والتخفيف وهو ما يزين به من مصوغ‬
‫المعدنيات أو الحجارة‪ ،‬والفصوص جمع فص كفلس وفلوس‪ ،‬قال ابن‬
‫السكيت‪ :‬كسر الفاء ردي‪ ،‬وقال الفيروز آبادي الفص‪ :‬للخاتم‪ ،‬مثلثة‬
‫والكسر غير لحن‪ ،‬ونطقت باللجين أي جعلت الفضة كالنطاق لها وهو‬
‫ككتاب شبه إزار فيه تكة تلبسه المرأة‪ ،‬وقيل‪ :‬شقة تلبسها المرأة وتشد‬
‫وسطها بحبل وترسل العلى على السفل إلى الرض‪ ،‬والسفل ينجر على‬
‫الرض )‪ (1‬وكلل فلنا ألبسه الكليل وهو بالكسر‪ :‬التاج‪ ،‬وشبه عصابة‬
‫زين بالجوهر‪ .‬وقال بعض الشارحين‪ :‬شبه عليه السلم بالفصوص‬
‫المختلفة اللوان المنطقة في الفضة أي المرصعة في صفائح الفضة‪،‬‬
‫والمكلل‪ :‬الذي جعل كالكليل‪ ،‬وحاصل الكلم أنه عليه السلم شبه قصب‬
‫ريشه بصفائح من فضة رصعت بالفصوص المختلفة اللوان‪ ،‬فهي كالكليل‬
‫بذلك الترصيع والظهر أن المكلل وصف للجين‪ ،‬ومرح كفرح وزنا ومعنى‬
‫فهو مرح ككتف‪ ،‬وقيل‪ :‬المرح أشد من الفرح )‪ ،(2‬وقيل‪ :‬هو النشاط‪،‬‬
‫وتصفحت الكتاب أي قلبت صفحاته‪ ،‬وقه كفر أي ضحك‪ ،‬وقال في ضحكه‪:‬‬
‫قه بالسكون فإذا كرر قيل قهقه قهقهة مثل دحرج دحرجة‪ ،‬والجمال‪:‬‬
‫الحسن في الخلق والخلق‪ ،‬والسر بال بالكسر‪ :‬القميص أو كل ما لبس‪،‬‬
‫والوشاح ككتاب‪ :‬شئ ينسج من أديم ويرصع‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬يجر على الرض‪ (2) .‬في المخطوطة‪ :‬اشد الفرح‪.‬‬

‫]‪[38‬‬

‫شبه قلدة تلبسه النساء‪ ،‬وزقا يزقو أي صاح‪ ،‬وأعول أي رفع صوته بالبكاء‬
‫والصياح واستغاث‪ :‬طلب العون والنصر‪ ،‬وتوجع أي تفج أو تشكو لن‬
‫قوائمه حمش أي دقاق‪ ،‬يقال‪ :‬رجل أحمش الساقين‪ ،‬والخلسية بالكسر‪:‬‬
‫هي التي بين الدجاجة الهندية والفارسية‪ ،‬والولد بين أبوين أبيض‬
‫وسوداء وأسود وبيضاء‪ ،‬ذكره في العين ونجم النبات وغيره كقعد نجوما‬
‫أي ظهر وطلع‪ ،‬والظنبوت بالضم‪ :‬حرف العظم اليابس من قدم الساق ذكره‬
‫الجوهري‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬حرف الساق من قدم أو عظمه أو حرف عظمه‬
‫والصيصة في الصل‪ :‬شوكة الحائك التي بها يسوي السداة واللحمة‪ ،‬قال‬
‫الجوهري ومنه صيصية الديك التي في رجله‪ ،‬والعرف بالضم‪ :‬شعر عنق‬
‫الفرس وغيره‪ ،‬والقنزعة بضم القاف والزاي‪ :‬ما ارتفع من الشعر‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الخصلة من الشعر يترك على رأس الصبي‪ .‬موشاة أي منقشة‪ ،‬والمخرج‪:‬‬
‫اسم مكان أي محل خروج عنقه كمحل خروج عنق البريق‪ ،‬ويشعر بأن‬
‫عنقه كعنق البريق‪ ،‬أو مصدر أي خروج عنقه كخروج عنق البريق‪،‬‬
‫فالشعار أقوى‪ ،‬والبريق فارسي معرب )‪ ،(1‬وغرزته كضربت أي أثبته‬
‫في الرض‪ ،‬ومغرزها مبتدء خبره كصبغ الوسمة‪ ،‬وبطنه مبتدء خبر‬
‫محذوف أي مغرزها إلى حيث بطنه موجودا وممتدا ومنتهى إليه كصبغ‬
‫إلى آخره‪ ،‬و " حيث " تضاف إلى الجملة غالبا وهو في المعنى مضافة‬
‫إلى المصدر الذي تضمنته الجملة‪ ،‬قالوا‪ " :‬حيث " وإن كانت مضافة إلى‬
‫الجملة في الظاهر لكن لما كانت في المعنى مضافة إلى المصدر فاضافتها‬
‫إليها كل إضافة‪ ،‬ولذا بنيت على الضم كالغايات على العرف‪ ،‬فقال الرضي‬
‫رضي ال عنه‪ :‬حذف خبر المبتدء الذي بعد حيث غير قليل‪ .‬والوسمة‬
‫بكسر السين كما في بعض النسخ وهي لغة الحجاز وأفصح من السكون‬
‫وأنكر الزهري السكون‪ ،‬وبالسكون كما في بعض النسخ وجوزه بعضهم‪:‬‬
‫نبت يختضب بورقه‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ورق النيل‪ ،‬والصقال ككتاب‪ :‬اسم من‬
‫صقله كنصر أي‬
‫)‪ (1‬معرب آبريز وهو الذى يقال له بالفارسية‪ :‬آفتابه‪.‬‬

‫]‪[39‬‬

‫جله‪ ،‬فهو مصقول وصقيل‪ ،‬واللفاع ككتاب‪ :‬الملحفة أو الكساء أو كل ما تتلفع به‬
‫المرأة‪ ،‬وتلفع الرجل بالثوب‪ .‬إذا اشتمل به وتغطى‪ ،‬وفي بعض النسخ‪:‬‬
‫متقنع والمقنع والمقنعة بالكسر فيهما‪ :‬ما تتقنع به المرأة‪ ،‬والقناع ككتاب‬
‫أوسع منهما‪ ،‬و المعجر كمنبر‪ :‬ثوب أصغر من الرداء تلبسه المرأة‪ ،‬وقال‬
‫المطرزي‪ :‬ثوب كالعصابة تلفه المرأة على استدارة رأسها‪ ،‬والسحم‬
‫بالتحريك والسحمة بالضم‪ :‬السواد‪ ،‬والسحم السود‪ ،‬وخيل له كذا بالبناء‬
‫للمفعول من الخيال بمعنى الوهم والظن أي لبس عليه وفي بعض النسخ "‬
‫يخيل " على صيغة المعلوم فالفاعل ضمير الطاووس‪ ،‬والبريق‪ :‬اللمعان‪.‬‬
‫واستدق أي صار دقيقا وهو ضد الغليظ‪ ،‬والمستدق على صيغة اسم الفاعل‬
‫وفي بعض النسخ على صيغة اسم المفعول‪ ،‬قال ابن الثير‪ :‬استدق الدنيا‬
‫أي احتقرها واستصغرها‪ ،‬وهو استفعل من الشئ الدقيق الصغير‪ ،‬والمشبه‬
‫على الول القلم‪ ،‬وعلى الثاني المرقوم‪ ،‬ويمكن أن تكون الضافة على‬
‫الول لدنى ملبسة فان الرقم الدقيق له نسبة إلى القلم‪ ،‬والقحوان بالضم‪:‬‬
‫البابونج وأبيض يقق بالتحريك أي شديد البياض‪ ،‬وائتلق وتألق أي التمع‪،‬‬
‫وعل فلن فلنا أي غلبه وارتفع عليه‪ ،‬وبص كفر أي برق ولمع‪،‬‬
‫والديباج‪ :‬ثوب سداه ولحمته أبريسم وقيل‪ :‬هو معرب ثم كثر حتى اشتقت‬
‫العرب منه فقالوا‪ :‬دبج الغيث الرض دبجا‪ :‬إذا سقاها فأنبت أزهارا مختلفة‬
‫لنه اسم للمنقش‪ ،‬ورونق الشئ ماؤه وحسنه أي أخذ من كل لون نصيبا‬
‫وزاد على اللون بالبريق واللمعان‪ ،‬والزهرة بالفتح وبالتحريك‪ :‬النبات‬
‫ونوره والجمع أزهار وجمع الجمع أزاهر )‪ .(1‬والبث‪ :‬النشر والتفريق‪،‬‬
‫ورب فلن المر أي أصلحه وقام بتدبيره‪ ،‬ورب الدهن أي طيبه‪ ،‬والقيظ‪:‬‬
‫فصل الصيف وشدة الحر‪ ،‬ولعل الجمع في المطار باعتبار الدفعات وفي‬
‫الشموس بتعدد الشراق في اليام أو باعتبار أن الشمس الطالع في كل يوم‬
‫فرد عليحدة لختلف التأثير في نضج الثمار وتربية النبات باختلف الحر‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ .‬أزاهير‪.‬‬

‫]‪[40‬‬

‫والبرد وغير ذلك‪ ،‬وتحسر البعير على صيغة التفعل أي سقط من العياء‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ‪ " :‬تنحسر " على صيغة النفعال تقول‪ :‬حسره كضربه‬
‫ونصره فانحسر أي كشفه فانكشف‪ ،‬والعرى بالضم خلف اللبس والفعل‬
‫كرضي‪ ،‬وتترى فيه لغتان تنون ول تنون مثل علقى فمن ترك صرفها في‬
‫المعرفة جعل ألفها ألف التأنيث وهو أجود‪ ،‬وأصلها وترى من الوتر‪ ،‬وهو‬
‫الفرد قال ال تعالى‪ " :‬ثم أرسلنا رسلنا تترى )‪ " (1‬أي واحدا بعد واحد‪،‬‬
‫ومن نونها جعل ألفها ملحقة ذكره الجوهري‪ ،‬وقال بعض شارحي النهج‪:‬‬
‫تترى أي شيئا بعد شئ وبينهما فترة‪ ،‬وهذا مما يغلط فيه قوم فيعتقدون أن‬
‫" تترى " للمواصلة واللتصاق‪ ،‬وينبت تباعا أي ل فترات بينهما‪ ،‬وكذلك‬
‫حال الريش الساقط‪ ،‬والتباع بالكسر‪ :‬الولء وانحتت ورق الشجر أي‬
‫سقطت‪ .‬وقوله عليه السلم‪ " :‬سالف ألوانه " في بعض النسخ‪ " :‬سائر‬
‫ألوانه " قال الجوهري‪ :‬سائر الناس أي جميعهم‪ ،‬وفي المصباح‪ :‬قال‬
‫الزهري‪ :‬اتفق أهل اللغة أن سائر الشئ باقيه قليل كان أو كثيرا‪ ،‬ولعل‬
‫المراد عدم مخالفة لون الريش النابت للباقي من السوالف‪ ،‬أو المراد عدم‬
‫التخالف بين الرياش النابتة‪ ،‬وما في الصل أوضح‪ ،‬والورد بالفتح من كل‬
‫شجرة‪ :‬نورها‪ ،‬وغلب على الورد الحمر‪ ،‬والتارة‪ :‬الحين والزمان‬
‫والعسجد كجعفر‪ :‬الذهب‪ ،‬والعمق بالضم وبالفتح‪ :‬قعر البئر ونحوها‪،‬‬
‫والفطن كعنب جمع فطنة بالكسر وهى الحذق والعلم بوجوه المور‪،‬‬
‫وعمائق الفطن‪ :‬الذهان الثاقبة والقريحة‪ :‬أول ما يستنبط من البئر ومنه‬
‫قولهم‪ " :‬لفلن قريحة جيدة " يراد استنباط العلم بجودة الطبع‪ ،‬واقترحت‬
‫الشئ أي ابتدعته من غير سبق مثال‪ ،‬والواو في قوله عليه السلم‪" :‬‬
‫وأقل " للحال‪ ،‬ولريب أن الشعرة أقل الجزاء التي بها قوام الحيوان‬
‫والمراد بعجز الوهام العجز عن وصف علل هذه اللوان واختلفها‬
‫واختصاص كل بموضعه‪ ،‬وسائر ما أشار عليه السلم إليه‪ ،‬أو العجز عن‬
‫إدراك جزئيات الوصاف المذكورة وتشريح الهيئات الظاهرة‬
‫والخصوصيات الخفية في خلق ذلك الحيوان كما هو المناسب لما بعده‪،‬‬
‫وبهره كمنعه أي غلبه‪ ،‬وجله بالتشديد والتخفيف على اختلف النسخ أي‬

‫)‪ (1‬المؤمنون‪.44 :‬‬

‫]‪[41‬‬

‫كشفه‪ ،‬والتكوين‪ :‬الحداث واليجاد‪ ،‬وقعدبها أي أقعدها وأعجزها‪ ،‬والغرض الدللة‬


‫على عجز العقول عن إدراك ذاته سبحانه فانها إذا عجزت عن إدرك‬
‫مخلوق ظاهر للعيون على الصفات المذكورة فهي بالعجز عن إدراكه‬
‫سبحانه ووصفه أحرى‪ ،‬وكذلك اللسن في تلخيص صفته وتأدية نعته‪.‬‬
‫ودمج الشئ كنصر دموجا‪ :‬دخل في الشئ واستحكم فيه وأدمجه غيره‪،‬‬
‫والذرة واحدة الذروهي صغار النمل والهمجة واحدة الهمج كذلك وهو‬
‫ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والحمر وأعينها‪ ،‬والحيتان‬
‫جمع حوت‪ ،‬والفيلة جمع فيل‪ ،‬والمعروف بين أهل اللغة فيلة كعنبة كما‬
‫في بعض النسخ‪ ،‬وأفيال وفيول‪ ،‬وقال ابن السكيت‪ :‬ول تقل أفيلة‪ ،‬ووأى‬
‫أي وعد‪ ،‬واضطرب أي تحرك‪ ،‬والشبح‪ :‬الشخص‪ ،‬وأولج أي وأدخل‬
‫والحمام ككتاب‪ :‬قضاء الموت وقدره‪ - 2 .‬تنبيه الخاطر للورام‪ :‬دخل‬
‫طاووس اليماني على جعفر بن محمد الصادق عليه السلم فقال له‪ :‬أنت‬
‫طاووس ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬طاووس طير مشوم ما نزل بساحة قوم إل‬
‫آذنهم بالرحيل )‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على تأثير الطيرة في الجملة‪ - 3 .‬الكافي‪:‬‬
‫عن العدة عن البرقي عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن يعقوب بن‬
‫جعفر الجعري قال‪ :‬ذكر عند أبي الحسن عليه السلم حسن الطاووس‬
‫فقال‪ :‬ل يزيدك على حسن الديك البيض بشئ )‪ ،(2‬قال‪ :‬وسمعته يقول‪:‬‬
‫الديك أحسن صوتا من الطاووس وهو أعظم بركة ينبهك في مواقيت‬
‫الصلة‪ ،‬وإنما يدعو الطاووس بالويل بخطيئته )‪ (3‬التي ابتلي بها )‪.(4‬‬
‫وقال الدميري‪ :‬الطاووس‪ :‬طائر معروف تصغيره طويس‪ ،‬وكنيته أبو‬
‫الحسن‬

‫)‪ (1‬تنبيه الخاطر‪ (2) :‬في المصدر‪ :‬شئ‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬لخطيئة‪ (4) .‬فروع‬
‫الكافي ‪(*) .550 :6‬‬

‫]‪[42‬‬

‫وأبو الوشي‪ ،‬وهو من الطير كالفرس من الدواب )‪ (1‬عز أو حسنا وفي طبعه العفة‬
‫وحب الزهو بنفسه والخيلء والعجاب بريشه وعقده لذنبه كالطاق ل‬
‫سيما إذا كانت النثى ناظرة إليه‪ ،‬والنثى تبيض بعد أن يمضى لها من‬
‫العمر ثلث سنين‪ ،‬وفي ذلك الوان يكمل ريش الذكر ويتم لونه‪ ،‬وتبيض‬
‫النثى مرة واحدة في السنة اثنتي عشرة بيضة وأكثر )‪ ،(2‬ويفسد في أيام‬
‫الربيع ويلقي ريشه في الخريف كلما يلقى الشجر ورقه‪ ،‬فإذا بدا طلوع‬
‫الوراق في الشجرة طلع ريشه‪ ،‬وهو كثير العبث بالنثى إذا حضنت‪،‬‬
‫وربما كسر البيض‪ ،‬ولهذه العلة يحضن بيضه تحت الدجاج‪ ،‬ول تقوى‬
‫الدجاجة على حضن أكثر من بيضتين‪ ،‬وينبغي أن تتعاهد الدجاجة بجميع‬
‫ما تحتاج إليه من الكل والشرب مخافة أن تقوم عنه فيفسده الهواء‪،‬‬
‫والفرخ الذي يخرج من حضن الدجاجة يكون قليل الحسن ناقص الخلق‬
‫وناقص الجثة‪ ،‬ومدة حضنه ثلثون يوما‪ ،‬وأعجب المور أنه مع حسنه‬
‫يتشأم به‪ ،‬وكان هذا وال أعلم أنه لما كان سببا لدخول إبليس الجنة‬
‫وخروج آدم منها وسببا لخلو تلك الدار من آدم مدة دوام الدنيا كرهت‬
‫إقامته في الدور بسبب ذلك )‪ - 4 .(3‬الكافي‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد‬
‫بن بكر بن صالح عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السلم‬
‫قال‪ :‬الطاووس مسخ كان رجل جميل فكابر امرأة رجل مؤمن تحبه فوقع‬
‫بها ثم راسلته بعد فمسخهما ال عزوجل طاووسين انثى وذكرا فل تأكل‬
‫لحمه ول بيضه )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وهو في الطير كالفرس في الدواب‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬واقل واكثر‬
‫ول تبيض متتابعا‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ 59 :2‬و ‪ (4) .60‬فروع الكافي ‪:6‬‬
‫‪ 247‬فيه‪ " :‬ول يؤكل " ورواه ايضا بالسناد في ص ‪ 245‬ال انه اقتصر‬
‫فقال‪ :‬الطاووس ل يحل اكله ول بيضه‪.‬‬

‫]‪[43‬‬

‫‪ } - 5‬باب { الدراج والقطا والقبج وغيرها من الطيور وفضل لحم بعضها على‬
‫بعض ‪ - 1‬الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيى عن محمد بن موسى عن علي بن‬
‫سليمان عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم عن أبي الحسن الول عليه‬
‫السلم قال‪ :‬اطعموا المحموم لحم القباج فانه يقوي الساقين ويطرد الحمى‬
‫طردا )‪ - 2 .(1‬ومنه‪ :‬عن محمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن علي‬
‫بن مهزيار قال‪ :‬تغديت مع أبي جعفر عليه السلم فاتي بقطاط فقال‪ :‬إنه‬
‫مبارك وكان أبي يعجبه وكان يأمر أن يطعم صاحب اليرقان يشوى له فانه‬
‫ينفعه )‪ - 3 .(2‬الخرائج‪ :‬روي عن الحسن عليه السلم أن عليا عليه‬
‫السلم كان يوما بأرض قفر فرأى دراجا فقال‪ :‬يا دراج منذكم أنت في هذه‬
‫البرية ؟ ومن أين مطعمك ومشربك ؟ فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين أنا في هذه‬
‫البرية منذ مائة سنة إذا جعت اصلي عليكم فأشبع وإذا عطشت أدعو على‬
‫ظالميكم فأروي )‪ - 4 .(3‬المحاسن‪ :‬عن أبي الحسن النهدي عن ابن أسباط‬
‫رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلم أنه ذكر عنده لحم الطير فقال‪ :‬أطيب‬
‫اللحم لحم فرخ غذته فتاة من ربيعة بفضل قوتها )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ (2) .312 :6‬فروع الكافي ‪ (3) .312 :6‬الخرائج‪ (4) .‬المحاسن‬
‫‪(*) .474‬‬

‫]‪[44‬‬

‫‪ - 5‬ومنه‪ :‬عن عمرو بن عثمان رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬الوز )‬
‫‪ (1‬جاموس الطيور‪ ،‬والدجاج خنزير الطير‪ ،‬والدراج حبش الطير‪ ،‬فأين‬
‫أنت عن فرخين ناهضين ربتهما امرأة من ربيعة بفضل قوتها )‪- 6 .(2‬‬
‫ومنه‪ :‬عن السياري رفعه قال‪ :‬ذكرت اللحمان عند أمير المؤمنين علي ابن‬
‫أبي طالب عليه السلم وعمر حاضر فقال عمر‪ :‬إن أطيب اللحمان لحم‬
‫الدجاج‪ ،‬وقال )‪ (3‬أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬كل إن ذلك خنازير الطير‪،‬‬
‫وإن أطيب اللحم لحم فرخ حمام قد نهض أو كاد ينهض )‪ - 7 .(4‬ومنه‪:‬‬
‫عن السياري عمن رواه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من سره‬
‫أن يقتل غيظه‪ ،‬فليأكل لحم الدراج )‪ .(5‬الكافي‪ :‬عن العدة عن البرقي عن‬
‫السياري مثله )‪ - 8 .(6‬الطب‪ :‬عن مروان بن محمد عن علي بن النعمان‬
‫عن علي بن الحسن عن موسى بن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين‬
‫عليهم السلم أنه قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬من‬
‫سره أن يقتل )‪ (7‬غيظه فليأكل الدراج )‪ - 9 .(8‬وعنه عليه السلم قال‪:‬‬
‫من اشتكى فؤاده وكثر غمه فليأكل الدراج )‪ - 10 .(9‬حياة الحيوان‪:‬‬
‫الدراج بالضم كرمان واحدته دراجة وهو طائر مبارك‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬الوز جاموس الطير‪ (2) .‬المحاسن‪ (3) .474 :‬في المصدر‪:‬‬
‫فقال‪ (4) .‬و )‪ (5‬المحاسن‪ .475 :‬وروى نحوه الكليني عن العدة عن‬
‫البرقى في الفروع ‪ (6) .312 :6‬الفروع ‪ 312 :6‬فيه‪ " :‬عمن رواه عن‬
‫ابى عبد ال )ع( " وفيه‪ :‬أن يقل‪ (7) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬أن يقل‬
‫غيظه‪ (8) .‬طب الئمة‪ (9) :‬طب الئمة‪.‬‬

‫]‪[45‬‬

‫كثير النتاج مبشر بالربيع )‪ (1‬وتطيب نفسه على الهواء الصافي وهبوب الشمال‪،‬‬
‫ويسوء حاله بهبوت الجنوب حتى أنه ل يقدر على الطيران‪ ،‬وهو طائر‬
‫أسود باطن الجناحين وظاهرهما أغبر على خلقة القطا إل أنه ألطف منه‪،‬‬
‫والجاحظ جعله من أقسام الحمام ومن شأنه أنه ل يجعل بيضه في موضع‬
‫واحد بل ينقله لئل يعرف أحد مكانه‪ ،‬قال ابن سينا‪ :‬لحمه أفضل من لحوم‬
‫الفواخت وأعدل وألطف‪ ،‬وأكله يزيد في الدماغ والفهم والمني )‪ .(2‬وقال‪:‬‬
‫القبج بفتح القاف وإسكان الباء‪ :‬الحجل‪ ،‬والقبجة اسم جنس يقع على‬
‫الذكر والنثى حتى تقول‪ :‬يعقوب )‪ (3‬فيختص بالذكر‪ ،‬وكذلك الدراجة حتى‬
‫تقول‪ :‬الحيقطان )‪ ،(4‬والنحلة حتى تقول‪ :‬يعسوب‪ ،‬ومثله كثير )‪،(5‬‬
‫والذكر يوصف بالقوة على السفاد‪ ،‬ولكثرة سفاده يقصد موضع البيض‬
‫فيكسره لئل تشتغل النثى بحضنه عنه‪ ،‬ولذا النثى إذا أتى أوان بيضها‬
‫تهرب وتختبئ رغبة في الفرخ وهي إذا هربت بهذا السبب ضاربت الذكور‬
‫بعضها بعضا وكثر صياحها‪ ،‬ثم إن المقهور يتبع القاهر ويفسد القوي‬
‫الضعيف‪ ،‬والقبج يغير أصواته بأنواع شتى بقدر حاجته إلى ذلك‪ ،‬وتعمر‬
‫خمسة عشر سنة )‪ ،(6‬ومن عجيب أمرها أنها إذا قصدها الصياد خبأت‬
‫راسها تحت الثلج وتحسب أن الصياد ل يراها‪ ،‬وذكورها شديد الغيرة على‬
‫اناثها‪ ،‬والنثى تلقح من رائحة الذكر‪ ،‬وهذا النوع كله يحب الغناء‬
‫والصوات‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر‪ :‬وهو القائل‪ " :‬بالشكر تدوم النعم " وصوته مقطع على هذه‬
‫الكلمات‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪ (3) .243 :2‬يعقوب‪ :‬ذكر الحجل‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬حتى تقول‪ :‬حيقطان والبومة حتى تقول‪ :‬صدى أو فياد‪،‬‬
‫والحبارى حتى تقول‪ :‬خرب‪ ،‬وكذا النعامة حتى تقول‪ :‬ظليم‪ ،‬والنحلة‪(5) .‬‬
‫في المصدر هنا زيادة منها‪ :‬واناثه تبيض خمس عشرة بيضة‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ويعمر خمس عشرة سنة‪.‬‬

‫]‪[46‬‬

‫الطيبة‪ ،‬وربما وقعت من أوكارها عند سماع ذلك فيأخذها الصياد )‪ .(1‬وقال‪ :‬القطا‬
‫معروف واحدة قطاة‪ ،‬وهو نوعان كدري وجوني‪ ،‬وزاد الجوهري نوعا‬
‫ثالثا وهو القطاط )‪ ،(2‬والكدري أغبر اللون رقش الظهر والبطون صفر‬
‫الحلوق قصار الذناب‪ ،‬وهي ألطف من الجونية‪ ،‬والجونية سود بطون‬
‫الجنحة والقوادم‪ ،‬وظهرها أغبر أرقط تعلوه صفرة )‪ ،(3‬وإنما سميت‬
‫جونية لنها ل تفصح بصوتها إذا صوتت‪ ،‬وإنما تغرغر بصوت في حلقها‪،‬‬
‫والكدرية فصيحة تنادي باسمها )‪ ،(4‬وفي طبعها أنها إذا أرادت الماء‬
‫ارتفعت من أفاحيصها أسرابا )‪ (5‬ل متفرقة عند طلوع الفجر فتقطع إلى‬
‫حين طلوع الشمس مسيرة سبع مراحل فحينئذ تقع على الماء فتشرب نهل‬
‫)‪ ،(6‬والعرب تصف القطا بحسن المشي وتشبه مشي النساء الخفرات‬
‫بمشيها )‪ ،(7‬وروى ابن حيان وغيره من حديث أبي ذر رضي ال عنه‬
‫وابن ماجة من حديث جابر أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من بنى ل‬
‫مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى ال تعالى له بيتا في الجنة‪ .‬مفحص القطاة‬
‫بفتح الميم‪ :‬موضعها الذي تجثم )‪ (8‬فيه وتبيض كأنها تفحص‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ 168 :2‬و ‪ 169‬زاد فيه‪ :‬وحكمها‪ :‬حل الكل لنها من الطيبات‪.‬‬
‫)‪ (2‬هكذا في الكتاب والصحيح كما في المصدر‪ :‬الغطاة‪ (3) .‬زاد في‬
‫المصدر‪ :‬وهى أكبر من الكدرى تعدل جونية بكدرتين‪ (4) .‬زاد في‬
‫المصدر‪ :‬ول تضع القطاط بيضها ال افرادا‪ (5) .‬جمع السرب‪ :‬القطيع من‬
‫الظباء والطير وغيرهما‪ (6) .‬زاد في المصدر‪ :‬والنهل‪ :‬شرب البل‬
‫والغنم أول مرة‪ ،‬فإذا شربت اقامت حول الماء متشاغلة إلى مقدار‬
‫ساعتين أو ثلث ثم تعود إلى الماء ثانية‪ (7) .‬في المصدر‪ " :‬بحسن‬
‫المشى لتقارب خطاها ومشيها يشبه مشى النساء الخفرات بمشيتهن "‪.‬‬
‫أقول‪ :‬خفرت الجارية‪ :‬استحيت اشد الحياء فهى خفر وخفرة ومخفار‪) .‬‬
‫‪ (8‬جثم الطائر‪ :‬تلبد بالرض‪ ،‬والمجثم‪ :‬محل الجثوم‪.‬‬

‫]‪[47‬‬

‫عنه التراب أي تكشفه‪ ،‬والفحص‪ :‬البحث والكشف‪ ،‬وخصت القطا بهذا لنها ل‬
‫تبيض في شجرة ول على رأس جبل إنما تجعل مجثمها على بسيط الرض‬
‫دون تلك الطيور )‪ ،(1‬فلذلك شبه به المسجد‪ ،‬ولنها توصف بالصدق‪،‬‬
‫كأنه أشار بذلك إلى الخلص في بنائه‪ ،‬وقيل‪ :‬إنما شبه بذلك لن‬
‫أفحوصها يشبه محراب المسجد في استدارته وتكوينه‪ ،‬وقيل‪ :‬خرج ذلك‬
‫مخرج الترغيب بالقليل من مخرج الكثير كما خرج مخرج التحذير بالقليل‬
‫عن الكثير كقوله صلى ال عليه وآله‪ " .‬لعن ال السارق يسرق البيضة‬
‫فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده " ولن الشارع يضرب المثل بما ل‬
‫يكاد يقع كقوله‪ " :‬ولو سرقت فاطمة بنت محمد " وهي عليها السلم ل‬
‫يتوهم عليها السرقة )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬دون سائر الطيور‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪ 180 :2‬و ‪ 181‬فيه‪ :‬منها‬
‫السرقة‪(*) .‬‬

‫]‪[48‬‬

‫} أبواب { } الوحوش والسباع من الدواجن وغيرها { ‪ 1‬باب } الكلب وأنواعها‬


‫وصفاتها وأحكامها والسنانير والخنازير { } في بدء خلقها وأحكامها {‬
‫اليات‪ :‬المائدة ‪ " :5‬قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين‬
‫تعلمونهن مما علمكم ال ‪ ." 4‬العراف ‪ " 7‬واتل عليهم نبأ الذي آتيناه‬
‫آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها‬
‫ولكنه أخلد إلى الرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث‬
‫أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا " ‪ 175‬و ‪ .176‬الكهف‬
‫‪ " 18‬وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ - :‬سيقولون ثلثة‬
‫رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة‬
‫وثامنهم كلبهم "‪ .‬الية ‪ .22 - 18‬تفسير‪ :‬سيأتي تفسير الية الولى‪ .‬وقال‬
‫الدميري‪ :‬دل على أن للعالم فضيلة ليست للجاهل لن الكلب إذا علم تحصل‬
‫له فضيلة على غير المعلم فالنسان أولى بذلك ل سيما )‪ (1‬إذا عمل بما‬
‫علم‬
‫في المصدر‪ :‬والنسان إذا كان له علم اولى أن يكون له فضل على غيره كالجاهل‬
‫لسيما‪.‬‬

‫]‪[49‬‬

‫كما قال علي عليه السلم‪ " :‬لكل شئ قيمة وقيمة المرء ما يحسنه )‪ " (1‬وأما‬
‫آيات العراف فالمشهور أنها في بلعم بن باعورا كما مرت قصته في‬
‫المجلد الخامس‪ .‬قال الدميري‪ :‬قال قتادة‪ :‬هذا مثل ضربه ال تعالى لكل من‬
‫عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله " ولو شئنا لرفعناه بها " أي وفقناه‬
‫للعمل بها فكان )‪ (2‬يرفع بذلك منزلته في الدنيا والخرة " ولكنه أخلد إلى‬
‫الرض " أي ركن إلى الدنيا وشهواتها ولذاتها فعوقب في الدنيا بأنه كان‬
‫يلهث كما يلهث الكلب يشبه )‪ (3‬به صورة وهيئة‪ .‬قال القتيبي‪ :‬كل شئ‬
‫يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إل الكلب فانه يلهث في حال الكلل )‬
‫‪ (3‬وحال الراحة وفي حال الري وفي حال العطش فضربه ال تعالى مثل‬
‫لمن كذب بآياته فقال‪ :‬إن وعظته فهو ضال‪ ،‬وإن تركته فهو ضال كالكلب‬
‫إن طردته لهث وإن تتركه على حاله لهث انتهى‪ .‬واللهث‪ :‬نفس )‪(5‬‬
‫بسرعة وحركة اعضاء الفم معها وامتداد اللسان )‪ ،(6‬قال الواحدي‬
‫وغيره‪ :‬هذه الية من أشد الي على أهل العلم‪ ،‬وذلك أن ال تعالى أخبر‬
‫أنه آتاه من )‪ (7‬اسمه العظم والدعوات المستجابات والعلم والحكمة‬
‫فاستوجب بالسكون إلى الدنيا واتباع الهوى تغيير النعم )‪ (8‬بالنسلخ‬
‫عنها ومن ذا الذي )‪(9‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ (2) .220 :2‬في المصدر‪ :‬فكنا نرفع‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فشبه‬
‫به‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬في حال التعب‪ (5) .‬في الصصدر‪ :‬تنفس‪ (6) .‬زاد‬
‫في المصدر‪ :‬وخلقة الكلب انه يلهث على كل حال‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬آتاه‬
‫آياته من اسمه‪ (8) .‬في المصدر‪ :‬تغيير النعمة عليه‪ (9) .‬في المصدر‪:‬‬
‫ومن الذى‪.‬‬

‫]‪[50‬‬

‫يسلم من هاتين الحالتين إل من عصمه ال )‪ .(1‬وقال‪ :‬أكثر أهل التفسير على ان‬
‫كلب أهل الكهف كان من جنس الكلب‪ ،‬وروي عن ابن جريح )‪ (2‬أنه قال‪:‬‬
‫كان أسدا ويسمى السد كلبا‪ ،‬وقال قوم‪ :‬كان رجل طباخا لهم حكاه‬
‫الطبري‪ ،‬ويضعفه بسط الذارعين فانه في العرف من صفة الكلب وروي أن‬
‫جعفر بن محمد الصادق عليه السلم قرأ‪ " :‬كلبهم " فيحتمل أن يريد هذا‬
‫الرجل وقال خالد بن معدان‪ :‬ليس في الجنة من الدواب سوى كلب أهل‬
‫الكهف وحمار عزير وناقة صالح‪ ،‬وقيل‪ :‬إن من أحب أهل الخير نال من‬
‫بركتهم‪ ،‬كلب أحب أهل فضل صحبهم ذكره ال تعالى في القرآن معهم‪.‬‬
‫والوصيد‪ :‬فناء الكهف‪ ،‬وقيل‪ :‬هو التراب‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الباب‪ :‬وقيل‪ :‬عتبة‬
‫الباب‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الكلب كان لهم وقيل‪ :‬مروا بكلب فنبح لهم فطردوه فعاد‬
‫فطردوه مرارا )‪ (3‬فقام الكلب على رجليه ورفع يديه إلى السماء كهيئة‬
‫الداعي ونطق فقال‪ :‬ل تخافوا مني فاني احب أحباء ال فنوموا حتى‬
‫أحرسكم‪ .‬وقال السدي‪ :‬لما خرجوا مروا براع ومعه كلب فقال الراعي‪ :‬إني‬
‫أتبعكم على أن أعبد ال تعالى معكم‪ ،‬قالوا‪ :‬سر‪ ،‬فسار معهم وتبعهم الكلب‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا راعي هذا الكلب ينبح علينا وينبه بنا فمالنا به من حاجة فطردوه‬
‫فأبى إل أن يلحق بهم فرجموه فرفع يديه كالداعي فأنطقه ال تعالى فقال‪:‬‬
‫يا قوم لم تطردونني ؟ لم ترجمونني ؟ لم تضربونني ؟ فوال لقد عرفت ال‬
‫قبل أن تعرفوه بأربعين سنة‪ ،‬فتعجبوا من ذلك وزادهم ال بذلك هدى‪ ،‬قال‬
‫محمد الباقر عليه السلم‪ :‬كان أصحاب الكهف صياقلة )‪ .(4‬قال عمرو بن‬
‫دينار‪ :‬إن مما اخذ على العقرب أن ل تضر أحدا في ليل أو‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ (2) .222 :2‬الصحيح كما في المصدر‪ :‬ابن جريج‪ .‬بالجيم في‬
‫الول والخر‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬مرارا وهو يعود‪ (4) .‬حياة الحيوان ‪:2‬‬
‫‪ 204‬و ‪.205‬‬

‫]‪[51‬‬

‫نهار صلى على نوح )‪ ،(1‬ومما اخذ على الكلب أن ل يضر أحدا حمل عليه في ليل‬
‫أو نهار قرأ )‪ " :(2‬وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " وقال القرطبي‪ :‬بلغنا‬
‫عمن تقدم أن في سورة الرحمن آية يقرؤها النسان على الكلب إذا حمل‬
‫عليه فل يؤذيه باذن ال عزوجل وهي " يا معشر الجن والنس " الية )‬
‫‪ - 11 .(3‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن‬
‫حماد عن الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يكره أن يكون في دار‬
‫الرجل المسلم الكلب )‪ - 12 .(4‬ومنه‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد عن‬
‫ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما‬
‫من أحد يتخذ كلبا إل نقص في كل يوم من عمل صاحبه قيراط‪ .‬بيان‪ :‬لعله‬
‫محمول على الكراهة كما يشير إليه الخبر السابق‪ ،‬وعلى كلب لم يكن في‬
‫اتخاذه منفعة أو لم يكن بينه وبينه باب مغلق‪ ،‬مع أنه يحتمل أن يكون مع‬
‫الحالين أخف كراهة‪ .‬قال الدميري‪ :‬ل يجوز اقتناء الكلب الذي ل نفع فيه‬
‫وذلك لما في اقتنائها من مفاسد الترويع والعقر للمار‪ ،‬ولعل ذلك لمجانبة‬
‫الملئكة لمحلها ومجانبة الملئكة أمر شديد لما في مخالطتهم من اللهام‬
‫إلى الخير والدعاء إليه‪ ،‬واختلف الصحاب في جواز اتخاذ الكلب لحفظ‬
‫الدرب والدور على وجهين‪ :‬أصحهما الجواز واتفقوا على جواز اتخاذه‬
‫للزارع )‪ (6‬والماشية والصيد‪ ،‬لكن يحرم اقتناء كلب‬

‫)‪ (1‬في موضع من المصدر‪ :‬أن ل يضر باحد في ليل ول نهار قال‪ :‬سلم على نوح‪.‬‬
‫)‪ (2‬في موضع من المصدر‪ :‬باحد ممن حمل عليه إذا قال‪ (3) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪ 214 :2‬و ‪ (4) .218‬فروع الكافي ‪ (5) .552 :6‬فروع الكافي‬
‫‪ (6) .552 :6‬في النسخة المخطوطة‪ " :‬للمزارع " وفى المصدر‪:‬‬
‫للزراعة‪.‬‬

‫]‪[52‬‬

‫الماشية قبل شرائها‪ ،‬وكذلك كلب الزرع والصيد لمن ل يزرع ول يصيد‪ ،‬فلو خالف‬
‫واقتنى نقص من أجره كل يوم قيراط‪ ،‬وفي رواية " قيراطان " وكلهما‬
‫في الصحيح وحمل ذلك على نوع من الكلب بعضها )‪ (1‬أشد أذى من‬
‫بعض‪ ،‬أو لمعنى فيها‪ ،‬أو يكون ذلك مختلفا باختلف المواضع‪ ،‬فيكون‬
‫القيراطان في المدن ونحوها‪ ،‬والقيراط في البوادي‪ ،‬أو يكون ذلك في‬
‫زمنين ذكر القيراط أول‪ ،‬ثم ذكر التغليظ )‪ (2‬فذكر القيراطين‪ ،‬والمراد‬
‫بالقيراط مقدار معلوم عند ال تعالى ينقص من أجر عمله‪ ،‬واختلفوا في‬
‫المراد بما نقص منه فقيل‪ :‬مما مضى من عمله‪ ،‬وقيل‪ :‬من مستقبله‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬قيراط من عمل الليل وقيراط من عمل النهار‪ ،‬وقيل‪ :‬قيراط من عمل‬
‫الفرض وقيراط من عمل النفل‪ ،‬وأول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه‬
‫السلم قال‪ :‬يا رب أمرتني أن أصنع الفلك وأنا في صناعته أصنع أياما‬
‫فيجيئوني بالليل فيفسدون كل ما عملت‪ ،‬فمتى يلتئم لي ما أمرتني به فقد‬
‫طال علي أمري ؟ فأوحى ال إليه‪ :‬يا نوح اتخذ كلبا يحرسك‪ ،‬فاتخذ نوح‬
‫كلبا وكان يعمل بالنهار وينام بالليل‪ ،‬فإذا جاء قومه ليفسدوا بالليل )‪(3‬‬
‫ينبحهم الكلب فينتبه نوح فيأخذ الهراوة ويثب لهم ويهربون منه فالتأم له‬
‫ما أراد )‪ - 13 .(4‬الكافي‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد عن عثمان بن‬
‫عيسى عن سماعة قال‪ :‬سألته عن الكلب يمسك في الدار ؟ قال‪ :‬ل )‪.(5‬‬
‫‪ - 14‬ومنه‪ :‬عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يوسف‬
‫بن عقيل عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬ل خير في الكلب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬إذ بعضها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فذكر القيراط اول ثم زاد في التغليظ‪.‬‬
‫)‪ (3‬في المصدر‪ :‬ليفسدوا بالليل عمله‪ (4) .‬حياة الحيوان ‪ 219 :2‬فيه‪:‬‬
‫فيهربون‪ (5) .‬فروع الكافي ‪ 552 :6‬فيه‪ :‬نمسكه في الدار‪.‬‬
‫]‪[53‬‬

‫إل كلب الصيد أو كلب ماشية )‪ - 15 .(1‬ومنه‪ :‬عن العدة عن أحمد بن محمد بن‬
‫خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح‬
‫المدائني عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل تمسك كلب الصيد في الدار‬
‫إل أن يكون بينك وبينه باب )‪ .(2‬بيان‪ :‬كأن المراد بالباب الباب المغلق‬
‫عليه لما روى الصدوق عليه الرحمة في الفقيه عن الصادق عليه السلم‪:‬‬
‫ل تصل في دار فيها كلب إل أن يكون كلب الصيد وأغلقت دونه بابا فل‬
‫بأس فان الملئكة ل تدخل بيتا فيه كلب ول بيتا فيه تماثيل ول بيتا فيه بول‬
‫مجموع في آنية )‪ (3‬انتهى‪ .‬ويحتمل أن يكون المراد أن كون الكلب في‬
‫بيت آخر ل يوجب نقص صلة المصلي وإن كان بين البيت الذي فيه الكلب‬
‫وبين البيت الذي يصلى فيه باب‪ ،‬فانهما ل يصيران بذلك بيتا واحدا‪،‬‬
‫والول أظهر لما مر‪ ،‬ولما رواه الكليني أيضا عن العدة عن البرقي عن‬
‫عثمان بن عيسى عن سماعة قال‪ :‬سألته عن كلب الصيد يمسك في الدار ؟‬
‫قال‪ :‬إذا كان يغلق دونه الباب فل بأس )‪ .(4‬وقال العلمة قدس سره في‬
‫المنتهى‪ :‬يكره الصلة في بيت فيه كلب لما رواه ابن بابويه عن الصادق‬
‫عليه السلم‪ ،‬وذكر الخبر المتقدم ثم قال‪ :‬وروى الشيخ عن محمد ابن‬
‫مروان عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن جبرئيل أتاني فقال‪ " :‬إنا معاشر الملئكة ل ندخل بيتا فيه كلب‬
‫ول تماثيل جسد ول إناء يبال فيه " ونفور الملئكة يؤذن بكونه ليس هو‬
‫موضع رحمة فل يصلح أن يتخذ للعبادة انتهى )‪(5‬‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ 552 :6‬فيه‪ :‬في الكلب‪ (2) .‬فروع الكافي ‪ (3) .552 :6‬من ل‬
‫يحضره الفقيه ‪ (4) .159 :1‬فروع الكافي ‪ (5) .552 :6‬المنتهى‪.‬‬

‫]‪[54‬‬

‫ونحوه قال الشهيد نور ال مرقده في الذكرى )‪ .(1‬وقال الدميري‪ :‬قال أبو عمرو‬
‫بن الصلح‪ :‬ل تصحب الملئكة رفقة فيه كلب ول جرس‪ ،‬ثم قال‪ :‬وأما‬
‫قوله صلى ال عليه وآله‪ :‬ل تدخل الملئكة بيتا فيه كلب ول صورة فقال‬
‫العلماء‪ :‬سبب امتناعهم من البيت الذي فيه الصورة كونها معصية فاحشة‪،‬‬
‫وفيها مضاهاة خلق ال تعالى )‪ (2‬وبعضها في صورة ما يعبدون من دون‬
‫ال عزوجل‪ ،‬وسبب امتناعهم من البيت الذي فيه الكلب لكثرة أكله‬
‫النجاسات‪ ،‬ولن بعض الكلب يسمى شيطانا‪ ،‬كما جاء في الحديث‪،‬‬
‫والملئكة ضد الشيطان‪ ،‬ولقبح رائحة الكلب أو لملئكة تكره الرائحة‬
‫الخبيثة‪ ،‬ولنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملئكة‬
‫عليه )‪ (3‬وصلتها فيه واستغفارها له وتبركها عليه في بيته ودفعها أذى‬
‫الشياطين‪ .‬والملئكة الذين ل يدخلون بيتا فيه كلب ول صورة هم ملئكة‬
‫يطوفون بالرحمة والتبرك والستغفار‪ ،‬وأما الحفظة والموكلون بقبض‬
‫الرواح فيدخلون في كل بيت‪ ،‬ول تفارق الحفظة الدمي في حال )‪ (4‬لنهم‬
‫مأمورون باحصاء أعمالهم وكتابتها‪ .‬قال الخطابي‪ :‬وإنما ل تدخل الملئكة‬
‫بيتا فيه كلب ول صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلب والصور‪ ،‬وأما ما‬
‫ليس اقتناؤه بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية والصورة التي تمتهن‬
‫في البساط والوسادة وغيرها فل يمتنع دخول الملئكة بسببه‪ ،‬وأشار‬
‫القاضي إلى نحو ما قاله الخطابي‪ ،‬وقال النووي‪ :‬والظهر أنه عام في كل‬
‫كلب وصورة وإنهم يمتنعون من الجميع لطلق الحاديث‪ ،‬وأما الجرو‬

‫)‪ (1‬الذكرى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وفيها مضاهاة لخلق ال تعالى‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫بيته‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ول تفارق الحفظة بنى آدم في حال من الحوال‪.‬‬

‫]‪[55‬‬

‫الذي كان في بيت النبي صلى ال عليه وآله تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر‬
‫فانه لم يعلم به ومع هذا امتنع جبرئيل عليه السلم من دخول البيت بسببه‪،‬‬
‫فلو كان العذر في وجود الكلب والصورة ل يمنعهم لم يمتنع جبرئيل عليه‬
‫السلم )‪ - 16 .(1‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن‬
‫السكوني عن أبي عبد ال عليه السلم إن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫رخص لهل القاصية في الكلب يتخذونه )‪ (2‬بيان‪ :‬القاصية‪ :‬البعيدة عن‬
‫المعمورة‪ - 17 .‬الكافي‪ :‬عن علي عن أبيه عن ابن محبوب عن العل عن‬
‫محمد بن مسلم قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الكلب السلوقي‬
‫فقال‪ :‬إذا مسسته فاغسل يدك )‪ .(3‬بيان‪ :‬غسل اليدين إذا كان رطبا على‬
‫الوجوب‪ ،‬وإذا كان يابسا على الستحباب على المشهور‪ ،‬وسيأتي الكلم‬
‫فيه في كتاب الطهارة‪ .‬وقال الدميري في حياة الحيوان‪ :‬الكلب حيوان‬
‫معروف‪ ،‬وربما وصف به فقيل للرجل‪ :‬كلب‪ ،‬وللمرأة كلبة‪ ،‬والجمع أكلب‬
‫وكلب وكليب مثل أعبد وعباد وعبيد‪ ،‬وهو جمع عزيز‪ ،‬والكالب جمع‬
‫أكلب‪ ،‬قال ابن سيدة‪ :‬وقد قالوا في جمع كلب كلبات )‪ .(4‬وهو نوعان‪:‬‬
‫أهلي وسلوقي‪ ،‬نسبة إلى سلوق وهي مدينة باليمن تنسب إليها الكلب‬
‫السلوقية‪ ،‬وكل النوعين في الطبع سواء‪ ،‬وفي طبعه الحتلم وتحيض‬
‫اناثه وتحمل النثى ستين يوما‪ ،‬ومنها ما يقل عن ذلك‪ ،‬وتضع جراءها‬
‫عميا فل تفتح عيونها إل بعد اثنى عشر يوما‪ ،‬والذكور تهيج قبل الناث‪،‬‬
‫وينزو الذكر إذا كمل له سنة‪ ،‬وربما تسفد قبل ذلك‪ ،‬وإذا سفد الكلبة كلب‬
‫مختلفة اللوان أدت إلى كل كلب شبهه‪.‬‬
‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ 219 :2‬و ‪ (2) .220‬و )‪ (3‬فروع الكافي ‪ (4) .553 :6‬في‬
‫المصدر‪ :‬في جمع كلب‪ :‬كلب‪.‬‬

‫]‪[56‬‬

‫وفي الكلب من اقتفاء الثر وشم الرائحة ما ليس لغيره من الحيوانات و الجيفة‬
‫أحب إليه من اللحم الغريض‪ ،‬ويأكل العذرة ويرجع في قيئه‪ ،‬وبينه وبين‬
‫الضبع عداوة شديدة‪ ،‬وذلك إذا كان في موضع مرتفع ووطئعت الضبع ظله‬
‫في القمر رمى بنفسه إليها مخذول فتأكله‪ ،‬وإذا دهن كلب بشحمها جن‬
‫واختلط‪ ،‬وإذا حمل إنسان لسان ضبع لم تنبح عليه الكلب‪ ،‬ومن طبعه أنه‬
‫يحرس ربه ويحمي حرمه شاهدا وغائبا ذاكرا وغافل نائما ويقظانا‪ ،‬وهو‬
‫أيقظ الحيوان عينا في وقت حاجته إلى النوم‪ ،‬وإنما غالب نومه نهارا عند‬
‫الستغناء عن الحراسة‪ ،‬وهو في نومه أسمع من فرس وأحذر من عقعق‪،‬‬
‫وإذا نام كسر أجفان عينيه ول يطبقهما وذلك لخفة نومه وسبب خفته أن‬
‫دماغه بارد بالنسبة إلى دماغ النسان‪ ،‬ومن عجيب طباعه أنه يكرم الجلة‬
‫من الناس وأهل الوجاهة ول ينبح على أحد منهم وربما حاد عن طريقه‬
‫وينبح على السود من الناس والدنس الثياب والضعيف الحال‪ ،‬ومن‬
‫طباعه البصبصة والترضي والتودد والتألف بحث إذا دعي بعد الضرب‬
‫وطرد رجع‪ ،‬وإذا لعبه ربه عضه العض الذي ل يؤلم‪ ،‬وأضراسه لو‬
‫أنشبها في الحجر لنشبت‪ ،‬ويقبل التأديب والتلقين والتعليم حتى لو وضعت‬
‫على رأسه مسرجة وطرح له مأكول لم يلتفت إليه ما دام على تلك الحالة‪،‬‬
‫فإذا أخذت المسرجة عن رأسه وثب إلى مأكوله‪ ،‬وتعرض له أمراض‬
‫سودارية في زمن مخصوص ويعرض للكلب الكلب وهو بفتح اللم‪ ،‬وهو‬
‫داء يشبه الجنون‪ .‬وعلمة ذلك أن تحمر عيناه وتعلوهما غشاوة‬
‫وتسترخي اذناه ويندلع لسانه ويكثر لعابه وسيلن أنفه ويطاطئ رأسه‬
‫وينحدب ظهره ويتعوج صلبه إلى جانب‪ ،‬ول يزال يدخل ذنبه بين رجليه‬
‫ويمشي خائفا مغموما كأنه سكران ويجوع فل يأكل ويعطش فل يشرب‪،‬‬
‫وربما رأى الماء فيفزع منه‪ ،‬وربما يموت منه خوفا وإذا لح له شبح حمل‬
‫عليه من غير نبح والكلب تهرب منه فان دنا منها غفلة بصبصت له‬
‫وخضعت وخشعت بين يديه‪ ،‬فإذا عقر هذا الكلب إنسانا عرض له أمراض‬
‫ردية‪:‬‬

‫]‪[57‬‬

‫منها أن يمتنع من شرب الماء حتى يهلك عطشا ول يزال يستسقي حتى إذا سقي‬
‫الماء لم يشربه‪ ،‬فإذا استحكمت هذه العلة به فقعد للبول خرج منه شئ‬
‫على هيئة صورة الكلب الصغار )‪ ،(1‬قال صاحب الموجز في الطب‪ :‬الكلب‬
‫حالة كالجذام تعرض للكلب والذئب وابن آوي وابن عرس والثعلب‪ ،‬ثم ذكر‬
‫غالب ما تقدم‪ ،‬وقال غيره‪ :‬الكلب‪ :‬جنون يصيب الكلب فتموت وتقتل كل‬
‫شئ عضته إل النسان فانه قد يعالج فيسلم‪ ،‬قال‪ :‬وداء الكلب يعرض‬
‫للحمار ويقع في البل أيضا‪ ،‬فيقال‪ :‬كلبت البل تكلب كلبا‪ ،‬وأكلب القوم‪ :‬إذا‬
‫وقع في ابلهم‪ ،‬ويقال‪ :‬كلب الكلب واستكلب‪ :‬إذا ضرى )‪ (2‬وتعود أكل‬
‫الناس انتهى‪ .‬وذكر القزويني في عجائب المخلوقات أن بقرية من أعمال‬
‫حلب بئرا يقال لها‪ :‬بئر الكلب إذا شرب منها من عضه كلب الكلب )‪(3‬‬
‫برئ وهي مشهورة‪ .‬وأما السلوقي فمن طباعه أنه إذا عاين الظباء قريبة‬
‫منه أو بعيدة عرف المقبل من المدبر ومشي الذكر من مشي النثى‪،‬‬
‫ويعرف الميت من الناس والمتماوت حتى أن الروم ل تدفن ميتا حتى‬
‫تعرضه على الكلب فيظهر لهم من شمها إياه علمة يستدل بها على حياته‬
‫أو موته‪ ،‬ويقال‪ :‬إن هذا ل يوجد إل في نوع منها يقال له‪ :‬القلطي وهو‬
‫صغير الجرم قصير القوائم جدا ويسمى الصيني‪ ،‬وإناث السلوقي أسرع‬
‫تعلما من الذكور‪ ،‬والفهد بالعكس‪ ،‬والسود من الكلب أقل صبرا من‬
‫غيرها‪ .‬وفي كتاب فضل الكلب على كثير ممن لبس الثياب لمحمد بن خلف‬
‫المرزبان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬رأى النبي صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم رجل قتيل فقال‪ :‬ما شأنه ؟ فقالوا‪ :‬إنه وثب على غنم بني‬
‫زهرة فأخذ منها شاة فوثب عليه كلب الماشية‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬على هيئة الكلب الصغار‪ (2) .‬ضرى الكلب بالصيد‪ :‬تعوده واولع‬
‫به‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬الكلب الكلب‪.‬‬

‫]‪[58‬‬

‫فقتله‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬قتل نفسه وأضاع دينه )‪ (1‬وعصى ربه وخان‬
‫أخاه وكان الكلب خيرا منه‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬كلب أمين خير من صاحب‬
‫خؤون‪ ،‬قال‪ :‬وكان للحارث بن صعصعة ندماء ل يفارقهم وكان شديد‬
‫المحبة لهم فخرج في بعض متنزهاته ومعه ندماؤه فتخلف منهم واحد‬
‫فدخل على زوجته فأكل وشربا ثم اضطجعا‪ ،‬فوثب الكلب عليهما فقتلهما‪،‬‬
‫فلما رجع الحارث إلى منزله وجدهما قتيلين فعرف المر فأنشأ يقول‪ :‬فيا‬
‫عجبا للخل يهتك حرمتي * ويا عجبا للكلب كيف يصون وما زال يرعى‬
‫ذمتي ويحوطني * ويحفظ عرسي والخليل يخون وذكر المام أبو الفرج‬
‫ابن الجوزي في بعض مصنفاته أن رجل خرج في بعض أسفاره فمر على‬
‫قبة مبنية أحسن بناء بالقرب من ضيعة هناك وعليها مكتوب‪ :‬من أحب أن‬
‫يعلم سبب بنائها فليدخل القرية‪ ،‬فدخل القرية وسأل أهلها عن سبب بناء‬
‫القبة فلم يجد عند أحد خبرا من ذلك إلى أن دل على رجل قد بلغ من العمر‬
‫مائتي سنة فسأله فأخبره عن أبيه أنه حدثه أن ملكا كان بتلك الرض وكان‬
‫له كلب ل يفارقه في سفر ول حضر ول نوم ول يقظة‪ ،‬وكانت له جارية‬
‫خرساء مقعدة‪ ،‬فخرج ذات يوم في تنزهاته )‪ (2‬وأمر بربط الكلب لئل‬
‫يذهب معه‪ ،‬وأمر طباخه أن يصنع له طعاما من اللبن كان يهواه‪ ،‬وإن‬
‫الطباخ صنعه وجاء به فوضعه عند الجارية والكلب وتركه مكشوفا‪،‬‬
‫وذهب‪ ،‬فأقبلت حية عظيمة إلى الناء فشربت من ذلك الطعام وردته‬
‫وذهبت‪ ،‬فأقبل الملك من نزهته )‪ (3‬وأمر بالطعام فوضع بين يديه فجعلت‬
‫الجارية تصفق بيديها وتشير إلى الملك‪ :‬أن ل يأكله‪ ،‬فلم يعلم أحد ما تريد‬
‫فوضع الملك يده في الصحفة وجعل الكلب يعوي ويصيح ويجذب نفسه من‬
‫السلسلة‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬واضاع ديته‪ (2) .‬في المخطوطة‪ " :‬إلى متنزهاته " في‬
‫المصدر‪ :‬إلى بعض متنزهاته‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬من متنزهه‪.‬‬

‫]‪[59‬‬

‫حتى كاد أن يقتل نفسه‪ ،‬فعجب الملك )‪ (1‬من ذلك وأمر باطلقه فاطلق فغدا إلى‬
‫الملك وقد رفع يده باللقمة إلى فيه فوثب الكلب وضربه على يده فطار‬
‫اللقمة منها فغضب الملك وأخذ طبرا كان بجنبه وهم أن يضرب به الكلب‪،‬‬
‫فأدخل الكلب رأسه في الناء وولغ من ذلك الطعام وانقلب على جنبه وقد‬
‫تناثر لحمه‪ ،‬فعجب الملك ثم التفت إلى الجارية فأشارت إليه بما كان من‬
‫أمر الحية‪ ،‬ففهم الملك المر وأمر باراقة الطعام وتأديب الطباخ لكونه ترك‬
‫النية مكشوقة‪ ،‬وأمر بدفن الكلب وببناء القبة عليه‪ ،‬وبتلك الكتابة التي‬
‫رأيتها‪ ،‬قال‪ :‬وهي أغرب ما يحكى‪ .‬وفي كتاب النشور )‪ (2‬عن أبي عثمان‬
‫المديني قال‪ :‬إنه كان في بغداد رجل يلعب بالكلب فأسحر يوما في حاجة‬
‫له وتبعه كلب كان يختصه من كلبه فرده فلم يرجع فتركه ومشى حتى‬
‫انتهى إلى قوم كان بينه وبينهم عداوة فصادفوه بغير عدة فقبضوا عليه‬
‫والكلب يراهم وأدخلوه الدار‪ ،‬فدخل الكلب معهم فقتلوا الرجل وألقوه في‬
‫بئر وطموا رأس البئر وضربوا الكلب وأخرجوه وطردوه‪ ،‬فخرج يسعى إلى‬
‫بيت صاحبه فعوى فلم يعبأوا به وافتقدت ام الرجل ابنها وعلمت أنه قد‬
‫تلف فأقامت عليه المأتم وطردت الكلب عن بابها‪ ،‬فلزم ذلك الكلب الباب‬
‫ولم ينطرد‪ ،‬فاجتاز يوما بعض قتلة صاحبه بالباب والكلب رابض فلما رآه‬
‫وثب إليه وخمش )‪ (3‬ساقيه ونهشه وتعلق به واجتهد المجتازون في‬
‫تخليصه منه فلم يمكنهم‪ ،‬وارتفعت للناس ضجة عظيمة وجاء حارث‬
‫الدرب فقال‪ :‬لم يتعلق هذا الكلب بالرجل إل وله معه قصة‪ ،‬ولعلة هو الذي‬
‫جرحه‪ ،‬وسمعت ام القتيل الكلم فخرجت فحين رأيت الكلب متعلقا بالرجل‬
‫تأملت الرجل فذكرت )‪ (4‬أنه كان أحد أعداء ابنها وممن يتطلبه فوقع في‬
‫نفسها أنه قاتل ابنها فتعلقت به‪ ،‬فرفعوهما إلى الراضي بال فادعت عليه‬

‫)‪ (2‬في المصدر‪ :‬فتعجب الملك‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وفى كتاب النشوان‪ (4) .‬خمش‬
‫الوجه‪ :‬خدشه ولطمه‪ (1) .‬في المصدر‪ :‬فتذكرت‪(*) .‬‬

‫]‪[60‬‬

‫القتل فأمر بحبسه بعد أن ضربه فلم يقر فلزم الكلب باب الحبس‪ ،‬فلما كان بعد أيام‬
‫أمر الراضي باطلقه‪ ،‬فلما خرج من باب الحبس تعلق الكلب )‪ (1‬كما فعل‬
‫أول فعجب الناس من ذلك وجهدوا على خلصه منه فلم يقدروا على ذلك‬
‫إل بعد جهد جهيد‪ ،‬واخبر الراضي بذلك فأمر بعض غلمانه أن يطلق الرجل‬
‫ويرسل الكلب خلفه ويتبعه فإذا دخل الرجل داره بادره ودخل وأدخل الكلب‬
‫)‪ (2‬ومهما رأى الكلب يعمل يعلمه بذلك‪ ،‬ففعل ما أمره به‪ ،‬فلما دخل الرجل‬
‫داره بادره غلم الخليفة ودخل وأدخل الكلب معه ففتش البيت فلم ير أثره‬
‫ول خبره )‪ (3‬وأقبل الكلب ينبح ويبحث عن موضع البئر التي طرح فيها‬
‫القتيل‪ ،‬فعجب )‪ (4‬الغلم من ذلك وأخبر الراضي بأمر الكلب فأمر بنبشه‬
‫فنبشه الغلم فوجد الرجل قتيل‪ ،‬فأخذ )‪ (5‬صاحب الدار إلى بين يدي‬
‫الراضي فأمر بضربه فأقر على نفسه وعلى جماعة بالقتل فقتل فطلب‬
‫الباقون فهربوا‪ .‬وفي عجائب المخلوقات أن شخصا قتل شخصا باصبهان‬
‫وألقاه في بئر وللمقتول كلب يرى ذلك‪ ،‬فكان يأتي كل يوم إلى رأس البئر‬
‫وينحي التراب عنها ويشير إليها‪ ،‬وإذا رأى القاتل نبح عليه‪ ،‬فلما تكرر‬
‫ذلك منه حفروا البئر فوجدوا القتيل بها‪ ،‬ثم أخذوا الرجل وقرروه فأقر‬
‫فقتلوه به‪ .‬وذكر ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس وأنس الجالس أنه‬
‫قيل لجعفر الصادق عليه السلم‪ :‬وهو أحد الئمة الثنى عشر‪ :‬كم تتأخر‬
‫الرؤيا ؟ فقال‪ :‬خمسين سنة لن النبي صلى ال عليه وآله رأى كأن كلبا‬
‫أبقع ولغ في دمه فأوله بأن رجل يقتل الحسين ابن بنته فكان الشمر بن‬
‫ذي الجوشن قاتل الحسين عليه السلم‪ ،‬وكان أبرص فتأخرت‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ " :‬تعلق به الكلب " وفيه‪ :‬فتعجب‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وادخل الكلب‬
‫معه‪ ،‬فمهما‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فلم ير اثرا ول خبرا‪ (4) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فتعجب‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فنبشوها فوجدوا الرجل قتيل فأخذوا‪.‬‬

‫]‪[61‬‬
‫الرؤيا بعد خمسين سنة‪ .‬وفي رسالة القشيري في باب الجود والسخاء‪ :‬إن عبد ال‬
‫بن جعفر خرج إلى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلم أسود يعمل‬
‫عليها إذ اتى الغلم بغدائه وهو ثلثة أقراص‪ ،‬فرمى بقرص منها إلى كلب‬
‫كان هناك فأكله‪ ،‬ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكلهما وعبد ال بن جعفر‬
‫ينظر فقال‪ :‬يا غلم كم قوتك كل يوم ؟ قال‪ :‬ما رأيت‪ ،‬قال‪ :‬فلم آثرت هذا‬
‫الكلب ؟ قال‪ :‬إن هذه الرض ليست بأرض كلب وإنه جاء من مسافة بعيدة‬
‫جائعا فكرهت رده‪ ،‬فقال له عبد ال بن جعفر‪ :‬فما أنت صانع اليوم ؟ قال‪:‬‬
‫أطوي )‪ (1‬يومي هذا‪ ،‬فقال عبد ال بن جعفر لصحابه‪ :‬الم على السخاء‬
‫وهذا أسخى مني‪ ،‬ثم إنه اشترى الغلم فأعتقه واشترى الحائط وما فيه‬
‫ووهب ذلك له )‪ .(2‬ودخل أبو العلء المعري يوما على الشريف المرتضى‬
‫فعثر برجل فقال الرجل‪ :‬من هذا الكلب ؟ فقال أبو العلء‪ :‬الكلب من ل‬
‫يعرف للكلب سبعين اسما‪ ،‬فقربه المرتضى واختبره فوجده علمة‪ ،‬وإنه‬
‫جرى )‪ (3‬ذكر المتنبي يوما فتنقصه الشريف المرتضى وذكر معايبه فقال‬
‫أبو العلء المعري‪ :‬لو لم يكن من شعر المتنبي إل قوله )‪ .(4‬لك يا منازل‬
‫في القلوب منازل‪ .‬لكفاه شرفا وفضل‪ ،‬فغضب الشريف المرتضى وأمر‬
‫بسحبه )‪ (5‬وإخراجه من مجلسه‪ ،‬ثم قال لمن حضر مجلسه‪ :‬أتدرون أي‬
‫شئ أراد هذا العمى بذكر هذه‬

‫)‪ (1‬طوى الرجل‪ :‬تعمد الجوع وقصده‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪ (3) .200 - 197 :2‬في‬
‫المصدر‪ :‬ثم جرى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬لو لم يكن للمتنبي من الشعر ال‬
‫قوله‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وامر بسحبه برجله‪.‬‬

‫]‪[62‬‬

‫القصيدة وللمتنبي أحسن منها )‪ (1‬ولم يذكرها ؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬إنما أراد قوله فيها‬
‫)‪ :(2‬وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل )‪- 18 (3‬‬
‫الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬بعثني رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله إلى المدينة فقال‪ :‬ل تدع صورة إل محوتها ول‬
‫قبرا إل سويته ول كلبا إل قتلته )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال الدميري‪ :‬روى مسلم عن‬
‫عبد ال بن معقل )‪ (5‬قال‪ :‬أمر رسول ال صلى ال عليه وآله بقتل‬
‫الكلب‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما بالكم وبال الكلب‪ ،‬ثم رخص في كلب الصيد وكلب‬
‫الغنم‪ ،‬فحمل الصحاب المر بقتلها على الكلب الكلب والكلب العقور‪،‬‬
‫واختلفوا في قتل ما لضرر فيه منها‪ ،‬فقال القاضي حسين وإمام الحرمين‬
‫والماوردي والنووي ومسلم‪ :‬ل يجوز قتلها‪ ،‬وقيل‪ :‬إن المر بقتلها‬
‫منسوخ‪ ،‬وعلى الكراهة اقتصر الرافعي في الشرح وتبعه في الروضة‬
‫وزاد‪ :‬إنها كراهية تنزيه )‪ (6‬ل تحريم‪ ،‬لكن قال الشافعي‪ :‬واقتل الكلب‬
‫التي ل نفع فيها حيث وجدتها وهذا هو الراجح في المهمات )‪- 19 .(7‬‬
‫العلل‪ :‬عن محمد بن شاذان بن أحمد البراوذي )‪ (8‬عن محمد بن محمد بن‬
‫الحارث‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أجود منها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬انما أراد أن يذمنى بقوله فيها‪(3) .‬‬
‫حياة الحيوان ‪ (4) .203 :2‬فروع الكافي ‪ .528 :6‬وفيه روايات اخرى‬
‫راجعها‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬مغفل‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬كراهة تنزيه‪(7) .‬‬
‫حياة الحيوان ‪ 219 :2‬فيه‪ " :‬واقتلوا " وفيه‪ :‬وجدتموها‪ (8) .‬لعله‬
‫مصحف البردادى نسبة إلى برداد‪ :‬قرية من قرى سمرقند‪.‬‬

‫]‪[63‬‬

‫السمرقندي عن صالح بن سعد الترمذي عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن‬


‫وهب بن منبه اليماني قال‪ :‬لما ركب نوح عليه السلم في السفينة ألقى ال‬
‫عزوجل السكينة على ما فيها من الدواب والطير والوحش‪ ،‬فلم يكن شئ‬
‫فيها يضر شيئا كانت الشاة تحتك بالذئب‪ ،‬والبقرة تحتك بالسد‪ ،‬والعصفور‬
‫يقع على الحية فل يضر شئ شيئا ول يهيجه‪ ،‬ولم يكن لها )‪ (1‬ضجر ول‬
‫صخب )‪ (2‬ول سبة ول لعن قد أهمتهم أنفسهم‪ ،‬وأذهب ال عزوجل حمة‬
‫كل ذي حمة‪ ،‬فلم يزالوا كذلك في السفينة حتى خرجوا منها‪ ،‬وكان الفأر قد‬
‫كثر في السفينة والعذرة‪ ،‬فأوحى ال عزوجل إلى نوح عليه السلم‪ :‬أن‬
‫يمسح السد‪ ،‬فمسحه فعطس فخرج من منخريه هران ذكر وانثى فخفف‬
‫الفأر‪ ،‬ومسح وجه الفيل فعطس فخرج من منخريه خنزيران ذكر وانثى‬
‫فخفف العذرة )‪ .(3‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬الحمة كثبة‪ :‬السم أو البرة يضرب‬
‫بها الزنبور والحية ونحو ذلك أو يلذع بها‪ ،‬والجمع حمات وحمى‪- 20 .‬‬
‫العلل‪ :‬عن أحمد بن محمد بن عيسى العلوي عن محمد بن إبراهيم بن‬
‫أسباط عن أحمد بن محمد بن زياد القطان عن أبي الطيب أحمد بن محمد‬
‫بن عبد ال بن عيسى بن جعفر العلوي العمري عن آبائه عن عمر بن علي‬
‫عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلم أن النبي صلى ال عليه وآله سئل‬
‫مما خلق ال عزوجل الكلب ؟ قال‪ :‬خلقه من بزاق إبليس قيل‪ :‬وكيف ذلك‬
‫يا رسول ال ؟ قال‪ :‬لما أهبط ال عزوجل آدم وحوا إلى الرض أهبطهما‬
‫كالفرخين المرتعشين فعدا إبليس الملعون إلى السباع وكانوا قبل آدم في‬
‫الرض فقال لهم‪ :‬إن طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراؤن أعظم منهما‬
‫تعالوا فكلوهما‪.‬‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ولم يكن فيها‪ (2) .‬الصخب بالتحريك‪ :‬اختلط الصوات‪ (3) .‬علل‬
‫الشرائع ‪ 181 :2‬و ‪.182‬‬

‫]‪[64‬‬

‫فتعاوت السباع معه وجعل إبليس يحثهم ويصيح ويعدهم بقرب المسافة فوقع من‬
‫فيه من عجلة كلمه بزاق‪ ،‬فخلق ال عزوجل من ذلك البزاق كلبين أحدهما‬
‫ذكر والخر انثى‪ ،‬فقاما حول آدم وحوا‪ ،‬الكلبة بجدة‪ ،‬والكلب بالهند فلم‬
‫يتركوا السباع أن يقربوهما‪ ،‬ومن ذلك اليوم الكلب عدو السبع والسبع‬
‫عدو الكلب )‪ - 21 .(1‬ومنه‪ :‬عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار وعن‬
‫محمد بن أحمد الشعري عن البرقي عن رجل عن ابن أسباط عن عمه )‪(2‬‬
‫رفع الحديث إلى علي عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمير فتعوذوا بال من الشيطان‬
‫الرجيم فانهم )‪ (3‬يرون ول ترون‪ ،‬فافعلوا ما تؤمرون )‪ (4‬الخبر‪- 22 .‬‬
‫القصص‪ :‬بالسناد عن الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن أبان )‬
‫‪ (5‬عن ابن اورمة عن أبي أحمد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إن قوم نوح عليه السلم شكوا إلى نوح عليه السلم الفأر‬
‫فأمر ال تعالى الفهد فعطس فطرح السنور فأكل الفأر‪ ،‬وشكوا إليه العذرة‬
‫فأمر ال الفيل أن يعطس فسقط الخنزير )‪ - 23 .(6‬ثواب العمال‪ :‬عن ابن‬
‫مسرور عن ابن عامر عن عمه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى‬
‫ماتت عطشا )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ‪ 182 :2‬و ‪ (2) .183‬في المصدر‪ :‬عن عمه يعقوب‪ (3) .‬في‬
‫نسخة من المصدر‪ :‬فانهن‪ (4) .‬علل الشرائع ‪ 270 :2‬في نسخة منه‪:‬‬
‫يرون ما ل ترون‪ (5) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬عن ابان‪ (6) .‬قصص‬
‫النبياء‪ :‬مخطوط‪ (7) .‬ثواب العمال‪:‬‬

‫]‪[65‬‬

‫‪ - 24‬نوادر الراوندي‪ :‬عن عبد الواحد بن إسماعيل الرؤياني عن محمد بن الحسن‬


‫التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الشعث عن‬
‫موسى ابن إسماعيل بن موسى عن أبيه عن جده موسى بن جعفر عن‬
‫آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬رأيت في النار‬
‫صاحب العباء التي قد غلها‪ ،‬ورأيت في النار صاحب المحجن الذي كان‬
‫يسرق الحاج بمحجنه‪ ،‬ورأيت في النار صاحبة الهرة تنهشها مقبلة‬
‫ومدبرة‪ ،‬كانت أو ثقتها لم تكن تطعمها ولم ترسلها تأكل من حشاش‬
‫الرض ودخلت الجنة فرأيت صاحب الكلب الذي أرواه من الماء )‪.(1‬‬
‫تبيان‪ :‬قال في النهاية‪ :‬المحجن‪ :‬عصا معقفة الرأس كالصولجان والميم‬
‫زائدة ومنه الحديث‪ :‬كان يسرق الحاج بمحجنه فإذا فطن به قال‪ :‬تعلق‬
‫بمحجني انتهى )‪ (2‬وأقول‪ :‬صاحب الكلب إشارة إلى ما رواه الدميري عن‬
‫مسلم أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬بينما امرأة تمشي بفلة من‬
‫الرض إذا اشتدت عليها العطش فنزلت بئرا فشربت ثم صعدت فوجدت‬
‫كلبا يأكل الثرى من العطش‪ ،‬فقالت‪ :‬لقد بلغ بهذا الكلب مثل الذي بلغ بي‪،‬‬
‫ثم نزلت البئر فملت خفها وأمسكته بفيها‪ ،‬ثم صعدت فسقته فشكر ال لها‬
‫ذلك وغفر لها‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول ال أو لنا في البهائم أجر ؟ قال‪ :‬نعم في‬
‫كل كبد رطبة أجر )‪ .(3‬وقال في النهاية‪ :‬وفيه‪ " :‬فإذا كلب يأكل الثرى من‬
‫العطش " أي التراب الندي )‪ .(4‬أقول‪ :‬فالظاهر على هذا صاحبة الكلب‬
‫التي أروته إل أن يكون إشارة إلى قصة اخرى شبيهة بذلك‪.‬‬

‫)‪ (1‬نوادر الراوندي‪ (2) .28 :‬النهاية ‪ (3) .238 :1‬حياة الحيوان ‪ 197 :2‬و‬
‫‪ (4) .198‬النهاية ‪.148 :1‬‬

‫]‪[66‬‬

‫‪ - 25‬الدر المنثور‪ :‬عن ابن عباس قال الحواريون لعيسى بن مريم‪ :‬لو بعثت لنا‬
‫رجل شهد السفينة فحدثنا عنها‪ ،‬فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثب )‪ (1‬من‬
‫تراب فأخذ كفا من ذلك التراب وقال‪ :‬أتدرون ما هذا ؟ قالوا‪ :‬ال ورسوله‬
‫أعلم‪ ،‬قال‪ :‬هذا كعب حام بن نوح‪ ،‬فضرب الكثيب بعصاه وقال‪ :‬قم باذان‬
‫ال‪ ،‬فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب )‪ ،(2‬قال له عيسى‪:‬‬
‫هكذا هلكت ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬مت وأنا شاب ولكنني ظننت أنها الساعة فمن ثم‬
‫شبت‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عن سفينة نوح‪ ،‬قال‪ :‬كان طولها ألف ذراع ومائتي‬
‫ذراع وعرضها ستمائة ذراع‪ ،‬كانت ثلث طبقات‪ :‬فطبقة فيها الدواب‬
‫والوحش‪ ،‬وطبقة فيها النس‪ ،‬وطبقة فيها الطير‪ ،‬فلما كثرت أرواث‬
‫الدواب أوحى ال إلى نوح‪ :‬أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير‬
‫وخنزيرة فأقبل على الروث‪ ،‬فلما وقع الفأر بخرز السفينة يقرضه أوحى‬
‫ال إلى نوح‪ :‬أن اضرب عيني السد فخرج من منخره سنور وسنورة‬
‫فأقبل على الفأر‪ ،‬فقال له عيسى‪ :‬كيف علم نوح أن البلد قد غرقت ؟ قال‪:‬‬
‫بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك‬
‫ل يألف البيوت‪ ،‬ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين‬
‫برجلها فعلم أن البلد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ودعا لها‬
‫أن تكون في انس وأمان فمن ثم تألف البيوت‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا روح ال أل‬
‫تنطلق به إلى أهالينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال‪ :‬كيف يتبعكم من ل رزق‬
‫له‪ ،‬ثم قال له‪ :‬عد باذن ال‪ ،‬فعاد ترابا‪ .‬وعن عكرمة قال‪ :‬لما حمل نوح في‬
‫السفينة السد قال‪ :‬يا رب إنه يسألني الطعام من أين أطعمه ؟ قال‪ :‬إني‬
‫سوف أشغله عن الطعام‪ ،‬فسلط ال عليه الحمى فكان نوح يأتي بالكبش‬
‫فيقول‪ :‬كل‪ ،‬فيقول السد‪ :‬آه‪ .‬وعن وهب بن منبه قال‪ :‬لما امر نوح أن‬
‫يحمل من كل زوجين اثنين قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬الكثب‪ :‬التل من الرمل‪ (2) .‬شاب‪ :‬ابيض شعره‪.‬‬

‫]‪[67‬‬

‫كيف أصنع بالسد والبقر ؟ وكيف أصنع بالعناق والذئب ؟ وكيف أصنع بالحمام‬
‫والهر )‪ (1‬؟ قال‪ :‬من ألقى بينهم العداوة ؟ قال‪ :‬أنت يا رب‪ ،‬قال‪ :‬فاني‬
‫اؤلف بينهم حتى ل يتضادون )‪ .(2‬توضيح‪ :‬خرز السفينة‪ :‬الخيوط التي‬
‫تخاط بها‪ - 26 .‬حياة الحيوان‪ :‬السنور بكسر السين المهملة وفتح النون‬
‫المشددة واحد السنانير‪ :‬حيوان متواضع ألوف خلقه ال تعالى لدفع الفأرة‪،‬‬
‫قيل‪ :‬إن أعرابيا صاد سنورا فلم يعرفه فتلقاه رجل فقال‪ :‬ما هذا السنور ؟‬
‫ولقى آخر فقال‪ :‬ما هذا القط ؟ ثم لقي آخر فقال‪ :‬ما هذا الهر ؟ ثم لقي آخر‬
‫فقال‪ :‬ما هذا الضيون ؟ ثم لقى آخر فقال‪ :‬ما هذا الخيدع ؟ ثم لقى آخر‬
‫فقال‪ :‬ما هذا الخيطل ؟ ثم لقى آخر فقال‪ :‬ما هذا الدم ؟ فقال العرابي‪:‬‬
‫أحمله وأبيعه لعل ال تعالى أن يجعل فيه مال كثيرا‪ ،‬فلما أتى به إلى‬
‫السوق قيل له‪ :‬بكم هذا ؟ فقال‪ :‬بمائة درهم فقيل له‪ :‬إنه يساوي نصف‬
‫درهم‪ ،‬فرمى به وقال‪ :‬لعنه ال ما أكثر أسماءه وأقل ثمنه وهذه السماء‬
‫للذكر قاله في الكفاية‪ ،‬وقال ابن قتيبة يقال في النثى‪ :‬سنورة‪ .‬وروى‬
‫الحاكم عن أبي هريرة قال‪ :‬كان النبي صلى ال عليه وآله يأتي دار قوم‬
‫من النصار ودونه دور ل يأتيها‪ ،‬فشق عليهم ذلك فكلموه فقال‪ :‬إن في‬
‫داركم كلبا‪ ،‬قالوا‪ :‬فان في دارهم سنورا‪ ،‬فقال‪ :‬السنور سبع‪ .‬وفي رواية‬
‫اخرى‪ :‬قال‪ :‬الهرة ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم "‬
‫والطوافون‪ :‬الخدم‪ ،‬والطوافات‪ :‬الخدامات‪ ،‬جعلها بمنزلة المماليك‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫إن أهل سفينة نوح عليه السلم تأذوا من الفأر فمسح نوح جبهة السد‬
‫فعطس ورمى بالسنور فلذلك هو أشبه شئ بالسد بحيث ل يمكن أن يصور‬
‫الهر إل جاء أسدا‪ ،‬وهو ظريف‬

‫)‪ (1‬هذا يخالف ما تقدم من أن الهر لم يكن قبل ذلك بل وجد في السفينة‪ (2) .‬الدر‬
‫المنثور ج ‪ 3‬ص ‪ 328‬و ‪ 329‬و ‪.330‬‬
‫]‪[68‬‬

‫لطيف يمسح بالعابه وجهه )‪ ،(1‬وإذا جاعت النثى أكلت أولدها‪ ،‬وقد يخلق ال في‬
‫قلب الفيل الهرب )‪ (2‬منه‪ ،‬فهو إذا رأى سنورا هرب‪ .‬وحكي أن جماعة‬
‫من الهند هزموا بذلك‪ .‬والسنور ثلثة أنواع‪ :‬أهلي ووحشي والسنور‬
‫الزباد ويناسب النسان في أمور‪ :‬منها أن يعطس ويتثأب ويتمطى ويتناول‬
‫الشئ بيده‪ ،‬وذكر القزويني عن ابن الفقيه أن لبعض السنانير أجنحة‬
‫كأجنحة الخفافيش من أصل الذن إلى الذنب قال العلماء‪ :‬اتخاذ السنور‬
‫وتربيته مستحب )‪ - 27 .(3‬الكافي‪ :‬عن العدة أن أحمد بن محمد ومحمد‬
‫بن يحيى عن عبد ال بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن زرارة عن‬
‫أحدهما عليهما السلم قال‪ :‬الكلب السود البهم من الجن )‪ - 28 .(4‬ومنه‪:‬‬
‫عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن علي‬
‫ابن الحكم عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي قال‪ :‬كنت مع أبي عبد‬
‫ال عليه السلم فيما بين مكة والمدينة إذا التفت عن يساره فإذا كلب أسود‬
‫بهيم‪ ،‬فقال‪ :‬مالك قبحك ال ؟ ما أشد مسارعتك ؟ فإذا هو شبه بالطائر‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ما هذا جعلت فداك ؟ فقال‪ :‬هذا عثم )‪ (5‬بريد الجن‪ ،‬مات هشام‬
‫الساعة‪ ،‬فهو يطير ينعاه في كل بلدة )‪ - 29 .(6‬ومنه‪ :‬عن العدة عن سهل‬
‫بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد ال بن عبد الرحمن عن‬
‫مسمع عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪:‬‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر‪ :‬وإذا تلطخ شئ من بدنه نظفه وهو في آخر الشتاء تهيج‬
‫شهوته فيتألم ألما شديدا من لذع مادة النطفة فل يزال يصيح حتى يلقى‬
‫تلك المادة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وقد جعل ال تعالى في قلب الفيل الفرق‬
‫منه‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ 24 :2‬و ‪ (4) .25‬الفروع ‪ (5) .552 :6‬في‬
‫المصدر‪ :‬غثيم‪ (6) .‬فروع الكافي ‪ 553 :6‬فيه‪ :‬وهو‪.‬‬

‫]‪[69‬‬

‫الكلب من ضعفة الجن‪ ،‬فإذا أكل أحدكم طعاما وشئ منها بين يديه فليطعمه أو‬
‫ليطرده فان لها أنفس سوء )‪ - 30 .(1‬ومنه‪ :‬عن محمد بن يحيى عن‬
‫محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم بن أبي سلمة‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سئل عن الكلب فقال‪ :‬كل اسود بهيم‬
‫وكل أحمر بهيم وكل أبيض بهيم‪ ،‬فلذلك خلق الكلب من الجن‪ ،‬وما كان‬
‫أبلق فهو مسخ من الجن والنس )‪ .(2‬بيان‪ :‬كون الكلب السود وغيره من‬
‫الجن يحتمل أن يكون المعنى أنه على صفتها أو أنه قد تتصور الجن‬
‫بصورته‪ .‬أو مسخ من الجن‪ ،‬أي كان في الصل جنيا فمسخ بتلك الصورة‪،‬‬
‫وأما كون البلق مسخا من الجن والنس فهو أيضا يحتمل تطير الوجوه‬
‫المذكورة بأنه على صفة شرار الجن والنس معا‪ ،‬أو قد يكون ممسوخا من‬
‫الجن‪ ،‬وقد يكون ممسوخا من النس أو متولدا من ممسوخ الجن وممسوخ‬
‫النس‪ .‬قال الدميري‪ :‬روى مسلم عن أبي ذر رضي ال عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله يقطع الصلة الحمار والمرأة والكلب‬
‫السود‪ ،‬قيل لبي ذر‪ :‬ما بال الكلب السود من الكلب الحمر من الكلب‬
‫الصفر ؟ قال‪ :‬يابن أخي سألت رسول ال صلى ال عليه وآله عما سألتني‬
‫عنه )‪ ،(3‬فقال‪ :‬الكلب السود شيطان‪ .‬فحمله بعض أهل العلم على ظاهره‪،‬‬
‫وقال‪ :‬الشيطان يتصور بصورة الكلب السود‪ ،‬ولذا قال عليه السلم‪" :‬‬
‫اقتلوا منهن كل أسود بهيم " وقيل‪ :‬لما كان الكلب السود أشد ضررا من‬
‫غيره وأشد ترويعا كان المصلي إذا رآه اشتغل عن صلته فانقطعت عليه‬
‫لذلك‪ ،‬وكذلك تأول الجمهور قوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬يقطع الصلة‬
‫المرأة‬

‫)‪ (1‬فروع الكافي ‪ 553 :6‬فيه‪ :‬الطعام‪ (2) .‬فروع الكافي ‪ (3) .553 :6‬في‬
‫المصدر‪ :‬مثل ما سألتنى‪.‬‬

‫]‪[70‬‬

‫والحمار " فان ذلك )‪ (1‬مبالغة في الخوف على قطعها وإفسادها بالشغل عن‬
‫المذكورات وذلك أن )‪ (2‬المرأة تفتن‪ ،‬والحمار ينهق‪ ،‬والكلب السود‬
‫يروع ويشوش الفكر فلما كانت هذه المور آئلة إلى القطع جعلها قاطعة‪،‬‬
‫واحتج أحمد بحديث الكلب السود على أنه ل يجوز صيده ول يحل لنه‬
‫شيطان )‪ .(3‬وقال‪ :‬الخنزير مشترك بين البهيمية والسبعية‪ ،‬فالذي فيه من‬
‫السبع الناب وأكل الجيف‪ ،‬والذي فيه من البهيمية الظلف وأكل العشب‬
‫والعلف‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه ليس شئ من ذوات الذناب )‪ (4‬ما للخنزير من قوة‬
‫نابه حتى أنه يضرب بنابه صاحب السيف والرمح فيقطع كل ما لقى جسده‬
‫من عظم وعصب‪ .‬ومن عجيب أمره إذا قلعت إحدى عينيه مات سريعا‪.‬‬
‫وروى ابن ماجة عن أنس أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬طلب العلم‬
‫فريضة على كل مسلم‪ ،‬وواضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر‬
‫واللؤلؤ والدر )‪ .(5‬وقال في الحياء‪ :‬جاء رجل إلى ابن سيرين وقال‪:‬‬
‫رأيت كأني أعلق الدر في أعناق الخنازير‪ ،‬فقال‪ :‬أنت تعلم الحكمة غير‬
‫أهلها )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬بان ذلك )‪ (2‬في المصدر‪ :‬وافسادها من الشغل بهذه المذكورات‬
‫وذلك لن‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ 218 :2‬و ‪ (4) .219‬في المصدر‪ :‬من‬
‫ذوات النياب والذناب‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬والدر والذهب‪ (6) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪ 219 :1‬و ‪.220‬‬

‫]‪[71‬‬

‫)‪ } (1‬باب { } الثعلب والرنب والذئب والسد { ‪ - 1‬الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيى‬
‫عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابه عن أبي‬
‫جميلة عن زيد الشحام عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل‪:‬‬
‫" ومن عاد فينتقم ال منه )‪ " (1‬قال‪ :‬إن رجل انطلق وهو محرم فأخذ‬
‫ثعلبا فجعل يقرب النار إلى وجهه‪ ،‬وجعل الثعلب يصيح ويحدث من إسته‪،‬‬
‫وجعل أصحابه ينهونه عما يصنع‪ ،‬ثم أرسله بعد ذلك فبينما الرجل نام إذ‬
‫جاءته حية فدخلت في فيه فلم تدعه حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب ثم‬
‫خلت )‪ (2‬عنه‪ - 2 .‬دلئل الطبري‪ :‬عن محمد بن الحسن عن موسى بن‬
‫سعدان عن عبد ال بن القاسم عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم قال‪:‬‬
‫كنت مع أبي جعفر عليه السلم بين مكة والمدينة نسير أنا على حمار لي‬
‫وهو على بغلة له )‪ (3‬إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي‬
‫جعفر عليه السلم فحبس له البغلة حتى دنا منه فوضع يده )‪ (4‬على‬
‫قربوس السرج ومد عنقه إليه‪ ،‬وأدنى أبو جعفر عليه السلم اذنه منه‬
‫ساعة‪ ،‬ثم قال له‪ :‬امض فقد فعلت‪ ،‬فرجع مهرول‪ ،‬فقلت‪ :‬جعلت فداك لقد‬
‫رأيت عجبا‪ ،‬فقال‪ :‬هل تدري ما قال ؟ قلت‪ :‬ال ورسوله وابن رسوله‬
‫أعلم‪ ،‬فقال‪ :‬ذكر أن زوجته في هذا الجبل وقد عسر عليها ولدتها فادع ال‬
‫عزوجل أن يخلصها وأن ل يسلط شيئا من نسلي‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .95 :‬فروع الكافي ‪ (3) .397 :4‬في المصدر‪ :‬فبينا نسير بين مكة‬
‫والمدينة وانا على حمار وهو على بغلة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فدنا منه حتى‬
‫وضع‪.‬‬

‫]‪[72‬‬

‫على أحد من شيعتكم أهل البيت‪ ،‬فقلت‪ :‬قد فعلت )‪ - 3 .(1‬ومنه‪ :‬عن القاضي أبي‬
‫الفرج المعافى عن الحسين بن القاسم الكوكبي عن أحمد بن وهب عن‬
‫عمرو بن محمد الزدي عن ثمامة بن أشرس عن محمد بن راشد عن أبيه‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى أبي عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬يابن رسول ال حكيم بن‬
‫عباس الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم‪ ،‬فقال‪ :‬هل علقت منه بشئ ؟‬
‫قال‪ :‬بلى فأنشده‪ :‬صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم نر مهديا على‬
‫الجذع يصلب وقستم بعثمان عليا سفاهة * وعثمان خير من علي وأطيب‬
‫فرفع أبو عبد ال عليه السلم يديه إلى السماء وهما ينتفضان رعدة فقال‪:‬‬
‫اللهم إن كان كاذبا فسلط عليه كلبك‪ ،‬قال‪ :‬فخرج حكيم من الكوفة فأدلج )‬
‫‪ (2‬فلقيه السد فأكله‪ ،‬فجاؤا )‪ (3‬بالبشير أبا عبد ال عليه السلم وهو في‬
‫مسجد رسول ال صلى ال عليه وآله بذلك فخر ل ساجدا وقال‪ :‬الحمد ل‬
‫الذي صدقنا وعده )‪ .(4‬بيان‪ :‬في النهاية‪ :‬في حديث حليمة‪ :‬ركبت أتانا لي‬
‫فخرجت أما الركب حتى ما يعلق بها أحد منهم أي ما يتصل بها ويلحقها‪،‬‬
‫وفي حديث ابن مسعود‪ :‬إن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين فقال‪ :‬أنى‬
‫علقها فان رسول ال صلى ال عليه وآله كان يفعلها أي من أين تعلمها‬
‫وممن أخذها )‪ - 4 .(5‬الدلئل‪ :‬عن الحسين عن أحمد بن محمد عن محمد‬
‫بن علي عن محمد بن عمرو بن‬

‫)‪ (1‬دلئل المامة‪ 98 :‬فيه‪ :‬فقد رأيت عجبا فقال عليه السلم‪ :‬هذا الذئب ذكر لى ان‬
‫زوجته في هذا الجبل قد عسر عليها ولدها وسألني أن أدعو ال‬
‫ليحفظها ول يسلط شيئا من نسلها على شيعتنا‪ (2) .‬أي سار في الليل كله‬
‫أو في آخره‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فجاء البشير‪ (4) .‬دلئل المامة‪115 :‬‬
‫فيه‪ " :‬عمر بن محمد الزدي " وفيه‪ :‬فسلط عليه كلبا من كلبك‪(5) .‬‬
‫النهاية ‪(*) .138 :3‬‬

‫]‪[73‬‬

‫ميثم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد ال عليه السلم أنه خرج إلى ضيعة له مع‬
‫بعض أصحابه فبينما هم يسيرون إذا ذئب قد أقبل إليه‪ ،‬فلما رأى غلمانه‬
‫أقبلوا إليه قال‪ :‬دعوه فان له حاجة‪ .‬فدنا منه حتى وضع كفه على دابته‬
‫وتطاول بخطمه وطأطأ رأسه أبو عبد ال عليه السلم فكلمه الذئب بكلم ل‬
‫يعرف‪ ،‬فرد عليه أبو عبد ال عليه السلم مثل كلمه‪ ،‬فرجع يعدو )‪،(1‬‬
‫فقال له أصحابه‪ :‬قد رأينا عجبا‪ ،‬فقال‪ :‬إنه أخبرني أنه خلف زوجته خلف‬
‫هذا الجبل في كهف وقد ضربها الطلق وخاف عليها فسألني الدعاء لها‬
‫بالخلص وأن يرزقه ال ذكرا يكون لنا وليا ومحبا‪ ،‬فضمنت له ذلك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فانطلق أبو عبد ال عليه السلم وانطلقنا معه إلى ضيعته وقال‪ :‬إن الذئب‬
‫قد ولد له جرو ذكر‪ ،‬قال‪ :‬فمكثنا في ضيعته معه شهرا ثم رجع مع أصحابه‬
‫فبيناهم راجعون إذا هم بالذئب وزوجته وجروه فعووا في وجه أبي عبد‬
‫ال عليه السلم فأجابهم بمثله‪ ،‬ورأوا أصحاب أبي عبد ال عليه السلم‬
‫الجرو وعلموا أنه قد قال لهم الحق‪ ،‬وقال لهم أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫تدرون ما قالوا ؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬كانوا يدعون ال لي ولكم بحسن‬
‫الصحابة‪ ،‬ودعوت لهم بمثله‪ ،‬وأمرتهم أن ل يؤذوا لي وليا ول لهل بيتي‬
‫فضمنوا لي ذلك )‪ - 5 .(2‬ومنه‪ :‬عن محمد بن هارون التلعكبري عن أبيه‬
‫عن محمد بن همام عن أحمد ابن الحسين المعروف بابن أبي القاسم عن‬
‫أبيه عن بعض رجاله عن الحسن بن علي ابن يقطين عن سعدان بن مسلم‬
‫عن المفضل بن عمر قال‪ :‬كان المنصور قد وفد بأبي عبد ال عليه السلم‬
‫إلى الكوفة فلما أذن له قال لي‪ :‬يا مفضل هل لك في مرافقتي ؟ فقلت‪ :‬نعم‬
‫جعلت فداك‪ ،‬قال‪ :‬إذا كانت الليلة فصر إلي‪ ،‬فلما كان في نصف الليل خرج‬
‫وخرجت معه فإذا أنا بأسدين مسرجين ملجمين‪ ،‬قال‪ :‬فخرجت فضرب بيده‬
‫إلى‬

‫)‪ (1‬فرجع يعوو‪ (2) .‬دلئل المامة‪ 119 :‬و ‪.120‬‬

‫]‪[74‬‬

‫عيني )‪ (1‬فشدها ثم حملني رديفا فأصبح بالمدينة وأنا معه‪ ،‬فلم يزل في منزله حتى‬
‫قدم عياله )‪ - 6 .(2‬ومنه‪ :‬بالسناد عن أحمد بن الحسين عن أخيه عن‬
‫بعض رجاله عن عبد ال ابن محمد بن منصور بن نوح )‪ (3‬عن إسماعيل‬
‫بن جابر عن أبي خالد الكابلي قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال عليه السلم‬
‫فقال لي‪ :‬يا با خالد خذ رقعتي فأت غيضة قد سماها فانشرها‪ ،‬فأي سبع‬
‫جاء معك فجئني به‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬اعفني )‪ (4‬جعلت فداك‪ ،‬قال‪ :‬فقال لي‪:‬‬
‫اذهب يابا خالد‪ ،‬قال‪ :‬فقلت في نفسي‪ :‬يابا خالد لو أمرك جبار عنيف )‪(5‬‬
‫ثم خالفته إذا كيف يكون حالك ؟ قال‪ :‬ففعلت ذلك حتى إذا صرت إلى‬
‫الغيضة ونشرت الرقعة جاء معي واحد منها‪ ،‬فلما صار بين يدي أبي عبد‬
‫ال عليه السلم نظرت إليه واقفا ما يحرك من شعره شعرة‪ ،‬فأومأ بكلم لم‬
‫أفهمه‪ ،‬قال‪ :‬فلبثت عنده وأنا متعجب من سكون السبع بين يديه‪ ،‬فقال لي‪:‬‬
‫يابا خالد مالك تتفكر ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬افكر في إعظام السبع‪ ،‬قال‪ :‬ثم مضى‬
‫السبع فما لبثت إل وقتا قليل حتى طلع السبع ومعه كيس في فيه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك إن هذا لشئ عجيب‪ ،‬قال‪ :‬يابا خالد هذا كيس وجه به إلي‬
‫فلن )‪ (6‬مع المفضل بن عمر‪ ،‬واحتجت إلى ما فيه وكان الطريق مخوفا‬
‫فبعثت هذا السبع فجاء به‪ ،‬قال‪ :‬فقلت في نفسي‪ :‬وال ل أبرح حتى يقدم‬
‫المفضل بن عمر وأعلم ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فضحك أبو عبد ال عليه السلم ثم قال‬
‫لي‪ :‬نعم يابا خالد ل تبرح حتى يأتي المفضل‪ ،‬قال‪ :‬فقد اخلني وال من ذلك‬
‫حيرة‪ ،‬ثم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬على عينى‪ (2) .‬دلئل المامة‪ 125 :‬و ‪ (3) .126‬في المصدر "‪:‬‬
‫عن عبد ال بن محمد بن منصور بزج " أقول‪ :‬لعل بزج مصحف بزرج‬
‫وهو معرب بزرگ‪ ،‬ومنصور بن بزرج مذكور في الرجال‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬اعفنى من ذلك‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬جبار عنيد‪ (6) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فلن بن فلن‪.‬‬

‫]‪[75‬‬

‫قلت‪ :‬أقلني جعلت فداك‪ ،‬وأقمت أياما‪ ،‬ثم قدم المفضل وبعث إلي أبو عبد ال عليه‬
‫السلم فقال المفضل‪ :‬جعلني ال فداك إن فلنا بعث معي كيسا فيه مال‪،‬‬
‫فلما صرت في موضع كذا وكذا جاء سبع وحال بيننا وبين رحالنا فلما‬
‫مضى السبع طلبت الكيس في الرحل فلم أجده‪ ،‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬يا مفضل أتعرف الكيس ؟ قال‪ :‬نعم جعلني ال فداك‪ ،‬فقال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬يا جارية هاتي الكيس فأتت به الجارية‪ ،‬فلما نظر إليه‬
‫المفضل قال‪ :‬نعم هذا هو الكيس‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا مفضل تعرف السبع ؟ قال‪:‬‬
‫جعلني ال فداك كان في قلبي في ذلك الوقت رعب‪ ،‬فقال له‪ :‬ادن مني‪ ،‬فدنا‬
‫منه ثم وضع يده على ثم قال لبي خالد‪ :‬امض برقعتي إلى الغيضة فائتنا‬
‫بالسبع‪ ،‬فلما صرت إلى الغيضة ففعلت مثل الفعل الول جاء السبع معي‪،‬‬
‫فلما صار بين يدي أبي عبد ال عليه السلم نظرت إلى إعظامه إياه‬
‫فاستغفرت في نفسي ثم قال‪ :‬يا مفضل هذا هو‪ ،‬قال‪ :‬نعم جعلني ال فداك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا مفضل أبشر فأنت معنا )‪ .(1‬بيان‪ :‬كأن وضع اليد لذهاب الرعب‪.‬‬
‫‪ - 7‬المهج‪ :‬عن المفضل بن الربيع قال‪ :‬اصطبح الرشيد يوما ثم استدعى‬
‫حاجبه فقال له‪ :‬امض إلى علي بن موسى العلوي وأخرجه من الحبس‬
‫وألقه بركة السباع ‪ -‬وساق الحديث إلى أن قال‪ - :‬لما انتهيت إلى البركة‬
‫فتحت بابها وأدخلته فيها وفيها أربعون سبعا ‪ -‬وساق الحديث إلى قال‪- :‬‬
‫فعدت إليه فإذا هو قائم يصلي والسباع حوله‪ .‬إلى آخر الخبر الطويل الذي‬
‫تقدم في باب معجزاته عليه السلم‪ .‬وقال السيد )‪ (2‬رضي ال عنه‪ :‬ربما‬
‫كان هذا الحديث عن الكاظم عليه السلم لنه كان محبوسا عند الرشيد‬
‫لكني ذكرت هذا كما وجدته )‪ - 8 .(3‬الختصاص‪ :‬عن محمد بن الحسين‬
‫بن أبي الخطاب عن عبد الرحمن بن‬

‫)‪ (1‬دلئل المامة‪ 128 :‬و ‪ (2) .129‬أي السيد ابن طاووس‪ (3) .‬مهج الدعوات‪:‬‬

‫]‪[76‬‬

‫أبي هاشم عن سالم بن مكرم عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان علي بن‬
‫الحسين عليه السلم مع أصحابه في طريق مكة فمر به ثعلب وهم يتغدون‬
‫فقال علي بن الحسين عليه السلم لهم‪ :‬هل لكم أن تعطوني موثقا من ال‬
‫ل تهيجون هذا الثعلب حتى أدعوه فيجئ إلينا ؟ فحلفوا له فقال‪ :‬يا ثعلب‬
‫تعال ‪ -‬أو قال‪ :‬ائتنا ‪ -‬فجاء الثعلب حتى وقع بين يديه فطرح إليه عراقا )‬
‫‪ (1‬فولى به ليأكله‪ ،‬فقال لهم‪ :‬هل لكم أن تعطوني موثقا من ال وأدعوه‬
‫أيضا فيجئ ؟ فأعطوه‪ ،‬فدعا فجاء فكلح رجل منهم في وجهه فخرج يعدو ؟‬
‫فقال علي بن الحسين عليه السلم‪ :‬من الذي خفر )‪ (2‬ذمتي ؟ فقال رجل‬
‫منهم‪ :‬يابن رسول ال أنا كلحت في وجهه ولم أدر فأستغفر ال فسكت )‬
‫‪ .(3‬أقول‪ :‬قال الدميري‪ :‬الثعلب معروف والنثى ثعلبة والجمع ثعالب‬
‫وأثعل‪ ،‬وروي عن النبي صلى ال عليه وآله " شر السباع هذه الثعل "‬
‫يعني الثعالب‪ .‬ومن حيلته في طلب الرزق أنه يتماوت وينفخ بطنه ويرفع‬
‫قوائمه حتى يظن أنه مات‪ ،‬فإذا قرب منه حيوان وثب عليه وصاده‪،‬‬
‫وحيلته هذه ل تتم في كلب الصيد‪ ،‬وقيل‪ :‬للثعلب مالك تعدو أكثر من‬
‫الكلب ؟ فقال‪ :‬أعدو لنفسي والكلب يعدو لغيره‪ .‬قال الجاحظ‪ :‬ومن العجب‬
‫في قسمة الرزاق أن الذئب يصيد الثعلب فيأكله والثعلب يصيد القنفذ‬
‫ويأكله‪ ،‬والقنفذ يصيد الفعى ويأكلها‪ ،‬والفعى تصيد العصفور وتأكله‪،‬‬
‫والعصفور يصيد الجراد ويأكله‪ ،‬والجراد يلتمس فراخ الزنابير ويأكلها‪،‬‬
‫والزنبور يصيد النحلة‪ ،‬والنحلة يصيد الذبابة ويأكلها‪ ،‬والذبابة تصيد‬
‫البعوضة وتأكلها‪ ،‬والعنكبوت يصيد الذبابة )‪ (4‬ويأكلها‪ ،‬والذئب يطلب‬
‫أولد الثعلب‪ ،‬فإذا ولد‬

‫)‪ (1‬العراق بالضم‪ :‬العظم اكل لحمه‪ (2) .‬خفر فلنا‪ :‬نقض عهده‪ .‬غدر به‪(3) .‬‬
‫الختصاص‪ 298 :‬فيه‪ :‬ايكم الذى خفر ذمتي‪ (4) .‬المصدر خال عن‬
‫قوله‪ :‬والعنكبوت ا‍ه ولعل الصحيح‪ :‬ليصيد البعوضة‪.‬‬

‫]‪[77‬‬

‫وضع أوراق العنصل على باب وجاره ليهرب الذئب منها )‪ .(1‬وعن أبي هريرة‬
‫قال‪ :‬نهاني )‪ (2‬رسول ال صلى ال عليه وآله في الصلة عن ثلث‪ :‬نقرة‬
‫كنقرة الديك‪ ،‬وإقعاء كاقعاء الكلب‪ ،‬والتفات كالتفات الثعلب )‪- 9 .(3‬‬
‫الختصاص‪ :‬عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان‬
‫عن عبد ال بن القاسم عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم قال‪ :‬كنت‬
‫مع أبي جعفر عليه السلم بين مكة والمدينة وأنا أسير على حمار لي وهو‬
‫على بغلة له إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر عليه‬
‫السلم فحبس البغلة ودنا الذئب منه حتى وضع يده على قربوس سرجه‬
‫ومد عنقه إلى اذنه‪ ،‬وأدنى أبو جعفر عليه السلم اذنه منه ساعة ثم قال‬
‫له‪ :‬امض فقد فعلت‪ ،‬فرجع مهرول‪ ،‬فقلت له‪ :‬رأيت عجيبا‪ ،‬قال‪ :‬وتدري ما‬
‫قال ؟ قلت‪ :‬ال ورسوله وابن رسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬إنه قال‪ :‬يابن رسول ال‬
‫إن زوجتي في ذلك الجبل وقد تعسر عليها ولدها فادع ال أن يخلصها وأن‬
‫ل يسلط شيئا من نسلي على أحد من شيعتكم‪ ،‬فقلت‪ :‬قد فعلت )‪- 10 .(4‬‬
‫حياة الحيوان‪ :‬الذئب يهمز ول يهمز وأصله الهمز والنثى ذئبة وجمع‬
‫القلة أذؤب والكثير ذئاب وذؤبان‪ ،‬والسد والذئب يختلفان في الجوع‬
‫والصبر عليه )‪ (5‬فالسد شديد النهم حريص شره‪ ،‬وهو مع ذلك يحتمل أن‬
‫يبقى أياما ل يأكل شيئا‪ ،‬والذئب وإن كان أقفر منزل وأقل خصبا وأكثر كدا‬
‫إذا لم يجد شيئا اكتفى بالنسيم فيقتات به‪ ،‬وجوفه يذيب العظم المصمت ول‬
‫يذيب نوى التمر‪ ،‬ومن عجيب‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ 127 :1‬و ‪ (2) .128‬في المصدر‪ :‬نهانا‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪:1‬‬
‫‪ (4) .130‬الختصاص‪ (5) .300 :‬في المصدر‪ :‬وللسد والذئب في‬
‫الصبر على الجوع ما ليس لغيرهما من الحيوان لكن السد‪.‬‬

‫]‪[78‬‬

‫أمره أنه ينام باحدى عينيه )‪ (1‬والخرى يقظي حتى تكتفي العين النائمة من النوم‬
‫ثم يفتحها وينام بالخرى ليحترس باليقظي وتستريح النائمة‪ ،‬ومتى وطئ‬
‫ورق العنصل مات من ساعته‪ ،‬وعداوته للغنم بحيث أنه إذا اجتمع جلد شاة‬
‫مع جلد ذئب تمعط جلد الشاة‪ ،‬والذئب إذا غلب عليه الجوع عوى فتجتمع‬
‫له الذئاب ويقف بعضها إلى بعض فمن ولي منها وثب الباقون عليه‬
‫فأكلوه‪ ،‬وإذا عرض للنسان وخاف العجز عنه عواعواء استغاثة فتسمعه‬
‫الذئاب فتقبل على النسان إقبال واحدا وهم سواء في الحرص على أكله‪،‬‬
‫فان أدمى النسان واحدا منها وثب الباقون على المدمى فمزقوه وتركوا‬
‫النسان‪ .‬وروى الحاكم في مستدركه عن أبي سعيد قال‪ :‬بينما راع يرعى‬
‫بالحرة إذ عدا الذئب على شاة فحال الراعي بين الذئب وبينها فأقعى الذئب‬
‫على ذنبه وقال‪ :‬يا عبد ال تحول بيني وبين رزق ساقه ال إلي‪ ،‬فقال‬
‫الرجل‪ :‬يا عجباه ذئب يكلمني‪ ،‬فقال‪ :‬أل اخبرك بأعجب مني ؟ رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله بنى الحرتين يخبر الناس بأنباء ما سبق فزوى الراعي‬
‫شياهه إلى زاوية من زوايا المدينة ثم أتى النبي صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫فأخبره‪ ،‬فخرج رسول ال صلى ال عليه وآله إلى الناس فقال‪ :‬صدق‬
‫والذي نفسي بيده‪ .‬قال ابن عبد البر وغيره‪ :‬كلم الذئب من الصحابة ثلثة‪:‬‬
‫رافع بن عميرة‪ ،‬وسلمة بن الكوع‪ ،‬واهبان بن أوس السلمي‪ ،‬قال‪ :‬ولذلك‬
‫تقول العرب‪ :‬هو كذئب اهبان‪ ،‬يتعجبون منه‪ ،‬وذلك أن اهبان بن أوس‬
‫المذكور كان في غنم له فشد الذئب على شاة منها فصاح به اهبان فأقعى‬
‫له الذئب وقال‪ :‬أتنزع مني رزقا رزقنيه ال تعالى ؟ فقال اهبان‪ :‬ما سمعت‬
‫ول رأيت أعجب من هذا ذئب يتكلم ؟ فقال )‪ :(3‬أتعجب من هذا ورسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله بين هذه النخلت ‪ -‬وأومأ بيده إلى‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬باحدى مقلتيه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬هذا رسول ال " ص "‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فقال الذئب‪.‬‬

‫]‪[79‬‬

‫المدينة ‪ -‬يحدث بما كان ويكون ويدعو إلى ال وعبادته ول يجيبونه )‪ ،(1‬قال‪:‬‬
‫فجئت النبي صلى ال عليه وآله وأخبرته بالقصة وأسلمت‪ ،‬قال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬حدث به الناس‪ .‬قال عبد ال بن أبي داود السجستاني‬
‫الحافظ‪ :‬فيقال لهبان‪ :‬مكلم الذئب‪ ،‬ولولده أولد مكلم الذئب‪ ،‬ومحمد بن‬
‫الشعث الخزاعي من ولده‪ ،‬واتفق مثل ذلك لرافع بن عميرة وسلمة بن‬
‫الكوع‪ .‬وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫كانت امرأتان معهما ابناهما إذ جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت هذه‬
‫لصاحبتها‪ :‬إنما ذهب بابنك أنت‪ ،‬فقالت الخرى‪ :‬إنما ذهب بابنك أنت‪،‬‬
‫فتحاكما إلى داود عليه السلم فقضى به للكبرى‪ ،‬فخرجتا إلى سليمان بن‬
‫داود عليه السلم فأخبرتاه بذلك فقال‪ :‬ائتوني بالسكين أشقه بينكما )‪،(2‬‬
‫فقالت الصغرى‪ :‬ل‪ ،‬يرحمك ال هو ابنها فقضى به للصغرى‪ .‬قال أبو‬
‫هريرة‪ :‬وال ما سمعت بالسكين قط إل يومئذ‪ ،‬وما كنا نقول إل المدية‪.‬‬
‫وفي تاريخ ابن النجار عن وهب بن منبه قال‪ :‬بينما امرأة من بني إسرائيل‬
‫على ساحل البحر تغسل ثيابها وصبي لها يدب بين يديها إذا جاء سائل‬
‫فأعطته لقمة من رغيف كان معها‪ ،‬فما كان بأسرع من أن جاء ذئب فالتقم‬
‫الصبي فجعلت تعدو خلفه وهي تقول‪ :‬يا ذئب ابني يا ذئب ابني‪ ،‬فبعث ال‬
‫ملكا انتزع الصبي من فم الذئب ورمى به إليها‪ ،‬وقال‪ :‬لقمة بلقمة‪ .‬وهو في‬
‫الحلية عن مالك بن دينار قال‪ :‬أخذ السبع صبيا ل مرأة فتصدقت بلقمة‬
‫فالقيها السبع فنوديت‪ :‬لقمة بلقمة )‪ .(3‬وقال‪ :‬الرنب واحدة الرانب‪ ،‬وهو‬
‫حيوان يشبه العناق قصير اليدين طويل الرجلين‪ ،‬وهو اسم جنس يطلق‬
‫على الذكر والنثى‪ ،‬ويقال‪ :‬إنها إذا رأت البحر‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وبما يكون ويدعو الناس إلى ال والى عبادته وهم ل يجيبونه‪) .‬‬
‫‪ (2‬في المصدر‪ " :‬بينكما نصفين " وفيه‪ :‬ل ويرحمك ال‪ (3) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪.262 - 260 :1‬‬

‫]‪[80‬‬

‫ماتت‪ ،‬ولذلك ل توجد بالسواحل‪ ،‬وهذا ل يصح عندي‪ .‬وتزعم العرب في أكاذيبها أن‬
‫الجن تهرب منها لموضع حيضها‪ ،‬والتي تحيض من الحيوان أربع‪ :‬المرأة‬
‫والضبع والخفاش والرنب‪ ،‬ويقال‪ :‬إن الكلبة تحيض ومن أمثالهم‬
‫المشهورة قولهم‪ " :‬في بيته يؤتى الحكم " وهو مما وضعته العرب على‬
‫ألسنة البهائم‪ :‬قالوا‪ :‬إن الرنب التقطت تمرة فاختلسها الثعلب فأكلها‬
‫فانطلقا يختصمان إلى الضب‪ ،‬فقالت الرنب‪ :‬يا أبا حسل ! فقال‪ :‬سميعا‬
‫دعوت‪ ،‬قالت‪ :‬أتيناك لنختصم )‪ ،(1‬قال‪ :‬عادل حكمتما‪ ،‬قالت‪ :‬فاخرج إلينا‪،‬‬
‫قال‪ :‬في بيته يؤتى الحكم‪ ،‬قالت‪ :‬إني وجدت تمرة‪ ،‬قال‪ :‬حلوة فكليها‪،‬‬
‫قالت‪ :‬فاختلسها الثعلب‪ ،‬قال‪ :‬لنفسه بغى الخير‪ ،‬قالت‪ :‬فلطمته‪ ،‬قال‪ :‬أخذت‬
‫بحقك‪ ،‬قالت‪ :‬فلطمني‪ :‬قال‪ :‬حر انتصر )‪ ،(2‬قالت‪ :‬فاقض بيننا‪ ،‬قال‪ :‬قد‬
‫قضيت‪ .‬فذهبت أقواله كلها مثل‪ .‬ومثل هذا إن عدي بن أرطاة أتى شريحا‬
‫القاضي في مجلس حكمه فقال‪ :‬أين أنت ؟ قال‪ :‬بينك وبين الحائط‪ ،‬قال‪:‬‬
‫اسمع مني‪ ،‬قال‪ :‬للستماع جلست‪ ،‬قال‪ :‬إني تزوجت امرأة‪ ،‬قال‪ :‬بالرفاء‬
‫والبنين‪ ،‬قال‪ :‬وشرط أهلها أني ل أخرج من بيتهم‪ ،‬قال‪ :‬أوف لهم بالشرط‪،‬‬
‫قال‪ :‬فاني اريد الخروج‪ ،‬قال‪ :‬في حفظ ال‪ ،‬قال‪ :‬فاقض بيننا‪ ،‬قال‪ :‬قد‬
‫فعلت‪ ،‬قال‪ :‬فعلى من حكمت ؟ قال‪ :‬على ابن امك‪ ،‬قال‪ :‬بشهادة من ؟ قال‪:‬‬
‫بشهادة ابن اخت خالتك )‪ .(3‬وقال‪ :‬السد من السباع معروف‪ ،‬وجمعه‬
‫أسود واسد واسد‪ ،‬والنثى أسدة وله أسماء كثيرة‪ ،‬قال ابن خالويه‪ :‬للسد‬
‫خمسمائة اسم وصفة‪ ،‬وزاد عليه علي بن قاسم اللغوي مائة وثلثين‬
‫اسما‪ ،‬وهو أشرف الحيوان المتوحشة إذ منزلته منها منزلة الملك المهاب‬
‫لقوته وشجاعته وقساوته وشهامته وشراسة خلقه‪ ،‬ولذلك يضرب بها‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لنختصم اليك‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬انتصر لنفسه‪ (3) .‬حياة الحيوان‬
‫‪ 14 :1‬و ‪.15‬‬

‫]‪[81‬‬

‫المثل في القوة والنجدة والبسالة وشدة القدام والصولة )‪ ،(1‬وقيل لحمزة‪ :‬أسد‬
‫ال‪ ،‬ويقال‪ :‬من نبل السد أنه اشتق لحمزة من اسمه‪ ،‬وللسد من الصبر‬
‫على الجوع وقلة الحاجة إلى الماء ما ليس لغيره من السباع‪ ،‬ول يأكل )‪(2‬‬
‫من فريسة غيره‪ ،‬وإذا شبع من فريسته تركها ولم يعد إليها‪ ،‬وإذا جاع‬
‫ساءت أخلقه‪ ،‬وإذا امتل من الطعام ارتاض‪ ،‬ول يشرب من ماء ولغ فيه‬
‫كلب‪ ،‬وهو ينهش ول يأكل‪ ،‬وريقه قليل جدا‪ ،‬ولذلك يوصف بالبخر‬
‫ويوصف بالشجاعة والجبن‪ ،‬فمن جبنه أنه يفرق من صوت الديك ونقر‬
‫الطست ومن السنور‪ ،‬ويتحير عند رؤية النار‪ ،‬وهو شديد البطش ول يألف‬
‫شيئا من السباع لنه ل يرى فيها ما يكافئه‪ ،‬ومتى وضع جلدها على شئ‬
‫من جلودها تساقطت شعورها‪ ،‬ول يدنو من المرأة الطامث ولو بلغه الجهد‬
‫)‪ (3‬ويعمر كثيرا‪ ،‬وعلمة كبرة سقوط أسنانه‪ .‬وفي الحلية لبي نعيم قال‪:‬‬
‫بلغني أن السد ل يأكل إل من أتى محرما‪ .‬وروى محمد بن المنكدر عن‬
‫سفينة مولى رسول ال صلى ال عليه وآله أنه ركبت سفينة في البحر‬
‫فانكسرت فركبت لوحا فأخرجني إلى أجمة فيها أسد‪ ،‬فأقبل إلي فقلت‪ :‬أنا‬
‫سفينة مولى رسول ال صلى ال عليه وآله وأنا تائه‪ ،‬فجعل يغمزني‬
‫بمنكبه حتى أقامني على الطريق ثم همهم فظننت أنه السلم‪ .‬ودعا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله على عتبة بن أبي لهب فقال‪ " :‬اللهم سلط عليه‬
‫كلبا من كلبك " فافترسه السد بازرقاء من أرض الشام‪ .‬وروى الحافظ‬
‫أبو نعيم بسنده عن السود بن هبار قال‪ :‬تعجز أبو لهب وابنه عتبة نحو‬
‫الشام فخرجت معهما فنزلنا السراة قريبا من صومعة راهب فقال الراهب‪:‬‬
‫ما أنزلكم ههنا ؟ هنا سباع‪ ،‬فقال أبو لهب‪ :‬أنتم عرفتم سني وحقي‪ ،‬قلنا‪:‬‬
‫أجل‪ ،‬قال‪ :‬إن محمدا دعا على ابني فأجمعوا متاعكم على هذه الصومعة ثم‬
‫افرشوا لبني عليه‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬والجرأة والصولة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ومن شرف نفسه انه ل‬
‫يأكل‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ولو بلغه الجهد ول يزال محموما‪(*) .‬‬

‫]‪[82‬‬

‫ونوموا حوله ففعلنا ذلك‪ ،‬وجمعنا المتاع حتى ارتفع ودرنا حوله وبات عتبة فوق‬
‫المتاع فجاء السد فشم وجوهنا ثم وثب فإذا هو فوق المتاع فقطع رأسه‪،‬‬
‫فقال‪ :‬سيفي يا كلب ولم يقدر على غير ذلك‪ .‬وفي رواية‪ :‬فضربه )‪ (1‬بيده‬
‫ضربة واحدة فخدشه‪ ،‬فقال‪ :‬قتلني‪ ،‬فمات من ساعته وطلبنا السد فلم‬
‫نجده‪ .‬وإنما سماه النبي صلى ال عليه وآله كلبا لنه شبهه )‪ (2‬في رفع‬
‫رجله عند البول‪ .‬وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫قال‪ :‬فر من المجذوم فرارك من السد )‪ .(3‬وفي حديث آخر أنه صلى ال‬
‫عليه وآله أخذ بيد مجذوم وقال‪ " :‬بسم ال ثقة بال وتوكل عليه "‬
‫وأدخلها معه الصحفة‪ .‬قال الشافعي في عيوب الزوجين‪ :‬إن الجذام‬
‫والبرص يعدي‪ ،‬وقال‪ :‬إن ولد المجذوم قل ما يسلم منه‪ .‬قلت‪ :‬معنى قوله‪:‬‬
‫إنه يعدي أي بتأثير ال تعالى ل بنفسه‪ ،‬لن ال تعالى أجرى العادة بابتلء‬
‫السليم عند مخالطة المبتلى‪ ،‬وقد يوافق قدرا وقضاءا فيظن أنه عدوى وقد‬
‫قال صلى ال عليه وآله‪ " :‬ل عدوى ول طيرة " وقوله في الولد‪ " :‬قل ما‬
‫يسلم منه " فقد قال الصيدلني‪ :‬معناه أن الولد قد ينزعه عرق من الب‬
‫فيصير أجذم‪ ،‬وقد قال صلى ال عليه وآله لرجل ‪ -‬قد قال له‪ :‬إن امرأتي‬
‫ولدت غلما أسود ‪ :-‬لعل عرقا نزعه‪ .‬وبهذا الطريق يحصل الجمع بين‬
‫هده الحاديث‪ ،‬وجاء في الحديث أنه صلى ال عليه وآله قال‪ " :‬ل يورد‬
‫ذو عاهة على مصح " والذي ذكره أنه صلى ال عليه وآله أتاه مجذوم‬
‫ليبايعه فلم‬
‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فوثب السد فضربه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لنه يشبهه‪ (3) .‬رواه‬
‫الصدوق في الفقيه ‪ 258 :4‬باسناده عن حماد بن عمرو وانس بن محمد‬
‫عن ابيه جميعا عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عن على بن ابى‬
‫طالب عليه السلم عن النبي " ص "‪.‬‬

‫]‪[83‬‬

‫يمد يده إليه‪ ،‬بل قال‪ :‬امسك يدك فقد بايعتك‪ .‬وفي مسند أحمد أن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬ل تطيلوا النظر إلى المجذوم وإذا كلمتموه فليكن بينكم‬
‫وبينه قيد رمح )‪ .(1‬وقد ذكر الشيح صلح الدين في القواعد أن الم إذا‬
‫كان بها جذام أو برص سقط حقها من الحضانة لنه يخشى على الولد من‬
‫لبنها ومخالطتها‪ .‬وروى الطبراني وغيره )‪ (2‬عن أبي هريرة أن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله قال‪ :‬أتدرون ما يقول السد في زئيره ؟ قالوا‪ :‬ال‬
‫ورسوله أعلم‪ ،‬قال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬إنه يقول‪ :‬اللهم ل تسلطني‬
‫على أحد من أهل المعروف‪ .‬وعن ابن عباس )‪ (3‬قال‪ :‬إذا كنت بواد تخاف‬
‫فيه السد فقل‪ :‬أعوذ بدانيال وبالجب من شر السد انتهى‪ .‬أشار بذلك إلى‬
‫ما رواه البيهقي في الشعب أن دانيال عليه السلم طرح في الجب والقيت‬
‫عليه السباع فجعلت السباع تلحسه وتبصبص إليه‪ ،‬فأتاه ملك فقال له‬
‫دانيال )‪ :(4‬الحمد ل الذي ل ينسى من ذكره‪ .‬وروى ابن أبي الدنيا أن‬
‫بخت نصر ضرى )‪ (5‬أسدين وألقاهما في جب وأمر بدانيال فالقي عليهما‪،‬‬
‫فمكث ما شاء ال‪ ،‬ثم اشتهى الطعام والشراب فأوحى ال تعالى إلى أرميا‬
‫وهو بالشام أن يذهب إلى دانيال بطعام وشراب وهو بأرض العراق فذهب‬
‫إليه )‪ (6‬حتى وقف على رأس الجب وقال‪ :‬دانيال دانيال ! فقال‪ :‬من هذا ؟‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬قدر رمح‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬الطبراني وابو منصور الديلمى‬
‫والحافظ المنذرى‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬روى ابن السنى في عمل اليوم‬
‫والليلة من حديث داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس عن على‬
‫عليه السلم‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فاتاه ملك فقال له‪ :‬يا دانيال‪ ،‬فقال‪ :‬من‬
‫أنت ؟ قال‪ :‬أنا رسول ربك ارسلني اليك بطعام‪ ،‬فقال دانيال‪ (5) .‬ضرى‬
‫الكلب بالصيد‪ :‬عوده اياه واغراه به‪ (6) .‬في المصدر‪ :‬فذهب به إليه‪.‬‬

‫]‪[84‬‬

‫قال‪ :‬إرميا‪ ،‬قال‪ :‬ما جاء بك ؟ قال‪ :‬أرسلني إليك ربك‪ ،‬قال دانيال‪ " :‬الحمد ل الذي‬
‫ل ينسى من ذكره‪ ،‬والحمد ل الذي ل يخيب من رجاه‪ ،‬والحمد ل الذي من‬
‫وثق به لم يكله إلى سواه‪ ،‬والحمد ل الذي يجزي بالحسان إحسانا‪،‬‬
‫والحمد ل الذي يجزي بالصبر نجاة وغفرانا‪ ،‬والحمد ل الذي يكشف‬
‫ضرنا بعد كربنا‪ ،‬والحمد ل الذي هو ثقتنا حين يسوء ظننا بأعمالنا‪،‬‬
‫والحمد ل الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل منا "‪ .‬وروى ابن أبي الدنيا‬
‫من وجه آخر‪ :‬أن الملك الذي كان دانيال في سلطانه جاءه المنجمون‬
‫وأصحاب العلم وأخبروه أنه يولد ليلة كذا وكذا غلم يفسد ملكك فأمر بقتل‬
‫من ولد في تلك الليلة فلما ولد دانيال ألقته امه في أجمة أسد‪ ،‬فبات السد‬
‫ولبوته يلحسانه نجاه ال بذلك حتى بلغ ما بلغ‪ ،‬وكان من أمره ما قدره‬
‫العزيز العليم )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪.4 - 2 :1‬‬

‫]‪[85‬‬

‫)‪ } (3‬باب { } الظبى وسائر الوحوش { ‪ - 1‬الختصاص‪ :‬عن محمد بن الحسين‬


‫بن أبي الخطاب عن محمد بن علي عن علي ابن محمد الخياط )‪ (1‬عن‬
‫محمد بن سكين عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬بينا علي بن الحسين عليه السلم مع أصحابه إذ أقبل ظبي من‬
‫الصحراء حتى قام حذاءه وحمحم فقال بعض القوم‪ :‬يابن رسول ال ما‬
‫تقول هذه الظبية ؟ قال‪ :‬تقول‪ :‬إن فلنا القرشي أخذ خشفها بالمس‪ ،‬وإنها‬
‫لم ترضعه من أمس شيئا‪ ،‬فبعث إليه علي بن الحسين عليه السلم‪ :‬أرسل‬
‫إلي بالخشف‪ ،‬فبعث به‪ ،‬فلما رأته حمحمت وضربت بيديها ثم رضع منها‬
‫فوهبه علي بن الحسين عليه السلم لها‪ ،‬وكلمها بكلم نحو كلمها‬
‫فتحمحمت وضربت بيديها وانطلقت والخشف معها‪ ،‬فقالوا له‪ :‬يابن رسول‬
‫ال ما الذي قالت ؟ فقال‪ :‬دعت ال لكم وجزتكم خيرا )‪ .(2‬أقول‪ :‬قد مر‬
‫مثله بأسانيد في باب المعجزات‪ - 2 .‬المحاسن‪ :‬عن سعد بن سعد قال‪:‬‬
‫سألت الرضا عليه السلم عن المص فقال‪ :‬ما هو ؟ فذهبت أصفه فقال‪:‬‬
‫أليس اليحامير ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال أليس تأكلونه )‪ (3‬بالخل والخردل والبزار‬
‫؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬ل بأس به )‪ .(4‬بيان‪ :‬كذا في أكثر النسخ‪ :‬اليحامير‪،‬‬
‫وهو جمع اليحمور وهو حمار الوحش‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬المص والميص‪:‬‬
‫طعام يتخذ من لحم عجل بجلده أو مرق السكباج‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ " :‬الحناط " وفى نسخة‪ :‬عن محمد بن مسكين‪ (2) .‬الختصاص‪:‬‬
‫‪ (3) .299‬في المصدر‪ :‬أليس يأكلونه‪ (4) .‬المحاسن‪.472 :‬‬

‫]‪[86‬‬
‫المبرد المصفى من الدهن معربا خامير انتهى‪ .‬فلعلهم كانوا يعملون المص من‬
‫لحوم اليحامير‪ ،‬وفي بعض النسخ‪ " :‬الخامير " مكان " اليحامير " وهو‬
‫أنسب بما ذكره الفيروزآبادي‪ ،‬لكن ظاهر العنوان في المحاسن الول‪ ،‬حيث‬
‫قال‪ :‬لحوم الظباء واليحامير‪ ،‬وذكر هذه الرواية فقط )‪ (1‬وضم الظباء مع‬
‫الخامير غير مناسب وسيأتي الكلم في حل الظباء وأشباهها في البواب‬
‫التية‪ - 3 .‬حياة الحيوان‪ :‬اليحمور‪ :‬دابة وحشية )‪ (2‬لها قرنان طويلن‬
‫كأنهما منشاران ينشر بهما الشجر‪ ،‬إذا عطش وورد الفرات يجد الشجر‬
‫ملتفة فينشرها بهما‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه اليامور نفسه‪ ،‬وقرونه كقرون اليل يلقيها‬
‫في كل سنة وهي صامتة ل تجويف فيها ولونه إلى الحمرة وهو أسرع من‬
‫اليل‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬اليحمور حمار الوحش‪ ،‬ودهنه ينفع من السترخاء‬
‫الحاصل في أحد شقي النسان‪ ،‬إذا استعمل مع دهن البلسان نفع‪ .‬وذكر ابن‬
‫الجوزي في كتاب العرائس أن بعض طلبة العلم خرج من بلده فرأى )‪(3‬‬
‫شخصا في الطريق فلما كان قريبا من المدينة التي قصدها قال له ذلك‬
‫الشخص‪ :‬قد صار لي عليك حق وذمام‪ ،‬وأنا رجل من الجان ولي إليك‬
‫حاجة‪ ،‬فقال‪ :‬ما هي ؟ قال‪ :‬إذا أتيت إلى مكان كذا وكذا فانك تجد فيه دجاجا‬
‫بينها ديك فاسأل عن صاحبه واشتره منه واذبحه فهذه حاجتي إليك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقلت له‪ :‬يا أخي وأنا أيضا أسألك حاجة قال‪ :‬وما هي ؟ قلت‪ :‬إذا كان‬
‫الشيطان ماردا ل تعمل فيه العزائم وألح بالذى منا ما دواؤه ؟ فقال‪ :‬دواؤه‬
‫أن يؤخذ قدر فتر من جلد يحمور )‪ (4‬ويشدبه أبهاما المصاب من يديه شدا‬
‫وثيقا ثم يؤخذ له من دهن السداب‬

‫)‪ (1‬وليس في الرواية ذكر للظباء ولعله كانت في المحاسن الصلى رواية تدل على‬
‫الظباء ولم يظفر بها النساخ‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وحشية نافرة‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فرافق‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ان يؤخذ له وتر قدر شبر من جلد‬
‫يحمور‪.‬‬

‫]‪[87‬‬

‫البري فتقطر في أنفه اليمن أربعا وفي اليسر ثلثا‪ ،‬فان السالك )‪ (1‬له يموت ول‬
‫يعود إليه بعده‪ .‬قال‪ :‬فلما دخلت المدينة أتيت إلى ذلك المكان فوجدت الديك‬
‫لعجوز فسألتها بيعه فأبت‪ ،‬فاشتريته منها بأضعاف ثمنه‪ ،‬فلما اشتريته‬
‫تمثل لي من بعيد وقال لي بالشارة‪ :‬اذبحه‪ ،‬فذبحته‪ ،‬فخرج عند ذلك رجال‬
‫ونساء وجعلوا يضربونني ويقولون‪ :‬يا ساحر‪ ،‬فقلت‪ :‬لست بساحر‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬إنك منذ ذبحت الديك اصيبت شابة عندنا بجني وإنه منذ سلكها )‪(2‬‬
‫لم يفارقها فطلبت وترا قدر شبر من جلد يحمور ودهن السداب البري )‪(3‬‬
‫فأتوني بهما فشددت أبهامي يد الشابة شدا وثيقا فصاح )‪ (4‬وقال‪ :‬أنا‬
‫علمتك على نفسي‪ ،‬قال‪ :‬ثم قطرت الدهن في أنفها اليمن أربعا وفي‬
‫اليسر ثلثا فخر ميتا من ساعته وشفى ال تعالى تلك الشابة ولم يعاودها‬
‫بعده شيطان )‪ - 4 .(5‬الدلئل للطبري‪ :‬عن محمد بن إبراهيم عن بشر بن‬
‫محمد بن حمران بن أعين قال‪ :‬كنت قاعدا عند علي بن الحسين عليه‬
‫السلم ومعه جماعة من أصحابه فجاءت ظبية فتبصبصت وضربت بذنبها‬
‫فقال‪ :‬هل تدرون ما تقول هذه الظبية ؟ قلنا‪ :‬ما ندري )‪ (6‬فقال تزعم أن‬
‫رجل اصطاد خشفا )‪ (7‬لها وهي تسألني أن اكلمه أن يرده عليها فقام‬
‫وقمنا معه حتى جاء إلى باب الرجل فخرج إليه والظبية معنا‪ ،‬فقال له علي‬
‫بن الحسين عليه السلم‪ :‬إن هذه الظبية زعمت كذا وكذا‪ ،‬وأنا أسألك أن‬
‫ترده عليها‪ ،‬فدخل‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فان الماسك به‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬منذ مسكها‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫وشيئا من دهن السداب البرى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فلما فعلت بها ذلك‬
‫صاح‪ (5) .‬حياة الحيوان ‪ 294 :2‬و ‪ (6) .295‬في المصدر‪ :‬فقلنا‪ :‬ل‪) .‬‬
‫‪ (7‬الخشف بتثليث الخاء‪ :‬ولد الظبى اول ما يولد‪.‬‬

‫]‪[88‬‬

‫الرجل مسرعا داره وأخرج إليه الخشف وسيبه )‪ (1‬ومضت الظبية والخشف معها‬
‫وأقبلت تحرك ذنبها )‪ ،(2‬فقال علي بن الحسين‪ :‬هل تدرون ما تقول ؟‬
‫فقلنا‪ :‬ما ندري ؟ فقال‪ :‬إنها تقول‪ :‬رد ال عليكم كل حق غصبتم عليه أو‬
‫كل غائب وكل سبب ترجونه‪ ،‬وغفر لعلي بن الحسين كما رد علي ولدي )‬
‫‪ - 5 .(3‬حياة الحيوان‪ :‬ذكر ابن خلكان في ترجمة جعفر الصادق عليه‬
‫السلم أنه سأل أبا حنيفة ما تقول‪ :‬في محرم كسر رباعية ظبي ؟ فقال‪:‬‬
‫يابن بنت رسول ال ل أعلم )‪ (4‬فيه‪ ،‬فقال‪ :‬إن الظبي ل يكون له رباعيا‬
‫وهو ثني أبدا‪ .‬كذا حكاه كشاجم في كتاب المصائد والمطارد‪ .‬وقال‬
‫الجوهري‪ :‬في مادة سنن في قول الشاعر في وصف إبل‪ .‬فجاءت كسن‬
‫الظبي لم أر مثلها * سناء قتيل )‪ (5‬أو حلوبة جائع أي هي ثنيان لن الثني‬
‫هو الذي يلقي ثنيته والظبي ل تثبت له ثنية قط فهي ثني أبدا‪ .‬وروى‬
‫الدارقطني والطبراني في معجمه الوسط عن أنس بن مالك والبيهقي في‬
‫سننه )‪ (6‬عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬مر رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫على قوم قد صادوا ظبية وشدوها إلى عمود فسطاط فقالت‪ :‬يا رسول ال‬
‫إني وضعت ولي خشفان فاستأذن لي أن أرضعهما ثم أعود إليهم فقال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬خلوا عنها حتى تأتي خشفيها ترضعهما وتأتي إليكم‬
‫قالوا ومن لنا بذلك يا رسول ال ؟ قال صلى ال عليه وآله‪ :‬أنا‪ ،‬فأطلقوها‬
‫فذهبت فأرضعتهما‬
‫)‪ (1‬سيبه أي تركه مرت حيث شاءت‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فمضت الظبية ومعها‬
‫خشفها وهى تحرك ذنبها‪ (3) .‬دلئل المامة‪ 89 :‬فيه قلنا ل قال‪ :‬تقول‪) .‬‬
‫‪ (4‬في المصدر‪ :‬ل اعلم ما فيه‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬شفاء عليل‪ (6) .‬في‬
‫المصدر‪ " :‬في شعبه " أقول‪ :‬أي في كتاب شعب اليمان‪.‬‬

‫]‪[89‬‬

‫ثما عادت إليهم فأوثقوها‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬أتبيعونيها ؟ قالوا‪ :‬هي لك يا‬
‫رسول ال ! فخلوا عنها فأطلقها‪ .‬وفي رواية عن زيد بن أرقم قال‪ :‬لما‬
‫أطلقها رسول ال صلى ال عليه وآله رأيتها تسبح في البرية وهي تقول‪:‬‬
‫ل إله إل ال محمد رسول ال صلى ال عليه وآله‪ .‬وروى الطبراني عن ام‬
‫سلمة قالت‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله في الصحراء فإذا مناد‬
‫ينادي يا رسول ال فالتفت فلم ير أحدا‪ ،‬ثم التفت فإذا ظبية موثوقة‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫ادن مني يا رسول ال فدنا منها‪ ،‬فقال‪ :‬ما حاجتك ؟ فقالت‪ :‬إن لي خشفتين‬
‫في هذا الجبل فخلني حتى أذهب إليهما فأرضعهما ثم أرجع إليك‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬وتفعلين ؟ فقالت‪ :‬عذبني ال عذاب العشار‬
‫إن لم أفعل‪ ،‬فأطلقها فذهبت فأرضعت خشفيها ثم رجعت فأوثقها‪ ،‬وانبته‬
‫العرابي فقال‪ :‬ألك حاجة يا رسول ال ؟ قال‪ :‬نعم تطلق هذه‪ ،‬فأطلقها‬
‫فخرجت تعدو وتقول‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال وأنك رسول ال‪ .‬وفي دلئل‬
‫النبوة للبيهقي عن أبي سعيد قال‪ :‬مر النبي صلى ال عليه وآله بظبية‬
‫مربوطة إلى خباء فقالت‪ :‬يا رسول ال خلني حتى أذهب فأرضع خشفي ثم‬
‫أرجع فتربطني فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬صيد قوم وربيطة قوم فأخذ‬
‫عليها فحلفت له فحلها فما مكثت إل قليل حتى جاءت وقد نفضت ما في‬
‫ضرعها‪ ،‬فربطها رسول ال صلى ال عليه وآله ثم أتى خباء أصحابها )‪(1‬‬
‫فاستوهبها منهم فوهبوها له فحلها‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬لو علمت البهائم‬
‫من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا أبدا‪ .‬وذكر الزرقي في تعظيم‬
‫صيد الحرم عن عبد العزيز بن أبي داود )‪ (2‬أن قوما انتهوا إلى ذي طوى‬
‫ونزلوا بها فإذا ظبي من ظباء الحرم قد دنا منهم فأخذ رجل منهم بقائمة‬
‫من قوائمه‪ ،‬فقال له أصحابه‪ :‬ويلك أرسله‪ ،‬فجعل يضحك وأبى أن يرسله‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ثم أتى خباء اصحابها‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ابى رواد‪.‬‬

‫]‪[90‬‬

‫فبعر الظبي وبال ثم أرسله‪ ،‬فناموا في القائلة فانتبه بعضهم فإذا هو بحية منطوية‬
‫على بطن الرجل الذي أخذ الظبي‪ ،‬فقال له أصحابه‪ :‬ويلك ل تحرك فلم تنزل‬
‫الحية عنه حتى كان منه من الحدث ما كان من الظبي‪ .‬ثم روى عن مجاهد‬
‫قال‪ :‬دخل قوم مكة تجارا من الشام )‪ (1‬في الجاهلية بعد قصي بن كلب‬
‫فنزلوا بوادي طوى تحت سمرات يستظلون بها فاختبزوا ملة )‪ (2‬لهم ولم‬
‫يكن معهم أدم فقام رجل منهم إلى قوسه فوضع عليها سهما ثم رمى به‬
‫ظبية من ظباء الحرم وهي حولهم ترعى‪ ،‬فقاموا إليها فسلخوها وطبخوها‬
‫ليأتدموا بها‪ ،‬فبينما هم كذلك وقدرهم على النار تغلي بها وبعضهم يشوى‬
‫إذ خرجت من تحت القدر عنق من النار عظيمة فأحرقت القوم جميعا ولم‬
‫تحرق ثيابهم ول أمتعتهم ول السمرات التي كانوا تحتها‪ .‬ورأيت في‬
‫مختصر الحياء للشيخ شرف الدين بن يونس شارح التنبيه في باب‬
‫الخلص أن من أخلص ل تعالى في العمل وإن لم ينو )‪ (3‬ظهرت آثار‬
‫بركته عليه وعلى عقبه إلى يوم القيامة‪ ،‬كما قيل‪ :‬إنه لما اهبط آدم عليه‬
‫السلم إلى الرض جاءته وحوش الفلة تسلم عليه وتزوره‪ ،‬فكان يدعو‬
‫لكل جنس بما يليق به‪ ،‬فجاءته طائفة من الظباء فدعا لهن ومسح على‬
‫ظهورهن فظهر منهن نوافج المسك‪ ،‬فلما رأى ما فيها من ذلك غزلن اخر‬
‫فقالوا )‪ :(4‬من أين هذا لكن ؟ فقلن‪ :‬زرنا صفي ال آدم‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬دخل مكة قوم تجار من الشام‪ (2) .‬الملة‪ ،‬الجمر‪ .‬الرماد‪ ،‬الحار‪،‬‬
‫خبز ملة‪ :‬هو الذى يخبز فيها‪ ،‬وفى المصدر فاختبزوا على ملة لهم‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬ولم ينو به مقابل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬فلما رأى بواقيها ذلك‬
‫قلن‪.‬‬

‫]‪[91‬‬

‫فدعا لنا ومسح على ظهورنا‪ ،‬فمضى البواقي إليه فدعا لهن ومسح على ظهورهن‬
‫فلم يظهر لهن من ذلك شئ‪ ،‬فقالوا‪ :‬قد سلمنا كما فعلتم فلم نر شيئا مما‬
‫حصل لكم ؟ فقالوا‪ :‬أنتم كان عملكم لتنالوا كما نال إخوانكم‪ ،‬واولئك كان‬
‫عملهم ل من غير شئ فظهر ذلك في نسلهم وعقبهم إلى يوم القيامة )‪(1‬‬
‫انتهى‪.‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ 74 - 70 :2‬فيه‪ :‬فقلن قد فعلنا كما فعلتن فلم نر شيئا مما حصل‬
‫لكن‪ ،‬فقيل‪ :‬انتن كان عملكن لتنلن كما نال اخوانكن واولئك كان عملهن‬
‫ل من غير شئ فظهر ذلك في نسلهن وعقبهن إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫]‪[92‬‬
‫} ابواب { } الصيد والذبائح وما يحل وما يحرم من الحيوان وغيره { ‪ } 1‬باب {‬
‫} جوامع ما يحل وما يحرم من المأكولت والمشروبات { } وحكم المشتبه‬
‫بالحرام وما اضطروا إليه { اليات‪ :‬البقرة ‪ :2‬الذي جعل لكم الرض فراشا‬
‫والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ‪.22‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬هو الذي خلق لكم ما في الرض جميعا ‪ .29‬وقال تعالى‪ :‬كلوا‬
‫واشربوا من رزق ال ‪ .60‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها الناس كلوا مما في الرض‬
‫حلل طيبا ول تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ‪ .168‬وقال‬
‫سبحانه‪ :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا ل إن‬
‫كنتم إياه تعبدون * إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به‬
‫لغير ال فمن اضطر غير باغ ول عاد فل إثم عليه إن ال غفور رحيم ‪172‬‬
‫و ‪ .173‬آل عمران ‪ :3‬كل الطعام كان حل لبني إسرائيل إل ما حرم‬
‫إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن‬
‫كنتم صادقين * فمن افترى على ال الكذب من بعد ذلك فأولئك هم‬
‫الظالمون ‪ 93‬و ‪.94‬‬

‫]‪[93‬‬

‫المائدة ‪ :5‬احلت لكم بهيمة النعام إل ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم ‪.1‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير ال به‬
‫والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إل ما ذكيتم وما‬
‫ذبح على النصب وأن تستقسموا بالزلم ذلكم فسق ‪ -‬إلى قوله تعالى‪- :‬‬
‫فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لثم فان ال غفور رحيم * يسألونك‬
‫ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات ‪ 3‬و ‪ .4‬وقال‪ :‬اليوم احل لكم الطيبات‬
‫وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ‪ .5‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل ال لكم ول تعتدوا إن ال ل يحب‬
‫المعتدين * وكلوا مما رزقكم ال حلل طيبا واتقوا ال الذي أنتم به‬
‫مؤمنون ‪ 87‬و ‪ .88‬وقال تعالى‪ :‬ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات‬
‫جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم‬
‫اتقوا وأحسنوا وال يحب المحسنين ‪ .93‬وقال تعالى‪ :‬قل ل يستوي الخبيث‬
‫والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا ال يا اولي اللباب لعلكم تفلحون‬
‫‪ .100‬النعام‪ :‬ومالكم أن ل تأكلوا مما ذكر اسم ال عليه وقد فصل لكم ما‬
‫حرم عليكم إل ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن‬
‫ربك هو أعلم بالمعتدين ‪ .119‬هو الذي )‪ (1‬أنشأ جنات معروشات وغير‬
‫معروشات والنخل والزرع مختلفا اكله والزيتون والرمان متشابها وغير‬
‫متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا‬
‫)‪ (1‬الظاهر انه سقط هنا قوله‪ " :‬وقال تعالى " على ما هو من دأبه عند فصل‬
‫اليات‪.‬‬

‫]‪[94‬‬

‫حقه يوم حصاده ول تسرفوا إنه ل يحب المسرفين * ومن النعام حمولة وفرشا‬
‫كلوا مما رزقكم ال ول تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * ثمانية‬
‫أزواج من الضأن اثنين ومن المغز اثنين قل آلذكرين حرم أم النثيين أما‬
‫اشتملت عليه أرحام النثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين * ومن البل‬
‫اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم النثيين أما اشتملت عليه أرحام‬
‫النثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم ال بهذا فمن أظلم ممن افترى على ال‬
‫كذبا ليضل الناس بغير علم إن ال ل يهدي القوم الظالمين * قل ل أحد فيما‬
‫اوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إل أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو‬
‫لحم خنزير فانه رجس أو فسقا اهل لغير ال به فمن اضطر غير باغ ول‬
‫عاد فان ربك غفور رحيم * وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن‬
‫البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إل ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو‬
‫ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ‪ .146 - 141‬العراف‬
‫‪ :7‬ولقد مكناكم في الرض وجعلنا لكم فيها معايش قليل ما تشكرون ‪.10‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬وكلوا واشربوا ول تسرفوا إنه ل يحب المسرفين * قل من‬
‫حرم زينة ال التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا‬
‫في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل اليات لقوم يعلمون ‪ 31‬و‬
‫‪ .32‬وقال تعالى‪ :‬ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ‪ .157‬يونس‬
‫‪ :10‬ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات ‪.93‬‬
‫إبراهيم ‪ :14‬فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ‪ -‬إلى قوله‪ - :‬وسخر لكم‬
‫النهار ‪ .32‬الحجر ‪ :15‬وجعل لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ‪.20‬‬
‫النحل ‪ :16‬والنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ‪ .5‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬وإن لكم في النعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم‬
‫لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والعناب تتخذون منه‬
‫سكرا‬

‫]‪[95‬‬

‫ورزقا حسنا إن في ذلك لية لقوم يعقلون ‪ 66‬و ‪ .67‬وقال تعالى‪ :‬ورزقكم من‬
‫الطيبات ‪ .72‬وقال تعالى‪ :‬فكلوا مما رزقكم ال حلل طيبا واشكروا نعمة‬
‫ال إن كنتم إياه تعبدون * إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما‬
‫اهل لغير ال به فمن اضطر غير باغ ول عاد فان ال غفور رحيم * ول‬
‫تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وحرام لتفتروا على ال الكذب‬
‫‪ .116 - 114‬طه ‪ :20‬فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا‬
‫أنعامكم ‪ 53‬و ‪ .54‬وقال تعالى‪ :‬كلوا من طيبات ما رزقناكم ول تطغوا فيه‬
‫فيحل عليكم غضبي ‪ .81‬المؤمنون ‪ :23‬وأنزلنا من السماء ماء بقدر‬
‫فأسكناه في الرض وإنا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنات من‬
‫نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون * وشجرة تخرج من‬
‫طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للكلين * وإن لكم في النعام لعبرة‬
‫نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون ‪.21 - 18‬‬
‫لقمان ‪ :31‬ألم تر أن ال سخر لكم ما في السماوات وما في الرض وأسبغ‬
‫عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ‪ .20‬التنزيل ‪ :32‬أو لم يروا أنا نسوق الماء‬
‫إلى الرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفل‬
‫يبصرون ‪ .27‬فاطر ‪ :35‬ومن كل تأكلون لحما طريا ‪ .12‬يس ‪:36‬‬
‫وأخرجنا منه حبا فمنه يأكلون ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ - :‬ليأكلوا من ثمره وما‬
‫عملته أيديهم أفل يشكرون * سبحان الذي خلق الزواج كلها مما تنبت‬
‫الرض ومن أنفسهم ومما ل يعلمون ‪ .35 - 33‬المؤمن ‪ :40‬ال الذي جعل‬
‫لكم النعام لتركبوا منها ومنها تأكلون * ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها‬
‫حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ‪ 79‬و ‪ .80‬عبس ‪:80‬‬
‫فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخل * وحدائق غلبا *‬
‫وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولنعامكم ‪.32 - 27‬‬

‫]‪[96‬‬

‫تفسير‪ " :‬الذي جعل لكم الرض فراشا " يدل على جواز النتفاع بالرض على أي‬
‫وجه كان من السكنى والزراعة والعمارة وحفر النهار وإجراء القنوات و‬
‫غيرها من وجوه النتفاعات إل ما أخرجه الدليل‪ .‬وقوله‪ " :‬رزقا لكم " )‬
‫‪ (1‬يدل على حلية جميع الثمرات وبيعها وسائر النتفاعات " ولكم " صفة‬
‫" رزقا " إن اريد به المرزوق‪ ،‬ومفعول له إن اريد به المصدر‪ ،‬كأنه قال‪:‬‬
‫رزقه إياكم‪ ،‬ويدل تتمة الية على وجوب شكر المنعم " هو الذي خلق لكم‬
‫ما في الرض جميعا " امتن سبحانه على عباده بخلق جميع ما في الرض‬
‫لهم‪ ،‬وهذا يدل على صحة انتفاعهم بكل ما فيها من وجوه المصالح إذا‬
‫خلعن المفسدة‪ ،‬ومنه يستدل على أن الصل في الشياء الباحة إذ هي‬
‫مباحة لمن خلقت له‪ ،‬وقيل‪ :‬المتنان بخلق الجميع يقتضي حل الجميع‪،‬‬
‫وأن لكل شئ منها فائدة ونفعا‪ ،‬وما يقال‪ :‬من أن ما ل نفع به كالسم‬
‫والعقرب وبعض الحشرات خارج عن ذلك ففيه نظر‪ ،‬وإن عدم الوجدان ل‬
‫يدل على عدم الوجود‪ ،‬ووجود ضرر في شئ ل يدل على انتفاء النفع فيه‪،‬‬
‫أل ترى أن المأكولت الطيبة تضر المريض غاية المضرة ؟ ومن تأمل في‬
‫حكمته تعالى لم يتجاسر بمثل هذا المقال‪ ،‬فلعل المراد أن ليس في الخلق ما‬
‫هو ضرر محض خال عن النفع‪ ،‬بل إنما فيه من جهة ضررا‪ ،‬وجهة خل‬
‫من ذلك الوجه من المنفعة ل يقع به امتنان من تلك الجهة بل المتنان من‬
‫جهة النفع مع الخلو عن الضرر و " الطيب " في بعض اليات إشارة إلى‬
‫ذلك كما فسره الطبرسي أن المراد الطاهر من كل شبهة خبث وضرر وال‬
‫أعلم انتهى‪ .‬وقال البيضاوي‪ :‬معنى " لكم " لجلكم وانتفاعكم في دنياكم‬
‫باستنفاعكم بها في مصالح أبدانكم بوسط أو غير وسط‪ ،‬أو دينكم‬
‫بالستدلل والعتبار والتعرف بما يلئمها من لذات الخرة وآلمها‪ ،‬فهو‬
‫يقتضي إباحة الشياء النافعة‪ ،‬ول يمنع اختصاص بعضها ببعض لسباب‬
‫عارضة‪ ،‬فانه يدل على أن الكل للكل‪ ،‬ل أن كل‬

‫)‪ (1‬قوله‪ " :‬جعل لكم " و " رزقا لكم " وأمثالهما تدل على أن ما في الرض يعم‬
‫كل فرد من النسان وانهم مشتركون فيه بالسوية على الصل‪ ،‬ال ما‬
‫اخرج بالدليل‪.‬‬

‫]‪[97‬‬

‫واحد لكل واحد و " ما " يعم كل ما في الرض ل الرض إل إذا اريد به جهة السفل‬
‫كما يراد بالسماء جهة العلو و " جميعا " حال من الموصول الثاني "‬
‫كلوا واشربوا " ظاهر الخطاب لبني اسرائيل فالمراد ما رزقهم ال من‬
‫المن والسلوى والعيون‪ ،‬و يمكن الستدلل على العموم بوجه ل يخلو من‬
‫تكلف )‪ " .(1‬يا أيها الناس كلوا مما في الرض " قال الطبرسي رحمه‬
‫ال‪ :‬عن ابن عباس أنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني عامر بن صعصعة‬
‫وبني مدلج لما حرموا على أنفسهم من الحرث والنعام والبحيرة والسائبة‬
‫والوصيلة )‪ .(2‬وقال قدس سره‪ :‬اختلف الناس في المآكل والمنافع ل‬
‫ضرر على أحد فيها )‪ ،(3‬فمنهم من ذهب إلى أنها على الحظر )‪ ،(4‬ومنهم‬
‫من ذهب إلى أنها على الباحة‪ ،‬و اختاره المرتضى ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ومنهم‬
‫من وقف بين المرين وجوز كل واحد منهما وهذه الية دالة على إباحة‬
‫المآكل إل مادل الدليل على حظره فجاءت مؤكدة لما في العقل انتهى )‪.(5‬‬
‫والمراد بالكل إما خصوص الكل اللغوي أو مطلق النتفاع فانه مجاز‬
‫شائع والحلل هو الجائز من أفعال العباد ونظيره المباح‪ ،‬والطيب يقال‪:‬‬
‫لمعان‪ :‬الول ما حلله الشارع الثاني ما كان طاهرا‪ .‬الثالث ما خل عن‬
‫الذى في النفس والبدن‪ .‬الرابع ما يستلذه الطبع المستقيم ول يتنفر عنه‪.‬‬
‫الخامس ما لم يكن فيه جهة قبح توجب المنع عنه كما نفهم من أكثر موارد‬
‫استعماله‪ ،‬وستعرفه‪ ،‬والخطاب هنا عام لجميع المكلفين من بني آدم‬
‫)‪ (1‬انوار التنزيل‪ (2) .‬مجمع البيان ‪ 252 :1‬فيه‪ :‬والوصيلة فنهاهم ال عن ذلك‪) .‬‬
‫‪ (3‬في المصدر‪ :‬والمنافع التى ل ضرر على احد فيها‪ (4) .‬الحظر‪ :‬المنع‪.‬‬
‫)‪ (5‬مجمع البيان ‪.252 :1‬‬

‫]‪[98‬‬

‫والمر في " كلوا " للباحة ولما كان في المأكول ما يحرم وما يحل بين ما يجب‬
‫أن يكون عليه من الصفة فقال‪ " :‬حلل " وقيل‪ :‬المر للوجوب نظرا إلى‬
‫مراعاة القيد " طيبا " قيل‪ :‬هو الحلل أيضا‪ ،‬جمع بينهما لختلف‬
‫اللفظين تأكيدا‪ ،‬وقيل‪ :‬ما تستطيبونه وتلذونه في العاجل والجل وفي‬
‫الكشاف والجوامع‪ :‬طاهرا من كل شبهة‪ ،‬قيل‪ :‬ول يبعد على تقدير مفعولية‬
‫" حلل " وحاليته أن يراد بالحلل ما خل من جهة الحظر بحسب ذاته‬
‫وأحواله الغالبة والطيب ما خل من جهة الحظر من كل وجه )‪ .(1‬وأقول‪:‬‬
‫على تقدير حالية الطيب وحمل المر على الرجحان الظهر أن يكون الحلل‬
‫للحتراز عن الحرام والطيب للحتراز عن الشبهات ثم قوله‪ " :‬حلل "‬
‫إما مفعول " كلوا " و " من " حينئذ ابتدائية أو بيانية وظاهر الكشاف‬
‫أنها تبعيضية‪ ،‬ومنع منه التفتاراني لن من التبعضية في موقع المفعول‬
‫أي كلوا بعض ما في الرض‪ .‬قال‪ :‬فان قيل‪ :‬لم ل يجوز أن يكون حال من‬
‫حلل ؟ قلنا‪ :‬لن كون " من " التبعيضية ظرفا مستقرا وكون اللغو حال‬
‫مما ل تقول به النحاة‪ ،‬وقيل‪ :‬فيه نظر لن كون " من " التبعيضية في‬
‫موضع المفعول ليس معناه أنه مفعول به من حيث العراب مغن عن‬
‫المفعول به‪ .‬بل إنما يتحد مع المفعول به انتهى‪ .‬أو حال من المفعول وهو‬
‫" مما في الرض " فيكون المراد بما في الرض المأكولت المحللة‪ ،‬أو‬
‫صفة مصدر محذوف أي كلوا أكل حلل و " من " للتبعيض أو ابتدائية‬
‫أما كونه مفعول له أو تميزا كما زعم بعضهم فغير واضح " وطيبا " مثل‬
‫" حلل " أو صفته‪ .‬أقول‪ :‬هذا ما ذكره القوم والظهر عندي أن " حلل‬
‫وطيبا " للتأكيد ل للتقييد سواء جعل حالين مؤكدتين أو غيره‪ ،‬لن التقييد‬
‫مع حمل المر على الباحة كما ذكره الكثر يجعل الكلم خاليا عن الفائدة إذ‬
‫حاصله حينئذ‪ :‬احل لكم ما احل لكم إذ يجوز لكم النتفاع بما احل لكم‪ .‬فان‬
‫قيل‪ :‬كيف يستقيم هذا مع أنه معلوم أن ما في الرض مشتمل على‬

‫)‪ (1‬تفسير الكشاف‪.‬‬

‫]‪[99‬‬
‫محرمات كثيرة ؟ قلنا‪ :‬إذا حملنا " من " على التبعيض ل يرد ذلك‪ ،‬وايضا يمكن أن‬
‫يكون هذا قبل تحريم ما حرم من الشياء فانه يظهر من بعض الخبار أنه‬
‫لم يجب قبل الهجرة شئ سوى الشهادتين وما يتبعهما من العقائد ولم‬
‫يحرم سوى الشرك وإنكار النبوة وما يلزمهما‪ ،‬وبعد الهجرة نزلت‬
‫الواجبات والمحرمات تدريجا‪ ،‬على أنه يمكن أن يكون عاما مخصصا كما‬
‫في سائر العمومات‪ :‬فتدل على حل ما في الرض جميعا إل ما أخرجه‬
‫الدليل‪ .‬وقيل‪ :‬يظهر من عمومات الخطاب حل المحللت للكفار والفساق‬
‫أيضا وجواز إعطائهم منها إل ما دل على المنع منه دليل‪ " .‬ول تتبعوا‬
‫خطوات الشيطان " أي ل تتبعوا وساوس الشيطان في تحريم ما أحل ال‪،‬‬
‫أو في ترك شكر ما أنعم ال‪ ،‬ويؤيد الول قوله‪ " :‬وأن تقولوا على ال "‬
‫وروي عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم أن خطوات الشيطان‬
‫الحلف بالطلق والنذر في المعاصي وكل يمين بغير ال )‪ .(1‬أقول‪ :‬يحتمل‬
‫أن يكون المراد الحلف والنذر على تحريم المحللت بقرينة صدر الية‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬في هذا النهي تنبيه على أن المراد بحلل في المر التقييد ل إطلق‬
‫حل ما في الرض والمأكول منه أو الكل‪ ،‬وهو يعم مخالفة المر بالتعدي‬
‫إلى أكل غير الحلل‪ ،‬وباجتناب أكل الحلل وفعل غير ذلك من المحرمات‬
‫انتهى‪ .‬وضعفه ظاهر مما ذكرنا " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما‬
‫رزقناكم " مضمون صدر الية قريب مما تقدم إل أنها خاصة باعتبار‬
‫الخطاب للمؤمنين‪ ،‬وقيل‪ :‬المر للترغيب أو لباحة أكل ما يستلذه‬
‫المؤمنون ويستطيبونه ويعدونه طيبا ل خبيثا ينفر عنه الطبع ويجزم العقل‬
‫بقبح أكله مثل الدم والبول والمني والحشرات وغيرها‪ ،‬فيفهم منه كونه‬
‫طاهرا أيضا إذ النجس خبيث وليس مما يعدونه طيبا‪ ،‬فهو في الدللة على‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪.252 :2‬‬

‫]‪[100‬‬

‫إباحة جميع ما يعده العقل طيبا ول يجد فيه ضررا وخبثا مما يسمى رزقا لبني آدم‪،‬‬
‫أي ينتفع به في الكل‪ ،‬أصرح مما تقدم ففهم كون الشيآء على أصل الحلية‬
‫منها أولى‪ .‬أقول‪ :‬على سياق ما قدمنا يكون الحاصل كلوا مما لم يدل دليل‬
‫شرعي على تحريمه فيما رزقناكم ومكناكم من التصرف فيه‪ ،‬أو مما لم‬
‫يكن فيه جهة قبح واقعي فيرجع إلى الول‪ ،‬لنه يعلم ذلك ببيان الشارع أو‬
‫مما لم يكن مضرا بالنفس والبدن أو مما يستلذه الطبع المستقيم ول يتنفر‬
‫عنه‪ ،‬إما بناء على الغالب من أنه ل يرغب إلى غير ذلك‪ ،‬أو بناء على أن‬
‫سياق الية مشتمل على المتنان وعمدة المتنان به ل بما تتنفر الطباع‬
‫عنه‪ ،‬أو لمرجوحية أكل الخبائث غير المحرمة بناء على أن المر للباحة‬
‫الصرفة أو لرجحان التصرف في الطيبات وأكلها‪ ،‬بناء على أن المر‬
‫للستحباب‪ .‬وبالجملة يشكل الستدلل بأمثاله على تحريم ما تتنفر عنه‬
‫عامة الطباع‪ .‬وقال الرازي‪ :‬اعلم أن الكل قد يكون واجبا وذلك عند دفع‬
‫الضرر‪ ،‬وقد يكون مندوبا وذلك أن الضيف قد يمتنع من الكل إذا انفرد‬
‫وينبسط إذا سوعد فهذا مندوب‪ ،‬وقد يكون مباحا إذا خل عن هذه‬
‫العوارض‪ ،‬والصل في الشئ أن يكون خاليا عن العوارض فل جرم كان‬
‫مسمى الكل مباحا‪ ،‬وإذا كان المر كذلك كان المر كذلك‪ .‬ثم قال‪ :‬احتج‬
‫الصحاب على أن الرزق قد يكون حراما بقوله‪ " :‬من طيبات ما رزقناكم‬
‫" بأن الطيب هو الحلل‪ ،‬فلو كان رزق حلل لكان المعنى كلوا من محللت‬
‫ما حللنا لكم فيكون تكرارا‪ ،‬وهو خلف الصل‪ ،‬وأجابوا عنه بأن الطيب في‬
‫اللغة عبارة عن المستلذ المستطاب‪ ،‬ولعل أقواما ظنوا أن التوسع في‬
‫المطاعم والستكثار من طيباتها ممنوع منه فأباح ال تعالى ذلك بقوله‪:‬‬
‫كلوا من لذائدما أحللنا لكم‪ ،‬فكان تخصيصه بالذكر لهذا المعنى انتهى )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬تفسير الرازي‪.‬‬

‫]‪[101‬‬

‫ومضمون باقي الية تعليق وجوب الشكر ل على عبادتهم إياه‪ ،‬وتلخيصه أن‬
‫العبادة له إن كانت واجبة عليكم لنه الهكم فالشكر له أيضا واجب عليكم‬
‫فانه منعم محسن إليكم كذا ذكره الطبرسي )‪ - (1‬رحمه ال ‪ -‬وقال الرازي‪:‬‬
‫فيه وجوه‪ :‬أحدها‪ :‬واشكروا ال إن كنتم عارفين بال ونعمه‪ ،‬فعبر عن‬
‫معرفة ال تعالى بعبادته اطلقا لسم الثر على المؤثر‪ .‬وثانيها‪ :‬معناه إن‬
‫كنتم تريدون أن تعبدوا ال فاشكروه فان الشكر رئيس العبادات‪ .‬وثالثها‪:‬‬
‫واشكروا ال الذي رزقكم هذه النعمة إن كنتم إياه تعبدون‪ ،‬أي إن صح أنكم‬
‫تخصونه بالعبادة وتقرون أنه هو سبحانه الهكم ل غير انتهى )‪ .(2‬وأقول‪:‬‬
‫يحتمل أن يكون الغرض أن شكركم إنما يصح ويستقيم بترك الشرك‬
‫وإخلص العبادة له تعالى‪ " .‬إنما حرم عليكم الميتة " كأن هذه الية‬
‫كالستثناء عن عموم ما تقدم أو أنه سبحانه لما أمر في الية بأكل الطيبات‬
‫بين في هذه الية الخبائث ليعلم أن ما سواها من الطيبات‪ ،‬و " إنما "‬
‫على المشهور بين أهل العربية والصوليين للحصر فيدل على حصر‬
‫المحرمات من المأكولت في هذه الشيآء‪ ،‬فهي حجة في حل ما سواها إل‬
‫ما أخرجه الدليل‪ .‬وقال البيضاوى‪ :‬المراد قصر الحرمة على ما ذكر مما‬
‫استحلوه ل مطلقا أو قصر حرمته على حال الختيار كأنه قيل إنما حرم‬
‫عليكم هذه الشياء ما لم تضطروا إليها انتهى )‪ .(3‬ويمكن أن يكون‬
‫التحريم في هذا الوقت مقصورا على ما ذكر فحرم بعد ذلك غيرها كما مر‪،‬‬
‫والول من المحرمات في تلك الية الميتة‪ ،‬وهي على المشهور ما فارقه‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .252 :2‬تفسير الرازي‪ (3) .‬انوار التنزيل‪.‬‬

‫]‪[102‬‬

‫الروح لعلى وجه التذكية الشرعية‪ .‬وفي المجمع‪ :‬هي كل ماله نفس سائلة من‬
‫دواب البر وطيره مما أباح ال أكله إنسيهما ووحشيهما )‪ (1‬فارقه روحه‬
‫من غير تذكية‪ ،‬وقيل‪ :‬الميتة كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره‬
‫بغير تذكية‪ ،‬وقد روي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه سمى الجراد‬
‫والسمك ميتا‪ ،‬فقال ميتتان مباحتان‪ :‬الجراد والسمك انتهى )‪ .(2‬ول يبعد‬
‫أن يكون إطلق الميتة على السمك والجراد على المجاز فان إخراج الول‬
‫من الماء وقبض الثاني تذكيتهما‪ .‬واستدل بهذه الية وأمثالها على حرمة‬
‫جميع انتفاعات الميتة إل ما أخرجه الدليل‪ ،‬لن الحرمة المضافة إلى العين‬
‫تفيد عرفا حرمة التصرف فيها مطلقا‪ ،‬وقيل‪ :‬الحرمة المضافة إلى كل عين‬
‫تفيد تحريم النتفاع المتعارف الغالب فيه‪ ،‬فان المتبادر في تحريم الميتة‬
‫الكل ل سيما مع ذكرها مع الدم ولحم الخنزير‪ ،‬وفي تحريم المهات الوطئ‬
‫وهكذا‪ ،‬وكان هذا أقوى‪ ،‬وحملوا الميتة عليها وعلى أجزائها التى تحل فيها‬
‫الحياة فل تحرم ما ل تحل فيه الحياة منها إل ما كان خبيثا على المشهور‬
‫ل لذلك بل لكونه خبيثا على رأيهم وحمل عليه كل ما ابين من حي مما‬
‫حلت فيه الحياة‪ .‬والثاني الدم وقيد بالمسفوح لتقييده به في الية الخرى‪،‬‬
‫والمطلق محمول على المقيد والمسفوح هو الذي يخرج بقوة عند قطع‬
‫عرق الحيوان أو ذبحه‪ ،‬من سفحت الماء‪ :‬إذا صببته أي المصبوب‪،‬‬
‫واحترز به عما يخرج من الحيوان بتثاقل كدم السمك فل يكون نجسا‪.‬‬
‫واختلفوا في حرمته فقيل‪ :‬هو حرام ل طلق هذه الية وقد عرفت جوابه‪،‬‬
‫ولنه من الخبائث وقد منع ذلك‪ ،‬وستسمع الكلم في الخبائث وحرمتها‪.‬‬
‫وأما الدم المتخلف في الذبيحة في الحيوان مأكول اللحم فل أعرف خلفا‬
‫بين‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬اهليها ووحشيها‪ (2) .‬مجمع البيان ‪.157 :3‬‬

‫]‪[103‬‬

‫الصحاب في كونه حلل‪ ،‬ونقل العلمة الجماع عليه‪ ،‬وما يجذبه النفس إلى باطن‬
‫الذبيحة ليس في حكم المتخلف في الحل والطهارة‪ ،‬وفي تحريم المتخلف‬
‫في الكبد والقلب وجهان ول يبعد ترجيح عدم التحريم لظاهر الية إل أن‬
‫يثبت كونه خبيثا‪ ،‬وحرمة مطلق الخبيث والدم المتخلف في حيوان غير‬
‫مأكول اللحم تابع لذلك الحيوان‪ ،‬وظاهر الصحاب الحكم بنجاسته‪ ،‬ونقل‬
‫عن بعض المتأخرين التوقف فيها‪ ،‬وما عدا المذكورات من الدماء التي لم‬
‫تخرج بقوة من عرق وللها كثرة انصباب لكنه مما له نفس فظاهر‬
‫الصحاب التفاق على نجاسته‪ ،‬وظاهر الفاضلين دعوى الجماع عليه‬
‫ويستفاد من بعض الخبار أيضا‪ ،‬فيلزم التحريم أيضا‪ ،‬وأما دم غير السمك‬
‫مما ل نفس له فقد نقل جماعة من الصحاب الجماع على طهارته‪ ،‬والكلم‬
‫في حله وحرمته كالكلم في دم السمك‪ .‬الثالث لحم الخنزير قيل‪ :‬خص‬
‫اللحم وإن كان كل أجزائه محرما لنه هو المقصود بالكل‪ ،‬وغيره تابع‪،‬‬
‫ولشدة حرص الكفرة ومزيد اعتقادهم بحسنه وبركته فخصه ردا عليهم‪.‬‬
‫الرابع ما أهل به لغير ال أي ما رفع به الصوت عند ذبحه لغير ال كالصنم‬
‫والمسيح وغيرهما‪ ،‬والهلل أصله رؤية الهلل‪ ،‬يقال‪ :‬أهل الهلل‬
‫وأهللته‪ ،‬لكن لما جرت العادة برفع الصوت بالتكبير إذا رئي سمي ذلك‬
‫إهلل‪ ،‬ثم قيل‪ :‬لرفع الصوت وإن كان لغيره‪ ،‬وقال في موضع آخر‪ " :‬ول‬
‫تأكلوا مما لم يذكر اسم ال عليه " قيل‪ :‬فهذا مطلق والول مقيد فيحمل‬
‫الثاني على الول أو بينهما عموم وخصوص من وجه فجمع بينهما‬
‫بمقتضى الروايات المعتبرة‪ ،‬وسيأتي أحكام التسمية إن شاء ال‪ " .‬فمن‬
‫اضطر " أي إلى أكل هذه الشياء قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬ضرورة‬
‫مجاعة عن أكثر المفسرين‪ ،‬وقيل‪ :‬ضرورة إكراه عن مجاهد‪ ،‬وتقديره‪:‬‬
‫فمن خاف على النفس من الجوع ول يجد مأكول يسد به الرمق‪ ،‬وقوله‪" :‬‬
‫غير باغ ول عاد " فيه ثلثة أقوال‪.‬‬

‫]‪[104‬‬

‫أحدها‪ :‬غير باغ لذة ول عاد سد الجوعة‪ .‬وثانيها‪ :‬غير باغ في الفراط ول عاد في‬
‫التقصير‪ .‬وثالثها‪ :‬غير باغ على المسلمين )‪ (1‬ول عاد عليه بالمعصية‬
‫وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم انتهى )‪ .(2‬وفي‬
‫الكافي عن الصادق عليه السلم‪ :‬الباغي‪ :‬الذي يخرج على المام والعادي‪:‬‬
‫الذي يقطع الطريق‪ ،‬ل تحل لهما الميتة )‪ .(3‬وفي التهذيب‪ :‬الباغي‪ :‬باغي‬
‫الصيد‪ .‬والعادي‪ :‬السارق ليس لهما أن يأكل الميتة إذا اضطرا‪ ،‬هي حرام‬
‫عليهما )‪ .(4‬وفي الفقيه عن الجواد عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬العادي‪ :‬السارق‪،‬‬
‫والباغي‪ :‬الذي يبغي الصيد بطرا أو لهوا ل ليعود به على عياله‪ ،‬ليس لهما‬
‫أن يأكل الميتة إذا اضطرا هي حرام عليهما في حال الضطرار كما هي‬
‫حرام عليهما في حال الختيار‪ ،‬وليس لهما أن يقصرا في صوم ول صلة‬
‫في سفر )‪ .(5‬وقال البيضاوي‪ :‬وغير باغ بالستيثار على مضطر آخر‪ ،‬ول‬
‫عاد سد الرمق والجوعة‪ ،‬وقيل‪ :‬غير باغ على الوالي‪ ،‬ول عاد بقطع‬
‫الطريق‪ ،‬فعلى هذا ل يباح على العاصي بالسفر‪ ،‬وهو ظاهر مذهب‬
‫الشافعي وقول أحمد )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬غير باغ على امام المسلمين‪ (2) .‬مجمع البيان ‪(3) .257 :1‬‬
‫فروع الكافي ‪ 265 :6‬رواه الكليني باسناده عن العدة عن سهل بن زياد‬
‫عن احمد بن محمد بن أبى نصر عمن ذكره عن أبى عبد ال عليه السلم‪.‬‬
‫)‪ (4‬تهذيب الحكام‪ :‬ج ‪ 9‬ص ‪ (5) .78‬من ل يحضره الفقيه ‪217 :3‬‬
‫رواه الصدوق في حديث طويل باسناده عن عبد العظيم بن عبد ال‬
‫الحسنى عن أبى جعفر محمد بن على الرضا عليه السلم‪ (6) .‬انوار‬
‫التنزيل‪.‬‬

‫]‪[105‬‬

‫" فل إثم عليه " قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي ل حرج عليه‪ ،‬وإنما ذكر هذا اللفظ‬
‫لتبيين أنه ليس بمباح في الصل‪ ،‬وإنما رفع الحرج للضرورة " إن ال‬
‫غفور رحيم " إنما ذكر المغفرة لجل أمرين‪ :‬إما لتبيين أنه إذا كان يغفر‬
‫المعصية فانه ل يؤاخذ فيما رخص فيه‪ ،‬واما لنه وعد بالمغفرة عند النابة‬
‫إلى الطاعة مما كانوا عليه من تحريم ما لم يحرمه ال من السائبة وغيرها‬
‫انتهى )‪ .(1‬وأقول‪ :‬وان كان ظاهر بعض الخبار اختصاص الحكم‬
‫بالضطرار في المخمصة لكن لفظ الية شامل لكل اضطرار من مجاعة أو‬
‫خوف قتل أو ضرر عظيم ل يتحمل عادة‪ " .‬كل الطعام " في المجمع‪ :‬كل‬
‫المأكولت " كان حل " أي حلل " لبني اسرائيل " واسرائيل هو يعقوب‬
‫عليه السلم " إل ما حرم اسرائيل على نفسه " اختلفوا في ذلك الطعام‬
‫فقيل‪ :‬ان يعقوب عليه السلم أخذه وجع العرق الذي يقال له‪ :‬عرق النساء‬
‫فنذر إن شفاه ال أن يحرم العروق ولحم البل وهو أحب الطعام إليه عن‬
‫ابن عباس وغيره‪ ،‬وقيل‪ :‬حرم اسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبدا ل‬
‫وسأل ال أن يجيز له فحرم ال تعالى ذلك على ولده‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫حرم زائدتي الكبد والكليتين والشحم إل ما حملته الظهور عن عكرمة‪،‬‬
‫واختلف في أنه كيف حرمه على نفسه ؟ فقيل‪ :‬بالجتهاد‪ ،‬وقيل‪ :‬بالنذر‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬بنص ورد عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬حرمه كما يحرم المستظهر في دينه من‬
‫الزهاد اللذة على نفسه " من قبل أن تنزل التوراة " أي كل الطعام كان حل‬
‫لبني إسرائيل قبل نزول التوراة على موسى فانها تضمنت تحريم ما كان‬
‫حلل )‪ (2‬لبني إسرائيل‪ ،‬واختلفوا فيما حرم عليهم وحالها بعد نزول‬
‫التوراة‪ .‬فقيل‪ :‬إنه حرم عليهم ما كانوا يحرمونه قبل نزولها اقتداء بأبيهم‬
‫يعقوب عن السدي‪.‬‬
‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ 257 :1‬فيه‪ " :‬ليبين " وفيه‪ " :‬بما رخص فيه " وفيه‪ :‬إلى‬
‫طاعة ال‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬بعض ما كان حلل‪.‬‬

‫]‪[106‬‬

‫وقيل‪ :‬لم يحرمه ال عليهم في التوراة وإنما حرم عليهم بعد التوراة بظلمهم‬
‫وكفرهم‪ ،‬وكانت بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرم ال عليهم طعاما‬
‫طيبا وصب عليهم رجزا وهو الموت‪ ،‬وذلك قوله تعالى‪ " :‬فبظلم من الذين‬
‫هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم " )‪ .(1‬وقيل‪ :‬لم يكن شئ من ذلك‬
‫حراما عليهم في التوراة وإنما هو شئ حرموه على أنفسهم اتباعا لبيهم‪،‬‬
‫وأضافوا تحريمه إلى ال فكذبهم ال تعالى )‪ (2‬فاحتج عليهم بالتوراة‬
‫وأمرهم بالتيان بها وبأن يقرأوا ما فيها فانه كان في التوراة أنها كانت‬
‫حلل للنبياء‪ ،‬وإنما حرمها إسرائيل على نفسه فلم يجسروا على إتيانها‬
‫لعلمهم بصدقه صلى ال عليه وآله وكذبهم وكان ذلك دليل على صحة‬
‫نبوته " من بعد ذلك " أي بعد قيام الحجة " فاولئك هم الظالمون "‬
‫لنفسهم )‪ .(3‬وأقول‪ :‬ظاهره على بعض الوجوه تحليل ما حرموه على‬
‫أنفسهم فتأمل‪ " .‬احلت لكم بهيمة النعام " قد مر تفسيره في باب النعام‪.‬‬
‫" إل ما يتلى عليكم " قيل‪ :‬أي إل محرم ما يتلى عليكم كقوله‪ " :‬حرمت‬
‫عليكم الميتة " أو إل ما يتلى عليكم آية تحريمه " غير محلي الصيد "‬
‫حال من الضمير في " لكم " وقيل‪ :‬من واو " أوفوا " وقيل‪ :‬استثناء‪،‬‬
‫وهو تعسف‪ ،‬والصيد يحتمل المصدر والمفعول " وأنتم حرم " حال عما‬
‫استكن في " محلي " والحرم جمع حرام وهو المحرم‪ ،‬وسيأتي تفسير‬
‫اليات في كتاب الحج إن شاء ال تعالى‪ " .‬والمنخنقة " قال الطبرسي‬
‫رحمه ال تعالى‪ :‬هي التي تدخل رأسها بين شعبين من شجر فتختنق )‪(4‬‬
‫وتموت عن السدي‪ ،‬وقيل‪ :‬هي التي تخنق بحبل الصائد وتموت‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .160 :‬اضاف في المصدر‪ :‬وقال‪ :‬قل يا محمد‪ " :‬فأتوا بالتوراة‬
‫فاتلوها " حتى يتبين انه كما قلت ل كما قلتم " ان كنتم صادقين " في‬
‫دعواكم‪ ،‬فاحتج‪ (3) .‬مجمع البيان ‪ (4) .475 :2‬في المصدر‪ :‬بين‬
‫شعبتين من شجرة فتنخنق‪.‬‬

‫]‪[107‬‬

‫عن الضحاك وقتادة‪ ،‬وقال ابن عباس‪ :‬كان أهل الجاهلية يخنقونها فيأكلونها "‬
‫والموقوذة " هي التي تضرب حتى تموت عن ابن عباس‪ ،‬والسدي‪،‬‬
‫والوقذ‪ :‬شدة الضرب يقال‪ :‬وقذتها أقذها وقذا وأوقذتها إيقاذا‪ :‬إذا أثخنتها‬
‫ضربا‪ " .‬والمتردية " وهي التي تقع من جبل أو موضع عال أو تقع في‬
‫بئر فتموت عن ابن عباس وغيره‪ ،‬ومتى وقع في بئر ول يقدر على تذكيته‬
‫جاز أن يطعن ويضرب )‪ (1‬في غير المذبح حتى يبرد ثم يؤكل‪" .‬‬
‫والنطيحة " وهي التي تنطحها غيرها فتموت‪ ،‬وإنما تثبت فيها الهاء‪ ،‬وإن‬
‫كان فعيل بمعنى المفعول ل تثبت فيها الهاء‪ ،‬مثل لحية دهين وعين كحيل‬
‫وكف خضيب لنها ادخلت في حيز السماء‪ ،‬وقال بعض الكوفيين‪ :‬إنما‬
‫تحذف الهاء من فعيلة بمعنى مفعولة إذا كانت صفة لسم قد تقدمها مثل‬
‫كف خضيب وعين كحيل‪ ،‬فأما إذا حذف الكف والعين وما يكون فعيل نعتا‬
‫له واجتزؤا بفعيل أثبتوا فيه ها التأنيث ليعلم بثبوتها فيه أنها صفة لمؤنث‬
‫فيقال‪ :‬رأينا كحيلة وخضيبة‪ " .‬وما أكل السبع " أي وحرم عليكم ما أكله‬
‫السبع بمعنى قتله السبع‪ ،‬وهو فريسة السبع عن ابن عباس وغيره‪ " .‬إل‬
‫ما ذكيتم " يعني ال ما أدركتم ذكاته فذكيتموه من هذه الشياء‪ ،‬وروي عن‬
‫السيدين الباقر والصادق عليهما السلم أن أدنى ما تدرك به الذكاة أن‬
‫تدركه يتحرك اذنه أو ذنبه أو يطرف عينه‪ .‬واختلف في الستثناء إلى ماذا‬
‫يرجع ؟ فقيل‪ :‬يرجع إلى جميع ما تقدم ذكره من المحرمات سوى ما ل‬
‫يقبل من الخنزير )‪ (2‬والدم عن علي عليه السلم وابن عباس‪ .‬وقيل‪ :‬هو‬
‫استثناء من التحريم ل من المحرمات لن الميتة ل ذكاة لها وللخنزير‬
‫فمعناه حرمت عليكم سائر ما ذكر ال ما ذكيتم مما أحله ال لكم بالتذكية‬
‫فانه‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ويضرب بالسكين‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬سوى ما ل يقبل الذكاة من‬
‫الخنزير‪.‬‬

‫]‪[108‬‬

‫حلل لكم انتهى )‪ .(1‬وقيل‪ :‬الستثناء راجع إلى الخير فقط‪ .‬ثم قال رحمه ال‪:‬‬
‫ومتى قيل ما وجه التكرار في قوله‪ " :‬والمنخنقة والموقوذة " إلى آخر ما‬
‫عدد تحريمه مع أنه افتتح الية بقوله‪ " :‬حرمت عليكم الميتة " وهي تعم‬
‫جميع ذلك‪ ،‬وان اختلفت أسباب الموت من خنق أو ترد أو نطح أو إهلل‬
‫لغير ال به أو أكل سبع‪ .‬فالجواب‪ :‬أن الفائدة في ذلك أنهم كانوا ل يعدون‬
‫الميتة ال ما مات حتف أنفه من دون شئ من هذه السباب‪ ،‬فأعلمهم ال‬
‫سبحانه أن حكم الجميع واحد‪ ،‬وأن وجه الستباحة هو التذكية المشروعة‬
‫فقط‪ .‬قال السدي‪ :‬إن ناسا من العرب كانوا يأكلون جميع ذلك ول يعدونه‬
‫ميتا‪ :‬إنما يعدون الميت الذي يموت من الوجع‪ " .‬وما ذبح على النصب "‬
‫أي الحجارة التي كانوا يعبدونها وهي الوثان يعني حرم عليكم ما ذبح‬
‫على اسم الوثان‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ما ذبح للوثان تقربا إليها واللم وعلى‬
‫يتعاقبان‪ ،‬أل ترى إلى قوله سبحانه‪ " :‬فسلم لك من أصحاب اليمين )‪(2‬‬
‫" بمعنى عليك‪ ،‬وكانوا يقربون ويلطخون الوثان بدمائها‪ ،‬قال ابن جريح )‬
‫‪ :(3‬ليست النصب أصناما إنما الصنام ما يصور وينقش‪ ،‬بل كانت حجارة‬
‫منصوبة حول الكعبة )‪ (4‬وكانت ثلثمائة وستين حجرا‪ ،‬وقيل‪ :‬كانت‬
‫ثلثمائة منها لخزاعة‪ ،‬وكانوا إذا ما ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من‬
‫البيت وشرحوا الدم )‪ (5‬وجعلوه على الحجارة‪ ،‬فقال المسلمون‪ :‬يا رسول‬
‫ال كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم فنحن أحق بتعظيمه فأنزل ال‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .158 - 156 :3‬الواقعة‪ (3) .91 :‬الصحيح‪ :‬ابن جريج‬
‫بالجيم في أوله وآخره‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ما تصور وتنقش بل كانت‬
‫احجارا منصوبة حول الكعبة‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬وشرحوا اللحم‪.‬‬

‫]‪[109‬‬

‫سبحانه‪ " :‬لن ينال ال لحومها ول دماؤها ولكن يناله التقوى منكم )‪ " ." (1‬وأن‬
‫تستقسموا بالزلم " موضعه رفع‪ ،‬أي وحرم عليكم الستقسام بالزلم‬
‫ومعناه طلب قسم الرزاق بالقداح التي كانوا يتفألون بها في أسفارهم‬
‫وابتداء امورهم وهي سهام كانت للجاهلية مكتوب على بعضها‪ :‬أمرني‬
‫ربي‪ ،‬وعلى بعضها‪ :‬نهاني ربي وبعضها غفل )‪ (2‬لم يكتب عليها شئ فإذا‬
‫أرادوا سفرا أو أمرا يهتمون به ضربوا تلك القداح فان خرج السهم الذي‬
‫عليه‪ " :‬أمرني ربي " مضى الرجل لحاجته‪ ،‬وإن خرج الذي عليه "‬
‫نهانى ربي " لم يمض‪ ،‬وإن خرج ما ليس عليه شئ أعادوها‪ ،‬فبين ال‬
‫تعالى أن العمل بذلك حرام عن الحسن وجماعة من المفسرين‪ ،‬ثم ذكر ما‬
‫سيأتي عن علي بن إبراهيم‪ ،‬ثم قال‪ :‬وقيل‪ :‬هي كعاب فارس والروم التي‬
‫كانوا يتقامرون بها عن مجاهد‪ ،‬وقيل‪ :‬الشطرنج عن سفيان بن وكيع "‬
‫ذلكم فسق " معناه أن جميع ما سبق ذكره فسق‪ ،‬أي ذنب عظيم وخروج‬
‫عن طاعة ال إلى معصيته عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪ :‬إن " ذلكم " إشارة إلى‬
‫الستقسام بالزلم‪ ،‬أي أن ذلك الستقسام فسق وهو الظهر انتهى )‪.(3‬‬
‫وقيل على الول‪ :‬وسبب التحريم أنه دخول في علم الغيب وضلل باعتقاد‬
‫أن ذلك طريق إليه‪ ،‬وافتراء على ال إن اريد بربي ال‪ ،‬وجهالة وشرك إن‬
‫اريد به الصنم‪ ،‬وعلى هذا يفهم منه تحريم الستخارة المشهورة التي قال‬
‫الكثر بجوازها بل باستحبابها وتدل عليه الروايات‪ :‬فل يكون سبب‬
‫التحريم ما ذكر بل مجرد النص المخصوص و تكون الستخارة خارجة‬
‫عنه بالنص‪ ،‬فان الظاهر أن خصوص ما كانوا يفعلونه من اقتراح أنفسهم‬
‫ل طريق إليه شرعا‪ ،‬والروايات طرق شرعية وحجة بالغة‪ ،‬وليس هذا مثل‬
‫ذلك كذا ذكره بعض المحققين‪.‬‬
‫)‪ (1‬الحج‪ (2) .37 :‬الغفل‪ :‬مال علمة فيه من القداح والدواب وغيرهما‪(3) .‬‬
‫مجمع البيان ‪ 157 :3‬و ‪.158‬‬

‫]‪[110‬‬

‫وأقول‪ :‬يظهر من بعض الخبار أيضا أنهم كانوا يضربون بالقداح عند آلهتهم‬
‫ويتوسلون في ذلك إليهم فيمكن أن يكون كونه فسقا من هذه الجهة أيضا‪.‬‬
‫ثم إن اليات المعترضة بين تلك اليات وبين قوله‪ " :‬فمن اضطر "‬
‫اعتراض بما يوجب التجنب عنها وهو أن تناولها فسوق وحرمتها من‬
‫جملة الدين الكامل والنعمة التامة والسلم المرضي‪ .‬وأقول‪ :‬ل يبعد تغيير‬
‫نظم اليات عن الترتيب المنزل لدللة الروايات المتواترة من طرق الخاصة‬
‫والعامة أنها نزلت في ولية أمير المؤمنين عليه السلم التى نزلت يوم‬
‫الغدير‪ ،‬فلعلهم تعمدوا ذلك تبعيدا للذهان عن فهم المراد‪ " .‬فمن اضطر‬
‫في مخمصة " في المجمع معناه فمن دعته الضرورة في مجاعة حتى ل‬
‫يمكنه المتناع من أكله عن ابن عباس وغيره " غير متجانف لثم " أي‬
‫غير مائل إلى إثم‪ ،‬وهو نصب على الحال‪ ،‬يعني فمن اضطر إلى أكل الميتة‬
‫وما عدد ال تحريمه عند المجاعة الشديدة غير متعمد لذلك ول مختار له‬
‫ول مستحل )‪ (1‬فان ال سبحانه أباح تناول ذلك له قدر ما يمسك به رمقه‬
‫بل زيادة عليه عن ابن عباس وغيره‪ ،‬وبه قال أهل العراق‪ ،‬وقال أهل‬
‫المدينة‪ :‬يجوز أن يشبع منه عند الضرورة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن معنى قوله‪ " :‬غير‬
‫متجانف لثم " غير عاص بأن يكون باغيا أو عاديا أو خارجا في معصية‬
‫عن قتادة‪ " .‬فان ال غفور رحيم " في الكلم محذوف دل ما ذكر عليه‪،‬‬
‫والمعنى فمن اضطر إلى ما حرمت عليه غير متجانف لثم فأكله فان ال‬
‫غفور لذنوبه ساتر عليه أكله ل يؤاخذه به‪ ،‬وليس يريد أن يغفر له عقاب‬
‫ذلك الكل ول يستحق )‪ (2‬العقاب على فعل المباح‪ ،‬وهو رحيم أي رفيق‬
‫بعباده‪ ،‬ومن رحمته أباح لهم ما حرم عليهم في حال الخوف على النفس‪.‬‬
‫" يسألونك " يا محمد " ماذا احل لهم " معناه أي‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ول مستحل له‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لنه اباحه له ول يستحق‪.‬‬

‫]‪[111‬‬

‫شئ احل لهم ؟ أي يستخبرك المؤمنون ماذا احل لهم من المطاعم والمآكل ؟ وقيل‪:‬‬
‫من الصيد والذبائح " قل احل لكم الطيبات " منها وهي الحلل الذي أذن‬
‫لكم ربكم في أكله من المأكولت والذبائح والصيد عن الجبائي وأبي مسلم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬مما لم يرد بتحريمه كتاب ول سنة‪ ،‬وهذا أولى لما ورد أن الشياء‬
‫كلها على الطلق والباحة حتى يرد الشرع بالتحريم‪ ،‬وقال البلخي‪:‬‬
‫الطيبات ما يستلذ )‪ " .(1‬اليوم احل لكم الطيبات " قال رحمه ال‪ :‬هذا‬
‫يقتضي تحليل كل مستطاب من الطعمة إل ما قام الدليل على تحريمه )‪.(2‬‬
‫أقول‪ :‬سيأتي تفسير الية في باب ذبائح الكفار إن شاء ال‪ " .‬ل تحرموا "‬
‫قال في المجمع‪ :‬هو يحتمل وجوها‪ :‬منها‪ :‬أن يريد ل تعتقدوا تحريمها‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يريد ل تظهروا تحريمها‪ .‬ومنها‪ :‬أن يريد ل تحرموها على‬
‫غيركم بالفتوى والحكم‪ .‬ومنها‪ :‬أن ل تجروها مجرى المحرمات في شدة‬
‫الجتناب‪ .‬ومنها‪ :‬أن يريد ل تلتزموا تحريمها بنذر أو يمين‪ ،‬فوجب حمل‬
‫الية على جميع هذه الوجوه‪ ،‬والطيبات‪ :‬اللذيذات التي تشتهيها النفوس‬
‫وتميل إليها القلوب وقد يقال‪ :‬الطيب بمعنى الحلل كما يقال‪ :‬يطيب له كذا‬
‫أي يحل له‪ ،‬ول يليق ذلك بهذا الموضع )‪ .(3‬أقول‪ :‬فيه نظر وقد مضى‬
‫الكلم منا فيه‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد بالطيب ما لم يكن فيه جهة قبح‬
‫وخبث معنوي‪ ،‬وكل ما أحله ال فهو كذلك فذكره لتعليل الحكم‪ ،‬فكأنه قال‪:‬‬
‫ل تحرموا ما أحل ال لكم فان كل ما أحله لكم ليس فيه قبح وخباثة‪ ،‬فلم‬
‫تحرمونها على أنفسكم ؟‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان‪ (2) .161 - 159 :3 :‬مجمع البيان ‪ (3) .162 :3‬مجمع البيان‬
‫‪.236 :3‬‬

‫]‪[112‬‬

‫" وكلوا مما رزقكم ال " قال المحقق الردبيلي رحمه ال‪ :‬أي ل تحرموا على‬
‫أنفسكم ما أحل ال لكم ورزقكم ول تجتنبوا منه تنزها بل كلوا فان جميع ما‬
‫رزقكم ال حلل طيب‪ ،‬فحلل حال مبينة ل مقيدة وكذلك طيبا‪ ،‬ويحتمل‬
‫التقييد ويكون سبب التقييد ما تقدم فيما قبل من قوله‪ " :‬ل تحرموا طيبات‬
‫ما أحل ال لكم " حيث نهى هناك عن تحريم طيبات ما أحل ال‪ ،‬أي ما‬
‫طاب ولذ منه‪ ،‬فانه قيل‪ :‬الظاهر أن قيد طيبات ما أحل ال للوقوع وأنه‬
‫محل للتحريم وإل جعل جميع ما أحل ال حراما منهيا‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫الضافة بيانية أيضا‪ ،‬وروي عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه وصف‬
‫القيامة لصحابه يوما وبالغ في إنذارهم فرقوا فاجتمعت جماعة من‬
‫الصحابة في بيت عثمان بن مظعون واتفقوا على أن ل يزالوا صائمين‬
‫قائمين وأن ل يأكلوا اللحم ول يناموا على الفراش ول يقربوا النساء‬
‫والطيب ويرفضوا لذات الدنيا ويلبسوا المسوح‪ ،‬أي الصوف‪ ،‬ويسيحوا في‬
‫الرض أي يسيروا‪ ،‬فبلغ رسول ال صلى ال عليه وآله ذلك فقال‪ :‬إني لم‬
‫اؤمر بذلك‪ ،‬إن لنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فاني‬
‫أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم‪ ،‬فمن رغب عن سنتي فليس‬
‫مني والرواية مشهورة‪ .‬أو لن النفس إليه أميل فهو مظنة التحريم فل‬
‫دللة في الية على أن الرزق قد يكون حلل وقد يكون حراما‪ ،‬فالحرام‬
‫أيضا يكون رزقا كما هو معتقد الجهال والعوام الذين يأكلون أموال الناس‬
‫ويقولون‪ :‬هذا رزقنا ال إياه‪ ،‬وهو مقتضى مذهب الشاعرة وأشار إليه‬
‫البيضاوي بأنه لو لم يقع الرزق على الحرام لم يكن لذكر الحلل فائدة‬
‫زائدة‪ ،‬وهو خيال باطل إذ ما يحتاج ذكر كل شئ إلى فائدة زائدة مع‬
‫وجودها‪ ،‬وهي هنا الشارة إلى عدم معقولية المنع بأن ذلك حلل رزقكم‬
‫ال فل معنى للتحريم والمنع‪ .‬وبالجملة القيد قد يكون للكشف والبيان‪ ،‬وقد‬
‫يكون للشارة إلى عدم معقولية الجتناب‪ ،‬وأن ذلك الوصف هو الباعث‬
‫لمذمة التارك‪ ،‬وقد يكون لغير ذلك‪ ،‬وهنا يكفي الولن فالية دلت على عدم‬
‫جواز التجاوز عن حدود ال والتشريع‬

‫]‪[113‬‬

‫وعدم حسن الجتناب عما أحل ال‪ ،‬ويحتمل أن يكون باعتقاد التحريم أو‬
‫المرجوحية فل ينافي الترك للتزهد ولئل يصير سببا للنوم والكسل وقساوة‬
‫القلب‪ ،‬ولهذا نقل أن رسول ال صلى ال عليه وآله ما أكل خبز الحنطة ول‬
‫شبع من خبز الشعير‪ ،‬وزهد أمير المؤمنين عليه السلم مشهور‪ ،‬ولكن‬
‫ينبغي أن يكون ذلك باعتقاد التأسي إل أنه إذا اجتنب لبعض الفوائد مثل‬
‫كونه سببا لقلة النوم وإصلح النفس وتذليلها فالظاهر أنه ل بأس به مع‬
‫اعتقاد الحلية انتهى‪ (1) .‬وقال في المجمع‪ :‬روي أن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬نزلت في على عليه السلم و بلل وعثمان بن مظعون‪،‬‬
‫فاما علي فانه حلف أن لينام الليل أبدا إل ما شاء ال‪ ،‬وأما بلل فانه حلف‬
‫أن ل يفطر بالنهار أبدا‪ ،‬وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن ل ينكح أبدا‪.‬‬
‫وقال ابن عباس‪ :‬يريد من طيبات الرزق اللحم وغيره‪ " .‬واتقوا ال الذي‬
‫أنتم به مؤمنون " هذا استدعاء إلى التقوى بألطف الوجوه‪ ،‬وتقديره‪ :‬أيها‬
‫المؤمنون بال ل تضيعوا ايمانكم بالتقصير في التقوى فتكون عليكم‬
‫الحسرة العظمى واتقوا في تحريم ما أحل ال لكم وفي جميع معاصيه من‬
‫به تؤمنون وهو ال سبحانه‪ ،‬وفي هاتين اليتين دللة على كراهة التخلي‬
‫والتفرد والتوحش والخروج عما عليه الجمهور في التأهل وطلب الولد‬
‫وعمارة الرض‪ ،‬وقد روي أن النبي صلى ال عليه وآله كان يأكل الدجاج‬
‫والفالوذج وكان يعجبه الحلواء والعسل وقال‪ :‬إن المؤمن حلو يحب‬
‫الحلوة‪ ،‬وقال‪ :‬إن في بطن المؤمن زاوية ل يملها إل الحلواء‪" (2) .‬‬
‫ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح " في المجمع أي إثم‬
‫وحرج " فيما طعموا " من الخمر والميسر قبل نزول التحريم‪ .‬وفي تفسير‬
‫أهل البيت عليهم السلم‪ " :‬فيما طعموا من الحلل " وهذه اللفظة صالحة‬
‫للكل والشرب جميعا‪ ،‬روي عن ابن‬
‫)‪ (1‬زبدة البيان ‪ 622 - 621‬ط المكتبة المرتضوية‪ (2) .‬مجمع البيان‪.3 236 :‬‬

‫]‪[114‬‬

‫وأنس وابن عازب ومجاهد وقتادة والضحاك أنه لما نزل تحريم الخمر والميسر‬
‫قالت الصحابة‪ :‬يا رسول ال ما تقول في إخواننا الذين مضوا وهم‬
‫يشربون الخمر ويأكلون الميسر ؟ فانزلت هذه الية‪ ،‬وقيل‪ :‬إنها نزلت في‬
‫القوم الذين حرموا على أنفسهم اللحوم وسلكوا طريق الترهب كعثمان بن‬
‫مظعون وغيره فبين ال لهم أنه ل جناح في تناول المباح مع اجتناب‬
‫المحرمات " إذا ما اتقوا " شربها بعد التحريم " وآمنوا " بال " وعملوا‬
‫الصالحات " أي الطاعات " ثم اتقوا " أي داموا على التقاء " وآمنوا "‬
‫أي داموا على اليمان " ثم أتقوا " بفعل الفرائض " وأحسنوا " بفعل‬
‫النوافل‪ ،‬وعلى هذا يكون التقاء الول اتقاء الشرب بعد التحريم والتقآء‬
‫الثاني هو الدوام على ذلك‪ ،‬والتقاء الثالث اتقاء جميع المعاصي وضم‬
‫الحسان إليه‪ ،‬وقيل‪ :‬إن التقاء الول هو اتقاء المعاصي العقلية التي‬
‫يختص المكلف ول يتعداه‪ ،‬واليمان الول اليمان بال تعالى‪ ،‬وبما أوجب‬
‫ال اليمان به واليمان بقبح هذه المعاصي ووجوب تجنبها‪ ،‬والتقاء‬
‫الثاني هو التقاء عن المعاصي السمعية واليمان بقبحها ووجوب‬
‫اجتنابها‪ ،‬والتقاء الثالث يختص بمظالم العباد‪ ،‬وربما يتعدى إلى الغير من‬
‫الظلم والفساد‪ .‬وقال أبو علي الجبائي‪ :‬إن الشرط الول يتعلق بالزمان‬
‫الماضي والشرط الثاني يتعلق بالدوام على ذلك والستمرار على فعله‪،‬‬
‫والشرط الثالث يختص بمظالم العباد‪ ،‬ثم استدل على أن هذه التقاء يختص‬
‫بالمظالم )‪ (1‬بقوله‪ " :‬وأحسنوا " فان الحسان إذا كان متعديا وجب أن‬
‫يكون المعاصي التي امروا باتقائها قبله أيضا متعدية وهذا ضعيف لنه ل‬
‫تصريح في الية بأن المراد به الحسان المتعدي ول يمتنع أن يريد‬
‫بالحسان فعل الحسن والمبالغة فيه وإن اختص الفاعل ول يتعداه‪ ،‬كما‬
‫يقولون لمن بالغ في فعل الحسن‪ :‬أحسنت وأجملت‪ ،‬ثم لو سلم أن المراد‬
‫به الحسان المتعدي فلم ل يجوز أن يعطف فعل متعد على فعل ل يتعدى ؟‬
‫ولو صرح سبحانه وقال‪ :‬واتقوا القبائح كلها وأحسنوا إلى غيرهم لم‬
‫يمتنع‪ ،‬ولعل أبا علي إنما عدل في الشرط‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬بمظالم العباد‪.‬‬

‫]‪[115‬‬
‫الثالث عن ذكر الحوال لما ظن أنه ل يمكن فيه ما أمكن في الول والثاني‪ ،‬و هذا‬
‫ممكن غير ممتنع بأن يحمل الشرط الول على الماضي‪ ،‬والثاني على الحال‬
‫والثالث على المنتظر المستقبل‪ ،‬ومتى قيل‪ :‬إن المتكلمين عندهم ل واسطة‬
‫بين الماضي والمستقبل‪ ،‬فان الفعل إما أن يكون موجودا فيكون ماضيا‪،‬‬
‫وإما أن يكون معدوما فيكون مستقبل‪ ،‬وإنما ذكر الحوال الثلث‬
‫النحويون‪ ،‬فجوابه أن الصحيح أنه ل واسطة في الوجود )‪ (1‬كما ذكرت‬
‫غير أن الموجود في أقرب الزمان ل يمتنع أن نسميه حال‪ ،‬ونفرق بينه‬
‫وبين الغابر السالف والغابر المنتظر انتهى‪ (2) .‬وقال بعض المحققين‪:‬‬
‫لليمان درجات ومنازل كما دلت عليه الخبار الكثيرة وأوائل درجات‬
‫اليمان تصديقات مشوبة بالشكوك والشبه على اختلف مراتبها ويمكن‬
‫معها الشرك " وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون " )‪ (3‬وعنها يعبر‬
‫بالسلم في الكثر " قالت العراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا‬
‫ولما يدخل اليمان في قلوبكم " )‪ (4‬وأواسطها تصديقات ل يشوبها شك‬
‫ول شبهة " الذين آمنوا بال ورسوله ثم لم يرتابوا " )‪ (5‬وأكثر إطلق‬
‫اليمان عليها خاصة " انما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم وإذا‬
‫تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " )‪ .(6‬وأواخرها‬
‫تصديقات كذلك مع كشف وشهود وذوق وعيان ومحبة كاملة ل سبحانه‬
‫وشوق تام إلى حضرته المقدسة " يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين‬
‫أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل ال ول يخافون لومة لئم ذلك فضل‬
‫ال يؤتيه من‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ل واسطة في الموجود بين المعدوم والموجود‪ (2) .‬مجمع البيان‪:‬‬
‫‪ 240 :3‬و ‪ (3) .241‬يوسف‪ (4) .106 :‬الحجرات‪ (5) .14 :‬الحجرات‪:‬‬
‫‪ (6) .15‬النفال‪.2 :‬‬

‫]‪[116‬‬

‫يشاء " )‪ (1‬وعنها العبارة تارة بالحسان " الحسان أن تعبد ال كأنك تراه فان لم‬
‫تكن تراه فانه يراك " واخرى باليقان " وبالخرة هم يوقنون " )‪ (2‬وإلى‬
‫المراتب الثلثة الشارة بقوله عزوجل‪ " :‬ليس على الذين آمنوا وعملوا‬
‫الصالحات جناح فيما طعموا إذ ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا‬
‫وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا وال يحب المحسنين " )‪ (3‬وإلى مقابلته التي‬
‫هي مراتب الكفر الشاره بقوله جل وعز‪ " :‬إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم‬
‫آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن ال ليغفر لهم ول ليهديهم سبيل "‪.‬‬
‫)‪ (4‬أقول‪ :‬وسيأتي تحقيق ذلك في كتاب اليمان والكفر‪ .‬وقال الرازي‪ :‬فان‬
‫قيل‪ :‬لم شرط رفع الجناح على تناول المطعومات بشرط اليمان والتقوى‬
‫مع أن من المعلوم أن من لم يؤمن ومن لم يتق ثم تناول شيئا من المباحات‬
‫فانه ل جناح عليه في ذلك التناول‪ ،‬بلى عليه جناح في ترك اليمان و في‬
‫ترك التقوى ؟ قلنا‪ :‬ليس هذا للشتراط بل لبيان أن أولئك القوام الذين‬
‫نزلت فيهم هذه الية كانوا على هذه الصفة ثناء عليهم‪ (5) .‬وقال‬
‫الطبرسي‪ :‬والجل المرتضى علي بن الحسين الموسوي قدس ال روحه‬
‫ذكر في بعض مسائله أن المفسرين تشاغلوا بايضاح الوجه في التكرار‬
‫الذي تضمنه هذه الية وظنوا أنه المشكل فيها وتركوا ما هو أشد إشكال‬
‫من التكرار وهو أنه تعالى نفى الجناح عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات‬
‫فيما يطعمونه بشرط التقاء واليمان وعمل الصالحات واليمان وعمل‬
‫الصالحات ليس بشرط في نفي الجناح‪ ،‬فان المباح إذا وقع من الكافر فل‬
‫إثم عليه ول وزر‪.‬‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .54 :‬البقرة‪ (3) .4 :‬المائدة‪ (4) .93 :‬النساء‪ (5) .137 :‬تفسير‬
‫الرازي‪.‬‬

‫]‪[117‬‬

‫وقال‪ :‬ولنا في حل هذه الشبهة طريقان‪ :‬أحدهما أن يضم إلى المشروط المصرح‬
‫بذكره غيره حتى يظهر تأثير ما شرط فيكون تقدير الية‪ :‬ليس على الذين‬
‫آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا وغيره إذا ما اتقوا وآمنوا‬
‫وعملوا الصالحات لن الشرط في نفي الجناح لبد من أن يكون له تأثير‬
‫حتى يكون متى انتفى ثبت الجناح‪ ،‬وقد علمنا أن باتقاء المحارم ينتفي‬
‫الجناح فيما يطعم فهو الشرط الذى ل زيادة عليه‪ ،‬ولما ولي ذكر التقاء‬
‫اليمان وعمل الصالحات ول تأثير لهما في نفي الجناح علمنا انه أضمر ما‬
‫تقدم ذكره ليصح الشرط ويطابق المشروط‪ ،‬لن من اتقى الحرام فيما ل‬
‫يطعم ل جناح عليه فيما يطعمه‪ ،‬ولكنه قد يصح أن يثبت عليه الجناح فيما‬
‫أخل به من واجب أو ضيعه من فرض‪ ،‬فإذا شرطنا أنه وقع اتقاء القبيح‬
‫ممن آمن بال وعمل الصالحات ارتفع الجناح عنه من كل وجه‪ ،‬وليس‬
‫بمنكر حذف ما ذكرناه لدللة الكلم عليه فمن عادة العرب أن يحذفوا ما‬
‫يجري هذا المجرى ويكون قوة الدللة عليه مغنية عن النطق به‪ ،‬ومثله‬
‫قول الشاعر‪ :‬تراه كأن ال يجدع أنفه * وعينيه ان موله بات )‪ (1‬له وفر‬
‫لما كان الجدع ل يليق بالعين وكانت معطوفة على النف الذي يليق الجدع‬
‫به أضمر ما يليق بالعين من الفقوء وما جرى مجراه )‪ .(2‬والطريق‬
‫الثاني‪ :‬هو أن يجعل اليمان وعمل الصالحات هنا ليس بشرط حقيقي وإن‬
‫كان معطوفا على الشرط‪ ،‬فكأنه تعالى لما أراد أن يبين وجوب اليمان‬
‫وعمل الصالحات عطفه على ما هو واجب من اتقاء المحارم لشتراكهما‬
‫في الوجوب‪ ،‬وإن لم يشتركا في كونهما شرطا في نفي الجناح فيما يطعم‪،‬‬
‫وهذا توسع في البلغة يحار فيه العقل استحسانا واستغرابا انتهى كلمه‬
‫رحمه ال‪ .‬وقد قيل أيضا في الجواب في ذلك‪ :‬إن المؤمن يصح أن يطلق‬
‫عليه أنه ل جناح عليه والكافر مستحق للعقاب مغمور فل يطلق عليه هذا‬
‫اللفظ‪ ،‬وأيضا فان الكافر قد سد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ثاب له وفر‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬من البخص وما يجرى مجراه‪.‬‬

‫]‪[118‬‬

‫على نفسه طريق معرفة التحليل والتحريم فلذلك خص المؤمن بالذكر‪ ،‬وقوله "‬
‫وال يحب المحسنين " أي يريد ثوابهم وإجللهم واكرامهم وتجليلهم‪،‬‬
‫ويروى أن قدامة بن مظعون شرب الخمر في أيام عمر بن الخطاب فأراد‬
‫أن يقيم عليه الحد فقال‪ " :‬ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح‬
‫" الية‪ ،‬فأراد عمر أن يدرأ عنه الحد فقال علي عليه السلم أديروه على‬
‫الصحابة فان لم يسمع أحدا منهم قرأ عليه آية التحريم فادرأوا عنه الحد‪،‬‬
‫وإن كان قد سمع فاستتيبوه وأقيموا عليه الحد فان لم يتب وجب عليه‬
‫القتل )‪ .(1‬وأقول‪ :‬يمكن أن يقال في جواب الشبهة التي أوردها السيد‬
‫رضي ال عنه‪ :‬ل نسلم أن المباح على الكافر مباح‪ ،‬ويمكن أن تكون‬
‫الباحة مشروطة باليمان كما أن صحة العبادات مشروطة به كما يظهر‬
‫من كتاب أمير المؤمنين عليه السلم إلى أهل مصر مع محمد بن أبي بكر‬
‫وغيره من الخبار أن ال ل يحاسب المؤمن على لذات الدنيا و يحاسب‬
‫غيره عليها‪ ،‬وإنما أباحها للمؤمنين‪ ،‬فالمراد بعمل الصالحات ولية الئمة‬
‫عليهم والسلم وبالتقوى ترك الطعمة المحرمة فيستفاد من الية عدم‬
‫الجناح على المؤمنين في أي شئ أكلوا وشربوا إذا اجتنبوا المأكولت‬
‫والمشروبات المحرمة‪ ،‬وثبوت الجناح على المؤمنين إذا أكلوا وشربوا‬
‫الحرام‪ ،‬وعلى غيرهم مطلقا لعدم حصول شرط الباحة فيهم ويحتمل على‬
‫وجه بعيد أن يكون المراد أن صرف المستلذات ل يضر لمن كمل إيمانه‬
‫وإنما يضر الناقصين الذين يصير ذلك سببا لطغيان نفوسهم وغلبة‬
‫الشهوات المحرمة عليهم‪ ،‬فالرياضات البدنية مستحبة مطلوبة لمثال‬
‫هؤلء لتكميل نفوسهم وإخراج الشهوات وحب اللذات عن قلوبهم‪ " .‬قل ل‬
‫يستوي الخبيث والطيب " قال في المجمع )‪ :(2‬لما بين سبحانه الحلل و‬
‫الحرام بين أنهما ل يستويان‪ ،‬فقال سبحانه‪ " :‬قل " يا محمد‪ " :‬ل‬
‫يستوى " أي ل يتساوى " الخبيث والطيب " أي الحرام والحلل عن‬
‫الحسن والجبائي‪ ،‬وقيل‪ :‬الكافر والمؤمن‬
‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .242 - 240 :3‬مجمع البيان ‪.249 :3‬‬

‫]‪[119‬‬

‫عن السدي " ولو أعجبك " أيها السامع أو أيها النسان " كثرة الخبيث " أي‬
‫كثرة ما تراه من الحرام لنه ل يكون في الكثير من الحرام بركة‪ ،‬ويكون‬
‫في القليل من الحلل بركة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الخطاب للنبي صلى ال عليه وآله‬
‫والمراد امته " فاتقوا ال " أي فاجتنبوا ما حرم ال عليكم " يا اولي‬
‫اللباب " يا ذوي العقول " لعلكم تفلحون " أي لتفلحوا و تفوزوا بالثواب‬
‫العظيم والنعيم المقيم انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يمكن تعميم الطيب والخبيث بحيث‬
‫يشمل كل ما فيه جهة خبث ورداءة واقعية سواء كان إنسانا أو مال أو‬
‫مأكول أو مشروبا‪ ،‬فانه ل يستوي مع الطيب الطاهر من ذلك الجنس وإن‬
‫كان الخبيث أكثر‪ ،‬أي ليس مدار القبول والكمال على الكثرة بل على الحسن‬
‫والطيب الواقعيين‪ ،‬ول يخفى أنه ل يدخل فيهما الخبيث والطيب اللذين‬
‫اصطلح عليها الصحاب من كون الشئ مرغوبا للناس أو عدمه " ما حرم‬
‫عليكم أي بقوله‪ " :‬حرمت عليكم الميتة "‪ " .‬إل ما اضطررتم إليه " مما‬
‫حرم عليكم فانه أيضا حلل حال الضرورة " وإن كثيرا ليضلون " بتحليل‬
‫الحرام وتحريم الحلل " بأهوائهم بغير علم " أي بتشهيهم بغير تعلق‬
‫بدليل يفيد العلم " إن ربك هو أعلم بالمعتدين " أي المتجاوزين الحق إلى‬
‫الباطل والحلل إلى الحرام‪ .‬أقول‪ :‬ويدل على أن الصل في المأكولت ل‬
‫سيما في الذبايح الحل ول يجوز الحكم بالتحريم إل بدليل‪ ،‬وأنه تحل‬
‫المحرمات عند الضرورة أي ضرورة كانت‪ " .‬هو الذي أنشأ " في‬
‫المجمع‪ :‬أي خلق وابتدأ على مثال‪ " (1) :‬جنات " أي بساتين فيها‬
‫الشجار المختلفة " معروشات " مرفوعات بالدعائم‪ ،‬قيل‪ :‬هو ما عرشه‬
‫من الكروم ونحوها عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪ :‬عرشها أن يجعل لها حظائر‬
‫كالحيطان " وغير معروشات " يعني ما خرج من قبل نفسه في البراري‬
‫والجبال من أنواع الشجار عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪ :‬غير مرفوعات بل قائمة‬
‫على اصولها مستغنية عن التعريش " والنخل‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬خلق وابتدع لعلى مثال‪.‬‬

‫]‪[120‬‬

‫والزرع " أي أنشأ النخل والزرع " مختلفا اكله " أي طعمه‪ ،‬وقيل‪ :‬ثمره‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫هذا وصف للنخل والزرع جميعا فخلق سبحانه بعضها مختلف اللون‬
‫والطعم والرائحة والصورة‪ ،‬وبعضها مختلفا في الصورة متفقا في الطعم‪،‬‬
‫وبعضها مختلفا في الطعم متفقا في الصورة‪ ،‬وكل ذلك يدل على توحيده‬
‫وعلى أنه قادر على ما يشاء عالم بكل شئ " والزيتون والرمان متشابها‬
‫" )‪ (1‬في الطعم واللون والصورة " وغير متشابه " إذا أثمر فيها‪ ،‬وإنما‬
‫قرن الزيتون إلى الرمان لنهما متشابهان باكتنان )‪ (2‬الوراق في‬
‫أغصانها " كلوا من ثمره إذا أثمر " المراد به الباحة وإن كان بلفظ‬
‫المر‪ ،‬قال الجبائي وجماعة‪ :‬هذا يدل على جواز الكل من الثمر وإن كان‬
‫فيه حق الفقراء انتهى )‪ .(3‬وأقول‪ :‬الضمير في " ثمره " راجع إلى كل‬
‫من المذكورات فيدل على إباحة الجميع مع أن ذكرها في مقام المتنان‬
‫أيضا يدل على ذلك‪ " :‬وآتوا حقه يوم حصاده " قيل‪ :‬هي الزكاة‪ ،‬وفي‬
‫أخبارنا أنه غير الزكاة‪ ،‬وسيأتي إنشاء ال في محله " ول تسرفوا " أي‬
‫في التيان والصدقة أو في الكل قبل الحصاد أو مطلقا‪ ،‬وقيل‪ :‬أي ل تنفقوا‬
‫في المعصية وقد مر تفسير سائر اليات في باب النعام إلى قوله تعالى‪" :‬‬
‫قل ل أجد فيما اوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " أي طعاما محرما‬
‫على آكل يأكله‪ ،‬والمراد بالوحي ما في القرآن أو العم‪ ،‬وفيه تنبيه على أن‬
‫ل تحريم إل بوحي ل بغيره فانه ل ينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى‬
‫" إل " أن يكون الطعام " ميتة أو دما مسفوحا "‪ .‬قال الطبرسي ‪ -‬رحمه‬
‫ال ‪ -‬أي مصبوبا وإنما خص المصبوت بالذكر لن ما يختلط باللحم منه‬
‫مما ل يمكن تخليصه منه معفو مباح )‪ " (4‬أو لحم خنزير " إنما خص‬
‫الشياء الثلثة هنا بذكر التحريم مع أن غيرها محرم فانه سبحانه ذكر في‬
‫المائدة تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وغيرها‪ ،‬لن جميع‬
‫ذلك‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ " :‬والزيتون والرمان " أي وأنشأ الزيتون والرمان " متشابها‬
‫"‪ (2) .‬في النسخة المخطوطة‪ " :‬باكثار " وفى المصدر‪ :‬باكتناز‪(3) .‬‬
‫مجمع البيان ‪ 374 :4‬و ‪ (4) .375‬في المصدر‪ :‬معفو عنه مباح‪.‬‬

‫]‪[121‬‬

‫يقع عليه اسم الميتة فيكون في حكمها فأجمل ههنا وفصل هناك وأجود من هذا أن‬
‫يقال‪ :‬خص هذه الشياء بالتحريم تعظيما لحرمتها‪ ،‬وبين تحريم ما عداها‬
‫في مواضع اخر‪ :‬إما بنص القرآن أو بوحي غير القرآن وأيضا فان هذه‬
‫السورة مكية والمائدة مدنية فيجوز أن يكون غير ما في الية من‬
‫المحرمات إنما حرم فيما بعد‪ .‬والميتة عبارة عما كان فيه حياة ففقدت من‬
‫غير تذكية شرعية " فانه رجس " أي نجس‪ ،‬والرجس‪ :‬اسم لكل شئ‬
‫مستقذر منفور عنه‪ ،‬والرجس أيضا‪ :‬العذاب‪ ،‬والهاء في قوله‪ " :‬فانه "‬
‫عائد إلى ما تقدم ذكره انتهى )‪ .(1‬وقيل‪ :‬الضمير راجع إلى الخنزير أو‬
‫لحمه وقذارته لتعوده أكل النجاسة‪ " .‬أو فسقا " قال البيضاوي‪ :‬عطف‬
‫على لحم خنزير‪ ،‬وما بينهما اعتراض للتعليل " اهل لغير ال به " صفة‬
‫له موضحة‪ ،‬وإنما سمي ما ذبح على اسم الصنم فسقا لتوغله في الفسق‬
‫ويجوز أن يكون " فسقا " مفعول له من " اهل " وهو عطف على "‬
‫يكون " والمستكن فيه راجع إلى ما رجع إليه المستكن في " يكون " )‬
‫‪ " .(2‬وعلى الذين هادوا " أي على اليهود في أيام موسى عليه السلم "‬
‫حرمنا كل ذي ظفر " في المجمع‪ :‬اختلف في معناه فقيل هو كل ما ليس‬
‫بمنفرج الصابع كالبل والنعام والوز والبط عن ابن عباس وابن جبير‬
‫وغيرهما‪ ،‬وقيل‪ :‬هو البل فقط وقيل يدخل فيه كل السباع والكلب‬
‫والسنانير وما يصطاد بظفره وقيل‪ :‬كل ذي مخلب من الطير وكل ذي حافر‬
‫من الدواب " ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما " من الثرب )‪(3‬‬
‫وشحم الكلى وغير ذالك " إل ما حملت ظهورهما " من الشحم وهو اللحم‬
‫السمين فانه لم يحرم عليهم " أو الحوايا " أي ما حملته الحوايا من‬
‫الشحم‪ ،‬والحوايا هي المباعر‪ ،‬وقيل‪ :‬هي بنات اللبن وقيل‪ :‬هي المعاء‬
‫التي عليها الشحوم )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .378 :4‬انوار التنزيل‪ (3) :‬الثرب‪ :‬الشحم الرقيق الذى على‬
‫الكرش والمعاء‪ (4) .‬مجمع البيان ‪(*) .379 :4‬‬

‫]‪[122‬‬

‫وقال البيضاوي‪ :‬هي جمع حاوية أو حاوياء كقاصعاء وقواصع أو حوية كسفينة‬
‫وسفائن‪ ،‬وقيل‪ :‬هو عطف على " شحومهما " و " أو " بمعنى الواو‪) .‬‬
‫‪ " (1‬أو ما اختلط بعظم " في الكشاف وغيره‪ :‬هو شحم اللية لتصالها‬
‫بالعصعص )‪ (2‬وقيل‪ :‬المخ‪ ،‬وفي الكنز‪ :‬هو شحم الجنب واللية لنها‬
‫مركبة على العصعص‪ ،‬ودخول شحم الجنب فيما حملت الظهور أظهر‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬وفي الية دللة على حل هذه الشياء في شريعتنا‪ ،‬وإل لما كان‬
‫لتخصيص اليهود بالتحريم معنى‪ ،‬ويدل أيضا على التخصيص قوله‬
‫سبحانه‪ " :‬ذلك جزيناهم ببغيهم " مع معاونة قرائن ل تخفى‪ " (3) .‬وإنا‬
‫لصادقون " في المجمع‪ :‬أي في الخبار عن التحريم وعن بغيهم وفي كل‬
‫شئ وفي أن ذلك التحريم عقوبة لوائلهم ومصلحة لما بعدهم إلى وقت‬
‫النسخ‪ (4) .‬وقال رحمه ال في قوله‪ " :‬ولقد مكناكم في الرض "‪ :‬أي‬
‫مكناكم من التصرف فيهما وملكناكموها وجعلناها لكم قرارا " وجعلنا لكم‬
‫فيها معايش " أي ما تعيشون به من أنواع الرزق ووجوه النعم والمنافع‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يريد المكاسب والقدار عليها بالعلم والقدرة واللت " قليل ما‬
‫تشكرون " أي أنتم مع هذه النعم التي أنعمناها عليكم لتشكروا قد قل‬
‫شكركم )‪ " (5‬وكلوا واشربوا " صورته صورة المر والمراد به الباحة‬
‫وهو عام في جميع المباحات " ول تسرفوا " أي ول تجاوزوا الحلل إلى‬
‫الحرام‪ ،‬قال مجاهد‪ :‬لو أنفقت مثل أحد في طاعة ال لم تكن مسرفا‪ ،‬ولو‬
‫أنفقت درهما أو مدا في معصية ال لكان إسرافا‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ل تخرجوا‬
‫عن حد الستواء في زيادة المقدار‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل‪ (2) .‬العصعص‪ :‬عظم الذنب‪ (3) .‬الكشاف‪ (4) .‬مجمع البيان ‪:4‬‬
‫‪ 379‬فيه‪ :‬لمن بعدهم‪ (5) .‬مجمع البيان ‪.400 :4‬‬

‫]‪[123‬‬

‫وقد حكي أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق فقال ذات يوم لعلي بن الحسين‬
‫بن واقد‪ :‬ليس في كتابكم من علم الطب شئ ؟ والعلم علمان‪ :‬علم الديان‬
‫وعلم البدان فقال له علي‪ :‬قد جمع ال الطب كله في نصف آية من كتابه‬
‫وهو قوله‪ " :‬كلوا و اشربوا ول تسرفوا " وجمع نبينا صلى ال عليه‬
‫وآله الطب في قوله‪ :‬المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وأعط كل‬
‫بدن ما عودته " فقال الطبيب‪ :‬ما ترك كتابكم ول نبيكم لجالينوس طبا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬معناه ل تأكلوا محرما ول باطل على وجه ل يحل‪ ،‬وأكل الحرام وإن‬
‫قل إسراف ومجاوزة الحد وما استقبحه العقلء وعاد بالضرر عليكم فهو‬
‫إسراف أيضا ل يحل كمن يطبخ القدر بماء الورد ويطرح فيها المسك‪،‬‬
‫وكمن ل يملك إل دينارا فاشترى به طيبا وتطيب به وترك عياله محتاجين‬
‫" إنه ل يحب المسرفين " أي يبغضهم‪ .‬ولما حث سبحانه على تناول‬
‫الزينة عند كل مسجد وندب إليه وأباح الكل والشرب ونهى عن السراف‬
‫وكان قوم من العرب يحرمون كثيرا من هذا الجنس‪ ،‬حتى أنهم كانوا‬
‫يحرمون السمون واللبان في الحرام وكانوا يحرمون السوائب والبحائر‬
‫أنكر عز اسمه ذلك عليهم فقال‪ " :‬قل " يا محمد‪ " :‬من حرم زينة ال‬
‫التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " أي من حرم الثياب التي يتزين‬
‫بها الناس مما أخرجها ال من الرض لعباده " والطيبات من الرزق "‬
‫قيل‪ :‬هي المستلذات من الرزق‪ ،‬وقيل‪ :‬هي المحللت والول أظهر‬
‫لخلوصها يوم القيمة للمؤمنين " قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا‬
‫خالصة يوم القيامة " قال ابن عباس‪ :‬يعني أن المؤمنين يشاركون‬
‫المشركين في الطيبات في الدنيا فأكلوا من طيبات طعامهم ولبسوا من جياد‬
‫ثيابهم ونكحوا من صالح نسائهم ثم يخلص ال الطيبات في الخرة للذين‬
‫آمنوا وليس للمشركين فيها شئ‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه قل‪ :‬هي في الحياة الدنيا‬
‫للذين آمنوا غير خالصة من الهموم والحزان والمشقة‬
‫]‪[124‬‬

‫وهي خالصة يوم القيامة عن ذلك " كذلك نفصل اليات " أي كما نميز لكم اليات‬
‫وندلكم بها على منافعكم وصلح دينكم‪ ،‬كذلك نفصل اليات " لقوم يعلمون‬
‫" انتهى )‪ .(1‬وأقول‪ :‬يمكن أن يكون تقدير الية‪ :‬هي للذين آمنوا‬
‫مخصوصة بهم وخلقناها لهم حال كونها خالصة لهم يوم القيامة أي‬
‫يشركهم الكفار والمخالفون في الدنيا غصبا وخالصة لهم في القيامة ل‬
‫يشركونهم فيها‪ ،‬فيؤيد ما ذكرنا في قوله تعالى‪ " :‬ليس على الذين آمنوا‬
‫" الية وكأنه يؤمي إلى هذا ما ذكره أمير المؤمنين في كتابه إلى أهل‬
‫مصر‪ :‬واعلموا عباد ال أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله‪ ،‬شاركوا‬
‫أهل الدنيا على دنياهم ولم يشاركهم أهل الخرة في آخرتهم‪ ،‬أباحهم ال‬
‫في الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم‪ ،‬قال ال عز اسمه‪ " :‬قل من حرم زينة ال‬
‫" الية‪ .‬قال الرازي‪ :‬هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا غير خالصة لهم لن‬
‫المشركين شركاؤهم فيها‪ ،‬خالصة يوم القيامة ل يشركهم فيها أحد‪ ،‬فإن‬
‫قيل‪ :‬هل قيل‪ :‬للذين آمنوا ولغيرهم ؟ قلنا‪ :‬للتنبيه على أنها خلقت للذين‬
‫آمنوا على طريق الصالة وأن الكفرة تبع لهم كقوله " ومن كفر فامتعه‬
‫قليل ثم أضطره إلى عذاب النار " ثم قال‪ :‬قرأ نافع‪ :‬خالصة بالرفع‬
‫والباقون بالنصب‪ ،‬قال الزجاج‪ :‬الرفع على أنه خبر بعد خبر‪ ،‬والمعنى قل‪:‬‬
‫هي ثابتة للذين آمنوا خالصة يوم القيامة‪ .‬قال أبو علي‪ :‬يجوز أن يكون "‬
‫خالصة " خبر المبتدا‪ ،‬وقوله‪ " :‬للذين آمنوا " متعلقا بخالصة‪ ،‬والتقدير‪:‬‬
‫هي خالصة للذين آمنوا في الحياة الدنيا‪ ،‬وأما النصب فعلى الحال‪ ،‬والمعنى‬
‫أنها ثابته للذين آمنوا في حال كونها خالصة لهم يوم القيامة انتهى )‪.(2‬‬
‫روى الكليني باسناده )‪ (3‬عن يونس بن ظبيان أو المعلى بن خنيس قال‪:‬‬
‫قلت‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .413 :4‬تفسير الرازي‪ (3) .‬والسناد هكذا‪ :‬محمد بن يحيى‬
‫عن محمد بن أحمد عن محمد بن عبد ال بن أحمد عن على بن النعمان‬
‫عن صالح بن حمزة عن ابان بن مصعب عن يونس بن ظبيان‪.‬‬

‫]‪[125‬‬

‫لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬مالكم من هذه الرض ؟ فتبسم ثم قال‪ :‬إن ال تعالى بعث‬
‫جبرئيل وأمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الرض‪ ،‬منها سيحان‬
‫وجيحون وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش‪ ،‬ومهران وهو نهر‬
‫الهند‪ ،‬ونيل مصر ودجلة والفرات‪ ،‬فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا‬
‫فهو لشيعتنا‪ ،‬وليس لعدونا منها شئ إل ما غصب عليه‪ ،‬وإن ولينا لفي‬
‫أوسع فيما بين ذه إلى ذه‪ ،‬يعني بين السماء والرض ثم تل هذه الية‪" :‬‬
‫قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا " المغصوبين عليها " خالصة " لهم‬
‫" يوم القيامة " بل غصب )‪ .(1‬ثم قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬في هذه الية‬
‫دللة على جواز لبس الثياب الفاخرة وأكل الطعمة الطيبة من الحلل‪.‬‬
‫وروى العياشي باسناده عن الحسين بن زيد عن عمه عمر بن علي عن‬
‫أبيه زين العابدين علي بن الحسين عليه السلم أنه كان يشتري كساء‬
‫بخمسين دينارا‪ ،‬فإذا أصاف )‪ (2‬تصدق به ل يرى بذلك بأسا‪ ،‬ويقول‪ :‬قل‬
‫من حرم زينة ال الية‪ .‬وباسناده عن يوسف بن إبراهيم قال‪ :‬دخلت على‬
‫أبي عبد ال عليه السلم وعليه جبة خز وطيلسان خز فنظر إلي فقلت‪:‬‬
‫جعلت فداك هذا خز ما تقول فيه ؟ فقال‪ :‬وما بأس بالخز‪ ،‬قلت‪ :‬وسداه‬
‫إبريسم‪ ،‬قال‪ :‬ل بأس به فقد أصيب الحسين عليه السلم وعليه جبة خز‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬إن عبد ال بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين علي عليه السلم إلى‬
‫الخوارج لبس أفضل ثيابه وتطيب بأطيب طيبه وركب أفضل مراكبه فخرج‬
‫إليهم فواقفهم‪ .‬قالوا‪ :‬يابن عباس بينا أنت خير الناس إذا أتيتنا في لباس‬
‫الجبابرة ومراكبهم ؟ فتل هذه الية‪ " :‬قل من حرم زينة ال " إلى آخرها‪:‬‬
‫فالبس وتجمل فان ال جميل ويحب الجمال وليكن من الحلل‪ .‬وفي هذه‬
‫الية أيضا دللة على أن الشياء على الباحة لقوله تعالى‪ " :‬من‬

‫)‪ (1‬اصول الكافي ‪ (2) .409 :1‬أي دخل في الصيف‪.‬‬

‫]‪[126‬‬

‫حرم " فالسمع ورد مؤكدا لما في العقل انتهى )‪ .(1‬ثم حصر سبحانه المحرمات‬
‫بقوله‪ " :‬قل حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والثم والبغي بغير‬
‫الحق وأن تشركوا بال ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على ال ما ل‬
‫تعلمون " وكأنه إشارة إلى أن أكل الطيبات والتمتع بالمستلذات المحللة‬
‫ليس بحرام‪ ،‬بل الحكم بكونه حراما حرام لنه قول على ال بغير علم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬الفواحش جميع القبائح والكبائر ما علن منها وما خفي‪ ،‬وقيل‪ :‬هي‬
‫الزنا‪ ،‬وقيل‪ :‬الطواف عاريا‪ ،‬وقيل‪ :‬الثم الذنوب والمعاصي‪ ،‬وقيل‪ :‬ما دون‬
‫الحد وقيل‪ :‬الخمر والبغي الظلم والفساد‪ ،‬وقوله‪ " :‬بغير الحق " تأكيد‪.‬‬
‫قوله سبحانه‪ " :‬ويحل لهم الطيبات " في مجمع البيان‪ :‬معناه يبيح لهم‬
‫المستلذات الحسنة ويحرم علهيم القبائح وما تعافه النفس‪ ،‬وقيل‪ :‬يحل‬
‫لهم ما اكتسبوه من وجه طيب ويحرم عليهم ما اكتسبوه من وجه خبيث‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يحل لهم ما حرمه عليهم رهابينهم )‪ (2‬وأحبارهم وما كان يحرمه‬
‫أهل الجاهلية من البحائر والسوائب‪ ،‬ويحرم عليهم الميتة والدم ولحم‬
‫الخنزير وما ذكر معها انتهى )‪ .(3‬وأقول‪ :‬استدل أكثر أصحابنا على تحريم‬
‫كثير من الشياء التي تستقذرها طباع أكثر الخلق بهذه الية‪ ،‬وفيه نظر إذ‬
‫الظاهر من سياق الية مدح النبي صلى ال عليه وآله وشريعته بأن ما‬
‫يحل لهم هو طيب واقعا وإن لم نفهم طيبه‪ ،‬وما يحرم عليهم هو الخبيث‬
‫واقعا وإن لم نعلم خبثه‪ ،‬كالطعام اللذيذ الذي عمل من مال السرقة تستلذه‬
‫الطباع وهو خبيث واقعا‪ ،‬وأكثر الدوية التي يحتاج الناس إليها في غاية‬
‫البشاعة والنكارة وتستقذرها الطباع ولم أر قائل بتحريمها فالحمل على‬
‫المعنى الذي ل يحتاج إلى تخصيص ويكون موافقا لقواعد المامية من‬
‫الحسن والقبح العقليين أولى من الحمل على معنى يحتاج إلى تخصيصات‬
‫كثيرة‪ ،‬بل ما يخرج عنهما أكثر مما يدخل فيهما‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .413 :4‬جمع البرهان‪ (3) .‬مجمع البيان ‪.487 :4‬‬

‫]‪[127‬‬

‫كما ل يخفى على من تتبع مواردهما‪ ،‬ويمكن أن يقال‪ :‬هذه الية كالصريحة في‬
‫الحسن والقبح العقليين ولم يستدل بها الصحاب رضي ال عنهم‪ .‬وقال‬
‫الشهيد الثاني رفع ال درجته في المسالك‪ :‬والطيب يطلق على الحلل قال‬
‫تعالى‪ " :‬كلوا من طيبات ما رزقناكم " أي من الحلل وعلى الطاهر قال‬
‫تعالى‪ " :‬فتيمموا صعيدا طيبا " )‪ (1‬أي طاهرا‪ ،‬وعلى ما ل أذى فيه‬
‫كالزمان الذي ل حر فيه ول برد يقال‪ :‬هذا زمان طيب‪ ،‬وما تستطيبه‬
‫النفس ول تنفر منه كقوله تعالى‪ " :‬يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم‬
‫الطيبات " )‪ (2‬إذ ليس المراد منها هنا الحلل لعدم الفائدة في الجواب‬
‫على تقديره لنهم سألوه أن يبين لهم لهم الحلل‪ ،‬فل يقول في الجواب‪:‬‬
‫الحلل‪ ،‬ول الطاهر لنه إنما يعرف من الشرع توقيفا‪ ،‬ول ما ل أذى فيه‬
‫لن المأكول ل يوصف به‪ ،‬فتعين المراد ردهم إلى ما يستطيبونه ول‬
‫يستخبثونه لردهم إلى عادتهم وما هو مقرر في طباعهم‪ ،‬ولن ذلك هو‬
‫المتبادر من معنى الطيب عرفا‪ ،‬وفي الخبار ما ينبه عليه‪ ،‬والمراد بالعرف‬
‫الذي يرجع إليه في الستطابة عرف الوساط من أهل اليسار في حالة‬
‫الختيار دون أهل البوادي وذوي الضطرار من جفاة العرب فانهم‬
‫يستطيبون ما دب ودرج كما سئل بعضهم مما يأكلون‪ ،‬فقال‪ :‬كل ما دب‬
‫ودرج إل ام جنين‪ .‬فقال بعضهم‪ :‬ليهن ام جنين العافية لكونها أمنت أن‬
‫تؤكل‪ ،‬هذا خلصة ما قرره الشيخ في المبسوط وغيره إل أنه فصل أول‬
‫المحلل إلى حيوان وغيره وقسم الحيوان إلى حي وغيره‪ ،‬وقال‪ :‬ما كان‬
‫من الحيوان حيا فهو حرام حيث لم يرد به الشرع‪ ،‬محتجا بأن ذبح الحيوان‬
‫محظور‪ ،‬وما كان من الحيوان غير حي أو من غيره فهو على أصل الباحة‬
‫وفي استثناء الحيوان الحى من ذلك نظر لعموم الدلة والستناد إلى تحريم‬
‫ذبحه بدون الشرع في حيز المنع‪ ،‬فهذا هو الصل الذي يرجع إليه في باب‬
‫الطعمة انتهى )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .43 :‬المائدة‪ (3) .4 :‬المسالك‪.‬‬

‫]‪[128‬‬

‫وأقول‪ :‬قد عرفت ضعف بعض هذا الكلم فيما مضى‪ ،‬ونقول أيضا‪ :‬قوله‪ " :‬ليس‬
‫المراد الحلل " في محل المنع لحتمال أن يكون اللم للعهد‪ ،‬أي ما بينا‬
‫لكم حله‪ ،‬ثم ذكر سائر المحللت بعده‪ ،‬وذكره لعنوان الطيبات لبيان أن ما‬
‫أحللناه لكم هو الطيب واقعا فكذا ما أحللناه لكم‪ ،‬وقوله‪ " :‬لنه إنما يعرف‬
‫من الشرع " ل يصلح دليل لعدم حمل الجواب عليه بعد بيان ال في كتابه‬
‫وعلى لسان نبيه النجاسات فيفيد أن غير النجاسات المنصوص عليها‬
‫حلل وما خرج عنها بدليل‪ ،‬ثم قوله‪ " :‬لن المأكول ل يوصف به " في‬
‫محل المنع لن كثيرا من المأكولت والمشروبات تفسد العقل أو البدن‪،‬‬
‫وأيضا حصر معنى الطيب فيما ذكره ممنوع إذ يحتمل أن يكون المراد‬
‫بالطيب ما لم يكن فيه خبث معنوي وقبح واقعي لتضمنه ضررا دينيا أو‬
‫دنيويا وإن أمكن إرجاعه إلى ما ل أذى فيه‪ " .‬ورزقناهم من الطيبات "‬
‫يحتمل بعض الوجوه المتقدمة " فأخرج لكم من الثمرات رزقا لكم " إنما‬
‫قال‪ " :‬من الثمرات " لن جميعها ل تصلح لذلك‪ ،‬ويحتمل البيان‪ .‬قال‬
‫البيضاوي‪ :‬رزقا لكم تعيشون به وهو يشمل المطعوم والملبوس وهو‬
‫مفعول " أخرج " و " من الثمرات " بيان أو حال منه‪ ،‬ويحتمل عكس‬
‫ذلك‪ ،‬ويجوز أن يراد به المصدر فينصب بالعلة أو المصدر لن " أخرج "‬
‫في معنى " رزق "‪ " .‬وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره " أي‬
‫بمشيته إلى حيث توجهتم " وسخر لكم النهار " فجعلها معدة لنتفاعكم‬
‫وتصرفكم‪ ،‬وقيل‪ :‬تسخيرها هذه الشياء تعليم كيفية اتخاذها )‪ .(1‬وأقول‪:‬‬
‫الية تدل على حل ثمرات ما يخرج من الرض وجواز النتفاع بها أكل‬
‫وشربا ولبسا‪ ،‬وعلى جواز اتخاذ الفلك وركوبها‪ ،‬وعلى جواز الشرب من‬
‫النهار والوضوء والغسل وسائر النتفاعات بها إل ما أخرجه الدليل‪ ،‬وكذا‬
‫سقي الزروع والشجار ورشها على الرض وغير ذلك من النتفاعات‬
‫التي لم يرد نهي عنها‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل‪:‬‬

‫]‪[129‬‬
‫وجعلنا لكم قبلها )‪ (1‬والرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شئ‬
‫موزون‪ .‬وجعلنا لكم فيها معايش " تعيشون بها‪ ،‬وفي المجمع‪ :‬أي خلقنا‬
‫لكم في الرض معايش من زرع أو نبات‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه أي مطاعم ومشارب‬
‫تعيشون بها‪ ،‬وقيل‪ :‬هي التصرف في أسباب الرزق في مدة الحياة " ومن‬
‫لستم له برازقين " يعني العبيد و الدواب يرزقهم ال تعالى ول ترزقونهم )‬
‫‪ .(2‬وقال البيضاوى‪ :‬عطف على " معايش " أو محل " لكم "‪" .‬‬
‫فأسقيناكموه " أي جعلناه لكم سقيا " وما أنتم له بخازنين " أي بحافظين‬
‫و ل محرزين بل ال يحفظه ثم يرسله من السماء ثم يحفظه في الرض ثم‬
‫يخرجه من العيون بقدر الحاجة‪ " (3) .‬وإن لكم في النعام لعبرة " قال‬
‫البيضاوى‪ :‬أي دللة يعبر بها من الجهل إلى العلم " نسقيكم مما في بطونه‬
‫" استيناف لبيان العبرة وإنما ذكر الضمير ووحده هنا للفظه وأنثه في‬
‫سورة المؤمنين للمعنى‪ ،‬فان النعام اسم جمع‪ ،‬ومن قال‪ :‬إنه جمع نعم‬
‫جعل الضمير للبعض فان اللبن لبعضها دون جميعها‪ ،‬أو الواحدة أوله على‬
‫المعنى فان المراد به الجنس وقرأ جماعة بالفتح " من بين فرث ودم لبنا‬
‫" فانه يخلق من بعض الجزاء الدم المتولد من الجزاء اللطيفة التي في‬
‫الفرث‪ ،‬وهي الشياء المأكولة المنهضمة بعض النهضام في الكرش‪،‬‬
‫وعن ابن عباس أن البهيمة إذا انعلفت وانطبخ العلف في كرشها كان‬
‫أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعله دما‪ ،‬ولعله إن صح فالمراد أو وسطه‬
‫يكون مادة اللبن وأعله مادة الدم الذي يغذي البدن‪ ،‬لنهما ل يتكونان في‬
‫الكرش ويبقى ثفله وهو الفرث ثم يمسكها ريثما يهضمها هضما ثانيا‬
‫فيحدث أخلط أربعة معها مائية فيميز القوة المميزة تلك المائية مما زاد‬
‫على قدر الحاجة من المريتين وتدفعها إلى الكلية والمرارة والطحال‪ ،‬ثم‬
‫يوزع الباقي على العضاء بتجبنها فيجري‬

‫)‪ (1‬هكذا في النسخ ولعل الصحيح‪ :‬جعلنا لكم قبلها الرض‪ (2) .‬مجمع البيان ‪:6‬‬
‫‪ (3) .333‬انوار التنزيل‪:‬‬

‫]‪[130‬‬

‫إلى كل حقه على ما يليق به بتقدير الحكيم العليم‪ ،‬ثم إن كان الحيوان انثى زاد‬
‫أخلطها على قدر غذائها لستيلء البرودة والرطوبة على مزاجها فيندفع‬
‫الزائد أول إلى الرحم لجل الجنين فإذا انفصل انصب ذلك الزائد أو بعضه‬
‫إلى الضروع فيبيض بمجاورة لحومها البيض فيصير لبنا‪ ،‬ومن تدبر صنع‬
‫ال في إحداث الخلط واللبان وإعداد مقارها ومجاريها والسباب المولدة‬
‫والقوى المتصرفة فيها كل وقت على ما يليق اضطر إلى القرار بكمال‬
‫حكمته وسبوغ رحمته‪ ،‬و " من " الولى تبعيضية لن اللبن بعض ما في‬
‫بطنها‪ ،‬والثانية ابتدائية كقولك‪ " :‬سقيت من الحوض " لن بين الفرث‬
‫والدم المحل الذي يبتدئ منه الستسقاء وهى متعلقة " بنسقيكم " أو حال‬
‫من " لبنا " قدم عليه لتنكيره وللتنبيه على أنه موضع العبرة " خالصا "‬
‫صافيا ل يستصحب لون الدم ول رائحة الفرث‪ ،‬أو مصفى عما يصحبه من‬
‫الجزاء الكثيفة بتضييق مخرجه " سائغا للشاربين " سهل المرور في‬
‫حلقهم انتهى )‪ .(1‬وقال الرازي في تأويل الية‪ :‬المراد أن اللبن إنما يتولد‬
‫من بعض أجزاء الدم‪ ،‬والدم إنما يتولد من الجزاء اللطيفة التي في الفرث‪،‬‬
‫وهو الشياء المأكولة الحاصلة في الكرش‪ ،‬فهذا اللبن متولد من الجزاء‬
‫التي كانت حاصلة فيما بين الفرث أول ثم كانت حاصلة فيما بين الدم ثانيا‪،‬‬
‫وصفاه ال تعالى عن تلك الجزاء الكثيفة الغليظة‪ ،‬وخلق فيها الصفات‬
‫التي باعتبارها صارت لبنا موافقا لبدن الطفل انتهى )‪ " .(2‬ومن ثمرات‬
‫النخيل والعناب " قيل‪ :‬متعلق بمحذوف‪ ،‬أي ونسقيكم من ثمرات النخيل‬
‫والعناب من عصيرهما‪ ،‬وقيل‪ :‬أي ولكم عبرة فيما أخرج ال لكم من‬
‫ثمرات النخيل والعناب‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه من ثمرات النخيل والعناب ما‬
‫تتخذون منه سكرا‪ ،‬والعرب تضمر ما الموصولة كثيرا‪ ،‬والعناب عطف‬
‫على الثمرات‪ ،‬والسكر‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل‪ (2) :‬تفسير الرازي‪:‬‬

‫]‪[131‬‬

‫اختلف المفسرون في معناه فقيل‪ :‬السكر‪ :‬الخمر‪ ،‬والرزق الحسن‪ :‬التمر والزبيب‬
‫والدبس والسيلن والخل‪ ،‬وقيل‪ " :‬سكرا " مفعول " تتخذون " على جهة‬
‫الستفهام وعامل " رزقا " مقدر‪ ،‬والتقدير‪ :‬تتخذون منه سكرا وقد‬
‫رزقناكم منه رزقا حسنا ؟ فيكون فيه جمع بين المعاتبة والمنة‪ ،‬ولذلك‬
‫أسند التخاذ إليهم‪ ،‬وقيل‪ :‬السكر‪ :‬الخل‪ ،‬والرزق الحسن‪ :‬ما هو خير منه‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬السكر‪ :‬كل ما حرم ال من ثمارها خمرا كان أو غيره كالنبيذ والفقاع‬
‫وما أشبههما‪ ،‬والرزق الحسن‪ :‬ما أحله ال من ثمارهما وقيل‪ :‬السكر‪ :‬ما‬
‫يشبع ويسد الجوع‪ .‬وقال علي بن إبراهيم‪ :‬السكر‪ :‬الخل‪ ،‬وروي عن‬
‫الصادق عليه السلم أنها نزلت قبل آية التحريم فنسخت بها )‪ .(1‬وفيه‬
‫دللة على أن المراد به الخمر‪ ،‬وقد جاء بالمعنيين جميعا‪ ،‬قيل‪ :‬وعلى‬
‫إرادة الخمر ل يستلزم حلها في وقت لجواز أن يكون عتابا ومنة قبل بيان‬
‫تحريمها‪ ،‬ومعنى النسخ نسخ السكوت عن التحريم‪ ،‬فل ينافي ما جاء في‬
‫أنها لم تكن حلل قط‪ ،‬وفي مقابلتها بالرزق الحسن تنبيه على قبحها " إن‬
‫في ذلك ليات لقوم يعقلون " أي يستعملون عقولهم بالنظر والتأمل في‬
‫اليات‪ " .‬ورزقكم من الطيبات " قال البيضاوى‪ :‬أي من اللذائذ والحللت‪،‬‬
‫و " من " للتبعيض فان المرزوق في الدنيا أنموذج منها " أفبالباطل‬
‫يؤمنون " وهو أن الصنام ينفعهم‪ ،‬أو أن من الطيبات ما يحرم عليهم‬
‫كالسوائب والبحائر " وبنعمة ال يكفرون " حيث أضافوا نعمه إلى‬
‫الصنام أو حرموا ما أحل ال لهم " فكلوا مما رزقكم ال " قال‪ :‬أمرهم‬
‫بأكل ما أحل ال لهم وشكر ما أنعم عليهم بعد ما زجرهم عن الكفر وهددهم‬
‫عليه ثم عدد عليهم محرماته ليعلم أن ما عداها حل لهم‪ ،‬ثم أكد ذلك بالنهي‬
‫عن التحريم والتحليل بأهوائهم فقال‪ " :‬ول تقولوا لما تصف به ألسنتكم "‬
‫كما قالوا‪ " :‬ما في بطون هذه النعام خالصة لذكورنا " الية‪ ،‬وسياق‬
‫الكلم وتصدير الجملة بانما يفيد حصر المحرمات‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪:‬‬

‫]‪[132‬‬

‫في الجناس الربعة إل ما ضم إليه دليل كالسباع‪ ،‬وانتصاب " الكذب " " بل‬
‫تقولوا " و " هذا حلل وهذا حرام " مفعول " ل تقولوا " أو " الكذب "‬
‫منتصب " بتصف " و " ما " مصدرية‪ ،‬أي ل تقولوا‪ :‬هذا حلل وهذا‬
‫حرام لوصف ألسنتكم الكذب مبالغة في وصف كلمهم بالكذب‪ ،‬كما أن‬
‫حقيقة الكذب كانت مجهولة‪ ،‬وألسنتهم تصفها و تعرفها بكلمهم هذا‪،‬‬
‫ولذلك عد من فصيح الكلم كقولهم‪ " :‬وجهها يصف الجمال‪ ،‬وعينها‬
‫يصف السحر "‪ " .‬لتفتروا " تعليل ل يتضمن الغرض " أزواجا " أي‬
‫أصنافا سميت بذلك لزدواجها واقتران بعضها ببعض " من نبات " بيان‬
‫أو صفة لزواجا وكذلك " شتى " ويحتمل أن يكون صفة للنبات فانه من‬
‫حيث أنه مصدر في الصل يستوي فيه الواحد والجمع‪ ،‬وهو جمع شتيت‬
‫كمريض ومرضى‪ ،‬أي متفرقات في الصور والعراض والمنافع يصلح‬
‫بعضها للناس وبعضها للبهائم‪ ،‬فلذلك قال‪ " :‬كلوا وارعوا أنعامكم " وهو‬
‫حال من ضمير " فأخرجنا " على إرادة القول‪ ،‬أي أخرجنا أصناف النبات‬
‫قائلين‪ :‬كلوا وارعوا‪ ،‬والمعنى معدبها لنتفاعكم بالكل والعلف آذنين فيه )‬
‫‪ " .(1‬كلوا من طيبات ما رزقناكم " في المجمع‪ :‬صورته المر والمراد به‬
‫الباحة " ول تطغوا فيه " أي ول تتعدوا فيه فتأكلوه على الوجه المحرم‬
‫عليكم‪ ،‬وقيل‪ :‬أي ل تتجاوزوا عن الحلل إلى الحرام أو ل تتناولوا من‬
‫الحلل للستعانة به على المعصية " فيحل عليكم غضبي " أي فيجب‬
‫عليكم عقوبتي‪ ،‬ومن ضم الحاء فالمعنى فتنزل عليكم عقوبتي )‪ " (2‬ماء‬
‫بقدر " قيل‪ :‬بتقدير يكثر نفعه ويقل ضرره أو بمقدار ما علمناه من‬
‫صلحهم " فأسكناه " فجعلناه ثابتا مستقرا في الرض " وإنا على ذهاب‬
‫به " أي على إزالته بالفساد أو التصعيد أو التعميق بحيث يتعذر استنباطه‬
‫" لقادرون " كما كنا قادرين على إنزاله " فأنشانا لكم به " أي بالماء "‬
‫لكم فيها " في الجنات " فواكه كثيرة " تتفكهون بها " ومنها " أي ومن‬
‫الجنات ثمارها وزروعها " تأكلون " تغذيا أو ترزقون وتحصلون‬
‫معايشكم من قولهم‪ :‬فلن يأكل من حرفته‬

‫)‪ (1‬انوار التنزيل‪ (2) :‬مجمع البيان ج ‪ 7‬ص ‪.33‬‬

‫]‪[133‬‬

‫ويجوز أن يكون الضميران للنخيل والعناب‪ ،‬أي لكم في ثمرتها أنواع من الفواكه‬
‫الرطب والعنب والتمر والزبيب والعصير والدبس وغير ذلك وطعام تأكلونه‬
‫" وشجرة " عطف على جنات " تخرج من طور سيناء " جبل موسى‬
‫بين مصر وايله‪ ،‬وقيل‪ :‬بفلسطين " تنبت بالدهن " أي متلبسا بالدهن‬
‫مستصحبا له‪ ،‬ويجوز أن تكون الباء صلة معدية لتنبت كما في قولك‪:‬‬
‫ذهبت بزيد‪ " .‬وصبغ للكلين " عطف على الدهن جار على إعرابه‪،‬‬
‫عطف أحد وصفي الشئ على الخر‪ ،‬أي تنبت بالشئ الجامع بين كونه‬
‫دهنا يدهن به ويسرج به‪ ،‬وكونه إداما يصبغ به الخبز أي يغمس به‬
‫للئتدام " سخر لكم ما في السموات " بأن جعله أسبابا )‪ ،(1‬محصلة‬
‫لمنافعكم " وما في الرض " بأن مكنكم من النتفاع به أو بوسط أو بغير‬
‫وسط " ظاهرة وباطنة " أي محسوسة ومعقولة أو ما تعرفونه وما ل‬
‫تعرفونه " إلى الرض الجرز " أي التي جرز نباتها‪ ،‬أي قطع وازيل ل‬
‫التي ل تنبت لقوله‪ " :‬فنخرج به زرعا " وقيل‪ :‬اسم موضع باليمن " تأكل‬
‫منها " أي من الزرع " أنعامهم " كالتبن والورق " وأنفسهم " كالحب‬
‫والثمر " أفل يبصرون " فيستدلون به على كمال قدرته وفضله "‬
‫وأخرجنا منها حبا " جنس الحب " فمنه يأكلون " قدم الصلة للدللة على‬
‫أن الحب معظم ما يؤكل ويعاش به " ليأكلوا من ثمره " أي ثمر ما ذكرو‬
‫هو الحبات‪ ،‬وقيل‪ :‬الضمير ل على طريقة اللتفات والضافة إليه لن‬
‫الثمر بخلقه " وما عملته أيديهم " عطف على الثمر والمراد ما يتخذ منه‬
‫كالعصير والدبس ونحوهما‪ ،‬وقيل‪ " :‬ما " نافية‪ ،‬والمراد أن التمر بخلق‬
‫ال ل بفعلهم " أفل يشكرون " أمر بالشكر لنه إنكار لتركه " خلق‬
‫الزواج كلها " أي النواع والصناف " مما تنبت الرض " من النبات‬
‫والشجر " ومن أنفسهم " الذكر والنثى " ومما ل يعلمون " وأزواجا‬
‫ومما لم يطلعهم ال عليه‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر‪ :‬ومكنكم من النتفاع به والعروج إليه بسلطان العلم والقدرة‬
‫كما قال سبحانه‪ :‬ل تنفذون ال بسلطان‪.‬‬
‫]‪[134‬‬

‫ولم يجعل لهم طريقا إلى معرفته )‪ " (1‬فأنبتنا فيها حبا " كالحنطة والشعير "‬
‫وعنبا وقضبا " يعني الرطبة سميت بمصدر قضبه‪ :‬إذا قطعه لنها تقضب‬
‫مرة بعد اخرى " وحدائق غلبا " أي عظاما‪ ،‬وصف به الحدائق لتكاثفها‬
‫وكثرة أشجارها‪ ،‬أو لنها ذات أشجار غلظ‪ ،‬مستعار من وصف الرقاب "‬
‫وفاكهة وأبا " أي مرعى من أب‪ :‬إذا أم لنه يؤم وينتجع‪ ،‬أو من أب لكذا‪:‬‬
‫إذا تهيأ له لنه مهيأ للرعي‪ ،‬أو فاكهة يابسة تؤب للشتاء " متاعا لكم‬
‫ولنعامكم " فان النواع المذكورة بعضها طعام وبعضها علف‪ - 1 .‬تفسير‬
‫علي بن إبراهيم‪ :‬عن أبيه القاسم بن محمد عن المنقري عن حفص ابن‬
‫غياث عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يا حفص ما أنزلت الدنيا من‬
‫نفسي إل بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها‪ .‬الخبر )‪- 2 .(2‬‬
‫المحاسن‪ :‬عن محمد بن علي عن محمد بن أسلم عن عبد الرحمن بن سالم‬
‫عن المفضل بن عمر قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أخبرني جعلت‬
‫فداك لم حرم ال الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ؟ فقال‪ :‬إن ال تبارك‬
‫وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم سواه من رغبة منه فيما حرم‬
‫عليهم‪ ،‬ول زهد )‪ (3‬فيما أحل لهم‪ ،‬ولكنه عزوجل خلق الخلق وعلم ما‬
‫تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأباحه تفضل منه عليهم به تبارك‬
‫وتعالى لمصلحتهم‪ ،‬وعلى عزوجل ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم‪،‬‬
‫ثم أباحه للمضطر وأباحه له في الوقت )‪ (4‬الذي ل يقوم بدنه إل به فأمره‬
‫أن ينال منه بقدر البلغة ل غير ذلك‪ ،‬ثم قال‪ :‬أما الميتة فل يدمنها )‪ (5‬أحد‬

‫)‪ (1‬ومن القوى أن يكون معناه انه خلق الزواج كلها مما تنبت الرض ومن‬
‫انفسهم ومما ل يعلمونه مما له تأثير في خلقها‪ (2) .‬تفسير القمى‪(3) :‬‬
‫في المصدر‪ " :‬ول زاهدا " وفى الكافي‪ :‬رغبة منها فيما حرم عليهم ول‬
‫زاهدا‪ (4) .‬في المصدر والكافي‪ :‬واحله في الوقت‪ (5) .‬ادمن الشئ‪:‬‬
‫أدامه‪.‬‬

‫]‪[135‬‬

‫إل ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته وانقطع نسله ول يموت آكل الميتة إل‬
‫فجأة‪ ،‬وأما الدم فانه يورث أكله الماء الصفر ويبخر الفم )‪ (1‬ويسئ الخلق‬
‫ويورث الكلب )‪ (2‬والقسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى ل يؤمن أن‬
‫يقتل ولده ووالديه ول يؤمن على حميمه ول يؤمن على من يصحبه‪ .‬وأما‬
‫لحم الخنزير فان ال تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى شبه الخنزير‬
‫والدب والقرد وما كان من المساخ )‪ ،(3‬ثم نهى عن أكل المثلة نسلها )‪(4‬‬
‫لكيل ينتفع الناس بها ول يستخف بعقوبته‪ .‬وأما الخمر فانه حرمها لفعلها‬
‫وفسادها وقال‪ :‬مد من الخمر يورثه الرتعاش ويذهب بنوره ويهدم‬
‫مروءته ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب‬
‫الزنا‪ ،‬ول يؤمن إذا سكر أن يثب )‪ (5‬على حرمه ول يعقل ذلك‪ ،‬والخمر ل‬
‫تزيد شاربها إل كل شر )‪ .(6‬الكافي‪ :‬عن العدة عن سهل بن زياد وعلي بن‬
‫إبراهيم عن أبيه جميعا عن عمرو ابن عثمان عن محمد بن عبد ال عن‬
‫بعض أصحابنا عن أبي عبد ال عليه السلم وعدة من أصحابنا أيضا عن‬
‫أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن أسلم عن عبد الرحمن بن سالم عن‬
‫مفضل ابن عمر مثله )‪ .(7‬بيان‪ :‬يظهر من سند المحاسن أنه سقط‪ " :‬عن‬
‫محمد بن علي " قبل " عن محمد‬

‫)‪ (1‬في المصدر والكافي‪ :‬ويبخر الفم وينتن الريح ويسئ الخلق‪ (2) .‬في المحاسن‪:‬‬
‫" الكلف " ولعله مصحف‪ (3) .‬في الكافي‪ :‬من المسوخ‪ (4) .‬في‬
‫المخطوطة‪ " :‬ثم نهى عن أكلها وأكل نسلها " وفى المحاسن‪ " :‬عن‬
‫أكلها أكل شبهها وفى الكافي‪ :‬ثم نهى عن أكله للمثلة‪ (5) .‬وثب يثب‪:‬‬
‫نهض وقام‪ ،‬قفز وطفر‪ .‬ولعله كناية عن الزنا أو القتل‪ (6) .‬المحاسن‪:‬‬
‫‪ (7) .314‬فروع الكافي ‪.242 :6‬‬

‫]‪[136‬‬

‫ابن أسلم " في نسخ الكافي‪ .‬وفي القاموس‪ :‬البلغة بالضم‪ :‬ما يتبلغ به من العيش‪،‬‬
‫وقال‪ :‬الكلب بالتحريك العطش والحرص والشدة والكل الكثير بل شبع‪،‬‬
‫وصياح من عضه الكلب الكلب وجنون الكلب المعترى من أكل لحم‬
‫النسان وشبه جنونها المعترى للنسان من عضها انتهى وكأن المراد إما‬
‫العطش أو الحرص في الكل أو جنون يشبه حالة من عضه الكلب‪ .‬وفي‬
‫القاموس‪ :‬مثل بفلن مثل ومثلة بالضم نكل كمثل تمثيل‪ ،‬وهي المثلة بضم‬
‫الثاء وسكونها‪ ،‬والوثوب‪ :‬كناية عن الجماع‪ ،‬والحرم بضم الحاء وفتح‬
‫الراء‪ :‬اللواتي تحريم نكاحهن‪ ،‬ويحتمل أن يراد بالوثوب القتل‪ ،‬وبالحرمة‬
‫نساؤه كما في القاموس‪ - 3 .‬معاني الخبار‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال‬
‫عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عمن ذكره عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل‪ " :‬فمن اضطر غير باغ ول عاد‬
‫" )‪ (1‬قال الباغي‪ :‬الذي يخرج على المام‪ ،‬والعادي‪ :‬الذي يقطع الطريق‪،‬‬
‫ل يحل لهما الميتة )‪ - 4 .(2‬وقد روي أن العادي اللص‪ ،‬والباغي الذي‬
‫يبغي الصيد ل يجوز لهما التقصير في السفر ول أكل الميتة في حال‬
‫الضطرار )‪ - 5 .(3‬العياشي‪ :‬عن محمد بن إسماعيل رفع إلى ابي عبد ال‬
‫عليه السلم في قوله‪ " :‬فمن اضطر غير باغ ول عاد " قال الباغي‪:‬‬
‫الظالم‪ ،‬والعادي‪ :‬الغاصب )‪ - 6] .(4‬ومنه عن حماد بن عثمان عن ابي‬
‫عبد ال عليه السلم في قوله‪ " :‬فمن اضطر‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ .173 :‬والنعام‪ (2) .145 :‬معاني الخبار‪) 214 :‬طبعة الغفاري(‪(3) .‬‬
‫معاني الخبار‪ (4) .214 :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪.74‬‬

‫]‪[137‬‬

‫غير باغ ول عاد " قال الباغي‪ :‬الذي يخرج على المام والعادي‪ :‬الذي يقطع‬
‫الطريق ل يحل لهما الميتة‪ - 7 .‬وقد روي أن العادي‪ :‬اللص‪ ،‬والباغي‪:‬‬
‫الذي يبغي الصيد‪ ،‬ل يجوز لهما التقصير في السفر ول أكل الميتة في حال‬
‫الضطرار‪ - 8 .‬دعائم السلم‪ :‬عن محمد بن اسماعيل رفع إلى أبي عبد‬
‫ال عليه السلم في قوله‪ " :‬فمن اضطر غير باغ ول عاد " قال الباغي‪:‬‬
‫الظالم‪ ،‬والعادي‪ :‬الغاصب[‪ - 9 .‬ومنه )‪ (1‬عن حماد بن عثمان عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم في قوله‪ " :‬فمن اضطر غير باغ ول عاد " )‪ (2‬قال‬
‫الباغي‪ :‬الخارج على المام‪ ،‬والعادي‪ :‬اللص )‪ .(3‬بيان‪ :‬الذي يتلخص من‬
‫مجموع الخبار هو أن السفر الذي ل يجوز فيه قصر الصلة والصوم‬
‫للمعصية والعدوان ل يحل أكل الميتة إذا اضطر فيه إليها‪ - 10 .‬دعائم‬
‫السلم‪ :‬عن جعفر بن محمد عليه السلم أنه ذكر ما يحل أكله وما يحرم‬
‫بقول مجمل فقال‪ :‬أما ما يحل للنسان أكله مما خرجت الرض فثلثة‬
‫أصناف من الغذية‪ :‬صنف منها جميع صنوف الحب )‪ (4‬كله كالحنطة‬
‫والرز والقطنية وغيرها والثاني‪ :‬صنوف الثمار كلها‪ ،‬والثالث‪ :‬صنوف‬
‫البقول والنبات‪ ،‬فكل شئ من هذه الشياء فيه غذاء للنسان ومنفعة وقوة‬
‫فحلل أكله‪ ،‬وما كان فيه المضرة )‪ (5‬فحرام أكله إل في حال التداوي به‪،‬‬
‫وأما ما يحل أكله من لحوم الحيوان فلحم البقر والغنم والبل‪ ،‬ومن لحوم‬
‫الوحش كل ما ليس له ناب ول مخلب‪ ،‬ومن لحوم الطير كل ما‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .74‬ما جعلناه بين العلمتين زائد من سهو‬
‫المقابلة راجع ط كمباني ص ‪) .765‬ب( )‪ (3‬لم يذكر الحديثان المرويان‬
‫عن دعائم السلم في النسخة المخطوطة‪ :‬والكتاب ليس عندي‪ (4) .‬في‬
‫المخطوطة‪ :‬جميع صنوف الحبوب‪ (5) .‬في المخطوطة‪ :‬من المضرة‪.‬‬

‫]‪[138‬‬

‫كانت له قانصة‪ ،‬ومن صيد البحر كل ماله قشر‪ ،‬وما عدا ذلك كله من هذه الصناف‬
‫فحرام أكله‪ ،‬وما كان من البيض مختلف الطرفين فحلل أكله‪ ،‬وما يستوي‬
‫طرفاه فهو من بيض ما ل يؤكل لحمه )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال في النهاية‪ " :‬فيه‬
‫كان يأخذ من القطنية العشر " هي بالكسر والتشديد واحدة القطاني‬
‫كالعدس والحمص واللوبيا ونحوها )‪ .(2‬وفي القاموس‪ :‬القطنية بالضم‬
‫والكسر‪ :‬النبات وحبوب الرض أو ما سوى الحنطة والشعير والزبيب‬
‫والتمر‪ ،‬أو هي الحبوب التي تطبخ‪ .‬الشافعي‪ :‬العدس والخلر )‪ (3‬والفول‬
‫والدجر والحمص‪ ،‬الجمع القطاني‪ ،‬أو هي الخلف وخضر الصيف‪- 11 .‬‬
‫الدعائم‪ :‬عن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬المضطر يأكل الميتة وكل محرم إذا‬
‫اضطر إليه )‪ - 12 .(4‬وقال جعفر بن محمد عليه السلم‪ :‬إذا اضطر‬
‫المضطر إلى أكل الميتة أكل حتى يشبع وإذا اضطر إلى الخمر شرب حتى‬
‫يروي‪ ،‬وليس له أن يعود إلى ذلك حتى يضطر إليه أيضا )‪ - 13 .(5‬ومنه‪:‬‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم أنه ذكر الجبن الذي يعمله المشركون وأنهم‬
‫يجعلون فيه النفحة من الميتة ومما لم يذكر اسم ال عليه‪ ،‬قال‪ :‬إذا علم‬
‫ذلك لم يؤكل وإن كان الجبن مجهول ل يعلم من عمله وبيع في سوق‬
‫المسلمين فكله )‪ - 14 .(6‬تفسير النعماني‪ :‬بأسانيده عن أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم قال‪ :‬وأما ما في القرآن تأويله في تنزيله فهو كل آية محكمة‬
‫نزلت في تحريم شئ من المور المتعارفة التي كانت في أيام العرب‪،‬‬
‫تأويلها في تنزيلها‪ ،‬فليس يحتاج فيها إلى تفسير أكثر من تأويلها‪ ،‬وذلك‬
‫مثل قوله تعالى في التحريم‪ " :‬حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم‪ :‬ليس عندي‪ (2) .‬النهاية ‪ (3) .298 :3‬الخلر‪ :‬نبات‪ ،‬وقيل‪ :‬انه‬
‫الفول أو الماش‪ (6 - 4) .‬دعائم السلم‪ :‬ليس عندي‪(*) .‬‬

‫]‪[139‬‬

‫وأخواتكم " )‪ (1‬إلى آخر الية‪ ،‬وقوله‪ " :‬انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم‬
‫الخنزير " )‪ (2‬الية‪ ،‬وقوله تعالى‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وذروا‬
‫ما بقي من الربا " )‪ (3‬الية إلى قوله‪ " :‬أحل ال البيع وحرم الربا " )‪(4‬‬
‫وقوله تعالى‪ " :‬قل تعالوا أتل ما حرم عليكم ربكم " )‪ (5‬إلى آخر الية‪،‬‬
‫ومثل ذلك في القرآن كثير مما حرم ال سبحانه ل يحتاج المستمع له إلى‬
‫مسألة عنه‪ ،‬وقوله عزوجل في معنى التحليل‪ " :‬احل لكم صيد البحر‬
‫وطعامه متاعا لكم وللسيارة " )‪ (6‬وقوله‪ " :‬وإذا حللتم فاصطادوا " )‪(7‬‬
‫وقوله تعالى‪ " :‬يسئلونك ماذا احل لهم " إلى قوله‪ " :‬مما علمكم ال " )‬
‫‪ (8‬وقوله‪ :‬وطعامكم حل لهم " )‪ (9‬وقوله‪ " :‬أوفوا بالعقود احلت لكم‬
‫بهيمة النعام إل ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم " )‪(10‬‬
‫وقوله‪ " :‬واحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " )‪ (11‬وقوله‪ " :‬ل‬
‫تحرموا طيبات ما أحل ال لكم " )‪ (12‬ومثله كثير )‪ .(13‬تفسير علي بن‬
‫إبراهيم مرسل مثله )‪ - 15 .(14‬المحاسن‪ :‬عن النوفلي عن السكوني عن‬
‫أبي عبد ال عن أبيه عن آبائه عليهم السلم أن عليا عليه السلم سئل عن‬
‫سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثر لحمها وخبزها وجبنها وبيضها‬
‫وفيها سكين‪ ،‬فقال‪ :‬يقوم ما فيها ثم يؤكل لنه يفسد وليس له بقاء‪ ،‬فان‬
‫جاء طالب لها غرموا له الثمن‪ ،‬قيل‪ :‬يا أمير المؤمنين ل ندري‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .3 :‬البقرة‪ (3) .173 :‬البقرة‪ (4) .278 :‬البقرة‪(5) .275 :‬‬
‫النعام‪ (6) .151 :‬المائدة‪ (7) .96 :‬المائدة‪ (8) .2 :‬المائدة‪(9) .4 :‬‬
‫المائدة‪ (10) .5 :‬المائدة‪ (11) .1 :‬البقرة‪ (12) .187 :‬المائدة‪) .87 :‬‬
‫‪ (13‬المحكم والمتشابه‪ (14) :‬تفسير القمى‪:‬‬

‫]‪[140‬‬

‫سفرة مسلم أو سفرة مجوسي ؟ فقال‪ :‬هم في سعة حتى يعلموا )‪ .(1‬الكافي‪ :‬عن‬
‫علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي مثله )‪ - 16 .(2‬نوادر الراوندي‪:‬‬
‫عن عبد الواحد بن إسماعيل الرؤياني عن محمد بن الحسن التميمي عن‬
‫سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الشعث عن موسى بن‬
‫إسماعيل عن أبيه اسماعيل بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬سئل علي عليه السلم عن سفرة وجدت في الطريق‬
‫فيها لحم كثير وخبز كثير وبيض وفيها سكين‪ ،‬فقال‪ :‬يقوم ما فيها ثم يؤكل‬
‫لنه يفسد‪ ،‬فإذا جاء طالبها غرم له‪ ،‬فقالوا له‪ :‬يا امير المؤمنين ل نعلم‬
‫أسفرة ذمي هي أم مجوسي ؟ فقال‪ :‬هم في سعة من أكله حتى يعلموا )‪.(3‬‬
‫ومنه بهذا السناد قال‪ :‬سئل علي عليه السلم عن شاه مسلوخة واخرى‬
‫مذبوحة عمي على صاحبها فل يدري الذكية من الميتة‪ ،‬فقال‪ :‬يرمى بهما‬
‫جميعا إلى الكلب )‪ - 18 .(4‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬إن وجدت لحما‬
‫ولم تعلم أنه ذكى أو ميتة فألق منه قطعة على النار فان تقبض فهو ذكي‬
‫وإن استرخى على النار فهو ميت‪ ،‬وكل صيد إذا اصطدته في البر والبحر‬
‫حلل سوى ما قد بينت لك مما جاء في الخبر بأن أكله مكروه )‪ .(5‬توضيح‬
‫وتبيين‪ :‬اعلم أنه يستفاد من هذه الخبار أحكام مهمة‪ :‬الول يستفاد من‬
‫رواية السكوني والديباجي أن الصل في اللحم المطروح التذكية ما لم يعلم‬
‫أنه ميتة‪ ،‬كما هو الظاهر مما مر من عمومات اليات والخبار‪ ،‬ومن‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .452 .‬فروع الكافي ‪ (3) .297 :6‬نوادر الراوندي‪ 50 :‬فيه‪ :‬هم‬
‫في سعة ما لم يعلموا‪ (4) .‬نوادر الروندى‪ (5) .46 :‬فقه الرضا‪:‬‬
‫]‪[141‬‬

‫حصر المحرمات في أشياء معدودة ليس هذا منها‪ ،‬ويمكن تقييده بما إذا كان في‬
‫بلد المسلمين‪ ،‬وكأنه الظاهر بل يمكن تخصيصه بما إذا دلت القرائن على‬
‫أنها كانت من مسلم‪ ،‬ول ينافيه قول السائل‪ " :‬أو سفرة مجوسي " إذ‬
‫محض الحتمال يكفي لهذا السؤال‪ ،‬لكن قوله‪ " :‬حتى يعلموا " يدل على‬
‫أن مع الظن بكونه من كافر يجوز أكله إل أن يحمل العلم على ما يعم الظن‪،‬‬
‫والمشهور بين الصحاب خلفه‪ ،‬والصل عندهم عدم التذكية حتى يعلم بها‬
‫أو يؤخذ من يد مسلم أو من سوق المسلمين‪ ،‬حتى بالغ بعضهم بأن جلد‬
‫المصحف إذا وجد في مسجد جلده في حكم الميتة‪ ،‬وذهب بعض الصحاب‬
‫إلى أنه يجوز التعويل على المارات المفيدة للظن في ذلك‪ ،‬قال الشهيد‬
‫الثاني قدس سره في التقاط النعلين والداوة والسوط‪ :‬ل يخفى أن الغلب‬
‫على النعل‪ ،‬أن يكون من الجلد وكذا الداوة والسوط‪ ،‬وإطلق الحكم بجواز‬
‫التقاطها إما محمول على ما ل يكون منها من الجلد لن المطروح منه‬
‫مجهول ميتة لصالة عدم التذكية‪ ،‬أو محمول على ظهور أمارات تدل على‬
‫ذكاته‪ ،‬فقد ذهب بعض الصحاب إلى جواز التعويل عليها‪ .‬وقال العلمة‬
‫رحمه ال في التحرير لو وجد ذبيحة مطروحة لم يحل له أكلها ما لم يعلم‬
‫أنها تذكية مسلم أو يوجد في يده )‪ .(1‬وقال المحقق الردبيلي نور ال‬
‫ضريحه في شرح الرشاد‪ :‬دليل اجتناب اللحم المطروح غير معلوم الذبح‬
‫هي أن الصل في الميتة التحريم‪ ،‬لن زوال الروح معلوم والتذكية‬
‫مشروطة بامور كثيرة وجودية والصل عدمها‪ ،‬ولكن قد يعلم بالقرائن و‬
‫لهذا يعلم الهدي إذا ذبح‪ ،‬ويدل عليه بعض الخبار أيضا عموما مثل‬
‫صحيحة عبد ال بن سنان من تغليب الحلل وخصوصا رواية السكوني ‪-‬‬
‫وذكر هذه الرواية ‪ -‬ثم قال‪ :‬وضعف السند ل يضر لنها موافقة للعقل‬
‫ولغيرها‪ ،‬وفيها أحكام كثيرة‪ :‬منها طهارة اللحم المطروح والجلد كذلك‪،‬‬
‫ويحمل على وجود القرينة الدالة على كونهما كانا في‬

‫)‪ (1‬تحرير الحكام‪:‬‬

‫]‪[142‬‬

‫يد المسلم‪ ،‬وكون اللحم في يد المجوسي غير ظاهر فيحل ذبيحة الكافر فافهم‪،‬‬
‫وجواز التصرف بالكل في مال الناس إذا علم الهلك من غير إذن الحاكم‬
‫مع التقويم على نفسه‪ ،‬وعدم اشتراط العدالة في المقوم والمتصرف‪،‬‬
‫والغرامة للصاحب‪ ،‬وكون الجاهل معذورا حتى يعلم فتأمل وبالجملة‬
‫القرينة المفيدة للظن الغالب معتبرة فكيف ما يفيد العلم والظن المتاخم له‬
‫إنتهى )‪ .(1‬ثم اعلم أنه قال المحقق رحمه ال في الشرائع‪ :‬إذا وجد لحم‬
‫ول يدرى‪ ،‬أذكى هو أم ميت قيل‪ :‬يطرح في النار فان انقبض به فهو ذكى‪،‬‬
‫وإن انبسط فهو ميت )‪ .(2‬وقال العلمة طاب ثراه في القواعد‪ :‬لو وجد‬
‫لحم مطروح ل يعلم ذكاته اجتنب‪ ،‬وقيل‪ :‬يطرح في النار فان انقبض فهو‬
‫ذكى‪ ،‬وإن انبسط فميت )‪ .(3‬وقال الشهيد الثاني رفعت درجته في المسالك‬
‫بعد إيراد كلم المحقق‪ :‬هذا القول هو المشهور بين الصحاب خصوصا‬
‫المتقدمين‪ .‬قال الشهيد رحمه ال في الشرح‪ :‬لم أجد أحدا خالف فيه إل‬
‫المحقق في الشرايع والفاضل فانهما أورداها بلفظ قيل‪ ،‬المشعر بالضعف‪،‬‬
‫مع أن المحقق وافقهم في النافع‪ ،‬وفي المختلف لم يذكرها في مسائل‬
‫الخلف ولعله لذلك‪ ،‬واستدل بعضهم عليه بالجماع‪ ،‬قال الشهيد‪ :‬وهو غير‬
‫بعيد‪ ،‬ويؤيده موافقة ابن إدريس عليه فانه ل يعتمد على أخبار الحاد‪ ،‬فلو‬
‫ل فهمه الجماع لما ذهب إليه‪ ،‬والصل فيه رواية محمد بن يعقوب‬
‫باسناده إلى إسماعيل بن عمر عن شعيب عن أبي عبد ال عليه السلم في‬
‫رجل دخل قرية فأصاب فيها لحما لم يدر أذكى هو أم ميت‪ ،‬قال‪ :‬فاطرحه‬
‫على النار فكل ما انقبض فهو ذكى‪ ،‬وكل ما انبسط فهو ميت )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬شرح الرشاد‪ (2) :‬شرائع السلم‪ (3) :‬قواعد الحكام‪ (4) :‬رواه الكليني في‬
‫فروع الكافي ‪ 26 :6‬باسناده عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن‬
‫عيسى عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن اسماعيل بن عمر‪.‬‬

‫]‪[143‬‬

‫ومع هذا الشتهار فطريقها ل يخلو من ضعف فلتوقف المصنف عن موافقتهم في‬
‫الحكم وجه وجيه‪ ،‬وظاهر الرواية أنه ل يحكم بحل اللحم وعدمه باختبار‬
‫بعضه بل لبد من اختبار كل قطعة منه على حدة‪ ،‬ويلزم كل واحدة حكمها‬
‫بدليل قوله " كل ما انقبض فهو حلل وكل ما انبسط فهو حرام " ومن هنا‬
‫مال الشهيد رحمه ال في الدروس إلى تعديتها إلى اللحم المشتبه منه‬
‫الذكي بغيره فيتميز بالنار كذلك انتهى )‪ .(1‬وأقول عبارة الفقه أحسن من‬
‫عبارة هذا الخبر‪ ،‬ويدل على الكتفاء بالقطعة في الحكم على الكل‪ ،‬ومما‬
‫ذكره رحمه ال من امتحان كل قطعة إن كان مراده القطعات المتصلة ففي‬
‫غاية البعد‪ ،‬ويلزم أن نفصل حيث أمكن ونختبر بل إلى الجزاء التي ل‬
‫تتجزى مع إمكان وجودها‪ ،‬وإن أراد القطعات المنفصلة فان لم تعلم كونها‬
‫من حيوان واحد فل ريب أنه كذلك ومع العلم فيه إشكال والحوط التعدد‪ .‬ثم‬
‫اعلم أنه ل تنافي بين رواية شعيب ورواية السكوني فان الولى ظاهرة في‬
‫الني غير المطبوخ‪ ،‬والثانية في المطبوخ‪ ،‬وبعد الطبخ ل يفيد المتحان إذ‬
‫الظاهر أن النقباض في المذكى لنه يخرج منه أكثر الدم الكائن في‬
‫العروق فينجمد على النار‪ ،‬والميتة غالبا ل يخرج منه الدم فينجمد في‬
‫العروق‪ ،‬فإذا مسته النار تسيل الدماء وتنبسط اللحم وبعد الطبخ تخرج منه‬
‫الرطوبات ول يبقى فيه شئ حتى يمكن امتحانه بذلك‪ .‬فان قيل‪ :‬جوابه عليه‬
‫السلم يشمل هذا المورد أيضا‪ .‬قلت‪ :‬قوله‪ " :‬هم في سعة " ل عموم فيه‪،‬‬
‫ولو قيل‪ :‬برجوع الضمير إلى الناس فيمكن حمل هذا الخبر على‬
‫الستحباب‪ ،‬أو يقال كونهم في سعة إذا لم يكن لهم طريق إلى العلم‪ ،‬وههنا‬
‫لهم طريق إليه‪.‬‬

‫)‪ (1‬المسالك‪.‬‬

‫]‪[144‬‬

‫الثاني ذهب أكثر الصحاب إلى أنه إذا اختلط الذكي بالميت وجب المتناع من‬
‫الجميع حتى يعلم الذكى بعينه‪ ،‬لكن خصوا الحكم بما إذا كان محصورا دفعا‬
‫للحرج لوجوب اجتناب الميت ول يتم إل باجتناب الجميع‪ ،‬ولعموم قول‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وسلم‪ " :‬ما اجتمع الحلل والحرام إل غلب‬
‫الحرام الحلل " ويرد عليه أن وجوب اجتناب الميتة مطلقا ممنوع‪ ،‬لجواز‬
‫كون التحريم مخصوصا بما إذا كان عينه معلوما )‪ (1‬كما تدل عليه الخبار‬
‫الصحيحة وأما الرواية فهي عامية مخالفة للروايات المعتبرة‪ ،‬والصل‬
‫والعمومات وحصر المحرمات يرجح الحل‪ ،‬مع أنه يمكن قراءة الحرام‬
‫منصوبا ليكون مفعول وموافقا لغيرها كما ذكره المحقق الردبيلي رحمه‬
‫ال‪ .‬وقيل‪ :‬يباع ممن يستحل الميتة‪ ،‬ذهب إليه الشيخ في النهاية وتبعه ابن‬
‫حمزة والعلمة في المختلف‪ ،‬ومال إليه المحقق قدس ال روحه في‬
‫الشرايع مع قصده لبيع المذكى‪ ،‬والمستند صحيحة الحلبي عن الصادق‬
‫عليه السلم قال سمعته يقول‪ :‬إذا اختلط الذكي بالميتة باعه ممن يستحل‬
‫الميتة )‪ .(2‬وحسنة الحلبي )‪ (3‬أيضا يدل عليه‪ ،‬ومنع ابن إدريس من بيعه‬
‫والنتفاع به‬

‫)‪ (1‬فيه اشكال إذ الحكام تتعلق بذات الموضوعات مجردة عن وصفى العلم والجهل‬
‫والروايات المتقدمة عدا واحدة منها في الشك البدوى الذى ل يعلم أن هذا‬
‫اللحم من ذبيحة المسلم أو من غيره‪ ،‬ول تشمل موردا يعلم بوجودا اللحم‬
‫الميت في البين‪ ،‬نعم واحد منها ورد في مورد يعلم اجمال بوجود الميت‬
‫فحكم فيه بوجوب الجتناب‪ ،‬واما الحديث النبوى فظاهره أن الحرام‬
‫مرفوع وكونه منصوبا خلف الظاهر ل يقال به ال بقرينة ودليل‪(2) .‬‬
‫رواه الكليني في الفروع ‪ 260 :6‬باسناده عن محمد بن يحيى عن احمد‬
‫بن محمد عن على بن الحكم عن ابى المغرا عن الحلبي وزاد في آخره‪:‬‬
‫ويأكل ثمنه‪ (3) .‬وهى ما رواه ايضا الكليني في الفروع ‪ 260 :6‬باسناده‬
‫عن على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن حماد عن الحلبي‬
‫عن ابى عبد ال )ع( أنه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر وكان يدرك‬
‫الذكى منها فيعزله ويعزل الميتة ثم ان الميتة والذكى اختلطا فكيف يصنع‬
‫به ؟ فقال‪ :‬يبيعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه فانه ل بأس به‪.‬‬

‫]‪[145‬‬

‫مطلقا لمخالفة الرواية لصول المذهب‪ ،‬والمحقق رحمه ال وجه الرواية بما إذا‬
‫قصد بيع المذكى حسب‪ ،‬واستشكل بأنه مع عدم التمييز يكون المبيع‬
‫مجهول‪ ،‬ول يمكن إقباضه فل يصح بيعه منفردا وأجاب في المختلف بأنه‬
‫ليس بيعا حقيقيا‪ ،‬بل هو استنقاذ مال الكافر من يده برضاه فكان سائغا‪،‬‬
‫وإنما اطلق عليه اسم البيع لمشابهته له في الصورة من حيث أنه بذل مال‬
‫في مقابلة عوض‪ ،‬واعترض عليه بأن مستحل الميتة أعم ممن يباح ماله‬
‫إذ لو كان ذميا كان ماله محترما )‪ (1‬فل يصح إطلق القول ببيعه كذلك‬
‫على مستحل الميتة‪ ،‬فالولى العمل بالرواية الصحيحة وترك تلك‬
‫المعارضات في مقابلها‪ ،‬نعم رواية الراوندي ظاهرها عدم جواز البيع‪ ،‬لكن‬
‫ل تعارض هذه الصحيحة سندا مع أنه ل تعارض بينهما حقيقة فان الظاهر‬
‫أن الرمي إلى الكلب كناية عن عدم جواز استعمالهما وأكلهما )‪ (2‬فل‬
‫ينافي جواز إعطائهما من يشبه الكلب‪ ،‬وكأنه لم يقل أحد بتعين إطعامهما‬
‫الكلب كسائر الميتات‪ .‬ومال الشهيد إلى عرضه على النار واختباره‬
‫بالنبساط والنقباض كما مر في اللحم المجهول‪ ،‬وضعف ببطلن القياس‬
‫مع وجود الفارق‪ ،‬وهو أن اللحم المطروح يحتمل كونه بأجمعه مذكى‬
‫وكونه غير مذكى فكونه ميتة غير معلوم بخلف المتنازع فيه فانه مشتمل‬
‫على الميتة قطعا فل يلزم من الحكم في المشتبه تحريمه كونه كذلك في‬
‫المعلوم التحريم‪ ،‬وقال المحقق الردبيلي رحمه ال‪ :‬هو محل تأمل لما علم‬
‫من الرواية العلة وهي حصول العلم بتعين إحداهما وهو أعم من المطروح‬
‫المشتبه بالميتة على أنه ليس بفارق فان المطروح بحكم الميتة شرعا‬
‫عندهم وإن كل واحد من الميتة والمشتبه يحتمل أن يكون ميتة فوجود‬
‫الميتة يقينا هنا ل ينفع‪ ،‬فل بد أن يمنع استقلل العلة مع الشتباه‪ ،‬ومثله‬
‫يرد في جميع القياسات المنصوصة العلة أو‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬كان ماله محقونا‪ (2) .‬يمكن أن يقال‪ :‬انها تدل على اعم من‬
‫الكل والبيع فيبقى ؟ التنافى بحاله‪.‬‬

‫]‪[146‬‬
‫يمنع الصل انتهى )‪ .(1‬الثالث‪ :‬يدل الخبران الولن على ما ذكره الصحاب من أنه‬
‫إذا التقط ما ل يبقى كالطعام فهو مخير بين أن يتملكه بالقيمة أو يبيعه‬
‫ويأخذ ثمنه ثم يعرفه وبين أن يدفعه إلى الحاكم ليعمل فيه ما هو الحظ‬
‫للمالك‪ .‬ورووا عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪ " :‬من التقط‬
‫طعاما فليأكله " لكن الخبران إنما يدلن على جواز الكل‪ ،‬والول على أنه‬
‫إذا جاء صاحبه غرم له الثمن )‪ ،(2‬وسيأتي الكلم فيه إن شاء ال في‬
‫محله‪ .‬الرابع قوله عليه السلم‪ :‬كل صيد الخ يدل على أن الصل في‬
‫الحيوان كونه حلل وقابل للتذكية إل ما أخرجه الدليل‪ .‬وقال الشهيد الثاني‬
‫قدس سره‪ :‬الصل فيما يحل أكله وما يحرم أن يرجع إلى الشرع‪ ،‬فما أباحه‬
‫فهو مباح وما حظره فهو محظور‪ ،‬وما لم يكن له في الشرع ذكر كان‬
‫المرجع فيه إلى عادة العرب‪ ،‬فما استطابته فهو حلل‪ ،‬وما استخبثته فهو‬
‫حرام‪ ،‬ثم استدل رحمه ال باليات المتقدمة وقد مر هنا الكلم فيه‪ .‬وقال‬
‫المحقق الردبيلي طاب ثراه‪ :‬قد توافق دليل العقل والنقل على إباحة أكل‬
‫كل شئ خال عن الضرر‪ ،‬وقد تبين دللة العقل على أن الشياء خالية عن‬
‫الضرر مباحة ما لم يرد ما يخرجه عن ذلك‪ ،‬واليات الشريفة في ذلك‬
‫كثيرة أيضا‪ ،‬مثل‪ " :‬خلق لكم ما في الرض جميعا )‪ - (3‬وكلوا مما رزقكم‬
‫ال حلل طيبا " )‪ (4‬هما حالن مؤكدان ل مقيدان‪ ،‬وهو ظاهر‪ ،‬والخبار‬
‫أيضا كثيرة‪ ،‬والجماع أيضا واقع‪ ،‬فالشياء كلها على الباحة بالعقل‬
‫والنقل كتابا وسنة وإجماعا إل ما ورد النص بتحريمه‬

‫)‪ (1‬شرح الرشاد‪ (2) :‬كلهما تدل على جواز الكل بعد التقويم‪ ،‬والغرامة لصاحبه‬
‫ان جاء وطالب‪ (3) .‬البقرة‪ (4) .29 :‬المائدة‪.88 :‬‬

‫]‪[147‬‬

‫إما بالعموم مثل‪ " :‬وحرم عليكم الخبائث " )‪ (1‬فما علم أنه خبيث فهو حرام‪،‬‬
‫ولكن معنى الخبيث غير ظاهر‪ ،‬إذ الشرع ما بينه واللغة غير مراد والعرف‬
‫غير منضبط‪ ،‬فيمكن أن يقال‪ :‬المراد عرف أوساط الناس وأكثرهم حال‬
‫الختبار مثل أهل المدن والدور ل أهل البادية لنه ل خبيث عندهم بل‬
‫يطيبون جميع ما يمكن أكله ول اعتداد بهم‪ .‬وإما بالخصوص مثل‪" :‬‬
‫حرمت عليكم الميتة " )‪ (2‬الية وبالجملة الظاهر الحل حتى يعلم أنه حرام‬
‫لخبثه أو لغيره لما تقدم‪ ،‬ولصحيحة ابن سنان‪ ،‬ويؤيده حصر المحرمات‬
‫مثل‪ " :‬قل ل أجد " )‪ (3‬الية‪ ،‬فالذي يفهم من غير شك هو الحل ما لم‬
‫يعلم وجه التحريم حتى في المذبوح من الحيوان وأجزاء الميتة‪ ،‬فما علم‬
‫أنه ميتة أو ما ذبح على الوجه الشرعي فهو أيضا حرام إل ما يستثنى‪،‬‬
‫وأما المشتبه والمجهول غير المستثنى فالظاهر من كلمهم أنه حرام أيضا‬
‫وفيه تأمل قد مر إليه الشارة‪ ،‬هذه الضابطة على العموم من غير نظر إلى‬
‫دليل خاص‪ ،‬وما ورد فيه دليل الخصوصية مفصل فهو تابع لدليله تحريما‬
‫وتحليل فتأمل )‪ (4‬انتهى كلمه قدس سره‪ ،‬وهو في غايه المتانة‪- 19 .‬‬
‫الفقيه والتهذيب‪ :‬عن أبي الحسين السدي عن سهل بن زياد عن عبد‬
‫العظيم بن عبد ال الحسني عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬سألته عما أهل لغير ال به‪ ،‬قال‪ :‬ما ذبح لصنم أو وثن أو‬
‫شجر حرم ال ذلك كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير‪ ،‬فمن اضطر غير‬
‫باغ ول عاد فل إثم عليه أن يأكل الميتة‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬يابن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله متى تحل للمضطر الميتة ؟ فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬الصحيح‪ " :‬ويحرم عليكم الخبائث " راجع العراف‪ (2) .157 :‬المائدة‪) .3 :‬‬
‫‪ (3‬النعام‪ (4) .145 :‬شرح الرشاد‪:‬‬

‫]‪[148‬‬

‫حدثني أبي عن أبيه آبائه عليهم السلم أن رسول ال صلى ال عليه وآله سئل‬
‫فقيل‪ :‬يا رسول ال إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة فمتى تحل لنا الميتة‬
‫؟ قال‪ :‬ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفؤا بقل فشأنكم بها‪ .‬قال عبد‬
‫العظيم‪ :‬فقلت له‪ :‬يابن رسول ال ما معنى قوله عزوجل‪ " :‬فمن اضطر‬
‫غير باغ ول عاد " )‪ (1‬قال‪ :‬العادي السارق‪ ،‬والباغي الذي يبغي الصيد‬
‫بطرا أو لهوا ل ليعود به على عياله‪ ،‬ليس لهما أن يأكل الميتة إذ اضطرا‪،‬‬
‫هي حرام عليهما في حال الضطرار كما هي حرام عليهما في حال‬
‫الختيار‪ ،‬وليس لهما أن يقصرا في صوم ول صلة في سفر‪ ،‬فقلت‪ :‬فقوله‪:‬‬
‫" والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إل ما ذكيتم "‬
‫)‪ (2‬قال‪ :‬المنخنقة‪ :‬التي انخنقت بأخناقها حتى تموت‪ ،‬والموقوذة‪ :‬التي‬
‫مرضت ووقذها المرض حتى لم يكن بها حركة‪ ،‬والمتردية التي تتردى من‬
‫مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردى من جبل أو في بئر فتموت‪ ،‬والنطيحة‪:‬‬
‫التي تنطحها بهيمة اخرى فتموت‪ ،‬وما أكل السبع منها فمات‪ ،‬وما ذبح‬
‫على النصب على حجر أو صنم إل ما أدركت زكاته )‪ (3‬فذكي‪ ،‬قلت‪" :‬‬
‫وأن تستقسموا بالزلم " )‪ (4‬قال‪ :‬كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما‬
‫بين عشرة أنفس ويستقسمون عليه بالقداح وكانت عشرة‪ ،‬سبعة لها‬
‫أنصباء )‪ (5‬وثلثة ل أنصباء لها‪ ،‬أما التي لها أنصباء فالفذ والتوأم‬
‫والنافس والحلس والمسبل والمعلى والرقيب‪ ،‬وأما التي ل أنصباء لها‬
‫فالسفيح والمنيح والوغد )‪ ،(6‬فكانوا يجيلون السهام بين عشرة‪ ،‬فمن‬
‫خرج باسمه‬
‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .173 :‬المائدة‪ (3) .4 :‬في الفقيه‪ :‬ال ما ادرك زكاته‪ (4) .‬المائدة‪:‬‬
‫‪ (5) .4‬النصباء جمع النصيب‪ :‬الحظ‪ ،‬الحصة من الشئ‪ (6) .‬هذه اسام‬
‫لسهام الميسر‪.‬‬

‫]‪[149‬‬

‫سهم من التي ل أنصباء لها الزم ثلث ثمن البعير فل يزالون كذلك حتى تقع السهام‬
‫الثلثة ل أنصباء لها إلى ثلثة منهم فيلزمونهم ثمن البعير ثم ينحرونه‬
‫ويأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا‪ ،‬ولم يطعموا منه الثلثة الذين‬
‫نقدوا ثمنه شيئا‪ ،‬فلما جاء السلم حرم ال تعالى ذكره ذلك فيما حرم‪،‬‬
‫وقال عزوجل " وأن تستقسموا بالزلم ذلكم فسق " يعني حراما )‪.(1‬‬
‫تبيين‪ :‬المخمصة‪ :‬المجاعة‪ :‬قوله عليه السلم‪ " :‬ما لم تصطبحوا " هذا‬
‫الخبر روته العامة أيضا عن أبي واقد عن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫واختلفوا في تفسيره‪ :‬قال في النهاية‪ :‬ومنه الحديث أنه سئل متى تحل لنا‬
‫الميتة ؟ فقال‪ " :‬ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفؤا بها بقل "‬
‫الصطباح ههنا‪ :‬أكل الصبوح وهو الغداء‪ ،‬والغبوق‪ :‬العشاء‪ ،‬وأصلهما في‬
‫الشرب ثم استعمل في الكل‪ ،‬أي ليس لكم أن تجمعوهما من الميتة‪ ،‬قال‬
‫الزهري‪ :‬قد أنكر هذا على أبي عبيد وفسر أنه أراد إذا لم تجدوا لبنية‬
‫تصطبحونها أو شرابا تغتبقونه ولم تجدوا بعد عدم الصبوح والغبوق بقلة‬
‫تأكلونها حلت لكم الميتة‪ ،‬وقال‪ :‬هذا هو الصحيح )‪ .(2‬وقال في باب الحاء‬
‫مع الفاء‪ :‬قال أبو سعيد الضرير‪ :‬صوابه " ما لم تحتفوا بها " بغير همز‬
‫من أحفى الشعر‪ ،‬ومن قال‪ " :‬تحتفئوا " مهموزا من الحفأ وهو البرري‬
‫فباطل لن البرري ليس من البقول‪ ،‬وقال أبو عبيد‪ :‬هو من الحفأ مهموز‬
‫مقصور و هو أصل البرري البيض الرطب منه‪ ،‬وقد يؤكل‪ ،‬يقول‪ :‬ما لم‬
‫تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه‪ ،‬ويروى ما لم تحتفوا بتشديد الفاء من احتففت‬
‫الشئ‪ :‬إذا أخذته كله كما تحف المرأة وجهها من الشعر )‪ .(3‬وقال في باب‬
‫الجيم مع الفاء‪ :‬ومنه الحديث‪ " :‬متى تحل لنا الميتة ؟ قال‪ :‬ما لم تجتفئوا‬
‫بقل " أي تقتلعوه وترموا به من جفأت القدر‪ :‬إذا رميت بما يجتمع‬

‫)‪ (1‬من ل يحضره الفقيه ‪ 216 :3‬و ‪ 217‬تهذيب الحكام‪ (2) :‬النهاية ‪) .271 :2‬‬
‫‪ (3‬النهايه ‪.276 :1‬‬

‫]‪[150‬‬

‫على رأسها من الزبد والوسخ )‪ .(1‬وقال في باب الخاء مع الفاء‪ " :‬أو تختفوا بقل‬
‫" أي تظهرونه يقال‪ :‬اختفيت الشئ‪ :‬إذا أظهرته‪ ،‬وأخفيته‪ :‬إذا سترته‬
‫انتهى )‪ .(2‬وقال الطيبي‪ " :‬تحتفوا بها " أي بالرض‪ ،‬فشأنكم بها‪ :‬أي‬
‫الزموا الميتة و " أو " بمعنى الواو‪ ،‬فيجب نفي الخلل الثلث حتى تحل‬
‫لنا الميتة‪ ،‬و " ما " للمدة أي يحل لكم مدة عدم اصطباحكم انتهى‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫في بعض نسخ الفقيه بالواو في الموضعين فل يحتاج إلى تكلف‪ ،‬وعلى‬
‫الحاء المهملة يحتمل أن تكون كنايه عن استيصال البقل فان هذا شايع في‬
‫عرفنا على التمثيل‪ ،‬فلعله كان في عرفهم أيضا كذلك‪ ،‬وفي بعض نسخ‬
‫التهذيب " تحتقبوا " بالحاء المهملة والقاف والباء الموحدة فالمراد به‬
‫الدخار‪ ،‬قال في القاموس احتقبه‪ :‬ادخره وقال‪ :‬الحقيبة كل ما شد في‬
‫مؤخر رحل أو قتب‪ ،‬والظاهر أنه تصحيف‪ " .‬باخناقها " كأنه على بناء‬
‫الفعال‪ ،‬أي بأن يخنقها غيره أو بأن يختنق في مضيق‪ ،‬أو بالفتح على‬
‫صيغة الجمع أي بأسباب خنقها‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬الخنق بكسر النون مصدر‬
‫قولك خنقه يخنقه وكذلك خنقه‪ ،‬ومنه الخناق وأخنق هو واختنقت الشاة‬
‫بنفسها فهي منخنقة‪ .‬وفي القاموس‪ :‬الزلم محركة‪ :‬قدح ل ريش عليه‪،‬‬
‫والنصباء جمع النصيب والسماء السبعة المذكورة في الخبر على خلف‬
‫الترتيب المشهور‪ ،‬ولعله من الرواة أو يقال‪ :‬انه عليه السلم لم يكن بصدد‬
‫تعليمه بل أشار مجمل إلى ما كانوا يعملونه‪ ،‬بل يمكن أن يكون عليه‬
‫السلم تعمد ذلك لئل يكون تعليما للقمار وإن أمكن الستدلل به على جواز‬
‫تعليم القمار وتعلمه لغير العمل‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬سهام الميسرة عشرة‪:‬‬
‫أولها الفذ‪ ،‬ثم التوأم‪ ،‬ثم الرقيب‪ ،‬ثم الحلس ثم النافس ثم المسبل ثم‬
‫المعلى‪،‬‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ (2) .195 :1‬النهاية ‪.343 :1‬‬

‫]‪[151‬‬

‫وثلثة ل أنصباء لها وهي السفيح والمنيح والوغد انتهى‪ .‬مع أن بينهم أيضا خلفا‬
‫في بعضها‪ :‬قال الفيروز آبادي‪ :‬المسبل كمحسن‪ :‬السادس أو الخامس من‬
‫قداح الميسر )‪ - 20 .(1‬تحف العقول‪ :‬في خبر طويل عن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬أما ما يحل للنسان أكله مما أخرجت الرض فثلثة صنوف‬
‫من الغذية‪ :‬صنف منها جميع الحب كله من الحنطة والشعير والرز‬
‫والحمص وغير ذلك من صنوف الحب وصنوف السماسم وغيرها‪ ،‬كل شئ‬
‫من الحب مما يكون فيه غذاء النسان في بدنه وقوته فحلل أكله‪ ،‬وكل‬
‫شئ تكون فيه المضرة على النسان في بدنه فحرام أكله إل في حال‬
‫الضرورة‪ .‬والصنف الثاني‪ :‬مما أخرجت الرض صنوف الثمار كلها مما‬
‫يكون فيه غذاء النسان ومنفعة له وقوته به فحلل أكله‪ ،‬وما كان فيه‬
‫المضرة على النسان في أكله فحرام أكله‪ .‬والصنف الثالث جميع صنوف‬
‫البقول والنبات وكل شئ تنبت الرض من البقول كلها مما فيه منافع‬
‫النسان وغذاؤه فحلل أكله‪ ،‬وما كان من صنوف البقول مما فيه المضرة‬
‫على النسان في أكله نظير بقول السموم القاتلة ونظير الدفلى )‪ (2‬وغير‬
‫ذلك من صنوف السم القاتل فحرام أكله‪ .‬وأما ما يحل أكله من لحوم‬
‫الحيوان فلحوم البقر والغنم والبل‪ ،‬وما يحل من لحوم الوحش كل ما ليس‬
‫فيه ناب ول له مخلب‪ ،‬وما يحل من لحوم الطير كل ما كانت له قانصة‬
‫فحلل أكله‪ ،‬وما لم يكن له قانصة فحرام أكله‪ ،‬ول بأس بأكل صنوف‬
‫الجراد‪.‬‬

‫)‪ (1‬وفي النافس ايضا اختلف انه الخامس أو الرابع‪ (2) .‬الدفلى بكسر اوله‬
‫مقصورا‪ :‬نبت زهره اعتياديا كالورد الحمر وحمله كالخرنوب يقال له‬
‫بالفارسية‪ :‬خرزهره‪.‬‬

‫]‪[152‬‬

‫وأما ما يجوز أكله من البيض فكل ما اختلف طرفاه فحلل أكله وما استوى طرفاه‬
‫فحرام أكله‪ .‬وما يجوز أكله من صيد البحر من صنوف السمك ما كان له‬
‫قشور فحلل أكله وما لم يكن له قشور فحرام أكله‪ .‬وما يجوز من الشربة‬
‫من جميع صنوفها فما ل يغير العقل كثيره فل بأس بشربه‪ ،‬وكل شئ يغير‬
‫منها العقل كثيره فالقليل منه حرام )‪ .(1‬بيان‪ :‬جمع السماسم إما باعتبار‬
‫أنواعها من البري والبستاني أو باعتبار معانيه على المجاز أو باعتبار‬
‫إطلقها على ما يشبهها من الحبوب الصغار توسعا‪ .‬قال الفيروزآبادي‪:‬‬
‫السمسم بالكسر‪ ،‬حب الحل والبري منه يعرف بخلبهنك والجلجلن وحبه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬الدفل بالكسر وكذكرى‪ :‬نبت مر فارسيه‪ :‬خرزهره )‪ (2‬قتال‪ ،‬زهره‬
‫كالورد الحمر‪ ،‬وحمله كالخرنوب نافع للجرب والحكة طلء ولوجع الركبة‬
‫والظهر ضمادا‪ ،‬ولطرد البراغيث والرض )‪ (3‬رشا بطبيخه‪ ،‬ولزالة‬
‫البرص طلء بلبه اثنى عشرة مرة بعد النقاء‪ - 21 .‬المحاسن‪ :‬عن ابن‬
‫محبوب عن عبد ال بن سليمان )‪ (4‬قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن‬
‫الجبن فقال‪ :‬لقد سألتني عن طعام يعجبني‪ ،‬ثم أعطى الغلم دراهم )‪(5‬‬
‫فقال‪ :‬يا غلم ابتع لي جبنا ودعا بالغداء فتغدينا معه واتي بالجبن فقال‪ :‬كل‬
‫)‪ (6‬فلما فرغ من الغداء قلت‪ :‬ما تقول في الجبن ؟ قال أو لم ترني أكلته ؟‬
‫قلت‪ :‬بلى‪،‬‬

‫)‪ (1‬تحف العقول‪ 337 :‬و ‪ (2) .338‬في المخطوطة‪ :‬يقال بفارسيه‪ :‬خرزهره‪(3) .‬‬
‫الرض جمع الرضة‪ :‬دويبة تأكل الخشب‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ابن محبوب‬
‫عن عبد ال بن سنان عن عبد ال بن سليمان‪ (5) .‬في الكافي‪ :‬درهما‪) .‬‬
‫‪ (6‬الكافي‪ :‬فاتى بالجبن فأكل وأكلنا معه فلما فرغنا‪.‬‬

‫]‪[153‬‬

‫ولكني احب أن أسمعه منك‪ ،‬فقال‪ :‬سأخبرك عن الجبن وغيره كل ما يكون فيه حلل‬
‫وحرام فهو لك حلل حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه )‪ - (1‬الكافي‪ :‬عن‬
‫محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب مثله )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬الجبن بالضم وبضمتين وكعتل معروف انتهى‪،‬‬
‫والظاهر أن السؤال عن الجبن لن العامة كانوا يتنزهون عنه لحتمال أن‬
‫تكون النفحة التي يأخذون منها الجبن مأخوذة من ميتة‪ ،‬والنفحة عندنا‬
‫من المستثنيات من الميتة فيمكن أن يكون جوابه عليه السلم على سبيل‬
‫التنزل‪ ،‬أي لو كانت النفحة بحكم الميتة لكان يجوز لنا أكل الجبن لعدم‬
‫العلم باتخاذه منها‪ ،‬فكيف وهي ل يجري فيها حكم الميتة ؟ أو باعتبار‬
‫نجاستها قبل الغسل على القول بها أو باعتبار أن المجوس كانوا يعملونها‬
‫غالبا كما يظهر من بعض الخبار‪ .‬وقال في النهاية في حديث ابن الحنفية‪:‬‬
‫" كل الجبن عرضا " أي اشتره ممن وجدته ول تسأل عمن عمله من‬
‫مسلم أو غيره مأخوذ من عرض الشئ أي ناحيته‪ - 22 (3) .‬المحاسن‪:‬‬
‫عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه‬
‫السلم عن الجبن وقلت له‪ :‬أخبرني من رأى أنه يجعل فيه الميتة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫من أجل )‪ (4‬مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الرضين ؟ إذا‬
‫علمت أنه ميتة فل تأكله‪ ،‬وإن لم تعلم فاشتر وكل )‪ ،(5‬وال إني لعترض‬
‫السوق فأشتري بها اللحم والسمن والجبن‪ ،‬وال ما أظن كلهم يسمون هذه‬
‫البربر وهذه السودان )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .495 :‬فروع الكافي ‪ 339 :6‬وفيه‪ :‬ابن محبوب عن عبد ال بن‬
‫سنان عن عبد ال بن سليمان‪ (3) .‬النهاية ‪ (4) .93 :3‬في المصدر‪ :‬أمن‬
‫اجل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬فاشتر وبع وكل‪ (6) .‬المحاسن‪.945 :‬‬

‫]‪[154‬‬

‫تبيين‪ :‬اعتراض السوق أن يأتيه ويشتري من أي بايع كان من غير تفحص‬


‫وسؤال‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬وخرجوا يضربون الناس عن عرض‪ ،‬أي عن شق‬
‫وناحية كيفما اتفق ل يبالون من ضربوا‪ ،‬وقال محمد بن الحنفية‪ " :‬كل‬
‫الجبن عرضا " قال الصمعي‪ :‬يعني اعترضه )‪ (1‬واشتره ممن وجدته ول‬
‫تسأل عن عمله )‪ ،(2‬أمن عمل أهل الكتاب أم عمل المجوس ؟ ويقال‪:‬‬
‫استعرض العرب‪ ،‬أي سل من شئت منهم‪ .‬وفي القاموس‪ :‬بربرجيل والجمع‬
‫البرابرة وهم امة بالمغرب‪ ،‬وامة اخرى بين الحبوش و الزنج يقطعون‬
‫مذاكير الرجال ويجعلونها مهور نسائهم انتهى ثم إن الخبر يدل على جواز‬
‫شراء اللحوم وأمثالها من سوق المسلمين‪ ،‬ومرجوحية التفحص والسؤال‪،‬‬
‫و قال المحقق رحمه ال وغيره‪ :‬ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح‬
‫واللحوم يجوز شراؤه‪ ،‬ول يلزم الفحص عن حاله‪ ،‬وقال في المسالك‪ :‬ل‬
‫فرق في ذلك بين ما يوجد بيد رجل معلوم السلم ومجهوله‪ ،‬ول في‬
‫المسلم بين كونه ممن يستحل ذبيحة الكتابي وغيره على أصح القولين‬
‫عمل بعموم النصوص والفتاوى‪ ،‬ومستند الحكم أخبار كثيرة ومثله ما‬
‫يوجد بأيديهم من الجلود‪ ،‬واعتبر في التحرير كون المسلم ممن ل يستحل‬
‫ذبايح أهل الكتاب‪ ،‬وهو ضعيف جدا لن جميع المخالفين يستحلون‬
‫ذبائحهم فيلزم على هذا أن ل يجوز أخذه من المخالفين مطلقا‪ ،‬والخبار‬
‫ناطقة بخلفه‪ ،‬واعلم أنه ليس في كلم الصحاب ما يعرف به سوق‬
‫السلم من غيره‪ ،‬فكان الرجوع فيه إلى العرف‪ ،‬وفي موثقة إسحاق بن‬
‫عمار عن الكاظم عليه السلم أنه قال‪ :‬ل بأس بالفرو اليماني وفيما صنع‬
‫في أرض السلم‪ ،‬قلت له‪ :‬وإن كان فيها غير أهل السلم ؟ قال‪ :‬إذا كان‬
‫الغالب عليها المسلمون فل بأس‪ .‬وعلى هذا ينبغي أن يكون العمل وهو‬
‫غير مناف للعرف أيضا فيتميز سوق السلم بأغلبية المسلمين فيه‪ ،‬سواء‬
‫كان حاكمهم مسلما وحكمه نافذا أم ل‪ ،‬عمل‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬اعرضه‪ (2) .‬ولعله تصحيف‪ :‬من عمله‪.‬‬

‫]‪[155‬‬

‫بالعموم‪ ،‬وكما يجوز شراء اللحم والجلد من سوق السلم ل يلزم البحث عنه هل‬
‫ذابحه مسلم أم ل ؟ وأنه هل سمى واستقبل بذبيحته القبلة أم ل ؟ ول‬
‫يستحب‪ ،‬و لو قيل‪ :‬بالكراهة كان وجها للنهي عنه في الخبر الذي أقل‬
‫مراتبه الكراهة‪ ،‬وفي الدروس اقتصر على نفي الستحباب‪- 23 .‬‬
‫المحاسن‪ :‬عن أبيه عن صفوان عن منصور بن حازم عن بكر بن حبيب‬
‫قال‪ :‬سئل أبو عبد ال عليه السلم عن الجبن وأنه توضع فيه النفحة من‬
‫الميتة )‪ (1‬قال‪ :‬ل يصلح‪ ،‬ثم أرسل بدرهم قال )‪ :(2‬اشتر من رجل مسلم‬
‫ول تسأله عن شئ )‪ - 24 .(3‬ومنه‪ :‬عن اليقطيني عن صفوان عن معاوية‬
‫)‪ (4‬عن رجل من أصحابنا قال‪ :‬كنت عند أبي جعفر عليه السلم فسأله‬
‫رجل من أصحابنا عن الجبن فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إنه لطعام‬
‫يعجبني فسأخبرك عن الجبن وغيره‪ ،‬كل شئ فيه الحلل والحرام فهو لك‬
‫حلل حتى تعرف الحرام فتدعه بعينه‪ - 25 (5) .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب‬
‫المشيخة لبن محبوب عن أبي أيوب عن ضريس الكناسي قال‪ :‬سألت أبا‬
‫جعفر عليه السلم عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين في الروم‬
‫أناكله ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬أما ما علمت أنه قد خالطه الحرام فل تأكله‪ ،‬وأما ما لم‬
‫تعلم فكله حتى تعلم أنه حرام‪ - 26 (6) .‬ومنه‪ :‬عن ابن محبوب عن عبد‬
‫ال بن سنان عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المحاسن‪ :‬وانه يصنع فيه النفحة قال‪ (2) :‬في المصدر‪ :‬فقال‪(3) .‬‬
‫المحاسن‪ (4) .496 :‬في المصدر‪ :‬عن معاوية بن عمار‪ (5) .‬المحاسن‪:‬‬
‫‪ (6) .496‬السرائر‪:‬‬

‫]‪[156‬‬

‫كل شئ يكون فيه حرام وحلل فهو لك حلل أبدا حتى تعرف منه الحرام بعينه فدعه‬
‫)‪ - 27 .(1‬تفسير المام عليه السلم‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬قال ال تعالى‪" :‬‬
‫يا أيها الناس كلوا مما في الرض " من ثمارها وأطعمتها " حلل طيبا "‬
‫لكم إذا أطعتم ربكم في تعظيم من عظمه والستخفاف بمن أهانه وصغره‪) .‬‬
‫‪ - 28 (2‬ومنه‪ :‬قال المام عليه السلم‪ :‬قال ال عزوجل‪ " :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا " بتوحيد ال ونبوة محمد رسول ال صلى ال عليه وآله وإمامة‬
‫علي ولي ال‪ " :‬كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا ل " على ما رزقكم‬
‫منها بالمقام على ولية محمد وعلي ليقيكم ال بذلك شرور الشياطين‬
‫المتمردة على ربه عزوجل‪ - 29 (3) .‬الكافي‪ :‬عن محمد بن يحيى عن‬
‫أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد ال بن سنان عن عبد ال بن‬
‫سليمان عن أبي جعفر عليه السلم في حديث طويل )‪ :(4‬قال‪ :‬سأخبرك‬
‫عن الجبن وغيره كل ما كان فيه حلل وحرام فهو لك حلل حتى تعرف‬
‫الحرام بعينه فتدعه‪ - 30 (5) .‬ومنه‪ :‬عن أحمد بن محمد الكوفي عن‬
‫محمد بن أحمد النهدي عن محمد بن الوليد عن أبان بن عبد الرحمن عن‬
‫عبد ال بن سليمان عن أبي عبد ال عليه السلم في الجبن قال‪ :‬كل شئ‬
‫لك حلل حتى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أن فيه ميتة‪ (6) .‬بيان‪ :‬يدل‬
‫على أن أمثال هذه من قبيل ما تقبل فيه الشهادة ل الرواية وقد اختلف‬
‫الصحاب فيه‪.‬‬

‫)‪ (1‬السرائر‪ (2) :‬التفسير المنسوب إلى المام العسكري عليه السلم‪ 265 :‬في ط‪.‬‬
‫)‪ (3‬التفسير المنسوب إلى المام العسكري )ع(‪ (4) .266 :‬تقدم الحديث‬
‫بتمامه عنه وعن المحاسن تحت الرقم ‪ (5) .21‬و )‪ (6‬فروع الكافي ‪:6‬‬
‫‪.339‬‬
‫]‪[157‬‬

‫‪ - 31‬الشهاب‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن محرم الحلل كمحل الحرام‪.‬‬
‫)‪ (1‬الضوء‪ :‬فائدة الحديث المر بالنتهاء إلى ما حده ال في التحليل‬
‫والتحريم‪ ،‬وإعلم أن من حرم الحلل عوقب معاقبة من حلل الحرام‪.‬‬
‫والراوي ابن عمر‪ - 32 (2) .‬المحاسن‪ :‬عن حماد بن عيسى عن ابن اذينة‬
‫عن محمد بن مسلم وإسماعيل الجعفي وعدة قالوا‪ :‬سمعنا أبا جعفر عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬التقية في كل شئ وكل شئ اضطر إليه ابن آدم فقد أحله ال‬
‫له )‪ - 33 .(3‬العياشي‪ :‬عن أبي بصير قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬المضطر ل يشرب الخمر لنها ل تزيده إل شرا‪ ،‬فان شربها قتلته فل‬
‫تشربن منها قطرة )‪ .(4‬العلل‪ :‬عن علي بن حاتم عن محمد بن عمر عن‬
‫علي بن محمد بن زياد عن أحمد بن الفضل )‪ (5‬عن يونس بن عبد‬
‫الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير مثله‪ ،‬وفيه‪ :‬ولنه إن‬
‫شربها قتلته فل يشرب منه قطرة )‪ - 34 .(6‬وروي‪ :‬ل تزيده إل عطشا )‬
‫‪ .(7‬ثم قال الصدوق رحمه ال‪ :‬جاء هذا الحديث هكذا كما أوردته‪ ،‬وشرب‬
‫الخمر في حال الضطرار مباح مطلق مثل الميتة والدم ولحم الخنزير‪،‬‬
‫وإنما أوردته لما فيه من العلة ول قوة إل بال )‪ - 35 .(8‬العياشي‪ :‬عن‬
‫حماد بن عثمان عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله‪ " :‬فمن اضطر غير‬
‫باغ ول عاد " قال‪ :‬الباغي‪ :‬طالب الصيد‪ ،‬والعادي‪ :‬السارق‪ ،‬ليس لهما أن‬
‫يقصرا‬

‫)‪ (1‬الشهاب‪ :‬ليست نسخته عندي موجودة‪ (2) .‬الضوء ليست نسخته عندي‬
‫موجودة‪ (3) .‬المحاسن‪ (4) .259 :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪(5) .74‬‬
‫في المصدر احمد بن الفضل المعروف بأبى عمر )و( طيبة‪(8) - (6) .‬‬
‫علل الشرائع ‪.154 :2‬‬

‫]‪[158‬‬

‫من الصلة‪ ،‬وليس لهما إذا اضطرا إلى الميتة أن يأكلها ول يحل لهما ما يحل‬
‫للناس إذا اضطروا )‪ - 36 .(1‬تفسير المام‪ :‬قال عليه السلم قال ال‬
‫عزوجل‪ " :‬إنما حرم عليكم الميتة " التي ماتت حتف أنفها‪ .‬بالذباحة من‬
‫حيث أذن ال فيها " والدم ولحم الخنزير " أن يأكلوه " وما اهل به لغير‬
‫ال " ما ذكر اسم غير ال عليه من الذبايح وهي التى يتقرب بها الكفار‬
‫بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون ال‪ ،‬ثم قال عزوجل‪ " :‬فمن اضطر‬
‫" إلى شئ من هذه المحرمات " غير باغ " وهو غير باغ عند ضرورته‬
‫على إمام هدى " ول عاد " ول معتد قوال بالباطل في نبوة من ليس بنبي‬
‫ول إمامة من ليس بامام " فل إثم عليه " في تناول هذه الشياء " إن ال‬
‫غفور " ستار لعيوبكم أيها المؤمنون " رحيم " بكم حين أباح لكم في‬
‫الضرورة ما حرمه في الرخاء )‪ .(2‬تبيين وتفصيل‪ ::‬اعلم أنه ل خلف في‬
‫الجملة في أن تحريم تناول المحرمات مختص بحال الختيار‪ ،‬ومع‬
‫الضرورة يسوغ التناول )‪ (3‬إل للباغي والعادي‪ ،‬وقد مضت القوال فيهما‬
‫في تفسير الية‪ ،‬واختلف الصحاب أيضا فيهما فقيل‪ :‬الباغي‪ :‬الخارج على‬
‫إمام زمانه‪ ،‬والعادي‪ :‬الذي يقطع الطريق‪ ،‬وقيل‪ :‬الباغي‪ :‬الخذ عن‬
‫مضطر مثله بأن يكون لمضطر آخر شئ لسد رمقه فيأخذه منه‪ ،‬وذلك غير‬
‫جائز بل يترك نفسه حتى يموت ول يميت الغير والعادي‪ :‬الذي يتجاوز‬
‫مقدار الضرورة‪ ،‬قيل‪ :‬الباغي الطالب للميتة أو الطالب للذة‪ ،‬والعادي‪:‬‬
‫الذي يتجاوز مقدار الشبع‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .75‬التفسير المنسوب إلى المام العسكري )ع(‪:‬‬
‫‪ (3) .268‬بل الظاهر من رواية لزوم ذلك‪ ،‬والرواية‪ :‬ذكرها الصدوق في‬
‫الفقيه ‪ 218 :3‬وكان المناسب أن يذكرها المصنف في الباب ولعله غفل‬
‫عنها وهى‪ :‬قال الصادق )ع(‪ :‬من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير‬
‫فلم يأكل شيئا من ذلك حتى يموت فهو كافر‪ .‬و هذا في نوادر الحكمة‬
‫لمحمد بن احمد بن يحيى بن عمران الشعري‪.‬‬

‫]‪[159‬‬

‫وقد عرفت ما ورد في الخبار من تفسيرهما‪ ،‬والضطرار يحصل بخوف التلف‪،‬‬


‫وهل يشترط فيه الظن أو يكفي مجرد الخوف ؟ فيه إشكال‪ ،‬وألحق الكثر‬
‫بخوف التلف خوف المرض الذي ليس بيسير وكذا زيادته أو طوله‪ ،‬وكذا‬
‫خوف العجز بترك التناول عن المشي الضروري أو مصاحبة الرفقة‬
‫الضرورية حيث يخاف بالتخلف عنهم على نفسه أو عرضه وكذا الخوف‬
‫على من معه‪ ،‬وربما يلحق بها الخوف على تلف المال على بعض الوجوه‬
‫لحصول معنى الضطرار في هذه الصورة وقال الشيخ في النهاية‪ :‬ل يجوز‬
‫أن يأكل الميتة إل إذا خاف تلف النفس‪ ،‬فان خاف ذلك أكل ما يمسك به‬
‫الرمق ول يمتلي منه‪ ،‬ووافقه جماعة من الصحاب‪ ،‬ول يجب المتناع إلى‬
‫أن يشرف على الموت فان التناول حينئذ ل ينفع‪ ،‬ول يختص جواز تناول‬
‫المحرم في حال الضطرار بنوع منه‪ ،‬لكن بعض المحرمات مقدم على‬
‫بعض كما سيأتي‪ ،‬ول ريب ول خلف في أن المضطر يجوز له أن يتناول‬
‫قدر سد الرمق يعنى ما يحفظ نفسه عن الهلك‪ ،‬ول يجوز له أن يزيد على‬
‫الشبع اتفاقا‪ ،‬وهل يجوز له أن يزيد عن سد الرمق إلى الشبع ؟ ظاهر‬
‫الكثر العدم‪ ،‬وهو حسن إن اندفعت به الحاجة‪ ،‬أما لو دعت الضرورة إلى‬
‫الشبع كما لو كان في بادية وخاف أن ل يقوى على قطعها لو لم يشبع أو‬
‫احتاج إلى المشي أو العدو وتوقف على الشبع جاز تناول ما دعت‬
‫الضرورة إليه‪ ،‬ويجوز التزود منه إذا خاف عدم الوصول إلى الحلل‪ ،‬ثم‬
‫هل التناول في موضع الضرورة على وجه الوجوب أو على سبيل الرخصة‬
‫فله التنزه عنه ؟ القرب الول لن تركه يوجب إعانته على نفسه وقد نهي‬
‫عنه في الكتاب والسنة )‪ ،(1‬وإذا تمكن المضطر من أخذ مال الغير فان‬
‫كان الغير محتاجا مثله فل يجوز الخذ عنه ظلما‪ ،‬وهو أحد معاني الباغي‬
‫كما سبق ويحتمل عدم جواز الخذ عنه مطلقا لنه يوجب هلكه فهو‬
‫كاهلك الغير لبقاء نفسه‪ ،‬والقرب أنه ل يجوز إيثار الغير إذا كان ذلك‬
‫موجبا لهلك نفسه لقوله تعالى‪ " :‬ول تلقوا " )‪ (2‬الية‪.‬‬

‫)‪ (1‬اوردنا ما يدل على ذلك عن الفقيه قبل ذلك‪ (2) .‬البقرة‪(*) .195 :‬‬

‫]‪[160‬‬

‫وقيل‪ :‬يجوز لقوله تعالى‪ " :‬ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )‪" (1‬‬
‫وضعف بأن الخاص حاكم على العام‪ ،‬ولو لم يكن المالك مضطرا إليه وكان‬
‫هناك مضطر وجب على المالك بذله له إن كان المضطر مسلما‪ ،‬وكذا إذا‬
‫كان ذميا أو مستأمنا على المعروف بينهم‪ ،‬ولو ظن الحتياج إليه في ثاني‬
‫الحال ففي وجوب البذل للمضطر في الحال نظر‪ ،‬ولو منع المالك جاز‬
‫للمضطر الخذ عنه قهرا‪ ،‬بل يجب عليه ذلك‪ ،‬بل المقاتلة عليه‪ ،‬ولو كان‬
‫للمضطر ثمن لم يجب على المالك البذل مجانا‪ ،‬ولو طلب المالك الثمن‬
‫حينئذ وجب على المضطر بذله‪ ،‬وإن طلب زيادة عن ثمن المثل‪ ،‬قال الشيخ‬
‫ل تجب الزيادة‪ ،‬ولعل القرب الوجوب لرتفاع الضرورة بالتمكن ولو لم‬
‫يكن للمضطر ثمن ففي وجوب البذل عليه عند القدرة قولن‪ ،‬ولو وجدت‬
‫ميتة وطعام الغير فان بذل له الغير طعامه بغير عوض أو بعوض هو قادر‬
‫عليه لم تحل الميتة‪ ،‬وإن كان العوض أكثر من ثمن المثل على القرب‪،‬‬
‫وإن لم يبذل المالك و قدر على الخذ منه قهرا أو كان المالك غالبا ففي‬
‫تقديم أكل الميتة أو مال الغير أو التخيير أوجه‪ .‬ولو لم يوجد إل الخمر قال‬
‫الشيخ في المبسوط ل يجوز رفع الضرورة بها‪ ،‬و ذهب جماعة منهم‬
‫الشيخ في النهاية إلى الجواز ترجيحا لحفظ النفس‪ ،‬ويدل عليه ما سيأتي‬
‫من خبر محمد بن عذافر وغيره‪ ،‬وهي وإن كان فيه جهالة لكنها مروية‬
‫بأسانيد يؤيد بعضها بعضا‪ ،‬ويدل على الول ما تقدم من رواية أبي بصير‬
‫التي رواها العياشي والصدوق وفي سندها ضعف‪ ،‬ويمكن حملها على‬
‫تحريم التداوي بها وإن كانت التتمة التي رواها الصدوق مرسل ظاهرا‬
‫شمولها للعطش أيضا‪ ،‬وأما التداوي بالخمر وسائر المحرمات فقد مر‬
‫الكلم فيه في أبواب الطب وقد مر أيضا أن عند الضرورة البول مقدم على‬
‫الخمر‪ ،‬وبول نفسه على بول غيره على قول وقالوا‪ :‬لو لم يجد إل آدميا‬
‫ميتا جاز له الكل منه‪ ،‬واستثنى بعضهم ما إذا كان الميت نبيا‪ ،‬ولو وجد‬
‫المضطر ميتة ولحم آدمي أكل الميتة دون الدمي‪ ،‬ولو‬

‫)‪ (1‬الحشر‪.9 :‬‬

‫]‪[161‬‬

‫وجد آدميا حيا فان كان معصوم الدم لم يجز‪ ،‬وإن كان كافرا كالذمي والمعاهد‪ ،‬وكذا‬
‫ل يجوز للسيد أكل عبده‪ ،‬ول للوالد أكل ولده‪ ،‬وإن لم يكن معصوم الدم‬
‫كالحربي والمرتد جاز له قتله وأكله‪ ،‬وإن كان قتله متوقفا على إذن المام‬
‫لن ذلك مخصوص بحالة الختيار وفي معناهما الزاني المحصن‬
‫والمحارب وتارك الصلة مستحل وغيرهم ممن يباح قتله‪ ،‬ولو كان له‬
‫على غيره قصاص ووجده في حالة الضطرار فله قتله قصاصا وأكله‪،‬‬
‫وأما المرأة الحربية وصبيان أهل الحرب ففي جواز قتلهم وأكلهم وجهان‪،‬‬
‫ورجح بعض المتأخرين الجواز لنهم ليسوا بمعصومين‪ ،‬وليس المنع من‬
‫قتلهم في غير حالة الضرورة لحرمة روحهم‪ ،‬ولهذا ل يتعلق به كفارة ول‬
‫دية‪ ،‬بخلف الذمي والمعاهد‪ ،‬وإذا لم يجد المضطر سوى نفسه بأن يقطع‬
‫فلذة من فخذه ونحوه من المواضع اللحمة فان كان الخوف فيه كالخوف‬
‫على النفس بترك الكل أو أشد حرم القطع قطعا‪ ،‬وإن كان أرجى للسلمة‬
‫ففيه وجهان‪.‬‬

‫]‪[162‬‬

‫‪ } 2‬باب { } علل تحريم المحرمات من المأكولت والمشروبات { ‪ - 1‬الحتجاج‪:‬‬


‫عن هشام بن الحكم قال‪ :‬سأل الزنديق أبا عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬لم‬
‫حرم ال الخمر ول لذة أفضل منها ؟ قال‪ :‬حرمها لنها ام الخبائث ورأس‬
‫كل شر‪ ،‬يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه ول يعرف ربه ول يترك‬
‫معصية إل ركبها ول حرمة إل انتهكها ول رحما ماسة إل قطعها‪ ،‬ول‬
‫فاحشة إل أتاها‪ ،‬والسكران زمامه بيد الشيطان إن أمره أن يسجد للوثان‬
‫سجد‪ ،‬وينقاد حيث ما قاده‪ .‬قال‪ :‬فلم حرم الدم المسفوح ؟ قال‪ :‬لنه يورث‬
‫القساوة ويسلب الفؤاد رحمته ويعفن البدن ويغير اللون‪ ،‬وأكثر ما يصيب‬
‫النسان الجذام يكون من أكل الدم‪ .‬قال‪ :‬فأكل الغدد‪ ،‬قال‪ :‬يورث الجذام‪.‬‬
‫قال‪ :‬فالميتة لم حرمها ؟ قال‪ :‬فرقا بينها وبين ما يذكر اسم ال عليه‪،‬‬
‫والميتة قد جمد فيها الدم وتراجع إلى بدنها فلحمها ثقيل غير مرئ لنها‬
‫يؤكل لحمها بدمها قال‪ :‬فالسمك ميتة‪ ،‬قال‪ :‬إن السمك ذكاته إخراجه حيا‬
‫من الماء ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه‪ ،‬وذلك أنه ليس له دم وكذلك‬
‫الجراد )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬بينهم رحم ماسة‪ :‬قرابة قريبة‪ .‬قوله عليه‬
‫السلم‪ :‬فرقا بينها‪ ،‬أقول‪ :‬لما كان للموت الذي هو سبب التحريم سببان‪:‬‬
‫أحدهما عدم رعاية شرائط الذبح والنحر كالتسمية والستقبال‪ ،‬وثانيهما‬
‫عدم الذبح والنحر أصل‪ ،‬فذكر عليه السلم لكل واحد منهما علة‪ ،‬فعلل‬
‫الول بعلة دينية روحانية وهو إطاعة أمر ال والبركات المترتبة عليها‬
‫للبدن والروح في الدنيا والخرة‬

‫)‪ (1‬الحتجاج‪ :‬ص‪.‬‬

‫]‪[163‬‬

‫مع أنه يمكن أن يكون لرعاية تلك الشرائط ل سيما التسمية مدخل في منافع أجزاء‬
‫الذبيحة وموافقتها للبدان‪ .‬وعلل الثاني بأنه مع عدم الذبح والنحر تتفرق‬
‫الدماء التي في العروق في اللحم فتؤكل معه فيترتب عليه المفاسد المترتبة‬
‫على شرب الدم‪ ،‬فاعترض السائل بأنه على هذا يلزم حرمة السمك لنه ل‬
‫ذبح فيه ول يخرج عنه الدم‪ ،‬فأجاب عليه السلم بأنه ليس فيه دم كثير‬
‫سائل ليحتاج إلى الذبح لخراجه‪ ،‬والدم القليل الذي فيه كالدم المتخلف في‬
‫اللحم فيما له نفس سائلة‪ ،‬قكما ل يضر الدم المتخلف ول يحرم أكله فكذا‬
‫هذا الدم‪ - 2 .‬العلل والمجالس للصدوق‪ :‬عن محمد بن الحسن بن الوليد‬
‫عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبى الخطاب عن‬
‫محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن عذافر عن أبيه قال‪ :‬قلت لبي‬
‫جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلم‪ :‬لم حرم ال الميتة والدم ولحم‬
‫الخنزير والخمر )‪ (1‬؟ فقال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده‬
‫و أحل لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحل لهم ول زهد فيما حرم عليهم‪،‬‬
‫ولكنه عزوجل خلق الخلق وعلم )‪ (2‬ما تقوم به أبدانهم وما يصلحها )‪(3‬‬
‫فأحله لهم وأباحه وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه )‪ ،(4‬ثم أحله للمضطر في‬
‫الوقت الذي ل يقوم بدنه إل به فأحله له بقدر البلغة )‪ (5‬ل غير ذلك‪ ،‬ثم‬
‫قال عليه السلم‪ :‬أما الميتة فانه لم ينل أحد منها إل ضعف بدنه وأوهنت‬
‫قوته وانقطع نسله ول يموت آكل الميتة إل فجأة‬

‫)‪ (1‬الفاظ الحديث من المجالس‪ ،‬واما هي في العلل فتختلف مع المجالس في بعض‬


‫المواضع منها ههنا ففيه‪ :‬محمد بن عذافر عن بعض رجاله عن ابن‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬لم حرم ال عزوجل الخمر والميتة والدم‬
‫ولحم الخنزير‪ (2) .‬في المصدرين‪ :‬فعلم‪ (3) .‬في المصدرين‬
‫والختصاص‪ :‬وما يصلحهم‪ (4) .‬في العلل والختصاص‪ :‬فنهاهم عنه‬
‫وحرمه عليهم‪ (5) .‬في العلل والختصاص‪ :‬فأمره أن ينال منه بقدر‬
‫البلغة‪.‬‬

‫]‪[164‬‬

‫وأما الدم فانه يورث أكله الماء الصفر ويورث الكلب )‪ (1‬وقساوة القلب وقلة‬
‫الرأفة والرحمة‪ ،‬ثم ل يؤمن على حميمه ول يؤمن على من صحبه‪ ،‬وأما‬
‫لحم الخنزير فان ال تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير‬
‫والقرد والدب ثم نهى عن أكل المثلة )‪ (2‬لكيل ينتفع بها ول يستخف‬
‫بعقوبتها‪ ،‬وأما الخمر فانه حرمها لفعلها وفسادها‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬إن‬
‫مدمن الخمر كعابد وثن ويورثه الرتعاش ويهدم مروءته وتحمله على‬
‫التجسر )‪ (3‬على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا حتى ل يؤمن إذا‬
‫سكر أن يثب على حرمه وهو ل يعقل ذلك والخمر ل تزيد شاربها إل كل‬
‫شر )‪ .(4‬العلل‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن أحمد بن محمد بن‬
‫عيسى وإبراهيم بن هاشم جميعا عن ابن بزيع عن محمد بن عذافر عن‬
‫أبيه عن أبى جعفر عليه السلم سواء )‪ .(5‬أقول‪ :‬روى في العلل الخبر‬
‫بالسند الول وفيه عن بعض رجاله مكان‪ :‬عن أبيه‪ .‬الختصاص‪ :‬عن‬
‫محمد بن عبد ال عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬الكلب‪ :‬العطش الشديد وداء يشبه الجنون يأخذ الكلب فتعض الناس‪ ،‬ويعرض‬
‫ذلك للنسان الذى عضه ذلك الكلب‪ (2) .‬في نسخة من المجالس وفى‬
‫الختصاص‪ :‬عن أكل مثله‪ (3) .‬في المصدرين‪ :‬على أن يجسر‪ (4) .‬علل‬
‫الشرائع ‪ 169 :2‬و ‪ ،170‬المجالس‪) 395 :‬م ‪ (5) .(95‬علل الشرائع ‪:2‬‬
‫‪ (6) .170‬الختصاص‪ 103 :‬فيه‪ " :‬من رغبة فيما حرم عليهم ول رهبة‬
‫فيما أحل لهم " وفيه‪ " :‬وأباحه لهم تفضل منه عليهم لمصلحتهم "‬
‫وفيه‪ " :‬ثم اباحه للمضطر واحله له في الوقت " وفيه " فانها ل يدنو‬
‫منها أحد ول يأكل الضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته وانقطع نسله‬
‫ول يموت الفجاة " وفيه‪ " :‬واما الدم فانه يورث أكله الماء الصفر‬
‫ويبخر الفم وينتن الريح ويسيئ الخلق ويورث الكلب والقسوة للقلب وقلة‬
‫الرأفة والرحمة حتى ل يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ول يؤمن على‬
‫حميمه وعلى من صحبه " وفيه‪ " :‬في صورة شئ شبه الخنزير والقرد‬
‫والدب وكان من المساخ " وفيه‪ :‬يذهب بقوته ويهدم مروءته‪.‬‬

‫]‪[165‬‬
‫العياشي‪ :‬عن محمد بن عبد ال عن بعض أصحابه عن أبى عبد ال عليه السلم‬
‫مثله‪ (1) .‬العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه عن جده إبراهيم بن‬
‫هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن عمر بن عثمان عن محمد بن علي‬
‫عن بعض أصحابنا قال‪ :‬قلت البي عبد ال عليه السلم وذكر مثله )‪3 .(2‬‬
‫‪ -‬العيون والعلل‪ :‬عن علي بن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عبد ال‬
‫الكوفى عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن علي بن العباس عن القاسم‬
‫بن ربيع‪ ،‬وروى في العيون عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه عن‬
‫محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان قال‪ :‬وحدثنا علي بن أحمد‬
‫الدقاق ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد ال الوراق والحسين بن‬
‫إبراهيم المكتب رضى ال عنهم عن محمد بن أبي عبد ال الكوفي عن‬
‫محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن القاسم بن الربيع عن محمد‬
‫بن سنان‪ ،‬وحدثنا علي بن أحمد بن أبي عبد ال البرقي وعلي بن عيسى‬
‫المجاور في مسجد الكوفة ومحمد بن موسى البرقي عن علي بن محمد‬
‫ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان عن‬
‫الرضا عليه السلم أنه كتب إليه‪ :‬حرم الخنزير لنه مشوه جعله عزوجل‬
‫عظة للخلق وعبرة وتخويفا ودليل على ما مسخ على خلقته ولن غذاءه‬
‫أقذر القذار مع علل كثيرة وكذلك حرم القرد لنه مسخ مثل الخنزير جعل‬
‫عظة وعبرة للخلق دليل على ما مسخ على خلقته و صورته‪ ،‬وجعل فيه‬
‫شبها من النسان ليدل على أنه )‪ (3‬من الخلق المغضوب عليهم‪ .‬وكتب‬
‫إليه أيضا من جواب مسائله‪ :‬حرمت الميتة لما فيها من إفساد البدان‬
‫والفة‪ ،‬ولما أراد ال عزوجل أن يجعل التسمية سببا للتحليل وفرقا بين‬
‫الحلل والحرام وحرم ال عزوجل الدم كتحريم الميتة لما فيه من فساد‬
‫البدان‪ ،‬ولنه يورث الماء الصفر ويبخر الفم وينتن الريح ويسيئ الخلق‬
‫ويورث القسوة للقلب‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .291‬العلل مخطوط ليست نسخته عندي‪(3) .‬‬
‫في النسخة المخطوطة‪ :‬دليل على انه‪.‬‬

‫]‪[166‬‬

‫وقلة الرأفة والرحمة حتى ل يؤمن أن يقتل ولده ووالده وصاحبه‪ ،‬وحرم الطحال‬
‫لما فيه من الدم ولن علته وعلة الدم والميتة واحدة لنه يجري مجراها‬
‫في الفساد )‪ .(1‬بيان‪ :‬قوله‪ :‬ولما أراد ال‪ ،‬أشار إلى العلة الدينية التي‬
‫ذكرناها في الخبر الول‪ - 4 .‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬اعلم يرحمك‬
‫ال أن ال تبارك وتعالى لم يبح أكل ول شربا إل ما فيه من المنفعة‬
‫والصلح‪ ،‬ولم يحرم إل ما فيه الضرر والتلف والفساد‪ ،‬فكل نافع مقو‬
‫للجسم فيه قوة للبدن فحلل‪ ،‬وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام مثل‬
‫السموم والميتة والدم ولحم الخنزير وذي ناب من السباع ومخلب من‬
‫الطير ومال قانصة له منها‪ ،‬ومثل البيض إذ استوى طرفاه‪ ،‬والسمك الذي‬
‫ل فلوس له فحرام كله إل عند الضرورة‪ ،‬والعلة في تحريم الجري وما‬
‫أجرى مجراه من سائر المسوخ البرية والبحرية ما فيها من الضرر للجسم‬
‫لن ال تقدست أسماؤه مثل على صورها مسوخا فأراد أن ل يستخف‬
‫بمثله‪ ،‬والميتة تورث الكلب وموت الفجأة والكلة‪ ،‬والدم يقسي القلب‬
‫ويورث الداء الدبيلة‪ ،‬وأما السموم فقاتلة‪ ،‬والخمر تورث قساوة القلب‬
‫ويسود السنان ويبخر الفم ويبعد من ال ويقرب من سخطه‪ ،‬وهو من‬
‫شراب إبليس وقال صلى ال عليه وآله وسلم‪ :‬شارب الخمر ملعون‪ ،‬شارب‬
‫الخمر كعبدة الوثان يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان )‪- 5 .(2‬‬
‫العلل‪ :‬عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد ال عن محمد بن إسماعيل‬
‫عن علي بن العباس عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان قال‪ :‬كتب‬
‫إليه الرضا عليه السلم فيما كتب إليه من العلل‪ :‬إنا وجدنا كل ما أحل ال‬
‫تبارك وتعالى ففيه صلح العباد وبقاؤهم ولهم إليه الحاجة التي ل‬
‫يستغنون عنها‪ ،‬ووجدنا المحرم من الشياء ل حاجة للعباد‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ‪ 170 :2‬و ‪ (2) .171‬فقه الرضا‪:‬‬

‫]‪[167‬‬

‫إليه‪ ،‬ووجدناه مفسدا داعيا إلى الفناء والهلك‪ ،‬ثم رأيناه تبارك وتعالى قد أحل‬
‫بعض ما حرم في وقت الحاجة لما فيه من الصلح في ذلك الوقت‪ ،‬نظير ما‬
‫أحل من الميتة والدم ولحم الخنزير إذا اضطر إليه المضطر لما في ذلك‬
‫الوقت من الصلح والعصمة ودفع الموت‪ ،‬فكيف الدليل على أنه لم يحل ما‬
‫يحل إل لما فيه من المصلحة للبدان‪ ،‬وحرم ما حرم لما فيه من الفساد )‬
‫‪ .(1‬أقول‪ :‬تمام الخبر مع ما يؤيد ذلك من الخبار أوردناها في باب علل‬
‫الشرايع والحكام من كتاب العدل‪.‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ‪.279 :2‬‬

‫]‪[168‬‬

‫‪ } - 3‬باب { } ما يحل من الطيور وسائر الحيوان وما ل يحل { ‪ - 1‬الخصال‪ :‬عن‬


‫محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن‬
‫الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن أبي سعيد المكاري عن‬
‫سلمة بياع الجواري قال‪ :‬سألني رجل من أصحابنا أن أقوم له في بيدر‬
‫وأحفظه فكان إلى جانبي دير فكنت أقوم إذا زالت الشمس فأتوضأ واصلي‬
‫فناداني الديراني ذات يوم فقال‪ :‬ما هذه الصلة التي تصلي ؟ فما أرى احدا‬
‫يصليها‪ ،‬فقلت‪ :‬أخذناها عن ابن رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪:‬‬
‫وعالم هو ؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬سله عن ثلث خصال‪ :‬عن البيض أي شئ‬
‫يحرم منه‪ ،‬وعن السمك أي شئ يحرم منه ؟ وعن الطير أي شئ يحرم منه‬
‫؟ قال فحججت من سنتي فدخلت على أبي عبد ال عليه السلم فقلت له‪:‬‬
‫إن رجل سألني أن أسألك عن ثلث خصال‪ ،‬قال‪ :‬وما هي ؟ قلت‪ :‬قال لي‪:‬‬
‫سله عن البيض أي شئ يحرم منه ؟ وعن السمك أي شئ يحرم منه ؟‬
‫وعن الطير أي شئ يحرم منه ؟ فقال‪ :‬قل له‪ :‬أما البيض كل ما لم تعرف‬
‫رأسه من إسته فل تأكله‪ ،‬وأما السمك فما لم يكن له قشر فل تأكله وأما‬
‫الطير فما لم تكن له قانصة فل تأكله‪ ،‬قال‪ :‬فرجعت من مكة فخرجت إلى‬
‫الديراني متعمدا فأخبرته بما قال‪ ،‬فقال‪ :‬هذا وال نبي أو وصي نبي‪ .‬قال‬
‫الصدوق رحمه ال‪ :‬يؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية‬
‫ويؤكل من طير البر ما دف ول يؤكل ما صف‪ ،‬فان كان الطير يصف ويدف‬
‫وكان دفيفه أكثر من صفيفه اكل‪ ،‬وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل )‬
‫‪ .(1‬بيان‪ :‬المعروف بين الصحاب أن بيض الطيور تابع لها في الحل أو‬
‫الحرمة ومع الشتباه يؤكل ما اختلف طرفاه ول يؤكل ما اتفقا‪ ،‬ويدل عليه‬
‫أخبار كثيرة‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ 139‬و ‪.140‬‬

‫]‪[169‬‬

‫وسيأتي حكم السمك إن شاء ال‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬القانصة واحدة القوانص وهي‬
‫للطير بمنزلة المصارين لغيرها وقال‪ :‬المصير المعا وهو فعيل والجمع‬
‫المصران مثل رغيف ورغفان والمصارين جمع الجمع انتهى‪ .‬ويظهر من‬
‫حديث سماعة أنها بمنزلة المعدة للنسان حيث روى عن الرضا عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬كل من طير البر ما كان له حوصلة‪ ،‬ومن طير الماء ما‬
‫كانت له قانصة كقانصة الحمام‪ ،‬ل كمعدة النسان‪ .‬وقال الشهيد الثاني‬
‫قدس سره‪ :‬والصيصية بكسر أوله بغير همز‪ :‬الصبع الزائدة في باطن‬
‫رجل الطائر بمنزلة البهام من بني آدم لنها شوكته‪ ،‬ويقال للشوكة‬
‫صيصية أيضا انتهى‪ .‬ثم اعلم أن المعروف من مذهب الصحاب أنه يحرم‬
‫من الطير ما كان صفيفه في الطيران أكثر من دفيفه‪ ،‬ولو تساويا أو كان‬
‫الدفيف أكثر لم يحرم‪ ،‬والمتساوي غير مذكور في الروايات وكأنه لندرة‬
‫وقوعه وصعوبة استعلمه‪ ،‬لكن يدل على الحل عموم اليات والروايات‪،‬‬
‫والمعروف من مذهبهم أيضا أن ما ليست له قانصة ول حوصلة ول‬
‫صيصية فهو حرام‪ ،‬وما له إحداها فهو حلل ول فرق فيه وفي الضابطة‬
‫السابقة بين طير البر والماء‪ .‬وقال الشهيد الثاني رحمه ال عند قول‬
‫المحقق قدس ال روحه‪ " :‬وما له أحدها فهو حلل ما لم ينص على‬
‫تحريمه "‪ :‬نبه بقوله‪ " :‬ما لم ينص على تحريمه " على أن هذه العلمات‬
‫إنما تعتبر في الطائر المجهول‪ ،‬أما ما نص على تحريمه‪ ،‬فل عبرة فيه‬
‫بوجود هذا‪ ،‬والظاهر أن المر ل يختلف‪ ،‬ول يعرف طير محرم له أحد هذه‬
‫ومحلل خال عنها‪ ،‬لكن المصنف رحمه ال تبع في ذلك مورد النص حيث‬
‫قال الرضا عليه السلم‪ :‬والقانصة والحوصلة يمتحن بها من الطير ما ل‬
‫يعرف طيرانه وكل طير مجهول‪ .‬ثم قال‪ :‬يقال‪ :‬دف الطائر في طيرانه‪ :‬إذا‬
‫حرك جناحيه كأنه يضرب بهما‬

‫]‪[170‬‬

‫دفه يعني جنبه‪ ،‬وصف‪ :‬إذا لم يتحرك كما تفعل الجوارح‪ .‬وقال‪ :‬الحوصلة بتشديد‬
‫اللم وتخفيفها‪ :‬ما يجمع فيها الحب مكان المعدة لغيره‪ - 2 .‬الخصال‪ :‬عن‬
‫أبيه عن سعد بن عبد ال عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم ابن‬
‫يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد ال‬
‫عن آبائه قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬تنزهوا عن أكل الطير الذي‬
‫ليست له قانصة ول صيصية ول حوصلة‪ ،‬واتقوا كل ذي ناب من السباع‬
‫ومخلب من الطير )‪ .(1‬توضيح‪ :‬المراد بذي الناب‪ :‬كل ما له ناب أو الناب‬
‫الذي يفترس به‪ ،‬قال في المصباح‪ :‬الناب من النسان هو الذي يلي‬
‫الرباعيات‪ ،‬قال ابن سينا‪ :‬ول يجمع في حيوان ناب وقرن معا‪ .‬وقال‬
‫الشهيد الثاني رحمه ال‪ :‬المراد من ذي الناب يعدو به على الحيوان‬
‫ويقوى به وهو شامل للضعيف منه والقوي فيدخل فيه الكلب والسد‬
‫والنمر والفهد والدب والقرد والفيل والذئب والثعلب والضبع وابن آوي‬
‫لنها عادية بأنيابها‪ ،‬وخالف في الجميع مالك فكره السباع كلها من غير‬
‫تحريم‪ ،‬ووافقنا أبو حنيفة على تحريم جميع ذلك‪ ،‬وفرق الشافعية بين‬
‫ضعيف الناب منها كالثعلب والضبع وابن آوي وقويها فحرم الثاني دون‬
‫الول انتهى‪ .‬وفي القاموس‪ :‬المخلب‪ :‬ظفر كل سبع من الماشي والطائر‪،‬‬
‫أو هو لما يصيد من الطير والظفر لما ل يصيد انتهى‪ .‬وعد المحقق قدس‬
‫نفسه من محرمات الطير ما كان له مخلب يقوى به على الطير كالبازي‬
‫والصقر والعقاب والشاهين والباشق أو ضعيفا كالنسر والرخمة والبغاث‬
‫وقال في المسالك‪ :‬تحريم ما كان له مخلب من الطير عندنا موضع وفاق‪،‬‬
‫ومالك على أصله في حله‪ - 3 .‬العلل‪ :‬عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي‬
‫عبد ال عن محمد بن إسماعيل عن‬
‫)‪ (1‬الخصال ‪ 615 :2‬والحديث من اجزاء حديث اربعمائة‪.‬‬

‫]‪[171‬‬

‫علي بن العباس عن القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان أن الرضا عليه السلم‬


‫كتب إليه‪ :‬حرم سباع الطير والوحوش كلها لكلها من الجيف ولحوم‬
‫الناس والعذرة وما أشبه ذلك فجعل ال عزوجل دلئل ما أحل من الوحش‬
‫والطير وما حرم كما قال أبي عليه السلم‪ :‬كل ذي ناب من السباع وذي‬
‫مخلب من الطير حرام‪ ،‬وكل ما كان له قانصة من الطير فحلل‪ .‬وعلة‬
‫اخرى تفرق بين ما أحل من الطير وما حرم قوله كل ما دف ول تأكل ما‬
‫صف‪ ،‬وحرم الرنب لنها بمنزلة السنور ولها مخالب كمخالب السنور‬
‫وسباع الوحوش فجرت مجراها في قذرها في نفسها وما يكون منها من‬
‫الدم كما يكون من النساء لنها مسخ )‪ .(1‬العيون بالسانيد المتقدمة في‬
‫الباب السابق عن ابن سنان مثله )‪ .(2‬توضيح‪ :‬فجعل ال‪ ،‬المفعول الثاني‬
‫لجعل‪ ،‬قوله‪ :‬كل ذي ناب الخ‪ ،‬أي لما كانت العلة في حرمتها افتراسها‬
‫الحيوانات وأكلها اللحوم جعل الفرق بينها وبين غيرها ما يدل عليه من‬
‫الناب والمخلب‪ ،‬وكذا القانصة دليل على أكلها الحبوب دون اللحوم فان ما‬
‫يأكل اللحم فله معدة كمعدة النسان‪ .‬وقوله عليه السلم‪ :‬وعلة اخرى‪،‬‬
‫يمكن أن يكون بيانا لقاعدة اخرى ذكرها استطرادا‪ ،‬فيكون المراد بالعلة‬
‫القاعدة توسعا أو يكون الصفيف أيضا من علمات الجلدة والسبعية كما‬
‫هو الظاهر‪ ،‬ويحتمل أن يكون " وعلة اخرى " كلم ابن سنان‪ ،‬لكنه بعيد‪،‬‬
‫وقوله عليه السلم‪ " :‬وما يكون منها " كأنه معطوف على أنها فيكون‬
‫علة اخرى للتحريم‪ ،‬ويحتمل أن يكون الموصول مبتدا وقوله‪ " :‬لنها‬
‫مسخ " خبر فيستفاد منها علة للتحريم أيضا‪ - 4 .‬قرب السناد‪ :‬عن عبد‬
‫ال بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫لحوم الحمر الهلية أتؤكل ؟ قال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫وإنما نهى عنها‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع‪ 167 :‬و ‪ 168‬فيه‪ .‬وسباع الوحش‪ (2) .‬عيون الخبار‪ :‬ج ‪ 2‬ص‬
‫‪(*) .93‬‬

‫]‪[172‬‬

‫لنهم كانوا يعملون عليها فكره أن يفنوها )‪ .(1‬كتاب المسائل باسناده مثله )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬المعروف بين الصحاب حتى كاد أن يكون إجماعا حل لحوم الخيل‬
‫والبغال والحمير الهلية‪ ،‬وذهب أبو الصلح إلى تحريم البغال‪ ،‬والشهر‬
‫أقوى لعموم اليات وخصوص الخبار‪ ،‬واختلف في أشدها كراهة بعد‬
‫اتفاقهم على كراهة الجميع فقيل‪ :‬البغال‪ ،‬وقيل‪ :‬الحمير‪ ،‬وكأن القرب‬
‫الخير‪ - 5 .‬العلل‪ :‬عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد‬
‫بن عامر عن المعلى بن محمد البصري عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن‬
‫حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسن العبدي عن أبي سعيد‬
‫الخدري )‪ (3‬أنه سئل ما قولك في هذا السمك الذي يزعم إخواننا من أهل‬
‫الكوفة أنه حرام ؟ فقال أبو سعيد‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم يقول‪ :‬الكوفة جمجمة العرب ورمح ال تبارك وتعالى وكنز اليمان‬
‫فخذ عنهم‪ ،‬اخبرك عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم مكث )‪(4‬‬
‫بمكة يوما وليلة بذي طوى ثم خرج وخرجت معه فمررنا برفقة جلوس‬
‫يتغدون فقالوا‪ :‬يا رسول ال الغداء‪ ،‬فقال لهم‪ :‬افرجوا لنبيكم‪ ،‬فجلس بين‬
‫رجلين وجلست وتناول رغيفا فصدع نصفه ثم نظر إلى ادمهم فقال‪ :‬ما‬
‫ادمكم ؟ فقالوا‪ :‬الجريث يا رسول ال‪ ،‬فرمى بالكسرة من يده وقام‪ .‬قال أبو‬
‫سعيد‪ :‬وتخلفت بعده لنظر ما رأى الناس فاختلف الناس فيما بينهم فقالت‬
‫طائفة‪ :‬حرم رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم الجريث‪ ،‬وقالت طائفة‪:‬‬
‫لم يحرمه ولكن عافه ولو كان حرمه لنهانا عن أكله‪ ،‬قال‪ :‬فحفظت مقالة‬
‫القوم وتبعت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ (2) .117 :‬بحار النوار ‪ (3) :10‬رواه الكليني في فروع الكافي‬
‫‪ 243 :6‬عن الحسين بن محمد‪ .‬وفيه‪ :‬على بن الحسن العبدى عن ابى‬
‫هارون عن ابى سعيد الخدرى‪ (4) .‬في المصدر‪ " :‬انه مكث " وفى‬
‫الكافي‪ :‬اخبرك ان رسول ال )ص( مكث بمكة يوما وليلة يطوى‪.‬‬

‫]‪[173‬‬

‫حتى لحقته ثم غشينا رفقة اخرى يتغدون فقالوا‪ :‬يا رسول ال الغداء‪ ،‬فقال‪ :‬نعم )‬
‫‪ (1‬افرجوا لنبيكم‪ ،‬فجلس بين رجلين وجلست معه فلما تناول كسرة القوم‬
‫نظر إلى ادمهم فقال‪ :‬ما ادمكم هذا ؟ قالوا ضب يا رسول ال فرمى‬
‫بالكسرة وقام‪ ،‬قال أبو سعيد‪ :‬فتخلفت بعده فإذا بالناس )‪ (2‬فرقتان قال‬
‫فرقة‪ :‬حرم رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم الضب فمن هناك لم يأكله‪،‬‬
‫وقالت فرقة اخرى‪ :‬إنما عافه ولو حرمه لنهانا عنه‪ ،‬قال‪ :‬ثم تبعت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وسلم حتى لحقته فمررنا بأصل الصفا وفيها قدور‬
‫تغلى‪ ،‬فقالوا يا رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم لو تكرمت علينا حتى‬
‫تدرك قدورنا‪ ،‬قال‪ :‬وما في قدوركم ؟ قالوا حمرلنا كنا نركبها فقامت‬
‫فذبحناها‪ ،‬فدنا رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم من القدور فأكفأها‬
‫برجله‪ ،‬ثم انطلق جوادا وتخلفت بعده فقال بعضهم‪ :‬حرم رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم لحم الحمر‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬كل إنما أفرغ قدوركم حتى‬
‫ل تعودوه فتذبحوا دوابكم‪ ،‬قال أبو سعيد‪ :‬فتبعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله فقال‪ :‬يابا سعيد ادع بلل فلما جاءه بلل )‪ (3‬قال يا بلل اصعد أبا‬
‫قبيس فناد عليه‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وآله حرم الجري والضب‬
‫والحمر الهلية أل فاتقوا ال ول تأكلوا من السمك إل ما كان له قشرو مع‬
‫القشر فلوس‪ ،‬إن ال تبارك وتعالى مسخ سبعمائة امة عصوا الوصياء‬
‫بعد الرسل فأخذ أربعمائة امة منهم برا وثلثمائة منهم بحرا ثم تل هذه‬
‫الية " فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق " )‪ .(4‬توضيح‪ :‬جمجمة‬
‫العرب أي محل جماجم العرب وأشرافها‪ ،‬والتشبيه بالرمح لنه بها يدفع‬
‫ال البليا عن العرب‪ ،‬في القاموس‪ :‬الجمجمة بالضم‪ :‬القحف‪ ،‬والجماجم‬
‫السادات والقبائل التى تنسب إليها البطون‪ ،‬وفي النهاية يقال للسادات‪:‬‬
‫جماجم‪ ،‬ومنه‬

‫)‪ (1‬في الكافي‪ :‬فقال لهم‪ :‬نعم افرجوا‪ (2) .‬في الكافي‪ :‬فإذا الناس‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فلما جئته ببلل‪ (4) .‬علل الشرائع ‪ 146 :2‬و ‪ ،147‬والية في‬
‫سبا‪.19 :‬‬

‫]‪[174‬‬

‫حديث عمر‪ :‬ائت الكوفة فان بها جمجمة العرب‪ ،‬أي ساداتها‪ ،‬لن الجمجمة الرأس‬
‫وهو أشرف العضاء‪ ،‬وقيل‪ :‬جماجم العرب التى تجمع البطون فتنسب‬
‫إليها‪ ،‬وقال فيه السلطان ظل ال ورمحه‪ ،‬استوعب بهاتين الكلمتين نوعي‬
‫ما على الوالي للرعية‪ :‬إحداهما النتصار من الظالم والعانة‪ ،‬والخر‬
‫إرهاب العدو ليرتدع عن قصد الرعية وأذاهم ويأمنوا بمكانه من الشر‪،‬‬
‫والعرب تجعل الرمح كناية عن الدفع والمنع‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬ذو طوى‬
‫مثلثة الطاء وينون‪ :‬موضع قرب مكة‪ ،‬وفي النهاية بضم الطاء وفتح الواو‬
‫المخففة‪ :‬موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به انتهى )‬
‫‪ .(1‬وفي الكافي‪ :‬يطوى بصيغة المضارع من طوى من الجوع يطوي‬
‫طوى فهو طاو أي خالي البطن جائع لم يأكل‪ .‬الغداء بالنصب أي احضر‬
‫وتغد معنا‪ ،‬وفي المصباح‪ :‬الدام‪ :‬ما يؤتدم به مايعا كان أو جامدا‪ ،‬وجمعه‬
‫ادم مثل كتاب وكتب يسكن للتخفيف فيعامل معاملة المفرد ويجمع على آدام‬
‫مثل قفل وأقفال‪ ،‬والجريث كسكيت‪ :‬سمك ل فلس له‪ .‬وفي القاموس‪ :‬عاف‬
‫الطعام أو الشراب وقد يقال في غير هما يعافه ويعيفه‪ :‬كرهه فلم يشربه‪،‬‬
‫وفي الكافي‪ :‬وتبعت رسول ال صلى ال عليه وآله جوادا‪ .‬قال في النهاية‪:‬‬
‫فيه في حديث سليم بن صرد‪ :‬فسرت إليه جوادا‪ ،‬أي سريعا كالفرس‬
‫الجواد‪ ،‬ويجوز أن يريد سيرا جوادا كما يقال سرنا عقبة جوادا أي بعيدة )‬
‫‪ .(2‬ثم غشينا بالكسر بصيغة المتكلم من غشيه أي جاءه‪ .‬قوله‪ " :‬لو‬
‫تكرمت علينا " في الكافي‪ " :‬لو عرجت علينا " في النهاية‪ :‬فيه لم اعرج‬
‫عليه‪ ،‬أي لم أقم ولم أحتبس )‪ " (3‬حتى تدرك قدورنا " برفع القدور من‬
‫قولهم‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ (2) .54 :3‬النهاية ‪ (3) .216 :1‬النهاية ‪.89 :3‬‬

‫]‪[175‬‬

‫أدرك الشئ أي بلغ وقته كقولهم‪ :‬إدراك الثمرات‪ ،‬أو بالنصب أي تلحقها وتأكلها‪،‬‬
‫وعلى التقديرين المراد بالقدور وما فيها‪ ،‬ويقال‪ :‬قامت الدابة أي وقفت‪" .‬‬
‫حتى ل تعودوه " من باب التفعيل من العادة‪ ،‬وفي الكافي‪ " :‬كيل تعودوا‬
‫" )‪ (1‬من العود‪ .‬قوله‪ " :‬فبعث " في أكثر نسخ الكافي‪ " :‬فبعث رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله إلي فلما جئته قال‪ :‬يابا سعيد " وكأن المراد‬
‫بالقشر الجلد الصلب )‪ " (2‬فجعلناهم أحاديث " الية في قصة قوم سبأ أي‬
‫جعلناهم بحيث يتعجب الناس بهم تعجبا‪ ،‬وضرب مثل فيقولون‪ :‬تفرقوا‬
‫أيدي سبأ " ومزقناهم كل ممزق " أي فرقناهم غاية التفريق حتى لحق‬
‫غسان منهم بالشام وأنمار بيثرب وجذام بتهامة والزد بعمان‪ ،‬ولعل تحريم‬
‫الحمر محمول على الكراهة الشديدة أو على النسخ بأن كانت محرمة ثم‬
‫نسخ‪ - 6 .‬العلل‪ :‬عن أبيه عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي‬
‫الكوفي عن عبد الرحمن بن سالم عن المفضل بن عمر قال‪ :‬قلت لبي عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬أخبرني لم حرم ال عزوجل لحم الخنزير ؟ قال‪ :‬إن ال‬
‫تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدب ثم نهى‬
‫عن أكل المثلة لكيل ينتفع بها ول يستخف بعقوبته )‪ - 7 .(3‬العلل‬
‫والعيون‪ :‬بالسانيد المتقدمة عن محمد بن سنان فيما رواه من العلل أنه‬
‫كتب الرضا عليه السلم إليه‪ :‬أحل ال عزوجل البقر والغنم والبل لكثرتها‬
‫وإمكان وجودها وتحليل بقر الوحش وغيرها من أصناف ما يؤكل من‬
‫الوحش المحللة لن غذاءها غير مكروه ول محرم‪ ،‬ول هي مضرة بعضها‬
‫ببعض ول مضرة بالنس ول في خلقها تشويه )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في الكافي‪ :‬حتى ل تعودوا‪ (2) .‬ولعله الذى يقال له بالفارسية‪ ،‬پولك وفلس‪) .‬‬
‫‪ (3‬علل الشرائع ‪ (4) .170 :2‬علل الشرائع ‪.248 :2‬‬

‫]‪[176‬‬
‫‪ - 8‬الخصال‪ :‬عن ستة من مشايخه )‪ (1‬منهم أحمد بن الحسن القطان عن أحمد بن‬
‫يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد ال بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي‬
‫معاوية عن العمش عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬كل ذي ناب من السباع‬
‫وذي مخلب من الطير فأكله حرام )‪ - 9 .(2‬العيون‪ :‬عن عبد الواحد بن‬
‫عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان فيما كتب‬
‫الرضا عليه السلم للمأمون يحرم كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من‬
‫الطير )‪ - 10 .(3‬العلل‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن محمد بن‬
‫الحسين بن أبي الخطاب عن ابن أبى عمير عن ابن اذينة عن زرارة‬
‫ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن أكل الحمر‬
‫الهلية فقال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وآله عن أكلها يوم خيبر‪،‬‬
‫وإنما نهى عن أكلها لنها كانت حمولة للناس‪ ،‬وإنما الحرام ما حرم ال‬
‫عزوجل في القرآن )‪ .(4‬بيان‪ :‬لعل الحصر إضافي‪ ،‬أو المعنى ما حرم ال‬
‫في القرآن أعم من أن يكون في ظهر القرآن ونفهمه أو في بطنه وبينه‬
‫الحجج عليهم السلم لنا‪ - 11 .‬العلل‪ :‬عن محمد بن الحسن بن الوليد عن‬
‫محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن‬
‫سعيد عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وآله عن أكل لحوم الحمر وإنما نهى‬
‫عنها من أجل ظهورها مخافة أن يفنوها‪ ،‬وليست الحمير بحرام ثم قرأ هذه‬
‫الية‪ " :‬قل ل )‪ (5‬أجد فيما اوحي إلي‬

‫)‪ (1‬هم احمد بن محمد بن الهيثم العجلى واحمد بن الحسن ومحمد بن احمد‬
‫السنائى والحسين بن ابراهيم بن احمد بن هشام المكتب وعبد ال بن‬
‫محمد الصائغ وعلى بن عبد ال الوراق عن ابى العباس احمد بن يحيى‬
‫بن زكريا القطان‪ (2) .‬الخصال ‪ 603 :2‬و ‪ (3) .609‬عيون اخبار الرضا‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .162‬علل الشرائع ‪ 149 :2‬و ‪ (5) .25‬النعام‪.145 :‬‬

‫]‪[177‬‬

‫محرما على طاعم يطعمه " إلى آخر الية )‪ .(1‬المقنع‪ :‬مرسل مثله )‪- 12 .(2‬‬
‫العلل‪ :‬عن أبيه عن عبد ال بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن‬
‫أبي الحسن الليثي عن جعفر بن محمد عليه السلم قال‪ :‬سئل أبي عليه‬
‫السلم عن لحوم الحمر الهلية قال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫عن أكلها لنها كانت حمولة الناس )‪ (3‬يومئذ‪ ،‬وإنما الحرام ما حرم ال‬
‫في القرآن )‪ - 13 .(4‬العيون والعل‪ :‬بالسانيد المتقدمة )‪ (5‬عن محمد بن‬
‫سنان فيما رواه من العلل قال‪ :‬كتب إليه الرضا عليه السلم كره أكل لحوم‬
‫البغال والحمر الهلية لحاجة الناس إلى ظهورها واستعمالها والخوف من‬
‫إفنائها لقلتها ل لقذر خلقتها ول قذر غذائها )‪ - 14 .(6‬العلل‪ :‬عن محمد‬
‫بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن عبد ال بن الصلت‬
‫عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل‬
‫تأكل جريثا ول مار ماهيجا ول طافيا ول إربيان ول طحال لنه بيت الدم‬
‫ومضغة الشيطان )‪ .(7‬بيان‪ :‬الجريث كسكيت‪ :‬سمك‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الجري‬
‫كذمي وهما والمارماهي أسماء لنوع واحد من السمك غير ذي فلس‪ ،‬قال‬
‫الدميري‪ :‬والجريث بكسر الجيم والراء المهملة وبالثاء المثلثة هو هذا‬
‫السمك الذي يشبه الثعبان وجمعة جراري ويقال له أيضا‪ :‬الجري بالكسر‬
‫والتشديد‪ ،‬وهو نوع من السمك يشبه الحية ويسمى بالفارسية مارماهي‬
‫انتهى‪ ،‬وظاهر الخبر مغايرة الجريث للمارماهيج وهو معرب‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ‪ (2) .250 :2‬المقنع‪ (3) .‬في الصدر‪ " :‬للناس " وزاد في‬
‫نسخة في آخر الحديث‪ :‬وال فل‪ (4) .‬علل الشرائع ‪ (5) .250 :2‬في‬
‫الخبر الثالث‪ (6) .‬علل الشرائع ‪ 250 :2‬فيه‪ " :‬والخوف من فنائها "‬
‫عيون الخبار‪ (7) :‬علل الشرائع ‪.249 :2‬‬

‫]‪[178‬‬

‫المارماهي‪ ،‬ويمكن أن يكون العطف للتفسير وظاهر بعض الصحاب أيضا المغايرة‬
‫والطافي‪ :‬الذي يموت في الماء ويعلو فوقه‪ .‬والربيان بالكسر‪ :‬سمك‬
‫كالدود ذكره الفيروزآبادي‪ .‬وأقول‪ :‬المشهور حله وله فلس ويأكله أهل‬
‫البحرين ويذكرون له خواصا كثيرة‪ ،‬قال الدميري‪ :‬روبيان هو سمك صغار‬
‫جدا أحمر وذكر له خواصا‪ .‬وقال العلمة رحمه ال في التحرير‪ :‬يجوز أكل‬
‫الربيان بكسر اللف وهو أبيض كالدود وكالجراد انتهى‪ .‬ولعل الخبر‬
‫محمول على الكراهة والمضغة بالضم‪ :‬القطعة من اللحم قدر ما يمضغ‪،‬‬
‫وإنما نسب إلى الشيطان لن ابراهيم عليه السلم أعطاه إبليس كما سيأتي‬
‫إن شاء ال‪ - 15 .‬العيون والعلل‪ :‬عن محمد بن عمر البصري عن محمد‬
‫بن عبد ال بن جبلة الواعظ عن عبد ال بن أحمد بن عامر عن أبيه عن‬
‫الرضا عليه السلم عن آبائه‪ :‬في حديث اسؤلة الشامي أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قد نهى عن أكل الصرد والخطاف )‪ - 16 .(1‬المحاسن‪:‬‬
‫عن أبيه عن صفوان عن العل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم وسئل عن لحم الخيل والبغال والحمر فقال‪ :‬حلل ولكن تعافونها )‬
‫‪ - 17 .(2‬ومنه‪ :‬عن علي بن الحكم عن داود الرقي قال‪ :‬كتبت إلى أبي‬
‫الحسن عليه السلم أسأله عن لحوم البخت وألبانهن‪ ،‬فكتب‪ :‬ل بأس )‪.(3‬‬
‫بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬البخت بالضم‪ :‬البل الخراسانية كالبختية والجمع‬
‫بخاتى وبخاتي وبخات انتهى‪ ،‬وربما يفهم من نفي البأس الكراهة‪ ،‬وفيه‬
‫نظر نعم نفيه ل ينافي الكراهة في عرف الخبار إن كان عموم النكرة في‬
‫سياق النفي يقتضي الكراهة‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ‪ .281 :2‬عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .243‬المحاسن‪) .473 :‬‬
‫‪ (3‬المحاسن‪.473 :‬‬

‫]‪[179‬‬

‫أيضا لنها بأس‪ .‬وقال في الدروس‪ :‬قال ابن إدريس والفاضل بكراهة الحمار‬
‫الوحشي‪ ،‬والحلي بكراهة البل والجواميس‪ ،‬والذي في مكاتبة أبي الحسن‬
‫عليه السلم في لحم حمر الوحش تركه أفضل‪ ،‬وروي في لحم الجاموس‪:‬‬
‫ل بأس به انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬الذي وجدته في الكافي لبي الصلح رحمه ال‬
‫يكره أكل الجواميس والبخت وحمر الوحش والهلية انتهى‪ .‬فنسبة الشهيد‬
‫قدس سره إليه القول بكراهة مطلق البل سهو‪ ،‬وكيف يقول بذلك مع أن‬
‫مدار النبي صلى ال عليه وآله وسلم والئمة عليهم السلم كان على أكل‬
‫لحومها والتضحية بها‪ ،‬لكن الغالب في تلك البلد البل العربية ل‬
‫الخراسانية‪ ،‬والقول بكراهة لحم البخاتي له وجه لما رواه الكليني بسند فيه‬
‫ضعف عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلم قال‪ :‬سمعته‬
‫يقول‪ :‬ل آكل لحوم البخاتي ول آمر أحدا بأكلها‪ - 18 .‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه‬
‫السلم يؤكل من الطير ما يدف بجناحيه ول يؤكل ما يصف‪ ،‬وإن كان الطير‬
‫يدف ويصف وكان دفيفه أكثر من صفيفه اكل‪ ،‬وإن كان صفيفه أكثر من‬
‫دفيفه لم يؤكل )‪ - 19 .(1‬العياشي‪ :‬عن عبد ال بن أبي يعفور قال‪ :‬سمعت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬من زرع حنطة في أرض فلم يزك في زرعه‬
‫أو خرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الرض أو بظلم‬
‫مزارعه واكرته لن ال يقول‪ " :‬فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم‬
‫طيبات احلت لهم " يعني لحوم البل والبقر والغنم‪ ،‬وقال‪ :‬إن إسرائيل كان‬
‫إذا أكل من لحوم البقر هيج عليه وجع الخاصرة فحرم على نفسه لحم‬
‫البل‪ ،‬وذلك من قبل أن تنزل التوراة‪ ،‬فلما انزلت التوراة لم يحرمه ولم‬
‫يأكله )‪ .(2‬بيان‪ :‬الستشهاد بالية من جهة أن بني إسرائيل لما عملوا‬
‫بالمعاصي حرم ال‬

‫)‪ (1‬فقه الرضا‪ (2) :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪.284‬‬

‫]‪[180‬‬
‫عليهم بعض ما احل لهم‪ ،‬ولما لم يكن في هذه المة نسخ لم يحرم عليهم ولكن‬
‫حرمهم الطيبات وسلب عنهم البركات‪ ،‬وعلى القول بأن ال لم يحرم عليهم‬
‫ولكن حرموا على أنفسهم فالمعنى أن ال سلب عنهم التوفيق حتى‬
‫حرموها على أنفسهم فحرموا بذلك من الطيبات‪ ،‬فالستشهاد بالية أظهر‬
‫" ولم يأكله " أي موسى عليه السلم بقرينة المقام أو إسرائيل‪- 20 .‬‬
‫العياشي‪ :‬عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا سئل‬
‫عن أكل لحم الفيل والدب والقرد فقال‪ :‬ليس هذا من بهيمة النعام التي‬
‫تؤكل )‪ - 21 .(1‬ومنه‪ :‬عن أيوب بن نوح بن دراج قال‪ :‬سألت أبا الحسن‬
‫الثالث عن الجاموس وأعلمته أن أهل العراق يقولون‪ :‬إنه مسخ‪ ،‬فقال‪ :‬أو‬
‫ما سمعت قول ال‪ :‬ومن البل اثنين ومن البقر اثنين‪ .‬وكتبت إلى أبي‬
‫الحسن عليه السلم بعد مقدمي من خراسان أسأله عما حدثني به أيوب في‬
‫الجاموس‪ ،‬فكتب‪ :‬هو ما قال لك )‪ .(2‬بيان‪ :‬ظاهره أن الثنين من البقر‬
‫الجاموس والنوع المأنوس‪ ،‬وهذا التفسير لم أره في كلم المفسرين‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون المراد أن ال أحل البقر الهلي والوحشي أو الذكر‬
‫والنثى من الهلي‪ ،‬والجاموس صنف من الهلي كما صرح به الدميري‬
‫وغيره‪ ،‬فاطلق الية يشمله‪ ،‬وقوله‪ " :‬وكتبت " كلم الراوي عن أيوب‬
‫ومن أسقط السند أسقطه‪ - 22 .‬العياشي‪ :‬عن حريز عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سئل عن سباع الطير والوحش حتى ذكرنا القنافذ والوطواط‬
‫والحمير والبغال والخيل‪ ،‬فقال‪ :‬ليس الحرام إل ما حرم ال في كتابه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم عن أكل لحوم الحمير‬
‫وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوه‪ ،‬وليس الحمير بحرام‪ ،‬وقال‪ :‬اقرأ‬
‫هذه الية‪ " :‬قل ل أجد فيما اوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إل أن‬
‫يكون ميتة أو‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .290‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪.380‬‬

‫]‪[181‬‬

‫دما مسفوحا أو لحم خنزير فانه رجس أو فسقا اهل لغير ال به )‪ .(1‬بيان‪ :‬روى‬
‫في المقنع مرسل مثله )‪ ،(2‬وروى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن‬
‫حريز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلم مثله " )‪ .(3‬وفي‬
‫القاموس‪ :‬الوطواط‪ :‬ضرب من خطاطيف الجبال والخفاش‪ .‬وقال الدميري‪:‬‬
‫الوطواط الخفاش )‪ ،(4‬وقال في التهذيب بعد إيراد هذه الرواية‪ :‬قوله عليه‬
‫السلم‪ " :‬ليس الحرام " إلى آخره المعنى فيه انه ليس الحرام‬
‫المخصوص المغلظ الشديد الحظر إل ما ذكره ال تعالى في القرآن وإن كان‬
‫فيما عداه أيضا محرمات كثيرة إل أنه دونه في التغليظ انتهى )‪ .(5‬وربما‬
‫يحمل على أن الجواب مخصوص بالخيل والبغال والحمير‪ ،‬وقد يحمل ما‬
‫ورد في السباع على قبولها للتذكية‪ ،‬وجواز استعمال جلودها في غير‬
‫الصلة بخلف ما هو محرم في القرآن كالخنزير‪ ،‬ول يخفى ما في الجميع‬
‫من البعد ولعل الحمل على التقية أظهر‪ - 23 .‬العياشي‪ :‬عن محمد الحلبي‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬حرم على بني إسرائيل كل ذي ظفر‬
‫والشحوم إل ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم )‪- 24 .(6‬‬
‫ومنه‪ :‬عن زرارة عن أحدهما عليهما السلم قال‪ :‬سألته عن أبوال الخيل‬
‫والبغال والحمير قال‪ :‬نكرهها‪ ،‬فقلت‪ :‬أليس لحمها حلل ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬أليس‬
‫قد بين ال لكم " والنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون "‬
‫وقال‪ " :‬والخيل والبغال و الحمير لتركبوعا وزينة " ؟ فجعل للكل النعام‬
‫التي قص ال في الكتاب‪ ،‬وجعل‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .382‬المقنع‪ (3) :‬و )‪ (5‬تهذيب الحكام‪(4) :‬‬
‫حياة الحيوان ‪ (6) .290 :2‬تفسير العياشي‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪.383‬‬

‫]‪[182‬‬

‫للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها )‪25 .(1‬‬
‫‪ -‬المكارم‪ :‬قال زرارة‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم ما يؤكل من الطير‬
‫فقال‪ :‬كل ما دف‪ ،‬ول تأكل ما صف‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬البيض في الجام‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫استوى طرفاه فل تأكل وما اختلف طرفاه فكل‪ ،‬قلت‪ :‬فطير الماء قال‪ :‬ما‬
‫كانت له قانصة فكل وما لم تكن له قانصة فل تأكل )‪ - 26 .(2‬وفي حديث‬
‫آخر‪ :‬إن كان الطير يصف ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه اكل‪ ،‬وإن‬
‫كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل‪ ،‬ويؤكل من صيد الماء ما كانت له‬
‫قانصة أو صيصية‪ ،‬ول يؤكل ما ليست له قانصة ول صيصية )‪- 27 .(3‬‬
‫الهداية‪ :‬كل من الطير ما دف ول تأكل ما صف‪ ،‬فان كان الطير يصف‬
‫ويدف وكان دفيفه أكثر من صفيفه اكل‪ ،‬وان كان صفيفه أكثر من دفيفه لم‬
‫يؤكل‪ ،‬و قال النبي صلى ال عليه وآله وسلم كل ذي ناب من السباع‬
‫ومخلب من الطير والحمر النسية فحرام ويؤكل من طير الماء ما كانت له‬
‫قانصة حيا أو ميتا )‪ .(4‬بيان‪ :‬أو ميتا أي مذبوحا‪ - 28 .‬المقنع‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير والحمر‬
‫النسية حرام )‪ - 29 .(5‬المحاسن‪ :‬عن السياري رفعه قال‪ :‬أكل لحم‬
‫الجزور يذهب بالقرم )‪ - 30 .(6‬وفي حديث مروي قال‪ :‬من تمام حب‬
‫السلم حب لحم الجزور )‪ .(7‬بيان‪ :‬قال في القاموس‪ :‬الجزور‪ :‬البعير أو‬
‫خاص بالناقة المجزورة وما يذبح من الشاة‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬الجزور من‬
‫البل يقع على الذكر والنثى وهي تؤنث‬
‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .255‬و )‪ (3‬مكارم الخلف‪ (4) .84 :‬الهداية‪) :‬‬
‫‪ (5‬المقنع‪ 6) :‬و ‪ (7‬المحاسن‪.474 :‬‬

‫]‪[183‬‬

‫والجمع الجزر‪ .‬وقال الدميري بعد ذكر هذا‪ :‬وقال ابن سيدة‪ :‬الجزور الناقة التى‬
‫تجزر وفي كتاب العين‪ :‬الجزر من الضأن والمعز خاصة مأخوذة من الجزر‬
‫وهو القطع )‪ (1‬وفي المصباح المنير‪ :‬الجزور من البل خاصة يقع على‬
‫الذكر والنثى‪ ،‬قال ابن النباري وزاد الصغاني‪ :‬والجزور الناقة التى تنحر‬
‫وجزرت الجزور وغيرها من باب قتل نحرتها‪ ،‬والفاعل جزار انتهى‪،‬‬
‫والمراد هنا مطلق البعير أو الناقة‪ ،‬وفي الصحاح القرم بالتحريك‪ :‬شدة‬
‫شهوة اللحم‪ - 31 .‬العلل‪ :‬عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن محمد بن‬
‫الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث بن إبراهيم‬
‫عن جعفر بن محمد عليه السلم أنه كره أكل لحم الغراب لنه فاسق )‪.(2‬‬
‫توضيح‪ :‬لعل المراد بفسقه أكله الجيف والخبائث‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬فيه‪:‬‬
‫خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم‪ ،‬أصل الفسوق الخروج عن‬
‫الستقامة والجور‪ ،‬وبه سمي العاصي فاسقا وإنما سميت هذه الحيوانات‬
‫فواسق على الستعاره لخبثهن‪ ،‬وقيل‪ :‬لخروجهن من الحرمة في الحل‬
‫والحرم‪ ،‬أي ل حرمة لهن بحال‪ ،‬ومنه حديث عائشة‪ :‬وسألت عن أكل‬
‫الغراب فقالت‪ :‬ومن يأكله بعد قوله‪ :‬فاسق ؟ وقال الخطابي‪ :‬أراد بتفسيقها‬
‫تحريم أكلها )‪ - 32 .(3‬كتاب المسائل‪ :‬بإسناده إلى علي بن جعفر عن‬
‫أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الغراب البقع والسود أيحل‬
‫أكلهما ؟ فقال‪ :‬ل يحل أكل شئ من الغربان زاغ ول غيره )‪ .(4‬تبيين‪ :‬اعلم‬
‫أنه اختلف الصحاب في حل الغراب بأنواعه بسبب اختلف الروايات فيه‪،‬‬
‫فذهب الشيخ في الخلف إلى تحريم الجميع محتجا بالخبار وإجماع‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ (2) .140 :1‬علل الشرائع ‪ 171 :2‬طبعة قم )‪ (3‬النهاية ‪:3‬‬
‫‪ 225‬و ‪ (4) .226‬بحار النوار ‪:10‬‬

‫]‪[184‬‬

‫الفرقة وتبعه جماعة منهم العلمة في المختلف وولده‪ ،‬وكرهه مطلقا الشيخ في‬
‫النهاية وكتابي الحديث )‪ ،(1‬والقاضي والمحقق في النافع‪ ،‬وفصل آخرون‬
‫منهم الشيخ في المبسوط على الظاهر منه‪ ،‬وابن إدريس والعلمة في أحد‬
‫قوليه‪ ،‬فحرموا السود الكبير والبقع‪ ،‬وأحلوا الزاغ والغداف وهو الغبر‬
‫الرمادي‪ ،‬واحتج المحللون برواية زرارة عن أحدهما عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫أكل الغراب ليس بحرام إنما الحرام ما حرمه ال في كتابه‪ ،‬ولكن النفس‬
‫تتنزه عن كثير من ذلك تقذرا‪ ،‬وحجة المحرمين مطلقا صحيحة علي بن‬
‫جعفر المتقدمة‪ ،‬وأولها الشيخ رحمه ال بأن المراد أنه ل يحل حلل طلقا‪،‬‬
‫وإنما يحل مع ضرب من الكراهة وحاول بذلك الجمع بين الخبرين‪ ،‬وربما‬
‫تحمل رواية زرارة على نفي التحريم المستند إلى كتاب ال‪ ،‬فل ينافي‬
‫تحريمه بالسنة‪ .‬وأما المفصلون فليس لهم عليهذا )‪ (2‬رواية بخصوصها‪،‬‬
‫وإن كان في المبسوط قد ادعى ذلك‪ ،‬وليس فيه جمع بين الروايات‬
‫للتصريح بالتعميم في الجانبين‪ ،‬وربما احتج له بأن الولين من الخبائث‪،‬‬
‫لنهما يأكلن الجيف والخيرين من الطيبات لنهما يأكلن الحب‪ ،‬وبهذا‬
‫احتج من فصل من العامة‪ ،‬وابن إدريس استدل على تحريم الولين بأنهما‬
‫من سباع الطير بخلف الخيرين لعدم الدليل على تحريمهما فان الخبار‬
‫ليست على هذا الوجه حجة عنده‪ ،‬وبالجملة الحل مطلقا وإن كان أقوى‬
‫لموافقته لعموم اليات والخبار كما عرفت‪ ،‬والخبار المخصوصة‬
‫متعارضة‪ ،‬وأصل الحل قوي‪ ،‬لكن الحتياط في الجتناب عن الجميع‪،‬‬
‫ويقوى ذلك شمول كل ذي مخلب من الطير لكثرها بل لجميعها‪ ،‬واحتمال‬
‫التقية في أخبار الحل أيضا وإن كان بينهم أيضا خلف في ذلك لكن الحل‬
‫بينهم أشهر‪ ،‬قال الشيخ في الخلف‪ :‬الغراب كله حرام على الظاهر في‬
‫الروايات‪ ،‬وقد روي في بعضها رخص وهو الزاغ و هو غراب الزرع‪،‬‬
‫والغداف وهو أصغر منه أغبر اللون كالرماد‪ ،‬وقال الشافعي‪:‬‬

‫)‪ (1‬أي التهذيب والستبصار‪ (2) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬فليس لهم عليه‪.‬‬

‫]‪[185‬‬

‫السود والبقع حرام‪ ،‬والزاغ والغداف على وجهين‪ :‬أحدهما حرام‪ ،‬والثاني حلل‪،‬‬
‫وبه قال أبو حنيفة‪ ،‬دليلنا‪ :‬إجماع الفرقة وعموم الخبار في تحريم‬
‫الغداف‪ ،‬وطريقة الحتياط يقتضي أيضا ذلك انتهى‪ .‬ثم اعلم أن المعروف‬
‫المعدود في الكتب تحريم الخفاش والوطواط والطاووس والزنابير والذباب‬
‫والبق والرنب والضب والحشار كلها كالحية والعقرب والفأرة والجرزان‬
‫والخنافس والصراصر وبنات وردان والبراغيث والقمل واليربوع و القنفذ‬
‫والوبر والخزو الفنك والسمور والسنجاب‪ ،‬وإقامة الدليل على أكثرها ل‬
‫يخلو من إشكال‪ ،‬والمعروف بينهم حل الحمام كلها كالقماري والدباسي‬
‫والورشان‪ ،‬وحل الجحل والقبج والدراج‪ ،‬والقطا والطيهوج والدجاج‬
‫والكروان و الكركي والصعوة والبط‪ ،‬وقد مرت العمومات الواردة في‬
‫التحليل والتحريم وال الهادي إلى الصراط المستقيم‪ - 33 .‬دعائم السلم‪:‬‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬كل ذي ناب من السباع و‬
‫مخلب من الطير حرام )‪ - 34 .(1‬وعن على عليه السلم أنه قال‪ :‬ل يؤكل‬
‫الذئب ول النمر ول الفهد ول السد ول ابن آوي ول الدب ول الضبع ول‬
‫شئ له مخلب )‪ - 35 .(2‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه اوتي‬
‫بضب فلم يأكل منه وقذره )‪ - 36 .(3‬وعن علي عليه السلم أنه نهى عن‬
‫الضب والقنفذ وغيره من حرشة الرض كالضب وغيره )‪ - 37 .(4‬وعنه‬
‫أنه قال‪ :‬مر رسول ال صلى ال عليه وآله على رجل من النصار وهو‬
‫قائم على فرس له يكيد بنفسه فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫اذبحه يكن لك أجر بذبحك إياه وأجر باحتسابك له‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال ألي‬
‫منه شئ ؟ قال‪ :‬نعم كل وأطعمني فأهدى إلى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫منه فخذا فأكل وأطعمنا )‪.(5‬‬

‫)‪ (5 - 1‬دعائم السلم‪ ،‬ليست عندي نسخته‪.‬‬

‫]‪[186‬‬

‫‪ - 38‬وروينا عن جعفر بن محمد عليه السلم انه نهى عن ذبح الخيل )‪ .(1‬قال‬
‫المؤلف‪ :‬فيشبه ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أن يكون نهيه عن ذلك إنما هو استهلك‬
‫السالم السوي منها‪ ،‬لن ال عزوجل أمر باعدادها وارتباطها في سبيله‪،‬‬
‫والذي جاء عن رسول ال صلى ال عليه وآله إنما هو فيما أشفى على‬
‫الموت )‪ (2‬وخيف عليه الهلك منها وال اعلم‪ - 39 .‬وعن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله أنه نهى عن أكل لحوم الحمر الهلية يوم خيبر )‪.(3‬‬
‫‪ - 40‬وعن جعفر بن محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬ل تؤكل البغال )‪.(4‬‬
‫توضيح‪ :‬من حرشة الرض أي من صيدها‪ ،‬في القاموس حرش الضب‬
‫يحرشه حرشا وحراشا وتحراشا‪ :‬صاده‪ ،‬كاحترشه‪ ،‬وذلك بأن يحرك يده‬
‫على باب جحره ليظنه حية فيخرج ذنبه ليضربها فيأخذه انتهى‪ .‬وفي بعض‬
‫النسخ‪ :‬حشرات الرض وهو أظهر‪ ،‬والظاهر زيادة الضب في الول أو في‬
‫الخير‪ ،‬وفي النهاية‪ :‬فيه أنه دخل على سعد وهو يكيد بنفسه أي يجود‬
‫بها‪ ،‬يريد النزع‪ ،‬والكيد‪ :‬السوق‪ .‬ومنه حديث عمر‪ " :‬تخرج المرأة إلى‬
‫أبيها يكيد بنفسه‪ ،‬أي عند نزع روحه وموته )‪ " .(5‬يكن لك أجر " لعل‬
‫المراد توجر بأصل الذبح وإن لم تقصد به القربة‪ ،‬و مع قصد القربة لك‬
‫أجران‪ ،‬أو المراد به اذبحه للصدقة أو لطعام المؤمنين فيكون لك أجر‬
‫لتخليصك إياه من المشقة ل وأجر آخر لما قصدت من الخير‪ ،‬أو المراد‬
‫إعطاء الجرين لفعل واحد هو الذبح ل‪ ،‬أو المراد بالحتساب الصبر على‬
‫الموت و‬
‫)‪ (1‬دعائم السلم‪ :‬ليست عندي نسخته‪ (2) .‬أشفى عليه‪ :‬أشرف‪ .‬أي قارب‬
‫الموت‪ 3) .‬و ‪ (4‬دعائم السلم‪ :‬ليست عندي نسخته‪ (5) .‬النهاية ‪:4‬‬
‫‪.44‬‬

‫]‪[187‬‬

‫تلف المال‪ ،‬أي لو لم تذبحه كان لك أجر بأصل المصيبة ويحصل لك بالذبح أجر‬
‫آخر‪ .‬وقال الفاضل المحدث السترابادي رحمه ال‪ :‬أي لك أجران لتخليصك‬
‫إياه من اللم‪ ،‬ولتفريقك لحمه حسبة ل تعالى‪ ،‬فتردد النصاري في أنه‬
‫أمره بتفريق كل لحمه أم بتفريق بعضه‪ .‬وروى هذا الحديث في التهذيب‬
‫عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبي الجوزاء عن الحسين‬
‫بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه‬
‫السلم مثله إل أن فيه فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬انحره‬
‫يضعف لك به أجران بنحرك إياه )‪ (1‬الخ‪ ،‬وما هنا أظهر‪ ،‬ولبد من تأويل‬
‫النحر الوارد هناك بالذبح للجماع على أنه ل يجزي النحر في الفرس‪.‬‬
‫فذلكة‪ :‬ل ريب في حل النعام الثلثة والمعروف بين الصحاب حتى كاد أن‬
‫يكون اتفاقيا حل لحوم الدواب الثلثة إل قول أبي الصلح بتحريم البغال‬
‫وهو ضعيف‪ ،‬ويكره أن يذبح بيده ما رباه من النعم‪ ،‬ويؤكل من الوحشية‬
‫البقر والكباش الجبلية والحمر والغزلن واليحامير‪ ،‬وقال الفاضل بكراهة‬
‫الحمار الوحشي‪ ،‬وفي بعض الروايات تركه أفضل‪ .‬ويحرم الكلب والخنزير‬
‫للنص والتفاق‪ ،‬ول يعرف خلف بين الصحاب في تحريم كل سبع سواء‬
‫كان له ناب أو ظفر كالسد والنمر والفهد والذئب والسنور والثعلب‬
‫والضبع وابن آوي‪ ،‬ويدل عليه الخبار‪ ،‬ول أعرف أيضا خلفا بيننا في‬
‫تحريم المسوخات‪ ،‬لكن قد وردت أخبار كثيرة في حل كثير من السباع‬
‫وغيرها‪ ،‬وحملها الصحاب على وجوه قد أشرنا إلى بعضها‪ ،‬والمعروف‬
‫المذكور في أكثر الكتب تحريم الرنب والضب والحشار كلها كالحية‬
‫والعقرب والفأرة والجرز والخنافس والصراصر وبنات وردان والبراغيث‬
‫والقمل واليربوع والقنفذ والوبر والخز‬

‫)‪ (1‬تهذيب الحكام‪:‬‬

‫]‪[188‬‬

‫والفنك والسمور والسنجاب والعظاية‪ ،‬وإقامة الدليل عليها ل يخلو من إشكال‪،‬‬


‫والعمل على المشهور‪ ،‬رعاية للحتياط وبعدا عن مذهب المخالفين‪ ،‬ول‬
‫أعرف أيضا خلفا بيننا في تحريم كل ذي مخلب من الطير سواء كان قويا‬
‫كالبازي والصقر و العقاب والشاهين والباشق‪ ،‬أو ضعيفا كالنسر والرخمة‬
‫والبغاث‪ ،‬وقد مر ما يدل على ذلك‪.‬‬

‫]‪[189‬‬

‫‪ } - 4‬باب { } الجراد والسمك وسائر حيوان الماء { اليات‪ :‬النحل ‪ :16‬وهو الذي‬
‫سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا ‪ .14‬فاطر ‪ :35‬ومن كل تأكلون لحما‬
‫طريا ‪ .12‬تفسير‪ " :‬سخر البحر " قيل‪ :‬أي جعله بحيث يتمكنون من‬
‫النتفاع به بالركوب والصطياد والغوص " لتأكلوا منه لحما طريا " سمى‬
‫لحما جريا على اللغة‪ ،‬وعرفا يطلق مقيدا فيقال‪ :‬لحم السمك‪ ،‬ويقابل به‬
‫المطلق فيقال‪ :‬أكلت لحما وسمكا‪ ،‬وتقيده بالطري ليس مخصصا له‬
‫بالتحليل للجماع على حل غيره أيضا‪ ،‬لكن لما خرجت مخرج المتنان‬
‫وكان في طراوته ألذكان التقييد به أليق‪ ،‬وقيل‪ :‬وصفه بالطري لسرعة‬
‫تطرق التغيير إليه‪ ،‬ول ريب أنه أطرى اللحوم‪ ،‬واستدل مالك و الثوري‬
‫بالية على أن السمك لحم فإذا حلف ل يأكل لحما حنث بالسمك‪ ،‬واجيب‬
‫بأنه لحم لغة ل عرفا‪ ،‬واليمان مبنية على العرف لكونه طاريا على اللغة‬
‫ناسخا لحكمها‪ ،‬وفيه إشكال " ومن كل " أي من البحرين " تأكلون لحما‬
‫طريا " الكلم فيه كما مر‪ .‬وقال الدميري‪ :‬السمك من خلق الماء‪ ،‬الواحدة‬
‫سمكة‪ ،‬والجمع أسماك و سموك‪ ،‬وهو أنواع كثيرة‪ ،‬ولكل نوع اسم خاص‪،‬‬
‫قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال خلق ألف امة‪ :‬ستمائة منها في‬
‫البحر‪ ،‬وأربعمائة في البر‪ ،‬ومن أنواع السماك ما ل يدرك الطرف أولها‬
‫وآخرها لكبرها‪ ،‬ومال يدركها الطرف لصغرها‪ ،‬وكله يأوي الماء‬
‫ويستنشقه كما يستنشق بنو آدم وحيوان البر الهواء إل أن حيوان البر‬
‫يستنشق الهواء بالنوف‪ ،‬ويصل ذلك إلى قصبة الرئة‪ ،‬والسمك يستنشق‬
‫بأصداغه فيقوم له الماء في تولد الروح الحيواني في قلبه مقام الهواء‪،‬‬
‫وإنما استغنى عن الهواء في إقامة‬

‫]‪[190‬‬

‫الحيوان ولم نستغن نحن وما أشبهنا من الحيوان عنه لنه من عالم الماء والرض‬
‫دون عالم الهواء‪ ،‬ونحن من عالم الماء والهواء والرض‪ ،‬ونسيم البر لو‬
‫مر على السمك ساعة لهلك )‪ ،(1‬وهو بجملته شره كثير الكل لبرد مزاج‬
‫معدته‪ ،‬وقربها من فمه‪ ،‬وإنه ليس له عنق ول صوت إذ ل يدخل إلى جوفه‬
‫هواء البتة‪ ،‬ولذلك يقول بعضهم‪ :‬إن السمك لرئة له‪ ،‬كما أن الفرس ل‬
‫طحال له‪ ،‬والجمل ل مرارة له‪ :‬والنعامة ل مخ له‪ .‬وصغار السمك تحترس‬
‫من كباره‪ ،‬فلذلك تطلب ماء الشطوط والماء القليل الذي ل يحمل الكبير‬
‫وهو شديد الحركة لن قوته المحركة للرادة تجري في مسلك واحد ل‬
‫ينقسم في عضو خاص‪ ،‬وهذا بعينه موجود في الحيات‪ ،‬ومن السمك ما‬
‫يتولد بسفاد‪ ،‬ومنها ما يتولد بغيره إما من الطين‪ ،‬أو من الرمل‪ ،‬وهو‬
‫الغالب في أنواعه وغالبا يتولد من العفونات‪ ،‬وبيض السمك ليس له بياض‬
‫ول صفرة إنما هو لون واحد وفي البحر من العجائب ما ل يستطاع‬
‫حصره‪ :‬حكى القزوني في عجائب المخلوقات عن عبد الرحمن بن هارون‬
‫المغربي قال‪ :‬ركبت بحر المغرب فوصلت إلى موضع يقال له‪ :‬البرطون‬
‫وكان معنا غلم صقلي له صنارة )‪ (2‬فألقاها في البحر فصادبها سمكة‬
‫نحو الشبر فنظرنا فإذا خلف اذنها اليمنى مكتوب‪ " :‬ل إله إل ال " وفي‬
‫قفاها‪ " :‬محمد " وفي خلف اذنها اليسرى‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫)‪ - 1 .(3‬دعائم السلم‪ :‬عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‪:‬‬
‫إدمان أكل السمك الطري يذيب الجسد‪ ،‬وكان إذا أكل السمك قال‪ :‬اللهم‬
‫تبارك لنا فيه وأبدلنا خيرا منه )‪ - 2 .(4‬وقال جعفر بن محمد عليه السلم‪:‬‬
‫أكل التمر بعده يذهب أذاه )‪ - 3 .(5‬وعن جعفر بن محمد عليه السلم أنه‬
‫نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت و‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ونسيم البر الذى يعيش به الطير لو دام على السمك ساعة قتله‪) .‬‬
‫‪ (2‬صنارة الصياد‪ :‬قطعة ملتوية من نحاس أو حديد تنشب في حلق‬
‫الصيد‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ (5 - 4) .20 :2‬دعائم السلم‪ :‬نسخته ليست‬
‫عندي‪.‬‬

‫]‪[191‬‬

‫الجراد لنه ل يأكل منه إل ما اخذ حيا )‪ - 4 .(1‬الهداية‪ :‬كل من السمك ما كان له‬
‫فلوس‪ ،‬ول تأكل ما ليس له فلس‪ ،‬وذكاة السمك والجراد أخذه‪ ،‬ول تأكل‬
‫الدبا من الجراد وهو الذي ل يستقل بالطيران‪ ،‬ول تأكل من السمك الجريث‬
‫ول المارماهي ول الطافي ول )‪ (2‬الزمير )‪ - 5 .(3‬وسئل الصادق عليه‬
‫السلم عن الربيثا فقال‪ :‬ل تأكلها فانا ل نعرفها في السمك )‪ .(4‬بيان‪ :‬هذا‬
‫الخبر المرسل رواه الشيخ بسند موثق عن عمار الساباطي )‪ (5‬وحمله‬
‫على الكراهة‪ ،‬وظاهر الصحاب أن الربيثا غير الربيان‪ ،‬ويظهر من خبر‬
‫سيأتي أنهما واحد‪ ،‬ولم يذكر الربيثا فيما عندنا من كتب اللغة ول كتب‬
‫الحيوان‪ ،‬لكنه مذكور في أخبارنا وكتب أصحابنا ولم يختلفوا في حله‪ ،‬قال‬
‫في السرائر‪ :‬ل بأس بأكل الكنعت ويقال أيضا‪ :‬الكنعد بالدال غير المعجمة‪،‬‬
‫ول بأس أيضا بأكل الربيثا بفتح الراء وكسر الباء‪ ،‬وكذلك ل بأس بأكل‬
‫الربيان بكسر اللف وتسكين الراء وكسر الباء‪ ،‬وهو ضرب من السمك‬
‫البحري أبيض كالدود والجراد والواحدة إربيانة انتهى )‪ (6‬وقد مضى خبر‬
‫آخر في النهي عن الربيان‪ - 6 .‬كتاب عاصم بن حميد‪ :‬عن محمد بن‬
‫مسلم عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ (7) :‬كان أصحاب المغيرة يكتبون‬
‫إلي أن أسأله عن الجريث والمارماهي والزمير وما ليس له قشر من‬
‫السمك حرام هو أم ل ؟ فسألته عن ذلك فقال لي‪ :‬اقرأ هذه الية التي في‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم‪ (2) :‬الزمير بكسر الزاء وفتحها وتشديد الميم‪ :‬نوع من السمك‬
‫له شوك ناتئ على ظهره وأكثر ما يكون في المياه العذبة‪ (3) .‬الهداية‪:‬‬
‫‪ (4) .17‬الهداية‪ 7 :‬في نسخة‪ :‬من السمك‪ (5) .‬تهذيب الحكام ‪80 :9‬‬
‫)طبعة الخوندى( رواه باسناده عن محمد بن احمد بن يحيى عن احمد‬
‫بن الحسن بن على بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة‬
‫عن عمار بن موسى‪ (6) .‬السرائر‪ 358 :‬باب ما يستباح اكله‪ (7) .‬القائل‬
‫محمد بن مسلم والمسؤول أبو جعفر الباقر عليه السلم‪.‬‬

‫]‪[192‬‬

‫النعام فقرأتها حتى فرغت منها‪ ،‬قال‪ :‬فقال لي‪ :‬إنما الحرام ما حرم ال في كتابه‪،‬‬
‫ولكنهم قد كانوا يعافون الشئ ونحن نعافه )‪ .(1‬التهذيب‪ :‬بإسناده عن‬
‫الحسين بن سعيد عن ابن أبي نجران عن عاصم مثله إل أنه زاد بعد قوله‬
‫في النعام‪ " :‬قل ل أجد فيما اوحي إلي محرما على طاعم " قال‪ :‬فقرأتها‬
‫الخ )‪ .(2‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬الزمير كسكيت‪ :‬نوع من السمك‪ ،‬وذكر أكثر‬
‫أصحابنا الزمار‪ ،‬واعلم أنه ل خلف بين المسلمين في حل السمك الذي له‬
‫فلس‪ ،‬والمعروف من مذهب الصحاب تحريم ما ليس على صورة السمك‬
‫من أنواع الحيوان البحري‪ ،‬وادعى الشهيد الثاني رحمه ال نفي الخلف‬
‫بين أصحابنا في تحريمه‪ ،‬وتأمل فيه بعض المتأخرين لعدم ثبوت الجماع‬
‫عليه‪ ،‬وشمول الدلة العامة في التحليل )‪ (3‬له كما عرفت‪ ،‬ول ريب في أن‬
‫العمل بما ذكره الصحاب أولى وأحوط‪ ،‬واختلف الصحاب فيما ل فلس له‬
‫من السمك‪ ،‬فذهب الكثر ومنهم الشيخ في أكثر كتبه إلى تحريمه مطلقا‪،‬‬
‫وذهب الشيخ في كتاب الخبار )‪ (4‬إلى الباحة ما عدا الجري‪ ،‬وحمل‬
‫الخبار الدالة على تحريمها على الكراهة لروايات صحيحة دالة على الحل‪،‬‬
‫منها هذه الرواية‪ ،‬والمحرمون حملوها على التقية وهو أحوط‪ - 7 .‬الدر‬
‫المنثور‪ :‬عن عكرمة قال‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬مكتوب على الجرادة‬
‫بالسريانية‪ :‬إني أنا ال ل إله إل أنا وحدي ل شريك لي‪ ،‬الجراد جند من‬
‫جندي اسلطه على من أشاء من عبادي )‪ - 8 .(5‬وعن أبي زهير قال‪ :‬ل‬
‫تقتلوا الجراد فانه جند من جند ال العظم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬كتاب عاصم بن حميد‪ 25 :‬فيه صدر وذيل اسقطهما المصنف وفيه‪:‬‬
‫والمارماهيك‪ (2) .‬تهذيب الحكام ‪ 6 :9‬فيه‪ :‬سألت ابا عبد ال عليه‬
‫السلم عن الجرى والمارماهى‪ (3) .‬في النسخة المخطوطة‪ :‬في التعليل‬
‫له‪ (4) .‬أي التهذيب والستبصار‪ 5) .‬و ‪ (6‬الدر المنثور‪:‬‬

‫]‪[193‬‬

‫‪ - 9‬وعن الحسين بن علي عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬كنا على مائدة أنا وأخي محمد بن‬
‫الحنفية وبني عمي عبد ال بن عباس وقثم والفضل فوقعت جرادة فأخذها‬
‫عبد ال بن عباس فقال للحسن‪ :‬تعلم ما مكتوب على جناح الجرادة ؟ فقال‪:‬‬
‫سألت أبي فقال‪ :‬سألت رسول ال صلى ال عليه وآله فقال لي‪ :‬على جناح‬
‫الجرادة مكتوب‪ :‬إني أنا ال ل إله إل أنا رب الجرادة ورازقها إذا شئت‬
‫بعثتها رزقا لقوم‪ ،‬وإن شئت )‪ (1‬على قوم بلء " فقال ابن عباس‪ :‬هذا‬
‫وال من مكنون العلم‪ - 10 .‬حياة الحيوان‪ :‬بإسناد الطبراني عن الحسن بن‬
‫علي عليه السلم قال‪ :‬كنا على مائدة‪ ،‬وذكر نحوه )‪ .(2‬بيان‪ :‬يحتمل أن‬
‫يكون الكتابة المذكورة كناية عن أن خلقتها على الهيئة المذكورة تدل على‬
‫وجود الصانع ووحدته وكونه رب الجرادة وغيرها‪ ،‬وإنها تكون نعمة‬
‫وبلء وفيها استعدادهما وال يعلم )‪ - 11 .(3‬كتاب المسائل‪ :‬باسناده عن‬
‫علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الجري يحل‬
‫أكله ؟ فقال‪ :‬إنا وجدناه في كتاب أمير المؤمنين عليه السلم حراما )‪.(4‬‬
‫‪ - 12‬كتاب صفات الشيعة‪ :‬عن علي بن أحمد بن عبد ال عن أبيه عن جده‬
‫أحمد بن أبي عبد ال عن أبيه عن عمرو بن شمر عن عبيد ال عن‬
‫الصادق عليه السلم قال‪ :‬من أقر بسبعة أشياء فهو مؤمن‪ :‬البراءة من‬
‫الجبت والطاغوت )‪ ،(5‬والقرار بالولية‪ ،‬واليمان‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وان شئت بعثتها بلء على قوم‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪(3) .136 :1‬‬
‫وانما ذكر انه مكتوب على جناحه لن قوته وطيرانه وبعثه رزقا لقوم‬
‫وبلء لخرين تكون به‪ (4) .‬بحار النوار ‪ ،254 :10‬طبعة الخوندى‪) .‬‬
‫‪ (5‬الجبت‪ :‬الصنم وكل ما يعبد من دون ال ويطاع من غير اذن ال‪،‬‬
‫والطاغوت‪ :‬كل متعد ويعبر عنه بالديكتاتور‪ ،‬رأس الضلل‪ ،‬الصارف عن‬
‫طريق الخير‪ .‬كل معبود دون ‪ -‬ال‪ ،‬والبراءة عنهما‪ :‬الخروج عن‬
‫طاعتهما والقيام لعدامهما‪ ،‬وفي قبال ذلك القرار بأن الولية والحكومة‬
‫ليست ال لولياء ال وخلصائه‪ ،‬ولمن جعلهم ال خلفاءه على الناس وهم‬
‫الئمة عليهم السلم‪.‬‬

‫]‪[194‬‬
‫بالرجعة‪ ،‬والستحلل للمتعة‪ ،‬وتحريم الجري‪ ،‬والمسح على الخفين )‪- 13 .(1‬‬
‫قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الجراد نصيبه ميتا في الصحراء أو في الماء‬
‫أيؤكل ؟ قال‪ :‬ل تأكله‪ .‬قال‪ :‬وسألته عن الجراد نصيده فيموت بعد ما نصيده‬
‫فيؤكل ؟ قال‪ :‬ل بأس‪ .‬قال‪ :‬وسالته عن الدبى من الجراد أيؤكل ؟ قال‪ :‬ل‪:‬‬
‫حتى يستقل بالطيران )‪ .(2‬كتاب المسائل‪ :‬باسناده عن علي بن جعفر عن‬
‫أخيه عليه السلم مثل الجميع إل أنه قال في الخير‪ :‬قال‪ :‬سألته عن الدبى‬
‫هل يحل أكله ؟ قال‪ :‬ل يحل أكله حتى يطير )‪ .(3‬بيان‪ :‬الدبى بفتح الدال‬
‫وتخفيف البآء مقصورا هو الجراد قبل أن يطير و ظهر جناحه )‪،(4‬‬
‫والواحدة دباة بفتح الدال أيضا‪ .‬وقال في النهاية‪ :‬وقيل‪ :‬هو نوع يشبه‬
‫الجراد )‪ .(5‬ويظهر من الخبار الول‪ ،‬ول خلف ظاهرا في أن ذكاة الجراد‬
‫أخذه حيا باليد أو باللة‪ ،‬والمشهور أنه ل يشترط اسلم الخذ إذا شاهده‬
‫المسلم‪ ،‬وذهب ابن زهرة إلى المنع من صيد غير المسلم له مطلقا‪ ،‬ولعل‬
‫الشهر أقوى‪ ،‬ولو مات في الماء أو في الصحراء قبل أخذه لم يحل‪ ،‬ولو‬
‫وقع في اجمة نار فأحرقتها وفيها جراد لم تحل وإن قصده المحرق‪ ،‬ل‬
‫أعرف فيه خلفا بينهم‪ ،‬وتدل عليه رواية عمار )‪ ،(6‬ول خلف أيضا في‬
‫عدم حل الدبى والمشهور أنه يباح أكله حيا وبما فيه كالسمك‪ ،‬واشترط‬
‫بعضهم في حله الموت وسيأتي ما يدل على عدم الشتراط‪.‬‬

‫)‪ (1‬صفات الشيعة‪ 178 :‬فيه‪ " :‬البراءة من الطواغيت " وفيه‪ :‬وترك المسح على‬
‫الخفين‪ (2) .‬قرب السناد‪ (3) .116 :‬بحار النوار ‪ 287 :10‬و ‪252‬‬
‫)طبعة الخوندى(‪ (4) .‬في المخطوطة‪ :‬وأن ظهر جناحه‪ (5) .‬النهاية ‪:2‬‬
‫‪ (6) .13‬لم يذكر في المخطوطة‪ " :‬عمار " بل قال‪ :‬وتدل عليه رواية‪.‬‬
‫)*(‬

‫]‪[195‬‬

‫‪ - 14‬دعائم السلم‪ :‬عن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬النون ذكي‪ ،‬والجراد ذكي و‬
‫أخذه حيا ذكاة‪ - 15 .‬وعنه صلوات ال عليه أنه نهى عن الطافى وهو ما‬
‫مات في البحر من صيده قبل أن يؤخذ‪ - 16 .‬وعن جعفر بن محمد عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬ل يؤكل من دواب البحر إل ما كان له قشر وكره السلحفاة‬
‫والسرطان والجري‪ ،‬وما كان في الصداف وما جانس ذلك )‪- 17 .(1‬‬
‫كتاب المسائل‪ :‬باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عما صادت المجوس من الجراد والسمك أيحل أكله ؟ قال‪:‬‬
‫صيده ذكاته ل بأس‪ ،‬وسألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر‬
‫والفرات أيؤكل ؟ فقال‪ :‬ذلك لحم الضفادع ل يصلح أكله )‪ .(2‬قرب السناد‪:‬‬
‫عن عبد ال بن الحسن عن علي بن جعفر مثل السؤال الخير إل أن فيه‪ :‬ل‬
‫يحل أكله )‪ ،(3‬كما في الكافي‪ .‬بيان‪ :‬ذلك لحم الضفادع‪ ،‬أي شبيه به‬
‫وحكمه حكمه‪ ،‬وفيه إشعار بكونه حيوانا‪ ،‬وقال الدميري‪ :‬الصدف من‬
‫حيوانات البحر‪ ،‬وفي حديث ابن عباس‪ :‬إذا مطرت السماء فتحت الصدف‬
‫أفواهما وهو غلف اللؤلؤ‪ ،‬الواحدة صدفة‪ - 18 .‬قرب السناد وكتاب‬
‫المسائل بإسنادهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال‪:‬‬
‫سألته عن أكل السلحفاة والسرطان والجري أيحل أكله ؟ قال‪ :‬ل يحل أكل‬
‫السلحفاة‪ ،‬والسرطان والجري )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم‪ :‬ليست عندي نسخته‪ (2) .‬بحار النوار ‪ 277 :10‬فيه‪ " :‬عما‬
‫اصاب " و ‪ 261‬فيه‪ :‬فل يصلح اكله )‪ (3‬قرب السناد‪ 118 :‬وفيه‪ :‬في‬
‫أجواف البحر‪ (4) .‬قرب السناد‪ ،118 :‬بحار النوار ‪ 261 :10‬فيه‪ :‬عن‬
‫اكل السلحفاة والسرطان والجرى‪ ،‬قال‪ :‬اما الجرى فل يؤكل ول السلحفاة‬
‫ول السرطان‪.‬‬

‫]‪[196‬‬

‫فائدة‪ :‬قال الدميري‪ :‬السلحفاة البرية بفتح اللم واحدة السلحف‪ ،‬قال أبو عبيدة‪:‬‬
‫وحكى الراوي سلحفة وسلحفاة )‪ ،(1‬وهي بالهاء عند الكافة‪ ،‬وعند ابن‬
‫عبدوس السلحفا بغير هاء‪ ،‬وذكرها يقال له‪ :‬غيلم‪ ،‬وهذا الحيوان يبيض‬
‫في البر فما نزل في البحر كان لجأة وما استمر في البر كان سلحفاة‪،‬‬
‫ويعظم الصنفان جدا إلى أن يصير كل واحد منهما حمل جمل‪ ،‬وإذا أراد‬
‫الذكر السفاد والنثى ل تطيعه يأتي الذكر بحشيشة في فيه خاصيتها أن‬
‫صاحبها يكون مقبول فعند ذلك تطاوعه‪ ،‬وهذه الحشيشة ل يعرفها إل قليل‬
‫من الناس‪ ،‬وهي إذا باضت صرفت همتها إلى بيضها بالنظر إليه ول تزال‬
‫كذلك حتى يخلق الولد منها إذ ليس لها أن تحضنه حتى يكمل بحرارتها لن‬
‫أسفلها صلب ل حرارة فيه‪ ،‬وربما تقبض السلحفاة على ذنب الحية وتقمع‬
‫رأسها من ذنبها )‪ ،(2‬والحية تضرب بنفسها على ظهر السلحفاة وعلى‬
‫الرض حتى تموت‪ ،‬ولذكرها ذكران وللنثى فرجان‪ ،‬والذكر يطيل المكث‬
‫في السفاد‪ ،‬والسلحفاة مولعة بأكل الحيات‪ ،‬فإذا أكلتها أكلت بعدها سعترا‪،‬‬
‫والترس الذي على ظهرها وقايتها )‪ .(3‬وقال‪ :‬السلحفاة البحرية‪ :‬اللجاة‬
‫بالجيم وهي تعيش في البر والبحر‪ ،‬و اللجاة البحرية لها لسان في‬
‫صدورها من أصابته به من الحيوان قتله‪ ،‬ولها حيلة عجيبة في صيدها من‬
‫طائر أو غيره‪ ،‬وذلك أنها تغوص في الماء‪ ،‬ثم تتمرغ في التراب‪ ،‬ثم تكمن‬
‫للظبى )‪ (4‬في مواضع شربها فيختفي عليه لونها فتمسكه وتغوص به في‬
‫الماء حتى يموت‪ ،‬وقال أرسطاطاليس في النعوت‪ :‬ما خرج من بيض‬
‫اللجاة مستقبل البحر صار إلى البحر وما خرج مستقبل البر صار إلى البر‪،‬‬
‫وكلهن يردن الماء لنهن‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وحكى الرواسى سلحفية مثل بلهنية‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فتقطع‬
‫رأسها وتمضغ من ذنبها‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ (4) .17 :2‬في المصدر‪:‬‬
‫للطير‪.‬‬

‫]‪[197‬‬

‫من خلق الماء‪ ،‬قال‪ :‬وهي تأكل الثعابين )‪ .(1‬وقال‪ :‬السرطان بفتح السين والزاء‬
‫المهملتين وبالنون في آخره‪ :‬حيوان معروف ويسمى عقرب الماء‪ ،‬وكنيته‬
‫أبو بحر‪ ،‬وهو من خلق الماء ويعيش في البر أيضا‪ ،‬وهو جيد المشي‬
‫سريع العدو‪ ،‬ذوفكين ومخالب وأظفار حداد كثير السنان صلب الظهر من‬
‫رآه رأى حيوانا بل رأس ول ذنب‪ ،‬عيناه في كتفه وفمه في صدره‪ ،‬وفكاه‬
‫مستويان من الجانب )‪ (2‬وله ثمانية أرجل‪ ،‬وهو يمشي على جانب واحد‪،‬‬
‫و يستنشق الماء والهواء معا‪ ،‬ويسلخ جلده في السنة ست مرات‪ ،‬ويتخذ‬
‫لجحره بابين‪ :‬أحدهما إلى الماء والخر إلى اليبس فإذا سلخ جلده سد عليه‬
‫ما يلي الماء خوفا على نفسه من سباع السمك‪ ،‬وترك ما يلي اليبس‬
‫مفتوحا ليصل إليه الريح‪ ،‬فتجف رطوبته ويشتد‪ ،‬فإذا اشتد فتح ما يلي‬
‫الماء وطلب معاشه‪ .‬وقال أرسطاطاليس في النعوت‪ :‬وزعموا أنه إذا وجد‬
‫سرطان ميت في حفرة مستلقيا على ظهره في قرية أو أرض تأمن تلك‬
‫البقعة من الفات السماوية‪ ،‬وإذا علق على الشجار يكثر ثمرها )‪- 19 .(3‬‬
‫الكافي )‪ (4‬المكارم‪ :‬عن ابن نباته عن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬ل تبيعوا‬
‫الجري ول المارماهي ول الطافي‪ - 20 .‬المحاسن‪ :‬عن أبي أيوب المديني‬
‫وغيره عن ابن أبي عمير عن ابن المغيرة عن رجل عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬الحوت ذكي حيه وميته )‪ .(5‬ومنه‪ :‬عن أبيه عن عون بن‬
‫حريز عن عمرو بن مروان الثقفي عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ (2) .227 :2‬في المصدر‪ :‬مشقوقان من الجانبين‪ (3) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪ (4) .14 :2‬لم يذكر في المخطوطة‪ :‬الكافي‪ (6 - 5) .‬المحاسن‪:‬‬
‫‪.475‬‬

‫]‪[198‬‬

‫بيان‪ :‬يدل على أن الحوت يحل أكله حيا كما هو المشهور بين الصحاب وذهب‬
‫الشيخ في المبسوط إلى توقف حله على الموت خارج الماء استنادا إلى أن‬
‫ذكاته إخراجه من الماء حيا وموته خارجه فقبل موته لم تحصل الذكاة‪،‬‬
‫ولهذا لو عاد إلى الماء ومات فيه حرم‪ ،‬ولو كان قد تمت ذكاته لما حرم‬
‫بعدها‪ ،‬وأجيب بمنع كون ذكاته يحصل بالمرين معابل بالول خاصة بشرط‬
‫عدم عوده إلى الماء وموته فيه‪ ،‬مع أن عمومات الحل يشمله‪ - 21 .‬فقه‬
‫الرضا‪ :‬فقال إن وجدت سمكة ولم تدر أذكي هو أم غير ذكي ‪ -‬وذكاته أن‬
‫يخرج من الماء حيا ‪ -‬فخذ منه واطرحه في الماء فان طفا على رأس الماء‬
‫مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي‪ ،‬وإن كان على وجهه فهو ذكي )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬ذكر هذه العبارة بعينها الصدوق رحمه ال في الفقيه والمقنع )‪(2‬‬
‫وقال في الدروس‪ :‬ويحرم الطافي إذا علم أنه مات في الماء‪ ،‬ولو علم‬
‫كونه مات خارج الماء حل‪ ،‬ولو اشتبه فالقرب التحريم‪ ،‬ثم ذكر كلم‬
‫المقنع وقال‪ :‬واختاره الفاضل انتهى‪ .‬وقال يحيى بن سعيد في الجامع‪ :‬إذا‬
‫نصب شبكة فاجتمع فيها سمك جاز أكله فان علم أن فيه ميتا في الماء ولم‬
‫يتميز القي ذلك في الماء‪ ،‬فان طفا على ظهره لم يؤكل‪ ،‬وإن طفا على‬
‫وجهه اكل وكذلك صيد الحظائر‪ .‬وقال ابن حمزة في الوسيلة‪ :‬إن وجدت‬
‫سمكة على شاطئ الماء ولم تعلم حالها القيت في الماء‪ ،‬فان طفت على‬
‫الظهر فهي ميتة‪ ،‬وإن طفت على الوجه فذكية )‪ ،(3‬ونحوه قال سلر في‬
‫المراسم )‪ ،(4‬وعد ابن البراج في المهذب في السموك المحللة كل ما وجد‬
‫منه على ساحل البحر والقى في الماء فرسب أسفله ولم يطف عليه انتهى‪.‬‬

‫)‪ (1‬فقه الرضا‪ (2) .40 :‬من ل يحضره الفقيه ‪ ،207 :3‬المقنع‪ 35 :‬فيهما‪ " :‬ولم‬
‫تعلم أذكى " والظاهر من الكتابين انه من كلم الصدوق‪ (3) .‬الوسيلة‪:‬‬
‫‪ (4) .70‬المراسم‪.28 :‬‬

‫]‪[199‬‬

‫وكأنه حمل هذا الخبر على هذا المعنى‪ ،‬ول يخفى ما فيه ولعل السر فيما ورد في‬
‫الخبر أن الذي يموت في الماء يتنفخ بطنه غالبا فيقع في الماء على ظهره‬
‫دون ما مات خارج الماء‪ ،‬والظاهر أن وقوع السمك الطري الميت على‬
‫وجهه في الماء في غاية الندرة‪ ،‬وأما غير الطري فهو يرسب في الماء‬
‫سواء مات خارج الماء أو داخله ولعله لذلك أعرض عنه أكثر المتأخرين‪.‬‬
‫‪ - 21‬المكارم‪ :‬عن أحمد بن اسحاق قال‪ :‬كتبت إلى أبي محمد عليه السلم‬
‫سألته عن السقنقور يدخل في دواء الباه له مخاليب وذنب أيجوز أن‬
‫يشرب ؟ فقال‪ :‬إذا كان له قشور فل بأس )‪ .(1‬توضيح‪ :‬قال في القاموس‪:‬‬
‫اسقنقور‪ :‬دابة تنشأ بشاطئ بحر النيل لحمها باهي‪ .‬وقال الدميري في‬
‫السقنقور‪ :‬قال بختيشوع‪ :‬إنه التمساح البري لحمه حار في الطبقة الثانية‬
‫)‪ (2‬إذا ملح وشرب منه مثقال زاد في الباه وتهيج الشهوة ويسخن الكلى‬
‫الباردة‪ ،‬وقال ابن زهير‪ :‬هي دابة بمصر شكلها كالوزغة على عظيم‬
‫خلقته‪ ،‬وإذا علقت عينها على من يفزع بالليل أبرأته إذا لم يكن من خلط‪.‬‬
‫وقال أرسطاطاليس في كتاب الحيوان الكبير‪ :‬إن شربه يهيج الباه ويزيد‬
‫في النعاظ في سائر البلد إل بمصر‪ ،‬وهو أنفس ما يهدى منها لملوك‬
‫الهند فانهم يذبحونه بسكين من ذهب ويحشونه من ملح مصر ويحملونه‬
‫كذلك إلى أرضهم‪ ،‬فإذا وضعوا منه مثقال )‪ (3‬على بيض أو لحم واكل نفع‬
‫من ذلك نفعا بليغا )‪ .(4‬والتمساح‪ :‬تبيض في البر فما وقع من ذلك في‬
‫الماء صار تمساحا وما بقي صار‬

‫)‪ (1‬مكارم الخلق‪ 83 :‬و ‪ 84‬فيه‪ :‬ان كان له‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬في الدرجة‬
‫الثانية‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬مثقال من ذلك الملح‪ (4) .‬حياة الحيوان ‪.17 :1‬‬

‫]‪[200‬‬

‫سقنقورا )‪ .(1‬وقال‪ :‬السقنقور نوعان‪ :‬هندي ومصري‪ ،‬منه ما يتولد ببحر القلزم‬
‫وبلد الحبشة‪ ،‬وهو يغتذى بالسمك في الماء‪ ،‬وفي البر بالقطا يسترطه )‬
‫‪ (2‬كالحيات‪ ،‬وانثاه تبيض عشرين بيضة تدفنها في الرمل فيكون ذلك‬
‫حضنا لها‪ ،‬ومن عجيب أمره أنه إذا عض إنسانا وسبقه إلى الماء )‪(3‬‬
‫واغتسل منه مات السقنقور‪ ،‬وإن سبق السقنقور إلى الماء مات النسان‪،‬‬
‫والمختار من أعضائه ما يلي ذنبه من ظهره فهو أبلغ نفعا‪ ،‬وهذا الحيوان‬
‫مادام رطبا )‪ (4‬لحمه حار رطب في الدرجة الثانية‪ ،‬وأما مملوحه المجفف‬
‫فانه أشد حرارة وأقل رطوبة‪ .‬قال في المفردات‪ :‬السقنقور الهندي نحو‬
‫ذراعين طول وعرضه نحو نصف ذراع‪ ،‬ولحمه إذا أكل منه اثنان بينهما‬
‫عداوة زالت وصارا متحابين وخاصية لحمه وشحمه إنهاض شهوة الجماع‬
‫وتقوية النعاظ والنفع من المراض الباردة التي بالعصب‪ ،‬وقال أرسطو‪:‬‬
‫لحم السقنقور الهندي إذا طبخ باسفيداج نفخ اللحم وأسمن‪ ،‬ولحمه يذهب‬
‫وجمع الصلب ووجع الكليتين ويدر المني وخوزته الوسطى إذا علقت على‬
‫صلب إنسان هيجت الحليل وزادت الجماع )‪ - 22 .(5‬جامع الشرايع‬
‫ليحيى بن سعيد‪ :‬عن جعفر بن محمد عليه السلم‪ :‬كل ما كان في البحر‬
‫مما يؤكل في البر مثله فجائز أكله‪ ،‬وكل ما كان في البحر مما ل يجوز أكله‬
‫في البر لم يجز أكله )‪ .(6‬بيان‪ :‬لم أر قائل بهذا الخبر إل أن الفاضل‬
‫المذكور نقله رواية‪ ،‬وقد قال قبل ذلك‪ :‬ل يحل من صيد البحر سوى السمك‬
‫‪ -‬فقد قيل فيه مثل كل ما في البر ‪-‬‬
‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ (2) .117 :1‬أي يبتلعه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬وسبقه النسان إلى‬
‫الماء‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ما دام طريا فهو حار‪ (5) .‬حياة الحيوان ‪.16 :2‬‬
‫)‪ (6‬جامع الشرائع‪ :‬ليست عندي نسخته‪.‬‬

‫]‪[201‬‬

‫ول من السمك إل ذو فلس )‪ - 23 .(1‬قرب السناد‪ :‬عن محمد بن عيسى والحسن‬


‫بن ظريف وعلي بن إسماعيل كلهم عن حماد بن عيسى عن أبي عبد ال‬
‫عن أبيه عليه السلم قال‪ :‬قال‪ :‬الحيتان والجراد ذكي كله )‪ .(2‬بيان‪ :‬الذكي‬
‫فعيل بمعنى مفعول من التذكية وهي قطع الوداج‪ ،‬وكأن المعنى أنهما ل‬
‫يحتاجان إلى الذبح والنحر بل يكفي أخذهما كما سيأتي انشاء ال‪- 24 .‬‬
‫قرب السناد‪ :‬عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن‬
‫محمد عليه السلم أنه سئل عن أكل الجراد فقال‪ :‬ل بأس بأكله‪ ،‬ثم قال‪ :‬إنه‬
‫نثرة من حوتة البحر‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن عليا عليه السلم قال‪ :‬إن الجراد والسمك‬
‫إذا خرج من الماء فهو ذكي‪ ،‬والرض للجراد مصيدة والسمك أيضا قد‬
‫يكون )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال في النهاية‪ :‬في حديث ابن عباس‪ :‬الجراد نثرة‬
‫الحوت أي عطسته وحديث كعب إنما هو نثرة حوت )‪ .(4‬وفي جامع‬
‫الصول‪ :‬النثرة للدواب‪ :‬شبه العطسة‪ ،‬نثرت الدابة‪ :‬إذا طرحت ما في أنفها‬
‫من الذى‪ .‬وقال الدميري‪ :‬اختلف في الجراد هل هو صيد بري أو بحري‪،‬‬
‫فقيل‪ :‬بحري لما روى ابن ماجة عن أنس أن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫دعا على الجراد فقال‪ " :‬اللهم أهلك كباره وأفسد صغاره واقطع دابره وخذ‬
‫بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا " )‪ (5‬فقال‪ :‬إن الجراد نثرة الحوت من‬
‫البحر أي عطسته‪ ،‬والمراد أن الجراد من صيد البحر يحل للمحرم أن‬
‫يصيده‪ ،‬وحكى الموفق بن طاهر قول غريبا أنه من صيد البحر‬

‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬ال ذو الفلس‪ (2) .‬قرب السناد‪ (3) .10 :‬قرب السناد‪) .24 :‬‬
‫‪ (4‬النهاية ‪ (5) .133 :4‬زاد في المصدر‪ :‬انك سميع الدعاء‪.‬‬

‫]‪[202‬‬

‫لنه يتولد من روث السمك وهو شاذ انتهى )‪ .(1‬أقول‪ :‬كأن بعض أفراد الجراد‬
‫يتولد من نثرة الحوت‪ ،‬أو هو على سبيل التشبيه‪ ،‬أي هو في الخلق‬
‫والطيب شبيه بالسمك‪ ،‬فكأنه يتولد من نثرته وقوله‪ :‬إذا خرج‪ ،‬متعلق‬
‫بالسمك‪ ،‬أو بهما إذا تولد الجراد من الماء‪ ،‬ويؤيده أن الجراد في الكافي‬
‫مؤخر عن السمك‪ ،‬فقوله‪ " :‬والرض للجراد مصيدة " أي غالبا‪ ،‬قوله‬
‫عليه السلم " والسمك أيضا قد يكون " في الكافي‪ " :‬وللسمك قد تكون‬
‫أيضا " وهو أظهر‪ ،‬أي الرض قد تكون مصيدة للسمك أيضا كما إذا وثب‬
‫على الساحل فأدركه إنسان فأخذه قبل موته‪ - 25 .‬قرب السناد‪ :‬عن‬
‫هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال‪ :‬سئل جعفر عليه السلم )‪(2‬‬
‫عن الربيثا فقال‪ :‬ل بأس بأكلها وددنا أن عندنا منها )‪ - 26 .(3‬ومنه‪ :‬عن‬
‫عبد ال بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال‪:‬‬
‫سئلته عن سمكة وثبت من النهر فوقعت على الجد )‪ (4‬فماتت هل يصلح‬
‫أكلها ؟ قال‪ :‬إن أخذتها )‪ (5‬قبل أن تموت فكلها‪ ،‬وإن ماتت قبل أن تأخذها‬
‫فل تأكلها )‪ ،(6‬وسألته عما حسر الماء عنه من صيد البحر وهو ميت هل‬
‫يحل أكله ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬وسألته عن السمك يصاد ثم يوثق فيرد إلى الماء حتى‬
‫يجئ من يشتريه فيموت بعضه أيحل أكله ؟ قال‪ :‬ل لنه مات في الذي فيه‬
‫حياته ورسالته عن الصيد يحبسه فيموت في مصيدته أيحل أكله ؟ قال‪ :‬إذا‬
‫كان محبوسا فكل فل بأس )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ 137 :1‬و ‪ (2) .138‬في المصدر‪ :‬قال‪ :‬سمعت جعفرا يقول‬
‫وسئل عن الربيثا‪ (3) .‬قرب السناد‪ (4) .26 :‬في المصدر‪ :‬على الجرف‪.‬‬
‫)‪ (5‬في المصدر‪ :‬إذا اخذتها‪ (6) .‬قرب السناد‪ (7) .117 :‬قرب السناد‪:‬‬
‫‪.118‬‬

‫]‪[203‬‬

‫كتاب المسائل مثل الجميع )‪ .(1‬تبيين‪ :‬ل خلف بين الصحاب في عدم حل ما مات‬
‫من السمك في غير الشبكة والحظيرة‪ ،‬والمشهور بينهم أن ذكاة السمك‬
‫أخذه حيا سواء أخذه من الماء أو ثبت اليد عليه خارج الماء حيا‪ ،‬ول فرق‬
‫بين أن يكون المخرج من الماء مسلما أو كافرا على المشهور‪ ،‬نعم ل يحل‬
‫ما وجد في يد الكافر حتى يعلم أنه مات بعد إخراجه من الماء‪ .‬وظاهر‬
‫المفيد تحريم ما أخرجه الكافر مطلقا‪ ،‬وقال ابن زهرة‪ :‬الحتياط تحريم ما‬
‫أخرجه الكافر‪ ،‬ويظهر من الشيخ في الستبصار‪ :‬الحل إذا أخذه منه المسلم‬
‫حيا‪ ،‬والول اظهر وقيل‪ :‬المعتبر خروجه من الماء حيا سواء أخرجه من‬
‫الماء مخرج أم ل‪ ،‬واختاره المحقق رحمه ال في النكت‪ ،‬ويدل عليه رواية‬
‫زرارة قال‪ :‬قلت‪ " :‬السمكة تثب من الماء فتقع على الشط فتضطرب حتى‬
‫تموت‪ ،‬فقال‪ :‬كلها " ورواية اخرى‪ ،‬وتدل صدر هذه على عدم حلها إن‬
‫مات قبل أخذها وهو أحوط‪ ،‬وإن أمكن حمله على الكراهة‪ ،‬ول يشترط في‬
‫حل السمك التسمية وغيرها مما يعتبر في الذبح‪ ،‬وقال صاحب الوسيلة‪:‬‬
‫التسمية مستحبة فيه‪ ،‬ولو اخذوا عيد في الماء فمات فيه لم يحل كما يدل‬
‫عليه هذا الخبر‪ ،‬وكذا لو نضب الماء عنه ل خلف في حرمته‪ ،‬وأما إذا‬
‫نصب شبكة فمات بعض ما حصل فيها واشتبه الحي بالميت فقد قيل حل‬
‫الجميع حتى يعلم الميت بعينه‪ ،‬اختاره الشيخ في النهاية والقاضي‪،‬‬
‫واستحسنه المحقق لدللة الخبار الصحيحة عليه‪ ،‬وذهب ابن أبي عقيل‬
‫إلى الحل مع التميز )‪ (2‬أيضا وهو الظاهر من الخبار‪ ،‬وإن المعتبر في‬
‫حله قصد الصطياد‪ ،‬ويدل عليه آخر الخبر أيضا‪ ،‬وذهب ابن إدريس‬
‫والعلمة وأكثر المتأخرين إلى تحريم الجميع لن ما مات في الماء حرام‬
‫والمجموع محصور‪ ،‬وقد اشتبه الحلل بالحرام فيكون الجميع حراما‪ ،‬ولو‬
‫لم يشتبه‬

‫)‪ (1‬بحار النوار ‪ (2) .281 :10‬في المخطوطة‪ :‬مع التمييز‪(*) .‬‬

‫]‪[204‬‬

‫فأولى بتحريم الميت‪ ،‬وأجابوا عن الخبار بعدم صراحتها في الموت في الماء فلعله‬
‫مات خارج الماء أو على الشك في موته في الماء فان الصل بقاء الحياة‬
‫إلى أن فارقته والصل الباحة‪ .‬وأقول‪ :‬حرمة المشتبه بالحرام ممنوع‪ ،‬وقد‬
‫مضت الخبار الدالة على خلفها‪ ،‬والحتياط طريق النجاة‪ - 26 .‬الخصال‪:‬‬
‫عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد‬
‫ابن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن أبي سعيد المكاري‬
‫عن سلمة بياع الجواري قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أما السمك فما‬
‫لم يكن له قشر فل تأكله الخبر )‪ - 27 .(1‬ومنه‪ :‬عن أحمد بن الحسن‬
‫القطان وخمسة اخرى عن مشايخه )‪ (2‬عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن‬
‫بكر بن عبد ال بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن العمش‬
‫عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬يؤكل من الجراد ما استقل بالطيران‪ ،‬وذكاة‬
‫السمك والجراد أخذه )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬الجري والمارماهي والطافي‬
‫والزمير حرام‪ ،‬وكل سمك ل تكون له فلوس فأكله حرام )‪- 28 .(4‬‬
‫العيون‪ (5) :‬عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن‬
‫الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلم فيما كتب للمأمون‪ :‬يحرم الجري‬
‫والسمك والطافي والمارماهي‬

‫)‪ (1‬الخصال ‪ 139 :1‬و ‪) 140‬طبعة الغفاري( والحديث طويل‪ (2) .‬وهم‪ :‬احمد بن‬
‫محمد بن الهيثم العجلى ومحمد بن أحمد السنانى والحسين بن ابراهيم بن‬
‫أحمد بن هشام المكتب و عبد ال بن محمد الصائغ وعلى بن عبد ال‬
‫الوراق رضى ال عنهم‪ (3) .‬الخصال ‪) 610 :2‬طبعة الغفاري(‪(4) .‬‬
‫الخصال ‪ 609 :2‬و ‪ 610‬طبعة الغفاري‪ (5) .‬عيون اخبار الرضا ‪:2‬‬
‫‪) 126‬طبعة قم( باب ما كتبه الرضا )ع( للمأمون‪.‬‬
‫]‪[205‬‬

‫والزمير وكل سمك ل يكون له فلس‪ - 29 .‬الحتجاج‪ :‬عن هشام بن الحكم قال‪ :‬قال‬
‫الصادق عليه السلم في جواب ما سأل الزنديق‪ :‬إن السمك ذكاته إخراجه‬
‫حيا من الماء ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه‪ ،‬وذلك أنه ليس له دم‬
‫وكذلك الجراد‪ ،‬الخبر )‪ - 30 .(1‬العيون‪ :‬عن جعفر بن نعيم بن شاذان عن‬
‫عمه عن محمد بن شاذان )‪ (2‬عن الفضل بن شاذان عن ابن بزيع قال‪:‬‬
‫كتبت إلى الرضا عليه السلم‪ :‬اختلف الناس علي في الربيثا فما تأمرني‬
‫فيها ؟ فكتب‪ :‬ل بأس بها )‪ - 31 .(3‬العلل‪ :‬عن محمد بن الحسن بن الوليد‬
‫عن الصفار عن عبد ال بن الصلت عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل تأكل جريثا ول مارماهيجا ول إربيان ول‬
‫طحال لنه بيت الدم ومضغة الشيطان )‪ - 32 .(4‬تحف العقول‪ :‬قال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬ل بأس بأكل صنوف الجراد وما يجوز أكله من صيد‬
‫البحر من صنوف السمك ما كان له قشور فحلل أكله وما لم يكن له قشور‬
‫فحرام أكله )‪ - 33 .(5‬إكمال الدين‪ :‬عن علي بن أحمد الدقاق عن الكليني‬
‫عن علي بن محمد عن محمد ابن إسماعيل بن موسى )‪ (6‬عن أحمد بن‬
‫القاسم العجلي عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد )‪ (7‬عن محمد بن خداهي‬
‫عن عبد ال بن أيوب عن عبد ال بن هشام عن عبد الكريم بن عمر‬

‫)‪ (1‬الحتجاج‪) 190 :‬طبعة المرتضوية(‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬قال حدثنى عمى أبو‬
‫عبد ال محمد بن شاذان‪ (3) .‬عيون اخبار الرضا‪ 190 :‬و ‪) 191‬طبع‬
‫نجم الدولة(‪ (4) .‬علل الشرائع ‪) 249 :2‬طبعة قم(‪ (5) .‬تحف العقول‪:‬‬
‫‪ 337‬و ‪ (6) .338‬في المصدر‪ :‬والكافي‪ :‬موسى بن جعفر‪ (7) .‬في‬
‫الكافي‪ :‬عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد عن عبد ال بن ايوب عن عبد‬
‫ال ابن هاشم عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي‪.‬‬

‫]‪[206‬‬

‫الجعفي عن حبابة الوالبية قالت‪ :‬رأيت أمير المؤمنين عليه السلم في شرطة‬
‫الخميس ومعه درة يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمير )‪(1‬‬
‫والطافي ويقول لهم‪ :‬يا بياعي مسوخ بنى إسرائيل وجند بني مروان‪ ،‬فقام‬
‫إليه فرات بن أحنف فقال له‪ :‬يا أمير المؤمنين وما جندبني مروان ؟ فقال‬
‫له أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب )‪ - 34 .(2‬صحيفة الرضا‪ :‬باسناده‬
‫عن الرضا عليه السلم عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلم قال‪:‬‬
‫كنا أنا وأخي الحسن وأخي محمد بن الحنفية وبنو عمي‪ :‬عبد ال بن‬
‫عباس وقثم والفضل على مائدة )‪ (3‬نأكل فوقعت جرادة على المائدة‬
‫فأخذها عبد ال بن عباس فقال للحسن‪ :‬يا سيدي ما المكتوب )‪ (4‬على‬
‫جناح الجرادة ؟ قال‪ :‬سألت أمير المؤمنين عليه السلم فقال‪ :‬سألت جدك‬
‫صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬على جناح الجرادة مكتوب‪ " :‬إني أنا ال ل إله‬
‫إل أنا رب الجرادة ورازقها‪ ،‬إذا شئت بعثتها لقوم رزقا‪ ،‬وإذا شئت بعثتها‬
‫على قوم بلء " فقام عبد ال بن عباس فقبل رأس الحسن بن علي عليه‬
‫السلم ثم قال‪ :‬هذا وال من مكنون العلم )‪ .(5‬دعوات الراوني عن الحسين‬
‫عليه السلم مثله‪ - 35 .‬المحاسن‪ :‬عن الوشاء عن عبد ال بن سنان قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل بأس بكواميخ المجوس ول بأس‬
‫بصيدهم للسمك )‪ .(6‬بيان‪ :‬حمله الشيخ وغيره على ما إذا أخذ المسلم‬
‫منهم حيا أو شاهد المسلم إخراجه من الماء‪ ،‬والظاهر أن الكواميخ هي‬
‫المتخذة من السمك‪ ،‬وهذا التأويل فيه في غاية‬

‫)‪ (1‬في المصدر والكافي‪ :‬الزمار‪ (2) .‬كمال الدين‪) 269 :‬ط ‪ (1‬وج ‪) 536 :2‬ط ‪(2‬‬
‫واصول الكافي ‪ (3) .346 :1‬في المصدر‪ :‬على مائدة واحدة‪ (4) .‬في‬
‫المصدر تعلم‪ :‬ما المكتوب‪ (5) .‬صحيفة الرضا‪ (6) .41 :‬دعوات‬
‫الراوندي‪ :‬مخطوط‪ (7) .‬المحاسن‪.454 :‬‬

‫]‪[207‬‬

‫البعد‪ ،‬ويمكن حمله على التقية أو على ما ادعوا عدم ملقاتهم لها مع حمل الكامخ‬
‫على غير المتخذ من السمك‪ - 36 .‬المحاسن‪ :‬عن يعقوب بن يزيد عن‬
‫إبراهيم بن عبد الحميد قال‪ :‬قال‪ :‬سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول‪:‬‬
‫عليكم بالسمك فانه إن أكلته بغير خبز أجزأك‪ ،‬وإن أكلته بخبز أمرأك )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬في النهاية مرأني الطعام وأمرأني‪ :‬إذا لم يثقل على المعدة وانحدر‬
‫عنها طيبا )‪ .(2‬قال الفراء‪ :‬يقال هنأني الطعام ومرأني بغير ألف فإذا‬
‫أفردوها عن هنأني قالوا‪ :‬أمرأني‪ - 37 .‬المحاسن‪ :‬عن نوح النيسابوري‬
‫عن بعض أصحابه عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله إذا أكل السمك قال‪ :‬اللهم بارك لنا فيه وأبدلنا به خيرا منه )‬
‫‪ - 38 .(3‬ومنه‪ :‬عن أبي القاسم ويعقوب بن زيد عن العبدي )‪ (4‬عن ابن‬
‫سنان وأبي البختري عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬السمك الطري‬
‫يذيب الجسد )‪ - 39 .(5‬ومنه‪ :‬عن علي بن حسان عن موسى بن بكر‬
‫القصير عن أبي الحسن عليه السلم مثله )‪ - 40 .(6‬ومنه‪ :‬عن البزنطي‬
‫عن عبد ال بن محمد الشامي عن حسين بن حنظلة عن أحدهما قال‪:‬‬
‫السمك يذيب الجسد )‪ - 41 .(7‬ومنه عن محمد بن عيسى عن أبي بصير‬
‫وأحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن محمد بن سوقة عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال أكل الحيتان يذيب‬
‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .475 :‬النهاية ‪ (3) .92 :4‬المحاسن‪ 475 :‬و ‪ (4) .676‬في‬
‫المصدر‪ :‬عن القندى‪ (7 - 5) .‬المحاسن‪.476 :‬‬

‫]‪[208‬‬

‫الجسد )‪ - 42 .(1‬ومنه عن بعض أصحابه عن عبد ال بن عبد الرحمن عن شعيب‬


‫عن ابى بصير رفعه قال قال امير المؤمنين عليه السلم مثله )‪- 43 .(2‬‬
‫ومنه‪ :‬عن بعض أصحابه عن ابن اخت الوزاعي عن مسعدة بن اليسع‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬السمك‬
‫الطري يذيب اللحم )‪ - 44 .(3‬ومنه‪ :‬عن عثمان بن عيسى رفعه قال‪:‬‬
‫السمك )‪ (4‬يذيب شحم العين )‪ - 45 .(5‬وفي حديث اخرى‪ :‬عن مسمع عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬السمك الطري يذيب بمخ العين )‪- 26 .(6‬‬
‫وفي حديث آخر‪ :‬يذبل الجسد )‪ - 47 .(7‬ومنه عن أبيه عن ابن أبي عمير‬
‫عن هشام بن سالم عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أكل الحيتان يورث‬
‫السل )‪ - 48 .(8‬ومنه‪ :‬عن نوح النيسابوري عن سعيد بن جناح عن مولى‬
‫لبي عبد ال عليه السلم )‪ (9‬قال‪ :‬دعا بتمر في الليل فأكله ثم قال‪ :‬ما بي‬
‫شهوته ولكني أكلت سمكا‪ ،‬ثم قال‪ :‬ومن بات وفي جوفه سمك ولم يتبعه‬
‫بتمر أو عسل لم يزل عرق الفالج يضرب‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ .486 :‬أقول‪ :‬كان المنصف قدس سره أدرج بين متن واسناد من‬
‫غيره والموجود في المصدر‪ :‬عن بعض أصحابنا عن عبد ال بن عبد‬
‫الرحمن عن شعيب عن ابى بصير رفعه قال أمير المؤمنين " ع "‪ :‬اكل‬
‫الحيتان يذيب الجسد‪ .‬ثم ذكر حديث محمد بن سوقه عن أبى عبد ال " ع‬
‫" وقال‪ :‬السمك يذيب البدن‪ (2) .‬المحاسن‪ 476 :‬ذكرنا متنه في التعليقة‬
‫المتقدمة‪ (3) .‬المحاسن‪ (4) .476 :‬في المصدر‪ :‬السمك الطرى‪(8 - 5) .‬‬
‫المحاسن‪ (9) .476 :‬في المخطوطة‪ :‬عن كامل مولى لبي عبد ال " ع‬
‫" ظ‪.‬‬

‫]‪[209‬‬

‫عليه حتى يصبح )‪ - 49 .(1‬ومنه‪ :‬عن أبيه عن صفوان عن منصور بن حازم عن‬
‫سمرة بن سعيد قال‪ :‬خرج أمير المؤمنين على بغلة رسول ال عليه السلم‬
‫وخرجنا معه نمشي حتى انتهينا إلى أصحاب السمك فجمعهم فقال‪ :‬أتدرون‬
‫لي شئ جمعتكم ؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬ل تشتروا الجري ول المارماهي ول‬
‫الطافي على الماء ول تبيعوه )‪ - 50 .(2‬ومنه‪ :‬عن هارون بن مسلم عن‬
‫مسعدة بن صدقة قال‪ :‬حدثني جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا عليه السلم‬
‫كان يركب بغلة رسول ال عليه السلم ثم يمر بسوق الحيتان فيقول‪ :‬أل ل‬
‫تأكلوا ول تبيعوا ما لم يكن له قشر )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن هارون عن ابن صدقة‬
‫عن جعفر عن أبيه قال‪ :‬سمعت أبي يقول‪ :‬إذا ضرب صاحب الشبكة فما‬
‫أصاب فيها من حى وميت )‪ (4‬فهو حلل ما خل ما ليس له قشر‪ ،‬ول يؤكل‬
‫الطافي من السمك )‪ .(5‬بيان‪ :‬قال الشيخ في التهذيب‪ :‬هذا الخبر محمول‬
‫على أنه حلل له الحي والميت إذا لم يتميز له‪ ،‬فأما مع تميزه فل يجوز‬
‫أكل ما مات فيه انتهى )‪ .(6‬وربما يحمل على ما إذا لم يعلم موته قبل‬
‫الخروج من الماء وبعده‪ .‬وروى الشيخ بسند صحيح )‪ (7‬عن محمد بن‬
‫مسلم عن أبي جعفر عليه السلم في رجل نصب‬

‫)‪ (3 - 1‬المحاسن‪ (4) .477 :‬في المصدر‪ :‬أو ميت‪ (5) .‬المحاسن‪(6) .477 :‬‬
‫تهذيب الحكام ‪ 12 :9‬طبعة الخوندى‪ ،‬والحديث رواه الشيخ في التهذيب‬
‫والستبصار ‪ 62 :4‬باسناده عن محمد بن يعقوب عن على بن ابراهيم‬
‫عن هارون بن مسلم‪ .‬ورواه الكليني في الكافي ‪ (7) .144 :2‬والسناد‬
‫هكذا‪ :‬الحسين بن سعيد عن فضاله عن القاسم بن بريد عن محمد ابن‬
‫مسلم‪.‬‬

‫]‪[210‬‬

‫شبكة في الماء ثم رجع إلى بيته وتركها منصوبة فأتاها بعد ذلك وقد وقع فيها سمك‬
‫فيموتن )‪ (1‬فقال‪ :‬ما عملت يده فل بأس بأكل ما وقع فيها‪ (2) .‬وقد عرفت‬
‫ما ذكره الصحاب فيه‪ .‬وأقول يحتمل أن يكون نصب تلك الشبكة في‬
‫المواضع التي تزيد الماء فيها ثم تنقص بالمد والجزر كالبصرة فعند المد‬
‫تدخل الحيتان في الشبكة وعند الجزر تبقى فيها ويخرج منها الماء فحينئذ‬
‫ل يكون موتها في الماء‪ .‬فقوله عليه السلم‪ " :‬ما عملت يده " لبيان أن‬
‫الموت فيها بمنزلة الخذ باليد‪ ،‬وهذا وجه قريب شائع‪ - 52 .‬المحاسن‪:‬‬
‫عن محمد بن علي الهمداني عن معتب قال‪ :‬قال لي أبو الحسن عليه‬
‫السلم يوما‪ :‬يا معتب اطلب لنا حيتانا طرية فاني اريد أن أحتجم‪ ،‬فطلبتها‬
‫له فأتيته بها‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا معتب سكبج لي شطرها واشولي شطرها‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فتغدى منها أبو الحسن عليه السلم وتعشى )‪ .(3‬بيان‪ :‬سكبج أي اطبخ به‬
‫سكباجا وهو بالكسر معرب‪ - 53 (4) .‬المحاسن‪ :‬عن أبيه عن ابن أبي‬
‫عمير عن هشام بن سالم عن عمر بن حنظلة قالت‪ :‬حملت الربيثا في صرة‬
‫إلى أبي عبد ال عليه السلم فسألته عنها فقال‪ :‬كلها‪ ،‬وقال‪ :‬لها قشر‪(5) .‬‬
‫‪ - 54‬ومنه‪ :‬عن أحمد بن محمد عن جعفر بن يحيى الحول عن بعض‬
‫أصحابه قال‪ :‬شهدت أبا الحسن موسى عليه السلم يأكل مع جماعة فاتي‬
‫بسكرجات فمد يده إلى سكرجة فيها ربيثا فأكل منها‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬جعلت‬
‫فداك أردت أن أسألك عنها وقد رأيتك أكلتها‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فيمتن‪ (2) .‬تهذيب الحكام ‪ " 11 :9‬طبعة الخوندى " ورواه في‬
‫الستبصار ‪ ،61 :4‬ورواه الصدوق في الفقيه ‪ 206 :3‬والكليني في‬
‫الفروع ‪ (3) .217 :6‬المحاسن ‪ (4) .477‬في نسخة‪ :‬معروف‪(5) .‬‬
‫المحاسن‪ 478 :‬فيه‪ :‬وقد رأيتك‪.‬‬

‫]‪[211‬‬

‫فقال‪ :‬ل بأس بأكلها‪ (1) .‬توضيح‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه‪ " :‬ل آكل في سكرجة " هي‬
‫بضم السين والكاف والراء والتشديد‪ :‬إناء صغير يؤكل فيه الشئ القليل من‬
‫الدم وهي فارسية‪ ،‬وأكثر ما يوضع فيها الكواميخ ونحوها‪- 55 (2) .‬‬
‫المحاسن‪ :‬عن أبيه عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن علي بن‬
‫حنظلة قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الربيثا فقال‪ :‬قد سألني عنها‬
‫غير واحد واختلفوا علي في صفتها‪ ،‬قال فرجعت فأمرت بها فجعلت‪(3) .‬‬
‫ثم حملتها إليه فسألته عنها فرد علي مثل الذي رد‪ ،‬فقلت‪ :‬قد جئتك بها‪،‬‬
‫فضحك‪ ،‬فأريتها إياه فقال‪ :‬ليس به بأس‪ - 56 (4) .‬ومنه‪ :‬عن هارون بن‬
‫مسلم عن مسعدة بن صدقة قال‪ :‬سئل أبو عبد ال عليه السلم عن الربيثا‬
‫فقال‪ :‬ل بأس بأكلها ولوددت أن عندنا منها‪ - 57 (5) .‬ومنه‪ :‬عن السياري‬
‫عن محمد بن جمهور باسناد له قال‪ :‬حمل رجل من أهل البصرة الربيان‬
‫إلى أبي عبد ال عليه السلم وقال‪ :‬إن هذا نتخذ منه عندنا شئ )‪ (6‬يقال‬
‫له‪ :‬الربيثا يستطاب أكله ويؤكل رطبا ويابسا وطبيخا‪ ،‬وإن أصحابنا‬
‫يختلفون منه فمنهم من يقول‪ :‬إن أكله ل يجوز‪ ،‬ومنهم من يأكله‪ ،‬فقال لي‪:‬‬
‫كله فانه جنس من السمك‪ ،‬أما تراها تقلقل في قشرها ؟‪ .(7) .‬بيان‪" :‬‬
‫تقلقل " أي يسمع لها صوت إذا حركت في صرة ونحوها‪ ،‬وذلك بسبب أن‬
‫لها قشرا وإذا كان لها قشرو فلوس فهي حلل‪ .‬في القاموس‪ :‬قلقل‪:‬‬
‫صوت‪،‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .478 :‬النهاية ‪ (3) .185 :2‬في المصدر‪ :‬فجعلت في وعاء‪) .‬‬
‫‪ (4‬المحاسن‪ (5) .478 :‬المحاسن‪ (6) .478 :‬في المصدر‪ :‬وقال له‪ :‬ان‬
‫هذا يتخذ منه عندنا شئ‪ (7) .‬المحاسن‪ 478 :‬و ‪.479‬‬

‫]‪[212‬‬
‫والشئ قلقلة‪ ،‬وقلقال بالكسر ويفتح‪ :‬حركه‪ .‬وفي النهاية‪ :‬فيه‪ :‬ونفسه تقلقل في‬
‫صدره‪ ،‬أي تتحرك ل بصوت شديد )‪ ،(1‬وأصله الحركة والضطراب )‪.(2‬‬
‫‪ - 58‬المحاسن‪ :‬عن بعض العراقيين عن جعفر بن الزبير عن جعفر بن‬
‫محمد بن الحكيم عن أبيه عن حديد قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إذا‬
‫أكلت السمك فاشرب عليه الماء )‪ - 59 .(3‬ومنه‪ :‬عن محمد بن سهل بن‬
‫اليسع والنوفلي عن عيسى بن عبد ال الهاشمي عن عمر بن علي عن‬
‫أبي الحسن الول عن أبيه عن جده عن محمد بن علي ابن الحنفية قال‪:‬‬
‫كنت أنا وعبد ال بن العباس بالطائف نأكل إذ جاءت جرادة فوقعت على‬
‫المائدة فأخذها عبد ال بن العباس ثم قال‪ :‬يا محمد ما سمعت والدك يحدث‬
‫في هذا الكتاب الذي على جناح الجرادة ؟ فقلت‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬إن عليه‬
‫مكتوبا‪ :‬إني أنا ال ل إله إل أنا‪ ،‬خلقت الجراد جندا من جنودي واسلطه‬
‫على من شئت من خلقي )‪ - 60 .(4‬ومنه‪ :‬عن محمد بن علي عن أحمد بن‬
‫عمر بن مسلم عن الحسن بن إسماعيل الميثمي عن يحيى بن ميمون‬
‫البصري عن رجل عن مقسم مولى ابن عباس قال‪ :‬لما سير ابن الزبير‬
‫عبد ال بن العباس إلى الطائف وزاره محمد بن علي بن الحنفية قال‪ :‬فبينا‬
‫هو ذات يوم عنده إذ جيئ بالخوان للغداء فجاءت جرادة ضخمة حتى تقع‬
‫على المائدة‪ ،‬فسمع ابن عباس صوت وقعها فقال‪ :‬ما هذا الصوت الذي‬
‫أسمع )‪ (5‬؟ قالوا‪ :‬جرادة سقطت على المائدة‪ ،‬قال‪ :‬فمن تناوله ؟ قالوا‪:‬‬
‫مقسم قال‪ :‬يا مقسم انشر جناحيها‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أي تتحرك بصوت شديد‪ (2) .‬النهاية ‪ (3) .308 :3‬المحاسن‪:‬‬
‫‪ (4) .479‬المحاسن‪ (5) .479 :‬يظهر من السياق أن الواقعة كانت بعد‬
‫عمى ابن عباس فانه كان في اواخر عمره مكفوفا‪.‬‬

‫]‪[213‬‬

‫فانظر ما ذاترى تحتها‪ ،‬قال‪ :‬أرى نقطا سودا‪ ،‬قال‪ (1) :‬فضرب بيده على فخذ محمد‬
‫بن علي وكان إلى جنبه فقال‪ :‬هل عندكم في هذا شئ ؟ فقال‪ :‬حدثني أبي‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه ليس شئ من جرادة إل وتحت‬
‫جناحها مكتوب بالسريانية‪ " :‬إني أنا ال رب العالمين قاصم الجبابرة‪،‬‬
‫خلقت الجراد جندا من جنودي )‪ (2‬اهلك به من شئت من خلقي " قال‪:‬‬
‫فتبسم ابن عباس ثم قال‪ :‬يابن عم هذا وال من مكنون علمنا فاحتفظ به‪) .‬‬
‫‪ - 61 (3‬ومنه‪ :‬عن أبي أيوب المدينى وغيره عن ابن أبي عمير عن ابن‬
‫المغيرة عن رجل عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الجراد ذكى حيه وميته‬
‫)‪ - 62 .(4‬ومنه‪ :‬عن عبد ال بن الصلت عن أنس عن عياض )‪ (5‬الليثي‬
‫عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلم كان يقول‪ :‬الجراد ذكى والحيتان‬
‫ذكى‪ ،‬فما مات في البحر فهو ميث )‪ - 63 .(6‬ومنه‪ :‬عن أبيه عن عون بن‬
‫جرير عن عمرو بن هارون الثقفي عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الجراد ذكى كله والحيتان ذكى كله‪ ،‬وأما ما‬
‫هلك في البحر فل تأكله )‪ - 64 .(7‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه السلم يؤكل من‬
‫السمك ما كان له فلوس‪ ،‬وذكاة السمك والجراد أخذه‪ ،‬ول يؤكل ما يموت‬
‫في الماء من سمك وجراد وغيره‪ ،‬وإذا اصطدت سمكا وفي جوفه اخرى‬
‫أكلت إذا كان لها فلوس‪ ،‬وروي ل يؤكل ما في جوفه لنه‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فقال‪ :‬صدقت‪ ،‬قال‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬خلقت الجراد وجعلته جندا‬
‫من جنودي‪ (3) .‬المحاسن‪ 479 :‬و ‪ (4) .480‬المحاسن‪ (5) .480 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬عن انس بن عياض الليثى‪ (6) .‬المحاسن‪(7) .480 :‬‬
‫المحاسن‪.480 :‬‬

‫]‪[214‬‬

‫طعمه )‪ ،(1‬ول يؤكل الجري ول المارماهي ول الزمار ول الطافي وهو الذي يموت‬
‫في الماء فيطفو على رأس الماء )‪ .(2‬تفصيل وتبيين‪ :‬قوله‪ " :‬إذا‬
‫اصطدت سمكا " أقول‪ :‬ورد بهذا المضمون روايتان إحداها ما روى الشيخ‬
‫باسناده )‪ (3‬عن السكوني عن أبي عبد ال عليه السلم إن عليا سئل عن‬
‫سمكة شق بطنها فوجد فيها سمكة اخرى فقال‪ :‬كلها جميعا )‪ ،(4‬والخرى‬
‫ما رواه بسند مرسل )‪ (5‬يمكن أن يعد في الموثقات عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬رجل أصاب سمكة وفي جوفها سمكة قال‪ :‬يؤكلن )‪(6‬‬
‫جميعا‪ .‬وعمل بها الشيخ في النهاية والمفيد وجماعة‪ ،‬ومنع ابن إدريس‬
‫من حلها ما لم تخرج من بطنها حية لن شرط حل السمك أخذه من الماء‬
‫حيا والجهل بالشرط يقتضي الجهل بالمشروط‪ ،‬ووافقه العلمة في‬
‫المختلف والتحرير وولده‪ ،‬وفي القواعد رجح مذهب الشيخ‪ ،‬والمحقق في‬
‫النافع ومال إليه في الشرائع والعمل بالروايتين أقوى ويؤيده هذه الرواية‪.‬‬
‫وقوله عليه السلم‪ :‬إذا كان له فلوس‪ ،‬أي كانت من الحيتان التي لها فلس‬
‫ويحتمل أن يكون المعنى‪ :‬لم تتسلخ فلوسها فانها حينئذ تغيرت وصارت‬
‫خبيثة‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لنه طعمة‪ (2) .‬فقه الرضا‪ (3) .40 :‬السناد هكذا محمد بن‬
‫يعقوب عن على بن ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني‪(4) .‬‬
‫تهذيب الحكام‪ (5) .8 :9 :‬والسند هكذا‪ :‬محمد بن يعقوب عن أبى على‬
‫الشعري عن الحسن بن على الكوفى عن العباس بن عامر عن ابان عن‬
‫بعض اصحابه عن ابى عبد ال )ع(‪ .‬أقول‪ :‬ويوجد الحديثان في فروع‬
‫الكافي‪) 2 144 :‬ط ‪ (6) .(1‬في المصدر‪ :‬تؤكلن جميعا‪.‬‬

‫]‪[215‬‬

‫كما روى الشيخ بسند )‪ (1‬فيه جهالة عن أيوب بن أعين عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬جعلت فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها‬
‫وهي حية تضطرب‪ ،‬آكلها ؟ قال‪ :‬إن كان فلوسها قد تسلخت فل تأكلها‪،‬‬
‫وإن لم تكن تسلخت فكلها )‪ .(2‬وذهب الشيخ في النهاية إلى حلها مطلقا ما‬
‫لم تتسلخ‪ ،‬ولم يعتبر إدراكها حية وفي المختلف عمل بموجب الرواية‪،‬‬
‫واعتبر المحقق وابن إدريس وجماعة في الحل أخذها حية وهو أحوط‪،‬‬
‫وإن كان العمل بالرواية حسنا‪ ،‬واعتبار عدم التسلخ هنا إما للخباثة أو‬
‫لتأثير السم فيها ولعله أظهر‪ ،‬والرواية التي رواها لم أجدها فيما عندنا من‬
‫الكتب‪ ،‬ولعلها محمولة على التسلخ بقرينة التعليل إذ الظاهر أن قوله‪ :‬لنه‬
‫طعمه‪ ،‬أراد به أنه صار غداءه فهو إشارة إلى تغيره‪ - 65 .‬طب الئمه‪:‬‬
‫عن أحمد بن الجارود العبدي من ولد الحكم بن المنذر عن عثمان بن‬
‫عيسى عن ميسر الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬السمك يذيب‬
‫شحمة العين )‪ - 66 .(3‬وعنه عن أبيه عليه السلم قال‪ :‬إن هذا السمك‬
‫لردي لغشاوة العين‪ ،‬وإن هذا اللحم الطري ينبت اللحم )‪ - 67 .(4‬ومنه‪:‬‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬أقلوا من أكل السمك فان لحمه يذبل البدن‬
‫ويكثر البلغم ويغلظ النفس )‪ .(5‬بيان‪ :‬كأن غلظ النفس كناية عن البلدة‬
‫وسوء الفهم أو الهم والحزن‪ ،‬ويمكن أن يقرأ النفس بالتحريك كناية عن‬
‫بطئه‪.‬‬

‫)‪ (1‬والسناد هكذا‪ :‬محمد بن يعقوب عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن‬
‫يزيد عن أحمد بن المبارك عن صالح بن اعين عن الوشا عن أبى عبد‬
‫ال )ع(‪ (2) .‬تهذيب الحكام ‪ 8 :9‬ورواه الكليني في الفروع ‪) 144 :2‬ط‬
‫ا(‪ 3) .‬و ‪ (4‬طب الئمة‪ .84 :‬طبعة النجف‪ (5) .‬طب الئمة‪.173 :‬‬

‫]‪[216‬‬

‫‪ - 68‬العياشي‪ :‬عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قد كان أصحاب‬
‫المغيرة يكتبون إلي أن أسأله عن الجري والمارماهي والزمير وما ليس له‬
‫قشر من السمك أحرام هو أم ل ؟ قال‪ :‬فسألته عن ذلك فقال‪ :‬يا محمد اقرأ‬
‫هذه الية التي في النعام‪ " :‬قل ل أجد فيما اوحي إلي محرما على طاعم‬
‫يطعمه إل أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير " قال‪ :‬فقرأتها‬
‫حتى فرغت منها فقال‪ :‬إنما الحرام ما حرم ال في كتابه‪ ،‬ولكنهم كانوا‬
‫يعافون أشياء فنحن نعافها )‪ - 69 .(1‬ومنه‪ :‬عن زرارة قال‪ :‬سألت أبا‬
‫جعفر عليه السلم عن الجري فقال‪ :‬وما الجري ؟ فنعته له فقال‪ " :‬ل أجد‬
‫فيما اوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " إلى آخر الية‪ ،‬ثم قال‪ :‬لم يحرم‬
‫ال شيئا من الحيوان في القرآن إل الخنزير بعينه‪ ،‬ويكره كل شئ من‬
‫البحر ليس فيه قشر‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬وما القشر ؟ قال‪ :‬هو الذي مثل الورق‬
‫وليس هو بحرام إنما هو مكروه )‪ - 70 .(2‬ومنه‪ :‬عن الصبغ عن على‬
‫عليه السلم قال‪ :‬أمتان مسختا من بني إسرائيل‪ :‬فأما التي اخذت البحر‬
‫فهي الجريث )‪ ،(3‬وأما الذي أخذت البر فهو الضبات )‪ - 71 .(4‬ومنه‪:‬‬
‫عن هارون بن عبد )‪ (5‬رفعه إلى أحدهم قال‪ :‬جاء قوم إلى أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم بالكوفة وقالوا له‪ :‬يا أمير المؤمنين إن هذه الجراري تباع في‬
‫أسواقنا‪ ،‬قال‪ :‬فتبسم أمير المؤمنين عليه السلم ضاحكا ثم قال‪ :‬قوموا‬
‫لريكم عجبا ول تقولوا في وصيكم إل خيرا‪ ،‬فقاموا معه فأتوا شاطئ‬
‫الفرات )‪ (6‬فتفل فيه تفلة وتكلم‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ (2) .382 :1‬تفسير العياشي ‪ (3) .383 :1‬في نسخة‪ :‬فهى‬
‫الجرارى‪ (4) .‬تفسير العياشي ‪ (5) .34 :2‬في المصدر‪ " :‬هارون بن‬
‫عبيد " وفى الوسائل‪ " :‬هارون بن عبد ربه " وفى البرهان‪ :‬هارون بن‬
‫عبد العزيز‪ (6) .‬في " المصدر‪ :‬فأتوا شاطئ بحر‪.‬‬

‫]‪[217‬‬

‫بكلمات فإذا بجريثة )‪ (1‬رافعة رأسها فاتحة فاها فقال له أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬من أنت ؟ الويل لك ولقومك‪ ،‬فقال‪ :‬نحن من أهل القرية التي كانت‬
‫حاضرة البحر إذ يقول ال في كتابه‪ " :‬إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا‬
‫" )‪ (2‬الية‪ ،‬فعرض ال علينا وليتك فقعدنا عنها فمسخنا ال فبعضنا في‬
‫البر وبعضنا في البحر‪ ،‬فأما الذين في البحر فنحن الجرارى‪ ،‬وأما الذين في‬
‫البر فالضب واليربوع‪ ،‬قال‪ :‬ثم التفت أمير المؤمنين عليه السلم إلينا‬
‫فقال‪ :‬أسمعتم مقالتها ؟ قلنا‪ :‬اللهم نعم‪ ،‬قال‪ :‬والذى بعث محمدا بالنبوة‬
‫لتحيض كما تحيض نساؤكم )‪ - 72 .(3‬المكارم‪ :‬عن الصادق عليه السلم‬
‫قال‪ :‬أكل الحيتان يورث السل )‪ - 73 .(4‬عنه عليه السلم قال‪ :‬أكل السمك‬
‫الطري يذيب الجسد )‪ - 74 .(5‬عنه عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬كان رسول ال إذا‬
‫أكل السمك قال‪ :‬اللهم بارك لنا فيه وابدلنا خيرا منه )‪ - 75 .(6‬عن‬
‫الحميري قال‪ :‬كتبت إلى أبى محمد أشكو إليه أن بي دما وصفراء فإذا‬
‫احتجمت هاجت الصفراء‪ ،‬وإذا أخرت الحجامة أضربي الدم فما ترى في‬
‫ذلك ؟ فكتب إلى‪ :‬احتجم وكل على أثر الحجامة سمكا طريا‪ ،‬فأعدت عليه‬
‫المسألة‪ ،‬فكتب إلى‪ :‬احتجم وكل على أثر الحجامة سمكا طريا بماء وملح‬
‫فاستعملت ذلك فكنت في عافية وصار غذائي )‪ - 76 .(7‬ومنه‪ :‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن عليا عليه السلم كان يقول‪ :‬الجراد ذكى‬

‫)‪ (1‬في الصدر‪ :‬فإذا بجرية‪ (2) .‬العراف‪ (3) .163 :‬تفسير العياشي ‪(4) .35 :2‬‬
‫مكارم الخلق‪) 83 :‬طبعة التفرشى( فيه‪ :‬لحم الحيتان‪ 5) .‬و ‪ (6‬مكارم‬
‫الخلق‪ (7) .83 :‬مكارم الخلق‪ 83 :‬في نسخة‪ :‬وصار ذلك غذائي‪.‬‬

‫]‪[218‬‬

‫والحيتان ذكى وما مات في البحر فهو ميتة )‪ - 77 .(1‬عنه أيضا قال‪ :‬الحيتان‬
‫والجراد ذكى كله )‪ - 78 .(2‬روي عن أبي الحسن عليه السلم أنه قال‪" :‬‬
‫تفرقوا وكبروا )‪ " (3‬ففعلوا ذلك فذهب الجراد )‪ - 79 .(4‬الكشى‪ :‬عن‬
‫محمد بن مسعود عن جعفر بن أحمد عن العمركي عن أحمد بن شيبة عن‬
‫يحيى بن المثنى عن على بن الحسن وزياد عن حريز قال‪ :‬دخلت على أبي‬
‫حنيفة فقال لي أسألك عن مسألة ل يكون فيها شئ‪ ،‬فما تقول في جمل‬
‫اخرج من البحر فقلت‪ :‬إنشاء فليكن جمل وإن شاء فليكن بقرة إن كانت‬
‫عليه فلوس أكلناه وإل فل )‪ .(5‬الختصاص‪ :‬عن جعفر بن الحسين‬
‫المؤمن عن حيدر بن محمد بن نعيم عن ابن قولويه عن ابن العياشي‬
‫جميعا عن محمد بن مسعود مثله )‪ .(6‬أقول‪ :‬تمامه في باب مناظرات‬
‫أصحاب أبي عبد ال عليه السلم مع المخالفين‪ - 80 .‬الدلئل للحميري‪:‬‬
‫عن أخيه عن أحمد بن على المعروف بابن البغدادي قال‪ :‬وجدت في كتاب‬
‫المعضلت رواية أبي طالب محمد بن الحسين بن زيد عن أبيه عن ابن‬
‫رباح يرفعه عن رجاله عن محمد بن ثابت قال‪ :‬كنت جالسا في مجلس‬
‫سيدنا أبي الحسن على بن الحسين زين العابدين عليه السلم إذ وقف به )‬
‫‪ (7‬عبد ال بن عمر بن الخطاب فقال له‪ :‬يا على بن الحسين بلغني أنك‬
‫تدعي أن يونس بن متى عرض عليه ولية أبيك فلم يقبله فحبس في بطن‬
‫الحوت‪ ،‬قال له علي بن الحسين‪ :‬يا عبد ال بن عمر ! وما‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬مكارم الخلق‪ (3) .84 :‬هي رقية لتفرق الجراد‪ (4) .‬مكارم الخلق‪:‬‬
‫‪ (5) .84‬رجال الكشى‪) 244 :‬ط ‪ (1‬و ‪) 328‬ط ‪ (6) .(2‬الختصاص‪:‬‬
‫‪ 206‬و ‪ (7) .207‬في المصدر‪ :‬إذ وقف عليه‪.‬‬

‫]‪[219‬‬
‫أنكرت من ذلك ؟ قال‪ :‬إني ل أقبله‪ ،‬فقال‪ :‬أتريد أن يصح لك ذلك ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال له‪:‬‬
‫اجلس ثم دعا غلمه فقال له‪ :‬جئنا بعصابتين‪ ،‬وقال لي‪ :‬يا محمد شد عين‬
‫عبد ال بإحدى العصابتين واشدد عينك بالحرى‪ ،‬فشددنا أعيننا‪ ،‬فتكلم‬
‫بكلم ثم قال‪ :‬حلوا أعينكم‪ ،‬فحللناها فوجدنا انفسنا على بساط ونحن على‬
‫ساحل البحر فتكلم بكلم فاستجاب له حيتان البحر إذ ظهرت فيهن حوتة‪،‬‬
‫عظيمة )‪ ،(1‬فقال لها‪ :‬ما اسمك ؟ فقالت‪ :‬اسمي نون‪ ،‬فقال لها‪ :‬لم حبس‬
‫يونس في بطنك ؟ فقالت له‪ :‬عرض عليه ولية أبيك فانكرها فحبس في‬
‫بطني فلما اقر بها وأذعن امرت فقذفته‪ ،‬وكذلك من أنكر وليتكم أهل البيت‬
‫يخلد في نار الجحيم‪ ،‬فقال له‪ :‬يا عبد ال أسمعت وشهدت ؟ فقال له‪ :‬نعم )‬
‫‪ ،(2‬فقال‪ :‬شدوا أعينكم‪ ،‬فشددناها فتكلم بكلم ثم قال‪ :‬حلوها فحللناها فإذا‬
‫نحن على البساط في مجلسه فودعه عبد ال وانصرف‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا سيدي‬
‫لقد رأيت في يومي عجبا وآمنت به‪ ،‬فترى عبد ال بن عمر يؤمن بما‬
‫آمنت به )‪ (3‬؟ فقال لي‪ :‬أل تحب أن تعرف ذلك ؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬قم‬
‫فاتبعه وماشه واسمع ما يقول لك‪ ،‬فتبعته في الطريق ومشيت معه فقال‬
‫لى‪ :‬إنك لو عرفت سحر بني عبد المطلب لما كان هذا بشئ في نفسك‪،‬‬
‫هؤلء قوم يتوارثون السحر كابرا عن كابر فعند ذلك علمت أن المام ل‬
‫يقول إل حقا )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ثم تكلم بكلم فاجابه حيتان البر وظهرت حوتة عظيمة‪ (2) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬فالتفت إلى عبد ال وقال له‪ :‬أسمعت وشهدت ؟ قال‪ :‬نعم‪(3) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬أترى ان عبد ال بن عمر يؤمن به ! )‪ (4‬دلئل المامة‪92 :‬‬
‫فيه‪ :‬فرجعت وانا عالم ان المام ل يقول ال حقا‪.‬‬

‫]‪[220‬‬

‫‪ } - 5‬باب { باب أنواع المسوخ وأحكامها وعلل مسخها‪ - 1 :‬العلل‪ :‬عن علي بن‬
‫أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عبد ال الكوفي عن محمد بن أحمد بن‬
‫إسماعيل العلوي عن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن‬
‫الحسين بن علي بن أبي طالب قال‪ :‬حدثنا علي بن جعفر عن أخيه موسى‬
‫بن جعفر بن محمد عليه السلم قال‪ :‬المسوخ ثلثة عشر‪ :‬الفيل والدب‬
‫والرنب والعقرب والضب والعنكبوت والدعموص )‪ (1‬والجري والوطواط‬
‫والقرد والخنزير والزهرة وسهيل‪ ،‬قيل‪ :‬يابن رسول ال ما كان سبب مسخ‬
‫هؤلء ؟ قال‪ :‬أما الفيل فكان رجل جبارا لوطيا ل يدع رطبا ول يابسا‪ ،‬وأما‬
‫الدب فكان رجل مؤنثا يدعو الرجال إلى نفسه‪ ،‬وأما الرنب فكانت امرأة‬
‫قذرة ل تغتسل من حيض )‪ (2‬ول غير ذلك‪ ،‬وأما العقرب فكان رجل همازا‬
‫ل يسلم منه أحد‪ ،‬وأما الضب فكان رجل أعرابيا يسرق الحجاج بمحجنه‪،‬‬
‫وأما العنكبوت فكانت امرأة سحرت زوجها‪ ،‬وأما الدعموص فكان رجل‬
‫نماما يقطع بين الحبة‪ ،‬وأما الجري فكان رجل ديوثا يجلب الرجال على‬
‫حلئله‪ ،‬وأما الوطواط فكان رجل سارقا يسرق الرطب من رؤس النخل‪،‬‬
‫وأما القردة فاليهود اعتدوا في السبت )‪ (3‬وأما الخنازير فالنصارى حين‬
‫سألوا المائدة فكانوا بعد نزولها أشد ما كانوا تكذيبا‪ ،‬وأما سهيل فكان رجل‬
‫عشارا باليمن‪ ،‬وأما الزهرة فانها كانت امرأة تسمى ناهيد‪ ،‬وهي التي تقول‬
‫الناس‪ :‬إنه افتتن بها هاروت وماروت )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الدعموص بالضم‪ :‬دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشت‪ ،‬والعامة تسميها‬
‫البلعط‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬من حيض ول جنابة‪ (3) .‬في نسخة‪ :‬حين‬
‫اعتدوا في السبت‪ (4) .‬علل الشرائع ‪ 172 :2‬طبعة قم‪.‬‬

‫]‪[221‬‬

‫بيان‪ :‬ل يدع رطبا ول يابسا‪ ،‬أي كان يطأ كل من يقدر عليه من الرجال‪ ،‬والمحجن‬
‫كمنبر‪ :‬العطا المعوجة قوله عليه السلم‪ :‬وهي التي الخ يدل على أنه مما‬
‫اشتهر عند العامة ول أصل له‪ ،‬فما سيأتي محمول على التقية كما مر‪،‬‬
‫والديوث بفتح الدال وتشديد الياء هو ما ذكر في الخبر‪ - 2 .‬العلل‪ :‬عن أبيه‬
‫عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مهران عن محمد بن‬
‫الحسن بن زعلن قال‪ :‬سألت أبا الحسن عليه السلم عن المسوخ فقال‪:‬‬
‫اثنا عشر صنفا ولها علل‪ ،‬فأما الفيل فانه مسخ كان ملكا زناء لوطيا‪،‬‬
‫ومسخ الدب لنه كان أعرابيا ديوثا‪ ،‬ومسخت الرنب لنها كانت امرأة‬
‫تخون زوجها ول تغتسل من حيض ول جنابة‪ ،‬ومسخ الوطواط لنه كان‬
‫يسوق تمور الناس‪ ،‬ومسخ سهيل لنه كان عشارا باليمن ومسخت الزهرة‬
‫لنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت‪ ،‬وأما القردة والخنازير فانهم‬
‫قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت‪ ،‬وأما الجري والضب ففرقة من‬
‫بني إسرائيل حين نزلت المائدة على عيسى عليه السلم لم يؤمنوا به‬
‫فتاهوا فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر‪ ،‬وأما العقرب فانه كان رجل‬
‫نماما‪ ،‬وأما الزنبور فكان لحاما يسرق في الميزان )‪ .(1‬بيان‪ :‬مسخ‬
‫أصحاب السبت خنازير مخالف لظاهر الية‪ ،‬وما مر أصوب‪ ،‬و يمكن‬
‫الجمع بأن التعبير في الية بالقردة لكون أكثرهم مسخوا بها‪ ،‬وأما أصحاب‬
‫المائدة فيمكن أن يكون فيهم أيضا خنازير لم يذكر في هذا الخبر وسائر‬
‫الختلفات في تلك الخبار يمكن حمل بعضها على التقية وبعضها على‬
‫تعدد وقوع المسخ‪ - 3 .‬العلل‪ :‬عن علي بن عبد ال الوراق عن سعد بن‬
‫عبد ال عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان الديلمي عن الرضا‬
‫عليه السلم أنه قال‪ :‬كان الخفاش امرأة سحرت ضرة لها فمسخها ال‬
‫عزوجل خفاشا وإن الفأر كان سبطا من اليهود غضب ال عزوجل عليهم‬
‫فمسخهم فأرا‪ ،‬وإن البعوض كان رجل يستهزئ بالنبياء فمسخه ال )‪(2‬‬
‫عزوجل‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ‪ 171 :2‬طبعة قم‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬يستهزئ بالنبياء ويكلح في‬
‫وجوههم ويصفق بيديه فمسخه ال‪(*) .‬‬

‫]‪[222‬‬

‫بعوضا‪ ،‬وإن القملة هي من الجسد )‪ (1‬وإن نبيا من أنبياء بني إسرائيل كان قائما‬
‫يصلي إذ أقبل إليه سفيه من سفهاء بني إسرائيل فجعل يهزأ به ويكلح في‬
‫وجهه فما برح من مكانه حتى مسخه ال عزوجل قملة وإن الوزغ كان‬
‫سبطا من أسباط بني إسرائيل يسبون أولد النبياء ويبغضونهم فمسخهم‬
‫ال أوزاغا‪ ،‬وأما العنقاء فمن غضب ال عزوجل عليه فمسخه وجعله‬
‫مثلة‪ ،‬فنعوذ بال من غضب ال ونقمته )‪ .(2‬بيان‪ :‬هي من الجسد‪ ،‬أي‬
‫تتولد من جسد النسان‪ ،‬ولكن شبيهها كانت من مسوخ بني إسرائيل وفي‬
‫بعض النسخ بالحاء المهملة أي كان‪ :‬سبب مسخها الحسد‪ ،‬و في‬
‫القاموس‪ :‬كلح كمنع كلوحا بالضم‪ :‬تكشر )‪ (3‬في عبوس‪ ،‬وتكلح‪ :‬تبسم‪:‬‬
‫‪ - 4‬المحاسن والعلل‪ :‬عن محمد بن على ما جيلويه عن محمد بن يحيى‬
‫عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن‬
‫علي بن أسباط عن علي بن جعفر عن مغيرة عن أبي عبد ال عن أبيه عن‬
‫جده عليهم السلم قال‪ :‬المسوخ من بني آدم ثلثة عشر صنفا‪ :‬منهم‬
‫القردة والخنازير والخفاش )‪ (4‬والضب والدب والفيل والدعموص‬
‫والجريث والعقرب وسهيل وقنفذ والزهرة والعنكبوت‪ ،‬فأما القردة فكانوا‬
‫قوما ينزلون بلدة على شاطئ البحر اعتدوا في السبت فصادوا الحيتان‬
‫فمسخهم ال عزوجل قردة‪ ،‬وأما الخنازير فكانوا قوما من بني إسرائيل‬
‫دعا عليهم عيسى بن مريم عليه السلم فمسخهم ال عزوجل خنازير‪ ،‬وأما‬
‫الخفاش )‪ (5‬فكانت امرأة مع ضرة لها فسحرتها فمسخها ال عزوجل‬
‫خفاشا )‪ (6‬وأما الضب فكان أعرابيا بدويا ل يرع عن قتل من مربه من‬
‫الناس فمسخه ال عزوجل ضبا‪ ،‬وأما الفيل فكان رجل ينكح البهائم‬

‫)‪ (1‬في نسخة من المصدر‪ :‬هي من الحسد‪ (2) .‬علل الشرايع ‪ 2‬ر ‪ 172‬ط قم‪(3) .‬‬
‫كشر وكشر عن اسنانه‪ :‬كشف عنها وأبداها‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬الخشاف‪.‬‬
‫)‪ (5‬في المصدر‪ :‬واما الخشاف‪ (6) .‬في العلل‪ :‬خشافا‪.‬‬
‫]‪[223‬‬

‫فمسخه ال عزوجل فيل‪ ،‬وأما الدعموص فكان رجل زاني الفرج ل يدع )‪ (1‬من‬
‫شئ فمسخه ال عزوجل دعموصا‪ ،‬وأما الجريث فكان رجل نماما فمسخه‬
‫ال عزوجل جريثا‪ ،‬وأما العقرب فكان رجل همازا لمازا فمسخه ال‬
‫عزوجل عقربا‪ ،‬وأما الدب فكان رجل يسرق الحاج فمسخه ال عزوجل دبا‬
‫وأما السهيل )‪ (2‬فكان رجل عشارا صاحب مكاس فمسخه ال عزوجل‬
‫سهيل وأما الزهرة فكانت امرأة فتنت بها هاروت وماروت فمسخها ال‬
‫عزوجل زهرة وأما العنكبوت فكانت امرأة سيئة الخلق عاصية لزوجها‬
‫مولية عنه فمسخها ال عزوجل عنكبوتا‪ ،‬وأما القنذ فكان رجل سئ الخلق‬
‫فمسخه ال عزوجل قنفذا )‪ .(3‬توضيح‪ " :‬ل يرع " من الورع أي ل يتقي‬
‫ول يكف‪ ،‬الهمز واللمز‪ :‬العيب والشارة بالعين والحاجب ونحوهما‪،‬‬
‫واللمزة من يعيبك في وجهك‪ ،‬والهمزة من يعيبك في الغيب‪ ،‬والمكس‪:‬‬
‫النقص والظلم‪ ،‬وتماكسا في البيع‪ :‬تشاحا‪ ،‬ودون ذلك مكاس و عكاس‬
‫بكسرهما وهو أن تأخذ بناصيته ويأخذ بناصيتك‪ - 5 .‬المجالس والعلل‪ :‬عن‬
‫علي بن عبد ال السواري عن مكي بن أحمد بن سعدويه البردعي عن‬
‫أبي محمد زكريا بن يحيى بن عبيد العطار عن القلنسي عن عبد العزيز‬
‫بن عبد ال الويسي عن علي بن جعفر عن معتب مولى جعفر عن جعفر‬
‫بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬سئل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله عن المسوخ قال هم ثلثة عشر‪ :‬الدب‬
‫والفيل والخنزير والقرد والجريث والضب والوطواط والدعموس والعقرب‬
‫والعنكبوت والرنب وزهرة )‪ (4‬وسهيل‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رسول ال ما كان سبب‬
‫مسخهم ؟ قال‪ :‬أما الفيل فكان رجل لوطيا ل يدع رطبا ول يابسا‪ ،‬وأما‬
‫الدب فكان رجل مؤنثا‬

‫)‪ (1‬في نسخة من العلل‪ :‬ل يرع‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬واما سهيل‪ (3) .‬علل الشرائع‬
‫‪ .173 :2‬المجالس‪ (4) ...‬في نسخة من العلل‪ :‬والزهرة‪.‬‬

‫]‪[224‬‬

‫يدعو الرجال إلى نفسه‪ ،‬وأما الخنزير فقوم نصارى سألوا ربهم عزوجل إنزال )‪(1‬‬
‫المائدة عليهم فلما نزلت عليهم كانوا أشد كفرا وأشد تكذيبا‪ ،‬وأما القردة‬
‫فقوم اعتدوا في السبت وأما الجريث فكان ديوثا يدعو الرجال إلى أهله‪،‬‬
‫وأما الضب فكان أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه‪ ،‬وأما الوطواط فكان يسرق‬
‫الثمار من رؤوس النخل‪ ،‬وأما الدعموص فكان نماما يفرق بين الحبة‪،‬‬
‫وأما العقرب فكان رجل لذاعا ل يسلم على لسانه )‪ (2‬أحد‪ ،‬وأما العنكبوت‬
‫فكانت امرأة سحرت زوجها‪ ،‬وأما الرنب فكانت امرأة ل تطهر من حيض‬
‫ول غيره‪ ،‬وأما سهيل فكان عشارا باليمن‪ ،‬وأما الزهرة فكانت امرأة‬
‫نصرانية وكانت لبعض ملوك بني إسرائيل وهي التي فتن بها هاروت‬
‫وماروت و كان اسمها ناهيل‪ ،‬والناس يقولون‪ :‬ناهيد )‪ .(3‬قال الصدوق‬
‫رضي ال عنه‪ :‬إن الناس يغلطون في الزهرة وسهيل ويقولون‪ :‬إنهما‬
‫كوكبان وليساكما يقولون‪ ،‬ولكنهما دابتان من دواب البحر سميا بكوكبين‬
‫كما سمي الحمل والثور والسرطان والسد والعقرب والحوت والجدي‬
‫وهذه حيوانات سميت على أسماء الكواكب‪ ،‬وكذلك الزهرة وسهيل‪ ،‬وإنما‬
‫غلط الناس فيهما دون غيرهما لتعذر مشاهدتهما والنظر إليهما‪ ،‬لنهما من‬
‫البحر المطيف بالدنيا بحيث ل تبلغه سفينة ول تعمل فيه حيلة‪ ،‬وما كان ال‬
‫عزوجل ليمسخ العصاة أنوارا مضيئة فيبقيهما ما بقيت الرض والسماء‬
‫والمسوخ لم تبق أكثر من ثلثة أيام حتى ماتت وهذه الحيوانات التي‬
‫تسمى المسوخ فالمسوخية لها اسم مستعار مجازي‪ ،‬بل هي مثل المسوخ‬
‫التي حرم ال تعالى أكل لحومها لما فيه من المضار‪ ،‬وقال أبو جعفر الباقر‬
‫عليه السلم‪ :‬نهى ال عزوجل عن أكل المثلة لكيل ينتفع بها ول يستخف‬
‫بعقوبته )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬في العلل‪ :‬ان ينزل‪ (2) .‬في نسخة من العلل‪ :‬من لسانه‪ (3) .‬علل الشرائع ‪:2‬‬
‫‪) 174‬ط قم( ولم نجد الحديث في المجالس ولعله مصحف الخصال‪ .‬راجع‬
‫الخصال ‪) 88 :2‬ط ‪ (4) .(1‬علل الشرائع ‪.174 :2‬‬

‫]‪[225‬‬

‫‪ - 6‬العلل‪ :‬عن محمد بن على بن بشار القزويني عن المظفر بن أحمد القزويني‬


‫قال‪ :‬سمعت أبا الحسين محمد بن جعفر السدي الكوفي يقول في سهيل‬
‫وزهرة‪ :‬إنهما دابتان من دواب البحر المطيف بالدنيا في موضع ل تبلغه‬
‫سفينة ول تعمل فيه حيلة‪ ،‬وهما المسخان المذكوران في أصناف المسوخ‪،‬‬
‫ويغلط من يزعم أنهما الكوكبان المعروفان بسهيل والزهرة‪ ،‬وإن هاروت‬
‫وماروت كانا روحانيين قد هيئا ورشحا للملئكة ولم يبلغ بهما حد الملئكة‬
‫فاختار )‪ (1‬المحنة والبتلء فكان من أمرهما ما كان‪ ،‬ولو كانا ملكين‬
‫لعصما فلم يعصيا‪ ،‬وإنما سماهما ال عزوجل في كتابه ملكين بمعنى أنهما‬
‫خلقا ليكونا ملكين‪ ،‬كما قال ال عزوجل لنبيه " إنك ميت وإنهم ميتون )‪(2‬‬
‫" بمعنى ستكون ميتا ويكونون موتى )‪ .(3‬توضيح‪ :‬قال الجوهري‪" :‬‬
‫فلن يرشح للوزارة " أي يربى ويؤهل لها‪ ،‬قوله للملئكة‪ ،‬أي لكونهم‬
‫منهم‪ ،‬والظهر للملكية‪ - 7 .‬الختصاص والبصائر‪ :‬عن أحمد بن محمد‬
‫عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي عن كرام عن عبد ال بن طلحة‬
‫قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الوزغ فقال‪ :‬هو رجس وهو مسخ‬
‫فإذا قتلته فاغتسل‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن أبي كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدثه‬
‫فإذا وزغ يولول بلسانه فقال أبي للرجل‪ :‬أتدري ما يقول هذا الوزغ ؟ فقال‬
‫الرجل‪ :‬لعلم لي بما يقول‪ ،‬قال‪ :‬فانه يقول‪ :‬وال لئن ذكرت عثمانا لسبن‬
‫عليا أبدا حتى يقوم من ههنا )‪ .(4‬دلئل الطبري‪ :‬عن علي بن هبة ال عن‬
‫الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد ال عن‬

‫)‪ (1‬هكذا في الكتاب وأكثر نسخ المصدر‪ ،‬وفى بعض نسخ المصدر‪ " ،‬فاختارا "‬
‫بصيغة التثنية‪ (2) .‬الزمر‪ (3) .30 :‬علل الشرائع ‪ 175 :2‬ط قم‪(4) .‬‬
‫الختصاص‪ 301 :‬بصائر الدرجات‪ " 103 :‬ط ‪." 1‬‬

‫]‪[226‬‬

‫أحمد بن محمد مثله‪ (1) .‬كا‪ :‬عن علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن‬
‫الحسن بن علي مثله وزاد في آخره قال‪ :‬وقال أبي‪ :‬ليس يموت من بني‬
‫امية ميت إل مسخ وزغا )‪ - 8 .(2‬المحاسن‪ :‬عن محمد بن علي أبي‬
‫سمينة )‪ (3‬عن محمد بن أسلم عن الحسين بن خالد قال‪ :‬سألت أبا الحسن‬
‫موسى عليه السلم هل يحل أكل لحم الفيل ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فقلت‪ :‬ولم ؟ قال لنه‬
‫مثلة‪ ،‬وقد حرم ال لحوم المساخ ولحوم ما مثل به في صورها )‪.(4‬‬
‫العلل‪ :‬عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن‬
‫أحمد بن أبي عبد ال البرقي عن محمد بن أسلم الجبلي مثله )‪- 9 .(5‬‬
‫الختصاص‪ :‬عن محمد بن أبي عاتكة الدمشقي عن الوليد بن سلمة عن‬
‫موسى ابن عبد الرحمن القرشي )‪ (6‬عن حذيفة بن اليمان قال‪ :‬كنا مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله إذ قال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى مسخ من بني‬
‫إسرائيل )‪ (7‬اثنى عشر جزءا فمسخ منهم القردة والخنازير والسهيل‬
‫والزهرة والعقرب والفيل والجري ‪ -‬وهو سمك ل يؤكل ‪ -‬والدعموص‬
‫والدب والضب والعنكبوت والقنفذ‪ ،‬قال حذيفة بأبي أنت وامي يا رسول ال‬
‫فسر لنا هذا كيف مسخوا ؟ قال صلى ال عليه وآله‪ :‬أما القردة فمسخوا‬
‫لنهم اصطادوا الحيتان في السبت على عهد داود النبي عليه السلم‪ ،‬وأما‬
‫الخنازير فمسخوا لنهم كفروا‬

‫)‪ (1‬دلئل المامة‪ (2) .99 :‬الروضة‪) 232 :‬ط الخوندى( فيه‪ " :‬فقال رجس وهو‬
‫مسخ كله " وفيه لئن ذكرتم عثمان بشتيمة لشتمن عليا‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬عن بكر بن صالح ومحمد بن على عن محمد بن اسلم الطبري‪.‬‬
‫)‪ (4‬المحاسن‪ (5) .472 :‬علل الشرائع ‪ (6) .171 :2‬في المصدر‪ :‬عن‬
‫عبد الرحمن القرشى‪ (7) .‬في المصدر‪ :‬من بنى آدم‪.‬‬
‫]‪[227‬‬

‫بالمائدة التي نزلت من السماء على عيسى بن مريم عليه السلم‪ ،‬وأما السهيل‬
‫فمسخ لنه كان رجل عشارا فمر به عابد من عباد ذلك الزمان‪ ،‬فقال‬
‫العشار‪ :‬دلني على اسم ال الذي يمشى به على وجه الماء ويصعد به إلى‬
‫السماء فدله على ذلك‪ ،‬فقال العشار‪ :‬قد ينبغي لمن عرف هذا السم أن ل‬
‫يكون في الرض بل يصعد به إلى السماء فمسخه ال وجعله آية للعالمين )‬
‫‪ .(1‬وأما الزهرة فمسخت لنها هي المرأة التي فتنت هاروت وماروت‬
‫الملكين‪ ،‬وأما العقرب فمسخ لنه كان رجل نماما يسعى بين الناس‬
‫بالنميمة ويغري بينهم العداوة )‪ ،(2‬وأما الفيل فانه كان رجل جميل فمسخ‬
‫لنه كان ينكح البهائم البقر والغنم شهوة من دون النساء‪ ،‬وأما الجري‬
‫فمسخ لنه كان رجل من التجار‪ ،‬وكان يبخس الناس في المكيال والميزان‪،‬‬
‫وأما الدعموص فمسخ لنه كان رجل إذا جامع النساء )‪ (3‬لم يغتسل من‬
‫الجنابة ويترك الصلة‪ ،‬فجعل ال قراره في الماء إلى يوم القيامة من‬
‫جزعه عن البرد‪ .‬وأما الدب فمسخ لنه كان رجل يقطع الطريق ل يرحم‬
‫غريبا ول فقيرا إل صلبه )‪ (4‬وأما الضب فمسخ لنه كان رجل من‬
‫العراب وكانت خيمته على ظهر الطريق وكان إذا مرت القافلة تقول له‪ :‬يا‬
‫عبد ال كيف نأخذ الطريق إلى كذا وكذا‪ ،‬فان أراد القوم المشرق ردهم إلى‬
‫المغرب‪ ،‬وإن أرادوا المغرب ردهم إلى المشرق وتركهم يهيمون )‪ (5‬لم‬
‫يرشدهم إلى سبيل الخير‪ ،‬وأما العنكبوت فمسخت‬

‫)‪ (1‬قد تقدم بيان للصدوق عليه الرحمة يبطل ذلك‪ ،‬وأن مقالة كون الكوكبين‬
‫السهيل والزهرة مسوختان من أغاليط الناس‪ .‬والرواية كما ترى من‬
‫رواة العامة ذكرها المفيد في كتابه‪ (2) .‬أي القاها وافسد بينهم‪ (3) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬إذا حضر النساء‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬ل يرحم غنيا ول فقيرا ال‬
‫سلبه‪ (5) .‬هام على وجهه‪ :‬ذهب ل يدرى أين يتوجه‪.‬‬

‫]‪[228‬‬

‫لنها كانت خائنة للبعل وكانت تمكن فرجها سواه‪ ،‬وأما القنفذ فانه كان رجل من‬
‫صناديد العرب فمسخ لنه إذا نزل به الضيف رد الباب في وجهه ويقول‬
‫لجاريته‪ :‬اخرجي إلى الضيف فقولي له‪ :‬إن مولي غائب عن المنزل‪،‬‬
‫فيبيت الضيف بالباب جوعا ويبيت أهل البيت شباعا مخصبين )‪- 10 .(1‬‬
‫البصائر عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي‬
‫الوشا عن كرام عن عبد ال بن طلحة قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫عن الوزغ فقال‪ :‬رجس وهو مسخ كله‪ :‬فإذا قتلته فاغتسل )‪- 11 .(2‬‬
‫كتاب محمد بن المثنى عن عبد السلم بن سالم عن ابن أبي البلد )‪ (3‬عن‬
‫عمار بن عاصم السجستاني قال‪ :‬جئت إلى باب أبي عبد ال عليه السلم‬
‫فدخلت عليه فقلت )‪ :(4‬أخبرني عن الحية والعقرب والخنفس وما أشبه‬
‫ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬أما تقرأ كتاب ال ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬وما كل كتاب ال أعرف‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أو ما تقرأ‪ " :‬أو لم يرواكم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في‬
‫مساكنهم إن في ذلك لية أفل يتذكرون "‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬هم اولئك خرجوا من‬
‫الدار فقيل لهم‪ :‬كونوا شيئا )‪ - 12 .(5‬الكافي‪ :‬عن الحسين بن محمد عن‬
‫المعلى عن الحسن )‪ (6‬عن أبان عن عبد الرحمن‬

‫)‪ (1‬الختصاص‪ (2) .138 :‬بصائر الدرجات‪ 103 :‬فيه‪ " :‬وإذا قتلته " والحديث‬
‫تقدم آنفا‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬عن أبى البلد‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬جئت إلى‬
‫باب أبى عبد ال )ع( وأردت ال أستأذن عليه فأقعد وأقول لعله يرانى‬
‫بعض من يدخل فيخبره فيأذن لى‪ ،‬قال‪ :‬فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه شباب‬
‫ادم في ازر وأردية‪ ،‬ثم لم أرهم خرجوا‪ ،‬فخرج عيسى شلقان فرأني‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أبا عاصم ! أنت ههنا ؟ فدخل واستأذن‪ ،‬فدخلت عليه فقال أبو عبد‬
‫ال )ع(‪ :‬مذمتي أنت ههنا يا عمار ؟ قال فقلت‪ :‬من قبل أن يدخل اليك‬
‫شباب الدم لم أرهم خرجوا‪ ،‬فقال أبو عبد ال )ع(‪ :‬هؤلء قوم من الجن‬
‫جاؤا يسألون عن أمر دينهم‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ (5) .‬كتاب محمد بن المثنى‪92 :‬‬
‫فيه‪ :‬أحرجوا من النار فقيل لهم‪ :‬كونوا نششا‪ (6) .‬أي الحسن بن على‬
‫الوشاء‪.‬‬

‫]‪[229‬‬

‫ابن أبي عبد ال قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬خرج رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله من حجرته ومروان وأبوه يستمعان إلى حديثه )‪ ،(1‬فقال‬
‫له‪ :‬الوزغ بن الوزغ‪ ،‬قال أبو عبد ال عليه السلم فمن يومئذ يرون أن‬
‫الوزغ يمسع الحديث )‪ .(2‬بيان‪ :‬أي لما شبههما صلى ال عليه وآله‬
‫بالوزغ حين استمعا إلى حديثه فهو أن الوزغ أيضا تفعل ذلك‪- 13 .‬‬
‫الكافي‪ :‬عن العدة عن أحمد البرقي عن بكر بن صالح عن سليمان‬
‫الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السلم قال‪ :‬الطاووس مسخ‪ ،‬كان‬
‫رجل جميل فكابر امرأة رجل مؤمن تحبه فوقع بها ثم راسلته بعد‬
‫فمسخهما ال طاووسين انثى وذكرا فل تأكل لحمه ول بيضه )‪- 14 .(3‬‬
‫ومنه عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن علي عن‬
‫سماعة بن مهران عن الكلبي النسابة قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫عن الجري فقال‪ :‬إن ال مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا )‬
‫‪ (4‬فهو الجري والزمير والمارماهي وما سوى ذلك‪ ،‬وما أخذ منهم برا )‪(5‬‬
‫فالقردة والخنازير والورك وما سوى ذلك )‪ - 15 .(6‬دلئل الطبري‪ :‬عن‬
‫أبي المفضل محمد بن عبد ال عن محمد بن جعفر الزيات عن محمد بن‬
‫الحسين عن الحسن بن محبوب عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر‬
‫قال‪ :‬كنت مع أبي عبد ال عليه السلم وهو راكب وأنا أمشي معه فمررنا‬
‫بعبدال بن الحسن وهو راكب فلما بصربنا شال المقرعة ليضرب بها فخذ‬
‫أبي عبد ال عليه السلم فأومأ إليها الصادق عليه السلم‬

‫)‪ (1‬أي كانا يسترقان السمع ليسمعا ما يقول الرسول ال )ص( لزواجه وأهل بيته‬
‫ويخبرا به المنافقين فيذيعونه‪ (2) .‬الروضة‪ (3) .238 :‬فروع الكافي ‪:6‬‬
‫‪ 247‬فيه‪ :‬ول يؤكل لحمه ول بيضه‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬البحر‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬البر‪ (6) .‬فروع الكافي ‪ 221 :6‬فيه‪ :‬والخنازير والوبر والورل‬
‫وما سوى ذلك‪.‬‬

‫]‪[230‬‬

‫فجفت يمينه والمقرعة فيها‪ ،‬فقال له‪ :‬يا أبا عبد ال بالرحم إل عفوت عني‪ ،‬فأومأ‬
‫إليه بيده فرجعت يده ثم أقبل علي وقال لي‪ :‬يا مفضل‪ - :‬وقد مرت عظاية‬
‫من العظاء ‪ -‬ما يقول الناس في هذه ؟ قلت‪ :‬يقولون‪ :‬إنها حملت الماء‬
‫فأطفات نار إبراهيم فتبسم عليه السلم ثم قال لي‪ :‬يا مفضل ولكن هذا عبد‬
‫ال وولده )‪ (1‬وإنما يرق الناس عليهم لما مسهم من الولدة والرحم )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬كأن المعنى أنهم أرجاس أعداء لهل البيت عليهم السلم مثل هذه‬
‫المسوخ وضمير " عليهم " إما راجع إلى عبد ال وولده‪ ،‬أو إلى المسوخ‪.‬‬
‫تذييل‪ :‬اعلم أن أنواع المسوخ غير مضبوطة في كلم أكثر الصحاب‪ ،‬بل‬
‫أحالوها على هذه الروايات وإن كان في أكثرها ضعفا على مصطلحهم‪،‬‬
‫فالذي يحصل من جميعها ثلثون صنفا‪ :‬الفيل والدب والرنب والعقرب‬
‫والضب والوزغ والعظاية والعنكبوت والدعموص والجري والوطواط‬
‫والقرد والخنزير والكلب والزهرة وسهيل وطاووس والزنبور والبعوض‬
‫والخفاش والفأر والقملة والعنقاء والقنفذ والحية والخنفساء والزمير‬
‫والمارماهي والوبر والورل لكن يرجع بعضها إلى بعض‪ .‬قال الدميري‪:‬‬
‫الفيل معروف وجمعه أفيال وفيول وفيلة‪ ،‬وقال ابن السكيت ول تقل‪ :‬أفيلة‪،‬‬
‫والفيلة ضربان‪ :‬فيل وزندفيل )‪ (3‬وهما كالبخاتي والعراب‪ ،‬وبعضهم‬
‫يقول‪ :‬الفيل الذكر‪ ،‬والزند )‪ (4‬فيل النثي‪ ،‬وهذا النوع ل يلقح إل في بلده‬
‫ومعادنه وإن صار أهليا‪ ،‬وهو إذا اغتلم أشبه الجمل في ترك الماء والعلف‬
‫حتى تتورم رأسه ولم يكن لسواسه )‪ (5‬غير الهرب منه‪ ،‬والذكر ينزو إذا‬
‫مضى من عمره خمس سنين‪ .‬وزمان نزوه‬
‫)‪ (1‬لعل المعنى أن هذه الدابة مع حيوانيتها كانت تدفع عن ابراهيم‪ ،‬وانى مع أنه‬
‫من ذريته وذرية محمد )ص( وعلى وفاطمة )ع( يفعل بى عبد ال بن‬
‫الحسن ما ترى‪ ،‬ثم ذكر عليه السلم بعد ذلك ما يكون سببا لرقة الناس‬
‫عليهم وتعظيمهم‪ (2) .‬دلئل المامة‪ 144 :‬و ‪ (3) .145‬في المصدر‪:‬‬
‫وزند بيل‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬والزند بيل‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬لسائسه ال‬
‫الهرب منه‪.‬‬

‫]‪[231‬‬

‫الربيع‪ ،‬والنثى تحمل سنتين‪ ،‬فإذا حملت ل يقربها الذكر ول يمسها ول ينزو عليها‬
‫إذا وضعت إل بعد ثلث سنين‪ ،‬وقال عبد اللطيف البغدادي‪ :‬إنها تحمل سبع‬
‫سنين ول ينزو إل على فيلة واحدة‪ ،‬وله عليها خيرة شديدة‪ ،‬وإذا تم حملها‬
‫وأرادت الوضع دخلت النهر حتى تضع ولدها لنها تلد وهي قائمة )‪ (1‬ول‬
‫فواصل لقوائمها‪ ،‬والذكر عند ذلك يحرسها وولدها من الحيات‪ ،‬ويقال‬
‫الفيل يحقد كالجمل فربما قتل سائسه حقدا عليه‪ .‬تزعم الهند أن لسان الفيل‬
‫مقلوب‪ ،‬ولول ذلك لتكلم‪ ،‬ويعظم ناباه وربما بلغ الواحد منهما مائة من‪،‬‬
‫وخرطومه من غضروف‪ ،‬وهو أنفه ويده التي يوصل بها الطعام والشراب‬
‫إلى فيه ويقاتل بها‪ ،‬ويصيح وليس صياحه على مقدار جثته وإنه كصياح‬
‫الصبي‪ ،‬وله فيه من القوة بحيث يقلع به الشجر من منابتها‪ ،‬وفيه من‬
‫الفهم ما يقبل به التأديب ويفعل ما يأمره به سائسه من السجود للملوك‬
‫وغير ذلك من الخير والشر في حالتي السلم والحرب‪ ،‬وفيه من الخلق‬
‫أنه يقاتل بعضه بعضا‪ ،‬والمقهور منهما يخضع للقاهر‪ ،‬والهند تعظمه لما‬
‫اشتمل عليه من الخصال المحمودة من علو سمكه وعظم صورته وبديع‬
‫منظره وطول خرطومه وسعة اذنه )‪ (2‬وطول عمره وثقل حمله وخفة‬
‫وطئه‪ ،‬فانه ربما مر بالنسان فل يشعر به من حسن خطوه واستقامته‪.‬‬
‫ولطول عمره حكى أرسطو أن فيل ظهر أن عمره أربعمائة سنة‪ ،‬واعتبر‬
‫ذلك بالوسم وبينه وبين السنور عداوة طبيعية حتى أن الفيل يهرب منه‪،‬‬
‫كما أن السبع يهرب من الديك البيض‪ ،‬وكما أن العقرب متى أبصرت‬
‫الوزغة ماتت‪ .‬وفي الحلية في ترجمة أبي عبد ال القلنسي أنه ركب البحر‬
‫في بعض سياحاته فعصفت عليهم الريح فتضرع أهل السفينة إلى ال تعالى‬
‫ونذروا النذور إن نجاهم ال تعالى‪ ،‬فألحوا على أبي عبد ال في النذر‬
‫فأجرى ال على لسانه أن قال‪ :‬إن خلصني ال‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لنها ل تلد الوهى قائمة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬وسعة اذنيه‪.‬‬

‫]‪[232‬‬
‫تعالى مما أنا فيه ل آكل لحم الفيل‪ ،‬فانكسرت السفينة وأنجاه ال وجماعة من أهلها‬
‫إلى الساحل فأقاموا بها أياما من غير زاد‪ ،‬فبينماهم كذلك إذا هم بفيل‬
‫صغير فذبحوه وأكلوا لحمه سوى أبي عبد ال فلم يأكل منه وفاء بالعهد‬
‫الذي كان منه‪ ،‬فلما نام القوم جاءتهم ام ذلك الفيل تتبع أثره وتشم الرائحة‬
‫فمن وجدت منه رائحة لحمه داسته بيديها ورجليها إلى أن تقتله‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقتلت الجميع ثم جاءت إلى فلم تجد مني رائحة اللحم فأشارت إلي‪ :‬أن‬
‫أركبها‪ ،‬فركبتها فسارت بى سيرا شديدا الليل كله‪ ،‬ثم أصبحت في أرض‬
‫ذات حرث وزرع‪ ،‬فأشارت إلى‪ :‬أن انزل‪ ،‬فنزلت عن ظهرها فحملني اولئك‬
‫القوم إلى ملكهم فسألني ترجمانه فأخبرته بالقصة‪ ،‬فقال لي‪ :‬إن الفيلة‬
‫سارت بك في هذه الليلة مسيرة ثمانيه أيام‪ ،‬قال‪ :‬فكنت عندهم إلى أن‬
‫حملت ورجعت إلى أهلي‪ .‬ولما كان في أول المحرم سنه اثنين وثمانين‬
‫وثمانمائة من تاريخ ذي القرنين‪ ،‬وكان النبي صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫حمل في بطن امه حضر أبرهة )‪ (1‬ملك الحبشة يريد هدم الكعبة ومعه )‬
‫‪ (2‬جيش عظيم ومعه فيله محمود وكان قويا عظيما واثنا عشر فيل غيره‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬ثمانية‪ ،‬وساق الحديث كما مر في كتاب أحوال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله إلى أن قال‪ :‬ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ودعا ال تعالى‬
‫ثم قال‪ :‬ل هم إن المرء يمنع رحله فامنع حللك وانصر على آل الصليب‬
‫وعابديه اليوم آلك ل يغلبن صليبهم ومحالهم أبدا محالك ثم أرسل حلقة‬
‫الباب وانطلق هو ومن معه من قريش إلى الجبال وأبرهة )‪(3‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وكان النبي )ص( يومئذ حمل في بطن امه حضر ابرهة الشرم‪) .‬‬
‫‪ (2‬في المصدر‪ :‬يريد هدم الكعبة وكان قد بنى كنيسة بصنعاء وأراد أن‬
‫يصرف إليها الحاج فخرج رجل من بنى كنانة فقعد فيها ليل فأغضبه ذلك‬
‫وحلف ليهدمن الكعبة فخرج ومعه‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬إلى الجبال ينظرون‬
‫ما ابرهة فاعل بمكة إذا دخلها‪ ،‬فحينئذ جاءت قدرة الواحد الحد القادر‬
‫المقتدر فاصبح ابرهة‪.‬‬

‫]‪[233‬‬

‫متهيأ لدخولها وهدمها )‪ (1‬وقدم فيله محمودا أمام جيشه‪ ،‬فلما وجه الفيل إلى مكة‬
‫أقبل نفيل بن حبيب فأخذ باذن الفيل وقال‪ :‬ابرك محمودا وارجع راشدا فانك‬
‫في بلد ال الحرام‪ ،‬ثم أرسل اذنه فبرك الفيل وضربوه بالحديد حتى أدموه‪،‬‬
‫ليقوم فأبى فوجهوه إلى اليمن فقام يهرول فوجهوه إلى الشام ففعل مثل‬
‫ذلك )‪ ،(2‬فعند ذلك أرسل ال عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من‬
‫سجيل‪ ،‬فتساقطوا بكل طريق و هلكوا على كل منهل‪ ،‬واصيب أبرهة حتى‬
‫تساقط أنملة أنملة حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر حتى انصدع‬
‫صدره عن قلبه )‪ ،(3‬وانفلت وزيره وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي‬
‫فقص عليه القصة فلما انتهى وقع عليه الحجر فخر ميتا باذن ال بين‬
‫يديه‪ .‬قال السهيلي‪ :‬قوله‪ :‬فبرك الفيل‪ ،‬فيه نظر‪ ،‬فان الفيل ل يبرك كما‬
‫يبرك الجمل‪ ،‬فيحتمل أن يكون بروكه سقوطه إلى الرض لما جاء من أمر‬
‫ال سبحانه‪ ،‬و يحتمل أن يكون فعل فعل البارك الذي يلزم موضعه ول‬
‫يبرح‪ ،‬فعبر بالبارك عن ذلك‪ ،‬قال‪ :‬وقد سمعت من يقول‪ :‬إن في الفيلة‬
‫صنفا يبرك كما يبرك الجمل‪ ،‬فان صح وإل فتأويله ما قدمناه‪ ،‬قال وقول‬
‫عبد المطلب‪ " :‬لهم " إلى آخره‪ ،‬العرب تحذف اللف واللم من اللهم‪،‬‬
‫ويكتفى بما بقي‪ ،‬والحلل‪ :‬متاع البيت‪ ،‬وأراد به سكان الحرم‪ ،‬ومعنى‬
‫محالك كيدك وقوتك )‪ .(4‬وقال‪ :‬الدب من السباع‪ ،‬والنثى دبة‪ ،‬وهو يحب‬
‫العزلة‪ ،‬فإذا جاء الشتاء دخل وجاره )‪ (5‬الذي اتخذه في الغيران‪ ،‬ول‬
‫يخرج حتى يطيب الهواء‪ ،‬وإذا جاع يمص )‪ (6‬يديه ورجليه فيندفع بذلك‬
‫عنه الجوع ويخرج في الربيع أسمن ما‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬لدخول مكة وهدم البيت‪ (2) .‬زاد في المصدر‪ :‬فوجهوه إلى مكة‬
‫فبرك‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فما مات حتى انصدع قلبه عن صدره‪ (4) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪ (5) .163 - 160 :2‬الوجار بالفتح والكسر‪ :‬جحر الضبع‪(6) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬يمتص‪.‬‬

‫]‪[234‬‬

‫كان‪ ،‬وهو مختلف الطباع لنه يأكل ما تأكله السباع وما ترعاه البهائم وما يأكله‬
‫النسان‪ ،‬وفي طبعه فطنة عجيبة لقبول التأديب‪ ،‬لكنه ل يطيع معلمه إل‬
‫بعنف عظيم وضرب شديد )‪ .(1‬وقال‪ :‬الضب بفتح الضاد‪ :‬حيوان برى‬
‫معروف يشبه الورل‪ ،‬قال ابن خالويه‪ :‬الضب ل يشرب الماء ويعيش‬
‫سبعمائة سنة فصاعدا‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه يبول في كل أربعين يوما قطرة ول‬
‫يسقط له سن‪ ،‬ويقال‪ :‬إن سنه قطعة واحدة ليست بمفرجة )‪ ،(2‬قال عبد‬
‫اللطيف البغدادي‪ :‬الورل والضب والحرباء وشحمة الرض والوزغ كلها‬
‫متناسبة في الخلق‪ ،‬وللضب ذكران وللنثى فرجان كما للورل والحرذون‪،‬‬
‫والضب يخرج من جحره كليل البصر فيجلوه بالتحدق للشمس ويغتذي‬
‫بالنسيم‪ ،‬ويعيش ببرد الهواء‪ ،‬وذلك عند الهرم وفناء الرطوبات ونقص‬
‫الحرارات‪ ،‬وبينه وبين العقرب مودة‪ ،‬فلذلك يهيأ في جحره لتلسع‬
‫المتحرض )‪ (4‬إذا أدخل يده لخذه‪ ،‬ول يتخذ جحره إل في كدية حجر خوفا‬
‫من السيل والحافر‪ ،‬ولذلك توجد براثنه ناقصة كليلة وذلك لحفر الماكن‬
‫الصعبة )‪ ،(5‬وفي طبعه النسيان وعدم الهداية‪ ،‬وبه يضرب المثل في‬
‫الحيرة‪ ،‬ولذلك ل يحفر جحره إل عند اكمة أو صخرة لئل يضل عنه إذا‬
‫خرج لطلب الطعم‪ ،‬ويوصف بالعقوق لنه يأكل حسوله )‪ (6‬وهو طويل‬
‫العمر‪ ،‬ومن هذه الجهات يناسب الحيات والفاعي‪ ،‬ومن شأنه أنه ل يخرج‬
‫في الشتاء من جحره‪ ،‬روى الدارقطني والبيهقي والحاكم وابن عدي عن‬
‫ابن عمر أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم كان في محفل من الصحابة إذ‬
‫جاء أعرابي من بني سليم قد صاد ضبا وجعله في كمله ليذهب‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ 236 :1‬و ‪ (2) .237‬في المصدر‪ :‬ان اسنانه قطعة واحدة ليست‬
‫مفرقة‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬يؤويها‪ (4) .‬أي الصائد للضباب‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬لحفره بها في الماكن الصعبة‪ (6) .‬الحسول جمع الحسل‪ :‬ولد‬
‫الضب‪.‬‬

‫]‪[235‬‬

‫به إلى رحله فرأى جماعة )‪ (1‬فقال‪ :‬على من هؤلء الجماعة ؟ فقالوا‪ :‬على هذا‬
‫الذي يزعم أنه نبي فأتاه فقال‪ :‬يا محمد ما اشتملت النساء على ذي لهجة‬
‫أكذب منك‪ ،‬فلول أن يسميني العرب عجول لقتلتك وسررت الناس بقتلك‬
‫أجمعين‪ ،‬فقال عمر‪ :‬يا رسول ال دعني أقتله‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم‪ :‬ل‪ ،‬أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا‪ ،‬ثم أقبل العرابي على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فقال‪ :‬واللت والعزى ل آمنت بك أو‬
‫يؤمن بك هذا الضب )‪ ،(2‬وأخرج الضب من كمه فطرحه بين يدي رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وسلم فقال‪ :‬إن آمن بك أمنت بك‪ ،‬فقال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم‪ :‬يا ضب فكلمه الضب بلسان طلق فصيح عربي مبين‬
‫يفهمه القوم جميعا‪ ،‬لبيك وسعديك يا رسول رب العالمين‪ ،‬فقال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬من تعبد‪ :‬قال الذي في السماء عرشه وفي الرض سلطانه‬
‫وفي البحر سبيله وفي الجنة رحمته وفي النار عذابه‪ ،‬فقال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم‪ :‬فمن أنا يا ضب ؟ قال‪ :‬أنت رسول ال وخاتم النبيين قد أفلح‬
‫من صدقك وقد خاب من كذبك‪ ،‬فقال العرابي‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال وأنك‬
‫رسول ال حقا‪ ،‬وال لقد أتيتك وما على وجه الرض أحد هو أبغض إلي‬
‫منك‪ ،‬ووال لنت الساعة أحب إلي من نفسي ومن ولدي‪ ،‬فقد آمن بك‬
‫شعري وبشري وداخلي وخارجي وسري وعلنيتي‪ ،‬فقال له رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬الحمد ل الذي هداك إلى هذا الذي يعلو ول يعلى‬
‫عليه‪ ،‬ول يقبله ال إل بصلة‪ ،‬ول يقبل الصلة إل بقرآن‪ ،‬قال‪ :‬فعلمني‬
‫فعلمه النبي صلى ال عليه وآله سورة الفاتحة وسورة الخلص‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول ال ما سمعت في البسيط ول في الوجيز أحسن من هذا‪ ،‬فقال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إن هذا كلم رب العالمين‪ ،‬وليس بشعر إذا قرأت قل هو ال‬
‫أحد فكأنما قرأت ثلث القرآن‪ ،‬وإذا قرأتها مرتين فكأنما قرأث ثلثي القرآن‪،‬‬
‫وإذا قرأتها ثلثا فكأنما قرأت القرآن كله‪ ،‬فقال العرابي‪ :‬إن إلهنا يقبل‬
‫اليسير ويعطي الكثير‪ ،‬ثم قال له النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬ألك مال ؟‬
‫فقال‪ :‬ما في بني سليم قاطبة رجل أفقر مني‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‬
‫لصحابه‪ :‬أعطوه فأعطوه حتى أبطروه )‪،(3‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فرأى جماعة محتفين بالنبي )ص(‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬حتى يؤمن‬
‫هذا الضب‪ (3) .‬أبطره‪ :‬صيره بطرا‪ .‬والبطر‪ :‬الدهشة والحيرة عند هجوم‬
‫النعمة‪.‬‬

‫]‪[236‬‬

‫فقال عبد الرحمن بن عوف‪ :‬يا رسول ال أنا اعطيه ناقة عشراء )‪ (1‬تلحق ول‬
‫تلحق اهديت إلي يوم تبوك‪ ،‬فخرج العرابي من عند رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله فتلقاه ألف أعرابي على ألف دابة بألف سيف‪ ،‬فقال لهم‪ :‬أين‬
‫تريدون ؟ فقالوا نريد هذا لذي يكذب ويزعم أنه نبي فقال العرابي‪ :‬أشهد‬
‫أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن محمد رسول ال‪ ،‬فقالوا له‪ :‬صبوت )‪ ،(2‬فحدثهم‬
‫بحديثه فقالوا كلهم‪ :‬ل إله إل ال محمد رسول ال‪ ،‬ثم أتوا النبي فقالوا‪ :‬يا‬
‫رسول ال مرنا بأمرك‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬كونوا تحت راية خالد‬
‫بن الوليد‪ ،‬فلم يؤمن في أيامه صلى ال عليه وآله من العرب ول من‬
‫غيرهم ألف غيرهم‪ .‬وقال في الحكم‪ :‬يحل أكل الضب بالجماع‪ ،‬وحكى‬
‫القاضي عياض عن قوم تحريمه )‪ .(3‬وقال‪ :‬الوزغة بفتح الواو والزاي‬
‫والغين المعجمة‪ :‬دويبة معروفة‪ ،‬وهي وسام أبرص جنس‪ ،‬فسام أبرص‬
‫كباره‪ ،‬واتفقوا على أن الوزغ من الحشرات المؤذيات وجمع الوزغة وزغ‬
‫وأوزاغ ووزغان وأزغان على البدل‪ ،‬وروى البخاري ومسلم و النسائي‬
‫وابن ماجه عن ام شريك أنها استأمرت )‪ (4‬النبي صلى ال عليه وآله في‬
‫قتل الوزغان فأمرها بذلك‪ .‬وفي الصحيحين أن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا‪ ،‬وقال‪ :‬كان ينفخ النار على إبراهيم‪ .‬وكذلك‬
‫رواه أحمد في مسنده‪ .‬وروى الحاكم )‪ (5‬في المستدرك عن عبد الرحمن‬
‫بن عوف أنه قال‪ :‬كان ل يولد لحد مولود إل أتى به النبي صلى ال عليه‬
‫وآله فيدعو له‪ ،‬فادخل عليه مروان بن الحكم فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬العشراء من النوق بضم العين‪ :‬التى مضى لحملها عشرة اشهر أو ثمانية أو‬
‫هي كالنفساء من النساء‪ (2) .‬صبأ‪ :‬خرج من دين إلى دين‪ ،‬والمعنى‬
‫ارتددت‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ (4) .54 - 52 :2‬أي شاورته‪ (5) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬وروى الحاكم في كتاب الفتن والملحم من المستدرك‪.‬‬
‫]‪[237‬‬

‫هو الوزغ بن الوزغ الملعون ابن الملعون‪ ،‬ثم قال‪ :‬صحيح السناد وروى بعده‬
‫بيسير عن محمد بن زياد قال‪ :‬لما بايع معاوية لبنه يزيد قال مروان‪ :‬سنة‬
‫أبي بكر وعمر‪ ،‬فقال عبد الرحمن بن أبي بكر‪ :‬سنة هرقل وقيصر )‪،(1‬‬
‫فقال له مروان‪ :‬أنت الذي أنزل ال فيك‪ " :‬والذي قال لوالديه اف لكما )‪(2‬‬
‫" فبلغ ذلك عائشة فقالت‪ :‬كذب و ال ما هو به‪ ،‬ولكن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله لعن أبا مروان ومروان في صلبه‪ .‬ثم روى عن عمرو بن مرة‬
‫الجهني ‪ -‬وكانت له صحبة ‪ -‬أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي‬
‫صلى ال عليه وآله فعرف صوته فقال‪ :‬ائذنوا له عليه لعنة ال وعلى من‬
‫يخرج من صلبه إل المؤمن منهم وقليل ماهم‪ ،‬يسرفون في الدنيا‬
‫ويضيعون في الخرة‪ ،‬ذوومكر وخديعة‪ ،‬يعطون في الدنيا وما لهم في‬
‫الخرة من خلق‪ .‬وأما تسمية الوزغ فويسقا فنظيره الفواسق الخمس التي‬
‫تقتل في الحل والحرم‪ ،‬وأصل الفسق‪ :‬الخروج‪ ،‬وهذه المذكورات خرجت‬
‫عن خلق معظم الحشرات ونحوها بزيادة الضرر والذى‪ ،‬وذكر أصحاب‬
‫الثار أن الوزغ أصم‪ ،‬قالوا‪ :‬والسبب في صممه ما تقدم من نفخه النار‬
‫على إبراهيم فصم لجل ذلك وبرص‪ ،‬ومن طبعه أنه ل يدخل بيتا فيه رائحة‬
‫الزعفران‪ ،‬والحيات تألفه كما تألف العقارب الخنافس‪ ،‬وهو يلقح بفيه‬
‫ويبيض كما تبيض الحيات ويقيم في جحره زمن الشتاء ل يطعم شيئا )‪.(3‬‬
‫وقال‪ :‬العظاءة بالظاء المعجمة والمد‪ :‬دويبة اكبر من الوزغة‪ ،‬وقال‬
‫الزهري‪ :‬هي دويبة ملساء تعدو وتتردد كثيرا‪ ،‬تشبه بسام أبرص إل أنها‬
‫أحسن منه ول تؤذي )‪ (4‬وهي أنواع كثيرة منها البيض والحمر‬
‫والصفر والخضر وكلها منقطة بالسواد‪ ،‬وفي طبعها محبة الشمس‬
‫لتصلب فيها )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬وفى ذلك دللة على أن سنة السلم في نصب الخليفة تخالف سنة الملوك‪،‬‬
‫فسنة السلم في ذلك على وجدان الفضيلة والصلحية في الخليفة‪ ،‬وسنة‬
‫الملوك على الوراثة قط‪ (2) .‬الحقاف‪ (3) .17 :‬حياة الحيوان ‪.288 :2‬‬
‫)‪ (4‬زاد في المصدر‪ :‬وتسمى شحمة الرض وشحمة الرمل‪ (5) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪.84 :2‬‬

‫]‪[238‬‬

‫وقال‪ :‬السام )‪ (1‬أبرص بتشديد الميم‪ ،‬قال أهل اللغة‪ :‬هو من كبار الوزغ )‪ .(2‬وقال‬
‫الدعموص بفتح الدال‪ :‬دويبه كالخنفساء )‪ ،(3‬وبضم الدال دويبة تغوص‬
‫في الماء‪ ،‬والجمع الدعاميص‪ ،‬قال السهيلي‪ :‬الدعموص‪ :‬سمكة صغيرة‬
‫كحية الماء‪ ،‬وفي الحديث إن رجل زنا فمسخه ال تعالى دعموصا‪ .‬قال‬
‫الجاحظ‪ :‬إذا كبر الناموس صار دعاميص‪ ،‬وهو تتولد من الماء الراكد‪،‬‬
‫وإذا كبر صار فراشا‪ ،‬ولعل هذا هو عمدة من جعل الجراذ بحريا‪،‬‬
‫والدعموص هو من الخلق الذي ل يعيش في ابتداء أمره إل في الماء ثم‬
‫بعد ذلك يستحيل بعوضا وناموسا )‪ .(4‬وقال الوطواط الخفاش انتهى )‪.(5‬‬
‫وقال الفيروزآبادي‪ :‬الوطواط‪ :‬الخفاش وضرب من خطاطيف الجبال‪ .‬وقال‬
‫الدميري‪ :‬القرد حيوان معروف‪ ،‬وجمعه قرود وقد يجمع على قردة بكسر‬
‫القاف وفتح الراء المهملة‪ ،‬والنثى قردة‪ ،‬بكسر القاف وإسكان الراء‪،‬‬
‫وجمعها قرد بكسر القاف وفتح الراء‪ ،‬وهو حيوان قبيح مليح ذكي سريع‬
‫الفهم يتعلم الصنعة‪ ،‬أهدى ملك النوبة إلى المتوكل قردا خياطا وآخر‬
‫صائغا‪ ،‬وأهل اليمن يعلمون القرد القيام بحوائجهم حتى أن البقال والقصاب‬
‫يعلم القرد حفظ الدكان حتى يعود صاحبه‪ ،‬ويعلم السرقة فيسرق والقردة‬
‫تلد في البطن الواحد عشرة واثنى عشر‪ ،‬والذكر ذو غيرة شديدة على‬
‫الناث‪ ،‬وهذا الحيوان شبيه بالنسان في غالب حالته‪ ،‬فانه يضحك‬
‫ويطرب و يقعي ويحكي ويتناول الشئ بيده‪ ،‬وله أصابع مفصلة إلى أنامل‬
‫وأظفار‪ ،‬ويقبل التلقين والتعليم‪ ،‬ويأنس بالناس‪ ،‬ويمشي على رجلين حينا‬
‫يسيرا ويمشى على أربع مشيه المعتاد‪ ،‬ولشفر عينيه السفل أهداب‪،‬‬
‫وليس ذلك لشئ من الحيوان سواه‪ ،‬وهو‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ " :‬سام ابرص " بل حرف تعريف‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪(3) .8 :2‬‬
‫فيه تصحيف‪ ،‬وهى تفسير للدعسوقة على ما في المصدر‪ (4) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪ (5) .244 :1‬حياة الحيوان ‪.290 :2‬‬

‫]‪[239‬‬

‫كالنسان إذا سقط في الماء غرق كالنسان الذي ل يحسن السباحة )‪ ،(1‬ويأخذ‬
‫نفسه بالزواج والغيرة على الناث وهما خصلتان من مفاخر النسان‪ ،‬وإذا‬
‫زاد به الشبق استمنى بفيه‪ ،‬وتحمل النثى ولدها كما تحمل المرأة‪ ،‬وفيه‬
‫من قبول التأديب والتعليم ما ل يخفى‪ ،‬ولقد درب قرد ليزيد على ركوب‬
‫الحمار وسابق به مع الخيل‪ ،‬وروى ابن عدي في كامله عن أحمد بن طاهر‬
‫أنه قال‪ :‬شهدت بالرملة قردا صائغا‪ (2) ،‬فإذا أراد أن ينفخ أشار إلى رجل‬
‫حتى ينفخ له‪ .‬وروى البيهقي أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‪:‬‬
‫ل تشوبوا اللبن بالماء فان رجل كان فيمن كان قبلكم يبيع اللبن ويشوبه‬
‫بالماء فاشترى قردا وركب البحر حتى إذا لحج فيه ألهم ال تعالى القرد‬
‫صرة الدنانير فأخذها وصعد الدقل ففتح الصرة و صاحبها ينظر إليه‪ ،‬فأخذ‬
‫دينارا ورمى به في البحر ودينارا في السفينة حتى قسمها نصفين‪ ،‬فألقى‬
‫ثمن الماء في البحر وثمن اللبن في السفينة‪ .‬وروى الحاكم في المستدرك‬
‫عن عكرمة قال‪ :‬دخلت على ابن عباس وهو يقرأ في المصحف قبل ذهاب‬
‫بصره ويبكي‪ ،‬فقلت‪ :‬ما يبكيك جعلني ال فداك ؟ قال‪ :‬هذه الية‪" :‬‬
‫واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت " )‪(3‬‬
‫قال‪ :‬ثم قال‪ :‬أتعرف أيلة ؟ قلت‪ :‬وما أيلة قال‪ :‬قرية كان بها اناس من‬
‫اليهود فحرم ال تعالى عليهم صيد الحيتان يوم السبت‪ ،‬فكانت الحيتان‬
‫تأتيهم يوم السبت شرعا بيضا سمانا كأمثال المخاض‪ ،‬فإذا كان غير يوم‬
‫السبت ل يجدونها ولم يدركوها )‪ (4‬إل بمشقة ومؤنة‪ ،‬ثم إن رجل منهم‬
‫أخذ حوتا يوم السبت فربطه إلى وتد في الساحل وتركه في الماء حتى إذا‬
‫كان الغد أخذه فأكله‪ ،‬ففعل ذلك أهل بيت منهم فأخذوا وشووا‪ ،‬فوجد‬
‫جيرانهم ريح الشواء ففعلوا كفغلهم‪ ،‬وكثر ذلك فيهم‪ ،‬فافترقوا فرقا فرقة‬
‫أكلت‪ ،‬وفرقة نهت‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وإذا سقط في الماء غرق كالدمي الذى ل يحسن السباحة‪(2) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬قردا يصوغ‪ (3) .‬العراف‪ (4) .163 :‬في المصدر‪ :‬ول‬
‫يدركونها‪.‬‬

‫]‪[240‬‬

‫وفرقة قالوا‪ " :‬لم تعظون قوما ال مهلكهم أو معذبهم )‪ " (1‬الية‪ ،‬وقالت الفرقة‬
‫التي نهت‪ :‬إنما نحذركم غضب ال وعقابه أن يصيبكم بخسف أو قذف أو‬
‫بعض ما عنده من العذاب‪ ،‬وال ما نساكنكم في مكان أنتم فيه وخرجوا من‬
‫السور‪ ،‬ثم غدوا عليه من الغد فضربوا باب السور فلم يجبهم أحد‪ ،‬وتسور‬
‫إنسان منهم السور فقال‪ :‬قردة وال‪ ،‬لها أذناب تتعاوى‪ ،‬ثم نزل وفتح‬
‫الباب‪ ،‬ودخل الناس عليهم فعرفت القردة أنسابها من النس‪ ،‬ولم تعرف‬
‫النس أنسابها من القردة‪ ،‬قال‪ :‬فيأتي القردة إلى نسيبه وقريبه فيحتك به‬
‫ويلصق إليه فيقول له‪ :‬أنت فلن ؟ فيشير برأسه أن نعم و يبكي وتأتي‬
‫القردة إلى نسيبها وقريبها النسي فيقول‪ :‬أنت فلنة ؟ فيشير برأسها‪ :‬أن‬
‫نعم وتبكي‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬فأسمع ال تعالى يقول‪ " :‬فأنجينا الذين ينهون‬
‫عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون " )‪ (2‬فل‬
‫أدرى ما فعلت الفرقة الثالثة فكم قد رأينا منكرا فلم ننه عنه )‪ (3‬فقال‬
‫عكرمة‪ :‬فقلت‪ :‬ما ترى جعلني ال فداك إنهم قد أنكروا وكرهوا حين قالوا‪:‬‬
‫" لم تعظون قوما ال مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا " فأعجبه قولي ذلك‬
‫وأمر لي ببردين غليظين فكسانيهما‪ .‬ثم قال‪ :‬هذا صحيح السناد‪ ،‬وأيلة‪:‬‬
‫بين مدين والطور على شاطئ البحر و قال الزهري‪ :‬القرية طبرية الشام‪.‬‬
‫وفي المستدرك عن أبي هريرة أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال‪:‬‬
‫رأيت في منامي كان بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما‬
‫تنزو القردة‪ .‬فما رئي صلى ال عليه وآله ضاحكا حتى مات )‪ .(4‬ثم قال‪:‬‬
‫صحيح السناد عن شرط مسلم‪.‬‬

‫)‪ (3‬العراف‪ (4) .164 :‬العرف‪ (1) .165 :‬في المصدر‪ :‬من منكر ولم ننه عنه‪.‬‬
‫)‪ (2‬في المصدر‪ :‬فما رئى النبي صلى ال عليه وآله مستجمعا ضاحكا‬
‫حتى مات‪.‬‬

‫]‪[241‬‬

‫وروى الطبراني في معجمه )‪ (1‬عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬في آخر الزمان تأتي المرأة فتجد زوجها قد مسخ قردا‪ ،‬لنه‬
‫ل يؤمن بالقدر‪ .‬واختلف العلماء في الممسوخ هل يعقب أم ل ؟ على‬
‫قولين‪ :‬أحدهما نعم‪ ،‬وهو قول الزجاج والقاضي أبي بكر المغربي المالكي‪،‬‬
‫وقال الجمهور‪ :‬ل يكون ذلك‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬لم يعش ممسوخ قط أكثر من‬
‫ثلثة أيام ول يأكل ول يشرب )‪ .(2‬وقال‪ :‬الخنزير مشترك بين البهيمية‬
‫والسبعية‪ ،‬فالذي فيه من السبع الناب وأكل الجيف‪ ،‬والذي فيه من البهيمة‬
‫الظلف وأكل العشب والعلف‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه ليس لشئ من ذوات الذناب )‪(3‬‬
‫ما للخنزير من قوة نابه حتى إنه يضرب بنابه صاحب السيف والرمح‬
‫فيقطع كل ما لقى من جسده من عظم وعصب‪ ،‬وربما طال ناباه فيلتقيان‬
‫فيموت عند ذلك جوعا لنهما يمنعانه من الكل‪ ،‬ويأكل الحيات أكل ذريعا )‬
‫‪ (4‬ول تؤثر فيه سمومها‪ ،‬ومن عجيب أمره إذا قلعت إحدى عينيه مات‬
‫سريعا‪ .‬وذكر أهل التفسير أن عيسى عليه السلم استقبل رهطا من اليهود‬
‫فلما رأوه قالوا‪ :‬جاء الساحر ابن الساحرة وقذفوه وامه‪ ،‬فدعا عليهم‬
‫ولعنهم فمسخهم ال خنازير‪ .‬وروى ابن ماجة عن أنس أن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬طلب العلم فريضة على كل مسلم‪ ،‬وواضع العلم في غير‬
‫أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والدر )‪ .(5‬قال في الحياء جاء رجل‬
‫إلى ابن سيربن وقال‪ :‬رأيت كأني اقلد الدر أعناق الخنازير‪ ،‬فقال‪ :‬أنت تعلم‬
‫الحكمة غير أهلها وقال‪ :‬القمل معروف‪ ،‬واحدته قملة‪ .‬قال الجوهري‪:‬‬
‫والقمل المعروف يتولد من العرق والوسخ إذا اصاب ثوبا أو‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من معجم الوسط‪ (2) .‬حياة الحيوان ‪ 172 :2‬و ‪ (3) .173‬في‬
‫المصدر‪ :‬من ذوات النياب والذناب ما للخنزير من القوة في نابه‪(4) .‬‬
‫يقال‪ :‬موت ذريع أي فاش أو سريع‪ ،‬وقتل ذريع أي فظيع‪ (5) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪ 219 :2‬و ‪.220‬‬
‫]‪[242‬‬

‫بدنا أو ريشا أو شعرا حتى يصير المكان عفنا‪ .‬قال الجاحظ‪ :‬وربما كان النسان قمل‬
‫الطباع وإن تنظف وتعطر وبدل الثياب‪ ،‬قال‪ :‬ومن طبعه أنه يكون في شعر‬
‫الرأس في الحمر أحمر‪ ،‬وفي السود السود وفي البيض أبيض‪ ،‬ومتى‬
‫تغير الشعر تغير إلى لونه‪ ،‬وهو من الحيوان الذي اناثه أكبر من ذكوره‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬ذكوره الصيبان‪ ،‬وقيل‪ :‬الصيبان بيضه )‪ .(1‬وقال‪ :‬عنقاء مغرب )‬
‫‪ (2‬قال بعضهم‪ :‬هو طائر غريب يبيض بيضا كالجبال وتبعد في طيرانها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬سميت بذلك لنه كان في عنقها بياض كالطوق‪ ،‬وقيل‪ :‬هو طائر‬
‫يكون عند مغرب الشمس‪ ،‬وقال القزويني‪ :‬إنها أعظم الطير جثة وأكبرها‬
‫خلقة تختطف الفيل كما تختطف الحدأة الفأرة‪ :‬وكانت في قديم الزمان بين‬
‫الناس فتأذوا منها إلى أن سلب يوما عروسا بحليها فدعا عليها حنظلة‬
‫النبي فذهب ال بها إلى بعض جزائر البحر المحيط وراء خط الستواء‬
‫وهي جزيرة ل يصل إليه الناس‪ ،‬وفيها حيوان كثير كالفيل والكركدن‬
‫والجاموس والببر والسماع )‪ (3‬وجوارح الطير‪ ،‬وعند طيران عنقاء‬
‫مغرب يسمع لجنحتها دوي كدوي الرعد العاصف )‪ (4‬والسيل‪ ،‬وتعيش‬
‫ألفي سنة وتتزاوج إذا مضى لها خمسمائة سنة‪ ،‬فإذا كان وقت بيضها‬
‫ظهر بها ألم شديد ثم أطال في وصفها‪ .‬وذكر أرسطاطاليس في النعوت أن‬
‫العنقاء قد تصاد فيصنع من مخاليبها أقداح عظام للشرب‪ ،‬قال‪ :‬وكيفية‬
‫صيدها أنهم يوقفون ثورين ويجعلون بينهما عجلة و يثقلونها بالحجارة‬
‫العظام ويتخذون بين يدي العجلة بيتا يختبأ فيه رجل معه نار فتنزل العنقاء‬
‫على الثورين لتخطفهما فإذا نشبت أظفارها في الثورين أو أحدهما لم تقدر‬
‫على اقتلعهما لما عليهما من الحجارة الثقيلة ولم تقدر على الستقلل‬
‫لتخلص بمخاليبها )‪(5‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ (2) .183 :2‬في المصدر‪ :‬عنقاء مغرب ومغربة من اللفاظ‬
‫الدالة على غير معنى‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬والبقر وسائر انواع السباع‪(4) .‬‬
‫في المصدر‪ :‬كدوى الرعد القاصف‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬لتخلص مخالبها‪.‬‬
‫)*(‬

‫]‪[243‬‬

‫فيخرج الرجل بالنار فيحرق أجنحتها‪ ،‬قال‪ :‬والعنقاء لها بطن كبطن الثور وعظام‬
‫كعظام السبع‪ ،‬وهي من أعظم سباع الطير انتهى‪ .‬وقال العكبري في شرح‬
‫المقامات‪ :‬إن أهل الرس كان بأرضهم جبل يقال له‪ :‬مخ‪ ،‬صاعد في السماء‬
‫قدر ميل‪ ،‬وكان به طيور كثيرة‪ ،‬وكانت العنقاء به‪ ،‬وهي عظيمة الخلق لها‬
‫وجه كوجه النسان‪ ،‬وفيها من كل حيوان شبه‪ ،‬وهي من أحسن الطير‪،‬‬
‫وكانت تأتي في السنة مرة هذا الجبل فتلتقط طيوره فجاعت في بعض‬
‫السنين وأعوزها الطير فانقضت على صبي فذهبت به‪ ،‬ثم ذهب بجارية‬
‫اخرى‪ ،‬فشكوا ذلك إلى نبيهم حنظلة بن صفوان فدعا علهيا فأصابتها‬
‫صاعقة فاحترقت‪ ،‬وكان حنظلة في زمن الفتره بين عيسى ومحمد صلى‬
‫ال عليه وآله وسلم‪ .‬وفي ربيع البرار )‪ (1‬في باب الطير عن ابن عباس‬
‫أن ال تعالى خلق في زمن موسى طائرا اسمها العنقاء لها أربعة أجنحة‬
‫من كل جانب ووجهها كوجه النسان وأعطاها من كل شئ قسطا‪ ،‬وخلق‬
‫لها ذكرا مثلها‪ ،‬وأوحى إليه‪ ،‬أنى خلقت طائرين عجيبين وجعلت رزقهما‬
‫في الوحوش التي حول بيت المقدس‪ ،‬وجعلتهما زيادة فيما وصلت به بني‬
‫إسرائيل‪ ،‬وتناسل وكثر نسلهما‪ ،‬فلما توفى موسى عليه السلم انتقلت‬
‫فوقعت بنجد والحجاز فلم تزل تأكل الوحوش وتخطف الصبيان إلى أن بنى‬
‫)‪ (2‬خالد بن سنان العبسي من بني عبس قبل النبي صلى ال عليه وآله‬
‫فشكوا إليه ما يلقون منها فدعا ال عليها فانقطع نسلها وانقرضت فل‬
‫توجد اليوم )‪ .(3‬وقال‪ :‬القنفذ بالذال المعجمة وبضم القاف وبفتحها )‪(4‬‬
‫هو صنفان‪ :‬قنفذ يكون بأرض مصر قدر الفأر‪ ،‬وقنفذ )‪ (5‬يكون بأرض‬
‫الشام والعراق بقدر الكلب القلطى‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وفي اخر ربيع البرار‪ (2) .‬هكذا في الكتاب‪ ،‬وفي المصدر‪ " :‬إلى‬
‫ان نبئ " والظاهر انهما مصحفان و الصحيح‪ " :‬إلى ان نبأ " أو إلى أن‬
‫أنبا‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ 112 :2‬و ‪ (4) .113‬الصحيح كما في المصدر‪:‬‬
‫بضم الفاء وفتحها‪ (5) .‬في المصدر‪ :‬ودلدل يكون بارض الشام‪.‬‬

‫]‪[244‬‬

‫بينهما كالفرق بين الفأر والجراد )‪ ،(1‬وهو ل يظهر إل ليل‪ ،‬وهو مولع بأكل‬
‫الفاعى‪ ،‬ول يتألم بها وإذا لذعته الحية أكل السعتر البري فيبرأ‪ ،‬وله‬
‫خمسة أسنان في فيه‪ ،‬والبرية منها تسفد قائمة وظهر الذكر لصق ببطن‬
‫النثى‪ .‬وروى الطبراني وغيره )‪ (2‬عن قتاده بن النعمان أنه قال‪ :‬كانت‬
‫ليلة شديدة الظلمة والمطر فقلت‪ :‬لو اغتنمت الليلة شهود العتمة مع رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله ففعلت‪ ،‬فلما رآني قال‪ :‬قتادة ؟ قلت‪ :‬لبيك يا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله ثم قلت‪ :‬علمت أن شاهد الصلوة في هذه الليلة‬
‫قليل فأحببت أن أشهدها معك‪ ،‬فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬إذا انصرفت‬
‫فأتني‪ ،‬فلما فرغت من الصلوة أتيت إليه فأعطاني عرجونا كان في يده‪،‬‬
‫فقال‪ :‬هذا يضئ أمامك عشرا ومن خلفك عشرا‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن الشيطان قد‬
‫خلفك في أهلك فاذهب بهذا العرجون فاستضئ به حتى تأتي بيتك فتجده في‬
‫زاوية البيت فاضربه بالعرجون‪ ،‬قال‪ :‬فخرجت من المسجد فأضاء‬
‫العرجون مثل الشمعة نورا فاستضأت به وأتيت أهلى فوجدتهم قد رقدوا‬
‫فنظرت إلى الزاوية فإذا فيها قنفذ فلم أزل أضربه بالعرجون حتى خرج‪،‬‬
‫ورواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح )‪ .(3‬وقال‪ :‬الوبر بفتح‬
‫الواو وتسكين الباء الموحدة‪ :‬دويبة أصغر من السنور طحلء اللون ل‬
‫ذنب لها تقيم في البيوت‪ ،‬وجمعها وبور وبيرر وبار )‪ (4‬والنثى وبرة‪،‬‬
‫وقول الجوهري‪ :‬ل ذنب له أي ل ذنب طويل وإل فالوبر له ذنب قصير‬
‫جدا‪ ،‬والناس يسمون الوبر بغنم بني إسرائيل‪ ،‬ويزعمون أنها مسخت لن‬
‫ذنبها مع صغره يشبه إلية الخروف وهو قول شاذ ل يلتفت إليه )‪.(5‬‬
‫وقال‪ :‬الورل بفتح الواو والراء المهملة وباللم في آخره‪ :‬دابة على خلقة‬
‫الضب‬

‫)‪ (1‬هكذا في المطبوع والمخطوط وفيه تصحيف والصحيح كما في المصدر‪:‬‬


‫كالفرق بين الجرذ والفأر‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬روى الطبراني في معجمه‬
‫الكبير والحافظ ابن منير الحلبي وغيرهما‪ (3) .‬حياة الحيوان ‪ 187 :2‬و‬
‫‪ (4) .188‬في المصدر‪ :‬جمعها وبور ووبار ووبارة‪ (5) .‬حياة الحيوان‬
‫‪.281 :2‬‬

‫]‪[245‬‬

‫إل أنه أعظم منه‪ ،‬والجمع أورال وورلن‪ ،‬والنثى ورلة‪ .‬وقال القزويني‪ :‬إنه أعظم‬
‫من الوزغ وسام أبرص طويل الذنب سريع السير خفيف الحركة‪ .‬وقال عبد‬
‫اللطيف‪ :‬الورل والضب والحرباء وشحمة الرض والوزغ كلها متناسبة‬
‫في الخلق‪ ،‬فأما الورل وهو الحرذون فليس في الحيوان أكثر سفادا منه‪،‬‬
‫وبينه وبين الضب عداوة فيغلب الورل الضب ويقتله‪ ،‬لكنه ل يأكله كما‬
‫يفعل بالحية وهو ل يتخذ بيتا لنفسه ول يحفر جحرا بل يخرج الضب من‬
‫جحره صاغرا ويستولى عليه وإن كان أقوى براثن منه لكن الظلم يمنعه‬
‫من الحفر ولهذا يضرب به المثل في الظلم‪ ،‬ويقال‪ :‬أظلم أو أجبر من ورل‪،‬‬
‫ويكفي في ظلمه أنه يغصب الحية جحرها ويبلعها‪ ،‬وربما قتل فوجد في‬
‫جوفه الحية العظيمة‪ ،‬وهو ل يبتلعها حتى يشدخ رأسها ويقال‪ :‬إنه يقاتل‬
‫الضب‪ .‬والجاحظ يقول‪ :‬الحرذون غير الورل‪ ،‬ووصفه بأنه دابة تكون‬
‫بناحية مصر مليحة موشاة بألوان كثيرة‪ ،‬ولها كف ككف النسان مقسومة‬
‫أصابعها إلى النامل )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬حياة الحيوان ‪ 285 :2‬و ‪(*) .286‬‬


‫]‪[246‬‬

‫‪ } - 6‬باب { } السباب العارضة المقتضية للتحريم { ‪ - 1‬نوادر الراوندي‪ :‬عن عبد‬


‫الواحد بن إسماعيل عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد‬
‫الديباجي عن محمد بن محمد بن الشعث عن موسى بن اسمعيل بن موسى‬
‫بن جعفر عن جده موسي عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬سئل على عليه‬
‫السلم عن حمل غذي بلبن خنزيرة فقال‪ :‬قيدوه )‪ (1‬واعلفوه الكسب‬
‫والنوى والخبز إن كان استغنى عن اللبن وإن لم يكن استغنى عن اللبن‬
‫فيلقى على ضرع شاة سبعة أيام )‪ - 2 .(2‬الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم‬
‫عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي ‪ -‬عبد ال عليه السلم عن‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم مثله )‪ .(3‬بيان‪ :‬الكسب بالضم‪ :‬عصارة الدهن‬
‫وقوله‪ " :‬سبعة أيام " كأنه متعلق بالشقين معا‪ ،‬كما يستفاد من كلم‬
‫الصحاب وستعرف‪ - 3 .‬قرب السناد‪ :‬عن محمد بن عبد الحميد وعبد‬
‫الصمد بن محمد معا عن حنان ابن سدير قال‪ :‬سمعت رجل يسأل أبا عبد‬
‫ال عليه السلم عن حمل يرضع )‪ (4‬من خنزيرة ثم استفحل الحمل في‬
‫غنم فخرج له نسل ما قولك في نسله ؟ فقال‪ :‬ما علمت أنه من نسله بعينه‬
‫فل تقربه‪ ،‬وأما ما لم تعلم أنه منه فهو بمنزلة الجبن كل ول تسأل عنه )‬
‫‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ " :‬عودوه " والظاهر انه مصحف‪ (2) .‬نوادر الراوندي‪(3) .50 :‬‬
‫فروع الكافي ‪ 250 :6‬فيه‪ " :‬والنوى والشعير والخبز " وفيه‪ :‬سبعة‬
‫ايام ثم يؤكل لحمه‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬رضع‪ (5) .‬قرب السناد‪(*) ،47 :‬‬

‫]‪[247‬‬

‫‪ - 4‬المقنع‪ :‬سئل أبو عبد ال عليه السلم عن جدي رضع من خنزيرة )‪ (1‬حتى كبر‬
‫وشب واشتد عظمه‪ ،‬ثم إن رجل استفحله في غنمه فأخرج له نسل )‪،(2‬‬
‫فقال‪ :‬أما ما عرفت من نسله بعينه فل تقربه‪ ،‬وأما ما ل تعرفه فكله ول‬
‫تسأل عنه فانه بمنزلة الجبن )‪ .(3‬بيان‪ :‬رواه في الكافي عن علي بن‬
‫إبراهيم عن أبيه عن حنان بن سدير قال‪ :‬سئل أبو عبد ال وأنا حاضر‬
‫عنده عن جدي رضع‪ .‬وذكر نحوا من المقنع )‪ - 5 .(4‬وروى أيضا عن‬
‫محمد بن يحيى عن الوشاء عن عبد ال بن سنان عن أبي حمزة رفعه قال‪:‬‬
‫ل تأكل من لحم حمل رضع من لبن خنزيرة )‪ .(5‬واعلم أن المعروف بين‬
‫الصحاب أن الحيوان إذا شرب لبن خنزيرة فان لم يشتد بأن ينبت عليه‬
‫لحمه ويشتد عظمه وتزيد قوته كره لحمه‪ ،‬ويستحب استبراؤه بسبعة أيام‬
‫بأن يعلف بغيره في المدة المذكورة‪ ،‬ولو كان في محل الرضاع ارضع من‬
‫حيوان محلل كذلك‪ ،‬وإن اشتد حرم لحمه ولحم نسله ذكرا كان الشارب أم‬
‫انثى‪ ،‬وذهبوا أن الستبراء في هذا القسم ل ينفع‪ ،‬وبهذا الوجه جمع الشيخ‬
‫بين الخبار‪ ،‬وتبعه القوم ويمكن الجمع بينها بحمل النهي عن ما قبل‬
‫الستبراء‪ ،‬وتعميم الستبراء أو تخصيصه بصورة الشتداد‪ ،‬ومع التعميم‬
‫يكون قبل الستبراء مع عدم الشتداد مكروها ومعه حراما‪ ،‬ويدل خبر‬
‫حنان على أن المشتبه بالنسل ل يجب اجتنابه وهو الظاهر من كلم القوم‪،‬‬
‫وان مقتضى قواعدهم وجوب اجتناب الجميع من باب المقدمة‪ ،‬وقد‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬من لبن خنزيرة‪ (2) .‬في المصدر والكافي‪ " :‬فاخرج له نسل "‬
‫وفى نسخة من المصدر‪ :‬فخرج له نسل‪ (3) .‬المقنع‪ (4) .35 :‬فروع‬
‫الكافي ‪ 249 :6‬فيه‪ :‬فل تقربنه واما ما لم تعرفه فكله فهو بمنزلة الجبن‬
‫ول تسأل عنه‪ (5) .‬فروع الكافي ‪ 250 :6‬فيه‪ :‬يرضع‪.‬‬

‫]‪[248‬‬

‫عرفت أن ظاهر اليات والخبار خلفه‪ ،‬وقال في الروضة‪ :‬ول يتعدى الحكم إلى‬
‫غير الخنزيرة عمل بالصل وإن ساواه في الحكم كالكلب مع احتماله‬
‫انتهى‪ .‬واعلم أن جماعة من الصحاب حكموا بكراهة لحم حيوان رضع من‬
‫امرأة حتى اشتد عظمه‪ ،‬قال في التحرير‪ :‬ولو شرب من لبن امرأة واشتد‬
‫كره لحمه ولم يكن محظورا انتهى‪ ،‬ومستندهم صحيحة أحمد بن محمد بن‬
‫عيسى قال‪ :‬كتبت إليه جعلت فداك من كل سوء امرأة أرضعت عناقا حتى‬
‫فطمت وكبرت وضربها الفحل ثم وضعت أيجوز أن يؤكل لحمها ولبنها ؟‬
‫فكتب عليه السلم‪ :‬فعل مكروه ل بأس به )‪ .(1‬وفي الفقيه‪ :‬كتب أحمد بن‬
‫محمد بن عيسى إلى علي بن محمد امرأة أرضعت عناقا بلبنها )‪ (2‬حتى‬
‫فطمتها فكتب عليه السلم‪ :‬فعل مكروه ول بأس به )‪ .(3‬أقول‪ :‬الحديث‬
‫يحتمل معنيين‪ :‬أحدهما أن الرضاع فعل مكروه والكل ل بأس به‪ ،‬وعبارة‬
‫الفقيه بهذا أنسب‪ ،‬والثاني أن الكل مكروه ليس بحرام‪ ،‬وهذا بعبارة‬
‫التهذيب حيث حذف الواو أنسب )‪ ،(4‬ثم على ما في الفقيه )‪ (5‬إن كان‬
‫السؤال عن اللحم فالمراد عدم البأس بلحم العناق على المعنى الول وعلى‬
‫ما في التهذيب يحتمل العناق والولد والعم‪ ،‬ويؤيد كون المراد عدم‬
‫البأس بلحمها ما رواه في التهذيب أيضا بسند مرسل عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم في جدي رضع من لبن امرأة حتى اشتد عظمه ونبت‬

‫)‪ (1‬رواه الشيخ في التهذيب ‪ 45 :9‬وفيه‪ " :‬جعلني ال فداك " ورواه الكليني في‬
‫فروع الكافي ‪ 250 :9‬عن العدة عن أحمد بن محمد‪ .‬وفيهما جميعا‪ :‬ول‬
‫بأس به‪ :‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 325 :7‬باسناد آخر والفاظ غيره‬
‫وفيه‪ :‬يجوز ان يؤكل لبنها وتباع وتذبح ويؤكل لحمها فكتب )ع(‪ :‬فعل‬
‫مكروه ول بأس به‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ارضعت عناقا من الغنم بلبنها‪(3) .‬‬
‫من ل يحضره الفقيه ‪ (4) .212 :3‬قد عرفت أن الواو موجود في‬
‫التهذيب والكافي‪ (5) .‬الظاهر بقرينة الكافي والتهذيب أن الحديث المروى‬
‫في الفقيه منقول بالختصار فالعمل على الموجود في الكافي والتهذيب‬
‫اصوب‪.‬‬

‫]‪[249‬‬

‫لحمه‪ ،‬قال ل بأس بلحمه )‪ ،(1‬قال المحقق الردبيلي قدس سره بعد إيراد خبر‬
‫التهذيب الول‪ :‬فيها إن المكروه ل بأس به‪ ،‬وأنه مع الكبر والشدة مكروه‪،‬‬
‫فبدونهما يجوز بالطريق الولى ويحتمل الكراهة مطلقا‪ ،‬والظاهر أن المراد‬
‫لحمها ولحم نسلها فتأمل )‪ - 5 .(2‬الدعائم‪ :‬عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله أنه نهى عن لحوم الجللة وألبانها وبيضها حتى تستبرأ والجللة )‪(3‬‬
‫هي التي تجلل )‪ (4‬المزابل فتأكل العذرة )‪ - 6 .(5‬وعن علي عليه السلم‬
‫أنه قال‪ :‬الناقة الجللة تحبس على العلف أربعين يوما والبقرة عشرين‬
‫يوما‪ ،‬والشاة سبعة أيام‪ ،‬والبطة خمسة أيام‪ ،‬والدجاجة ثلثة أيام تم تؤكل‬
‫بعد ذلك لحومها وتشرب ألبان ذوات اللبان منها‪ ،‬ويؤكل بيض ما يبيض‬
‫منها )‪ - 7 .(6‬نوادر الراوندي‪ :‬بالسناد المتقدم عن موسى بن جعفر عن‬
‫آبائه عليهم السلم قال علي عليه السلم‪ :‬الناقة الجللة ل يحج على‬
‫ظهرها ول يشرب لبنها ول يؤكل لحمها حتى يقيد أربعين يوما‪ ،‬والبقرة‬
‫الجللة عشرين يوما‪ ،‬والبطة الجللة خمسة أيام‪ ،‬والدجاج ثلثة أيام )‪.(7‬‬
‫‪ - 8‬المقنع‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ل تشرب من ألبان البل الجللة‬
‫وإن أصابك شئ من عرقها فاغسله )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬رواه الشيخ في التهذيب ‪ 324 :7‬باسناده عن محمد بن على بن محبوب عن‬
‫محمد بن عيسى عن على بن الحكم عمن رواه عن أبى عبد ال )ع(‪(2) .‬‬
‫شرح الرشاد‪ :‬كتاب الطعمة‪ (3) .‬لعل التفسير من صاحب الدعائم‪(4) .‬‬
‫في النسخة المخطوطة‪ :‬تتخلل المزابل‪ 5) .‬و ‪ (6‬الدعائم لم يكن عندي‪) .‬‬
‫‪ (7‬نوادر الرواندى‪ 51 :‬فيه‪ " :‬والدجاجة " وقد سقطت عن المطبوع‬
‫جملة‪ (8) .‬المقنع‪ 35 :‬فيه‪ :‬ل تشرب من لبن‪.‬‬

‫]‪[250‬‬

‫تفصيل‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه أنه نهى عن أكل الجللة وركوبها‪ ،‬الجللة من‬
‫الحيوان التي تأكل العذرة‪ ،‬والجلة البعر فوضع موضع العذرة يقال‪ :‬جلت‬
‫الدابة الجلة واجتلتها فهي جالة وجللة‪ :‬إذا التقطها )‪ .(1‬فأما أكل الجللة‬
‫فحلل إن لم يظهر النتن في لحمها‪ ،‬وأما ركوبها فلعله لما يكثر من أكلها‬
‫العذرة والبعر وتكثر النجاسة على أجسامها وأفواهها وتلمس راكبها بفمها‬
‫وثوبه بعرقها وفيه أثر العذرة والبعر فيتنجس وال أعلم انتهى )‪ .(2‬ثم‬
‫اعلم أن المشهور بين الصحاب أن الجلل يوجب تحريم اللحم‪ ،‬وذهب‬
‫الشيخ وابن الجنيد إلى الكراهة‪ ،‬وكلم الشيخ في المبسوط مشعر باتفاقها‬
‫عليه‪ ،‬وقيل بالتحريم إن كان الغذاء بالعذرة محضا‪ ،‬والكراهة إن كان‬
‫غالبا‪ ،‬والتحريم أحوط مع الغتذاء بالعذرة محضا‪ ،‬وإن كان إثباته بحسب‬
‫الدليل مشكل‪ ،‬وأما الحج عليها أو ركوبها مطلقا فالظاهر أنه محمول على‬
‫الكراهة‪ ،‬ويمكن أن يكون لكراهة عرقها‪ .‬قال ابن الجنيد رحمه ال‪:‬‬
‫والجلل من سائر الحيوان مكروه أكله وكذلك شرب ألبانها والركوب عليها‬
‫انتهى‪ ،‬واختلفوا فيما يحصل به الجلل فالمشهور أنه يحصل بأن يغتذي‬
‫الحيوان بعذرة النسان لغير‪ ،‬وألحق أبو الصلح بالعذرة غيرها من‬
‫النجاسات وهو ضعيف‪ ،‬والنصوص والفتاوى المعتبرة خالية عن تقدير‬
‫المدة التي يحصل فيها ذلك لكن يستفاد من بعض الروايات المعتبرة في‬
‫ذلك أن تكون العذرة غذاءه‪ ،‬ومن بعضها أن الخلط ل يوجب الجلل‪ ،‬وقدره‬
‫بعضهم بأن ينمو ذلك في بدنه ويصير جزء منه وبعضهم بيوم وليلة وقال‬
‫يحبى بن سعيد‪ :‬بأكل العذرة خالصة يومها أجمع وقدر آخرون بأن يظهر‬
‫النتن في لحمه وجلده يعني رائحة العذرة‪ ،‬وقال الشيخ في المبسوط‬
‫والخلف إن الجللة هي التي تكون أكثر علفها العذرة فلم يعتبر تمحض‬
‫العذرة‪ ،‬والظاهر في مثله الرجوع إلى صدق الجلل عرفا‪ ،‬وفي معرفته‬
‫إشكال‪ ،‬والشهر طهارة الجلل بل‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬إذا التقطتها‪ (2) .‬النهاية ‪.201 :1‬‬

‫]‪[251‬‬

‫القائل بالنجاسة غير معلوم‪ ،‬لكن تدل عليها بعض الخبار‪ ،‬وحملت على الكراهة‪،‬‬
‫والقرب وقوع التذكية عليه لعموم الدلة‪ ،‬ثم إن تحريم الجلل على القول‬
‫به أو الكراهة ليس بالذات‪ ،‬بل بسبب الغتذاء بالعذرة فليس مستقرا بل‬
‫إلى أن يقطع ذلك الغتذاء ويغتذى بغيره بحيث يزول عنه اسم الجلل‬
‫والنصوص الواردة في هذا الباب غير نقي السانيد‪ ،‬وفتاوى الصحاب في‬
‫بعضها متفقة‪ ،‬وفي بعضها مختلفة‪ ،‬فالمتفق عليه استبراء الناقة بأربعين‬
‫يوما‪ ،‬ويدل عليه الروايات‪ ،‬ومن المختلف فيه البقرة‪ :‬قيل يستبرأ بأربعين‬
‫كالناقة‪ ،‬ويدل عليه زائدا على ما تقدم رواية مسمع )‪ (1‬وقيل‪ :‬بعشرين‬
‫يوما‪ ،‬وهو أشهر لرواية السكوني )‪ (2‬ومرفوعة يعقوب )‪ (3‬ورواية‬
‫يونس )‪ ،(4‬ومنه الشاة‬
‫)‪ (1‬المذكور في الكافي ‪ 253 :6‬والتهذيب ‪ 45 :9‬والستبصار ‪ 77 :4‬رواه الكليني‬
‫عن العدة عن سهل عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد ال بن عبد‬
‫الرحمن عن مسمع عن أبى عبد ال )ع( قال‪ :‬قال أمير المؤمنين )ع(‪" :‬‬
‫الناقة الجللة ل يؤكل لحمها ول يشرب لبنها حتى تغذى أربعين يوما‬
‫والبقرة الجللة ل يؤكل لحمها ول يشرب لبنها حتى تغذى ثلثين يوما‬
‫والشاة الجللة ل يؤكل لحمها ول يشرب لبنها حتى تغذى عشرة أيام‪،‬‬
‫والبطة الجللة ل يؤكل لحمها حتى تربط خمسة أيام‪ ،‬والدجاجة ثلثة أيام‬
‫" هكذا الحديث في الكافي واما الحديث في التهذيب فيختلف حكم البقرة‬
‫في نسختها ففى المطبوع بالنجف‪ " :‬عشرين يوما‪ ،‬وفى الطبع الول‬
‫أيضا‪ :‬عشرون ولكن ذكر في هامشه عن نسخة‪ " :‬أربعين " وعن‬
‫اخرى " ثلثين " وفى الستبصار أيضا‪ " :‬أربعين يوما " وحكم الشاة‬
‫في التهذيب والستبصار‪ :‬خمسة أيام‪ (2) .‬رواه الكليني في الكافي ‪:6‬‬
‫‪ 251‬باسناده عن على بن ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن‬
‫أبى عبد ال )ع( قال‪ :‬قال أمير المؤمنين )ع(‪ :‬الدجاجة الجللة ل يؤكل‬
‫لحمها حتى تقيد ثلثة أيام والبطة الجللة خمسة أيام‪ ،‬والشاة الجللة‬
‫عشرة أيام والبقرة الجللة عشرين يوما‪ ،‬والناقة أربعين يوما‪ .‬ورواه‬
‫الشيح في التهذيب ‪ 46 :9‬وفى الستبصار ‪ 77 :4‬عن محمد بن يعقوب‪.‬‬
‫)‪ (3‬الموجود فيه‪ :‬ثلثون كما رواه الكليني في الكافي ‪ 252 :6‬عن العدة‬
‫عن سهل عن يعقوب بن يزيد رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال )ع(‪ :‬البل‬
‫الجللة إذا أردت نحرها تحبس البعير أربعين يوما والبقرة ثلثين يوما‬
‫والشاة عشرة أيام‪ (4) .‬رواه الكليني في الفروع ‪ 252 :6‬باسناده عن‬
‫الحسين بن محمد عن السيارى =‬

‫]‪[252‬‬

‫والمشهور أن استبراءها بعشرة لرواية السكوني ومرفوعة يعقوب ورواية مسمع‪،‬‬


‫وقيل‪ :‬بسبعة )‪ (1‬وقيل‪ :‬بخمسة‪ ،‬وفي رواية يونس‪ :‬أربعة عشر‪ ،‬وفي‬
‫رواية مسمع‪ :‬البطة الجللة ل يؤكل لحمها حتى تربط خمسة أيام‪ ،‬وفي‬
‫رواية السكوني‪ :‬الدجاحة الجللة ل يؤكل لحمها حتى تقيد ثلثة أيام‬
‫والبطة خمسة أيام‪ ،‬واكتفى الصدوق في المقنع للبطة بثلثة أيام ورواه في‬
‫الفقيه عن القاسم بن محمد الجوهري )‪ ،(2‬ومن الصحاب من اعتبر في‬
‫الدجاجة خمسة أيام‪ ،‬وقيل‪ :‬أكثر ومستند الكل ل يخلو من ضعف على‬
‫المشهور‪ ،‬وقيل‪ :‬مراعات العرف متجه والحوط مراعاة أكثر المرين من‬
‫زوال الجلل العرفي وأكثر المقدرات‪ ،‬وفي كلم الصحاب الربط والعلف‬
‫بالطاهر في المدة المقدرة‪ ،‬وربما اعتبر الطاهر بالصالة‪ ،‬والمذكور في‬
‫بعض الروايات الحبس حسب‪ ،‬والظاهر أن الغرض زوال الجلل فل يتوقف‬
‫على الربط ول على الطهارة‪ ،‬بل الظاهر حصوله بالغتذاء بغير العذرة‪،‬‬
‫والحوط مراعاة المشهور‪ ،‬ول يؤكل الجلل من السمك حتى يستبرأ يوما‬
‫وليلة عند الكثر استنادا إلى رواية يونس عن الرضا واكتفى الصدوق‬
‫بيوم إلى الليل لرواية الجوهري‪ .‬وقال أبو الصلح في الكافي في عداد‬
‫المحرمات‪ :‬وما أدمن شرب النجاسات حتى يمنع منها عشرا‪ ،‬وجللة‬
‫الغائط حتى تحبس البل والبقر أربعين يوما‪ ،‬والشاة سبعة أيام‪ ،‬والبطة‬
‫والدجاج خمسة )‪ (3‬أيام‪ ،‬وروي في الدجاج خاصة بثلثة أيام‪ ،‬وجللة ما‬
‫عدا العذرة من النجاسات حتى تحبس‬

‫= عن أحمد بن الفضل عن يونس عن الرضا )ع( في السمك الجلل أنه سأله عنه‬
‫فقال‪ :‬ينتظر به يوما وليلة‪ ،‬وقال السيارى‪ :‬ان هذا ل يكون ال بالبصرة‪،‬‬
‫وقال في الدجاج‪ :‬يحبس ثلثة أيام والبطة سبعة أيام والشاة أربعه عشر‬
‫يوما والبقرة ثلثين يوما والبل أربعين يوما ثم تذبح‪ (1) .‬في النسخة‬
‫المطبوعة‪ :‬بتسعة‪ (2) .‬الفاظ الحديث‪ :‬ان البقرة تربط عشرين يوما‬
‫والشاة تربط عشرة أيام والبطة تربط ثلثة أيام‪ ،‬وروى ستة أيام‪،‬‬
‫والدجاجة تربط ثلثة أيام والسمك الجلل يربط يوما إلى الليل في الماء‬
‫راجع الفقيه ‪ (3) .214 :3‬في المختلف‪ :‬عشرة أيام‪.‬‬

‫]‪[253‬‬

‫النعام سبعا‪ ،‬والطير يوما وليلة‪ .‬وقال العلمة رحمه ال في المختلف )‪ (1‬بعد نقل‬
‫هذه العبارة‪ :‬والذي ورد في ذلك ما رواه موسى بن أكيل )‪ (2‬عن بعض‬
‫أصحابه عن الباقر عليه السلم في شاة شربت بول ثم ذبحت فقال‪ :‬يغسل‬
‫ما في جوفها ثم ل بأس به وكذلك إذا اعتلفت بالعذرة ما لم تكن جللة‬
‫والجللة التي يكون ذلك غذاؤها وقول أبي الصلح لم تقم عليه دللة‬
‫عندي انتهى )‪ .(3‬والمشهور بين الصحاب أنه لو شرب الحيوان المحلل‬
‫خمرا لم يؤكل ما في جوفه من المعاء والقلب والكبد‪ ،‬ويجب غسل اللحم‬
‫لرواية زيد الشحام )‪ (4‬عن الصادق عليه السلم أنه قال في شاة شربت‬
‫خمرا حتى سكرت ثم ذبحت على تلك الحال‪ :‬ل يؤكل ما في بطنها‪.‬‬
‫والرواية مع ضعفها على المشهور أخص من المدعى من وجوه‪ ،‬وأنكر‬
‫الحكم المذكور ابن إدريس وقال بالكراهة‪ ،‬ولعله أقرب‪ ،‬والمشهور أنه إذا‬
‫شرب بول غسل ما في بطنه وأكل لرواية ابن أكيل المتقدمة‪ ،‬وهي على‬
‫طريقة الصحاب ضعيفة من وجوه إل أنه ل أعرف رادا للحكم وقيل‪ :‬إن‬
‫هذا إنما يكون إذا ذبح في الحال بعد الشرب بخلف ما إذا تأخر بحيث صار‬
‫جزء من بدنه‪ ،‬وهو ظاهر غير بعيد عن سياق الخبر‪ - 9 .‬نوادر الراوندي‬
‫)‪ :(5‬بالسناد المتقدم عن الكاظم عن آبائه عليهم السلم سئل على عليه‬
‫السلم‬
‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المختلف ‪ (3) .127 :2‬رواه الكليني في الفروع ‪ 251 :6‬عن محمد بن‬
‫يحيى عن محمد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن على بن حسان عن على‬
‫بن عقبة عن موسى بن اكيل‪ ،‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪،47 :9‬‬
‫والستبصار ‪ 78 :4‬عن محمد بن أحمد بن يحيى‪ (4) .‬رواه الكليني في‬
‫الفروع ‪ 251 :6‬عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن فضال‬
‫عن أبى جميلة عن زيد الشحام‪ .‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 43 :9‬عن‬
‫محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبد الجبار عن أبى جميلة‪(5) .‬‬
‫نوادر الراوندي‪ 50 :‬فيه‪ :‬عن قدر فيها فأرة‪.‬‬

‫]‪[254‬‬

‫عن قدر طبخت فإذا فيها فأرة ميتة قال يهراق المرق ويغسل اللحم وينقى ويؤكل‪.‬‬
‫بيان‪ :‬رواه الشيخ )‪ (1‬بإسناده عن السكوني عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫وليس فيه " وينقى " وعليه عمل الصحاب وربما يستشكل بأنه مع‬
‫الطبخ والغليان ينفذ الماء النجس في أعماق اللحم والتوابل فكيف تطهر‬
‫بمجرد الغسل )‪ (2‬؟ ويمكن أن يحمل على أن ينقع في الماء الطاهر حتى‬
‫يصل إلى كل ما وصل إليه النجس‪ ،‬ويمكن أن يكون قوله عليه السلم "‬
‫وينقى " إشاره إلى ذلك‪ ،‬لكن كلم الصحاب ورواية السكوني غير مقيدة‬
‫بذلك‪ ،‬وان كان أحوط‪ - 10 .‬تحف العقول‪ :‬سأل يحيى بن أكثم موسى‬
‫المبرقع عن رجل أتى إلى قطيع غنم فرأى الراعي ينزو على شاة منها فلما‬
‫بصر بصاحبها خلى سبيلها فدخلت بين الغنم كيف تذبح ؟ وهل يجوز أكلها‬
‫أم ل ؟ فسأل موسى أخاه أبا الحسن الثالث عليه السلم فقال‪ :‬إنه إن عرفها‬
‫ذبحها وأحرقها‪ ،‬وإن لم يعرفها قسم الغنم نصفين وساهم بينهما فإذا وقع‬
‫على أحد النصفين فقد نجا النصف الخر ثم يفرق النصف الخر فل يزال‬
‫كذلك حتى تبقى شاتان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم بها ذبحت واحرقت‬
‫ونجا سائر الغنم )‪ .(3‬بيان‪ :‬روى الشيخ هذا الخبر بإسناده عن محمد بن‬
‫أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن الرجل عليه السلم أنه سئل عن‬
‫رجل نظر إلي راع نزا على شاة قال‪ :‬إن عرفها ذبحها وأحرقها‪ ،‬وإن لم‬
‫يعرفها قسمها نصفين أبدا حتى يقع السهم بها فتذبح و تحرق وقد نجت‬
‫سائرها )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬رواه الشيخ في التهذيب ‪ 86 :9‬باسناده عن محمد بن يعقوب عن على بن‬


‫ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني‪ :‬ورواه الكليني في الفروع ‪:6‬‬
‫‪ (2) .261‬يرد هذا الشكال على نسخة المصنف من النوادر والتهذيب‬
‫والفروع وأما على النسخة المطبوعة من النوادر فل نعم الشكال وارد‬
‫على نقل الشيخ والكليني‪ (3) .‬تحف العقول‪ 477 :‬و ‪ (4) .480‬تهذيب‬
‫الحكام ‪.43 :9‬‬

‫]‪[255‬‬

‫وأقول‪ :‬الظاهر أن الرجل أبو الحسن عليه السلم‪ ،‬وهذا مختصر من الحديث الذي‬
‫رويناه أول وقال في المسالك بمضمون الرواية عمل الصحاب‪ ،‬مع أنها ل‬
‫تخلو من ضعف وإرسال‪ ،‬لن راويها محمد بن عيسى عن الرجل ومحمد‬
‫بن عيسى مشترك )‪ (1‬بين الشعري الثقة واليقطيني وهو ضعيف‪ ،‬فان‬
‫كان المراد بالرجل الكاظم عليه السلم كما هو الغالب فهي مع ضعفها‬
‫بالشتراك )‪ (2‬مرسلة لن كل الرجلين لم يدرك )‪ (3‬الكاظم عليه السلم‪،‬‬
‫وإن اريد به غيره أو كان مبهما كما هو مقتضى لفظه فهي مع ذلك‬
‫مقطوعة انتهى )‪ .(4‬وأقول‪ :‬يرد عليه أن الظاهر أنه اليقطيني كما يظهر‬
‫من المارات والشواهد الرجالية لكن الظاهر ثقته والقدح غير ثابت‪ ،‬وجل‬
‫الصحاب يعدون حديثه صحيحا وكون المراد بالرجل الكاظم عليه السلم‬
‫غير معروف ؟ ؟ الغالب التعبير بالرجل والغريم وأمثالهما عند شدة التقية‬
‫بعد زمان ؟ ؟ عليه السلم كما ل يخفى‪ ،‬وهذا بقرينة الراوي يحتمل الجواد‬
‫والهادي والعسكري عليهم السلم‪ ،‬لكن الظاهر الهادي عليه السلم بقرينة‬
‫الرواية الولى‪ ،‬فظهر أن الخبر صحيح‪ ،‬مع أنه لم يرده أحد من الصحاب‪.‬‬
‫وقال في المسالك ولو لم يعمل بها‪ ،‬فمقتضى القواعد الشرعية أن المشتبه‬
‫فيه إن كان محصورا حرم الجميع‪ ،‬وإن كان غير محصور جاز أكله إلى أن‬
‫تبقى واحدة كما في نظائره انتهى )‪ .(5‬وأقول‪ :‬تحريم الجميع في‬
‫المحصور غير معلوم كما عرفت‪ ،‬والعمل بالقرعة في المور المشتبهة‬
‫غير بعيد عن القواعد الشرعية‪ ،‬وقد ورد في كثير من نظائره‪ ،‬ثم إن‬
‫الصحاب قالوا‪ :‬إذا وطئ النسان حيوانا مأكول حرم لحمه ولحم نسله‪،‬‬
‫ولو اشتبه بغيره قسم فرقتين واقرع عليه مرة بعد اخرى حتى تبقى‬
‫واحدة‪ ،‬وقال في‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ ،‬لن راويها محمد بن عيسى مشترك‪ (2) .‬في المصدر‪ ،‬باشتراك‬
‫الراوى بين الثقة وغيره‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬لم يدركا‪ 4) .‬و ‪ (5‬المسالك‬
‫‪.239 .2‬‬

‫]‪[256‬‬

‫المسالك‪ :‬إطلق النسان يشمل الصغير والكبير والمنزل وغيره‪ ،‬وكذلك الحيوان‬
‫يشمل الذكر والنثى ذات الربع وغيره كالطير لكن الرواية وردت بنكاح‬
‫البهيمة‪ ،‬وهي لغة اسم لذات الربع من حيوان البر والبحر فينبغي أن‬
‫يكون العمل عليه تمسكا بالصل في موضع السك‪ ،‬ويحتمل العموم لوجود‬
‫السبب المحرم وعدم الخصوصية للمحل‪ ،‬وهو الذي يشعر به إطلق كلم‬
‫المصنف وغيره‪ ،‬ول فرق في ذلك بين العالم بالحكم والجاهل‪ ،‬ثم إن علم‬
‫الموطوء بعينه اجتنب وسرى إلى نسله‪ ،‬وإن اشتبه أقرع للرواية‪ ،‬ثم قال‬
‫بعدما مر‪ :‬وعلى تقدير العمل بالرواية )‪ (1‬فيعتبر في القسم كونه نصفين‬
‫كما ذكر فيها‪ ،‬وإن كان قولهم )‪ :(2‬فريقين‪ ،‬أعم منه‪ ،‬ثم إن كان العدد‬
‫زوجا فالنصف حقيقة ممكن‪ ،‬وإن كان فردا اغتفر زيادة الواحدة في أحد‬
‫النصفين‪ ،‬وكذا القول بعد النتهاء إلى عدد فرد كثلثة )‪ - 11 .(3‬فقه‬
‫الرضا‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬إذا جعلت سمكة مع الجرى في السفود إن كانت‬
‫السمكة فوقه فكلها‪ ،‬وإن كانت تحته فل تأكل‪ ،‬وإذا كان اللحم مع الطحال‬
‫في السفود أكل اللحم والجوذابة لن الطحال في حجاب ول ينزل منه شئ‬
‫إل أن يثقب فان ثقب سال منه ولم يؤكل ما تحته من الجوذابة ول غيره‬
‫ويؤكل ما فوقه )‪ - 12 .(4‬المقنع‪ :‬إذا كان اللحم مع الطحال في سفود أكل‬
‫اللحم إذا كان فوق الطحال‪ ،‬فان كان أسفل من الطحال لم يؤكل ويؤكل‬
‫جواذبه لن الطحال في حجاب ول ينزل منه شئ إل أن يثقب‪ ،‬فان ثقب‬
‫سال منه ولم يؤكل ما تحته من الجوذاب‪ ،‬وإن جعلت سمكة يجوز أكلها مع‬
‫جري أو غيرها مما ل يجوز أكله في سفود أكلت التي لها فلس إذا كانت‬
‫في السفود فوق الجري وفوق التي ل تؤكل‪ ،‬فان كانت أسفل من الجري لم‬
‫تؤكل )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وعلى تقدير العمل بالرواية كما هو المشهور‪ (2) .‬في المصدر‪:‬‬
‫وان كان قول المصنف‪ :‬فريقين‪ (3) .‬المسالك ‪ (4) .239 :2‬فقه الرضا‪:‬‬
‫‪ (5) .40‬المقنع‪.35 ،‬‬

‫]‪[257‬‬

‫الفقيه‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬إذا كان اللحم مع الطحال‪ .‬وذكر مثل ما في المقنع‬
‫)‪ .(1‬تبيين‪ :‬السفود كتنور‪ :‬الحديدة التي تشوى بها اللحم‪ ،‬وفي القاموس‪:‬‬
‫الجوذاب بالضم‪ :‬طعام السكرو أرز ولحم انتهى‪ .‬والظاهر أن المراد هنا‬
‫الخبز المشرود تحت الطحال واللحم اللذين على السفود ليجري عليها ما‬
‫ينفصل منهما وعمل بما ورد في الفقيه أكثر الصحاب‪ ،‬والصل فيه عندهم‬
‫ما رواه الشيخ )‪ (2‬في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سئل عن الطحال أيحل أكله ؟ قال‪ :‬ل تأكله فهو دم‪ ،‬قلت‪ ،‬فان‬
‫كان الطعام )‪ (3‬في سفود مع لحم وتحته خبز وهو الجوذاب أيؤكل ما تحته‬
‫؟ قال‪ :‬نعم يؤكل اللحم والجوذاب ويرمى بالطحال لن الطحال في حجاب ل‬
‫يسيل منه‪ ،‬فان كان الطحال مشقوقا أو مثقوبا فل نأكل مما يسيل عليه‬
‫الطحال‪ ،‬وعن الجري يكون في السفود مع السمك قال‪ :‬يؤكل ما كان فوق‬
‫الجري‪ ،‬ويرمى بما سال عليه الجري‪ .‬وهذا مطابق لما في الفقيه‪ ،‬وأما ما‬
‫ذكره الصدوق رحمه ال في الكتابين فهو مخالف للخبرين فان عبارته تدل‬
‫على عدم حل اللحم إذا كان تحت الطحال وإن لم يكن مثقوبا‪ ،‬والروايتان‬
‫تدلن على الحل مطلقا إذا لم يكن مثقوبا‪ ،‬قال في الدروس‪ :‬إذا شوى‬
‫الطحال مع اللحم فان لم يكن مثقوبا أو كان اللحم فوقه فل بأس‪ ،‬وإن كان‬
‫مثقوبا واللحم تحته حرم ما تحته من لحم وغيره‪ .‬وقال الصدوق رحمه‬
‫ال‪ :‬إذا لم يثقب لم يؤكل اللحم إذا كان أسفل ويؤكل الجوذاب وهو الخبز )‬
‫‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬من ل يحضره الفقيه ‪ 214 :3‬و ‪ (2) .215‬رواه الشيخ في التهذيب ‪81 :9‬‬
‫باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن على بن‬
‫فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى‬
‫عن أبى عبد ال عليه السلم‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬فان كان الطحال‪(4) .‬‬
‫الدروس‪ :‬كتاب الطعمة‪ :‬الدرس الثالث‪.‬‬

‫]‪[258‬‬

‫وقال قدس سره أيضا‪ :‬روى عمار عن الصادق عليه السلم في الجري مع السمك‬
‫في سفود ‪ -‬بالتشديد مع فتح السين ‪ -‬يؤكل ما فوق الجري ويرمى ما سال‬
‫عليه‪ ،‬وعليها ابنا بابويه‪ ،‬وطرد الحكم في مجامعه ما يحل أكلها لما يحرم‪،‬‬
‫قال الفاضل‪ :‬لم يعتبر علماؤنا ذلك والجري طاهر‪ ،‬والرواية ضعيفة السند‬
‫انتهى )‪ .(1‬وأقول‪ :‬عدم نجاسة الجري ل ينافي الحكم المذكور فانه ليس‬
‫باعتبار النجاسة بل باعتبار أنه يجري من الطحال والجري وغيرهما دم‬
‫وأجزاء مايعة بعد تأثير الحرارة ويتشرب منها ما تحته وضعف الروايات‬
‫في هذا الباب منجبر بالشهرة بين الصحاب‪ ،‬وحل ما يحكم بالحل فيها‬
‫مؤيد بالصل والعمومات‪.‬‬

‫)‪ (1‬الدروس‪ :‬كتاب الطعمة‪ :‬الدرس الول‪.‬‬

‫]‪[259‬‬

‫‪ } - 7‬باب { } الصيد وأحكامه وآدابه‪ { :‬اليات‪ :‬المائدة ‪ :5‬غير محلي الصيد وأنتم‬
‫حرم ‪ .1‬قوله سبحانه‪ :‬وإذا حللتم فاصطادوا ‪ .2‬وقال تعالى‪ :‬يسئلونك ماذا‬
‫احل لهم قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما‬
‫علمكم ال فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم ال عليه واتقوا ال ان ال‬
‫سريع الحساب ‪ .4‬وقال عز وجل‪ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تقتلوا الصيد وأنتم‬
‫حرم ‪ .6‬تفسير‪ :‬قد مر تفسير بعض اليات في كتاب الحج )‪ ،(1‬ومر‬
‫بعضها في البواب السابقة " وما علمتم من الجوارح " قالوا‪ :‬يحتمل أن‬
‫يكون عطفا على " الطيبات " بأخذ " ما " موصولة‪ ،‬ولكن بحذف مضاف‬
‫أي مصيده‪ ،‬أو صيده‪ .‬أي صيد الكلب التي تصيدون بها بقرينة قوله‪" :‬‬
‫مكلبين " فانه مشتق من الكلب‪ ،‬أي حال كونكم صاحبي الصيد بالكلب أو‬
‫أصحاب التعليم للكلب‪ ،‬فيلزم كون الجوارح كلبا فيحل ما ذبحه الكلب‬
‫المعلم‪ .‬وذهب أكثر المخالفين إلى أن المراد بالجوارح كلب الصيد على‬
‫أهلها من الطيور وذوات الربع من السباع وإطلق المكلبين باعتبار كون‬
‫المعلم في الغلب كلبا أو لن كل سبع يسمى كلبا‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله في دعائه‪ " :‬اللهم سلط عليه كلبا من كلبك " فسلط ال عليه السد‪،‬‬
‫لكنه خلف الظاهر‪ ،‬وستأتى الخبار الكثيرة في ذلك‪ ،‬قال في مجمع البيان‪:‬‬
‫الجوارح هي الكلب فقط‪ ،‬عن ابن‬

‫)‪ (1‬كتاب الحج لم يتقدم قبل‪ ،‬بل يأتي في المجلد ‪ ،21‬ولعل قوله‪ " :‬مر " اشتباه‬
‫من النساخ أو كان دونه المنصف قبل‪.‬‬

‫]‪[260‬‬

‫عمر والضحاك والسدى‪ ،‬والمروي عن أئمتنا عليهم السلم فانهم قالوا‪ :‬هنا الكلب‬
‫المعلم خاصة أحل ال صيدها إن أدركه صاحبه وقد قتل لقوله " فكلوا مما‬
‫أمسكن عليكم " )‪ .(1‬وقوله‪ " :‬مكلبين " منصوب على الحال‪ ،‬وقوله "‬
‫تعلمونهن " حال ثانية أو استيناف " مما علمكم ال " متعلق "‬
‫بتعلمونهن " أي مما ألهمكم ال من الحيل وطرق التأديب‪ ،‬فان العلم به‬
‫إلهام منه تعالى أو اكتساب بالعقل الذي هو عطية من ال تعالى أيضا‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أي مما عرفكم ال أن تعلموهن من اتباع الصيد بارسال صاحبه‬
‫وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه " فكلوا مما أمسكن عليكم " متفرع‬
‫على ما تقدم‪ ،‬ويحتمل كونه جزاء لقوله‪ " :‬وما علمتم " فتكون ما‬
‫شرطية‪ ،‬أي كلوا مما أمسكت الجوارح عليكم‪ .‬قال البيضاوي‪ :‬وهو ما لم‬
‫يأكل منه لقوله صلى ال عليه وآله لعدي بن حاتم‪ " :‬وإن أكل منه فل‬
‫تأكل إنما أمسك على نفسه " فاشترط في حله أن يكون الكلب ما أكل منه‬
‫فلو أكل حرم‪ .‬ثم قال‪ :‬وإليه ذهب أكثر الفقهاء‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ل يشترط‬
‫ذلك في سباع الطير لن تأديبها إلى هذا الحد متعذر‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬ل‬
‫يشترط مطلقا انتهى )‪ " .(2‬واذكروا اسم ال عليه " الضمير لما علمتم‪،‬‬
‫والمعنى سموا عليه عند إرساله أو لما أمسكن بمعنى سموا عليه إذا‬
‫أدركتم ذكاته‪ ،‬أو سموا عند أكله‪ ،‬والول أظهر وأشهر كما سيأتي "‬
‫واتقوا ال " في أوامره ونواهيه فل تخالفوها بوجه " إن ال سريع‬
‫الحساب " لنه ل يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ول في الرض يعلم‬
‫خائنة العين وما تخفي الصدور‪ ،‬وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن‬
‫فيكون‪ ،‬والعبد في مقام التقصير فيما دق وجل‪ ،‬ففيه كمال التنبيه على‬
‫كمال الغفلة وغاية الهتمام بسرعة المتثال فقد أعذر من أنذر‪ ،‬كذا قيل‪ ،‬ثم‬
‫اعلم أنه يستفاد من اليات‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ 161 :3‬فيه‪ :‬احله ال إذا ادركه صاحبه وقد قتله‪ (2) .‬انوار‬
‫التنزيل ‪.324 :1‬‬

‫]‪[261‬‬

‫أحكام‪ :‬الول تدل اليات منطوقا ومفهوما على إباحة الصيد والمصيد في الجملة‪،‬‬
‫وادعوا عليها إجماع المة‪ ،‬والروايات في ذلك مستفيضة من طرق‬
‫الخاصة والعامة‪ ،‬واستثنى منها صيد البر في حال الحرام‪ ،‬على التفصيل‬
‫المتقدم في كتاب الحج‪ ،‬وظاهر الصحاب أن صيد اللهو فعله حرام‪ ،‬لكن‬
‫الظاهر أن مصيده ل يكون حراما لن حرمة الفعل ل يستلزم تحريمه‪ ،‬بل‬
‫يمكن المناقشة في تحريم الفعل أيضا‪ ،‬لن عدم قصر الصلة والصوم ل‬
‫يستلزم التحريم‪ ،‬لكن الظاهر أنه ل خلف بينهم فيه‪ ،‬وفي بعض الروايات‬
‫إشعار به‪ .‬الثاني‪ :‬ظاهر الية اشتراط كون الجارح كلبا كما عرفت‪ ،‬قال‬
‫الشهيد الثاني رحمه ال‪ :‬الصطياد يطلق على معنيين‪ :‬أحدهما إثبات اليد‬
‫على الحيوان الوحشي بالصالة المحلل المزيل لمتناعه بآلة الصطياد‬
‫اللغوي وإن بقي بعد ذلك على الحياة وأمكن تذكيته بالذبح‪ .‬والثاني‪ :‬عقره‬
‫المزهق لروحه بآلة الصيد على وجه يحل اكله‪ ،‬فالصيد بالمعنى الول‬
‫جائز اجماعا بكل آلة يتوصل بها إليه من كلب وسبع وجارح وغيرها وإنما‬
‫الكلم في الصطياد بالمعنى الثاني والجماع واقع أيضا على تحققه بالكلب‬
‫المعلم من جملة الحيوان بمعنى ما أخذه وجرحه وأدركه صاحبه ميتا أو‬
‫في حركة المذبوح يحل أكله‪ ،‬ويقوم إرسال الصائد وجرح الكلب في أي‬
‫موضع كان مكان الذبح في المقدور عليه‪ ،‬واختلفوا في غيره من جوارح‬
‫الطير والسباع فالمشهور بين الصحاب بل ادعى عليه المرتضى إجماعهم‬
‫على عدم وقوعه بها للية‪ ،‬فان الجوارح وإن كانت عامة إل أن الحال في‬
‫قوله‪ " :‬مكلبين " الواقع من ضمير " علمتم خصص الجوارح بالكلب‬
‫فان المكلب مؤدب الكلب لجل الصيد‪ ،‬وذهب الحسن بن أبي عقيل إلى حل‬
‫صيد ما أشبه الكلب من الفهد والنمر وغيرهما لعموم الجوارح‪ ،‬ولورود‬
‫أخبار صحيحة وغيرها بأن الفهد كالكلب في ذلك‪ ،‬واختلف تأويل الشيخ‬
‫لها فتارة خصها بموردها‪ ،‬وجوز صيد الفهد كالكلب محتجا بأن الفهد‬
‫يسمى كلبا في اللغة‪ ،‬وتارة حملها على التقية‪ ،‬وثالثة على حال الضرورة‪،‬‬
‫ووردت أخبار بحل صيد‬

‫]‪[262‬‬

‫غير الفهد أيضا وحملها على إحدى الخيرتين‪ .‬الثالث‪ :‬ظاهر الية شمولها لكل‬
‫الكلب سلوقيا كان أو غيره‪ ،‬ول خلف فيه ظاهرا بيننا‪ ،‬وسواء كان أسود‬
‫أو غيره‪ ،‬وهو أصح القولين‪ ،‬واستثنى ابن الجنيد رحمه ال الكلب السود‪،‬‬
‫وقال‪ :‬ل يجوز الصطياد به‪ ،‬وهو مذهب أحمد وبعض الشافعية محتجا‬
‫بالرواية عن أمير المؤمنين عليه السلم أنه ل يؤكل صيده‪ ،‬وقال‪ :‬إن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله أمر بقتله‪ .‬الرابع‪ :‬يستفاد من الية الكريمة‬
‫أن الكلب الذي يحل مقتوله لبد أن يكون معلما‪ ،‬إذ التقدير‪ :‬واحل لكم صيد‬
‫ما علمتم من الجوارح‪ ،‬فعلق حل صيدها على كونه معلما‪ ،‬واعتبروا في‬
‫صيرورة الكلب معلما ثلثة امور‪ :‬أحدها أن يسترسل باسترسال صاحبه‬
‫وإشارته والثاني أن ينزجر بزجره‪ ،‬وهكذا أطلق أكثرهم‪ ،‬وقيده في‬
‫الدروس بما إذا لم يكن بعد إرساله على الصيد لنه ل يكاد أن ينفك حينئذ‬
‫واستحسنه الشهيد الثاني ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬وقريب منه في التحرير وهو غير‬
‫بعيد‪ .‬الثالث أن يمسك الصيد ول يأكل منه‪ ،‬وفي هذا اعتبار وصفين‪:‬‬
‫أحدهما أن يحفظه ول يخليه‪ ،‬والثاني أن ل يأكل منه‪ ،‬وذهب جماعة من‬
‫الصحاب منهم الصدوقان والحسن إلى أن عدم الكل ليس بشرط‪ ،‬وبه‬
‫روايات كثيرة‪ ،‬ول يخلو من قوة‪ ،‬فيحمل أخبار عدم الكل على الكراهة أو‬
‫التقية وهو أظهر لصحيحة حكم بن حكيم )‪ " .(1‬قال‪ :‬قلت لبي عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬ما تقول في الكلب يصيد الصيد فيقتله ؟ قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 203 :6‬باسناده عن محمد بن يحيى عن أحمد بن‬
‫محمد عن محمد بن يحيى عن جميل بن دراج عن حكم بن حكيم الصيرفى‬
‫وفيه‪ " :‬ل بأس باكله " وفيه‪ :‬يقولون‪ :‬انه إذا قتله وأكل منه‪ .‬ورواه‬
‫الشيخ في التهذيب ‪ 23 :9‬والستبصار ‪ 69 :4‬باسناده عن محمد بن‬
‫يعقوب وفيها‪ :‬ل بأس كل‪.‬‬

‫]‪[263‬‬

‫ل بأس كل‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬إنهم يقولون‪ :‬إذا أكل منه فانما أمسك على نفسه فل تأكله‬
‫فقال‪ :‬كل‪ ،‬أو ليس قد جامعوكم على أن قتله ذكاته ؟ قال‪ :‬قلت بلى‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فما تقولون في شاة ذبحها رجل أذكاها ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فان السبع‬
‫جاء بعد ما ذكاها فأكل بعضها‪ ،‬أتؤكل البقية ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإذا أجابوك‬
‫إلى هذا فقل لهم‪ :‬كيف تقولون إذا ذكى ذلك فأكل منها لم تأكلوا‪ ،‬وإذا ذكى‬
‫هذا وأكل أكلتم ؟ "‪ .‬وحمل الشيخ هذا الخبار على الكل نادرا وهو بعيد‪،‬‬
‫وفرق ابن الجنيد بين أكله منه قبل موت الصيد وبعده‪ ،‬وجعل الول قادحا‬
‫في التعليم دون الثاني‪ ،‬وهذا أيضا وجه للجمع بين الخبار‪ ،‬وكأنه يؤمي‬
‫إليه خبر ابن حكيم‪ ،‬والعامة أيضا مختلفون في هذا الحكم بسبب اختلف‬
‫الحاديث النبوية‪ ،‬وإن كان الشهر بينهم الشتراط وقد يستدل على‬
‫الشتراط بقوله تعالى‪ " :‬وما أكل السبع إل ما ذكيتم " والظاهر أنه‬
‫مخصص بقوله تعالى‪ " :‬وما علمتم من الجوارح مكلبين " بشهادة‬
‫الخبار الكثيرة‪ ،‬وعلى القول باعتبار عدم الكل ل يضر شرب الدم‪،‬‬
‫والمور المعتبرة في التعليم لبد أن تتكرر مرة بعد اخرى ليغلب على الظن‬
‫تأرب الكلب‪ ،‬ولم يقدر أكثر الصحاب عدد المرات‪ ،‬واكتفى بعضهم بالتكرار‬
‫مرتين‪ ،‬واعتبر آخرون ثلث مرات‪ ،‬وكأن القوى الرجوع في أمثاله إلى‬
‫العرف لفقد النص على التحديد‪ ،‬وحيث تحقق التعليم لو خالف في بعض‬
‫الصفات مرة لم يقدح فيه‪ ،‬فان عاد ثانيا بني على أن التعلم هل يكفي فيه‬
‫المرتان أم ل‪ ،‬فان اكتفينا بهما زال بهما‪ ،‬وإن اعتبرنا الثلث فكذلك هنا‪،‬‬
‫وكذا إن اعتبرنا العرف‪ ،‬كذا ذكره الشهيد الثاني قدس ال روحه‪ .‬الخامس‪:‬‬
‫الية تؤمي إلى عدم حل صيد الكفار لن الخطاب فيها متوجه إلى‬
‫المسلمين‪ ،‬فكأنه قيد الحل بما أمسك على المسلمين‪ ،‬ول خلف في تحريم‬
‫صيد غير أهل الكتاب من الكفار‪ ،‬وأما أهل الكتاب فالخلف فيهم هنا‬
‫كالخلف فيهم في ذبائحهم كما سيأتي‪ .‬السادس‪ :‬المشهور بين الصحاب‬
‫أن العتبار في حل الصيد بالمرسل ل المعلم فان كان المرسل مسلما فقتل‬
‫حل‪ ،‬ولو كان المعلم مجوسيا أو وثنيا‪ ،‬ولو كان المرسل‬

‫]‪[264‬‬

‫غير مسلم لم يحل‪ ،‬ولو كان المعلم مسلما‪ ،‬بل ادعى عليه الشيخ في الخلف إجماع‬
‫الفرقة‪ ،‬ويدل عليه صحيحة سليمان بن خالد )‪ (1‬قال‪ :‬سألت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم عن كلب المجوسى يأخذه المسلم فيسمي حين يرسله يأكل مما‬
‫أمسك عليه ؟ فقال‪ :‬نعم لنه مكلب وذكر اسم ال عليه‪ .‬وقال في المبسوط‪:‬‬
‫ل يحل مقتول ما علمه المجوسي محتجا بقوله تعالى‪ " :‬تعلمونهن مما‬
‫علمكم ال " وهذا لم يعلمه المسلم‪ ،‬وبرواية عبد الرحمن )‪ (2‬ابن سيابة‬
‫قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم فقلت‪ :‬كلب مجوسي أستعيره فأصيد‬
‫به‪ ،‬قال ل تأكل من صيده إل أن يكون علمه مسلم‪ .‬واجيب بأن الية‬
‫خرجت مخرج الغالب ل على وجه الشتراط‪ ،‬والنهي في الخبر محمولة‬
‫على الكراهة جمعا‪ ،‬مع أن الراوي مجهول‪ ،‬والشيخ في كتابي الخبار جمع‬
‫بينهما بحمل الول على ما إذا علمه المسلم بعد أخذه‪ ،‬والثاني على ما إذا‬
‫لم يعلمه واستشهد للجمع برواية السكوني )‪ (3‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كلب المجوسي ل‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 208 :6‬باسناده عن على بن ابراهيم عن أبيه عن‬
‫ابن أبى عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد‪ ،‬ورواه الصدوق‬
‫في القفيه ‪ 202 :3‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 30 :9‬والستبصار ‪70 :4‬‬
‫عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن هشام ابن سالم وفيها‪" :‬‬
‫الرجل المسلم " وفيها أيضا‪ :‬أيأكل‪ (2) .‬رواه الكليني في الفروع ‪:6‬‬
‫‪ 209‬عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن‬
‫منصور بن يونس عن عبد الرحمن بن سيابة‪ ،‬ورواه الشيخ في التهذيب‬
‫‪ 30 :9‬وفى الستبصار ‪ 70 :4‬باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن‬
‫على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم عن عبد‬
‫الرحمن بن سيابة واللفظ المنقول من الشيخ‪ ،‬وأما الكافي ففيه‪ :‬قال‪ :‬قلت‬
‫لبي عبد ال )ع(‪ :‬انى استعير كلب المجوسى‪ .‬وفيه أيضا‪ :‬علمه مسلم‬
‫فتعلمه‪ (3) .‬رواه الكليني في الفروع ‪ 209 :6‬باسناده عن على بن‬
‫ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني‪ .‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪:9‬‬
‫‪ 30‬وفى الستبصار ‪ 70 :4‬باسناده عن محمد بن يعقوب‪ ،‬وفى ذيل‬
‫الحديث‪ :‬وكلب أهل الذمة وبزاتهم حلل للمسلمين أن يأكلوا صيدها‪.‬‬

‫]‪[265‬‬

‫تأكل صيده إل أن يأخذه المسلم فيعلمه ويرسله‪ ،‬وكذلك البازي‪ .‬وهذا يدل على أن‬
‫مذهبه في كتابي الخبار كمذهبه في المبسوط‪ ،‬والحوط ذلك وإن كان‬
‫الظهر حمل أخبار المنع على التقية‪ ،‬فانه مذهب الحسن والثوري وجماعة‬
‫من العامة‪ .‬السابع‪ :‬دلت الية على وجوب التسمية‪ ،‬وحملها على التسمية‬
‫عند الكل بعيد جدا‪ ،‬ول خلف في وجوب التسمية واشتراطها في حل ما‬
‫يقتله الكلب والسهم عندنا وعند كل من أوجبها في الذبيحة‪ ،‬وقد اشتركا‬
‫في الدللة من قوله تعالى‪ " :‬ول تأكلوا مما لم يذكر اسم ال عليه "‬
‫واختص هذا المحل بتلك الية‪ ،‬ول خلف أيضا في إجزائها إذا وقعت عند‬
‫الرسال ل نطباق جميع الدلة عليه‪ ،‬ولتصريحه عليه السلم في صحيحة‬
‫أبي عبيدة‪ " (1) :‬ويسمي إذ سرحه " لن " إذا " ظرف زمان وفيها‬
‫معنى الشرط غالبا واختلفوا في إجزائها إذا وقعت في الوقت الذي بين‬
‫الرسال وعضة الكلب أو إصابة السهم‪ ،‬واختار أكثر المتأخرين الجزاء‬
‫لن ضمير " عليه " راجع إلى القيد المضمر في قوله‪ " :‬مما أمسكن‬
‫عليكم " وهو يصدق بذكر اسم ال في جميع الوقت المذكور‪ ،‬ومحل‬
‫الخلف ما إذا تعمد تأخيرها عن الرسال أما لو نسي وذكر في الثناء فل‬
‫شبهة في اعتبارها حينئذ‪ .‬إذا تقرر ذلك فلو ترك التسمية عمدا لم يحل‬
‫للنهي عن أكله المقتضي للتحريم‪ ،‬ولو نسي التسمية حل أكله كما سيأتي‬
‫في الذبح إنشاء ال‪ .‬واختلف في الجاهل فمنهم من ألحقه بالناسي‪ ،‬ومنهم‬
‫من ألحقه بالعامد‪ .‬الثامن‪ :‬ذكر الصحاب أن الحيوان المحلل لحمه المحرم‬
‫ميتته إما أن يكون‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 203 :6‬باسناده عن عدة من اصحابنا عن سهل بن‬
‫زياد " عن سالم " وعلى بن ابراهيم عن أبيه ومحمد بن يحيى عن أحمد‬
‫بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن على بن رئاب عن أبى عبيدة‬
‫الحذاء‪ .‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 26 :9‬باسناده عن الحسن بن‬
‫محبوب‪.‬‬

‫]‪[266‬‬

‫مقدورا على ذبحه أو ما في معناه‪ ،‬أو غير مقدور بأن كان متنفرا متوحشا‪،‬‬
‫فالمقدور عليه ل يحل إل بالذبح في الحلق أو اللبة على ما سيأتي تفصيله‬
‫إن شاء ال تعالى‪ ،‬ول فرق بين ما هو إنسي في الصل وبين الوحشي إذا‬
‫استأنس أو حصل الظفر به‪ ،‬والمتوحش كالصيد جميع أجزائه مذبح مادام‬
‫على الوحشية حتى إذا رمى إليه سهما أو ارسل كلبا فأصاب شيئا من بدنه‬
‫فمات حل‪ ،‬وهو في الصيد الوحشي موضع وفاق بين المسلمين وفى‬
‫النسى إذا توحش كما إذا ند بعير موضع وفاق منا وأكثر العامة وخالف‬
‫فيه مالك فقال‪ :‬ل يحل إل بقطع الحلقوم كذا ذكره الشهيد الثاني قدس سره‪.‬‬
‫أقول‪ :‬النسى كالوحش إذا لم يقدر على ذبحه أو نحره ل ريب في أنه‬
‫يجوز صيده وقتله بالسيف والرمح وأمثالهما لخبار كثيرة دالة عليه‪ ،‬وإن‬
‫كان أكثرها في البعير و البقر والقتل بالسيف والحربة لكن الظاهر شمول‬
‫الحكم لغير البعير والغنم وللسهم أيضا‪ ،‬وإن استشكل المحقق الردبيلي ‪-‬‬
‫رحمه ال ‪ -‬في السهم‪ ،‬وأما اصطيادها بالكلب فمشكل إذ لم أر في الخبار‬
‫المعتبرة ما يدل عليه‪ ،‬ويشكل الحكم بدخوله في الصيد المذكور في اليات‪،‬‬
‫وظاهر التذكية ما كان بل واسطة مع أنه داخل فيما أكل السبع والستثناء‬
‫غير معلوم‪ ،‬وما روي عن جابر أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ " :‬كل‬
‫إنسية توحشت فذكها ذكاة الوحشية " عامي‪ ،‬وفي دللته أيضا نظر‪ ،‬نعم‬
‫سيأني في خبر في باب التذكية وسنتكلم عليه ان شاء ال بل لم أر في‬
‫قدماء الصحاب ما يدل عليه أيضا‪ ،‬بل إنما ذكروا العقر باللة‪ ،‬قال الشيخ‬
‫في الخلف‪ :‬كل حيوان مقدور على ذكاته إذا لم يقدر عليه بأن يصير مثل‬
‫الصيد أو يتردى في بئر فل يقدر على موضع ذكاته كان عقره ذكاته في أي‬
‫موضع وقع منه )‪ ،(1‬وبه قال من الصحابة علي عليه السلم وابن مسعود‬
‫وابن عمر وابن عباس و من التابعين عطا وطاووس والحسن‪ ،‬ومن‬
‫الفقهاء الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وذهبت طائفة إلى أن‬
‫ذكاته في الحلق واللبة مثل المقدور عليه فان عقره فقتله فان كان في‬
‫غيرهما لم يحل أكله )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وقع فيه‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬فان عقره فقتله في غيرهما لم يحل‬
‫اكله‪.‬‬

‫]‪[267‬‬

‫ذهب إليه سعيد بن المسيب وربيعة ومالك والليث ابن سعد‪ ،‬ودليلنا إجماع الفرقه‬
‫وأخبارهم )‪ .(1‬ثم روى أخبارا من طريق العامة دالة على جواز القتل‬
‫بالسهم والطعن في الفخذو نحوهما‪ .‬وقال صاحب الجامع‪ :‬إن استعصى‬
‫الثور أو اغتلم البعير أو تردى في بئر اخذ بالسيف والسهم كالصيد ونحوه‬
‫ذكر الكثر‪ .‬التاسع‪ :‬ذهب الشيخ قدس سره في المبسوط واخلف إلى أن‬
‫معض الكلب من الصيد طاهر لقوله تعالى‪ " :‬فكلوا مما أمسكن عليكم "‬
‫ولم يأمر بالغسل )‪ ،(2‬وهو مذهب بعض العامة‪ ،‬والمشهور بين الصحاب‬
‫نجاسته لن الكلب نجس وقد لقى الصيد برطوبة وأجابوا عن الستدلل‬
‫بالية بأن الذن في الكل من حيث أنه صيد ل ينافي المنع من أكله لمانع‬
‫آخر كالنجاسة‪ ،‬كما أن قوله تعالى‪ " :‬فكلوا مما غنمتم‪ ،‬وكلوا واشربوا "‬
‫وأمثالها ل ينافي المنع من الكل من المأذون لعارض النجاسة‪ .‬وغيرها‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن استدل بالفاء بانها للتعقيب بل تراخ فالجواب أن الفاء هنا ليس‬
‫للتعقيب بل للتفريع‪ ،‬ولو سلم فل ينافي التعقيب العرفي الفاصلة بالغسل‬
‫كما أنه ل ينافي الفصل بالسلخ والقطع والطبخ‪ .‬العاشر‪ :‬إذا أرسل كلبه‬
‫المعلم أو سلحه من سهم وسيف وغيرهما فأصابه فعليه أن يسارع إليه‬
‫بالمعتاد فان لم يدركه حيا حل وإن أدركه حيا فان لم يبق فيه حياة مستقرة‬
‫بأن كان قد قطع حلقومه ومريه أو أجافه )‪ (3‬وخرق أمعاءه فتركه حتى‬
‫مات حل‪ ،‬وإن بقيت فيه حياة مستقرة وجبت المبادرة إلى ذبحه بالمعتاد‪،‬‬
‫فان أدرك ذكاته حل‪ ،‬وإن تعذر من غير تقصير الصائد حتى مات فهو كما‬
‫لو لم يدركه حيا على المشهور وذهب الشيخ في الخلف وابن إدريس‬
‫والعلمة إلى تحريمه‪ ،‬والول أقوى‪ ،‬وإن‬

‫)‪ (1‬الخلف ‪) 204 :2‬ط ‪ (2) .(1‬الخلف ‪ 202 :2‬المبسوط‪ :‬كتاب الصيد‪ ،‬وفيه‪:‬‬
‫أن النجاسة احوط‪ (3) .‬اجافه الطعنة أو بالطعنة‪ :‬بلغ بها جوفه‪.‬‬
‫]‪[268‬‬

‫لم يتعذر وتركه حتى مات فهو حرام كذا ذكره الكثر‪ .‬وقال في المسالك التفصيل‬
‫باستقرار الحياة وعدمه هو المشهور بين الصحاب والخبار خالية من قيد‬
‫الستقرار بل منها ما هو المطلق في أنه إذا أدرك ذكاته ذكاه‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫دال على الكتفاء بكونه حيا‪ ،‬وكلهما ل يدل على الستقرار‪ .‬ومنها‪ :‬ما هو‬
‫مصرح بالكتفاء في إدراك تذكيته بأن يجده يركض برجله أو يطرف عينه‬
‫أو يتحرك ذنبه‪ ،‬قال الشيخ يحيى بن سعيد‪ :‬اعتبار استقرار الحياة ليس من‬
‫المذهب‪ ،‬وعلى هذا ينبغى أن يكون العمل‪ ،‬ثم على تقدير إدراكه حيا‬
‫وإمكان تذكيته ل يحل حتى يذكى ول يعذر بعدم وجود اللة لكن هنا قال‬
‫الشيخ في النهاية‪ :‬إنه يترك الكلب حتى يقتله ثم ليأكل إن شاء واختار‬
‫جماعة منهم الصدوق وابن الجنيد والعلمة في المختلف استنادا إلى عموم‬
‫قوله تعالى‪ " :‬فكلوا مما أمسكن عليكم " وخصوص صحيحة جميل )‪(1‬‬
‫عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يرسل الكلب على الصيد‬
‫فيأخذه ول يكون معه سكين فيذكيه بها أفيدعه حتى يقتله ويأكل منه ؟ قال‪:‬‬
‫ل بأس‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬فكلوا مما أمسكن عليكم "‪ .‬وأجيب عن الية‬
‫بأنها ل تدل على العموم وإل لجاز مع وجود آلة الذبح‪ ،‬وعن الرواية بأنها‬
‫ل تدل على المطلوب لن الضمير المستكن في قوله‪ " :‬فيأخذه " راجع‬
‫إلى الكلب ل إلى الصائد‪ ،‬والبارز راجع إلى الصيد‪ ،‬والتقدير فيأخذ الكلب‬
‫الصيد وهذا ل يدل على إبطال امتناعه‪ ،‬بل جاز أن يبقى امتناعه والكلب‬
‫ممسك له فإذا قتله حينئذ فقد قتل ما هو ممتنع فيحل بالقتل‪ ،‬وفيه نظر‪ :‬لن‬
‫تخصيص الية بعدم الجواز مع وجود آلة الذبح بالجماع‪ ،‬والدلة ل تدل‬
‫على تخصيصها في محل النزاع‪ ،‬لن الستدلل حينئذ بعمومها من جهة‬
‫كون العام المخصوص حجة في الباقي فل يبطل تخصيصها بالمتفق عليه‬
‫دللتها على غيره‪ ،‬والرواية ظاهرة في صيرورة الصيد غير ممتنع من‬
‫جهات إحداها قوله‪ " :‬ول يكون معه سكين " فان مقتضاه أن المانع له‬
‫من تذكيته عدم‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 204 :6‬باسناده عن العدة عن سهل بن زياد وعلى‬
‫بن ابراهيم عن ابيه‪ ،‬ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد جميعا عن‬
‫احمد بن محمد بن ابى نصر عن جميل بن دراج ورواه الشيخ في‬
‫التهذيب ‪ 23 :9‬باسناده عن محمد بن يعقوب‪.‬‬

‫]‪[269‬‬

‫السكين ل عدم القدرة عليه لكونه ممتنعا‪ ،‬ولو كان حينئذ ممتنعا لما كان لقوله‪" :‬‬
‫ول يكون معه سكين " فائدة أصل‪ .‬والثانية‪ :‬قوله‪ " :‬فيذكيه بها " ظاهر‬
‫أيضا في أنه لو كان معه سكين لذكاه بها‪ ،‬فيدل على إبطال امتناعه‪.‬‬
‫والثالثة‪ :‬قوله‪ " :‬أفيدعه حتى يقتله " ظاهر أيضا في أنه قادر على أن ل‬
‫يدعه يقتله وإنه إنما يترك تذكيته ويدع الكلب يقتله لعدم السكين‪ - 1 .‬قرب‬
‫السناد‪ :‬عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه‬
‫عن علي عليه السلم قال‪ :‬ما أخذ البازي والصقر فقتله فل تأكل منه إل ما‬
‫أدركت ذكاته أنت‪ ،‬وقال عليه السلم‪ :‬إذا رميت صيدا فتغيب عنك فوجدت‬
‫سهمك فيه في موضع مقتل فكل ول تأكل ما قتله الحجر والبندق‬
‫والمعراض إل ما ذكيت )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال في القاموس‪ :‬الباز والبازي‪ :‬ضرب‬
‫من الصقور‪ ،‬والجمع بواز وبزاة كأنه من بزى يبزو‪ :‬إذا تطاول وتأنس‪،‬‬
‫والرجل‪ :‬قهره وبطش به كأبزى به‪ .‬وقال الدميري‪ :‬البازي‪ :‬أفصح لغاته‬
‫بازي مخففة الياء‪ ،‬والثانية باز‪ ،‬والثالثة بازي بتشديد الياء وهو مذكر‪،‬‬
‫ويقال في التثنية‪ :‬بازان )‪ (2‬وفي الجمع بزاة كقاض وقضاة )‪ ،(3‬ويقال‬
‫للبزاة والشواهين وغيرها مما يصيد‪ :‬صقور‪ ،‬ولفظه مشتق من البزوان‬
‫وهو الوثب‪ .‬وقال في عجائب المخلوقات‪ :‬يقال‪ :‬إنه ل يكون إل انثى‪،‬‬
‫وذكرها من أنواع اخر من الحدأة والشواهين )‪ ،(4‬ولهذا اختلف أشكالها )‬
‫‪ .(5‬وقال‪ :‬الصقر‪ :‬الطائر الذي يصاد به‪ ،‬وقال ابن سيدة‪ :‬الصقر كل شئ‬
‫يصيد من البزاة والشواهين‪ ،‬والجمع أصقر وصقور وصقورة وصقار‬
‫وصقارة‪.‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ (2) .51 :‬في المصدر‪ :‬بازيان‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬كقاضيان‬
‫وقضاة‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬من نوع آخر كالحداء والشواهين‪ (5) .‬حياة‬
‫الحيوان ‪.77 :1‬‬

‫]‪[270‬‬

‫قال سيبويه‪ :‬جاؤا بالهاء في هذا الجمع توكيدا )‪ (1‬نحو فعولة‪ ،‬والنثى صقرة‬
‫والصقر هو الجدل‪ ،‬ويقال له‪ :‬القطامى وهو أحد أنواع الجوارح الربعة‪،‬‬
‫وهي الصقر والشاهين والعقاب والبازي‪ ،‬والعرب يسمى كل طائر يصيد‬
‫صقرا‪ .‬ما خل النسر والعقاب‪ ،‬وتسميه الكدر والجدل‪ ،‬وهو من الجوارح‬
‫بمنزلة البغال من الدواب لنه أصبر على الشدة وأحمل لغليظ الغذاء )‪(2‬‬
‫وأحسن إلفا وأشد إقداما على جملة الطير من الكركي وغيره‪ ،‬ولبرد‬
‫مزاجه ل يشرب ماء ولو أقام دهرا انتهى )‪ .(3‬واعلم أن اللت التي يصاد‬
‫بها ويحصل بها الحل قسمان‪ :‬حيوان وجماد‪ ،‬وقد تقدم بعض الكلم في‬
‫القسم الول‪ ،‬والكلم هنا في الثاني‪ ،‬وهو إما مشتمل على نصل كالسيف‬
‫والرمح والسهم‪ ،‬أو خال عن النصل ولكنه محدد بشئ يصلح للخرق‪ ،‬أو‬
‫مثقل يقتل بثقله كالحجر والبندق والخشبة غير المحددة‪ ،‬والول يحل‬
‫مقتوله سواء مات بجرحه أم ل كما لو أصاب معترضا‪ ،‬ول خلف فيه بين‬
‫أصحابنا صريحا‪ ،‬وتدل عليه الخبار الكثيرة‪ .‬وقال سلر في المراسم‬
‫العلية‪ :‬اعلم أن الصيد على ضربين‪ :‬أحدهما تؤخذ بمعلم الكلب أو الفهد‬
‫أو الصقر أو البازى أو النبل أو النشاب أو الرمح أو السيف أو المعراض‬
‫أو الحبالة والشبكة‪ .‬والخر ما يصاد بالبندق والحجارة والخشب‪ ،‬فالول‬
‫كله إذا لحق ذكاته حل إل ما يقتله معلم الكلب‪ ،‬فانه حل أيضا‪ ،‬وإن أكل‬
‫منه الكلب نادرا حل وإن اعتاد الكل لم يحل منه إل ما يذكي‪ .‬والثاني‪ :‬ل‬
‫يؤكل منه إل ما يلحق ذكاته‪ ،‬وهو بخلف الول لنه يكره‪،‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬في مثل هذا الجمع تأكيدا‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬لغليظ الغذى والذى‪.‬‬
‫)‪ (3‬حياة الحيوان ‪.44 :2‬‬

‫]‪[271‬‬

‫وقد روي تحريم ما يصاد بقسي البندق‪ ،‬وروي جواز أكل ما قتل بسهم أو سيف أو‬
‫رمح إذا سمى القاتل انتهى )‪ .(1‬وظاهره التوقف في حل ما قتله السهم‬
‫والسيف والرمح وهو ضعيف‪ .‬والثاني‪ :‬يحل مقتوله بشرط أن يخرقه بأن‬
‫يدخل فيه ولو يسيرا ويموت بذلك فلو لم يخرق لم يحل‪ .‬والثالث‪ :‬ل يحل‬
‫مقتوله مطلقا سواء خدش أو لم يخدش‪ ،‬وسواء قطعت البندقة رأسها أم‬
‫عضوا آخر منه‪ ،‬كما يدل عليه هذا الخبر‪ .‬ورووا عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله أنه قال لعدي بن حاتم‪ :‬ول تأكل من البندق إل ما ذكيت‪ .‬وفي حديث‬
‫آخر عنه‪ :‬إنها ل تصيد صيدا ول تنكأ عدوا‪ ،‬ولكنها تكسر السن وتفقئ‬
‫العين‪ .‬والمعراض كمفتاح‪ :‬سهم ل ريش فيه ذكره في المصباح‪ ،‬وفي‬
‫القاموس‪ :‬المعراض كمحراب‪ :‬سهم بل ريش دقيق الطرفين غليظ الوسط‬
‫يصيب بعرضه انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬هنا محمول على ما إذا أصاب بالعرض ولم‬
‫يكن له نصل لما رواه أبو عبيدة )‪ (2‬في الصحيح عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إذا رميت بالمعراض فخرق )‪ (3‬فكل‬

‫)‪ (1‬المراسم العلية‪ (2) .28 :‬رواه الكليني في الفروع ‪ 212 :6‬عن العدة عن سهل‬
‫بن زياد ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن‬
‫ابن رئاب عن أبى عبيدة‪ .‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 35 :9‬عن الحسن‬
‫بن محبوب‪ (3) .‬هكذا في المصدر بالراء المهملة‪ ،‬وذكر الجزرى نحو‬
‫الحديث في النهاية ‪ 327 :1‬وفيه‪ :‬بالزاء المعجمة قال‪ :‬في حديث عدى‪:‬‬
‫قلت‪ :‬يا رسول ال انا نرمى بالمعراض فقال‪ :‬كل ما خزق وما اصاب‬
‫بعرضه فل تأكل‪ .‬خزق السهم وخسق‪ :‬إذا اصاب الرمية ونفذ فيها‪،‬‬
‫وسهم خازق وخاسق‪ ،‬وفى حديث سلمة بن الكوع‪ :‬فإذا كنت في‬
‫الشجراء خزقتهم بالنبل أي اصبتهم بها‪ ،‬وفى حديث الحسن‪ :‬ل تأكل من‬
‫صيد المعراض ال ان يخزق وقد تكرر في الحديث‪.‬‬

‫]‪[272‬‬

‫وإن لم يخرق واعترض فل تأكل‪ .‬ورووا )‪ (1‬عن عدي بن حاتم قال‪ :‬سألت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله عن صيد المعراض فقال‪ :‬إن قتل بحده فكل‪ ،‬وإن‬
‫قتل بثقله فل تأكل‪ .‬وروى الحلبي في الصحيح )‪ (2‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سألته عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه معترضا فيقتله‬
‫وقد سمى حين رماه ولم تصبه الحديدة فقال‪ :‬إن كان السهم الذي أصابه‬
‫هو الذي قتله فان اراد فليأكله‪ .‬وأقول‪ :‬في الصطياد باللة المستحدثة التي‬
‫حدثت في هذه العصار يقال له‪ :‬التفنگ إشكال‪ ،‬ول يبعد القول بالحل فيه‪،‬‬
‫ل سيما إذا جعل فيها مكان الرصاص القطعات المحددة الصغيرة من‬
‫الحديد‪ ،‬لعموم أدلة الحل‪ ،‬ودخوله تحت عموم قول أبي جعفر عليه السلم‪:‬‬
‫" من قتل صيدا بسلح " )‪ (3‬وأخبار البندقه )‪ (4‬مصروفة إلى المعروف‬
‫في ذلك الزمان ويؤيده ما مر أنها ل تصيد صيدا الخ‪ ،‬والحوط الجتناب‪،‬‬
‫ثم إن الصحاب عدوا من الشروط المعتبرة في حل الصيد بالكلب والسهم‬
‫أن يحصل موته بسبب الجرح‪ ،‬فلو مات بصدمة أو افتراس سبع أو أعان‬
‫ذلك الجرح غيره لم يحل‪ ،‬ويتفرع على ذلك ما لو غاب الصيد وحياته‬
‫مستقرة ثم وجده ميتا فانه ل يحل ل حتمال أن يكون مات بسبب آخر‪ ،‬ول‬
‫أثر لكون الكلب مضمخا بدمه فربما جرحه الكلب و أصابته آفة اخرى‪ ،‬ولو‬
‫انتهت به الجراحة إلى حالة حركة المذبوح حل وإن غاب‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬وروى‪ (2) .‬رواه الشيخ في التهذيب ‪) 347 :2‬ط ‪(1‬‬
‫و ‪) 33 :9‬ط ‪ (2‬عن الحسين ابن سعيد عن صفوان بن يحيى عن ابن‬
‫مسكان عن الحلبي وفى الطبعة الثانية‪ :‬فان رآه فليأكله‪ .‬ورواه الكليني‬
‫في الفروع ‪ 212 :6‬عن ابى على الشعري عن محمد بن عبد الجبار‬
‫ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى‬
‫وفيه‪ " :‬فإذا رآه فليأكل " ورواه الصدوق ايضا في الفقيه ‪203 :3‬‬
‫وفيه‪ :‬فإذا رآه فليأكله‪ (3) .‬راجع الوسائل ‪ 288 :16‬فيه‪ :‬من جرح صيدا‬
‫بسلح‪ (4) .‬رواها صاحب الوسائل في المجلد ‪ 235 :16‬راجعها‪.‬‬

‫]‪[273‬‬

‫وكذا لو فرض علمه بأنه مات من جراحته إل أن الفرض لما كان بعيدا أطلقوا‬
‫التحريم والمعتبر من العلم هنا الظن الغالب كما لو وجد الضربة في مقتل‬
‫وليس هناك سبب آخر صالح للموت كما يدل عليه هذا الخبر ورووا عن‬
‫عدي بن حاتم قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمى الصيد‬
‫فيغيب عنه الليلتين والثلث فيجده ميتا فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله‬
‫فكل‪ - 2 .‬قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن عن علي بن جعفر عن‬
‫أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن ظبي أو حمار وحش أو طير‬
‫صرعه رجل ثم رماه بعد ما صرعه قال‪ :‬كله ما لم يتغيب إذا سمى ورماه )‬
‫‪ .(1‬بيان‪ :‬إذا سمى أي الثاني‪ ،‬ويحتمل العم‪ ،‬والتخصيص بالول بعيد‪ ،‬و‬
‫يدل الخبر على أحكام‪ :‬الول‪ :‬حل حمار الوحش‪ .‬الثاني‪ :‬اشتراط عدم‬
‫الغيبة في حل المرمي‪ :‬وكأنه محمول على عدم العلم بأنه مات برميته كما‬
‫مر‪ .‬الثالث‪ :‬أنه إذا صرعه ورماه غيره لم يحرم ويشكل بأن الول إن‬
‫صيره بالصرع في حكم المذبوح فاشتراط التسمية في الثاني ل فائدة فيه‪،‬‬
‫ول يصير بترك التسمية حراما حينئذ كما هو المشهور إل أن نخص‬
‫التسمية بالول‪ ،‬وإن لم يصر كذلك وصار مثبتا فهو حيوان غير ممتنع لبد‬
‫من ذبحه‪ ،‬فرميه يصير سببا لحرمته‪ ،‬وضمان الرامي للول إل أن يحمل‬
‫على أنه بعد الصرع لم يصر مثبتا بل هو بعد ممتنع فيجوز رميه لكنه بعيد‪.‬‬
‫قال في التحرير‪ :‬إذا رماه الول فأثبته ثم رماه الثاني فان كان الول موجبا‬
‫بأن أصاب مذبحه أو وقع في قلبه فالثاني ل ضمان عليه إل أن ينقصه‬
‫برميه شيئا فيضمن بعضه و يحل‪ ،‬وإن كان الول غير موجى فالثاني إن‬
‫وجاه حرم إل أن يكون قد ذبحه وإن لم يوجه فان ذكى بعد ذلك حل‪ ،‬وإن لم‬
‫يدرك ذكاته فان كان الول لم يقدر عليها فعلى الثاني كمال قيمته معيبا‬
‫بالعيب الول لن جرحه هو الذي حرمه فكان الضمان‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪.117 :‬‬

‫]‪[274‬‬

‫عليه‪ ،‬وإن قدر على ذكاته وأهمل حتى مات بالجرحين فعلى الثاني نصف قيمته‬
‫معيبا للول انتهى‪ - 3 .‬العياشي‪ :‬عن حريز عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سئل عن كلب المجوس يكلبه المسلم ويسمى ويرسله‪ ،‬قال‪ :‬نعم إنه‬
‫مكلب إذا ذكر اسم ال عليه فل بأس )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬المكلب‪:‬‬
‫معلم الكلب الصيد‪ - 4 .‬العياشي‪ :‬عن السكوني عن جعفر بن محمد عن‬
‫أبيه عليهما السلم عن علي عليه السلم قال‪ :‬الفهد من الجوارح والكلب‬
‫الكردية إذا علمت فهي بمنزلة السلوقية‪ (2) .‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬السلوق‬
‫كصبور‪ :‬قرية باليمن تنسب إليه الدروع والكلب أو بلد بطرف أرمنية‪ ،‬أو‬
‫إنما نسبتا إلى سلقية محركة‪ :‬بلد للروم فغير للنسب انتهى‪ .‬والخبر بظاهره‬
‫يدل على حل صيد الفهد‪ ،‬وحمل على التقية كما عرفت‪ ،‬و كون الراوي‬
‫عاميا يؤيده‪ ،‬ورواه في الكافي بإسناده إلى السكوني عنه عليه السلم قال‪:‬‬
‫الكلب الكردية )‪ (3‬الخ‪ ،‬وليس فيه ذكر الفهد‪ ،‬ويحتمل كون الفقرة الولى‬
‫جملة برأسها ويكون الغرض أنه من الجوارح‪ ،‬لكن ليس بمكلب وإن كان‬
‫بعيدا‪ ،‬وقال في المسالك‪ :‬ل فرق في الكلب بين السلوقي وغيره إجماعا‪5 .‬‬
‫‪ -‬كتاب المسائل لعلي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته‬
‫عن الرجل هل يصلح له أن يصيد حمام الحرم في الحل فيذبحه فيدخل‬
‫الحرم فيأكله ؟ فقال‪ :‬ل يصلح أكل حمام الحرم على حال )‪ .(4‬بيان‪ :‬سيأتي‬
‫حكمه في كتاب الحج انشاء ال‪.‬‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ (2) .293 :1‬تفسير العياشي ‪ (3) .294 :1‬رواه الكليني في‬
‫الفروع ‪ 205 :6‬باسناده عن على بن ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن‬
‫السكوني‪ (4) .‬بحار النوار ‪ 251 :10‬فيه‪ :‬فيدخله الحرم‪.‬‬

‫]‪[275‬‬

‫‪ - 6‬الدعائم‪ :‬عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬الطير وكره‬
‫أمن بأمان ال‪ ،‬فإذا طار فصيدوه )‪ (1‬إن شئتم‪ - 7 .‬وقال جعفر بن محمد‬
‫عليه السلم‪ ،‬ول يصاد من الصيد إل ما أضاع التسبيح‪ - 8 .‬وعن علي‬
‫عليه السلم أنه قال‪ :‬الطير إذا ملك ثم طار ثم اخذ فهو حلل لمن أخذه‪ ،‬قال‬
‫جعفر بن محمد عليه السلم يعني البزاة ونحوها لن أصلها مباح‪ ،‬ونهى‬
‫عن صيد الحمام في المصار ورخص في صيدها في القرى‪ - 9 .‬وعن‬
‫علي عليه السلم أنه قال‪ :‬الصيد لمن سبق إلى أخذه )‪ .(2‬بيان‪ :‬إذا أطلق‬
‫الصيد من يده فان لم ينو قطع ملكه عنه فل خلف في بقاء ملكه عليه وإن‬
‫قطع نيته عن ملكه ففي خروجه عنه قولن‪ :‬أحدهما‪ ،‬وهو الشهر عدمه‬
‫والثاني أنه يخرج بذلك عن ملكه‪ ،‬ذهب إليه الشيخ في المبسوط واحتجوا‬
‫عليه بأن الصل في الصيد انفكاك الملك عنه‪ ،‬وإنما حصل ملكه باليد وقد‬
‫زالت‪ ،‬ول يخفى وهنه ويتفرع على زوال ملكه عنه ملك من يصيده ثانيا‬
‫له‪ ،‬فليس للول انتزاعه منه‪ ،‬وعلى القول بعدمه هل تكون نية رفع ملكه‬
‫عنه أو تصريحه باباحته موجبا لباحة أحد غيره له ؟ وجهان‪ :‬أحدهما‬
‫العدم لبقاء الملك المانع من تصرف الغير فيه وأصحهما إباحته لغيره‪،‬‬
‫بمعنى أنه ل ضمان على من أكله‪ ،‬ولكن يجوز للمالك الرجوع فيه ما دامت‬
‫عينه موجودة كنثار العرس والخبر على تقدير صحته يؤيد مختار‬
‫المبسوط وكأن النهي عن صيد الحمام في المصار لكون الغالب فيها‬
‫الملك‪ ،‬ويمكن أن يحمل على ما إذا كان عليها أثر الملك أو على الكراهة‪،‬‬
‫وفي بعض النسخ مكان القرى‪ :‬العراء وهو الفضاء ل يستتر فيه بشئ‬
‫وبالقصر‪ :‬الناحية والجناب فالمراد به الصحارى‪ - 10 .‬الدعائم‪ :‬عن جعفر‬
‫بن محمد عن آبائه عليهم السلم عن علي بن أبي طالب عليه السلم أنه‬
‫سئل عن قول ال عزوجل‪ " :‬وما علمتم من الجوارح مكلبين " قال‪ :‬هي‬
‫الكلب‬

‫)‪ (1‬في النسخة المخطوطة‪ :‬فتصيدوه ان شئتم‪ (2) .‬الدعائم‪ :‬ليس نسخته موجودة‬
‫عندي‪.‬‬

‫]‪[276‬‬

‫والجارح الكاسب‪ ،‬ومنه قول ال عزوجل‪ " :‬ويعلم ما جرحتم بالنهار )‪ " (1‬أي‬
‫كسبتم‪ - 11 .‬وعنه عليه السلم أنه قال‪ :‬ما أمسكت الكلب المعلمة اكل‬
‫وإن قتلته وما قتلت الكلب غير المعلمة فل يؤكل يعنى إذا سمى ال عند‬
‫إرساله‪ ،‬ول بأس بأكله إذا نسي التسمية )‪ - 12 .(2‬وعن أبي جعفر وأبى‬
‫عبد ال عليهما السلم أنهما رخصا في أكل ما أمسكه الكلب المعلم وإن‬
‫قتله وأكل منه‪ ،‬ولم يرخصا فيما أكل منه الطير‪ - 13 .‬وعن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬الصقور والبزاة من الجوارح‪ - 14 .‬وعن جعفر بن محمد عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬الفهد المعلم كالكلب يؤكل ما أمسك‪ - 15 .‬وعن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله أنه نهى عن صيد الكلب السود وأمر بقتله‪ .‬وهذا‬
‫خصوص إذا كان بهيما كله‪ - 16 .‬وعن جعفر بن محمد عليه السلم أنه‬
‫قال‪ :‬الكلب كلها بمنزلة واحد إذا علم الكردي فهو كالسلوقي‪ - 17 .‬وعنه‬
‫عليه السلم أنه قال‪ :‬من أرسل كلبا ولم يسم فل يأكل يعني ما قتل من‬
‫الصيد إذا ترك التسمية عمدا‪ ،‬فان نسي ذلك أو جهله فليأكل )‪- 18 .(3‬‬
‫وعنه عليه السلم أنه قال في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل حيا ثم‬
‫يموت يعني في المكان من فعل الكلب‪ ،‬قال‪ :‬كل‪ ،‬يقول ال عزوجل‪ " :‬فكلوا‬
‫مما أمسكن عليكم " فأما إن أخذه الصائد حيا فتوانى في ذبحه أو ذهب به‬
‫إلى منزله فمات أو لم يكن الكلب الذي قتله معلم لم يجز أكله‪ - 19 .‬وعن‬
‫علي عليه السلم أنه قال في كلب المجوسي‪ ،‬ل يؤكل صيده إل أن يأخذه‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .60 :‬الظاهر ان التفسير من صاحب الدعائم‪ (3) .‬التفسير من‬
‫صاحب الدعائم ظاهرا‪.‬‬

‫]‪[277‬‬

‫مسلم فيقلده ويعلمه ويرسله‪ ،‬قال‪ :‬وإن أرسله المسلم جاز أكل ما أمسك‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن علمه‪ - 20 .‬وعن جعفر بن محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا ضرب‬
‫الرجل الصيد بالسيف أو طعنه بالرمح أورماه بالسهم فقتله وقد سمى ال‬
‫حين فعل ذلك ل بأس بأكله وقال في الرجل يرمي الصيد فيقصر عنه فيبتدر‬
‫القوم فيقطعونه بينهم يعنى بضربهم إياه بسيوفهم من قبل أخذه‪ ،‬قال‪ :‬حلل‬
‫أكله‪ - 21 .‬وسئل عليه السلم عن ثور وحشي ابتدره قوم بأسيافهم وقد‬
‫سموا فقطعوه بينهم‪ ،‬فقال‪ :‬ذكاة وحية ولحم حلل‪ - 22 .‬وعنه عليه‬
‫السلم أنه قال في الرجل يرمي الصيد فيتحامل والسهم فيه أو الرمح أو‬
‫يتحامل بشدة الضربة فيغيب عنه ثم يجده من الغد ميتا وفيه سهمه‪ ،‬أو‬
‫يكون ضربه أو أصابه بسهم في مقتل علم أنه مات من فعله ل من فعل‬
‫غيره فحلل أكله‪ ،‬فقد روينا عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬ما‬
‫أصميت فكل‪ ،‬وما أنميت فل تأكل فالصماء أن يصيب الرمية فيموت‬
‫مكانها‪ ،‬والنماء أن يصيبها يتوارى عنه ثم يموت وهذا قول مجمل قد‬
‫يكون نهي تأديب أو يكون في شك مما أنما هل قتله بضربته أم ل والذي‬
‫ذكرناه عن جعفر بن محمد عليه السلم هو مفسر‪ ،‬وما ل شبهة فيه أنه إذا‬
‫علم أنه قتله‪ .‬فحلل أكله‪ - 23 .‬وعن علي وعن أبي عبد ال عليهما‬
‫السلم أنهما قال في الصيد يضربه الصائد فيتحامل فيقع في ماء أو نار أو‬
‫يتردى من موضع عال فيموت قال‪ :‬ل يؤكل إل أن تدرك ذكاته‪ - 24 .‬وعن‬
‫أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬ما قتل بالحجر والبندق وأشباه ذلك لم‬
‫يؤكل إل أن يدرك ذكاته‪ - 25 .‬وعن جعفر بن محمد عليه السلم أنه كره‬
‫ما قتل من الصيد بالمعراض إل أن ل يكون له سهم غيره‪ .‬والمعراض‪:‬‬
‫سهم ل ريش فيه يرمى فيمضى بالعرض‪.‬‬

‫]‪[278‬‬

‫‪ - 26‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه نهى عن صيد المجوس وعن‬
‫ذبائحهم يعني بصيدهم هذا ما قتلوه من قبل أن تدرك ذكاته أو قتلته كلبهم‬
‫التي أرسلوها‪ - 27 .‬وعن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬ما أخذت الحبالة‬
‫فمات فيها فهي ميتة‪ ،‬وما أدرك حيا ذكي فأكل )‪ .(1‬بيان‪ :‬قوله‪ :‬والجارح‪،‬‬
‫كأنه من كلم المؤلف‪ ،‬وكذا قوله‪ :‬يعني في المواضع وقوله‪ :‬وهذا‬
‫خصوص‪ .‬والبهمة‪ :‬غاية السواد‪ ،‬والبهيم‪ :‬الخالص الذي ل يخالط لونه‬
‫لون‪ ،‬والقيد مأخوذ عما رواه الكليني والشيخ )‪ (2‬باسنادهما عن السكوني‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الكلب‬
‫السود البهيم ل تأكل صيده لن رسول ال عليه السلم أمر بقتله‪ .‬قوله‪:‬‬
‫قال‪ :‬وإن أرسله‪ ،‬الظاهر أنه مضمون حديث آخر كما مر‪ ،‬ذكاة وحية قال‬
‫في المصباح‪ :‬الوحى‪ :‬السرعة‪ ،‬يمد ويقصر‪ ،‬وموت وحي مثل سريع وزنا‬
‫ومعنى فعيل بمعنى فاعل‪ ،‬وذكاة وحية أي سريعة‪ ،‬ونحوه قال في المغرب‪:‬‬
‫وقال‪ :‬القتل بالسيف أو حى أي أسرع‪ ،‬وفي أكثر نسخ التهذيب‪ " :‬وجيئة‬
‫" بالجيم مهموز من وجأته بالسكين‪ :‬ضربته بها‪ ،‬وكأنه تصحيف‪ .‬وقال‬
‫في النهاية‪ " :‬فيه كل ما أصميت ودع ما أنميت " الصماء‪ :‬أن تقتل‬
‫الصيد مكانه ومعناه سرعة إزهاق الروح من قولهم للمسرع‪ :‬صميان‪،‬‬
‫والنماء أن تصيب إصابة غير قاتلة في الحال يقال‪ :‬أنميت الرمية‪ ،‬ونمت‬
‫بنفسها‪ ،‬ومعناه إذا صدت بكلب‬

‫)‪ (1‬الدعائم‪ :‬ليست نسخته عندي والروايات كلها مذكورة في مستدرك الوسائل‬
‫راجعه‪ (2) .‬رواه الكليني في الفروع ‪ 206 :6‬باسناده عن على بن‬
‫ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني وفيه‪ " :‬ل يؤكل " ورواه‬
‫الشيخ في التهذيب ‪ 80 :9‬باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن بنان‬
‫عن أبيه عن ابن المغيرة عن السكوني وفيه‪ :‬الكلب السود ل يؤكل صيده‬
‫فان‪.‬‬

‫]‪[279‬‬

‫أو سهم أو غيرهما فمات وأنت تراه غير غائب عنك فكل منه‪ ،‬وما أصبته ثم غاب‬
‫عنك فمات بعد ذلك فدعه لنك ل تدري أمات بصيدك أم بعرض آخر " )‬
‫‪ ،(1‬انتهى‪ .‬قوله عليه السلم إل أن ل يكون الخ‪ ،‬ظاهره أن صيد المعراض‬
‫إنما يحل مع الضطرار وفقدان آلة غيره‪ ،‬وقد روى الكليني والشيخ )‪(2‬‬
‫في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم أنه سئل‬
‫عما صرع المعراض من الصيد فقال‪ :‬إن لم يكن له نبل غير المعراض‬
‫وذكر اسم ال عليه فليأكل مما قتل‪ ،‬وإن كانت له نبل غيره فل‪ .‬وفي رواية‬
‫اخرى رويا )‪ (3‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ :‬ل بأس إذا كان هو مرماتك أو‬
‫صنعته لذلك‪ .‬ولم يقل‪ :‬بهذه التفاصيل ظاهرا أحد لنه إن كان له نصل‬
‫قالوا‪ :‬يحل مقتوله مطلقا‪ ،‬وإن لم يكن له نصل ل يحل مطلقا عندهم كما‬
‫عرفت‪ ،‬ويمكن حملها على الستحباب وعلى كونه ذا حديد أو يكون‬
‫بعضهاكناية عن كونه ذا حديد‪ ،‬والحوط عدم الكتفاء بالمعراض إذا لم‬
‫يخرق من غير ضرورة‪ .‬وروى الشيخ في الصحيح )‪ (4‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إذا رميت بالمعراض فخرق فكل وإن لم يخرق واعترض‬
‫فل تأكل‪.‬‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ 300 :2‬فيه ام بعارض آخر‪ (2) .‬رواه الكليني في الفروع ‪212 :6‬‬
‫باسناده عن على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن حماد عن‬
‫الحلبي‪ .‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 35 :9‬باسناده عن محمد بن يعقوب‪.‬‬
‫ورواه الصدوق في الفقيه ‪ 203 :3‬باسناده عن حماد عن الحلبي‪(3) .‬‬
‫أي الكليني والشيخ وهى رواية رواه الكليني في الفروع ‪ 212 :6‬عن‬
‫محمد بن يحيى عن عبد ال بن محمد عن على بن الحكم عن ابان عن‬
‫زرارة واسماعيل الجعفي انهما سأل أبا جعفر )ع( عما قتل المعراض‬
‫قال‪ :‬ل بأس ا‍ه‪ .‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 35 :9‬باسناده عن محمد بن‬
‫يعقوب‪.‬صنعته ظ‪ (4) .‬في حديث أبى عبيدة وقد تقدم‪.‬‬

‫]‪[280‬‬

‫أقول‪ :‬في رواياتنا والمضبوط في كتب أصحابنا بالخاء المعجمة والراء المهملة )‬
‫‪ ،(1‬وفي روايات العامة بالزاي قال في النهاية‪ :‬في حديث عدي قلت‪ :‬يا‬
‫رسول ال إنا نرمي بالمعراض فقال‪ :‬كل ما خزق وما أصاب بعرضه فل‬
‫تأكل‪ ،‬خزق السهم وخسق‪ :‬إذا أصاب الرمية ونفذ فيها‪ ،‬وسهم خازق‬
‫وخاسق انتهى )‪ .(2‬ول خلف في أن ما قتلته الحبالة والشبكة أو قطعته‬
‫من الصيد حرام‪ - 28 .‬الخلف للشيخ‪ :‬روى عدي بن حاتم أن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬ما علمت من كلب ثم أرسلته وذكرت اسم ال عليه فكل‬
‫مما أمسك عليك‪ ،‬قلت‪ :‬فان قتل ؟ قال إذا قتله ولم يأكل منه شيئا فانما‬
‫أمسك عليك‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول ال صلى ال عليه وآله إني أرسلت كلبي‬
‫فقال‪ :‬إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم ال فكل وإل فل تأكل‪ ،‬قلت‪ :‬فإني‬
‫أرسلت كلبي وأجد عليه كلبا فقال‪ :‬ل تأكل إنك إنما سميت على كلبك )‪،(3‬‬
‫قال‪ :‬قلت يا رسول ال إنا نصيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين‬
‫والثلث فيجده ميتا وفيه سهمه‪ ،‬فقال‪ :‬إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن‬
‫فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل )‪ ،(4‬وقال سألت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله عن الصيد فقال‪ :‬إذا رميت الصيد وذكرت اسم ال فقتل فكل‪،‬‬
‫وإن وقع في الماء فل تأكل فانك ل تدرى الماء قتله أم سهمك )‪ .(5‬أقول‪:‬‬
‫إنما أوردت هذا الخبر مع كونه عاميا لن راويه وهو عدي كان من‬
‫خواص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلم وكان معه في غزواته‪ ،‬وقال‬
‫الفضل بن شاذان‪ :‬إنه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ،‬ولشتماله على أحكام كثيرة مفهوما ومنطوقا‪ ،‬وأكثرها مما عمل‬
‫به الصحاب ومؤيدة بأخبار كثيرة من طرقنا‪ ،‬وبيناها‬

‫)‪ (1‬أي خرق‪ (2) .‬النهاية ‪ (3) .327 :1‬الخلف ‪ (4) .202 :2‬الخلف ‪) .203 :2‬‬
‫‪ (5‬الخلف ‪.304 :2‬‬

‫]‪[281‬‬

‫فيما مضى وسيأتي‪ - 29 .‬الشهاب‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من اتبع‬
‫الصيد غفل‪ .‬الضوء‪ :‬معناه وال أعلم أن الذي يتبع الصيد وينقطع إليه‬
‫بنفسه وراءه يصده عن العبادات الواجبة عليه‪ ،‬ول شك أن للصيد ضراوة‬
‫وحرصا وشهوة تصده عن جميع المهمات‪ ،‬وتصدف عن العبادات‪ ،‬ويجوز‬
‫أن يكون الصيد كناية عن طلب الدنيا فيقول عليه السلم‪ :‬من اتبع الصيد‬
‫أي الدنيا غفل أي من حبس نفسه على الحطام وجعله من أهم المور فكأنه‬
‫يصيد صيدا )‪ - 30 .(1‬صحيفة الرضا‪ :‬بالسناد عنه عليه السلم باسناده‬
‫إلى جعفر عليه السلم قال‪ :‬مر جعفر بصياد فقال‪ :‬يا صياد أي شئ أكثر ما‬
‫يقع في شبكتك ؟ قال الطير الزاق‪ ،‬قال فمر وهو يقول‪ :‬هلك صاحب العيال‬
‫)‪ .(2‬بيان‪ :‬الزاق‪ :‬الذي له فرخ يزقه‪ ،‬وزق الطائر‪ :‬إطعامه فرخه‪- 31 .‬‬
‫قرب السناد‪ :‬عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال‪ :‬سئل جعفر‬
‫عن صيد الكلب والبزاة والرمي فقال عليه السلم‪ :‬أماما صاده الكلب‬
‫المعلم وقد ذكر اسم ال عليه فكله وإن كان قد قتله وأكل منه‪ ،‬وقال في‬
‫الذي يرمى بالسيف والحجر و النشاب والمعراض ل يؤكل إل ما ذكي منه‪،‬‬
‫وكذا ما صاد البازي والصقورة وغيرهما من الطير ل تأكل إل ما ذكى منه‬
‫)‪ .(3‬بيان‪ :‬قوله‪ " :‬والرمي " كذا في أكثر النسخ وكأنه تصحيف‪ ،‬وعلى‬
‫تقديره أعرض عليه السلم عن جوابه‪ ،‬ويمكن أن يقرأ الرمي كغني وهو‬
‫سحابة عظيمة القطر‪ ،‬فالمراد به ما سقط بالصاعقة والرمي كما لو صوت‬
‫الحجر يرمى به الصبي‪ ،‬وهو أيضا مناسب‪ ،‬أو هو بالفتح والمراد بالبنادق‬
‫والجلهق‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬النشاب بالضم‪ :‬النبل الواحدة بهاء‪ ،‬وبالفتح‪:‬‬
‫متخذه وأقول‪ :‬قد تقدم الكلم فيه‪.‬‬

‫)‪ (1‬شرح الشهاب‪ :‬ليس عندي‪ (2) .‬صحيفة الرضا‪ :‬لم نجده فيه‪ (3) .‬قرب‬
‫السناد‪ 39 :‬و ‪.40‬‬

‫]‪[282‬‬

‫‪ - 32‬قرب السناد‪ :‬عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن‬


‫أبيه عن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا أخذ الكلب المعلم الصيد فكله‪ ،‬أكل‬
‫منه أو لم يأكل‪ ،‬قتل أو لم يقتل )‪ - 33 .(1‬الخصال‪ :‬عن أبيه عن علي بن‬
‫إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس يرفعه إلى أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي ثلث يقسين‬
‫القلب‪ :‬استماع اللهو وطلب الصيد وإتيان باب السلطان الخبر )‪- 34 .(2‬‬
‫ومنه‪ :‬عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد الشعري قال‪:‬‬
‫روى عن الحسن )‪ (3‬بن على بن أبي عثمان عن موسى المروزي عن‬
‫أبي الحسن عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله أربع‬
‫يفسدن القلب وينبتن النفاق في القلب كما ينبت الماء الشجر استماع اللهو‬
‫والبذاء‪ ،‬وإتيان باب السلطان‪ ،‬وطلب الصيد )‪ .(4‬بيان‪ :‬البذاء الفحش‬
‫والكلم القبيح‪ - 35 .‬مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن أبيه عن عبد الواحد بن‬
‫محمد عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن‬
‫الحسن بن الحكم عن عدي بن ثابت عن رجل من النصار عن أبي هريرة‬
‫عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من بداجفا ومن تبع الصيد غفل )‪(5‬‬
‫ومن لزم السلطان افتتن‪ ،‬وما يزداد من السلطان قربا إل زاد من ال تعالى‬
‫بعدا )‪ .(6‬توضيح‪ :‬في النهاية " من بداجفا " أي من نزال البادية صار‬
‫فيه جفاء العراب )‪(7‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ (2) .51 :‬الخصال‪ (3) ...‬في المصدر‪ :‬روى الحسن‪ (4) .‬الخصال‬
‫‪ (5) .227 :1‬في المصدر‪ :‬ومن اتبع الصيد غفل‪ (6) .‬المالى ‪270 :1‬‬
‫طبعة النجف‪ (7) .‬النهاية ‪(*) .81 :1‬‬

‫]‪[283‬‬

‫وقال‪ :‬من اتبع الصيد غفل‪ ،‬أي يشتغل به قلبه ويستولي عليه حتى يصير فيه غفلة‬
‫)‪ .(1‬وفي الفائق‪ :‬بدوت أبدو‪ :‬إذا أتيت البدو‪ ،‬جفا‪ ،‬أي صار فيه جفاء‬
‫العراب لتوحشه وانفراده عن الناس‪ ،‬غفل أي شغل الصيد قلبه وألهاه‬
‫حتى صارت فيه غفلة‪ ،‬وليس الغرض ما تزعمه جهلة الناس أن الوحش‪،‬‬
‫نعم الجن فمن تعرض لها خبلته وغفلته انتهى‪ .‬وقال الطيبي‪ :‬من اعتاده‬
‫للهو والطرب غفل لنهما يصدران من القلب الميت ومن اصطاد للقوت‬
‫جاز انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يحتمل أن يكون المعنى أنه لولوعه بالصيد يغفل عن‬
‫المهالك في المسالك فيخاطر بنفسه‪ - 36 .‬العلل‪ :‬عن أبيه عن محمد بن‬
‫يحيى العطار عن محمد بن أحمد الشعري عن البرقي عن رجل عن ابن‬
‫أسباط عن عمه رفع الحديث إلى علي عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬ل تتبعوا الصيد فانكم على غرة‪ .‬الخبر )‪ .(2‬بيان‪:‬‬
‫على غرة بالكسر أي على غفلة في تلك الحالة عما يعرض لكم من المهالك‬
‫كما ذكرنا في الخبر السابق‪ ،‬وكأن المراد اتباع الصيد إلى حيث يذهب من‬
‫المسافات البعيدة‪ ،‬أو هي من الغرر بمعنى الهلك‪ ،‬أي أنتم بمعرض هلك‪،‬‬
‫وفي بعض النسخ‪ " :‬على غيره " وكأنه تصحيف‪ - 37 .‬معاني الخبار‪:‬‬
‫روي أن العادي اللص‪ ،‬والباغي الذي يبغي الصيد ل يجوز لهما التقصير‬
‫في السفر ول أكل الميتة في حال الضطرار )‪ - 38 .(3‬قرب السناد‪ :‬عن‬
‫عبد ال بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته‬
‫عن رجل لحق حمارا أو ظبيا فضربه بالسيف فقطعه نصفين هل يحل‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ (2) .176 :3‬علل الشرايع ‪ 280 :2‬طبعة قم‪ (3) .‬معاني الخبار‪:‬‬
‫‪ 214‬طبعة الغفاري‪.‬‬
‫]‪[284‬‬

‫أكله ؟ قال‪ :‬نعم إذا سمى‪ ،‬وسألت عن رجل لحق حمارا أو ظبيا فضربه بالسيف‬
‫فصرعه أيؤكل ؟ قال‪ :‬إذا أدرك ذكاته أكل‪ ،‬وإن مات قبل أن يغيب عنه أكله‬
‫)‪ .(1‬تبيان‪ :‬قال في المسالك‪ :‬إذا رمى الصيد بآلة كالسيف فقطع منه قطعة‬
‫كعضو منه فان بقي الباقي مقدورا عليه وحياته مستقرة فل إشكال في‬
‫تحريم ما قطع منه لنه قطعة ابينت من حى قبل تذكيته‪ ،‬وإن لم يبق حياة‬
‫الباقي مستقرة فمقتضى قواعد الصيد حل الجميع لنه مقتول به‪ ،‬فكان‬
‫بجملته حلل‪ ،‬ولو قطعه نصفين أي قطعتين وإن كانا مختلفتين في المقدار‬
‫فان لم يتحركا فهما حللن‪ ،‬وكذا لو تحركا حركة المذبوح سواء خرج‬
‫منها دم معتدل أم من أحدهما أم ل‪ ،‬وكذا لو تحرك أحدهما حركة المذبوح‬
‫دون الخر وسواء في ذلك النصف الذي فيه الرأس وغيره‪ ،‬وإن تحرك‬
‫أحدهما حركة مستقر الحياة‪ ،‬وذلك ل يكون إل في النصف الذي فيه‬
‫الرأس‪ ،‬فان كان قد أثبته بالجراحة الولى فقد صار مقدورا عليه فتعين‬
‫الذبح‪ ،‬ول تجزي سائر الجراحات وتحل تلك القطعة دون المبانة‪ ،‬وإن لم‬
‫يثبته بها ول أدركه وذبحه بل جرحه جرحا آخر مدنفا حل الصيد دون تلك‬
‫القطعة‪ ،‬وإن مات بهما ففي حلها وجهان‪ :‬أجودهما العدم‪ ،‬وإن مات‬
‫بالجراحة الولى بعد مضي زمان ولم يتمكن من الذبح حل باقي البدن‪،‬‬
‫وفي القطعة السابقة الوجهان‪ ،‬وأولى بالحل هنا لو قيل به ثمة‪ ،‬والصح‬
‫التحريم‪ ،‬هذا هو الذي تقتضيه قواعد أحكام الصيد مع قطع النظر عن‬
‫الروايات الشاذة‪ ،‬وفي المسألة أقوال منتشرة مستندة إلى اعتبارات أو‬
‫روايات شاذة مشتملة على ضعف وقطع وإرسال‪ :‬منها أنه مع تحرك أحد‬
‫النصفين دون الخر فالحلل هو المتحرك خاصة‪ ،‬وإن حلهما معا مشروط‬
‫بحركتهما أو عدم حركتهما معا مع خروج الدم‪ ،‬وهو قول الشيخ في‬
‫النهاية‪ .‬ومنها أن حلهما مشروط بتساويهما‪ ،‬ومع تفاوتهما يؤكل ما فيه‬
‫الرأس إذا كان أكبر‪ ،‬ولم يشترط الحركة ول خروج الدم‪ ،‬وهو قول الشيخ‬
‫أيضا في كتابي الفروع‪.‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ 117 :‬و ‪.118‬‬

‫]‪[285‬‬

‫ومنها اشتراط الحركة وخروج الدم في كل واحد من النصفين‪ ،‬ومتى انفرد أحدهما‬
‫بالشرط أكل وترك ما ل يجمعها‪ ،‬فلو لم يتحرك واحد منهما حرم وهو قول‬
‫القاضي‪ .‬ومنها أنه مع تساويهما يشترط في حلهما خروج الدم منهما‪ ،‬وإن‬
‫لم يخرج دم فان كان أحد الشقين أكثر ومعه الرأس حل ذلك الشق‪ ،‬فان‬
‫تحرك أحدهما حل المتحرك وهو قول ابن حمزة‪ ،‬واختار المحقق وجماعة‬
‫حلهما مطلقا إن لم يكن في المتحرك حياة مستقرة وهو القوى انتهى‪.‬‬
‫وبالجملة المسألة في غاية الشكال وصحيحة الحلبي تدل على الحل مطلقا‪،‬‬
‫وكذا هذا الخبر‪ ،‬وسائر الخبار مقتضى الجمع بينها أنه إذا قده بنصفين‬
‫عرفا بأن ل يكون بينهما تفاوت كثير يحلن مطلقا إل إذا تحرك أحدهما ولم‬
‫يتحرك الخر فيحل المتحرك حسب‪ ،‬ولو كان بينهما تفاوت كثير يحل‬
‫الكبر إذا كان من جانب الرأس دون الصغر‪ ،‬ولو كان بالعكس يحلن‪ ،‬وبه‬
‫يمكن الجمع بينها وال يعلم ويدل الحديث على جواز الصطياد بالسيف‬
‫وعلى حل حمار الوحش‪ .‬قوله‪ :‬إذا أدرك ذكاته‪ ،‬أي أدركه حيا وذكاه‪- 39 .‬‬
‫تفسير علي بن إبراهيم‪ :‬يسألونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات وما‬
‫علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم ال " وهو صيد الكلب‬
‫المعلمة خاصة أحلها ال إذا أدركته وقد قتله لقوله‪ " :‬فكلوا مما أمسكن‬
‫عليكم " وأخبرني أبي عن فضالة بن أيوب عن سيف بن عميرة عن أبي‬
‫بكر الحضرمي عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن صيد البزاة‬
‫والصقور والفهود والكلب قال‪ :‬ل تأكلوا إل ما ذكيتم إل الكلب قلت‪ :‬فان‬
‫قتلته قال‪ :‬كل فان ال يقول‪ " :‬وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن‬
‫مما علمكم ال فكلوا مما أمسكن عليكم " ثم قال‪ :‬كل شئ من السباع‬
‫تمسك الصيد على نفسها إل الكلب المعلمة فانها تمسك على صاحبها‪،‬‬
‫وقال‪ :‬إذا أرسلت الكلب المعلم فاذكر ال عليه فهو ذكاته )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬تفسير على بن ابراهيم‪ .151 :‬طبعة التفرشى فيه‪ :‬فاذكر اسم ال عليه فهو‬
‫ذكاته‪.‬‬

‫]‪[286‬‬

‫‪ - 40‬القصص‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كان ورشان يفرخ في شجرة وكان‬
‫رحل يأتيه إذا أدرك الفرخان فيأخذ الفرخين‪ ،‬فشكى ذلك الورشان إلى ال‬
‫تعالى فقال‪ :‬إني سأكفيكه‪ ،‬قال‪ :‬فأفرخ الورشان وجاء الرجل ومعه رغيفان‬
‫فصعد الشجرة وعرض له سائل فأعطاه أحد الرغيفين ثم صعد فأخذ‬
‫الفرخين ونزل بهما فسلمه ال لما تصدق به )‪ .(1‬بيان‪ :‬كأن فيه إيماء إلى‬
‫كراهة أخذ الفراخ من الوكار كما ذكره الصحاب ووردت به الروايات‪،‬‬
‫قال في الدروس‪ :‬يكره صيد الطير والوحش ليل وأخذ الفراخ من‬
‫أعشاشها‪ - 41 .‬المحاسن‪ :‬محمد بن عيسى اليقطيني عن أبي عاصم عن‬
‫هاشم بن ماهويه المداري )‪ (2‬عن الوليد بن أبان الرازي قال‪ :‬كتب ابن‬
‫زاذان فروخ إلى أبي جعفر الثاني عليه السلم يسأله عن الرجل يركض في‬
‫الصيد ل يريد بذلك طلب الصيد‪ ،‬وإنما يريد بذلك التصحيح قال‪ :‬ل بأس‬
‫بذلك إل اللهو )‪ .(3‬بيان‪ :‬الركض‪ :‬تحريك الرجل والدفع واستحثاث الفرس‬
‫للعدو والعدو‪ ،‬كذا في القاموس‪ ،‬والفعل كنصر‪ .‬قوله‪ " :‬ل يريد بذلك طلب‬
‫الصيد " يحتمل وجهين‪ :‬الول أنه ل يصيد لكنه يركض خلف الصيد‪.‬‬
‫والثاني أنه يصيد ليس غرضه اللهو بالصيد ول الصيد في نفسه‪ ،‬وإنما‬
‫غرضه طلب صحة البدن وما يوجبها كهضم الطعام و دفع فضول‬
‫الرطوبات عن البدن‪ ،‬والخير أظهر معني‪ ،‬والول لفظا‪ ،‬ول يبعد جواز هذا‬
‫النوع من الصيد من فحاوي كلم الصحاب فانهم حكموا بحرمة الصيد‬
‫لهوا وبطرا‪ ،‬وبحل الصيد للقوت وللتجارة‪ ،‬ودلئلهم على تحريم الول‬
‫وجواز الخيرين يقتضى جواز هذا وأمثاله‪ ،‬قال في التذكرة‪ :‬اللهي بسفره‬
‫كالمتنزه بصيده بطرا ولهوا ل يقصر عند علمائنا لن اللهو حرام فالسفر‬
‫له معصية‪ ،‬ولو كان الصيد لقوته وقوت عياله وجب القصر لنه فعل‬
‫مباح‪ ،‬ولو كان للتجارة فالوجه القصر في الصلوة والصوم‬

‫)‪ (1‬قصص النبياء‪ :‬مخطوط‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬هشام بن ماهويه المدارى‪(3) .‬‬
‫الحماسن‪ ،628 :‬فيه‪ :‬ل للهو‪.‬‬

‫]‪[287‬‬

‫لنه مباح انتهى‪ ،‬وكون هذا المقصود مباحا ظاهر‪ - 42 .‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه‬
‫السلم اعلم يرحمك ال أن الطير إذا ملك جناحه فهو لمن أخذه إل أن‬
‫يعرف صاحبه فيرد عليه‪ ،‬ول يصلح أخذ الفراخ من أو كارها في جبل أو‬
‫بئر أو أجمة حتى ينهض‪ ،‬وإذا أردت أن ترسل الكلب على الصيد فسم ال‬
‫عليه‪ ،‬فان أدركته حيا فاذبحه أنت وإن أدركته وقد قتله كلبك )‪ (1‬فكل منه‬
‫وإن أكل بعضه لقوله‪ " :‬فكلوا مما أمسكن عليكم " وإن لم يكن معك حديد‬
‫تذبحه فدع الكلب على الصيد وسميت عليه حتى يقتل ثم تأكل منه‪ .‬وإن‬
‫أرسلت على الصيد كلبك فشاركه كلب آخر فل تأكله إل أن تدرك ذكاته‪،‬‬
‫وإن رميت وسميت وأدركته وقد مات فكله إذا كان في السهم زج حديد‪،‬‬
‫وإن وجدته من الغدو كان سهمك فيه فل بأس بأكله إذا علمت أن سهمك‬
‫قتله‪ ،‬وإن رميت وهو على جبل فأصابه سهمك ووقع في الماء ومات فكله‬
‫إذا كان رأسه خارجا من الماء‪ ،‬وإن كان رأسه في الماء فل تأكله‪ ،‬ول‬
‫تأكل ما اصطدت بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك إل ما أدركت‬
‫ذكاته إل الكلب المعلم فل بأس بأكل ما قتلته إذا كنت سميت عليه )‪.(2‬‬
‫تبيين‪ :‬أكثر هذا الفصل أورده الصدوق في الفقيه )‪ .(3‬قوله‪ :‬إذا ملك‬
‫جناحه‪ ،‬أي استقل بالطيران فالتقييد لكراهة الصيد قبل الطيران وهو بعيد‪،‬‬
‫أو المراد عدم كونه مقصوصا فانه علمة سبق الملك فل يملكه الخذ إل‬
‫بعد التعريف‪ ،‬وكذا إذا كان معقورا‪ ،‬وظاهره أن الصل في الطير الباحة‬
‫بعد الطيران وإن علم أنه كان له مالك إل أن يعرف المالك بعينه فيرده‬
‫عليه‪ ،‬لكن لم أر قائل به وقيل‪ :‬المراد بملك الجناحين نهوضه من الوكر‬
‫فالمراد أنه ل يجوز اصطياده بالرمي ونحوه فانه غير ممتنع‪ ،‬ول يخفى‬
‫بعده‪ ،‬قوله‪ " :‬وسميت عليه " حال بتقدير " قد " أي وقد سميت عليه‬
‫حين إرسال الكلب‪ ،‬فل تحتاج إلى تسمية اخرى " فشاركه كلب‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬الكلب‪ (2) .‬فقه الرضا‪ (3) .40 :‬من ل يحضره الفقيه ‪205 :3‬‬
‫راجعه ففيه اختلف حش‪.‬‬

‫]‪[288‬‬

‫آخر " أي غير معلم أو غير مسمى عليه‪ ،‬وعلم أن إزهاق الروح بهما أو لم يعلم‬
‫أنه بهما أو بأيهما وإذا علم أنه بالمعلم المسمى عليه لم يضر ويؤيده ما‬
‫رواه الكليني في الصحيح عن أبي عبيدة )‪ (1‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫حيث قال‪ :‬إن وجد معه كلبا غير معلم فل يأكل منه‪ .‬وعن أبي )‪ (2‬بصير‬
‫عنه عليه السلم قال‪ :‬سألت عن قوم أرسلوا كلبهم وهي معلمة كلها وقد‬
‫سموا عليها‪ ،‬فلما أن مضت الكلب دخل فيها كلب غريب ل يعرفون لها‬
‫صاحبا فاشتركت جميعها في الصيد‪ ،‬فقال‪ :‬ل يؤكل منه لنك ل تدري أخذه‬
‫معلم أم ل‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬إذا كان في السهم الخ‪ ،‬محمول على ما إذا لم‬
‫يخرق بحده كما مر‪ .‬قوله‪ " :‬وإن رميت " في الفقيه‪ :‬إن رميته وهو على‬
‫جبل فسقط ومات فل تأكله وإن رميته وأصابه سهمك ووقع في الماء فمات‬
‫فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء‪ ،‬وإن كان رأسه في الماء فل تأكله‪.‬‬
‫والمشهور بين الصحاب أنه ل يحل إذا تردى من جبل أو وقع في ماء‬
‫فمات‪ ،‬نعم لو صير حياته غير مستقرة حل‪ .‬وفي صحيحة الحلبي )‪ (3‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم أنه سئل عن رجل يرمي صيدا و‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 203 :6‬باسناده عن العدة عن سهل وعلى بن‬
‫ابراهيم عن ابيه ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن‬
‫محبوب عن على بن رئاب عن أبى عبيدة الحذاء ورواه الشيخ في‬
‫التهذيب ‪ 26 :9‬عن الحسن بن محبوب‪ (2) .‬رواه الكليني في الفروع ‪:6‬‬
‫‪ 206‬عن محمد بن يحيى عن محمد بن احمد عن بعض اصحابنا عن‬
‫الحسن بن على بن ابى حمزة عن ابيه عن ابى بصير وفيه‪ :‬ولم يعرفوا‬
‫له صاحبا فاشتركن جميعا ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 26 :9‬باسناده عن‬
‫محمد بن يعقوب‪ (3) .‬رواه الكليني في الفروع ‪ 215 :6‬عن على بن‬
‫ابراهيم عن ابيه عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي‪ .‬ورواه الشيخ‬
‫في التهذيب ‪ 37 :9‬عن محمد بن يعقوب‪.‬‬
‫]‪[289‬‬

‫هو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموت فقال‪ :‬كل منه وإن وقع في الماء‬
‫من رميتك فمات فل تأكل منه‪ .‬وروى نحوه بسند موثق عن سماعة )‪،(1‬‬
‫وعن عبد الرحمن بن )‪ (2‬الحجاج عن أبي الحسن عليه السلم قال‪ :‬ل‬
‫تأكل من الصيد إذا وقع في الماء فمات‪ .‬وقال في المسالك‪ :‬هذا أي عدم‬
‫الحل إذا علم استناد موته إليهما أو إلى غير الرمية أو شك في الحال‪ ،‬ولو‬
‫علم استناد موته إلى الرمية عادة حل لوجود المقتضي وانتفاء المانع‪ ،‬وإن‬
‫أفاد الماء في التردي تعجيل‪ ،‬وقيد الصدوقات الحل بأن يموت ورأسه‬
‫خارج الماء‪ ،‬ول بأس به لنه أمارة على قتله بالسهم إن لم يظهر خلف‬
‫ذلك‪ - 43 .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب موسى بن بكر عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إذا رميت بسهمك فوجدته وليس به أثر غير أثر سهمك وترى‬
‫أنه لم يقتله غير سهمك فكل تغيب عنك أو لم يتغيب عنك )‪- 44 .(3‬‬
‫العياشي‪ :‬عن أبي بكر الحضرمي قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫صيد البزاة والصقور والفهود والكلب فقال‪ :‬ل تأكل من صيد شئ منها إل‬
‫الكلب )‪ ،(4‬قلت‪ :‬فانه قتله قال‪ :‬كل‪ ،‬فإن ال يقول‪ " :‬وما علمتم من‬
‫الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم ال فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا‬
‫اسم ال عليه " )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 215 :6‬عن العدة عن احمد بن محمد بن خالد عن‬
‫عثمان بن عيسى عن سماعة‪ .‬ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 38 :9‬عن‬
‫محمد بن يعقوب‪ (2) .‬هكذا في الكتاب والموجود في المصادر‪ :‬خالد بن‬
‫الحجاج‪ ،‬روى الكليني في الفروع ‪ 215 :6‬الحديث عن محمد بن يحيى‬
‫عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن عيسى عن حجاج عن خالد‬
‫بن الحجاج ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 37 :9‬عن احمد بن محمد بن‬
‫عيسى‪ (3) .‬السرائر‪ (4) .464 :‬في المصدر‪ :‬ل تأكل من صيد شئ منها‬
‫ال ما ذكيت ال الكلب‪ (5) .‬تفسير العياشي ‪ 294 :1‬ورواه الكليني‬
‫والشيخ وعلى بن ابراهيم في الكافي و التهذيب والتفسير راجع الوسائل‬
‫‪(*) .208 :16‬‬

‫]‪[290‬‬

‫‪ - 45‬ومنه عن أبي عبيدة عن أبي عبد ال عليه السلم عن الرجل سرح الكلب‬
‫المعلم ويسمي إذا سرحه‪ ،‬قال‪ :‬يأكل مما أمسك عليه وإن أدركه وقتله وإن‬
‫وجد معه كلب غير معلم فل يأكل منه‪ ،‬قلت‪ :‬والصقر والعقاب والبازى‪،‬‬
‫قال‪ :‬إن أدركت ذكاته فكل منه وإن لم تدرك ذكاته فل تأكل منه‪ ،‬قلت فالفهد‬
‫ليس بمنزلة الكلب قال‪ :‬فقال‪ :‬ل‪ ،‬ليس شئ مكلب إل الكلب )‪- 46 .(1‬‬
‫ومنه‪ :‬عن سماعة عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان أبي يفتي وكنا‬
‫نفتي ونحن نخاف في صيد البازي والصقور‪ ،‬فأما الن فانا ل نخاف ول‬
‫يحل صيدهما إل أن يدرك ذكاته وإنه لفي كتاب علي عليه السلم إن ال‬
‫قال‪ " :‬ما علمتم من الجوارح مكلبين " فهي الكلب )‪ .(2‬بيان‪ " :‬فهي‬
‫الكلب " أي الجوارح المذكورة في الية المراد بها الكلب لقوله "‬
‫مكلبين " وقال المحدث السترابادي رحمه ال‪ :‬يعني أن المراد من‬
‫المكلبين الكلب‪ .‬وفي تفسير علي بن إبراهيم رواية اخرى يؤيد ذلك‪ ،‬فعلم‬
‫من ذلك أن قراءة علي بفتح اللم‪ ،‬والقرءة الشائعة بين العامة بكسر اللم‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬ل ضرورة إلى هذا التكلف وتغيير القراءة المشهورة‪- 47 .‬‬
‫العياشي‪ :‬عن زرارة عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما خل الكلب مما‬
‫يصيد الفهود والصقور وأشباه ذلك فل تأكلن من صيده ال ما أدركت ذكاته‬
‫لن ال قال‪ " :‬مكلبين " فما خل الكلب فليس صيده بالذى يؤكل إل أن‬
‫تدرك ذكاته )‪ - 48 .(3‬ومنه‪ :‬عن الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم إن‬
‫في كتاب علي عليه السلم‪ :‬قال ال‪ :‬إل ما علمتم من الجوارح مكلبين‬
‫تعلمونهن مما علمكم ال " فهي الكلب )‪ - 49 .(4‬ومنه‪ :‬عن جميل عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم سئل عن الصيد يأخذه الكلب‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ 294 :1‬ورواه الكليني والشيخ راجع الوسائل ‪(2) .207 :16‬‬
‫تفسير العياشي ‪ 294 :1‬ورواه الكليني والشيخ راجع الوسائل ‪:16‬‬
‫‪ (3) .220‬تفسير العياشي ‪ (4) .295 :1‬تفسير العياشي ‪.295 :1‬‬

‫]‪[291‬‬

‫فيتركه الرجل حتى يموت قال‪ :‬نعم كل إن ال يقول‪ :‬فكلوا مما أمسكن عليكم )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬هذا مختصر من صحيحة جميل المتقدمة في الحكم التاسع وقد مر‬
‫الكلم فيه‪ - 50 .‬العياشي‪ :‬عن أبي جميلة عن أبي حنظلة )‪ (2‬عنه عليه‬
‫السلم في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل فيأخذه ثم يموت في يده أيأكل‬
‫)‪ (3‬؟ قال‪ :‬نعم إن ال يقول‪ :‬كلوا مما أمسكن عليكم )‪ .(4‬بيان‪ :‬كأنه‬
‫محمول على عدم استقرار الحياة على طريقة القوم أو عدم إمكان الذبح‬
‫لقصر الزمان أو فقد اللة على قول‪ ،‬أو قتل الكلب له مع بعد على قول‪51 .‬‬
‫‪ -‬العياشي‪ :‬عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‪" :‬‬
‫وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم ال فكلوا مما أمسكن‬
‫عليكم و اذكروا اسم ال " قال‪ :‬ل بأس بأكل ما أمسك الكلب مما لم يأكل‬
‫الكلب منه‪ .‬فإذا أكل الكلب منه قبل أن تدركه فل تأكله )‪ - 52 .(5‬ومنه‪:‬‬
‫عن رفاعة عن أبي عبد ال قال‪ :‬الفهد مما قال ال‪ :‬مكلبين )‪- 53 (6‬‬
‫ومنه‪ :‬عن أبان بن تغلب قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬كل ما‬
‫أمسك عليك الكلب وإن بقي ثلثه )‪ - 54 .(7‬الهداية‪ :‬كل كل ما صاد الكلب‬
‫المعلم وإن قتله وأكل منه ولم يبق منه إل بضعة واحدة‪ ،‬ول تأكل ما صيد‬
‫بباز أو صقر أو فهد أو عقاب إل ما أدركت ذكاته‪ ،‬ومن أرسل كلبه ولم‬
‫يسم تعمدا فأصاب صيدا لم يحل أكله لن ال عزوجل يقول‪ " :‬ول‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ (2) .295 :1‬في المصدر‪ :‬عن ابن حنظلة‪ (3) .‬في المصدر‪:‬‬
‫أياكل منه‪ (4) .‬تفسير العياشي ‪ 5) .295 :1‬و ‪ (6‬تفسير العياشي ‪:1‬‬
‫‪ (7) .295‬تفسير العياشي ‪ 295 :1‬فيه‪ :‬ما امسك عليه الكلب‪.‬‬

‫]‪[292‬‬

‫تأكلوا مما لم يذكر اسم ال عليه " )‪ (1‬وإن نسي فليسم حين يأكل‪ ،‬وكذلك في‬
‫الذبيحة‪ ،‬ول بأس بأكل لحم الحمر الوحشية‪ ،‬ول بأس بأكل ما صيد بالليل‪،‬‬
‫ول يجوز صيد الحمام بالمصار‪ ،‬ول يجوز أخذ الفراخ من أو كارها في‬
‫جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض )‪ .(2‬بيان‪ :‬فليسم حين يأكل‪ ،‬محمول على‬
‫الستحباب‪ ،‬ول بأس باكل‪ ،‬أي ليس الفعل بحرام أو المعنى أن كراهة الفعل‬
‫ل يسري إلى الكل‪ ،‬ول يجوز ظاهره الحرمة ولم أر قائل بها غيره‪ ،‬وكذا‬
‫ذكره في المقنع أيضا‪ ،‬وحمله على الصطياد بالكلب والسهم وأمثاله بعيد‪،‬‬
‫نعم يمكن حمل عدم الجواز في كلمه على الكراهة الشديدة‪ ،‬قال في‬
‫المختلف‪ :‬يكره أخذ الفراخ من أعشاشهن‪ .‬وقال الصدوق وأبوه‪ :‬ل يجوز‬
‫أخذ الفراخ من أو كارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض‪ ،‬فان قصد‬
‫التحريم صارت المسألة خلفية لنا الصل عدم التحريم‪ - 55 .‬السرائر‪ :‬نقل‬
‫من كتاب جميل بن دراج عن زرارة عن أبي عبد ال عليه السلم في رجل‬
‫صاد حماما أهليا قال‪ :‬إذا ملك جناحه فهو لمن أخذه )‪ - 56 .(3‬ومنه‪ :‬نقل‬
‫من جامع البزنطي عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬قلت لبي ‪ -‬عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬الطير يقع في الدار فنصيده وحولنا حمام لبعضهم‪ ،‬فقال‪ :‬إذا ملك‬
‫جناحه فهو لمن أخذه‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يقع علينا فنأخذه وقد نعلم لمن هو‪ ،‬قال‪:‬‬
‫إذا عرفته فرده على صاحبه )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال في الروضة‪ :‬ل يملك الصيد‬
‫المقصوص أو ما عليه أثر الملك لدللة القص والثر على مالك سابق‪،‬‬
‫والصل بقاؤه‪ ،‬ويشكل بأن مطلق الثر إنما يدل على المؤثر أما المالك فل‪،‬‬
‫لجواز وقوعه من غير مالك أو ممن ل يصلح للتملك‪ ،‬أو ممن ل يحترم‬

‫)‪ (1‬زاد في المصدر بعد ذلك وانه لفسق يعنى حرام‪ (2) .‬الهداية‪(3) .17 :‬‬
‫السرائر‪ (4) .468 :‬السرائر‪ 469 :‬فيه‪ :‬وقد نعرف لمن هو‪.‬‬
‫]‪[293‬‬

‫ماله‪ ،‬فكيف يحكم بمجرد الثر بمالك محترم مع أنه أعلم‪ ،‬والعام ل يدل على الخاص‬
‫وعلى المشهور يكون مع الثر لقطة ومع عدم الثر فهو لصائده‪ ،‬وإن كان‬
‫أهليا كالحمام للصل إل أن يعرف مالكه فيدفعه إليه‪ - 57 .‬المختلف‪ :‬نقل‬
‫من كتاب عمار الساباطي عن الصادق عليه السلم خرؤ الخطاف ل بأس‬
‫به وهو مما يحل أكله‪ ،‬ولكن كره أكله لنه استجار بك وأوى في منزلك‪،‬‬
‫كل طير يستجيربك فأجره )‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على كراهة صيد كل ما عشش‬
‫في دار النسان أو هرب من سبع وغيره وأوى إليه‪.‬‬

‫)‪ (1‬المختلف ‪.127 :2‬‬

‫]‪[294‬‬

‫‪ } - 8‬باب { } التذكية وأنواعها وأحكامها { اليات‪ :‬البقرة ‪ :2‬إن ال يأمركم أن‬


‫تذبحوا بقرة ‪ -‬إلى قوله‪ - :‬فذبحوها وما كادوا يفعلون ‪ .71 - 67‬المائدة‪:‬‬
‫‪ 5‬حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير ال به والمنخنقة‬
‫والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إل ما ذكيتم وما ذبح على‬
‫النصب ‪ .3‬النعام‪ 6 :‬فكلوا مما ذكر اسم ال عليه ان كنتم بآياته مؤمنين‬
‫وما لكم أل تأكلوا مما ذكر اسم ال عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إل ما‬
‫اضطررتم إليه ‪ 118‬و ‪ .119‬وقال تعالى‪ :‬ول تأكلوا مما لم يذكر اسم ال‬
‫عليه وإنه لفسق وإن الشيطان ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن‬
‫أطعتموهم إنكم لمشركون ‪ .121‬وقال تعالى‪ :‬وانعام ل يذكرون اسم ال‬
‫عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون ‪ .138‬وقال تعالى‪ :‬أو فسقا‬
‫اهل لغير ال به ‪ .145‬الحج‪ 22 :‬ليذكروا اسم ال على ما رزقهم من‬
‫بهيمة النعام ‪ .34‬وقال تعالى‪ :‬والبدن جعلناها لكم من شعائر ال لكم فيها‬
‫خير فاذكروا اسم ال عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ‪.36‬‬
‫الكوثر‪ 108 :‬فصل لربك وانحر )‪ .(2‬تفسير‪ " :‬أن تذبحوا بقرة " ظاهره‬
‫أن البقرة مذبوحة ل منحورة‪ ،‬قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬الذبح فري‬
‫الوداج‪ ،‬وذلك في البقر والغنم‪ ،‬والنحر في البل‪ ،‬ول يجوز فيها عندنا‬
‫غير ذلك‪ ،‬وفيه خلف بين الفقهاء وقيل للصادق عليه السلم إن أهل مكة‬
‫يذبحون‬

‫]‪[295‬‬
‫البقرة في اللبة فما ترى في أكل لحمها ؟ فسكت هنيئة ثم قال‪ :‬قال ال‪ " :‬فذبحوها‬
‫وما كادوا يفعلون " ل تأكل إل من ذبح من مذبحه )‪ .(1‬أقول‪ :‬وقد مضى‬
‫تفسير آية المائدة‪ ،‬وتدل على وجوب التذكية وحرمة ما ذكي بغير اسم ال‬
‫من الصنام وغيرها‪ ،‬وسيأتي في الخبار تفسيرها‪ " .‬فكلوا " قال‬
‫الطبرسي رحمه ال‪ :‬إن المشركين لما قالوا للمسلمين‪ :‬أتاكلون ما قتلتم‬
‫أنتم ول تأكلون ما قتل ربكم ؟ فكأنه سبحانه قال لهم‪ :‬اعرضوا عن جهلكم‬
‫فكلوا والمراد به الباحة وإن كانت الصيغة صيغة المر " مما ذكر اسم ال‬
‫عليه " يعنى ذكر ال )‪ (2‬عند ذبحه دون الميتة وما ذكر عليه اسم‬
‫الصنام‪ ،‬والذكر هو قول‪ " :‬بسم ال " وقيل‪ :‬هو كل اسم يختص ال‬
‫سبحانه به‪ ،‬أو صفة تختصه كقول باسم الرحمن أو باسم القديم أو باسم‬
‫القادر لنفسه أو العالم لنفسه وما يجرى مجراه والول مجمع على جوازه‪،‬‬
‫والظاهر يقتضي جواز غيره لقوله سبحانه‪ " :‬قل ادعوا ال أو ادعوا‬
‫الرحمن أياما تدعو فله السماء الحسنى )‪ " ." (3‬إن كنتم بآياته مؤمنين‬
‫" يعنى إن كنتم مؤمنين بأن عرفتم ال ورسوله وصحة ما أتاكم به من‬
‫عند ال فكلوا ما أحل دون ما حرم‪ ،‬وفي هذه الية دللة على وجوب‬
‫التسمية على الذبيحة وعلى أن ذبائح الكفار ل يجوز أكلها لنهم ل يسمون‬
‫ال عليها ومن سمى منهم ل يعتقد وجوب ذلك‪ ،‬ولنه يعتقد أن الذى‬
‫يسميه هو الذي أبد شرع موسى أو عيسى فاذن ل يذكرون ال حقيقة "‬
‫ومالكم أن ل تأكلوا مما ذكر اسم ال عليه " تقديره أي شئ لكم في أن ل‬
‫تأكلوا‪ ،‬فيكون " ما " للستفهام‪ ،‬وهو اختيار الزجاج وغيره من‬
‫البصريين‪ ،‬ومعناه ما الذي يمنعكم أن تأكلوا مما ذكر اسم ال عند ذبحه‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬معناه ليس لكم أن ل تأكلوا‪ ،‬فيكون " ما " للنفي " وقد فصل لكم "‬
‫أي بين لكم " ما حرم عليكم " قيل‪ :‬هو ما ذكر في سورة المائدة من‬
‫قوله‪ " :‬حرمت‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ‪ (2) .132 :1‬يعنى ذكر اسم ال‪ (3) .‬السراء‪.110 :‬‬

‫]‪[296‬‬

‫عليكم الميتة " الية‪ ،‬واعترض عليه بأنها نزلت بعد النعام بمدة إل أن يحمل )‪(1‬‬
‫على أنه بين على لسان الرسول ال صلى ال عليه وآله وبعد ذلك نزل به‬
‫القرآن‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه ما فصل في هذه السورة في قوله‪ " :‬قل ل أجد فيما‬
‫اوحي إلي محرما " الية‪ ،‬وقرأ أهل الكوفة غير حفص‪ " :‬فصل لكم "‬
‫بالفتح " ما حرم " بالضم‪ ،‬وقرأ أهل المدينة وحفص ويعقوب وسهل "‬
‫فصل لكم ما حرم " كليهما بالفتح‪ ،‬وقرء الباقون " فصل لكم ما حرم "‬
‫بالضم فيهما " ول تأكلوا مما لم يذكر اسم ال عليه " يعنى عند الذبح من‬
‫الذبائح وهذا تصريح في وجوب التسمية على الذبيحة لنه لو لم يكن كذلك‬
‫لكان ترك التسمية غير محرم لها " وإنه لفسق " يعني وإن أكل ما لم‬
‫يذكر اسم ال عليه لفسق " وإن الشياطين " يعنى علماء الكافرين‬
‫ورؤساءهم المتمردين في كفرهم " ليوحون " أي يؤمون ويشيرون "‬
‫إلى أوليائهم " الذين اتبعوهم من الكفار " ليجادلوكم " في استحلل‬
‫الميتة قال الحسن‪ :‬كان مشركو العرب يجادلون المسلمين فيقولون لهم‪:‬‬
‫كيف تأكلون ما تقتلونه أنتم ول تأكلون مما يقتله ال وقتيل ال أولى بالكل‬
‫من قتلكم ؟ فهذه مجادلتهم وقال عكرمة‪ :‬إن قوما من مجوس فارس كتبوا‬
‫إلى مشركي قريش وكانوا أولياءهم في الجاهلية أن محمدا وأصحابه‬
‫يزعمون أنهم يتبعون أمر ال ثم يزعمون أن ما ذبحوه حلل وما قتله ال‬
‫حرام‪ ،‬فوقع ذلك في نفوسهم‪ ،‬فذلك إيحاؤهم إليهم‪ ،‬وقال ابن عباس معناه‬
‫أن الشياطين من الجن وهم إبليس وجنوده ليوحون إلى أوليائهم من‬
‫النس‪ ،‬والوحي‪ :‬إلقاء المعنى إلى النفس من وجه خفى‪ ،‬وهم يلقون‬
‫الوسوسة إلى قلوب أهل الشرك‪ ،‬ثم قال سبحانه‪ " :‬وإن أطعتموهم " أيها‬
‫المؤمنون فيما يقولونه من استحلل الميتة وغيره " إنكم إذا لمشركون "‬
‫لن من استحل الميتة فهو كافر بالجماع ومن أكلها محرما لها مختارا‬
‫فهو فاسق‪ ،‬وهو قول الحسن وجماعة المفسرين‪ ،‬وقال عطا‪ :‬إنه مختص‬
‫بذبائح العرب التي كانت تذبحها للوثان )‪ " .(2‬ل يذكرون اسم ال عليها‬
‫" قال البيضاوي‪ :‬أي في الذبح وإنما يذكرون أسماء‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬فل يصح ان يقال‪ :‬انه فصل ال أن يحمل‪ (2) .‬مجمع البيان ‪:4‬‬
‫‪.358 - 356‬‬

‫]‪[297‬‬

‫الصنام عليها‪ ،‬وقيل‪ :‬ل يحجون على ظهورها " افتراء عليه " نصب على‬
‫المصدر لن ما قالوه تقول على ال‪ ،‬والجار متعلق بقالوا أو بمحذوف فهو‬
‫صفة له )‪ (1‬أو على الحال أو المفعول له والجار متعلق به أو بالمحذوف‬
‫" سيجزيهم بما كانوا يفترون " بسببه أو بدله )‪ " (2‬أو فسقا " قدمر‬
‫تفسيره ويدل ؟ على تحريم ما ذكر اسم غير ال عند ذبحه " ليذكروا اسم‬
‫ال " يدل على أن النسك إنما يصح ويتقبل إذا ذكر عليه عند ذبحه اسم ال‬
‫دون غيره‪ ،‬وإنما خص بالنعام إيماء إلى أن الهدي ل يكون إل منها‪ ،‬ويدل‬
‫على أن الهدى والضحية وذكر اسم ال على الذبيحة كان في جميع‬
‫الشرائع حيث قال‪ " :‬ولكل امة جعلنا منسكا ليذكروا اسم ال " الخ‪" .‬‬
‫فاذكروا اسم ال عليها " قال الطبرسي ره‪ :‬أي في حال نحرها‪ ،‬وعبر به‬
‫عن النحر‪ ،‬وقال ابن عباس‪ :‬هو أن يقول‪ :‬ال أكبر ل إله إل ال وال أكبر‬
‫اللهم منك ولك " صواف " أي قياما مقيدة على سنة محمد صلى ال عليه‬
‫وآله عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن تعقل إحدى يديها وتقوم على ثلث )‪(3‬‬
‫تنحر كذلك وتسوى بين أو ظفتها )‪ (4‬لئل يتقدم بعضها على بعض‪ ،‬عن‬
‫مجاهد‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن تنحر وهي صافة أي قائمة قد ربطت يداها بين‬
‫الرسغ )‪ (5‬والخف إلى الركبة عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬هذا في البل‬
‫فأما البقر فانه تشديداها ورجلها ويطلق ذنبها‪ ،‬والغنم تشد ثلث قوائهم‬
‫منها ويطلق فرد رجل منها " فإذا وجبت جنوبها " أي سقطت إلى‬
‫الرض‪ ،‬وعبر بذلك عن تمام خروج الروح منها " فكلوا منها " وهذا إذن‬
‫وليس بأمر لن أهل الجاهلية كانوا يحرمونها على نفوسهم‪ ،‬وقيل‪ :‬إن‬
‫الكل منها واجب إذا تطوع بها انتهى )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أو بمحذوف هو صفة له‪ (2) .‬انوار التنزيل‪ (3) .405 :1 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬على ثلثة‪ (4) .‬الوظفة جمع الوظيف‪ :‬مستدق الذراع أو‬
‫الساق من الخيل والبل وغيرها‪ (5) .‬الرسغ‪ :‬الموضع المستدق بين‬
‫الحافر وموصل الوظيف من اليد والرجل‪ .‬المفصل ما بين الساعد والكف‬
‫أو الساق والقدم ومثل ذلك من الدابة‪ (6) .‬مجمع البيان ‪.86 :7‬‬

‫]‪[298‬‬

‫" فصل لربك وانحر " في المجمع‪ :‬أي فصل صلة العيد وانحر هديك وقيل‪ :‬صل‬
‫صلة الغداة بجمع )‪ ،(1‬وانحر البدن بمنى‪ ،‬والجمع هو المشعر‪ ،‬قال محمد‬
‫بن كعب‪ :‬إن اناسا كانوا يصلون لغير ال وينحرون لغير ال فأمر ال تعالى‬
‫نبيه صلى ال عليه وآله أن تكون صلته ونحره للبدن تقربا إلى ال‬
‫وخالصا له انتهى )‪ .(2‬وأقول‪ :‬يدل هذه التفاسير على كون النحر مشروعا‬
‫في البدن‪ ،‬بل عدم جواز غيره فيها‪ .‬ولنرجع إلى تفاصيل الحكام‬
‫المستنبطة من تلك اليات‪ :‬الول‪ :‬تدل بعمومها على حل كل ما ذكر اسم‬
‫ال عليه إل ما أخرجه الدليل وقد مر الكلم فيه‪ .‬الثاني‪ :‬استدل بها على‬
‫وجوب التسمية عند الذبح بل عند الصطياد أيضا مطلقا إل ما أخرجه‬
‫الدليل من السمك والجراد‪ ،‬ولعل مرادهم بالوجوب الوجوب الشرطي بمعنى‬
‫اشتراطها في حل الذبيحة‪ ،‬ولذا عبر الكثر بالشتراط‪ ،‬وأما الوجوب‬
‫بالمعنى المصطلح فيشكل إثباته إل بأن يتمسك بأن ترك التسمية إسراف‬
‫وإتلف للمال بغير الجهة الشرعية‪ ،‬وأما الشتراط فل خلف فيه بين‬
‫الصحاب‪ ،‬فلو أخل بها عمدا لم يحل قطعا‪ ،‬وظاهر الية عدم الحل مع‬
‫تركها نسيانا أيضا‪ ،‬لكن الصحاب خصوها بالعمد للخبار الكثيرة الدالة‬
‫على الحل مع النسيان‪ ،‬وفي بعضها إن كان ناسيا فليسم حين يذكر ويقول‪:‬‬
‫" بسم ال على أوله وآخره " وحمل على الستحباب إذ ل قائل ظاهرا‬
‫بالوجوب‪ ،‬وفي الجاهل وجهان‪ ،‬وظاهر الصحاب التحريم‪ ،‬ولعله أقرب‬
‫لعموم الية والقوى الكتفاء بها وإن لم يعتقد وجوبها لعموم الية خلفا‬
‫للعلمة ره في المختلف قال في الدروس‪ :‬لو تركها عمدا فهو ميتة إذا كان‬
‫معتقدا لوجوبها‪ ،‬وفي غير المعتقد نظر‪ ،‬وظاهر الصحاب التحريم‪ ،‬ولكنه‬
‫يشكل بحكمهم بحل ذبيحة المخالف على الطلق‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬صلة الغداة المفروضة بجمع‪ (2) .‬مجمع البيان ‪ 549 :10‬و‬
‫‪.550‬‬

‫]‪[299‬‬

‫ما لم يكن ناصبيا‪ ،‬ول ريب أن بعضهم ل يعتقد وجوبها‪ ،‬ويحلل الذبيحة وإن تركها‬
‫عمدا انتهى‪ .‬وقال في الروضة‪ :‬يمكن دفعه يأن حكمهم بحل ذبيحته من‬
‫حيث هو مخالف‪ ،‬وذلك ل ينافي تحريمها من حيث الخلل بشرط آخر‪ ،‬نعم‬
‫يمكن أن يقال‪ :‬بحلها منه عند اشتباه الحال عمل بأصالة الصحة وإطلق‬
‫الدلة‪ ،‬وترجيحا للظاهر من حيث رجحانها عند من ل يوجبها وعدم‬
‫اشتراط اعتقاده الوجوب بل المعتبر فعلها‪ ،‬وإنما يحكم بالتحريم مع العلم‬
‫بعدم تسميته وهذا حسن‪ ،‬ومثله القول في الستقبال‪ .‬الثالث‪ :‬تدل الية‬
‫على الكتفاء بمطلق ذكر اسمه تعالى عند الذبح أو النحر أو إرسال الكلب‬
‫أو السهم ونحوه‪ ،‬فيكفي التكبير أو التسبيح أو التحميد أو التهليل‬
‫وأشباهها كما صرح به الكثر‪ ،‬ولو اقتصر على لفظة ال ففي الكتفاء به‬
‫قولن‪ :‬من صدق ذكر اسم ال عليه‪ ،‬ومن دعوى أن العرف يقتضى كون‬
‫المراد ذكر ال بصفة كمال وثناء وكذا الخلف لو قال‪ " :‬اللهم ارحمني‬
‫واغفر لي " وقالوا‪ :‬لو قال‪ " :‬بسم ال ومحمد " بالجر لم يجز لنه‬
‫شرك‪ ،‬وكذا لو قال‪ " :‬ومحمد رسول ال " ولو رفع فيهما لم يضر لصدق‬
‫التسمية بالولى تامة‪ ،‬وعطف الشهادة للرسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫زيادة خير غير منافية بخلف ما لو قصد التشريك‪ ،‬ولو قال‪ " :‬اللهم صل‬
‫على محمد وآله " فالقوى الجزاء‪ ،‬وهل يشترط التسمية بالعربية يحتمله‬
‫لظاهر قوله‪ " :‬اسم ال " وعدمه لن المراد من ال هنا الذات المقدسة‬
‫فيجزي ذكر غيره من أسمائه وهو متحقق بأي لغة اتفقت‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫يتحرج ما لو قال‪ " :‬بسم الرحمن " وغيره من أسمائه المختصة أو‬
‫الغالبة غير لفظ ال‪ .‬الرابع‪ :‬ذكر الصحاب أنه يستحب في ذبح الغنم أن‬
‫يربط يداه ورجل واحد ويطلق الخرى ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد‪،‬‬
‫وفي البقر أن يعقل يداه ورجله ويطلق ذنبه‪ ،‬وفي البل أن تربط خفا يديه‬
‫معا إلى إبطيه وتطلق رجله وتنحر قائمة أو تعقل يده اليسرى من الخف‬
‫إلى الركبة ويوقفها على اليمنى‪ ،‬ويمكن أن يفهم من الية الكريمة‬
‫استحباب كون البدن قائمة عند النحر لقوله تعالى‪ " :‬صواف "‪ .‬قال‬
‫البيضاوي‪ :‬قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن‪ ،‬وقرئ‪ " :‬صوافن " من‬

‫]‪[300‬‬

‫صفن الفرس‪ :‬إذا أقام على ثلث وطرف سنبك الرابعة لن البدنة تعقل إحدى يديها‬
‫فتقوم على ثلث )‪ .(1‬وقال الطبرسي ره‪ :‬قرأ ابن مسعود وابن عباس‬
‫وابن عمر وأبو جعفر الباقر عليه السلم وقتادة وعطا والضحاك‪" :‬‬
‫صوافن " بالنون‪ ،‬وقرأ الحسن وشقيق وأبو موسى الشعري وسليمان‬
‫التيمي‪ " :‬صوافي " وقال‪ :‬فأما صوافن فمثل الصافنات وهي الجياد من‬
‫الخيل إل أنه استعمل ههنا في البل والصافن‪ :‬الرافع إحدى رجليه معتمدا‬
‫على سنبكها والصوافي‪ :‬الخوالص لوجه ال انتهى )‪ .(2‬وأقول‪ :‬فعلى هذا‬
‫القراءة المروية عن الباقر عليه السلم وغيره يدل على استحباب قيامها‬
‫وعقل إحدى يديها بل على نحرها على القراءتين وأن ذبحها قائمة غير‬
‫جائز جدا )‪ (3‬وأما الخبار الواردة في ذلك فقد روي بسند فيه جهالة عن‬
‫حمران عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الذبح فقال‪ :‬إذا ذبحت‬
‫فأرسل‪ .‬ول تكتف ول تقلب السكين لتدخلها من تحت الحلقوم وتقطعه إلى‬
‫فوق‪ ،‬والرسال للطير خاصة‪ ،‬فان تردى في جب أو وهدة من الرض فل‬
‫تأكله ول تطعمه فانك ل تدري التردي قتله أو الذبح‪ ،‬وإن كان شئ من‬
‫الغنم فأمسك صوفه أو شعره ول تمسك )‪ (4‬يدا ول رجل‪ ،‬وأما البقرة‬
‫فاعقلها وأطلق الذنب‪ ،‬وأما البعير فشد أخفافه إلى إباطه وأطلق رجليه‬
‫وإن أفلتك شئ من الطير وأنت تريد ذبحه أوند )‪ (5‬عليك فارم )‪(6‬‬
‫بسهمك‪ ،‬فإذا هو سقط فذكه بمنزلة الصيد )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬أنوار التنزيل ‪ 103 :2‬و ‪ (2) .104‬مجمع البيان ‪ (3) .85 :7‬هكذا في‬
‫المطبوع‪ ،‬وفى النسخة المخطوطة‪ :‬فان ذبحها قائمة عسر جدا‪ (4) .‬في‬
‫المصدر‪ :‬ول تمسكن‪ (5) .‬ند البعير‪ :‬نفر وذهب شاردا‪ (6) .‬في المصدر‪:‬‬
‫فارمه‪ (7) .‬رواه الكليني في الفروع ‪ 229 :6‬عن على بن ابراهيم عن‬
‫أبيه عن أبى هاشم الجعفري عن أبيه عن حمران بن اعين ورواه الشيخ‬
‫في التهذيب ‪.55 :9‬‬

‫]‪[301‬‬

‫وقال في المسالك‪ :‬المراد بشد أخفافه إلى إباطه أن يجمع يديه ويربطهما فيها بين‬
‫الخف والركبة‪ ،‬وبهذا صرح في رواية أبي الصباح وفي رواية أبي خديجة‬
‫أنه يعقل يدها اليسرى خاصة‪ ،‬وليس المراد في الول أنه يعقل خفي يديه‬
‫معا إلى إباطه لنه ل يستطيع القيام حينئذ والمستحب في البل أن تكون‬
‫قائمة‪ ،‬والمراد في الغنم بقوله‪ " :‬ول تمسك يدا ول رجل " أنه يربط يديه‬
‫وإحدى رجليه من غير أن يمسكها بيده انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬لم أر في الخبار‬
‫شد رجلي الغنم وإحدى يديه‪ ،‬لكن ذكره الصحاب فان كان له مستند كما‬
‫هو الظاهر يمكن حمل هذا الخبر على عدم إمساك اليد والرجل بعد الذبح‪،‬‬
‫وإنما يمسك صوفه أو شعره لئل يتردى في بئر أو غيرها‪ .‬وروى الكليني‬
‫في الصحيح عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل‪ " :‬واذكروا‬
‫اسم ال عليها صواف " قال ذلك حين تصف للنحر تربط يديها ما بين‬
‫الخف إلى الركبة ووجوب جنوبها إذا وقعت على الرض )‪ ،(1‬وعن أبي‬
‫الصباح الكناني قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم كيف تنحر البدنة ؟‬
‫فقال‪ :‬تنحر وهي قائمة من قبل اليمين )‪ .(2‬وعن أبي خديجة قال‪ :‬رأيت أبا‬
‫عبد ال وهو ينحر بدنته معقولة يدها اليسرى ثم يقوم من جانب يدها‬
‫اليمنى ويقول‪ " :‬بسم ال وال أكبر‪ ،‬اللهم هذا منك ولك‪ ،‬اللهم تقبله مني‬
‫" ثم يطعن في لبتها ثم يخرج السكين بيده فإذا وجبت قطع موضع الذبح‬
‫بيده )‪ .(3‬الخامس‪ :‬ظاهر قوله تعالى‪ " :‬فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها "‬
‫الكتفاء في حلها‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 498 :4‬عن أبى على الشعري عن محمد بن عبد‬
‫الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد ال بن سنان‪ (2) .‬رواه الكليني في‬
‫الفروع ‪ 497 :4‬عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن‬
‫اسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبى الصباح الكنانى‪ (3) .‬رواه‬
‫الكليني في الفروع ‪ 498 :4‬عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين‬
‫عن عبد الرحمن بن أبى هاشم البجلى عن أبى خديجة‪.‬‬

‫]‪[302‬‬

‫بسقوطها على الرض‪ ،‬ول يجب الصبر إلى أن يبرد أو تزول حياتها بالكلية وإن‬
‫أوله الصحاب بالموت‪ ،‬ولم أرمن استدل به على ذلك‪ ،‬فانما ذكروه تأويل‬
‫ل يصار إليه إل بدليل‪ .‬قال في المسالك‪ :‬سلخ الذبيحة قبل بردها أو قطع‬
‫شئ منها فيه قولن‪ :‬أحدهما التحريم ذهب إليه الشيخ في النهاية‪ ،‬بل ذهب‬
‫إلى تحريم الكل أيضا‪ ،‬وتبعه ابن البراج وابن حمزة استنادا إلى رواية‬
‫محمد بن يحيى رفعه قال‪ :‬قال أبو الحسن الرضا عليه السلم الشاة إذا‬
‫ذبحت وسلخت أو سلخ شئ منها قبل أن تموت فليس يحل أكلها )‪.(2‬‬
‫والقوى الكراهة وهو قول الكثر للصل‪ ،‬وضعف الرواية بالرسال )‪(3‬‬
‫فل يصلح دليل على التحريم‪ ،‬بل الكراهة للتسامح في دليلها‪ ،‬وذهب‬
‫الشهيد رحمه ال إلى تحريم الفعل دون الذبيحة أما الول فلتعذيب الحيوان‬
‫المنهي عنه‪ ،‬وأما الثاني فلعموم قوله تعالى‪ " :‬فكلوا مما ذكر اسم ال‬
‫عليه " انتهى‪ .‬وقال في المختلف‪ :‬عد أبو الصلح في المحرمات ما قطع‬
‫من الحيوان قبل الذكاة وبعدها قبل أن يجب جنوبها ويبرد بالموت وجعله‬
‫ميتة‪ ،‬والذي ذكره في المقطوع قبل الذكاة جيد‪ ،‬أما المقطوع بعدها فهو في‬
‫موضع المنع‪ ،‬لنا إنه امتثل المر بالتذكية وقد وجدت‪ ،‬احتج بقوله‪ " :‬فإذا‬
‫وجبت جنوبها " والجواب أنه مفهوم خرج مخرج الغلب فل يكون حجة‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬قيد البرد في غاية الغرابة فان نهاية ما يعتبر فيه زوال‬
‫الحياة‪ ،‬والحرارة تبقى بعده غالبا بزمان‪ ،‬ولذا لم يكتفوا في وجوب الغسل‬
‫بالمس بالموت بل اعتبروا البرد بعده‪ ،‬واعتباره في حكم خاص ل يستلزم‬
‫اعتباره في جميع الحكام‪ .‬السادس‪ :‬قوله تعالى‪ " :‬إل ما ذكيتم " يدل‬
‫على أن ما أكل السبع أو العم منه‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 230 :6‬وفيه‪ :‬إذا ذبحت الشاة وسلخت‪(2) .‬‬
‫والحديث ل يدل على ذلك أيضا فانه اعتبر فيها الموت‪ ،‬وهو يحصل‬
‫بزوال الحيات دون البرد‪.‬‬

‫]‪[303‬‬

‫ومما تقدم إذا أدركت تذكيته حل‪ ،‬واختلف الصحاب في وقت إدراك الذكاة قال في‬
‫المسالك‪ :‬اختلف الصحاب فيما به تدرك الذكاة من الحركة وخروج الدم‬
‫بعد الذبح والنحر‪ ،‬فاعتبر المفيد وابن الجنيد في حلها المرين معا الحركة‬
‫وخروج الدم واكتفى الكثر ومنهم الشيخ وابن إدريس والمحقق وأكثر‬
‫المتأخرين بأحد المرين ومنهم من اعتبر الحركة وحدها‪ ،‬ومنشأ الختلف‬
‫الكتفاء في بعض الروايات بالحركة وفي بعضها بخروج الدم انتهى‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬كأن الكتفاء باحدهما أظهر‪ ،‬وإن كانت الحركة أقوى سندا‪ ،‬ثم‬
‫الظاهر من كلم الصحاب أن المعتبر الحركة بعد التذكية‪ ،‬وفي أكثر‬
‫الخبار إجمال وصريح بعضها أن العبرة بها قبل التذكية وكأن الحوط‬
‫اعتبار البعد‪ .‬وقال المحقق الردبيلي رحمه ال‪ :‬الظاهر أن كون الحركة أو‬
‫الدم أو كليهما على الخلف علمة للحل إنما هو في المشتبه لنه إن علم‬
‫حياته قبل الذبح فذبح ولم يوجد أحدهما فالظاهر الحل لنه قد علم حياته‬
‫وذبحه على الوجه المقرر فأزال روحه به فيحل فتأمل‪ ،‬فان بعض الخبار‬
‫الصحيحة تدل على اعتبار الدم بعد إبانة الرأس من غير المشتبه‪ ،‬ولعل‬
‫ذلك أيضا للشتباه الحاصل بعده بأن الزالة بقطع العضاء الربعة أو‬
‫غيره‪ ،‬فل يخرج عن الشتباه فتأمل انتهى )‪ .(1‬وأما استقرار الحياة التي‬
‫اعتبرها جماعة من الصحاب وأو مأنا إليه سابقا فالخبار خالية عنه‪.‬‬
‫وقال في الدروس‪ :‬المشرف على الموت كالنطيحة والمتردية وأكيل السبع‬
‫وما ذبح من قفاه اعتبر في حله استقرار الحياة‪ ،‬فلو علم بموته قطعا في‬
‫الحال حرم عند الجماعة‪ ،‬ولو علم بقاء الحياة فهو حلل‪ ،‬ولو اشتبه اعتبر‬
‫بالحركة وخروج )‪ (2‬الدم‪ ،‬قال‪ :‬وظاهر الخبار والقدماء أن خروج الدم‬
‫والحركة أو احدهما كاف‪ ،‬ولو لم يكن فيه حياة مستقرة‪ ،‬وفي الية إيماء‬
‫إليه من قوله تعالى‪ " :‬حرمت‬

‫)‪ (1‬شرح الرشاد‪ :‬كتاب الصيد والذباحة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أو خروج الدم‪(*) .‬‬

‫]‪[304‬‬

‫عليكم الميتة " إلى قوله‪ " :‬إل ما ذكيتم " ثم قال‪ :‬ونقل عن الشيخ يحيى أن‬
‫استقرار الحياة ليس من المذهب ونعم ما قال انتهى )‪ .(1‬وأقول‪ :‬نعم ما‬
‫قال رضي ال عنهما‪ ،‬فأن الظاهر أن هذا مأخوذ من المخالفين وليس في‬
‫أخبارنا منه عين ول أثر‪ ،‬وتفصيل القول في ذلك أن اعتبار استقرار الحياة‬
‫مذهب الشيخ وتبعة الفاضلن وفسره بعضهم بأن مثله يعيش اليوم أو‬
‫اليام وقيل‪ :‬نصف يوم‪ ،‬وهذا مما لم يدل عليه دليل ول هو معروف بين‬
‫القدماء‪ ،‬وأما إذا علم أنه ميت بالفعل وأن حركته حركة المذبوح كحركة‬
‫الشاة بعد اخراج حشوها ففي وقوع التذكية عليه إشكال‪ ،‬وإن كان ظاهر‬
‫الدلة وقوعها أيضا‪ ،‬قال المحقق الردبيلي بعد إيراد ما في الدروس‪ :‬ول‬
‫يخفى الجمال والغلق في هذه المسألة‪ ،‬والذي معلوم أنه إذا صار‬
‫الحيوان الذي يجري فيه الذبح بحيث علم أو ظن على الظاهر موته اي أنه‬
‫ميت بالفعل وأن حركته حركة المذبوح مثل حركة الشاة بعد إخراج حشوها‬
‫وذبحها وقطع أعضائها والطير كذلك فهو ميتة ل ينعقد الذبح )‪ ،(2‬وإن‬
‫علم عدمه فهو حي يقبل التذكية ويصير بها طاهرا ويجري فيه أحكام‬
‫المذبوح‪ ،‬والظاهر أنه كذلك‪ ،‬وإن علم أنه يموت في الحال والساعة لعموم‬
‫الدلة التي تقتضي ذبح ذي الحياة فانه حي مقتول ومذبوح بالذبح‬
‫الشرعي‪ ،‬ول يؤثر في ذلك أنه لو لم يذبح لمات سريعا أو بعد ساعة‪ ،‬فما‬
‫في الدروس فلو علم موته الخ محل تأمل فانه يفهم منه أن المدار على قلة‬
‫الزمان وكثرته فتأمل‪ ،‬وبالجملة فينبغي أن يكون المدار على الحياة‬
‫وعدمها ل طول زمانها وعدمه لما مر فافهم‪ ،‬وأما إذا اشتبه حاله ولم يعلم‬
‫موته بالفعل ول حياته وأن حركته حركة المذبوح أو حركة ذي الحياة ‪-‬‬
‫فيمكن الحكم بالحل للستصحاب والتحريم للقاعدة السالفة )‪ .(3‬ثم أجرى‬
‫رحمه ال فيه اعتبار الحركة أو الدم كما ذكرنا‪.‬‬

‫)‪ (1‬الدروس‪ :‬كتاب التذكية‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬ل ينفعه الذبح‪ (3) .‬شرح الرشاد‪:‬‬
‫كتاب الصيد والذبايح‪.‬‬
‫]‪[305‬‬

‫وأقول‪ :‬ما ذكره قدس سره من حركة المذبوح إن أراد بها حركة التقلص التي تكون‬
‫في اللحم المسلوخ ونحوه فل شبهة في أنه ل عبرة بها‪ ،‬وانه قد زالت عنه‬
‫الحياة فل تقع تذكية‪ ،‬وإن أراد بها الحركة التي تكون بعد فري الوداج‬
‫وشبهه و تسمى في العرف حركة المذبوح فعدم قبول التذكية أول الكلم‪،‬‬
‫لنه ل شك أنه لم يفارقه الروح بعد‪ ،‬كمن كان في النزع وبلغت روحه‬
‫حلقومه فانه ل يحكم عليه حينئذ بالموت وإن علم أنه ل يعيش ساعة بل‬
‫عشرها‪ ،‬ولذا اختلفوا فيما إذا ذبح البل ثم نحره بعد الذبح أو نحر الغنم أو‬
‫البقر ثم ذبح بعده هل يحل أم ل‪ ،‬فذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى‬
‫الحل لتحقق التذكية مع بقاء الحياة عندها فهو داخل تحت قوله تعالى‪" :‬‬
‫إل ما ذكيتم " وسائر العمومات‪ ،‬ومن اعتبر استقرار الحياة حكم بالحرمة‬
‫والظاهر أن مراده الثاني حيث قال رحمه ال في ذيل هذه المسألة بعد ما‬
‫نقل وجوه الحل‪ :‬فتأمل لن الحكم بالحل والدم بعد قطع العضاء المهلك‬
‫مشكل فإنه بعد ذلك في حكم الميت والعتبار بتلك الحركة والدم مشكل‪،‬‬
‫فان مثلهما ل يدل على الحياة الموجبة للحل‪ ،‬فل ينبغي جعلها دليل‪،‬‬
‫والتحقيق ما أشرنا إليه انتهى )‪ .(1‬السابع‪ :‬المشهور بين الصحاب أنه‬
‫يعتبر في الذبح قطع أربعة أعضاء من الحلق‪ :‬الحلقوم وهو مجرى النفس‬
‫دخول وخروجا‪ ،‬والمرئ كأمير بالهمز وهو مجرى الطعام والشراب‪،‬‬
‫والودجان وهما عرقان في صفحتي العنق يحيطان بالحلوم‪ ،‬واقتصر ابن‬
‫الجنيد على قطع الحلقوم لصحيحة زيد الشحام قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم عن رجل لم يكن بحضرته سكين أفيذبح بقصبة ؟ فقال‪ :‬اذبح‬
‫بالحجر والعظم والقصبة والعود إذا لم تصب الحديد إذا قطع الحلقوم‬
‫وخرج الدم فل بأس )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬شرح الرشاد‪ :‬كتاب الصيد والذباحة‪ (2) .‬رواه الكليني في الفروع ‪228 :6‬‬
‫عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن زيد الشحام‪.‬‬
‫ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 51 :9‬وفي الستبصار ‪ 80 :4‬عن الحسن بن‬
‫محبوب عن زيد الشحام‪.‬‬

‫]‪[306‬‬

‫واستدل للمشهور بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال‪ :‬سألت أبا إبراهيم عليه‬
‫السلم عن المروة والقصبة والعود أيذبح بهن إذا لم يجدوا سكينا ؟ قال‪:‬‬
‫إذا فري الوداج فل بأس بذلك )‪ .(1‬ويمكن العتراض عليه بوجوه‪ :‬الول‬
‫أن الوداج وإن كان جمعا فلو سلم كونه حقيقة في الثلث فما فوقها‬
‫فاطلقه على الثنين أيضا مجاز شايع حتى قيل‪ :‬إنه حقيقة فيه‪ ،‬ولو لم‬
‫يكن هذا أولى من تغليب الودج على الحلقوم والمري فليس أدنى منه‪ ،‬إذ ل‬
‫شك أن اطلق الودج عليهما مجاز‪ .‬قال في القاموس‪ :‬الودج محركة‪ :‬عرق‬
‫في العنق كالوداج بالكسر‪ ،‬وفي الصحاح‪ :‬الودج والوداج‪ :‬عرق في‬
‫العنق‪ ،‬وهما ودجان‪ .‬وفي المصباح‪ :‬الودج بفتح الدال والكسر لغة عرق‬
‫الخدع الذي يقطعه الذابح فل تبقى معه حياة ويقال‪ :‬في الجسد عرق واحد‬
‫حيث ما قطع مات صاحبه وله في كل عضو اسم‪ ،‬فهو في العنق الودج‬
‫والوريد أيضا‪ ،‬وفي الظهر النياط‪ ،‬وهو عرق ممتد فيه‪ ،‬والبهر وهو عرق‬
‫مستبطن الصلب والقلب متصل به‪ ،‬والوتين في البطن والنساء في الفخذ‪،‬‬
‫واليجل في الرجل‪ ،‬والكحل في اليد‪ ،‬والصافن في الساق‪ .‬وقال في المجرد‬
‫أيضا‪ :‬الوريد عرق كبير يدور في البدن‪ ،‬وذكر معنى ما تقدم لكنه خالف‬
‫في بعضه ثم قال‪ :‬والودجان‪ :‬عرقان غليظان يكتنفان بثغرة النحر‪ ،‬و‬
‫الجمع أوداج‪ ،‬وفي النهاية‪ :‬في حديث الشهداء وأوداجهم تشخب دما‪ :‬هي‬
‫ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح‪ ،‬واحدها ودج بالتحريك‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الودجان‬

‫)‪ (1‬رواه الكليني في الفروع ‪ 228 :6‬عن على بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابى‬
‫عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج وعن ابى على الشعري عن محمد بن‬
‫عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج مثله‪.‬‬
‫ورواه الشيخ في التهذيب ‪ 52 :9‬والستبصار ‪ 80 :4‬عن محمد بن‬
‫يعقوب ورواه الصدوق في من ل يحضره الفقيه ‪ 208 :3‬باسناده عن‬
‫صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج‪.‬‬

‫]‪[307‬‬

‫عرقان غليظان من جانبي ثغرة النحر‪ ،‬ومنه الحديث‪ :‬كل ما أفرى الوداج انتهى )‬
‫‪ .(1‬فيمكن الجمع بين الصحيحتين بالتخيير إن لم تأب عن إحداث قول لم‬
‫يظهر به قائل‪ ،‬وبالجمع إن أبينا لنه يظهر من العلمة في المختلف الميل‬
‫إليه‪ .‬الثاني‪ :‬أن دللة الخبر الثاني على عدم الجتزاء بقطع الحلقوم‬
‫بالمفهوم‪ ،‬و دللة الول على الجتزاء بالمنطوق وهو مقدم على المفهوم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن مفهوم الخبر الثاني تحقق بأس عند عدم فري الوداج والبأس‬
‫أعم من الحرمة‪ ،‬فيمكن حمله على الكراهة‪ .‬الرابع‪ :‬أن فري الوداج ل‬
‫يقتضي قطعها رأسا الذى هو المعتبر على القول المشهور‪ ،‬لن الفرى‪:‬‬
‫الشق وإن لم ينقطع‪ ،‬قال الهروي‪ :‬في حديث ابن عباس‪ :‬كل ما أفرى‬
‫الوداج أي شققها وأخرج ما فيها من الدم )‪ .(2‬قال في المسالك بعد ذكر‬
‫هذا الوجه‪ :‬والوجه الثاني فقد ظهر أن اعتبار قطع الربعة ل دليل عليها‬
‫إل الشهرة‪ ،‬ولو عمل بالروايتين لكتفى )‪ (3‬بقطع الحلقوم وحده أو فري‬
‫الوداج بحيث يخرج منها الدم ولم يستوعبها )‪ (4‬إل أنه ل قائل بهذا‬
‫الثاني من الصحاب‪ ،‬نعم هو مذهب بعض العامة‪ .‬وفي المختلف قال بعد‬
‫نقل الخبرين‪ :‬هذا أصح ما وصل إلينا في هذا الباب‪ ،‬ول دللة فيه على‬
‫قطع ما زاد على الحلقوم والوداج )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ (2) .213 :4‬النهاية ‪ 216 :3‬فيه خلف ما ذكره المصنف قال‪:‬‬
‫الفرى‪ :‬القطع يقال‪ :‬فريت الشئ افريه فريا‪ :‬إذا شققته وقطعته للصلح‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬ومنه‪ :‬حديث ابن عباس‪ :‬كل ما افرى الوداج أي ما شقها‬
‫وقطعها حتى يخرج ما فيها من الدم‪ (3) .‬في المصدر‪ :‬ولو عمل‬
‫بالروايتين واعتبر الحل لكتفى‪ (4) .‬في المصدر‪ :‬وان لم يستوعبها‪(5) .‬‬
‫المختلف ‪.138 :3‬‬

‫]‪[308‬‬

‫وأراد بذلك أن قطع المرئ ل دليل عليه‪ ،‬إذ لو أراد بالوداج ما يشمله لم يفتقر إلى‬
‫إثبات أمر آخر لن ذلك غاية ما قيل‪ ،‬وفيه ميل إلى قول آخر وهو اعتبار‬
‫قطع الحلقوم والودجين‪ ،‬لكن قد عرفت أن الرواية ل تدل على اعتبار‬
‫قطعها رأسا‪ ،‬وأن الوداج بصيغة الجمع تطلق على الربعة فتخصيصها‬
‫بالودجين والحلقوم ليس بجيد‪ ،‬وكيف قرر فالوقوف مع القول المشهور‬
‫هو الحوط انتهى‪ .‬واقول‪ :‬إطلق الوداج )‪ (1‬على الربعة إطلق مجازى‬
‫من الفقهاء ول حجر في المجاز فيمكن اطلقها على الثلثة أيضا بل هو‬
‫أقرب إلى الحقيقة‪ .‬ثم إن هذا القول وقول ابن الجنيد والقول بالتخيير الذى‬
‫ذكرنا سابقا كل ذلك اوفق لعموم اليات من المشهور فإن قوله تعالى‪" :‬‬
‫كلوا مما ذكر اسم ال عليه " يشملها وأيضا قوله‪ " :‬إل ما ذكيتم "‬
‫يشملها‪ ،‬وأيضا لن التذكية ليس إل الذبح أو النحر ولم يثبت كونها حقيقة‬
‫شرعية في المعنى الذى ذكره القوم‪ .‬قال الراغب في المفردات‪ :‬حقيقة‬
‫التذكية إخراج الحرارة الغريزية‪ ،‬لكن خص في الشرع بإبطال الحياة على‬
‫وجه دون وجه‪ ،‬ويدل على هذا الشتقاق قولهم في الميت‪ :‬خامد وهامد‪،‬‬
‫وفي النار الهامدة ميتة )‪ .(2‬وقال‪ :‬الذبح‪ :‬شق حلق الحيوانات )‪ .(3‬وفي‬
‫الصحاح التذكية‪ :‬الذبح‪ ،‬وقال الذبح‪ :‬الشق‪ ،‬والذبح مصدر ذبحت الشاة‬
‫انتهى‪ ،‬والظاهر أن التذكية والذبح لغة وعرفا يتحققان بفري الحلقوم أو‬
‫الودجين‪ .‬الثامن‪ :‬أن إطلق اليات تدل على تحقق التذكية بكل آلة يتحقق‬
‫بها الذبح إل أن يقال‪ :‬المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع الغالب وهو‬
‫التذكية بالحديد‪،‬‬
‫)‪ (1‬في المخطوطة‪ :‬اطلق الجمع‪ (2) .‬المفردات‪ (3) .180 :‬المفردات‪.177 :‬‬

‫]‪[309‬‬

‫لكن الصحاب أتفقوا على أنه ل تتحقق التذكية إل بالحديد مع الختيار ول يجزي‬
‫غيره وإن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس والرصاص والفضة والذهب‬
‫وغيرها‪ .‬وأما مع الضطرار فجوزوا بكل ما فرى العضاء من المحددات‪،‬‬
‫ولو من خشب أو قصب أو حجر عدا السن والظفر‪ ،‬وادعوا الجماع عليه‪،‬‬
‫ودلت الخبار الكثيرة على عدم جواز التذكية بغير الحديد في حال الختيار‪،‬‬
‫وجواز التذكية بما سوى السن والظفر في حال الضطرار‪ ،‬وأما السن‬
‫والظفر ففي جواز التذكية بهما عند الضرورة قولن‪ :‬أحدهما‪ :‬العدم‪ ،‬ذهب‬
‫إليه الشيخ في المبسوط والخلف‪ ،‬وادعى فيه إجماعنا واستدل عليه‬
‫برواية رافع بن خديج أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬ما أنهر الدم )‪(1‬‬
‫وذكر اسم ال عليه فكلوا إل ما كان من سن أو ظفر وساحدثكم عن ذلك‪،‬‬
‫أما السن فعظم من النسان‪ ،‬وأما الظفر فمدى الحبشة‪ .‬والثاني‪ :‬الجواز‪،‬‬
‫ذهب إليه ابن إدريس وأكثر المتأخرين للصل وعدم ثبوت المانع فان خبره‬
‫عامي‪ ،‬والتصريح بجوازه بالعظم في صحيحة الشحام السابقة‪ ،‬ودللة‬
‫التعليل الوارد في هذا الخبر على عدم الجواز بالعظم فيتعارض الخبران‬
‫فيقدم الصحيح منهما‪ ،‬أو يحمل الخر على الكراهة‪ ،‬كذا قال في المسالك‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وربما فرق بى المتصلين والمنفصلين من حيث أن المنفصلين‪.‬‬
‫كغيرهما من اللت بخلف المتصلين فان القطع بهما يخرج عن مسمى‬
‫الذبح بل هو أشبه بالكل والتقطيع‪ ،‬والمقتضي للذكاة هو الذبح‪ ،‬ويحمل‬
‫النهي في الخبر على المتصلين جمعا‪ ،‬والشهيد في الشرح استقرب المنع‬
‫من التذكية بالسن والظفر مطلقا للحديث المتقدم‪ ،‬وجوزها بالعظم وغيرهما‬
‫لما فيه من الجمع بين الخبرين‪ ،‬لكن يبقى فيه منافاة التعليل لذلك‪.‬‬

‫)‪ (1‬انهر الدم‪ :‬اظهره وأساله‪.‬‬

‫]‪[310‬‬

‫وقال في الروضة‪ :‬وعلى تقدير الجواز هل يساويان غيرهما مما يفري غير الحديد‬
‫أو يترتبان على غيرهما مطلقا‪ ،‬مقتضى استدلل المجوز بالحديثين الول‪.‬‬
‫وفي الدروس استقرب الجواز مطلقا مع عدم غيرهما‪ ،‬وهو الظاهر من‬
‫تعليقه الجواز بهما هنا على الضرورة‪ ،‬إذ ل ضرورة مع وجود غيرهما‪،‬‬
‫وهذا هو الولى انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬الفرق بين المتصلين والمنفصلين كأنه‬
‫مأخوذ من العامة ولم أره في كلم القوم وإن كان له وجه‪ - 1 .‬قرب‬
‫السناد‪ :‬عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه‬
‫عن علي عليه السلم قال‪ :‬أيما إنسية تردت في بئر فلم يقدر على منحرها‬
‫فلينحرها من حيث يقدر عليها ويسمى ال عليها وتؤكل‪ ،‬قال‪ :‬وسئل علي‬
‫عليه السلم عما تردى على منحره فيقطع ويسمى عليه فقال‪ :‬ل بأس به‬
‫وأمر بأكله )‪ .(1‬بيان‪ :‬أيما إنسية أي بدنة إنسية أو دابة‪ ،‬فالمراد بالنحر‬
‫أعم من الذبح تغليبا " على منحره " في بعض النسخ بالخاء المعجمة‪،‬‬
‫وفي بعضها بالمهملة‪ ،‬ولكل وجه يرجعان إلى معنى واحد‪ ،‬ول خلف في‬
‫أن كل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان إما لستعصائه أو لحصوله في‬
‫موضع ل يتمكن المذكي من الوصول إلى موضع الذكاة منه وخيف فوته‬
‫جاز أن يعقر بالسيوف أو غيرهما مما يجرح ويحل وإن لم يصادف موضع‬
‫الذكاة‪ ،‬وكما يسقط اعتبار موضع الذبح أو النحر يسقط الستقبال به مع‬
‫تعذره‪ ،‬ولو أمكن أحدهما وجب وسقط المتعذر‪ .‬وقالوا‪ :‬كما يجوز ذلك‬
‫للخوف من فوته يجوز للضطرار إلى أكله‪ ،‬وقيل‪ :‬والمراد بالضرورة هنا‬
‫مطلق الحاجة إليه‪ - 2 .‬قرب السناد‪ :‬بالسناد المتقدم عن جعفر عن أبيه‬
‫عليه السلم ان عليا عليه السلم كان يقول‪ :‬ل بأس بذبيحة المرأة )‪.(2‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬قرب السناد‪.51 :‬‬

‫]‪[311‬‬

‫بيان‪ :‬ل خلف بين الصحاب في حل ذبيحة المرأة‪ ،‬ولم أر من حكم بالكراهة أيضا‪،‬‬
‫لكن ورد في بعض الخبار أنها ل تذبح إل عند الضرورة‪ ،‬وفي بعضها إذا‬
‫كن نساء ليس معهن رجل فالتذبح أعقلهن‪ ،‬وفي بعضها‪ :‬إذا لم يوجد من‬
‫يذبح غيرها‪ ،‬وفي بعضها‪ :‬ل بأس بذبيحة الصبي والخصي والمرأة إذا‬
‫اضطروا إليه )‪ ،(1‬وفيها دللة على المرجوحية والكراهة في الجملة إن لم‬
‫تكن محمولة على التقية‪ - 3 .‬قرب السناد‪ :‬عن السندي بن محمد عن أبي‬
‫البختري عن جعفر عن أبيه عليه السلم ان عليا عليه السلم قال‪ :‬إذا‬
‫استصعبت عليكم الذبيحة فعرقبوها فان لم تقدروا أن تعرقبوها فانه يحلها‬
‫ما يحل الوحش )‪ .(2‬بيان‪ :‬فعرقبوها أي لتمكنوا من ذبحها‪ ،‬فانه يحلها‪،‬‬
‫ظاهره الحل بصيد الكلب أيضا‪ ،‬لكن الرواية ضعيفة والراوي عامي‪- 4 .‬‬
‫الخصال‪ :‬عن محمد بن علي بن الشاه عن أحمد بن محمد بن الحسين عن‬
‫أحمد ابن خالد الخالدي عن محمد بن أحمد بن صالح التميمي )‪ (3‬عن‬
‫أنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلم عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬ل تذبح المرأة إل عند الضرورة )‪.(4‬‬
‫التحف والمكارم مرسل مثله )‪ - 5 .(5‬العيون‪ :‬عن عبد الواحد بن محمد‬
‫بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل ابن شاذان عن الرضا‬
‫عليه السلم فيما كتب للمأمون قال‪ :‬الصلة على النبي واجبة )‪ (6‬في‬

‫)‪ (1‬راجع وسائل الشيعة ‪ (2) .278 - 276 :16‬قرب السناد‪ (3) .68 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬محمد بن احمد بن صالح التميمي قال‪ :‬حدثنا أبى قال‪ :‬حدثنا أبى‬
‫قال‪ :‬حدثنى انس بن محمد ابو مالك‪ (4) .‬الخصال ‪ 511 :2‬طبعة‬
‫الغفاري‪ (5) .‬مكارم الخلق‪ 243 :‬والحديث لم يوجد في تحف العقول‪) .‬‬
‫‪ (6‬أي ثابتة‪.‬‬

‫]‪[312‬‬

‫كل موطن وعند العطاس والذبائح وغير ذلك )‪ .(1‬بيان‪ :‬روى مثل ذلك في الخصال‬
‫عن العمش عن الصادق عليه السلم وفيه‪ :‬والرياح مكان الذبائح )‪(2‬‬
‫وما في العيون أظهر‪ ،‬وكأنه محمول على تأكيد الستحباب قال الشيخ في‬
‫الخلف‪ :‬يستحب أن يصلى على النبي صلى ال عليه وآله عند الذبيحة‬
‫وأن يقول‪ " :‬اللهم تقبل مني " وبه قال الشافعي‪ ،‬وقال مالك‪ :‬تكره الصلة‬
‫على النبي صلى ال عليه وآله )‪ (3‬وأن يقول‪ " :‬اللهم تقبل مني " دليلنا‬
‫إجماع الفرقة وأخبارهم )‪ ،(4‬وأيضا قوله‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا صلوا‬
‫عليه )‪ " (5‬وذلك على عمومه إل ما أخرجه الدليل‪ ،‬وقد روي في التفسير‬
‫قوله تعالى‪ " :‬ورفعنا لك ذكرك )‪ " (6‬أل ما اذكر )‪ (7‬إل وتذكر معي وقد‬
‫أجمعنا على ذكر ال فوجب أن يذكر رسول ال صلى ال عليه وآله )‪.(8‬‬
‫أقول‪ :‬ثم ذكر رحمه ال دلئل اخرى ل تخلو من ضعف‪ ،‬وكأن هذا الخبر‬
‫الحسن يكفي لثبات الستحباب مع ثبوته في جميع الوقات‪ ،‬وأما قوله‪" :‬‬
‫تقبل مني " فسيأتي في باب الضحية الدعية المشتملة عليه‪ ،‬وروى‬
‫الشيخ في الخلف أن النبي صلى ال عليه وآله أخذ الكبش فأضجعه‬
‫وذبحه وقال‪ :‬اللهم )‪ (9‬تقبل من محمد وآل محمد و من امة محمد )‪.(10‬‬

‫)‪ (1‬عيون اخبار الرضا‪ 267 :‬طبعة التفرشى‪ (2) .‬الخصال ‪ (3) ،607 :2‬في‬
‫المصدر‪ :‬تكره الصلة على النبي )ص( عند الذبيحة‪ (4) .‬المصدر خال‬
‫عن قوله‪ :‬وأخبارهم‪ (5) .‬الحزاب‪ (6) .56 :‬الشرح‪ (7) .4 :‬في‬
‫المصدر‪ :‬ان ل اذكر‪ (8) .‬الخلف ‪) 207 :2‬ط ‪ (9) .(1‬في المصدر‪ :‬بسم‬
‫ال‪ ،‬اللهم ا‍ه‪ (10) .‬الخلف ‪(*) .208 :2‬‬

‫]‪[313‬‬
‫‪ - 6‬كتاب المسائل‪ :‬بالسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال‪:‬‬
‫سألته عن الرجل يذبح على غير قبلة قال‪ :‬ل بأس إذا لم يتعمد‪ ،‬وإن ذبح‬
‫ولم يسم فل بأس أن يسمي إذا ذكر بسم ال على أوله وآخره ثم يأكل )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬أجمع الصحاب على اشتراط استقبال القبلة في الذبح والنحر وأنه‬
‫لو أخل به عامدا حرمت‪ ،‬ولو كان ناسيا لم تحرم والجاهل كالناسي‪ ،‬ودلت‬
‫على جميع ذلك الخبار المعتبرة منها ما رواه الكليني )‪ (2‬في الحسن‬
‫كالصحيح عن محمد بن مسلم قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن رجل‬
‫ذبح ذبيحة فجهل أن يوجهها إلى القبلة‪ ،‬قال‪ :‬كل منها‪ ،‬قلت له‪ :‬فانه لم‬
‫يوجهها )‪ (3‬قال‪ :‬فل تأكل منها )‪ (4‬وقال عليه السلم‪ :‬إذا أردت أن تذبح‬
‫فاستقبل بذبيحتك القبلة‪ .‬وأيضا روى بسند )‪ (5‬مثله عن محمد بن مسلم‬
‫قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن ذبيحة ذبحت بغير القبلة قال‪ :‬كل‬
‫ول بأس بذلك ما لم يتعمده‪ .‬وقال في المسالك‪ :‬من ل يعتقد وجوب‬
‫الستقبال في معنى الجاهل فل تحرم ذبيحته والمعتبر الستقبال بمذبح‬
‫الذبيحة ومقاديم بدنها‪ ،‬ول يشترط استقبال الذابح وإن كان ظاهر العبارة‬
‫يوهم ذلك‪ ،‬حيث أن ظاهر الستقبال بها أن يستقبل هو معها أيضا على حد‬
‫قولك‪ :‬ذهبت بزيد وانطلقت به‪ ،‬بمعنى ذهابهما وانطلقهما معا ووجه عدم‬
‫اعتبار استقباله أن التعدية بالباء يفيد معنى التعدية بالهمزة كما في قوله‬
‫تعالى‪ " :‬ذهب ال‬

‫)‪ (1‬بحار النوار ‪ (2) .265 :10‬رواه في الفروع ‪ 233 :6‬عن على بن ابراهيم‬
‫عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر ابن اذينة عن محمد بن مسلم‪(3) .‬‬
‫أي عالما عامدا‪ (4) .‬اختصر الحديث‪ ،‬والموجود في المصدر بعد ذلك‪:‬‬
‫ول تأكل من ذبيحة ما لم يذكر اسم ال عزوجل عليها‪ (5) .‬رواه ايضا في‬
‫الفروع ‪ 233 :6‬عن على بن ابراهيم عن ابيه عن حماد بن عيسى عن‬
‫حريز عن محمد بن مسلم‪.‬‬

‫]‪[314‬‬

‫بنورهم )‪ " (1‬أي أذهب نورهم‪ ،‬وفي الخبر الثاني ما يرشد إلى الكتفاء بتوجهها‬
‫إلى القبلة خاصة‪ .‬وربما قيل بأن الواجب هنا الستقبال بالمنحر والمذبح‬
‫خاصة‪ ،‬وليس ببعيد ويستحب استقبال الذابح أيضا هذا كله مع العلم بجهة‬
‫القبلة أما لو جهلها سقط اعتبارها لتعذرها كما يسقط اعتبارها في‬
‫المستعصي لذلك انتهى )‪ .(2‬وأقول‪ :‬الظاهر أنه يكفي الستقبال بأي وجه‬
‫كان‪ ،‬سواء أضجعها على اليمين أو على اليسار كما هو الشايع أو لم‬
‫يضجعها وأقامتها واستقبل بمقاديمها إليها كالطير لطلق الستقبال‬
‫الشامل لجميع تلك الصور‪ ،‬وكون استقبال الملحود بالضجاع على اليمين‬
‫ل يستلزم كونه في جميع الموارد كذلك مع أن الذبح على هذا لوجه في‬
‫غاية العسر غالبا إل للعسر )‪ (3‬الذي يعمل باليد اليسرى وهو نادر بين‬
‫الناس‪ ،‬بل يمكن أن يقال‪ :‬الطلق ينصرف إلى الفرد الشايع الغالب وهو‬
‫الضجاع على اليسار‪ ،‬فيشكل الحكم بأن الحتياط يقتضي الضجاع على‬
‫اليمين فتأمل‪ - 7 .‬كتاب المسائل‪ :‬بالسناد عن علي بن جعفر عن أخيه‬
‫موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن ذبيحة الجارية هل يصلح ؟ قال‪ :‬إذا‬
‫كانت ل تنخع )‪ (4‬ول تكسر الرقبة فل بأس وقال‪ :‬قد كانت لهل علي بن‬
‫الحسين عليه السلم جارية تذبح لهم )‪ .(5‬بيان‪ :‬المشهور بين الصحاب‬
‫كراهة نخع الذبيحة‪ ،‬وهو أن يبلغ بالسكين النخاع مثلث النون‪ ،‬فيقطعه أو‬
‫يقطعه قبل موتها‪ ،‬والنخاع هو الخيط البيض وسط الفقار بالفتح ممتدا من‬
‫الرقبة إلى عجب الذنب بفتح العين وسكون الجيم وهو اصله‪ ،‬وقيل‪ :‬يحرم‬
‫لورود النهي عنه في الخبر الصحيح وهو أحوط‪ ،‬وعلى تقديره ل تحرم‬
‫الذبيحة‪ ،‬وربما‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .17 :‬المسالك ‪ 226 :2‬و ‪ (3) .227‬العسر‪ :‬الذى يعمل بشماله‪) .‬‬
‫‪ (4‬نخع الذبيحة‪ :‬جاوز بالسكين منتهى الذبح فاصاب نخاعها‪ (5) .‬بحار‬
‫النوار ‪ 256 :10‬فيه‪ :‬هل تصلح‪.‬‬

‫]‪[315‬‬

‫قيل بالتحريم أيضا وإنما يحرم الفعل على القول به مع تعمده‪ ،‬فلو سبقت يده فقطعه‬
‫فل بأس‪ .‬ومن مكروهات الذبح أشياء ذكرها الصحاب‪ :‬الول أن يقلب‬
‫السكين‪ ،‬أي يدخلها تحت الحلقوم ويقطعه مع باقي العضاء إلى خارج‬
‫وحرم الشيخ في التهذيب وتبعه القاضى وقد ورد النهي عنه في رواية‬
‫حمران )‪ .(1‬الثاني‪ :‬يكره أن يذبح حيوان وآخر ينظر إليه لرواية غياث بن‬
‫إبراهيم )‪ (2‬و حرمه الشيخ في النهاية وهو ضعيف‪ .‬الثالث‪ :‬يكره إيقاعها‬
‫ليل إل أن يخاف الفوت لرواية أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلم )‬
‫‪ .(3‬الرابع‪ :‬إيقاعها يوم الجمعة إلى الزوال إل عن ضرورة لرواية الحلبي‬
‫عن الصادق )‪ (4‬عليه السلم والظاهر كراهة الفعل في جميع ذلك ول‬
‫تسري الكراهة إلى أكل المذبوح كما يوهمه كلم بعض الصحاب إذ ل‬
‫تلزم بينهما‪ .‬وقال في المسالك‪ :‬قد بقي للذبح وظائف منصوصة ينبغي‬
‫إلحاقها بما ذكر‪ ،‬وهي تحديد الشفرة وسرعة القطع‪ ،‬وأن ل يري الشفرة‬
‫للحيوان وأن يستقبل الذابح القبلة ول يحركه ول يجره من مكان إلى آخر‬
‫بل يتركه إلى أن يفارقه الروح‪ ،‬وأن يساق إلى المذبح برفق‪ ،‬ويضجع‬
‫برفق ويعرض عليه الماء قبل الذبح‪ ،‬ويمر السكين بقوة )‪ (5‬ويجد في‬
‫السراع ليكون أوحى وأسهل‪ .‬وروى شداد بن أوس أن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬إن ال كتب عليكم الحسان في‬

‫)‪ (1‬راجع الوسائل ‪ (2) .255 :16‬راجع الوسائل ‪ (3) .258 :16‬راجع الوسائل‬
‫‪ (4) .274 :16‬راجع الوسائل ‪ 247 :16‬وفى الرواية‪ :‬كان رسول ال "‬
‫ص " يكره الذبح واراقة الدم يوم الجمعة قبل الصلة ال عن ضرورة‪) .‬‬
‫‪ (5‬زاد في المصدر بعد ذلك‪ :‬وتحامل ذهابا وعودا‪.‬‬

‫]‪[316‬‬

‫كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته‬
‫وليرح ذبيحته‪ .‬وفي حديث آخر أنه صلى ال عليه وآله أمر أن يحد الشفار‬
‫وأن يوارى عن البهائم‪ ،‬وقال‪ :‬إذا ذبح أحدكم فليجهز انتهى )‪ .(1‬وأقول‪:‬‬
‫الخبار عامية لكنها موافقه لعتبار العقل والعمومات وما سيأتي من‬
‫الخبار‪ - 8 .‬الدعائم‪ :‬ومن ذبح في الحلق دون الغلصمة )‪ (2‬ما يجوز‬
‫ذبحه من الحيوان على ما يجب من سنة الذبح‪ ،‬فقطع الحلقوم والمرئ‬
‫والودجين وأنهر الدم وماتت الذبيحة من فعله ذلك فهى ذكية باجماع فيما‬
‫علمناه‪ .‬وعن علي وأبي جعفر عليهما السلم أنهما قال‪ :‬ما قطع من‬
‫الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى فهو ميتة ل يؤكل ويذكى الحيوان ويؤكل‬
‫باقيه إن أدرك ذكاته‪ - 9 .‬وعن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬علمة الذكاة أن‬
‫تطرف العين أو يركض الرجل أو يتحرك الذنب أو الذن فان لم يكن من‬
‫ذلك شئ‪ ،‬وهراق منها دم عند الذبائح وهي ل تتحرك لم تؤكل‪ - 10 .‬وعن‬
‫أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬ترفق بالذبيحة ول يعنف بها قبل الذبح ول‬
‫بعده‪ ،‬وكره أن يضرب عرقوب الشاة بالسكين‪ - 11 .‬وعنه عليه السلم أنه‬
‫سئل عن الذبيحة تتردى بعد أن تذبح عن مكان عال أو تقع في ماء أو نار‬
‫قال‪ :‬إن كنت قد أجدت الذبح وبلغت الواجب فيه فكل‪ - 12 .‬وعنه عليه‬
‫السلم أنه نهى عن ذبيحة المرتد‪ - 13 .‬وعن جعفر بن محمد عليه السلم‬
‫أنه سئل عن الشاة تذبح قائمة قال‪ :‬ل ينبغي ذاك السنة أن تضجع وتستقبل‬
‫بها القبلة‪ - 14 .‬وعنه عليه السلم أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫السنة ان ينحر‬

‫)‪ (1‬المسالك ‪ (2) .228 :2‬الغلصمة‪ :‬اللحم بين الرأس والعنق‪.‬‬

‫]‪[317‬‬
‫قيل‪ :‬كيف ينحر ؟ قال‪ :‬يقام قائما حيال القبلة ويعقل يده الواحدة ويقوم الذي ينحره‬
‫حيال القبلة فيضرب في لبته بالشفرة حتى تقطع وتفرى‪ - 15 .‬وعنه عليه‬
‫السلم أنه سئل عن البقر ما يصنع بها ؟ تنحر أو تذبح ؟ قال‪ :‬السنة أن‬
‫تذبح وتضجع للذبح‪ ،‬ول بأس إن نحرت‪ - 16 .‬وعنه عليه السلم سئل عن‬
‫الذبيحة إن ذبحت من القفا‪ ،‬قال‪ :‬إن لم يتعمد ذلك فل بأس‪ ،‬وإن تعمده‬
‫وهو يعرف سنة النبي صلى ال عليه وآله لم تؤكل ذبيحته ويحسن أدبه‪.‬‬
‫‪ - 17‬وعن علي عليه السلم أنه سئل عن شاتين أحدهما ذكية والخرى‬
‫غير ذكية لم تعرف الذكية منهما قال‪ :‬رمي بهما جميعا )‪ .(1‬بيان‪ :‬في‬
‫القاموس‪ :‬هراق الماء يهريق بفتح الهاء هراقة بالكسر‪ :‬صبه‪ ،‬وأصله‬
‫أراقه يريقه إراقة‪ .‬وقال العرقوب‪ :‬عصب غليظ فوق عقب النسان‪ ،‬ومن‬
‫الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها‪ ،‬قوله‪ " :‬ل ينبغي " ظاهره‬
‫الجواز مع الكراهة‪ ،‬والشفرة بالفتح‪ :‬السكين العظيم‪ ،‬والفري‪ :‬الشق‪،‬‬
‫قوله‪ " :‬ول بأس إن نحرت " محمول على التقية‪ ،‬والمشهور كراهة الذبح‬
‫من القفا‪ ،‬وقال العلمة رحمه ال وغيره‪ :‬لو قطع رقبة المذبوح من قفاه‬
‫وبقيت أعضاء الذبح فان كانت حياة مستقرة ذبحت وحلت‪ ،‬وإن لم تبق‬
‫حياة مستقرة لم تحل‪ .‬وأقول‪ :‬قد عرفت عدم الدليل على اشتراط استقرار‬
‫الحياة‪ ،‬وما يتوهم من أنه اشترك في إزهاق روحه الذبح الشرعي وغيره‬
‫فلوجه له‪ ،‬وأنه مع تحقق الذبح و بقاء الحياة ل عبرة بذلك كأكيل السبع‬
‫وغيره‪ - 18 .‬قرب السناد‪ :‬عن أحمد بن إسحاق عن بكر بن محمد الزدي‬
‫قال‪ :‬جاء محمد بن عبد السلم إلى أبي عبد ال عليه السلم فقال له‪ :‬إن‬
‫رجل ضرب بقرة بفأس فوقذها )‪ (2‬ثم‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم‪ :‬نسخته ليست عندي‪ (2) .‬وقذه‪ :‬صرعه‪ ،‬ضربه شديدا حتى‬
‫أشرف على الموت‪.‬‬

‫]‪[318‬‬

‫ذبحها فلم يرسل إليه الجواب ودعا سعيدة فقال لها‪ :‬إن هذا جاءني فقال‪ :‬إنك‬
‫أرسلت إلي في صاحب البقرة التي ضربها بفأس فان كان الدم خرج معتدل‬
‫فكلوا وأطعموا‪ ،‬وإن كان خرج خروجا عتيا )‪ (1‬فل تقربوه‪ ،‬قال‪ :‬فأخذت‬
‫الغلم )‪ (2‬فأرادت ضربه فبعث إليها اسقيه السويق فانه ينبت اللحم ويشد‬
‫العظم )‪ .(3‬تبيان‪ :‬رواه الكليني )‪ (4‬رحمه ال عن محمد بن يحيى عن‬
‫أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسن بن مسلم )‪ (5‬قال‪ :‬كنت عند‬
‫أبي عبد ال عليه السلم إذ جاءه محمد بن عبد السلم فقال له‪ :‬جعلت‬
‫فداك يقول لك جدي‪ :‬إن رجل ضرب بقرة بفأس فسقطت ثم ذبحها‪ ،‬فلم‬
‫يرسل معه بالجواب‪ ،‬ودعا سعيدة مولة أم فروة فقال لها‪ :‬إن محمدا‬
‫جاءني برسالة منك فكرهت )‪ (6‬أن ارسل إليك بالجواب معه‪ ،‬فان كان‬
‫الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتدل فكلوا وأطعموا‪ ،‬وإن كان‬
‫خرج خروجا متثاقل فل تقربوه‪ .‬وروى في التهذيب أيضا بإسناده عن‬
‫أحمد بن محمد )‪ (7‬والظاهر أن سعيدة أرسلها إلى جد محمد والتقدير فقال‬
‫لها‪ :‬قولي له‪ :‬إن محمدا‪ ،‬ويحتمل أن يكون في الصل‪ " :‬جدتي " وكانت‬
‫هي سعيدة كما هو ظاهر قرب السناد‪ .‬وفي القاموس‪ :‬الوقذ‪ :‬شدة الضرب‬
‫وشاة وقيذ وموقوذة قتلت بالخشب‪ ،‬والوقيذ‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ " :‬منتنا " أقول‪ :‬لعله مصحف متثاقل‪ (2) .‬لعله الرجل الذى‬
‫ضرب البقرة بفأس‪ (3) .‬قرب السناد‪ (4) .21 :‬في الفروع ‪) .232 :6‬‬
‫‪ (5‬في المصدر‪ :‬على بن الحكم عن سليم الفراء عن الحسن بن مسلم‪) .‬‬
‫‪ (6‬كره ان يرسل معه بالجواب اما لنه كان يتقى عنه أو كان في المجلس‬
‫من يتقى عنه‪ (7) .‬رواه الشيخ في التهذيب ‪ 56 :9‬وفيه‪ :‬احمد بن محمد‬
‫عن على بن الحكم عن سليم الفراء عن الحسين بن مسلم‪.‬‬

‫]‪[319‬‬

‫السريع‪ ،‬والشديد المرض المشرف كالموقوذ ووقذه‪ :‬صرعه وسكته وغلبه وتركه‬
‫عليل كأوقذه‪ ،‬وقوله عتيا تصحيف‪ ،‬والظاهر متثاقل كما في الكتابين‪.‬‬
‫وعلى تقديره كناية عن التثاقل‪ ،‬لن عتيا بضم العين وكسرها مصدر عتا‬
‫بمعنى استكبر وتجاوز عن الحد‪ ،‬كأن الدم يستكبر عن الخروج‪ .‬وفي بعض‬
‫النسخ " عننا " بنونين من قولهم‪ :‬عن السير فلنا أضعفه وأعناه‪ ،‬قال‬
‫فأخذت الغلم‪ ،‬أي أخذت سعيدة أو الجدة إن كانت غيرها‪ ،‬محمدا )‪(1‬‬
‫فأرادت ضربه لظنها أنه قصر في البلغ‪ ،‬أو كان السؤال بغير أمرها‪،‬‬
‫والمر بسقي السويق لتلفي ما أصابه من خوف الضرب والخبر الصحيح‬
‫يدل على الكتفاء في إدراك التذكية بخروج الدم المعتدل‪ - 19 .‬الخصال‪:‬‬
‫عن أحمد بن زياد والحسين بن إبراهيم وعلي بن عبد ال الوراق وحمزة‬
‫بن محمد العلوي جميعا عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن زياد‬
‫الزدي و أحمد بن محمد البزنطي معا عن أبان بن عثمان عن أبان بن‬
‫تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلم أنه قال في قوله‬
‫عزوجل‪ " :‬حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير )‪ " (2‬الية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫الميتة والدم ولحم الخنزير معروف " وما أهل لغير ال به " يعنى ما ذبح‬
‫للصنام‪ .‬وأما المنخنقة فان المجوس كانوا ل يأكلون الذبايح ويأكلون‬
‫الميتة‪ ،‬وكانوا يخنقون البقر والغنم‪ ،‬فإذا اختنقت وماتت أكلوها "‬
‫والمتردية " كانوا يشدون أعينها ويلقونها من السطح فإذا ماتت أكلوها‪،‬‬
‫و " النطيحة " كانوا يناطحون )‪ (3‬بالكباش فإذا ماتت إحداها أكلوا " وما‬
‫أكل السبع إل ما ذكيتم " فكانوا يأكلوا ما يقتله الذئب والسد )‪(4‬‬

‫)‪ (1‬مفعول اخذت‪ .‬أي اخذت سعيدة محمدا‪ .‬أقول‪ :‬تقدم منا احتمال آخر‪(2) .‬‬
‫المائدة‪ (3) .4 :‬نطحه الثور ونحوه‪ :‬أصابه بقرنه‪ .‬وناطحه بمعنى نطحه‪.‬‬
‫)‪ (4‬هكذا في المخطوطة والمصدر‪ ،‬وفى المطبوعة‪ " :‬الذئب والسد‬
‫والرنب " وفى التفسير‪ :‬والسد والدب‪.‬‬

‫]‪[320‬‬

‫فحرم ال ذلك " وما ذبح على النصب " كانوا يذبحون لبيوت النيران‪ ،‬وقريش‬
‫كانوا يعبدون الشجر والصخر فيذبحون لهما‪ " .‬وأن تستقسموا بالزلم‬
‫ذلكم فسق " قال‪ :‬كانوا يعمدون إلى الجزور فيجزونه عشرة أجزاء ثم‬
‫يجتمعون عليه فيخرجون السهام ويدفعونها إلى رجل‪ ،‬والسهام عشرة‪:‬‬
‫سبعة لها أنصباء )‪ ،(1‬وثلثة ل أنصباء لها‪ ،‬فالتي لها أنصباء‪ :‬الفذ‬
‫والتوأم والمسبل والنافس والحلس والرقيب والمعلى‪ ،‬فالفذله سهم‪،‬‬
‫والتوأم له سهمان‪ ،‬والمسبل له ثلثة أسهم‪ ،‬والنافس له أربعة أسهم‪،‬‬
‫والحلس له خمسة أسهم‪ ،‬والرقيب له ستة أسهم‪ ،‬والمعلى به سبعه أسهم‪.‬‬
‫والتي ل أنصباء لها‪ :‬السفيح والمنيح والوغد‪ ،‬وثمن الجزور على من ]لم[‬
‫يخرج له من النصباء شئ وهو القمار فحرمه ال عزوجل )‪ .(2‬تفسير‬
‫علي بن إبراهيم مرسل مثله إل أنه قال قبل المتردية‪ " :‬والموقوذة‪ :‬كانوا‬
‫يشدون أرجلها ويضربونها حتى تموت فإذا ماتت أكلوها والمتردية كانوا‬
‫يشدون أعينها " )‪ (3‬الخ وكأنه سقط من النساخ أو الرواة‪ .‬وأقول‪ :‬هذا‬
‫الخبر صريح في مخالفة المشهور في السبعة إل في الول والثاني والسابع‬
‫كما عرفت قوله‪ :‬عليه السلم " على من لم يخرج له من النصباء " اللم‬
‫للعهد أي الثلثة وفي بعض النسخ‪ " :‬على من لم يخرج " فالمراد‬
‫بالنصباء السبعة‪ - 20 .‬قرب السناد‪ :‬عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن‬
‫صدقة قال‪ :‬سئل الصادق عن ذبيحة الغلف فقال عليه السلم‪ :‬كان علي‬
‫عليه السلم ل يرى بها بأسا )‪ .(4‬بيان‪ :‬ل خلف فيه ظاهرا بين‬
‫الصحاب‪ ،‬قال في الدروس‪ :‬يحل ذبيحة المميز والمرأة والخصي والخنثى‬
‫والجنب والحائض والغلف والعمي إذا سدد لما روي‬

‫)‪ (1‬أنصباء جمع النصيب‪ :‬الحظ‪ .‬الحصة من الشئ‪ (2) .‬الخصال ‪ 451 :2‬و ‪.452‬‬
‫)‪ (3‬تفسير القمى‪ 149 :‬و ‪ (4) .150‬قرب السناد‪) 24 :‬ط ‪.(1‬‬
‫]‪[321‬‬

‫عنهما عليهما السلم وولد الزنا على القرب )‪ - 21 .(1‬قرب السناد‪ :‬عن الحسن‬
‫بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال‪:‬‬
‫كان علي عليه السلم يقول‪ :‬ل بأس بذبيحة المروة والعود وأشباههما ما‬
‫خل السن والعظم )‪ - 22 .(2‬بالسناد عن علي عليه السلم أنه كان يقول‪:‬‬
‫إذا أسرعت السكين في الذبيحة فقطعت الرأس فل بأس بأكلها )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫يدل الخبر الول على جواز الذبح بالحجارة المحددة والعود وأشباههما‬
‫وحمل على الضرورة‪ ،‬والثاني منطوقا على عدم البأس بابانة الرأس إذا‬
‫كان بغير اختيار ومفهوما على مرجوحية الكل إذا كانت البانة عمدا‪،‬‬
‫وفيه قولن‪ :‬أحدهما التحريم ذهب إليه الشيخ في النهاية وابن الجنيد‬
‫وجماعة لصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلم أنه قال‪ :‬ل تنخع‬
‫ول تقطع الرقبة بعد ما يذبح )‪ .(4‬قالوا‪ :‬هو نهي‪ ،‬والصل فيه التحريم‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬الكراهة ذهب إليه الشيخ في الخلف وابن إدريس والمحقق‬
‫والعلمة في غير المختلف‪ ،‬ثم على تقدير التحريم هل تحرم الذبيحة أم ل ؟‬
‫فيه قولن‪ :‬أحدهما التحريم ذهب إليه الشيخ في النهاية وابن زهرة‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ل يحرم لصحيحة محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلم أنه سئل عن‬
‫ذابح طير قطع رأسه أيؤكل منه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولكن ل يتعمد )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الدروس‪ :‬كتاب الصيد والذباحة‪ (2) .‬قرب السناد‪ (3) .51 :‬قرب السناد‪:‬‬
‫‪ (4) .51‬رواه الكليني في الفروع والشيخ في التهذيب راجع الوسائل‬
‫‪ (5) .267 :16‬لم نجد ذلك عن محمد بن مسلم‪ ،‬نعم روى مثل ذلك‬
‫الصدوق في الفقيه عن حماد عن الحلبي‪ .‬راجع الوسائل ‪.259 :16‬‬

‫]‪[322‬‬

‫ولو أبان الرأس بغير تعمد فل إشكال في عدم التحريم لهذا الخبر وغيره من‬
‫الخبار‪ - 23 .‬كتاب المسائل‪ :‬بالسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل ذبح فقطع الرأس قبل أن تبرد الذبيحة‪،‬‬
‫كان ذلك‪ ،‬منه خطأ أو سبقه السكين أيؤكل ذلك ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولكن ل يعود )‬
‫‪ - 24 .(1‬الخصال‪ :‬عن أحمد بن الحسن القطان عن الحسن بن علي‬
‫السكري )‪ (2‬عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة‬
‫عن أبيه عن جابر الجعفي عن الباقر عليه السلم قال‪ :‬ل تذبح المرأة إل‬
‫من اضطرار )‪ - 25 .(3‬مجالس ابن الشيخ عن أبيه عن الحسين بن عبيد‬
‫ال عن هارون بن موسى التلعكبري عن عبد ال بن إبراهيم بن قتيبة‬
‫البرقي عن محمد البرقي عن زكريا المؤمن عن إسحاق بن عبد ال‬
‫الشعري قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل تستعن بالمجوس‬
‫ولو على أخذ قوائم شاتك وأنت تريد ذبحها )‪ .(4‬بيان‪ :‬محمول على‬
‫الكراهة‪ ،‬ويدل على أنه يجوز أن يأخذ غير الذابح قوائم الشاة عند الذبح‪.‬‬
‫‪ - 26‬معاني الخبار‪ :‬عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار‬
‫عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن فضالة عن أبان عن عبد‬
‫الرحمن بن أبي عبد ال عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل‪:‬‬
‫" فإذا وجبت جنوبها " )‪ (5‬قال‪ :‬إذا وقعت على الرض " فكلوا منها‬
‫وأطعموا القانع والمعتر " الخبر )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬بحار النوار ‪ 278 :10‬طبعة الخوندى‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬الحسن بن على‬
‫العسكري‪ (3) .‬الخصال‪) 141 :2 :‬ط ‪ (1‬و ‪ 585 ،2‬طبعة الغفاري‪(4) .‬‬
‫أمالى الطوسى‪ (5) ...‬الحج‪ (6) .36 :‬معاني الخبار‪ 208 :‬طبعة‬
‫الغفاري‪.‬‬

‫]‪[323‬‬

‫‪ - 27‬العيون والعلل بالسانيد المتقدمة في باب علل تحريم المحرمات عن محمد بن‬
‫سنان أن أبا الحسن الرضا عليه السلم كتب إليه‪ :‬حرم ما اهل به لغير ال‬
‫للذي أوجب على خلقه من القرار به وذكر اسمه على الذبائح المحللة‪،‬‬
‫ولئل يساوى بين ما تقرب به إليه وبين ما جعل عبادة للشياطين والوثان‪،‬‬
‫لن في تسمية ال عزوجل القرار بربوبيته وتوحيده وما في الهلل لغير‬
‫ال من الشرك به والتقرب به إلى غيره ليكون ذكر ال وتسميته على‬
‫الذبيحة فرقا بين ما أحل وبين ما حرم )‪ .(1‬توضيح‪ :‬كأن قوله‪ " :‬حرم ما‬
‫أهل به " إلى قوله " المحللة " تعليل لوجوب ذكر اسمه سبحانه على‬
‫الذبائح‪ ،‬والمعنى أنه لما كان أعظم أصول الدين القرار به سبحانه وكان‬
‫تكرير ذلك سببا لرسوخ هذا العتقاد وإعلن المر الذي به يتحقق إسلم‬
‫العباد وكان الذبح مما يحتاج إليه الناس ويتكرر وقوعه‪ ،‬فلذا أوجب على‬
‫على العباد القرار بذلك عنده‪ ،‬وبقية الكلم تعليل لتحريم ذكر اسم غيره‬
‫تعالى عند الذبائح‪ ،‬لنه يتضمن خلف هذا المقصود وإعلن الشرك‬
‫والقرار به‪ ،‬فحرم الذبيحة عند ذلك لينزجروا فقوله‪ " :‬ليكون ذكر ال "‬
‫كالنتيجة لما تقدم‪ ،‬وال يعلم‪ - 27 .‬العياشي‪ :‬عن يونس بن يعقوب قال‪:‬‬
‫قلت لبي عبد ال عليه السلم إن أهل مكة يذبحون البقر في اللبب فما‬
‫ترى في أكل لحومها ؟ قال‪ :‬فسكت هنيهة ثم قال‪ :‬قال ال‪ " :‬فذبحوها وما‬
‫كادوا يفعلون " ل تأكل إل ما ذبح من مذبحه )‪ - 28 .(2‬ومنه‪ :‬عن زرارة‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كل كل شئ من الحيوان غير الخنزير‬
‫والنطيحة والموقوذة والمتردية وما أكل السبع وهو قول ال‪ " :‬إل ما‬
‫ذكيتم " فان أدركت شيأ منها وعين تطرف أو قائمة تركض أو ذنب يمصع‬
‫فذبحت فقد أدركت ذكاته فكله‪ ،‬قال‪ :‬وإن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت‬
‫في النار أو في الماء‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار‪) 244 :‬طبعة التفرشى( فيه‪ " :‬لئل يسوى " وفيه‪ :‬فرقا بين ما‬
‫احل ال وبين ما حرم ال‪ (2) .‬تفسير العياشي ‪ 47 :1‬ورواه الكليني‬
‫والطوسي راجع الوسائل ‪.257 :16‬‬

‫]‪[324‬‬

‫أو من فوق بيت أو من فوق جبل إذا كنت قد أجدت الذبح فكل )‪ .(1‬بيان‪ :‬قوله "‬
‫والنطيحة " إما عطف على الخنزير فالمراد بها وبما بعدها عدم إدراك‬
‫ذكاتها‪ ،‬أو عطف على الحيوان‪ ،‬أو على كل شئ‪ ،‬والمراد إدراك التذكية‬
‫وهو أظهر وأنسب بما بعده‪ ،‬وعلى التقديرين مخصص بالكلب والمسوخات‬
‫وغيرهما مما مر ومصعت الدابة بذنبها حركه وهو كمنع‪ ،‬والمراد باجادة‬
‫الذبح قطع ما يجب قطعه من أعضاء الذبح‪ ،‬ويدل على أنه إذا وقع على‬
‫الذبيحة بعد الذبح وقبل الموت ما يوجب هلكه لو لم يذبح لم يضر‪ .‬قال في‬
‫التحرير‪ :‬إذا قطع العضاء فوقع المذبوح في الماء قبل خروج الروح أو‬
‫وطئه ما خرج الروح به لم يحرم‪ - 29 .‬العياشي‪ :‬عن الحسن بن علي‬
‫الوشا عن أبي الحسن الرضا عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬المتردية‬
‫والنطيحة وما أكل السبع إذا أدركت ذكاته فكله )‪ - 30 .(2‬ومنه‪ :‬عن‬
‫عيوق بن قسوط عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬المنخنقة "‬
‫قال‪ :‬التي تختنق في رباطها‪ ،‬والموقوذة‪ :‬المريضة التي ل تجد ألم الذبح‬
‫ول تضطرب ول يخرج لها دم‪ ،‬والمتردية‪ :‬التي تردى من فوق بيت أو‬
‫نحوه‪ ،‬والنطيحة التى ينطح صاحبها )‪ .(3‬بيان‪ :‬ينطح صاحبها أي ينطحها‬
‫صاحبها‪ - 31 .‬العياشي‪ :‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يذبح‬
‫الذبيحة فيهلل أو يسبح أو يحمد أو يكبر‪ ،‬قال‪ :‬هذا كله من أسماء ال )‪.(4‬‬
‫‪ - 32‬العياشي عن ابن سنان عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫ذبيحة المرأة والغلم هل يؤكل ؟ قال نعم إذا كانت المرأة مسلمة وذكرت‬
‫اسم ال حلت ذبيحتها‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ 291 :1‬و ‪ 292‬ورواه الطوسى في التهذيب راجع الوسائل‬
‫‪ (2) .262 :16‬تفسير العياشي ‪ (3) .292 :1‬تفسير العياشي ‪) .292 :1‬‬
‫‪ (4‬تفسير العياشي ‪.375 :1‬‬

‫]‪[325‬‬
‫وإذا كان الغلم قويا على الذبح وذكر اسم ال حلت ذبيحته‪ ،‬وإن كان الرجل مسلما‬
‫فنسي أن يسمى فل بأس إذا لم تتهمه )‪ .(1‬بيان‪ :‬ل خلف في عدم حل‬
‫ذبيحة المجنون والصبي غير المميز‪ ،‬ول في أنه تحل ذبيحة الصبي المميز‬
‫إذا أحسن الذبح وسمى‪ ،‬وفي بعض الخبار‪ :‬إذا تحرك و كان له خمسة‬
‫أشبار وأطاق الشفرة )‪ ،(2‬وكان تلك الوصاف لبيان القدرة والتميز وفي‬
‫بعض الخبار‪ :‬إذا خيف فوت الذبيحة ولم يوجد غيره وفي بعضها‪ :‬إذا‬
‫اضطروا إليه‪ ،‬وكأنها محمولة على الكراهة مع عدم الضرورة وإن لم‬
‫يذكرها الصحاب‪ ،‬و الحوط العمل بها‪ ،‬قوله عليه السلم‪ " :‬إذا لم تتهمه‬
‫" بأن يكون مخالفا ل يعتقد وجوب التسمية ويتهم بتركه عمدا موافقا‬
‫لعقيدته‪ - 33 .‬تفسير المام‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬قال ال عزوجل‪ " :‬إنما‬
‫حرم عليكم الميتة " التي ماتت حتف أنفها بل ذباحة من حيث أذن ال فيها‬
‫" والدم ولحم الخنزير " أن يأكلوه " وما أهل به لغير ال " ما ذكر عليه‬
‫اسم غير ال من الذبايح وهي التي تتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي‬
‫اتخذوها من دون ال )‪ - 34 .(3‬النجاشي عن أحمد بن علي بن نوح عن‬
‫فهد بن إبراهيم عن محمد بن الحسن عن محمد بن موسى الحرشي عن‬
‫ربعي بن عبد ال بن الجارود قال‪ :‬سمعت الجارود يحدث قال‪ :‬كان رجل‬
‫من بني رياح يقال له‪ :‬سحيم بن أثيل نافر غالبا أبا الفرزدق بظهر الكوفة‬
‫على أن يعقر هذا من إبله مائة إذا وردت الماء )‪ ،(4‬فلما وردت الماء‬
‫قاموا إليها بالسيوف فجعلوا يضربون عراقيبها فخرج الناس على‬
‫الحميرات والبغال يريدون اللحم‪ ،‬قال‪ :‬و علي عليه السلم بالكوفة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فجاء على بغلة رسول ال صلى ال عليه وآله إلينا وهو ينادي‪ :‬أيها‬
‫الناس‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ‪ (2) .375 :1‬راجع الوسائل ‪ (3) .275 :16‬التفسير المنسوب‬
‫إلى المام العسكري )ع(‪ (4) .245 :‬في المصدر‪ :‬على أن يعقر هذا من‬
‫ابله مائة‪ ،‬وهذا من ابله مائة إذا وردت الماء‬

‫]‪[326‬‬

‫ل تأكلوا من لحومها وإنما اهل بها لغير ال )‪ .(1‬توضيح‪ " :‬نافر " بالنون والفاء‬
‫أي غالبه بالمراهنة بالسباق أو بالمفاخرة بالحسب أو الكرم والسخاء في‬
‫القاموس‪ :‬النفر‪ :‬الغلبة‪ ،‬والنفارة بالضم ما يأخذه النافر من المنفور أي‬
‫الغالب من المغلوب‪ ،‬وأنفره عليه ونفره‪ :‬قضى له عليه بالغلبة‪ ،‬ونافرا‪:‬‬
‫حاكما في الحسب أو المفاخرة‪ .‬وفي النهاية في حديث أبي ذر نافر أخى‬
‫أنيس فلنا الشاعر تنافر الرجلن‪ :‬إذا تفاخرا ثم حكما بينهما واحدا‪ ،‬أراد‬
‫أنهما تفاخرا أيهما أجود شعرا‪ ،‬والمنافرة المفاخرة والمحاكمة يقال‪ :‬نافره‬
‫فنفره ينفره بالضم‪ :‬إذا غلبه انتهى )‪ .(2‬فالظهر أن المراد أنهما تفاخرا‬
‫فراهنا على أن من حكم عليه يعقر مائة من البل‪ ،‬وقوله عليه السلم‪ :‬اهل‬
‫بها لغير ال لعله أراد به أنها أخذت بالمراهنة كالقمار ول يحل أكلها‪،‬‬
‫فيحمل على أنهم نحروها بعد العقر أو ذكر عليه السلم أحد أسباب‬
‫حرمتها‪ ،‬ويحمل على أنها كانت نافرة ل يقدر عليها ولم يسموا عليها‪ ،‬فلذا‬
‫علل بعد التسمية وكأن الول أظهر‪ - 35 .‬كتاب الغارات لبراهيم بن محمد‬
‫الثقفي عن بشيرين خيثمة عن عبد القدوس عن أبى إسحاق عن الحارث‬
‫عن أمير المؤمنين عليه السلم أنه دخل السوق وقال‪ :‬يا معشر اللحامين‬
‫من نفخ منكم في اللحم فليس منا )‪ .(3‬بيان‪ :‬النفخ في اللحم يحتمل‬
‫الوجهين‪ :‬الول ما هو الشايع من النفخ في الجلد لسهولة السلخ‪ ،‬والثاني‬
‫التدليس الذي يفعل الناس من النفخ في الجلد الرقيق الذي على اللحم ليرى‬
‫سمينا‪ ،‬وهذا أظهر‪ - 35 .‬المجازات النبوية‪ :‬نهى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله في حديث طويل عن الذبح بالسن والظفر أما السن فعظم‪ ،‬وأما‬
‫الظفر فمدى الحبشة‪.‬‬

‫)‪ (1‬فهرست النجاشي‪ 119 :‬و ‪) 120‬ط ‪ (2) .(1‬النهاية ‪ 173 :4‬وزاد‪ :‬ونفره‬
‫وأنفره‪ :‬إذا حكم له بالغلبة‪ (3) .‬كتاب الغارات‪ :‬لم يطبع بعد‪.‬‬

‫]‪[327‬‬

‫قال السيد رضي ال عنه‪ :‬وهذا استعارة والمدى السكاكين‪ ،‬فكأنه عليه السلم قال‪:‬‬
‫والظفار سكاكين الحبشة لنهم يذبحون بحدها ويقيمونها مقام المدى في‬
‫التذكية بها والظفر ههنا اسم للجنس كالدينار والدرهم في قولهم‪ :‬أهلك‬
‫الناس الدينار والدرهم أي الدنانير والدراهم‪ ،‬ولذلك صح أن يقول‪ :‬مدى‬
‫الحبشة‪ ،‬والمدى جمع لن الواحدة مدية )‪ .(1‬تأييد‪ :‬قال في القاموس‪:‬‬
‫المدية مثلثة‪ :‬الشفرة‪ ،‬والجمع مدى ومدى‪ - 36 .‬المحاسن‪ :‬عن علي بن‬
‫الريان عن عبيد ال بن عبد ال الواسطي عن واصل ابن سليمان عن‬
‫درست )‪ (2‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الرأس موضع الذكاة الحديث‬
‫)‪ - 37 .(3‬قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن عن جده عن علي بن‬
‫جعفر عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن البدنة كيف ينحرها ؟‬
‫قائمة أو باركة ؟ قال‪ :‬يعقلها وإن شاء قائمة وإن شاء باركة )‪- 38 .(4‬‬
‫الدعائم‪ :‬عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلم أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬من ذبح ذبيحة فليحد شفرته وليرح ذبيحته‪ - 39 .‬وعن‬
‫أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا أردت أن تذبح ذبيحة فل تعذب البهيمة‬
‫أحد الشفرة واستقبل القبلة ول تنخعها حتى تموت‪ ،‬يعني بقوله‪ " :‬ول‬
‫تنخعها " قطع النخاع‪ ،‬وهو عظم في العنق‪ - 40 .‬وعن أبي جعفر وأبي‬
‫عبد ال عليهما السلم أنهما قال فيمن ذبح بغير القبلة‪ :‬إن كان أخطا أو‬
‫نسي أو جهل فل شئ عليه وتؤكل ذبيحته‪ ،‬وإن تعمد ذلك فقد أساء‪ ،‬ول‬
‫يجب )‪ (5‬أن تؤكل ذبيحته تلك إذا تعمد خلف السنة‪.‬‬

‫)‪ (1‬المجازات النبوية‪ .430 :‬طبع القاهرة‪ (2) .‬في المصدر‪ :‬أو درست قال‪ :‬ذكرنا‬
‫الرؤوس عند أبى عبد ال والرأس من الشاة فقال‪ :‬الرأس موضع الذكاة‬
‫وأقرب من المرعى وأبعد من الذى‪ (3) .‬المحاسن‪ (4) .469 :‬قرب‬
‫السناد‪ 104 :‬فيه‪ :‬يعقلها ان شاء قائمة ا‍ه‪ (5) .‬في المخطوطة‪ :‬ول‬
‫يوجب‪.‬‬

‫]‪[328‬‬

‫‪ - 41‬وعن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا ذبح أحدكم فليقل‪ :‬بسم ال وال أكبر‪42 .‬‬
‫‪ -‬قال‪ :‬أبو جعفر عليه السلم ويجزيه أن يذكر ال وما ذكر ال عزوجل به‬
‫أجزأه وإن ترك التسمية متعمدا لم تؤكل ذبيحته‪ ،‬وإن جهل ذلك أو نسيه‬
‫سمى إذا ذكر و أكل‪ - 43 .‬وعن رسول ال عليه السلم أنه نهى عن المثلة‬
‫بالحيوان وعن صبر البهائم‪ .‬والصبر )‪ (4‬الحبس‪ ،‬ومن حبس شيئا فقد‬
‫صبره‪ ،‬ومنه قيل‪ :‬قتل فلن صبرا‪ :‬إذا أمسك على الموت‪ ،‬فالمصبورة من‬
‫البهائم هي المختمة كالدجاجة وغيرها من الحيوان تربط و توضع في‬
‫مكان ثم ترمى حتى تموت‪ - 44 .‬وعن أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬من‬
‫قتل عصفورا عبثا أتى ال به يوم القيامة وله صراخ يقول‪ :‬يا رب سل هذا‬
‫فيم قتلني بغير ذبح ؟ فليحذر أحدكم من المثلة و ليحد شفرته ول يعذب‬
‫البيهمة‪ - 45 .‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه نهى عن أن تسلخ‬
‫الذبيحة أو تقطع رأسها حتى تموت وتهدأ‪ - 46 .‬وعن أبي جعفر عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬اذبح في المذبح يعني دون الغلصمة‪ ،‬ول تنخع الذبيحة ول‬
‫تكسر الرقبة حتى يموت‪ - 47 .‬وعن أبي عبد ال عليه السلم أنه سئل‬
‫عمن ينخع الذبيحة من قبل أن تموت يعني كسر عنقها‪ ،‬قال‪ :‬قد أساء ول‬
‫بأس بأكلها‪ - 48 .‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه نهى عن قطع‬
‫رأس الذبيحة في وقت الذبح‪ - 49 .‬وعن علي عليه السلم أنه كتب إلى‬
‫رفاعة‪ :‬أن يأمر القصابين أن يحسنوا الذبح‪ ،‬فمن صمم فليعاقبه‪ ،‬وليلق ما‬
‫ذبح إلى الكلب‪ - 50 .‬وعن أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬ول يتعمد‬
‫الذابح قطع الرأس فان ذلك جهل‪ - 51 .‬وعنه وعن أبي عبد ال عليهما‬
‫السلم أنهما قال فيمن لم يتعمد قطع رأس‬

‫)‪ (1‬الظاهر أن التفسير من صاحب الدعائم‪.‬‬


‫]‪[329‬‬

‫الذبيحة في وقت الذبح ولكن سبقه السكين فأبان رأسها قال‪ :‬تؤكل إذا لم يتعمد ذلك‪.‬‬
‫‪ - 52‬وعن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه نهى عن الذبح إل في‬
‫الحلق‪ ،‬يعني إذا كان ممكنا‪ - 53 .‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ول تؤكل‬
‫ذبيحة لم تذبح من مذبحها‪ - 54 .‬وقال أبو عبد ال عليه السلم ولو تردى‬
‫ثور أو بعير في بئر أو حفرة أو هاج فلم يقدر على منحره ول مذبحه فانه‬
‫يسمى ال عليه ويطعن حيث أمكن منه ويؤكل‪ - 55 .‬وعن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله أنه نهى عن الذبح بغير الحديد‪ - 56 .‬وعن علي وأبي جعفر‬
‫وأبي عبد ال عليهم السلم أنهم قالوا‪ :‬ل ذكاة إل بحديدة‪ - 57 .‬وعن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله أنه كره ذبح ذات الجنين وذات الدر بغير‬
‫علة‪ - 58 .‬وعن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم أنهما رخصا في‬
‫ذبيحة الغلم إذا قوى على الذبح وذبح على ما ينبغي‪ ،‬وكذلك العمى إذا‬
‫سدد‪ ،‬وكذلك المرأة إذا أحسنت‪ - 59 .‬وعن علي عليه السلم أنه سئل عن‬
‫الذبح على غير طهارة فرخص فيه‪ - 60 .‬وعن أبي جعفر عليه السلم أنه‬
‫رخص في ذبيحة الخرس‪ ،‬إذا عقل التسمية وأشار بها )‪ .(1‬توضيح‪ :‬قال‬
‫في النهاية‪ " :‬فيه أنه نهى عن المثلة " يقال‪ :‬مثلت بالحيوان أمثل به‬
‫مثل‪ :‬إذا قطعت أطرافه وشوهت به‪ ،‬والسم المثلة‪ ،‬ومنه الحديث‪ " :‬نهى‬
‫أن يمثل بالدواب " أي تنصب فترمى‪ ،‬أو تقطع أطرافها وهي حية‪ ،‬وزاد‬
‫في الرواية‪ :‬وأن يؤكل الممثول بها )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم‪ :‬ليست نسخته موجودة عندي‪ (2) .‬النهاية ‪.82 :4‬‬

‫]‪[330‬‬

‫وقال‪ :‬فيه " انه نهى عن قتل شئ من الدواب صبرا " هو أن يمسك شئ من ذوات‬
‫الروح حيا ثم يرمى بشي حتى يموت‪ ،‬ومنه الحديث‪ :‬نهى عن المصبورة‪،‬‬
‫ونهى عن صبر ذي الروح انتهى )‪ (1‬وفسر بعض أصحابنا الذبح صبرا‬
‫بأن يذبحه وحيوان آخر ينظر إليه‪ ،‬ولم أجد هذا المعنى في اللغة‪ ،‬وتهدأ أي‬
‫تسكن‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬الغلصمة‪ :‬رأس الحلقوم‪ ،‬وهو الموضع الناتي في‬
‫الحلق‪ ،‬وغلصمه أي قطع غلصمته‪ " .‬فمن صمم " كذا في النسخ‪ ،‬فهو‬
‫إما بالتخفيف كعلم بفك الدغام كما جوز هنا أي لم يسمع ولم يقل‪ ،‬أو‬
‫بالتشديد على بناء التفعيل أي عزم على ما هو عليه ولم ير تدع‪ ،‬وقال في‬
‫المسالك‪ :‬الخرس إن كان له إشارة مفهمة حلت ذبيحته‪ ،‬وإل فهو كغير‬
‫القاصد )‪ - 61 .(2‬التهذيب‪ :‬باسناده عن علي بن أسباط عن أبي مخلد‬
‫السراج قال‪ :‬كنت عند أبي عبد ال عليه السلم إذ دخل عليه معتب فقال‪:‬‬
‫بالباب رجلن‪ ،‬فقال‪ :‬أدخلهما‪ ،‬فدخل‪ ،‬فقال أحدهما‪ :‬انى رجل سراج أبيع‬
‫جلود النمر فقال‪ :‬مدبوغة هي ؟ قال‪ :‬نعم قال ليس به بأس )‪- 62 .(3‬‬
‫ومنه‪ :‬بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي القاسم الصيقل قال‪:‬‬
‫كتبت إليه‪ :‬قوائم السيوف التي تسمى السفن أتخذها من جلود السمك فهل‬
‫يجوز العمل بها ولسنا نأكل لحومها ؟ فكتب ل بأس )‪ .(4‬بيان‪ :‬اعلم أن‬
‫الحيوان منه ما تقع عليه الزكاة إجماعا‪ ،‬وهو ما يؤكل لحمه‪ ،‬ومنه ما ل‬
‫تقع عليه إجماعا‪ ،‬وهو الدمي مطلقا‪ ،‬ونجس العين كالكلب والخنزير‬

‫)‪ (1‬النهاية ‪ (2) .272 :2‬مسالك الفهام ‪ (3) .225 :2‬التهذيب ‪(4) .374 :6‬‬
‫التهذيب ‪.371 :6‬‬

‫]‪[331‬‬

‫بمعنى أن الدمي ل تطهر ميتته بالذبح وإن جاز ذبحه كالكافر‪ ،‬ونجس العين ل‬
‫يطهر بالذكاة بل تبقى على نجاسته‪ ،‬ومنه ما في وقوعها عليه خلف‪:‬‬
‫فمنها المسوخ فمن قال‪ :‬بنجاستها كالشيخين وسلر قال‪ :‬بعدم وقوع‬
‫الذكاة عليها‪ ،‬كما ل تقع على الكلب والخنزير وهو ضعيف‪ ،‬ومن قال‪:‬‬
‫بطهارتها كأكثر الصحاب اختلفوا فذهب المرتضى وجماعة إلى وقوعها‬
‫عليها‪ ،‬ونفاه جماعة‪ ،‬ومنها الحشرات كالفأر وابن عرس والضب‪،‬‬
‫والخلف فيه كالخلف في سابقه‪ .‬الثالث السباع كالسد والنمر والفهد‬
‫والثعلب‪ ،‬والمشهور بين الصحاب وقوع الذكاة عليها بمعنى إفادتها جواز‬
‫النتفاع بجلدها لطهارته‪ ،‬وقال الشهيد رحمه ال‪ :‬ل يعلم القائل بعدم وقوع‬
‫الذكاة عليها‪ ،‬وقد دلت عليه أخبار وإن قدح في أسناد أكثرها وإذا قلنا‬
‫بوجوب الذكاة على السباع أو غيرها من غير المأكول فالشهر بين‬
‫المتأخرين أن طهارة جلدها ل يتوقف على الدباغ‪ ،‬وقال الشيخان‬
‫والمرتضى والقاضي وابن إدريس بافتقاره إلى الدبغ ببعض الخبار التي‬
‫يمكن حملها على الستحباب‪.‬‬

‫]‪[332‬‬

‫بسمه تعالى انتهى الجزء التاسع من المجلد الرابع عشر ‪ -‬كتاب‬

‫]‪[331‬‬

‫بمعنى أن الدمي ل تطهر ميتته بالذبح وإن جاز ذبحه كالكافر‪ ،‬ونجس العين ل‬
‫يطهر بالذكاة بل تبقى على نجاسته‪ ،‬ومنه ما في وقوعها عليه خلف‪:‬‬
‫فمنها المسوخ فمن قال‪ :‬بنجاستها كالشيخين وسلر قال‪ :‬بعدم وقوع‬
‫الذكاة عليها‪ ،‬كما ل تقع على الكلب والخنزير وهو ضعيف‪ ،‬ومن قال‪:‬‬
‫بطهارتها كأكثر الصحاب اختلفوا فذهب المرتضى وجماعة إلى وقوعها‬
‫عليها‪ ،‬ونفاه جماعة‪ ،‬ومنها الحشرات كالفأر وابن عرس والضب‪،‬‬
‫والخلف فيه كالخلف في سابقه‪ .‬الثالث السباع كالسد والنمر والفهد‬
‫والثعلب‪ ،‬والمشهور بين الصحاب وقوع الذكاة عليها بمعنى إفادتها جواز‬
‫النتفاع بجلدها لطهارته‪ ،‬وقال الشهيد رحمه ال‪ :‬ل يعلم القائل بعدم وقوع‬
‫الذكاة عليها‪ ،‬وقد دلت عليه أخبار وإن قدح في أسناد أكثرها وإذا قلنا‬
‫بوجوب الذكاة على السباع أو غيرها من غير المأكول فالشهر بين‬
‫المتأخرين أن طهارة جلدها ل يتوقف على الدباغ‪ ،‬وقال الشيخان‬
‫والمرتضى والقاضي وابن إدريس بافتقاره إلى الدبغ ببعض الخبار التي‬
‫يمكن حملها على الستحباب‪.‬‬

‫]‪[332‬‬

‫بسمه تعالى انتهى الجزء التاسع من المجلد الرابع عشر ‪ -‬كتاب السماء والعالم ‪-‬‬
‫من بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة البرار‪ ،‬وهو الجزء الثاني‬
‫والستون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة الرائقة‪ ،‬وقد قابلناه على النسخة‬
‫التى صححها الفاضل المكرم الشيخ عبد الرحيم الربانى المحترم بما فيها‬
‫من التعليق والتنميق وال ولى التوفيق‪ .‬محمد الباقر البهبودى‪.‬‬

‫مكتبة يعسوب الدين عليه السلم اللكترونية‬

You might also like