You are on page 1of 311

‫بحار النوار‬

‫العلمة المجلسي ج ‪65‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف‪ :‬العلم العلمة الحجة فخر‬
‫المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء‬
‫الخامس والستون دار إحياء التراث العربي بيروت ‪ -‬لبنان الطبعة الثالثة‬
‫المصححة ‪‍ 1403‬ه ‪ 1983‬م دار احياء التراث العربي بيروت ‪ -‬لبنان ‪-‬‬
‫بناية كليوباترا ‪ -‬شارع دكاش ‪ -‬ص‪ .‬ب ‪ 11 / 7957‬تلفون المستودع‪:‬‬
‫‪ 273023 278766 - 274696‬المنزل ‪ 830717 - 830711‬برقيا‪:‬‬
‫التراث تلكس ‪ LE / 44632‬تراث‬

‫]‪[1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم ‪) 15‬باب( * " )فضائل الشيعة( " * اليات‪ ،‬النساء‪ :‬ومن‬
‫يطع ال والرسول فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين‬
‫والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا * ذلك الفضل من ال وكفى بال‬
‫عليما )‪ .(1‬المائدة‪ :‬ومن يتولى ال ورسوله والذين آمنوا فان حزب ال‬
‫هم الغالبون )‪ .(2‬الحزاب‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا ال ذكرا كثيرا‬
‫وسبحوه بكرة وأصيل * هو الذي يصلي عليكم وملئكته ليخرجكم من‬
‫الظلمات إلى النور‪ ،‬وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلم‬
‫وأعد لهم أجرا كريما )‪ .(3‬المؤمن‪ :‬الذين يحملون العرش ومن حوله‬
‫يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل‬
‫شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا‬

‫)‪ (1‬النساء‪ 69 :‬و ‪ (2) .70‬المائدة‪ (3) .56 :‬الحزاب‪.(*) 44 - 41 :‬‬

‫]‪[2‬‬

‫واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن‬
‫صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم * وقهم‬
‫السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم )‪.(1‬‬
‫الحجرات‪ :‬ولكن ال حبب إليكم اليمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر‬
‫والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون * فضل من ال ونعمة وال عليم‬
‫حكيم )‪ .(2‬تفسير‪ " :‬ومن يطع ال " قال الطبرسي‪ :‬قيل‪ :‬نزلت في ثوبان‬
‫مولى رسول ال صلى ال عليه وآله )‪ (3‬وكان شديد الحب لرسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله قليل الصبر عنده فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل‬
‫جسمه فقال عليه السلم‪ :‬يا ثوبان ما غير لونك ؟ فقال‪ :‬يا رسول ال ما‬
‫بي من مرض ول وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك حتى ألقاك ثم‬
‫ذكرت الخرة فأخاف أن ل أراك هناك لني عرفت أنك ترفع مع النبيين‬
‫وإني إن ادخلت الجنة كنت في منزلة أدني من منزلتك وإن لم ادخل الجنة‬
‫فل أحسب أن أراك أبدا فنزلت الية‪ .‬ثم قال صلى ال عليه وآله‪ :‬والذي‬
‫نفسي بيده ل يؤمنن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله‬
‫وولده‪ ،‬والناس أجمعين‪ .‬وقيل‪ :‬إن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫قالوا‪ :‬ما ينبغى لنا أن نفارقك فانا ل نراك إل في الدنيا فأما في الخرة فانك‬
‫ترفع فوقنا بفضلك‪ ،‬فل نراك‪ .‬فنزلت الية عن قتادة ومسروق بن الجدع‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬والمعنى " ومن يطع ال " بالنقياد لمره ونهيه " والرسول "‬
‫باتباع‬

‫)‪ (1‬المؤمن‪ (2) .9 - 7 :‬الحجرات‪ (3) .8 - 7 :‬أخرج السيوطي في الدر المنثور‬


‫ج ‪ 2‬ص ‪ 182‬في ذلك روايات عن الطبراني وابن مردويه وأبى نعيم في‬
‫الحلية والضياء المقدسي في صفة الجنة وابن جرير وابن أبى حاتم‬
‫وغيرهم )*(‪.‬‬

‫]‪[3‬‬

‫شريعته والرضا بحكمه " فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم " في الجنة ثم بين‬
‫المنعم عليهم فقال " من النبيين والصديقين " يريد أنه يستمتع برؤيتهم‬
‫وزيارتهم و الحضور معهم‪ ،‬فل ينبغي أن يتوهم من أجل أنهم في أعل‬
‫عليين أنه ل يراهم‪ ،‬وقيل في معنى الصديق‪ :‬إنه المصدق بكل ما أمر ال‬
‫به وبأنبيائه ل يدخله في ذلك شك ويؤيده قوله‪ " :‬والذين آمنوا بال‬
‫ورسله اولئك هم الصديقون " )‪ " .(1‬والشهداء " يعني المقتولين في‬
‫الجهاد " والصالحين " أي صلحاء المؤمنين الذين لم تبلغ درجتهم درجة‬
‫النبيين والصديقين والشهداء " وحسن اولئك رفيقا " معناه من يكون‬
‫هؤلء رفقاؤه فأحسن بهم من رفيق أو فما أحسنهم من رفيق ثم روى ما‬
‫سيأتي برواية العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم )‪ (2‬ثم‬
‫قال‪ " :‬ذلك " إشارة إلى الكون مع النبيين والصديقين‪ ،‬و " الفضل من‬
‫ال " ما تفضل ال به على من أطاعه " وكفى به عليما " بالعصاة‬
‫والمطيعين والمنافقين والمخلصين‪ ،‬و قيل‪ :‬معناه حسبك ال عالما بكنه‬
‫جزاء المطيعين على حقه وتوفير الحظ فيه انتهى )‪ .(3‬وأقول‪ :‬قد مضت‬
‫أخبار كثيرة في كتاب المامة )‪ (4‬في أن الصديقين و الشهداء هم الئمة‬
‫عليهم السلم بل الصالحين أيضا وقد روى الكليني ره في روضة الكافي )‬
‫‪ (5‬في حديث طويل عن الصادق عليه السلم‪ :‬ألم تسمعوا ما ذكر ال من‬
‫فضل اتباع الئمة الهداة وهم المؤمنون قال‪ " :‬اولئك مع الذين أنعم ال‬
‫عليهم إلى قوله وحسن اولئك رفيقا " فهذا وجه من وجوه فضل اتباع‬
‫الئمة فكيف بهم وبفضلهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬الحديد‪ (2) .19 :‬أبو بصير عن أبى عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬يا أبا محمد‬
‫لقد ذكركم ال في كتابه ثم تل هذه الية‪ ،‬وقال‪ :‬فالنبى رسول ال‪ ،‬ونحن‬
‫الصديقون والشهداء‪ .‬وأنتم الصالحون فتسموا بالصلح كما سماكم ال‬
‫تعالى‪ (3) .‬مجمع البيان ج ‪ 3‬ص ‪ (4) .72‬راجع ج ‪ 24‬ص ‪.40 - 30‬‬
‫من هذه الطبعة الحديثة‪ (5) .‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪ 10‬في رسالة أبى عبد ال‬
‫عليه السلم إلى جماعة الشيعة )*(‪.‬‬

‫]‪[4‬‬

‫وفي تفسير علي بن إبراهيم " النبيين " رسول ال " والصديقين " علي " و‬
‫الشهداء " الحسن والحسين " والصالحين " الئمة " وحسن اولئك رفيقا‬
‫" القائم من آل محمد صلوات ال عليهم )‪ " .(1‬ومن يتولى ال " هذه‬
‫الية بعد قوله سبحانه " إنما وليكم ال ورسوله و الذين آمنوا " )‪ (2‬وقد‬
‫مر أن الذين آمنوا أمير المؤمنين والئمة صلوات ال عليهم‪ ،‬بالروايات‬
‫المتواترة من طرق العامة والخاصة )‪ (3‬فمن تولهم ونصرهم و اتخذهم‬
‫أئمة فهم حزب ال وأنصاره‪ ،‬وهم الغالبون في الدنيا بالحجة‪ ،‬وفي الخرة‬
‫بالنتقام من أعدائهم‪ ،‬وظهور حجتهم‪ ،‬بل في الدنيا أيضا في زمن القائم‬
‫عليه السلم‪ " .‬هو الذي يصلي عليكم وملئكته " )‪ (4‬في المجمع الصلة‬
‫من ال تعالى المغفرة والرحمة‪ ،‬وقيل الثناء‪ ،‬وقيل هي الكرامة وأما صلة‬
‫الملئكة فهى دعاؤهم‪ ،‬وقيل طلبهم إنزال الرحمة من ال تعالى " ليخرجكم‬
‫من الظلمات إلى النور " أي من الجهل بال سبحانه إلى معرفته فشبه‬
‫الجهل بالظلمات والمعرفة بالنور‪ ،‬لن هذا يقود إلى الجنة وذلك يقود إلى‬
‫النار‪ ،‬وقيل من الضللة إلى الهدى بألطافه وهدايته‪ ،‬و قيل من ظلمات‬
‫النار إلى نور الجنة " وكان بالمؤمنين رحيما " خص المؤمنين بالرحمة‬
‫دون غيرهم‪ ،‬لن ال سبحانه جعل اليمان بمنزلة العلة في إيجاب الرحمة‬
‫والنعمة العظيمة التي هي الثواب " تحيتهم يوم يلقونه سلم " أي يحيي‬
‫بعضهم بعضا يوم يلقون ثواب ال‪ ،‬بأن يقولوا‪ :‬السلمة لكم من جميع‬
‫الفات‪ ،‬ولقاء ال سبحانه لقاء ثوابه عزوجل‪ .‬وروي عن البراء بن عازب‬
‫أنه قال‪ :‬يوم يلقون ملك الموت ل يقبض روح مؤمن إل سلم عليه‪ ،‬فعلى‬
‫هذا يكون المعنى تحية المؤمن من ملك الموت‪ ،‬يوم يلقونه‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪ (2) .131‬المائدة‪ (3) .55 :‬راجع ج ‪ 35‬ص ‪206 - 183‬‬
‫من هذه النفيسة‪ (4) .‬الحزاب‪.(*) 42 :‬‬

‫]‪[5‬‬

‫أن يسلم عليهم وملك الموت مذكور في الملئكة " وأعد لهم أجرا كريما " أي ثوابا‬
‫جزيل انتهى )‪ .(1‬وأقول‪ :‬روى العامة بأسانيد جمة عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله أنه قال‪ :‬صلت الملئكة علي وعلى علي سبع سنين‪ ،‬وذلك أنه‬
‫لم يصل فيها أحد غيري وغيره )‪ .(2‬وروى الصدوق في التوحيد في حديث‬
‫طويل )‪ (3‬عن علي عليه السلم يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه‬
‫من اليات‪ :‬واللقاء هو البعث فان جميع ما في كتاب ال من لقائه فانه‬
‫يعني بذلك البعث وكذلك قوله " تحيتهم يوم يلقونه سلم " يعني أنه ل‬
‫يزول اليمان عن قلوبهم يوم يبعثون‪ .‬وقال في المجمع في قوله تعالى‪" :‬‬
‫والذين يحملون العرش " عبادة ل وامتثال‪ .‬لمره " ومن حوله " يعني‬
‫الملئكة المطيفين بالعرش وهم الكروبيون وسادة الملئكة " يسبحون‬
‫بحمد ربهم " أي ينزهون ربهم عما يصفه به هؤلء المجادلون‪ ،‬وقيل‬
‫يسبحونه بالتسبيح المعهود ويحمدونه على إنعامه " ويؤمنون به " أي‬
‫ويصدقون به ويعترفون بوحدانيته " ويستغفرون " أي يسألون ال‬
‫المغفرة " للذين آمنوا " من أهل الرض‪ ،‬أي صدقوا بوحدانية ال‪،‬‬
‫واعترفوا بإلهيته‪ ،‬وبما يجب العتراف به‪ ،‬ويقولون في دعائهم لهم "‬
‫ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما " أي وسعت رحمتك وعلمك كل شئ‪.‬‬
‫والمراد بالعلم المعلوم‪ .‬كما في قوله " ول يحيطون بشئ من علمه " )‪(4‬‬
‫أي بشئ من معلومه على التفصيل فجعل العلم في موضع المعلوم‪،‬‬
‫والمعنى أنه ل‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ 362‬و ‪ (2) .363‬أخرجها ابن شهر آشوب في مناقب‬
‫آل أبى طالب ج ‪ 2‬ص ‪ ،16‬عن جمع من أصحاب السنن‪ ،‬وترى في‬
‫البحار ج ‪ 38‬ص ‪ 288 - 201‬أحاديث في ذلك‪ .‬أخرجها المصنف من‬
‫المصادر المختلفة فراجع الطبعة الحديثة‪ (3) .‬التوحيد ص ‪ ،274‬في‬
‫حديث يذكره من ص ‪ (4) .277 - 259‬البقرة‪.(*) 255 :‬‬

‫]‪[6‬‬
‫اختصاص لمعلوماتك‪ ،‬بل أنت عالم بكل معلوم‪ ،‬ول يختص رحمتك حيا دون حي بل‬
‫شملت جميع الحيوانات‪ ،‬وفي هذا تعليم الدعاء ليبدأ بالثناء عليه قبل‬
‫السؤال " فاغفر للذين تابوا " من الشرك والمعاصي " واتبعوا سبيلك "‬
‫الذي دعوت إليه عبادك وهو دين السلم " وقهم " أي وادفع عنهم "‬
‫عذاب الجحيم "‪ .‬وفي هذه الية دللة على أن إسقاط العقاب عند التوبة‬
‫تفضل من ال‪ ،‬إذ لو كان واجبا لكان ل يحتاج فيه إلى مساءلتهم‪ ،‬بل كان‬
‫يفعله ال سبحانه ل محالة " ربنا وأدخلهم " مع قبول توبتهم ووقايتهم‬
‫النار " جنات عدن التي وعدتهم " على ألسن أنبيائك " ومن صلح من‬
‫آبائهم وذرياتهم " ليكمل انسهم ويتم سرورهم " إنك أنت العزيز " القادر‬
‫على ما تشاء " الحكيم " في أفعالك " وقهم السيئات " أي وقهم عذاب‬
‫السيئات ويجوز أن يكون العذاب هو السيئات‪ ،‬وسماه السيئات اتساعا كما‬
‫قال " وجزاء سيئة سيئة مثلها " )‪ " (1‬ومن تق السيئات يومئذ فقد‬
‫رحمته " أي ومن تصرف عنه شر معاصيه فتفضلت عليه يوم القيامة‬
‫باسقاط عقابها فقد أنعمت عليه " وذلك هو الفوز العظيم " أي الظفر‬
‫بالبغية والفلح العظيم انتهى )‪ .(2‬وأقول‪ :‬روى الصدوق في العيون عن‬
‫الرضا عليه السلم في حديث طويل قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬وإن الملئكة لخد امنا وخدام محبينا يا علي " الذين يحملون العرش‬
‫ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا " بوليتنا )‪.(3‬‬
‫وفي الكافي باسناده عن ابن أبي عمير رفعه قال‪ :‬إن ال أعطى التائبين‬
‫ثلث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والرض لنجوا‬
‫بها‪ ،‬قوله‪ " :‬الذين يحملون العرش ومن حوله ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬وذلك هو‬
‫الفوز العظيم " )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الشورى‪ (2) .40 :‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ (3) .515‬عيون اخبار الرضا " ع‬
‫" ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .262‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 432‬‬

‫]‪[7‬‬

‫" ولكن ال حبب إليكم اليمان " قد مر تفسيره )‪ (1‬في باب فضل اليمان‪ - 1 .‬لى‪:‬‬
‫عن القطان‪ ،‬عن عبد الرحمن بن محمد الحسيني‪ ،‬عن أحمد بن عيسى‬
‫العجلي‪ ،‬عن محمد بن أحمد العرزمي‪ ،‬عن علي بن حاتم‪ ،‬عن شريك‪ ،‬عن‬
‫سالم الفطس‪ ،‬عن سعيد بن جبير‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم‪ :‬يا علي شيعتك هم الفائزون يوم‬
‫القيامة‪ ،‬فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك‪ ،‬ومن أهانك فقد أهانني ومن‬
‫أهانني أدخله ال نار جهنم خالدا فيها وبئس المصير‪ ،‬يا علي أنت مني‬
‫وأنا منك‪ ،‬روحك من روحي‪ ،‬وطينتك من طينتي‪ ،‬وشيعتك خلقوا من فضل‬
‫طينتنا فمن أحبهم فقد أحبنا‪ ،‬ومن أبغضهم فقد أبغضنا‪ ،‬ومن عاداهم فقد‬
‫عادانا‪ ،‬ومن ودهم فقد ودنا‪ .‬يا علي إن شيعتك مغفور لهم على ما كان‬
‫فيهم من ذنوب وعيوب‪ ،‬يا علي أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام‬
‫المحمود‪ ،‬فبشرهم بذلك يا علي شيعتك شيعة ال وأنصارك أنصار ال‬
‫وأولياؤك أولياء ال‪ ،‬وحزبك حزب ال‪ ،‬يا علي سعد من تولك‪ ،‬وشقي من‬
‫عاداك‪ ،‬يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها )‪ (2‬بشا‪ :‬محمد بن علي‬
‫بن عبد الصمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أحمد بن عيسى العجلي مثله )‪.(3‬‬
‫توضيح‪ :‬أقول‪ :‬قد مر شرح قوله صلى ال عليه وآله وأنت ذو قرنيها في‬
‫المجلد التاسع )‪ (4‬قال في النهاية فيه أنه قال لعلي عليه السلم‪ :‬إن لك‬
‫بيتا في الجنة وأنت ذو قرنيها أي طرفي الجنة وجانبيها‪ ،‬قال أبو عبيد‪:‬‬
‫وأنا أحسب أنه أراد ذو قرني المة‪ ،‬فأضمر وقيل‪ :‬أراد الحسن والحسين‪.‬‬
‫ومنه حديث علي عليه السلم وذكر قصة ذي القرنين ثم قال‪ :‬وفيكم مثله‪،‬‬
‫فيرى‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 67‬ص ‪ .55‬والية في الحجرات‪ (2) .7 :‬أمالى الصدوق ص ‪) .11‬‬


‫‪ (3‬بشارة المصطفى ص ‪ 199‬و ‪ (4) .22‬راجع الباب ‪ 73‬ص ‪43 - 39‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[8‬‬

‫أنه إنما عنى نفسه لنه ضرب على رأسه ضربتين إحداهما يوم الخندق‪ ،‬والخرى‬
‫ضربة ابن ملجم لعنه ال وذو القرنين هو السكندر سمى بذلك لنه ملك‬
‫الشرق والغرب وقيل‪ :‬لنه كان في رأسه شبه قرنين‪ ،‬وقيل‪ :‬رأى في النوم‬
‫أنه أخذ بقرني الشمس )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد مضى في باب جوامع مناقب علي‬
‫عليه السلم عن جابر عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال لعلي عليه‬
‫السلم‪ :‬إنه لن يرد على الحوض مبغض لك‪ ،‬ولن يغيب عنه محب لك حتى‬
‫يرد الحوض معك )‪ - 2 .(2‬لى‪ :‬عن ابن سعيد الهاشمي‪ ،‬عن فرات‪ ،‬عن‬
‫محمد بن ظهير‪ ،‬عن محمد بن الحسين البغدادي‪ ،‬عن محمد بن يعقوب‬
‫النهشلي‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله عن جبرئيل‪ ،‬عن ميكائيل‪ ،‬عن إسرافيل‪ ،‬عن ال جل جلله‪ :‬أن عليا‬
‫حجتي في السماوات والرضين على جميع من فيهن من خلقي‪ ،‬ل أقبل‬
‫عمل عامل منهم إل بالقرار بوليته مع نبوة أحمد رسولي وهو يدي‬
‫المبسوطة على عبادي وهو النعمة التي أنعمت بها على من أحببته من‬
‫عبادي‪ ،‬فمن أحببته من عبادي وتوليته عرفته وليته ومعرفته‪ ،‬ومن‬
‫أبغضته من عبادي أبغضته ل نصرافه عن معرفته ووليته فبعزتي حلفت‬
‫وبجللي أقسمت إنه ل يتولى عليا عبد من عبادي إل زحزحته عن النار‪،‬‬
‫وأدخلته الجنة‪ ،‬ول يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن وليته إل أبغضته‬
‫وأدخلته النار وبئس المصير )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬زحزحته عن كذا‬
‫أي باعدته عنه فتزحزح أي تنحى )‪ - 3 .(4‬لى‪ :‬عن الطالقاني‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن علي العدوى‪ ،‬عن أحمد بن عبد ال ابن عمار‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عبد ال‪ ،‬عن أبي الجارود‪ ،‬عن أبي الهيثم‪ ،‬عن أنس بن مالك‬

‫)‪ (1‬النهايه ج ‪ (2) .247 :3‬راجع الباب ‪ 91‬من المجلد التاسع‪ (3) .‬أمالى‬
‫الصدوق ص ‪ (4) .134‬الصحاح ص ‪.(*) 371‬‬

‫]‪[9‬‬

‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال تبارك وتعالى يبعث اناسا وجوههم‬
‫من نور على كراسي من نور‪ ،‬عليهم ثياب من نور‪ ،‬في ظل العرش بمنزلة‬
‫النبياء وليسوا بالنبياء‪ ،‬وبمنزلة الشهداء وليسوا بالشهداء فقال رجل‪:‬‬
‫أنا منهم يا رسول ال ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال آخر‪ :‬أنا منهم يا رسول ال ؟ قال‪ :‬ل‪،‬‬
‫قيل‪ :‬من هم يا رسول ال ؟ قال‪ :‬فوضع يده على رأس علي عليه السلم‬
‫وقال‪ :‬هذا وشيعته )‪ .(1‬بيان‪ :‬الرجلن أبو بكر وعمر كما يدل عليه غيره‬
‫من الخبار‪ - 4 .‬لى‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن حمزة ابن حمران‪ ،‬عن حمران بن أعين‪ ،‬عن أبي حمزة‬
‫الثمالي‪ ،‬عن علي بن الحسين عليه السلم قال‪ :‬قال سلمان الفارسي رحمة‬
‫ال عليه‪ :‬كنت ذات يوم جالسا عند رسول ال صلى ال عليه وآله إذ أقبل‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم فقال له‪ :‬يا علي أل ابشرك ؟ قال‪ :‬بلى يا‬
‫رسول ال قال‪ :‬هذا حبيبي جبرئيل يخبرني عن ال جل جلله أنه قد أعطى‬
‫محبك وشيعتك سبع خصال‪ :‬الرفق عند الموت‪ ،‬والنس عند الوحشة‪،‬‬
‫والنور عند الظلمة‪ ،‬والمن عند الفزع‪ ،‬والقسط عند الميزان‪ ،‬والجواز‬
‫على الصراط‪ ،‬ودخول الجنة قبل سائر الناس من المم بثمانين عاما )‪.(2‬‬
‫‪ - 5‬ن )‪ (3‬لى‪ :‬عن ابن ناتانة‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الريان‪ ،‬عن‬
‫الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة )‪ - 6 .(4‬لى‪ :‬عن الحسين بن علي بن‬
‫شعيب‪ ،‬عن عيسى بن محمد العلوي‪ ،‬عن الحسين بن الحسن الحيري‪ ،‬عن‬
‫عمرو بن جميع‪ ،‬عن أبي المقدام قال‪ :‬قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‬
‫السلم‪ :‬نزلت هاتان اليتان )‪ (5‬في أهل وليتنا وأهل عداوتنا " فأما إن‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق ص ‪ (2) .147‬أمالى الصدوق ص ‪ (3) .202‬عيون أخبار‬


‫الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .52‬أمالى الصدوق ص ‪ (5) .217‬الواقعة ص ‪88‬‬
‫و ‪.(*) 89‬‬
‫]‪[10‬‬

‫كان من المقربين فروح وريحان " يعني في قبره " وجنة نعيم " يعني في الخرة‬
‫" وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم " يعني في قبره "‬
‫وتصلية جحيم " يعني في الخرة )‪ - 7 .(1‬لى‪ :‬عن ما جيلويه‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن خالد بن حماد‪ ،‬عن أبي الحسن العبدي‪ ،‬عن‬
‫العمش‪ ،‬عن سالم بن أبي الجعد قال‪ :‬سئل جابر ابن عبد ال النصاري‬
‫عن علي بن أبي طالب عليه السلم فقال‪ :‬ذاك خير خلق ال من الولين‬
‫والخرين‪ ،‬ما خل النبيين والمرسلين‪ ،‬إن ال عزوجل لم يخلق خلقا بعد‬
‫النبيين والمرسلين أكرم عليه من علي بن أبي طالب عليه السلم والئمة‬
‫من ولده بعده‪ .‬قلت‪ :‬فما تقول فيمن يبغضه وينتقصه ؟ فقال‪ :‬ل يبغضه إل‬
‫كافر ول ينتقصه إل منافق‪ ،‬قلت‪ :‬فما تقول فيمن يتوله ويتولى الئمة من‬
‫ولده بعده ؟ فقال‪ :‬إن شيعة علي والئمة من ولده هم الفائزون المنون‬
‫يوم القيامة‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما ترون ؟ لو أن رجل خرج يدعو الناس إلى ضللة‪،‬‬
‫من كان أقرب الناس منه ؟ قالوا‪ :‬شيعته وأنصاره قال‪ :‬فلو أن رجل خرج‬
‫يدعو الناس إلى هدى‪ ،‬من كان أقرب الناس منه ؟ قالوا‪ :‬شيعته وأنصاره‬
‫قال‪ :‬فكذلك علي بن أبي طالب عليه السلم بيده لواء الحمد يوم القيامة‬
‫أقرب الناس منه شيعته وأنصاره )‪ - 8 .(2‬فس‪ :‬في قوله تعالى " ول‬
‫تحسبن الذين قتلوا في سبيل ال أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون *‬
‫فرحين بما آتيهم ال من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من‬
‫بعدهم أل خوف عليهم ول هم يحزنون " )‪ .(3‬حدثني أبي‪ ،‬عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن أبى عبيدة الحذاء‪ .‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬هم وال شيعتنا‪ ،‬إذا دخلو الجنة‪ ،‬واستقبلوا الكرامة من ال‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق ص ‪ (2) .284‬أمالى الصدوق ص ‪ (3) .298‬آل عمران‪169 :‬‬
‫و ‪.(*) 170‬‬

‫]‪[11‬‬

‫استبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من المؤمنين في الدنيا أل خوف عليهم‬


‫ول هم يحزنون )‪ - 9 .(1‬ل‪ :‬عن عمار بن الحسين‪ ،‬عن علي بن محمد بن‬
‫عصمة‪ ،‬عن أحمد بن محمد الطبري‪ ،‬عن الحسين بن الليث‪ ،‬عن سنان بن‬
‫فروخ‪ ،‬عن همام بن يحيى‪ ،‬عن القاسم بن عبد ال‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‬
‫بن عقيل‪ ،‬عن جابر بن عبد ال النصاري قال‪ :‬كنت ذات يوم عند النبي‬
‫صلى ال عليه وآله إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب عليه السلم‬
‫فقال‪ :‬أل ابشرك يا أبا الحسن ؟ فقال‪ :‬بلى يا رسول ال فقال‪ :‬هذا جبرئيل‬
‫يخبرني عن ال جل جلله أنه قال‪ :‬قد أعطى شيعتك ومحبيك تسع )‪(2‬‬
‫خصال‪ :‬الرفق عند الموت‪ ،‬والنس عند الوحشة‪ ،‬والنور عند الظلمة‪،‬‬
‫والمن عند الفزع‪ ،‬والقسط عند الميزان‪ ،‬والجواز على الصراط‪ ،‬ودخول‬
‫الجنة قبل سائر الناس‪ ،‬ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫روى الصدوق هذا الحديث في باب السبعة وذكر فيه سبع خصال ورواه في‬
‫باب التسعة أيضا من غير اختلف في المتن والسند )‪ (4‬إل أنه قال‪ :‬فيه‬
‫تسع خصال‪ ،‬وكأنه باعتبار اختلف نسخ المأخوذ منه‪ ،‬والول مبني على‬
‫عد دخول الجنة إلى آخره خصلة واحدة والثاني على عدها ثلث خصال‪:‬‬
‫الول دخول الجنة قبل سائر الناس‪ ،‬والي سعي نورهم بين أيد يهم‪،‬‬
‫والثالث سعي نورهم بأيمانهم‪ ،‬أو الول دخول الجنة الثاني قبل سائر‬
‫الناس والثالث سعي النور‪ ،‬والقسط عند الميزان إما بمعنى العدل‬
‫فاختصاصه بالشيعة لن غيرهم يدخلون النار بغير حساب‪ ،‬أو بمعنى‬
‫النصيب لن لكل منهم نصيبا من الرحمة بحسب حاله وأعماله‪.‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪ (2) .115‬سبع خصال‪ ،‬خ ل‪ (3) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ 36‬و‬
‫‪ (4) .42‬وقد مر عن المالى بسند آخر تحت الرقم ‪.(*) 4‬‬

‫]‪[12‬‬

‫‪ - 10‬فس‪ :‬في رواية أبي الجارود‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قوله " ول‬
‫يزالون مختلفين " )‪ (1‬في الدين " إل من رحم ربك " يعني آل محمد‬
‫وأتباعهم‪ ،‬يقول ال‪ " :‬ولذلك خلقهم " يعني أهل رحمة ل يختلفون في‬
‫الدين )‪ - 11 .(2‬فس‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن منصور بن‬
‫يونس‪ ،‬عن عمر بن شيبة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في خبر طويل قال‪:‬‬
‫إذا كان يوم القيامة كان رسول ال صلى ال عليه وآله وعلي عليه السلم‬
‫وشيعته على كثبان من المسك الذفر‪ ،‬على منابر من نور‪ ،‬يحزن الناس‬
‫ول يحزنون‪ ،‬ويفزع الناس ول يفزعون‪ ،‬ثم تل هذه الية " من جاء‬
‫بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " )‪ (3‬فالحسنة وال‬
‫ولية علي عليه السلم ثم قال‪ " :‬ل يحزنهم الفزع الكبر وتتلقاهم‬
‫الملئكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " )‪ - 12 .(4‬فس‪ " :‬والذين‬
‫جاهدوا فينا " )‪ (5‬أي صبروا وجاهدوا مع رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫" لنهدينهم سبلنا " أي لنثبتنهم " وإن ال لمع المحسنين " في رواية‬
‫أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬هذه الية لل محمد صلى ال‬
‫عليه وآله وأشياعهم )‪ - 13 .(6‬فس‪ :‬عن أبي العباس‪ ،‬عن محمد بن‬
‫أحمد‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن النضر بن سويد‪ ،‬عن سماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬ليهنكم السم قلت‪ :‬ما هو جعلت‬
‫فداك‪ :‬قال " وإن من شيعته لبراهيم " )‪ (7‬وقوله " فاستغاثه الذي‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .118 :‬تفسير القمى ‪ (3) .315‬النمل‪ (4) .89 :‬تفسير القمى ص‬
‫‪ ،434‬والية الخيرة في النبياء‪ (5) .103 :‬العنكبوت‪ (6) .69 :‬تفسير‬
‫القمى ص ‪ (7) .498‬الصافات‪.(*) 83 :‬‬

‫]‪[13‬‬

‫من شيعته على الذي من عدوه " )‪ (1‬فليهنكم السم )‪ .(2‬بيان‪ :‬في المصباح هنوء‬
‫الشئ بالضم مع الهمز هناءة بالفتح والمد تيسر من غير مشقة ول عناء‬
‫فهو هنئ ويجوز البدال والدغام وهنأني الولد يهنؤني مهموز من بابي‬
‫نفع وضرب أي سرني‪ ،‬وتقول العرب في الدعاء ليهنئك الولد بهمزة‬
‫ساكنة وبابدالها ياء‪ ،‬وحذفها عامي ومعناه سرك وهنأني الطعام يهنأني‬
‫ساغ ولذ وأكلته هنيئا مريئا أي بل مشقة انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬لو كان الخبر‬
‫مضبوطا بهذا الوجه يدل على أن الحذف ليس بعامي وحاصل الخبر أن لفظ‬
‫الشيعة الذي يطلق على أتباع الئمة عليهم السلم لقب شريف وصف ال‬
‫النبيين وأتباع النبياء الماضين به‪ ،‬فسروا به ول تبالوا بتشنيع المخالفين‬
‫بذلك عليكم‪ - 14 .‬فس‪ " :‬وإن للطاغين لشر مآب " )‪ (3‬هم الولن وبنو‬
‫امية ثم ذكر من كان بعدهم ممن غصب آل محمد حقهم فقال " وآخر من‬
‫شكله أزواج هذا فوج مقتحم معكم " وهم بنو السباع فيقول بنو أمية " ل‬
‫مرحبا بهم‪ ،‬إنهم صالوا النار " فيقول بنو فلن " بل أنتم ل مرحبا بكم أنتم‬
‫قدمتموه لنا " وبدأتم بظلم آل محمد " فبئس القرار " ثم يقول بنو أمية "‬
‫ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار " يعنون الولين‪ ،‬ثم يقول‬
‫أعداء آل محمد في النار " مالنا ل نرى رجال كنا نعدهم من الشرار " في‬
‫الدنيا وهم شيعة أمير المؤمنين عليه السلم " اتخذناهم سخريا أم زاغت‬
‫عنهم البصار " ثم قال‪ " :‬إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " فيما بينهم‪،‬‬
‫وذلك قول الصادق وال إنكم لفي الجنة تحبرون‪ ،‬وفي النار تطلبون )‪.(4‬‬
‫بيان‪ " :‬آخر من شكله " قال المفسرون‪ :‬أي يذوق أو عذاب آخر وعلى‬

‫)‪ (1‬القصص ص ‪ (2) .15‬تفسير القمى ص ‪ (3) .557‬ص ‪ 55‬وما بعدها ذيلها‪) .‬‬
‫‪ (4‬تفسير القمى ص ‪.(*) 571‬‬

‫]‪[14‬‬
‫تأويله عليه السلم ويدخل فوج آخر مثل الفوج الول في الشقاوة " أزواج " أي‬
‫أجناس متشابهة " هذا فوج " هو حكاية ما يقال للطاغين الولين " وبنو‬
‫السباع " كناية عن بني العباس " ل مرحبا بهم " دعاء من المتبوعين‬
‫على أتباعهم فيقول بنو فلن أي بنوا العباس لبني أمية " بل أنتم ل مرحبا‬
‫بكم " أي بل أنتم أحق بهذا القول لضللكم وإضللكم " أنتم قدمتموه " أي‬
‫العذاب أو الصلى لنا باغوائنا " فبئس القرار " جهنم " عذابا ضعفا " أي‬
‫مضاعفا والولن أبو بكر وعمر " أتخذناهم سخريا " قيل إنه إنكار على‬
‫أنفسهم وتأنيب لها في الستسخار منهم " أم زاغت عنهم البصار " قيل‬
‫معادلة لقوله " مالنا " كأنهم قالوا ليسوا هنا أم زاغت عنهم أبصارنا فل‬
‫نراهم أو ‍ل " أتخذناهم " بمعنى أي المرين فعلنا بهم الستسخار منهم أم‬
‫تحقيرهم فان زيغ البصار كناية عنه على معنى إنكارهما على أنفسهم "‬
‫تحبرون " على بناء المجهول أي تسرون أو تتنعمون‪ - 15 .‬فس‪ " :‬يا‬
‫عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " الية قال‪ :‬نزلت في شيعة أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم خاصة‪ .‬حدثنا جعفر بن محمد‪ ،‬عن عبد الكريم‪ ،‬عن‬
‫محمد بن علي‪ ،‬عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال‪ :‬قال أبو جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬ل يعذر ال يوم القيامة أحدا يقول يا رب لم أعلم أن ولد‬
‫فاطمة هم الولة على الناس كافة‪ ،‬وفي شيعة ولد فاطمة أنزل ال هذه‬
‫الية )‪ (1‬خاصة " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من‬
‫رحمة ال إن ال يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " )‪- 16 .(2‬‬
‫ب‪ :‬عن السندي بن محمد‪ ،‬عن صفوان الجمال‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬عن يمين ال ‪ -‬وكلتا يديه‬
‫يمين ‪ -‬عن يمين العرش قوم على وجوههم نور‪ ،‬لباسهم من نور‪ ،‬على‬
‫كراسي من نور‪ ،‬فقال له علي‪ :‬يا رسول ال ما هؤلء ؟ فقال له‪ :‬شيعتنا‬
‫وأنت إمامهم )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الزمر‪ (2) .53 :‬تفسير القمى ص ‪ (3) .578‬قرب السناد ص ‪.(*) 29‬‬

‫]‪[15‬‬

‫بيان‪ :‬قوله عليه السلم " عن يمين العرش " بدل عن قوله " عن يمين ال "‬
‫وهو خبر " قوم " وسمى هذا الجانب يمينا لنه محل رحمة ال‪ ،‬وموقف‬
‫أهل اليمين والبركة ولما كان الشمال في النسان أنقص أزال توهم ذلك‬
‫بقوله " وكلتا يديه يمين " أي ليس فيه نقص بوجه وكما أن رحمته على‬
‫الكمال غضبه أيضا في غاية الشدة‪ ،‬أو لما كان الشمال منسوبة إلى الشر‬
‫بين أنه ليس فيه جهة شر ول يصدر منه شر‪ ،‬بل كلما يصدر منه خير كما‬
‫يشير إليه قوله عليه السلم‪ :‬والخير في يديك‪ .‬قال في النهاية فيه‪ :‬الحجر‬
‫السود يمين ال في الرض‪ ،‬هذا كلم تمثيل وتخييل وأصله أن الملك إذا‬
‫صافح رجل قبل الرجل يده‪ ،‬فكأن الحجر السود بمنزلة اليمين للملك حيث‬
‫يستلم ويلثم‪ ،‬ومنه الحديث الخر " وكلتا يديه يمين " أي أن يديه تبارك‬
‫وتعالى بصفة الكمال ل نقص في واحدة منهما‪ ،‬لن الشمال ينقص عن‬
‫اليمين‪ ،‬وكلما جاء في القرآن والحديث من إضافة اليد واليدي واليمين‬
‫وغير ذلك من أسماء الجوارح إلى ال تعالى فانما هو على سبيل المجاز‬
‫والستعارة‪ ،‬وال تعالى منزه عن التجسيم والتشبيه‪ - 17 .‬ب‪ :‬عن ابن‬
‫طريف‪ ،‬عن ابن علوان‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن على ابن أبي طالب‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬يخرج أهل وليتنا يوم القيامة من قبورهم مشرقة‬
‫وجوههم مستورة عوراتهم‪ ،‬آمنة روعاتهم‪ ،‬قد فرجت عنهم الشدايد‪،‬‬
‫وسهلت لهم الموارد يخاف الناس ول يخافون‪ ،‬ويحزن الناس ول‬
‫يحزنون‪ ،‬وقد اعطوا المن واليمان وانقطعت عنهم الحزان حتى يحملوا‬
‫على نوق بيض لها أجنحة‪ ،‬عليهم نعال من ذهب شركها النور حتى‬
‫يقعدون في ظل عرش الرحمن‪ ،‬على منابر من نور‪ ،‬بين أيديهم مائدة‬
‫يأكلون عليها حتى يفرغ الناس من الحساب )‪ .(1‬بيان‪ :‬الشرك ككتب جمع‬
‫شراك ككتاب وهو سير النعل‪ - 18 .‬ب‪ :‬بالسناد المتقدم عن جعفر بن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬يبعث ال عبادا يوم القيامة تهلل وجوههم نورا عليهم ثياب من‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪.(*) 49‬‬

‫]‪[16‬‬

‫نور‪ ،‬فوق منابر من نور‪ ،‬بأيديهم قضبان من نور‪ ،‬عن يمين العرش وعن يساره‬
‫بمنزلة النبياء‪ ،‬وليسوا بأنبياء‪ ،‬وبمنزلة الشهداء‪ ،‬وليسوا بشهداء‪ ،‬فقام‬
‫رجل فقال‪ :‬يا رسول ال أنا منهم ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فقام آخر فقال‪ :‬يا رسول ال‬
‫أنا منهم ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فقال‪ :‬من هم يا رسول ال ؟ قال‪ :‬فوضع يده على‬
‫منكب علي عليه السلم فقال‪ :‬هذا وشيعته )‪ :- 19 (1‬وبهذا السناد عن‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده علي بن أبي طالب عليهم السلم قال‪:‬‬
‫إذا حمل أهل وليتنا على الصراط يوم القيامة نادى مناد‪ :‬يا نار اخمدي !‬
‫فتقول النار‪ :‬عجلوا جوزوني فقد أطفأ نوركم لهبي )‪ - 20 .(2‬ل‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن سعد‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪ ،‬عن إبراهيم بن عمر‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬المؤمن أعظم حرمة من الكعبة )‪- 21 .(3‬‬
‫ل‪ :‬عن ابن المتوكل‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن‬
‫أبي أيوب الخزاز‪ ،‬عن عبد المؤمن النصاري‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال عزوجل أعطى المؤمن ثلث خصال‪ :‬العز في الدنيا والدين‪،‬‬
‫والفلح في الخرة‪ ،‬والمهابة في صدور العالمين )‪ .(4‬بيان‪ " :‬الفلج " في‬
‫أكثر النسخ بالجيم‪ ،‬وفي بعضها بالحاء المهلمة‪ ،‬وفي القاموس الفلج‬
‫الظفر والفوز كالفلج‪ ،‬والسم بالضم وقال‪ :‬الفلح محركة والفلح الفوز‬
‫والنجاة والبقاء في الخير‪ - 22 .‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫ابن محبوب‪ ،‬عن أبي أيوب عن عبد المؤمن‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال عزوجل أعطى المؤمن ثلث خصال‪ :‬العزة في الدنيا‪ ،‬والفلج‬
‫في الخرة‪ ،‬والمهابة في صدور‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المصدر ص ‪ (3) .49‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .16‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪68‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[17‬‬

‫الظالمين ثم قرأ " ول العزة ولرسوله وللمؤمنين " )‪ (1‬وقرأ " قد أفلح المؤمنون‬
‫" إلى قوله " هم فيها خالدون " )‪ - 23 .(2‬ل‪ :‬علي بن محمد بن الحسن‬
‫القزويني‪ ،‬عن عبد ال بن زيدان‪ ،‬عن الحسن بن محمد‪ ،‬عن حسن بن‬
‫حسين‪ ،‬عن يحيى بن مساور‪ ،‬عن أبي خالد‪ ،‬عن زيد ابن علي‪ ،‬عن آبائه‪،‬‬
‫عن علي عليهم السلم قال‪ :‬شكوت إلى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫حسد من يحسدني فقال‪ :‬يا علي أما ترضى أن تكون أول أربعة يدخلون‬
‫الجنة أنا وأنت وذرارينا خلف ظهورنا‪ ،‬وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا )‪.(3‬‬
‫بيان‪ :‬يمكن أن يكون أحد الربعة الرسول صلى ال عليه وآله والثاني عليا‬
‫عليه السلم و الثالث الذراري‪ ،‬والرابع الشيعة‪ ،‬وكون علي عليه السلم‬
‫أولهم لنه عليه السلم صاحب الراية‪ ،‬وهو مقدم في الدخول كما مر‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون المراد بالذراري الحسنان عليهما السلم تتمة الربعة‬
‫والظاهر أنه سقط شئ من الخبر كما يدل عليه ما سيأتي من خبر الرشاد )‬
‫‪ - 24 .(4‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن الحسن بن علي بن عبد ال بن‬
‫المغيرة‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬المؤمن يتقلب في خمسة من النور‪:‬‬
‫مدخله نور‪ ،‬ومخرجه نور‪ ،‬و علمه نور‪ ،‬وكلمه نور‪ ،‬ومنظره يوم القيامة‬
‫إلى النور )‪ .(5‬ل‪ :‬في الربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬شيعتنا‬
‫بمنزلة النحل‪ ،‬لو يعلم الناس ما في أجوافها لكلوها )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬المنافقون‪ (2) .8 :‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ ،72‬واليات صدر سورة المؤمنون‪(3) .‬‬
‫الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .121‬راجع الرقم ‪ (5) .67‬المصدر ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ (6) .133‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 163‬‬
‫]‪[18‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬لمحبينا أفواج من رحمة ال ولمبغضينا أفواج من غضبب ال )‬


‫‪ .(1‬وقال عليه السام‪ :‬إن أهل الجنة لينظرون إلى منازل شيعتنا كما ينظر‬
‫النسان إلى الكواكب في السماء )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬سراج المؤمن‬
‫معرفة حقنا )‪ .(3‬وقال عليه السلم إن ال تبارك وتعالى اطلع إلى الرض‬
‫فاختارنا‪ ،‬واختار لنا شيعة ينصروننا‪ ،‬ويفرحون بفرحنا‪ ،‬ويحزنون‬
‫لحزننا ; ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا اولئك منا وإلينا )‪ - 25 .(4‬ن‪ :‬عن‬
‫المفسر‪ ،‬عن أحمد بن الحسن الحسيني‪ ،‬عن أبي محمد العسكري عن‬
‫آبائه‪ ،‬عن موسى بن جعفر عليهم السلم قال‪ :‬كان قوم من خواص‬
‫الصادق عليه السلم جلوسا بحضرته في ليلة مقمرة مصحية‪ ،‬فقالوا يا‬
‫ابن رسول ال ما أحسن أديم هذه السماء‪ ،‬وأنور هذه النجوم والكواكب ؟‬
‫فقال الصادق عليه السلم‪ :‬إنكم لتقولون هذا و إن المدبرات الربعة‬
‫جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلم ينظرون إلى‬
‫الرض فيرونكم وإخوانكم في أقطار الرض‪ ،‬ونوركم إلى السماوات وإليهم‬
‫أحسن من نور هذه الكواكب‪ ،‬وإنهم ليقولون كما تقولون‪ :‬ما أحسن أنوار‬
‫هؤلء المؤمنين )‪ .(5‬بيان‪ " :‬المقمرة " ليلة فيها القمر " والمصحية "‬
‫على بناء الفعال من قولهم أصحت السماء إذا ذهب غيمها‪ ،‬والملئكة‬
‫الربعة‪ ،‬مدبرات لنها تدبر امور العالم باذنه تعالى كما قال سبحانه "‬
‫والمدبرات أمرا " )‪ - 26 .(6‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة عن الرضا عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن المؤمن يعرف‬
‫في السماء كما يعرف الرجل أهله وولده‪ ،‬و‬

‫)‪ (4 - 1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ 165‬و ‪ 167‬و ‪ 169‬على الترتيب‪ (5) .‬عيون أخبار‬
‫الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .2‬النازعات‪.(*) 5 :‬‬

‫]‪[19‬‬

‫إنه لكرم على ال عزوجل من ملك مقرب )‪ .(1‬صح‪ :‬عنه عليه السلم مثله )‪.(2‬‬
‫‪ - 27‬ن‪ :‬بهذه السانيد قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه آله‪ :‬أتاني‬
‫جبرئيل عن ربي تبارك وتعالى وهو يقول‪ :‬ربي يقرئك السلم ويقول‪ :‬يا‬
‫محمد بشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك‬
‫بالجنة فلهم عندي جزاء الحسنى‪ ،‬و سيد خلون الجنة )‪ .(3‬صح‪ :‬عنه‬
‫عليه السلم مثله )‪ - 28 .(4‬ن‪ :‬بالسانيد قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬يا علي من كرامة المؤمن على ال أنه لم يجعل لجله وقتا حتى‬
‫يهم ببائقة فاذاهم ببائقة قبضه إليه‪ .‬قال‪ :‬وقال جعفر بن محمد عليه‬
‫السلم‪ :‬تجنبوا البوائق البوائق يمد لكم في العمار )‪ - 29 .(5‬ن‪ :‬باسناد‬
‫التميمي‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال‪ :‬أنا وهذا‬
‫‪ -‬يعني عليا ‪ -‬كهاتين‪ ،‬وضم بين أصبعيه وشيعتنا معنا ومن أعان مظلوما‬
‫كذلك )‪ - 30 .(6‬ن‪ :‬بهذا السناد قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫]توضع[ يوم القيامة‪ :‬منابر حول العرش لشيعتي وشيعة أهل بيتي‬
‫المخلصين في وليتنا ويقول ال عزوجل‪ :‬هلم يا عبادي إلى لنشر عليكم‬
‫كرامتي‪ ،‬فقد أوذيتم في الدنيا )‪ - 31 .(7‬ن‪ :‬بهذا السناد عن علي عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬ترد شيعتك‬

‫)‪ (1‬عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .33‬صحيفة الرضا عليه السلم ص ‪(3) .8‬‬
‫عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .33‬صحيفة الرضا " ع " ص ‪(5) .8‬‬
‫عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ 36‬والبائقة‪ :‬الداهية والشر‪ (6) .‬عيون‬
‫أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ (7) .58‬عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 60‬‬

‫]‪[20‬‬

‫يوم القيامة رواة غير عطاش‪ ،‬ويرد عدوك عطاشا يستسقون فل يسقون )‪32 .(1‬‬
‫‪ -‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن الحسين بن أحمد بن المغيرة‪ .،‬عن حيدر بن محمد‬
‫السمرقندي‪ ،‬عن محمد بن عمر الكشي‪ ،‬عن العياشي‪ ،‬عن جعفر بن‬
‫معروف‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن عذافر‪ ،‬عن عمر بن يزيد قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬يا ابن يزيد أنت وال منا أهل البيت قلت‪ :‬جعلت فداك‬
‫من آل محمد ؟ قال‪ :‬إي وال من أنفسهم قلت‪ :‬من أنفسهم جعلت فداك ؟‬
‫قال‪ :‬إي وال من أنفسهم يا عمر أما تقرأ كتاب ال عزوجل " إن أولى‬
‫الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا وال ولي المؤمنين‬
‫" )‪ (2‬أو ما تقرأ قول ال عز اسمه " فمن تبعني فانه مني ومن عصاني‬
‫فانك غفور رحيم )‪ - 33 ." (3‬جا )‪ (4‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسين المقري‪ ،‬عن عمر بن محمد الوراق‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن‬
‫حميد بن زياد‪ ،‬عن محمد بن نسيم‪ ،‬عن الفضل ابن دكين‪ ،‬عن مقاتل بن‬
‫سليمان‪ ،‬عن الضحاك بن مزاحم‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬سألت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله عن قول ال عزوجل " والسابقون السابقون اولئك‬
‫المقربون في جنات النعيم " )‪ (5‬فقال‪ :‬قال لي جبرئيل عليه السلم‪ :‬ذاك‬
‫علي وشيعته هم السابقون إلى الجنة المقربون من ال بكرامته لهم )‪.(6‬‬
‫‪ - 34‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن الحسن بن على بن أبي حمزة‪ ،‬عن عبد ال بن الوليد قال‪:‬‬
‫دخلنا على أبي عبد ال عليه السلم في زمن مروان فقال‪ :‬ممن أنتم ؟‬
‫فقلنا‪ :‬من أهل الكوفة‬
‫)‪ (1‬عيون أخبارا الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .60‬آل عمران‪ (3) .68 :‬أمالى الطوسى ج‬
‫‪ 2‬ص ‪ .44‬والية الثانية في ابراهيم‪ (4) .36 :‬مجالس المفيد ص ‪.184‬‬
‫)‪ (5‬الواقعة‪ (6) .12 :‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 70‬‬

‫]‪[21‬‬

‫فقال‪ :‬ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة‪ ،‬ل سيما هذه العصابة‪ ،‬إن ال‬
‫هداكم لمر جهله الناس فأحببتمونا وأبغضنا الناس‪ ،‬وتابعتمونا وخالفنا‬
‫الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس‪ ،‬فأحياكم ال محيانا‪ ،‬وأماتكم مماتنا‬
‫فأشهد على أبي أنه كان يقول‪ :‬ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه‬
‫أو يغتبط إل أن تبلغ نفسه هكذا ‪ -‬وأهوى بيده إلى حلقه ‪ -‬وقد قال ال‬
‫عزوجل في كتابه " ولقد أرسلنا رسل من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية‬
‫" )‪ (1‬فنحن ذرية رسول ال صلى ال عليه وآله )‪ .(2‬بيان‪ " :‬ل سيما‬
‫هذه العصابة " أي الشيعة فانها أخص‪ .‬وفي القاموس الغبطة بالكسر‬
‫حسن الحال والمسرة وقد اغتبط‪ - 35 .‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪،‬‬
‫عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن المفضل بن عمر قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال جعفر بن محمد عليهما السلم يقول‪ :‬إن في السماء‬
‫الرابعة ملئكة يقولون في تسبيحهم‪ :‬سبحان من دل هذا الخلق القليل من‬
‫هذا الخلق الكثير على هذا الدين العزيز )‪ - 36 .(3‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن‬
‫الجعابي‪ ،‬عن محمد بن محمد بن سعيد الهمداني‪ ،‬عن الحسين بن عتبة‪،‬‬
‫عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن محمد بن الصامت قال‪ :‬كنا عند أبي عبد ال عليه‬
‫السلم وعنده قوم من البصريين فحدثهم بحديث أبيه‪ ،‬عن جابر بن عبد ال‬
‫في الحج أمله عليهم فلما قاموا قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن الناس‬
‫أخذوا يمينا وشمال وإنكم لزمتم صاحبكم فالى أين ترون يريد بكم ؟ إلى‬
‫الجنة وال‪ ،‬إلى الجنة وال إلى الجنة وال‪ (4) .‬بشا‪ :‬عن أبي علي ابن‬
‫الشيخ‪ ،‬عن والده‪ ،‬عن المفيد مثله )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الرعد‪ (2) .38 :‬امالي الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .143‬المصدر ج ‪ 1‬ص ‪) .143‬‬
‫‪ (4‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .158‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 111‬‬

‫]‪[22‬‬

‫‪ - 37‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن أبي محمد النصاري‪ ،‬عن معاوية بن وهب قال‪ :‬كنت جالسا‬
‫عند جعفر بن محمد عليهما السلم إذ جاء شيخ قدا نحنى من الكبر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫السلم عليك ورحمة ال فقال له أبو عبد ال‪ :‬وعليك السلم ورحمة ال يا‬
‫شيخ ! ادن مني‪ ،‬فدنا منه وقبل يده وبكى فقال له أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬وما يبكيك يا شيخ ؟ قال له‪ :‬يا ابن رسول ال أنا مقيم على رجاء‬
‫منكم منذ نحو من مائة سنة أقول هذه السنة‪ ،‬وهذا الشهر‪ ،‬وهذا اليوم‪ ،‬ول‬
‫أراه فيكم فتلومني أن أبكي ؟ قال‪ :‬فبكى أبو عبد ال عليه السلم ثم قال‪ :‬يا‬
‫شيخ إن أخرت منيتك كنت معنا‪ ،‬وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فقال الشيخ‪ :‬ما ابالي ما فاتني بعد هذا يا‬
‫ابن رسول ال‪ .‬فقال له أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا شيخ إن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن‬
‫تضلوا كتاب ال المنزل‪ ،‬وعترتي أهل بيتي‪ ،‬نجئ وأنت معنا يوم القيامة‬
‫الخبر )‪ - 38 .(1‬جا )‪ (2‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن جعفر بن محمد‬
‫بن سليمان عن داود بن رشيد‪ ،‬عن محمد بن إسحاق التغلبي‪ ،‬عن ابن‬
‫عقدة قال‪ :‬سمعت جعفر بن محمد عليهما السلم يقول‪ :‬نحن خيرة ال من‬
‫خلقه‪ ،‬وشيعتنا خيرة ال من أمة نبيه )‪ - 39 (3‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن‬
‫الجعابي‪ ،‬عن العباس بن بكر‪ ،‬عن محمد بن زكريا عن كثير بن طارق‪ ،‬عن‬
‫زيد بن علي‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلم‪ :‬أنت يا علي وأصحابك في الجنة أنت‬
‫يا علي وأتباعك في الجنة )‪ - 40 .(4‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن علي بن خالد‪،‬‬
‫عن محمد بن صالح‪ ،‬عن عبد العلى‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .163‬المجالس ص ‪ (3) .189‬أمالى الطوسى ج‬


‫‪ 1‬ص ‪ (4) .76‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 57‬‬

‫]‪[23‬‬

‫ابن واصل‪ ،‬عن مخول بن إبراهيم‪ ،‬عن علي بن حزور‪ ،‬عن ابن نباته‪ ،‬عن عمار‬
‫ابن ياسر قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم يا علي‬
‫إن ال قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلى ال منها زينك بالزهد‬
‫في الدنيا وجعلك ل ترزأ منها شيئا ول ترزأ منك شيئا‪ ،‬ووهب لك حب‬
‫المساكين‪ ،‬فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرضون بك إماما فطوبى لمن أحبك‬
‫وصدق فيك‪ ،‬وويل لمن أبغضك وكذب عليك‪ ،‬فأما من أحبك وصدق فيك‬
‫فاولئك جيرانك في دارك وشركاؤك في جنتك وأما من أبغضك وكذب عليك‬
‫فحق على ال أن يوقفه موقف الكذابين )‪ .(1‬بيان‪ " :‬الرزء " النقص أي‬
‫لم تأخذ من الدنيا شيئا ولم تنقص الدنيا من قدرك شيئا قال في النهاية فيه‬
‫فلم يرزأني شيئا أي لم يأخذ مني شيئا يقال رزأته أرزؤه‪ ،‬وأصله النقص‪.‬‬
‫‪ - 41‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن عمر بن أسلم‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن يوسف البصري‪ ،‬عن خالد بن عبد الرحمن المدائني‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن ابن أبي ليلى‪ ،‬عن أبي ذر الغفاري ره قال‪ :‬رأيت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وقد ضرب كتف علي بن أبي طالب عليه السلم بيده وقال‪:‬‬
‫يا علي من أحبنا فهو العربي ومن أبغضنا فهو العلج‪ ،‬شيعتنا أهل البيوتات‬
‫والمعادن والشرف‪ ،‬ومن كان مولده صحيحا‪ ،‬وما على ملة إبراهيم عليه‬
‫السلم إل نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء‪ ،‬وإن ل ملئكة يهدمون‬
‫سيئات شيعتنا كما يهدم القوم البنيان )‪ .(2‬جا‪ :‬عن الجعابي مثله )‪.(3‬‬
‫توضيح‪ :‬المراد بأهل البيوتات والمعادن القبائل الشريفة والنساب‬
‫الصحيحة في القاموس البيت الشرف والشريف وفي النهاية بيت الرجل‬
‫شرفه قال العباس في مدح النبي صلى ال عليه وآله‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .57‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ 194‬والعلج‪:‬‬


‫الكافر‪ (3) .‬مجالس المفيد ص ‪.(*) 108‬‬

‫]‪[24‬‬

‫حتى احتوى بيتك المهيمن من * خندف علياء تحتها النطق أراد شرفه فجعله في‬
‫أعلى خندف بيتا وقال معادن العرب أصولها التى ينتسبون إليها‬
‫ويتفاخرون بها " كما يهدم القوم " في بعض النسخ القدوم وهو بتخفيف‬
‫الدال آلة ينحت بها الخشب‪ - 42 .‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى عن يونس‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي‬
‫محمد الوابشي‪ ،‬عن أبي عبد ال جعفر بن محمد عليهما السلم قال‪ :‬إذا‬
‫أحسن العبد المؤمن ضاعف ال عمله لكل حسنة سبع مائة ضعف‪ ،‬وذلك‬
‫قوله عزوجل " وال يضاعف لمن يشاء " )‪ - 43 .(1‬ما‪ :‬عن الفحام‪ ،‬عن‬
‫عمه عمر بن يحيى‪ ،‬عن إبراهيم بن عبد ال الكنجي‪ ،‬عن أبي عاصم‪ ،‬عن‬
‫الصادق عليه السلم قال‪ :‬شيعتنا جزء منا خلقوا من فضل طينتنا‪،‬‬
‫يسوؤهم ما يسوؤنا ويسرهم ما يسرنا‪ ،‬فإذا أرادنا أحد فليقصدهم فانهم‬
‫الذي يوصل منه إلينا )‪ - 44 .(2‬ما‪ :‬باسناد أبي قتادة ; عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬حقوق شيعتنا علينا أوجب من حقوقنا عليهم‪ ،‬قيل له‪:‬‬
‫وكيف ذلك يا ابن رسول ال ؟ فقال‪ :‬لنهم يصابون فيناول نصاب فيهم )‬
‫‪ - 45 .(3‬ما‪ :‬عن الحفار‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‪ ،‬عن عبد ال بن زاذان‪،‬‬
‫عن عباد ابن يعقوب‪ ،‬عن يحيى بن يسار‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن‬
‫أبي إسحاق‪ ،‬عن عاصم بن ضمرة‪ ،‬عن علي عليه السلم وعن الحارث‬
‫عنه عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬مثلي مثل )‪(4‬‬
‫شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمرتها والشيعة ورقها‬
‫فأبى أن يخرج من الطيب إل الطيب )‪.(5‬‬
‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .227‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ 305‬وفيه‬
‫الكنيخى بدل الكنجى‪ (3) .‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .310‬أمالى‬
‫الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .363‬في بشارة المصطفى‪ :‬مثلى ومثل على بن‬
‫أبى طالب شجرة )*(‪.‬‬

‫]‪[25‬‬

‫بشا‪ :‬محمد بن أحمد بن شهريار‪ ،‬عن محمد بن محمد بن الحسين‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫محمد التميمي‪ ،‬عن علي بن الحسين بن سفيان‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن‬
‫عباد بن يعقوب مثله )‪ .(1‬بيان‪ " :‬فأبى " أي أبى ال وفي أمالي الشيخ‬
‫نفسه فأنى يخرج وهو أظهر‪ - 46 .‬ما‪ :‬عن ابن شبل‪ ،‬عن ظفر بن‬
‫حمدون‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي‪ ،‬عن عبد ال بن حماد‪ ،‬عن‬
‫عمرو بن شمر‪ ،‬عن يعقوب بن ميثم التمار مولى علي بن الحسين قال‪:‬‬
‫دخلت على أبي جعفر عليه السلم فقلت له‪ :‬جعلت فداك يا ابن رسول ال‬
‫إني وجدت في كتب أبي أن عليا عليه السلم قال لبي ميثم‪ :‬احبب حبيب‬
‫آل محمد وإن كان فاسقا زانيا‪ ،‬وأبغض مبغض آل محمد وإن كان صواما‬
‫قواما فاني سمعت رسول ال وهو يقول " إن الذين آمنوا وعملوا‬
‫الصالحات اولئك هم خير البرية )‪ (2‬ثم التفت إلى وقال‪ :‬هم وال أنت‬
‫وشيعتك يا علي وميعادك وميعادهم الحوض غدا غرا محجلين ]مكتحلين[‬
‫متوجين فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬هكذا هو عيانا في كتاب علي )‪.(3‬‬
‫بيان‪ :‬قال في النهاية وفي الحديث " غر محجلون من آثار الوضوء "‪،‬‬
‫الغر جمع الغر من الغرة بياض الوجه‪ .‬يريد بياض وجوههم بنور‬
‫الوضوء يوم القيامة‪ ،‬وقال‪ :‬المحجل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه‬
‫إلى موضع القيد‪ ،‬ويجاوز الرساغ‪ ،‬ول يجاوز الركبتين لنها مواضع‬
‫الحجال وهى الخلخيل والقيود‪ ،‬ول يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن‬
‫معها رجل أو رجلن ومنه الحديث امتي الغر المحجلون أي بيض مواضع‬
‫الوضوء من اليدي والقدام‪ ،‬استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين‬
‫والرجلين للنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه‬
‫وقال‪ :‬توجته ألبسته التاج‪ - 47 .‬مع‪ :‬عن ابن مسرور‪ ،‬عن ابن عامر‪ ،‬عن‬
‫عمه‪ ،‬عن الحسن بن علي‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .76‬البينة‪ (3) .8 :‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪19‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[26‬‬
‫ابن فضال‪ ،‬عن ثعلبة‪ ،‬عن عمر بن أبان الرفاعي‪ ،‬عن الصباح بن سيابة‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون فيدخله‬
‫ال الجنة وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله ال النار‪ ،‬وإن‬
‫الرجل منكم ليمل صحيفته من غير عمل‪ .‬قلت‪ :‬وكيف يكون ذاك ؟ قال‪:‬‬
‫يمر بالقوم ينالون منا فإذا رأوه قال بعضهم لبعض‪ :‬إن هذا الرجل من‬
‫شيعتهم‪ ،‬ويمر بهم الرجل من شيعتنا فينهرونه ويقولون فيه فيكتب ال‬
‫عزوجل بذلك حسنات حتى يمل صحيفته من غير عمل )‪ .(1‬بيان‪ " :‬وما‬
‫يدري ما تقولون " ظاهره المستضعفون من العامة‪ ،‬فان حبهم للشيعة‬
‫علمة استضعافهم‪ ،‬ويحتمل المستضعفون من الشيعة أيضا أي ما يدري‬
‫ما تقولون من كمال معرفة الئمة عليهم السلم وفي القاموس‪ :‬نهر‬
‫الرجل‪ :‬زجره كانتهره ويقولون فيه أي ما يسوءه من الذم والشتم‪- 48 .‬‬
‫مع‪ :‬عن الطالقاني‪ ،‬عن الجلودي‪ ،‬عن عبد ال بن محمد العبسي‪ ،‬عن‬
‫محمد ابن هلل‪ ،‬عن نائل بن نجيح‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر الجعفي‬
‫قال‪ :‬سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلم عن قول ال عزوجل‬
‫" كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن‬
‫ربها " )‪ (2‬قال‪ :‬أما الشجرة فرسول ال صلى ال عليه وآله وفرعها علي‬
‫عليه السلم وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول ال‪ ،‬وثمرها أولدها عليهم‬
‫السلم وورقها شيعتنا‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬إن المؤمن من شيعتنا ليموت‬
‫فيسقط من الشجرة ورقة وإن المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة‬
‫ورقة )‪ .(3‬أقول‪ :‬قد مر مثله كثيرا مع شرحها في كتاب المامة )‪- 49 .(4‬‬
‫ير‪ :‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬ويعقوب بن يزيد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬وعن أبي‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .392‬ابراهيم‪ 24 :‬و ‪ (3) .25‬معاني الخبار ص ‪.400‬‬
‫)‪ (4‬راجع ج ‪ 24‬ص ‪ .143 - 136‬من هذه الطبعة )*(‪.‬‬

‫]‪[27‬‬

‫جميلة‪ ،‬عن محمد الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله قال إن ال مثل لي امتي في الطين وعلمني أسماءهم كلها‬
‫كما علم آدم السماء كلها‪ ،‬فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي‬
‫وشيعته‪ ،‬إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول ال وما هي‬
‫؟ قال‪ :‬المغفرة منهم لمن آمن واتقى ل يغادر منهم صغيرة ول كبيرة‪ ،‬ولهم‬
‫تبدل السيئات حسنات‪ (1) .‬بيان‪ " :‬في الطين " كأنه حال عن المة‪،‬‬
‫وكونهم في الطين كناية عن عدم خلق أجسادهم كما ورد " كنت نبيا وآدم‬
‫بين الماء والطين " ويحتمل كونه حال عن الضمير في " لي " أو عنهما‬
‫معا‪ ،‬والمغادرة الترك‪ ،‬وتبدل السيئات حسنات أن يكتب ال لهم مكان كل‬
‫سيئة يمحوها حسنة‪ ،‬أو يوفقهم لن يعملوا الطاعات بدل المعاصي‪ ،‬ولن‬
‫يتصفوا بمكارم الخلق بدل مساويها ; والول أظهر‪ - 50 .‬ير‪ :‬عن محمد‬
‫بن الحسين‪ ،‬عن عبد ال بن جيلة‪ ،‬عن معاوية بن عمار عن جعفر‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن جده عليهم السالم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا‬
‫علي لقد مثلت لي امتي في الطين حتى رأيت صغيرهم وكبيرهم أرواحا قبل‬
‫أن يخلق الجساد وإني مررت بك وبشيعتك فاستغفرت لكم‪ ،‬فقال‪ :‬علي يا‬
‫نبي ال زدني فيهم‪ ،‬قال‪ :‬نعم يا علي تخرج أنت وشيعتك من قبور كم‬
‫ووجوهكم كالقمر ليلة البدر‪ ،‬وقد خرجت عنكم الشدائد‪ ،‬وذهبت عنكم‬
‫الحزان‪ ،‬تستظلون تحت العرش‪ ،‬يخاف الناس ول تخافون‪ ،‬ويحزن الناس‬
‫ول تحزنون‪ ،‬وتوضع لكم مائدة والناس في الحساب )‪ .(2‬فضائل الشعية‬
‫للصدوق عن معاوبن عمار مثله )‪ - 51 .(3‬سن‪ :‬عن القاسم بن يحيى‪،‬‬
‫عن جده الحسن‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬وال ما‬
‫بعدنا غيركم وإنكم معنا في السنام العلى‪ ،‬فتنافسوا في‬

‫)‪ (1‬بصائر الدرجات ص ‪ (2) .85‬بصائر الدرجات ‪ (3) .84‬فضائل الشيعة ص‬


‫‪.(*) 153‬‬

‫]‪[28‬‬

‫الدرجات )‪ .(1‬بيان‪ " :‬السنام العلى " بفتح السين أعلى عليين‪ ،‬في النهاية سنام‬
‫كل شئ أعله " فتنافسوا في الدرجات " أي أنتم معنا في الجنة فارغبوا‬
‫في أعالي درجاتها فان لها درجات غير متناهية‪ ،‬صورة ومعنى‪ ،‬أو أنتم‬
‫في درجاتنا العالية في الجنة لكن لها أيضا درجات كثيرة مختلفة بحسب‬
‫القرب والبعد منا فارغبوا في علو تلك الدرجات وهذا أظهر قال في‬
‫النهاية‪ :‬التنافس من المنافسة وهي الرغبة في الشئ‪ ،‬والنفراد به‪ ،‬وهو‬
‫من الشئ النفيس الجيد في نوعه‪ - 52 .‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعدان بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن الحسين بن أبي العل قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن لكل‬
‫شئ جوهرا وجوهر ولد آدم محمد صلى ال عليه وآله ونحن وشيعتنا )‪.(2‬‬
‫‪ - 53‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعدان بن مسلم‪ ،‬عن سدير قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬أنتم آل محمد‪ ،‬أنتم آل محمد )‪ .(3‬بيان‪ :‬هذا على المبالغة‬
‫كقولهم‪ :‬سلمان منا أهل البيت‪ - 54 .‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن‬
‫عقبة‪ ،‬عن فضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أنتم وال‬
‫نور في ظلمات الرض )‪ .(4‬بيان‪ :‬النور ما يصير سببا لظهور الشياء‪،‬‬
‫والظملة ضده‪ ،‬والعلم والمعرفة واليمان مختصة بالشيعة‪ ،‬لخذهم جميع‬
‫ذلك عن أئمتهم عليهم السلم‪ ،‬ومن سواهم من الكفرة والمخالفين فليس‬
‫معهم إل الكفر والضللة‪ ،‬فالشيعة هادون مهتدون منورون للعالم في‬
‫ظلمات الرض‪ - 55 .‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن حمزة بن عبد ال‪ ،‬عن إسحاق‬
‫بن عمار‪ ،‬عن علي ابن عبد العزيز قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬وال إني لحب ريحكم وأرواحكم‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ 2) .142‬و ‪ (3‬المحاسن ص ‪ (4) .143‬المحاسن ص ‪.(*) 162‬‬

‫]‪[29‬‬

‫ورؤيتكم وزيارتكم وإني لعلى دين ال‪ ،‬ودين ملئكته‪ ،‬فأعينوا على ذلك بورع أنا‬
‫في المدينة بمنزلة الشعيرة أتقلقل حتى أرى الرجل منكم فأستريح إليه )‬
‫‪ .(1‬توضيح‪ " :‬الرواح " هنا إما جمع الروح بالضم أو بالفتح وهو‬
‫الرحمة ونسيم الريح " وإني لعلى دين ال " أي أنتم أيضا كذلك وملحقون‬
‫بنا فأعينونا على شفاعتكم بالورع‪ ،‬عن المعاصي " بمنزلة الشعيرة " أي‬
‫في قله الشباه والموافقين في المسلك والمذهب‪ ،‬وفي بعض النسخ‬
‫الشعرة أي كشعرة بيضاء مثل في ثور أسود وهو أظهر " والتقلقل‪،‬‬
‫التحرك والضطراب‪ ،‬والستراحة النس والسكون‪ - 56 .‬سن‪ :‬عن صالح‬
‫بن السندي‪ ،‬عن جعفر بن بشير‪ ،‬عن عبد ال بن الوليد قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول ونحن جماعة‪ :‬وال إني لحب رؤيتكم وأشتاق‬
‫إلى حديثكم )‪ - 57 .(2‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي علي حسان‬
‫العجلي قال‪ :‬سأل رجل أبا عبد ال عليه السلم وأنا جالس عن قول ال‬
‫عزوجل " هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون إنما يتذكر او لول‬
‫اللباب " )‪ (3‬قال‪ :‬نحن الذين يعلمون وعدونا الذين ل يعلمون‪ ،‬وشيعتنا‬
‫أولو اللباب )‪ .(4‬مشكوة النوار‪ :‬عن محمد بن مروان‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم مثله )‪ - 58 .(5‬سن‪ :‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن نوح المضروب‪ ،‬عن‬
‫أبي شيبة‪ ،‬عن عنبسة العابد عن أبي جعفر عليه السلم في قول ال‬
‫عزوجل " كل نفس بما كسبت رهينة إل أصحاب اليمين " )‪ (6‬قال‪ :‬هم‬
‫شيعتنا أهل البيت )‪.(7‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المحاسن‪ (3) .163 :‬الزمر‪ (4) .9 :‬المحاسن ص ‪ (5) .169‬مشكوة‬
‫النوار‪ (6) .95 :‬المدثر‪ 38 :‬و ‪ (7) .39‬المحاسن ص ‪.(*) 171‬‬

‫]‪[30‬‬

‫‪ - 59‬سن‪ :‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن بعض الكوفيين‪ ،‬عن عنبسة‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم في قول ال‪ " :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك‬
‫هم خير البرية " )‪ (1‬قال‪ :‬هم شيعتنا أهل البيت )‪ - 60 .(2‬سن عن ابن‬
‫فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن يحيى بن زكريا أخي دارم قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم كان أبي يقول‪ :‬إن شيعتنا آخذون بحجزتنا‪ ،‬ونحن آخذون‬
‫بحجزة نبينا‪ ،‬ونبينا آخذ بحجزة ال )‪ .(3‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعدان بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إذا كان يوم‬
‫القيامة أخذ رسول ال صلى ال عليه وآله بحجزة ربه وأخذ علي بحجزة‬
‫رسول ال وأخذنا بحجزة علي عليه السلم وأخذ شيعتنا بحجزتنا فأين‬
‫ترون يوردنا رسول ال صلى ال عليه وآله ؟ قلت‪ :‬إلى الجنة )‪ .(4‬بيان‪:‬‬
‫قال في النهاية‪ :‬فيه إن الرحم أخذت بحجزة الرحمن أي اعتصمت به‬
‫والتجأت إليه مستجيرة‪ ،‬وأصل الحجزة موضع شد الزار ثم قيل للزار‬
‫حجزة للمجاورة واحتجز الرجل بالزار إذا شده على وسطه فاستعاره‬
‫للعتصام واللتجاء و التمسك بالشئ والتعلق به‪ ،‬ومنه الحديث الخر‬
‫ياليتني آخذ بحجزة ال‪ ،‬أي بسبب منه‪ .‬وذكر الصدوق معاني للحجزة‪،‬‬
‫منها الدين‪ ،‬ومنها المر‪ ،‬ومنها النور وأورد الخبار فيها )‪ - 62 .(5‬سن‪:‬‬
‫عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عمن حدثه‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬كان علي بن الحسين يقول‪ :‬إن أحق الناس بالورع والجتهاد فيما‬
‫يحب ال ويرضى‪ ،‬الوصياء وأتباعهم‪ ،‬أما ترضون أنه لو كانت فزعة من‬
‫السماء فزع كل قوم إلى مأمنهم وفزعتم إلينا‪ ،‬وفزعنا إلى نبينا ؟ إن نبينا‬
‫آخذ بجحزة‬

‫)‪ (1‬البينة‪ (2) .7 :‬المحاسن ص ‪ 3) .171‬و ‪ (4‬المصدر ص ‪ (5) .182‬راجع‬


‫معاني الخبار ص ‪ - 16‬و ‪.(*) 236‬‬

‫]‪[31‬‬

‫ربه ونحن آخذون بحجزة نبينا‪ ،‬وشيعتنا آخذون بحجزتنا )‪ - 63 .(1‬سن‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن بريد بن معاوية قال‪ :‬قال أبو جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬ما تبغون أو ما تريدون غير أنها لو كانت فزعة من السماء‬
‫فزع كل قوم إلى مأمنهم‪ ،‬وفزعنا إلى نبينا وفزعتم إلينا )‪ .(2‬بيان‪ " :‬ما‬
‫تبغون " أي أي شئ تطلبون في جزاء تشيعكم وبازائه " غير أنها " أي‬
‫أتطلبون شيئا غير فزعكم إلينا في القيامة ؟ أي ليس شئ أفضل وأعظم من‬
‫ذلك ‪ - 64‬شا‪ :‬عن محمد بن عمران المرزباني‪ ،‬عن علي بن محمد بن عبد‬
‫ال الحافظ عن علي بن الحسين بن عبيد الكوفي‪ ،‬عن إسماعيل بن أبان‪،‬‬
‫عن سعد بن طالب عن جابر بن يزيد‪ ،‬عن محمد بن علي الباقر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سئلت أم سملة زوج النبي صلى ال عليه وآله عن علي بن‬
‫أبي طالب عليه السلم قالت‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪:‬‬
‫إن عليا وشيعته هم الفائزون )‪ - 65 .(3‬شا‪ :‬عن محمد بن عمران‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد الجوهري‪ ،‬عن محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي‪ ،‬عن‬
‫تميم بن محمد العل‪ ،‬عن عبد الرزاق‪ ،‬عن يحيى بن العل‪ ،‬عن سعد بن‬
‫طريف‪ ،‬عن ابن نباتة‪ ،‬عن علي قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫إن ل قضيبا من ياقوت أحمر‪ ،‬ل يناله إل نحن وشيعتنا‪ ،‬وسائر الناس منه‬
‫بريؤون )‪ - 66 .(4‬شا‪ :‬عن محمد بن عمران‪ ،‬عن علي بن محمد بن عبد‬
‫ال الحافظ‪ ،‬عن علي ابن الحسين بن عبيد الكوفي‪ ،‬عن إسماعيل بن أبان‪،‬‬
‫عن عمرو بن حريث‪ ،‬عن داود بن السليل‪ ،‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا ل حساب‬
‫عليهم ول عذاب‪ ،‬قال‪ :‬ثم التفت إلى على عليه السلم فقال‪ :‬هم شيعتك‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .182‬المحاسن ص ‪ (4 - 3) .183‬الرشاد ص ‪.(*) 18‬‬

‫]‪[32‬‬

‫وأنت إمامهم )‪ .(1‬مشكوة النوار‪ :‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم مثله )‪.(2‬‬
‫‪ - 67‬شا‪ :‬عن محمد بن عمران‪ ،‬عن أحمد بن عيسى الكرخي‪ ،‬عن محمد‬
‫بن القاسم‪ ،‬عن محمد بن عائشة‪ ،‬عن إسماعيل بن عمرو البجلي‪ ،‬عن‬
‫عمر بن موسى‪ ،‬عن زيد بن علي بن الحسين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن‬
‫علي عليهم السلم قال‪ :‬شكوت إلى رسول ال صلى ال عليه وآله حسد‬
‫الناس إياي فقال‪ :‬يا علي إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن‬
‫والحسين‪ ،‬وذريتنا خلف ظهورنا‪ ،‬وأحباؤنا خلف ذريتنا‪ ،‬وأشياعنا عن‬
‫أيماننا وشمائلنا )‪ .(3‬بيان‪ " :‬إن أول أربعة " أي أول الربعات الذين‬
‫يدخلون الجنة فالجميع إلى قوله عليه السلم‪ :‬والحسين خبر‪ ،‬أو المعنى‬
‫أن الربعة الذين يدخلون أولهم أنا فخبر البواقي مقدر بقرينة المقام‪- 68 .‬‬
‫شى‪ :‬عن عبد ال بن جندب‪ ،‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬حق على ال أن‬
‫يجعل ولينا رفيقا للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك‬
‫رفيقا )‪ - 69 .(4‬شى‪ :‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا‬
‫أبا محمد لقد ذكركم ال في كتابه فقال " اولئك مع الذين أنعم ال عليهم‬
‫من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " الية فرسول ال في هذا‬
‫الموضع النبي ونحن الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون‪ ،‬فتسموا‬
‫بالصلح كما سماكم ال )‪ .(5‬مجمع البيان‪ :‬عن أبي بصير مثله )‪ .(6‬بيان‪:‬‬
‫" فتسموا بالصلح " أي انتسبوا إليه‪ ،‬أو ارتفعوا بسببه أو اتصفوا به‬

‫)‪ (1‬الرشاد ص ‪ (2) .18‬مشكوة النوار‪ (3) .96 :‬الرشاد ص ‪ 4) .19‬و ‪(5‬‬
‫تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 370‬والية في النساء‪ (6) .69 :‬مجمع البيان‬
‫ج ‪ 3‬ص ‪.(*) 72‬‬
‫]‪[33‬‬

‫حتى يسميكم الناس صالحين في القاموس سما سموا‪ :‬ارتفع‪ ،‬وبه أعله كأسماه‬
‫وسماه فلنا وبه وتسمى بكذا وبالقوم وإليهم انتسب‪ - 70 .‬م‪ :‬قال النبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬عند حنين الجذع‪ :‬معاشر المسلمين هذا الجذع يحن‬
‫إلى رسول رب العالمين‪ ،‬ويحزن لبعده عنه‪ ،‬ففي عباد ال الظالمين‬
‫أنفسهم من ل يبالي قرب من رسول ال أم بعد‪ ،‬ولول أني احتضنت هذا‬
‫الجذع‪ ،‬ومسحت بيدي عليه ما هدئ حنينه إلى يوم القيامة‪ ،‬وإن من عباد‬
‫ال وإمائه لمن يحن إلى محمد رسول ال وإلى علي ولي ال كحنين هذا‬
‫الجذع وحسب المؤمن أن يكون قلبه على موالة محمد وعلي وآلهما‬
‫الطيبين منطويا أرأيتم شدة حنين هذا الجذع إلى محمد رسول ال وكيف‬
‫هدئ لما احتضنه محمد رسول ال ومسح بيده عليه ؟ قالوا بلى يا رسول‬
‫ال‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬والذي بعثني بالحق نبيا إن حنين‬
‫خزان الجنان‪ ،‬وحور عينها وسائر قصورها‪ ،‬ومنازلها إلى من توالى‬
‫محمدا وعليا وآلهما الطيبين وتبرأ من أعدائهما لشد من حنين هذا الجذع‬
‫الذي رأيتموه إلى رسول ال‪ ،‬وإن الذي يسكن حنينهم وأنينهم ما يرد‬
‫عليهم من صلة أحدكم معاشر شيعتنا على محمد وآله الطيبين أو صلة‬
‫نافلة أو صوم أو صدقة وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد‬
‫وعلي ما يتصل بهم من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين‪ ،‬ومعونتهم لهم‬
‫على دهرهم‪ ،‬يقول أهل الجنان بعضهم لبعض‪ :‬ل تستعجلوا صاحبكم فما‬
‫يبطئ عنكم إل للزيادة في الدرجات العاليات في هذه الجنان بإسداء‬
‫المعروف إلى إخوانه المؤمنين‪ .‬وأعظم من ذلك مما يسكن حنين سكان‬
‫الجنان وحورها إلى شيعتنا ما يعرفهم ال من صبر شيعتنا على التقية‪،‬‬
‫واستعمالهم التورية ليسملوا بها من كفرة عباد ال و فسقتهم‪ ،‬فحينئذ‬
‫يقول خزان الجنان وحورها‪ :‬لنصبرن على شوقنا إليهم وحنيننا كما‬
‫يصبرون على سماع المكروه في ساداتهم وأئمتهم‪ ،‬وكما يتجرعون الغيظ‬
‫و يسكتون عن إظهار الحق لما يشاهدون من ظلم من ل يقدرون على دفع‬
‫مضرته‪ .‬فعند ذلك يناديهم ربنا عزوجل‪ :‬يا سكان جناني‪ ،‬ويا خزان رحمتي‬
‫ما لبخل أخرت عنكم أزواجكم وساداتكم إل ليستكملوا نصيبهم من كرامتي‬
‫بمواساتهم‬

‫]‪[34‬‬

‫إخوانهم المؤمنين والخذ بأيدي الملهوفين‪ ،‬والتنفيس عن المكروبين‪ ،‬وبالصبر‬


‫على التقية من الفاسقين الكافرين حتى إذا استكملوا أجزل كراماتي نقلتهم‬
‫إليكم على أسر الحوال‪ ،‬وأغبطها‪ ،‬فأبشروا فعند ذلك يسكن حنينهم‬
‫وأنينهم‪ .(1) .‬توضيح‪ :‬في القاموس حضن الصبي حضنا وحضانة بالكسر‬
‫جعله في حضنه أو رباه كاحتضنه‪ ،‬وقال الحضن بالكسر ما دون البط إلى‬
‫الكشح أو الصدر والعضدان وما بينهما‪ ،‬وقال‪ :‬هدأ كمنع هدءا وهدوءا‬
‫سكن‪ ،‬وقال‪ :‬أسدى إليه أحسن‪ - 71 .‬م‪ :‬قال تعالى‪ " :‬وبشر الذين آمنوا‬
‫" )‪ (2‬بال وحده وصدقوك بنبوتك فاتخذوك إماما وصدقوك في أقوالك‬
‫وصوبوك في أفعالك‪ ،‬واتخذوا أخاك عليا بعدك إماما ولك وصيا مرضيا‪،‬‬
‫وانقادوا لما يأمرهم به وصاروا إلى ما أصارهم إليه‪ ،‬ورأوا له ما يرون لك‬
‫إل النبوة التي افردت بها‪ ،‬وأن الجنان ل تصير لهم إل بموالته وموالة‬
‫من ينص عليه من ذريته وموالة سائر أهل وليته‪ ،‬ومعاداة أهل مخالفته‬
‫وعداوته‪ ،‬وأن النيران ل تهدأ عنهم‪ ،‬ول يعدل بهم عن عذابها إل بتنكبهم‬
‫عن موالة مخالفيهم وموازرة شانئيهم " وعملوا الصالحات " من إدامة‬
‫الفرائض و اجتناب المحارم ول يكونوا كهؤلء الكافرين بك بشرهم " أن‬
‫لهم جنات " بساتين " تجري من تحتها النهار " )‪ - 72 .(3‬شى‪ :‬عن‬
‫عبد الرحمن بن سالم الشل‪ ،‬عن بعض الفقهاء قال‪ :‬قال أمير المؤمنين "‬
‫إن أولياء ال ل خوف عليهم ول هم يحزنون " )‪ (4‬ثم قال‪ :‬تدرون من‬
‫أولياء ال ؟ قالوا‪ :‬من هم يا أمير المؤمنين ؟ فقال‪ :‬هم نحن وأتباعنا‪ ،‬فمن‬
‫تبعنا من بعدنا طوبى لنا‪ ،‬وطوبى لهم أفضل من طوبى لنا‪ ،‬قال‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا ؟ ألسنا نحن وهم على‬
‫أمر ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬لنهم حملوا‬

‫)‪ (1‬تفسير المام العسكري ص ‪ (2) .75‬البقرة‪ (3) .25 :‬تفسير المام ص ‪) .80‬‬
‫‪ (4‬يونس‪.(*) 62 :‬‬

‫]‪[35‬‬

‫ما لم تحملوا عليه‪ ،‬وأطاقوا ما لم تطيقوا )‪ .(1‬بيان‪ " :‬لنهم حملوا " إشارة إلى‬
‫شدة تقية الشيعة بعده عليه السلم وكثرة وقوع الظلم من بني امية‬
‫وغيرهم عليهم‪ - 73 .‬شى‪ :‬عن أبي عمرو الزبيري‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من تولى آل محمد وقدمهم على جميع الناس بما قدمهم من‬
‫قرابة رسول ال صلى ال عليه وآله فهو من آل محمد لمنزلته عند آل‬
‫محمد‪ ،‬ل أنه من القوم بأعيانهم‪ ،‬وإنما هو منهم بتوليه إليهم و اتباعه‬
‫إياهم‪ ،‬وكذلك حكم ال في كتابه " ومن يتولهم منكم فانه منهم " )‪ (2‬و‬
‫قول إبراهيم " فمن تبعني فانه مني ومن عصاني فانك غفور رحيم " )‪.(3‬‬
‫‪ - 74‬شى‪ :‬عن عقبة بن خالد قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال عليه السلم‬
‫فأذن لي وليس هو في مجلسه فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه‪،‬‬
‫وليس عليه جلباب فلما نظر إلينا رحب بناثهم جلس )‪ (4‬ثم قال‪ :‬أنتم أولوا‬
‫اللباب في كتاب ال قال ال " إنما يتذكر أولوا اللباب " )‪ .(5‬بيان‪ :‬كأن‬
‫المراد بالجلباب هنا الرداء مجازا أو القميص في القاموس الجلباب‬
‫كسرداب وسنمار القميص‪ ،‬وثوب واسع للمرأة دون الملحفة‪ ،‬أوما تغطي‬
‫به ثيابها من فوق كالملحفة أو هو الخمار‪ - 75 .‬شى‪ :‬عن أبي بصير قال‪:‬‬
‫سمعت جعفر بن محمد عليهما السلم وهو يقول‪ :‬نحن أهل بيت الرحمة‪،‬‬
‫وبيت النعمة‪ ،‬وبيت البركة‪ ،‬ونحن في الرض بنيان وشيعتنا عرى‬
‫السلم‪ ،‬وما كانت دعوة إبراهيم إل لنا وشيعتنا‪ ،‬ولقد استثنى ال إلى يوم‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .124‬المائدة‪ (3) .51 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ ،231‬والية في ابراهيم‪ (4) .36 :‬في المصدر‪ :‬فلما نظر إلينا قال احب‬
‫لقاءكم ثم جلس‪ ،‬والظاهر أنه تصحيف‪ (5) .‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ ،207‬والية في الرعد‪.(*) 19 :‬‬

‫]‪[36‬‬

‫القيامة إلى إبليس فقال " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " )‪ .(1‬بيان‪ :‬البنيان‬
‫بالضم البناء المبني والمراد بيت الشرف والنبوة والمامة و الكرامة ول‬
‫يبعد أن يكون في الصل بنيان اليمان " عرى السلم " أي يستوثق و‬
‫يستمسك بهم السلم‪ ،‬أو من أراد الصعود إلى السلم أو إلى ذروته يتعلق‬
‫بهم‪ ،‬و يأخذ منهم‪ .‬قال في المصباح قوله عليه السلم‪ " :‬وذلك أوثق‬
‫عرى اليمان " على التشبيه بالعروة التي يستمسك بها ويستوثق‪ ،‬وكأن‬
‫المراد بدعوة إبراهيم قوله عليه السلم " ربنا اغفر لي ولوالدي‬
‫وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " )‪ (2‬ويحتمل أن يكون المراد قوله‪" :‬‬
‫واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم " )‪ (3‬والول أظهر‪ - 76 .‬شى‪ :‬عن‬
‫أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله " إخوانا على سرر‬
‫متقابلين " )‪ (4‬قال‪ :‬وال ما عنى غيركم )‪ - 77 .(5‬شى‪ :‬عن عمرو بن‬
‫أبي المقدام‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬أنتم‬
‫وال الذين قال ال " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر‬
‫متقابلين " إنما شيعتنا أصحاب الربعة العين‪ ،‬عين في الرأس وعين في‬
‫القلب‪ ،‬أل و الخليق كلهم كذلك‪ ،‬إل أن ال فتح أبصاركم‪ ،‬وأعمى أبصارهم‬
‫)‪ .(6‬بيان‪ " :‬عين في الرأس " المراد بها الجنس أي عينان أو المعنى كل‬
‫عين في الرأس بازائها عين في القلب " فتح أبصاركم " أي أبصار‬
‫قلوبكم‪ - 78 .‬شى‪ :‬عن محمد بن مروان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ليس منكم رجل ول امرأة إل وملئكة ال يأتونه بالسلم وأنتم الذين‬
‫قال ال " ونزعنا ما في صدورهم‬
‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ .243‬والية في الحجر‪ (2) .42 :‬ابراهيم‪(3) .40 :‬‬
‫ابراهيم‪ (4) .37 :‬الحجر‪ (6 - 5) .47 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪244‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[37‬‬

‫من غل إخوانا على سرر متقابلين " )‪ - 79 .(1‬م ‪ -‬قال علي بن الحسين عليه‬
‫السلم‪ :‬عباد ال اجعلوا حجتكم مقبولة مبرورة وإياكم أن تجعلوها مردودة‬
‫عليكم أقبح الرد وأن تصدوا عن جنة ال يوم القيامة أقبح الصد أل وإن ما‬
‫محلها محل القبول ما يقرن بها من موالة محمد وعلي وآلهما الطيبين‪،‬‬
‫وإن ما يسفلها ويرذلها ما يقرن بها من اتخاذ النداد من دون أئمة الحق‬
‫وولة الصدق علي بن أبي طالب عليه السلم والمنتجبين ممن يختاره من‬
‫ذريته وذويه‪ .‬ثم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى للموالين‬
‫عليا عليه السلم إيمانا بمحمد و تصديقا لمقاله‪ ،‬كيف يذكرهم اله بأشرف‬
‫الذكر من فوق عرشه‪ ،‬وكيف يصلي عليهم ملئكة العرش والكرسي‬
‫والحجب والسماوات والرض والهواء وما ببين ذلك وما تحتها إلى الثرى‬
‫وكيف يصلي عليهم أملك الغيوم والمطار وأملك البراري و البحار‬
‫وشمس السماء وقمرها ونجومها وحصباء الرض ورمالها وسائر ما يدب‬
‫من الحيوانات فيشرف ال تعالى بصلة كل واحد منها لديه محالهم‪ ،‬ويعظم‬
‫عنده جللهم حتى يردوا عليه يوم القيامة وقد شهروا بكرامات ال على‬
‫رؤوس الشهاد‪ ،‬و جعلوا من رفقاء محمد وعلي عليهما السلم صفي رب‬
‫العالمين‪ .‬والويل للمعاندين عليا كفرا بمحمد وتكذيبا بمقاله‪ ،‬وكيف يلعنهم‬
‫ال بأخس اللعن من فوق عرشه‪ ،‬وكيف يلعنهم حملة العرش والكرسي‬
‫والحجب و السماوات والرض والهوى وما بين ذلك وما تحتها إلى الثرى‪،‬‬
‫وكيف يلعنهم أملك الغيوم والمطار وأملك البراري والبحار وشمس‬
‫السماء وقمرها ونجومها وحصباء الرض ورمالها وسائر ما يدب من‬
‫الحيوانات فيسفل ال بلعن كل واحد منهم لديه محالهم ويقبح عنده‬
‫أحوالهم حتى يردوا عليه يوم القيامة‪ ،‬وقد شهروا بلعن ال ومقته على‬
‫رؤوس الشهاد‪ ،‬وجعلوا من رفقاء إبليس ونمرود وفرعون أعداء رب‬
‫العباد‪ .‬وإن من عظيم ما يتقرب به خيار أملك الحجب والسماوات الصلة‬
‫على‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشس ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 244‬‬

‫]‪[38‬‬
‫محبينا أهل البيت واللعن لشانئينا )‪ - 80 .(1‬جا‪ :‬عن محمد ببن الحسين المقري‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال السدي‪ ،‬عن جعفر بن عبد ال العلوي‪ ،‬عن يحيى بن‬
‫هاشم‪ ،‬عن غياث بن إبراهيم‪ ،‬عن الصادق عن أبيه‪ ،‬عن جده عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬علمت سبعا من المثاني‬
‫ومثلت لي امتي في الطين حتى نظرت إلى صغيرها وكبيرها‪ ،‬ونظرت في‬
‫السماوات كلها فلما رأيت رأيتك يا علي فاستغفرت لك ولشيعتك إلى يوم‬
‫القيامة )‪ - 81 .(2‬جا‪ :‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن ابن فضال عن عاصم بن خميد‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن جيش بن‬
‫المعتمر قال‪ :‬دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‬
‫وهوفي الرحبة متكئ فقلت‪ :‬السلم عليك يا أمير المؤمنين ورحمة ال‬
‫وبركاته كيف أصبحت ؟ قال‪ :‬فرفع رأسه ورد علي وقال‪ :‬أصبحت محبا‬
‫لمحبنا‪ ،‬ومبغضا لمن يبغضنا‪ ،‬إن محبنا ينتظر الروح والفرج في كل يوم‬
‫وليلة‪ ،‬وإن مبغضنا بنى بناء فأسس بنيانه على شفا جرف هار‪ ،‬كفان‬
‫بنيانه هار فانهاربه في نار جهنم‪ ،‬يا أبا المعتمر إن محبنا ل يستطيع أن‬
‫يبغضنا‪ ،‬قال‪ :‬ومبغضنا ل يستطيع أن يحبنا إن ال تبارك وتعالى جبل قلوب‬
‫العباد على حبنا‪ ،‬وخذل من يبغضنا‪ ،‬فلن يستطيع محبنا يبغضنا‪ ،‬ولن‬
‫يستطيع مبغضنا‪ ،‬ولن يستطيع مبغضنا يحبنا‪ ،‬ولن يجتمع حبنا وحب‬
‫عدونا في قلب أحد " ما جعل ال لرجل من قلبين في جوفه " )‪ (3‬يحب‬
‫بهذا قوما ويحب بالخر أعداءهم )‪ .(4‬توضيح‪ :‬قال الراغب‪ (5) :‬شفا‬
‫البئر والنهر طرفه‪ ،‬ويضرب به المثل في القرب من الهلكة قال تعالى‪" :‬‬
‫على شفا جرف هار " وقال‪ :‬يقال للمكان الذي يأكله‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ (2) .259‬مجالس المفيد ص ‪ .61‬الرقم ‪ (3) .10‬الحزاب‪:‬‬


‫‪ (4) .4‬مجالس المفيد ص ‪ ،145‬الرقم ص ‪ (5) .27‬مفردات غريب‬
‫القرآن ص ‪ 264‬و ‪.(*) 91‬‬

‫]‪[39‬‬

‫السيل فيجرفه أي يذهب به جرف‪ ،‬ويقال‪ :‬هار البناء يهور إذا سقط نحو انهار قال‬
‫تعالى‪ " :‬على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم " )‪ (1‬وقرئ هار‬
‫يقال‪ :‬بئر هار وهار وهائر ومنهار‪ ،‬ويقال‪ :‬انهار فلن إذا سقط من مكان‬
‫عالى‪ ،‬ورجل هار وهائر ضعيف في أمره تشبيها بالبئر الهائر‪ " .‬ما جعل‬
‫ال لرجل من قلبين " الخبر يدل على أن المراد بعدم القلبين عدم أمرين‬
‫متضادين في إنسان واحد‪ ،‬كاليمان والكفر‪ ،‬وحب رجل وبغضه أوما‬
‫يستلزم بغضه‪ .‬قال في المجمع في سياق معاني الية‪ :‬وقيل هو رد على‬
‫المنافقين والمعنى ليس لحد قلبان يؤمن بأحدهما ويكفر بالخر‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وقيل يتصل بما قبله‪ ،‬والمعنى أنه ل يمكن الجمع بين اتباعين متضادين‬
‫بين اتباع الوحي والقرآن واتباع أهل الكفر والطغيان‪ ،‬فكنى عن ذلك بذكر‬
‫القلبين لن التباع يصدر عن العتقاد والعتقاد من أفعال القلوب‪ ،‬فكما ل‬
‫يجتمع قلبان في جوف واحد ل يجتمع اعتقادان متضادان في قلب واحد‪،‬‬
‫وقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما جعل ال لرجل من قلبين يحب بهذا قوما‬
‫ويحب بهذا أعداءهم )‪ .(2‬أقول‪ :‬وسيأتي تمام القول فيه في باب القلب إن‬
‫شاء ال )‪ - 82 .(3‬كش‪ :‬عن حمدويه‪ ،‬عن أيوب بن نوح‪ ،‬عن صفوان بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أبي خالد‪ ،‬عن عبد ال بن ميمون‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬يا ابن ميمون كم أنتم بمكة ؟ قلت‪ :‬نحن أربعة‪ ،‬قال‪ :‬إنكم نور في‬
‫ظلمات الرض )‪ - 83 .(4‬كشف‪ :‬من كتاب الحافظ عبد العزيز‪ :‬روي أنه‬
‫قال سلمان لعلي عليه السلم‪ :‬ما جئت إلى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وأنا عنده إل وضرب عضدي أوبين كتفي‪ ،‬وقال‪ :‬يا‬

‫)‪ (1‬براءة ‪ 109‬راجع المفردات‪ (2) .546 :‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ (3) .336‬يعنى‬
‫في المجلد الرابع عشر‪ (4) .‬رجال الكشى ص ‪.(*) 212‬‬

‫]‪[40‬‬

‫سلمان هذا وحزبه المفلحون )‪ .(1‬ومن مناقب الخوارزمي عن أنس قال‪ :‬قال لي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله وقد رأيته في النوم‪ :‬ما حملت على أن ل‬
‫تودي ما سمعت مني في علي بن أبي طالب عليه السلم حتى أدركتك‬
‫العقوبة‪ ،‬ولول استغفار علي بن أبي طالب لك ما شممت رائحة الجنة أبدا‬
‫ولكن انشر في بقية عمرك‪ ،‬إن أولياء علي وذريته ومحبيهم السابقون‬
‫الولون إلى الجنة وهم جيران ال وأولياء ال حمزة‪ ،‬وجعفر‪ ،‬والحسن‬
‫والحسين‪ ،‬وأما علي فهو الصديق الكبر ل يخشى يوم القيامة من أحبه‪.‬‬
‫ومنه عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أحب عليا‬
‫قبل ال عنه صلته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه‪ ،‬أل ومن أحب عليا‬
‫أعطاه ال بكل عرق في بدنه مدينة في الجنة أل ومن أحب آل محمد أمن‬
‫من الحساب والميزان والصراط أل و من مات على حب آل محمد فأنا كفيله‬
‫بالجنة مع النبياء‪ ،‬أل ومن أبغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين‬
‫عينيه " آيس من رحمة ال " )‪ - 85 .(2‬رياض الجنان لفضل ال بن‬
‫محمود الفارسي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله قال لعلي عليه السلم‪ :‬يا علي إن ال وهب لك حب المساكين و‬
‫الفقراء في الرض فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما فطوبى لمن‬
‫أحبك‪ ،‬وويل لمن أبغضك‪ ،‬يا علي أهل مو ‪ -‬تك كل أواب حفيظ‪ ،‬وكل ذي‬
‫طمرين لو أقسم على ال لبره يا علي أحباؤك كل محتقر عند الخلق عظيم‬
‫عند الحق‪ ،‬يا علي محبوك في الفردوس العلى‪ ،‬جيران ال ل يأسفون‬
‫على ما فاتهم من الدنيا يا علي إخوانك ذبل الشفاه‪ ،‬تعرف الرهبانية في‬
‫وجوههم‪ ،‬يفرحون في ثلث مواطن‪ :‬عند الموت‪ ،‬وأنا شاهدهم‪ ،‬وعند‬
‫المسألة في قبورهم وأنت هناك تلقنهم‪ ،‬وعند العرض الكبر إذا دعي كل‬
‫اناس بامامهم‪ .‬يا علي بشر إخوانك أن ال قد رضي عنهم‪ ،‬يا علي أنت‬
‫أمير المؤمنين وقائد‬

‫)‪ (1‬كشف الغمة ص ‪ 28‬ط قديم‪ (2) .‬كشف الغمة ص ‪.(*) 30‬‬

‫]‪[41‬‬

‫الغر المحجلين‪ ،‬وأنت وشيعتك الصافون المسبحون‪ ،‬ولول أنت وشيعتك ما قام ل‬
‫دين‪ ،‬ولول من في الرض منكم ما نزل من السماء قطر‪ ،‬يا علي لك في‬
‫الجنة كنز وأنت ذوقرنيها وشيعتك حزب ال‪ ،‬وحزب ال هم الغالبون‪ ،‬يا‬
‫علي أنت وشيعتك القائمون بالقسط‪ ،‬وأنت على الحوض تسقون من‬
‫أحبكم‪ ،‬وتمنعون من أخل بفضلكم وأنتم المنون يوم الفزع الكبر‪ .‬يا علي‪:‬‬
‫أنت وشيعتك تظللون في الموقف‪ ،‬وتنعمون في الجنان‪ ،‬يا علي‪ :‬إن الجنة‬
‫مشتاقة إليك وإلى شيعتك وإن ملئكة العرش المقربين يفرحون بقدومهم‬
‫والملئكة تستغفر لهم‪ ،‬يا علي‪ :‬شيعتك الذين يخافون ال في السر‬
‫والعلنية‪ ،‬يا علي‪ :‬شيعتك الذين يتنافسون من الدرجات‪ ،‬ويلقون ال ول‬
‫حساب عليهم‪ ،‬يا علي‪ :‬أعمال شيعتك تعرض علي في كل جمعة فأفرح‬
‫بصالح أعمالهم وأستغفر لسيئاتهم‪ .‬يا علي‪ :‬ذكرك وذكر شيعتك في التوراة‬
‫بكل خير‪ ،‬قبل أن يخلقوا وكذلك في النجيل فانهم يعظمون أليا وشيعته‪ ،‬يا‬
‫علي‪ :‬ذكر شيعتك في السماء أكثر من ذكرهم في الرض فبشرهم بذلك‪ ،‬يا‬
‫علي‪ :‬قل لشيعتك وأحبائك يتنزهون من العمال التي يعملها عدوهم‪ ،‬يا‬
‫علي‪ :‬اشتد غضب ال على من أبغضك وأبغض شيعتك‪ .‬بيان‪ :‬في القاموس‬
‫الطمر بالكسر الثوب الخلق أو الكساء البالي من غير الصوف " ذبل‬
‫الشفاه " أي من الصوم‪ ،‬أو من كثرة الدعاء والتلوة‪ .‬ثم اعلم أن ظاهر‬
‫الية )‪ (1‬أن الصافون والمسبحون وصف الملئكة‪ ،‬قال الطبرسي‪ :‬أي‬
‫الصافون حول العرش ننتظر المر والنهي من ال تعالى وقيل القائمون‬
‫صفوفا في الصلة أوصافون بأجنحتنا في الهواء للعبادة والتسبيح وإنا‬
‫لنحن المسبحون أي المصلون المنزهون الرب عما ل يليق به والقائلون "‬
‫سبحان ال " على وجه التعظيم انتهى )‪ .(2‬لكن ورد في أخبار كثيرة‬
‫تأويلها بل تأويل قوله تعالى " وما منا إل له مقام‬

‫)‪ (1‬الصافات‪ 166 :‬و ‪ (2) .167‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪.(*) 461‬‬
‫]‪[42‬‬

‫معلوم " )‪ (1‬بالئمة عليهم السلم وكأنه من بطون اليات‪ ،‬ويمكن أن يكون بعضها‬
‫كهذا الخبر محمول على التشبيه والمبالغة في المدح قوله صلى ال عليه‬
‫وآله " لك في الجنة كنز " أي ثواب عظيم مدخر وفي روايات العامة أن‬
‫ذلك بيت في الجنة وقد مر شرح ذوقرنيها‪ .‬وقال في النهاية فيه ل حول ول‬
‫قوة إل بال كنز من كنوز الجنه أي أجرها مدخر لقائلها والمتصف بها كما‬
‫يدخر الكنز‪ - 86 .‬رياض الجنان‪ :‬بإسناده عن جابر الجعفي قال‪ :‬كنت مع‬
‫محمد بن علي عليهما السلم قال‪ :‬يا جابر خلقنا نحن ومحبونا من طينة‬
‫واحدة بيضاء نقية من أعل عليين‪ ،‬فخلقنا نحن من أعلها وخلق محبونا‬
‫من دونها‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة التحقت العليا بالسفلى‪ ،‬فضربنا بأيدينا إلى‬
‫حجزة نبينا‪ ،‬وضربت شيعتنا بأيديهم إلى حجزتنا‪ ،‬فأين ترى يصير ال نبيه‬
‫وذريته ؟ وأين ترى يصير ذريته محبينا ؟ فضرب جابر بن يزيد على يده‬
‫وقال‪ :‬دخلناها ورب الكعبة‪ .‬ومنه بإسناده عن أبي حمزة الثمالي‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن قول ال عزوجل " شجرة طيبة أصلها‬
‫ثابت وفرعها في السماء " )‪ (2‬فقال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫أنا أصلها‪ ،‬وعلي فرعها والئمة أغصانها‪ ،‬وعلمنا ثمرتها وشيعتنا ورقها‪.‬‬
‫يا أبا حمزة فهل ترى فيها فضل ؟ فقلت وال ما أرى فيها فضل‪ ،‬فقال يا‬
‫أبا حمزة إن المولود ليولد من شيعتنا فتورق ورقة‪ ،‬وإن الميت ليموت‬
‫فتسقط ورقة منها‪ .‬بيان‪ " :‬فهل ترى فيها فضل " أي فهل تكون في‬
‫الشجرة غير هذه المور المذكورة ؟ فقال الراوي وال ما أرى فيها فضل‬
‫فبين عليه السلم بذلك أن أهل النجاة والسعادة منحصرون في هؤلء لن‬
‫ال تعالى ضرب للكلمة الطيبة التي هي اليمان وأهله بالشجرة الطيبة‬
‫وبين أجزاء الشجرة فالمخالفون بريؤون من تلك الشجرة وداخلون في‬
‫الشجرة الخبيثة المذكورة بعدها‪ ،‬ثم بين عليه السلم أن جميع الشيعة‬

‫)‪ (1‬الصافات‪ (2) .164 :‬راجع تأويلها في ج ‪ 24‬ص ‪ 87‬وبعدها‪ (2) .‬ابراهيم‪:‬‬
‫‪ 24‬و ‪.(*) 25‬‬

‫]‪[43‬‬

‫داخلون في تلك الشجرة بقوله‪ " :‬إن المولود ليولد " وقد مر تمام القول فيه في‬
‫كتاب المامة )‪ - 87 .(1‬بشا‪ :‬عن ابن شيخ الطائفة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن المفيد‪،‬‬
‫عن الجعابي‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن جعفر بن عبد ال‪ ،‬عن سعدان بن سعيد‪،‬‬
‫عن سفيان بن إبراهيم قال‪ :‬سمعت جعفر بن محمد عليهما السلم يقول‪:‬‬
‫بنا يبدء البلء‪ ،‬ثم بكم‪ ،‬وبنا يبدء الرخاء ثم بكم والذي يحلف به لينتصرن‬
‫ال بكم كما انتصر بالحجارة )‪ .(2‬جا‪ :‬عن الجعابي مثله )‪ .(3‬بيان‪" :‬‬
‫والذي يحلف به " أي بال أو بكل شئ يحلف به " لينتصرن ال بكم " أي‬
‫لينتقمن ال من المخالفين بكم في زمن القائم عليه السلم كما انتقم‬
‫بحجارة من سجيل من أصحاب الفيل‪ ،‬أولكم كما انتقم لبيته من أصحاب‬
‫الفيل‪ ،‬والتعبير عن البيت بالحجارة للشارة إلى أن المؤمن أشرف منه‬
‫والول أظهر‪ - 88 .‬بشا‪ :‬بالسناد المتقدم عن الجعابي‪ ،‬عن جعفر بن‬
‫محمد بن سليمان عن داود بن رشيد‪ ،‬عن محمد بن إسحاق الثعلبي قال‪:‬‬
‫سمعت جعفر بن محمد عليهما السلم يقول‪ :‬نحن خيرة ال من خلقه‪،‬‬
‫وشيعتنا خيرة ال من امة نبيه )‪ - 89 .(4‬بشا‪ :‬عن إبراهيم بن الحسين‬
‫الرفاء‪ ،‬عن محمد بن الحسين بن عتبة عن محمد بن الحسين الفقيه‪ ،‬عن‬
‫محمد بن وهبان‪ ،‬عن علي بن حبشي بن قوني‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫عبد الرحمن‪ ،‬عن يحيى بن زكريا بن شيبان‪ ،‬عن نصر بن مزاحم عن‬
‫محمد بن عمران بن عبد الكريم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جعفر بن محمد عليهما‬
‫السلم قال‪ :‬دخل أبي المسجد فإذا هوباناس من شيعتنا فدنا منهم فسلم ثم‬
‫قال لهم‪ :‬وال إني لحب ريحكم وأرواحكم‪ ،‬وإني لعلى دين ال‪ ،‬وما بين‬
‫أحدكم وبين أن يغتبط بما هو فيه إل أن تبلغ نفسه ههنا ‪ -‬وأشار بيده إلى‬
‫حنجرته ‪ -‬فأعينونا بورع واجتهاد ومن‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 24‬ص ‪ (2) .138‬بشارة المصطفى ص ‪ 10‬و ‪ (3) .113‬مجالس‬


‫المفيد ص ‪ (4) .186‬بشارة المصطفى ص ‪ 14‬و ‪.(*) 115‬‬

‫]‪[44‬‬

‫يأتم منكم بامام فليعمل بعمله‪ .‬أنتم شرط ال‪ ،‬وأنتم أعوان ال‪ ،‬وأنتم أنصار ال‪،‬‬
‫وأنتم السابقون الولون والسابقون الخرون‪ ،‬وأنتم السابقون إلى الجنة‪،‬‬
‫قد ضمنا لكم الجنان بضمان ال ورسوله‪ ،‬كأنكم في الجنة تنافسون في‬
‫فضائل الدرجات‪ .‬كل مؤمن منكم صديق‪ ،‬وكل مؤمنة منكم حوراء‪ ،‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم يا قنبر قم فاستبشر فال ساخط على المة ما‬
‫خل شيعتنا أل وإن لكل شئ شرفا وشرف الدين الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ‬
‫عمادا وعماد الدين الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجلس‬
‫شيعتنا‪ ،‬أل وإن لكل شئ شهودا وشهود الرض أرض سكان شيعتنا فيها‪،‬‬
‫أل ومن خالفكم منسوب إلى هذه الية " وجوه يومئذ خاشعة * عاملة‬
‫ناصبة * تصلى نارا حامية " )‪ (1‬أل ومن دعا منكم فدعوته مستجابة‪ ،‬أل‬
‫ومن سأل منكم حاجة فله بها مائة حاجة‪ ،‬يا حبذا حسن صنع ال إليكم‪،‬‬
‫تخرج شيعتنا يوم القيامة من قبورهم مشرقة ألوانهم ووجوههم قد أعطوا‬
‫المان‪ ،‬ل خوف عليهم ول هم يحزنون‪ ،‬وال أشد حبا لشيعتنا منا لهم )‪(2‬‬
‫بيان‪ " :‬إنهم شرط ال " بضم الشين وفتح الراء أي نخبة جنوده وأعوانه‬
‫وعساكره قال في النهاية شرط السلطان نخبة أصحابه‪ ،‬الذين يقدمهم على‬
‫غيرهم من جنده‪ ،‬وقال‪ :‬الشرطة أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة‪،‬‬
‫وقال‪ :‬الشراط من الضداد يقع على الشراف والرذال‪ ،‬والعماد بالكسر‬
‫الخشبة التي يقوم عليها البيت ‪ - 90‬ارشاد القلوب‪ :‬بالسناد إلى حمد بن‬
‫ثابت قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم‪ :‬إن ال‬
‫تبارك وتعالى خلقني وإياك من نوره العظم‪ ،‬ثم رش من نورنا على جميع‬
‫النوار من بعد خلقه لها‪ ،‬فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلينا‪ ،‬ومن‬

‫)‪ (1‬الغاشية ‪ (2) .4 - 2‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 16‬‬

‫]‪[45‬‬

‫أخطأه ذلك النور ضل عنا‪ ،‬ثم قرأ‪ " :‬ومن لم يجعل ال له نورا فماله من نور "‬
‫يهتدي إلي نورنا وروى مسندا إلى رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫نحن أهل بيت ل يقاس بنا أحد من عباد ال‪ ،‬ومن والنا وائتم بنا‪ ،‬وقبل منا‬
‫ما اوحي إلينا‪ ،‬وعلمناه إياه‪ ،‬وأطاع ال فينا‪ ،‬فقد والى ال‪ ،‬ونحن خير‬
‫البرية‪ ،‬وولدنا منا‪ ،‬ومن أنفسنا‪ ،‬وشيعتنا منا من آذاهم آذانا ومن أكرمهم‬
‫أكرمنا‪ ،‬ومن أكرمنا كان من أهل الجنة ‪ - 91‬بشا‪ :‬بالسناد إلى الصدوق‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن القاسم‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أبي عبد ال‪،‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله على‬
‫منبره‪ :‬يا علي إن ال عزوجل وهب لك حب المساكين والمستضعفين في‬
‫الرض فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما‪ ،‬فطوبى لمن أحبك وصدق‬
‫عليك وويل لمن أبغضك وكذب عليك‪ .‬يا علي أنت العلم لهذه المة من‬
‫أحبك فاز‪ ،‬ومن أبغضك هلك‪ ،‬يا علي أنا المدينة وأنت بابها‪ ،‬يا علي أهل‬
‫مودتك كل أواب حفيظ‪ ،‬وكل ذي طمر لو أقسم على ال لبر قسمه )‪ .(1‬يا‬
‫علي إخوانك كل طاهر زكي مجتهد عند الخلق‪ ،‬عظيم المنزلة عند ال‬
‫عزوجل‪ ،‬يا علي محبوك جيران ال في دار الفردوس‪ ،‬ل يأسفون على ما‬
‫فاتهم من الدنيا‪ ،‬يا علي أنا ولي لمن واليت‪ ،‬وأنا عدو لمن عاديت‪ ،‬يا علي‬
‫من أحبك فقد أحبني‪ ،‬ومن أبغضك فقد أبغضني‪ ،‬يا على إخوانك الذبل‬
‫الشفاه‪ ،‬تعرف الرهبانية في وجوههم‪ .‬يا علي إخوانك يفرحون في ثلث‬
‫مواطن‪ :‬عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت‪ ،‬وعند المسألة في‬
‫قبورهم‪ ،‬وعند العرض‪ ،‬وعند الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم‬
‫يجيبوا‪ ،‬يا علي حربك حربي‪ ،‬وسلمك سلمي‪ ،‬وحربي حرب ال وسلمي‬
‫سلم ال‪ ،‬ومن سالمك فقد سالمني‪ ،‬ومن سالمني فقد سالم ال عزوجل‪.‬‬
‫)‪ (1‬الطمر‪ :‬الثوب الخلق البالى‪ ،‬يلبس ازارا اورداء‪ ،‬وابرار القسم امضاؤه )*(‪.‬‬

‫]‪[46‬‬

‫يا علي بشر إخوانك فان ال عزوجل قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك‬
‫وليا‪ ،‬يا علي أنت أمير المؤمين‪ ،‬وقائد الغر المحجلين‪ ،‬يا علي شيعتك‬
‫المنتجبون‪ ،‬ولو ل أنت وشيعتك ما قام ل عزوجل دين‪ ،‬ولو ل من في‬
‫الرض منكم لما أنزلت السماء قطرها‪ ،‬يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو‬
‫قرنيها‪ ،‬شيعتك تعرف بحزب ال عزوجل‪ ،‬يا علي أنت وشيعتك الفائزون‬
‫بالقسط‪ ،‬وخيرة ال من خلقه‪ .‬يا علي أنا أول من ينفض التراب عن رأسه‬
‫وأنت معي ثم سائر الخلق يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من‬
‫أحببتم‪ ،‬وتمنعون من كرهتم‪ ،‬وأنتم المنون يوم الفزع الكبر في ظل‬
‫العرش‪ ،‬يفزع الناس ول تفزعون‪ ،‬ويحزن الناس ول تحزنون‪ ،‬فيكم نزلت‬
‫هذه الية " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون " )‪(1‬‬
‫وفيهم نزلت " ل يحزنهم الفزع الكبر وتتلقاهم الملئكة هذا يومكم الذي‬
‫كنتم توعدون " )‪ .(2‬يا علي أنت وشيعتك تطلبون في الموقف‪ ،‬وأنتم في‬
‫الجنان تتنعمون‪ ،‬يا علي إن الملئكة والخزان يشتاقون إليكم‪ ،‬وإن حملة‬
‫العرش والملئكة المقربين ليخصونكم بالدعاء‪ ،‬ويسألون ال لمحبيكم‪،‬‬
‫ويفرحون لمن قدم عليهم منكم‪ ،‬كما يفرح الهل بالغائب القادم بعد طول‬
‫الغيبة‪ .‬يا علي شيعتك الذين يخافون ال في السر وينصحونه في العلنية‪،‬‬
‫يا علي شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات‪ ،‬لنهم يلقون ال عزوجل وما‬
‫عليهم ذنب يا علي إن أعمال شيعتك ستعرض علي في كل جمعة فأفرح‬
‫بصالح ما يبلغي من أعمالهم‪ ،‬وأستغفر لسيئاتهم‪ .‬يا علي ذكرك في التوراة‬
‫وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير‪ ،‬وكذلك في النجيل فاسأل أهل‬
‫النجيل وأهل الكتاب يخبرونك عن أليا‪ ،‬مع علمك بالتوراة‬

‫)‪ (1‬النبياء ‪ (2) .101‬النبياء‪.(*) 103 :‬‬

‫]‪[47‬‬

‫والنجيل وما أعطاك ال عزوجل من علم الكتاب وإن أهل النجيل ليتعاظمون أليا‬
‫وما يعرفونه وما يعرفون شيعته‪ ،‬وإنما يعرفونهم بما يجدونهم في كتبهم‪.‬‬
‫يا علي إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الرض‬
‫لهم بالخير‪ ،‬فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهادا‪ ،‬يا علي إن أرواح شيعتك‬
‫لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم‪ ،‬فتنظر الملئكة إليها كما ينظر‬
‫الناس إلى الهلل شوقا إليهم‪ ،‬ولما يرون من منزلتهم عند ال عزوجل‪ ،‬يا‬
‫علي قل لصحابك العارفين بك يتنزهون عن العمال التي يقارفها عدوهم‬
‫فما من يوم ول ليلة إل ورحمة ال تبارك وتعالى تغشاهم فليجتنبوا الدنس‪.‬‬
‫يا علي اشتد غضب ال عزوجل على من قلهم وبرئ منك ومنهم‪،‬‬
‫واستبدل بك وبهم‪ ،‬ومال إلى عدوك‪ ،‬وتركك وشيعتك‪ ،‬واختار الضلل‪،‬‬
‫ونصب الحرب لك ولشيعتك‪ ،‬وأبغضنا أهل البيت‪ ،‬وأبغض من والك‬
‫ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا‪ .‬يا علي أقرئهم مني السلم من‬
‫رآني منهم ومن لم يرني‪ ،‬وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم‪،‬‬
‫فليلقوا عملي إلى من ]لم[ يبلغ قرني من أهل القرون من بعدي وليتمسكوا‬
‫بحبل ال وليعتصموا به‪ ،‬وليجتهدوا في العمل فانا ل نحرجهم من هدى إلى‬
‫ضللة‪ ،‬وأخبرهم أن ال عزوجل راض عنهم‪ ،‬وأنه يباهي ملئكته‪ ،‬وينظر‬
‫إليهم في كل جمعة برحمته‪ ،‬ويأمر الملئكة أن تستغفر لهم‪ .‬يا علي ل‬
‫ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني احبك فأحبوك لحبي إياك‪،‬‬
‫ودانوا ال عزوجل بذلك‪ ،‬وأعطوك صفو المودة من قلوبهم‪ ،‬واختاروك‬
‫على الباء والخوة والولد‪ ،‬وسلكوا طريقك‪ ،‬وقد حملوا على المكاره فينا‬
‫فأبوا إل نصرنا‪ ،‬وبذل المهج فينا مع الذى وسوء القول‪ ،‬وما يقاسونه من‬
‫مضاضة ذلك‪ .‬فكن بهم رحيما واقنع بهم‪ ،‬فإن ال عزوجل اختارهم بعلمه‬
‫لنا من بين الخلق‪ ،‬وخلقهم من طينتنا‪ ،‬واستودعهم سرنا‪ ،‬وألزم قلوبهم‬
‫معرفة حقنا‪ ،‬وشرح‬

‫]‪[48‬‬

‫صدورهم متمسكين بحبلنا ل يؤثرون علينا من خالفنا معما يزول من الدنيا عنهم‬
‫أيدهم ال وسلك بهم طريق الهدى فاعتصموا به‪ ،‬فالناس في عمه‬
‫الضللة‪ ،‬متحيرون في الهواء‪ ،‬عموا عن الحجة‪ ،‬وما جاء من عند ال‬
‫عزوجل فهم يصبحون ويمسون في سخط ال‪ ،‬وشيعتك على منهاج الحق‬
‫والستقامة‪ ،‬ل يستأنسون إلى من خالفهم وليست الدنيا منهم وليسوا‬
‫منها‪ ،‬اولئك مصابيح الدجى اولئك مصابيح الدجى )‪ .(1‬فضائل الشيعة‪:‬‬
‫للصدوق باسناده عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪(2‬‬
‫ايضاح‪ :‬في القاموس‪ :‬البر بالفتح الصدق في اليمين‪ ،‬ويكسر وقد بررت‬
‫وبررت وبرت اليمين وتبر كيمل ويحل برا وبرا وبرورا وأبرها أمضاها‬
‫على الصدق وقال‪ :‬المهجة الدم أو دم القلب والروح‪ ،‬والمقاسات المكابدة‬
‫وتحمل المشاق في المر والمضاضة وجع المصيبة‪ ،‬ومض الكحل العين‬
‫آلمها‪ - 92 .‬بشا‪ :‬عن محمد بن علي بن عبد الصمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪،‬‬
‫عن أبي الحسين بن أبي الطيب‪ ،‬عن أحمد بن القاسم القرشي‪ ،‬عن عيسى‬
‫بن مهران‪ ،‬عن إسماعيل بن امية‪ ،‬عن عنبسة العابد‪ ،‬عن جابر بن عبد‬
‫ال‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كنا جلوسا معه فتل رجل هذه الية‪:‬‬
‫" كل نفس بما كسبت رهينة إل أصحاب اليمين " )‪ (3‬فقال رجل من‬
‫أصحاب اليمين ؟ قال‪ :‬شيعة علي بن أبي طالب عليه السلم )‪ - 93 .(4‬كا‪:‬‬
‫من الروضة عن العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن محمد بن سليمان‪ ،‬عن أبيه قال‪:‬‬
‫كنت عند أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إذ دخل عليه أبو بصير وقد حفزة‬
‫النفس فلما أخذ مجلسه قال له أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد ما هذا‬
‫النفس العالي ؟ فقال‪ :‬جعلت فداك يا ابن رسول ال‪ ،‬كبرت سي ودق‬
‫عظمي وأقترب أجلي مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي ؟‬
‫فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد وإنك لتقول هذا ؟ قال‪ :‬جعلت‬
‫فداك فيكف ل أقول ؟ فقال‪ :‬يا أبا محمد أما عملت أن ال تعالى يكرم‬
‫الشباب منكم‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .224 - 221‬فضائل الشيعة ‪(3) .147 - 145‬‬
‫المدثر‪ (4) .39 - 38 :‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 198‬‬

‫]‪[49‬‬

‫ويستحيي من الكهول ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك فكيف يكرم الشباب ويستحيي من‬
‫الكهول ؟ فقال‪ :‬يكرم الشباب أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لهل التوحيد ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬ل وال‬
‫إل لكم خاصة دون العالم‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك فانا نبزنا نبزا انكسرت له‬
‫ظهورنا‪ ،‬وماتت له أفئدتنا‪ ،‬واستحلت له الولة دماءنا في حديث رواه لهم‬
‫فقهاؤهم‪ .‬قال‪ :‬فقال أبو عبد ال عليه السلم الرافضة ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قال‪ :‬ل وال ما هم سموكم‪ ،‬ولكن ال سماكم به‪ ،‬أما علمت يا أبا محمد أن‬
‫سبعين رجل من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه‪ ،‬لما استبان لهم‬
‫ضللهم فلحقوا بموسى صلى ال عليه لما استبان لهم هداه‪ ،‬فسموا في‬
‫عسكر موسى الرافضة‪ ،‬لنهم رفضوا فرعون‪ ،‬وكانوا أشد أهل ذلك‬
‫العسكر عبادة‪ ،‬وأشدهم حبا لموسى وهارون‪ ،‬وذريتهما عليهما السلم‬
‫فأوحى ال عزوجل إلى موسى أن أثبت لهم هذا السم في التوراة فاني قد‬
‫سميتهم به‪ ،‬ونحلتهم إيا ه فأثبت موسى صلى ال عليه وآله السم لهم ثم‬
‫ذخر ال عزوجل لكم هذا السم حتى نحلكموه‪ .‬يا أبا محمد رفضوا الخير‬
‫ورفضتم الشر‪ ،‬افترق الناس كل فرقة‪ ،‬وتشعبوا كل شعبة‪ ،‬فانشعبتم مع‬
‫أهل بيت نبيكم صلى ال عليه وآله وذهبتم حيث ذهبوا‪ ،‬واخترتم من اختار‬
‫ال لكم‪ ،‬وأردتم من أراد ال فأبشروا ثم أبشروا فأنتم وال المرحومون‪،‬‬
‫المتقبل من محسنكم‪ ،‬والمتجاوز عن مسيئكم‪ ،‬من لم يأت ال عزوجل بما‬
‫أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة‪ ،‬ولم يتجاوز له عن سيئة‪ ،‬يا أبا‬
‫محمد فهل سررتك ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك زدني‪ .‬قال‪ :‬فقال‪ :‬يا أبا محمد‬
‫إن ال عزوجل ملئكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا‪ ،‬كما يسقط‬
‫الريح الورق في أوان سقوطه‪ ،‬وذلك قوله عزوجل " الذين يحملون‬
‫العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا " )‪(1‬‬
‫استغفارهم وال لكم دون هذا الخلق يا أبا محمد فهل سررتك‪ ،‬قال قلت‪:‬‬
‫جعلت فداك زدني‪ .‬قال‪ :‬يا أبا محمد لقد ذكر كم ال في كتابه‪ ،‬فقال‪ " :‬من‬
‫المؤمنين رجال صدقوا‬

‫)‪ (1‬غافر‪.(*) 7 :‬‬

‫]‪[50‬‬

‫ما عاهدوا ال عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر‪ ،‬وما بدلوا تبديل " )‪(1‬‬
‫إنكم وفيتم بما أخذ ال عليه ميثاقكم من وليتنا‪ ،‬وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا‪،‬‬
‫ولو لم تفعلوا لعير كم ال كما عيرهم‪ ،‬حيث يقول جل ذكره " وما وجدنا‬
‫لكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثر هم لفاسقين " )‪ (2‬يا أبا محمد فهل‬
‫سررتك ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك زدني‪ .‬فقال‪ :‬يا أبا محمد ولقد ذكر كم ال‬
‫في كتابه فقال " إخوانا على سرر متقابلين " )‪ (3‬وال ما أراد بهذا‬
‫غيركم يا أبا محمد فهل سررتك ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك زدني‪ .‬قال‪ :‬فقال‪:‬‬
‫يا أبا محمد " الخلء يومئذ بعضهم لبعض عدو إل المتقين " )‪ (4‬وال ما‬
‫أراد بهذا غيركم يا أبا محمد فهل سررتك ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك زدني‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا أبا محمد لقدك ذكرنا ال عزوجل وشيعتنا وعدونا في آية من‬
‫كتابه فقال عزوجل " هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون إنما‬
‫يتذكر اولوا اللباب " )‪ (5‬فنحن الذين يعلمون‪ ،‬وعدونا الذين ل يعلمون‪،‬‬
‫وشيعتنا هم اولوا اللباب‪ ،‬يا أبا محمد فهل سررتك ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت‬
‫فداك زدني‪ .‬فقال‪ :‬يا أبا محمد وال ما استثني ال عز ذكره بأحد من‬
‫أوصياء النبياء ول أتباعهم ما خل أمير المؤمنين عليه السلم وشيعته‪،‬‬
‫فقال في كتابه وقوله الحق " يوم ل يغني مولى عن مولى شيئا ول هم‬
‫ينصرون إل من رحم ال " )‪ (6‬يعني بذلك عليا وشيعته يا أبا محمد فهل‬
‫سررتك ؟ قال‪ :‬قلت جعلت فداك زدني‪ .‬قال‪ :‬لقد ذكر كم ال في كتابه إذ‬
‫يقول " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحمة ال إن‬
‫ال يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " )‪ (7‬وال ما أراد بهذا‬
‫غيركم‪ ،‬فهل سررتك يا أبا محمد‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك زدني‪.‬‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .23 :‬العراف‪ (3) 102 :‬الحجر‪ (4) .47 :‬الزخرف‪(5) .67 :‬‬
‫الزمر‪ (6) .9 :‬الدخان‪ (7) .41 :‬الزمر‪.(*) 52 :‬‬
‫]‪[51‬‬

‫فقال‪ :‬يا أبا محمد لقد ذكر كم ال في كتابه فقال‪ " :‬إن عبادي ليس لك عليهم‬
‫سلطان " )‪ (1‬وال ما أراد بهذا إل الئمة عليهم السلم وشيعتهم‪ ،‬فهل‬
‫سررتك يا أبا محمد ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك زدني‪ .‬قال‪ :‬يا أبا محمد لقد‬
‫ذكر كم ال في كتابه فقال " فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين‬
‫والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " )‪ (2‬فرسول ال‬
‫في الية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء‪ ،‬وأنتم‬
‫الصالحون فتسموا بالصلح كما سماكم ال عزوجل يا أبا محمد فهل‬
‫سررتك ؟ قال‪ :‬قلت جعلت فداك زدني‪ .‬قال‪ :‬يا أبا محمد لقد ذكر كم ال إذ‬
‫حكى عن عدوكم في النار بقوله " وقالوا مالنا ل نرى رجال كنا نعدهم من‬
‫الشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم البصار " )‪ (3‬وال ما عني‬
‫]ال[ ول أراد بهذا غيركم‪ ،‬صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس وأنتم‬
‫وال في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون‪ ،‬يا أبا محمد فهل سررتك ؟ قال‪:‬‬
‫قلت جعلت فداك زدني‪ .‬قال‪ :‬يا أبا محمد ما من آية نزلت تقود إلى الجنة‪،‬‬
‫ول يذكر أهلها بخير‪ ،‬إل وهي فينا وفي شيعتنا‪ ،‬وما من آية نزلت تذكر‬
‫أهلها بشر ول تسوق إلى النار إل وهي في عدونا ومن خالفنا فهل سررتك‬
‫يا أبا محمد ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك زدني فقال‪ :‬يا أبا محمد ليس على ملة‬
‫إبراهيم إل نحن وشيعتنا‪ ،‬وسائر الناس من ذلك براء يا أبا محمد فهل‬
‫سررتك ؟ وفي رواية اخرى فقال حسبي )‪ .(4‬ختص‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن متيل‪ ،‬عن النهاوندي‪ ،‬عن أحمد بن سليان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير مثله )‪ (5‬بأدنى تغيير وقد مر في باب أحوال أصحاب‬

‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .42 :‬النساء‪ (3) .69 :‬ص‪ (4) .63 - 62 :‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪- 33‬‬
‫‪ (5) .35‬الختصاص ص ‪.(*) 107 - 104‬‬

‫]‪[52‬‬

‫الصادق عليه السلم )‪ (1‬وروى الصدوق في كتاب فضائل الشيعة‪ ،‬عن ابن الوليد‪،‬‬
‫عن الصفار‪ ،‬عن عباد بن سليمان‪ ،‬عن محمد بن سليمان‪ ،‬عن أبيه مثله )‬
‫‪ .(2‬توضيح‪ :‬قال في النهاية " الحفز " الحث والعجال‪ ،‬ومنه حديث أبي‬
‫بكرة إنه دب إلى الصف ]راكعا[ وقد حفزه النفس‪ ،‬و " الشباب " بالفتح‬
‫جمع شاب وفي القاموس الكهل من وخطه الشيب ‪ -‬أي خالطه ‪ -‬ورأيت له‬
‫بجالة ‪ -‬أي عظمة ‪ -‬أو من جاوز الثلثين أو أربعا وثلثين إلى إحدى‬
‫وخمسين‪ .‬وقال " النبز " بالفتح اللمز ومصدر نبزه ينبزه لقبه كنبزه‪،‬‬
‫وبالتحريك اللقب والتنابز التعاير والتداعي باللقاب وقال الجوهري‪ :‬يقال‬
‫بشرته بمولود فأبشر إبشارا أي سر وتقول أبشر بخير بقطع اللف‪" .‬‬
‫صدقوا ما عاهدوا ال عليه " أي وفوا بما عاهدوا ال عليه أن ل يفروا‬
‫عند لقائهم العدو " فمنهم من قضى نحبه " أي وفي بنذره وعهده‪ ،‬فقاتل‬
‫حتى استشهد وقال الجوهري النحب المدة والوقت يقال‪ :‬قضى فلن نحبه‬
‫إذا مات‪ ،‬وقد مر في أخبار كثيرة )‪ (3‬أن الية نزلت في أمير المؤمنين‬
‫وحمزة وجعفر وعبيدة عليهم السلم قال الثلثة الخيرة استشهدوا وعلي‬
‫عليه السلم ينتظر الشهادة " وما بدلوا " شيئا من الدين " تبديل "‪" .‬‬
‫يوم ل يغني مولى " أي قريب أو حميم أو صاحب أو ناصر عن صاحبه‬
‫شيئا من الغناء والنفع والدفع " ول هم ينصرون " والضمير لمولى‬
‫الول أو لهما " أسرفوا على أنفسهم " أي أفرطوا في الجناية عليها‬
‫بالسراف في المعاصي " ليس لك عليهم سلطان " عدم سلطانه بالنسبة‬
‫إلى الشيعة بمعنى أنه ل يمكنه أن يخرجهم من دينهم الحق أو يمكنهم دفعه‬
‫بالستعاذة والتوسل به تعالى‪.‬‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 47‬ص ‪ (2) .390‬فضائل الشيعة ص ‪ (3) .148‬كما مر في ج ‪35‬‬


‫ص ‪ 408‬وج ‪ 36‬ص ‪.(*) 103‬‬

‫]‪[53‬‬

‫وقال الجوهري‪ :‬قال تعالى " فهم في روضة يحبرون " )‪ (1‬أي ينعمون ويكرمون‬
‫ويسرون‪ ،‬قوله " براء " بكسر الباء ككرام وفي بعض النسخ برآء‬
‫كفقهاء وكلهما جمع برئ‪ - 94 .‬كنز‪ :‬عن محمد بن العاس‪ ،‬عن علي بن‬
‫العباس‪ ،‬عن جعفر بن محمد عن موسى بن زياد‪ ،‬عن عنبسة العابد‪ ،‬عن‬
‫جابر بن يزيد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قوله عزوجل‪ " :‬فسلم لك‬
‫من أصحاب اليمين " )‪ (2‬قال‪ :‬هم الشيعة قال ال تعالى لنبيه " فسلم لك‬
‫من أصحاب اليمين " يعني أنك تسلم منهم ل يقتلون ولدك‪ .‬وقال أيضا‪:‬‬
‫حدثنا علي بن عبد ال‪ ،‬عن إبراهيم بن محمد الثقفي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عمران‪ ،‬عن عامر بن حميد‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم في هذه الية قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬هم شيعتنا ومحبونا‪- 95 .‬‬
‫كنز‪ :‬عن محمد بن العباس‪ ،‬عن أحمد بن الهيثم‪ ،‬عن الحسن بن عبد‬
‫الواحد‪ ،‬عن حسن بن حسين‪ ،‬عن يحيى بن مساور‪ ،‬عن إسماعيل بن‬
‫زياد‪ ،‬عن إبراهيم بن مهاجر‪ ،‬عن يزيد بن شراحيل كاتب علي عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سمعت عليا عليه السلم يقول‪ :‬حدثني رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وأنا مسنده إلى صدري‪ ،‬وعائشة عند أذني فأصغت عائشة تسمع ما يقول‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أي أخي ألم تسمع قول ال تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا‬
‫الصالحات اولئك هم خير البرية " )‪ (3‬هم أنت وشيعتك‪ ،‬وموعدي‬
‫وموعدك الحوض إذا جئت المم تدعون غرا محجلين شباعا مرويين‪96 .‬‬
‫‪ -‬كنز‪ :‬عن محمد بن العباس‪ ،‬عن أحمد بن هوذة‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق‬
‫عن عبد ال بن عباد‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن أبي مخنف‪ ،‬عن يعقوب بن‬
‫ميثم أنه وجد في كتب أبيه أن عليا عليه السلم قال‪ :‬سمعت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله يقول‪ " :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم‬
‫خير البرية " )‪ (4‬ثم التفت إلي فقال‪ :‬هم أنت‬

‫)‪ (1‬الروم‪ (2) .15 :‬الواقعة‪ 3) .91 :‬و ‪ (4‬البينة‪.(*) 7 :‬‬

‫]‪[54‬‬

‫يا علي وشيعتك وميعادك وميعادهم الحوض‪ ،‬يأتون غرا محجلين متوجين قال‬
‫يعقوب‪ :‬فحدثت به أبا جعفر عليه السلم فقال‪ :‬هكذا هو عندنا في كتاب‬
‫علي صلوات ال عليه‪ - 97 .‬كنز‪ :‬عن محمد بن العباس‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد الوراق‪ ،‬عن أحمد بن إبراهيم‪ ،‬عن الحسن بن أبي عبد ال‪ ،‬عن‬
‫مصعب بن سلم‪ ،‬عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر‪ ،‬عن جابر بن عبد‬
‫ال قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله في مرضه الذي قبض فيه‬
‫لفاطمة عليها السلم‪ :‬يا بنية بأبي أنت وامى أرسلي إلى بعلك فادعيه لي‪،‬‬
‫فقالت للحسن عليه السلم‪ :‬انطلق إلى أبيك فقال له‪ :‬إن جدي يدعوك‬
‫فانطلق إليه الحسن فدعاه فأقبل أميرا لمؤمنين حتى دخل على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وفاطمة عنده وهي تقول‪ :‬واكرباه لكربك يا أبتاه‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل كرب على أبيك بعد اليوم‪ ،‬يا فاطمة إن‬
‫النبي ل يشق عليه الجيب‪ ،‬ول يخمش عليه الوجه‪ ،‬ول يدعى ]له[ بالويل‬
‫ولكن قولي كما قال أبوك على إبراهيم‪ :‬تدمع العين‪ ،‬وقد يوجع القلب‪ ،‬ول‬
‫نقول ما يسخط الرب وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون‪ ،‬ولو عاش إبراهيم‬
‫لكان نبيا‪ .‬ثم قال‪ :‬يا علي ادن مني فدنا منه‪ ،‬ثم قال‪ :‬فأدخل أذنك في فمي‬
‫ففعل فقال‪ :‬يا أخى ألم تسمع قول ال في كتابه " إن الذين آمنوا وعلموا‬
‫الصالحات اولئك هم خير البرية " قال‪ :‬بلى يا رسول ل‪ ،‬قال‪ :‬هم أنت‬
‫وشيعتك تجيئون غرا محجلين‪ ،‬شباعا مرويين أو لم تسمع قول ال‬
‫عزوجل في كتابه " إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار‬
‫جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية " )‪ .(1‬قال‪ :‬بلى يا رسول ال قال‪:‬‬
‫هم عدوك وشيعتهم يجيؤن يوم القيامة مسودة وجوههم ظماء مظمئين‬
‫أشقياء معذبين‪ ،‬كفارا منافقين‪ ،‬ذاك لك ولشيعتك‪ ،‬وهذا لعدوك وشيعتهم‪.‬‬
‫بيان‪ :‬في القاموس " خمش وجهه يخمشه ويخمشه خدشه ولطمه وضربه‬
‫وقطع عضوا منه‪ ،‬قوله عليه السلم " ولو عاش إبراهيم لكان نبيا " ولذا‬
‫لم يعش لنه ل نبي بعده " مظمئين " على بناء الفعال أو التفعيل أي‬
‫يبقون على العطش ول يسقون‬
‫)‪ (1‬البينة‪.(*) 6 :‬‬

‫]‪[55‬‬

‫أو مبالغة في شدة العطش ‪ - 98‬كنز‪ :‬عن محمد بن العباس‪ ،‬عن جعفر بن محمد‬
‫الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب‪ ،‬عن محمد بن علي بن خلف‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن عبد ال‪ ،‬عن معاوية بن عبد ال بن أبي رافع‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أبي‬
‫رافع أن عليا عليه السلم قال لهل الشورى‪ :‬أنشد كم ال هل تعلمون يوم‬
‫أتيتكم وأنتم جلوس مع رسول ال فقال‪ :‬هذا أخي قد أتاكم ثم التفت إلى ثم‬
‫إلى الكعبة وقال ورب الكعبة المبنية إن عليا وشيعته هم الفائزون يوم‬
‫القيامة‪ ،‬ثم أقبل نحوكم وقال‪ :‬أما إنه أو لكم إيمانا وأقولكم بأمر ال‪،‬‬
‫وأوفاكم بعهد ال‪ ،‬وأقضاكم بحكم ال‪ ،‬وأعدلكم في الرعية‪ ،‬وأقسمكم‬
‫بالسوية وأعظمكم عند ال مزية فأنزل ال سبحانه " إن الذين آمنوا‬
‫وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية " )‪ (1‬فكبر النبي صلى ال عليه‬
‫وآله وكبرتم‪ ،‬وهنأتموني بأجمعكم فهل تعلمون أن ذلك كذلك ؟ قالوا‪ :‬اللهم‬
‫نعم‪ - 99 .‬فر‪ :‬عن الحسن بن العباس معنعنا‪ ،‬عن أصبغ بن نباته قال‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‪ :‬ل يكون الناس في حال‬
‫شدة إل كان شيعتي أحسن الناس حال أما سمعتم ال يقول في كتابه المبين‬
‫" الن خفف ال عنكم وعلم أن فيكم ضعفا " )‪ (2‬فخفف عنهم ما ل يخفف‬
‫عن غيرهم )‪ - 100 .(3‬فر‪ :‬عن جعفر بن محمد الفزاري‪ ،‬معنعنا‪ ،‬عن‬
‫خيثمة الجعفي قال‪ :‬دخلت على أبي جعفر عليه السلم فقال لي‪ :‬يا خيثمة‬
‫أبلغ موالينا منا السلم وأعلمهم أنهم لم ينالوا ما عند ال إل بالعمل‪ ،‬وقال‬
‫رسول ال‪ :‬سلمان منا أهل البيت إنما عنى بمعرفتنا وإقراره بوليتنا وهو‬
‫قوله تعالى‪ " :‬خلطوا عمل صالحا وآخر سيئا عسى ال أن يتوب عليهم "‬
‫)‪ (4‬وعسى من ال واجب‪ ،‬وإنما نزلت في شيعتنا المذنبين )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬البينة‪ (2) .7 :‬النفال‪ (3) .66 :‬تفسير فرات ص ‪ (4) .51‬براءة‪(5) .102 :‬‬
‫تفسير فرات ص ‪.(*) 57‬‬

‫]‪[56‬‬

‫‪ - 101‬فر‪ :‬عن علي بن محمد بن عمر الزهري معنعنا‪ ،‬عن زيد بن سلم الجعفي‬
‫قال‪ :‬دخلت على أبي جعفر عليه السلم فقلت‪ :‬أصلحك ال إن خيثمة‬
‫الجعفي حدثني عنك أنه سألك عن قول ال " وما آمن معه إل قليل " )‪(1‬‬
‫فأخبرته أنها جرت في شيعة آل محمد صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬وال‬
‫صدق خيثمة كذا حدثته )‪ - 102 .(2‬فر‪ :‬عن محمد بن أحمد بن علي‬
‫الكسائي معنعنا‪ ،‬عن حنان بن سدير الصيرفي قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال‬
‫جعفر بن محمد عليه السلم وعلى كتفه مطرف من خز فقلت له‪ :‬يا ابن‬
‫رسول ال ما يثبت ال شيعتكم على محبتكم أهل البيت ؟ قال‪ :‬أولم يؤمن‬
‫قلبك ؟ قلت‪ :‬بلى إل أن قلبي قرحة‪ ،‬ثم قال لخادم له‪ :‬ائتني ببيضة بيضاء‬
‫فوضعها على النار حتى نضجت ثم أهوى بالقشر إلى النار وقال‪ :‬أخبرني‬
‫أبي عن جدي أنه إذا كان يوم القيامة هوى مبغضنا في النار هكذا ثم أخرج‬
‫صفرتها فأخذها على كفه اليمين ثم قال‪ :‬وال إنا لصفوة ال كما هذه‬
‫الصفرة صفوة هذه البيضة ! ثم دعا بخاتم فضة فخالط الصفرة مع البياض‬
‫والبياض مع الصفرة قال‪ :‬أخبرني أبي‪ ،‬عن آبائي‪ ،‬عن جدي‪ ،‬عن رسول‬
‫ال أنه قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة كان شيعتنا هكذا بنا مختلطين وشبك بين‬
‫أصابعه ثم قال‪ " :‬إخوانا على سرر متقابلين " )‪ - 103 .(3‬فر‪ :‬عن محمد‬
‫بن القاسم بن عبيد معنعنا‪ ،‬عن سليمان الديلمي قال‪ :‬كنت عند أبي عبد ال‬
‫عليه السلم إذ دخل عليه أبو بصير وقد حفزه نفسه فلما أن أخذ مجلسه‬
‫قال له أبو عبد ال‪ :‬يا أبا محمد ما هذا النفس العالي ؟ قال‪ :‬جعلت فداك يا‬
‫ابن رسول ال كبرت سني ودق عظمي ولست أدري ما أرد عليه من أمر‬
‫آخرتي فقال أبو عبد ال‪ :‬يا أبا محمد إنك لتقول هذا ؟ فقال‪ :‬جعلت فداك‬
‫وكيف ل أقول هذا ؟ فذكر كلما فقال‪ :‬يا أبا محمد لقد ذكر كم ال في كتابه‬
‫فقال‪ " :‬إخوانا على سرر‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .40 :‬تفسير فرات ص ‪ (3) .68‬تفسير فرات ص ‪.(*) 82‬‬

‫]‪[57‬‬

‫متقابلين " )‪ (1‬وال ما أراد بهذا غيركم يا أبا محمد فهل سررتك ؟ قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫جعلت فداك زدني ! فقال‪ :‬ذكر كم ال في كتابه فقال‪ " :‬إن عبادي ليس لك‬
‫عليهم سلطان " )‪ (2‬وال ما أراد بها إل الئمة وشيعتهم فهل سررتك )‬
‫‪ - 104 .(3‬فر‪ :‬عن محمد بن أحمد معنعنا‪ ،‬عن أصبغ بن نباته‪ ،‬عن علي‬
‫عليه السلم في قوله تعالى‪ " :‬وهم من فزع يومئذ آمنون " )‪ (4‬قال‪:‬‬
‫فقال لي علي‪ :‬بلى يا أصبغ ما سألني أحد عن هذه الية‪ ،‬ولقد سألت النبي‬
‫صلى ال عليه وآله كما سألتني فقال لي‪ :‬سألت جبرئيل عليه السلم عنها‬
‫فقال‪ :‬يا محمد إذا كان يوم القيامة حشرك ال وأهل بيتك ومن يتولك‬
‫وشيعتك‪ ،‬حتي يقفوا بين يدي ال تعالى فيستر ال عوراتهم‪ ،‬ويؤمنهم من‬
‫الفزع الكبر لحبهم لك وأهل بيتك‪ ،‬ولعلي بن أبي طالب عليه السلم يا‬
‫علي شيعتك وال آمنون فرحون‪ ،‬يشفعون فيشفعون ثم قرأ " فل أنساب‬
‫بينهم يومئذ و ل يتسائلون " )‪ - 105 .(5‬فر‪ :‬عن الحسين بن سعيد‬
‫معنعنا عن زيد بن علي عليه السلم قال‪ :‬ينادي مناد يوم القيامة أين "‬
‫الذين تتوفيهم الملئكة طيبين يقولون سلم عليكم " )‪ (6‬؟ قال‪ :‬فيقوم قوم‬
‫مبياضين الوجوه فيقال لهم‪ :‬من أنتم ؟ فيقولون‪ :‬نحن المحبون لمير‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم فيقال لهم‪ :‬بما أحببتموه ؟‬
‫يقولون‪ :‬يا ربنا بطاعته لك ولرسولك فيقال لهم‪ :‬صدقتم " ادخلوا الجنة‬
‫بما كنتم تعملون " )‪(7‬‬

‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .47 :‬الحجر‪ (3) .42 :‬تفسير فرات ص ‪ (4) .83‬النمل‪(5) .89 :‬‬
‫المؤمنون‪ ،101 :‬راجع تفسير فرات ص ‪ 83‬ذيل آية النمل ‪ ،89‬وص‬
‫‪ 115‬ذيل آية المؤمنون‪ (6) .‬النحل‪ (7) .32 :‬تفسير فرات ص ‪.(*) 84‬‬

‫]‪[58‬‬

‫‪ - 106‬فر‪ :‬عن جعفر بن محمد الفزاري معنعنا‪ ،‬عن خيثمة الجعفي قال‪ :‬دخلت‬
‫على أبي جعفر عليه السلم فقال لي‪ :‬يا خيثمة أبلغ موالينا منا السلم‬
‫وأعلمهم أنهم لن ينالوا ما عند ال إل بالعمل‪ ،‬ولن ينالوا وليتنا إل‬
‫بالورع‪ ،‬يا خيثمة ليس ينتفع من ليس معه وليتنا ول معرفتنا أهل البيت‪،‬‬
‫وال إن الدابة لتخرج فتكلم الناس مؤمن وكافر وإنها تخرج من بيت ال‬
‫الحرام فليس يمر بها أحد من الخلق إل قال‪ :‬مؤمن أو كافر‪ ،‬وإنما كفروا‬
‫بوليتنا ل يوقنون يا خيثمة كانوا بآياتنا ل يقرون‪ .‬يا خيثمة ! ال اليمان‪،‬‬
‫وهو قوله " المؤمن المهيمن " ونحن أهله وفينا مسكنه يعني اليمان‪،‬‬
‫ومنا يشعب ومنا عرف اليمان ونحن السلم‪ ،‬ومنا عرف شرائع السلم‪،‬‬
‫وبنا تشعب يا خيثمة‪ ،‬من عرف اليمان‪ ،‬واتصل به لم ينجسه الذنوب كما‬
‫أن المصباح يضئ وينفذ النور‪ ،‬وليس ينقص من ضوئه شئ كذلك من‬
‫عرفنا وأقر بوليتنا غفر ال له ذنوبه )‪ - 107 .(1‬فر‪ :‬محمد بن عيسى بن‬
‫زكريا الدهقان معنعنا‪ ،‬عن أبي جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله إن ل تعالى قضيبا من ياقوتة‬
‫حمراء خلقه بقدرته ثم دله إلى الرض ثم آلى على نفسه أن ل ينال‬
‫القضيب منها إل من تولى محمدا وآل محمد‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما ينتظر ولينا إل أن‬
‫يتبوأ مقعده من الجنة وما ينتظر عدونا إل أن يتبوأ مقعده من النار ثم أومأ‬
‫إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم وقال‪ :‬أولياء هذا أولياء‬
‫ال‪ ،‬وأعداء هذا أعداء ال‪ ،‬فضل من ال على لسان النبي صلى ال عليه‬
‫وآله وقال‪ :‬خاب من افترى )‪ - 108 .(2‬فر‪ :‬عن جعفر بن محمد الفزاري‬
‫معنعنا‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال إذا كان يوم القيامة جمع ال الناس‬
‫من صعيد واحد من الولين والخرين عراة حفاة‪ ،‬فيقفون على طريق‬
‫المحشر‪ ،‬حتى يعرقوا عرقا شديدا‪ ،‬وتشتد أنفاسهم‬
‫)‪ (1‬تفسيرات فرات‪ (2) .84 :‬تفسير فرات‪.(*) 92 :‬‬

‫]‪[59‬‬

‫فيمكثون بذلك مقدار خمسين عاما قال‪ :‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬فثم قول ال‬
‫تعالى " فل تسمع إل همسا " )‪ (1‬قال‪ :‬ثم ينادي مناد من تلقاء العرش‬
‫أين النبي المي قال‪ :‬فيقول الناس‪ :‬قد أسمعت فسم باسمه‪ ،‬قال‪ :‬فينادي‪:‬‬
‫أين نبي الرحمة محمد بن عبد ال المي ؟ قال‪ :‬فيقدم رسول ال أمام‬
‫الناس كلهم حتى ينتهي إلى الحوض طوله ما بين ابلة إلى صنعاء فيقف‬
‫عليه ثم ينادي بصاحبكم فيتقدم أمام الناس فيقف معه‪ ،‬ثم يؤذن للناس‬
‫ويمرون‪ .‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬فبين وارد يومئذ وبين مصروف عنه‬
‫من محبينا فإذا رأى رسول ال صلى ال عليه وآله ذلك بكا وقال يا رب‬
‫شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا عن الحوض‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فيقول له الملك‪ :‬إن ال يقول لك قد وهبتهم لك يا محمد وصفحت لك عن‬
‫ذنوبهم‪ ،‬وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون‪ ،‬وجعلتهم في زمرتك وأوردتهم‬
‫على حوضك‪ ،‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬فكم من باك يومئذ وباكية ينادي‬
‫يا محمداه إذا رأوا ذلك قال‪ :‬فل يبقى أحد يومئذ كان محبنا ويتولنا ويتبرأ‬
‫من عدونا ويبغضهم إل كان في حيزنا )‪ (2‬وورد حوضنا )‪ - 109 .(3‬فر‪:‬‬
‫عن الحسين بن سعيد معنعنا‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان‬
‫العرش‪ :‬يا معشر الخلئق غضوا أبصاركم حتى تمر بنت حبيب ال إلى‬
‫قصرها فتأتي فاطمة عليها السلم ابنتي عليها ريطتان )‪ (4‬خضراوان‬
‫حواليها سبعون ألف حوراء فإذا بلغت إلى باب قصرها وجدت الحسن قائما‬
‫والسحين نائما مقطوع الرأس فتقول للحسن‪ :‬من هذا ؟ فيقول‪ :‬هذا أخي‬
‫إن أمة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه فيأتيها النداء من عند ال يا بنت حبيب‬
‫ال إني إنما أريتك ما فعلت به امة أبيك أني ادخرت لك عندي تعزية‬
‫بمصيبتك فيه إني جعلت تعزية اليوم أني ل أنظر في محاسبة العباد حتى‬
‫تدخلي الجنة أنت وذريتك‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .108 :‬حزبنا خ‪ (3) ..‬تفسير فرات ص ‪ (4) .93‬الريطة‪ :‬الملءة كلها‬
‫نسج واحد )*(‪.‬‬

‫]‪[60‬‬

‫وشيعتك ومن أولكم معروفا ممن ليس هو من شيعتك قبل أن أنظر في محاسبة‬
‫العباد‪ ،‬فتدخل فاطمة ابنتي الجنة وذريتها وشيعتها ومن أولها معروفا‬
‫ممن ليس من شيعتها فهو قول ال عزوجل " ل يحزنهم الفزع الكبر " )‬
‫‪ (1‬قال‪ :‬هول يوم القيامة " وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون " هي وال‬
‫فاطمة وذريتهما وشيعتها ومن أولهم معروفا وليس هو من شيعتها )‪(2‬‬
‫‪ - 110‬فر‪ :‬عن أحمد بن علي بن عيسى الزهري معنعنا‪ ،‬عن أصبغ بن‬
‫نباته قال‪ :‬توجهت إلى أمير المؤمنين علي عليه السلم لسلم عليه فلم‬
‫ألبث أن خرج فقمت قائما على رجلى فاستقبلته فضرب بكفه إلى كفي‬
‫فشبك أصابعه في أصابعي فقال لي‪ :‬يا أصبغ بن نباته فقلت‪ :‬لبيك وسعديك‬
‫يا أمير المؤمنين فقال‪ :‬إن ولينا ولي ال‪ ،‬فإذا مات كان في الرفيق العلى‬
‫وسقاه ال من نهر أبرد من الثلج وأحلى من الشهد‪ ،‬فقلت‪ :‬جعلت فداك يا‬
‫أمير المؤمنين وإن كان مذنبا ؟ قال‪ :‬نعم ألم تقرأ كتاب ال )‪ (3‬اولئك يبدل‬
‫ال سيئاتهم حسنات وكان ال غفورا رحيما " )‪ - 111 .(4‬فر‪ :‬عن أحمد‬
‫بن موسى معنعنا‪ ،‬عن جعفر عليه السلم قال‪ :‬نزلت هذه الية فينا وفي‬
‫شيعتنا " فما لنا من شافعين ول صديق حميم " )‪ (5‬وذلك حين نادى ال‬
‫بفضلنا وبفضل شيعتنا‪ ،‬حتى أنا لنشفع ويشفعون‪ ،‬قال‪ :‬فلما رأى ذلك من‬
‫ليس منهم قالوا‪ " :‬فما لنا من شافعين ول صديق حميم " )‪- 112 .(6‬‬
‫فر‪ :‬عن جعفر بن أحمد الودى معنعنا‪ ،‬عن سماعة بن مهران قال‪ :‬قال لي‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما حالكم عند الناس قال‪ :‬قلت‪ :‬ما أحد أسوء حال‬
‫منا‬

‫)‪ (1‬النبياء‪ 102 :‬و ‪ (2) .103‬تفسير فرات‪ (3) .97 :‬الفرقان‪ (4) .70 :‬تفسير‬
‫فرات ص ‪ (5) .108‬الشعراء‪ (6) .100 :‬تفسير فرات ص ‪.(*) 111‬‬

‫]‪[61‬‬

‫عندهم ]نحن عندهم[ أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا‪ ،‬قال‪ :‬ل‬
‫وال ل يري في النار منكم اثنان ل وال ول واحد‪ ،‬وإنكم الذين نزلت فيهم‬
‫آية " وقالوا ما لنا ل نرى رجال كنا نعدهم من الشرار * أتخذناهم سخريا‬
‫أم زاغت عنهم البصار " )‪ - 113 .(1‬فر‪ :‬عن عبيد بن كثير معنعنا عن‬
‫أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬أنا ورسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله على الحوض‪ ،‬ومعنا عترتنا‪ ،‬فمن أرادنا فليأخذ بقولنا‬
‫وليعمل بأعمالنا فانا أهل البيت لنا شفاعة فتنافسوا في لقائنا على الحوض‬
‫فانا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أولياءنا‪ ،‬ومن شرب منه لم يظمأ أبدا‪،‬‬
‫وحوضنا مترع فيه مثعبان ينصبان من الجنة أحدهما تسنيم والخر معين‪،‬‬
‫على حافتيه الزعفران‪ ،‬وحصباه الدر والياقوت‪ ،‬وإن المور إلى ال‬
‫وليست إلى العباد‪ ،‬و لو كانت إلى العباد ما اختاروا علينا أحدا ولكنه‬
‫يختص برحمته من يشاء من عباده فاحمد ال على ما اختصكم به من النعم‬
‫وعلى طيب المولد فان ذكرنا أهل البيت شفاء من الوعك والسقام‬
‫ووسواس الريب وإن حبنا رضى الرب والخذ بأمرنا و طريقتنا معنا غدا‬
‫في حظيرة القدس والمنتظر لمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل ال ومن‬
‫سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه ال على منخريه في النار‪ .‬نحن الباب إذا‬
‫بعثوا فضاقت بهم المذاهب‪ ،‬نحن باب حطة وهو باب السلم من دخله نجا‬
‫ومن تخلف عنه هوى‪ .‬بنا فتح ال وبنا يختم‪ ،‬وبنا يمحو ال ما يشاء‬
‫ويثبت‪ ،‬وبنا ينزل الغيث‪ ،‬فل يغرنكم بال الغرور لو تعلمون مالكم في‬
‫الغناء )‪ (2‬بين أعدائكم وصبركم على الذى لقرت أعينكم‪ ،‬ولو فقدتموني‬
‫لرأيتم امورا يتمنى أحدكم الموت مما يرى من الجور والعدوان والثرة‬
‫والستخفاف بحق ال والخوف‪ ،‬فإذا كان كذلك فاعتصموا بحبل ال جميعا‬
‫ول تفرقوا‪ ،‬وعليكم بالصبر والصلة والتقية‪ .‬واعلموا أن ال تبارك وتعالى‬
‫يبغض من عباده المتلون‪ ،‬فل تزولوا عن الحق وولية أهل الحق فانه من‬
‫استبدل بنا هلك‪ ،‬ومن اتبع أثرنا لحق‪ ،‬ومن سلك‬

‫)‪ (1‬تفسير فرات ص ‪ .131‬والية في سورة ص ‪ 62‬و ‪ (2) .63‬بالفتح‪ :‬القامة‬


‫والمقام )*(‪.‬‬

‫]‪[62‬‬

‫غير طريقنا غرق‪ ،‬وإن لمحبينا أفواجا من رحمة ال‪ ،‬وإن لمبغضينا أفواجا من‬
‫عذاب ال طريقنا القصد وفي أمرنا الرشد‪ ،‬أهل الجنة ينظرون إلى منازل‬
‫شيعتنا كما يرى الكوكب الدرى في السماء ل يضل من اتبعنا‪ ،‬ول يهتدي‬
‫من أنكرنا ول ينجو من أعان علينا ]عدونا[ ول يعان من أسلمنا‪ ،‬فل‬
‫تخلفوا عنا لطمع دنيا بحطام زائل عنكم ]وأنتم[ تزولون عنه‪ ،‬فانه من آثر‬
‫الدنيا علينا عظمت حسرته وقال ال تعالى " يا حسرتى على ما فرطت في‬
‫جنب ال " )‪ .(1‬سراج المؤمن معرفة حقنا‪ ،‬وأشد العمى من عمي من‬
‫فضلنا‪ ،‬وناصبنا العداوة بل ذنب إل أن دعوناه إلى الحق ودعاه غيرنا إلى‬
‫الفتنة فأثرها علينا‪ ،‬لنا رأية من استظل بها كنته‪ ،‬ومن سبق إليها فاز‪،‬‬
‫ومن تخلف عنها هلك‪ ،‬ومن تمسك بها نجا‪ ،‬أنتم عمار الرض ]الذين[‬
‫استخلفكم فيها‪ ،‬لينظر كيف تعملون‪ ،‬فراقبوا ال فيما يرى منكم‪ ،‬وعليكم‬
‫بالمحجة العظمى فاسلكوها ل يستبدل بكم غيركم " سابقوا إلى مغفرة من‬
‫ربكم وجنة عرضها السماوات والرض اعدت للمتقين " )‪ .(2‬فاعلموا‬
‫أنكم لن تنالوها إل بالتقوى‪ ،‬ومن ترك الخذ عمن أمر ال بطاعته قيض‬
‫ال له شيطانا فهو له قرين‪ .‬ما بالكم قد ركنتم إلى الدنيا‪ ،‬ورضيتم بالضيم‪،‬‬
‫وفرطتم فيما فيه عزكم وسعادتكم وقوتكم على من بغي عليكم‪ ،‬ل من ربكم‬
‫تستحيون ول لنفسكم تنظرون‪ ،‬وأنتم في كل يوم تضامون ول تنتبهون‬
‫من رقدتكم‪ ،‬ول تنقضي فترتكم أما ترون ]إلى[ دينكم يبلى وأنتم في غفلة‬
‫الدنيا قال ال عز ذكره " ول تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم‬
‫من دون ال من أولياء ثم ل تنصرون‪ (1) .‬توضيح‪ " :‬اترع " كافتعل‬
‫امتل‪ ،‬قاله الفيروز آبادي‪ :‬وقال‪ :‬مثاعب المدينة مسايل مائها‪ ،‬وقال‬
‫الواعية الصراخ والصوت‪ ،‬ل الصارخة‪ ،‬ووهم الجوهري وقال‪ :‬كنه ستره‬
‫وقال‪ :‬قيض ال فلنا لفلن‪ ،‬جاء به وأتاحه له‪ ،‬وقيضنا لهم قرناء سببنا‬

‫)‪ (1‬الزمر‪ (2) .56 :‬الحديد‪ (3) .21 :‬تفسير فرات‪ .139 - 137 :‬والية في هود‪:‬‬
‫‪.(*) 113‬‬

‫]‪[63‬‬

‫لهم من حيث ل يحتسبونه‪ ،‬وقال‪ :‬الضيم الظلم‪ - 114 .‬فر‪ :‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫علي الزهري‪ ،‬عن أحمد بن الحسين بن المفلس‪ ،‬عن زكريا بن محمد‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن مسكان وأبان بن عثمان‪ ،‬عن بريد بن معاوية العجلي وإبراهيم‬
‫الحمري قال‪ :‬دخلنا على أبي جعفر عليه السلم وعنده زياد الحلم فقال‬
‫أبو جعفر‪ :‬يا زياد مالي أرى رجليك متفلقين ؟ قال‪ :‬جعلت لك الفداء جئت‬
‫على نضولي أعاتبه الطريق )‪ (1‬وما حملني على ذلك إل حب لكم وشوق‬
‫إليكم‪ ،‬ثم أطرق زياد مليا ثم قال‪ :‬جعلت لك الفداء إني ربما خلوت فأتاني‬
‫الشيطان فيذكرني ما قد سلف من الذنوب والمعاصي فكأني آيس ثم أذكر‬
‫حبي لكم وانقطاعي إليكم‪ ،‬قال‪ :‬يا زياد وهل الدين إل الحب والبغض ؟ ثم‬
‫تل هذه الثلث آيات كأنها في كفه " ولكن ال حبب إليكم اليمان‪ ،‬وزينه‬
‫في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون *‬
‫فضل من ال ونعمة وال عليم حكيم )‪ " (2‬وقال‪ " :‬يحبون من هاجر‬
‫إليهم )‪ " (3‬وقال‪ " :‬إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال‪ ،‬ويغفر لكم‬
‫ذنوبكم وال غفور رحيم )‪ ." (4‬أتى رجل إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله فقال‪ :‬يا رسول ال إني أحب الصوامين ول أصوم واحب المصلين ول‬
‫اصلي‪ ،‬وأحب المتصدقين ول اصدق‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫أنت مع من أحببت ولك ما كسبت أما ترضون أن لو كانت فزعة من‬
‫السماء فزع كل‬

‫)‪ (1‬قال الجوهري‪ :‬عتب البعير يعتب ويعتب )ض ن( عتبانا‪ :‬أي مشى على ثلث‬
‫قوائم‪ :‬وكأن المراد أنى جئت على نضولى ‪ -‬يعنى بعيره المهزول ‪ -‬وكنت‬
‫أحمله وأكلفه مشى الطريق بالعتبان لما به من العقر‪ ،‬وفى المصدر‬
‫المطبوع بالنجف‪ :‬على نضولى عامة الطريق‪ (2) .‬الحجرات‪ 7 :‬و ‪) .8‬‬
‫‪ (3‬الحشر‪ (4) .9 :‬آل عمران‪.(*) 31 :‬‬
‫]‪[64‬‬

‫قوم إلى مأمنهم‪ ،‬وفزعنا إلى رسول ال‪ ،‬وفزعتم إلينا )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس فلقه‬
‫يفلقه شقه كفلقه فانفلق وتفلق‪ ،‬وفي رجله فلوق‪ :‬شقوق‪ ،‬وقال‪ :‬النضو‬
‫بالكسر المهزول من البل وغيرها " كأنها في كفه " أي من غير تفكر‬
‫ومكث كأنها كانت مكتوبة في كفه‪ ،‬وتعجب السائل من ذلك يدل على قصور‬
‫معرفته " ول أصوم " أي كثيرا وكذا البواقي " فزعة " أي ما يوجب‬
‫الفزع والخوف‪ ،‬وفزع إلبه كفرح لجأ‪ - 115 .‬ختص‪ :‬عن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬وال إن المؤمن ليزهر نوره لهل السماء كما تزهر نجوم‬
‫السماء لهل الرض‪ .‬وقال‪ :‬إن المؤمن ولي ال فيعينه وينصره ويصنع‬
‫له‪ ،‬ول يقول عليه إل الحق ول يخاف غيره‪ .‬وقال‪ :‬وال إن المؤمن لعظم‬
‫حقا من الكعبة‪ - 116 (2) .‬ختص‪ :‬بإسناده عن سهل بن زياد‪ ،‬عن عروة‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن أبي سعيد المدائني قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم ما‬
‫معنى قول ال عزوجل في محكم كتابه‪ " :‬وما كنت بجانب الطور إذ نادينا‬
‫" فقال عليه السلم كتاب لنا كتبه ال يا با سعيد في ورق قبل أن يخلق‬
‫الخلئق بألفي عام‪ ،‬صيره معه في عرشه أو تحت عرشه‪ ،‬فيه‪ :‬يا شيعة آل‬
‫محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني‪ ،‬وغفرت لكم قبل أن تستغفروني‪ ،‬من‬
‫أتاني منكم بولية آل محمد أسكنته جنتي برحمتي )‪ - 117 .(3‬صفات‬
‫الشيعة‪ :‬للصدوق بإسناده عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال له‬
‫الدوانيقي بالحيرة أيام أبي العباس يا أبا عبد ال ما بال الرجل من شيعتكم‬
‫يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد حتى يعرف مذهبه ؟ فقال‪ :‬ذلك‬
‫لحلوة اليمان في صدورهم من حلوته يبدونه تبديا )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬تفسير فرات ص ‪ (2) .165‬الختصاص ص ‪ (3) .28‬الختصاص ص ‪) .111‬‬


‫‪ (4‬صفات الشيعة ص ‪.(*) 170‬‬

‫]‪[65‬‬

‫‪ - 118‬ومنه‪ :‬بإسناده عن محمد بن عمران‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬خرجت أنا وأبي ذات يوم إلى المسجد فإذا هو باناس من‬
‫أصحابه بين القبر والمنبر‪ ،‬قال‪ :‬فدنا منهم وسلم عليهم‪ ،‬وقال‪ :‬وال إني‬
‫لحب ريحكم وأرواحكم فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد‪ .‬واعلموا أن‬
‫وليتنا ل تنال إل بالورع والجتهاد‪ ،‬من ائتم منكم بقوم فليعمل بعملهم )‪(1‬‬
‫أنتم شيعة ال‪ ،‬وأنتم أنصار ال‪ ،‬وأنتم السابقون الولون‪ ،‬والسابقون‬
‫الخرون‪ ،‬والسابقون في الدنيا إلى محبتنا‪ ،‬والسابقون في الخرة إلى‬
‫الجنة ضمنت لكم الجنة بضمان ال عزوجل وضمان النبي صلى ال عليه‬
‫وآله وأنتم الطيبون‪ ،‬ونساؤكم الطيبات‪ ،‬كل مؤمنة حوراء‪ ،‬وكل مؤمن‬
‫صديق‪ .‬كم من مرة قال أمير المؤمنين لقنبر‪ :‬أبشروا وبشروا فوال لقد‬
‫مات رسول ال صلى ال عليه وآله وهو ساخط على امته إل الشيعة‪ .‬أل‬
‫وإن لكل شئ عروة وعروة الدين الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ شرفا وشرف‬
‫الدين الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعة‪ ،‬أل‬
‫وإن لكل شئ إماما وإمام الرض أرض تسكنها الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ‬
‫شهوة وشهوة الدنيا سكنى شيعتنا فيها‪ .‬وال لو ل ما في الرض منكم ما‬
‫استكمل أهل خلفكم طيبات مالهم في الخرة فيها نصيب‪ ،‬كل ناصب وإن‬
‫تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الية " خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا‬
‫حامية " )‪ (2‬ومن دعا مخالفا لكم فاجابة دعائه لكم‪ ،‬ومن طلب منكم إلى‬
‫ال تبارك وتعالى اسمه حاجة فله مائة ومن سأل منكم مسألة فله مائة‪،‬‬
‫ومن دعا دعوة فله مائة‪ ،‬ومن عمل حسنة فل يحصى تضاعفا‪ ،‬ومن أساء‬
‫سيئة فمحمد صلى ال عليه وآله حجيجه على تبعتها‪ .‬وال إن صائمكم‬
‫ليرتع في رياض الجنة تدعو له الملئكة بالفوز حتى يفطر‬

‫)‪ (1‬ومن ائتم منكم بامام فليعمل بعمله خ ل‪ (2) .‬الغاشية‪ 3 :‬و ‪.(*) 4‬‬

‫]‪[66‬‬

‫وإن حاجكم ومعتمركم لخاصة ال‪ ،‬وإنكم جميعا لهل دعوة ال وأهل وليته ل‬
‫خوف عليكم ول حزن‪ ،‬كلكم في الجنة فتنافسوا في الصالحات‪ ،‬وال ما أحد‬
‫أقرب من عرش ال بعدنا يوم القيامة من شيعتنا‪ ،‬ما أحسن صنع ال إليهم‬
‫لو ل أن تفتنوا ويشمت بكم عدوكم‪ ،‬ويعظم الناس ذلك‪ ،‬لسلمت عليكم‬
‫الملئكة قبل‪ .‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬يخرج أهل وليتنا من‬
‫قبورهم يخاف الناس ول يخافون ويحزن الناس ول يحزنون‪ .‬قال‪ :‬وقد‬
‫حدثني بهذا الحديث ابن الوليد باسناده عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم إل أن حديثه لم يكن بهذا الطول وفي هذه زيادات ليست في‬
‫ذلك والمعاني متقاربة )‪ - 119 .(1‬مشكوة النوار‪ :‬عن علي بن حمران‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عنه عليه السلم مثله إلى قوله ما أحسن صنع ال إليهم ثم قال‪:‬‬
‫قال علي رضوان ال عليه‪ :‬يخرج أهل وليتنا يوم القيامة مشرقة‬
‫وجوههم‪ ،‬قريرة أعينهم‪ ،‬قد اعطوا المان مما يخاف الناس يخاف الناس‬
‫ول يخافون‪ ،‬ويحزن الناس ول يحزنون‪ ،‬وال ما يشعر أحد منكم يقوم إلى‬
‫الصلة وقد اكتنفته الملئكة يصلون عليه‪ ،‬ويدعون له‪ ،‬حتى يفرغ من‬
‫صلته أل وإن لكل شئ جوهرا وإن جوهر بني آدم محمد صلى ال عليه‬
‫وآله ونحن وشيعتنا ما أقربهم من عرش ال وأحسن صنع ال إليهم يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وال لو ل زهوهم لعظم ذلك لسلمت إليهم الملئكة قبل )‪ .(2‬بيان‪:‬‬
‫في القاموس الزهو الكبر والتيه والفخر‪ - 120 .‬صفات الشيعة‪ :‬بإسناده‬
‫عن عامر الجهني قال‪ :‬دخل رسول ال صلى ال عليه وآله المسجد ونحن‬
‫جلوس وفينا أبو بكر وعمر وعثمان‪ ،‬وعلي عليه السلم ناحية فجاء النبي‬
‫صلى ال عليه وآله فجلس إلى جانب علي عليه السلم فجعل ينظر يمينا‬
‫وشمال ثم قال‪ :‬إن عن يمين العرش وعن يسار العرش لرجال على منابر‬
‫من نور‪ ،‬تتلل وجوههم نورا‪.‬‬

‫)‪ (1‬الحديث مستخرج من فضائل الشيعة ص ‪ ،141‬ل صفات الشيعة‪ .‬وهكذا فيما‬
‫سيأتي‪ (2) .‬مشكوة النوار‪.(*) 94 - 92 :‬‬

‫]‪[67‬‬

‫قال‪ :‬فقام أبو بكر فقال‪ :‬بأبي أنت وامي يا رسول ال أنا منهم ؟ قال له‪ :‬اجلس ثم‬
‫قام إليه عمر فقال له مثل ذلك‪ ،‬فقال له‪ :‬اجلس‪ ،‬فلما رأى ابن مسعود ما‬
‫قال لهما النبي صلى ال عليه وآله قام حتى استوى قائما على قدميه‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬بأبي أنت وامي يا رسول ال صفهم لنا نعرفهم بصفتهم‪ ،‬قال‪ :‬فضرب‬
‫يده على منكب علي عليه السلم ثم قال‪ :‬هذا وشيعته هم الفائزون )‪.(1‬‬
‫‪ - 121‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن عباد بن سليمان‪ ،‬عن سدير‬
‫الصيرفي قال‪ :‬دخلت عليه وعنده أبو بصير وميسر وعدة من جلسائه فلما‬
‫أن أخذت مجلسي أقبل علي بوجهه وقال‪ :‬يا سدير أما إن ولينا ليعبد ال‬
‫قائما وقاعدا ونائما وحيا وميتا‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك أما عبادته قائما‬
‫وقاعدا وحيا فقد عرفنا فكيف يعبد ال نائما وميتا ؟ قال‪ :‬إن ولينا ليضع‬
‫رأسه فيرقد فإذا كان وقت الصلة وكل به ملكين خلقا من الرض لم يصعدا‬
‫إلى السماء‪ ،‬ولم يريا ملكوتهما‪ ،‬فيصليان عنده حتى ينتبه فيكتب ال ثواب‬
‫صلتهما له‪ ،‬والركعة من صلتهما تعدل ألف صلة من صلة الدميين وإن‬
‫ولينا ليقبضه ال إليه فيصعد ملكاه إلى السماء فيقولن‪ :‬يا ربنا عبدك فلن‬
‫بن فلن انقطع واستوفى أجله‪ ،‬ولنت أعلم منا بذلك فائذن لنا نعبدك في‬
‫آفاق سمائك وأطراف أرضك قال‪ :‬فيوحي ال إليهما أن في سمائي لمن‬
‫يعبدني ومالي في عبادته من حاجة بل هو أحوج إليها‪ ،‬وإن في أرضي‬
‫لمن يعبدني ومالي في عبادته من حاجة وما خلقت خلقا أحوج إلي منه‪،‬‬
‫فاهبطا إلى قبر وليي‪ .‬فيقولن‪ :‬يا ربنا من هذا يسعد بحبك إياه ؟ قال‪:‬‬
‫فيوحي ال إليهما ذلك من اخذ ميثاقه بمحمد عبدي ووصيه وذريتهما‬
‫بالولية اهبطا إلى قبر وليي فلن بن فلن‪ ،‬فصليا عنده إلى أن أبعثه في‬
‫القيامة‪ .‬قال‪ :‬فيهبط الملكان فيصليان عند القبر إلى أن يبعثه ال‪ ،‬فيكتب‬
‫ثواب صلتهما له‪ ،‬والركعة من صلتهما تعدل ألف صلة من صلة‬
‫الدميين‪.‬‬
‫)‪ (1‬فضائل الشيعة ص ‪.(*) 151‬‬

‫]‪[68‬‬

‫قال سدير‪ :‬جعلت فداك يا ابن رسول ال فإذا وليكم نائما وميتا أعبد منه حيا‬
‫وقائما ! قال‪ :‬فقال‪ :‬هيهات يا سدير إن ولينا ليؤمن على ال عزوجل يوم‬
‫القيامة فيجيز أمانه )‪ - 122 .(1‬ومنه‪ :‬بإسناده عن معاوية بن عمار‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إذا كان يوم القيامة يؤتى بأقوام على منابر من نور تتلل‬
‫وجوههم كالقمر ليلة البدر يغبطهم الولون والخرون‪ ،‬ثم سكت ثم أعاد‬
‫الكلم ثلثا فقال عمر بن الخطاب‪ :‬بأبي أنت وامي هم الشهداء ؟ قال‪ :‬هم‬
‫الشهداء وليس هم الشهداء الذين تظنون‪ ،‬قال‪ :‬هم النبياء ؟ قال‪ :‬هم‬
‫]النبياء وليس هم النبياء الذين تظنون‪ ،‬قال‪ :‬هم الوصياء قال‪ :‬هم[‬
‫الوصياء وليس هم الوصياء الذين تظنون‪ ،‬قال‪ :‬فمن أهل السماء أم من‬
‫أهل الرض ؟ قال‪ :‬هم من أهل الرض قال‪ :‬فأخبرني من هم ؟ قال‪ :‬فأومأ‬
‫بيده إلى علي عليه السلم فقال‪ :‬هذا وشيعته‪ ،‬ما يبغضه من قريش إل‬
‫سفاحي‪ ،‬ول من النصار إل يهودي ول من العرب إل دعي ول من سائر‬
‫الناس إل شقي‪ ،‬يا عمر كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا )‪- 123 .(2‬‬
‫ومنه‪ :‬باسناده عن محمد بن قيس وعامر بن السمط‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول اله صلى ال عليه وآله يأتي يوم القيامة قوم عليهم‬
‫ثياب من نور‪ ،‬على وجوههم نور‪ ،‬يعرفون بآثار السجود‪ ،‬يتخطون صفا‬
‫بعد صف حتى يصيروا بين يدي رب العالمين‪ ،‬يغبطهم النبيون والملئكة‬
‫والشهداء والصالحون‪ ،‬ثم قال‪ :‬اولئك شيعتنا وعلي إمامهم )‪- 124 .(3‬‬
‫ومنه‪ :‬باسناده عن مالك الجهني‪ ،‬عن أبي عبد ال قال‪ :‬يا مالك أما‬
‫ترضون أن تقيموا الصلة‪ ،‬وتؤدوا الزكاة‪ ،‬وتكفوا أيديكم وتدخلوا الجنة ؟‬
‫ثم قال‪ :‬يا مالك إنه ليس من قوم ائتموا بامام في دار الدنيا إل جاء يوم‬
‫القيامة يلعنهم ويلعنونه إل أنتم‪ ،‬ومن كان بمثل حالكم‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا مالك إن‬
‫الميت منكم على‬

‫)‪ (3 - 1‬فضائل الشيعة‪.(*) 153 - 151 :‬‬

‫]‪[69‬‬

‫هذا المر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل ال‪ .‬قال‪ :‬وقال مالك‪ :‬بينما أنا‬
‫عنده ذات يوم جالس وأنا احدث نفسي بشئ من فضلهم‪ ،‬فقال لي‪ :‬أنتم‬
‫وال شيعتنا لتظنن أنك مفرط في أمرنا يا مالك إنه ل يقدر على صفة ال‪،‬‬
‫فكما ل يقدر على صفة ال كذلك ل يقدر على صفة الرسول صلى ال عليه‬
‫وآله وكما ل يقدر على صفة الرسول فكذلك ل يقدر على صفتنا‪ ،‬وكما ل‬
‫يقدر على صفتنا فكذلك ل يقدر على صفة المؤمن‪ .‬يا مالك إن المؤمن‬
‫ليلقى أخاه فيصافحه ل يزال ال ينظر إليهما والذنوب تتحات عن‬
‫وجوههما حتى يتفرقا وإنه لن يقدر على صفة من هو هكذا‪ ،‬وقال‪ :‬إن أبي‬
‫عليه السلم كان يقول‪ :‬لن تطعم النار من يصف هذا المر )‪ - 125 .(1‬ما‪:‬‬
‫عن جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن عبد ال بن إسحاق‪ ،‬عن عثمان ابن‬
‫عبد ال ; عن عبد ال بن لهيعة ; عن أبي الزبير‪ ،‬عن جابر بن عبد ال‬
‫قال‪ :‬بينا النبي بعرفات‪ ،‬وعلي تجاهه‪ ،‬ونحن معه‪ ،‬إذا أومأ النبي صلى ال‬
‫عليه وآله إلى علي عليه السلم فقال‪ :‬ادن مني يا علي فدنا منه فقال‪ :‬ضع‬
‫خمسك يعني كفك في كفي فأخذ بكفه فقال يا علي خلقت أنا وأنت من‬
‫شجرة أنا أصلها وأنت فرعها‪ ،‬والحسن والحسين أغصانها‪ ،‬فمن تعلق‬
‫بغصن من أغصانها أدخله ال الجنة )‪) - 126 .(2‬ما‪ :‬عن جماعة‪ ،‬عن‬
‫أبي المفضل‪ ،‬عن الحسن بن علي بن زكريا عن صهيب بن عباد بن‬
‫صهيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أنا الشجرة‪ ،‬وفاطمة فرعها‪ ،‬وعلي‬
‫لقاحها‪ ،‬والحسن والحسين ثمرها‪ ،‬وأغصان الشجرة ذاهبة على ساقها‪،‬‬
‫فأي رجل تعلق بغصن من أغصانها أدخله ال الجنة برحمته‪ ،‬قيل‪ :‬يا‬
‫رسول ال قد عرفنا الشجرة وفرعها‪ ،‬فمن أغصانها ؟ قال‪ :‬عترتي‪ ،‬فما‬
‫من عبد أحبنا أهل البيت‪ ،‬وعمل بأعمالنا‪ ،‬وحاسب نفسه قبل أن‬

‫)‪ (1‬فضائل الشيعة ‪ (2) .156‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 223‬‬

‫]‪[70‬‬

‫يحاسب إل أدخله ال عز وجل الجنة )‪ - 127 .(1‬ما‪ :‬عن جماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫المفضل‪ ،‬عن جعفر بن محمد العلوي‪ ،‬عن موسى بن عبد ال بن الحسن‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أبيه عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن خاله علي‬
‫بن الحسين‪ ،‬عن الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب‪ ،‬عن أبيهما‬
‫علي بن أبيطالب عليهم السلم قال‪ :‬جاء رجل من النصار إلى النبي صلى‬
‫ال عليه وآله فقال‪ :‬يا رسول ال ما أستطيع فراقك‪ ،‬وإني لدخل منزلي‬
‫فأذكرك فأترك صنيعتي وأقبل حتى أنظر إليك حبا لك‪ ،‬فذكرت إذا كان يوم‬
‫القيامة وأدخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين فكيف لي بك يا نبي ال ؟‬
‫فنزل " ومن يطع ال والرسول فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين‬
‫والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " )‪ (2‬فدعا النبي‬
‫الرجل فقرأها عليه وبشره بذلك )‪ - 128 .(3‬ما‪ :‬عن جماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫المفضل‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن سعيد‪ ،‬عن محمد ابن أحمد بن نصر‪ ،‬عن‬
‫موسى بن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه قال‪ :‬أتى رجل النبي‬
‫صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا رسول ال رجل يحب من يصلي ول يصلي إل‬
‫الفريضة‪ ،‬ويحب من يتصدق ول يتصدق إل بالواجب‪ ،‬ويحب من يصوم‬
‫ول يصوم إل شهر رمضان‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬المرء‬
‫مع من أحب )‪ - 129 .(4‬ما‪ :‬عن أحمد بن عبدون‪ ،‬عن علي بن محمد بن‬
‫الزبير‪ ،‬عن علي بن الحسن بن فضال‪ ،‬عن العباس بن عامر‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫رزق الغمشاني‪ ،‬عن محمد بن عبد الرحمان قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل تستخفوا بشيعة علي‬
‫فان الرجل منهم ليشفع بعدد ربيعة ومضر )‪ - 130 .(5‬ما‪ :‬بهذا السناد‪،‬‬
‫عن أحمد بن رزق‪ ،‬عن يحيى بن العل‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .224‬النساء‪ 3) .69 :‬و ‪ (4‬أمال الطوسى ج ‪2‬‬
‫ص ‪ (5) .234‬أمال الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 283‬‬

‫]‪[71‬‬

‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬دخل علي عليه السلم على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وهو في بيت ام سلمة فلما رآه قال‪ :‬كيف أنت يا علي إذا جمعت المم‪،‬‬
‫ووضعت الموازين‪ ،‬وبرز لعرض خلقه‪ ،‬ودعي الناس إلى ما لبد منه‪،‬‬
‫قال‪ :‬فدمعت عين أمير المؤمنين عليه السلم فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬ما يبكيك يا علي تدعى وال أنت وشيعتك غرا محجلين رواء‬
‫مرويين‪ ،‬ومبياضة وجوهكم ويدعى بعدوك مسوادة وجوههم أشقياء‬
‫معذبين أما سمعت إلى قو ال تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات‬
‫اولئك هم خير البرية " )‪ (1‬أنت وشيعتك " والذين كفروا بآياتنا اولئك هم‬
‫شر البرية " عدوك يا علي‪ .‬بيان‪ " :‬الذين كفروا " اختصار في الية‬
‫ونقل بالمعنى‪ - 131 .‬سعد السعود للسيد ابن طاوس‪ :‬قال‪ :‬رأيت في‬
‫مختصر تفسير محمد بن العباس بن مروان حدثنا أحمد بن محمد بن‬
‫موسى النوفلي وجعفر بن محمد الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب ومحمد‬
‫بن حسين البزاز قالوا‪ :‬حدثنا عيسى بن مهران قال‪ :‬أخبرنا محمد بن بكار‬
‫الهمداني‪ ،‬عن يوسف السراج قال‪ :‬حدثني أبو هريرة العماري من ولد‬
‫عمار بن ياسر‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين علي‬
‫بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬لما نزلت على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ " :‬طوبى لهم وحسن مآب " )‪ (2‬أتى المقداد بن السود الكندي إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا رسول ال وما طوبى ؟ قال‪ :‬شجرة‬
‫في الجنة لو سار الراكب الجواد لسار في ظلها مائة عام قبل أن يقطعها‬
‫ورقها برود خضر‪ ،‬وزهرها رياض صفر‪ ،‬وأقناؤها سندس واستبرق‪،‬‬
‫وثمرها جلل خضر‪ ،‬وصمغها )‪ (3‬زنجبيل وعسل‪ ،‬وبطحاؤها ياقوت أحمر‪،‬‬
‫وزمرد أخضر وترابها مسك وعنبز‪ ،‬وحشيشها زعفران ينيع‪ ،‬وألنجوج‬
‫يتأجج من غير وقود‬

‫)‪ (1‬البينة ‪ 7‬وما بعدها مأخوذ من الية ‪ " :6‬ان الذين كفروا من أهل الكتاب‬
‫والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية "‪(2) .‬‬
‫الرعد‪ (3) .29 :‬ضمجها خ ل )*(‪.‬‬

‫]‪[72‬‬

‫ويتفجر من أصلها السلسبيل‪ ،‬والرحيق والمعين‪ ،‬فظلها مجلس من مجالس شيعة‬


‫علي بن أبي طالب يجمعهم‪ .‬فبينما هم يوما في ظلها يتحدثون إذا جائتهم‬
‫الملئكة يقودون نجبا قد جبلت من الياقوت‪ ،‬لم ينفخ فيها الروح‪ ،‬مزمومة‬
‫بسلسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا‪ ،‬وبرها حشو‬
‫أحمر‪ ،،‬ومرعز أبيض‪ ،‬مختلطان لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسنا وبهاء‬
‫ذلل من غير مهانة‪ ،‬نجب من غير رياضة‪ ،‬عليها رجال ألوانها من الدر‬
‫والياقوت‪ ،‬مفضضة باللؤلؤ والمرجان‪ ،‬صفائحها من الذهب الحمر ملبسة‬
‫بالعبقرى والرجوان فأناخوا تلك النجائب )‪ (1‬إليهم ثم قالوا لهم‪ :‬ربكم‬
‫يقرئكم السلم فتزورونه فينظر إليكم ويحييكم ويزيدكم من فضله وسعته‪،‬‬
‫فانه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم‪ .‬قال‪ :‬فيتحول كل رجل منهم على‬
‫راحلته‪ ،‬فينطلقون صفا واحدا معتدل ل يفوت منهم شئ شيئا ول يفوت‬
‫اذن ناقة ناقتها‪ ،‬ول بركة ناقة بركتها‪ ،‬ول يمرون بشجرة من شجر الجنة‬
‫إل أتحفتهم بثمارها‪ ،‬ورحلت لهم من طريقه كراهية لن تنثلم طريقتهم‪،‬‬
‫وأن يفرق بين الرجل ورفيقه‪ .‬فلما رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى قالوا‪:‬‬
‫ربنا أنت السلم ومنك السلم ولك يحق الجلل والكرام قال‪ :‬فقال‪ :‬أنا‬
‫السلم ومني السلم ولي يحق الجلل والكرام‪ ،‬فمرحبا بعبادي الذين‬
‫حفظوا وصيتي في أهل بيتي‪ ،‬وراعوا حقي و خلفوني بالغيب‪ ،‬وكانوا مني‬
‫على كل حال مشفقين‪ .‬قالوا‪ :‬أما وعزتك وجللك ما قدرناك حق قدرك‪ ،‬وما‬
‫أدينا إليك كل حقك‪ ،‬فائذن لنا بالسجود‪ ،‬قال لهم ربهم عزوجل‪ :‬إني قد‬
‫وضعت عنكم مؤونة العبادة‪ ،‬وأرحت لكم أبدانكم‪ ،‬فطالما أنصبتم لي‬
‫البدان‪ ،‬وعنتم لي الوجوه فالن أفضيتم إلى روحي ورحمتي فاسألوني ما‬
‫شئتم‪ ،‬وتمنوا علي أعطكم أمانيكم وإني لم أجزكم اليوم بأعمالكم‪ ،‬ولكن‬
‫برحمتي وكرامتي وطولي وعظيم شأني و‬

‫)‪ (1‬البخاتى خ ل )*(‪.‬‬


‫]‪[73‬‬

‫بحبكم أهل بيت محمد صلى ال عليه وآله‪ .‬فلم يزالوا يا مقداد محبي علي بن أبي‬
‫طالب في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى في أمنيته‬
‫مثل جميع الدنيا منذ خلقها ال إلى يوم القيامة قال لهم ربهم تبارك‬
‫وتعالى‪ :‬لقد قصرتم في أمانيكم‪ ،‬ورضيتم بدون ما يحق لكم فانظروا إلى‬
‫مواهب ربكم فإذا بقباب وقصور في أعل عليين من الياقوت الحمر و‬
‫الخضر والبيض والصفر‪ ،‬يزهر نورها‪ ،‬فلو ل أنه مسخر مسخد إذا‬
‫للمعت البصار منها‪ .‬فما كان من تلك القصور من الياقوت مفروش‬
‫بالسندس الخضر‪ ،‬وما كان منها من الياقوت البيض فهو مفروش‬
‫بالرياط الصفر مبثوثة بالزبرجد الخضر‪ ،‬و الفضة البيضاء والذهب‬
‫الحمر‪ ،‬قواعدها وأركانها من الجوهر‪ ،‬ينور من أبوابها وأعراضها‪ ،‬نور‬
‫شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضئ وإذا على باب‬
‫كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما من كل فاكهة زوجان‪.‬‬
‫فلما أرادوا النصراف إلى منازلهم حولوا على براذين من نور‪ ،‬بأيدي‬
‫ولدان مخلدين‪ ،‬بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين‪ ،‬لجمها‬
‫وأعنتها من الفضة البيضاء‪ ،‬وأثفارها من الجواهر فإذا دخلوا منازلهم‬
‫وجدوا الملئكة يهنؤنهم بكرامة ربهم حتى إذا استقر قرارهم قيل لهم‪ :‬هل‬
‫وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ قالوا‪ :‬نعم ربنا رضينا فارض عنا قال‪:‬‬
‫برضاي عنكم وبحبكم أهل بيت نبيي حللتم داري‪ ،‬وصافحتم الملئكة‪،‬‬
‫فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ‪ ،‬ليس فيه تنغيص‪ ،‬فعندها قالوا‪ :‬الحمد ل‬
‫الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور‪ ،‬الذي أحلنا دار المقامة من‬
‫فضله ل يمسنا فيها نصب ول يمسنا فيها لغوب‪ .‬قال لنا أبو محمد النوفلي‬
‫أحمد بن محمد بن موسى‪ :‬قال لنا عيسى بن مهران‪ :‬قرأت هذا الحديث‬
‫يوما على قوم من أصحاب الحديث فقلت‪ :‬أبرأ إليكم من عهدة الحديث فان‬
‫يوسف السراج ل أعرفه فلما كان من الليل رأيت في منامي كأن إنسانا‬
‫جاءني ومعه كتاب وفيه‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم من محمود بن إبراهيم‬
‫وحسن بن الحسين و‬

‫]‪[74‬‬

‫يحيى بن الحسن القزاز وعلي ابن القاسم الكندي من تحت شجرة طوبى‪ ،‬وقد أنجز‬
‫لنا ربنا ما وعدنا فاحتفظ بما في يديك من هذه الية‪ ،‬فانك لم تقرأ منها‬
‫كتابا إل أشرقت له الجنة )‪ .(1‬بيان‪ " :‬وأقناؤها " بالقاف جمع قنو‪،‬‬
‫بالكسر والضم‪ ،‬وهو من النخل بمنزلة العنقود من العنب وفي بعض النسخ‬
‫بالفاء أي عرصاتها‪ ،‬وهي غير مناسبة‪ ،‬وفي بعضها أفنانها بالنونين جمع‬
‫الفنن محركة وهو الغصن‪ ،‬وفي القاموس ينع الثمر كمنع وضرب حان‬
‫قطافه كأينع‪ ،‬واليانع الحمر من كل شئ والثمر الناضج كالينيع وقال‬
‫يلنجوج ويلنجج وألنجج واللنجوج‪ :‬عود البخور‪ ،‬وقال‪ :‬الجيج تلهب‬
‫النار كالتأجج‪ ،‬وقال النجيب وكهمزة الكريم الحسيب والجمع أنجاب ونجباء‬
‫ونجب وناقة نجيب ونجيبة والجمع نجائب‪ .‬وقال المرعز والمرعزى‪ :‬ويمد‬
‫إذا خفف وقد تفتح الميم في الكل الزغب الذي تحت شعر العنز‪ ،‬وقال عبقر‬
‫موضع كثير الجن وقرية ثيابها في غاية الحسن والعبقري الكامل ]من كل‬
‫شئ[ والسيد وضرب من البسط‪ .‬وقال البيضاوي‪ :‬العبقري منسوب إلى‬
‫عبقر تزعم العرب أنه اسم بلد الجن فينسبون إليه كل شئ عجيب وفي‬
‫القاموس الرجوان بالضم الحمر‪ ،‬وثياب حمر وصبغ أحمر والحمرة‬
‫وأحمر أرجواني قانئ وقال البرك أي بالفتح الصدر كالبركة بالكسر‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬الظاهر أن المراد بقوله ل يفوت منهم شئ شيئا أي ل يسبق جزء‬
‫من كل منها جزءا من الخرى‪ ،‬فهو لبيان اعتدال الصفوف وضمير ذوي‬
‫العقول على المجاز‪ ،‬لتشريفها‪ ،‬مع أنه ل استبعاد في كونها من ذوي‬
‫العقول وقوله " ناقتها " المراد بها الناقة التي معها قال في المصباح فاته‬
‫فلن بذراع سبقه بها وفي القاموس المسخد كمعظم الخاثر النفس‪،‬‬
‫والمصفر الثقيل المورم‪ ،‬وسخد ورق الشجر بالضم تسخيدا ندى وركب‬
‫بعضه بعضا وقال‪ :‬لمع البرق بالشئ ذهب‪ .‬وقال‪ :‬الريطة كل ملءة غير‬
‫ذات لفقين كلها نسج واحد وقطعة واحدة‪ ،‬وكل‬

‫)‪ (1‬سعد السعود ص ‪.(*) 109‬‬

‫]‪[75‬‬

‫ثوب لين رقيق‪ ،‬والجمع ريط ورياط " مدهامتان " قال البيضاوي خضراوان‬
‫تضربان إلى السواد من شدة الخضرة " زوجان " أي صنفان غريب‬
‫ومعروف‪ ،‬وأو رطب ويابس و " الحكمة " محركة ما أحاط بحنكي الفرس‬
‫من لجامه وفيها العذاران‪ ،‬وقال‪ :‬الثقر بالتحريك السير في مؤخر السرج‪،‬‬
‫وقد يسكن وتنغيص العيش تكديره‪ .‬وأقول‪ :‬الرواية كانت سقيمة فصححتها‬
‫من سائر المواضع بحسب المكان وال المستعان‪ - 132 .‬ما‪ :‬عن أحمد‬
‫بن عبدون‪ ،‬عن علي بن محمد بن الزبير‪ ،‬عن علي بن الحسن بن فضال‪،‬‬
‫عن العباس بن عامر‪ ،‬عن أحمد بن رزق‪ ،‬عن مهزم بن أبي بردة قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إذا أنت أحصيت ما على الرض من‬
‫شيعة علي عليه السلم فلست تلقي إل من هو حطب لجهنم‪ ،‬إنه لينعم‬
‫على أهل خلفكم بجواركم إياهم‪ ،‬ولول ما على الرض من شيعة علي‬
‫عليه السلم ما نظرت إلى غيث أبدا إن أحدكم ليخرج وما في صحيفته‬
‫حسنة فيملها ال له حسنات قبل أن ينصرف وذلك أنه يمر بالمجلس وهم‬
‫يشتموننا‪ ،‬فيقال‪ :‬اسكتوا هذا من الفلنية‪ ،‬فإذا مضى عنهم شتموه فينا )‬
‫‪ - 133 .(1‬مشكوة النوار‪ :‬بن ربيعة بن ناجد قال‪ :‬سمعت عليا عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬إنما مثل شيعتنا مثل النحل الطير‪] ،‬ليس شئ من الطير[ إل‬
‫وهو يستضعفها ولو أن الطير تعلم ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها‬
‫ذلك )‪ .(2‬أقول‪ :‬قال ابن أبي الحديد في شرح النهج‪ :‬روى جعفر الحمر‪،‬‬
‫عن مسلم العور‪ ،‬عن حبة العرني قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬من أحبني‬
‫كان معي أما إنك لو صمت الدهر كله‪ ،‬وقمت الليل كله‪ ،‬ثم قتلت بين الصفا‬
‫والمروة‪ ،‬أو قال بين الركن والمقام‪ ،‬لما بعثك ال إل مع هواك‪ ،‬بالغا ما‬
‫بلغ‪ ،‬إن في جنة ففي جنة وإن في نار ففي نار‪ .‬بيان‪ " :‬مع هواك " أي‬
‫مع من تهواه وتحبه‪ ،‬فإن كان هو في الجنة فأنت‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .287‬مشكوة النوار‪.(*) 63 :‬‬

‫]‪[76‬‬

‫معه في الجنة‪ ،‬وإن كان النار فأنت معه في النار‪ - 134 .‬العلل‪ :‬لمحمد بن علي بن‬
‫إبراهيم‪ :‬العلة في شيعة آل محمد أنهم منهم أن كل من والى قوما فهو‬
‫منهم‪ ،‬وإن لم يكن من جنسهم‪ ،‬وذلك قول ال عزوجل " يا معشر الجن قد‬
‫استكثرتم من النس * وقال أولياؤهم من النس " )‪ (1‬فالجن بخلف‬
‫النس‪ ،‬لكنهم لما والوهم نسبهم ال إليهم‪ ،‬فكذلك كل من توالى آل محمد‬
‫فهو منهم‪ - 135 .‬ومنه‪ :‬قال‪ :‬العلة في أن رسول ال وأمير المؤمنين‬
‫صلوات ال عليهما هما الوالدان قول ال عزوجل " واعبدوا ال ول‬
‫تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " )‪ (2‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬هما‬
‫رسول ال وأمير المؤمنين صلوات ال عليهما والعلة في أن الشيعة كلهم‬
‫أيتام أن هذين الوالدين قد قبضا عنهم‪ ،‬والعلة في اسم فاطمة صلوات ال‬
‫عليها أن ال فطم بها شيعتها من النار‪ - 136 .‬كتاب المسلسلت‪ :‬حدثنا‬
‫محمد بن علي بن الحسين قال‪ :‬حدثني أحمد بن زياد بن جعفر قال‪ :‬حدثني‬
‫أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي العريضي قال‪ :‬قال أبو عبد ال أحمد بن‬
‫محمد بن خليل‪ :‬قال‪ :‬أخبرني علي بن محمد بن جعفر الهوازي قال‪:‬‬
‫حدثني بكر بن أحنف قال‪ :‬حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا عليه‬
‫السلم قالت‪ :‬حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر‬
‫عليهما السلم قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد عليهما السلم قالت‪:‬‬
‫حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي عليهما السلم قالت‪ :‬حدثتني فاطمة بنت‬
‫علي بن الحسين عليهما السلم قالت‪ :‬حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين‬
‫بن علي عليهما السلم عن أم كلثوم بنت علي عليه السلم عن فاطمة بنت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله قالت‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله يقول‪ :‬لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من درة‬
‫بيضاء مجوفة‪ ،‬وعليها باب مكلل بالدر و الياقوت‪ ،‬وعلى الباب ستر‬
‫فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب " ل إله إل ال‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .128 :‬النساء‪.(*) 36 :‬‬

‫]‪[77‬‬

‫محمد رسول ال علي ولي القوم " وإذا مكتوب على الستر بخ بخ من مثل شيعة‬
‫علي ؟ فدخلته فإذا أنا بقصر من عقيق أحمر مجوف‪ ،‬وعليه باب من فضة‬
‫مكلل بالزبرجد الخضر‪ ،‬وإذا على الباب ستر‪ ،‬فرفعت رأسي فإذا مكتوب‬
‫على الباب " محمد رسول ال علي وصي المصطفى " وإذا على الستر‬
‫مكتوب‪ " :‬بشر شيعة علي بطيب المولد "‪ .‬فدخلته فإذا أنا بقصر من‬
‫زمرد أخضر مجوف لم أر أحسن منه‪ ،‬وعليه باب من ياقوتة حمراء مكللة‬
‫باللؤلوء وعلى الباب ستر فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الستر شيعة‬
‫علي هم الفائزون‪ ،‬فقلت‪ :‬حبيبي جبرئيل لمن هذا ؟ فقال‪ :‬يا محمد لبن‬
‫عمك ووصيك علي بن أبي طالب عليه السلم يحشر الناس كلهم يوم‬
‫القيامة حفاة عراة إل شيعة على ويدعى الناس بأسماء امهاتهم ما خل‬
‫شيعة علي عليه السلم فانهم يدعون بأسماء آبائهم فقلت‪ :‬حبيبي جبرئيل‬
‫وكيف ذاك ؟ قال‪ :‬لنهم أحبوا عليا فطاب مولدهم‪ .‬بيان‪ " :‬فطاب مولدهم‬
‫" لعل المعنى أنه لما علم ال من أرواحهم أنهم يحبون عليا وأقروا في‬
‫الميثاق بوليته طيب مولد أجسادهم‪ - 137 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن‬
‫محمد بن سليمان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال لبي‬
‫بصير‪ :‬يا با محمد إن ل ملئكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما‬
‫تسقط الريح الورق في أوان سقوطه‪ ،‬وذلك قوله عزوجل " الذين يحملون‬
‫العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا "‬
‫استغفارهم وال لكم دون هذا الخلق )‪ - 138 .(1‬كا‪ :‬عن محمد بن أحمد‪،‬‬
‫عن عبد ال بن الصلت‪ ،‬عن يونس عمن ذكره عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬يا با محمد إن ل عز ذكره ملئكة يسقطون الذنوب‬
‫عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق من الجشر أوان سقوطه‪ ،‬وذلك‬

‫)‪ (1‬الكافي ج‪ :‬والية في المؤمن‪.(*) 7 :‬‬

‫]‪[78‬‬
‫قوله عزوجل " يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا " وال ما أراد‬
‫]بهذا[ غيركم )‪ - 139 (1‬فس‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن‬
‫سليمان بن داود المنقري عن حماد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه‬
‫سئل‪ :‬الملئكة أكثر أم بنو آدم ؟ فقال‪ :‬والذي نفسي بيده لملئكة ال في‬
‫السماوات أكثر من عدد التراب في الرض وما في السماء موضع قدم إل‬
‫وفيه ملك يسبحه ويقدسه‪ ،‬ول في الرض شجرة ول مدر إل وفيها ملك‬
‫موكل بها يأتي ال كل يوم بعملها‪ ،‬وال أعلم بها‪ ،‬ومأمنهم أحد إل ويتقرب‬
‫كل يوم إلى ال بوليتنا أهل البيت‪ ،‬ويستغفر لمحبينا ويلعن أعداءنا ويسأل‬
‫ال عزوجل أن يرسل عليهم العذاب إرسال‪ .‬وقوله " الذين يحملون‬
‫العرش " يعني رسول ال صلى ال عليه وآله والوصياء من بعده‬
‫يحملون علم ال " ومن حوله " يعني الملئكة " يسبحون بحمد ربهم‬
‫ويستعفرون للذين آمنوا " يعني شيعة آل محمد " ربنا وسعت كل شئ‬
‫رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا " من ولية فلن وفلن وبني اميه "‬
‫واتبعوا سبيلك " أي ولية ولي ال " وقهم عذاب الجحيم " إلى قوله "‬
‫الحكيم " يعني من تولى عليا عليه السلم فذلك صلحهم " وقهم السيئات‬
‫ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته " يعني يوم القيامة " وذلك هو الفوز‬
‫العظيم " لمن نجاه ال من هؤلء‪ ،‬يعني ولية فلن وفلن )‪ - 140 .(2‬م‪:‬‬
‫" صراط الذين أنعمت عليهم " أي قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم‬
‫بالتوفيق لدينك وطاعتك‪ ،‬وهم الذين قال ال تعالى‪ " :‬ومن يطع ال‬
‫والرسول فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين‬
‫والشهداء و الصالحين وحسن اولئك رفيقا " وحكي هذا بعينه عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ .‬قال‪ :‬ثم قال‪ :‬ليس هؤلء المنعم عليهم بالمال‬
‫وصحة البدن وإن كان كل هذا نعمة من ال ظاهرة أل ترون أن هؤلء قد‬
‫يكونون كفارا أو فساقا فما ندبتم إلى‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪ (2) .304‬تفسير القمى ص ‪.(*) 583‬‬

‫]‪[79‬‬

‫أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم‪ ،‬وإنما امرتم بالدعاء لن ترشدوا إلى صراط‬
‫الذين أنعم عليهم باليمان بال‪ ،‬وتصديق رسول ال‪ ،‬وبالولية لمحمد وآله‬
‫الطيبين‪ ،‬و أصحابه الخيرين المنتجين‪ ،‬وبالتقية الحسنة التي يسلم بها من‬
‫شر عباد ال ومن الزيادة في آثام أعداء ال وكفرهم‪ ،‬بأن تداريهم ول‬
‫تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين وبالمعرفة بحقوق الخوان من المؤمنين‪.‬‬
‫فإنه ما من عبد ول أمة والى محمدا وآل محمد وأصحاب محمد‪ ،‬وعادى‬
‫من عاداهم إل كان قد اتخذ من عذاب ال حصنا منيعا‪ ،‬وجنة حصينة‪ .‬وما‬
‫من عبد ول أمة دارى عباد ال بأحسن المدارة‪ ،‬فلم يدخل بها في باطل ولم‬
‫يخرج بها من حق إل جعل ال نفسه تسبيحا وزكى عمله‪ ،‬وأعطاه بصيرة‬
‫على كتمان سرنا‪ ،‬واحتمال الغيظ لما يستمعه من أعدائنا‪ ،‬وأعطاه ثواب‬
‫المتشحط بدمه في سبيل ال‪ .‬وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفاهم‬
‫حقوقهم جهده‪ ،‬وأعطاهم ممكنه ورضي منهم بعفوهم‪ ،‬وترك الستقصاء‬
‫عليهم فيما يكون من زللهم‪ ،‬وغفرها لهم إل قال ال عزوجل له يوم‬
‫القيامة‪ :‬يا عبدي قضيت حقوق إخوانك‪ ،‬ولم تستقص عليهم فيما لك‬
‫عليهم‪ ،‬فأنا أجود وأكرم وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة والتكرم فأنا‬
‫أقضيك اليوم على حق وعدتك‪ ،‬وأزيدك من فضلي الواسع‪ ،‬ول أستقصي‬
‫عليك في تقصيرك في بعض حقوقي‪ ،‬قال‪ :‬فيلحقه بمحمد وآله وأصحابه‪،‬‬
‫ويجعله في خيار شيعتهم‪ .‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه وآله لبعض‬
‫أصحابه ذات يوم‪ :‬يا عبد ال أحب في ال و أبغض في ال ووال في ال‪،‬‬
‫فانه ل ينال ولية ال إل بذلك‪ ،‬ول يجد الرجل طعم اليمان وإن كثرت‬
‫صلته وصيامه حتى يكون كذلك‪ ،‬وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا‬
‫أكثرها في الدنيا‪ ،‬عليها يتوادون‪ ،‬وعليها يتباغضون‪ ،‬وذلك ل يغني عنه‬
‫من ال شيئا‪ .‬فقال الرجل‪ :‬يا رسول ال فكيف لي أن أعلم أني قد واليت‬
‫وعاديت في ال‬

‫]‪[80‬‬

‫ومن ولي ال حتى أو إليه‪ ،‬ومن عدوه حتى اعاديه ؟ فأشار له رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله إلى علي بن أبي طالب عليه السلم فقال‪ :‬هذا ؟ قال‪ :‬بلى هذا‬
‫ولي ال فواله‪ ،‬وعدو هذا عدو ال فعاده‪ ،‬وال ولي هذا ولو أنه قاتل أبيك‬
‫وولدك‪ ،‬وعاد عدو هذا ولو أنه أبوك وولدك )‪ - 141 .(1‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عمرو بن أبي المقدام قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين‬
‫القبر والمنبر إذا هو باناس من الشيعة‪ ،‬فسلم عليهم‪ ،‬ثم قال‪ :‬إني وال‬
‫لحب رياحكم وأرواحكم‪ ،‬فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد‪ ،‬واعلموا أن‬
‫وليتنا ل تنال إل بالورع والجتهاد‪ ،‬من أئتم منكم بعبد فليعمل بعلمه )‪.(2‬‬
‫أنتم شيعة ال‪ ،‬وأنتم أنصار ال‪ ،‬وأنتم السابقون الولون‪ ،‬والسابقون‬
‫الخرون‪ ،‬والسابقون في الدنيا ]إلى محبنا[ والسابقون في الخرة إلى‬
‫الجنة‪ ،‬قد ضمنا لكم الجنة بضمان ال عزوجل‪ ،‬وضمان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله وال ما على درجة الجنة أكثر أرواحا منكم فتنافسوا في‬
‫فضائل الدرجات أنتم الطيبون‪ ،‬ونسائكم الطيبات‪ ،‬كل مؤمنة حوراء عيناء‪،‬‬
‫وكل مؤمن صديق‪ .‬ولقد قال أمير المؤمنين عليه السلم لقنبر‪ :‬يا قنبر‬
‫أبشر وبشر واستبشر‪ ،‬فو ال لقد مات رسول ال صلى ال عليه وآله وهو‬
‫على امته ساخط إل الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ عزا وعز السلم الشيعة‪ ،‬أل‬
‫وإن لكل شئ دعامة ودعامة السلم الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ ذروة وذروه‬
‫السلم الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعة أل‬
‫وإن لكل شئ شرفا وشرف السلم الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ إماما وإمام‬
‫الرض أرض تسكنها الشيعة‪ .‬وال لول ما في الرض منكم ما رأيت بعين‬
‫عشبا أبدا‪ ،‬وال لو ل ما في الرض منكم ما أنعم ال على أهل خلفكم‪ ،‬ول‬
‫أصابوا الطيبات‪ ،‬ما لهم في الدنيا ول لهم في الخرة من نصيب‪ ،‬كل ناصب‬
‫وإن تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الية " عاملة‬

‫)‪ (1‬تفسير الما ص ‪ (2) 17‬مر مثل هذا الحيث تحت الرقم ‪.(*) 118‬‬

‫]‪[81‬‬

‫ناصبة * تصلى نارا حامية " )‪ (1‬فكل ناصب مجتهد فعمله هباء‪ ،‬شيعتنا ينطقون‬
‫بأمر ال عزوجل‪ ،‬ومن يخالفهم ينطقون بتفلت )‪ .(2‬وال ما من عبد من‬
‫شيعتنا ينام إل أصعد ال عزوجل روحه إلى السماء‪ ،‬فيبارك عليها‪ ،‬فإن‬
‫كان قد أتى عليها أجلها‪ ،‬جعلها في كنوز من رحمته وفي رياض جنته وفي‬
‫ظل عرشه‪ ،‬وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملئكة ليردوها‬
‫إلى الجسد الذي خرجت منه‪ ،‬لتسكن فيه‪ ،‬وال إن حاجكم وعماركم لخاصة‬
‫ال عزوجل‪ ،‬وإن فقراء كم لهل الغنى‪ ،‬وإن أغنياءكم لهل القناعة‪ ،‬وإنكم‬
‫كلكم لهل دعوته وأهل إجابته )‪ - 142 .(3‬وروى أيضا‪ ،‬عن العدة‪ ،‬عن‬
‫سهل‪ ،‬عن ابن شمون‪ ،‬عن السم‪ ،‬عن عبد ال بن القاسم‪ .‬عن عمرو بن‬
‫أبي المقدام‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم مثله وزاد فيه‪ :‬أل وإن لكل شئ‬
‫جوهرا وجوهر ولد آدم محمد صلى ال عليه وآله ونحن وشيعتنا بعدنا‬
‫حبذا شيعتنا‪ ،‬ما أقربهم من عرش ال عزوجل وأحسن صنع ال إليهم يوم‬
‫القيامة وال لو ل أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلمت عليهم‬
‫الملئكة قبل وال ما من عبد من شيعتنا يتلوا القرآن في صلته قائما إل‬
‫وله بكل حرف مائة حسنة ول قرأ في صلته جالسا إل وله بكل حرف‬
‫خمسون حسنة‪ ،‬ول في غير صلة إل وله بكل حرف عشر حسنات‪ ،‬وإن‬
‫للصامت من شيعتنا لجر من قرأ القرآن ممن خالفه‪ .‬أنتم وال على فرشكم‬
‫نيام لكم أجر المجاهدين‪ ،‬وأنتم وال في صلتم لكم أجر الصافين في سبيله‬
‫أنتم وال الذين قال ال عزوجل " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا‬
‫على سرر متقابلين " )‪ (4‬إنما شيعتنا أصحاب‬

‫)‪ (1‬الغاشيه ص ‪ (2) .4‬تفلت إلى الشئ نازع إليه‪ ،‬يقال‪ :‬أراه يتفلت إلى صحبتك‬
‫أي ينازع إليها والمعنى أنهم يبتدرون إلى الكلم من دون تلبث وتمكث‪) .‬‬
‫‪ (3‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪ (4) .213‬الحجر‪.(*) 47 :‬‬
‫]‪[82‬‬

‫الربعة العين‪ :‬عينان في الرأس‪ ،‬وعينان في القلب‪ ،‬أل والخلئق كلهم كذلك إل أن‬
‫ال عزوجل فتح أبصار كم وأعمى أبصارهم )‪ .(1‬توضيح‪ " :‬الرياح "‬
‫جمع الريح والمراد هنا الريح الطيبة أو الغلبة أو القوة أو النصرة‪ ،‬أو‬
‫الدولة‪ " ،‬والرواح " إما جمع الروح بالضم أو بالفتح بمعنى نسيم الريح‬
‫أو الراحة على ذلك‪ ،‬أي على ما هو لزم الحب من الشفاعة في " حوراء‬
‫" أي في الجنة على صفة الحورية في الصباحة والجمال والكمال " أبشر‬
‫" أي خذ هذه البشارة و " بشر " أي غيرك‪ ،‬و " استبشر " أي افرح‬
‫وسر بذلك‪ ،‬والدعامة بالكسر عماد البيت " بتفلت " أي يصدر عنهم فلتة‬
‫من غير تفكر وروية‪ ،‬واخذ من صادق‪ " .‬لهل الغنى " أي غنى النفس‬
‫والستغناء عن الخلق بتوكلهم على ربهم " لهل دعوته " أي دعاكم ال‬
‫إلى دينه وطاعته فأجبتموه إليهما " وجوهر ولد آدم " شبههم بالجوهر‬
‫من بين سائر أجزاء الرض في الحسن والبهاء والندرة وكثرة النتفاع‪ ،‬أو‬
‫المعنى ليست حقيقة النسانية وجبلتها إل فيهم‪ ،‬وهم مستحقون لهذا‬
‫السم‪ ،‬وسائر الناس كالنعام والهمج والنسناس‪ ،‬أو هم المقدمون‬
‫والمقدمون في طلب السعادات واكتساب الكمالت‪ ،‬في القاموس الجوهر‬
‫كل حجر يستخرج منه شئ ينتفع به ومن الشئ ما وضعت عليه جبلته‪،‬‬
‫والجري المقدم وقال‪ :‬حبذا المر أي هو حبيب جعل حب وذا كشئ واحد‬
‫وهم اسم وما بعده مرفوع به‪ ،‬ولزم ذاحب وجرى كالمثل بدليل قولهم في‬
‫المؤنث حبذا ل حبذة )‪ " .(2‬لول أن يتعاظم الناس " أي يعدوه عظيما‬
‫ويصير سببا لغلوهم فيهم‪ ،‬وفي القاموس رأيته قبل محركة وبضمتين‪،‬‬
‫وكصرد وكعنب أي عيانا ومقابلة " ممن خالفه " أي أجره التقديري أي‬
‫لو كان له أجر مع قطع النظر عما يتفضل به على الشيعة‪ ،‬كأنه له أجر‬
‫واحد‪ ،‬فهذا ثابت للساكت من الشيعة " أجر المجاهدين " أي في سائر‬
‫أحوالهم غير حالة المصافة مع العدو " وفتح أبصاركم " أي أبصار‬
‫قلوبكم‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪ (2) .214‬القاموس ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 50‬‬

‫]‪[83‬‬

‫أقول‪ :‬إنما كررت إيراد هذا الخبر لكثرة الختلف بين الروايات‪ ،‬و غزارة فوائدها‪،‬‬
‫وقد مضى في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليه السلم وفي أبواب‬
‫الحوض والشفاعة وأحوال القيامة‪ ،‬كثير من فضائل الشيعة‪) * .16 .‬باب(‬
‫* " " )ان الشيعة هم أهل دين ال‪ ،‬وهم على دين( " " * " أنبيائه‪ ،‬وهم‬
‫على الحق‪ ،‬ول يغفر ال لهم " * * " ول يقبل ال منهم " * اليات‪ ،‬آل‬
‫عمران‪ :‬إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا‬
‫وال ولي المؤمنين )‪ .(1‬ابراهيم‪ :‬فمن تبعني فانه مني )‪ .(2‬تفسير‪ " :‬إن‬
‫أولى الناس بابراهيم " في المجمع )‪ (3‬أي أحق الناس بنصرة إبراهيم‬
‫بالحجة أو بالمعونة " للذين اتبعوه " في وقته وزمانه‪ ،‬وتولوه بالنصرة‬
‫على عدوه " وهذا النبي والذين آمنوا " يتولون نصرته بالحجة لما كان‬
‫عليه من الحق " وال ولي المؤمنين " لنه يتولى نصرتهم‪ ،‬والمؤمن‬
‫ولي ال‪ ،‬لهذا المعنى بعينه وقيل‪ :‬إنه يتولي نصرة ما أمر ال به من‬
‫الدين‪ .‬وفي هذه الية دللة على أن الولية ثبتت بالدين ل بالنسب‪ ،‬ويعضد‬
‫ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلم إن أولى الناس بالنبياء أعملهم )‪(4‬‬
‫بما جاؤا به‪ ،‬ثم تل‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .68 :‬ابراهيم‪ (3) .36 :‬مجمع البيان ج ‪ 3‬ص ‪(4) .457‬‬
‫اعلمهم خ ل )*(‪.‬‬

‫]‪[84‬‬

‫هذه الية فقال‪ :‬إن ولي محمد من أطاع ال‪ ،‬وإن بعدت لحمته‪ ،‬وإن عدو محمد من‬
‫عصى ال وإن قربت قرابته‪ ،‬ثم روى رواية علي بن إبراهيم التية‪ " .‬فمن‬
‫تبعني فانه مني " خصه أكثر المفسرين بذريته‪ ،‬وظاهر الخبار أنه أعم‬
‫منهم‪ - 1 .‬فس‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن منصور بن يونس‪ ،‬عن‬
‫عمر بن يزيد قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أنتم وال من آل محمد‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬من أنفسهم جعلت فداك ؟ قال‪ :‬نعم وال من أنفسهم ثلثا ثم نظر إلي‬
‫ونظرت إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا عمر إن ال تبارك و تعالى يقول‪ :‬في كتابه " إن‬
‫أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا وال ولي‬
‫المؤمنين " )‪ .(1‬شى‪ :‬عن عمر بن يزيد مثله‪ (2) .‬مجمع البيان‪ :‬عن علي‬
‫بن إبراهيم مثله )‪ - 2 .(3‬شى‪ :‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم في قوله " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي‬
‫والذين آمنوا وال ولي المؤمنين " قال‪ :‬هم الئمة وأتباعهم )‪- 3 .(4‬‬
‫شى‪ :‬عن أبي الصباح قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السل يقول‪ :‬في قول‬
‫ال " إن أولى الناس بابراهيم " إلى قوله " وال ولي المؤمنين " ثم‬
‫قال‪ :‬علي وال على دين إبراهيم ومنهاجه وأنتم أولى الناس به )‪ .(5‬بيان‪:‬‬
‫الضمير في " به " راجع إلى علي أو إبراهيم عليهما السلم‪ - 4 .‬شى‪:‬‬
‫عن حبابة الوالبية قالت‪ :‬سمعت الحسين بن علي عليهما السلم يقول‪ :‬ما‬
‫أعلم‬
‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪ (2) .95‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .177‬مجمع البيان ج‬
‫‪ 3‬ص ‪ (4) .458‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .177‬المصدر ج ‪ 1‬ص‬
‫‪.(*) 177‬‬

‫]‪[85‬‬

‫أحدا على ملة إبراهيم إل نحن وشيعتنا )‪ - 5 .(1‬شى‪ :‬عن جابر الجعفي عن محمد‬
‫بن علي عليهما السلم قال‪ :‬ما من أحد من هذه المة يدين بدين إبراهيم‬
‫غيرنا وشيعتنا )‪ - 6 .(2‬شى‪ :‬عن عمران بن ميثم قال‪ :‬سمعت الحسين بن‬
‫علي صلوات ال عليه يقول‪ :‬ما أحد على ملة إبراهيم إل نحن وشيعتنا‪،‬‬
‫وسائر الناس منها براء )‪ - 7 .(3‬شى‪ :‬عن أبي ذر قال‪ :‬قال‪ :‬وال ما‬
‫صدق أحد ممن أخذ ال ميثاقه فوفى بعهد ال غير أهل بيت نبيهم‪،‬‬
‫وعصابة قليلة من شيعتهم‪ ،‬وذلك قول ال " وما وجدنا لكثرهم من عهد‬
‫وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " )‪ (4‬وقوله " ولكن أكثر الناس ل يؤمنون "‬
‫)‪ - 8 .(5‬شى‪ :‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬دخلت أنا والمعلى على‬
‫أبي عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬أبشروا إنكم على إحدى الحسنيين من ال‬
‫أما إنكم إن بقيتم حتى تروا ما تمدون إليه رقابكم شفى ال صدور كم‬
‫وأذهب غيظ قلوبكم‪ ،‬و أدا لكم على عدوكم‪ ،‬وهو قول ال " ويشف صدور‬
‫قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم " )‪ (6‬وإن مضيتم قل أن تروا ذلك‬
‫مضيتم على دين ال الذي رضيه لنبيه عليه وآله السلم ولعلي عليه‬
‫السلم )‪ - 9 .(7‬شى‪ :‬عن أبي جعفر عليه السلم في قوله تعالى " فاجعل‬
‫أفئدة من الناس تهوي إليهم " )‪ (8‬أما إنه لم يعن الناس كلهم‪ ،‬أنتم اولئك‪،‬‬
‫ونظراؤكم‪ ،‬إنما مثلكم في‬

‫)‪ (1‬المصدر ج ‪ 1‬ص ‪ 2) .185‬و ‪ (3‬المصدر ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .388‬العراف‪.102 :‬‬


‫)‪ (5‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ .23‬والية الثانية في هود‪(6) .17 :‬‬
‫براءة‪ 15 :‬والدالة على العدو‪ :‬الكرة عليهم‪ (7) .‬تفسير العياشي ج ‪2‬‬
‫ص ‪ (8) .79‬ابراهيم‪.(*) 37 :‬‬

‫]‪[86‬‬

‫الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور السود أو مثل الشعرة السوداء في الثور‬
‫البيض ينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت‪ ،‬ويعظموه لتعظيم ال إياه‪ ،‬وأن‬
‫يلقونا حيث كنا‪ ،‬نحن الدلء على ال )‪ - 10 .(1‬شى‪ :‬عن ثعلبة بن‬
‫ميمون‪ ،‬عن ميسرة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن أبانا إبراهيم كان‬
‫مما اشترط على ربه فقال‪ " :‬فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم "‪- 11 .‬‬
‫وفي رواية اخرى عنه قال‪ :‬كنا في الفسطاط عند أبي جعفر عليه السلم‬
‫نحو من خمسين رجل قال‪ :‬فجلس بعد سكوت كان منا طويل فقال‪ :‬مالكم ل‬
‫تنطقون لعلكم ترون أني نبي ؟ ل وال ما أنا كذلك‪ ،‬ولكن لي قرابة من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله قريبة‪ ،‬وولدة‪ ،‬من وصلها وصله ال‪ ،‬ومن‬
‫أحبها أحبه ال‪ ،‬ومن أكرمها أكرمه ال‪ .‬أتدرون أي البقاع أفضل عند ال‬
‫منزلة ؟ فلم يتكلم أحد فكان هو الراد على نفسه‪ ،‬فقال‪ :‬تلك مكة الحرام‬
‫التي رضيها لنفسه حرما وجعل بيته فيها ثم قال‪ :‬أتدري أي بقعة أفضل من‬
‫مكة ؟ فلم يتكلم أحد وكان هو الراد على نفسه فقال‪ :‬ما بين حجر السود‬
‫إلى باب الكعبة‪ ،‬ذلك حطيم إبراهيم نفسه‪ ،‬الذي كان يزود )‪ (2‬فيه غنمه‬
‫ويصلي فيه‪ .‬فوال لو أن عبدا صف قدميه في ذلك المكان قام النهار مصليا‬
‫حتى يجنه الليل وقام الليل مصليا حتى يجنه النهار‪ ،‬ثم لم يعرف لنا حقنا‬
‫أهل البيت وحرمتنا لم يقبل ال منه شيئا أبدا‪ ،‬إن أبانا إبراهيم صلوات ال‬
‫عليه كان فيما اشترط على ربه أن قال‪ " :‬فاجعل أفئدة من الناس تهوي‬
‫إليهم " أما إنه لم يقل الناس كلهم أنتم اولئك رحمكم ال ونظراؤكم‪ ،‬إنما‬
‫مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور السود‪ ،‬أو الشعرة السوداء‬
‫في الثور البيض‪ ،‬ينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت وأن يعظموه لتعظيم‬
‫ال إياه‪ ،‬وأن يلقونا أينما كنا نحن الدلء على ال‪.‬‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .233‬الظاهر كما في المصدر‪ " ،‬يذود " أي‬
‫يطردها فيه للتعليف‪ ،‬والمذود‪ ،‬معتلف الدابة‪ ،‬والمذاد‪ :‬المرتع )*(‪.‬‬

‫]‪[87‬‬

‫وفي خبر آخر أتدرون أي بقعة أعظم حرمة عند ال ؟ فلم يتكلم أحد وكان هو الراد‬
‫على نفسه فقال‪ :‬ذلك ما بين الركن السود ]والمقام[ إلى باب الكعبة ذلك‬
‫حطيم إسماعيل الذي كان يذود فيه غنيمته‪ ،‬ثم ذكر الحديث )‪ .(1‬بيان‪ :‬في‬
‫القاموس الزود تأسيس الزاد‪ ،‬وكمنبر وعاؤه‪ ،‬وآزدته‪ :‬زودته فتزود‪12 .‬‬
‫‪ -‬شى‪ :‬عن الفضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬نظر إلى‬
‫الناس يطوفون حول الكعبة فقال‪ :‬هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية إنما‬
‫أمروا أن يطوفوا ثم ينفروا إلينا‪ ،‬فيعلمونا وليتهم‪ ،‬ويعرضون علينا‬
‫نصرهم‪ ،‬ثم قرأ هذه الية‪ " :‬فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم " فقال‪:‬‬
‫آل محمد آل محمد‪ ،‬ثم قال‪ :‬إلينا إلينا )‪ - 13 .(2‬كش‪ :‬عن أيوب بن نوح‪،‬‬
‫عن صفوان بن يحيى‪ ،‬عن كليب بن معاوية السدي قال‪ :‬سمعت أبا عبد‬
‫ال عليه السلم يقول‪ :‬وال إنكم لعلى دين ال ودين ملئكته فأعينوني‬
‫بورع واجتهاد‪ ،‬فوال ما يقبل ال إل منكم‪ ،‬فاتقوا ال وكفوا ألسنتكم صلوا‬
‫في مساجدهم‪ ،‬فإذا تميز القوم فتميزوا )‪ - 14 .(3‬بشا‪ :‬عن الحسن بن‬
‫الحسين بن بابويه‪ ،‬عن شيخ الطائفة‪ ،‬عن المفيد عن ابن قولويه‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن كليب السدي قال‪ :‬سمعت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬أما وال إنكم لعلى دين ال وملئكته‪،‬‬
‫فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد‪ ،‬علكيم بالصلة والعبادة‪ ،‬عليكم بالورع‪.‬‬
‫وعنه‪ ،‬عن عمه محمد‪ ،‬عن أبيه الحسن‪ ،‬عن عمه الصدوق‪ ،‬عن ابن‬
‫المتوكل عن الحميري‪ ،‬عن ابن هاشم‪ ،‬عن ابن مرار‪ ،‬عن يونس مثله )‬
‫‪ - 15 .(4‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن حمزة بن عبد ال‪ ،‬عن جميل بن دراج‪ ،‬عن‬
‫حسان‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المصدر ج ‪ (3) .234 ; 2‬رجال الكشى‪ 289 :‬وفيه كما في نسخة‬
‫الكمبانى‪ :‬مساجدكم‪ (4) .‬بشارة المصطفى ص ‪ 55‬و ‪.(*) 174‬‬

‫]‪[88‬‬

‫أبي علي العجلي‪ ،‬عن عمران بن ميثم‪ ،‬عن حبابة الوالبية قال‪ :‬دخلنا على امرأة قد‬
‫صفرتها العبادة أنا وعباية بن ربعي فقالت‪ :‬من الذي معك ؟ قلت‪ :‬ابن‬
‫أخيك ميثم‪ ،‬قالت‪ :‬ابن أخي وال حقا أما إني سمعت أبا عبد ال الحسين بن‬
‫علي عليهما السلم يقول‪ :‬ما أحد على ملة إبراهيم إل نحن وشيعتنا‪،‬‬
‫وسائر الناس منها براء )‪ - 16 .(1‬سن‪ :‬عن أبيه وابن أبي نجران‪ ،‬عن‬
‫حماد بن عيسى‪ ،‬عن حسين بن المختار‪ ،‬عن عبد الرحمان بن سيابة‪ ،‬عن‬
‫عمران بن ميثم‪ ،‬عن حبابة الوالبية قال‪ :‬دخلت عليها فقالت‪ :‬من أنت ؟‬
‫قلت‪ :‬ابن أخيك ميثم‪ ،‬فقالت‪ :‬أخي وال لحدثنك بحديث سمعته من مولك‬
‫الحسين بن علي عليهما السلم إني سمعته يقول والذي جعل أحمس خير‬
‫بجيلة )‪ (2‬وعبد القيس خير ربيعة )‪ (3‬وهمدان خير اليمن )‪(4‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .147‬بجيلة بفتح الباء ‪ -‬بطن عظيم ينتسب إلى أمهم بجيلة‬
‫وهم بنو أنمار بن أراش بن كهلن من القحطانية‪ ،‬يتفرعون إلى عدة‬
‫بطون‪ :‬منهم قسر وهو مالك بن عبقر بن أنمار وبنو أحمس بن الغوث‬
‫بن انمار‪ ،‬وعرينة‪ ،‬فالمراد من الحمس ليس معنى الحمس لتشددهم في‬
‫دينهم‪ ،‬فان الحمس قبائل من العرب‪ :‬قريش وكنانة ومن دان بدينهم من‬
‫بنى عامر ابن صعصعة وهم كلب وكعب وعامر‪ ،‬ومن دينهم‪ ،‬انهم كانوا‬
‫ل يستظلون أيام منى ول يدخلون البيت من أبوابها ويتركون الوقوف‬
‫على عرفة والفاضة منها مع اعترافهم بأنها من المشاعر والحج في‬
‫دين ابراهيم عليه الصلة والسلم‪ ،‬وغير ذلك مما ابتدعوها في سنن‬
‫الحج كما تراه في سيرة ابن هشام ج ‪ 1‬ص ‪ .202 - 199‬فالمراد بأحمس‬
‫هو أحمس بن الغوث بن انمار وهم في بطون بجيلة خير من سائر‬
‫البطون‪ (3) .‬ربيعة‪ ،‬المراد هنا ربيعة بن نزار‪ ،‬شعب عظيم‪ ،‬فيه قبائل‬
‫عظام وبطون وأفخاد ينتسب إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان‪،‬‬
‫ويعرف بربيعة الفرس‪ ،‬وأفخرهم وأشرفهم بطن عبد القيس وهم بنو عبد‬
‫القيس بن أفصى‪ (4) .‬همدان بطن من كهلن‪ ،‬من القحطانية‪ ،‬وهم بنو‬
‫همدان بن مالك بن زيد بن أو سلة بن ربيعة بن الخيار ]الحيان[ بن مالك‬
‫بن زيد بن كهلن‪ ،‬وهم أشرف من سكن اليمن‪ ،‬وكانوا شيعة لعلى بن أبى‬
‫طالب عليه الصلة والسلم )*(‪.‬‬

‫]‪[89‬‬

‫إنكم خير الفرق‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما على ملة إبراهيم إل نحن وشيعتنا وسائر الناس منها‬
‫براء )‪ .(1‬توضيح‪ :‬قال الجوهري‪ :‬الحمس الشجاع وإنما سميت قريش‬
‫وكنانة حمسا لتشددهم في دينهم‪ ،‬وقال بجيلة حى من اليمن‪ ،‬ويقال إنهم‬
‫من معد وقال عبد القيس أبو قبيلة من أسد وهو عبد القيس بن أفصى بن‬
‫دعمي بن جديلة بن أسد ابن ربيعة وقال‪ :‬ربيعة الفرس أبو قبيلة وهو‬
‫ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان وقال همدان قبيلة من اليمن‪ - 17 .‬سن‪:‬‬
‫عن أبيه ومحمد بن عيسى‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن عباد‬
‫بن زياد قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا عباد ما على ملة إبراهيم‬
‫أحد غيركم وما يقبل ال إل منكم‪ ،‬ول يغفر الذنوب إل لكم )‪ - 18 .(2‬سن‪:‬‬
‫عن ابن فضال‪ ،‬عن حماد بن عثمان‪ ،‬عن عبد ال بن سليمان الصيرفي‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ " :‬إن أولى الناس بابراهيم للذين‬
‫اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا " )‪ (3‬ثم قال‪ :‬أنتم وال على دين إبراهيم‪،‬‬
‫ومنهاجه وأنتم أولى الناس به )‪ - 19 .(4‬سن‪ :‬عن الوشاء‪ ،‬عن مثنى‬
‫الحناط‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن أبي المغيرة قال‪ :‬سمعت عليا عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬اتقوا ال ول يخدعنكم إنسان‪ ،‬ول يكذبنكم إنسان‪ ،‬فانما ديني‬
‫دين واحد دين آدم الذي ارتضاه ال‪ ،‬وإنما أنا عبد مخلوق ول أملك لنفسي‬
‫نفعا ول ضرا إل ما شاء ال‪ ،‬وما أشاء إل ما شاء ال )‪ - 20 .(5‬سن‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن أبي المغرا‪ ،‬عن يزيد بن خليفة‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال لنا ونحن عنده‪ :‬نظرتم وال حيث‬
‫نظر ال‪ ،‬واخترتم من اختار ال وأخذ الناس يمينا وشمال وقصدتم قصد‬
‫محمد صلى ال عليه وآله‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المحاسن ص ‪ (3) .147‬آل عمران‪ (5 - 4) .68 :‬المحاسن ص ‪148‬‬


‫)*(‪.‬‬

‫]‪[90‬‬
‫أما وال إنكم لعلى المحجة البيضاء )‪ - 21 .(1‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن‬
‫يحيى الحلبي‪ ،‬عن أيوب بن حر‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أنتم‬
‫وال على دين ال ودين رسوله ودين علي بن أبي طالب عليه السلم وما‬
‫هي إل آثار عندنا من رسول ال صلى ال عليه وآله فكنزها )‪- 22 .(2‬‬
‫سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن حمزة بن عبد ال‪ ،‬عن جميل بن دراج‪ ،‬عن سعيد ابن‬
‫يسار قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال عليه السلم وهو على السرير فقال‪ :‬يا‬
‫سعيد إن طائفة سميت مرجئة وطائفة سميت الخوارج وسميتم الترابية )‬
‫‪ - 23 .(3‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن حبيب الخثعمي‬
‫والنضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن حبيب قال‪ :‬قال لنا أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬ما أحد أحب إلي منكم إن الناس سلكوا سبل شتى‬
‫منهم آخذ بهواه‪ ،‬ومنهم آخذ برأيه‪ ،‬وإنكم أخذتم بأمر له أصل )‪- 24 .(4‬‬
‫سن‪ :‬في حديث آخر لحبيب عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن الناس‬
‫أخذوا هكذا وهكذا فطائفة أخذوا بأهوائهم‪ ،‬وطائفة قالوا بالرواية‪ ،‬وإن ال‬
‫لهداكم لحبه وحب من ينفعكم حبه عنده )‪ - 25 .(5‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪،‬‬
‫عن ثعلبة‪ ،‬عن بشير الدهان قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن هذه‬
‫المرجئة وهذه القدرية‪ ،‬وهذه الخوارج ليس منهم أحد إل وهو يرى أنه‬
‫على الحق وإنكم إنما أجبتمونا في ال ثم تل " أطيعو ال وأطيعوا الرسول‬
‫وأولي المر منكم " )‪ (6‬و " ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه‬
‫فانتهوا " )‪ " (7‬من يطع الرسول فقد أطاع ال " )‪ " (8‬إن كنتم تحبون‬
‫ال فاتبعوني‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) 148 :‬المحاسن ص ‪ (5 - 3) .146‬المحاسن ص ‪(6) .156‬‬


‫النساء‪ (7) .59 :‬الحشر‪ (8) .7 :‬النساء‪.(*) 79 :‬‬

‫]‪[91‬‬

‫يحببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم " )‪ (1‬ثم قال‪ :‬وال لقد نسب ال عيسى بن مريم في‬
‫القرآن إلى إبراهيم من قبل النساء قال‪ " :‬ومن ذريته داود وسليمان إلى‬
‫قوله ويحيى وعيسى " )‪ .(2‬بيان‪ :‬وال لقد نسب ال‪ ،‬أقول استدل عليه‬
‫السلم بذلك على أنهم من ذرية رسول ال صلى ال عليه وآله‪ - 26 .‬سن‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن بشير في حديث سليمان‬
‫مولى طربال قال‪ :‬ذكرت هذه الهواء عند أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل‬
‫وال ما هم على شئ مما جاء به رسول ال صلى ال عليه وآله إل‬
‫استقبال الكعبة فقط )‪ - 27 .(3‬سن‪ :‬عن أبيه وحسين بن حسن‪ ،‬عن ابن‬
‫سنان‪ ،‬عن أبي الجارود قال‪ :‬خرج أبو جعفر عليه السلم على أصحابه‬
‫يوما وهم ينتظرون خروجه وقال لهم‪ :‬تحروا البشرى من ال ما أحد‬
‫يتحرى البشرى من ال غيركم )‪ - 28 .(4‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن أبي‬
‫كهمس قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول أخذ الناس يمينا وشمال‬
‫ولزمتم أهل بيت نبيكم فابشروا‪ ،‬قال‪ :‬جعلت فداك أرجوا أن ل يجعلنا ال‬
‫وإياهم سواء‪ ،‬فقال‪ :‬ل وال ل وال ثلثا )‪ - 29 .(5‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪،‬‬
‫عن أبي جعفر الحول‪ ،‬عن بريد العجلي و زرارة بن أعين ومحمد بن‬
‫مسلم قالوا‪ :‬قال لنا أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ما الذي تبغون ؟ أما لو كانت‬
‫فزعة من السماء لفزع كل قوم إلى مأمنهم‪ ،‬ولفزعنا نحن إلى نبينا‪ ،‬و‬
‫فزعتم إلينا‪ ،‬فأبشروا ثم أبشروا ثم أبشروا‪ ،‬ل وال ل يسويكم ال وغيركم‬
‫ول كرامة لهم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ 2) .31 :‬و ‪ (3‬المحاسن ص ‪ (4) .156‬المحاسن ص ‪ ،160‬وفيه‬


‫بدل التحرى التنجز في الموضعين‪ (5) .‬المحاسن ص ‪(6) .160‬‬
‫المحاسن‪.(*) 161 :‬‬

‫]‪[92‬‬

‫‪ - 30‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن أبي كهمس‪ ،‬عن أبي ‪ -‬عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬عرفتمونا وأنكرنا الناس‪ ،‬وأجبتمونا وأبغضنا الناس‪،‬‬
‫ووصلتمونا وقطعنا الناس رزقكم‪ ،‬ال مرافقة محمد صلى ال عليه وآله‬
‫وسقاكم من حوضه )‪ - 31 .(1‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن يحيى‬
‫الحلبي‪ ،‬عن بشير الكناسي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫وصلتم وقطع الناس‪ ،‬وأحببتم وأبغض الناس‪ ،‬و عرفتم وأنكر الناس وهو‬
‫الحق )‪ - 32 .(2‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ثعلبة‪ ،‬عن بشير الدهان قال‪:‬‬
‫قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬عرفتم في منكرين كثيرا‪ ،‬وأحببتم في‬
‫مبغضين كثير‪ ،‬وقد يكون حب في ال ورسوله وحب في الدنيا‪ ،‬فما كان في‬
‫ال ورسوله فثوابه على ال‪ ،‬وما كان في الدنيا فليس بشئ‪ ،‬ثم نقض يده‬
‫)‪ - 33 .(3‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن حنان أبي علي‪ ،‬عن ضريس‬
‫الكناسي قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن قول ال " وهدوا إلى الطيب‬
‫من القول وهدوا إلى صراط الحميد " )‪ ،(4‬فقال‪ :‬هو وال هذا المر الذي‬
‫أنتم عليه )‪ .(5‬بيان‪ " :‬وهدوا إلى الطيب من القول " في المجمع أي‬
‫ارشدوا في الجنة إلى التحيات الحسنة‪ ،‬يحيي بعضهم بعضا‪ ،‬ويحييهم ال‬
‫وملئكته بها‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ارشدوا إلى شهادة أن ل إله إل ال والحمد ل‬
‫عن ابن عباس‪ ،‬وزاد ابن زيد وال أكبر‪ ،‬وقيل معناه أرشدوا إلى القرآن‬
‫عن السدي‪ ،‬وقيل‪ :‬إلى القول الذي يلتذونه ويشتهونه وتطيب به نفوسهم‪،‬‬
‫وقيل إلى ذكر ال فهم به يتنعمون " وهدوا إلى صراط الحميد " والحميد‬
‫هو ال المستحق للمحمد المستحد إلى عباده بنعمه‪ ،‬أي الطالب منهم أن‬
‫يحمدوه وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬ما أحد أحب إليه‬
‫الحمد من ال عز‬

‫)‪ (3 - 1‬المحاسن ص ‪ 161‬و ‪ (4) .162‬الحج‪ (5) .24 :‬المحاسن ص ‪.(*) 169‬‬

‫]‪[93‬‬

‫ذكره‪ ،‬وصراط الحميد طريق السلم وطريق الجنة انتهى )‪ .(1‬وظاهر الخبر أن‬
‫المراد به الهداية في الدنيا‪ ،‬ويحتمل الخرة أيضا أي يثبتون على العقائد‬
‫الحقة ويظهرونها ويلتذون بها‪ - 34 .‬سن‪ :‬عن ابن أبي نصر‪ ،‬عن صفوان‬
‫الجمال‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال " كل شئ هالك إل‬
‫وجهه " )‪ (2‬قال‪ :‬من أتى ال بما أمر به من طاعته وطاعة محمد صلى‬
‫ال عليه وآله فهو الوجه الذي ل يهلك‪ ،‬ولذلك " من يطع الرسول فقد‬
‫أطاع ال " )‪ - 35 .(3‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة بن خالد‪،‬‬
‫عن أبيه قال‪ :‬دخلت أنا ومعلى بن خنيس‪ ،‬على أبي عبد ال عليه السلم‬
‫وليس هو في مجلسه فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه وليس‬
‫عليه جلباب‪ ،‬فلما نظر إلينا رحب فقال‪ :‬مرحبا بكما وأهل‪ ،‬ثم جلس وقال‪:‬‬
‫أنتم اولو اللباب في كتاب ال قال ال تبارك و تعالى " إنما يتذكر اولوا‬
‫اللباب " )‪ (4‬فأبشروا‪ ،‬أنتم على إحدى الحسنيين من ال )‪ (5‬أما إنكم إن‬
‫بقيتم حتى تروا ما تمدون إليه رقابكم‪ ،‬شفى ال صدوركم وأذهب غيظ‬
‫قلوبكم‪ ،‬وأدالكم على عدوكم‪ :‬وهو قول ال تبارك وتعالى " ويشف صدور‬
‫قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم " )‪ (6‬وإن مضيتم قبل أن تروا ذلك‪،‬‬
‫مضيتم على دين ال الذي رضيه لنبيه صلى ال عليه وآله وبعث عليه )‬
‫‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 7‬ص ‪ (2) .78‬القصص‪ (3) .88 :‬المحاسن ص ‪ 219‬والية‬
‫الثانية في النساء‪ (4) .79 :‬الرعد‪ (5) .19 :‬كما قال ال عزوجل‪ " :‬قل‬
‫هل تربصون بنا ال احدى الحسنيين " الية ‪ .53‬من سورة براءة‪(6) .‬‬
‫براءة‪ 14 :‬و ‪ (7) .15‬المحاسن ص ‪.(*) 170‬‬

‫]‪[94‬‬

‫‪ - 36‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن النعمان عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫في قول ال " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " )‪ (1‬فقال‪ :‬ليس على‬
‫هذه العصابة خاصة سلطان‪ ،‬قلت‪ :‬وكيف وفيهم ما فيهم ؟ فقال‪ :‬ليس حيث‬
‫تذهب إنما هو ليس لك سلطان أن يحبب إليهم الكفر‪ ،‬ويبغض إليهم اليمان‬
‫)‪ - 37 .(2‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن حنان بن سدير وابن رئاب‪ ،‬عن‬
‫زرارة قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه السلم‪ :‬قوله‪ " :‬لقعدن لهم صراطك‬
‫المستقيم ثم ل تينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن‬
‫شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين " )‪ (3‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬يا‬
‫زرارة إنما صمد لك ولصحابك‪ ،‬فأما الخرين فقد فرغ منهم )‪ .(4‬بيان‪" :‬‬
‫لقعدن لهم " أي أرصد لهم كما يقعد قاطع الطريق للسائل " صراطك‬
‫المستقيم " أي طريق اليمان ونصبه على الظرف " ثم لتينهم من بين‬
‫أيديهم " إلى آخره قيل‪ :‬أي من جميع الجهات‪ ،‬مثل قصده إياهم بالتسويل‬
‫والضلل من أي وجه يمكنه باتيان العدو من الجهات الربع‪ .‬وروي عن‬
‫ابن عباس " من بين أيديهم " من قبل الخرة " ومن خلفهم " من قبل‬
‫الدنيا " وعن أيمانهم وعن شمائلهم " من جهة حسناتهم وسيئاتهم‪ ،‬وقيل‬
‫" من بين أيديهم " من حيث يعلمون ويقدرون التحرز عنه " ومن خلفهم‬
‫" من حيث ل يعلمون ول يقدرون " عن أيمانهم وعن شمائلهم " من‬
‫حيث يتيسر لهم أن يعلموا ويتحرزوا ولكن لم يفعلوا لعدم تيقظهم‬
‫واحتياطهم‪ " ،‬ول تجد أكثرهم شاكرين " أي مطيعين والصمد‪ :‬القصد‪.‬‬
‫‪ - 38‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عمرو بن أبي المقدام‪ ،‬عن أبان بن تغلب‬

‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .42 :‬المحاسن ‪ (3) .171‬العراف‪ 15 :‬و ‪ (4) .16‬المحاسن ص‬
‫‪.(*) 171‬‬

‫]‪[95‬‬

‫قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إذا قدمت الكوفة إنشاء ال فاروعني هذا الحديث‬
‫" من شهد أن ل إله إل ال وجبت له الجنة " فقلت‪ :‬جعلت فداك يجئني كل‬
‫صنف من الصناف‪ ،‬فأروي لهم هذا الحديث ؟ قال‪ :‬نعم يا أبان بن تغلب‬
‫إنه إذا كان يوم القيامة جمع ال تبارك وتعالى الولين والخرين في‬
‫روضة واحدة فيسلب ل إله إل ال إل ممن كان على هذا المر )‪- 39 .(1‬‬
‫سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن أبي سعيد المكاري‪ ،‬عن أبي بصير عن‬
‫الحارث ]بن المغيرة[ النضري قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول‬
‫ال عزوجل " كل شئ هالك إل وجهه " )‪ (2‬فقال‪ :‬كل شئ هالك إل من‬
‫أخذ الطريق الذي أنتم عليه )‪ .(3‬بيان‪ :‬على هذا التأويل المراد بالوجه‬
‫الجهة التي أمر ال أن يوتى منه‪ - 40 .‬سن‪ :‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن‬
‫عبيس بن هشام الناشري‪ ،‬عن الحسن بن الحسين‪ ،‬عن مالك بن عطية‪،‬‬
‫عن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي الطفيل قال‪ :‬قام أمير المؤمنين علي عليه السلم‬
‫على المنبر فقال‪ :‬إن ال بعث محمدا بالنبوة واصطفاه بالرسالة‪ ،‬فأنال في‬
‫الناس وأنال‪ ،‬وعندنا أهل البيت مفاتيح العلم‪ ،‬وأبواب الحكمة‪ ،‬وضياء‬
‫المر وفصل الخطاب‪ ،‬ومن يحبنا أهل البيت ينفعه إيمانه‪ ،‬ويتقبل منه‬
‫عمله‪ ،‬ومن ل يحبنا أهل البيت ل ينفعه إيمانه‪ ،‬ول يتقل منه عمله‪ ،‬وإن‬
‫أدأب الليل والنهار لم يزل )‪ .(4‬بيان‪ " :‬فأنال في الناس وأنال " أي أعطى‬
‫الناس ونشر فيهم العلوم الكثيرة فمنهم من غير‪ ،‬ومنهم من نسي‪ ،‬ومنهم‬
‫من لم يفهم المراد فأخطأ‪ ،‬فنصب أوصياءه المعصومين عن الخطاء‬
‫والزلل‪ ،‬ليميزوا بين الحق والباطل‪ ،‬وجعل عندهم مفاتيح العلم‪ ،‬وأبواب‬
‫الحكمة‪ ،‬وضياء المر ووضوحه‪ ،‬والخطاب الفاصل بين الحق و‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ 181‬ومثله في ص ‪ (2) .33‬القصص ‪ (4 - 3) .88‬المحاسن‬


‫ص ‪.(*) 199‬‬

‫]‪[96‬‬

‫الباطل‪ ،‬فيجب الرجوع إليه فيما اختلفوا‪ ،‬وقد مرت الخبار الكثيرة في ذلك في كتاب‬
‫العلم‪ ،‬وفي القاموس دأب في عمله كمنع دأبا ويحرك ودؤوبا بالضم جد‬
‫وتعب وأدأبه )‪ - 41 .(1‬سن‪ :‬عن ابن بزيغ‪ ،‬عن منصور بن يونس‪ ،‬عن‬
‫جليس لبي حمزة الثمالي عن أبي حمزة قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه‬
‫السلم‪ :‬قول ال " كل شئ هالك إل وجهه " )‪ (2‬فقال‪ :‬فيهلك كل شئ‬
‫ويبقى الوجه‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن ال أعظم من أن يوصف‪ ،‬ولكن معناها كل شئ‬
‫هالك إل دينه‪ ،‬والوجه الذي يؤتى منه )‪ - 13 .(3‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫صفوان بن يحيى‪ ،‬عن أبي سعيد‪ ،‬عن أبي بصير عن الحارث بن المغيرة‬
‫النضري قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال " كل شئ هالك‬
‫إل من أخذ طريق الحق )‪) " * .17 .(4‬باب( " * * " )فضل الرافضة‬
‫ومدح التسمية بها( " * ‪ - 1‬سن‪ :‬عن علي بن أسباط‪ ،‬عن عتيبة بياع‬
‫القصب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬وال لنعم السم الذي منحكم‬
‫ال مادمتم تأخذون بقولنا‪ ،‬ول تكذبون علينا قال‪ :‬وقال لي أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬هذا القول‪ ،‬أني كنت خبرته أن رجل قال لي‪ :‬إياك أن تكون‬
‫رافضيا )‪ .(5‬بيان‪ " :‬إني كنت " أي إنما قال عليه السلم هذا القول لني‬
‫كنت أخبرته‪.‬‬

‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .64‬القصص ص ‪ (3) .88‬المحاسن‪(4) .218 :‬‬


‫المحاسن ص ‪ (5) .219‬المحاسن ص ‪.(*) 157‬‬

‫]‪[97‬‬
‫‪ - 2‬سن‪ :‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن زيد الشحام‪ ،‬عن أبي الجارود قال‪ :‬أصم‬
‫ال أذنيه كما أعمى عينيه إن لم يكن سمع أبا جعفر عليه السلم ورجل‬
‫يقول‪ :‬إن فلنا سمانا باسم‪ ،‬قال‪ :‬وما ذاك السم ؟ قال‪ :‬سمانا الرافضة‪،‬‬
‫فقال أبو جعفر عليه السلم بيده إلى صدره‪ :‬وأنا من الرافضة وهو مني‬
‫قالها ثلثها )‪ - 3 .(1‬سن‪ :‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سليمان‪ ،‬عن رجلين عن أبي بصير قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه السلم‪:‬‬
‫جعلت فداك اسم سمينا به استحلت به الولة دماءنا وأموالنا وعذابنا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وما هو ؟ قال‪ :‬الرافضة‪ ،‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إن سبعين رجل من‬
‫عسكر فرعون رفضوا فرعون فأتوا موسى عليه السلم فلم يكن في قوم‬
‫موسى أحد أشد اجتهادا وأشد حبا لهارون منهم فسماهم قوم موسى‬
‫الرافضة‪ ،‬فأوحى ال إلى موسى أن أثبت لهم هذا السم في التوراة فاني‬
‫نحلتهم‪ ،‬وذلك اسم قد نحلكموه ال )‪ - 4 .(2‬فر‪ :‬عن محمد بن القاسم بن‬
‫عبيد‪ ،‬عن الحسن بن جعفر‪ ،‬عن الحسين‪ ،‬عن محمد يعني ابن عبد ال‬
‫الحنظلي‪ ،‬عن وكيع‪ ،‬عن سليمان العمش قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال‬
‫جعفر بن محمد عليهما السلم قلت‪ :‬جعلت فداك إن الناس يسمونا‬
‫روافض‪ ،‬وما الروافض ؟ فقال‪ :‬وال ما هم سمو كموه‪ ،‬ولكن ال سماكم‬
‫به في التوراة النجيل على لسان موسى ولسان عيسى عليهما السلم‬
‫وذلك أن سبعين رجل من قوم فرعون رفضوا فرعون ودخلوا في دين‬
‫موسى فسماهم ال تعالى الرافضة‪ ،‬وأوحى إلى موسى أن أثبت لهم في‬
‫التوراة حتى يملكوه على لسان محمد صلى ال عليه واله‪ .‬ففرقهم ال فرقا‬
‫كثيرة وتشعبوا شعبا كثيرة‪ ،‬فرفضوا الخير فرفضتم الشر واستقمتم مع‬
‫أهل بيت نبيكم عليهم السلم فذهبتم حيث ذهب نبيكم‪ ،‬واخترتم من اختار‬
‫ال ورسوله‪ ،‬فأبشروا ثم أبشروا فأنتم المرحومون‪ ،‬المتقبل من محسنهم‬
‫والمتجاوز عن مسيئهم‪ ،‬ومن لم يلق ال بمثل ما لقيتم لم تقبل حسناته ولم‬
‫يتجاوز عن سيئاته‪ ،‬يا سليمان هل سررتك ؟ فقلت‪ :‬زدني جعلت فداك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إن ل عزوجل ملئكة * )‪ 1‬و ‪ (2‬المحاسن ص ‪.(*) 157‬‬

‫]‪[98‬‬

‫يستغفرون لكم‪ ،‬حتى تتساقط ذنوبكم‪ ،‬كما تتساقط ورق الشجر في يوم ريح‪ ،‬و ذلك‬
‫قول ال تعالى‪ " :‬الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم و‬
‫يستغفرون للذين آمنوا " )‪ (1‬هم شيعتنا وهي وال لهم يا سليمان‪ ،‬هل‬
‫سررتك ؟ فقلت‪ :‬جعلت فداك زدني ! قال‪ :‬ما على ملة إبراهيم عليه السلم‬
‫إل نحن وشيعتنا‪ ،‬وسائر الناس منها برئ )‪) * .18 .(2‬باب( * * "‬
‫)والصفح عن الشيعة وشفاعة ائمتهم( " * " )صلوات ال عليهم فيهم( *‬
‫‪ - 1‬ن‪ :‬عن أحمد بن أبي جعفر البيهقي‪ ،‬عن علي بن جعفر المدني‪ ،‬عن‬
‫علي بن محمد بن مهرويه القزويني‪ ،‬عن داود بن سليمان‪ ،‬عن الرضا‪،‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إذا كان‬
‫يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين ال‬
‫عزوجل حكمنا فيها فأجابنا‪ ،‬ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس‬
‫استوهبناها فوهبت لنا‪ ،‬ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من‬
‫عفا وصفح )‪ - 2 .(3‬ن‪ :‬بإسناد التميمي‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن علي عليهم السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله لعلي‪:‬‬
‫بشر شيعتك أني الشفيع لهم يوم القيامة وقت ل تنفع فيه إل شفاعتي )‪.(4‬‬
‫‪ - 3‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن محمد بن الحسين بن محمد بن‬
‫عامر‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬غافر‪ (2) .7 :‬تفسير فرات ص ‪ (3) .139‬عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪) .57‬‬
‫‪ (4‬عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 68‬‬

‫]‪[99‬‬

‫المعلى بن محمد‪ ،‬عن محمد بن جمهور‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي محمد الوابشي‪،‬‬
‫عن أبي الورد قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬إذا كان يوم القيامة‬
‫جمع ال الناس في صعيد واحد من الولين والخرين‪ ،‬عراة حفاة‪،‬‬
‫فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم‪،‬‬
‫فيمكثون كذلك ما شاء ال‪ ،‬وذلك قوله تعالى " فل تسمع إل همسا " )‪.(1‬‬
‫قال‪ :‬ثم ينادى مناد من تلقاء العرش‪ :‬أين النبي المي ؟ قال‪ :‬فيقول الناس‪:‬‬
‫قد أسمعت كل فسم باسمه‪ ،‬قال‪ :‬فينادي أين نبي الرحمة محمد بن عبد‬
‫ال ؟ قال‪ :‬فيقوم رسول ال صلى ال عليه وآله فيتقدم أمام الناس كلهم‬
‫حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أبلة وصنعاء‪ ،‬فيقف عليه‪ ،‬ثم ينادي‬
‫بصاحبكم فيقوم )‪ (2‬أمام الناس فيقف معه‪ ،‬ثم يؤذن للناس فيمرون‪ .‬قال‬
‫أبو جعفر عليه السلم‪ :‬فبين وارد يومئذ‪ ،‬وبين مصروف‪ ،‬فإذا رأى رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى وقال‪:‬‬
‫يا رب شيعة علي يا رب شيعة علي‪ ،‬قال‪ :‬فيبعث ال عليه ملكا فيقول له‪:‬‬
‫ما يبكيك يا محمد ؟ قال‪ :‬فيقول‪ :‬و كيف ل أبكي لناس من شيعة أخي علي‬
‫بن أبي طالب أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار‪ ،‬ومنعوا من ورود‬
‫حوضي ؟ قال‪ :‬فيقول ال عزوجل له‪ :‬يا محمد قد وهبتهم لك وصفحت لك‬
‫عن ذنوبهم‪ ،‬وألحقتهم بك‪ ،‬وبمن كانوا يتولون من ذريتك‪ ،‬وجعلتهم في‬
‫زمرتك‪ ،‬وأوردتهم حوضك‪ ،‬وقبلت شفاعتك فيهم‪ ،‬وأكرمتك بذلك‪ .‬ثم قال‬
‫أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلم‪ :‬فكم من باك يومئذ‬
‫وباكية‪ ،‬ينادون يا محمداه إذا رأوا ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فل يبقى أحد يومئذ كان‬
‫يتوالنا ويحبنا ويتبرأ من عدونا‪ ،‬ويبغضهم إل كان في حزبنا ومعنا وورد‬
‫حوضنا )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .108 :‬فيتقدم خ ل‪ (3) .‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 65‬‬

‫]‪[100‬‬

‫فس‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن محبوب مثله )‪ .(1‬بيان‪ :‬الهمس‪ :‬الصوت الخفي والبلة‬
‫بضم الهمزة والباء وتشديد اللم بلد قريب البصرة‪ ،‬ولعله كان موضع‬
‫البصرة المعروفة الن بها وفي بعض النسخ أيلة بفتح الهمزة‪ ،‬وسكون‬
‫الياء المثناة التحتانية‪ ،‬وهو بلد معروف فيما بين مصر والشام‪ - 4 .‬جا )‬
‫‪ (9‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن أبي غالب الزراري‪ ،‬عن عمه علي بن سليمان عن‬
‫الطيالسي )‪ (2‬عن العلء‪ ،‬عن محمد قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن‬
‫قول ال عزوجل " فاولئك يبدل ال سيئاتهم حسنات وكان ال غفورا‬
‫رحيما " )‪ (3‬فقال عليه السلم‪ :‬يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى‬
‫يقام بموقف الحساب‪ ،‬فيكون ال تعالى هو الذي يتولى حسابه ل يطلع على‬
‫حسابه أحدا من الناس‪ ،‬فيعرفه ذنوبه‪ ،‬حتى إذا أقر بسيئاته قال ال‬
‫عزوجل للكتبة‪ :‬بدلوها حسنات‪ ،‬وأظهروها للناس‪ ،‬فيقول الناس حينئذ‪ :‬ما‬
‫كان لهذا العبد سيئة واحدة‪ ،‬ثم يأمر ال به إلى الجنة فهذا تأويل الية‪،‬‬
‫فهي في المذنبين من شيعتنا خاصة )‪ - 5 .(4‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن علي بن‬
‫الحسين البصري‪ ،‬عن أحمد بن علي بن مهدي عن أبيه‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن‬
‫آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬حبنا أهل‬
‫البيت يكفر الذنوب‪ ،‬ويضاعف الحسنات‪ ،‬وإن ال تعالى ليتحمل عن محبينا‬
‫أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد‪ ،‬إل ما كان منهم فيها على إضرار‬
‫وظلم للمؤمنين فيقول‪ :‬للسيئات كوني حسنات )‪ - 6 .(5‬ما‪ :‬عن المفيد‪،‬‬
‫عن ابن قولويه‪ ،‬عن محمد بن همام‪ ،‬عن علي بن محمد ابن مسعدة‪ ،‬عن‬
‫جده مسعدة بن صدقة قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬وال ل‬
‫يهلك هالك على حب علي إل رآه في أحب المواطن إليه ]وال ل يهلك هالك‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪ (2) .423‬مجالس المفيد ص ‪ (3) .184‬الفرقان‪(4) .70 :‬‬
‫أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .70‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 166‬‬

‫]‪[101‬‬

‫على بغض علي إل رآه في أبغض المواطن إليه[ )‪ - 7 .(1‬جا )‪ (2‬ما‪ :‬عن المفيد‪،‬‬
‫عن الجعابي‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن أبي عوانه موسى ابن يوسف‪ ،‬عن محمد‬
‫بن سلميان‪ ،‬عن الحسين الشقر‪ ،‬عن قيس‪ ،‬عن ليث‪ ،‬عن أبي ليلى‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن علي عليهما السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫الزموا مودتنا أهل البيت فانه من لقي ال يوم القيامة وهو يودنا دخل‬
‫الجنة بشفاعتنا والذي نفسي بيده ل ينفع عبدا عمله )‪ (3‬إل بمعرفة حقنا )‬
‫‪ - 8 .(4‬ما‪ :‬عن الفحام‪ ،‬عن المنصوري‪ ،‬عن عم أبيه‪ ،‬عن أبي الحسن‬
‫الثالث عن أبائه‪ ،‬عن الباقر عليهم السلم‪ ،‬عن جابر‪ ،‬قال الفحام‪ :‬وحدثني‬
‫عمي عمير بن يحيى عن إبراهيم بن عبد ال البلخي‪ ،‬عن أبي عاصم‬
‫الضحاك‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم عن جابر بن عبد ال قال‪:‬‬
‫كنت عند النبي صلى ال عليه وآله أنا من جانب وعلي أمير المؤمنين‬
‫صلوات ال عليه من جانب إذ أقبل عمر بن الخطاب ومعه رجل )‪ (5‬قد‬
‫تلبب به فقال‪ :‬ما باله‪ ،‬قال‪ :‬حكى عنك يا رسول ال أنك قلت‪ :‬من قال‪ :‬ل‬
‫إله إل ال محمد رسول ال دخل الجنة‪ ،‬وهذا إذا سمعته الناس فرطوا في‬
‫العمال‪ ،‬أفأنت قلت ذلك يا رسول ال ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إذا تمسك بمحبة هذا‬
‫ووليته )‪ - 9 .(6‬ما‪ :‬بهذا السناد‪ ،‬عن أبي الحسن الثالث‪ ،‬عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي إن ال‬
‫عزوجل قد غفر لك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك‪،‬‬
‫فأبشر‪ ،‬فانك النزع البطين‪ :‬منزوع من الشرك‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .166‬مجالس المفيد ص ‪ (3) .15 35‬في‬
‫المصدر‪ :‬ل ينتفع عبد بعلمه‪ (4) .‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪(5) .190‬‬
‫والرجل أبو هريرة الدوسى وقصته مشهورة مروية في كتب الفريقين‬
‫رواه مسلم في ج ‪ 1‬من صحيحه باب من لقى ال تعالى باليمان وهو‬
‫غير شاك فيه دخل الجنة‪ ،‬ونقله في مشكاة المصابيح ص ‪ (6) .15‬أمالى‬
‫الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 288‬‬

‫]‪[102‬‬

‫بطين من العلم )‪ .(1‬صح‪ :‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم مثله )‪ .(2‬توضيح‪:‬‬
‫كأن المراد بالشيعة هنا الكمل من المؤمنين كسلمان وأبي ذر والمقداد‬
‫رضي ال عنهم‪ ،‬وبمحبهم من لم يبلغ درجتهم‪ ،‬مع علمهم وورعهم‬
‫وبمحب محبهم الفساق من الشيعة‪ ،‬ويحتمل شمولهما للمستضعفين من‬
‫المخالفين فان حبهم للمؤمنين ولمحبيهم علمة استضعافهم‪ ،‬وفي النهاية‬
‫في صفة علي عليه السلم " البطين النزع " كان أنزع الشعر‪ ،‬له بطن‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬معناه النزع من الشرك المملوء البطن من العلم واليمان‪ - 10 .‬ما‪:‬‬
‫الحفار‪ ،‬عن إسماعيل بن علي الدعبلي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬علي‬
‫بن علي عن أبيه‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬يقول ال عزوجل‪ :‬من آمن بي وبنبيي وبوليي أدخلته‬
‫الجنة‪ ،‬على ما كان من عمله )‪ - 11 .(3‬سن‪ :‬عن عمر بن عبد العزيز‪،‬‬
‫عن أبي داود الحداد‪ ،‬عن موسى بن بكر قال‪ :‬كنا عند أبي عبد ال عليه‬
‫السلم فقال رجل في المجلس‪ :‬أسأل ال الجنة فقال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬أنتم في الجنة فاسألوا ال أن ل يخرجكم منها فقالوا‪ :‬جعلنا فداك‬
‫نحن في الدنيا ؟ فقال‪ :‬ألستم تقرون بامامتنا ؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬هذا معنى‬
‫الجنة الذي من أقر به كان في الجنة فاسألوا ال أن ل يسلبكم )‪ .(4‬بيان‪:‬‬
‫لما كانت الولية سببا لدخول الجنة سميت بها مبالغة ل أنه ليست الجنة إل‬
‫ذلك‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .300‬صحيفة الرضا ص ‪ (3) .32‬أمالى الطوسى‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .376‬المحاسن ص ‪.(*) 161‬‬

‫]‪[103‬‬

‫‪ - 12‬سن عن أبيه‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن ربعي‪ ،‬عمن أخبره‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬لن يطعم النار من وصف هذا المر )‪ .(1‬بيان‪ :‬المراد بوصف هذا‬
‫المر معرفة المامة‪ ،‬والعتقاد بها‪ ،‬وبما تستلزمه من سائر العقائد الحقة‬
‫التي وصفوها‪ - 13 .‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عمرو بن أبي المقدام‪،‬‬
‫عن مالك بن أعين الجهني‪ ،‬وعن ابن فضال‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن مالك ابن‬
‫أعين قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أما ترضون أن تقيموا الصلة‬
‫وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم و تدخلوا الجنة ؟ قال‪ :‬ورواه أبي‪ ،‬عن علي‬
‫بن النعمان‪ ،‬عن ابن مسكان )‪ .(2‬بيان‪ " :‬وتكفوا ألسنتكم " أي عما‬
‫يخالف التقية أو عن العم منه ومن سائر ما نهى ال عنه‪ ،‬والتخصيص‬
‫باللسان لن أكثر المعاصي تصدر منه وبتوسطه‪ ،‬كما روي وهل يكب‬
‫الناس في النار إل حصائد ألسنتهم‪ - 14 .‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن ابن‬
‫رئاب وابن بكير‪ ،‬عن يوسف بن ثابت عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل‬
‫يضر مع اليمان عمل‪ ،‬ول ينفع مع الكفر عمل‪ ،‬ثم قال‪ :‬أل ترى أنه قال‬
‫تبارك وتعالى‪ " :‬وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إل أنهم كفروا بال‬
‫ورسوله وماتوا وهم كافرون " )‪ .(3‬بيان‪ " :‬ل يضر مع اليمان عمل "‬
‫أي ضررا عظيما يوجب الخلود في النار أو المراد باليمان ما يدخل فيه‬
‫اجتناب الكبائر أو المراد بالضرر عدم القبول‪ ،‬وهو بعيد‪ ،‬وعلى الولين‬
‫الستشهاد بالية لقوله " ول ينفع مع الكفر عمل " والية في سورة‬
‫التوبة هكذا " إل أنهم كفروا بال وبرسوله ول يأتون الصلة إل وهم‬
‫كسالى ول ينفقون إل وهم كارهون " )‪ (4‬وقال تعالى بعدها بآيات كثيرة "‬
‫ول تصل على أحد منهم مات أبدا ول تقم على قبره إنهم كفروا بال‬
‫ورسوله وما توا وهم فاسقون " وقال‪ :‬في‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ 2) .161‬و ‪ (3‬المحاسن ص ‪ (4) .166‬براءة‪ ،54 :‬وما بعدها‪:‬‬


‫‪ 84‬و ‪.(*) 124‬‬

‫]‪[104‬‬

‫أواخر السورة‪ " :‬وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وما توا‬
‫وهم كافرون " فلما كانت اليات كلها في شأن المنافقين يمكن أن يكون‬
‫عليه السلم نقلها بالمعنى إشارة إلى أن كلها في شأنهم وأن عدم القبول‬
‫مشروط بالموت على النفاق والكفر‪ ،‬مع أنه يحتمل كونها في قراءتهم‬
‫عليهم السلم هكذا‪ ،‬أو كونها من تحريف النساخ‪ - 15 .‬سن‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن حدثه‪ ،‬عن أبي سلم النخاس‪ ،‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬وال ل يصف عبد هذا المر فتطعمه النار‪ ،‬قلت‪ :‬إن فيهم‬
‫من يفعل ويفعل ! ؟ فقال‪ :‬إنه إذا كان ذلك ابتلى ال تبارك وتعالى أحدهم‬
‫في جسده‪ ،‬فان كان ذلك كفارة لذنوبه‪ ،‬وإل ضيق ال عليه في رزقه‪ ،‬فإن‬
‫كان ذلك كفارة لذنوبه‪ ،‬وإل شدد ال عليه عند موته حتى يأتي ال ول ذنب‬
‫له ثم يدخله الجنة )‪ - 16 .(1‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن محمد بن القاسم‪،‬‬
‫عن داود بن فرقد‪ ،‬عن يعقوب بن شعيب قال‪ :‬قلت لبي عبد ال رجل يعمل‬
‫بكذا وكذا ‪ -‬ولم أدع شيئا إل قلته ‪ -‬وهو يعرف هذا المر ؟ فقال‪ :‬هذا‬
‫يرجى له‪ ،‬والناصب ل يرجى له‪ ،‬وإن كان كما تقول ل يخرج من الدنيا‬
‫حتى يسلط ال عليه شيئا يكفر ال عنه به إما فقرا وإما مرضا )‪- 17 .(2‬‬
‫صح‪ :‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله يا علي إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة ال‪ ،‬وأخذت‪ ،‬أنت‬
‫بحجزتي‪ ،‬وأخذ ولدك بحجزتك‪ ،‬وأخذ شيعة ولدك بحجزتهم‪ ،‬فترى أين‬
‫يومر بنا )‪ - 18 .(3‬شى‪ :‬عن ابن أبي يعفور قال‪ :‬قلت‪ :‬لبي عبد ال عليه‬
‫السلم إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام ل يتولونكم ويتولون فلنا‬
‫وفلنا لهم أمانة وصدق ووفاء ! ؟ وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك المانة‬
‫ول الوفاء ول الصدق ! قال‪ :‬فاستوى‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المحاسن ص ‪ (3) .172‬صحيفة الرضا عليه السلم ص ‪.(*) 5‬‬

‫]‪[105‬‬
‫أبو عبد ال عليه السلم جالسا وأقبل علي كالغضبان ثم قال‪ :‬ل دين لمن دان بولية‬
‫إمام جائر ليس من ال‪ ،‬ول عتب على من دان بولية إمام عدل من ال‪،‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ل دين لولئك ول عتب على هؤلء ؟ ! فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ل دين لولئك‬
‫ول عتب على هؤلء ثم قال‪ :‬أما تسمع لقول ال " ال ولي الذين آمنوا‬
‫يخرجهم من الظلمات إلى النور " يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور‬
‫التوبة والمغفرة لوليتهم كل إمام عادل من ال‪ ،‬وقال‪ " :‬والذين كفروا‬
‫أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " قال‪ :‬قلت‪ :‬أليس‬
‫ال عنى بها الكفار حين قال‪ " :‬والذين كفروا " ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬وأي نور‬
‫للكافر وهو كافر فاخرج منه إلى الظلمات ؟ إنما عنى ال بهذا أنهم كانوا‬
‫على نور السلم فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من ال‪ ،‬خرجوا‬
‫بوليتهم إياهم من نور السلم إلى ظلمات الكفر فأوجب لهم النار مع‬
‫الكفار‪ ،‬فقال‪ " :‬اولئك أصحاب النارهم فيها خالدون " )‪ .(1‬كنز‪ :‬عن‬
‫المفيد في كتاب الغيبة عن ابن محبوب‪ ،‬عن عبد العزيز العبدي‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي يعفور مثله‪ .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب مثله )‪.(2‬‬
‫أقول‪ :‬سيأتي شرحه في مقام آخر إنشاء ال تعالى‪ - 19 .‬شى‪ :‬عن مهزم‬
‫السدي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬قال ال تبارك وتعالى‪:‬‬
‫لعذبن كل رعية دانت بامام ليس من ال‪ ،‬وإن كانت الرعية في أعمالها‬
‫برة تقية‪ ،‬ولعفون عن كل رعية دانت بكل إمام من ال وإن كانت الرعية‬
‫في أعمالها مسيئة‪ ،‬قلت‪ :‬فيعفو عن هؤلء ويعذب هؤلء ؟ قال‪ :‬نعم إن ال‬
‫يقول " ال ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " ثم ذكر‬
‫الحديث الول حديث ابن أبي يعفور رواية محمد بن الحسين وزاد فيه‪:‬‬
‫فأعداء علي أمير المؤمنين هم الخالدون في النار وإن كانوا في أديانهم‬
‫على غاية الورع والزهد والعبادة‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،138‬والية في البقرة ‪ (2) .256‬الكافي ج ‪ 1‬ص‬


‫‪.(*) 375‬‬

‫]‪[106‬‬

‫المؤمنون بعلي عليه السلم ]هم الخالدون في الجنة[ وإن كانوا في أعمالهم مسيئة‬
‫على ضد ذلك )‪ - 20 .(1‬م‪ :‬قوله عزوجل " اولئك الذين اشتروا الضللة‬
‫بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين " )‪ (2‬قال المام موسى بن‬
‫جعفر عليه السلم " اولئك الذين اشتروا الضللة بالهدى " باعوا دين‬
‫ال‪ ،‬واعتاضوا منه الكفر بال " فما ربحت تجارتهم " أي ما ربحوا في‬
‫تجارتهم في الخرة‪ ،‬لنهم اشتروا النار وأصناف عذابها بالجنة التي كانت‬
‫معدة لهم لو آمنوا " وما كانوا مهتدين " إلى الحق والصواب‪ .‬فلما أنز ال‬
‫عزوجل هذه الية‪ ،‬حضر رسول ال صلى ال عليه وآله قوم فقالوا‪ :‬يا‬
‫رسول ال سبحان الرزاق ألم تر فلنا كان يسير البضاعة‪ ،‬خفيف ذات اليد‪،‬‬
‫خرج مع قوم يخدمهم في البحر فرعوا له حق خدمته‪ ،‬وحملوه معهم إلى‬
‫الصين وعينوا له يسيرا من مالهم قسطوه على أنفسهم له‪ ،‬وجمعوه‬
‫فاشتروا له به بضاعة من هناك فسلمت فربح الواحد عشرة‪ ،‬فهو اليوم‬
‫من مياسير أهل المدينة ؟ وقال قوم آخرون بحضرة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬يا رسول ال ألم تر فلنا كانت حسنة حاله‪ ،‬كثيرة أمواله‪،‬‬
‫جميلة أسبابه‪ ،‬وافرة خيراته‪ ،‬مجتمعا شمله‪ ،‬أبى إل طلب الموال الجمة‪،‬‬
‫فحمله الحرص على أن تهور‪ ،‬فركب البحر في وقت هيجانه والسفينة غير‬
‫وثيقة‪ ،‬والملحون غير فارهين‪ ،‬إلى أن توسط البحر فلعبت بسفينته ريح‬
‫عاصف فأزعجتها إلى الشاطئ وفتقتها في ليل مظلم‪ ،‬وذهبت أمواله وسلم‬
‫بحشاشته فقيرا وقيرا ينظر إلى الدنيا حسرة ؟ فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬أل أخبركم بأحسن من الول حال‪ ،‬وبأسوء من الثاني حال ؟‬
‫قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أما أحسن من‬
‫الول حال فرجل اعتقد صدقا بمحمد رسول ال وصدقا باعظام علي أخي‬
‫رسول ال ووليه‪ ،‬وثمرة قلبه ومحض طاعته‪ ،‬فشكر له ربه ونبيه ووصي‬
‫نبيه‪ ،‬فجمع ال تعالى له بذلك خير‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،139‬ومثله في الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ 376‬في حديثين‪) .‬‬
‫‪ (2‬البقرة‪.(*) 16 :‬‬

‫]‪[107‬‬

‫الدنيا والخرة‪ ،‬ورزقه لسانا للء ال تعالى ذاكرا‪ ،‬وقلبا لنعمائه شاكرا‪ ،‬و بأحكامه‬
‫راضيا‪ ،‬وعلى احتمال مكاره أعداء محمد وآله نفسه موطنا‪ ،‬لجرم أن ال‬
‫تعالى سماه عظيما في ملكوت أرضه وسماواته‪ ،‬وحباه برضوانه‬
‫وكراماته‪ ،‬فكانت تجارة هذا أربح‪ ،‬وغنيمته أكثر وأعظم‪ .‬وأما أسوء من‬
‫الثاني حلل فرجل أعطا أخا محمد رسول ال ببيعته‪ ،‬وأظهر له موافقته‬
‫وموالة أوليائه‪ ،‬ومعاداة أعدائه‪ ،‬ثم نكث بعد ذلك وخالف ووالى عليه‬
‫أعداءه فختم له بسوء أعماله‪ ،‬فصار إلى عذاب ل يبيد ول ينفد‪ ،‬قد خسر‬
‫الدنيا و الخرة ذلك هو الخسران المبين‪ .‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬معاشر عباد ال عليكم بخدمة من أكرمه ال بالرتضاء واجتباه‬
‫بالصطفاء‪ ،‬وجعله أفضل أهل الرض والسماء‪ ،‬بعد محمد سيد النبياء‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم وبموالة أوليائه ومعاداة أعدائه وقضاء‬
‫حقوق إخوانكم الذين هم في موالته ومعاداة أعدائه شركاؤكم فان رعاية‬
‫علي صلوات ال عليه أحسن من رعاية هؤلء التجار الخارجين بصاحبكم‬
‫‪ -‬الذي ذكرتموه ‪ -‬إلى الصين الذين عرضوه للغناء وأعانوه بالثراء‪ .‬أما إن‬
‫من شيعة علي عليه السلم لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة‬
‫سيئاته من الثام ما هو أعظم من جبال الرواسي والبحار التيارة‪ ،‬يقول‬
‫الخلئق‪ :‬هلك هذا العبد‪ ،‬فل يشكون أنه من الهالكين‪ ،‬وفي عذاب ال تعالى‬
‫من الخالدين فيأتيه النداء من قبل ال تعالى‪ :‬يا أيها العبد الخاطئ الجاني !‬
‫هذه الذنوب الموبقات‪ ،‬فهل بازائها حسنة تكافئها وتدخل جنة ال برحمة‬
‫ال ؟ أو تزيد عليها فتدخلها بوعد ال‪ ،‬يقول العبد‪ :‬ل أدري فيقول منادي‬
‫ربنا عزوجل‪ :‬إن ربي يقول ناد في عرصات القيامة أل إني فلن بن فلن‬
‫من بلد كذا وكذا أو قرية كذا وكذا قد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار‪،‬‬
‫ول حسنة لي بازائها فأي أهل هذا المحشر كانت لي عنده يد أو عارفة‬
‫فليغثنى بمجازاتي عنها‪ ،‬فهذا أوان شدة حاجتي إليها‪.‬‬

‫]‪[108‬‬

‫فينادي الرجل بذلك فأول من يجيبه علي بن أبيطالب عليه السلم لبيك لبيك لبيك‬
‫أيها الممتحن في محبتي‪ ،‬المظلوم بعداوتي‪ ،‬ثم يأتي هو ومن معه عدد‬
‫كثير وجم غفير‪ ،‬وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلمات‬
‫فيقول ذلك العدد‪ :‬يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون كان بنا بارا‪،‬‬
‫ولنا مكرما وفي معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا وقد نزلنا له‬
‫عن جميع طاعاتنا‪ ،‬وبذلناها له فيقول علي عليه السلم‪ :‬فبماذا تدخلون‬
‫جنة ربكم ؟ فيقولون‪ :‬برحمة ال الواسعة التي ل يعدمها من والك‪،‬‬
‫ووالآلك يا أخا رسول ال‪ .‬فيأتي النداء من قبل ال تعالى يا أخا رسول ال‬
‫هؤلء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ما ذا تبذل له فاني أنا الحكم ما‬
‫بيني وبينه من الذنوب‪ ،‬قد غفرتها له بموالته إياك‪ ،‬وما بينه وبين عبادي‬
‫من الظلمات فل بد من فصلي بينه وبينهم فيقول علي عليه السلم يا رب‬
‫أفعل ما تأمرني فيقول ال تعالى‪ :‬يا علي اضمن لخصمائه تعويضهم عن‬
‫ظلماتهم قبله‪ ،‬فيضمن لهم علي عليه السلم ذلك‪ ،‬ويقول لهم‪ :‬اقترحوا‬
‫علي ما شئتم أعطكم عوضا من ظلماتكم قبله‪ .‬فيقولون‪ :‬يا أخا رسول ال‬
‫تجعل لنا بازاء ظلماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتك على‬
‫فراش محمد رسول ال صلى ال عليه وآله فيقول علي عليه السلم‪ :‬قد‬
‫وهبت ذلك لكم فيقول ال عزوجل فانظروا يا عبادي الن إلى ما نلتموه من‬
‫علي فداء لصاحبه من ظلماتكم‪ ،‬ويظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان‬
‫من عجائب قصورها وخيراتها فيكون ذلك ما يرضي ال عزوجل به‬
‫خصماء اولئك المؤمنين‪ ،‬ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما ل‬
‫عين رأت‪ ،‬ول أذن سمعت‪ ،‬ول خطر على قلب بشر‪ .‬يقولون‪ :‬يا ربنا هل‬
‫بقي من جنانك شئ إذا كان هذا كله لنا فأين تحل سائر عبادك المؤمنين‬
‫والنبياء والصديقين‪ ،‬والشهداء والصالحين‪ ،‬ويخيل إليهم عند ذلك أن‬
‫الجنة بأسرها قد جعلت لهم فيأتي النداء من قبل ال تعالى يا عبادي هذا‬
‫ثواب نفس من أنفاس علي بن أبي طالب عليه السلم الذي اقترحتموه‬
‫عليه‪ ،‬قد جعله لكم فخذوه‪ ،‬وانظروا فيصيرون هم وهذا المؤمن الذي‬
‫عوضهم علي عليه السلم في تلك‬

‫]‪[109‬‬

‫الجنان ثم يرون ما يضيفه ال عزوجل إلى ممالك علي عليه السلم في الجنان ما‬
‫هو أضعاف ما بذله عن وليه الموالي له‪ ،‬مما شاء من الضعاف التي ل‬
‫يعرفها غيره‪ .‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ " :‬أذلك خير نزل أم‬
‫شجرة الزقوم " المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم )‪ .(1‬توضيح‪ " :‬خفيف ذات اليد " أي كان ما في يده من الموال‬
‫خفيفا قليل " قسطوه " بالتخفيف والتشديد أي قسموه على أنفسهم‬
‫بالسوية أو بالعدل على نسبة حالهم‪ .‬وفي المصباح " جمع ال شملهم "‬
‫أي ما تفرق من أمرهم " وفرق شملهم " أي ما اجتمع من أمرهم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫" مال جم " أي كثير وفي القاموس تهور الرجل وقع في المر بقلة‬
‫مبالة‪ .‬وقال‪ :‬فره ككرم فراهة وفراهية حذق فهو فاره بين الفروهية وقال‪:‬‬
‫فتقه شقه كفتقه وفي بعض النسخ وفتتها من الفت وهو الدق والكسر‬
‫بالصابع كما في القاموس وقال الحشاش والحشاشة بضمهما بقية الروح‬
‫في المريض والجريح‪ .‬وقال‪ " :‬الوقير " القطيع من الغنم أو صغارها‪،‬‬
‫وفقير وقير تشبيه بصغار الشاء أو إتباع‪ ،‬وقال‪ :‬أمحضه الود أخلصه‬
‫كمحضه‪ ،‬والغناء بالفتح والمد الكتفاء‪ ،‬و بالكسر والقصر ضد الفقر‪،‬‬
‫والثراء بالفتح والمد كثرة المال‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬والتيار الموج ويقال‪:‬‬
‫قطع ]عرقا[ تيارا أي سريع الجرية ويقال‪ :‬أوليته يدا أي نعمة‪ ،‬والعارفة‬
‫المعروف والحسان‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬الظلمة والمظلمة ما تطلبه عند‬
‫الظالم‪ ،‬وهو اسم ما أخذ منك‪ ،‬والجم الغفير العدد الكثير‪ ،‬وفي المصباح‬
‫نزلت عن الحق تركته وفي القاموس القتراح ارتجال الكلم وابتداع الشئ‬
‫والتحكم‪ - 21 .‬م‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال يبعث يوم‬
‫القيامة أقواما تمتلئ من جهة السيئات موازينهم فيقال لهم‪ :‬هذه السيئات‬
‫فأين الحسنات ؟ وإل فقد عطبتم فيقولون‪ :‬يا ربنا ما نعرف لنا حسنات‪،‬‬
‫فإذا النداء من قبل ال عزوجل لئن لم تعرفوا‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪.(*) 47‬‬

‫]‪[110‬‬
‫لنفسكم عبادي حسنات فاني أعرفها لكم واوفرها عليكم‪ ،‬ثم يأتي برقعة صغيرة‬
‫يطرحها في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر ما بين السماء إلى‬
‫الرض فيقال لحدهم‪ :‬خذ بيد أبيك‪ ،‬وامك وإخوانك وأخواتك‪ ،‬وخاصتك‬
‫وقراباتك وأخدانك ومعارفك فأدخلهم الجنة‪ .‬فيقول أهل المحشر‪ :‬يا رب أما‬
‫الذنوب فقد عرفناها فماذا كانت حسناتهم ؟ فيقول ال عزوجل‪ :‬يا عبادي‬
‫مشى أحدهم ببقية دين لخيه إلى أخيه فقال‪ :‬خذها فاني احبك بحبك علي‬
‫بن أبي طالب عليه السلم فقال له الخر‪ :‬قد تركتها لك بحبك علي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم ولك من مالي ما شئت فشكر ال تعالى ذلك لهما فحط به‬
‫خطاياهما‪ ،‬وجعل ذلك في حشو صحيفتهما وموازينهما‪ ،‬وأوجب لهما و‬
‫لوالديهما الجنة )‪ - 22 .(1‬شى‪ :‬عن مصقلة الطحان ; عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ما يمنعكم من أن تشهدوا على من مات منكم على هذا‬
‫المر أنه من أهل الجنة ؟ إن ال يقول‪ " :‬كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين‬
‫" )‪ .(2‬بيان‪ " :‬كذلك حقا علينا " في المجمع )‪ (3‬قال الحسن‪ :‬معناه كنا‬
‫إذا أهلكنا امة من المم الماضية نجينا نبيهم ونجينا الذين آمنوا به أيضا‬
‫كذلك إذا أهلكنا هؤلء المشركين نجيناك يا محمد‪ ،‬والذين آمنوا بك‪ ،‬وقيل‬
‫معناه " كذلك حقا علينا " أي واجبا علينا من طريق الحكمة " ننجي‬
‫المؤمنين " من عذاب الخرة كما ننجيهم من عذاب الدنيا‪ ،‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم لصحابه‪ :‬ما يمنعكم من أن تشهدوا ‪ -‬إلى آخر الخبر‪- 23 .‬‬
‫شى‪ :‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن أبي ولد قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬جعلت فداك إن رجل من أصحابنا ورعا مسلما كثير الصلة قد‬
‫ابتلي‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ (2) .54‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ 138‬والية في يونس‪:‬‬


‫‪ (3) .103‬مجمع البيان ج ‪ 5‬ص ‪.(*) 138‬‬

‫]‪[111‬‬

‫بحب اللهو‪ ،‬وهو يسمع الغنا‪ ،‬فقال‪ :‬أيمنعه ذلك من الصلة لوقتها أم من صوم أو‬
‫من عيادة مريض أو حضور جنازة أو زيارة أخ ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ل‪ ،‬ليس‬
‫يمنعه ذلك من شئ من الخير والبر قال‪ :‬فقال‪ :‬هذا من خطوات الشيطان‪،‬‬
‫مغفور له ذلك إنشاء ال ثم قال‪ :‬إن طائفة من الملئكة عابوا ولد آدم في‬
‫اللذات والشهوات أعني لكم الحلل ليس الحرام‪ ،‬قال‪ :‬فأنف ال للمؤمنين‬
‫من ولد آدم من تعيير الملئكة لهم قال‪ :‬فألقى ال في همة اولئك الملئكة‬
‫اللذات والشهوات كي ل يعيبوا المؤمنين‪ .‬قال‪ :‬فلما أحسوا ذلك من هممهم‬
‫عجوا إلى ال من ذلك‪ ،‬فقالوا‪ :‬ربنا عفوك عفوك‪ ،‬ردنا إلى ما خلقنا له‪،‬‬
‫وأجبرتنا عليه‪ ،‬فانا نخاف أن نصير في أمر مريج )‪ (1‬قال‪ :‬فنزع ال ذلك‬
‫من هممهم‪ ،‬قال‪ :‬فإذا كان يوم القيامة وصار أهل الجنة في الجنة استأذن‬
‫اولئك الملئكة على أهل الجنة‪ ،‬فيؤذن لهم‪ ،‬فيدخلون عليهم فيسلمون‬
‫عليهم‪ ،‬ويقولون لهم‪ :‬سلم عليكم بما صبرتم في الدنيا عن اللذات‬
‫والشهوات الحلل )‪ - 24 .(2‬جا‪ :‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن الحسن بن محمد‬
‫بن عامر‪ ،‬عن أحمد بن علوية عن إبراهيم بن محمد الثقفي‪ ،‬عن توبة بن‬
‫الخليل‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن أبي عبد الرحمان‪ ،‬عن جعفر بن محمد‬
‫عليهما السلم قال‪ :‬بينا رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬في سفر إذ نزل‬
‫فسجد خمس سجدات‪ ،‬فلما ركب قال له بعض أصحابه‪ :‬رأيناك يا رسول‬
‫ال صنعت ما لم تكن تصنعه ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬أتاني جبرئيل عليه السلم‬
‫فبشرني أن عليا في الجنة‪ ،‬فسجدت شكرا ل فلما رفعت رأسي قال‪:‬‬
‫وفاطمة في الجنة فسجدت شكرا ل تعالى‪ ،‬فلما رفعت رأسي قال‪ :‬والحسن‬
‫والحسين سيدا شباب أهل الجنة فسجدت شكرا ل تعالى فلما رفعت رأسي‬
‫قال‪ :‬ومن يحبهم في الجنة‪ ،‬فسجدت شكرا ل تعالى فلما رفعت رأسي قال‪:‬‬
‫ومن يحب من يحبهم في الجنة ]فسجدت شكرا ل تعالى[ )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬يقال أمر مريج أي مختلط أو ملتبس‪ (2) .‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪(3) .211‬‬
‫مجالس المفيد ص ‪.(*) 20‬‬

‫]‪[112‬‬

‫‪ - 25‬جا‪ :‬عن الحسن بن الفضل‪ ،‬عن علي بن أحمد‪ ،‬عن محمد بن هارون‬
‫الهاشمي‪ ،‬عن إبراهيم بن مهدي‪ ،‬عن إسحاق بن سليمان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫هارون الرشيد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي جعفر المنصور‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده علي‬
‫بن عبد ال بن العباس‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله يقول‪ :‬أيها الناس نحن في القيامة ركبان أربعة‪ ،‬ليس غيرنا‪ ،‬فقال له‬
‫قائل‪ :‬بأبي أنت وامي يا رسول ال من الركبان ؟ قال‪ :‬أنا على البراق‪،‬‬
‫وأخي صالح على ناقة ال الذي عقرها قومه‪ ،‬وابنتي فاطمة على ناقتي‬
‫العضباء‪ ،‬وعلي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة خطامها من لؤلوء‬
‫رطب‪ ،‬وعيناها من ياقوتتين حمراوين‪ ،‬وبطنها من زبر جد أخضر عليها‬
‫قبة من لؤلوء بيضاء‪ ،‬يرى ظاهرها من باطنها‪ ،‬وباطنها من ظاهرها‪،‬‬
‫ظاهرها من رحمة ال‪ ،‬وباطنها من عفو ال إذا أقبلت زفت‪ ،‬وإذا أدبرت‬
‫زفت‪ ،‬وهو أمامي على رأسه تاج من نور‪ ،‬يضئ لهل الجمع‪ ،‬ذلك التاج له‬
‫سبعون ركنا كل ركن يضئ كالكوكب الدري في أفق السماء‪ ،‬وبيده لواء‬
‫الحمد‪ ،‬وهو ينادي في القيامة " ل إله إل ال محمد رسول ال " فل يمر‬
‫بملء من الملئكة إل قالوا‪ :‬نبي مرسل ول يمر بنبي مرسل إل قال‪ :‬ملك‬
‫مقرب فينادي مناد من بطنان العرش يا أيها الناس ليس هذا ملكا مقربا ول‬
‫نبيا مرسل ول حامل عرش هذا علي بن أبي طالب‪ ،‬وتجئ شيعته من بعده‬
‫فينادي مناد لشيعة من أنتم ؟ فيقولون نحن العلويون فيأتيهم النداء يا أيها‬
‫العلويون أنتم آمنون‪ ،‬ادخلوا الجنة مع من كنتم توالوان )‪ .(1‬بشا‪ :‬عن‬
‫الحسن بن الحسين بن بابويه‪ ،‬عن محمد بن الحسن الطوسي‪ ،‬عن المفيد‪،‬‬
‫عن الحسن بن الفضل مثله )‪ - 26 .(2‬جا‪ :‬عن المظفر بن محمد‪ ،‬عن‬
‫محمد بن همام‪ ،‬عن الحسن بن زكريا عن عمر بن المختار‪ ،‬عن أبي محمد‬
‫البرسي‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد‬
‫الباقر عليه السلم‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬كيف‬

‫)‪ (1‬مجالس المفيد ص ‪ (2) .167‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 74‬‬

‫]‪[113‬‬

‫بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم‪ ،‬وقد مد الصراط‪ ،‬وقيل للناس‪ :‬جوزوا وقلت‬
‫لجهنم‪ :‬هذا لي وهذا لك ؟ فقال علي عليه السلم‪ :‬يا رسول ال ومن اولئك‬
‫؟ قال‪ :‬اولئك شيعتك‪ ،‬معك حيث كنت )‪ - 27 .(1‬نى‪ :‬عن الكليني‪ ،‬عن علي‬
‫بن محمد‪ ،‬عن ابن جمهور‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬إن ال ل يستحيي أن يعذب‬
‫امة دانت بإمام ليس من ال‪ ،‬وإن كانت في أعمالها برة تقية‪ ،‬وإن ال‬
‫يستحيي أن يعذب امة دانت بإمام من ال‪ ،‬وإن كانت في أعمالها ظالمة‬
‫مسيئة )‪ - 28 .(2‬كش‪ :‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن الفضل‪ ،‬عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن البطائني عن أبي بصير قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال عليه‬
‫السلم فقال‪ :‬ما فعل أبو حمزة الثمالي ؟ قلت‪ ،‬خلفته عليل قال‪ :‬إذا رجعت‬
‫إليه فأقرئه مني السلم وأعلمه أنه يموت في شهر كذا في يوم كذا‪ ،‬قال أبو‬
‫بصير‪ :‬فقلت‪ :‬جعلت فداك وال لقد كان ]لكم[ فيه انس وكان لكم شيعة‪،‬‬
‫قال‪ :‬صدقت ما عندنا خير لكم قلت‪ :‬شيعتكم معكم ؟ قال‪ :‬إن هو خاف ال‬
‫وراقب نبيه‪ ،‬وتوفى الذنوب‪ ،‬فإذا هو فعل كان معنا في درجاتنا قال علي‪) :‬‬
‫‪ (3‬فرجعنا تلك السنة فما لبث أبو حمزة إل يسيرا حتى توفي )‪- 29 .(4‬‬
‫كش‪ :‬عن محمد بن مسعود‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‪ ،‬عن أبي داود المسترق‬
‫عن عبد ال بن راشد‪ ،‬عن عبيد بن زرارة قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال‬
‫عليه السلم وعنده البقباق )‪ (5‬فقلت له‪ :‬جعلت فداك رجل أحب بني أمية‬
‫أهو معهم ؟ قال‪ :‬نعم‬

‫)‪ (1‬مجالس المفيد ص ‪ (2) .202‬غيبة النعماني ص ‪ ،65‬الكافي ج ‪ 1‬ص ‪) .376‬‬


‫‪ (3‬هو على بن أبى حمزة المعروف بالبطائنى‪ ،‬الراوى عن أبى بصير‪) .‬‬
‫‪ (4‬رجال الكشى ص ‪ (5) .177‬هو أبو العباس فضل بن عبد الملك‬
‫البقباق مولى كوفى ثقة‪ ،‬ولعله كان مذياعا للحديث فأخفى أبو عبد ال‬
‫عليه السلم حديثه ذلك عنه لئل يذيعه في جهلة الشيعة )*(‪.‬‬

‫]‪[114‬‬

‫قلت‪ :‬رجل أحبكم أهو معكم ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬وإن زنى وإن سرق ؟ قال‪ :‬فنظر إلى‬
‫البقباق فوجد منه غفلة ثم أومأ برأسه نعم )‪ - 30 .(1‬كش‪ :‬عن نصر بن‬
‫الصباح‪ ،‬عن ابن أبي عثمان‪ ،‬عن محمد بن الصباح عن زيد الشحام قال‪:‬‬
‫دخلت على أبي عبد ال عليه السلم فقال لي‪ :‬يا زيد ! جدد التوبة وأحدث‬
‫عبادة‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬نعيت إلى نفسي‪ ،‬قال‪ :‬فقال لي‪ :‬يا زيد ما عندنا لك خير‬
‫وأنت من شيعتنا‪ ،‬إلينا الصراط‪ ،‬وإلينا الميزان‪ ،‬وإلينا حساب شيعتنا‪ ،‬وال‬
‫لنا لكم أرحم من أحد كم بنفسه يا زيد كأني أنظر إليك في درجتك من الجنة‬
‫و رفيقك فيها الحارث بن المغيرة النضري )‪ - 31 .(2‬كش‪ :‬عن محمد بن‬
‫مسعود‪ ،‬عن عبد ال بن محمد بن خالد‪ ،‬عمن يثق به يعني أمه‪ ،‬عن خالد‬
‫محمد قال‪ :‬فقال له عمرو بن إلياس قال‪ :‬دخلت أنا وأبي إلياس ابن عمرو‬
‫على أبي بكر الحضرمي وهو يجود بنفسه‪ ،‬فقال‪ :‬يا عمرو ليست ساعة‬
‫الكذب أشهد على جعفر بن محمد أني سمعته يقول‪ :‬ل يمس النار من مات‬
‫وهو يقول بهذا المر )‪ - 32 .(3‬كش‪ :‬عن محمد بن علي بن القاسم‪ ،‬عن‬
‫الصفار‪ ،‬عن عبد ال بن محمد بن خالد‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن خاله عمرو بن‬
‫إلياس قال‪ :‬دخلت على أبي بكر الحضرمي وهو يجود بنفسه فقال لي‪:‬‬
‫أشهد على جعفر بن محمد أنه قال‪ :‬ل يدخل النار منكم أحد )‪- 33 .(4‬‬
‫فض‪ ،‬يل‪ :‬بالسناد يرفعه إلى صفوان الجمال قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال‬
‫عليه السلم فقلت‪ :‬جعلت فداك سمعتك تقول‪ :‬شيعتنا في الجنة وفيهم أقوام‬
‫مذنبون‪ ،‬يركبون الفواحش‪ ،‬ويأكلون أموال الناس‪ ،‬ويشربون الخمور‬
‫ويتمتعون في دنياهم‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬هم في الجنة اعلم أن المؤمن من‬
‫شيعتنا ل يخرج من الدنيا حتى يبتلي بدين أو بسقم أو بفقر‪ ،‬فان عفي عن‬
‫هذا كله شدد ال عليه في النزع عند خروج روحه حتى يخرج من الدنيا‬
‫ول ذنب عليه‪ ،‬قلت‪ :‬فداك‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬رجال الكشى ص ‪ 3) .286‬و ‪ (4‬رجال الكشى ص ‪.(*) 355‬‬

‫]‪[115‬‬

‫أبي وأمي فمن يرد المظالم ؟ قال‪ :‬ال عزوجل يجعل حساب الخلق إلى محمد وعلي‬
‫عليهما السلم فكل ما كان على شيعتنا حاسبناهم مما كان لنا من الحق في‬
‫أموالهم وكل ما بينه وبين خالقه استوهبناه منه‪ ،‬ولم نزل به حتى ندخله‬
‫الجنة برحمة من ال‪ ،‬وشفاعه من محمد وعلي عليهما السلم‪ .‬غو‪ :‬عن‬
‫صفوان مثله‪ - 34 .‬كشف‪ :‬من كتاب كفاية الطالب‪ ،‬عن أبي مريم‬
‫السلولي‪ ،‬قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬يا علي إن ال‬
‫قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلى ال منها‪ ،‬الزهد في الدنيا‪،‬‬
‫وجعلك ل تنال من الدنيا شيئا ول تنال الدنيا منك شيئا‪ ،‬ووهب لك حب‬
‫المساكين‪ ،‬فرضوا بك إماما ورضيت بهم أتباعا‪ ،‬فطوبى لمن أحبك وصدق‬
‫فيك‪ ،‬وويل لمن أبغضك وكذب عليك‪ ،‬فأما الذين أحبوك و صدقوا فيك فهم‬
‫جيرانك في دارك‪ ،‬ورفقاؤك في قصرك‪ ،‬وأما الذين بغضوك وكذبوا عليك‬
‫فحق على ال أن يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة‪ ،‬قال‪ :‬وذكره ابن‬
‫مردويه في مناقبه )‪ - 35 .(1‬جش‪ :‬عن الحسن بن علي ابن بنت إلياس‬
‫روى عن جده إلياس قال‪ :‬لما حضرته الوفاة قال لنا‪ :‬اشهدوا علي وليست‬
‫ساعة الكذب هذه الساعة‪ ،‬لسمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬وال ل‬
‫يموت عبد يحب ال ورسوله ويتولى الئمة فتمسه النار‪ ،‬ثم أعاد الثانية‬
‫والثالثة من غير أن أسأله )‪ - 36 .(2‬رياض الجنان‪ :‬لفضل ال بن محمود‬
‫الفارسي بالسناد عن أبي محمد الحسن الحراني‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم قال‪ :‬مامن شيعتنا أحد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتليه‬
‫ال ببلية تمحص بها ذنوبه‪ ،‬إما في ماله أو ولده‪ ،‬وإما في نفسه حتى يلقى‬
‫ال محبنا وماله ذنب‪ ،‬وإنه ليبقى عليه شئ من ذنوبه فيشدد عليه عند‬
‫موته‬

‫)‪ (1‬كشف الغمة ج ‪ 1‬ص ‪ 228‬الطبعة الحروفية وهكذا ص ‪ ،217‬عن مناقب‬


‫الخوارزمي‪ (2) .‬رجال النجاشي ص ‪.(*) 30‬‬

‫]‪[116‬‬

‫فتمحص ذنوبه‪ - 37 .‬بشا‪ :‬عن محمد بن أحمد بن شهريار‪ ،‬عن حمزة بن محمد ين‬
‫يعقوب‪ ،‬عن محمد بن أحمد الجواليقي‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن‬
‫سعدان‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن حسين بن نصر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصباح المزني‪،‬‬
‫عن الثمالي‪ ،‬عمن حدثه‪ ،‬عن أبي رزين‪ ،‬عن علي بن الحسين عليهما‬
‫السلم أنه قال‪ :‬من أحبنا ل نفعه حبنا‪ ،‬ولو كان في جبل الديلم‪ ،‬ومن أحبنا‬
‫لغير ذلك فان ال يفعل ما يشاء‪ ،‬إن حبنا أهل البيت يساقط عن العباد‬
‫الذنوب كما تساقط الريح الورق من الشجر )‪ - 38 .(1‬بشا‪ :‬بالسناد إلى‬
‫الصدوق‪ ،‬عن ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن البرقي عن ابن معروف‪ ،‬عن‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسو ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أتاني جبرئيل من قبل ربي جل‬
‫جلله فقال‪ :‬يا محمد إن ال عزوجل يقرئك السلم‪ ،‬ويقول لك‪ :‬بشر أخاك‬
‫عليا بأني ل اعذب من توله‪ ،‬ول أرحم من عاداه )‪ - 39 .(2‬ما‪ :‬عن‬
‫المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن محمد بن همام‪ ،‬عن الحميري عن محمد بن‬
‫موسى بن عبد ال بن مهران‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن أبي بكر‬
‫الحضرمي قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬لو أن كافرا وصف ما‬
‫تصفون عند خروج نفسه‪ ،‬ما طعمت النار من جسده شيئا )‪ - 40 .(3‬ما‪:‬‬
‫عن جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن عبد ال بن محمد بن محمود‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن عبد الرحمان الذهلي‪ ،‬عن عبد الرحمان بن أبي حماد‪ ،‬عن أبي العلء‬
‫الخفاف يعني خالد بن طهمان‪ ،‬عن شجرة قال‪ :‬قال أبو جعفر الباقر عليه‬
‫السلم‪ :‬يا شجرة بحبنا تغفر لكم الذنوب )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .3‬بشارة المصطفى ص ‪ (3) .18‬أمالى الطوسى ج‬


‫‪ 2‬ص ‪ (4) .34‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 68‬‬

‫]‪[117‬‬

‫‪ - 41‬ما‪ :‬عن الفحام‪ ،‬عن المنصوري‪ ،‬عن سهل بن يعقوب بن إسحاق‪ ،‬عن الحسن‬
‫بن عبد ال بن مطهر‪ ،‬عن محمد بن سليمان الديلمي‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬دخل‬
‫سماعة بن مهران على الصادق عليه السلم فقال له‪ :‬يا سماعة من شر‬
‫الناس ؟ قال‪ :‬نحن يا ابن رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬فغضب حتى احمرت وجنتاه ثم‬
‫استوى جالسا وكان متكئا فقال‪ :‬يا سماعة من شر الناس عند الناس ؟‬
‫فقلت‪ :‬وال ما كذبتك يا ابن رسول ال نحن شر الناس عند الناس لنهم‬
‫سمونا كفارا ورافضة‪ ،‬فنظر إلي ثم قال‪ :‬كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة‪،‬‬
‫وسيق بهم إلى النار ؟ فينظرون إليكم ويقولن‪ " :‬مالنا ل نرى رجال كنا‬
‫نعدهم من الشرار " يا سماعة بن مهران إنه من أساء منكم إساءة مشينا‬
‫إلى ال تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع‪ ،‬وال ل يدخل النار‬
‫منكم عشرة رجال‪ ،‬وال ل يدخل النار منكم خمسة رجال‪ ،‬وال ل يدخل‬
‫النار منكم ثلثة رجال‪ ،‬وال ل يدخل النار منكم رجل واحد‪ ،‬فتنافسوا في‬
‫الدرجات واكمدوا عدوكم بالورع )‪ .(1‬بيان‪ :‬في القاموس الكمدة بالضم‬
‫والكمد بالفتح والتحريك تغير اللون وذهاب صفائه‪ ،‬والحزن الشديد‪،‬‬
‫ومرض القلب منه‪ ،‬كمد كفرح فهو كامد وأكمده فهو مكمود‪ - 42 .‬ما‪ :‬عن‬
‫الفحام‪ ،‬عن المنصوري‪ ،‬عن عم أبيه‪ ،‬عن أبي الحسن الثالث‪ ،‬عن آبائه‪،‬‬
‫عن أمير المؤمنين صلوات ال عليهم قال‪ :‬سمعت النبي صلى ال عليه‬
‫وآله يقول‪ :‬إذا حشر الناس يوم القيامة ناداني مناد يارسول ال إن ال جل‬
‫اسمه قد أمكنك من مجازاة محبيك ومحبي أهل بيتك الموالين لهم فيك‪،‬‬
‫والمعادين لهم فيك فكافئهم بما شئت وأقول يا رب الجنة فابوءهم منها‬
‫حيث شئت‪ ،‬فذلك المقام المحمود الذي وعدت به )‪ - 43 .(2‬ما‪ :‬بإسناد‬
‫أخي دعبل‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ ،301‬والية في سورة ص‪ (2) .62 :‬أمالى الطوسى‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 304‬‬

‫]‪[118‬‬

‫رسول ال‪ :‬في قوله عزوجل " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " قال‪ :‬نزلت في وفي‬
‫علي بن أبي طالب وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا‬
‫علي وكساني وكساك يا علي‪ ،‬ثم قال لي ولك يا علي‪ " :‬ألقيا في جهنم كل‬
‫من أبغضكما وأدخل في الجنة كل من أحبكما " فان ذلك هو المؤمن )‪.(1‬‬
‫‪ - 44‬ير‪ :‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن عبد ال بن جبلة‪ ،‬عن علي بن أبي‬
‫حمزة عن أبي بصير قال‪ :‬حججت مع أبي عبد ال عليه السلم فلما كنا في‬
‫الطواف‪ ،‬قلت له‪ :‬جعلت فداك يا ابن رسول ال يغفر ال لهذا الخلق ؟‬
‫فقال‪ :‬يا أبا بصير إن أكثر من ترى قردة وخنازير‪ ،‬قال‪ :‬قلت له‪ .‬أرنيهم‪،‬‬
‫قال‪ :‬فتكلم بكلمات ثم أمره يده على بصري فرأيتهم قردة وخنازير‪ ،‬فهالني‬
‫ذلك ثم أمر يده على بصري فرأيتهم كما كانوا في المرة الولى‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا‬
‫أبا محمد أنتم في الجنة تحبرون‪ ،‬وبين أطباق النار تطلبون‪ ،‬فل توجدون‪،‬‬
‫وال ل يجتمع في النار منكم ثلثة‪ ،‬ل وال ول اثنان ل وال ول واحد )‪.(2‬‬
‫‪ - 45‬ك‪ :‬عن ابن المتوكل عن السدي عن النخعي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫الحسن ابن علي بن أبي حمزة الثمالي )‪ ،(3‬عن أبيه‪ ،‬عن الصادق جعفر‬
‫بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلله أنه قال‪ :‬من علم أنه ل‬
‫إله إل أنا وحدي‪ ،‬وأن محمدا عبدي ورسولي‪ ،‬وأن علي ابن أبيطالب‬
‫خليفتي‪ ،‬وأن الئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من‬
‫النار بعفوي‪ ،‬وأبحت له جواري‪ ،‬وأوجبت له كرامتي‪ ،‬وأتممت عليه نعمتي‬
‫وجعلته من خاصتي وخالصتي‪ ،‬إن ناداني لبيته‪ ،‬وإن دعاني أجبته‪ ،‬وإن‬
‫سألني أعطيته‪ ،‬وإن سكت ابتدأته‪ ،‬وإن أساء رحمته‪ ،‬وإن فر مني دعوته‪،‬‬
‫وإن رجع إلى قبلته‪ ،‬وإن قرع بابي فتحته‪ .‬ومن لم يشهد أن ل إله إل أنا‬
‫وحدي أو شهد ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ ،378‬والية في سورة ق‪ (2) .24 :‬بصائر الدرجات‬
‫ص ‪ (3) .270‬البطائني‪ .‬ظ )*(‪.‬‬
‫]‪[119‬‬

‫أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن‬
‫الئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي‪ ،‬وصغر عظمتي‪ ،‬وكفر بآياتي‬
‫وكتبي إن قصدني حجبته‪ ،‬وإن سألني حرمته‪ ،‬وإن ناداني لم أسمع نداءه‪،‬‬
‫وإن دعاني لم أسمع دعاءه‪ ،‬وإن رجاني خيبته‪ ،‬وذلك جزاؤه مني‪ ،‬وما أنا‬
‫بظلم للعبيد )‪ .(1‬أقول‪ :‬تمامه في باب نص النبي صلى ال عليه وآله )‪.(2‬‬
‫‪ - 46‬سن‪ :‬عن أبيه عن النضر عن يحيى الحلبي عن عبد ال بن مسكان‬
‫عن بدر بن الوليد الخثعمي قال‪ :‬دخل يحيى بن سابور على أبي عبد ال‬
‫عليه السلم ليودعه فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أما وال إنكم لعلى‬
‫الحق‪ ،‬وإن من خالفكم لعلى غير الحق‪ ،‬وال ما أشك أنكم في الجنة‪ ،‬فاني‬
‫لرجو أن يقر ال أعينكم إلى قريب )‪ - 47 .(3‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن جميل‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي حعفر عليه السلم قال‪ :‬ل تطعم‬
‫النار واحدا وصف هذا المر )‪ - 48 .(4‬سن‪ :‬عن أحمد‪ ،‬عن ابن فضال‪،‬‬
‫عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال‪ :‬قيل لبي جعفر عليه السلم‪ :‬إن‬
‫عكرمة مولى ابن عباس قد حضرته الوفاة‪ ،‬قال‪ :‬فانتقل )‪ (5‬ثم قال‪ :‬إن‬
‫أدركته علمته كلما لم تطعمه النار‪ ،‬فدخل عليه داخل فقال‪ :‬قد هلك قال‪:‬‬
‫فقال له ]أبي[‪ :‬فعلمناه ! فقال‪ :‬وال ما هو إل هذا المر الذي‬

‫)‪ (1‬اكمال الدين ص ‪ 150‬وفى ط السلمية ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .371‬راجع ج ‪ 36‬ص‬


‫‪ 251‬و ‪ 252‬من هذه الطبعة‪ (3) .‬المحاسن ص ‪ (4) .146‬المحاسن ص‬
‫‪ (5) .149‬أي انتقل عن جلسته التى كان عليها‪ ،‬ولعله كان متكئا فانتقل‬
‫وجلس على ركبته كما في نظائره )*(‪.‬‬

‫]‪[120‬‬

‫أنتم عليه )‪ - 49 .(1‬بشا‪ :‬عن إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسين بن عتبة عن محمد بن الحسين بن أحمد الفقيه‪ ،‬عن حمويه بن‬
‫علي‪ ،‬عن محمد بن عبد ال بن المطلب عن محمد بن علي بن مهدى‪ ،‬عن‬
‫محمد بن على بن عمر بن ظريف‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن أبي‬
‫خالد الكابلي‪ ،‬عن الصبغ بن نباتة قال‪ :‬دخل الحارث الهمداني على أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم في نفر من الشيعة‪ ،‬وكنت فيهم‪ ،‬فجعل الحارث يتأود‬
‫في مشيته )‪ (2‬ويخبط الرض بمحجنه‪ ،‬وكان مريضا فأقبل عليه أمير‬
‫المؤمنين وكانت له منه منزلة فقال‪ :‬كيف تجدك يا حارث ؟ )‪ (3‬قال‪ :‬نال‬
‫الدهر مني يا أمير ‪ -‬المؤمنين وزادني أو زاد غليل اختصام أصحابك‬
‫ببابك‪ ،‬قال‪ :‬وفيم خصومتهم ؟ قال‪ :‬في شأنك‪ ،‬والثلثة من قبلك‪ ،‬فمن‬
‫مفرط غال‪ ،‬ومقتصد تال‪ ،‬ومن متردد مرتاب ل يدري أيقدم أم يحجم ؟ قال‪:‬‬
‫بحسبك يا أخا همدان‪ ،‬أل إن خير شيعتي النمط الوسط إليهم يرجع الغالي‬
‫وبهم يلحق التالي قال‪ :‬فقال له الحارث‪ :‬لو كشفت فداك أبي وأمي الريب‬
‫عن قلوبنا‪ ،‬وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا‪ ،‬قال‪ :‬قدك فانك امرء‬
‫ملبوس عليه إن دين ال ل يعرف بالرجال بل بآية احق فاعرف الحق‬
‫تعرف أهله‪ ،‬يا حارث إن الحق أحسن الحديث‪ ،‬والصادع به مجاهد‪،‬‬
‫وبالحق اخبرك فارعني سمعك ثم خبر به من كانت له حصافة من‬
‫أصحابك‪ .‬أل إني عبد ال وأخو رسول ال وصديقه الكبر‪ :‬صدقته وآدم‬
‫بين الروح والجسد‪ ،‬ثم إني صديقه الول في امتكم حقا فنحن الولن‪،‬‬
‫ونحن الخرون‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .149‬أي كان ينعطف في مشيته‪ :‬يستقيم صلبه مرة ويعوج‬
‫اخرى والمحجن وهكذا المحجنة ‪ -‬كمنبر ومكنسة ‪ :-‬العصا المعوجة‬
‫رأسها‪ ،‬والخبط الضرب الشديد‪ ،‬يقال‪ :‬خبط البعير بيده الرض‪ :‬وطئه‬
‫شديدا‪ (3) .‬يا حارث‪ :‬في بعض النسخ " يا حار " على الترخيم في‬
‫المواضع كلها‪ .‬منه رحمه ال )*(‪.‬‬

‫]‪[121‬‬

‫أل وإني خاصته يا حارث وصنوه ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره اوتيت فهم‬
‫الكتاب وفصل الخطاب‪ ،‬وعلم القرآن‪ ،‬واستودعت ألف مفتاح يفتح كل‬
‫مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد وأيدت أو قال امددت‬
‫بليلة القدر نفل وإن ذلك ليجري لي وللمستحفظين من ذريتي كما يجري‬
‫الليل والنهار حتى يرث ال الرض ومن عليها وابشرك يا حارث ليعرفني‬
‫وليي وعدوي في مواطن شتى ليعرفني عند الممات‪ ،‬وعند الصراط‪ ،‬وعند‬
‫الحوض‪ ،‬وعند المقاسمة قال الحارث‪ :‬وما المقاسمة يا مولي ؟ قال‪:‬‬
‫مقاسمة النار اقاسمها قسمة صحاحا‪ :‬أقول هذا وليي ]فاتركيه[ وهذا‬
‫عدوي ]فخذيه[‪ .‬ثم أخذ أمير المؤمنين علي عليه السلم بيد الحارث فقال‪:‬‬
‫يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول ال صلى ال عليه وآله بيدي فقال لي‬
‫وقد اشتكيت إليه حسد قريش والمنافقين‪ :‬إنه إذا كان يوم القيامة أخذت‬
‫بحبل أو بحجزة يعني عصمة من ذي العرش تعالى وأخذت أنت يا علي‬
‫بحجزتي‪ ،‬وأخذت ذريتك بحجزتك وأخذت شيعتكم بحجزتكم فماذا يصنع ال‬
‫عزوجل بنبيه‪ ،‬وماذا يصنع نبيه بوصيه ؟ خذها إليك يا حارث قصيرة من‬
‫طويلة أنت مع من أحببت‪ ،‬ولك ما اكتسبت قالها ثلثا فقال الحارث ‪ -‬وقام‬
‫يجر ردائه جذل )‪ :- (1‬ما ابالي وربي بعد هذا متى لقيت الموت أو لقيني‪.‬‬
‫قال جميل بن صالح‪ :‬فأنشدني أبو هاشم السيد بن محمد في كلمة له‪ :‬قول‬
‫علي لحارث عجب * كم ثم اعجوبة له حمل يا حارهمدان من يمت يرني *‬
‫من مؤمن أو منافق قبل يعرفني طرفه وأعرفه * بعينه واسمه وما عمل‬
‫وأنت عند الصراط تعرفني * فل تخف عثرة ول زلل أسقيك من بارد على‬
‫ظماء * تخاله في الحلوة العسل أقول للنار حين توقف للعر * ض على‬
‫جسرها ذري الرجل‬

‫)‪ (1‬جذل أي فرحا أو سريعا‪ ،‬وفى مجالس المفيد‪ :‬فقام الحارث يجر رداءه ويقول‬
‫ما أبالى الخ )*(‪.‬‬

‫]‪[122‬‬

‫ذريه ل تقربيه إن له * حبل بحبل الوصي متصل هذا لنا شيعة وشيعتنا * أعطاني‬
‫ال فيهم المل )‪ .(1‬جا‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن علي بن محمد بن الزبير‪ ،‬عن‬
‫محمد بن علي بن مهدى مثله )‪ .(2‬ما‪ :‬عن جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن‬
‫محمد بن علي مثله )‪ .(3‬بيان‪ " :‬يتأد " أي يتثبت ويتأنى من التؤدة‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ يتأود أي يتعطف ويعوج والمحجن كمنبر العصا المعوجة "‬
‫وزادني أو زاد " الترديد من الراوي وفي ما‪ " :‬أوارا وغليل " والوار‬
‫بالضم حرارة الشمس وحرارة العطش‪ ،‬والغليل الحقد والضغن وحرارة‬
‫الحب والحزن‪ ،‬ومقتصد أي متوسط بين الفراط والتفريط تال يتلو أئمة‬
‫الحق ويتبعهم‪ ،‬وفي بعض النسخ " قال " أي مبغض لئمة الجور‪ ،‬و‬
‫الول أظهر‪ ،‬وأحجم عنه كف أو نكص هيبة " حسبك " في بعض النسخ‬
‫بحسبك فالباء زائدة أو هو على صيغة المضارع‪ ،‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬قد‬
‫مخففة حرفية واسمية وهي على وجهين اسم فعل مرادفة ليكفي‪ :‬قدني‬
‫درهم‪ ،‬وقد زيدا درهم أي يكفي واسم مرادف لحسب وتستعمل مبنية غالبا‪:‬‬
‫قد زيد درهم‪ ،‬ومعربة قد زيد بالرفع وقال‪ :‬الصدع الشق وقوله تعالى "‬
‫فاصدع بما تؤمر " أي شق جماعاتهم بالتوحيد أو اجهر بالقرآن وأظهر‬
‫أو احكم بالحق وافصل بالمر أو اقصد بما تؤمر أو افرق به بين الحق‬
‫والباطل‪ .‬وقال‪ :‬أرعني وراعني سمعك استمع لمقالي‪ ،‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫أرعيته سمعي أي أصغيت إليه " من كانت له حصافة " أي استحكام عقل‬
‫وضبط للكلم‪ ،‬في القاموس حصف ككرم‪ :‬استحكم عقله‪ ،‬وأحصف المر‬
‫أحكمه‪ ،‬قوله عليه السلم‪ " :‬نفل "‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .6 - 4‬مجالس المفيد ص ‪ ،11‬إلى قوله متصل‪) .‬‬
‫‪ (3‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ ،239‬واستخرجه بلفظه في ج ‪ 39‬ص ‪239‬‬
‫‪ 241 -‬من هذه الطبعة )*(‪.‬‬
‫]‪[123‬‬

‫أي زائدا على ما اعطيت من الفضائل والمكارم‪ ،‬في النهاية النفل بالسكون وقد‬
‫يحرك الزيادة " وللمستحفظين " على بناء المفعول أي الئمة الذين طلب‬
‫منهم حفظ العلم والدين كما قال تعالى‪ " :‬بما استحفظوا من كتاب ال "‬
‫وفي القاموس وفي المثل قصيرة من طويلة أي تمرة من نخلة‪ ،‬يضرب في‬
‫اختصار الكلم )‪ (1‬قوله فأنشدني في جا وما وأنشدني أبو هاشم السيد‬
‫الحميري رحمه ال فيما تضمنه هذا الخبر قول علي عليه السلم الخ‪ .‬قوله‬
‫" جذل " بكسر الذال أي فرحا أو بالتحريك مصدرا‪ ،‬و " كم ثم " أي حمل‬
‫حارث هناك أعاجيب كثيرة له " يا حار همدان " قال شارح الديوان‪:‬‬
‫الترخيم هنا لضرورة الشعر إذ ل يجوز ترخيم المنادى المضاف في غيرها‬
‫وفي القاموس رأيته قبل محركة وبضمتين وكصرد وكعنب أي عيانا‬
‫ومقابلة وقال‪ :‬خال الشئ يخاله ظنه " على جسرها " في الديوان " ذريه‬
‫ل تقربي الرجل " وفي ما‪ " :‬دعيه ل تقبلي الرجل "‪ - 50 .‬بشا‪ :‬عن‬
‫الحسن بن الحسين بن بابويه‪ ،‬عن عمه محمد بن الحسن‪ ،‬عن أبيه الحسن‬
‫بن الحسين‪ ،‬عن عمه أبي جعفر بن بابويه‪ ،‬عن القطان‪ ،‬عن ابن زكريا‬
‫عن ابن حبيب‪ ،‬عن ابن بهلول‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي الحسن العبدي‪ ،‬عن‬
‫سليمان ابن مهران‪ ،‬عن عباية بن ربعي قال‪ :‬قلت لعبد ال بن العباس‪ :‬لم‬
‫كنى رسول ال صلى ال عليه وآله عليا عليه السلم أبا تراب ؟ قال‪ :‬لنه‬
‫صاحب الرض‪ ،‬وحجة ال على أهلها بعده‪ ،‬وبه بقاؤها‪ ،‬وإليه سكونها‪،‬‬
‫ولقد سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬إنه إذا كان يوم القيامة‬
‫ورأى الكافر ما أعد ال تعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى والكرامة‪،‬‬
‫قال‪ " :‬يا ليتني كنت ترابا " أي يا ليتني كنت من شيعة علي وذلك قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " )‪ - 51 .(2‬بشا‪ :‬بالسناد‬
‫إلى الصدوق‪ ،‬عن محمد بن عمر‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن ثابت‬

‫)‪ (1‬قال ابن العرابي‪ :‬الطويلة‪ :‬النخلة والقصيرة‪ :‬التمرة‪ ،‬راجع مجمع المثال ج‬
‫‪ 2‬ص ‪ 106‬تحت الرقم ‪ (2) .2887‬بشارة المصطفى ص ‪ ،11‬والية في‬
‫النبأ‪.(*) 40 :‬‬

‫]‪[124‬‬

‫عن محمد بن العباس‪ ،‬عن الحسن بن الحسين العرني‪ ،‬عن عمر بن ثابت‪ ،‬عن‬
‫عطاء بن السائب‪ ،‬عن ابن يحيى‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة‪ ،‬ولو أتوني بذنوب أهل‬
‫الرض‪ :‬الضارب بسيفه أمام ذريتي‪ ،‬والقاضي لهم حوائجهم عند ما‬
‫اضطروا عليه‪ ،‬والمحب لهم بقلبه ولسانه )‪ - 52 .(1‬بشا‪ :‬بالسناد إلى‬
‫الصدوق‪ ،‬عن العسكري‪ ،‬عن محمد بن منصور وأبي يزيد القرشي‪ ،‬عن‬
‫نصر بن علي الجهضمي‪ ،‬عن علي بن جعفر‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن‬
‫آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال‪ :‬أخذ رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله بيد الحسن والحسين فقال‪ :‬من أحب هذين وأباهما وأمهما كان معي‬
‫في درجتي يوم القيامة )‪ .(2‬بشا‪ :‬عن أبي محمد الجبار بن علي‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمان بن أحمد‪ ،‬عن أحمد بن الحسن الباقلني‪ ،‬عن عمر بن إبراهيم‬
‫الزهري‪ ،‬عن إسماعيل بن محمد الكاتب‪ ،‬عن الحسن ابن علي بن زكريا‪،‬‬
‫عن علي بن جعفر مثله‪ - 53 .‬بشا‪ :‬عن محمد بن عبد الوهاب الرازي‪،‬‬
‫عن محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري‪ ،‬عن عقيل بن الحسين‬
‫العلوي‪ ،‬عن الحسن بن العباس الكرماني عن علي بن إسماعيل العبدي‪،‬‬
‫عن دحية بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن عبد ال البلخي عن قتيبة بن سعيد‪،‬‬
‫عن حماد بن زيد‪ ،‬عن عبد الرحمان السراج‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر قال‪:‬‬
‫سألت النبي صلى ال عليه وآله عن علي بن أبي طالب عليه السلم‬
‫فغضب وقال‪ :‬ما بال أقوام يذكرون منزلة من منزلته من ال كمنزلتي‪ ،‬من‬
‫له منزلة كمنزلتي أل ومن أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني رضي ال‬
‫عنه‪ ،‬ومن رضي ال عنه كافاه الجنة أل ومن أحب عليا تقبل ال صلته‬
‫وصيامه وقيامه‪ ،‬واستجاب ال له دعاءه‪ .‬أل ومن أحب عليا استغفرت له‬
‫الملئكة وفتحت له أبواب الجنة الثمانية‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .20‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 38‬‬

‫]‪[125‬‬

‫فدخل من أي باب شاء بغير حساب‪ ،‬أل ومن أحب عليا ل يخرج من الدنيا حتى‬
‫يشرب من الكوثر‪ ،‬ويأكل من شجرة طوبى ويرى مكانه من الجنة‪ ،‬أل ومن‬
‫أحب عليا هون ال تعالى عليه سكرات الموت‪ ،‬وجعل قبره روضة من‬
‫رياض الجنة‪ ،‬أل ومن أحب عليا أعطاه ال بعدد كل عرق في بدنه حوراء‪،‬‬
‫ويشفع في ثمانين من أهل بيته‪ ،‬وله بكل شعرة على بدنه مدينة في الجنة‪.‬‬
‫أل ومن أحب عليا بعث ال إليه ملك الموت برفق‪ ،‬ورفع ال عزوجل عنه‬
‫هول منكر ونكير‪ ،‬ونور قبره وبيض وجهه‪ ،‬أل ومن أحب عليا عليه‬
‫السلم أظله ال في ظل عرشه مع الشهداء والصديقين‪ ،‬أل ومن أحب عليا‬
‫نجاه ال من النار أل ومن أحب عليا تقبل ال منه حسناته‪ ،‬وتجاوز عن‬
‫سيئاته‪ ،‬وكان في الجنة رفيق حمزة سيد الشهداء‪ ،‬أل ومن أحب عليا أثبت‬
‫ال الحكمة في قلبه وأجرى على لسانه الصواب‪ ،‬وفتح ال له أبواب‬
‫الرحمة‪ ،‬أل ومن أحب عليا سمي في السماوات أسير ال في الرض‪ .‬أل‬
‫ومن أحب عليا ناداه ملك من تحت العرش أن‪ :‬يا عبد ال استأنف العمل‬
‫فقد غفر ال لك الذنوب كلها‪ ،‬أل ومن أحب عليا جاء يوم القيامة كالقمر‬
‫ليلة البدر أل ومن أحب عليا وضع ال على رأسه تاج الملك وألبسه حلة‬
‫الكرامة‪ ،‬أل ومن أحب عليا عليه السلم‪ :‬مر على الصراط كالبرق‬
‫الخاطف‪ ،‬أل ومن أحب عليا وتوله كتب ال له براءة من النار‪ ،‬وجوازا‬
‫من الصراط وأمانا من العذاب‪ ،‬أل ومن أحب عليا ل ينشر له ديوان‪ ،‬ول‬
‫ينصب له ميزان‪ ،‬ويقال أو قيل له‪ :‬ادخل الجنة بغير حساب أل ومن أحب‬
‫عليا صافحته الملئكة وزارته النبياء‪ :‬وقضى ال له كل حاجة كانت له‬
‫عند ال عزوجل‪ ،‬أل ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة قالها‬
‫ثلثا‪ .‬قال قتيبة بن سعيد أبو رجاء‪ :‬كان حماد بن زيد يفتخر بهذا الحديث‬
‫ويقول هو الصل لمن يقربه )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 44‬‬

‫]‪[126‬‬

‫أقول‪ :‬رواه الصدوق رحمه ال في فضائل الشيعة عن أبيه عن المؤذب عن أحمد‬


‫ابن علي الصبهاني رفعه إلى نافع مثله )‪ (1‬مع أدنى تفاوت وزيادة‪- 54 .‬‬
‫بشا‪ :‬عن محمد بن أحمد بن شهريار‪ ،‬عن محمد بن محمد بن الحسين‪ ،‬عن‬
‫محمد بن حمزة ابن الحسين عن الحسين بن على بن بابويه عن محمد‬
‫الحسين بن النحوي عن سعد ابن عبد ال‪ ،‬عن عبد ال بن أحمد بن كليب‪،‬‬
‫عن جعفر بن خالد‪ ،‬عن صفوان بن يحيى عن حذيفة بن منصور قال‪ :‬كنت‬
‫عند أبي عبد ال عليه السلم إذ دخل عليه رجل فقال‪ :‬جعلت فداك إن لي‬
‫أخا ل يؤتى من محبتكم وإجللكم وتعظيمكم غير أنه يشرب الخمر فقال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬أما إنه لعظيم أن يكون محبنا بهذه الحالة‪ ،‬ولكن أل‬
‫انبئكم بشر من هذا ؟ الناصب لنا شر منه‪ .‬وإن أدنى المؤمنين وليس فيهم‬
‫دني ليشفع في مائتي إنسان‪ ،‬ولو أن أهل السماوات السبع والرضين‬
‫السبع‪ ،‬والبحار السبع‪ ،‬شفعوا في ناصبى ما شفعوا فيه أل إن هذا ل يخرج‬
‫من الدنيا حتى يتوب أو يبتليه ال ببلء في جسده‪ ،‬فيكون تحبيطا لخطاياه‬
‫حتى يلقى ال عزوجل ل ذنب له‪ ،‬إن شيعتنا على السبيل القوم إن شيعتنا‬
‫لفي خير ثم قال عليه السلم‪ :‬إن أبي كان كثيرا ما يقول‪ :‬احبب حبيب آل‬
‫محمد وإن كان مرهقا ذيال وابغض بغيض آل محمد وإن كان صواما قواما‬
‫)‪ .(2‬بيان‪ " :‬ل يؤتى من محبتكم " أي ل يأتيه الشيطان من جهة محبتكم‬
‫أو ل يهلك بسبب ترك المحبة في القاموس أتيته‪ :‬جئته وأتى عليه الدهر‪،‬‬
‫أهلكه‪ ،‬و أتي فلن كعني أشرف عليه العدو‪ ،‬وفي النهاية يقال رجل فيه‬
‫رهق إذا كان يخف إلى الشر ويغشاه‪ ،‬والرهق‪ :‬السفه‪ ،‬وغشيان المحارم‪،‬‬
‫ومنه حديث أبي وائل أنه صلى على امرأة كانت ترهق أي تتهم بشر‪ ،‬ومنه‬
‫الحديث الخر فلن مرهق أي متهم بسوء وصفه‪ ،‬وكأن المراد بالذيال من‬
‫يجر ذيله للخيلء قال في النهاية في حديث مصعب بن عمير كان مترفا في‬
‫الجاهلية يدهن بالعبير‪ ،‬ويذيل يمنة اليمن‬

‫)‪ (1‬فضائل الشيعة ص تحت الرقم ‪ (2) .1‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 45‬‬

‫]‪[127‬‬

‫أي يطيل ذيلها وفي القاموس ذال فلن تبختر فجر ذيله‪ ،‬والذيال الطويل القد الطويل‬
‫الذيل‪ ،‬المتبختر في مشيه‪ - 55 .‬بشا‪ :‬عن عمر بن إبراهيم بن حمزة‬
‫وسعيد بن محمد الثقفي معا عن محمد ابن على بن الحسن العلوي عن‬
‫محمد بن الحجاج الجعفي عن زيد بن محمد العامري عن علي بن الحسين‬
‫القرشي عن إسماعيل بن أبان عن عمر بن ثابت عن ميسرة بن حبيب عن‬
‫علي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬إنا يوم القيامة آخذون بحجزة نبينا‪،‬‬
‫وإن شيعتنا آخذون بحجزتنا )‪ - 56 .(1‬بشا‪ :‬عن يحيى بن محمد الجوانى‬
‫عن الحسين بن علي بن الداعي‪ ،‬عن جعفر بن محمد الحسيني‪ ،‬عن محمد‬
‫بن عبد ال الحافظ‪ ،‬عن علي بن محمد الحسيني‪ ،‬عن محمد ابن موسى‬
‫الشامي‪ ،‬عن عبيد ال بن محمد التيمي‪ ،‬عن إسماعيل بن عمرو البجلي‪،‬‬
‫عن الجلح‪ ،‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ،‬عن عاصم بن أبي ضمرة‪ ،‬عن علي‬
‫عليه السلم قال‪ :‬أخبرني رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أن أول من يدخل‬
‫الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين قلت‪ :‬يا رسول ال فمحبونا ؟ قال‪ :‬من‬
‫ورائكم )‪ - 57 .(2‬بشا‪ :‬عن محمد بن أحمد بن شهريار‪ ،‬عن محمد بن‬
‫محمد البرسي‪ ،‬عن عبيد ال بن محمد الشيباني‪ ،‬عن محمد بن الحسين‬
‫التيملى‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن جعفر بن محمد الرماني عن الحسن بن‬
‫الحسين العابد‪ ،‬عن حسين بن علوان‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن أبي جعفر الباقر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال سبحانه يبعث شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على‬
‫ما كان منهم من الذنوب والعيوب‪ ،‬ووجوههم كالقمر ليلة البدر‪ ،‬مسكنة‬
‫روعاتهم‪ ،‬مستورة عوراتهم‪ ،‬قد اعطوا المن والمان‪ ،‬يخاف الناس ول‬
‫يخافون‪ ،‬ويحزن الناس و ل يحزنون‪ ،‬يحشرون على نوق لها أجنحة من‬
‫ذهب تتلل‪ ،‬قد ذللت من غير رياضة أعناقها من ياقوت أحمر‪ ،‬ألين من‬
‫الحوير‪ ،‬لكرامتهم على ال )‪ - 58 .(3‬بشا‪ :‬عن يحيى بن محمد الحسيني‪،‬‬
‫عن الحسين بن علي الحسني‪ ،‬عن جعفر بن‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ 2) .51‬و ‪ (3‬بشارة المصطفى ص ‪ 55‬و ‪.(*) 56‬‬


‫]‪[128‬‬

‫محمد الحسيني‪ ،‬عن محمد بن عبد ال الحافظ‪ ،‬عن محمد بن هارون الدقيقي‪ ،‬عن‬
‫سمانة بنت حمران‪ ،‬عن أبيها‪ ،‬عن عمرو بن زياد اليوناني‪ ،‬عن عبد‬
‫العزيز بن محمد‪ ،‬عن زيد بن أسلم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عمر بن الخطاب قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أنا وفاطمة والحسن والحسين وعلي‬
‫في حظيرة القدس في قبة بيضاء‪ ،‬وهي قبة المجد وشيعتنا عن يمين‬
‫الرحمن تبارك وتعالى )‪ - 59 .(1‬بشا‪ :‬عن عمر بن إبراهيم العلوي وسعيد‬
‫بن محمد الثقفى‪ ،‬عن محمد بن علي ابن عبد الرحمان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن علي المرهبي‪ ،‬عن علي بن مجالد عن جعفر بن حفص‪ ،‬عن سوادة بن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبي العباس الضرير‪ ،‬عن أبي الصباح‪ ،‬عن همام أبي علي قال‪:‬‬
‫قلت لكعب الحبر‪ :‬ما تقول في هذه الشيعة شيعة علي بن أبيطالب عليه‬
‫السلم ؟ قال‪ :‬يا همام إني لجد صفتهم في كتاب ال المنزل أنهم حزب ال‬
‫و أنصار دينه‪ ،‬وشيعة وليه‪ ،‬وهم خاصة ال من عباده‪ ،‬ونجباؤه من‬
‫خلقه‪ ،‬اصطفاهم لدينه‪ ،‬وخلقهم لجنته‪ ،‬مسكنهم الجنة‪ ،‬إلى الفردوس‬
‫العلى خيام الدر وغرف اللؤلوء‪ ،‬وهم في المقربين البرار‪ ،‬يشربون من‬
‫الرحيق المختوم‪ ،‬وتلك عين يقال لها تسنيم‪ ،‬ل يشرب منها غيرهم‪ ،‬وإن‬
‫تسنيما عين وهبها ال لفاطمة بنت محمد زوجة علي بن أبيطالب تخرج‬
‫من تحت قائمة قبتها‪ ،‬على برد الكافور‪ ،‬وطعم الزنجبيل‪ ،‬وريح المسك‪ ،‬ثم‬
‫تسيل فيشرب منها شيعتها وأحباؤها‪ .‬وإن لقبتها أربع قوائم قائمة من‬
‫لؤلؤة بيضاء تخرج من تحتها عين تسيل في سبل أهل الجنة‪ ،‬يقال لها‬
‫السلسبيل‪ ،‬وقائمة من درة صفراء تخرج من تحتها عين يقال لها طهور‪،‬‬
‫وقائمة من زمردة خضراء تخرج من تحتها عينان نضاختان من خمر‬
‫وعسل‪ ،‬فكل عين منها تسيل إلى أسفل الجنان إل التسنيم‪ ،‬فانها تسيل إلى‬
‫عليين‪ ،‬فيشرب منها خاصة أهل الجنة‪ ،‬وهم شيعة علي وأحباؤه‪ ،‬وتلك‬
‫قول ال عزوجل في كتابه " يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي‬
‫ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون "‬
‫)‪ (2‬فهنيئا لهم‪ .‬ثم قال كعب‪ :‬وال‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .57‬المطففين‪.(*) 28 - 25 :‬‬

‫]‪[129‬‬

‫ل يحبهم إل من أخذ ال عزوجل منه الميثاق‪ .‬ثم قال المصنف قدس ال روحه‪ :‬قال‬
‫محمد بن أبي القاسم يحرى أن تكتب الشيعة هذا الخبر بالذهب لنمائه‬
‫وتحفظه وتعمل بما فيه بما تدرك به هذه الدرجات العظيمة ل سيما رواية‬
‫روتها العامة‪ ،‬فتكون أبلغ في الحجة وأوضح في الصحة رزقنا ال العلم‬
‫والعمل بما أدوا إلينا الهداة الئمة عليهم الصلة والسلم )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫لنمائه أي ل ذاعته وإفشائه‪ - 59 .‬بشا‪ :‬عن عمرو بن محمد العلوي‬
‫وسعيد بن محمد الثقفي‪ ،‬عن محمد بن على بن الحسين‪ ،‬عن علي بن‬
‫العباس‪ ،‬عن جعفر بن محمد الزهري‪ ،‬عن عثمان بن سعيد‪ ،‬عن يونس بن‬
‫أبي يعفور الجعفي‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ :‬أنه قال‪ :‬لن‬
‫يغفر ال إل لنا ولشيعتنا‪ ،‬إن شيعتنا هم الفائزون يوم القيامة )‪ .(2‬وبهذا‬
‫السناد عن محمد بن على‪ ،‬عن محمد بن عبد ال الجعفي‪ ،‬عن ابن عقدة‪،‬‬
‫عن يعقوب بن يوسف‪ ،‬وأحمد بن حازم‪ ،‬عن يعقوب‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫موسى‪ ،‬عن خالد بن طهمان‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بحبنا يغفر‬
‫لكم )‪ - 60 .(3‬بشا‪ :‬بالسناد إلى المفيد عن الحسين بن أحمد بن المغيرة‬
‫عن حيدر بن محمد عن محمد بن عمر عن العياشي عن محمد النهدي عن‬
‫معاويه بن حكيم عن شريف بن سابق عن حمار السمندى قال‪ :‬قلت لبي‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬إني أدخل بلد الشرك وإن من عندنا يقولون‪ :‬إن مت‬
‫ثم حشرت معهم‪ ،‬قال فقال لي‪ :‬يا حماد إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعو إليه ؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإذا كنت في هذه المدن مدن السلم تذكر أمرنا وتدعو‬
‫إليه ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ل‪ ،‬فقال لي‪ :‬إنك إن مت ثم حشرت امة وحدك وسعى نور‬
‫بين يديك )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .60‬بشارة المصطفى ص ‪ (3) .76‬بشارة المصطفى‬


‫ص ‪ (4) .81‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 82‬‬

‫]‪[130‬‬

‫‪ - 61‬بشا‪ :‬عن محمد ين عيسى بن عبد الوهاب‪ ،‬عن محمد بن أحمد النيسابوري‬
‫عن عبد الملك بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن يعقوب‪ ،‬عن إسحاق بن أحمد‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن إسحاق‪ ،‬عن عبيد بن موسى الروياني‪ ،‬عن محمد بن‬
‫علي بن خلف‪ ،‬عن الحسين الشقر‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن أبي وائل‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬لما خلق ال آدم‬
‫عليه السلم ونفخ فيه الروح عطس آدم عليه السلم فالهم أن قال‪ :‬الحمد‬
‫ل رب العالمين‪ ،‬فأوحى ال إليه أن يا آدم‪ ،‬حمدتني فوعزتي وجللي لول‬
‫عبدين اريد أن أخلقهما في آخر الدنيا ما خلقتك‪ ،‬قال‪ :‬أي رب فمتى يكونان‬
‫؟ وما سميتهما ؟ فأوحى ال إليه أن ارفع رأسك‪ ،‬فرفع رأسه فإذا تحت‬
‫العرش مكتوب " ل إله إل ال محمد رسول ال نبي الرحمة وعلي مفتاح‬
‫الجنة اقسم بعزتي أن أرحم من توله واعذب من عاداه )‪ - 62 .(1‬بشا‪:‬‬
‫عن محمد بن شهريار‪ ،‬عن محمد بن محمد البرسي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسين القرشي‪ ،‬عن أحمد بن أحمد بن حمران‪ ،‬عن محمد بن علي‬
‫المقري‪ ،‬عن عبيد ال ابن محمد اليادي‪ ،‬عن عمر بن مدرك‪ ،‬عن محمد‬
‫بن زياد المكي‪ ،‬عن جرير بن عبد الحميد‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن عطية العوفي‬
‫قال‪ :‬خرجت مع جابر بن عبد ال النصاري رحمه ال زائرين قبر الحسين‬
‫بن علي بن أبي طالب عليه السلم فلما وردنا كربلء دنا جابر من شاطئ‬
‫الفرات فاغتسل ثم ائتزر بازار‪ ،‬وارتدى بآخر‪ ،‬ثم فتح صرة فيها سعد‬
‫فنثرها على بدنه‪ ،‬ثم لم يخط خطوة إل ذكر ال حتى إذا دنا من القبر قال‪:‬‬
‫ألمسنيه فألمسته فخر على القبر مغشيا عليه فرششت عليه شيئا من الماء‬
‫فأفاق‪ .‬ثم قال‪ :‬يا حسين ‪ -‬ثلثا ‪ -‬ثم قال‪ :‬حبيب ل يجيب حبيبه‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وأنى لك بالجواب‪ ،‬وقد شحطت أوداجك على أثباجك )‪ (2‬وفرق بين بدنك‬
‫ورأسك فأشهد أنك ابن النبيين وابن سيد المؤمنين‪ ،‬وابن حليف التقوى‪.‬‬
‫وسليل الهدى‪ ،‬وخامس أصحاب الكساء‪ ،‬وابن سيد النقباء‪ ،‬وابن فاطمة‬
‫سيدة النساء‪ ،‬ومالك ل تكون‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .82‬جمع ثبج‪ :‬ما بين الكاهل إلى الظهر )*(‪.‬‬

‫]‪[131‬‬

‫هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين‪ ،‬وربيت في حجر المتقين‪ ،‬ورضعت من ثدي‬
‫اليمان‪ ،‬وفطمت بالسلم‪ ،‬فطبت حيا وطبت ميتا غير أن قلوب المؤمنين‬
‫غير طيبة لفراقك ول شاكة في الخيرة لك )‪ (1‬فعليك سلم ال ورضوانه‬
‫وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا‪ .‬ثم جال‬
‫ببصره حول القبر وقال‪ :‬السلم عليكم أيها الرواح التي حلت بفناء‬
‫الحسين‪ ،‬وأناخت برحله‪ ،‬أشهد أنكم أقمتم الصلة‪ ،‬وآتيتم الزكاة وأمرتم‬
‫بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين‪ ،‬وعبدتم ال حتى أتاكم‬
‫اليقين والذي بعث محمدا بالحق لقد شاركنا كم فيما دخلتم فيه‪ .‬قال عطية‪:‬‬
‫فقلت لجابر‪ :‬وكيف ولم نهبط واديا‪ ،‬ولم نعل جبل‪ ،‬ولم نضرب بسيف‪،‬‬
‫والقوم قد فرق بين رؤسهم وأبدانهم‪ ،‬واوتمت أولدهم وأرملت الزواج ؟‬
‫فقال لي‪ :‬يا عطية سمعت حبيبي رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬من‬
‫أحب قوما حشر معهم‪ ،‬ومن أحب عمل القوم اشرك في عملهم‪ ،‬والذي بعث‬
‫محمدا بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين‬
‫وأصحابه‪ ،‬خذوا بي نحو أبيات كوفان‪ ،‬فلما صرنا في بعض الطريق فقال‬
‫لي‪ :‬يا عطية هل اوصيك ؟ وما أظن أنني بعد هذه السفرة ملقيك‪ ،‬أحب‬
‫محب آل محمد ما أحبهم‪ ،‬وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم‪ ،‬وإن كان‬
‫صواما قواما‪ ،‬وارفق بمحب آل محمد فانه إن تزل ]لهم[ قدم بكثرة‬
‫ذنوبهم‪ ،‬ثبتت لهم اخرى بمحبتهم‪ ،‬فان محبهم يعود إلى الجنة ومبغضهم‬
‫يعود إلى النار )‪ - 63 .(2‬بشا‪ :‬عن أبي علي ابن شيخ الطائفة‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن المفيد‪ ،‬عن المراغي عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن البطائني‪ .‬وعن المفيد‬
‫أيضا‪ ،‬عن أحمد بن الوليد عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن عبد ال بن الوليد‬
‫قال‪ :‬دخلنا على أبي عبد ال عليه السلم في زمن بني مروان فقال‪ :‬ممن‬
‫أنتم ؟ قلنا‪ :‬من أهل الكوفة‪ ،‬قال‪ :‬ما من أهل البلدان أكثر محبا‬

‫)‪ (1‬في حياتك خ ل والشاكة جمع شائك‪ :‬ذو الشوك‪ (2) .‬بشارة المصطفى‪89 :‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[132‬‬

‫لنا من أهل الكوفة‪ ،‬ل سيما هذه العصابة‪ ،‬إن ال هداكم لمر جهله الناس‬
‫فأحببتمونا وأبغضنا الناس‪ ،‬وتابعتمونا وخالفنا الناس‪ ،‬وصدقتمونا وكذبنا‬
‫الناس‪ ،‬فأحياكم ال محيانا‪ ،‬وأما تكم مماتنا‪ ،‬فأشهد علي أبي أنه كان‬
‫يقول‪ :‬ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقربه عينيه أو يغتبط إل أن تبلغ‬
‫نفسه ههنا وأهوى بيده إلى حلقه وقد قال ال عزوجل في كتابه " ولقد‬
‫أرسلنا رسل من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية " فنحن ذرية رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله )‪ - 64 .(1‬بشا‪ :‬عن عمر بن محمد بن حمزة العلوي‬
‫وسعيد بن محمد الثقفي‪ ،‬عن محمد ابن عبد الرحمن العلوي‪ ،‬عن جعفر بن‬
‫محمد الجعفري وزيد بن جعفر بن حاجب‪ ،‬عن محمد بن القاسم المحاربي‪،‬‬
‫عن الحسن بن محمد بن عبد الواحد‪ ،‬عن حرب بن حسن الطحان‪ ،‬عن‬
‫يحيى بن مساور‪ ،‬عن بشير النبال‪ ،‬كان يرمي بالنبل‪ ،‬قال‪ :‬اشتريت بعيرا‬
‫نضوا فقال لي قوم يحملك‪ ،‬وقال قوم‪ :‬ل يحملك‪ ،‬فركبت ومشيت حتى‬
‫وصلت المدينة‪ ،‬وقد تشقق وجهي ويداي ورجلي فأتيت باب أبي جعفر‬
‫فقلت‪ :‬يا غلم استأذن لي عليه‪ ،‬قال‪ :‬فسمع صوتي فقال‪ :‬ادخل يا بشير‬
‫مرحبا يا بشير ما هذا الذي أرى بك ؟ قلت‪ :‬جعلت فداك اشتريت بعيرا‬
‫نضوا فركبت ومشيت فشقق وجهي ويداي ورجلي‪ ،‬قال‪ :‬فما دعاك إلى‬
‫ذلك ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬حبكم وال جعلت فداك‪ ،‬قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة فزع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله إلى ال‪ ،‬وفزعنا إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ ،‬وفزعتم إلينا فالى أين ترونا نذهب بكم ؟ إلى الجنة ورب الكعبة‬
‫إلى الجنة ورب الكعبة )‪ .(2‬بيان‪ " :‬وكان يرمي بالنبل " أي لقب بالنبال‬
‫لرميه بالنبل‪ ،‬ل لنه كان صانعه‪ ،‬في القاموس النبل أي بالفتح السهام بل‬
‫واحد أو نبلة‪ ،‬والجمع أنبال ونبال والنبال صاحبه وصانعه ونبله رماه به‬
‫وقال‪ :‬النضو بالكسر المهزول من البل و غيرها‪ " ،‬فركبت " أي أحيانا "‬
‫ومشيت " أحيانا‪.‬‬

‫)‪ (1‬المصدر ص ‪ 98‬والية في الرعد‪ (2) .38 :‬المصدر ص ‪.(*) 105‬‬


‫]‪[133‬‬

‫‪ - 65‬بشا‪ :‬عن محمد بن عبد الوهاب الرازي‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن الحسين عن‬
‫الحسن بن علي الصفار‪ ،‬عن أبي عمران مهدي‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن محمد‬
‫بن أحمد القطواني‪ ،‬عن إبراهيم بن أنس‪ ،‬عن إبراهيم بن جعفر بن عبد‬
‫ال‪ ،‬عن ابن الزبير عن جابر بن عبد ال قال‪ :‬كنا عند النبي صلى ال عليه‬
‫وآله فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلم فقال النبي صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة‪ ،‬فضربها بيده وقال‪ :‬والذي نفسي بيده‬
‫إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة‪ ،‬ثم قال‪ :‬إنه أولكم إيمانا معي‪،‬‬
‫وأوفاكم بعهد ال‪ ،‬وأقومكم بأمر ال عزوجل‪ ،‬وأعدلكم في الرعية‬
‫وأقسمكم بالسوية‪ ،‬وأعظمكم عند ال مزية‪ ،‬قال‪ :‬ونزلت " إن الذين آمنوا‬
‫وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية " )‪ - 66 .(1‬بشا‪ :‬عن يحيى بن‬
‫محمد الجواني‪ ،‬عن الحسين بن علي الداعي عن جعفر بن محمد‬
‫الحسيني‪ ،‬عن محمد بن عبد ال الحافظ‪ ،‬عن عبد الباقي بن نافع والحسن‬
‫بن محمد الزهري‪ ،‬عن محمد بن زكريا بن دينار‪ ،‬عن يحيى بن أبي كثير‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن أبي هريرة قال‪ :‬إنما سميت فاطمة فاطمة صلوات ال عليها‬
‫لن ال فطم من أحبها من النار‪ .‬وعن يحيى‪ ،‬عن جامع بن أحمد‪ ،‬عن علي‬
‫بن الحسن بن العباس‪ ،‬عن إبراهيم بن محمد الثعالبي‪ ،‬عن يعقوب بن‬
‫أحمد السري‪ ،‬عن محمد بن عبد ال بن محمد عن عبد ال بن أحمد بن‬
‫عامر الطائي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنما سميت ابنتي فاطمة لن ال فطمها‬
‫وفطم من أحبها من النار )‪ - 67 .(2‬بشا‪ :‬عن ابن شيخ الطائفة‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن الفحام‪ ،‬عن المنصوري‪ ،‬عن عم أبيه‪ ،‬عن علي بن محمد العسكري‪،‬‬
‫عن آبائه‪ ،‬عن جعفر بن محمد الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهم السلم‪ ،‬عن جابر‪،‬‬
‫قال الفحام وحدثني عمي عمر بن يحيى‪ ،‬عن إبراهيم بن‬

‫)‪ (1‬المصدر ص ‪ ،110‬والية في البينة‪ (2) .7 :‬بشارة المصطفى ص ‪.(*) 159‬‬

‫]‪[134‬‬

‫عبد ال البلخي‪ ،‬عن الضحاك بن مخلد‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم‪ ،‬عن‬
‫جابر ابن عبد ال قال‪ :‬كنت عند النبي صلى ال عليه وآله أنا من جانب‪،‬‬
‫وعلي أمير المؤمنين عليه السلم من جانب إذ أقبل عمر بن الخطاب ومعه‬
‫رجل قد تلبب به )‪ (1‬فقال‪ :‬ما باله ؟ قال‪ :‬حكى عنك يا رسول ال أنك قلت‬
‫يارسول ال‪ " :‬من قال ل إله إل ال محمد رسول ال دخل الجنة " وهذا‬
‫إذا سمعه الناس فرطوا في العمال‪ ،‬أفأنت قلت ذاك يارسول ال‪ :‬قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫إذا تمسك بمحبة هذا ووليته )‪ - 68 .(2‬بشا‪ :‬عن أبي علي ابن شيخ !‬
‫الطائفة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسن بن يحيى الفحام‪ ،‬عن عمه عمر بن يحيى‪،‬‬
‫عن محمد بن سليمان بن عاصم‪ ،‬عن أحمد بن محمد العبدي عن علي بن‬
‫الحسن الموي‪ ،‬عن العباس بن عبيد ال‪ ،‬عن ابن طريف‪ ،‬عن ابن نباته‬
‫عن ابي مريم‪ ،‬عن سلمان قال‪ :‬كنا جلوسا عند النبي صلى ال عليه وآله‬
‫إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلم فناوله النبي صلى ال عليه وآله‬
‫الحصاة فلما استقرت الحصاة في كف علي عليه السلم نطقت وهي تقول‪:‬‬
‫ل إله إل ال محمد رسول ال‪ ،‬رضيت بال ربا وبمحمد نبيا وبعلي ابن أبي‬
‫طالب وليا ثم قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من أصبح منكم راضيا بال‪،‬‬
‫وبولية علي ابن أبي طالب عليه السلم فقد أمن خوف ال وعقابه )‪.(3‬‬
‫‪ - 69‬بشا‪ :‬عن يحيى بن محمد الجواني‪ ،‬عن جامع بن أحمد‪ ،‬عن علي بن‬
‫الحسن بن العباس‪ ،‬عن أحمد بن محمد الثعالبي‪ ،‬عن يعقوب بن أحمد‬
‫السرى عن محمد بن عبد ال بن محمد‪ ،‬عن عبد ال بن أحمد بن عامر‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ل صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬يا علي ]إذا كان[ يوم القيامة أخذت بحجزة ال عزوجل‪،‬‬
‫وأخذت أنت بحجزتي‪ ،‬وأخذ ولدك بحجزتك‪ ،‬وأخذ شيعة ولدك بحجزتهم‪،‬‬
‫فترى أين يؤمر بنا ؟ قال أبو القاسم الطائي‪ :‬سألت أبا العباس ثعلب عن‬
‫الحجزة‪ ،‬فقال‪ :‬هي السبب‪ ،‬وسألت نفطويه النحوي‪ ،‬عن ذلك فقال‪ :‬هي‬
‫السبب‪ ،‬قال محمد بن أبي القاسم الطبري‪ :‬وهي العصمة من ال تعالى‬

‫)‪ (1‬والرجل أبو هريرة الدوسى على ما هو المشهور في أحاديثهم‪ 2) .‬و ‪ (3‬بشارة‬
‫المصطفى‪ 162 :‬و ‪ 163‬وأمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ 288‬و ‪.(*) 289‬‬

‫]‪[135‬‬

‫وذمته التي ل تخفر‪ ،‬وحبله الذي من تمسك به لم ينقطع عنه‪ ،‬وقد أمر ال تعالى‬
‫بالتمسك به فقال‪ " :‬واعتصموا بحبل ال جميعا " يعني بولية علي بن‬
‫أبي طالب عليه السلم وولية الئمة المعصومين عليهم السلم وفقنا ال‬
‫وإياكم لطاعته وطاعة أولي المر ومحبته ومحبتهم بحق محمد وآله صلى‬
‫ال عليه وعليهم )‪ - 70 .(1‬بشا‪ :‬عن ابن شيخ الطائفة‪ ،‬عن والده‪ ،‬عن‬
‫الفحام‪ ،‬عن عمه عمر بن يحيى‪ ،‬عن عبد ال بن عامر‪ ،‬عن أبيه أحمد بن‬
‫عامر‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أربعة أنا لهم الشفيع يوم القيامة المحب‬
‫لهل بيتي‪ ،‬والموالي لهم والمعادي فيهم‪ ،‬والقاضي لهم حوائجهم‪،‬‬
‫والساعي لهم فيما ينوبهم من امورهم )‪ - 71 .(2‬بشا‪ :‬عن محمد بن علي‬
‫بن عبد الصمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي ابن الحسن القطان‪ ،‬عن‬
‫محمد بن رميح‪ ،‬عن أحمد بن يعقوب‪ ،‬عن محمد بن خالد ابن سليمان‪ ،‬عن‬
‫عبد الرزاق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن طاووس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬إن ل عمودا من ياقوتة‬
‫حمراء مشبكة بقوائم العرش ل ينالها إل علي وشيعته )‪ .(3‬وبهذا السناد‬
‫عن محمد بن عبد ال السجستاني‪ ،‬عن أحمد بن عبيد ال‪ ،‬عن إسماعيل‬
‫بن بشر‪ ،‬عن أحمد بن يعقوب مثله )‪ - 72 .(4‬بشا‪ :‬بهذا السناد عن عبد‬
‫ال بن أحمد الصفار البخاري‪ ،‬عن عبد ال ابن محمد بن يعقوب‪ ،‬عن‬
‫محمد بن الحسين بن حفص‪ ،‬عن أحمد بن عثمان بن حكيم‪ ،‬عن قصبة‪،‬‬
‫عن سوار العمى‪ ،‬عن داود بن أبي عوف أبي الجحاف‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عمير‪ ،‬عن فاطمة‪ ،‬عن ام سلمة قالت‪ :‬كانت ليلتي من رسول ال عندي‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ ،166‬والية في آل عمران‪ (2) .103 :‬بشارة المصطفى‬


‫ص ‪ ،171‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .286‬المصدر ص ‪(4) .186‬‬
‫المصدر ص ‪.(*) 192‬‬

‫]‪[136‬‬

‫فجاءت فاطمة وتبعها علي عليهما السلم فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫أبشر يا علي أنت وأصحابك في الجنة‪ ،‬أبشر يا على أنت وشيعتك في الجنة‬
‫تمام الخبر )‪ - 73 .(1‬بشا‪ :‬عن محمد بن علي بن عبد الصمد‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن جده‪ ،‬عن أبي الحسين بن أبي الطيب بن شعيب‪ ،‬عن أحمد بن أبي‬
‫القاسم القرشي‪ ،‬عن عيسى ابن مهران‪ ،‬عن مخول بن إبراهيم‪ ،‬عن جابر‬
‫الجعفي‪ ،‬عن عبيدال بن شريك عن الحارث‪ ،‬عن علي عليه السلم قال‪:‬‬
‫أتيت أمير المؤمنين عليا بعد هدأة من الليل فقال‪ :‬ما جاء بك يا أعور ؟‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أمير المؤمنين حبك‪ ،‬قال‪ :‬ال الذي ل إله إل هو ؟ وأعاد علي‬
‫ذلك ثلثا‪ ،‬وقال‪ :‬أما إنك ستراني في ثلث مواطن‪ :‬حين تبلغ نفسك ههنا‬
‫وأشار مخول إلى حلقه‪ ،‬وعلى الصراط‪ ،‬وعند الحوض )‪ .(2‬بيان‪ :‬في‬
‫القاموس هدأ كمنع هدءا وهدوءا‪ :‬سكن‪ ،‬وأتانا بعد هدء من الليل وهدء‬
‫وهدأة أي حين هدأ الليل والرجل‪ ،‬أو الهدء أول الليل إلى ثلثه )‪ " (3‬ال "‬
‫مجرور على القسم‪ ،‬بتقدير حرف الستفهام‪ - 74 .‬بشا‪ :‬عن محمد بن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أحمد بن أبي جعفر البيهقي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫إبراهيم بن حسنويه‪ ،‬عن عبد ال بن علي‪ ،‬عن محمد بن صالح‪ ،‬عن‬
‫موسى بن عمران‪ ،‬عن أبي عمرو الفراء‪ ،‬عن داود بن أبي السبيك‪ ،‬عن‬
‫أبي هارون العبدي قال‪ :‬خرجت عام الحرة‪ ،‬فإذا جمع من الناس‪ ،‬فقلت‪ :‬ما‬
‫هذا الجمع ؟ فقيل‪ :‬هذا أبو سعيد الخدري قال‪ :‬فانتهيت إليه وقلت‪ :‬حدثني‬
‫في علي بن أبيطالب عليه السلم فقال أبو سعيد‪ :‬أرسل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله مناديا ينادي‪ :‬من قال ل إله إل ال محمد رسول ال دخل‬
‫الجنة‪ ،‬فاستقبل المنادي عمر بن الخطاب فسأله أعام هو أم خاص ؟ قال‪:‬‬
‫فرجع المنادي إلى رسول ال صلى ال عليه وآله وقال‪ :‬أمرتني أن انادي‬
‫في الناس وإن عمر استقبلني فقال‪ :‬أعام هو أم خاص ؟ قال‪ :‬فضرب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله بيده على‪.‬‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .188‬المصدر ص ‪ (3) .187‬القاموس ج ‪ 1‬ص ‪33‬‬


‫)*(‪.‬‬

‫]‪[137‬‬

‫منكب علي عليه السلم فقال‪ :‬هي لهذا وشيعته )‪ - 75 .(1‬بشا‪ :‬عن محمد بن علي‬
‫بن عبد الصمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن الصدوق عن محمد بن عمر‬
‫الحافظ‪ ،‬عن عبد ال بن يزيد‪ ،‬عن محمد بن ثواب‪ ،‬عن إسحاق بن‬
‫منصور‪ ،‬عن كادح‪ ،‬عن أبي جعفر البجلي‪ ،‬عن عبد ال بن لهيعة‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن ابن زياد‪ ،‬عن سالم بن يسار‪ ،‬عن جابر بن عبد ال قال‪ :‬لما قدم‬
‫علي عليه السلم على رسول ال صلى ال عليه وآله بفتح خيبر‪ ،‬قال له‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬لو ل أن يقول فيك طوايف من امتي ما‬
‫قالت النصارى للمسيح عيسى بن مريم لقلت اليوم فيك مقال ل تمر بملء‬
‫إل أخذوا التراب من تحت رجليك‪ ،‬ومن فضل طهورك يستشفون به‪ ،‬ولكن‬
‫حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك‪ ،‬وإنك مني بمنزلة هارون من‬
‫موسى إل نه ل نبي بعدي‪ .‬وإنك تبرئ ذمتي وتقاتل على سنتي‪ ،‬وإنك غدا‬
‫على الحوض خليفتي و إنك أول من يرد علي الحوض وإنك أول من يكسى‬
‫معي‪ ،‬وإنك أول داخل الجنة من أمتي‪ ،‬وإن شيعتك على منابر من نور‬
‫مضيئة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونوا غدا في الجنة جيراني‪ ،‬وإن‬
‫حربك حربي‪ ،‬وسلمك سلمي‪ ،‬وإن سرك سري وعلنيتك علنيتي‪ ،‬وإن‬
‫سريرة صدرك كسريرتي‪ ،‬وإن ولدك ولدي‪ ،‬وإنك تنجز عداتي‪ ،‬وإن الحق‬
‫معك وعلى لسانك وقلبك وبين عينيك واليمان مخالط لحمك ودمك كما‬
‫خالط لحمي ودمي‪ ،‬وإنه لن يرد علي الحوض مبغض لك ولن يغيب عنك‬
‫محب لك حتى يرد الحوض معك‪ .‬فخر ساجدا وقال‪ :‬الحمد ل الذي أنعم‬
‫علي بالسلم‪ ،‬وعلمني القرآن‪ ،‬و حببني إلى خير البرية خاتم النبيين‬
‫وسيد المرسلين إحسانا منه وفضل علي‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫لو ل أنت لم يعرف المؤمنون بعدي )‪ - 76 .(2‬جع‪ :‬قال النبي صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬من مات على حب آل محمد مات شهيدا‪ ،‬أل و‬

‫)‪ (1‬المصدر ص ‪ (2) .189‬المصدر ص ‪.(*) 190‬‬


‫]‪[138‬‬

‫من مات على حب آل محمد مات مغفورا له‪ ،‬أل ومن مات على حب آل محمد مات‬
‫تائبا‪ ،‬أل ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل اليمان‪ ،‬أل‬
‫ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة‪ ،‬ثم منكر ونكير‪ ،‬أل‬
‫ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة‪ ،‬أل ومن‬
‫مات على حب آل محمد جعل ال قبره قرار ملئكة الرحمة‪ ،‬أل ومن مات‬
‫على حب آل محمد مات على السنة و الجماعة‪ ،‬أل ومن مات على بغض آل‬
‫محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه " آيس من رحمة ال " أل ومن‬
‫مات على بغض آل محمد مات كافرا‪ ،‬أل ومن مات على بغض آل محمد لم‬
‫يشم رائحة الجنة )‪ - 77 .(1‬بشا‪ :‬عن محمد بن علي بن عبد الصمد‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أحمد ابن محمد بن عباد الرازي‪ ،‬عن محمد بن أحمد‬
‫المدايني‪ ،‬عن جابر بن عبد ال‪ ،‬عن محمد ابن علي ]عن أبيه[ زين‬
‫العابدين أنه أتاه رجل فقال‪ :‬أخبرني بحديث فيكم خاصة‪ ،‬قال‪ :‬نعم نحن‬
‫خزان علم ال‪ ،‬وورثة وحي ال‪ ،‬وحملة كتاب ال طاعتنا فريضة وحبنا‬
‫إيمان‪ ،‬وبغضنا نفاق‪ ،‬محبونا في الجنة‪ ،‬ومبغضونا في النار‪ ،‬خلقنا ورب‬
‫الكعبة من طينة عذب لم يخلق منها سوانا‪ ،‬وخلق محبونا من طين أسفل‪،‬‬
‫فإذا كان يوم القيامة الحقت السفلى بالعليا‪ ،‬فأين ترى ال يفعل بنبيه ؟‬
‫وأين ترى نبيه يفعل بولده ؟ وأين ترى ولده يفعلون بمحبيهم وشيعتهم كل‬
‫إلى جنان رب العالمين‪ - 78 .(2) .‬بشا‪ :‬بهذا السناد‪ ،‬عن عبد الصمد‪ ،‬عن‬
‫إبراهيم بن أحمد‪ ،‬عن محمد بن الفيض الغاني‪ ،‬عن هشام بن عمار‪ ،‬عن‬
‫خالد بن عبد ال‪ ،‬عن أيوب السجستاني‪ ،‬عن أبي قلبة قال‪ :‬سألت أم‬
‫سلمة رضي ال عنها عن شيعة علي عليه السلم‪ :‬فقالت‪ :‬سمعت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة )‪.(3‬‬
‫‪ - 79‬بشا‪ :‬بهذا السناد عن عبد الصمد‪ ،‬عن محمد بن عبد ال بن محمد‪،‬‬
‫عن عبد الملك بن محمد‪ ،‬عن أحمد بن يحيى الودى‪ ،‬عن إسماعيل بن‬
‫أبان‪ ،‬عن عمرو بن حريث‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬جامع الخبار ص ‪ (2) .193‬بشارة المصطفى ص ‪ (3) .192‬المصدر ص‬


‫‪.(*) 197‬‬

‫]‪[139‬‬

‫داود بن السليل‪ ،‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يدخل‬
‫الجنة من امتي سبعون ألفا لحساب عليهم ول عذاب‪ ،‬ثم التفت إلى علي‬
‫عليه السلم فقال‪ :‬هم شيعتك وأنت إمامهم )‪ .(1‬فض‪ ،‬يل‪ :‬عن ابن عباس‪،‬‬
‫عنه صلى ال عليه وآله مثله‪ - 80 .‬بشا‪ :‬بهذا السناد عن عبد ال بن‬
‫محمد بن عبد ال بن دينار‪ ،‬عن أبيه عن أحمد بن سالم‪ ،‬عن محمد بن‬
‫يحيى بن ضريس‪ ،‬عن محمد بن جعفر‪ ،‬عن نصر ابن مزاحم وابن أبي‬
‫حماد‪ ،‬عن أبي داود عن عبد ال بن شريك‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬أقبل أبو بكر وعمر والزبير و عبد الرحمن بن عوف جلسوا بفناء‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فخرج إليهم النبي صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫فجلس إليهم فانقطع شسعه‪ ،‬فرمى بنعله إلي علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم ثم قال‪ :‬إن عن يمين ال عزوجل ‪ -‬أو عن يمين العرش ‪ -‬قوما منا‬
‫على منابر من نور‪ ،‬وجوههم من نور‪ ،‬وثيابهم من نور‪ ،‬تغشى وجوههم‬
‫أبصار الناظرين دونهم‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬من هم يا رسول ال ؟ فسكت‪ ،‬فقال‬
‫الزبير‪ :‬من هم يا رسول ال ؟ فسكت ؟ فقال عبد الرحمن‪ :‬من هم يا رسول‬
‫ال ؟ فسكت فقال علي عليه السلم‪ :‬من هم يا رسول ال ؟ فقال‪ :‬هم قوم‬
‫تحابوا بروح ال على غير أنساب ول أموال اولئك شيعتك وأنت إمامهم يا‬
‫علي‪ .(2) .‬بيان‪ " :‬بروح ال " أي برحمته أو بدينه وعلمه أو بخلفائه‪،‬‬
‫والحاصل أن حبهم ل ل للحساب والموال والنساب‪ ،‬وسائر المور‬
‫الدنيوية‪ - 81 .‬بشا‪ :‬بالسناد إلى الصدوق‪ ،‬عن الدقاق‪ ،‬عن ابن زكريا‪،‬‬
‫عن ابن حبيب‪ ،‬عن عمر بن عبد ال‪ ،‬عن الحسن بن الحسين بن عاصم‪،‬‬
‫عن عبد ال بن محمد العلوي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي عليه السلم‬
‫قال‪ :‬حدثني سلمان الخير رضي ال عنه فقال‪ :‬يا أبا الحسن قل ما أقبلت‬
‫أنت وأنا عند رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إل قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬المصدر ص ‪ (2) .199‬المصدر ص ‪.(*) 200‬‬

‫]‪[140‬‬

‫يا سلمان هذا وحزبه هم المفلحون يوم القيامة )‪ - 82 .(1‬كنز‪ :‬بحذف السناد‬
‫مرفوعا‪ ،‬عن مولنا علي بن الحسين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أمير المؤمنين‬
‫صلوات ال عليهم قال‪ :‬المؤمن على أي حال مات وفي أي ساعة قبض‪،‬‬
‫فهو شهيد‪ ،‬ولقد سمعت حبيبي رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬إن‬
‫المؤمن إذا خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الرض‪ ،‬لكان الموت‬
‫كفارة لتلك الذنوب‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬من قال‪ :‬ل إله إل ال بالخلص‪،‬‬
‫فهو برئ من الشرك ومن خرج من الدنيا ل يشرك بال شيئا دخل الجنة‪،‬‬
‫ثم تل هذه الية " إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن‬
‫يشاء " )‪ (2‬وهم شيعتك ومحبوك يا علي‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال هذا‬
‫لشيعتي ؟ فقال‪ :‬إي وربي لشيعتك ومحبيك‪ ،‬خاصة‪ ،‬وإنهم ليخرجون من‬
‫قبورهم‪ ،‬وهم يقولون‪ :‬ل إله إل ال محمد رسول ال علي ولي ال‪،‬‬
‫فيؤتون بحلل خضر من الجنة‪ ،‬وأكاليل من الجنة وتيجان من الجنة ويلبس‬
‫كل واحد منهم حلة خضراء وتاج الملك وإكليل الكرامة‪ ،‬ويركبون النجائب‬
‫فتطير بهم إلى الجنة " ل يحزنهم الفزع الكبر‪ ،‬وتتلقاهم الملئكة هذا‬
‫يومكم الذي كنتم توعدون " )‪ - 83 .(3‬نبه‪ :‬كتب أحمد بن حماد أبو‬
‫محمود إلى أبي جعفر عليه السلم كتابا طويل فأجابه في بعض كتابه‪ :‬أما‬
‫الدنيا فنحن فيه مفترقون في البلد‪ ،‬ولكن من هوى هوى صاحبه‪ ،‬ودان‬
‫بدينه فهو معه‪ ،‬وإن كان نائيا عنه‪ ،‬وأما الخرة فهي دار القرار‪- 84 .‬‬
‫كنز‪ :‬روي علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد ال بن شريك العامري‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‬

‫)‪ (1‬المصدر ص ‪ (2) .219‬النساء‪ (3) .48 :‬النبياء‪.(*) 103 :‬‬

‫]‪[141‬‬

‫لعلي عليه السلم‪ :‬يا علي يخرج يوم القيامة قوم من قبورهم بياض وجوههم‬
‫كبياض الثلج‪ ،‬عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن‪ ،‬عليهم نعال الذهب‬
‫شراكها من اللؤلؤ يتلل‪ ،‬فيؤتون بنوق من نور‪ ،‬عليها رحائل الذهب‪،‬‬
‫مكللة بالدر والياقوت فيركبون عليها حتى ينتهوا إلى عرش الرحمن‪،‬‬
‫والناس في الحساب يهتمون ويغتمون وهؤلء يأكلون ويشربون‪ ،‬فرحون‪،‬‬
‫فقال أمير المومنين عليه السلم‪ :‬من هؤلء يا رسول ال ؟ قال‪ :‬هم شيعتك‬
‫وأنت إمامهم‪ ،‬وهو قول ال عزوجل " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن‬
‫وفدا " على الرحائل و " نسوق المجرمين إلى جهنم وردا )‪ " (1‬وهم‬
‫أعداؤك يساقون إلى النار بل حساب‪ .‬توضيح‪ :‬قال الجوهري‪ :‬الرحالة‬
‫سرج من جلود ليس فيه خشب كانوا يتخذونه للركض الشديد والجمع‬
‫الرحائل‪ - 85 .‬مجمع البيان‪ :‬عن العياشي بالسناد‪ ،‬عن منهال القصاب‬
‫قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬ادع ال أن يرزقني الشهادة فقال‪:‬‬
‫المؤمن شهيد‪ ،‬ثم تل " والذين آمنوا بال ورسله اولئك هم الصديقون‬
‫والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم "‪ .‬روي أيضا‪ ،‬عن الحارث بن‬
‫المغيرة قال‪ :‬كنا عند أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬فقال‪ :‬العارف منكم هذا المر‬
‫المنتظر له المحتسب فيه الخير كمن جاهد وال مع قائم آل محمد بسيفه‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬بل وال كمن جاهد مع رسول ال صلى ال عليه وآله بسيفه‪ ،‬ثم‬
‫قال الثالثة‪ :‬بل وال كمن استشهد مع رسول ال صلى ال عليه وآله في‬
‫فسطاطه‪ ،‬وفيكم آية في كتاب ال‪ :‬قلت‪ :‬وأي آية جعلت فداك ؟ قال‪ :‬قول‬
‫ال تعالى‪ " :‬والذين آمنوا بال ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند‬
‫ربهم لهم أجرهم ونورهم " ثم قال صرتم وال صادقين‪ ،‬شهداء عند ربكم‪.‬‬
‫)‪ - 86 (2‬كنز‪ :‬روى صاحب كتاب البشارات مرفوعا إلى الحسين بن أبي‬
‫حمزة عن أبيه قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك قد كبر‬
‫سني ودق عظمي و‬

‫)‪ (1‬مريم‪ (2) .86 - 85 :‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪ .238‬والية في سورة الحديد‪:‬‬
‫‪.(*) 19‬‬

‫]‪[142‬‬

‫اقترب أجلي وقد خفت أن يدركني قبل هذا المر الموت‪ ،‬قال‪ :‬فقال لي‪ :‬يا أبا حمزة‬
‫أو ما ترى الشهيد إل أن قتل ؟ قلت‪ :‬نعم جعلت فداك‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا أبا حمزة‬
‫من آمن بنا وصدق حديثنا‪ ،‬وانتظر أمرنا‪ ،‬كان كمن قتل تحت راية القائم‪،‬‬
‫بل وال تحت راية رسول ال صلى ال عليه وآله‪ .‬وعن أبى بصير قال‪:‬‬
‫قال لي الصادق عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد إن الميت على هذا المر شهيد‪،‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك وإن مات على فراشه ؟ قال‪ :‬وإن مات على فراشه‪،‬‬
‫فانه حي يرزق‪ - 87 .‬كنز‪ :‬روي مرفوعا‪ ،‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬خلق ال من نور وجه علي بن أبيطالب‬
‫عليه السلم سبعين ألف ملك‪ ،‬يستغفرون له و لمحبيه إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫وروى أبو نعيم‪ ،‬عن محمد بن حميد باسناده عن عيسى بن عبد ال بن‬
‫عمر بن علي بن أبي طالب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي عليه السلم‪:‬‬
‫قال‪ :‬قال سلمان الفارسي‪ :‬يا أبا الحسن ما طلعت على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬إل وضرب بين كتفي وقال‪ :‬يا سلمان هذا وحزبه هم المفلحون‪.‬‬
‫‪ - 88‬ختص‪ :‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن هشام بن سالم‬
‫عن حبيب السجستاني‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال ال تبارك‬
‫وتعالى‪ :‬لعذ بن كل رعية في السلم أطاعت كل إمام ليس من ال‪ ،‬وإن‬
‫كانت الرعية بارة تقية ولعفون عن كل رعية أطاعت كل إمام عادل من‬
‫ال وإن كانت الرعية ظالمة مسيئة )‪ .(1‬أقول‪ :‬رواه الصدوق في كتاب‬
‫فضائل الشيعة بإسناده‪ ،‬عن السجستاني وفيه دانت لولية كل إمام في‬
‫الموضعين )‪ - 89 .(2‬وبإسناده عن الثمالي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬أنتم أهل تحية‬

‫)‪ (1‬الختصاص ص ‪ (2) .259‬فضائل الشيعة ص ‪ ،144‬وهكذا الحاديث التية‬


‫)*(‪.‬‬

‫]‪[143‬‬
‫ال وسلمه‪ ،‬وأنتم أهل أثرة ال برحمته‪ ،‬وأهل توفيق ال وعصمته‪ ،‬وأهل دعوة‬
‫ال بطاعته ل حساب عليكم ول خوف ول حزن‪ .‬قال أبو حمزة وسمعته‬
‫يقول‪ :‬رفع القلم عن الشيعة بعصمة ال ووليته‪ ،‬قال‪ :‬وسمعته عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬إني لعلم قوما قد غفر ال لهم ورضي عنهم‪ ،‬وعصمهم و‬
‫رحمهم وحفظهم من كل سوء‪ ،‬وأيدهم وهداهم إلى كل رشد‪ ،‬وبلغ بهم‬
‫غاية المكان‪ ،‬قيل‪ :‬من هم يا أبا عبد ال‪ ،‬قال‪ :‬اولئك شيعتنا البرار‪ ،‬شيعة‬
‫علي عليه السلم‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬نحن الشهداء على شيعتنا‪ ،‬وشيعتنا‬
‫شهداء على الناس‪ ،‬وبشهادة شيعتنا يجزون ويعاقبون‪ .‬بيان‪ :‬في المصباح‬
‫آثرته بالمد فضلته واستأثر بالشئ استبد به والسم الثرة كقصبة وفي‬
‫القاموس الثره بالضم المكرمة المتوارثة والبقية من العلم تؤثر كالثرة‬
‫والثارة وآثر اختار‪ ،‬وفلن أثيري أي من خلصائي‪ .‬والكثر هنا مناسب‪.‬‬
‫‪ - 90‬فضائل الشيعة‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن عباد بن سليمان‪ ،‬عن محمد‬
‫ابن سليمان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن تغلب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك " فل اقتحم العقبة " قال‪ :‬فقال من أكرمه ال بوليتنا فقد‬
‫جاز العقبة‪ ،‬ونحن تلك العقبة من اقتحمها نجا‪ ،‬قال‪ :‬فسكت ثم قال‪ :‬هل‬
‫أفيدك حرفا خيرا من الدنيا وما فيها ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬بلى جعلت فداك قال‪ :‬قوله‬
‫تعالى‪ " :‬فك رقبة " الناس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك‪ ،‬فان ال‬
‫عزوجل فك رقابهم من النار بوليتنا أهل البيت )‪ .(1‬وباسناده عن أبي عبد‬
‫ال الجدلي قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬يا أبا عبد ال أل احدثك بالحسنة‬
‫التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة‪ ،‬والسيئة التي من جاء بها أكبه‬
‫ال على وجهه في النار ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬الحسنة حبنا‬

‫)‪ (1‬فضائل الشيعة ص ‪ ،150‬والية في البلد‪.(*) 13 :‬‬

‫]‪[144‬‬

‫والسيئة بغضنا )‪ (1‬وباسناده عن ابن فضال‪ ،‬عن محمد بن الفضيل‪ ،‬عن أبي حمزة‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬أنتم للجنة‪ ،‬والجنة لكم‪،‬‬
‫أسماؤكم عندنا الصالحون والمصلحون‪ ،‬أنتم أهل الرضى عن ال لرضاه‬
‫عنكم‪ ،‬والملئكة إخوانكم في الخير إذا اجتهدوا )‪ .(2‬وبهذا السناد عنه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬دياركم لكم جنة وقبوركم لكم جنة‪ ،‬للجنة خلقتم‪ ،‬وإلى‬
‫الجنة تصيرون )‪ - 91 - .(3‬كنز عن الصدوق‪ ،‬عن ماجيلويه باسناده عن‬
‫رجاله‪ ،‬عن حنظلة‪ ،‬عن ميسرة قال‪ :‬سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬وال ل يرى منكم في النار اثنان ل وال ول واحد‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فأين‬
‫ذلك من كتاب ال ؟ قال‪ :‬فأمسك عني سنة قال‪ :‬فاني معه ذات يوم في‬
‫الطواف إذ قال لي‪ :‬اليوم اذن لي في جوابك عن مسألة كذا‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪:‬‬
‫فأين هو من القرآن ؟ قال‪ :‬في سورة الرحمن وهو قول ال عزوجل "‬
‫فيومئذ ل يسأل عن ذنبه " منكم " إنس ول جان " )‪ (4‬فقلت له‪ :‬ليس‬
‫فيها " منكم " قال‪ :‬إن أول من غيرها ابن أروى )‪ (5‬وذلك أنها حجة‬
‫عليه‪ ،‬وعلى أصحابه ولو لم يكن فيها منكم لسقط عقاب ال عن خلقه‪ ،‬إذا‬
‫لم يسأل عن ذنبه إنس ول جان فلمن يعاقب إذا كان يوم القيامة ؟‪- 92 .‬‬
‫محص‪ ،‬رياض الجنان‪ :‬عن فرات بن أحنف قال‪ :‬كنت عند أبي عبد ال‬
‫عليه السلم إذ دخل عليه رجل من هؤلء الملعين فقال‪ :‬وال لسوءنه‬
‫في شيعته فقال‪ :‬يا أبا عبد ال أقبل إلي فلم يقبل إليه فأعاد فلم يقبل إليه‪،‬‬
‫ثم أعاد الثالثة فقال‪ :‬ها أنا ذا مقبل‬

‫)‪ (1‬فضائل الشيعة ص ‪ 2) .154‬و ‪ (3‬فضائل الشيعة ص ‪ (4) .155‬الرحمن‪.36 :‬‬


‫)‪ (5‬يعنى به عثمان نسبه عليه السلم إلى امه اروى بنت كريز بن ربيعة‬
‫بن حبيب بن عبد شمس وامها البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله )*(‪.‬‬

‫]‪[145‬‬

‫فقل‪ ،‬ولن تقول خيرا فقال‪ :‬إن شيعتك يشربون النبيذ فقال‪ :‬وما بأس بالنبيذ أخبرني‬
‫أبي عن جابر بن عبد ال أن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله كانوا‬
‫يشربون النبيذ فقال‪ :‬ليس أعنيك النبيذ أعنيك المسكر‪ ،‬فقال‪ :‬شيعتنا أزكى‬
‫وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس‪ ،‬وإن فعل ذلك المخذول‬
‫منهم فيجد ربا رؤفا ونبيا بالستغفار له عطوفا ووليا له عند الحوض‬
‫ولوفا‪ ،‬وتكون أنت وأصحابك ببرهوت ملوفا‪ .‬قال‪ :‬فافحم الرجل وسكت‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬ليس أعنيك المسكر إنما أعنيك الخمر‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫سلبك ال لسانك ما لك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم أخبرني أبي‪ ،‬عن علي‬
‫بن الحسين‪ ،‬عن علي بن أبي طالب‪ ،‬عن رسول ال‪ ،‬عن جبرئيل صلوات‬
‫ال عليهم‪ ،‬عن ال عزوجل أنه قال‪ :‬يا محمد إنني حظرت الفردوس على‬
‫جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما إل من اقترف منهم كبيرة‬
‫فاني أبلوه في ماله أو بخوف من سلطانه‪ ،‬حتى تلقاه الملئكة بالروح‬
‫والريحان‪ ،‬وأنا عليه غير غضبان‪ ،‬فيكون ذلك حل لما كان منه‪ ،‬فهل عند‬
‫أصحابك هؤلء شئ من هذا ؟ فلم أودع‪ .‬بيان‪ " :‬رسيس " أي شئ ثابت‬
‫كناية عن العتياد أو قليل أوجب للحرام أو ابتداؤه في القاموس‪ :‬الرس‬
‫ابتداء الشئ‪ ،‬ومنه رس الحمى ورسيسها والصلح والفساد والحفر‬
‫والدس والرسيس الشئ الثابت وابتداء الحب والحمى‪ ،‬وقال‪ :‬الوليف‬
‫البرق المتتابع اللمعان‪ ،‬كالولوف‪ ،‬وضرب من العد وتقع القوائم معا وأن‬
‫يجئ القوم معا )‪ .(1‬والولف والمؤالفة اللف والعتزاء والتصال‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫لف الطعام‬

‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 3‬ص ‪ ،206‬وقال في الهامش‪ :‬وأن يجئ القوم معا‪ ،‬هكذا في‬
‫سائر النسخ ومثله في العباب والصحاح‪ ،‬وفى اللسان‪ ،‬وكذلك أن تجيئ‬
‫القوائم معا‪ ،‬فانظره وتأمل انتهى‪ .‬أقول‪ :‬وفى الصحاح المطبوعة أخيرا‬
‫ص ‪ :1441‬ضرب من العدو وهو أن تقع القوائم معا وكذلك أن يجيئ‬
‫القوم معا قال الكميت‪ :‬وولى باجريا ولف كأنه * على الشرف القصى‬
‫يساط ويكلب )*(‪.‬‬

‫]‪[146‬‬

‫كمنع أكله أكل جيدا وقال‪ :‬لفت الطعام لوفا أكلته أو مضغته‪ ،‬واللؤف من الكلء‬
‫والطعام مال يشتهى وكل ملوف قد غسله المطر‪ " .‬فلم أودع " أي إذا‬
‫عرفت ذلك فان شئت فلم أي اثبت على الملمة فتعذب أو اترك الملمت‬
‫لتنجو منه‪ - 93 .‬محص‪ :‬عن الكناني قال‪ :‬كنت أنا وزرارة عند أبي عبد‬
‫ال عليه السلم فقال‪ :‬ل تطعم النار أحدا وصف هذا المر‪ ،‬فقال زرارة‪ :‬إن‬
‫ممن يصف هذا المر يعمل بالكبائر ؟ فقال‪ :‬أو ما تدري ما كان أبي يقول‬
‫في ذلك ؟ إنه كان يقول‪ :‬إذا أصاب المؤمن من تلك الموبقات شيئا ابتله‬
‫ال ببلية في جسده أو بخوف يدخله ال عليه حتى يخرج من الدنيا وقد‬
‫خرج من ذنوبه‪ - 94 .‬محص‪ :‬عن زكريا ابن آدم قال‪ :‬دخلت على أبي‬
‫الحسن الرضا عليه السلم فقال‪ :‬يا زكريا ابن آدم شيعة علي رفع عنهم‬
‫القلم‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداك فما العلة في ذلك ؟ قال‪ :‬لنهم اخروا في دولة‬
‫الباطل يخافون على أنفسهم‪ ،‬ويحذرون على إمامهم يا زكريا ابن آدم ما‬
‫أحد من شيعة علي أصبح صبيحة أتى بسيئة أو ارتكب ذنبا إل أمسى وقد‬
‫ناله غم حط عنه سيئته‪ ،‬فكيف يجري عليه القلم‪ - 95 .‬ما‪ :‬بإسناده‪ ،‬عن‬
‫إبراهيم بن صالح‪ ،‬عن سلم الحناط‪ ،‬عن هاشم ابن سعيد وسليمان‬
‫الديلمي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كنت مع أبي حتى انتهينا إلى‬
‫القبر والمنبر فإذا اناس من أصحابه فوقف عليهم فسلم‪ ،‬وقال‪ :‬وال إني‬
‫لحبكم واحب ريحكم وأرواحكم‪ ،‬فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد‪ ،‬فانكم‬
‫لن تنالوا وليتنا إل بالوع والجتهاد‪ ،‬من أئتم بإمام فليعمل بعمله‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫أنتم شرطة ال‪ ،‬وأنتم شيعة ال‪ ،‬وأنتم السابقون الولون والسابقون‬
‫الخرون أنتم السابقون في الدنيا إلى محبتنا‪ ،‬والسابقون في الخرة إلى‬
‫الجنة ضمنا لكم الجنة بضمان ال عزوجل‪ ،‬وضمان رسوله‪ ،‬أنتم الطيبون‪،‬‬
‫ونساؤكم الطيبات‪ ،‬كل مؤمن صديق وكل مؤمنة حوراء كم من مرة قد قال‬
‫علي عليه السلم لقنبر‪ :‬بشر و أبشر واستبشر‪ ،‬فوال لقد مات رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وإنه لساخط على جميع امته‬

‫]‪[147‬‬

‫إل الشيعة‪ .‬إن لكل شئ عروة وإن عروة الدين الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ شرفا‬
‫وشرف الدين الشيعة‪ ،‬أل وإن لكل شئ إماما وإن إماما الرض تسكنها‬
‫الشيعة أل وإن لكل شئ شهوة وإن شهوة الدنيا لسكني الشيعة فيها‪ ،‬وال‬
‫لول ما في الرض منكم ما رمت بعشب أبدا‪ ،‬ومالهم في الرض من‬
‫نصيب‪ ،‬كل مخالف وال وإن تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الية " عاملة‬
‫ناصبة * تصلى نارا حامية " )‪ (1‬وال ما دعا مخالف دعوة خير إل كانت‬
‫إجابة دعوته لكم‪ ،‬ول دعا أحد منكم دعوة إل كانت له من ال مائة‪ ،‬ول‬
‫سأله مسألة إل كانت له من ال مائة‪ ،‬ول عمل أحد منكم حسنة إل لم‬
‫يحص تضاعيفها‪ ،‬وال إن صائمكم ليرتع في رياض الجنة وال إن حاجكم‬
‫ومعتمر كم لمن خاصة ال‪ ،‬وإنكم جميعا لهل دعوة ال‪ ،‬وأهل إجابته‪ ،‬ل‬
‫خوف عليكم ول أنتم تحزنون كلكم في الجنة فتنافسوا في الدرجات‪ ،‬فوال‬
‫ما أحد أقرب إلى عرش ال بعدنا من شيعتنا‪ ،‬حبذا شيعتنا ما أحسن صنع‬
‫ال إليهم وال لقد قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬يخرج شيعتنا من‬
‫قبورهم مشرقة وجوههم‪ ،‬قريرة أعينهم‪ ،‬قد اعطوا المان يخاف الناس‬
‫ول يخافون‪ ،‬ويحزن الناس ول يحزنون وال ما سعى أحد منكم إلى الصلة‬
‫إل وقد اكتنفته الملئكة من خلقه‪ ،‬يدعون ال له بالفوز حتى يفرغ‪ ،‬أل إن‬
‫لكل شئ جوهرا وجوهر ولد آدم محمد صلى ال عليه وآله ونحن وأنتم‪.‬‬
‫قال سليمان‪ :‬وزاد فيه عيثم بن أسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬لو‬
‫ل مال في الرض منكم ما زخرفت الجنة ول خلقت حوا‪ ،‬ول رحم وطفل‪،‬‬
‫ول أرتعت بهيمة وال إن ال أشد حبالكم منا )‪ - 96 .(2‬كتاب زيد‬
‫النرسسى‪ :‬قال‪ :‬قلت لبي الحسن موسى عليه السلم‪ :‬الرجل من مواليكم‬
‫يكون عارفا يشرب الخمر‪ ،‬ويرتكب الموبق من الذنب نتبرأ منه ؟ فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬الغاشية‪ (2) .4 - 3 :‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 332‬‬

‫]‪[148‬‬

‫تبروأ من فعله ول تبرؤوا منه‪ ،‬أحبوه وابغضوا عمله‪ ،‬قلت‪ :‬فيسعنا أن نقول‪:‬‬
‫فاسق فاجر ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬الفاسق الفاجر‪ :‬الكافر الجاحد لنا الناصب لوليائنا‬
‫أبى ال أن يكون ولينا فاسقا فاجرا‪ ،‬وإن عمل ما عمل‪ ،‬ولكنكم تقولون‬
‫فاسق العمل فاجر العمل‪ ،‬مؤمن النفس خبيث الفعل‪ ،‬طيب الروح والبدن‪،‬‬
‫وال ما يخرج ولينا من الدنيا إل وال ورسوله ونحن عنه راضون‪،‬‬
‫يحشره ال على ما فيه من الذنوب مبيضا وجهه‪ ،‬مستورة عورته‪ ،‬آمنة‬
‫روعته‪ ،‬ل خوف عليه ول حزن‪ ،‬وذلك أنه ل يخرج من الدنيا حتى يصفى‬
‫من الذنوب‪ ،‬إما بمصيبة في مال أو نفس أو ولد أو مرض‪ ،‬وأدنى ما‬
‫يصفى به ولينا أن يريه ال رؤيا مهولة فيبح حزينا لما رأى فيكون ذلك‬
‫كفارة له‪ ،‬أو خوفا يرد عليه من أهل دولة الباطل‪ ،‬أو يشدد عليه عند‬
‫الموت‪ ،‬فيلقى ال طاهرا من الذنوب‪ ،‬آمنا روعته بمحمد صلى ال عليه‬
‫وآله وأمير المؤمنين عليه السلم ثم يكون أمامه أحد المرين‪ :‬رحمة ال‬
‫الواسعة التي هي أوسع من ذنوب أهل الرض جميعا‪ ،‬وشفاعة محمد‬
‫وأمير المؤمنين صلى ال عليهما‪ ،‬إن أخطأته رحمة ربه أدركته شفاعة‬
‫نبيه وأمير المؤمنين صلى ال عليهما فعندها تصيبه رحمة ربه الواسعة‪.‬‬
‫‪ - 97‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سليمان خالد‬
‫قال‪ :‬كنت في محملي أقرء إذ ناداني أبو عبد ال عليه السلم أقرئ يا‬
‫سليمان فأنا في هذه اليات التي في آخر تبارك " والذين ل يدعون مع ال‬
‫إلها آخر ول يقتلون النفس التي حرم ال إل بالحق ول يزنون ومن يفعل‬
‫ذلك يلق أثاما " )‪ (1‬فقال‪ :‬هذه فينا أما وال لقد وعظنا وهو يعلم أنا ل‬
‫نزني‪ ،‬اقرأ يا سليمان فقرأت حتى انتهيت إلى قوله " إل من تاب وآمن‬
‫وعمل عمل صالحا فاولئك يبدل ال سيئاتهم حسنات " قال‪ :‬قف هذه فيكم‬
‫إنه يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بين يدي ال عزوجل‬
‫فيكون هو الذي يلي حسابه‪ ،‬فيوقفه على سيئاته شيئا شيئا فيقول‪ :‬عملت‬
‫كذا في يوم كذا في ساعة كذا‪ ،‬فيقول‪ :‬أعرف يا رب حتى يوقفه على‬
‫سيئاته كلها كل ذلك يقول‪ :‬أعرف‪ ،‬فيقول‪ :‬سترتها عليك في الدنيا وأغفرها‬
‫لك اليوم‬

‫)‪ (1‬الفرقان‪ 67 :‬وما بعدها ذيلها إلى الية‪.(*) 70 :‬‬

‫]‪[149‬‬

‫فبدلوها لعبدي حسنات‪ ،‬قال‪ :‬فترفع صحيفته للناس‪ ،‬فيقولون‪ :‬سبحان ال ]أ[ ما‬
‫كانت لهذا العبد سيئة واحدة ؟ فهو قول ال عزوجل‪ " :‬فاولئك يبدل ال‬
‫سيئاتهم حسنات " )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد مرت أخبار كثيرة من هذا الباب في‬
‫أبواب المعاد من الحوض و الشفاعة وأحوال المؤمنين والمجرمين في‬
‫القيامة وغيرها وأبواب فضائل الئمة عليهم السلم‪)) * .19 .‬باب(( * *‬
‫" )صفات الشيعة‪ ،‬وأصنافهم( " * * " )وذم الغترار‪ ،‬والحث على‬
‫العمل والتقوى( " * ‪ 1‬ب‪ :‬عن هارون‪ ،‬عن ابن صدقة‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلوات كيف محافظتهم‬
‫عليها ؟ وإلى أسرارنا كيف خفظهم لها عند عدونا ؟ وإلى أموالهم كيف‬
‫مواساتهم لخوانهم فيها ؟ )‪ - 2 .(2‬ل عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن‬
‫الشعري‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن أبي محمد النصاري‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫أبي المقدام‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬قال لي أبو جعفر عليه السلم‪ :‬يا أبا المقدام إنما‬
‫شيعة علي عليه السلم الشاحبون الناحلون )‪ (3‬الذابلون‪ ،‬ذابلة شفاههم‪،‬‬
‫خميصة بطونهم‪ ،‬متغيرة ألوانهم مصفرة وجوههم‪ ،‬إذا جنهم الليل اتخذوا‬
‫الرض فراشا‪ ،‬واستقبلوا الرض بجباههم‪ ،‬كثير سجودهم‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .170‬قرب السناد ص ‪ ،52‬الطبعة الحروفية‪ (3) .‬الشاحب‪:‬‬


‫المتغير اللون‪ ،‬والناحل‪ :‬المهزول الذاهب الجسم من مرض أو سقم أو‬
‫سفر أو كآبة‪ ،‬والذابل‪ :‬الذى ذهب نضارته وماء جلده بعد الرى‪ ،‬ذبل‬
‫شفتاه ولسانه من عطش أو كرب‪ :‬جفت ويبست‪ ،‬وخمص بطنه‪ :‬ضمر‬
‫كأنه لصق بطنه بظهره‪ ،‬واصفرار الوجوه كناية عن شدة حالهم وفقرهم‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[150‬‬

‫كثيرة دموعهم‪ ،‬كثير دعاؤهم‪ ،‬كثير بكاؤهم‪ ،‬يفرح الناس وهم محزنون )‪ .(1‬تم‪:‬‬
‫باسناده عن سعد‪ ،‬عن محمد بن عيسى مثله‪ .‬بيان‪ " :‬اتخذوا الرض‬
‫فراشا " أي يسجدون على الرض بدل من النوم على الفراش أو ينامون‬
‫على الرض بدون فرش " واستقبلوا الرض بجباههم " للسجود‪ - 3 .‬ن‪:‬‬
‫عن عبد ال بن محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬عن منصور بن عبد ال‬
‫الصفهاني‪ ،‬عن علي بن عبد ال السكندراني‪ ،‬عن أحمد بن علي بن‬
‫مهدى الرقي عن أبيه‪ ،‬عن علي بن موسى الرضا‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير‬
‫المؤمنين صلوات ال عليهم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا‬
‫علي طوبى لمن أحبك وصدق بك وويل لمن أبغضك وكذب بك‪ ،‬محبوك‬
‫معروفون في السماء السابعة‪ ،‬والرض السابعة السفلى وما بين ذلك هم‬
‫أهل الدين والورع والسمت الحسن‪ ،‬والتواضع ل عزوجل خاشعة‬
‫أبصارهم وجلة قلوبهم لذكر ال عزوجل‪ ،‬وقد عرفوا حق وليتك‪،‬‬
‫وألسنتهم ناطقة بفضلك وأعينهم ساكبة تحننا عليك وعلى الئمة من ولدك‬
‫يدينون ال بما أمرهم به في كتابه وجاءهم به البرهان من سنة نبيه‬
‫عاملون بما يأمرهم به اولوا لمر منهم‪ ،‬متواصلون غير متقاطعين‪،‬‬
‫متحابون غير متباغضين‪ ،‬إن الملئكة لتصلي عليهم‪ ،‬وتؤمن على‬
‫دعائهم‪ ،‬وتستغفر للمذنب منهم‪ ،‬وتشهد حضرته وتستوحش لفقده إلى يوم‬
‫القيامة )‪ .(2‬بيان‪ :‬في النهاية السمت الهيئة الحسنة‪ ،‬ومنه فينظرون إلى‬
‫سمته وهديه‪ :‬أي حسن هيئته ومنظره في الدين‪ ،‬وفلن حسن السمت أي‬
‫حسن القصد‪ ،‬وفي القاموس الحنين الشوق وشدة البكاء والطرب أو صوت‬
‫الطرب‪ ،‬عن حزن أو فرح وتحنن ترحم‪ ،‬وقال‪ :‬الدين بالكسر الجزاء‬
‫والعبادة والطاعة والذل واسم لجميع ما يتعبد ال عزوجل به ودنته أدينه‬
‫خدمته وأحسنت إليه‪ ،‬ودان يدين ذل وأطاع‪ - 4 .‬شا‪ ،‬ما‪ :‬روي أن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم خرج ذات ليلة من المسجد‪ ،‬و كانت ليلة قمراء فأم‬
‫الجبانة‪ ،‬ولحقه جماعة يقفون أثره‪ ،‬فوقف عليهم ثم قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .58‬عيون الخبار الرضا " ع " ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 261‬‬

‫]‪[151‬‬

‫من أنتم ؟ قالوا‪ :‬شيعتك يا أمير المؤمنين ؟ فتفرس في وجوههم ثم قال‪ :‬فما لي ل‬
‫أرى عليكم سيماء الشيعة ؟ قالوا‪ :‬وما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين ؟‬
‫فقال‪ :‬صفر الوجوه من السهر‪ ،‬عمش العيون من البكاء‪ ،‬حدب الظهور من‬
‫القيام‪ ،‬خمص البطون من الصيام‪ ،‬ذبل الشفاه من الدعاء‪ ،‬عليهم غبرة‬
‫الخاشعين )‪ .(1‬صفات الشيعة‪ :‬للصدوق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن‬
‫علي بن الصلت عن أحمد بن محمد رفعه‪ ،‬عن السندي بن محمد مثله )‪.(2‬‬
‫‪ - 5‬ومنه‪ :‬عن ابن المتوكل‪ ،‬عن الحميري رفعه إلى ابن نباته قال‪ :‬خرج‬
‫علي عليه السلم ذات يوم ونحن مجتمعون‪ ،‬فقال‪ :‬من أنتم ؟ وما‬
‫اجتماعكم ؟ فقلنا‪ :‬قوم من شيعتك يا أمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬مالي ل أرى‬
‫سيماء الشيعة عليكم ؟ فقلنا‪ :‬و ما سيماء الشيعة ؟ فقال‪ :‬صفر الوجوه من‬
‫صلة الليل‪ ،‬عمش العيون من مخافة ال ذبل الشفاه من الصيام‪ ،‬عليهم‬
‫غبرة الخاشعين )‪ .(3‬ايضاح‪ :‬الحدب بالضم جمع الحدب‪ .‬والحدب محركة‬
‫خروج الظهر ودخول الصدر والبطن‪ " ،‬عليهم عبرة الخاشعين " في‬
‫بعض النسخ بالعين المهملة أي بكاؤهم وفي بعضها بالمعجمة أي ذلهم‬
‫وشعثهم‪ ،‬واغبرارهم‪ ،‬وفي القاموس الغبراء من السنين الجدبة‪ ،‬وبنو‬
‫غبراء الفقراء‪ ،‬والمغبرة قوم يغبرون بذكر ال أي يهللون و يرددون‬
‫الصوت بالقراءة وغيرها‪ ،‬سموا بها لنهم يرغبون الناس في الغابرة أي‬
‫الباقية وفي النهاية في غبراء الناس بالمد أي فقرائهم‪ ،‬ومنه قيل‬
‫للمحاويج بنو غبراء كأنهم نسبوا إلى الرض والتراب‪ - 6 .‬ما‪ :‬عن‬
‫الغضائري‪ ،‬عن الصدوق‪ ،‬عن المكتب‪ ،‬عن ابن زكريا‪ ،‬عن ابن حبيب‪ ،‬عن‬
‫ابن بهلول‪ ،‬عن جعفر بن عثمان الحول‪ ،‬عن سليمان بن مهران قال‪:‬‬
‫دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليه السلم وعنده نفر من الشيعة‬
‫وهو يقول‪ :‬معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ول تكونوا علينا شينا‪ ،‬قولوا‬
‫للناس حسنا‪ ،‬واحفظوا‬
‫)‪ (1‬ارشاد المفيد ص ‪ .114‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .219‬صفات الشيعة تحت‬
‫الرقم‪ (3) .20 :‬صفات الشيعة ص ‪.(*) 171‬‬

‫]‪[152‬‬

‫ألسنتكم‪ ،‬وكفوها عن الفضول‪ ،‬وقبح القول‪ (1) .‬بيان‪ " :‬كونوا لنا زينأ " أي‬
‫كونوا من أهل الورع والتقوى والعمل الصالح لتكونوا زينة لنا فان حسن‬
‫أتباع الرجل زينة له‪ ،‬إذ يمدحونه بحسن تأديب أصحابه بخلف ما إذا كانوا‬
‫فسقة فانه يصير سببا لتشنيع رئيسهم‪ ،‬ويكونون شينا وعيبا لرئيسهم‪،‬‬
‫وعمدة الغرض في هذا المقام رعاية التقية وحسن العشرة مع المخالفين‬
‫لئل يصير سببا لنفرتهم عن أئمتهم‪ ،‬وسوء القول فيهم‪ ،‬بقرينة ما بعده "‬
‫وقولوا للناس حسنا " )‪ (2‬فيه تضمين للية الكريمة قال الطبرسي ‪ -‬ره‬
‫‪ :-‬اختلف في معنى قوله حسنا فقيل‪ :‬هو القول الحسن الجميل والخلق‬
‫الكريم عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪ :‬هو المر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال‬
‫الربيع‪ :‬حسنا أي معروفا وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلم في قوله‬
‫" قولوا للناس حسنا " قال قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم فان‬
‫ال يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين‪ ،‬الفاحش المتفحش السائل‬
‫الملحف‪ ،‬ويحب الحليم العفيف ثم اختلف فيه من وجه آخر فقيل هو عام‬
‫في المؤمن والكافر على ما روي عن الباقر عليه السلم وقيل هو خاص‬
‫في المؤمن‪ ،‬واختلف من قال إنه عام فقيل إنه منسوخ بآية السيف‪ ،‬وقد‬
‫روي أيضا عن الصادق عليه السلم وقال الكثرون‪ :‬إنها ليست بمنسوخة‬
‫لنه يمكن قتالهم مع حسن القول في دعائهم إلى اليمان كما قال ال تعالى‬
‫" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي‬
‫أحسن " )‪ (3‬وقال في آية اخرى " ول تسبوا الذين يدعون من دون ال‬
‫فيسبوا ال عدوا بغير علم " )‪ (4‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬عمدة الغرض هنا حسن‬
‫القول مع المخالفين تقية‪ ،‬وكذا المراد بحفظ اللسنة حفظها عما يخالف‬
‫التقية‪ ،‬والفضول زوائد الكلم‪ ،‬وما ل منفعة فيه‪ ،‬قال في المصباح الفضل‬
‫الزيادة‪ ،‬والجمع فضول كفلس وفلوس‪ ،‬وقد استعمل‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .55‬البقرة‪ (3) .83 :‬النحل‪ (4) .125 :‬النعام‪:‬‬
‫‪ ،108‬راجع مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 149‬‬

‫]‪[153‬‬

‫الجمع استعمال المفرد فيما ل خير فيه‪ ،‬ولهذا نسب إليه على لفظه فقيل فضولي‬
‫لمن يشتغل بمال يعنيه‪ - 7 .‬ما‪ :‬عن أبى عمرو‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن جعفر بن عنبسة‪ ،‬عن إسماعيل بن أبان‪ ،‬عن مسعود بن‬
‫سعد‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إنما شيعتنا من أطاع ال‬
‫عزوجل )‪ - 8 .(1‬ل‪ :‬عن حمزة العلوي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد‬
‫البرقي‪ ،‬عن خلف بن حماد‪ ،‬عن معوية بن وهب قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬الشيعة ثلث‪ :‬محب واد فهو منا‪ ،‬ومتزين بنا ونحن زين لمن‬
‫تزين بنا‪ ،‬ومستأكل بنا الناس‪ ،‬و من استأكل بنا افتقر )‪ (2‬بيان‪ :‬التزين‬
‫بهم هو أن يجعلوا النتساب إليهم وموالتهم زينة لهم وفخرا بين الناس‪،‬‬
‫ول زينة أرفع من ذلك والستئكال بهم عليهم السلم هو أن يجعلوا إظهار‬
‫مولتهم ونشر علومهم وأخبارهم وسيلة لتحصيل الرزق‪ ،‬وجلب المنافع‬
‫من الناس‪ ،‬فينتج خلف مطلوبهم‪ ،‬ويصير سببا لفقرهم‪ ،‬والقسم الول هو‬
‫الذي يحبهم ويواليهم في ال ول‪ ،‬وهو ناج في الدنيا والخرة‪ - 9 .‬ير‪:‬‬
‫عن سلمة بن الخطاب‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‪ ،‬عن عبد ال بن القاسم ابن‬
‫الحارث البطل‪ ،‬عن مرازم قال‪ :‬دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي‬
‫نزلتها فعجبتني فأردت أن أتمتع منها فأبت أن تزوجني نفسها قال‪ :‬فجئت‬
‫بعد العتمة فقرعت الباب فكانت هي التي فتحت لي فوضعت يدي على‬
‫صدرها فبادرتني حتى دخلت فلما أصحبت دخلت علي أبي الحسن عليه‬
‫السلم فقال‪ :‬يا مرازم ليس من شيعتنا من خل ثم لم يرع قلبه )‪- 10 .(3‬‬
‫سن‪ :‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن محمد بن أسلم‪ ،‬عن الخطاب الكوفي‬
‫ومصعب بن عبد ال الكوفي قال‪ :‬دخل سدير الصيرفي على أبي عبد ال‬
‫عليه السلم وعنده جماعة من أصحابه‬

‫)‪ 1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .279‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .51‬بصائر الدرجات‬
‫ص ‪.(*) 247‬‬

‫]‪[154‬‬

‫فقال‪ :‬يا سدير ل تزال شيعتنا مرعيين محفوظين مستورين معصومين‪ ،‬ما أحسنوا‬
‫النظر لنفسهم فيما بينهم وبين خالقهم‪ ،‬وصحت نياتهم لئمتهم‪ ،‬وبروا‬
‫إخوانهم فعطفوا على ضعيفهم‪ ،‬وتصدقوا على ذوي الفاقة منهم‪ ،‬إنا ل‬
‫نأمر بظلم ولكنا نأمركم بالورع‪ ،‬الورع الورع‪ ،‬والمواساة المواساة‬
‫لخوانكم‪ ،‬فان أولياء ال لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق ال آدم‬
‫عليه السلم )‪ - 11 .(1‬م‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬اتقوا ال معاشر الشيعة فان الجنة لن تفوتكم وإن أبطأت بها عنكم‬
‫قبايح أعمالكم‪ ،‬فتنافسوا في درجاتها‪ ،‬قيل‪ :‬فهل يدخل جهنم أحد من محبيك‬
‫ومحبي علي عليه السلم ؟ قال من قذر نفسه بمخالفة محمد وعلي وواقع‬
‫المحرمات‪ ،‬وظلم المؤمنين والمؤمنات‪ ،‬وخالف ما رسم له من الشريعات‬
‫جاء يوم القيامة قذرا طفسا‪ ،‬يقول محمد وعلي عليهما السلم يا فلن أنت‬
‫قذر طفس ل تصلح لمرافقة مواليك الخيار‪ ،‬ول لمعانقة الحور الحسان‪،‬‬
‫ول الملئكة المقربين ل تصل إلى ما هناك إل بأن تطهر عنك ما ههنا‪،‬‬
‫يعني ما عليك من الذنوب‪ ،‬فيدخل إلى الطبق العلى من جهنم فيعذب‬
‫ببعض ذنوبه‪ .‬ومنهم من يصيبه الشدائد في المحشر ببعض ذنوبه ثم‬
‫يلقطه من هنا ومن هنا من يبغثهم إليه مواليه من خيار شيعتهم‪ ،‬كما يلقط‬
‫الطير الحب‪ ،‬ومنهم من يكون ذنوبه أقل وأخف فيطهر منها بالشدائد‬
‫والنوائب من السلطين وغيرهم‪ ،‬ومن الفات في اليدان في الدنيا ليدلي‬
‫في قبره وهو طاهر‪ ،‬ومنهم من يقرب موته وقد بقيت عليه سية فيشتد‬
‫نزعه ويكفر به عنه‪ ،‬فان بقي شئ وقويت عليه‪ ،‬يكون له بطر واضطراب‬
‫في يوم موته فيقل من بحضرته فيلحقه به الذل فيكفر عنه‪ ،‬فان بقي شئ‬
‫اتي به ولما يلحد فيوضع فيتفرقون عنه‪ ،‬فيطهر‪ .‬فإن كان ذنوبه أعظم‬
‫وأكثر طهر منها بشدائد عرصات يوم القيامة‪ ،‬فإن كانت أكثر وأعظم طهر‬
‫منها في الطبق العلى من جهنم وهؤلء أشد محبينا عذابا وأعظمهم‬
‫ذنوبا‪ ،‬ليس هؤلء يسمون بشيعتنا‪ ،‬ولكنهم يسمون بمحبينا والموالين‬
‫لوليائنا والمعادين لعدائنا‪ .‬إن شيعتنا من شيعنا‪ ،‬واتع آثارنا‪ ،‬واقتدى‬
‫بأعمالنا‪.‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪.(*) 158‬‬

‫]‪[155‬‬

‫وقال المام عليه السلم‪ :‬قال رجل لرسول ال‪ :‬يا رسول ال فلن ينظر إلى حرم‬
‫جاره فان أمكنه مواقعة حرام لم يرع عنه‪ ،‬فغضب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وقال‪ :‬ائتوني به فقال رجل آخر‪ :‬يا رسول ال إنه من شيعتكم‬
‫ممن يعتقد موالتك وموالة علي ويبرأ من أعدائكما فقال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬ل تقل إنه من شيعتنا فانه كذب‪ ،‬إن شيعتنا من شيعنا وتبعنا‬
‫في أعمالنا‪ ،‬وليس هذا الذي ذكرته في هذا الرجل من أعمالنا‪ .‬وقيل لمير‬
‫المؤمنين وإمام المتقين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين ووصي‬
‫رسول رب العالمين عليه السلم‪ :‬إن فلنا سرف على نفسه بالذنوب‬
‫الموبقات‪ ،‬و هو مع ذلك من شيعتكم‪ ،‬فقال أمير المؤمنين‪ :‬قد كتبت عليك‬
‫كذبة‪ ،‬أو كذبتان إن كان مسرفا بالذنوب على نفسه يحبنا ويبغض أعداءنا‬
‫فهو كذبة واحدة لنه من محبينا لمن شيعتنا‪ ،‬وإن كان يوالي أولياءنا‪،‬‬
‫ويعادي أعداءنا وليس بمسرف على نفسه كما ذكرت فهو منك كذبة لنه ل‬
‫يسرف في الذنوب وإن كان يسرف في الذنوب ول يوالينا ول يعادي‬
‫أعداءنا فهو منك كذبتان‪ .‬وقال رجل لمرأته‪ :‬اذهبي إلى فاطمة بنت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فاسأليها عني أني من شيعتكم أم ليس من‬
‫شيعتكم ؟ فسألتها فقالت‪ :‬قولي له‪ :‬إن كنت تعمل بما أمرناك‪ ،‬وتنتهي عما‬
‫زجرناك عنه‪ ،‬فأنت من شيعتنا وإل فل‪ ،‬فرجعت فأخبرته فقال‪ :‬يا ويلي‬
‫ومن ينفك من الذنوب والخطايا‪ ،‬فأنا إذا خالد في النار‪ ،‬فان من ليس من‬
‫شيعتهم فهو خالد في النار‪ .‬فرجعت المرأة فقالت لفاطمة ما قال زوجها‪،‬‬
‫فقالت فاطمة‪ :‬قولي له‪ :‬ليس هكذا‪ ،‬شيعتنا من خيار أهل الجنة وكل محبينا‬
‫وموالي أوليائنا ومعادي أعداءنا والمسلم بقلبه ولسانه لنا ليسوا من‬
‫شيعتنا إذا خالفوا أو امرنا ونواهينا في سائر الموبقات وهم مع ذلك في‬
‫الجنة‪ ،‬ولكن بعد ما يطهرون من ذنوبهم بالبليا والرزايا أو في عرصات‬
‫القيامة بأنواع شدائدها أو في الطبق العلى من جهنم بعذابها إلى أن‬
‫نستنقذهم بحبنا منها وننقلهم إلى حضرتنا‪.‬‬

‫]‪[156‬‬

‫وقال رجل للحسن بن علي عليهما السلم‪ :‬إني من شيعتكم فقال الحسن بن علي‬
‫عليه السلم‪ :‬يا عبد ال إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعا فقد‬
‫صدقت‪ ،‬وإن كنت بخلف ذلك فل تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة‬
‫لست من أهلها ل تقل لنا‪ :‬أنا من شيعتكم‪ ،‬ولكن قل‪ :‬أنا من مواليكم‬
‫ومحبيكم ومعادي أعدائكم‪ ،‬وأنت في خير وإلى خير‪ .‬وقال رجل للحسين بن‬
‫علي عليهما السلم‪ :‬يا ابن رسول ال أنا من شيعتكم‪ ،‬قال‪ :‬اتق ال ول‬
‫تدعين شيئا يقول ال لك كذبت وفجرت في دعواك‪ ،‬إن شيعتنا من سلمت‬
‫قلوبهم من كل غش وغل ودغل‪ ،‬ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم‪ .‬وقال‬
‫رجل لعلي بن الحسين عليهما السلم‪ :‬يا ابن رسول ال أنا من شيعتكم‬
‫الخلص فقال له‪ :‬يا عبد ال فإذا أنت كابراهيم الخليل عليه السلم الذي قال‬
‫ال " وإن من شيعته لبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم " )‪ (1‬فان كان‬
‫قلبك كقلبه فأنت من شيعتنا‪ ،‬وإن لم يكن قلبك كقلبه وهو طاهر من الغش‬
‫والغل‪ ،‬فأنت من محبينا وإل فانك إن عرفت أنك بقولك كاذب فيه‪ ،‬إنه‬
‫لمبتلى بفالج ل يفارقك إلى الموت أو جذام ليكون كفارة لكذبك هذا‪ .‬وقال‬
‫الباقر عليه السلم لرجل فخر على آخر وقال‪ :‬أتفاخرني وأنا من شيعة آل‬
‫محمد الطيبين ؟ فقال الباقر عليه السلم‪ :‬ما فخرت عليه ورب الكعبة‬
‫وغبن منك على الكذب يا عبد ال‪ ،‬أمالك معك تنفقه على نفسك أحب إليك‬
‫أم تنفقه على إخوانك المؤمنين ؟ قال‪ :‬بل أنفقه على نفسي‪ ،‬قال‪ :‬فلست‬
‫من شيعتنا‪ ،‬فاننا نحن ما ننفق على المنتحلين من إخواننا أحب إلينا ولكن‬
‫قل‪ :‬أنا من محبيكم ومن الراجين النجاة بمحبتكم‪ .‬وقيل للصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬إن عمارا الدهني شهد اليوم عند ابن أبي ليلى قاضي الكوفة‬
‫بشهادة فقال له القاضي‪ :‬قم يا عمار فقد عرفناك ل تقبل شهادتك لنك‬
‫رافضي فقام عمار وقد ارتعدت فرائصه واستفرغه البكاء فقال له ابن أبي‬
‫ليلى‪ :‬أنت رجل من أهل العلم والحديث إن كان يسوءك أن يقال لك رافضي‬
‫فتبرأ من الرفض فأنت من إخواننا‪ ،‬فقال له عمار‪ :‬يا هذا ما ذهبت وال‬
‫حيث ذهبت‪ ،‬ولكن بكيت‬

‫)‪ (1‬الصافات‪ 83 :‬و ‪.(*) 84‬‬

‫]‪[157‬‬

‫عليك وعلي‪ ،‬أما بكائي على نفسي فانك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها‬
‫زعمت أني رافضي ويحك لقد حدثني الصادق عليه السلم أن أول من‬
‫سمي الرفضة السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى في عصاه آمنوا به‬
‫واتبعوه‪ ،‬ورفضوا أمر فرعون‪ ،‬واستسلموا لكل ما نزل بهم‪ ،‬فسماهم‬
‫فرعون الرافضة لما رفضوا دينه‪ ،‬فالرافضي كل من رفض جميع ما كره‬
‫ال‪ ،‬وفعل كل ما أمره ال‪ ،‬فأين في هذا الزمان مثل هذا ؟‪ .‬وإن ما بكيت‬
‫على نفسي خشيت أن يطلع ال عزوجل على قلبي وقد تلقبت هذا السم‬
‫الشريف على نفسي فيعاتبني ربي عزوجل ويقول‪ :‬يا عمار أكنت رافضا‬
‫للباطيل‪ ،‬عامل بالطاعات كما قال لك ؟ فيكون ذلك بي مقصرا في الدرجات‬
‫إن سامحني‪ ،‬وموجبا لشديد العقاب علي إن ناقشني‪ ،‬إل أن يتداركني‬
‫موالي بشفاعتهم‪ .‬وأما بكائي عليك فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي‬
‫وشفقتي الشديدة عليك من عذاب ال أن صرفت أشرف السماء إلي‪ ،‬وإن‬
‫جعلته من أرذلها كيف يصبر بدنك على عذاب كلمتك هذه ؟‪ .‬فقال الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات و‬
‫الرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات وإنها لتزيد في حسناته عند ربه‬
‫عزوجل حتى يجعل كل خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرة‪ .‬قال‪ :‬وقيل‬
‫لموسى بن جعفر عليه السلم‪ :‬مررنا برجل في السوق وهو ينادي‪ :‬أنا من‬
‫شيعة محمد وآل محمد الخلص‪ ،‬وهو ينادي على ثياب يبيعها‪ :‬من يزيد ؟‬
‫فقال موسى عليه السلم‪ :‬ما جهل ول ضاع امرؤ عرف قدر نفسه‪ ،‬أتدرون‬
‫ما مثل هذا ؟ هذا شخص قال أنا مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وهو‬
‫مع ذلك يباخس )‪ (1‬في بيعه ويدلس عيوب المبيع على مشتريه ويشتري‬
‫الشئ بثمن فيزايد الغريب يطلبه فيوجب له ثم إذا غاب المشتري قال ل‬
‫اريده إل بكذا بدون ما كان طلبه منه‪ ،‬أيكون هذا كسلمان وأبي ذر والمقداد‬
‫وعمار ؟ حاش ل أن يكون هذا كهم‪ ،‬ولكن ما يمنعه من أن يقول إني من‬
‫محبي محمد وآل محمد ومن يوالي أولياءهم ويعادي أعداءهم‪ .‬قال عليه‬
‫السلم‪ :‬ولما جعل المأمون إلى علي بن موسى الرضا عليهما السلم ولية‬
‫العهد‬
‫)‪ (1‬يناجش ظ‪ ،‬وما ذكر بعد ذلك كأنه بيان النجش )*(‪.‬‬

‫]‪[158‬‬

‫دخل عليه آذنه وقال‪ :‬إن قوما بالباب يستأذنون عليك يقولون نحن شيعة علي فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬أنا مشغول فاصرفهم‪ ،‬فصرفهم فلما كان من اليوم الثاني‬
‫جاؤا وقالوا كذلك مثلها فصرفهم إلى أن جاؤا هكذا يقولون ويصرفهم‬
‫شهرين ثم أيسوا من الوصول وقالوا للحاجب‪ :‬قل لمولنا إنا شيعة أبيك‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم وقد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا‪ ،‬ونحن‬
‫ننصرف هذه الكرة ونهرب من بلدنا خجل وأنفة مما لحقنا‪ ،‬وعجزا عن‬
‫احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة العداء ! فقال علي بن موسى الرضا‬
‫عليه السلم‪ :‬ائذن لهم ليدخلوا‪ ،‬فدخلوا عليه فسلموا عليه فلم يرد عليهم‬
‫ولم يأذن لهم بالجلوس‪ ،‬فبقوا قياما فقالوا‪ :‬يا ابن رسول ال ما هذا الجفاء‬
‫العظيم والستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب ؟ أي باقية تبقي منا بعد هذا ؟‬
‫فقال الرضا عليه السلم‪ :‬اقرؤا " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت‬
‫أيديكم ويعفوا عن كثير " )‪ (1‬ما اقتديت إل بربي عزوجل فيكم‪ ،‬وبرسول‬
‫ال وبأمير المؤمنين ومن بعده من آبائي الطاهرين عليهم السلم‪ ،‬عتبوا‬
‫عليكم فاقتديت بهم‪ ،‬قالوا لماذا يا ابن رسول ال ؟ قال‪ :‬لدعواكم أنكم شيعة‬
‫أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‪ .‬ويحكم إنما شيعته الحسن‬
‫والحسين وأبو ذر وسلمان والمقداد وعمار و محمد بن أبي بكر الذين لم‬
‫يخالفوا شيئا من أوامره‪ ،‬ولم يركبوا شيئا من فنون زواجره‪ ،‬فأما أنتم إذا‬
‫قلتم إنكم شيعته‪ ،‬وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون مقصرون في كثير من‬
‫الفرائض‪ ،‬متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في ال‪ ،‬وتتقون حيث ل يجب‬
‫التقية‪ ،‬وتتركون التقية حيث لبد من التقية‪ ،‬فلو قلتم إنكم موالوه ومحبوه‪،‬‬
‫والموالون لوليائه‪ ،‬والمعادون لعدائه‪ ،‬لم انكره من قولكم ولكن هذه‬
‫مرتبة شريفة ادعيتموها إن لم تصدقوا قولكم بفعلكم هلكتم إل أن تتدارككم‬
‫رحمه من ربكم‪ .‬قالوا‪ :‬يا ابن رسول ال فانا نستغفر ال ونتوب إليه من‬
‫قولنا‪ ،‬بل نقول كما عملنا مولنا‪ :‬نحن محبوكم ومحبوا أوليائكم ومعادوا‬
‫أعدائكم‪ ،‬قال الرضا عليه السلم‪:‬‬

‫)‪ (1‬الشورى‪.(*) 30 :‬‬

‫]‪[159‬‬

‫فمرحبا بكم يا إخواني وأهل ودي ارتفعوا ارتفعوا ارتفعوا فما زال يرفعهم حتى‬
‫ألصقهم بنفسه‪ ،‬ثم قال لحاجبه‪ :‬كم مرة حجبتهم ؟ قال‪ :‬ستين مرة فقال‬
‫لحاجبه‪ :‬فاختلف إليهم ستين مرة متوالية‪ ،‬فسلم عليهم وأقرئهم سلمي‬
‫فقد محوا ما كان من ذنوبهم باستغفارهم وتوبتهم‪ ،‬واستحقوا الكرامة‬
‫لمحبتهم لنا وموالتهم‪ ،‬وتفقد امورهم وأمور عيالتهم فأوسعهم بنفقات‬
‫ومبرات وصلت‪ ،‬ورفع معرات‪ .‬قال عليه السلم‪ :‬ودخل رجل على محمد‬
‫بن علي الرضا عليهما السلم وهو مسرور فقال‪ :‬مالي أراك مسرورا ؟‬
‫قال‪ :‬يا ابن رسول ال سمعت أباك يقول أحق يوم بأن يسر العبد فيه يوم‬
‫يرزقه ال صدقات ومبرات ومدخلت من إخوان له مؤمنين‪ ،‬فانه قصدني‬
‫اليوم عشرة من إخواني الفقراء‪ ،‬لهم عيالت‪ ،‬فقصدوني من بلد كذا وكذا‬
‫فأعطيت كل واحد‪ ،‬منهم‪ ،‬فلهذا سروري‪ .‬فقال محمد بن علي عليهما‬
‫السلم‪ :‬لعمري إنك حقيق بأن تسر إن لم تكن أحبطته أو لم تحبطه فيما‬
‫بعد‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬فكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص ؟ قال‪ :‬هاه قد‬
‫أبطلت برك باخوانك وصدقاتك‪ ،‬قال‪ :‬وكيف ذاك يا بن رسول ال ؟ قال له‬
‫محمد بن علي عليه السلم‪ :‬اقرء قول ال عزوجل " يا أيها الذين آمنوا ل‬
‫تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى " )‪ (1‬قال‪ :‬يا ابن رسول ال ما مننت على‬
‫القوم الذين تصدقت عليهم ول آذيتهم‪ ،‬قال له محمد بن علي عليه السلم‬
‫إن ال عزوجل إنما قال " ل تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى " ولم يقل‬
‫بالمن على من تتصدقون عليه‪ ،‬وبالذى لمن تتصدقون عليه وهو كل أذى‪،‬‬
‫أفترى أذاك القوم الذين تصدقت عليهم أعظم أم أذاك لحفظتك وملئكة ال‬
‫المقربين حواليك أم أذاك لنا ؟ فقال الرجل‪ :‬بل هذا يا ابن رسول ال فقال‪:‬‬
‫لقد آذيتني وآذيتهم‪ ،‬وأبطلت صدقتك‪ ،‬قل‪ :‬لما ذا ؟ قال‪ :‬لقولك‪ ،‬و كيف‬
‫أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص ؟ ثم قال‪ :‬ويحك أتدري من شيعتنا الخلص‬
‫؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فان شيعتنا الخلص حزبيل المؤمن مؤمن آل فرعون‪،‬‬
‫وصاحب يس الذي قال ال تعالى " وجاء من أقصي‬

‫)‪ (1‬البقرة‪.(*) 264 :‬‬

‫]‪[160‬‬

‫المدينة رجل يسعى " )‪ (1‬وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار‪ ،‬سويت نفسك بهؤلء‬
‫أما آذيت بهذا الملئكة‪ ،‬وآذيتنا ؟ فقال الرجل‪ :‬أستغفر ال وأتوب إليه‪،‬‬
‫فكيف أقول ؟ قال‪ :‬قل‪ :‬أنا من مواليك ومحبيك ومعادي أعدائك‪ ،‬وموالي‬
‫أوليائك‪ ،‬قال‪ :‬فكذلك أقول‪ ،‬وكذلك أنا يا ابن رسول ال‪ ،‬وقد تبت من القول‬
‫الذي أنكرته وأنكرته الملئكة‪ ،‬فما أنكرتم ذلك إل لنكار ال عزوجل‪ ،‬فقال‬
‫محمد بن علي عليهما السلم الن قد عادت إليك مثوبات صدقاتك‪ ،‬وزال‬
‫عنها الحباط‪ .‬قال أبو يعقوب يوسف بن زياد وعلي بن سيار رضي ال‬
‫عنهما )‪ :(2‬حضرنا ليلة على غرفة الحسن بن علي بن محمد عليهم‬
‫السلم وقد كان ملك الزمان له معظما وحاشيته له مبجلين إذ مذ مر علينا‬
‫والى البلد ‪ -‬والي الجسرين ‪ -‬ومعه رجل مكتوف‪ ،‬و الحسن بن علي‬
‫مشرف من روزنته‪ ،‬فلما رآه الوالي ترجل عن دابته إجلل له فقال الحسن‬
‫بن علي عليهما السلم‪ :‬عد إلى موضعك‪ ،‬فعاد وهو معظم له‪ ،‬وقال يا ابن‬
‫رسول ال أخذت هذا في هذه الليلة على باب حانوت صير في فاتهمته بأنه‬
‫يريد نقبه والسرقة منه‪ ،‬فقبضت عليه‪ ،‬فلما هممت أن أضربه خمسمائة‬
‫سوط وهذه سبيلي فيمن اتهمته ممن آخذه لئل يسألني فيه من ل أطيق‬
‫مدافعته ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني من ل اطيق مدافعته‪،‬‬
‫فقال لي‪ :‬اتق ال ول تتعرض لسخط ال فاني من شيعة أمير المؤمنين‪،‬‬
‫وشيعة هذا المام أبي القائم بأمر ال عليه السلم فكففت عنه‪ ،‬وقلت‪ :‬أنا‬
‫مار بك عليه‪ ،‬فان عرفك بالتشيع أطلقت عنك‪ ،‬وإل قطعت يدك ورجلك‪ ،‬بعد‬
‫أن أجلدك ألف سوط‪ ،‬وقد جئتك به يا ابن رسول ال‪ ،‬فهل هو من شيعة‬
‫علي عليه السلم كما ادعى ؟ فقال الحسن بن علي عليهما السلم‪ :‬معاذ‬
‫ال‪ ،‬ما هذا من شعية علي وإنما ابتله ال في يدك لعتقاده في نفسه أنه‬
‫من شيعة علي عليه السلم فقال الوالي‪ :‬كفيتني مؤنته‬

‫)‪ (1‬يس‪ (2) .20 :‬رجلن مجهولن يروى عنهما محمد بن أبى القاسم المفسر‬
‫كتاب تفسير المام العسكري عليه السلم‪ ،‬وفيه كلم ليس هذا مقامه‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[161‬‬

‫الن أضربه خمسمائة ل حرج علي فيها‪ ،‬فلما نحاه بعيدا فقال‪ :‬ابطحوه فبطحوه‬
‫وأقام عليه جل دين واحدا عن يمينه وآخر عن شماله فقال‪ :‬أو جعاه‬
‫فأهويا إليه بعصيهما ل يصيبان إسته شيئا إنما يصيبان الرض فضجر من‬
‫ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ويلكم تضربون الرض ؟ اضربوا إسته‪ ،‬فذهبوا يضربون إسته‬
‫فعدلت أيديهما فجعل يضرب بعضهما بعضا ويصيح ويتأوه‪ .‬فقال لهما‪:‬‬
‫ويحكما أمجانين أنتما يضرب بعضكما بعضا ؟ اضربا الرجل فقال ما‬
‫نضرب إل الرجل‪ ،‬وما نقصد سواه‪ ،‬ولكن يعدل أيدينا حتى يضرب بعضنا‬
‫بعضا قال‪ :‬فقال‪ :‬يا فلن ويا فلن حتى دعا أربعة وصاروا مع الولين‬
‫ستة‪ ،‬وقال‪ :‬أحيطوا به فأحاطوا به‪ ،‬فكان يعدل بأيديهم‪ ،‬ويرفع عصيهم إلى‬
‫فوق‪ ،‬فكانت ل تقع إل بالوالي فسقط عن دابته‪ ،‬وقال‪ :‬قتلتموني قتلكم ال‬
‫ما هذا ؟ فقالوا‪ :‬ما ضربنا إل إياه‪ .‬ثم قال لغيرهم‪ :‬تعالوا فاضربوا هذا‬
‫فجاؤا فضربوه بعد فقال‪ :‬ويلكم إياي تضربون ؟ قالوا‪ :‬ل وال ما نضرب‬
‫إل الرجل قال الوالي‪ :‬فمن أين لي هذه الشجات )‪ (1‬برأسي ووجهي وبدني‬
‫إن لم تكونوا تضربوني ؟ فقالوا شلت أيماننا إن كنا قد قصدناك بضرب‪.‬‬
‫قال الرجل‪ :‬يا عبد ال يعني الوالي أما تعتبر بهذه اللطاف التي بها يصرف‬
‫عني هذا الضرب ويلك ردني إلى المام وامتثل في أمره‪ ،‬قال‪ :‬فرده الوالي‬
‫بعد إلى بين يدي الحسن بن علي عليهما السلم وقال‪ :‬يا ابن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬عجبنا لهذا أنكرت أن يكون من شيعتكم ومن لم يكن‬
‫من شيعتكم فهو من شيعة إبليس وهو في النار وقد رأيت له من المعجزات‬
‫مال يكون إل للنبياء ؟ فقال الحسن بن علي عليهما السلم قل أو‬
‫للوصياء‪ ،‬فقال‪ :‬أو للوصياء‪ .‬فقال الحسن بن علي عليهما السلم‬
‫للوالي‪ :‬يا عبد ال إنه كذب في دعواه أنه من شيعتنا كذبة لو عرفها ثم‬
‫تعمدها لبتلى بجميع عذابك‪ ،‬ولبقي في المطبق ثلثين سنة‬

‫)‪ (1‬الشجة‪ :‬جراحة الرأس خاصة‪ ،‬وقد تستعار لغيره من العضاء )*(‪.‬‬

‫]‪[162‬‬

‫ولكن ال رحمه لطلق كلمة على ما عنى‪ ،‬ل على تعمد كذب‪ ،‬وأنت يا عبد ال اعلم‬
‫أن ال عزوجل قد خلصه بأنه من موالينا ومحبينا‪ ،‬وليس من شيعتنا‪ ،‬فقال‬
‫الوالي‪ :‬ماكان هذا كله عندنا إل سواء فما الفرق ؟ قال المام‪ :‬الفرق أن‬
‫شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا‪ ،‬ويطيعونا في جميع أوامرنا ونواهينا‪،‬‬
‫فاولئك شيعتنا‪ ،‬فأما من خالفنا في كثير مما فرضه ال عليه فليسوا من‬
‫شيعتنا‪ .‬قال المام عليه السلم للوالي‪ :‬وأنت قد كذبت كذبة لو تعمدتها‬
‫وكذبتها ل ابتلك ال عزوجل بألف سوط وسجن ثلثين سنة في المطبق‪،‬‬
‫قال‪ :‬وما هي يا ابن رسول ال ؟ قال‪ :‬بزعمك أنك رأيت له معجزات إن‬
‫المعجزات ليست له إنما هي لنا أظهرها ال فيه إبانة لحجتنا‪ ،‬وإيضاحا‬
‫لجللتنا وشرفنا‪ ،‬ولو قلت‪ :‬شاهدت فيه معجزات‪ ،‬لم انكره عليك‪ ،‬أليس‬
‫إحياء عيسى الميت معجزة ؟ أفهي للميت أم لعيسى ؟ أو ليس خلقه‪ ،‬من‬
‫الطين كهيئة الطير فصار طيرا باذن ال أهي للطائر أو لعيسى ؟ أو ليس‬
‫الذين جعلوا قردة خاسئين معجزة فهي معجزة للقردة أو لنبي ذلك الزمان‪،‬‬
‫فقال الوالي‪ :‬أستغفر ال ربي وأتوب إليه‪ .‬ثم قال الحسن بن علي عليه‬
‫السلم للرجل الذي قال إنه من شيعة علي عليه السلم‪ :‬يا عبد ال لست‬
‫من شيعة علي عليه السلم إنما أنت من محبيه‪ ،‬إنما شيعة علي عليه‬
‫السلم الذين قال ال عزوجل فيهم‪ " :‬والذين آمنوا وعملوا الصالحات‬
‫اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " )‪ (1‬هم الذين آمنوا بال‪،‬‬
‫ووصفوه بصفاته‪ ،‬ونزهوه عن خلف صفاته‪ ،‬وصدقوا محمدا في أقواله‬
‫وصوبوه في أفعاله‪ ،‬ورأوا عليا بعده سيدا إماما وقرما هماما‪ ،‬ل يعدله من‬
‫امة محمد أحد‪ ،‬ول كلهم لو جمعوا في كفة يوزنون بوزنه بل يرجح عليهم‬
‫كما يرجح السماء على الرض‪ ،‬والرض على الذرة‪ ،‬و شيعة علي عليه‬
‫السلم هم الذين ل يبالون في سبيل ال أوقع الموت عليهم أو وقعوا على‬
‫الموت‪ ،‬وشيعة علي عليه السلم هم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم‬
‫ولو كان بهم‬

‫)‪ (1‬البقرة‪.(*) 82 :‬‬

‫]‪[163‬‬

‫خصاصة‪ ،‬وهم الذين ل يراهم ال حيث نهاهم‪ ،‬ول يفقدهم حيث أمرهم‪ ،‬وشيعة‬
‫علي هم الذين يقتدون بعلي عليه السلم في إكرام إخوانهم المؤمنين‪ .‬ما‬
‫عن قولي أقول لك هذا‪ ،‬بل أقوله عن قول محمد صلى ال عليه وآله‪ ،‬فذلك‬
‫قوله " وعملوا الصالحات " قضوا الفرايض كلها‪ ،‬بعد التوحيد واعتقاد‬
‫النبوة والمامة وأعظمها قضاء حقوق الخوان في ال واستعمال التقية‬
‫من أعداء ال عزوجل )‪ (1‬ايضاح‪ :‬قال‪ :‬الفيروز آبادي‪ :‬الطفس محركة‬
‫قذر النسان إذا لم يتعهد نفسه‪ ،‬وهو طفس ككتف قذر نجس قوله فهو منك‬
‫كذبة أي كذبت في نسبته إلى السراف‪ ،‬وهو غير مسرف وفى القاموس‬
‫غبن الشئ وفيه كفرح غبنا وغبنا نسيه أو أغفله أو غلط فيه والغبن‬
‫محركة الضعف والنسيان وقال‪ :‬أفرغه صبه كفرغه والدماء أراقها‪،‬‬
‫وتفريغ الظروف إخلؤها‪ ،‬واستفرغ تقيأ ومجهوده بذل طاقته وافترغت‬
‫لنفسي ماء صببته‪ ،‬وقال‪ :‬المضض محركة وجع المصيبة‪ ،‬وقال‪ :‬المعرة‬
‫الثم والذى والغرم والدية والخيانة‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬على المنتحلين أي‬
‫المدعين للتشيع ولم يكونوا كذلك فكيف إذا كان من شيعتنا حقا " ما ذهبت‬
‫" بصيغة المتكلم " حيث ذهبت " بصيغة الخطاب وفي القاموس كتف‬
‫فلنا كضرب شد يديه إلى خلف بالكتاف وهو حبل يشد به‪ ،‬و قال‪ :‬بطحه‬
‫ألقاه على وجهه فانبطح‪ ،‬والمطبق كأنه كان اسم السجن ولم يذكره‬
‫اللغويون أو المراد به الجنون المطبق وفي القاموس القرم السيد وقال‪:‬‬
‫الهمام كغراب الملك العظيم الهمة والسيد الشجاع السخي‪ - 12 .‬م‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم أما المطيعون لنا فسيغفر ال ذنوبهم امتنانا إلى‬
‫إحسانهم‪ ،‬قالوا‪ :‬يا أمير المؤمنين ومن المطيعون لكم ؟ قال‪ :‬الذين‬
‫يوحدون ربهم‪ ،‬ويصفونه بما يليق به من الصفات‪ ،‬ويؤمنون بمحمد نبيه‬
‫صلى ال عليه وآله ويطيعون ال في إتيان فرائضه وترك محارمه‪،‬‬
‫ويحيون أوقاتهم بذكره‪ ،‬وبالصلة على نبيه محمد وآله الطيبين‪ ،‬ويتقون‬
‫على أنفسهم الشح والبخل‪ ،‬ويؤدون‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪.(*) 125 - 123‬‬


‫]‪[164‬‬

‫كل ما فرض عليهم من الزكات ول يمنعونها )‪ - 13 .(1‬سر‪ :‬من كتاب أبي القاسم‬
‫بن قولويه‪ ،‬عن محمد بن عمر بن حنظلة قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا ولكن‬
‫شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه‪ ،‬واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا‪ ،‬اولئك‬
‫شيعتنا‪ .‬وعن أبي زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬ليس من شيعتنا‬
‫من يكون في مصر يكون فيه آلف ويكون في المصر أورع منه‪ - 14 .‬جا‪:‬‬
‫عن ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس معا‪ ،‬عن‬
‫علي بن محمد الشعري‪ ،‬عن الحسين بن النصر بن مزاحم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سمعت جابر‬
‫بن عبد ال بن حرام النصاري يقول‪ :‬لو نشر سلمان وأبو ذر رحمهما ال‬
‫لهؤلء الذين ينتحلون مودتكم أهل البيت لقالوا‪ :‬هؤلء كذابون ولو رأى‬
‫هؤلء اولئك لقالوا‪ :‬مجانين )‪ - 15 .(2‬نى‪ :‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن القاسم بن‬
‫محمد بن حازم‪ ،‬عن عبيس‪ ،‬عن ابن جبلة‪ ،‬عن أبي خالد المكفوف‪ ،‬عن‬
‫بعض أصحابه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ينبغي لمن ادعى هذا‬
‫المر في السر أن يأتي عليه ببرهان في العلنية‪ ،‬قلت‪ :‬وما هذا البرهالن‬
‫الذي يأتي به في العلنية ؟ قال‪ :‬يحل حلل ال ويحرم حرام ال‪ ،‬و يكون‬
‫له ظاهر يصدق باطنه )‪ - 16 .(3‬نى‪ :‬عن أحمد بن هوذة‪ ،‬عن النهاوندي‪،‬‬
‫عن عبد ال بن حماد عن رجل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه دخل‬
‫عليه بعض أصحابه فقال له‪ :‬جعلت فداك إني وال احبك واحب من يحبك‪،‬‬
‫يا سيدي ما أكثر شيعتكم ؟ فقال له‪ :‬اذكرهم‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ (2) .330‬مجالس المفيد ص ‪ (3) .133‬غيبة النعماني‪56 :‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[165‬‬

‫فقال‪ :‬كثير‪ ،‬فقال‪ :‬تحصيهم ؟ فقال‪ :‬هم أكثر من ذلك‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫أما لو كملت العدة الموصوفة ثلثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون‬
‫ولكن شيعتنا من ل يعدو صوته سمعه‪ ،‬ول شحناؤه بدنه )‪ (1‬ول يمدح بنا‬
‫غاليا‪ ،‬ول يخاصم لنا واليا‪ ،‬ول يجالس لنا عائبا ول يحدث لنا ثالبا ول‬
‫يحب لنا مبغضا‪ ،‬ول يبغض لنا محبا‪ .‬فقلت‪ :‬فكيف أصنع بهذه الشيعة‬
‫المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال‪ :‬فيهم التمييز وفيهم‬
‫التمحيص‪ ،‬وفيهم التبديل‪ ،‬يأتي عليهم سنون تفنيهم وسيوف تقتلهم‪،‬‬
‫واختلف تبددهم‪ ،‬إنما شيعتنا من ل يهر هرير الكلب‪ ،‬ول يطمع طمع‬
‫الغراب )‪ (2‬ول يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا قلت‪ :‬جعلت فداك فأين‬
‫أطلب هؤلء الموصوفين بهذه الصفة ؟ فقال‪ :‬اطلبهم في أطراف الرض‬
‫اولئك الخشن عيشهم‪ ،‬المنتقلة دارهم‪ ،‬الذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن‬
‫غابوا لم يفتقدوا‪ ،‬وإن مرضوا لم يعادوا‪ ،‬وإن خطبوا لم يزوجوا‪ ،‬وإن‬
‫ماتوا لم يشهدوا‪ ،‬اولئك الذين في أموالهم يتواسون‪ ،‬وفي قبورهم‬
‫يتزاورون‪ ،‬ول يختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان )‪ .(3‬وروي‬
‫أيضا‪ ،‬عن محمد بن همام‪ ،‬عن حميد بن زياد الكوفي‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫محمد بن سماعة‪ ،‬عن أحمد بن الحسن الميثمي‪ ،‬عن علي بن منصور‪،‬‬
‫عن إبراهيم ابن مهزم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬مثله إل‬
‫أنه زاد فيه‪ :‬وإن رأوا مؤمنا أكرموه وإن رأوا منافقا هجروه‪ ،‬وعند الموت‬
‫ل يجزعون‪ ،‬وفي قبورهم يتزاورون‬

‫)‪ (1‬الشجاء خ‪ ،‬والشحناء‪ :‬الحقد والعداوة التى امتلت منها النفس‪ ،‬وسيجئ مثله‬
‫تحت الرقم ‪ 28‬فراجع‪ (2) .‬هرير الكلب صوته دون النباح إذا تجهم على‬
‫الغريب‪ ،‬يقال‪ :‬هر في وجه السائل‪ :‬إذا تجهمه‪ ،‬ومنه قولهم‪ " :‬هر في‬
‫وجهه كما يهر الكلب " وقولهم‪ " :‬المرأه التي تهار زوجها " والغراب‬
‫بالضم طائر معروف ضرب به المثل لطمعه‪ ،‬وسيأتى توضيح ذلك أجمع‬
‫تحت الرقم ‪ 39‬ذيل حديث الكافي‪ (3) .‬غيبة النعماني ص ‪.(*) 107‬‬

‫]‪[166‬‬

‫تمام الحديث )‪ (1‬بيان‪ :‬في القاموس‪ ،‬ثلبه يثلبه‪ :‬لمه وعابه وقد مر شرح سائر‬
‫أجزائه‪ - 17 .‬كش‪ :‬عن حمدويه بن نصير‪ ،‬عن أيوب بن نوح‪ ،‬عن‬
‫صفوان بن يحيى عن داود بن فرقد قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬إن أصحابي اولوا النهى و التقى‪ ،‬فمن لمن يكن من أهل النهى‬
‫والتقى فليس من أصحابي )‪ - 18 .(2‬كش عن ابن مسعود‪ ،‬عن عبد ال‬
‫بن محمد الطيالسي‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن محمد ابن حمران‪ ،‬عن أبي الصباح‬
‫الكناني قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إنا نعير بالكوفة فيقال لنا‬
‫جعفرية‪ ،‬قال‪ :‬فغضب أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ثم قال‪ :‬إن أصحاب جعفر‬
‫منكم لقليل‪ ،‬إنما أصحاب جعفر من اشتد ورعه وعمل لخالقه )‪- 19 .(3‬‬
‫كش‪ :‬عن حمدويه‪ ،‬عن يعقوب بن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن إبراهيم‬
‫الكرخي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬إن ممن ينتحل هذا المر لمن‬
‫هو شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا )‪ - 20 .(4‬كش‪:‬‬
‫عن خالد بن حماد‪ ،‬عن الحسن بن طلحة رفعه‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪،‬‬
‫عن علي بن زيد الشامي قال‪ :‬قال أبو الحسن عليه السلم‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬ما أنزل ال سبحانه وتعالى آية في المافقين إل وهي فيمن‬
‫ينتحل التشيع )‪ - 21 .(5‬بشا‪ :‬عن الحسن بن الحسين بن بابويه‪ ،‬عن عمه‬
‫محمد بن الحسن‪ ،‬عن أبيه عن عمه أبي جعفر بن بابويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن صالح بن السندي عن يونس‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن‬
‫عبد الحميد بن عواض‪ ،‬عن عمر بن يحيى بن‬

‫)‪ (1‬غيبة النعماني ص ‪ (2) .108‬رجال الكشى ص ‪ (3) .219‬المصدر ص ‪) .220‬‬


‫‪ (4‬المصدر ص ‪ (5) .252‬رجال الكشى ص ‪.(*) 254‬‬

‫]‪[167‬‬

‫بسام قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم‪ :‬يقول‪ :‬إن أحق الق ناس بالورع آل‬
‫محمد و شيعتهم كي تقتدي الرعية بهم )‪ - 22 .(1‬بشا‪ :‬بهذا السناد عن‬
‫أبي جعفر بن بابويه‪ ،‬عن محمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه‪ ،‬عن ابن‬
‫مرار‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن أبي المغرا‪ ،‬عن يزيد بن خليفة‬
‫قال‪ :‬قال لنا أبو عبد ال عليه السلم ونحن عنده‪ :‬نظرتم حيث نظر ال‬
‫واخترتم من اختار ال‪ ،‬أخذ الناس يمينا وشمال وقصدتم محمدا صلى ال‬
‫عليه وآله أما إنكم لعلى المحجة البيضاء‪ ،‬فأعينوا على ذلك بورع‪ ،‬ثم قال‬
‫حيث أردنا أن نخرج‪ :‬وما على أحدكم إذا عرفه ال هذا المر أن ل يعرفه‬
‫الناس‪ ،‬إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس‪ ،‬ومن عمل ل كان ثوابه‬
‫على ال )‪ - 23 (2‬صفات الشيعة للصدوق رحمه ال‪ :‬عن ابن المتوكل‪،‬‬
‫عن محمد العطار عن النخعي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن علي بن سالم‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن أبي بصير قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬شيعتنا أهل الورع والجتهاد‬
‫وأهل الوفاء والمانة‪ ،‬وأهل الزهد والعبادة أصحاب إحدى وخمسين ركعة‬
‫في اليوم والليلة‪ ،‬القائمون بالليل‪ ،‬الصائمون بالنهار يزكون أموالهم‬
‫ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم )‪ - 24 .(3‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن علي بن معبد‪ ،‬عن الحسين بن خالد‪ ،‬عن الرضا عليه السلم‬
‫قال‪ :‬شيعتنا المسلمون لمرنا الخذون بقولنا‪ ،‬المخالفون لعدائنا‪ ،‬فمن لم‬
‫يكن كذلك فليس منا )‪ - 25 .(4‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن محمد‪ ،‬عن ابن أبي نجران قال‪ :‬سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول‪:‬‬
‫من عادى شيعتنا فدق عادانا‪ ،‬ومن والهم فقد والنا‪ ،‬لنهم منا‪ ،‬خلقوا من‬
‫طينتنا‪ ،‬من أحبهم فهو منا‪ ،‬ومن أبغضهم فليس منا‪ ،‬شيعتنا ينظرون بنور‬
‫ال‪ ،‬ويتقلبون في رحمة ال‪ ،‬ويفوزون بكرامة ال‪ ،‬ما‬

‫)‪ (1‬بشارة المصطفى ص ‪ (2) .171‬بشارة المصفطى ص ‪ (4 - 3) .175‬صفات‬


‫الشيعة ص ‪ 163‬و ‪.(*) 164‬‬
‫]‪[168‬‬

‫مامن أحد من شيعتنا يمرض إل مرضنا لمرضه‪ ،‬ول اغتم إل اغتممنا لغمه‪ ،‬ول‬
‫يفرح إل فرحنا لفرحه‪ ،‬ول يغيب عنا أحد من شيعتنا أين كان في شرق‬
‫الرض أو غربها ومن ترك من شيعتنا دينا فهو علينا‪ ،‬ومن ترك منهم مال‬
‫فهو لورثته‪ ،‬شعيتنا الذين يقيمون الصلة‪ ،‬ويؤتون الزكاة‪ ،‬ويحجون البيت‬
‫الحرام‪ ،‬ويصومون شهر رمضان ويوالون أهل البيت‪ ،‬ويتبرؤن من‬
‫أعدائهم‪ ،‬اولئك أهل اليمان والتقى‪ ،‬وأهل الورع والتقوى‪ ،‬من رد عليهم‬
‫فقد رد على ال‪ ،‬ومن طعن عليهم فقد طعن على ال لنهم عباد ال حقا‪،‬‬
‫وأولياؤه صدقا‪ ،‬وال إن أحدهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر فيشفعه ال‬
‫فيهم لكرامته على ال عزوجل )‪ - 26 .(1‬ومنه‪ :‬عن ابن المتوكل‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬رفعه عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬وال ما شيعة علي عليه‬
‫السلم إل من عف بطنه وفرجه‪ ،‬وعمل لخالقه‪ ،‬ورجا ثوابه وخاف عقابه‬
‫)‪ - 27 .(2‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت‪ ،‬عن‬
‫أبيه بإسناده‪ ،‬عن محمد بن عجلن قال‪ :‬كنت مع أبي عبد ال عليه السلم‬
‫فدخل رجل فسلم فسأله كيف من خلفت من إخوانك ؟ فأحسن الثناء وزكى‬
‫وأطرى فقال‪ :‬كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم ؟ قال‪ :‬قليلة‪ ،‬قال‪ :‬فكيف‬
‫مواصلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم ؟ فقال‪ :‬إنك تذكر أخلقا ماهي‬
‫فيمن عندنا‪ ،‬قال‪ :‬كيف يزعم هؤلء أنهم لنا شيعة )‪ - 28 .(3‬ومنه‪:‬‬
‫بإسناده عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال‪ :‬يا جابر إنما شيعة‬
‫علي عليه السلم من ل يعدو صوته سمعه ول شحناؤه ببدنه‪ ،‬ل يمدح لنا‬
‫قاليا‪ ،‬و ل يواصل لنا مبغضا ول يجالس لنا عائبا‪ ،‬شيعة علي عليه السلم‬
‫من ل يهر هرير الكلب‪ ،‬و ل يطمع طمع الغرابب‪ ،‬ول يسأل الناس وإن‬
‫مات جوعا‪ ،‬اوزلئك الخفيضة عيشهم المنتقلة ديارهم‪ ،‬إن شهدوا لم‬
‫يعرفوا‪ ،‬وإن غابوا لم يفتقدوا‪ ،‬وإن مرضوا لم يعادوا وإن ماتوا لم‬
‫يشهدوا‪ ،‬في قبورهم تيزاورون قلت‪ :‬وأين أطلب هؤلء ؟ قال‪ :‬في أطراف‬

‫)‪ (1‬صفات الشيعة ‪ 2) .163‬و ‪ (3‬صفات الشيعة ص ‪.(*) 166‬‬

‫]‪[169‬‬

‫الرض بين السواق وهو قول ال عزوجل " أذلة على المؤمنين أعزة على‬
‫الكافرين " )‪ - 29 .(1‬ومنه‪ :‬عن ما جيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن هاون بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة قال سئل أبو عبد ال عليه السلم عن شيعتهم‬
‫فقال‪ :‬شيعتنا من قدم ما استحسن و أمسك ما استقبح‪ ،‬وأظهر الجميل‪،‬‬
‫وسارع بالمر الجليل‪ ،‬رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منا وإلينا ومعنا حيثما‬
‫كنا )‪ - 30 (2‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن إسماعيل بن‬
‫مهران‪ ،‬عن حمران بن أعين‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان علي‬
‫بن الحسين عليه السلم قاعدا في بيته إذ قرع قوم عليهم الباب فقال‪ :‬يا‬
‫جارية انظري من بالباب ؟ فقالوا‪ :‬قوم من شيعتك‪ ،‬فوثب عجل حتى كاد‬
‫أن يقع فلما فتح الباب ونظر إليهم رجع فقال‪ :‬كذبوا فأين السمت في‬
‫الوجوه ؟ أين أثر العبادة ؟ أين سيماء السجود ؟ إنما شيعتنا يعرفون‬
‫بعبادتهم وشعثهم‪ ،‬قد قرحت العببادة منهم الناف‪ ،‬ودثرت الجباه والمساجد‬
‫خمص البطون‪ ،‬ذبل الشفاه‪ ،‬قد هيجت العبادة وجوههم‪ ،‬وأخلق سهر‬
‫الليالي وقطع الهواجر جثثهم‪ ،‬المسبحون إذا سكت الناس‪ ،‬والمصلون إذا‬
‫نام الناس‪ ،‬و المحزونون إذا فرح الناس )‪] (3‬يعرفون بالزهد‪ ،‬كلمهم‬
‫الرحمة‪ ،‬وتشاغلهم بالجنة[‪ .‬بيان‪ :‬الناف جمع النف كالنوف‪ ،‬وقرحها‬
‫إما لكثرة السجود‪ ،‬لنها من المساجد المستحبة أو لكثرة البكاء في‬
‫القاموس الدثور الدروس‪ ،‬والداثر الهالك وفي النهاية فيه إن القلب يدثر‬
‫كما يدثر السيف فجلؤه ذكر ال أي يصدأ كما يصدأ السيف وفي القاموس‬
‫هاج يهيج ثار كاهتاج وتهيج وأثار والنبت يبس‪ ،‬والهائجة أرض يبس‬
‫بقلها أو اصفر وأهاجه أيبسه وكان يحتمل النسخة الباء الموحدة من‬
‫قولهم هبجه‬

‫)‪ (1‬صفات الشيعة ص ‪ ،169‬والية في المائدة‪ (2) .54 :‬صفات الشيعة ص ‪.171‬‬
‫)‪ (3‬صفات الشيعة ص ‪.(*) 177‬‬

‫]‪[170‬‬

‫تهبيجا‪ :‬ورمه‪ - 31 .‬ومنه‪ :‬بإسناده عن محمد بن صالح‪ ،‬عن أبي العباس‬


‫الدينوري‪ ،‬عن محمد ابن الحنفية قال‪ :‬لما قدم أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الحنف بن قيس واتخذ له طعاما فبعث‬
‫إليه صلوات ال عليه وإلى أصحابه فأقبل ثم قال‪ :‬يا أحنف ادع لي‬
‫أصحابي‪ ،‬فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالي )‪ (1‬فقال الحنف‬
‫بن قيس‪ :‬يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم ؟ أمن قلة الطعام ؟ أو من‬
‫هول الحرب ؟‪ .‬فقال صلوات ال عليه‪ :‬ل يا أحنف إن ال سبحانه أجاب )‬
‫‪ (2‬أقواما تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم‬
‫من يوم القيامة‪ ،‬من قبل أن يشاهدوها‪ :‬فحملوا أنفسهم على مجهودها‬
‫وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على ال سبحانه توهموا خروج عنق‬
‫يخرج من النار يحشر الخلئق إلى ربهم تبارك وتعالى وكتاب يبدو فيه‬
‫على رؤس الشهاد فضايح ذنوبهم‪ ،‬فكادت أنفسهم تسيل سيلنا أو تطير‬
‫قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا‪ ،‬وتفارقهم عقولهم إذا غلبت بهم مراجل‬
‫المجرد )‪ (3‬إلى ال سبحانه غليانا‪ .‬فكانوا يحنون حنين الواله في دجى‬
‫الظلم‪ ،‬وكانوا يفجعون من خوف ما أو قفوا عليه أنفسهم‪ ،‬فمضوا ذبل‬
‫الجسام‪ ،‬حزينة قلوبهم‪ ،‬كالحة وجوههم‪ ،‬ذابلة شفاههم‪ ،‬خامصة بطونهم‪،‬‬
‫تراهم سكارى سمار وحشة الليل متخشعون كأنهم شنان بوالي‪ ،‬قد‬
‫أخلصوا ل أعمال سرا وعلنية‪ ،‬فلم تأمن من فزعه قلوبهم‪ .‬بل كانوا كمن‬
‫حرسوا قباب خراجهم )‪ (4‬فلو رأيتهم في ليلتهم وقد نامت العيون‪ ،‬وهدأت‬

‫)‪ (1‬الشنان جمع الشن ‪ -‬بالفتح ‪ -‬القربة الخلقة الصغيرة‪ ،‬لكن يكون الماء فيها‬
‫أبرد من غيرها‪ ،‬فالبوالى صفة تأكيدية‪ (2) .‬أثاب خ ل‪ ،‬وفى المصدر‬
‫المطبوع‪ :‬أحب‪ (3) .‬المجرد‪ :‬اناء يغلى لتصفية ما فيه من العصير‪ ،‬وفى‬
‫المصدر‪ :‬من أجل التجرد وهو تصحيف‪ (4) .‬جر ثوابت جراحهم خ‪،‬‬
‫حرسوا قباب خراجهم خ‪ ،‬والجملة مصحفة )*(‪.‬‬

‫]‪[171‬‬

‫الصوات‪ ،‬وسكنت الحركات‪ ،‬من الطير في الوكور‪ ،‬وقد نهنههم هول يوم القيامة‬
‫بالوعيد عن الرقاد كما قال سبحانه‪ " :‬أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا‬
‫بياتا وهم نائمون " )‪ (1‬فاستيقظوا لها فزعين‪ ،‬وقاموا إلى صلواتهم‬
‫معولين‪ ،‬باكين تارة واخرى مسبحين‪ ،‬يبكون في محاريبهم‪ ،‬ويرنون‪،‬‬
‫يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون‪ .‬فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياما‬
‫على أطرافهم منحنية ]ظهورهم‪ ،‬يلتون[ أجزاء القرآن لصلواتهم قد‬
‫اشتدت إعوالهم ونحيبهم وزفيرهم‪ ،‬إذا زفروا خيلت النار قد أخذت منهم‬
‫إلى حلقيمهم‪ ،‬وإذا أعولوا حسبت السلسل قد صفدت في أعناقهم فلو‬
‫رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت قوما يمشون على الرض هونا‪ ،‬ويقولون‬
‫للناس حسنا " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما‪ ،‬وإذا مروا باللغو مروا‬
‫كراما " )‪ (2‬قد قيدوا أقدامهم من التهمات‪ ،‬وأبكموا ألسنتهم أن يتكلموا‬
‫في أعراض الناس وسجموا أسماعهم أن يلجها خوض خائض‪ ،‬وكحلوا‬
‫أبصارهم بغض البصر عن المعاصي وانتحوا دار السلم التي من دخلها‬
‫كان آمنا من الريب والحزان‪ .‬فلعلك يا أحنف شغلك نظرك في وجه واحدة‬
‫تبدي السقام بغاضرة وجهها‪ ،‬و دار قد اشتغلت بنفس روأتها )‪ (3‬ستور‬
‫قد علقتها‪ ،‬والريح والجام موكلة بثمرها وليست دارك هذه دار البقاء‬
‫فأحمتك الدار التي خلقها ال سبحانه من لؤلؤة بيضاء ونشفق فيها‬
‫أنهارها )‪] (4‬وغرس فيها أشجارها‪ ،‬وظلل عليها بالنضج من أثمارها[‬
‫وكبسها بالعوابق من حورها‪ ،‬ثم أسكنها أولياءه وأهل طاعته‪ .‬فلو رأيتهم‬
‫يا أحنف وقد قدموا على زيادات ربهم سبحانه‪ ،‬فإذا ضربت‬
‫)‪ (1‬العراف‪ (2) 97 :‬الفرقان‪ (2) .63 :‬في المصدر‪ :‬اشغلت بنقش رواقها‪ ،‬وهو‬
‫الصحيح المناسب لقوله بعده " وستور قد علقتها "‪ (3) .‬الزيادة من‬
‫المصدر المطبوع )*(‪.‬‬

‫]‪[172‬‬

‫جنائبهم‪ ،‬صوتت رواحلهم بأصوات لم يسمع السامعون بأحسن منها‪ ،‬وأظلتهم‬


‫غمامة فأمطرت عليهم المسك والرادن وصهلت خيولها بين أغراس تلك‬
‫الجنان‪ ،‬وتخللت بهم نوقهم بين كثب الزعفران‪ ،‬ويتطأ من تحت أقدامهم‬
‫اللؤلؤ والمرجان‪ ،‬واستقبلتهم قهارمتها بمنابر الريحان‪ ،‬وتفاجت لهم )‪(1‬‬
‫ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين والقحوان‪ ،‬وذهبوا إلى بابها‬
‫فيفتح لهم الباب رضوان‪ ،‬ثم سجدوا ل في فناء الجنان فقال لهم الجبار‪:‬‬
‫ارفعوا رؤوسكم فاني قد رفعت عنكم مؤنة العبادة‪ ،‬وأسكنتكم جنة‬
‫الرضوان‪ .‬فان فاتك يا أحنف ما ذكرت لك في صدر كلمي لتتركن في‬
‫سرابيل القطران ولتطوفن بينها وبين حميم آن‪ ،‬ولتسقين شرابا حار‬
‫الغليان في أنضاجه‪ ،‬فكم يومئذ في النار من صلب محطوم‪ ،‬ووجه مهشوم‪،‬‬
‫ومشوه مضروب على الخرطوم قد أكلت الجامعة كفه‪ ،‬والتحم الطوق‬
‫بعنقه‪ .‬فلو رأيتهم يا أحنف ينحدرون في أوديتها‪ ،‬ويصعدون جبالها‪ ،‬وقد‬
‫البسوا المقطعات من القطران‪ ،‬واقرنوا مع فجارها وشياطينها‪ ،‬فإذا‬
‫استغاثوا بأسوء أخذ من حريق شدت عليهم عقاربها وحياتها‪ ،‬ولو رأيت‬
‫مناديا ينادي وهو يقول‪ :‬يا أهل الجنة ونعيمها ويا أهل حليها وحللها‪،‬‬
‫خلدوا فل موت‪ ،‬فعندها ينقطع رجاؤهم و تنغلق البواب‪ ،‬وتنقطع بهم‬
‫السباب‪ ،‬فكم يومئذ من شيخ ينادي‪ :‬واشيبتاه ! و كم من شاب ينادي‬
‫واشباباه ! وكم من امرأة تنادي وافضيحتاه‪ ،‬هتكت عنهم الستور‪ ،‬فكم‬
‫يومئذ من مغموس‪ ،‬بين أطباقها محبوس‪ ،‬يا لك غمسة ألبستك بعد لباس‬
‫الكتان‪ ،‬والماء المبرد على الجدران‪ ،‬وأكل الطعام ألوانا بعد ألوان لباسا لم‬
‫يدع لك شعرا ناعما كنت مطعمه إل بيضه‪ ،‬ول عينا كنت تبصر بها إلى‬
‫حبيب إل فقأها‪ ،‬هذا ما أعد ال للمجرمين‪ ،‬وذلك ما أعد ال للمتقين )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬وهاجت‪ (2) .‬صفات الشيعة ص ‪.(*) 183‬‬

‫]‪[173‬‬

‫توضيح‪ " :‬المراجل " جمع المرجل كمنبر‪ ،‬وهو القدر من الحجارة و النحاس‪،‬‬
‫والمحرد بالحاء المهملة من الحرد بمعنى القصد أو التحي والعتزال عن‬
‫الخلق‪ ،‬وعن كل شئ سوى ال في القاموس‪ :‬حرده يحرده قصده‪ ،‬ورجل‬
‫حرد وحرد وحريد ومتحرد من قوم‪ ،‬حراد وحرداء معتزل متنح وحي حريد‬
‫منفرد‪ ،‬إما لعزته أو لقلته‪ ،‬وحرد كضرب وسمع غضب وأحرد في السير‬
‫أغذ انتهى والكل مناسب وفي بعض النسخ بالجيم وكأنه على المفعول من‬
‫بناء التفعيل من قولهم تجرد للمر أي جد فيه‪ ،‬وانجرد بنا السير أي امتد‬
‫أو من التجريد وهو التعرية من الثياب كناية عن قطع العلئق متوجها إلى‬
‫ال سحانه‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬سمر سمرا وسمورا لم ينم‪،‬‬
‫وهم السمار‪ ،‬وقال‪ :‬نهنهه عن المر فتنهنه كفه وزجره فكف وقال‪" :‬‬
‫أعول " رفع صوته بالبكاء والصياح كعول‪ ،‬والسم العول والعولة‬
‫والعويل‪ ،‬وقال‪ :‬صفده يصفده شده وأوثقه كأصفده وصفده " من التهمات‬
‫" أي من مواضع التهمة‪ ،‬أو من تتبع عيوب الناس واتهامهم‪ .‬قوله‪" :‬‬
‫وسجموا أسماعهم " أي كفوها ومنعوها عن " أن يلجها " أي يدخلها‬
‫كلمات المبطلين‪ ،‬قال الزمخشري في الساس‪ :‬سجم عن المر أبطأ‬
‫وانقبض وقال‪ :‬خاضوا في الحديث وتخاوضوا فيه وهو يخوض مع‬
‫الخائضين أي يبطل مع المبطلين‪ ،‬وهم في خوض يلعبون وقال الراغب‪:‬‬
‫الخوض هو الشروع في الماء و المرور فيه‪ ،‬ويستعار في المور وأكثر ما‬
‫ورد في القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه نحو قوله " ولئن سألتهم ليقولن‬
‫إنما كنا نخوض ونلعب " )‪ " (1‬وخضتم كالذي خاضوا " )‪ (2‬وقال‬
‫تعالى‪ " :‬فذرهم في خوضهم يلعبون " )‪(3‬‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .65 :‬براءة‪ (3) .69 :‬النعام‪ ،91 :‬والية هكذا منقولة في المصدر‬
‫المطبوع‪ ،‬وفى المصحف الشريف " قل ال‪ ،‬ثم ذرهم في خوضهم‬
‫يلعبون "‪ ،‬نعم في المصحف الشريف " فذرهم يخضوا ويلعبوا حتى‬
‫يلقوا يومهم الذى يوعدون‪ ،‬في سورة المعارج ‪ ،42‬وسورة الزخرف "‬
‫‪.(*) 83‬‬

‫]‪[174‬‬

‫و " إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث‬
‫غيره " )‪ (1‬وتقول‪ :‬أخضت دابتي في الماء " انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يمكن أن‬
‫يقرأ سجموا هنا على بناء التفعيل أو على بناء المجرد فيكون أسماعهم‬
‫بالرفع بدل عن الضمير‪ ،‬ونحاه وانتحاه قصده‪ ،‬وانتحى جد " في وجه‬
‫واحدة " أي دار واحدة " وتظهر )‪ (2‬السقام بغاضرة وجهها " من‬
‫الغضارة وهي النعمة والسعة والحسن وطيب العيش‪ ،‬أي في عين النضارة‬
‫والغضارة تظهر أنواع البلء " قد اشتغلت " أي شغلتك عن الخرة‬
‫بنفائس روأتها وحسنها والجام بالجيم من قولهم تأجم النهار أي اشتد‬
‫حره أو بالحاء المهملة والميمين من قولهم أحم الماء سخنه‪ " .‬فأحمتك "‬
‫الضمير للدار المقدمة‪ ،‬وهي الدنيا‪ ،‬أي منعتك دار الدنيا عن دار الخرة‪.‬‬
‫في القاموس‪ :‬حمى الشئ يحميه حميا وحماية‪ :‬منعه‪ ،‬وحمى المريض ما‬
‫يضره منعه إياه‪ ،‬فاحتمى وتحمى‪ :‬امتنع‪ ،‬وأحمى المكان جعله حمى ل‬
‫يقرب‪ ،‬وحمي من الشئ كرضي أنف‪ ،‬وقال‪ :‬كبس البئر و النهر يكسبهما‬
‫طمهما بالتراب‪ ،‬ورأسه في ثوبه أخفاه وأدخله فيه‪ ،‬وداره هجم عليه‬
‫واحتاط‪ ،‬وقال‪ :‬عبق به الطيب كفرح لزق به‪ .‬أو هو بالتاء المثناة الفوقانية‬
‫جمع عاتق‪ ،‬وهي الجارية أول ما أدركت والتي لم تتزوج ذكره الفيروز‬
‫آبادي وقال‪ :‬الحور جمع أحور وحوراء‪ ،‬وبالتحريك أن يشتد بياض العين‬
‫وسواد سوادها‪ ،‬وتستدير حدقتها‪ ،‬وترق جفونها‪ ،‬ويبيض ما حواليها‪ ،‬أو‬
‫شدة بياضها وسواها في شدة بياض الجسد أو اسوداد العين كلها مثل‬
‫الظباء ول يكون في بني آدم بل يستعار لها‪ .‬قوله‪ " :‬على زيادات ربهم "‬
‫أي نعمهم الزائدة عن قدر أعمالهم كما قال سبحانه‪ " :‬للذين أحسنوا‬
‫الحسنى وزيادة " وقال‪ " :‬ولدينا مزيد " )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .68 :‬كان لفظ الحديث‪ " ،‬تبدى "‪ (3) .‬يونس‪ ،26 :‬ق ‪.(*) 35‬‬

‫]‪[175‬‬

‫" فإذا ضربت " أي أسرعت أو على بناء المجهول " والجنائب " جمع الجنيبة‪،‬‬
‫وهي الفرس تقاد ول تركب و " الرواحل " جمع الراحلة وهي المركب من‬
‫البل ذكرا كان أو انثى‪ ،‬وقيل هي الناقة التي تصلح أن ترحل " والرادن "‬
‫الزعفران أو هو اللوان أي أنواع الطيب أو الرجوان بالضم أي الورد‬
‫الحمر‪ ،‬أو الثوب الرغواني والوردان جمع ورد لكنه لم يذكر في كتب‬
‫اللغة " والكثب " بالضم جمع الكثيب وهو التل من الرمل و " يتطأ من‬
‫تحت أقدامهم " افتعال من الوطئ في القاموس وطئه بالكسر يطاؤه داسه‬
‫كوطأه ووطأته توطئة‪ ،‬واستوطأه وجده وطيئا ووطئه هيأه ودمثه وسهله‬
‫كوطأ في الكل فاتطأ‪ ،‬واتطأ كافتعل استقام وبلغ نهايته‪ ،‬وتهيأ ورجل موطئ‬
‫الكناف كمعظم سهل دمث كريم مضياف‪ .‬وقال في الساس‪ :‬اطمأن‬
‫بالمكان‪ ،‬ووتد ال الرض بالجبال فاطمأنت‪ ،‬و من المجاز وقار وطمأنينة‪،‬‬
‫ورأيته قلقا فرقا فطامنت منه حتى اطمأن‪ ،‬ومن المجاز في فلن وقار وتطأ‬
‫من‪ ،‬وتقول قلبه آمن‪ ،‬وجاشه متطامن‪ ،‬وأرض مطمئنة ومتطأمنة‬
‫منخفضة انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬فيتحمل أن يكون " من " جزء الكلمة من "‬
‫يتطأمن " أي يمشون على اللؤلوء والمرجان من غير عسر وحزونة‪،‬‬
‫وكأن الول أظهر‪ " .‬والقهارمة " جمع القهرمان‪ ،‬وفي النهاية هو‬
‫كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده والقائم بامور الرجل بلغة الفرس "‬
‫بمنابر الريحان " أي ما اجتمع وارتفع منه في القاموس نبر الشئ رفعه‪،‬‬
‫ومنه المنبر بكسر الميم‪ ،‬وقال‪ :‬النبرة كل مرتفع من شئ ويمكن أن يكون‬
‫منائر بالهمز من النور بالفتح أي الزهار‪ ،‬و " تفاجت " من الفجأة‬
‫بالتخفيف والحذف وأصله تفاجأت أي ثارت فجأة وفي بعض النسخ هاجت‬
‫من الهيجان وفي القاموس السربال بالكسر القميص أو الدرع أو كل ما‬
‫لبس‪ " .‬من قطران " قال البيضاوي‪ :‬وجاء قطران وقطران )‪ (1‬لغتين فيه‬
‫وهو ما يتحلب من ال بهل فيطبخ فيهنأ به البل الجربى فيحرق الجرب‬
‫بحدته‪ ،‬وهو‬

‫)‪ (1‬تفسير البيضاوي ص ‪ ،220‬والية في ابراهيم‪.(*) 50 :‬‬

‫]‪[176‬‬

‫أسود منتن يشتعل فيه النار بسرعة يطلى به جلود أهل النار حتى يكون طلؤه لهم‬
‫كالقميص ليجتمع عليهم لذع القطران‪ ،‬ووحشة لونه ونتن ريحه مع‬
‫إسراع النار في جلودهم‪ ،‬وعن يعقوب من قطر آن والقطر النحاس أو‬
‫الصفر المذاب والني المتناهي حره‪ ،‬وقال‪ " :‬يطوفون بينها " أي بين‬
‫النار يحرقون بها و " بين حميم آن " أي ماء حار بلغ النهاية في‬
‫الحرارة‪ ،‬يصب عليهم أو يسقون منه‪ ،‬وقيل إذا استغاثوا من النار أغيثوا‬
‫بالحميم )‪ (1‬و " الحطم " الكسر و " الهشم " كسر اليابس‪ ،‬و شوهه‬
‫ال‪ :‬قبح وجهه‪ ،‬و " الخرطوم " كزنبور النف قال تعالى‪ " :‬سنسمه على‬
‫الخرطوم " )‪ (2‬و " الجامعة " الغل و " التحم الطوق " أي دخل في‬
‫اللحم ونشب فيه " خلدوا " أي كونوا مخلدين‪ .‬و " تنقطع بهم السباب "‬
‫إشارة إلى قوله سبحانه‪ " :‬إذ ترأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا‬
‫العذاب وتقطعت بهم السباب " قال البيضاوي‪ :‬السباب الوصل التي كانت‬
‫بينهم من التباع والتفاق على الدين والغراض الداعية إلى ذلك " على‬
‫الجدران " لنهم كانوا يضعونه فوق الجدار ليزيد تبريده " كنت مطعمه "‬
‫أي رزقته على بناء المجهول فيهما مجازا‪ .‬وهذا الخبر كان في غاية السقم‬
‫ولم أجده في كتاب آخر اصححه به‪ ،‬وكان فيه بعض التصحيف والحذف‪.‬‬
‫‪ - 32‬فضائل الشيعة‪ :‬للصدوق رحمه ال باسناده‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي‬
‫‪ -‬عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أنا الراعى‬
‫راعي النام‪ ،‬أفترى الراعي ل يعرف غنمه ؟ قال‪ :‬فقام إليه جويرية وقال‪:‬‬
‫يا أمير المؤمنين فمن غنمك ؟ قال‪ :‬صفر الوجوه‪ ،‬ذبل الشفاه من ذكر ال‬
‫)‪ - 33 .(3‬محص‪ :‬عن الحذاء‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬سمعته‬
‫يقول‪ :‬أما وال إن أحب أصحابي إلى أورعهم وأكتمهم لحديثنا‪ ،‬وإن‬
‫أسوأهم عندي حال‬
‫)‪ (1‬تفسير البيضاوي‪ .419 :‬والية في الرحمن‪ (2) .40 :‬القلم‪ (3) .16 :‬فضائل‬
‫الشيعة ص ‪.(*) 150‬‬

‫]‪[177‬‬

‫وأمقتهم إلى الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا‪ ،‬فلم يعقله ولم يقبله قلبه‬
‫اشمأزت منه وجحده وكفر بمن دان به‪ ،‬وهو ل يدري لعل الحديث من‬
‫عندنا خرج وإلينا اسند‪ ،‬فكيون بذلك خارجا عن وليتنا‪ .‬بيان‪ :‬اشمأز‬
‫انقبض واقشعر‪ - 34 .‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن أبي الطيب محمد‬
‫بن الحسين اللخمي عن جعفر بن عبد ال العلوي‪ ،‬عن منصور بن أبي‬
‫بريرة‪ ،‬عن نوح بن دراج عن ثابت بن أبي صفية‪ ،‬عن يحيى بن أم‬
‫الطويل‪ ،‬عن نوف بن عبد ال البكالي قال‪ :‬قال لي علي عليه السلم‪ :‬يا‬
‫نوف خلقنا من طينة طيبة‪ ،‬وخلق شيعتنا من طينتنا‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة‬
‫الحقوا بنا‪ ،‬قال نوف‪ :‬فقلت‪ :‬صف لي شيعتك‪ ،‬يا أمير المؤمنين فبكى‬
‫لذكرى شيعته وقال‪ :‬يا نوف شيعتي وال الحلماء‪ ،‬العلماء بال ودينه‬
‫العاملون بطاعته وأمره‪ ،‬المهتدون بحبه‪ ،‬أنضاء عبادة‪ ،‬أحلس زهادة‪،‬‬
‫صفر الوجوه من التهجد‪ ،‬عمش العيون من البكاء‪ ،‬ذبل الشفاه من الذكر‪،‬‬
‫خمص البطون من الطوى‪ ،‬تعرف الربانية في وجوههم والرهبانية في‬
‫سمتهم‪ ،‬مصابيح كل ظلمة وريحان كل قبيل‪ ،‬ل يثنون من المسلمين سلفا‪،‬‬
‫ول يقفون لهم خلفا‪ ،‬شرورهم مكنونة‪ ،‬وقلوبهم محزونة‪ ،‬وأنفسهم‬
‫عفيفة‪ ،‬وحوائجهم خفيفة‪ ،‬أنفسهم منهم في عناء‪ ،‬والناس منهم في راحة‪،‬‬
‫فهم الكاسة اللباء‪ ،‬والخالصة النجباء‪ ،‬فهم الرواغون فرارا بدينهم‪ ،‬إن‬
‫شهدوا لم يعرفوا‪ ،‬وإن غابوا لم يفتقدوا‪ ،‬أولئك شيعتي الطيبون وإخواني‬
‫الكرمون‪ ،‬ألهاه شوقا إليهم )‪ .(1‬بيان‪ " :‬النضاء " جمع النضو‬
‫بالكسر‪ ،‬وهو المهزول من البل وغيرها " أحلس زهادة " أي ملزمون‬
‫للزهد أو ملزمون للبيوت لزهدهم‪ ،‬في النهاية في حديث الفتن عد منها‬
‫فتنة الحلس‪ ،‬الحلس‪ :‬جمع حلس وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير‬
‫تحت القتب‪ ،‬وفيه كونوا أحلس بيوتكم أي الزموها " ريحان كل قبيل "‬
‫أي الشيعة عزيز كريم بين كل قبيلة بمنزلة الريحان‪ ،‬ولذا يطلق‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ح ‪ 2‬ص ‪.(*) 188‬‬

‫]‪[178‬‬

‫الريحان على الولد وعلى الرزق " ول يقفون " أي ل يتهمون ول يقذفون أول‬
‫يتبعونهم بغير حجة في القاموس قفوته تبعته‪ ،‬وقذفته بالفجور صريحا‪،‬‬
‫ورميته بأمر قبيح " فهم الرواغون "‪ :‬أي يميلون عن الناس ومخالطتهم‪،‬‬
‫أو يجادلون في الدين ويدخلون الناس فيه بالحكمة والموعظة الحسنة‪،‬‬
‫وفي القاموس‪ :‬راغ الرجل والثعلب روغا وروغانا مال وحاد عن الشئ‪،‬‬
‫وهذه روغتهم وياغتهم بكسرهما أي مصطر عهم وأخذتني بالرويغة‬
‫بالحيلة من الروغ وأراغ أراد وطلب‪ ،‬و المراوغة المصارعة‪- 35 .‬‬
‫مشكوة النوار‪ :‬عن علي بن الحسين عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬صلى أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على‬
‫قيد رمح‪ ،‬وأقبل على الناس بوجهه فقال‪ :‬وال لقد أدركنا أقواما كانوا‬
‫يبيتون لربهم سجدا وقياما يراوحون بين جباههم وركبهم‪ ،‬كأن زفير النار‬
‫في آذانهم‪ ،‬إذا ذكر ال عندهم مادوا كما يميد الشجر‪ ،‬كأن القوم باتوا‬
‫غافلين‪ ،‬قال‪ :‬ثم قام فما رئي ضاحكا حتى قبض صلوات ال عليه )‪36 .(1‬‬
‫‪ -‬ومنه‪ :‬عن عمرو بن سعيد بن بلل قال‪ :‬دخلت على أبي جعفر عليه‬
‫السلم ونحن جماعة فقال‪ :‬كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي‬
‫ويلحق بكم التالي واعلموا يا شيعة آل محمد ! ما بيننا وبين ال من قرابة‪،‬‬
‫ول لنا على ال حجة‪ ،‬ول يقرب إلى ال إل بالطاعة‪ ،‬من كان مطيعا نفعته‬
‫وليتنا‪ ،‬ومن كان عاصيا لم تنفعه وليتنا‪ .‬قال‪ :‬ثم التفت إلينا وقال‪ :‬ل‬
‫تغتروا ول تفتروا‪ ،‬قلت‪ :‬وما النمرقة الوسطى ؟ قال‪ :‬أل ترون أهل تأتون‬
‫أن تجعلوا للنمط الوسط فضله )‪ .(2‬بيان‪ :‬النمرقة بضم النون والراء‬
‫وكسرهما الوسادة‪ ،‬والنمط الطريقة من الطرايق‪ ،‬والجماعة من الناس‬
‫أمرهم واحد‪ ،‬وأصله ضرب من البسط له خمل رقيق " أل ترون إلخ " أي‬
‫تدخلون بيتا فيه أنماط ونمارق تتوجهون إلى الوسط منها و‬

‫)‪ (1‬مشكوة النوار ص ‪ 61‬تراه مشروحا في ج ‪ 67‬ص ‪ (2) .360‬مشكوة النوار‬


‫ص ‪.(*) 60‬‬

‫]‪[179‬‬

‫ترون فضله على سائر الوسائد والبسط‪ ،‬فهذا على الستعارة وقد مر الكلم فيه‪.‬‬
‫‪ - 37‬المشكوة‪ :‬روى محمد بن نبيك قال‪ :‬حدثني أبو عبد ال جعفر بن‬
‫محمد بن مقبل القمي‪ ،‬عن علي بن محمد الزائدي‪ ،‬عن الحسن بن أسد‪،‬‬
‫عن الهيثم بن واقد عن مهزم قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال عليه السلم‬
‫فذكرت الشيعة فقال‪ :‬يا مهزم إنما الشيعة من ل يعدو سمعه صوته‪ ،‬ول‬
‫شجنه بدنه )‪ (1‬ول يحب لنا مبغضا‪ ،‬ول يبغض لنا محبا‪ ،‬ول يجالس لنا‬
‫غاليا‪ ،‬ول يهر هرير الكلب‪ ،‬ول يطمع طمع الغراب ول يسأل الناس وإن‬
‫مات جوعا‪ ،‬المتنحي عن الناس‪ ،‬الخفي عليهم‪ ،‬وإن اختلفت بهم الدار لم‬
‫تختلف أقاويلهم إن غابوا لم يفقدوا‪ ،‬وإن حضروا لم يؤبه بهم )‪ (2‬وإن‬
‫خطبوا لم يزوجوا‪ ،‬يخرجون من الدنيا وحوائجهم في صدورهم‪ ،‬إن لقوا‬
‫مؤمنا أكرموه‪ ،‬وإن لقوا كافرا هجروه‪ ،‬وإن أتاهم ذو حاجة رحموه‪ ،‬وفي‬
‫أموالهم يتواسون‪ .‬ثم قال‪ :‬يا مهزم قال جدي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله لعلي رضوان ال عليه‪ :‬يا علي كذب من زعم أنه يحبني ول يحبك‪،‬‬
‫أنا المدينة وأنت الباب‪ ،‬ومن أين تؤتى المدينة ال من بابها‪ .‬وروى أيضا‬
‫مهزم هذا الحديث إلى قوله‪ :‬وإن مات جوعا‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك أين‬
‫أطلب هؤلء ؟ قال‪ :‬هؤلء اطلبهم في أطراف الرض اولئك الخفيض‬
‫عيشهم‪ ،‬المنقلة ديارهم‪ ،‬القليلة منازعتهم‪ ،‬إن مرضوا لم يعادوا‪ ،‬وإن‬
‫ماتوا لم يشهدوا‪ ،‬وإن خاطبهم جاهل سلموا‪ ،‬وعند الموت ل يجزعون‪،‬‬
‫وفي أموالهم متواسون إن التجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه‪ ،‬لم يختلف‬
‫قولهم‪ ،‬وإن اختلف بهم البلدان ثم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫كذب يا علي من زعم أنه يحبني ويبغضك )‪(3‬‬

‫)‪ (1‬الشجن‪ :‬الحزن والهم‪ ،‬وفى المصدر المطبوع بالحاء المهملة‪ ،‬والشحن‬
‫بالتحريك‪ :‬الحقد والعداوة كالشحناء‪ ،‬وقد مر مثله تحت الرقم ‪ 16‬و ‪28‬‬
‫وهكذا سيجئ تحت الرقم ‪ 39‬عن الكافي مشروحا وفيه " ول شحناؤه‬
‫بدنه " فراجع‪ (2) .‬أي لم يلتفت إليهم لخمولهم ولم يكترث بشأنهم‪(3) .‬‬
‫مشكوة النوار ص ‪ 61‬و ‪.(*) 62‬‬

‫]‪[180‬‬

‫‪ - 38‬ومنه‪ :‬عن ميسر قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬يا ميسر أل اخبرك‬
‫بشيعتنا ؟ قلت‪ :‬بلى جعلت فداك قال‪ :‬إنهم حصون حصينة وصدور أمينة‬
‫وأحلم رزينة ليسوا بالمذاييع البذر‪ ،‬ول بالجفاة المرائين‪ ،‬رهبان بالليل‪،‬‬
‫اسد بالنهار )‪ .(1‬والبذر‪ :‬القوم الذين ل يكتمون الكلم‪ .‬وعن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن أصحاب علي عليه السلم كانوا المنظور إليهم في‬
‫القبائل وكانوا أصحاب الودايع مرضيين عند الناس سهار الليل‪ ،‬مصابيح‬
‫النهار )‪ - 39 .(2‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن‬
‫يونس‪ ،‬عن مهزم وبعض أصحابنا‪ ،‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫إسحاق الكاهلي‪ ،‬وأبي علي الشعري عن الحسن بن علي الكوفي‪ ،‬عن‬
‫العباس بن عامر‪ ،‬عن ربيع بن محمد جميعا‪ ،‬عن مهزم السدي قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا مهزم شيعتنا من ل يعدو صوته سمعه ول‬
‫شحناؤه بدنه‪ ،‬ول يمتدح بنا معلنا‪ ،‬ول يجالس لنا عائبا‪ ،‬ول يخاصم لنا‬
‫قاليا إن لقي مؤمنا أكرمه‪ ،‬وإن لقي جاهل هجره‪ .‬قلت‪ :‬جعلت فداك فكيف‬
‫أصنع بهؤلء المتشيعة ؟ قال‪ :‬فيهم التمييز وفيهم التبديل‪ ،‬وفيهم‬
‫التمحيص تأتي عليهم سنون تفنيهم‪ ،‬وطاعون يقتلهم‪ ،‬و اختلف يبددهم‪،‬‬
‫شيعتنا من ل يهر هرير الكلب‪ ،‬ول يطمع طمع الغراب‪ ،‬ول يسأل عدونا‬
‫وإن مات جوعا‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداك فأين أطلب هؤلء ؟ قال‪ :‬في أطراف‬
‫الرض اولئك الخفيض عيشهم‪ ،‬المنتقلة ديارهم‪ ،‬إن شهدوا لم يعرفوا‪،‬‬
‫وإن غابوا لم يفتقدوا‪ ،‬ومن الموت ل يجزعون‪ ،‬وفي القبور يتزاورون‪،‬‬
‫وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه‪ ،‬لن تختلف قلوبهم‪ ،‬وإن اختلفت بهم‬
‫الدار‪ ،‬ثم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أنا المدينة وعلي الباب‪،‬‬
‫وكذب من زعم أنه يدخل المدينة ل من قبل الباب‪ ،‬وكذب من زعم أنه‬
‫يحبني ويبغض عليا عليه السلم )‪.(3‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬مشكوة النوار ص ‪ 62‬و ‪ .63‬والمذاييع جمع المذياع‪ :‬الذى ل يكتم‬
‫السرار بل يفشيها‪ (3) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 239‬‬

‫]‪[181‬‬

‫تبيين‪ " :‬من ل يعدو " أي ل يتجاوز وفي بعض النسخ ل يعلوا صوته سمعه كأنه‬
‫كناية عن عدم رفع الصوت كثيرا‪ ،‬ويحمل على ما إذا لم يحتج إلى الرفع‬
‫لسماع الناس كما قال تعالى‪ " :‬واغضض من صوتك إن أنكر الصوات‬
‫لصوت الحمير " )‪ .(1‬أو على الدعاء والتلوة والعبادة‪ ،‬فان حفض‬
‫الصوت فيها أبعد من الرئاء‪ ،‬و يمكن أن يكون المراد بالسمع السماع كما‬
‫ورد في اللغة‪ ،‬أو يكون بالضافة إلى المفعول أي السمع منه‪ ،‬أي ل يرفع‬
‫الصوت زائدا على إسماع الناس‪ ،‬أو يكون بضم السين وتشديد الميم‬
‫المفتوحة جمع سامع أي ل يتجاوز صوته السامعين منه‪ ،‬و قرئ السمع‬
‫بضمتين جمع سموع بالفتح‪ :‬أي ل يقول شيئا إل لمن يسمع قوله ويقبل‬
‫منه‪ " .‬ول شحناؤه بدنه " أي ل يتجاوز عداوته بدنه أي يعادي نفسه ول‬
‫يعادي غيره‪ ،‬أو إن عادى غيره في ال ل يظهره تقية‪ .‬وفي بعض النسخ‬
‫" يديه " أي ل تغلب عليه عداوته‪ ،‬بل هي بيديه واختياره يدفعها باللطف‬
‫والرفق أو ل يتجاوز أثر عداوته من يده إلى الخصم بأن يضبط نفسه عن‬
‫الضرب‪ ،‬أو ل يضمر العداوة في القلب وإن كانت المكافاة باليد أيضا‬
‫مذمومة لكن هذا أشد وسيأتي )‪ (2‬عن غيبة النعماني " ول شجاه بدنه "‬
‫وعن مشكوة النوار " ول شجنه بدنه " والشجا الحزن وما اعترض في‬
‫الحلق‪ ،‬والشجن محركة الهم والحزن‪ ،‬وحاصلهما عدم إظهار همه وحزنه‬
‫لغيره كما مر أن بشره في وجهه‪ ،‬وحزنه في قلبه‪ ،‬أي ل يصل ضرر حزنه‬
‫إلى غيره ول يمتدح بنا معلنا‪ :‬في القاموس‪ :‬مدحه كمنعه مدحا ومدحة‬
‫أحسن الثناء عليه كمدحه وامتدحه و تمدحه وتمدح تكلف أن يمدح وتشبع‬
‫بما ليس عنده‪ ،‬والرض والخاصرة اتسعتا كامتدحت )‪ (3‬وقال‪ :‬اعتلن‬
‫ظهر وأعلنته وبه وعلنته أظهرته‪.‬‬
‫)‪ (1‬لقمان‪ (2) .19 :‬بل قد مر تحت الرقم ‪ 16‬عن غيبة النعماني‪ ،‬وتحت الرقم ‪28‬‬
‫عن صفات الشيعة والرقم ‪ 37‬عن مشكوة النوار‪ (3) .‬القاموس ج ‪1‬‬
‫ص ‪.(*) 248‬‬

‫]‪[182‬‬

‫أقول‪ :‬فالكلم يحتمل وجوها‪ :‬الول‪ :‬أن يكون الظرف متعلقا بمعلنا كما في نظائره‪،‬‬
‫والمتداح بمعنى المدح أي ل يمدح معلنا لمامتنا فانه لتركه التقية ل‬
‫يستحق المدح‪ .‬الثاني‪ :‬ان يكون المتداح بمعنى التمدح كما في بعض‬
‫النسخ أي ل يطلب المدح ول يمدح نفسه بسب قوله بامامتنا علنية‪ ،‬وذلك‬
‫أيضا لترك التقية‪ ،‬وفيه إشعار بأنه ليس بشيعة لنا لتركه أمرنا بل يتكلف‬
‫ذلك‪ .‬الثالث‪ :‬أن تكون الباء زائدة أي ل يمدحنا معلنا وهو بعيد‪ " .‬لنا عائبا‬
‫" الظرف متعلق بقوله عائبا " ول يخاصم لنا قاليا " أي مبغضا لنا "‬
‫وإن لقي جاهل " كأن المراد به غير المؤمن الكامل أي العالم العامل‬
‫بقرينة المقابلة فيشمل الجاهل والعالم غير العامل بعلمه‪ ،‬بل الهجران عنه‬
‫أهم‪ ،‬وضرر مجالسته أتم " فكيف أصنع بهؤلء المتشيعة " أي الذين‬
‫يدعون التشيع‪ ،‬وليس لهم صفاته وعلماته و الكلم يحتمل وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن المعنى كيف أصنع بهم حتى يكونوا هكذا ؟ فأجاب عليه السلم‬
‫بأن هذا ليس من شأنك بل ال يمحصهم ويبدلهم‪ .‬والثاني‪ :‬أن المعنى ما‬
‫أعتقد فيهم ؟ فالجواب أنهم ليسوا بشيعة لنا‪ ،‬وال تعالى يصلحهم ويذهب‬
‫بمن ل يقبل الصلح منهم‪ .‬وفيهم التمييز‪ ،‬قيل كلمة " في " في المواضع‬
‫للتعليل والظرف خبر للمبتدأ والتقديم للحصر واللم في الثلثة للعهد إشارة‬
‫إلى ماروي عن أمير المؤمنين حيث قال‪ :‬لتبلبلن بلبلة ولتغر بلن غربلة‬
‫حتى يعود أسفلكم أعلكم وأعلكم أسفلكم إلى آخر الخبر )‪ (1‬وأقول‪ :‬قد‬
‫روي أيضا عن أبي عبد ال عليه السلم ويل لطغاة العرب من أمر اقترب‪،‬‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك كم مع القائم من العرب‪ ،‬قال‪ :‬نفر يسير‪ ،‬قلت‪ :‬وال إن‬
‫من يصف هذا المر منهم لكثير ! قال‪ :‬لبد للناس من أن يمحصوا ويميزوا‬
‫ويغربلوا‬

‫)‪ (1‬النهج تحت الرقم ‪ 16‬من الخطب )*(‪.‬‬

‫]‪[183‬‬

‫ويستخرج في الغربالي خلق كثير )‪ .(1‬وذكر عليه السلم امورا توجب خروجهم‬
‫من الفرقة الناجية أو هلكهم بالعمال والخلق الشيعة في الدنيا والخرة‪:‬‬
‫احدها‪ :‬التمييز بين الثابت الراسخ وغيره‪ ،‬في المصباح يقال‪ :‬مزته ميزا‬
‫من باب باع بمعنى عزلته وفصلته من غيره‪ ،‬والتثقيل مبالغة وذلك يكون‬
‫في المشتبهات نحو " ليميز ال الخبيث من الطيب " )‪ (2‬وفي المختلطات‬
‫نحو " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " )‪ (3‬وتمييز الشئ انفصاله من‬
‫غيره‪ .‬وثانيها‪ :‬التبديل أي تبديل حالهم بحال أخس أو تبديلهم بقوم آخرين‬
‫ل يكونون أمثالهم كما قال تعالى‪ " :‬وإن تتولوا يستبدل قوما غير كم ثم ل‬
‫يكونوا أمثالكم " )‪ .(4‬وثالثها‪ ::‬التمحيص وهو البتلء والختبار‬
‫والتخليص يقال‪ :‬محصت الذهب بالنار إذا خلصته مما يشوبه‪ .‬ورابعها‪:‬‬
‫السنون وهي الجدب والقحط قال ال تعالى‪ " :‬ولقد أخذنا آل فرعون‬
‫بالسنين " )‪ (5‬والواحد السنة‪ ،‬وهي محذوفة اللم وفيها لغتان إحداهما‬
‫جعل اللم هاء والصل سنهة‪ ،‬وتجمع على سنهات‪ ،‬مثل سجدة وسجدات‬
‫وتصغر على سنيهة وأرض سنهاء أصابتها السنة وهي الجدب‪ ،‬والثانية‬
‫جعلها واوا و الصل سنوة وتجمع على سنوات مثل شهوة وشهوات‬
‫وتصغر على سنية وأرض سنواء أصابتها لسنوة‪ ،‬وتجمع في اللغتين‬
‫كجمع المذكر السالم أيضا فيقال‪ :‬سنون وسنين‪ ،‬وتحذف النون للضافة‬
‫وفي لغة تثبت الياء في الحوال كلها‪.‬‬

‫)‪ (1‬غيبة النعماني باب التمحيص ص ‪ (2) .111‬النفال‪ (3) .37 :‬يس‪(4) .59 :‬‬
‫القتال‪ (5) .38 :‬العراف‪.(*) 130 :‬‬

‫]‪[184‬‬

‫تجعل النون حرف إعراب تنون في التنكير ول تحذف مع الضافة كأنها من اصول‬
‫الكلمة‪ ،‬وعلى هذه اللغة قوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬اللهم اجعلها عليهم‬
‫سنينا كسنين يوسف " )‪ (1‬كل ذلك ذكرها في المصباح‪ .‬وخامسها‪:‬‬
‫الطاعون وهو الموت من الوباء‪ .‬وسادسها‪ :‬اختلف يبددهم‪ :‬أي اختلف‬
‫بالتدابر والتقاطع والتنازع يبددهم ويفرقهم تفريقا شديدا تقول‪ :‬بددت‬
‫الشئ من باب قتل إذا فرقته و التثقيل مبالغة وتكثير‪ ،‬وقيل يأتي عليهم‬
‫سنون إلى هنا دعاء عليهم ول يخفى بعده‪ " .‬ل يهر هرير الكلب " أي ل‬
‫يجزع عند المصائب‪ ،‬أو ل يصول على الناس بغير سبب كالكلب‪ ،‬قال في‬
‫القاموس‪ :‬هر الكلب إليه يهر أي بكسر الهاء هريرا وهو صوته دون‬
‫نباحه من قلة صبره على البرد‪ ،‬وقد هره البرد صوته كأهره‪ ،‬وهر يهر‬
‫بالفتح ساء خلقه " ول يطمع طمع الغراب " طمعه معروف يضرب به‬
‫المثل‪ ،‬فانه يذهب إلى فراسخ كثيرة لطلب طعمته " وإن مات جوعا " كأنه‬
‫على المبالغة أو محمول على إمكان سؤال غير العدو‪ ،‬وإل فالظاهر أن‬
‫السؤال مطلقا عند ظن الموت من الجوع واجب وقيل‪ :‬المراد به السؤال‬
‫من غير عوض‪ ،‬وأما معه كالقتراض فالظاهر أنه جائز " فأين أطلب‬
‫هؤلء " أي ل أجد بين الناس من اتصف بتلك الصفات‪ ،‬قال‪ :‬في أطراف‬
‫الرض لنهم يهربون من المخالفين تقية أو يستوحشون من الناس‬
‫لستيلء حب الدنيا والجهل عليهم حذرا من أن يصيروا مثلهم‪ ،‬وما قيل إن‬
‫" في " معنى عند كما قيل في قوله تعالى " فما متاع الحيوة الدنيا في‬
‫الخرة إل قليل " )‪ (2‬والطراف جمع طريف بمعنى النفيس والمراد بهم‬
‫العلماء فل يخفى بعده " اولئك الخفيض عيشهم " أي هم خفيفوا المؤنة‬
‫يكتفون من الدنيا بأقلها فل يتعبون في تحصيلها وترك الملذ أسهل من‬
‫ارتكاب المشاق في القاموس الخفض الدعة‪ ،‬وعيش خافض‪ ،‬والسير اللين‬
‫وغض الصوت‪ ،‬وأرض خافضة السقيا سهلة السقي وخفض القول يا فلن‬
‫لينه و المر هونه " المنتقلة ديارهم " لفرارهم من شرار الناس من‬
‫أرض إلى أرض‪ ،‬أو‬

‫)‪ (1‬راجع مجمع البيان وغيره في تفسير سورة الدخان‪ (2) .‬براءة‪.(*) 38 :‬‬

‫]‪[185‬‬

‫يختارون الغربة لطلب العلم " إن شهدوا لم يعرفو " لعدم شهرتهم‪ ،‬وخمول ذكرهم‬
‫بين الناس‪ ،‬وقيل لختيارهم الغربة لطلب العلم " وإن غابوا لم يفتقدوا "‬
‫أي لم يطلبوا لستنكاف الناس عن صحبتهم‪ ،‬وعدم اعتنائهم بشأنهم‪ ،‬وقيل‬
‫لغربتهم بينهم كما مر وفي القاموس افتقده وتفقده طلبه عند غيبته‪ ،‬ومات‬
‫غير فقيد ول حميد وغير مفقود غير مكترث لفقدانه‪ " .‬ومن الموت ل‬
‫يجزعون " لن أولياء ال يحبون الموت ويتمنونه‪ ،‬وقيل‪ " :‬من " للتعليل‬
‫والظرف متعلق بالنفي ل بالمنفي والتقديم للحصر أي عدم جزعهم من‬
‫أحوال الدنيا وأهلها وما يصيبه منهم من المكاره إنما هو لعلمهم بالموت‬
‫والنتقام منهم بعده‪ ،‬ول يخفى بعده‪ " .‬وفي القبور يتزاورون " أي أنهم‬
‫لشدة التقية وتفرقهم قلما يمكنهم زيارة بعضهم لبعض‪ ،‬وإنما يتزاورون‬
‫في عالم البرزخ لحسن حالهم ورفاهيتهم‪ ،‬أو أنهم مختفون من الناس ل‬
‫يزارون إل بعد الموت‪ ،‬أو مساكنهم المقابر والمواضع الخربة في تلك‬
‫المواطن يلقي بعضهم بعضا وقيل‪ :‬أي يزور أحياؤهم أمواتهم في المقابر‬
‫وقيل القبور‪ :‬عبارة عن مواضع قوم ماتت قلوبهم لترك ذكر ال كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬وما أنت بمسمع من في القبور " )‪ (1‬أي ل تمكنهم الزيارة في‬
‫موضع تكون فيه جماعة من الضلل والجهال الذينهم بمنزلة الموات‬
‫والول أظهر‪ " .‬لن تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهبم الدار " أي هم على‬
‫مذهب واحد و طريقة واحدة‪ ،‬وإن تباعد بعضهم بعضها في الديار‪ ،‬فانهم‬
‫تابعون لئمة الحق ول اختلف عندهم‪ ،‬وقيل‪ :‬أي قلب كل واحد منهم غير‬
‫مختلف ول متغير من حال إلى حال‪ ،‬وإن اختلفت دياره ومنازله‪ ،‬لنسه‬
‫بال‪ ،‬وعدم تعلقه بغيره‪ ،‬فل يستوحش بالوحدة والغربة‪ ،‬واختلف الديار‪،‬‬
‫لن مقصوده وأنيسه واحد حاضر معه في الديار كلها‪ ،‬بخلف غيره لن‬
‫قلبه لما كان متعلقا بغيره تعالى يأنس به إذا وجده‪ ،‬و يستوحش إذا فقده‪.‬‬
‫انتهى ول يخفى بعده‪.‬‬

‫)‪ (1‬فاطر‪.(*) 22 :‬‬

‫]‪[186‬‬

‫" أنا المدينة " كأن ذكر هذا الخبر لبيان علة اتفاق قلوبهم‪ ،‬فانهم عاملون بهذا‬
‫الخبر أو لبيان أن تلك الصفات إنما تنفع إذا كانت مع الولية‪ ،‬أو لبيان‬
‫لزوم اختيار تلك الصفات‪ ،‬فانها من أخلق مولى المؤمنين‪ ،‬وهو باب‬
‫مدينة الدين والعلم والحكمة‪ ،‬فل بد لمن ادعى الدخول في الدين أن يتصف‬
‫بها‪ - 40 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن الحسن‬
‫زعلن‪ ،‬عن أبي إسحاق الخراساني‪ ،‬عن عمرو بن جميع العبدي‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬شيعتنا الشاحبون الذابلون الناحلون‪ ،‬الذين إذا‬
‫جهنم الليل استقبلوه بحزن )‪ .(1‬بيان‪ " :‬شيعتنا الشاحبون " وفي نادر‬
‫من النسخ " السايحون " بالمهملتين بينهما مثناة تحتانية قيل‪ :‬أي‬
‫الملزمون للمساجد والسيح أيضا الذهاب في الرض للعبادة وقال في‬
‫النهاية‪ :‬الشاحب المتغير اللون والجسم لعارض من مرض أو سفر‬
‫ونحوهما‪ ،‬و قال‪ :‬ذبلت بشرته أي قل ماء جلده وذهبت نضارته‪ ،‬وفي‬
‫الصحاح ذبل الفرس ضمر وقال‪ :‬النحول الهزال‪ ،‬وجمل ناحل مهزول‪،‬‬
‫وقال‪ :‬جن عليه الليل يجن جنونا ويقال‪ :‬أيضا جنه الليل وأجنه الليل‬
‫بمعنى‪ .‬وأقول‪ :‬تعريف الخبر باللم للحصر‪ ،‬والحاصل أنه ليس شيعتنا إل‬
‫الذين تغيرت ألوانهم من كثرة العبادة والسهر‪ ،‬وذبلت أجسادهم من كثرة‬
‫الرياضة‪ ،‬أو شفاههم من الصوم‪ ،‬وهزلت أبدانهم مما ذكر‪ :‬الذين إذا‬
‫سترهم الليل استقبلوه بحزن أي اشتغلوا بالعبادة فيه مع الحزن للتفكر في‬
‫أمر الخرة وأهوالها‪ - 41 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن عمر اليماني‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫شيعتنا أهل الهدى‪ ،‬وأهل التقى وأهل الخير‪ ،‬وأهل اليمان‪ ،‬وأهل الفتح‬
‫والظفر )‪ .(2‬بيان‪ " :‬أهل الهدى " أي الهداية إلى الدين المبين وهو مقدم‬
‫على كل شئ ثم أردفه بالتقوى وهو ترك المنهيات ثم بالخير وهو فعل‬
‫الطاعات ثم باليمان‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 233‬‬


‫]‪[187‬‬

‫أي الكامل فانه متوقف عليها وأما الفتح والظفر فالمراد به إما الفتح والظفر على‬
‫المخالفين بالحجج والبراهين أو على العادي الظاهرة إن أمروا بالجهاد‬
‫فانهم أهل اليقين والشجاعة أو على العادي الباطنة بغلبة جنود العقل‬
‫على عساكر الجهل والجنود الشيطانية بالمجاهدات النفسانية كما مر في‬
‫كتاب العقل‪ ،‬أو المراد أنهم أهل لفتح أبواب العنايات الربانية والفاضات‬
‫الرحمانية‪ ،‬وأهل الظفر بالمقصود كما قيل إن الول إشارة إلى كمالهم في‬
‫القوة النظرية‪ ،‬والثاني إلى كمالهم في القوة العملية‪ ،‬حتى بلغوا إلى‬
‫غايتهما‪ ،‬وهو فتح أبواب السرار‪ ،‬والفوز بقرب الحق‪ - 42 .‬كا‪ :‬عن‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن منصور‬
‫بزرج‪ ،‬عن المفضل قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إياك والسفلة‪ ،‬فانما‬
‫شيعة علي عليه السلم من عف ببطنه وفرجه‪ ،‬واشتد جهاده‪ ،‬وعمل‬
‫لخالقه‪ ،‬ورجا ثوابه‪ ،‬و خاف عقابه‪ ،‬فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر )‬
‫‪ .(1‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن سنان‪،‬‬
‫عن المفضل قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إنما شيعة جعفر إلى آخر‬
‫الخبر )‪ .(2‬مشكوة النوار‪ :‬مرسل مثله )‪ .(3‬كش‪ :‬عن إبراهيم بن علي‬
‫الكوفي‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق الموصلي عن يونس‪ ،‬عن العلء‪ ،‬عن‬
‫المفضل‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إياك والسفلة إلى‬
‫قوله‪ :‬وخاف عقابه )‪ .(4‬بيان‪ :‬في القاموس‪ :‬السفل والسفلة بكسرهما‬
‫نقيض العلو‪ ،‬وسفل في خلقه وعلمه ككرم سفل ويضم وسفال ككتاب وفي‬
‫الشئ سفول بالضم نزل من أعله إلى أسفله‪ ،‬وسفلة الناس الكسر‬
‫وكفرحة أسافلهم وغوغاؤهم‪ ،‬وفي النهاية‪:‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .233‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .142‬مشكوة النوار ص‬


‫‪ (4) .58‬رجال الكشى ص ‪.(*) 259‬‬

‫]‪[188‬‬

‫فقالت امرأة من سفلة الناس‪ :‬السفلة بفتح السين وكسر الفاء‪ :‬السقاط من الناس‬
‫والسفالة النذالة‪ ،‬يقال هو من السفلة‪ ،‬ول يقال هو سفلة والعامة تقول‬
‫رجل سفلة من قوم سفل‪ ،‬وليس بعربي وبعض العرب يخفف فيقول فلن‬
‫من سفلة الناس فينقل كسرة الفاء إلى السين انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬ربما يقرأ‬
‫سفلة بالتحريك‪ ،‬جمع سافل‪ ،‬والحاصل أن السفلة أراذل الناس وأدانيهم‪،‬‬
‫وقد ورد النهي عن مخالطتهم ومعاملتهم وفسر في الحديث بمن ل يبالي ما‬
‫قال ول ما قيل له‪ ،‬وههنا قوبل بالشيعة الموصوفين بالصفات المذكورة‪ ،‬و‬
‫حذر عن مخالطتهم ورغب في مصاحبة هؤلء‪ .‬والجهاد هنا الجتهاد‬
‫والسعي في العبادة أو مجاهدة النفس المارة " وعمل لخالقه " أي خالصا‬
‫له‪ ،‬والتبعير بالخالق تعليل للحكم‪ ،‬وتأكيد له‪ ،‬فان من كان خالقا ومعطيا‬
‫للوجود‪ ،‬والقوى والجوارح ولجميع ما يحتاج إليه‪ ،‬فهو المستحق للعبادة‬
‫ول يجوز عقل تشريك غيره معه فيها‪ - 43 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل بن‬
‫زياد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب عن ابن أبي يعفور‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن شيعة علي عليه السلم كانوا خمص البطون‪ ،‬ذبل‬
‫الشفاه‪ ،‬أهل رأفة وعلم وحلم‪ ،‬يعرفون بالرهبانية فأعينوا على ما أنتم‬
‫عليه بالورع والجتهاد )‪ .(1‬صفات الشيعة‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‬
‫والحميري‪ ،‬عن أحمد بن محمد رفعه عنه عليه السلم مثله )‪ .(2‬محص‪:‬‬
‫عن ابن أبى يعفور عنه عليه السلم مثله وزاد في آخره‪ :‬والصبر‪ .‬بيان‪:‬‬
‫خماص البطن كناية‪ ،‬عن قلة الكل أو كثرة الصوم‪ ،‬أو العفة‪ ،‬عن أكل‬
‫أموال الناس‪ ،‬وذبل الشفاه‪ ،‬إما كناية عن الصوم‪ ،‬أو كثرة التلوة والدعاء‬
‫والذكر والخمص بالضم جمع أخمص أو بالفتح مصدر والحمل للمبالغة‪،‬‬
‫وربما يقرأ‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .233‬صفات الشيعة ص ‪.(*) 167‬‬

‫]‪[189‬‬

‫خمصا بضمتين جمع خميص كرغف ورغيف والذبل قد يقرأ بالفتح مصدرا والحمل‬
‫كما مر‪ ،‬أو بالضم أو بضمتين أو كركع والجميع جمع ذابل وقال في‬
‫القاموس‪ :‬الخمصة الجوعة‪ ،‬والمخمصة المجاعة‪ ،‬وقد خمصه الجوع‬
‫خمصا ومخمصة وخمص البطن مثلثة الميم خل‪ ،‬وقال‪ :‬ذبل النبات كنصر‬
‫وكرم ذبل وذبول ذوي‪ ،‬وذبل الفرس ضمر‪ ،‬وقنى ذابل رقيق لصق بالليط‬
‫والجمع ككتب وركع‪ ،‬وفي النهاية رجل خمصان وخميص إذا كان ضامر‬
‫البطن‪ ،‬وجمع الخميص الخماص‪ ،‬ومنه الحديث " خماص البطون خفاف‬
‫الظهور " أي أنهم أعفة عن أموال الناس‪ ،‬فهم ضامروا البطون من أكلها‪،‬‬
‫خفاف الظهور من ثقل وزرها انتهى‪ .‬والرهبانية هنا ترك زوائد الدنيا‬
‫وعدم النهماك في لذاتها أو صلة الليل كما ورد في الخبر " فأعينوا على‬
‫ما أنتم عليه " أي أعينونا في شفاعتكم زائدا على ما أنتم عليه من الولية‬
‫أو كائنين على ما أنتم عليه وقد ورد " أعينونا بالورع " ويحتمل أن‬
‫يكون المراد بما أنتم عليه من المعاصي أي أعينوا أنفسكم أو أعينونا لدفع‬
‫ما أنتم عليه من المعاصي وذمائم الخلق أو العذاب المرتب عليها بالورع‬
‫وهذا أنسب لفظا فانه يقال أعنه على عدوه‪ - 44 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن سنان عن مفصل بن عمر‪،‬‬
‫عن أبي أيوب العطار‪ ،‬عن جابر قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إنما‬
‫شيعة علي عليه السلم الحلماء العلماء‪ ،‬الذبل الشفاه‪ ،‬تعرف الرهبانية‬
‫على وجوههم )‪ .(1‬بيان‪ " :‬تعرف الرهبانية " أي آثار الخوف والخشوع‬
‫وترك الدنيا أو أثر صلة الليل كما مر‪ - 45 .‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫صالح بن السندي‪ ،‬عن جعفر بن بشير عن المفضل بن عمر قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬إذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر إلى من اشتد‬
‫ورعه‪ ،‬وخاف خالقه‪ ،‬ورجا ثوابه‪ ،‬فإذا رأيت هؤلء‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 235‬‬

‫]‪[190‬‬

‫فهؤلء أصحابي )‪ .(1‬توضيح‪ " :‬أن تعرف أصحابي " أي خلص أصحابي‪ ،‬والذين‬
‫ارتضيتهم لذلك " من اشتد ورعه " أي اجتنابه عن المحرمات والشبهات‬
‫" وخاف خالقه " إشارة إلى أن من عرف ال بالخالقية ينبغي أن يخاف‬
‫عذابه ويرجو ثوابه لكمال قدرته عليهما‪ - 46 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن محمد بن الحسن بن شمون‪ ،‬عن عبد ال ابن عمرو بن الشعث‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن حماد النصاري‪ ،‬عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬شيعتنا المتباذلون‬
‫في وليتنا‪ ،‬المتحابون في مودتنا‪ ،‬المتزاورون في إحياء أمرنا الذين إن‬
‫غضبوا لم يظلموا وإن رضوا لم يسرفوا‪ ،‬بركة على من جاوروا‪ ،‬سلم لمن‬
‫خالطوا )‪ (2‬ل‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن معروف‪ ،‬عن الحسن‬
‫بن فضال‪ ،‬عن ظريف بن ناصح‪ ،‬عن عمرو بن أبي المقدام عنه عليه‬
‫السلم مثله )‪ (3‬المشكوة‪ :‬مرسل مثله )‪ .(4‬تبيين‪ " :‬المتباذلون في‬
‫وليتنا " الظاهر أن " في " للسببية‪ ،‬والتباذل بذل بعضهم بعضا فضل‬
‫ماله‪ ،‬والولية إما بالفتح بمعنى النصرة‪ ،‬أو بالكسر بمعنى المامة‬
‫والمارة‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬والضافة إلى المفعول‪ ،‬والتحابب حب بعضهم‬
‫بعضا " في مودتنا " أي لن المحبون يحبنا‪ ،‬أو لن المحب يودنا‪ ،‬أو‬
‫العم‪ ،‬أو لنشر مودتنا وإبقائها بينهم‪ ،‬والتزاور زيارة بعضهم بعضا " في‬
‫إحياء أمرنا " أي ل حياء ديننا‪ ،‬وذكر فضائلنا وعلومنا‪ ،‬وإبقائها‪ ،‬لئل‬
‫تندرس بغلبة المخالفين وشبهاتهم وفي الخصال " لحياء "‪ " .‬وإن‬
‫رضوا " عن أحد وأحبوه " لم يسرفوا " أي لم يجاوزوا الحد في المحبة‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .236‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .33‬مشكوة النوار ص‬
‫‪.(*) 61‬‬
‫]‪[191‬‬

‫والمعاونة‪ ،‬والسراف في المال بعيد هنا " بركة " أي يصل نفعهم إلى من جاوروه‬
‫في البيت‪ ،‬أو في المجلس أعم من المنافع الدنيوية والخروية‪ ،‬وفي‬
‫الخصال " لمن جاوروا " " سلم " بالكسر أو الفتح أي مسالم‪ ،‬وعلى‬
‫الول مصدر‪ ،‬والحمل للمبالغة في القاموس السلم بالكسر المسالم والصلح‬
‫ويفتح‪ - 47 .‬كنز الكراجكى‪ :‬عن محمد بن طالب‪ ،‬عن أبي المضل‬
‫الشيباني‪ ،‬عن عبد ال ابن جعفر الزدي‪ ،‬عن خالد بن يزيد الثقفي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن حنان بن سدير‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال علي لموله نوف الشامي وهو معه في السطح‪ :‬يا‬
‫نوف أرامق أم نبهان ؟ قال‪ :‬نبهان أرمقك يا أمير المؤمنين قال‪ :‬هل تدري‬
‫من شيعتي ؟ قال‪ :‬ل وال‪ ،‬قال‪ :‬شيعتي الذبل الشفاه‪ ،‬الخمص البطون‪،‬‬
‫اذين تعرف الرهبانية‪ ،‬والربانية في وجوههم‪ ،‬رهبان بالليل‪ ،‬اسد بالنهار‪،‬‬
‫الذين إذا جهنم الليل اتزروا على أوساطهم‪ ،‬وارتدوا على أطرافهم‪ ،‬و‬
‫صفوا أقدامهم‪ ،‬وافترشوا جباههم‪ ،‬تجري دموعهم على خدودهم‪ ،‬يجأرون‬
‫إلى ال في فكاك رقابهم‪ ،‬وأما النهار فحلماء علماء كرام نجباء أبرار‬
‫أتقياء‪ .‬يا نوف شيعتي الذين اتخذوا الرض بساطا‪ ،‬والماء طيبا‪ ،‬والقرآن‬
‫شعارا إن شهدوا لم يعرفوا‪ ،‬وإن غابوا لم يفتقدوا‪ ،‬شيعتي الذين في‬
‫قبورهم يتزاورون وفي أموالهم يتواسون‪ ،‬وفي ال يتباذلون‪ ،‬يا نوف‬
‫درهم ودرهم‪ ،‬وثوب وثوب‪ ،‬وإل فل شيعتي من ل يهر هرير الكلب‪ ،‬ول‬
‫يطمع طمع الغراب‪ ،‬ولم يسأل الناس وإن مات جوعا‪ ،‬إن رأى مؤمنا‬
‫أكرمه‪ ،‬وإن رأى فاسقا هجره‪ ،‬هؤلء وال يا نوف شيعتي شرورهم‬
‫مأمونة‪ ،‬وقلوبهم محزونة‪ ،‬وحوائجهم خفيفة‪ ،‬وأنفسهم عفيفة‪ ،‬اختلف‬
‫بهم البدان‪ ،‬ولم تختلف قلوبهم‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا أمير المؤمنين جعلني ال‬
‫فداك‪ ،‬أين أطلب هؤلء ؟ قال‪ :‬فقال لي‪ :‬في أطراف الرض‪ ،‬يا نوف يجيئ‬
‫النبي صلى ال عليه وآله يوم القيامة آخذا بحجزة بربه جلت أسماؤه‪،‬‬
‫يعني بحبل الدين وحجزة الدين‪ ،‬وأنا آخذ بحجزته‪ ،‬وأهل بيتى آخذون‬
‫بحجزتي‪ ،‬وشيعتنا آخذون بحجزتنا‪ ،‬فالى أين ؟ إلى الجنة ورب الكعبة‬

‫]‪[192‬‬

‫قالها ثلثا‪ .‬بيان‪ :‬في المصباح رمقه بعينه رمقا من باب قتل أطال النظر‪ ،‬والنبهان‬
‫المنتبه من النوم‪ .‬والمعنى أتنظر إلي أم أنت منتبه من النوم من غير نظر ;‬
‫قوله عليه السلم درهم ودرهم أي يواسي إخوانه بأن يأخذ درهما ويعطي‬
‫درهما‪ ،‬ويأخذ ثوبا ويعطي ثوبا " وإل فل " أي وإن لم يفعل فليس من‬
‫شيعتي‪ - 48 .‬وبالسناد‪ :‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن جعفر بن محمد العلوي‪،‬‬
‫عن أحمد ابن محمد الوابشي‪ ،‬عن عاصم بن حميد‪ ،‬وعن أبي المفضل‪،‬‬
‫عن محمد بن علي البندار عن الحسن بن علي بن بزيع‪ ،‬عن مالك بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن عاصم بن حميد‪ ،‬عن أبي حمزة الثمالي‪ ،‬عن رجل من قومه‬
‫يعني يحيى بن ام الطويل أنه أخبره‪ ،‬عن نوف البكالي قال‪ :‬عرضت لي إلى‬
‫أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلم حاجة فاستتبعت إليه جندب‬
‫بن زهير والربيع بن خثيم وابن اخته همام بن عبادة بن خثيم وكان من‬
‫أصحاب البرانس‪ ،‬فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين عليه السلم فألفيناه‬
‫حين خرج يؤم المسجد فأفضى ونحن معه إلى نفر مبدنين قد أفاضوا في‬
‫الحدوثات تفكها‪ ،‬وبعضهم يلهي بعضا فلما أشرف لهم أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم أسرعوا إليه قياما فسلموا فرد التحية ثم قال‪ :‬من القوم ؟‬
‫قالوا‪ :‬اناس من شيعتك يا أمير المؤمنين فقال لهم خيرا ثم قال‪ :‬يا هؤلء‬
‫مالي ل أرى فيكم سمة شيعتنا‪ ،‬وحلية أحبتنا أهل البيت ؟ فأمسك القوم‬
‫حياء‪ .‬قال نوف‪ :‬فأقبل عليه جندب والربيع فقال‪ :‬ماسمة شيعتكم وصفتهم‬
‫يا أمير المؤمنين ؟ فتثاقل عن جوابهما‪ ،‬وقال‪ :‬اتقيا ال أيها الرجلن‬
‫وأحسنا فان ال مع الذين اتقوا والذينهم محسنون‪ .‬فقال همام بن عبادة‬
‫وكان عابدا مجتهدا‪ :‬أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم‪،‬‬
‫وفضلكم تفضيل إل أنبأتنا بصفة شيعتكم‪ ،‬فقال‪ :‬ل تقسم فسانبئكم جميعا‬
‫وأخذ بيد همام فدخل المسجد فسبح ركعتين أو جزهما وأكملهما وجلس‬
‫وأقبل علينا‪ ،‬وحف القوم به‪ ،‬فحمد ال وأثنى عليه وصلى على النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‬

‫]‪[193‬‬

‫ثم قال‪ :‬أما بعد فان ال جل ثناؤه‪ ،‬وتقدست أسماؤه‪ ،‬خلق خلقه فألزمهم عبادته‬
‫وكلفهم طاعته‪ ،‬وقسم بينهم معايشهم‪ ،‬ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم‪،‬‬
‫وهو في ذلك غني عنهم‪ ،‬ل تنفعه طاعة من أطاعه‪ ،‬ول تضره معصية من‬
‫عصاه منهم‪ ،‬لكنه علم تعالى قصورهم عما تصلح عليه شؤونهم‪ ،‬وتستقيم‬
‫به دهماؤهم في عاجلهم و آجلهم‪ ،‬فارتبطهم باذنه في أمره ونهيه‪ ،‬فأمرهم‬
‫تخييرا‪ ،‬وكلفهم يسيرا‪ ،‬وأثابهم كثيرا وأماز سبحانه بعدل حكمه وحكمته‪،‬‬
‫بين الموجف من أنامه إلى مرضاته و محبته‪ ،‬وبين المبطئ عنها‬
‫والمستظهر على نعمته منهم بمعصيته‪ .‬فذلك قول ال عزوجل " أم حسب‬
‫الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء‬
‫محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون )‪ .(1‬ثم وضع أمير المؤمنين صلوات‬
‫ال عليه يده على منكب همام بن عبادة فقال‪ :‬أل من سأل عن شيعة أهل‬
‫البيت‪ ،‬الذين أذهب ال عنهم الرجس وطهرهم في كتابه مع نبيه تطهيرا‪،‬‬
‫فهم العارفون بال‪ ،‬العاملون بأمر ال‪ ،‬أهل الفضائل والفواضل منطقهم‬
‫الصواب‪ ،‬وملبسهم القتصاد‪ ،‬ومشيهم التواضع‪ ،‬بخعوا ل تعالى بطاعته‪،‬‬
‫و خضعوا له بعبادته‪ ،‬فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم ال عليهم‪،‬‬
‫واقفين أسماعهم على العلم بدينهم‪ ،‬نزلت أنفسهم منهم في البلء كالذي‬
‫نزلت منهم في الرخاء رضى عن ال بالقضاء‪ ،‬فلول الجال التي كتب ال‬
‫لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين‪ ،‬شوقا إلى لقاء ال‬
‫والثواب‪ ،‬وخوفا من العقاب‪ .‬عظم الخالق في أنفسهم‪ ،‬وصغر ما دونه في‬
‫أعينهم‪ ،‬فهم والجنة كمن رآها فهم على أرائكها متكئون‪ ،‬وهم والنار كمن‬
‫ادخلها فهم فيها يعذبون‪ ،‬قلوبهم محزونة ; وشرورهم مأمونة‪ ،‬وأجسادهم‬
‫نحيفة‪ ،‬وحوائجهم خفيفة‪ ،‬وأنفسهم عفيفة ومعونتهم في السلم عظيمة‪.‬‬
‫صبروا أياما قليلة فأعقبتهم راحة طويلة‪ ،‬وتجارة مربحة يسرها لهم رب‬
‫كريم‪ ،‬اناس أكياس‪ ،‬أرادتهم الدنيا فلم يريدوها‪ ،‬وطلبتهم‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪.(*) 21 :‬‬

‫]‪[194‬‬

‫فأعجزوها‪ .‬أما الليل فصافون أقدامهم‪ ،‬تالون لجزاء القرآن يرتلونه ترتيل‪ ،‬يعظون‬
‫أنفسهم بأمثاله‪ ،‬ويستشفون لدائهم بدوائه‪ ،‬تارة‪ ،‬وتارة مفترشون جباههم‬
‫وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم‪ ،‬تجري دموعهم على خدودهم‪ ،‬يمجدون‬
‫جبارا عظيما ويجأرون إليه جل جلله في فكاك رقابهم‪ ،‬هذا ليلهم ; فأما‬
‫النهار فحلماء علماء بررة أتقياء‪ ،‬براهم خوف باريهم فهم أمثال القداح‪،‬‬
‫يحسبهم الناظر إليهم مرضى وما بالقوم من مرض‪ ،‬أوقد خولطوا‪ ،‬وقد‬
‫خالط القوم من عظمة ربهم‪ ،‬وشده سلطانه أمر عظيم‪ .‬طاشت له قلوبهم‪،‬‬
‫وذهلت منه عقولهم‪ ،‬فإذا استقاموا من ذلك بادروا إلى ال تعالى بالعمال‬
‫الزاكية‪ ،‬ل يرضون له بالقليل‪ ،‬ول يستكثرون له الجزيل‪ ،‬فهم لنفسهم‬
‫متهمون‪ ،‬ومن أعمالهم مشفقون‪ ،‬إن زكي أحدهم خاف مما يقولون‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫أنا أعلم بنفسي من غيري‪ ،‬وربي أعلم بي‪ ،‬اللهم ل تؤا خذني بما يقولون‪،‬‬
‫واجعلني خيرا مما يظنون‪ ،‬واغفر لي مال يعلمون‪ ،‬فانك علم الغيوب‪،‬‬
‫وساتر العيوب‪ .‬هذا ومن علمة أحدهم أن ترى له قوة في دين‪ ،‬وحزما في‬
‫لين‪ ،‬وإيمانا في يقين‪ ،‬وحرصا على علم‪ ،‬وفهما في فقه‪ ،‬وعلما في حلم‪،‬‬
‫وكيسا في رفق‪ ،‬وقصدا في غنى‪ ،‬وتجمل في فاقة‪ ،‬وصبرا في شدة‪،‬‬
‫وخشوعا في عبادة‪ ،‬ورحمة للمجهود‪ ،‬و إعطاء في حق‪ ،‬ورفقا في كسب‪،‬‬
‫وطلبا في حلل‪ ،‬وتعففا في طمع‪ ،‬وطمعا في غير طبع أي دنس ‪ -‬ونشاطا‬
‫في هدى‪ ،‬واعتصاما في شهوة‪ ،‬وبرا في استقامة‪ ،‬ل يغره ما جهله ول‬
‫يدع إحصاء ما عمله‪ ،‬يستبطئ نفسه في العمل‪ ،‬وهو من صالح عمله على‬
‫وجل يصبح وشغله الذكر‪ ،‬ويمسي وهمه الشكر‪ ،‬يبيت حذرا من سنة‬
‫الغفلة‪ ،‬ويصبح فرحا لما أصاب من الفضل والرحمة‪ ،‬إن استصعبت عليه‬
‫نفسه فيما تكره‪ ،‬لم يعطها سؤلها فيما إليه تشره‪ ،‬رغبته فيما يبقى‪،‬‬
‫وزهادته فيما يفنى‪ ،‬قد قرن العمل بالعلم والعلم بالحلم‪ ،‬يظل دائما نشاطه‪،‬‬
‫بعيدا كسله‪ ،‬قريبا أمله‪ ،‬قليل زل‪ ،‬متوقعا أجله‪ ،‬خاشعا قلبه‪ ،‬ذاكرا ربه‪،‬‬
‫قانعة نفسه‪ ،‬عازبا جهله‪ ،‬محرزا دينه‪ ،‬ميتا‬

‫]‪[195‬‬

‫داؤه‪ ،‬كاظما غيظه‪ ،‬صافيا خلقه‪ ،‬آمنا منه جاره‪ ،‬سهل أمره‪ ،‬معدوما كبره بينا‬
‫صبره‪ ،‬كثيرا ذكره‪ ،‬ل يعمل شيئا من الخير رئاء‪ ،‬ول يتر كه حياء‪ .‬الخير‬
‫منه مأمول‪ ،‬والشر منه مأمون‪ ،‬إن كان بين الغافلين كتب في الذاكرين‪،‬‬
‫وإن كان مع الذاكرين لم يكتب من الغافلين‪ ،‬يعفو عمن ظلمه‪ ،‬ويعطي من‬
‫حرمه‪ ،‬ويصل من قطعه‪ ،‬قريب معروفه‪ ،‬صادق قوله‪ ،‬حسن فعله‪ ،‬مقبل‬
‫خيره مدبر شره‪ ،‬غايب مكره‪ ،‬في الزل زل وقور‪ ،‬وفي المكاره صبور‪،‬‬
‫وفي الرخاء شكور‪ ،‬ل يحيف على من يبغض‪ ،‬ول يأثم فيمن يحب‪ ،‬ول‬
‫يدعي ما ليس له‪ ،‬ول يجحد ما عليه‪ ،‬يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه‪،‬‬
‫ل يضيع ما استحفظه‪ ،‬ول ينابز باللقاب‪ ،‬ل يببغي على أحد‪ ،‬ول يغلبه‬
‫الحسد‪ ،‬ول يضار بالجار‪ ،‬ول يشمت بالمصاب مؤد للمانات‪ ،‬عامل‬
‫بالطاعات‪ ،‬سريع إلى الخيرات‪ ،‬بطئ عن المنكرات‪ ،‬يأمر بالمعروف‬
‫ويفعله‪ ،‬وينهى عن المنكر ويجتنبه‪ ،‬ل يدخل في المور بجهل ول يخرج‬
‫من الحق بعجز‪ ،‬إن صمت لم يعيه الصمت‪ ،‬وإن نطق لم يعيه اللفظ‪ ،‬وإن‬
‫ضحك لم يعل به صوته‪ ،‬فانع بالذي قدر له‪ ،‬ل يجمح به الغيظ‪ ،‬ول يغلبه‬
‫الهوى‪ ،‬ول يقهره الشح يخالط الناس بعلم‪ ،‬ويفارقهم بسلم‪ ،‬يتكلم ليغنم‪،‬‬
‫ويسأل ليفهم‪ ،‬نفسه منه في عناء والناس منه في راحة‪ ،‬أراح الناس من‬
‫نفسه‪ ،‬وأتعبها لخرته‪ ،‬إن بغي عليه صبر ليكون ال تعالى هو المنتصر‬
‫له‪ ،‬يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله‪ ،‬فهو قذوة لمن خلف من طالب‬
‫البر بعده اولئك عمال ال‪ ،‬ومطايا أمره وطاعته‪ ،‬وسرج أرضه وبريته‪،‬‬
‫اولئك شيعتنا وأحبتنا‪ ،‬ومنا ومعنا‪ ،‬أل ها شوقا إليهم‪ ،‬فصاح همام بن‬
‫عبادة صيحة وقع مغشيا عليه فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة ال‬
‫عليه‪ .‬فاستعبر الربيع باكيا وقال‪ :‬لسرع ما أودت موعظتك يا أمير‬
‫المؤمنين بابن أخي ولوددت لو أني بمكانه‪ ،‬فقال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها‪ ،‬أما وال لقد كنت أخافها عليه‪،‬‬
‫فقال له قائل‪ :‬فما بالك أنت يا أمير المؤمنين ؟ فقال‪ :‬ويحك‪ ،‬إن لكل واحد‬
‫أجل لن يعدوه‪ ،‬وسببا لن يجاوزه‪ .‬فمهل ل تعد لها‪ ،‬فانما نفثها على لسانك‬
‫الشيطان‪ ،‬قال‪ :‬فصلى عليه أمير المؤمنين‬

‫]‪[196‬‬
‫عليه السلم عشية ذلك اليوم‪ ،‬وشهد جنازته ونحن معه‪ .‬قال الراوي عن نوف‪:‬‬
‫فصرت إلى الربيع بن خثيم فذكرت له ما حدثني نوف‪ ،‬فبكى الربيع حتى‬
‫كادت نفسه أن تفيض‪ ،‬وقال‪ :‬صدق أخي‪ ،‬لجرم أن موعظة أمير المؤمنين‬
‫وكلمه ذلك مني بمرءى ومسمع‪ ،‬وما ذكرت ما كان من همام ابن عبادة‬
‫يومئذ وأنا في بلهنية إل كدرها‪ ،‬ول شدة إل فرجها‪ .‬بيان‪ :‬قد مر هذا الخبر‬
‫بروايات عديدة في باب صفات المؤمن )‪ (1‬وشرحناها هناك‪ ،‬ونوضح‬
‫هيهنا ما يختص بهذه الرواية " نوف " بفتح النون وسكون الواو وقال‬
‫الجوهري‪ :‬نوف البكالي كان حاجب علي رضوان ال عليه‪ ،‬قال تغلب‪ :‬هو‬
‫منسوب إلى بكالة قبيلة انتهى‪ ،‬وقيل‪ :‬هو بالكسر منسوب إلى بكالة قرية‬
‫باليمن‪ ،‬و سيأتي الكلم فيه إنشاء ال تعالى " فاستتبعت " أي جعلتهما‬
‫تابعين لي في المضي إليه وفي النسخ هنا الربيع بن خثيم بتقديم المثناة‬
‫على المثلثة‪ ،‬وفي كتب اللغة و الرجال بالعكس مصغرا وهو أحد الزهاد‬
‫الثمانية‪ ،‬ورأيت بعض الطعون فيه وهو المدفون بالمشهد المقدس‬
‫الرضوي صلوات ال على مشرفه‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬البرنس قلنسوة‬
‫طويلة‪ ،‬وكان النساك يلبسونها في صدر السلم‪ ،‬أي كان من الزهاد‬
‫والعباد المشهورين بذلك‪ ،‬وفي المصباح أفضيت إلى الشئ وصلت إليه‪" .‬‬
‫مبدنين " بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة أي سمانا ملحمين كما هو‬
‫هيئة المترفين بالنعم في القاموس البادن والبدين والمبدن كمعظم الجسيم‪،‬‬
‫وفي أساس اللغة بدنت لما بدنت أي سمنت لما أسننت‪ ،‬يقال‪ :‬بدن الرجل‬
‫وبدن بدنا وبدانة فهو بدين وبادن‪ ،‬وبادنني فلن وبدنته أي كنت أبدن‪،‬‬
‫ورجل مبدان مبطان سمين ضخم وفي القاموس أفاضوا في الحديث‬
‫اندفعوا‪ ،‬وحديث مفاض فيه وقال‪ :‬الحدوثة ما يتحدث به‪ ،‬وقال‪ :‬فكههم‬
‫بملح الكلم تفكيها أطرفهم بها‪ ،‬و هو فكه وفاكه طيب النفس ضحوك‪ ،‬أو‬
‫يحدث صحبه فيضحكهم‪ ،‬وفاكهه مازحه وتفكه تندم‪ ،‬وبه تمتع‪ ،‬وقال‪ :‬لها‬
‫لهوا لعب كالتهى وألهاه ذلك ولهى عنه غفل‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 67‬ص ‪ 315‬و ‪ 341‬و ‪ 365‬ومثله في كتاب الروضة ج ‪ 78‬ص ‪28‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[197‬‬

‫وترك ذكره كلها كدعا لهيا ولهيانا‪ .‬فسبح أي صلى السبحة وهي النافلة‪ ،‬وكأنها‬
‫صلوة التحية‪ .‬في النهاية قد يطلق التسبيح على صلة التطوع والنافلة‪،‬‬
‫ويقال أيضا للذكر ولصلة النافلة سبحة‪ ،‬يقال‪ :‬قضيت سبحتي‪ ،‬وإنما‬
‫خصت النافلة بالسبحة وإن شاركتها الفريضة في معنى التسبيح لن‬
‫التسبيحات في الفرائض نوافل‪ ،‬فقيل لصلة النافلة لنها نافلة كالتسبيحات‬
‫والذكار في أنها غير واجبة " أو جزهما " أي كما و " أكملهما " أي‬
‫كيفية من رعاية حضور القلب والخشوع وغير ذلك " جل ثناؤه " عن أن‬
‫يأتي به كما هو أهله أحد " وتقدست أسماؤه " عن أن تدل على نقص أو‬
‫عن أن يبلغ إلى كنهها أحد " دهماؤهم " أي أكثرهم أو جماعتهم مع‬
‫كثرتهم‪ ،‬في القاموس الدهماء العدد الكثير " فأماز " على بناء الفعال أي‬
‫ميز وفرق‪ ،‬في القاموس مازه يميزه ميزا عزله وفرزه كأمازه وميزه‪،‬‬
‫فامتاز وانماز وتميز‪ ،‬والشئ فضل بعضه على بعض‪ ،‬واليجاف السراع‬
‫وإيجاف الخيل والبعير ركضهما‪ ،‬والوجيف نوع من عدو البل‪ ،‬واستعير‬
‫هنا للسراع في الطاعات‪ ،‬والستظهار الستعانة وكأن المراد هنا من‬
‫يستعين على تحصيل نعمة ال ورزقه المقدر له بمعصية ال كالخيانة‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون على القلب أي يستعين بنعمة ال على معصيته " أم‬
‫حسب الذين اجترحوا السيئات " قال البيضاوي‪ :‬أم منقطعة‪ ،‬ومعنى‬
‫الهمزة إنكار الحسبان والجتراح الكتساب " أن نجعلهم " أن نصيرهم "‬
‫كالذين آمنوا وعملوا الصالحات " مثلهم وهو ثاني مفعول يجعل‪ ،‬وقوله "‬
‫سواء محياهم ومماتهم " بدل منه‪ ،‬إن كان الضمير لموصول الول لن‬
‫المماثلة فيه إذ المعنى إنكار أن يكون حياتهم ومماتهم سيان في البهجة‬
‫والكرامة‪ ،‬كما هو للمؤمنين‪ ،‬ويدل عليه قراءة حمزة والكسائي وحفص "‬
‫سواء " بالنصب على البدل أو الحال من الضمير في الكاف‪ ،‬أو المفعولية‪،‬‬
‫والكاف حال‪ ،‬وإن كان للثاني فحال منه أو استيناف يبين المقتضي للنكار‬
‫وإن كان لهما فبدل أو حال من الثاني‪ ،‬وضمير الول‪ ،‬والمعنى إنكار أن‬
‫يستووا بعد الممات في الكرامة أو ترك المؤاخذة كما استووا في الرزق‬
‫والصحة في الحياة أو استيناف مقرر لتساوي محيا كل صنف ومماته في‬

‫]‪[198‬‬

‫الهدى والضلل‪ ،‬وقرئ مماتهم بالنصب على أن محياهم ومماتهم ظرفان كمقدم‬
‫الحاج " ساء ما يحكمون " ساء حكمهم هذا‪ ،‬وبئس شيئا حكموا به‪ .‬وفي‬
‫القاموس الفضيلة الدرجة الرفيعة في الفضل‪ ،‬والسم الفاضلة‪ ،‬والفواضل‬
‫اليادي الجسيمة أو الجميلة‪ ،‬وقال‪ :‬بخع نفسه كمنع قتلها غما وبالحق‬
‫بخوعا أقر به وخضع له‪ ،‬كبخع بالكسر بخاعة وبخوعا " فمضوا " أي‬
‫في الطاعة أو إلى الخرة " خوف باريهم " أي خالقهم‪ ،‬وكونه من البري‬
‫بعيد " هذا " أي خذ هذا‪ ،‬و هو فصل في الكلم شايع " في طمع " كأن‬
‫في بمعنى " عن " وإن لم يكن مذكورا في الكتب المشهورة أو بمعنى "‬
‫مع " فالمراد الطمع من ال " أي دنس " كأنه كلم الكراجكي ويحتمل‬
‫غيره من الرواة وفي النهاية الطبع بالتحريك الدنس وأصله من الدنس‬
‫والوسخ يغشيان السيف ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الوزار والثام‬
‫وغيرهما من المقابح ومنه الحديث أعوذ بال من طمع يهدي إلى طبع أي‬
‫يؤدي إلي شين وعيب‪ ،‬ومنه حديث ابن عبد العزيز ل يتزوج من العرب‬
‫في الموالي إل الطمع الطبع " ل يغره ما جهله " أي من عيوبه والظهر‬
‫" ثناء من جهله " كما مر والعتصام المتناع‪ ،‬وفي القاموس شره كفرح‬
‫غلب حرصه فهو شره " عازبا " أي غائبا " محرزا " بكسر الراء أو‬
‫بفتحها " دينه " بالنصب أو الرفع " لم يعيه الصمت " أي ل يصير‬
‫صمته سببا لقلة علمه و إعيائه عن بيان الحق بل صمته تدبر وتفكر أو‬
‫ليس صمته بسبب العياء والعجز عن الكلم بل لمفاسد الكلم‪ ،‬وهو بعيد‬
‫لفظا‪ " ،‬به " أي بالضحك أو الباء للتعدية " بعلم " أي مع علمه بمن‬
‫صاحبه‪ ،‬وأنه أهل لذلك‪ ،‬أو لتحصيل العلم ليوافق ما مر وإن كان بعيدا‪" .‬‬
‫بسلم " أي مع مسالمة ومصالحة ل لعداوة ومنازعة و " المطايا " جمع‬
‫المطية وهي الدابة تمطو أي تسرع في مسيرها أي يحملون أوامر ال‬
‫وطاعاته إلى الخلق ويعلمونهم ويروون لهم أو يتحملونها ويعملون بها‬
‫مسرعين في ذلك " ألها " أل حرف تنبيه‪ ،‬وها إما اسم فعل بمعنى خذ‪،‬‬
‫أو حكاية عن تنفس طويل تحسرا على عدم لقائهم و " شوقا " على الول‬
‫مصدر فعل محذوف أي أشتاق شوقا وعلى الثاني يحتمل ذلك‪ ،‬وأن يكون‬
‫علة لما يدل عليه " ها " من التحسر والتحزن‪ ،‬وفي كلمه عليه السلم‬

‫]‪[199‬‬

‫في مواضع اخرى " آه آه شوقا إلى رؤيتهم " وفي القاموس أودى‪ :‬هلك‪ ،‬وبه‬
‫الموت ذهب‪ ،‬وقال البلهنية بضم الباء الرخاء وسعة العيش‪) * .20 .‬باب(‬
‫* * " )النهى عن التعجيل على الشيعة( " * " )وتمحيص ذنوبهم( * ‪1‬‬
‫‪ -‬ب‪ :‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫أبو جعفر عليه السلم يقول‪ :‬ل تعجلوا على شيعتنا‪ ،‬إن تزل لهم قدم تثبت‬
‫لهم اخرى )‪ 2 - .(1‬ن‪ :‬عن محمد بن علي بن عمرو البصري‪ ،‬عن صالح‬
‫بن شعيب‪ ،‬عن زيد ابن محمد البغدادي‪ ،‬عن علي بن أحمد العسكري‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن داود بن قبيصة‪ ،‬عن علي بن موسى القرشي‪ ،‬عن أبي الحسن‬
‫الرضا عليه السلم قال‪ :‬رفع القلم عن شيعتنا فقلت‪ :‬يا سيدي كيف ذاك ؟‬
‫قال‪ :‬لنهم اخذ عليهم العهد بالتقية في دولة الباطل يأمن الناس ويخافون‪،‬‬
‫ويكفرون فينا ول نكفر فيهم‪ ،‬ويقتلون بنا ول نقتل بهم مامن أحد من‬
‫شيعتنا ارتكب ذنبا أو خطبا إل ناله في ذلك غم محص عنه ذنوبه ولو أنه‬
‫أتى بذنوب بعدد القطر والمطر‪ ،‬وبعدد الحصى والرمل‪ ،‬وبعدد الشوك‬
‫والشجر‪ ،‬فان لم ينله في نفسه ففي أهله وماله‪ ،‬فان لم ينله في أمر دنياه‬
‫ما يغتم به تخايل له في منامه ما يغتم به فيكون ذلك تمحيصا لذنوبه )‪.(2‬‬
‫‪ - 3‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن أبي حاتم‪ ،‬عن محمد‬
‫ابن الفرات‪ ،‬عن حنان بن سدير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال ما ثبت‬
‫ال حب علي عليه السلم في قلب أحد فزلت له قدم إل ثبتت له قدم اخرى‬
‫)‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ (2) .171‬عيون أخبار الرضا " ع " ج ‪ 2‬ص ‪(3) .237‬‬
‫أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 132‬‬

‫]‪[200‬‬

‫‪ - 4‬ل‪ :‬الربعمائة قال أمير المؤمنين‪ :‬عليه السلم‪ :‬اطلب لخيك عذرا فان لم تجد‬
‫له عذرا فالتمس له عذرا )‪ - 5 .(1‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن زيد الشحام‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن ولي علي عليه السلم إن‬
‫تزل به قدم تثبت اخرى )‪ - 6 .(2‬محص‪ :‬عن عمر ]صاحب[ السابري قال‪:‬‬
‫قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إني لرى من أصحابنا من يرتكب الذنوب‬
‫الموبقة‪ ،‬فقال‪ :‬يا عمر ل تشنع على أولياء ال‪ ،‬إن ولينا ليرتكب ذنوبا‬
‫يستحق بها من ال العذاب‪ ،‬فيبتليه ال في بدنه بالسقم حتى تمحص عنه‬
‫الذنوب فان عافاه في بدنه ابتله في ماله فان عافاه في ماله ابتله في‬
‫ولده‪ ،‬فان عافاه من بوائق الدهر شدد عليه خروج نفسه‪ ،‬حتى يلقى ال‬
‫حين يلقاه وهو عنه راض‪ ،‬قد أوجب له الجنة‪ .‬رياض الجنان‪ :‬باسناده‪،‬‬
‫عن عمر السابري مثله إلى قوله ابتله في ولده فان عافاه في ولده ابتله‬
‫ال في أهله‪ ،‬فان عافاه في أهله ابتله بجار سوء يؤذيه‪ ،‬فان عافاه من‬
‫بوائق الدهر إلى آخر الخبر‪) .21 .‬باب( * " )دخول الشيعة مجالس‬
‫المخالفين( " * " " )وبلد الشرك( " * ‪ - 1‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن أحمد بن المغيرة‪ ،‬عن حيدر بن محمد ابن نعيم‪ ،‬عن محمد بن عمر‪،‬‬
‫عن محمد بن مسعود‪ ،‬عن محمد بن أحمد النهدي‪ ،‬عن معاوية بن حكيم‪،‬‬
‫عن التفليسي‪ ،‬عن حماد السمندري قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫إني أدخل بلد الشرك وإن من عندنا يقولون‪ :‬إن مت ثم حشرت معهم‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .161‬المحاسن ص ‪.(*) 158‬‬

‫]‪[201‬‬

‫قال‪ :‬فقال لي‪ :‬يا حماد إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعو إليه ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإذا‬
‫كنت في هذه المدن مدن السلم تذاكر أمرنا وتدعو إليه ؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬فقال لي‪ :‬إنك إن تمت ثم حشرت امة وحدك‪ ،‬وسعى نورك بين يديك )‬
‫‪ - 2 .(1‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن‬
‫ابن عيسى‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن الحسن بن أبي فاختة قال‪ :‬كنت أنا‬
‫وأبو سلمة السراج ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار عند أبي عبد ال‬
‫جعفر بن محمد عليهما السلم فقلت له‪ :‬جعلت فداك إني أحضر مجالس‬
‫هؤلء القوم فأذكركم في نفسي فأي شئ أقول ؟ فقال‪ :‬يا حسين إذا حضرت‬
‫مجالس هؤلء فقل‪ " :‬اللهم أرنا الرخاء والسرور‪ .‬فإنك تأتي على ما تريد‬
‫" )‪ .(2‬بيان‪ " :‬فانك تأتي على ما تريد " )‪ (3‬أي يريك ال الرخاء‬
‫والسرور في دينك أو يعطيك ال ثواب ما تريد الفوز به من ظهور دين‬
‫الحق‪) * .22 .‬باب( * " " )في أن ال تعالى انما يعطى الدين الحق( " *‬
‫" )واليمان والتشيع من أحبه‪ ،‬وأن( " " )التواخى ل يقع على الدين‪،‬‬
‫وفى ترك( " " )دعاء الناس إلى الدين( " ‪ - 1‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن بكير عن حمزة بن حمران‪ ،‬عن‬
‫عمر بن حنظلة قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا الصخر‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .44‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ 53‬في حديث‪(3) .‬‬
‫الخطاب مع ال عزوجل وهو الفعال لما يريد )*(‪.‬‬

‫]‪[202‬‬

‫إن ال يعطي الدنيا من يحب ويبغض )‪ (1‬ول يعطي هذا المر إل صفوته من خلقه‬
‫أنتم وال على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل‪ ،‬ل أعني علي بن‬
‫الحسين ول محمد بن علي وإن كان هؤلء على دين هؤلء )‪ .(2‬تبيان‪" :‬‬
‫من يحب ومن يبغض " أي من يحبه ال ومن يبغضه ال‪ ،‬أو من يحب ال‬
‫ومن يبغض ال‪ ،‬والول أظهر‪ " ،‬ول يعطي هذا المر " أي العتقاد‬
‫بالولية واختيار دين المامية " إل صفوته من خلقه " أي من اصطفاه‬
‫واختاره وفضله من جميع خلقه بسبب طيب روحه وطينته كما مر‪ ،‬أو‬
‫المعنى أن ذا المال والجاه و النعمة في الدنيا يمكن أن يكون محبوبا ل أو‬
‫مبغوضا ل‪ ،‬وليست سببا لحب ال ول علمة له‪ ،‬بخلف دين الحق فان‬
‫من اوتيه يكون ل محالة محبوبا ل مختارا عنده‪ ،‬وعلى الوجهين الغرض‬
‫بيان فضل الولية والشكر عليها‪ ،‬وعدم الشكاية بعد حصولها عن فقر‬
‫الدنيا وذلها وشدائدها‪ ،‬وحقارة الدنيا واهلها عند ال‪ ،‬وأنها ليست مناط‬
‫الشرف والفضل‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬ودين آبائي " والمعنى أن اصول‬
‫الدين مشتركة في ملل جميع النبياء‪ ،‬وإنما الختلف في بعض‬
‫الخصوصيات فان العتقاد بالتوحيد والعدل و المعاد مما اشترك فيه جميع‬
‫الملل‪ ،‬وكذا التصديق بنبوة النبياء‪ ،‬والذعان بجميع ما جاؤا به‪ ،‬وأهمها‬
‫اليمان بأوصيائهم‪ ،‬ومتابعتهم في جميع المور‪ ،‬وعدم العدول عنهم إلى‬
‫غيرهم‪ ،‬كان لزما في جميع الملل‪ ،‬وإنما الختلف في خصوص النبي و‬
‫خصوص الوصياء وخصوص بعض العبادات فمن أقر بنبينا صلى ال‬
‫عليه وآله وبجميع ما جاء‬

‫)‪ (1‬قال بعض المحشين‪ :‬الحب انجذاب خاص من المحب نحو المحبوب ليجده‪،‬‬
‫ففيه شوب من معنى النفعال وهو بهذا المعنى وان امتنع أن يتصف به‬
‫ال سبحانه لكنه تعالى يتصف به من حيث الثر كسائر الصفات من‬
‫الرحمة والغضب وغيرهما‪ ،‬فهو تعالى يحب خلقه من حيث انه يريد أن‬
‫يجده وينعم عليه بالوجود والرزق ونحوهما‪ ،‬وهو تعالى يحب عبده‬
‫المؤمن من حيث أنه يريد أن يجده ول يفوته فينعم عليه بنعمة السعادة‬
‫والعاقبة الحسنى فالمراد بالمحبة في هذه الروايات المحبة الخاصة‪(2) .‬‬
‫الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 215‬‬

‫]‪[203‬‬

‫به وبجميع أوصيائه ولم يعدل عنهم إلى غيرهم فهو على دين جميع النبياء‪.‬‬
‫ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما ورد في كثير من الخبار أن القرار بنبينا‬
‫صلى ال عليه وآله وأوصيائه عليهم السلم كان مأخوذا على جميع‬
‫النبياء عليهم السلم وأممهم وقيل‪ :‬المراد أنه مأخوذ في دين السلم نفي‬
‫الشرك ونصب غير من نصبه ال للمامة والرجوع إليه نوع من الشرك‪،‬‬
‫فالتوحيد الذي هو دين جميع النبياء مخصوص بالشيعة‪ ،‬وما ذكرنا أوضح‬
‫وأمتن‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬
‫عاصم بن حميد عن مالك بن أعين الجهني قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬يا مالك إن ال يعطي الدنيا من يحب ويبغض‪ ،‬ول يعطي دينه‬
‫إل من يحب )‪ .(1‬سن‪ :‬عن الوشاء ومحمد بن عبد الحميد العطار‪ ،‬عن‬
‫عاصم مثله )‪ - 3 .(2‬كا‪ :‬بالسناد المتقدم‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن عببد الكريم‬
‫بن عمرو الخثعمي عن عمر بن حنظلة وعن حمزة بن حمران‪] ،‬عن‬
‫حمران[‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن هذه الدنيا يعطيها ال البر‬
‫والفاجر‪ ،‬ول يعطي اليمان إل صفوته من خلقه )‪ .(3‬سن‪ :‬عن الوشاء‬
‫مثله )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬صفوة الشئ خالصه ومحمد صفوة ال من‬
‫خلقه و مصطفاه‪ ،‬أبو عبيدة‪ :‬يقال له صفوة مالي وصفوة مالي وصفوة‬
‫مالي فإذا نزعوا الهاء قالوا‪ :‬له صفو مالي بالفتح ل غير )‪ - 4 .(5‬كا‪ :‬عن‬
‫محمد ين يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .215‬المحاسن ص ‪ (3) .261‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪(4) .215‬‬
‫المحاسن ص ‪ ،217‬وهو الذى ذكره تحت الرقم‪ 6 :‬فل تغفل‪(5) .‬‬
‫الصحاح ص ‪.(*) 2401‬‬
‫]‪[204‬‬

‫أبي سليمان‪ ،‬عن ميسر قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن الدنيا يعطيها ال‬
‫عزو جل من أحب ومن أبغض‪ ،‬وإن اليمان ل يعطيه إل من أحب )‪- 5 .(1‬‬
‫سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن أبي سليمان‪ ،‬عن ميسر قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن الدنيا يعطيها ال من أحب وأبغض‪ ،‬وإن‬
‫اليمان ل يعطيه إل من احب )‪ - 6 .(2‬سن‪ :‬عن الوشاء‪ ،‬عن عبد الكريم‬
‫بن عمرو الخثعمي‪ ،‬عن عمر بن حنظلة‪ ،‬عن حمزة بن حماد‪ ،‬عن حمران‬
‫بن أعين‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬إن هذه الدنيا يعطاها البر‬
‫والفاجر‪ ،‬وإن هذا الدين ل يعطاه إل أهله خاصة )‪ - 7 .(3‬سن‪ :‬عن ابن‬
‫فضال‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن حمزة بن حمران‪ ،‬عن عمر ابن حنظلة قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن ال يعطي الدنيا من يحب ويبغض ول يعطي‬
‫اليمان إل أهل صفوته من خلقه )‪ - 8 .(4‬سن‪ :‬عن محمد بن خالد‬
‫الشعري‪ ،‬عن حمزة بن حمران‪ ،‬عن عمر بن حنظلة قال‪ :‬بينا أنا أمشي‬
‫مع أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬في بعض طرق المدينة إذا التفت إلي فقال‪:‬‬
‫إن ال يعطي‪ ،‬البر والفاجر الدنيا‪ ،‬ول يعطي الدين إل أهل صفوته من خلقه‬
‫)‪ .(5‬سن‪ :‬عن محمد بن عبد الحميد‪ ،‬عن عاصم بن حميد‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫أبي المقدام عن رجل من أهل البصرة مثله )‪ - 9 .(6‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫حماد بن عيسى‪ ،‬عن حريز‪ ،‬عن فضيل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫إن ال يعطي المال البر والفاجر‪ ،‬ول يعطي اليمان إل من أحب )‪- 10 .(7‬‬
‫كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن حمزة‬
‫بن‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .215‬المحاسن ص ‪ (3 7) .216‬المحاسن ص ‪.(*) 217‬‬

‫]‪[205‬‬

‫محمد الطيار‪ ،‬عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬لم تتواخوا على هذا المر‬
‫ولكن تعارفتم عليه )‪ .(1‬تبيان‪ " :‬لم تتواخوا على هذا المر " أقول‪:‬‬
‫الخبر يحتمل وجوها‪ :‬الول‪ :‬ما أفاده الوالد قدس ال روحه‪ ،‬وهو أن‬
‫التواخى بينكم لم يقع على التشيع‪ ،‬ول في هذه النشأة‪ ،‬بل كانت اخوتكم في‬
‫عالم الرواح قبل النتقال إلى الجساد‪ ،‬وإنما حصل تعارفكم في هذا العالم‬
‫بسبب الدين‪ ،‬فكشف ذلك عن الخوة في العليين‪ ،‬وذلك مثل رجلين كانت‬
‫بينهما مصاحبة قديمة فافترقا زمانا طويل ثم تل قيا فعرف كل منهما‬
‫صاحبه‪ .‬ويؤيده الحديث المشهور عن النبي صلى ال عليه وآله الرواح‬
‫جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف‪ ،‬وما تناكر منها اختلف‪ ،‬وهذا الخبر‬
‫وإن كان عاميا لكن ورد مثله في أخبارنا بأسانيد جمة‪ .‬منها ما روى‬
‫الصفار في البصائر بأسانيد عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬جاء رجل‬
‫إلى أمير المؤمنين عليه السلم فقال‪ :‬وال يا أمير المؤمنين إني لحبك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كذبت‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬سبحان ال كأنك تعرف ما في قلبي‪ ،‬فقال علي‬
‫عليه السلم‪ :‬إن ال خلق الرواح قبل البدان بألفي عام ثم عرضهم علينا‪،‬‬
‫فأين كنت لم أرك ؟ )‪ .(2‬وعن عمارة قال‪ :‬كنت جالسا عند أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم إذ أقبل رجل فسلم عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أمير المؤمنين وال إني‬
‫لحبك‪ ،‬فسأله ثم قال له‪ :‬إن الرواح خلقت قبل البدان بألفي عام ثم‬
‫اسكنت الهواء‪ ،‬فما تعارف منها ثم ائتلف ههنا‪ ،‬و ما تناكر منها ثم اختلف‬
‫ههنا‪ ،‬وإن روحي أنكر روحك )‪ .(3‬وبسنده أيضا عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم مثله إل أنه قال‪ :‬إن ال خلق الرواح قبل البدان بألفي عام‪،‬‬
‫فأسكنها الهواء‪ ،‬ثم عرضها علينا أهل البيت‪ ،‬فوال ما منها روح إل وقد‬
‫عرفنا بدنه‪ ،‬فوال ما رأيتك فيها فأين كنت ؟ )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (4 - 2) .168‬بصائر الدرجات ص ‪ 87‬و ‪.(*) 88‬‬

‫]‪[206‬‬

‫وروي الصدوق ‪ -‬ره ‪ -‬في العلل بسند موثق عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫الرواح جنود مجندة‪ ،‬فما تعارف منها في الميثاق ائتلف ههنا‪ ،‬وما تناكر‬
‫منها في الميثاق اختلف ههنا )‪ .(1‬وروى بسند آخر عنه عليه السلم أنه‬
‫قال لرجل من أصحابه‪ :‬ما تقول في الرواح أنها جنود مجندة‪ ،‬فما تعارف‬
‫منها ائتلف‪ ،‬وما تناكر منها اختلف ؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬إنا نقول ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فانه‬
‫كذلك إن ال عزوجل أخذ على العباد ميثاقهم وهم أظلة قبل الميلد‪ ،‬وهو‬
‫قوله عزوجل " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم‬
‫على أنفسهم " )‪ ،(2‬الية قال‪ :‬فمن أقر له يومئذ جاءت الفته ههنا ومن‬
‫أنكره يومئذ جاء خلفه ههنا‪ .‬وقال ابن الثير في النهاية‪ :‬فيه الرواح‬
‫جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف‪ ،‬مجندة أي‬
‫مجموعة‪ ،‬كما يقال الوف مؤلفة‪ ،‬وفناطير مقنطرة‪ ،‬ومعناه الخبار عن‬
‫مبدء كون الرواح وتقدمها على الجساد‪ ،‬أي أنها حلقت أول خلقها على‬
‫قسمين من ائتلف واختلف‪ ،‬كالجنود المجموعة إذا تقابلت وتواجهت‪،‬‬
‫ومعنى تقابل الرواح ما جعلها ال عليه من السعادة والشقاوة والخلق‬
‫في مبدء الخلق‪ ،‬يقول إن الجساد التي فيها الرواح تلتقي في الدنيا‪،‬‬
‫فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه‪ ،‬ولهذا ترى الخير‪ ،‬يحب‬
‫الخيار ويميل إليهم والشرير يحب الشرار ويميل إليهم انتهى‪ .‬وقال‬
‫الخطابي‪ :‬خلقت قبلها تلتقي فلما التبست بالبدان تعارفت بالذكر الول‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬استدل بهذا الحديث على أمرين‪ :‬الول خلق الرواح قبل‬
‫البدان والثاني أن الرواح النسانية مختلفة في الحقيقة وقد أشبعنا القول‬
‫في هذه المطالب في كتاب السماء والعالم‪.‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ ،79‬بتفاوت والذى يأتي بعده في ص ‪ 80‬من المصدر‪.‬‬
‫)‪ (2‬العراف‪.(*) 172 :‬‬

‫]‪[207‬‬

‫الثاني‪ :‬ما قيل إن المعنى أنكم لم تتواخوا على التشيع إذ لو كان كذلك لجرت بينكم‬
‫جميعا المواخاة وأداء الحقوق‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل إنما أنتم متعارفون على‬
‫التشيع‪ ،‬يعرف بعضكم بعضا عليه من دون مواخاة وعلى هذا يجوز أن‬
‫يكون الحديث واردا مورد النكار‪ ،‬وأن يكون واقعا موقع الخبار‪ ،‬أو‬
‫المعنى أن مجرد القول بالتشيع ل يوجب التواخي بينكم‪ ،‬وإنما يوجب‬
‫التعارف بينكم وأما التواخي فانما يوجبه امور اخر غير ذلك ل يجب‬
‫بدونها‪ .‬الثالث‪ :‬أن المعنى انه لم تكن مواخاتكم بعد حدوث هذا المذهب‪ ،‬و‬
‫أتصافكم به‪ ،‬ولكن كانت في حال الولدة وقبلها وبعدها‪ ،‬فان المواخاة‬
‫بسبب اتحاد منشأ الطين والرواح كما مر‪ ،‬وهذا يرجع إلى الوجه الول أو‬
‫قريب منه‪ - 11 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن كليب بن‬
‫معاوية الصيداوي قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إياكم والناس‪ ،‬إن‬
‫ال عزوجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك‬
‫ويطلبه‪ ،‬ثم قال‪ :‬لو أنكم إذا كلمتم الناس قلتم‪ :‬ذهبنا حيث ذهب ال‪،‬‬
‫واخترنا من اختار ال واختار ال محمدا واخترنا آل محمد صلى ال عليه‬
‫وآله )‪ .(1‬بيان‪ " :‬إياكم والناس " أي احذروا دعوتهم في زمن شدة‬
‫التقية‪ ،‬وعلل ذلك بأن من كان قابل للهداية وأراد ال ذلك به " نكت في‬
‫قلبه نكتة " من نور كناية عن أنه يلقي في قله ما يصير به طالبا للحق‬
‫متهيئا لقبوله‪ ،‬في القاموس‪ :‬النكت أن تضرب في الرض بقضيب فيؤثر‬
‫فيها‪ ،‬والنكتة بالضم النقطة‪ ،‬ثم بين عليه السلم طريقا لينا لمعارضتهم‪،‬‬
‫والحتجاج عليهم وهدايتهم‪ ،‬بحيث ل يصير سببا لمزيد تعصبهم‬
‫وإضرارهم‪ ،‬ول يتضمن التصريح بكفرهم وضللتهم‪ ،‬بأن قال‪ " :‬لو أنكم‬
‫" و " لو " للتمني و " قلتم " جواب " إذا " " حيث ذهب ال " أي‬
‫حيث أمر ال بالذهاب إليه " واخترنا من اختار ال " أي اخترنا المامة‬
‫من أهل بيت اختارهم ال فان النبي‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 212‬‬


‫]‪[208‬‬

‫مختار ال‪ ،‬والعقل يحكم بأن أهل بيت المختار إذا كانوا قابلين للمامة أولى من‬
‫غيرهم‪ ،‬وهذا دليل إقناعي تقبله طباع أكثر الخلق )‪ - 12 .(1‬كا‪ :‬عن محمد‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن أبي إسماعيل‬
‫السراج‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن ثابت بن أبي سعيدة قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬يا ثابت مالكم وللناس ؟ كفوا عن الناس ول تدعوا أحدا إلى‬
‫أمركم‪ ،‬فوال لو أن أهل السماء وأهل الرض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا‬
‫يريد ال هداه ما استطاعوا‪ ،‬كفوا عن الناس ول يقول أحدكم أخي وابن‬
‫عمي وجاري‪ ،‬فان ال عزوجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه‪ ،‬فل يسمع‬
‫بمعروف إل عرفه‪ ،‬ول بمنكر إل أنكره‪ ،‬ثم يقذف ال في قلبه كلمة يجمع‬
‫بها أمره )‪ .(2‬بيان‪ :‬قد مر أمثاله في كتاب العدل‪ ،‬وقد تكلمنا هناك في‬
‫معنى الهداية والضلل‪ ،‬وفهم هذه الخبار في غاية الشكال‪ ،‬ومنهم من‬
‫أول إرادة الهداية بالعلم أو التوفيق والتأييد الذي استحق بحسن اختياره "‬
‫ول يقول أحد كم أخي " أي هذا أخي ترحما عليه‪ ،‬لرادة هدايته " طيب‬
‫روحه " أي جعلها قابلة لفهم الحق و قبوله‪ ،‬إما في بدو الخلق أو بعده في‬
‫عالم الجساد‪ ،‬والكلمة التي يقذفها في قلبه هي اعتقاد المامة‪ ،‬فإنها‬
‫جامعة لصلح جميع اموره في الدارين‪ ،‬ول يشتبه عليه أمر من المور‪.‬‬
‫‪ - 13‬كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن صفوان‬
‫ين يحيى عن محمد بن مروان‪ ،‬عن الفضيل قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬ندعو الناس إلى هذا المر ؟ فقال‪ :‬يا فضيل إن ال إذا أراد بعبد‬
‫خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه حتى أدخله‬

‫)‪ (1‬ولعل المراد‪ :‬قولوا ذهبنا إلى بيت ذهب ال إليه وهو بيت عبد المطلب‪،‬‬
‫واخترنا من ذلك البيت من اختاره ال‪ ،‬وهو محمد صلى ال عليه وآله‪،‬‬
‫فلما ذهب محمد " ص " لم نرجع عن ذلك البيت‪ ،‬بل اخترنا من ذلك‬
‫البيت المختار من كان تاليا له صلى ال عليه وآله يصلح لن يقوم مقامه‬
‫وهو على بن أبى طالب رأس العترة الطاهرة‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪213‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[209‬‬

‫في هذا المر طائعا أو كارها )‪ - 14 .(1‬كا‪ :‬عن محمد ين يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪،‬‬
‫عن ابن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬اجعلوا أمركم هذا ل‪ ،‬ول تجعلوه للناس‪ ،‬فانه ما كان ل فهو ل‪،‬‬
‫وما كان للناس فل يصعد إلى السماء‪ ،‬ول تخاصموا بدينكم الناس‪ ،‬فان‬
‫المخاصمة ممرضة للقلب‪ ،‬إن ال عزوجل قال لنبيه صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫" إنك ل تهدي من أحببت ولكن ال يهدي من يشاء " وقال‪ " :‬أفأنت تكره‬
‫الناس حتى يكونوا مؤمنين " )‪ (2‬ذرو الناس فان الناس أخذوا عن‬
‫الناس‪ ،‬وإنكم أخذتم عن رسول ال صلى ال عليه وآله وعلي عليه السلم‬
‫ول سواء وإنني سمعت أبي يقول‪ :‬إذا كتب ال على عبد أن يدخله في هذا‬
‫المر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره )‪ .(3‬تبيان‪ " :‬اجعلوا أمركم هذا‬
‫" أي دينكم ودعوتكم الناس إليه " ل " بأن تدعوا الناس إليه في مقام‬
‫تعلمون رضى ال فيه‪ ،‬ول تدعوا في مقام التقية فانه نهى ال عنه " ول‬
‫تجعلوه للناس " باظهار الفضل‪ ،‬وحب الغلبة على الخصم‪ ،‬والعصبية‬
‫فتدعوهم في مقام التقيه أيضا فيعود ضرره عليكم وعلينا‪ ،‬فانه " ما كان‬
‫ل " أي خالصا لوجهه تعالى " فهو ل " أي يقبله ال‪ ،‬ويثيب عليه‪ ،‬أو‬
‫ما كان ل في الدنيا فهو ل في الخرة‪ ،‬ومآلهما واحد " فل يصعد إلى‬
‫السماء " أي ل يقبل‪ ،‬إشارة إلى قوله تعالى " إليه يصعد الكلم الطيب‬
‫والعمل الصالح يرفعه " )‪ " (4‬ول تخاصموا بدينكم " أي ل تجادلوا‬
‫مجادلة يكون غرضكم فيها المغالبة والمعاندة‪ ،‬بالقاء الشبهات الفاسدة‪ ،‬ل‬
‫ظهور الحق‪ ،‬فان المخاصمة على هذا الوجه تمرض القلب بالشك‬
‫والشبهة‪ ،‬والغراض الباطلة‪ ،‬وإن كان غرضكم إجبارهم على الهداية‪،‬‬
‫فانها ليست بيدكم كما قال تعالى لنبيه‪ " :‬إنك ل تهدى من أحببت " وقال‬
‫" أفأنت تكره الناس "‪ .‬وقوله عليه السلم " ذروا الناس " يحتمل أن‬
‫يكون المراد به أن غرضكم من‬

‫)‪ 1‬و ‪ (3‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .213‬القصص‪ .56 :‬يونس‪ (4) .99 :‬فاطر‪10 :‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[210‬‬

‫المجادلة إن كان ظهور الحق لكم فل حاجة لكم إلى ذلك‪ ،‬فان حقيتكم أظهر من ذلك‪،‬‬
‫فانكم أخذتم دينكم عن ال باليات المحكمات‪ ،‬وعن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله بالخبار المتواترة من الجانبين‪ ،‬وعن علي عليه السلم المقبول‬
‫من الطرفين‪ ،‬وهم أخذوا من الخبار الموضوعة المنمية إلى النواصب‬
‫والمعاندين‪ ،‬والشبهات الواهية التي يظهر بأدنى تأمل بطلنها‪ ،‬ول سواء‬
‫مأخذكم ومأذخهم‪ ،‬ووكر الطائر عشه‪ - 15 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫عثمان بن عيسى‪ ،‬عن ابن اذينه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال‬
‫عزوجل خلق قوما للحق فإذا مر بهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن‬
‫كانوا ل يعرفونه‪ ،‬وإذا مر بهم الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا ل يعرفونه‪،‬‬
‫وخلق قوما لغير ذلك‪ ،‬فإذا مر بهم الباب من الحق أنكرته قلوبهم وإن كانوا‬
‫ل يعرفونه‪ ،‬وإذا مر بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا ل‬
‫يعرفونه )‪ .(1‬بيان‪ " :‬خلق قوما للحق " كأن اللم للعاقبة‪ ،‬أي عالما‬
‫بأنهم يختارون الحق أو يختارون خلفه " وإن كانوا ل يعرفونه " قيل هذا‬
‫مبني على أنه قد يحكم النسان بأمر ويذعن به‪ ،‬وهو مبني على مقدمة مر‬
‫كوزة في نفسه ل يعلم بها أو بابتناء إذعانه عليها‪ ،‬والغرض من ذكره في‬
‫هذا الباب أن السعي ل مدخل له كثيرا في الهداية وإنما هو لتحصيل الثواب‬
‫فل ينبغي فعله في موضع التقية لعدم ترتب الثواب عليه‪ - 16 .‬كا‪ :‬عن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد الحميد بن أبي العل عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه‬
‫نكتة من نور‪ ،‬فأضاء لها سمعه وقلبه‪ ،‬حتى يكون أحرص على ما في‬
‫أيديكم منكم وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء فأظلم لها سمعه‬
‫وقلبه‪ ،‬ثم تل هذه الية " فمن يرد ال أن يهديه يشرح صدره للسلم ومن‬
‫يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء " )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .214‬المصدر نفسه‪ ،‬والية في النعام‪.(*) 125 :‬‬

‫]‪[211‬‬

‫بيان‪ :‬كأن النكت في الول كناية عن التوفيق لقبول الحق أو إفاضة علم يقيني‬
‫ينتقش فيه " فأضاء له سمعه وقلبه " أي يسمع الحق ويقبله بسهولة‪،‬‬
‫ويصير طالبا لدين الحق‪ ،‬وفي الثاني كناية عن منع اللطف منه‪ ،‬لعدم‬
‫استحقاقه لذلك فيخلي بينه وبين الشيطان‪ ،‬فينكت في قلبه الشكوك‬
‫والشبهات " فمن يرد ال أن يهديه " قيل أي يعرفه طريق الحق ويوفقه‬
‫لليمان " يشرح صدره للسلم " فيتسع له ويفسح ما فيه مجاله‪ ،‬وهو‬
‫كناية عن جعل النفس قابلة للحق مهيأة لحلوله فيها مصفاة عما يمنعه‬
‫وينافيه " ومن يرد أن يضله " أي يمنع عنه لطفه " يجعل صدره ضيقا‬
‫حرجا " بحيث ينبو عن قبول الحق فل يدخله اليمان " كأنما يصعد في‬
‫السماء " شبهه مبالغه في ضيق صدره بمن يزاول ما ل يقدر عليه‪ ،‬فان‬
‫صعود السماء مثل فيما يبعد عن الستطاعة‪ - 17 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن محمد بن حمران‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة‬
‫بيضاء‪ ،‬وفتح مسامع قلبه‪ ،‬ووكل به ملكا يسدده‪ ،‬وإذا أراد بعبد سوءا نكت‬
‫في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه‪ ،‬ووكل به شيطانا يضله )‪.23 .(1‬‬
‫* " " )باب آخر( " " * * " )في أن السلمة والغنا في الدين‪ ،‬وما أخذ(‬
‫" * * " )على المؤمن من الصبر على ما يلحقه في الدين( " * ‪ - 1‬كا‪:‬‬
‫عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن أيوب‬
‫بن الحر‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل " فوقاه ال‬
‫سيئات ما مكروا " فقال‪ :‬أما لقد بسطوا عليه وقتلوه‪ ،‬ولكن أتدرون ما‬
‫وقاه ؟ وقاه أن يفتنوه في دينه )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .214‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،215‬والية في غافر‪.(*) 40 :‬‬

‫]‪[212‬‬

‫تبيان‪ " :‬فوقاه ال " الضمير راجع إلى المؤمن آل فرعون‪ ،‬حيث توكل على ال‪،‬‬
‫وفوض أمره إليه‪ ،‬حين أراد فرعون قتله‪ ،‬بعد أن أظهر إيمانه بموسى‬
‫ووعظهم ودعاهم إلى اليمان فقال‪ " :‬وافوض أمري إلى ال إن ال بصير‬
‫بالعباد * فوقاه ال سيئات ما مكروا " أي صرف ال عنه شدائد مكرهم‪،‬‬
‫قال بعض المفسرين‪ :‬إنه جاء مع موسى حتى عبر البحر معه‪ ،‬وقيل إنهم‬
‫هموا بقتله فهرب إلى جبل فبعث فرعون رجلين في طلبه فوجداه قائما‬
‫يصلي وحوله الوحوش صفوفا فخافا فرجعا هاربين‪ ،‬والخبر يرد هذين‬
‫القولين كما يرد قول من قال إن الضمير راجع إلى موسى عليه السلم‪،‬‬
‫ويدل على أنهم قتلوه " لقد بسطوا عليه " أي أيديهم في القاموس بسط‬
‫يده مدها‪ ،‬والملئكة باسطوا أيديهم أي مسلطون عليهم‪ ،‬كما يقال بسطت‬
‫يده عليه أي سلط عليه‪ ،‬وفي بعض النسخ " سطوا عليه " في القاموس‬
‫سطا عليه وبه سطوا وسطوة صال أو قهر بالبطش انتهى‪ .‬و " ما " في‬
‫قوله " ما وقاه " موصولة أو استفهامية وفي القاموس الفتنة بالكسر‬
‫الضلل والثم والكفر والفضيحة‪ ،‬والضلل وفتنه يفتنه أوقعه في الفتنة‬
‫كفتنه وأفتنه فهو مفتن ومفتون لزم متعد كافتتن فيهما‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن علي‬
‫بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى بن عبيد‪ ،‬عن أبي جميلة قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬كان في وصية أمير المؤمنين عليه السلم أصحابه‪:‬‬
‫اعلموا أن القرآن هدى الليل والنهار‪ ،‬ونور الليل المظلم‪ ،‬على ما كان من‬
‫جهد وفاقة‪ ،‬فإذا حضرت بلية فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم‪ ،‬وإذا نزلت‬
‫نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم فاعلموا أن الهالك من هلك دينه‪،‬‬
‫والحريب من حرب دينه‪ ،‬أل وإنه ل فقر بعد الجنة‪ ،‬أل وإنه ل غنى بعد‬
‫النار‪ ،‬ل يفك أسيرها ول يبرأ ضريرها )‪ .(1‬تبيين‪ " :‬هدى الليل والنهار "‬
‫إضافة للمصدر إلى ظرف الزمان‪ ،‬وقيل‪ :‬يحتمل أن يكون الليل والنهار‬
‫كناية عن الباطل والحق كما قال تعالى‪ " :‬وهديناه النجدين " )‪ " (2‬ونور‬
‫الليل المظلم " الظاهر أن الليل المظلم كناية عن زمان الشدة‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .216‬البلد‪.(*) 10 :‬‬


‫]‪[213‬‬

‫والبلء‪ ،‬فقوله " على ما كان " متعلق بالمظلم‪ ،‬أي كونه مظلما بناء " على ما‬
‫كان من جهد " أي مشقة وفاقة فالمعنى أن القرآن في أحوال الشدة‬
‫والفاقة منور للقلب‪ ،‬و مذهب للهم لما فيه من المواعظ والنصائح‪ ،‬ولنه‬
‫يورث الزهد في الدنيا فل يبالي بما وقع فيها‪ ،‬ويحتمل أن يكون المعنى أنه‬
‫نور في ظلم الجهالة والضللة‪ ،‬وعلى أي حال كان من أحوال الدنيا‪ ،‬من‬
‫مشقة وفقر وغير ذلك‪ ،‬أي ينبغي أن يرضى بالشدة والفاقة مع نور الحق‬
‫والهداية‪ ،‬و " من " في قوله " من جهد " للبيان أو التبعيض والتفريع‬
‫في قوله " فإذا حضرت " بهذا ألصق وقال ابن ميثم‪ :‬أراد بالفاقة الحاجة‬
‫إلى ما ينبغي من الهداية والكمال النفساني )‪ (1‬ول يخفى ما فيه‪ .‬والمراد‬
‫بالبلية ما يمكن دفعه بالمال‪ ،‬وبالنازلة ما ل يمكن دفعه إل ببذل النفس أو‬
‫ببذل الدين‪ ،‬أو البلية في امور الدنيا‪ ،‬والنازلة في امور الخرة‪ ،‬والمراد‬
‫بها مال تقية فيه‪ ،‬وإل فالتقية واجبة " من هلك دينه " إما بذهابه بالمرة‬
‫أو بنقصه بترك الفرائض وارتكاب الكبائر‪ ،‬أو العم وفي المصباح حرب‬
‫حربا من باب تعب اخذ جميع ما له فهو حريب‪ ،‬وحرب على البناء للمفعول‬
‫فهو محروب‪ ،‬وفي القاموس حربه حربا كطلبه طلبا أسلب ماله فهو‬
‫محروب وحريب‪ ،‬والجمع حربى وحرباء‪ ،‬وحريبته ماله الذي سلب أو ماله‬
‫الذي يعيش به " ل فقر بعد الجنة " أي بعد فعل ما يوجبها‪ ،‬وكذا قوله "‬
‫بعد النار " أي بعد فعل ما يوجبها‪ .‬ثم بين عليه السلم عدم الغناء مع‬
‫استحقاق النار ببيان شدة عذابها‪ ،‬من حيث إن أسيرها والمقيد فيها‬
‫بالسلسل والغلل ل يفك أبدا " ول يبرأ ضريرها " أي من عمي عينه‬
‫فيها أو من ابتلي فيها بالضر‪ ،‬أو المراد عدم فك أسيرها في الدنيا من قيد‬
‫الشهوات وعدم برء من عمي قلبه في الدنيا بالكفر‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬وفي‬
‫القاموس الضرير الذاهب البصر‪ ،‬والمريض المهزول‪ ،‬وكل ما خالطه ضر‪.‬‬
‫‪ - 3‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن ربعي‪ ،‬عن الفضيل‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬سلمة الدين وصحة البدن خير من المال‪ ،‬والمال‬
‫زينة من‬

‫)‪ (1‬في قوله " ليس لحد بعد القرآن من فاقة " راجع الخطبة ‪.(*) 174‬‬

‫]‪[214‬‬

‫زينة الدنيا حسنة )‪ .(1‬كا‪ :‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن الفضل بن شاذان‪ ،‬عن‬
‫حماد‪ ،‬عن ربعي عن الفضيل‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم مثله )‪ .(2‬بيان‪:‬‬
‫" سلمة الدين " أي مما فيه شائبة الشرك من العقائد الباطلة والعمال‬
‫القبيحة " وصحة البدن " من المراض البدنية " خير " من زوائد المال‬
‫أما خيرية الولى فظاهرة‪ ،‬وأما الثانية فلنه ينتفع بالصحة مع عدم المال‬
‫ول ينتفع بالمال مع فقد الصحة‪ ،‬والمال أي المال الصالح والحلل زينة‬
‫حسنة لكن بشرط أن ل يضر بالدين‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن‬
‫ابن فضال‪ ،‬عن يونس بن يعقوب‪ ،‬عن بعض أصحابه قال‪ :‬كان رجل يدخل‬
‫على أبي عبد ال عليه السلم من أصحابه به فصبر زمانا ل يحج فدخل‬
‫عليه بعض معارفه فقال له‪ :‬فلن ما فعل ؟ قال‪ :‬فجعل يضجع الكلم فظن‬
‫]أنه[ انما يعني الميسرة والدنيا‪ ،‬فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كيف‬
‫دينه ؟ فقال‪ :‬كما تحب‪ ،‬فقال‪ :‬هو وال الغنى )‪ .(3‬سن‪ :‬عن ابن فضال‬
‫مثله إل أن فيه فصبر حينا‪ ،‬إلى قوله‪ :‬بعض معارفه ممن كان يدخل عليه‬
‫معه‪ ،‬إلى قوله‪ :‬يظن أنه إنما عنى‪ ،‬إلى قوله‪ :‬كيف حاله في دينه )‪.(4‬‬
‫بيان‪ :‬فصبر زمانا في بعض النسخ " فغبر زمان " أي مضى‪ ،‬وفي بعضها‬
‫فغبر زمانا أي مكث‪ ،‬في القاموس غبر غبورا مكث وذهب ضد " فلن ما‬
‫فعل " أي كيف حاله ؟ ولم تأخر عن الحج ؟ " قال " أي بعض الصحاب‬
‫الراوي " فجعل " أي شرع بعض المعارف " يضجع الكلم " أي يخفضه‬
‫أو يقصر ول يصرح بالمقصود‪ ،‬ويشير إلى سوء حاله لئل يغتم المام‬
‫عليه السلم بذلك‪ ،‬كما هو الشائع في مثل هذا المقام‪ ،‬قال في القاموس‪:‬‬
‫أضجعت الشئ أخفضته‪ ،‬وضجع في المر تضجيعا قصر " فظن " في‬

‫)‪ (3 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .216‬المحاسن ص ‪.(*) 217‬‬

‫]‪[215‬‬

‫بعض النسخ يظن‪ ،‬وهو أظهر " انما يعني " أنما بفتح الهمزة )‪ (1‬وما موصولة‬
‫وهي اسم أن كقوله تعالى‪ " :‬واعلموا أنما غنمتم من شئ " )‪ (2‬أو ما‬
‫كافة مثل قوله‪ :‬أنما إلهكم إله واحد " )‪ (3‬وعند الزمخشري أنه يفيد‬
‫الحصر كالمكسور‪ ،‬فعلى الول مفعول يعني وهو عائد ما‪ ،‬محذوف‪،‬‬
‫وتقديره أن ما يعنيه‪ ،‬والميسرة خبر أن وعلى الثاني الميسرة مفعول‬
‫يعني‪ ،‬وعلى التقديرين المستتر في يعني راجع إلى المام عليه السلم "‬
‫كما تحب " أي على أحسن الحوال‪ " ،‬فقال هو ال الغنى " أقول تعريف‬
‫الخبر باللم المفيد للحصر وتأكيده بالقسم للتنبيه على أن الغنا الحقيقي‬
‫ليس إل الغنا الخروي‪ ،‬الحاصل بسلمة الدين‪ ،‬كما روى عن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله أنه قال‪ :‬الفقر الموت الحمر‪ ،‬فقيل له‪ :‬الفقر من الدينار‬
‫والدرهم ؟ فقال‪ :‬ل ولكن من الدين‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي بن النعمان عن داود بن فرقد عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬أخذ ال ميثاق المؤمن على أن ل تصدق مقالته‪ ،‬ول‬
‫ينتصف من عدوه‪ ،‬وما من مؤمن يشفي نفسه إل بفضيحتها لن كل مؤمن‬
‫ملجم )‪ .(4‬بيان‪ " :‬على أن ل تصدق " أي على الصبر على أن ل تصدق‬
‫مقالته في دولة الباطل‪ ،‬أو أهل الباطل مطلقا‪ ،‬والنتصاف النتقام‪ ،‬وفي‬
‫القاموس‪ :‬انتصف منه استوفى حقه منه كامل حتى صار كل على النصف‬
‫سواء‪ ،‬كاستنصف منه " يشفي نفسه " يقال‪ :‬شفاه يشفيه من باب ضرب‬
‫فاشتفى هو‪ ،‬وهو من الشفاء بمعنى البرء من المراض ويستعمل في‬
‫شفاء القلب من المراض النفسانية والمكاره القلبية كما يستعمل في‬

‫)‪ (1‬ذكر هذا التوجيه بناء على نسخته " فظن أنما يعنى الخ " وأما على النسخة‬
‫الكافي المطبوعة وهكذا المحاسن " فظن أنه انما يعنى " فانما بكسر‬
‫الهمزة‪ :‬والوجه ظاهر‪ (2) .‬النفال‪ (3) .41 :‬الكهف‪ (4) .110 :‬الكافي‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 249‬‬

‫]‪[216‬‬

‫شفاء الجسم من المراض البدنية وكون شفاء نفسه من غيظ العدو موجبا‬
‫لفضيحتها ظاهر‪ ،‬لن النتقام من العدو مع عدم القدرة عليه يوجب‬
‫الفضيحة والمذلة‪ ،‬و مزيد الهانة‪ ،‬والضمير في " بفضيحتها " راجع إلى‬
‫النفس " لن كل مؤمن ملجم " قيل يعني إذا أراد المؤمن أن يشفي غيظه‬
‫بالنتقام من عدوه افتضح وذلك لنه ليس بمطلق العنان خليع العذار )‪(1‬‬
‫يقول ما يشاء ويفعل ما يريد‪ ،‬إذ هو مأمور بالتقية والكتمان‪ ،‬والخوف من‬
‫العصيان‪ ،‬والخشية من الرحمان‪ ،‬ولن زمام أمره بيد ال سبحانه لنه‬
‫فوض أمره إليه‪ ،‬فيفعل به ما يشاء مما فيه مصلحته وقيل أي ممنوع من‬
‫الكلم الذي يصير سببا لحصول مطالبه الدنيوية في دولة الباطل‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫يحتمل أن يكون المعنى أنه ألجمه ال في الدنيا‪ ،‬فل يقدر على النتقام في‬
‫دول اللئام أو ينبغي أن يلجم نفسه ويمنعها عن الكلم‪ ،‬أي الفعل الذي‬
‫يخالف التقية كما مر‪ ،‬وقال في النهاية‪ :‬فيه من سئل عما يعلمه فكتمه‬
‫ألجمه ال بلجام من نار يوم القيامة‪ :‬الممسك عن الكلم ممثل بمن ألجم‬
‫نفسه بلجام‪ ،‬ومنه الحديث يبلغ العرق منهم ما يلجمهم‪ ،‬أي يصل إلى‬
‫أفواههم‪ ،‬فيصير لهم بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلم‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن العدة‪،‬‬
‫عن سهل بن زياد ; ومحمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن أبي حمزة الثمالي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال أخذ ميثاق المؤمن على بليا أربع‬
‫أشدها عليه مؤمن يقول بقوله يحسده‪ ،‬أو منافق يقفو أثره‪ ،‬أو شيطان‬
‫يغويه‪ ،‬أو كافر يرى جهاده فما بقاء المؤمن بعد هذا )‪.(2‬‬
‫)‪ (1‬العذار ‪ -‬بالكسر ‪ -‬ماسال من اللجام على خد الفرس‪ ،‬أو ما يضم حبل الخطام‬
‫إلى رأس البعير‪ ،‬ويكنى عنه بالحياء‪ ،‬يقال للمنهمك في الغى المتبع‬
‫هواه‪ :‬خلع عذاره أي الحياء‪ ،‬يعنى أنه يقول ويفعل وما يبالى بشئ‬
‫كالدابة بلرسن‪ ،‬تجمح وتطمح‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 249‬‬

‫]‪[217‬‬

‫بيان‪ " :‬على بليا أربع " قيل أي إحدى بليا للعطف بأو‪ ،‬وللحديث الرابع )‪(1‬‬
‫وأربع مجرور صفة للبليا " وأشدها " خبر متبدأ محذوف أي هي أشدها‪،‬‬
‫والضمير المحذوف راجع إلى " إحدى " والضمير المجرور راجع إلى‬
‫البليا‪ ،‬و " مؤمن " مرفوع وهو بدل أشدها‪ ،‬وإبدال النكرة من المعرفة‬
‫جائز إذا كانت النكرة موصوفة نحو قوله تعالى‪ " :‬بالناصية ناصية كاذبة‬
‫" )‪ (2‬و " أو منافق " عطف على أشدها‪ ،‬وفي بعض النسخ " أيسرها "‬
‫وقال بعضهم‪ :‬أيسرها صفة لبليا أربع‪ ،‬وفيه إشعار بأن للمؤمن بليا اخر‬
‫أشد منها‪ ،‬قال‪ :‬وفي بعض النسخ أشدها بدل أيسرها فيفيد أن هذه الربع‬
‫أشد بلياه‪ ،‬وقوله‪ " :‬مؤمن " خبر مبتدأ محذوف أي هو مؤمن‪ ،‬وقيل إن‬
‫أيسرها مبتدأ ومؤمن خبره وإن أشدها أولى من أيسرها‪ ،‬لئل ينافي قوله‬
‫عليه السلم‪ ،‬فيما بعد‪ " :‬ومؤمن يحسده وهو أشدهن عليه " )‪ (3‬و "‬
‫مؤمنا يحسده وهو أشدهم عليه " )‪ (4‬وفيه أن أيسرها أو أشدها صفة لما‬
‫تقدم فل يتم ما ذكر وكون هذه الربع أيسر من غيرها ل ينافي أن يكون‬
‫بعضها أشد من بعض‪ ،‬ولو جعل مبتدأ كما زعم لزم أن ل يكون المؤمن‬
‫الحاسد أشد من المنافق‪ ،‬وما بعده وهو مناف لما سيأتي‪ .‬وأقول‪ :‬يمكن أن‬
‫يكون أو للجمع المطلق بمعنى الواو‪ ،‬فال نحتاج إلى تقدير إحدى‪ ،‬ويكون‬
‫أشدها مبتدءا ومؤمن خبره‪ ،‬وعبر عن الول بهذه العبارة لبيان الشدية‪،‬‬
‫ثم عطف عليه ما بعده كأنه عطف على المعنى ولكل من الوجوه السابقة‬
‫وجه‪ ،‬وكون مؤمن بدل أشدها أوجه‪ " .‬يقول بقوله " أي يعتقد مذهبه‪،‬‬
‫ويدعي التشيع‪ ،‬لكنه ليس بمؤمن كامل‬

‫)‪ (1‬يعنى الحديث الرابع في باب ما أخذه ال على المؤمن لكتاب اليمان والكفر من‬
‫الكافي‪ ،‬وهو الذى يأتي تحت الرقم ‪ (2) .8‬العلق‪ 15 :‬و ‪ (3) .16‬يعنى‬
‫في الحديث التى تحت الرقم ‪ (4) .8‬يعنى في الحديث التى تحت الرقم‬
‫‪.(*) 12‬‬

‫]‪[218‬‬
‫بل يغلبه الحسد " أو منافق يقفو أثره " أي يتبعه ظاهرا وإن كان منافقا أو يتتبع‬
‫عيوبه فيذكرها للناس‪ ،‬وهو أظهر " أو شيطان " أي شيطان الجن أو‬
‫العم منه ومن شيطان النس " يغويه " أي يريد إغواءه وإضلله عن‬
‫سبيل الحق بالوساوس الباطلة كما قال تعالى حاكيا عن الشيطان‪" :‬‬
‫لقعدن لهم صراطك المستقيم " )‪ (1‬الية وقال سبحانه‪ " :‬وكذلك جعلنا‬
‫لكل نبي عدوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف‬
‫القول غرورا " )‪ (2‬وقال‪ " :‬وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم‬
‫ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون "‪ (3) ،‬وربما يقرأ يغويه على‬
‫بناء التفعيل‪ ،‬أي ينسبه إلى الغواية وهو بعيد " أو كافر يرى جهاده " أي‬
‫لزما فيضره بكل وجه يمكنه " فما بقاء المؤمن بعد هذا " استفهام إنكار‬
‫أي كيف يبقى المؤمن على إيمانه بعد الذي ذكرنا‪ ،‬ولذا قل عدد المؤمنين‪،‬‬
‫أو ل يبقى في الدنيا بعد هذه البليا والهموم والغموم‪ ،‬أو ل يبقى جنس‬
‫المؤمن في الدنيا إل قليل منهم‪ - 7 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬ما أفلت‬
‫المؤمن من واحدة من ثلث ولربما اجتمعت الثلثة عليه‪ :‬إما بعض من‬
‫يكون معه في الدار يغلق عليه بابه يؤذيه‪ ،‬أو جاره يؤذيه‪ ،‬أو من في‬
‫طريقه إلى حوائجه يؤذيه‪ ،‬ولو أن مؤمنا على قلة جبل لبعث ال عزوجل‬
‫إليه شيطانا يؤذيه‪ ،‬ويجعل ال له من إيمانه انسا ل يستوحش معه إلى‬
‫أحد‪ .‬بيان‪ " :‬ما أفلت المؤمن " أي ما تخلص‪ ،‬في المصباح أفلت الطائر‬
‫وغيره إفلتا تخلص وأفلته إذا أطلقته وخلصته‪ ،‬يستعمل لزما ومتعديا‪،‬‬
‫والظاهر أن " بعض " مبتدأ و " يؤذيه " خبره‪ ،‬ويحتمل أن يكون بعض‬
‫خبر مبتدأ محذوف ويؤذيه صفة أو حال و " يغلق " على بناء المجهول‬
‫أو المعلوم والول أظهر فبابه نائب الفاعل‪ ،‬و ضمير عليه راجع إلى ما‬
‫يرجع إلى المستتر في يكون وجملة يغلق حال‪ ،‬عن ضمير‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .16 :‬النعام‪ (3) .112 :‬النعام‪.(*) 121 :‬‬

‫]‪[219‬‬

‫يكون أي داخل في داره يكون معه‪ ،‬فيها‪ ،‬والمراد بالشيطان إما شيطان الجن لن‬
‫معارضته للمؤمن أكثر أو شيطان النس‪ ،‬وذكروا لتسليط الشياطين‬
‫والكفرة على المؤمنين وجوها من الحكمة‪ :‬الول أنه لكفارة ذنوبه‪ ،‬الثاني‬
‫أنه لختباره صبره وإدراجه في الصابرين‪ ،‬الثالث أنه لتزهيده في الدنيا‬
‫لئل يفتتن بها ويطمئن إليها فيشق عليه الخروج منها‪ ،‬الرابع توسله إلى‬
‫جناب الحق سبحانه في الضراء‪ ،‬و سلوكه مسلك الدعاء‪ ،‬لدفع ما يصيبه‬
‫من البلء‪ ،‬فترتفع بذلك درجته‪ ،‬الخامس وحشته عن المخلوقين وانسه‬
‫برب العالمين‪ ،‬السادس إكرامه برفع الدرجة التي ل يبلغها النسان بكسبه‪،‬‬
‫لنه ممنوع من إيلم نفسه شرعا وطبعا‪ ،‬فإذا سلط عليه في ذلك غيره‬
‫أدرك ما ل يصل إليه بفعله كدرجة الشهادة مثل‪ ،‬السابع تشديد عقوبة‬
‫العدو في الخرة‪ ،‬فانه يوجب سرور المؤمنين به‪ .‬والغرض من هذا‬
‫الحديث وأمثاله حث المؤمن على الستعداد لتحمل النوائب والمصائب‬
‫وأنواع البلء بالصبر والشكر‪ ،‬والرضا بالقضاء‪ - 8 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن‬
‫سهل بن زياد‪ ،‬عن ابن أبي نصر‪ ،‬عن داود بن سرحان قال‪ :‬سمعت أبا عبد‬
‫ال عليه السلم يقول‪ :‬أربع ل يخلو منهن المؤمن أو واحدة منهن مؤمن‬
‫يحسده‪ ،‬وهو أشد هن عليه‪ ،‬ومنافق يقفو أثره‪ ،‬أو عدو يجاهده‪ ،‬أو‬
‫شيطان يغويه )‪ .(1‬بيان‪ " :‬أربع " أي أربع خصال " أو واحدة " أي أو‬
‫من واحدة " مؤمن يحسده " أي حسد مؤمن " وهو أشد هن عليه " لن‬
‫صدور الشر من القريب المجانس أشد وأعظم من صدوره من البعيد‬
‫المخالف‪ ،‬لتوقع الخير من الول دون الثاني " أو عدو " أي مجاهر‬
‫بالعداوة يجاهده بلسانه ويده‪ - 9 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن عثمان‬
‫بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن عجلن قال‪ :‬كنت عند أبي عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫فشكا إليه رجل الحاجة‪ ،‬فقال‪ :‬اصبر فان ال سيجعل لك فرجا‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬
‫سكت ساعة‪ ،‬ثم أقبل على الرجل فقال‪ :‬أخبرني‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 250‬‬

‫]‪[220‬‬

‫عن سجن الكوفة كيف هو ؟ فقال‪ :‬أصلحك ال ضيق منتن وأهله بأسوء حال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فانما أنت في السجن فتريد أن تكون فيه في سعة ؟ أما علمت أن الدنيا‬
‫سجن المؤمن )‪ .(1‬محص‪ :‬عن ابن عجلن مثله إل أن فيه فقال‪ :‬أصلحك‬
‫ال فيه أصحابه بأسوء حال‪ .‬بيان‪ " :‬فان ال سيجعل لك فرجا " أي‬
‫بتهيئة أسباب الرزق كما قال سبحانه‪ " :‬سيجعل ال بعد عسر يسرا "‪،‬‬
‫وقال‪ " :‬ومن يتق ال يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب " )‪(2‬‬
‫أو بالموت فان للمؤمن بعده السرور والراحة والحبور كما يومئ إليه ما‬
‫بعده " الدنيا سجن المؤمن " هذا الحديث مع تتمة " وجنة الكافر "‬
‫منقول من طرق الخاصة والعامة قال الراوندي ره في ضوء الشهاب بعد‬
‫نقل هذه الرواية‪ :‬شبه رسول ال صلى ال عليه وآله المؤمن بالمسجون‪،‬‬
‫من حيث هو ملجم بالوامر والنواهي مضيق عليه في الدنيا‪ ،‬مقبوض على‬
‫يده فيها‪ ،‬مخوف بسياط العقاب‪ ،‬مبتلى بالشهوات‪ ،‬ممتحن بالمصائب‪،‬‬
‫بخلف الكافر الذي هو مخلوع العذار‪ ،‬متمكن من شهوات البطن والفرج‪،‬‬
‫بطيبة من قلبه‪ ،‬وانشراح من صدره‪ ،‬مخلى بينه وبين ما يريد‪ ،‬على ما‬
‫يسول له الشيطان‪ ،‬ل ضيق عليه‪ ،‬ول منع‪ ،‬فهو يغدو فيها و يروح‪ ،‬على‬
‫حسب مراده وشهوة فؤاده‪ ،‬فالدنيا كأنها جنة له يتمتع بملذها‪ ،‬و يتمتع‬
‫بنعيمها كما أنها كالسجن للمؤمن‪ ،‬صارفا له عن لذاته‪ ،‬مانعا من شهواته‬
‫وفي الحديث أنه قال صلى ال عليه وآله لفاطمة عليها السلم‪ :‬يا فاطمة‬
‫تجرعي مرارة الدنيا لحلوة الخرة‪ ،‬وروي أن يهوديا تعرض للحسن بن‬
‫علي عليهما السلم وهو في شظف )‪ (3‬من حاله وكسوف من باله‪،‬‬
‫والحسن عليه السلم راكب بغلة فارهة عليه ثياب حسنة‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .250‬الطلق الية ‪ 7‬و ‪ (3) .2‬الشظف ‪ -‬محركة ‪ -‬ضيق‬
‫العيش وشدته‪ ،‬يقال‪ :‬هو في شظف من العيش‪ :‬أي ضيقه )*(‪.‬‬

‫]‪[221‬‬

‫فقال‪ :‬جدك يقول‪ :‬إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر‪ ،‬فأنا في السجن وأنت في‬
‫الجنة فقال عليه السلم‪ :‬لو علمت مالك وما يرقب لك من العذاب‪ ،‬لعلمت‬
‫أنك مع هذا الضر ههنا في الجنة‪ ،‬ولو نظرت إلى ما أعد لي في الخرة‬
‫لعلمت أني معذب في السجن ههنا انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬فالكلم يحتمل وجهين‬
‫أحدهما أن تكون المعنى أن المؤمن غالبا في الدنيا بسوء حال وتعب‬
‫وخوف‪ ،‬والكافر غالبا في سعة وأمن ورفاهية‪ ،‬فل ينافي كون المؤمن‬
‫نادرا بحال حسن‪ ،‬والكافر نادرا بمشقة‪ ،‬وثانيهما أن يكون المعنى أن‬
‫المؤن في الدنيا كأنه في سجن لنه بالنظر إلى حاله في الخرة وما أعد ال‬
‫له من النعيم كأنه في سجن‪ ،‬وإن كان بأحسن الحوال بالنظر إلى أهل‬
‫الدنيا‪ ،‬و الكافر بعكس ذلك لن نعيمه منحصر في الدنيا‪ ،‬وليس له في‬
‫الخرة إل أشد العذاب‪ ،‬فالدنيا جنته‪ ،‬وإن كان بأسوء الحوال‪ ،‬وظهر وجه‬
‫آخر مما ذكرنا سابقا‪ - 10 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‬
‫بن عيسى‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن عمار بن مروان‪ ،‬عن سماعة بن مهران‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال جعل وليه في الدينا غرضا لعدوه‬
‫)‪ .(1‬بيان‪ " :‬الغرض " بالتحريك هدف يرمى فيه أي جعل محبه في الدنيا‬
‫هدفا لسهام عداوة عدوه‪ ،‬وحيله وشروره‪ 11 - .‬كا‪ :‬عن العدة عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن إبراهيم الحذاء عن محمد بن صغير‪ ،‬عن‬
‫جده شعيب قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬الدنيا سجن المؤمن‬
‫فأي سجن جاء منه خير )‪ .(2‬بيان‪ :‬فأي سجن استفهام للنكار‪ ،‬والمعنى‬
‫أنه ينبغي للمؤمن أن ل يتوقع الرفاهية في الدنيا‪ - 12 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 250‬‬


‫]‪[222‬‬

‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما من مؤمن إل وقد وكل ال به أربعة‪ :‬شيطانا يغويه‬
‫يريد أن يضله‪ ،‬وكافرا يقاتله‪ ،‬ومؤمنا يحسده‪ ،‬وهو أشد هم عليه‪ ،‬ومنافقا‬
‫يتبع عثراته )‪ .(1‬بيان‪ " :‬يريد أن يضله " بيان ليغويه لئل يتوهم أنه‬
‫يقبل إغواءه ويؤثر فيه‪ ،‬بل إنما ابتلؤه به بسبب أنه يوسوسه وهو يشتغل‬
‫بمعارضته‪ ،‬وقد مر أن الشيطان يحتمل الجن والنس والعم‪ " ،‬وكافرا‬
‫يقاتله " وفي بعض النسخ " يغتاله " وفي المصباح غاله غول من باب‬
‫قال‪ :‬أهلكه‪ ،‬واغتاله قتله على غرة‪ ،‬والسم الغيلة بالكسر " يتبع " كيعلم‬
‫أو على بناء الفتعال‪ ،‬أي يتفحص ويتطلب عثراته أي معاصيه التي تصدر‬
‫عنه أحيانا على الغفلة وعيوبه‪ - 13 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل بن زياد‪،‬‬
‫عن ابن محبوب‪ ،‬عن عمرو بن شمر عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬إذا مات المؤمن خلي على جيرانه من الشياطين‬
‫عدد ربيعة ومضر‪ ،‬كانوا مشتغلين به )‪ .(2‬بيان‪ " :‬خلي على جيرانه "‬
‫على بناء المعلوم والسناد مجازي لن موته صار سببا لشتغال شياطينه‬
‫بجيرانه‪ ،‬أو هو على بناء المجول‪ ،‬والتعدية بعلى‪ ،‬لتضمين معنى‬
‫الستيلء أي ترك على جيرانه أو خلي بين الشياطين المشتغلين به أيام‬
‫حياته و بين جيرانه‪ ،‬والحاصل أن الشياطين كانوا مشغولين بإضلله‬
‫ووسوسته‪ ،‬لن إضلله كان أهم عندهم‪ ،‬أو بايذائه وحث الناس عليه‪ ،‬فإذا‬
‫مات تفرقوا على جيرانه ل ضللهم أو إيذائهم‪ ،‬وقيل‪ :‬الباء للسببية‬
‫وضمير كانوا إما راجع إلى الشياطين أو الجيران‪ ،‬أي كان الشياطين‬
‫ممنوعين عن إضلل الجيران بسببه‪ ،‬لنه كان يعظهم ويهديهم‪ ،‬أو كان‬
‫الجيران ممنوعين عن المعاصي بسببه‪ ،‬وكأنه دعاه إلى ذلك قال‬
‫الجوهري‪ :‬يقال‪ :‬شغلت بكذا على ما لم يسم فاعله‪ ،‬واشتغلت‪ .‬ول يخفى ما‬
‫فيه و " ربيعة " كقبيلة و " مضر " كصرد قبيلتان عظيمتان من العرب‬
‫يضرب بهما المثل في الكثرة‪ ،‬وهما في النسب ابنا نزار بن معد بن عدنان‪،‬‬
‫ومضر الجد السابع‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المصدر ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 251‬‬

‫]‪[223‬‬

‫عشر للنبي صلى ال عليه وآله‪ - 14 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن يحيى بن‬
‫المبارك‪ ،‬عن عبد ال بن جبلة عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ما كان ول يكون وليس بكائن مؤمن إل وله جار يؤذيه‪،‬‬
‫ولو أن مؤمنا في جزيرة من جزائر البحر لنبعث له من يؤذيه )‪.(1‬‬
‫محص‪ :‬عن إسحاق مثله‪ .‬بيان‪ :‬كأن المراد بالجار هنا أعم من جار الدار‬
‫والرفيق والمعامل والمصاحب وفي الحديث الجار إلى أربعين دارا "‬
‫لنبعث له " أي من الشيطان‪ ،‬وفي بعض النسخ " لبتعث ال له " كما‬
‫في التمحيص فالسناد على المجاز‪ ،‬يقال بعثه كمنعه أرسله كابتعثه‬
‫فانبعث‪ - 15 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن علي بن‬
‫الحكم‪ ،‬عن أبي أيوب‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ما كان فيما مضى ول فيما بقي ول فيما أنتم فيه‪ ،‬مؤمن إل وله جار‬
‫يؤذيه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬ول فيما بقي " أي فيما يأتي " ول فيما أنتم فيه " أي‬
‫وليس فيما أنتم فيه‪ - 16 .‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن معاوية ابن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته‬
‫يقول‪ :‬ما كان ول يكون إلى أن يقوم الساعة مؤمن إل وله جار يؤذيه )‪.(3‬‬
‫‪ - 17‬شى‪ :‬عن أبي خالد الكابلي قال‪ :‬قال علي بن الحسين عليه السلم‪:‬‬
‫لوددت أنه اذن لي فكلمت الناس ثلثا ثم صنع ال بي ما أحب‪ ،‬قال بيده‬
‫على صدره ثم قال‪ :‬ولكنها عزمة من ال أن نصبر ; ثم تل هذه الية "‬
‫ولتسمعن من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا‬
‫وأن تبصروا وتتقوا فان ذلك‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المصدر ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .251‬المصدر ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 252‬‬

‫]‪[224‬‬

‫من عزم المور " وأقبل يرفع يده ويضعها على صدره )‪ (1‬بيان‪ :‬الغرض أن ال‬
‫تعالى لم يؤذن لنا في دولة الباطل أن نظهر الحق علنية‪ ،‬ونخرج ما في‬
‫صدورنا من علوم ل يحتملها الناس‪ ،‬ولو كنا مأذونين لظهرناها ولم نبال‬
‫بما أصابنا منهم‪ ،‬ولكن ال عزم علينا بالصبر والتقية في دول الظالمين‪ ،‬و‬
‫لذا أشار عليه السلم بيده إلى صدره‪ ،‬فان العلم مكتوم فيه‪ ،‬كما قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن ههنا لعلما جما لو وجدت له حملة )‪- 18 .(2‬‬
‫ل‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن محمد بن سنان يرفعه‬
‫إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أخذ ال ميثاق المؤمن على أن ل يقبل‬
‫قوله‪ ،‬و ل يصدق حديثه‪ ،‬ول ينتصف من عدوه‪ ،‬ول يشفي غيظه إل‬
‫بفضيحة نفسه‪ ،‬لن كل مؤمن ملجم )‪ - 19 .(3‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن مالك عن مسمع بن مالك‪ ،‬عن‬
‫سماعة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬يا سماعة ل ينفك المؤمن‬
‫من خصال أربع‪ :‬من جار يؤذيه‪ ،‬وشيطان يغويه‪ ،‬ومنافق يقفو أثره‪،‬‬
‫ومؤمن يحسده ثم قال‪ :‬يا سماعة أما إنه أشدهم عليه‪ ،‬قلت‪ :‬كيف ذاك ؟‬
‫قال‪ :‬إنه يقول فيه القول فيصدق عليه )‪.(4‬‬
‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،210‬والية في آل عمران ‪ (2) .186‬نهج البلغة ‪-‬‬
‫عبده ‪ -‬ج ‪ 2‬ص ‪ 3) .178‬و ‪ (4‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 109‬‬

‫]‪[225‬‬

‫‪) * 24‬باب( * " " )الفرق بين اليمان والسلم وبيان( " " * " معانيهما‪،‬‬
‫وبعض شرائطهما " * اليات البقرة‪ :‬ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا‬
‫امة مسلمة لك ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ -‬إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب‬
‫العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن ال اصطفى لكم‬
‫الدين فل تموتن إل وأنتم مسلمون * أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب‬
‫الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم‬
‫وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون )‪ .(1‬وقال عزوجل‪ :‬يا‬
‫أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ول تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم‬
‫عدو مبين )‪ .(2‬آل عمران‪ :‬إن الدين عند ال السلم ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪:-‬‬
‫فان حاجوك فقل أسلمت وجهي ل ومن اتبعن وقل للذين اوتو الكتاب‬
‫والميين ءأسلمتم فان أسلموا فقد اهتدوا )‪ .(3‬وقال سبحانه‪ :‬قال‬
‫الحواريون نحن انصار ال آمنا باال واشهد بأنا مسلمون ‪ -‬إلى قوله تعالى‬
‫‪ -‬وقل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن ل نعبد إل ال‬
‫ول نشرك به شيئا ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال فان تولوا‬
‫فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )‪ .(4‬وقال سبحانه‪ :‬ولكن كان حنيفا مسلما‬
‫وما كان من المشركين )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .133 - 128 :‬البقرة‪ (3) .208 :‬آل عمران‪ 19 :‬و ‪ (4) .20‬آل‬
‫عمران‪ (5) .64 - 52 :‬آل عمران‪.(*) 67 :‬‬

‫]‪[226‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬ول يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ‬
‫أنتم مسلمون ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ -‬أفغير دين ال يبغون وله أسلم من في‬
‫السماوات والرض طوعا وكرها وإليه يرجعون * قل آمنا بال وما انزل‬
‫علينا وما انزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ‪ -‬إلى قوله ‪ :-‬ونحن له‬
‫مسلمون * ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه وهو في الخرة من‬
‫الخاسرين )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول‬
‫تموتن إل وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا )‪.(2‬‬
‫النساء‪ :‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في‬
‫أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا إذا ضربتم في سبيل ال فتبينوا ول تقولوا لمن ألقى إليكم السلم‬
‫لست مؤمنا تبتغون عرض الحيوة الدنيا فعند ال مغانم كثيرة كذلك كنتم‬
‫من قبل فمن ال عليكم فتبينوا إن ال كان بما تعملون خبيرا )‪ .(4‬المائدة‪:‬‬
‫اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت علكيم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا )‪.(5‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬يا أيها الرسول ل يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين‬
‫قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم )‪ .(6‬وقال سبحانه‪ :‬وإذ أوحيت إلى‬
‫الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا‪ :‬آمنا واشهد بأننا مسلمون )‪.(7‬‬
‫النعام‪ :‬وامرنا لنسلم لرب العالمين وقال تعالى‪ :‬فمن يرد ال أن يهديه‬
‫يشرح صدره للسلم )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .85 - 80 :‬آل عمران‪ (3) .103 - 102 :‬النساء‪(4) .65 :‬‬
‫النساء‪ (5) .94 :‬المائدة‪ (6) .3 :‬المائدة‪ (7) .41 :‬المائدة ‪(8) .111‬‬
‫النعام‪ 71 :‬و ‪.(*) 125‬‬

‫]‪[227‬‬

‫هود‪ :‬فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما انزل بعلم ال وأن ل إله إل هو فهل أنتم‬
‫مسلمون )‪ .(1‬يوسف‪ :‬توفني مسلما وألحقني بالصالحين )‪ .(2‬الحجر‪:‬‬
‫ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين )‪ .(3‬النحل‪ :‬كذلك يتم نعمته عليكم‬
‫لعلكم تسلمون )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لك شئ وهدى‬
‫ورحمة وبشرى للمسلمين )‪ .(5‬وقال سبحانه‪ :‬قل نزله روح القدس من‬
‫ربك بالحق لنثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين )‪ .(6‬النبياء‪ :‬قل‬
‫إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون )‪ .(7‬الحج‪ :‬فالهكم‬
‫إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين )‪ .(8‬النمل‪ :‬واوتينا العلم من قبلها‬
‫وكنا مسلمين وقال تعالى‪ :‬وأسلمت مع سليمان ل رب العالمين )‪ .(9‬وقال‬
‫سبحانه‪ :‬وما أنت بهادي العمي عن ضللتهم إن تسمع إل من يؤمن بآياتنا‬
‫فهم مسلمون وقال تعالى‪ :‬إنما امرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها‬
‫وله كل شئ وامرت أن أكون من المسلمين )‪ .(10‬القصص‪ :‬الذين آتيناهم‬
‫الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق‬
‫من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .14 :‬يوسف‪ (3) .101 :‬الحجر‪ (4) .2 :‬النحل‪ (5) .81 :‬النحل‪.89 :‬‬
‫)‪ (6‬النحل‪ (7) .102 :‬النبياء‪ (8) .108 :‬الحج ‪ (9) .34‬النمل‪ 42 :‬و‬
‫‪ (10) .44‬النمل‪ 81 :‬و ‪ (11) .91‬القصص‪.(*) 53 - 52 :‬‬
‫]‪[228‬‬

‫العنكبوت وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له‬
‫مسلمون )‪ .(1‬الروم‪ :‬وما أنت بهادي العمي عن ضللتهم إن تسمع إل من‬
‫يؤمن بآياتنا فهم مسلمون )‪ .(2‬الزمر‪ :‬أفمن شرح ال صدره للسلم فهو‬
‫على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر ال اولئك في ضلل مبين )‬
‫‪ .(3‬الزخرف‪ :‬الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم‬
‫وأزواجكم تحبرون )‪ .(4‬الحجرات‪ :‬قالت العراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن‬
‫قولوا أسلمنا ولما يدخل اليمان في قلوبكم ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ :-‬يمنون‬
‫عليك أن أسلموا قل ل تمنوا علي إسلمكم بل ال يمن عليكم أن هداكم‬
‫لليمان إن كنتم صادقين )‪ .(5‬الذاريات‪ :‬فأخرجنا من كان فيها من‬
‫المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )‪ .(6‬التحريم‪ :‬عسى‬
‫ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات‬
‫عابدات سائحات )‪ .(7‬القلم‪ :‬أقنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف‬
‫تحكمون )‪ .(8‬الجن‪ :‬وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فاولئك‬
‫تحروا رشدا )‪ (9‬تفسير‪ " :‬واجعلنا مسلمين لك " )‪ (10‬قيل أي مخلصين‬
‫لك‪ ،‬من أسلم لك وجهه أو مستسلمين من أسلم إذا استسلم وانقاد‪ ،‬والمراد‬
‫طلب الزيادة في الخلص و‬

‫)‪ (1‬العنكبوت‪ (2) .46 :‬الروم‪ (3) .58 :‬الزمر‪ (4) .22 :‬الزخرف‪(5) .70 - 69 :‬‬
‫الحجرات‪ (6) .17 - 13 :‬الذاريات‪ (7) .36 - 35 :‬التحريم‪(8) .6 :‬‬
‫القلم‪ 33 :‬و ‪ (9) .34‬الجن‪ (10) .14 :‬البقرة‪.(*) 128 :‬‬

‫]‪[229‬‬

‫الذعان‪ ،‬أو الثبات عليه " ومن ذريتنا " أي واجعل بعض ذريتنا " امة " أي‬
‫جماعة يؤمون أي يقصدون ويقتدى بهم‪ ،‬وقيل أراد بالمة امة محمد صلى‬
‫ال عليه وآله وعن الصادق عليه السلم‪ :‬هم أهل البيت الذين أذهب ال‬
‫عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا‪ ،‬وفي رواية العياشي )‪ (1‬عنه عليه السلم‬
‫أنه أارد بالمة بني هاشم خاصة " إذ قال له ربه أسلم " تدل هذه اليات‬
‫على أن السلم قد يطلق على أعل مدارج اليمان " ووصى بها " أي‬
‫بالملة أو راجع إلى أسلمت بتأويل الكلمة أو الجملة " اصطفى لكم الدين "‬
‫أي دين السلم الذي هو صفوة الديان " فل تموتن " ظاهره النهي عن‬
‫الموت على خلف حال السلم‪ ،‬والمقصود هو النهي عن أن يكونوا على‬
‫خلف تلك الحال إذا ماتوا والمر بالثبات على السلم )‪ (2‬كقولك ل تصل‬
‫إل وأنت خاشع‪ ،‬وتغيير العبارة للدللة على أن موتهم ل على السلم موت‬
‫ل خير فيه وأن من حقه أن ل يحل بهم " ونحن له مسلمون " حال من‬
‫فاعل نعبد‪ ،‬أو مفعوله أو منهما‪ ،‬ويحتمل أن يكون اعتراضا‪ " .‬في السلم‬
‫كافة " )‪ (3‬قال‪ :‬البيضاوي )‪ (4‬السلم بالكسر والفتح الستستلم والطاعة‬
‫ولذلك يطلق في الصلح‪ ،‬والسلم‪ ،‬وفتحه ابن كثير ونافع والكسائي‬
‫وكسره الباقون و " كافة " اسم للجملة لنها تكف الجزاء من التفرق‪،‬‬
‫حال من الضمير أو السلم لنها تؤنث كالحرب‪ ،‬والمعنى استسلموا ل‬
‫وأطيعوه جملة ظاهرا وباطنا‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .61‬المراد بالسلم معناه اللغوى‪ ،‬وهو التسليم‬
‫لمر ال‪ ،‬والجملة كناية عن مواظبتهم على طاعة ال والجتناب عن‬
‫معاصيه في كل الحوال‪ ،‬وذلك لن الموت ل يعلم وقته حتى يسلم ال‬
‫حينذاك فيفوز بالسعادة وحسن الخاتمة‪ ،‬بل الموت متوقع في كل حال‬
‫وهو ل يؤمن على نفسه منه في حال من الحالت‪ ،‬حتى يجترئ ويعارض‬
‫ربه بالمعاصى في تلك الحالة فعلى المؤمن الذى يرغب في حسن الختام‬
‫والفوز بالسعادة جزما وقطعا أن يكون في كل حالته مسلما ل عزوجل‬
‫حتى يأتيه الموت‪ ،‬وهو مسلم‪ (3) .‬البقرة‪ (4) .208 :‬انوار التنزيل ‪53‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[230‬‬

‫والخطاب للمنافق أو ادخلوا في السلم بكليتكم‪ ،‬ول تخلطوا به غيره‪ ،‬والخطاب‬


‫لمؤمني أهل الكتاب‪ ،‬فانهم بعد إسلمهم عظلموا السبت وحرموا البل‬
‫وألبانها‪ ،‬أو في شرائع ال تعالى كلها‪ :‬باليمان بالنبياء والكتب جميعا‪،‬‬
‫والخطاب لهل الكتاب‪ ،‬أو في شعب السلم وأحكامه كلها‪ ،‬فل تخلوا بشئ‬
‫والخطاب للمسلمين " ول تتبعوا خطوات الشيطان " بالتفرق والتفريق "‬
‫إنه لكم عدو مبين " ظاهر العداوة انتهى‪ .‬وفي الكافي والعياشي )‪ ،(1‬عن‬
‫الباقر عليه السلم " في السلم " في وليتنا‪ ،‬والعياشي عن الصادق في‬
‫ولية علي عليه السلم وعنهما عليهما السلم امروا بمعرفتنا‪ ،‬وفي‬
‫العياشي‪ ،‬عن الصادق عليه السلم خطوات الشيطان ولية الول والثاني‪،‬‬
‫وفي تفسير المام عليه السلم )‪ (2‬في السلم في المسالمة إلى دين السلم‬
‫" كافة " جماعة ادخلوا فيه‪ ،‬وادخلوا في جميع السلم فتقبلوه واعملوا‬
‫به‪ ،‬ول تكونوا ممن يقبل بعضه ويعمل به‪ ،‬ويأبى بعضه و يهجره‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ومنه الدخول في قبول ولية علي عليه السلم فانه كالدخول في قبول نبوة‬
‫رسول ال‪ ،‬فانه ل يكون مسلما من قال إن محمدا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله فاعترف به‪ ،‬ولم يعترف بأن عليا وصيه وخليفته وخير امته‬
‫وقال‪ :‬خطوات الشيطان ما يتخطى بكم إليه من طرق الغي والضللة‪،‬‬
‫ويأمركم به من ارتكاب الثام الموبقات‪ " .‬إن الدين عند ال السلم " )‪(3‬‬
‫أي ل دين مرضي عند ال سوى السلم‪ ،‬وهو التوحيد والتدرع بالشرع‬
‫الذي جاء به محمد صلى ال عليه وآله " أسلمت وجهي ل " أي أخلصت‬
‫نفسي وجملتي له ل اشرك فيها غيره‪ ،‬قيل عبر عن النفس بالوجه لنه‬
‫أشرف العضاء الظاهرة‪ ،‬ومظهر القوى والحواس " ومن اتبعن " أي‬
‫وأسلم من اتبعني " والميين " أي الذين ل كتاب لهم كمشركي العرب "‬
‫ءأسلمتم " كما أسلمت لما وضحت لكم الحجة أم أنتم بعد على كفركم ؟ "‬
‫فان أسلموا فقد اهتدوا " أي فقد نفعوا أنفسهم بأن أخرجوها من الضلل‪.‬‬
‫" نحن أنصار ال " )‪ (4‬أي أنصار دينه " واشهد بأنا مسلمون " أي في‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .102‬تفسير المام ص ‪ (3) .264‬آل عمران‪:‬‬
‫‪ (4) .19‬آل عمران‪.(*) 52 :‬‬

‫]‪[231‬‬

‫القيامة حين يشهد الرسل " إلى كلمة سواء بيننا وبينكم " )‪ (1‬أي ل يختلف فيها‬
‫الكتب و الرسل وتفسيرها ما بعدها " أن ل نعبد إل ال " أي نوحده‬
‫بالعبادة ونخلص فيها " ول نشرك به شيئا " أي ل نجعل غيره شريكا له‬
‫في استحقاق العبادة ول نراه أهل لن يعبد " ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا‬
‫" كعزير والمسيح والحبار وإطاعتهم فيما أحدثوا من التحريم والتحليل "‬
‫فان تولوا " عن التوحيد " فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " أي لزمتكم‬
‫الحجة فاعترفوا بأنا مسلمون دونكم أو اعترفوا بأنكم كافرون بما نطقت به‬
‫الكتب‪ ،‬وتطابقت عليه الرسل " ولكن كان حنيفا " أي مائل عن العقائد‬
‫الزائغة " مسلما " أي منقادا ل‪ " .‬بعد إذ أنتم مسلمون " )‪ (2‬وقع‬
‫السلم هنا مقابل للكفر " أفغير دين ال يبغون " أي أفبعد هذه اليات‬
‫والحجج تطلبون دينا غير دين السلم " وله أسلم من في السماوات‬
‫والرض طوعا وكرها " قيل أي عند الميثاق كما روي عن ابن عباس‬
‫وقيل أي أقر بالعبودية وإن كان فيهم من أشرك في العبادة كقوله تعالى‪" :‬‬
‫ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن ال " )‪ (3‬وقيل أسلم المؤمن طوعا‬
‫والكافر كرها عند الموت‪ ،‬وقيل أي استسلم له بالنقياد والذلة‪ ،‬وقيل معناه‬
‫أكره قوم على السلم وجاء قوم طائعين‪ ،‬وهو المروي عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كرها أي فرقا من السيف‪ ،‬وقال الحسن‪ :‬الطوع لهل‬
‫السماوات خاصة‪ ،‬وأما أهل الرض فمنهم من أسلم طوعا ومنهم من أسلم‬
‫كرها‪ ،‬وقد روي العياشي )‪ (4‬عن الصادق عليه السلم أنها نزلت في‬
‫القائم عليه السلم وفي رواية اخرى تلها فقال‪ :‬إذا قام القائم ل تبقى‬
‫أرض إل نودي فيها شهادة أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال " وإليه‬
‫يرجعون " أي إلى جزائه يصيرون‪ " .‬قل آمنا بال " خطاب للنبي صلى‬
‫ال عليه وآله بأن يقول عن نفسه وعن امته قال‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) 64 :‬آل عمران‪ (3) .81 :‬الزخرف‪ (4) .87 :‬تفسير العياشي ج‬
‫‪ 1‬ص ‪.(*) 182‬‬

‫]‪[232‬‬

‫الطبرسي قدس سره‪ :‬فان قيل‪ :‬ما معنى قوله‪ " :‬ونحن له مسلمون " بعدما سبق‬
‫القرار باليمان على التفصيل ؟ قلنا‪ :‬معناه ونحن له مسلمون بالطاعة‬
‫والنقياد في جميع ما أمر به ونهى عنه‪ ،‬وأيضا فان أهل الملل المخالفة‬
‫للسلم‪ ،‬كانوا يقرون كلهم باليمان‪ ،‬ولكن لم يقروا بلفظة السلم‪ ،‬فلهذا‬
‫قال‪ " :‬ونحن له مسلمون "‪ " .‬ومن يبتغ " أي يطلب " غير السلم دينا‬
‫" يدين به " فلن يقبل منه " بل يعاقب عليه " وهو في الخرة من‬
‫الخاسرين " أي من الهالكين لن الخسران ذهاب رأس المال‪ ،‬وفي هذا‬
‫دللة على أن من ابتغى غير السلم دينا لن يقبل منه‪ ،‬فدل ذلك على أن‬
‫الدين والسلم واليمان واحد‪ ،‬وهي عبارات عن معبر واحد انتهى )‪" .(1‬‬
‫حق تقاته " )‪ (2‬أي حق تقواه وما يجب منها‪ ،‬وهو استفراغ الوسع في‬
‫القيام بالواجبات‪ ،‬والجتناب عن المحرمات‪ ،‬وفي المعاني )‪ (3‬والعياشي )‬
‫‪ (4‬سئل الصادق عليه السلم عن هذه الية قال‪ :‬يطاع ول يعصى‪ ،‬ويذكر‬
‫فل ينسى‪ ،‬ويشكر فل يكفر‪ ،‬والعياشي )‪ (5‬عنه عليه السلم أنه سئل عنها‬
‫فقال‪ :‬منسوخة‪ ،‬قيل‪ :‬وما نسخها ؟ قال‪ :‬قول ال " فاتقوا ال ما استطعتم‬
‫" )‪ " .(6‬ول تموتن إل وأنتم مسلمون " أي ل تكونن على حال سوى‬
‫حال السلم إذا أدرككم الموت‪ ،‬في المجمع عن الصادق عليه السلم و أنتم‬
‫مسلمون بالتشديد‪ ،‬ومعناه مستسلمون لما أتى به النبي صلى ال عليه‬
‫وآله منقادون له )‪ (7‬والعياشي )‪ (8‬عن الكاظم عليه السلم أنه قال لبعض‬
‫أصحابه‪ :‬كيف تقرأ هذه الية " يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول‬
‫تموتن إل وأنتم " ماذا ؟ قال‪ " :‬مسلمون " فقال‪ :‬سبحان ال يوقع عليهم‬
‫اليمان فيسميهم مؤمنين‪ ،‬ثم يسألهم السلم‪ ،‬و اليمان قوق السلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫هكذا يقرأ في قراءة زيد‪ ،‬قال‪ :‬إنما هي في قراءة علي عليه السلم وهو‬
‫التنزيل الذي نزل به جبرئيل عليه السلم على محمد صلى ال عليه وآله "‬
‫إل وأنتم‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .470‬آل عمران‪ (3) .102 :‬معاني الخبار ص‬
‫‪ 4) .240‬و ‪ 5‬و ‪ (8‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .194‬التغابن‪) .16 :‬‬
‫‪ (7‬مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 482‬‬
‫]‪[233‬‬

‫مسلمون " لرسول ال ثم المام من بعده‪ " .‬واعتصموا بحبل ال " )‪ (1‬قيل‪ :‬بدينه‬
‫السلم‪ ،‬أو بكتابه لقوله صلى ال عليه وآله‪ :‬القرآن حبل ال المتين‪،‬‬
‫استعار له الحبل‪ ،‬وللوثوق به العتصام‪ ،‬من حيث إن التمسك به سبب‬
‫النجاة‪ ،‬عن الردى‪ ،‬كما أن التمسك بالحبل الموثوق به سبب السلمة من‬
‫التردي وقال علي بن إبراهيم‪ :‬الحبل التوحيد والولية )‪ (2‬والعياشي عن‬
‫الباقر عليه السلم آل محمد هم حبل ال المتين الذي أمر بالعتصام به‬
‫فقال‪ " :‬فاعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا " وعن الكاظم‪ :‬علي بن‬
‫أبي طالب حبل ال المتين وفي مجالس الصدوق‪ :‬نحن الحبل‪ .‬وأقول‪ :‬وقد‬
‫مر الخبار في ذلك وشرحها في كتاب المامة )‪ " (3‬جميعا " أي‬
‫مجتمعين عليه " ول تفرقوا " أي ول تتفرقوا عن الحق بايقاع الختلف‬
‫بينكم‪ ،‬وروى علي بن إبراهيم )‪ (4‬عن الباقر عليه السلم أن ال تبارك‬
‫وتعالى علم أنهم سيفترقون بعد نبيهم ويختلفون‪ ،‬فنهاهم عن التفرق كما‬
‫نهى من كان قبلهم فأمرهم أن يجتمعوا على ولية آل محمد عليهم السلم‬
‫ول يتفرفوا‪ " .‬فيما شجر بينهم " )‪ (5‬أي فيما اختلف بينهم أو اختلط "‬
‫حرجا مما قضيت " أي ضيقا مما حكمت به " ويسلموا تسليما " أي‬
‫ويناقدوا لك انقيادا بظاهرهم وباطنهم‪ ،‬وفي الكافي عن الباقر عليه السلم‬
‫)‪ (6‬لقد خاطب ال أمير المؤمنين عليه السلم في كتابه في قوله‪ " :‬ولو‬
‫أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا ال واستغفر لهم الرسول لوجدوا‬
‫ال توابا رحيما * فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم "‬
‫قال‪ :‬فيما تعاقدوا عليه لئن أمات ال محمدا ل يردوا هذا المر في بني‬
‫هاشم " ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .103 :‬تفسير القمى ص ‪ ،98‬العياشي ج ‪ 1‬ص ‪(3) .199‬‬
‫راجع ج ‪ 24‬ص ‪ (4) .85 - 82‬تفسير القمى ص ‪ (5) .98‬النساء‪.65 :‬‬
‫)‪ (6‬الكافي ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 391‬‬

‫]‪[234‬‬

‫مما قضيت " عليهم‪ ،‬من القتل أو العفو " ويسلموا تسليما " وقال علي بن‬
‫إبراهيم‪ " (1) :‬جاؤك يا علي " قال‪ :‬هكذا نزلت‪ .‬أقول‪ :‬وسيأتي عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم أنها نزلت في مثل ذلك‪ ،‬وبالجملة تدل على أن‬
‫اليمان مشروط بالتسليم والنقياد التام‪ " .‬إذا ضربتم في سبيل ال " )‪(2‬‬
‫أي سافرتم للغزو " فتبينوا " أي فاطلبوا بيان المر وميزوا بين الكافر‬
‫والمؤمن‪ ،‬وقرئ " فتثبتوا " في الموضعين أي توقفوا وتأنوا حتى تعلموا‬
‫من يستحق القتل‪ ،‬والمعنيان متقاربان‪ ،‬يعنى ل تعجلوا في القتل لمن أظهر‬
‫إسلمه ظنا منكم بأنه ل حقيقة لذلك " ول تقولوا لمن ألقى إليكم السلم "‬
‫وقرئ السلم بغير ألف وهما بمعنى الستسلم والنقياد‪ ،‬وفسر السلم‬
‫بتحية السلم أيضا والعياشي )‪ (3‬نسب قراءة السلم إلى الصادق عليه‬
‫السلم " لست مؤمنا " وإنما فعلت ذلك خوفا من القتل " تبتغون عرض‬
‫الحياة الدنيا " أي تطلبون ماله الذي هو حطام سريع الزوال‪ ،‬وهو الذي‬
‫يبعثكم على العجلة وترك التثبت‪ " ،‬فعند ال مغانم كثيرة " تغنيكم عن قتل‬
‫أمثاله لماله " كذلك كنتم من قبل " أي أول ما دخلتم في السلم‪ ،‬و‬
‫تفوهتم بكلمتي الشهادة‪ ،‬فحصنت بها دماؤكم وأموالكم‪ ،‬من غير أن تعلم‬
‫مواطأة قلوبكم ألسنتكم " فمن ال " عليكم بالشتهار باليمان‪ ،‬والستقامة‬
‫في الدين " فتبينوا " وافعلوا بالداخلين في السلم ما فعل ال بكم‪ ،‬ول‬
‫تبادروا إلى قتلهم ظنا بأنهم دخلوا فيه اتقاء وخوفا‪ ،‬وتكريرها تأكيد لتعظيم‬
‫المر‪ ،‬وترتيب الحكم على ما ذكر من حالهم " إن ال كان بما تعملون‬
‫خبيرا " عالما به وبالغرض منه فل تتها فتوا في القتل‪ ،‬ول تحتالوا فيه‪.‬‬
‫وقال علي بن إبراهيم )‪ (4‬وغيره‪ :‬إنها نزلت لما رجع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله من غزوة خيبر‪ ،‬وبعث اسامة بن زيد في خيل إلى بعض اليهود‬
‫في ناحية فدك ليدعوهم إلى السلم وكان رجل من اليهود يقال له‪ :‬مرداس‬
‫بن نهيك الفدكي في بعض القرى‪ ،‬فلما أحس بخيل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪ (2) .130‬النساء‪ (3) .94 :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪.268‬‬
‫)‪ (4‬تفسير القمى ص ‪.(*) 134‬‬

‫]‪[235‬‬

‫فأقبل يقول أشهد أن لإله إل ال وأشهد أن محمدا رسول ال‪ ،‬فمر به اسامة بن زيد‬
‫فطعنه فقتله فلما رجع إلى رسول ال صلى ال عليه وآله أخبره بذلك‪ ،‬فقال‬
‫له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أفل شققت الغطاء عن قلبه‪ ،‬لما قال‬
‫بلسانه قبلت‪ ،‬ول ما كان في نفسه علمت‪ ،‬فحلف اسامة بعد ذلك أن ل‬
‫يقاتل أحدا شهد أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال‪ ،‬فتخلف عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم في حروبه وأنزل ال في ذلك " ول تقولوا لمن ألقى‬
‫إليكم السلم " الية‪ .‬وفي رواية العامة أن مرداسا أضاف إلى الكلمتين‬
‫السلم عليكم‪ ،‬وهي تؤيد قراءة السلم وتفسيره بتحية السلم‪ .‬وأقول‪ :‬ل‬
‫يخفى أن اسامة فعله الخير كان أشنع من فعله الول‪ ،‬وكان عذره أشد‬
‫وأفحش منهما‪ ،‬وهذا منه دليل على أنه كان من المنافقين‪ " .‬اليوم أكملت‬
‫لكم دينكم " )‪ (1‬قد مر أنها نزلت بعد نصب أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫يوم الغدير‪ ،‬فتدل على أن المامة داخلة في الدين والسلم وأن بها كماله‪.‬‬
‫" ل يحزنك الذين يسارعون في الكفر " )‪ (2‬أي صنع الذين يقعون في‬
‫إظهار الكفر سريعا إذا وجدوا منه فرصة من الذين قالوا آمنا بأفواههم "‬
‫أي من المنافقين والباء متعلقة بقالوا ل بآمنا والواو يحتمل الحال‪،‬‬
‫والعطف‪ ،‬والية تدل علي أن اليمان باللسان ل ينفع ما لم يوافقه القلب‪" .‬‬
‫وإذ أو حيث إلى الحواريين " روى العياشي )‪ (3‬عن الباقر عليه السلم‪:‬‬
‫الهموا " بأننا مسلمون " أي مخلصون‪ " .‬فمن يرد ال أن يهديه " )‪(4‬‬
‫أي يعرفه الحق ويوفقه لليمان " يشرح صدره للسلم " فيتسع له‬
‫ويفسح فيه مجاله‪ ،‬وهو كناية عن جعل القلب قابل للحق‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .3 :‬المائدة‪ (3) .41 :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،350‬والية في‬
‫المائدة‪ (4) .111 :‬النعام‪.(*) 125 :‬‬

‫]‪[236‬‬

‫مهيئا لحلوله فيه‪ ،‬مصفى عما يمنعه وينافيه‪ ،‬في المجمع )‪ (1‬قد وردت الرواية‬
‫الصحيحة أنه لما نزلت هذه الية سئل رسول ال صلى ال عليه وآله عن‬
‫شرح الصدر ما هو ؟ فقال‪ :‬نور يفذفه ال في قلب المؤمن فيشرح صدره‬
‫وينفسح‪ ،‬قالوا‪ :‬فهل لذلك أمارة يعرف بها ؟ فقال‪ :‬نعم والنابة إلى دار‬
‫الخلود والتجافي عن دار الغرور والستعداد للموت قبل نزوله‪ " .‬فان لم‬
‫يستجيبوا لكم " )‪ (2‬أيها المؤمنون من دعوتموهم إلى المعارضة‪ ،‬أو أيها‬
‫الكافرون من دعوتموهم إلى المعاونة " فاعلموا أنما انزل بعلم ال " أي‬
‫متلبسا بما ل يعلمه إل ال‪ ،‬ول يقدر عليه سواه " وأن ل إله إل هو " لنه‬
‫العالم القادر بما ل يعلم ول يقدر عليه غيره‪ ،‬لظهور عجز المدعوين "‬
‫فهل أنتم مسلمون " أي ثابتون على السلم‪ ،‬راسخون فيه ؟ أو داخلون‬
‫في السلم مخلصون فيه‪ " .‬توفني مسلما " يدل )‪ (3‬على إطلق السلم‬
‫على اليمان الكامل " وألحقني بالصالحين " أي في الرتبة والكرامة‪" .‬‬
‫ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " )‪ (4‬أي إذا عاينوا في القيامة‬
‫حالهم وحال المسلمين‪ ،‬قالوا‪ :‬يا ليتنا كنا مسلمين وفي تفسيري العياشي‬
‫وعلي بن إبراهيم )‪ (5‬عن الباقر والصادق عليهما السلم‪ :‬إذا كان يوم‬
‫القيامة نادى مناد من عند ال ل يدخل الجنة إل مسلم فيومئذ يود الذين‬
‫كفروا لو كانوا مسلمين وفي المجمع )‪ (6‬مرفوعا عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله قال‪ :‬إذا اجتمع أهل النار في النار‪ ،‬ومعهم من شاء ال من أهل‬
‫القبلة‪ ،‬قال الكفار للمسلمين‪ :‬ألم تكونوا مسلمين ؟ قالوا‪ :‬بلى‪ :‬قالوا‪ :‬فما‬
‫أغنى عنكم إسلماكم وقد صرتم معنا في النار ؟ قالوا‪ :‬كانت لنا ذنوب‬
‫فاخذنا‬
‫)‪ (1‬المصدر ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .363‬هو د‪ (3) .14 :‬يوسف‪ (4) .101 :‬الحجر‪) .2 :‬‬
‫‪ (5‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ ،239‬تفسير القمى‪ (6) .349 :‬مجمع البيان‬
‫ج ‪ 6‬ص ‪.(*) 328‬‬

‫]‪[237‬‬

‫بها فسمع ال عز اسمه ما قالوا‪ ،‬فأمر من كان في النار من أهل السلم فاخرجوا‬
‫منها‪ ،‬فحينئذ يقول الكفار يا ليتنا كنا مسلمين‪ " .‬لعلكم تسلمون " )‪ (1‬أي‬
‫تنظرون في نعمه الفاشية فتؤمنون به وتنقادون لحكمه‪ " .‬تبيانا " أي )‬
‫‪ (2‬بيانا بليغا وروى العياشي )‪ (4‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬نحن وال‬
‫نعلم ما في السماوات وما في الرض‪ ،‬وما في الجنة وما في النار‪ ،‬وما‬
‫بين ذلك ثم قال‪ :‬إن ذلك في كتاب ال ثم تل هذه الية‪ ،‬وعنه عليه السلم‬
‫أن ال أنزل في القرآن تبيان كل شئ حتى وال ما ترك شيئا يحتاج إليه‬
‫العباد‪ ،‬حتى ل يستطيع عبد يقول‪ :‬لو كان هذا انزل في القرآن‪ ،‬إل أنزله‬
‫ال فيه‪ ،‬وقد مضت الخبار الكثيرة في ذلك في كتاب المامة‪ " .‬قل نزله‬
‫روح القدس " )‪ (4‬يعني جبرئيل عليه السلم " من ربك بالحق " أي‬
‫متلبسا بالحكمة " ليثبت الذين آمنوا " أي على اليمان بأنه كلم ال‪،‬‬
‫فانهم إذا سمعوا الناسخ‪ ،‬وتدبروا ما فيه من رعاية الصلح والحكمة‪،‬‬
‫رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم " وهدى وبشرى للمسلمين " المنقادين‬
‫لحكمه‪ " .‬قل إنما يوحى إلي " )‪ (5‬قيل أي ما يوحى إلي إل أنه ل إله لكم‬
‫إل إله واحد‪ ،‬وذلك لن المقصود الصلي من بعثته مقصور على التوحيد "‬
‫فهل أنتم مسلمون " مخلصون العبادة ل على مقتضى الوحي ؟ وفي‬
‫المناقب عن الصادق عليه السلم‪ :‬فهل أنتم مسلمون الوصية بعدي‪ ،‬نزلت‬
‫مشددة‪ ،‬ومآلهما واحد‪ ،‬لن مخالفة الوصية عبادة للهوى والشيطان وأيضا‬
‫التوحيد ل يتم إل بالولية‪ ،‬إذ بالمام يعرف ال‪ ،‬ويعرف طريق عبادته‪،‬‬
‫فهي كمال التوحيد‪ ،‬وأصله وأساسه وغايته‪ " .‬فله أسلموا " )‪ (6‬أي‬
‫أخلصوا التقرب والذكر ول تشوبوه بالشراك " وبشر * )الهامش( * )‪(1‬‬
‫النحل‪ (2) .81 :‬النحل‪ (3) .89 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪(4) .266‬‬
‫النحل‪ (5) .102 :‬النبياء‪ (6) .108 :‬الحج‪.(*) 34 :‬‬

‫]‪[238‬‬

‫المخبتين " قيل أي المتواضعين أو المخلصين فان الخبات صفتهم وقال علي بن‬
‫إبراهيم‪ :‬أي العابدين‪ " .‬وما أنت بهادي العمي " )‪ (1‬سماهم عميا لفقدهم‬
‫المقصود الحقيقي من البصار أو لعمى قلوبهم أن تسمع فان إيمانهم‬
‫يدعوهم إلى تلقي اللفظ‪ ،‬وتدبر المعنى أو المراد بالمؤمن المشارف لليمان‬
‫أو من هو في علم ال كذلك " فهم مسلمون " أي مخلصون من أسلم‬
‫وجهه ل " وله كل شئ " )‪ (2‬أي خلقا وملكا " وامرت أن أكون من‬
‫المسلمين " أي المنقادين أو الثابتين على ملة السلم‪ " .‬الذين آتيناهم‬
‫الكتاب " )‪ (3‬قيل نزلت في مؤمني أهل الكتاب‪ ،‬وقيل‪ :‬في أربعين من أهل‬
‫النجيل من أهل الحبشة والشام " قالوا آمنا به " أي بأنه كلم ال " إنه‬
‫الحق من ربنا " استيناف لبيان ما أوجب إيمانهم به " إنا كنا من قبله‬
‫مسلمين " استيناف آخر للدللة على أن إيمانهم به ليس مما أحدثوه‬
‫حينئذ‪ .‬وإنما هو أمر تقادم عهده لما رأوا ذكره في الكتب المتقدمة‪،‬‬
‫وكونهم على دين السلم قبل نزول القرآن أو تلوته عليهم‪ ،‬باعتقادهم‬
‫صحته في الجملة‪ " .‬وقولوا آمنا " )‪ (4‬قيل هي المجادلة بالتي هي‬
‫أحسن‪ ،‬وعن النبي صلى ال عليه وآله ل تصدقوا أهل الكتاب ول‬
‫تكذبوهم‪ ،‬وقولوا آمنا بال وبكتبه ورسله‪ ،‬فان قالوا باطل لم تصدقوهم‪،‬‬
‫وإن قالوا حقا لم تكذبوهم " ونحن له مسلمون " أي مطيعون له خاصة‪،‬‬
‫وفيه تعريض باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال " أفمن‬
‫شرح اللله صدره للسلم " )‪ (5‬حتى تمكن فيه بيسر‪ ،‬عبر به عمن خلق‬
‫نفسه شديدة الستعداد لقبوله‪ ،‬غير متأبية عنه‪ ،‬لن الصدر محل القلب‪،‬‬
‫المنبع للروح‪ ،‬المتعلق للنفس القابل للسلم " فهو على نور من ربه "‬
‫يعني المعرفة والهتداء إلى الحق‪ ،‬وقد مر الخبر في ذلك‪ ،‬وخبر " من "‬
‫محذوف دل عليه قوله " فويل للقاسية قلوبهم من ذكر ال "‬

‫)‪ (1‬النمل‪ (2) .81 :‬النمل‪ (3) .91 :‬القصص‪ (4) .52 :‬العنكبوت ‪ (5 .46‬الزمر‪:‬‬
‫‪.(*) 22‬‬

‫]‪[239‬‬

‫أي من أجل ذكره‪ ،‬في رواية علي بن إبراهيم )‪ (1‬نزل صدر الية في أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ .‬وفي رواية العامة‪ :‬نزل في حمزة وعلي‪ ،‬وما بعده في أبي‬
‫لهب و ولده‪ ،‬وروى علي بن إبراهيم عن الصادق عليه السلم‪ :‬أن القسوة‬
‫والرقة من القلب و هو قوله " فويل " الية‪ " .‬وكانوا مسلمين " )‪(2‬‬
‫ظاهره كون السلم فوق اليمان‪ " .‬قالت العراب آمنا " قال الطبرسي )‬
‫‪ (3‬قدس سره هم قوم من بني أسد أتوا النبي صلى ال عليه وآله في سنة‬
‫جدبة‪ ،‬وأظهروا السلم ولم يكونوا مؤمنين في السر إنما كانوا يطلبون‬
‫الصدقة‪ ،‬والمعنى أنهم قالوا صدقنا بما جئت به‪ ،‬فأمره ال سبحانه أن‬
‫يخبرهم بذلك ليكون آية معجزة له فقال " قل لم تؤمنوا " أي لم تصدقوا‬
‫على الحقيقة في الباطن " ولكن قولوا أسلمنا " أي انقدنا واستسلمنا‬
‫مخافة السبي والقتل‪ .‬ثم بين سبحانه أن اليمان محله القلب دون اللسان‬
‫فقال " ولما يدخل اليمان في قلوبكم " قال الزجاج‪ :‬السلم إظهار‬
‫الخضوع‪ ،‬والقبول لما أتى به الرسول صلى ال عليه وآله وبذلك يحقن‬
‫الدم‪ ،‬فان كان مع ذلك الظهار اعتقاد وتصديق بالقلب‪ ،‬فذلك اليمان‬
‫وصاحبه المسلم المؤمن حقا فأما من أظهر قبول الشريعة‪ ،‬واستسلم لدفع‬
‫المكروه فهو في الظاهر مسلم‪ ،‬وباطنه غير مصدق‪ ،‬وقد أخرج هؤلء من‬
‫اليمان بقوله‪ " :‬ولما يدخل اليمان في قلوبكم " إن لم تصدقوا بعد ما‬
‫أسلمتم تعوذا من القتل‪ ،‬فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر‪،‬‬
‫والمسلم التام السلم مظهر للطاعة‪ ،‬وهو مع ذلك مؤمن بها‪ ،‬والذي أظهر‬
‫السلم تعوذا من القتل غير مؤمن في الحقيقة‪ ،‬إل أن حكمه في الظاهر‬
‫حكم المسلمين‪ .‬وروى أنس عن النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬السلم‬
‫علنية‪ ،‬واليمان في القلب ‪ -‬وأشار إلى صدره‪ .‬ثم قال سبحانه‪ " :‬وإن‬
‫تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا " )‪(4‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ (2) .577 :‬الزخرف‪ (3) .69 :‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪.138‬‬
‫والية في الحجرات‪ (4) .13 :‬الحجرات‪.(*) 14 :‬‬

‫]‪[240‬‬

‫أي ل ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا " إن ال غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين‬
‫آمنوا بال ورسوله ثم لم يرتابوا " أي لم يشكوا في دينهم بعد اليمان "‬
‫وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل ال اولئك هم الصادقون " أي الذين‬
‫صدقوا في ادعاء اليمان‪ ،‬فيدل على أن للعمال مدخل في اليمان إما‬
‫بالجزئية‪ ،‬أو الشتراط أو هي كاشفة منه كما سيأتي تحقيقه إنشاء ال "‬
‫قل أتعلمون ال بدينكم " أي أتخبرونه به بقولكم آمنا " وال يعلم ما في‬
‫السموات وما في الرض وال بكل شئ عليم " هو تجهيل لهم وتوبيخ‪.‬‬
‫روي أنه لما نزلت الية المتقدمة جاؤا وحلفوا أنهم مؤمنون معتقدون‬
‫فنزلت هذه " يمنون عليك أن أسلموا " أي يعدون إسلمهم عليك منة‪،‬‬
‫وهي النعمة ل يستثيب مولها ممن نزلها إليه " قل ل تمنوا علي إسلمكم‬
‫" أي باسلمكم‪ ،‬فنصب بنزع الخافض‪ ،‬أو تضمين الفعل معنى العتداد "‬
‫يل ال يمن عليكم أن هديكم لليمان " على ما زعمتم مع أن الهداية ل‬
‫يلزم الهتداء " إن كنتم صادقين " في ادعاء اليمان‪ ،‬وجوابه محذوف‬
‫يدل عليه ما قبله أي فلله المنة عليكم‪ .‬وفي سياق الية لطف‪ ،‬وهو أنهم‬
‫لما سموا ما صدر عنهم إيمانا ومنوا به نفى أنه إيمان وسماه إسلما بأن‬
‫قال يمنون عليك بما هو في الحقيقة إسلم‪ ،‬وليس بجدير أن يمن عليك بل‬
‫لو صح ادعاؤهم لليمان فلله المنة عليهم بالهداية له ل لهم‪ " .‬فما وجدنا‬
‫فيها غير بيت من المسلمين " )‪ (1‬قال البيضاوي‪ :‬استدل به على اتحاد‬
‫اليمان والسلم وهو ضعيف‪ ،‬لن ذلك ل يقتضي إل صدق المؤمن‬
‫والمسلم على من اتبعه‪ ،‬وذلك ل يقتضي اتحاد مفهوميهما‪ ،‬لجواز صدق‬
‫المفهومات المختلفة على ذات واحدة‪ .‬وقال في قوله تعالى‪ " :‬مسلمات‬
‫مؤمنات " )‪ (2‬مقرات مخلصات أو منقادات مصدقات‪.‬‬

‫)‪ (1‬الذاريات‪ (2) .36 :‬التحريم‪.(*) 6 :‬‬

‫]‪[241‬‬

‫" أفنجعل المسلمين كالمجرمين " )‪ (1‬قيل إنكار لقولهم إن صح أنا نبعث كما يزعم‬
‫محمد ومن معه‪ ،‬لم يفضلونا‪ ،‬بل نكون أحسن حال منهم‪ ،‬كما نحن عليه‬
‫في الدنيا‪ " .‬ومنا القاسطون " )‪ (2‬أي الجائرون عن طريق الحق "‬
‫فاولئك تحروا رشدا " أي توخوا رشدا عظيما يبلغهم إلى دار الثواب‪،‬‬
‫وروى على بن إبراهيم )‪ (3‬عن الباقر عليه السلم أي الذين أقروا‬
‫بوليتنا‪ .‬أقول‪ :‬إذا تأملت في هذه اليات‪ ،‬واليات المتقدمة في الباب‬
‫السابق عرفت أن لليمان والسلم معاني شتى كما سنفصله إنشاء ال‬
‫تعالى‪ .‬الخبار‪ 1 - :‬ب‪ :‬عن هارون‪ ،‬عن ابن صدقة‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه‬
‫عليهما السلم‪ :‬أنه قال له‪ :‬إن اليمان قد يجوز بالقلب دون اللسان ؟ فقال‬
‫له‪ :‬إن كان ذلك كما تقول فقد حرم علينا قتال المشركين‪ ،‬وذلك أنا ل ندري‬
‫بزعمك لعل ضميره اليمان فهذا القول‪ ،‬نقض لمتحان النبي صلى ال‬
‫عليه وآله من كان يجيئه يريد السلم‪ ،‬وأخذه إياه بالبيعة عليه وشروطه‬
‫وشدة التأكيد‪ ،‬قال مسعدة‪ :‬ومن قال بهذا فقد كفر البتة من حيث ل يعلم )‬
‫‪ .(4‬توضيح‪ " :‬أنه قال له " ضمير قال راجع إلى الصادق عليه السلم‪،‬‬
‫ورجوعه إلى مسعدة بعيد‪ ،‬وعلى الول الكلم محمول على الستفهام‪" ،‬‬
‫وقد " للتقليل وعلى الثاني يحتمل التحقيق أيضا فل يكون استفهاما‪،‬‬
‫ويكون النسبة إلى الب بأن يكون نسب الجواب إلى أبيه عليهما السلم‬
‫ولذا صار بعيدا‪ ،‬وحاصل الجواب أنه لو كان السلم محض العتقاد القلبي‬
‫ولم يكن مشروطا بعدم النكار الظاهري أو بوجود الذعان والنقياد‬
‫الظاهري‪ ،‬لم يجز قتال المشركين‪ ،‬إذ يحتمل إيمانهم باطنا وقوله عليه‬
‫السلم‪:‬‬

‫)‪ (1‬القلم‪ (2) .33 :‬الجن‪ (3) .14 :‬تفسير القمى‪ (4) .699 :‬قرب السناد ص ‪،23‬‬
‫ط حجر‪ ،‬ص ‪ 33‬ط النحف )*(‪.‬‬

‫]‪[242‬‬
‫" فهذا القول " يحتمل أن يكون وجها آخر وهو أن هذا القول مناقض لفعل النبي‬
‫صلى ال عليه وآله من تكليفه من يريد السلم بالبيعة والتأكيد فيها فانها‬
‫أفعال سوى العتقاد‪ ،‬أو يكون مرجع الجميع إلى دليل واحد هو أنه لو كان‬
‫أمرا قلبيا فأما أن يكتفي في إثبات ذلك أو نفيه بقوله أم ل‪ ،‬فعلى الثاني ل‬
‫يمكن قتل المشرك و قتاله أصل‪ ،‬وعلى الول فل بد من الكتفاء باقراره‪،‬‬
‫فل حاجة إلى التبعية و غيرها‪ ،‬مما كان رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫يعتبره ويهتم به‪ - 2 .‬ن‪ :‬باسناد التميمي‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله امرت ان اقاتل الناس‬
‫حتى يقولوا ل إله إل ال‪ ،‬فإذا قالوها فقد حرم علي دماؤهم وأموالهم‪.‬‬
‫تبيين‪ :‬روت العامة هذا الخبر بطرق مختلفة )‪ (1‬وزيادة ونقصان في‬
‫اللفاظ فمنها مارووه عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل ال‪ ،‬فإذا قالوا‪ :‬ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحقها وحسابهم على ال‪ ،‬وقال‬
‫الحسين بن مسعود في شرح السنة‪ :‬حتى يقولوا ل إله إل ال‪ ،‬أراد به‬
‫عبدة الوثان دون أهل الكتاب‪ ،‬لنهم يقولون ل إله إل ال ثم ل يرفع عنهم‬
‫السيف حتى يقروا بنبوة محمد صلى ال عليه وآله أو يعطوا الجزية‪،‬‬
‫وقوله‪ " :‬وحسابهم على ال " معناه فيما يستسرون به‪ ،‬دون ما يخلون‬
‫به‪ ،‬من الحكام الواجبة عليهم في الظاهر‪ ،‬فانهم إذا أخلوا بشئ مما‬
‫يلزمهم في الظاهر يطالبون بموجبه انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬كأن الكتفاء بإحدى‬
‫الشهادتين لتلزمهما‪ ،‬والمراد بها الشهادتان معا‪ ،‬بل مع ما تستلزمانه من‬
‫القرار بما جاء به النبي صلى ال عليه وآله فانهم رووا أيضا أنه صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬امرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل ال وأن‬
‫محمدا رسول ال‪ ،‬ويقيموا الصلة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصموا‬
‫مني دماءهم وأموالهم إل بحق السلم‪ ،‬وحسابهم على ال‪ ،‬وفي رواية‬
‫اخرى‪ :‬حتى‬

‫)‪ (1‬مشكاة المصابيح‪.(*) 14 - 12 :‬‬

‫]‪[243‬‬

‫يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬وأن يستقبلوا قبلتنا وأن يأكلوا‬
‫ذبيحتنا‪ ،‬وأن يصلوا صلتنا‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم‬
‫إل بحقها‪ ،‬لهم ما للمسلمين‪ ،‬وعليهم ما على المسلمين‪ ،‬وفي رواية‬
‫اخرى‪ :‬حتى يشهدوا أن ل إله إل ال ويؤمنوا بي‪ ،‬وبما جئت به‪ ،‬فإذا‬
‫فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحقها‪ .‬قال القاضي عياض‬
‫من علماء العامة‪ :‬إختصاص عصم النفس والمال بمن قال ل إله إل ال‪،‬‬
‫تعبير عن الجابة إلى اليمان أو أن المراد بهذا مشركو العرب وأهل‬
‫الوثان ومن ل يوحد‪ ،‬وهم كانوا أول من دعي إلى السلم وقوتل عليه‪،‬‬
‫فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فل يكتفي في عصمته بقوله ل إله إل ال‪،‬‬
‫إذ كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده‪ ،‬ولذلك جاء في الحديث الخر‪:‬‬
‫وأني رسول ال‪ ،‬ويقيم الصلة ويؤتي الزكاة‪ - 3 .‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي عمير‪ ،‬عن الحكم بن أيمن‪ ،‬عن القاسم الصيرفي شريك المفضل قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬السلم يحقن به الدم‪ ،‬وتؤدى به‬
‫المانة‪ ،‬ويستحل به الفرج‪ ،‬والثواب على اليمان )‪ .(1‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير مثله )‪ .(2‬بيان‪ :‬يدل الخبر على عدم‬
‫ترادف اليمان والسلم‪ ،‬وأن غير المؤمن من فرق أهل السلم ل يستحق‬
‫الثواب الخروي أصل‪ ،‬كما هو الحق والمشهور بين المامية‪ ،‬وستعرف‬
‫أن كل من السلم واليمان‪ ،‬يطلق على معان‪ ،‬والظاهر أن المراد باليمان‬
‫في هذا الخبر الذعان بوجوده سبحانه وصفاته الكمالية‪ ،‬و بالتوحيد‬
‫والعدل والمعاد‪ ،‬والقرار بنبوة نبينا صلى ال عليه وآله وإمامة الئمة‬
‫الثني عشر صلوات ال عليهم‪ ،‬وبجميع ما جاء به النبي صلى ال عليه‬
‫وآله ما علم منها تفصيل وما لم يعلم إجمال‪ ،‬وعدم التيان بما يخرجه عن‬
‫الدين‪ ،‬كعبادة الصنم‪ ،‬والستخفاف بحرمات ال‪.‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .285‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 24‬‬

‫]‪[244‬‬

‫والسلم هو الذعان الظاهري بال وبرسوله‪ ،‬وعدم إنكار ما علم ضرورة من دين‬
‫السلم‪ ،‬فل يشترط فيه ولية الئمه عليهم السلم ول القرار القلبي‪،‬‬
‫فيدخل فيه المنافقون‪ ،‬وجميع فرق المسلمين‪ ،‬ممن يظهر الشهادتين‪ ،‬عدا‬
‫النواصب والغلة والمجسمة‪ ،‬ومن أتى بما يخرجه عن الدين كعبادة‬
‫الصنم‪ ،‬وإلقاء المصحف في القاذورات عمدا‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬وسيأتي تفصيل‬
‫القول في جميع ذلك إنشاء ال‪ .‬ثم إنه عليه السلم ذكر من الثمرات‬
‫المترتبة على السلم ثلثة الول حقن الدم‪ ،‬قال في القاموس حقنه يحقينه‬
‫ويحقنه حبسه‪ ،‬ودم فلن أنقذه من القتل انتهى وترتب هذه الفائدة على‬
‫السلم الظاهري ظاهر لن في صدر السلم وفي زمن الرسول كانوا‬
‫يكتفون في كف اليد عن قتل الكفار باظهارهم الشهادتين‪ ،‬و بعده صلى ال‬
‫عليه وآله لما حصلت الشبه بين المة واختلفوا في المامة خرجت عن‬
‫كونه من ضروريات دين السلم فدم المخالفين وسائر فرق المسلمين‬
‫محفوظة إل الخوارج والنواصب فان ولية أهل البيت عليهم السلم أي‬
‫محبتهم من ضروريات دين جميع المسلمين وإنما الخلف في إمامتهم‪،‬‬
‫والباغي على المام يجب قتله بنص القرآن‪ ،‬وهذا الحكم إنما هو إلى ظهور‬
‫القائم عليه السلم إذ في ذلك الزمان ترتفع الشبه‪ ،‬ويظهر الحق بحيث ل‬
‫يبقى لحد عذر‪ ،‬فحكم منكر المامة في ذلك الزمان حكم سائر الكفار في‬
‫وجوب قتلهم وغير ذلك‪ .‬وأما المنافقون المظهرون للعقائد الحقة‪،‬‬
‫المبطنون خلفها‪ ،‬فيحتمل عدم قبول ذلك عنهم لحكمه عليه السلم بعلمه‬
‫في أكثر الحكام‪ ،‬ويحتمل أيضا قبوله منهم إلى أن يظهر منهم خلفه‪ ،‬كما‬
‫هو ظاهر أخبار دابة الرض‪ ،‬والجزم بأحدهما مشكل‪ .‬الثاني أداء المانة‪،‬‬
‫وظاهره عدم وجوب رد وديعة من لم يظهر السلم‪ ،‬و هو خلف‬
‫المشهور‪ ،‬وأكثر الخبار‪ ،‬فان المشهور بين الصحاب وجوب رد الوديعة‪،‬‬
‫ولو كان المودع كافرا‪ ،‬وقال أبو الصلح إن كان حربيا وجب أن يحمل ما‬
‫أودعه إلى سلطان السلم‪ ،‬ويمكن حمل الخبر علي أن الرد علي المسلم‬
‫آكد‬

‫]‪[245‬‬

‫أو أنه يحكم به أهل السلم أو على أن المراد بالمانة غير الوديعة مما حصل من‬
‫أمواله‪ ،‬في يد غيره أو أن السلم يصير سببا لن يؤدي المانات إلى أهلها‬
‫وفي الكل تكلف‪ ،‬والحمل على مذهب أبي الصلح أيضا يحتاج إلى تكلف‬
‫لنه أيضا يوجب رد أمانة الذمي‪ ،‬فيتكلف بأن رد أمانة الذمي أيضا بسبب‬
‫السلم لتشبثه بذمة المسلمين‪ .‬الثالث استحلل الفرج بالسلم‪ ،‬فيدل على‬
‫عدم جواز نكاح الكافرة مطلقا بل بملك اليمين أيضا إل ما خرج بالدليل‪،‬‬
‫وكذا إنكاح الكافر‪ ،،‬وعلى جواز نكاح المسلمة مطلقا‪ ،‬وكذا إنكاح المسلم‬
‫من أي الفرق كان‪ .‬أما الول فل خلف في عدم جواز نكاح المسلم غير‬
‫الكتابية‪ ،‬وفي تحريم الكتابية أقوال‪ :‬التحريم مطلقا‪ ،‬جواز متعة اليهودية‬
‫والنصرانية اختيارا والدوام اضطرارا‪ ،‬عدم جواز العقد بحال وجواز ملك‬
‫المين‪ ،‬جواز المتعة وملك اليمين لليهودية والنصرانية وتحريم الدوام كما‬
‫هو مختار أكثر المتأخرين‪ ،‬تحريم نكاحهن مطلقا اختيارا وتجويزه مطلقا‬
‫اضطرارا وتجويز الوطي بملك اليمين‪ ،‬الجواز مطلفا كما ذهب إليه‬
‫الصدوق‪ .‬وفى المجوسية اختلف في القوال والروايات‪ ،‬و القرب جواز‬
‫وطئها بملك اليمين‪ ،‬والحوط الترك في غير ذلك‪ ،‬نعم إذا أسلم زوج‬
‫الكتابية فالنكاح باق وإن لم يدخل بها‪ .‬وأما الثاني وهو تزويج غير المؤمن‬
‫من فرق المسلمين فالمشهور اعتبار اليمان في جانب الزوج دون‬
‫الزوجة‪ ،‬وذهب جماعة إلى عدم اعتباره‪ ،‬مطلقا‪ ،‬والكتفاء بمجرد السلم‬
‫ول يخلو من قوة في زمان الهدنة‪ ،‬ول يصح نكاح الناصب المبغض لهل‬
‫البيت عليهم السلم مطلقا‪ .‬ثم ذكر عليه السلم ثمرة اليمان‪ ،‬وهو ترتب‬
‫الثواب على أعماله في الخرة فغير المؤمن الثنى عشري المصدق قلبا ل‬
‫يترتب على شئ من أعماله ثواب في الخرة‪ ،‬وهو يستلزم خلوده في النار‬
‫كما مر وسيأتي إنشاء ال‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪،‬‬
‫عن العلء‪ ،‬عن محمد‪ ،‬عن‬

‫]‪[246‬‬

‫أحدهما عليهما السلم قال‪ :‬اليمان إقرار وعمل‪ ،‬والسلم إقرار بل عمل )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬هذا الخبر يدل على اصطلح آخر لليمان والسلم‪ ،‬وهو أن السلم‬
‫نفس العقائد‪ ،‬واليمان العقائد مع العمل بمقتضاها‪ ،‬من التيان بالفرائض‬
‫وترك الكبائر‪ ،‬وربما يأول بأن المراد بالقرار القرار بالشهادتين‪ ،‬وبالعمل‬
‫عمل القلب وهو التصديق بجميع ما أتى به النبي صلى ال عليه وآله أو‬
‫بأن المراد بالقرار ترك اليذاء والنكار‪ ،‬وبالعمل العمل الصحيح‪ ،‬والحمل‬
‫فيهما على المجاز‪ ،‬أي اليمان سبب لن يقر على دينه ول يؤذى‪ ،‬ويحكم‬
‫عليه بأحكام المسلمين‪ ،‬وسبب لصحة أعماله بخلف السلم‪ ،‬فانه يصير‬
‫سببا للول دون الثاني ول يخفى بعده‪ .‬ويحتمل أن يراد بالقرار إظهار‬
‫الشهادتين‪ ،‬وبالعمل ما يقتضيه من التصديق بجميع ما جاء به النبي صلى‬
‫ال عليه وآله ومنها الولية‪ ،‬فيرجع إلى الخبر الول‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن جميل بن دراج قال‪ :‬سألت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬قالت العراب آمنا قل لم‬
‫تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل اليمان في قلوبكم " فقال‪ :‬أل ترى‬
‫أن اليمان غير السلم )‪ .(2‬بيان‪ :‬أقول قد مر تفسير الية وهي مما‬
‫استدل به على عدم ترادف السلم واليمان‪ ،‬كما استدل عليه السلم بها‬
‫عليه‪ ،‬وربما يجاب عنه بأن المراد بالسلم هنا الستسلم والنقياد‬
‫الظاهري وهو غير المعنى المصطلح‪ ،‬والجواب أن الصل في الطلق‬
‫الشرعي الحقيقة الشرعية‪ ،‬وصرفة عنها يحتاج إلى دليل‪ ،‬واستدل بها‬
‫أيضا على أن اليمان هو التصديق فقط لنسبته إلى القلب‪ ،‬والجواب أنها ل‬
‫تنفي اشتراط اليمان القلبي بعمل الجوارح‪ ،‬وإنما تنفي الجزئية‪ ،‬مع أن‬
‫فيه أيضا كلما‪ :- 6 .‬كا‪ :‬عن محمد ين يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحكم‪ ،‬عن سفيان بن المسط قال‪ :‬سأل رجل أبا عبد ال عليه‬
‫السلم عن السلم واليمان‪ ،‬ما الفرق‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ .24‬والية في الحجرات‪.(*) 13 :‬‬

‫]‪[247‬‬

‫بينهما ؟ فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ثم التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل‬
‫الرحيل فقال له أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كأنه قد أزف منك رحيل ؟ فقال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬فقال‪ :‬فالقني في البيت‪ ،‬فلقيه فسأله عن السلم واليمان ما الفرق‬
‫بينهما ؟ فقال‪ :‬السلم هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة أن ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬وأن محمدا رسول ال‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪،‬‬
‫وصيام شهر رمضان‪ ،‬فهذا السلم‪ ،‬وقال‪ :‬اليمان معرفة هذا المر‪ ،‬مع‬
‫هذا فان أقر بها ولم يعرف هذا المر كان مسلما وكان ضال )‪ .(1‬توضيح‪:‬‬
‫كأن تأخير الجواب للتقية والمصلحة‪ ،‬وفي القاموس أزف الترحل كفرح‬
‫أزفا وأزوفا دنا‪ .‬اقول‪ :‬ويظهر من الرواية أن بين اليمان والسلم فرقين‬
‫أحدهما أن السلم هو النقياد الظاهري‪ ،‬ول يعتبر فيه التصديق والذعان‬
‫القلبي بخلف اليمان‪ ،‬فانه يعتبر فيه العتقاد القبي بل القطعي كما سيأتي‬
‫وثانيهما اعتبار اعتقاد الولية فيه‪ ،‬وذكر العمال إما بناء على اشتراط‬
‫اليمان بالعمال أو المراد العتقاد بها‪ ،‬ويرشد إليه قوله " فان أقر بها "‬
‫أو الغرض بيان العقائد وجل العمال المشتركة بين أهل السلم واليمان‪،‬‬
‫والوصف بالضلل وعدم إطلق الكفر عليهم إما للتقية في الجملة‪ ،‬أو لعدم‬
‫توهم كونهم في الحكام الدنيوية في حكم الكفار‪ - 7 .‬كا‪ :‬الحسين بن‬
‫محمد‪ ،‬عن المعلى ; والعدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد جميعا‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬
‫أبان‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪" :‬‬
‫قالت العراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " فمن زعم أنهم آمنوا‬
‫فقد كذب ومن زعم أنهم لم يسلموا فقد كذب )‪ .(2‬بيان‪ " :‬فمن زعم " فيه‬
‫تنبيه على مغايره المفهومين‪ ،‬وتحقق مادة الفتراق بينهما‪ ،‬وأن السلم‬
‫أعم‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .24‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 25‬‬

‫]‪[248‬‬

‫‪ - 8‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن‬
‫جميل ابن صالح‪ ،‬عن سماعة قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أخبرني‬
‫عن السلم واليمان أهما مختلفان ؟ فقال‪ :‬إن اليمان يشارك السلم‪،‬‬
‫والسلم ل يشارك اليمان فقلت‪ :‬فصفهما لي‪ ،‬فقال‪ :‬السلم‪ ،‬شهادة أن ل‬
‫إله إل ال‪ ،‬والتصديق برسول ال صلى ال عليه وآله به حقنت الدماء‪،‬‬
‫وعليه جرت المناكح والمواريث‪ ،‬وعلى ظاهره جماعة الناس‪ ،‬واليمان‬
‫الهدى‪ ،‬وما يثبت في القلوب من صفة السلم‪ ،‬وما ظهر من العمل به‪.‬‬
‫واليمان أرفع من السلم بدرجة إن اليمان يشارك السلم في الظاهر‪،‬‬
‫والسلم ل يشارك اليمان في الباطن‪ ،‬وإن اجتمعا في القول والصفة )‪.(1‬‬
‫تبيين‪ " :‬أهما مختلفان " أي مفهوما وحقيقة أم مترادفان " يشارك‬
‫السلم " المشاركة وعدمها إما باعتبار المفهوم‪ ،‬فان مفهوم السلم‬
‫داخل في مفهوم اليمان دون العكس‪ ،‬أو باعتبار الصدق فان كل مؤمن‬
‫مسلم‪ ،‬دون العكس‪ ،‬أو باعتبار الدخول‪ :‬فان الداخل في اليمان داخل في‬
‫السلم دون العكس‪ ،‬وإن كان يرجع إلى ما سبق‪ ،‬أو باعتبار الحكام فان‬
‫أحكام السلم ثابتة لليمان دون العكس " فصفهما لي " أي بين لي‬
‫حقيقتهما " شهادة أن ل إله ال ال " بيان لجزاء السلم " به حقنت "‬
‫بيان لحكام السلم ; ويدل على التوارث بين جميع فرق المسلمين كما هو‬
‫المشهور‪ .‬والظاهر أن المراد بالشهادة والتصديق القرار الظاهري ;‬
‫ويحتمل التصديق القلبي‪ ،‬فيكون إشارة إلى معنى آخر للسلم‪ ،‬ول يبعد أن‬
‫يكون أصل معناه القرار القلبي‪ ،‬وإن ترتبت الحكام على القرار الظاهري‪،‬‬
‫بناء على الحكم بالظاهر‪ ،‬ما لم يظهر خلفه‪ ،‬لعدم إمكان الطلع على‬
‫القلب كما قال النبي صلى ال عليه وآله لسامة‪ " :‬فهل شققت قلبه "‬
‫ولذا قال عليه السلم‪ " :‬وعلى ظاهره جماعة الناس " بل مدار الحكام‬
‫على الظاهري في سائر المور القلبية كالعقود واليقاعات‪ ،‬واليمان‬
‫وأشباهها‪ ،‬وعلى هذا فل فرق بين اليمان والسلم إل بالولية والقرار‬
‫بالئمة عليهم السلم ولوازمها إذ‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 25‬‬

‫]‪[249‬‬

‫في اليمان أيضا يحكم بالظاهر‪ ،‬ولعل الول أظهر‪ ،‬والمراد بالهدى الولية‪ ،‬و‬
‫الهتداء بالئمة عليهم السلم " وما يثبت في القلوب " إشارة إلى العقائد‬
‫القلبية بالشهادات الظاهره السلمية‪ ،‬فكلمة " من " في قوله " من صفة‬
‫السلم " بيانية‪ ،‬وتحتمل البتدائية أي ما يسري من أثر العمال الظاهرة‬
‫إلى الباطن وقوله " وما ظهر من العمل " يدل على أن العمال أجزاء‬
‫اليمان‪ ،‬وإن أمكن حمله على التكلم بالشهادتين كما يومئ إليه آخر الخبر‬
‫" أرفع من السلم " لنه يصير سببا لحراز المثوبات الخروية‪ ،‬أو‬
‫لعتبار الولية فيه‪ ،‬فيكون أكمل وأجمع‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬اليمان‬
‫يشارك السلم " ظاهره أنه ل فرق بين العقائد السلمية واليمانية‪،‬‬
‫وإنما الفرق في اشتراط الذعان القلبي في اليمان دون السلم وقد يأول‬
‫بأنه أراد أن اليمان يشارك السلم في جميع العمال الظاهرة المعتبرة في‬
‫السلم مثل الصلة والزكاة وغيرهما‪ ،‬والسلم ل يشارك اليمان في‬
‫جميع المور الباطنة المعتبرة في اليمان لنه ل يشاركه في التصديق‬
‫بالولية‪ ،‬وإن اجتمعا في الشهادتين والتصديق بالتوحيد والرسالة‪ - 9 .‬كا‪:‬‬
‫عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن موسى بن‬
‫بكر‪ ،‬عن فضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬اليمان‬
‫يشارك السلم‪ ،‬و السلم ل يشارك اليمان )‪ - 10 .(1‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن جميل بن دراج‪ ،‬عن الفضيل قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن اليمان يشارك السلم‪ ،‬ول يشاركه‬
‫السلم‪ ،‬إن اليمان ما وقر في القلوب‪ ،‬والسلم ما عليه المناكح‬
‫والمواريث وحقن الدماء‪ ،‬واليمان يشرك السلم والسلم ل يشرك‬
‫اليمان )‪ .(2‬بيان‪ :‬وقر ]في القلب[ كوعد أي سكن فيه وثبت‪ ،‬من الوقار‪،‬‬
‫والحلم والرزانة كذا في النهاية‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .25‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 26‬‬

‫]‪[250‬‬

‫‪ - 11‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن‬
‫الكناني قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أيهما أفضل ؟ اليمان أم‬
‫السلم ؟ فان من قبلنا يقولون‪ :‬إن السلم أفضل من اليمان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اليمان أرفع من السلم قلت‪ :‬فأوجدني ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ما تقول فيمن أحدث في‬
‫المسجد الحرام معتمدا ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬يضرب ضربا شديدا قال‪ :‬أصبت فما‬
‫تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا ؟ قلت‪ :‬يقتل‪ ،‬قال‪ :‬أصبت أل ترى أن‬
‫الكعبة أفضل من المسجد‪ ،‬وإن الكعبة تشرك المسجد والمسجد ل تشرك‬
‫الكعبة‪ ،‬وكذلك اليمان يشرك السلم والسلم ل يشرك اليمان )‪ .(1‬سن‪:‬‬
‫عن ابن محبوب مثله )‪ .(2‬توضيح‪ " :‬أيهما أفضل " مبتدأ وخبر‪،‬‬
‫واليمان والسلم تفسيران لمرجع الضمير‪ ،‬أو هما مبتدأ وأيهما أفضل‬
‫خبره‪ " ،‬أوجدني ذلك " أي اجعلني أجده وأفهمه في القاموس وجد‬
‫المطلوب كوعد وورم يجده ويجده بضم الجيم وجدا وجدة أدركه وأوجده‬
‫أغناه‪ ،‬وفلنا مطلوبه أظفره به‪ ،‬قوله " معتمدا " أي ل ساهيا ول‬
‫مضطرا‪ ،‬و يدل على كفر من استخف بالكعبة‪ ،‬فانها من حرمات ال‪،‬‬
‫ووجوب تعظيمها من ضروريات دين السلم " أل ترى أن الكعبة " شبه‬
‫عليه السلم المعقول بالمحسوس تفهيما للسائل‪ ،‬وبيانا للعموم‬
‫والخصوص‪ ،‬ولشرف اليمان على السلم " وإن الكعبة تشرك المسجد "‬
‫أي في حكم التعظيم في الجملة أو في أنها يصدق عليها أنها مسجد وكعبة‪،‬‬
‫أو في أن من دخل الكعبة يحكم بدخوله في المسجد‪ ،‬بخلف العكس "‬
‫والمسجد " أي جيمع أجزائه " ل يشرك الكعبة " في قدر التعظيم وعقوبة‬
‫من استخف بها‪ ،‬أو ل يصدق على كل جزء من المسجد أنه كعبة‪ ،‬أو في‬
‫أن من دخلها دخل الكعبة كما سيأتي‪ ،‬ووجه الشبه على جميع الوجوه‬
‫ظاهر‪ - 12 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل ; ومحمد ين يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد جميعا‪ ،‬عن‬
‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .26‬المحاسن ص ‪.(*) 285‬‬

‫]‪[251‬‬

‫ابن محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب‪ ،‬عن حمران‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬سمعته‬
‫يقول‪ :‬اليمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى ال عزوجل‪ ،‬وصدقه‬
‫العمل بالطاعة ل‪ ،‬والتسليم لمره‪ ،‬والسلم ما ظهر من قول أو فعل‪ ،‬وهو‬
‫الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها‪ ،‬وبه حقنت الدماء‪ ،‬وعليه جرت‬
‫المواريث‪ ،‬وجاز النكاح‪ ،‬واجتمعوا على الصلة والزكاة والصوم والحج‬
‫فخرجوا بذلك من الكفر واضيفوا إلى اليمان‪ ،‬والسلم ل يشرك اليمان‪،‬‬
‫واليمان يشرك السلم‪ ،‬و هما في القول والفعل يجتمعان‪ ،‬كما صارت‬
‫الكعبة في المسجد‪ ،‬والمسجد ليس في الكعبة‪ ،‬وكذلك اليمان يشرك‬
‫السلم والسلم ل يشرك اليمان‪ ،‬وقد قال ال عزوجل " قالت العراب‬
‫آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل اليمان في قلوبكم " فقول‬
‫ال عزوجل أصدق القول‪ .‬قلت‪ :‬فهل للمؤمن فضل على المسلم في شئ من‬
‫الفضائل والحكام والحدود وغير ذلك ؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬هما يجريان في ذلك‬
‫مجرى واحدا ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقربان به‬
‫إلى ال عزوجل قلت‪ :‬أليس ال عزوجل يقول‪ " :‬من جاء بالحسنة فله‬
‫عشر أمثالها " )‪ (1‬وزعمت أنهم مجتمعون على الصلة والزكاة والصوم‬
‫والحج مع المؤمن ؟ قال‪ :‬أليس قد قال ال عزوجل " يضاعفه له أضعافا‬
‫كثيرة " )‪ (2‬فالمؤمنون هم الذين يضاعف ال عزوجل لهم حسناتهم‪ ،‬لكل‬
‫حسنة سبعين ضعفا‪ ،‬فهذا فضل المؤمن ويزيد ال في حسناته على قدر‬
‫صحة إيمانه أضعافا كثيرة‪ ،‬ويفعل ال بالمؤمنين ما يشاء من الخير‪ .‬قلت‪:‬‬
‫أرأيت من دخل في السلم أليس هو داخل في اليمان ؟ فقال‪ :‬ل ولكنه قد‬
‫أضيف إلى اليمان وخرج به من الكفر‪ ،‬وسأضرب لك مثل تعقل به فضل‬
‫اليمان على السلم‪ ،‬أرأيت لو أبصرت رجل في المسجد أكنت تشهد أنك‬
‫رأيته في الكعبة ؟ قلت‪ :‬ل يجوز لي ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فلو أبصرت رجل في الكعبة‬
‫أكنت شاهدا أنه قد دخل المسجد الحرام " قلت‪ :‬نعم قال‪ :‬وكيف ذلك ؟‬
‫قلت‪:‬‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .160 :‬البقرة‪.(*) 245 :‬‬

‫]‪[252‬‬

‫ل يصل إلى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد‪ ،‬قال‪ :‬أصبت وأحسنت‪ ،‬ثم قال كذلك‬
‫اليمان والسلم )‪ (1‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ " :‬وأفضى به إلى ال "‬
‫الضمير إما راجع إلى القلب أو إلى صاحبه أي أوصله إلى معرفة ال‬
‫وقربه وثوابه‪ ،‬فالضمير في أفضى راجع إلى " ما " ويحتمل أن يكون‬
‫راجعا إلى المؤمن‪ ،‬وضمير به راجعا إلى الموصول أي وصل بسب ذلك‬
‫العتقاد أو أوصله ذلك العتقاد إلى ال كناية عن علمه سبحانه بحصوله‬
‫في قلبه‪ ،‬وقيل‪ :‬أي جعل وجه القلب إلى ال من الفضائل والحكام أي‬
‫الفضائل الدنيوية‪ ،‬والحكام الشرعية‪ ،‬قال في المصباح‪ :‬أفضى الرجل بيده‬
‫إلى الرض باللف مسها بباطن راحته‪ ،‬قاله ابن فارس وغيره وأفضيت‬
‫إلى الشئ وصلت إليه والسر أعلمته به انتهى وقيل‪ :‬أشار به إلى أن المراد‬
‫بما استقر في القلب مجموع التصديق بالتوحيد والرسالة والولية‪ ،‬لن هذا‬
‫المجموع هو المفضى إلى ال‪ ،‬و قوله‪ " :‬وصدقه العمل " مشعر بأن‬
‫العمل خارج عن اليمان‪ ،‬ودليل عليه‪ ،‬لن اليمان وهو التصديق أمر قلبي‬
‫يعلم بدليل خارجي مع ما فيه من اليماء إلى أن اليمان بل عمل ليس‬
‫بايمان " والتسليم لمره " أي المامة‪ ،‬عبر هكذا تقية أو العم فيشملها‬
‫أيضا‪ ،‬ويحتمل أن يكون عدم ذكر الولية لن التصديق القلبي الواقعي‬
‫بالشهادتين مستلزم للقرار بالولية فكأن المخالفين ليس إذعانهم‬
‫بالشهادتين إل إذعانا ظاهريا لخللهم بما يستلز مانه من القرار بالولية‪،‬‬
‫فلذا أطلق عليهم في الخبار اسم النفاق أو الشرك فتفطن‪ " .‬والسلم ما‬
‫ظهر من قول أو فعل " أي قول بالشهادتين أو العم وفعل بالطاعات‬
‫كالصلة والزكاة والصوم والحج وغيرها‪ ،‬فيدل على أن السلم يطلق على‬
‫مجرد الطاعات والشهادات من غير اشتراط تصديق " فخرجوا بذلك من‬
‫الكفر " أي من أن يجري عليهم في الدنيا أحكام الكفار " واضيفوا إلى‬
‫اليمان " أي نسبوا إلى اليمان ظاهرا‪ ،‬وإن لم يكونوا متصفين به حقيقة‬
‫" وهما في القول والفعل‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 26‬‬

‫]‪[253‬‬

‫يجتمعان " أي في الشهادتين والعبادات الظاهرة‪ ،‬وإن خص اليمان بالولية‪ ،‬و‬


‫ظاهر سياق الحديث ل يخلو من شوب تقية‪ ،‬وكأن المراد بالفضائل ما‬
‫يفضل به في الدنيا من العطاء والجراء وأمثاله ل الفضائل الواقعية‬
‫الخروية أو ما يفضل به على الكافر من النفاق والعطاء والكرام‬
‫والرعاية الظاهرية‪ ،‬وقيل‪ :‬أي في التكليف بالفضائل‪ ،‬بأن يكون المؤمن‬
‫مكلفا ول يكون المسلم مكلفا بها‪ .‬أقول‪ :‬سيظهر مما سنقل من تفسير‬
‫العياشي )‪ (1‬أن الفضائل تصحيف " القضايا "‪ .‬في " أعمالهما " أي‬
‫صحتها وقبولها " وما يتقربان به إلى ال " أي من العقائد والعمال‬
‫فيكون تأكيدا أو تعميما بعد التخصيص‪ ،‬لشموله للعقائد أيضا أو المراد‬
‫بالول صحة العمال‪ ،‬وبالثاني كيفياتها‪ ،‬فان المؤمن يعمل بما أخذه من‬
‫إمامه‪ ،‬و المسلم يعمل ببدع أهل الخلف‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد به المام الذي‬
‫يتقرب بوليته و متابعته إلى ال تعالى فان إمام المؤمن مستجمع لشرئط‬
‫المامة‪ ،‬وإمام المسلم لشرائط الفسق والجهالة‪ .‬قوله " أليس ال يقول "‬
‫أقول‪ :‬هذا السؤال والجواب يحتمل وجوها الول وهو الظاهر أن السائل‬
‫أراد أنه إذا كانا مجتمعين في الحسنات‪ ،‬والحسنة بالعشر‪ ،‬فكيف يكون له‬
‫فضل عليه في العمال والقربات ؟ مع أن الموصول من أدوات العموم‪،‬‬
‫فيشمل كل من فعلها ؟ فأجاب عليه السلم بأنهما شريكان في العشر‪،‬‬
‫والمؤمن يفضل بما زاد عليها‪ ،‬ويرد عليه أنه على هذا يكون لعمال غير‬
‫المؤمنين أيضا ثواب‪ ،‬وهو مخالف للجماع والخبار المستفيضة‪ ،‬إل أن‬
‫يحمل الكلم على نوع من التقية أو المصلحة‪ ،‬لقصور فهم السائل‪ ،‬أو‬
‫يكون المراد باليمان اليمان الخالص‪ ،‬و بالسلم أعم من اليمان الناقص‬
‫وغيره‪ ،‬ويكون الثواب للول‪ ،‬وهو غير بعيد عن سياق الخبر‪ ،‬بل ل يبعد‬
‫أن يكون المراد بالمسلم المستضعف من المؤمنين الذين يظهرون اليمان‬
‫ولم يستقر في قلوبهم كما يرشد إليه قوله " وهما في القول والفعل‬
‫يجتمعان " وقد عرفت اختلف الصطلح في اليمان فيكون هذا الخبر‬
‫موافقا لبعض مصطلحاته‪.‬‬

‫)‪ (1‬تحت الرقم‪.(*) 39 :‬‬

‫]‪[254‬‬

‫وقيل في الجوابب‪ :‬لعل عمل غير المؤمن ينفعه في تخفيف العقوبة‪ ،‬ورفع شدتها‪،‬‬
‫ل في دخول الجنة‪ ،‬إذ دخولها مشروط باليمان‪ .‬الثاني أنه تعالى قال‪" :‬‬
‫من ذا الذي يقرض ال قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " )‪(1‬‬
‫والقرض الحسن هو العبادة الواقعة على كمالها وشرايط قبولها‪ ،‬ومن‬
‫جملة شرائطها هو اليمان‪ ،‬فالمؤمنون هم الذين يضاعف ال عزوجل لهم‬
‫حسناتهم ل غيرهم‪ ،‬فيعطيهم لكل حسنة عشرة وربما يعطيهم لكل حسنة‬
‫سبعين ضعفا‪ ،‬فهذا فضل المؤمن على المسلم‪ ،‬ويزيد ال في حسناته على‬
‫قدر صحة إيمانه وحسب كماله أضعافا كثيرة حتى أنه يعطي بواحدة‬
‫سبعمائة أو أزيد‪ ،‬ويفعل ال بالمؤمنين ما يشاء من الخير الذي ل يعلمه إل‬
‫هو‪ ،‬كما قال " ولدينا مزيد " )‪ .(2‬وقيل‪ :‬أراد بما يشاء من الخير إيتاء‬
‫العلم والحكمة وزيادة اليقين والمعرفة الثالث ما ذكره بعض الفاضل‬
‫ويرجع إلى الثاني‪ ،‬وهو أن المراد بالقرض الحسن صلة المام عليه‬
‫السلم كما ورد في الخبار فالغرض من الجواب أنه كما أن القرض يكون‬
‫حسنا وغير حسن‪ ،‬والحسن الذي هو صلة المام‪ ،‬يصير سببا لتضاعف‬
‫أكثر من عشرة‪ ،‬فكذلك الصلة والزكاة والحج تكون حسنة وغير حسنة‬
‫والحسنة ما كان مع تصديق المام‪ ،‬وهو يستحق المضاعفة ل غيره‪،‬‬
‫فالفاء في قوله‪ " :‬فالمؤمنون " للبيان‪ ،‬وقوله‪ " :‬يضاعف ال " بتقدير‬
‫قد يضاعف ال‪ ،‬وإل لكان الظاهر عشرة أضعاف " ويزيد ال " أي على‬
‫السبعين أيضا‪ .‬قوله‪ " :‬أرأيت من دخل في السلم " كأن السائل لم يفهم‬
‫الفرق بين اليمان والسلم بما ذكره عليه السلم فأعاد السؤال‪ ،‬أو أنه لما‬
‫كان تمكن في نفسه ما اشتهر بين المخالفين من عدم الفرق بينهما‪ ،‬أراد‬
‫أن يتضح المر عنده‪ ،‬أو قاس الدخول في المركب من الجزاء المعقولة‬
‫بالدخول في المركب من الجزاء المقدارية فان من دخل جزءا من الدار‬
‫صدق عليه أنه دخل الدار‪ ،‬فلذا أجابه عليه السلم بمثل‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .245 :‬ق‪.(*) 35 :‬‬

‫]‪[255‬‬

‫ذلك لتفهيمه‪ ،‬فقال‪ :‬المتصف ببعض أجزاء اليمان ل يلزم أن يتصف بجميع أجزائه‬
‫حتى يتصف باليمان‪ ،‬كما أن من دخل المسجد ل يحكم عليه بأنه دخل‬
‫الكعبة ومن دخل الكعبة يحكم عليه بأنه دخل المسجد‪ ،‬فكذا يحكم على‬
‫المؤمن أنه مسلم ول يحكم على كل مسلم أنه مؤمن‪ .‬ثم اعلم أنه استدل‬
‫بهذه الخبار على كون الكعبة جزءا من المسجد الحرام ويرد عليه أنه ل‬
‫دللة في أكثرها على ذلك‪ ،‬بل بعضها يومي إلى خلفه‪ ،‬كهذا الخبر‪ ،‬حيث‬
‫قال‪ :‬أكنت شاهدا أنه قد دخل المسجد ؟ ولم يقل أكنت شاهدا أنه في‬
‫المسجد‪ ،‬وكذا قوله‪ " :‬ل يصل إلى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد " نعم‬
‫بعض الخبار تشعر بالجزئية‪ - 13 .‬سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن المختار‪ ،‬عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫القلب ليترجج فيما بين الصدر والحنجرة‪ ،‬حتى يعقد على اليمان‪ ،‬فإذا عقد‬
‫على اليمان قر وذلك قول ال " ومن يؤمن بال يهد قلبه " قال‪ :‬يسكن )‬
‫‪ - 14 .(1‬كا‪ :‬محمد بن يحيي‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن سنان مثله إل‬
‫أنه ليس فيه قال‪ :‬يسكن )‪ :(2‬بيان‪ :‬الرج التحريك والتحرك والهتزاز‪،‬‬
‫والرجرجة الضطراب كالرتجاج والترجرج‪ ،‬والحنجرة الحلقوم‪ ،‬وكأنه‬
‫كان في قراءتهم عليهم السلم يهدأ قلبه‪ ،‬بالهمز وفتح الدال‪ ،‬ورفع قلبه‬
‫كما قرئ في الشواذ قال البيضاوي‪ :‬يهد قلبه للثبات والسترجاع عند‬
‫المصيبة‪ ،‬وقرئ يهد قلبه بالرفع على إقامته مقام الفاعل‪ ،‬و بالنصب على‬
‫طريق سفه نفسه ويهدأ بالهمز أي يسكن )‪ (3‬وقال الطبرسي ره‪ :‬قرأ‬
‫عكرمة وعمرو بن دينار يهدأ قلبه أي يطمئن قلبه كما قال سبحانه‪" :‬‬
‫وقلبه مطمئن‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .249‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،421‬والية في التغابن‪(3) .11 :‬‬


‫تفسير البيضاوي ص ‪.(*) 433‬‬

‫]‪[256‬‬

‫باليمان )‪ (1‬انتهى ويحتمل أن يكون على القراءة المشهورة بيانا لحاصل المعنى‬
‫كما أشرنا إليه في تفسير اليات‪ - 15 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن العباس‬
‫بن معروف‪ ،‬عن ابن أبي نجران عن حماد بن عثمان‪ ،‬عن عبد الرحيم‬
‫القصير قال‪ :‬كتبت مع عبد الملك إلى أبي ‪ -‬عبد ال عليه السلم‪ :‬أسأله‬
‫عن اليمان ما هو ؟ فكتب إلي مع عبد الملك بن أعين‪ :‬سألت رحمك ال‬
‫عن اليمان‪ ،‬واليمان هو القرار باللسان‪ ،‬وعقد في القلب وعمل‬
‫بالركان‪ ،‬واليمان بعضه من بعض‪ ،‬وهو دار‪ ،‬وكذلك السلم دار‪ ،‬والكفر‬
‫دار‪ ،‬فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا‪ ،‬ول يكون مؤمنا حتى‬
‫يكون مسلما فالسلم قبل اليمان‪ ،‬وهو يشارك اليمان‪ ،‬فإذا أتى العبد‬
‫كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى ال‬
‫عزوجل عنها كان خارجا من اليمان‪ ،‬ساقطا عنه اسم اليمان‪ ،‬وثابتا عليه‬
‫اسم السلم‪ ،‬فان تاب واستغفر عاد إلى دار اليمان ول يخرجه إلى الكفر‬
‫إل الجحود والستحلل‪ ،‬بأن يقول للحلل هذا حرام‪ ،‬وللحرام هذا حلل‪،‬‬
‫ودان بذلك‪ ،‬فعندها يكون خارجا من السلم واليمان‪ ،‬داخل في الكفر‪،‬‬
‫وكان بمنزلة من دخل الحرم‪ ،‬ثم دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثا فاخرج‬
‫عن الكعبة‪ ،‬وعن الحرم‪ ،‬فضربت عنقه‪ ،‬وصار إلى النار )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله‬
‫عليه السلم‪ " :‬واليمان هو القرار " هذا تفسير لليمان الكامل‪ ،‬و‬
‫الخبار في ذلك كثيرة سيأتي بعضها‪ ،‬وعليه انعقد اصطلح المحدثين منا‬
‫كما صرح به الصدوق رحمه ال في الهداية وقال المفيد قدس سره في‬
‫كتاب المسائل أقول‪ :‬إن مرتكبي الكبائر من أهل المعرفة والقرار مؤمنون‬
‫بايمانهم بال ورسله وبما جاء من عنده‪ ،‬وفاسقون بما معهم من كبائر‬
‫الثام‪ ،‬ول اطلق لهم اسم الفسوق ول اسم اليمان‪ ،‬بل أقيدهما جميعا في‬
‫تسميتهم بكل واحد منهما‪ ،‬وأمتنع من الوصف لهم‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ ،299‬والية في النحل‪ (2) .106 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.(*) 27‬‬
‫]‪[257‬‬

‫بهما على الطلق‪ ،‬واطلق لهم اسم السلم بغير تقييد وعلى كل حال‪ ،‬وهذا مذهب‬
‫المامية إل بني نوبخت رحمهم ال فانهم خالفوا فيه وأطلقوا على الفساق‬
‫اسم اليمان انتهى‪ .‬قوله‪ " :‬واليمان بعضه من بعض " أي يترتب أجزاء‬
‫اليمان بعضها على بعض‪ ،‬فان القرار بالعقائد يصير سببا للعقائد القلبية‪،‬‬
‫والعقائد تصير سببا للعمال البدنية‪ .‬أو المعنى أن أفراد اليمان ودرجاته‬
‫يترتب بعضها على بعض فان الدنى منها يصير سببا لحصول العلى‪،‬‬
‫وهكذا إلى حصول أعلى درجاته‪ ،‬فان حصول قدر من التصديق يصير سببا‬
‫للتيان بقدر من العمال الحسنة‪ ،‬فإذا أتى بتلك العمال زاد اليمان القلبي‬
‫فيزيد أيضا العمل‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فيترتب كمال كل جزء من اليمان على كمال‬
‫الجزء الخر‪ ،‬ويحتمل أن يكون إشارة إلى اشتراط بعض أجزاء اليمان‬
‫ببعض فإن العمل ل ينفع بدون العتقاد‪ ،‬والعتقاد أيضا مشروط في كماله‬
‫وترتب الثار عليه بالعمل‪ " .‬وهو دار " أي اليمان كدار فيها النسان‬
‫كأنه حصن له " وهو يشارك اليمان " أي كلما يتحقق اليما فهو يشاركه‬
‫في التحقق‪ ،‬وأما ما مضى في الخبار أنه ل يشارك اليمان فمعناه أنه‬
‫ليس كلما تحقق تحقق اليمان‪ ،‬فل تنافي بينهما ويحتمل أن يكون سقط من‬
‫الكلم شئ وكان هكذا " وهو يشارك السلم والسلم ل يشارك اليمان "‬
‫على وتيرة ما سبق )‪ (1‬ويحتمل أن يكون المراد هنا المشاركة في الحكام‬
‫الظاهرة‪ ،‬وفيما سبق نفي المشاركة في جميع الحكام‪ .‬قيل‪ :‬وسر ذلك أن‬
‫القرار بالتوحيد والرسالة مقدم على القرار بالولية والعمل‪ ،‬والمؤمن‬
‫والمسلم بسبب الول يخرجان من دار الكفر‪ ،‬ويدخلن في دار السلم ثم‬
‫المسلم بسبب الكتفاء يستقر في هذه الدار‪ ،‬والمؤمن بسبب الثاني يترقى‬
‫وينزل في دار اليمان‪ ،‬ومنه لح أن السلم قبل اليمان وأنه يشارك‬

‫)‪ (1‬تحت الرقم‪ 8 :‬و ‪ 9‬و ‪ 10‬في هذا الباب )*(‪.‬‬

‫]‪[258‬‬

‫اليمان فيما هو سبب للخروج من دار الكفر‪ ،‬ل فيما هو سبب للدخول في دار‬
‫اليمان وبهذا التقرير تندفع المنافاة بين القولين قوله عليه السلم‪ " :‬أو‬
‫صغيرة " يدل على أن الصغيرة أيضا مخرجة من اليمان مع أنها مكفرة‬
‫مع اجتناب الكبائر‪ ،‬ويمكن حمله على الصرار كما يومئ إليه ما بعده‪ ،‬أو‬
‫على أن المراد بها الكبيرة أيضا لكن بعضها صغيرة بالضافة إلى بعضها‬
‫التي هي أكبر الكبائر فالمراد بقوله " نهى ال عنها " نهيه عنها في‬
‫القرآن‪ ،‬وإيعاده عليها النار فيه‪ ،‬والخبر يدل على أن جحود المعاصي و‬
‫استحللها موجبان للرتداد‪ ،‬وكأنه محمول على ما إذا كان من ضروريات‬
‫الدين فيؤيد التأويل الثاني‪ ،‬فان أكثر ما نهي عنه في القرآن كذلك أو على‬
‫ما إذا جحد واستحل بعد العلم بالتحريم‪ ،‬ويدل على أن المرتد مستحق‬
‫للقتل‪ ،‬وإن كان يفعل ما يؤذن بالستخفاف في الدين‪ ،‬ويومئ إليه عدم‬
‫قبول توبته للمقابلة‪ ،‬فيحمل على الفطري وعلى أنه مستحق للنار وإن‬
‫تاب‪ .‬وجملة القول فيه أن المرتد على ما ذكره الشهيد رفع ال درجته في‬
‫الدروس وغيره‪ :‬هو من قطع السلم بالقرار على نفسه بالخروج منه‪ ،‬أو‬
‫ببعض أنواع الكفر‪ ،‬سواء كان مما يقر أهله عليه أول‪ ،‬أو بانكار ما علم‬
‫ثبوته من الدين ضرورة أو باثبات ما علم نفيه كذلك‪ ،‬أو بفعل دال عليه‬
‫صريحا كالسجود للصنم والشمس وإلقاء المصحف في القذر قصدا‪ ،‬أو‬
‫إلقاء النجاسة على الكعبة‪ ،‬أو هدمها أو إظهار الستخفاف بها‪ .‬وأما حكمه‬
‫فالمشهور بين الصحاب أن الرتداد على قسمين‪ :‬فطرى وملي فالول‬
‫ارتداد من ولد على السلم بأن انعفد ]نطفته[ حال إسلم أحد أبويه‪ ،‬وهذا‬
‫ل يقبل إسلمه لو رجع عليه‪ ،‬ويتحتم قتله‪ ،‬وتبين منه امرأته وتعتد منه‬
‫عدة الوفاة وتفسم أمواله بين ورثته‪ ،‬وهذا الحكم بحسب الظاهر ل إشكال‬
‫فيه بمعنى تعين قتله وأما فيما بينه وبين ال‪ ،‬فاختلفوا في قبول توبته‬
‫فأكثر المحققين ذهبوا إلى القبول حذرا من تكليف ما ل يطاق‪ ،‬لو كان‬
‫مكلفا بالسلم‪ ،‬أو خروجه عن التكليف مادام حيا كامل العقل وهو باطل‬
‫بالجماع‪ ،‬فلو لم يطلع عليه أحد أو لم يقدر على قتله‬

‫]‪[259‬‬

‫فتاب قبلت توبته فيما بينه وبين ال تعالى‪ ،‬وصحت عباداته ومعاملته‪ ،‬ولكن ل‬
‫تعود ماله وزوجته إليه بذلك‪ ،‬ويجوز له تجديد العقد عليها بعد العدة أو‬
‫فيها على احتمال‪ ،‬كما يجوز للزوج العقد على المعتدة بائنا حيث ل تكون‬
‫محرمة أبدا‪ ،‬ول تقتل المرءة‪ ،‬بل تحبس دائما‪ ،‬وإن كانت مولودة على‬
‫الفطرة وتضرب أوقات الصلوات‪ .‬والثاني أن يكون مولودا على الكفر‬
‫فأسلم ثم ارتد فهذا يستتاب على المشهور فان امتنع قتل‪ ،‬واختلف في مدة‬
‫الستتابة فقيل ثلثة أيام لرواية مسمع )‪ (1‬وقيل القدر الذي يمكن معه‬
‫الرجوع‪ ،‬ويظهر من ابن الجنيد أن الرتداد قسم واحد و أنه يستتاب فان‬
‫تاب وإل قتل‪ ،‬وهو مذهب العامة لكن ل يخلو من قوة من جهة الخبار‬
‫وسيأتي تمام الكلم في ذلك في محله إنشاء ال تعالى‪ 16 .‬كا‪ :‬عن العدة‪،‬‬
‫عن البرقي‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن عبد ال بن مسكان‪ ،‬عن بعض‬
‫أصحابه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له ما السلم ؟ فقال‪ :‬دين‬
‫ال اسمه السلم‪ ،‬وهو دين ال قبل أن تكونوا حيث كنتم‪ ،‬وبعد أن تكونوا‪،‬‬
‫فمن أقر بدين ال فهو مسلم‪ ،‬ومن عمل بما أمر ال عزوجل به فهو مؤمن‬
‫)‪ (2‬بيان‪ " :‬دين ال اسمه السلم " لقوله تعالى " إن الدين عند ال‬
‫السلم " وقوله " ومن يبتغ غير السلم دينا " )‪ " (3‬وهو دين ال قبل‬
‫أن تكونوا حيث كنتم " أي قبل أن تكونوا في عالم من العوالم أي حين لم‬
‫تكونوا في عالم الجساد ول في عالم الرواح " وبعد أن تكونوا " في أحد‬
‫العوالم‪ ،‬أو قبل أن تكونوا وتوجدوا على هذا الهيكل المخصوص‪ ،‬حيث‬
‫كنتم في الظلة أو في العلم الزلي‪ ،‬وبعد أن تكونوا في عالم البدان والول‬
‫أظهر‪ ،‬وعلى التقديرين المراد عدم التغير في‬

‫)‪ (1‬هو مسمع بن عبد الملك كردين أبوسيار الكوفى‪ ،‬راجع الكافي ج ‪ 7‬ص ‪258‬‬
‫باب حد المرتد تحت الرقم‪ (2) .17 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .38‬آل‬
‫عمران‪ 19 :‬و ‪ 85‬على الترتيب )*(‪.‬‬

‫]‪[260‬‬

‫الديان والزمان " فمن أقر بدين ال " أي العقايد التي أمر ال بالقرار بها في كل‬
‫دين قلبا وظاهرا " فهو مسلم ومن عمل " أي مع ذلك القرار " بما أمر‬
‫ال عزوجل به " من الفرائض وترك الكبائر أو العم " فهو مؤمن "‬
‫وهذا أحد المعاني التي ذكرنا من السلم واليمان‪ 17 .‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب‪ ،‬عن حمران‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول‪ :‬إن ال فضل اليمان على السلم‬
‫بدرجة كما فضل الكعبة على المسجد الحرام )‪ 18 .(1‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن هارون بن مسلم‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة قال‪ :‬سمعت أبا جعفر‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬الكبائر القنوط من رحمة ال‪ ،‬والياس من روح ال‪،‬‬
‫والمن من مكر ال‪ ،‬وقتل النفس التي حرم ال‪ ،‬وعقوق الوالدين وأكل‬
‫مال اليتيم ظلما‪ ،‬وأكل الربا بعد البينة‪ ،‬والتعرب بعد الهجرة‪ ،‬وقذف‬
‫المحصنة‪ ،‬والفرار من الزحف‪ ،‬فقيل له‪ :‬أرأيت المرتكب للكبيرة يموت‬
‫عليها أتخرجه من اليمان ؟ وإن عذب بها فيكون عذابه كعذاب‬
‫المشركين ؟ أوله انقطاع ؟ قال‪ :‬يخرج من السلم إذا زعم أنها حلل‪،‬‬
‫ولذلك يعذب أشد العذاب وإن كان معترفا بأنها كبيرة وهي عليه حرام‪،‬‬
‫وأنه يعذب عليها وأنها غير حلل‪ ،‬فانه معذب عليها‪ ،‬وهو أهون عذابا من‬
‫الول‪ ،‬ويخرجه من اليمان ول يخرجه من السلم )‪ - 19 .(2‬شى‪ :‬عن‬
‫سليمان بن خالد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا "‬
‫فسماهم مؤمنين‪] ،‬وليسوا هم بمؤمنين[ ول كرامة‪ ،‬قال‪ " :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا " )‪ (3‬إلى قوله‪ " :‬فأفوز‬
‫فوزا‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .52‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .280‬بعده‪ :‬وان منكم لمن‬
‫ليبطئن فان أصابتكم مصيبة قال قد أنعم ال على اذلم أكن معهم شهيدا‪،‬‬
‫ولئن أصابكم فضل من ال ليقولن ‪ -‬كان لم تكن بينكم وبينه مودة ‪ -‬يا‬
‫ليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما )*(‪.‬‬

‫]‪[261‬‬

‫عظيما " ولو أن أهل السماء والرض قالوا‪ :‬قد أنعم ال علي إذ لم أكن مع رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله لكانوا بذلك مشركين‪ ،‬وإذا أصابهم فضل من ال‬
‫قال يا ليتني كنت معهم فاقاتل في سبيل ال )‪ - 20 .(1‬ن‪ :‬عن ابن‬
‫عبدوس‪ ،‬عن ابن قتيبة‪ ،‬عن الفضل بن شاذان قال‪ :‬سأل المأمون الرضا‬
‫عليه السلم أن يكتب له محض السلم على إيجاز واختصار فكتب عليه‬
‫السلم‪ :‬إن محض السلم شهادة أن ل إله إل ال وحده ل شريك له إلها‬
‫واحدا أحدا صمدا قيوما سميعا بصيرا قديرا قديما باقيا‪ ،‬عالما ل يجهل‪،‬‬
‫قادرا ل يعجز غنيا ل يحتاج‪ ،‬عدل ل يجور‪ ،‬وأنه خالق كل شئ‪ ،‬وليس‬
‫كمثله شئ ل شبه له ول ضد له ول كفو له‪ ،‬وأنه المقصود بالعبادة‬
‫والدعاء والرغبة والرهبة‪ ،‬و أن محمدا صلى ال عليه وآله عبده ورسوله‬
‫وأمينه وصفيه وصفوته من خلقه‪ ،‬وسيد المرسلين وخاتم النبيين‪ ،‬وأفضل‬
‫العالمين‪ ،‬ل نبي بعده ول تبديل لملته‪ ،‬ول تغيير لشريعته‪ .‬وأن جميع ما‬
‫جاء به محمد بن عبد ال صلى ال عليه وآله هو الحق المبين‪ ،‬والتصديق‬
‫به وبجميع من مضى قبله من رسل ال وأنبيائه وحججه‪ ،‬والتصديق‬
‫بكتابه الصادق العزيز الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه‪،‬‬
‫تنزيل من حكيم حميد‪ ،‬و أنه المهيمن على الكتب كلها وأنه حق من فاتحته‬
‫إلى خاتمته‪ ،‬نؤمن بمحكمه و بمتشابهه‪ ،‬وخاصه وعامه‪ ،‬ووعده ووعيده‪،‬‬
‫وناسخه ومنسوخه‪ ،‬وقصصه و أخباره‪ ،‬ل يقدر أحد من المخلوقين أن‬
‫يأتي بمثله‪ .‬وأن الدليل بعده والحجة على المؤمنين‪ ،‬والقائم بأمر‬
‫المسلمين‪ ،‬والناطق عن القرآن‪ ،‬والعالم بأحكامه أخوه وخليفته ووصيه‬
‫ووليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى‪ ،‬علي بن أبيطالب عليه‬
‫السلم أمير المؤمنين‪ ،‬وإمام المتقين‪ ،‬وقائد الغر المحجلين‪ ،‬وأفضل‬
‫الوصيين‪ ،‬ووارث علم النبيين والمرسلين‪ ،‬وبعده الحسن والحسين سيدا‬
‫شباب أهل الجنة أجمعين ثم علي بن الحسين زين العابدين ثم محمد بن‬
‫علي باقر علم النبيين‪ ،‬ثم جعفر بن محمد الصادق وارث علم الوصيين‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 257‬واليات في سورة النساء‪.(*) 73 - 71 :‬‬

‫]‪[262‬‬
‫ثم موسى بن جعفر الكاظم‪ ،‬ثم علي بن موسى الرضا‪ ،‬ثم محمد بن علي‪ ،‬ثم علي‬
‫ابن محمد‪ ،‬ثم الحسن بن علي‪ ،‬ثم الحجة القائم المنتظر ولده صلوات ال‬
‫عليهم أجمعين‪ .‬وأشهد لهم بالوصية والمامة‪ ،‬وأن الرض ل تخلو من‬
‫حجة ال تعالى على خلقه في كل عصر وأوان‪ ،‬وأنهم العروة الوثقى وأئمة‬
‫الهدى‪ ،‬والحجة على أهل الدنيا‪ ،‬إلى أن يرث ال الرض ومن عليها‪ ،‬وأن‬
‫كل من خالفهم ضال مضل تارك للحق والهدى‪ ،‬وأنهم المعبرون عن القرآن‬
‫والناطقون عن الرسول صلى ال عليه وآله بالبيان‪ ،‬من مات ولم يعرفهم‬
‫مات ميتة جاهلية‪ ،‬وأن من دينهم الورع والعفة والصدق‪ ،‬وساق إلى قوله‪:‬‬
‫وحب أولياء ال عزوجل واجب وكذلك بغض أعداء ال والبراءة منهم‪،‬‬
‫ومن أئمتهم‪ .‬إلى قوله عليه السلم‪ :‬وأن أفعال العباد مخلوقة ل تعالى‬
‫خلق تقدير ل خلق تكوين‪ ،‬وال خالق كل شئ‪ ،‬ول يقول بالجبر‬
‫والتفويض‪ ،‬ول يأخذ ال عزوجل البرئ بالسقيم‪ ،‬ول يعذب ال تعالى‬
‫الطفال بذنوب الباء‪ ،‬ول تزر وازرة وزر اخرى‪ ،‬وأن ليس للنسان إل ما‬
‫سعى‪ ،‬ول عزوجل أن يعفو ويتفضل‪ ،‬ول يجور ول يظلم‪ ،‬لنه تعالى منزه‬
‫عن ذلك‪ ،‬ول يفرض ال طاعة من يعلم أنه يضلهم ويغويهم‪ ،‬ول يختار‬
‫لرسالته‪ ،‬ول يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به وبعبادته ويعبد‬
‫الشيطان دونه‪ .‬وأن السلم غير اليمان‪ ،‬وكل مؤمن مسلم‪ ،‬وليس كل‬
‫مسلم بمؤمن‪ ،‬ول يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن‪ ،‬ول يزني الزاني‬
‫حين يزني وهو مؤمن‪ ،‬وأصحاب الحدود مسلمون‪ ،‬ل مؤمنون‪ ،‬ول‬
‫كافرون‪ ،‬وال عزوجل ل يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة‪ ،‬ول يخرج من‬
‫النار كافرا وقد أوعده النار‪ ،‬والخلود فيها‪ ،‬ول يغفر أن يشرك به‪ ،‬ويغفر‬
‫ما دون ذلك لمن يشاء‪ ،‬ومذنبو أهل التوحيد يدخلون في ‪ -‬النار ويخرجون‬
‫منها والشفاعة جائزة لهم‪ ،‬وأن الدار اليوم دار تقية وهي دار السلم‪ ،‬ل‬
‫دار كفر ول دار إيمان‪ .‬واليمان هو أداء المانة‪ ،‬واجتناب جميع الكبائر‪،‬‬
‫وهو معرفة بالقلب‬

‫]‪[263‬‬

‫وإقرار باللسان وعمل بالركان إلى أن قال عليه السلم‪ :‬وتؤمن بعذاب القبر ومنكر‬
‫ونكير‪ ،‬والبعث بعد الموت‪ ،‬والميزان والصراط‪ .‬والبراءة من الذين ظلموا‬
‫آل محمد وهموا باخراجهم‪ ،‬وسنوا ظلمهم‪ ،‬و غيروا سنة نبيهم‪ ،‬والبراءة‬
‫من الناكثين والقاسطين والمارقين‪ ،‬الذين هتكوا حجاب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله ونكثوا بيعة إمامهم وأخرجوا المرأة‪ ،‬وحاربوا أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم وقتلوا الشيعة رحمة ال عليهم‪ ،‬واجبة )‪.(1‬‬
‫والبراءة ممن نفى الخيار وشردهم‪ ،‬وآوى الطرداء اللعناء‪ ،‬وجعل الموال‬
‫دولة بين الغنياء‪ ،‬واستعمل السفهاء مثل معاوية‪ ،‬وعمرو بن العاص‪،‬‬
‫لعيني رسول ال صلى ال عليه وآله والبراءة من أشياعهم الذين حاربوا‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم وقتلوا النصار والمهاجرين‪ ،‬وأهل الفضل‬
‫والصلح من السابقين والبراءة من أهل الستيثار ومن أبي موسى‬
‫الشعري وأهل وليته " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون‬
‫أنهم يحسنون صنعا اولئك الذين كفروا بآيات ربهم " بولية أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم ولقائه كفروا بأن لقوا ال بغير إمامته " فحبطت‬
‫أعمالهم فل نقيم لهم يوم القيامة وزنا " )‪ (2‬فهم كلب أهل النار‪ .‬والبراءة‬
‫من النصاب والزلم أئمة الضلل‪ ،‬وقادة الجور كلهم‪ ،‬أولهم و آخرهم‪،‬‬
‫والبراءة من أشباه عاقري الناقة‪ ،‬أشقياء الولين والخرين‪ ،‬وممن‬
‫يتولهم‪ ،‬والولية لمير المؤمنين عليه السلم والذين مضوا على منهاج‬
‫نبيهم صلى ال عليه وآله ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي‪،‬‬
‫وأبي ذر الغفاري‪ ،‬والمقداد بن السود وعمار بن ياسر‪ ،‬وحذيفة بن‬
‫اليمان‪ ،‬وأبي الهيثم التيهان‪ ،‬وسهل بن حنيف‪ ،‬و عبادة بن الصامت‪ ،‬وأبي‬
‫أيوب النصاري‪ ،‬وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين‪ ،‬وأبي سعيد الخدري‬
‫وأمثالهم رضي ال عنهم‪ ،‬والولية لتباعهم وأشياعهم‪ ،‬والمهتدين بهديهم‬

‫)‪ (1‬كأنه خبر لقوله في صدر الجملة‪ :‬والبراءة‪ (2) .‬الكهف‪ 104 :‬و ‪.(*) 105‬‬

‫]‪[264‬‬

‫وللسالكين منهاجهم رضوان ال عليهم ورحمته‪ .‬إلى آخر الخبر الطويل )‪.(1‬‬
‫وروى أيضا عن حمزة بن محمد العلوي‪ ،‬عن قنبر بن علي بن شاذان‪ ،‬عن‬
‫أبيه عن الفضل بن شاذان ; وعن جعفر بن نعيم بن شاذان‪ ،‬عن عمه‬
‫محمد بن شاذان‪ ،‬عن الرضا عليه السلم مثله )‪ .(2‬أقول‪ :‬قد مر الخبر‬
‫بتمامه مشروحا في أبواب الحتجاجات‪ - 21 .‬ج‪ :‬في خبر الشامي الذي‬
‫سأل أبا عبد ال عليه السلم مسائل فأجابه فقال الشامي‪ :‬أسلمت ل‪ ،‬فقال‬
‫عليه السلم له‪ :‬بل آمنت بال الساعة‪ ،‬إن السلم قبل اليمان‪ ،‬وعليه‬
‫يتوارثون ويتناكحون‪ ،‬واليمان عليه يثابون )‪ .(3‬بيان‪ " :‬بل آمنت " أي‬
‫كنت قبل ذلك مسلما لنه كان من المخالفين‪ ،‬فلما أقر بالئمة عليهم السلم‬
‫صار من المؤمنين‪ ،‬ويدل على أن السلم هو العتقاد بالتوحيد والرسالة‬
‫والمعاد‪ ،‬وما يلزمها سوى المامة‪ ،‬واليمان هو العتقاد بجميع العقائد‬
‫الحقة التي عمدتها القرار بامامة جميع الئمة عليهم السلم‪ ،‬ويدل على‬
‫أن الحكام الدنيوية تترتب على السلم والثواب الخروي ل يكون إل‬
‫باليمان‪ ،‬فالمخالفون ل يدخلون الجنة‪ ،‬وعلى أنه يجوز نكاح المخالفين‬
‫وإنكاحهم ويكون التوارث بينهم وبين المؤمنين‪ ،‬وعلى عدم دخول العمال‬
‫في اليمان‪ ،‬وإن أمكنت المناقشة فيه وقبلية السلم إما ذاتي كتقدم الكلي‬
‫على الجزئي أو الجزء على الكل أو زماني بمعنى إمكان حصوله قبل‬
‫اليمان‪ ،‬بيانا للعموم والخصوص فتأمل‪ - 22 .‬فس‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب‪ ،‬عن حمران‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫ال فضل اليمان على السلم بدرجة كما فضل الكعبة على المسجد الحرام‪.‬‬
‫‪ - 23‬ج‪ :‬في خبر الزنديق الذي سأل أمير المؤمنين صلوات ال عليه عما‬
‫زعم من‬

‫)‪ (1‬عيون أخبار الرضا " ع " ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .121‬عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪) .127‬‬
‫‪ (3‬الحتجاج ص ‪ ،199‬وتراه في الكافي ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 173‬‬

‫]‪[265‬‬

‫التناقض في القرآن حيث قال أجد ال يقول‪ " :‬ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن‬
‫فل كفران لسعيه " )‪ (1‬ويقول‪ " :‬وإني لغفار لمن تاب " )‪ (2‬فقال عليه‬
‫السلم‪ :‬وأما قوله " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فل كفران‬
‫لسعيه " وقوله " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى "‬
‫فان ذلك كله ل يغني إل مع الهتداء وليس كل من وقع عليه اسم اليمان‬
‫كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة‪ ،‬ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع‬
‫اعترافها بالتوحيد وإقرارها بال‪ ،‬ونجا سائر المقرين بالوحدانية من‬
‫إبليس فمن دونه في الكفر‪ ،‬وقد بين ال ذلك بقوله " الذين آمنوا ولم‬
‫يلبسوا إيمانهم بظلم اولئك لهم المن وهم مهتدون " )‪ (3‬وبقوله " الذين‬
‫قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " )‪ .(4‬ولليمان حالت ومنازل‬
‫يطول شرحها‪ ،‬ومن ذلك أن اليمان قد يكون على وجهين ايمان بالقلب‬
‫وإيمان باللسان كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله لما قهرهم السيف‪ ،‬وشملهم الخوف‪ ،‬فانهم آمنوا بألسنتهم ولم‬
‫تؤمن قلوبهم فاليمان بالقلب هو التسليم للرب‪ ،‬ومن سلم المور لمالكها‬
‫لم يستكبر عن أمره كما استكبر إبليس عن السجود لدم واستكبر أكثر‬
‫المم عن طاعة أنبيائهم فلم ينفعهم التوحيد‪ ،‬كما لم ينفع إبليس ذلك‬
‫السجود الطويل‪ ،‬فانه سجد سجدة واحدة أربعة آلف عام‪ ،‬لم يرد بها غير‬
‫زخرف الدنيا والتمكين من النظرة فلذلك ل تنفع الصلة والصدقة إل مع‬
‫الهتداء إلى سبيل النجاة‪ ،‬وطريق الحق وقد قطع ال عذر عباده بتبيين‬
‫آياته‪ ،‬وإرسال رسله لئل يكون للناس على ال حجة بعد الرسل‪ ،‬ولم يخل‬
‫أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة إليه‪ ،‬ومتعلم على سبيل نجاة‪ ،‬اولئك هم‬
‫القلون عددا‪ .‬وقد بين ال ذلك في امم النبياء‪ ،‬وجعلهم مثل لمن تأخر مثل‬
‫قوله في‬

‫)‪ (1‬النبياء‪ (2) .94 :‬طه‪ (3) .82 :‬النعام‪ (4) .82 :‬المائدة‪.(*) 41 :‬‬
‫]‪[266‬‬

‫قوم نوح " وما آمن معه إل قليل " )‪ (1‬وقوله فيمن آمن من قوم موسى " ومن‬
‫قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون " )‪ (2‬وقوله في حواري عيسى‬
‫حيث قال لسائر بني إسرائيل " من أنصاري إلى ال قال الحواريون نحن‬
‫أنصار ال آمنا بال واشهد بأنا مسلمون " )‪ (3‬يعني أنهم يسلمون لهل‬
‫الفضل فضلهم ول يستكبرون عن أمر ربهم فما أجابه منهم إل الحواريون‪،‬‬
‫وقد جعل ال للعلم أهل وفرض على العباد طاعتهم بقوله " أطيعوا ال‬
‫وأطيعوا الرسول واولي المر منكم " )‪ (4‬وبقوله " ولو ردوه إلى‬
‫الرسول وإلى اولي المر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " )‪ (5‬وبقوله‬
‫" اتقوا ال وكونوا مع الصادقين " )‪ (6‬وبقوله " وما يعلم تأويله إل ال‬
‫والراسخون في العلم " )‪ (7‬وبقوله " وأتوا البيوت من أبوابها " )‪(8‬‬
‫والبيوت هي بيوت العلم الذي استودعه النبياء وأبوابها أوصياؤهم‪ .‬فكل‬
‫عمل من أعمال الخير يجري على غير أيدي أهل الصطفاء وعهودهم‬
‫وحدودهم وشرائعهم وسنتهم ومعالم دينهم‪ ،‬مردود غير مقبول‪ ،‬وأهله‬
‫بمحل كفر وإن شملتهم صفة اليمان ألم تسمع إلى قول ال تعالى " وما‬
‫منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إل أنهم كفروا بال وبرسوله وماتوا وهم‬
‫كافرون " )‪ (9‬فمن لم يهتد من أهل اليمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه‬
‫إيمانه بال مع دفعه حق أوليائه‪ ،‬وحبط عمله وهو في الخرة من‬
‫الخاسرين‪ ،‬وكذلك قال ال سبحانه " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‬
‫" )‪ (10‬وهذا كثير في كتاب ال عزوجل‪ ،‬والهداية في الولية كما قال ال‬
‫عزوجل " ومن يتول ال ورسوله والذين آمنوا فان حزب ال هم الغالبون‬
‫" )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .40 :‬العراف‪ (3) .150 :‬آل عمران‪ (4) .52 :‬النساء‪(5) .59 :‬‬
‫النساء‪ (6) .82 :‬براءة‪ (7) .119 :‬آل عمران‪ (8) .7 :‬البقرة‪) .189 :‬‬
‫‪ (9‬براءة‪ 54 :‬و ‪ (10) .126‬غافر‪ (11) .85 :‬المائدة‪.(*) 56 :‬‬

‫]‪[267‬‬

‫والذين آمنوا في هذا الموضع هم المؤتمنون على الخلئق من الحجج والوصياء‬


‫في عصر بعد عصر‪ ،‬وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين‬
‫كان مؤمنا إن المنافقين كانوا يشهدون أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن محمدا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله ويدفعون عهد رسول ال صلى ال عليه وآله بما‬
‫عهد به من دين ال وعزائمه‪ ،‬وبراهين نبوته إلى وصيه و يضمرون من‬
‫الكراهة لذلك والنقض لما أبرمه منه عند إمكان المر لهم فيما قد بينه ال‬
‫لنبيه بقوله " فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل‬
‫يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " )‪ (1‬وبقوله " وما‬
‫محمد إل رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على‬
‫أعقابكم " )‪ (2‬ومثل قوله‪ " :‬لتركبن طبقا عن طبق " )‪ (3‬أي لتسلكن‬
‫سبيل من كان قبلكم من المم في الغدر بالوصياء بعد النبياء‪ ،‬وهذا كثير‬
‫في كتاب ال عزوجل وقد شق على النبي صلى ال عليه وآله ما يؤول إليه‬
‫عاقبة أمرهم واطلع ال إياه على بوارهم‪ ،‬فأوحى ال عزوجل إليه " فل‬
‫تذهب نفسك عليه حسرات " )‪ " (4‬ول تأس على القوم الكافرين " )‪.(5‬‬
‫بيان‪ " :‬وإن شملتهم صفة اليمان " أي ببعض معانيه‪ ،‬وهو السلم‬
‫الظاهري وإن احتمل أن يكون المراد به العمال التي تقع من جهال الشيعة‬
‫على خلف جهة الحق‪ ،‬لكن الول أظهر‪ ،‬قوله " وماتوا وهم كافرون "‬
‫كأنه سقط هنا شئ إذ في سورة التوبة تتمة هذه ال هكذا " بال وبرسوله‬
‫ول يأتون الصلوة إل وهم كسالى ول ينفقون إل وهم كارهون " )‪ (6‬وفي‬
‫ما بعده " ول تصل على أحد منهم مات أبدا ول تقم على قبره إنهم كفروا‬
‫بال ورسوله وماتوا وهم فاسقون " )‪ (7‬وفي موضع آخر‪ " :‬وأما الذين‬
‫في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون " )‪(8‬‬
‫ويمكن أن يكون جمع عليه السلم بين مضامين اليات مشيرا إليها جميعا‬
‫فانها كلها في وصف المنافقين‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .65 :‬آل عمران‪ (3) .144 :‬النشقاق‪ (4) .19 :‬فاطر‪(5) .8 :‬‬
‫المائدة‪ 68 :‬والحديث في الحتجاج ص ‪ (6) .130‬براءة‪(7) .54 :‬‬
‫براءة‪ (8) .84 :‬براءة‪.(*) 126 :‬‬

‫]‪[268‬‬

‫أو يكون قوله " وماتوا " من كلمه عليه السلم اقتباسا من الية‪ ،‬أو يكون في‬
‫قراءتهم عليهم السلم هكذا وقوله عليه السلم‪ " :‬وحبط عمله " إشارة‬
‫إلى قوله تعالى‪ " :‬ومن يكفر باليمان فقد حبط عمله وهو في الخرة من‬
‫الخاسرين " )‪ (1‬فكأنه عليه السلم استشهد بهذه الية على عدم قبول‬
‫أعمال المنافقين‪ ،‬لثبات الكفر لهم في الية السابقة ثم لما ذكر عليه السلم‬
‫أول أنه‪ :‬ليس كل من وقع عليه اسم اليمان كان حقيقا بالنجاة‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫لليمان حالت ومنازل‪ ،‬أشار عليه السلم هنا إلى بعض شرايط اليمان‪،‬‬
‫وبعض الحالت التي ل يقبل اليمان فيها‪ ،‬وهي حال رؤية البأس‪ ،‬فقال‪" :‬‬
‫وكذلك قال ال سبحانه "‪ " .‬وهذا كثير " أي شروط اليمان أو خصوص‬
‫هذا الشرط‪ ،‬وهو عدم كونه عند رؤية البأس‪ ،‬وإنما ذكر ذلك لرفع استبعاد‬
‫السائل اشتراط قبول العمال بالهتداء ثم عاد إلى بيان الهتداء وأن المراد‬
‫به الولية‪ ،‬وحاصل الجواب أنه ل تنافي بين اليتين إذ في الية الولى‬
‫شرط اليمان العمال الصالحة‪ ،‬واليمان مشروط بالولية‪ ،‬وصلح العمل‬
‫ل يكون إل بالخذ عن الئمة‪ ،‬فالهتداء داخل في الولى إجمال وفي الثانية‬
‫تفصيل أيضا ولليمان درجات ومعان فيمكن أن يراد باليمان في إحدى‬
‫اليتين غير ما هو المراد في الخرى‪ " .‬ويدفعون عهد رسول ال " أي‬
‫خلفة أمير المؤمنين ووصايته " انقلبتم على أعقابكم " كما ارتدوا بعد‬
‫موته بترك وصيه‪ ،‬وبيعة العجل والسامري " فل تهذب نفسك " أي ل‬
‫تهلك نفسك عليهم للحسرات على غيهم وإصرارهم على التكذيب‪ ،‬و بعده‬
‫" إن ال عليم بما يصنعون " أي فيجازيهم عليه‪ .‬وقوله‪ " :‬ول تأس "‬
‫من آية اخرى في المائدة وهي " يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا‬
‫التورية والنجيل وما انزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما انزل إليك‬
‫من ربك طغيانا وكفرا فل تأس على القوم الكافرين " )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .5 :‬المائدة ‪.(*) 68‬‬

‫]‪[269‬‬

‫فإبدال الفاء بالواو إما من النساخ أو منه عليه السلم باسقاط الفاء لسقاط صدر‬
‫الية‪ ،‬و الواو للعطف على الية السابقة‪ .‬وروى العياشي في قوله‪ " :‬وما‬
‫انزل إليكم من ربكم " عن الباقر عليه السلم أنه قال هو ولية أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم )‪ " (1‬فل تأس " أي ول تحزن ول تتأسف عليهم‬
‫لزيادة طغيانهم وكفرهم‪ ،‬فان ضرر ذلك يرجع إليهم ل يتخطاهم‪ ،‬وفي‬
‫المؤمنين مندوحة لك عنهم‪ - 24 .‬ل‪ :‬عن محمد بن جعفر البندار‪ ،‬عن‬
‫محمد بن محمد بن جمهور‪ ،‬عن صالح بن محمد البغدادي‪ ،‬عن العباس بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن عبد الرحمن بن مهدي‪ ،‬عن منصور بن سعد‪ ،‬عن ميمون بن‬
‫سياه‪ ،‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من‬
‫استقبل قبلتنا وصلى صلواتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا‪ ،‬فله مالنا وعليه ما علينا )‪.(2‬‬
‫بيان‪ " :‬سياه " بكسر السين المهملة وتخفيف الياء المثناة التحتانية ثم‬
‫اللف والهاء مذكور في رجال العامة في رواة أنس‪ ،‬والخبر عامي ضعيف‬
‫ويدل على اشتراك جميع فرق المسلمين في الحكام الظاهرة‪ ،‬وحمل على‬
‫ما إذا لم ينكر شيئا من ضروريات دين السلم‪ ،‬وبعد عندنا خلف في‬
‫بعض الحكام‪ - 25 .‬ل‪ :‬عن الخليل بن أحمد السجزي )‪ ،(3‬عن محمد بن‬
‫إسحاق بن خزيمة عن علي بن حجر‪ ،‬عن شريك‪ ،‬عن منصور بن‬
‫المعتمر‪ ،‬عن ربعي بن خراش‪ ،‬عن‬
‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .344‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .84‬السجزى ‪-‬‬
‫بالفتح والكسر ‪ -‬نسبة إلى سجستان القليم المعروف منه الخليل ابن‬
‫أحمد القاضى‪ .‬قاله الفيروز آبادى‪ ،‬والتحقيق أنه معرب " سكزى "‬
‫وسكز ‪ -‬بالكاف الفارسية ‪ -‬جبل شاهق في زابل ما بين كليج ومكران‬
‫يجرى في جنبه نهر سند‪ ،‬وكان يعرف ساكنوه بالسكزى عندهم‪ ،‬ثم إذا‬
‫أضافوا إليها لفظ " استان " وهو عند الفارسين بمعنى المسكن‬
‫والماوى‪ ،‬قالوا " سگزستان " ثم حففوها وقالو سگستان تارة ومعربه‬
‫سجستان وسيستان مرة اخرى )*(‪.‬‬

‫]‪[270‬‬

‫علي عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يؤمن عبد حتى يؤمن‬
‫بأربعة حتى يشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأني رسول ال‬
‫بعثني بالحق‪ ،‬وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت‪ ،‬وحتى يؤمن بالقدر )‪.(1‬‬
‫بيان‪ " :‬بالقدر " أي بقضاء ال وقدره‪ ،‬ردا على التفويض البحت‪ ،‬أو‬
‫بقدرة العبد واختياره نفيا للجبر‪ ،‬والول أظهر‪ ،‬وقد مر تحقيقه في كتاب‬
‫العدل‪ - 26 .‬مع‪ ،‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن هاشم‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن جعفر بن عثمان‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬كنت عند أبي جعفر عليه‬
‫السلم فقال له رجل‪ :‬أصلحك ال إن بالكوفة قوما يقولون مقالة ينسبونها‬
‫إليك‪ ،‬فقال‪ :‬وماهي ؟ قال‪ :‬يقولون إن اليمان غير السلم‪ ،‬فقال أبو جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬نعم‪ ،‬فقال له الرجل‪ :‬صفه لي‪ ،‬قال‪ :‬من شهد أن ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬وأن محمدا رسول ال‪ ،‬وأقر بما جاء به من عند ال‪ ،‬وأقام الصلة‪،‬‬
‫وآتى الزكاة‪ ،‬وصام شهر رمضان‪ ،‬وحج البيت فهو مسلم‪ .‬قلت‪ :‬فاليمان ؟‬
‫قال‪ :‬من شهد أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وأقر بما جاء من عند ال‪ ،‬وأقام الصلة‪ ،‬وآتى الزكاة‪ ،‬وصام شهر‬
‫رمضان‪ ،‬و حج البيت‪ ،‬ولم يلق ال بذنب أو عد عليه النار‪ .‬فهو مؤمن‪،‬‬
‫قال أبو بصير‪ :‬جعلت فداك وأينا لم يلق ال بذنب اوعد عليه النار ؟ فقال‪:‬‬
‫ليس هو حيث تذهب‪ ،‬إنما هو لم يلق ال بذنب اوعد عليه النار ولم يتب‬
‫منه )‪ - 27 .(2‬ل‪ :‬في خبر العمش عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬السلم‬
‫غير اليمان‪ ،‬و كل مؤمن مسلم‪ ،‬وليس كل مسلم مؤمن‪ ،‬ول يسرق‬
‫السارق حين يسرق وهو ومؤمن‪ ،‬ول يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‪،‬‬
‫وأصحاب الحدود مسلمون‪ ،‬ول مؤمنون ول كافرون‪ ،‬فان ال تبارك‬
‫وتعالى ل يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة ول يخرج من النار كافرا وقد‬
‫أوعده النار‪ ،‬والخلود فيها‪ ،‬ويغفر ما دون ذلك‬
‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .93‬معاني الخبار ص ‪ ،381‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪40‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[271‬‬

‫لمن يشاء فأصحاب الحدود فساق‪ ،‬ل مؤمنون ول كافرون‪ ،‬ول يخلدون في النار‪ ،‬و‬
‫يخرجون منها يوما ما‪ ،‬والشفاعة جائزة لهم‪ ،‬وللمستضعفين إذا ارتضى‬
‫ال عز وجل دينهم )‪ - 27 .(1‬ن‪ :‬فيما بين الرضا عليه السلم من شرايع‬
‫الدين مثله إلى قوله‪ :‬ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم قال‪ :‬ومذنبو أهل‬
‫التوحيد يدخلون في النار‪ ،‬ويخرجون منها‪ ،‬والشفاعة جائزة لهم )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬كأن المراد بالمستضعفين في رواية العمش المستضعفون من‬
‫الشيعة‪ ،‬و يحتمل أن يكون إذا ارتضى راجعا إلى الول‪ - 28 .‬ما‪ :‬المفيد‪،‬‬
‫عن ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪،‬‬
‫عن سعدان بن مسلم‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم ما‬
‫اليمان ؟ فجمع لي الجواب في كلمتين فقال‪ :‬اليمان بال وأن ل تعصي‬
‫ال‪ ،‬قلت‪ :‬فما السلم ؟ فجمعه في كلمتين فقال‪ :‬من شهد شهادتنا‪ ،‬ونسك‬
‫نسكنا‪ ،‬وذبح ذبيحتنا )‪ .(3‬بيان‪ :‬اليمان بال مستلزم لليمان بجميع ما‬
‫جاء من عنده سبحانه من النبوة والمامة والمعاد وغيرها‪ ،‬و " أن ل‬
‫يعصي ال " شامل للطاعات والمعاصي جميعهما بل يكن إدخال بعض‬
‫العقائد فيه أيضا " ونسك نسكنا " أي عبد كعبادتنا من الصلة والصوم‬
‫والزكاة والحج وغيرها والنسك يطلق على الذبح أيضا لكن التأسيس أولى‬
‫قال الراغب‪ :‬النسك العبادة‪ ،‬والناسك العابد‪ ،‬واختص بأعمال الحج‬
‫والنسيكة مختصة بالذبيحة‪ - 29 .‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن‬
‫معروف‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن سماعة بن مهران قال‪ :‬سألته عليه‬
‫السلم عن اليمان والسلم فقلت له‪ :‬أفرق بين اليمان‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .154‬قدر مر في الحديث المرقم ‪ 20‬ص ‪(3) .263‬‬
‫أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 138‬‬

‫]‪[272‬‬

‫والسلم ؟ فقال‪ :‬أو أضرب لك مثل ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬أو ذاك‪ ،‬قال‪ :‬مثل اليمان من‬
‫السلم مثل الكعبة الحرام من الحرم‪ ،‬قد يكون الرجل في الحرم ول يكون‬
‫في الكعبة ول يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم‪ ،‬فقد يكون مسلما ول‬
‫يكون مؤمنا‪ ،‬ول يكون مؤمنا حتى يكون مسلما‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬فيخرجه من‬
‫اليمان شئ ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬فيصيره إلى ما ذا‪ ،‬قال‪ :‬إلى السلم أو‬
‫الكفر‪ ،‬وقال‪ :‬لو أن رجل دخل الكعبة فأفلت منه بوله اخرج من الكعبة ولم‬
‫يخرج من الحرم‪ ،‬ولو خرج من الحرم فغسل ثوبه وتطهر ثم لم يمنع أن‬
‫يدخل الكعبة‪ ،‬ولو أن رجل دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة‬
‫ومن الحرم فضربت عنقه )‪ .(1‬بيان‪ " :‬أو ذاك " كأن المعنى " ل تقول أو‬
‫تقول " رعاية للدب لئل يتحتم عليه‪ ،‬أو بمعنى بل إضرابا عن التردد‬
‫الذي يظهر منه عليه السلم أو من عدم إرادة السائل ذلك كما يتوهم من‬
‫سؤاله عليه السلم ذلك‪ ،‬أو يكون الهمزة للستفهام والواو للعطف أو‬
‫زائدة أي أو يكون لذلك مثل ؟ أو يكون بتشديد الواو أمرا من اليواء وهو‬
‫أبعد من الجميع وفي الكافي )‪ " (2‬أورد ذلك " فل تكلف وفي بعض نسخ‬
‫المعاني " أد ذلك " من الداء‪ ،‬ول يخلو من وجه‪ " .‬فيخرجه من اليمان‬
‫شئ " ما يخرجه من اليمان فقط إما المعاصي وترك الطاعات‪ ،‬بناء على‬
‫دخول العمال في اليمان أو إنكار المامة ولوازمها‪ ،‬وما يخرجه عن‬
‫اليمان والسلم معا الرتداد‪ ،‬وما ينافي دين السلم قول أو فعل فالترديد‬
‫في قوله عليه السلم " إلى السلم أو الكفر " لذلك‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬كان‬
‫المر فلتة أي فجاءة من غير تردد وتدبر‪ ،‬وأفلتني الشئ وتفلت مني‬
‫وانفلت وأفلته غيره وافتلت على بناء المفعول مات فجاءة وبأمر كذا‬
‫فوجئ به قبل أن يستعد له‪ ،‬و في المصباح أفلت الطائر وغيره إفلتا‬
‫تخلص وأفلته إذا أطلقته وخلصته‪ ،‬يستعمل لزما ومتعديا انتهى وقوله "‬
‫ولو خرج من الحرم " ليس في الكافي ولعله زيد من النساخ إل أن يكون‬
‫المراد بالحرم المسجد الحرام‪.‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ 186‬وفيه‪ :‬أود ذلك‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 28‬‬

‫]‪[273‬‬

‫‪ - 30‬فس‪ " :‬الذين يؤمنون بالغيب " قال‪ :‬يصدقون بالبعث والنشور والوعد‬
‫والوعيد‪ ،‬واليمان في كتاب ال على أربعة أوجه‪ :‬فمنه إقرار باللسان قد‬
‫سماه ال إيمانا‪ ،‬ومنه تصديق بالقلب‪ ،‬ومنه الداء‪ ،‬ومنه التأييد‪ .‬فأما‬
‫اليمان الذي هو إقرار باللسان وقد سماه ال تبارك وتعالى إيمانا و نادى‬
‫أهله به فقوله " يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا‬
‫جميعا وإن منكم لمن ليبطئن فان أصابتكم مصيبة قال قد أنعم ال علي إذ لم‬
‫أكن معهم شهيدا‪ ،‬ولئن أصابكم فضل من ال ليقولن كأن لم يكن بينكم‬
‫وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما " )‪ (1‬فقال الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬لو أن هذه الكلمة قالها أهل الشرق وأهل الغرب لكانوا بها‬
‫خارجين من اليمان‪ ،‬ولكن قد سماهم ال مؤمنين باقرارهم‪ ،‬وقوله " يا‬
‫أيها الذين آمنوا آمنوا بال ورسوله " )‪ (2‬فقد سماهم مؤمنين باقرار‬
‫اللسان ثم قال لهم صدقوا‪ .‬وأما اليمان الذي هو التصديق فقوله " الذين‬
‫آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحيوة الدنيا وفي الخرة " )‪ (3‬يعني‬
‫صدقوا وقوله " وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى ال " )‪ (4‬أي ل نصدقك‪،‬‬
‫وقوله " يا أيها الذين آمنوا آمنوا " أي يا أيها الذين أقروا صدقوا‪،‬‬
‫فاليمان الخفي هو التصديق وللتصديق شروط ليتم التصديق إل بها‬
‫وقوله " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من‬
‫آمن بال واليوم الخر والملئكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه‬
‫ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب‬
‫وأقام الصلة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا‪ ،‬والصابرين في‬
‫البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون " )‬
‫‪ (5‬فمن أقام هذه الشروط فهو مؤمن مصدق‪.‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .73 - 71 :‬النساء‪ (3) .136 :‬يوس‪ (4) .64 - 63 :‬البقرة‪.55 :‬‬
‫)‪ (5‬البقرة‪.(*) 177 :‬‬

‫]‪[274‬‬

‫وأما اليمان الذي هو الداء فهو قوله لما حول ال قبلة رسوله إلى الكعبة قال‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا رسول ال فصلتنا إلى بيت‬
‫المقدس بطلت ؟ فأنزل ال تبارك وتعالى " وما كان ال ليضيع إيمانكم " )‬
‫‪ (1‬فسمى الصلة إيمانا‪ .‬والوجه الرابع من اليمان هو التأييد الذي جعله‬
‫ال في قلوب المؤمنين من روح اليمان فقال‪ " :‬ل تجد قوما يؤمنون بال‬
‫واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو‬
‫إخوانهم أو عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم اليمان وأيدهم بروح منه " )‬
‫‪ (2‬والدليل على ذلك قوله صلى ال عليه وآله " ل يزني الزاني وهو‬
‫مؤمن ول يسرق السارق وهو مؤمن‪ ،‬يفارقه روح اليمان مادام على‬
‫بطنها فإذا قام عاد إليه‪ ،‬قيل‪ :‬وما الذي يفارقه ؟ قال الذي يدعه في قلبه‪،‬‬
‫ثم قال عليه السلم‪ :‬ما من قلب إل وله اذنان على أحدهما ملك مرشد‪،‬‬
‫وعلى الخر شيطان مفتن‪ ،‬هذا يأمره وهذا يزجره‪ .‬ومن اليمان ما قد‬
‫ذكره ال في القرآن خبيث وطيب فقال‪ " :‬ما كان ال ليذر المؤمنين على‬
‫ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " )‪ (3‬ومنهم من يكون مؤمنا‬
‫مصدقا ولكنه يلبس إيمانه بظلم‪ ،‬وهو قوله " الذين آمنوا ولم يلبسوا‬
‫إيمانهم بظلم أولئك لهم المن وهم مهتدون " )‪ (4‬فمن كان مؤمنا ثم دخل‬
‫في المعاصي التي نهى ال عنها فقد لبس إيمانه بظلم‪ ،‬فل ينفعه اليمان‬
‫حتى يتوب إلى ال من الظلم الذي لبس إيمانه حتى يخلص ال إيمانه‪،‬‬
‫فهذه وجوه اليمان في كتاب ال )‪ .(5‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ " :‬لو أن‬
‫هذه الكلمة " استدل عليه السلم باطلق اليمان على القرار باللسان بهذه‬
‫الية لنه تعالى خاطبهم بيا أيها الذين آمنوا ثم قال‪ " :‬وإن منكم " الخ‬
‫فالظاهر أن هؤلء كانوا بين المخاطبين‪ ،‬وما نسب إليهم يدل على أشد‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .143 :‬المجادلة‪ (3) .22 :‬آل عمران‪ (4) .179 :‬النعام‪(5) .82 :‬‬
‫تفسير القمى ص ‪.(*) 27‬‬

‫]‪[275‬‬

‫النفاق فظهر أن المؤمن قد يطلق على المنافق بأحد معانيه‪ ،‬قال الطبرسي رحمه‬
‫ال في قوله " وإن منكم لمن ليبطئن " قيل إنها نزلت في المؤمنين لنه‬
‫سبحانه خاطبهم بقوله " وإن منكم " وقد فرق بين المؤمنين والمنافقين‬
‫بقوله " ما هم منكم " )‪ .(1‬وقال أكثر المفسرين‪ :‬نزلت في المنافقين‬
‫وإنما جمع بينهم بالخطاب من جهة الجنس والنسب‪ ،‬ل من جهة اليمان‪،‬‬
‫وهو اختيار الجبائي انتهى )‪ (2‬وما في الخبر أظهر وقد مر أن الظهر أن‬
‫الخطاب في قوله " يا أيها الذين آمنوا آمنوا " للمنافقين‪ ،‬وهو مختار أكثر‬
‫المفسرين‪ .‬قوله " فمن أقام هذه الشروط " الخ لنه تعالى قال‪ " :‬اولئك‬
‫الذين صدقوا " أي في دعوى اليمان واتباع الحق‪ ،‬فقد حصر الصدق في‬
‫اليمان لهم‪ ،‬والمراد بالداء أداء ما افترض ال على عباده في اليمان‪،‬‬
‫قوله عليه السلم " من روح اليمان " " من " للبيان أو للتعليل‪ ،‬قوله "‬
‫خبيث وطيب " أي وصفهم أول باليمان ثم أطلق على بعضهم الخبيث‪،‬‬
‫وعلى بعضهم الطيب " مفتن " أي مضل‪ - 31 .‬ف‪ :‬دخل على الصادق‬
‫عليه السلم رجل فقال له‪ :‬ممن الرجل ؟ فقال‪ :‬من محبيكم ومواليكم‪ ،‬فقال‬
‫له جعفر‪ :‬ل يحب ال عبدا حتى يتوله‪ ،‬ول يتوله حتى يوجب له الجنة‪ ،‬ثم‬
‫قال له‪ :‬من أي محبينا أنت ؟ فسكت الرجل ؟ فقال له سدير‪ :‬وكم محبوكم يا‬
‫ابن رسول ال ؟ فقال‪ :‬على ثلث طبقات‪ :‬طبقة أحبونا في العلنية‪ ،‬ولم‬
‫يحبونا في السر‪ ،‬وطبقة يحبوننا في السر ولم يحبونا في العلنية وطبقة‬
‫يحبوننا في السر والعلنية‪ ،‬هم النمط العلى‪ ،‬شربوا من العذب الفرات‬
‫وعلموا تأويل الكتاب‪ ،‬وفصل الخطاب‪ ،‬وسبب السباب‪ ،‬فهم النمط العلى‬
‫الفقر والفاقة وأنواع البلء أسرع إليهم من ركض الخيل‪ ،‬مستهم البأساء‬
‫والضراء وزلزلوا وفتنوا‪ ،‬فمن بين مجروح ومذبوح‪ ،‬متفرقين في كل بلد‬
‫قاصية بهم يشفى ال السقيم ويغني العديم‪ ،‬وبهم تنصرون‪ ،‬وبهم‬
‫تمطرون‪ ،‬وبهم ترزقون‪ ،‬وهم القلون عددا العظمون عند ال قدرا‬
‫وخطرا والطبقة الثانية النمط السفل أحبونا في العلنية‪ ،‬وساروا بسيرة‬
‫الملوك‪ ،‬فألسنتهم معنا وسيوفهم علينا‪.‬‬
‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .58 :‬مجمع البيان ج ‪.(*) 74 :3‬‬

‫]‪[276‬‬

‫والطبقة الثالثة النمط الوسط أحبونا في السر ولم يحبونا في العلنية و لعمري لئن‬
‫كانوا أحبونا في السر دون العلنية فهم الصوامون بالنهار‪ ،‬القوامون‬
‫باليل‪ ،‬ترى أثر الرهبانية في وجوههم‪ ،‬أهل سلم وانقياد‪ .‬قال الرجل‪ :‬فأنا‬
‫من محبيكم في السر والعلنية‪ ،‬قال جعفر عليه السلم‪ :‬إن لمحبينا في‬
‫السر والعلنية علمات يعرفون بها‪ ،‬قال الرجل‪ :‬وما تلك العلمات ؟ قال‪:‬‬
‫تلك خلل أولها أنهم عرفوا التوحيد حق معرفته‪ ،‬وأحكموا علم توحيده‬
‫واليمان بعد ذلك بما هو ؟ وما صفته ؟ ثم علموا حدود اليمان وحقائقه‪،‬‬
‫وشروطه وتأويله‪ .‬قال سدير‪ :‬يا ابن رسول ال ما سمعتك تصف اليمان‬
‫بهذه الصفة ؟ قال‪ :‬نعم يا سدير‪ ،‬ليس للسائل أن يسأل عن اليمان ما هو ؟‬
‫حتى يعلم اليمان بمن ؟ قال سدير‪ ،‬يا ابن رسول ال إن رأيت أن تفسر ما‬
‫قلت‪ ،‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬من زعم أنه يعرف ال بتوهم القلوب فهو‬
‫مشرك‪ ،‬ومن زعم أنه يعرف ال بالسم دون المعنى فقد أقر بالطعن‪ ،‬لن‬
‫السم محدث‪ ،‬ومن زعم أنه يعبد السم والمعنى فقد جعل مع ال شريكا‪،‬‬
‫ومن زعم أنه يعبد المعنى بالصفة ل بالدراك فقد أحال على غائب ومن‬
‫زعم أنه يعبد الصفة والموصوف فقد أبطل التوحيد‪ ،‬لن الصفة غير‬
‫الموصوف ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغر الكبير و‬
‫" ما قدروا ال حق قدره " قيل‪ :‬له‪ :‬فكيف سبيل التوحيد ؟ قال‪ :‬باب‬
‫البحث ممكن‪ ،‬وطلب المخرج موجود‪ ،‬إن معرفة عين الشاهد قبل صفته‬
‫ومعرفة صفة الغايب قبل عينه‪ ،‬قيل‪ :‬و كيف تعرف عين الشاهد قبل‬
‫صفته ؟ قال‪ :‬تعرفه وتعلم علمه‪ ،‬وتعرف نفسك به ول تعرف نفسك بنفسك‬
‫من نفسك‪ ،‬وتعلم أن ما فيه له وبه كما قالوا ليوسف " إنك لنت يوسف‬
‫قال أنا يوسف وهذا أخي " )‪ (1‬فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره‪ ،‬ول أثبتوه‬
‫من أنفسهم بتوهم القلوب أما ترى ال يقول " ما كان لكم أن تنبتوا‬
‫شجرها " )‪(2‬‬

‫)‪ (1‬يوسف‪ (2) .90 :‬النمل‪.(*) 60 :‬‬

‫]‪[277‬‬

‫يقول‪ :‬ليس لكم أن تنصبوا إماما من قبل أنفسكم تسمونه محقا بهوى أنفسكم‬
‫وإرادتكم‪ .‬ثم قال الصادق عليه السلم‪ :‬ثلثة ل يكلمهم ال ول ينظر إليهم‬
‫يوم القيامة ول يزكيهم ولهم عذاب أليم‪ :‬من أنبت شجرة لم ينبته ال يعني‬
‫من نصب إماما لم ينصبه ال‪ ،‬أو جحد من نصبه ال‪ ،‬ومن زعم أن لهذين‬
‫سهما في السلم وقد قال ال " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم‬
‫الخيرة " )‪ .(1‬صفة اليمان‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬معنى اليمان القرار‬
‫والخضوع ل بذلك )‪ (2‬القرار والتقرب إليه به‪ ،‬والداء له بعلم كل‬
‫مفروض من صغير أو كبير‪ ،‬من حد التوحيد فما دونه إلى آخر باب من‬
‫أبواب الطاعة أول فأول‪ ،‬مقرون ذلك كله بعضه إلى بعض‪ ،‬موصول بعضه‬
‫ببعض‪ ،‬فإذا أدى العبد ما فرض عليه مما وصل إليه على صفة ما‬
‫وصفناه‪ ،‬فهو مؤمن مستحق لصفة اليمان‪ ،‬مستوجب للثواب‪ ،‬وذلك أن‬
‫معنى جملة اليمان القرار‪ ،‬ومعنى القرار التصديق بالطاعة‪ ،‬فلذلك ثبت‬
‫أن الطاعة كلها صغيرها وكبيرها مفرونة بعضها إلى بعض‪ ،‬فل يخرج‬
‫المؤمن من صفة اليمان إل بترك ما استحق أن يكون به مؤمنا‪ ،‬وإنما‬
‫استوجب واستحق اسم اليمان ومعناه بأداء كبار الفرائض موصولة‪،‬‬
‫وترك كبار المعاصي واجتنابها‪ ،‬وإن ترك صغار الطاعة وارتكب صغار‬
‫المعاصي‪ ،‬فليس بخارج من اليمان ول تارك له ما لم يترك شيئا من كبار‬
‫الطاعة‪ ،‬ولم يرتكب شيئا من كبار المعاصي‪ ،‬فما لم يفعل ذلك فهو مؤمن‬
‫لقول ال " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم‬
‫مدخل كريما " )‪ (3‬يعني المغفرة ما دون الكبائر‪ ،‬فان هو ارتكب كبيرة من‬
‫كبائر المعاصي كان مأخوذا بجميع المعاصي صغارها وكبارها معاقبا عليها‬
‫معذبا بها‪ ،‬فهذه صفة اليمان‪ ،‬وصفة المؤمن المستوجب للثواب‪ .‬صفة‬
‫السلم‪ :‬وأما معنى السلم فهو القرار بجميع الطاعة الظاهر الحكم‬

‫)‪ (1‬القصص‪ (2) 69 :‬في المصدر‪ :‬بذل القرار‪ (3) .‬النساء‪.(*) 31 :‬‬

‫]‪[278‬‬

‫والداء له‪ ،‬فإذا أقر المقر بجميع الطاعة في الظاهر‪ ،‬من غير العقد عليه بالقلوب‬
‫فقد استحق اسم السلم ومعناه‪ ،‬واستوجب الولية الظاهرة‪ ،‬وإجازة‬
‫شهادته والمواريث‪ ،‬وصار له ما للمسلمين‪ ،‬وعليه ما على المسلمين‪،‬‬
‫فهذه صفة السلم‪ .‬وفرق ما بين المسلم والمؤمن أن المسلم إنما يكون‬
‫مؤمنا بأن يكون مطيعا في الباطن مع ما هو عليه في الظاهر‪ ،‬فإذا فعل ذلك‬
‫بالظاهر كان مسلما‪ ،‬وإذا فعل ذلك بالظاهر والباطن بخضوع وتقرب بعلم‬
‫كان مؤمنا‪ ،‬فقد يكون العبد مسلما ول يكون مؤمنا ول يكون مؤمنا إل وهو‬
‫مسلم‪ .‬صفة الخروج من اليمان‪ :‬وقد يخرج من اليمان بخمس جهات من‬
‫الفعل كلها متشابهات معروفات‪ :‬الكفر‪ ،‬والشرك‪ ،‬والضلل‪ ،‬والفسق‪،‬‬
‫وركوب الكبائر‪ ،‬فمعنى الكفر كل معصية عصي ال بها بجهة الجحد‬
‫والنكار والستخفاف والتهاون في كل ما دق وجل‪ ،‬وفاعله كافر‪ ،‬ومعناه‬
‫معنى كفر‪ ،‬من أي مله كان ومن أي فرقة كان‪ ،‬بعد أن تكون منه معصية‬
‫بهذه الصفات‪ ،‬فهو كافر‪ .‬ومعنى الشرك كل معصية عصي ال بها بالتدين‪،‬‬
‫فهو مشرك صغيرة كانت المعصية أو كبيرة ففاعلها مشرك‪ .‬ومعنى‬
‫الضلل الجهل بالمفروض وهو أن يترك كبيرة من كبائر الطاعة التي ل‬
‫يستحق العبد اليمان إل بها‪ ،‬بعد ورود البيان فيها‪ ،‬والحتجاج بها‪ ،‬فيكون‬
‫التارك لها تاركا بغير جهة النكار‪ ،‬والتدين بانكارها وجحودها‪ ،‬ولكن‬
‫يكون تاركا على جهة التواني والغفال والشتغال بغيرها فهو ضال متنكب‬
‫طريق اليمان‪ ،‬جاهل به خارج منه مستوجب لسم الضللة ومعناها‪ ،‬مادام‬
‫بصفته التي وصفناه بها‪ .‬فان كان هو الذي مال بهواه إلى وجه من وجوه‬
‫المعصية بجهة الجحود والستخفاف والتهاون كفر‪ ،‬وإن هو مال بهواه‬
‫إلى التدين بجهة التأويل والتقليد والتسليم والرضا بقول الباء والسلف‬
‫فقد أشرك وقل ما يلبث النسان على ضللة حتى يميل بهواه إلى بعض ما‬
‫وصفناه من صفته‪ .‬ومعنى الفسق فكل معصية من المعاصي الكبار فعلها‬
‫فاعل‪ ،‬أو دخل فيها داخل‬

‫]‪[279‬‬

‫بجهة اللذة والشهوة والشوق الغالب‪ ،‬فهو فسق‪ ،‬وفاعله فاسق خارج من اليمان‬
‫بجهة الفسق‪ ،‬فان دام في ذلك حتى يدخل في حد التهاون والستخفاف‪ ،‬فقد‬
‫وجب أن يكون بتهاونه واستخفافه كافرا‪ .‬ومعنى راكب الكبائر التي بها‬
‫يكون فساد إيمانه‪ ،‬فهو أن يكون منهمكا على كبائر المعاصي بغير الجحود‬
‫ول التدين ول لذة ول شهوة‪ ،‬ولكن من جهة الحمية والغضب يكثر القرف‬
‫والسب والقتل وأخذ الموال وحبس الحقوق وغير ذلك من المعاصي‬
‫الكبائر التي يأتيها صاحبها بغير جهة اللذة‪ ،‬ومن ذلك اليمان الكاذبة وأخذ‬
‫الربا وغير ذلك التي يأتيها من أتاها بغير استلذاذ‪ :‬الخمر والزنا واللهو‬
‫ففاعل هذه الفعال كلها مفسد لليمان خارج منه من جهة ركوبه الكبيرة‬
‫على هذه الجهة‪ ،‬غير مشرك‪ ،‬ول كافر‪ ،‬ول ضال جاهل على ما وصفناه‬
‫من جهة الجهالة‪ ،‬فان هو مال بهواه إلى أنواع ما وصفناه من حد‬
‫الفاعلين‪ ،‬كان من صفاته )‪ .(1‬بيان‪ " :‬حتى يتوله " أي يتولى ال‬
‫ويطيعه أو يتوله ال‪ ،‬وفي القاموس النمط محركة ضرب من البسط‪،‬‬
‫والطريقة‪ ،‬والنوع من الشئ‪ ،‬وجماعة أمرهم واحد‪ ،‬قوله عليه السلم "‬
‫من العذب الفرات " أي من العلم الصافي من الشك والشبهة والمراد‬
‫بالعديم عادم المال‪ ،‬أي الفقير " بما هو وما صفته ؟ " أي التوحيد "‬
‫بتوهم القلوب " أي بعقله فقط بدون معلم ينتهي علمه إلى الوحي‬
‫واللهام‪ ،‬أو بما تتوهمه الوهام من الجسم والصورة والمكان وأشباه ذلك‬
‫" فقد أقر بالطعن " أي في ال وفي ربوبيته لنه جعله حادثا‪ ،‬قوله عليه‬
‫السلم " بالصفة ل بالدراك " كأنه إشارة إلى نفي ما يقوله القائلون‬
‫بالشتراك اللفظي أي بأن يصفه بشئ ل يدرك معناه " فقد أحال على غائب‬
‫" أي على شئ غاب عن ذهنه ولم يدركه بوجه " أنه يعبد الصفة‬
‫والموصوف " أي ذاتا موصوفة بصفات زائدة موجودة بأن يعبدهما معا "‬
‫ومن زعم أنه يضيف الموصوف " هو أن يقول بالصفات الزائدة لكن لم‬
‫يعبد الصفات مع الذات‪ ،‬بل الذات الموصوفة بها‪ ،‬فهو وإن لم يشرك‬
‫بالعبادة لكن " صغر الكبير " حيث جعل‬

‫)‪ (1‬تحف العقول ط اسلمية‪.(*) 345 - 340 :‬‬

‫]‪[280‬‬

‫ذاته سبحانه محتاجة في كمالها إلى غيرها‪ ،‬وهي الصفات وكل محتاج ممكن‪" .‬‬
‫باب البحث ممكن " أي طريق التفحص عن التوحيد ممكن‪ ،‬وطلب المخرج‬
‫عن الشبهات حاصل‪ ،‬والحاص أن ال تعالى نصب لكم حجة يمكنكم أن‬
‫تعرفوه وتتعلوا منه التوحيد‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬معرفة عين الحاضر قبل‬
‫معرفة صفاته كما أن زيدا تراه أول ثم تعرف أنه عالم أو جاهل ونسبه‬
‫وسائر أحواله " ومعرفة صفة الغائب قبل عينه " لنه إنما يعرف‬
‫بالصفات‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد أن المام الذي يؤخذ منه التوحيد إن‬
‫كان حاضرا يعرف عينه أول ثم يعرف استحقاقه للمامة بالدلئل‬
‫والمعجزات والعلمات‪ ،‬والغائب بالعكس‪ ،‬ويحتمل أن يراد بالشاهد‬
‫الممكنات والمخلوقات وبالغائب الخالق‪ .‬ثم سئل عليه السلم " كيف تعرف‬
‫عين الشاهد قبل صفته " أي كيف يعرف عينه وصفاته ؟ قال‪ " :‬تعرفه "‬
‫بالصفات التي تكون في المام " وتعلم علمه " أي تأخذ عنه العلم حتى‬
‫أنك " تعرف نفسك " وصفاتها به " و " الحال أنك " ل تعرف نفسك "‬
‫التي هي أقرب الشياء منك " بنفسك من " قبل " نفسك " وهو يعرفك‬
‫إياها‪ ،‬أو المعنى تعلم كونه عالما بالسؤال عن غوامض العلوم وأنواعها‬
‫ويعرف ما في نفسك أي يخبرك بما في قلبك وبما أنت غافل عنه من‬
‫صفات نفسك ; وعلى الول فيه إيماء إلى أنه إذا لم تعرف نفسك إل ببيان‬
‫المام وهي أقرب الشياء منك تتوقع أن تعرف ربك بعقلك ؟ " وتعلم أن ما‬
‫فيه " أي ما يدعيه من المامة " له وبه " أي حاصلة له ومختصة به‪ .‬ثم‬
‫استشهد عليه السلم لكون معرفة عين الشاهد قبل صفته بقصة يوسف و‬
‫إخوته‪ ،‬حيث عرفوا ذاته أول بالمشاهدة‪ ،‬ثم عرفوا صفته‪ ،‬وأنه أخوهم بما‬
‫شاهدوا منه وسمعوا‪ ،‬فعرفوا صفته أيضا بذاته‪ ،‬كذلك المام تعرف صفته‬
‫من ذاته وبما يسمع ويرى منه من علومه ومعجزاته‪ .‬قوله عليه السلم "‬
‫ول أثبتوه من أنفسهم بتوهم القلوب " أي كما يعرف المور الغائبة‬
‫بالدلئل العقلية أو النقلية‪ .‬ثم أكد عليه السلم ما أومأ إليه سابقا من أن‬
‫المام ل بد من أن يكون معروفا‬

‫]‪[281‬‬

‫بصفات خاصة ل توجد في غيره‪ ،‬وأن المامة ل تكون باختيار المة‪ ،‬صرح ذلك‬
‫بتأويل قوله تعالى‪ " :‬ما كان لكم أن تنبتوا شجرها " )‪ (1‬بأن المراد‬
‫بالشجر المام كما ورد في قوله تعالى " ومثل شجرة طيبة " )‪ (2‬أن‬
‫المراد بها شجرة النبوة والمامة‪ ،‬وبانباتها نصبة إماما بهوى أنفسهم‪،‬‬
‫وكأنه إشارة إلى أنه إذا لم يكن لهم القدرة والختيار في إنبات شجرة‬
‫خلقها ال لمصلحة دينه من المور الدنيوية كيف يفوض إليهم ويمكنهم‬
‫من نصب المام الذي هو مناط نظام العالم‪ ،‬وعلة خلقه و بقائه‪ ،‬وبه تناط‬
‫مصالح الدين والدنيا‪ .‬قوله " ومن زعم " يدل على أن القول بعدم كفر‬
‫المخالف كفر أو قريب منه‪ ،‬وفي الخبر فوائد جليلة ستعرف تفصيلها فيما‬
‫سيأتي وتنتفع بها بعد التأمل فيها في حل الخبار التية‪ - 32 .‬سن‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي ‪ -‬عبد ال عليه‬
‫السلم‪ ،‬قال‪ :‬لو أن العباد وصفوا الحق وعملوا به‪ ،‬ولم يعقد قلوبهم على‬
‫أنه الحق ما انتفعوا )‪ - 33 .(3‬سن‪ :‬عن هارون بن الجهم‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن ثوير‪ ،‬عن أبي خديجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أتى رجل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا رسول ال إني جئتك ابايعك على‬
‫السلم‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ابايعك على أن تقتل أباك‪،‬‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنا وال ل نأمركم بقتل‬
‫آبائكم‪ ،‬ولكن الن علمت منك حقيقة اليمان‪ ،‬وأنك لن تتخذ من دون ال‬
‫وليجة‪ ،‬أطيعوا آباءكم فيما أمروكم‪ ،‬ول تطيعوهم في معاصي ال )‪.(4‬‬
‫بيان‪ :‬في النهاية وليجة الرجل بطانته ودخلؤه وخاصته‪ - 34 .‬سن‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن عبد ال بن القاسم‪ ،‬عن مدرك ]بن عبد الرحمان‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬السلم عريان‬
‫فلباسه الحياء‪ ،‬وزينته‬

‫)‪ (1‬النمل‪ (2) .60 :‬ابراهيم‪ (3) .24 :‬المحاسن ص ‪ (4) .249‬المحاسن ص ‪248‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[282‬‬

‫الوفاء‪ ،‬ومروءته العمل الصالح‪ ،‬وعماده الورع‪ ،‬ولكل شئ أساس وأساس السلم‬
‫حبنا أهل البيت )‪ - 35 .(1‬سن‪ :‬عنه‪ ،‬عن أبيه‪ ،،‬عن[ )‪ (2‬ابن أبي عمير‪،‬‬
‫عن حماد بن عثمان‪ ،‬عن عبيد بن زرارة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أيها الناس إني امرت أن اقاتلكم‬
‫حتى تشهدوا أن ل إله إل ال وأني محمد رسول ال‪ ،‬فإذا فعلتم ذلك حقنتم‬
‫بها أموالكم ودماءكم إل بحقها‪ ،‬وكان حسابكم على ال )‪ - 36 .(3‬سن‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن أيوب بن الحر‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير قال‪ :‬كنت عند أبي جعفر عليه السلم فقال له سلم‪ :‬إن خيثمة بن‬
‫أبي خيثمة حدثنا أنه سألك عن السلم‪ ،‬فقلت له‪ :‬إن السلم‪ :‬من استقبل‬
‫قبلتنا‪ ،‬وشهد شهادتنا‪ ،‬ونسك نسكنا‪ ،‬ووالى ولينا‪ ،‬وعادى عدونا‪ ،‬فهو‬
‫مسلم‪ ،‬قال‪ :‬صدق‪ .‬وسألك عن اليمان فقلت‪ :‬اليمان بال‪ ،‬والتصديق‬
‫بكتابه‪ ،‬وأن أحب في ال‪ ،‬و أبغض في ال‪ ،‬فقال‪ :‬صدق خيثمة )‪- 37 .(4‬‬
‫سن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن العل‪ ،‬عن محمد قال‪ :‬سألت أبا جعفر‬
‫عليه السلم عن اليمان‪ ،‬فقال‪ :‬اليمان ما كان في القلب‪ ،‬والسلم ما كان‬
‫عليه المناكح والمواريث‪ ،‬وتحقن به الدماء‪ ،‬واليمان يشرك السلم‬
‫والسلم ل يشرك اليمان )‪ - 38 .(5‬يج‪ :‬روي عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وآله كان يسير في بعض ميسره‬
‫فقال لصحابه‪ :‬يطلع عليكم من بعض هذه الفجاج شخص ليس له‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .286‬أضفنا الزيادة من المصدر بقرينة ذكر السند‪ ،‬فالظاهر‬
‫سقوط هذه الزيادة من نسخة الكمباني‪ (3) .‬المحاسن ص ‪ 4) .284‬و ‪(5‬‬
‫المحاسن ص ‪.(*) 285‬‬

‫]‪[283‬‬

‫عهد بابليس منذ ثلثة أيام‪ ،‬فما لبثوا أن أقبل أعرابي قد يبس جلده على عظمه‬
‫وغارت عيناه في رأسه‪ ،‬واخضرت شفتاه من أكل البقل‪ ،‬فسأل عن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله في أول الرفاق حتى لقيه‪ ،‬فقال له‪ :‬اعرض علي‬
‫السلم‪ ،‬فقال‪ :‬قل أشهد أن ل إله إل ال وأني محمد رسول ال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أقررت‪ ،‬قال تصلي الخمس‪ ،‬وتصوم شهر رمضان‪ ،‬قال‪ :‬أقررت‪ ،‬قال‪ :‬تحج‬
‫البيت الحرام‪ ،‬وتؤدي الزكاة‪ ،‬وتغتسل من الجنابة‪ ،‬قال‪ :‬أقررت فتخلف‬
‫بعير العرابي ووقف النبي فسأل عنه فرجع الناس في طلبه فوجدوه في‬
‫آخر العسكر قد سقط خف بعيره في حفرة من حفر الجرذان فسقط فاندقت‬
‫عنق العرابي وعنق البعير‪ ،‬وهما ميتان‪ ،‬فأمر النبي فضربت خيمة فغسل‬
‫فيه ثم دخل النبي فكفنه‪ ،‬فسمعوا للنبي حركة فخرج وجبينه يترشح عرقا‬
‫وقال‪ :‬إن هذا العرابي مات وهو جائع‪ ،‬وهو ممن آمن ولم يلبس إيمانه‬
‫بظلم‪ ،‬فابتدره الحور العين بثمار الجنة يحشون بها شدقه‪ ،‬هذه تقول‪ :‬يا‬
‫رسول ال اجعلني في أزواجه‪ ،‬وهذه تقول‪ :‬يا رسول ال اجعلني في‬
‫أزواجه )‪ - 39 .(1‬شى‪ :‬عن حمران‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قلت له‪ :‬أرأيت المؤمن له فضل على المسلم في شئ من المواريث‬
‫والقضايا والحكام حتى يكون للمؤمن أكثر مما يكون للمسلم في المواريث‬
‫أو غير ذلك ؟ قال‪ :‬ل هما يجريان في ذلك مجرى واحدا إذا حكم المام‬
‫عليهما ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما‪ ،‬وما يتقربان به إلى‬
‫ال‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬أليس ال يقول‪ " :‬من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " )‬
‫‪ (2‬وزعمت أنهم مجتمعون على الصلة والزكاة والصوم والحج مع‬
‫المؤمن ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬أليس ال قد قال " وال يضاعف لمن يشاء‪ .‬أضعافا‬
‫كثيرة " فالمؤمن هم الذين يضاعف ال لهم الحسنات لكل حسنة سبعين‬
‫ضعفا‪ ،‬فهذا من فضلهم ويزيد ال المؤمن في حسناته على قدر صحة‬
‫إيمانه أضعافا مضاعفة كثيرة‪ ،‬ويفعل ال بالمؤمنين ما يشاء )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الخرائج والجرائج ص ‪ (2) .184‬النعام‪ (3) .160 :‬العياشي ج ‪ 1‬ص ‪146‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[284‬‬

‫بيان‪ " :‬وال يضاعف " أقول الية في البقرة في موضعين‪ :‬أحدهما " من ذا الذي‬
‫يقرض ال قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " )‪ (1‬وثانيهما " مثل‬
‫الذين ينفقون أموالهم كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة‬
‫وال يضاعف لمن يشاء وال واسع عليم " )‪ (3‬وكأنه جمع بين اليتين‬
‫إشارة إليهما لو لم يكن من تحريف الرواة‪ ،‬كما يدل عليه ما مر من رواية‬
‫الكافي )‪ - 40 .(3‬شى‪ :‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه‬
‫السلم عن قوله‪ " :‬إن الدين عند ال السلم " فقال‪ :‬يعني الدين فيه‬
‫اليمان )‪ 41 .(4‬شى‪ :‬عن أبي عمرو الزبيري‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ ،‬في قوله‪ " :‬ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر " قال‪ :‬في هذه الية تكفير أهل القبلة‬
‫بالمعاصي‪ ،‬لنه من لم يكن يدعو إلى الخيرات و يأمر بالمعروف‪ ،‬وينهى‬
‫عن المنكر من المسلمين‪ ،‬فليس من المة التي وصفها ال لنكم تزعمون‬
‫أن جميع المسلمين من امة محمد‪ ،‬قد بدت هذه الية وقد وصفت امة محمد‬
‫بالدعاء إلى الخير‪ ،‬والمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬ومن لم يوجد‬
‫فيه الصفة التي وصفت بها‪ ،‬فكيف يكون من المة‪ ،‬وهو على خلف ما‬
‫شرطه ال على المة ووصفها به )‪ .(5‬بيان‪ :‬كأن المعنى أن المة امتان‪:‬‬
‫امة دعوة‪ ،‬وامة إجابة‪ ،‬وامة الدعوة تشمل الكفار أيضا وامة الجابة هم‬
‫الذين أجابوا الرسول فيما دعاهم إليه‪ ،‬فالمة المذكورة في هذه الية امة‬
‫الجابة‪ ،‬وقد وصفهم بأوصاف‪ ،‬فمن لم تكن فيه تلك الوصاف لم تكن منها‬
‫لكن روى في الكافي في كتاب الجهاد خبرا آخرا عن هذا‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .245 :‬البقرة‪ (3) .261 :‬تحت الرقم‪ (4) .12 :‬تفسير العياشي ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ ،166‬والية في آل عمران‪ (5) .19 :‬العياشي ج ‪ ،1 195‬والية‬
‫في آل عمران ‪.(*) 104‬‬

‫]‪[285‬‬

‫الراوي بعينه )‪ (1‬وفيه دللة على أن المراد بالمة الئمة عليهم السلم‪ ،‬فيمكن أن‬
‫يكون لمة الجابة أيضا مراتب كما أن للمؤمنين منازل‪ - 42 .‬م‪ :‬قوله‬
‫عزوجل " الذين يؤمن بالغيب " قال المام عليه السلم‪ :‬ثم وصف هؤلء‬
‫المتقين الذين هذا الكتاب هدى لهم‪ ،‬فقال‪ " :‬الذين يؤمنون بالغيب " يعني‬
‫بما غاب عن حواسهم من المور التي يلزمهم اليمان بها‪ ،‬كالبعث‬
‫والحساب و الجنة والنار‪ ،‬وتوحيد ال وسائر ما ل يعرف بالمشاهدة‪ ،‬وإنما‬
‫يعرف بدلئل قد نصبها ال عزوجل عليها كآدم‪ ،‬وحواء‪ ،‬وإدريس‪ ،‬ونوح‪،‬‬
‫وإبراهيم والنبياء الذين يلزمهم اليمان بهم‪ ،‬وبحجج ال تعالى وإن لم‬
‫يشاهدوهم ويؤمنون بالغيب وهم من الساعة مشفقون )‪ - 43 .(2‬م‪ :‬قوله‬
‫عزوجل " والذين يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك وبالخرة هم‬
‫يوقنون " قال المام عليه السلم‪ :‬ثم وصف بعد هؤلء الذين يقيمون‬
‫الصلة فقال‪ :‬والذين يؤمنون بما انزل إليك " يا محمد " وما انزل من‬
‫قبلك " على النبياء الماضين‪ ،‬كالتوراة والنجيل والزبور وصحف إبراهيم‬
‫وسائر كتب ال المنزلة على أنبيائه‪ ،‬بأنه حق وصدق من عند رب عزيز‪،‬‬
‫صادق حكيم " وبالخرة هم يوقنون " بالدار الخرة بعد هذه الدنيا‪ ،‬ل‬
‫يشكون فيها بأنها الدار التي فيها جزاء العمال الصالحة بأفضل مما‬
‫عملوه‪ ،‬وعقاب العمال بمثل ما كسبوه‪ ،‬قال المام عليه السلم‪ :‬من دفع‬
‫فضل أمير المؤمنين صلوات ال عليه على جميع من بعد النبي صلى ال‬
‫عليه وآله فقد كذب بالتوراة والنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر‬
‫كتب ال المنزلة‪ ،‬فانه ما نزل شئ منها إل وأهم ما فيه بعد المر بتوحيد‬
‫ال تعالى والقرار بالنبوة‪ ،‬العتراف بوليته والطيبين من آله عليه‬
‫السلم‪ .‬ولقد قال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلم‪ :‬ما تقول في رجل‬
‫يؤمن بما انزل على محمد صلى ال عليه وآله وما انزل من قبله ويؤمن‬
‫بالخرة ويصلي ويزكي ويصل الرحم‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 5‬ص ‪ (2) .19 - 13‬تفسير المام ص ‪.(*) 24‬‬


‫]‪[286‬‬

‫ويعمل الصالحات‪ ،‬لكنه يقول مع ذلك‪ :‬ل أدري الحق لعلي أو فلن ؟ فقال علي بن‬
‫الحسين عليهما السلم‪ :‬ما تقول أنت في رجل يفعل هذه الخيرات كلها إل‬
‫أنه يقول‪ :‬ل أدري النبي محمد أو مسيلمة ؟ هل ينتفع بشئ من هذه الفعال‬
‫؟ فقال‪ :‬ل قال‪ :‬فكذلك صاحبك هذا‪ ،‬كيف يكون مؤمنا بهذه الكتب من ل‬
‫يدري أمحمد نبي أم مسيلمة وكذلك كيف يكون مؤمنا بهذه الكتب والخرة‬
‫أو منتفعا بشئ من أعماله من ل يدري أعلي محق أم فلن ؟ قوله‪ :‬عزوجل‬
‫" اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون " قال المام عليه‬
‫السلم‪ :‬ثم أخبر ال جل جلله عن هؤلء الموصوفين بهذه الصفات‬
‫الشريفة فقال‪ " :‬اولئك " أهل هذه الصفات " على هدى " بيان وصواب‬
‫" من ربهم " وعلم بما أمرهم به " واولئك هم المفلحون " الناجون مما‬
‫منه يوجلون‪ ،‬الفائزون بما به يؤمنون‪ .‬قوله عزوجل‪ " :‬إن الذين كفروا‬
‫سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون " قال المام‪ :‬فلما ذكر‬
‫هؤلء المؤمنين ومدحهم‪ ،‬ذكر الكافرين المخالفين لهم في كفرهم‪ ،‬فقال‪" :‬‬
‫إن الذين كفروا " بال وبما آمن به هؤلء المؤمنون بتوحيد ال وبنبوة‬
‫محمد رسول ال وبوصية علي ولي ال ووصي رسول ال والئمة الطيبين‬
‫الطاهرين خيار عباد ال الميامين القوامين بمصالح خلق ال تعالى‪" ،‬‬
‫سواء عليهم ءأنذرتهم " خوفتهم " أم لم تنذرهم " لم تخوفهم " ل‬
‫يؤمنون " أخبر عن علمه فيهم‪ ،‬وهم الذين قد علم ال عزوجل أنهم ل‬
‫يؤمنون )‪ - 44 .(1‬م‪ :‬قوله عزوجل " يا أيها الناس " قال المام‬
‫العسكري عليه السلم‪ :‬قال علي بن الحسين‪ :‬يعني سائر المكلفين من ولد‬
‫آدم عليه السلم " اعبدوا ربكم " أجيبوا ربكم من حيث أمركم أن تعتقدوا‬
‫أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬ول شبيه ول مثل‪ ،‬عدل ل يجور‪ ،‬جواد‬
‫ل يبخل‪ ،‬حليم ل يعجل‪ ،‬حكيم ل يخطل‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله صلى ال‬
‫عليه وآله الطيبين‪ ،‬وبأن آل محمد أفضل آل النبيين وأن عليا أفضل آل‬
‫محمد‪ ،‬وأن أصحاب محمد المؤمنين منهم أفضل صحابة المرسلين‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬تفسير المام‪ ،32 :‬واليات في البقرة‪.(*) 6 - 4 :‬‬

‫]‪[287‬‬

‫وبأن امة محمد أفضل امم المرسلين " الذي خلقكم " نسما‪ ،‬وسواكم من بعد ذلك و‬
‫صوركم فأحسن صوركم " والذين من قبلكم " قال‪ :‬وخلق الذين من قبلكم‬
‫من سائر أصناف الناس " لعلكم تتقون " قال‪ :‬لها وجهان‪ :‬أحدهما خلقكم‬
‫وخلق الذين من قبلكم لعلكم تتقون أي لتتقوا كما قال ال " وما خلقت‬
‫الجن والنس إل ليعبدون " )‪ (1‬والوجه الخر‪ :‬اعبدوا ربكم الذي خلقكم‬
‫والذين من قبلكم أي اعبدوه لعلكم تتقون النار " ولعل " من ال واجب‬
‫لنه أكرم من أن يعني عبده بل منفعة‪ ،‬ويطعمه في فضله ثم يخيبه‪ ،‬أل‬
‫ترى أنه كيف قبح من عبد من عباده إذا قال لرجل‪ :‬أخدمني لعلك تنتفع‬
‫مني‪ ،‬وتخدمني ولعلي أنفعك بها‪ .‬فيخدمه ثم يخيبه ول ينفعه‪ ،‬فال عزوجل‬
‫أكرم في أفعاله وأبعد من القبيح في أعماله من عباده )‪ .(2‬بيان‪ :‬في‬
‫القاموس‪ :‬الخطل محركة خفة وسرعة‪ ،‬والكلم الفاسد الكثير خطل كفرح‬
‫فهو أخطل‪ ،‬وخطل فيهما والضطراب في النسان " لها وجهان " أقول‪:‬‬
‫الفرق بينهما أنه على الول علة الخلق‪ ،‬وعلى الثاني علة العبادة‪،‬‬
‫والقاضي ذكر الول وضعفه بأنه لم يرد في اللغة واختار أنه حال عن‬
‫الضمير في " اعبدوا " أو عن مفعول خلقكم‪ ،‬قوله عليه السلم " من أن‬
‫يعني " بالنون على بناء التفعيل أو الفعال أي يوقعه في التعب والنصب‬
‫وفي بعض النسخ بالياء وهو قريب منه‪ ،‬من قولهم أعيى السير البعير أي‬
‫أكله‪ ،‬والول أظهر‪ - 45 .‬شى‪ :‬عن أبي العباس‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم في قول ال " سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا " قال‪ :‬هي سنة‬
‫محمد ومن كان قبله من الرسل وهو السلم )‪ - 46 (3‬كتاب سليم بن قيس‬
‫الهللي‪ :‬قال‪ :‬قلت لمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬ما اليمان وما السلم ؟‬
‫قال‪ :‬أما اليمان فالقرار بعد المعرفة )‪ (4‬والسلم فما أقررت به‬

‫)‪ (1‬الذاريات‪ (2) .56 :‬تفسير المام ص ‪ ،52‬والية في البقرة‪ (3) .21 :‬تفسير‬
‫العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ ،308‬والية في أسرى‪ (4) .77 :‬في المصدر‪ :‬القرار‬
‫بالمعرفة )*(‪.‬‬

‫]‪[288‬‬

‫والتسليم للوصياء والطاعة لهم‪ ،‬وفي رواية اخرى والسلم إذا ما أقررت به‪،‬‬
‫قلت‪ :‬اليمان القرار بعد المعرفة ؟ قال‪ :‬من عرفه ال نفسه ]ونبيه[‬
‫وإمامه ثم أقر بطاعته فهو مؤمن‪ .‬وعن أبان‪ ،‬عن سليم قال‪ :‬سمعت علي‬
‫بن أبي طالب عليه السلم وسأله رجل عن اليمان فقال يا أمير المؤمنين‬
‫أخبرني عن اليمان‪ ،‬ل أسأل عنه أحدا بعدك‪ ،‬قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي‬
‫صلى ال عليه وآله فسأله عن مثل ما سألتني عنه‪ ،‬فقال له مثل مقالتك‬
‫فأخذ يحگثه ثم قال له‪ :‬افعل )‪ (1‬آمنت‪ ،‬ثم أقبل علي عليه السلم على‬
‫الرجل فقال‪ :‬أما علمت أن جبرئيل أتى رسول ال صلى ال عليه وآله في‬
‫صورة آدمي فقال له‪ :‬ما السلم ؟ فقال‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن‬
‫محمدا رسول ال وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة وحج البيت‪ ،‬وصيام شهر‬
‫رمضان والغسل من الجنابة‪ ،‬قال‪ :‬فما اليمان ؟ قال‪ :‬نؤمن بال وملئكته‬
‫وكتبه ورسله وبالحياة بعد الموت‪ ،‬وبالقدر كله خيره وشره وحلوه ومره‪،‬‬
‫فلما قام الرجل قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬هذا جبرئيل جاءكم‬
‫يعلمكم دينكم‪ ،‬فكان رسول ال كلما قال له شيئا قال‪ :‬له‪ :‬صدقت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فمتى الساعة ؟ قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪ ،‬ثم‬
‫قال علي عليه السلم‪ :‬بعد ما فرغ من قول جبرئيل " صدقت " أل إن‬
‫اليمان بني على أربع دعائم‪ :‬على اليقين‪ ،‬و الصبر‪ ،‬والعدل‪ ،‬والجهاد )‬
‫‪ .(2‬أقول‪ :‬ساق الحديث إلى آخر ما سيأتي في باب دعائم السلم‪- 47 .‬‬
‫نوادر الراوندي‪ :‬بإسناده عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال تعالى جعل السلم دينه‪،‬‬
‫وجعل كلمة الخلص حسنا له‪ ،‬فمن استقبل قبلتنا‪ ،‬وشهد شهادتنا‪ ،‬وأحل‬
‫ذبيحتنا فهو مسلم‪ ،‬له مالنا وعليه ما علينا )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬أي افعل هذه الصفات التى وصفتها‪ ،‬فإذا فعلتها فقد آمنت‪ ،‬فان اليمان هو‬
‫العمل‪ (2) .‬كتاب سليم بن قيس ص ‪ (3) .88 - 87‬نوادر الراوندي ص‬
‫‪.(*) 21‬‬

‫]‪[289‬‬

‫وبهذا السناد قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أربعة يستأنفون العمل‪:‬‬
‫المريض إذا برئ‪ ،‬والمشرك إذا أسلم‪ ،‬والحاج إذ فرغ‪ ،‬والمنصرف من‬
‫الجمعة إيمانا واحتسابا )‪ - 48 .(1‬نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪:‬‬
‫في بعض ما احتج به على الخوارج‪ :‬وقد علمتم أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله رجم الزاني ثم صلى عليه‪ ،‬ثم ورثه أهله‪ ،‬وقتل القاتل وورث‬
‫ميراثه أهله‪ ،‬وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن ثم قسم عليهما من‬
‫الفئ ونكحا المسلمات‪ ،‬فأخذهم رسول ال صلى ال عليه وآله بذنوبهم‪،‬‬
‫وأقام حق ال فيهم‪ ،‬ولم يمنعهم سهمهم من السلم‪ ،‬ولم يخرج أسماءهم‬
‫من بين أهله‪ ،‬وساقه إلى قوله عليه السلم‪ :‬والزموا السواد العظم فان يد‬
‫ال على الجماعة‪ ،‬وإياكم والفرقة‪ ،‬فان الشاذ من الناس للشيطان‪ ،‬كما أن‬
‫الشاذة من الغنم للذئب‪ ،‬أل من دعا إلى هذه الشعار فاقتلوه ولو كان تحت‬
‫عمامتي هذه )‪ .(2‬توضيح‪ :‬غرضه عليه السلم رفع شبهتهم لعنهم ال في‬
‫الحكم بكفر أصحاب الكبائر مطلقا‪ ،‬ولذا كفروه صلوات ال عليه للرضا‬
‫بالتحكيم‪ ،‬فاحتج عليهم بأن النبي صلى ال عليه وآله لم يخرج أصحاب‬
‫الكبائر من السلم‪ ،‬وأجرى فيهم أحكام المسلمين فأبطل بذلك ما زعموا أن‬
‫الدار دار كفر ل يجوز الكف عن أحد من أهلها‪ ،‬وقتلوا الناس حتى‬
‫الطفال‪ ،‬وقتلوا البهائم أيضا لذلك " والسواد " العدد الكثير‪ ،‬والجماعة‬
‫من الناس‪ ،‬و " يد ال " كناية عن الحفظ والدفاع أي أن الجماعة‬
‫المجتمعين على إمام الحق في كنف ال وحفظه‪ ،‬وما استدل به على العمل‬
‫بالمشهورات و الجماعات الغير الثابت دخول المعصوم فيها‪ ،‬فل يخفى‬
‫وهنه‪ ،‬لو رود الخبار المتكاثرة ودللة اليات المتظافرة على أن أكثر‬
‫الخلق على الضلل والحق مع القليل وكأن " هذا الشعار " إشارة إلى‬
‫قولهم " ل حكم إل ل " ول حكم إل ال وقيل كان شعارهم أنهم كانوا‬
‫يحلقون وسط رؤوسهم‪ ،‬ويبقون الشعر مستديرا حوله كالكليل وقيل هو‬
‫مفارقة‬

‫)‪ (1‬النادر ص ‪ (2) .24‬نهج البلغة‪ ،‬ط عبده ج ‪ 1‬ص ‪ 260‬الخطبة‪.(*) 125 :‬‬

‫]‪[290‬‬

‫الجماعة والستبداد بالرأي " ولو كان تحت عمامتي " أي ولو اعتصم بأعظم‬
‫الشياء حرمة‪ ،‬وقيل كنى بها عن أقصى القرب من عنايته‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد‪:‬‬
‫ولو كان الداعي أنا‪ .‬وأقول‪ :‬قد مضى تمام الكلم مشروحا في كتاب الفتن‪.‬‬
‫‪ - 49‬نهج‪ :‬إن ال تعالى أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر‪ ،‬فخذوا نهج‬
‫الخير تهتدوا‪ ،‬واصدفوا عن سمت الشر تقصدوا‪ ،‬الفرائض الفرائض أدوها‬
‫إلى ال تؤدكم إلى الجنة إن ال حرم حراما غير مجهول‪ ،‬وفضل حرمة‬
‫المسلم على الحرم كلها‪ ،‬وشد بالخلص والتوحيد حقوق المسلمين في‬
‫معاقدها‪ ،‬فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إل بالحق‪ ،‬ول يحل‬
‫أذى المسلم إل بما يجب بادروا أمر العامة وخاصة أحدكم‪ ،‬وهو الموت‪،‬‬
‫إلى قوله " واتقوا ال في عباده و بلده‪ ،‬فإنكم مسؤلون حتى عن البقاع‬
‫والبهائم‪ .‬الخطبة )‪ (1‬بيان‪ :‬النهج بالفتح الطريق الواضح و " صدف عنه‬
‫" كمنع أي أعرض و " السمت " الطريق " والقصد " استقامة الطريق‪،‬‬
‫يقال‪ :‬قصد فلن كضرب إذا رشد " والفرائض " مكررا نصب على‬
‫الغراء " والحرم " جمع حرمة‪ ،‬وهو اسم من الحترام‪ ،‬وشد الحقوق‬
‫بالخلص والتوحيد وربطه بهما‪ ،‬هو ال تعالى أوجب على المخلصين‬
‫الموحدين المحافظة عليها‪ ،‬وجعلها مكمل لهما و " معاقدها " مواضعها‬
‫" وما يجب " أي ما يلزم ويثبت وهو كالتأكيد لقوله إل بالحق والمراد‬
‫بالمبادرة إلى الموت الرضا به والتهيؤله‪ ،‬والستعداد لما بعده‪ ،‬والموت‬
‫وإن كان يعم كل حيوان إل أن له مع كل أحد خصوصية وكيفية مخالفة‬
‫لحاله مع غيره‪ ،‬والتقوى في العباد اتباع أمر ال في المعاملت‪ ،‬والمور‬
‫الدائرة بين الناس‪ ،‬وفي البلد القيام بحق المقام‪ ،‬والعمل في كل مكان بما‬
‫امر به‪ ،‬والسؤال عن البقاع لم أخربتم هذه ؟ ولم عمرتم هذه ؟ ولم لم‬
‫تعبدوا ال فيها ؟ وعن البهائم لم أجعتموها ؟ أو أوجعتموها‪ ،‬ولم لم‬
‫تقوموا بشأنها ورعاية حقها‪.‬‬
‫)‪ (1‬النهج‪ ،‬الخطبة‪ ،165 :‬وهى في ط عبده ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 334‬‬

‫]‪[291‬‬

‫‪ - 50‬الهداية‪ :‬السلم هو القرار بالشهادتين‪ ،‬وهو الذي يحقن به الدماء والموال‪،‬‬


‫ومن قال ل إله إل ال محمد رسول ال‪ ،‬فقد حقن ماله ودمه‪ ،‬إل بحقيهما‬
‫وعلى ال حسابه‪ ،‬واليمان هو إقرار باللسان‪ ،‬وعقد بالقلب‪ ،‬وعمل‬
‫بالجوارح وأنه يزيد بالعمال وينقص بتركها‪ ،‬وكل مؤمن مسلم‪ ،‬وليس كل‬
‫مسلم مؤمن‪ ،‬ومثل ذلك مثل الكعبة والمسجد‪ :‬فمن دخل الكعبة فقد دخل‬
‫المسجد وليس كل من دخل المسجد دخل الكعبة‪ ،‬وقد فرق ال عزوجل‬
‫اسمه في كتابه بين السلم واليمان‪ ،‬فقال‪ " :‬قالت العراب آمنا قل لم‬
‫تؤمنوا ولكن قولو أسلمنا " )‪ (1‬وقد بين ال عز وجل أن اليمان قول‬
‫وعمل لقوله‪ " :‬إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم وإذا تليت‬
‫عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلة‬
‫ومما رزقناهم ينفقون * اولئك هم المؤمنون حقا " )‪ (2‬وأما قوله عزوجل‬
‫" فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من‬
‫المسلمين " )‪ (3‬فليس ذلك بخلف ما ذكرنا‪ ،‬لن المؤمن يسمى مسلما‬
‫والمسلم ل يسمى مؤمنا حتى يأتي مع إقراره بعمل‪ ،‬وأما قوله عزوجل "‬
‫ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه وهو في الخرة من الخاسرين "‬
‫)‪ (4‬فقد سئل الصادق عليه السلم عن ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬هو السلم الذي فيه‬
‫اليمان‪ - 51 .‬مشكوة النوار‪ :‬نقل من كتاب المحاسن‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬أتى رجل إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا‬
‫رسول ال إني جئت لبايعك على السلم فقال له رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬على أن تقتل أباك‪ ،‬فقبض الرجل يده وانصرف‪ ،‬ثم عاد وقال‪ :‬يا‬
‫رسول ال إني جئت لبايعك على السلم‪ ،‬فقال له‪ :‬أن تقتل أباك ؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬فقال له رسول ال‪ :‬إن المؤمن يرى يقينه في عمله‪ ،‬والكافر يرى‬

‫)‪ (1‬الحجرات‪ (2) .13 :‬النفال‪ (3) .4 - 2 :‬الذاريات‪ (4) .36 - 35 :‬آل عمران‪:‬‬
‫‪.(*) 85‬‬

‫]‪[292‬‬

‫إنكاره في عمله‪ ،‬فوالذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم‪ ،‬فاعتبروا إنكار الكافرين و‬
‫المنافقين بأعمالهم الخبيثة )‪ .(1‬بيان‪ :‬كأن قوله " فوالذي " من كلم أبي‬
‫عبد ال عليه السلم وفاعل " عرفوا " المخالفون " أمرهم " أي أمر‬
‫دينهم‪ - 52 .‬المشكوة‪ :‬من المحاسن عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪:‬‬
‫من استقبل قبلتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا‪ ،‬وآمن بنبينا‪ ،‬وشهد شهادتنا‪ ،‬دخل في‬
‫ديننا‪ ،‬أجرينا عليه حكم القرآن‪ ،‬وحدود السلم‪ ،‬ليس لحد على أحد فضل‬
‫إل بالتقوى أل وإن للمتقين عند ال أفضل الثواب‪ ،‬وأحسن الجزاء والمآب‬
‫)‪ - 53 .(2‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن‬
‫سلم الجعفي قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬اليمان أن يطاع‬
‫ال فل يعصى )‪ .(3‬بيان‪ :‬أقول هذا أحد معاني اليمان‪ ،‬وحمله القوم على‬
‫اليمان الكامل‪ ،‬قال بعض المحققين قدس سره‪ :‬هذا مجمل القول في‬
‫اليمان ويفصله سائر الخبار بعض التفصيل‪ ،‬وأما الضابط الكلي الذي‬
‫يحيط بحدوده ومراتبه‪ ،‬ويعرفه حق التعريف أن اليمان الكامل الخالص‬
‫المنتهى تمامه‪ ،‬هو التسليم ل تعالى والتصديق بما جاء به النبي صلى ال‬
‫عليه وآله لسانا وقلبا على بصيرة‪ ،‬مع امتثال جميع الوامر والنواهي كما‬
‫هي‪ ،‬وذلك إنما يمكن تحققه بعد بلوغ الدعوة النبوية إليه في جميع المور‬
‫أما من لم تصل إليه الدعوة في جميع المور أو في بعضها لعدم سماعه أو‬
‫عدم فهمه فهو ضال أو مستضعف‪ ،‬ليس بكافر ول مؤمن‪ ،‬وهو أهون‬
‫الناس عذابا بل أكثر هؤلء ل يرون عذابا وإليهم الشارة بقوله سبحانه "‬
‫إل المستضعفين من الرجال و النساء والولدان ل يستطيعون حيلة ول‬
‫يهتدون سبيل " )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬مشكوة النوار ص ‪ (2) .38‬المصدر ص ‪ (3) .38‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪(4) .33‬‬
‫النساء‪.(*) 98 :‬‬

‫]‪[293‬‬

‫ومن وصلت إليه الدعوة فلم يسلم‪ ،‬ولم يصدق ولو ببعضها إما لستكبار و علو أو‬
‫لتقليد للسلف وتعصب لهم‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬فهو كافر بحسبه‪ ،‬أي بقدر عدم‬
‫تسليمه‪ ،‬وترك تصديقه كفر جحود‪ ،‬وعذابه عظيم على حسب جحوده‪،‬‬
‫وإليهم الشارة بقوله سبحانه " إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم‬
‫لم تنذرهم ل يؤمنون * ختم ال على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم‬
‫غشاوة ولهم عذاب عظيم " )‪ .(1‬ومن وصلت إليه الدعوة فصدقها بلسانه‬
‫وظاهره‪ ،‬لعصمة ماله أو دمه‪ ،‬أو غير ذلك من الغراض‪ ،‬وأنكرها بقلبه‬
‫وباطنه‪ ،‬لعدم اعتقاده بها‪ ،‬فهو كافر كفر نفاق وهو أشدهم عذابا وعذابه‬
‫أليم بقدر نفاقه وإليهم الشارة بقوله سبحانه " ومن الناس من يقول آمنا‬
‫بال وباليوم الخر وما هم بمؤمنين * يخادعون ال والذين آمنوا وما‬
‫يخدعون إل أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم ال مرضا‬
‫ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬إن ال على كل شئ قدير "‬
‫)‪ .(2‬ومن وصلت إليه الدعوة فاعتقدها بقلبه وباطنه لظهور حقيقتها لديه‪،‬‬
‫وجحدها أو بعضها بلسانه‪ ،‬ولم يعترف بها حسدا وبغيا وعتوا وعلوا أو‬
‫تقليدا وتعصبا أو غير ذلك فهو كافر كفر تهود‪ ،‬وعذابه قريب من عذاب‬
‫المنافق‪ ،‬وإليهم الشارة بقوله عزوجل " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه‬
‫كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون " )‪(3‬‬
‫وقوله " فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة ال على الكافرين " )‪(4‬‬
‫وقوله " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه‬
‫للناس في الكتاب اولئك يلعنهم ال ويلعنهم اللعنون " )‪ (5‬وقوله "‬
‫ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيل *‬
‫اولئك هم الكافرون حقا " )‪ (6‬وقوله " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون‬
‫ببعض " إلى قوله " أشد‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .7 - 6 :‬البقرة‪ (3) .20 - 8 :‬البقرة‪ (4) .146 :‬البقرة‪(5) .89 :‬‬
‫البقرة‪ (6) .159 :‬النساء‪.(*) 150 :‬‬

‫]‪[294‬‬

‫العذاب " )‪ (1‬ومن وصلت إليه الدعوة فصدقها بلسانه وقلبه‪ ،‬ولكن ل يكون علي‬
‫بصيرة من دينه‪ ،‬إما لسوء فهمه مع استبداده بالرأي‪ ،‬وعدم تابعيته‬
‫للمام‪ ،‬أو نائبه المقتفي أثره حقا وإما لتقليد وتعصب للباء والسلف‬
‫المستبدين بآرائهم مع سوء أفهامهم‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬فهو كافر كفر ضللة‪،‬‬
‫وعذابه على قدر ضللته و قدر ما يضل فيه من أمر الدين وإليهم الشارة‬
‫بقوله عزوجل " يا أهل الكتاب ل تغلوا في دينكم ول تقولوا على ال إل‬
‫الحق " )‪ (2‬حيث قالوا عزير ابن ال أو المسيح ابن ال وبقوله تعالى "‬
‫يا أيها الذين آمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل ال لكم ول تعتدوا إن ال ل‬
‫يحب المعتدين " )‪ (3‬وبقول نبينا صلى ال عليه وآله‪ :‬اتخذ الناس رؤساء‬
‫جهال فسئلو فأفتوا بغير علم‪ ،‬فضلوا وأضلوا‪ .‬ومن وصلت إليه الدعوة‬
‫فصدقها بلسانه وقلبه على بصيرة واتباع للمام أو نائبه الحق إل أنه لم‬
‫يمتثل جميع الوامر والنواهي‪ ،‬بل أتى ببعض دون بعض بعد أن اعترف‬
‫بقبح ما يفعله‪ ،‬ولكن لغلبة نفسه وهواه عليه‪ ،‬فهو فاسق عاص‪ ،‬والفسق‬
‫ل ينافي أصل اليمان‪ ،‬ولكن ينافي كماله‪ ،‬وقد يطلق عليه الكفر وعدم‬
‫اليمان أيضا‪ ،‬إذا ترك كبار الفرائض أو أتى بكبار المعاصي كما في قوله‬
‫عزوجل " ول على الناس حج البيت من الستطاع إليه سبيل ومن كفر‬
‫فان ال غني عن العالمين " )‪ (4‬وقول النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يزني‬
‫الزاني حين يزني وهو مؤمن‪ ،‬وذلك لن إيمان مثل هذا ل يدفع عنه أصل‬
‫العذاب ودخول النار‪ ،‬وإن دفع عنه الخلود فيها‪ ،‬فحيث ل يفيده في جميع‬
‫الحوال فكأنه مفقود‪ .‬والتحقيق فيه أن المتروك إن كان أحد ال صول‬
‫الخمسة التي بني السلم عليها‪ ،‬أو المأتي به إحدى الكبائر من المنهيات‪،‬‬
‫فصاحبه خارج عن أصل اليمان أيضا ما لم يتب أو لم يحدث نفسه بتوبة‪،‬‬
‫لعدم اجتماع ذلك مع التصديق القلبي فهو كافر كافر استخفاف‪ ،‬وعليه‬
‫يحمل ما روي من دخول العمل في أصل اليمان‬

‫)‪ (1‬البقرة ‪ (2) .85‬النساء ‪ (3) .171‬المائدة‪ (4) .87 :‬آل عمران‪.(*) 97 :‬‬

‫]‪[295‬‬

‫روى ابن أبي شعبة عن الصادق عليه السلم في حديث طويل )‪ (1‬أنه قال‪ :‬ل‬
‫يخرج المؤمن من صفة اليمان إل بترك ما استحق أن يكون به مؤمنا‬
‫وإنما استوجب واستحق اسم اليمان ومعناه بأداء كبار الفرائض‬
‫موصولة‪ ،‬وترك كبار المعاصي واجتنابها وإن ترك صغار الطاعة وارتكب‬
‫صغار المعاصي فليس بخارج من اليمان‪ ،‬ول تارك له ما لم يترك شيئا من‬
‫كبار الطاعة‪ ،‬وارتكاب شئ من المعاصي‪ ،‬فما لم يفعل ذلك فهو مؤمن لقول‬
‫ال " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخل‬
‫كريما " )‪ (2‬يعني مغفرة ما دون الكبائر‪ ،‬فان هو ارتكب كبيرة من كبائر‬
‫المعاصي كان مأخوذا بجميع المعاصي صغارها وكبارها معاقبا عليها‬
‫معذبا بها‪ .‬إلى هنا كلم الصادق عليه السلم‪ .‬إذا عرفت هذا فاعلم أن كل‬
‫من جهل أمرا من امور دينه‪ ،‬بالجهل البسبيط‪ ،‬فقد نقص إيمانه بقدر ذلك‬
‫الجهل‪ ،‬وكل من أنكر حقا واجب التصديق لستكبار أو هوى أو تقليد أو‬
‫تعصب فله عرق من كفر الجحود‪ ،‬وكل من أظهر بلسانه ما لم يعتقد بباطنه‬
‫وقلبه‪ ،‬لغير غرض ديني كالتقية في محلها ونحو ذلك أو عمل عمل اخرويا‬
‫لغرض دنيوي‪ ،‬فله عرق من النفاق‪ ،‬وكل من كتم حقا بعد عرفانه أو أنكر‬
‫ما لم يوافق هواه‪ ،‬وقبل ما يوافقه‪ ،‬فله عرق من التهود‪ ،‬وكل من استبد‬
‫برأيه ولم يتبع إمام زمانه أو نائبه الحق أو من هو أعلم منه في أمر من‬
‫المور الدينية‪ ،‬فله عرق من الضللة‪ ،‬وكل من أتى حراما أو شبهة أو‬
‫تواني في طاعة مصرا على ذلك‪ ،‬فله عرق من الفسوق‪ ،‬فان كان ذلك ترك‬
‫كبير فريضة أو إتيان كبير معصية فله عرق من كفر الستخفاف‪ ،‬ومن‬
‫أسلم وجهه ل في جميع المور من غير غرض وهوى‪ ،‬واتبع إمام زمانه‬
‫أو نائبه الحق‪ ،‬آتيا بجميع أوامر ال ونواهيه‪ ،‬من غير توان ول مداهنة‪،‬‬
‫فإذا أذنب ذنبا استغفر من قريب وتاب أو زلت قدمه استقام وأناب‪ ،‬فهو‬
‫المؤمن الكامل الممتحن ودينه هو الدين الخالص وهو الشيعي حقا‬
‫والخالص صدقا‪ ،‬اولئك أصحاب أمير المؤمنين بل هو من أهل‬

‫)‪ (1‬مر تحت الرقم‪ (2) .31 :‬النساء‪.(*) 31 :‬‬


‫]‪[296‬‬

‫البيت عليهم السلم إذا كان عالما بأمرهم محتمل لسرهم كما قالوا‪ :‬سلمان منا أهل‬
‫البيت‪ - 54 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النضر‪ ،‬عن يحيى‬
‫بن عمران الحلبي‪ ،‬عن أيوب بن الحر‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬كنت عند أبي‬
‫جعفر عليه السلم فقال له‪ :‬سلم إن خيثمة بن أبي خيثمة يحدثنا عنك أنه‬
‫سألك عن السلم‪ ،‬فقلت‪ :‬إن السلم‪ :‬من استقبل قبلتنا‪ ،‬وشهد شهادتنا‪،‬‬
‫ونسك نسكنا‪ ،‬ووالى ولينا‪ ،‬و عادى عدونا فهو مسلم‪ ،‬فقال‪ :‬صدق خيثمة‪،‬‬
‫قلت‪ :‬وسألك عن اليمان فقلت‪ :‬اليمان بال‪ ،‬والتصديق بكتاب ال تعالى‬
‫وأن ل يعصي ال فقال‪ :‬صدق خيثمة )‪ .(1‬بيان‪ " :‬سلم " يحتمل ابن‬
‫المستنير الجعفي وابن أبي عمرة الخراساني و كلهما مجهولن من‬
‫أصحاب الباقر عليه السلم " وخيثمة " بفتح الخاء ثم الياء المثناة‬
‫الساكنة ثم المثلثة المفتوحة غير مذكور في الرجال قوله‪ " :‬من استقبل‬
‫قبلتنا " أي دين من استقبل‪ ،‬فقوله‪ :‬فهو مسلم تفريع وتأكيد‪ ،‬أو قوله "‬
‫فهو مسلم " قائم مقام العائد لنه بمنزلة‪ :‬فهو صاحبه‪ ،‬أو فهو المتصف‬
‫به‪ ،‬وفي بعض النسخ " ما استقبل " ول يستقيم إل بتكلف بأن استعمل ما‬
‫مكان من‪ ،‬أو يكون تقديره ما استقبل به المرؤ قبلتنا " وشهد شهادتنا "‬
‫أي شهادة جميع المسلمين " ونسك نسكنا " أي عبد كعبادة المسلمين‬
‫فيأتي بالصلة والزكاة والصوم والحج أو المراد بالنسك أفعال الحج أو‬
‫الذبح‪ ،‬قال الراغب‪ :‬النسك العبادة‪ ،‬والناسك العابد واختص بأعمال الحج‪،‬‬
‫والمناسك مواقف النسك وأعمالها والنسيكة مختصة بالذبيحة‪ ،‬قال "‬
‫ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " وقال تعالى " فإذا قضيتم مناسككم "‬
‫وقال " منسكا هم ناسكوه " )‪ " .(2‬ووالى ولينا " أي والى جميع‬
‫المسلمين‪ " ،‬وعادى عدونا " أي عدو جميع المسلمين‪ ،‬وهم المشركون‬
‫وسائر الكفار فهذا يشمل جميع فرق المسلمين‪ ،‬فالتصديق بكتاب ال يدخل‬
‫فيه القرار بالرسالة والمامة والعدل والمعاد " وأن ل يعصي ال "‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .38‬المفردات ص ‪ ،491‬واليات في البقرة‪ 196 :‬و‬


‫‪ ،200‬وفى الحج‪.(*) 67 :‬‬

‫]‪[297‬‬

‫بالعمل بالفرائض وترك الكبائر أو العمل بجميع الواجبات وترك جميع المحرمات‪.‬‬
‫والحاصل أنه يحتمل أن يكون المراد بالسلم السلم الظاهري وإن لم يكن‬
‫مع التصديق القلبي‪ ،‬وباليمان العقائد القلبية مع القرار بالولية والتيان‬
‫بالعمال ويحتمل أن يكون المراد بقوله " والى ولينا وعادى عدونا "‬
‫موالة أولياء الئمة عليهم السلم ومعاداة أعدائهم‪ ،‬فالسلم عبارة عن‬
‫الذعان بجميع العقائد الحقة ظاهرا أو ظاهرا وباطنا‪ ،‬واليمان عبارة عن‬
‫انضمام العقائد القلبية والعمال معه‪ ،‬أو العمال فقط‪ ،‬على كل تقدير يرجع‬
‫إلى أحد المعاني المتقدمة لهما‪ - 55 .‬كا‪ :‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن بعض‬
‫أصحابنا‪ ،‬عن الشعث بن محمد‪ ،‬عن محمد بن حفص ابن خارجة قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول وسأله رجل عن قول المرجئة في‬
‫الكفر واليمان وقال‪ :‬إنهم يحتجون علينا ويقولون كما أن الكافر عندنا هو‬
‫الكافر عند ال فكذلك نجد المؤمن إذا أقر بايمانه أنه عند ال مؤمن‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫سبحان ال كيف يستوي هذان ؟ والكفر إقرار من العبد ؟ فل يكلف بعد‬
‫إقراره ببينة واليمان دعوى ل تجوز إل ببينة وبينته عمله ونيته‪ ،‬فإذا‬
‫اتفقا فالعبد عند ال مؤمن‪ ،‬والكفر موجود بكل جهة من هذه الجهات‬
‫الثلث من نية أو قول أو عمل‪ ،‬والحكام تجري على القول والعمل‪ ،‬فما‬
‫أكثر من يشهد له المؤمنون باليمان‪ ،‬ويجري عليه أحكام المؤمنين وهو‬
‫عند ال كافر‪ ،‬وقد أصاب من أجرى عليه أحكام المؤمنين بظاهر قوله‬
‫وعمله )‪ .(1‬بيان‪ :‬مفعول " يقول " قوله " سبحان ال " إلى آخر الكلم‪،‬‬
‫وإعادة فقال للتأكيد لطول الفصل‪ ،‬وقد مر أن المرجئة قوم يقولون إنه ل‬
‫يضر مع اليمان معصية كما أنه ل ينفع مع الكفر طاعة‪ ،‬ويظهر من هذا‬
‫الخبر أنهم كانوا يقولون بأن اليمان هو القرار الظاهري ول يشترط فيه‬
‫العتقاد القلبي‪ ،‬وكذا الكفر لكنه غير مشهور عنهم‪ .‬قال في المواقف‬
‫وشرحه‪ :‬من كبار الفرق السلمية‪ :‬المرجئة لقبوا به لنهم يرجئون العمل‬
‫عن النية أي يؤخرونه أو لنهم يقولون ل يضر مع اليمان معصية‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 39‬‬

‫]‪[298‬‬

‫كما ل ينفع مع الكفر طاعة‪ ،‬فهم يعطون الرجاء وعلى هذا ينبغي أن ل يهمز لفظ‬
‫المرجئة‪ ،‬وفرقهم خمس اليونسية‪ ،‬أصحاب يونس النميري قالوا اليمان‬
‫هو المعرفة بال‪ ،‬والخضوع له‪ ،‬والمحبة بالقلب‪ ،‬فمن اجتمعت فيه هذه‬
‫الصفات فهو مؤمن‪ ،‬و ل يضر معها ترك الطاعات وارتكاب المعاصي ول‬
‫يعاقب عليها والعبيدية أصحاب العبيد المكذب‪ ،‬زادوا على اليونسية أن علم‬
‫ال ل يزال شيئا معه غيره‪ ،‬وأنه تعالى على صورة النسان‪ ،‬والغسانسية‬
‫أصحاب غسان الكوفي قالوا‪ :‬اليمان هو المعرفة بال ورسوله‪ ،‬وبما جاء‬
‫من عندهما إجمال ل تفصيل‪ ،‬وهو ل يزيد ول ينقص وغسان كان يحكيه‬
‫عن أبي حنيفة وهو افتراء عليه فانه لما قال‪ :‬اليمان هو التصديق ول‬
‫يزيد ول ينقص ظن به الرجاء بتأخير العمل عن اليمان‪ ،‬والثوبانية‬
‫أصحاب ثوبان المرجي قالوا‪ :‬اليمان هو المعرفة والقرار بال ورسوله‪،‬‬
‫وبكل ما ل يجوز في العقل أن يعقله‪ ،‬وأما ما جاز في العقل أن يعقله فليس‬
‫العتقاد به من اليمان‪ ،‬وأخروا العمل كله من اليمان‪ ،‬والثومنية أصحاب‬
‫أبي معاذ الثومني قالوا‪ :‬اليمان هو المعرفة والتصديق والمحبة‬
‫والخلص والقرار بما جاء به الرسول‪ ،‬وترك كله أو بعضه كفر وليس‬
‫بعضه إيمانا ول بعض إيمان وكل معصية لم يجمع على أنه كفر فصاحبه‬
‫يقال إنه فسق وعصى‪ ،‬وأنه فاسق‪ ،‬ومن ترك الصلة مستحل كفر لتكذيبه‬
‫بما جاء به النبي صلى ال عليه وآله ومن تركها بنية القضاء لم يكفر‪،‬‬
‫وقالوا السجود للصنم ليس كفرا بل هو علمة الكفر‪ ،‬فهذه في المرجئة‬
‫الخالصة‪ ،‬ومنهم من جمع إلى الرجاء القدر انتهى‪ .‬قوله " كما أن الكافر‬
‫" كأنه قاس اليمان بالكفر فان من أنكر ضروريا من ضروريات الدين‬
‫ظاهرا من غير تقية فهو كافر‪ ،‬وإن لم يعتقد ذلك‪ ،‬فإذا أقر بما جاء به النبي‬
‫صلى ال عليه وآله يجب أن يكون مؤمنا غير معذب‪ ،‬وإن لم يعتقد بقلبه‬
‫شيئا من ذلك‪ ،‬ولم يضم إليه أفعال الجوارح من الطاعات وترك المعاصي‪،‬‬
‫فأجاب عليه السلم بأنه مع بطلن القياس ل سيما في المسائل الصولية‬
‫فهو قياس مع الفارق‪ ،‬ثم شبه عليه السلم المرين بالقرار والنكار‪،‬‬
‫ليظهر الفرق فان إنكار الضروري مستلزم لترك جزء‬

‫]‪[299‬‬

‫من أجزاء اليمان‪ ،‬وهو القرار الظاهري‪ ،‬فهو بمنزلة إقرار النسان على نفسه‬
‫فانه ل يكلف بينة على إقراره‪ ،‬بل يحكم بمحض القرار عليه‪ ،‬وإن شهدت‬
‫البينة على خلفه‪ ،‬بخلف إظهار اليمان والتكلم به‪ ،‬فانه وإن أتى بجزء‬
‫من اليمان وهو القرار الظاهري‪ ،‬لكن عمدة أجزائه التصديق القلبي‪،‬‬
‫وهو في ذلك مدع ل بد له من شاهد من عمل الجوارح عند الناس‪ ،‬ومن‬
‫النية والتصديق عند ال‪ ،‬فإذا اتفق الشاهدان‪ ،‬وهما التصديق والعمل‪ ،‬ثبت‬
‫إيمانه عند ال‪ ،‬ولما كان التصديق القلبي أمرا ل يطلع عليه غير ال‪ ،‬لم‬
‫يكلف الناس في الحكم بايمانه إل بالقرار الظاهري والعمل‪ ،‬فانهما‬
‫شاهدان عدلن يحكم بهما ظاهرا وإن كانا كاذبين عند ال‪ .‬والحاصل أنه‬
‫عليه السلم شبه القرار الظاهري بالدعوى في سائر الدعاوي وكما أن‬
‫الدعوى في سائر الدعاوي ل تقبل إل ببينة‪ ،‬فكذا جعل ال تعالى هذه‬
‫الدعوى غير مقبولة إل بشاهدين من قلبه وجوارحه‪ ،‬فل يثبت عنده إل‬
‫بهما‪ ،‬وأما عند الناس فيكفيهم في الحكم القرار والعمل الظاهري‪ ،‬كما‬
‫يكتفي عند الضرورة بالشاهد واليمين‪ ،‬فاليمان مركب من ثلثة أجزاء ول‬
‫يثبت اليمان الواقعي إل يتحقق الجميع‪ ،‬فهو من هذه الجهة يشبه سائر‬
‫الدعاوي للزوم ثلثة أشياء في تحققها‪ :‬الدعوى‪ ،‬والشاهدين‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يكون الصل في اليمان المر القلبي ولما لم يكن ظهوره للناس إل‬
‫بالقرار والعمل‪ ،‬فجعلهما ال من اجزء اليمان أو من شرائطه ولوازمه "‬
‫وقد أصاب " أي حكم بالحكم والصواب‪ - 56 .‬كا )‪ :(1‬عن علي بن إبر‬
‫اهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن عبد ال ابن سنان قال‪ :‬سألت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت‪ ،‬هل‬
‫يخرجه ذلك من السلم‪ ،‬وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة‬
‫وانقطاع ؟ فقال عليه السلم‪ :‬من ارتكب كبيرة من الكبائر‪ ،‬فزعم أنها حلل‬
‫أخرجه ذلك من السلم‪ ،‬وعذب أشد العذاب‪ ،‬وإن كان معترفا أنه أذنب‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 285‬‬

‫]‪[300‬‬

‫ومات عليه‪ ،‬أخرجه من اليمان‪ ،‬ولم يخرجه من السلم‪ ،‬وكان عذابه أهون من‬
‫عذاب الول )‪) * .(1‬تذييل وتفصيل( * قال الشهيد الثاني رفع ال درجته‬
‫في كتاب حقائق اليمان‪ :‬قيل‪ :‬السلم و اليمان واحد‪ ،‬وقيل بتغايرهما‬
‫والظاهر أنهم أرادوا الوحدة بحسب الصدق ل في المفهوم‪ ،‬ويظهر من‬
‫كلم جماعة من الصوليين أنهما متحدان بحسب المفهوم أيضا حيث قالوا‪:‬‬
‫إن السلم هو النقياد والخضوع للوهية الباري تعالى والذعان بأوامره‬
‫ونواهيه‪ ،‬وذلك حقيقة التصديق الذي هو اليمان على ما تقدم‪ .‬وأما‬
‫القائلون بالتغاير صدقا ومفهوما فانهم أرادوا أن السلم أعم من اليمان‬
‫مطلقا‪ ،‬وقد أشرنا فيما تقدم في أوائل المقدمة الولى أن المحقق نصير‬
‫الدين ‪-‬‬

‫)‪ (1‬طبع في نسخة الكمبانى بعد تمام هذا الخبر ‪ -‬قائل في هامشه‪ :‬هكذا نسخة‬
‫الصل ‪ -‬شطرا ناقصا غير مفهوم من حديث لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله في شرايع السلم من دون رمز إلى مصدر الحديث‪ ،‬هكذا‪ " :‬شئ‬
‫لم يكن علمه منى ول سمعه‪ ،‬فعليه بعلى بن أبى طالب فانه قد علم كما قد‬
‫علمته‪ ،‬و ظاهره وباطنه ومحكمه ومتشابهه " إلى آخر ما نقله وهو نحو‬
‫عشرة أبيات كما سيأتي في الباب ‪ 27‬تحت الرقم ‪ .41‬وهذا الحديث تمامه‬
‫عشرون بيتا من باب واحد ملتئم الجزاء ل يصح تقطيعها‪ ،‬يعرف فيه‬
‫شرائع السلم‪ ،‬ولذا نقله المؤلف العلمة رضوان ال عليه بتمامه في‬
‫آخر باب دعائم السلم نقل عن كتاب الطرف بروايته عن عيسى بن‬
‫المستفاد عن موسى بن جعفر عن أبيه قال‪ :‬دعا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله أبا ذر وسلمان والمقداد فقال لهم‪ :‬أتعرفون شرايع السلم‬
‫وشروطه ؟ ‪ .-‬إلى أن قال‪ .:‬وعلى أن تحللوا حلل القرآن وتحرموا‬
‫حرامه وتعملوا بالحكام‪ ،‬وتردوا المتشابه إلى أهله‪ ،‬فمن عمى عليه شئ‬
‫لم يكن علمه منى " الخ‪ .‬فالظاهر أن هذا الشطر من الحديث كان مكتوبا‬
‫على ورقة مبدوا في أول السطر بقوله‪ " :‬شئ لم يكن علمه " فوقعت‬
‫مسودة في البين‪ ،‬وكان على المؤلف العلمة أن يضرب عليها‪ ،‬فغفل عن‬
‫ذلك‪ ،‬وبقى النسخة كما نقلت في الكمبانى‪ ،‬فراجعه )*(‪.‬‬

‫]‪[301‬‬

‫الطوسي قدس سره نقل في قواعد العقائد أن السلم أعم في الحكم من اليمان لكنه‬
‫في الحقيقة هو اليمان‪ ،‬وهذه عبارته رحمه ال تعالى‪ " :‬قالوا السلم‬
‫أعم في الحكم من اليمان‪ ،‬لن من أقر بالشهادتين كان حكمه حكم‬
‫المسلمين‪ ،‬لقوله تعالى " قالت العراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا‬
‫أسلمنا " )‪ (1‬وأما كون السلم في الحقيقة هو اليمان‪ ،‬فلقوله تعالى "‬
‫إن الدين عند ال السلم " )‪ (2‬ثم قال‪ :‬واختلفوا في معناه يعني اليمان‬
‫فقال بعض السلف كذا وقالت المعتزلة‪ :‬اصول اليمان خمسة وعدها‪،‬‬
‫وقالت الشيعة‪ :‬اصول اليمان ثلثة وعدها أيضا وقال أهل السنة‪ :‬هو‬
‫التصديق بال تعالى إما على ما تقدم تفصيله فليراجع‪ .‬أقول ظاهره قوله‬
‫رحمه ال‪ " :‬قالوا " أي هؤلء المختلفون في معنى اليمان كما يدل عليه‬
‫قوله " واختلفوا " وظاهر هذا النقل يعطي أنه ل نزاع في أن حقيقتهما‬
‫واحدة والمغايرة إنما هي في الحكم فقط بمعنى أنا قد نحكم على شخص في‬
‫ظاهر الشرع بكونه مسلما لقراره بالشهادتين ول نحكم عليه باليمان‬
‫حتى نعلم من حاله التصديق وما نقلناه من المذهبين الولين يقتضي وقوع‬
‫النزاع في الحقيقة والحكم‪ .‬أما أهل المذهب الول وهم القائلون باتحادهما‬
‫مطلقا صدقا ومفهوما أو صدقا فقط‪ ،‬فانهم صرحوا باتحادهما في الحكم‬
‫أيضا حيث قالوا‪ :‬ل يصح في الشرع أن يحكم على أحد بأنه مؤمن وليس‬
‫بمسلم‪ ،‬أو مسلم وليس بمؤمن‪ ،‬ول نعني بوحدتهما سوى هذا وأما أهل‬
‫المذهب الثاني وهم القائلون بالتغاير‪ ،‬فانهم صرحوا بتغايرهما صدقا‬
‫ومفهوما وحكما‪ ،‬حيث قالوا‪ :‬إن حقيقة السلم هي النقياد والذعان‬
‫باظهار الشهادتين‪ ،‬سواء اعترف مع ذلك بباقي المعارف أم ل‪ ،‬فيكون أعم‬
‫مفهوما من اليمان‪ ،‬فتبين مما حررناه أن المذاهب في بيان حقيقة السلم‬
‫ثلثة‪ .‬احتج أهل المذهب الول بقوله تعالى " فأخرجنا من كان فيها من‬
‫المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " )‪ (3‬وجه الستدلل‬
‫أن " غير " هذا للستثناء بمعنى‬

‫)‪ (1‬الحجرات‪ (2) .13 :‬آل عمران‪ (3) .19 :‬الذاريات‪ 35 :‬و ‪.(*) 36‬‬

‫]‪[302‬‬
‫إل‪ ،‬وهذا استثناء مفرغ متصل‪ ،‬فيكون من الجنس إذ المعنى وال أعلم‪ :‬فما وجدنا‬
‫فيها بيتا من بيوت المؤمنين إل بيتا من المسلمين‪ ،‬وبيت المسلم إنما يكون‬
‫بيت المؤمن إذا صدق المؤمن على المسلم كما هو مقتضى التحاد في‬
‫الجنس إذ من المعلوم أن المراد من البيت هنا أهله ل الجدران‪ ،‬على حد‬
‫قوله تعالى واسئل القرية " )‪ (1‬وصدق المؤمن على المسلم يقتضي كون‬
‫اليمان أعم من السلم أو مساويا له‪ ،‬لكن ل قائل بالول فتعين الثاني‪،‬‬
‫واعترض بأن المصحح للستثناء هو تصادق المستثنى والمستثنى منه في‬
‫الفرد المخرج‪ ،‬ل في كل فرد‪ ،‬وهو يتحقق بكون السلم أعم كما يتحقق‬
‫بكونه مساويا والمر هنا كذلك فانه على تقدير كون اليمان أخص يتصادق‬
‫المؤمن والمسلم في البيت المخرج الموجود‪ ،‬فانه بيت لوط عليه وعلى‬
‫نبينا السلم على أن دللة هذه الية معارضة بقوله تعالى " قالت العراب‬
‫آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " فوصفهم تعالى بالسلم حيث جوز‬
‫لهم الخبار عن أنفسهم به‪ ،‬ونفى عنهم اليمان‪ ،‬فدل على تغايرهما‪.‬‬
‫واحتج أهل المذهب الثاني على المغايرة بهذه الية‪ ،‬والتقريب ما تقدم في‬
‫بيان المعارضة‪ ،‬وبما تواتر عن النبي صلى ال عليه وآله والصحابة‬
‫رضي ال عن المؤمنين منهم أنهم كانوا يكتفون في السلم باظهار‬
‫الشهادتين ثم بعد ذلك ينبهون المسلم على بعض المعارف الدينية التي‬
‫يتحقق بها اليمان‪ .‬أقول‪ :‬إن الية الكريمة إنما تدل على المغايرة في‬
‫الجملة وكما يجوز أن يكون بحسب الحقيقة‪ ،‬يجوز أن يكون في الحكم دون‬
‫الحقيقة‪ ،‬كما اختاره أهل المذهب الثالث‪ ،‬ويؤيد ذلك أن ال سبحانه لم يثبت‬
‫لهم السلم صريحا ول وصفهم به‪ ،‬حيث لم يقل ولكن أسلمتم كما قال لم‬
‫تؤمنوا‪ ،‬بل أحال الخبار به على مقالتهم فقال تعالى‪ " :‬ولكن قولوا أسلمنا‬
‫" وحينئذ فيجوز أن يكون المراد وال أعلم أنكم لم تؤمنوا حتى تدخل‬
‫المعارف قلوبكم ولما تدخل‪ ،‬لكن ما زعمتموه من اليمان فانما هو إسلم‬
‫ظاهري‪ ،‬يمكن الحكم عليكم به في ظاهر الشرع‪ ،‬حيث أقررتم‬

‫)‪ (1‬يوسف‪.(*) 82 :‬‬

‫]‪[303‬‬

‫بألسنتكم دون قلوبكم‪ .‬فلكم أن تخبروا عن أنفسكم وأما السلم الحقيقي فلم يثبت‬
‫لكم عند ال تعالى كاليمان‪ ،‬فلذا لم يخبر عنكم به‪ ،‬وقد يظهر من ذلك‬
‫الجواب عن الثاني أيضا‪ .‬إن قلت‪ :‬إن السلم من الحقائق العبتارية‬
‫للشارع‪ ،‬كاليمان‪ ،‬فل يعلم إل منه‪ ،‬وحيث أذن لهم في أن يخبروا عن‬
‫أنفسهم بأنهم أسلموا مع أن اليمان لم يكن دخل قلوبهم كما دل عليه آخر‬
‫الية‪ ،‬تدل على أنه لم يكن له حقيقة وراء ذلك عند الشارع‪ ،‬وإل لما جوز‬
‫لهم ذلك الخبار‪ ،‬واحتمال المجاز يدفعه أن الصل في الطلق الحقيقة‪،‬‬
‫ولزوم الشتراك على تقدير الحقيقة‪ ،‬يدفعه أنه متواطئ أو مشكك‪ ،‬حيث‬
‫بينا أن مفهومه هو النقياد والذعان بالشهادتين‪ ،‬سواء اقترن بالمعارف‬
‫أم ل‪ ،‬فيكون إسلم العراب فردا منه‪ .‬قلت‪ :‬ل ريب أنه لو علم عدم‬
‫تصديق من أقر بالشهادتين لم يعتبر ذلك القرار شرعا ولم نحكم باسلم‬
‫فاعله‪ ،‬لنه حينئذ يكون مستهزئا أو مشككا‪ ،‬وإنما حكم الشارع باسلمه‬
‫ظاهرا في صورة عدم علمنا بموافقة قلبه للسانه‪ ،‬بالنسبة إلينا تسهيل‬
‫ودفعا للحرج عنا‪ ،‬حيث ل يعلم السرائر إل هو‪ ،‬وأما عنده تعالى فالمسلم‬
‫من طابق قلبه لسانه كما قال تعالى " إن الدين عند ال السلم " )‪ (1‬مع‬
‫أن الدين ل يكون إل مع الخلص لقوله تعالى " وما امروا إل ليعبدوا ال‬
‫مخلصين له الدين " )‪ (2‬إلى قوله تعالى " وذلك دين القيمة "‪ .‬فالسلم‬
‫ل يكون إل مع الخلص أيضا بقرينة أنه ذكر السلم معرفا و ذلك يفيد‬
‫حصر السلم في الدين المخلص‪ ،‬فكأن المعنى وال أعلم‪ :‬ل إسلم إل ما‬
‫هو دين عند ال تعالى كما يقال زيد العالم أي ل غيره‪ ،‬والفرق ظاهر بين‬
‫أن يقال الدين المخلص إسلم‪ ،‬أو هو السلم كما قررناه‪ ،‬فعلم أن السلم‬
‫اللساني ليس داخل في حقيقة السلم عند ال‪ ،‬والكلم إنما هو فيما يعد‬
‫إسلما وإيمانا عند الشارع ل عندنا‪ ،‬بحيث ل يجتمع مع ضده الذي هو‬
‫الكفر في موضع واحد‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .19 :‬البينة‪.(*) 5 :‬‬

‫]‪[304‬‬

‫في زمان واحد‪ ،‬والقرار باللسان دون القلب يجامع الكفر فل يكون إسلما حقيقة‪،‬‬
‫ولعل هذا هو السر في إحالة الخبار بالسلم على قول العراب دون قوله‬
‫تعالى‪ ،‬كما أشرنا إليه سابقا‪ ،‬إن قلت‪ :‬إذا لم يكن إسلم العراب إسلما‬
‫عند ال تعالى كان مغريا لهم بالكذب حيث أمرهم أن يخبروا عن أنفسهم‬
‫بالسلم فقال‪ " :‬قولوا أسلمنا " وهو محال عليه تعالى‪ .‬قلت‪ :‬إنما أمرهم‬
‫أمرا إرشاديا بأن يخبروا بالسلم الظاهري وهو حق في الظاهر‪ ،‬فلم يكن‬
‫مغريا لهم بالكذب‪ .‬حيث لم يأمرهم بأن يخبروا بأنهم مسلمون عند ال‬
‫تعالى بالسلم مطلقا‪ ،‬وقد تقدم ما يصلح دليل لما ادعيناه من التخصيص‪،‬‬
‫على أنه يمكن أن يقال إن ال سبحانه وتعالى لم يأمرهم بالخبار أصل ل‬
‫ظاهرا‪ ،‬ول غيره‪ ،‬بل أمر نبيه صلى ال عليه وآله أن يأمرهم‪ ،‬حيث قال‬
‫تعالى " قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " )‪ (1‬أي ولكن قل لهم قولوا‬
‫أسلمنا‪ ،‬فالمر لهم بقول أسلمنا إنما هو من النبي صلى ال عليه وآله ل‬
‫من ال تعالى لما تقرر في الصول من أن المر بالمر بالشئ ليس أمرا‬
‫بذلك الشئ‪ .‬واحتج أهل المذهب الثالث على كل من جزءي مدعاهم أما‬
‫على أن السلم أعم في الحكم فبآية العراب المتقدمة‪ ،‬والتقريب ما تقدم‪،‬‬
‫لكن ل يرد عليهم شئ مما أوردناه على استدلل أهل المذهب الثاني بها‬
‫لنهم يدعون دللتها على مغايرة السلم لليمان حقيقة‪ ،‬وهم يدعون‬
‫المغايرة في الحكم ظاهرا دون الحقيقة‪ ،‬بل ما ذكرناه من اليرادات محقق‬
‫لستدللهم بها‪ ،‬إذ ل يتم لهم بدونه كما ل يخفى على من أحاط بما ذكرناه‬
‫في بيان معنى هذاه الية مما من به الواهب الكريم‪ .‬إن قلت‪ :‬إن الشارع‬
‫حكم بايمان من أقر بالمعارف الصولية ظاهرا وإن كان في نفس المر‬
‫غير معتقد لذلك‪ ،‬إذا لم يطلع عليه‪ ،‬على حد ما ذكرتم في السلم فكما أن‬
‫اليمان والسلم العتقاديين متحدان فكذا الظاهريان‪ ،‬فما وجه عموم‬

‫)‪ (1‬الحجرات‪.(*) 13 :‬‬

‫]‪[305‬‬

‫السلم في الحكم وما معناه ؟‪ .‬قلت‪ :‬السلم يكفي في الحكم به ظاهرا القرار‬
‫بالشهادتين‪ ،‬مع عدم علم الستهزاء والشك من المعتبر‪ ،‬بخلف اليمان‪،‬‬
‫فانه ل بد في الحكم به ظاهرا مع ذلك من العتراف بأنه يعتقد الصول‬
‫الخمسة‪ ،‬مع إقراره بها‪ ،‬أو يقتصر على القرار بها مع عدم علمنا منه بما‬
‫ينافي ذلك من استهزاء أو شك‪ ،‬فهو أخص حكما من السلم‪ ،‬وهذا الذي‬
‫ذكرناه يشهد به كثير من الحاديث‪ ،‬وحكم علماء المامية أيضا باسلم أهل‬
‫الخلف وعدم إيمانهم‪ ،‬يؤيد ما قلناه‪ .‬وأما على أن السلم في الحقيقة هو‬
‫اليمان فبقوله تعالى " فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين " )‪ (1‬الية‬
‫والتقريب ما تقدم في بيان استدلل أهل المذهب الول بها‪ ،‬والعتراض‬
‫العترض‪ ،‬لكن ما ذكر هناك من المعارضة بآية العراب ل يرد هنا لنا‬
‫بينا أنها إنما تدل على المغايرة في الحكم‪ ،‬وهو ل ينافي التحاد في الحقيقة‬
‫وأما هناك فلما كان المدعى التحاد مطلقا حكما وحقيقة‪ ،‬أمكن المعارضة‬
‫بها في الجملة‪ .‬وقد تقدم في كلم المحقق الطوسي قدس سره‪ :‬أنهم‬
‫استدلوا على كون حقيقتهما واحدة بقوله تعالى " إن الدين عند ال‬
‫السلم " ويمكن تقريره بوجهين أحدهما‪ :‬أن اليمان هو الدين والدين هو‬
‫السلم‪ ،‬فاليمان هو السلم أما الكبرى فللية وأما الصغرى فلقوله تعالى‬
‫" ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه " )‪ (2‬ول ريب أن اليمان‬
‫مقبول من يبتغيه دينا للجماع‪ ،‬فيكون اليمان دينا فيكون هو السلم‪،‬‬
‫وفيه أنه ل يلزم من صحة حمل السلم عليه كونهما واحدا في الحقيقة‬
‫لجواز كون المحمول أعم‪ ،‬ويمكن الجواب بما ذكرناه سابقا من إفادة مثل‬
‫ذلك حصر السلم في الدين‪ ،‬لكن يرد على دليل الصغرى أن اللزم منه‬
‫كون اليمان دينا أما كونه نفس الدين ليكون هو السلم‪ ،‬فل‪ ،‬لجواز أن‬
‫يكون جزءا منه أو جزئيا له‪ ،‬أو شرعا كذلك‪ ،‬ول ريب أن جزء الشئ أو‬
‫جزئيه أو شرطه‬

‫)‪ (1‬الذاريات‪ (2) .35 :‬آل عمران‪.(*) 85 :‬‬

‫]‪[306‬‬

‫يقبل معه‪ ،‬وإن كان مغايرا له‪ ،‬فعلم أن المراد من الغير في الية الكريمة غير ذلك‪.‬‬
‫وأيضا يرد عليه‪ :‬أن هذا الدليل إنما يستقيم على مذهب من يقول‪ :‬إن‬
‫الطاعات جزء من اليمان‪ ،‬وذلك لن الظاهر أن الدين المحمول عليه‬
‫السلم هو دين القيمة في قوله تعالى " وذلك دين القيمة " )‪ (1‬والمشار‬
‫إليه بذلك ما تقدم من الخلص في الدين‪ ،‬مع إقامة الصلة وإيتاء الزكاة‪.‬‬
‫وثانيهما أن العبادات المعتبرة شرعا هي الدين‪ ،‬والدين هو السلم‪،‬‬
‫والسلم هو اليمان‪ ،‬أما الولى فلقوله تعالى " وما امروا إل ليعبدوا ال‬
‫مخلصين له الدين " )‪ (2‬وأما الثانية فلقوله تعالى " إن الدين عند ال‬
‫السلم " وأما الثالثة فلقوله تعالى " ومن يبتغ غير السلم دينا " الية‪،‬‬
‫وقد تقدم بيان ذلك‪ ،‬ويرد عليه جميع ما يرد على الوجه الول‪ ،‬ويزيد عليه‬
‫أن النتيجة كون العبادات هي اليمان والمدعى كون السلم هو اليمان أو‬
‫عكسه‪ ،‬ول ينطبق على المدعى‪ .‬ولو سلم استلزامه للمدعى لقتضاء‬
‫المقدمة الثالثة ذلك‪ ،‬قلنا فبقية المقدمات مستدركة إذ يكفي أن يقال‪:‬‬
‫السلم‪ ،‬هو اليمان لقوله تعالى " ومن يبتغ " الية‪ .‬أقول‪ :‬قد عرفت أن‬
‫هذا الستدلل بوجهيه إنما يستقيم على مذهب من يجعل الطاعات اليمان‬
‫أو جزءا منه‪ ،‬فان كان المستدل به هؤلء‪ ،‬فذلك قد علم مع ما يرد عليه‪،‬‬
‫وإن كان غيرهم فهو ساقط الدللة أصل ورأسا‪ ،‬ثم نقول على تقدير تسليم‬
‫دللة هذه اليات على اتحادهما‪ :‬إن الحكم بعموم السلم في الحكم على‬
‫مذهب من يجعل الطاعات اليمان ظاهرا أن اليات دلت على اتحادهما في‬
‫الحقيقة عند ال تعالى‪ ،‬وعلى هذا من لم يأت بالطاعات أو بعضها فل دين‬
‫له‪ ،‬فل إسلم‪ ،‬فل إيمان له عند ال تعالى ول في الظاهر‪ ،‬إذا لم يعرف منه‬
‫ذلك‪ .‬وأما من اكتفى بالتصديق في تحقق حقيقة اليمان‪ ،‬وجعل التيان‬
‫بالطاعات من المكملت‪ ،‬فيلزم عليه بمقتضى هذه اليات أن يسلمه بأن‬
‫يكون بين السلم‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬البينة‪.(*) 5 :‬‬


‫]‪[307‬‬

‫واليمان عموم من وجه‪ ،‬لتحققهما فيمن صدق بالمسائل الصولية‪ ،‬وأتى بالطاعات‬
‫مخلصا‪ ،‬وانفراد السلم فيمن أقر بالشهادتين ظاهرا مع كونه غير مصدق‬
‫بقلبه وانفراد اليمان فيمن صدق بقلبه بالمعارف‪ ،‬وترك الطاعات غير‬
‫مستحل‪ ،‬فانه ل دين له حيث لم يقم الصلة ول آتى الزكاة كما هو‬
‫المفروض‪ ،‬فل إسلم له‪ ،‬لن الدين عند ال السلم‪ ،‬وهو في غاية البعد‬
‫والستهجان ولم يذهب أحد إلى أنه قد يكون المكلف مؤمنا ول يكون‬
‫مسلما‪ .‬هذا إن اعتبرنا النسبة بين مطلق السلم واليمان حقيقيا أو‬
‫ظاهريا وإن اعتبرنا النسبة بين الحقيقيين فقط أي ما هو إسلم وإيمان‬
‫عند ال تعالى‪ ،‬كانا متحدين عند من جعلهما الطاعات‪ ،‬وعند من اكتفى‬
‫بالتصديق يكون اليمان أعم مطلقا وهو أيضا غريب‪ ،‬إذ لم يذهب إليه أحد‪،‬‬
‫ول مخلص له عن هذا اللزام إل بالتزامه إذ يدعي أن تارك الطاعات غير‬
‫مستحل مسلم أيضا ويتأول الدين في قوله تعالى " وذلك دين القيمة "‬
‫بالدين الكامل‪ ،‬ويكون المراد بالدين في قوله تعالى‪ " :‬إن الدين عند ال‬
‫السلم " الدين الصلي الذي ل يتحقق أصل اليمان إل به‪ ،‬وحينئذ فيكون‬
‫السلم واليمان الحقيقيان متحدين أيضا عنده‪ ،‬ويؤيد ذلك ما ذكره بعضهم‬
‫من أن الستدلل بآية الخلص إنما يتم باضمار لفظ المذكر‪ ،‬ونحوه‪ ،‬فان‬
‫الشارة في قوله تعالى‪ " :‬وذلك دين القيمة " يرجع إلى متعدد‪ ،‬وهو‬
‫العبادة مع الخلص في الدين‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬بل مع جميع‬
‫الطاعات‪ ،‬بناء على أنه اكتفى عن ذكرها بذكر العظم منها‪ ،‬وأنها قد‬
‫ذكرت إجمال في قوله تعالى‪ " :‬ليعبدوا " وذكر إقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‬
‫لشدة العتناء بهما فكان حق الشارة أن يكون " اولئك " ونحوه تطابقا‬
‫بين الشارة والمشار إليه‪ ،‬ولما كانت الشارة مفردة ارتكب المذكور‪،‬‬
‫وحيث ل بد من الضمار فللخصم أن يضمر الخلص أو التدين المدلول‬
‫عليهما بقوله " مخلصين له الدين " والترجيح لهذه‪ ،‬لقربه من المعنى‬
‫اللغوى لليمان‪ ،‬وبعد ذلك فلم يكن في الية دللة على أن الطاعات هي‬
‫اليمان‪ ،‬فلم يتكرر الوسط في قولنا عبادة ال تعالى مع الخلص وإقام‬
‫الصلة وإيتاء الزكاة كالدين‬

‫]‪[308‬‬

‫والدين هو السلم‪ ،‬والسلم هو اليمان‪ ،‬لقوله تعالى " ومن يبتغ " الية‬
‫فالطاعات هي السلم واليمان‪ ،‬لنه يقال‪ :‬ل نسلم أن المراد من الدين في‬
‫المقدمة الولى ما يراد في المقدمة الثانية‪ .‬وقد ظهر من هذا تزييف‬
‫الستدلل بهذه اليات على كون الطاعات معتبرة في حقيقة اليمان‪ ،‬لنه‬
‫لم يناف ما نحن فيه من اتحاد السلم واليمان‪ ،‬لكن ل يخفى أنه مناف لما‬
‫قد بيناه من أن البحث كله على تقدير تسليم دللة هذه اليات وما ذكر من‬
‫التأويل مناف للتسليم المذكور‪ ،‬ويمكن الجواب عنه فتأمل‪ .‬وههنا بحيث‬
‫يصلح لتزييف الستدلل بهذه اليات على المطلبين‪ :‬مطلب كون الطاعات‬
‫معتبرة في حقيقة اليمان‪ ،‬ومطلب اتحادهما في الحقيقة فنقول‪ :‬لو سلمنا‬
‫أن المراد من الدين في اليات الثلث واحد وأن الطاعات معتبرة في أصل‬
‫حقيقة السلم‪ ،‬فل يلزم أن تكون معتبرة في أصل حقيقة اليمان‪ ،‬ول أن‬
‫يكون السلم واليمان متحدين حقيقة‪ ،‬وذلك لن الية الكريمة إنما دلت‬
‫على أن من ابتغى أي طلب غير دين السلم دينا له فلن يقبل منه ذلك‬
‫المطلوب‪ ،‬ولم تدل على أن من صدق بما أوجبه الشارع عليه‪ ،‬لكنه ترك‬
‫بعض الطاعات غير مستحل أنه طالب لغير دين السلم‪ ،‬إذ ترك الفعل‬
‫يجتمع مع طلبه‪ ،‬لعدم المنافاة بينهما‪ ،‬فان الشخص قد يكون طالبا للطاعة‬
‫مريدا لها‪ ،‬لكنه تركها إهمال وتقصيرا ول يخرج بذلك عن ابتغائها‪ ،‬وقد‬
‫تقدم هذا العتراض في المقالة الولى على دليل القائلين بالتحاد‪ .‬إن قلت‪:‬‬
‫على تقدير تسليم اتحاد معنى الدين في اليات فما يصنع من اكتفى في‬
‫اليمان بالتصديق‪ ،‬فيما إذا صدق شخص بجميع ما أمره ال تعالى به ولو‬
‫إجمال لكنه لم يفعل بعد شيئا من الطاعات لعدم وجوبها عليه‪ ،‬كما لو‬
‫توقفت على سبب أو شرط ولم يحصل أو وجد مانع من ذلك فانه يسمى‬
‫مؤمنا ول يسمى مسلما لعدم التيان بالطاعات التي هي معتبرة في حقيقة‬
‫السلم‪ ،‬وكذا الحكم على من وجبت عليه وتركها تقصيرا غير مستحل مع‬
‫كونه مصدقا بجميع ما امر به ومريدا للطاعات‬

‫]‪[309‬‬

‫فانه يسمي حينئذ مؤمنا ل مسلما‪ ،‬ويلزم الستهجان المذكور سابقا‪ .‬قلت‪ :‬المر‬
‫على ما ذكرت‪ ،‬ول مخلص من هذا إل بالتزام ارتكاب عدم تسليم اتحاد‬
‫معنى الدين في اليات‪ ،‬أو التزامه‪ ،‬ونمنع من استهجانه‪ ،‬فانه لما كان‬
‫حصول التصديق مع ترك الطاعات فردا نادر الوقوع‪ ،‬لم تلتفت النفس إليه‬
‫فلذا لم يتوجهوا إلى بيان النسبة بين السلم واليمان على تقديره‪،‬‬
‫وبالجملة فظواهر اليات تعطي قوة القول بأن السلم واليمان الحقيقيان‬
‫تعتبر فيهما الطاعات‪ ،‬وتحقق حصول اليمان في صورة حصول التصديق‬
‫قبل وجوب الطاعات يفيد قوة القول بأن اليمان هو التصديق فقط‬
‫والطاعات مكملت‪ .‬انتهى كلمه ضوعف في الجنة إكرامه‪ ،‬ولم نتعرض‬
‫لتبيين ما حققه وما يخطر بالبال في كل منها لخروجه عن موضع كتابنا‬
‫وفي بالي ‪ -‬إن فرغني ال تعالى عن بعض ما يصدني عن الوصول إلى‬
‫آمالي ‪ -‬أن أكتب في ذلك كتابا مفردا إنشاء ال تعالى‪ ،‬وهو الموفق للخير‬
‫والصواب‪ ،‬وإليه المرجع والمآب‪) * .25 .‬باب( * * " " )نسبة السلم(‬
‫" " * ‪ - 1‬مع‪ ،‬لى‪ :‬عن ما جيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫محمد بن يحيى الخزاز‪ ،‬عن غياث بن إبراهيم‪ ،‬عن الصادق جعفر بن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبيه عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬لنسبن السلم نسبة لم ينسبه أحد قبلي ول ينسبه أحد بعدي‪:‬‬
‫السلم هو التسليم‪ ،‬والتسليم هو التصديق‪ ،‬والتصديق هو اليقين‪ ،‬واليقين‬
‫هو الداء‪ ،‬والداء هو العمل‪ ،‬إن المؤمن أخذ دينه عن ربه‪ ،‬ولم يأخذه عن‬
‫رأيه أيها الناس دينكم دينكم‪ ،‬تمسكوا به ل يزيلكم أحد عنه‪ ،‬لن السيئة فيه‬
‫خير من الحسنة في غيره لن )‪ (1‬السيئة فيه تغفر‪ ،‬والحسنة في غيره‬

‫)‪ (1‬تعليل لقوله عليه السلم‪ " :‬لن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره " وذلك‬
‫لن < )*(‪.‬‬

‫]‪[310‬‬

‫ل تقبل )‪ .(1‬بيان‪ " :‬دينكم " نصب على الغراء‪ ،‬أي خذوا دينكم وتمسكوا به‪،‬‬
‫قوله عليه السلم‪ " :‬لن السيئة فيه تغفر " أقول‪ :‬يحتمل وجهين الول أن‬
‫يكون مبنيا على أن العمل غير المقبول ربما يعاقب عليه‪ ،‬فانه كالصلة‬
‫بغير وضوء‪ ،‬فهو بدعة يستحق عليها العقاب وأيضا ترك العمل الذي‬
‫وجب عليه‪ ،‬لنه لم يأت به مع شرائطه فيستحق عقابين أحدهما بفعل‬
‫العمل المبتدع‪ ،‬وثانيهما بترك العمل المقبول‪ ،‬و هو لعدم اليمان ل يستحق‬
‫العفو‪ ،‬والسيئة من المؤمن مما يمكن أن يغفر له إن لم يوجب له المغفرة‪،‬‬
‫فهذه السيئة خير من تلك الحسنة‪ ،‬وأقرب إلى المغفرة‪ ،‬و الثاني أن يكون‬
‫المراد خيرية المؤمن المسيئ بالنسبة إلى المخالف المحسن في مذهبه لن‬
‫الول يمكن المغفرة في حقه‪ ،‬ومع عدمها ل يدوم عقابه‪ ،‬بخلف المخالف‬
‫المتعبد‪ ،‬فانه ل تنفعه عبادته‪ ،‬ويخلد في النار بسوء اعتقاده‪ ،‬وكلهما مما‬
‫خطر بالبال وكأن الول أظهر‪ - 2 .‬ما‪ :‬باسناد المجاشعي‪ ،‬عن الصادق‪،‬‬
‫عن آبائه‪ ،‬عن علي عليه السلم قال‪ :‬السلم هو التسليم‪ ،‬والتسليم هو‬
‫اليقين‪ ،‬واليقين هو التصديق‪ ،‬والتصديق هو القرار والقرار هو الداء‪،‬‬
‫والداء هو العمل )‪.(2‬‬

‫> السيئة في دين السلم مغفور عنها لقوله تعالى‪ " :‬ان الحسنات يذهبن السيئات‬
‫" بل صاحبها موعود بالجنة لقوله تعالى‪ " :‬ان تجتنبوا كبائر ما تنهون‬
‫عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخل كريما " أما الحسنة في غيره‬
‫فليست بمقبولة حتى يثاب عليها‪ ،‬بل هو خاسر في عمله لقوله تعالى‪" :‬‬
‫ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه‪ ،‬وهو في الخرة من الخاسرين‬
‫"‪ .‬ول يذهب عليك ان كلمه عليه السلم هذا مبتن على كون السيئة‬
‫بمعنى الصغائر كما هو الظاهر من المقابلة في قوله تعالى‪ " :‬ان تجتنبوا‬
‫" الخ فان السيئات جعلت في مقابلة الكبائر فكل ما كانت كبيرة فهى من‬
‫الموبقات التى وعد عليها النار‪ ،‬وكل ما كانت صغيرة وبعبارة أخرى‬
‫سيئة فهى مكفرة لهذه المة‪ (1) .‬معاني الخبار ص ‪ ،185‬أمالى‬
‫الصدوق ص ‪ (2) .211‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ 137‬وفيه‪ :‬الداء هو‬
‫العلم )*(‪.‬‬

‫]‪[311‬‬

‫‪ - 3‬فس‪ :‬عن محمد بن علي البغدادي رفع الحديث إلى أمير المؤمنين صلوات ال‬
‫عليه أنه قال‪ :‬لنسبن السلم نسبة لم ينسبها أحد قبلي ول ينسبها أحد‬
‫بعدي‪ :‬السلم هو التسليم‪ ،‬والتسليم هو اليقين‪ ،‬واليقين هو التصديق‪،‬‬
‫والتصديق هو القرار‪ ،‬والقرار هو الداء‪ ،‬والداء هو العمل‪ ،‬المؤمن أخذ‬
‫دينه عن ربه إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله‪ ،‬وإن الكافر يعرف كفره‬
‫بانكاره‪ ،‬أيها الناس دينكم فان الحسنة فيه خير من الحسنة في غيره‪ ،‬وإن‬
‫السيئة فيه تغفر‪ ،‬وإن الحسنة في غيره ل تقبل )‪ - 4 .(1‬سن‪ :‬عن بعض‬
‫أصحابنا رفعه قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬لنسبن اليوم السلم‬
‫نسبة لم ينسبه أحد قبلي ول ينسبه أحد بعدي إل بمثل ذلك‪ :‬السلم هو‬
‫التسليم‪ ،‬والتسليم هو اليقين‪ ،‬واليقين هو التصديق‪ ،‬والتصديق هو‬
‫القرار‪ ،‬و القرار هو العمل‪ ،‬والعمل هو الداء إن المؤمن لم يأخذ دينه‬
‫عن رأيه‪ ،‬ولكن أتاه عن ربه وأخذ به‪ ،‬إن المؤمن يرى يقينه في عمله‪،‬‬
‫والكافر يرى إنكاره في عمله فو الذي نفسي بيده ما عرفوا أمر ربهم‪،‬‬
‫فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة )‪ .(2‬كا‪ :‬عن العدة‪،‬‬
‫عن البرقي‪ ،‬عن بعض أصحابنا مثله إل أن فيه لنسبن السلم إلى قوله‪:‬‬
‫أتاه من ربه فأخذه‪ ،‬إلى قوله‪ :‬ما عرفوا أمرهم )‪ .(3‬بيان‪ " :‬لنسبن "‬
‫يقال نسبت الرجل كنصرت أي ذكرت نسبه‪ ،‬والمراد بيان السلم‪ ،‬والكشف‬
‫التام عن معناه‪ ،‬وقيل‪ :‬لما كان نسبة شئ إلى شئ يوضح أمره وحاله‪ ،‬وما‬
‫يؤول هو إليه‪ ،‬اطلق هنا على اليضاح من باب ذكر الملزوم وإرادة اللزم‪.‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ (2) .91 :‬المحاسن ص ‪ (3) .222‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 45‬‬

‫]‪[312‬‬

‫وأقول‪ :‬كأن المراد بالسلم هنا المعنى الخص منه المرادف لليمان كما يومئ إليه‬
‫قوله " إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه " وقوله " إن المؤمن يرى‬
‫يقينه في عمله " وحاصل الخبر أن السلم هو التسليم والنقياد‪ .‬والنقياد‬
‫التام ل يكون إل باليقين‪ ،‬واليقين هو التصديق الجازم‪ ،‬والذعان الكامل‬
‫بالصول الخمسة أو تصديق ال ورسوله والئمة الهداة‪ ،‬والتصديق ل‬
‫يظهر أول يفيد إل بالقرار الظاهري‪ ،‬والقرار التام ل يكون أول يظهر إل‬
‫بالعمل بالجوارح‪ ،‬فان العمال شهود اليمان‪ ،‬والعمل الذي هو شاهد‬
‫اليمان هو أداء ما كلف ال تعالى به ل اختراع العمال وإبداعها كما تفعله‬
‫المبتدعة‪ ،‬والداء اسم المصدر الذي هو التأدية‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد‬
‫بالداء تأديته وإيصاله إلى غيره‪ ،‬فيدل على أن التعليم ينبغي أن يكون بعد‬
‫العمل‪ ،‬وأنه من لوازم اليمان‪ ،‬فظهر أن الحمل في بعضها حقيقي وفي‬
‫بعضها مجازي‪ .‬وقيل‪ :‬أشار عليه السلم إلى أن السلم وهو دين ال الذي‬
‫أشار إليه جل شأنه بقوله " إن الدين عند ال السلم " )‪ (1‬يتوقف‬
‫حصوله على ستة امور‪ ،‬والعبارة ل تخلو من لطف‪ ،‬وهو أنه جعل‬
‫التصديق الذي هو اليمان الخالص الحقيقي بين ثلثة وثلثة واشتراك‬
‫الثلثة التي قبله في أنها من مقتضياته وأسباب حصوله‪ ،‬و اشتراك الثلثة‬
‫التي بعده في أنها من لوازمه وآثاره وثمراته‪ ،‬وبالجملة جعل التصديق‬
‫الذي هو اليمان وسطا وجعل أول مراتبه السلم‪ ،‬ثم التسليم ثم اليقين‬
‫وجعل أول مراتبه من جهة المسببات القرار بما يجب القرار به‪ ،‬ثم العمل‬
‫بالجوارح‪ ،‬ثم أداء ما افتراض ال به انتهى‪ " .‬إن المؤمن لم يأخذ دينه‬
‫عن رأيه كأنه بيان لما بين سابقا وقرره من أن السلم ل يكون إل‬
‫بالتسليم لئمة الهدى‪ ،‬والنقياد لهم فيما أمروا به و هوا عنه‪ ،‬وأنه ل‬
‫يكون ذلك إل بتصديق النبي والئمة صلوات ال عليهم‪ ،‬و القرار بما صدر‬
‫عنهم‪ ،‬وأداء العمال على نهج ما بينوه لن اليمان ليس أمرا‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪.(*) 19 :‬‬

‫]‪[313‬‬

‫يمكن اختراعه بالرأي والنظر‪ ،‬بل لبد من الخذ عمن يؤدي عن ال " فالمؤمن‬
‫يرى " على بناء المجهول أو المعلوم من باب الفعال " يقينه " بالرفع أو‬
‫النصب " في عمله " بأن يكون موافقا لما صدر عنهم‪ ،‬ولم يكن مأخوذا‬
‫من الراء والمقاييس الباطلة والكافر بعكس ذلك " ما عرفوا " أي‬
‫المخالفون أو المنافقون " أمرهم " أي امور دينهم فروعا واصول فضلوا‬
‫وأضلوا لعدم اتباعهم أئمة الهدى‪ ،‬وأخذهم العلم منهم " فاعتبروا إنكار‬
‫الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة " المخالفة لمحكمات الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬المبنية على آرائهم الفاسدة‪ ،‬والمخالفون داخلون في الول أو في‬
‫الثاني‪ ،‬بل فيهما حقيقة‪ .‬فأقول روى السيد الرضي رضي ال عنه في نهج‬
‫البلغة جزءا من هذا الخبر هكذا وقال عليه السلم‪ :‬لنسبن السلم نسبة‬
‫لم ينسبها أحد قبلي‪ :‬السلم هو التسليم والتسليم هو اليقين‪ ،‬واليقين هو‬
‫التصديق‪ ،‬والتصديق هو القرار‪ ،‬والقرار هو الداء‪ ،‬والداء هو العمل )‬
‫‪ .(1‬وقال ابن أبي الحديد‪ :‬خلصة هذا الفصل يقتضي صحة مذهب أصحابنا‬
‫المعتزلة في أن السلم واليمان عبارتان عن معنى واحد‪ ،‬وأن العمل‬
‫داخل في مفهوم هذه اللفظة‪ ،‬أل تراه جعل كل واحدة من اللفظات قائمة‬
‫مقام الخرى في إفادة المفهوم كما يقال الليث هو السد والسد هو السبع‬
‫والسبع هو أبو الحارث فل شبهة أن الليث يكون أبا الحارث أي أن‬
‫السماء مترادفة‪ ،‬فإذا كان أول اللفظات السلم‪ ،‬وآخرها العمل‪ ،‬دل على‬
‫أن العمل هو السلم‪ ،‬وهكذا يقول أصحابنا‪ :‬إن تارك العمل أي تارك‬
‫الواجب ل يسمى مسلما‪ .‬فان قلت‪ :‬كيف يدل على أن السلم هو اليمان ؟‬
‫قلت‪ :‬لن كل من قال إن العمل داخل في مسمى السلم‪ ،‬قال إن السلم هو‬
‫اليمان‪ .‬فان قلت‪ :‬لم يقل عليه السلم كما تقوله المعتزلة‪ ،‬لنهم يقولون‬
‫السلم اسم واقع على العمل وغيره من العتقاد والنطق باللسان‪ ،‬وهو‬
‫جعل السلم هو العمل‪.‬‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة عبده ط مصر ج ‪ 2‬ص ‪ ،171‬تحت الرقم ‪ 125‬من الحكم )*(‪.‬‬

‫]‪[314‬‬

‫قلت‪ :‬ل يجوز أن يريد غيره‪ ،‬لن لفظ العمل يشمل العتقاد والنطق باللسان‬
‫وحركات الركان بالعبادات‪ ،‬إذ كل ذلك عمل وفعل‪ ،‬وإن كان بعضه من‬
‫أفعال القلوب‪ ،‬وبعضه من أفعال الجوارح‪ ،‬والقول بأن السلم هو العمل‬
‫بالركان خاصة لم يقل به أحد‪ ،‬انتهى )‪ .(1‬وقال ابن ميثم‪ :‬هذا قياس‬
‫مفصول مركب من قياسات )‪ (2‬طويت نتائجها وينتج القياس الول أن‬
‫السلم هو اليقين‪ ،‬والثاني أنه التصديق‪ ،‬والثالث أنه القرار‪ ،‬والرابع أنه‬
‫الداء‪ ،‬والخامس أنه العمل أما المقدمة الولى فلن السلم هو الدخول في‬
‫الطاعة‪ ،‬ويلزمه التسليم ل‪ ،‬وصدق اللزم على ملزومه ظاهر‪ ،‬وأما‬
‫الثانية فلن التسليم الحق إنما يكون ممن تيقن استحقاق المطاع للتسليم‬
‫له‪ ،‬فاليقين من لوازم التسليم ل‪ ،‬وأما الثالثة فلن اليقين بذلك مستلزم‬
‫للتصديق بما جاء به على لسان رسوله‪ ،‬من وجوب طاعته‪ ،‬فصدق على‬
‫اليقين به أنه تصديق له‪ ،‬وأما الرابعة فلن التصديق ل في وجوب طاعته‬
‫إقرار بصدق ال‪ ،‬وأما الخامسة فلن القرار والعتراف بوجوب أمر‬
‫يستلزم أداء المقر المعترف لما أقر به‪ ،‬وكان إقراره أداء لزما‪ ،‬السادسة‬
‫أن أداء ما اعترف به ل من الطاعة الواجبة ل يكون إل عمل‪ ،‬ويؤول‬
‫حاصل هذا الترتيب إلى إنتاج أن السلم هو العمل ل‪ ،‬بمقتضى أوامره‪،‬‬
‫وهو تفسير بالخاصة كما سبق بيانه انتهى )‪ (3‬وكأن ما ذكرنا أنسب‬
‫وأوفق‪ .‬وقال الكيدري رحمه ال‪ " :‬السلم هو التسليم " يعني‪ :‬الدين هو‬
‫النقياد للحق والذعان له " والتسليم هو اليقين " أي صادر عنه ولزم‬
‫له‪ ،‬فكأنه هو من فرط تعلقه به " والتصديق هو القرار " أي إقرار الذهن‬
‫وحكمه " والقرار هو الداء " أي مستلزم للداء وشديد الشبه بالعلة له‪،‬‬
‫لن من تيقن حقية الشئ‪ ،‬وأن‬

‫)‪ (1‬شرح النهج لبن أبى الحديد ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .302‬يعنى بالمفصول‪ :‬المفصول‬
‫النتائج‪ ،‬وهى من اقسام القياس المركب‪ (3) .‬شرح النهج لبن ميثم‬
‫البحراني ص ‪.(*) 256‬‬

‫]‪[315‬‬

‫مصالحه منوطة بفعله‪ ،‬ومفاسده مترتبة على تركه‪ ،‬كان ذلك مقويا لداعيه على‬
‫فعله غاية التقوية يعني من حق المسلم الكامل في إسلمه أن يجمع بين‬
‫علم اليقين‪ ،‬و العمل الخالص‪ ،‬ليحط رحله في المحل ال رفع‪ ،‬ويجاور‬
‫الرفيق العلى‪ .‬وقال الشهيد الثاني رفع ال درجته في رسالة حقائق‬
‫اليمان بعد إيراد هذا الكلم من أمير المؤمنين عليه السلم ما هذا لفظه‪:‬‬
‫البحث عن هذا الكلم يتعلق بأمرين الول ما المراد من هذا النسبة ؟ الثاني‬
‫ما المراد من هذا المنسوب ؟ أما الول فقد ذكر بعض الشارحين أن هذه‬
‫النسبة بالتعريف أشبه منها بالقياس‪ ،‬فعرف السلم بأنه التسليم ل‪،‬‬
‫والدخول في طاعته‪ ،‬وهو تفسير لفظ بلفظه أعرف منه‪ ،‬والتسليم بأنه‬
‫اليقين‪ ،‬وهو تعريف بلزم مساو‪ ،‬إذ التسليم الحق إنما يكون ممن تيقن‬
‫صدق من سلم له‪ ،‬واستحقاقه التسليم‪ ،‬واليقين بأنه التصديق أي التصديق‬
‫الجازم المطابق البرهاني‪ ،‬فذكر جنسه ونبه بذلك على حده أو رسمه‬
‫والتصديق بأنه القرار بال ورسله‪ ،‬وما جاء من البينات وهو تعريف لفظ‬
‫بلفظ أعرف‪ ،‬والقرار بأنه الداء أي أداء ما أقر به من الطاعات‪ ،‬وهو‬
‫تعريف بخاصة له‪ ،‬والداء بأنه العمل‪ ،‬وهو تعريف له ببعض خواصه‬
‫انتهى‪ .‬أقول‪ :‬هذا بناء على أن المراد من السلم المعرف في كلمه عليه‬
‫السلم ما هو السلم حقيقة عند ال تعالى في نفس المر أو السلم‬
‫الكامل عند ال تعالى أيضا و إل فل يخفى أن السلم يكفي في تحققه في‬
‫ظاهر الشرع القرار بالشهادتين‪ ،‬سواء علم من المقر التصديق بال تعالى‬
‫والدخول في طاعته أم ل ؟ كما صرحوا به في تعريف السلم في كتب‬
‫الفروع وغيرها‪ ،‬فعلم أن الحكم بكون تعريف السلم بالتسليم ل الخ‬
‫تعريفا لفظيا‪ ،‬إنما يتم على المعنى الول‪ ،‬وهو السلم في نفس المر أو‬
‫الكامل‪ .‬ويمكن أن يقال إن التعريف حقيقي وذلك لن السلم لغة هو مطلق‬
‫النقياد والتسليم‪ ،‬فإذا قيد التسليم بكونه ل تعالى والدخول في طاعته كان‬
‫بيانا للماهية التي اعتبرها الشارع إسلما فهو من قبيل ما ذكر جنسه ونبه‬
‫على حده‬

‫]‪[316‬‬

‫أو رسمه‪ .‬وأقول أيضا‪ :‬في جعله القرار بال تعالى إلى آخره تعريف لفظ بلفظ‬
‫أعرف للتصديق بحث ل يخفى لن المراد من التصديق المذكور هنا القلبي‬
‫ل اللساني حيث فسره بأنه الجازم المطابق الخ والقرار المراد منه‬
‫العتراف باللسان‪ ،‬إذ هو المتبادر منه‪ ،‬ولذا جعله بعضهم قسيما للتصديق‬
‫في تعريف اليمان‪ ،‬حيث قال‪ :‬هو التصديق مع القرار وحينئذ فيكون بين‬
‫معنى اللفظين غاية المباينة‪ ،‬فكيف يكون تعريف لفظ بلفظ ؟ اللهم إل أن‬
‫يراد من القرار بال ورسله مطلق النقياد والتسليم بالقلب واللسان‪ ،‬على‬
‫طريق عموم المجاز‪ ،‬ول يخفى ما فيه‪ .‬والذي يظهر لي أنه تعريف بلزم‬
‫عرفي‪ ،‬وذلك لن من أذعن بال و رسله وبيناتهم ل يكاد ينفك عن إظهار‬
‫ذلك بلسانه‪ ،‬فان الطبيعة جبلت على إظهار مضمرات القلوب‪ ،‬كما دل عليه‬
‫قوله عليه السلم " ما أضمر أحدكم شيئا إل وأظهره ال على صفحات‬
‫وجهه وفلتات لسانه " )‪ (1‬ولما كان هذا القرار هنا مطلوبا للشارع مع‬
‫كونه في حكم ما هو من مقتضيات الطبيعة‪ ،‬نبه عليه السلم على أن‬
‫التصديق هو القرار مع تأكيد طلبه‪ ،‬حتى كأن التصديق غير مقبول إل به‪،‬‬
‫أو غير معلوم للناس إل به‪ ،‬وكذا أقول في جعله الداء خاصة للقرار‪ ،‬فان‬
‫خاصة الشئ ل تنفك عنه‪ ،‬والداء قد ينفك عن القرار‪ ،‬فان المراد من‬
‫الداء هنا عمل الطاعات‪ ،‬والقرار ل يسلتزمه‪ ،‬ويمكن الجواب بأنه عليه‬
‫السلم أراد من القرار الكامل فكأنه ل يصير كامل حتى يردفه بالداء الذي‬
‫هو العمل‪ .‬وأما الثاني‪ :‬فقد علم من هذه النسبة الشارحة ]أن[ المنسوب‬
‫أي المشروح هو السلم الكامل أو ما هو إسلم عند ال تعالى بحيث ل‬
‫يتحقق بدون السلم في الظاهر‪ ،‬وعلم أيضا أن هذا السلم هو اليمان إما‬
‫الكامل‪ ،‬أو ما ل يتحقق حقيقته المطلوبة للشارع في نفس المر إل به‪ ،‬لكن‬
‫الثاني ل ينطبق إل على مذهب من قال بأن حقيقة اليمان هو تصديق‬
‫بالجنان‪ ،‬وإقرار باللسان‪ ،‬وعمل بالركان‪ ،‬وقد عرفت تزييف‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة تحت الرقم ‪ 25‬من الحكم )*(‪.‬‬

‫]‪[317‬‬

‫ذلك فيما تقدم‪ ،‬وأن الحق عدم اعتبار جميع ذلك في أصل حقيقة اليمان‪ ،‬نعم هو‬
‫معتبر في كماله‪ ،‬وعلى هذا فالمنسوب إن كان هو السلم الكامل كان‬
‫اليمان والسلم الكاملن واحدا‪ ،‬وأما الصليان فالظاهر اتحادهما أيضا‬
‫مع احتمال التفاوت بينهما‪ ،‬وإن كان هذا المنسوب ما اعتبره الشارع في‬
‫نفس المر إسلما ل غيره‪ ،‬لزم كون اليمان أعم من السلم‪ ،‬ولزم ما‬
‫تقدم من الستهجان‪ ،‬فيحصل من ذلك أن السلم إما مساو لليمان‪ ،‬أو‬
‫أخص‪ ،‬وأما عمومه فلم يظهر له من ذلك احتمال إل على وجه بعيد‬
‫فليتأمل‪) .26 .‬باب الشرايع( ‪ - 1‬سن‪ :‬عن أبي إسحاق الثقفي‪ ،‬عن محمد‬
‫بن مروان‪ ،‬عن أبان بن عثمان عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى أعطى محمدا صلى ال عليه وآله شرايع نوح‬
‫وإبراهيم وموسى وعيسى‪ :‬التوحيد‪ ،‬والخلص‪ ،‬وخلع النداد‪ ،‬والفطرة‬
‫والحنيفية السمحة‪ ،‬ل رهبانية ول سياحة‪ ،‬أحل فيها الطيبات‪ ،‬وحرم فيها‬
‫الخبيثات ووضع عنهم إصرهم‪ ،‬والغلل التي كانت عليهم‪ ،‬فعرف فضله‬
‫بذلك ثم افترض عليها فيه الصلة والزكاة والصيام والحج والمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬و الحلل والحرام‪ ،‬والمواريث والحدود‬
‫والفرائض والجهاد في سبيل ال وزاده الوضوء وفضله بفاتحة الكتاب‬
‫وبخواتيم سورة البقرة والمفصل وأحل له المغنم والفئ‪ ،‬ونصره بالرعب‬
‫وجعل له الرض مسجدا وطهورا‪ ،‬وأرسله كافة إلى البيض والسود‬
‫والجن والنس‪ ،‬وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم ثم كلف ما لم‬
‫يكلف أحدا من النبياء أنزل عليه سيفا من السماء في غير غمد‪ ،‬و قيل له‪:‬‬
‫" قاتل في سبيل ال ل تكلف إل نفسك "‪ .‬عباس بن عامر‪ :‬وزاد فيه‬
‫بعضهم‪ :‬فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه‪ ،‬يعني الولية )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ 287‬والية في النساء‪.(*) 84 :‬‬

‫]‪[318‬‬

‫كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن البزنطي ; والعدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن إبراهيم بن محمد‬
‫الثقفي‪ ،‬عن محمد بن مروان جميعا‪ ،‬عن أبان مثله إل أن فيه والفطرة‬
‫الحنيفية‪ ،‬وحرم فيها الخبائث‪ ،‬إلى قوله ثم افترض عليه فيها الصلة )‪(1‬‬
‫تبيين‪ :‬قوله عليه السلم " شرايع نوح " يحتمل أن يكون المراد بالشرايع‬
‫اصول الدين‪ ،‬ويكون التوحيد والخلص وخلع النداد بيانا لها " والفطرة‬
‫الحنيفية " معطوفة على الشرايع وإنما خص عليه السلم ما به الشتراك‬
‫بهذه الثلثة‪ ،‬مع اشتراكه عليه السلم معهم في كثير من العبادات‪،‬‬
‫لختلف الكيفيات فيها‪ ،‬دون هذه الثلثة ولعله عليه السلم لم يرد حصر‬
‫المشتركات فيما ذكر‪ ،‬لعدم ذكر سائل اصول الدين كالعدل والمعاد‪ ،‬مع أنه‬
‫يمكن إدخالها في بعض ما ذكر‪ ،‬ل سيما الخلص بتكلف )‪ .(2‬ويمكن أن‬
‫يكون المراد منها الصول‪ ،‬واصول الفروع المشتركة‪ ،‬وإن اختلفت في‬
‫الخصوصيات والكيفيات‪ ،‬وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قوله عليه‬
‫السلم " وزاده " بيانا للشرايع‪ ،‬ويشكل حينئذ ذكر الرهبانية والسياحة‪،‬‬
‫إذ المشهور أن عدمهما من خصائص نبينا صلى ال عليه وآله إل أن يقال‬
‫المراد عدم الوجوب وهو مشترك أو يقال إنهما لم يكونا في شريعة عيسى‬
‫عليه السلم أيضا وإن استشكل بالجهاد وأنه لم يجاهد عيسى عليه السلم‬
‫فالجواب أنه يمكن أن يكون واجبا عليه لكن لم يتحقق شرائطه‪ ،‬و لذا لم‬
‫يجاهد‪ ،‬ولعل قوله عليه السلم " زاده وفضله " بهذا الوجه أوفق‪ ،‬وكأن‬
‫المراد بالتوحيد نفي الشريك في الخلق‪ ،‬وبالخلص نفي الشريك في‬
‫العبادة‪ ،‬و خلع النداد تأكيد لهما‪ ،‬أو المراد به ترك اتباع خلفاء الجور‬
‫وأئمة الضللة أو نفي الشرك الخفي‪ ،‬أو المراد بالخلص نفي الشرك‬
‫الخفي وبخلع النداد نفي الشريك في استحقاق العبادة‪ ،‬والنداد جمع ند‪،‬‬
‫وهو مثل الشئ الذي يضاده في اموره‪ ،‬ويناده أي يخالفه‪ .‬والفطرة ملة‬
‫السلم التي فطر ال الناس عليها‪ ،‬كما مر‪ ،‬والحنيفية‪ :‬المائلة‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .17‬والذى يظهر لى من الخبر أن اولى العزم من الرسل‬
‫وهم خمسة كانوا صاحب < )*(‪.‬‬

‫]‪[319‬‬

‫من الباطل إلى الحق‪ ،‬أو الموافقة لملة إبراهيم عليه السلم قال في النهاية‪ :‬الحنيف‬
‫عند العرب من كان على دين إبراهيم وأصل الحنف الميل‪ ،‬ومنه الحديث‬
‫بعثت بالحنيفية السمحة السهلة‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬السمحة الملة التي ما‬
‫فيها ضيق‪ .‬وفي النهاية‪ :‬فيه ل رهبانية في السلم‪ ،‬وهي من رهبنة‬
‫النصارى‪ ،‬وأصله من الرهبة الخوف‪ ،‬كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال‬
‫الدنيا‪ ،‬وترك ملذها و الزهد فيها‪ ،‬والعزلة عن أهلها‪ ،‬وتعمد مشاقها‪ ،‬حتى‬
‫أن منهم من كان يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من‬
‫أنواع التعذيب‪ ،‬فنفاها النبي صلى ال عليه وآله عن السلم ونهى‬
‫المسلمين عنها انتهى‪ .‬وقال الطبرسي قدس سره في قوله تعالى‪" :‬‬
‫ورهبانية ابتدعوها " )‪ :(1‬هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى‬
‫الرهبة إما في لبسة‪ ،‬أو انفراد عن الجماعة أو غير ذلك من المور التي‬
‫يظهر فيها نسك صاحبه‪ ،‬والمعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم‪ ،‬وقيل‬
‫إن الرهبانية التي ابتدعوها في رفض النساء‪ ،‬واتخاذ الصوامع عن قتادة‪،‬‬
‫قال‪ :‬وتقديره ورهبانية ما كتبناها عليهم إل أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان‬
‫ال‪ ،‬فما رعوها حق رعايتها‪ ،‬وقيل إن الرهبانية التي ابتدعوها لحاقهم‬
‫بالبراري والجبال في خبر مرفوع عن النبي صلى ال عليه وآله فما‬
‫رعوها الذين بعدهم حق رعايتها‪ ،‬وذلك لتكذيبهم بمحمد صلى ال عليه‬
‫وآله عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الرهبانية‬

‫> شريعة ولكن اختص كل واحد منهم لقتضاء الجو والمحيط بخصيصة ممتازة‬
‫ظهر فيها كونه صاحب عزم وارادة كما خصص كل واحد منهم بمعجزة‬
‫خاصة تظهره على أهل زمانه‪ .‬فقد قام نوح عليه السلم في جو الشرك‬
‫وأهل الشراك فخص بالتوحيد وكان جل سعيه وراء ذلك‪ ،‬وقام ابراهيم‬
‫عليه السلم بالخلص في العبادة وموسى بخلع النداد مثل فرعون ذى‬
‫الوتاد‪ ،‬وعيسى بالفطرة وتطهير الوجدان‪ ،‬وخص محمد صلى ال عليه‬
‫وآله بالحنيفية السمحة‪ ،‬ل رهبانية ول سياحة‪ :‬وهى احلل الطيبات‬
‫وتحريم الخبائث إلى آخر ما ذكر عليه السلم فتفطن‪ (1) .‬الحديد‪27 :‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[320‬‬

‫هي النقطاع عن الناس للنفراد بالعبادة " ما كتبناها " أي ما فرضناها " عليهم‬
‫" وقال الزجاج إن تقديره " ما كتبناها عليهم إل ابتغاء رضوان ال "‬
‫وابتغاء رضوان ال اتباع ما أمر ال‪ ،‬لهذا وجه‪ ،‬قال‪ :‬وفيها وجه آخر جاء‬
‫في التفسير أنهم كانوا يرون من ملوكهم مال يصبرون عليه‪ ،‬وفاتخذوا‬
‫أسرابا وصوامع‪ ،‬وابتدعوا ذلك‪ ،‬فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع‪ ،‬ودخلوا‬
‫عليه‪ ،‬لزمهم إتمامه كما أن النسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفرض‬
‫عليه لزمه أن يتمه‪ .‬قال‪ :‬وقوله " فما رعوها حق رعايتها " على ضربين‬
‫أحدهما أن يكونوا قصروا فيما ألزموه أنفسهم‪ ،‬والخر وهو الجود أن‬
‫يكونوا حين بعث النبي صلى ال عليه وآله فلم يؤمنوا به‪ ،‬وكانوا تاركين‬
‫لطاعة ال‪ ،‬فما رعوها ]أي[ تلك الرهبانية حق رعايتها ودليل ذلك قوله "‬
‫فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم " يعني الذين آمنوا بالنبي صلى ال عليه‬
‫وآله " وكثير منهم فاسقون " أي كافرون انتهى كلم الزجاج‪ .‬ويعضد هذا‬
‫ما جاءت به الرواية عن ابن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬كنت رديف رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله على حمار فقال‪ :‬يا ابن ام عبد‪ ،‬هل تدري من أين أحدثت بنو‬
‫إسرائيل ! ! الرهبانية ؟ فقلت‪ :‬ال ورسوله أعلم‪ ،‬فقال‪ :‬ظهرت عليهم‬
‫الجبابرة بعد عيسى عليه السلم يعملون بمعاصي ال‪ ،‬فغضب أهل اليمان‬
‫فقاتلوهم فهزم أهل اليمان ثلث مرات‪ ،‬فلم يبق منهم إل القليل‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن‬
‫ظهرنا هؤلء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو إليه‪ ،‬فتعالوا نتفرق في‬
‫الرض إلى أن يبعث ال النبي الذي وعدنا به عيسى عليه السلم يعنون‬
‫محمدا صلى ال عليه وآله فتفرقوا في غيران الجبال‪ ،‬وأحدثوا رهبانية‬
‫فمنهم من تمسك بدينه‪ ،‬ومنهم من كفر‪ ،‬ثم تل هذه الية " ورهبانية‬
‫ابتدعوها ما كتبناها عليهم " إلى آخرها ثم قال يا ابن ام عبد أتدري ما‬
‫رهبانية امتي ؟ قلت‪ :‬ال ورسله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬الهجرة والجهاد والصلة‬
‫والصوم والحج والعمرة‪ .‬وفي حديث آخر عن ابن مسعود‪ ،‬أنه صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬من آمن بي وصدقني واتبعني فقد رعاها حق رعايتها‪،‬‬
‫ومن لم يؤمن بي فاولئك هم الهالكون انتهى )‪(1‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪.(*) 243‬‬

‫]‪[321‬‬

‫وقال في النهاية‪ :‬فيه ل سياحة في السلم‪ ،‬يقال‪ :‬ساح في الرض يسيح سياحة إذا‬
‫ذهب فيها‪ ،‬وأصله من السيح‪ ،‬وهو الماء الجاري المنبسط على الرض‪،‬‬
‫أراد مفارقة المصار‪ ،‬وسكنى البراري‪ ،‬وترك شهود الجمعة والجماعات‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أراد الذين يسيحون في الرض بالشر والنميمة والفساد بين الناس‪،‬‬
‫ومن الول الحديث سياحة هذه المة الصيام‪ ،‬قيل للصائم سائح لن الذي‬
‫يسيح في الرض متعبدا‪ ،‬يسيح ول زاد معه ول ماء‪ ،‬فحين يجد يطعم‬
‫والصائم يمضى نهاره ل يأكل ول يشرب شيئا فشبه به انتهى‪ .‬قوله عليه‬
‫السلم‪ " :‬أحل فيها الطيبات " )‪ (1‬إشارة إلى قوله تعالى في العراف "‬
‫الذين يتبعون الرسول النبي المي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة‬
‫والنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم‬
‫عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والغلل التي كانت عليهم " الية قال‬
‫الطبرسي قدس سره‪ " :‬ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " معناه‬
‫يبيح لهم المستلذات الحسنة‪ ،‬ويحرم عليهم القبائح‪ ،‬وما تعافه النفس‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يحل لهم ما اكتسبوه من وجه طيب‪ ،‬و يحرم عليهم ما اكتسبوه من‬
‫وجه خبيث‪ ،‬وقيل يحل لهم ما حرمه عليهم رها بينهم وأحبارهم‪ ،‬وما كان‬
‫يحرمه أهل الجاهلية من البحائر والسوائب وغيرها ويحرم عليهم الميتة‬
‫والدم ولحم الخنزير وما ذكر معها " ويضع عنهم إصرهم " أي ثقلهم شبه‬
‫ما كان على بني إسرائيل من التكليف الشديد بالثقل‪ ،‬وذلك أن ال سبحانه‬
‫جعل توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا‪ ،‬وجعل توبة هذه المة الندم بالقلب‬
‫حرمة للنبي صلى ال عليه وآله عن الحسن‪ ،‬وقيل الصر هو العهد الذي‬
‫كان ال سبحانه أخذه على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التوراة عن ابن‬
‫عباس والضحاك والسدي ويجمع المعنيين قول الزجاج الصر ما عقدته‬
‫من عقد ثقيل " والغلل التي كانت عليهم " معناه ويضع عنهم العهود‬
‫التي كانت في ذمتهم‪ ،‬وجعل تلك العهود بمنزلة الغلل التي تكون في‬
‫العناق للزومها كما يقال‪ :‬هذا طوق في عنقك‪ ،‬وقيل يريد بالغلل ما‬
‫امتحنوا به من قتل‬
‫)‪ (1‬العراف‪.(*) 157 :‬‬

‫]‪[322‬‬

‫نفوسهم في التوبة‪ ،‬وقرض ما يصيبه البول من أجسادهم‪ ،‬وما أشبه ذلك من تحريم‬
‫السبت وتحريم العروق والشحوم وقطع العضاء الخاطئة‪ ،‬ووجوب‬
‫القصاص دون الدية عن أكثر المفسرين )‪ (1‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬استدل أكثر‬
‫أصحابنا على تحريم كثير من الشياء مما تستقذره طباع أكثر الخلق بهذه‬
‫الية‪ ،‬وهو مشكل‪ ،‬إذا الظاهر من سياق الية مدح النبي صلى ال عليه‬
‫وآله وشريعته‪ ،‬بأن ما يحل لهم هو طيب واقعا وإن لم نفهم طيبه وما‬
‫يحرم عليهم هو الخبيث واقعا وإن لم نعلم خبثه‪ ،‬كالطعام المستلذ الذي‬
‫يكون من مال اليتيم أو مال السرقة تستلذه الطبع وهو خبيث واقعا وأكثر‬
‫الدوية التي يحتاج الناس إليها في غاية البشاعة وتستقذرها الطبع‪ ،‬ولم‬
‫أر قائل بتحريمها‪ ،‬فالحمل على المعنى الذي ل يحتاج إلى تخصيص‬
‫ويكون موافقا لقواعد المامية من الحسن والقبح العقليين‪ ،‬أولى من الحمل‬
‫على معنى ل بد فيه من تخصيصات كثيرة‪ ،‬بل ما يخرج منهما أكثر مما‬
‫يدخل فيهما كما ل يخفى على من تتبع مواردهما‪ .‬ويمكن أن يقال هذه الية‬
‫كالصريحة في الحسن والقبح العقليين‪ ،‬ولم يستدل بها الصحاب رضي ال‬
‫عنهم‪ ،‬وقيل الصر الثقل الذي يأصر حامله‪ ،‬أي يحبسه في مكانه لفرط‬
‫ثقله‪ ،‬وقال الزمخشري هو مثل لثقل تكليفهم وصعوبته‪ ،‬نحو اشتراط قتل‬
‫النفس في حصة توبتهم‪ ،‬وكذلك الغلل مثل لما كان في شرايعهم من‬
‫الشياء الشاقة نحو بت القضاء بالقصاص عمدا كان أو خطاء من غير‬
‫شرع الدية‪ ،‬وقطع العضاء الخاطئة‪ ،‬وقرض موضع النجاسة من الجلد‬
‫والثواب‪ ،‬وإحراق الغنائم‪ ،‬وتحريم العروق في اللحم‪ ،‬وتحريم السبت‪،‬‬
‫وعن عطا كانت بنو إسرائيل إذا قامت تصلي لبسوا المسوح وغلوا أيديهم‬
‫إلى أعناقهم‪ ،‬وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها‬
‫إلى السارية يحبس نفسه على العبادة انتهى‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬ثم‬
‫افترض عليه " أي على نبينا صلى ال عليه وآله " فيها " أي في الفطرة‬
‫التي هي ملته‪ ،‬وكأن " ثم " للتفاوت في الرتبة‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بالحلل ما‬
‫عدا الحرام‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪.(*) 487‬‬

‫]‪[323‬‬
‫فيشمل الحكام الربعة‪ ،‬والمراد بالفرائض المواريث ذكرت تأكيدا أو مطلق‬
‫الواجبات‪ ،‬وقيل‪ :‬الفرائض ماله تقدير شرعي من المواريث‪ ،‬وهي أعم‬
‫منها ومن غيرها‪ ،‬مما ليس له تقدير‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بالفرائض ما فرض من‬
‫القصاص بقدر الجناية وقوله " وزاده الوضوء " يدل على عدم شرع‬
‫الوضوء في المم السابقة‪ ،‬و ينافيه ما ورد في تفسير قوله تعالى " فطفق‬
‫مسحا بالسوق والعناق " )‪ (1‬أنهم مسحوا ساقهم وعنقهم وكان ذلك‬
‫وضوءهم إل أن يقال‪ :‬المراد زيادة الوضوء كما في بعض النسخ " وزيادة‬
‫الوضوء " عطفا على الجهاد‪ .‬قوله عليه السلم " وفضله " إشارة إلى ما‬
‫روي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬اعطيت مكان التوراة السبع‬
‫الطول‪ ،‬ومكان النجيل المثاني ومكان الزبور المئين وفضلت بالمفصل‬
‫وفي رواية واثلة بن الصقع وأعطيت مكان النجيل المئين ومكان الزبور‬
‫المثاني‪ ،‬واعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش لم يعطها‬
‫نبي قبلي وأعطاني ربى المفصل نافلة‪ .‬قال الطبرسي روح ال روحه‪:‬‬
‫فالسبع الطول‪ :‬البقرة‪ ،‬وآل عمران‪ ،‬والنساء والمائدة‪ ،‬والنعام‪ ،‬والعراف‬
‫والنفال مع التوبة لنهما تدعيان القرينتين‪ ،‬ولذلك لم يفصل بينهما‬
‫بالبسملة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن السابعة سورة يونس‪ ،‬والطول جمع الطولى تأنيث‬
‫الطول‪ ،‬وإنما سميت هذه السور الطول‪ ،‬لنها أطول سور القرآن‪ ،‬و أما‬
‫المثانى فهي السور التالية للسبع الطول أولها يونس وآخرها النحل‪ ،‬وإنما‬
‫سميت المثاني لنها ثنت الطول أي تلتها‪ ،‬وكان الطول هي المبادي‪،‬‬
‫والمثاني لها ثواني‪ ،‬وواحدها مثنى مثل المعنى والمعاني‪ ،‬وقال الفراء‪:‬‬
‫وحدها مثناة وقيل المثاني سور القرآن كلها طوالها وقصارها‪ ،‬من قوله‬
‫تعالى " كتابا متشابها مثاني " )‪ (2‬وأما المئون فهي كل سورة تكون‬
‫نحوا من مائة آية أو فويق ذلك أو دوينه‪ ،‬وهي سبع سور أولها سورة بني‬
‫إسرائيل وآخرها المؤمنون‪ ،‬وقيل إن المئين ما ولي السبع الطول‬

‫)‪ (1‬سورة ص‪ (2) .33 :‬الزمر‪.(*) 23 :‬‬

‫]‪[324‬‬

‫ثم المثاني بعدها‪ ،‬وهي التي تقصر عن المئين وتزيد على المفصل‪ ،‬وسميت المثاني‬
‫لن المئين مبادلها‪ ،‬وأما المفصل فما بعد الحواميم من قصار السور إلى‬
‫آخر القرآن‪ ،‬سميت مفصل لكثرة الفصول بين سورها ببسم ال الرحمن‬
‫الرحيم انتهى )‪ .(1‬وأقول‪ :‬اختلف في أول المفصل فقيل من سورة ق وقيل‬
‫من سورة محمد صلى ال عليه وآله وقيل من سورة الفتح‪ ،‬وعن النووي‬
‫مفصل القرآن من محمد إلى آخر القرآن‪ ،‬وقصاره من الضحى إلى آخره‪،‬‬
‫ومطولته إلى عم ومتوسطاته إلى الضحى‪ ،‬وفي الخبر المفصل ثمان‬
‫وستون سورة‪ ،‬وسيأتي تمام الكلم في ذلك في كتاب القرآن‪ " .‬وأحل له‬
‫المغنم " في النهاية الغنيمة والغنم المغنم والغنائم هو ما اصيب من أموال‬
‫أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب‪ ،‬وقال‪ :‬الفئ ما حصل‬
‫للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ول جهاد‪ ،‬وأصل الفئ الرجوع‬
‫يقال فاء يفئ فيئة وفيئا‪ ،‬كأنه في الصل لهم ثم رجع إليهم انتهى‪ .‬أقول‪:‬‬
‫ويحتمل أن يكون المراد بالمغنم المنقولت وبالفئ الراضي سواء اخذت‬
‫بحرب أم ل وعلى التقديرين في قوله " له " توسع أي له ولهل بيته‬
‫وامته‪ ،‬و يحتمل أن تكون اللم سببية ل صلة للحلل فيكون من أحل له‬
‫غير مذكور فيشمل الجمع والختصاص لما مر أن المم السابقة كانوا ل‬
‫تحل لهم الغنيمة‪ ،‬بل كانوا يجمعونها فتنزل نار من السماء فتحرقها‪ ،‬وكان‬
‫ذلك بلية عظيمة عليهم‪ ،‬حتى كان قد يقع فيها السرقة فيقع الطاعون‬
‫بينهم‪ ،‬فمن ال على هذه المة باحللها‪ ،‬و نصره بالرعب مع قلة العدة‬
‫والعدة‪ ،‬وكثرة العداء‪ ،‬وشدة بأسهم " والرعب " الفزع والخوف‪ ،‬فكان‬
‫ال تعالى يلقي رعبه في قلوب العداء حتى إذا كان بينه و بينهم مسيرة‬
‫شهرها بوه وفزعوا منه‪ " .‬وجعل له الرض مسجدا " أي مصلى يجوز‬
‫لهم الصلة في أي موضع شاؤا بخلف المم السابقة فان صلتهم كانت‬
‫في بيعهم وكنايسهم إل من ضرورة " وطهورا "‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 14‬‬

‫]‪[325‬‬

‫أي مطهرا أو ما يتطهر به‪ :‬تطهر أسفل القدم والنعل ومحل الستنجاء وتقوم مقام‬
‫الماء عند تعذره في التيمم‪ ،‬والمراد بكونها طهورا أنها بمنزلة الطهور في‬
‫استباحة الصلة بها وحمله السيد رحمه ال على ظاهره فاستدل به على ما‬
‫ذهب إليه من أن التيمم يرفع الحدث إلى وجود الماء‪ " .‬وأرسله كافة "‬
‫إشارة إلى قوله تعالى " وما أرسلناك إل كافة للناس " و " كافة " في‬
‫الية )‪ (1‬إما حال عما بعدها أي إلى الناس جميعا‪ ،‬ومن لم يجوز تقديم‬
‫الحال على ذي الحال المجرور قال هي حال عن الضمير المنسوب في‬
‫أرسلنا‪ ،‬والتاء للمبالغة أو صفة لمصدر محذوف أي إرسالة كافة‪ ،‬أو‬
‫مصدر كالكاذبة والعافية‪ ،‬ولعل الخيرين في الخبر أنسب‪ ،‬وظاهره أن‬
‫غيره صلى ال عليه وآله لم يبعث في الكافة وهو خلف المشهور‪.‬‬
‫ويحتمل أن يكون الحصر إضافيا أو يكون المراد به بعثه على جميع من‬
‫بعده إذ ل نبي بعده بخلف سائر اولي العزم فانهم لم يكونوا كذلك‪ ،‬بل‬
‫نسخت شريعتهم " والبيض والسود " العجم والعرب‪ ،‬أو كل من اتصف‬
‫باللونين ليشمل جميع الناس‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬فيه بعثت إلى الحمر‬
‫والسود أي العجم والعرب لن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض‪،‬‬
‫وعلى ألوان العرب الدمة والسمرة وقيل‪ :‬الجن والنس‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد‬
‫بالحمر البيض مطلقا‪ ،‬فان العرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء‪ ،‬ومنه‬
‫الحديث اعطيت الكنزين الحمر والبيض هي ما أفاء ال على امته من‬
‫كنوز الملوك‪ ،‬فالحمر الذهب والبيض الفضة‪ ،‬و الذهب كنوز الروم لنه‬
‫الغالب على نقودهم‪ ،‬والفضة كنوز الكاسرة لنها الغالبة على نقودهم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أراد العرب والعجم جمعهم ال على دينه وملته انتهى والكلم في‬
‫اختصاص البعث على الجن والنس به صلى ال عليه وآله كالكلم فيما‬
‫سبق‪ .‬ويدل الخبر أيضا على اختصاص الجزية والسر والفداء به صلى‬
‫ال عليه وآله " والجزية " المال الذي يقرره الحاكم على الكتابي إذا أقره‬
‫على دينه‪ ،‬وهي فعلة من الجزاء كأنها جزت عن قتله وأسره‪ " ،‬والفداء‬
‫" بالكسر والمد وبالفتح والقصر‪ ،‬فكاك السير بالمال الذي قرره الحاكم‬
‫عليه‪ ،‬يقال فداه يفديه فداء " ثم كلف " على بناء‬

‫)‪ (1‬سبأ‪.(*) 28 :‬‬

‫]‪[326‬‬

‫المفعول و " ثم " هنا أيضا مثل ما سبق‪ ،‬لن هذا التكليف أعظم التكليفات وأشقها‬
‫فقد ثبت صلى ال عليه وآله في حرب أحد وحنين بعد انهزام أصحابه‬
‫مصرحا باسمه ل يبالي شيئا " وانزل عليه سيف من السماء " أي ذو‬
‫الفقار أو غيره وكونه بل غمد تحريض على الجهاد وإشارة إلى أن سيفه‬
‫ينبغي أن ل يغمد وقيل السيف عبارة عن آية سورة براءة " فإذا انسلخ‬
‫الشهر الحرم فاقتلوا المشركين " )‪ (1‬فانها يقال لها آية السيف و كونه‬
‫من غير غمد كناية عن أنها من المحكمات ول يخفى بعده‪ " ،‬والغمد "‬
‫بالكسر الغلف‪ ،‬وقال البيضاوي " قاتل في سبيل ال " إن تثبطوا وتركوك‬
‫وحدك " ل تكلف إل نفسك " أي إل فعل نفسك‪ ،‬ل يضرك مخالفتهم‬
‫وتقاعدهم‪ ،‬فتقدم إلى الجهاد وإن لم يساعدك أحد‪ ،‬فان ال ناصرك ل‬
‫الجنود‪ - 2 .‬سن‪ :‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن سماعة قال‪ :‬قلت لبي عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬قول ال " فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل " )‪(2‬‬
‫فقال‪ :‬نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات ال عليهم وعلى‬
‫جميع أنبياء ال ورسله‪ ،‬قلت‪ :‬كيف صاروا اولي العزم ؟ قال‪ :‬لن نوحا‬
‫بعث بكتاب وشريعة فكل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته‬
‫ومنهاجه حتى جاء إبراهيم عليه السلم بالصحف‪ ،‬وبعزيمة ترك كتاب‬
‫نوح ل كفرا به فكل نبي جاء بعد إبراهيم جاء بشريعة إبراهيم ومنهاجه‬
‫وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وبعزيمة ترك الصحف‪ ،‬فكل نبي جاء‬
‫بعد موسى أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح بالنجيل‬
‫وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه‪ ،‬فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ‬
‫بشريعته ومنهاجه حتى جاء محمد صلى ال عليه وآله فجاء بالقرآن‬
‫وشريعته ومنهاجه‪ ،‬فحلله حلل إلى يوم القيامة‪ ،‬وحرامه حرام إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬فهؤلء اولوا العزم من الرسل )‪ .(3‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‬
‫مثله )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .5 :‬الحقاف‪ (3) .35 :‬المحاسن ص ‪ (4) .261‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.(*) 17‬‬

‫]‪[327‬‬

‫بيان‪ " :‬فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل " قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي‬
‫فاصبر يا محمد على أذى هؤلء الكفار‪ ،‬وعلى ترك إجابتهم لك‪ ،‬كما صبر‬
‫الرسل و " من " هنا لتبيين الجنس‪ ،‬فالمراد جميع النبياء لنهم عزموا‬
‫على أداء الرسالة و تحمل أعبائها‪ ،‬وقيل‪ :‬إن " من " ههنا للتبعيض‪،‬‬
‫وهو قول أكثر المفسرين و الظاهر في روايات أصحابنا ثم اختلفوا فقيل هم‬
‫من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه‪ ،‬وهم نوح وإبراهيم‬
‫وموسى وعيسى ومحمد صلى ال عليه وآله وعليهم عن ابن عباس‬
‫وقتادة‪ ،‬وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم قال‪ :‬وهم‬
‫سادة النبيين وعليهم دارت رحى المرسلين‪ ،‬وقيل‪ :‬هم ستة نوح صبر على‬
‫أذى قومه‪ ،‬وإبراهيم صبر على النار‪ ،‬وإسحاق صبر على الذبح‪ ،‬ويعقوب‬
‫صبر على فقد الولد وذهاب البصر‪ ،‬ويوسف صبر على البئر والسجن‪،‬‬
‫وأيوب صبر على الضر عن مجاهد‪ .‬وقيل هم الذين امروا بالجهاد والقتال‬
‫وأظهروا المكاشفة وجاهدوا في الدين عن السدى والكلبي‪ ،‬وقيل‪ :‬هم‬
‫أربعة إبراهيم ونوح وهود ورابعهم محمد صلى ال عليه وآله عن أبي‬
‫العالية‪ ،‬والعزم هو الوجوب والحتم واولوا العزم من الرسل هم الذين‬
‫شرعوا الشرايع وأوجبوا على الناس الخذ بها‪ ،‬والنقطاع عن غيرها‬
‫انتهى )‪ .(1‬قوله عليه السلم‪ " :‬ل كفرا به " أي إنكارا لحقيته بل إيمانا‬
‫به وبصلحه في وقت دون آخر‪ ،‬وللنسخ مصالح كثيرة والعبد مأمور‬
‫بالتسليم‪ ،‬وكان من جملتها ابتلء الخلق واختبارهم في ترك ما كانوا‬
‫متمسكين به‪ ،‬قوله‪ " :‬ومنهاجه " كأنه إشارة إلى قوله تعالى " ولكل‬
‫جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " )‪ - 3 .(2‬فس‪ :‬قوله‪ " :‬شرع لكم من الدين‬
‫" )‪ (3‬مخاطبة لرسول ال صلى ال عليه وآله " ما وصى به نوحا والذي‬
‫أوحينا إليك " يا محمد " وما وصينا به إبراهيم وموسى و عيسى أن‬
‫أقيموا الدين " أي تعلموا الدين‪ ،‬يعني التوحيد وإقام الصلة وإيتاء الزكاة‬
‫وصوم شهر رمضان وحج البيت والسنن والحكام التي في الكتب والقرار‬
‫بولية‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪ (2) .94‬المائدة‪ (3) .48 :‬الشورى‪.(*) 15 - 13 :‬‬

‫]‪[328‬‬

‫أمير المؤمنين عليه السلم " ول تتفرقوا فيه " أي ل تختلفوا فيه " كبر على‬
‫المشركين ما تدعوهم إليه " من ذكر هذه الشرايع‪ ،‬ثم قال " ال يجتبي‬
‫إليه من يشاء " أي يختار " ويهدي إليه من ينيب " وهم الئمة الذين‬
‫اختارهم واجتباهم قال‪ " :‬وما تفرقوا إل من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم‬
‫" قال لم يتفرقوا بجهل ولكنهم تفرقوا لما جائهم العلم وعرفوه‪ ،‬فحسد‬
‫بعضهم بعضا وبغى بعضهم على بعض‪ ،‬لما رأوا من تفاضل أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم بأمر ال فتفرقوا في المذاهب وأخذوا بالراء والهواء‪ .‬ثم قال‬
‫عزوجل‪ " :‬ولول كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم " قال‪:‬‬
‫لول أن ال قد قدر ذلك أن يكون في التقدير الول‪ ،‬لقضي بينهم إذا اختلفوا‬
‫وأهلكهم ولم ينظرهم‪ ،‬ولكن أخرهم إلى أجل مسمى " وإن الذين اورثوا‬
‫الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب " كناية عن الذين نقضوا أمر رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬ثم قال‪ " :‬فلذلك فادع " يعني لهذه المور والذي‬
‫تقدم ذكره وموالة أمير المؤمنين " واستقم كما امرت "‪ .‬قال‪ :‬فحدثني‬
‫أبي‪ ،‬عن علي بن مهزيار‪ ،‬عن بعض أصحابنا‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ ،‬في قول ال " أن أقيموا الدين " قال المام‪ " :‬ول تفرقوا فيه "‬
‫كناية عن أمير المؤمنين ثم قال‪ " :‬كبر على المشركين ما تدعوهم إليه "‬
‫من أمر ولية علي " ال يجتبي إليه من يشاء " كناية عن علي عليه‬
‫السلم " ويهدي إليه من ينيب " ثم قال‪ " :‬فلذلك فادع " يعني إلى ولية‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ " ،‬ول تتبع أهوائهم فيه " وقل آمنت بما أنزل‬
‫ال من كتاب وامرت لعدل بينكم ال ربنا وربكم " إلى قوله " و إليه‬
‫المصير )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪.(*) 600‬‬

‫]‪[329‬‬

‫‪) * 27‬باب( * * " )دعائم السلم واليمان( * * " )وشعبهما وفضل السلم( "‬
‫* ‪ - 1‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن أبان بن‬
‫عثمان عن الفضيل‪ ،‬عن ابي حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بني‬
‫السلم على خمس‪ :‬على الصلة والزكاة والصوم والحج والولية‪ ،‬ولم‬
‫يناد بشئ كما نودي بالولية )‪ - 2 .(1‬كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن علي الكوفي‪ ،‬عن عباس ابن عامر‪ ،‬عن أبان‪ ،‬عن الفضيل عنه‬
‫عليه السلم مثله وزاد في آخره فأخذ الناس بأربع و تركوا هذه‪ ،‬يعني‬
‫الولية )‪ - 3 .(2‬سن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي حمزة مثله بتقديم الحج‬
‫على الصوم إلى قوله ما نودي بالولية‪ ،‬ثم قال‪ :‬وزاد فيها عباس بن‬
‫عامر‪ :‬وأخذ الناس بأربع إلى آخره )‪ .(3‬بيان‪ " :‬بني السلم على خمس‬
‫" يحتمل أن يكون المراد بالسلم الشهادتين وكأنهما موضوعتان على‬
‫هذه الخمسة‪ ،‬ل تقومان إل بها‪ ،‬أو يكون المراد بالسلم اليمان‪ ،‬وبالبناء‬
‫عليها كونها أجزاءه وأركانه فحينئذ يمكن أن يكون المراد بالولية ما‬
‫يشمل الشهادتين أيضا‪ ،‬أو يكون عدم ذكرهما للظهور وأما ذكر الولية‬
‫التي هي من العقائد اليمانية مع العبادات الفرعية‪ ،‬مع تأخيرها عنها‪ ،‬إما‬
‫للمماشاة مع العامة‪ ،‬أو المراد بها فرط المودة والمتابعة اللتان هما من‬
‫مكملت اليمان أو المراد بالربع العتقاد بها‪ ،‬والنقياد لها‪ ،‬فتكون من‬
‫اصول الدين لنها‬

‫)‪ 1‬و ‪ (4‬ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .18‬المحاسن ص ‪ 286‬وقد مر مثله في الباب ‪ 26‬تحت‬
‫الرقم‪.(*) 1 :‬‬

‫]‪[330‬‬

‫من ضرورياته‪ ،‬وإنكارها كفر‪ ،‬والول أظهر " كما نودي بالولية " أي في يوم‬
‫الغدير أو في الميثاق وهو بعيد " والولية " بالكسر المارة وكونه أولى‬
‫بالحكم و التدبير‪ ،‬وبالفتح المحبة والنصرة وهنا يحتملهما‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن‬
‫علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن عجلن أبي صالح‬
‫قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أوقفني على حدود اليمان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫شهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن محمدا رسول ال‪ ،‬والقرار بما جاء من عند‬
‫ال‪ ،‬وصلة الخمس‪ ،‬وأداء الزكاة‪ ،‬وصوم شهر رمضان‪ ،‬وحج البيت‪،‬‬
‫وولية ولينا‪ ،‬و عداوة عدونا‪ ،‬والدخول مع الصادقين )‪ .(1‬توضيح‪" :‬‬
‫حدود اليمان " هنا أعم من أجزائه وشرائطه ومكملته " و القرار بما‬
‫جاء من عند ال " المرفوع في جاء راجع إلى الموصول‪ ،‬وفي بعض‬
‫النسخ " جاء به "‪ ،‬فالمرفوع للنبي صلى ال عليه وآله والمراد القرار‬
‫إجمال قبل العلم‪ ،‬وتفصيل بعده كما سيأتي إنشاء ال " والدخول مع‬
‫الصادقين " متابعة الئمة الصادقين في جميع القوال والفعال‪ ،‬أي‬
‫المعصومين كما قال سبحانه " وكونوا مع الصادقين " )‪ (2‬وقد مر الكلم‬
‫فيه في كتاب المامة )‪ - 5 .(3‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن العرزمي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬أثافي السلم ثلثة الصلة و الزكاة والولية‪ ،‬ل تصح‬
‫واحدة منهن إل بصاحبتيها )‪ .(4‬بيان‪ " :‬الثافي " جمع الثفية بالضم‬
‫والكسر وهي الحجار التي عليها القدر وأقلها ثلثة وإنما اقتصر عليها‬
‫لنها أهم الجزاء‪ ،‬ويدل على اشتراط قبول كل منها بالخريين‪ ،‬ول ريب‬
‫في كون الولية شرطا لصحة الخريين‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن سليمان بن‬
‫خالد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬أل أخبرك بأصل السلم‬

‫)‪ 1‬و ‪ (4‬الكافي ج ‪ (2) .18 :2‬براءة‪ (3) .119 :‬راجع ج ‪ 24‬ص ‪ 30‬الباب ‪26‬‬
‫من كتاب المامة )*(‪.‬‬

‫]‪[331‬‬

‫وفرعه وذروة سنامه ؟ قلت‪ :‬بلى جعلت فداك‪ ،‬قال‪ :‬أما أصله فالصلة‪ ،‬وفرعه‬
‫الزكاة‪ ،‬وذروة سنامه الجهاد ثم قال‪ :‬إن شئت أخبرتك بأبواب الخير قلت‪:‬‬
‫نعم جعلت فداك‪ ،‬قال‪ :‬الصوم جنة من النار والصدقة تذهب بالخطيئة‪،‬‬
‫وقيام الرجل في جوف الليل يذكر ال ثم قرأ " تتجافى جنوبهم عن‬
‫المضاجع " )‪ .(1‬ين‪ :‬عن علي بن النعمان مثله إلى قوله الجهاد وفي‬
‫الموضعين وسنامه‪ .‬توضيح‪ " :‬وذروة سنامه " الضافة بيانية أو لميه‬
‫إذ للسنام الذي هو ذروة البعير ذورة أيضا هي أرفع أجزائه‪ ،‬وإنما صارت‬
‫الصلة أصل السلم لنه بدونها ل يثبت على ساق‪ ،‬والزكاة فرعه لنه‬
‫بدونها ل تتم‪ ،‬والجهاد ذروة سنامه لنه سبب لعلوه وارتفاعه‪ ،‬وقيل‪ :‬لنه‬
‫فوق كل بر‪ ،‬كما ورد في الخبر‪ .‬وذكر من البواب التي تفتح الخيرات‬
‫الجليلة على صاحبها ثلثة‪ :‬أحدها الصوم أي الواجب أو العم لنه جنة‬
‫من النار ومما يؤدي إليها من الشهوات وثانيها الصدقة الواجبة أو العم‬
‫فانها تكفر الخطايا وتذهبها‪ ،‬وثالثها صلة الليل لمدحه سبحانه فاعلها‬
‫بقوله " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " حيث حصر اليمان فيهم أول ثم‬
‫مدحهم بما مدحهم به ثم عظم وأبهم جزاءهم حيث قال‪ " :‬إنما يؤمن‬
‫بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خر سجدا وسبحوا بحمد ربهم ول يستكبرون *‬
‫تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم‬
‫ينفقون * فل تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون‬
‫" وقيل‪ :‬المراد بأبواب الخير الصوم فقط‪ ،‬وذكر ما بعده استطرادا ول‬
‫يخفى بعده‪ - 7 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن مثنى الحناط‪ ،‬عن عبد ال‬
‫بن عجلن‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بني السلم على خمس‬
‫دعائم‪ :‬الولية والصلة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج )‪* (2‬‬
‫هامش( * )‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 23‬ج ‪ 4‬ص ‪ 62‬والية في السجدة‪) .16 :‬‬
‫‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 21‬‬

‫]‪[332‬‬

‫‪ - 8‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن صالح بن السندي‪ ،‬عن جعفر بن بشير‪ ،‬عن‬
‫أبان‪ ،‬عن الفضيل‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بني السلم على‬
‫خمس‪ :‬الولية و الصلة والزكاة والصوم والحج ولم يناد بشئ ما نودي‬
‫بالولية يوم الغدير )‪ - 9 .(1‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن معلى بن‬
‫محمد‪ ،‬عن محمد بن جمهور‪ ،‬عن فضالة ابن أيوب‪ ،‬عن أبي زيد الحلل‪،‬‬
‫عن عبد الحميد بن أبي العلء الزدي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬إن ال عزوجل فرض على خلقه خمسا فرخص في أربع ولم يرخص‬
‫في واحدة )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ " :‬فرخص في أربع " كالتقصير‬
‫في الصلة في السفر‪ ،‬وتأخيرها عن وقت الفضيلة مع العذر‪ ،‬وترك كثير‬
‫من واجباتها في بعض الحيان‪ ،‬أو سقوط الصلة عن الحائض والنفساء‪،‬‬
‫وعن فاقد الطهورين أيضا إن قيل به‪ ،‬والزكاة عمن لم يبلغ ماله النصاب‬
‫أو مع فقد سائر الشرايط‪ ،‬والحج مع فقد الستطاعة أو غيرها من‬
‫الشرائط‪ ،‬والصوم عن المسافر والكيبر وذوي العطاش وأمثالهم‪ ،‬بخلف‬
‫الولية فانها مع بقاء التكليف ل يسقط وجوبها في حال من الحوال‪،‬‬
‫ويحتمل أن يراد بالرخصة أنه ل ينتهي تركها إلى حد الكفر والخلود في‬
‫النار‪ ،‬بخلف الولية‪ ،‬فان تركها كفر‪ ،‬والول أظهر‪ - 10 .‬كا‪ :‬عن علي‬
‫عن أبيه وعبد ال بن الصلت جميعا عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد‬
‫ال‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بني السلم على خمسة‬
‫أشياء‪ :‬على الصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصوم‪ ،‬والحج‪ ،‬والولية‪ ،‬قال زرارة‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬وأي شئ من ذلك أفضل ؟ قال‪ :‬الولية أفضل لنها مفتاحهن‪،‬‬
‫والوالي هو الدليل عليهن‪ ،‬قلت‪ :‬ثم الذي يلي ذلك في الفضل ؟ فقال الصلة‬
‫إن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬الصلة عمود دينكم‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬ثم‬
‫الذى يليها في الفضل ؟ قال‪ :‬الزكاة لنها قرنها بها‪ ،‬وبدأ بالصلة قبلها‪،‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬الزكاة تذهب الذنوب‪ ،‬قلت‪:‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .21‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 22‬‬

‫]‪[333‬‬

‫والذي يليها في الفضل ؟ قال‪ :‬الحج قال ال عزوجل‪ " :‬ول على الناس حج البيت‬
‫من استطاع إليه سبيل ومن كفر فان ال غني عن العالمين " )‪ (1‬وقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬لحجة مقبولة خير من عشرين صلة‬
‫نافلة‪ ،‬ومن طاف بهذا البيت طوافا أحصى فيه اسبوعه‪ ،‬وأحسن ركعتيه‪،‬‬
‫غفر له‪ ،‬وقال في يوم عرفة و يوم المزدلفة ما قال‪ .‬قلت‪ :‬فما ذا يتبعه ؟‬
‫قال‪ :‬الصوم‪ ،‬قلت‪ :‬وما بال الصوم صار آخر ذلك أجمع ؟ قال‪ (2) :‬قال‬
‫رسول ال‪ :‬الصوم جنة من النار‪ ،‬قال‪ :‬ثم قال إن أفضل الشياء ما إذا فاتك‬
‫لم تكن منه توبة دون أن ترجع إليه فتؤديه بعينه‪ ،‬إن الصلة والزكاة‬
‫والحج والولية ليس ينفع شئ مكانها دون أدائها‪ ،‬وإن الصوم إذا فاتك أو‬
‫قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها‪ ،‬وجزيت ذلك الذنب بصدقة‬
‫ول قضاء عليك وليس من تلك الربعة شئ يجزيك مكانه غيره‪ .‬قال‪ :‬ثم‬
‫قال‪ :‬ذروة المر وسنامه ومفتاحه وباب الشياء ورضى الرحمان الطاعة‬
‫للمام بعد معرفته‪ ،‬إن ال عزوجل يقول " من يطع الرسول فقد أطاع ال‬
‫ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا " )‪ (3‬أما لو أن رجل قام ليله وصام‬
‫نهاره‪ ،‬و تصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولية ولي ال‪،‬‬
‫فيواليه ويكون جميع أعماله بدللته إليه‪ ،‬ما كان له على ال حق في‬
‫ثوابه‪ ،‬ول كان من أهل اليمان ثم قال‪ :‬اولئك المحسن منهم يدخله ال‬
‫الجنة بفضل رحمته )‪ .(4‬سن‪ :‬عن أبي طالب عبد ال بن الصلت مثله )‪.(5‬‬
‫شى‪ :‬عن زرارة مثله إلى قوله يجزيك مكانه غيره )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .97 :‬وقد قال ظ‪ ،‬صح‪ (3) .‬النساء‪ (4) .80 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ (5) .18‬المحاسن ص ‪ (6) ،286‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 191‬‬

‫]‪[334‬‬

‫بيان‪ " :‬الولية أفضل " ل ريب في أن الولية والعتقاد بامامة الئمة عليهم‬
‫السلم و الذعان بها من جملة اصول الدين‪ ،‬وأفضل من جميع العمال‬
‫البدنية " لنها مفتاحهن " أي بها تفتح أبواب معرفة تلك المور‪،‬‬
‫وحقائقها وشرائطها وآدابها أو مفتاح قبولهن " والوالي " أي المام‬
‫المنصوب من قبل ال هو الدليل عليهن يدل النسا من قبل ال على وجوبها‬
‫وآدابها وأحكامها و " العمود " الخشبة التي يقوم عليها البيت‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يكون عليه السلم شبه الدين بالفسطاط وأثبت العمود له على المكنية‬
‫والتخييلية‪ ،‬فإذا زال العمود ل ينتفع بالفسطاط ل بغشائه ول بطنبه ول‬
‫بوتده فكذلك مع ترك الصلة ل ينتفع بشئ من أجزاء الدين كما صرح به‬
‫في أخبار اخر والمراد بالصلة‪ :‬المفروضة أو الخمس كما في بعض‬
‫الخبار‪ ،‬صرح بها لنه قرنها بها‪ ،‬استدل على أن فضل الزكاة بعد الصلة‪،‬‬
‫وقبل غيرها بمجموع مقارنتهما في الذكر مع البداءة بذكر الصلة‪ ،‬ثم أكد‬
‫الجزء الخير بذكر الحديث‪ ،‬و ليس هو دليل تاما على الفضلية‪ ،‬لن الحج‬
‫أيضا يذهب الذنوب إل أن يقال إنه عليه السلم علم أن ال ذهاب الذي‬
‫يحصل في الزكاة أقوى مما يحصل في الحج‪ .‬ثم استدل عليه السلم على‬
‫فضل الحج بتسميته سبحانه تركه كفرا وترك ذكر العقاب المترتب عليه‪،‬‬
‫وذكر الستغناء الدال على غاية السخط " من عشرين صلة نافلة " فيه‬
‫دللة على أن المراد بالصلة المفضلة في أول الخبر الفريضة‪ ،‬وهذا أحد‬
‫وجوه الجمع بين الخبار المختلفة الواردة في تفضيل الصلة على الحج و‬
‫العكس‪ ،‬وسيأتي تفصيله في كتاب الصلة إنشاء ال " أحصى فيه اسبوعه‬
‫" أي حفظ طوافه من غير زيادة ول نقصان ول سهو ول شك " وأحسن‬
‫ركعتيه " أي بفعلهما في وقتهما ومكانهما مع رعاية الشرايط والكيفيات‬
‫والداب المرعية فيهما " وقال في يوم عرفة ويوم المزدلفة " أي قال في‬
‫اليومين في فضل الحج وأعماله أو في فضل اليومين وأعمالهما " ما قال‬
‫" قوله " فما ذا يتبعه " وفي بعض النسخ " بما ذا يتبعه " أي الرب أو‬
‫المكلف وفي المحاسن " ثم ماذا " ول يخفى أن هذا السؤال ل فائدة فيه‬
‫ظاهرا‪ ،‬لنه مع ذكر الصوم أول في العمال المعدودة وتفضيل ما سواه‬

‫]‪[335‬‬

‫علم أن الصوم بعدها‪ ،‬إل أن يكون ذلك تمهيدا للسؤال الثاني أو يقال‪ :‬لما لم يكن‬
‫كلمه عليه السلم أول صريحا في كون تلك العمال أفضل من غيرها‪،‬‬
‫فهذا السؤال لستعلم أنه هل بين الصوم والحج عمل يكون أفضل منه‪.‬‬
‫قوله " قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله " في بعض النسخ " وقال‬
‫رسول ال " فيكون من كلم الراوي أي كيف يكون مؤخرا عنها وقد قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فيه ذلك وعلى النسخة الخرى لعله إنما‬
‫ذكر عليه السلم حديثا في فضل الصوم دفعا لما عسى أن يتوهم السائل أنه‬
‫مما ل فضل فيه‪ ،‬أو أنه قليل الجر‪ " ،‬وكونه جنة من النار " لن أعظم‬
‫أسباب النار الشهوات‪ ،‬والصوم يكسرها‪ ،‬والظرف متعلق بجنة لتضمنه‬
‫معنى الوقاية أو الستر أو التبعيد‪ .‬ثم ذكر عليه السلم للفضل قاعدة كلية‪،‬‬
‫وهو أن الفضل ما لم يقم شئ آخر مقامه‪ ،‬وكأن المراد بالتوبة هنا المعنى‬
‫اللغوى بمعنى الرجوع أو اطلقت على ما ينوب مناب الشئ مجازا‪ ،‬أو أنه‬
‫عليه السلم لما أطلق الذنب على الترك وإن كان لعذر أطلق على ما‬
‫يتداركه التوبة‪ ،‬قوله " أو قصرت " يعني في شئ من شرائطه أو أركانه‬
‫وفي المحاسن " أو قصرت وسافرت " أي قصرت بسبب السفر‪ .‬والحاصل‬
‫أنه عليه السلم أشار إلى أقسام الفوات وأحكامه إجمال‪ ،‬لن الفوات إما‬
‫للعذر مثل المرض وغره‪ ،‬أو التقصير أو التعمد في تركه‪ ،‬أو السفر وشبهه‬
‫واللزم إما القضاء فقط أو الكفارة فقط أو هما معا‪ ،‬أول هذا ول ذاك‪،‬‬
‫وتفصيله في كتب الفروع‪ ،‬والغرض بيان الفرق بين الصوم والربعة‬
‫الباقية بأن الربعة ل تسقط مع الستطاعة والصوم يسقط في السفر مع‬
‫القدرة عليه وذكر السفر على المثال‪ ،‬ويمكن أن يكون عدم ذكر المرض‬
‫لنه قد ينتهي إلى حال ل يقدر على الصوم فيه ومع السقوط في السفر‬
‫يؤدي مكانه أياما‪ ،‬وقد يسقط القضاء أيضا كما إذا استمر مرضه إلى‬
‫رمضان آخر وكان فيه دللة على بطلن قول من قال إن فاقد الطهورين‬
‫تسقط عنه الصلة أداء وقضاء ويحتمل أن يكون ذكر الشق الول‬
‫استطرادا ويكون الغرض أن الصوم‬

‫]‪[336‬‬

‫إذا فات قد يجب قضاؤه‪ ،‬وقد ل يجب ويسقط أصل بخلف الربعة فانها ل تسقط‬
‫بحيث ل يجب قضاؤها فقوله " وجزيت " مقابل لقوله " أديت " أي وقد‬
‫يكون كذلك‪ .‬فان قلت‪ :‬صلة الحائض أيضا ليس لها قضاء قلت‪ :‬هناك لم‬
‫يتعلق الوجوب بها أصل ل أداء ول قضاء‪ ،‬ول بدل‪ ،‬وههنا عوض عن‬
‫الصوم بشئ فيدل على أن للصوم عوضا يقوم مقامه‪ .‬وذروة الشئ بالضم‬
‫والكسر أعله وسنام البعير كسحاب معروف‪ ،‬ويستعار لرفع الشياء‪،‬‬
‫والمراد بالمر الدين‪ ،‬وبطاعة المام انقياده في كل ما أمر ونهى ولما كان‬
‫معرفة المام مع طاعته مستلزمة لمعرفة سائر اصول الدين وفروعه‪،‬‬
‫فهي كأنها أرفع أجزائه وكالسنام بالنسبة إلى سائر أجزاء البعير‪،‬‬
‫وكالمفتاح الذي يفتح به جميع المور المغلقة‪ ،‬والمسائل المشكلة‪ ،‬وكالباب‬
‫لقرب الحق سبحانه‪ ،‬و للوصول إلى مدينة علم الرسول صلى ال عليه‬
‫وآله " وتوجب رضى الرحمن " ول يحصل إل بها والضمير في قوله "‬
‫بعد معرفته " راجع إلى المام‪ ،‬ويحتمل رجوعه إلى ال‪ ،‬و الستشهاد‬
‫بالية لجميع ما ذكر أو للخير إما مبنى على أن الية إنما نزلت في ولية‬
‫الئمة عليهم السلم أو على أن طاعة المام هي بعينها طاعة الرسول‪ :‬إما‬
‫لنه أمر بطاعته أو أنه نائب منابه‪ ،‬فحكمه حكم المنوب عنه‪ ،‬وقيل‪ :‬لن‬
‫الرسول في الية شامل للمام وهو بعيد‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬ما كان له‬
‫على ال حق " لنه ل تشمله آيات الوعد لنه إنما وعد المؤمنين الثواب‬
‫بالجنة‪ ،‬وهو ليس من المؤمنين فل يستحق الثواب بمقتضى الوعد أيضا‬
‫وإن كان المؤمنون المحسنون أيضا ل يستحقون الثواب بمحض أعمالهم‬
‫لكن يجب على ال إثابتهم بمقتضى وعده " اولئك المحسن منهم " الظاهر‬
‫أنه إشارة إلى المخالفين والمراد بهم المستضعفون‪ ،‬فانهم مرجون لمر‬
‫ال ولذا قال بفضل رحمته في مقابلة قوله " ما كان له على ال حق "‬
‫والحاصل أن المؤمنين لهم على ال حق لوعده‪ ،‬والمستضعفون ليس لهم‬
‫على ال حق‪ ،‬لنه لم يعدهم الثواب‪ ،‬بل قال إما يعذبهم وإما يتوب عليهم‪،‬‬
‫فان أدخلهم الجنة فبمحض فضله‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫]‪[337‬‬

‫إشارة إلى المؤمنين العارفين أي إنما يدخل المؤمنين الجنة‪ ،‬وإدخالهم أيضا بفضله‬
‫ل باستحقاقه والول أظهر‪ - 11 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن صفوان بن يحيى‪ ،‬عن عيسى ابن السرى أبي اليسع قال‪ :‬قلت‬
‫لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أخبرني بدعائم السلم التي ل يسع أحدا‬
‫التقصير عن معرفة شئ منها‪ ،‬التي من قصر عن معرفة شئ منها فسد‬
‫عليه دينه‪ ،‬ولم يقبل منه عمله‪ ،‬ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه‪ ،‬وقبل‬
‫منه عمله ولم يضق به مما هو فيه لجهل شئ من المور جهله‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقال‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬واليمان بأن محمدا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ ،‬والقرار بما جاء به من عند ال‪ ،‬وحق في الموال الزكاة‪،‬‬
‫والولية التي أمر ال عزوجل بها ولية آل محمد صلى ال عليه وآله‪،‬‬
‫قال‪ :‬فقلت له‪ :‬هل في الولية شئ دون شئ فضل يعرف لمن أخذ به ؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال ال عزوجل " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول‬
‫واولي المر منكم " )‪ (1‬وقال رسول ال‪ " :‬من مات ول يعرف إمامه‬
‫مات ميتة جاهلية " وكان رسول ال صلى ال عليه وآله وكان عليا عليه‬
‫السلم وقال الخرون وكان معاوية‪ ،‬ثم كان الحسن عليه السلم ثم كان‬
‫الحسين عليه السلم وقال الخرون‪ :‬يزيد بن معاوية وحسين بن علي ول‬
‫سواء ول سواء ]ول سواء[ قال‪ :‬ثم سكت‪ ،‬ثم قال‪ :‬أزيدك ؟ فقال له حكم‬
‫العور‪ :‬نعم جعلت فداك قال‪ :‬ثم كان علي بن الحسين‪ ،‬ثم كان محمد بن‬
‫علي أبا جعفر‪ ،‬وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم ل يعرفون‬
‫مناسك حجهم وحللهم وحرامهم‪ ،‬حتى كان أبو جعفر‪ ،‬ففتح لهم وبين لهم‬
‫مناسك حجهم‪ ،‬وحللهم وحرامهم‪ ،‬حتى صار الناس يحتاجون إليهم من‬
‫بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس وهكذا يكون المر‪ ،‬والرض ل تكون إل‬
‫بامام‪ ،‬ومن مات ل يعرف إمامه مات ميتة جاهلية‪ ،‬وأحوج ما تكون إلى ما‬
‫أنت عليه إذا بلغت نفسك هذه ‪ -‬وأهوى بيده إلى حلقه ‪ -‬وانقطعت عنك‬
‫الدنيا تقول‪ :‬لقد كنت على أمر حسن )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .59 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 19‬و ‪.(*) 20‬‬

‫]‪[338‬‬

‫كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن عيسى بن‬
‫السري أبي اليسع‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم مثله )‪ .(1‬بيان‪ :‬قوله‬
‫عليه السلم‪ " :‬ولم يضق به " الباء للتعدية‪ ،‬و " من " في قوله‪ " :‬مما‬
‫هو فيه " للتبعيض‪ ،‬وهو مع مدخوله فاعل " لم يضق " أي لم يضيق‬
‫عليه المر شئ مما هو فيه ويمكن أن يقرأ لجهل بالتنوين وشئ بالرفع‪،‬‬
‫فشئ فاعل لم يضق و في بعض النسخ " فيما " مكان مما فلعل الخير فيه‬
‫متعين وفي بعض النسخ ولم يضر به فيمكن أن يقرأ على بناء المجهول و‬
‫" جهله " فعل ماض و " من " في " مما " صلة الضرر‪ ،‬أو على بناء‬
‫الفاعل وجهله على المصدر فاعله و " من " ابتدائية يقال صره وضر به‪،‬‬
‫وفي رواية العياشي التية )‪ (2‬ولم يضره ما هو فيه بجهل شئ من المور‬
‫إن جهله‪ ،‬وهو أصوب‪ .‬وقيل‪ :‬يعني لم يضق أو لم يضر به من أجل ما هو‬
‫فيه من معرفة دعائم السلم والعمل بها جهل شئ جهله من المور التي‬
‫ليست هي من الدعائم فقوله " مما هو فيه " تعليل لعدم الضيق أو‬
‫الضرر‪ ،‬وقوله " لجهل شئ " تعليل للضيق أو الضرر‪ ،‬وقوله " جهله "‬
‫صفة لشئ‪ ،‬وقوله " من المور " عبارة عن غير الدعائم من شعائر‬
‫السلم انتهى‪ ،‬ول يخفى ما فيه " وحق في الموال " إما مجرور بالعطف‬
‫على ما جاء‪ ،‬والزكاة بدله‪ ،‬ويكون تخصيصا بعد التعميم‪ ،‬وربما يخص ما‬
‫جاء بالصلة بقرينة ذكر الزكاة وسائر الخبار المتقدمة وهو بعيد‪ ،‬وإما‬
‫مرفوع بالخبرية للزكاة والزكاة مبتدأ ويمكن أن يقرأ " حق " على بناء‬
‫الماضي المجهول وعلى التقديرين الجملة معترضة للتأكيد والتبيين وإنما‬
‫لم يذكر الصلة لظهور أمرها‪ ،‬فاكتفى عنها بما جاء به‪ ،‬و أما رفعه‬
‫بالعطف على الشهادة كما قيل‪ ،‬فهو بعيد لنه عليه السلم لم يتعرض فيه‬
‫لسائر العبادات‪ ،‬بل اقتصر فيه على العتقادات‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد عليه السلم‬
‫بالولية المأمور بها من ال بالكسر المارة وأولوية التصرف وبالمر بها‬
‫ما ورد فيها من الكتاب‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 19‬و ‪ (2) .20‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 252‬وسيجى تحت‬
‫الرقم ‪.(*) 37‬‬

‫]‪[339‬‬

‫والسنة كالية المذكورة في هذا الحديث‪ ،‬وكآية " إنما وليكم ال " )‪ (1‬وحديث‬
‫الغدير وغير ذلك أقول بل الولية بالفتح بمعنى المحبة والنصرة والطاعة‪،‬‬
‫واعتقاد المامة هنا أنسب كما ل يخفى‪ .‬قوله " هل في الولية شئ دون‬
‫شئ الخ " أقول‪ :‬هذا الكلم يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد‪ :‬هل في‬
‫المامة شرط مخصوص وفضل معلوم يكون في رجل خاص من آل محمد‬
‫بعينه يقتضي أن يكون هو ولي المر دون غيره يعرف هذا الفضل لمن أخذ‬
‫به أي بذلك الفضل وادعاه وادعى المامة‪ ،‬فيكون من أخذ به المام أو‬
‫يكون معروفا لمن أخذ وتمسك به وتابع إماما بسببه‪ ،‬ويكون حجته على‬
‫ذلك‪ ،‬فالمراد بالموصول الموالي للمام‪ .‬الثاني أن يكون المراد به هل في‬
‫الولية دليل خاص يدل على وجوبها ولزومها " فضل " أي فضل بيان‬
‫وحجة‪ ،‬وربما يقرأ بالصاد المهملة أي برهان فاصل قاطع يعرف هذا‬
‫البرهان لمن أخذ به أي بذلك البرهان والخذ يحتمل الوجهين‪ ،‬ولكل من‬
‫الوجهين شاهد فيما سيأتي‪ .‬ويمكن الجمع بين الوجهين بأن يكون قوله "‬
‫شئ دون شئ " إشارة إلى الدليل وقوله " فضل " إشارة إلى شرائط‬
‫المامة وإن كان بعيدا وحاصل جوابه عليه السلم أنه لما أمر ال تعالى‬
‫بطاعة اولي المر مقرونة بطاعة الرسول وبطاعته فيجب طاعتهم ول بد‬
‫من معرفتهم‪ ،‬وقال الرسول صلى ال عليه وآله‪ :‬من مات ولم يعرف إمام‬
‫زمانه أي من يجب أن يقتدى به في زمانه مات ميتة جاهلية‪ ،‬والميتة‬
‫بالكسر مصدر للنوع أي كموت أهل الجاهلية على الكفر والضلل‪ ،‬فدل‬
‫على أن لكل زمان إماما ل بد من معرفته ومتابعته‪ " .‬وكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله " أي من كان تجب طاعته في زمن الرسول هو صلى‬
‫ال عليه وآله وكان بعده صلى ال عليه وآله عليا‪ ،‬وقال آخرون مكانه‬
‫معاوية‪ ،‬وإنما لم يذكر الغاصبين الثلثة تقية وإشعارا بأن القول بخلفتهم‬
‫بالبيعة يستلزم القول بخلفة مثل معاوية فاسق جاهل كافر‪ ،‬وبالجملة لما‬
‫كان هذا أشنع‪ ،‬خصه بالذكر‬

‫)‪ (1‬المائدة‪.(*) 55 :‬‬

‫]‪[340‬‬

‫مع أن بطلن خلفته يستلزم بطلن خلفتهم‪ " .‬ثم كان الحسن " أي في زمن‬
‫معوية أيضا‪ ،‬ثم كان المام الحسين في بعض زمن معاوية‪ ،‬وبعض زمن‬
‫يزيد عليهما اللعنة " وحسين بن على‪ ،‬ثانيا كأنه زيد من الرواة أو النساخ‬
‫ويؤيده عدم التكرار في رواية الكشي )‪ (1‬ويحتمل أن يكون جملة حالية‬
‫بخذف الخبر أي وحسين بن علي حي وقد يقرأ " حسين " بالتنوين فيكون‬
‫" ابن على " خبرا أو يكون ذكره أول لمقابلته عليه السلم بمعاوية وثانيا‬
‫لمقابلة بيزيد فالمعنى وقال آخرون يزيد بن معاوية والحسين معارضان‪،‬‬
‫أو الواو بمعنى مع‪ ،‬ول سواء خبر مبتدأ محذوف‪ ،‬وفي بعض النسخ مكرر‬
‫ثلث مرات أي علي ومعاوية ل سواء‪ ،‬وحسن ومعاوية ل سواء‪ ،‬وحسين‬
‫ويزيد ل سواء‪ .‬والحاصل أن المر أوضح من أن يشتبه على أحد فانه ل‬
‫يريب عاقل في أنه إذا كان ل بد من إمام وتردد المر بين على ومعاوية‪،‬‬
‫فعلي عليه السلم أولى بالمامة " وكان " في الكل ناقصة‪ ،‬لقوله " عليا‬
‫وأبا جعفر " ومن قال نصب أبا جعفر بتقدير أعني غفل عن ذلك‪ ،‬ولكن في‬
‫قوله " كانت الشيعة " وقوله " أن يكون أبو جعفر " وقوله " حتى كان‬
‫أبو جعفر " تامة‪ ،‬والمراد بالكون في الخيرين ظهور أمره ورجوع الناس‬
‫إليه وقيل كان ناقصة والظرف خبره‪ ،‬والمراد بالناس في الموضعين علماء‬
‫المخالفين ورواتهم " وهكذا يكون المر " أي هكذا يكون أمر المامة‬
‫دائما مرددا بين عالم معصوم من أهل البيت بين فضله وورعه وعصمته‪،‬‬
‫وجاهل فاسق بين الجهالة والفسق من خلفاء الجور " والرض ل تكون‬
‫إل بامام " معصوم عالم بجميع ما تحتاج إليه المة‪ ،‬ومن لم يعرفه مات‬
‫ميتة جاهلية‪ ،‬و " أحوج " مبتدأ مضاف إلى " ما " وهي مصدرية و "‬
‫تكون " تامة‪ ،‬ونسبة الحاجة إلى المصدر مجاز‪ ،‬والمقصود نسبة الحاجة‬
‫إلى فاعل المصدر باعتبار بعض أحوال وجوده و " إلى " متعلق بأحوج‪،‬‬
‫و " ما " موصولة وعبارة عن التصديق بالولية‪ ،‬وإذا ظرف‪ ،‬وهو خبر‬
‫أحوج " وأهوى " كلم الراوى وقع بين كلمه عليه السلم‪ - 12 .‬كا‪ :‬عن‬
‫على‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال‬

‫)‪ (1‬رجال الكشى ص ‪.(*) 362‬‬

‫]‪[341‬‬

‫عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬اليمان له أركان‬
‫أربعة‪ :‬التوكل على ال‪ ،‬وتفويض المر إلى ال‪ ،‬والرضا بقضاء ال‪،‬‬
‫والتسليم لمر ال عزوجل )‪ .(1‬بيان‪ " :‬له أركان أربعة " لعدم استقرار‬
‫اليمان وثباته إل بها‪ " ،‬التوكل على ال‪ ،‬أي العتماد عليه في جميع‬
‫المور والمهمات وقطع النظر عن السباب الظاهرة‪ ،‬وإن كان يجب‬
‫التوسل بها ظاهرا‪ ،‬لكن من كمل يقينه بال وأنه القادر على كل شئ‪ ،‬وأنه‬
‫المسبب للسباب‪ ،‬ل يعتمد عليها بل على مسببها‪ " ،‬و تفويض المر إلى‬
‫ال " أي في دفع العادي الظاهرة والباطنة‪ ،‬كما فوض مؤمن آل فرعون‬
‫أمره إلى ال فوقاه ال سيئات ما مكروا‪ ،‬ول ريب أن هذا وما قبله‬
‫متفرعان على قوة اليمان بال ويصيران سببا لشدة اليقين أيضا "‬
‫والرضا بقضاء ال " في الشدة والرخاء‪ ،‬والعافية والبلء‪ ،‬وهذا أيضا‬
‫يحصل من اليمان بكونه سبحانه مالكا لنفع العباد وضرهم‪ ،‬ول يفعل بهم‬
‫إل ما هو الصلح لهم‪ ،‬ويصير أيضا سببا لكمال اليقين " والتسليم لمر ال‬
‫" أي النقياد له في كل ما أمر به ونهى عنه‪ ،‬ولنبيه وأوصيائه فيما صدر‬
‫عنهم من القوال والفعال كما قال سبحانه‪ " :‬فل وربك ل يؤمنون حتى‬
‫يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت‬
‫ويسلموا تسليما " ومدخلية هذه الخصلة في اليمان وكماله أظهر من أن‬
‫يحتاج إلى البيان وال المستعان‪ - 13 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪،‬‬
‫عن عبد العظيم بن عبد ال الحسني عن أبي جعفر الثاني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫جده عليهم السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال خلق السلم‪ ،‬فجعل له عرصة‪ ،‬وجعل له‬
‫نورا‪ ،‬وجعل له حصنا‪ ،‬وجعل له ناصرا‪ :‬فأما عرصته فالقرآن‪ ،‬وأما نوره‬
‫فالحكمة‪ ،‬وأما حصنه فالمعروف‪ ،‬وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشعيتنا‪،‬‬
‫فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فانه لما اسري بي إلى السماء الدنيا‬
‫فنسبني جبرئيل عليه السلم لهل السماء استودع ال حبي وحب أهل بيتي‬
‫وشيعتهم في قلوب الملئكة فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة‪ ،‬ثم هبط بي‬
‫إلى أهل الرض‪ ،‬فنسبني إلى أهل الرض فاستودع ال حبي وحب أهل‬
‫بيتي وشيعتهم‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.(*) 56‬‬

‫]‪[342‬‬

‫في قلوب مؤمني امتي‪ ،‬فمؤمنو امتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم‬
‫القيامة أل فلو أن الرجل من امتي عبد ال عزوجل عمره أيام الدنيا ثم لقي‬
‫ال عزوجل مبغضا لهل بيتي وشيعتي ما فرج ال صدره إل عن نفاق )‬
‫‪ - 14 .(1‬بشا‪ :‬عن محمد بن علي بن عبد الصمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن عباد الرازي‪ ،‬عن عبد العظيم مثله إل أن فيه فهبط بي‬
‫إلى الرض ونسبني لهل الرض إلى قوله‪ :‬في قلوب أهل الرض إلى‬
‫قوله‪ :‬عدة أيام الدنيا إلى قوله‪ :‬ما فرج ال قلبه إل عن النفاق )‪.(2‬‬
‫توضيح‪ " :‬فجعل له عرصة " العرصة كل بقعة بين الدور واسعة‪ ،‬ليس‬
‫فيها بناء والظاهر أنه عليه السلم شبه السلم برجل ل بدار كما زعم‪،‬‬
‫وشبه القرآن بعرصة يجول السلم فيه‪ ،‬وشبه الحكمة والعلوم الحقة‬
‫بسراج ونور يستنير به السلم أو يبصر به صاحبه‪ ،‬فان بالعلم يظهر‬
‫حقائق السلم وأوامره ونواهيه و أحكامه " وأما حصنه فالمعروف " أي‬
‫الحسان أو ما عرف بالعقل والشرع حسنه كما هو المراد في المر‬
‫بالمعروف‪ ،‬فانه بكل من المعنيين يكون سببا لحفظ السلم وبقائه‪ ،‬وعدم‬
‫تطرق شياطين النس والجن للخلل فيه‪ ،‬أو المراد به المر بالمعروف‬
‫فالتشبيه أظهر‪ .‬وأما كونهم عليهم السلم وشيعتهم أنصار السلم فهو‬
‫ظاهر‪ ،‬وغيرهم يخربون السلم ويضيعونه " فنسبني " أي ذكر نسبي أو‬
‫وصفني وذكر نبوتي ومناقبي وأما ذكر نسبه لهل الرض فباليات التي‬
‫أنزلها فيه‪ ،‬وفي أهل بيته‪ ،‬ويقرؤها الناس إلى يوم القيامة‪ ،‬أو ذكر فضله‬
‫ونادى به بحيث سمع من في أصلب الرجال وأرحام النساء‪ ،‬كنداء إبراهيم‬
‫عليه السلم بالحج‪ ،‬وقيل لما وجبت الصلوات الخمس في المعراج فلما‬
‫هبط صلى ال عليه وآله علمها الناس‪ ،‬وكان من أفعالها الصلة على‬
‫محمد وآله في التشهد فدلهم بذلك على أنهم أفضل الخلق‪ ،‬لنه لو كان‬
‫غيرهم أفضل لكانت الصلة عليهم أوجب‪ ،‬والول أظهر‪.‬‬
‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .46‬بشارة المصطفى ص ‪ 193‬وفيه‪ :‬ما قدح ال قلبه ال‬
‫على النفاق )*(‪.‬‬

‫]‪[343‬‬

‫" ثم لقي ال " أي عند الموت أو في القيامة‪ ،‬وتفريج الصدر كناية عن إظهار ما‬
‫كان كامنا فيه على الناس في القيامة‪ ،‬أو عن علمه تعالى به والول أظهر‪.‬‬
‫‪ - 15‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد ال بن القاسم‪ ،‬عن‬
‫مدرك بن عبد الرحمان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬السلم عريان فلباسه الحياء‪ ،‬وزينته الوفاء‪،‬‬
‫ومروته العمل الصالح‪ ،‬وعماده الورع‪ ،‬ولكل شئ أساس وأساس السلم‬
‫حبنا أهل البيت )‪ .(1‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن‬
‫معبد‪ ،‬عن عبد ال بن القاسم مثله )‪ .(2‬سن‪ :‬عن أبيه مثله )‪ .(3‬لى‪ :‬عن‬
‫العطار‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن زياد القندي‪ ،‬عن علي بن معبد‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن القاسم‪ ،‬عن مبارك بن عبد الرحمان‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن‬
‫آبائه عليهم السلم مثله )‪ .(4‬بيان‪ " :‬السلم عريان " شبه عليه السلم‬
‫السلم برجل والحياء بلباسه‪ ،‬فكما أن اللباس يستر العورات والقبائح‬
‫الظاهرة‪ ،‬فكذلك الحياء يستر القبائح والمساوي الباطنة‪ ،‬ول يبعد أن يكون‬
‫المراد بالسلم المسلم من حيث إنه مسلم أو يكون إسناد العري واللباس‬
‫إليه على المجاز‪ ،‬أي لباس صاحبه‪ ،‬وكذا الفقرات التية تحتملهما فتفطن‬
‫" وزينته الوفاء " أي بعهود ال ورسوله وحججه وبعهود الخلق و‬
‫وعودهم‪ ،‬وقيل إيفاء كل ذي حق حقه وافيا " ومروته العمل الصالح "‬
‫المروءة بالضم مهموزا وقد يخفف الهمزة‪ ،‬فيشد الواو‪ :‬النسانية أي‬
‫العمل بمقتضاها قال في القاموس‪ :‬مروة ككرم مروءة فهو مرئ أي ذو‬
‫مروءة وإنسانية وفي المصباح‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .46‬للمحاسن ص ‪ ،286‬وقد مر تحت الرقم ‪ .34‬من‬
‫الباب ‪ 24‬ص ‪ (4) .281‬أمالى الصدوق ص ‪ ،161‬والظاهر أن مبارك بن‬
‫عبد الرحمان في سنده تصحيف مدرك بن عبد الرحمان كما في سائر‬
‫المصادر )*(‪.‬‬

‫]‪[344‬‬

‫المروءة آداب نفسانية تحمل مراعاتها النسان على الوقوف عند محاسن الخلق‬
‫وجميل العادات‪ ،‬يقال مرؤ النسان فهو مرئ مثل قرب فهو قريب أي صار‬
‫ذا مروءة وقال الجوهري‪ :‬وقد يشدد فيقال مروة انتهى‪ .‬والحاصل أن‬
‫العمل الصالح من لوازم السلم‪ ،‬ومما يجعل السلم حقيقا بأن يسمى‬
‫إسلما كما أن المروءة من لوازم النسان ومما يصير به النسان حقيقا‬
‫بأن يسمى إنسانا أو المسلم من حيث إنه مسلم مروته العمل الصالح فل‬
‫يسمى مرءا حقيقة أو مسلما إل به " وعماده الورع " العماد بالكسر ما‬
‫يسند به‪ ،‬وعماد الخيمة والسقف ما يقام به‪ ،‬والحاصل أن ثبات السلم‬
‫وبقاءة واستقراره بالورع‪ ،‬أي ترك المحرمات بل الشبهات أيضا كما أن‬
‫بالمعاصي يتزلزل بل يزول‪ ،‬والس بالضم والساس بالفتح أصل البناء‬
‫وأصل كل شئ والساس بالكسر جمع إس والحاصل أنه كما يستقر البناء‬
‫ول يستقيم بغير أساس‪ ،‬فكذلك السلم ل يتحقق ول يستقر إل بحبهم‬
‫الملزوم للقول بوليتهم وإمامتهم‪ ،‬فان من أنكر حقهم فهو أعدى عدوم‪،‬‬
‫وقوله صلى ال عليه وآله " حبنا " أي حبي وحب أهل بيتي‪ ،‬ويحتمل‬
‫كون الفقرة الخيرة كلم الصادق عليه السلم لكنه بعيد‪ - 16 .‬نهج‪ :‬قال‬
‫عليه السلم في بعض خطبه‪ :‬ثم إن هذا السلم دين ال الذي اصطفاه‬
‫لنفسه‪ ،‬واصطنعه على عينه‪ ،‬وأصفاه خيرة خلقه‪ ،‬وأقام دعائمه على‬
‫محبته‪ .‬أذل الديان بعزه‪ ،‬ووضع الملل برفعه‪ ،‬وأهان أعداء بكرامته‪ ،‬و‬
‫خذل محاديه بنصره‪ ،‬وهدم أركان الضللة بركنه‪ ،‬وسقى من عطش من‬
‫حياضه‪ ،‬وأتاق الحياض بمواتحه‪ ،‬ثم جعله ل انفصام لعروته‪ ،‬ول فك‬
‫لحلقته ول انهدام لساسه‪ ،‬ول زوال لدعائمه‪ ،‬ول انقلع لشجرته‪ ،‬ول‬
‫انقطاع لمدته ول عفاء لشرائعه‪ ،‬ول جذ لفروعه‪ ،‬ول ضنك لطرقه‪ ،‬ول‬
‫وعوثة لسهولته ول سواد لوضحه‪ ،‬ول عوج لنتصابه‪ ،‬ول عصل في‬
‫عوده‪ ،‬ول وعث لفجه‪ ،‬ول انطفاء لمصابيحه‪ ،‬ول مرارة لحلوته‪ ،‬فهو‬
‫دعائم أساخ في الحق أسناخها‪ ،‬وثبت لها أساسها‪ ،‬وينابيع عزرت‬
‫عيونها‪ ،‬ومصابيح شبت نيرانها‪ ،‬ونار اقتدى بها‬

‫]‪[345‬‬

‫سفارها‪ ،‬وأعلم قصد بها فجاجها‪ ،‬ومناهل روي بها ورادها‪ ،‬جعل ال فيه منتهى‬
‫رضوانه‪ ،‬وذروة دعائمه‪ ،‬وسنام طاعته‪ ،‬فهو عند ال وثيق الركان‪ ،‬رفيع‬
‫البنيان منير البرهان‪ ،‬مضئ النيران‪ ،‬عزيز السلطان‪ ،‬مشرف المنار‪ ،‬معوز‬
‫المثار فشرفوه واتبعوه‪ ،‬وأدوا إليه حقه‪ ،‬وضعوه مواضعه )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫الصطفاء‪ ،‬الختيار أي اختاره لن يكون طريقا إلى طاعته وسبيل إلى‬
‫جنته‪ ،‬والصطناع افتعال من الصنيعة وهي العطية والكرامة والحسان‪ ،‬و‬
‫اصطنعه أي اختاره واتخذه صنيعة واصطنع خاتما أي أمر أن يصنع له‪،‬‬
‫وقال‪ :‬بعض شراح النهج‪ :‬تقول اصنع لي كذا على عيني‪ ،‬أي اصنعه‬
‫صنعة كالتي تصنعها وأنا حاضر أشاهدها بعيني‪ ،‬فالمعنى أمر بأن يصنع‬
‫السلم كالمصنوع المشاهد للمر أي أسس قواعده على ما ينبغي‪ ،‬وعلى‬
‫علم منه بدقائقه‪ ،‬وقيل أي على علم منه بشرفه وفضله‪ ،‬وقيل أي اختاره‬
‫أو أمر بأن يصنع حافظا له كما يقال في الدعاء بالحفظ والحياطة‪ " :‬عين‬
‫ال عليك " و " على " يفيد الحال على الوجوه‪ ،‬واصطفيت الشئ أي‬
‫آثرته واصطفيته الود أي أخلصته‪ " .‬وأصفاه خيرة خلقه " أي آثر واختار‬
‫للبعثة به خيرة خلقه‪ ،‬أو جعل خيرة خلقه خالصا لتبليغه دون غيره‪،‬‬
‫والخيرة بالكسر وكعنبة السم من الختيار‪ ،‬و الدعامة بالكسر عماد البيت‪،‬‬
‫والضمير في محبته للسلم أو ل " وذلة الديان " نسخها أو المراد ذلة‬
‫أهلها‪ ،‬وكذا وضع الملل‪ ،‬وهو الحط ضد الرفع يحتملهما وخذله كنصره‬
‫ترك نصرته‪ ،‬والمحادة المخالفة ومنع ما يجب عليك من الحد بمعنى المنع‬
‫وركن الشئ جانبه الذي يستند إليه ويقوم به‪ ،‬وأركان الضللة العقائد‬
‫المضلة أو رؤساء أهل الضلل‪ ،‬أو الصنام‪ ،‬وركنه اصوله وقواعده أو‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أو كلمة التوحيد‪ ،‬وحياضه قوانينه أو النبي‬
‫والئمة صلوات ال عليهم‪ ،‬أو العلماء أيضا وماؤها العلم والهداية‪ ،‬وتئق‬
‫الحوض كفرح أي امتل وأتاقه‪ :‬أمله‪ ،‬والماتح المستقي الذي يستخرج‬
‫الدلو والحياض هنا المستفيدون ومواتحه الئمة الخذون‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ط عبده ج ‪ 1‬ص ‪ 433‬تحت الرقم ‪ 196‬من الخطب )*(‪.‬‬

‫]‪[346‬‬

‫شرائعه عن النبي صلى ال عليه وآله أو المستنبطون من القرآن‪ ،‬أو العلماء‬


‫المستنبطون معالم الكتاب والسنة بأفكارهم‪ ،‬أو الخذون عن النبي والئمة‬
‫عليهم السلم ويحتمل أن يراد بالحياض القواعد وبالمواتح المؤسسون لها‬
‫بأمر ال المبينون لها للمستضيئين بأنوارهم أو يراد بالحياض اولي العلم‬
‫الذين مل ال صدورهم من زلل المعرفة و الهداية‪ ،‬وبالمواتح المبلغون‬
‫عن ال‪ ،‬من الملئكة وروح القدس وال لها مات الربانية‪ .‬والنفصام‪:‬‬
‫النكسار أو من غير إبانه‪ ،‬والعروة من الدلو والكوز المقبض والفك‪:‬‬
‫الفصل‪ ،‬والعفاء الدروس وذهاب الثر‪ ،‬والشريعة ما شرع ال لعباده أي‬
‫سن وأوضح‪ ،‬والجذ بالجيم والذال المعجمة القطع‪ ،‬أو القطع المستأصل‪ ،‬و‬
‫في بعض النسخ بالحاء المهملة‪ ،‬وهو القطع‪ ،‬وفي بعضها بالجيم والدال‬
‫المهملة وهو القطع أيضا والفعل في الجميع كمد‪ ،‬والضنك الضيق‪،‬‬
‫ووعوثة الطريق تعسر سلوكه‪ ،‬وأصله من الوعث وهو الرمل‪ ،‬والمشي‬
‫فيه يشتد ويشق ومنه وعثاء السفر‪ ،‬لشدته ومشقته‪ ،‬وعن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله بعثت إليكم بالحنيفية السمحة السهلة البيضاء‪ ،‬والوضح‬
‫بالتحريك البياض وبياض السلم صفاؤه عن كدر الباطل ونصبت الشئ‬
‫أي أقمته ورفعته فانتصب‪ ،‬والعصل بالتحريك الستواء والعوجاج أو‬
‫العوجاج في صلبة‪ ،‬والفج الطريق الواسع بين الجبلين‪ ،‬وطفئت النار‬
‫كفرح وانطفأت أي ذهب لهبها‪ .‬وحلوة الدين لذة القرب من ال والنعيم‬
‫الدائم‪ ،‬وساخ الشئ في الرض أي غاب وغار‪ ،‬والسنخ بالكسر الصل‪،‬‬
‫والساس كسحاب أصل البناء والينبوع العين ينبع منه الماء أي يخرج‪،‬‬
‫وقيل الجدول الكثير الماء وهو أنسب‪ ،‬وغزر العين ككرم أي كثر ماؤه‬
‫وشبت النار على المعلوم والمجهول توقدت لزم متعد ول يقال شابة بل‬
‫مشبوبة‪ ،‬وفي النسخ على المجهول‪ ،‬والنيران جمع نار‪ ،‬والمنار جمع‬
‫منارة‪ ،‬وهو العلم يهتدى به‪ ،‬وقيل المنار والمنارة موضع النور‪ ،‬وسفر‬
‫الرجل كنصر أي خرج للرتحال فهو سافر‪ ،‬والفج الطريق الواسع الواضح‬

‫]‪[347‬‬

‫بين جبلين‪ ،‬والمنهل المشرب والموضع الذي فيه المشرب‪ ،‬وروي كرضي‪ ،‬ضد‬
‫العطش والوراد‪ :‬الذين يردون الماء ضد الصادرين وذروة الشئ بالضم‬
‫والكسر أعله‪ ،‬وكذلك السنام كسحاب مأخوذ من سنام البعير‪ ،‬والوثيق‬
‫المحكم الثابت وركن الشئ بالضم جانبه والبنيان ما يبنى ومصدر بنيت‬
‫الدار وغيره‪ ،‬والبرهان الحجة‪ ،‬والعزة القوة والغلبة وضد الذلة‪،‬‬
‫والسلطان يحتمل الحجة والسلطنة وأشرف الموضع أي ارتفع‪ ،‬وأعوزه‬
‫الشئ أي احتاج إليه فلم يقدر عليه وأعوز فلن إذا افتقر وأعوزه الدهر أي‬
‫أحوجه‪ .‬وثار الغبار‪ :‬هاج وسطع‪ ،‬وثار به الناس‪ :‬وثبوا عليه‪ ،‬وثار فلن‬
‫إلى الشر أي نهض‪ ،‬والمثار الموضع والمصدر قيل‪ :‬أي يعجز الناس‬
‫إثارته وإزعاجه لقوته وثباته‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬أي يعجز الخلق إثارة دفائنه‬
‫وما فيه من كنوز الحكمة ول يمكنهم استقصاؤها وروى بعض " معوز‬
‫المثال " باللم أي يعجز الخلق عن التيان بمثله‪ " .‬فشرفوه " أي عدوه‬
‫شريفا واعتقدوه كذلك‪ ،‬وكذلك عظموه‪ ،‬وأداء حقه التباع الكامل‪ ،‬ووضعه‬
‫مواضعه‪ :‬الكف عن تغيير أحكامه والعلم بمرتبته ومقداره الذي جعله ال‬
‫له‪ ،‬أو العمل بجميع ما تضمنه من الوامر والنواهي‪ - 17 .‬نهج‪ :‬الحمد ل‬
‫الذي شرع السلم فسهل شرائعه لمن ورده‪ ،‬وأعز أركانه على من غالبه‪،‬‬
‫فجعله أمنا لمن علقه‪ ،‬وسلما لمن دخله‪ ،‬وبرهانا لمن تكلم به‪ ،‬وشاهدا‬
‫لمن خاصم به‪ ،‬ونورا لمن استضاء به‪ ،‬وفهما لمن عقل‪ ،‬ولبا لمن تدبر‪،‬‬
‫وآية لمن توسم‪ ،‬وتبصرة لمن عزم‪ ،‬وعبرة لمن اتعظ‪ ،‬ونجاة لمن صدق‪،‬‬
‫وثقة لمن توكل‪ ،‬وراحة لمن فوض‪ ،‬وجنة لمن صبر‪ ،‬فهو أبلج المناهج‪،‬‬
‫واضح الوليج‪ ،‬مشرف المنار‪ ،‬مشرق الجوار‪ ،‬مضئ المصابيح‪ ،‬كريم‬
‫المضمار‪ ،‬رفيع الغاية‪ ،‬جامع الحبلة‪ ،‬متنافس السبقة‪ ،‬شريف الفرسان‪،‬‬
‫التصديق منهاجه والصالحات مناره‪ ،‬والموت غايته‪ ،‬والدنيا مضماره‪،‬‬
‫والقيامة حلبته‪ ،‬والجنة سبقته )‪.(1‬‬
‫)‪ (1‬نهج البلغة ط عبده ج ‪ 1‬ص ‪ 219‬تحت الرقم ‪ 104‬من الخطب )*(‪.‬‬

‫]‪[348‬‬

‫وقال رضي ال عنه في موضع آخر‪ :‬وسئل عليه السلم عن اليمان فقال‪ :‬اليما‬
‫على أربع دعائم‪ :‬على الصبر‪ ،‬واليقين‪ ،‬والعدل‪ ،‬والجهاد‪ ،‬فالصبر منها‬
‫على أربع شعب‪ :‬على الشوق‪ ،‬والشفق‪ ،‬والزهد‪ ،‬والترقب‪ ،‬فمن اشتاق‬
‫إلى الجنة سل عن الشهوات ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات‪ ،‬ومن‬
‫زهد في الدنيا استهان بالمصيبات ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات‪.‬‬
‫واليقين منها على أربع شعب‪ :‬على تبصرة الفطنة‪ ،‬وتأول الحكمة‪،‬‬
‫وموعظة العبرة‪ ،‬وسنة الولين‪ ،‬فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة‪،‬‬
‫ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة‪ ،‬ومن عرف العبرة فكأنما كان في‬
‫الولين‪ .‬والعدل منها على أربع شعب‪ :‬على غائص الفهم‪ ،‬وغور العلم‪،‬‬
‫وزهرة الحكم ورساخة الحلم‪ ،‬فمن فهم علم غور العلم ومن علم غور العلم‬
‫صدر عن شرايع الحكم ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس‬
‫حميدا‪ .‬والجهاد منها على أربع شعب‪ :‬على المر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬و الصدق في المواطن‪ ،‬وشنآن الفاسقين‪ ،‬فمن أمر بالمعروف شد‬
‫ظهور المؤمنين‪ ،‬ومن نهى عن المنكر أرغم انوف المنافقين‪ ،‬ومن صدق‬
‫في المواطن قضى ما عليه‪ ،‬ومن شنئ الفاسقين وغضب ل غضب ال له‬
‫وأرضاه يوم القيامة )‪ .(1‬والكفر على أربع دعائم‪ :‬على التعمق‪ ،‬والتنازع‪،‬‬
‫والزيغ‪ ،‬والشقاق‪ ،‬فمن تعمق لم ينب إلى الحق‪ ،‬ومن كثر نزاعه بالجهل‬
‫دام عماه عن الحق‪ ،‬ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة‪،‬‬
‫وسكر سكر الضللة‪ ،‬ومن شاق وعرت عليه طرقه وأعضل عليه أمره‬
‫وضاق مخرجه‪ .‬والشك على أربع شعب‪ :‬على التماري‪ ،‬والهول‪ ،‬والتردد‪،‬‬
‫والستسلم فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله‪ ،‬ومن هاله ما بين يديه‬
‫نكص على عقبيه ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين‪ ،‬ومن‬
‫استسلم لهلكة الدنيا و‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ط عبده ج ‪ 2‬ص ‪ ،150‬تحت الرقم ‪ 30‬من الحكم )*(‪.‬‬

‫]‪[349‬‬

‫الخرة هلك فيهما )‪ .(1‬ثم قال رضي ال عنه‪ :‬وبعد هذا كلم تركنا ذكره خوف‬
‫الطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب‪ .‬وقال رحمه ال في‬
‫موضع آخر‪ :‬وسأله عليه السلم رجل أن يعرفه ما اليمان ؟ فقال‪ :‬إذا كان‬
‫غد فأتني حتي اخبرك على أسماع الناس‪ ،‬فان نسيت مقالتي حفظها عليك‬
‫غيرك‪ ،‬فان الكلم كالشاردة يثقفها هذا ويخطئها هذا‪ ،‬وقد ذكرنا ما أجابه‬
‫به فيما تقدم من هذا الباب وهو قوله عليه السلم‪ :‬اليمان على أربع شعب‬
‫)‪ .(2‬بيان‪ :‬أقول إنما أوردنا هذه الفصول متصلة لما يظهر من سائر‬
‫الروايات اتصالها‪ ،‬وإنما فرقها وحذف أكثرها على عادته قدس سره‬
‫وأخرنا شرح ما أورده منها إلى ذكر سائر الروايات لكونها أجمع وأفيد‪،‬‬
‫وسنشير إلى الختلف بينها وبينها قوله " فإذا كان غد " كان ههنا تامة‬
‫أي إذا حدث غد ووجد‪ ،‬وتقول إذا كان غدا فأتني بالنصب باعتبار آخر إي‬
‫إذا كان الزمان غدا أي موصوفا بأنه الغد‪ ،‬ومن النحويين من يقدره إذا‬
‫كان الكون غدا لن الفعل يدل على المصدر‪ ،‬والكون هو التجدد والحدوث‪،‬‬
‫والشاردة النافرة‪ " ،‬وثقفه " كعلمه أي صادفه أو أخذه أو ظفر به و "‬
‫يخطئها " أي ل يدركها ول يفهمها أول يحفظها وينساها‪ - 18 .‬كا‪ :‬عن‬
‫علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه ; ومحمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫عيسى ; وعدة من أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا عن‬
‫الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم وبأسانيد مختلفة‪ ،‬عن الصبغ ابن بناته قال‪ :‬خطبنا أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم في داره ‪ -‬أو قال في القصر ‪ -‬ونحن مجتمعون ثم أمر صلوات‬
‫ال عليه فكتب في كتاب وقرئ على الناس ; وروى غيره أن ابن الكوا‬
‫سأل أمير المؤمنين عليه السلم عن صفة السلم واليمان والكفر والنفاق‬
‫فقال‪ :‬أما بعد فان ال تبارك وتعالى شرع السلم‪ ،‬وسهل شرايعه لمن‬
‫ورده‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ط عبده ج ‪ 2‬ص ‪ ،151‬تحت الرقم ‪ 31‬من الحكم‪ (2) .‬نهج‬
‫البلغة ط عبده ج ‪ 2‬ص ‪ ،208‬تحت الرقم ‪ 266‬من الحكم )*(‪.‬‬

‫]‪[350‬‬

‫أعز أركانه لمن جأر به‪ ،‬وجعله عزا لمن توله‪ ،‬وسلما لمن دخله‪ ،‬وهدى لمن ائتم‬
‫به‪ ،‬وزينة لمن تجلله‪ ،‬وعذرا لمن انتحله‪ ،‬وعروة لمن اعتصم به‪ ،‬وحبل‬
‫لمن استمسك به‪ ،‬وبرهانا لمن تكلم به‪ ،‬ونورا لمن استضاء به‪ ،‬وشاهدا‬
‫لمن خاصم به‪ ،‬وفلجا لمن حاج به‪ ،‬وعلما لمن وعاه‪ ،‬وحديثا لمن روى‪،‬‬
‫وحكما لمن قضى‪ ،‬وحلما لمن جرب‪ ،‬ولباسا لمن تدبر )‪ (1‬وفهما لمن‬
‫تفطن‪ ،‬ويقينا لمن عقل‪ ،‬وبصيرة لمن عزم‪ ،‬وآية لمن توسم‪ ،‬وعبرة لمن‬
‫اتعظ‪ ،‬ونجاة لمن صدق‪ ،‬وتؤدة لمن أصلح‪ ،‬وزلفى لم اقترب‪ ،‬وثقة لمن‬
‫توكل‪ ،‬ورجاء لمن فوض‪ ،‬وسبقة لمن أحسن‪ ،‬وخيرا لمن سارع‪ ،‬وجنة‬
‫لمن صبر‪ ،‬ولباسا لمن اتقى‪ ،‬وظهيرا لمن رشد‪ ،‬وكهفا لمن آمن‪ ،‬وأمنة‬
‫لمن أسلم‪ ،‬ورجاء لمن صدق وغنى لمن قنع‪ .‬فذلك الحق سبيله الهدى‪،‬‬
‫ومأثرته المجد‪ ،‬وصفته الحسنى‪ ،‬فهو أبلج المنهاج مشرق المنار‪ ،‬ذاكي‬
‫المصباح‪ ،‬رفيغ الغاية‪ ،‬يسير المضمار‪ ،‬جامع الحلبة‪ ،‬سريع السبقة‪ ،‬أليم‬
‫النقمة‪ ،‬كامل العدة‪ ،‬كريم الفرسان‪ .‬فاليمان منهاجه‪ ،‬والصالحات مناره‪،‬‬
‫والفقه مصابيحه‪ ،‬والدنيا مضماره والموت غايته‪ ،‬والقيامة حلبته‪ ،‬والجنة‬
‫سبقته‪ ،‬والنار نقمته‪ ،‬والتقوى عدته‪ ،‬و المحسنون فرسانه‪ ،‬فباليمان‬
‫يستدل على الصالحات‪ ،‬وبالصالحات يعمر الفقه وبالفقه يرهب الموت‪،‬‬
‫وبالموت يختم الدنيا‪ ،‬وبالدنيا تجوز القيامة‪ ،‬وبالقيامة تزلف الجنة‪،‬‬
‫والجنة حسرة أهل النار‪ ،‬والنار موعظة للمتقين‪ ،‬والتقوى سنخ اليمان )‬
‫‪ - 19 .(2‬كا‪ :‬بالسناد المتقدم )‪ (3‬عن أبي جعفر عليه السلم قال سئل‬
‫أمير المؤمنين‬

‫)‪ (1‬في نسخة النهج كما مر‪ " :‬ولبا لمن تدبر " وهو الصحيح‪ ،‬وبين النسخ كما‬
‫سيأتي من المصنف اختلفات‪ ،‬والصيحح في بعض نسخة الكافي وفى‬
‫بعض نسخة النهج‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 49‬و ‪ (3) .50‬في المصدر‪:‬‬
‫بالسناد الول‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن يعقوب السراج‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبى‬
‫جعفر عليه السلم )*(‪.‬‬

‫]‪[351‬‬

‫عليه السلم عن اليمان فقال‪ :‬إن ال عزوجل جعل اليمان على أربع دعائم‪ :‬على‬
‫الصبر‪ ،‬واليقين‪ ،‬والعدل‪ ،‬والجهاد‪ .‬فالصبر من ذلك على أربع شعب‪ :‬على‬
‫الشوق‪ ،‬والشفاق‪ ،‬والزهد‪ ،‬و الترقب‪ ،‬فمن اشتاق إلى الجنة سل عن‬
‫الشهوات‪ ،‬ومن أشفق عن النار رجع عن المحرمات‪ ،‬ومن زهد في الدنيا‬
‫هانت عليه المصيبات‪ ،‬ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات‪ .‬واليقين على‬
‫أربع شعب‪ :‬تبصرة الفطنة‪ ،‬وتأول الحكمة‪ ،‬ومعرفة العبرة وسنة الولين‪،‬‬
‫فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة‪ ،‬ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن‬
‫عرف العبرة عرف السنة‪ ،‬ومن عرف السنة فكأنما كان مع الولين‬
‫واهتدى إلى التي هي أقوم‪ ،‬ونظر إلى من نجا بما نجا‪ ،‬ومن هلك بما هلك‪،‬‬
‫وإنما أهلك ال من هلك بمعصيته‪ ،‬وأنجا من أنجا بطاعته‪ .‬والعدل على‬
‫أربع شعب غامض الفهم‪ ،‬وغمر العلم‪ ،‬وزهرة الحكم‪ ،‬و روضة الحلم‪،‬‬
‫فمن فهم فسر جميع العلم‪ ،‬ومن علم عرف شرايع الحكم‪ ،‬ومن حلم لم‬
‫يفرط في أمره‪ ،‬وعاش في الناس حميدا‪ .‬والجهاد على أربع شعب‪ :‬على‬
‫المر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪ ،‬والصدق في المواطن‪ ،‬وشنآن‬
‫الفاسقين‪ ،‬فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن‪ ،‬ومن نهى عن المنكر‬
‫أرغم أنف المنافق‪ ،‬وأمن كيده‪ ،‬ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه‪،‬‬
‫ومن شئ الفاسقين غضب ل ومن غضب ل غضب ال له فذلك اليمان‬
‫ودعائمه وشعبه )‪ .(1‬جا‪ ،‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن المرزباني‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫سليمان الطوسي‪ ،‬عن الزبير بن بكار‪ ،‬عن عبد ال بن وهب‪ ،‬عن السدي‪،‬‬
‫عن عبد خير‪ ،‬عن جابر السدي قال‪ :‬قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن‬
‫أبي طالب عليه السلم فسأله عن اليمان فقام عليه السلم خطيبا فقال‪:‬‬
‫الحمد ل الذي شرع السلم وساق نحوه إلى قوله غضب‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 50‬و ‪.(*) 51‬‬

‫]‪[352‬‬

‫ل‪ ،‬ومن غضب ل تعالى فهو مؤمن حقا فهذه صفة اليمان ودعائمه‪ ،‬فقال له‬
‫السائل‪ :‬لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت فجزاك ال عن الدين خيرا )‬
‫‪ .(1‬ولنوضح هذه الرواية الشريفة مشيرا إلى اختلف النسخ في الكتب‪" :‬‬
‫أما بعد " أي بعد الحمد والصلة " فسهل شرائعه لمن ورده " الشرع‬
‫والشريعة بفتحهما ما شرع ال لعباده من الدين أي سنه وافترضه عليهم‪،‬‬
‫وشرع ال لنا كذا أي أظهره وأوضحه‪ ،‬والشريعة مورد البل على الماء‬
‫الجاري وكذلك المشرعة قال الزهري ول تسميها العرب مشرعة إل إذا‬
‫كان الماء غير منقطع كماء النهار ويكون ظاهرا معينا ول يستقى منه‬
‫برشاء‪ ،‬فان كان من ماء المطار فهو الكرع بفتحتين‪ ،‬ووردت الماء‬
‫كوعدت إذا حضرته لتشرب‪ ،‬وقيل الشريعة مورد الشاربة ويقال لما شرع‬
‫ال تعالى لعباده‪ ،‬إذ به حياة الرواح كما بالماء حياة البدان " وأعز‬
‫أركانه لمن حاربه " ركن الشئ جانبه أو الجانب القوى منه‪ ،‬والعز و‬
‫المنعة‪ ،‬وما يتقوى به من ملك وجند وغيره‪ ،‬كما يستند إلى الركن من‬
‫الحائط عند الضعف‪ ،‬والعز القوة والشدة والغلبة‪ ،‬وأعزه أي جعله عزيزا‪،‬‬
‫أي جعل اصوله وقواعده أو دلئله وبراهينه قاهرة غالبة منيعة قوية لمن‬
‫أراد محاربته أي هدمه وتضييعه‪ ،‬وقيل محاربته كناية عن محاربة أهله‬
‫وفي بعض النسخ " جأر به " كسأل بالجيم والهمز أي استغاث به ولجأ‬
‫إليه‪ ،‬وفي النهج على من غالبه أي حاول أن يغلبه ولعله أظهر‪ ،‬وفي تحف‬
‫العقول )‪ (2‬على من جانبه‪ " .‬وجعله عزا لمن توله " أي جعله سببا‬
‫للعزة والرفعة والغلبة لمن أحبه وجعله وليه في الدنيا من القتل والسر‬
‫والنهب والذل‪ ،‬وفي الخرة من العذاب والخزي وفي مجالس الشيخ " لمن‬
‫واله " وفي النهج مكانه " فجعله أمنا لمن علقه "‬

‫)‪ (2‬أمالى المفيد‪ ،170 :‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .35‬راجع تحف العقول ص‬
‫‪ - 158‬وسيأتى تحت الرقم ‪ 32‬نقل الحديث منه‪ .‬وقد مر مرارا الشارة‬
‫إلى أن هذه التعليقات الواردة ههنا منقولة عن شرح المؤلف العلمة على‬
‫الكافي المسمى بمرآت العقول‪ ،‬ولذلك ترى أنه قدس سره يذكر النسخة‬
‫التى لم ينقل بعد هنا )*(‪.‬‬

‫]‪[353‬‬

‫أي نشب واستمسك به " وسلما لمن دخله " والسلم بالكسر كما في النهج وبالفتح‬
‫أيضا الصلح‪ ،‬ويطلق على المسالم أيضا بالتحريك الستسلم‪ ،‬إذ من دخله‬
‫يؤمن من المحاربة والقتل والسر " لمن تجلله " كأنه على الحذف‬
‫واليصال أي تجلل به‪ ،‬أو عله السلم وظهر عليه‪ ،‬أو أخذ جلله وعمدته‬
‫قال الجوهري تجليل الفرس أن تلبسه الجل‪ ،‬وتجلله أي‪ :‬عله‪ ،‬وتجلله‪:‬‬
‫أي أخذ جلله انتهى‪ ،‬و ربما يقرأ بالحاء المهملة‪ ،‬ويفسر بأن جعله حلة‬
‫على نفسه ول يخفى ما فيه وفي المجالس والتحف " لمن تحلى به " وهو‬
‫أظهر‪ " .‬وعذرا لمن انتحله " النتحال أخذه نحلة ودينا‪ ،‬ويطلق غالبا على‬
‫ادعاء أمر لم يتصف به‪ ،‬فعلى الثاني المراد أنه عذر ظاهرا في الدنيا‪.‬‬
‫ويجري به عليه أحكام المسلمين‪ ،‬وإن لم ينفعه في الخرة‪ ،‬والعروة من‬
‫الدلو والكوز المقبض و كل ما يتمسك به‪ ،‬شبه السلم تارة بالعروة التي‬
‫في الحبل يتمسك بها في الرتقاء إلى مدارج الكمال‪ ،‬والنجاة من مهاوي‬
‫الحيرة والضلل‪ ،‬كما قال تعالى‪ " :‬فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام‬
‫لها " )‪ (1‬وتارة بالحبل المتين يصعد بالتمسك به إلى درجات المقربين‬
‫والحبل يطلق على الرسن وعلى العهد وعلى الذمة و على المان‪ .‬والكل‬
‫مناسب‪ ،‬وقيل‪ :‬شبهه بالعروة لن من أخذ بعروة الشئ كالكوز مثل ملك‬
‫كله‪ ،‬وكذلك من تمسك بالسلم اتسولى على جميع الخيرات‪ " .‬وبرهانا‬
‫لمن تكلم به " البرهان‪ :‬الحجة والدليل‪ ،‬أي السلم إذا أحاط النسان‬
‫باصوله وفروعه يحصل منه براهين ساطعة على من أنكرها إذ ل تحصل‬
‫الحاطة التامة إل بالعلم بالكتاب والسنة وفيهما برهان كل شئ " ونورا‬
‫لمن استضاء به " شبهه بالنور للهتداء به إلى طرق النجاه‪ ،‬ورشحه‬
‫بذكر الستضاءة )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .256 :‬الترشيح‪ :‬من توابع الستعارة بالكناية‪ ،‬وهى أن تثب احد‬
‫لوازم المشبه به للمشبه لينتقل السامع إلى حقيقة التشبيه كما في المثال‬
‫المعروف‪ :‬مخالب المنية نشبت بفلن فقد شبه المنية بالسبع‪ ،‬ثم اثبت‬
‫للمشبه وهو المنية أحد لوازم المشبه به وهى المخالب < )*(‪.‬‬

‫]‪[354‬‬
‫" وشاهدا لمن خاصم به " إذ باشتماله على البراهين الحقة يشهد بحقيته من‬
‫خاصم به " وفلجا لمن حاج به " الفلج بالفتح الظفر والفوز كالفلج‪،‬‬
‫والسم بالضم والمحاجة المغالبة بالحجة " وعلما لمن وعاه " أي سببا‬
‫لحصول العلم وإن كان مسببا عنه أيضا في الجملة‪ .‬إذ العلم به يزداد‬
‫ويتكامل و " حديثا لمن روى " أي يتضمن الحاطة بالسلم أحاديث‬
‫وأخبارا لمن أراد روايتها‪ ،‬ففي الفقرة السابقة حث على الدراية وفي هذه‬
‫الفقرة حث على الرواية " وحكما لمن قضى " أي يتضمن ما به يحكم بين‬
‫المتخاصمين لمن قضى بينهما‪ ،‬وفي المجالس رواه وقضى به " وحلما‬
‫لمن جرب " الحلم بمعنى العقل أو بمعنى الناة وترك السفه‪ ،‬وكلهما‬
‫يحصلن باختيار السلم‪ ،‬وتجربة ما ورد فيه من المواعظ والحكام‪،‬‬
‫واختصاص التجربة بالسلم لن من سفه وبادر بسبب غضب عرض له‪،‬‬
‫يلزمه في دين السلم أحكام من الحد والتعزير والقصاص من جربها‬
‫واعتبر بها تحمله التجربة على العفو والصفح وعدم النتقام ل سيما مع‬
‫تذكر العقوبات الخروية على فعلها‪ ،‬والمثوبات الجليلة على تركها‪ ،‬وكل‬
‫ذلك يظهر من دين السلم‪ " .‬ولباسا لمن تدبر " أي لباس عافية لمن‬
‫تدبر في العواقب أو في أوامره و نواهيه‪ ،‬بتقريب ما مر أو لباس زينة‪،‬‬
‫والول أظهر " وقد يقرأ تدثر " بالثاء المثلثة أي لبسه وجعله مشتمل‬
‫على نفسه كالدثار‪ ،‬وهو تصحيف لطيف وفي النهج والكتابين )‪ (1‬ولبا‬
‫لمن تدبر‪ ،‬واللب بالضم العقل وهو أصوب " وفهما لمن تفطن " الفهم‬
‫العلم وجودة تهيؤ الذهن لقبول ما يرد عليه‪ ،‬والفطنة الحذق‪ ،‬والتفطن‬
‫طلب الفطانة أو إعماله‪ .‬وظاهر أن السلم والنقياد للرسول والئمة‬
‫عليهم السلم يصير سببا للعلم وجودة الذهن لمن أعمل الفطنة فيما يصدر‬
‫عنهم من المعارف والحكم‬

‫)‪ (1‬بالكناية‪ ،‬فيكون ذكر النشوب ترشيحا وتزيينا لهذه الستعارة‪ ،‬وههنا استعير‬
‫السراج للسلم لكنه لم يذكر المشبه به الذى هو المستعار منه كما في‬
‫المثال المعروف بل كنى عنها بذكر النور الذى هو من لوازم السراج‪،‬‬
‫فيكون ذكر الستضاءة ترشيحا لها‪ .‬فافهم‪ (1) .‬أمالى الطوسى وأمالى‬
‫المفيد )*(‪.‬‬

‫]‪[355‬‬

‫وفي المجالس " لمن فطن "‪ " .‬ويقينا لمن عقل " أي يصير سببا لحصول اليقين‬
‫لمن تفكر وتدبر‪ ،‬يقال عقلت الشئ عقل كضربت أي تدبرته‪ ،‬وعقل كعلم‬
‫لغة فيه‪ ،‬ويمكن أن يراد بمن عقل من كان من أهل العقل‪ ،‬وهو قوة بها‬
‫يكون التمييز بين الحسن والقبيح وقيل‪ :‬غريزة يتهيا بها النسان لفهم‬
‫الخطاب " وبصيرة لمن عزم " وفي النهج و المجالس " وتبصرة " قال‬
‫الراغب يقال لقوة القلب المدركة‪ :‬بصيرة‪ ،‬وبصر‪ ،‬و منه " أدعو إلى ال‬
‫على بصيرة " )‪ (1‬أي على معرفة وتحقق‪ ،‬وقوله " تبصرة " أي تبصيرا‬
‫وتبيينا يقال‪ :‬بصرته تبصيرا وتبصرة كما يقال‪ :‬ذكرته تذكيرا وتذكرة‪،‬‬
‫وقال‪ :‬العزم والعزيمة عقد القلب على إمضاء المر يقال‪ :‬عزمت المر‬
‫وعزمت عليه واعتزمت انتهى أي تبصرة لمن عزم على الطاعة كيف‬
‫يؤديها أو في جميع المور فان في الدين كيفية المخرج في جميع امور‬
‫الدين والدنيا‪ ،‬وأيضا من كان ذا دين ل يعزم على أمر إل على وجه‬
‫البصيرة‪ " .‬وآية لمن توسم " أي السلم مشتمل على علمات لمن تفرس‬
‫ونظر بنور العلم واليقين إشارة إلى قوله تعالى " إن في ذلك لليات‬
‫للمتوسمين " )‪ (2‬قال‪ :‬الراغب‪ (3) :‬الوسم التأثير‪ ،‬والسمة الثر‪ ،‬قال‬
‫تعالى " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " وقال‪ " :‬تعرفهم بسيماهم‬
‫" وقوله تعالى " إن في ذلك ليات للمتوسمين " أي للمعتبرين العارفين‬
‫المتفطنين‪ ،‬وهذا التوسم هو الذي سماه قوم الذكاء‪ ،‬و قوم الفطنة‪ ،‬وقوم‬
‫الفراسة‪ ،‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬اتقوا فراسة المؤمن‪ ،‬وقال‪ :‬المؤمن‬
‫ينظر بنور ال‪ ،‬وتوسمت تعرفت السمة‪ " .‬وعبرة لمن اتعظ " العبرة‬
‫بالكسر ما يتعظ به النسان ويعتبره ليتسدل به على غيره‪ ،‬والتعاظ قبول‬
‫الوعظ " ونجاة لمن صدق " بالتشديد‪ ،‬ويحتمل التخفيف كما ورد في‬
‫الخبر من صدق نجا‪ ،‬والول هو المضبوط في نسخ النهج " وتؤدة "‬
‫كهمزة‬

‫)‪ (1‬يوسف‪ (2) .108 :‬الحجر‪ (3) .75 :‬المفردات‪ ،524 :‬واليات في الفتح‪،29 :‬‬
‫البقره‪.(*) 273 :‬‬

‫]‪[356‬‬

‫بالهمز " لمن أصلح " وفي القاموس‪ :‬التؤدة بفتح الهمزة وسكونها الرزانة‬
‫والتأني‪ ،‬وقد اتأد وتوأد )‪ (1‬وفي المصباح اتأد في مشيه على افتعل اتئادا‬
‫ترفق ولم يعجل‪ ،‬وهو يمشي على تؤدة وزان رطبة‪ ،‬وفيه تؤدة أي تثبت‪،‬‬
‫وأصل التاء فيها واو انتهى أي يصير السلم سبب وقار ورزانة لمن‬
‫أصلح نفسه بشرائعه وقوانينه‪ ،‬أو أصلح اموره بالتأني أو يتأنى في‬
‫الصلح بين الناس أو بينه وبين الناس وفي بعض النسخ ومودة وهو‬
‫بالخير أنسب‪ .‬وفي المجالس‪ " :‬ومودة من ال لمن أصلح " وفي التحف‬
‫" ومودة من ال لمن صلح " أي يوده ال أو يلقي حبه في قلوب العباد‬
‫كما قال سبحانه‪ " :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان‬
‫ودا " )‪ " (2‬وزلفى لمن اقترب " الزلفى كحبلى القرب والمنزلة‬
‫والحظوة‪ ،‬والقتراب الدنو‪ ،‬وطلب القرب وكأن المعنى السلم سبب قرب‬
‫من ال تعالى لمن طلب ذلك بالعمال الصالحة التي دل عليها دين السلم‬
‫وشرائعه‪ ،‬وفي بعض النسخ " لمن اقترن " أي معه ولم يفارقه‪ ،‬وكأنه‬
‫تصحيف وفي المجالس والتحف " لمن ارتقب " أي انتظر الموت أو‬
‫رحمة ال‪ ،‬أو حفظ شرايع الدين وترصد مواقيتها‪ ،‬في القاموس الرقيب‬
‫الحافظ والمنتظر‪ ،‬والحارس ورقبه انتظره كترقبه وارتقبه‪ ،‬والشئ حرسه‬
‫كراقبه مراقبة‪ ،‬وارتقب أشرف وعل‪ " .‬وثقة لمن توكل " الثقة من يؤتمن‬
‫ويعتمد عليه‪ ،‬يقال وثقت به أثق بكسرهما ثقة ووثوقا أي ائتمنته‪ ،‬ووثق‬
‫الشئ بالضم وثاقة فهو وثيق أي ثابت محكم‪ ،‬و توكل عليه أي فوض أمره‬
‫إليه أي السلم ثقة مأمون لمن وكل اموره إليه أي راعى في جميع المور‬
‫قوانينه‪ ،‬فل يخدعه‪ ،‬أو يصير السلم سببا لوثوق المرء على ال إذا توكل‬
‫عليه ويعلم به أن ال حسبه ونعم الوكيل‪ " .‬ورجاء لمن فوض " أي‬
‫السلم سبب رجاء لمن فوض اموره إليه أو إلى ال‬

‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .343‬مريم‪.(*) 96 :‬‬

‫]‪[357‬‬

‫على الوجهين السابقين‪ ،‬وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة أي سعة عيش‪ ،‬وفي‬
‫النهج والكتابين وراحة وهو أظهر " وسبقة لمن أحسن " في القاموس‪:‬‬
‫سبقه يسبقه و يسبقه تقدمه‪ ،‬والفرس في الحلبة جلى‪ ،‬والسبق محركة‬
‫والسبقة بالضم الخطر يوضع بين أهل السباق وهما سبقان بالكسر أي‬
‫يستبقان )‪ (1‬انتهى والظاهر هنا سبقة بالضم أي السلم متضمن لسبقة‬
‫لمن أحسن المسابقة أو لمن أحسن إلى الناس فانه من المور التي تحسن‬
‫المسابقة فيه أو لمن أحسن صحبته‪ ،‬أو لمن أتى بأمر حسن فيمشل جميع‬
‫الطاعات‪ ،‬ول يبعد أن يكون إشارة إلى قوله تعالى " والسابقون الولون‬
‫من المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم باحسان " )‪ (2‬بأن يكون المعنى‬
‫اتبعوهم في الحسان " وخيرا لمن سارع " على الوجوه المتقدمة إشارة‬
‫إلى قوله سبحانه في مواضع " يسارعون في الخيرات )‪ " .(3‬وجنة لمن‬
‫صبر " الجنة بالضم الترس وكل ما وقي من سلح وغيره‪ ،‬فالسلم يحث‬
‫على الصبر وهو جنة لمخاوف الدنيا والخرة‪ ،‬وقيل استعار لفظ الجنة‬
‫للسلم لنه يحفظ من صبر على العمل بقواعده وأركانه من العقوبة‬
‫الدنيوية و الخروية‪ ،‬وقيل جنة لمن صبر في المناظرة مع أعادي الدين "‬
‫ولباسا لمن اتقى " كأنه إشارة إلى قوله تعالى " ولباس التقوى ذلك خير‬
‫" )‪ (4‬بناء على أن المراد بلباس التقوى خشية ال‪ ،‬أو اليمان‪ ،‬أو العمل‬
‫الصالح‪ ،‬أو الحياء الذي يكسب التقوى‪ ،‬أو السمت الحسن‪ ،‬وقد قيل كل‬
‫ذلك أو اللباس الذى هو التقوى‪ ،‬فانه يستر الفضائح والقبائح‪ ،‬ويذهبها‪ ،‬ل‬
‫لباس الحرب كالدرع والمغفر واللت التي تتقى بها عن العدو كما قيل‪،‬‬
‫فالسلم سبب للبس لباس اليمان والتقوى و العمال الصالحة‪ ،‬والحياء‬
‫وهيئة أهل الخير لمن اتقى وعمل بشرائعه‪.‬‬

‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 3‬ص ‪ (2) .243‬براءة‪ (3) .100 :‬آل عمران‪ ،114 :‬النبياء‬
‫‪ ،90‬المؤمنون‪ (4) .61 :‬العراف‪.(*) 25 :‬‬

‫]‪[358‬‬

‫" وظهيرا لمن رشد " أي معينا لمن اختار الرشد والصلح‪ ،‬في القاموس‪ :‬رشد‬
‫كنصر وفرح رشدا ورشدا ورشادا اهتدى والرشد الستقامة على طريق‬
‫الحق مع تصلب فيه " وكهفا لمن آمن " الكهف كالغار في الجبل‪ ،‬والملجأ‬
‫أي محل أمن من مخاوف الدنيا والعقبى‪ ،‬لمن آمن بقلبه‪ ،‬ل لمن أظهر‬
‫بلسانه و نافق بقلبه‪ " ،‬وأمنة لمن أسلم " المنة بالتحريك المن‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫في الية )‪ (1‬جمع كالكتبة والظاهر أن المراد بالسلم هنا النقياد التام ل‬
‫ولرسوله ولئمة المؤمنين فان من كان كذلك فهو آمن في الدنيا والخرة‬
‫من مضارهما " ورجاء لمن صدق " أي السلم باعتبار اشتماله على‬
‫الوعد بالمثوبات الخروية‪ ،‬والدرجات العالية سبب لرجاء من صدق به‪،‬‬
‫ويمكن أن يقرأ بالتخفيف‪ ،‬ويؤيده أن في التحف " وروحا للصادقين "‬
‫وفي بعض نسخ الكتاب أيضا روحا ومنهم من فسر الفقرتين بأن السلم‬
‫أمنة في الدنيا لمن أسلم ظاهرا وروح في الخرة لمن صدق باطنا أقول‪:‬‬
‫وكأنه يؤيده قوله تعالى‪ " :‬فأما إن كان من المقربين فروح وريحان و جنة‬
‫نعيم " )‪ " .(2‬وغنى لمن قنع " أي السلم لشتماله على مدح القناعة‬
‫وفوائدها فهو يصير سببا لرضا من قنع بالقليل وغناه عن الناس‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫لن التمسك بقواعده يوجب وصول ذلك القدر إليه كما قال عز شأنه‪" :‬‬
‫ومن يتق ال يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب " )‪ (3‬ويحتمل‬
‫أن يراد به أن السلم باعتبار اشتماله على ما ل بد للنسان منه‪ ،‬من‬
‫العلوم الحقة والمعارف اللهية‪ ،‬والحكام الدينية يغني من قنع به عن‬
‫الرجوع إلى العلوم الحكمية‪ ،‬والقوانين الكلمية‪ ،‬والستحسانات العقلية‪،‬‬
‫والقياسات الفقهية وإن كان بعيدا‪ " .‬فذلك الحق " أي ما وصفت لك من‬
‫صفة السلم حق أو " ذلك " إشارة إلى السلم أي فلما كان السلم‬
‫متصفا بتلك الصفات فهو الحق الثابت الذي ل يتغير‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .154 :‬الواقعة‪ (3) .88 :‬الطلق‪.(*) 3 :‬‬
‫]‪[359‬‬

‫أول بشوبه باطل أو ذلك هو الحق الذي قال ال تعالى‪ " :‬أفمن يعلم أن ما انزل إليك‬
‫من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر اولوا اللباب " )‪ (1‬وقوله‪" :‬‬
‫سبيله الهدى " استيناف بياني آو الحق صفة لسم الشارة‪ ،‬وسبيله‬
‫الهدى خبره أي هذا الدين الحق الذي عرفت فوائده وصفاته سبيله الهدى‬
‫كما قيل في قوله سبحانه " اولئك على هدى من ربهم " )‪ (2‬وكأنه إشارة‬
‫إليه أيضا‪ ،‬والمراد بالهدى الهداية الربانية الموصلة إلى المطلوب‪" .‬‬
‫ومأثرته المجد " المأثرة بفتح الميم وسكون الهمزة وضم الثاء وفتحها‬
‫وفتح الراء‪ :‬واحدة المآثر وهي المكارم من الثر‪ ،‬وهو النقل والرواية‬
‫لنها تؤثر و تروى‪ ،‬وفي القاموس المكرمة المتوارثة‪ .‬والمجد نيل الكرم‬
‫والشرف‪ ،‬ورجل ماجد أي كريم شريف‪ ،‬ويطلق غالبا على ما يكون بالباء‬
‫فكأن المعنى أنه يصير سببا لمجد صاحبه حتى يسري في أعقابه أيضا "‬
‫وصفته الحسنى " أي موصوف بأنه أحسن الخلق والحوال والعمال‪،‬‬
‫وفي المجالس بعد قوله " وجنة لمن صبر " الحق سبيله‪ ،‬والهدى صفته‪،‬‬
‫والحسنى مأثرته‪ " .‬فهو أبلج المنهاج " في القاموس بلج الصبح أضاء‬
‫وأشرق كابتلج وتبلج وأبلج و كل متضح أبلج‪ ،‬والنهج والمنهج والمنهاج‪:‬‬
‫الطريق الواضح وأنهج‪ :‬وضح وأوضح وفي النهج بعده " أوضح الولئج‬
‫" أي المداخل " مشرق المنار " المنار جمع منارة و هي العلمة توضع‬
‫في الطريق‪ ،‬وكأنها سميت بذلك لنهم كانوا يضعون عليها النار لهتداء‬
‫الضال في الليل‪ ،‬وفي القاموس المنارة والصل منورة موضع النور‬
‫كالمنار والمسرجة والمأذنة‪ ،‬والجمع مناور‪ ،‬ومنائر‪ ،‬والمنار العلم انتهى‪،‬‬
‫وفي النهج " مشرف " بالفاء أي العالي وبعده " مشرق الجواد " جمع‬
‫الجادة و " ذاكي المصباح " وفي النهج والكتابين " مضئ المصابيح "‬
‫وفي القاموس ذكت النار واستذكت اشتد لهبها‪ ،‬وهي ذكية‪ ،‬وأذكاها‬
‫وذكاها أوقدها " رفيع الغاية " الغاية منتهى السباق أو الراية المنصوبة‬
‫في آخر المسافة‪ ،‬وهي خرقة تجعل على قصبة وتنصب في آخر‬

‫)‪ (1‬الرعد‪ (2) .19 :‬البقرة‪.(*) 5 :‬‬

‫]‪[360‬‬

‫المدى‪ ،‬يأخذها السابق من الفرسان وكأن الرفعة كناية عن الظهور كما ستعرف‬
‫وقيل‪ :‬هو من قولهم رفع البعير في مسيره بالغ أي يرفع إليها‪ " .‬يسر‬
‫المضمار " في النهاية تضمير الخيل هو أن تضامر عليها بالعلف‪ ،‬حتى‬
‫يسمن‪ ،‬ثم ل تعلف إل قوتا لتخف‪ ،‬وقيل‪ :‬تشد عليها سروجها وتجلل‬
‫بالجلة حتى تعرق فيذهب رهلها )‪ (1‬ويشتد لحمها‪ ،‬وفي حديث حذيفة "‬
‫اليوم مضمار وغدا السباق " أي اليوم العمل في الدنيا للستباق في الجنة‪،‬‬
‫والمضمار الموضع الذي تضمر فيه الخيل‪ ،‬ويكون وقتا لليام التي تضمر‬
‫فيها‪ ،‬وفي القاموس المضمار‪ :‬الموضع الذي يضمر فيه الخيل‪ ،‬وغاية‬
‫الفرس في السباق انتهى‪ ،‬والحاصل أن المضمار يطلق على موضع‬
‫تضمير الفرس للسباق وزمانه‪ ،‬وعلى الميدان الذي يسابق فيه‪ .‬شبه عليه‬
‫السلم أهل السلم بالخيل التي تجمع للسباق‪ ،‬ومدة عمر الدنيا بالميدان‬
‫الذي يسابق فيه‪ ،‬والموت بالعلم المنصوب في نهاية الميدان‪ ،‬فان ما‬
‫يتسابق فيه من العمال الصالحة إنما هو قبل الموت‪ ،‬والقيامة موضع‬
‫تجمع فيه الخيل بعد السباق ليأخذ السبقة من سبق بقدر سبقه‪ ،‬ويظهر‬
‫خسران من تأخر‪ ،‬والجنة بالسبقة‪ ،‬و النار بما يلحق المتأخر من الحرمان‬
‫والخسران‪ ،‬أو شبه عليه السلم الدنيا بزمان تضمير الخيل أو مكانه‪،‬‬
‫والقيامة بميدان المسابقة‪ ،‬فمن كان تضميره في الدنيا أحسن‪ ،‬كانت سبقته‬
‫في الخرة أكثر‪ ،‬كما ورد التشبيه كذلك في قوله عليه السلم في خطبة‬
‫اخرى‪ " :‬أل وإن اليوم المضمار‪ ،‬وغدا السباق‪ ،‬والسبقة الجنة‪ ،‬والغاية‬
‫النار " )‪ (2‬ولكن ينافيه ظاهرا قوله‪ " :‬والموت غايته " إل أن يقال‪:‬‬
‫المراد بالموت ما يلزمه من دخول الجنة أو النار‪ ،‬إشارة إلى أن آثار‬
‫السعادة والشقاوة الخروية تظهر عند الموت كما ورد " ليس بين أحدكم‬
‫وبين الجنة والنار إل الموت " وعلى التقديرين المراد بقوله‪ " :‬يسير‬
‫المضمار " قلة مدته وسرعة ظهور السبق وعدمه‪ :‬أو سهولة قطعه و‬
‫عدم وعورته أو سهولة التضمير فيه وعدم صعوبته لقصر المدة وتهيئى‬
‫السباب من‬

‫)‪ (1‬الرهل‪ :‬محركة‪ :‬استرخاء اللحم‪ ،‬والرخاوة مع انتفاخ‪ (2) .‬تحت الرقم ‪ 28‬من‬
‫خطب النهج )*(‪.‬‬

‫]‪[361‬‬

‫ال تعالى‪ .‬وفي " النهج‪ " :‬كريم المضمار " فكأن كرمه لكونه جامعا لجهات‬
‫المصلحة التي خلق لجله‪ ،‬وهي اختبار العباد بالطاعات‪ ،‬وفوز الفائزين‬
‫بأرفع الدرجات‪ ،‬ول ينافي ذلك ما ورد في ذم الدنيا‪ ،‬لنه يرجع إلى ذم من‬
‫ركن إليها وقصر النظر عليها‪ ،‬كما بين عليه السلم ذلك في خطبة نوردها‬
‫في باب ذم الدنيا إنشاء ال‪ " .‬جامع الحلبة " الحلبة بالفتح خيل تجمع‬
‫للسباق من كل أوب أي ناحية‪ ،‬ل تخرج من اصطبل واحد‪ ،‬ويقال للقوم إذا‬
‫جاؤا من كل أوب للنصرة قد أحلبوا وكون الحلبة جامعة عدم خروج أحد‬
‫منها أو المراد بالحلبة محلها وهو القيامة كما سيأتي فالمراد أنه يجمع‬
‫الجميع للحساب‪ ،‬كما قال تعالى‪ " :‬ذلك يوم مجموع له الناس " )‪" .(1‬‬
‫سريع السبقة " السبقة بالفتح كما في النهج أي يحصل السبق سريعا في‬
‫الدنيا للعاملين‪ ،‬أو في في القيامة إلى الجنة‪ ،‬أو بالضم أي يصل إلى‬
‫السابقين عوض السباق وهو الجنة سريعا لن مدة الدنيا قليلة وهو أظهر‪،‬‬
‫وفي النهج والمجالس والتحف " متنافس السبقة " فالضم أصوب‪ ،‬وإن‬
‫كان المضبوط في نسخ النهج بالفتح‪ ،‬والتنافس الرغبة في الشئ النفيس‬
‫الجيد في نوعه " أليم النقمة " أي مولم انتقام من تأخر في ‪ -‬المضمار‪،‬‬
‫لنه النار‪ " .‬كامل العدة " العدة بالضم والشد ما أعددته وهيأته من مال أو‬
‫سلح أو غير ذلك مما ينفعك يوما ما‪ ،‬والمراد هنا التقوى وكماله ظاهر "‬
‫كريم الفرسان " وفي النهج " شريف الفرسان " والفرسان بالضم جمع‬
‫فارس كالفوارس‪ .‬ثم فسر صلوات ال عليه ما أبهم من المور المذكورة‬
‫فقال‪ " :‬فاليمان منهاجه " هذا ناظر إلى قوله " أبلج المنهاج " أي‬
‫المنهاج الواضح للسلم هو التصديق القلبي بال وبرسوله وبما جاء به‪،‬‬
‫والبراهين القاطعة الدالة عليه‪ ،‬وفي النهج و غيره " فالتصديق منهاجه "‬
‫وهو أظهر " والصالحات مناره " ناظر إلى قوله‪ " :‬مشرق‬

‫)‪ (1‬هود‪.(*) 103 :‬‬

‫]‪[362‬‬

‫المنار " شبه العمال الصالحة والعبادات الموظفة‪ ،‬بالعلم والمنائر التي تنصب‬
‫على طريق السالكين لئل يضلوا فمن اتبع الشريعة النبوية وأتى بالفرائض‬
‫والنوافل يهديه ال للسلوك إليه‪ ،‬وبالعمل يقوى إيمانه‪ ،‬وبقوة اليمان‬
‫يزداد عمله‪ ،‬و كلما وصل إلى علم يظهر له علم آخر‪ ،‬ويزداد يقينه بحقية‬
‫الطريق إلى أن يقطع عمره‪ ،‬ويصل إلى أعل درجات كماله بحسب قابليته‬
‫التي جعلها ال له‪ ،‬أو شبه اليمان بالطريق‪ ،‬والعمال بالعلم‪ ،‬فكما أن‬
‫بسلوك الطريق تظهر العلم فكذلك بالتصديق بال ورسله وحججه عليهم‬
‫السلم تعرف العمال الصالحة‪ ،‬وقيل‪ :‬العمال الصالحة علمات لسلم‬
‫المسلم‪ ،‬وبها يستدل على إيمانه ول يتم حينئذ التشبيه‪ " .‬والفقه مصابيحه‬
‫" الفقه العلم بالمسائل الشرعية أو العم‪ ،‬وبه يرى طريق السلوك إلى ال‬
‫وأعلمه‪ ،‬وهو ناظر إلى قوله " ذاكي المصباح " إذ علوم الدين وشرايعه‬
‫ظاهرة واضحة للناس بالنبياء والوصياء عليهم السلم وبما أفاضوا‬
‫عليهم من العلوم الربانية‪ " .‬والدنيا مضماره " قال ابن أبي الحديد‪(1) :‬‬
‫كأن النسان يجري في الدنيا إلى غاية الموت وإنما جعلها مضمار السلم‪،‬‬
‫لن السلم يقطع دنياه ل لدنياه بل لخرته‪ ،‬فالدنيا كالمضمار للفرس إلى‬
‫الغاية المعينة " والموت غايته " قد عرفت وجه تشبيه الموت بالغاية‪،‬‬
‫وقال ابن أبي الحديد‪ :‬أي إن الدنيا سجن المؤمن و بالموت يخلص من ذلك‬
‫السجن‪ ،‬وقال ابن ميثم )‪ (2‬إنما جعل الموت غاية أي الغاية القريبة التي‬
‫هي باب الوصول إلى ال تعالى‪ ،‬ويحتمل أن يريد بالموت موت الشهوات‬
‫فانها غاية قريبة للسلم أيضا وهذا ناظر إلى قوله رفيع الغاية‪ ،‬وفي سائر‬
‫الكتب هذه الفقرة مقدمة على السابقة‪ ،‬فالنشر على ترتيب اللف‪ ،‬وعلى ما‬
‫في الكتاب يمكن أن يقال لعل التأخير هنا لجل أن ذكر الغاية بعد ذكر‬
‫المضمار أنسب بحسب الواقع‪ ،‬والتقديم سابقا باعتبار الرفعة والشرف‪،‬‬
‫وأنها الفائدة المقصودة‪ ،‬فاشير‬

‫)‪ (1‬شرح النهج لبن أبى الحديد ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .220‬شرح النهج لبن ميثم ص‬
‫‪.(*) 260‬‬

‫]‪[363‬‬

‫إلى الجهتين الواقعيتين بتغيير الترتيب‪ " .‬والقيامة حلبته " أي محل اجتماع الحلبة‬
‫إما للسباق أو لحيازة السبقة كما مر وإطلق الحلبة عليها من قبيل تسمية‬
‫المحل باسم الحال‪ ،‬وقال ابن أبي ‪ -‬الحديد‪ :‬حلبته أي ذات حلبته‪ ،‬فحذف‬
‫المضاف كقوله تعالى‪ " :‬هم درجات عند ال " )‪ (1‬أي ذووا درجات "‬
‫والجنة سبقته " في أكثر نسخ النهج سبقته بالفتح فلذا قال الشراح‪ :‬أي‬
‫جزاء سبقته‪ ،‬فحذف المضاف والظاهر سبقته بالضم فل حاجة إلى تقدير‬
‫كما عرفت " والنار نقمته " أي نصيب من تأخر ولم يحصل له استحقاق‬
‫للسبقة أصل النار زائدا عن الحسرة والحرمان " والتقوى عدته " ناظر‬
‫إلى قوله " كامل العدة " لن التقوى تنفع في أشد الهوال وأعظمها وهو‬
‫القيامة‪ ،‬كما أن العدة من المال و غيره تنفع صاحبها عند الحاجة إليها "‬
‫والمحسنون فرسانه " لنهم بالحسان و الطاعات يتسابقون في هذا‬
‫المضمار‪ " .‬فباليمان يستدل على الصالحات " إذ تصديق ال ورسوله‬
‫وحججه يوجب العلم بحسن العمال الصالحة وكيفيتها من واجبها وندبها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬لن اليمان منهج السلم وطريقه‪ ،‬ول بد للطريق من زاد يناسبه‪،‬‬
‫وزاد طريق السلم هو الخلق والعمال الصالحة‪ ،‬فيدل اليمان عليها‬
‫كدللة السبب على المسبب وقيل‪ :‬أي يستدل بوجوده في قلب العبد على‬
‫ملزمته لها انتهى‪ ،‬وكأنه حمل الكلم على القلب وإل فل معنى للستدلل‬
‫بالمر المخفي في القلب على المر الظاهر نعم يمكن أن يكون المعنى أن‬
‫باليمان يستدل على صحة العمال وقبولها فانه ل تقبل أعمال غير‬
‫المؤمن‪ ،‬وهذا معنى حسن لكن الول أحسن‪ " .‬وبالصالحات تعمر الفقه "‬
‫لن العمل يصير سببا لزيادة العلم‪ ،‬كما أن من بيده سراجا إذا وقف ل يرى‬
‫إل ما حوله‪ ،‬وكلما مشى ينتفع بالضوء ويرى ما لم يره‪ ،‬كما ورد‪ :‬من‬
‫عمل بما علم ورثه ال علم ما لم يعلم وقد مر أن العلم يهتف بالعمل فان‬
‫أجاب وإل ارتحل عنه )‪ (2‬وقيل‪ :‬الفقرتان مبنيتان على أن المراد‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .163 :‬الكافي ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 44‬‬

‫]‪[364‬‬

‫بالعمل الصالح ولية أهل البيت عليهم السلم كما ورد في تأويل كثير من اليات‪،‬‬
‫وظاهر أن باليمان يستدل على الولية‪ ،‬وبها يعمر الفقه لخذه عنهم‪" .‬‬
‫وبالفقه يرهب الموت " أي كثرة العلم واليقين سبب لزيادة الخشية كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬إنما يخشى ال من عباده العلماء " )‪ (1‬فالمراد بخشية الموت‬
‫خشية ما بعد الموت‪ ،‬أو يخشى نزول الموت قبل الستعداد له ولما بعده‪،‬‬
‫فقوله‪ " :‬و بالموت تختم الدنيا " كالتعليل لذلك لن الدنيا التي هي مضمار‬
‫العمل‪ ،‬تختم بالموت‪ ،‬فلذا يرهبه لحيلولته بينه وبين العمل‪ ،‬والستعداد‬
‫للقاء ال‪ ،‬ل لحب الحياة واللذات الدنيوية‪ ،‬والمألوفات الفانية " وبالدنيا‬
‫تجوز القيامة " هذه الفقرة أيضا كالتعليل لما سبق‪ ،‬أي إنما ترهب الموت‬
‫لن بالدنيا والعمال الصالحة المكتسبة فيها تجوز من أهوال القيامة‪،‬‬
‫وتخرج عنها إلى نعيم البد‪ ،‬بأن يكون على صيغة الخطاب من الجواز‪،‬‬
‫وفي بعض النسخ بصيغة الغيبة أي يجوز المؤمن أو النسان‪ ،‬وفي بعضها‬
‫يجاز على بناء المجهول‪ ،‬وهو أظهر‪ ،‬وفي بعضها يحاز بالحاء المهملة‬
‫من الحيازة أي تحاز مثوبات القيامة‪ ،‬وعلى التقادير فالوجه فيه أن كل ما‬
‫يلقاه العبد في القيامة فانها هو نتائج عقائده وأعماله وأخلقه المكتسبة‬
‫في الدنيا‪ ،‬فبالدنيا تجاز القيامة أو تحاز‪ ،‬ومنهم من قرأ تحوز بالحاء‬
‫المهملة‪ ،‬أي سبب الدنيا وأعمالها تجمع القيامة الناس للحساب والجزاء‪،‬‬
‫فان القيامة جامع الحلبة كما مر وفي التحف " تحذر القيامة " وكأنه‬
‫أظهر‪ " .‬وبالقيامة تزلف الجنة " أي تقرب للمتقين كما قال تعالى "‬
‫وازلفت الجنة للمتقين " وفي المجالس " وتزلف الجنة للمتقين وتبرز‬
‫الجحيم للغاوين " وقال‪ :‬البيضاوي )‪ " :(2‬وازلفت الجنة للمتقين " بحيث‬
‫يرونها من الموقف فيتبجحون بأنهم المحشورون إليها‪ ،‬و " برزت الجحيم‬
‫للغاوين " فيرونها مكشوفة ويتحسرون على أنهم المسوقون إليها‪ ،‬وفي‬
‫اختلف الفعلين ترجيح لجانب الوعد انتهى‪.‬‬

‫)‪ (1‬فاطر‪ (2) .28 :‬تفسير البيضاوى ص ‪ ،309‬والية في الشعراء‪.(*) 90 :‬‬

‫]‪[365‬‬
‫" والجنة حسرة أهل النار " في القيامة حيث ل تنفع الحسرة والندامة‪ ،‬وتلك‬
‫علوة لعذابهم العظيم " والنار موعظة للمتقين " في الدنيا‪ ،‬حيث ينفعهم‬
‫فيتركون ما يوجبها ويأتون بما يوجب البعد عنها " والتقوى سنخ اليمان‬
‫" أي أصله وأساسه في القاموس السنخ بالكسر الصل‪ " .‬على أربع‬
‫دعائم " الدعامة بالكسر عماد البيت‪ ،‬ودعائم اليمان ما يستقر عليه‬
‫ويوجب ثباته واستمراره وقوته " على الصبر واليقين والعدل والجهاد "‬
‫قال ابن ميثم )‪ (1‬فاعلم أنه عليه السلم أراد اليمان الكامل‪ ،‬وذلك له أصل‬
‫وله كمالت بها يتم أصله‪ ،‬فأصله هو التصديق بوجود الصانع‪ ،‬وماله من‬
‫صفات الكمال ونعوت الجلل‪ ،‬وبما تنزلت به كتبه‪ ،‬وبلغته رسله‪ ،‬وكمالته‬
‫المتممة هي القوال المطابقة ومكارم الخلق والعبادات‪ ،‬ثم إن هذا الصل‬
‫ومتمماته هو كمال النفس النسانية لنها ذات قوتين علمية وعملية‬
‫وكمالها بكمال هاتين القوتين فأصل اليمان هو كمال القوة العلمية منها‬
‫ومتمماته وهي مكارم الخلق‪ ،‬والعبادات هي كمال القوة العملية‪ .‬إذا‬
‫عرفت هذا فنقول‪ :‬لما كانت اصول الفضائل الخلقية التي هي كمال اليمان‬
‫أربعا‪ :‬هي الحكمة‪ ،‬والعفة‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬والعدل‪ ،‬أشار إليها واستعار لها‬
‫لفظ الدعائم باعتبار أن اليمان الكامل ل يقوم في الوجود إل بها‪ ،‬كدعائم‬
‫البيت فعبر عن الحكمة باليقين‪ ،‬والحكمة منها علمية وهي استكمال القوة‬
‫النظرية بتصور المور والتصديق بالحقائق النظرية والعلمية بقدر الطاقة‬
‫ول تسمى حكمة حتى يصير هذا الكمال حاصل لها باليقين والبرهان‪،‬‬
‫ومنها عملية وهي استكمال النفس بملكة العلم بوجوه الفضائل النفسانية‬
‫الخلقية‪ ،‬وكيفية اكتسابها ووجوه الرذائل النفسانية وكيفية الحتزاز عنها‬
‫واجتنابها‪ ،‬وظاهر أن العلم الذي صار ملكة هو اليقين‪ ،‬وعبر عن العفة‬
‫بالصبر‪ ،‬والعفة هي المساك عن الشره في فنون الشهوات المحسوسة‪،‬‬
‫وعدم النقياد للشهوة‪ ،‬وقهرها وتصريفها بحسب الرأي‬

‫)‪ (1‬شرح النهج ص ‪.(*) 582‬‬

‫]‪[366‬‬

‫الصحيح ومقتضى الحكمة المذكورة‪ .‬وإنما عبر عنها بالصبر لنها لزم من لوازمه‬
‫إذ رسمه أنه ضبط النفس و قهرها عن النقياد لقبائح اللذات‪ ،‬وقيل‪ :‬هو‬
‫ضبط النفس عن أن يقهرها ألم مكروه ينزل بها‪ ،‬ويلزم في العقل احتماله‪،‬‬
‫أو يلزمها حب مشتهى يتوق النسان إليه ويلزمه في حكم العقل اجتنابه‬
‫حتى ل يتناوله على غير وجهه‪ ،‬وظاهر أن ذلك يلزم العفة‪ .‬وكذلك عبر‬
‫عن الشجاعة بالجهاد لستلزامه إياها إطلقا لسم الملزوم على لزمه‪،‬‬
‫والشجاعة هي ملكة القدام الواجب على المور التي يحتاج النسان أن‬
‫يعرض نفسه لحتمال المكروه واللم الواصلة إليه منها‪ ،‬وأما العدل فهو‬
‫ملكة فاضلة ينشأ عن الفضائل الثلث المذكورة وتلزمها‪ ،‬إذ كل واحدة من‬
‫هذه الفضائل محتوشة برذيلتين هما طرفا الفراط والتفريط منها‪ ،‬ومقابلة‬
‫برذيلة هي ضدها انتهى‪ " .‬على أربع شعب " الشعبة من الشجرة بالضم‬
‫الغصن المتفرع منها‪ ،‬وقيل‪ :‬الشعبة ما بين الغصنين والقرنين‪ ،‬والطائفة‬
‫من الشئ‪ ،‬وطرف الغصن‪ ،‬والمراد هنا فروع الصبر وأنواعه أو أسباب‬
‫حصوله " على الشوق والشفاق " وفي سائر الكتب " والشفق والزهد "‬
‫وفي المجالس " والزهادة والترقب " الشوق إلى الشئ بنزوع النفس إليه‬
‫وحركة الهوى‪ ،‬والشفق بالتحريك الحذر والخوف كالشفاق والزهد ضد‬
‫الرغبة‪ ،‬والترقب النتظار‪ ،‬أي انتظار الموت والمداومة ذكره و عدم الغفلة‬
‫عنه‪ .‬ولما كان للصبر أنواع ثلثة كما سيأتي في بابه‪ :‬الصبر عند البلية‪،‬‬
‫والصبر على مشقة الطاعة‪ ،‬والصبر على ترك الشهوات المحرمة‪ ،‬وكان‬
‫ترك الشهوات قد يكون للشوق إلى اللذات الخروية‪ ،‬وقد يكون للخوف من‬
‫عقوباتها‪ ،‬جعل بناء الصبر على أربع على الشوق إلى الجنة ثم بين ذلك‬
‫بقوله " فمن اشتاق إلى الجنة سل عن الشهوات " أي نسيها وصبر على‬
‫تركها‪ ،‬يقال سل عن الشئ أي نسيه وسلوت عنه سلوا كقعدت قعودا أي‬
‫صبرت‪ ،‬وعلى الشفاق عن النار‪ ،‬وبينها بقوله‬

‫]‪[367‬‬

‫" ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات " وفي المجالس والتحف " عن‬
‫الحرمات " ويمكن أن تكون الشهوات المذكورة سابقا شاملة للمكروهات‬
‫أيضا‪ ،‬وعلى الزهد وعدم الرغبة في الدنيا وما فيها من الموال والزواج‬
‫والولد‪ ،‬وغيرها من ملذها ومألوفاتها‪ ،‬وبينها بقوله " ومن زهد في‬
‫الدنيا هانت عليه المصائب " وفي بعض النسخ والكتابين " المصيبات "‬
‫وفي النهج استهان بالمصيبات أي عدها سهل هينا واستخف بها لن‬
‫المصيبة حينئذ بفقد شئ من المور التي زهد عنها ولم يستقر في قلبه‬
‫حبها وعلى ارتقاب الموت وكثرة تذكره‪ ،‬وبينها بقوله " ومن راقب الموت‬
‫سارع إلى الخيرات " وفي الكتابين )‪ " (1‬ومن ارتقب " وفي النهج " في‬
‫الخيرات "‪ .‬ثم إن تخصيص الشوق إلى الجنة‪ ،‬والشفاق من النار بترك‬
‫المشتهيات والمحرمات مع أنهما يصيران سببين لفعل الطاعات أيضا إما‬
‫لشدة الهتمام بترك المحرمات وكون الصبر عليها أشق وأفضل كما سيأتي‬
‫في الخبر‪ ،‬أو لن فعل الطاعات أيضا داخلة فيهما‪ ،‬فان المانع من الطاعات‬
‫غالبا الشتغال بالشهوات النفسانية‪ ،‬فالسلو عنها يستلزم فعلها‪ ،‬بل ل يبعد‬
‫أن يكون الغرض الصلي من الفقرة الولى ذلك‪ ،‬بل يمكن إدخال فعل‬
‫الواجبات في الفقرة الثانية‪ ،‬لن ترك كل واجب محرم‪ ،‬ويدخل ترك‬
‫المكروهات وفعل المندوبات في الفقرة الولى‪ " .‬واليقين على أربع شعب‪:‬‬
‫تبصرة الفطنة " التبصرة مصدر باب التفعيل‪ ،‬والفطنة الحذق وجودة‬
‫الفهم‪ ،‬وقال ابن ميثم‪ :‬هي سرعة هجوم النفس على حقائق ما تورده‬
‫الحواس عليها‪ ،‬وقال‪ :‬تبصرة الفطنة إعمالها‪ .‬أقول‪ :‬يمكن أن تكون‬
‫الضافة إلى الفاعل أي جعل الفطنة النسان بصيرا أو إلى المفعول أي‬
‫جعل النسان الفطنة بصيرة‪ ،‬ويحتمل أن تكون التبصرة بمعنى البصار‬
‫والرؤية‪ ،‬فرؤيتها كناية عن التوجه والتأمل فيها وفي مقتضاها‪ ،‬فالضافة‬
‫إلى المفعول‪ ،‬وحمله على الضافة إلى الفاعل محوج إلى تكلف في قوله "‬
‫فمن أبصر‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى وأمالى المفيد‪ ،‬أقول‪ :‬وهكذا في نسخة النهج )*(‪.‬‬

‫]‪[368‬‬

‫الفطنة "‪ " .‬وتأول الحكمة " التأول والتأويل تفسير ما يؤل إليه الشئ‪ ،‬وقيل أول‬
‫الكلم وتأوله‪ :‬أي دبره وقدره وفسره‪ ،‬والحكمة العلم بالشياء على ماهي‬
‫عليه‪ ،‬فتأول الحكمة التأول الناشي من العلم والمعرفة‪ ،‬وهو الستدلل على‬
‫الشياء بالبراهين الحقة‪ ،‬وقال ابن ميثم‪ :‬هو تفسير الحكمة واكتساب‬
‫الحقائق ببراهينها واستخراج وجوه الفضائل ومكارم الخلق من مظانها‬
‫ككلم يؤثر أو عبرة يعتبر‪ .‬وقال الكيدري‪ :‬تأول الحكمة هو العلم بمراد‬
‫الحكماء فيما قالوا وأول الحكمة‪ .‬بأن يعلم قول ال ورسوله‪ ،‬قال تعالى‪" :‬‬
‫ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة " " ومعرفة العبرة " وفي سائر الكتب‬
‫" وموعظة العبرة " والعبرة ما يتعظ به النسان ويعتبره ليستدل به على‬
‫غيره‪ ،‬والموعظة تذكير ما يلين القلب و " موعظة العبرة " أن تعظ العبرة‬
‫النسان فيتعظ بها " وسنة الولين " السنة السيرة محمودة كانت أم‬
‫مذمومة‪ ،‬أي معرفة سنة الماضين‪ ،‬وما آل أمرهم إليه من سعادة أو شقاوة‬
‫فيتبع أعمال السعداء‪ ،‬ويجتنب قبائح الشقياء‪ .‬ثم بين عليه السلم فوائد‬
‫هذه الشعب وكيفية ترتب اليقين عليها‪ ،‬فقال‪ " :‬فمن أبصر الفطنة " أي‬
‫جعلها بصيرة أو نظر إليها وأعملها‪ ،‬كأن من لم يعملها ولم يعمل بمقتضاها‬
‫لم يبصرها‪ ،‬وفي سائر الكتب " تبصر في الفطنة " وهو أظهر " عرف‬
‫الحكمة وفي النهج " تبينت له الحكمة " وفي التحف " تأول الحكمة "‬
‫وفي المجالس " تبين الحكمة " والكل حسن‪ ،‬وقال الكيدري‪ " :‬تبصر "‬
‫أي نظر وتفكر وصار ذا بصيرة وقال‪ :‬الحكمة العلم الذي يدفع النسان عن‬
‫فعل القبيح مستعار من حكمة اللجام " ومن تأول الحكمة " وعرفها كما‬
‫هي " عرف العبرة " بأحوال السماء والرض‪ ،‬و الدنيا وأهلها‪ ،‬فتحصل‬
‫له الحكمة النظرية والعملية‪ ،‬وفي النهج " ومن تبينت له الحكمة " وفي‬
‫المجالس " ومن تبين الحكمة "‪ " .‬ومن عرف العبرة عرف السنة " أي‬
‫سنة الولين وسنة ال فيهم‪ ،‬فانها من‬

‫]‪[369‬‬

‫أعظم العبر " ومن عرف السنة فكأنما كان مع الولين " في حياتهم أو بعد موتهم‬
‫أيضا فان المعرفة الكاملة تفيد فائده المعاينة لهلها‪ " ،‬واهتدى " أي بذلك‬
‫" إلى التي هي أقوم " أي إلى الطريقة التي هي أقوم الطرائق‪ .‬ثم بين‬
‫عليه السلم كيفية العبرة فقال‪ " :‬ونظر إلى من نجا " أي من الولين "‬
‫بما نجا " من متابعة النبياء والمرسلين‪ ،‬والوصياء المرضيين‪ ،‬والقتداء‬
‫بهم علما وعمل " ومن هلك بما هلك " من مخالفة أئمة الدين‪ ،‬ومتابعة‬
‫الهواء المضلة والشهوات المزلة‪ ،‬وليست هذه الفقرات من قوله "‬
‫واهتدى " إلى قوله " بطاعته " في سائر الكتب‪ " .‬والعدل على أربع‬
‫شعب " كأن المراد بالعدل هنا ترك الظلم‪ ،‬والحكم بالحق بين الناس‪،‬‬
‫وإنصاف الناس من نفسه‪ ،‬ل ما هو مصطلح الحكماء من التوسط في‬
‫المور فانه يرجع إلى سائر الخلق الحسنة " غامض الفهم " الغامض‬
‫خلف الواضح من الكلم ونسبته إلى الفهم مجاز‪ ،‬وكأن المعنى فهم‬
‫الغوامض‪ ،‬أو هو من قولهم أغمض حد السيف أي رققه‪ ،‬وفي النهج‬
‫والتحف " غائص " من الغوص وهو الدخول تحت الماء لخراج اللؤلؤ‬
‫وغيره‪ ،‬وقال الكيدري‪ :‬وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف للتأكيد‬
‫والفهم الغائص ما يهجم على الشئ فيطلع على ما هو عليه كمن يغوص‬
‫على الدر و اللؤلؤ " وغمر العلم " أي كثرته‪ ،‬في القاموس‪ :‬الغمر الماء‬
‫الكثير‪ ،‬وغمر الماء غمارة وغمورة كثر‪ ،‬وغمره الماء غمرا واغتمره‬
‫غطاه وفي النهج " وغور العلم " وغور كل شئ قعره‪ ،‬والغور الدخول في‬
‫الشئ وتدقيق النظر في المر " وزهرة الحكم " الزهرة بالفتح البهجة‪،‬‬
‫والنضارة والحسن والبياض ونور النبات‪ ،‬والحكم بالضم القضاء والعلم‬
‫والفقه " وروضة الحلم " الضافة فيها وفي الفقرة السابقة من قبيل لجين‬
‫الماء‪ ،‬وفيهما مكنية وتخييلية‪ ،‬حيث شبه الحكم الواقعي بالزهرة لكونه‬
‫معجبا ومثمرا لنواع الثمرات الدنيوية والخروية والحلم بالروضة لكونه‬
‫رائقا ونافعا في الدارين وفي النهج " ورساخة الحلم " يقال‪ :‬رسخ كمنع‬
‫رسوخا بالضم ورساخة بالفتح أي ثبت والحلم الناة والتثبت‪ ،‬وقيل‪ :‬هو‬
‫المساك عن المبادرة‬

‫]‪[370‬‬

‫إلى قضاء وطر الغضب ورساخة الحلم قوته وكماله‪ " .‬فمن فهم فسر جميع العلم‬
‫ومن علم عرف شرائع الحكم " أي من فهم غوامض العلوم‪ ،‬فسر ما‬
‫اشتبه على الناس منها‪ ،‬ومن كان كذلك عرف شرائع الحكم بين الناس‪ ،‬فل‬
‫يشتبه عليه المر‪ ،‬ول يظلم ول يجور‪ ،‬وبعده في المجالس " ومن عرف‬
‫شرايع الحكم لم يضل " " ومن حلم لم يفرط في أمره " ولم يغضب على‬
‫الناس وتثبت في المر‪ ،‬وفي النهج " فمن فهم علم غور العلم ومن علم‬
‫غور العلم صدر عن شرايع الحكم ومن حلم " الخ والصدر الرجوع عن‬
‫الماء والشريعة ومورد الناس للستقاء‪ ،‬والصدور عن شرايع الحكم كناية‬
‫عن الصابة فيه‪ ،‬وعدم الوقوع في الخطاء " ولم يفرط " على بناء‬
‫التفعيل أي لم يقصر فيما يتعلق به من امور القضاء والحكم‪ ،‬أو مطلقا وفي‬
‫بعض نسخ النهج على بناء الفعال أي لم يجاوز الحد " وعاش في الناس‬
‫حميدا " والعيش الحياة والحميد المحمود المرضي‪ " .‬والجهاد على أربع‬
‫شعب " تلك الشعب إما أسباب الجهاد أو أنواعه الخفية ذكرها لئل يتوهم‬
‫أنه منحصر في الجهاد في السيف‪ ،‬مع أنه أحد أفراد المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر بل الجهاد استفراغ الوسع في إعلء كلمة ال واتباع‬
‫مرضاته وترويج شرايعه باليد واللسان والقلب‪ .‬قال الراغب‪ (1) :‬الجهاد‬
‫والمجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو والجهاد ثلثة أضرب‪:‬‬
‫مجاهدة العدو الظاهر‪ ،‬ومجاهدة الشيطان‪ ،‬ومجاهدة النفس‪ ،‬وتدخل ثلثتها‬
‫في قوله " وجاهدوا في ال حق جهاده * وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في‬
‫سبيل ال * إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل‬
‫ال " )‪ (2‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون‬
‫أعداءكم‪ ،‬والمجاهدة تكون باليد واللسان قال عليه السلم‪ " :‬جاهدوا‬
‫الكفار بأيديكم وألسنتكم "‪ " .‬على المر بالمعروف " هو الذي عرفه‬
‫الشارع وعده حسنا فان كان واجبا‬

‫)‪ (1‬المفردات‪ (2) 101 :‬اليات على الترتيب في الحج ‪ ،78‬الحجرات‪،15 :‬‬
‫النفال‪.(*) 72 :‬‬

‫]‪[371‬‬

‫فالمر واجب وإن كان مندوبا فالمر مندوب " والنهي عن المنكر " أي ما أنكره‬
‫الشارع وعده قبيحا‪ ،‬وهما مشروطان بالعلم بكونه معروفا أو منكرا‪،‬‬
‫وتجويز التأثير‪ ،‬وعدم المفسدة‪ ،‬وهما يجبان باليد واللسان والقلب "‬
‫والصدق في المواطن " أي ترك الكذب على كل حال إل مع خوف الضرر‪،‬‬
‫فيوري فل يكون كذبا والمواطن مواضع جهاد النفس‪ ،‬وجهاد العدو‪،‬‬
‫وجهاد الفاسق بالمر والنهي‪ ،‬و مواطن الرضا والسخط والضر والنفع ما‬
‫لم يصل إلى حد تجويز التقية‪ ،‬وأصل الصدق والكذب أن يكونا في القول ثم‬
‫في الخبر من أصناف الكلم كما قال تعالى " ومن أصدق من ال قيل " "‬
‫ومن أصدق من ال حديثا " )‪ (1‬وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع‬
‫الكلم كقول القائل‪ :‬أزيد في الدار‪ ،‬لتضمنه كونه جاهل بحال زيد‪ ،‬وكما إذا‬
‫قال‪ :‬واسني‪ ،‬لتضمنه أنه محاج إلى المواساة‪ ،‬ويستعملن في أفعال‬
‫الجوارح‪ ،‬فيقال‪ :‬صدق في القتال إذا وفى حقه‪ ،‬وصدق في اليمان إذا فعل‬
‫ما يقتضيه من الطاعة‪ ،‬فالصادق الكامل من يكون لسانه موافقا لضميره‪،‬‬
‫وفعله مطابقا لقوله‪ ،‬ومنه الصديق حيث يطلق على المعصوم فيحتمل أن‬
‫يكون الصدق هنا شامل لجميع ذلك‪ " .‬وشنآن الفاسقين " الشنآن‬
‫بالتحريك والسكون وقد صحح بهما في النهج‪ :‬البغض‪ ،‬يقال‪ :‬شنئه‬
‫كسمعه‪ ،‬ومعه شنئا مثلثة وشنائة وشنآنه‪ ،‬وهذا اولى مراتب النهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬وقيل‪ :‬هو مقتضى اليمان ويجب على كل حال وليس داخل في‬
‫النهي عن المنكر " شد ظهر المؤمن " وفي النهج " ظهور المؤمنين "‬
‫وشد الظهر كناية عن التقوية‪ .‬كما أن قصم الظهر كناية عن ضدها‪ ،‬والمر‬
‫بالمعروف يقوي المؤمن لنه يريد ترويج شرايع اليمان‪ ،‬وعسى أن ل‬
‫يتمكن منه‪ " .‬أرغم أنف المنافق " إرغام النف كناية عن الذلل‪ ،‬وأصله‬
‫إلصاق النف بالرغام‪ ،‬وهو التراب‪ ،‬ويطلق على الكراه على المر‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬فعلته على رغم أنفه أي على كره منه‪ ،‬والرغم مثلثة الكره‪،‬‬
‫والمنكر مطلوب للمنافقين‬

‫)‪ (1‬النساء‪ 122 :‬و ‪.(*) 87‬‬

‫]‪[372‬‬

‫والفساق الذينهم صنف منهم حقيقة‪ ،‬والنهي عن المنكر يرغم انوفهم‪ " .‬ومن‬
‫صدق في المواطن قضى الذي عليه " وفي سائر الكتب سوى الخصال "‬
‫قضى ما عليه " أي من المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬إذا لم يقدر‬
‫على أكثر من ذلك‪ ،‬أو من جميع التكاليف فان الصدق في اليمان والعقائد‬
‫يقتضي العمل بجميع التكاليف فعل وتركا أو لنه يأتي بها لئل يكون كاذبا‬
‫إذا سئل عنها " ومن شنئ الفاسقين " المضبوط في النهج بكسر النون‪.‬‬
‫" ولنتمم كلم المحقق البحراني )‪ (1‬وإن لم يكن فيه كثير فائدة‪ ،‬بعد ما‬
‫ذكرنا قال بعد ما مر‪ :‬وأما شعب هذه الدعائم فاعلم أنه جعل لكل دعامة‬
‫منها أربع شعب من الفضائل‪ ،‬تتشعب منها وتتفرع عليها فهي كالفروع‬
‫لها والغصان‪ .‬أما شعب الصبر الذي هو عبارة عن ملكة العفة فأحدها‬
‫الشوق إلى الجنة‪ ،‬و محبة الخيرات الباقية‪ ،‬الثاني الشفق وهو الخوف من‬
‫النار‪ ،‬وما يؤدي إليها‪ ،‬الثالث الزهد في الدنيا وهو العراض بالقلب عن‬
‫متاعها وطيباتها‪ ،‬الرابع ترقب الموت و هذه الربع فضائل منبعثة عن‬
‫ملكة العفة لن كل منها يستلزمها‪ .‬وأما شعب اليقين فأحدها تبصرة الفطنة‬
‫وإعمالها‪ ،‬الثاني تأول الحكمة و هو تفسيرها‪ ،‬الثالث موعظة العبرة‪،‬‬
‫الرابع أن يلحظ سنة الولين حتى يصير كأنه فيهم‪ ،‬وهذه الربع هي‬
‫فضائل تحت الحكمة كالفروع لها‪ ،‬وبعضها كالفرع للبعض‪ .‬وأما شعب‬
‫العدل فأحدها غوص الفهم أي الفهم الغائص فأضاف الصفة إلى‬
‫الموصوف‪ ،‬وقدمها للهتمام بها‪ ،‬ورسم هذه الفضيلة أنها قوة إدراك‬
‫المعنى المشار إليه بلفظ أو كناية أو إشارة ونحوها‪ ،‬الثاني غور العلم‬
‫وأقصاه وهو العلم بالشئ كما هو تحقيقه وكنهه‪ ،‬الثالث نور الحكم أي‬
‫تكون الحكا م الصادرة عنه نيرة واضحة ل لبس فيها ول شبهة‪ ،‬الرابع‬
‫ملكة الحلم وعبر عنها بالرسوخ لن شأن الملكة ذلك‪ ،‬والحلم هو المساك‬
‫عن المبادرة إلى قضاء وطر الغضب‪ ،‬فيمن يجني عليه‬

‫)‪ (1‬شرح النهج لبن ميثم‪.(*) 261 :‬‬

‫]‪[373‬‬

‫جناية يصل مكروهها إليه‪ .‬واعلم أن فضيلتي جودة الفهم وغور العلم‪ ،‬وإن كانتا‬
‫داخلتين تحت الحكمة وكذلك فضيلة الحلم داخلة تحت ملكة الشجاعة إل أن‬
‫العدل لما كان فضيلة موجودة في الصول الثلثة كانت في الحقيقة هي‬
‫وفروعها شعبا للعدل بيانه أن الفضائل كلها ملكات متوسطة بين طرفي‬
‫إفراط وتفريط‪ ،‬وتوسطها ذلك هو معنى كونها عدل فهي بأسرها شعب له‬
‫وجزئيات تحته‪ .‬وأما شعب الشجاعة المعبر عنها بالجهاد‪ ،‬فأحدها المر‬
‫بالمعروف‪ ،‬والثاني النهي عن المنكر‪ ،‬والثالث الصدق في المواطن‬
‫المكروهة‪ ،‬ووجود الشجاعة في هذه الشعب الثلث ظاهر‪ ،‬والرابع شنآن‬
‫الفاسقين‪ ،‬وظاهر أن بغضهم مستلزم لعداوتهم في ال‪ ،‬وثوران القوة‬
‫الغضبية في سبيله لجهادهم‪ ،‬وهو مستلزم للشجاعة‪ .‬وأما ثمرات هذه‬
‫الفضائل فأشار إليها للترغيب في مثمراتها‪ ،‬فثمرات شعب العفة أربع‬
‫أحدها ثمرة الشوق إلى الجنة‪ ،‬وهو السلو عن الشهوات وظاهر كونه ثمرة‬
‫له‪ ،‬إذا لسالك إلى ال ما لم يشتق إلى ما وعد المتقون لم يكن له صارف‬
‫عن الشهوات الحاضرة‪ ،‬مع توفر الدواعي إليها‪ ،‬فلم يسل عنها‪ ،‬الثانية‬
‫ثمرة الخوف من النار‪ ،‬وهو اجتناب المحرمات‪ ،‬الثالثة ثمرة الزهد وهي‬
‫الستهانة بالمصيبات‪ ،‬لن غالبها وعامها‪ ،‬إنما يلحق بسبب فقد المحبوب‬
‫من المور الدنيوية فمن أعرض عنها بقلبه كانت المصيبة بها هينئة‬
‫عنده‪ ،‬الرابعة ثمرة ترقب الموت وهي المسارعة في الخيرات‪ ،‬والعمل له‬
‫ولما بعده‪ ،‬وأما ثمرات اليقين فان بعض شعبه ثمرة لبعض فان تبين‬
‫الحكمة وتعلمها ثمرات لعمال الفطنة والفكرة‪ ،‬ومعرفة العبر ومواقع‬
‫العتبار بالماضين والستدلل بذلك على صانع حكيم ثمرة لتبين وجوه‬
‫الحكمة وكيفية العتبار‪ .‬وأما ثمرات العدل فبعضها كذلك أيضا وذلك أن‬
‫جودة الفهم وغوصه مستلزم للوقوف على غور العلم وغامضه‪ ،‬والوقوف‬
‫على غامض العلم مستلزم للوقوف على شرايع الحكم العادل‪ ،‬والصدور‬
‫عنها بين الخلق من القضاء الحق‪ ،‬وأما ثمرة الحلم‬

‫]‪[374‬‬

‫فعدم وقوع الحليم في طرف التفريط والتقصير عن هذه الفضيلة‪ ،‬وهي رذيلة الجبن‬
‫وأن يعيش في النار محمودا بفضيلته‪ ،‬وأما ثمرات الجهاد فأحدها ثمرة‬
‫المر بالمعروف‪ ،‬وهو شد ظهور المؤمنين ومعاوتنهم على إقامة الفضيلة‪،‬‬
‫الثانية ثمرة النهي عن المنكر وهي إرغام انوف المنافقين وإذللهم بالقهر‬
‫عن ارتكاب المنكرات وإظهار الرذيلة‪ ،‬الثالثة ثمرة الصدق في المواطن‬
‫المكروهة‪ ،‬وهي قضاء الواجب من أمر ال تعالى في دفع أعدائه والذب‬
‫عن الحريم‪ ،‬والرابعة ثمرة بغض الفاسقين والغضب ل‪ ،‬وهي غضب ال‬
‫لمن أبغضهم‪ ،‬وإرضاؤه يوم القيامة في دار كرامته‪ .‬وأقول‪ :‬فرق الكليني‬
‫قدس ال روحه الخبر على أربعة أبواب فجمعنا ما أورده في بابي السلم‬
‫واليمان هنا‪ ،‬وسنورد ما أورده في بابي الكفر والنفاق في بابيها مع شرح‬
‫تتمة ما أورده السيد وصاحب التحف وغيرهما إنشاء ال تعالى‪- 20 .‬‬
‫نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم في خطبة‪ :‬إن ال تعالى خصكم‬
‫بالسلم واستخلصكم له‪ ،‬وذلك لنه اسم سلمة وجماع كرامة اصطفى ال‬
‫تعالى منهجه و بين حججه‪ ،‬من ظاهر علم‪ ،‬وباطن حكم‪ ،‬ل تفنى غرائبه‪،‬‬
‫ول تنقضي عجائبه مرابيع النعم‪ ،‬ومصابيح الظلم‪ ،‬ل تفتح الخيرات إل‬
‫بمفاتحه‪ ،‬ول تكشف الظلمات إل بمصابحه‪ ،‬قد أحمى حماه‪ ،‬وأرعى‬
‫مرعاه‪ ،‬فيه شفاء المشتفي‪ ،‬وكفاية المكتفي )‪ .(1‬بيان‪ :‬ظاهره أن السلم‬
‫مشتق من السلمة أي من آفات الدنيا ومهالك الخرة إذا أدى حقه‪ ،‬فليس‬
‫بمعنى النقياد والدخول في السلم‪ ،‬وجماع الشئ ككتاب جمعه‪ ،‬وفي‬
‫الحديث الخمر جماع الثم أي مظنته‪ ،‬ومجمعه‪ ،‬والمنهج و المنهاج‬
‫الطريق الواضح‪ ،‬وحججه الدلة على صحته وكلمة " من " للتفسير‬
‫وتفصيل الحجج‪ ،‬وظاهر العلم الحكام الواضحة المبينة للناس من محكمات‬
‫القرآن‪ ،‬وما اتضح من السنة‪ ،‬وباطن الحكم الحكام المخزونة عند أهلها‪،‬‬
‫كتأويل المتشابهات وأسرار الشريعة‪ ،‬وقيل‪ :‬يعني بظاهر علم‪ ،‬وباطن‬
‫حكم‪ :‬القرآن‪ ،‬أل تراه كيف‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة عبده ج ‪ 1‬ص ‪ 293‬الخطبة‪.(*) 150 :‬‬

‫]‪[375‬‬
‫أتى بعده بصفات ونعوت ل يكون إل للقرآن‪ ،‬ول ريب في اتحاد حجج السلم‬
‫والقرآن‪ ،‬ول يبعد أن يكون القرآن في جملة كلم حذف السيد رضي ال‬
‫عنه على عادته في اللتقاط والختصار‪ ،‬وفي بعض النسخ " عزائمه "‬
‫مكان " غرائبه " أي آياته المحكمة‪ ،‬وبراهينه العازمة‪ ،‬أي القاطعة‪،‬‬
‫وعدم فناء العزائم أو الغرائب إما ثباتها واستقرارها على طول المدة وتغير‬
‫العصار‪ ،‬أو كثرتها عند البحث والتفتيش عنها‪ ،‬وعدم انقضاء العجائب‬
‫هو أنه كلما تأمل فيه النسان استخرج لطائف معجبة والمرابيع أمطار أول‬
‫الربيع تحيى بها الرض‪ ،‬وتنبت الكلء‪ ،‬وفي بعض النسخ " بمفاتيحه‬
‫وبمصابيحه " مع الياء وفي بعضها بدونها‪ .‬وحميت المكان من الناس‬
‫كرميت أي منعته منهم‪ ،‬والحماية اسم منه وكلء حمي كرضي أي محمي‬
‫وأحميت المكان حعلته حمى ل يقرب منه ول يجترء عليه والرعي بالكسر‬
‫الكلء‪ ،‬وبالفتح المصدر والمرعى الرعي والمصدر والموضع‪ ،‬قيل‪ :‬أحمى‬
‫حماه أي جعله ال عرضة لن يحمى كما تقول أقتلت الرجل أي جعلته‬
‫عرضة لن يقتل‪ ،‬أي قد عرض ال حمى القرآن ومحارمه لن يجتنب‪،‬‬
‫وعرض مرعاه لن يرعى‪ ،‬أي مكن من النتفاع بمواعظه وزواجره لنه‬
‫خاطبنا بلسان عربي مبين ولم يقنع ببيان ما لم يعلم إل بالشرع حتى نبه‬
‫في أكثره على أدلة العقل‪ .‬وقيل‪ :‬استعار لفظ الحمى لحفظه وتدبره والعمل‬
‫بقوانينه‪ ،‬ووجه الستعارة أن بذلك يكون حفظ الشخص وحراسته أما في‬
‫الدنيا فمن أيدي كثير من الظالمين لحترامهم حملة القرآن ومفسريه ومن‬
‫يتعلق به‪ ،‬وأما في الخرة فلحمايته حفظته ومتدبريه والعامل به من عذاب‬
‫ال كما يحمي الحمى من يلوذ به وقيل‪ :‬أراد بحماه محارمه أي منع‬
‫بنواهيه وزواجره أن يستباح محارمه‪ " .‬وأرعى مرعاه " أي هيأه لن‬
‫يرعى‪ ،‬واستعار لفظ المرعى للعلوم والحكم والداب التي يشتمل عليها‬
‫القرآن ووجه المشابهة أن هذه مراعي النفوس وغذاؤها الذي به يكون‬
‫نشوها العقلي‪ ،‬وتمامها الفعلى كما أن النبات والعشب غذاء للبدان‬
‫الحيوانية الذي يقوم بها وجودها )*(‪.‬‬

‫]‪[376‬‬

‫وأقول‪ :‬يحتمل أن يكون المراد به أنه جعل له حدودا وحرمات‪ ،‬ونهى عن انتهاكها‬
‫وارتكاب نواهيه وتعدي حدوده‪ ،‬ورخصا أباح للناس النتفاع بها و التمتع‬
‫منها‪ ،‬ويمكن أن يقال‪ " :‬أحمى حماه " أي منع المغيرين من تغيير قواعده‬
‫" وأرعى مرعاه " أي مكن المطيعين من طاعته‪ ،‬وهي الغذاء الروحاني‬
‫الذي به حياتهم الباقية في النشأة الخرة‪ .‬والمشتفي طالب الشفاء‬
‫كالمستشفي كما في بعض النسخ أي فيه شفاء من المراض المعنوية‬
‫كالجهل والضلل كما قال تعالى " شفاء لما في الصدور " )‪ (1‬أو منها‬
‫ومن المراض البدنية أيضا بالتعوذ ونحوه كما قال سبحانه " وننزل من‬
‫القرآن ما هو شفاء " )‪ (2‬والكفاية بالكسر ما به يحصل الستغناء عن‬
‫غيره‪ ،‬وهذه الكفاية لهله‪ ،‬ومن أخذ غوامضه منهم ورجع في تأويل‬
‫المتشابهات ونحوه إليهم‪ - 21 .‬ل‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن‬
‫عيسى‪ ،‬عن القاسم بن الحسن بن علي بن يقطين‪ ،‬عن ابن أبي نجران‬
‫وجعفر بن سليمان‪ ،‬عن عل بن رزين‪ ،‬عن أبي حمزة الثمالي قال‪ :‬قال أبو‬
‫جعفر عليه السلم‪ :‬بني السلم على خمس‪ :‬إقام الصلة وإيتاء الزكاة‪،‬‬
‫وحج البيت‪ ،‬وصوم شهر رمضان‪ ،‬والولية لنا أهل البيت‪ ،‬فجعل في أربع‬
‫منها رخصة‪ ،‬ولم يجعل في الولية رخصة‪ ،‬من لم يكن له مال لم تكن عليه‬
‫الزكاة‪ ،‬ومن لم يكن عنده مال فليس عليه حج‪ ،‬ومن كان مريضا‪ ،‬صلى‬
‫قاعدا وأفطر شهر رمضان‪ ،‬والولية صحيحا كان أو مريضا‪ ،‬وذا مال أو ل‬
‫مال له فهي لزمة )‪ - 22 .(3‬لى‪ :‬عن ابن المتوكل‪ ،‬عن السعد آبادي‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن أبيه عن محمد بن سنان‪ ،‬عن المفضل‪ ،‬عن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬بني السلم على خمس دعائم‪ :‬على الصلة‪ ،‬والزكاة‪،‬‬
‫والصوم‪ ،‬والحج وولية أمير المؤمنين والئمة من ولده‬

‫)‪ (1‬يونس‪ (2) .57 :‬أسرى‪ (3) .82 :‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 133‬‬

‫]‪[377‬‬

‫صلوات ال عليهم )‪ 23 .(1‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن‬
‫سهل‪ ،‬عن محمد ابن سنان‪ ،‬عن المفضل‪ ،‬عن ابن ظبيان قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬المحمدية السمحة إقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصيام‬
‫شهر رمضان‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬والطاعة للمام وأداء حقوق المؤمن فان من‬
‫حبس حق المؤمن أقامه ال يوم القيامة خمس مائة عام على رجليه‪ ،‬حتى‬
‫يسيل من عرقه أودية‪ ،‬ثم ينادي مناد من عند ال جل جلله هذا الظالم‬
‫الذي حبس عن ال حقه‪ ،‬قال فيوبخ أربعين عاما ثم يؤمر به إلى نار جنهم‬
‫)‪ - 24 .(2‬ثو‪ ،‬ل‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن معروف‪ ،‬عن‬
‫سعدان ابن مسلم‪ ،‬عن الفضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫عشر من لقي ال عز وجل بهن دخل الجنة‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن‬
‫محمدا رسول ال صلى ال عليه وآله والقرار بما جاء به من عند ال‬
‫عزوجل‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم شهر رمضان وحج البيت‪،‬‬
‫والولية لولياء ال‪ ،‬والبراءة من أعداء ال‪ ،‬واجتناب كل مسكر )‪ (3‬سن‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن سعدان مثله )‪ .(4‬ل‪ :‬عن الطالقاني‪ ،‬عن الحسن بن علي‬
‫العدوي‪ ،‬عن صهيب بن عباد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن جده عليهم السلم مثله بتقديم حج البيت على صوم شهر رمضان )‪.(5‬‬
‫‪ - 25‬ل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن إبراهيم بن‬
‫إسحاق عن محمد البرقي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن زرارة‬
‫قال‪ :‬قال أبو جعفر‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدق ص ‪ (2) .161‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .159‬ثواب العمال‪،15 :‬‬
‫الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .52‬المحاسن ص ‪ (5) .13‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪52‬‬
‫)*(‪.‬‬

‫]‪[378‬‬

‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬بني السلم على عشرة‬
‫أسهم‪ :‬على شهادة أن ل إله إل ال وهي الملة‪ ،‬والصلة وهي الفريضة‪،‬‬
‫والصوم وهو الجنة‪ ،‬والزكاة وهي الطهارة‪ ،‬والحج وهو الشريعة‪،‬‬
‫والجهاد وهو العز‪ ،‬والمر بالمعروف وهو الوفاء‪ ،‬والنهي عن المنكر‬
‫وهي المحجة‪ ،‬والجماعة وهي اللفة‪ ،‬والعصمة وهي الطاعة )‪ .(1‬ما‪ :‬عن‬
‫المفيد‪ ،‬عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن عيسى عن ابن‬
‫أبي عمير مثله )‪ .(2‬بيان‪ " :‬وهي الملة " أي عمدتها وأساسها " وهي‬
‫الفريضة " أي أعظم الفرائض وأسبقها " وهي الطهارة " أي مطهرة‬
‫للمال " وهو الشريعة " أي هو من معظم الشرايع " وهو العز " أي‬
‫يصير سببا لعز السلم وغلبته على الديان " وهو الوفاء " أي بعهد ال‬
‫تعالى وفي بعض النسخ الوقار أي موجب لوقار الدين وتمكينه " وهو‬
‫المحجة " أي طريقة النبياء أو يصير سببا لظهور طرق الدين وفي بعض‬
‫النسخ الحجة‪ ،‬وهو أظهر أي يصير سببا للزوم الحجة على العاصي "‬
‫والجماعة " أي في الصلة أو الجتماع على الحق وعدم التفرق في‬
‫المذاهب " والعصمة " أي عن المعاصي أو العتصام بحبل أئمة الدين‬
‫كما قال تعالى‪ " :‬واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا " )‪ (3‬ويؤيده‬
‫الخبر التي )‪ (4‬حيث عد العاشرة الطاعة وقال " وهي العصمة " أي‬
‫يصير سببا لعصمة الدماء أو العصمة عن الذنوب‪ - 26 .‬ما‪ :‬عن المفيد‪،‬‬
‫عن المراغي‪ ،‬عن القاسم بن محمد بن حماد‪ ،‬عن عبيد بن قيس‪ ،‬عن‬
‫يونس بن بكير‪ ،‬عن يحيى بن أبي حية‪ ،‬عن أبي العالية قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫أمامة يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ست من عمل بواحدة‬
‫منهن جادلت عنه يوم القيامة حتى تدخله الجنة‪ ،‬تقول‪ :‬أي رب قد كان‬
‫يعمل بي في الدنيا‪ :‬الصلة‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .59‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .43‬آل عمران‪.103 :‬‬
‫)‪ (4‬تحت الرقم‪.(*) 30 :‬‬
‫]‪[379‬‬

‫والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬والصيام‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬وصلة الرحم )‪ - 27 .(1‬ما‪ :‬عن المفيد‪،‬‬
‫عن محمد بن الحسين البصير‪ ،‬عن أحمد بن نصر بن سعيد عن إبراهيم بن‬
‫إسحاق النهاوندي‪ ،‬عن عبد ال بن حماد‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‬
‫بن يزيد‪ ،‬عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬لما قضى رسول ال صلى ال عليه وآله مناسكه من‬
‫حجة الوداع ركب راحلته وأنشأ يقول‪ :‬ل يدخل الجنة إل من كان مسلما‪،‬‬
‫فقام إليه أبو ذر الغفاري رحمه ال فقال‪ :‬يا رسول ال‪ :‬وما السلم ؟ فقال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬السلم عريان ولباسه التقوى‪ ،‬و زينته الحياء‪،‬‬
‫وملكه الورع‪ ،‬وكماله الدين‪ ،‬وثمرته العمل‪ ،‬ولكل شئ أساس وأساس‬
‫السلم حبنا أهل البيت )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال في النهاية فيه ملك الدين الورع‪:‬‬
‫الملك بالكسر والفتح قوام الشئ ونظامه‪ ،‬وما يعتمد عليه فيه‪ - 28 .‬ما‪:‬‬
‫عن المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬بني السلم على‬
‫خمس دعائم‪ :‬إقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم شهر رمضان‪ ،‬وحج‬
‫البيت الحرام‪ ،‬والولية لنا أهل البيت )‪ - 29 .(3‬ما‪ :‬عن جماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫المفضل‪ ،‬عن الفضل بن محمد بن المسيب عن هارون بن عمرو بن عبد‬
‫العزيز المجاشعي‪ ،‬عن محمد بن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال المجاشعي‪ :‬وحدثنا الرضا علي بن موسى عليه السلم‪،‬‬
‫عن أبيه موسى عليه السلم‪ ،‬عن أبيه جعفر بن محمد وقال جميعا‪ :‬عن‬
‫آبائه‪ ،‬عن علي أمير المؤمنين عليهم السلم قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله يقول‪ :‬بني السلم على خمس خصال‪ :‬على الشهادتين‬
‫والقرينتين‪ ،‬قيل له‪ :‬أما الشهادتان فقد عرفناهما‪ ،‬فما القرينتان ؟‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .9‬المصدر ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .82‬المصدر ج ‪ 1‬ص‬
‫‪.(*) 124‬‬

‫]‪[380‬‬

‫قال‪ :‬الصلة والزكاة‪ ،‬فانه ل يقبل أحدهما إل بالخرى‪ ،‬والصيام وحج بيت ال من‬
‫استطاع إليه سبيل وختم ذلك بالولية‪ ،‬فأنزل ال عزوجل " اليوم أكملت‬
‫لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا " )‪- 30 .(1‬‬
‫العلل‪ :‬عن علي بن حاتم‪ ،‬عن أحمد بن علي العبدي‪ ،‬عن الحسن ابن‬
‫إبراهيم الهاشمي‪ ،‬عن إسحاق بن إبراهيم الديري‪ ،‬عن عبد الرزاق بن‬
‫حاتم عن معمر بن قتادة‪ ،‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬جاءني جبرئيل فقال لي‪ :‬يا أحمد السلم عشرة أسهم‪ ،‬وقد‬
‫خاب من ل سهم له فيها‪ ،‬أولها شهادة أن ل إله إل ال وهي الكلمة‪،‬‬
‫والثانية الصلة وهي الطهر‪ ،‬والثالثة الزكاة وهي الفطرة‪ ،‬والرابعة الصوم‬
‫وهي الجنة‪ ،‬والخامسه الحج وهي الشريعة‪ ،‬والسادسة الجهاد وهو العز‪،‬‬
‫والسابعة المر بالمعروف وهو الوفاء‪ ،‬والثامنة النهي عن المنكر وهو‬
‫الحجة‪ ،‬والتاسعة الجماعة وهي اللفة‪ ،‬والعاشرة الطاعة وهي العصمة‪.‬‬
‫قال حبيبي جبرئيل‪ :‬إن مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة‪ ،‬اليمان أصلها‬
‫والصلة عروقها‪ ،‬والزكاة ماؤها‪ ،‬والصوم سعفها‪ ،‬وحسن الخلق ورقها‪،‬‬
‫والكف عن المحارم ثمرها‪ ،‬فل تكمل شجرة إل بالثمر‪ ،‬كذلك اليمان ل‬
‫يكمل إل بالكف عن المحارم‪ .‬بيان‪ " :‬وهي الكلمة " أي كلمة التقوى التي‬
‫قال ال تعالى " وألزمهم كلمة التقوى " )‪ (2‬أو هي الكلم التام الذي هي‬
‫أصدق الكلم وأنفعها فكأنها تستحق هذا السم دون سائر الكلم أو كلمة‬
‫التوحيد " وهي الفطرة " أي فطرة ال التي فطر الناس عليها أي هي من‬
‫أجزاء الدين ول يتم إل بها‪ ،‬أو هي سبب لحفظ خلقة النسان‪ ،‬فان أكثر‬
‫آيات الزكاة إنما وردت في زكاة الفطرة إذ لم يكن للمسلمين يومئذ مال‬
‫تجب فيه الزكاة كما ورد في الخبر‪ ،‬والمعنى أن النسان مفطور على‬
‫تصديق حسنه‪ ،‬فان إعانة المحتاجين وبذل الموال في الصدقات مما يحكم‬
‫بحسنه كل عقل‪ ،‬وكل‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ ،131‬والية في المائدة‪ (2) .3 :‬الفتح‪.(*) 26 :‬‬

‫]‪[381‬‬

‫من أقر بشرع‪ ،‬في‪ :‬القاموس‪ :‬الفطرة صدقة الفطر‪ ،‬والخلقة التي خلق عليها‬
‫المولود في رحم امه‪ ،‬والدين‪ .‬و " السعف " محركة جريد النخل أو ورقه‪،‬‬
‫والمراد هنا الول‪ - 31 .‬ف‪ :‬قال كميل بن زياد‪ :‬سألت أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم عن قواعد السلم ما هي ؟ فقال‪ :‬قواعد السلم سبعة‪ ،‬فأولها‬
‫العقل‪ ،‬وعليه بني الصبر‪ ،‬والثاني صون العرض وصدق اللهجة‪ ،‬والثالثة‬
‫تلوة القرآن على جهته‪ ،‬والرابعة الحب في ال والبغض في ال‪،‬‬
‫والخامسة حق آل محمد ومعرفة وليتهم‪ ،‬والسادسة حق الخوان و‬
‫المحامات عليهم‪ ،‬والسابعة مجاورة الناس بالحسنى‪ .‬قلت‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر ال منه فما حد الستغفار قال‪ :‬يا ابن‬
‫زياد ! التوبة‪ ،‬قلت‪ :‬بس ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قلت‪ :‬فكيف ؟ قال إن العبد إذا أصاب‬
‫ذنبا يقول‪ :‬أستغفر ال بالتحريك‪ ،‬قلت‪ :‬وما التحريك ؟ قال‪ :‬الشفتان‬
‫واللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة ؟ قلت‪ :‬وما الحقيقة ؟ قال‪ :‬تصديق في‬
‫القلب وإضمار أن ل يعود إلى الذنب الذي استغفر منه‪ ،‬قال كميل‪ :‬فإذا‬
‫فعلت ذلك فأنا من المستغفرين ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال كميل‪ :‬فكيف ذاك ؟ قال‪ :‬لنك‬
‫لم تبلغ إلى الصل بعد‪ ،‬قال كمل‪ :‬فأصل الستغفار ما هو ؟ قال‪ :‬الرجوع‬
‫إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه‪ ،‬و هي أول درجة العابدين‪ ،‬وترك‬
‫الذنب‪ ،‬والستغفار اسم واقع لمعاني ست‪ :‬أولها الندم على ما مضى‪،‬‬
‫والثاني العزم على ترك العود أبدا‪ ،‬والثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين‬
‫التي بينك وبينهم‪ ،‬والرابع أن تؤدي حق ال في كل فرض‪ ،‬والخامس أن‬
‫تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه ثم‬
‫تنشئ فيما بينهما لحما جديدا‪ ،‬والسادس أن تذيق البدن ألم الطاعات كما‬
‫أذقته لذات المعاصي )‪ .(1‬بيان‪ :‬إنما عد عليه السلم صون العرض‬
‫وصدق اللهجة خصلة واحدة‪ ،‬لن أعظم أسباب صون العرض صدق‬
‫اللهجة كما أن عمدة أسباب هتك العرض كذبها‬

‫)‪ (1‬تحف العقول ط اسلمية ص ‪.(*) 192‬‬

‫]‪[382‬‬

‫" على جهته " أي بالترتيل والتدبر وسائر شرائط التلوة‪ ،‬وفي القاموس‪ :‬بس )‬
‫‪ (1‬بمعنى حسب أو هو مسترذل‪ - 32 .‬ف‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال ابتدأ المور فاصطفى لنفسه منها ما شاء‪ ،‬واستخلص منها ما‬
‫أحب‪ ،‬فكان مما أحب أنه ارتضى اليمان فاشتقه من اسمه‪ ،‬فنحله من أحب‬
‫من خلقه‪ ،‬ثم بينه فسهل شرائعه لمن ورده ; وأعز أركانه على من جانبه‪،‬‬
‫وجعله عزا لمن واله‪ ،‬وأمنا لمن دخله‪ ،‬وهدى لمن ائتم به وزينة لمن‬
‫تحلى به‪ ،‬ودينا لمن انتحله‪ ،‬وعصمة لمن اعتصم به‪ ،‬وحبل لمن استمسك‬
‫به‪ ،‬وبرهانا لمن تكلم به‪ ،‬وشرفا لمن عرفه‪ ،‬وحكمة لمن نطق به‪ ،‬ونورا‬
‫لمن استضاء به‪ ،‬وحجة لمن خاصم به‪ ،‬وفلجا لمن حاج به‪ ،‬وعلما لمن‬
‫وعى‪ ،‬وحديثا لمن روى‪ ،‬وحكما لمن قضى‪ ،‬وحلما لمن حدث‪ ،‬ولبا لمن‬
‫تدبر‪ ،‬وفهما لمن تفكر‪ ،‬ويقينا لمن عقل‪ ،‬وبصيرة لمن عزم‪ ،‬وآية لمن‬
‫توسم‪ ،‬وعبرة لمن اتعظ‪ ،‬ونجاتا لمن آمن به‪ ،‬ومودة من ال لمن صلح‪،‬‬
‫وزلفى لمن ارتقب‪ ،‬وثقة لمن توكل‪ ،‬وراحة لمن فوض‪ ،‬وسبقة لمن‬
‫أحسن‪ ،‬وخيرا لمن سارع‪ ،‬وجنة لمن صبر‪ ،‬ولباسا لمن اتقى‪ ،‬وتطهيرا‬
‫لمن رشد‪ ،‬وأمنة لمن أسلم‪ ،‬وروحا للصادقين‪ .‬فاليمان أصل الحق ;‬
‫وأصل الحق سبيله الهدى‪ ،‬وصفته الحسنى‪ ،‬ومأثرته المجد‪ ،‬فهو أبلج‬
‫المنهاج‪ ،‬مشرق المنار‪ ،‬مضئ المصابيح‪ ،‬رفيع الغاية‪ ،‬يسير المضمار‪،‬‬
‫جامع الحلبة‪ ،‬متنافس السبقة‪ ،‬قديم العدة‪ ،‬كريم الفرسان‪ ،‬الصالحات‬
‫مناره‪ ،‬والعفة مصابيحه‪ ،‬والموت غايته‪ ،‬والدنيا مضماره‪ ،‬والقيامة‬
‫حلبته‪ ،‬و الجنة سبقته‪ ،‬والنار نقمته‪ ،‬والتقوى عدته‪ ،‬والمحسنون فرسانه‪.‬‬
‫فباليمان يستدل على الصالحات‪ ،‬وبالصالحات يعمر الفقه‪ ،‬وبالفقه يرهب‬
‫الموت‪ ،‬وبالموت تختم الدنيا‪ ،‬وبالدنيا تحذر الخرة‪ ،‬وبالقيامة تزلف‬
‫الجنة‪ ،‬والجنة حسرة أهل النار‪ ،‬والنار موعظة التقوى‪ ،‬والتقوى سنخ‬
‫الحسان‪ ،‬والتقوى‬

‫)‪ (1‬هي كلمة فارسية )*(‪.‬‬

‫]‪[383‬‬

‫غاية ل يهلك من تبعها ول يندم من يعمل بها لن بالتقوى فاز الفائزون‪،‬‬


‫وبالمعصية خسر الخاسرون‪ ،‬فليزدجر اولوا النهى‪ ،‬وليتذكر أهل التقوى‪.‬‬
‫فاليمان على أربع دعائم‪ :‬على الصبر‪ ،‬واليقين‪ ،‬والعدل‪ ،‬والجهاد‪ ،‬فالصبر‬
‫على أربع شعب‪ :‬على الشوق‪ ،‬والشفق‪ ،‬والزهد‪ ،‬والترقب‪ ،‬فمن اشتاق‬
‫إلى الجنة سل عن الشهوات‪ ،‬ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات‪،‬‬
‫ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات‪ ،‬ومن ارتقب الموت سارع إلى‬
‫الخيرات‪ .‬واليقين على أربع شعب‪ :‬على تبصرة الفطنة‪ ،‬وتأول الحكمة‪،‬‬
‫وموعظة العبرة‪ ،‬وسنة الولين‪ ،‬فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة‪ ،‬ومن‬
‫تأول الحكمة عرف العبرة‪ ،‬ومن عرف العبرة عرف السنة‪ ،‬ومن عرف‬
‫السنة فكأنما عاش في الولين‪ .‬والعدل على أربع شعب‪ :‬على غائص‬
‫الفهم‪ ،‬وغمرة العلم‪ ،‬وزهرة الحكم وروضة الحلم‪ ،‬فمن فهم فسر جميع‬
‫العلم‪ ،‬ومن عرف الحكم لم يضل‪ ،‬ومن حلم لم يفرط في أمره‪ ،‬وعاش به‬
‫في الناس حميدا‪ .‬والجهاد على أربع شعب‪ :‬على المر بالمعروف‪ ،‬والنهي‬
‫عن المنكر‪ ،‬و الصدق عند المواطن‪ ،‬وشنآن الفاسقين‪ ،‬فمن أمر بالمعروف‬
‫شد ظهر المؤمنين‪ ،‬ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الكافرين‪ ،‬ومن صدق‬
‫في المواطن قضى ما عليه‪ ،‬ومن شنئ الفاسقين غضب ل‪ ،‬ومن غضب ل‬
‫غضب ال له‪ ،‬فذلك اليمان ودعائمه وشعبه ;‪ .‬والكفر على أربع دعائم‪:‬‬
‫على الفسق‪ ،‬والغلو‪ ،‬والشك‪ ،‬والشبهة ; فالفسق من ذلك على أربع شعب‪:‬‬
‫الجفا‪ ،‬والعمى‪ ،‬والغفلة‪ ،‬والعتو‪ ،‬فمن جفا حقر المؤمن‪ ،‬ومقت الفقهاء‪،‬‬
‫وأصر على الحنث‪ ،‬ومن عمي نسي الذكر‪ ،‬وبذأ خلقه وألح عليه الشيطان‪،‬‬
‫ومن غفل وثب على ظهره )‪ (1‬وحسب غيه رشدا وغرته الماني‪ ،‬وأخذته‬
‫الحسرة إذا انقضى المر وانكشف عنه الغطاء‪ ،‬وبدا له من ال‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ومن غفل جنى علي نفسه‪ ،‬وانقلب على ظهره‪ ،‬الخ ؟ )*(‪.‬‬

‫]‪[384‬‬
‫ما لم يكن يحتسب‪ ،‬ومن عتا عن أمر ال‪ ،‬تعالى ال عليه )‪ (1‬ثم أذله بسلطانه‬
‫وصغره بجلله كما فرط في جنابه واغتر بربه الكريم‪ .‬والغلو على أربع‬
‫شعب‪ :‬على التعمق‪ ،،‬والتنازع‪ ،‬والزيغ‪ ،‬والشقاق فمن تعمق لم ينته إلى‬
‫الحق‪ ،‬ولم يزدد إل غرقا في الغمرات ل تنحبس عنه )‪ (2‬فتنة إل غشيته‬
‫اخرى‪ ،‬فهو يهوي في أمر مريج‪ ،‬ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل‬
‫وبلى أمرهم من طول اللجاج‪ ،‬ومن زاغ ساءت عنده الحسنة‪ ،‬وحسنت‬
‫عنده السيئة وسكر سكر الضلل‪ ،‬ومن شاق أعورت عليه طريقه‬
‫واعترض أمره‪ ،‬وضاق مخرجه‪ ،‬وحري أن ينزع من دينه من اتبع غير‬
‫سبيل المؤمنين‪ .‬والشك على أربع شعب‪ :‬على المرية‪ ،‬والهول‪ ،‬والتردد‪،‬‬
‫والستسلم )‪ (3‬فبأي آلء ربك يتمارى الممترون‪ ،‬ومن هاله ما بين يديه‬
‫نكص على عقبيه‪ ،‬ومن تردد في ريبه سبقه الولون‪ ،‬وأدركه الخرون‪،‬‬
‫ووطئته سنابك الشياطين‪ ،‬ومن استسلم لهلكة الدنيا والخرة هلك فيهما‪،‬‬
‫ومن نجا ]من ذلك[ فبفضل اليقين‪ .‬والشبهة على أربع شعب‪ :‬على إعجاب‬
‫بالزينة‪ ،‬وتسويل النفس‪ ،‬وتأول العوج‪ ،‬ولبس الحق بالباطل‪ ،‬وذلك أن‬
‫الزينة تؤل عن البينة‪ ،‬و ]تسويل[ النفس تقحم إلى الشهوة‪ ،‬والعوج يميل‬
‫ميل عظيما‪ ،‬واللبس ظلمات بعضها فوق بعض‪ ،‬فذلك الكفر ودعائمه‬
‫وشعبه‪ .‬والنفاق على أربع دعائم‪ :‬على الهوى‪ ،‬والهوينا‪ ،‬والحفيظة‪،‬‬
‫والطمع فالهوى من ذلك على أربع شعب‪ :‬على البغي‪ ،‬والعدوان‪،‬‬
‫والشهوة‪ ،‬والعصيان فمن بغي كثرت غوايله وتخلى منه‪ ،‬ونصر عليه‪،‬‬
‫ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه‪ ،‬ومن لم يعدل نفسه عن‬
‫الشهوات‪ ،‬خاض في الحسرات‪ ،‬وسبح فيها ومن عصى ضل عمدا بل عذر‬
‫ول حجة‪ .‬وأما شعب الهوينا‪ :‬فالهيبة‪ ،‬والغرة‪ ،‬والمماطلة‪ ،‬والمل‪ ،‬وذلك‬
‫أن الهيبة ترد عن الحق‪ ،‬والغترار بالعاجل تفريط الجل‪ ،‬وتفريط‬
‫المماطلة مورط‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬ومن عتا عن أمر ال شك ومن شك تعالى ال عليه‪ (2) .‬ل‬
‫تنحسر خ ل‪ (3) .‬كأنه سقط من هنا شئ وفي نسخة الكافي وهو قول ال‬
‫عزوجل )*(‪.‬‬

‫]‪[385‬‬

‫في العمي‪ ،‬ولول المل علم النسان حساب ما هو فيه‪ ،‬ولو علم حساب ما هو فيه‬
‫مات خفاتا من الهول والوجل‪ .‬وأما شعب الحفيظة‪ ،‬فالكبر والفخر‪،‬‬
‫والحمية‪ ،‬والعصبية‪ ،‬فمن استكبر أدبر‪ ،‬ومن فخر فجر‪ ،‬ومن حمى أصر‪،‬‬
‫ومن أخذته العصبية جار‪ ،‬فبئس المر أمر بين إدبار‪ ،‬وفجور‪ ،‬وإصرار‪،‬‬
‫وجور عن الصراط‪ .‬وشعب الطمع‪ :‬الفرح‪ ،‬والمرح‪ ،‬واللجاجة‪ ،‬والتكبر‪،‬‬
‫فالفرح مكروه عند ال‪ ،‬والمرح خيلء‪ ،‬واللجاجة بلء لمن اضطرته إلى‬
‫حمله الثام‪ ،‬والتكبر له ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى الذي هو‬
‫خير‪ .‬فذلك النفاق ودعائمه وشعبه‪ ،‬وال قاهر فوق عباده تعالى ذكره‪،‬‬
‫واستوت به مرته‪ ،‬واشتدت قوته‪ ،‬وفاضت بركته‪ ،‬واستضاءت حكمته‪،‬‬
‫وفلجت حجته وخلص دينه‪ ،‬وحقت كلمته‪ ،‬وسبقت حسناته‪ ،‬وصفت‬
‫نسبته‪ ،‬وأقسطت موازينه وبلغت رسالته‪ ،‬وحضرت حفظته‪ ،‬ثم جعل‬
‫السيئة ذنبا‪ ،‬والذنب فتنة‪ ،‬والفتنة دنسا‪ ،‬وجعل الحسنى غنما‪ ،‬والعتبى‬
‫توبة‪ ،‬والتوبة طهورا‪ ،‬فمن تاب اهتدى ومن افتتن غوى‪ ،‬ما لم يتب إلى‬
‫ال ويعترف بذنبه‪ ،‬ويصدق بالحسنى‪ ،‬ول يهلك على ال إل هالك‪ .‬فال ال‬
‫ما أوسع مالديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم‪ ،‬وما أنكر ما‬
‫لديه من النكال والجحيم والعزة والقدرة والبطش الشديد‪ ،‬فمن ظفر بطاعة‬
‫ال اختار كرامته‪ ،‬ومن لم يزل في معصية ال ذاق وبيل نقمته‪ ،‬هنالك‬
‫عقبى الدار )‪ - 33 .(1‬كتاب الغارات لبراهيم بن محمد الثقفي بأسانيد عنه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال علي عليه السلم أما بعد فان ال شرع السلم فسهل‬
‫شرايعه لمن ورده‪ ،‬وساق الحديث نحو ما مر إلى قوله‪ :‬هنالك عقبى الدار‪،‬‬
‫ل يخشى أهلها غيرها وهنالك خيبة ليس لهلها اختيار‪ ،‬نسأل ال ذا‬
‫السلطان العظيم‪ ،‬والوجه الكريم الخير‪ ،‬والخير عافية‬

‫)‪ (1‬تحف العقول ص ‪ .163 - 158‬ط اسلمية )*(‪.‬‬

‫]‪[386‬‬

‫للمتقين‪ ،‬والخير مرد يوم الدين‪ - 34 .‬سن‪ :‬عن محمد بن على وأبي الخزرج معا‪،‬‬
‫عن سفيان بن إبراهيم الجويري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي صادق قال‪ :‬سمعت‬
‫عليا عليه السلم يقول‪ :‬أثافي السلم ثلث ل تنفع واحدة منهن دون‬
‫صاحبتيها‪ :‬الصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والولية )‪ - 35 (1‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن‬
‫ثعلبة‪ ،‬عن علي بن عبد العزيز قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬أل‬
‫اخبرك بأصل السلم وفرعه وذروته وسنامة ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬بلى جعلت فداك‬
‫قال‪ :‬أصله الصلة‪ ،‬وفرعه الزكاة‪ ،‬وذروته وسنامه الجهاد في سبيل ال‪،‬‬
‫أل اخبرك بأبواب الخير ؟ الصوم جنة‪ ،‬والصدقة تحط الخطيئة‪ ،‬وقيام‬
‫الرجل في جوف الليل يناجي ربه ثم تل " تتجافى جنوبهم عن المضاجع‬
‫يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون " )‪ .(2‬ما‪ :‬عن‬
‫الغضائري‪ ،‬عن أحمد العطار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى عن‬
‫ابن فضال مثله إلى قوله‪ :‬الصوم جنة من النار )‪ - 36 .(3‬سن‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن سليمان بن خالد قال‪:‬‬
‫قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك أخبرني عن الفرائض التي‬
‫افترض ال على العباد ما هي ؟ فقال‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن محمدا‬
‫رسول ال وإقام الصلة‪ ،‬والخمس‪ ،‬والزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصوم شهر‬
‫رمضان‪ ،‬والولية فمن أقامهن وسدد وقارب‪ ،‬واجتنب كل منكر دخل الجنة‬
‫)‪ .(4‬بيان‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه سددوا وقاربوا‪ ،‬أي اطلبوا بأعمالكم السداد‬
‫والستقامة‪ ،‬وهو القصد في المر والعدل فيه‪ ،‬وقال‪ :‬أي اقتصدوا في‬
‫المور كلها واتركوا الغلو فيها والتقصير‪ ،‬يقال‪ :‬قارب فلن في اموره إذا‬
‫اقتصد‪ ،‬ومنه‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .286‬المحاسن ص ‪ ،289‬والية في السجدة‪ (3) .16 :‬لم‬


‫نجده في أحاديث الغضائري‪ (4) .‬المحاسن ص ‪.(*) 290‬‬

‫]‪[387‬‬

‫الحديث ما من مؤمن يؤمن بال ثم يسدد أي يقتصد فل يغلو ول يسرف‪ ،‬ومنه‬


‫وسئل عن الزار فقال‪ :‬سدد وقارب ! أي اعمل به شيئا ل تعاب على فعله‪،‬‬
‫فل تفرط في إرساله ول تشميره انتهى وفي بعض النسخ‪ " :‬كل مسكر "‬
‫مكان " كل منكر "‪ - 37 .‬شى‪ :‬عن عيسى بن السري قال‪ :‬قلت لبي عبد‬
‫ال عليه السلم أخبرني بدعائم السلم الذي بنى ال عليه الدين ل يسع‬
‫أحدا التقصير في شئ منها‪ ،‬الذي من قصر عن معرفة شئ منها فسد عليه‬
‫دينه‪ ،‬ولم يقبل منه عمله‪ ،‬ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه‪ ،‬وقبل منه‬
‫عمله‪ ،‬ولم يضره ما هو فيه بجهل شئ من المور إن جهله فقال‪ :‬نعم‬
‫شهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬واليمان برسوله صلى ال عليه وآله والقرار بما‬
‫جاء من عند ال‪ ،‬وحق من الموال الزكاة‪ ،‬والولية التي أمر ال بها ولية‬
‫آل محمد‪ .‬قال‪ :‬وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من مات ول يعرف‬
‫إمامه مات ميتة جاهلية‪ ،‬فكان المام علي ثم كان الحسن بن علي‪ ،‬ثم كان‬
‫الحسين بن على‪ ،‬ثم كان علي بن الحسين‪ ،‬وكان محمد بن علي أبو جعفر‪،‬‬
‫وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم ل يعرفون مناسك حجهم‪ ،‬ول‬
‫حللهم ول حرامهم‪ ،‬حتى كان أبو جعفر فنهج لهم وبين مناسك حجهم‪،‬‬
‫وحللهم وحرامهم‪ ،‬حتى استغنوا عن الناس‪ ،‬وصار الناس يعلمون منهم‪،‬‬
‫بعد ما كانوا يتعلمون من الناس‪ ،‬وهكذا يكون المر‪ ،‬والرض ل يكون إل‬
‫بامام )‪ - 38 .(1‬فض‪ ،‬يل‪ :‬بالسناد يرفعه إلى أبي سعيد الخدري أنه قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬بني السلم على شهادة أن ل إله إل‬
‫ال وأن محمدا رسول ال‪ ،‬وإقام الصلة وإيتاء الزكوة وصوم شهر‬
‫رمضان‪ ،‬والحج إلى البيت‪ ،‬والجهاد وولية علي ابن أبيطالب قال أبو‬
‫سعيد‪ :‬ما أظن القوم إل هلكوا بترك الولية‪ ،‬قال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما‬
‫تصنع يا باسعيد إذا هلكوا‪ - 39 .‬بيان أنواع القرآن‪ :‬برواية ابن قولويه‬
‫عن سعد بن عبد ال باسناده‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪.(*) 252‬‬

‫]‪[388‬‬

‫عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬حدود الفروض التي فرضها ال على خلقه هي‬
‫خمسة من كبار الفرائض‪ :‬الصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬والصوم‪ ،‬والولية‬
‫الحافظة لهذه الفرائض الربعة‪ ،‬وهي فلكل الفرائض والسنن وجميع امور‬
‫الدين والشرايع‪ .‬فكبار حدود الصلة أربعة‪ ،‬وهي معرفة الوقت‪ ،‬ومعرفة‬
‫القبلة والتوجه إليها‪ ،‬والركوع‪ ،‬والسجود‪ ،‬ولها خامسة ل تتم الصلة‬
‫وتثبت إل بها‪ ،‬وهي الوضوء على حدوده التي فرضها ال‪ ،‬وبينها في‬
‫كتابه‪ ،‬وإنما صارت هذه كبار حدود الصلة لنها عوام في جميع العالم‬
‫معروفة مشهورة بكل لسان في الشرق والغرب فجميع الناس العاقل‬
‫والعالم وغير العالم يقدر على أن يتعلم هذه الحدود الكبار ساعة تجب‬
‫عليه‪ ،‬لنها تتعلم بالرؤية والشارة‪ ،‬من ضبط الوضوء‪ ،‬والوقت‪ ،‬والقبلة‬
‫والركوع والسجود ل عذر لحد في تأخير تعليم ذلك‪ .‬وسائر حدود الصلة‬
‫وما فيها من السنن‪ ،‬فليس كل أحد يحسن ويتهيأ له أن يتعلم ما فيها من‬
‫السنن من القراءة والدعاء والتسبيح والتشهد والذان والقامة فجعل ال‬
‫تبارك وتعالى هذه كبار حدود الصلة‪ ،‬لعلمه عزوجل أن الناس كلهم‬
‫يستطيعون أن يؤدوا جميع هذه الشياء في حالة وجوبها عليهم وجعلها‬
‫فريضة‪ ،‬وجعل سائر ما فيها سنة واجبة على من أحسنها‪ ،‬ووسع لمن لم‬
‫يحسنها في إقامتها حتى يتعلمها‪ ،‬لنها تصعب على العاجم خاصة لقلة‬
‫ضبطهم العربية‪ ،‬ولختلف ألسنتهم ول عذر لهم في ترك التعليم‬
‫ومجاهدته‪ ،‬ولهم العذر في إقامته حتى يتعلموه‪ .‬وكبار حدود الزكاة أربعة‬
‫معرفة القدر الذي يجب عليه فيه الزكاة‪ ،‬وما الذي يجب الزكاة عليه من‬
‫الموال‪ ،‬ومعرفة الوقت الذي يجب فيه الزكاة‪ ،‬ومعرفة العدد والقيمة‪،‬‬
‫ومعرفة الموضع الذي توضع فيه‪ .‬فأما معرفة العدد والقيمة‪ ،‬فهو أنه يجب‬
‫أن يعلم النسان كم الشياء التي تجب الزكاة عليها‪ ،‬من الموال التي‬
‫فرض ال عليهم فيه الزكاة‪ ،‬وهو الذهب والفضة‪ ،‬والحنطة‪ ،‬والشعير‪،‬‬
‫والتمر‪ ،‬والزبيب‪ ،‬والبل‪ ،‬والبقر‪ ،‬والغنم‬

‫]‪[389‬‬
‫فهذه تسعة أشياء‪ ،‬وليس عليم فيما سوى ذلك من أموالهم زكاة‪ ،‬ويجب أن يعرفوا‬
‫من ذلك ما يجب من العدد‪ ،‬وقد بين ال ذلك‪ ،‬ووضع لمعرفة ما يحتاجون‬
‫إليه مما فرض عليهم أربعة أشياء وهي الكيل‪ ،‬والوزن‪ ،‬والمساحة‪،‬‬
‫والعدد‪ ،‬فالعدد في البل والبقر والغنم‪ ،‬والكيل في الحنطة والشعير والزبيب‬
‫والتمر‪ ،‬والوزن في الذهب والفضة‪ ،‬فإذا عرف النسان هذه الشياء كان‬
‫مؤديا للزكاة على ما فرض ال تبارك وتعالى عليه‪ ،‬فان لم يعرف ذلك لم‬
‫يحسن أن يؤدي هذه الفرائض‪ ،‬ثم يحتاج بعد ذلك أن يعرف الموضع الذي‬
‫يجب أن يضع فيه زكاته‪ ،‬فيضعها فيه‪ ،‬و إل لم يكن مؤديا لما أمر ال‪ ،‬ولم‬
‫يقبل منه‪ ،‬فهذه كبار حدود الزكاة‪ .‬وكبار حدود الحج أربعة‪ ،‬فأول ذلك‬
‫الحرام من الوقت الموقت ل يتقدم على ذلك ول يتأخر عنه إل لعلة‪،‬‬
‫والطواف بالبيت‪ ،‬والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بالموفقين‪ :‬عرفة‬
‫والمزدلفة‪ ،‬وهي المشعر الحرام‪ ،‬فهذه كبار حدود الحج وعليه بعد أن‬
‫يتعلم ما يحتاج إليه في عمرته وحجه وما يلزم من ذبح وحلق و تقصير‬
‫ورمي الجمار حتى يؤدي ذلك كما يجب وكما سنه رسول ال صلوات ال‬
‫عليه وآله‪ .‬وكبار حدود الصوم أربعة‪ :‬وهي اجتناب الكل والشرب والنكاح‬
‫و الرتماس في الماء‪ ،‬فهذه كبار حدود الصوم‪ ،‬وعليه بعد ذلك أن يجتنب‬
‫القئ متعمدا والكذب‪ ،‬وقول الزور‪ ،‬وإنشاد الشعر‪ ،‬وغير ذلك مما قد نهي‬
‫عنه‪ ،‬وجاء به الخبر‪ ،‬مما سنه رسول ال صلى ال عليه وآله وأمر به‪.‬‬
‫وكبار حدود الوضوء للصلة أربعة‪ :‬وهي غسل الوجه‪ ،‬واليدين إلى‬
‫المرافق والمسح على الرأس‪ ،‬والمسح على الرجلين إلى الكعبين كما أمر‬
‫ال‪ ،‬وسائر ذلك سنة‪ .‬وكبار حدود ولية المام المفروض الطاعة أن يعلم‬
‫أنه معصوم من الخطاء والزلل‪ ،‬والعمد‪ ،‬ومن الذنوب كلها صغيرها‬
‫وكبيرها‪ :‬ل يزل ول يخطأ ول يلهو بشئ من المور الموبقة للدين‪ ،‬ول‬
‫بشئ من الملهي‪ ،‬وأنه أعلم الناس بحلل ال و‬

‫]‪[390‬‬

‫وحرامه‪ ،‬وفرائضه‪ ،‬وسننه‪ ،‬وأحكامه‪ ،‬مستغن عن جميع العالم‪ ،‬وغيره محتاج‬


‫إليه‪ ،‬وأنه أسخى الناس‪ ،‬وأشجع الناس‪ .‬والعلة في وجوب العصمة أنه إن‬
‫لم يكن معصوما لم يؤمن منه أن يدخل في بعض ما يدخل فيه الناس‪ ،‬من‬
‫ارتكاب المحارم بغلبة الشهوات فإذا دخل في شئ من الذنوب احتاج إلى‬
‫من يقيم عليه الحدود التي فرضها ال‪ ،‬ول يجوز أن يكون إماما على‬
‫الناس مؤديا لهم من يكون بهذه الصفة من ارتكاب الذنوب‪ ،‬والعلة في أن‬
‫يكون أعلم الناس أنه إن لم يكن عالما بجميع الحلل والحرام‪ ،‬وفنون‬
‫العلوم التي يحتاج الناس إليها في امور دينهم ودنياهم‪ ،‬لم يؤمن منه أن‬
‫يقلب شرايع ال وأحكامه وحدوده‪ ،‬فيقطع من ل يجب عليه القطع‪ ،‬ويقتل‬
‫ويصلب السارق‪ ،‬و يحد ويضرب المحارب‪ ،‬والعلة في أنه يجب أن يكون‬
‫أسخى الناس أنه خازن المسلمين‪ ،‬والمؤتمن على أموالهم وفيئهم‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم فأخذها‪ ،‬والعلة في أنه يجب أن يكون‬
‫أشجع الناس لنه فئة المسلمين‪ :‬إليه يرجعون في الحروب‪ ،‬وإن لم يكن‬
‫أشجعهم لم يؤمن منه أن يهرب ويفر من الزحف و يسلمهم للقتل والعطب‬
‫فيبوء بغضب من ال كما قال عزوجل " ومن يولهم يومئذ دبره إل متحرفا‬
‫لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من ال " )‪ (1‬فل يجوز أن يفر من‬
‫الحرب ويبوء بغضب من ال‪ .‬وجعل ال عزوجل لهذه الفرائض الربع‬
‫دللتين‪ ،‬وهما أعظم الدلئل في السماء الشمس والقمر‪ ،‬فدللة الصلة التي‬
‫هي أعظم هذه الربعة وهي عمود الدين وهي أشرفها وأجلها‪ :‬الشمس‬
‫يقول ال عزوجل " أقم الصلة لدلوك الشمس إلى غسق الليل‪ ،‬وقرآن‬
‫الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " )‪ (2‬فل تعرف مواقيت الصلة إل‬
‫بالشمس‪ :‬أولها الزوال عن كبد السماء‪ ،‬وهو وقت الظهر‪ ،‬ثم العصر‬
‫بعدها‪ ،‬ودليلها ما تقدم من الزوال‪ ،‬والمغرب إذا سقط القرص )‪ (3‬وهو من‬
‫الشمس‬

‫)‪ (1‬النفاق‪ (2) .16 :‬أسرى‪ (3) .78 :‬يعنى بذهاب الحمرة )*(‪.‬‬

‫]‪[391‬‬

‫والعشاء الخرة إذا ذهب الشفق‪ ،‬وهو من الشمس‪ ،‬وصلة الفجر إذا طلع الفجر‬
‫وهو من الشمس‪ ،‬وجعل عزوجل دللة الزكاة مشتركة بين الشمس‬
‫والقمر‪ ،‬فإذا حال الحول وجبت الزكاة‪ ،‬وجعل دللة الحج والصوم‪ ،‬القمر ل‬
‫تعرف هاتان الفريضتان إل بالقمر لقول ال تبارك وتعالى " يسئلونك عن‬
‫الهلة قل هي مواقيت للناس والحج " وقوله عزوجل " شهر رمضان‬
‫الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد‬
‫منكم الشهر فليصمه " )‪ (1‬ففرض الحج والصوم ل يعرف إل بالشهور‬
‫]والشهور[ ل تعرف إل بالقمر دون الشمس‪ - 40 .‬تفسير النعماني‪:‬‬
‫باسناده‪ ،‬عن الصادق عليه السلم‪ ،‬عن أمير المؤمنين صلوات ال عليه‬
‫قال‪ :‬أما ما فرضه ال سبحانه في كتابه فدعائم السلم‪ ،‬وهي خمس‬
‫دعائم‪ :‬وعلى هذه الفرائض الخمس بني السلم‪ ،‬فجعل سبحانه لكل‬
‫فريضة من هذه الفرايض أربعة حدود‪ ،‬ل يسع أحدا جهلها‪ ،‬أولها الصلة‬
‫ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم الولية‪ ،‬وهي خاتمتها والجامعة لجميع‬
‫الفرائض والسنن‪ .‬فحدود الصلة أربعة‪ :‬معرفة الوقت‪ ،‬ثم ذكر نحوا مما‬
‫مر بتغيير ما إلى آخر الخبر‪ .‬بيان‪ :‬كان في نسختي الروايتين سقم‬
‫وتشويش‪ ،‬ل سيما في حدود الزكاة‪ ،‬و في النعماني بعد قوله والبقر والغنم‬
‫فأما المساحة فمن باب الرضين والمياه وكأن ذكر القيمة لنه قد يجوز‬
‫أداء القيمة بدل العين‪ ،‬وذكر المساحة لنه قد يضمن العامل حصة الفقراء‬
‫بعد الخرص قبل الحصاد‪ ،‬فيحتاج إلى المساحة‪ ،‬وسنبين جميع ذلك في‬
‫أبوابها إنشاء ال تعالى‪ ،‬وكأن مدخلية الشمس في الزكاة لن الغلت‬
‫حولها إدراكها‪ ،‬وهي تابعة للفصول التابعة لحركة الشمس‪ ،‬وفي النعماني‬
‫مكان قوله‪ " :‬وجعل ال عزوجل لهذه الفرائض الربع إلى آخره " هكذا‪:‬‬
‫وقد جعل ال لهذه الفرائض الربع دليلين أبان لنا بهما المشكلت‪ ،‬وهما‬
‫الشمس والقمر أي النبي ووصيه بل فصل‪.‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪.(*) 185 :‬‬

‫]‪[392‬‬

‫‪ - 41‬كتاب الطرف‪ :‬للسيد علي بن طاووس رضي ال عنه باسناده إلى عيسى ابن‬
‫المستفاد مما رواه في كتاب الوصية قال‪ :‬حدثني موسى بن جعفر عليه‬
‫السلم قال سألت أبي جعفر بن محمد عليهما السلم عن بدء السلم كيف‬
‫أسلم علي وكيف أسلمت خديجة ؟ فقال لي أبي‪ :‬إنهما لما دعاهما رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا علي ويا خديجة إن جبرئيل عندي‬
‫يدعوكما إلى بيعة السلم فأسلما تسلما‪ ،‬وأطيعا تهديا ! فقال‪ :‬فعلنا وأطعنا‬
‫يارسول ال‪ ،‬فقال‪ :‬إن جبرئيل عندي يقول لكما‪ :‬إن للسلم شروطا‬
‫وعهودا ومواثيق فابتدياه بما شرط ال عليكما لنفسه ولرسوله أن تقول‬
‫نشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له في ملكه‪ ،‬ولم يلده والد ولم يتخذ‬
‫صاحبة‪ ،‬إلها واحدا مخلصا وأن محمدا عبده ورسوله أرسله إلى الناس‬
‫كافة بين يدي الساعة‪ ،‬ونشهد أن ال يحيي ويميت‪ ،‬ويرفع ويضع‪ ،‬ويغني‬
‫ويفقر‪ ،‬ويفعل ما يشاء‪ ،‬ويبعث من في القبور‪ ،‬قال شهدنا قال وإسباغ‬
‫الوضوء على المكاره‪ :‬غسل الوجه واليدين والذراعين ومسح الرأس‬
‫والرجلين إلى الكعبين‪ ،‬وغسل الجنابة في الحر والبرد‪ ،‬وإقام الصلة وأخذ‬
‫الزكاة من حلها‪ ،‬ووضعها في أهلها‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصوم شهر رمضان‬
‫والجهاد في سبيل ال‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬والعدل في الرعية‪،‬‬
‫والقسم بالسوية‪ ،‬والوقوف عند الشبهة إلى الوصول إلى المام‪ .‬فانه ل‬
‫شبهة عنده‪ ،‬وطاعة ولي المر بعدي‪ ،‬ومعرفته في حياتي وبعد موتي‪،‬‬
‫والئمة من بعده واحدا واحدا وموالة أولياء ال‪ ،‬ومعاداة أعداء ال‪،‬‬
‫والبراءة من الشيطان الرجيم‪ ،‬وحزبه و أشياعه‪ ،‬والبراءة من الحزاب تيم‬
‫وعدي وامية‪ ،‬وأشياعهم وأتباعهم والحياة على ديني وسنتي‪ ،‬ودين‬
‫وصيي وسنته إلى يوم القيامة‪ ،‬والموت على مثل ذلك وترك شرب الخمر‪،‬‬
‫وملحاة الناس‪ ،‬يا خديجة فهمت ما شرط ربك عليك ؟ قالت نعم‪ ،‬وآمنت‬
‫وصدقت‪ ،‬ورضيت وسلمت قال علي عليه السلم وأنا على ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫علي تبايعه على ما شرطت عليك ؟ قال‪ :‬نعم قال‪ :‬فبسط رسول ال كفه‬
‫فوضع كف علي عليه السلم في كفه فقال‪ :‬بايعني يا علي على ما شرطت‬
‫عليك‪ ،‬وأن تمنعني مما تمنع منه نفسك‪ ،‬فبكى علي عليه السلم فقال‪ :‬بأبي‬
‫وامي لحول ول قوة إل‬

‫]‪[393‬‬

‫بال‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬اهتديت ورب الكعبة‪ ،‬ورشدت ووفقت‪،‬‬
‫وأرشدك ال يا خديجة‪ ،‬ضعي يدك فوق يد علي فبايعي له فبايعت على مثل‬
‫ما بايع عليه علي ابن أبي طالب عليه السلم على أنه ل جهاد عليه‪ .‬ثم‬
‫قال‪ :‬يا خديجة هذا علي مولك ومولى المؤمنين‪ ،‬وإمامهم بعدي‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫صدقت يا رسول ال قد بايعته على ما قلت‪ ،‬اشهد ال واشهدك وكفى بال‬
‫شهيدا عليما وعنه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬دعا رسول ال صلى ال عليه وآله أبا‬
‫ذر وسلمان والمقداد فقال لهم‪ :‬تعرفون شرايع السلم وشروطه ؟ قالوا‪:‬‬
‫نعرف ما عرفنا ال ورسوله‪ ،‬فقال‪ :‬هي وال أكثر من أن تحصى‪،‬‬
‫أشهدوني على أنفسكم وكفى بال شهيدا‪ ،‬وملئكته عليكم بشهادة أن ل إله‬
‫إل ال مخلصا ل شريك له في سلطانه ول نظير في ملكه وأني رسول ال‪،‬‬
‫بعثني بالحق‪ ،‬وأن القرآن إمام من ال‪ ،‬وحكم عدل‪ ،‬وأن القبلة قبلتي شطر‬
‫المسجد الحرام لكم قبلة‪ .‬وأن علي بن أبي طالب وصي محمد أمير‬
‫المؤمنين ومولهم وأن حقه من ال مفروض واجب‪ ،‬وطاعته طاعة ال‬
‫ورسوله والئمة من ولده‪ ،‬وأن مودة أهل بيته مفروضة واجبة على كل‬
‫مؤمن ومؤمنة‪ ،‬مع إقامة الصلة لوقتها‪ ،‬وإخراج الزكاة من حلها‪،‬‬
‫ووضعها في أهلها‪ .‬وإخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى‬
‫يرفعه إلى ولي المؤمنين وأميرهم وبعده ولده‪ ،‬فمن عجز ولم يقدر إل على‬
‫اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعيفين من أهل بيتي من ولد الئمة‪،‬‬
‫فان لم يقدر فلشيعتهم ممن ل يأكل بهم الناس ول يريد بهم إل ال‪ ،‬وما‬
‫وجب عليهم من حقي‪ ،‬والعدل في الرعية والقسم بالسوية‪ ،‬والقول بالحق‪،‬‬
‫وأن حكم الكتاب على ما عمل عليه أمير المؤمنين‪ ،‬والفرائض على كتاب‬
‫ال وأحكامه‪ ،‬وإطعام الطعام على حبه‪ ،‬و حج البيت‪ ،‬والجهاد في سبيل‬
‫ال‪ ،‬وصوم شهر رمضان‪ ،‬وغسل الجنابة‪ ،‬والوضاء‬

‫]‪[394‬‬

‫الكامل على الوجه واليدين والذراعين إلى المرافق‪ ،‬والمسح على الرأس والقدمين‬
‫إلى الكعبين‪ ،‬ل على خف ول على خمار‪ ،‬ول على عمامة‪ ،‬والحب لهل‬
‫بيتي في ال‪ ،‬وحب شيعتهم لهم‪ ،‬والبغض لعدائهم‪ ،‬وبغض من والهم‪،‬‬
‫والعداوة في ال وله‪ ،‬واليمان بالقدر‪ :‬خيره وشره وحلوه ومره‪ .‬وعلى أن‬
‫تحللوا حلل القرآن وتحرموا حرامه‪ ،‬وتعملوا بالحكام‪ ،‬و تردوا المتشابه‬
‫إلى أهله‪ ،‬فمن عمي عليه من عمله شئ لم يكن علمه مني ول سمعه فعليه‬
‫بعلي بن أبي طالب فانه قد علم كما قد علمته‪ ،‬وظاهره وباطنه‪ ،‬ومحكمه‬
‫ومتشابهه‪ ،‬وهو يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله‪ ،‬وموالة أولياء‬
‫ال محمد وذريته والئمة خاصة‪ ،‬موالة من والهم وشايعهم‪ ،‬والبراءة‬
‫والعداوة لمن عاداهم وشاقهم‪ ،‬كعداوة الشيطان الرجيم‪ ،‬والبراءة ممن‬
‫شايعهم وتابعهم‪ ،‬والستقامة على طريق المام‪ .‬واعلموا أني ل اقدم على‬
‫علي أحدا‪ ،‬فمن تقدمه فهو ظالم والبيعة بعدي لغيره ضللة‪ ،‬وفلتة وزلة‪:‬‬
‫الول ثم الثاني ثم الثالث‪ ،‬وويل للرابع‪ ،‬ثم الويل له‪ ،‬ويل له ولبيه‪ ،‬مع‬
‫ويل لمن كان قبله‪ ،‬ويل لهما ولصاحبيهما‪ ،‬ل غفر ال لهم فهذه شروط‬
‫السلم‪ ،‬وما بقي أكثر‪ ،‬قالوا‪ :‬سمعنا وأطعنا وقبلنا وصدقنا ونقول مثل‬
‫ذلك‪ ،‬ونشهد لك على أنفسنا بالرضا به أبدا حتى نقدم عليك آمنا بسرهم‬
‫وعلنيتهم‪ ،‬ورضينا بهم أئمة وهداة وموالي‪ ،‬قال‪ :‬وأنا معكم شهيد‪ .‬ثم‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬وتشهدون أن الجنة حق وهي محرمة على الخلئق حتى أدخلها‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬نعم قال‪ :‬تشهدون أن النار حق وهي محرمة على الكافرين حتى‬
‫يدخلها أعداء أهل بيتي‪ ،‬والناصبون لهم حربا وعداوة‪ ،‬ولعنهم ومبغضهم‬
‫وقاتلهم كمن لعنني أو أبغضني أو قاتلني هم في النار‪ ،‬قالوا‪ :‬شهدنا وعلى‬
‫ذلك أقررنا‪ ،‬قال‪ :‬وتشهدون أن عليا صاحب حوضي‪ ،‬والذائد عنه‪ ،‬وهو‬
‫قسيم النار‪ ،‬يقول‪ :‬ذلك لك فاقبضيه ذميما‪ ،‬وهذا لي فل تقربيه‪ ،‬فينجو‬
‫سليما‪ ،‬قالوا‪ :‬شهدنا على ذلك‪ ،‬و‬

‫]‪[395‬‬

‫نؤمن به‪ ،‬قال‪ :‬وأنا على ذلك شهيد‪ .‬وبهذا السناد‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬لما هاجر النبي صلى ال عليه وآله إلى المدينة وحضر‬
‫خروجه إلى بدر دعا الناس إلى البيعة فبايع كلهم على السمع والطاعة‪،‬‬
‫وكان رسول ال صلى ال عليه وآله إذا خل دعا عليا فأخبره بمن يفي‬
‫منهم ومن ل يفي ويسأله كتمان ذلك‪ ،‬ثم دعا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله عليا وحمزة وفاطمة عليهم السلم فقال لهم‪ :‬بايعوني بيعة الرضا‪،‬‬
‫فقال حمزة‪ :‬بأبي أنت وامي على ما نبايع ؟ أليس قد بايعنا ؟ فقال‪ :‬يا أسد‬
‫ال وأسد رسوله تبايع ل ولرسوله بالوفاء والستقامة لبن أخيك‪ ،‬إذن‬
‫تستكمل اليمان‪ ،‬قال‪ :‬نعم سمعا وطاعة‪ ،‬وبسط يده‪ ،‬فقال له‪ :‬يد ال فوق‬
‫أيديهم‪ ،‬علي أمير المؤمنين‪ ،‬وحمزة سيد الشهداء‪ ،‬وجعفر الطيار في‬
‫الجنة‪ ،‬وفاطمة سيدة نساء العالمين‪ ،‬والسبطان الحسن والحسين سيدا‬
‫شباب أهل الجنة‪ .‬هذا شرط من ال على جميع المسلمين من الجن والنس‬
‫أجمعين‪ :‬فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه ال‬
‫فسيؤتيه أجرا عظيما ثم قرأ " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون ال " )‪.(1‬‬
‫قال‪ :‬ولما كانت الليلة التي اصيب حمزة في يومها‪ ،‬دعاه رسول ال فقال‪:‬‬
‫يا حمزة يا عم رسول ال يوشك أن تغيب غيبة بعيدة فما تقول لو وردت‬
‫على ال تبارك وتعالى وسألك عن شرائع السلم وشروط اليمان‪ ،‬فبكى‬
‫حمزة فقال‪ :‬بأبي أنت وامي أرشدني وفهمني فقال‪ :‬يا حمزة تشهد أن ل‬
‫إله إل ال مخلصا وأني رسول ال بعثني بالحق‪ ،‬قال حمزة‪ :‬شهدت قال‪:‬‬
‫وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية ل ريب فيها وأن الصراط‬
‫حق والميزان حق‪ ،‬ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‪ ،‬ومن يعمل مثقال ذرة‬
‫شرا يره‪ ،‬وفريق في الجنة وفريق في السعير )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬الفتح‪ (2) .10 :‬اقتباس من قوله تعالى في سورة الزلزال‪ 8 - 7 :‬وقوله تعالى‬
‫في سورة الشورى‪.(*) 7 :‬‬

‫]‪[396‬‬

‫وأن عليا أمير المؤمنين‪ ،‬قال حمزة‪ :‬شهدت وأقررت وآمنت وصدقت وقال‪ :‬الئمة‬
‫من ذريته الحسن والحسين‪ ،‬والمامة في ذريته‪ ،‬قال حمزة‪ :‬آمنت وصدقت‬
‫وقال‪ :‬وفاطمة سيدة نساء العالمين‪ ،‬قال‪ :‬نعم صدقت‪ ،‬قال‪ :‬وحمزة سيد‬
‫الشهداء وأسد ال وأسد رسوله وعم نبيه‪ ،‬فبكى حمزة حتى سقط على‬
‫وجهه‪ ،‬وجعل يقبل عيني رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وقال‪ :‬جعفر ابن‬
‫أخيك طيار في الجنة مع الملئكة وأن محمدا وآله خير البرية تؤمن يا‬
‫حمزة بسرهم وعلنيتهم‪ ،‬وظاهرهم وباطنهم‪ ،‬و تحيى على ذلك وتموت‪،‬‬
‫وتوالي من والهم‪ ،‬وتعادي من عاداهم‪ ،‬قال‪ :‬نعم يا رسول ال‪ ،‬اشهد ال‬
‫واشهدك‪ ،‬وكفى بال شهيدا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬سددك‬
‫ال ووفقك )‪ .(1‬وبهذا السناد‪ :‬عن الكاظم‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪:‬‬
‫دعا رسول ال صلى ال عليه وآله العباس عند موته فخل به‪ ،‬وقال له‪ :‬يا‬
‫أبا الفضل ! اعلم أن من احتجاج ربي علي تبليغي الناس عامة‪ ،‬وأهل بيتي‬
‫خاصة‪ ،‬ولية علي عليه السلم فمن شاء فليؤمن‪ ،‬ومن شاء فليكفر يا أبا‬
‫الفضل جدد للسلم عهدا وميثاقا وسلم لولي المر إمرته ول تكن كمن‬
‫يعطي بلسانه‪ ،‬ويكفر بقلبه‪ ،‬يشاقني في أهل بيتي ويتقدمهم ويستأمر‬
‫عليهم ويتسلط عليهم ليذل قوما أعزهم ال‪ ،‬ويعز قوما لم يبلغوا‪ ،‬ول‬
‫يبلغون ما مدوا إليه أعينهم‪ ،‬يا أبا الفضل إن ربي عهد إلي عهدا أمرني أن‬
‫ابلغه الشاهد من النس والجن‪ ،‬وأن آمر شاهدهم أن يبلغوا غائبهم‪ ،‬فمن‬
‫صدق عليا ووازره وأطاعه ونصره وقبله‪ ،‬و أدى ما عليه من الفرائض‬
‫ل‪ ،‬فقد بلغ حقيقة اليمان‪ ،‬ومن أبى الفرائض فقد أحبط ال عمله حتى‬
‫يلقى ال ول حجة له عنده‪ ،‬يا أبا الفضل فما أنت قائل ؟ قال‪ :‬قبلت منك يا‬
‫رسول ال وآمنت بما جئت به وصدقت وسلمت فاشهد علي )‪.(2‬‬
‫)‪ (1‬الطرف ص ‪ (2) .10 - 8‬المصدر ص ‪.17‬‬

‫مكتبة يعسوب الدين عليه السلم اللكترونية‬

You might also like